التعليق على كتاب بحار الأنوار المجلد 1

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الموسوی السبزواري، السید عبدالاعلی، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد:بحار الأنوار. شرح

عنوان و نام پديدآور:التعلیق علی کتاب بحار الأنوار / تالیف آیة الله العظمي السید عبدالاعلی الموسوی السبزواري.

تفاصيل المنشور:قم: دارالتفسیر، 1432 ق.-= 2011 م.-= 1390-

مواصفات المظهر:ج.

ISBN:دوره 978-964-535-223-1 : ؛ 80000 ریال: ج. 1 978-964-535-237-8 : ؛ ج. 2 978-964-535-258-3 :

حالة الاستماع:فاپا

ملاحظة:العربية.

ملاحظة:هذا الكتاب هو وصف الكتاب "بحار الأنوار" هو تأليف محمد باقر مجلسي.

ملاحظة:مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، 1037 - 1111ق. بحار الأنوار-- نقد و تفسیر

ملاحظة:أحاديث الشيعة -- قرن 11ق.

المعرف المضاف:مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، 1037 - 1111ق. بحار الأنوار. شرح

ترتيب الكونجرس:BP135/م3ب30215 1390

تصنيف ديوي:297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية:2 3 1 2 8 7 7

قم - خیابان معلم - میدان روح ا... - تلفن: 7744212 - تلفاکس: 7741621 منشورات دار التفسير

التعليق على كتاب بحارالانوار/ج 1

آية الله العظمى السيد عبدالاعلی الموسوی السبزواری

الطبعة : الأولى / 2011 م -1432 ه

المطبعة : نینوا

ردمک / ج1 : 8-237-535-964-978

ردمک الدورة : 1-223-535-964-978 :

عدد المطبوع : 2000 دورة

لا يجوز طبع هذا الكتاب الا باذن خاص من مكتب السيد السبزواري في النجف الأشرف

2- يوزع هذا الكتاب:

العراق - النجف الأشرف، سوق الحويش، مكتبة المهذّب، الجوال 0781541523

ایران - قم، شارع معلم، میدان روح الله، انتشارات دار التفسير، تليفون 7741621

جمعية خيرية رقمية: مركز خدمة مدرسة إصفهان

محرّر: السيّد محمّد هادي الرضوي الخانکهدانی

اشارة

ص: 1

التَّعْلِيقِ عَلَى كِتَابِ بِحَارِ الْأَنْوَارِ

الْجُزْءُ الأوّل

تَألِیفُ: فَقِيهِ عَصْرِهِ آيَةِ اللَّهِ العُظمَی

السَّيِّد عَبدِالأَعلَی الْمُوسَوِيِّ السَّبزِوَارِيّ قُدِّسَ سِرُّهُ

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 3

المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرحیم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمّد و آله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم أجمعين.

لايخفى على أهل البصيرة والعلم أهميّة السُنّة الشريفة في الشريعة وغيرها من صنوف العلم، وأن دين الله عزّ وجلّ لم تقم له قائمة إلّا على كتاب الله عزّ وجلّ للشروح بالسُنّة الطاهرة، والسُنّة الشريفة الشارحة لكتابه سبحانه مترابطان ترابطاً وثيقاً لم يقبلا التفكيك بينهما، ومن هذه الجهة اهتمّ العلماء على مرّ العصور بالأخبار المروية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) من حيث الجمع والشرح والتدقيق في مصادرها و مضامنها، والتطبيق قولاً وعملاً، وقد كان علماء الشيعة الامامية السباقين في ذلك كلّه، كما دلّت عليه كتبهم و تدويناتهم في هذا المجال، ودعوى غيرهم في أنّهم أسبق من الشيعة هي بلا برهان، بل الدليل على خلافها، وقد كانت سيرة علماء هذه الطائفة الحقّة على ذلك حتّى مرحلة متأخرة، فكانوا رواة أحاديث الأئمّة الهداة وحفّاظاً للأخبار، حفظوا هذا التراث المهمّ العظيم، مع كونهم فقهاء علماء جمعوا بين الخبَر والخُبر، ونشأ منهم جيل جمعوا بين العلم والفكر والأثر، حتّى ما قارب قرن الثاني عشر الهجري، حينما برز خط جديد في الفكر الشيعي وهو الفكر الأصولي الذي اهتم بالجانب النظري اكثر من الجانب الآخر، حتّى تخلّى كثير منهم عن الاهتمام بالأخبار، بل تدخل الفكر الأصولي في أسانيد الأخبار، وحصل النقاش في نسبة كثيرٍ منها إلى

ص: 4

المعصوم، وقد ظهر في خِضَّم هذا الصراع بين الفكر الأخباري المحافظ الشديد، والفكر الأصولي المُشكّك في كثير من الثوابت الموروثة، حيث أوصد الأوّل باب الاجتهاد بالكلية، بينما فتح الثاني الباب على مصراعيه کردّ فعل للأوّل، وکلا الطريقتين لم تخل من منافيات وسلبيات. وفي خضم هذا الصراع ظهر علماء أفذاذ حفظوا الأخبار، وأعطوا الفكر والجهد الفكري حقّه في فهم الأخبار و استنباط الأحكام منها، في حدود لم يخرج عمّا يريده الأئمّة الطاهرون، فلم يجعلوا الروايات المأثورة عن ائمّتهم (عليهم السّلام) مسرح كلّ فكر تحليلي، واجتهاد شخصي بعيد، وجعلوا المناط هو الرواية الموثوق بصدورها ولو كانت الوثاقة حاصلة من غير الاسانید، واعتمدوا على الفكر الجمعي في فهم الأخبار وأبعدوا الأفكار المتفرّدة منهم، وبذلك فتحوا باب الاجتهاد في فهم الروايات في حدود خاصّة، وحفظوا الروايات والأخبار قولاً وعملاً، فصاروا بحقّ من المحدّثين الأصوليين، واستغلّوا الفكر في الوحي الإلهي بجدٍّ وإخلاص، محاولين في ذلك الوصول إلى ما يريده أمناء الوحي، وإبعاد الفضول من كلماتهم وخطاباتهم بما لا يرضوه.

وكان من هؤلاء إمام المحدّثين في عصره، وخاتمة الفقهاء ونابغة الأصوليين في عهده وهو سيدنا الوالد (قدّس سرّه)، فقد حاول جاهداً أن يجمع بين المسلكين، وقد وفّقه الله في ذلك وأحاط بالروايات والأخبار حفظاً ودراية ومطالعة، وقد بذل جهداً كبيراً في سبيل ذلك، فهو فريد عصره في هذا المجال، ومؤلّفاته تدلّ على ذلك، فهو المتذوّق لكلمات الأئمّة الطاهرين، وقد كان من كثرة حفظه للأخبار وخبرويّته بها أنّه كان يميّز بين كلمات الأئمّة الطاهرين من دون ذكر الإمام المأثور عنه، وقد حصل هذه المنقبة من دوام مطالعته للأخبار، والاهتمام بدراستها وحفظها، فهو الفيلسوف المحقّق، والأصولي البارع، والفقيه العرفي الحاذق، ومحدّثٌ للأخبار، ومن فطاحل

ص: 5

رواتها الذين وصفهم الإمام الصادق (عليه السّلام) بأوصاف عديدة، فهو بحقّ من رواة أحاديث الأئمّة الطاهرين الذين أمر الإمام المنتظر (روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء) برجوع الشيعة إليهم.

ثمّ إنّ العلماء جمعوا الأخبار التي رويت عن الأئمّة المعصومين في مجامع احتوت جُلّ الأخبار والروايات إن لم نقل جميعها، وقسّموا تلك المجامع إلى ثمانية:

أربعة منها تسمّى المجامع الأربعة المتقدّمة، وهي: الكافي، والتهذیب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه.

والجامع الأربعة المتأخّرة، وهي: الوافي، ووسائل الشيعة، وبحار الأنوار، ومستدرك الوسائل.

وكان غرض المتقدمين هو جمع الروايات التي احتفّت بقرائن كثيرة تدلّ على الوثوق بصدورها، وقد اختفت كثيراً منها، ومن أهمّها الأصول الأربعمائة التي كانت المصدر الأهمّ لأخبار الأئمّة الطاهرين، وقد بذل المشايخ الثلاثة قدّس الله أسرارهم في جمع الروايات وحفظها جهداً كبيراً، بعد ما رأوا اختفاء كثير من تلك القرائن، وكان عملهم ذلك جهاداً رسالياً حفظوا به تراث المعصومين (عليهم السّلام).

وأما غرض المؤلفين للمجامع الأربعة المتأخّرة، فقد كان مختلفة من حيث المؤلّفين الأربعة احدهم عن الآخر :

فإن المحدّث الكاشاني جمع بين الكتب الأربعة، مع بيان الاختلاف وطرق النقل وغير ذلك .

وأمّا المحدّث الحرّ العاملي فقد جمع الأخبار الواردة في الأحكام ومسائل الشريعة.

وأمّا المحدّث الطبرسي فقد ذكر في كتابه المستدرك ما فات عن الشيخ العاملي

ص: 6

عن كتب ومؤلّفات المتقدّمين والمتأخّرين .

وأما المحدِّث المجلسي فقد جمع في كتابه الكبير القيّم شتات الكتب والمؤلّفات لاصحابنا قدّس الله أسرارهم، وكان الداعي المهمّ له هو صون تلك المؤلّفات، وعدم اندراس المصادر الأصليّة لها من دون الالتزام بصحّة صدور تلك الروايات أو توثيقها، فقد أوكل هذه المهمّة إلى غيره من العلماء وأهل الخبرة في هذا الفن.

ومن هنا جاء الاختلاف بين طريقة المتقدّمين من المحدّثين كالمشايخ الثلاثة قدّس الله لأسرارهم حيث جمعوا الأخبار التي كانت حجّة بينهم وبين الله تعالى لاحتفافها بقرائن متعدّدة اعتمدوا عليها في هذا السبيل، وهم لم يحتجّوا بتلك الأخبار جزافاً، بل كان عن دراية واستيثاق منهم، وقد ارتضي جملة ممّن تأخّر عنهم ما التزموه، وصحّحوا المنهج الذي انتهجوه، الّا أن جمعاً من العلماء ناقشوا ذلك، وأبدوا تحفظّهم إلى طريقتهم، وهذه المطارحات بينهم إنّما يختصّ بالكتب الأربعة المتقدّمة، وأما الجامع الأربعة المتأخّرة فإنّ الأمر يختلف منها عن الكتب الأربعة کا عرفت.

هذا ما أردتُ ذكره على سبيل الاختصار، إذ أنّ لكلّ مفردة ما ذكرناه تفصيلٌ وشرح يطول ذكره.

وهذا الكتاب هو مجموعة تعاليق الإمام السبزواري قدّس سرّه على كتاب «بحار الأنوار»، وقد كان اهتمامي في بداية الأمر أن أجمع التعاليق مجرّدة عن الروايات، مقتصراً على تعيين الكتاب والباب و الصفحة في الطبعتين القديمة والحديثة، ولكن عرض لي خاطر أن اذكر الخبر الذي عليه التعليق بتمامه، ولو كان التعليق على جزء منه، واستخرتُ الله تعالى في ذلك، وحثّني بعض أفاضل الحوزة المباركة على المنهج الأخير، فأخذتُ ذلك تتميماً للفائدة، و تسهيلاً للاستفادة، فصار الكتاب ذو ثلاثة

ص: 7

أجزاء ويمكن أن يُعدَّ مختصر البحار.

نسأل الله تعالى أن يرفع درجات علمائنا الأبرار في الخلد والجنان، ويحشُر السيّد الوالد مع الأئمّة الأطهار، وأن يوفّق الجميع للاستفادة من مأثور کلماتهم، إنّه سميع مجيب، والحمد لله أولاً وآخراً.

الحوزة العلميّة في النجف الأشرف

علي الموسوي السبزواري

10 صفر الخير

ص: 8

ص: 9

التعليقات على بحار الأنوار والمشتمل على الجزئين الثاني والثالث من الطبعة الحروفيّة

اشارة

ص: 10

ص: 11

باب (1) نفي الظلم والجور عنه تعالى وإبطال الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين وإثبات الاختيار والاستطاعة

البحار: ج 2 ص 231

13 - فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ قَوْلُهُ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ» قَالَ خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ مُؤْمِناً وَ كَافِراً وَ شَقِيّاً وَ سَعِيداً وَ كَذَلِكَ يَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُهْتَدٍ وَ ضَالٌّ يَقُولُ «إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» وَ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْهُدَى وَ الضَّلَالَةِ وَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ إِنْ شَاءُوا اهْتَدَوْا وَ إِنْ شَاءُوا ضَلُّوا وَ هُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْمَشِيَّةُ وَ الْقُدْرَةُ لِلَّهِ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ شَقِيّاً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ- وَ مَنْ خَلَقَهُ سَعِيداً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ سَعِيداً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.(1).

البحار: ج2 ص 233

تَمِيمٌ الْقُرَشِيُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍ الْأَنْصَارِيِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الشَّامِيِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عليه السّلام) بِمَرْوَ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْن رَسُولِ اللَّه (صلّی الله عليه وآله وسلّم) (2) ِ رُوِيَ لَنَا عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السّلام) أَنَّهُ قَالَ لَا جَبْرَ وَ لا

ص: 12


1- هذا الخبر ضعیفٌ سنداً وسيأتي ما يتعلّق بهذه الجملة. السبزواري.
2- هذا الحديث الشريف شارح لجميع أخبار الباب فليتأمّل فيه حقّ التأمل. السبزواري

تَفْوِيضَ بَلْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَمَا مَعْنَاهُ فَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ أَفْعَالَنَا ثُمَّ يُعَذِّبُنَا عَلَيْهَا فَقَدْ قَالَ بِالْجَبْرِ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوَّضَ أَمْرَ الْخَلْقِ وَ الرِّزْقِ إِلَى حُجَجِهِ (عليهم السّلام) فَقَدْ قَالَ بِالتَّفْوِيضِ فَالْقَائِلُ بِالْجَبْرِ كَافِرٌ وَ الْقَائِلُ بِالتَّفْوِيضِ مُشْرِكٌ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَقَالَ وُجُودُ السَّبِيلِ إِلَى إِتْيَانِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَ تَرْكِ مَا نُهُوا عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ فَهَلْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَشِيَّةٌ وَ إِرَادَةٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا الطَّاعَاتُ فَإِرَادَةُ اللَّهِ وَ مَشِيَّتُهُ فِيهَا الْأَمْرُ بِهَا(1) وَ الرِّضَا لَهَا وَ الْمُعَاوَنَةُ عَلَيْهَا وَ إِرَادَتُهُ وَ مَشِيَّتُهُ فِي الْمَعَاصِي النَّهْيُ عَنْهَا وَ السَّخَطُ لَهَا وَ الْخِذْلَانُ عَلَيْهَا قُلْتُ فَلِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا الْقَضَاءُ- قَالَ نَعَمْ مَا مِنْ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْعِبَادُ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ إِلَّا وَ لِلَّهِ فِيهِ قَضَاءٌ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى هَذَا الْقَضَاءِ قَالَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَى أَفْعَالِهِمْ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.

البحار: ج 2 ص 236

23 -: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحْتَمِلُ بْنُ سَعِيدٍ السَّمَرْقَنْدِيُ الْفَقِيهُ بِأَرْضِ بَلْخ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الزَّاهِدِ السَّمَرْقَنْدِيُّ بِإِسْنَادٍ رَفَعَهُ إِلَى الصَّادِقِ (عليه السّلام) أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَسَاسَ الدِّينِ التَّوْحِيدُ وَ الْعَدْلُ وَ عِلْمُهُ كَثِيرٌ لَا بُدَّ لِعَاقِلٍ مِنْهُ فَاذْكُرْ مَا يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَ يَتَهَيَّأُ حِفْظُهُ فَقَالَ أَمَّا التَّوْحِيدُ فَأَنْ لَا تُجَوِّزَ عَلَى رَبِّكَ مَا جَازَ عَلَيْكَ وَ أَمَّا الْعَدْلُ فَأَنْ لَا تَنْسُبَ إِلَى خَالِقِكَ مَا لَامَكَ عَلَيْهِ.(2)

البحار: ج 2 ص 237

28 - اعتقادنا في الجبر والتفويض قول الصادق (عليه السّلام) «لَا جَبرَ وَلَا تَفوِیضَ» أقول: وساق الخبر إلى آخر ما رواه المفضل وقال الشيخ المفيد قدّس الله روحه في شرحه الجبر هو الحمل على الفعل والاضطرار إليه بالقسر والغلبة وحقيقة ذلك إيجاد

ص: 13


1- ويدلّ على هذه الجملة الأخبار الدالّة على أنّ إرادته تعالى فعله ج 5 ص 11س7 السبزواري.
2- هذه الجملة من أكمل الكلمات. السبزواري.

الفعل في الخلق من غير أن يكون له قدرة على دفعه والامتناع من وجوده فيه وقد يعبّر عمّا يفعله الإنسان بالقدرة التي معه على وجه الإكراه له على التخويف والإلماء أنّه جبر والأصل فيه ما فعل من غير قدرة على امتناعه منه حسب ما قدّمناه وإذا تحقّق القول في الجبر على ما وصفناه كان مذهب الجبر هو قول من يزعم أنّ الله تعالى خلق في العبد الطاعة من غير أن يكون للعبد قدرة على ضدّها والامتناع منها وخلق فيهم المعصية كذلك فهم الجبرة حقّاً وللجبر مذهبهم على التحقيق والتفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال وهذا قول الزنادقة وأصحاب الإباحات والواسطة بين هذين القولين أنّ الله أقدر الخلق على أفعالهم ومكنهم من أعمالهم وحدّ لهم الحدود في ذلك ورسم لهم الرسوم ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبراً لهم عليها ولم يفوّض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها فهذا هو الفصل بين الجبر والتفويض على ما بيّناه.(1)

ص: 14


1- أقول: الذي ذكره شيخنا المفيد أحد معني الجبر وهو نفي القدرة والإرادة للعبد أصلاً ورأساً وهذا هو الذي وردت الأخبار الكثيرة في بطلانه. وأمّا الجبر في الإرادة بمعنی کون العبد مجبوراً في إرادته بأن تكون الإرادة في العبد من الله تبارك و تعالی و صدور الفعل المراد بإرادة من العبد واختياراً منه فلم اظفر على خبر ينفيه ويبطله. ولعلّ الفاحص يطّلع عليه، وهذا المعنى من الجبر هو الذي ذهب أصحاب الحكمة والنظر فيه إلى انّه هو المراد من الأمر بين الأمرين الوارد في السُنّة أئمّة الدين صلوات الله عليهم أجمعين وربما يأتي في مستأنف المقال ما يتّضح به الحال فانتظر فاحصاً، ولكنه مخدوش أيضاً بأنّه جبر في صورة الاختيار والله تعالى منزه عنه وإطلاق الأخبار ينفيه. ومعنى الأمر بين الأمرين شيء آخر يأتي في كلام المجلسي عند نقل الأخبار. السبزواري.

البحار: ج 2 ص 272 س17

وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض وبذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعي الأسدي حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): «سَأَلْتَ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ تَملِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْ مَعَ اللَّهُ؟ فَسَکَتَ عَبَايَة فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): قُلْ يا عَبَايَةَ! قَالَ: وَ مَا أَقُولُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «إِنْ قُلْتَ إِنَّكَ تَملِكُهَا مَعَ اللَّهِ قَتَلتُكَ وَ إِنْ قُلْتَ تَملِكُهَا دُونَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ» قَالَ عَبَايَةَ: فَمَا أَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا تَقُولُ إِنَّكَ تَملِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ فَإِنْ يُمَلِّكُهَا إِيَّاكَ كَانَ ذَلِكَ مِنَ عَطَائِهِ وَ إِنْ يسلكها كَانَ ذَلِكَ مِنَ بَلَائِهِ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَكَ وَ الْقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَقدَرَكَ. أَما سَمِعْتَ النَّاسَ يَسْأَلُونَ الْحَوْلَ وَ الْقُوَّةَ حِينَ يَقُولُونَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» قَالَ عَبَايَةَ: وَ مَا تَأْوِيلُهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «لَا حَوْلَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ». قَالَ فَوَثَبَ عَبَايَة فَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ».(1)

***

باب (3) القضاء والقدر والمشيّة والإرادة وسائر أسباب الفعل

البحار: ج 2 ص 281

1- ابْنُ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَا رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) رُقًى يُسْتَشْفَى بِهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّهَا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ.(2)

البحار: ج 2 ص 302

ص: 15


1- إن صحّ سند الخبر يدلّ على جواز تقبيل رجل الإمام ويده تقريراً. السبزواري.
2- لأنّها من الأسباب الظاهرية وجميع الأسباب مطلقاً من قدر الله تعالى. السبزواري.

98 - أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) قَالَ: قُلْتُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَ أَرَادَ وَ قَدَّرَ وَ قَضَى قُلْتُ فَمَا مَعْنَى شَاءَ قَالَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى أَرَادَ قَالَ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى قَدَّرَ قَالَ تَقْدِيرُ الشَّيْ ءِ مِنْ طُولِهِ وَ عَرْضِهِ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى قَضَى قَالَ إِذَا قَضَى أَمْضَاهُ فَذَلِكَ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ. (1)

***

باب (5) الأرزاق والأسعار

البحار: ج 2 ص318

2- مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: سَأَلَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليه السّلام) عَنْ بَعْضِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ فَقِيلَ عَلِيلٌ فَقَصَدَهُ عَائِداً وَ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَوَجَدَهُ دَنِفاً فَقَالَ لَهُ أَحْسِنْ ظَنَّكَ بِاللَّهِ قَالَ أَمَّا ظَنِّي بِاللَّهِ فَحَسَنٌ وَ لَكِنْ غَمِّي لِبَنَاتِي مَا أَمْرَضَنِي غَيْرُ غَمِّي بِهِنَّ فَقَالَ الصَّادِقُ (عليه السّلام) الَّذِي تَرْجُوهُ لِتَضْعِيفِ حَسَنَاتِكَ وَ مَحْوِ سَيِّئَاتِكَ فَارْجُهُ لِإِصْلَاحِ حَالِ بَنَاتِكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ لَمَّا جَاوَزْتُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَ بَلَغْتُ أَغْصَانَهَا وَ قُضْبَانَهَا رَأَيْتُ بَعْضَ ثِمَارِ قُضْبَانِهَا أَثْدَاءً مُعَلَّقَةً يَقْطُرُ مِنْ بَعْضِهَا اللَّبَنُ وَ مِنْ بَعْضِهَا الْعَسَلُ وَ مِنْ بَعْضِهَا الدُّهْنُ وَ يَخْرُجُ عَنْ بَعْضِهَا شِبْهُ دَقِيقِ السَّمِيذِ وَ عَنْ بَعْضِهَا الثِّيَابُ وَ عَنْ بَعْضِهَا كَالنَّبِقِ- فَيَهْوِي ذَلِكَ كُلُّهُ نَحْوَ الْأَرْضِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي أَيْنَ مَقَرُّ هَذِهِ الْخَارِجَاتِ عَنْ هَذِهِ الْأَثْدَاءِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعِي جَبْرَئِيلُ لِأَنِّي كُنْتُ جَاوَزْتُ مَرْتَبَتَهُ وَ اخْتَزَلَ دُونِي فَنَادَانِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ فِي سِرِّي يَا مُحَمَّدُ

ص: 16


1- هذا الخبر صريح في أن الفرق بين المشيئة والإرادة من حيث الحدوث والبقاء السبزواري.

هَذِهِ أَنْبَتُّهَا مِنْ هَذَا الْمَكَانِ الْأَرْفَعِ لِأَغْذُوَ مِنْهَا بَنَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أُمَّتِكَ وَ بَنِيهِمْ فَقُلْ لِآبَاءِ الْبَنَاتِ لَا تَضِيقَنَّ صُدُورُكُمْ عَلَى فَاقَتِهِنَّ فَإِنِّي كَمَا خَلَقْتُهُنَّ أَرْزُقُهُنَّ. (1)

باب (6) السعادة والشقاوة والخير والشرّ وخالقهما ومقدّرهما

البحار: ج 2 ص 3243

5 - مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ: حَقِيقَةُ السَّعَادَةِ أَنْ يُخْتَمَ الرَّجُلُ عَمَلُهُ بِالسَّعَادَةِ وَ حَقِيقَةُ الشَّقَاءِ أَنْ يُخْتَمَ الْمَرْءُ عَمَلُهُ بِالشَّقَاءِ. (2)

البحار: ج 2 ص 325

7- الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السّلام) قَالَ قَالَ الرِّضَا (عليه السّلام) قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ فُلَانٌ يَعْمَلُ مِنَ الذُّنُوبِ كَيْتَ وَ كَيْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بَلْ قَدْ نَجَا وَ لَا يَخْتِمُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلَهُ إِلَّا بِالْحُسْنَى وَ سَيَمْحُو اللَّهُ عَنْهُ السَّيِّئَاتِ وَ يُبَدِّلُهَا لَهُ حَسَنَاتٍ إِنَّهُ كَانَ مَرَّةً يَمُرُّ فِي طَرِيقٍ عَرَضَ لَهُ مُؤْمِنٌ قَدِ انْكَشَفَ عَوْرَتُهُ وَ هُوَ لَا يَشْعُرُ فَسَتَرَهَا عَلَيْهِ وَ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَخْجَلَ ثُمَ إِنَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ عَرَفَهُ فِي مَهْوَاةٍ فَقَالَ لَهُ أَجْزَلَ اللَّهُ لَكَ الثَّوَابَ وَ أَكْرَمَ لَكَ الْمَآبَ وَ لَا نَاقَشَكَ الْحِسَاب فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ فَهَذَا الْعَبْدُ لَا يُخْتَمُ لَهُ إِلَّا بِخَيْرٍ بِدُعَاءِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ فَاتَّصَلَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِهَذَا

ص: 17


1- في هذا الحديث الشريف تشبيه المعقول بالمحسوس فإن منشأ أرزاق البنات والبنين من عالم الغيب الذي لا يطلع عليه أحد سوى الله تعالى حتّى جبرائيل. السبزواري.
2- هذا الخبر تفسير لمعنى الشقاوة والسعادة فتأمل فيه فأنه يبين أنهما اختیاریان لا ذاتیان. السبزواري.

الرَّجُلِ فَتَابَ وَ أَنَابَ وَ أَقْبَلَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أُغِيرَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فِي أَثَرِهِمْ جَمَاعَةً ذَلِكَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ فِيهِمْ.(1)

البحار: ج 5 ص 100 س22

فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ قَوْلُهُ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ» قَالَ خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ مُؤْمِناً وَ كَافِراً وَ شَقِيّاً وَ سَعِيداً وَ كَذَلِكَ يَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُهْتَدٍ وَ ضَالٌّ يَقُولُ «إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» وَ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْهُدَى وَ الضَّلَالَةِ وَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ إِنْ شَاءُوا اهْتَدَوْا وَ إِنْ شَاءُوا ضَلُّوا وَ هُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْمَشِيَّةُ وَ الْقُدْرَةُ لِلَّهِ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ شَقِيّاً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ- وَ مَنْ خَلَقَهُ سَعِيداً يَوْمَ خَلَقَهُ كَذَلِكَ يَعُودُ إِلَيْهِ سَعِيداً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.(2)

***

ص: 18


1- هذا الخبر الشريف يفتح منه أبوابا من رحمة الله وفضله وينبغي أن يكتب هذا الحديث بماء الذهب. السبزواری.
2- هذا الخبر شارح لجميع أخبار السعادة والشقاوة وأن السعادة والشقاوة عملية لا ذاتية و بدلیل جميع أخبار الباب فتدبر تعرف. ثمّ إن ما هو المعروف من إن الشقي، شقي في بطن أمه والسعيد سعيد في بطن أمه لم أجده في هذا المضمون في ما تفحصت. نعم في بعض الأخبار الشقه من شق في بطن أمه مثل هذا الخبر وخبر الامالي. السبزواري.

باب (10) الطينة والميثاق

البحار: ج 2 ص 376

4-شیخ الطائفة عن أبي منصور السكري عن جده علي بن عمر عن إسحاق بن مروان القطان عن أبيه عن عبيد بن مهران العطار عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه وعن جعفر بن محمّد (علیهما السّلام) عن أبيها عن جدّهما قالا قال رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم): إن في الفردوس لعيناً أحلى من الشهد وألين من الزبد وأبرد من الثلج وأطيب من المسك فيها طينة خلقنا الله عزّ وجلّ منها وخلق منها شيعتنا فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا وهي الميثاق الذي أخذ الله عزّ وجلّ عليه ولاية علي بن أبي طالب (علیه السّلام) قال عبيد فذكرت لمحمد بن علي بن الحسين بن علي (علیهم السّلام) هذا الحديث فقال صَدَقَكَ يَحيَى بنُ عَبدِاللهِ هَكَذَا أَخبَرَنِي أَبِي عَن جَدِّي عَن النَّبِي (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) (1).

البحار: ج2 ص377

6- أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السَّيَّارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ الْكُوفِيِّ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليه السّلام) يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَخْبِرْنِي عَنِ الْمُؤْمِنِ

ص: 19


1- ظاهر هذا الخبر بل صريحه رجوع الضمير في قوله (علیه السّلام) وهي الميثاق إلى الطينة وعلى هذا فمعنى الخبر إن الميثاق هي الطينة وهذا يوجب عدم ورود جملة من الإشكالات المتصورة في باب الميثاق وسيأتي بيانها فأحسن التدبر. ولكن يمكن أن يقال إن المراد بالميثاق في هذا الخبر الميثاق التكويني وفي سائر الأخبار الواردة الميثاق التشريعي الاختياري وذلك لأن للميثاق مراتب كما يظهر من الأخبار.السبزواري.

الْمُسْتَبْصِرِ إِذَا بَلَغَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَ كَمَلَ هَلْ يَزْنِي قَالَ اللَّهُمَّ لَا قُلْتُ فَيَلُوطُ قَالَ اللَّهُمَّ لَا قُلْتُ فَيَسْرِقُ قَالَ لَا قُلْتُ فَيَشْرَبُ الْخَمْرَ قَالَ لَا قُلْتُ فَيَأْتِي بِكَبِيرَةٍ مِنْ هَذِهِ الْكَبَائِرِ أَوْ فَاحِشَةٍ مِنْ هَذِهِ الْفَوَاحِشِ قَالَ لَا قُلْتُ فَيُذْنِبُ ذَنْباً قَالَ نَعَمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ مُذْنِبٌ مُسْلِمٌ قُلْتُ مَا مَعْنَى مُسْلِمٍ قَالَ الْمُسْلِمُ بِالذَّنْبِ لَا يَلْزَمُهُ وَ لَا يَصِيرُ عَلَيْهِ قَالَ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعْجَبَ هَذَا لَا يَزْنِي وَ لَا يَلُوطُ وَ لَا يَسْرِقُ وَ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ لَا يَأْتِي كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ وَ لَا فَاحِشَةً فَقَالَ لَا عَجَبَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ «يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ» فَمِمَّ عَجِبْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ سَلْ وَ لَا تَسْتَنْكِفْ وَ لَا تَسْتَحْسِرْ فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَا يَتَعَلَّمُهُ مُسْتَكْبِرٌ وَ لَا مُسْتَحْسِرٌ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنِّي أَجِدُ مِنْ شِيعَتِكُمْ مَنْ يَشْرَبُ وَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَ يَحِيفُ السَّبِيلَ وَ يَزْنِي وَ يَلُوطُ وَ يَأْكُلُ الرِّبَا وَ يَرْتَكِبُ الْفَوَاحِشَ وَ يَتَهَاوَنُ بِالصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الزَّكَاةِ وَ يَقْطَعُ الرَّحِمَ وَ يَأْتِي الْكَبَائِرَ فَكَيْفَ هَذَا وَ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ هَلْ يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِكَ شَيْ ءٌ غَيْرُ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَ مَا هُوَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَجِدُ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ مُنَاصِبِيكُمْ مَنْ يُكْثِرُ مِنَ الصَّلَاةِ وَ مِنَ الصِّيَامِ وَ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ وَ يُتَابِعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ وَ يَحُضُّ عَلَى الْجِهَادِ وَ يَأْثَرُ عَلَى الْبِرِّ وَ عَلَى صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ يَقْضِي حُقُوقَ إِخْوَانِهِ وَ يُوَاسِيهِمْ مِنْ مَالِهِ وَ يَتَجَنَّبُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَ الزِّنَا وَ اللِّوَاطَ وَ سَائِرَ الْفَوَاحِشِ فَمِمَّ ذَاكَ وَ لِمَ ذَاكَ فَسِّرْهُ لِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بَرْهِنْهُ وَ بَيِّنْهُ فَقَدْ وَ اللَّهِ كَثُرَ فِكْرِي وَ أَسْهَرَ لَيْلِي وَ ضَاقَ ذَرْعِي قَالَ فَتَبَسَّمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ خُذْ إِلَيْكَ بَيَاناً شَافِياً فِيمَا سَأَلْتَ وَ عِلْماً مَكْنُوناً مِنْ خَزَائِنِ عِلْمِ اللَّهِ وَ سِرِّهِ أَخْبِرْنِي يَا إِبْرَاهِيمُ كَيْفَ تَجِدُ اعْتِقَادَهُمَا قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَجِدُ مُحِبِّيكُمْ وَ شِيعَتَكُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِمَّا وَصَفْتُهُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ لَوْ أُعْطِيَ

ص: 20

أَحَدُهُمْ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ذَهَباً وَ فِضَّةً أَنْ يَزُولَ عَنْ وَلَايَتِكُمْ وَ مَحَبَّتِكُمْ إِلَى مُوَالاةِ غَيْرِكُمْ وَ إِلَى مَحَبَّتِهِمْ مَا زَالَ وَ لَوْ ضُرِبَتْ خَيَاشِيمُهُ بِالسُّيُوفِ فِيكُمْ وَ لَوْ قُتِلَ فِيكُمْ مَا ارْتَدَعَ وَ لَا رَجَعَ عَنْ مَحَبَّتِكُمْ وَ وَلَايَتِكُمْ وَ أَرَى النَّاصِبَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِمَّا وَصَفْتُهُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ لَوْ أُعْطِيَ أَحَدُهُمْ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ذَهَباً وَ فِضَّةً أَنْ يَزُولَ عَنْ مَحَبَّةِ الطَّوَاغِيتِ وَ مُوَالاتِهِمْ إِلَى مُوَالاتِكُمْ مَا فَعَلَ وَ لَا زَالَ وَ لَوْ ضُرِبَتْ خَيَاشِيمُهُ بِالسُّيُوفِ فِيهِمْ وَ لَوْ قُتِلَ فِيهِمْ مَا ارْتَدَعَ وَ لَا رَجَعَ وَ إِذَا سَمِعَ أَحَدُهُمْ مَنْقَبَةً لَكُمْ وَ فَضْلًا اشْمَأَزَّ مِنْ ذَلِكَ وَ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ بُغْضاً لَكُمْ وَ مَحَبَّةً لَهُمْ قَالَ فَتَبَسَّمَ الْبَاقِرُ (عليه السّلام) ثُمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ هَاهُنَا هَلَكَتِ الْعَامِلَةُ النَّاصِبَةُ «تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ» وَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ «وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً» وَيْحَكَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَ تَدْرِي مَا السَّبَبُ وَ الْقِصَّةُ فِي ذَلِكَ وَ مَا الَّذِي قَدْ خَفِيَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)ِ فَبَيِّنْهُ لِي وَ اشْرَحْهُ وَ بَرْهِنْهُ قَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ عَالِماً قَدِيماً خَلَقَ الْأَشْيَاءَ لَا مِنْ شَيْ ءٍ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْ شَيْ ءٍ فَقَدْ كَفَرَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْ ءُ الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ الْأَشْيَاءَ قَدِيماً مَعَهُ فِي أَزَلِيَّتِهِ وَ هُوِيَّتِهِ كَانَ ذَلِكَ أَزَلِيّاً بَلْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا لَا مِنْ شَيْ ءٍ فَكَانَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْضاً طَيِّبَةً ثُمَّ فَجَّرَ مِنْهَا مَاءً عَذْباً زُلَالًا فَعَرَضَ عَلَيْهَا وَلَايَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَبِلَتْهَا فَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى طَبَّقَهَا وَ عَمَّهَا ثُمَّ نَضَبَ ذَلِكَ الْمَاءَ عَنْهَا وَ أَخَذَ مِنْ صَفْوَةِ ذَلِكَ الطِّينِ طِيناً فَجَعَلَهُ طِينَ الْأَئِمَّةِ (عليهم السّلام) ثُمَّ أَخَذَ ثُفْلَ ذَلِكَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهُ شِيعَتَنَا وَ لَوْ تَرَكَ طِينَتَكُمْ يَا إِبْرَاهِيمُ عَلَى حَالِهِ كَمَا تَرَكَ طِينَتَنَا لَكُنْتُمْ وَ نَحْنُ شَيْئاً وَاحِداً قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَمَا فَعَلَ بِطِينَتِنَا قَالَ أُخْبِرُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْضاً سَبِخَةً خَبِيثَةً مُنْتِنَةً

ص: 21

ثُمَّ فَجَّرَ مِنْهَا مَاءً أُجَاجاً آسِناً مَالِحاً فَعَرَضَ عَلَيْهَا وَلَايَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ لَمْ تَقْبَلْهَا فَأَجْرَى ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى طَبَّقَهَا وَ عَمَّهَا ثُمَّ نَضَبَ ذَلِكَ الْمَاءُ عَنْهَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهُ الطُّغَاةَ وَ أَئِمَّتَهُمْ ثُمَّ مَزَجَهُ بِثُفْلِ طِينَتِكُمْ وَ لَوْ تَرَكَ طِينَتَهُمْ عَلَى حَالِهِ وَ لَمْ يَمْزُجْ بِطِينَتِكُمْ لَمْ يَشْهَدُوا الشَّهَادَتَيْنِ وَ لَا صَلَّوْا وَ لَا صَامُوا وَ لَا زَكَّوْا وَ لَا حَجُّوا وَ لَا أَدَّوْا أَمَانَةً وَ لَا أَشْبَهُوكُمْ فِي الصُّوَرِ وَ لَيْسَ شَيْ ءٌ أَكْبَرَ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى صُورَةَ عَدُوِّهِ مِثْلَ صُورَتِهِ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَمَا صَنَعَ بِالطِّينَتَيْنِ قَالَ مَزَجَ بَيْنَهُمَا بِالْمَاءِ الأوّل وَ الْمَاءِ الثَّانِي ثُمَّ عَرَكَهَا عَرْكَ الْأَدِيمِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ قَبْضَةً فَقَالَ هَذِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَ لَا أُبَالِي وَ أَخَذَ قَبْضَةً أُخْرَى وَ قَالَ هَذِهِ إِلَى النَّارِ وَ لَا أُبَالِي ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا فَوَقَعَ مِنْ سِنْخِ الْمُؤْمِن وَ طِينَتِهِ عَلَى سِنْخِ الْكَافِرِ وَ طِينَتِهِ وَ وَقَعَ مِنْ سِنْخِ الْكَافِرِ وَ طِينَتِهِ عَلَى سِنْخِ الْمُؤْمِنِ وَ طِينَتِهِ فَمَا رَأَيْتَهُ مِنْ شِيعَتِنَا مِنْ زِنًا أَوْ لِوَاطٍ أَوْ تَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ مِنْ هَذِهِ الْكَبَائِرِ فَهُوَ مِنْ طِينَةِ النَّاصِبِ وَ عُنْصُرِهِ الَّذِي قَدْ مُزِجَ فِيهِ لِأَنَّ مِنْ سِنْخِ النَّاصِبِ وَ عُنْصُرِهِ وَ طِينَتِهِ اكْتِسَابَ الْمَآثِمِ وَ الْفَوَاحِشِ وَ الْكَبَائِرِ وَ مَا رَأَيْتَ مِنَ النَّاصِبِ وَ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ أَبْوَابِ الْبِرِّ فَهُوَ مِنْ طِينَةِ الْمُؤْمِنِ وَ سِنْخِهِ الَّذِي قَدْ مُزِجَ فِيهِ لِأَنَّ مِنْ سِنْخِ الْمُؤْمِنِ وَ عُنْصُرِهِ وَ طِينَتِهِ اكْتِسَابَ الْحَسَنَاتِ وَ اسْتِعْمَالَ الْخَيْرِ وَ اجْتِنَابَ الْمَآثِمِ فَإِذَا عُرِضَتْ هَذِهِ الْأَعْمَالُ كُلُّهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَنَا عَدْلٌ لَا أَجُورُ وَ مُنْصِفٌ لَا أَظْلِمُ وَ حَكَمٌ لَا أَحِيفُ وَ لَا أَمِيلُ وَ لَا أَشْطُطُ أَلْحِقُوا الْأَعْمَالَ السَّيِّئَةَ الَّتِي اجْتَرَحَهَا الْمُؤْمِنُ بِسِنْخِ النَّاصِبِ وَ طِينَتِهِ وَ أَلْحِقُوا الْأَعْمَالَ الْحَسَنَةَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا النَّاصِبُ بِسِنْخِ الْمُؤْمِنِ وَ طِينَتِهِ رُدُّوهَا كُلَّهَا إِلَى أَصْلِهَا فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا عَالِمُ السِّرِّ وَ أَخْفَى وَ أَنَا الْمُطَّلِعُ عَلَى قُلُوبِ عِبَادِي لَا أَحِيفُ وَ لَا أَظْلِمُ وَ لَا أَلْزِمُ أَحَداً إِلَّا مَا

ص: 22

عَرَفْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَهُ ثُمَّ قَالَ الْبَاقِرُ (عليه السّلام) يَا إِبْرَاهِيمُ اقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَيَّةَ آيَةٍ قَالَ قَوْلَهُ تَعَالَى «قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ» هُوَ فِي الظَّاهِرِ مَا تَفْهَمُونَهُ وَ هُوَ وَ اللَّهِ فِي الْبَاطِنِ هَذَا بِعَيْنِهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ لِلْقُرْآنِ ظَاهِراً وَ بَاطِناً وَ مُحْكَماً وَ مُتَشَابِهاً وَ نَاسِخاً وَ مَنْسُوخاً ثُمَّ قَالَ أَخْبِرْنِي يَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ وَ بَدَا شُعَاعُهَا فِي الْبُلْدَانِ أَ هُوَ بَائِنٌ مِنَ الْقُرْصِ قُلْتُ فِي حَالِ طُلُوعِهِ بَائِنٌ قَالَ أَ لَيْسَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ اتَّصَلَ ذَلِكَ الشُّعَاعُ بِالْقُرْصِ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَذَلِكَ يَعُودُ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلَى سِنْخِهِ وَ جَوْهَرِهِ وَ أَصْلِهِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَزَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سِنْخَ النَّاصِبِ وَ طِينَتَهُ مَعَ أَثْقَالِهِ وَ أَوْزَارِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ فَيُلْحِقُهَا كُلَّهَا بِالنَّاصِبِ وَ يَنْزِعُ سِنْخَ الْمُؤْمِنِ وَ طِينَتَهُ مَعَ حَسَنَاتِهِ وَ أَبْوَابِ بِرِّهِ وَ اجْتِهَادِهِ مِنَ النَّاصِبِ فَيُلْحِقُهَا كُلَّهَا بِالْمُؤْمِنِ أَ فَتَرَى هَاهُنَا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً قُلْتُ لَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ الْقَضَاءُ الْفَاصِلُ وَ الْحُكْمُ الْقَاطِعُ وَ الْعَدْلُ الْبَيِّن «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ» هَذَا يَا إِبْرَاهِيمُ «الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» هَذَا مِنْ حُكْمِ الْمَلَكُوتِ قُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مَا حُكْمُ الْمَلَكُوتِ قَالَ حُكْمُ اللَّهِ وَ حُكْمُ أَنْبِيَائِهِ وَ قِصَّةُ الْخَضِرِ وَ مُوسَى (عليه السّلام) حِينَ اسْتَصْحَبَهُ فَقَالَ «إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» افْهَمْ يَا إِبْرَاهِيمُ وَ اعْقِلْ أَنْكَرَ مُوسَى عَلَى الْخَضِرِ وَ اسْتَفْظَعَ أَفْعَالَهُ حَتَّى قَالَ لَهُ الْخَضِرُ يَا مُوسَى مَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي إِنَّمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ هَذَا وَيْحَكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قُرْآنٌ يُتْلَى وَ أَخْبَارٌ تُؤْثَرُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ رَدَّ مِنْهَا حَرْفاً فَقَدْ كَفَرَ وَ أَشْرَكَ وَ رَدَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اللَّيْثِيُّ فَكَأَنِّي لَمْ أَعْقِلِ الْآيَاتِ وَ أَنَا أَقْرَؤُهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَا أَعْجَبَ هَذَا تُؤْخَذُ حَسَنَاتُ أَعْدَائِكُمْ فَتُرَدُّ عَلَى شِيعَتِكُمْ وَ تُؤْخَذُ

ص: 23

سَيِّئَاتُ مُحِبِّيكُمْ فَتُرَدُّ عَلَى مُبْغِضِيكُمْ قَالَ إِي وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَالِقِ الْحَبَّةِ وَ بَارِئِ النَّسَمَةِ وَ فَاطِرِ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ مَا أَخْبَرْتُكَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَا أَتَيْتُكَ إِلَّا بِالصِّدْقِ وَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ «وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» وَ إِنَّ مَا أَخْبَرْتُكَ لَمَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ كُلَّهُ قُلْتُ هَذَا بِعَيْنِهِ يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ نَعَمْ يُوجَدُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ مَوْضِعاً فِي الْقُرْآنِ أَ تُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ ذَلِكَ عَلَيْكَ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ» الْآيَةَ أَزِيدُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ «لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ» أَ تُحِبُّ أَنْ أَزِيدَكَ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ «فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما»

يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ شِيعَتِنَا حَسَنَاتٍ(1) وَ يُبَدِّلُ اللَّهُ حَسَنَاتِ أَعْدَائِنَا سَيِّئَاتٍ وَ جَلَالِ اللَّهِ وَ وَجْهِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمِنْ عَدْلِهِ وَ إِنْصَافِهِ لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ وَ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أَ لَمْ أُبَيِّنْ لَكَ أَمْرَ الْمِزَاجِ وَ الطِّينَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ اقْرَأْ يَا إِبْرَاهِيمُ «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ» يَعْنِي مِنَ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ وَ الْأَرْضِ الْمُنْتِنَةِ «فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى» يَقُولُ لَا يَفْتَخِرْ أَحَدُكُمْ بِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ وَ صِيَامِهِ وَ زَكَاتِهِ وَ نُسُكِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى مِنْكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اللَّمَمِ وَ هُوَ الْمِزَاجُ أَزِيدُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)

ص: 24


1- أي كما بدنكم في الذّر سعيداً أو شقياًّ تعودون كذلك إما سعيدٌ أو شقيٌّ كلٌّ بحسب ما بدء به في الذّر. السبزواري.

قَالَ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» يَعْنِي أَئِمَّةَ الْجَوْرِ دُونَ أَئِمَّةِ الْحَقِ «وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ فَوَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ غُرَرِ أَحَادِيثِنَا وَ بَاطِنِ سَرَائِرِنَا وَ مَكْنُونِ خَزَائِنِنَا وَ انْصَرِفْ وَ لَا تُطْلِعْ عَلَى سِرِّنَا أَحَداً إِلَّا مُؤْمِناً مُسْتَبْصِراً فَإِنَّكَ إِنْ أَذَعْتَ سِرَّنَا بُلِيتَ فِي نَفْسِكَ وَ مَالِكَ وَ أَهْلِكَ وَ وُلْدِك.

البحار: ج 2 ص 380

8- عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولى» قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا ذَرَأَ الْخَلْقَ فِي الذَّرِّ الأوّل فَأَقَامَهُمْ صُفُوفاً قُدَّامَهُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَآمَنَ بِهِ قَوْمٌ وَ أَنْكَرَهُ قَوْمٌ فَقَالَ اللَّهُ «هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولى» يَعْنِي بِهِ مُحَمَّداً (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَيْثُ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الذَّرِّ الأوّل. (1)

البحار: ج 2 ص 382

12 - أَبِي عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليهم السّلام) أَوَّلُ مَنْ سَبَقَ مِنَ الرُّسُلِ إِلَى بَلَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ كَانَ بِالْمَكَانِ الَّذِي قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ

ص: 25


1- هذا الخبر وأمثاله صريح في تعدّد عالم الذّر، فكما أنّ محمّداً (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كان مقدم القدم في المبدأ كذلك يكون مقدمهم في المعاد أيضاً كما بدئكم تعودون فافهم راشداً. وَلَنِعمَ ما قيل بالفارسية: دراین ره أنبياء چون سار باشد *** دلیل وره نمان کارواشد واز ایشان سید ما گشت سالار *** همون اول همون آخر در این کار شده او پیش وجانها جملة در پي *** کسرفتند دست دلها أمروي السبزواری.

تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ فَقَدْ وَطِئْتَ مَوْطِئاً لَمْ تَطَأْهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَوْ لَا أَنَّ رُوحَهُ وَ نَفْسَهُ كَانَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ لَمَا قَدَرَ أَنْ يَبْلُغَهُ فَكَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَا قَالَ اللَّهُ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى أَيْ بَلْ أَدْنَى فَلَمَّا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ وَقَعَ إِلَى أَوْلِيَائِهِ (عليهم السّلام).(1)

فَقَالَ الصَّادِقُ (عليه السّلام) كَانَ الْمِيثَاقُ مَأْخُوذاً عَلَيْهِمْ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ لِرَسُولِهِ بِالنبوّة وَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ بِالْإِمَامَةِ فَقَالَ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ وَ مُحَمَّدٌ نَبِيَّكُمْ وَ عَلِيٌّ إِمَامَكُمْ وَ الْأَئِمَّةُ الْهَادُونَ أَئِمَّتَكُمْ فَ-«قالُوا بَلى فَقَالَ اللَّهُ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ» أَيْ لِئَلَّا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ فَأَوَّلُ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمِيثَاقَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ هُوَ قَوْلُهُ «وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ» فَذَكَرَ جُمْلَةَ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ أَبْرَزَ أَفْضَلَهُمْ بِالْأَسَامِي فَقَالَ «وَ مِنْكَ» يَا مُحَمَّدُ فَقَدَّمَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ «وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ» فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ مِيثَاقَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) لَهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَ عَلَى أَنْ يَنْصُرُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ «وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ» يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) «لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ» يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ تُخْبِرُوا أُمَمَكُمْ بِخَبَرِهِ وَ خَبَرِ وَلِيِّهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ.

البحار: ج 2ص383

16 - أَبِي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ عَنْ جَابِرٍ

ص: 26


1- فنهاية استكمال كلّ نفس إنّما يكون إلى المقام الذي أخذت طينته منه وفي قوله (لولا أنّ روحه... إلى قوله: فكان من الله عزّ وجلّ الخ أسرار طوبی لمن فاز بها وحقّقها). السبزواري.

الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ إ«ِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» قَالَ وَ كَانَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَقْدِمَةً فِي آدَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَ احْتِجَاجاً مِنْهُ عَلَيْهِمْ قَالَ فَاغْتَرَفَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَى غُرْفَةً بِيَمِينِهِ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْب الْفُرَاتِ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ فَصَلْصَلَهَا فِي كَفِّهِ فَجَمَدَتْ فَقَالَ لَهَا مِنْكِ أَخْلُقُ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ عِبَادِيَ الصَّالِحِينَ وَ الْأَئِمَّةَ الْمُهْتَدِينَ وَ الدُّعَاةَ إِلَى الْجَنَّةِ وَ أَتْبَاعَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَ لَا أُبَالِي وَ لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ ثُمَّ اغْتَرَفَ غُرْفَةً أُخْرَى مِنَ الْمَاءِ الْمَالِحِ الْأُجَاجِ فَصَلْصَلَهَا فِي كَفِّهِ فَجَمَدَتْ ثُمَّ قَالَ لَهَا مِنْكِ أَخْلُقُ الْجَبَّارِينَ وَ الْفَرَاعِنَةَ وَ الْعُتَاةَ وَ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَ الدُّعَاةَ إِلَى النَّارِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ لَا أُبَالِي وَ لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ «وَهُمْ يُسْئَلُونَ» قَالَ وَ شَرَطَ فِي ذَلِكَ الْبَدَاءَ فِيهِمْ وَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ الْبَدَاءَ ثُمَّ خَلَطَ الْمَاءَيْنِ جَمِيعاً فِي كَفِّهِ فَصَلْصَلَهُمَا ثُمَّ كَفَأَهُمَا قُدَّامَ عَرْشِهِ وَ هُمَا سُلَالَةٌ مِنْ طِينٍ الْخَبَرَ. (1)

البحار: ج 2 ص 385

27- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ فَذَكَرْنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَقُلْنَا فِيهِ حِدَّةٌ فَقَالَ مِنْ عَلَامَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ حِدَّةٌ قَالَ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّ عَامَّةَ أَصْحَابِنَا فِيهِمْ حِدَّةٌ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي وَقْتِ مَا ذَرَأَهُمْ أَمَرَ أَصْحَابَ الْيَمِينِ وَ أَنْتُمْ هُمْ أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ

ص: 27


1- هذا الخبر مؤيّد لما هو المعروف بين الإماميّة، بل ادّعي عليه الإجماع من أنّه مهما يكون في شيء البداء فلا يكون في زوال مؤمن عن إيمانه، والإمام عن إمامته، ولا نبيّ عن نبوّته. السبزواري

فَدَخَلُوهَا فَأَصَابَهُمْ وَهَجٌ فَالْحِدَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْوَهَجِ وَ أَمَرَ أَصْحَابَ الشِّمَالِ وَ هُمْ مُخَالِفُوهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَمِنْ ثَمَّ لَهُمْ سَمْتٌ وَ لَهُمْ وَقَارٌ. (1)

البحار: ج 2 ص 385

28- الْغَضَائِرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْغَزَّالِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم): إِنَ فِي الْفِرْدَوْسِ لَعَيْناً أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ وَ أَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ فِيهَا طِينَةٌ خَلَقَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا وَ خَلَقَ شِيعَتَنَا مِنْهَا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ فَلَيْسَ مِنَّا وَ لَا مِنْ شِيعَتِنَا وَ هِيَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام).(2)

البحار: ج 2 ص 387

34- أَبِی عَن سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيِّ وَ عُقْبَةَ جَمِيعاً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَخَلَقَ مَنْ أَحَبَّ مِمَّا أَحَبَّ وَ كَانَ مَا أَحَبَّ أَنْ خَلَقَهُ مِنْ طِينَةِ الْجَنَّةِ وَ خَلَقَ مَنْ أَبْغَضَ مِمَّا أَبْغَضَ وَ كَانَ مَا أَبْغَضَ أَنْ خَلَقَهُ مِنْ طِينَةِ النَّارِ ثُمَ بَعَثَهُمْ فِي الضَّلَالِ فَقُلْتُ وَ أَيُّ

ص: 28


1- قد علل السَمتَ والوقار بوجهين: الأوّل: باختلاط طينة العليين مع طينة السجين. الثاني: بعدم دخولهم النار ويمكن أن يكون لكل منهما مدخليّة في ذلك. السبزواري.
2- أقول: لا ريب في أنّ الإيمان أجل الكمالات النفسانيّة فلابد وأن يعتني به الله تعالى كمال الاعتناء، وهذا من أحد وجوه عنايته تعالی واعتنائه بالإيمان ولا إشكال في أنّ الميثاق ميثاقان تكويني اقتضائي واختياري إراديّ. السبزواري.

شَيْ ءٍ الضَّلَالُ فَقَالَ أَ لَمْ تَرَ إِلَى ظِلِّكَ فِي الشَّمْسِ شَيْ ءٌ وَ لَيْسَ بِشَيْ ءٍ ثُمَّ بَعَثَ مِنْهُمُ النَّبِيِّينَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ» ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِالنَّبِيِّينَ فَأَنْكَرَ بَعْضٌ وَ أَقَرَّ بَعْضٌ ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلَى وَلَايَتِنَا فَأَقَرَّ بِهَا وَ اللَّهِ مَنْ أَحَبَّ وَ أَنْكَرَهَا مَنْ أَبْغَضَ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ «فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْل».(1)

البحار: ج 2ص 397

بيان: اعلم أنّ أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار و معضلات الآثار و لأصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك. منها ما ذهب إليه الأخباريون و هو أنّا نؤمن بها مجملاً و نعترف بالجهل عن حقيقة معناها و عن أنّها من أي جهة صدرت و نرد علمه إلى الأئمة (عليهم السّلام). و منها أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة و لما ذهبت إليه الأشاعرة و هم جلّهم و لمخالفتها ظاهراً لما مرّ من أخبار الاختيار و الاستطاعة. و منها أنّها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة. و منها أنّها كناية عن اختلاف استعداداتهم و قابلياتهم و هذا أمر بيّن لا يمكن إنكاره فإنه لا شبهة في أن النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) و أبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد و القابلية و هذا لا يستلزم سقوط التكليف فإن الله تعالى كلّف النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) حسب ما أعطاه من الاستعداد

ص: 29


1- أقول: الذي انطوت عليه الأخبار ولوّحت به من الأسرار لأولي الأبصار إنّ الذّر ذران الذّر الأوّل والذّر الثاني وما بينهما برزخ وهو الأظلة، أو الذر في هذا الخبر و خبر ابن المتوكّل يمكن أن يراد منه الذّر الأوّل. وما في بعض الأخبار من أنّه تعالى خلق آدم والروح الذريّة من صلبه ونشرهم بين يديه و تکلّم آدم فيهم مع الله تعالى هو الذر الثاني. السبزواري.

لتحصيل الكمالات و كلّف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك و لم يكلّفه ما ليس في وسعه و لم يجبره على شي ء من الشرّ و الفساد. و منها أنّه لما كلّف الله تعالى الأرواح أوّلاً في الذرّ و أخذ ميثاقهم فاختاروا الخير و الشرّ باختيارهم في ذلك الوقت و تفرّع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دلّ عليه بعض الأخبار السابقة فلا فساد في ذلك. و لا يخفى ما فيه و في كثير من الوجوه السابقة و ترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى لا سيّما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها و لنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم و مخالفوهم.(1)

البحار: ج 2ص 406 س 23

و أما المقام الثاني و هو أن بتقدير أن يصح القول بأخذ الميثاق من الذر فهل يمكن جعله تفسيرا لألفاظ هذه الآية فنقول الوجوه الثلاثة المذكورة أوّلاً دافعة لذلك لأنّ قوله «أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» فقد بيّنا أنّ المراد منه و إذ أخذ ربّك من ظهور بني آدم و أيضاً لو كانت هذه الذرية مأخوذة من ظهر آدم لقال من ظهره ذريته و لم يقل مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أجاب الناصرون لذلك القول بأنّه صحت الرواية عن رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أنّه فسّر هذه الآية بهذا الوجه و الطعن

ص: 30


1- أمّا الاعتراف بالجهل فلا منشأ له إلا حبّ الراحة وعدم تحمّل الارتياض والمشقّة في فهم أخبار الأئمّة (عليهم السّلام)، وأمّا الحمل على التقيّة فبعيدة جدّاً لكثرة الأخبار والتعليلات الواقعة في بعضها، بل في أكثرها وكلاهما منافيان للحمل على التقية كما بين في محله. وأمّا الحمل على اختلاف الاستعدادات فأبعد لأن الأخبار في مقام بیان منشأ اختلاف الاستعدادات كما لا يخفى. وأمّا الحمل الأخير فهو عين بيان الدعوى لا أنّه حمل على غير المدّعى كما لا يخفى. السبزواري.

في تفسير رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم) غير ممكن فنقول ظاهر الآية تدلّ على أنّه تعالى أخرج ذرّاً من ظهور بني آدم فيحمل ذلك على أنه تعالى يعلم أن الشخص الفلاني يتولد منه فلان و من ذلك الفلان فلان آخر فعلى الترتيب الذي علم دخولهم في الوجود يخرجهم و يميز بعضهم من بعض و أما أنه تعالى يخرج كل تلك الذرية من صلب آدم فليس في لفظ الآية ما يدل على ثبوته و ليس في الآية أيضاً ما يدل على بطلانه إلّا أنّ الخبر قد دلّ عليه فثبت إخراج الذرية من ظهور بني آدم في القرآن و ثبت إخراج الذريّة من ظهر آدم بالخبر(1) و على هذا التقدير فلا منافاة بين الأمرين و لا مدافعة فوجب المصير إليهما معا صونا للآية و الخبر عن الطعن بقدر الإمكان فهذا منتهى الكلام في تقرير هذا المقام انتهى.

***

باب (12) علّة عذاب الاستيصال وحال ولد الزنا وعلّة اختلاف أحوال الخلق

البحار: ج 2 ص 416

الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام): إِنَ وَلَدَ الزِّنَا يُسْتَعْمَلُ إِنْ عَمِلَ خَيْراً جُزِيَ بِهِ وَ إِنْ عَمِلَ شَرّاً

ص: 31


1- أقول: من أحاط خبراً بالأحكام العقليّة والأدلة السمعية يحكم حكما قطعياً جزمياً بإمكان عالم الذر ووقوعه بل عالمي الذر الأوّل والذر الثاني ولا استحالة في ذلك من جهة العقل أبداً ومن حكم بالاستحالة ليس إلّا من جهة قصور باعه وقلّة اطلاعه على العقليات و عدم التدبر في النقليات. وكذا لا استحالهُ في وجود عالم الأشباح والاظلة ومن استحاله قصّر نظره على عالم الكافة و المادة، ولقد عزمت أن اعمل في إثبات ذلك كلّه كتابا وافياً إن ساعدني التوفيق إن شاء الله تعالى. السبزواري.

جُزِيَ بِهِ.

بيان هذا الخبر موافق لما هو المشهور بين الإماميّة من أنّ ولد الزنا كسائر الناس مكلّف بأصول الدين و فروعه و يجري عليه أحكام المسلمين مع إظهار الإسلام و يثاب على الطاعات و يعاقب على المعاصي و نسب إلى الصدوق و السيّد المرتضى و ابن إدريس رحمهم الله القول بكفره و إن لم يظهره و هذا مخالف لأصول أهل العدل إذ لم يفعل باختياره ما يستحق به العقاب فيكون عذابه جوراً و ظلماً و الله «لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» فأمّا الأخبار الواردة في ذلك فمنهم من حملها على أنّه يفعل باختياره ما يكفر بسببه فلذا حكم عليه بالكفر و أنّه لا يدخل الجنة و أمّا ظاهرا فلا يحكم بكفره إلّا بعد ظهور ذلك منه. أقول يمكن الجمع بين الأخبار على وجه آخر يوافق قانون العدل بأنّ يقال لا يدخل ولد الزنا الجنة لكنّ لا يعاقب في النار إلّا بعد أن يظهر منه ما يستحقه و مع فعل الطاعة و عدم ارتكاب ما يحبطه يثاب في النار على ذلك و لا يلزم على الله أنّ يثيب الخلق في الجنة و يدلّ عليه خبر عبدالله بن عجلان و لا ينافيه خبر ابن أبي يعفور إذ ليس فيه تصريح بأنّ جزاءه يكون في الجنّة و أمّا العمومات الدالّة على أنّ من يؤمن بالله و يعمل صالحاً يدخله الله الجنة يمكن أن تكون مخصّصة بتلك الأخبار و بالجملة فهذه المسألة ممّا قد تحيّر فيه العقول و ارتاب به الفحول و الكفّ عن الخوض فيها أسلم و لا نرى فيها شيئاً أحسن من أن يقال الله أعلم.(1)

***

ص: 32


1- أقول: يحتمل أن يكون المراد بولد الزنا كناية عن الثاني ومن كان من سنخه، ففي معاني الأخبار عن ابن موسی عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألته عمّا روي عن النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: ولد الزنا شرّ الثلاثة ما معناه قال عني به الأوسط أنّه شرّ ممّن تقدّمه وممّن تلاه الخبر. فجميع ما ورد في ولد الزنا تعريفه بمثله. السبزواري.

باب (20) التوبة وأنواعها وشرائطها

البحار: ج 2ص 467

1- أَبِي عَنْ سَعْدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: مَا زَالَتِ الْأَرْضُ إِلَّا وَ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهَا حُجَّةٌ يُعَرِّفُ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ وَ يَدْعُو إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَنْقَطِعُ الحجّة مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعِينَ يَوْماً قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِذَا رُفِعَتِ الحجّة أُغْلِقَتْ أَبْوَابُ التَّوْبَةِ وَ لَمْ يَنْفَعْ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُرْفَعَ الحجّة أُولَئِكَ شِرَارُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ وَ هُمُ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الْقِيَامَةُ.(1)

البحار: ج 2 ص 471

الطَّالَقَانِيُ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ(2) بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الدَّوْسِيِّ قَالَ: دَخَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بَاكِياً فَسَلَّمَ فَرَدَّ (عَلَيْهِ السَّلَامَ) ثُمَّ قَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا مُعَاذُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِالْبَابِ شَابّاً طَرِيَّ الْجَسَدِ نَقِيَّ اللَّوْنِ حَسَنَ الصُّورَةِ يَبْكِي عَلَى شَبَابِهِ بُكَاءَ الثَّكْلَى عَلَى وَلَدِهَا يُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَيْكَ

ص: 33


1- وذلك لأنّ الحجّة بوجوده الشريف حافظ للأحكام فإذا رفعت الحجّة فلا حكم وإذا انتفى الحكم فلا وجه لقبول التوبة من عباده عن الذمّ فيما يأتي وبعد رفع الحجّة لا عمل إذ لا حكم مع أنّ وجوب التوبة من الأحكام أيضاً وهو مرفوع برفع الحجّة فتأمّل. ورفع الحجّة قبل القيامة بأربعين يوماً إنّما هو شدّة ظهور أمر الآخرة ومعاينة أحوالها وحينئذ لا وجه لوجود الحجّة وكيف تنفع الحجّة مع المعاينة. السبزواري.
2- مجهول. السبزواري.

فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أَدْخِلْ عَلَيَّ الشَّابَّ يَا مُعَاذُ فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ فَرَدَّ (عَلَيْهِ السَّلَامَ) ثُمَّ قَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا شَابُّ قَالَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ قَدْ رَكِبْتُ ذُنُوباً إِنْ أَخَذَنِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِبَعْضِهَا أَدْخَلَنِي نَارَ جَهَنَّمَ وَ لَا أَرَانِي إِلَّا سَيَأْخُذُنِي بِهَا وَ لَا يَغْفِرُ لِي أَبَداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) هَلْ أَشْرَكْتَ بِاللَّهِ شَيْئاً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُشْرِكَ بِرَبِّي شَيْئاً قَالَ أَ قَتَلْتَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ لَا فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فَقَالَ الشَّابُّ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَلْقِ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَلْقِ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ السَّمَاوَاتِ وَ نُجُومِهَا وَ مِثْلَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِلَيْهِ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ يَا شَابُّ ذُنُوبُكَ أَعْظَمُ أَمْ رَبُّكَ فَخَرَّ الشَّابُّ لِوَجْهِهِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي مَا شَيْ ءٌ أَعْظَمَ مِنْ رَبِّي رَبِّي أَعْظَمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ كُلِّ عَظِيمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَهَلْ يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ إِلَّا الرَّبُّ الْعَظِيمُ قَالَ الشَّابُّ لَا وَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ سَكَتَ الشَّابُّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَيْحَكَ يَا شَابُّ أَ لَا تُخْبِرُنِي بِذَنْبٍ وَاحِدٍ مِنْ ذُنُوبِكَ قَالَ بَلَى أُخْبِرُكَ إِنِّي كُنْتُ أَنْبُشُ الْقُبُورَ سَبْعَ سِنِينَ أُخْرِجُ الْأَمْوَاتَ وَ أَنْزِعُ الْأَكْفَانَ فَمَاتَتْ جَارِيَةٌ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا حُمِلَتْ إِلَى قَبْرِهَا وَ دُفِنَتْ وَ انْصَرَفَ عَنْهَا أَهْلُهَا وَ جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ أَتَيْتُ قَبْرَهَا فَنَبَشْتُهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجْتُهَا وَ نَزَعْتُ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ أَكْفَانِهَا وَ تَرَكْتُهَا مُتَجَرِّدَةً عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهَا وَ مَضَيْتُ مُنْصَرِفاً فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ فَأَقْبَلَ يُزَيِّنُهَا لِي وَ يَقُولُ أَ مَا تَرَى بَطْنَهَا وَ بَيَاضَهَا أَ مَا تَرَى وَرِكَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ لِي هَذَا حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهَا وَ لَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي حَتَّى جَامَعْتُهَا وَ تَرَكْتُهَا مَكَانَهَا فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ مِنْ وَرَائِي يَقُولُ يَا شَابُّ

ص: 34

وَيْلٌ لَكَ مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ يَوْمَ يَقِفُنِي وَ إِيَّاكَ كَمَا تَرَكْتَنِي عُرْيَانَةً فِي عَسَاكِرِ الْمَوْتَى وَ نَزَعْتَنِي مِنْ حُفْرَتِي وَ سَلَبْتَنِي أَكْفَانِي وَ تَرَكْتَنِي أَقُومُ جُنُبَةً إِلَى حِسَابِي فَوَيْلٌ لِشَبَابِكَ مِنَ النَّارِ فَمَا أَظُنُّ أَنِّي أَشَمُّ رِيحَ الْجَنَّةِ أَبَداً فَمَا تَرَى لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) تَنَحَّ عَنِّي يَا فَاسِقُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَحْتَرِقَ بِنَارِكَ فَمَا أَقْرَبَكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ (عليه السّلام) يَقُولُ وَ يُشِيرُ إِلَيْهِ حَتَّى أَمْعَنَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَذَهَبَ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَتَزَوَّدَ مِنْهَا ثُمَّ أَتَى بَعْضَ جِبَالِهَا فَتَعَبَّدَ فِيهَا وَ لَبِسَ مِسْحاً وَ غَلَّ يَدَيْهِ جَمِيعاً إِلَى عُنُقِهِ وَ نَادَى يَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ بُهْلُولٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مَغْلُولٌ يَا رَبِّ أَنْتَ الَّذِي تَعْرِفُنِي وَ زَلَّ مِنِّي مَا تَعْلَمُ سَيِّدِي يَا رَبِّ أَصْبَحْتُ مِنَ النَّادِمِينَ وَ أَتَيْتُ نَبِيَّكَ تَائِباً فَطَرَدَنِي وَ زَادَنِي خَوْفاً فَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَظَمَةِ سُلْطَانِكَ أَنْ لَا تُخَيِّبَ رَجَائِي سَيِّدِي وَ لَا تُبْطِلْ دُعَائِي وَ لَا تُقَنِّطْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً تَبْكِي لَهُ السِّبَاعُ وَ الْوُحُوشُ فَلَمَّا تَمَّتْ لَهُ أَرْبَعُونَ يَوْماً وَ لَيْلَةً رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ مَا فَعَلْتَ فِي حَاجَتِي إِنْ كُنْتَ اسْتَجَبْتَ دُعَائِي وَ غَفَرْتَ خَطِيئَتِي فَأَوْحِ إِلَى نَبِيِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَجِبْ لِي دُعَائِي وَ لَمْ تَغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَ أَرَدْتَ عُقُوبَتِي فَعَجِّلْ بِنَارٍ تُحْرِقُنِي أَوْ عُقُوبَةٍ فِي الدُّنْيَا تُهْلِكُنِي وَ خَلِّصْنِي مِنْ فَضِيحَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) «وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً» يَعْنِي الزِّنَا «أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ» يَعْنِي بِارْتِكَابِ ذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنَ الزِّنَا وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ «ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ» يَقُولُ خَافُوا اللَّهَ فَعَجَّلُوا التَّوْبَةَ «وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ» يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ أَتَاكَ عَبْدِي يَا مُحَمَّدُ تَائِباً فَطَرَدْتَهُ فَأَيْنَ يَذْهَبُ وَ إِلَى مَنْ يَقْصِدُ وَ مَنْ يَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ذَنْباً غَيْرِي ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ «وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ» يَقُولُ لَمْ يُقِيمُوا عَلَى الزِّنَا وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ «أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا»

ص: 35

الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) خَرَجَ وَ هُوَ يَتْلُوهَا وَ يَتَبَسَّمُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى ذَلِكَ الشَّابِّ التَّائِبِ فَقَالَ مُعَاذٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنَا أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِأَصْحَابِهِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ فَصَعِدُوا إِلَيْهِ يَطْلُبُونَ الشَّابَّ فَإِذَا هُمْ بِالشَّابِّ قَائِمٌ بَيْنَ صَخْرَتَيْنِ مَغْلُولَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَ تَسَاقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ مِنَ الْبُكَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ سَيِّدِي قَدْ أَحْسَنْتَ خَلْقِي وَ أَحْسَنْتَ صُورَتِي فَلَيْتَ شِعْرِي مَا ذَا تُرِيدُ بِي أَ فِي النَّارِ تُحْرِقُنِي أَوْ فِي جِوَارِكَ تُسْكِنُنِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ الْإِحْسَانَ إِلَيَّ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَيْتَ شِعْرِي مَا ذَا يَكُونُ آخِرُ أَمْرِي إِلَى الْجَنَّةِ تَزُفُّنِي أَمْ إِلَى النَّارِ تَسُوقُنِي اللَّهُمَّ إِنَّ خَطِيئَتِي أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مِنْ كُرْسِيِّكَ الْوَاسِعِ وَ عَرْشِكَ الْعَظِيمِ فَلَيْتَ شِعْرِي تَغْفِرُ خَطِيئَتِي أَمْ تَفْضَحُنِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ نَحْوَ هَذَا وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ السِّبَاعُ وَ صَفَّتْ فَوْقَهُ الطَّيْرُ وَ هُمْ يَبْكُونَ لِبُكَائِهِ فَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَأَطْلَقَ يَدَيْهِ مِنْ عُنُقِهِ وَ نَفَضَ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَ قَالَ يَا بُهْلُولُ أَبْشِرْ فَإِنَّكَ عَتِيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ (عليه السّلام) لِأَصْحَابِهِ هَكَذَا تَدَارَكُوا الذُّنُوبَ كَمَا تَدَارَكَهَا بُهْلُولٌ ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ وَ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ.

البحار: ج 2 ص 486س6

السادس: مما أجمع عليه أهل الإسلام و إنّما الخلاف في أنّه هل يجب على الله حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلماً أو هو تفضل يفعله سبحانه كرماً منه و رحمة بعباده فالمعتزلة على الأوّل و الأشاعرة على الثاني و إلى الثاني ذهب شيخ الطائفة في كتاب الاقتصاد و العلامة الحلي رحمه الله في بعض كتبه الكلامية و توقّف المحقّق الطوسي طاب ثراه في التجريد و مختار الشيخين هو الظاهر من

ص: 36

الأخبار و أدعية الصحيفة الكاملة و غيرها و هو الذي اختاره الشيخ الطبرسي رحمه الله و نسبه إلى أصحابنا كما عرفت و دليل الوجوب ضعيف مدخول كما لا يخفى على من تأمّل فيه.(1)

***

ص: 37


1- السابع هل يكون الغير المبتلى بالذنب أولى أو من ابتلي به ثمّ تاب؟ يظهر من جملة من الأخبار الثّاني فراجع و تدبّر. السبزواري.

أبواب الموت وما يلحقه إلى وقت البعث والنشور

باب (2) علامات الكبر وأنّ ما بين الستّين إلى السبعين معترك المنايا وتفسير أرذل العمر

البحار: ج3 ص10

6- عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ يَوْماً: إِنَ أَكْلَ الْبِطِّيخِ يُورِثُ الْجُذَامَ فَقِيلَ لَهُ أَ لَيْسَ قَدْ أَمِنَ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ؟ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ إِذَا خَالَفَ الْمُؤْمِنُ مَا أُمِرَ بِهِ مِمَّنْ آمَنَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَةُ الْخِلَافِ.(1)

***

باب (8) أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلّق بذلك

البحار: ج 3 ص 71

3- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) أَ رَأَيْتَ الْمَيِّتَ إِذَا مَاتَ لِمَ تُجْعَلُ مَعَهُ الْجَرِيدَةُ قَالَ يَتَجَافَى عَنْهُ الْعَذَابُ وَ الْحِسَابُ مَا دَامَ الْعُودُ رَطْباً قَالَ وَ الْعَذَابُ كُلُّهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْرَ مَا يُدْخَلُ الْقَبْرَ وَ يَرْجِعُ الْقَوْمُ وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ السَّعَفَتَانِ لِذَلِكَ فَلَا يُصِيبُهُ عَذَابٌ وَ لَا حِسَابٌ بَعْدَ جُفُوفِهِمَا

ص: 38


1- السابع هل يكون الغير المبتلى بالذنب أولى أو من ابتلي به ثمّ تاب؟ يظهر من جملة من الأخبار الثاني فراجع و تدبّر. السبزواري. فهذا أحسن وجه للجمع بين ما دلّ على عدم عروض الجنون ونحوه للمؤمن مطلقاً وبين ما دلّ عدم عروضه بعد إكمال الأربعين فتدبّر.

إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (1)

***

البحار: ج3ص107 س 14

و قال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد اعتقادنا في المساءلة في القبر أنها حق لا بد منها فمن أجاب بالصواب فإذا بروح و ريحان في قبره بجنة نعيم في الآخرة و من لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره و تصلية جحيم في الآخرة و أكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة و سوء الخلق و الاستخفاف بالبول و أشد ما يكون عذاب القبر على المؤمن مثل اختلاج العين أو شرطة حجام و يكون ذلك كفارة لما بقي عليه من الذنوب التي تكفرها الهموم و الغموم و الأمراض و شدة النزف عند الموت.(2)

ص: 39


1- أقول: صحيح حمّاد مع صحّة سنده مجمل من حيث الدلالة فما المراد بقوله (عليه السّلام): والعذاب كلّه بيوم واحد في ساعة واحدة، هل المراد به عذاب الوحشة فقط كما هو المستفاد من بعض الأخبار أو عذاب آخر؟ لا يبعد الأوّل بقرينة بعض الأخبار ثمّ ما المراد بقوله (عليه السّلام): فلا يصيبه عذاب ولا حساب الخ، هل المراد بالعذاب فيه هو خصوص الوحشة أو عذاب آخر؟ لا يبعد الأوّل بقرينة ما يأتي أنّ الجريدة تنفع المؤمن والكافر. ثمّ ما المراد بالحساب، هل المراد به الحساب التفصيلي والظاهر اختصاصه بيوم القيامة العظمى أو الإجمالي أو غير ذلك. السبزواري.
2- لا إشكال بحسب الأصول المسلّمة بين الأماميّة وغيرهم أنّ الثواب والعقاب إنّما هما على الامتثال والمخالفة ولا إشكال أيضاً في أنّ دار الثواب والعقاب إنّما هي الآخرة كما لا إشكال في أنّ القبر برزخ بين الدنيا والآخرة ونسبة القبر إلى الآخرة نسبة الرحم إلى الدنيا وحينئذ فما وجه الثواب والعذاب في القبر خصوصاً على مثل ما ذكر فإن إثبات الحرمة الذاتية لمثل النميمة والاستخفاف بالبول وسوء الخلق بعيد جدّاً نعم كل واحد منهما من الصفات الرذيلة المذمومة. هذا ويمكن الجواب بأنّه لا إشكال في ثبوت الحرمة الطريقية في مثل الصفات المذكورة و مقتضى الحرمة الطريقية إنّما هو الشروع في التعذيب في طريق الآخرة وبعبارة أخرى نفس هذه الصفات لها منقصة ذاتية وبما لها من المنقصة الذاتية تقع مقدمة للحرام أحيانا بل غالبا ولكن منقصتها الذاتيّة لم تبلغ حدّ النفس حتّى تكون محرّمة نفسيّة ويكون العذاب عليها في الآخرة فتأّمل.السبزواري.

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الجزء الرابع من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 40

ص: 41

باب (1) احتجاج الله تعالى على أرباب الملل المختلفة في القرآن الكريم

البحار: ج4 ص43 س5

رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (عليه السّلام) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْثِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الدِّينُ وَ بِالنَّسْلِ النَّاس.(1)

البحار: ج 4 ص64س 18

وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لَوْ لَا فُلَانٌ لَهَلَكْتُ وَ لَوْ لَا فُلَانٌ لَضَاعَ عِيَالِي جَعْلٌ لِلَّهِ شَرِيكاً فِي مُلْكِهِ يَرْزُقُهُ وَ يَدْفَعُ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ لَوْ قَالَ لَوْ لَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيَّ بِفُلَانٍ لَهَلَكْتُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهَذَا.وَ فِي رِوَايَةِ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ حُمْرَانَ عَنْهُمَا (عليهما السّلام) أَنَّهُ شِرْكُ النِّعَمِ.

وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّهُ شِرْكٌ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْكُفْرَ.(2)

البحار: ج 4 ص 119

16 - قَوْلُهُ «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ» الْآيَةَ فَإِنَّهَا قُرِئَتْ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) فَقَالَ بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَّبُوهُ أَشَدَّ التَّكْذِيبِ وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ لَا يُكَذِّبُونَكَ أَيْ لَا يَأْتُونَ بِحَقٍّ يُبْطِلُونَ حَقَّكَ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) يَا حَفْصُ إِنَّ مَنْ صَبَرَ صَبَرَ قَلِيلًا وَ إِنَّ مَنْ جَزِعَ جَزِعَ قَلِيلًا(3) ثُمَّ قَالَ عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فَإِنَّ اللَّهَ

ص: 42


1- لأن حرث الكمالات والمعارف الواقعية والترقيات الروحية لا يكون إلا بالدين السبزواري.
2- أقول: الأولى الحمل على الأعم من شرك الذات و شرك الطاعة وشرك النعم السبزواري.
3- وذلك لأنّ الدنيا قليل في جنب الآخرة فیکون صبره قليلاً وجزعه كذلك أيضاً السبزواري.

بَعَثَ مُحَمَّداً (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ وَ الرِّفْقِ فَقَالَ «اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَذَرنِي وَللكَذّابِينَ» وَ قَالَ الله تباركَ وَتعالی: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ مَا يُلَقَّاهَا إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَايُلَقَّاهَا إِلَّا ذُوحَظٍّ عَظِيمٍ» فَصَبَرَ حَتَّى قَابَلُوهُ بِالْعِظَامِ وَ رَمَوْهُ بِهَا فَضَاقَ صَدْرُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ «وَ َقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ» ثُمَّ كَذَّبُوهُ وَ رَمَوْهُ فَحَزِنَ لِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا» فَأَلْزَمَ نَفْسَهُ الصَّبْرَ فَقَعَدُوا وَ ذَكَرُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ كَذَّبُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) لَقَدْ صَبَرْتُ فِي نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ عِرْضِي وَ لَا صَبْرَ لِي عَلَى ذِكْرِهِمْ إِلَهِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ» فَصَبَرَ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ ثُمَّ بُشِّرَ فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ عِتْرَتِهِ وَ وُصِفُوا بِالصَّبْرِ فَقَالَ «وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ» فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْبَدَنِ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ» فَقَالَ آيَةُ بُشْرَى وَ انْتِقَامٍ فَأَبَاحَ اللَّهُ قَتْلَ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وُجِدُوا فَقَتَلَهُمْ عَلَى يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ أَحِبَّائِهِ وَ عَجَّلَ لَهُ ثَوَابَ صَبْرِهِ مَعَ مَا ادَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ.

***

ص: 43

أبواب احتجاجات أمير المؤمنين صلوات الله عليه وما صدر عنه من جوامع العلوم

باب (1) احتجاجه صلوات الله عليه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم ومسائل شتّى

البحار: ج4، ص 220

5- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِيُّ الرَّازِيُّ الْعَدْلُ بِبَلْخٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَهْرَوَيْهِ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا (عليه السّلام) عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ يَهُودِيّاً سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَمَّا لَيْسَ لِلَّهِ وَ عَمَّا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَمَّا لَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ(1) فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السّلام) أَمَّا مَا لَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ فَهُوَ قَوْلُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ إِنَّ عُزَيْراً ابْنُ اللَّهِ وَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ لَهُ وَلَداً أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَيْسَ لِلَّهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ ظُلْمٌ لِلْعِبَادِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم).

البحار: ج4 ص 221

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) يَهُودِيٌّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ أَنْتَ أَخْبَرْتَنِي بِهَا أَسْلَمْتُ قَالَ عَلِيٌّ (عليه السّلام) سَلْنِي يَا يَهُودِيُّ عَمَّا بَدَا

ص: 44


1- ومثله قوله تعالى: «قُل أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لَا يَعلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأَرضِ» السبزواري.

لَكَ فَإِنَّكَ لَا تُصِيبُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَرَارِ هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَى مَا هُوَ وَ عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ وَ مِنْ أَيِّ النُّطْفَتَيْنِ يَكُونُ الشَّعْرُ وَ اللَّحْمُ وَ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ وَ لِمَ سُمِّيَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً وَ لِمَ سُمِّيَتِ الدُّنْيَا دُنْيَا وَ لِمَ سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً وَ لِمَ سُمِّيَ آدَمُ آدَمَ وَ لِمَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ حَوَّاءَ وَ لِمَ سُمِّيَتِ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً وَ لِمَ سُمِّيَتِ الدِّينَارُ دِينَاراً وَ لِمَ قِيلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ وَ لِمَ قِيلَ لِلْبَغْلِ عَدْ وَ لِمَ قِيلَ لِلْحِمَارِ حَرِّ؟

فَقَالَ (عليه السّلام) أَمَّا قَرَارُ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى عَاتِقِ مَلَكٍ وَ قَدَمَا ذَلِكَ الْمَلِكِ عَلَى صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ(1) وَ الثَّوْرُ قَوَائِمُهُ عَلَى ظَهْرِ الْحُوتِ فِي الْيَمِّ الْأَسْفَلِ وَ الْيَمُّ عَلَى الظُّلْمَةِ وَ الظُّلْمَةُ عَلَى الْعَقِيمِ وَ الْعَقِيمُ عَلَى الثَّرَى وَ مَا يَعْلَمُ تَحْتَ الثَّرَى إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَمَّا شَبَهُ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ فَإِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَى أَعْمَامِهِ وَ مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ وَ إِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ نُطْفَةَ الرَّجُلِ إِلَى الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَى أَخْوَالِهِ وَ مِنْ نُطْفَتِهَا يَكُونُ الشَّعْرُ وَ الْجِلْدُ وَ اللَّحْمُ لِأَنَّهَا صَفْرَاءُ رَقِيقَةٌ وَ سُمِّيَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً لِأَنَّهَا وَسْمُ الْمَاءِ يَعْنِي مَعْدِنَ الْمَاءِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الدُّنْيَا دُنْيَا لِأَنَّهَا أَدْنَى مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً لِأَنَّ فِيهَا الْجَزَاءُ وَ الثَّوَابُ وَ سُمِّيَ آدَمُ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ جَبْرَئِيلَ (عليه السّلام) وَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ بِأَرْبَعِ طِينَاتٍ طِينَةٍ بَيْضَاءَ وَ طِينَةٍ حَمْرَاءَ وَ طِينَةٍ غَبْرَاءَ وَ طِينَةٍ سَوْدَاءَ وَ ذَلِكَ مِنْ سَهْلِهَا وَ حَزْنِهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِأَرْبَعِ مِيَاهٍ مَاءٍ عَذْبٍ وَ مَاءٍ مِلْحٍ وَ مَاءٍ مُرٍّ وَ مَاءٍ مُنْتِنٍ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُفْرِغَ الْمَاءَ فِي الطِّينِ وَ أَدَمَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَلَمْ يَفْضُلْ شَيْ ءٌ مِنَ الطِّينِ يَحْتَاجُ إِلَى الْمَاءِ وَ لَا مِنَ الْمَاءِ شَيْ ءٌ يَحْتَاجُ إِلَى الطِّينِ فَجَعَلَ الْمَاءَ الْعَذْبَ فِي حَلْقِهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ الْمَالِحَ فِي عَيْنَيْهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ

ص: 45


1- هذه الجملات من المجملات خصوصاً بحسب علوم هذه الاعصار. السبزواري.

الْمُرَّ فِي أُذُنَيْهِ وَ جَعَلَ الْمَاءَ الْمُنْتِنَ فِي أَنْفِهِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ حَوَّاءُ حَوَّاءَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْحَيَوَانِ وَ إِنَّمَا قِيلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْخَيْلَ قَابِيلُ يَوْمَ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيلَ وَ أَنْشَأَ يَقُولُ إِجِدِ الْيَوْمَ وَ مَا تَرَكَ النَّاسُ دَماً فَقِيلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِذَلِكَ وَ إِنَّمَا قِيلَ لِلْبَغْلِ عَدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْبَغْلَ آدَمُ (عليه السّلام) وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ مَعَدٌ وَ كَانَ عَشُوقاً لِلدَّوَابِّ وَ كَانَ يَسُوقُ بِآدَمَ (عليه السّلام) فَإِذَا تَقَاعَسَ الْبَغْلُ نَادَى يَا مَعَدُ سُقْهَا فَأَلِفَتِ الْبَغْلَةُ اسْمَ مَعَدٍ فَتَرَكَ النَّاسُ مَعَدَ وَ قَالُوا عَدْ وَ إِنَّمَا قِيلَ لِلْحِمَارِ حَرِّ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْحِمَارَ حَوَّاءُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا حِمَارَةٌ وَ كَانَتْ تَرْكَبُهَا لِزِيَارَةِ قَبْرِ وَلَدِهَا هَابِيلَ وَ كَانَتْ تَقُولُ فِي مَسِيرِهَا وَا حَرَّاهْ فَإِذَا قَالَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ سَارَتِ الْحِمَارَةُ وَ إِذَا أَمْسَكَتْ تَقَاعَسَتْ فَتَرَكَ النَّاسُ ذَلِكَ وَ قَالُوا حَرِّ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الدِّرْهَمُ دِرْهَماً لِأَنَّهُ دَارُ هَمٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ يُنْفِقْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْرَثَهُ النَّارَ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الدِّينَارُ دِينَاراً لِأَنَّهُ دَارُ النَّارِ مَنْ جَمَعَهُ وَ لَمْ يُنْفِقْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْرَثَهُ النَّارَ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا لَنَجِدُ جَمِيعَ مَا وَصَفْتَ فِي التَّوْرَاةِ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَ لَازَمَهُ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ.

***

ص: 46

باب (7) ما علّمه صلوات الله عليه من أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه

البحار: ج 4 ص 274

أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ (عليهم السّلام) أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) عَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَمِائَةِ بَابٍ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْمُؤْمِنِ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ قَالَ (عليه السّلام) إِنَّ الْحِجَامَةَ تُصَحِّحُ الْبَدَنَ وَ تَشُدُّ الْعَقْلَ وَ الطِّيبَ فِي الشَّارِبِ مِنْ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ كَرَامَةُ الْكَاتِبَيْنِ وَ السِّوَاكَ مِنْ مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةُ النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ وَ الدُّهْنَ يُلَيِّنُ الْبَشَرَةَ وَ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ وَ يُسَهِّلُ مَجَارِي الْمَاءِ وَ يُذْهِبُ الْقَشَفَ وَ يُسَفِّرُ اللَّوْنَ وَ غَسْلَ الرَّأْسِ يَذْهَبُ بِالدَّرَنِ وَ يَنْفِي الْقَذَى وَ الْمَضْمَضَةَ وَ الِاسْتِنْشَاقَ سُنَّةٌ وَ طَهُورٌ لِلْفَمِ وَ الْأَنْفِ وَ السُّعُوطَ مَصَحَّةٌ لِلرَّأْسِ وَ تَنْقِيَةٌ لِلْبَدَنِ وَ سَائِرِ أَوْجَاعِ الرَّأْسِ وَ النُّورَةَ نُشْرَةٌ وَ طَهُورٌ لِلْجَسَدِ اسْتِجَادَةُ الْحِذَاءِ وِقَايَةٌ لِلْبَدَنِ وَ عَوْنٌ عَلَى الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ يَمْنَعُ الدَّاءَ الْأَعْظَمَ وَ يُدِرُّ الرِّزْقَ وَ يُورِدُهُ نَتْفُ الْإِبْطِ يَنْفِي الرَّائِحَةَ الْمُنْكَرَةَ وَ هُوَ طَهُورٌ وَ سُنَّةٌ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الطَّيِّبُ (عليه السّلام) غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ بَعْدَهُ زِيَادَةٌ فِي الرِّزْقِ وَ إِمَاطَةٌ لِلْغَمَرِ عَنِ الثِّيَابِ وَ يَجْلُو الْبَصَرَ قِيَامُ اللَّيْلِ مَصَحَّةٌ لِلْبَدَنِ وَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَعَرُّضٌ لِلرَّحْمَةِ وَ تَمَسُّكٌ بِأَخْلَاقِ النَّبِيِّينَ أَكْلُ التُّفَّاحِ نَضُوحٌ لِلْمَعِدَةِ مَضْغُ اللُّبَانِ يَشُدُّ الْأَضْرَاسَ وَ يَنْفِي الْبَلْغَمَ وَ يَذْهَبُ بِرِيحِ الْفَمِ الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَسْرَعُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ أَكْلُ السَّفَرْجَلِ قُوَّةٌ لِلْقَلْبِ الضَّعِيفِ وَ يُطَيِّبُ الْمَعِدَةَ

ص: 47

وَ يُذَكِّي الْفُؤَادَ وَ يُشَجِّعُ الْجَبَانَ وَ يُحَسِّنُ الْوَلَدَ إِحْدَى وَ عِشْرُونَ زَبِيبَةً حَمْرَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى الرِّيقِ تَدْفَعُ جَمِيعَ الْأَمْرَاضِ إِلَّا مَرَضَ الْمَوْتِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ» وَ الرَّفَثُ الْمُجَامَعَةُ لَا تَخَتَّمُوا بِغَيْرِ الْفِضَّةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ مَا طَهُرَتْ يَدٌ فِيهَا خَاتَمُ حَدِيدٍ وَ مَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلْيُحَوِّلْهُ عَنِ الْيَدِ الَّتِي يَسْتَنْجِي بِهَا فِي الْمُتَوَضَّإِ إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ فِي الْمِرْآةِ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي فَأَحْسَنَ خَلْقِي وَ صَوَّرَنِي فَأَحْسَنَ صُورَتِي وَ زَانَ مِنِّي مَا شَانَ مِنْ غَيْرِي وَ أَكْرَمَنِي بِالْإِسْلَامِ لِيَتَزَيَّنَ أَحَدُكُمْ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَتَاهُ كَمَا يَتَزَيَّنُ لِلْغَرِيبِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَرَاهُ فِي أَحْسَنِ الْهَيْئَةِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ يَذْهَبُ بِوَسْوَاسِ الصَّدْرِ وَ بَلَابِلِ الْقَلْبِ وَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ غَسْلُ الثِّيَابِ يَذْهَبُ بِالْهَمِّ وَ الْحُزْنِ وَ هُوَ طَهُورٌ لِلصَّلَاةِ لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ وَ مَنْ شَابَ شَيْبَتَهُ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَنَامُ الْمُسْلِمُ وَ هُوَ جُنُبٌ وَ لَا يَنَامُ إِلَّا عَلَى طَهُورٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَلْيَتَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَيَقْبَلُهَا وَ يُبَارِكُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ جَعَلَهَا فِي كُنُوزِ رَحْمَتِهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ بَعَثَ بِهَا مَعَ أُمَنَائِهِ مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَيَرُدُّونَهَا فِي جَسَدِهَا لَا يَتْفُلُ الْمُؤْمِنُ فِي الْقِبْلَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ لَا يَنْفُخُ الرَّجُلُ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَ لَا يَنْفُخُ فِي طَعَامِهِ وَ لَا فِي شَرَابِهِ وَ لَا فِي تَعْوِيذِهِ لَا يَنَامُ الرَّجُلُ عَلَى الْمَحَجَّةِ وَ لَا يَبُولَنَّ مِنْ سَطْحٍ فِي الْهَوَاءِ وَ لَا يَبُولَنَّ فِي مَاءٍ جَارٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَصَابَهُ شَيْ ءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ فَإِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا وَ لِلْهَوَاءِ أَهْلًا لَا يَنَامُ الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِهِ وَ مَنْ رَأَيْتُمُوهُ نَائِماً عَلَى وَجْهِهِ فَأَنْبِهُوهُ وَ لَا تَدَعُوهُ وَ لَا يَقُومَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ مُتَكَاسِلًا وَ لَا نَاعِساً وَ لَا يُفَكِّرَنَّ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا

ص: 48

لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مِنْهَا بِقَلْبِهِ كُلُوا مَا يَسْقُطُ مِنَ الْخِوَانِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِهِ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً فَمَصَّ أَصَابِعَهُ الَّتِي أَكَلَ بِهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ الْبَسُوا ثِيَابَ الْقُطْنِ فَإِنَّهَا لِبَاسُ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ هُوَ لِبَاسُنَا وَ لَمْ يَكُنْ يَلْبَسُ الشَّعْرَ وَ الصُّوفَ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِالسَّلَامِ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً» لَا تَقْطَعُوا نَهَارَكُمْ بِكَذَا وَ كَذَا وَ فَعَلْنَا كَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكُمْ حَفَظَةً يَحْفَظُونَ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمْ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ فَإِنَّهُ مَعَكُمْ صَلُّوا عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقْبَلُ دُعَاءَكُمْ عِنْدَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَ دُعَائِكُمْ لَهُ وَ حِفْظِكُمْ إِيَّاهُ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أَقِرُّوا الْحَارَّ حَتَّى يَبْرُدَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ حَارٌّ فَقَالَ أَقِرُّوهُ حَتَّى يَبْرُدَ وَ يُمْكِنَ أَكْلُهُ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيُطْعِمَنَا النَّارَ وَ الْبَرَكَةُ فِي الْبَارِدِ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُطَمِّحَنَّ بِبَوْلِهِ فِي الْهَوَاءِ وَ لَا يَسْتَقْبِلْ بِبَوْلِهِ الرِّيحَ عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمْ مَا يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِمُ الْمُرْجِئَةُ بِرَأْيِهَا كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً تَغْنَمُوا أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ لَوْ إِلَى قَتَلَةِ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا دَخَلْتُمُ الْأَسْوَاقَ وَ عِنْدَ اشْتِغَالِ النَّاسِ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَ زِيَادَةٌ فِي الْحَسَنَاتِ وَ لَا تُكْتَبُوا فِي الْغَافِلِينَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرٍ إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» لَيْسَ فِي شُرْبِ الْمُسْكِرِ وَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ تَقِيَّةٌ إِيَّاكُمْ وَ الْغُلُوَّ فِينَا قُولُوا إِنَّا عَبِيدٌ مَرْبُوبُونَ وَ قُولُوا فِي فَضْلِنَا مَا شِئْتُمْ مَنْ أَحَبَّنَا فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِنَا وَ لْيَسْتَعِنْ بِالْوَرَعِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ لَا تُجَالِسُوا لَنَا عَائِباً وَ لَا تَمْتَدِحُوا بِنَا عِنْدَ عَدُوِّنَا مُعْلِنِينَ بِإِظْهَارِ حُبِّنَا فَتَذِلُّوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَ سُلْطَانِكُمْ الْزَمُوا الصِّدْقَ فَإِنَّهُ مَنْجَاةٌ وَ ارْغَبُوا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اطْلُبُوا طَاعَتَهُ وَ اصْبِرُوا عَلَيْهَا فَمَا

ص: 49

أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ هُوَ مَهْتُوكُ السِّرِّ لَا تُعَنُّونَا فِي الطَّلَبِ وَ الشَّفَاعَةِ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا قَدَّمْتُمْ لَا تَفْضَحُوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَ عَدُوِّكُمْ فِي الْقِيَامَةِ وَ لَا تُكَذِّبُوا أَنْفُسَكُمْ عِنْدَهُمْ فِي مَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بِالْحَقِيرِ مِنَ الدُّنْيَا تَمَسَّكُوا بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ فَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ أَنْ يَغْتَبِطَ وَ يَرَى مَا يُحِبُّ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) «وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى» لَهُ وَ تَأْتِيهِ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَقَرُّ عَيْنُهُ وَ يُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ لَا تُحَقِّرُوا إِخْوَانَكُمْ فَإِنَّهُ مَنِ احْتَقَرَ مُؤْمِناً لَمْ يَجْمَعِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ لَا يُكَلِّفُ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ الطَّلَبَ إِلَيْهِ إِذَا عَلِمَ حَاجَتَهُ تَوَازَرُوا وَ تَعَاطَفُوا وَ تَبَاذَلُوا وَ لَا تَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَصِفُ مَا لَا يَفْعَلُ تَزَوَّجُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) كَثِيراً مَا كَانَ يَقُولُ مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَتَّبِعَ سُنَّتِي فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِيَ التَّزْوِيجَ وَ اطْلُبُوا الْوَلَدَ فَإِنِّي أُكَاثِرُ بِكُمُ الْأُمَمَ غَداً وَ تَوَقَّوْا عَلَى أَوْلَادِكُمْ لَبَنَ الْبَغِيِّ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْمَجْنُونَةِ فَإِنَّ اللَّبَنَ يُعْدِي تَنَزَّهُوا عَنْ أَكْلِ الطَّيْرِ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ قَانِصَةٌ وَ لَا صِيصِيَةٌ وَ لَا حَوْصَلَةٌ وَ اتَّقُوا كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَ لَا تَأْكُلُوا الطِّحَالَ فَإِنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ الْفَاسِدِ لَا تَلْبَسُوا السَّوَادَ فَإِنَّهُ لِبَاسُ فِرْعَوْنَ اتَّقُوا الْغُدَدَ مِنَ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ يُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ لَا تَقِيسُوا الدِّينَ فَإِنَّ مِنَ الدِّينِ مَا لَا يَنْقَاسُ وَ سَيَأْتِي أَقْوَامٌ يَقِيسُونَ وَ هُمْ أَعْدَاءُ الدِّينِ وَ أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ لَا تَتَّخِذُوا الْمُلَسَّنَ فَإِنَّهُ حِذَاءُ فِرْعَوْنَ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ حَذَا الْمُلَسَّنَ خَالِفُوا أَصْحَابَ الْمُسْكِرِ وَ كُلُوا التَّمْرَ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنَ الْأَدْوَاءِ اتَّبِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَكْثِرُوا الِاسْتِغْفَارَ تَجْلِبُوا الرِّزْقَ وَ قَدِّمُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ عَمَلِ الْخَيْرِ تَجِدُوهُ غَداً إِيَّاكُمْ وَ الْجِدَالَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الشَّكَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَاجَةٌ فَيَطْلُبُهَا فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ سَاعَةٍ تَزُولُ الشَّمْسُ حِينَ تَهُبُّ الرِّيَاحُ وَ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ وَ يَصُوتُ الطَّيْرُ وَ سَاعَةٍ فِي آخِرِ اللَّيْلِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنَّ

ص: 50

مَلَكَيْنِ يُنَادِيَانِ هَلْ مِنْ تَائِبٍ يُتَابُ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَيُغْفَرَ لَهُ هَلْ مِنْ طَالِبِ حَاجَةٍ فَتُقْضَى لَهُ فَ-«أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ» وَ اطْلُبُوا الرِّزْقَ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ أَسْرَعُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يَقْسِمُ اللَّهُ فِيهَا الرِّزْقَ بَيْنَ عِبَادِهِ انْتَظِرُوا الْفَرَجَ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ انْتِظَارُ الْفَرَجِ وَ مَا دَامَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِذَا صَلَّيْتُمُوهَا فَفِيهَا تُعْطَوُا الرَّغَائِبَ لَا تَخْرُجُوا بِالسُّيُوفِ إِلَى الْحَرَمِ وَ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَيْفٌ فَإِنَّ الْقِبْلَةَ أَمْنٌ أَتِمُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) حَجَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَإِنَّ تَرْكَهُ جَفَاءٌ وَ بِذَلِكَ أُمِرْتُمْ وَ بِالْقُبُورِ الَّتِي أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَقَّهَا وَ زِيَارَتَهَا وَ اطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَهَا وَ لَا تَسْتَصْغِرُوا قَلِيلَ الْآثَامِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ يُحْصَى وَ يَرْجِعُ إِلَى الْكَبِيرِ وَ أَطِيلُوا السُّجُودَ فَمَا مِنْ عَمَلٍ أَشَدَّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَنْ يَرَى ابْنَ آدَمَ سَاجِداً لِأَنَّهُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَعَصَى وَ هَذَا أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَأَطَاعَ فَنَجَا أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ يَوْمَ خُرُوجِكُمْ مِنَ الْقُبُورِ وَ قِيَامَكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تُهَوَّنُ عَلَيْكُمُ الْمَصَائِبُ إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ عَيْنَيْهِ فَلْيَقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ لْيُضْمِرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا تَبْرَأُ فَإِنَّهَا تُعَافَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَوَقَّوُا الذُّنُوبَ فَمَا مِنْ بَلِيَّةٍ وَ لَا نَقْصِ رِزْقٍ إِلَّا بِذَنْبٍ حَتَّى الْخَدْشِ وَ الْكَبْوَةِ وَ الْمُصِيبَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ» أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الطَّعَامِ وَ لَا تَطْغَوْا فِيهِ فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَ رِزْقٌ مِنْ رِزْقِهِ يَجِبُ عَلَيْكُمْ فِيهِ شُكْرُهُ وَ حَمْدُهُ أَحْسِنُوا صُحْبَةَ النِّعَمِ قَبْلَ فِرَاقِهَا فَإِنَّهَا تَزُولُ وَ تَشْهَدُ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا مَنْ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْعَمَلِ إِيَّاكُمْ وَ التَّفْرِيطَ فَتَقَعُ الْحَسْرَةُ حِينَ لَا تَنْفَعُ الْحَسْرَةُ إِذَا لَقِيتُمْ عَدُوَّكُمْ فِي الْحَرْبِ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ وَ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ فَتُسْخِطُوا اللَّهَ

ص: 51

رَبَّكُمْ وَ تَسْتَوْجِبُوا غَضَبَهُ وَ إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فِي الْحَرْبِ الرَّجُلَ الْمَجْرُوحَ أَوْ مَنْ قَدْ نُكِلَ أَوْ مَنْ قَدْ طَمِعَ عَدُوُّكُمْ فِيهِ فَأَقْنُوهُ بِأَنْفُسِكُمْ اصْطَنِعُوا الْمَعْرُوفَ بِمَا قَدَرْتُمْ عَلَى اصْطِنَاعِهِ فَإِنَّهُ يَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ وَ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ مِنْهُ عِنْدَ الذُّنُوبِ كَذَلِكَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَفْضَلُ مَا يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ فِي مَنْزِلِهِ لِعِيَالِهِ الشَّاةُ فَمَنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ شَاةٌ قَدَّسَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً وَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَاتَانِ قَدَّسَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَلِكَ فِي الثَّلَاثِ تَقُولُ بُورِكَ فِيكُمْ إِذَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُ فَيَأْكُلُ اللَّحْمَ وَ اللَّبَنَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ الْقُوَّةَ فِيهِمَا إِذَا أَرَدْتُمُ الْحَجَّ فَتَقَدَّمُوا فِي شِرَى الْحَوَائِجِ بِبَعْضِ مَا يُقَوِّيكُمْ عَلَى السَّفَرِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ «وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً» وَ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ فَلْيَسْتَدْبِرْهَا بِظَهْرِهِ فَإِنَّهُ تُظْهِرُ الدَّاءَ الدَّفِينَ إِذَا خَرَجْتُمْ حُجَّاجاً إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَكْثِرُوا النَّظَرَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مِائَةً وَ عِشْرِينَ رَحْمَةً عِنْدَ بَيْتِهِ الْحَرَامِ مِنْهَا سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَ أَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَ عِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ أَقِرُّوا عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ بِمَا حَفِظْتُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ مَا لَمْ تَحْفَظُوا فَقُولُوا وَ مَا حَفِظَتْهُ عَلَيْنَا حَفَظَتُكَ وَ نَسِينَاهُ فَاغْفِرْ لَنَا فَإِنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِذَنْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ عَدَّهُ وَ ذَكَرَهُ وَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَغْفِرَهُ لَهُ تَقَدَّمُوا بِالدُّعَاءِ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ تُفَتَّحُ لَكُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِي خَمْسِ مَوَاقِيتَ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَ عِنْدَ الزَّحْفِ وَ عِنْدَ الْأَذَانِ وَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَنْ غَسَّلَ مِنْكُمْ مَيِّتاً فَلْيَغْتَسِلْ بَعْدَ مَا يُلْبِسُهُ أَكْفَانَهُ لَا تُجَمِّرُوا الْأَكْفَانَ وَ لَا تَمْسَحُوا مَوْتَاكُمْ بِالطِّيبِ إِلَّا الْكَافُورَ فَإِنَّ الْمَيِّتَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْرِمِ مُرُوا أَهَالِيَكُمْ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ عِنْدَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) لَمَّا قُبِضَ أَبُوهَا (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سَاعَدَتْهَا جَمِيعُ بَنَاتِ بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَتْ دَعُوا التَّعْدَادَ وَ عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ زُورُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِزِيَارَتِكُمْ وَ لْيَطْلُبِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ

ص: 52

عِنْدَ قَبْرِ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ بَعْدَ مَا يَدْعُو لَهُمَا الْمُسْلِمُ مِرْآةُ أَخِيهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ أَخِيكُمْ هَفْوَةً فَلَا تَكُونُوا عَلَيْهِ وَ كُونُوا لَهُ كَنَفْسِهِ وَ أَرْشِدُوهُ وَ انْصَحُوهُ وَ تَرَفَّقُوا لَهُ وَ إِيَّاكُمْ وَ الْخِلَافَ فَتُمَزَّقُوا وَ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ تُزْلَفُوا وَ تُؤْجَرُوا مَنْ سَافَرَ مِنْكُمْ بِدَابَّةٍ فَلْيَبْدَأْ حِينَ يَنْزِلُ بِعَلْفِهَا وَ سَقْيِهَا لَا تَضْرِبُوا الدَّوَابَّ عَلَى وُجُوهِهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ رَبَّهَا وَ مَنْ ضَلَّ مِنْكُمْ فِي سَفَرٍ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَلْيُنَادِ يَا صَالِحُ أَغِثْنِي فَإِنَّ فِي إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ جِنِّيّاً يُسَمَّى صَالِحاً يَسِيحُ فِي الْبِلَادِ لِمَكَانِكُمْ مُحْتَسِباً نَفْسَهُ لَكُمْ فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ أَجَابَ وَ أَرْشَدَ الضَّالَّ مِنْكُمْ وَ حَبَسَ عَلَيْهِ دَابَّتَهُ مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْأَسَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَنَمِهِ فَلْيَخُطَّ عَلَيْهَا خِطَّةً وَ لْيَقُلِ اللَّهُمَّ رَبَّ دَانِيَالَ وَ الْجُبِّ وَ رَبَّ كُلِّ أَسَدٍ مُسْتَأْسِدٍ احْفَظْنِي وَ احْفَظْ غَنَمِي وَ مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْعَقْرَبَ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَاتِ «سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ» مَنْ خَافَ مِنْكُمُ الْغَرَقَ فَلْيَقْرَأْ «بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِ «ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» عُقُّوا عَنْ أَوْلَادِكُمْ يَوْمَ السَّابِعِ وَ تَصَدَّقُوا إِذَا حَلَقْتُمُوهُمْ بِزِنَةِ شُعُورِهِمْ فِضَّةً عَلَى مُسْلِمٍ وَ كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عليهم السّلام) وَ سَائِرِ وُلْدِهِ إِذَا نَاوَلْتُمُ السَّائِلَ الشَّيْ ءَ فَاسْأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكُمْ فَإِنَّهُ يُجَابُ فِيكُمْ وَ لَا يُجَابُ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ وَ لْيَرُدَّ الَّذِي يُنَاوِلُهُ يَدَهُ إِلَى فِيهِ فَيُقَبِّلَهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَأْخُذُهَا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ السَّائِلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ» تَصَدَّقُوا بِاللَّيْلِ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ بِاللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ احْسُبُوا كَلَامَكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ يَقِلَّ كَلَامُكُمْ إِلَّا فِي خَيْرٍ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ الْمُنْفِقَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ مَنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ فَشَكَّ فَلْيَمْضِ عَلَى يَقِينِهِ فَإِنَّ الشَّكَّ لَا يَنْقُضُ الْيَقِينَ

ص: 53

لَا تَشْهَدُوا قَوْلَ الزُّورِ وَ لَا تَجْلِسُوا عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْرِي مَتَى يُؤْخَذُ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلْيَجْلِسْ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ لَا يَضَعَنَّ أَحَدُكُمْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَ يُرَبِّعُ فَإِنَّهَا جِلْسَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ وَ يَمْقُتُ صَاحِبَهَا عَشَاءُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ لَا تَدَعُوا الْعَشَاءَ فَإِنَّ تَرْكَ الْعَشَاءِ خَرَابُ الْبَدَنِ الْحُمَّى قَائِدُ الْمَوْتِ وَ سِجْنُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَحْبَسُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ هِيَ تَحُتُّ الذُّنُوبَ كَمَا يَتَحَاتُّ الْوَبَرُ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ لَيْسَ مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَ هُوَ مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ إِلَّا الْجِرَاحَةُ وَ الْحُمَّى فَإِنَّهُمَا يَرِدَانِ عَلَى الْجَسَدِ وُرُوداً اكْسِرُوا حَرَّ الْحُمَّى بِالْبَنَفْسَجِ وَ الْمَاءِ الْبَارِدِ فَإِنَّ حَرَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ لَا يَتَدَاوَى الْمُسْلِمُ حَتَّى يَغْلِبَ مَرَضُهُ صِحَّتَهُ الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ الْمُبْرَمَ فَاتَّخِذُوهُ عُدَّةً الْوُضُوءُ بَعْدَ الطَّهُورِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ فَتَطَهَّرُوا إِيَّاكُمْ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّهُ مَنْ كَسِلَ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تَنَظَّفُوا بِالْمَاءِ مِنَ الْمُنْتِنِ الرِّيحِ الَّذِي يُتَأَذَّى بِهِ تَعَهَّدُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْقَاذُورَةَ الَّذِي يَتَأَنَّفُ بِهِ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ لَا يَعْبَثِ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ بِلِحْيَتِهِ وَ لَا بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ بَادِرُوا بِعَمَلِ الْخَيْرِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا عَنْهُ بِغَيْرِهِ الْمُؤْمِنُ نَفْسُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ لِيَكُنْ جُلُّ كَلَامِكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ احْذَرُوا الذُّنُوبَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ فَيَحْبِسُ عَنْهُ الرِّزْقُ دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ التَّقْدِيرُ نِصْفُ الْعَيْشِ الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ مَا عَالَ امْرُؤٌ اقْتَصَدَ وَ مَا عَطِبَ امْرُؤٌ اسْتَشَارَ لَا تَصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ لِكُلِّ شَيْ ءٍ ثَمَرَةٌ وَ ثَمَرَةُ الْمَعْرُوفِ تَعْجِيلُهُ مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ مَنْ ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ حَبِطَ أَجْرُهُ أَفْضَلُ أَعْمَالِ الْمَرْءِ انْتِظَارُ فَرَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ ادْفَعُوا أَمْوَاجَ الْبَلَاءِ عَنْكُمْ بِالدُّعَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الْبَلَاءِ فَوَ

ص: 54

الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَلْبَلَاءُ أَسْرَعُ إِلَى الْمُؤْمِنِ مِنِ انْحِدَارِ السَّيْلِ مِنْ أَعْلَى التَّلْعَةِ إِلَى أَسْفَلِهَا وَ مِنْ رَكْضِ الْبَرَاذِينِ سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ فَإِنَّ جَهْدَ الْبَلَاءِ ذَهَابُ الدِّينِ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَاتَّعَظَ رَوِّضُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَرَامٌ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ طِينَةِ خَبَالٍ وَ إِنْ كَانَ مَغْفُوراً لَهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَ لَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةٍ الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ لِتَطَيَّبِ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ لِزَوْجِهَا الْمَقْتُولُ دُونَ مَالِهِ شَهِيدٌ الْمَغْبُونُ غَيْرُ مَحْمُودٍ وَ لَا مَأْجُورٍ لَا يَمِينَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ وَ لَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا لَا صَمْتَ يَوْماً إِلَى اللَّيْلِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ تَعَرَّضُوا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّ فِيهَا غِنًى لَكُمْ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْتَرِفَ الْأَمِينَ لَيْسَ عَمَلٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَشْغَلَنَّكُمْ عَنْ أَوْقَاتِهَا شَيْ ءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَمَّ أَقْوَاماً فَقَالَ «الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ» يَعْنِي أَنَّهُمْ غَافِلُونَ اسْتَهَانُوا بِأَوْقَاتِهَا اعْلَمُوا أَنَّ صَالِحِي عَدُوِّكُمْ يُرَائِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُوَفِّقُهُمْ وَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصاً الْبِرُّ لَا يَبْلَى وَ الذَّنْبُ لَا يُنْسَى وَ اللَّهُ الْجَلِيلُ «مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ» الْمُؤْمِنُ لَا يَغُشُّ أَخَاهُ وَ لَا يَخُونُهُ وَ لَا يَخْذُلُهُ وَ لَا يَتَّهِمُهُ وَ لَا يَقُولُ لَهُ أَنَا مِنْكَ بَرِي ءٌ اطْلُبْ لِأَخِيكَ عُذْراً فَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَهُ عُذْراً فَالْتَمِسْ لَهُ عُذْراً مُزَاوَلَةُ قَلْعِ الْجِبَالِ أَيْسَرُ مِنْ مُزَاوَلَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ «وَ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» لَا تُعَاجِلُوا الْأَمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا وَ لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ ارْحَمُوا ضُعَفَاءَكُمْ وَ اطْلُبُوا الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالرَّحْمَةِ لَهُمْ إِيَّاكُمْ وَ غَيْبَةَ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَغْتَابُ أَخَاهُ وَ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى «وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً» لَا يَجْمَعُ

ص: 55

الْمُسْلِمُ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكُفْرِ يَعْنِي الْمَجُوسَ لِيَجْلِسْ أَحَدُكُمْ عَلَى طَعَامِهِ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ لْيَأْكُلْ عَلَى الْأَرْضِ وَ لَا يَشْرَبْ قَائِماً إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمُ الدَّابَّةَ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَدْفِنْهَا وَ يَتْفُلُ عَلَيْهَا أَوْ يُصَيِّرُهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَنْصَرِفَ الِالْتِفَاتُ الْفَاحِشُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَ يَنْبَغِي لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ بِالْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ وَ التَّكْبِيرِ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَ مِثْلَهَا إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ مِثْلَهَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَنَعَ مَالَهُ مِمَّا يَخَافُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لَمْ يُصِبْهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ذَنْبٌ وَ إِنْ جَهَدَ إِبْلِيسُ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ ضَلْعِ الدِّينِ وَ غَلَبَةِ الرِّجَالِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا هَلَكَ تَشْمِيرُ الثِّيَابِ طَهُورٌ لَهَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ» يَعْنِي فَشَمِّرْ لَعْقُ الْعَسَلِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ» وَ هُوَ مَعَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَضْغُ اللُّبَانِ يُذِيبُ الْبَلْغَمَ ابْدَءُوا بِالْمِلْحِ فِي أَوَّلِ طَعَامِكُمْ فَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْمِلْحِ لَاخْتَارُوهُ عَلَى التِّرْيَاقِ الْمُجَرَّبِ مَنِ ابْتَدَأَ طَعَامَهُ بِالْمِلْحِ ذَهَبَ عَنْهُ سَبْعُونَ دَاءً وَ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صُبُّوا عَلَى الْمَحْمُومِ الْمَاءَ الْبَارِدَ فِي الصَّيْفِ فَإِنَّهُ يُسَكِّنُ حَرَّهَا صُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَهِيَ تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ وَ نَحْنُ نَصُومُ خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا الْأَرْبِعَاءُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ حَاجَةً فَلْيُبَكِّرْ فِي طَلَبِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَ لْيَقْرَأْ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ الْآيَاتِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَ أُمَّ الْكِتَابِ فَإِنَّ فِيهَا قَضَاءَ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ عَلَيْكُمْ بِالصَّفِيقِ مِنَ الثِّيَابِ فَإِنَّهُ مَنْ رَقَّ ثَوْبُهُ رَقَّ دِينُهُ لَا يَقُومَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ وَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ يَشِفُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ادْخُلُوا فِي مَحَبَّتِهِ فَ-«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» وَ الْمُؤْمِنُ تَوَّابٌ إِذَا قَالَ الْمُؤْمِنُ لِأَخِيهِ أُفٍّ انْقَطَعَ مَا بَيْنَهُمَا

ص: 56

فَإِذَا قَالَ لَهُ أَنْتَ كَافِرٌ كَفَرَ أَحَدُهُمَا وَ إِذَا اتَّهَمَهُ انْمَاثَ الْإِسْلَامُ فِي قَلْبِهِ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ أَرَادَهَا فَ-«تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِذا عاهَدْتُمْ» فَمَا زَالَتْ نِعْمَةٌ وَ لَا نَضَارَةُ عَيْشٍ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوا «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» وَ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَقْبَلُوا ذَلِكَ بِالدُّعَاءِ وَ الْإِنَابَةِ لَمَا تَنْزِلُ وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذَا نَزَلَتْ بِهِمُ النِّقَمُ وَ زَالَتْ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ (1) وَ لَمْ يَهِنُوا وَ لَمْ يُسْرِفُوا لَأَصْلَحَ اللَّهُ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ وَ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ صَالِحٍ إِذَا ضَاقَ الْمُسْلِمُ فَلَا يَشْكُوَنَّ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْيَشْكُ إِلَى رَبِّهِ الَّذِي بِيَدِهِ مَقَالِيدُ الْأُمُورِ وَ تَدْبِيرُهَا فِي كُلِّ امْرِئٍ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثٍ الطِّيَرَةُ وَ الْكِبْرُ وَ التَّمَنِّي إِذَا تَطَيَّرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْضِ عَلَى طِيَرَتِهِ وَ لْيَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا خَشِيَ الْكِبْرَ فَلْيَأْكُلْ مَعَ خَادِمِهِ وَ لْيَحْلُبِ الشَّاةَ وَ إِذَا تَمَنَّى فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لْيَبْتَهِلِ اللَّهَ وَ لَا تُنَازِعْهُ نَفْسُهُ إِلَى الْإِثْمِ خَالِطُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَ دَعُوهُمْ مِمَّا يُنْكِرُونَ وَ لَا تَحْمِلُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَ عَلَيْنَا إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ إِذَا وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ إِلَى أَحَدِكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ وَ لْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ إِذَا كَسَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِناً ثَوْباً جَدِيداً فَلْيَتَوَضَّ وَ لْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا أُمَّ الْكِتَابِ وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثُمَّ لْيَحْمَدِ اللَّهَ الَّذِي سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَ زَيَّنَهُ فِي النَّاسِ وَ لْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَعْصِي اللَّهَ فِيهِ وَ لَهُ بِكُلِّ سِلْكٍ فِيهِ مَلَكٌ يُقَدِّسُ لَهُ وَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ اطْرَحُوا سُوءَ الظَّنِّ بَيْنَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنْ ذَلِكَ أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ مَعِي عِتْرَتِي عَلَى الْحَوْضِ فَمَنْ أَرَادَنَا فَلْيَأْخُذْ بِقَوْلِنَا وَ لْيَعْمَلْ

ص: 57


1- قوله (عليه السّلام) ولم يتمنّوا يظهر منه أن التمنّي مذموم بل مقتضى ذكره في سياق الإسراف کونه كبيرة فتأمّل فيما يأتي من قوله (عليه السّلام) في كل أمري واحدة من ثلاث. السبزواري.

بِعَمَلِنَا فَإِنَّ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ نَجِيبٍ وَ لَنَا شَفَاعَةً وَ لِأَهْلِ مَوَدَّتِنَا شَفَاعَةً فَتَنَافَسُوا فِي لِقَائِنَا عَلَى الْحَوْضِ فَإِنَّا نَذُودُ عَنْهُ أَعْدَاءَنَا وَ نَسْقِي مِنْهُ أَحِبَّاءَنَا وَ أَوْلِيَاءَنَا وَ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً حَوْضُنَا مُتْرَعٌ فِيهِ مَثْعَبَانِ يَنْصَبَّانِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ تَسْنِيمٍ وَ الْآخَرُ مِنْ مَعِينٍ عَلَى حَافَتَيْهِ الزَّعْفَرَانُ وَ حَصَاةُ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ وَ هُوَ الْكَوْثَرُ إِنَّ الْأُمُورَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَتْ إِلَى الْعِبَادِ وَ لَوْ كَانَتْ إِلَى الْعِبَادِ مَا كَانُوا لِيَخْتَارُوا عَلَيْنَا أَحَداً وَ لَكِنَّ اللَّهَ «يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ» فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا اخْتَصَّكُمْ بِهِ مِنْ بَادِئِ النِّعَمِ أَعْنِي طِيبَ الْوِلَادَةِ كُلُّ عَيْنٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَاكِيَةٌ وَ كُلُّ عَيْنٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَاهِرَةٌ إِلَّا عَيْنَ مَنِ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ وَ بَكَى عَلَى مَا يَنْتَهِكُ مِنَ الْحُسَيْنِ وَ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السّلام) شِيعَتُنَا بِمَنْزِلَةِ النَّحْلِ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي أَجْوَافِهَا لَأَكَلُوهَا لَا تُعَجِّلُوا الرَّجُلَ عِنْدَ طَعَامِهِ حَتَّى يَفْرُغَ وَ لَا عِنْدَ غَائِطِهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى حَاجَتِهِ إِذَا انْتَبَهَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ سُبْحَانَ رَبِّ النَّبِيِّينَ وَ إِلَهِ الْمُرْسَلِينَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» فَإِذَا جَلَسَ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَقُلْ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ حَسْبِيَ اللَّهُ حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْعِبَادِ حَسْبِيَ الَّذِي هُوَ حَسْبِي مُنْذُ كُنْتُ «حَسْبِيَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ» إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَكْنَافِ السَّمَاءِ وَ لْيَقْرَأْ «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» إِلَى قَوْلِهِ «إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ» الِاطِّلَاعُ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ يُذْهِبُ الدَّاءَ فَاشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فَإِنَّ تَحْتَ الْحَجَرِ أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ الْفُرَاتُ وَ النِّيلُ وَ سَيْحَانُ وَ جَيْحَانُ وَ هُمَا نَهْرَانِ لَا يَخْرُجِ الْمُسْلِمُ فِي الْجِهَادِ مَعَ مَنْ لَا يُؤْمِنُ عَلَى الْحُكْمِ وَ لَا يُنْفِذُ فِي الْفَيْ ءِ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ كَانَ مُعِيناً لِعَدُوِّنَا فِي حَبْسِ حُقُوقِنَا وَ الْإِشَاطَةِ بِدِمَائِنَا وَ مِيتَتُهُ مِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ذِكْرُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ شِفَاءٌ مِنَ الْعِلَلِ وَ الْأَسْقَامِ وَ وَسْوَاسِ

ص: 58

الرَّيْبِ وَ جِهَتُنَا رِضَا الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْآخِذُ بِأَمْرِنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ وَ الْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَا كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ شَهِدَنَا فِي حَرْبِنَا أَوْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا فَلَمْ يَنْصُرْنَا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ نَحْنُ بَابُ الْغَوْثِ إِذَا بَغَوْا وَ ضَاقَتِ الْمَذَاهِبُ نَحْنُ بَابُ حِطَّةٍ وَ هُوَ بَابُ السَّلَامِ مَنْ دَخَلَهُ نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَوَى بِنَا يَفْتَحُ اللَّهُ وَ بِنَا يَخْتِمُ اللَّهُ وَ بِنَا يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَ بِنَا يَثْبُتُ وَ بِنَا يَدْفَعُ اللَّهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ وَ بِنَا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ فَ-«لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ» مَا أَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ مُنْذُ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَأَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ لَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَ لَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ وَ اصْطَلَحَتِ السِّبَاعُ وَ الْبَهَائِمُ حَتَّى تَمْشِي الْمَرْأَةُ بَيْنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ لَا تَضَعُ قَدَمَيْهَا إِلَّا عَلَى النَّبَاتِ وَ عَلَى رَأْسِهَا زِينَتُهَا لَا يُهَيِّجُهَا سَبُعٌ وَ لَا تَخَافُهُ وَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ فِي مَقَامِكُمْ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ وَ صَبْرِكُمْ عَلَى مَا تَسْمَعُونَ مِنَ الْأَذَى لَقَرَّتْ أَعْيُنُكُمْ وَ لَوْ فَقَدْتُمُونِي لَرَأَيْتُمْ مِنْ بَعْدِي أُمُوراً يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِمَّا يَرَى مِنْ أَهْلِ الْجُحُودِ وَ الْعُدْوَانِ مِنَ الْأَثَرَةِ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَ-«اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا» وَ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَاةِ وَ التَّقِيَّةِ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَلَوِّنَ فَلَا تَزُولُوا عَنِ الْحَقِّ وَ وَلَايَةِ أَهْلِ الْحَقِّ فَإِنَّ مَنِ اسْتَبْدَلَ بِنَا هَلَكَ وَ فَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَ خَرَجَ مِنْهَا إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَلْيَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا وَ لْيَقْرَأْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَدْخُلُ مَنْزِلَهُ فَإِنَّهُ يَنْفِي الْفَقْرَ عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمُ الصَّلَاةَ وَ خُذُوهُمْ بِهَا إِذَا بَلَغُوا ثَمَانَ سِنِينَ تَنَزَّهُوا عَنْ قُرْبِ الْكِلَابِ فَمَنْ أَصَابَ الْكَلْبَ وَ هُوَ رَطْبٌ فَلْيَغْسِلْهُ وَ إِنْ كَانَ جَافّاً فَلْيَنْضِحْ ثَوْبَهُ بِالْمَاءِ إِذَا سَمِعْتُمْ مِنْ حَدِيثِنَا مَا لَا تَعْرِفُونَ فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا وَ قِفُوا عِنْدَهُ وَ سَلِّمُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْحَقُّ وَ لَا تَكُونُوا مَذَايِيعَ عَجْلَى إِلَيْنَا يَرْجِعُ الْغَالِي وَ بِنَا يَلْحَقُ الْمُقَصِّرُ الَّذِي يُقَصِّرُ بِحَقِّنَا مَنْ

ص: 59

تَمَسَّكَ بِنَا لَحِقَ وَ مَنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِنَا غَرِقَ لِمُحِبِّينَا أَفْوَاجٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لِمُبْغِضِينَا أَفْوَاجٌ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ طَرِيقُنَا الْقَصْدُ وَ فِي أَمْرِنَا الرُّشْدُ لَا يَكُونُ السَّهْوُ فِي خَمْسٍ فِي الْوَتْرِ وَ الْجُمُعَةِ وَ الرَّكْعَتَيْنِ الأوّليَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ وَ فِي الصُّبْحِ وَ فِي الْمَغْرِبِ وَ لَا يَقْرَأُ الْعَبْدُ الْقُرْآنَ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهُورٍ حَتَّى يَتَطَهَّرَ أُعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ إِذَا كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي قَمِيصٍ مُتَوَشِّحاً بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ قَوْمِ لُوطٍ يُجْزِي لِلرَّجُلِ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَعْقِدُ طَرَفَيْهِ عَلَى عُنُقِهِ وَ فِي الْقَمِيصِ الضَّيِّقِ يَزُرُّهُ عَلَيْهِ لَا يَسْجُدُ الرَّجُلُ عَلَى صُورَةٍ وَ لَا عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ صُورَةٌ وَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ تَحْتَ قَدَمِهِ أَوْ يَطْرَحَ عَلَيْهِ مَا يُوَارِيهَا لَا يَعْقِدُ الرَّجُلُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي فِيهَا صُورَةٌ فِي ثَوْبِهِ وَ هُوَ يُصَلِّي وَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدَّرَاهِمُ فِي هِمْيَانٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ إِذَا خَافَ وَ يَجْعَلُهَا إِلَى ظَهْرِهِ لَا يَسْجُدُ الرَّجُلُ عَلَى كُدْسِ حِنْطَةٍ وَ لَا شَعِيرٍ وَ لَا عَلَى لَوْنٍ مِمَّا يُؤْكَلُ وَ لَا يَسْجُدُ عَلَى الْخُبْزِ لَا يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ حَتَّى يُسَمِّيَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ الْمَاءَ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَهُورِهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً (صلّی الله عليه وآله وسلّم) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَعِنْدَهَا يَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ مَنْ أَتَى الصَّلَاةَ عَارِفاً بِحَقِّهَا غُفِرَ لَهُ لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ نَافِلَةً فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَ لَكِنْ يَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ» يَعْنِي الَّذِينَ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ وَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ لَا تُقْضَى النَّافِلَةُ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ ابْدَأْ بِالْفَرِيضَةِ ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ الصَّلَاةُ فِي الْحَرَمَيْنِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ وَ نَفَقَةُ دِرْهَمٍ فِي الْحَجِّ تَعْدِلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَخْشَعِ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ مَنْ خَشَعَ قَلْبُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَشَعَتْ جَوَارِحُهُ فَلَا يَعْبَثْ بِشَيْ ءٍ الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ الثَّانِيَةِ وَ يُقْرَأُ فِي الأولى الْحَمْدُ وَ الْجُمُعَةُ وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ الْمُنَافِقُونَ اجْلِسُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَسْكُنَ

ص: 60

جَوَارِحُكُمْ ثُمَّ قُومُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِنَا إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُرْجِعْ يَدَهُ حِذَاءَ صَدْرِهِ وَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَلْيَتَحَرَّى بِصَدْرِهِ وَ لْيُقِمْ صُلْبَهُ وَ لَا يَنْحَنِي إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ لْيَنْصَبْ فِي الدُّعَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَإٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَيْسَ اللَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ قَالَ بَلَى قَالَ فَلِمَ يَرْفَعُ الْعَبْدُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ أَ مَا تَقْرَأُ «وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ» فَمِنْ أَيْنَ يُطْلَبُ الرِّزْقُ إِلَّا مِنْ مَوْضِعِهِ وَ مَوْضِعُ الرِّزْقِ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّمَاءُ لَا يَنْفَتِلُ الْعَبْدُ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ يَسْتَجِيرَ بِهِ مِنَ النَّارِ وَ يَسْأَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ التَّبَسُّمُ وَ يَقْطَعُهَا الْقَهْقَهَةُ إِذَا خَالَطَ النَّوْمُ الْقَلْبَ وَجَبَ الْوُضُوءُ إِذَا غَلَبَتْكَ عَيْنُكَ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَاقْطَعِ الصَّلَاةَ وَ نَمْ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي تَدْعُو لَكَ أَوْ عَلَى نَفْسِكَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَ قَاتَلَ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ فِي دَرَجَتِنَا وَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يُقَاتِلْ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا فَهُوَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ وَ مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَ لَمْ يُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَ لَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَ يَدِهِ فَهُوَ مَعَ عَدُوِّنَا فِي النَّارِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ لَمْ يُعِنْ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَ لَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَ أَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَنْظُرُونَ إِلَى مَنَازِلِ شِيعَتِنَا كَمَا يَنْظُرُ الْإِنْسَانُ إِلَى الْكَوَاكِبِ فِي السَّمَاءِ إِذَا قَرَأْتُمْ مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ الْأَخِيرَةِ فَقُولُوا سُبْحَانَ اللَّهِ الْأَعْلَى وَ إِذَا قَرَأْتُمْ «إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ» فَصَلُّوا عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ كُنْتُمْ أَوْ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ فِي الْبَدَنِ شَيْ ءٌ أَقَلَّ شُكْراً مِنَ الْعَيْنِ فَلَا تُعْطُوهَا سُؤْلَهَا فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا قَرَأْتُمْ وَ التِّينِ فَقُولُوا فِي آخِرِهَا وَ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَ إِذَا قَرَأْتُمْ قَوْلَهُ «آمَنَّا بِاللَّهِ» فَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ حَتَّى تَبْلُغُوا إِلَى قَوْلِهِ مُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ فِي التَّشَهُّدِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَ هُوَ جَالِسٌ

ص: 61

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ «أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ» ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثاً فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِهِ اطْلُبُوا الْخَيْرَ فِي أَخْفَافِ الْإِبِلِ وَ أَعْنَاقِهَا صَادِرَةً وَ وَارِدَةً إِنَّمَا سُمِّيَ السِّقَايَةُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أَمَرَ بِزَبِيبٍ أُتِيَ مِنَ الطَّائِفِ أَنْ يُنْبَذَ وَ يُطْرَحَ فِي حَوْضِ زَمْزَمَ لِأَنَّ مَاءَهَا مُرٌّ فَأَرَادَ أَنْ يَكْسِرَ مَرَارَتَهُ فَلَا تَشْرَبُوهُ إِذَا عَتُقَ إِذَا تَعَرَّى الرَّجُلُ نَظَرَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ فَطَمِعَ فِيهِ فَاسْتَتِرُوا لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْشِفَ ثِيَابَهُ عَنْ فَخِذِهِ وَ يَجْلِسَ بَيْنَ قَوْمٍ مَنْ أَكَلَ شَيْئاً مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ بِرِيحِهَا فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ لِيَرْفَعِ الرَّجُلُ السَّاجِدُ مُؤَخَّرَهُ فِي الْفَرِيضَةِ إِذَا سَجَدَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْغُسْلَ فَلْيَبْدَأْ بِذِرَاعَيْهِ فَلْيَغْسِلْهُمَا إِذَا صَلَّيْتَ فَأَسْمِعْ نَفْسَكَ الْقِرَاءَةَ وَ التَّكْبِيرَ وَ التَّسْبِيحَ إِذَا انْفَتَلْتَ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْفَتِلْ عَنْ يَمِينِكَ تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّ خَيْرَ مَا تَزَوَّدْتَ مِنْهَا التَّقْوَى فُقِدَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أُمَّتَانِ وَاحِدَةٌ فِي الْبَحْرِ وَ أُخْرَى فِي الْبَرِّ فَلَا تَأْكُلُوا إِلَّا مَا عَرَفْتُمْ مَنْ كَتَمَ وَجَعاً أَصَابَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ النَّاسِ وَ شَكَا إِلَى اللَّهِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعَافِيَهُ مِنْهُ أَبْعَدُ مَا كَانَ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ إِذَا كَانَ هَمُّهُ بَطْنَهُ وَ فَرْجَهُ لَا يَخْرُجُ الرَّجُلُ فِي سَفَرٍ يَخَافُ فِيهِ عَلَى دِينِهِ وَ صَلَاتِهِ أُعْطِيَ السَّمْعَ أَرْبَعَةٌ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ وَ حُورُ الْعِينُ (1) فَإِذَا فَرَغَ الْعَبْدُ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ يَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) رُفِعَتْ دَعْوَتُهُ وَ مَنْ سَأَلَ الْجَنَّةَ قَالَتِ الْجَنَّةُ يَا رَبِّ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ وَ مَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ قَالَتِ النَّارُ يَا رَبِّ أَجِرْ عَبْدَكَ مِمَّا اسْتَجَارَ وَ مَنْ سَأَلَ الْحُورَ الْعِينَ قُلْنَ الْحُورُ يَا رَبِّ أَعْطِ عَبْدَكَ مَا سَأَلَ الْغِنَاءُ نَوْحُ إِبْلِيسَ عَلَى الْجَنَّةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ

ص: 62


1- في بعض الأخبار أعطيّ سمع الخلائق. ج 10 ص 255س5 السبزواري.

الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَ لْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي لِلَّهِ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ دِينِ مُحَمَّدٍ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ وَلَايَةِ مَنِ افْتَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنَامِهِ حُفِظَ مِنَ اللِّصِّ وَ الْمُغِيرِ وَ الْهَدْمِ وَ اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ خَمْسِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَحْرُسُونَهُ لَيْلَتَهُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلَا يَضَعَنَّ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَقُولَ أُعِيذُ نَفْسِي وَ دِينِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي وَ خَوَاتِيمَ عَمَلِي وَ مَا رَزَقَنِي رَبِّي وَ خَوَّلَنِي بِعِزَّةِ اللَّهِ وَ عَظَمَةِ اللَّهِ وَ جَبَرُوتِ اللَّهِ وَ سُلْطَانِ اللَّهِ وَ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ رَأْفَةِ اللَّهِ وَ غُفْرَانِ اللَّهِ وَ قُوَّةِ اللَّهِ وَ قُدْرَةِ اللَّهِ وَ جَلَالِ اللَّهِ وَ بِصُنْعِ اللَّهِ وَ أَرْكَانِ اللَّهِ وَ بِجَمْعِ اللَّهِ وَ بِرَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَ الْهَامَّةِ وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ مِنْ شَرِّ مَا يَدِبُّ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ رَبِّي آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ (عليهما السّلام) وَ بِذَلِكَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ نَحْنُ الْخُزَّانُ لِدِينِ اللَّهِ وَ نَحْنُ مَصَابِيحُ الْعِلْمِ إِذَا مَضَى مِنَّا عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ لَا يَضِلُّ مَنِ اتَّبَعَنَا وَ لَا يَهْتَدِي مَنْ أَنْكَرَنَا وَ لَا يَنْجُو مَنْ أَعَانَ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا وَ لَا يُعَانُ مَنْ أَسْلَمَنَا فَلَا تَتَخَلَّفُوا عَنَّا لِطَمَعِ دُنْيَا وَ حُطَامٍ زَائِلٍ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمْ تَزُولُونَ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَ اخْتَارَهَا عَلَيْنَا عَظُمَتْ حَسْرَتُهُ غَداً وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ» اغْسِلُوا صِبْيَانَكُمْ مِنَ الْغَمَرِ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَشَمُّ الْغَمَرَ فَيَفْزَعُ الصَّبِيُّ فِي رُقَادِهِ وَ يَتَأَذَّى بِهِ الْكَاتِبَانِ لَكُمْ أَوَّلُ نَظْرَةٍ إِلَى الْمَرْأَةِ فَلَا تُتْبِعُوهَا بِنَظْرَةٍ أُخْرَى وَ احْذَرُوا الْفِتْنَةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ يَلْقَاهُ كَعَابِدِ وَثَنٍ فَقَالَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا الْمُدْمِنُ قَالَ الَّذِي إِذَا وَجَدَهَا شَرِبَهَا مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً مَنْ قَالَ

ص: 63

لِمُسْلِمٍ قَوْلًا يُرِيدُ بِهِ انْتِقَاصَ مُرُوَّتِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَأْتِيَ مِمَّا قَالَ بِمَخْرَجٍ لَا يَنَامُ الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ وَ لَا الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَ هُوَ التَّعْزِيرُ كُلُوا الدُّبَّاءَ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي الدِّمَاغِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يُعْجِبُهُ الدُّبَّاءُ كُلُوا الْأُتْرُجَّ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ بَعْدَهُ فَإِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ الْكُمَّثْرَى يَجْلُو الْقَلْبَ وَ يُسَكِّنُ أَوْجَاعَ الْجَوْفِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ خَيْرُ الْأُمُورِ مَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا مَنْ عَبَدَ الدُّنْيَا وَ آثَرَهَا عَلَى الْآخِرَةِ اسْتَوْخَمَ الْعَاقِبَةَ اتَّخِذُوا الْمَاءَ طِيباً مَنْ رَضِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا قَسَمَ لَهُ اسْتَرَاحَ بَدَنُهُ خَسِرَ مَنْ ذَهَبَتْ حَيَاتُهُ وَ عُمُرُهُ فِيمَا يُبَاعِدُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَا يَغْشَاهُ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ مَا سَرَّهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ إِيَّاكُمْ وَ تَسْوِيفَ الْعَمَلِ بَادِرُوا بِهِ إِذَا أَمْكَنَكُمْ مَا كَانَ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَسَيَأْتِيكُمْ عَلَى ضَعْفِكُمْ وَ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ فَلَنْ تَقْدِرُوا أَنْ تَدْفَعُوهُ بِحِيلَةٍ مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرُوا عَلَى مَا أَصَابَكُمْ سِرَاجُ الْمُؤْمِنِ مَعْرِفَةُ حَقِّنَا أَشَدُّ الْعَمَى مَنْ عَمِيَ عَنْ فَضْلِنَا وَ نَاصَبَنَا الْعَدَاوَةَ بِلَا ذَنْبٍ سَبَقَ إِلَيْهِ مِنَّا إِلَّا أَنَّا دَعَوْنَاهُ إِلَى الْحَقِّ وَ دَعَاهُ مَنْ سِوَانَا إِلَى الْفِتْنَةِ وَ الدُّنْيَا فَأَتَاهُمْ وَ نَصَبَ الْبَرَاءَةَ مِنَّا وَ الْعَدَاوَةَ لَنَا لَنَا رَايَةُ الْحَقِّ مَنِ اسْتَظَلَّ بِهَا كَنَّتْهُ وَ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا فَازَ وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ وَ مَنْ فَارَقَهَا هَوَى وَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا نَجَا أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ وَ اللَّهِ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ إِذَا لَقِيتُمْ إِخْوَانَكُمْ فَتَصَافَحُوا وَ أَظْهِرُوا لَهُمُ الْبَشَاشَةَ وَ الْبِشْرَ تَتَفَرَّقُوا وَ مَا عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَوْزَارِ قَدْ ذَهَبَتْ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَسَمِّتُوهُ قُولُوا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها» صَافِحْ عَدُوَّكَ وَ إِنْ كَرِهَ فَإِنَّهُ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ عِبَادَهُ يَقُولُ «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ

ص: 64

وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» مَا تُكَافِي عَدُوَّكَ بِشَيْ ءٍ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ فِيهِ وَ حَسْبُكَ أَنْ تَرَى عَدُوَّكَ يَعْمَلُ بِمَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الدُّنْيَا دُوَلٌ فَاطْلُبْ حَظَّكَ مِنْهَا بِأَجْمَلِ الطَّلَبِ حَتَّى تَأْتِيَكَ دَوْلَتُكَ الْمُؤْمِنُ يَقْظَانُ مُتَرَقِّبٌ خَائِفٌ يَنْتَظِرُ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَ يَخَافُ الْبَلَاءَ حَذَراً مِنْ ذُنُوبِهِ رَاجِي رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَعْرَى الْمُؤْمِنُ مِنْ خَوْفِهِ وَ رَجَائِهِ يَخَافُ مِمَّا قَدَّمَ وَ لَا يَسْهُو عَنْ طَلَبِ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ وَ لَا يَأْمَنُ مِمَّا خَوَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْتُمْ عُمَّارُ الْأَرْضِ الَّذِينَ اسْتَخْلَفَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَرَاقِبُوهُ فِيمَا يَرَى مِنْكُمْ عَلَيْكُمْ بِالْمَحَجَّةِ الْعُظْمَى فَاسْلُكُوهَا لَا يَسْتَبْدِلْ بِكُمْ غَيْرَكُمْ مَنْ كَمَلَ عَقْلُهُ حَسُنَ عَمَلُهُ وَ نَظَرُهُ لِدِينِهِ «سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ» فَإِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوهَا إِلَّا بِالتَّقْوَى مَنْ صُدِئَ بِالْإِثْمِ أَعْشَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ تَرَكَ الْأَخْذَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ قَيَّضَ اللَّهُ «لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ» مَا بَالُ مَنْ خَالَفَكُمْ أَشَدُّ بَصِيرَةً فِي ضَلَالَتِهِمْ وَ أَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْكُمْ مَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّكُمْ رَكَنْتُمْ إِلَى الدُّنْيَا فَرَضِيتُمْ بِالضَّيْمِ وَ شَحَحْتُمْ عَلَى الْحُطَامِ وَ فَرَّطْتُمْ فِيمَا فِيهِ عِزُّكُمْ وَ سَعَادَتُكُمْ وَ قُوَّتُكُمْ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْكُمْ لَا مِنْ رَبِّكُمْ تَسْتَحْيُونَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَ لَا لِأَنْفُسِكُمْ تَنْظُرُونَ وَ أَنْتُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ تُضَامُونَ وَ لَا تَنْتَبِهُونَ مِنْ رَقْدَتِكُمْ وَ لَا يَنْقَضِي فُتُورُكُمْ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى بِلَادِكُمْ وَ [إِلَى] دِينِكُمْ كُلَّ يَوْمٍ يَبْلَى وَ أَنْتُمْ فِي غَفْلَةِ الدُّنْيَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ» سَمُّوا أَوْلَادَكُمْ فَإِنْ لَمْ تَدْرُوا أَ ذَكَرٌ هُمْ أَمْ أُنْثَى فَسَمُّوهُمْ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي تَكُونُ لِلذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى فَإِنَّ أَسْقَاطَكُمْ إِذَا لَقُوكُمْ فِي الْقِيَامَةِ وَ لَمْ تُسَمُّوهُمْ يَقُولُ السِّقْطُ لِأَبِيهِ أَ لَا سَمَّيْتَنِي وَ قَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) مُحَسِّناً قَبْلَ أَنْ يُولَدَ إِيَّاكُمْ وَ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ قِيَامٍ عَلَى أَرْجُلِكُمْ فَإِنَّهُ يُورِثُ الدَّاءَ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ أَوْ يُعَافِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا رَكِبْتُمُ الدَّوَابَّ

ص: 65

فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُولُوا «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ» إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ فِي سَفَرٍ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَ الْحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ وَ الْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ إِذَا نَزَلْتُمْ مَنْزِلًا فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مُنْزَلًا مُبارَكاً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ إِذَا اشْتَرَيْتُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ السُّوقِ فَقُولُوا حِينَ تَدْخُلُونَ الْأَسْوَاقَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَفْقَةٍ خَاسِرَةٍ وَ يَمِينٍ فَاجِرَةٍ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ بَوَارِ الْأَيِّمِ الْمُنْتَظِرُ وَقْتَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنْ زُوَّارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ وَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا سَأَلَ الْحَاجُّ وَ الْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ وَ يَحْبُوَهُ بِالْمَغْفِرَةِ مَنْ سَقَى صَبِيّاً مُسْكِراً وَ هُوَ لَا يَعْقِلُ حَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي طِينَةِ الْخَبَالِ حَتَّى يَأْتِيَ مِمَّا صَنَعَ بِمَخْرَجٍ الصَّدَقَةُ جُنَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ النَّارِ لِلْمُؤْمِنِ وَ وِقَايَةٌ لِلْكَافِرِ مِنْ أَنْ يَتْلَفَ مَنْ أَتْلَفَ مَالَهُ يُعَجَّلُ لَهُ الْخَلَفُ وَ دُفِعَ عَنْهُ الْبَلَايَا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ بِاللِّسَانِ كُبَّ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ وَ بِاللِّسَانِ أُعْطِيَ أَهْلُ النُّورِ النُّورَ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ اشْغَلُوهَا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَثُ الْأَعْمَالِ مَا وَرَّثَ الضَّلَالَ وَ خَيْرُ مَا اكْتُسِبَ أَعْمَالُ الْبِرِّ إِيَّاكُمْ وَ عَمَلَ الصُّوَرِ فَتُسْأَلُوا عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا أُخِذَتْ مِنْكَ قَذَاةٌ فَقُلْ أَمَاطَ اللَّهُ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ وَ قَدْ خَرَجْتَ مِنَ الْحَمَّامِ طَابَ حَمَّامُكَ وَ حَمِيمُكَ فَقُلْ أَنْعَمَ اللَّهُ بَالَكَ إِذَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ حَيَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ فَقُلْ أَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ بِالسَّلَامِ وَ أَحَلَّكَ دَارَ الْمُقَامِ لَا تَبُلْ عَلَى الْمَحَجَّةِ وَ لَا تَتَغَوَّطْ عَلَيْهَا السُّؤَالُ بَعْدَ الْمَدْحِ فَامْدَحُوا اللَّهَ ثُمَّ سَلُوا الْحَوَائِجَ أَثْنُوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ امْدَحُوهُ قَبْلَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ يَا صَاحِبَ الدُّعَاءِ لَا تَسْأَلْ مَا لَا يَكُونُ وَ لَا يَحِلُّ إِذَا هَنَّأْتُمُ الرَّجُلَ عَنْ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ فَقُولُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي هِبَتِهِ وَ بَلَّغَهُ أَشُدَّهُ وَ رَزَقَكَ بِرَّهُ إِذَا قَدِمَ أَخُوكَ مِنْ مَكَّةَ فَقَبِّلْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ فَاهُ الَّذِي قَبَّلَ بِهِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ الَّذِي قَبَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ الْعَيْنَ الَّتِي

ص: 66

نَظَرَ بِهَا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَبِّلْ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَ وَجْهَهُ وَ إِذَا هَنَّأْتُمُوهُ فَقُولُوا قَبِلَ اللَّهُ نُسُكَكَ وَ رَحِمَ سَعْيَكَ وَ أَخْلَفَ عَلَيْكَ نَفَقَتَكَ وَ لَا جَعَلَهُ آخِرَ عَهْدِكَ بِبَيْتِهِ الْحَرَامِ احْذَرُوا السَّفِلَةَ فَإِنَّ السَّفِلَةَ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ قَتَلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَ فِيهِمْ أَعْدَاؤُنَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَنَا وَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَ يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ فِينَا أُولَئِكَ مِنَّا وَ إِلَيْنَا مَا مِنَ الشِّيعَةِ عَبْدٌ يُقَارِفُ أَمْراً نَهَيْنَا عَنْهُ فَيَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِبَلِيَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ إِمَّا فِي مَالِهِ وَ إِمَّا فِي وُلْدِهِ وَ إِمَّا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ وَ إِنَّهُ لَيَبْقَى عَلَيْهِ الشَّيْ ءُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَيُشَدَّدُ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ الْمَيِّتُ مِنْ شِيعَتِنَا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ صَدَقَ بِأَمْرِنَا وَ أَحَبَّ فِينَا وَ أَبْغَضَ فِينَا يُرِيدُ بِذَلِكَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ» افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً وَ سَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَنْ أَذَاعَ سِرَّنَا أَذَاقَهُ اللَّهُ بَأْسَ الْحَدِيدِ اخْتَتِنُوا أَوْلَادَكُمْ يَوْمَ السَّابِعِ لَا يَمْنَعْكُمْ حَرٌّ وَ لَا بَرْدٌ فَإِنَّهُ طَهُورٌ لِلْجَسَدِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَضِجُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَوْلِ الْأَغْلَفِ السُّكْرُ أَرْبَعُ سُكْرَاتٍ سُكْرُ الشَّرَابِ وَ سُكْرُ الْمَالِ وَ سُكْرُ النَّوْمِ وَ سُكْرُ الْمُلْكِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْيُمْنَى فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَ يَنْتَبِهُ مِنْ رَقْدَتِهِ أَمْ لَا أُحِبُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَطَّلِيَ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً مِنَ النُّورَةِ أَقِلُّوا مِنْ أَكْلِ الْحِيتَانِ فَإِنَّهَا تُذِيبُ الْبَدَنَ وَ تُكْثِرُ الْبَلْغَمَ وَ تُغَلِّظُ النَّفَسَ حَسْوُ اللَّبَنِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا الْمَوْتَ كُلُوا الرُّمَّانَ بِشَحْمِهِ فَإِنَّهُ دِبَاغٌ لِلْمَعِدَةِ وَ فِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنَ الرُّمَّانِ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الْمَعِدَةِ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ وَ إِنَارَةٌ لِلنَّفْسِ وَ تُمَرِّضُ وَسْوَاسَ الشَّيْطَانِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ يَكْسِرُ الْمِرَّةَ وَ يُحْيِي الْقَلْبَ وَ كُلُوا الْهِنْدَبَاءَ فَمَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَ عَلَيْهِ قَطْرَةٌ مِنْ قَطْرِ الْجَنَّةِ اشْرَبُوا مَاءَ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ الْبَدَنَ وَ يَدْفَعُ

ص: 67

الْأَسْقَامَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ» مَا مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ مِنْهُ شِفَاءٌ إِلَّا السَّامَ لُحُومُ الْبَقَرِ دَاءٌ وَ أَلْبَانُهَا دَوَاءٌ وَ أَسْمَانُهَا شِفَاءٌ مَا تَأْكُلُ الْحَامِلُ مِنْ شَيْ ءٍ وَ لَا تَتَدَاوَى بِهِ أَفْضَلَ مِنَ الرُّطَبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَرْيَمَ (عليها السّلام) «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً» حَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ بِالتَّمْرِ فَهَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ زَوْجَتَهُ فَلَا يُعَجِّلْهَا فَإِنَّ لِلنِّسَاءِ حَوَائِجَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ امْرَأَةً تُعْجِبُهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ عِنْدَ أَهْلِهِ مِثْلَ مَا رَأَى وَ لَا يَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ إِلَى قَلْبِهِ سَبِيلًا وَ لْيَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ يَحْمَدُ اللَّهَ كَثِيراً وَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ثُمَّ لْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ يُبِيحُ لَهُ بِرَأْفَتِهِ مَا يُغْنِيهِ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلْيُقِلَّ الْكَلَامَ فَإِنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ يُورِثُ الْخَرَسَ لَا يَنْظُرَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَى بَاطِنِ فَرْجِ امْرَأَتِهِ لَعَلَّهُ يَرَى مَا يَكْرَهُ وَ يُورِثُ الْعَمَى إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ مُجَامَعَةَ زَوْجَتِهِ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَحْلَلْتُ فَرْجَهَا بِأَمْرِكَ وَ قَبِلْتُهَا بِأَمَانَتِكَ فَإِنْ قَضَيْتَ لِي مِنْهَا وَلَداً فَاجْعَلْهُ ذَكَراً سَوِيّاً وَ لَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ نَصِيباً وَ لَا شِرْكاً الْحُقْنَةُ مِنَ الْأَرْبَعِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحُقْنَةُ وَ هِيَ تُعَظِّمُ الْبَطْنَ وَ تُنَقِّي دَاءَ الْجَوْفِ وَ تُقَوِّي الْبَدَنَ اسْتَسْعِطُوا بِالْبَنَفْسَجِ وَ عَلَيْكُمْ بِالْحِجَامَةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَلْيَتَوَقَّ أَوَّلَ الْأَهِلَّةِ وَ أَنْصَافَ الشُّهُورِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَطْلُبُ الْوَلَدَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَ الشَّيَاطِينُ يَطْلُبُونَ الشِّرْكَ فِيهِمَا فَيَجِيئُونَ وَ يُحْبِلُونَ تَوَقَّوُا الْحِجَامَةَ وَ النُّورَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ فِيهِ خُلِقَتْ جَهَنَّمُ وَ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يَحْتَجِمُ فِيهَا أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ.

***

ص: 68

باب (14) ما بيّن (عليه السّلام) من المسائل في أصول الدين وفروعه برواية الأعمش

البحار: ج 4 ص 352

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْعِجْلِيُّ وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ (1) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السّلام) قَالَ: هَذِهِ شَرَائِعُ الدِّينِ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا وَ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى هُدَاهُ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ النَّاطِقِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ مَرَّةً مَرَّةً وَ مَرَّتَانِ جَائِزٌ وَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا الْبَوْلُ وَ الرِّيحُ وَ النَّوْمُ وَ الْغَائِطُ وَ الْجَنَابَةُ وَ مَنْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ خَالَفَ اللَّهَ تَعَالَى وَ رَسُولَهُ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ كِتَابَهُ وَ وُضُوؤُهُ لَمْ يَتِمَّ وَ صَلَاتُهُ غَيْرُ مُجْزِيَةٍ وَ الْأَغْسَالُ مِنْهَا غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَ غُسْلُ مَنْ مَسَّ الْمَيِّتَ بَعْدَ مَا يَبْرُدُ وَ غُسْلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ وَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ غُسْلُ الْعِيدَيْنِ وَ غُسْلُ دُخُولِ مَكَّةَ وَ غُسْلُ دُخُولِ الْمَدِينَةِ وَ غُسْلُ الزِّيَارَةِ وَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَ غُسْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَ غُسْلُ يَوْمِ لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غُسْلُ لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ مِنْهُ وَ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ مِنْهُ أَمَّا الْفَرْضُ فَغُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَ الْحَيْضِ وَاحِدٌ وَ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ الظُّهْرُ أَرْبَعُ

ص: 69


1- هو سليمان بن مهران الكوفي ثقة كان صاحب نوادر وقد كتب في نوادره کتابا مسمی بالأزهر الانعش في نوادر الأعمش، ج10ص 321س1 السبزواري.

رَكَعَاتٍ وَ الْعَصْرُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَ الْفَجْرُ رَكْعَتَانِ فَجُمْلَةُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ السُّنَّةُ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ رَكْعَةً مِنْهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَا تَقْصِيرَ فِيهَا فِي سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ وَ رَكْعَتَانِ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرِ تُعَدَّانِ بِرَكْعَةٍ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ فِي السَّحَرِ وَ هِيَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَ الشَّفْعُ رَكْعَتَانِ وَ الْوَتْرُ رَكْعَةٌ وَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ بَعْدَ الْوَتْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَ الصَّلَاةُ تُسْتَحَبُّ فِي أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ وَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَرْدِ بِأَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ وَ لَا صَلَاةَ خَلْفَ الْفَاجِرِ وَ لَا يُقْتَدَى إِلَّا بِأَهْلِ الْوَلَايَةِ وَ لَا يُصَلَّى فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَ إِنْ دُبِغَتْ سَبْعِينَ مَرَّةً وَ لَا فِي جُلُودِ السِّبَاعِ وَ لَا يُسْجَدُ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ إِلَّا الْمَأْكُولَ وَ الْقُطْنَ وَ الْكَتَّانَ وَ يُقَالُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ تَعَالَى عَرْشُكَ وَ لَا يُقَالُ تَعَالَى جَدُّكَ وَ لَا يُقَالُ فِي التَّشَهُّدِ الأوّل السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ لِأَنَّ تَحْلِيلَ الصَّلَاةِ هُوَ التَّسْلِيمُ وَ إِذَا قُلْتَ هَذَا فَقَدْ سَلَّمْتَ وَ التَّقْصِيرُ فِي ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ وَ هُوَ بَرِيدَانِ وَ إِذَا قَصَّرْتَ أَفْطَرْتَ وَ مَنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي السَّفَرِ لَمْ تُجْزِ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَ فِي فَرْضِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْقُنُوتُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ فَمَنْ نَقَصَ مِنْهَا فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَ الْمَيِّتُ يُسَلُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ سَلًّا وَ الْمَرْأَةُ تُؤْخَذُ بِالْعَرْضِ مِنْ قِبَلِ اللَّحْدِ وَ الْقُبُورُ تُرَبَّعُ وَ لَا تُسَنَّمُ وَ الْإِجْهَارُ بِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبٌ وَ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سَبْعٌ الْوَقْتُ وَ الطَّهُورُ وَ التَّوَجُّهُ وَ الْقِبْلَةُ وَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ الدُّعَاءُ وَ الزَّكَاةُ فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ(1) عَلَى كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَ لَا تَجِبُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ الْفِضَّةِ وَ لَا تَجِبُ عَلَى مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ مَلَكَهُ

ص: 70


1- لا يخفى أنه لم يذكر الخمس في الحديث فراجع و تأمل. السبزواري.

صَاحِبُهُ وَ لَا يَحِلُّ أَنْ تُدْفَعَ الزَّكَاةُ إِلَّا إِلَى أَهْلِ الْوَلَايَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ تَجِبُ عَلَى الذَّهَبِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَيَكُونُ فِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ وَ تَجِبُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةُ أَوْسَاقٍ الْعُشْرُ إِنْ كَانَ سُقِيَ سَيْحاً وَ إِنْ سُقِيَ بِالدَّوَالِي فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ تَجِبُ عَلَى الْغَنَمِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَتَكُونُ فِيهَا شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَ عِشْرِينَ وَ تَزِيدُ وَاحِدَةٌ فَتَكُونُ فِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ وَ تَجِبُ عَلَى الْبَقَرِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعَةً حَوْلِيَّةً فَتَكُونُ فِيهَا تَبِيعٌ حَوْلِيٌّ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً ثُمَّ يَكُونُ فِيهَا مُسِنَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سَبْعِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ وَ مُسِنَّةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَمَانِينَ ثُمَّ يَكُونُ فِيهَا مُسِنَّتَانِ إِلَى تِسْعِينَ ثُمَّ يَكُونُ فِيهَا ثَلَاثُ تَبَايِعَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ وَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَ يَجِبُ عَلَى الْإِبِلِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةً فَيَكُونُ فِيهَا شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةً فَشَاتَانِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَأَرْبَعُ شِيَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ عِشْرِينَ فَخَمْسُ شِيَاهٍ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ ثَلَاثِينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ أَرْبَعِينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى ثَمَانِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَنِيٌّ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فَإِذَا كَثُرَتِ الْإِبِلُ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَ يَسْقُطُ الْغَنَمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ يَرْجِعُ إِلَى أَسْنَانِ الْإِبِلِ وَ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ رَأْسٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ وَ هُوَ صَاعٌ تَامٌّ وَ لَا يَجُوزُ دَفْعُ ذَلِكَ أَجْمَعِ إِلَّا إِلَى أَهْلِ الْوَلَايَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ أَكْثَرُ أَيَّامِ الْحَيْضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ أَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ

ص: 71

وَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ وَ تَحْتَشِي وَ تُصَلِّي وَ الْحَائِضُ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَ لَا تَقْضِيهَا وَ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَ تَقْضِيهِ وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ يُصَامُ لِرُؤْيَتِهِ وَ يُفْطَرُ لِرُؤْيَتِهِ وَ لَا يُصَلَّى التَّطَوُّعُ فِي جَمَاعَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ وَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ سُنَّةٌ وَ هُوَ صَوْمُ خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ الْخَمِيسُ الأوّل فِي الْعَشْرِ الأوّل وَ الْأَرْبِعَاءُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَ الْخَمِيسُ الْأَخِيرُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَ صَوْمُ شَعْبَانَ حَسَنٌ لِمَنْ صَامَهُ لِأَنَّ الصَّالِحِينَ قَدْ صَامُوهُ وَ رَغِبُوا فِيهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَصِلُ شَعْبَانَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْفَائِتُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنْ قُضِيَ مُتَفَرِّقاً جَازَ وَ إِنْ قُضِيَ مُتَتَابِعاً فَهُوَ أَفْضَلُ وَ حِجُّ الْبَيْتِ وَاجِبٌ لِمَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ هُوَ الزَّادُ وَ الرَّاحِلَةُ مَعَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ مَا يُخَلِّفُهُ عَلَى عِيَالِهِ وَ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ بَعْدَ حَجِّهِ وَ لَا يَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا تَمَتُّعاً وَ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَانُ وَ الْإِفْرَادُ إِلَّا لِمَنْ كَانَ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ قَبْلَ بُلُوغِ الْمِيقَاتِ وَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنِ الْمِيقَاتِ إِلَّا لِمَرَضٍ أَوْ تَقِيَّةٍ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ» وَ تَمَامُهَا اجْتِنَابُ الرَّفَثِ وَ الْفُسُوقِ وَ الْجِدَالِ فِي الْحَجِّ وَ لَا يُجْزِي فِي النُّسُكِ الْخَصِيُّ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ وَ يَجُوزُ الْمَوْجُوءُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَ فَرَائِضُ الْحَجِّ الْإِحْرَامُ وَ التَّلْبِيَةُ الْأَرْبَعُ وَ هِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ لَكَ وَ الْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ لِلْعُمْرَةِ فَرِيضَةٌ وَ رَكْعَتَاهُ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (عليه السّلام) فَرِيضَةٌ وَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَرِيضَةٌ وَ طَوَافُ الْحَجِّ فَرِيضَةٌ وَ رَكْعَتَاهُ عِنْدَ الْمَقَامِ فَرِيضَةٌ وَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَرِيضَةٌ وَ طَوَافُ النِّسَاءِ فَرِيضَةٌ وَ لَا يُسْعَى بَعْدَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ فَرِيضَةٌ وَ الْهَدْيُ لِلتَّمَتُّعِ فَرِيضَةٌ فَأَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَهُوَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَ الْحَلْقُ سُنَّةٌ وَ رَمْيُ الْجِمَارِ سُنَّةٌ وَ الْجِهَادُ وَاجِبٌ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَ لَا يَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ وَ النُّصَّابِ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ سَاعٍ فِي فَسَادٍ وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَخَفْ عَلَى

ص: 72

نَفْسِكَ وَ لَا عَلَى أَصْحَابِكَ وَ اسْتِعْمَالُ التَّقِيَّةِ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ وَاجِبٌ وَ لَا حِنْثَ وَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ تَقِيَّةً يَدْفَعُ بِذَلِكَ ظُلْماً عَنْ نَفْسِهِ وَ الطَّلَاقُ لِلسُّنَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَ لَا يَجُوزُ طَلَاقٌ لِغَيْرِ السُّنَّةِ وَ كُلُّ طَلَاقٍ مُخَالِفٍ لِلْكِتَابِ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ كَمَا أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ وَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ وَ إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ لِلْعِدَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَحِلَّ لِلرَّجُلِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ وَ قَدْ قَالَ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ اتَّقُوا تَزْوِيجَ الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثاً فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُنَّ ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ وَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ وَ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَ الرِّيَاحِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ وَ حُبُّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَاجِبٌ وَ الْوَلَايَةُ لَهُمْ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَاجِبَةٌ وَ مِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ هَتَكُوا حِجَابَهُ وَ أَخَذُوا مِنْ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) فَدَكَ وَ مَنَعُوهَا مِيرَاثَهَا وَ غَصَبُوهَا وَ زَوْجَهَا حُقُوقَهُمَا وَ هَمُّوا بِإِحْرَاقِ بَيْتِهَا وَ أَسَّسُوا الظُّلْمَ وَ غَيَّرُوا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْأَنْصَابِ وَ الْأَزْلَامِ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَ قَادَةِ الْجَوْرِ كُلِّهِمْ أَوَّلِهِمْ وَ آخِرِهِمْ وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَشْقَى الأوّلينَ وَ الْآخِرِينَ شَقِيقِ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ قَاتِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) وَاجِبَةٌ وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ جَمِيعِ قَتَلَةِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عليهم السّلام) وَاجِبَةٌ وَ الْوَلَايَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا وَ لَمْ يُبَدِّلُوا بَعْدَ نَبِيِّهِمْ وَاجِبَةٌ مِثْلُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيِّ وَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ وَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ وَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ذِي الشَّهَادَتَيْنِ وَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَ مَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وَ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ وَ الْوَلَايَةُ لِأَتْبَاعِهِمْ وَ الْمُقْتَدِينَ بِهِمْ وَ بِهُدَاهُمْ وَاجِبَةٌ وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبٌ فَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ فَلَا تُطِعْهُمَا وَ لَا غَيْرَهُمَا فِي الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَ الْأَنْبِيَاءُ وَ أَوْصِيَاؤُهُمْ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ

ص: 73

وَ تَحْلِيلُ الْمُتْعَتَيْنِ وَاجِبٌ كَمَا أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ وَ سَنَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَ الْفَرَائِضُ عَلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ الْعَقِيقَةُ لِلْوَلَدِ الذَّكَرِ وَ الْأُنْثَى يَوْمَ السَّابِعِ وَ يُسَمَّى الْوَلَدُ يَوْمَ السَّابِعِ وَ يُحْلَقُ رَأْسُهُ وَ يُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ لَا يُكَلِّفُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ خَلْقَ تَقْدِيرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِينٍ وَ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ لَا تَقُولُ بِالْجَبْرِ وَ لَا بِالتَّفْوِيضِ وَ لَا يَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَرِي ءَ بِالسَّقِيمِ وَ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ الْآبَاءِ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى» وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَعْفُوَ وَ يَتَفَضَّلَ وَ لَيْسَ لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَظْلِمَ وَ لَا يَفْرِضُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى عِبَادِهِ طَاعَةَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُغْوِيهِمْ وَ يُضِلُّهُمْ وَ لَا يَخْتَارُ لِرِسَالَتِهِ وَ لَا يَصْطَفِي مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِهِ وَ يَعْبُدُ الشَّيْطَانَ دُونَهُ وَ لَا يَتَّخِذُ عَلَى خَلْقِهِ حُجَّةً إِلَّا مَعْصُوماً وَ الْإِسْلَامُ غَيْرُ الْإِيمَانِ وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَ لَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِناً وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ أَصْحَابُ الْحُدُودِ مُسْلِمُونَ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يُدْخِلُ النَّارَ مُؤْمِناً وَ قَدْ وَعَدَهُ الْجَنَّةَ وَ لَا يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ كَافِراً وَ قَدْ وَعَدَهُ النَّارَ وَ الْخُلُودَ فِيهَا وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فَأَصْحَابُ الْحُدُودِ فُسَّاقٌ لَا مُؤْمِنُونَ وَ لَا كَافِرُونَ وَ لَا يُخْلَدُونَ فِي النَّارِ وَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا يَوْماً مَا وَ الشَّفَاعَةُ جَائِزَةٌ لَهُمْ وَ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ إِذَا ارْتَضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دِينَهُمْ وَ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِخَالِقٍ وَ لَا مَخْلُوقٍ وَ الدَّارُ الْيَوْمَ دَارُ تَقِيَّةٍ وَ هِيَ دَارُ الْإِسْلَامِ لَا دَارُ كُفْرٍ وَ لَا دَارُ إِيمَانٍ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبَانِ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ وَ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَ لَا عَلَى أَصْحَابِهِ وَ الْإِيمَانُ هُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَ الْإِيمَانُ هُوَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ الْإِقْرَارُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ

ص: 74

وَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْحِسَابِ وَ الصِّرَاطِ وَ الْمِيزَانِ وَ لَا إِيمَانَ بِاللَّهِ إِلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ وَاجِبٌ أَمَّا فِي الْفِطْرِ فَفِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَ هُوَ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ» وَ فِي الْأَضْحَى بِالْأَمْصَارِ فِي دُبُرِ عَشْرِ صَلَوَاتٍ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الثَّالِثِ وَ بِمِنًى دُبُرَ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ الرَّابِعِ وَ يُزَادُ فِي هَذَا التَّكْبِيرِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَ النُّفَسَاءُ لَا تَقْعُدُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ يَوْماً إِلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ تَطْهُرْ بَعْدَ الْعِشْرِينَ اغْتَسَلَتْ وَ احْتَشَتْ وَ عَمِلَتْ عَمَلَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَ الشَّرَابُ فَكُلُّ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ وَ كَثِيرُهُ حَرَامٌ وَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَ الطِّحَالُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ دَمٌ وَ الْجِرِّيُّ وَ الْمَارْمَاهِي وَ الطَّافِي وَ الزِّمِّيرُ حَرَامٌ وَ كُلُّ سَمَكٍ لَا يَكُونُ لَهُ فُلُوسٌ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَ يُؤْكَلُ مِنَ الْبَيْضِ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ وَ لَا يُؤْكَلُ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَ يُؤْكَلُ مِنَ الْجَرَادِ مَا اسْتَقَلَّ بِالطَّيَرَانِ وَ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ الدَّبَى لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالطَّيَرَانِ وَ ذَكَاةُ السَّمَكِ وَ الْجَرَادِ أَخْذُهُ وَ الْكَبَائِرُ مُحَرَّمَةٌ وَ هِيَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً وَ أَكْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَ بَعْدَ ذَلِكَ الزِّنَا وَ اللِّوَاطُ وَ السَّرِقَةُ وَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَ أَكْلُ السُّحْتِ وَ الْبَخْسُ فِي الْمِكْيَالِ وَ الْمِيزَانِ وَ الْمَيْسِرُ وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ الْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ تَرْكُ مُعَاوَنَةِ الْمَظْلُومِينَ وَ الرُّكُونُ إِلَى الظَّالِمِينَ وَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَ حَبْسُ الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ عُسْرٍ وَ اسْتِعْمَالُ الْكِبْرِ وَ التَّجَبُّرُ

ص: 75

وَ الْكَذِبُ وَ الْإِسْرَافُ وَ التَّبْذِيرُ وَ الْخِيَانَةُ وَ الِاسْتِخْفَافُ بِالْحَجِّ وَ الْمُحَارَبَةُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْمَلَاهِي الَّتِي تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَكْرُوهَةٌ كَالْغِنَاءِ وَ ضَرْبِ الْأَوْتَارِ وَ الْإِصْرَارُ عَلَى صَغَائِرِ الذُّنُوبِ ثُمَّ قَالَ (عليه السّلام) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ.قال الصدوق الكبائر هي سبع و بعدها فكل ذنب كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه و صغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه و هذا معنى ما ذكره الصادق (عليه السّلام) في هذا الحديث من ذكر الكبائر الزائدة على السبع و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أقول أجزاء الخبر مشروحة مفرقة على الأبواب المناسبة لها.

***

ص: 76

باب (16) احتجاجات موسی بن جعفر (عليه السّلام) على أرباب الملل والخلفاء وبعض ما روي عنه من جوامع العلوم

البحار: ج 4 ص 368

12 - وقال

و قَالَ (عليه السّلام): لَيْسَ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَمِ إِلَّا لِلزَّوْجَةِ أَوِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ. (1)

***

باب (17) ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه موسی (عليه السّلام) بغير رواية الحميري نقلناها مجتمعة لما بينها وبين أخبار الحميري من اختلاف يسير وفرّقنا ما ورد برواية الحميري على الأبواب

البحار: ج4 ص391 س 11

وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْبَحْرِ يَحْبِسُهُ فَيَمُوتُ فِي مَصِيدَتِهِ (2) قَالَ إِذَا كَانَ مَحْبُوساً فَكُلْ فَلَا بَأْسَ.

باب (19) مناظرات الرّضا علي بن موسی صلوات الله عليه واحتجاجه على أرباب الملل المختلفة والأديان المتشتتة في مجلس المأمون وغيره

البحار: ج4 ص 433

10- قَالَ وَ حَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ أَيْضاً قَالَ: قَالَ الْمَأْمُونُ يَوْماً

ص: 77


1- وقد مرّ في حديث الأربعمائة جواز قُبلة فم الحاج الذي يرجع من الحجّ فراجع. السبزواري.
2- يظهر منه حليّة ما تعارف في هذه الأعصار من الصيد بالمكائن. السبزواري.

لِلرِّضَا (عليه السّلام) أَخْبِرْنِي بِأَكْبَرِ فَضِيلَةٍ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) يَدُلُّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا (عليه السّلام) فَضِيلَةٌ فِي الْمُبَاهَلَةِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ» فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ (عليهما السّلام) فَكَانَا ابْنَيْهِ وَ دَعَا فَاطِمَةَ (عليها السّلام) فَكَانَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نِسَاءَهُ وَ دَعَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فَكَانَ نَفْسَهُ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى أَجَلَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ أَفْضَلَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ أَ لَيْسَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَبْنَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَ إِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ابْنَيْهِ خَاصَّةً وَ ذَكَرَ النِّسَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَ إِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) ابْنَتَهُ وَحْدَهَا فَأَلَّا جَازَ أَنْ يُذْكَرَ الدُّعَاءُ لِمَنْ هُوَ نَفْسُهُ وَ يَكُونَ الْمُرَادُ نَفْسَهُ فِي الْحَقِيقَةِ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْفَضْلِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا (عليه السّلام) لَيْسَ يَصِحُّ مَا ذَكَرْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الدَّاعِيَ إِنَّمَا يَكُونُ دَاعِياً لِغَيْرِهِ كَمَا أَنَّ الْآمِرَ آمِرٌ لِغَيْرِهِ وَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ دَاعِياً لِنَفْسِهِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا لَا يَكُونُ آمِراً لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَ إِذَا لَمْ يَدْعُ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) رَجُلًا فِي الْمُبَاهَلَةِ إِلَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ نَفْسُهُ الَّتِي عَنَاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ وَ جَعَلَ حُكْمَهُ ذَلِكَ فِي تَنْزِيلِهِ قَالَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ إِذَا وَرَدَ الْجَوَابُ سَقَطَ السُّؤَال.(1)

ص: 78


1- المعروف في إشكال المأمون هكذا: قال الإمام (عليه السّلام) واستدلّ بأنفسنا قال المأمون لولا نسائنا قال الإمام لولا ندع أبنائنا و مقصود الإمام (عليه السّلام) إن نفس عليّ (عليه السّلام) إنّما هو بمنزلة نفس رسول الله (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قال المأمون إنّ نسائنا بصيغة الجمع مع أنّه لم يكن إلّا الصدّيقة (عليها السّلام) فيمكن أن يراد بأنفسنا نفس الرسول (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فقال الإمام (عليه السّلام) أن ندع أبنائنا بل ومطلق الدعاء ظاهر في تعدد الداعي والمدعوّ ولو كان المراد بأنفسنا هو نفس الرسول (صلّی الله عليه وآله وسلّم) كان الداعي والمدعوّ واحد وهو خلاف الفصاحة بل غلط عرفاً. السبزواري.

ص: 79

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الجزئين الخامس والسادس من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 80

ص: 81

كتاب النبوّة

باب (1) معنى النبوّة وعلّة بعثة الأنبياء وبيان عددهم وأصنافهم وجمل أحوالهم وجوامعها صلوات الله عليهم أجمعين

البحار: ج 5 ص 32

31- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» (1) قَالَ عَهِدَ إِلَيْهِ فِي مُحَمَّدٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ فَتَرَكَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ فِيهِمْ أَنَّهُمْ هَكَذَا وَ إِنَّمَا سُمِّيَ أُولُو الْعَزْمِ لِأَنَّهُمْ عُهِدَ إِلَيْهِمْ فِي مُحَمَّدٍ وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ وَ الْمَهْدِيِّ وَ سِيرَتِهِ فَأَجْمَعَ عَزْمُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَ الْإِقْرَارُ بِهِ. (2)

البحار: ج 5 ص 30

43- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُكَيْرٍ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِنَ أَوَّلَ وَصِيٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ آدَمَ- وَ مَا مِنْ نَبِيٍّ مَضَى إِلَّا وَ لَهُ وَصِيٌّ كَانَ عَدَدُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ أُولُو الْعَزْمِ- نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى

ص: 82


1- سورة طه: آية 115.
2- والعزيمة المنفية هي الفرعية التكوينية وهي ليس مناطها لقبول العهد بل المناط له هي العزيمة التشريعية وهي العزم على صدق المخبر في مقالته وتصديقه في ما عهد فتدبّر ولا تغفل. السبزواري.

وَ مُحَمَّدٌ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ هِبَةَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ(1)وَرِثَ عِلْمَ الْأَوْصِيَاءِ وَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ أَمَا إِنَّ مُحَمَّداً وَرِثَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ.

بيان: أي كان بمنزلة هبة الله بالنسبة إلى محمّد (صلّی الله عليه وآله وسلّم) أو كان (عليه السّلام) هبة و عطية وهبه الله له.

البحار: ج5 ص 44

60- يب، تهذيب الأحكام عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: مَسْجِدُ كُوفَانَ صَلَّى فِيهِ أَلْفُ نَبِيٍ وَ سَبْعُونَ نَبِيّاً وَ فِيهِ عَصَا مُوسَى وَ شَجَرَةُ يَقْطِينٍ وَ خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَ مِنْهُ فارَ التَّنُّورُ وَ نُجِرَتِ السَّفِينَةُ وَ هِيَ سُرَّةُ بَابِلَ وَ مَجْمَعُ الْأَنْبِيَاءِ. (2)

***

باب (2) نقش خواتيمهم وأشغالهم وأمزجتهم وأحوالهم في حياتهم وبعد موتهم صلوات الله عليهم

البحار: ج 5 ص 49

10- أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ التَّمِيمِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ (عليه السّلام) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: عَاشَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ تِسْعَمِائَةٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ عَاشَ نُوحٌ أَلْفَيْ سَنَةٍ وَ أَرْبَعَ مِائَةِ سَنَةٍ وَ خَمْسِينَ

ص: 83


1- فعلي بن أبي طالب (عليه السّلام) معجزة من معجزات محمد (صلّی الله عليه وآله وسلّم) ومنزلته منه (صلّی الله عليه وآله وسلّم) منزلة الوصي من موسی فتدبر. السبزواري
2- المعروف الآن أنّ مکان شجرة يقطين قريب من شطّ الكوفة في المكان المعروف بخرار يونس والخبر يدلّ على أنّها كانت في مسجد الكوفة. السبزواري.

سَنَةً وَ عَاشَ إِبْرَاهِيمُ (عليه السّلام) مِائَةً وَ خَمْساً وَ سَبْعِينَ سَنَةً وَ عَاشَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِائَةً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (عليه السّلام) مِائَةً وَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَ عَاشَ يَعْقُوبُ مِائَةَ سَنَةٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ يُوسُفُ مِائَةً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ مُوسَى (عليه السّلام) مِائَةً وَ ست وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ عَاشَ هَارُونُ مِائَةً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ عَاشَ دَاوُدُ (عليه السّلام) مِائَةَ سَنَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً مَلِكاً وَ عَاشَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. (1)

***

باب (4) عصمة الأنبياء (عليهم السّلام) وتأويل ما يوهم خطأهم وسهوهم

البحار: ج 5 ص 54

1 – الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ قَالَ: لَمَّا جَمَعَ الْمَأْمُونُ لِعَلِيِ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عليه السّلام) أَهْلَ الْمَقَالاتِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَ الدِّيَانَاتِ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسِ وَ الصَّابِئِينَ وَ سَائِرِ أَهْلِ الْمَقَالاتِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ أُلْزِمَ حُجَّتَهُ كَأَنَّهُ قَدْ أُلْقِمَ حَجَراً فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ تَقُولُ بِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا تَعْمَلُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ» وَ قَوْلِهِ فِي يُوسُفَ «وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها» وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي دَاوُدَ «وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ» وَ قَوْلِهِ فِي نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) «وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ» فَقَالَ مَوْلَانَا الرِّضَا (عليه السّلام) وَيْحَكَ يَا عَلِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَنْسُبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْفَوَاحِشَ وَ لَا تَتَأَوَّلْ كِتَابَ اللَّهِ بِرَأْيِكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ

ص: 84


1- لم يقم دليل على أنّ هذه السنين التي هي أعمار الأنبياء كانت من سنيّ زماننا، فلعلّها كانت أقلّ أو أكثر. السبزواري.

يَقُولُ- «وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي آدَمَ (عليه السّلام) «وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى» فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ حُجَّةً فِي أَرْضِهِ وَ خَلِيفَتَهُ فِي بِلَادِهِ لَمْ يَخْلُقْهُ لِلْجَنَّةِ وَ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ مِنْ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ لَا فِي الْأَرْضِ لِتَتِمَّ مَقَادِيرُ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ وَ جُعِلَ حُجَّةً وَ خَلِيفَةً عُصِمَ(1)بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ» وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ» إِنَّمَا ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أَ لَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- «وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ» أَيْ ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَ لَوْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَكَانَ قَدْ كَفَرَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي يُوسُفَ- «وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها» فَإِنَّهَا هَمَّتْ بِالْمَعْصِيَةِ وَ هَمَّ يُوسُفُ بِقَتْلِهَا إِنْ أَجْبَرَتْهُ لِعِظَمِ مَا دَاخَلَهُ فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ قَتْلَهَا وَ الْفَاحِشَةَ وَ هُوَ قَوْلُهُ «كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ» يَعْنِي الْقَتْلَ- «وَالْفَحْشاءَ» يَعْنِي الزِّنَا وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَا يَقُولُ مَنْ قِبَلَكُمْ فِيهِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ يَقُولُونَ إِنَّ دَاوُدَ كَانَ فِي مِحْرَابِهِ يُصَلِّي إِذْ تَصَوَّرَ لَهُ إِبْلِيسُ عَلَى صُورَةِ طَيْرٍ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الطُّيُورِ فَقَطَعَ صَلَاتَهُ وَ قَامَ لِيَأْخُذَ الطَّيْرَ فَخَرَجَ إِلَى الدَّارِ فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِ فَطَارَ الطَّيْرُ إِلَى السَّطْحِ فَصَعِدَ فِي طَلَبِهِ فَسَقَطَ الطَّيْرُ فِي دَارِ أُورِيَا بْنِ حَنَانٍ فَأَطْلَعَ دَاوُدُ فِي أَثَرِ الطَّيْرِ فَإِذَا بِامْرَأَةِ أُورِيَا تَغْتَسِلُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا هَوَاهَا وَ كَانَ أُورِيَا قَدْ أَخْرَجَهُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ أَنْ قَدِّمْ أُورِيَا أَمَامَ الْحَرْبِ فَقَدَّمَ فَظَفِرَ أُورِيَا بِالْمُشْرِكِينَ فَصَعُبَ ذَلِكَ عَلَى دَاوُدَ فَكَتَبَ الثَّانِيَةَ أَنْ قَدِّمْهُ

ص: 85


1- فالحجّة يجب أن يكون معصومة في زمان الحجية وأما في زمان غير الحجية فالإجماع قائم على عدم صدور الذنب عنه أيضاً وأما إن عدم صدوره منه لوجوب كونه معصوما في غير زمان الحجية أيضاً فلم يقم عليه دلیل فراجع و تدبر. ويصح أن يقال إن الحجية فعلية واقتضائية والاقتضائية موجودة قبل زمان الفعلية وارتكاب الذنب ينافي كل منهما. السبزواري.

أَمَامَ التَّابُوتِ فَقُتِلَ أُورِيَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَ تَزَوَّجَ دَاوُدُ بِامْرَأَتِهِ فَضَرَبَ الرِّضَا (علطه السّلام) بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ لَقَدْ نَسَبْتُمْ نَبِيّاً مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ إِلَى التَّهَاوُنِ بِصَلَاتِهِ حَتَّى خَرَجَ فِي أَثَرِ الطَّيْرِ ثُمَّ بِالْفَاحِشَةِ ثُمَّ بِالْقَتْلِ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ خَطِيئَتُهُ فَقَالَ وَيْحَكَ إِنَّ دَاوُدَ إِنَّمَا ظَنَّ أَنْ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ الْمَلَكَيْنِ فَتَسَوَّرَا الْمِحْرَابَ فَقَالا «خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ» فَعَجَّلَ دَاوُدُ (عليه السّلام) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ «لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ» فَلَمْ يَسْأَلِ الْمُدَّعِيَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَ لَمْ يُقْبِلْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَقُولَ مَا تَقُولُ فَكَانَ هَذَا خَطِيئَةَ حُكْمِهِ لَا مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ أَ لَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ «يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا قِصَّتُهُ مَعَ أُورِيَا فَقَالَ الرِّضَا (عليه السّلام) إِنَّ الْمَرْأَةَ فِي أَيَّامِ دَاوُدَ كَانَتْ إِذَا مَاتَ بَعْلُهَا أَوْ قُتِلَ لَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ أَوَّلُ مَنْ أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ قُتِلَ بَعْلُهَا دَاوُدُ فَذَلِكَ الَّذِي شَقَّ عَلَى أُورِيَا وَ أَمَّا مُحَمَّدٌ نَبِيُّهُ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ «وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ» فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَّفَ نَبِيَّهُ أَسْمَاءَ أَزْوَاجِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَ أَسْمَاءَ أَزْوَاجِهِ فِي الْآخِرَةِ وَ أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَحَدُ مَنْ سَمَّى لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَ هِيَ يَوْمَئِذٍ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَأَخْفَى (صلّی الله عليه وآله وسلّم) اسْمَهَا فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِ لَهُ لِكَيْلَا يَقُولَ أَحَدٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلٍ إِنَّهَا أَحَدُ أَزْوَاجِهِ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَ خَشِيَ قَوْلَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فِي نَفْسِكَ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَا تَوَلَّى تَزْوِيجَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا تَزْوِيجَ حَوَّاءَ مِنْ آدَمَ وَ زَيْنَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ (عليهما السّلام) قَالَ فَبَكَى

ص: 86

عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ وَ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أَنْطِقَ فِي أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا إِلَّا بِمَا ذَكَرْتَه.

البحار: ج5 ص65 س9

بيان: أقول لما أوردنا بعض الأخبار الدالة على عصمة الأنبياء المتضمنة لتأويل ما يوهم صدور الذنب و الخطاء عنهم فلنتكلم عليها جملة إذ تفصيل القول في ذلك يوجب الإطناب و يكثر حجم الكتاب. اعلم أن الاختلاف الواقع في هذا الباب بين علماء الفريقين يرجع إلى أقسام أربعة أحدها ما يقع في باب العقائد و ثانيها ما يقع في التبليغ و ثالثها ما يقع في الأحكام و الفتيا و رابعها في أفعالهم و سيرهم (عليهم السّلام) و أما الكفر و الضلال في الاعتقاد فقد أجمعت الأمة على عصمتهم عنهما قبل النبوّة و بعدها غير أن الأزارقة من الخوارج جوزوا عليهم الذنب و كل ذنب عندهم كفر فلزمهم تجويز الكفر عليهم بل يحكى عنهم أنهم قالوا يجوز أن يبعث الله نبيا علم أنه يكفر بعد نبوته. و أما النوع الثاني و هو ما يتعلّق بالتبليغ فقد اتفقت الأمة بل جميع أرباب الملل و الشرائع على وجوب عصمتهم عن الكذب و التحريف فيما يتعلّق بالتبليغ عمدا و سهواً إلّا القاضي أبو بكر فإنّه جوز ما كان من ذلك على سبيل النسيان و فلتات اللسان.

و أما النوع الثالث و هو ما يتعلّق بالفتيا فأجمعوا على أنه لا يجوز خطاؤهم فيه عمدا و سهوا إلا شرذمة قليلة من العامة.

و أما النوع الرابع و هو الذي يقع في أفعالهم فقد اختلفوا فيه على خمسة أقوال.

الأوّل مذهب أصحابنا الإماميّة و هو أنه لا يصدر عنهم الذنب لا صغيرة و لا كبيرة و لا عمدا و لا نسيانا و لا لخطاء في التأويل و لا للإسهاء من الله سبحانه و لم يخالف فيه إلّا الصدوق و شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد رحمهما الله فإنهما جوزا

ص: 87

الإسهاء لا السهو الذي يكون من الشيطان و كذا القول في الأئمّة الطاهرين (عليهم السّلام).

الثاني أنه لا يجوز عليهم الكبائر و يجوز عليهم الصغائر إلا الصغائر الخسيسة المنفرة كسرقة حبة أو لقمة و كل ما ينسب فاعله إلى الدناءة و الضعة و هذا قول أكثر المعتزلة.

الثالث أنه لا يجوز أن يأتوا بصغيرة و لا كبيرة على جهة العمد لكن يجوز على جهة التأويل أو السهو و هو قول أبي علي الجبائي.

الرابع أنه لا يقع منهم الذنب إلّا على جهة السهو و الخطاء لكنهم مأخوذون بما يقع منهم سهوا و إن كان موضوعا عن أممهم لقوة معرفتهم و علو رتبتهم و كثرة دلائلهم و أنهم يقدرون من التحفظ على ما لا يقدر عليه غيرهم و هو قول النظام و جعفر بن مبشر و من تبعهما.

الخامس أنه يجوز عليهم الكبائر و الصغائر عمدا و سهوا و خطأ و هو قول الحشوية و كثير من أصحاب الحديث من العامة. ثم اختلفوا في وقت العصمة على ثلاثة أقوال. الأوّل أنه من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله سبحانه و هو مذهب أصحابنا الإماميّة.

الثاني أنه من حين بلوغهم و لا يجوز عليهم الكفر و الكبيرة قبل النبوّة و هو مذهب كثير من المعتزلة. الثالث أنه وقت النبوّة و أما قبله فيجوز صدور المعصية عنهم و هو قول أكثر الأشاعرة و منهم الفخر الرازي و به قال أبو هذيل و أبو علي الجبائي من المعتزلة. إذا عرفت هذا فاعلم أن العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء و الأئمّة (عليهم السّلام) من كل ذنب و دناءة و منقصة قبل النبوّة و بعدها قول أئمتنا سلام الله عليهم بذلك المعلوم لنا قطعا بإجماع أصحابنا رضوان الله عليهم مع تأيده بالنصوص المتظافرة حتى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإماميّة. و قد استدل

ص: 88

عليه أصحابنا بالدلائل العقليّة و قد أوردنا بعضها في شرح كتاب الحجّة و من أراد تفصيل القول في ذلك فليراجع إلى كتاب الشافي و تنزيه الأنبياء و غيرهما من كتب أصحابنا و الجواب مجملا عما استدل به المخطئون من إطلاق لفظ العصيان و الذنب فيما صدر عن آدم (عليه السّلام) هو أنه لما قام الدليل على عصمتهم نحمل هذه الألفاظ على ترك المستحب و الأولى أو فعل المكروه مجازا و النكتة فيه كون ترك الأولى و مخالفة الأمر الندبي و ارتكاب النهي التنزيهي منهم مما يعظم موقعه لعلو درجتهم و ارتفاع شأنهم و لنذكر بعض ما احتج به المنزهون من الفريقين على سبيل الإجمال و لهم في ذلك مسالك.

الأوّل ما أورده السيّد المرتضى قدس الله سرّه في كتاب تنزيه الأنبياء حيث قال اعلم أن جميع ما ننزه الأنبياء (عليهم السّلام) عنه و نمنع من وقوعه منهم يستند إلى دلالة العلم المعجز إما بنفسه أو بواسطة و تفسير هذه الجملة أن العلم المعجز إذا كان واقعا موقع التصديق لمدعي النبوّة و الرسالة و جاريا مجرى قوله تعالى له صدقت في أنك رسولي و مؤد عني فلا بد من أن يكون هذا المعجز مانعا من كذبه على الله تعالى فيما يؤديه لأنّه تعالى لا يجوز أن يصدق الكذاب لأن تصديق الكذاب قبيح كما أن الكذب قبيح فأما الكذب في غير ما يؤديه و سائر الكبائر فإنما دل المعجز على نفيها من حيث كان دالا على وجوب اتباع الرسول و تصديقه فيما يؤديه و قبوله منه لأن الغرض في بعثة الأنبياء (عليهم السّلام) و تصديقهم بالأعلام المعجزة هو أن يمتثل بما يأتون به فما قدح في الامتثال و القبول و أثر فيهما يجب أن يمنع المعجز منه فلهذا قلنا إنه يدل على نفي الكذب و الكبائر عنهم في غير ما يؤدونه بواسطة و في الأوّل يدل بنفسه. فإن قيل لم يبق إلّا أن يدلوا على أن تجويز الكبائر يقدح فيما هو الغرض بالبعثة من القبول و الامتثال قلنا لا شبهة في أن من نجوز عليه كبائر المعاصي و لا نأمن منه الإقدام على

ص: 89

الذنوب لا تكون أنفسنا ساكنة إلى قبول قوله و استماع وعظه سكونها إلى من نجوز عليه شيئا من ذلك و هذا هو معنى قولنا إن وقوع الكبائر ينفر عن القبول و المرجع فيما ينفر و لا ينفر إلى العادات و اعتبار ما يقتضيه و ليس ذلك مما يستخرج بالأدلة و المقاييس و من رجع إلى العادة علم ما ذكرناه و أنّه من أقوى ما ينفر عن قبول القول و أن حظ الكبائر في هذا الباب إن لم يزد عن حظ السخف و المجون و الخلاعة لم ينقص منه. فإن قيل أليس قد جوز كثير من الناس على الأنبياء (عليهم السّلام) الكبائر مع أنهم لم ينفروا عن قبول أقوالهم و العمل بما شرعوه من الشرائع و هذا ينقض قولكم إن الكبائر منفرة قلنا هذا سؤال من لم يفهم ما أوردنا لأنا لم نرد بالتنفير ارتفاع التصديق و أن لا يقع امتثال الأمر جملة و إنما أردنا ما فسرناه من أن سكون النفس إلى قبول قول من يجوز ذلك عليه لا يكون على حد سكونها إلى من لا نجوز ذلك عليه و إنا مع تجويز الكبائر نكون أبعد من قبول القول كما أنا مع الأمان من الكبائر نكون أقرب إلى القبول و قد يقرب من الشي ء ما لا يحصل الشي ء عنده كما يبعد عنه ما لا يرتفع عنده. أ لا ترى أن عبوس الداعي للناس إلى طعامه و تضجره و تبرمه منفر في العادة عن حضور دعوته و تناول طعامه و قد يقع مع ما ذكرناه الحضور و التناول و لا يخرجه من أن يكون منفرا و كذلك طلاقة وجهه و استبشاره و تبسمه يقرب من حضور دعوته و تناول طعامه و قد يرتفع الحضور مع ما ذكرناه و لا يخرجه من أن يكون مقربا فدل على أن المعتبر في باب المنفر و المقرب ما ذكرناه دون وقوع الفعل المنفر عنه أو ارتفاعه. فإن قيل فهذا يقتضي أن الكبائر لا تقع منهم في حال النبوّة فمن أين أنها لا تقع منهم قبل النبوّة و قد زال حكمها بالنبوّة المسقطة للعقاب و الذم و لم يبق وجه يقتضي التنفير قلنا الطريقة في الأمرين واحدة لأنا نعلم أن من نجوز عليه الكفر و الكبائر في حال من الأحوال و إن تاب منه و خرج

ص: 90

من استحقاق العقاب به لا نسكن إلى قبول قوله مثل سكوننا إلى من لا نجوز ذلك عليه في حال من الأحوال و لا على وجه من الوجوه و لهذا لا يكون حال الواعظ لنا الداعي إلى الله تعالى و نحن نعرفه مقارفا للكبائر مرتكبا لعظيم الذنوب و إن كان قد فارق جميع ذلك و تاب منه عندنا و في نفوسنا كحال من لم يعهد منه إلّا النزاهة و الطهارة و معلوم ضرورة الفرق بين هذين الرجلين فيما يقتضي السكون و النفور و لهذا كثيرا ما يعير الناس من يعهدون منه القبائح المتقدّمة بها و إن وقعت التوبة منها و يجعلون ذلك عيبا و نقصا و قادحا و مؤثرا و ليس إذا كان تجويز الكبائر قبل النبوّة منخفضا عن تجويزها في حال النبوّة و ناقصا عن رتبته في باب التنفير وجب أن لا يكون فيه شي ء من التنفير لأن الشيئين قد يشتركان في التنفير و إن كان أحدهما أقوى من صاحبه أ لا ترى أن كثير السخف و المجون و الاستمرار عليه و الانهماك فيه منفر لا محالة و أن القليل من السخف الذي لا يقع إلّا في الأحيان و الأوقات المتباعدة منفر أيضا و إن فارق الأوّل في قوة التنفير و لم يخرجه نقصانه في هذا الباب عن الأوّل من أن يكون منفرا في نفسه. فإن قيل فمن أين أن الصغائر لا تجوز على الأنبياء (عليهم السّلام) في حال النبوّة و قبلها قلنا الطريقة في نفي الصغائر في الحالين هي الطريقة في نفي الكبائر في الحالين عند التأمل لأنا كما نعلم أن من نجوز كونه فاعلا لكبيرة متقدمة قد تاب منها و أقلع عنها و لم يبق معه شي ء من استحقاق عقابها و ذمها لا يكون سكوننا إليه سكوننا إلى من لا نجوز ذلك عليه فكذلك أن من نجوز عليه من الأنبياء (عليهم السّلام) أن يكون مقدما على القبائح مرتكبا للمعاصي في حال نبوته أو قبلها و إن وقعت مكفرة لا يكون سكوننا إليه سكوننا إلى من نأمن منه كل القبائح و لا نجوز عليه فعل شي ء منها انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدس الله روحه.

أقول لا يخفى عليك أن من جوز صدور الصغائر عن الأنبياء و لو نفى صدور

ص: 91

الخسيسة منها يلزمه تجويز أكثر الذنوب و عظائمها عليهم بل لا فرق كثيرا بينه و بين من يجوّز جميعها إذ الكبائر على ما رووه عن النبي (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سبع و رووا عن ابن عمر أنه زاد فيها اثنتين و عن ابن مسعود أنه زاد على قول ابن عمر ثلاثة و لا شك أن كثيرا من عظائم الذنوب التي سوى ما ذكروه ليست من الصغائر الخسيسة كسرقة درهم و التطفيف بحبة فيلزمهم تجويز ما لم يكن من الصنفين المذكورين كالاشتغال بأنواع المعازف و الملاهي و ترك الصلاة و أصناف المعاصي التي تقارفها ملوك الجور على رءوس الأشهاد و في الخلوات فهؤلاء أيضا مخطئون للأنبياء و لكن في لباس التنزيه و لا يرتاب عاقل في أن من هذا شأنه لا يصلح لرئاسة الدين و الدنيا و أن النفوس تتنفر عنه بل لا يجوز أحد أن يكون مثله صالحا لأن يكون واعظا و هاديا للخلق في أدنى قرية فكيف يجوز أن يكون ممن قال تعالى فيهم «اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ» و إذا ثبت بطلان هذا النوع من التنزيه أمكن التمسك في إثبات ما ذهب إليه أصحابنا من تنزههم صلوات الله عليهم عن كل منقصة و لو على سبيل السهو و النسيان من حين الولادة إلى الوفاة بالإجماع المركب و لا يضر خروج شاذ من المعروفين من أصحابنا بعد.

تحقيق الإجماع

الثاني أنه لو صدر عن النبيّ ذنب لزم اجتماع الضدين و هما وجوب متابعته و مخالفته أما الأوّل فللإجماع و لقوله تعالى «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» و إذا ثبت في حق نبينا (صلّی الله عليه وآله وسلّم) ثبت في حق باقي الأنبياء لعدم القائل بالفرق و أما الثاني فلأن متابعة المذنب حرام الثالث أنه لو صدر عنه ذنب لوجب منعه و زجره و الإنكار عليه لعموم أدلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لكنه حرام لاستلزام

ص: 92

إيذائه المحرم بالإجماع و لقوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ».

الرابع أنه لو أقدم على الفسق لزم أن يكون مردود الشهادة لقوله تعالى «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» و للإجماع على عدم قبول شهادة الفاسق فيلزم أن يكون أدون حالا من آحاد الأمة مع أن شهادته تقبل في الدين القويم و هو شاهد على الكل يوم القيامة قال الله تعالى« لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً».

الخامس أنه يلزم أن يكونوا أقل درجة من عصاة الأمة فإن درجاتهم في غاية الرفعة و الجلالة و نعم الله سبحانه بالاصطفاء على الناس و جعلهم أمناء على وحيه و خلفاء في عباده و بلاده و غير ذلك عليهم أتم و أبلغ فارتكابهم المعاصي و الإعراض عن أوامر ربهم و نواهيه للذة فانية أفحش و أشنع من عصيان هؤلاء و لا يلتزمه عاقل.

السادس أنه يلزم استحقاقه العذاب و اللعن و استيجابه التوبيخ و اللوم لعموم قوله تعالى «وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَ لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ» و قوله تعالى «أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ» و هو باطل بالضرورة و الإجماع.

السابع أنهم كانوا يأمرون الناس بطاعة الله فهم لو لم يطيعوا لدخلوا تحت قوله تعالى «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ» و اللازم باطل بالإجماع و لكونه من أعظم المنفرات فإن كل واعظ لم يعمل بما يعظ الناس به لا يرغب الناس في الاستماع منه و حضور مجلسه و لا يعبئون بقوله.

ص: 93

الثامن أنه تعالى حكى عن إبليس قوله «فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» فلو عصى نبي لكان ممّن أغواه الشيطان و لم يكن من المخلصين مع أن الأنبياء من المخلصين للإجماع و لأنه تعالى قال «وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ» و إذا ثبت وجوب العصمة في البعض ثبت في الكل لعدم القائل بالفرق.

التاسع: أنه يلزم أن يكون من حزب الشيطان و قال الله تعالى «أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ» و لا يقول به إلّا الخاسرون.

العاشر: أنّ الرسول أفضل من الملك لقوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ» و أفضلية البعض يدل على أفضلية الكل للإجماع المركب و لو صدرت المعصية عنه لامتنع كونه أفضل لقوله تعالى «أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ».

الحادي عشر: النبيّ لو كان غاصبا لكان من الظالمين و قد قال الله تعالى «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».

قال الرازي في تفسيره المراد بهذا العهد إما عهد النبوّة أو عهد الإمامة فإن كان المراد عهد النبوّة ثبت المطلوب و إن كان المراد عهد الإمامة فكذلك لأن كل نبي لا بد أن يكون إماما يؤتم به و يقتدى به فالآية على جميع التقديرات تدل على أن النبيّ لا يكون مذنبا.

الثاني عشر: أنه تعالى قال «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» و الأنبياء من ذلك الفريق بالاتفاق و قد ذكروا وجوها أخر و فيما

ص: 94

ذكرناه كفاية «لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ» و أما الجواب عن حجج المخطئة فسنذكر في كلّ باب ما يناسبه إن شاء الله تعالى.(1)

***

ص: 95


1- وعمدة السبب في بيان أمثال هذه التغيّرات دفع توهم الخلق منهم فالمصلحة في نفس هذه التغيرات وإبراز الواقعة في هذا النحو من الكسوة من الألفاظ فتدبّر. السبزواري.

أبواب قصص آدم وحواء وأولادهما صلوات الله عليهما

باب (1) فضل آدم وحواء وعلل تسميتهما وبعض أحوالهما وبدء خلقهما وسؤال الملائكة في ذلك

البحار: ج 5 ص 76

8- الْمُعَلَّى بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ فَقَالَ «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ» وَ لَوْ عَلِمَ إِبْلِيسُ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي آدَمَ لَمْ يَفْتَخِرْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورٍ وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنَ النَّارِ وَ خَلَقَ الْجِنَّ صِنْفاً مِنَ الْجَانِّ مِنَ الرِّيحِ وَ خَلَقَ الْجِنَّ صِنْفاً مِنَ الْجِنِّ مِنَ الْمَاءِ وَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ صَفْحَةِ الطِّينِ ثُمَّ أَجْرَى فِي آدَمَ النُّورَ وَ النَّارَ وَ الرِّيحَ وَ الْمَاءَ فَبِالنُّورِ أَبْصَرَ وَ عَقَلَ(1)وَ فَهِمَ وَ بِالنَّارِ أَكَلَ وَ شَرِبَ وَ لَوْ لَا أَنَّ النَّارَ فِي الْمَعِدَةِ لَمْ يَطْحَنْ الْمَعِدَةُ الطَّعَامَ وَ لَوْ لَا أَنَّ الرِّيحَ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ تُلَهِّبُ النَّارَ الْمَعِدَةُ لَمْ تَلْتَهِبْ وَ لَوْ لَا أَنَّ الْمَاءَ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ يُطْفِئُ حَرَّ نَارِ الْمَعِدَةِ لَأَحْرَقَتِ النَّارُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ فَجَمَعَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي آدَمَ الْخَمْسَ خِصَالٍ وَ كَانَتْ فِي إِبْلِيسَ خَصْلَةٌ فَافْتَخَرَ بِهَا.

البحار: ج 5 ص 82

29 - ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: الْآبَاءُ

ص: 96


1- يجب إن يتأمل في النور أهو الروح أم شيء فوقه ليشمل الروح منه. السبزواري.

ثَلَاثَةٌ آدَمُ وَلَدَ مُؤْمِناً وَ الْجَانُّ وَلَدَ كَافِراً وَ إِبْلِيسُ وَلَدَ كَافِراً وَ لَيْسَ فِيهِمْ نِتَاجٌ إِنَّمَا يَبِيضُ وَ يُفْرِخُ وَ وُلْدُهُ ذُكُورٌ لَيْسَ فِيهِمْ إِنَاثٌ. (1)

البحار: ج 5 ص 82

28 - بِإِسْنَادِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) أَنَّ النَّبِيَّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سُئِلَ كَيْفَ صَارَتِ الْأَشْجَارُ بَعْضُهَا مَعَ أَحْمَالٍ وَ بَعْضُهَا بِغَيْرِ أَحْمَالٍ فَقَالَ كُلَّمَا سَبَّحَ اللَّهَ آدَمُ تَسْبِيحَةً صَارَتْ لَهُ فِي الدُّنْيَا شَجَرَةً مَعَ حِمْلٍ وَ كُلَّمَا سَبَّحَتْ حَوَّاءُ تَسْبِيحَةً صَارَتْ فِي الدُّنْيَا شَجَرَةً مِنْ غَيْرِ حِمْلٍ. (2)

البحار: ج 5 ص 83

32 - الصَّدُوقُ عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ وَ مَاجِيلَوَيْهِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْعَبْقَرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ (عليه السّلام) مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ فَمِنْهُ السِّبَاخُ وَ الْمَالِحُ وَ الطِّيِّبُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الصَّالِحُ وَ الطَّالِحُ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ نَهَضَ لِيَقُومَ فَقَالَ اللَّهُ وَ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا.(3)

البحار: ج 5 ص 83

36- بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عليه السّلام) قَالَ: لَمَّا بَكَى آدَمُ (عليه السّلام) عَلَى الْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِي بَابٍ مِنْ

ص: 97


1- لأنّه عليه اللعنة يستغني بإناث الأنس عن أن يكون له إناث. السبزواري
2- فكأن تكوّن أشجار الدنيا مثل تكوّن أشجار الآخرة. السبزواري
3- الظاهر أنّ المراد بالخلق هنا نفخ الروح وإلّا فلا معنى للنظر للجسد. السبزواري

أَبْوَابِ السَّمَاءِ وَ كَانَ يَتَأَذَّى بِالشَّمْسِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِه.(1)

البحار: ج 5 ص 85

46- عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السّلام) مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ حَوَّاءَ فَقَالَ أَيُّ شَيْ ءٍ يَقُولُ هَذَا الْخَلْقُ قُلْتُ يَقُولُونَ إِنَ اللَّهَ خَلَقَهَا مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ فَقَالَ كَذَبُوا كَانَ يُعْجِزُهُ أَنْ يَخْلُقَهَا مِنْ غَيْرِ ضِلْعِهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهَا فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ (عليهم السّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ طِينٍ فَخَلَطَهَا بِيَمِينِهِ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ وَ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ مِنَ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهَا حَوَّاءَ. (2)

البحار: ج 5 ص92

57- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى جَبْرَئِيلَ (عليه السّلام) أَنَّ آدَمَ قَدْ شَكَا مَا يُصِيبُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَاغْمِزْهُ غَمْزَةً وَ صَيِّرْ طُولَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ وَ اغْمِزْ حَوَّاءَ غَمْزَةً فَصَيِّرْ طُولَهَا خَمْسَةً وَ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا.

إيضاح: اعلم أن هذا الخبر من مشكلات الأخبار و معضلات الآثار

ص: 98


1- إن كان وضع العالي في زمانه (عليه السّلام) كما هو الآن، ففهم الخبر من المشكلات ولكن لا دلیل على أن وضعه كان كذلك بل يمكن أن تكون الأرض قريباً من السماء قربا حسياً ثمّ وقع الاختلاف. السبزواري.
2- أو أن جسد حواء كان من فضلة الطين ولكن روحه تعلقت بها من ضلع آدم فالضلع کان مخرج روح حواء. السبزواري.

و الإعضال فيه من وجهين.أحدهما أن طول القامة كيف يصير سببا للتأذي بحر الشمس و الثاني أن كونه (عليه السّلام) سبعين ذراعا بذراعه يستلزم عدم استواء خلقته (على نبينا و آله و عليه السّلام) و أن يتعسر بل يتعذر عليه كثير من الأعمال الضرورية.

و الجواب عن الأوّل بوجهين:

الأوّل: أنه يمكن أن يكون للشمس حرارة من غير جهة الانعكاس أيضاً و يكون قامته طويلة جدا بحيث تتجاوز الطبقة الزمهريرية و يتأذى من تلك الحرارة و يؤيده ما اشتهر من قصة عوج بن عناق أنه كان يرفع السمك إلى عين الشمس ليشويه بحرارتها.

و الثاني: أنه لطول قامته كان لا يمكنه الاستظلال ببناء و لا جبل و لا شجر فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك.

و أما الثاني فقد أجيب عنه بوجوه: (1)

الأوّل ما ذكره بعض الأفاضل أنّ استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات أخر كل منها فيه استواء الخلقة و ذراع آدم (على نبينا و آله و عليه السلام) يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد و جعله ذا مفاصل أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به و الحركة كيف شاء.

الثاني ما ذكره أيضاً و هو أن يكون المراد بالسبعين سبعين قدما أو شبرا و ترك ذكرهما لشيوعهما و المراد الأقدام و الأشبار المعهودة في ذلك الزمان فيكون قوله ذراعا بدلا من السبعين بمعنى أن طوله الآن و هو السبعون بقدر ذراعه قبل ذلك و فائدته معرفة طوله أولا فيصير أشد مطابقة للسؤال كما لا يخفى و أما ما ورد

ص: 99


1- الإشكال الأوّل مبنيّ على أنّ وضع العالم كان کوضعه فعلا وهو محل تأمّل بل منع السبزواري.

في حواء (عليها السّلام) فالمعنى أنه جعل طولها خمسة و ثلاثين قدما بالأقدام المعهودة و هي ذراع بذراعها الأول فيظهر أنها كانت على النصف من آدم.

الثالث ما ذكره أيضاً و هو أن يكون سبعين بضم السين تثنية سبع أي صير طوله بحيث صار سبعي الطول الأول و السبعان ذراع فيكون الذراع بدلا أو مفعولا بتقدير أعني و كذا في حواء جعل طولها خمسه بضم الخاء أي خمس ذلك الطول و ثلثين تثنية ثلث أي ثلثي الخمس فصارت خمسا و ثلثي خمس و حينئذ التفاوت بينهما قليل إن كان الطولان الأولان متساويين و إلّا فقد لا يحصل تفاوت و يحتمل بعيدا عود ضمير خمسه و ثلثيه إلى آدم و المعنى أنها صارت خمس آدم الأوّل و ثلثيه فتكون أطول منه أو بعد القصر فتكون أقصر و فيه أن الخمس و ثلثي الخمس يرجع إلى الثلث و نسبة التعبير عن الثلث بتلك العبارة إلى أفصح الفصحاء بعيد عن العلماء.

الرابع: ما يروى عن شيخنا البهائي قدس الله روحه من أن في الكلام استخداما بأن يكون المراد بآدم حين إرجاع الضمير إليه آدم ذلك الزمان من أولاده و لا يخفى بعده عن استعمالات العرب و محاوراتهم مع أنه لا يجري في حواء إلّا بتكلف ركيك و لعل الرواية غير صحيحة.

الخامس: ما خطر بالبال بأن تكون إضافة الذراع إليهما على التوسعة و المجاز بأن نسب ذراع صنف آدم (عليه السّلام) إليه و صنف حواء إليها أو يكون الضميران راجعين إلى الرجل و المرأة بقرينة المقام.

السادس: ما حل ببالي أيضاً و هو أن يكون المراد الذراع الذي وضعه (عليه السّلام) لمساحة الأشياء و هذا يحتمل وجهين أحدهما أن يكون الذراع الذي عمله آدم (على نبينا و آله و عليه السلام) للرجال غير الذي وضعته حواء للنساء و ثانيهما أن يكون الذراع واحدا لكن نسب في بيان طول كل منهما إليه لقرب المرجع.

ص: 100

السابع: ما سمحت به قريحتي أيضاً و إن أتت ببعيد عن الأفهام و هو أن يكون المعنى اجعل طول قامته بحيث يكون بعد تناسب الأعضاء طوله الأوّل سبعين ذراعا بالذراع الذي حصل له بعد الغمز فيكون المراد بطوله طوله الأوّل و نسبة التسيير إليه باعتبار أن كونه سبعين ذراعا أنما يكون بعد حصول ذلك الذراع فيكون في الكلام شبه قلب أي اجعل ذراعه بحيث يصير جزءا من سبعين جزءا من قامته قبل الغمز و مثل هذا قد يكون في المحاورات و ليس تكلفه أكثر من بعض الوجوه التي تقدم ذكرها و به تظهر النسبة بين القامتين إذ طول قامة مستوي الخلقة ثلاثة أذرع و نصف تقريبا فإذا كان طول قامته الأولى سبعين بذلك الذراع تكون النسبة بينهما نصف العشر و ينطبق الجواب على السؤال إذ الظاهر منه أن غرض السائل استعلام قامته الأولى فلعله كان يعرف طول القامة الثانية بما اشتهر بين أهل الكتاب أو بما روت العامة من ستين ذراعا.

الثامن أن يكون الباء في قوله بذراعه للملابسة أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب أعضائه و إنما خص بذراعه لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول بخلاف الذراع و المراد حينئذ بالذراع في قوله (عليه السّلام) سبعين ذراعا إما ذراع من كان في زمن آدم على نبينا و آله (عليه السّلام) أو من كان في زمان من صدر عنه الخبر و هذا وجه قريب.

التاسع: أن يكون الضمير في قوله بذراعه راجعا إلى جبرئيل (عليه السّلام) و لا يخفى بعده و ركاكته من وجوه شتى لا سيما بالنظر إلى ما في الكافي ثم اعلم أن الغمز يمكن أن يكون باندماج الأجزاء و تكاثفها أو بالزيادة في العرض أو بتحلل بعض الأجزاء بإذنه تعالى أو بالجميع و قد بسطنا الكلام في ذلك في المجلد الآخر من كتاب مرآة العقول.

***

ص: 101

باب (3) ارتکاب ترك الأولى ومعناه وكيفيته وكيفية قبول توبته والكلمات التي تلقّاها من ربّه

البحار: ج 5 ص 128

45 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) وَ أَنَا حَاضِرٌ كَمْ لَبِثَ آدَمُ وَ زَوْجُهُ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْهَا خَطِيئَتُهُمَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى نَفَخَ فِي آدَمَ رُوحَهُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ بَرَأَ زَوْجَتَهُ مِنْ أَسْفَلِ أَضْلَاعِهِ ثُمَّ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَقَرَّ فِيهَا إِلَّا سِتَّ سَاعَاتٍ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ حَتَّى عَصَى اللَّهَ فَأَخْرَجَهُمَا اللَّهُ مِنْهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ مَا بَاتَا فِيهَا وَ صُيِّرَا بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ حَتَّى أَصْبَحَا فَ- «بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ» فَاسْتَحْيَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ وَ خَضَعَ وَ قَالَ «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا» وَ اعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَاغْفِرْ لَنَا قَالَ اللَّهُ لَهُمَا اهْبِطَا مِنْ سَمَاوَاتِي إِلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يُجَاوِرُنِي فِي جَنَّتِي عَاصٍ وَ لَا فِي سَمَاوَاتِي ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ ذَكَرَ مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهَا فَنَدِمَ فَذَهَبَ لِيَتَنَحَّى مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَخَذَتِ الشَّجَرَةُ بِرَأْسِهِ فَجَرَّتْهُ إِلَيْهَا وَ قَالَتْ لَهُ أَ فَلَا كَانَ فِرَارٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِّي.

بيان: هذا الخبر مصرّح بكون جنتهما في السماء.(1)

***

ص: 102


1- ويمكن أن يراد بالسماء مطلق جهة العلو وقد أثبت العلم الحديث أنّه لا يمكن الحياة الظاهرية حيوانية كانت أو نباتية في السماوات ثمّ إن في لفظ أهبطوا عناية وهي أنّه كان اختيارياً منهما ولازمه أن يكونا في مكان مرتفع وكان المهبط إليه منحدرا ولو كان مثل السماء والأرض لا يطلق عليه الهبوط في الجسم الثقيل. نعم يصحّ في الملائكة يقال هبط جبرائیل ولو كان الهبوط بمعنی مطلق السقوط صحّ الاستعمال فتأمّل فإنّ هذا الأشكال لا وجه له و يأتي في بعض الأخبار أن الله أهبطهما. السبزواري
باب (4) كيفية نزول آدم من الجنّة وحزنه على فراقها وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله

البحار: ج 5 ص 140

10 – بِإِسْنَادِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) أَنَّ النَّبِيَّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْكَلْبَ قَالَ خَلَقَهُ مِنْ بُزَاقِ إِبْلِيسَ قِيلَ وَ كَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ وَ حَوَّاءَ إِلَى الْأَرْضِ أَهْبَطَهُمَا كَالْفَرْخَيْنِ الْمُرْتَعِشَيْنِ فَعَدَا إِبْلِيسُ الْمَلْعُونُ إِلَى السِّبَاعِ وَ كَانُوا قَبْلَ آدَمَ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ طَيْرَيْنِ قَدْ وَقَعَا مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يَرَ الرَّاءُونَ أَعْظَمَ مِنْهُمَا تَعَالَوْا فَكُلُوهُمَا فَتَعَادَتِ السِّبَاعُ مَعَهُ وَ جَعَلَ إِبْلِيسُ يَحُثُّهُمْ وَ يَصِيحُ وَ يَعِدُهُمْ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ فَوَقَعَ مِنْ فِيهِ مِنْ عَجَلَةِ كَلَامِهِ بُزَاقٌ فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْبُزَاقِ كَلْبَيْنِ أَحَدُهُمَا ذَكَرٌ وَ الْآخَرُ أُنْثَى فَقَامَا حَوْلَ آدَمَ وَ حَوَّاءَ الْكَلْبَةُ بِجُدَّةَ وَالْكَلْبُ بِالْهِنْدِ فَلَمْ يَتْرُكُوا السِّبَاعَ أَنْ يَقْرَبُوهُمَا وَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْكَلْبُ عَدُوُّ السَّبُعِ وَ السَّبُعُ عَدُوُّ الْكَلْب.(1)

البحار: ج 5 ص 143

21- عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: مَا بَكَى أَحَدٌ بُكَاءَ ثَلَاثَةٍ آدَمَ وَ يُوسُفَ وَ دَاوُدَ فَقُلْتُ مَا بَلَغَ مِنْ بُكَائِهِمْ فَقَالَ أَمَّا آدَمُ فَبَكَى حِينَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَبَكَى حَتَّى تَأَذَّى بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ(2) فَشَكَوْا ذَلِكَ

ص: 103


1- ظاهر هذا الخبر ينافي ما سيأتي من عدم تنافر السباع بعضهم مع بعض وحصول الألفة بينهم قبل قتل قابيل هابيل فراجع ص 46 (1) خبر ابن المتوكل. السبزواري.
2- لا علم لنا بأن وضع العالم في زمان آدم کان كما هو الآن بل لعله كانت السماء قريباً من الأرض جدا ثمّ صارت بسبب الحركات بعيدة وعلى هذا يسهل فهم أمثال هذه الروايات فتدبّر وراجع قواعد الهيئة فإنها صريحة في وقوع الحركات التربية والبعدية بالنسبة إلى الكرات وكما أنّ المسلّم بحسب الروايات بل الآيات أنّ وضع العالم عند ختم الدنيا يصير غير هذا الوضع الفعلي فيمكن غير هذا الوضع عند بدء الدنيا أيضاً. وأما اختلاف الأخبار الدالّة على موضع هبوطهما فيمكن رفع الاختلاف بأنّه قد ثبت في محله اتّصال الجبال بعضها مع بعض في باطن الأرض فهي جبل واحد حقيقة وان كانت تترای جبالا متعددة بحسب الظاهر فيرفع التنافي بين ما دلّ على هبوطهما على أبي قبيس أو جبل مني أو غيرهما ولا إشكال في أن الجبال كانت في بدء الخلقة أشدّ اتّصالاً ممّا هو اليوم لخروجها عن الاتّصال الحقيقي بواسطة الزلازل ونحوها. ثمّ إنّي لا أرى التنافي بين ما ظاهره أنّ جنّة آدم كانت من جنان الدنيا وما دلّ على أنّها كانت جنّة الخلد بداهة أنّ جنّة الخلد ليس إلا في باطن الدنيا ونسبة الدنيا إليها نسبة القشر إلى اللبّ بل النّار أيضاً كذلك، فعالم الآخرة موجود في باطن الدنيا فكلّ ما في عالم الشهود والدنيا إذا نظر إليها بنظر الواقع والحقيقة يكون من عالم الآخرة أمّا من نعيمها أو من جحيمها وإذا نظر إليها بالنظر الظاهر كأنظارنا القاصرة يكون من الدنيا الفانية، فجنّة آدم جنّة الخلد في عين أنّها من جنان الدنيا و جنّة الدنيا في عين أنّها جنّة الخلد فتدبّر. السبزواري.

إِلَى اللَّهِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِهِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَإِنَّهُ بَكَى حَتَّى هَاجَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ وَ إِنْ كَانَ لَيَزْفِرُ الزَّفْرَةَ فَيُحْرِقُ مَا نَبَتَ مِنْ دُمُوعِهِ وَ أَمَّا يُوسُفُ فَإِنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى أَبِيهِ يَعْقُوبَ وَ هُوَ فِي السِّجْنِ فَتَأَذَّى بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْكِيَ يَوْماً وَ يَسْكُتَ يَوْماً.

***

باب (5) تزويج آدم حواء وكيفية بدء النسل منهما وقصة قابيل وهابيل وسائر أولادهما

البحار: ج 5 ص 106

17- ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 104

بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: كَانَتِ الْوُحُوشُ وَ الطَّيْرُ وَ السِّبَاعُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُخْتَلِطاً بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ نَفَرَتْ وَ فَزِعَتْ فَذَهَبَ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلَى شَكْلِهِ.(1)

***

باب (6) تأويل قوله تعالى: (جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا)

البحار: ج 5 ص 166

2- أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ- «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما» فَقَالَ هُوَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ إِنَّمَا كَانَ شِرْكُهُمَا شِرْكَ طَاعَةٍ وَ لَمْ يَكُنْ شِرْكَ عِبَادَةٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ» إِلَى قَوْلِهِ «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» قَالَ جَعَلَا لِلْحَارِثِ نَصِيباً فِي خَلْقِ اللَّهِ وَ لَمْ يَكُونَا أَشْرَكَا إِبْلِيسَ فِي عِبَادَةِ اللَّه.(2)

ص: 105


1- وستختلط الأشياء ويرفع عنها التنافر والبغضاء ويحصل بينها الألفة عند ظهور العدل الحقيقي بظهور خاتم الأوصياء عن مَكمَن الغيبة كما بدأ كم تعودون ثمّ أقول يستفاد من قصة آدم وقتل قابيل هابيل أن أول شيء في الدنيا كان حجّة ونبياً ويدلّ عليها الأخبار الدالة على أن الأرض تبدأ بالحجّة وتختم بالحجّة وأول من رحل إلى الآخرة من البشر كان شهیداً تقياً صالحاً وآخر من يرحل إليها يكون كذلك أيضاً فراجع و تدبّر. السبزواري.
2- لباب القول: إن الشبهة إنما هي فيما إذا رجع ضمير التثنية في جعلا إلى الوالدين آدم وحواء، وأما إذا رجع إلى المولودين فلا إشكال أصلا والإمام بيّن أنه يرجع إلى المولود لا الوالدين إن قيل أن مرجع الضمير لا بد أن يكون معروفا في الجملة فيقال أنه معروف بما جرت عليه عادة حواء من أنها تضع في كل مرة حملين السبزواري.

البحار: ج5 ص 166

عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما» قَالَ هُوَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ إِنَّهُ كَانَ شِرْكُهُمَا شِرْكَ طَاعَةٍ وَ لَيْسَ شِرْكَ عِبَادَةٍ. وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَ لَمْ يَكُنْ شِرْكَ عِبَادَةٍ.

تحقيق مقام لرفع إبهام اعلم أن الخبر الأول لعله صدر على وجه التقية لاشتهار تلك القصة بين المخالفين و كذا الخبر الثاني و الرابع و إن أمكن توجيههما بوجه و الخبر الثالث هو المعول عليه و اختاره أكثر المفسرين من الفريقين. قال الرازي المروي عن ابن عباس «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ» و هي نفس آدم «وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها» أي حواء خلقها الله من ضلع آدم من غير أذى «فَلَمَّا تَغَشَّاها آدم حَمَلَتْ حَمْلًا فَلَمَّا أَثْقَلَتْ» أي ثقل الولد في بطنها أتاها إبليس في صورة رجل و قال ما هذا يا حواء إني أخاف أن يكون كلبا أو بهيمة و ما يدريك من أين يخرج أ من دبرك فيقتلك أو ينشق بطنك فخافت حواء و ذكرت ذلك لآدم (عليه السّلام) فلم يزالا من هم من ذلك ثم أتاها و قال إن سألت الله أن يجعله صالحا سويا مثلك و يسهل خروجه من بطنك و تسميه عبد الحارث و كان إبليس في الملائكة الحارث فذلك قوله «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فِيما آتاهُما أي لما آتاهما الله ولدا سويا صالحا جعلا له شريكا أي جعل آدم و حواء له شريكا و المراد به عبد الحارث هذا تمام القصة و اعلم أن هذا التأويل فاسد و يدل عليه وجوه:

الأوّل أنه تعالى قال «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» و ذلك يدل على أن الذين أتوا بالشرك جماعة.

الثاني أنه تعالى قال بعده «أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ» و هذا يدل على أن المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الأصنام شركاء لله تعالى و ما

ص: 106

جرى لإبليس اللعين في هذه الآية ذكر.

الثالث: لو كان المراد إبليس لقال أ تشركون من لا يخلق شيئا و لم يقل ما لا يخلق شيئا لأن العاقل إنما يذكر بصيغة من.

الرابع: أن آدم (عليه السّلام) كان من أشد الناس معرفة بإبليس و كان عالما بجميع الأسماء كما قال تعالى «وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها» فكان لا بد و أن يكون قد علم أن اسم إبليس هو الحارث فمع العداوة الشديدة التي بينه و بين آدم و مع علمه بأن اسمه هو الحارث كيف سمى ولد نفسه بعبد الحارث و كيف ضاقت عليه الأسماء حتى أنه لم يجد سوى هذا الاسم.

الخامس: أن الواحد منا لو حصل له ولد يرجو منه الخير و الصلاح فجاء إنسان و دعاه إلى أن يسميه بمثل هذه الأسماء لزجره و أنكر عليه أشد الإنكار فآدم (عليه السّلام) مع نبوته و علمه الكثير الذي حصل من قوله «وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها» و تجاربه الكثيرة التي حصلت له بسبب الزلة التي وقع فيها لأجل وسوسة إبليس كيف لم يتنبه لهذا الغدر و كيف لم يعرف أن ذلك من الأفعال المنكرة التي يجب على العاقل الاحتراز منها.

السادس: أن بتقدير أن آدم (عليه السّلام) سماه بعبد الحارث فلا يخلو إما أن يقال إنه جعل هذا اللفظ اسم علم له أو جعله صفة له بمعنى أنه أخبر بهذا اللفظ أنه عبد الحارث و مخلوق من قبله فإن كان الأول لم يكن هذا شركا باللّه لأن أسماء الأعلام و الألقاب لا يفيد في المسميات فائدة فلم يلزم من التسمية بهذا اللفظ حصول الإشراك و إن كان الثاني كان هذا قولا بأن آدم (عليه السّلام) اعتقد أن لله شريكا في الخلق و الإيجاد و التكوين و ذلك يوجب الجزم بتكفير آدم (عليه السّلام) و ذلك لا يقوله عاقل فثبت بهذه الوجوه أن هذا القول فاسد و يجب على المسلم العاقل أن لا يلتفت إليه. إذا عرفت

ص: 107

هذا فنقول في تأويل الآية وجوه صحيحة سليمة خالية عن هذه المفاسد.

التأويل الأول ما ذكره القفال فقال إنه تعالى ذكر هذه القصة على سبيل ضرب المثل و بيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم و قولهم بالشرك و تقدير هذا الكلام كأنه تعالى يقول هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة و جعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية فلما تغشى الزوج الزوجة و ظهر الحمل دعا الزوج و الزوجة أنهما إن آتيتنا ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك و نعمائك فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا جعل الزوج و الزوجة لله شركاء فيما آتاهما لأنهم تارة ينسبون هذا الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين و تارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين و تارة إلى الأصنام و الأوثان كما هو قول عبدة الأصنام ثم قال «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي تبرأ الله عن ذلك الشرك و هذا جواب في غاية الصحة و السداد. التأويل الثاني أن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله و هم القصي و المراد من قوله هو الذي خلقكم من نفس قصي و جعل من جنسها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها فلما آتاهما ما طالبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف و عبد العزى و عبد قصي و عبد اللات و جعل الضمير في يشركون لهما و لأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك. التأويل الثالث أن نسلم أن هذه الآية وردت في شرح قصة آدم (عليه السّلام) و على هذا التقدير ففي دفع هذا الإشكال وجوه:

الأوّل: أن المشركين كانوا يقولون إن آدم (عليه السّلام) كان يعبد الأصنام و يرجع في طلب الخير و الشر إليها فذكر تعالى قصة آدم و حواء و حكى عنهما أنهما قالا «لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» أي ذكرا أنه تعالى لو آتاهما ولدا صالحا سويا لاشتغلوا بشكر تلك النعمة ثم قال «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فقوله

ص: 108

«جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار و التبعيد و التقدير فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ثم قال «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك و ينسبونه إلى آدم (عليه السّلام) و نظيره أن ينعم رجل على رجل بوجوه كثيرة من الإنعام ثم يقال لذلك المنعم أن ذلك المنعم عليه يقصد إساءتك و إيصال الشر إليك فيقول ذلك المنعم فعلت في حق فلان كذا و أحسنت إليه بكذا و كذا ثم إنه يقابلني بالشر و الإساءة على سبيل النفي و التبعيد فكذا هاهنا.

الوجه الثاني: في الجواب أن نقول إن هذه القصة من أولها إلى آخرها في حق آدم و حواء و لا إشكال في شي ء من ألفاظها إلا قوله «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فِيما آتاهُما فنقول التقدير فلما آتاهما ولدا صالحا سويا جعلا له شركاء أي جعل أولادهما له شركاء على حذف المضاف و إقامة المضاف إليه مقامه و كذا فيما آتاهما أولادهما و نظيره قوله «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ» أي و اسأل أهل القرية. فإن قيل فعلى هذا التأويل ما الفائدة في التثنية في قوله «جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» قلنا لأن ولده قسمان ذكر و أنثى فقوله جعلا المراد الذكر و الأنثى مرة عبر عنهما بلفظ التثنية لكونهما صنفين و نوعين و مرة عبر عنهم بلفظ الجمع و هو قوله «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».

الوجه الثالث: في الجواب سلمنا أن الضمير في قوله «جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ» فِيما آتاهُما عائد إلى آدم و حواء إلا أنه تعالى لما آتاهما ذلك الولد الصالح عزما على أن يجعلاه وقفا على خدمة الله و طاعته و عبوديته على الإطلاق ثم بدا لهما في ذلك فتارة كانوا ينتفعون به في مصالح الدنيا و منافعها و تارة كانوا يأمرونه بخدمة الله و طاعته و هذا العمل و إن كان منا قربة و طاعة إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فلهذا قال الله تعالى «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» و المراد من هذه الآية ما نقل عنه (عليه السّلام) أنه

ص: 109

قال حاكيا عن الله سبحانه أنا أغنى الأغنياء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته و شركته و على هذا التقدير فالإشكال زائل.

الوجه الرابع: في التأويل أن نقول سلمنا صحة تلك القصة المذكورة إلا أنا نقول أنهم سموا بعبد الحارث لأجل أنهم اعتقدوا أنه إنما سلم من الآفة و المرض بسبب دعاء ذلك الشخص المسمى بالحارث و قد سمي المنعم عليه عبيدا للمنعم يقال في المثل أنا عبد من تعلمت منه حرفا فآدم و حواء سميا ذلك الولد تنبيها على أنه إنما سلم عن الآفات ببركة دعائه و هذا لا يقدح في كونه عبدا لله من جهة أنه مملوكه و مخلوقه إلا أنا قد ذكرنا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فلما حصل الاشتراك في لفظ العبد لا جرم صار آدم (عليه السّلام) معاتبا في هذا العمل انتهى.(1)

***

باب (8) عمر آدم ووفاته ووصيّته إلى شيث وقصصه (عليه السّلام)

البحار: ج 5 ص 171

ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السّلام) إِنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ عَرَضَ عَلَى آدَمَ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَعْمَارَهُمْ قَالَ فَمَرَّ بِآدَمَ اسْمُ دَاوُدَ النَّبِيِّ (عليه السّلام) فَإِذَا عُمُرُهُ فِي الْعَالَمِ أَرْبَعُونَ

ص: 110


1- أقول وقد خطر ببالي وجه أظنه أمتن من بعض الوجوه المذكورة عن الرازي وهو أن ضمیر جعلا يرجع إلى آدم وحواء وضمير له يرجع إلى الولد الصالح، المراد بالشرك هو الاشتراك في الشكر فالمعنى جعل آدم وحواء لولدهما الصالح شركاء فيما أسهما من سائر الأولاد فشكروا الله تعالى على جميع ما آتاهما من الأوّلاد لا على خصوص الولد الصالح فتدبّر. السبزواري.

سَنَةً فَقَالَ آدَمُ (عليه السّلام) يَا رَبِّ مَا أَقَلَّ عُمُرَ دَاوُدَ وَ مَا أَكْثَرَ عُمُرِي يَا رَبِّ إِنْ أَنَا زِدْتُ دَاوُدَ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثِينَ سَنَةً أَ تُثْبِتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ نَعَمْ يَا آدَمُ قَالَ فَإِنِّي قَدْ زِدْتُهُ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثِينَ سَنَةً فَأَنْفِذْ ذَلِكَ لَهُ وَ أَثْبِتْهَا لَهُ عِنْدَكَ وَ اطْرَحْهَا مِنْ عُمُرِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فَأَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ فِي عُمُرِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مُثْبَتَةٌ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» قَالَ فَمَحَا اللَّهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مُثْبَتاً لِآدَمَ وَ أَثْبَتَ لِدَاوُدَ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مُثْبَتاً قَالَ فَمَضَى عُمُرُ آدَمَ (عليه السّلام) فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ (عليه السّلام) يَا مَلَكَ الْمَوْتِ إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي ثَلَاثُونَ سَنَةً فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ يَا آدَمُ أَ لَمْ تَجْعَلْهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ النَّبِيِّ وَ طَرَحْتَهَا مِنْ عُمُرِكَ حِينَ عُرِضَ عَلَيْكَ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَ قَدْ عُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَارُهُمْ وَ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي الدَّخْيَاءِ قَالَ فَقَالَ لَهُ آدَمُ (عليه السّلام) مَا أَذْكُرُ هَذَا(1) قَالَ فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ يَا آدَمُ لَا تَجْحَدْ أَ لَمْ تَسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُثْبِتَهَا لِدَاوُدَ وَ يَمْحُوَهَا مِنْ عُمُرِكَ فَأَثْبَتَهَا لِدَاوُدَ فِي الزَّبُورِ وَ مَحَاهَا مِنْ عُمُرِكَ فِي الذِّكْرِ قَالَ (عليه السّلام) حَتَّى أَعْلَمَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السّلام) وَ كَانَ آدَمُ صَادِقاً لَمْ يَذْكُرْ وَ لَمْ يَجْحَدْ فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْعِبَادَ أَنْ يَكْتُبُوا بَيْنَهُمْ إِذَا تَدَايَنُوا وَ تَعَامَلُوا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لِنِسْيَانِ آدَمَ وَ جُحُودِهِ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ.

البحار: ج 5 ص 176

بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ:

ص: 111


1- لا يخفى على البصير مواقع الجعل في الرواية فإن قول آدم ما أذكر هذا ليس جحداً حتّى يقول له ملك الموت لا تجحد ثمّ قوله لم يذكر ولم يجحد مناف لقوله نسیان آدم وجحوده على نفسه، فتدبّر السبزواري.

أَرْسَلَ آدَمُ ابْنَهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ (عليه السّلام) فَقَالَ قُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبِي أَطْعِمْنِي مِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا مِنَ الْجَنَّةِ فَلَقَّاهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ إِلَى أَبِيكَ فَقَدْ قُبِضَ وَ أُمِرْنَا بِإِجْهَازِهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ فَلَمَّا جَهَّزُوهُ قَالَ جَبْرَئِيلُ تَقَدَّمْ يَا هِبَةَ اللَّهِ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ فَتَقَدَّمَ وَ كَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْساً وَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً سَبْعِينَ تَفْضِيلًا لِآدَمَ (عليه السّلام) وَ خَمْساً لِلسُّنَّةِ قَالَ وَ آدَمُ (عليه السّلام) لَمْ يَزَلْ يَعْبُدُ اللَّهَ بِمَكَّةَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَهُ بَعَثَ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ مَعَهُمْ سَرِيرٌ وَ حَنُوطٌ وَ كَفَنٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَمَّا رَأَتْ حَوَّاءُ (عليها السّلام) الْمَلَائِكَةَ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ لَهَا آدَمُ خَلِّي بَيْنِي وَ بَيْنَ رُسُلِ رَبِّي(1)فَقُبِضَ فَغَسَّلُوهُ بِالسِّدْرِ وَ الْمَاءِ ثُمَّ لَحَدُوا قَبْرَهُ وَ قَالَ هَذَا سُنَّةُ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَكَانَ عُمُرُهُ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ تِسْعَمِائَةٍ وَ سِتّاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِمَكَّةَ وَ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَ نُوحٍ (عليه السّلام) أَلْفٌ وَ خَمْسُمِائَةِ سَنَة.

البحار: ج 5 ص 176

17 - بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى وَهْبٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ آدَمَ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى شَيْثٍ وَ حَفَرَ لآِدَمَ فِي غَارٍ فِي أَبِي قَيْسٍ يُقَالُ لَهُ غَارُ الْكَنْزِ فَلَمْ يَزَلْ آدَمُ (عليه السّلام) فِي ذَلِكَ الْغَارِ حَتَّى كَانَ زَمَنُ الْغَرَقِ اسْتَخْرَجَهُ نُوحٌ (عليه السّلام) فِي تَابُوتٍ وَ جَعَلَهُ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ. (2)

***

ص: 112


1- مما يظهر من هذا الخبر إن آدم (عليه السّلام) علامات قبل حواء. السبزواري.
2- هذا الخبر شاهد جمع للأخبار المختلفة في مكان قبر آدم (عليه السّلام). السبزواري.

أبواب قصص نوح (على نبينا وآله وعليه السلام)

باب (3) بعثته (عليه السّلام) على قومه وقصة الطوفان

البحار: ج 5 ص217

51 – مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْجَوَاشِنِيِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبُدَيْلِيِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: لَمَّا اسْتَنْزَلَ نُوحٌ (عليه السّلام) الْعُقُوبَةَ عَلَى قَوْمِهِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ (عليه السّلام) بِسَبْعَةِ نَوَايَاتٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ لَكَ إِنَّ هَؤُلَاءِ خَلَائِقِي وَ عِبَادِي وَ لَسْتُ أُبِيدُهُمْ بِصَاعِقَةٍ مِنْ صَوَاعِقِي إِلَّا بَعْدَ تَأْكِيدِ الدَّعْوَةِ وَ إِلْزَامِ الْحُجَّةِ فَعَاوِدِ اجْتِهَادَكَ فِي الدَّعْوَةِ لِقَوْمِكَ فَإِنِّي مُثِيبُكَ عَلَيْهِ وَ اغْرِسْ هَذَا النَّوَى(1) فَإِنَّ لَكَ فِي نَبَاتِهَا وَ بُلُوغِهَا وَ إِدْرَاكِهَا إِذَا أَثْمَرَتْ الْفَرَجَ وَ الْخَلَاصَ فَبَشِّرْ بِذَلِكَ مَنْ تَبِعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا نَبَتَتِ الْأَشْجَارُ وَ تَأَزَّرَتْ وَ تَسَوَّقَتْ وَ تَغَصَّنَتْ وَ أَثْمَرَتْ وَ زَهَا الثَّمَرُ عَلَيْهَا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ اسْتَنْجَزَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الْعِدَةَ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَغْرِسَ مِنْ نَوَى تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَ يُعَاوِدَ الصَّبْرَ وَ الِاجْتِهَادَ وَ يُؤَكِّدَ الْحُجَّةَ عَلَى قَوْمِهِ وَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ الطَّوَائِفَ الَّتِي آمَنَتْ بِهِ فَارْتَدَّ

ص: 113


1- أقول: ظاهر هذا إنّ المغروس هو كل واحد من سبع نوايات التي جاء بها جبرائيل وظاهر الذيل إن المغروس من نوى كل شجرة غرست سابقا ويمكن أن يقال إن البعث بسبع نوايات عبارة عن إسهاب غرس سبع نوايات بالترتيب الذي يذكر في الذيل، لا أنها أتى بها جبرائیل مجتمعا فتدبّر. ثمّ إنّ ظاهر خبر صدر الصفحة أن الغرس كان ثلاث مرات وهذا أيضاً ظاهر في انه كان سبعة مرات ويمكن التوفيق بأن الخبر الأوّل ليس في مقام الحصر حتّى يتحقق الثاني. السبزواري.

مِنْهُمْ ثَلَاثُ مِائَةِ رَجُلٍ وَ قَالُوا لَوْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ نُوحٌ حَقّاً لَمَا وَقَعَ فِي وَعْدِ رَبِّهِ خُلْفٌ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ يَأْمُرُهُ عِنْدَ كُلِّ مَرَّةٍ أَنْ يَغْرِسَهَا تَارَةً بَعْدَ أُخْرَى إِلَى أَنْ غَرَسَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الطَّوَائِفُ تَرْتَدُّ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ إِلَى أَنْ عَادَ إِلَى نَيِّفٍ وَ سَبْعِينَ رَجُلًا فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَ قَالَ الْآنَ أَسْفَرَ الصُّبْحُ عَنِ اللَّيْلِ لِعَيْنِكَ حِينَ صَرَّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَ صَفَا مِنَ الْكَدَرِ بِارْتِدَادِ مَنْ كَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً فَلَوْ أَنِّي أَهْلَكْتُ الْكُفَّارَ وَ أَبْقَيْتُ مَنْ قَدِ ارْتَدَّ مِنَ الطَّوَائِفِ الَّتِي كَانَتْ آمَنَتْ بِكَ لَمَا كُنْتُ صَدَّقْتُ وَعْدِيَ السَّابِقَ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَخْلَصُوا التَّوْحِيدَ مِنْ قَوْمِكَ وَ اعْتَصَمُوا بِحَبْلِ نُبُوَّتِكَ بِأَنْ أَسْتَخْلِفَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ أُمَكِّنَ لَهُمْ دِينَهُمْ وَ أُبَدِّلَ خَوْفَهُمْ بِالْأَمْنِ لِكَيْ تَخْلُصَ الْعِبَادَةُ لِي بِذَهَابِ الشَّكِّ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَكَيْفَ يَكُونُ الِاسْتِخْلَافُ وَ التَّمْكِينُ وَ تَبَدُّلُ الْخَوْفِ بِالْأَمْنِ مِنِّي لَهُمْ مَعَ مَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ ضَعْفِ يَقِينِ الَّذِينَ ارْتَدُّوا وَ خُبْثِ طِينَتِهِمْ وَ سُوءِ سَرَائِرِهِمُ الَّتِي كَانَتْ نَتَائِجَ النِّفَاقِ وَ شُبُوحِ الضَّلَالَةِ فَلَوْ أَنَّهُمْ تَنَسَّمُوا مِنِّي الْمُلْكَ الَّذِي أُوتِي الْمُؤْمِنِينَ وَقْتَ الِاسْتِخْلَافِ إِذَا أَهْلَكْتُ أَعْدَاءَهُمْ لَنَشِقُوا رَوَايِحَ صِفَاتِهِ وَ لَاسْتَحْكَمَتْ سَرَائِرُ نِفَاقِهِمْ وَ تَأَبَّدَ خَبَالُ ضَلَالَةِ قُلُوبِهِمْ وَ كَاشَفُوا إِخْوَانَهُمْ بِالْعَدَاوَةِ وَ حَارَبُوهُمْ عَلَى طَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَ التَّفَرُّدِ بِالْأَمْرِ وَ النَّهْيِ وَ كَيْفَ يَكُونُ التَّمْكِينُ فِي الدِّينِ وَ انْتِشَارُ الْأَمْرِ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَعَ إِثَارَةِ الْفِتَنِ وَ إِيقَاعِ الْحُرُوبِ كَلَّا فَ-«اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا».

بيان: قال الفيروزآبادي الأزر الإحاطة و القوة و الضعف ضد و التقوية و الموازرة أن يقوي الزرع بعضه بعضا فيلتف و التأزير التغطية و التقوية و نصر مؤزر بالغ شديد و قال سوق الشجر تسويقا صار ذا ساق انتهى فالمراد بقوله (عليه السّلام) تأزرت تقوت و التفت و بقوله تسوقت قوي ساقها و بقوله تغصنت كثرت و قويت أغصانها و زهو الثمرة احمرارها و اصفرارها. قوله (عليه السّلام) حين صرح الحق إما بتخفيف الراء

ص: 114

المضمومة أي خلص أو بالتشديد أي بين و المحض الخالص من كل شي ء و على التقديرين يضمن معنى الانكشاف أو الكشف و شبوح الضلالة بالباء الموحدة و الحاء المهملة جمع شبح بالتحريك و هو الشخص أو بالسين المهملة و النون بمعنى الظهور أو بالخاء المعجمة جمع سنخ بالكسر بمعنى الأصل أو بمعنى الرسوخ و في بعض النسخ شيوخ جمع الشيخ و على التقادير لا يخلو من تكلف و تنسم النسيم تشممه و نشقه كقرحه شمه و الخبال الجنون و الفساد و الحاصل أن هذه الفتن لتخليص المؤمنين عن المنافقين و ظهور ما كتموه من الشرك و الفساد لكي لا يفسدوا في الأرض بعد ظهور دولة الحق باختلاطهم بالمؤمنين.

***

ص: 115

أبواب قصص إبراهيم (عليه السّلام)

باب (5) أحوال أولاده وأزواجه صلوات الله عليهم وبناء البيت

البحار: ج 5 ص 324

7-ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ مَعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) إِنَ مَنْ قِبَلَنَا يَقُولُونَ إِنَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ (عليه السّلام) خَتَنَ نَفْسَهُ بِقَدُومٍ(1) عَلَى دَنٍّ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ كَذَبُوا فَقُلْتُ لَهُ صِفْ لِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ (عليهم السّلام) كَانَتْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ غُلَفُهُمْ مَعَ سُرَرِهِمْ يَوْمَ السَّابِعِ الْخَبَرَ.

***

باب (8) قصص ذي القرنين

البحار: ج 5 ص 372

6- عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَى عَلِيٍّ (عليه السّلام) وَ هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَ نَبِيّاً كَانَ أَمْ مَلَكاً وَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَرْنَيْهِ أَ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عليه السّلام) لَمْ يَكُنْ نَبِيّاً وَ لَا مَلَكاً وَ لَمْ يَكُنْ قَرْنَاهُ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَا مِنْ فِضَّةٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ نَصَحَ لِلَّهِ فَنَصَحَ اللَّهُ لَهُ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِأَنَّهُ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ حِيناً ثُمَّ عَادَ

ص: 116


1- يستفاد منه إن الخبر صحف وانه كان ختن إبراهيم إسحاق بحديد فغيروه ختن إبراهيم نفسه بقدوم السبزواري

إِلَيْهِمْ فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ عَلَى قَرْنِهِ الْآخَرِ وَ فِيكُمْ مِثْلُه.(1)

البحار: ج 5 ص 372 - 373 (الجمع بين خبر الأصبغ المزبور و خبر هشام بن سالم):

9- ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْ أَنْبِيَاءَ مُلُوكاً فِي الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعَةً بَعْدَ نُوحٍ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ اسْمُهُ عَيَّاشٌ وَ دَاوُدُ وَ سُلَيْمَانُ وَ يُوسُفُ (عليه السّلام) فَأَمَّا عَيَّاشٌ فَمَلَكَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا دَاوُدُ فَمَلَكَ مَا بَيْنَ الشَّامَاتِ إِلَى بِلَادِ إِصْطَخْرَ وَ كَذَلِكَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ وَ أَمَّا يُوسُفُ فَمَلَكَ مِصْرَ وَ بَرَارِيَهَا لَمْ يُجَاوِزْهَا إِلَى غَيْرِهَا. (2)

البحار: ج 5 ص 374

105 – الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْجَلُودِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ(3) وَ كَانَ قَارِئاً لِلْكُتُبِ قَالَ قَرَأْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَ أُمُّهُ عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ غَيْرُهُ يُقَالُ لَهُ إِسْكَنْدَرُوسُ وَ كَانَ لَهُ أَدَبٌ وَ خُلُقٌ وَ عِفَّةٌ مِنْ وَقْتِ مَا كَانَ فِيهِ غُلَاماً إِلَى أَنْ بَلَغَ رَجُلًا وَ كَانَ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ دَنَا مِنَ الشَّمْسِ حَتَّى أَخَذَ بِقَرْنَيْهَا شَرْقِهَا وَ غَرْبِهَا فَلَمَّا قَصَّ رُؤْيَاهُ عَلَى قَوْمِهِ سَمَّوْهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَلَمَّا رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا بَعُدَتْ هِمَّتُهُ وَ عَلَا صَوْتُهُ وَ عَزَّ فِي قَوْمِهِ وَ كَانَ أَوَّلَ مَا

ص: 117


1- السبزواري: فضربه ابن ملجم على قرنه وسيعود في الرجعة وسيضر به شقي آخر على قرنه
2- لا إشكال في تعارض الروايات في نبوة اسکندر فمما هو نص في عدم نبوته خبر الأصبغ ومما ظاهره النبوّة خبر ابن سالم فيحمل على إطلاق النبيّ عليه مجازا جمعا بين الأخبار السبزواري.
3- عبد الله بن سليمان مجهول بل الظاهر إن كل رواة هذا الخبر مجاهيل فتفحص. السبزواري.

أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ أَنْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا هَيْبَةً لَهُ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَبْنُوا لَهُ مَسْجِداً فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ فَأَمَرَ أَنْ يُجْعَلَ طُولُهُ أَرْبَعَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهُ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُ حَائِطِهِ اثْنَيْنِ وَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً وَ عُلُوُّهُ إِلَى السَّمَاءِ مِائَةَ ذِرَاعٍ فَقَالُوا لَهُ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ كَيْفَ لَكَ بِخَشَبٍ يَبْلُغُ مَا بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ فَقَالَ لَهُمْ إِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ بُنْيَانِ الْحَائِطَيْنِ فَاكْبِسُوهُ بِالتُّرَابِ حَتَّى يَسْتَوِيَ الْكَبْسُ مَعَ حِيطَانِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ فَرَضْتُمْ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَدْرِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ثُمَّ قَطَعْتُمُوهُ مِثْلَ قُلَامَةِ الظُّفُرِ وَ خَلَطْتُمُوهُ مَعَ ذَلِكَ الْكَبْسِ وَ عَمِلْتُمْ لَهُ خَشَباً مِنْ نُحَاسٍ وَ صَفَائِحَ تُذِيبُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنَ الْعَمَلِ كَيْفَ شِئْتُمْ عَلَى أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ دَعَوْتُمُ الْمَسَاكِينَ لِنَقْلِ ذَلِكَ التُّرَابِ فَيُسَارِعُونَ فِيهِ مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فَبَنَوُا الْمَسْجِدَ وَ أَخْرَجَ الْمَسَاكِينُ ذَلِكَ التُّرَابَ وَ قَدِ اسْتَقَلَ السَّقْفُ بِمَا فِيهِ وَ اسْتَغْنَى الْمَسَاكِينُ فَجَنَّدَهُمْ أَرْبَعَةَ أَجْنَادٍ فِي كُلِّ جُنْدٍ عَشْرَةُ آلَافٍ ثُمَّ نَشَرَهُمْ فِي الْبِلَادِ وَ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالسَّيْرِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَقَالُوا لَهُ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ نَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا بِنَفْسِكَ غَيْرَنَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرُؤْيَتِكَ وَ فِينَا كَانَ مَسْقَطُ رَأْسِكَ وَ بَيْنَنَا نَشَأْتَ وَ رُبِّيتَ وَ هَذِهِ أَمْوَالُنَا وَ أَنْفُسُنَا وَ أَنْتَ الْحَاكِمُ فِيهَا وَ هَذِهِ أُمُّكَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ وَ هِيَ أَعْظَمُ خَلْقِ اللَّهِ عَلَيْكَ حَقّاً فَلَيْسَ يَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ تَعْصِيَهَا وَ لَا تُخَالِفَهَا فَقَالَ لَهُمْ وَ اللَّهِ إِنَّ الْقَوْلَ لَقَوْلُكُمْ وَ إِنَّ الرَّأْيَ لَرَأْيُكُمْ وَ لَكِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْمَأْخُوذِ بِقَلْبِهِ وَ سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ يُقَادُ وَ يُدْفَعُ مِنْ خَلْفِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ يُؤْخَذُ بِهِ وَ لَا مَا يُرَادُ بِهِ وَ لَكِنْ هَلُمُّوا مَعْشَرَ قَوْمِي فَادْخُلُوا هَذَا الْمَسْجِدَ وَ أَسْلِمُوا عَنْ آخِرِكُمْ وَ لَا تُخَالِفُوا عَلَيَّ فَتَهْلِكُوا ثُمَّ دَعَا دِهْقَانَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَقَالَ لَهُ اعْمُرْ مَسْجِدِي وَ عَزِّ عَنِّي أُمِّي فَلَمَّا رَأَى الدِّهْقَانُ جَزَعَ أُمِّهِ وَ طُولَ بُكَائِهَا احْتَالَ لِيُعَزِّيَهَا بِمَا أَصَابَ النَّاسَ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا مِنَ الْمَصَائِبِ وَ الْبَلَاءِ

ص: 118

فَصَنَعَ عِيداً عَظِيماً ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدِّهْقَانَ يُؤْذِنُكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ أَسْرِعُوا وَ احْذَرُوا أَنْ يَحْضُرَ هَذَا الْعِيدَ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ عَرِيَ مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْمَصَائِبِ فَاحْتُبِسَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَ قَالُوا لَيْسَ فِينَا أَحَدٌ عَرِيَ مِنَ الْبَلَاءِ وَ الْمَصَائِبِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ أُصِيبَتْ بِبَلَاءٍ أَوْ بِمَوْتِ حَمِيمٍ فَسَمِعَتْ أُمُّ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَأَعْجَبَهَا وَ لَمْ تَدْرِ مَا أَرَادَ الدِّهْقَانُ ثُمَّ إِنَّ الدِّهْقَانَ بَعَثَ مُنَادِياً يُنَادِي فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدِّهْقَانَ قَدْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا وَ لَا يَحْضُرَ إِلَّا رَجُلٌ قَدِ ابْتُلِيَ وَ أُصِيبَ وَ فُجِعَ وَ لَا يَحْضُرَهُ أَحَدٌ عَرِيَ مِنَ الْبَلَاءِ فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ النَّاسُ هَذَا رَجُلٌ قَدْ بَخِلَ ثُمَّ نَدِمَ وَ اسْتَحْيَا فَتَدَارَكَ أَمْرَهُ وَ مَحَا عَيْبَهُ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا خَطَبَهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَمْ أَجْمَعْكُمْ لِمَا دَعَوْتُكُمْ لَهُ وَ لَكِنِّي جَمَعْتُكُمْ لِأُكَلِّمَكُمْ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ وَ فِيمَا فُجِعْنَا بِهِ مِنْ فَقْدِهِ وَ فِرَاقِهِ فَاذْكُرُوا آدَمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهُ بِيَدِهِ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ وَ أَكْرَمَهُ بِكَرَامَةٍ لَمْ يُكْرِمْ بِهَا أَحَداً ثُمَّ ابْتَلَاهُ بِأَعْظَمِ بَلِيَّةٍ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا وَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ هِيَ الْمُصِيبَةُ الَّتِي لَا جَبْرَ لَهَا ثُمَّ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعْدِهِ بِالْحَرِيقِ وَ ابْتَلَى ابْنَهُ بِالذَّبْحِ وَ يَعْقُوبَ بِالْحُزْنِ وَ الْبُكَاءِ وَ يُوسُفَ بِالرِّقِّ وَ أَيُّوبَ بِالسُّقْمِ وَ يَحْيَى بِالذَّبْحِ وَ زَكَرِيَّا بِالْقَتْلِ وَ عِيسَى بِالْأَسْرِ وَ خَلْقاً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَثِيراً لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ قَالَ لَهُمْ انْطَلِقُوا وَ عَزُّوا أُمَّ الْإِسْكَنْدَرُوسِ لِنَنْظُرَ كَيْفَ صَبْرُهَا فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مُصِيبَةً فِي ابْنِهَا فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهَا قَالُوا لَهَا هَلْ حَضَرْتِ الْجَمْعَ الْيَوْمَ وَ سَمِعْتِ الْكَلَامَ قَالَتْ لَهُمْ مَا غَابَ عَنِّي مِنْ أَمْرِكُمْ شَيْ ءٌ وَ لَا سَقَطَ عَنِّي مِنْ كَلَامِكُمْ شَيْ ءٌ وَ مَا كَانَ فِيكُمْ أَحَدٌ أَعْظَمَ مُصِيبَةً بِالْإِسْكَنْدَرُوسِ مِنِّي وَ لَقَدْ صَبَّرَنِيَ اللَّهُ وَ أَرْضَانِي وَ رَبَطَ عَلَى قَلْبِي وَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَجْرِي عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَ أَرْجُو لَكُمْ مِنَ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا رُزِيتُمْ بِهِ مِنْ فَقْدِ

ص: 119

أَخِيكُمْ وَ أَنْ تُؤْجَرُوا عَلَى قَدْرِ مَا نَوَيْتُمْ فِي أُمِّهِ وَ أَرْجُو أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي وَ لَكُمْ وَ يَرْحَمَنِي وَ إِيَّاكُمْ فَلَمَّا رَأَوْا حُسْنَ عَزَائِهَا وَ صَبْرَهَا انْصَرَفُوا عَنْهَا وَ تَرَكُوهَا وَ انْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ يَسِيرُ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أَمْعَنَ فِي الْبِلَادِ يَؤُمُّ الْمَغْرِبَ وَ جُنُودُهُ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاكِينُ فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَيْهِ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنْتَ حُجَّتِي عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ مِنْ مَطْلِعِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا وَ حُجَّتِي عَلَيْهِمْ وَ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاكَ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَهِي إِنَّكَ نَدَبْتَنِي لِأَمْرٍ عَظِيمٍ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ غَيْرُكَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَيَّةِ قَوْمٍ أُكَاثرُهُمْ وَ بِأَيِّ عَدَدٍ أَغْلِبُهُمْ وَ بِأَيَّةِ حِيلَةٍ أَكِيدُهُمْ وَ بِأَيِّ صَبْرٍ أُقَاسِيهِمْ وَ بِأَيِّ لِسَانٍ أُكَلِّمُهُمْ وَ كَيْفَ لِي بِأَنْ أَعْرِفَ لُغَاتِهِمْ وَ بِأَيِّ سَمْعٍ أَعِي قَوْلَهُمْ وَ بِأَيِّ بَصَرٍ أَنْفُذُهُمْ وَ بِأَيَّةِ حُجَّةٍ أُخَاصِمُهُمْ وَ بِأَيِّ قَلْبٍ أَغْفُلُ عَنْهُمْ وَ بِأَيَّةِ حِكْمَةٍ أُدَبِّرُ أُمُورَهُمْ وَ بِأَيِّ حِلْمٍ أُصَابِرُهُمْ وَ بِأَيِّ قِسْطٍ أَعْدِلُ فِيهِمْ وَ بِأَيَّةِ مَعْرِفَةٍ أَفْصِلُ بَيْنَهُمْ وَ بِأَيِّ عِلْمٍ أُتْقِنُ أُمُورَهُمْ وَ بِأَيِّ عَقْلٍ أُحْصِيهِمْ وَ بِأَيِّ جُنْدٍ أُقَاتِلُهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مِمَّا ذَكَرْتُ شَيْ ءٌ يَا رَبِّ فَقَوِّنِي عَلَيْهِمْ فَإِنَّكَ الرَّبُّ الرَّحِيمُ لَا تُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَ لَا تَحْمِلُهَا إِلَّا طَاقَتَهَا فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَيْهِ أَنِّي سَأُطَوِّقُكَ مَا حَمَّلْتُكَ وَ أَشْرَحُ لَكَ صَدْرَكَ فَتَسْمَعُ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أَشْرَحُ لَكَ فَهْمَكَ فَتَفْقَهُ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أُطْلِقُ لِسَانَكَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ أُحْصِي لَكَ فَلَا يَفُوتُكَ شَيْ ءٌ وَ أَحْفَظُ عَلَيْكَ فَلَا يَعْزُبُ عَنْكَ شَيْ ءٌ وَ أَشُدُّ ظَهْرَكَ فَلَا يَهُولُكَ شَيْ ءٌ وَ أُلْبِسُكَ الْهَيْبَةَ فَلَا يُرَوِّعُكَ شَيْ ءٌ وَ أُسَدِّدُ لَكَ رَأْيَكَ فَتُصِيبُ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أُسَخِّرُ لَكَ جَسَدَكَ فَتُحِسُّ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ أُسَخِّرُ لَكَ النُّورَ وَ الظُّلْمَةَ وَ أَجْعَلُهُمَا جُنْدَيْنِ مِنْ جُنْدِكَ النُّورُ يَهْدِيكَ وَ الظُّلْمَةُ تَحُوطُكَ وَ تَحُوشُ عَلَيْكَ الْأُمَمَ مِنْ وَرَائِكَ فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ بِرِسَالَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِمَا وَعَدَهُ فَمَرَّ بِمَغْرِبِ الشَّمْسِ فَلَا يَمُرُّ بِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ أَجَابُوهُ قَبِلَ مِنْهُمْ وَ إِنْ لَمْ يُجِيبُوهُ أَغْشَاهُمُ الظُّلْمَةَ

ص: 120

فَأَظْلَمَتْ مَدَائِنُهُمْ وَ قُرَاهُمْ وَ حُصُونُهُمْ وَ بُيُوتُهُمْ وَ مَنَازِلُهُمْ وَ أَغْشَتْ أَبْصَارَهُمْ وَ دَخَلَتْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَ آنَافِهِمْ وَ أَجْوَافِهِمْ فَلَا يَزَالُوا فِيهَا مُتَحَيِّرِينَ حَتَّى يَسْتَجِيبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَعِجُّوا إِلَيْهِ «حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ» وَجَدَ عِنْدَهَا الْأُمَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ فَفَعَلَ بِهِمْ مَا كَانَ فَعَلَهُ بِمَنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَهُمْ حَتَّى فَرَغَ مِمَّا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ وَجَدَ جَمْعاً وَ عَدَداً لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قُوَّةً وَ بَأْساً لَا يُطِيقُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ أَلْسِنَةً مُخْتَلِفَةً وَ أَهْوَاءً مُتَشَتِّتَةً وَ قُلُوباً مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ مَشَى عَلَى الظُّلْمَةِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَ ثَمَانَ لَيَالٍ وَ أَصْحَابُهُ يَنْظُرُونَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ كُلِّهَا فَإِذَا بِمَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَابِضٍ عَلَى الْجَبَلِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي مِنَ الْآنَ إِلَى مُنْتَهَى الدَّهْرِ سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ أَوَّلِ الدُّنْيَا إِلَى آخِرِهَا سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ مَوْضِعِ كَفِّي إِلَى عَرْشِ رَبِّي سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ مُنْتَهَى الظُّلْمَةِ إِلَى النُّورِ فَلَمَّا سَمِعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ خَرَّ سَاجِداً فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى قَوَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَعَانَهُ عَلَى النَّظَرِ إِلَى ذَلِكَ الْمَلَكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ كَيْفَ قَوِيتَ يَا ابْنَ آدَمَ عَلَى أَنْ تَبْلُغَ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ وُلْدِ آدَمَ قَبْلَكَ قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَوَّانِي عَلَى ذَلِكَ الَّذِي قَوَّاكَ عَلَى قَبْضِ هَذَا الْجَبَلِ- وَ هُوَ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ كُلِّهَا قَالَ لَهُ الْمَلَكُ صَدَقْتَ وَ لَوْ لَا هَذَا الْجَبَلُ لَانْكَفَأَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ جَبَلٌ أَعْظَمَ مِنْهُ وَ هُوَ أَوَّلُ جَبَلٍ أَسَّسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَأْسُهُ مُلْصَقٌ بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا وَ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى وَ هُوَ مُحِيطٌ بِهَا كَالْحَلْقَةِ وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَدِينَةٌ إِلَّا وَ لَهَا عِرْقٌ إِلَى هَذَا الْجَبَلِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُزَلْزِلَ مَدِينَةً فَأَوْحَى إِلَيَّ فَحَرَّكْتُ الْعِرْقَ الَّذِي يَلِيهَا فَزَلْزَلْتُهَا فَلَمَّا أَرَادَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الرُّجُوعَ قَالَ لِلْمَلَكِ أَوْصِنِي قَالَ الْمَلَكُ لَا يَهُمَّنَّكَ رِزْقُ غَدٍ وَ لَا تُؤَخِّرْ عَمَلَ الْيَوْمِ لِغَدٍ وَ لَا تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَكَ وَ عَلَيْكَ بِالرِّفْقِ وَ لَا تَكُنْ جَبَّاراً مُتَكَبِّراً ثُمَّ إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ

ص: 121

عَطَفَ بِهِمْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ يَسْتَقْرِي مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ مِنَ الْأُمَمِ فَيَفْعَلُ بِهِمْ مَا فَعَلَ بِأُمَمِ الْمَغْرِبِ قَبْلَهُمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ عَطَفَ نَحْوَ الرُّومِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ فَإِذَا هُوَ بِأُمَّةٍ «لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا» وَ إِذَا مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الرُّومِ مَشْحُونٌ مِنْ أُمَّةٍ يُقَالُ لَهَا يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ يَأْكُلُونَ وَ يَشْرَبُونَ وَ يَتَوَالَدُونَ هُمْ ذُكُورٌ وَ إِنَاثٌ وَ فِيهِمْ مَشَابِهُ مِنَ النَّاسِ الْوُجُوهُ وَ الْأَجْسَادُ وَ الْخِلْقَةُ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ نُقِصُوا فِي الْأَبْدَانِ نَقْصاً شَدِيداً وَ هُمْ فِي طُولِ الْغِلْمَانِ لَيْسَ مِنْهُمْ أُنْثَى وَ لَا ذَكَرٌ يُجَاوِزُ طُولُهُ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ وَ هُمْ عَلَى مِقْدَارٍ وَاحِدٍ فِي الْخَلْقِ وَ الصُّوَرِ عُرَاةٌ حُفَاةٌ لَا يَغْزِلُونَ وَ لَا يَلْبَسُونَ وَ لَا يَحْتَذُونَ عَلَيْهِمْ وَبَرٌ كَوَبَرِ الْإِبِلِ يُوَارِيهِمْ وَ يَسْتُرُهُمْ مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُذُنَانِ أَحَدُهُمَا ذَاتُ شَعَرٍ وَ الْأُخْرَى ذَاتُ وَبَرٍ ظَاهِرُهُمَا وَ بَاطِنُهُمَا وَ لَهُمْ مَخَالِبُ فِي مَوْضِعِ الْأَظْفَارِ وَ أَضْرَاسٌ وَ أَنْيَابٌ كَأَضْرَاسِ السِّبَاعِ وَ أَنْيَابِهَا وَ إِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ افْتَرَشَ إِحْدَى أُذُنَيْهِ وَ الْتَحَفَ الْأُخْرَى فَتَسَعُهُ لِحَافاً وَ هُمْ يُرْزَقُونَ تِنِّينَ الْبَحْرِ كُلَّ عَامٍ يَقْذِفُهُ عَلَيْهِمُ السَّحَابُ فَيَعِيشُونَ بِهِ عَيْشاً خِصْباً وَ يَصْلُحُونَ عَلَيْهِ وَ يَسْتَمْطِرُونَهُ فِي إِبَّانِهِ كَمَا يَسْتَمْطِرُ النَّاسُ الْمَطَرَ فِي إِبَّانِ الْمَطَرِ فَإِذَا قُذِفُوا بِهِ أَخْصَبُوا وَ سَمِنُوا وَ تَوَالَدُوا وَ كَثُرُوا فَأَكَلُوا مِنْهُ حَوْلًا كَامِلًا إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَ لَا يَأْكُلُونَ مَعَهُ شَيْئاً غَيْرَهُ وَ هُمْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَ إِذَا أَخْطَأَهُمُ التِّنِّينُ قُحِطُوا وَ أُجْدِبُوا وَ جَاعُوا وَ انْقَطَعَ النَّسْلُ وَ الْوَلَدُ وَ هُمْ يَتَسَافَدُونَ-كَمَا تَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ وَ حَيْثُ مَا الْتَقَوْا فَإِذَا أَخْطَأَهُمُ التِّنِّينُ جَاعُوا وَ سَاحُوا فِي الْبِلَادِ فَلَا يَدَعُونَ شَيْئاً أَتَوْا عَلَيْهِ إِلَّا أَفْسَدُوهُ وَ أَكَلُوهُ فَهُمْ أَشَدُّ فَسَاداً فِيمَا أَتَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ مِنَ الْجَرَادِ وَ الْبَرَدِ وَ الْآفَاتِ كُلِّهَا وَ إِذَا أَقْبَلُوا مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ جَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا وَ خَلَّوْهَا وَ لَيْسَ يُغْلَبُونَ وَ لَا يُدْفَعُونَ حَتَّى لَا يَجِدُ

ص: 122

أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مَوْضِعاً لِقَدَمِهِ وَ لَا يَخْلُو لِلْإِنْسَانِ قَدْرُ مَجْلِسِهِ وَ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَمْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ وَ لَا يَسْتَطِيعُ شَيْ ءٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِمْ وَ لَا يَدْنُوَ مِنْهُمْ نَجَاسَةً وَ قَذَراً وَ سُوءَ حِلْيَةٍ فَبِهَذَا غَلَبُوا وَ لَهُمْ حِسٌّ وَ حَنِيْنٌ إِذَا أَقْبَلُوا إِلَى الْأَرْضِ يُسْمَعُ حِسُّهُمْ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ فَرْسَخٍ لِكَثْرَتِهِمْ كَمَا يُسْمَعُ حِسُّ الرِّيحِ الْبَعِيدَةِ أَوْ حِسُّ الْمَطَرِ الْبَعِيدِ وَ لَهُمْ هَمْهَمَةٌ إِذَا وَقَعُوا فِي الْبِلَادِ كَهَمْهَمَةِ النَّحْلِ إِلَّا أَنَّهُ أَشَدُّ وَ أَعْلَى صَوْتاً يَمْلَأُ الْأَرْضَ حَتَّى لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَسْمَعُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْهَمْهَمَةِ شَيْئاً وَ إِذَا أَقْبَلُوا إِلَى الْأَرْضِ حَاشُوا وُحُوشَهَا وَ سِبَاعَهَا حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا شَيْ ءٌ مِنْهَا وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَمْلَئُونَ مَا بَيْنَ أَقْطَارِهَا وَ لَا يَتَخَلَّفُ وَرَاءَهُمْ مِنْ سَاكِنِ الْأَرْضِ شَيْ ءٌ فِيهِ رُوحٌ إِلَّا اجْتَلَبُوهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ أَمْرُهُمْ عَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ وَ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ عَرَفَ مَتَى يَمُوتُ وَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْهُمْ ذَكَرٌ حَتَّى يُولَدَ لَهُ أَلْفُ وَلَدٍ وَ لَا يَمُوتُ مِنْهُمْ أُنْثَى حَتَّى تَلِدَ أَلْفَ وَلَدٍ فَبِذَلِكَ عَرَفُوا آجَالَهُمْ فَإِذَا وَلَدُوا الْأَلْفَ بَرَزُوا لِلْمَوْتِ وَ تَرَكُوا طَلَبَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْمَعِيشَةِ وَ الْحَيَاةِ فَتِلْكَ قِصَّتُهُمْ مِنْ يَوْمٍ خَلَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى يَوْمِ يُفْنِيهِمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَجْفَلُوا فِي زَمَانِ ذِي الْقَرْنَيْنِ يَدُورُونَ أَرْضاً أَرْضاً مِنَ الْأَرَضِينَ وَ أُمَّةً أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ وَ هُمْ إِذَا تَوَجَّهُوا الْوَجْهَ لَمْ يَعْدِلُوا عَنْهُ أَبَداً وَ لَا يَنْصَرِفُوا يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ لَا يَلْتَفِتُوا فَلَمَّا أَحَسَّتْ تِلْكَ الْأُمَمُ بِهِمْ وَ سَمِعُوا هَمْهَمَتَهُمْ اسْتَغَاثُوا بِذِي الْقَرْنَيْنِ وَ ذُو الْقَرْنَيْنِ يَوْمَئِذٍ نَازِلٌ فِي نَاحِيَتِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا مَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْمُلْكِ وَ السُّلْطَانِ وَ مَا أَلْبَسَكَ اللَّهُ مِنَ الْهَيْبَةِ وَ مَا أَيَّدَكَ بِهِ مِنْ جُنُودِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ مِنَ النُّورِ وَ الظُّلْمَةِ وَ إِنَّا جِيرَانُ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ لَيْسَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ سِوَى هَذِهِ الْجِبَالِ وَ لَيْسَ لَهُمْ إِلَيْنَا طَرِيقٌ إِلَّا مِنْ هَذَيْنِ الصَّدَفَيْنِ لَوْ مَالُوا عَلَيْنَا أَجْلَوْنَا مِنْ بِلَادِنَا لِكَثْرَتِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونُ لَنَا فِيهَا قَرَارٌ وَ هُمْ خَلْقٌ مِنْ

ص: 123

خَلْقِ اللَّهِ كَثِيرٌ فِيهِمْ مَشَابِهُ مِنَ الْإِنْسِ وَ هُمْ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ يَأْكُلُونَ الْعُشْبَ وَ يَفْرِسُونَ الدَّوَابَّ وَ الْوُحُوشَ كَمَا تَفْتَرِسُهَا السِّبَاعُ وَ يَأْكُلُونَ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ كُلَّهَا مِنَ الْحَيَّاتِ وَ الْعَقَارِبِ وَ كُلَّ ذِي رُوحٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَيْسَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقٌ يَنْمُو نِمَاهُمْ وَ زِيَادَتَهُمْ وَ لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ يَمْلَئُونَ الْأَرْضَ وَ يُجْلُونَ أَهْلَهَا مِنْهَا وَ يُفْسِدُونَ وَ نَحْنُ نَخْشَى كُلَّ وَقْتٍ أَنْ يَطْلُعَ عَلَيْنَا أَوَائِلُهُمْ مِنْ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ وَ قَدْ آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْحِيلَةِ وَ الْقُوَّةِ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ «فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَ بَيْنَهُمْ سَدًّا قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ» قَالُوا وَ مِنْ أَيْنَ لَنَا مِنَ الْحَدِيدِ وَ النُّحَاسِ مَا يَسَعُ هَذَا الْعَمَلَ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَعْمَلَ قَالَ إِنِّي سَأَدُلُّكُمْ عَلَى مَعْدِنِ الْحَدِيدِ وَ النُّحَاسِ فَضَرَبَ لَهُمْ فِي جَبَلَيْنِ حَتَّى فَتَقَهُمَا وَ اسْتَخْرَجَ مِنْهُمَا مَعْدِنَيْنِ مِنَ الْحَدِيدِ وَ النُّحَاسِ قَالُوا بِأَيِّ قُوَّةٍ نَقْطَعُ الْحَدِيدَ وَ النُّحَاسَ فَاسْتَخْرَجَ لَهُمْ مَعْدِناً آخَرَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ يُقَالُ لَهُ السَّامُورُ وَ هُوَ أَشَدُّ شَيْ ءٍّ بَيَاضاً وَ لَيْسَ شَيْ ءٌ مِنْهُ يُوضَعُ عَلَى شَيْ ءٍ إِلَّا ذَابَ تَحْتَهُ فَصَنَعَ لَهُمْ مِنْهُ أَدَاةً يَعْمَلُونَ بِهَا وَ بِهِ قَطَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ (عليه السّلام) أَسَاطِينَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ صُخُورَهُ جَاءَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ مِنْ تِلْكَ الْمَعَادِنِ فَجَمَعُوا مِنْ ذَلِكَ مَا اكْتَفَوْا بِهِ فَأَوْقَدُوا عَلَى الْحَدِيدِ حَتَّى صَنَعُوا مِنْهُ زُبَراً مِثْلَ الصُّخُورِ فَجَعَلَ حِجَارَتَهُ مِنْ حَدِيدٍ ثُمَّ أَذَابَ النُّحَاسَ فَجَعَلَهُ كَالطِّينِ لِتِلْكَ الْحِجَارَةِ ثُمَّ بَنَى وَ قَاسَ مَا بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ فَوَجَدَهُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فَحَفَرَ لَهُ أَسَاساً حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَاءَ وَ جَعَلَ عَرْضَهُ مِيلًا وَ جَعَلَ حَشْوَهُ زُبَرَ الْحَدِيدِ وَ أَذَابَ النُّحَاسَ فَجَعَلَهُ خِلَالَ الْحَدِيدِ فَجَعَلَ طَبَقَةً مِنْ نُحَاسٍ وَ أُخْرَى مِنْ حَدِيدٍ حَتَّى سَاوَى الرَّدْمَ بِطُولِ الصَّدَفَيْنِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بُرْدُ حِبَرَةٍ مِنْ صُفْرَةِ النُّحَاسِ وَ حُمْرَتِهِ وَ سَوَادِ الْحَدِيدِ فَيَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ يَنْتَابُونَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَسِيحُونَ فِي بِلَادِهِمْ حَتَّى إِذَا وَقَعُوا إِلَى

ص: 124

الرَّدْمِ حَبَسَهُمْ فَرَجَعُوا يَسِيحُونَ فِي بِلَادِهِمْ فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى تَقْرُبَ السَّاعَةُ وَ يَجِي ءَ أَشْرَاطُهَا فَإِذَا جَاءَ أَشْرَاطُهَا وَ هُوَ قِيَامُ الْقَائِمِ عَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَهُ فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ «حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ» فَلَمَّا فَرَغَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ عَمَلِ السَّدِّ انْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ وَ جُنُودَهُ إِذْ مَرَّ عَلَى شَخْصٍ يُصَلِّي فَوَقَفَ عَلَيْهِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ كَيْفَ لَمْ يَرُعْكَ مَا حَضَرَكَ مِنَ الْجُنُودِ قَالَ كُنْتُ أُنَاجِي مَنْ هُوَ أَكْثَرُ جُنُوداً مِنْكَ وَ أَعَزُّ سُلْطَاناً وَ أَشَدُّ قُوَّةً وَ لَوْ صَرَفْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ لَمْ أُدْرِكْ حَاجَتِي قِبَلَهُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ هَلْ لَكَ أَنْ تَنْطَلِقَ مَعِي فَأُوَاسِيَكَ بِنَفْسِي وَ أَسْتَعِينَ بِكَ عَلَى بَعْضِ أُمُورِي قَالَ نَعَمْ إِنْ ضَمِنْتَ لِي أَرْبَعَ خِصَالٍ نَعِيماً لَا يَزُولُ وَ صِحَّةً لَا سُقْمَ فِيهَا وَ شَبَاباً لَا هَرَمَ مَعَهُ وَ حَيَاةً لَا مَوْتَ مَعَهَا فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ أَيُّ مَخْلُوقٍ يَقْدِرُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ قَالَ فَإِنِّي مَعَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ وَ يَمْلِكُهَا وَ إِيَّاكَ ثُمَّ مَرَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ لِذِي الْقَرْنَيْنِ أَخْبِرْنِي عَنْ شَيْئَيْنِ مُنْذُ خَلَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَيْنِ وَ عَنْ شَيْئَيْنِ جَارِيَيْنِ وَ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَ شَيْئَيْنِ مُتَبَاغِضَيْنِ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْقَائِمَانِ فَالسَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْجَارِيَانِ فَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْمُخْتَلِفَانِ فَاللَّيْلُ وَ النَّهَارُ وَ أَمَّا الشَّيْئَانِ الْمُتَبَاغِضَانِ فَالْمَوْتُ وَ الْحَيَاةُ فَقَالَ انْطَلِقْ فَإِنَّكَ عَالِمٌ فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ يَسِيرُ فِي الْبِلَادِ حَتَّى مَرَّ بِشَيْخٍ يُقَلِّبُ جَمَاجِمَ الْمَوْتَى فَوَقَفَ عَلَيْهِ بِجُنُودِهِ فَقَالَ أَخْبِرْنِي أَيُّهَا الشَّيْخُ لِأَيِّ شَيْ ءٍ تُقَلِّبُ هَذِهِ الْجَمَاجِمَ قَالَ لِأَعْرِفَ الشَّرِيفَ مِنَ الْوَضِيعِ فَمَا عَرَفْتُ وَ إِنِّي لَأُقَلِّبُهَا عِشْرِينَ سَنَةً فَانْطَلَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ تَرَكَهُ وَ قَالَ مَا أَرَاكَ عَنَيْتَ بِهَذَا أَحَداً غَيْرِي فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ وَقَعَ إِلَى الْأُمَّةِ الْعَالِمَةِ الَّذِينَ مِنْهُمْ قَوْمُ مُوسَى الَّذِينَ «يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ» فَوَجَدَ أُمَّةً مُقْسِطَةً عَادِلَةً يُقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ

ص: 125

وَ يَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ وَ يَتَوَاسَوْنَ وَ يَتَرَاحَمُونَ حَالُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ مُؤْتَلِفَةٌ وَ طَرِيقَتُهُمْ مُسْتَقِيمَةٌ وَ سِيرَتُهُمْ جَمِيلَةٌ وَ قُبُورُ مَوْتَاهُمْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ وَ عَلَى أَبْوَابِ دُورِهِمْ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابٌ وَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أُمَرَاءُ وَ لَيْسَ بَيْنَهُمْ قُضَاةٌ وَ لَيْسَ فِيهِمْ أَغْنِيَاءُ وَ لَا مُلُوكٌ وَ لَا أَشْرَافٌ وَ لَا يَتَفَاوَتُونَ وَ لَا يَتَفَاضَلُونَ وَ لَا يَخْتَلِفُونَ وَ لَا يَتَنَازَعُونَ وَ لَا يَسْتَبُّونَ وَ لَا يَقْتَتِلُونَ وَ لَا تُصِيبُهُمُ الْآفَاتُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ مُلِئَ مِنْهُمْ عَجَباً فَقَالَ لَهُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ أَخْبِرُونِي خَبَرَكُمْ فَإِنِّي قَدْ دُرْتُ فِي الْأَرْضِ شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا وَ بَرَّهَا وَ بَحْرَهَا وَ سَهْلَهَا وَ جَبَلَهَا وَ نُورَهَا وَ ظُلْمَتَهَا فَلَمْ أَرَ مِثْلَكُمْ فَأَخْبِرُونِي مَا بَالُ قُبُورِكُمْ عَلَى أَبْوَابِ أَفْنِيَتِكُمْ قَالُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ عَمْداً لِئَلَّا نَنْسَى الْمَوْتَ وَ لَا يَخْرُجَ ذِكْرُهُ مِنْ قُلُوبِنَا قَالَ فَمَا بَالُ بُيُوتِكُمْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَبْوَابٌ قَالُوا لَيْسَ فِينَا لِصٌّ وَ لَا خَائِنٌ وَ لَيْسَ فِينَا إِلَّا أَمِينٌ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ قَالُوا إِنَّا لَا نَتَظَالَمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ حُكَّامٌ قَالُوا إِنَّا لَا نَخْتَصِمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ مُلُوكٌ قَالُوا لِأَنَّا لَا نَتَكَاثَرُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ أَشْرَافٌ قَالُوا لِأَنَّا لَا نَتَنَافَسُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَتَفَاضَلُونَ وَ لَا تَتَفَاوَتُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَا مُتَوَاسُونَ مُتَرَاحِمُونَ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُنَازِعُونَ وَ لَا تَخْتَصِمُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أُلْفَةِ قُلُوبِنَا وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِنَا قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَسْتَبُونَ وَ لَا تَقْتَتِلُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا غَلَبْنَا طَبَائِعَنَا بِالْعَزْمِ وَ سَنَنَّا أَنْفُسَنَا بِالْحِلْمِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ كَلِمَتُكُمْ وَاحِدَةٌ وَ طَرِيقَتُكُمْ مُسْتَقِيمَةٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَتَكَاذَبُ وَ لَا نَتَخَادَعُ وَ لَا يَغْتَابُ بَعْضُنَا بَعْضاً قَالَ فَأَخْبِرُونِي لِمَ لَيْسَ فِيكُمْ فَقِيرٌ وَ لَا مِسْكِينٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ فَظٌّ وَ لَا غَلِيظٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ الذُّلِّ وَ التَّوَاضُعِ قَالَ فَلِمَ جَعَلَكُمُ اللَّهُ أَطْوَلَ النَّاسِ أَعْمَاراً قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَتَعَاطَى الْحَقَّ وَ نَحْكُمُ بِالْعَدْلِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُقْحَطُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَغْفُلُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تَحْزَنُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا عَلَى الْبَلَاءِ وَ حَرَصْنَا عَلَيْهِ فَعَزَّيْنَا

ص: 126

أَنْفُسَنَا قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَا تُصِيبُكُمُ الْآفَاتُ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لَا نَتَوَكَّلُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ وَ لَا نَسْتَمْطِرُ بِالْأَنْوَاءِ وَ النُّجُومِ وَ قَالَ حَدِّثُونِي أَيُّهَا الْقَوْمُ أَ هَكَذَا وَجَدْتُمْ آبَاءَكُمْ يَفْعَلُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا يَرْحَمُونَ مِسْكِينَهُمْ وَ يُوَاسُونَ فَقِيرَهُمْ وَ يَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَ يُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمُسِيئِهِمْ وَ يَصِلُونَ أَرْحَامَهُمْ وَ يُؤَدُّونَ أَمَانَاتِهِمْ وَ يَصْدُقُونَ وَ لَا يَكْذِبُونَ فَأَصْلَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ بِذَلِكَ أَمْرَهُمْ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ ذُو الْقَرْنَيْنِ حَتَّى قُبِضَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ عُمُرٌ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَ السِّنَّ فَأَدْرَكَهُ الْكِبَرُ وَ كَانَ عِدَّةُ مَا سَارَ فِي الْبِلَادِ مِنْ يَوْمَ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى يَوْمَ قُبِضَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ.

البحار : ج 5 ص 422

37 - علل الشرائع ن، عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى قَالَ رَوَى أَصْحَابُنَا عَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَصْلَحَكَ اللَّهُ كَيْفَ صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَأْمُونِ وَ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السّلام) يَا هَذَا أَيُّهُمَا أَفْضَلُ النَّبِيُّ أَوِ الْوَصِيُّ قَالَ لَا بَلِ النَّبِيُّ قَالَ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ مُسْلِمٌ أَوْ مُشْرِكٌ قَالَ لَا بَلْ مُسْلِمٌ قَالَ فَإِنَ الْعَزِيزَ عَزِيزَ مِصْرَ كَانَ مُشْرِكاً وَ كَانَ يُوسُفُ (عليه السّلام) نَبِيّاً وَ إِنَّ الْمَأْمُونَ مسلما [مُسْلِمٌ] وَ أَنَا وَصِيٌّ وَ يُوسُفُ سَأَلَ الْعَزِيزَ أَنْ يُوَلِّيَهُ حِينَ قَالَ «اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» وَ أَنَا أُجْبِرْتُ عَلَى ذَلِكَ وَ قَالَ (عليه السّلام) فِي قَوْلِهِ «اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» قَالَ حَافِظٌ لِمَا فِي يَدَيَّ عَالِمٌ بِكُلِّ لِسَان.(1)

***

ص: 127


1- هذا الخبر على فرض صدوره إنما هو على مذاق العامة و من باب المماشاة مع الخصم وإلّا فالظاهر أفضلية أوصياء خاتم النبيين عن الأنبياء السابقين ويدلّ عليه أخبار كثيرة مذكورة في كتاب الإمامة من هذا الكتاب فراجع. السبزواري.
باب (10) قصص أيوب (عليه السّلام)

البحار: ج 5 ص 473

16 - الْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السّلام) قَالَ: أَخَذَ النَّاسُ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ أَخَذُوا الصَّبْرَ عَنْ أَيُّوبَ (عليه السّلام) وَ الشُّكْرَ عَنْ نُوحٍ (عليه السّلام) وَ الْحَسَدَ عَنْ بَنِي يَعْقُوبَ.(1)

البحار: ج 5 ص 475 السطر الأخير

تذييل: قال السيد قدّس سرّه في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قيل فما قولكم في الأمراض و المحن التي لحقت نبي الله أيوب (عليه السّلام) أ و ليس قد نطق القرآن بأنها كانت جزاء على ذنب في قوله «أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ» و العذاب لا يكون إلا جزاء كالعقاب و الآلام الواقعة على سبيل الامتحان لا تسمى عذابا و لا عقابا أ و ليس قد روى جميع المفسرين أن الله تعالى إنما عاقبه بذلك البلاء لتركه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قصته مشهورة يطول شرحها. الجواب قلنا أما ظاهر القرآن فليس يدل على أن أيوب (عليه السّلام) عوقب بما نزل به من المضار و ليس في ظاهره شي ء مما ظنه السائل لأنه تعالى قال «وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ» و النصب هو التعب و فيه لغتان فتح النون و الصاد و ضم النون و تسكين الصاد و التعب هو المضرة التي لا تختص بها العقاب و قد تكون على سبيل الاختبار و الامتحان فأما العذاب فهو أيضا يجري مجرى المضار التي لا يختص إطلاق ذكرها بجهة دون جهة و لهذا يقال للظالم المبتدي بالظلم إنه معذب و مضر

ص: 128


1- لعل المراد الانتهاء في هذه الأمور لا أحد اخذ الصبر والشكر والحسد. السبزواري.

ومولم و ربما قيل معاقب على سبيل المجاز و ليس لفظة العذاب بجارية مجرى لفظة العقاب لأن لفظة العقاب يقتضي بظاهرها الجزاء لأنها من التعقيب و المعاقبة و لفظة العذاب ليست كذلك فأما إضافته ذلك إلى الشيطان و إنما ابتلاه الله تعالى به فله وجه صحيح لأنه لم يضف المرض و السقم إلى الشيطان و إنما أضاف إليه ما كان يستضر به من وسوسته و يتعب به من تذكيره له ما كان فيه من النعم و العافية و الرخاء و دعائه له إلى التضجر و التبرم بما هو عليه و لأنه كان أيضا يوسوس إلى قومه بأن يستقذروه و يتجنبوه لما كان عليه من الأمراض البشعة المنظر و يخرجوه من بينهم و كل هذا ضرر من جهة اللعين إبليس. و قد روي أن زوجته (عليه السّلام) كانت تخدم الناس في منازلهم و تصير إليه بما يأكله و يشربه و كان الشيطان يلقي إليهم أن داءه يعدي و يحسن إليهم تجنب خدمة زوجته من حيث كانت تباشر قروحه و تمس جسده و هذه مضار لا شبهة فيها فأما قوله تعالى في سورة الأنبياء «وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَ آتَيْناهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ ذِكْرى لِلْعابِدِينَ» فلا ظاهر لها أيضا يقتضي ما ذكروه لأن الضر هو الضرر الذي قد يكون محنة كما يكون عقوبة فأما ما روي في هذا الباب عن جملة المفسرين فمما لا يلتفت إلى مثله لأن هؤلاء لا يزالون يضيفون إلى ربهم تعالى و إلى رسله (عليهم السّلام) كل قبيح و يقرفونهم بكل عظيم و في روايتهم هذه السخيفة ما إذا تأمله المتأمل علم أنه موضوع باطل مصنوع لأنهم رووا أن الله تعالى سلط إبليس على مال أيوب (عليه السّلام) و غنمه و أهله فلما أهلكهم و دمر عليهم و رأى صبره و تماسكه قال إبليس لربه يا رب إن أيوب قد علم أنه ستخلف له ماله و ولده فسلطني على جسده فقال قد سلطتك على جسده إلا قلبه و بصره قال فأتاه فنفخه من لدن قرنه إلى قدمه فصار قرحة واحدة فقذف على كناسة لبني إسرائيل سبع

ص: 129

سنين و أشهرا يختلف الدواب في جسده إلى شرح طويل نصون كتابنا عن ذكر تفصيله فمن يقبل عقله هذا الجهل و الكفر كيف يوثق بروايته و من لا يعلم أن الله تعالى لا يسلط إبليس على خلقه و أن إبليس لا يقدر على أن يقرح الأجساد و لا أن يفعل الأمراض كيف يعتمد روايته فأما هذه الأمراض النازلة بأيوب (عليه السّلام) فلم يكن إلا اختبارا و امتحانا و تعريضا للثواب بالصبر عليها و العوض العظيم النفيس في مقابلتها و هذه سنة الله تعالى في أصفيائه و أوليائه.(1)

البحار: ج 5 ص 491

2 – بَعَثَ اللَّهُ شُعَيْباً إِلَى مَدْيَنَ وَ هِيَ قَرْيَةٌ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَ حَكَى اللَّهُ قَوْلَهُمْ «قالُوا يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُن»ا إِلَى قَوْلِهِ «الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ» قَالَ قَالُوا إِنَّكَ لَأَنْتَ السَّفِيهُ الْجَاهِلُ فَحَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلَهُمْ «إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ» وَ إِنَّمَا أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَقْصِ الْمِكْيَالِ وَ الْمِيزَانِ.(2)

ص: 130


1- أقول: يمكن الجمع بين جميع أخبار الباب بأن نقول لا شك في ابتلاء أيوب في الجملة فما توافقت عليه النصوص المعتمدة هو مقدار ابتلائه وما ينقل من العامة إنما هو من إراءة الشيطان ذلك للرائي واشتهاره ذلك بين الناس حتّى يجعل النفرة التامة منه (عليه السّلام) وفي قوله رب إني مسّني الشيطان بنصب وعذاب إشارة إلى ذلك فتدبّر. السبزواري.
2- أقول: لما كان السفه يلازم الحلم غالبا والجهل للبلادة والرشد فالتعبير بالملازم الغالبي. السبزواري.

أبواب قصص موسى وهارون (عليهما السّلام)

باب (1) نقش خاتمهما وعلل تسميتهما وفضائلهما وسننهما وبعض أحوالهما

البحار: في اسم أمّ موسی ج13 ص7 س6(1)

البحار: ج 5 ص 503

5 - فِي خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَوَّلُ نَبِيٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَ آخِرُهُمْ عِيسَى وَ سِتُّمِائَةِ نَبِيٍّ.(2)

***

باب (2) أحوال موسی (عليه السّلام) من حين ولادته إلى نبوّته

البحار: ج 5 ص 518

2- أَبِي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَّ مُوسَى (عليه السّلام) لَمَّا حَمَلَتْ أُمُّهُ بِهِ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا إِلَّا عِنْدَ وَضْعِهِ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ وَكَّلَ بِنِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ نِسَاءً مِنَ الْقِبْطِ تَحْفَظُهُنَّ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَلَغَهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ يُولَدُ فِينَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ يَكُونُ هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابِهِ

ص: 131


1- السبزواري: لفظة اسم أمّ موسى من الطلسمات ولها آثار غريبة و وجه تلك الآثار المترتبة الاسم هو انقطاعها إلى باريها حيث ألقته في البحر بأمره تعالی فتدبّر راشداً.
2- موسی أول نبيّ من بني إسرائيل، وآخرهم عيسى، وأمّا يعقوب فهو إسرائيل الله، وهو لم يكن من بني إسرائيل، بل منه بني إسرائيل. السبزواري.

عَلَى يَدَيْهِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ لَأَقْتُلَنَّ ذُكُورَ أَوْلَادِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مَا يُرِيدُونَ وَ فَرَّقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ حَبَسَ الرِّجَالَ فِي الْمَحَابِسِ فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ مُوسَى بِمُوسَى (عليه السّلام) نَظَرَتْ وَ حَزِنَتْ وَ اغْتَمَّتْ وَ بَكَتْ وَ قَالَتْ يُذْبَحُ السَّاعَةَ فَعَطَفَ اللَّهُ قَلْبَ الْمُوَكَّلَةِ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَتْ لِأُمِّ مُوسَى مَا لَكِ قَدِ اصْفَرَّ لَوْنُكِ فَقَالَتْ أَخَافُ أَنْ يُذْبَحَ وَلَدِي فَقَالَتْ لَا تَخَافِي وَ كَانَ مُوسَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا أَحَبَّهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ «وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي» فَأَحَبَّتْهُ الْقِبْطِيَّةُ الْمُوَكَّلَةُ بِهِ وَ أُنْزِلَ عَلَى أُمِّ مُوسَى التَّابُوتُ وَنُودِيَتْ ضَعْهُ فِي التَّابُوتِ «فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ» وَ هُوَ الْبَحْرُ «وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ» فَوَضَعَتْهُ فِي التَّابُوتِ وَ أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ وَ أَلْقَتْهُ فِي النِّيلِ وَ كَانَ لِفِرْعَوْنَ قَصْرٌ عَلَى شَطِّ النِّيلِ مُتَنَزَّهٌ فَنَظَرَ مِنْ قَصْرِهِ وَ مَعَهُ آسِيَةُ امْرَأَتُهُ إِلَى سَوَادٍ فِي النِّيلِ تَرْفَعُهُ الْأَمْوَاجُ وَ تَضْرِبُهُ الرِّيَاحُ حَتَّى جَاءَتْ بِهِ عَلَى بَابِ قَصْرِ فِرْعَوْنَ فَأَمَرَ فِرْعَوْنُ بِأَخْذِهِ فَأُخِذَ التَّابُوتُ وَ رُفِعَ إِلَيْهِ فَلَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ فِيهِ صَبِيّاً فَقَالَ هَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ فَأَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ فِرْعَوْنَ لِمُوسَى مَحَبَّةً شَدِيدَةً وَ كَذَلِكَ فِي قَلْبِ آسِيَةَ وَ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَتْ آسِيَةُ «لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ» أَنَّهُ مُوسَى وَ لَمْ يَكُنْ لِفِرْعَوْنَ وَلَدٌ فَقَالَ الْتَمِسُوا لَهُ ظِئْراً تُرَبِّيهِ فَجَاءُوا بِعِدَّةِ نِسَاءٍ قَدْ قُتِلَ أَوْلَادُهُنَّ فَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ «وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ» وَ بَلَغَ أُمَّهُ أَنَّ فِرْعَوْنَ قَدْ أَخَذَهُ فَحَزِنَتْ وَ بَكَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ «وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ» يَعْنِي كَادَتْ أَنْ تُخْبِرَهُمْ بِخَبَرِهِ أَوْ تَمُوتَ ثُمَّ ضَبَطَتْ نَفْسَهَا فَكَانَتْ كَمَا قَالَ «لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ثُمَ «قالَتْ» لِأُخْتِ مُوسَى «قُصِّيهِ» أَيِ اتَّبِعِيهِ فَجَاءَتْ أُخْتُهُ إِلَيْهِ «فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ» أَيْ عَنْ بُعْدٍ «وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ» فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ مُوسَى بِأَخْذِ ثَدْيِ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ اغْتَمَّ فِرْعَوْنُ غَمّاً شَدِيداً «فَقالَتْ أُخْتُهُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ

ص: 132

وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ» فَقَالُوا نَعَمْ فَجَاءَتْ بِأُمِّهِ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ فِي حِجْرِهَا وَ أَلْقَمَتْهُ ثَدْيَهَا الْتَقَمَهُ وَ شَرِبَ فَفَرِحَ فِرْعَوْنُ وَ أَهْلُهُ وَ أَكْرَمُوا أُمَّهُ فَقَالُوا لَهَا رَبِّيهِ لَنَا فَإِنَّا نَفْعَلُ بِكِ وَ نَفْعَلُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ «فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» وَ كَانَ فِرْعَوْنُ يَقْتُلُ أَوْلَادَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلَّ مَا يَلِدُونَ وَ يُرَبِّي مُوسَى وَ يُكْرِمُهُ وَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ هَلَاكَهُ عَلَى يَدِهِ فَلَمَّا دَرَجَ مُوسَى كَانَ يَوْماً عِنْدَ فِرْعَوْنَ فَعَطَسَ مُوسَى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأَنْكَرَ فِرْعَوْنُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ لَطَمَهُ وَ قَالَ مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُ فَوَثَبَ مُوسَى عَلَى لِحْيَتِهِ وَ كَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ فَهَلَبَهَا أَيْ قَلَعَهَا فَهَمَّ فِرْعَوْنُ بِقَتْلِهِ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامٌ حَدَثٌ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ وَ قَدْ لَطَمْتَهُ بِلَطْمَتِكَ إِيَّاهُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ بَلْ يَدْرِي فَقَالَتْ لَهُ ضَعْ بَيْنَ يَدَيْكَ تَمْراً وَ جَمْراً فَإِنْ مَيَّزَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ الَّذِي تَقُولُ فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَمْراً وَ جَمْراً فَقَالَ لَهُ كُلْ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى التَّمْرِ فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ فَصَرَفَهَا إِلَى الْجَمْرِ فِي فِيهِ فَاحْتَرَقَ لِسَانُهُ فَصَاحَ وَ بَكَى فَقَالَتْ آسِيَةُ لِفِرْعَوْنَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُ لَا يَعْقِلُ فَعَفَا عَنْهُ قَالَ الرَّاوِي فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) فَكَمْ مَكَثَ مُوسَى غَائِباً عَنْ أُمِّهِ حَتَّى رَدَّهُ اللَّهُ عَلَيْهَا قَالَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقُلْتُ وَ كَانَ هَارُونُ أَخَا مُوسَى لِأَبِيهِ وَ أُمِّهِ قَالَ نَعَمْ أَ مَا تَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ «يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي» فَقُلْتُ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْبَرَ سِنّاً قَالَ هَارُونُ فَقُلْتُ وَ كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً قَالَ كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَى مُوسَى وَ مُوسَى يُوحِيهِ إِلَى هَارُونَ فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَحْكَامِ وَ الْقَضَاءِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ أَ كَانَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا قَالَ كَانَ مُوسَى الَّذِي يُنَاجِي رَبَّهُ وَ يَكْتُبُ الْعِلْمَ وَ يَقْضِي بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ هَارُونُ يَخْلُفُهُ إِذَا غَابَ عَنْ قَوْمِهِ لِلْمُنَاجَاةِ قُلْتُ فَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ قَالَ مَاتَ هَارُونُ قَبْلَ مُوسَى (عليه السّلام) وَ مَاتَا جَمِيعاً فِي التِّيهِ قُلْتُ وَ كَانَ لِمُوسَى وَلَدٌ قَالَ لَا كَانَ الْوَلَدُ لِهَارُونَ وَ الذُّرِّيَّةُ لَهُ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ مُوسَى عِنْدَ فِرْعَوْنَ فِي أَكْرَمِ كَرَامَةٍ حَتَّى بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَ كَانَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مُوسَى مِنَ التَّوْحِيدِ

ص: 133

حَتَّى هَمَّ بِهِ فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ عِنْدِهِ وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَجُلَانِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا يَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَى وَ الْآخَرُ يَقُولُ بِقَوْلِ فِرْعَوْنَ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي هُوَ مِنْ شِيعَتِهِ فَجَاءَ مُوسَى فَوَكَزَ صَاحِبَهُ فَقَضَى عَلَيْهِ وَ تَوَارَى فِي الْمَدِينَةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ آخَرُ فَتَشَبَّثَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَى فَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى فَلَمَّا نَظَرَ صَاحِبُهُ إِلَى مُوسَى قَالَ لَهُ «أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ» فَخَلَّى صَاحِبَهُ وَ هَرَبَ وَ كَانَ خَازِنُ فِرْعَوْنَ مُؤْمِناً بِمُوسَى قَدْ كَتَمَ إِيمَانَهُ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ وَ هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ «وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ» وَ بَلَغَ فِرْعَوْنَ خَبَرُ قَتْلِ مُوسَى الرَّجُلَ فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ فَبَعَثَ الْمُؤْمِنُ إِلَى مُوسَى «إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ» فَخَرَجَ مِنْهَا كَمَا حَكَى اللَّهُ «خائِفاً يَتَرَقَّبُ» قَالَ يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً وَ يَقُولُ «رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» وَ مَرَّ نَحْوَ مَدْيَنَ وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَدْيَنَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ مَدْيَنَ رَأَى بِئْراً يَسْتَقِي النَّاسُ مِنْهَا لِأَغْنَامِهِمْ وَ دَوَابِّهِمْ فَقَعَدَ نَاحِيَةً وَ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ شَيْئاً فَنَظَرَ إِلَى جَارِيَتَيْنِ فِي نَاحِيَةٍ وَ مَعَهُمَا غُنَيْمَاتٌ لَا تَدْنُوَانِ مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لَهُمَا مَا لَكُمَا لَا تَسْتَقِيَانِ فَقَالَتَا كَمَا حَكَى اللَّهُ «حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ» فَرَحِمَهُمَا مُوسَى وَ دَنَا مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لِمَنْ عَلَى الْبِئْرِ أَسْتَقِي لِي دَلْواً وَ لَكُمْ دَلْواً وَ كَانَ الدَّلْوُ يَمُدُّهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ فَاسْتَقَى وَحْدَهُ دَلْواً لِمَنْ عَلَى الْبِئْرِ وَ دَلْواً لِبِنْتَيْ شُعَيْبٍ وَ سَقَى أَغْنَامَهُمَا «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» وَ كَانَ شَدِيدَ الْجُوعِ. وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) إِنَّ مُوسَى كَلِيمَ اللَّهِ حَيْثُ سَقَى لَهُمَا «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» وَ اللَّهِ مَا سَأَلَ اللَّهَ إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ رَأَوْا خُضْرَةَ الْبَقْلِ مِنْ صِفَاقِ بَطْنِهِ مِنْ هُزَالِهِ فَلَمَّا رَجَعَتَا ابْنَتَا شُعَيْبٍ إِلَى شُعَيْبٍ قَالَ لَهُمَا أَسْرَعْتُمَا الرُّجُوعَ فَأَخْبَرَتَاهُ بِقِصَّةِ مُوسَى وَ لَمْ تَعْرِفَاهُ فَقَالَ شُعَيْبٌ

ص: 134

لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اذْهَبِي إِلَيْهِ فَادْعِيهِ لِنَجْزِيَهُ أَجْرَ مَا سَقَى لَنَا فَجَاءَتْ إِلَيْهِ كَمَا حَكَى اللَّهُ «تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ» فَقَالَتْ لَهُ «إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا» فَقَامَ مُوسَى (عليه السّلام) مَعَهَا فَمَشَتْ أَمَامَهُ فَسَفَقَتْهَا الرِّيَاحُ فَبَانَ عَجُزُهَا فَقَالَ لَهَا مُوسَى تَأَخَّرِي وَ دُلِّينِي عَلَى الطَّرِيقِ بِحَصَاةٍ تُلْقِيهَا أَمَامِي أَتْبَعُهَا فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا يَنْظُرُونَ فِي أَدْبَارِ النِّسَاءِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى شُعَيْبٍ قَصَّ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ «لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» قَالَتْ إِحْدَى بَنَاتِ شُعَيْبٍ «يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ» فَقَالَ لَهَا شُعَيْبٌ أَمَّا قُوَّتُهُ فَقَدْ عَرَفْتِهِ بِسَقْيِ الدَّلْوِ وَحْدَهُ فَبِمَ عَرَفْتِ أَمَانَتَهُ فَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ لِي تَأَخَّرِي عَنِّي وَ دُلِّينِي عَلَى الطَّرِيقِ فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا يَنْظُرُونَ فِي أَدْبَارِ النِّسَاءِ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ فِي أَعْجَازِ النِّسَاءِ فَهَذِهِ أَمَانَتُهُ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَ ما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» فَقَالَ لَهُ مُوسَى «ذلِكَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ» أَيْ لَا سَبِيلَ عَلَيَّ إِنْ عَمِلْتُ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِيَ سِنِينَ فَقَالَ مُوسَى «اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ» قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى قَالَ أَتَمَّهُمَا عَشْرَ حِجَجٍ قُلْتُ لَهُ فَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ الْأَجَلُ أَوْ بَعْدُ قَالَ قَبْلُ قُلْتُ فَالرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَ يَشْتَرِطُ لِأَبِيهَا إِجَارَةَ شَهْرَيْنِ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ مُوسَى (عليه السّلام) عَلِمَ أَنَّهُ يُتِمُّ لَهُ شَرْطَهُ فَكَيْفَ لِهَذَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى يَفِيَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَيَّتُهُمَا زَوَّجَهُ شُعَيْبٌ مِنْ بَنَاتِهِ قَالَ الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَيْهِ فَدَعَتْهُ وَ قَالَتْ لِأَبِيهَا «يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ» قَالَ لِشُعَيْبٍ لَا بُدَّ لِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَى وَطَنِي وَ أُمِّي وَ أَهْلِ بَيْتِي فَمَا لِي عِنْدَكَ فَقَالَ شُعَيْبٌ مَا وَضَعَتْ أَغْنَامِي فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ غَنَمٍ بُلْقٍ فَهُوَ لَكَ فَعَمَدَ مُوسَى عِنْدَ مَا أَرَادَ أَنْ يُرْسِلَ الْفَحْلَ عَلَى الْغَنَمِ إِلَى عَصَاهُ فَقَشَرَ مِنْهُ

ص: 135

بَعْضَهُ وَ تَرَكَ بَعْضَهُ وَ عزره فِي وَسَطِ مَرْبِضِ الْغَنَمِ وَ أَلْقَى عَلَيْهِ كِسَاءً أَبْلَقَ(1)ثُمَّ أَرْسَلَ الْفَحْلَ عَلَى الْغَنَمِ فَلَمْ تَضَعِ الْغَنَمُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَّا بُلْقاً فَلَمَّا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَمَلَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَ زَوَّدَهُ شُعَيْبٌ مِنْ عِنْدِهِ وَ سَاقَ غَنَمَهُ فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ قَالَ لِشُعَيْبٍ أَبْغِي عَصًا تَكُونُ مَعِي وَ كَانَتْ عَصَى الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَهُ قَدْ وَرِثَهَا مَجْمُوعَةً فِي بَيْتٍ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ ادْخُلْ هَذَا الْبَيْتَ وَ خُذْ عَصًا مِنْ بَيْنَ تِلْكَ الْعِصِيِّ فَدَخَلَ فَوَثَبَتْ عَلَيْهِ عَصَا نُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمَ (عليهما السّلام) وَ صَارَتْ فِي كَفِّهِ فَأَخْرَجَهَا وَ نَظَرَ إِلَيْهَا شُعَيْبٌ فَقَالَ رُدَّهَا وَ خُذْ غَيْرَهَا فَرَدَّهَا لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا فَوَثَبَتْ إِلَيْهِ تِلْكَ بِعَيْنِهَا فَرَدَّهَا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَى شُعَيْبٌ ذَلِكَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَقَدْ خَصَّكَ اللَّهُ بِهَا فَسَاقَ غَنَمَهُ فَخَرَجَ يُرِيدُ مِصْرَ فَلَمَّا صَارَ فِي مَفَازَةٍ وَ مَعَهُ أَهْلُهُ أَصَابَهُمْ بَرْدٌ شَدِيدٌ وَ رِيحٌ وَ ظُلْمَةٌ وَ قَدْ جَنَّهُمُ اللَّيْلُ وَ نَظَرَ مُوسَى إِلَى نَارٍ قَدْ ظَهَرَتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ «فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» فَأَقْبَلَ نَحْوَ النَّارِ يَقْتَبِسُ فَإِذَا شَجَرَةٌ وَ نَارٌ تَلْتَهِبُ عَلَيْهَا فَلَمَّا ذَهَبَ نَحْوَ النَّارِ يَقْتَبِسُ مِنْهَا أَهْوَتْ إِلَيْهِ فَفَزِعَ مِنْهَا وَ عَدَا وَ رَجَعَتِ النَّارُ إِلَى الشَّجَرَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا وَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الشَّجَرَةِ فَرَجَعَ الثَّانِيَةَ لِيَقْتَبِسَ فَأَهْوَتْ نَحْوَهُ فَعَدَا وَ تَرَكَهَا ثُمَّ الْتَفَتَ وَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الشَّجَرَةِ فَرَجَعَ إِلَيْهَا الثَّالِثَةَ فَأَهْوَتْ إِلَيْهِ فَعَدَا وَ لَمْ يُعَقِّبْ أَيْ لَمْ يَرْجِعْ فَنَادَاهُ اللَّهُ أَنْ يا مُوسى «إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ» قَالَ مُوسَى (عليه السّلام) فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ مَا فِي يَمِينِكَ يَا مُوسَى «قالَ هِيَ عَصايَ قالَ أَلْقِها يا مُوسى فَأَلْقاها» فَصَارَتْ حَيَّةً فَفَزِعَ مِنْهَا مُوسَى وَ عَدَا فَنَادَاهُ اللَّهُ «خُذْها وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ»

ص: 136


1- لخصوصية اللون عند الوقاع دخل في لون المولود طبيّاً. وهذا الخبر يدلّ عليه. السبزواري.

أَيْ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى (عليه السّلام) كَانَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَأَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ» فَقَالَ مُوسَى كَمَا حَكَى اللَّهُ «رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَ أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ».

باب (3) معنى قوله تعالى: (فَاخلَع نَعلَيكَ) وقول موسی (عليه السّلام) «وَاحلُل عُقدَةً مِن لِسَانِي» وأنّه لِمَ سُمِّيَ الجبل طور سيناء

البحار: ج 5 ص 548

باب معنى قوله تعالى «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» و قول موسى (عليه السّلام) «وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي» و أنّه لم سمي الجبل طور سيناء(1)

***

باب (7) نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلّق بها

البحار: ج 5 ص 657

4- «فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ» قَالَ اخْتَبَرْنَاهُمْ «مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ» قَالَ بِالْعِجْلِ الَّذِي عَبَدُوهُ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمَّا وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِ

ص: 137


1- أقول: لا إشكال في أن النعل إنّما هو لأسافل البدن. فالمعنى اخلع كل ما هو من جهة الأسافل و توجه إلى الأعالي فإنك بالوادي المقدس. السبزواري.

التَّوْرَاةَ وَ الْأَلْوَاحَ إِلَى ثَلَاثِينَ يَوْماً أَخْبَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذَلِكَ وَ ذَهَبَ إِلَى الْمِيقَاتِ وَ خَلَّفَ هَارُونَ عَلَى قَوْمِهِ فَلَمَّا جَاءَتِ الثَّلَاثُونَ يَوْماً وَ لَمْ يَرْجِعْ مُوسَى إِلَيْهِمْ عَصَوْا وَ أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوا هَارُونَ قَالُوا إِنَّ مُوسَى كَذَبَنَا وَ هَرَبَ مِنَّا فَجَاءَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ مُوسَى قَدْ هَرَبَ مِنْكُمْ وَ لَا يَرْجِعُ إِلَيْكُمْ أَبَداً فَاجْمَعُوا إِلَيَّ حُلِيَّكُمْ حَتَّى أَتَّخِذَ لَكُمْ إِلَهاً تَعْبُدُونَهُ وَ كَانَ السَّامِرِيُّ عَلَى مُقَدِّمَةِ مُوسَى يَوْمَ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابَهُ فَنَظَرَ إِلَى جَبْرَئِيلَ وَ كَانَ عَلَى حَيَوَانٍ فِي صُورَةِ رَمَكَةٍ وَ كَانَتْ كُلَّمَا وَضَعَتْ حَافِرَهَا عَلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ يَتَحَرَّكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّ وَ كَانَ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ مُوسَى فَأَخَذَ التُّرَابَ مِنْ حَافِرِ رَمَكَةِ جَبْرَئِيلَ وَ كَانَ يَتَحَرَّكُ فَصَرَّهُ فِي صُرَّةٍ وَ كَانَ عِنْدَهُ يَفْتَخِرُ بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ إِبْلِيسُ وَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ قَالَ لِلسَّامِرِيِّ هَاتِ التُّرَابَ الَّذِي مَعَكَ فَجَاءَ بِهِ السَّامِرِيُّ فَأَلْقَاهُ إِبْلِيسُ فِي جَوْفِ الْعِجْلِ فَلَمَّا وَقَعَ التُّرَابُ فِي جَوْفِهِ تَحَرَّكَ وَ خَارَ وَ نَبَتَ عَلَيْهِ الْوَبَرُ وَ الشَّعْرُ فَسَجَدَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ سَجَدُوا سَبْعِينَ أَلْفاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ كَمَا حَكَى اللَّهُ «يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى» فَهَمُّوا بِهَارُونَ حَتَّى هَرَبَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَ بَقُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَمَّ مِيقَاتُ مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَشَرَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْأَلْوَاحَ فِيهِ التَّوْرَاةُ وَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ السِّيَرِ وَ الْقِصَصِ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى «فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ» وَ عَبَدُوا الْعِجْلَ وَ لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَا رَبِّ الْعِجْلُ مِنَ السَّامِرِيِّ فَالْخُوَارُ مِمَّنْ(1) قَالَ مِنِّي يَا مُوسَى أَنَا لَمَّا رَأَيْتُهُمْ قَدْ وَلَّوْا عَنِّي إِلَى الْعِجْلِ أَحْبَبْتُ أَنْ أَزِيدَهُمْ فِتْنَةً «فَرَجَعَ

ص: 138


1- هذا کمال من الاستغناء. السبزواري.

مُوسى» كَمَا حَكَى اللَّهُ «إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي» ثُمَّ رَمَى بِالْأَلْوَاحِ وَ أَخَذَ بِلِحْيَةِ أَخِيهِ هَارُونَ وَ رَأْسِهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ «ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي» فَقَالَ هَارُونُ كَمَا حَكَى اللَّهُ «يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي» فَقَالَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ «ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا» قَالَ مَا خَالَفْنَاكَ «وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ» يَعْنِي مِنْ حُلِيِّهِمْ «فَقَذَفْناها» قَالَ التُّرَابُ الَّذِي جَاءَ بِهِ السَّامِرِيُّ طَرَحْنَاهُ فِي جَوْفِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ السَّامِرِيُّ الْعِجْلَ وَ لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ لَهُ مُوسَى «فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ» قالَ السَّامِرِيُ «بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ» يَعْنِي مِنْ تَحْتِ حَافِرِ رَمَكَةِ جَبْرَئِيلَ فِي الْبَحْرِ فَنَبَذْتُها أَيْ أَمْسَكْتُهَا «وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي» أَيْ زَيَّنَتْ فَأَخْرَجَ مُوسَى الْعِجْلَ فَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ وَ أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلسَّامِرِيِ «فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ» يَعْنِي مَا دُمْتَ حَيّاً وَ عَقِبَكَ هَذِهِ الْعَلَامَةُ فِيكُمْ قَائِمَةٌ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ حَتَّى تُعْرَفُوا أَنَّكُمْ سَامِرِيَّةٌ فَلَا يَغْتَرُّوا بِكُمُ النَّاسُ فَهُمْ إِلَى السَّاعَةِ بِمِصْرَ وَ الشَّامِ مَعْرُوفِينَ بِلَا مِسَاسَ ثُمَّ هَمَّ مُوسَى بِقَتْلِ السَّامِرِيِّ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ لَا تَقْتُلْهُ يَا مُوسَى فَإِنَّهُ سَخِيٌّ فَقَالَ لَهُ مُوسَى «انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْما».

البحار: ج 5 ص662

8- أَبِي عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِنَ الَّذِينَ أَمَرُوا قَوْمَ مُوسَى بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ كَانُوا خَمْسَةَ أَنْفُسٍ وَ كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ يَأْكُلُونَ عَلَى خِوَانٍ وَاحِدٍ وَ هُمْ أذينوه وَ أَخُوهُ ميذويه وَ ابْنُ أَخِيهِ

ص: 139

وَ ابْنَتُهُ وَ امْرَأَتُهُ وَ هُمُ الَّذِينَ ذَبَحُوا الْبَقَرَةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَبْحِهَا الْخَبَرَ.(1)

***

البحار: ج 5 ص 671

33- عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) قَالا لَمَّا سَأَلَ مُوسَى (عليه السّلام) رَبَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي» قَالَ فَلَمَّا صَعِدَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى الْجَبَلِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ أَقْبَلَتِ الْمَلَائِكَةُ أَفْوَاجاً فِي أَيْدِيهِمُ الْعُمُدُ فِي رَأْسِهَا النُّورُ يَمُرُّونَ بِهِ فَوْجاً بَعْدَ فَوْجٍ يَقُولُونَ يَا ابْنَ عِمْرَانَ أَتَيْتَ فَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيماً قَالَ فَلَمْ يَزَلْ مُوسَى وَاقِفاً حَتَّى تَجَلَّى رَبُّنَا جَلَّ جَلَالُهُ فَجَعَلَ الْجَبَلَ دَكّاً وَ خَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَنْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ أَفَاقَ قَالَ «سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ» قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ وَ حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَ النَّارَ أَحَاطَتْ بِهِ حَتَّى لَا يَهْرُبَ لِهَوْلِ مَا رَأَى.(2)

***

باب (4) قصة قارون

البحار: ج6 ص 10

2 – [تفسير القمي] أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي

ص: 140


1- الذي يظهر لي من سر ذبح البقرة هو: أنه لمّا اتخذ قوم موسى العجل إلهاً أمروا بقتل إلههم وإعدامهم لحياته الظاهرية وضرب بعض البقرة بالميت إنما هو نوع امتحان واختبار لهم. وفي خبر السعد آبادي حيث صرح فيه بأن من أمر بعبادة العجل هم الذين ذبحوا البقرة إشارة إلى ما قلناه من سر الذبح فتأمّل. السبزواري.
2- أقول: لعل المعنى أن الإفرازات المزاجية الجسمانية صارت فيه مضاعفة حتّى لا يتفسخ من هول ما رأي والتعبير بالنار فيه إشارة إلى الحرارة الطبيعية فتأمّل. السبزواري.

خَبَرِ يُونُسَ قَالَ فَدَخَلَ الْحُوتُ فِي بَحْرِ الْقُلْزُمِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَحْرِ مِصْرَ ثُمَّ دَخَلَ إِلَى بَحْرِ طَبَرِسْتَانَ ثُمَّ خَرَجَ فِي دِجْلَةَ الْغَوْرَاءِ قَالَ ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّى لَحِقَتْ بِقَارُونَ وَ كَانَ قَارُونُ هَلَكَ فِي أَيَّامِ مُوسَى وَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً يُدْخِلُهُ فِي الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةَ رَجُلٍ وَ كَانَ يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَ يَسْتَغْفِرُهُ فَسَمِعَ قَارُونُ صَوْتَهُ فَقَالَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْنِي فَإِنِّي أَسْمَعُ كَلَامَ آدَمِيٍ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْظِرْهُ فَأَنْظَرَهُ ثُمَّ قَالَ قَارُونُ مَنْ أَنْتَ قَالَ يُونُسُ أَنَا الْمُذْنِبُ الْخَاطِئُ يُونُسُ بْنُ مَتَّى قَالَ فَمَا فَعَلَ شَدِيدُ الْغَضَبِ لِلَّهِ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَيْهَاتَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ عَلَى قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ هَلَكَ قَالَ فَمَا فَعَلَتْ كُلْثُمُ بِنْتُ عِمْرَانَ الَّتِي كَانَتْ سُمِّيَتْ لِي قَالَ هَيْهَاتَ مَا بَقِيَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ أَحَدٌ فَقَالَ قَارُونُ وَا أَسَفَاهْ عَلَى آلِ عِمْرَانَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ الْعَذَابَ أَيَّامَ الدُّنْيَا فَرُفِعَ عَنْهُ الْخَبَر.(1)

***

باب (4) قصة ذبح البقرة

البحار: ج 1 ص 20

7- قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ: «وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً» إِلَى قَوْلِهِ «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» قَالَ الْإِمَامُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَهُودِ الْمَدِينَةِ وَ اذْكُرُوا إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً تَضْرِبُونَ بِبَعْضِهَا هَذَا الْمَقْتُولَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لِيَقُومَ حَيّاً سَوِيّاً بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ يُخْبِرَكُمْ بِقَاتِلِهِ وَ ذَلِكَ حِينَ أُلْقِيَ الْقَتِيلُ بَيْنَ

ص: 141


1- السبزواري: ونحن نقول: وا أسفاه على آل محمّد و توقع دفع العذاب إن شاء الله تعالی ورفع جميع الشدائد.

أَظْهُرِهِمْ فَأَلْزَمَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَهْلَ الْقَبِيلَةِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسُونَ مِنْ أَمَاثِلِهِمْ بِاللَّهِ الْقَوِيِّ الشَّدِيدِ إِلَهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُفَضِّلِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ عَلَى الْبَرَايَا أَجْمَعِينَ مَا قَتَلْنَاهُ وَ لَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا فَإِنْ حَلَفُوا بِذَلِكَ غَرِمُوا دِيَةَ الْمَقْتُولِ وَ إِنْ نَكَلُوا نَصُّوا عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ فَيُقَادُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا حُبِسُوا فِي مَجْلِسٍ ضَنْكٍ إِلَى أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا أَوْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَاتِلِ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَ مَا وَقَتْ أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا وَ لَا أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا قَالَ لَا هَكَذَا حَكَمَ اللَّهُ وَ كَانَ السَّبَبُ أَنَّ امْرَأَةً حَسْنَاءَ ذَاتَ جَمَالٍ وَ خَلْقٍ كَامِلٍ وَ فَضْلٍ بَارِعٍ وَ نَسَبٍ شَرِيفٍ وَ سِتْرٍ ثَخِينٍ كَثُرَ خُطَّابُهَا وَ كَانَ لَهَا بَنُو أَعْمَامٍ ثَلَاثَةٍ فَرَضِيَتْ بِأَفْضَلِهِمْ عِلْماً وَ أَثْخَنِهِمْ سِتْراً وَ أَرَادَتِ التَّزْوِيجَ بِهِ فَاشْتَدَّ حَسَدُ ابْنَيْ عَمِّهِ الْآخَرَيْنِ لَهُ وَ غَبَطَاهُ عَلَيْهَا لِإِيثَارِهَا إِيَّاهُ فَعَمَدَا إِلَى ابْنِ عَمِّهَا الْمَرْضِيِّ فَأَخَذَاهُ إِلَى دَعْوَتِهِمَا ثُمَّ قَتَلَاهُ وَ حَمَلَاهُ إِلَى مَحَلَّةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَكْثَرِ قَبِيلَةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَلْقَيَاهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا الْقَتِيلَ هُنَاكَ فَعُرِفَ حَالُهُ فَجَاءَ ابْنَا عَمِّهِ الْقَاتِلَانِ لَهُ فَمَزَّقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَ حَثَيَا التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمَا وَ اسْتَعْدَيَا عَلَيْهِمْ فَأَحْضَرَهُمْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ سَأَلَهُمْ فَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا قَتَلُوهُ أَوْ عَلِمُوا قَاتِلَهُ قَالَ فَحَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ مَا عَرَفْتُمُوهُ فَقَالُوا يَا مُوسَى أَيُّ نَفْعٍ فِي أَيْمَانِنَا لَنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا الْغَرَامَةَ الثَّقِيلَةَ أَمْ أَيُّ نَفْعٍ فِي غَرَامَتِنَا لَنَا إِذَا لَمْ تَدْرَأْ عَنَّا الْأَيْمَانَ فَقَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كُلُّ النَّفْعِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الِايتِمَارِ لِأَمْرِهِ وَ الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ غُرْمٌ ثَقِيلٌ وَ لَا جِنَايَةَ لَنَا وَ أَيْمَانٌ غَلِيظَةٌ وَ لَا حَقَّ فِي رِقَابِنَا لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَّفَنَا قَاتِلَهُ بِعَيْنِهِ وَ كَفَانَا مَئُونَتَهُ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا هَذَا الْقَاتِلَ لِيَنْزِلَ بِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْعِقَابِ وَ يَنْكَشِفَ أَمْرُهُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ فَقَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ بَيَّنَ مَا أَحْكُمُ بِهِ فِي هَذَا فَلَيْسَ لِي أَنْ أَقْتَرِحَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَا حَكَمَ وَ لَا أَعْتَرِضَ عَلَيْهِ فِيمَا أَمَرَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ الْعَمَلَ فِي السَّبْتِ وَ حَرَّمَ لَحْمَ الْجَمَلِ لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقْتَرِحَ عَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ

ص: 142

ذَلِكَ بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نُسَلِّمَ لَهُ حُكْمَهُ وَ نَلْتَزِمَ مَا أَلْزَمَنَاهُ وَ هَمَّ بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِالَّذِي كَانَ يَحْكُمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي مِثْلِ حَادِثَتِهِمْ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى أَجِبْهُمْ إِلَى مَا اقْتَرَحُوا وَ سَلْنِي أَنْ أُبَيِّنَ لَهُمُ الْقَاتِلَ لِيُقْتَلَ وَ يَسْلَمَ غَيْرُهُ مِنَ التُّهَمَةِ وَ الْغَرَامَةِ فَإِنِّي إِنَّمَا أُرِيدُ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى مَا اقْتَرَحُوا تَوْسِعَةَ الرِّزْقِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ خِيَارِ أُمَّتِكَ دِينُهُ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ التَّفْضِيلُ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ بَعْدَهُ عَلَى سَائِرِ الْبَرَايَا أُغْنِيهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ لِيَكُونَ بَعْضَ ثَوَابِهِ عَنْ تَعْظِيمِهِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ بَيِّنْ لَنَا قَاتِلَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُبَيِّنُ لَكُمْ ذَلِكَ بِأَنْ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَتَضْرِبُوا بِبَعْضِهَا الْمَقْتُولَ فَيَحْيَا فَتُسْلِمُونَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ذَلِكَ وَ إِلَّا فَكُفُّوا عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَ الْتَزِمُوا ظَاهِرَ حُكْمِي فَذَلِكَ مَا حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ» أَيْ سَيَأْمُرُكُمْ «أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً» إِنْ أَرَدْتُمُ الْوُقُوفَ عَلَى الْقَاتِلِ وَ تَضْرِبُوا الْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا لِيَحْيَا وَ يُخْبِرَ بِالْقَاتِلِ فَ- «قالُوا يَا مُوسَى أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً» وَ سُخْرِيَّةً تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ أَنْ نَذْبَحَ بَقَرَةً وَ نَأْخُذَ قِطْعَةً مِنْ مَيِّتٍ وَ نَضْرِبَ بِهَا مَيِّتاً فَيَحْيَا أَحَدُ الْمَيِّتَيْنِ بِمُلَاقَاةِ بَعْضِ الْمَيِّتِ الْآخَرِ لَهُ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا قالَ مُوسَى «أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ» أَنْسُبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا لَمْ يَقُلْ لِي وَ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ أُعَارِضَ أَمْرَ اللَّهِ بِقِيَاسِي عَلَى مَا شَاهَدْتُ دَافِعاً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَمْرِهِ ثُمَّ قَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَ وَ لَيْسَ مَاءُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ مَيِّتٍ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَيِّتٌ يَلْتَقِيَانِ فَيُحْدِثُ اللَّهُ مِنِ الْتِقَاءِ الْمَيِّتَيْنِ بَشَراً حَيّاً سَوِيّاً أَ وَ لَيْسَ بُذُورُكُمُ الَّتِي تَزْرَعُونَهَا فِي أَرْضِكُمْ تَتَفَسَّخُ فِي أَرَضِيكُمْ وَ تَعَفَّنُ وَ هِيَ مَيْتَةٌ ثُمَّ يُخْرِجُ اللَّهُ مِنْهَا هَذِهِ السَّنَابِلَ الْحَسَنَةَ الْبَهِجَةَ وَ هَذِهِ الْأَشْجَارَ الْبَاسِقَةَ الْمُؤْنِقَةَ فَلَمَّا بَهَرَهُمْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «قَالُوا» لَهُ يَا مُوسَى «ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ» أَيْ مَا صِفَتُهَا لِنَقِفَ عَلَيْهَا فَسَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ «إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ» كَبِيرَةٌ «وَ لا بِكْرٌ» صَغِيرَةٌ «عَوانٌ» وَسَطٌ «بَيْنَ ذلِكَ» بَيْنَ الْفَارِضِ

ص: 143

وَ الْبِكْرِ «فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ» إِذَا أُمِرْتُمْ بِهِ قالُوا يَا مُوسَى «ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها» أَيْ لَوْنُ هَذِهِ الْبَقَرَةِ الَّتِي تُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَنَا بِذَبْحِهَا قالَ مُوسَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ السُّؤَالِ وَ الْجَوَابِ «إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ» حَسَنَةٌ لَوْنُ الصُّفْرَةِ لَيْسَ بِنَاقِصٍ تَضْرِبُ إِلَى بَيَاضٍ وَ لَا بِمُشْبَعٍ تَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ لَوْنُها هَكَذَا فَاقِعٌ «تَسُرُّ» الْبَقَرَةُ «النَّاظِرِينَ» إِلَيْهَا لِبَهْجَتِهَا وَ حُسْنِهَا وَ بَرِيقِهَا «قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ »صِفَتُهَا قالَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى «إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ» لَمْ تُذَلَّلْ لِإِثَارَةِ الْأَرْضِ وَ لَمْ تُرَضَّ بِهَا «وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ» وَ لَا هِيَ مِمَّنْ تَجُرُّ الدَّوَالِيَ وَ لَا تُدِيرُ النَّوَاعِيرَ قَدْ أُعْفِيَتْ مِنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ «مُسَلَّمَةٌ» مِنَ الْعُيُوبِ كُلِّهَا لَا عَيْبَ فِيهَا «لا شِيَةَ فِيها» لَا لَوْنَ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالُوا يَا مُوسَى أَ فَقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا قَالَ بَلَى وَ لَمْ يَقُلْ مُوسَى فِي الِابْتِدَاءِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ لَكَانُوا إِذَا قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ وَ مَا لَوْنُهَا وَ مَا هِيَ كَانَ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَهُ ذَلِكَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنْ كَانَ يُجِيبُهُمْ هُوَ بِأَنْ يَقُولَ أَمَرَكُمْ بِبَقَرَةٍ فَأَيُّ شَيْ ءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَقَرِ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ أَمْرِهِ إِذَا ذَبَحْتُمُوهَا قَالَ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ طَلَبُوا هَذِهِ الْبَقَرَةَ فَلَمْ يَجِدُوهَا إِلَّا عِنْدَ شَابٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرَاهُ اللَّهُ فِي مَنَامِهِ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ طَيِّبِي ذُرِّيَّتِهِمَا فَقَالا لَهُ أَمَا إِنَّكَ كُنْتَ لَنَا مُحِبّاً مُفَضِّلًا وَ نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَسُوقَ إِلَيْكَ بَعْضَ جَزَائِكَ فِي الدُّنْيَا فَإِذَا رَامُوا شِرَاءَ بَقَرَتِكَ فَلَا تَبِعْهَا إِلَّا بِأَمْرِ أُمِّكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُلَقِّنُهَا مَا يُغْنِيكَ بِهِ وَ عَقِبَكَ فَفَرِحَ الْغُلَامُ وَ جَاءَهُ الْقَوْمُ يَطْلُبُونَ بَقَرَتَهُ فَقَالُوا بِكَمْ تَبِيعُ بَقَرَتَكَ قَالَ بِدِينَارَيْنِ وَ الْخِيَارُ لِأُمِّي قَالُوا قَدْ رَضِينَا بِدِينَارٍ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ بَلْ بِأَرْبَعَةٍ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا نُعْطِيكَ دِينَارَيْنِ فَأَخْبَرَ أُمَّهُ فَقَالَتْ بِمِائَةٍ فَمَا زَالُوا يَطْلُبُونَ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا تَقُولُ أُمُّهُ وَ يَرْجِعُ إِلَى أُمِّهِ فَتُضَعِّفُ الثَّمَنَ حَتَّى بَلَغَ ثَمَنُهَا مِلْ ءَ مَسْكِ ثَوْرٍ أَكْبَرَ مَا يَكُونُ مَلَئُوهُ دَنَانِيرَ فَأَوْجَبَ لَهُمُ الْبَيْعَ ثُمَّ ذَبَحُوهَا فَأَخَذُوا

ص: 144

قِطْعَةً وَ هِيَ عَجْبُ الذَّنَبِ الَّذِي مِنْهُ خُلِقَ ابْنُ آدَمَ وَ عَلَيْهِ يُرْكَبُ إِذَا أُعِيدَ خَلْقاً جَدِيداً فَضَرَبُوهُ بِهَا وَ قَالُوا اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ لَمَّا أَحْيَيْتَ هَذَا الْمَيِّتَ وَ أَنْطَقْتَهُ لِيُخْبِرَ عَنْ قَاتِلِهِ فَقَامَ سَالِماً سَوِيّاً وَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَتَلَنِي هَذَانِ ابْنَا عَمِّي حَسَدَانِي عَلَى ابْنَةِ عَمِّي فَقَتَلَانِي وَ أَلْقَيَانِي فِي مَحَلَّةِ هَؤُلَاءِ لِيَأْخُذُوا دِيَتِي فَأَخَذَ مُوسَى الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُمَا وَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْمَيِّتُ ضَرَبَ بِقِطْعَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ فَلَمْ يَحْيَ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنَا عَنِ اللَّهِ قَالَ مُوسَى قَدْ صَدَقْتَ وَ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنِّي لَا أُخْلِفُ وَعْدِي وَ لَكِنْ لِيُقَدِّمُوا لِلْفَتَى مِنْ ثَمَنِ بَقَرَتِهِ فَيَمْلَئُوا مَسْكَهَا دَنَانِيرَ ثُمَّ أُحْيِي هَذَا فَجَمَعُوا أَمْوَالَهُمْ وَ وَسَّعَ اللَّهُ جِلْدَ الثَّوْرِ حَتَّى وُزِنَ مَا مُلِئَ بِهِ جِلْدُهُ فَبَلَغَ خَمْسَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ بَعْضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمَقْتُولِ الْمَنْشُورِ الْمَضْرُوبِ بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ لَا نَدْرِي أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِحْيَاءُ اللَّهِ هَذَا وَ إِنْطَاقُهُ بِمَا نَطَقَ أَوْ إِغْنَاؤُهُ لِهَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْمَالِ الْعَظِيمِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ أُطَيِّبَ فِي الدُّنْيَا عَيْشَهُ وَ أُعَظِّمَ فِي جِنَانِي مَحَلَّهُ وَ أَجْعَلَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ فِيهَا مُنَادَمَتَهُ لِيَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ هَذَا الْفَتَى إِنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا الطَّيِّبِينَ وَ كَانَ عَلَيْهِمْ مُصَلِّياً وَ لَهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْمَلَائِكَةِ مُفَضِّلًا فَلِذَلِكَ صَرَفْتُ إِلَيْهِ الْمَالَ الْعَظِيمَ لِيَتَنَعَّمَ بِالطَّيِّبَاتِ وَ يَتَكَرَّمَ بِالْهِبَاتِ وَ الصِّلَاتِ وَ يَتَحَبَّبَ بِمَعْرُوفِهِ إِلَى ذَوِي الْمَوَدَّاتِ وَ يَكْبِتَ بِنَفَقَاتِهِ ذَوِي الْعَدَاوَاتِ قَالَ الْفَتَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ أَحْفَظُ هَذِهِ الْأَمْوَالَ أَمْ كَيْفَ أَحْذَرُ مِنْ عَدَاوَةِ مَنْ يُعَادِينِي فِيهَا وَ حَسَدِ مَنْ يَحْسُدُنِي لِأَجْلِهَا قَالَ قُلْ عَلَيْهَا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ مَا كُنْتَ تَقُولُهُ قَبْلَ أَنْ تَنَالَهَا فَإِنَّ الَّذِي رَزَقَكَهَا بِذَلِكَ الْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ الِاعْتِقَادِ يَحْفَظُهَا عَلَيْكَ أَيْضاً بِهَذَا الْقَوْلِ مَعَ صِحَّةِ الِاعْتِقَادِ فَقَالَهَا الْفَتَى فَمَا رَامَهَا حَاسِدٌ لَهُ لِيُفْسِدَهَا أَوْ لِصٌّ لِيَسْرِقَهَا أَوْ غَاصِبٌ لِيَغْصِبَهَا

ص: 145

إِلَّا دَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا بِلَطِيفَةٍ مِنْ لَطَائِفِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ ظُلْمِهِ اخْتِيَاراً أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِآفَةٍ أَوْ دَاهِيَةٍ حَتَّى يَكُفَّهُ عَنْهُ كَفَّ اضْطِرَارٍ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا قَالَ مُوسَى لِلْفَتَى ذَلِكَ وَ صَارَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِمَقَالَتِهِ حَافِظاً قَالَ هَذَا الْمَنْشُورُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ بِهِ هَذَا الْفَتَى مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ التَّوَسُّلِ بِهِمْ أَنْ تُبْقِيَنِي فِي الدُّنْيَا مُتَمَتِّعاً بِابْنَةِ عَمِّي وَ تُخْزِيَ عَنِّي أَعْدَائِي وَ حُسَّادِي وَ تَرْزُقَنِي فِيهَا خَيْراً كَثِيراً طَيِّباً فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنَّ لِهَذَا الْفَتَى الْمَنْشُورِ بَعْدَ الْقَتْلِ سِتِّينَ سَنَةً وَ قَدْ وَهَبْتُ لَهُ لِمَسْأَلَتِهِ وَ تَوَسُّلِهِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ سَبْعِينَ سَنَةً تَمَامَ مِائَةٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً صَحِيحَةٌ حَوَاسُّهُ ثَابِتٌ فِيهَا جَنَانُهُ قَوِيَّةٌ فِيهَا شَهَوَاتُهُ يَتَمَتَّعُ بِحَلَالِ هَذِهِ الدُّنْيَا وَ يَعِيشُ وَ لَا يُفَارِقُهَا وَ لَا تُفَارِقُهُ فَإِذَا حَانَ حِينُهُ حَانَ حِينُهَا وَ مَاتَا جَمِيعاً مَعاً فَصَارَا إِلَى جِنَانِي فَكَانَا زَوْجَيْنِ فِيهَا نَاعِمَيْنِ وَ لَوْ سَأَلَنِي يَا مُوسَى هَذَا الشَّقِيُّ الْقَاتِلُ بِمِثْلِ مَا تَوَسَّلَ بِهِ هَذَا الْفَتَى عَلَى صِحَّةِ اعْتِقَادِهِ أَنْ أَعْصِمَهُ مِنَ الْحَسَدِ وَ أُقْنِعَهُ بِمَا رَزَقْتُهُ وَ ذَلِكَ هُوَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ لَفَعَلْتُ وَ لَوْ سَأَلَنِي بِذَلِكَ مَعَ التَّوْبَةِ أَنْ لَا أُفْضِحَهُ لَمَا فَضَحْتُهُ وَ لَصَرَفْتُ هَؤُلَاءِ عَنِ اقْتِرَاحِ إِبَانَةِ الْقَاتِلِ وَ لَأَغْنَيْتُ هَذَا الْفَتَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِقَدْرِ هَذَا الْمَالِ وَ لَوْ سَأَلَنِي بَعْدَ مَا افْتَضَحَ وَ تَابَ إِلَيَّ وَ تَوَسَّلَ بِمِثْلِ وَسِيلَةِ هَذَا الْفَتَى أَنْ أُنْسِيَ النَّاسَ فِعْلَهُ بَعْدَ مَا أَلْطُفُ لِأَوْلِيَائِهِ فَيَعْفُونَ عَنِ الْقِصَاصِ لَفَعَلْتُ وَ كَانَ لَا يُعَيِّرُهُ بِفِعْلِهِ أَحَدٌ وَ لَا يَذْكُرُهُ فِيهِمْ ذَاكِرٌ وَ لَكِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ وَ أَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَ أَعْدَلُ بِالْمَنْعِ عَلَى مَنْ أَشَاءُ وَ أَنَا الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَلَمَّا ذَبَحُوهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ وَ أَرَادُوا أَنْ لَا يَفْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عِظَمِ ثَمَنِ الْبَقَرَةِ وَ لَكِنَّ اللَّجَاجَ حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَ اتِّهَامُهُمْ لِمُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَدَاهُمْ قَالَ فَضَجُّوا إِلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالُوا افْتَقَرَتِ الْقَبِيلَةُ وَ دُفِعَتْ إِلَى التَّكَفُّفِ وَ انْسَلَخْنَا بِلَجَاجِنَا عَنْ قَلِيلِنَا وَ كَثِيرِنَا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِسَعَةِ الرِّزْقِ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَيْحَكُمْ مَا أَعْمَى قُلُوبَكُمْ أَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ الْفَتَى صَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَ مَا أَوْرَثَهُ

ص: 146

اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْغِنَى أَ وَ مَا سَمِعْتُمْ دُعَاءَ الْفَتَى الْمَقْتُولِ الْمَنْشُورِ وَ مَا أَثْمَرَ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ الطَّوِيلِ وَ السَّعَادَةِ وَ التَّنَعُّمِ بِحَوَاسِّهِ وَ سَائِرِ بَدَنِهِ وَ عَقْلِهِ لِمَ لَا تَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِمِثْلِ دُعَائِهِمْ وَ تَتَوَسَّلُونَ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ وَسِيلَتِهِمَا لِيَسُدَّ فَاقَتَكُمْ وَ يُجْبِرَ كَسْرَكُمْ وَ يَسُدَّ خَلَّتَكُمْ فَقَالُوا اللَّهُمَّ إِلَيْكَ الْتَجَأْنَا وَ عَلَى فَضْلِكَ اعْتَمَدْنَا فَأَزِلْ فَقْرَنَا وَ سُدَّ خَلَّتَنَا بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى قُلْ لَهُمْ لِيَذْهَبَ رُؤَسَاؤُهُمْ إِلَى خَرِبَةِ بَنِي فُلَانٍ وَ يَكْشِفُوا فِي مَوْضِعِ كَذَا لِمَوْضِعٍ عَيَّنَهُ وَجْهَ أَرْضِهَا قَلِيلًا وَ يَسْتَخْرِجُوا مَا هُنَاكَ فَإِنَّهُ عَشَرَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ لِيَرُدُّوا عَلَى كُلِّ مَنْ دَفَعَ فِي ثَمَنِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ مَا دَفَعَ لِتَعُودَ أَحْوَالُهُمْ ثُمَّ لِيَتَقَاسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ وَ هُوَ خَمْسَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ عَلَى قَدْرِ مَا دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْمِحْنَةِ لِيَتَضَاعَفَ أَمْوَالُهُمْ جَزَاءً عَلَى تَوَسُّلِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ اعْتِقَادِهِمْ لِتَفْضِيلِهِمْ فَذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ «وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها» اخْتَلَفْتُمْ فِيهَا وَ تَدَارَأْتُمْ أَلْقَى بَعْضُكُمُ الذَّنْبَ فِي قَتْلِ الْمَقْتُولِ عَلَى بَعْضٍ وَ دَرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ ذَوِيهِ «وَاللَّهُ مُخْرِجٌ» مُظْهِرٌ «ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ» مَا كَانَ مِنْ خَبَرِ الْقَاتِلِ وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مِنْ إِرَادَةِ تَكْذِيبِ مُوسَى بِاقْتِرَاحِكُمْ عَلَيْهِ مَا قَدَرْتُمْ أَنَّ رَبَّهُ لَا يُجِيبُهُ إِلَيْهِ «فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها» بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ «كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى» فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ كَمَا أَحْيَا الْمَيِّتَ بِمُلَاقَاةِ مَيِّتٍ آخَرَ لَهُ أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيَتَلَاقَى مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ فَيُحْيِي اللَّهُ الَّذِي كَانَ فِي الْأَصْلَابِ وَ الْأَرْحَامِ حَيّاً وَ أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنَزِّلُ بَيْنَ نَفْخَتَيِ الصُّورِ بَعْدَ مَا يُنْفَخُ النَّفْخَةُ الْأُولَى مِنْ دُوَيْنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا مِنَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ هِيَ مِنْ مَنِيٍّ كَمَنِيِّ الرَّجُلِ فَيَمْطُرُ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ فَيَلْقَى الْمَاءُ الْمَنِيُّ مَعَ الْأَمْوَاتِ الْبَالِيَةِ فَيَنْبُتُونَ مِنَ الْأَرْضِ وَ يَحْيَوْنَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ سَائِرَ آيَاتِهِ سِوَى هَذِهِ الدَّلَالاتِ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَ نُبُوَّةِ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَبِيِّهِ وَ فَضْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى الْخَلَائِقِ سَيِّدِ

ص: 147

عَبِيدِهِ وَ إِمَائِهِ وَ تَبْيِينِهِ فَضْلَهُ وَ فَضْلَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ عَلَى سَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ تَعْتَبِرُونَ وَ تَتَفَكَّرُونَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْعَجَائِبَ لَا يَأْمُرُ الْخَلْقَ إِلَّا بِالْحِكْمَةِ وَ لَا يَخْتَارُ مُحَمَّداً وَ آلَهُ إِلَّا لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ ذَوِي الْأَلْبَابِ.

بيان: أما وقت أيماننا أموالنا استبعاد منهم للحكم عليهم بالدية بعد حلفهم أي أ ليس أيماننا وقاية لأموالنا و بالعكس حتى جمعت بينهما و الباسقة الطويلة و راض الدابة ذللها و النواعير جمع الناعورة و هي الدولاب و الدلو يستقى بها و نادمة منادمة و نداما جالسة على الشراب قوله (عَلَيْهِ السَّلَامُ) و لم يقل موسى حاصله أنه (عَلَيْهِ السَّلَامُ)حمل قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ» على حقيقة الاستقبال و لذا فسره بقوله سيأمركم فوعدهم أولا بالأمر ثم بعد سؤالهم و تعيين البقرة أمرهم و لو قال موسى أولا بصيغة الماضي أمركم أن تذبحوا لتعلق الأمر بالحقيقة و كان يكفي أي بقرة كانت و هذا وجه ثالث غير ما ذهب إليه الفريقان في تأويل الآية لكن بقول السيد و أصحابه أنسب و جمعه مع الأخبار السابقة لا يخلو من إشكال و يمكن أن تحمل الأخبار السابقة على أنه تعالى لما علم أنه إن أمرهم ببقرة مطلقة لم يكتفوا بذلك فلذا لم يأمرهم بها أولا أو على أنه بعد الوعد بالأمر لو لم يسألوا عن خصوص البقرة لأمرهم ببقرة مطلقة فلما بادروا بالسؤال شدد عليهم و هما بعيدان و ارتكاب مثلهما فيها لهذا الخبر مع كونها أقوى و أكثر مشكل و الله يعلم حقيقة الأمر. و قال الثعلبي قال المفسرون وجد قتيل في بني إسرائيل اسمه عاميل و لم يدروا قاتله و اختلفوا في قاتله و سبب قتله فقال عطاء و السدي كان في بني إسرائيل رجل كثير المال و له ابن عم مسكين لا وارث له غيره فلما طال عليه حياته قتله ليرثه و قال بعضهم كان تحت عاميل بنت عم له كانت مثلا في بني إسرائيل بالحسن و الجمال فقتله ابن عمه لينكحها فلما قتله حمله من قريته إلى قرية أخرى فألقاه هناك و قال عكرمة كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا

ص: 148

لكل سبط منهم باب فوجد قتيل على باب سبط قتل و جر إلى باب سبط آخر فاختصم فيه السبطان و قال ابن سيرين قتله القاتل ثم احتمله فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يطلب بدمه و قيل ألقاه بين قريتين فاختصم فيه أهلهما فاشتبه أمر القتيل على موسى و كان ذلك قبل نزول القسامة فأمرهم الله بذبح البقرة فشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم و إنما كان تشديدهم تقديرا من الله به و حكمة. و كان السبب فيه على ما ذكره السدي و غيره أن رجلا من بني إسرائيل كان بارا بأبيه و بلغ من بره أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها بخمسين ألفا و كان فيها فضل و ربح فقال للبائع إن أبي نائم و مفتاح الصندوق تحت رأسه فأمهلني حتى يستيقظ فأعطيك الثمن قال فأيقظ أباك و أعطني المال قال ما كنت لأفعل و لكن أزيدك عشرة آلاف فأنظرني حتى ينتبه أبي فقال الرجل فأنا أحط عنك عشرة آلاف إن أيقظت أباك و عجلت النقد فقال و أنا أزيدك عشرين ألفا إن انتظرت انتباهة أبي ففعل و لم يوقظ أباه فلما استيقظ أبوه أخبره بذلك فدعا له و جزاه خيرا و قال هذه البقرة لك بما صنعت فقال رسول الله انظروا ما ذا صنع به البر. و قال ابن عباس و وهب و غيرهما من أهل الكتب كان في بني إسرائيل رجل صالح له ابن طفل و كان له عجل فأتى بالعجل إلى غيضة و قال اللهم إني استودعتك هذه العجلة لابني حتى يكبر و مات الرجل فشبت العجلة في الغيضة و صارت عوانا و كانت تهرب من كل من رامها فلما كبر الصبي كان بارا بوالدته و كان يقسم الليلة ثلاثة أثلاث يصلي ثلثا و ينام ثلثا و يجلس عند رأس أمه ثلثا فإذا أصبح انطلق و احتطب على ظهر و يأتي به السوق فيبيعه بما شاء الله ثم يتصدق بثلثه و يأكل ثلثه و يعطي والدته ثلثا فقالت له أمه يوما إن أباك ورثك عجلة و ذهب بها إلى غيضة كذا و استودعها فانطلق إليها و ادع إله إبراهيم و إسماعيل و إسحاق أن يردها عليك و إن من علامتها أنك إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع

ص: 149

الشمس يخرج من جلدها و كانت تسمى المذهبة لحسنها و صفوتها و صفاء لونها فأتى الفتى الغيضة فرآها ترعى فصاح بها و قال أعزم عليك بإله إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب فأقبلت تسعى حتى قامت بين يديه فقبض على عنقها و قادها فتكلمت البقرة بإذن الله و قالت أيها الفتى البار بوالدته اركبني فإن ذلك أهون عليك فقال الفتى إن أمي لم تأمرني بذلك و لكن قالت خذ بعنقها قالت البقرة بإله بني إسرائيل لو ركبتني ما كنت تقدر علي أبدا فانطلق فإنك لو أمرت الجبل أن ينقلع من أصله و ينطلق معك لفعل لبرك بوالدتك فصار الفتى بها فاستقبله عدو الله إبليس في صورة راع فقال أيها الفتى إني رجل من رعاة البقر اشتقت إلى أهلي فأخذت ثورا من ثيراني فحملت زادي و متاعي حتى إذا بلغت شطر الطريق ذهبت لأقضي حاجتي فعدا وسط الجبل و ما قدرت عليه و إني أخشى على نفسي الهلكة فإن رأيت أن تحملني على بقرتك و تنجيني من الموت و أعطيك أجرها بقرتين مثل بقرتك فلم يفعل الفتى و قال اذهب فتوكل على الله و لو علم الله تعالى منك اليقين لبلغك بلا زاد و لا راحلة فقال إبليس إن شئت فبعنيها بحكمك و إن شئت فاحملني عليها و أعطيك عشرة مثلها فقال الفتى إن أمي لم تأمرني بهذا فبين الفتى كذلك إذ طار طائر من بين يدي البقرة و نفرت البقرة هاربة في الفلاة و غاب الراعي فدعاها الفتى باسم إله إبراهيم فرجعت البقرة إليه فقالت أيها الفتى البار بوالدته أ لم تر إلى الطائر الذي طار فإنه إبليس عدو الله اختلسني أما إنه لو ركبني لما قدرت علي أبدا فلما دعوت إله إبراهيم جاء ملك فانتزعني من يد إبليس و ردني إليك لبرك بأمك و طاعتك لها فجاء بها الفتى إلى أمه فقالت له إنك فقير لا مال لك و يشق عليك الاحتطاب بالنهار و القيام بالليل فانطلق فبع هذه البقرة و خذ ثمنها قال لأمه بكم أبيعها قالت بثلاثة دنانير و لا تبعها بغير رضاي و مشورتي و كان ثمن البقرة في ذلك الوقت ثلاثة دنانير

ص: 150

فانطلق بها الفتى إلى السوق فعقبه الله سبحانه ملكا ليري خلقه قدرته و ليختبر الفتى كيف بره بوالدته و كان الله به خبيرا فقال له الملك بكم تبيع هذه البقرة قال بثلاثة دنانير و أشترط عليك رضا أمي فقال له الملك ستة دنانير و لا تستأمر أمك فقال الفتى لو أعطيتني وزنها ذهبا لم آخذه إلا برضا أمي فردها إلى أمه و أخبرها بالثمن فقالت ارجع فبعها بستة دنانير على رضا مني فانطلق الفتى بالبقرة إلى السوق فأتى الملك فقال استأمرت والدتك فقال الفتى نعم إنها أمرتني أن لا أنقصها من ستة دنانير على أن أستأمرها قال الملك فإني أعطيك اثني عشر على أن لا تستأمرها فأبى الفتى و رجع إلى أمه و أخبرها بذلك فقالت إن ذاك الرجل الذي يأتيك هو ملك من الملائكة يأتيك في صورة آدمي ليجربك فإذا أتاك فقل له أ تأمرنا أن نبيع هذه البقرة أم لا ففعل ذلك فقال له الملك اذهب إلى أمك و قل لها أمسكي هذه البقرة فإن موسى يشتريها منكم لقتيل يقتل في بني إسرائيل فلا تبيعوها إلا بمل ء مسكها دنانير فأمسكا البقرة و قدر الله تعالى على بني إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها مكافاة على بره بوالدته فضلا منه و رحمة فطلبوها فوجدوها عند الفتى فاشتروها بمل ء مسكها ذهبا و قال السدي اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا. و اختلفوا في البعض المضروب(1)به فقال ابن عباس ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف و هو المقتل و قال الضحاك بلسانها و قال الحسين بن الفضل هذا أولى الأقاويل لأن المراد كان من إحياء القتيل كلامه و اللسان آلته و قال سعيد بن جبير بعجب ذنبها و قال يمان بن

ص: 151


1- بسمه تعالی أقول بعد اللتيا والتي لا يعجبني أن اعتقد أن المراد بالضرب : الضرب الظاهري المصطلح في لسان المفسرين بل المراد منه والله تعالى أعلم الاختلاط فالمعنى: اجعلوا سهماً من البقرة المذبوح للمقتول، واختلطوه في التقرب بذبح البقرة، فتأمّل في معاني الضرب تجد معنىً صحيحاً كما قلناه السبزواري.

رئاب و هو أولى التأويلات بالصواب العصعص أساس البدن الذي ركب عليه الخلق و إنه أول ما يخلق و آخر ما يبلى و قال مجاهد بذنبها و قال عكرمة و الكلبي بفخذها الأيمن و قال السدي بالبضعة التي بين كتفيها و قيل بأذنها ففعلوا ذلك فقام القتيل حيا بإذن الله تعالى و أوداجه تشخب دما و قال قتلني فلان ثم سقط و مات مكانه.أقول وقَالَ السَّيِّدُ بْنُ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ سَعْدِ السُّعُود وَجَدْتُ فِي تَفْسِيرٍ مَنسوبٍ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ هُمَا أَخَوَانِ وَ كَانَ لَهُمَا ابْنُ عَمٍّ أَخِ أَبِيهِمَا وَ كَانَ غَنِيّاً مُكْثِراً وَ كَانَتْ لَهُمَا ابْنَةُ عَمٍّ حَسْنَاءُ شَابَّةٌ كَانَتْ مَثَلًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحُسْنِهَا وَ جَمَالِهَا خَافَا أَنْ يَنْكِحَهَا ابْنُ عَمِّهَا ذَلِكَ الْغَنِيُّ فَعَمَدَا فَقَتَلَاهُ فَاحْتَمَلَاهُ فَأَلْقَيَاهُ إِلَى جَنْبِ قَرْيَةٍ لِيَبْرَءُوا مِنْهُ وَ أَصْبَحَ الْقَتِيلُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَلَمَّا غَمَّ عَلَيْهِمْ شَأْنُهُ وَ مَنْ قَتَلَهُ قَالَ أَصْحَابُ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ وُجِدَ عِنْدَهُمْ يَا مُوسَى ادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يُطْلِعَ عَلَى قَاتِلِ هَذَا الرَّجُلِ فَفَعَلَ مُوسَى ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِي كِتَابِهِ وَ قَالَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَوْ ذَبَحُوا فِي الْأَوَّلِ أَيَّ بَقَرَةٍ كَانَتْ كَافِيَةً فَوَجَدُوا الْبَقَرَةَ لِامْرَأَةٍ فَلَمْ تَبِعْهَا لَهُمْ إِلَّا بِمِلْ ءِ جِلْدِهَا ذَهَباً وَ ضَرَبُوا الْمَقْتُولَ بِبَعْضِهَا فَعَاشَ فَأَخْبَرَهُمْ بِقَاتِلِهِ فَأُخِذَا فَقُتِلَا فَأُهْلِكَا فِي الدُّنْيَا وَ هَكَذَا يَقْتُلُهُمَا رَبُّنَا فِي الْآخِرَةِ.

***

باب (11) ما ناجی به موسى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه اللّه وفيه بعض النوادر

البحار: ج6 ص 75

14- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ

ص: 152

سَدِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَتَوْا مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَأَلُوهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُمْطِرَ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ إِذَا أَرَادُوا وَ يَحْبِسَهَا إِذَا أَرَادُوا فَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُمْ يَا مُوسَى فَأَخْبَرَهُمْ مُوسَى فَحَرَثُوا وَ لَمْ يَتْرُكُوا شَيْئاً إِلَّا زَرَعُوهُ ثُمَ اسْتَنْزَلُوا الْمَطَرَ عَلَى إِرَادَتِهِمْ وَ حَبَسُوهُ عَلَى إِرَادَتِهِمْ فَصَارَتْ زُرُوعُهُمْ كَأَنَّهَا الْجِبَالُ وَ الْآجَامُ ثُمَّ حَصَدُوا وَ دَاسُوا وَ ذَرُّوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئاً فَضَجُّوا إِلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالُوا إِنَّمَا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يُمْطِرَ السَّمَاءَ عَلَيْنَا إِذَا أَرَدْنَا فَأَجَابَنَا ثُمَّ صَيَّرَهَا عَلَيْنَا ضَرَراً فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ضَجُّوا مِمَّا صَنَعْتَ بِهِمْ فَقَالَ وَ مِمَّ ذَاكَ يَا مُوسَى قَالَ سَأَلُونِي أَنْ أَسْأَلَكَ أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءَ إِذَا أَرَادُوا وَ تَحْبِسَهَا إِذَا أَرَادُوا فَأَجَبْتَهُمْ ثُمَّ صَيَّرْتَهَا عَلَيْهِمْ ضَرَراً فَقَالَ يَا مُوسَى أَنَا كُنْتُ الْمُقَدِّرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَرْضَوْا بِتَقْدِيرِي فَأَجَبْتُهُمْ إِلَى إِرَادَتِهِمْ فَكَانَ مَا رَأَيْت.(1)

***

باب (12) وفاة موسى وهارون (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وموضع قبرهما وبعض أحوال يوشع بن نون (عَلَيْهِ السَّلَامُ)

البحار: ج6 ص 97

بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِهَارُونَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) امْضِ بِنَا إِلَى جَبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ ثُمَ خَرَجَا فَإِذَا بَيْتٌ عَلَى بَابِهِ شَجَرَةٌ عَلَيْهَا ثَوْبَانِ فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ اطْرَحْ ثِيَابَكَ

ص: 153


1- ما في هذه الرواية الشريفة من البيان الموافق للاعتبار والعقل لأن عقول البشر لا تحيط بالواقع كما هو عليه. والرواية مثل لجميع ما نعده أنه منه تعالى لنا فيجب علينا التقويض إلى التقدير لا الاتكاء على إراداتنا ورأينا. السبزواري.

وَ ادْخُلْ هَذَا الْبَيْتَ وَ الْبَسْ هَاتَيْنِ الْحُلَّتَيْنِ وَ نَمْ عَلَى السَّرِيرِ فَفَعَلَ هَارُونُ فَلَمَّا أَنْ نَامَ عَلَى السَّرِيرِ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ ارْتَفَعَ الْبَيْتُ وَ الشَّجَرَةُ وَ رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ هَارُونَ وَ رَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَالُوا كَذَبْتَ أَنْتَ قَتَلْتَهُ فَشَكَا مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ فَأَنْزَلَتْهُ عَلَى سَرِيرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ حَتَّى رَأَتْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَات.(1)

***

باب (18) قصص لقمان وحكمه

البحار: ج6 ص 128

2- أَبِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ لُقْمَانَ وَ حِكْمَتِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ أَ مَا وَ اللَّهِ مَا أُوتِيَ لُقْمَانُ الْحِكْمَةَ بِحَسَبٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا أَهْلٍ وَ لَا بَسْطٍ فِي جِسْمٍ وَ لَا جَمَالٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللَّهِ مُتَوَرِّعاً فِي اللَّهِ سَاكِتاً سَكِيناً عَمِيقَ النَّظَرِ طَوِيلَ الْفِكْرِ حَدِيدَ النَّظَرِ مُسْتَغْنٍ بِالْعِبَرِ لَمْ يَنَمْ نَهَاراً قَطُّ وَ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى بَوْلٍ وَ لَا غَائِطٍ وَ لَا اغْتِسَالٍ لِشِدَّةِ تَسَتُّرِهِ وَ عُمُوقِ نَظَرِهِ وَ تَحَفُّظِهِ فِي أَمْرِهِ وَ لَمْ يَضْحَكْ مِنْ شَيْ ءٍ قَطُّ مَخَافَةَ الْإِثْمِ وَ لَمْ يَغْضَبْ قَطُّ وَ لَمْ يُمَازِحْ إِنْسَاناً قَطُّ وَ لَمْ يَفْرَحْ لِشَيْ ءٍ إِنْ أَتَاهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ لَا حَزِنَ مِنْهَا عَلَى شَيْ ءٍ قَطُّ وَ قَدْ نَكَحَ مِنَ النِّسَاءِ وَ وُلِدَ لَهُ الْأَوْلَادُ الْكَثِيرَةُ وَ قَدَّمَ أَكْثَرَهُمْ إِفْرَاطاً فَمَا بَكَى عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ لَمْ يَمُرَّ بِرَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ أَوْ يَقْتَتِلَانِ إِلَّا أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا وَ لَمْ يَمْضِ

ص: 154


1- يظهر من هذا الخبر أن كيفية وفاة موسى وهارون کان متشابها من جملة من الجهات. السبزواري.

عَنْهُمَا حَتَّى تَحَاجَزَا وَ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلًا قَطُّ مِنْ أَحَدٍ اسْتَحْسَنَهُ إِلَّا سَأَلَ عَنْ تَفْسِيرِهِ وَ عَمَّنْ أَخَذَهُ وَ كَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ الْفُقَهَاءِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ كَانَ يَغْشَى الْقُضَاةَ وَ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِينَ فَيَرْثِي لِلْقُضَاةِ مِمَّا ابْتُلُوا بِهِ وَ يَرْحَمُ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِينَ لِغِرَّتِهِمْ بِاللَّهِ وَ طُمَأْنِينَتِهِمْ فِي ذَلِكَ وَ يَعْتَبِرُ وَ يَتَعَلَّمُ مَا يَغْلِبُ بِهِ نَفْسَهُ وَ يُجَاهِدُ بِهِ هَوَاهُ وَ يَحْتَرِزُ بِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ كَانَ يُدَاوِي قَلْبَهُ بِالتَّفَكُّرِ وَ يُدَارِي نَفْسَهُ بِالْعِبَرِ وَ كَانَ لَا يَظْعَنُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ فَبِذَلِكَ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ وَ مُنِحَ الْعِصْمَةَ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ طَوَائِفَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حِينَ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَ هَدَأَتِ الْعُيُونُ بِالْقَائِلَةِ فَنَادَوْا لُقْمَانَ حَيْثُ يَسْمَعُ وَ لَا يَرَاهُمْ فَقَالُوا يَا لُقْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ تَحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ لُقْمَانُ إِنْ أَمَرَنِي رَبِّي بِذَلِكَ فَالسَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ بِي ذَلِكَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ وَ عَلَّمَنِي وَ عَصَمَنِي وَ إِنْ هُوَ خَيَّرَنِي قَبِلْتُ الْعَافِيَةَ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا لُقْمَانُ لِمَ قَالَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَشَدِّ الْمَنَازِلِ مِنَ الدِّينِ وَ أَكْثَرُ فِتَناً وَ بَلَاءً مَا يُخْذَلُ وَ لَا يُعَانُ وَ يَغْشَاهُ الظُّلَمُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَ صَاحِبُهُ مِنْهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِنْ أَصَابَ فِيهِ الْحَقَّ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَسْلَمَ وَ إِنْ أَخْطَأَ أَخْطَأَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ وَ مَنْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا ذَلِيلًا وَ ضَعِيفاً كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي الْمَعَادِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَكَماً سَرِيّاً شَرِيفاً وَ مَنِ اخْتَارَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ يَخْسَرُهُمَا كِلْتَيْهِمَا تَزُولُ هَذِهِ وَ لَا تُدْرَكُ تِلْكَ قَالَ فَتَعَجَّبَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ حِكْمَتِهِ وَ اسْتَحْسَنَ الرَّحْمَنُ مَنْطِقَهُ فَلَمَّا أَمْسَى وَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِكْمَةَ فَغَشَّاهُ بِهَا مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ(1) وَ هُوَ نَائِمٌ وَ غَطَّاهُ بِالْحِكْمَةِ غِطَاءً فَاسْتَيْقَظَ وَ هُوْ أَحْكَمُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ وَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ وَ يُبَيِّنُهَا فِيهَا قَالَ فَلَمَّا أُوتِيَ الْحُكْمَ وَ لَمْ يَقْبَلْهَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ دَاوُدَ بِالْخِلَافَةِ فَقَبِلَهَا وَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا بِشَرْطِ لُقْمَانَ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ الْخِلَافَةَ فِي

ص: 155


1- لعلّ المعنى أن حرکات جميع جوارحه كانت على وجه العقل والحكمة فتدبّر. السبزواري.

الْأَرْضِ وَ ابْتُلِيَ فِيهَا غَيْرَ مَرَّةٍ وَ كُلُّ ذَلِكَ يَهْوِي فِي الْخَطَاءِ يُقِيلُهُ اللَّهُ وَ يَغْفِرُ لَهُ وَ كَانَ لُقْمَانُ يُكْثِرُ زِيَارَةَ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ يَعِظُهُ بِمَوَاعِظِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ فَضْلِ عِلْمِهِ وَ كَانَ يَقُولُ دَاوُدُ لَهُ طُوبَى لَكَ يَا لُقْمَانُ أُوتِيتَ الْحِكْمَةَ وَ صُرِفَتْ عَنْكَ الْبَلِيَّةُ وَ أُعْطِيَ دَاوُدُ الْخِلَافَةَ وَ ابْتُلِيَ بِالْخَطَاءِ وَ الْفِتْنَةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ «وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» قَالَ فَوَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ بِآثَارٍ حَتَّى تَفَطَّرَ وَ انْشَقَّ وَ كَانَ فِيمَا وَعَظَهُ بِهِ يَا حَمَّادُ أَنْ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ مُنْذُ سَقَطْتَ إِلَى الدُّنْيَا اسْتَدْبَرْتَهَا وَ اسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ فَدَارٌ أَنْتَ إِلَيْهَا تَسِيرُ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ أَنْتَ عَنْهَا مُتَبَاعِدٌ يَا بُنَيَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَ ازْحَمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ وَ لَا تُجَادِلْهُمْ فَيَمْنَعُوكَ وَ خُذْ مِنَ الدُّنْيَا بَلَاغاً وَ لَا تَرْفُضْهَا فَتَكُونَ عِيَالًا عَلَى النَّاسِ وَ لَا تَدْخُلْ فِيهَا دُخُولًا يُضِرُّ بِآخِرَتِكَ وَ صُمْ صَوْماً يَقْطَعُ شَهْوَتَكَ وَ لَا تَصُمْ صِيَاماً يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصِّيَامِ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ هَلَكَ فِيهَا عَالَمٌ كَثِيرٌ فَاجْعَلْ سَفِينَتَكَ فِيهَا الْإِيمَانَ وَ اجْعَلْ شِرَاعَهَا التَّوَكُّلَ وَ اجْعَلْ زَادَكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ فَإِنْ نَجَوْتَ فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ إِنْ هَلَكْتَ فَبِذُنُوبِكَ يَا بُنَيَّ إِنْ تَأَدَّبْتَ صَغِيراً انْتَفَعْتَ بِهِ كَبِيراً وَ مَنْ عَنَى بِالْأَدَبِ اهْتَمَّ بِهِ وَ مَنِ اهْتَمَّ بِهِ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ وَ مَنْ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ وَ مَنِ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ أَدْرَكَ مَنْفَعَتَهُ فَاتَّخِذْهُ عَادَةً فَإِنَّكَ تَخْلُفُ فِي سَلَفِكَ وَ تَنْفَعُ بِهِ خَلْفَكَ وَ يَرْتَجِيكَ فِيهِ رَاغِبٌ وَ يَخْشَى صَوْلَتَكَ رَاهِبٌ وَ إِيَّاكَ وَ الْكَسَلَ عَنْهُ بِالطَّلَبِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ غُلِبْتَ عَلَى الدُّنْيَا فَلَا تُغْلَبَنَّ عَلَى الْآخِرَةِ فَإِذَا فَاتَكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فِي مَظَانِّهِ فَقَدْ غُلِبْتَ عَلَى الْآخِرَةِ وَ اجْعَلْ فِي أَيَّامِكَ وَ لَيَالِيكَ وَ سَاعَاتِكَ لِنَفْسِكَ نَصِيباً فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَمْ تَجِدْ لَهُ تَضْيِيعاً أَشَدَّ مِنْ تَرْكِهِ وَ لَا تُمَارِيَنَّ فِيهِ لَجُوجاً وَ لَا تُجَادِلَنَّ فَقِيهاً وَ لَا تُعَادِيَنَّ سُلْطَاناً وَ لَا تُمَاشِيَنَّ ظَلُوماً وَ لَا تُصَادِقَنَّهُ وَ لَا تُؤَاخِيَنَّ فَاسِقاً وَ لَا تُصَاحِبَنَّ مُتَّهَماً وَ اخْزُنْ عِلْمَكَ كَمَا تَخْزُنُ وَرِقَكَ يَا بُنَيَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَوْ أَتَيْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ خِفْتَ أَنْ يُعَذِّبَكَ وَ ارْجُ

ص: 156

اللَّهَ رَجَاءً لَوْ وَافَيْتَ الْقِيَامَةَ بِإِثْمِ الثَّقَلَيْنِ رَجَوْتَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَا أَبَتِ وَ كَيْفَ أُطِيقُ هَذَا وَ إِنَّمَا لِي قَلْبٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ لُقْمَانُ يَا بُنَيَّ لَوِ اسْتُخْرِجَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فَشُقَّ لَوُجِدَ فِيهِ نُورَانِ نُورٌ لِلْخَوْفِ وَ نُورٌ لِلرَّجَاءِ لَوْ وُزِنَا مَا رُجِّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمِثْقَالِ ذَرَّةٍ فَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ يُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ يُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أَمَرَ اللَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ مَا قَالَ اللَّهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ يَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ إِيمَاناً صَادِقاً يَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً وَ مَنْ يَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً فَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ صَادِقاً وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ خَافَهُ وَ مَنْ خَافَهُ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اتَّبَعَ أَمْرَهُ وَ مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ اسْتَوْجَبَ جَنَّتَهُ وَ مَرْضَاتَهُ وَ مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ رِضْوَانَ اللَّهِ فَقَدْ هَانَ سَخَطَهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ يَا بُنَيَّ لَا تَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا وَ لَا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِهَا فَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَ لَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ نَعِيمَهَا ثَوَاباً لِلْمُطِيعِينَ وَ لَمْ يَجْعَلْ بَلَاءَهَا عُقُوبَةً لِلْعَاصِينَ.

البحار: ج6 ص145

27 – كِتَابُ فَتْحِ الْأَبْوَابِ لِلسَّيِّدِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ رُوِيَ أَنَ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ قَالَ لِوَلَدِهِ فِي وَصِيَّتِهِ لَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِرِضَا النَّاسِ وَ مَدْحِهِمْ وَ ذَمِّهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ وَ لَوْ بَالَغَ الْإِنْسَانُ فِي تَحْصِيلِهِ بِغَايَةِ قُدْرَتِهِ فَقَالَ وَلَدُهُ مَا مَعْنَاهُ أُحِبُّ أَنْ أَرَى لِذَلِكَ مِثَالًا أَوْ فِعَالًا أَوْ مَقَالًا فَقَالَ لَهُ أَخْرُجُ أَنَا وَ أَنْتَ فَخَرَجَا وَ مَعَهُمَا بَهِيمَةٌ فَرَكِبَهُ لُقْمَانُ وَ تَرَكَ وَلَدَهُ يَمْشِي وَرَاءَهُ فَاجْتَازُوا عَلَى قَوْمٍ فَقَالُوا هَذَا شَيْخٌ قَاسِي الْقَلْبِ قَلِيلُ الرَّحْمَةِ يَرْكَبُ هُوَ الدَّابَّةَ وَ هُوَ أَقْوَى مِنْ هَذَا الصَّبِيِّ وَ يَتْرُكُ هَذَا الصَّبِيَّ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَ إِنَّ هَذَا بِئْسَ التَّدْبِيرُ فَقَالَ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ قَوْلَهُمْ وَ إِنْكَارَهُمْ لِرُكُوبِي وَ مَشْيِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ ارْكَبْ أَنْتَ يَا وَلَدِي حَتَّى أَمْشِيَ أَنَا فَرَكِبَ وَلَدُهُ وَ مَشَى لُقْمَانُ فَاجْتَازُوا عَلَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا هَذَا بِئْسَ الْوَالِدُ وَ هَذَا بِئْسَ الْوَلَدُ أَمَّا أَبُوهُ فَإِنَّهُ مَا أَدَّبَ هَذَا الصَّبِيَّ حَتَّى

ص: 157

يَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَ يَتْرُكَ وَالِدَهُ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَ الْوَالِدُ أَحَقُّ بِالاحْتِرَامِ وَ الرُّكُوبِ وَ أَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ عَقَّ وَالِدَهُ بِهَذِهِ الْحَالِ فَكِلَاهُمَا أَسَاءَا فِي الْفِعَالِ فَقَالَ لُقْمَانُ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ نَرْكَبُ مَعاً الدَّابَّةَ فَرَكِبَا مَعاً فَاجْتَازَا عَلَى جَمَاعَةٍ فَقَالُوا مَا فِي قَلْبِ هَذَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ رَحْمَةٌ وَ لَا عِنْدَهُمْ مِنَ اللَّهِ خَيْرٌ يَرْكَبَانِ مَعاً الدَّابَّةَ يَقْطَعَانِ ظَهْرَهَا وَ يَحْمِلَانِهَا مَا لَا تُطِيقُ لَوْ كَانَ قَدْ رَكِبَ وَاحِدٌ وَ مَشَى وَاحِدٌ كَانَ أَصْلَحَ وَ أَجْوَدَ فَقَالَ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَاتِ حَتَّى نَتْرُكَ الدَّابَّةَ تَمْشِي خَالِيَةً مِنْ رُكُوبِنَا فَسَاقا الدَّابَّةَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَ هُمَا يَمْشِيَانِ فَاجْتَازَا عَلَى جَمَاعَةٍ فَقَالُوا هَذَا عَجِيبٌ مِنْ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ يَتْرُكَانِ دَابَّةً فَارِغَةً تَمْشِي بِغَيْرِ رَاكِبٍ وَ يَمْشِيَانِ وَ ذَمُّوهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَمُّوهُمَا عَلَى كُلِّ مَا كَانَ فَقَالَ لِوَلَدِهِ تَرَى فِي تَحْصِيلِ رِضَاهُمْ حِيلَةً لِمُحْتَالٍ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ وَ اشْتَغِلْ بِرِضَا اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَفِيهِ شُغُلٌ شَاغِلٌ وَ سَعَادَةٌ وَ إِقْبَالٌ فِي الدُّنْيَا وَ يَوْمِ الْحِسَابِ وَ السُّؤَال.(1)

البحار: ج6 ص151

5 – ابْنُ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السّلام) قَالَ: السَّكِينَةُ رِيحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ لَهَا صُورَةٌ كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ وَ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ وَ هِيَ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (عليه السّلام) فَأَقْبَلَتْ تَدُورُ حَوْلَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ وَ هُوَ يَضَعُ الْأَسَاطِينَ قُلْنَا هِيَ مِنَ الَّتِي قَالَ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قَالَ تِلْكَ السَّكِينَةُ كَانَتْ فِي التَّابُوتِ وَ كَانَتْ فِيهَا طَسْتٌ يُغْسَلُ فِيهَا قُلُوبُ الْأَنْبِيَاءِ وَ كَانَ التَّابُوتُ يَدُورُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ فَمَا تَابُوتُكُمْ قُلْنَا السِّلَاحُ قَالَ صَدَقْتُمْ هُوَ تَابُوتُكُمْ الْخَبَر.(2)

***

ص: 158


1- هذه القصة تنسب إلى جملة من الحكماء فتفحص كتب القصص والعبر. السبزواري.
2- السبزواري: الطست وماء الغسل والغاسل من عالم الملكوت يغسل القلب عمّا تعلّق به من طبائع الناسوت لكن هذا في غير قلب خاتم الأنبياء وإن ورد به أيضاً نقل. فتفحص.

أبواب قصص عيسى وأمّه وأبويها

باب (17) ولادة عيسى (عليه السّلام)

البحار: ج6 ص 323

5 – عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) يَتَخَلَّلُ بَسَاتِينَ الْكُوفَةِ فَانْتَهَى إِلَى نَخْلَةٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا ثُمَ رَكَعَ وَ سَجَدَ فَأَحْصَيْتُ فِي سُجُودِهِ خَمْسَمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى النَّخْلَةِ فَدَعَا بِدَعَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ يَا حَفْصُ إِنَّهَا وَ اللَّهِ النَّخْلَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِمَرْيَمَ «وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا».(1)

***

باب (22) رفعه إلى السماء

البحار: ج 6ص 418

9- عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (عليه السّلام) بِمِدْرَعَةِ صُوفٍ مِنْ غَزْلِ مَرْيَمَ وَ مِنْ نَسْجِ مَرْيَمَ وَ مِنْ خِيَاطَةِ

ص: 159


1- لعل المعنى أنها من جنس تلك النخلة و من فروعها. السبزواري.

مَرْيَمَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى السَّمَاءِ نُودِيَ يَا عِيسَى أَلْقِ عَنْكَ زِينَةَ الدُّنْيَا.(1)

***

باب (20) قصص يونس وأبيه متّي

البحار: ج6 ص 462

13– عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: إِنَ يُونُسَ لَمَّا آذَاهُ قَوْمُهُ دَعَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَأَصْبَحُوا أَوَّلَ يَوْمٍ وَ وُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ وَ أَصْبَحُوا الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ قَالَ وَ كَانَ اللَّهُ وَاعَدَهُمْ أَنْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ حَتَّى نَالُوهُ بِرِمَاحِهِمْ فَفَرَّقُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَ أَوْلَادِهِنَّ وَ الْبَقَرِ وَ أَوْلَادِهَا وَ لَبِسُوا الْمُسُوحَ وَ الصُّوفَ وَ وَضَعُوا الْحِبَالَ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَ الرَّمَادَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ ضَجُّوا ضَجَّةً وَاحِدَةً إِلَى رَبِّهِمْ وَ قَالُوا آمَنَّا بِإِلَهِ يُونُسَ قَالَ فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى جِبَالِ آمِدَ قَالَ وَ أَصْبَحَ يُونُسُ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ هَلَكُوا فَوَجَدَهُمْ فِي عَافِيَةٍ فَغَضِبَ وَ خَرَجَ كَمَا قَالَ اللَّهُ مُغَاضِباً حَتَّى رَكِبَ سَفِينَةً فِيهَا رَجُلَانِ فَاضْطَرَبَتِ السَّفِينَةُ فَقَالَ الْمَلَّاحُ يَا قَوْمِ فِي سَفِينَتِي لَمَطْلُوبٌ فَقَالَ يُونُسُ أَنَا هُوَ وَ قَامَ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ فَأَبْصَرَ السَّمَكَةَ وَ قَدْ فَتَحَتْ فَاهَا فَهَابَهَا وَ تَعَلَّقَ بِهِ الرَّجُلَانِ وَ قَالا لَهُ أَنْتَ وَيْحَكَ وَ نَحْنُ رَجُلَانِ فَسَاهَمَهُمْ فَوَقَعَتِ السِّهَامُ عَلَيْهِ فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ السِّهَامَ إِذَا كَانَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَّهَا لَا تُخْطِئُ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ سَبْعَةً حَتَّى صَارَ إِلَى الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ بِهِ يُعَذَّبُ قَارُونُ فَسَمِعَ قَارُونُ دَوِيّاً فَسَأَلَ الْمَلَكَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُونُسُ وَ أَنَّ اللَّهَ حَبَسَهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فَقَالَ لَهُ قَارُونُ أَ تَأْذَنُ لِي أَنْ

ص: 160


1- إذا كانت مدرعة عيسى من غزل مريم ونسجها و خیاطها زينة الدنيا فالويل لنا !! السبزواري.

أُكَلِّمَهُ فَأَذِنَ لَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ مُوسَى (عليه السّلام) فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ فَبَكَى ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ هَارُونَ (عليه السّلام) فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ فَبَكَى وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً وَ سَأَلَهُ عَنْ أُخْتِهِ كُلْثُمَ وَ كَانَتْ مُسَمَّاةً لَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا مَاتَتْ فَبَكَى وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَنِ ارْفَعْ عَنْهُ الْعَذَابَ بَقِيَّةَ الدُّنْيَا لِرِقَّتِهِ عَلَى قَرَابَتِه.

***

ص: 161

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الأجزاء 7 و 8 و 9 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 162

ص: 163

باب (1) بدء خلقه وما جرى له في الميثاق

البحار: ج 7 ص 9

3- بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى» قَالَ يَعْنِي بِهِ مُحَمَّداً (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَيْثُ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ فِي الذَّرِّ الْأَوَّلِ.(1)

البحار: ج 7 ص 9

4 –الْحَاكِمُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَدَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ نُورَ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَبْلَ أَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِيَّ وَ اللَّوْحَ وَ الْقَلَمَ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ وَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ آدَمَ وَ نُوحاً وَ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ (عليه السّلام) وَ كُلَّ مَنْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي قَوْلِهِ «وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ» إِلَى قَوْلِهِ «وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» وَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ بِأَرْبَعِ مِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ وَ أَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ خَلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَهُ اثْنَيْ عَشَرَ حِجَاباً (2) حِجَابَ الْقُدْرَةِ

ص: 164


1- ظاهر الخبر أنّ الذّر ذرّان الأوّل والثاني. السبزواري.
2- أقول: لعل المراد بالحجب التعينات اللاحقة لروحانيته المطلقة الغير محدودة بشيء إلا بحدّ الإمكان بمعنی عدم كونه في مرتبة وجوب الوجود لا بمعنی نافذيته للصفات الكاملة وعلى هذا فالتعينات ظهور ما استتر في ذاته الشريفة و تفصيل ما أجمل في نفسه المقدسة فتدبّر. السبزواري.

وَ حِجَابَ الْعَظَمَةِ وَ حِجَابَ الْمِنَّةِ وَ حِجَابَ الرَّحْمَةِ وَ حِجَابَ السَّعَادَةِ وَ حِجَابَ الْكَرَامَةِ وَ حِجَابَ الْمَنْزِلَةِ وَ حِجَابَ الْهِدَايَةِ وَ حِجَابَ النُّبُوَّةِ وَ حِجَابَ الرِّفْعَةِ وَ حِجَابَ الْهَيْبَةِ وَ حِجَابَ الشَّفَاعَةِ ثُمَّ حَبَسَ نُورَ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي حِجَابِ الْقُدْرَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ فِي حِجَابِ الْعَظَمَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ عَالِمِ السِّرِّ وَ فِي حِجَابِ الْمِنَّةِ عَشْرَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ قَائِمٌ لَا يَلْهُو وَ فِي حِجَابِ الرَّحْمَةِ تِسْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ الرَّفِيعِ الْأَعْلَى وَ فِي حِجَابِ السَّعَادَةِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ دَائِمٌ لَا يَسْهُو وَ فِي حِجَابِ الْكَرَامَةِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ غَنِيٌّ لَا يَفْتَقِرُ وَ فِي حِجَابِ الْمَنْزِلَةِ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ الْعَلِيمِ الْكَرِيمِ وَ فِي حِجَابِ الْهِدَايَةِ خَمْسَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ ذِي الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَ فِي حِجَابِ النُّبُوَّةِ أَرْبَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ فِي حِجَابِ الرِّفْعَةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَ الْمَلَكُوتِ وَ فِي حِجَابِ الْهَيْبَةِ أَلْفَيْ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ بِحَمْدِهِ وَ فِي حِجَابِ الشَّفَاعَةِ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ ثُمَّ أَظْهَرَ اسْمَهُ عَلَى اللَّوْحِ فَكَانَ عَلَى اللَّوْحِ مُنَوَّراً أَرْبَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ ثُمَّ أَظْهَرَهُ عَلَى الْعَرْشِ فَكَانَ عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ مُثْبَتاً سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ إِلَى أَنْ وَضَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي صُلْبِ آدَمَ (عليه السّلام) ثُمَّ نَقَلَهُ مِنْ صُلْبِ آدَمَ (عليه السّلام) إِلَى صُلْبِ نُوحٍ (عليه السّلام) ثُمَّ مِنْ صُلْبٍ إِلَى صُلْبٍ حَتَّى أَخْرَجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَكْرَمَهُ بِسِتِّ كَرَامَاتٍ أَلْبَسَهُ قَمِيصَ الرِّضَا وَ رَدَّاهُ بِرِدَاءِ الْهَيْبَةِ وَ تَوَّجَهُ بِتَاجِ الْهِدَايَةِ وَ أَلْبَسَهُ سَرَاوِيلَ الْمَعْرِفَةِ وَ جَعَلَ تِكَّتَهُ تِكَّةَ الْمَحَبَّةِ يَشُدُّ بِهَا سَرَاوِيلَهُ وَ جَعَلَ نَعْلَهُ نَعْلَ الْخَوْفِ وَ نَاوَلَهُ عَصَا الْمَنْزِلَةِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ اذْهَبْ إِلَى النَّاسِ فَقُلْ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَانَ أَصْلُ ذَلِكَ الْقَمِيصِ مِنْ سِتَّةِ أَشْيَاءَ قَامَتُهُ مِنَ الْيَاقُوتِ وَ كُمَّاهُ مِنَ

ص: 165

اللُّؤْلُؤِ وَ دِخْرِيصُهُ مِنَ الْبِلَّوْرِ الْأَصْفَرِ وَ إِبْطَاهُ مِنَ الزَّبَرْجَدِ وَ جُرُبَّانُهُ مِنَ الْمَرْجَانِ الْأَحْمَرِ وَ جَيْبُهُ مِنْ نُورِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تَوْبَةَ آدَم (عليه السّلام) بِذَلِكَ الْقَمِيصِ وَ رَدَّ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ (عليه السّلام) بِهِ وَ رَدَّ يُوسُفَ (عليه السّلام) إِلَى يَعْقُوبَ (عليه السّلام) بِهِ وَ نَجَّى يُونُسَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ بِهِ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) أَنْجَاهُمْ مِنَ الْمِحَنِ بِهِ وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقَمِيصُ إِلَّا قَمِيصَ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ).

البحار: ج 7 ص 13

11- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِصْبَاحِ الْأَنْوَارِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي وَ خَلَقَ عَلِيّاً(1)وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ (عليه السّلام) حِينَ لَا سَمَاءَ مَبْنِيَّةً وَ لَا أَرْضَ مَدْحِيَّةً وَ لَا ظُلْمَةَ وَ لَا نُورَ وَ لَا شَمْسَ وَ لَا قَمَرَ وَ لَا جَنَّةَ وَ لَا نَارَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ فَكَيْفَ كَانَ بَدْءُ خَلْقِكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا عَمِّ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَنَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَلَقَ مِنْهَا نُوراً ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى فَخَلَقَ مِنْهَا رُوحاً ثُمَّ مَزَجَ النُّورَ بِالرُّوحِ فَخَلَقَنِي وَ خَلَقَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ فَكُنَّا نُسَبِّحُهُ حِينَ لَا تَسْبِيحَ وَ نُقَدِّسُهُ حِينَ لَا تَقْدِيسَ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُنْشِئَ خَلْقَهُ فَتَقَ نُورِي فَخَلَقَ مِنْهُ الْعَرْشَ فَالْعَرْشُ مِنْ نُورِي وَ نُورِي مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ نُورِي أَفْضَلُ مِنَ الْعَرْشِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ أَخِي عَلِيٍّ فَخَلَقَ مِنْهُ الْمَلَائِكَةَ فَالْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورِ عَلِيٍّ وَ نُورُ عَلِيٍّ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ عَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ ابْنَتِي فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فَالسَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ مِنْ نُورِ ابْنَتِي فَاطِمَةَ وَ نُورُ ابْنَتِي فَاطِمَةَ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ ابْنَتِي فَاطِمَةُ أَفْضَلُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ وَلَدِيَ الْحَسَنِ

ص: 166


1- ظاهر هذا الخبر أن الخمسة الطاهرون كلّهم علة غائية للإيجاد وعلة مادية أيضاً، فتدبّر. السبزواري.

فَخَلَقَ مِنْهُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ مِنْ نُورِ وَلَدِيَ الْحَسَنِ وَ نُورُ الْحَسَنِ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ الْحَسَنُ أَفْضَلُ مِنَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ ثُمَّ فَتَقَ نُورَ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ فَخَلَقَ مِنْهُ الْجَنَّةَ وَ الْحُورَ الْعِينَ فَالْجَنَّةُ وَ الْحُورُ الْعِينُ مِنْ نُورِ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ وَ نُورُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَ وَلَدِيَ الْحُسَيْنُ أَفْضَلُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْحُورِ الْعِينِ الْخَبَر

البحار: ج 7 ص18

28 – أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَا مُحَمَّدُ إِنِّي خَلَقْتُكَ وَ عَلِيّاً(1) نُوراً يَعْنِي رُوحاً بِلَا بَدَنٍ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَ سَمَاوَاتِي وَ أَرْضِي وَ عَرْشِي وَ بَحْرِي فَلَمْ تَزَلْ تُهَلِّلُنِي وَ تُمَجِّدُنِي ثُمَّ جَمَعْتُ رُوحَيْكُمَا فَجَعَلْتُهُمَا وَاحِدَةً فَكَانَتْ تُمَجِّدُنِي وَ تُقَدِّسُنِي وَ تُهَلِّلُنِي ثُمَّ قَسَمْتُهَا ثِنْتَيْنِ وَ قَسَمْتُ الثِّنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةً مُحَمَّدٌ وَاحِدٌ وَ عَلِيٌّ وَاحِدٌ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ثِنْتَانِ ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ فَاطِمَةَ مِنْ نُورٍ ابْتَدَأَهَا رُوحاً بِلَا بَدَنٍ ثُمَّ مَسَحَنَا بِيَمِينِهِ فَأَفْضَى نُورَهُ فِينَا.

البحار: ج 7 ص 19

ص: 167


1- أقول: الذي يظهر من أخبار كثيرة بل مستفيضة أن محمّداً (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) له وذريته الأطيبين كما أنهم علة غائية لخلق الممکنات من الروحانيات والمادي كذلك يكون علة للماديات فأول ما خلق من الجسمانيات هو نورهم صلوات الله عليهم وبحسب تنزلات ذلك النور تكون سائر الجسمانيات كما أنهم صلوات الله عليهم في سلسلة الروحانيين أول المخلوقات وتفرع عن روحانيتهم جميع الروحانيين فكل ذات روحانية كانت أو جسمانية لابد وان تنتهي إليهم كما أن كل كمال لابد وان ينشعب منهم بل إن شئت صریح الحق بلا ارتياب فهم صلوات الله عليهم علة فاعلية أيضاً لما سوى الباري تعالى لأنهم محال إرادة اللّه تعالى وإرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليهم وتصدر من بيوتهم فأتقن التدبر. السبزواري.

33- الْغَضَائِرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْغَزَّالِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ فِي الْفِرْدَوْسِ لَعَيْناً أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ وَ أَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ فِيهَا طِينَةٌ خَلَقَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا وَ خَلَقَ شِيعَتَنَا مِنْهَا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ فَلَيْسَ مِنَّا وَ لَا مِنْ شِيعَتِنَا وَ هِيَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ عَلَى وَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). (1)

البحار: ج 7 ص67 س1

قال أبو الحسن البكري و لما تزوج عبد الله بآمنة أقامت معه زمانا و النور في وجهه لم يزل حتى نفذت مشية الله تعالى و قدرته و أراد أن يخرج خيرة خلقه محمدا رسول الله و أن يشرف به الأرض و ينورها بعد ظلامها و يطهرها بعد تنجيسها أمر الله تعالى جبرئيل (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أن ينادي في جنة المأوى أن الله جل جلاله قد تمت كلمته و مشيته و أن الذي وعده من ظهور البشير النذير السراج المنير الذي يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يدعو إلى الله و هو صاحب الأمانة و الصيانة يظهر نوره في البلاد و يكون رحمة على العباد و من أحبه بشر بالشرف و الحباء و من أبغضه بسوء القضاء و هو الذي عرض عليكم من قبل أن يخلق آدم (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الذي يسمى في السماء أحمد و في الأرض محمّداً و في الجنة أبا القاسم فأجابته الملائكة بالتسبيح و التهليل و التقديس

ص: 168


1- يظهر من مثل هذه الرواية أن الميثاق ميثاق تکويني ذاتي وهي الطينة واختياري عهدي وهو المقصود بقوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ». فتدبّر. السبزواري.

و التكبير للّه رب العالمين و فتحت أبواب الجنان و غلقت أبواب النيران و أشرفت الحور العين و سبحت الأطيار على رءوس الأشجار فلما فرغ جبريل من أهل السماوات أمره اللّه أن ينزل في مائة ألف من الملائكة إلى أقطار الأرض و إلى جبل قاف و إلى خازن السحاب و جملة ما خلق الله يبشرهم بخروج رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ثم نزل إلى الأرض السابعة فأخبرهم بخبره و من أراد الله به خيرا ألهمه محبته و من أراد به شرا ألهمه بغضه و زلزلت الشياطين و صفدت و طردت عن الأماكن التي كانوا يسترقون فيها السمع و رجموا بالشهب.

قال صاحب الحديث و لما كانت ليلة الجمعة عشية عرفة و كان عبد الله قد خرج هو و إخوته و أبوه فبينما هم سائرون و إذا بنهر عظيم فيه ماء زلال و لم يكن قبل ذلك اليوم هناك ماء فبقي عبد المطلب و أولاده متعجبين فبينما عبد الله كذلك إذ نودي يا عبد الله اشرب من هذا النهر فشرب منه و إذا هو أبرد من الثلج و أحلى من العسل و أزكى من المسك فنهض مسرعا و التفت إلى إخوته فلم يروا للنهر أثرا فتعجبوا منه ثم إن عبد الله مضى مسرعا إلى منزله فرأته آمنة طائشا فقالت له ما بالك صرف الله عنك الطوارق فقال لها قومي فتطهري و تطيبي و تعطري و اغتسلي فعسى الله أن يستودعك هذا النور فقامت و فعلت ما أمرها ثم جاءت إليه فغشيها تلك الليلة المباركة فحملت برسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فانتقل النور من وجه عبد الله في ساعته إلى آمنة بنت وهب قالت آمنة لما دنا مني و لا مسني أضاء منه نور ساطع و ضياء لامع فأنارت منه السماء و الأرض فأدهشني ما رأيت و كانت آمنة بعد ذلك يرى النور في وجهها كأنه المرآة المضيئة. بيان النشيش صوت الماء و غيره إذا غلا و الإراض بالكسر بساط ضخم من صوف أو وبر و انحاز عنه عدل و انحاز القوم تركوا مراكزهم و الترح بالتحريك ضد الفرح و الأروع من الرجال الذي يعجبك حسنه

ص: 169

الذابل الرمح الرقيق و السميدع بالفتح السيد الموطأ الأكناف و الصحاصح جمع الصحصاح و هو المكان المستوي و الجندل الحجارة و الاسمهرار الصلابة و الشدة قوله دهينا أي أصابتنا الداهية و الدرقة الترس و الغيداق الكريم و الضيغم الأسد. أقول إنما أوردت هذا الخبر مع غرابته و إرساله للاعتماد على مؤلفه و اشتماله على كثير من الآيات و المعجزات التي لا تنافيها سائر الأخبار بل تؤيدها و الله تعالى يعلم. (1)

البحار: ج 7 ص 68 س20

وَ رُوِيَ عَنْهُ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِذَا بَلَغَ نَسَبِي إِلَى عَدْنَانَ فَأَمْسِكُوا.(2)

***

الباب (3) تاریخ ولادته (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وما يتعلّق بها وما ظهر عندها من المعجزات والكرامات

البحار: ج 7 ص 165 س3

بیان: اعلم أن هاهنا إشكالا مشهورا(3) أورده الشهيد الثاني رحمه الله

ص: 170


1- أقول أبو الحسن البكري ليس بمرضيّ عند جمع من محقّقي الرِّجال وكذا مؤلّفه لا يعتمد عليه كمال الاعتماد. السبزواري
2- أقول: لعل سبب أمره تعالى بالإمساك هو الاختلاف فيما بعد عدنان اختلافا كثيرا والاختلاف في أجداده (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) غير لائق بمقام النبوّة فتدبّر. السبزواري.
3- أقول: لم أر مستنداً يصح الاعتماد عليه بكون الحمل به (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كان في أيّام التشريق إلّا تقلا عن بعض العامة وهم لا يسندونه إلى خبر حتّى ينظر في صحته وفساده مع إن الاطلاع على انعقاد النطفة لا يعلم به إلا من قبل اللّه أو المعصوم مع إن الوقاع في أيّام التشريق عند الجمرة بعيد جدا على أن ذوي المروءة من الناس لا يرضون بان يقال لهم حملت أمك بك في يوم كذا في مکان كذا فكيف يرضى بذلك من هو مستكمل الحياء والعفة والمروءة فليس هذا إلّا من العامة العميا الذين لا يبالون بما يقولون ولكن ذكره في الدفاتر و نشره في المحافل من سوء الأدب بالنسبة إلى سيد المرسلين ومع ذلك كلّه لا يبعد أن هذا الخبر عن المعصوم كما أنهم (عليهم السلام) اخبروا بمثل هذه الأمور لمصالح شتی وأما إذا لم ينتهي الأمر إلى المعصوم أو إلى حجّة صحيحة يصح الركون إليه فلا وجه للقبول. نعم غاية ما اطلعت عليه خبر إبان عن أبي بصير عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قصة ذبح إسماعيل قال أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت أم رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عند الجمرة الوسطى فلم يزل مضربهم يتوارثونه کابرا عن كابر حتّى كان آخر من ارتحل عنه علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخ بحار جلد 5 ص 167 أحوال إبراهيم (من الطبعة الحجرية) و على هذا فيرتفع الإشكال من البين فتدبّر. السبزواري.

و جماعة و هو أنه يلزم على ما ذكره الكليني رحمه الله من كون الحمل به (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) في أيام التشريق و ولادته في ربيع الأول أن يكون مدة حمله إما ثلاثة أشهر أو سنة و ثلاثة أشهر مع أن الأصحاب اتفقوا على أنه لا يكون الحمل أقل من ستة أشهر و لا أكثر من سنة و لم يذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه و الجواب أن ذلك مبني على النسي ء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية و قد نهى الله تعالى عنه و قال «إِنَّمَا النَّسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ».

البحار: ج 7 ص 185 س 21

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَدْنَانُ بْنُ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ يقدد بْنِ يَقْدَمَ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ نَبْتِ بْنِ قَيْذَارَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قِيلَ الْأَصَحُ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ النُّسَّابِ وَ أَصْحَابِ التَّوَارِيخِ أَنَّ عَدْنَانَ هُوَ أَدُّ بْنُ أُدَدَ بْنِ الْيَسَعِ بْنِ الْهَمَيْسَعِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ نَبْتِ بْنِ حَمَلِ بْنِ قَيْذَارَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بْنِ تَارَخَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوعَ بْنِ أرغوا بْنِ فالع بْنِ عَابَرَ وَ هُوَ هُودُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بْنُ شَالَحَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ مَلَكِ بْنِ متوشلح بْنِ أَخْنُوخَ وَ يُقَالُ أَحْنُوخُ وَ هُوَ إِدْرِيسُ(عَلَيهِ السَّلَامُ) بْنُ يازد بْنِ هلايل بْنِ قينان بْنِ أنوش بْنِ

ص: 171

شَيْثِ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ(1) بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُوَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَ أَرْضَعَتْهُ حَتَّى شَبَّ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ السَّعْدِيَّةُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَ كَانَتْ ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَرْضَعَتْهُ أَيْضاً بِلَبَنِ ابْنِهَا مَسْرُوحٍ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْدِمَ حَلِيمَةُ وَ تُوُفِّيَتْ ثُوَيْبَةُ مُسْلِمَةً سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ مَاتَ ابْنُهَا قَبْلَهَا وَ كَانَتْ قَدْ أَرْضَعَتْ ثُوَيْبَةُ قَبْلُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِابْنَةِ حَمْزَةَ إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَ كَانَ حَمْزَةُ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَ أَمَّا جَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ فَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ وَ أُمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَلْمَى بِنْتُ عُمْرَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ وَ أُمُّ هَاشِمٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ مَرَّةَ بْنِ هِلَالٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَ أُمُّ قُصَيٍّ وَ زُهْرَةَ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدٍ مِنْ أَزْدِ السَّرَاةِ وَ صَدَعَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِالرِّسَالَةِ يَوْمَ السَّابِعِ وَ الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَ لَهُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ قُبِضَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَ سِتِّينَ سَنَة.

***

باب (4) منشأه ورضاعه وما ظهر من إعجازه عند ذلك إلى نبوّته (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)

البحار: ج 7 ص 219

1-رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ(2) فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ تَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ مَعَهُنَّ عَلَى أَتَانٍ وَ مَعِي زَوْجِي

ص: 172


1- فأمّ رسول اللّه كانت بنت عم أبيه عبد اللّه. السبزواري.
2- هذا الخبر بهذا الطريق مجهول بلا شك لأنّه معارض مع ما يأتي ومخالف للاعتبار قطعا وكيف يعقل ذلك في حياة عبد المطلب وهو سيد الحجاز. السبزواري.

وَ مَعَنَا شَارِفٌ لَنَا مَا بَيَّضَ بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ وَ مَعَنَا وَلَدٌ مَا نَجِدُ فِي ثَدْيَيَّ مَا نُعَلِّلُهُ بِهِ وَ مَا نَامَ لَيْلَنَا جُوعاً فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ تَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ فَكَرِهْنَاهُ فَقُلْنَا يَتِيمٌ وَ إِنَّمَا يُكْرِمُ الظِّئْرَ الْوَالِدُ فَكُلُّ صَوَاحِبِي أَخَذْنَ رَضِيعاً وَ لَمْ آخُذْ شَيْئاً فَلَمَّا لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ فَأَمْسَيْتُ وَ أَقْبَلَ ثَدْيَايَ بِاللَّبَنِ حَتَّى أَرْوَيْتُهُ وَ أَرْوَيْتُ وَلَدِي أَيْضاً وَ قَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ يَلْمِسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ فَحَلَبَهَا وَ أَرْوَانِي مِنْ لَبَنِهَا وَ رَوَّى الْغِلْمَانَ فَقَالَ يَا حَلِيمَةُ لَقَدْ أَصَبْنَا نَسَمَةً مُبَارَكَةً.

فَبِتْنَا بِخَيْرٍ وَ رَجَعْنَا فَرَكِبْتُ أَتَانِي ثُمَّ حَمَلْتُ مُحَمَّداً مَعِي فَوَ الَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ لَقَدْ طُفْتُ بِالرَّكْبِ حَتَّى إِنَّ النِّسْوَةَ يَقُلْنَ يَا حَلِيمَةُ أَمْسِكِي عَلَيْنَا أَ هَذِهِ أَتَانُكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا قُلْتُ نَعَمْ مَا شَأْنُهَا قُلْنَ حَمَلْتِ غُلَاماً مُبَارَكاً وَ يَزِيدُنَا اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ خَيْراً وَ الْبِلَادُ قَحْطٌ وَ الرُّعَاةُ يَسْرَحُونَ ثُمَّ يُرِيحُونَ فَتَرُوحُ أَغْنَامُ بَنِي سَعْدٍ جِيَاعاً وَ تَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعاً بِطَاناً حُفَلَاءَ فَتُحْلَبُ وَ تُشْرَب.

البحار: ج 7 ص 226

13- قَالَ الْوَاقِدِيِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مَاتَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ(1) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَبَقِيَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِلَا أَبٍ وَ لَا أُمٍّ وَ هُوَ مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَبَقِيَ يَتِيماً فِي حَجْرِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ مَوْتُ آمِنَةَ لِيُتْمِ مُحَمَّدٍ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَمْ يَأْكُلْ وَ لَمْ يَشْرَبْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَعَثَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى بِنْتَيْهِ عَاتِكَةَ وَ صَفِيَّةَ وَ قَالَ لَهُمَا خُذَا مُحَمَّداً (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَا يَزْدَادُ إِلَّا بُكَاءً وَ لَا يَسْكُنُ وَ كَانَتْ عَاتِكَةُ تُلْعِقُهُ عَسَلًا صَافِياً مَعَ الثَّرِيدِ وَ هُوَ لَا يَزْدَادُ إِلَّا تَمَادِياً فِي الْبُكَاءِ.

البحار: ج 7 ص227 س1

ص: 173


1- أقول في موت أمه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) اختلفت الأقوال غاية الاختلاف فمن قائل بأربعة أشهر ومن قائل بأربع سنين ومن قائل بست سنين إلى غير ذلك من الأقوال الخاصة والعامة. السبزواري.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ فَضَجِرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لِعَاتِكَةَ فَلَعَلَّهُ يَقْبَلُ ثَدْيَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَ يُرْضِعْنَ وَلَدِي وَ قُرَّةَ عَيْنِي فَبَعَثَتْ عَاتِكَةُ بِالْجَوَارِي وَ الْعَبِيدِ نَحْوَ نِسَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَ قُرَيْشٍ وَ دَعَتْهُنَّ إِلَى رَضَاعِ النَّبِيِّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَجِئْنَ إِلَى عَاتِكَةَ وَ اجْتَمَعْنَ عِنْدَهَا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَ سِتِّينَ جَارِيَةً مِنْ بَنَاتِ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَتَقَدَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَ وَضَعْنَ ثَدْيَهُنَّ فِي فَمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَمَا قَبِلَ مِنْهُنَّ أَحَداً وَ بَقِينَ مُتَحَيِّرَاتٍ وَ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ جَالِساً فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِنَّ وَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَا يَزْدَادُ إِلَّا بُكَاءً وَ حُزْناً فَخَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَهْمُوماً وَ قَعَدَ عِنْدَ سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ وَ رَأْسُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ امْرَأَةٌ ثَكْلَاءُ وَ إِذَا بِعَقِيلِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَ قَدْ أَقْبَلَ وَ هُوَ شَيْخُ قُرَيْشٍ وَ أَسَنُّهُمْ فَلَمَّا رَأَى عَبْدَ الْمُطَّلِبِ مَغْمُوماً قَالَ لَهُ يَا أَبَا الْحَارِثِ مَا لِي أَرَاكَ مَغْمُوماً قَالَ يَا سَيِّدَ قُرَيْشٍ إِنَّ نَافِلَتِي يَبْكِي وَ لَا يَسْكُنُ شَوْقاً إِلَى اللَّبَنِ مِنْ حِينَ مَاتَتْ أُمُّهُ وَ أَنَا لَا أَتَهَنَّأُ بِطَعَامٍ وَ لَا شَرَابٍ وَ عَرَضْتُ عَلَيْهِ نِسَاءَ قُرَيْشٍ وَ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَ فَتَحَيَّرْتُ وَ انْقَطَعَتْ حِيلَتِي فَقَالَ عَقِيلٌ يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنِّي لَأَعْرِفُ فِي أَرْبَعَةٍ وَ أَرْبَعِينَ صِنْدِيداً مِنْ صَنَادِيدِ الْعَرَبِ امْرَأَةً عَاقِلَةً هِيَ أَفْصَحُ لِسَاناً وَ أَصْبَحُ وَجْهاً وَ أَرْفَعُ حَسَباً وَ نَسَباً وَ هِيَ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ(1) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سُخْنَةَ بْنِ نَاصِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ زَهْرِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ أكدد بْنِ يشخب بْنِ يَعْرُبَ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ (2) فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَا سَيِّدَ قُرَيْشٍ لَقَدْ نَبَّهْتَنِي لِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَ فَرَّجْتَ عَنِّي ثُمَّ دَعَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِغُلَامٍ اسْمُهُ شَمَرْدَلٌ وَ قَالَ لَهُ قُمْ يَا غُلَامُ وَ ارْكَبْ نَاقَتَكَ وَ اخْرُجْ نَحْوَ حَيِّ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَ ادْعُ لِي

ص: 174


1- أقول: يظهر من التأمل في حالات حليمة إنها كانت مؤمنة باللّه تعالی فما يستشكله بعض الناس من أنها كانت مشركة ورضع النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) منها لا وجه له بل لايرضى المسلم بذلك. السبزواري.
2- وهذا بیان نسبها الشريف المتّصل بإبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ). السبزواري.

أَبَا ذُؤَيْبٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ الْعَدَوِيَّ فَذَهَبَ الْغُلَامُ وَ اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ نَاقَتِهِ وَ كَانَ حَيُّ بَنِي سَعْدٍ مِنْ مَكَّةَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا فِي طَرِيقِ جُدَّةَ قَالَ فَذَهَبَ الْغُلَامُ نَحْوَ حَيِّ بَنِي سَعْدٍ فَلَحِقَ بِهِمْ وَ إِذَا خَيْمَتُهُمْ مِنْ مِسْحٍ وَ خُوصٍ وَ كَذَلِكَ خِيَمُ الْأَعْرَابِ وَ الْبَوَادِي فَدَخَلَ شَمَرْدَلٌ الْحَيَّ وَ سَأَلَ عَنْ خَيْمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ فَأَعْطَوْهُ الْأَثَرَ فَذَهَبَ شَمَرْدَلٌ إِلَى الْخَيْمَةِ فَإِذَا بِخَيْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَ إِذَا عَلَى بَابِ الْخَيْمَةِ غُلَامٌ أَسْوَدُ فَاسْتَأْذَنَ شَمَرْدَلٌ فِي الدُّخُولِ فَدَخَلَ الْغُلَامُ وَ قَالَ أَنْعِمْ صَبَاحاً يَا أَبَا ذُؤَيْبٍ قَالَ فَحَيَّاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ قَالَ لَهُ مَا الْخَبَرُ يَا شَمَرْدَلُ فَقَالَ اعْلَمْ يَا سَيِّدِي أَنَّ مَوْلَايَ أَبَا الْحَارِثِ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَدْ وَجَّهَنِي نَحْوَكَ وَ هُوَ يَدْعُوكَ فَإِنْ رَأَيْتَ يَا سَيِّدِي أَنْ تُجِيبَهُ فَافْعَلْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ وَ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ سَاعَتِهِ وَ دَعَا بِمِفْتَاحِ الْخِزَانَةِ فَأُعْطِيَ الْمِفْتَاحَ فَفَتَحَ بَابَ الْخِزَانَةِ وَ أَخْرَجَ مِنْهَا جَوْشَنَهُ فَأَفْرَغَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَ أَخْرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ دِرْعاً فَاضِلًا فَأَفْرَغَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَوْقَ جَوْشَنِهِ وَ اسْتَخْرَجَ بَيْضَةً عَادِيَةً فَقَلَّبَهَا عَلَى رَأْسِهِ وَ تَقَلَّدَ بِسَيْفَيْنِ وَ اعْتَقَلَ رُمْحاً وَ دَعَا بِنَجِيبٍ فَرَكِبَهُ وَ جَاءَ نَحْوَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمَّا دَخَلَ تَقَدَّمَ شَمَرْدَلٌ وَ أَخْبَرَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَ كَانَ جَالِساً مَعَ رُؤَسَاءِ مَكَّةَ مِثْلِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَ جَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَبْدَ اللَّهِ قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَ اسْتَقْبَلَهُ وَ عَانَقَهُ وَ صَافَحَهُ وَ أَقْعَدَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَ أَلْزَقَ رُكْبَتَيْهِ بِرُكْبَتَيْهِ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى اسْتَرَاحَ ثُمَّ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَا أَبَا ذُؤَيْبٍ أَ تَدْرِي بِمَا دَعَوْتُكَ قَالَ يَا سَيِّدِي وَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ وَ رَئِيسَ بَنِي هَاشِمٍ حَتَّى تَقُولَ فَأَسْمَعَ مِنْكَ وَ أَعْمَلَ بِأَحْسَنِهِ قَالَ اعْلَمْ يَا أَبَا ذُؤَيْبٍ أَنَّ نَافِلَتِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مَاتَ أَبُوهُ وَ لَمْ يَبِنْ عَلَيْهِ أَثَرُهُ ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَ هُوَ لَا يَسْكُنُ مِنَ الْبُكَاءِ عَيْمَةً إِلَى اللَّبَنِ وَ قَدْ أَحْضَرْتُ عِنْدَهُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ جَارِيَةً مِنْ أَشْرَفِ وَ أَجَلِّ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَبَناً وَ الْآنَ سَمِعْنَا أَنَّ لَكَ بِنْتاً ذَاتَ لَبَنٍ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُنْفِذَهَا لِتُرْضِعَ وَلَدِي مُحَمَّداً فَإِنْ

ص: 175

قَبِلَ لَبَنَهَا فَقَدْ جَاءَتْكَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا وَ عَلَيَّ غِنَاكَ وَ غِنَى أَهْلِكَ وَ عَشِيرَتِكَ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ تَرَى مِمَّا رَأَيْتَ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرِهَا فَافْعَلْ فَفَرِحَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَحاً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنَّ لِي بِنْتَيْنِ فَأَيَّتَهُمَا تُرِيدُ قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أُرِيدُ أَكْمَلَهُمَا عَقْلًا وَ أَكْثَرَهُمَا لَبَناً وَ أَصْوَنَهُمَا عِرْضاً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَاتِيكَ حَلِيمَةُ لَمْ تَكُنْ كَأَخَوَاتِهَا بَلْ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى أَكْمَلَ عَقْلًا وَ أَتَمَّ فَهْماً وَ أَفْصَحَ لِسَاناً وَ أَثَجَّ لَبَناً وَ أَصْدَقَ لَهْجَةً وَ أَرْحَمَ قَلْباً مِنْهُنَّ جُمَعَ.

***

باب (5) تزوّجه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بخديجة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وفضائلها وبعض أحوالها

البحار: ج 7 ص 329 س 17

أقول إنما أوردت تلك الحكاية لاشتمالها على بعض المعجزات و الغرائب و إن لم نثق بجميع ما اشتملت عليه لعدم الاعتماد على سندهاكما أومأنا إليه و إن كان مؤلفة من الأفاضل و الأماثل.(1)

***

باب (6) أسماؤه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وعللها

البحار: ج 7 ص 338

ص: 176


1- أقول: لا يخفى على من نظر في تلك الحكاية إن آثار الجعل عليها لائحة ظاهرة وجاعلها اختلط عليه أمر النبوّة الإلهية بالسلطة المادية فجعلها بنظر السلطة وان أدرج فيها بعض المعجزات. السبزواري.

14-«وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ»(1) قَالَ النَّجْمُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَالَ «وَالنَّجْمِ إِذا هَوى» وَ قَالَ «وَعَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» فَالْعَلَامَاتُ الْأَوْصِيَاءُ وَ النَّجْمُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قُلْتُ «يَسْجُدانِ» قَالَ يَعْبُدَانِ قَوْلُهُ «وَالسَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ» قَالَ السَّمَاءُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ الْمِيزَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَصَبَهُ لِخَلْقِهِ قُلْتُ «أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ» قَالَ لَا تَعْصُوا الْإِمَامَ قُلْتُ «وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ» قَالَ أَقِيمُوا الْإِمَامَ الْعَدْلَ قُلْتُ «وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ» قَالَ لَا تَبْخَسُوا الْإِمَامَ حَقَّهُ وَ لَا تَظْلِمُوهُ.

البحار: ج 7 ص 340

29 – أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ هَارُونَ الضَّرِيرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمَكِّيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ طَارِقٍ مِنْ وُلْدِ قَنْبَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ (عَلَيهِم السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَلِيُّ خُذْ هَذَا الْخَاتَمَ وَ انْقُشْ عَلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأَعْطَاهُ النَّقَّاشَ وَ قَالَ لَهُ انْقُشْ عَلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَنَقَشَ النَّقَّاشُ فَأَخْطَأَتْ يَدُهُ فَنَقَشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ مَا فُعِلَ الْخَاتَمُ فَقَالَ هُوَ ذَا فَأَخَذَهُ وَ نَظَرَ إِلَى نَقْشِهِ فَقَالَ مَا أَمَرْتُكَ بِهَذَا قَالَ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ يَدِي أَخْطَأَتْ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقَشَ النَّقَّاشُ مَا أَمَرْتَ بِهِ ذَكَرَ أَنَّ يَدَهُ أَخْطَأَتْ فَأَخَذَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ نَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا عَلِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ أَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ تَخَتَّمَ بِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ

ص: 177


1- إذا كان المراد بالنجم رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فالمراد بالشجر شجرة النبوّة أي الذريّة الطيبة. وحيث أن الرسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حالات فاقسم اللّه تعالی به في حال معراجه وبه في حال قبض روحه و خبر الكافي يفسر الثاني وما عن قس تفسير الأوّل. السبزواري.

النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) نَظَرَ إِلَى خَاتَمِهِ فَإِذَا تَحْتَهُ مَنْقُوشٌ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ(1) فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا جَبْرَئِيلُ كَانَ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ كَتَبْتَ مَا أَرَدْتَ وَ كَتَبْنَا مَا أَرَدْنَا.

البحار: ج 7 ص 394 س6

وَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْقَتَّالُ سَيْفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحِرْصِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَ مُسَارَعَتِهِ إِلَى الْقِرَاعِ وَ دُءُوبُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَ عَدَمِ إِحْجَامِهِ وَ لِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ وَ ذَلِكَ مَشْهُورٌ مِنْ فِعْلِهِ يَوْمَ أُحُدٍ إِذْ ذَهَبَ الْقَوْمُ فِي سَمْعِ الْأَرْضِ وَ بَصَرِهَا وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَيَّامِهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أَذَلَّ بِإِذْنِ اللَّهِ صَنَادِيدَهُمْ وَ قَتَلَ طَوَاغِيتَهُمْ وَ دَوَّحَهُمْ وَ اصْطَلَمَ جَمَاهِيرَهُمْ وَ كَلَّفَهُ اللَّهُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ «لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ» فَسُمِّيَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الْقَتَّال.(2)

البحار: ج 7 ص367 س11

وَ مِنْ صِفَاتِهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ رَاكِبُ الْجَمَلِ وَ مُحَرِّمُ الْمَيْتَةِ وَ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ وَ حَامِلُ الْهِرَاوَةِ وَ هِيَ الْعَصَا الضَّخْمَةُ (3)وَ الْجَمْعُ الْهَرَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ مِثَالُ الْمَطَايَا وَ رَسُولُ الرَّحْمَةِ وَ قِيلَ إِنَّ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ ماد ماد وَ صَاحِبُ الْمَلْحَمَةِ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو الْأَرَامِلِ وَ اسْمُهُ فِي الْإِنْجِيلِ الْفَارِقْلِيطُ وَ قَالَ أَنَا الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ أَوَّلٌ فِي النُّبُوَّةِ وَ آخِرٌ فِي الْبِعْثَةِ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَ رَوَى أَنَسٌ أَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا إِبْرَاهِيمَ أَوْ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

***

ص: 178


1- يمكن أن يستشهد به على استحباب الشهادة الثالثة. السبزواري.
2- ولكن الظاهر بل المعلوم أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) له لم يقتل أحداً بيده الشريفة. السبزواري.
3- لعله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حملها لأنّ حمل مثل تلك العصا أبلغ في الخضوع وعدم الاستكبار. السبزواري.

باب (7) نادر في معنى كونه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يتيماً وضالّاً وعائلاً، ومعني انشراح صدره، وعلّة يتمه والعلّة التي من أجلها لم يبق له (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ولدٌ ذَكَر

البحار: ج 7 ص 380 - 383

الآيات الضحى «وَ الضُّحى وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ».

الإنشراح بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ».

تفسير: قال المفسرون في سبب نزول سورة الضحى قال ابن عباس احتبس الوحي عنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) خمسة عشر يوما فقال المشركون إن محمدا (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قد ودعه ربه و قلاه و لو كان أمره من الله تعالى لتتابع عليه فنزلت و قيل إنما احتبس اثني عشر يوما و قيل أربعين يوما و قيل سألت اليهود رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن ذي القرنين و أصحاب الكهف و عن الروح فقال سأخبركم غدا و لم يقل إن شاء الله فاحتبس عنه الوحي هذه الأيام فاغتم لشماتة الأعداء فنزلت تسلية لقلبه «وَالضُّحى» أي وقت ارتفاع الشمس أو النهار «وَاللَّيْلِ إِذا سَجى» أي سكن أهله أو ركد ظلامة «ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ» ما قطعك ربك قطع المودع و هو جواب القسم «وَما قَلى» أي ما أبغضك «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى» أي من الحوض و الشفاعة و سائر ما أعد له من الكرامة أو في الدنيا أيضا من إعلاء الدين و قمع الكافرين «أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى»

ص: 179

قال الطبرسي رحمه الله في معناه قولان أحدهما أنه تقرير لنعمة الله عليه حين مات أبوه و بقي يتيما فآواه الله بأن سخر له عبد المطلب ثم أبا طالب و كان (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مات أبوه و هو في بطن أمه أو بعد ولادته بمدة قليلة و ماتت أمه و هو ابن سنتين و مات جده و هو ابن ثماني سنين. و سئل الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم أوتم النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن أبويه فقال لئلا يكون لمخلوق عليه حق. و الآخر أن يكون المعنى أ لم يجدك واحدا لا مثل لك في شرفك و فضلك فآواك إلى نفسه و اختصك برسالته من قولهم درة يتيمة إذا لم يكن لها مثل و قيل فآواك أي جعلك مأوى للأيتام بعد أن كنت يتيما و كفيلا للأنام بعد أن كنت مكفولا. «وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى» فيه أقوال أحدها وجدك ضالا عما أنت عليه الآن من النبوة و الشريعة أي كنت غافلا عنهما فهداك إليهما و نظيره «ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ» و قوله «وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ» فمعنى الضلال على هذا هو الذهاب عن العلم مثل قوله تعالى «أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما» و ثانيها أن المعنى وجدك متحيرا لا تعرف وجوه معاشك فهداك إليها فإن الرجل إذا لم يهتد إلى طريق مكسبه يقال إنه ضال. و ثالثها أن المعنى وجدك لا تعرف الحق فهداك إليه بإتمام العقل و نصب الأدلة و الألطاف حتى عرفت الله بصفاته بين قوم ضلال مشركين. و رابعها وجدك ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب فروي أنه ضل في شعاب مكة و هو صغير فرآه أبو جهل و رده إلى جده عبد المطلب فمن الله سبحانه بذلك عليه إذ رده إلى جده على يدي عدوه عن ابن عباس. و خامسها ما روي أن حليمة بنت أبي ذؤيب لما أرضعته مدة و قضت حق الرضاع ثم أرادت رده إلى جده جاءت به حتى قربت من مكة فضل في الطريق فطلبته جزعة و كانت تقول لئن لم أره لأرمين نفسي عن شاهق و جعلت تصيح وا محمداه قالت فدخلت مكة على تلك الحال فرأيت شيخا متوكئا على عصا فسألني عن حالي فأخبرته فقال لا تبكي فأنا

ص: 180

أدلك على من يرده عليك فأشار إلى هبل صنمهم الأعظم و دخل البيت و طاف بهبل و قبل رأسه و قال يا سيداه لم تزل منتك جسيمة رد محمدا على هذه السعدية قال فتساقطت الأصنام لما تفوه باسم محمد (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) و سمع صوت إن هلاكنا على يدي محمد فخرج و أسنانه تصطك و خرجت إلى عبد المطلب و أخبرته بالحال فخرج و طاف بالبيت و دعا الله سبحانه فنودي و أشعر بمكانه فأقبل عبد المطلب فتلقاه ورقة بن نوفل في الطريق فبينا هما يسيران إذا النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قائم تحت شجرة يجذب الأغصان و يعبث بالورق فقال عبد المطلب فداك نفسي و حمله و رده إلى مكة. و سادسها ما روي أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) خرج مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينا هو راكب ذات ليلة ظلماء إذ جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن الطريق فجاء جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة و رده إلى القافلة فمن الله عليه بذلك. و سابعها أن المعنى وجدك مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك و أرشدهم إلى فضلك و الاعتراف بصدقك و المراد أنك كنت خاملا لا تذكر و لا تعرف فعرفك الله إلى الناس حتى عرفوك و عظموك. وَ وَجَدَكَ عائِلًا أي فقيرا لا مال لك فَأَغْنى أي فأغناك بمال خديجة ثم بالغنائم و قيل فأغناك بالقناعة و رضاك بما أعطاك.

و روى العياشي بإسناده عن أبي الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله «أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى» قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى الناس إليك. «وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى» أي ضالة في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك «وَوَجَدَكَ عائِلًا» تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك. «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ» أي لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه و قيل أي لا تحقر اليتيم فقد كنت يتيما «وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ» أي لا

ص: 181

تنهره و لا ترده إذا أتاك يسألك فقد كنت فقيرا فإما أن تطعمه و إما أن ترده ردّا ليّنا «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» معناه اذكر نعم الله تعالى و أظهرها و حدث بها انتهى كلامه رفع الله مقامه.

و قال البيضاوي في قوله تعالى«أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ» أ لم نفسحه حتى وسع مناجات الحق و دعوة الخلق فكان غائبا حاضرا أو أ لم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم و أزلنا عنه ضيق الجهل أو بما يسرنا لك تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك و قيل إنه إشارة إلى ما روي أن جبرئيل أتى رسول الله ص في صباه أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه و غسله ثم ملأه إيمانا و علما و لعله إشارة إلى نحو ما سبق و معنى الاستفهام إنكار نفي الانشراح مبالغة في إثباته و لذلك عطف عليه «وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ» عبأك الثقيل «الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ» الذي حمله على النقيض و هو صوت الرجل عند الانتقاض من ثقل الحمل و هو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة أو جهله بالحكم و الأحكام أو حيرته أو تلقي الوحي أو ما كان يرى من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم أو من إصرارهم و تعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الإيمان. «وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ» بالنبوة و غيرها «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ» كضيق الصدر و الوزر المنقض للظهر و ضلال القوم و إيذائهم يُسْراً كالشرح و الوضع و التوفيق للاهتداء و الطاعة فلا تيأس من روح الله إذا عراك ما يغمك «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» تكرير للتأكيد أو استئناف وعده بأن العسر مشفوع بيسر آخر كثواب الآخرة «فَإِذا فَرَغْتَ» من التبليغ «فَانْصَبْ» فأتعب في العبادة شكرا بما عددنا عليك من النعم السالفة و وعدنا بالنعم الآتية. (1)

و قيل «فَإِذا فَرَغْتَ» من الغزو «فَانْصَبْ» في

ص: 182


1- هذا الخبر مرسل مع أنّه إن كان المراد بنفي الحق حق الأبوة والأمومة فهو ثابت لا يذهب بموت الوالدين وان كان المراد حق الكفالة فهو ثابت لأبي طالب ولعل بعض الحكمة في موت والديه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إن بلوغ اليتيم إلى درجة النبوّة والملك الظاهري ابعد عن الأسباب الظاهرية وأوغل في أن له مدبّر غيبيّ الهي نعم سيأتي في رواية ابن أبي عمير قول (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن لا يكون لأحد عليه طاعة وله وجه وجيه. السبزواري.

العبادة أو «فَإِذا فَرَغْتَ» من الصلاة «فَانْصَبْ» في الدعاء «وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ» بالسؤال و لا تسأل غيره فإنه القادر وحده على إسعافه.

أقول اعلم أن شق بطنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) في صغره في روايات العامة كثيرة مستفيضة كما عرفت و أما رواياتنا و إن لم يرد فيها بأسانيد معتبرة لم يرد نفيها أيضا و لا يأبى عنه العقل أيضا فنحن في نفيه و إثباته من المتوقفين كما أعرض عنه أكثر علمائنا المتقدمين و إن كان يغلب على الظن وقوعه و الله تعالى يعلم و حججه (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). (1)

***

باب (8) أوصافه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) في خلقته وشمائله وخاتم النبوّة

البحار: ج 7 ص 415 س 14

عائشة قلت يا رسول اللّه إنك تدخل الخلاء فإذا خرجت دخلت على أثرك فما أرى شيئا إلّا أني أجد رائحة المسك فقال إنا معاشر الأنبياء تنبت أجسادنا على أرواح الجنة فما يخرج منه شي ء إلّا ابتلعته الأرض و تبعه رجل علم مراده فقال (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إنّا معاشر الأنبياء لا يكون منا ما يكون من البشر أم أيمن أصبح رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فقال يا أمّ أيمن قومي فأهرقي ما في الفخارة يعني البول قلت واللّه شربت ما فيها و كنت عطشى قالت فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال أما إنك لا تنجع بطنك أبداً.(2)

ص: 183


1- أقول: بل يغلب على الظن عدم وقوعه وإنها من مفتريات العامة على مبانيهم الفاسدة، ثمّ الظاهر إن الروايات العامة أيضاً نقلت من طريقين منهم كما لا يخفى وكون هذا مستفيضاً مشکل بل ممنوع. السبزواري.
2- يدلّ على تقريره (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) شرب بوله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وكذا خبر الفصد يدلّ على التقرير السبزواري.

باب (9) مکارم أخلاقه وسيره وسننه

البحار: ج 7 ص 495

113 - عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُه.(1)

***

باب (11) فضائله وخصائصه

البحار: ج 7 ص 555

39- بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فَقَالَ يَا رَبِ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَى ذَلِكَ.(2)

البحار: ج 7 ص 565

78 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ سِنَانِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: أَنَا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتٍ نَوَّهَ اللَّهُ بِأَسْمَائِنَا إِنَّهُ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثَلَاثاً أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً

ص: 184


1- الكراع من الدواب ما دون الكعب. السبزواري.
2- إن كان المراد بالأمة مطلقها فالمعنى أنك لا تصل يعني زمان أمته متأخر عنك وأنك لا تصل، وإن كان المراد خيار الأمة ومثل الأئمّة حيث إنهم من الأمة أيضاً فالمعنى أنك لا تصل يعني مثل هذه الفضيلة لا تصل إليك، وهذه الرواية حينئذ تكون مثل الخبر المعروف علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل مع أن هذا الخبر معارض بما يأتي من خبر حفص فراجع.السبزواري.

رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثاً(1) أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً ثَلَاثاً.

***

باب (13) وجوب طاعته وحبه التفويض إليه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)

البحار: ج 7 ص 617

18 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ»(2) قَوْلَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَلَى وَ شَيْ ءٌ وَ شَيْ ءٌ مَرَّتَيْنِ وَ كَيْفَ لَا يَكُونُ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ وَ قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ إِلَيْهِ دِينَهُ فَقَالَ «ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» فَمَا أَحَلَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَهُوَ حَلَالٌ وَ مَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ.

باب (15) عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك

البحار: ج 7 ص 682 س19

و قال العلامة نوّر اللّه ضريحه في شرحه اختلف القائلون بالعصمة في أن المعصوم هل يتمكن من فعل المعصية أم لا فذهب قوم منهم إلى عدم تمكنه من ذلك و ذهب آخرون إلى تمكنه منها أما الأولون فمنهم من قال إن المعصوم مختص في بدنه أو نفسه بخاصية تقتضي امتناع إقدامه على المعصية و منهم من قال إن العصمة هي

ص: 185


1- هذا الخبر يشهد لاستحباب الشهادة الثالثة. السبزواري.
2- يظهر من الخبر أن المراد بالآية الشريفة «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ» أن المراد بالأمر هو بقاء الشريعة المقدسة وإبقائها لا مجرد حدوثها وتشريعها فإنه مفوّض إليه. السبزواري.

القدرة على الطاعة و عدم القدرة على المعصية و هو قول أبي الحسين البصري و أما الآخرون الذين لم يسلبوا القدرة فمنهم من فسرها بأنه الأمر الذي يفعله الله تعالى بالعبد من الألطاف المقربة إلى الطاعات التي يعلم معها أنه لا يقدم على المعصية بشرط أن لا ينتهي ذلك الأمر إلى الإلجاء و منهم من فسرها بأنها ملكة نفسانية لا يصدر عن صاحبها معها المعاصي و آخرون قالوا العصمة لطف يفعله الله لصاحبها لا يكون له معه داع إلى ترك الطاعات و ارتكاب المعصية و أسباب هذا اللطف أمور أربعة.أحدها أن يكون لنفسه أو لبدنه خاصية تقتضي ملكة مانعة من الفجور و هذه الملكة مغايرة للفعل. الثاني أن يحصل له علم بمثالب المعاصي و مناقب الطاعات. (1)

باب (17) علمه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ)

البحار: ج 7 ص 716

17 - عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِرُمَّانَتَيْنِ(2) مِنَ الْجَنَّةِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُمَا

ص: 186


1- يعد الخبر في معنى العصمة وما أظن أنها قابلة للإطناب فليست العصمة إلّا الإيمان فكما أن الإيمان بمراتبه توفیق إلهي له اختبار المؤمنين للإيمان ومع ذلك هم قادرون على الترك كمال القدرة فكذلك العصمة توفيق إلهي يقوی به الإنسان على تحري الخير وتجنب الشر حتّى يصير کمانع من باطنه ولعلها المراد بقوله تعالى «وَلَقَد هَمَّت بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولَا أَن رَأَى بُرهَانَ رَبِّه» فهمّ بالمعصية وترك المعصية اختياراً ووراء هذا الطور طوراً آخر من الكلام. السبزواري.
2- قد ورد في مدح الرمان أخبار كثيرة وهذا الخبر من جملتها حيث يدلّ على أن النبوّة والعلم يتمثل بصورة الرمان إذا تمثل. السبزواري.

فَأَكَلَ وَاحِدَةً وَ كَسَرَ الْأُخْرَى بِنِصْفَيْنِ فَأَعْطَى عَلِيّاً (عليه السّلام) نِصْفَهَا فَأَكَلَهَا فَقَالَ يَا عَلِيُّ أَمَّا الرُّمَّانَةُ الْأُولَى الَّتِي أَكَلْتُهَا فَالنُّبُوَّةُ لَيْسَ لَكَ فِيهَا شَيْ ءٌ وَ أَمَّا الْأُخْرَى فَهُوَ الْعِلْمُ فَأَنْتَ شَرِيكِي فِيه.

البحار: ج 7 ص 722

32-أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ سَيْفٍ التَّمَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ رَبِّ الْبَيْتِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ مُوسَى وَ الْخَضِرِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) لَأَخْبَرْتُهُمَا أَنِّي أَعْلَمُ مِنْهُمَا وَ لَأَنْبَأْتُهُمَا بِمَا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا لِأَنَّ مُوسَى وَ الْخَضِرَ (عَلَيهِما السَّلَامُ) أُعْطِيَا عِلْمَ مَا كَانَ وَ لَمْ يُعْطَيَا عِلْمَ مَا هُوَ كَائِنٌ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أُعْطِيَ عِلْمَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَوَرِثْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وِرَاثَةً.(1)

ص: 187


1- هذا الخبر مناف لما مرّ من أن في ألواح موسی علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة إن قيل لعله لم يعلم به موسی قلنا هذا بعيد جداً. السبزواري.

أبواب أحواله من البعثة إلى نزول المدينة

باب (2) في كيفية صدور الوحي، ونزول جبريل (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) هل كان قبل البعثة متعبداً بشريعة أم لا

البحار: ج 8 ص368

6- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَ الْفَضْلِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيَّيْنِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جُعِلْتُ فِدَاكَ الْغَشْيَةُ(1) الَّتِي كَانَتْ تُصِيبُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ قَالَ فَقَالَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَحَدٌ ذَاكَ إِذَا تَجَلَّى اللَّهُ لَهُ قَالَ ثُمَ قَالَ تِلْكَ النُّبُوَّةُ يَا زُرَارَةُ وَ أَقْبَلَ يَتَخَشَّع.

باب (3) إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته

البحار: ج 8 ص 422 س17

فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَا وَفَدَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَحَدٌ أَكْرَمُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَيْثُ سَأَلَ

ص: 188


1- لا أرى وجها للنقل الجسماني العارض لنفسه الأقدس عند نزول الوحي إلّا من جهة تجسم الغيب في الشهادة لان موجود کل نشأة يظهر في كل نشأة بحسب النشأة التي يظهر فيها فظهور الجسم الناموسي في الغيب إنما هو بزوال الكثافة الجسمانية عنه وظهور الغيب في عالم الجسماني بظهور الجسمانية فيه فتدبّر فنظائر المقام ما ورد في مثل الحجر الأسود من أنه كان ملكاً ولما نزل مع آدم من الجنة صار حجراً بحيث أن آدم لا يقدر على حمله وأعانه علیه جبرائیل وكذا ما ورد في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وجه تسميته بالأنزع البطين. السبزواري.

لِأُمَّتِهِ هَذِهِ الْخِصَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَا رَبِّ أَعْطَيْتَ أَنْبِيَاءَكَ فَضَائِلَ فَأَعْطِنِي فَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَعْطَيْتُكَ فِيمَا أَعْطَيْتُكَ كَلِمَتَيْنِ مِنْ تَحْتِ عَرْشِي لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ لَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ قَالَ وَ عَلَّمَتْنِي الْمَلَائِكَةُ قَوْلًا أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَيْتُ اللَّهُمَّ إِنَّ ظُلْمِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِعَفْوِكَ وَ ذَنْبِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِمَغْفِرَتِكَ وَ ذُلِّي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِعِزَّتِكَ وَ فَقْرِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِغِنَاكَ وَ وَجْهِيَ الْبَالِي أَصْبَحَ مُسْتَجِيراً بِوَجْهِكَ الدَّائِمِ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَفْنَى وَ أَقُولُ ذَلِكَ إِذَا أَمْسَيْتُ ثُمَّ سَمِعْتُ الْأَذَانَ فَإِذَا مَلَكٌ يُؤَذِّنُ لَمْ يُرَ فِي السَّمَاءِ قَبْلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَكْبَرُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرِي فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ صَدَقَ عَبْدِي إِنَّ مُحَمَّداً عَبْدِي وَ رَسُولِي أَنَا بَعَثْتُهُ وَ انْتَجَبْتُهُ فَقَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ صَدَقَ عَبْدِي وَ دَعَا إِلَى فَرِيضَتِي فَمَنْ مَشَى إِلَيْهَا رَاغِباً فِيهَا مُحْتَسِباً كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فَقَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقَالَ اللَّهُ هِيَ الصَّلَاحُ وَ النَّجَاحُ وَ الْفَلَاحُ(1) ثُمَّ أَمَمْتُ الْمَلَائِكَةَ فِي السَّمَاءِ كَمَا أَمَمْتُ الْأَنْبِيَاءَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِس.

ص: 189


1- ليس في هذا الآذان حيّ على خير العمل. السبزواري.

أبواب ما يتعلّق بارتحاله إلى عالم البقاء

باب (1) وصيته (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عند قرب وفاته

البحار: ج 9 ص 920

22- جا، المجالس للمفيد عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عُتَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ النَّبِيَّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الْوَفَاةُ وَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً فَقَالَ لَا تَأْتُوهُ بِشَيْ ءٍ فَإِنَّهُ قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَ عِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَ اخْتَصَمُوا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا كَثُرَ اللَّغَطُ وَ الِاخْتِلَافُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قُومُوا عَنِّي قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ الرَّزِيَّةُ كُلُّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَنَا ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ وَ لَغَطِهِم.(1)

أقول: انتهى المجلد السادس، أما المجلّد السابع فلا تعليق يُذكر

***

ص: 190


1- الظاهر أن النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) علم من كيفية اختلافهم أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لو كتب أيضاً لا تنفعهم الكتابة بل ربما يهتكونه بأعظم مما تهتكوه فلذا أعرض عن الكتابة. السبزواري.

ص: 191

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الأجزاء 12 و 13 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 192

ص: 193

باب (1) افتراق الأُمّة بعد النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) على ثلاث وسبعين فرقة وأنّه يجري فيهم ما جرى في غيرهم من الأمم وارتدادهم عن الدين

البحار: ج12 ص16

23-الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ إِنَ رَحِمَ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُشَفَّعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَلَى وَ اللَّهِ إِنَّ رَحِمِي لَمَوْصُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ إِنِّي أَيُّهَا النَّاسُ فَرَطُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْحَوْضِ فَإِذَا جِئْتُمْ قَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَأَقُولُ أَمَّا النَّسَبُ فَقَدْ عَرَفْتُهُ وَ لَكِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ بَعْدِي ذَاتَ الشِّمَالِ وَ ارْتَدَدْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمُ الْقَهْقَرَى.(1)

***

باب (2) إخبار الله تعالى نبيه وإخبار النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أُمّته بما جرى على أهل بيته صلوات اللّه عليهم من الظلم والعدوان

البحار: ج12 ص 31 س 3

وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِنَّهُ مِنِّي وَ هُوَ ابْنِي وَ وَلَدِي وَ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ أَخِيهِ وَ هُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ خَلِيفَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ كَهْفُ

ص: 194


1- مثل هذا الخبر يدلّ على أن ما هو المعروف من تفسير قوله تعالى: «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَينَهُم» لا أصل له. السبزواري.

الْمُسْتَجِيرِينَ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ وَ هُوَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ بَابُ نَجَاةِ الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِي وَ طَاعَتُهُ طَاعَتِي مَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصَاهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُهُ تَذَكَّرْتُ مَا يُصْنَعُ بِهِ بَعْدِي كَأَنِّي بِهِ وَ قَدِ اسْتَجَارَ بِحَرَمِي وَ قُرْبِي فَلَا يُجَارُ فَأَضُمُّهُ فِي مَنَامِي إِلَى صَدْرِي وَ آمُرُهُ بِالرِّحْلَةِ عَنْ دَارِ هِجْرَتِي وَ أُبَشِّرُهُ بِالشَّهَادَةِ فَيَرْتَحِلُ عَنْهَا إِلَى أَرْضِ مَقْتَلِهِ وَ مَوْضِعِ مَصْرَعِهِ أَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ وَ قَتْلٍ وَ فَنَاءٍ تَنْصُرُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُولَئِكَ مِنْ سَادَةِ شُهَدَاءِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ قَدْ رُمِيَ بِسَهْمٍ فَخَرَّ عَنْ فَرَسِهِ صَرِيعاً ثُمَّ يُذْبَحُ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ مَظْلُوماً ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بَكَى مَنْ حَوْلَهُ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالضَّجِيجِ ثُمَّ قَامَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ مَا يَلْقَى أَهْلُ بَيْتِي بَعْدِي ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَه.(1)

البحار: ج12 ص 40

22 – أَقُولُ وَجَدْتُ فِي أَصْلِ كِتَابِ الْهِلَالِيِ، مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذْ قَالَ لِأَخِيهِ مُوسَى إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي قَالَ سُلَيْمٌ وَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَأَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ قَالَ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَا أَحْسَنَهَا وَ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ثُمَّ أَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ أُخْرَى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ قَالَ مَا أَحْسَنَهَا وَ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى سَبْعِ حَدَائِقَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَا أَحْسَنَهَا وَ يَقُولُ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا فَلَمَّا خَلَا لَهُ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِياً وَ قَالَ بِأَبِي الْوَحِيدُ الشَّهِيدُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا يُبْدُونَهَا لَكَ إِلَّا مِنْ بَعْدِي أَحْقَادُ بَدْرٍ وَ تِرَاتُ

ص: 195


1- أحد الدلائل على أفضلية شهداء كربلاء على سائر الشهداء إن لم تكن كلمة من تبعيضية. السبزواري.

أُحُدٍ قُلْتُ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دَيْنِي قَالَ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ فَأَبْشِرْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّ حَيَاتَكَ وَ مَوْتَكَ مَعِي وَ أَنْتَ أَخِي وَ أَنْتَ وَصِيِّي وَ أَنْتَ صَفِيِّي وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي وَ الْمُؤَدِّي عَنِّي وَ أَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي وَ تُنْجِزُ عِدَاتِي عَنِّي وَ أَنْتَ تُبْرِئُ ذِمَّتِي وَ تُؤَدِّي أَمَانَتِي وَ تُقَاتِلُ عَلَى سُنَّتِي النَّاكِثِينَ مِنْ أُمَّتِي وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ وَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذِ اسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَ كَادُوا يَقْتُلُونَهُ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَيْشٍ إِيَّاكَ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعِجْلِ وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ إِنَّ مُوسَى أَمَرَ هَارُونَ حِينَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِمْ إِنْ ضَلُّوا فَوَجَدَ أَعْوَاناً أَنْ يُجَاهِدَهُمْ بِهِمْ وَ إِنْ لَمْ يَجِدْ أَعْوَاناً أَنْ يَكُفَّ يَدَهُ وَ يَحْقُنَ دَمَهُ وَ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ يَا عَلِيُّ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا وَ أَسْلَمَ مَعَهُ قَوْمُهُ طَوْعاً وَ قَوْمٌ آخَرُونَ كَرْهاً فَسَلَّطَ اللَّهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا كَرْهاً عَلَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا طَوْعاً فَقَتَلُوهُمْ لِيَكُونَ أَعْظَمَ لِأُجُورِهِمْ يَا عَلِيُّ إِنَّهُ مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلَّا ظَهْرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَضَى الْفُرْقَةَ وَ الِاخْتِلَافَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ سَاقَ الْخَبَرَ إِلَى قَوْلِهِ وَ صَبْراً عَلَى بَلَائِهِ وَ تَسْلِيماً وَ رِضًا بِقَضَائِه.(1)

البحار: ج12 ص 41

23 – عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْكُوفِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْقَاضِي عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) بَلَغَنِي يَا زَائِدَةُ أَنَّكَ تَزُورُ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَحْيَاناً فَقُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَكَمَا بَلَغَكَ فَقَالَ لِي فَلِمَا ذَا تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ لَكَ مَكَانٌ عِنْدَ سُلْطَانِكَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَى مَحَبَّتِنَا وَ تَفْضِيلِنَا وَ ذِكْرِ

ص: 196


1- هذه من الكلمات الجامعة المؤيدة بالاعتبارات العقليّة. السبزواري.

فَضَائِلِنَا وَ الْوَاجِبِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ حَقِّنَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَا أَحْفِلُ بِسَخَطِ مَنْ سَخِطَ وَ لَا يَكْبُرُ فِي صَدْرِي مَكْرُوهٌ يَنَالُنِي بِسَبَبِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ يَقُولُهَا ثَلَاثاً وَ أَقُولُهَا ثَلَاثاً فَقَالَ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ فَلَأُخْبِرَنَّكَ بِخَبَرٍ كَانَ عِنْدِي فِي النُّخَبِ الْمَخْزُونَةِ إِنَّهُ لَمَّا أَصَابَنَا بِالطَّفِّ مَا أَصَابَنَا وَ قُتِلَ أَبِي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قُتِلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَ إِخْوَتِهِ وَ سَائِرِ أَهْلِهِ وَ حُمِلَتْ حَرَمُهُ وَ نِسَاؤُهُ عَلَى الْأَقْتَابِ يُرَادُ بِنَا الْكُوفَةَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ صَرْعَى وَ لَمْ يُوَارَوْا فَيَعْظُمُ ذَلِكَ فِي صَدْرِي وَ يَشْتَدُّ لِمَا أَرَى مِنْهُمْ قَلَقِي فَكَادَتْ نَفْسِي تَخْرُجُ وَ تَبَيَّنَتْ ذَلِكَ مِنِّي عَمَّتِي زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ الْكُبْرَى فَقَالَتْ مَا لِي أَرَاكَ تَجُودُ بِنَفْسِكَ يَا بَقِيَّةَ جَدِّي وَ أَبِي وَ إِخْوَتِي فَقُلْتُ وَ كَيْفَ لَا أَجْزَعُ وَ لَا أَهْلَعُ وَ قَدْ أَرَى سَيِّدِي وَ إِخْوَتِي وَ عُمُومَتِي وَ وُلْدَ عَمِّي وَ أَهْلِي مُصْرَعِينَ بِدِمَائِهِمْ مُرَمَّلِينَ بِالْعَرَاءِ مُسَلَّبِينَ لَا يُكَفَّنُونَ وَ لَا يُوَارَوْنَ وَ لَا يُعَرِّجُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ وَ لَا يَقْرَبُهُمْ بَشَرٌ كَأَنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الدَّيْلَمِ وَ الْخَزَرِ فَقَالَتْ لَا يُجْزِعَنَّكَ مَا تَرَى فَوَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَى جَدِّكَ وَ أَبِيكَ وَ عَمِّكَ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ أُنَاسٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا تَعْرِفُهُمْ فَرَاعِنَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ وَ هُمْ مَعْرُوفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاوَاتِ أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ فَيُوَارُونَهَا وَ هَذِهِ الْجُسُومَ الْمُضَرَّجَةَ وَ يَنْصِبُونَ لِهَذَا الْطَّفِّ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِيكَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا يَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا يَعْفُو رَسْمُهُ عَلَى كُرُورِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ وَ لَيَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْيَاعُ الضَّلَالَةِ فِي مَحْوِهِ وَ تَطْمِيسِهِ فَلَا يَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّاً فَقُلْتُ وَ مَا هَذَا الْعَهْدُ وَ مَا هَذَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ فَعَمِلْتُ لَهُ حَرِيرَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَ أَتَاهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِطَبَقٍ فِيهِ تَمْرٌ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَأَتَيْتُهُمْ بِعُسٍّ فِيهِ لَبَنٌ وَ زُبْدٌ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) مِنْ تِلْكَ الْحَرِيرَةِ وَ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ ثُمَّ أَكَلَ وَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ وَ الزَّبَدِ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ

ص: 197

اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَدَهُ وَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ يَدِهِ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) نَظَراً عَرَفْنَا فِيهِ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ مَلِيّاً ثُمَّ وَجَّهَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ بَسَطَ يَدَيْهِ وَ دَعَا ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً وَ هُوَ يَنْشِجُ فَأَطَالَ النُّشُوجَ وَ عَلَا نَحِيبُهُ وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ أَطْرَقَ إِلَى الْأَرْضِ وَ دُمُوعُهُ تَقْطُرُ كَأَنَّهَا صَوْبُ الْمَطَرِ فَحَزِنَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ حَزِنْتُ مَعَهُمْ لِمَا رَأَيْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هِبْنَاهُ أَنْ نَسْأَلَهُ حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلَيٌّ وَ قَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ فَقَدْ أَقْرَحَ قُلُوبَنَا مَا نَرَى مِنْ حَالِكَ فَقَالَ يَا أَخِي سُرِرْتُ بِكُمْ سُرُوراً مَا سُرِرْتُ مِثْلَهُ قَطُّ وَ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَ أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَيَّ فِيكُمْ إِذْ هَبَطَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ وَ عَرَفَ سُرُورَكَ بِأَخِيكَ وَ ابْنَتِكَ وَ سِبْطَيْكَ فَأَكْمَلَ لَكَ النِّعْمَةَ وَ هَنَّأَكَ الْعَطِيَّةَ بِأَنْ جَعَلَهُمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ مُحِبِّيهِمْ وَ شِيعَتَهُمْ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ يُحْبَوْنَ كَمَا تُحْبَى وَ يُعْطَوْنَ كَمَا تُعْطَى حَتَّى تَرْضَى وَ فَوْقَ الرِّضَا عَلَى بَلْوَى كَثِيرَةٍ تَنَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ مَكَارِهَ تُصِيبُهُمْ بِأَيْدِي أُنَاسٍ يَنْتَحِلُونَ مِلَّتَكَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِكَ بِرَاءً مِنَ اللَّهِ وَ مِنْكَ خَبَطاً خَبَطاً وَ قَتْلًا قَتْلًا شَتَّى مَصَارِعُهُمْ نَائِيَةً قُبُورُهُمْ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَ لَكَ فِيهِمْ فَاحْمَدِ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَى خِيَرَتِهِ وَ ارْضَ بِقَضَائِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ رَضِيتُ بِقَضَائِهِ بِمَا اخْتَارَهُ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَخَاكَ مُضْطَهَدٌ بَعْدَكَ مَغْلُوبٌ عَلَى أُمَّتِكَ مَتْعُوبٌ مِنْ أَعْدَائِكَ ثُمَّ مَقْتُولٌ بَعْدَكَ يَقْتُلُهُ أَشَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِيقَةِ وَ أَشْقَى الْبَرِيَّةِ نَظِيرُ عَاقِرِ النَّاقَةِ بِبَلَدٍ تَكُونُ إِلَيْهِ هِجْرَتُهُ(1) وَ هُوَ مَغْرِسُ شِيعَتِهِ وَ شِيعَةِ وُلْدِهِ وَ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَكْثُرُ بَلْوَاهُمْ وَ يَعْظُمُ مُصَابُهُم.

ص: 198


1- الكوفة مغرس الشيعة. السبزواري.

البحار: ج12 ص59

43- كِتَابُ الْمُحْتَضَرِ، لِلْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى فِي مَنَاقِبِ أَهْلِ التُّقَى يَرْفَعُهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ (عليه السّلام) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَ قَالَ إِلَيَ يَا بُنَيَ فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَ قَالَ إِلَيَ يَا بُنَيَ فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ (عليها السّلام) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَّ قَالَ إِلَيَّ يَا بُنَيَّةِ فَمَا زَالَ يُدْنِيهَا حَتَّى أَجْلَسَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا رَآهُ بَكَى ثُمَّ قَالَ إِلَيَّ يَا أَخِي فَمَا زَالَ يُدْنِيهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى وَاحِداً مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا بَكَيْتَ قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَ الْأَنْبِيَاءَ وَ الْمُرْسَلِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى بُغْضِهِ وَ لَنْ يَفْعَلُوا لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالنَّارِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يُبْغِضُهُ أَحَدٌ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ نَعَمْ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ نَصِيباً يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ بُغْضِهِمْ لَهُ تَفْضِيلَ مَنْ هُوَ دُونَهُ عَلَيْهِ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا خَلَقَ اللَّهُ نَبِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنِّي وَ مَا خَلَقَ وَصِيّاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ وَصِيِّي عَلِيٍّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ أَزَلْ لَهُ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَ وَصَّانِي بِمَوَدَّتِهِ وَ أَنَّهُ لَأَكْبَرُ عَمَلٍ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَضَى مِنَ الزَّمَانِ وَ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الْوَفَاةُ فَحَضَرْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ دَنَا أَجَلُكَ فَمَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ خَالِفْ مَنْ خَالَفَ عَلِيّاً وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِ ظَهِيراً وَ لَا وَلِيّاً قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ لَا تَأْمُرُ النَّاسَ بِتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ قَالَ فَبَكَى (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ سَبَقَ الْكِتَابُ فِيهِمْ وَ عِلْمُ رَبِّي وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِمَّنْ خَالَفَهُ وَ أَنْكَرَ حَقَّهُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنْ أَرَدْتَ وَجْهَ اللَّهِ وَ لِقَاءَهُ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ فَاسْلُكْ طَرِيقَ

ص: 199

عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مِلْ مَعَهُ حَيْثُ مَا مَالَ وَ ارْضَ بِهِ إِمَاماً وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ احْذَرْ أَنْ يَدْخُلَكَ شَكٌّ فِيهِ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي عَلِيٍّ كُفْر.(1)

باب (3)

البحار: ج12 ص86

5 – مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَنْ مَعْنَى قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا نَظَرَ إِلَى الثَّانِي وَ هُوَ مُسَجًّى بِثَوْبِهِ مَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى فَقَالَ عَنَى بِهَا صَحِيفَتَهُ الَّتِي كُتِبَتْ فِي الْكَعْبَة. بيان: هذا مما عد الجمهور من مناقب [رمع] زعما منهم أنه (عليه السّلام) أراد بالصحيفة كتاب أعماله و بملاقاة الله بها أن يكون أعماله مثل أعماله المكتوبة فيه فبين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أراد بالصحيفة العهد الذي كتبوا ردا على الله و على رسوله في خلافة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن لا يمكنوه منها و بالملاقاة بها مخاصمة أصحابها عند الله تعالى فيها. وقال في الصراط المستقيم و يعضده ما أسنده سليم إلى معاذ بن جبل(2) أنه عند وفاته دعا على نفسه بالويل و الثبور فقيل له لم ذاك قال لموالاتي عتيقا و [رمع] على أن أزوي خلافة رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و روي مثل ذلك عن ابن عمر أن أباه قاله عند وفاته و كذا [عتيق] و قال هذا رسول الله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) و معه علي بيده الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة و هو يقول و قد وفيت بها و تظاهرت على ولي الله أنت و أصحابك فأبشر بالنار في أسفل السافلين ثم لعن ابن صُهاك و قال هو

ص: 200


1- ينبغي أن يستشم من هذه الفرقة قدح في ابن عبّاس لأنّ الحذر لا يستعمل غالباً إلّا مع وجود المقتضي فتأمّل. السبزواري.
2- هذا مما يوجب القدح في معاذ بن جبل. السبزواري

الذي صدني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي. قال العباس بن الحارث لما تعاقدوا عليها نزلت «إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ» و قد ذكرها أبو إسحاق في كتابه و ابن حنبل في مسنده و الحافظ في حليته و الزمخشري في فائقه و نزل «وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً» الآيتان. و عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) نزلت «أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ» الآيتان و لقد وبخهما النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لما نزلت فأنكرا فنزلت «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ» الآية. و رووا أن [رمع] أودعها أبا عبيدة فقال له النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أصبحت أمين هذه الأمة و روته العامة أيضا. و قال [رمع] عند موته ليتني خرجت من الدنيا كفافا لا علي و لا لي فقال ابنه تقول هذا فقال دعني نحن أعلم بما صنعنا أنا و صاحبي و أبو عبيدة و معاذ. و كان أُبَيٌّ يصيح في المسجد ألا هلك أهل العقدة فيسأل عنهم فيقول ما ذكرناه ثم قال لئن عشت إلى الجمعة لأبينن للناس أمرهم فمات قبلها.

البحار: ج12 ص93

تبیین وتتميم

1- رَوَى فِي جَامِعِ الْأُصُولِ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ فِي مَرَضِهِ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ(1) مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْراً.

ص: 201


1- يريد بقوله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ذلك أنكنّ تشوّشن الأمر عليکما كما شوّشت الأمر صواحب يوسف يعني زليخا السبزواري

البحار: ج12 ص 109 س9

فظهر أن ما ذكره المتعصبون من متأخريهم كصاحب المواقف و شارحه و الشارح الجديد(1) للتجريد من أنه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) صلى خلفه و أن الروايات الصحيحة متعاضدة على ذلك إنما نشأ من فرط الجهل و الطغيان في العصبية و لقد أحال السيد حيث أورد في بيان تعاضد الروايات الصحيحة روايتين مجهولتين غير مسندتين إلى أصل أو كتاب قال روي عن ابن عباس أنه قال لم يصل النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) خلف أحد من أمته إلا خلف أبي بكر و صلى خلف عبد الرحمن بن عوف في سفر ركعة واحدة. قال و روي عن رافع بن عمرو بن عبيد عن أبيه أنه قال لما ثقل النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عن الخروج أمر أبا بكر أن يقوم مقامه فكان يصلي بالناس و ربما خرج النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بعد ما دخل أبو بكر في الصلاة فصلى خلفه و لم يصل خلف أحد غيره إلا أنه صلى خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة واحدة في سفر.

باب (4): تبیین

البحار: ج12 ص 169

44 - جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ كَرَّامٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ أُتِيَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُلَبَّباً لِيُبَايِعَ قَالَ سَلْمَانُ أَ يُصْنَعُ ذَا بِهَذَا وَ اللَّهِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَانْطَبَقَتْ ذِهْ عَلَى ذِهْ قَالَ وَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَ قَالَ الْمِقْدَادُ وَ اللَّهِ

ص: 202


1- صاحب المواقف وشارحه، والشارح الجديد من المتعصبين. السبزواري.

هَكَذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ الْمِقْدَادُ أَعْظَمَ النَّاسِ إِيمَاناً تِلْكَ السَّاعَة.(1)

البحار: ج12 ص 196

52 – وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى وَ شَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا وَ صَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَمِ وَ عَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَمِ. ما هذا لفظه: اختلفت الروايات في قصة السقيفة فالذي تقوله الشيعة و قد قال قوم من المحدثين بعضه ورووا كثيرا منه أن عليا امتنع من البيعة حتى أخرج كرها و أن الزبير بن العوام امتنع من البيعة و قال لا أبايع إلا عليا و كذلك أبو سفيان بن حرب و خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و العباس بن عبد المطلب و بنوه و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و جميع بني هاشم و قالوا إن الزبير شهر سيفه فلما جاء عمر و معه جماعة من الأنصار و غيرهم قال في جملة ما قال خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر و يقال إنه أخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجرا فكسره و ساقهم كلهم بين يديه إلى أبي بكر فحملهم على بيعته و لم يتخلف إلا عَلِيٌّ وحده فإنه اعتصم ببيت فاطمة (عَلَيها السَّلَامُ) فتحاموا إخراجه منه قسرا فقامت فاطمة (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه فتفرقوا و علموا أنه بمفرده لا يضر شيئا فتركوه و قيل إنهم أخرجوه فيمن أخرج و حمل إلى أبي بكر فبايعه. و قد روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كثيرا من هذا فأما حديث التحريق و ما جرى مجراه من الأمور الفظيعة و قول من قال

ص: 203


1- هذا أحسن وجه للجمع بین ما دلّ على أن المقداد أفضل الثلاثة وما دلّ على أن سلمان أفضلهم يحمل ما دلّ على أفضلية المقداد أو أنّه أفضل في تلك الساعة. السبزواري.

إنهم أخذوا عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقاد بعمامته و الناس حوله(1) فأمر بعيد و الشيعة تنفرد به على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه و سنذكر ذلك. و قال أبو جعفر إن الأنصار لما فاتها ما طلبت من الخلافة قالت أو قال بعضها لا نبايع إلا عليا.

البحار: ج12 ص207 س1

وَ قَالَ أَيْضاً فِي شَرْحِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْهُ (عليه السّلام) لَمَّا اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَ هُوَ يَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَى عَجَاجَةً لَا يُطْفِيهَا إِلَّا الدَّمُ يَا لِعَبْدِ مَنَافٍ فِيمَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَمْرِكُمْ أَيْنَ الْمُسْتَضْعَفَانِ أَيْنَ الْأَذَلَّانِ يَعْنِي عَلِيّاً (عليه السّلام) وَ الْعَبَّاسَ مَا بَالُ هَذَا الْأَمْرِ فِي أَقَلِّ حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ (عليه السّلام) ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَوَ اللَّهِ إِنْ شِئْتَ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَى أَبِي فَصِيلٍ ... خَيْلًا وَ رَجِلًا فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ (عليه السّلام) فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهُ قَامَ عَنْهُ وَ هُوَ يُنْشِدُ شِعْرَ الْمُتَلَمِّسِ

وَلَا يُقِيمُ عَلَی ضَيمٍ يُرَادُ بِهِ*** إِلَّا الأَذَلَّانِ عَيرُ الحَيِّ وَالوَتَدُ

هَذَا عَلَی الخَسفِ مَربُوطٌ بِرُمَّتِهِ*** وَذَا يُشَجُّ فَلَا يَرثِي لَهُ أَحَدٌ(2)

ص: 204


1- فائدة: اختلفت التعبيرات في كيفية سوق علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى المسجد للبيعة ففي بعضها اخذ بتلابيبه وفي بعضها يقاد بحبل وفي بعضها بعمامته وفي بعضها بحمائل السيف وفي بعضها بزيادة يُتلّ، فما وجه الجمع بينها؟ أقول: يمكن الجمع بتعدد الواقعة فإن المتأمّل في التواريخ والسير يعلم أن بيعة أبي بكر وقعت مرتين احدها البيعة العامة حين موت النبيّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) والثانية البيعة الخاصة التي وقعت بعد الاستقالة وقوله أقيلوني، وبيعته الخاصة أيضاً كانت متعددة بتعدد الخواص، ويمكن الجمع بالقول باجتماع جميع تلك الانقياد في سَوق واحد فان المنصف المتأمل يعلم أن بناء القوم كان على التحقير والتصغير والاهانة ثمّ إنّ دار عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إحدى غرف المسجد وليست بينها وبين المنبر مسافة كي يحتاج إلى تلك المهاجم والأفعال.............تعلم علما يقينيا أنّ بناء القوم ما كان على الطمأنينة والرفق. السبزواري.
2- الضيم الظلم والخسف الذلّة والحسيف البئر التي يستقي منها. السبزواري.

البحار: ج12 ص216 س21

قَالَ وَ كَثُرَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ مُعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو هَاشِمٍ إِلَى بَيْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) وَ مَعَهُمُ الزُّبَيْرُ وَ كَانَ يَعُدُّ نَفْسَهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ مَا زَالَ الزُّبَيْرُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ حَتَّى نَشَأَ بَنُوهُ فَصَرَفُوهُ عَنَّا وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ اجْتَمَعَتْ بَنُو زُهْرَةَ إِلَى سَعْدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقْبَلَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ حَلَقاً قُومُوا فَبَايِعُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ بَايَعَ لَهُ النَّاسُ وَ بَايَعَهُ الْأَنْصَارُ فَقَامَ عُثْمَانُ وَ مَنْ مَعَهُ وَ قَامَ سَعْدٌ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ مَنْ مَعَهُمَا فَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ ذَهَبَ عُمَرُ وَ مَعَهُ عِصَابَةٌ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) مَعَهُمْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُمُ انْطَلِقُوا فَبَايِعُوا فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَ خَرَجَ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ فَقَالَ عُمَرُ عَلَيْكُمُ الْكَلْبَ فَوَثَبَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ فَأَخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ فَضَرَبَ بِهِ الْجِدَارَ ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِ وَ بِعَلِيٍّ وَ مَعَهُمَا بَنُو هَاشِمٍ وَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقِيلَ لَهُ بَايِعْ فَقَالَ أَنَا أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ لَا أُبَايِعُكُمْ وَ أَنْتُمْ أَوْلَى بِالْبَيْعَةِ لِي أَخَذْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِالْقَرَابَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَعْطَوْكُمُ الْمَقَادَةَ وَ سَلَّمُوا إِلَيْكُمُ الْإِمَارَةَ وَ أَنَا أَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ مَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ عَلَى الْأَنْصَارِ فَأَنْصِفُونَا إِنْ كُنْتُمْ تَخَافُونَ اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اعْرِفُوا لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِثْلَ مَا عَرَفَتِ الْأَنْصَارُ لَكُمْ وَ إِلَّا فَبُوءُوا بِالظُّلْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكَ لَسْتَ مَتْرُوكاً حَتَّى تُبَايِعَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) احْلِبْ يَا عُمَرُ حَلْباً لَكَ شَطْرُهُ اشْدُدْ لَهُ الْيَوْمَ أَمْرَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْكَ غَداً لَا وَ اللَّهِ لَا أَقْبَلُ قَوْلَكَ وَ لَا أُبَايِعُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَإِنْ لَمْ تُبَايِعْنِي لَمْ أُكْرِهْكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّكَ حَدَثُ السِّنِّ وَ هَؤُلَاءِ مَشِيخَةُ قُرَيْشٍ قَوْمِكَ لَيْسَ لَكَ مِثْلُ تَجْرِبَتِهِمْ وَ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْأُمُورِ وَ لَا أَرَى أَبَا بَكْرٍ إِلَّا أَقْوَى عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ أَشَدَّ احْتِمَالًا لَهُ وَ اضْطِلَاعاً بِهِ فَسَلِّمْ لَهُ هَذَا الْأَمْرَ وَ ارْضَ

ص: 205

بِهِ فَإِنَّكَ إِنْ تَعِشْ وَ يَطُلْ عُمُرُكَ فَأَنْتَ لِهَذَا الْأَمْرِ خَلِيقٌ وَ بِهِ حَقِيقٌ فِي فَضْلِكَ وَ قَرَابَتِكَ وَ سَابِقَتِكَ وَ جِهَادِكَ. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ اللَّهَ اللَّهَ لَا تُخْرِجُوا سُلْطَانَ مُحَمَّدٍ عَنْ دَارِهِ وَ بَيْتِهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ وَ دُورِكُمْ وَ لَا تَدْفَعُوا أَهْلَهُ عَنْ مَقَامِهِ فِي النَّاسِ وَ حَقِّهِ فَوَ اللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ لَنَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ أَ مَا كَانَ مِنَّا الْقَارِي لِكِتَابِ اللَّهِ الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ الْعَالِمُ بِالسُّنَّةِ الْمُضْطَلِعُ بِأَمْرِ الرَّعِيَّةِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِينَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى فَتَزْدَادُوا مِنَ الْحَقِّ بُعْداً. فَقَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ لَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ سَمِعَتْهُ مِنْكَ الْأَنْصَارُ يَا عَلِيُّ قَبْلَ بَيْعَتِهِمْ لِأَبِي بَكْرٍ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ اثْنَانِ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ بَايَعُوا وَ انْصَرَفَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى مَنْزِلِهِ وَ لَمْ يُبَايِعْ وَ لَزِمَ بَيْتَهُ حَتَّى مَاتَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيها السَّلَامُ) فَبَايَعَ. ثم قال ابن أبي الحديد هذا الحديث يدل على أن الخبر المروي في أبي بكر في صحيحي البخاري و مسلم غير صحيح و هو مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَائِشَةَ فِي مَرَضِهِ ادْعِي لِي أَبَاكِ وَ أَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَاباً فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَوْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَ يَأْبَى اللَّهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْر.(1)

***

باب (5) احتجاج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أبي بكر وغيره في أمر البيعة

البحار: ج12 ص 269

3- أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْجَرِيشِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ)- بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي الْمَسْجِدِ وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ- بِصَوْتٍ عَالٍ: «الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ

ص: 206


1- ولا يبعد صحة الخبر بأن يكون قوله (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ويأبى الله الخ مقول قول القائل وتمنّى المتمنّي وهو (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يريد أن يكتب كتاباً يرجع هذا القول وهذا التمنّي. السبزواري.

أَعْمالَهُم» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ لِمَ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟! قَالَ: قَرَأْتُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ.قَالَ: لَقَدْ قُلْتَهُ لِأَمْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: «وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»، فَتَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَوْصَى إِلَّا إِلَيْكَ. قَالَ: فَهَلَّا بَايَعْتَنِي؟! قَالَ: اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَكُنْتُ مِنْهُمْ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كَمَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِجْلِ عَلَى الْعِجْلِ(1)، هَاهُنَا فُتِنْتُمْ، «وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُون».

فصل (2) في الكلام على ما يستفاد من اخبار الباب والتنبيه على ما ينتفع به طالب الحق والصواب

البحار: ج12 ص496، س13

ممّا يرد من الطعون على أبي بكر في تلك الواقعة أنّه مكّن أزواج النبيّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) من التصرّف في حجراتهنّ بغير خلاف، و لم يحكم فيها بأنّها صدقة، و ذلك يناقض ما منعه في أمر فدك و ميراث الرسول (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، فإنّ انتقالها إليهنّ إمّا على جهة الإرث أو النحلة، و الأول مناقض لروايته في الميراث، و الثاني يحتاج إلى الثبوت ببيّنة و نحوها، و لم يطالبهنّ بشي ء منها كما طالب فاطمة (عَلَيْها السَّلَامُ) في دعواها، و هذا من أعظم الشواهد لمن له أدنى بصيرة، على أنّه لم يفعل ما فعل إلّا عداوة لأهل بيت الرسالة، و لم يقل ما قال إلّا افتراء على اللّه و على رسوله. و لنكتف بما ذكرنا، فإنّ بسط الكلام في تلك

ص: 207


1- السبزواري: هذا الخبر من الأخبار القادحة في ابن عبّاس.

المباحث ممّا يوجب كثرة حجم الكتاب و تعسّر تحصيله على الطلاب. فانظر أيّها العاقل المنصف بعين البصيرة! فيما اشتمل عليه تلك الأخبار الكثيرة التي أوردوها في كتبهم المعتبرة عندهم من حكم سيّدة النساء صلوات اللّه عليها- مع عصمتها و طهارتها- باغتصابهم للخلافة و أنّهم أتباع الشيطان، و أنّه ظهر فيهم حسيكة النفاق، و أنّهم أرادوا إطفاء نور الدين، و إهماد سنن سيّد المرسلين صلوات اللّه عليه و آله أجمعين، و أنّهم آذوا أهل بيته و أضمروا لهم العداوة .. و غير ذلك ممّا اشتملت عليه الخطبة الجليلة!.. فهل يبقى بعد ذلك شكّ في بطلان خلافة أبي بكر و نفاقه و نفاق أتباعه؟!. ثم إنّها (عَلَيْها السَّلَامُ) حكمت بظلم أبي بكر في منعها الميراث صريحا بقولها (عَلَيْها السَّلَامُ): لقد جئت شَيْئاً فَرِيًّا، و دعت الأنصار إلى قتاله، فثبت جواز قتله، و لو كان إماما لم يجز قتله. ثم انظر إلى هذا المنافق كيف شبّه أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين و أخا سيّد المرسلين و زوجه الطاهرة: بثعالة شهيده ذنبه، و جعله مربا لكلّ فتنة، ثم إلى موت فاطمة صلوات اللّه عليها ساخطة على أبي بكر مغضبة عليه منكرة لإمامته، و إلى إنكار أبي بكر كون فدك خالصة لرسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مع كونه مخالفا للآية و الإجماع و أخبارهم، و إلى أنّه انتزع فدك من يد وكلاء فاطمة و طلب منها الشهود، مع أنّها لم تكن مدّعية، فحكم بغير حكم اللّه و حكم الرسول (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)(1) و صار بذلك من الكافرين بنصّ القرآن، و إلى طلب الشاهد من المعصومة و رد شهادة المعصومين الذين أنزل اللّه

ص: 208


1- بظاهر اليد لأنها ادعت أن رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ملكها فدك في زمان حياته وكانت متصرفة فيها فعلى أبي بكر إقامة البينة بان رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يُملكها فدك في زمان حياته. في الاحتجاج عن الصادق (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إن أمير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قال لأبي بكر تحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين قال لا قال (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إن كان في يد المسلمين شيء يملكونه فادعيت أنا فيه من تسأل البينة قال إياك كنت اسأل على ما تدعيه قال فإذا كان في يدي شيء فادعى فيه المسلمون تسألني البينة على ما في بدي وقد ملكته في حياة رسول اللّه (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الخ. السبزواري.

تعالى فيهم ما أنزل، و قال فيهم النبيّ (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ما قال، و منعها الميراث خلافا لحكم الكتاب، و افترائه على الرسول (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بما شهد الكتاب و السنّة بكذبه، فتبوّأ مقعده من النار، و ظلمه عليها صلوات اللّه عليها في منع سهم ذي القربى خلافا للّه تعالى، و مناقضته لما رواه حيث مكّن الأزواج من التصرّف في الحجر و غيرها ممّا يستنبط من فحاوي ما ذكر من الأخبار، و لا يخفى طريق استنباطها على أولي الأبصار.

***

باب (13) البحار: ج 29 ص 139

الْمُفِيدُ، عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ مَعاً، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لِمَنْ كَانَ الْأَمْرُ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ. فَقُلْتُ: كَيْفَ صَارَ فِي تَيْمٍ وَ عَدِيٍّ؟ قَالَ: إِنَّكَ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ! إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا كَتَبَ أَنْ يُفْسَدَ فِي الْأَرْضِ(1) وَ تُنْكَحَ الْفُرُوجُ الْحَرَامُ، وَ يُحْكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، خَلَّى بَيْنَ أَعْدَائِنَا وَ بَيْنَ مُرَادِهِمْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى دَفَعُونَا عَنْ حَقِّنَا وَ جَرَى الظُّلْمَ عَلَى أَيْدِيهِمْ دُونَنَا.

***

ص: 209


1- السبزواري: كتب هنا بمعنی علم بدليل الخبر الآتي ثمّ إنّ هذا الجواب جواب شافٍ كافٍ صدر عن معدن الوحي والعلم الإلهي فتدبّر ولباب القول في علة قعوده (عَلَيْهِ السَّلَامُ) اجتماع أمور ثلاثة لو لم يكن إلا واحداً منها الحكم العقل بوجوب القعود عليه الأوّل عدم من ينصره ويعرف هذا كلّ من يرجع إلى التواریخ. الثاني تحقق نطف المؤمنين في أصلاب المنافقين. الثالث ما روي عن الصادق (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كما مرّ.

باب (15) شكاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه عمّن تقدّمه من المتغلّبين الغاصبين

البحار: ج12 ص 562 س12

حَدِيثُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي خُطْبَةٍ لَهُ: تِلْك شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ. و شرح كثيرا من ألفاظها. و قال الفيروزآبادي في القاموس- عند تفسيرها-: الشّقشقة- بالكسر- شي ء- كالرّئة- يخرجه البعير من فيه إذا هاج، و الخطبة الشقشقيّة العلويّة لقوله لابن عبّاس- لما قال: لو اطّردت مقالتك من حيث أفضيت-: يا ابن عبّاس! هيهات تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت. و قال عبد الحميد بن أبي الحديد- ردّا على من قال إنّها تأليف السيّد الرضي-: قد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخيّ- إمام البغداديّين من المعتزلة-، و كان في دولة المقتدر قبل أن يخلق السيّد الرضيّ بمدّة طويلة، و وجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبّة أحد متكلّمي الإماميّة، و كان من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي، و مات قبل أن يكون الرضيّ موجودا .. ثم حكى عن شيخه مصدّق الواسطي أنّه قال: لمّا قرأت هذه الخطبة على الشيخ أبي محمّد عبد اللَّه بن أحمد المعروف ب: ابن الخشّاب، قلت له: أ تقول إنّها منحولة؟!. فقال: لا و اللَّه! و إنّي لأعلم أنّها كلامه كما أعلم أنّك مصدّق .. قال: فقلت له: إنّ كثيرا من الناس يقولون إنّها من كلام الرضيّ. فقال لي: أنّى للرضيّ و لغير الرضيّ هذا النّفس و هذا الأسلوب! قد وقفنا على رسائل الرضيّ، و عرفنا طريقته و فنّه في الكلام المنثور .. ثم قال: و اللَّه لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب قد صنّفت قبل أن يخلق الرضيّ بمائتي سنة، و لقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرف أنّها خطوط من هي من العلماء و أهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضيّ. و قال ابن ميثم البحراني قدّس سرّه:

ص: 210

وجدت هذه الخطبة بنسخة عليها خطّ الوزير أبي الحسن عليّ بن محمد بن الفرات وزير المقتدر باللَّه، و ذلك قبل مولد الرضيّ بنيّف و ستين سنة. انتهى. و من الشواهد على بطلان تلك الدعوى الواهية الفاسدة أنّ القاضي عبد الجبّار- الذي هو من متعصّبي المعتزلة- قد تصدّى في كتاب المغني لتأويل بعض كلمات الخطبة، و منع دلالتها على الطعن في خلافة من تقدّم عليه، و لم ينكر استناد الخطبة إليه. و ذكر السيّد المرتضى رضي اللَّه عنه كلامه في الشافي و زيفه، و هو أكبر من أخيه الرضيّ قدّس اللَّه روحهما، و قاضي القضاة متقدّم عليهما، و لو كان يجد للقدح في استناد الخطبة إليه (عليه السلام) مساغا لما تمسّك بالتأويلات الركيكة في مقام الاعتذار، و قدح في صحّتها كما فعل في كثير من الروايات المشهورة، و كفى للمنصف وجودها في تصانيف الصدوق رحمه اللَّه(1)، و كانت وفاته سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و كان مولد الرضيّ رضي اللَّه عنه سنة تسع و خمسين و ثلاثمائة.

***

باب (16) آخر فيما كتب (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إلى أصحابه في ذلك تصريحاً وتلويحاً

البحار: ج12 ص673

2- وَ رَوَى السَّيِّدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ مِمَّا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الرَّسَائِلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَ غَيْرِهِمَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الصَّيْرَفِيِّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ سِنَانِ بْنِ ظَرِيفٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَكْتُبُ بِهَذِهِ

ص: 211


1- مثل كتابه معاني الأخبار. السبزواري.

الْخُطْبَةِ إِلَى أَكَابِرِ أَصْحَابِهِ، وَ فِيهَا كَلَامٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ). بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، إِلَى الْمُقَرَّبِينَ فِي الْأَظِلَّةِ، الْمُمْتَحَنِينَ بِالْبَلِيَّةِ، الْمُسَارِعِينَ فِي الطَّاعَةِ، الْمُنْشَئِينَ فِي الْكَرَّةِ، تَحِيَّةٌ مِنَّا إِلَيْكُمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ نُورَ الْبَصِيرَةِ رُوحُ الْحَيَاةِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ إِيمَانٌ إِلَّا بِهِ مَعَ اتِّبَاعِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَ التَّصْدِيقِ بِهَا، فَالْكَلِمَةُ مِنَ الرُّوحِ، وَ الرُّوحُ مِنَ النُّورِ، وَ النُّورُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ(1)، فَبِأَيْدِيكُمْ سَبَبٌ وَصَلَ إِلَيْكُمْ مِنَّا نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لَا تَعْقِلُونَ شُكْرَهَا، خَصَّكُمْ بِهَا وَ اسْتَخْلَصَكُمْ لَهَا «وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ» إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ أَنْ لَنْ يَحُلَّ عَقْدَهُ أَحَدٌ سِوَاهُ، فَتَسَارَعُوا إِلَى وَفَاءِ الْعَهْدِ، وَ امْكُثُوا فِي طَلَبِ الْفَضْلِ، فَإِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ، وَ إِنَّ الْآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ يَقْضِي فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، أَلَا وَ إِنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَدْ وَقَعَ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ، تَسِيرُ فِيهَا الْجُنُودُ، يَهْلِكُ فِيهَا الْبَطَلُ الْجَحُودُ، خُيُولُهَا عِرَابٌ، وَ فُرْسَانُهَا حِرَابٌ، وَ نَحْنُ بِذَلِكَ وَاقِفُونَ، وَ لِمَا ذَكَرْنَا مُنْتَظِرُونَ انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ لِيَنْبُتَ الْعُشْبُ، وَ يَجْنِي الثَّمَرَ، دَعَانِي إِلَى الْكِتَابِ إِلَيْكُمُ اسْتِنْقَاذُكُمْ مِنَ الْعَمَى، وَ إِرْشَادُكُمْ بَابَ الْهُدَى، فَاسْلُكُوا سَبِيلَ السَّلَامَةِ، فَإِنَّهَا جِمَاعُ الْكَرَامَةِ، اصْطَفَى اللَّهُ مَنْهَجَهُ، وَ بَيَّنَ حُجَجَهُ، وَ أَرَّفَ أُرَفَهُ، وَ وَصَفَهُ وَ حَدَّهُ وَ جَعَلَهُ نَصّاً كَمَا وَصَفَهُ، إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ يَأْتِيهِ مَلَكَانِ أَحَدُهُمَا مُنْكَرٌ وَ الْآخَرُ نَكِيرٌ، فَأَوَّلُ مَا يَسْأَلَانِهِ عَنْ رَبِّهِ، وَ عَنْ نَبِيِّهِ، وَ عَنْ وَلِيِّهِ، فَإِنْ أَجَابَ نَجَا وَ إِنْ تَحَيَّرَ عَذَّبَاهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَمَا حَالُ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ، وَ عَرَفَ نَبِيَّهُ، وَ لَمْ يَعْرِفْ وَلِيَّهُ؟. فَقَالَ: ذَلِكَ مُذَبْذَبٌ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ قِيلَ: فَمَنِ الْوَلِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ(؟ فَقَالَ: وَلِيُّكُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَا، وَ مِنْ بَعْدِي وَصِيِّي، وَ مِنْ بَعْدِ وَصِيِّي لِكُلِّ زَمَانٍ حُجَجُ اللَّهِ كَيْمَا تَقُولُوا كَمَا قَالَ الضُّلَّالُ قَبْلَكُمْ حَيْثُ فَارَقَهُمْ نَبِيُّهُمْ: «رَبَّنا لَوْ

ص: 212


1- هذه الجملة يجب أن يتأمل فيها فإن فيها مفاتيح العلوم والمعارف طوبی لمن فاز بها. السبزواري.

لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى»، وَ إِنَّمَا كَانَ تَمَامُ ضَلَالَتِهِمْ جَهَالَتَهُمْ بِالْآيَاتِ وَ هُمُ الْأَوْصِيَاءُ فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ: «قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى» وَ إِنَّمَا كَانَ تَرَبُّصَهُمْ أَنْ قَالُوا: نَحْنُ فِي سَعَةٍ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَوْصِيَاءِ حَتَّى يُعْلِنَ إِمَامٌ عِلْمَهُ، فَالْأَوْصِيَاءُ قُوَّامٌ عَلَيْكُمْ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ، وَ لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَ أَنْكَرُوهُ، لِأَنَّهُمْ عُرَفَاءُ الْعِبَادِ عَرَّفَهُمُ اللَّهُ إِيَّاهُمْ عِنْدَ أَخْذِ الْمَوَاثِيقِ عَلَيْهِمْ بِالطَّاعَةِ لَهُمْ، فَوَصَفَهُمْ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ جَلَّ وَ عَزَّ: «وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ» وَ هُمُ الشُّهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ، وَ النَّبِيُّونَ شُهَدَاءُ لَهُمْ بِأَخْذِهِ لَهُمْ مَوَاثِيقَ الْعِبَادِ بِالطَّاعَةِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً». وَ كَذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى آدَمَ: أَنْ يَا آدَمُ! قَدِ انْقَضَتْ مُدَّتُكَ، وَ قُضِيَتْ نُبُوَّتُكَ، وَ اسْتَكْمَلَتْ أَيَّامُكَ، وَ حَضَرَ أَجَلُكَ، فَخُذِ النُّبُوَّةَ وَ مِيرَاثَ النُّبُوَّةِ وَ اسْمَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ فَادْفَعْهُ إِلَى ابْنِكَ: هِبَةِ اللَّهِ، فَإِنِّي لَمْ أَدَعِ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَلَمٍ يُعْرَفُ، فَلَمْ تَزَلِ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ يَتَوَارَثُونَ ذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَيَّ، وَ أَنَا أَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ وَصِيِّي، وَ هُوَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، وَ إِنَّ عَلِيّاً يُورَثُ وُلْدُهُ حَيُّهُمْ عَنْ مَيِّتِهِمْ، فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَدْخُلَ جَنَّةَ رَبِّهِ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً وَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ بَعْدِهِ، وَ لْيُسْلِمْ لِفَضْلِهِمْ، فَإِنَّهُمُ الْهُدَاةُ بَعْدِي، أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فَهْمِي وَ عِلْمِي، فَهُمْ عِتْرَتِي مِنْ لَحْمِي وَ دَمِي، أَشْكُو إِلَى اللَّهِ عَدُوَّهُمْ وَ الْمُنْكِرَ لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَ الْقَاطِعَ عَنْهُمْ صِلَتِي، فَنَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الرَّحْمَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ، وَ مَوْضِعُ الرِّسَالَةِ، فَمَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ، وَ مَثَلِ بَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ دَخَلَهُ غُفِرَ لَهُ، فَأَيُّمَا

ص: 213

رَايَةٍ خَرَجَتْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَهِيَ الدَّجَّالِيَّةُ، إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لِدِينِهِ أَقْوَاماً انْتَجَبَهُمْ لِلْقِيَامِ عَلَيْهِ وَ النَّصْرِ لَهُ، طَهَّرَهُمْ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَ أَوْحَى إِلَيْهِمْ مُفْتَرَضَ الْقُرْآنِ، وَ الْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، إِنَّ اللَّهَ خَصَّكُمْ بِالْإِسْلَامِ، وَ اسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ، وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمْتَعُ سَلَامَةٍ، وَ أَجْمَعُ كَرَامَةٍ، اصْطَفَى اللَّهُ مَنْهَجَهُ، وَ وَصَفَهُ وَ وَصَفَ أَخْلَاقَهُ، وَ وَصَلَ أَطْنَابَهُ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ وَ بَاطِنِ حُكْمٍ، ذِي حَلَاوَةٍ وَ مَرَارَةٍ، فَمَنْ طَهَّرَ بَاطِنَهُ رَأَى عَجَائِبَ مَنَاظِرِهِ فِي مَوَارِدِهِ وَ مَصَادِرِهِ، وَ مَنْ فَطَنَ لِمَا بَطَنَ رَأَى مَكْنُونَ الْفِطَنِ وَ عَجَائِبَ الْأَمْثَالِ وَ السُّنَنِ، فَظَاهِرُهُ أَنِيقٌ، وَ بَاطِنُهُ عَمِيقٌ، وَ لَا تَفْنَى غَرَائِبُهُ، وَ لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، فِيهِ مَفَاتِيحُ الْكَلَامِ، وَ مَصَابِيحُ الظَّلَامِ، لَا يُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلَّا بِمَفَاتِحِهِ، وَ لَا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِمَصَابِيحِهِ، فِيهِ تَفْصِيلٌ وَ تَوْصِيلٌ، وَ بَيَانُ الِاسْمَيْنِ الْأَعْلَيْنِ اللَّذَيْنِ جُمِعَا فَاجْتَمَعَا، لَا يَصْلُحَانِ إِلَّا مَعاً، يُسَمَّيَانِ فَيَفْتَرِقَانِ، وَ يُوصَلَانِ فَيَجْتَمِعَانِ، تَمَامُهُمَا فِي تَمَامِ أَحَدِهِمَا، حَوَالَيْهَا نُجُومٌ، وَ عَلَى نُجُومِهَا نُجُومٌ، لِيَحْمِيَ حَمَاهُ، وَ يَرْعَى مَرْعَاهُ، وَ فِي الْقُرْآنِ تِبْيَانُهُ وَ بَيَانُهُ وَ حُدُودُهُ وَ أَرْكَانُهُ، وَ مَوَاضِعُ مَقَادِيرِهِ، وَ وَزْنُ مِيزَانِهِ، مِيزَانِ الْعَدْلِ، وَ حُكْمِ الْفَصْلِ، إِنَّ دُعَاةَ الدِّينِ فَرَّقُوا بَيْنَ الشَّكِّ وَ الْيَقِينِ، وَ جَاءُوا بِالْحَقِّ، بَنَوْا لِلْإِسْلَامِ بُنْيَاناً فَأَسَّسُوا لَهُ أَسَاساً وَ أَرْكَاناً، وَ جَاءُوا عَلَى ذَلِكَ شُهُوداً بِعَلَامَاتٍ وَ أَمَارَاتٍ، فِيهَا كَفْيُ الْمُكَتَفِي، وَ شِفَاءُ الْمُشْتَفِي، يَحْمَوْنَ حَمَاهُ، وَ يَرْعَوْنَ مَرْعَاهُ، وَ يَصُونُونَ مَصُونَهُ، وَ يُفَجِّرُونَ عُيُونَهُ، بِحُبِّ اللَّهِ وَ بِرِّهِ وَ تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَ ذِكْرِهِ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ بِهِ، يَتَوَاصَلُونَ بِالْوِلَايَةِ، وَ يَتَنَازَعُونَ بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ، وَ يَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ، وَ يَتَلَاقَوْنَ بِحُسْنِ التَّحِيَّةِ، وَ أَخْلَاقٍ سَنِيَّةٍ، قُوَّامٌ عُلَمَاءُ أُمَنَاءُ، لَا يَسُوقُ فِيهِمُ الرِّيبَةُ، وَ لَا تَشْرَعُ فِيهِمُ الْغِيبَةُ، فَمَنِ اسْتَبْطَنَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً اسْتَبْطَنَ خُلْقاً سَنِيّاً، فَطُوبَى لِذِي قَلْبٍ سَلِيمٍ أَطَاعَ مَنْ يَهْدِيهِ، وَ اجْتَنَبَ مَنْ يُرْدِيهِ، وَ يَدْخُلُ

ص: 214

مَدْخَلَ كَرَامَةٍ، وَ يَنَالُ سَبِيلَ سَلَامَةٍ، تَبْصِرَةً لِمَنْ بَصَّرَهُ، وَ طَاعَةً لِمَنْ يَهْدِيهِ إِلَى أَفْضَلِ الدَّلَالَةِ، وَ كَشْفَاً لِغَطَاءِ الْجَهَالَةِ الْمُضِلَّةِ الْمُهْلِكَةِ، وَ مَنْ أَرَادَ بَعْدَ هَذَا فَلْيُظْهِرْ بِالْهُدَى دِينَهُ، فَإِنَّ الْهُدَى لَا تُغْلَقُ أَبْوَابُهُ، وَ قَدْ فُتِحَتْ أَسْبَابُهُ بِبُرْهَانٍ وَ بَيَانٍ، لِامْرِئٍ اسْتَنْصَحَ وَ قَبِلَ نَصِيحَةَ مَنْ نَصَحَ بِخُضُوعٍ وَ حُسْنِ خُشُوعٍ، فَلْيَقْبَلِ امْرُؤٌ بِقَبُولِهَا، وَ لْيَحْذَرْ قَارِعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا، وَ السَّلَامُ..

***

باب (22) تفصيل مطاعن أبي بكر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من كتبهم

البحار: ج13 ص 212 س 4

السادس:

إنّ أبا بكر قال- مخبرا عن نفسه-: إنّ لي شيطانا يعتريني، فإن استقمت فأعينوني و إن زغت فقوّموني و لا يصلح للإرشاد من يطلب الرشاد. و قال: أقيلوني فلست بخيركم .. و لا يحلّ للإمام الاستقالة من البيعة. و أجاب قاضي القضاة في المغني ناقلا عن شيخه أبي علي أنّ إخباره عن نفسه بما أخبر لو كان نقصا فيه لكان قوله تعالى في آدم و حوّاء: «فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ»، و قوله: «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ»، و قوله تعالى: «وَ ما أَرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى...». الآية، يوجب النقص في الأنبياء (عليهم السّلام)، و إذا لم يجب ذلك فكذلك ما وصف به أبو بكر نفسه، و إنّما أراد أنّ عند الغضب يشفق من المعصية و يحذر منها، و يخاف أن يكون الشيطان يعتريه في تلك

ص: 215

الحال فيوسوس إليه، و ذلك منه على طريق الزجر لنفسه عن المعاصي.(1)

خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله

البحار: ج13 ص226 س 13

فذكر الواقدي أنّه اغتسل في يوم بارد فحمّ و مرض خمسة عشر يوما، و قال الزبير بن بكّار: كان به طرف من السل، و روي عن سلام بن أبي مطيع: إنّه سمّ.(2) قَالَ: وَ رَوَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتُهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ غِلْظَةً. فَقَالَ: ذَاكَ لِأَنَّهُ يَرَانِي رَفِيقاً وَ لَوْ قَدْ أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَيْهِ لَتَرَكَ كَثِيراً مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَ قَدْ رَمَقْتُهُ إِذَا أَنَا غَضِبْتُ عَلَى

ص: 216


1- قال عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة أنّ أبا بكر قال في مرضه واللّه ما آيس إلّا على ثلاث فعلتهن ليتني كنت ترکتهن وثلاث تركتهن ليتني كنت فعلتهن وثلاث ليتني کنت سئلت رسول اللّه عنهن، أمّا اللاتي فعلتهن ولینی کنت تركتهن فليتني كنت ترکت بيت عليّ وإن أغلق على الحرب، وليتني يوم سقيفة بني ساعدة كنت ضربت على يد إحدى الرجلين أبي عبيدة أو عمر فكان هو الأمير وأنا الوزير، وليتني حين أتيت بالفجاءة السلمي أسيرا أني قتلته ولم أكن أحرقته بالنار، وأما اللاتي تركتهن وليتني كنت فعلتهن حين أتيت بالأشعث بن قيس قتلته ولم أستحيه، فإني سمعت منه وأراه لا يرى غيّاً ولا شرّاً إلّا أعان عليه، وليتني حين بعثت خالداً إلى الشام بعثت عمر إلى العراق، فأكون قد بسطت يدي جميعاً في سبيل اللّه، وأما اللاتي كنت أود أني سألت رسول اللّه فليتني سألته لمن هذا الأمر من بعده؟ فلا ينازعه فيه أحد، وليتني كنت سألته هل للأنصار فيه حق؟ وليتني كنت سألته عن ميراث بنت الأخ والعمة فإن في نفسي من ذاك شيئاً السبزواري.
2- هذا القول عندي اقرب إلى الصواب لظلمه على عمر كما صرح لابنه عبد الله وترصد عمر الخلافة بعده، فتدبر. السبزواري.

رَجُلٍ أَرَانِي الرِّضَا عَنْهُ، وَ إِذَا لِنْتُ أَرَانِي الشِّدَّةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ: سَرِيرَتُهُ خَيْرٌ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، وَ لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُ. فَقَالَ لَهُمَا: لَا تَذْكُرَا مِمَّا قُلْتُ لَكُمَا شَيْئاً، وَ لَوْ تَرَكْتُ عُمَرَ مَا عَدَوْتُكَ يَا عُثْمَانُ، وَ الْخِيَرَةُ لَكَ أَنْ لَا تَلِيَ مِنْ أُمُورِهِمْ شَيْئاً، وَ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مِنْ أُمُورِكُمْ خِلْواً، وَ كُنْتُ فِيمَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِكُمْ. وَ دَخَلَ طَلْحَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ- يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) اسْتَخْلَفْتَ عَلَى النَّاسِ عُمَرَ، وَ قَدْ رَأَيْتَ مَا يَلْقَى النَّاسُ مِنْهُ وَ أَنْتَ مَعَهُ، فَكَيْفَ إِذَا خَلَا بِهِمْ؟! وَ أَنْتَ غَداً لَاقٍ رَبَّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ!. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِي .. أَجْلِسُونِي، ثُمَّ قَالَ: أَ بِاللَّهِ تُخَوِّفُنِي؟!، إِذَا لَقِيتُ رَبِّي فَسَاءَلَنِي، قُلْتُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. فَقَالَ طَلْحَةُ: أَ عُمَرُ خَيْرُ النَّاسِ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟!. فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ وَ قَالَ: إِي وَ اللَّهِ، هُوَ خَيْرُهُمْ وَ أَنْتَ شَرُّهُمْ، أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ وَلَّيْتُكَ لَجَعَلْتَ أَنْفَكَ فِي قَفَاكَ، وَ لَرَفَعْتَ نَفْسَكَ فَوْقَ قَدْرِهَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَضَعُهَا، أَتَيْتَنِي وَ قَدْ دَلَكْتَ عَيْنَيْكَ تُرِيدُ أَنْ تَفْتِنَنِي عَنْ دِينِي، وَ تُزِيلَنِي عَنْ رَأْيِي، قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَيْكَ، أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ عِشْتُ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَ بَلَغَنِي أَنَّكَ غَمَّضْتَهُ فِيهَا أَوْ ذَكَرْتُهُ بِسُوءٍ لَأَلْحَقَنَّكَ بِخَمْصَاتِ قُنَّةَ حَيْثُ كُنْتُمْ تُسْقَوْنَ وَ لَا تَرْوَوْنَ، وَ تُرْعَوْنَ وَ لَا تَشْبَعُونَ، وَ أَنْتُمْ بِذَلِكَ مُبْتَهِجُونَ رَاضُونَ!. فَقَامَ طَلْحَةُ فَخَرَجَ. قال: و توفّي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة. انتهى.

***

باب (23) تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من صحاحهم وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه

البحار: ج13 ص263 س1

و أجاب السيد رضي اللّه عنه في الشافي عن جواب القاضي بأنّه: ليس يخلو خلاف عمر

ص: 217

في وفاة رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) من أن يكون على سبيل الإنكار لموته (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) على كلّ حال، و الاعتقاد لأنّ الموت لا يجوز عليه أو يكون منكرا لموته في تلك الحال من حيث لم يظهر دينه على الدين كلّه .. و ما أشبه ذلك ممّا قال صاحب الكتاب أنّها كانت شبهة في تأخّر موته عن تلك الحال. فإن كان الوجه الأول، فهو ممّا لا يجوز خلاف العقلاء فيه، و العلم بجواز الموت على سائر البشر لا يشكّ فيه عاقل، و العلم من دينه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بأنّه سيموت كما فات من قبله ضروريّ، و لا يحتاج في مثل هذا إلى الآيات التي تلاها أبو بكر من قوله تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» و ما أشبهه. و إن كان خلافه على الوجه الثاني، فأوّل ما فيه أنّ هذا الخلاف لا يليق بما احتجّ به أبو بكر من قوله تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» لأنّه لم ينكر على هذا جواز الموت، و إنّما خالف في تقدّمه و إن كان يجب أن يقول و أيّ حجّة في هذه الآيات على من جوّز عليه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) الموت في المستقبل و أنكره في هذه الحال. و بعد، فكيف دخلت الشبهة البعيدة على عمر من بين سائر الخلق؟ و من أين زعم أنّه لا يموت حتّى يقطع أيدي رجال و أرجلهم؟(1) و كيف حمل معنى قوله تعالى: «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ»، و قوله تعالى: «وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً»، على أنّ ذلك لا يكون في المستقبل و بعد الوفاة، و كيف لم يخطر هذا إلّا لعمر وحده؟ و معلوم أنّ ضعف الشبهة إنّما يكون من ضعف الفكرة و قلّة التأمّل و البصيرة، و كيف لم يوقن

ص: 218


1- والأصحّ أنّه إنما أنکر موت النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ( بما قال استمالة قلوب الصحابة فانه لما أسنده (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ( إلى البحر أحسّ أن بعضهم تنفر من سوء أدبه فخاف أن يَخلّ ذلك بما أراد من جلب الخلافة فأنكر موته (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ( بتلك العبارة لإصلاح ما أفسده فتدبّر وافهم. وهنا احتمال آخر وهو أنّه قال هذا القول لتسكت العوام عن القول بخلافة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنّه إذا ثبت عدم الموت فلا وجه للخلافة المنصوصة فأراد تلبيس الأمر على أهل المدينة حتّى يستحکم أمر السقيفة، فتدبّر. السبزواري.

بموته لمّا رأى عليه أهل الإسلام من اعتقاد موته و ما ركبهم من الحزن و الكآبة لفقده؟ و هلّا دفع بهذا اليقين ذلك التأويل البعيد فلم يحتج إلى موقف و معرف، و قد كان يجب- إن كانت هذه شبهة- أن يقول في حال مرض رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) و قد رأى جزع أهله و أصحابه و خوفهم عليه الوفاة، حتى يقول أسامة بن زيد- معتذرا من تباطئه عن الخروج في الجيش الذي كان رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) يكرّر و يردّد الأمر بتنفيذه-: لم أكن لأسأل عنك الركب؟ ما هذا الجزع و الهلع و قد أمّنكم اللّه من موته .. بكذا، و من وجه .. كذا، و ليس هذا من أحكام الكتاب التي يعذر من لا يعرفها- على ما ظنّه- صاحب الكتاب، انتهى كلامه قدّس اللّه روحه.

***

البحار: ج13 ص 282 س 7

وَ رَوَى ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِ، قَالَ: رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ سَوَادَةَ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ الصُّبْحَ مَعَ عُمَرَ فَقَرَأَ «سُبْحَانَ» وَ سُورَةً مَعَهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقُمْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: أَ حَاجَةٌ؟. قُلْتُ: حَاجَةٌ. قَالَ: فَالْحَقْ. فَلَحِقْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَذِنَ، فَإِذَا هُوَ عَلَى ومال [رِمَالِ] سَرِيرٍ لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْ ءٌ، فَقُلْتُ: نَصِيحَةً!. قَالَ: مَرْحَباً بِالنَّاصِحِ غُدُوّاً وَ عَشِيّاً. قُلْتُ: عَابَتْ أُمَّتُكَ- أَوْ قَالَ: رَعِيَّتُكَ- عَلَيْكَ أَرْبَعاً، فَوَضَعَ عُودَ الدِّرَّةِ ثُمَّ ذَقَنَ عَلَيْهَا- هَكَذَا رَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَضَعَ رَأْسَ دِرَّتِهِ فِي ذَقَنِهِ، وَ وَضَعَ أَسْفَلَهَا عَلَى فَخِذِهِ، وَ قَالَ: هَاتِ. قَالَ: ذَكَرُوا أَنَّكَ حَرَّمْتَ الْمُتْعَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ- وَ زَادَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ هِيَ حَلَالٌ- وَ لَمْ يُحَرِّمْهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]) وَ لَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: أَجَلْ! إِنَّكُمْ إِذَا اعْتَمَرْتُمْ فِي أَشْهُرِ حَجِّكُمْ رَأَيْتُمُوهَا مُجْزِئَةً مِنْ حَجِّكُمْ، فَقَرِعَ حَجُّكُمْ، وَ كَانَ قَائِبَةَ قُوبٍ عَامَهَا، وَ الْحَجُّ بَهَاءٌ مِنْ بَهَاءِ اللَّهِ، وَ قَدْ أَصَبْتَ. قَالَ: وَ ذَكَرُوا أَنَّكَ حَرَّمْتَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ، وَ قَدْ كَانَتْ رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ

ص: 219

يُسْتَمْتَعُ بِقَبْضَةٍ وَ يُفَارَقُ مِنْ ثَلَاثٍ. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]) أَحَلَّهَا فِي زَمَانِ ضَرُورَةٍ، وَ رَجَعَ النَّاسُ إِلَى السَّعَةِ، ثُمَّ لَمْ أَجِدْ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَادَ إِلَيْهَا وَ لَا عَمِلَ بِهَا، فَالْآنَ مَنْ شَاءَ نَكَحَ بِقَبْضَةٍ وَ فَارَقَهُ عَنْ طَلَاقٍ بِثَلَاثٍ، وَ قَدْ أَصَبْتَ. قَالَ: وَذَكَرُوا أَنَّكَ أَعْتَقْتَ الْأَمَةَ إِنْ وَضَعَتْ ذَا بَطْنِهَا بِغَيْرِ عَتَاقَةِ سَيِّدِهَا. قَالَ: أَلْحَقْتُ حُرْمَتَهُ بِحُرْمَةٍ، وَ مَا أَرَدْتُ إِلَّا الْخَيْرَ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. قَالَ: وَ شَكَوْا مِنْكَ عُنْفَ السِّيَاقِ وَ نَهْرَ الرَّعِيَّةِ. قَالَ: فَنَزَعَ الدِّرَّةَ ثُمَّ مَسَحَهَا حَتَّى أَتَى عَلَى سُيُورِهَا، وَ قَالَ: وَ أَنَا زَمِيلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]) فِي غَزَاةِ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ، ثُمَّ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأُرْتِعُ فَأُشْبِعُ، وَ أَسْقِى فَأُرْوِي، وَ أَضْرِبُ الْعَرُوضَ، وَ أَزْجُرُ الْعَجُولَ، وَ أُؤَدِّبُ قَدْرِي، وَ أَسُوقُ خَطْوَتِي، وَ أَرُد اللَّفُوتَ، وَ أَضُمُّ الْعَنُودَ(1)، وَ أُكْثِرُ الزَّجْرَ، وَ أُقِلُّ الضَّرْبَ، وَ أَشْهَرُ بِالْعَصَا، وَ أَدْفَعُ بِالْيَدِ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَعْذَرْتُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ(2) يَقُولُ: كَانَ وَ اللَّهِ عَالِماً بِرَعِيَّتِهِ. وَ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ-: قَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، عَنْ عَصِيفِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ ..: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ): مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِنَ السُّنَّةِ مِثْلُهَا.

البحار: ج13 ص338 س5

و أخبارنا في ذلك متواترة، و ما زعمه بعض فقهاء العامّة من انقسام البدعة بالأقسام الخمسة لا وجه له (3)، بل يظهر من عموم النصوص أنّ كلّ ما أحدث في

ص: 220


1- هذه العبارة تشهد أن قائلها كان راعياً. السبزواري.
2- إنما استحسن معاوية هذا الحديث في عمر لأنّ مبناه على السياسة الملكيّة والاستبداد بالرأي وأساس السلطنة الجوريّة والتغلب لا مساس له بالإلهية والأحكام السماوية والشرایع النبويّة وحديث عمر هذا يشهد بصدوره عمن مارس الرعي وصرف عمره في الرعاية لذلك حضر له الألفاظ الرعيّة والاستعارات الشغلية كما لا يخفى. السبزواري ج 30 ص 420 س 10.
3- فنفس هذا التقسيم بدعة أيضاً. السبزواري

الدين ممّا لم يرد في الشريعة خصوصا أو عموما فهو بدعة محرّمة، فكلّ ما فعل على وجه العبادة و لم يكن مستفادا من دليل شرعيّ عامّ أو خاصّ فهو بدعة و تشريع، سواء كان فعلا مستقلا أو وصفا لعبادة متلقّاة من الشارع، كفعل الواجب على وجه الندب و بالعكس، و إيجاب وصف خاصّ في عبادة مخصوصة، فلو أوجب أحد إيقاع الطواف مثلا جماعة، أو زعمه مستحبّا، أو استحبّ عددا مخصوصا في الصلاة. و بالجملة، كلّ فعل أو وصف في فعل أتى به المكلّف على غير الوجه الذي وردت به الشريعة، و تضمّن تغيير حكم شرعيّ و إن كان بالقصد و النية فلا ريب في أنّه بدعة و ضلالة. و أمّا ما دلّ عليه دليل شرعيّ سواء كان قولا أو فعلا عامّا أو خاصّا فهو من السنّة. و قد ظهر من رواياتهم أنّ النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يصلّ عشرين ركعة يسمّونها: التراويح، و إنّما كان يصلّي ثلاث عشرة ركعة، و لم يدلّ شي ء من رواياتهم التي ظفرنا بها على استحباب هذا العدد المخصوص فضلا عن الجماعة فيها، و الصلاة و إن كانت خيرا موضوعا يجوز قليلها و كثيرها إلّا أنّ القول باستحباب عدد مخصوص منها في وقت مخصوص على وجه الخصوص بدعة و ضلالة، و لا ريب في أنّ المتّبعون لسنّة عمر يزعمونها على هذا الوجه سنّة وكيدة، بل عزيمة، و يجعلونها من شعائر دينهم. و لو سلّمنا انقسام البدعة بالأقسام الخمسة و تخصيص كونها ضلالة بالبدعة المحرّمة، فلا ريب أنّ هذا ممّا عدّوه من البدع المحرّمة لما عرفت، و الأقسام الأخرى من البدع التي عدوها ليست من هذا القبيل، بل هي ممّا ورد في الشريعة عموما أو خصوصا فلا ينفعهم التقسيم، و اللّه الهادي إلى الصراط المستقيم. و منها: أنّه وضع الخراج على أرض السواد.

البحار: ج13 ص 381 س 10

رَوَى الْبُخَارِيُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ يُشْمَلُ عَلَى قِصَّةِ قَتْلِ

ص: 221

عُمَرَ قَالَ: قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، وَ لَا تَقُلْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيراً(1)، وَ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَن يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، .. فَسَلَّمَ وَ اسْتَأْذَنَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ وَ يَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَ لَأُوثِرَنَّ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ قِيلَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟. فَقَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَذِنَتْ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ شَيْ ءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ فَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي وَ إِنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِين... .

باب (25) تفصيل مثالب عثمان وبدعه والاحتجاج بها على المخالفين بما رووه في كتبهم وبعض احواله تذييل وتتمیم

البحار: ج13 ص 471 س7

اعلم أنّ عبد الحميد بن أبي الحديد بعد ما أورد مطاعن عثمان أجاب عنها إجمالا، فقال: إنّا لا ننكر أنّ عثمان أحدث أحداثا أنكرها كثير من المسلمين،(2) و لكنّا

ص: 222


1- ومع ذلك أوصى بقتل المؤمنين الذين ادعى أن النبي (صَلَّی اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كان راضياً عنهم إن لم يعين الأمير منهم وهذا من العجائب. السبزواري.
2- السبزواري: هو الحدث في المدينة و من احدث فيها عليه ما عليه.

ندّعي مع ذلك أنّها لم تبلغ درجة الفسق، و لا أحبطت ثوابه، و أنّها من الصغائر المكفّرة، و ذلك لأنّا قد علمنا أنّه مغفور له، و أنّه من أهل الجنّة لثلاثة أوجه: أحدها: أنّه من أهل بدر،و قد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ وَسَلَّمَ]): إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.

البحار: ج13 ص 545 س6

قَالَ أَرْبَابُ السِّيَرِ وَ الْمُحَدِّثُونَ مِنَ الْمُخَالِفِينَ لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ عُلِمَ أَنَّهُ قَدِ انْقَضَتْ أَيَّامُهُ وَ اقْتَرَبَ أَجَلُهُ، قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَوِ اسْتَخْلَفْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ حَيّاً لَاسْتَخْلَفْتُهُ وَ قُلْتُ لِرَبِّي إِنْ سَأَلَنِي: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: أَبُو عُبَيْدَةَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ لَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَيّاً اسْتَخْلَفْتُهُ، وَ قُلْتُ لِرَبِّي إِنْ سَأَلَنِي: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: إِنَّ سَالِماً شَدِيدُ الْحُبِّ لِلَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَلِّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا! وَيْحَكَ! كَيْفَ أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ؟! رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الْكَامِلِ وَ الطَّبَرِيُ، عَنْ شُيُوخِهِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِرْبَ لِعُمَرَ فِي خِلَافَتِكُمْ فَمَا حَمِدْتُهَا فَأَرْغَبَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَإِنْ تَك خَيْراً فَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُ وَ إِنْ تَكُ شَرّاً فَقَدْ صُرِفَ عَنَّا، حَسْبُ آلِ عُمَرَ أَنْ يُحَاسَبَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَ يُسْأَلَ عَنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَخَرَجَ النَّاسُ وَ رَجَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: لَوْ عَهِدْتَ عَهْداً، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَجْمَعْتُ بَعْدَ مَقَالَتِي أَنْ أُوَلِّي أَمْرَكُمْ رَجُلًا هُوَ أَحْرَاكُم أَنْ يَحْمِلَكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَ أَشَارَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَرَهَقَتْنِي غَشْيَةٌ فَرَأَيْتُ رَجُلًا دَخَلَ جَنَّةً فَجَعَلَ يَقْطِفُ كُلَّ غَضَّةٍ وَ يَانِعَةٍ فَيَضُمُّهَا إِلَيْهِ وَ يُصَيِّرُهَا تَحْتَهُ، فَخِفْتُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيّاً وَ مَيِّتاً، وَ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ غَالِبُ أَمْرِهِ. ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالرَّهْطِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَاتَ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْ هَذِهِ السِّتَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلِيٍّ،

ص: 223

وَ عُثْمَانَ، وَ طَلْحَةَ، وَ الزُّبَيْرِ، وَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَجْعَلَهَا شُورَى بَيْنَهُمْ لِيَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَ إِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَ لَنْ يُضِيعَ اللَّهُ دِينَهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوهُمْ لِي .. فَدَعَوْهُمْ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَ هُوَ مُلْقًى عَلَى فِرَاشِهِ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَ كُلُّكُمْ يَطْمَعُ فِي الْخِلَافَةِ؟! فَوَجَمُوا، فَقَالَ لَهُمْ ثَانِيَةً، فَأَجَابَهُ الزُّبَيْرُ، وَ قَالَ: مَا الَّذِي يُبْعِدُنَا مِنْهَا، وُلِّيتَهَا أَنْتَ فَقُمْتَ بِهَا وَ لَسْنَا دُونَكَ فِي قُرَيْشٍ وَ لَا فِي السَّابِقَةِ وَ لَا فِي الْقَرَابَةِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَ فَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَنْفُسِكُمْ؟ قَالُوا: قُلْ، فَإِنَّا لَوِ اسْتَعْفَيْنَاكَ لَمْ تُعْفِنَا، فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ يَا زُبَيْرُ! فَوَعِقَةٌ لَقِسٌ، مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ الْغَضَبِ، يَوْماً إِنْسَانٌ وَ يَوْماً شَيْطَانٌ، وَ لَعَلَّهَا لَوْ أَفْضَتْ إِلَيْكَ ظَلْتَ يَوْمَكَ تُلَاطِمُ بِالْبَطْحَاءِ عَلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ، فَإِنْ أَفْضَتْ إِلَيْكَ فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ يَكُونُ لِلنَّاسِ يَوْمَ تَكُونُ شَيْطَاناً، وَ مَنْ يَكُونُ يَوْمَ تَغْضَبُ إِمَاماً، وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْمَعَ لَكَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْتَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلْحَةَ وَ كَانَ لَهُ مُبْغِضاً مُنْذُ قَالَ لِأَبِي بِكْرٍ يَوْمَ وَفَاتِهِ: مَا قَالَ فِي عُمَرَ، وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَقَالَ لَهُ: أَقُولُ أَمْ أَسْكُتُ؟. قَالَ: قُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَقُولُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئاً. قَالَ: أَمَا إِنِّي أَعْرِفُكَ مُنْذُ أُصِيبَتْ إِصْبَعُكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَ الْبَأْوَ الَّذِي حَدَثَ لَكَ، وَ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ سَاخِطاً عَلَيْكَ(1) لِلْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتَهَا يَوْمَ أُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ-، وَ الْكَلِمَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ قَالَ طَلْحَةُ: مَا الَّذِي يُغْنِيهِ حِجَابُهُنَّ الْيَوْمَ وَ سَيَمُوتُ غَداً فَنَنْكِحُهُنَّ، كَذَا ذَكَرُهُ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ عَنْ شَيْخِهِ الْجَاحِظ.

***

ص: 224


1- السبزواري: وهذا يناقض قوله كان راضياً عن الستة، ولا يخفى إن كان هذا سبب سخط الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فکان ساخطاً على عثمان أيضاً. وهذا طعن عليه استفيد من كلام عمر.

باب (31) ما ورد في لعن بني أمية وبني العباس وكفرهم

البحار: ج13 ص 629

47 – مِنْ كِتَابِ الْمَلَاحِمِ، تَأْلِيفِ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَ دَخَلَ عَلَيْه مَرْوَانُ فِي حَوَائِجِهِ، فَقَالَ: اقْضِ حَوَائِجِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنِّي أَصْبَحْتُ أَبَا عَشَرَةٍ وَ أَخَا عَشَرَةٍ، وَ قَضَى حَوَائِجَهُ ثُمَّ خَرَجَ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَ هُوَ مَعَهُ عَلَى الزبير [السَّرِيرِ]-: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: إِذَا بَلَغَ بَنُو الْحَكَمِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ بَيْنَهُمْ دُوَلًا، وَ عِبَادَهُ خَوَلًا، وَ كِتَابَهُ دَخَلًا، فَإِذَا بَلَغُوا تسع [تِسْعاً] وَ تِسْعِينَ وَ أَرْبَعَمِائَةٍ كَانَ هَلَاكُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ أَوَّلِ تَمْرَةٍ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ إِنَّ مَرْوَانَ ذَكَرَ حَاجَةً لِمَا حَصَلَ فِي بَيْتِهِ فَوَجَّهَ ابْنَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَكَلَّمَهُ فِيهَا فَقَضَاهَا، فَلَمَّا أَدْبَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذَكَرَ هَذَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُو الْجَبَابِرَةِ الْأَرْبَعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ادَّعَى مُعَاوِيَةُ زِيَاداً.(1)

البحار: ج 31 ص 75 س13 (2)

***

ص: 225


1- السبزواري: هذا هو أحد الوجوه في ادعاء معاوية زيادا وأظن انه عليه اللعنة اعتذر بهذا عند العوام.
2- وكتب في نهاية باب (ما ورد في جميع الغاصبين والمرتدّين مجملاً): بسم اللّه الرحمن الرحيم، إلى هنا وفقت لمطالعة الكتاب، الأحقر عبد الأعلى الموسوي سنة 1392ه-.

أبواب ما جرى بعد قتل عثمان من الفتن والوقائع والحروب وغيرها

باب (1) باب بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وما جرى بعدها من نكث الناكثين إلى غزوة الجمل

البحار: ج13 ص663

7- وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ النَّهْجِ نَقْلًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِيِ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَتِ الصَّحَابَةُ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي أَمْرِ الْإِمَامَةِ أَشَارَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ وَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ وَ مَالِكُ بْنُ الْعَجْلَانِ وَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِعَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ ذَكَرُوا فَضْلَهُ وَ سَابِقَتَهُ وَ جِهَادَهُ وَ قَرَابَتَهُ فَأَجَابَهُمُ النَّاسُ إِلَيْهِ فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَطِيباً يَذْكُرُ فَضْلَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَمِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ خَاصَّةً وَ مِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ كَافَّةً ثُمَّ بُويِعَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ الْبَيْعَةِ وَ هُوَ يَوْمُ السَّبْتِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ مُحَمَّداً فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ذَكَرَ الدُّنْيَا فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ ذَكَرَ الْآخِرَةَ فَرَغَّبَهُمْ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) اسْتَخْلَفَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَعَمِلَ بِطَرِيقِهِ ثُمَّ جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ فَأَفْضَى الْأَمْرُ مِنْهُمْ إِلَى عُثْمَانَ فَعَمِلَ مَا أَنْكَرْتُمْ وَ عَرَفْتُمْ ثُمَّ حُصِرَ وَ قُتِلَ ثُمَّ جِئْتُمُونِي فَطَلَبْتُمْ إِلَيَّ وَ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ لِي مَا لَكُمْ وَ عَلَيَّ مَا عَلَيْكُمْ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ الْبَابَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ وَ لَا يَحْمِلُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا أَهْلُ الصَّبْرِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ بِمَوَاقِعِ الْأَمْرِ وَ إِنِّي حَامِلُكُمْ عَلَى مَنْهَجِ نَبِيِّكُمْ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مُنَفِّذٌ

ص: 226

فِيكُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ إِنِ استقتم [اسْتَقَمْتُمْ] لِي وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ أَلَا إِنَّ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَوْضِعِي مِنْهُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَ قِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ وَ لَا تَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ حَتَّى نُبَيِّنَهُ لَكُمْ فَإِنَّ لَنَا عَنْ كُلِّ أَمْرٍ مُنْكَرٍ تُنْكِرُونَهُ عُذْراً أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ مِنْ فَوْقِ سَمَائِهِ وَ عَرْشِهِ أَنِّي كُنْتُ كَارِهاً لِلْوَلَايَةِ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى اجْتَمَعَ رَأْيُكُمْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ أَيُّمَا وَالٍ وَلِيَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِي أُقِيمَ عَلَى حَدِّ الصِّرَاطِ وَ نَشَرَتِ الْمَلَائِكَةُ صَحِيفَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَادِلًا أَنْجَاهُ اللَّهُ بِعَدْلِهِ وَ إِنْ كَانَ جَائِراً انْتَقَضَ بِهِ الصِّرَاطُ حَتَّى تَتَزَايَلَ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى النَّارِ فَيَكُونُ أَوَّلُ مَا يَتَّقِيهَا بِهِ أَنْفَهُ وَ حُرَّ وَجْهِهِ وَ لَكِنِّي لَمَّا اجْتَمَعَ رَأْيُكُمْ لَمَا يَسَعُنِي تَرْكُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَمِيناً وَ شِمَالًا فَقَالَ أَلَا لَا يَقُولَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ غَداً قَدْ غَمَرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا الْخُيُولَ الْفَارِهَةَ وَ اتَّخَذُوا الْوَصَائِفَ الرُّوقَةَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَاراً وَ شَنَاراً إِذَا مَا مَنَعْتُهُمْ مَا كَانُوا يَخُوضُونَ فِيهِ وَ أَصَرْتُهُمْ إِلَى حُقُوقِهِمُ الَّتِي يَعْلَمُونَ فَيَنْقِمُونَ ذَلِكَ وَ يَسْتَنْكِرُونَ وَ يَقُولُونَ حَرَمَنَا ابْنُ أَبِي طَالِبٍ حُقُوقَنَا أَلَا وَ أَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَرَى أَنَّ الْفَضْلَ لَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ لِصُحْبَتِهِ فَإِنَّ لَهُ الْفَضْلَ النَّيِّرَ غَداً عِنْدَ اللَّهِ وَ ثَوَابُهُ وَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ أَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ فَصَدَّقَ مِلَّتَنَا وَ دَخَلَ فِي دِينِنَا وَ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ حُقُوقَ الْإِسْلَامِ وَ حُدُودَهُ فَأَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ وَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ يُقْسَمُ بَيْنَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا فَضْلَ فِيهِ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ وَ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللَّهِ غَداً أَحْسَنُ الْجَزَاءِ وَ أَفْضَلُ الثَّوَابِ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ الدُّنْيَا لِلْمُتَّقِينَ أَجْراً [جَزَاءً] وَ لَا ثَوَاباً «وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ» وَ إِذَا كَانَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَاغْدُوا عَلَيْنَا فَإِنَّ عِنْدَنَا مَالًا نَقْسِمُهُ فِيكُمْ وَ لَا يَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَرَبِيٌّ وَ لَا عَجَمِيٌّ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا حَضَرَ إِذَا كَانَ مُسْلِماً حُرّاً أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَ لَكُمْ ثُمَّ نَزَلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ كَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ

ص: 227

كَلَامِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَوْرَثَهُمُ الضِّغْنَ عَلَيْهِ وَ كَرِهُوا عَطَاءَهُ وَ قَسْمَهُ بِالسَّوِيَّة.(1)

البحار: ج13 ص673 س 17

جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ عَلِيٌ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَاءَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ(2) فَقَالَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ قَدْ وَلَّاهُ الشَّامَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَوَلِّهِ أَنْتَ كَيْمَا تَتَّسِقَ عُرَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ اعْزِلْهُ إِنْ بَدَا لَكَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ تَضْمَنُ لِي عُمُرِي يَا مُغِيرَةُ فِيمَا بَيْنَ تَوْلِيَتِهِ إِلَى خَلْعِهِ قَالَ لَا قَالَ لَا يَسْأَلُنِيَ اللَّهُ عَنْ تَوْلِيَتِهِ عَلَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَيْلَةً سَوْدَاءَ أَبَداً «وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» الْخَبَرَ.

البحار: ج13 ص693 س14

وَ قَامَ الْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ يَحُضُّهُ عَلَى أَهْلِ الْوُقُوفِ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَتَّى شَكَاهُ وَ كَانَ مِنْ رَأْيِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ لَا يَذْكُرَهُمْ بِشَيْ ءٍ فَقَالَ الْأَشْتَرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا وَ إِنْ لَمْ نَكُنْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنَّا فِيهِمْ وَ هَذِهِ بَيْعَةٌ عَامَّةٌ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا عَاصٍ وَ الْمُبْطِئُ عَنْهَا مُقَصِّرٌ وَ إِنَّ أَدَبَهُمُ الْيَوْمَ بِاللِّسَانِ وَ غَداً بِالسَّيْفِ وَ مَا مَنْ ثَقُلَ عَنْكَ كَمَنْ خَفَّ مَعَكَ وَ إِنَّمَا أَرَادَكَ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ فَأَرِدْهُمْ لِنَفْسِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا

ص: 228


1- أقول: هذا هو العمدة في شقاق الناس ورغبتهم عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهو (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان بين طرفي النقيض إن وسع الناس بالمال وفضّل بعضهم على بعض، فهل قتل عثمان إلّا بذلك وهل هناك سبب مهم الاختلال خلافته إّلا ذلك ولو سوی بینهم وهو الواجب عليه شرعاً وسياسته يورث النفاق والشقاق فهو (عَلَيهِ السَّلَامُ) عالم حکیم سیّس مدبّر عالم بسياسة الرعية ولكن زمان خلافته لا يتحمله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولو كانت خلافته الظاهرية في زمان أبي بكر أو عمر لعلم كل أحد أنه قطب السياسة والرياسة. السبزواری.
2- المغيرة أحد المعاندين لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهذا الجواب منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مداراة للمغيرة وإلّا فهل نقموا القوم العثمان إلّا الاستخلاف مثل معاوية والمغيرة فهو (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع أن تكليفه الشرعي يقتضي عدم استخلاف مثل المغيرة ومعاوية كذلك سياسته الملكية فتدبّر تعرف. السبزواري.

مَالِكُ دَعْنِي وَ أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَ رَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ مَنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ ثُمَّ نَكَثَ بَيْعَتَهُ أَ كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَ قِتَالَهُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ وَ كَيْفَ تَحَرَّجُونَ مِنَ الْقِتَالِ مَعِي وَ قَدْ بَايَعْتُمُونِي قَالُوا إِنَّا لَا نَزْعُمُ أَنَّكَ مُخْطِئٌ وَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ قِتَالُ مَنْ بَايَعَكَ ثُمَّ نَكَثَ بَيْعَتَكَ وَ لَكِنْ نَشُكُّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الْأَشْتَرُ دَعْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُوقِعْ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْكَ فَقَالَ لَهُ كُفَّ عَنِّي فَانْصَرَفَ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ مُغْضَبٌ ثُمَّ إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ لَقِيَ مَالِكاً الْأَشْتَرَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ قَيْسٌ لِلْأَشْتَرِ يَا مَالِكُ كُلَّمَا ضَاقَ صَدْرُكَ بِشَيْ ءٍ أَخْرَجْتَهُ وَ كُلَّمَا اسْتَبْطَأْتَ أَمْراً اسْتَعْجَلْتَهُ إِنَّ أَدَبَ الصَّبْرِ التَّسْلِيمُ وَ أَدَبَ الْعَجَلَةِ الْأَنَاةُ وَ إِنَّ شَرَّ الْقَوْلِ مَا ضَاهَى الْعَيْبَ وَ شَرَّ الرَّأْيِ مَا ضَاهَى التُّهَمَةَ فَإِذَا ابْتُلِيتَ فَاسْأَلْ وَ إِذَا أُمِرْتَ فَأَطِعْ وَ لَا تَسْأَلْ قَبْلَ الْبَلَاءِ وَ لَا تَكَلَّفْ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْأَمْرُ فَإِنَّ فِي أَنْفُسِنَا مَا فِي نَفْسِكَ فَلَا تَشُقَّ عَلَى صَاحِبِكَ فَغَضِبَ الْأَشْتَرُ ثُمَّ إِنَّ الْأَنْصَارَ مَشَوْا إِلَى الْأَشْتَرِ فِي ذَلِكَ فَرَضَّوْهُ مِنْ غَضَبِهِ فَرَضِيَ فَلَمَّا هَمَّ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِالشُّخُوصِ قَامَ أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ صَاحِبُ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَقَمْتَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهَا مُهَاجَرُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ بِهَا قَبْرُهُ وَ مِنْبَرُهُ فَإِنِ اسْتَقَامَتْ لَكَ الْعَرَبُ كُنْتَ كَمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ إِنْ وُكِلْتَ إِلَى الْمَسِيرِ فَقَدْ أَعْذَرْتَ فَأَجَابَهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِعُذْرِهِ فِي الْمَسِيرِ(1) ثُمَّ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ تَوَجُّهَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ إِلَى الْبَصْرَةِ

ص: 229


1- أقول: ما أجاب به (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رأي من التمس منه القعود في المدينة وإرسال الجنود إلى الناكثين، بل صرح بنفسه مع انه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر عمر بذلك في وقعة القادسية وحق له (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ لا يجيب بل وجب عليه الخروج بنفسه لوجوه: إن الحرب في زمان عمر كانت بين المسلمين والكفار فلو صار خليفة المسلمين قتيل الكفار فهذا شر هزيمة للمسلمين لا يسده شيء بخلاف ما إذا خليفة المسلمين قتيل المسلمين. لو لم يخرج بنفسه لغلب طلحة والزبير على العراق لان جلّ أشراف العراق وذوي رأيهم كانوا مائلين عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما لا يخفى على من قابل التواريخ والسير. لو لم يخرج بنفسه لطمع معاوية في العراق بل كان يضمه إلى الشام بمكره و حيله وحينئذ يصير أصعب واشد. إلى غير ذلك من الوجوه التي يعرفها البصير بالسيَر فتبصّر. السبزواري.

وَ تَمَكَّثَ حَتَّى عَظُمَ جَيْشُهُ وَ أَغَذَّ السَّيْرَ فِي طَلَبِهِمْ فَجَعَلُوا لَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَّا نَزَلَهُ حَتَّى نَزَلَ بِذِي قَارٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَحْزُنُنِي أَنْ أَدْخُلَ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي قِلَّةِ مَنْ مَعِي فَأَرْسَلَ إِلَى الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِما السَّلَامُ) وَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ كِتَابا.

البحار: ج13 ص 712

6- أَبِي عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ ضُرَيْسٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ»(1) قَالَ نَزَلَتْ فِي طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ وَ الْجَمَلُ جَمَلُهُمْ.

***

باب (2) باب احتجاج أمّ سلمة على عائشة ومنعها من الخروج

البحار: ج13 ص 738

127 – مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُقْبَةَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي الْأَخْنَسِ الأرجي قَالَ: لَمَّا أَرَادَتْ عَائِشَةُ الْخُرُوجَ إِلَى الْبَصْرَةِ كَتَبَتْ إِلَيْهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ

ص: 230


1- لعلّ المعنى لن يدخل الجنة حتّى يدخل الجمل الذي أتوا به في ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) التي هي في غاية الضيق عليهم. السبزواري.

عَلَيْهَا زَوْجَةُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ سُدَّةٌ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَيْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ الْمَضْرُوبُ عَلَى حُرْمَتِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَيْلَكِ فَلَا تَنْدَحِيهِ وَ سَكَّنَ عُقَيْرَاكِ فَلَا تُصْحِرِيهَا اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَانَكِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْهَدَ إِلَيْكِ لَفَعَلَ وَ قَدْ عَهِدَ فَاحْفَظِي مَا عَهِدَ وَ لَا تُخَالِفِي فَيُخَالَفَ بِكِ وَ اذْكُرِي قَوْلَهُ فِي نُبَاحِ كِلَابِ الْحَوْأَبِ وَ قَوْلَهُ مَا لِلنِّسَاءِ وَ الْغَزْوِ وَ قَوْلَهُ انْظُرِي يَا حُمَيْرَاءُ أَنْ لَا تَكُونِي أَنْتِ عُلْتِ بَلْ قَدْ نَهَاكِ عَنِ الْفُرْطَةِ فِي الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الْإِسْلَامِ لَنْ يُثْأَبَ بِالنِّسَاءِ إِنْ مَالَ وَ لَنْ يُرْأَبَ بِهِنَّ إِنْ صَدَعَ حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَبْصَارِ وَ خَفَرُ الْأَعْرَاضِ وَ قِصَرُ الْوَهَازَةِ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَارَضَكِ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ نَاصَّةً قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى آخَرَ إِنَّ بِعَيْنِ اللَّهِ مَهْوَاكِ وَ عَلَى رَسُولِهِ تَرِدِينَ وَ قَدْ وَجَّهْتِ سِدَافَتَهُ وَ تَرَكْتِ عُهَيْدَاهُ لَوْ سِرْتُ مَسِيرَكِ هَذَا ثُمَّ قِيلَ لِيَ ادْخُلِي الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ هَاتِكَةً حِجَاباً قَدْ ضَرَبَهُ عَلَيَّ فَاتَّقِي اللَّهَ وَ اجْعَلِي حِصْنَكِ بَيْتَكِ وَ رِبَاعَةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ حَتَّى تَلْقَيْهِ وَ أَنْتِ عَلَى تِلْكِ الْحَالِ أَطْوَعَ مَا تَكُونِينَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِهِ وَ أَنْصَرَ مَا تَكُونِينَ لِلدِّينِ مَا جَلَسْتِ عَنْهُ لَوْ ذَكَّرْتُكِ بِقَوْلٍ تَعْرِفِينَهُ لَنَهَشْتِ نَهْشَ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا أَقْبَلَنِي لِوَعْظِكِ وَ مَا أَعْرَفَنِي بِنُصْحِكِ وَ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَظُنِّينَ وَ لَنِعْمَ الْمَسِيرُ مَسِيراً فَزِعَتْ إِلَيَّ فِيهِ فِئَتَانِ مُتَشَاجِرَتَانِ إِنْ أَقْعُدْ فَفِي غَيْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَنْهَضْ فَإِلَى مَا لَا بُدَّ مِنَ الِازْدِيَادِ مِنْهُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ

لَوْ كَانَ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةٍ أَحَدٌ *** كَانَتْ لِعَائِشَةَ الْعُتْبَى عَلَى النَّاسِ

كَمْ سُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ دَارِسَةٌ- *** وَ تِلْوِ آيٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٌ

قَدْ يَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ عُقُولَهُمْ *** حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَقْضِي عَلَى الرَّأْسِ

ثم قال رحمه الله تفسيره قولها رحمة الله عليها إنك سدة بين رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أي إنك باب بينه و بين أمته فمتى أصيب ذلك الباب بشي ء فقد دخل على رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حريمه و حوزته فاستبيح ما حماه فلا تكوني

ص: 231

أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك فتحوجي الناس إلى أن يفعلوا مثل ذلك. و قولها فلا تندحيه أي لا تفتحيه فتوسعيه بالحركة و الخروج يقال ندحت الشي ء إذا أوسعته و منه يقال أنا في مندوحة عن كذا أي في سعة. و تريد بقولها قد جمع القرآن ذيلك قول الله عز و جل «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى» و قولها و سكن عقيراك من عقر الدار و هو أصلها و أهل الحجاز يضمون العين و أهل نجد يفتحونها فكانت عقيرا اسم مبني من ذاك على التصغير و مثله مما جاء مصغرا الثريا و الحميا و هي سورة الشراب و لم يسمع بعقيرا إلا في هذا الحديث. و قولها فلا تصحريها أي لا تبرزيها و تباعديها و تجعليها بالصحراء يقال أصحرنا إذا أتينا الصحراء كما يقال أنجدنا إذا أتينا نجدا. و قولها علت أي ملت إلى غير الحق و العول الميل عن الشي ء و الجور قال الله عز و جل ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا يقال عال يعول إذا جار. و قولها بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد أي عن التقدم و السبق في البلاد لأن الفرطة اسم في الخروج و التقدم مثل غُرفة و غَرفة يقال في فلان فرطة أي تقدم و سبق يقال فرطته في الماء أي سبقته. و قولها إن عمود الإسلام لن يثأب بالنساء إن مال أي لا يرد بهن إلى استوائه يقال ثبت إلى كذا أي عدت إليه. و قولها لن يرأب بهن إن صدع أي لا يسد بهن يقال رأبت الصدع لأمته فانضم.

و قولها حماديات النساء هي جمع حمادى يقال قصاراك أن تفعل ذلك و حماداك كأنها تقول جهدك و غايتك و قولها غض الأبصار معروف. و قولها و خفر الأعراض الأعراض جماعة العرض و هو الجسد. و الخفر الحياء أرادت أن محمدة النساء في غض الأبصار و في الستر للخفر الذي هو الحياء و قصر الوهازة و هو الخطو تعني بها أن تقل خطوهن. و قولها ناصة قلوصا من منهل إلى آخر أي رافعة لها في السير و النص سير

ص: 232

مرفوع و منه يقال نصصت الحديث إلى فلان إذا رفعه إليه و منه الحديث كان رسول الله يسير العنق فإذا وجد فجوة نص يعني زاد في السير. و قولها إن بعين الله مهواك يعني مرادك لا يخفى على الله. و قولها و على رسول الله تردين أي لا تفعلي فتخجلي من فعلك و قد وجهت سدافته أي هتكت الستر لأن السدافة الحجاب و الستر و هو اسم مبني من أسدف الليل إذا ستر بظلمته و يجوز أن يكون أرادت من قولها وجهت سدافته يعني أزلتيها من مكانها الذي أمرت أن تلزميه و جعلتها أمامك. و قولها و تركت عهيداه تعني بالعهيدة الذي تعاهده و يعاهدك و يدل على ذلك قولها لو قيل لي ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هاتكة حجابا قد ضربه علي و قولها اجعلي حصنك بيتك و رباعة الستر قبرك فالربع المنزل و رباعة الستر ما وراء الستر تعني اجعلي ما وراء الستر من المنزل قبرك و هذا معنى ما يروى و وقاعة الستر قبرك هكذا رواه القتيبي و ذكر أن معناه و وقاعة الستر موقعه من الأرض إذا أرسلت و في رواية القتيبي لو ذكرت قولا تعرفينه نهستني نهس الرقشاء المطرق فذكر أن الرقشاء سميت بذلك لرقش في ظهرها و هي النقط. و قال غير القتيبي الرقشاء من الأفاعي التي في لونها سواد و كدورة قال و المطرق المسترخى جفون العين. توضيح كلامها رضي الله عنها مع عائشة متواتر المعنى رواه الخاصة و العامة بأسانيد جمة و فسروا ألفاظه في كتب اللغة و رواه ابن أبي الحديد في شرح المختار من النهج و شرحه و قال ذكره ابن قتيبة في غريب الحديث. (1)

***

ص: 233


1- وكذا في كتابه الامامة والسياسة. السبزواري.

باب (4) احتجاجه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أهل البصرة وغيرهم بعد انقضاء الحرب وخطبه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند ذلك

البحار: ج13 ص 780

170 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ قِتَالِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَضَعَ قَتَباً عَلَى قَتَبٍ ثُمَّ صَعِدَ عَلَيْهِ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ يَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ يَا أَهْلَ الدَّاءِ الْعُضَالِ يَا أَتْبَاعَ الْبَهِيمَةِ يَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَرَبْتُمْ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ وَ دِينُكُمْ نِفَاقٌ وَ أَحْلَامُكُمْ دِقَاقٌ ثُمَّ نَزَلَ يَمْشِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَمَشَيْنَا مَعَهُ فَمَرَّ بِالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ(1) وَ هُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ يَا حَسَنُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ أُنَاساً يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ يُصَلُّونَ الْخَمْسَ وَ يُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ فَقَالَ

ص: 234


1- الحسن بن أبي الحسن البصري وكانت أمّه من خيرة موالي أمّ سلمة زوج النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)؛ قيل كانت (رضي الله عنها) تسكت الحسن حين يبكي فتلقمه ثديها فيدر عليه من لبنها، فما كان في الحسن من الفهم والحكمة من اثر لبن أم سلمة. بلغ الحسن من العمر تسعا وثمانين سنة يقول طورا بالعدل و طورا بالقدر وطورا بالجبر فقد نقل عن تلميذه ابن أبي العوجاء عندما سئل: لم ترکت مذهب صاحبك الحسن ودخلت فيما لا أصل فيه فأجاب بأنّ صاحبي کان مخلطاً يقول تارة بكذا وأخرى بكذا ثمّ انه قد تسالم أصحابنا على ذمه، ولكن قيل انه تاب آخر عمره. وفي شرح ابن أبي الحديد انه كان ممّن يخذل عن نصرة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وإن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) رآه وهو يتوضأ وكان ذا وسوسة فصب على أعضائه ماءً كثيراً فقال له أرقت ماءً كثيراً یا حسن فقال ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو ساءك ذلك قال نعم قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لازلت سوءً. فما زال الحسن عابساً قاطباً مهموماً إلى أن مات. وذم الرجل من طرقنا متواتر، نعم إن ثبتت توبته، فخبرها يكون مقدماً على جميع ذلك. فتفحص حتّى تعلم أن ناقل خبر التوبة لم تثبت وثاقته. السبزواري.

لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَدْ كَانَ مَا رَأَيْتَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُعِينَ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ خَرَجْتُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فَاغْتَسَلْتُ وَ تَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَيَّ سِلَاحِي وَ أَنَا لَا أَشُكُّ فِي أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَيْبَةِ نَادَى مُنَادٍ يَا حَسَنُ ارْجِعْ فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِي النَّارِ فَرَجَعْتُ ذَعِراً وَ جَلَسْتُ فِي بَيْتِي فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي لَمْ أَشُكَّ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَتَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَيَّ سِلَاحِي وَ خَرَجْتُ أُرِيدُ الْقِتَالَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَيْبَةِ فَنَادَانِي مُنَادٍ مِنْ خَلْفِي يَا حَسَنُ إِلَى أَيْنَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِي النَّارِ قَالَ عَلِيٌّ صَدَقْتَ أَ فَتَدْرِي مَنْ ذَاكَ الْمُنَادِي قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ أَخُوكَ إِبْلِيسُ وَ صَدَقَكَ أَنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ مِنْهُمْ فِي النَّارِ فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الْآنَ عَرَفْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْقَوْمَ هَلْكَى.

***

باب (8) باب حكم من حارب عليّاً أمير المؤمنين صلوات الله عليه

البحار: ج13 ص 832(1)

304-306- وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ النَّهْجِ رَوَى نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْأَرْقَمِ عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ

ص: 235


1- كتب قدّس سرّه في نهاية المجلد الثامن من الطبعة الحجريّة ما نصّه: بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي وفقني لمطالعة هذا الكتاب المستطاب من أوّله إلى آخره في النجف الأشرف وكان إتمامه في يوم الأربعاء من شهر ج 1 من شهور سنة 1362. وأنا الأحقر عبد الأعلى الموسوي السبزواري

عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَظَرَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ أَعْوَاناً رَجَعُوا إِلَى عَدَاوَتِهِمْ لَنَا إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا الصَّلَاةَ. (1)

***

ص: 236


1- هذا الخبر مروي من طرقنا أيضاً. السبزواري.

ص: 237

التعليقات علی بحار الأنوار والمشتمل على الأجزاء 15، 16، 17 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 238

ص: 239

أبواب النصوص على أمير المؤمنين والنصوص على الأئمّة الاثني عشر (عَلَيهِمُ السَّلَامُ)

باب (40) نصوص اللّه عليهم من خبر اللوح والخواتيم وما نص به عليهم في الكتب السالفة وغيرها

البحار: ج1 ص 409

2 – الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ صَدَقَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ الْوَفَاةِ دَعَا بِابْنِهِ الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِيَعْهَدَ إِلَيْهِ عَهْداً فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ لَوِ امْتَثَلْتَ فِيَّ بِمِثَالِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ لَرَجَوْتُ أَنْ لَا تَكُونَ أَتَيْتَ مُنْكَراً فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْحُسَيْنِ إِنَّ الْأَمَانَاتِ لَيْسَتْ بِالْمِثَالِ وَ لَا الْعُهُودُ بِالرُّسُومِ وَ إِنَّمَا هِيَ أُمُورٌ سَابِقَةٌ عَنْ حُجَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ دَعَا بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ يَا جَابِرُ حَدِّثْنَا بِمَا عَايَنْتَ مِنَ الصَّحِيفَةِ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ نَعَمْ يَا بَا جَعْفَرٍ دَخَلْتُ إِلَى مَوْلَاتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِأُهَنِّئَهَا بِمَوْلِدِ الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِذَا بِيَدِهَا صَحِيفَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ دُرَّةٍ فَقُلْتُ يَا سَيِّدَةَ النِّسْوَانِ مَا هَذِهِ الصَّحِيفَةُ الَّتِي أَرَاهَا مَعَكَ قَالَتْ فِيهَا أَسْمَاءُ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِي قُلْتُ لَهَا نَاوِلِينِي لِأَنْظُرَ فِيهَا قَالَتْ يَا جَابِرُ لَوْ لَا النَّهْيُ لَكُنْتُ أَفْعَلُ لَكِنَّهُ قَدْ نَهَى أَنْ يَمَسَّهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ أَوْ أَهْلُ بَيْتِ نَبِيٍّ وَ لَكِنَّهُ مَأْذُونٌ لَكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى بَاطِنِهَا مِنْ ظَاهِرِهَا قَالَ جَابِرٌ فَقَرَأْتُ فَإِذَا- أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُصْطَفَى أُمُّهُ آمِنَةُ- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْمُرْتَضَى أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو

ص: 240

مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَرُّ- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّقِيُّ- أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ- أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَدْلُ أُمُّهُ شَهْرَبَانُوَيْهِ بِنْتُ يَزْدَجَرْدَ- أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ أُمُّهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ أُمُّهُ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ- أَبُو إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا حَمِيدَةُ- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا أُمُّهُ جَارِيَةٌ وَ اسْمُهَا نَجْمَةُ- أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّكِيُّ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا خَيْزُرَانُ- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَمِينُ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا سَوْسَنُ- أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّقِيقُ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا سُمَانَةُ وَ تُكَنَّى أُمَّ الْحَسَنِ- أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هُوَ حُجَّةُ اللَّهِ الْقَائِمُ أُمُّهُ جَارِيَةٌ اسْمُهَا نَرْجِسُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.(1)

البحار: ج15 ص419

10– عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدِيجِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: الْوَصِيَّةُ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كِتَاباً مَخْتُوماً وَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كِتَابٌ مَخْتُومٌ إِلَّا الْوَصِيَّةُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ وَصِيَّتُكَ فِي أُمَّتِكَ إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَيُّ أَهْلِ بَيْتِي يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ نَجِيبُ اللَّهِ مِنْهُمْ وَ ذُرِّيَّتُهُ لِيَرِثَكَ عِلْمَ النُّبُوَّةِ كَمَا وَرِثَهُ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمُ وَ كَانَتْ عَلَيْهَا

ص: 241


1- أقول: ليست الإمامة إلّا كالنبوّة لا ينالها إلّا من ارتضاه لاتصافه بتمام الكمالات النفسانية، والأخلاق القدسية، وكونه ذا نفس ملكوتية واقتدار إلهي يظهر منه الكرامات والمعجزات و خوارق العادات، وهي نصوص صريحة على إمامته، و آیات واضحة على ولايته يكشف عند ذوي الفكر والاعتبار، وتنصيص النبيّ ليس إلّا لخفافيش الأبصار، ومن لم يجعل اللّه لهم من نور، ومع التنصيص خبثهم الباطني يؤدي إلى المخالفة والعناد والطغيان والإلحاد، والتنصيص لا يزيدهم إلّا ضلالة و غواية. السبزواري.

الْخَوَاتِيمُ فَفَتَحَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الْأَوَّلَ وَ مَضَى إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ فِيهِ: ثُمَّ فَتَحَ الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الثَّانِيَ وَ مَضَى إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ فَتَحَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الثَّالِثَ فَوَجَدَ فِيهِ أَنْ قَاتِلْ وَ اقْتُلْ وَ تَقَتَّلْ وَ اخْرُجْ بِقَوْمٍ لِلشَّهَادَةِ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ إِلَّا مَعَكَ فَفَعَلَ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليهما السّلام) وَ مَضَى فَفَتَحَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) الْخَاتَمَ الرَّابِعَ فَوَجَدَ فِيهِ أَنْ أَطْرِقْ وَ اصْمُتْ لَمَّا حُجِبَ الْعِلْمُ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِما السَّلَامُ) فَفَتَحَ الْخَاتَمَ الْخَامِسَ فَوَجَدَ فِيهِ أَنْ فَسِّرْ كِتَابَ اللَّهِ وَ صَدِّقْ أَبَاكَ وَ وَرِّثِ ابْنَكَ الْعِلْمَ وَ اصْطَنِعِ الْأُمَّةَ وَ قُلِ الْحَقَّ فِي الْخَوْفِ وَ الْأَمْنِ وَ لَا تَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَفَعَلَ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ كَثِيرٍ فَقُلْتُ لَهُ وَ أَنْتَ هُوَ فَقَالَ مَا بِكَ فِي هَذَا إِلَّا أَنْ تَذْهَبَ يَا مُعَاذُ فَتَرْوِيَهُ عَنِّي نَعَمْ أَنَا هُوَ حَتَّى عَدَّدَ عَلَيَّ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً ثُمَّ سَكَتَ فَقُلْتُ ثُمَّ مَنْ فَقَالَ حَسْبُك.(1)

***

باب (41) نصوص الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ)

البحار: ج 15 ص 491

182- أَبُو الْمُفَضَّلِ وَ الْمُعَافَا بْنُ زَكَرِيَّا وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا مَشِيخَتُنَا وَ عُلَمَاؤُنَا عَنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالُوا لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجَمَلِ خَرَجَ عَلِيُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ قَدْ أَحَاطَتْ بِالْهَوْدَجِ بَنُو ضَبَّةَ فَنَادَى أَيْنَ طَلْحَةُ وَ أَيْنَ الزُّبَيْرُ فَبَرَزَ لَهُ الزُّبَيْرُ فَخَرَجَا حَتَّى الْتَقَيَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ يَا زُبَيْرُ مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى هَذَا قَالَ الطَّلَبُ بِدَمِ عُثْمَانَ قَالَ- قَاتَلَ اللَّهُ أَوْلَانَا بِدَمِ عُثْمَانَ أَ مَا تَذْكُرُ يَوْماً كُنَّا فِي بَنِي

ص: 242


1- هذا الخبر صريح فيما قلناه سابقاً من أن الإمامة عهد من اللّه معهودة وكذلك روايات أخر تمرّ عليك، فتفحص وتأمّل. السبزواري.

بَيَاضَةَ فَاسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَ هُوَ مُتَّكٍ عَلَيْكَ فَضَحِكْتُ إِلَيْكَ وَ ضَحِكْتَ إِلَيَّ فَقُلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلِيّاً لَا يَتْرُكُ زَهْوَهُ فَقَالَ مَا بِهِ زَهْوٌ وَ لَكِنَّكَ لَتُقَاتِلُهُ يَوْماً وَ أَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ كَيْفَ أَرْجِعُ الْآنَ إِنَّهُ لَهُوَ الْعَارُ قَالَ ارْجِعْ بِالْعَارِ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيْكَ الْعَارُ وَ النَّارُ قَالَ كَيْفَ أَدْخُلُ النَّارَ وَ قَدْ شَهِدَ لِي رَسُولُ اللَّهِ بِالْجَنَّةِ قَالَ مَتَى قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي خِلَافَتِهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ عَشَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ(1) قَالَ وَ مَنِ الْعَشَرَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ أَنَا وَ طَلْحَةُ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً قَالَ فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالَ أَنْتَ قَالَ أَمَّا أَنْتَ شَهِدْتَ لِي بِالْجَنَّةِ وَ أَمَّا أَنَا فَلَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ مِنَ الْجَاحِدِينَ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ إِنَّ سَبْعَةً مِمَّنْ ذَكَرْتَهُمْ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ الْجَحِيمِ عَلَى ذَلِكَ التَّابُوتِ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَذَابَ أَهْلِ الْجَحِيمِ رُفِعَتْ تِلْكَ الصَّخْرَةُ قَالَ فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ وَ هُوَ يَقُولُ:

نَادَى عَلِيٌّ بِأَمْرٍ لَسْتُ أَجْهَلُهُ *** قَدْ كَانَ عَمْرَ أَبِيكَ الْحَقَّ مُذْ حِينٍ

فَقُلْتُ حَسْبُكَ مِنْ لُؤْمِي أَبَا حَسَنٍ *** فَبَعْضُ مَا قُلْتَهُ الْيَوْمَ يَكْفِينِي

اخْتَرْتُ عَاراً عَلَى نَارٍ مُؤَجَّجَةٍ *** أَنَّى يَقُومُ بِهَا خَلْقٌ مِنَ الطِّينِ

البحار: ج 15 ص 506

219 – بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَلِيُّ إِنَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَهَبَ لَكَ حُبَ الْمَسَاكِينِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ فَرَضِيتَ بِهِمْ إِخْوَاناً وَ رَضُوا بِكَ إِمَاماً فَطُوبَى لَكَ وَ لِمَنْ أَحَبَّكَ وَ صَدَّقَ فِيكَ وَ وَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَ كَذَّبَ عَلَيْكَ يَا عَلِيُّ أَنَا الْمَدِينَةُ وَ أَنْتَ بَابُهَا وَ مَا تُؤْتَى الْمَدِينَةُ إِلَّا مِنْ بَابِهَا يَا عَلِيُّ أَهْلُ مَوَدَّتِكَ كُلُّ أَوَّابٍ

ص: 243


1- في العشرة المبشرة بالجنة، وأن سبعة منهم في النار، فالخبر المعروف بين العامة مجعول. السبزواري.

حَفِيظٍ وَ أَهْلُ وَلَايَتِكَ كُلُّ أَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ(1) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ يَا عَلِيُّ إِخْوَانُكَ فِي أَرْبَعَةِ أَمَاكِنَ فَرِحُونَ عِنْدَ خُرُوجِ أَنْفُسِهِمْ وَ أَنَا وَ أَنْتَ شَاهِدُهُمْ وَ عِنْدَ الْمُسَاءَلَةِ فِي قُبُورِهِمْ وَ عِنْدَ الْعَرْضِ وَ عِنْدَ الصِّرَاطِ يَا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِي وَ حَرْبِي حَرْبُ اللَّهِ مَنْ سَالَمَكَ فَقَدْ سَالَمَنِي وَ مَنْ سَالَمَنِي فَقَدْ سَالَمَ اللَّهَ يَا عَلِيُّ بَشِّرْ شِيعَتَكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَ رَضُوا بِكَ لَهُمْ قَائِداً وَ رَضُوا بِكَ وَلِيّاً يَا عَلِيُّ أَنْتَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ أَنْتَ أَبُو سِبْطَيَّ وَ أَبُو الْأَئِمَّةِ التِّسْعَةِ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ وَ مِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَا عَلِيُّ شِيعَتُكَ الْمُنْتَجَبُونَ وَ لَوْ لَا أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ مَا قَامَ لِلَّهِ دِين.

***

باب (49) نادر في ذكر مذاهب الذين خالفوا الفرقة المحقة في القول بالأئمّة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم

البحار: ج 10 ص 56212 س 16

فأما الرواية عن أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قوله ما بدا للّه في شي ء كما بدا له في إسماعيل فإنّها على غير ما توهموه أيضاً من البداء في الإمامة و إنما معناها مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَتَبَ الْقَتْلَ عَلَى ابْنِي إِسْمَاعِيلَ مَرَّتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ فِيهِ فَرَقاً فَمَا بَدَا لَهُ فِي شَيْ ءٍ كَمَا بَدَا لَهُ فِي إِسْمَاعِيلَ. يعني به ما ذكره من القتل الذي كان مكتوبا فصرفه عنه بمسألة أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأما الإمامة فإنه لا يوصف اللّه عزّ وجلّ بالبداء فيها و على ذلك إجماع فقهاء الإمامية و معهم فيه أثر عنهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) أنهم قالوا مهما بدا للّه في شي ء فلا يبدو له في نقل نبي عن نبوّته و لا إمام عن إمامته و لا

ص: 244


1- الطمر هو الثوب الخلق، الكساء البالي. السبزواري.

مؤمن قد أخذ عهده بالإيمان عن إيمانه و إذا كان الأمر على ما ذكرناه فقد بطل أيضا هذا الفصل الذي اعتمدوه و جعلوه دلالة على نص أبي عبد الله (عَلَيهِ السَّلَامُ) على إسماعيل. (1)

***

باب (61) جوامع الأخبار الدالة على إمامته من طرق الخاصة والعامة

البحار: ج16 من ص 69 إلى ص 125

(مجمل القول فيما ورد في جوامع الأخبار الدالّة على إمامته من طرق الخاصة والعامة). (2)

ص: 245


1- أقول: فما يظهر من البداء في الإمامة من بعض الروايات والزيارات لا بد من أن يُؤل كما لا يخفى. السبزواري.
2- أقول: هذا يناسب الأنظار الظاهرية، والسياسات الشخصية الاجتماعية، ولكن لباب الحق بعد رفض القشر يقتضي نوعاً آخر من الكلام، وهو أنه ليس المقصود من النبوّة إلّا دعوة الناس إلى التوحيد والإخلاص فلا همة للنبيّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلّا نشر التوحيد والإخلاص، فتارة ينشرهما بألفاظ دالة عليهما ككلمة التوحید و سورة الإخلاص، وسائر الآيات الدالة عليهما، وأخرى ينشرهما بمن لسان حاله يفصح عنهما ويبينهما حق البيان. وهذا القسم يكون أبلغ وأبين في الدعوة لذوي البصائر، وهو ليس إلّا النفس الناطقة البشرية البالغة في جانبي العلم والعمل قُصيّا درجات الاستكمال بحسب أقصى مراتب العقل المستفاد، ولذا قال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): (مثل علي ابن أبي طالب فيكم مثل قل هو اللّه أحد في القرآن) فإظهار شئون علي ابن أبي طالب ليس إلّا نشر التوحيد والإخلاص بوجه أبلغ، ولو ضيع النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذكر علي ابن أبي طالب وأهمله لما بلغ الرسالة، فتدبّر - إن كنت من أهله - السبزواري.

باب (62) نادر فيما امتحن اللّه به امیر المؤمنين صلوات اللّه عليه في حياة النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبعد وفاته

البحار : ج 16 ص 125 - 136

1- أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الرَّائِدِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: أَتَى رَأْسُ الْيَهُودِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ وَقْعَةِ النَّهْرَوَانِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَشْيَاءَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ قَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ يَا أَخَا الْيَهُودِ قَالَ إِنَّا نَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا بَعَثَ نَبِيّاً أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِ أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْ يَعْهَدَ إِلَيْهِمْ فِيهِ عَهْداً يُحْتَذَى عَلَيْهِ وَ يُعْمَلُ بِهِ فِي أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَمْتَحِنُ الْأَوْصِيَاءَ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ وَ يَمْتَحِنُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ فَأَخْبِرْنِي كَمْ يَمْتَحِنُ اللَّهُ الْأَوْصِيَاءَ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ وَ كَمْ يَمْتَحِنُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ مِنْ مَرَّةٍ وَ إِلَى مَا يَصِيرُ آخِرُ أَمْرِ الْأَوْصِيَاءِ إِذَا رَضِيَ مِحْنَتَهُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى لَئِنْ أَخْبَرْتُكَ بِحَقٍّ عَمَّا تَسْأَلُ عَنْهُ لَتُقِرَّنَّ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى لَئِنْ أَجَبْتُكَ لَتُسْلِمَنَّ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَمْتَحِنُ الْأَوْصِيَاءَ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ لِيَبْتَلِيَ طَاعَتَهُمْ فَإِذَا رَضِيَ طَاعَتَهُمْ وَ مِحْنَتَهُمْ أَمَرَ

ص: 246

الْأَنْبِيَاءَ أَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ فِي حَيَاتِهِمْ وَ أَوْصِيَاءَ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَ يَصِيرُ طَاعَةُ الْأَوْصِيَاءِ فِي أَعْنَاقِ الْأُمَمِ مِمَّنْ يَقُولُ بِطَاعَةِ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) ثُمَّ يَمْتَحِنُ الْأَوْصِيَاءَ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ لِيَبْلُوَ صَبْرَهُمْ فَإِذَا رَضِيَ مِحْنَتَهُمْ خَتَمَ لَهُمْ بِالسَّعَادَةِ لِيُلْحِقَهُمْ بِالْأَنْبِيَاءِ وَ قَدْ أَكْمَلَ لَهُمُ السَّعَادَةَ قَالَ لَهُ رَأْسُ الْيَهُودِ صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبِرْنِي كَمِ امْتَحَنَكَ اللَّهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْ مَرَّةٍ وَ كَمِ امْتَحَنَكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ مَرَّةٍ وَ إِلَى مَا يَصِيرُ آخِرُ أَمْرِكَ فَأَخَذَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِيَدِهِ وَ قَالَ انْهَضْ بِنَا أُنْبِئْكَ بِذَلِكَ يَا أَخَا الْيَهُودِ فَقَامَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئْنَا بِذَلِكَ مَعَهُ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا تَحْتَمِلَهُ قُلُوبُكُمْ قَالُوا وَ لِمَ ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِأُمُورٍ بَدَتْ لِي مِنْ كَثِيرٍ مِنْكُمْ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَشْتَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئْنَا بِذَلِكَ فَوَ اللَّهِ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّهُ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَصِيُّ نَبِيٍّ سِوَاكَ وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْعَثُ بَعْدَ نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نَبِيّاً سِوَاهُ وَ إِنَّ طَاعَتَكَ لَفِي أَعْنَاقِنَا مَوْصُولَةٌ بِطَاعَةِ نَبِيِّنَا فَجَلَسَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَقْبَلَ عَلَى الْيَهُودِيِّ فَقَالَ لَهُ يَا أَخَا الْيَهُودِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ امْتَحَنَنِي فِي حَيَاةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فَوَجَدَنِي فِيهِنَّ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِنَفْسِي بِنِعْمَةِ اللَّهِ لَهُ مُطِيعاً قَالَ وَ فِيمَ وَ فِيمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَمَّا أَوَّلُهُنَّ(1) فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى نَبِيِّنَا وَ حَمَلَهُ الرِّسَالَةَ وَ أَنَا أَحْدَثُ أَهْلِ بَيْتِي سِنّاً أَخْدُمُهُ فِي بَيْتِهِ وَ أَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ فِي أَمْرِهِ فَدَعَا صَغِيرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ كَبِيرَهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَ هَجَرُوهُ وَ نَابَذُوهُ وَ اعْتَزَلُوهُ وَ اجْتَنَبُوهُ وَ سَائِرُ النَّاسِ مُقْصِينَ لَهُ وَ مُبْغِضِينَ وَ مُخَالِفِينَ عَلَيْهِ قَدِ اسْتَعْظَمُوا مَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا لَمْ يَحْتَمِلْهُ قُلُوبُهُمْ وَ تُدْرِكْهُ عُقُولُهُمْ فَأَجَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَحْدِي إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ مُسْرِعاً مُطِيعاً مُوقِناً لَمْ يَتَخَالَجْنِي

ص: 247


1- السبق إلى الإسلام. السبزواري.

فِي ذَلِكَ شَكٌّ فَمَكَثْنَا بِذَلِكَ ثَلَاثَ حِجَجٍ وَ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَلْقٌ يُصَلِّي أَوْ يَشْهَدُ لِرَسُولِ اللَّهِ بِمَا آتَاهُ اللَّهُ غَيْرِي وَ غَيْرُ ابْنَةِ خُوَيْلِدٍ رَحِمَهَا اللَّهُ وَ قَدْ فَعَلَ ثُمَ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الثَّانِيَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ قُرَيْشاً لَمْ تَزَلْ تَخَيَّلَ الْآرَاءَ وَ تَعَمَّلَ الْحِيَلَ فِي قَتْلِ النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) حَتَّى كَانَ آخِرُ مَا اجْتَمَعَتْ فِي ذَلِكَ يَوْمَ الدَّارِ دَارِ النَّدْوَةِ وَ إِبْلِيسُ الْمَلْعُونُ حَاضِرٌ فِي صُورَةِ أَعْوَرِ ثَقِيفٍ فَلَمْ تَزَلْ تَضْرِبُ أَمْرَهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ حَتَّى اجْتَمَعَتْ آرَاؤُهَا عَلَى أَنْ يَنْتَدِبَ مِنْ كُلِ فَخِذٍ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ ثُمَّ يَأْخُذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَيْفَهُ ثُمَّ يَأْتِيَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَضْرِبُونَهُ جَمِيعاً بِأَسْيَافِهِمْ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَقْتُلُوهُ فَإِذَا قَتَلُوهُ مَنَعَتْ قُرَيْشٌ رِجَالَهَا وَ لَمْ تُسَلِّمْهَا فَيَمْضِي دَمُهُ هَدَراً فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَنْبَأَهُ بِذَلِكَ وَ أَخْبَرَهُ بِاللَّيْلَةِ الَّتِي يَجْتَمِعُونَ فِيهَا وَ السَّاعَةِ الَّتِي يَأْتُونَ فِرَاشَهُ فِيهَا وَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ إِلَى الْغَارِ فَأَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِالْخَبَرِ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ وَ أَقِيَهُ بِنَفْسِي فَأَسْرَعْتُ إِلَى ذَلِكَ مُطِيعاً لَهُ مَسْرُوراً لِنَفْسِي بِأَنْ أُقْتَلَ دُونَهُ فَمَضَى لِوَجْهِهِ وَ اضْطَجَعْتُ فِي مَضْجَعِهِ وَ أَقْبَلَتْ رِجَالاتُ قُرَيْشٍ مُوقِنَةً فِي أَنْفُسِهَا أَنْ تَقْتُلَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَلَمَّا اسْتَوَى بِي وَ بِهِمُ الْبَيْتُ الَّذِي أَنَا فِيهِ نَاهَضْتُهُمْ بِسَيْفِي فَدَفَعْتُهُمْ عَنْ نَفْسِي بِمَا قَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ وَ النَّاسُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ(2) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَ ابْنَ عُتْبَةَ كَانُوا فُرْسَانَ قُرَيْشٍ دَعَوْا إِلَى الْبِرَازِ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ يَبْرُزْ لَهُمْ خَلْقٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَنْهَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَعَ صَاحِبَيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَ قَدْ فَعَلَ وَ أَنَا أَحْدَثُ أَصْحَابِي سِنّاً وَ أَقَلُّهُمْ لِلْحَرْبِ تَجْرِبَةً فَقَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِيَدِي

ص: 248


1- إيثار نفسه دون نفس النبي. السبزواري
2- أكمل الناس شجاعة. السبزواري.

وَلِيداً وَ شَيْبَةَ سِوَى مَنْ قَتَلْتُ مِنْ جَحَاجِحَةِ قُرَيْشٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ سِوَى مَنْ أَسَرْتُ وَ كَانَ مِنِّي أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِي وَ اسْتُشْهِدَ ابْنُ عَمِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أَقْبَلُوا إِلَيْنَا عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ قَدِ اسْتَحَاشُوا مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَ قُرَيْشٍ طَالِبِينَ بِثَأْرِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فِي يَوْمِ بَدْرٍ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) فَأَنْبَأَهُ بِذَلِكَ فَذَهَبَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ عَسْكَرَ بِأَصْحَابِهِ فِي سَدِّ أُحُدٍ وَ أَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ إِلَيْنَا فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنِ اسْتُشْهِدَ وَ كَانَ مِمَّنْ بَقِيَ مَا كَانَ مِنَ الْهَزِيمَةِ وَ بَقِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مَضَى الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْمَدِينَةِ كُلٌّ يَقُولُ قُتِلَ النَّبِيُّ وَ قُتِلَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ وَ قَدْ جُرِحْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) نَيِّفاً وَ سَبْعِينَ جَرْحَةً مِنْهَا هَذِهِ وَ هَذِهِ ثُمَّ أَلْقَى رِدَاءَهُ وَ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى جِرَاحَاتِهِ وَ كَانَ مِنِّي فِي ذَلِكَ مَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثَوَابُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ(2) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ قُرَيْشاً وَ الْعَرَبَ تَجَمَّعَتْ وَ عَقَدَتْ بَيْنَهَا عَقْداً وَ مِيثَاقاً لَا تَرْجِعُ مِنْ وَجْهِهَا حَتَّى تَقْتُلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ تَقْتُلَنَا مَعَهُ مَعَاشِرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ بِحَدِّهَا وَ حَدِيدِهَا حَتَّى أَنَاخَتْ عَلَيْنَا بِالْمَدِينَةِ وَاثِقَةً بِأَنْفُسِهَا فِيمَا تَوَجَّهَتْ لَهُ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَنْبَأَهُ بِذَلِكَ فَخَنْدَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَدِمَتْ قُرَيْشٌ فَأَقَامَتْ عَلَى الْخَنْدَقِ مُحَاصِرَةً لَنَا تَرَى فِي أَنْفُسِهَا الْقُوَّةَ وَ فِينَا الضَّعْفَ تُرْعِدُ وَ تُبْرِقُ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَدْعُوهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ

ص: 249


1- تحمّل الأذى في حفظ نفس النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والإعلان باسمه الشريف السبزواري.
2- إظهار الدعوة النبوية حين مقابلة الكفر والإسلام، وجعل نفسه عرضة للقتل مع مساعدة الأسباب الظاهرية على كونه مقتولا. السبزواري.

وَ يُنَاشِدُهَا بِالْقَرَابَةِ وَ الرَّحِمِ فَتَأْبَى وَ لَا يَزِيدُهَا ذَلِكَ إِلَّا عُتُوّاً وَ فَارِسُهَا وَ فَارِسُ الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ يَهْدِرُ كَالْبَعِيرِ الْمُغْتَلِمِ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ وَ يَرْتَجِزُ وَ يَخْطِرُ بِرُمْحِهِ مَرَّةً وَ بِسَيْفِهِ مَرَّةً لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ مُقْدِمٌ وَ لَا يَطْمَعُ فِيهِ طَامِعٌ وَ لَا حَمِيَّةٌ تُهَيِّجُهُ وَ لَا بَصِيرَةٌ تُشَجِّعُهُ فَأَنْهَضَنِي إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ عَمَّمَنِي بِيَدِهِ وَ أَعْطَانِي سَيْفَهُ هَذَا وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى ذِي الْفَقَارِ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَ نِسَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَوَاكٍ إِشْفَاقاً عَلَيَّ مِنِ ابْنِ عَبْدِ وُدٍّ فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِيَدِي وَ الْعَرَبُ لَا تَعُدُّ لَهَا فَارِساً غَيْرَهُ وَ ضَرَبَنِي هَذِهِ الضَّرْبَةَ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى هَامَتِهِ فَهَزَمَ اللَّهُ قُرَيْشاً وَ الْعَرَبَ بِذَلِكَ وَ بِمَا كَانَ مِنِّي فِيهِمْ مِنَ النِّكَايَةِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا السَّادِسَة

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَ أَمَّا السَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَمَّا تَوَجَّهَ لِفَتْحِ مَكَّةَ أَحَبَّ أَنْ يُعْذِرَ إِلَيْهِمْ وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آخِراً كَمَا دَعَاهُمْ أَوَّلًا فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كِتَاباً يُحَذِّرُهُمْ فِيهِ وَ يُنْذِرُهُمْ عَذَابَ اللَّهِ وَ يَعْهَدُهُمُ الصَّفْحَ وَ يُمَنِّيهِمْ مَغْفِرَةَ رَبِّهِمْ وَ نَسَخَ لَهُمْ فِي آخِرِهِ سُورَةَ بَرَاءَةَ لِتَقْرَأَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَرَضَ عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ الْمُضِيَّ بِهِ فَكُلُّهُمْ يَرَى التَّثَاقُلَ فِيهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَدَبَ مِنْهُمْ رَجُلًا فَوَجَّهَهُ بِهِ فَأَتَاهُ- جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ لَا يُؤَدِّي عَنْكَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ رَجُلٌ مِنْكَ فَأَنْبَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) بِذَلِكَ وَ وَجَّهَنِي بِكِتَابِهِ وَ رِسَالَتِهِ إِلَى مَكَّةَ فَأَتَيْتُ مَكَّةَ وَ أَهْلُهَا مَنْ قَدْ عَرَفْتُمْ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ لَوْ قَدَرَ أَنْ يَضَعَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنِّي إِرْباً لَفَعَلَ وَ لَوْ أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ نَفْسَهُ وَ أَهْلَهُ وَ وُلْدَهُ وَ مَالَهُ فَبَلَّغْتُهُمْ رِسَالَةَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ فَكُلُّهُمْ يَلْقَانِي بِالتَّهَدُّدِ وَ الْوَعِيدِ وَ يُبْدِي إِلَيَّ الْبَغْضَاءَ وَ يُظْهِرُ الشَّحْنَاءَ مِنْ رِجَالِهِمْ وَ نِسَائِهِمْ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا أَخَا الْيَهُودِ هَذِهِ الْمَوَاطِنُ الَّتِي امْتَحَنَنِي فِيهِنَّ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَوَجَدَنِي فِيهَا كُلِّهَا بِمَنِّهِ مُطِيعاً لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا مِثْلُ الَّذِي لِي وَ لَوْ شِئْتُ لَوَصَفْتُ ذَلِكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَهَى عَنِ التَّزْكِيَةِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْفَضِيلَةَ بِالْقَرَابَةِ مِنْ نَبِيِّنَا وَ أَسْعَدَكَ بِأَنْ جَعَلَكَ أَخَاهُ تَنْزِلُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ فَضَّلَكَ بِالْمَوَاقِفِ الَّتِي بَاشَرْتَهَا وَ الْأَحْوَالِ الَّتِي رَكِبْتَهَا وَ ذَخَرَ لَكَ الَّذِي ذَكَرْتَ وَ أَكْثَرَ مِنْهُ مِمَّا لَمْ تَذْكُرْهُ وَ مِمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ شَهِدَكَ مِنَّا مَعَ نَبِيِّنَا وَ مَنْ شَهِدَكَ بَعْدَهُ فَأَخْبِرْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا

ص: 251


1- تصريح النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن اللّه تعالی بكونه منه في تأدية ما بعث به النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). ففي تمام هذه الصفات السبعة الثابتة لذاته يكون ممتحناً امتحنه اللّه تعالى فيما أعطاه من الصفات فوجده ذا نفس مطمئنة فأعطاه الولاية الكلية وجعله ولي أمره ووصيه. السبزواري.

امْتَحَنَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ بَعْدَ نَبِيِّنَا فَاحْتَمَلْتَهُ وَ صَبَرْتَ عَلَيْهِ فَلَوْ شِئْنَا أَنْ نَصِفَ ذَلِكَ لَوَصَفْنَاهُ عِلْماً مِنَّا بِهِ وَ ظُهُوراً مِنَّا عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّا نُحِبُّ أَنْ نَسْمَعَ مِنْكَ ذَلِكَ كَمَا سَمِعْنَا مِنْكَ مَا امْتَحَنَكَ اللَّهُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ فَأَطَعْتَهُ فِيهِ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا أَخَا الْيَهُودِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ امْتَحَنَنِي بَعْدَ وَفَاةِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ فَوَجَدَنِي فِيهِنَّ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِنَفْسِي بِمَنِّهِ وَ نِعْمَتِهِ صَبُوراً أَمَّا أَوَّلُهُنَّ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِي خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً أَحَدٌ آنَسُ بِهِ أَوْ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَوْ أَسْتَنِيمُ إِلَيْهِ أَوْ أَتَقَرَّبُ بِهِ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ هُوَ رَبَّانِي صَغِيراً وَ بَوَّأَنِي كَبِيراً وَ كَفَانِي الْعَيْلَةَ وَ جَبَرَنِي مِنَ الْيُتْمِ وَ أَغْنَانِي عَنِ الطَّلَبِ وَ وَقَانِيَ الْمَكْسَبَ وَ عَالَ لِيَ النَّفْسَ وَ الْوَلَدَ وَ الْأَهْلَ هَذَا فِي تَصَارِيفِ أَمْرِ الدُّنْيَا مَعَ مَا خَصَّنِي بِهِ مِنَ الدَّرَجَاتِ الَّتِي قَادَتْنِي إِلَى مَعَالِي الْحُظْوَةِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَنَزَلَ بِي مِنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَا لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ الْجِبَالَ لَوْ حُمِّلَتْهُ عَنْوَةً كَانَتْ تَنْهَضُ بِهِ فَرَأَيْتُ النَّاسَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مَا بَيْنَ جَازِعٍ لَا يَمْلِكُ جَزَعَهُ وَ لَا يَضْبِطُ نَفْسَهُ وَ لَا يَقْوَى عَلَى حَمْلِ فَادِحِ مَا نَزَلَ بِهِ قَدْ أَذْهَبَ الْجَزَعُ صَبْرَهُ وَ أَذْهَلَ عَقْلَهُ وَ حَالَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْفَهْمِ وَ الْإِفْهَامِ وَ الْقَوْلِ وَ الِاسْتِمَاعِ وَ سَائِرَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَيْنَ مُعَزٍّ يَأْمُرُ بِالصَّبْرِ وَ بَيْنَ مُسَاعِدٍ بَاكٍ لِبُكَائِهِمْ جَازِعٍ لِجَزَعِهِمْ وَ حَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى الصَّبْرِ عِنْدَ وَفَاتِهِ بِلُزُومِ الصَّمْتِ وَ الِاشْتِغَالِ بِمَا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ تَجْهِيزِهِ وَ تَغْسِيلِهِ وَ تَحْنِيطِهِ وَ تَكْفِينِهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَ وَضْعِهِ فِي حُفْرَتِهِ وَ جَمْعِ كِتَابِ اللَّهِ وَ عَهْدِهِ إِلَى خَلْقِهِ لَا يَشْغَلُنِي عَنْ ذَلِكَ بَادِرُ دَمْعَةٍ وَ لَا هَائِجُ زَفْرَةٍ وَ لَا لَاذِعُ حُرْقَةٍ وَ لَا جَزِيلُ مُصِيبَةٍ حَتَّى أَدَّيْتُ فِي ذَلِكَ الْحَقَّ الْوَاجِبَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عَلَيَّ وَ بَلَّغْتُ مِنْهُ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ وَ احْتَمَلْتُهُ صَابِراً مُحْتَسِباً ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا

ص: 252


1- التسليم لأمر اللّه والرسول السبزواري.

الثَّانِيَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَمَّرَنِي فِي حَيَاتِهِ عَلَى جَمِيعِ أُمَّتِهِ وَ أَخَذَ عَلَى جَمِيعِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْهُمُ الْبَيْعَةَ وَ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَمْرِي وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ذَلِكَ فَكُنْتُ الْمُؤَدِّيَ إِلَيْهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَمْرَهُ إِذَا حَضَرْتُهُ وَ الْأَمِيرَ عَلَى مَنْ حَضَرَنِي مِنْهُمْ إِذَا فَارَقْتُهُ لَا تَخْتَلِجُ فِي نَفْسِي مُنَازَعَةُ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ لِي فِي شَيْ ءٍ مِنَ الْأَمْرِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَا بَعْدَ وَفَاتِهِ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِتَوْجِيهِ الْجَيْشِ الَّذِي وَجَّهَهُ مَعَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْمَرَضِ الَّذِي تَوَفَّاهُ فِيهِ فَلَمْ يَدَعِ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَحَداً مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ وَ لَا مِنَ الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ يَخَافُ عَلَى نَقْضِهِ وَ مُنَازَعَتِهِ وَ لَا أَحَداً مِمَّنْ يَرَانِي بِعَيْنِ الْبَغْضَاءِ مِمَّنْ قَدْ وَتَرْتُهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ حَمِيمِهِ إِلَّا وَجَّهَهُ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ وَ لَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ الْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ الْمُنَافِقِينَ لِتَصْفُوَ قُلُوبُ مَنْ يَبْقَى مَعِي بِحَضْرَتِهِ وَ لِئَلَّا يَقُولَ قَائِلٌ شَيْئاً مِمَّا أَكْرَهُهُ وَ لَا يَدْفَعُنِي دَافِعٌ مِنَ الْوَلَايَةِ وَ الْقِيَامِ بِأَمْرِ رَعِيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ كَانَ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِهِ أَنْ يَمْضِيَ جَيْشُ أُسَامَةَ وَ لَا يَخْتَلِفَ عَنْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ أَنْهَضَ مَعَهُ وَ تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّقَدُّمِ وَ أَوْعَزَ فِيهِ أَبْلَغَ الْإِيعَازِ وَ أَكَّدَ فِيهِ أَكْثَرَ التَّأْكِيدِ فَلَمْ أَشْعُرْ بَعْدَ أَنْ قُبِضَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَّا بِرِجَالٍ مِنْ بَعْثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَ أَهْلِ عَسْكَرِهِ قَدْ تَرَكُوا مَرَاكِزَهُمْ وَ أَخَلُّوا بِمَوَاضِعِهِمْ وَ خَالَفُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِيمَا أَنْهَضَهُمْ لَهُ وَ أَمَرَهُمْ بِهِ وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ مِنْ مُلَازَمَةِ أَمِيرِهِمْ وَ السَّيْرِ مَعَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ حَتَّى يُنْفَذَ لِوَجْهِهِ الَّذِي أَنْفَذَهُ إِلَيْهِ فَخَلَّفُوا أَمِيرَهُمْ مُقِيماً فِي عَسْكَرِهِ وَ أَقْبَلُوا يَتَبَادَرُونَ عَلَى الْخَيْلِ رَكْضاً إِلَى حَلِّ عُقْدَةٍ عَقَدَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِي وَ رَسُولُهُ فِي أَعْنَاقِهِمْ فَحَلُّوهَا وَ عَهْدٍ عَاهَدُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَنَكَثُوهُ وَ عَقَدُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَقْداً ضَجَّتْ بِهِ أَصْوَاتُهُمْ

ص: 253


1- نقض الأمة عهد اللّه والرسول فيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) السبزواري.

وَاخْتَصَّتْ بِهِ آرَاؤُهُمْ مِنْ غَيْرِ مُنَاظَرَةٍ لِأَحَدٍ مِنَّا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوْ مُشَارَكَةٍ فِي رَأْيٍ أَوِ اسْتِقَالَةٍ لِمَا فِي أَعْنَاقِهِمْ مِنْ بَيْعَتِي فَعَلُوا ذَلِكَ وَ أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ مَشْغُولٌ وَ بِتَجْهِيزِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ مَصْدُودٌ فَإِنَّهُ كَانَ أَهَمَّهَا وَ أَحَقَّ مَا بُدِئَ بِهِ مِنْهَا فَكَانَ هَذَا يَا أَخَا الْيَهُودِ أَقْرَحَ مَا وَرَدَ عَلَى قَلْبِي مَعَ الَّذِي أَنَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الرَّزِيَّةِ وَ فَاجِعِ الْمُصِيبَةِ وَ فَقْدِ مَنْ لَا خَلَفَ مِنْهُ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَصَبَرْتُ عَلَيْهَا إِذْ أَتَتْ بَعْدَ أُخْتِهَا عَلَى تَقَارُبِهَا وَ سُرْعَةِ اتِّصَالِهَا ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ الْقَائِمَ بَعْدَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يَلْقَانِي مُعْتَذِراً فِي كُلِّ أَيَّامِهِ وَ يُلْزِمُ غَيْرَهُ مَا ارْتَكَبَهُ مِنْ أَخْذِ حَقِّي وَ نَقْضِ بَيْعَتِي وَ يَسْأَلُنِي تَحْلِيلَهُ فَكُنْتُ أَقُولُ تَنْقَضِي أَيَّامُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيَّ حَقِّيَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِي عَفْواً هَنِيئاً مِنْ غَيْرِ أَنْ أُحْدِثَ فِي الْإِسْلَامِ مَعَ حُدُوثِهِ وَ قُرْبِ عَهْدِهِ بِالْجَاهِلِيَّةِ حَدَثاً فِي طَلَبِ حَقِّي بِمُنَازَعَةٍ لَعَلَّ فُلَاناً يَقُولُ فِيهَا نَعَمْ وَ فُلَاناً يَقُولُ لَا فَيَئُولُ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ إِلَى الْفِعْلِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَعْرِفُهُمْ بِالنُّصْحِ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِكِتَابِهِ وَ دِينِهِ الْإِسْلَامِ يَأْتُونِّي عَوْداً وَ بَدْءاً وَ عَلَانِيَةً وَ سِرّاً فَيَدْعُونِّي إِلَى أَخْذِ حَقِّي وَ يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي نُصْرَتِي لِيُؤَدُّوا إِلَيَّ بِذَلِكَ بَيْعَتِي فِي أَعْنَاقِهِمْ فَأَقُولُ رُوَيْداً وَ صَبْراً قَلِيلًا لَعَلَّ اللَّهَ يَأْتِينِي بِذَلِكَ عَفْواً بِلَا مُنَازَعَةٍ وَ لَا إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فَقَدِ ارْتَابَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ طَمِعَ فِي الْأَمْرِ بَعْدَهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ فَقَالَ كُلُّ قَوْمٍ مِنَّا أَمِيرٌ وَ مَا طَمِعَ الْقَائِلُونَ فِي ذَلِكَ إِلَّا لِتَنَاوُلِ غَيْرِي الْأَمْرَ فَلَمَّا دَنَتْ وَفَاةُ الْقَائِمِ وَ انْقَضَتْ أَيَّامُهُ صَيَّرَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ لِصَاحِبِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ أُخْتَ أُخْتِهَا وَ مَحَلُّهَا مِنِّي مِثْلُ مَحَلِّهَا وَ أَخَذَا مِنِّي مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِي فَاجْتَمَعَ إِلَيَّ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَنْ مَضَى رَحِمَهُ اللَّهُ وَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ

ص: 254


1- رفض الأمة أعمال (المروءة) وشئون الإنسانية في حقه (عَلَيهِ السَّلَامُ) السبزواري.

أَخَّرَهُ اللَّهُ مَنِ اجْتَمَعَ فَقَالُوا لِي فِيهَا مِثْلَ الَّذِي قَالُوا فِي أُخْتِهَا فَلَمْ يَعْدُ قَوْلِيَ الثَّانِي قَوْلِيَ الْأَوَّلَ صَبْراً وَ احْتِسَاباً وَ يَقِيناً وَ إِشْفَاقاً مِنْ أَنْ تَفْنَى عُصْبَةٌ تَأَلَّفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِاللِّينِ مَرَّةً وَ بِالشِّدَّةِ أُخْرَى وَ بِالْبَذْلِ مَرَّةً وَ بِالسَّيْفِ أُخْرَى حَتَّى لَقَدْ كَانَ مِنْ تَأَلُّفِهِ لَهُمْ أَنْ كَانَ النَّاسُ فِي الْكَرِّ وَ الْفِرَارِ وَ الشِّبَعِ وَ الرِّيِّ وَ اللِّبَاسِ وَ الْوِطَاءِ وَ الدِّثَارِ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَا سُقُوفَ لِبُيُوتِنَا وَ لَا أَبْوَابَ وَ لَا سُتُورَ إِلَّا الْجَرَائِدُ وَ مَا أَشْبَهَهَا وَ لَا وِطَاءَ لَنَا وَ لَا دِثَارَ عَلَيْنَا وَ يَتَدَاوَلُ الثَّوْبَ الْوَاحِدَ فِي الصَّلَاةِ أَكْثَرُنَا وَ تَطْوِي اللَّيَالِيَ وَ الْأَيَّامَ جُوعاً عَامَّتُنَا وَ رُبَّمَا أَتَانَا الشَّيْ ءُ مِمَّا أَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ صَيَّرَهُ لَنَا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِنَا وَ نَحْنُ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ حَالِنَا فَيُؤْثِرُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَرْبَابَ النِّعَمِ وَ الْأَمْوَالِ تَأَلُّفاً مِنْهُ لَهُمْ فَكُنْتُ أَحَقَّ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ هَذِهِ الْعُصْبَةَ الَّتِي أَلَّفَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَمْ يَحْمِلْهَا عَلَى الْخُطَّةِ الَّتِي لَا خَلَاصَ لَهَا مِنْهَا دُونَ بُلُوغِهَا أَوْ فَنَاءِ آجَالِهَا لِأَنِّي لَوْ نَصَبْتُ نَفْسِي فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى نُصْرَتِي كَانُوا مِنِّي وَ فِي أَمْرِي عَلَى أَحَدِ مَنْزِلَتَيْنِ إِمَّا مُتَّبِعٌ مُقَاتِلٌ وَ إِمَّا مَقْتُولٌ إِنْ لَمْ يَتَّبِعِ الْجَمِيعَ وَ إِمَّا خَاذِلٌ يَكْفُرُ بِخِذْلَانهِ إِنْ قَصَّرَ فِي نُصْرَتِي أَوْ أَمْسَكَ عَنْ طَاعَتِي وَ قَدْ عَلِمَ أَنَّنِي مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى يَحُلُّ بِهِ فِي مُخَالَفَتِي وَ الْإِمْسَاكِ عَنْ نُصْرَتِي مَا أَحَلَّ قَوْمُ مُوسَى بِأَنْفُسِهِمْ فِي مُخَالَفَةِ هَارُونَ وَ تَرْكِ طَاعَتِهِ وَ رَأَيْتُ تَجَرُّعَ الْغُصَصِ وَ رَدَّ أَنْفَاسِ الصُّعَدَاءِ وَ لُزُومَ الصَّبْرِ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ أَوْ يَقْضِيَ بِمَا أَحَبَّ أَزْيَدَ لِي فِي حَظِّي وَ أَرْفَقَ بِالْعِصَابَةِ الَّتِي وَصَفْتُ أَمْرَهُمْ «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً» وَ لَوْ لَمْ أَتَّقِ هَذِهِ الْحَالَةَ يَا أَخَا الْيَهُودِ ثُمَّ طَلَبْتُ حَقِّي لَكُنْتُ أَوْلَى مِمَّنْ طَلَبَهُ لِعِلْمِ مَنْ مَضَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنْ بِحَضْرَتِكَ مِنْهُمْ بِأَنِّي كُنْتُ أَكْثَرَ عَدَداً وَ أَعَزَّ عَشِيرَةً وَ أَمْنَعَ رِجَالًا وَ أَطْوَعَ أَمْراً وَ أَوْضَحَ حُجَّةً وَ أَكْثَرَ فِي هَذَا الدِّينِ مَنَاقِبَ وَ آثَاراً لِسَوَابِقِي وَ قَرَابَتِي وَ وِرَاثَتِي فَضْلًا عَنِ اسْتِحْقَاقِي ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ

ص: 255

لِلْعِبَادِ مِنْهَا وَ الْبَيْعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي أَعْنَاقِهِمْ مِمَّنْ تَنَاوَلَهَا وَ لَقَدْ قُبِضَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ إِنَّ وَلَايَةَ الْأُمَّةِ فِي يَدِهِ وَ فِي بَيْتِهِ لَا فِي يَدِ الْأُولَى [الَّذِينَ] تَنَاوَلُوهَا وَ لَا فِي بُيُوتِهَا وَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي جَمِيعِ الْخِصَالِ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ الْقَائِمَ بَعْدَ صَاحِبِهِ كَانَ يُشَاوِرُنِي فِي مَوَارِدِ الْأُمُورِ فَيُصْدِرُهَا عَنْ أَمْرِي وَ يُنَاظِرُنِي فِي غَوَامِضِهَا فَيُمْضِيهَا عَنْ رَأْيِي لَا أَعْلَمُ أَحَداً وَ لَا يَعْلَمُهُ أَصْحَابِي يُنَاظِرُهُ فِي ذَلِكَ غَيْرِي وَ لَا يَطْمَعُ فِي الْأَمْرِ بَعْدَهُ سِوَايَ فَلَمَّا أَنْ أَتَتْهُ مَنِيَّتُهُ عَلَى فَجْأَةٍ بِلَا مَرَضٍ كَانَ قَبْلَهُ وَ لَا أَمْرٍ كَانَ أَمْضَاهُ فِي صِحَّةٍ مِنْ بَدَنِهِ لَمْ أَشُكَّ أَنِّي قَدِ اسْتَرْجَعْتُ حَقِّي فِي عَافِيَةٍ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِي كُنْتُ أَطْلُبُهَا وَ الْعَاقِبَةِ الَّتِي كُنْتُ أَلْتَمِسُهَا وَ إِنَّ اللَّهَ سَيَأْتِي بِذَلِكَ عَلَى أَحْسَنِ مَا رَجَوْتُ وَ أَفْضَلِ مَا أَمَّلْتُ فَكَانَ مِنْ فِعْلِهِ أَنْ خُتِمَ أَمْرُهُ بِأَنْ سَمَّى قَوْماً أَنَا سَادِسُهُمْ وَ لَمْ يَسْتَوِ فِيَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَ لَا ذَكَرَ لِي حَالًا فِي وِرَاثَةِ الرَّسُولِ وَ لَا قَرَابَةٍ وَ لَا صِهْرٍ وَ لَا نَسَبٍ وَ لَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مِثْلُ سَابِقَةٍ مِنْ سَوَابِقِي وَ لَا أَثَرٍ مِنْ آثَارِي وَ صَيَّرَهَا شُورَى بَيْنَنَا وَ صَيَّرَ ابْنَهُ فِيهَا حَاكِماً عَلَيْنَا وَ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ أَعْنَاقَ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ صَيَّرَ الْأَمْرَ فِيهِمْ إِنْ لَمْ يُنْفِذُوا أَمْرَهُ وَ كَفَى بِالصَّبْرِ عَلَى هَذَا يَا أَخَا الْيَهُودِ صَبْراً فَمَكَثَ الْقَوْمُ أَيَّامَهُمْ كُلٌّ يَخْطُبُ لِنَفْسِهِ وَ أَنَا مُمْسِكٌ عَنْ أَنْ سَأَلُونِي عَنْ أَمْرِي فَنَاظَرْتُهُمْ فِي أَيَّامِي وَ أَيَّامِهِمْ وَ آثَارِي وَ آثَارِهِمْ وَ أَوْضَحْتُ لَهُمْ مَا لَمْ يَجْهَلُوهُ مِنْ وُجُوهِ اسْتِحْقَاقِي لَهَا دُونَهُمْ وَ ذَكَرْتُهُمْ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ وَ تَأْكِيدَ مَا أَكَّدَهُ مِنَ الْبَيْعَةِ لِي فِي أَعْنَاقِهِمْ دَعَاهُمْ حُبُّ الْإِمَارَةِ وَ بَسْطُ الْأَيْدِي وَ الْأَلْسُنِ فِي الْأَمْرِ

ص: 256


1- تطميع السفلة في مخالفته، وجعله ... لا لمن هو دونه بمراتب شتى. السبزواري.

وَ النَّهْيِ وَ الرُّكُونِ إِلَى الدُّنْيَا وَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمَاضِينَ قَبْلَهُمْ إِلَى تَنَاوُلِ مَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فَإِذَا خَلَوْتُ بِالْوَاحِدِ ذَكَّرْتُهُ أَيَّامَ اللَّهِ وَ حَذَّرْتُهُ مَا هُوَ قَادِمٌ عَلَيْهِ وَ صَائِرٌ إِلَيْهِ الْتَمَسَ مِنِّي شَرْطاً أَنْ أُصَيِّرَهَا لَهُ بَعْدِي فَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا عِنْدِي إِلَّا الْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ وَ الْحَمْلَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَصِيَّةِ الرَّسُولِ وَ إِعْطَاءَ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَ مَنَعَهُ مَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ أَزَالَهَا عَنِّي إِلَى ابْنِ عَفَّانَ رَجُلٌ لَمْ يَسْتَوِ بِهِ وَ بِوَاحِدٍ مِمَّنْ حَضَرَهُ حَالٌ قَطُّ فَضْلًا عَمَّنْ دُونَهُمْ لَا يَبْدُرُ الَّتِي هِيَ سَنَامُ فَخْرِهِمْ وَ لَا غَيْرُهَا مِنَ الْمَآثِرِ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ وَ مَنِ اخْتَصَّهُ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ لَمْ أَعْلَمِ الْقَوْمَ أَمْسَوْا مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَتْ نَدَامَتُهُمْ وَ نَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ وَ أَحَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كُلٌّ يَلُومُ نَفْسَهُ وَ يَلُومُ أَصْحَابَهُ ثُمَّ لَمْ تَطُلِ الْأَيَّامُ بِالْمُسْتَبِدِّ بِالْأَمْرِ ابْنِ عَفَّانَ حَتَّى أَكْفَرُوهُ وَ تَبَرَّءُوا مِنْهُ وَ مَشَى إِلَى أَصْحَابِهِ خَاصَّةً وَ سَائِرُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عَلَى هَذِهِ يَسْتَقِيلُهُمْ مِنْ بَيْعَتِهِ وَ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ فَلْتَتِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ يَا أَخَا الْيَهُودِ أَكْبَرَ مِنْ أُخْتِهَا وَ أَفْظَعَ وَ أَحْرَى أَنْ لَا يُصْبَرَ عَلَيْهَا فَنَالَنِي مِنْهَا الَّذِي لَا يُبْلَغُ وَصْفُهُ وَ لَا يُحَدُّ وَقْتُهُ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فِيهَا إِلَّا الصَّبْرُ عَلَى مَا أَمَضُّ وَ أَبْلَغُ مِنْهَا وَ لَقَدْ أَتَانِي الْبَاقُونَ مِنَ السِّتَّةِ مِنْ يَوْمِهِمْ كُلٌّ رَاجِعٌ عَمَّا كَانَ رَكِبَ مِنِّي يَسْأَلُنِي خَلْعَ ابْنِ عَفَّانَ وَ الْوُثُوبَ عَلَيْهِ وَ أَخْذَ حَقِّي وَ يُؤْتِينِي صَفْقَتَهُ وَ بَيْعَتَهُ عَلَى الْمَوْتِ تَحْتَ رَايَتِي أَوْ يَرُدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيَّ حَقِّي فَوَ اللَّهِ يَا أَخَا الْيَهُودِ مَا مَنَعَنِي إِلَّا الَّذِي مَنَعَنِي مِنْ أُخْتَيْهَا قَبْلَهَا وَ رَأَيْتُ الْإِبْقَاءَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنَ الطَّائِفَةِ أَبْهَجَ لِي وَ آنَسَ لِقَلْبِي مِنْ فَنَائِهَا وَ عَلِمْتُ أَنِّي إِنْ حَمَلْتُهَا عَلَى دَعْوَةِ الْمَوْتِ رَكِبْتُهُ فَأَمَّا نَفْسِي فَقَدْ عَلِمَ مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ تُرَى وَ مَنْ غَابَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّ الْمَوْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الشَّرْبَةِ الْبَارِدَةِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْحَرِّ مِنْ ذِي الْعَطَشِ الصَّدَى وَ لَقَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ أَنَا وَ عَمِّي حَمْزَةُ وَ أَخِي جَعْفَرٌ وَ ابْنُ

ص: 257

عَمِّي عُبَيْدَةُ عَلَى أَمْرٍ وَفَيْنَا بِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ فَتَقَدَّمَنِي أَصْحَابِي وَ تَخَلَّفْتُ بَعْدَهُمْ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ وَ عُبَيْدَةُ وَ أَنَا وَ اللَّهِ الْمُنْتَظَرُ يَا أَخَا الْيَهُودِ وَ مَا بَدَّلْتُ تَبْدِيلًا وَ مَا سَكَتَنِي عَنْ أَبِي عَفَّانَ وَ حَثَّنِي عَلَى الْإِمْسَاكِ إِلَّا أَنِّي عَرَفْتُ مِنْ أَخْلَاقِهِ فِيمَا اخْتَبَرْتُ مِنْهُ بِمَا لَنْ يَدَعَهُ حَتَّى يَسْتَدْعِيَ الْأَبَاعِدَ إِلَى قَتْلِهِ وَ خَلْعِهِ فَضْلًا عَنِ الْأَقَارِبِ وَ أَنَا فِي عُزْلَةٍ فَصَبَرْتُ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَنْطِقْ فِيهِ بِحَرْفٍ مِنْ لَا وَ لَا نَعَمْ ثُمَّ أَتَانِي الْقَوْمُ وَ أَنَا عَلِمَ اللَّهُ كَارِهٌ لِمَعْرِفَتِي بِمَا تَطَاعَمُوا بِهِ مِنِ اعْتِقَالِهِ الْأَمْوَالَ وَ الْمَرَحَ فِي الْأَرْضِ وَ عِلْمَهُمْ بِأَنَّ تِلْكَ لَيْسَتْ لَهُمْ عِنْدِي وَ شَدِيدٌ عَادَةٌ مُنْتَزِعَةٌ فَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا عِنْدِي تَعَلَّلُوا الْأَعَالِيلَ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ الْمُتَابِعِينَ لِي لَمَّا لَمْ يَطْمَعُوا فِي تِلْكَ مِنِّي وَثَبُوا بِالْمَرْأَةِ عَلَيَّ وَ أَنَا وَلِيُّ أَمْرِهَا وَ الْوَصِيُّ عَلَيْهَا فَحَمَلُوهَا عَلَى الْجَمَلِ وَ شَدُّوهَا عَلَى الرِّحَالِ وَ أَقْبَلُوا بِهَا تَخْبِطُ الْفَيَافِيَ وَ تَقْطَعُ الْبَرَارِيَ وَ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ تَظْهَرُ لَهُمْ عَلَامَاتُ النَّدَمِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَ عِنْدَ كُلِّ حَالٍ فِي عُصْبَةٍ قَدْ بَايَعُونِي ثَانِيَةً بَعْدَ بَيْعَتِهِمُ الْأُوْلَى فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى أَتَتْ أَهْلَ بَلْدَةٍ قَصِيرَةٍ أَيْدِيهِمْ طَوِيلَةٍ لِحَاهُمْ قَلِيلَةٍ عُقُولُهُمْ عَازِبَةٍ آرَاؤُهُمْ جِيرَانَ بَدْوٍ وَ وُرَّادَ بَحْرٍ فَأَخْرَجْتُهُمْ يَخْبِطُونَ بِسُيُوفِهِمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَ يَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ بِغَيْرِ فَهْمٍ فَوَقَفْتُ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ كِلْتَاهُمَا فِي مَحَلَّةِ الْمَكْرُوهِ مِمَّنْ إِنْ كَفَفْتُ لَمْ يَرْجِعْ وَ لَمْ يَعْقِلْ وَ إِنْ أَقَمْتُ كُنْتُ قَدْ صِرْتُ إِلَى الَّتِي كَرِهْتُ فَقَدَّمْتُ الْحُجَّةَ

ص: 258


1- نکث بیعته بعدما (عادت) الخلافة إليه. السبزواري.

بِالْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ وَ دَعَوْتُ الْمَرْأَةَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى بَيْتِهَا وَ الْقَوْمَ الَّذِينَ حَمَلُوهَا عَلَى الْوَفَاءِ بِبَيْعَتِهِمْ لِي وَ التَّرْكِ لِنَقْضِهِمْ عَهْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيَّ وَ أَعْطَيْتُهُمْ مِنْ نَفْسِي كُلَّ الَّذِي قَدَرْتُ عَلَيْهِ وَ نَاظَرْتُ بَعْضَهُمْ فَرَجَعَ وَ ذَكَّرْتُ فَذَكَرَ ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَى النَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا جَهْلًا وَ تَمَادِياً وَ غَيّاً فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا هِيَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَكَانَتْ عَلَيْهِمُ الدَّبَرَةُ وَ بِهِمُ الْهَزِيمَةُ وَ لَهُمُ الْحَسْرَةُ وَ فِيهِمُ الْفَنَاءُ وَ الْقَتْلُ وَ حَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى الَّتِي لَمْ أَجِدْ مِنْهَا بُدّاً وَ لَمْ يَسَعْنِي إِذْ فَعَلْتُ ذَلِكَ وَ أَظْهَرْتُهُ آخِراً مِثْلَ الَّذِي وَسِعَنِي مِنْهُ أَوَّلًا مِنَ الْإِغْضَاءِ وَ الْإِمْسَاكِ وَ رَأَيْتُنِي إِنْ أَمْسَكْتُ كُنْتُ مُعِيناً لَهُمْ عَلَيَّ بِإِمْسَاكِي عَلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ وَ طَمِعُوا فِيهِ مِنْ تَنَاوُلِ الْأَطْرَافِ وَ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ قَتْلِ الرَّعِيَّةِ وَ تَحْكِيمِ النِّسَاءِ النَّوَاقِصِ الْعُقُولِ وَ الْحُظُوظِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَعَادَةِ بَنِي الْأَصْفَرِ وَ مَنْ مَضَى مِنْ مُلُوكِ سَبَإٍ وَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ فَأَصِيرُ إِلَى مَا كَرِهْتُ أَوَّلًا [وَ] آخِراً وَ أَهْمَلْتُ الْمَرْأَةَ وَ جُنْدَهَا يَفْعَلُونَ مَا وَصَفْتُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ النَّاسِ وَ لَمْ أَهْجُمْ عَلَى الْأَمْرِ إِلَّا بَعْدَ مَا قَدَّمْتُ وَ أَخَّرْتُ وَ تَأَنَّيْتُ وَ رَاجَعْتُ وَ أَرْسَلْتُ وَ سَافَرْتُ وَ أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ وَ أَعْطَيْتُ الْقَوْمَ كُلَّ شَيْ ءٍ الْتَمَسُوهُ بَعْدَ أَنْ أَعْرَضْتُ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ ءٍ لَمْ يَلْتَمِسُوهُ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ أَقْدَمْتُ عَلَيْهَا فَبَلَغَ اللَّهُ بِي وَ بِهِمْ مَا أَرَادَ وَ كَانَ لِي عَلَيْهِمْ بِمَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِمْ شَهِيداً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا السَّادِسَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَتَحْكِيمُهُمْ وَ مُحَارَبَةُ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ هُوَ طَلِيقُ بْنُ طَلِيقٍ مُعَانِدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ وَ الْمُؤْمِنِينَ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَى أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ عَنْوَةً فَأُخِذَتْ بَيْعَتُهُ وَ بَيْعَةُ أَبِيهِ لِي مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ بَعْدَهُ وَ أَبُوهُ بِالْأَمْسِ

ص: 259


1- المعارضة في خلافه والجهد في اضمحلال اسمه ورسمه بكل الجهد. السبزواري.

أَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَ جَعَلَ يَحُثُّنِي عَلَى النُّهُوضِ فِي أَخْذِ حَقِّي مِنَ الْمَاضِينَ قَبْلِي وَ يُجَدِّدُ لِي بَيْعَتَهُ كُلَّمَا أَتَانِي وَ أَعْجَبُ الْعَجَبِ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى رَبِّي تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ رَدَّ إِلَيَّ حَقِّي وَ أَقَرَّهُ فِي مَعْدِنِهِ وَ انْقَطَعَ طَمَعُهُ أَنْ يَصِيرَ فِي دِينِ اللَّهِ رَابِعاً وَ فِي أَمَانَةٍ حُمِّلْنَاهَا حَاكِماً كَرَّ عَلَى الْعَاصِي بْنِ الْعَاصِ فَاسْتَمَالَهُ فَمَالَ إِلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ بَعْدَ إِذْ أَطْمَعَهُ مِصْرَ وَ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْفَيْ ءِ دُونَ قِسْمِهِ دِرْهَماً وَ حَرَامٌ عَلَى الرَّاعِي إِيصَالُ دِرْهَمٍ إِلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ فَأَقْبَلَ يَخْبِطُ الْبِلَادَ بِالظُّلْمِ وَ يَطَؤُهَا بِالْغَشْمِ فَمَنْ بَايَعَهُ أَرْضَاهُ وَ مَنْ خَالَفَهُ نَاوَاهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَيَّ نَاكِثاً عَلَيْنَا مُغَيِّراً فِي الْبِلَادِ شَرْقاً وَ غَرْباً وَ يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ الْأَنْبَاءُ تَأْتِينِي وَ الْأَخْبَارُ تَرِدُ عَلَيَّ بِذَلِكَ فَأَتَانِي أَعْوَرُ ثَقِيفٍ فَأَشَارَ عَلَيَّ أَنْ أُوَلِّيَهُ الْبِلَادَ الَّتِي هُوَ بِهَا لِأُدَارِيَهُ بِمَا أُوَلِّيهِ مِنْهَا وَ فِي الَّذِي أَشَارَ بِهِ الرَّأْيَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لَوْ وَجَدْتُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي تَوْلِيَتِهِ لِي مَخْرَجاً وَ أَصَبْتُ لِنَفْسِي فِي ذَلِكَ عُذْراً فَأَعْلَمْتُ الرَّأْيَ فِي ذَلِكَ وَ شَاوَرْتُ مَنْ أَثِقُ بِنَصِيحَتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِي وَ لِلْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ رَأْيُهُ فِي ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ كَرَأْيِي يَنْهَانِي عَنْ تَوْلِيَتِهِ وَ يُحَذِّرُنِي أَنْ أُدْخِلَ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ يَدَهُ وَ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَرَانِي أَتَّخِذُ الْمُضِلِّينَ عَضُداً فَوَجَّهْتُ إِلَيْهِ أَخَا بَجِيلَةَ مَرَّةً وَ أَخَا الْأَشْعَرِيِّينَ مَرَّةً كِلَاهُمَا رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا وَ تَابَعَ هَوَاهُ فِيمَا أَرْضَاهُ فَلَمَّا لَمْ أَرَهُ يَزْدَادُ فِيمَا انْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ إِلَّا تَمَادِياً شَاوَرْتُ مَنْ مَعِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْبَدْرِيِّينَ وَ الَّذِينَ ارْتَضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْرَهُمْ وَ رَضِيَ عَنْهُمْ بَعْدَ بَيْعَتِهِمْ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ صُلَحَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَ التَّابِعِينَ فَكُلٌّ يُوَافِقُ رَأْيُهُ رَأْيِي فِي غَزْوِهِ وَ مُحَارَبَتِهِ وَ مَنْعِهِ مِمَّا نَالَتْ يَدُهُ وَ إِنِّي نَهَضْتُ إِلَيْهِ بِأَصْحَابِي أُنْفِذُ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ كُتُبِي وَ أُوَجِّهُ إِلَيْهِ رُسُلِي أَدْعُوهُ إِلَى الرُّجُوعِ عَمَّا هُوَ فِيهِ وَ الدُّخُولِ فِيمَا فِيهِ النَّاسُ مَعِي فَكَتَبَ يَتَحَكَّمُ عَلَيَّ وَ يَتَمَنَّى عَلَيَّ الْأَمَانِيَّ وَ يَشْتَرِطُ عَلَيَّ شُرُوطاً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ وَ لَا الْمُسْلِمُونَ وَ يَشْتَرِطُ فِي

ص: 260

بَعْضِهَا أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْهِ أَقْوَاماً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَبْرَاراً فِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَ أَيْنَ مِثْلُ عَمَّارٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ النَّبِيِ وَ مَا تَقَدَّمَنَا خَمْسَةٌ إِلَّا كَانَ سَادِسَهُمْ وَ لَا أَرْبَعَةٌ إِلَّا كَانَ خَامِسَهُمْ اشْتَرَطَ دَفْعَهُمْ إِلَيْهِ لِيَقْتُلَهُمْ وَ يَصْلِبَهُمْ وَ انْتَحَلَ دَمَ عُثْمَانَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَا أَلَّبَ عَلَى عُثْمَانَ وَ لَا جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قَتْلِهِ إِلَّا هُوَ وَ أَشْبَاهُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ فِي الْقُرْآنِ فَلَمَّا لَمْ أُجِبْ إِلَى مَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ كَرَّ مُسْتَعْلِياً فِي نَفْسِهِ بِطُغْيَانِهِ وَ بَغْيِهِ بِحَمِيرٍ لَا عُقُولَ لَهُمْ وَ لَا بَصَائِرَ فَمَوَّهَ لَهُمْ أَمْراً فَاتَّبَعُوهُ وَ أَعْطَاهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَمَالَهُمْ بِهِ إِلَيْهِ فَنَاجَزْنَاهُمْ وَ حَاكَمْنَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ فَلَمَّا لَمْ يَزِدْهُ ذَلِكَ إِلَّا تَمَادِياً وَ بَغْياً لَقِينَاهُ بِعَادَةِ اللَّهِ الَّتِي عَوَّدَنَا مِنَ النَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَ عَدُوِّنَا وَ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِأَيْدِينَا لَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَفُلُّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ بِهَا حَتَّى يَقْضِيَ الْمَوْتَ عَلَيْهِ وَ هُوَ مُعَلِّمُ رَايَاتِ أَبِيهِ الَّتِي لَمْ أَزَلْ أُقَاتِلُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ فَلَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَوْتِ مَنْجًى إِلَّا الْهَرَبَ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَ قَلَبَ رَايَتَهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَحْتَالُ فَاسْتَعَانَ بِرَأْيِ ابْنِ الْعَاصِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِإِظْهَارِ الْمَصَاحِفِ وَ رَفْعِهَا عَلَى الْأَعْلَامِ وَ الدُّعَاءِ إِلَى مَا فِيهَا وَ قَالَ إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ حِزْبَهُ أَهْلُ بَصَائِرَ وَ رَحْمَةٍ وَ بقيا وَ قَدْ دَعَوْكَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ أَوَّلًا وَ هُمْ مُجِيبُوكَ إِلَيْهِ آخِراً فَأَطَاعَهُ فِيمَا أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ إِذْ رَأَى أَنَّهُ لَا مَنْجَى لَهُ مِنَ الْقَتْلِ أَوْ الْهَرَبِ غَيْرُهُ فَرَفَعَ الْمَصَاحِفَ يَدْعُو إِلَى مَا فِيهَا بِزَعْمِهِ فَمَالَتْ إِلَى الْمَصَاحِفِ قُلُوبُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِي بَعْدَ فَنَاءِ خِيَارِهِمْ وَ جَهْدِهِمْ فِي جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَائِهِمْ عَلَى بَصَائِرِهِمْ فَظَنُّوا أَنَّ ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ لَهُ الْوَفَاءُ بِمَا دَعَا إِلَيْهِ فَأَصْغَوْا إِلَى دَعْوَتِهِ وَ أَقْبَلُوا بِأَجْمَعِهِمْ فِي إِجَابَتِهِ فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مَكْرٌ وَ مِنِ ابْنِ الْعَاصِ مَعَهُ وَ إِنَّهُمَا إِلَى النَّكْثِ أَقْرَبُ مِنْهُمَا إِلَى الْوَفَاءِ فَلَمْ يَقْبَلُوا قَوْلِي وَ لَمْ يُطِيعُوا أَمْرِي وَ أَبَوْا إِلَّا إِجَابَتَهُ كَرِهْتُ أَمْ هَوِيتُ شِئْتُ أَوْ أَبَيْتُ حَتَّى أَخَذَ

ص: 261

بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَلْحِقُوهُ بِابْنِ عَفَّانَ وَ ادْفَعُوهُ إِلَى ابْنِ هِنْدٍ بِرُمَّتِهِ فَجَهَدْتُ عَلِمَ اللَّهُ جَهْدِي وَ لَمْ أَدَعْ عِلَّةً فِي نَفْسِي إِلَّا بَلَّغْتُهَا فِي أَنْ يُخَلُّونِي وَ رَأْيِي فَلَمْ يَفْعَلُوا وَ رَاوَدْتُهُمْ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مِقْدَارِ فُوَاقِ النَّاقَةِ أَوْ رَكْضَةِ الْفَرَسِ فَلَمْ يُجِيبُوا مَا خَلَا هَذَا الشَّيْخَ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَشْتَرِ وَ عُصْبَةً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَوَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَمْضِيَ عَلَى بَصِيرَتِي إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ يُقْتَلَ هَذَانِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) فَيَنْقَطِعَ نَسْلُ رَسُولِ اللَّهِ وَ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ أُمَّتِهِ وَ مَخَافَةُ أَنْ يُقْتَلَ هَذَا وَ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنِّي أَعْلَمُ لَوْ لَا مَكَانِي لَمْ يَقِفَا ذَلِكَ الْمَوْقِفَ فَلِذَلِكَ صَبَرْتُ عَلَى مَا أَرَادَ الْقَوْمُ مَعَ مَا سَبَقَ فِيهِ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا رَفَعْنَا عَنِ الْقَوْمِ سُيُوفَنَا تَحَكَّمُوا فِي الْأُمُورِ وَ تَخَيَّرُوا الْأَحْكَامَ وَ الْآرَاءَ وَ تَرَكُوا الْمَصَاحِفَ وَ مَا دَعَوْا إِلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ مَا كُنْتُ أُحَكِّمُ فِي دِينِ اللَّهِ أَحَداً إِذْ كَانَ التَّحْكِيمُ فِي ذَلِكَ الْخَطَأَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَ لَا امْتِرَاءَ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا ذَلِكَ أَرَدْتُ أَنْ أُحَكِّمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ أَرْضَى رَأْيَهُ وَ عَقْلَهُ وَ أَثِقُ بِنَصِيحَتِهِ وَ مَوَدَّتِهِ وَ دِينِهِ وَ أَقْبَلْتُ لَا أُسَمِّي أَحَداً إِلَّا امْتَنَعَ مِنْهُ ابْنُ هِنْدٍ وَ لَا أَدْعُوهُ إِلَى شَيْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا أَدْبَرَ عَنْهُ وَ أَقْبَلَ ابْنُ هِنْدٍ يُسَوِّمُنَا عَسْفاً وَ مَا ذَلِكَ إِلَّا بِاتِّبَاعِ أَصْحَابِي لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا غَلَبَتِي عَلَى التَّحَكُّمِ تَبَرَّأْتُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُمْ وَ فَوَّضْتُ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ فَقَلَّدُوهُ امْرَأً فَخَدَعَهُ ابْنُ الْعَاصِ خَدِيعَةً ظَهَرَتْ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ أَظْهَرَ الْمَخْدُوعُ عَلَيْهَا نَدَماً ثُمَّ أَقْبَلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَمَّا السَّابِعَةُ(1) يَا أَخَا الْيَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ

ص: 262


1- خروج الرعايا عليه، والقول فيه: بأنك کافر مباح الدم مخالف لكتاب اللّه تعالى وهو صلوات اللّه عليه في تلك المواطن السبعة صابر محتسب راض بما قضى اللّه تعالى له فوطّن نفسه للامتحان مع كمال الشكر والامتنان. السبزواري.

أَنْ أُقَاتِلَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ أَيَّامِي قَوْماً مِنْ أَصْحَابِي يَصُومُونَ النَّهَارَ وَ يَقُومُونَ اللَّيْلَ وَ يَتْلُونَ الْكِتَابَ يَمْرُقُونَ بِخِلَافِهِمْ عَلَيَّ وَ مُحَارَبَتِهِمْ إِيَّايَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ فِيهِمْ ذُو الثُّدَيَّةِ يُخْتَمُ لِي بِقَتْلِهِمْ بِالسَّعَادَةِ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى مَوْضِعِي هَذَا يَعْنِي بَعْدَ الْحَكَمَيْنِ أَقْبَلَ بَعْضُ الْقَوْمِ عَلَى بَعْضٍ بِاللَّائِمَةِ فِيمَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنْ تَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ فَلَمْ يَجِدُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَخْرَجاً إِلَّا أَنْ قَالُوا كَانَ يَنْبَغِي لِأَمِيرِنَا أَنْ لَا يُتَابِعَ مَنْ أَخْطَأَ وَ أَنْ يَقْضِيَ بِحَقِيقَةِ رَأْيِهِ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ وَ قَتْلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنَّا فَقَدْ كَفَرَ بِمُتَابَعَتِهِ إِيَّانَا وَ طَاعَتِهِ لَنَا فِي الْخَطَاءِ وَ أُحِلَّ لَنَا بِذَلِكَ قَتْلُهُ وَ سَفْكُ دَمِهِ فَتَجَمَّعُوا عَلَى ذَلِكَ وَ خَرَجُوا رَاكِبِينَ رُءُوسَهُمْ يُنَادُونَ بِأَعْلَى أَصْوَاتِهِمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ ثُمَّ تَفَرَّقُوا فِرْقَةٌ بِالنُّخَيْلَةِ وَ أُخْرَى بِحَرُورَاءَ وَ أُخْرَى رَاكِبَةٌ رَأْسَهَا تَخْبِطُ الْأَرْضَ شَرْقاً حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ فَلَمْ تَمُرَّ بِمُسْلِمٍ إِلَّا امْتَحَنَتْهُ فَمَنْ تَابَعَهَا اسْتَحْيَتْهُ وَ مَنْ خَالَفَهَا قَتَلَتْهُ فَخَرَجْتُ إِلَى الْأُولَيَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى أَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ فَأَبَيَا إِلَّا السَّيْفَ لَا يَقْنَعُهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَمَّا أَعْيَتِ الْحِيلَةُ فِيهِمَا حَاكَمْتُهُمَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَتَلَ اللَّهُ هَذِهِ وَ هَذِهِ وَ كَانُوا يَا أَخَا الْيَهُودِ لَوْ لَا مَا فَعَلُوا لَكَانُوا رُكْناً قَوِيّاً وَ سَدّاً مَنِيعاً فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا مَا صَارُوا إِلَيْهِ ثُمَّ كَتَبْتُ إِلَى الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ وَ وَجَّهْتُ رُسُلِي تَتْرَى وَ كَانُوا مِنْ جُلَّةِ أَصْحَابِي وَ أَهْلِ التَّعَبُّدِ مِنْهُمْ وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا فَأَبَتْ إِلَّا اتِّبَاعَ أُخْتَيْهَا وَ الِاحْتِذَاءَ عَلَى مِثَالِهِمَا وَ شَرَعَتْ فِي قَتْلِ مَنْ خَالَفَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ تَتَابَعَتْ إِلَيَّ الْأَخْبَارُ بِفِعْلِهِمْ فَخَرَجْتُ حَتَّى قَطَعْتُ إِلَيْهِمْ دِجْلَةَ أُوَجِّهُ السُّفَرَاءَ وَ النُّصَحَاءَ وَ أَطْلُبُ الْعُتْبَى بِجُهْدِي بِهَذَا مَرَّةً وَ بِهَذَا مَرَّةً وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَشْتَرِ وَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَ سَعِيدِ

ص: 263

بْنِ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيِّ وَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَقَتَلَهُمُ اللَّهُ يَا أَخَا الْيَهُودِ عَنْ آخِرِهِمْ وَ هُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ أَوْ يَزِيدُونَ حَتَّى لَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ فَاسْتَخْرَجْتُ ذَا الثُّدَيَّةِ مِنْ قَتْلَاهُمْ بِحَضْرَةِ مَنْ تَرَى لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ الْتَفَتَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَدْ وَفَيْتُ سَبْعاً وَ سَبْعاً يَا أَخَا الْيَهُودِ وَ بَقِينَ الْأُخْرَى وَ أُوشِكُ بِهَا فَكَانَ قَدْ فَبَكَى أَصْحَابُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ بَكَى رَأْسُ الْيَهُودِ وَ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا بِالْأُخْرَى فَقَالَ الْأُخْرَى أَنْ تُخْضَبَ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ مِنْ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى هَامَتِهِ قَالَ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالضَّجَّةِ وَ الْبُكَاءِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِالْكُوفَةِ دَارٌ إِلَّا خَرَجَ أَهْلُهَا فَزِعاً وَ أَسْلَمَ رَأْسُ الْيَهُودِ عَلَى يَدَيْ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ سَاعَتِهِ وَ لَمْ يَزَلْ مُقِيماً حَتَّى قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أُخِذَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَقْبَلَ رَأْسُ الْيَهُودِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ النَّاسُ حَوْلَهُ وَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اقْتُلْهُ قَتَلَهُ اللَّهُ فَإِنِّي رَأَيْتُ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُرْماً مِنِ ابْنِ آدَمَ قَاتِلِ أَخِيهِ وَ مِنَ الْقُدَارِ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُود.

***

باب (101) عبادته وخوفه (عَلَيهِ السَّلَامُ)

البحار: ج17 ص153

6- ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: دَخَلَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ النَّهْشَلِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ صِفْ لِي عَلِيّاً

ص: 264

قَالَ أَ وَ تُعْفِينِي فَقَالَ لَا بَلْ صِفْهُ لِي قَالَ ضِرَارٌ رَحِمَ اللَّهُ عَلِيّاً كَانَ وَ اللَّهِ فِينَا كَأَحَدِنَا يُدْنِينَا إِذَا أَتَيْنَاهُ وَ يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ يُقَرِّبُنَا إِذَا زُرْنَاهُ لَا يُغْلَقُ لَهُ دُونَنَا بَابٌ وَ لَا يَحْجُبُنَا عَنْهُ حَاجِبٌ وَ نَحْنُ وَ اللَّهِ مَعَ تَقْرِيبِهِ لَنَا وَ قُرْبِهِ مِنَّا لَا نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ وَ لَا نَبْتَدِيهِ لِعَظَمَتِهِ فَإِذَا تَبَسَّمَ فَمِنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ زِدْنِي فِي صِفَتِهِ فَقَالَ ضِرَارٌ رَحِمَ اللَّهُ عَلِيّاً كَانَ وَ اللَّهِ طَوِيلُ السُّهَادِ قَلِيلُ الرُّقَادِ يَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَ أَطْرَافَ النَّهَارِ وَ يَجُودُ لِلَّهِ بِمُهْجَتِهِ وَ يَبُوءُ إِلَيْهِ بِعَبْرَتِهِ لَا تُغْلَقُ لَهُ السُّتُورُ وَ لَا يَدَّخِرُ عَنَّا الْبُدُورَ وَ لَا يَسْتَلِينُ الِاتِّكَاءَ وَ لَا يَسْتَخْشِنُ الْجَفَاءَ (1) وَ لَوْ رَأَيْتَهُ إِذْ مُثِّلَ فِي مِحْرَابِهِ وَ قَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ وَ غَارَتْ نُجُومَهُ وَ هُوَ قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَ يَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا دُنْيَا أَ بِي تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ أَبَنْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْكِ ثُمَّ يَقُولُ وَاهٍ وَاهٍ لِبُعْدِ السَّفَرِ وَ قِلَّةِ الزَّادِ وَ خُشُونَةِ الطَّرِيقِ قَالَ فَبَكَى مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ حَسْبُكَ يَا ضِرَارُ كَذَلِكَ وَ اللَّهِ كَانَ عَلِيٌّ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَن.

باب (107) جوامع مکارم أخلاقه وآدابه وسننه وعدله وحسن سياسته صلوات الله عليه

البحار : ج 17 ص 222

29 – عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَجَلِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ مِيثَمٍ التَّمَّارِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ: أَتَى أَمِيرَ

ص: 265


1- يظهر منه أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يتكِ في عمره. السبزواري.

الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَهْطٌ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَخْرَجْتَ هَذِهِ الْأَمْوَالَ فَفَرَّقْتَهَا فِي هَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءِ وَ الْأَشْرَافِ وَ فَضَّلْتَهُمْ عَلَيْنَا حَتَّى إِذَا اسْتَوْسَقَتِ الْأُمُورُ عُدْتَ إِلَى أَفْضَلِ مَا عَوَّدَكَ اللَّهُ مِنَ الْقَسْمِ بِالسَّوِيَّةِ وَ الْعَدْلِ فِي الرَّعِيَّةِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَيْحَكُمْ أَ تَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا وَ اللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ وَ مَا رَأَيْتُ فِي السَّمَاءِ نَجْماً وَ اللَّهِ لَوْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ مَالِي لَسَاوَيْتُ بَيْنَهُمْ فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُهُمْ قَالَ ثُمَّ أَرَمَّ سَاكِتاً طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ كَانَ فِيكُمْ لَهُ مَالٌ فَإِيَّاكُمْ وَ الْفَسَادَ فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَ إِسْرَافٌ وَ هُوَ يَرْفَعُ ذِكْرَ صَاحِبِهِ فِي النَّاسِ وَ يَضَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلَّا حَرَمَهُ اللَّهُ شُكْرَهُمْ وَ كَانَ لِغَيْرِهِ وُدُّهُمْ فَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ مِمَّنْ يُظْهِرُ الشُّكْرَ لَهُ وَ يُرِيهِ النُّصْحَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مَلَقٌ مِنْهُ وَ كَذِبٌ فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِمُ النَّعْلُ ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ وَ مُكَافَاتِهِمْ فَأَلْأَمُ خَلِيلٍ وَ شَرُّ خَدِينٍ وَ لَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْحَظِّ فِيمَا أَتَى إِلَّا مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ وَ ثَنَاءُ الْأَشْرَارِ مَا دَامَ عَلَيْهِ مُنْعِماً مُفْضِلًا وَ مَقَالَةُ الْجَاهِلِ مَا أَجْوَدَهُ وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ بَخِيلٌ فَأَيُّ حَظٍّ أَبْوَرُ وَ أَخْسَرُ مِنْ هَذَا الْحَظِّ وَ أَيُّ فَائِدَةٍ مَعْرُوفٍ أَقَلُّ مِنْ هَذَا الْمَعْرُوفِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَهُ مَالٌ فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ وَ لْيُحْسِنْ مِنْهُ الضِّيَافَةَ وَ لْيَفُكَّ بِهِ الْعَانِيَ وَ الْأَسِيرَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ فَإِنَّ الْفَوْزَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ مَكَارِمُ الدُّنْيَا وَ شَرَفُ الْآخِرَة. (1)

***

مادات والنباتات

البحار: ج17 ص303

7- رُوِيَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ

ص: 266


1- هذه الكلمات ينبغي أن تكتب بالنور على خدود الحور. السبزواري.

عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ وَقْعَةِ صِفِّينَ وَقَفَ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قَالَ أَيُّهَا الْوَادِي مَنْ أَنَا فَاضْطَرَبَ وَ تَشَقَّقَتْ أَمْوَاجُهُ وَ قَدْ حَضَرَ النَّاسُ وَ قَدْ سَمِعُوا مِنَ الْفُرَاتِ أَصْوَاتاً- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ. (1)

***

باب (114) معجزات كلامه من إخباره باللغات، وعلمه باللغات وبلاغته وفصاحته صلوات اللّه عليه

البحار: ج 17 ص 330

18 - رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: مَرَّ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ لَمَّا مَرَّ بِهِ أَصْحَابُهُ وَ قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ يَبْكِي وَ يَقُولُ هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَ هَذَا مُلْقَى رِحَالِهِمْ هَاهُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ طُوبَى لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَيْهَا تُرَاقُ دِمَاءُ الْأَحِبَّةِ وَ قَالَ الْبَاقِرُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) خَرَجَ عَلِيٌّ يَسِيرُ بِالنَّاسِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِكَرْبَلَاءَ عَلَى مِيلَيْنِ أَوْ مِيلٍ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى طَافَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهَا الْمقدفان فَقَالَ قُتِلَ فِيهَا مِائَتَا نَبِيٍّ وَ مِائَتَا سِبْطٍ كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ وَ مُنَاخُ رِكَابٍ وَ مَصَارِعُ عُشَّاقٍ شُهَدَاءَ لَا يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ لَا يَلْحَقُهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ. (2)

البحار: ج 17 ص 335

33 - رُوِيَ أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَتَى الْحَسَنَ الْبَصْرِيَ يَتَوَضَّأُ فِي سَاقِيَةٍ فَقَالَ أَسْبِغْ

ص: 267


1- يمكن أن يستشهد بهذا الخبر على الشهادة الثالثة. السبزواري
2- فائدة: ما رأيت لفظ العشاق في أخبار المعصومين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) إلا في هذا الموضع. السبزواري.

طَهُورَكَ يَا لَفْتَى(1) قَالَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ رِجَالًا كَانُوا يُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ قَالَ وَ إِنَّكَ لَحَزِينٌ عَلَيْهِمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَطَالَ اللَّهُ حُزْنَكَ قَالَ أَيُّوبُ السِّجِسْتَانِيُّ فَمَا رَأَيْنَا الْحَسَنَ قَطُّ إِلَّا حَزِيناً كَأَنَّهُ يَرْجِعُ عَنْ دَفْنِ حَمِيمٍ أَوْ خَرْبَنْدَجٌ ضَلَّ حِمَارُهُ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ عَمِلَ فِيَّ دَعْوَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَ لَفْتَى بِالنَّبَطِيَّةِ شَيْطَانٌ وَ كَانَتْ أُمُّهُ سَمَّتْهُ بِذَلِكَ وَ دَعَتْهُ فِي صِغَرِهِ فَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ حَتَّى دَعَاهُ بِهِ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

***

ص: 268


1- أقول: والحسن من الشياطين الإنسية كما لا يخفى على من راجع حالاته السبزواري.

أبواب وفاته صلوات اللّه عليه

باب (127) كيفية شهادته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ووصيته وغسله والصلاة عليه ودفنه

البحار: ج 17 ص 506

10 - أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) خَرَجَ يُوقِظُ النَّاسَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَضَرَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ بِالسَّيْفِ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ فَوَقَعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ أَخَذَهُ فَالْتَزَمَهُ حَتَّى أَخَذَهُ النَّاسُ وَ حُمِلَ عَلِيٌّ حَتَّى أَفَاقَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) احْبِسُوا هَذَا الْأَسِيرَ وَ أَطْعِمُوهُ وَ اسْقُوهُ وَ أَحْسِنُوا إِسَارَهُ فَإِنْ عِشْتُ فَأَنَا أَوْلَى بِمَا صَنَعَ فِيَّ إِنْ شِئْتُ اسْتَقَدْتُ وَ إِنْ شِئْتُ صَالَحْتُ وَ إِنْ مِتُّ فَذَلِكَ إِلَيْكُمْ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ. (1)

البحار : ج 17 ص 510

14 - مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بدرج [بُزُرْجَ] الْجَاحِظِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْيَسَعِ قَالَ: جَاءَنِي سَعْدٌ الْإِسْكَافُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ تَحْمِلُ الْحَدِيثَ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لَمَّا أُصِيبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) غَسِّلَانِي وَ كَفِّنَانِي وَ حَنِّطَانِي وَ احْمِلَانِي عَلَى سَرِيرِي وَ احْمِلَا مُؤَخَّرَهُ تُكْفَيَانِ مُقَدَّمَهُ وَ فِي رِوَايَةِ الْكُلَيْنِيِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)- لَمَّا غُسِّلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نُودُوا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ إِنْ أَخَذْتُمْ مُقَدَّمَ السَّرِيرِ كُفِيتُمْ مُؤَخَّرَهُ

ص: 269


1- فيه أن القتل لم يكن في حال الصلاة. السبزواري.

وَ إِنْ أَخَذْتُمْ مُؤَخَّرَهُ كُفِيتُمْ مُقَدَّمَهُ رَجَعْنَا إِلَى تَمَامِ الْحَدِيثِ فَإِنَّكُمَا تَنْتَهِيَانِ إِلَى قَبْرٍ مَحْفُورٍ وَ لَحْدٍ مَلْحُودٍ وَ لَبِنٍ مَحْفُوظٍ فَأَلْحِدَانِي وَ أَشْرِجَا عَلَيَّ اللَّبِنَ وَ ارْفَعَا لَبِنَةً مِمَّا عِنْدَ رَأْسِي فَانْظُرَا مَا تَسْمَعَانِ فَأَخَذَا اللَّبِنَةَ مِنْ عِنْدِ الرَّأْسِ بَعْدَ مَا أَشْرَجَا عَلَيْهِ اللَّبِنَ فَإِذاً لَيْسَ بِالْقَبْرِ شَيْ ءٌ وَ إِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ عَبْداً صَالِحاً فَأَلْحَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِالْأَوْصِيَاءِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى لَوْ أَنَّ نَبِيّاً مَاتَ فِي الشَّرْقِ وَ مَاتَ وَصِيُّهُ فِي الْغَرْبِ أَلْحَقَ اللَّهُ الْوَصِيَّ بِالنَّبِيِ.(1)

البحار: ج 17 ص 011

105 - ذَكَرَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَعَدٍّ الْمُوسَوِيُّ قَالَ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْحَدِيثِيَّةِ الْقَدِيمَةِ مَا صُورَتُهُ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الدَّهَّانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى ابْنُ أَخِي الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَعْفَرِيُّ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي وَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّهَا أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَرَ ابْنَهُ الْحَسَنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يَحْفِرَ لَهُ أَرْبَعَ قُبُورٍ فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ فِي الْمَسْجِدِ وَ فِي الرَّحْبَةِ وَ فِي الْغَرِيِّ وَ فِي دَارِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ(2) وَ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَحَدٌ مِنْ أَعْدَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِه.

البحار: ج 17 ص 523

44 - أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ(3) قَالَ: أَوْصَى عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ مَوْتِهِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِما السَّلَامُ) وَ قَالَ لَهُمَا إِنْ أَنَا مِتُ فَإِنَّكُمَا سَتَجِدَانِ عِنْدَ رَأْسِي حَنُوطاً مِنَ الْجَنَّةِ وَ ثَلَاثَةَ أَكْفَانٍ مِنْ إِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ فَغَسِّلُونِي وَحَنِّطُونِي بِالْحَنُوطِ

ص: 270


1- فيه أن جسد أمير المؤمنين بعد الدفن رفع إلى السماء بلا فصل. السبزواري.
2- هو ابن أخت أمير المؤمنين. السبزواري.
3- الحسن البصري مذموم، وهذا من مجعولاته. السبزواري.

وَكَفِّنُونِي قَالَ الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَوَجَدْنَا عِنْدَ رَأْسِهِ طَبَقاً مِنَ الذَّهَبِ عَلَيْهِ خَمْسُ شَمَّامَاتٍ مِنْ كَافُورِ الْجَنَّةِ وَ سِدْراً مِنْ سِدْرِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ غُسْلِهِ وَ تَكْفِينِهِ أَتَى الْبَعِيرُ فَحَمَلُوهُ عَلَى الْبَعِيرِ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ وَ كَانَ قَالَ فَسَيَأْتِي الْبَعِيرُ إِلَى قَبْرِي فَيُقِيمُ عِنْدَهُ فَأَتَى الْبَعِيرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمَ أَحَدٌ مَنْ حَفَرَهُ فَأُلْحِدَ فِيهِ بَعْدَ مَا صُلِّيَ عَلَيْهِ وَ أَظَلَّتِ النَّاسَ غَمَامَةٌ بَيْضَاءُ وَ طُيُورٌ بِيضٌ فَلَمَّا دُفِنَ ذَهَبَتِ الْغَمَامَةُ وَ الطُّيُورُ.

البحار: ج 17 ص 530 س9

وَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوارِزْمِيِ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ عَلِيٌ (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَحَامَلَ وَ صَلَّى بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ(1) وَ قَالَ عَلَيَّ بِالرَّجُلِ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَ لَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكَ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا قَالَ شَحَذْتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ شَرَّ خَلْقِهِ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَا أَرَاكَ إِلَّا مَقْتُولًا بِهِ وَ مَا أَرَاكَ إِلَّا مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَل.

البحار: ج 17 ص 534

54 - مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقُضْبَانِيُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَلْحٍ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْيَشْكُرِيِّ(2) عَنْ قُدَامَةَ الْأَوْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّلَعِيِّ وَ كَانَ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَوَّفْتُ عَلَى نَفْسِي الْفِتْنَةَ فَاعْتَزَمْتُ عَلَى اعْتِزَالِ النَّاسِ فَتَنَحَّيْتُ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَقَمْتُ فِيهِ حِيناً لَا أَدْرِي مَا فِيهِ النَّاسُ فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي لِبَعْضِ حَوَائِجِي وَ قَدْ هَدَأَ اللَّيْلُ وَ نَامَ النَّاسُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَى

ص: 271


1- يظهر من هذا التعبير أنّ الضرب كان قبل الشروع في الصلاة وانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) صلّي بعد الضرب. السبزواري.
2- اليشكري منسوب إلى قبيلة يشكر، وهي قبائل متعددة. ثمّ إنّ رجال هذا الحديث كلّهم بین مجهول وضعيف إلّا إسماعيل فإنه لا يبعد حسنه. السبزواري.

سَاحِلِ الْبَحْرِ يُنَاجِي رَبَّهُ وَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ بِصَوْتٍ أَشَجَ وَ قَلْبٍ حَزِينٍ فَأَنِسْتُ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَانِي فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ يَا خَلِيفَةَ النَّبِيِّينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ الْبَدِي ءُ الْبَدِيعُ الَّذِي لَيْسَ مِثْلَكَ شَيْ ءٌ وَ الدَّائِمُ غَيْرُ الْغَافِلِ وَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَنْتَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ أَنْتَ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ نَاصِرُ مُحَمَّدٍ وَ مُفَضِّلُ مُحَمَّدٍ أَسْأَلُكَ أَنْ تَنْصُرَ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ وَ خَلِيفَةَ مُحَمَّدٍ وَ الْقَائِمَ بِالْقِسْطِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ اعْطِفْ عَلَيْهِ بِنَصْرٍ أَوْ تَوَفَّهُ بِرَحْمَةٍ قَالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ جَلَسَ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ إِنَّهُ سَلَّمَ فِيمَا أَحْسَبُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ فَنَادَيْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ كَلِّمْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ وَ قَالَ الْهَادِي خَلْفَكَ فَاسْأَلْهُ عَنْ أَمْرِ دِينِكَ قَالَ قُلْتُ مَنْ هُوَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْ بَعْدِهِ فَخَرَجْتُ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْكُوفَةِ فَأَمْسَيْتُ دُونَهَا فَبِتُّ قَرِيباً مِنَ الْحِيرَةِ فَلَمَّا جُنَّ لِيَ اللَّيْلُ إِذْ أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ حَتَّى اسْتَتَرَ بِرَابِيَةٍ ثُمَّ صَفَّ قَدَمَيْهِ فَأَطَالَ الْمُنَاجَاةَ فَكَانَ فِيمَا قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي سِرْتُ فِيهِمْ بِمَا أَمَرَنِي رَسُولُكَ وَ صَفِيُّكَ فَظَلَمُونِي وَ قَتَلْتُ الْمُنَافِقِينَ كَمَا أَمَرْتَنِي فَجَهِلُونِي وَ قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِي وَ أَبْغَضْتُهُمْ وَ أَبْغَضُونِي وَ لَمْ تَبْقَ خَلَّةٌ أَنْتَظِرُهَا إِلَّا الْمُرَادِيَّ اللَّهُمَّ فَعَجِّلِ لَهُ الشَّقَاءَ وَ تَغَمَّدْنِي بِالسَّعَادَةِ اللَّهُمَّ قَدْ وَعَدَنِي نَبِيُّكَ أَنْ تَتَوَفَّانِي إِلَيْكَ إِذَا سَأَلْتُكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ رَغِبْتُ إِلَيْكَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَضَى فَتَبِعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ فَلَمْ أَلْبَثْ إِذْ نَادَى الْمُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَ وَ تَبِعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَعَمَّهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بِالسَّيْف.

البحار: ج 17 ص 538 س 7

تذنيب سئل الشيخ المفيد قدس الله روحه في المسائل العكبرية الإمام عندنا مجمع على أنه يعلم ما يكون فما بال أمير المؤمنين (علیه السلام) خرج إلى المسجد و هو يعلم أنه مقتول و قد عرف قاتله و الوقت و الزمان و ما بال الحسين بن علي (علیه السلام) سار إلى الكوفة و قد علم أنهم يخذلونه و لا ينصرونه و أنه مقتول في سفرته تيك و لم لما حصروا

ص: 272

وعرف أن الماء قد منع منه وأنه إن حفر أذرعا قريبة نبع الماء ولم يحفر وأعان على نفسه حتّى تلف عطشا والحسن وادع معاوية وهادنه وهو يعلم أنه ينكث ولا يفي شيعة أبيما؟فأجاب الشيخ رحمه الله عنها بقوله. وأما الجواب عن قوله إن الإمام يعلم ما يكون فإجماعنا أن الأمر على خلاف ما قال وما أجمعت الشيعة على هذا القول وإنما إجماعهم ثابت على أن الإمام يعلم الحكم في كل ما يكون دون أن يكون عالما بأعيان ما يحدث ويكون على التفصيل والتمييز وهذا يسقط الأصل الذي بني عليه الأسولة بأجمعها ولسنا منع أن يعلم الإمام أعيان ما يحدث ويكون بإعلام الله تعالى له ذلك فأما القول بأنه يعلم كل ما يكون فلسنا نطلقه ولا نصوب قائله الدعواه فيه من غير حجة ولا بیان والقول بأن أمير المؤمنين كان يعلم قاتله والوقت الذي كان يقتل فيه فقد جاء الخبر متظاهرا أنه كان يعلم في الجملة أنه مقتول وجاء أيضاً بأنه يعلم قاتله على التفصيل فأما علمه بوقت قتله فلم يأت عليه أثر على التحصيل ولو جاء به أثر لم يلزم فيه ما يظنه المعترضون إذ كان لا يمتنع أن يتعبده الله تعالى بالصبر على الشهادة(1)

والاستسلام للقتل ليبلغه بذلك علو الدرجات ما لا يبلغه إلا به ولعلمه بأنه يطيعه في ذلك طاعة لوكلفها سواه لم يردها ولا يكون بذلك أمير المؤمنين الإملقيا بيده إلى التهلكة ولا معينا على نفسه معونة تستقبح في العقول. وأما علم الحسين بأن أهل الكوفة خاذلوه فلسنا نقطع على ذلك إذ لا حجة عليه من عقل ولا سمع ولو كان عالما بذلك لكان الجواب عنه ما قدمناه في الجواب عن علم أمير المؤمنين الابوقت قتله ومعرفة قاتله كما ذكرناه وأما دعواه علينا أنا نقول إن الحسين الاكان عالما بموضع الماء قادرا علیه فلسنا نقول

ص: 273


1- (1) فيكون نظير الجهاد الذي يطمئن بعدم الظفر على العدو بل يقتل وهو مع ذلك واجب. السبزواري.

ذلك ولا جاء به خبر على أن طلب الماء والاجتهاد فيه يقضي بخلاف ذلك ولو ثبت أنه كان عالما بوضع الماء لم يمتنع في العقول أن يكون متعبدا بترك السعي في طلب الماء من حيث كان ممنوعا منه حسب ما ذكرناه في أمير المؤمنين غير أن ظاهر المحال بخلاف ذلك على ما قدمناه. والكلام في علم الحسن العاقبة موادعته معاوية بخلاف ما تقدم وقد جاء للخبر بعلمه بذلك وكان شاهد الحال له يقضي به غير أنه دفع به عن تعجيل قتله و تسليم أصحابه له إلى معاوية وكان في ذلك لطف في بقائه إلى حال مضيه ولطف لبقاء كثير من شيعته وأهله وولده ودفع فساد في الدين هو أعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته وكان لا أعلم بما صنع لما ذكرناه وبینا الوجوه فيه انتهى كلامه رفع الله مقامه.

البحار: ج 17 ص 39ه س 12

تذييل: رَأَيْنَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ رِوَايَةً فِي كَيْفِيَّةِ شَهَادَتِهِ (عليه السّلام) أَوْرَدْنَا مِنْهُ شَيْئاً مِمَّا يُنَاسِبُ كِتَابَنَا هَذَا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ قَالَ رَوَى أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيُّ(1) عَنْ لُوطِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَشْيَاخِهِ وَ أَسْلَافِهِ قَالُوا لَمَّا تُوُفِّيَ عُثْمَانُ وَ بَايَعَ النَّاسُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حَبِيبُ بْنُ الْمُنْتَجَبِ وَالِياً عَلَى بَعْضِ أَطْرَافِ الْيَمَنِ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ فَأَقَرَّهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى عَمَلِهِ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَاباً يَقُولُ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى حَبِيبِ بْنِ الْمُنْتَجَبِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ أُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ رَسُولِهِ وَ بَعْدُ فَإِنِّي وَلَّيْتُكَ مَا كُنْتَ عَلَيْهِ لِمَنْ كَانَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْسِكْ عَلَى عَمَلِكَ وَ إِنِّي أُوصِيكَ بِالْعَدْلِ فِي رَعِيَّتِكَ وَ الْإِحْسَانِ إِلَى أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ وُلِّيَ عَلَى

ص: 274


1- أبو الحسن البكري لا يعتمد على ما تفرد به. السبزواري.

رِقَابِ عَشَرَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمْ حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يَدَاهُ مَغْلُولَتَانِ إِلَى عُنُقِهِ لَا يَفُكُّهَا إِلَّا عَدْلُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ كِتَابِي هَذَا فَاقْرَأْهُ عَلَى مَنْ قِبَلَكَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَ خُذْ لِيَ الْبَيْعَةَ عَلَى مَنْ حَضَرَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا بَايَعَ الْقَوْمُ مِثْلَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَامْكُثْ فِي عَمَلِكَ وَ أَنْفِذْ إِلَيَّ مِنْهُمْ عَشَرَةً يَكُونُونَ مِنْ عُقَلَائِهِمْ وَ فُصَحَائِهِمْ وَ ثِقَاتِهِمْ مِمَّنْ يَكُونُ أَشَدَّهُمْ عَوْناً مِنْ أَهْلِ الْفَهْمِ وَ الشَّجَاعَةِ

عَارِفِينَ بِاللَّهِ عَالِمِينَ بِأَدْيَانِهِمْ وَ مَا لَهُمْ وَ مَا عَلَيْهِمْ وَ أَجْوَدَهُمْ رَأْياً وَ عَلَيْكَ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ طَوَى الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ وَ أَرْسَلَهُ مَعَ أَعْرَابِيٍّ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ قَبَّلَهُ وَ وَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَ رَأْسِهِ فَلَمَّا قَرَأَهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ وَ قَدْ بَايَعَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ الْعَبْدَ الصَّالِحَ وَ الْإِمَامَ النَّاصِحَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ خَلِيفَتَهُ وَ هُوَ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ وَ هُوَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ كَاشِفُ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ وَصِيُّهُ وَ أَبُو سِبْطَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَمَا تَقُولُونَ فِي بَيْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ وَ قَالُوا سَمْعاً وَ طَاعَةً وَ حُبّاً وَ كَرَامَةً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَخِي رَسُولِهِ فَأَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ عَامَّةً فَلَمَّا بَايَعُوا قَالَ لَهُمْ أُرِيدُ مِنْكُمْ عَشَرَةً مِنْ رُؤَسَائِكُمْ وَ شُجْعَانِكُمْ أُنْفِذُهُمْ إِلَيْهِ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ فَقَالُوا سَمْعاً وَ طَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ مِائَةً ثُمَّ مِنَ الْمِائَةِ سَبْعِينَ ثُمَّ مِنَ السَّبْعِينَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ مِنَ الثَّلَاثِينَ عَشَرَةً فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ خَرَجُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ فَلَمَّا أَتَوْهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ هَنَّئُوهُ بِالْخِلَافَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ وَ رَحَّبَ بِهِمْ فَتَقَدَّمَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَ الْبَدْرُ التَّمَامُ وَ اللَّيْثُ الْهُمَامُ وَ الْبَطَلُ الضِّرْغَامُ وَ الْفَارِسُ الْقَمْقَامُ وَ مَنْ فَضَّلَهُ اللَّهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنَامِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى آلِكَ الْكِرَامِ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صِدْقاً وَ حَقّاً وَ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَحَدَ حَقَّكَ

ص: 275

وَ مَقَامَكَ أَصْبَحْتَ أَمِيرَهَا وَ عَمِيدَهَا لَقَدِ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْبَرِيَّةِ عَدْلُكَ وَ هَطَلَتْ شَآبِيبُ فَضْلِكَ وَ سَحَائِبُ رَحْمَتِكَ وَ رَأْفَتِكَ عَلَيْهِمْ وَ لَقَدْ أَنْهَضَنَا الْأَمِيرُ إِلَيْكَ فَسُرِرْنَا بِالْقُدُومِ عَلَيْكَ فَبُورِكْتَ بِهَذِهِ الطَّلْعَةِ الْمَرْضِيَّةِ وَ هُنِّئْتَ بِالْخِلَافَةِ فِي الرَّعِيَّةِ.فَفَتَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَيْنَيْهِ فِي وَجْهِهِ وَ نَظَرَ إِلَى الْوَفْدِ فَقَرَّبَهُمْ وَ أَدْنَاهُمْ فَلَمَّا جَلَسُوا دَفَعُوا إِلَيْهِ الْكِتَابَ فَفَضَّهُ وَ قَرَأَهُ وَ سُرَّ بِمَا فِيهِ فَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ وَ رِدَاءٍ عَدَنَيَّةٍ وَ فَرَسٍ عَرَبِيَّةٍ وَ أَمَرَ أَنْ يُفْتَقَدُوا وَ يُكْرِمُوا فَلَمَّا نَهَضُوا قَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أَنْشَدَ

أَنْتَ الْمُهَيْمِنُ وَ الْمُهَذَّبُ ذُو النَّدَى*** وَ ابْنُ الضَّرَاغِمِ فِي الطِّرَازِ الْأَوَّلِ

اللَّهُ خَصَّكَ يَا وَصِيَّ مُحَمَّدٍ*** وَ حَبَاكَ فَضْلًا فِي الْكِتَابِ الْمُنْزَلِ

وَ حَبَاكَ بِالزَّهْرَاءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ*** ُورِيَّةٍ بِنْتِ النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ.

ثمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ارْمِ بِنَا حَيْثُ شِئْتَ لِتَرَى مِنَّا مَا يَسُرُّكَ فَوَ اللَّهِ مَا فِينَا إِلَّا كُلُّ بَطَلٍ أَهْيَسَ(1) وَ حَازِمٍ أَكْيَسَ وَ شُجَاعٍ أَشْوَسَ وَرِثْنَا ذَلِكَ عَنِ الْآبَاءِ وَ الْأَجْدَادِ وَ كَذَلِكَ نُورِثُهُ صَالِحَ الْأَوْلَادِ قَالَ فَاسْتَحْسَنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَلَامَهُ مِنْ بَيْنِ الْوَفْدِ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ يَا غُلَامُ قَالَ اسْمِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ لَهُ أَ مُرَادِيٌّ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عليه السّلام) إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ وَ جَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُكَرِّرُ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَ يَسْتَرْجِعُ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ أَ مُرَادِيٌّ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَعِنْدَهَا تَمَثَّلَ (عليه السّلام) يَقُولُ

أَنَا أَنْصَحُكَ مِنِّي بِالْوَدَادِ*** مُكَاشَفَةً وَ أَنْتَ مِنَ الْأَعَادِي

ص: 276


1- الأهوس الشجاع المجرب الجريء في الشيء. الأشوس: الشديد الجريء في القتال. ج17 ص 540 س 19السبزواري.

أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَ يُرِيدُ قَتْلِي*** عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادٍ.

البحار: ج 17 ص 562 س 3

قَالَ وَ أَقَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ بِالْكُوفَةِ إِلَى أَنْ خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى غَزَاةِ النَّهْرَوَانِ فَخَرَجَ ابْنُ مُلْجَمٍ مَعَهُ وَ قَاتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ قِتَالًا شَدِيداً فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَتَقَدَّمَكَ إِلَى الْمِصْرِ لِأُبَشِّرَ أَهْلَهُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ النَّصْرِ فَقَالَ لَهُ مَا تَرْجُو بِذَلِكَ قَالَ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ وَ الشُّكْرَ مِنَ النَّاسِ وَ أَفْرَحُ الْأَوْلِيَاءَ وَ أُكْمِدُ الْأَعْدَاءَ فَقَالَ لَهُ شَأْنَكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِخَلْعَةٍ سَنِيَّةٍ وَ عِمَامَتَيْنِ وَ فَرَسَيْنِ وَ سَيْفَيْنِ وَ رُمْحَيْنِ فَسَارَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ دَخَلَ الْكُوفَةَ وَ جَعَلَ يَخْتَرِقُ أَزِقَّتَهَا وَ شَوَارِعَهَا وَ هُوَ يُبَشِّرُ النَّاسَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَدْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ فِي نَفْسِهِ فَانْتَهَى بِهِ الطَّرِيقُ إِلَى مَحَلَّةِ بَنِي تَمِيمٍ فَمَرَّ عَلَى دَارٍ تُعْرَفُ بِالْقَبِيلَةِ وَ هِيَ أَعْلَى دَارٍ بِهَا وَ كَانَتْ لِقَطَامِ بِنْتِ سُخَيْنَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ تَيْمٍ اللَّاتِ وَ كَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَ الْجَمَالِ وَ الْبَهَاءِ وَ الْكَمَالِ فَلَمَّا سَمِعَتْ كَلَامَهُ بَعَثَتْ إِلَيْهِ وَ سَأَلَتْهُ النُّزُولَ عِنْدَهَا سَاعَةً لِتَسْأَلَهُ عَنْ أَهْلِهَا فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ مَنْزِلِهَا وَ أَرَادَ النُّزُولَ عَنْ فَرَسِهِ خَرَجَتْ إِلَيْهِ ثُمَّ كَشَفَتْ لَهُ عَنْ وَجْهِهَا وَ أَظْهَرَتْ لَهُ مَحَاسِنَهَا فَلَمَّا رَآهَا أَعْجَبَتْهُ وَ هَوَاهَا مِنْ وَقْتِهِ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ دَخَلَ إِلَيْهَا وَ جَلَسَ فِي دِهْلِيزِ الدَّار... (1).

البحار: ج 17 ص 101 - 503 س 29

قَالَ الرَّاوِي وَ كَانَ مِنْ كَرَمِ أَخْلَاقِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ يَتَفَقَّدُ النَّائِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ وَ يَقُولُ لِلنَّائِمِ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ الصَّلَاةَ قُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْكَ ثُمَّ يَتْلُو (عَلَيهِ السَّلَامُ) (إِنَّ

ص: 277


1- أقول: يظهر لمن تأمل حال قطام عليها اللعنة أنها كانت من الفواحش لكن لا لكل أحد بحيث كانت مبذولة بل لأهل الترقه من الشباب وذوي الجمال منهم. كما أنه يظهر لمن تأمل أن عبد الرحمن کان ولد زناء وشرب لبن اليهودية ونشأ عليه وحملت به أمه في الحيض. السبزواري.

الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ) فَفَعَلَ ذَلِكَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ عَلَى مَجَارِي عَادَتِهِ مَعَ النَّائِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ (1)حَتَّى إِذَا بَلَغَ إِلَى الْمَلْعُونِ فَرَآهُ نَائِماً عَلَى وَجْهِهِ قَالَ لَهُ يَا هَذَا قُمْ مِنْ نَوْمِكَ هَذَا فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ يَمْقُتُهَا اللَّهُ وَ هِيَ نَوْمَةُ الشَّيْطَانِ وَ نَوْمَةُ أَهْلِ النَّارِ بَلْ نَمْ عَلَى يَمِينِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْعُلَمَاءِ أَوْ عَلَى يَسَارِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْحُكَمَاءِ وَ لَا تَنَمْ عَلَى ظَهْرِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ.قَالَ فَتَحَرَّكَ الْمَلْعُونُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ وَ هُوَ مِنْ مَكَانِهِ لَا يَبْرَحْ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَقَدْ هَمَمْتَ بِشَيْ ءٍ (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) وَ لَوْ شِئْتَ لَأَنْبَأْتُكَ بِمَا تَحْتَ ثِيَابِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ عَدَلَ عَنْهُ إِلَى مِحْرَابِهِ وَ قَامَ قَائِماً يُصَلِّي وَ كَانَ (عليه السّلام) يُطِيلُ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ كَعَادَتِهِ فِي الْفَرَائِضِ وَ النَّوَافِلِ (2)حَاضِراً قَلْبُهُ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ فَنَهَضَ الْمَلْعُونُ مُسْرِعاً وَ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى وَقَفَ بِإِزَاءِ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَ الْإِمَامُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُصَلِّي عَلَيْهَا فَأَمْهَلَهُ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَ رَكَعَ وَ سَجَدَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْهَا وَ رَفَعَ رَأْسَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ السَّيْفَ وَ هَزَّهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ الْمُكرَّمِ الشَّرِيفِ فَوَقَعَتِ الضَّرْبَةُ عَلَى الضَّرْبَةِ الَّتِي ضَرَبَهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدَ وُدٍّ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَخَذَتِ الضَّرْبَةُ إِلَى مَفْرَقِ رَأْسِهِ إِلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ فَلَمَّا أَحَسَّ الْإِمَامُ بِالضَّرْبِ لَمْ يَتَأَوَّهْ وَ صَبَرَ وَ احْتَسَبَ وَ وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ وَ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ صَاحَ وَ قَالَ قَتَلَنِي ابْنُ مُلْجَمٍ قَتَلَنِي اللَّعِينُ ابْنُ الْيَهُودِيَّةِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَفُوتَنَّكُمْ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ سَارَ السَّمُّ فِي رَأْسِهِ وَ بَدَنِهِ وَ ثَارَ جَمِيعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فِي طَلَبِ الْمَلْعُونِ وَ مَاجُوا بِالسِّلَاحِ فَمَا كُنْتُ أَرَى إِلَّا

ص: 278


1- لا يخفى أن المجلسي لم يسند هذه الرواية إلى المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ)ولم يعلم هذا الراوي من هو حتّى يتفحص عن حاله في الرجال أيكون ثقة أم لا؟ السبزواري.
2- يظهر من مجموع الخبر أن شهادته علا كانت في صلاة النافلة دون الفريضة لما يأتي من أن الحسن علي ضلي بالناس ولا جماعة في نافلة. السبزواري.

صَفْقَ الْأَيْدِي عَلَى الْهَامَاتِ وَ عُلُوِّ الصَّرْخَاتِ وَ كَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً خَائِفاً مَرْعُوباً ثُمَّ وَلَّى هَارِباً وَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ أَحَاطَ النَّاسُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ فِي مِحْرَابِهِ يَشُدُّ الضَّرْبَةَ وَ يَأْخُذُ التُّرَابَ وَ يَضَعُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) ثُمَّ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا ضَرَبَهُ الْمَلْعُونُ ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ وَ مَاجَتِ الْبِحَارُ وَ السَّمَاوَاتِ وَ اصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ قَالَ وَ ضَرَبَهُ اللَّعِينُ شَبِيبُ بْنِ بُجْرَةَ فَأَخْطَأَهُ وَ وَقَعَتِ الضَّرْبَةُ فِي الطَّاقِ.

قَالَ الرَّاوِي فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ الضَّجَّةَ ثَارَ إِلَيْهِ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَ صَارُوا يَدُورُونَ وَ لَا يَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ مِنْ شِدَّةِ الصَّدْمَةِ وَ الدَّهْشَةِ ثُمَّ أَحَاطُوا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) وَ هُوَ يَشُدُّ رَأْسَهُ بِمِئْزَرِهِ وَ الدَّمُ يَجْرِي عَلَى وَجْهِهِ وَ لِحْيَتِهِ وَ قَدْ خُضِبَتْ بِدِمَائِهِ وَ هُوَ يَقُولُ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ الرَّاوِي فَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ وَ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ بِالدُّعَاءِ وَ هَبَّتْ رِيحٌ عَاصِفٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ وَ نَادَى جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُسْتَيْقِظٍ تَهَدَّمَتْ وَ اللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَى وَ انْطَمَسَتْ وَ اللَّهِ نُجُومُ السَّمَاءِ وَ أَعْلَامُ التُّقَى وَ انْفَصَمَتْ وَ اللَّهِ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى قُتِلَ الْوَصِيُّ الْمُجْتَبَى قُتِلَ عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى قُتِلَ وَ اللَّهِ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ قَتَلَهُ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ نَعْيَ جَبْرَئِيلَ(1)فَلَطَمَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَ خَدِّهَا وَ شَقَّتْ جَيْبَهَا وَ صَاحَتْ وَا أَبَتَاهْ وَا عَلِيَّاهْ وَا مُحَمَّدَاهْ وَا سَيِّدَاهْ ثُمَّ أَقْبَلَتْ إِلَى أَخَوَيْهَا الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ فَأَيْقَظَتْهُمَا وَ قَالَتْ لَهُمَا

ص: 279


1- بعيد جدا أن يكونا نائمين في هذا الوقت لأنهم كانوا ملازمين على صلاة أول الوقت.السبزواري

لَقَدْ قُتِلَ أَبُوكُمَا فَقَامَا يَبْكِيَانِ فَقَالَ لَهَا الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا أُخْتَاهْ كُفِّي عَنِ الْبُكَاءِ (1)حَتَّى نَعْرِفَ صِحَّةَ الْخَبَرِ كَيْلَا تُشْمِتَ الْأَعْدَاءُ فَخَرَجَا فَإِذَا النَّاسُ يَنُوحُونَ وَ يُنَادُونَ وَا إِمَامَاهْ وَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَاهْ قُتِلَ وَ اللَّهِ إِمَامٌ عَابِدٌ مُجَاهِد.الخ

ص: 280


1- هذه الكلمة عنه لا بعيدة أيضاً. السبزواري:

ص: 281

التعليقات على المجلد العاشر من الطبعة الحجرية ويشتمل على الجزء 18 من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 282

ص: 283

أبواب تاریخ سيدة نساء العالمين وبضعة سيد المرسلين ومشكاة أنوار أئمة الدين وزوجة أشرف الوصيين البتول العذراء والإنسية الحوراء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ما قامت الأرض والسماء

باب (1) ولادتها وحليتها وشمائلها صلوات الله عليها وجمل تواريخها

البحار: ج 18 ص 10

8- ذَكَرَ ابْنُ الْخَشَّابِ عَنْ شُيُوخِهِ يَرْفَعُهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: وُلِدَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ مَا أَظْهَرَ اللَّهُ نُبُوَّةَ نَبِيِّهِ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيَ بِخَمْسِ سِنِينَ وَ قُرَيْشٌ تَبْنِي الْبَيْتَ وَ تُوُفِّيَتْ وَ لَهَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ خَمْسَةٌ وَ سبعين يَوْماً وَ فِي رِوَايَةِ صَدَقَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ شَهْرٌ وَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً وَ كَانَ عُمُرُهَا مَعَ أَبِيهَا بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ سِنِينَ وَ هَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَ كَانَ عُمُرُهَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَقَامَتْ مَعَ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ يَوْماً وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ قَالَ الذَّارِعُ أَنَا أَقُولُ فَعُمُرُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ شَهْرٌ وَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ وَلَدَتِ الْحَسَنَ وَ لَهَا إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَ فِي كِتَابِ مَوْلِدِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) لِابْنِ بَابَوَيْهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قَدْ كُنْتُ شَهِدْتُ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَ قَدْ وَلَدَتْ بَعْضَ وُلْدِهَا فَلَمْ

ص: 284

أَرَ لَهَا دَماً فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ فَاطِمَةَ خُلِقَتْ حُورِيَّةً فِي صُورَةِ إِنْسِيَّةٍ. (1)

البحار: ج 18 ص 12

2- أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ الصَّيْقَلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الدَّارِمِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهُرْمُزَانِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ فَقَالَ لِأَنَّهَا تَزْهَرُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي النَّهَارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالنُّورِ كَانَ يَزْهَرُ نُورُ وَجْهِهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَ النَّاسُ فِي فِرَاشِهِمْ فَيَدْخُلُ بَيَاضُ ذَلِكَ النُّورِ إِلَى حُجُرَاتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ فَتَبْيَضُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَيَأْتُونَ مَنْزِلَهَا فَيَرَوْنَهَا قَاعِدَةً فِي مِحْرَابِهَا تُصَلِّي وَ النُّورُ يَسْطَعُ مِنْ مِحْرَابِهَا مِنْ وَجْهِهَا فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْهُ كَانَ مِنْ نُورِ فَاطِمَةَ فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَ تَرَتَّبَتْ لِلصَّلَاةِ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا (عَلَيهَا السَّلَامُ) بِالصُّفْرَةِ فَتَدْخُلُ الصُّفْرَةُ فِي حُجُرَاتِ النَّاسِ فَتُصَفِّرُ ثِيَابَهُمْ وَ أَلْوَانَهُمْ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَيَرَوْنَهَا قَائِمَةً فِي مِحْرَابِهَا وَ قَدْ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ بَعْلِهَا وَ بَنِيهَا بِالصُّفْرَةِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِهَا فَإِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ وَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ احْمَرَّ وَجْهُ فَاطِمَةَ فَأَشْرَقَ وَجْهُهَا بِالْحُمْرَةِ فَرَحاً وَ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَكَانَ تَدْخُلُ حُمْرَةُ وَجْهِهَا حُجُرَاتِ الْقَوْمِ وَ تَحْمَرُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَ يَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ يَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ فَيَرَوْنَهَا جَالِسَةً تُسَبِّحُ اللَّهَ وَ تُمَجِّدُهُ وَ نُورُ وَجْهِهَا يَزْهَرُ بِالْحُمْرَةِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ النُّورُ فِي وَجْهِهَا حَتَّى وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي وُجُوهِنَا إِلَى يَوْمِ

ص: 285


1- هذا معنى قولهم إنها حوراء إنسية. السبزواري.

الْقِيَامَةِ فِي الْأَئِمَّةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتَ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ. (1)

باب (3) مناقبها وفضائلها وبعض أحوالها ومعجزاتها صلوات الله عليها

البحار: ج 18 ص 21

6- بِإِسْنَادِ التَّمِيمِيِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّار. (2)

باب (4) سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الله عليها وسير بعض خدمها

البحار: ج18 ص19

14- (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)َالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ)رَأَتْ فِي مَنَامِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هَمَّ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ فَخَرَجُوا حَتَّى جَاوَزُوا

ص: 286


1- قول: اختلفت الروايات في وجه تسميتها بالزهراء واتفقت في أنها تزهر إما لأهل المدينة أو لأهل السماء. السبزواري
2- أقول: لعل المراد باحصان الفرج انقطاعها عن الشهوات الدنيوية واتصالها بالمقامات الشهودية، فتدبر. السبزواري.

مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَتَعَرَّضَ لَهُمْ طَرِيقَانِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى انْتَهَى بِهِمْ إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ نَخْلٌ وَ مَاءٌ فَاشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شَاةً كَبْرَاءَ وَ هِيَ الَّتِي فِي إِحْدَى أُذُنَيْهَا نُقَطٌ بِيضٌ فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا فَلَمَّا أَكَلُوا مَاتُوا فِي مَكَانِهِمْ فَانْتَبَهَتْ فَاطِمَةُ بَاكِيَةً ذَعِرَةً فَلَمْ تُخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِذَلِكَ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِحِمَارٍ فَأَرْكَبَ عَلَيْهِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَ أَمَرَ أَنْ يَخْرُجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَدِينَةِ كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ فِي نَوْمِهَا فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ عَرَضَ لَهُ طَرِيقَانِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ الْيَمِينِ كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ نَخْلٌ وَ مَاءٌ فَاشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) شَاةً كَمَا رَأَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَأَمَرَ بِذَبْحِهَا فَذُبِحَتْ وَ شُوِيَتْ فَلَمَّا أَرَادُوا أَكْلَهَا قَامَتْ فَاطِمَةُ وَ تَنَحَّتْ نَاحِيَةً مِنْهُمْ تَبْكِي مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتُوا فَطَلَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَ هِيَ تَبْكِي فَقَالَ مَا شَأْنُكِ يَا بُنَيَّةِ قَالَت يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَ كَذَا فِي نَوْمِي وَ قَدْ فَعَلْتَ أَنْتَ كَمَا رَأَيْتُهُ فَتَنَحَّيْتُ عَنْكُمْ فَلَا أَرَاكُمْ تَمُوتُونَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَاجَى رَبَّهُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ الدِّهَارُ وَ هُوَ الَّذِي أَرَى فَاطِمَةَ هَذِهِ الرُّؤْيَا وَ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ فِي نَوْمِهِمْ مَا يَغْتَمُّونَ بِهِ فَأَمَرَ جَبْرَئِيلَ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَرَيْتَ فَاطِمَةَ هَذِهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ فَبَزَقَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ بَزَقَاتٍ فَشَجَّهُ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ لِمُحَمَّدٍ قُلْ يَا مُحَمَّدُ إِذَا رَأَيْتَ فِي مَنَامِكَ شَيْئاً تَكْرَهُهُ أَوْ رَأَى أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ وَ مِنْ رُؤْيَايَ وَ يَقْرَأُ الْحَمْدَ وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ وَ يَتْفُلُ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ تَفَلَاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ مَا رَأَى

ص: 287

وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ الْآيَةَ). (1)

باب (5) تزويجها صلوات الله عليها

البحار : ج18 ص107

45 - عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السّلام) قَالَ: لَا غَيْرَةَ فِي الْحَلَالِ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) لَا تُحْدِثَا شَيْئاً حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمَا فَلَمَّا أَتَاهُمَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ بَيْنَهُمَا فِي الْفِرَاش.(2)

باب (7) ما وقع عليها من الظلم وبكائها وحزنها وشكايتها في مرضها إلى شهادتها وغسلها ودفنها وبيان العلة في إخفاءدفنها صلوات الله عليها ولعنة الله على من ظلمها

البحار: ج 18 ص 125

11- كِتَابُ دَلَائِلِ الْإِمَامَةِ لِلطَّبَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى

ص: 288


1- هذا الخبر من المشكلات وأحسن ما يقال فيه هو أن الشيطان أرى فاطمة الرؤيا كما هو صریح الخبر لا أن الشيطان تمثل بالنبي عنه في الرؤيا فإن الشيطان لا يتمثل به، ثمّ إن صریح خبر أبي بصير تكلم النبي الله مع الرؤيا والأضغاث ممکن الحمل على تمثلهما للنبي أو كونهما ملكين أو شيطانین موكلين بالنوم. السبزواري.
2- هذا الخبر يحتمل وجوهة أحسنها أنه له ادخل رجليه بينهما في الفراش تبركا حتّى يصح أن يقال إن فراشهما فراش النبوّة ثمّ خرج من البيت، ويمكن أن يكون لإدخال الرجل علل شتی لا نعرفها. السبزواري.

التَّلَّعُكْبَرِيِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِيِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: قُبِضَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيَهَا السَّلَامُ) فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْهُ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ كَانَ سَبَبُ وَفَاتِهَا أَنَّ قُنْفُذاً مَوْلَى عُمَرَ (1) لَكَزَهَا بِنَعْلِ السَّيْفِ بِأَمْرِهِ فَأَسْقَطَتْ مُحَسِّناً وَ مَرِضَتْ مِنْ ذَلِكَ مَرَضاً شَدِيداً وَ لَمْ تَدَعْ أَحَداً مِمَّنْ آذَاهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَ كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سَأَلَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يَشْفَعَ لَهُمَا إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السّلام) فَلَمَّا دَخَلَا عَلَيْهَا قَالا لَهَا كَيْفَ أَنْتِ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَتْ بِخَيْرٍ بِحَمْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَتْ لَهُمَا مَا سَمِعْتُمَا النَّبِي يَقُولُ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ قَالا بَلَى قَالَتْ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ آذَيْتُمَانِي قَالَ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهَا (عليه السّلام) وَ هِيَ سَاخِطَةٌ عَلَيْهِمَا.

البحار: ج 18 ص 145

31 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ وَ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالا أَتَى رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هَلْ تُشَيَّعُ الْجِنَازَةُ بِنَارٍ وَ يُمْشَى مَعَهَا بِمِجْمَرَةٍ وَ قِنْدِيلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُضَاءُ بِهِ قَالَ فَتَغَيَّرَ لَوْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ ذَلِكَ وَ اسْتَوَى جَالِساً ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ جَاءَ شَقِيٌّ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ لَهَا أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّ عَلِيّاً قَدْ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَقَالَتْ حَقّاً مَا تَقُولُ فَقَالَ حَقّاً مَا أَقُولُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَدَخَلَهَا مِنَ الْغَيْرَةِ مَا لَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَى النِّسَاءِ غَيْرَةً وَ كَتَبَ عَلَى الرِّجَالِ جِهَاداً وَ جَعَلَ لِلْمُحْتَسِبَةِ الصَّابِرَةِ مِنْهُنَّ مِنَ الْأَجْرِ مَا جَعَلَ لِلْمُرَابِطِ الْمُهَاجِرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَاشْتَد

ص: 289


1- قد مضى في كتاب الفتن خبر آخر أن عمر رفسها برجله فأسقط محسنة فراجع، وسيأتي إن المغيرة بن شعبة ضرب فاطمة حتّى أدماها وأسقط جنینها. السبزواري.

غَمُّ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) مِنْ ذَلِكَ وَ بَقِيَتْ مُتَفَكِّرَةً هِيَ حَتَّى أَمْسَتْ وَ جَاءَ اللَّيْلُ حَمَلَتِ الْحَسَنَ عَلَى عَاتِقِهَا الْأَيْمَنِ وَ الْحُسَيْنَ عَلَى عَاتِقِهَا الْأَيْسَرِ وَ أَخَذَتْ بِيَدِ أُمِّ كُلْثُومٍ الْيُسْرَى بِيَدِهَا الْيُمْنَى ثُمَّ تَحَوَّلَتْ إِلَى حُجْرَةِ أَبِيهَا فَجَاءَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَدَخَلَ فِي حُجْرَتِهِ فَلَمْ يَرَ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَاشْتَدَّ لِذَلِكَ غَمُّهُ وَ عَظُمَ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَعْلَمِ الْقِصَّة مَا هِيَ فَاسْتَحْيَا أَنْ يَدْعُوَهَا مِنْ مَنْزِلِ أَبِيهَا فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَمَعَ شَيْئاً مِنْ كَثِيبِ الْمَسْجِدِ وَ اتَّكَأَ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَا بِفَاطِمَةَ مِنَ الْحُزْنِ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ لَبِسَ ثَوْبَهُ وَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي بَيْنَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ وَ كُلَّمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دَعَا اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ مَا بِفَاطِمَةَ مِنَ الْحُزْنِ وَ الْغَمِّ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَ هِيَ تَتَقَلَّبُ وَ تَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ فَلَمَّا رَآهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهَا لَا يَهْنَؤُهَا النَّوْمُ وَ لَيْسَ لَهَا قَرَارٌ قَالَ لَهَا قُومِي يَا بُنَيَّةِ فَقَامَتْ فَحَمَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ وَ حَمَلَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ وَ أَخَذَتْ بِيَدِ أُمِّ كُلْثُومٍ فَانْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ نَائِمٌ فَوَضَعَ النَّبِيُّ رِجْلَهُ عَلَى رِجْلِ عَلِيٍّ فَغَمَزَهُ وَ قَالَ قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ فَكَمْ سَاكِنٍ أَزْعَجْتَهُ ادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ مِنْ دَارِهِ وَ عُمَرَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَ طَلْحَةَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَاسْتَخْرَجَهُمَا مِنْ مَنْزِلِهِمَا وَ اجْتَمَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَا عَلِيُّ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهَا فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَ مَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي كَانَ كَمَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي وَ مَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي كَانَ كَمَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ فَمَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ عَلِيٌّ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا كَانَ مِنِّي مِمَّا بَلَغَهَا شَيْ ءٌ وَ لَا حَدَّثَتْ بِهَا نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) صَدَقْتَ وَ صَدَقَتْ فَفَرِحَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) بِذَلِكَ وَ تَبَسَّمَتْ حَتَّى رُئِيَ ثَغْرُهَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ لَعَجَبٌ لِحِينِهِ مَا دَعَاهُ إِلَى مَا دَعَانَا هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ ثُمَّ أَخَذَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِيَدِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ بِأَصَابِعِهِ فَحَمَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ وَ حَمَلَ الْحُسَيْنَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ حَمَلَتْ فَاطِمَةُ (عليها السّلام) أُمَّ كُلْثُومٍ وَ أَدْخَلَهُمُ النَّبِيُّ ( بَيْتَهُمْ وَ وَضَعَ عَلَيْهِم

ص: 290

قَطِيفَةً وَ اسْتَوْدَعَهُمُ اللَّهَ ثُمَّ خَرَجَ وَ صَلَّى بَقِيَّةَ اللَّيْلِ فَلَمَّا مَرِضَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) مَرَضَهَا الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ أَتَيَاهَا عَائِدَيْنِ وَ اسْتَأْذَنَا عَلَيْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُمَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ أَعْطَى اللَّهَ عَهْداً لَا يُظِلُّهُ سَقْف بَيْتٍ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَتَرَاضَاهَا فَبَاتَ لَيْلَةً فِي الصَّقِيعِ مَا أَظَلَّهُ شَيْ ءٌ ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ أَتَى عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ شَيْخٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ وَ قَدْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي الْغَارِ فَلَهُ صُحْبَةٌ وَ قَدْ أَتَيْنَاهَا غَيْرَ هَذِهِ الْمَرَّةِ مِرَاراً نُرِيدُ الْإِذْنَ عَلَيْهَا وَ هِيَ تَأْبَى أَنْ تَأْذَنَ لَنَا حَتَّى نَدْخُلَ عَلَيْهَا فَنَتَرَاضَى فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَنَا عَلَيْهَا فَافْعَلْ قَالَ نَعَمْ فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَقَالَ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ كَانَ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ مَا قَدْ رَأَيْتِ وَ قَدْ تَرَدَّدَا مِرَاراً كَثِيرَةً وَ رَدَدْتِهِمَا وَ لَمْ تَأْذَنِي لَهُمَا وَ قَدْ سَأَلَانِي أَنْ أَسْتَأْذِنَ لَهُمَا عَلَيْكِ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لَا آذَنُ لَهُمَا وَ لَا أُكَلِّمُهُمَا كَلِمَةً مِنْ رَأْسِي حَتَّى أَلْقَى أَبِي فَأَشْكُوَهُمَا إِلَيْهِ بِمَا صَنَعَاهُ وَ ارْتَكَبَاهُ مِنِّي قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِنِّي ضَمِنْتُ لَهُمَا ذَلِكِ قَالَتْ إِنْ كُنْتَ قَدْ ضَمِنْتَ لَهُمَا شَيْئاً فَالْبَيْتُ بَيْتُكَ وَ النِّسَاءُ تَتْبَعُ الرِّجَالَ لَا أُخَالِفُ عَلَيْكَ بِشَيْ ءٍ فَأْذَنْ لِمَنْ أَحْبَبْتَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا وَقَعَ بَصَرُهُمَا عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) سَلَّمَا عَلَيْهَا فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِمَا وَ حَوَّلَتْ وَجْهَهَا عَنْهُمَا فَتَحَوَّلَا وَ اسْتَقْبَلَا وَجْهَهَا حَتَّى فَعَلَتْ مِرَاراً وَ قَالَتْ يَا عَلِيُّ جَافِ الثَّوْبَ وَ قَالَتْ لِنِسْوَةٍ حَوْلَهَا حَوِّلْنَ وَجْهِي فَلَمَّا حَوَّلْنَ وَجْهَهَا حَوَّلَا إِلَيْهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّمَا أَتَيْنَاكِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكِ وَ اجْتِنَابَ سَخَطِكِ نَسْأَلُكِ أَنْ تَغْفِرِي لَنَا وَ تَصْفَحِي عَمَّا كَانَ مِنَّا إِلَيْكِ قَالَتْ لَا أُكَلِّمُكُمَا مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً وَاحِدَةً حَتَّى أَلْقَى أَبِي وَ أَشْكُوَكُمَا إِلَيْهِ وَ أَشْكُوَ صُنْعَكُمَا وَ فِعَالَكُمَا وَ مَا ارْتَكَبْتُمَا مِنِّي قَالا إِنَّا جِئْنَا مُعْتَذِرَيْنِ مبتغين مَرْضَاتَكِ فَاغْفِرِي وَ اصْفَحِي عَنَّا وَ لَا تُؤَاخِذِينَا بِمَا كَانَ مِنَّا فَالْتَفَتَتْ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَتْ إِنِّي لَا أُكَلِّمُهُمَا مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً حَتَّى أَسْأَلَهُمَا عَنْ شَيْ ءٍ سَمِعَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَإِنْ صَدَقَانِي رَأَيْتُ رَأْيِي قَالا اللَّهُمَّ ذَلِكَ لَهَا وَ إِنَّا لَا نَقُولُ إِلَّا حَقّاً وَ لَا نَشْهَدُ إِلَّا صِدْقاً فَقَالَت

ص: 291

أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ أَ تَذْكُرَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) اسْتَخْرَجَكُمَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ بِشَيْ ءٍ كَانَ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ فَقَالا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَتْ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّه هَلْ سَمِعْتُمَا النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهَا مَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَ مَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي فَكَانَ كَمَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي وَ مَنْ آذَاهَا فِي حَيَاتِي كَانَ كَمَنْ آذَاهَا بَعْدَ مَوْتِي قَالا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ فَاشْهَدُوا يَا مَنْ حَضَرَنِي أَنَّهُمَا قَدْ آذَيَانِي فِي حَيَاتِي وَ عِنْدَ مَوْتِي وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكُمَا مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً حَتَّى أَلْقَى رَبِّي فَأَشْكُوَكُمَا إِلَيْهِ بِمَا صَنَعْتُمَا بِهِ وَ بِي وَ ارْتَكَبْتُمَا مِنِّي فَدَعَا أَبُو بَكْرٍ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ وَ قَالَ لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي فَقَالَ عُمَرُ عَجَباً لِلنَّاسِ كَيْفَ وَلَّوْكَ أُمُورَهُمْ وَ أَنْتَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ تَجْزَعُ لِغَضَبِ امْرَأَةٍ وَ تَفْرَحُ بِرِضَاهَا وَ مَا لِمَنْ أَغْضَبَ امْرَأَةً وَ قَامَا وَ خَرَجَا قَالَ فَلَمَّا نُعِيَ إِلَى فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) نَفْسُهَا أَرْسَلَتْ إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ وَ كَانَتْ أَوْثَقَ نِسَائِهَا عِنْدَهَا وَ فِي نَفْسِهَا فَقَالَتْ يَا أُمَّ أَيْمَنَ إِنَّ نَفْسِي نُعِيَتْ إِلَيَّ فَادْعِي لِي عَلِيّاً فَدَعَتْهُ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ لَهُ يَا ابْنَ الْعَمِّ أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَكَ بِأَشْيَاءَ فَاحْفَظْهَا عَلَيَّ فَقَالَ لَهَا قُولِي مَا أَحْبَبْتِ قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ تَكُونُ مُرَبِّيَةً لِوُلْدِي مِنْ بَعْدِي مِثْلِي وَ اعْمَلْ نَعْشاً رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ قَدْ صَوَّرَتْهُ لِي فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ أَرِينِي كَيْفَ صُورَتُهُ فَأَرَتْهُ ذَلِكَ كَمَا وَصَفَتْ لَهُ وَ كَمَا أَمَرَتْ بِهِ ثُمَّ قَالَتْ فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ نَحْبِي فَأَخْرِجْنِي مِنْ سَاعَتِكَ أَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ لَا يَحْضُرَنَّ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيَّ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَفْعَلُ فَلَمَّا قَضَتْ نَحْبَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَا وَ هُمْ فِي ذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَخَذَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي جَهَازِهَا مِنْ سَاعَتِهِ كَمَا أَوْصَتْهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جَهَازِهَا أَخْرَجَ عَلِيٌّ الْجِنَازَةَ وَ أَشْعَلَ النَّارَ فِي جَرِيدِ النَّخْلِ وَ مَشَى مَعَ الْجِنَازَةِ بِالنَّارِ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهَا وَ دَفَنَهَا لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ عَاوَدَا عَائِدَيْنِ لِفَاطِمَةَ فَلَقِيَا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالا لَهُ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ عَزَّيْتُ عَلِيّاً بِفَاطِمَةَ قَالا وَ قَدْ مَاتَتْ قَالَ نَعَمْ وَ دُفِنَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَجَزِعَا جَزَعاً شَدِيداً ثُمَّ أَقْبَلَا

ص: 292

إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَقِيَاهُ فَقَالا لَهُ وَ اللَّه مَا تَرَكْتَ شَيْئاً مِنْ غَوَائِلِنَا وَ مَسَاءَتِنَا وَ مَا هَذَا إِلَّا مِنْ شَيْ ءٍ فِي صَدْرِكَ عَلَيْنَا هَلْ هَذَا إِلَّا كَمَا غَسَّلْتَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) دُونَنَا وَ لَمْ تُدْخِلْنَا مَعَكَ وَ كَمَا عَلَّمْتَ ابْنَكَ أَنْ يَصِيحَ بِأَبِي بَكْرٍ أَنِ انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي فَقَالَ لَهُمَا عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ تُصَدِّقَانِّي إِنْ حَلَفْتُ لَكُمَا قَالا نَعَمْ فَحَلَفَ فَأَدْخَلَهُمَا عَلَى الْمَسْجِدِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَقَدْ أَوْصَانِي وَ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَتِهِ أَحَدٌ إِلَّا ابْنُ عَمِّهِ فَكُنْتُ أُغَسِّلُهُ وَ الْمَلَائِكَةُ تُقَلِّبُهُ وَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ يُنَاوِلُنِي الْمَاءَ وَ هُوَ مَرْبُوطُ الْعَيْنَيْنِ بِالْخِرْقَةِ وَ لَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْزِعَ الْقَمِيصَ فَصَاحَ بِي صَائِحٌ مِنَ الْبَيْتِ سَمِعْتُ الصَّوْتَ وَ لَمْ أَرَ الصُّورَةَ لَا تَنْزِعْ قَمِيصَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ لَقَدْ سَمِعْتُ الصَّوْتَ يُكَرِّرُهُ عَلَيَّ فَأَدْخَلْتُ يَدِي مِنْ بَيْنِ الْقَمِيصِ فَغَسَّلْتُهُ ثُمَّ قُدِّمَ إِلَيَّ الْكَفَنُ فَكَفَّنْتُهُ ثُمَّ نَزَعْتُ الْقَمِيصَ بَعْدَ مَا كَفَّنْتُهُ وَ أَمَّا الْحَسَنُ ابْنِي فَقَدْ تَعْلَمَانِ وَ يَعْلَمُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ كَانَ يَتَخَطَّى الصُّفُوفَ حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ سَاجِدٌ فَيَرْكَبَ ظَهْرَهُ فَيَقُومُ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ يَدُهُ عَلَى ظَهْرِ الْحَسَنِ وَ الْأُخْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى يُتِمَّ الصَّلَاةَ قَالا نَعَمْ قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ تَعْلَمَانِ وَ يَعْلَمُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَسْعَى إِلَى النَّبِيِّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ يَرْكَبُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَ يُدْلِي الْحَسَنُ رِجْلَيْهِ عَلَى صَدْرِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَتَّى يُرَى بَرِيقُ خَلْخَالَيْهِ مِنْ أَقْصَى الْمَسْجِدِ وَ النَّبِيُّ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) يَخْطُبُ وَ لَا يَزَالُ عَلَى رَقَبَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْ خُطْبَتِهِ وَ الْحَسَنُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَلَمَّا رَأَى الصَّبِيُّ عَلَى مِنْبَرِ أَبِيهِ غَيْرَهُ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَ اللَّهِ مَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ وَ لَا فَعَلَهُ عَنْ أَمْرِي وَ أَمَّا فَاطِمَةُ فَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي اسْتَأْذَنْتُ لَكُمَا عَلَيْهَا فَقَدْ رَأَيْتُمَا مَا كَانَ مِنْ كَلَامِهَا لَكُمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ أَوْصَتْنِي أَنْ لَا تَحْضُرَا جِنَازَتَهَا وَ لَا الصَّلَاةَ عَلَيْهَا وَ مَا كُنْتُ الَّذِي أُخَالِفُ أَمْرَهَا وَ وَصِيَّتَهَا إِلَيَّ فِيكُمَا فَقَالَ عُمَرُ دَعْ عَنْكَ هَذِهِ الْهَمْهَمَةَ أَنَا أَمْضِي إِلَى الْمَقَابِرِ فَأَنْبُشُهَا حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اللَّهِ لَوْ ذَهَبْتَ تَرُومُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً وَ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى يَنْدُرَ عَنْكَ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ فَإِنِّي كُنْتُ لَا أُعَامِلُكَ

ص: 293

إِلَّا بِالسَّيْفِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْ ذَلِك فَوَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ عُمَرَ كَلَامٌ حَتَّى تَلَاحَيَا وَ اسْتَبْسَلَ وَ اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا وَ اللَّهِ مَا نَرْضَى بِهَذَا أَنْ يُقَالَ فِي ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَخِيهِ وَ وَصِيِّهِ وَ كَادَتْ أَنْ تَقَعَ فِتْنَةٌ فَتَفَرَّقَا.(1)

باب(12) فضائلها و مناقبها والنصوص علیها صلوات الله علیها

البحار: ج 18 ص 217 س17

- وَ رَوَى مَرْفُوعاً إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدَ فَتَذَاكَرُوا عَلِيَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِين هَارُونُ تَزْعُمُ الْعَوَامُّ أَنِّي أُبْغِضُ عَلِيّاً وَ وُلْدَهُ حَسَناً وَ حُسَيْناً وَ لَا وَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ كَمَا يَظُنُّونَ وَ لَكِنَّ وُلْدَهُ هَؤُلَاءِ طَالَبْنَا بِدَمِ الْحُسَيْنِ مَعَهُمْ فِي السَّهْلِ وَ الْجَبَلِ حَتَّى قَتَلْنَا قَتَلَتَهُ ثُمَّ أَفْضَى إِلَيْنَا هَذَا الْأَمْرُ فَخَالَطْنَاهُمْ فَحَسَدُونَا وَ خَرَجُوا عَلَيْنَا فَحَلُّوا قَطِيعَتَهُمْ وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) تَبْكِي فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ خَرَجَا فَوَ اللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ سَلَكَا فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَا تَبْكِيِنَّ فِدَاكِ أَبُوكِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهُمَا وَ هُوَ أَرْحَمُ بِهِمَا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَا أَخَذَا فِي بَرٍّ فَاحْفَظْهُمَا وَ إِنْ كَانَا أَخَذَا فِي بَحْرٍ فَسَلِّمْهَا فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا أَحْمَدُ لَا تَغْتَمَّ وَ لَا تَحْزَنْ هُمَا فَاضِلَانِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلَانِ فِي الْآخِرَةِ وَ أَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا وَ هُمَا فِي حَظِيرَةِ بَنِي النَّجَّارِ نَائِمَيْنِ وَ قَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِمَا مَلَكاً يَحْفَظُهُمَا

ص: 294


1- في هذا الخبر تقطيع فتأمل. السبزواري.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ قُمْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا حَظِيرَةَ بَنِي النَّجَّارِ فَإِذاً الْحَسَنُ مُعَانِقُ الْحُسَيْنِ وَ إِذاً الْمَلَكُ قَدْ غَطَّاهُمَا بِأَحَدِ جَنَاحَيْهِ فَحَمَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ وَ أَخَذَ الْحُسَيْنَ الْمَلَكُ وَ النَّاسُ يَرَوْنَ أَنَّهُ حَامِلُهُمَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَا نُخَفِّفُ عَنْكَ بِأَحَدِ الصَّبِيَّيْنِ فَقَالَ دَعَاهُمَا فَإِنَّهُمَا فَاضِلَانِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلَانِ فِي الْآخِرَةِ وَ أَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَأُشَرِّفَنَّهُمَا الْيَوْمَ بِمَا شَرَّفَهُمَا اللَّهُ فَخَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ جَدّاً وَ جَدَّةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ جَدُّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ وَ جَدَّتُهُمَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِخَيْرِ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ أَبُوهُمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِخَيْرِ النَّاسِ عَمّاً وَ عَمَّةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عَمُّهُمَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ عَمَّتُهُمَا أُمُّ هَانِي بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ أَلَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ خَالا وَ خَالَةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ خَالُهُمَا الْقَاسِمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَالَتُهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَلَا إِنَّ أَبَاهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ أُمَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ جَدَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ جَدَّتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ خَالَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ خَالَتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ عَمَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ عَمَّتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ هُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَحَبَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَحَبَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ.(1)

ص: 295


1- حديث في فضل السبطين رواته سلاطين بني العباس !!!! السبزواري.

باب (19) كيفية مصالحة الحسن بن علي صلوات الله عليهما معاوية وما جرى بينهما قبل ذلك

البحار: ج 18 ص 286

4- رُوِيَ عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَلِيٌ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَاءَ النَّاسُ إِلَى الْحَسَنِ وَ قَالُوا أَنْتَ خَلِيفَةُ أَبِيكَ وَ وَصِيُّهُ وَ نَحْنُ السَّامِعُونَ الْمُطِيعُونَ لَكَ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَذَبْتُمْ وَ اللَّهِ مَا وَفَيْتُمْ لِمَنْ كَانَ خَيْراً مِنِّي فَكَيْفَ تَفُونَ لِي وَ كَيْفَ أَطْمَئِنُّ إِلَيْكُمْ وَ لَا أَثِقُ بِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَمَوْعِدُ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ مُعَسْكَرُ الْمَدَائِنِ فَوَافُوا إِلَيَّ هُنَاكَ فَرَكِبَ وَ رَكِبَ مَعَهُ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ وَ تَخَلَّفَ عَنْهُ كَثِيرٌ فَمَا وَفَوْا بِمَا قَالُوهُ وَ بِمَا وَعَدُوهُ وَ غَرُّوهُ كَمَا غَرُّوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ قَبْلِهِ فَقَامَ خَطِيباً وَ قَالَ غَرَرْتُمُونِي كَمَا غَرَرْتُمْ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِي مَعَ أَيِّ إِمَامٍ تُقَاتِلُونَ بَعْدِي مَعَ الْكَافِرِ الظَّالِمِ الَّذِي لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ لَا بِرَسُولِهِ قَطُّ وَ لَا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ هُوَ وَ بني أُمَيَّةَ إِلَّا فَرَقاً مِنَ السَّيْفِ وَ لَوْ لَمْ يَبْقَ لِبَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا عَجُوزٌ دَرْدَاءُ لَبَغَتْ دِينَ اللَّهِ عِوَجاً وَ هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيْهِ قَائِداً فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ كَانَ مِنْ كِنْدَةَ وَ أَمَرَهُ أَنْ يُعَسْكِرَ بِالْأَنْبَارِ وَ لَا يُحْدِثَ شَيْئاً حَتَّى يَأْتِيَهُ أَمْرُهُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى الْأَنْبَارِ وَ نَزَلَ بِهَا وَ عَلِمَ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِ رُسُلًا وَ كَتَبَ إِلَيْهِ مَعَهُمْ أَنَّكَ إِنْ أَقْبَلْتَ إِلَيَّ أُوَلِّكَ بَعْضَ كُوَرِ الشَّامِ وَ الْجَزِيرَةِ غَيْرَ مُنْفِسٍ عَلَيْكَ وَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَض الْكِنْدِيُّ عَدُوُّ اللَّهِ الْمَالَ (1) وَ قَلَبَ عَلَى الْحَسَنِ وَ صَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ مِنْ خَاصَّتِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَامَ خَطِيباً وَ قَالَ هَذَا الْكِنْدِيُّ تَوَجَّهَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ غَدَرَ بِي وَ بِكُمْ وَ قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ مَرَّةً بَعْد

ص: 296


1- هذا أحد الأمور الموجبة للصلح. السبزواري

مَرَّةٍ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَكُمْ أَنْتُمْ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَ أَنَا مُوَجِّهٌ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَهُ وَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ بِي وَ بِكُمْ مَا فَعَلَ صَاحِبُهُ وَ لَا يُرَاقِبُ اللَّهَ فِيَّ وَ لَا فِيكُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلًا مِنْ مُرَادٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِمَشْهَدٍ مِنَ النَّاسِ وَ تَوَكَّدَ عَلَيْهِ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَيَغْدِرُ كَمَا غَدَرَ الْكِنْدِيُّ فَحَلَفَ لَهُ بِالْأَيْمَانِ الَّتِي لَا تَقُومُ لَهَا الْجِبَالُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّهُ سَيَغْدِرُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى الْأَنْبَارِ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ رُسُلًا وَ كَتَبَ إِلَيْهِ بِمِثْلِ مَا كَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ مَنَّاهُ أَيَّ وِلَايَةٍ أَحَبَّ مِنْ كُوَرِ الشَّامِ وَ الْجَزِيرَةِ فَقَلَبَ عَلَى الْحَسَنِ وَ أَخَذَ طَرِيقَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ لَمْ يَحْفَظْ مَا أَخَذَ عَلَيْهِ مِنَ الْعُهُودِ وَ بَلَغَ الْحَسَنَ مَا فَعَلَ الْمُرَادِيُّ فَقَامَ خَطِيباً فَقَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى أَنَّكُمْ لَا تَفُونَ لِلَّهِ بِعُهُودٍ وَ هَذَا صَاحِبُكُمُ الْمُرَادِيُّ غَدَرَ بِي وَ بِكُمْ وَ صَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحَسَنِ يَا ابْنَ عَمِّ لَا تَقْطَعِ الرَّحِمَ الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنِي فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ غَدَرُوا بِكَ وَ بِأَبِيكَ مِنْ قَبْلِكَ فَقَالُوا إِنْ خَانَكَ الرَّجُلَانِ وَ غَدَرُوا بِكَ فَإِنَّا مُنَاصِحُونَ لَكَ فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ لَأَعُودَنَّ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ غَادِرُونَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِنَّ مُعَسْكَرِي بِالنُّخَيْلَةِ فَوَافُونِي هُنَاكَ وَ اللَّهِ لَا تَفُونَ لِي بِعَهْدِي وَ لَتَنْقُضُنَّ الْمِيثَاقَ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ أَخَذَ طَرِيقَ النُّخَيْلَةِ فَعَسْكَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَلَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَانْصَرَفَ إِلَى الْكُوفَةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ يَا عَجَباً مِنْ قَوْمٍ لَا حَيَاءَ لَهُمْ وَ لَا دِينَ وَ لَوْ سَلَّمْتُ لَهُ الْأَمْرَ فَايْمُ اللَّهِ لَا تَرَوْنَ فَرَجاً أَبَداً مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ وَ اللَّهِ لَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ حَتَّى تَتَمَنَّوْا أَنَّ عَلَيْكُمْ جَيْشاً جَيْشاً وَ لَوْ وَجَدْتُ أَعْوَانا مَا سَلَّمْتُ لَهُ الْأَمْرَ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَأُفٍّ وَ تَرَحاً يَا عَبِيدَ الدُّنْيَا وَ كَتَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ (1)إِلَى مُعَاوِيَةَ فَإِنَّا مَعَكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَخَذْنَا الْحَسَنَ وَ بَعَثْنَاهُ إِلَيْكَ ثُمَّ أَغَارُوا

ص: 297


1- هذا هو المهمّ في إقدامه على المعاهدة. السبزواري.

عَلَى فُسْطَاطِهِ وَ ضَرَبُوهُ بِحَرْبَةٍ وَ أُخِذَ مَجْرُوحاً ثُمَّ كَتَبَ جَوَاباً لِمُعَاوِيَةَ إِنَّمَا هَذَا الْأَمْرُ لِي وَ الْخِلَافَةُ لِي وَ لِأَهْلِ بَيْتِي وَ إِنَّهَا لَمُحَرَّمَةٌ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ صَابِرِينَ عَارِفِينَ بِحَقِّي غَيْرَ مُنْكِرِينَ مَا سَلَّمْتُ لَكَ وَ لَا أَعْطَيْتُكَ مَا تُرِيدُ وَ انْصَرَفَ إِلَى الْكُوفَةِ.(1)

باب (25) معجزاته صلوات الله عليه

البحار: ج18 ص 373 س 10

كِتَابِ التَّخْرِيجِ عَنِ الْعَامِرِيِّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ بُرَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 298


1- وأنا أقول: كانت المهادنة والمصالحة واجبة عليه صلى الله عليه لأن العاقل بل الجاهل المنصف إذا تأمل يجد: إن الناس قریب عهد بالإسلام. شدة تعبهم من طول الحروب الواقعة بين علي علي ومعاوية كثرة النفاق بين زعماء جند علي (عليه السّلام) حتّى أن كل واحد منهم قد ادعى الخلافة سرأ في قبالة علي فكيف في مقاتلة الحسن علا كزید بن حصين الطائي وأشعث بن قيس الكندي وأمثالهم الذين ما هيجوا الخوارج إلا هم مع كونهم صورة من رؤساء جنود أمير المؤمنين كثرة الحاجة والفقر في العامة. | كمال اجتهاد معاوية في البذل وعدم مبالاته بشيء أصلا أثر في جلب قلوب العامة. | شدة مواظبة الحسن علي على أحكام الله وان لا يسخط الله برضا الناس. افتراق جند علي فرقتين وخروج احدهما عن الطاعة رأسا كالخوارج ودعواهم بكل جهد إلى المخالفة والمنابذة وغير ذلك مما يفهمه كل من نظر إلى التواريخ لحكم بأن الصلح کان واجبا عليه ولو ترکه لكان ينبغي أن يقال له ويسلم عليه يا مذل المؤمنين بل الدين، ثمّ إن المعاهدة ما وقعت لتسليم خلافة معاوية كما يقول الجهلة بل وقعت المعاهدة على أن لا يدعي الحسن علي الخلافة الظاهرية لنفسه بالقهر والغلبة وان ادعاها بالدليل والبرهان فتأمل تعرف السبزواري.

قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاق عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَ كَفُّ جَبْرَئِيلَ فِي كَفِّهِ وَ جَبْرَئِيلُ يُنَادِي هَلُمُّوا إِلَى بَيْعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَنُفَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى تَرْكِهِ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الْحُسَيْنِ لَمْ يَنْقُصُوا رَجُلًا وَ لَمْ يَزِيدُوا رَجُلًا نَعْرِفُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ شُهُودِهِمْ.وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَنَا لَمَكْتُوبُونَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ.(1)

باب (26) مکارم أخلاقه وجمل أحواله وتاريخه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه

البحار، ج18 ص 382 س 21

وَ ذَكَرَ الْمُرْتَضَى فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ أَنَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رُدَّ إِلَى بَدَنِهِ بِكَرْبَلَاءَ مِنَ الشَّامِ وَ ضُمَّ إِلَيْه.(2)

باب (34) ثواب البكاء على مصيبته ومصائب سائر الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وفيه أدب المأتم يوم عاشوراء

البحار: ج 18 ص 430

5 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ ضُرَيْسٍ قَالَ: قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السّلام) يَقُولُ وَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَوْلَه

ص: 299


1- اعتذار ابن عباس عن عدم الخروج مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذا اعتذار ابن الحنفية. (وذكر في ص 174 من الطبعة الحجرية بيان عدم خروج محمد بن الحنفية وانه كان بأمر من الحسین (عَلَيهِ السَّلَامُ) السبزواري.
2- الأقوال في مدفن الرأس الشريف تبلغ أكثر من عشرة. السبزواري.

إِنِّي أَعْجَبُ مِنْ قَوْمٍ يَتَوَلَّوْنَنَا وَ يَجْعَلُونَنَا أَئِمَّةً وَ يَصِفُونَ بِأَنَّ طَاعَتَنَا عَلَيْهِمْ مُفْتَرَضَةٌ كَطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يَكْسِرُونَ حُجَّتَهُمْ وَ يَخْصِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِضَعْفِ قُلُوبِهِمْ فَيَنْقُصُونَ حَقَّنَا وَ يَعِيبُونَ ذَلِكَ عَلَيْنَا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ بُرْهَانَ حَقِّ مَعْرِفَتِنَا وَ التَّسْلِيمَ لِأَمْرِنَا أَ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى افْتَرَضَ طَاعَةَ أَوْلِيَائِهِ عَلَى عِبَادِهِ ثُمَّ يُخْفِي عَنْهُمْ أَخْبَارَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ يَقْطَعُ عَنْهُمْ مَوَادَّ الْعِلْمِ فِيمَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِمَّا فِيهِ قِوَامُ دِينِهِمْ فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ رَأَيْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ قِيَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ خُرُوجِهِمْ وَ قِيَامِهِمْ بِدِينِ اللَّهِ وَ مَا أُصِيبُوا بِهِ مِنْ قَتْلِ الطَّوَاغِيتِ إِيَّاهُمْ وَ الظَّفَرِ بِهِمْ حَتَّى قُتِلُوا وَ غُلِبُوا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السّلام) يَا حُمْرَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ كَانَ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ قَضَاهُ وَ أَمْضَاهُ وَ حَتَمَهُ ثُمَّ أَجْرَاهُ فَبِتَقَدُّمِ على عِلْمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ قَامَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ صلوات الله علیهم وَ بِعِلْمٍ صَمَتَ مَنْ صَمَتَ مِنَّا وَ لَوْ أَنَّهُمْ يَا حُمْرَانُ حَيْثُ نَزَلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ إِظْهَارِ الطَّوَاغِيتِ عَلَيْهِمْ سَأَلُوا اللَّهَ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَ أَلَحُّوا فِيهِ فِي إِزَالَةِ مُلْكِ الطَّوَاغِيتِ إِذاً لَأَجَابَهُمْ وَ دَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ثُمَّ كَانَ انْقِضَاءُ مُدَّةِ الطَّوَاغِيتِ وَ ذَهَابُ مُلْكِهِمْ أَسْرَعَ مِنْ سِلْكٍ مَنْظُومٍ انْقَطَعَ فَتَبَدَّدَ وَ مَا كَانَ الَّذِي أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ يَا حُمْرَانُ لِذَنْبٍ اقْتَرَفُوهُ وَ لَا لِعُقُوبَةِ مَعْصِيَةٍ خَالَفُوا اللَّهَ فِيهَا وَ لَكِنْ لِمَنَازِلَ وَ كَرَامَةٍ مِنَ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يَبْلُغُوهَا فَلَا تَذْهَبَنَ فِيهِمُ الْمَذَاهِبُ بِكَ.(1)

ص: 300


1- أقول: ويشهد لأخبار هذا الباب قول رسول الله للحسين إن لك درجة عند الله تعالى لن تنالها إلا بالشهادة. السبزواري.

باب (35) فضل الشهداء معه وعلة عدم مبالاتهم بالقتل وبيان أنه صلوات الله عليه كان فرحاً لا يبالي بما يجري عليه

البحار: ج 18 ص 443

5_ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَمَّن حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ وَ أَبِي الْمَغْرَاءِ وَ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ جَمِيعاً عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: مَا مِنْ شَهِيدٍ إِلَّا وَ هُوَ يُحِبُّ لَوْ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَيٌ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مَعَه.(1)

باب (37) ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه، ولعنة الله على ظالميه وقاتليه والراضين بقتله

البحار: ج 18 ص 450

1 - مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْبَغْدَادِيُّ (2) الْحَافِظُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ زِيَادٍ التُّسْتَرِيِ مِنْ كِتَابِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَاضِي بَلْخٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي مُرَيْسَةُ بِنْتُ مُوسَى بْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَ كَانَتْ عَمَّتِي قَالَتْ حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّةُ وَ كَانَتْ عَمَّتِي قَالَتْ حَدَّثَتْنِي بَهْجَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّغْلِبِيِّ عَنْ خَالِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ وَ كَان

ص: 301


1- يمكن أن يستفاد من هذا الخبر أفضلية شهداء کربلاء على سائر الشهداء، ولكن الخبر مرسل. السبزواري.
2- من هنا مختصر مقتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أول صفحة 174 (بحسب الطبعة الحجرية )السبزواري.

رَضِيعاً لِبَعْضِ وُلْدِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِي بْنِ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ حَدِّثْنِي عَنْ مَقْتَلِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاوِيَةَ الْوَفَاةُ دَعَا ابْنَهُ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ ذَلَّلْتُ لَكَ الرِّقَابَ الصِّعَابَ وَ وَطَدْتُ لَكَ الْبِلَادَ وَ جَعَلْتُ الْمُلْكَ وَ مَا فِيهِ لَكَ طُعْمَةً وَ إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ يُخَالِفُونَ عَلَيْكَ بِجَهْدِهِمْ وَ هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِي فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَهُوَ مَعَكَ فَالْزَمْهُ وَ لَا تَدَعْهُ وَ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَطِّعْهُ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِ إِرْباً إِرْباً فَإِنَّهُ يَجْثُو لَكَ كَمَا يَجْثُو الْأَسَدُ لِفَرِيسَتِهِ وَ يُؤَارِبُكَ مُؤَارَبَةَ الثَّعْلَبِ لِلْكَلْب وَ أَمَّا الْحُسَيْنُ فَقَدْ عَرَفْتَ حَظَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (1) وَ هُوَ مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ وَ دَمِهِ وَ قَدْ عَلِمْتُ لَا مَحَالَةَ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ سَيُخْرِجُونَهُ إِلَيْهِمْ ثُمَّ يَخْذُلُونَهُ وَ يُضَيِّعُونَهُ فَإِنْ ظَفِرْت بِهِ فَاعْرِفْ حَقَّهُ وَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَا تُؤَاخِذْهُ بِفِعْلِهِ وَ مَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَنَا بِهِ خِلْطَةً وَ رَحِماوَ إِيَّاكَ أَنْ تَنَالَهُ بِسُوءٍ أَوْ يَرَى مِنْكَ مَكْرُوهاً قَالَ فَلَمَّا هَلَكَ مُعَاوِيَةُ وَ تَوَلَّى الْأَمْرَ بَعْدَهُ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ بَعَثَ عَامِلَهُ عَلَى مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ عَمُّهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَ عَلَيْهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ كَانَ عَامِلَ مُعَاوِيَةَ فَأَقَامَهُ عُتْبَةُ مِنْ مَكَانِهِ وَ جَلَسَ فِيهِ لِيُنْفِذَ فِيهِ أَمْرَ يَزِيدَ فَهَرَبَ مَرْوَانُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْه وَ بَعَثَ عُتْبَةُ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَكَ أَنْ تُبَايِعَ لَهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عُتْبَةُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا أَهْلُ بَيْتِ الْكَرَامَةِ وَ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَ أَعْلَامُ الْحَقِّ الَّذِينَ أَوْدَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلُوبَنَا وَ أَنْطَقَ بِهِ أَلْسِنَتَنَا فَنَطَقَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ الْخِلَافَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى وُلْدِ أَبِي سُفْيَانَ وَ كَيْفَ أُبَايِعُ أَهْلَ بَيْتٍ قَدْ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ هَذَا فَلَمَّا سَمِع

ص: 302


1- هذه كلمة حق صدرت من معاوية. السبزواري.

عُتْبَةُ ذَلِكَ دَعَا الْكَاتِبَ وَ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ يَزِيدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ لَيْسَ يَرَى لَكَ خِلَافَةً وَ لَا بَيْعَةً فَرَأْيُكَ فِي أَمْرِهِ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ كَتَبَ الْجَوَابَ إِلَى عُتْبَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَعَجِّلْ عَلَيَّ بِجَوَابِهِ وَ بَيِّنْ لِي فِي كِتَابِكَ كُلَّ مَنْ فِي طَاعَتِي أَوْ خَرَجَ عَنْهَا وَ لْيَكُنْ مَعَ الْجَوَابِ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَهَمَّ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ فَلَمَّا أَقْبَلَ اللَّيْلُ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِيُوَدِّعَ الْقَبْرَ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْقَبْرِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِنَ الْقَبْرِ فَعَادَ إِلَى مَوْضِعِهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ رَاحَ لِيُوَدِّع الْقَبْرَ فَقَامَ يُصَلِّي فَأَطَالَ فَنَعَسَ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَجَاءَهُ النَّبِيُّ وَ هُوَ فِي مَنَامِهِ فَأَخَذَ الْحُسَيْنَ وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ يَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ كَأَنِّي أَرَاكَ مُرَمَّلًا بِدَمِكَ بَيْنَ عِصَابَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَرْجُونَ شَفَاعَتِي مَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلَاقٍ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ قَادِمٌ عَلَى أَبِيكَ وَ أُمِّكَ وَ أَخِيكَ وَ هُمْ مُشْتَاقُونَ إِلَيْكَ وَ إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ دَرَجَاتٍ لَا تَنَالُهَا إِلَّا بِالشَّهَادَةِ فَانْتَبَهَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ نَوْمِهِ بَاكِياً فَأَتَى أَهْلَ بَيْتِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِالرُّؤْيَا وَ وَدَّعَهُمْ وَ حَمَلَ أَخَوَاتِهِ عَلَى الْمَحَامِلِ وَ ابْنَتَهُ وَ ابْنَ أَخِيهِ الْقَاسِمَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ سَارَ فِي أَحَدٍ وَ عِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ عُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ وَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَكْبَرُ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَصْغَرُ وَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِخُرُوجِهِ فَقَدَّمَ رَاحِلَتَهُ وَ خَرَجَ خَلْفَهُ مُسْرِعاً فَأَدْرَكَهُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ الْعِرَاقَ قَالَ مَهْلًا ارْجِعْ إِلَى حَرَمِ جَدِّكَ فَأَبَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى ابْنُ عُمَرَ إِبَاءَهُ قَالَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ اكْشِفْ لِي عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يُقَبِّلُهُ مِنْكَ فَكَشَفَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَنْ سُرَّتِهِ فَقَبَّلَهَا ابْنُ عُمَرَ ثَلَاثاً وَ بَكَى وَ قَالَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فِي وَجْهِكَ هَذَا فَسَارَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابُهُ

ص: 303

فَلَمَّا نَزَلُوا ثَعْلَبِيَّةَ وَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِم قَالَ إِمَامٌ دَعَا إِلَى هُدًى فَأَجَابُوهُ إِلَيْهِ وَ إِمَامٌ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَأَجَابُوهُ إِلَيْهَا هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِير) ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ الْعُذَيْبَ فَقَالَ فِيهَا قَائِلَةَ الظَّهِيرَةِ ثُمَّ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِه بَاكِياً فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَهْ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا تَكْذِبُ الرُّؤْيَا فِيهَا وَ إِنَّهُ عَرَضَ لِي فِي مَنَامٍ عَارِضٌ فَقَالَ تُسْرِعُونَ السَّيْرَ وَ الْمَنَايَا تَسِيرُ بِكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ الرُّهَيْمَة فَوَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُكَنَّى أَبَا هَرِمٍ فَقَالَ يَا ابْنَ النَّبِيِّ مَا الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ وَيْحَكَ يَا بَا هَرِمٍ شَتَمُوا عِرْضِي فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا مَالِي فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا دَمِي فَهَرَبْتُ وَ ايْمُ اللَّهِ لَيَقْتُلُنِي ثُمَّ لَيُلْبِسَنَّهُمُ اللَّهُ ذُلًّا شَامِلًا وَ سَيْفاً قَاطِعاً وَ لَيُسَلِّطَنَّ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ قَالَ وَ بَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ الْخَبَرُ وَ أَنَّ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَدْ نَزَلَ الرُّهَيْمَةَ فَأَسْرَى إِلَيْهِ حُرَّ بْنَ يَزِيدَ فِي أَلْفِ فَارِسٍ قَالَ الْحُرُّ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نُودِيتُ ثَلَاثاً يَا حُرُّ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَداً فَقُلْتُ ثَكِلَتِ الْحُرَّ أُمُّهُ يَخْرُجُ إِلَى قِتَالِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ يُبَشَّرُ بِالْجَنَّةِ فَرَهِقَهُ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَأَمَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابْنَهُ فَأَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ قَامَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَصَلَّى بِالْفَرِيقَيْنِ فَلَمَّا سَلَّمَ وَثَبَ الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ يَا حُرُّ أَ عَلَيْنَا أَمْ لَنَا فَقَالَ الْحُرُّ وَ اللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَقَدْ بُعِثْتُ لِقِتَالِكَ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُحْشَرَ مِنْ قَبْرِي وَ نَاصِيَتِي مَشْدُودَةٌ إِلَيَّ وَ يَدَيَّ مَغْلُولَةٌ إِلَى عُنُقِي وَ أُكَبَّ عَلَى حُرِّ وَجْهِي فِي النَّارِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَيْنَ تَذْهَبُ ارْجِعْ إِلَى حَرَمِ جَدِّكَ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

سَأَمْضِي فَمَا بِالْمَوْتِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى*** إِذَا مَا نَوَى حَقّاً وَ جَاهَدَ مُسْلِماً

ص: 304

وَ وَاسَى الرِّجَالَ الصَّالِحِينَ بِنَفْسِهِ وَ فَارَقَ مَثْبُوراً وَ خَالَفَ مُجْرِماً

فَإِنْ مِتُّ لَمْ أَنْدَمْ وَ إِنْ عِشْتُ لَمْ أُلَمْ***كَفَى بِكَ ذُلًّا أَنْ تَمُوتَ وَ تُرْغَمَا

ثُمَّ سَارَ الْحُسَيْنُ حَتَّى نَزَلَ الْقُطْقُطَانَة فَنَظَرَ إِلَى فُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا الْفُسْطَاطُ فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ الْحَنَفِيِّ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) فَقَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّكَ مُذْنِبٌ خَاطِئٌ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ آخِذُكَ بِمَا أَنْتَ صَانِعٌ إِنْ لَمْ تَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي سَاعَتِكَ هَذِهِ فَتَنْصُرَنِي وَ يَكُونُ جَدِّي شَفِيعَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَوْ نَصَرْتُكَ لَكُنْتُ أَوَّلَ مَقْتُولٍ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ لَكِنْ هَذَا فَرَسِي خُذْهُ إِلَيْكَ فَوَ اللَّهِ مَا رَكِبْتُهُ قَطُّ وَ أَنَا أَرُومُ شَيْئاً إِلَّا بَلَغْتُهُ وَ لَا أَرَادَنِي أَحَدٌ إِلَّا نَجَوْتُ عَلَيْهِ فَدُونَكَ فَخُذْهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ وَ لَا فِي فَرَسِكَ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً وَ لَكِنْ فِرَّ فَلَا لَنَا وَ لَا عَلَيْنَا فَإِنَّهُ مَنْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يُجِبْنَا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ أَيُّ مَوْضِعٍ هَذَا فَقِيلَ هَذَا كَرْبَلَاءُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هَذَا وَ اللَّهِ يَوْمُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ وَ هَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي يُهَرَاقُ فِيهِ دِمَاؤُنَا وَ يُبَاحُ فِيهِ حَرِيمُنَا فَأَقْبَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِعَسْكَرِهِ حَتَّى عَسْكَرَ بِالنُّخَيْلَةِ وَ بَعَثَ إِلَى الْحُسَيْنِ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَائِدُهُ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ(1) وَ أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ فِي أَلْفِ فَارِسٍ يَتْبَعُهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ فِي أَلْفِ فَارِسٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ أَيْضاً فِي أَلْفِ فَارِسٍ وَ كَتَبَ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى النَّاسِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَ يُطِيعُوهُ فَبَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يُسَامِرُ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يُحَدِّثُهُ وَ يَكْرَهُ قِتَالَهُ فَوَجَّهُ إِلَيْهِ شِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِذَا أَتَاكَ

ص: 305


1- بناء على هذا مجموع عدد عسکر یزید احد عشر ألف. السبزواري.

كِتَابِي هَذَا فَلَا تُمْهِلَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ خُذْ بِكَظَمِهِ وَ حُلْ بَيْنَ الْمَاءِ وَ بَيْنَهُ كَمَا حِيلَ بَيْنَ عُثْمَانَ وَ بَيْنَ الْمَاءِ يَوْمَ الدَّارِ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى إِنَّا قَدْ أَجَّلْنَا حُسَيْناً وَ أَصْحَابَهُ يَوْمَهُمُ وَ لَيْلَتَهُمْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَامَ الْحُسَيْنُ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيباً فَقَال اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَعْرِفُ أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَ لَا أَزْكَى وَ لَا أَطْهَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي وَ لَا أَصْحَاباً هُمْ خَيْرٌ مِنْ أَصْحَابِي وَ قَدْ نَزَلَ بِي مَا قَدْ تَرَوْنَ وَ أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي لَيْسَتْ لِي فِي أَعْنَاقِكُمْ بَيْعَةٌ وَ لَا لِي عَلَيْكُمْ ذِمَّةٌ وَ هَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلا وَ تَفَرَّقُوا فِي سَوَادِهِ فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يَطْلُبُونِّي وَ لَوْ ظَفِرُوا بِي لَذَهَلُوا عَنْ طَلَبِ غَيْرِي فَقَامَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا ذَا يَقُولُ لَنَا النَّاسُ إِنْ نَحْنُ خَذَلْنَا شَيْخَنَا وَ كَبِيرَنَا وَ سَيِّدَنَا وَ ابْنَ سَيِّدِ الْأَعْمَامِ وَ ابْنَ نَبِيِّنَا سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ نَضْرِبْ مَعَهُ بِسَيْفٍ وَ لَمْ نُقَاتِلْ مَعَهُ بِرُمْحٍ لَا وَ اللَّهِ أَوْ نَرِدَ مَوْرِدَكَ وَ نَجْعَلَ أَنْفُسَنَا دُونَ نَفْسِكَ وَ دِمَاءَنَا دُونَ دَمِكَ فَإِذَا نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْنَا مَا عَلَيْنَا وَ خَرَجْنَا مِمَّا لَزِمَنَا وَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ الْبَجَلِيُّ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَدِدْتُ أَنِّي قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ فِيكَ وَ فِي الَّذِينَ مَعَكَ مِائَةَ قَتْلَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ دَفَعَ بِي عَنْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ جُزِيتُمْ خَيْراً ثُمَّ إِنَّ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَرَ بِحَفِيرَةٍ فَحُفِرَتْ حَوْلَ عَسْكَرِهِ شِبْهَ الْخَنْدَقِ وَ أَمَرَ فَحُشِيَتْ حَطَباً وَ أَرْسَلَ عَلِيّاً ابْنَهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي ثَلَاثِينَ فَارِساً وَ عِشْرِينَ رَاجِلًا لِيَسْتَقُوا الْمَاءَ وَ هُمْ عَلَى وَجَلٍ شَدِيدٍ وَ أَنْشَأَ الْحُسَيْنُ يَقُول :

يَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيلٍ***كَمْ لَكَ فِي الْإِشْرَاقِ وَ الْأَصِيلِ

مِنْ طَالِبٍ وَ صَاحِبٍ قَتِيلٍ*** وَ الدَّهْرُ لَا يَقْنَعُ بِالْبَدِيلِ

وَ إِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَى الْجَلِيلِ*** وَ كُلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيلِي

ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَاشْرَبُوا مِنَ الْمَاءِ يَكُنْ آخِرَ زَادِكُمْ وَ تَوَضَّئُوا

ص: 306

وَ اغْتَسِلُوا وَ اغْسِلُوا ثِيَابَكُمْ لِتَكُونَ أَكْفَانَكُمْ ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الْفَجْرَ وَ عَبَّأَهُمْ تَعْبِئَةَ الْحَرْب وَ أَمَرَ بِحَفِيرَتِهِ الَّتِي حَوْلَ عَسْكَرِهِ فَأُضْرِمَتْ بِالنَّارِ لِيُقَاتِلَ الْقَوْمَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَه ابْنُ أَبِي جُوَيْرِيَةَ الْمُزَنِيُّ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّارِ تَتَّقِدُ صَفَقَ بِيَدِهِ وَ نَادَى يَا حُسَيْنُ وَ أَصْحَابَ حُسَيْنٍ أَبْشِرُوا بِالنَّارِ فَقَدْ تَعَجَّلْتُمُوهَا فِي الدُّنْيَا فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَنِ الرَّجُلُ فَقِيلَ ابْنُ أَبِي جُوَيْرِيَةَ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) اللَّهُمَّ أَذِقْهُ عَذَابَ النَّارِ فِي الدُّنْيَا فَنَفَرَ بِهِ فَرَسُهُ وَ أَلْقَاهُ فِي تِلْكَ النَّارِ فَاحْتَرَقَ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ رَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ تَمِيمُ بْنُ حُصَيْنٍ الْفَزَارِيُّ فَنَادَى يَا حُسَيْنُ وَ يَا أَصْحَابَ حُسَيْنٍ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى مَاءِ الْفُرَاتِ يَلُوحُ كَأَنَّهُ بُطُونُ الْحَيَّات وَ اللَّهِ لَا ذُقْتُمْ مِنْهُ قَطْرَةً حَتَّى تَذُوقُوا الْمَوْتَ جَزَعاً فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَنِ الرَّجُلُ فَقِيلَ تَمِيمُ بْنُ حُصَيْنٍ فَقَالَ الْحُسَيْنُ هَذَا وَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ اللَّهُمَّ اقْتُلْ هَذَا عَطَشاً فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ فَخَنَقَهُ الْعَطَشُ حَتَّى سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَوَطِئَتْهُ الْخَيْلُ بِسَنَابِكِهَا فَمَاتَ ثُمَّ أَقْبَلَ آخَرُ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ يُقَالُ لَهُ- مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ فَقَالَ يَا حُسَيْنَ بْنَ فَاطِمَةَ أَيَّةُ حُرْمَةٍ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَتْ لِغَيْرِكَ فَتَلَا الْحُسَيْنُ هَذِهِ الْآيَةَ (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً) الْآيَة ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ مُحَمَّداً لَمِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِنَّ الْعِتْرَةَ الْهَادِيَةَ لَمِنْ آلِ مُحَمَّدٍ مَنِ الرَّجُلُ فَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ فَرَفَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَرِ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ ذُلًّا فِي هَذَا الْيَوْم لَا تُعِزُّهُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَداً فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ فَخَرَجَ مِنَ الْعَسْكَرِ يَتَبَرَّزُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ عَقْرَباً فَلَدَغَتْهُ فَمَاتَ بَادِيَ الْعَوْرَة فَبَلَغَ الْعَطَشُ مِنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِهِ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ الْحُصَيْنِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَاوِي الْحَدِيثِ هُوَ خَالُ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَأْذَنُ لِي فَأَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَأُكَلِّمُهُمْ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِم

ص: 307

فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ مُحَمَّداً (بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً) وَ هَذَا مَاءُ الْفُرَاتِ تَقَعُ فِيهِ خَنَازِيرُ السَّوَادِ وَ كِلَابُهَا وَ قَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ ابْنِهِ فَقَالُوا يَا يَزِيدُ فَقَدْ أَكْثَرْتَ الْكَلَامَ فَاكْفُفْ فَوَ اللَّهِ لَيَعْطَشَنَّ الْحُسَيْنُ كَمَا عَطَشَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) اقْعُدْ يَا يَزِيدُ ثُمَّ وَثَبَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) مُتَوَكِّئاً عَلَى سَيْفِهِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْرِفُونِّي قَالُوا نَعَمْ أَنْتَ ابْنُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ سِبْطُهُ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أُمِّي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدَّتِي خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَوَّلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِسْلَاماً قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةَ عَمُّ أَبِي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَعْفَرَ الطَّيَّارِ فِي الْجَنَّةِ عَمِّي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنَا مُتَقَلِّدُهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ عِمَامَةُ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا لَابِسُهَا قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً وَ أَعْلَمَهُمْ عِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَنَّهُ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَبِمَ تَسْتَحِلُّونَ دَمِي وَ أَبِي الذَّائِدُ عَنِ الْحَوْضِ غَداً يَذُودُ عَنْهُ رِجَالًا كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الصَّادِرُ عَنِ الْمَاءِ وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ فِي يَدَيْ جَدِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ- قَالُوا قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَ نَحْنُ غَيْرُ تَارِكِيكَ حَتَّى تَذُوقَ الْمَوْتَ عَطَشا فَأَخَذَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) بِطَرَفِ لِحْيَتِهِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ حِينَ قَالُوا (عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ) وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى النَّصَارَى حِينَ قَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى الْمَجُوسِ حِينَ عَبَدُوا النَّارَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ قَتَلُوا نَبِيَّهُمْ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ

ص: 308

قَتْلِي ابْنِ نَبِيِّهِم قَالَ فَضَرَبَ الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ فَرَسَهُ وَ جَازَ عَسْكَرَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِلَى عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أُنِيبُ فَتُبْ عَلَيَّ فَقَدْ أَرْعَبْتُ قُلُوبَ أَوْلِيَائِكَ وَ أَوْلَادَ نَبِيِّكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ نَعَمْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأُقَاتِلَ عَنْكَ فَأَذِنَ لَهُ فَبَرَزَ وَ هُوَ يَقُول:

أَضْرِبُ فِي أَعْنَاقِكُمْ بِالسَّيْفِ***عَنْ خَيْرِ مَنْ حَلَّ بِلَادَ الْخَيْفِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ فَأَتَاهُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ دَمُهُ يَشْخُبُ فَقَالَ بَخْ بَخْ يَا حُرُّ أَنْتَ حُرٌّ كَمَا سُمِّيتَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ أَنْشَأَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ:

لَنِعْمَ الْحُرُّ حُرُّ بَنِي رِيَاحٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ نِعْمَ الْحُرُّ مُخْتَلَفَ الرِّمَاحِ

وَ نِعْمَ الْحُرُّ إِذْ نَادَى حُسَيْناً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ

ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ الْبَجَلِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ مُخَاطِباً لِلْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

الْيَوْمَ نَلْقَى جَدَّكَ النَّبِيَّا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ حَسَناً وَ الْمُرْتَضَى عَلِيّاً

فَقَتَلَ مِنْهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ صُرِعَ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا زُهَيْرٌ وَ أَنَا ابْنُ الْقَيْنِ ***أَذُبُّكُمْ بِالسَّيْفِ عَنْ حُسَيْنٍ

ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ حَبِيبُ بْنُ مُظَهَّرٍ الْأَسَدِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا حَبِيبٌ وَ أَبِي مُطَهَّرٌ*** لَنَحْنُ أَزْكَى مِنْكُمُ وَ أَطْهَرُ

نَنْصُرُ خَيْرَ النَّاسِ حِينَ يُذْكَر

فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَحَداً وَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُرْوَةَ الْغِفَارِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ حَقّاً بَنُو غِفَارٍ*** أَنِّي أَذُبُّ فِي طِلَابِ الثَّارِ

بِالْمَشْرَفِيِّ وَ الْقَنَا الْخَطَّارِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ بُدَيْرُ بْنُ حَفِيرٍ

ص: 309

الْهَمْدَانِيُّ وَ كَانَ أَقْرَأَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا بُدَيْرٌ وَ أَبِي حَفِيرٌ

لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَيْسَ فِيهِ خَيْرٌ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الْكَاهِلِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ كَاهِلُهَا وَ دُودَانُ*** وَ الْخِنْدِفِيُّونَ وَ قَيْسُ عَيْلَانَ

بِأَنَّ قَوْمِي قُصَمُ الْأَقْرَانِ*** يَا قَوْمِ كُونُوا كَأُسُودِ الْجَانِ

آلُ عَلِيٍّ شِيعَةُ الرَّحْمَنِ*** وَ آلُ حَرْبٍ شِيعَةُ الشَّيْطَانِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ زِيَادُ بْنُ مُهَاصِرٍ الْكِنْدِيُّ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْشَأَ يَقُولُ

أَنَا زِيَادٌ وَ أَبِي مُهَاصِرٌ*** أَشْجَعُ مِنْ لَيْثِ الْعَرِينِ الْخَادِرِ

يَا رَبِّ إِنِّي لِلْحُسَيْنِ نَاصِرٌ*** وَ لِابْنِ سَعْدٍ تَارِكٌ مُهَاجِرٌ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ تِسْعَةً ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً أَسْلَمَ عَلَى يَدَيِ الْحُسَيْنِ هُوَ وَ أُمُّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَرَكِبَ فَرَساً وَ تَنَاوَلَ بِيَدِهِ عُودَ الْفُسْطَاطِ فَقَاتَلَ وَ قَتَلَ مِنَ الْقَوْمِ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً ثُمَّ اسْتُوسِرَ فَأُتِيَ بِهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ رُمِيَ بِهِ إِلَى عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَخَذَتْ أُمُّهُ سَيْفَهُ وَ بَرَزَتْ فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّ وَهْبٍ اجْلِسِي فَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ الْجِهَادَ عَنِ النِّسَاءِ إِنَّكِ وَ ابْنَكِ مَعَ جَدِّي مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ هِلَالُ بْنُ حَجَّاجٍ وَ هُوَ يَقُول:

أَرْمِي بِهَا مُعْلَمَةً أَفْوَاقُهَا*** وَ النَّفْسُ لَا يَنْفَعُهَا إِشْفَاقُهَا

ص: 310

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(1) وَ أَنْشَأَ يَقُول

أَقْسَمْتُ لَا أُقْتَلُ إِلَّا حُرّاً*** أَقْسَمْتُ لَا أُقْتَلُ إِلَّا حُرّاً

أَكْرَهُ أَنْ أُدْعَى جَبَاناً فَرّاً*** إِنَّ الْجَبَانَ مَنْ عَصَى وَ فَرَّا

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً ثُمَّ قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا بَرَزَ إِلَيْهِمْ دَمَعَتْ عَيْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ اللَّهُمَّ كُنْ أَنْتَ الشَّهِيدُ عَلَيْهِمْ فَقَدْ بَرَزَ إِلَيْهِمُ ابْنُ رَسُولِكَ وَ أَشْبَهُ النَّاسِ وَجْهاً وَ سَمْتاً بِهِ فَجَعَلَ يَرْتَجِزُ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ***نَحْنُ وَ بَيْتِ اللَّهِ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ

أَ مَا تَرَوْنَ كَيْفَ أَحْمِي عَنْ أَبِي

فَقَتَلَ مِنْهُمْ عَشَرَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِيهِ فَقَالَ يَا أَبَهْ الْعَطَشُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) صَبْراً يَا بُنَيَّ يَسْقِيكَ جَدُّكَ بِالْكَأْسِ الْأَوْفَى فَرَجَعَ فَقَاتَلَ حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةً وَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ)وَ هُوَ يَقُولُ:

لَا تَجْزَعِي نَفْسِي فَكُلٌّ فَانٍ*** الْيَوْمَ تَلْقَيْنَ ذُرَى الْجِنَانِ

فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً ثُمَّ رُمِيَ عَنْ فَرَسِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ نَظَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ لَا يَرَى أَحَداً فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَا يُصْنَعُ بِوَلَدِ نَبِيِّكَ وَ حَالَ بَنُو كِلَابٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَاءِ وَ رُمِيَ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِي نَحْرِهِ وَ خَرَّ عَنْ فَرَسِهِ فَأَخَذَ السَّهْمَ فَرَمَى بِهِ فَجَعَلَ يَتَلَقَّى الدَّم بِكَفِّهِ فَلَمَّا امْتَلَأَتْ لَطَخَ بِهَا رَأْسَهُ وَ لِحْيَتَهُ وَ يَقُولُ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَا مَظْلُومٌ مُتَلَطِّخٌ بِدَمِي ثُمَّ خَرَّ عَلَى خَدِّهِ الْأَيْسَرِ صَرِيعاً وَ أَقْبَلَ عَدُوُّ اللَّهِ سِنَان

ص: 311


1- يظهر منه أن أول قتيل من آل أبي طالب هو عبد الله بن مسلم. السبزواري.

الْإِيَادِيُّ وَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ الْعَامِرِيُّ لَعَنَهُمَا اللَّهُ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَنْتَظِرُونَ أَرِيحُوا الرَّجُلَ فَنَزَلَ سِنَانُ بْنُ الْأَنَسِ الْإِيَادِيُّ وَ أَخَذَ بِلِحْيَةِ الْحُسَيْنِ وَ جَعَلَ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ فِي حَلْقِهِ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَجْتَزُّ رَأْسَكَ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَيْرُ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً وَ أَقْبَلَ فَرَسُ الْحُسَيْنِ حَتَّى لَطَخَ عُرْفَهُ وَ نَاصِيَتَهُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ وَ جَعَلَ يَرْكُضُ وَ يَصْهِلُ فَسَمِعَتْ بَنَاتُ النَّبِيِّ صَهِيلَهُ فَخَرَجْنَ فَإِذَا الْفَرَسُ بِلَا رَاكِبٍ فَعَرَفْنَ أَنَّ حُسَيْناً قَدْ قُتِلَ وَ خَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ الْحُسَيْنِ وَاضِعاً يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا تَنْدُبُ وَ تَقُولُ وَا مُحَمَّدَاهْ هَذَا الْحُسَيْنُ بِالْعَرَاءِ قَدْ سُلِبَ الْعِمَامَةَ وَ الرِّدَاءَ وَ أَقْبَلَ سِنَانٌ حَتَّى أَدْخَلَ رَأْسَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ هُوَ يَقُول:

امْلَأْ رِكَابِي فِضَّةً وَ ذَهَبا*** أَنَا قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً*** وَ خَيْرَهُمْ إِذْ يُنْسَبُونَ نَسَبا

فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَيْحَكَ فَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً لِمَ قَتَلْتَهُ إِذاً فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّارِ وَ أَرْسَلَ ابْنُ زِيَادٍ قَاصِداً إِلَى أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَ رِجَالَكُمُ فَكَيْفَ تَرَوْنَ مَا فُعِلَ بِكُمْ فَقَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ لَئِنْ قَرَّتْ عَيْنُكَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ فَطَالَمَا قَرَّتْ عَيْنُ جَدِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِهِ وَ كَانَ يُقَبِّلُهُ وَ يَلْثِمُ شَفَتَيْهِ وَ يَضَعُهُ عَلَى عَاتِقِهِ يَا ابْنَ زِيَادٍ أَعِدَّ لِجَدِّهِ جَوَاباً فَإِنَّهُ خَصْمُكَ غَدا.

البحار: ج 18 ص 458

2- أَقُولُ: قَالَ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي الْإِرْشَاد(1) رَوَى الْكَلْبِيُّ وَ الْمَدَائِنِيُّ وَ غَيْرُهُمَا مِن

ص: 312


1- من هنا مفصل مقتل الحسين ليلا إلى صفحة 207 (بحسب الطبعة الحجرية) مع تكرار کثیر كما لا يخفى، ثمّ إن غالب وقعة الطف ينقل عن حميد بن مسلم وهو مجهول، وعن هلال بن نافع ولم أر من تعرض له، وعن أبي مخنف ولا يبعد حسنه، وعن الجلودي ولم أر له ذكرة في كتب الرجال بحيث ينقل منه وقعة الطف، نعم قد يعد الجلودي من أصحاب الصادق أو الهادي ويبعد أن يكون هو الراوي الحديث الطف كما لا يخفى. السبزواري.

أَصْحَابِ السِّيرَةِ قَالُوا لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَحَرَّكَتِ الشِّيعَةُ بِالْعِرَاقِ وَ كَتَبُوا إِلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي خَلْعِ مُعَاوِيَةَ وَ الْبَيْعَةِ لَهُ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِمْ وَ ذَكَرَ أَنَّ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ عَهْداً وَ عَقْداً لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْضُهُ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ فَإِذَا مَاتَ مُعَاوِيَةُ نَظَرَ فِي ذَلِكَ.فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَ ذَلِكَ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَ كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَأْخُذَ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِالْبَيْعَةِ لَهُ وَ لَا يُرَخِّصَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْفَذَ الْوَلِيدُ إِلَى الْحُسَيْنِ فِي اللَّيْلِ فَاسْتَدْعَاهُ فَعَرَفَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الَّذِي أَرَادَ فَدَعَا جَمَاعَةً مِنْ مَوَالِيهِ وَ أَمَرَهُمْ بِحَمْلِ السِّلَاحِ وَ قَالَ لَهُمْ إِنَّ الْوَلِيدَ قَدِ اسْتَدْعَانِي فِي هَذَا الْوَقْتِ وَ لَسْتُ آمَنُ أَنْ يُكَلِّفَنِي فِيهِ أَمْراً لَا أُجِيبُهُ إِلَيْهِ وَ هُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ فَكُونُوا مَعِي فَإِذَا دَخَلْتُ إِلَيْه فَاجْلِسُوا عَلَى الْبَابِ فَإِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتِي قَدْ عَلَا فَادْخُلُوا عَلَيْهِ لِتَمْنَعُوهُ عَنِّي.فَصَارَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَنَعَى إِلَيْهِ الْوَلِيدُ مُعَاوِيَةَ فَاسْتَرْجَعَ الْحُسَيْنُ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيدَ وَ مَا أَمَرَهُ فِيهِ مِنْ أَخْذِ الْبَيْعَةِ مِنْهُ لَهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنِّي لَا أَرَاكَ تَقْنَعُ بِبَيْعَتِي لِيَزِيدَ سِرّاً حَتَّى أُبَايِعَهُ جَهْراً فَيَعْرِفَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ أَجَلْ فَقَالَ الْحُسَيْنُ فَتُصْبِحُ وَ تَرَى رَأْيَكَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ انْصَرِفْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى تَأْتِيَنَا مَعَ جَمَاعَةِ النَّاسِ.فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَ اللَّهِ لَئِنْ فَارَقَكَ الْحُسَيْنُ السَّاعَةَ وَ لَمْ يُبَايِعْ لَا قَدَرْتَ مِنْهُ عَلَى مِثْلِهَا أَبَداً حَتَّى تَكْثُرَ الْقَتْلَى بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ احْبِسِ الرَّجُلَ وَ لَا يَخْرُجْ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى يُبَايِعَ أَوْ تَضْرِبَ عُنُقَهُ فَوَثَبَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِنْدَ ذَلِكَ وَ قَالَ أَنْتَ يَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ تَقْتُلُنِي أَمْ

ص: 313

هُوَ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ أَثِمْتَ وَ خَرَجَ يَمْشِي وَ مَعَهُ مَوَالِيهِ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَه.

قَالَ السَّيِّدُ كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى الْوَلِيدِ يَأْمُرُهُ بِأَخْذِ الْبَيْعَةِ عَلَى أَهْلِهَا وَ خَاصَّةً عَلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَقُولُ إِنْ أَبَى عَلَيْكَ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ ابْعَثْ إِلَيَّ بِرَأْسِهِ فَأَحْضَرالْوَلِيدُ مَرْوَانَ وَ اسْتَشَارَهُ فِي أَمْرِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُ لَا يَقْبَلُ وَ لَوْ كُنْتُ مَكَانَكَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ فَقَالَ الْوَلِيدُ لَيْتَنِي لَمْ أَكُ شَيْئاً مَذْكُوراً.ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَجَاءَهُ فِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَوَالِيهِ وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ فَغَضِبَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ قَالَ وَيْلِي عَلَيْكَ يَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ أَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِ عُنُقِي كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ أَثِمْتَ.ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْوَلِيدِ فَقَالَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ(1)إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَ بِنَا فَتَحَ اللَّهُ وَ بِنَا خَتَمَ اللَّهُ وَ يَزِيدُ رَجُلٌ فَاسِقٌ شَارِبُ الْخَمْرِ قَاتِلُ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ مُعْلِنٌ بِالْفِسْقِ وَ مِثْلِي لَا يُبَايِعُ مِثْلَهُ وَ لَكِنْ نُصْبِحُ وَ تُصْبِحُونَ وَ نَنْظُرُ وَ تَنْظُرُونَ أَيُّنَا أَحَقُّ بِالْبَيْعَةِ وَ الْخِلَافَةِ ثُمَّ خَرَجَ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

البحار: ج 18 ص 446 س7

فَأَقْبَلَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ وَدَّعَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِهِ وَ اسْتَأْجَرَ دَلِيلَيْنِ مِنْ قَيْسٍ فَأَقْبَلَا بِهِ يَتَنَكَّبَانِ الطَّرِيقَ فَضَلَّا عَنِ الطَّرِيقِ وَ أَصَابَهُمَا عَطَشٌ شَدِيدٌ فَعَجَزَا عَنِ السَّيْرِ فَأَوْمَئَا لَهُ إِلَى سَنَنِ الطَّرِيقِ بَعْدَ أَنْ لَاحَ لهم ذَلِكَ فَسَلَكَ مُسْلِمٌ ذَلِكَ السَّنَنَ وَ مَاتَ الدَّلِيلَانِ عَطَشاً فَكَتَبَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَضِيقِ مَعَ قَيْسِ بْنِ مُسْهِرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَقْبَلْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ مَعَ دَلِيلَيْنِ لِي فَحَازَا عَنِ الطَّرِيقِ فَضَلَّا وَ اشْتَدَّ عَلَيْنَا الْعَطَشُ فَلَمْ يَلْبَثَا أَنْ مَاتَا وَ أَقْبَلْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَاءِ فَلَمْ نَنْجُ إِلَّا بِحُشَاشَةِ أَنْفُسِنَا وَ ذَلِكَ الْمَاءُ بِمَكَانٍ يُدْعَى

ص: 314


1- قد أعمل عبر التقنية في إطلاق الأمير على الوليد. السبزواري.

الْمَضِيقُ مِنْ بَطْنِ الْخَبْتِ وَ قَدْ تَطَيَّرْتُ مِنْ تَوَجُّهِي هَذَا(1) فَإِنْ رَأَيْتَ أَعْفَيْتَنِي عَنْهُ وَ بَعَثْتَ غَيْرِي وَ السَّلَامُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ حَسِبْت أَنْ لَا يَكُونَ حَمَلَكَ عَلَى الْكِتَابِ إِلَيَّ فِي الِاسْتِعْفَاءِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَّهْتُكَ لَهُ إِلَّا الْجُبْنُ فَامْضِ لِوَجْهِكَ الَّذِي وَجَّهْتُكَ فِيهِ وَ السَّلَامُ. فَلَمَّا قَرَأَ مُسْلِمٌ الْكِتَابَ قَالَ أَمَّا هَذَا فَلَسْتُ أَتَخَوَّفُهُ عَلَى نَفْسِي فَأَقْبَلَ حَتَّى مَرَّ بِمَاءٍ لِطَيِّئٍ فَنَزَلَ بِهِ ثُمَّ ارْتَحَلَ عَنْهُ فَإِذَا رَجُلٌ يَرْمِي الصَّيْدَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ قَدْ رَمَى ظَبْياً حِينَ أَشْرَفَ لَهُ فَصَرَعَهُ(2) فَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ نَقْتُلُ عَدُوَّنَا إِنْ شَاءَ اللَّه.

البحار: ج 18 ص 472 س 14

فجاء هانئ حتى دخل على عبيد الله بن زياد و عنده القوم فلما طلع قال عبيد الله أتتك بحائن رجلاه. فلما دنا من ابن زياد و عنده شريح القاضي التفت نحوه فقال.

أريد حباءه و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

و قد كان أول ما قدم مكرما له ملطفا فقال له هانئ و ما ذاك أيها الأمير قال إيه يا هانئ بن عروة ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين و عامة المسلمين جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك و جمعت له الجموع و السلاح و الرجال في الدور حولك و ظننت أن ذلك يخفى علي قال ما فعلت ذلك و ما مسلم عندي قال بلى قد فعلت فلما كثر بينهما و أبى هانئ إلا مجاحدته و مناكرته دعا ابن

ص: 315


1- موضع التطير ثلاثة: 1- موت الدليلين. 2- المضيق. 3- بطن الخبت وهو ما اتسع من الأرض. السبزواري.
2-

زياد معقلا ذلك العين فجاء حتى وفق بين يديه و قال أ تعرف هذا قال نعم و علم هانئ عند ذلك أنه كان عينا عليهم و أنه قد أتاه بأخبارهم فأسقط في يده ساعة ثم راجعته نفسه فقال اسمع مني و صدق مقاتلي فو الله ما كذبت و الله ما دعوته إلى منزلي و لا علمت بشي ء من أمره حتى جاءني يسألني النزول فاستحييت من رده و داخلني من ذلك ذمام فضيفته و آويته و قد كان من أمره ما بلغك فإن شئت أن أعطيك الآن موثقا مغلظا أن لا أبغيك سوءا و لا غائلة و لآتينك حتى أضع يدي في يدك و إن شئت أعطيتك رهينة تكون في يدك حتى آتيك و أنطلق إليه فآمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء من الأرض فأخرج من ذمامه و جواره.فقال له ابن زياد و الله لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به قال لا و الله لا أجيئك به أبدا أجيئك بضيفي تقتله(1) قال و الله لتأتيني به قال و الله لا آتيك به فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي و ليس بالكوفة شامي و لا بصري غيره فقال أصلح الله الأمير خلني و إياه حتى أكلمه فقام فخلا به ناحية من ابن زياد و هما منه بحيث يراهما فإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان.فقال له مسلم يا هانئ أنشدك الله أن تقتل نفسك و أن تدخل البلاء في عشيرتك فو الله إني لأنفس بك عن القتل إن هذا ابن عم القوم و ليسوا قاتليه و لا ضائريه فادفعه إليهم فإنه ليس عليك بذلك مخزاة و لا منقصة إنما تدفعه إلى السلطان فقال هانئ و الله إن علي في ذلك الخزي و العار أن أدفع جاري و ضيفي و أنا حي صحيح أسمع و أرى شديد الساعد كثير الأعوان و الله لو لم يكن لي إلا واحد ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه فأخذ يناشده و هو يقول و الله لا أدفعه إليه أبدا.

ص: 316


1- هذه الكلمة لها قيمة كبيرة، السبزواري.

البحار: ج 18 ص 4864 س 8

قال المفيد رحمه اللّه: فصل و كان خروج مسلم بن عقيل رحمه الله بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة سنة ستين و قتله رحمه الله يوم الأربعاء لتسع خلون منه يوم عرفة و كان توجه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مكة إلى العراق في يوم خروج مسلم بالكوفة و هو يوم التروية بعد مقامه بمكة بقية شعبان و شهر رمضان و شوالا و ذا القعدة و ثمان ليال خلون من ذي الحجة سنة ستين و كان قد اجتمع إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز و نفر من أهل البصرة انضافوا إلى أهل بيته و مواليه.و لما أراد الحسين التوجه إلى العراق طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أحل من إحرامه و جعلها عمرة(1) لأنه لم يتمكن من تمام الحج مخافة أن يقبض عليه بمكة فينفذ إلى يزيد بن معاوية فخرج (عَلَيهِ السَّلَامُ) مبادرا بأهله و ولده و من انضم إليه من شيعته و لم يكن خبر مسلم بلغه بخروجه يوم خروجه على ما ذكرناه.

باب (42) رؤية أم سلمة وغيرها رسول الله الله في المنام وإخباره بشهادة الكرام

البحار: ج 18 ص 661

2- ابْنُ حُشَيْشٍ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ الشَّيْبَانِيِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّد

ص: 317


1- لا وجه للضرورة في تحلل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأنته دخل مكة لعمرة مفردة لا بالحج حتّى يكون تحلله للضرورة ففي صحيح معاوية بن عمار قلت للصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أين افرق المتمتع والمعتمر فقال إن المتمتع مرتبط بالحج والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء وقد اعتمر الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ذي الحجّة ثمّ راح يوم التروية إلى العراق والناس يروحون إلى منى ولا باس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحج. الخبر. السبزواري.

بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُبَارَكٍ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِي مَنْزِلِي إِذْ سَمِعْتُ صُرَاخاً عَظِيماً عَالِياً مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَخَرَجْتُ يَتَوَجَّهُ بِي قَائِدِي إِلَى مَنْزِلِهَا وَ أَقْبَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهَا قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَكِ تَصْرُخِينَ وَ تَغُوثِينَ فَلَمْ تُجِبْنِي وَ أَقْبَلَتْ عَلَى النِّسْوَةِ الْهَاشِمِيَّاتِ وَ قَالَتْ يَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسْعِدِينِي وَ ابْكِينَ مَعِي فَقَدْ قُتِلَ وَ اللَّهِ سَيِّدُكُنَّ وَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَيْحَانَتُهُ الْحُسَيْنُ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ ذَلِكَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي الْمَنَامِ(1) السَّاعَةَ شَعِثاً مَذْعُوراً فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَقَالَ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ الْيَوْمَ فَدَفَنْتُهُمْ وَ السَّاعَةَ فَرَغْتُ مِنْ دَفْنِهِمْ قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَ أَنَا لَا أَكَادُ أَنْ أَعْقِلَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَيْنِ الَّتِي أَتَى بِهَا جَبْرَئِيلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَ إِذَا صَارَتْ هَذِهِ التُّرْبَةُ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكِ وَ أَعْطَانِيهَا النَّبِيُّ فَقَالَ اجعل هَذِهِ التُّرْبَةَ فِي زُجَاجَةٍ أَوْ قَالَ فِي قَارُورَةٍ وَ لْتَكُنْ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً عَبِيطاً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ فَرَأَيْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ وَ قَدْ صَارَتْ دَماً عَبِيطاً تَفُورُ قَالَ فَأَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَلَطَّخَتْ بِهِ وَجْهَهَا وَ جَعَلَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَأْتَماً وَ مَنَاحَةً عَلَى الْحُسَيْنِ فَجَاءَتِ الرُّكْبَانُ بِخَبَرِهِ وَ أَنَّهُ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَنْزِلَهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَ ذَكَرْتُ لَهُ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَدَّثَنِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْقَابِلَةُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي مَنَامِي أَغْبَرَ أَشْعَثَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ فَقَالَ لِي أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنِّي فَرَغْتُ مِنْ مَدْفَنِ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ.

ص: 318


1- لعل هذه الرواية كانت غير ما نقله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لابن الحنفية، ثمّ انه يستفاد من الخبر إن الأمر الوارد من الشارع في النوم حجّة ويجب إتباعه ولكن فيه تأمّل لغير المعصوم. السبزواري.

البحار: ج 18 ص 490 السطر الأخير

وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ:وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْمُشْمَعِلِّ الْأَسَدِيَّانِ قَالا لَمَّا قَضَيْنَا حَجَّتَنَا لَمْ تَكُنْ لَنَا هِمَّةٌ إِلَّا الْإِلْحَاقَ بِالْحُسَيْنِ فِي الطَّرِيقِ لِنَنْظُرَ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ فَأَقْبَلْنَا تُرْقِلُ بِنَا نَاقَتَانَا مُسْرِعَيْنِ حَتَّى لَحِقْنَاهُ بِزَرُود

فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُ إِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَدْ عَدَلَ عَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى رَأَى الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَوَقَفَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ)كَأَنَّهُ يُرِيدُهُ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ مَضَى وَ مَضَيْنَا نَحْوَهُ فَقَالَ أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا لِنَسْأَلَهُ فَإِنَّ عِنْدَهُ خَبَرَ الْكُوفَةِ فَمَضَيْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَالَ وَ عَلَيْكُمَا السَّلَامُ قُلْنَا مِمَّنِ الرَّجُلُ قَالَ أَسَدِيٌّ قُلْنَا لَهُ وَ نَحْنُ أَسَدِيَّانِ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا بَكْرُ بْنُ فُلَانٍ فَانْتَسَبْنَا لَهُ ثُمَّ قُلْنَا لَهُ أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ وَرَاءَكَ قَالَ نَعَمْ لَمْ أَخْرُجْ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ وَ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ وَ رَأَيْتُهُمَا يُجَرَّانِ بِأَرْجُلِهِمَا فِي السُّوقِ.فَأَقْبَلْنَا حَتَّى لَحِقْنَا بِالْحُسَيْنِ فَسَايَرْنَاهُ حَتَّى نَزَلَ الثَّعْلَبِيَّةَ مُمْسِياً فَجِئْنَاهُ حِينَ نَزَلَ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْنَا السَّلَامَ فَقُلْنَا لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنَّ عِنْدَنَا خَبَراً إِنْ شِئْتَ حَدَّثْنَاكَ بِهِ عَلَانِيَةً وَ إِنْ شِئْتَ سِرّاً فَنَظَرَ إِلَيْنَا وَ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ مَا دُونَ هَؤُلَاءِ سِرٌّ فَقُلْنَا لَهُ رَأَيْتَ الرَّاكِبَ الَّذِي اسْتَقْبَلْتَهُ عَشِيَّ أَمْسِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ أَرَدْتُ مَسْأَلَتَهُ فَقُلْنَا قَدْ وَ اللَّهِ اسْتَبْرَأْنَا لَكَ خَبَرَهُ وَ كَفَيْنَاكَ مَسْأَلَتَهُ وَ هُوَ امْرُؤٌ مِنَّا ذُو رَأْيٍ وَ صِدْقٍ وَ عَقْلٍ وَ إِنَّهُ حَدَّثَنَا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ مُسْلِمٌ وَ هَانِئٌ وَ رَآهُمَا يُجَرَّانِ فِي السُّوقِ بِأَرْجُلِهِمَا فَقَالَ (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ )رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا(1) يُرَدِّدُ ذَلِكَ مِرَاراً.فَقُلْنَا لَهُ نَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَيْتِكَ إِلَّا انْصَرَفْتَ مِنْ مَكَانِكَ هَذَا وَ إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِالْكُوفَةِ نَاصِرٌ وَ لَا شِيعَةٌ بَلْ نَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونُوا عَلَيْكَ فَنَظَرَ إِلَى بَنِي عَقِيلٍ فَقَالَ مَا

ص: 319


1- أقول: يظهر منه حسن حال هاني. السبزواري.

كيفية مصالحة الحسن بن علی(علیهماالسلام) معاوية...

تَرَوْنَ فَقَدْ قُتِلَ مُسْلِمٌ فَقَالُوا وَ اللَّهِ مَا نَرْجِعُ حَتَّى نُصِيبَ ثَأْرَنَا أَوْ نَذُوقَ مَا ذَاقَ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ رَأْيَهُ عَلَى الْمَسِيرِ فَقُلْنَا لَهُ خَارَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ مِثْلَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ وَ لَوْ قَدِمْتَ الْكُوفَةَ لَكَانَ أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْكَ فَسَكَت.

البحار: ج18 ص 491، س19

وَ قَالَ السَّيِّدُ أَتَاهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ فِي زُبَالَةَ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَ فَلَقِيَهُ الْفَرَزْدَقُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ تَرْكَنُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ عَمِّكَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ وَ شِيعَتَهُ قَالَ فَاسْتَعْبَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَاكِياً ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مُسْلِماً فَلَقَدْ صَارَ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَ رَيْحَانِهِ وَ تَحِيَّتِهِ وَ رِضْوَانِهِ(1) أَمَا إِنَّهُ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَ بَقِيَ مَا عَلَيْنَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ.

فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا تُعَدُّ نَفِيسَةً*** فَدَارُ ثَوَابِ اللَّهِ أَعْلَى وَ أَنْبَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ*** فَقَتْلُ امْرِئٍ بِالسَّيْفِ فِي اللَّهِ أَفْضَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّراً*** فَقِلَّةُ حِرْصِ الْمَرْءِ فِي الرِّزْقِ أَجْمَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَا*** فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْحُرُّ يَبْخَل

البحار: ج 18 ص 493 س6

فَلَمْ يَزَلِ الْحُرُّ مُوَافِقاً لِلْحُسَيْنِ (عليه السّلام) حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ فَأَمَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْحَجَّاجَ بْنَ مَسْرُوقٍ أَنْ يُؤَذِّنَ.فَلَمَّا حَضَرَتِ الْإِقَامَةُ خَرَجَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي إِزَارٍ وَ رِدَاءٍ وَ نَعْلَيْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَمْ آتِكُمْ حَتَّى أَتَتْنِي كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَيَّ رُسُلُكُمْ أَنِ اقْدَمْ عَلَيْنَا فَلَيْسَ لَنَا إِمَامٌ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَنَا وَ إِيَّاكُمْ

ص: 320


1- في مدح الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمسلم بن عقيل. السبزواري.

عَلَى الْهُدَى وَ الْحَقِّ فَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ جِئْتُكُمْ فَأَعْطُونِي مَا أَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنْ عُهُودِكُمْ وَ مَوَاثِيقِكُمْ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ كُنْتُمْ لِمَقْدَمِي كَارِهِينَ انْصَرَفْتُ عَنْكُمْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي جِئْتُ مِنْهُ إِلَيْكُمْ.فَسَكَتُوا عَنْهُ وَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا كَلِمَةً فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ أَقِمْ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَقَالَ لِلْحُرِّ أَ تُرِيدُ أَنْ تُصَلِّيَ بِأَصْحَابِكَ فَقَالَ الْحُرُّ لَا بَلْ تُصَلِّي أَنْتَ وَ نُصَلِّي بِصَلَاتِكَ(1) فَصَلَّى بِهِمُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ دَخَلَ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَ انْصَرَفَ الْحُرُّ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ فَدَخَلَ خَيْمَةً قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ عَادالْبَاقُونَ إِلَى صَفِّهِمُ الَّذِي كَانُوا فِيه ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعِنَانِ فَرَسِهِ وَ جَلَسَ فِي ظِلِّهَا.فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمَرَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يَتَهَيَّئُوا لِلرَّحِيلِ فَفَعَلُوا ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى بِالْعَصْرِ وَ أَقَامَ فَاسْتَقْدَمَ الْحُسَيْنُ وَ قَامَ فَصَلَّى بِالْقَوْمِ ثُمَّ سَلَّمَ وَ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ (2)وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّكُمْ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وَ تَعْرِفُوا الْحَقَّ لِأَهْلِهِ يَكُنْ أَرْضَى لِلَّهِ عَنْكُمْ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ أَوْلَى بِوَلَايَةِ هَذَا الْأَمْرِ عَلَيْكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُدَّعِينَ مَا لَيْسَ لَهُمْ وَ السَّائِرِينَ فِيكُمْ بِالْجَوْرِ وَ الْعُدْوَانِ فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْكَرَاهَةَ لَنَا وَ الْجَهْلَ بِحَقِّنَا وَ كَانَ رَأْيُكُمُ الْآنَ غَيْرَ مَا أَتَتْنِي بِهِ كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَيَّ بِهِ رُسُلُكُمْ انْصَرَفْتُ عَنْكُم فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ أَنَا وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هَذِهِ الْكُتُبُ وَ الرُّسُلُ الَّتِي تَذْكُرُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ يَا عُقْبَةَ بْنَ سِمْعَانَ أَخْرِجِ الْخُرْجَيْنِ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا كُتُبُهُمْ إِلَيَّ فَأَخْرَجَ خُرْجَيْنِ مَمْلُوءَيْنِ صُحُفاً فَنُثِرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ لَسْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَتَبُوا إِلَيْكَ وَ قَدْ أُمِرْنَا أَنَّا إِذَا لَقِينَاكَ لَا نُفَارِقُكَ حَتَّى نُقَدِّمَكَ الْكُوفَةَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْمَوْتُ أَدْنَى إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ فَقُومُوا فَارْكَبُوا فَرَكِبُوا وَ انْتَظَرَ حَتَّى رَكِبَتْ نِسَاؤُهُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ انْصَرِفُوا فَلَمَّا ذَهَبُوا

ص: 321


1- يدلّ على حسن حال حر كما لا يخفى. السبزواري.
2- يظهر منه أن الحر وقومه صلوا العصر مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً. السبزواري.

لِيَنْصَرِفُوا حَالَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الِانْصِرَافِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) لِلْحُرِّ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مَا تُرِيدُ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ أَمَّا لَوْ غَيْرُكَ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُهَا لِي وَ هُوَ عَلَى مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا مَا تَرَكْتُ ذِكْرَ أُمِّهِ بِالثُّكْلِ كَائِناً مَنْ كَانَ وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا لِي مِنْ ذِكْرِ أُمِّكَ مِنْ سَبِيلٍ إِلَّا بِأَحْسَنِ مَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ.(1)

البحار: ج18 ص 496 س19

قَالَ ثُمَّ إِنَّ الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَكِبَ وَ سَارَ كُلَّمَا أَرَادَ الْمَسِيرَ يَمْنَعُونَهُ تَارَةً وَ يُسَايِرُونَهُ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنَ الْمُحَرَّم.(2)

البحار: ج18ص 496 س 23

قَالَ فَجَمَعَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وُلْدَهُ وَ إِخْوَتَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ(3) ثُمَ نَظَرَ إِلَيْهِمْ فَبَكَى سَاعَةً ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا عِتْرَةُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ أُخْرِجْنَا وَ طُرِدْنَا وَ أُزْعِجْنَا عَنْ حَرَمِ جَدِّنَا وَ تَعَدَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَيْنَا اللَّهُمَّ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَ انْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

البحار: ج 18 ص 498 س6

وَ كَتَبَ ابْنُ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ يَا حُسَيْنُ فَقَد

ص: 322


1- يدلّ على حسن حال حر أيضاً، إن قلت كيف قال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثكلتك أُمك قلت أما أولا فإنّه اعتداء على الحرّ بمثل اعتدائه على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بل يكون أدون منه فان قوله إنا أمرنا إذا لقيناك لا تفارقك الخ فانه هتك للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأي هتك و ثانيا أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا علم أن الحرّ لا يتجرأ على ذکر أمه (عَلَيهَا السَّلَامُ) فأراد أن يظهر ذلك من الحر ليكون ذلك منقبة من مناقب الحر. السبزواري.
2- ورود الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى كربلاء في يوم الثامن من المحرم والظاهر انه غلط والحق هو الثاني لما يأتي (ص 189 من النسخة الحجرية) وقد مرّ انه اليوم الثاني (في ص 188 من النسخة الحجرية وهو قوله : ثمّ نزل وذلك اليوم يوم الخميس وهو الثاني من المحرم سنة إحدى وستين). السبزواري.
3- الجمع والتودیع وإظهار ما سيرد عليهم. السبزواري.

بَلَغَنِي نُزُولُكَ بِكَرْبَلَاءَ وَ قَدْ كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ أَنْ لَا أَتَوَسَّدَ الْوَثِيرَ وَ لَا أَشْبَعَ مِنَ الْخَمِيرِ أَوْ أُلْحِقَكَ بِاللَّطِيفِ الْخَبِيرِ أَوْ تَرْجِعَ إِلَى حُكْمِي وَ حُكْمِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَ السَّلَامُ. فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُهُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ قَرَأَهُ رَمَاهُ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَا أَفْلَحَ قَوْمٌ اشْتَرَوْا مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ جَوَابُ الْكِتَابِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ مَا لَهُ عِنْدِي جَوَابٌ لِأَنَّهُ قَدْ حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ(1) فَرَجَعَ الرَّسُول إِلَيْهِ فَخَبَّرَهُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْغَضَبِ وَ الْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْحُسَيْنِ وَ قَدْ كَانَ وَلَّاهُ الرَّيَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَاسْتَعْفَى عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ فَارْدُدْ إِلَيْنَا عَهْدَنَا فَاسْتَمْهَلَهُ ثُمَّ قَبِلَ بَعْدَ يَوْمٍ خَوْفاً عَنْ أَنْ يُعْزَلَ عَنْ وِلَايَةِ الرَّيِّ.

البحار: ج 18 ص 499، س 12

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلَمْ يَعْرِضْ ابْنُ سَعْدٍ عَلَى الْحُسَيْنِ مَا أَرْسَلَ بِهِ ابْنُ زِيَادٍ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْحُسَيْنَ لَا يُبَايِعُ يَزِيدَ أَبَداً قَالَ ثُمَّ جَمَعَ ابْنُ زِيَادٍ النَّاسَ فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ بَلَوْتُمْ آلَ أَبِي سُفْيَانَ فَوَجَدْتُمُوهُمْ كَمَا تُحِبُّونَ وَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ حَسَنَ السِّيرَةِ مَحْمُودَ الطَّرِيقَةِ مُحْسِناً إِلَى الرَّعِيَّةِ يُعْطِي الْعَطَاءَ فِي حَقِّهِ قَدْ أَمِنَتِ السُّبُلُ عَلَى عَهْدِهِ وَ كَذَلِكَ كَانَ أَبُوهُ مُعَاوِيَةُ فِي عَصْرِهِ وَ هَذَا ابْنُهُ يَزِيدُ مِنْ بَعْدِهِ يُكْرِمُ الْعِبَادَ وَ يُغْنِيهِمْ بِالْأَمْوَال

ص: 323


1- إن قلت إن مثل هذه الكلمات كثيرة في أقواله المباركة في خطبه وغيرها كما يأتي وهذه كلّها مخالفة للتقية وقد كانت عادت أبيه وأخيه وأبنائه المعصومين كلّهم على التقية مع فراعنة زمانهم قلت إن أباه وأخاه وأبنائه المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) كانوا يعلمون أن للتقية نفع ما في الجملة ولو بالنسبة إلى احد من الشيعة ولو في الأزمنة المتأخّرة ولكنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان يعلم أن المداراة والتقنية مع فراعنة زمانه يضر بالدين ولا ينفع أبداً كما لا يخفى على من راجع التواريخ المعتبرة الواردة في كيفية حالات يزيد وأتباعه وكيفية حدوث خلافته وبقائها لكن قد مرّ إطلاقه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لفظ الأمير على أمير المدينة ولعله كان حيث يرجي فيه نفع التقنية في الجملة. السبزواري

وَ يُكْرِمُهُمْ وَ قَدْ زَادَكُمْ فِي أَرْزَاقِكُمْ مِائَةً مِائَةً وَ أَمَرَنِي أَنْ أُوَفِّرَهَا عَلَيْكُمْ وَ أُخْرِجَكُمْ إِلَى حَرْبِ عَدُوِّهِ الْحُسَيْنِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا.ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ وَفَّرَ النَّاسَ الْعَطَاءَ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى حَرْبِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَكُونُوا عَوْناً لِابْنِ سَعْدٍ عَلَى حَرْبِهِ فَأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَصَارَ ابْنُ سَعْدٍ فِي تِسْعَةِ آلَافٍ(1) ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِيَزِيدَ بْنِ رَكَّابٍ الْكَلْبِيِّ فِي أَلْفَيْنِ وَ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ السَّكُونِيِّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ فلانا الْمَازِنِيِّ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَ نَصْرِ بْنِ فُلَانٍ فِي أَلْفَيْنِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ أَلْفاً.

البحار: ج 18 ص 500 س 23

قَالَ وَ رَجَعَتْ خَيْلُ ابْنِ سَعْدٍ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَحَالُوا بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ وَ أَضَرَّ الْعَطَشُ بِالْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ فَأَخَذَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأْسا وَ جَاءَ إِلَى وَرَاءِ خَيْمَةِ النِّسَاءِ(2) فَخَطَا فِي الْأَرْضِ تِسْعَ عَشْرَةَ خُطْوَةً نَحْوَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ حَفَرَ هُنَاكَ فَنَبَعَتْ لَهُ عَيْنٌ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ فَشَرِبَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ شَرِبَ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ وَ مَلَئُوا أَسْقِيَتَهُمْ ثُمَّ غَارَتِ الْعَيْنُ فَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ وَ بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ زِيَاد فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَلَغَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يَحْفِرُ الْآبَارَ وَ يُصِيبُ الْمَاءَ فَيَشْرَبُ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَانْظُرْ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ كِتَابِي فَامْنَعْهُمْ مِنْ حَفْرِ الْآبَارِ مَا اسْتَطَعْتَ وَ ضَيِّقْ عَلَيْهِمْ وَ لَا تَدَعْهُمْ يَذُوقُوا الْمَاءَ وَ افْعَلْ بِهِمْ كَمَا فَعَلُوا بِالزَّكِيِّ عُثْمَانَ فَعِنْدَهَا ضَيَّقَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَيْهِمْ غَايَةَ التَّضْيِيقِ.

البحار: ج 18 ص 501 س 3

فَلَمَّا اشْتَدَّ الْعَطَشُ بِالْحُسَيْنِ دَعَا بِأَخِيهِ الْعَبَّاسِ فَضَمَ إِلَيْهِ ثَلَاثِينَ فَارِساً وَ عِشْرِينَ رَاكِباً وَ بَعَثَ مَعَهُ عِشْرِينَ قِرْبَةً فَأَقْبَلُوا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ حَتَّى دَنَوْا مِن

ص: 324


1- يعني مع ما كان قبل ذلك مع ابن سعد وحرّ بن یزید. السبزواري.
2- السقي الأوّل من العين التي حفرها الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عل كان بإعجاز منه. السبزواري.

الْفُرَاتِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ مَنْ أَنْتُمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ يُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ نَافِعٍ الْبَجَلِيُّ ابْنُ عَمٍّ لَكَ جِئْتُ أَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَقَالَ عَمْرٌو اشْرَبْ هَنِيئاً فَقَالَ هِلَالٌ وَيْحَكَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَشْرَبَ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ مَنْ مَعَهُ يَمُوتُونَ عَطَشاً فَقَالَ عَمْرٌو صَدَقْتَ وَ لَكِنْ أُمِرْنَا بِأَمْرٍ لَا بُدَّ أَنْ نَنْتَهِيَ إِلَيْهِ فَصَاحَ هِلَالٌ بِأَصْحَابِهِ فَدَخَلُوا الْفُرَاتَ وَ صَاحَ عَمْرٌو بِالنَّاسِ وَ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيداً فَكَانَ قَوْمٌ يُقَاتِلُونَ وَ قَوْمٌ يَمْلَئُونَ حَتَّى مَلَئُوهَا وَ لَمْ يُقْتَلْ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ الْقَوْمُ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ فَشَرِبَ الْحُسَيْنُ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ وَ لِذَلِكَ سُمِّيَ الْعَبَّاسُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) السَّقَّاءَ.(1)

البحار: ج 18 ص 5015 س 21

قَالَ وَ وَرَدَ كِتَابُ ابْنِ زِيَادٍ فِي الْأَثَرِ إِلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنْ حُلْ بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ(2) وَ لَا يَذُوقُوا مِنْهُ قَطْرَةً كَمَا صُنِعَ بِالتَّقِيِّ الزَّكِيِّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْوَقْتِ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ فَنَزَلُوا عَلَى الشَّرِيعَةِ وَ حَالُوا بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ وَ مَنَعُوهُمْ أَنْ يُسْقَوْا مِنْهُ قَطْرَةً وَ ذَلِكَ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

البحار: ج 18 ص 507 س 3

قَالَ الْمُفِيدُ: وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَصْبَحَتِ الْخَيْلُ تُقْبِلُ عَلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)رَفَعَ يَدَيْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ وَ رَجَائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ وَ أَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَ عُدَّةٌ كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الْفُؤَادُ وَ تَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ وَ يَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ وَ يَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَ شَكَوْتُهُ إِلَيْكَ رَغْبَةً مِنِّي إِلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ

ص: 325


1- وهذا هو السقي الثاني حصل بسقاية العباس(عَلَيهِ السَّلَامُ) . السبزواري.
2- الاشتداد في المنع في اليوم السابع من المحرم. السبزواري.

فَفَرَّجْتَهُ وَ كَشَفْتَهُ فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ وَ صَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ وَ مُنْتَهَى كُلِّ رَغْبَةٍ.(1)

البحار: ج 18 ص 507 السطر الأخير

و تقدم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتى وقف بإزاء القوم فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنهم السيل و نظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الدُّنْيَا فَجَعَلَهَا دَارَ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ مُتَصَرِّفَةً بِأَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ فَالْمَغْرُورُ مَنْ غَرَّتْه وَ الشَّقِيُّ مَنْ فَتَنَتْهُ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا تَقْطَعُ رَجَاءَ مَنْ رَكِنَ إِلَيْهَا وَ تُخَيِّبُ طَمَعَ مَنْ طَمِعَ فِيهَا وَ أَرَاكُمْ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَمْرٍ قَدْ أَسْخَطْتُمُ اللَّهَ فِيهِ عَلَيْكُمْ وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ عَنْكُمْ وَ أَحَلَّ بِكُمْ نَقِمَتَهُ وَ جَنَّبَكُمْ رَحْمَتَهُ فَنِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا وَ بِئْسَ الْعَبِيدُ أَنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ وَ آمَنْتُمْ بِالرَّسُولِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ إِنَّكُمْ زَحَفْتُمْ إِلَى ذُرِّيَّتِهِ وَ عِتْرَتِهِ تُرِيدُونَ قَتْلَهُمْ لَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكُمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ الْعَظِيمِ فَتَبّاً لَكُمْ وَ لِمَا تُرِيدُونَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ (كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِين).(2)

البحار: ج 18 ص 508 س 13

وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ دَعَا الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا وَ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ جُلُّهُمْ يَسْمَعُونَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي وَ لَا تَعْجَلُوا حَتَّى أَعِظَكُمْ بِمَا يَحِقُّ لَكُمْ عَلَيَّ وَ حَتَّى أَعْذِرَ عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَعْطَيْتُمُونِيَ النَّصَفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ وَ إِنْ لَمْ تُعْطُونِيَ النَّصَفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْيَكُمْ (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنْظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَ عَلَى مَلَائِكَتِهِ وَ عَلَى

ص: 326


1- من دعائه (عَلَيهِ السَّلَامُ) علي يوم عاشوراء. السبزواري.
2- يظهر من ذيل الخبر انه(عَلَيهِ السَّلَامُ) علي ركب البعير كما يظهر من صدره انه(عَلَيهِ السَّلَامُ) علي كان في مكانٍ عال فتدبّر في الخبر. السبزواري

أَنْبِيَائِهِ فَلَمْ يُسْمَعْ مُتَكَلِّمٌ قَطُّ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي مَنْطِقٍ.ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَانْسُبُونِي فَانْظُرُوا مَنْ أَنَا ثُمَّ رَاجِعُوا أَنْفُسَكُمْ وَ عَاتِبُوهُمْ فَانْظُرُوا هَلْ يَصْلُحُ لَكُمْ قَتْلِي وَ انْتِهَاكُ حُرْمَتِي أَ لَسْتُ ابْنَ نَبِيِّكُمْ وَ ابْنَ وَصِيِّهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ أَوَّلِ مُؤْمِنٍ مُصَدِّقٍ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَ وَ لَيْسَ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّي أَ وَ لَيْسَ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ عَمِّي أَ وَلَم يَبْلُغْكُمْ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِي وَ لِأَخِي هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِي بِمَا أَقُولُ وَ هُوَ الْحَقُّ وَ اللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِباً مُذْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَ إِنْ كَذَّبْتُمُونِي فَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ إِنْ سَأَلْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَكُمْ اسْأَلُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ وَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَ أَنَسَ بْنَ مَالِك يُخْبِرُوكُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لِي وَ لِأَخِي أَ مَا فِي هَذَا حَاجِزٌ لَكُمْ عَنْ سَفْكِ دَمِي.(1)

البحار: ج 18 ص 509 س 264

فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ إن كان يدري ما تقوّل فقال له حبيب بن مظاهر و الله إني لأراك تعبد الله على سبعين حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك. ثم قال لهم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَإِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ هَذَا أَ فَتَشُكُّونَ أَنِّي ابْنُ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ابْنُ بِنْتِ نَبِيٍّ غَيْرِي فِيكُمْ وَ لَا فِي غَيْرِكُمْ وَيْحَكُمْ أَ تَطْلُبُونِي بِقَتِيلٍ مِنْكُمْ قَتَلْتُهُ أَوْ مَالٍ لَكُمُ اسْتَهْلَكْتُهُ أَوْ بِقِصَاصٍ مِنْ جِرَاحَةٍ فَأَخَذُوا لَا يُكَلِّمُونَهُ فَنَادَى يَا شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ يَا حَجَّارَ بْنَ أَبْجَرَ يَا قَيْسَ بْنَ الْأَشْعَثِ يَا يَزِيدَ بْنَ الْحَارِثِ أَ لَمْ تَكْتُبُوا إِلَيَّ أَنْ قَدْ أَيْنَعَتِ الثِّمَارُ وَ اخْضَرَّ الْجَنَابُ وَ إِنَّمَا تَقْدَمُ عَلَى جُنْدٍ لَكَ مُجَنَّدٍ فَقَالَ لَهُ قَيْسُ بْنُ الْأَشْعَثِ مَا

ص: 327


1- إتمام الحجّة من الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولا يعتقد إتمام حجة أقوى منه. السبزواري.

نَدْرِي مَا تَقُولُ وَ لَكِنِ انْزِلْ عَلَى حُكْمِ بَنِي عَمِّكَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يُرُوكَ إِلَّا مَا تُحِبُّ فَقَالَ لَهُمُ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إِعْطَاءَ الذَّلِيلِ وَ لَا أُقِرُّ لَكُمْ إِقْرَارَ الْعَبِيدِ(1).ثُمَّ نَادَى يَا عِبَادَ اللَّهِ (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ وَ أَعُوذُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) ثم إنه أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان بعقلها و أقبلوا يزحفون نحوه.

البحار: ج 18 ص 512 س 16

وَرُوِيَ عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لَمَّا الْتَقَى الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَامَتِ الْحَرْبُ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى النَّصْرَ حَتَّى رَفْرَفَ عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ خُيِّرَ بَيْنَ النَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَ بَيْنَ لِقَاءِ اللَّهِ فَاخْتَارَ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ الرَّاوِي ثُمَّ صَاحَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ مَا مِنْ مُغِيثٍ يُغِيثُنَا لِوَجْهِ اللَّهِ أَ مَا مِنْ ذَابٍّ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّه.(2)

البحار: ج 18 ص 527 س1

ثمّ قال محمّد بن أبي طالب و غيره و كان يأتي الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الرجل بعد الرجل فيقول: السلام عليك يا بن رسول اللّه، فيجيبه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و يقول و عليك السلام و نحن خلفك، ثمّ يقرأ «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ»حتّى قتلوا عن آخرهم رضوان اللّه عليهم و لم يبق مع الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا أهل بيته.(3)

البحار: ج 18 ص 527 س9

و لما قتل أصحاب الحسين و لم يبق إلّا أهل بيته و هم ولد علي و ولد جعفر

ص: 328


1- كلمة من الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) علي صدرت عن كمال اعتقاده بربه وبواقع حقيقته. السبزواري.
2- و هذه الاستغاثة الأولى. السبزواري.
3- أقول مجموع من استأذن و خرج ما يقارب الأربعين رجلاً. السبزواري.

وولد عقیل وولد الحسن وولدهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) اجتمعوا يودّع بعضهم بعضا (1)وعزموا على الحرب فأول من برز من أهل بيته عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب وهو يرتجز ويقول:

اليوم ألتقي مسلما وهو أبي*** وفتية بادوا على دين النبيّ

ليسوا بقوم عرفوا بالكذب*** لكن خیار وکرام النسب

من هاشم السادات أهل الحسب.

البحار: ج 18 ص 533 س 22

أقول و في بعض تأليفات أصحابنا أن العباس لما رأى وحدته (عَلَيهِ السَّلَامُ) أتى أخاه و قال يا أخي هل من رخصة فبكى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكاء شديدا ثم قال يا أَخِي أَنْتَ صَاحِبُ لِوَائِي وَ إِذَا مَضَيْتَ تَفَرَّقَ عَسْكَرِي.(2)

البحار: ج 18 ص 536 س 10

قال أبو الفرج علي بن الحسين هذا هو الأكبر و لا عقب له و يكنى أبا الحسن و أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي و هو أول من قتل في الوقعة و إياه عنى معاوية في الخبر الذي حدثني به محمد بن محمد بن سليمان عن يوسف بن موسى القطان عن جرير عن مغيرة قال قال معاوية من أحق الناس بهذا الأمر(3) قالوا

ص: 329


1- هذا الوداع الأوّل بين أهل البيت. السبزواري.
2- إن كان خروج العباس (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد شهادة الأصحاب فما معنى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ): تفرّق عسكري؟السبزواري.
3- في اعتراف معاوية بأن أولى الناس بالخلافة علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا لكن لا يخفى أنه عليه اللعنة لا يريد مما يقول إلا القدح بالحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنه ليس أهلا للخلافة لا أنّه عليه اللعنة في مقام مدح علي بن الحسين مع انه غلط لان السخاء في بني هاشم كما هو معروف في الجاهلية والإسلام مع انه أساء الأدب لان الزهو هو الكذب والتكبر ويجل علي بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك. السبزواري.

أنت قال لا أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي جده رسول الله و فيه شجاعة بني هاشم و سخاء بني أمية و زهو ثقيف.و قال يحيى بن الحسن العلوي و أصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لأم ولد و أن الذي أمه ليلى هو جدهم و ولد في خلافة عثمان.

البحار: ج 18 ص 546 س 11

قال ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين(1) فيوطئ الخيل ظهره فانتدب منهم عشرة و هم إسحاق بن حوية الذي سلب الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قميصه و أخنس بن مرثد و حكيم بن الطفيل السنبسي و عمرو بن صبيح الصيداوي و رجاء بن منقذ العبدي و سالم بن خيثمة الجعفي و واحظ بن ناعم و صالح بن وهب الجعفي و هانئ بن ثبيت الحضرمي و أسيد بن مالك فداسوا الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحوافر خيلهم حتى رضوا ظهره و صدره.

البحار: ج 18 ص 559

6- سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ فَضْلٍ عَنْ سَعْدٍ الْجَلَّابِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السّلام) قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ (عليه السّلام) لِأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) قَالَ لِي يَا بُنَيَّ إِنَّكَ سَتُسَاقُ إِلَى الْعِرَاقِ وَ هِيَ أَرْضٌ قَدِ الْتَقَى بِهَا النَّبِيُّونَ وَ أَوْصِيَاءُ النَّبِيِّينَ وَ هِيَ أَرْضٌ تُدْعَى عَمُورَا وَ إِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ بِهَا وَ يُسْتَشْهَدُ مَعَكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِكَ(2) لا

ص: 330


1- الانتداب الحث على الشيء والقيام به وقد عمل بوصية ابن زیاد لعنه الله تعالى. السبزواري.
2- يمكن التمسك به لأفضلية شهداء کربلاء على سائر الشهداء حتّى شهداء بدر و نحوه وكذا العموم قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الخبر السابق قتلانا قتلى النبيين الخ فتدبر. السبزواري.

يَجِدُونَ أَلَمَ مَسِّ الْحَدِيدِ وَ تَلَا »قُلْنا يا ناركُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ» يَكُونُ الْحَرْبُ بَرْداً وَ سَلَاماً عَلَيْكَ وَ عَلَيْهِمْ فَأَبْشِرُوا فَوَ اللَّهِ لَئِنْ قَتَلُونَا فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى نَبِيِّنَا...

البحار، ج18 ص 0912

13 - أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ وَ تَخَلُّفَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا حَمْزَةُ إِنِّي سَأُحَدِّثُكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ بَعْدَ مَجْلِسِنَا هَذَا إِنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا فَصَلَ مُتَوَجِّهاً دَعَا بِقِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَحِقَ بِي مِنْكُمْ اسْتُشْهِدَ مَعِي وَ مَنْ تَخَلَّفَ لَمْ يَبْلُغِ الْفَتْحَ وَ السَّلَام.(1)

ص: 331


1- جواب الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيه إجمال بل يفهم من الخبر انه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مقام الإجمال والإهمال ويمكن أن يستفاد منه أن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يدعو بني هاشم إلى نصرته حتّى يتحقق التخلف عنه بل إنما أوكل الأمر إليهم ثمّ إن قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم يبلغ الفتح لعل معناه إن لم يبلغ الفتح على بني أميّة لو خرج عليهم فتأمّل. ولباب الكلام إن الناس في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أقسام: 1- من لم يبلغه الدعوة أصلا ولا إشكال في كونه معذورا . 2- من بلغه الدعوة وكان لا يقدر على نصرته بالجهاد معه وهو أيضاً معذورا لكان عذره مقبوة شرعاً. 3- من بلغه الدعوة وكان يقدر على نصرته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولكن كان يعلم أنه لا ينفعه النصرة لكونه مغلوبا على أي حال وفي تحقق الوجوب حينئذ إشكال بناء على أن لوجوب طريقته إلى احتمال الظفر، نعم لو كان له موضوعية خاصة لوجب حينئذ ولكنه أول الكلام 4- يحتمل الظفر ويقدر على الجهاد وبلغه الدعوة قبل إذنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في انصراف من معه مع العلم بأنّه لا يأذن في الانصراف لا إشكال في الوجوب حينئذ 5- هذه الصور مع كون ذلك بعد الإذن في الانصراف أو مع العلم بأنّه يأذن فيه لا دليل فيهما على الوجوب فتأمّل، وخبر عمرو بن قيس كان قبل الإذن في الانصراف وقبل القطع بالمغلوبية بحسب الأسباب الظاهرية فان أخبار الأنبياء في بقتله (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يمكن أن يكون من الأمور البدائية. السبزواري.

البحار: ج 18 ص 566

29 - قَالَ الْإِمَامُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ لَمَّا امْتُحِنَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ مَعَهُ بِالْعَسْكَرِ الَّذِينَ قَتَلُوهُ وَ حَمَلُوا رَأْسَهُ قَالَ لِعَسْكَرِهِ أَنْتُمْ فِي حِلٍ مِنْ بَيْعَتِي فَالْحَقُوا بِعَشَائِرِكُمْ وَ مَوَالِيكُمْ وَ قَالَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ قَدْ جَعَلْتُكُمْ فِي حِلٍّ مِنْ مُفَارَقَتِي فَإِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَهُمْ لِتَضَاعُفِ أَعْدَادِهِمْ وَ قُوَاهُمْ وَ مَا الْمَقْصُودُ غَيْرِي فَدَعُونِي وَ الْقَوْمَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُعِينُنِي وَ لَا يُخَلِّينِي مِنْ حُسْنِ نَظَرِهِ كَعَادَاتِهِ فِي أَسْلَافِنَا الطَّيِّبِينَ فَأَمَّا عَسْكَرُهُ فَفَارَقُوهُ وَ أَمَّا أَهْلُهُ الْأَدْنَوْنَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَأَبَوْا وَ قَالُوا- لَا نُفَارِقُكَ وَ يَحْزُنُنَا مَا يَحْزُنُكَ وَ يُصِيبُنَا مَا يُصِيبُكَ وَ إِنَّا أَقْرَبُ مَا نَكُونُ إِلَى اللَّهِ إِذَا كُنَّا مَعَكَ فَقَالَ لَهُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ وَطَّنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَى مَا وَطَّنْتُ نَفْسِي عَلَيْهِ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يَهَبُ الْمَنَازِلَ الشَّرِيفَةَ لِعِبَادِهِ بِاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ وَ إِنْ كَانَ خَصَّنِي مَعَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِيَ الَّذِينَ أَنَا آخِرُهُمْ بَقَاءً فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَرَامَاتِ بِمَا يَسْهُلُ عَلَيَّ مَعَهَا احْتِمَالُ الْمَكْرُوهَاتِ فَإِنَّ لَكُمْ شَطْرَ ذَلِكَ مِنْ كَرَامَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَ اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا حُلْوَهَا وَ مُرَّهَا حُلُمٌ وَ الِانْتِبَاهَ فِي الْآخِرَةِ وَ الْفَائِزُ مَنْ فَازَ فِيهَا وَ الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِيهَا.(1)

البحار: ج 18 ص570

تذنيب: قال السيد رحمه الله في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قيل ما العذر في خروجه صلوات الله عليه من مكة بأهله و عياله إلى الكوفة و المستولي عليها أعداؤه و المتأمر فيها من قبل يزيد اللعين يتسلط الأمر و النهي و قد رأى صنع أهل

ص: 332


1- هذا الكلام الصادر من معدن الوحي ينبغي أن يكتب بالنور على صدور الحور فتأمل فيه حق التأمل. السبزواري.

الكوفة بأبيه و أخيه صلوات الله عليهما و أنهم غادرون خوانون و كيف خالف ظنه ظن جميع نصحائه في الخروج و ابن عباس رحمه الله يشير بالعدول عن الخروج و يقطع على العطب فيه و ابن عمر لما ودعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول له أستودعك الله من قتيل إلى غير ذلك ممن تكلم في هذا الباب.ثم لما علم بقتل مسلم بن عقيل و قد أنفذه رائدا له كيف لم يرجع و يعلم الغرور من القوم و يفطن بالحيلة و المكيدة ثم كيف استجاز أن يحارب بنفر قليل لجموع عظيمة خلفها مواد لها كثيرة ثم لما عرض عليه ابن زياد الأمان و أن يبايع يزيد كيف لم يستجب حقنا لدمه و دماء من معه من أهله و شيعته و مواليه و لم ألقى بيده إلى التهلكة و بدون هذا الخوف سلم أخوه الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأمر إلى معاوية فكيف يجمع بين فعليهما في الصحة.(1)

ص: 333


1- خلاصة الكلام في دفع الشبهة: أولاً: إن لكل واحد من المعصومین (عَلَيهِم السَّلَامُ) تکالیف خاصة لأنهم مؤيدون يروح القدس كما في أخبار مستفيضة وهو روح لا يخفى عليه شيء من العوالم من الماضي والحاضر والمستقبل، ولهم تکالیف خاصة من جهات تخالف تكاليف العامة بحسب الظاهر ولو اطلع الناس إلى ما اطلعوا عليه لحكموا بما حكموا (عَلَيهِم السَّلَامُ) به. وثانياً: إن أسباب الظفر بحسب الظاهر کانت تامة فلما وقع (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مخالبهم دافع عن نفسه لا انه جاهد. و ثالثاً: انه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا على أي حال كان مغلوبا عليه سواء كان خارجا إلى العراق أو إلى ناحية أخرى من سائر نواحي الدنيا مع أن علمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمغلوبيته من تمام الجهات أول الكلام لاحتمال کون ذلك من الأمور البدائية وإحاطتهم بتمام مراتبه علمه تعالی حتی مراتب البداء أول الدعوى فراجع و تفحص، نعم يمكن علمه (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعدم البداء حين شروعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الدفاع بنفسه الأقدس لا قبل ذلك. السبزواري.

باب (38) شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما

البحار: ج 18 ص 573

1- أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَجَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُثْمَانَ(1) بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ شَيْخٍ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ(2) فَأُتِيَ بِهِمَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَالَ خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ فَمِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمْهُمَا وَ مِنَ الْبَارِدِ فَلَا تَسْقِهِمَا وَ ضَيِّقْ عَلَيْهِمَا سِجْنَهُمَا وَ كَانَ الْغُلَامَانِ يَصُومَانِ النَّهَارَ فَإِذَا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أُتِيَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاح...

باب (39) الوقائع المتأخّرة عن قتله (عَلَيهِ السَّلَامُ)

البحار: ج 18 ص 578 س10

وَ حَفَرُوا لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ صُرِعُوا حَوْلَهُ مِمَّا يَلِي رِجْلَيِ الْحُسَيْنِ وَ جَمَعُوهُمْ وَ دَفَنُوهُمْ جَمِيعاً مَعاً(3)وَ دَفَنُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْغَاضِرِيَّةِ حَيْثُ قَبْرُهُ الْآن

البحار: ج 18 ص 581 س4

ص: 334


1- کلاهما مجهولان. السبزواري.
2- هذان الولدان يحتمل أن يكونا من أولاد مسلم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو من أولاد جعفر الطيار (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ما يأتي عن المناقب. السبزواري.
3- ويا ليتهم افردوا لبني هاشم محلاً خاصاً معلوماً ولم يدفنوهم مع سائر الشهداء. السبزواري.

قَالَ: وَ خَطَبَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَرَاءِ كِلَّتِهَا رَافِعَةً صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ(1) فَقَالَتْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ سَوْأَةً لَكُمْ مَا لَكُمْ خَذَلْتُمْ حُسَيْناً وَ قَتَلْتُمُوهُ وَ انْتَهَبْتُمْ أَمْوَالَهُ وَ وَرِثْتُمُوهُ وَ سَبَيْتُمْ نِسَاءَهُ وَ نَكَبْتُمُوهُ فَتَبّاً لَكُمْ وَ سُحْقاً وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّ دَوَاهٍ دَهَتْكُمْ وَ أَيَّ وِزْرٍ عَلَى ظُهُورِكُمْ حَمَلْتُمْ وَ أَيَّ دِمَاءٍ سَفَكْتُمُوهَا وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ أَصَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ صِبْيَةٍ سَلَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ أَمْوَالٍ انْتَهَبْتُمُوهَا قَتَلْتُمْ خَيْرَ رِجَالاتٍ بَعْدَ النَّبِيِّ وَ نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ قُلُوبِكُمْ أَلَا حِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخاسِرُونَ ثُمَّ قَالَت:

قَتَلْتُمْ أَخِي صَبْراً فَوَيْلٌ لِأُمِّكُم*** سَتُجْزَوْنَ نَاراً حَرُّهَا يَتَوَقَّدُ

سَفَكْتُمْ دِمَاءً حَرَّمَ اللَّهُ سَفْكَهَا*** وَ حَرَّمَهَا الْقُرْآنُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ

أَلَا فَابْشِرُوا بِالنَّارِ إِنَّكُمُ غَداً*** لَفِي سَقَرٍ حَقّاً يَقِيناً تُخَلَّدُوا

وَ إِنِّي لَأَبْكِي فِي حَيَاتِي عَلَى أَخِي*** عَلَى خَيْرِ مَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ سَيُولَدُ

بِدَمْعٍ غَزِيرٍ مُسْتَهَلٍّ مُكَفْكَفٍ ***عَلَى الْخَدِّ مِنِّي ذَائِباً لَيْسَ يَجْمُد

البحار: ج 45 ص س(2)

ص: 335


1- قوله من وراء كلتها هل كلمته على البعير أو كانت على الأرض ؟ لم يعلم ذلك، والظاهر هو الأوّل كما يأتي في خبر الجصاص. السبزواري (ص 220 وهو قوله: أقول رأيت في بعض الكتب المعتبرة روی مرسلا عن مسلم الجصاص قال ....).
2- السبزواري: فائدة : إن ال العقليّة بالنسبة إلى الحسين بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هي: 1- سکوته عن خلافة يزيد رأساً وهو حرام عليه قطعاً لاشتهار یزید بالفسق والفجور والخمور ونحوها من المعاصي. 2۔ صلحه معه كما فعله الحسني (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهو أيضاً حرام بلا إشكال لعين ما تقدم في سابقه بل يكون أشدّ حرمة منه لأنّ أهل الكوفة دعوا حسينا إلى الكوفة للمجاهدة معه فإذا صالح مع يزيد يخرج جميع الشيعة عن اعتقاد إمامته وترتب عليه مفاسد أخرى كما لا يخفی. 3۔ ذهابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى مصر من الأمصار غير الكوفة من مكة وهو أيضاً لا يجوز لأن أهل الكوفة حينئذ يخرجون عليه و يقولون إنا كتبنا إليك لأي شيء ما أجبتنا وذهبت إلى محل أخر ........ بین الشيعة بالعمد والاختيار مع عدم ترتب غرض صحيح عليه بل تترتب عليه أمور فاسدة. 4- خروجه إلى مصر من الأمصار بعد إجابة أهل الكوفة وحصول اليأس عن مساعدتهم وهذا وجه حسن ولكنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يقدر عليه بعد وقوعه (عَلَيهِ السَّلَامُ) تحت استيلاء الظلمة عليه وقد صرح مراراً بأن يخلى سبيله بان يذهب إلى أي محل شاء وأراد ولم يخلوا عنه. 5- مدافعته عن نفسه وحرمه وأهله والتسليم لقضاء الله تعالى وقدره وهو المتعين عليه عقلا وشرعا وقد فعل (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذلك جزاه الله تعالى خير جزاء الذّابين عن أهله وحرمه وعن المؤمنين وبالجملة ما اختار سلام الله عليه إلا ما هو واجب عليه عقلا و شرعا.

البحار: ج 18 ص 585 س1

وَ قَالَ السَّيِّدُ فَقَالَ عَلِيٌّ لِعَمَّتِهِ اسْكُتِي يَا عَمَّةِ حَتَّى أُكَلِّمَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِي يَا ابْنَ زِيَادٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ لَنَا عَادَةٌ وَ كَرَامَتَنَا الشَّهَادَةُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِيَادٍ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَهْلِهِ فَحُمِلُوا إِلَى دَارٍ إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْنَا عَرَبِيَّةٌ إِلَّا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مَمْلُوكَةٌ فَإِنَّهُنَّ سُبِينَ وَ قَدْ سُبِينَا. (1)

البحار: ج 18 ص585 س 14

و قال و لما اجتمع عبيد الله بن زياد و عمر بن سعد- بعد قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال عبيد الله لعمر ائتني بالكتاب الذي كتبته إليك(2) في معنى قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و مناجزته فقال ضاع فقال لتجيئنني به أ تراك معتذرا في عجائز قريش قال عمر و الله لقد نصحتك في الحسين نصيحة لو استشارني بها أبي سعد كنت قد أديت حقه فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله صدق و الله لوددت أنه ليس من بني زياد رجل إلا و في أنفه خزامة إلى يوم القيامة و أن حسينا لم يقتل قال عمر بن سعد و الله ما رجع أحد بشر

ص: 336


1- لعل نهيها (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك لأجل أن لا يزدحمن النسوة عليهنّ. السبزواري.
2- يظهر منه ندم الملعون على قتله (عَلَيهِ السَّلَامُ). السبزواري.

مما رجعت أطعت عبيد الله و عصيت الله و قطعت الرحم.

البحار: ج 18 ص 189 س18

ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَ أَمَّا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ كِتَابُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ وَقَفَ عَلَيْهِ (1)أَعَادَ الْجَوَابَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ فِيهِ بِحَمْلِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ رُءُوسِ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ وَ حَمْلِ أَثْقَالِهِ وَ نِسَائِهِ وَ عِيَالِهِ فَاسْتَدْعَى ابْنُ زِيَادٍ بِمُخْفِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيِّ فَسَلَّمَ إِلَيْهِ الرُّءُوسَ وَ النِّسَاءَ فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الشَّامِ كَمَا يُسَارُ سَبَايَا الْكُفَّارِ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ أَهْلُ الْأَقْطَار.

البحار: ج 18 ص595 س21

وَ قَالَ ابْنُ نَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أُدْخِلْنَا عَلَى يَزِيدَ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا(2)مُغَلَّلُونَ فَلَمَّا وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا يَزِيدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ يَا يَزِيدُ بَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا فَبَكَى النَّاسُ وَ بَكَى أَهْلُ دَارِهِ حَتَّى عَلَتِ الْأَصْوَاتُ فَقَالَ عَلِيُ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ وَ أَنَا مَغْلُولٌ أَ تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ فَقَالَ قُلْ وَ لَا تَقُلْ هُجْراً فَقَالَ لَقَدْ وَقَفْتُ مَوْقِفاً لَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَقُولَ الْهُجْرَ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنِي فِي الْغُلِّ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ حُلُّوه.

البحار: ج 18 ص 622

19- أَقُولُ رَوَى فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِيمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْعَاصِمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِي

ص: 337


1- أقول: الظاهر أن كتاب خبر الشهادة إلى یزید کانت بواسطة الطير كما كان مرسوماً في تلك الأزمان في نقل الأخبار المهمّة. السبزواري.
2- لم يعلم أن الاثنی عشر رجلا كانوا من بني هاشم وجيء بهم من كربلاء، أو كانوا أنصار السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولحفروا بعد الخروج من كربلاء؟ السبزواري.

عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الطَّرَسُوسِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْمُرَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ جَاءَ غُرَابٌ فَوَقَعَ فِي دَمِهِ ثُمَّ تَمَرَّغَ(1) ثُمَّ طَارَ فَوَقَعَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى جِدَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هِيَ الصُّغْرَى فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً وَ أَنْشَأَتْ تَقُول:

نَعَبَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ مَنْ تَنْعَاهُ وَيْلَكَ يَا غُرَابُ*** قَالَ الْإِمَامَ فَقُلْتُ مَنْ قَالَ الْإِمَامَ فَقُلْتُ مَنْ

إِنَّ الْحُسَيْنَ بِكَرْبَلَاءَ بَيْنَ الْأَسِنَّةِ وَ الضِّرَابِ*** فَابْكِي الْحُسَيْنَ بِعَبْرَةٍ تُرْجِي الْإِلَهَ مَعَ الثَّوَاب

قُلْتُ الْحُسَيْنَ فَقَالَ لِي حَقّاً لَقَدْ سَكَنَ التُّرَابَ*** ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهِ الْجَنَاحُ فَلَمْ يُطِقْ رَدَّ الْجَوَابِ

فَبَكَيْتُ مِمَّا حَلَّ بِي بَعْدَ الدُّعَاءِ الْمُسْتَجَابِ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: فَنَعَتُّهُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا قَدْ جَاءَتْنَا بِسِحْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

البحار: ج 18 ص 634

3- أَقُولُ رُوِيَ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا مُرْسَلًا أَنَّ نَصْرَانِيّاً أَتَى رَسُولًا مِنْ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ قَدْ حَضَرَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي أُتِيَ إِلَيْهِ فِيهِ بِرَأْس

ص: 338


1- أقول: الغراب أسود غالباً فلا ينفع تمرغه في الدم، مع أن في جملة من الأخبار إن دم الحسين علي ما بقي في الأرض بل صد إلى السماء، مع أن سند الخبر ضعیف فراجع الرجال. السبزواري.

الْحُسَيْنِ فَلَمَّا رَأَى النَّصْرَانِيُ رَأْسَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَكَى وَ صَاحَ وَ نَاحَ حَتَّى ابْتَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ اعْلَمْ يَا يَزِيدُ أَنِّي دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ تَاجِراً فِي أَيَّامِ حَيَاةِ النَّبِيِّ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ بِهَدِيَّةٍ فَسَأَلْتُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَيُّ شَيْ ءٍ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْهَدَايَا فَقَالُوا الطِّيبُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ إِنَّ لَهُ رَغْبَةً فِيهِ قَالَ فَحَمَلْتُ مِنَ الْمِسْكِ فَأْرَتَيْنِ وَ قَدْراً مِنَ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ وَ جِئْتُ بِهَا إِلَيْهِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ فِي بَيْتِ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَمَّا شَاهَدْتُ جَمَالَهُ ازْدَادَ لِعَيْنِي مِنْ لِقَائِهِ نُوراً سَاطِعاً وَ زَادَنِي مِنْهُ سُرُورٌ وَ قَدْ تَعَلَّقَ قَلْبِي بِمَحَبَّتِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ وَضَعْتُ الْعِطْرَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قُلْتُ هَدِيَّةٌ مُحَقَّرَةٌ أَتَيْتُ بِهَا إِلَى حَضْرَتِكَ فَقَالَ لِي مَا اسْمُكَ فَقُلْتُ اسْمِي عَبْدُ الشَّمْسِ فَقَالَ لِي بَدِّلِ اسْمَكَ فَإِنِّي أُسَمِّيكَ عَبْدَ الْوَهَّابِ إِنْ قَبِلْتَ مِنِّي الْإِسْلَامَ قَبِلْتُ مِنْكَ الْهَدِيَّةَ قَالَ فَنَظَرْتُهُ وَ تَأَمَّلْتُهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي أَخْبَرَنَا عَنْهُ عِيسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَيْثُ قَالَ إِنِّي مُبَشِّرٌ لَكُمْ «بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» فَاعْتَقَدْتُ ذَلِكَ وَ أَسْلَمْتُ عَلَى يَدِهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَ رَجَعْتُ إِلَى الرُّومِ وَ أَنَا أُخْفِي الْإِسْلَامَ وَ لِي مُدَّةٌ مِنَ السِّنِينَ وَ أَنَا مُسْلِمٌ مَعَ خَمْسٍ مِنَ الْبَنِينَ وَ أَرْبَعٍ مِنَ الْبَنَاتِ وَ أَنَا الْيَوْمَ وَزِيرُ مَلِكِ الرُّومِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّصَارَى اطِّلَاعٌ عَلَى حَالِنَا وَ اعْلَمْ يَا يَزِيدُ أَنِّي يَوْمَ كُنْتُ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ هُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَة رَأَيْتُ هَذَا الْعَزِيزَ الَّذِي رَأْسُهُ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْكَ مَهِيناً حَقِيراً قَدْ دَخَلَ عَلَى جَدِّهِ مِنْ بَابِ الْحُجْرَةِ وَ النَّبِيُّ فَاتِحٌ بَاعَهُ لِيَتَنَاوَلَهُ وَ هُوَ يَقُولُ مَرْحَباً بِكَ يَا حَبِيبِي حَتَّى إِنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَ أَجْلَسَهُ فِي حَجْرِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ شَفَتَيْهِ وَ يَرْشِفُ ثَنَايَاهُ وَ هُوَ يَقُولُ بَعُدَ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مَنْ قَتَلَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ يَا حُسَيْنُ وَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِكَ وَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَعَ ذَلِكَ يَبْكِي فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي مَسْجِدِهِ إِذْ أَتَاهُ الْحُسَيْنُ مَعَ أَخِيهِ الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ يَا جَدَّاهْ قَدْ تَصَارَعْتُ مَعَ أَخِيَ الْحَسَنِ وَ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُنَا الْآخَرَ وَ إِنَّمَا

ص: 339

نُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ أَيُّنَا أَشَدُّ قُوَّةً مِنَ الْآخَرِ(1) فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ حَبِيبَيَّ يَا مُهْجَتَيَّ إِنَّ التَّصَارُعَ لَا يَلِيقُ بِكُمَا وَ لَكِنِ اذْهَبَا فَتَكَاتِبَا فَمَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ كَذَلِكَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ فَمَضَيَا وَ كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَطْراً وَ أَتَيَا إِلَى جَدِّهِمَا النَّبِيِّ فَأَعْطَيَاهُ اللَّوْحَ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا فَنَظَرَ النَّبِيُّ إِلَيْهِمَا سَاعَةً وَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَهُمَا يَا حَبِيبَيَّ إِنِّي نَبِيٌّ أُمِّيٌّ لَا أَعْرِفُ الْخَطَّ اذْهَبَا إِلَى أَبِيكُمَا لِيَحْكُمَ بَيْنَكُمَا وَ يَنْظُرَ أَيُّكُمَا أَحْسَنُ خَطّاً قَالَ فَمَضَيَا إِلَيْهِ وَ قَامَ النَّبِيُّ أَيْضاً مَعَهُمَا وَ دَخَلُوا جَمِيعاً إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً وَ إِذَا النَّبِيُّ مُقْبِلٌ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ مَعَهُ وَ كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ سَلْمَانَ صَدَاقَةٌ وَ مَوَدَّةٌ فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا وَ خَطُّ أَيِّهِمَا أَحْسَنُ قَالَ سَلْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُجِبْهُمَا بِشَيْ ءٍ لِأَنَّهُ تَأَمَّلَ أَمْرَهُمَا وَ قَالَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحَسَنِ أَحْسَنُ كَانَ يَغْتَمُّ الْحُسَيْنُ وَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحُسَيْنِ أَحْسَنُ كَانَ يَغْتَمُّ الْحَسَنُ فَوَجَّهَهُمَا إِلَى أَبِيهِمَا فَقُلْتُ يَا سَلْمَانُ بِحَقِّ الصَّدَاقَةِ وَ الْأُخُوَّةِ الَّتِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ بِحَقِّ دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي كَيْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ لَمَّا أَتَيَا إِلَى أَبِيهِمَا وَ تَأَمَّلَ حَالَهُمَا رَقَّ لَهُمَا وَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا قَالَ لَهُمَا امْضِيَا إِلَى أُمِّكُمَا فَهِيَ تَحْكُمُ بَيْنَكُمَا فَأَتَيَا إِلَى أُمِّهِمَا وَ عَرَضَا عَلَيْهَا مَا كَتَبَا فِي اللَّوْحِ وَ قَالا يَا أُمَّاهْ إِنَّ جَدَّنَا أَمَرَنَا أَنْ نَتَكَاتَبَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ فَتَكَاتَبْنَا وَ جِئْنَا إِلَيْهِ فَوَجَّهَنَا إِلَى أَبِينَا فَلَمْ يَحْكُمْ بَيْنَنَا وَ وَجَّهَنَا إِلَيْكِ فَتَفَكَّرَتْ فَاطِمَةُ بِأَنَّ جَدَّهُمَا وَ أَبَاهُمَا مَا أَرَادَا كَسْرَ خَاطِرِهِمَا أَنَا مَا ذَا أَصْنَعُ وَ كَيْفَ أَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ لَهُمَا يَا قُرَّتَيْ عَيْنِي إِنِّي أَقْطَعُ قِلَادَتِي عَلَى رَأْسِكُمَا فَأَيُّكُمَا يَلْتَقِطُ مِنْ لُؤْلُؤِهَا أَكْثَرَ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ وَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ وَ كَانَ فِي قِلَادَتِهَا سَبْعُ لُؤْلُؤَاتٍ

ص: 340


1- أقول: لم أر لمصارعتهما مدرك يصح الاعتماد عليه، والخبر مرسل ويظهر منه آثار الجعل كما لا يخفى. السبزواري.

ثُمَّ إِنَّهَا قَامَتْ فَقَطَعَتْ قِلَادَتَهَا عَلَى رَأْسِهِمَا فَالْتَقَطَ الْحَسَنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَاتٍ وَ الْتَقَطَ الْحُسَيْنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَات وَ بَقِيَتِ الْأُخْرَى فَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَنَاوُلَهَا فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَبْرَئِيلَ بِنُزُولِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَنْ يَضْرِبَ بِجَنَاحِهِ تِلْكَ اللُّؤْلُؤَةَ وَ يَقُدَّهَا نِصْفَيْنِ فَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفاً فَانْظُرْ يَا يَزِيدُ كَيْفَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يُدْخِلْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَلَمَ تَرْجِيحِ الْكِتَابَةِ وَ لَمْ يُرِدْ كَسْرَ قَلْبِهِمَا وَ كَذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ (عَلَيهَا السَّلَامُ) وَ كَذَلِكَ رَبُّ الْعِزَّةِ لَمْ يُرِدْ كَسْرَ قَلْبِ أَحَدِهِمَا بَلْ أَمَرَ مَنْ قَسَمَ اللُّؤْلُؤَةَ بَيْنَهُمَا لِجَبْرِ قَلْبِهِمَا وَ أَنْتَ هَكَذَا تَفْعَلُ بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ أُفٍّ لَكَ وَ لِدِينِكَ يَا يَزِيدُ ثُمَّ إِنَّ النَّصْرَانِيَّ نَهَضَ إِلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ احْتَضَنَهُ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَقُولُ يَا حُسَيْنُ اشْهَدْ لِي عِنْدَ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عِنْدَ أَبِيكَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ عِنْدَ أُمِّكَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

البحار: ج 18 ص635

37 - قَالَ وَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْبَيْتِ (عَلَيهِم السَّلَامُ) أَنَّهُ لَمَّا اسْتُشْهِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَقِيَ فِي كَرْبَلَاءَ صَرِيعاً وَ دَمُهُ عَلَى الْأَرْضِ مَسْفُوحاً وَ إِذَا بِطَائِرٍ أَبْيَضَ(1) قَدْ أَتَى وَ تَمَسَّحَ بِدَمِهِ وَ جَاءَ وَ الدَّمُ يَقْطُرُ مِنْهُ فَرَأَى طُيُوراً تَحْتَ الظِّلَالِ عَلَى الْغُصُونِ وَ الْأَشْجَارِ وَ كُلٌّ مِنْهُم

ص: 341


1- أقول: آثار الجعل ظاهر في هذا الخبر، أما أولاً: فدمه صلوات الله عليه صعّد إلى السماء كما في جملة من الأخبار. و ثانياً: الأرض تشرب الدم بمجرد وقوعه عليها فكيف يقع التمسح به، نعم هو تمسح بالدم المخلوط بالتراب. وثالثاً: إذا تمسح الطائر بالدم يتجمد الدم في ريشه فكيف يصح قوله والدم يقطر منه. ورابعة: ذهابه إلى المدينة لا محالة يطول بمقدار يوم أو نصف يوم فيجف الدم لا محالة، فما معنی تقطير الدم في المدينة من الطائر ؟! السبزواري.

يَذْكُرُ الْحَبَّ وَ الْعَلَفَ وَ الْمَاءَ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ الطَّيْرُ الْمُتَلَطِّخُ بِالدَّمِ يَا وَيْلَكُمْ أَ تَشْتَغِلُونَ بِالْمَلَاهِي وَ ذِكْرِ الدُّنْيَا وَ الْمَنَاهِي وَ الْحُسَيْنُ فِي أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِي هَذَا الْحَرِّ مُلْقًى عَلَى الرَّمْضَاءِ ظَامِئٌ مَذْبُوحٌ وَ دَمُهُ مَسْفُوحٌ فَعَادَتِ الطُّيُورُ كُلٌّ مِنْهُمْ قَاصِداً كَرْبَلَاءَ فَرَأَوْا سَيِّدَنَا الْحُسَيْنَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُلْقًى فِي الْأَرْضِ جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ وَ لَا غُسْلٍ وَ لَا كَفَنٍ قَدْ سَفَتْ عَلَيْهِ السَّوَافِي وَ بَدَنُهُ مَرْضُوضٌ قَدْ هَشَّمَتْهُ الْخَيْلُ بِحَوَافِرِهَا زُوَّارُهُ وُحُوشُ الْقِفَارِ وَ نَدَبَتُهُ جِنُّ السُّهُولِ وَ الْأَوْعَارِ قَدْ أَضَاءَ التُّرَابُ مِنْ أَنْوَارِهِ وَ أَزْهَرَ الْجَوُّ مِنْ أَزْهَارِه فَلَمَّا رَأَتْهُ الطُّيُورُ تَصَايَحْنَ وَ أَعْلَنَّ بِالْبُكَاءِ وَ الثُّبُورِ وَ تَوَاقَعْنَ عَلَى دَمِهِ يَتَمَرَّغْنَ فِيهِ وَ طَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى نَاحِيَةٍ يُعْلِمُ أَهْلَهَا عَنْ قَتْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ طَيْراً مِنْ هَذِهِ الطُّيُورِ قَصَدَ مَدِينَةَ الرَّسُولِ وَ جَاءَ يُرَفْرِفُ وَ الدَّمُ يَتَقَاطَرُ مِنْ أَجْنِحَتِهِ وَ دَارَ حَوْلَ قَبْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ يُعْلِنُ بِالنِّدَاءِ أَلَا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ أَلَا ذُبِحَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ فَاجْتَمَعَتِ الطُّيُورُ عَلَيْهِ وَ هُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَ يَنُوحُونَ فَلَمَّا نَظَرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الطُّيُورِ ذَلِكَ النَّوْحَ وَ شَاهَدُوا الدَّمَ يَتَقَاطَرُ مِنَ الطَّيْرِ لَمْ يَعْلَمُوا مَا الْخَبَرُ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ وَ جَاءَ خَبَرُ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ الطَّيْرَ كَانَ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ بِقَتْلِ ابْنِ فَاطِمَةَ الْبَتُولِ وَ قُرَّةِ عَيْنِ الرَّسُولِ وَ قَدْ نُقِلَ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الطَّيْرُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وَ لَهُ بِنْتٌ عَمْيَاءُ زَمْنَاءُ طَرْشَاء مَشْلُولَةٌ وَ الْجُذَامُ قَدْ أَحَاطَ بِبَدَنِهَا فَجَاءَ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَ الدَّمُ يَتَقَاطَرُ مِنْهُ وَ وَقَعَ عَلَى شَجَرَةٍ يَبْكِي طُولَ لَيْلَتِهِ وَ كَانَ الْيَهُودِيُّ قَدْ أَخْرَجَ ابْنَتَهُ تِلْكَ الْمَرِيضَةَ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ إِلَى بُسْتَانٍ وَ تَرَكَهَا فِي الْبُسْتَانِ الَّذِي جَاءَ الطَّيْرُ وَ وَقَعَ فِيهِ فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَرَضَ لِلْيَهُودِيِّ عَارِضٌ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْرُجَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِلَى الْبُسْتَانِ الَّتِي فِيهَا ابْنَتُهُ الْمَعْلُولَةُ وَ الْبِنْتُ لَمَّا نَظَرَتْ أَبَاهَا لَمْ يَأْتِهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَمْ يَأْتِهَا نَوْمٌ لِوَحْدَتِهَا لِأَنَّ أَبَاهَا كَانَ يُحَدِّثُهَا وَ يُسَلِّيهَا حَتَّى تَنَامَ فَسَمِعَت

ص: 342

عِنْدَ السَّحَرِ بُكَاءَ الطَّيْرِ وَ حَنِينَهُ فَبَقِيَتْ تَتَقَلَّبُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَى أَنْ صَارَتْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الطَّيْرُ فَصَارَتْ كُلَّمَا حَنَّ ذَلِكَ الطَّيْرُ تُجَاوِبُهُ مِنْ قَلْبٍ مَحْزُونٍ فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعَ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ فَوَقَعَتْ عَلَى عَيْنِهَا فَفُتِحَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ أُخْرَى عَلَى عَيْنِهَا الْأُخْرَى فَبَرَأَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ عَلَى يَدَيْهَا فَعُوفِيَتْ ثُمَّ عَلَى رِجْلَيْهَا فَبَرَأَتْ وَ عَادَتْ كُلَّمَا قَطَرَتْ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ تُلَطِّخُ بِهِ جَسَدَهَا فَعُوفِيَتْ مِنْ جَمِيعِ مَرَضِهَا مِنْ بَرَكَاتِ دَمِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَقْبَلَ أَبُوهَا إِلَى الْبُسْتَانِ فَرَأَى بِنْتاً تَدُورُ وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا ابْنَتُهُ فَسَأَلَهَا أَنَّهُ كَانَ لِي فِي الْبُسْتَانِ ابْنَةٌ عَلِيلَةٌ لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَتَحَرَّكَ فَقَالَتِ ابْنَتُهُ وَ اللَّهِ أَنَا ابْنَتُكَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهَا وَقَعَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَأَتَتْ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الطَّيْرِ فَرَآهَا وَاكِراً عَلَى الشَّجَرَةِ يَئِنُّ مِنْ قَلْبٍ حَزِينٍ مُحْتَرِقٍ مِمَّا رَأَى مِمَّا فُعِلَ بِالْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِالَّذِي خَلَقَكَ أَيُّهَا الطَّيْرُ أَنْ تُكَلِّمَنِي بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَنَطَقَ الطَّيْرُ مُسْتَعْبِراً ثُمَّ قَالَ إِنِّي كُنْتُ وَاكِراً عَلَى بَعْضِ الْأَشْجَارِ مَعَ جُمْلَةِ الطُّيُورِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ وَ إِذَا بِطَيْرٍ سَاقِطٍ عَلَيْنَا وَ هُوَ يَقُولُ أَيُّهَا الطُّيُورُ تَأْكُلُونَ وَ تَتَنَعَّمُونَ وَ الْحُسَيْنُ فِي أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِي هَذَا الْحَرِّ عَلَى الرَّمْضَاءِ طَرِيحاً ظَامِئاً وَ النَّحْرُ دَامٍ وَ رَأْسُهُ مَقْطُوعٌ عَلَى الرُّمْحِ مَرْفُوعٌ وَ نِسَاؤُهُ سَبَايَا حُفَاةٌ عَرَايَا فَلَمَّا سَمِعْنَ بِذَلِكَ تَطَايَرْنَ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَرَأَيْنَاهُ فِي ذَلِكَ الْوَادِي طَرِيحاً الْغُسْلُ مِنْ دَمِهِ وَ الْكَفَنُ الرَّمْلُ السَّافِي عَلَيْهِ فَوَقَعْنَا كُلُّنَا عَلَيْهِ نَنُوحُ وَ نَتَمَرَّغُ بِدَمِهِ الشَّرِيفِ وَ كَانَ كُلٌّ مِنَّا طَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ فَوَقَعْتُ أَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ تَعَجَّبَ وَ قَالَ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْحُسَيْنُ ذَا قَدْرٍ رَفِيعٍ عِنْدَ اللَّهِ مَا كَانَ دَمُهُ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ وَ أَسْلَمَتِ الْبِنْتُ وَ أَسْلَمَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ قَوْمِهِ. وَ قَالَ: حُكِيَ عَنْ رَجُلٍ أَسَدِيٍّ قَالَ: كُنْتُ زَارِعاً عَلَى نَهَرِ الْعَلْقَمِيِّ بَعْدَ ارْتِحَالِ الْعَسْكَرِ عَسْكَرِ بَنِي أُمَيَّةَ فَرَأَيْتُ عَجَائِبَ لَا أَقْدِرُ أَحْكِي إِلَّا بَعْضَهَا مِنْهَا أَنَّهُ إِذَا هَبَّتِ الرِّيَاحُ تَمُرُّ عَلَيَّ نَفَحَاتٌ كَنَفَحَاتِ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ إِذَا سَكَنَت

ص: 343

أَرَى نُجُوماً تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ يَرْقَى مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ مِثْلُهَا وَ أَنَا مُنْفَرِدٌ مَعَ عِيَالِي وَ لَا أَرَى أَحَداً أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يُقْبِلُ أَسَدٌ مِنَ الْقِبْلَةِ فَأُوَلِّي عَنْهُ إِلَى مَنْزِلِي فَإِذَا أَصْبَحَ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ ذَهَبْتُ مِنْ مَنْزِلِي أَرَاهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ذَاهِباً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ هَؤُلَاءِ خَوَارِجُ قَدْ خَرَجُوا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَ أَرَى مِنْهُمْ مَا لَمْ أَرَهُ مِنْ سَائِرِ الْقَتْلَى فَوَ اللَّهِ هَذِهِ اللَّيْلَةُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُسَاهَرَةِ لِأُبْصِرَ هَذَا الْأَسَدَ يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْجُثُثِ أَمْ لَا فَلَمَّا صَارَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ إِذَا بِهِ أَقْبَلَ فَحَقَّقْتُهُ وَ إِذَا هُوَ هَائِلُ الْمَنْظَرِ فَارْتَعَدْتُ مِنْهُ وَ خَطَرَ بِبَالِي إِنْ كَانَ مُرَادُهُ لُحُومَ بَنِي آدَمَ فَهُوَ يَقْصِدُنِي وَ أَنَا أُحَاكِي نَفْسِي بِهَذَا فَمَثَّلْتُهُ وَ هُوَ يَتَخَطَّى الْقَتْلَى حَتَّى وَقَفَ عَلَى جَسَدٍ كَأَنَّهُ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ فَبَرَكَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَ إِذَا بِهِ يُمَرِّغُ وَجْهَهُ عَلَيْهِ وَ هُوَ يُهَمْهِمُ وَ يُدَمْدِمُ فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَا هَذِهِ إِلَّا أُعْجُوبَةٌ فَجَعَلْتُ أَحْرُسُهُ حَتَّى اعْتَكَرَ الظَّلَامُ وَ إِذَا بِشُمُوعٍ مُعَلَّقَةٍ مَلَأَتِ الْأَرْضَ وَ إِذَا بِبُكَاءٍ وَ نَحِيبٍ وَ لَطْمٍ مُفْجِعٍ فَقَصَدْتُ تِلْكَ الْأَصْوَاتِ فَإِذَا هِيَ تَحْتَ الْأَرْضِ فَفَهِمْتُ مِنْ نَاعٍ فِيهِمْ يَقُولُ وَا حُسَيْنَاهْ وَا إِمَامَاهْ فَاقْشَعَرَّ جِلْدِي فَقَرُبْتُ مِنَ الْبَاكِي وَ أَقْسَمْتُ عَلَيْهِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مَنْ تَكُونُ فَقَالَ إِنَّا نِسَاءٌ مِنَ الْجِنِّ فَقُلْتُ وَ مَا شَأْنُكُنَّ فَقُلْنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ هَذَا عَزَاؤُنَا عَلَى الْحُسَيْنِ الذَّبِيحِ الْعَطْشَانِ فَقُلْتُ هَذَا الْحُسَيْنُ الَّذِي يَجْلِسُ عِنْدَهُ الْأَسَدُ قُلْنَ نَعَمْ أَ تَعْرِفُ هَذَا الْأَسَدَ قُلْتُ لَا قُلْنَ(1) هَذَا أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَرَجَعْتُ وَ دُمُوعِي تَجْرِي عَلَى خَدِّي.

ص: 344


1- هذا من التناسخ الباطل بحسب الأدلة، ولكن يسهل الخطب أن القائل هو الجن والخبر مرسل والحاكي رجل أسدي لا يعرف حاله. السبزواري.

باب (40) ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء والأرض عليه(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وانكساف الشمس والقمر وغيرها

البحار: ج18ص 645

13 - مُحَمَّدٌ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا زُرَارَةُ إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ(1) أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِالدَّمِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ بَكَتْ أَرْبَعِين صَبَاحاً بِالسَّوَادِ وَ إِنَّ الشَّمْسَ بَكَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِالْكُسُوفِ وَ الْحُمْرَةِ وَ إِنَّ الْجِبَالَ تَقَطَّعَتْ وَ انْتَثَرَتْ وَ إِنَّ الْبِحَارَ تَفَجَّرَتْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَكَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً عَلَى الْحُسَيْنِ وَ مَا اخْتَضَبَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ وَ لَا ادَّهَنَتْ وَ لَا اكْتَحَلَتْ وَ لَا رَجَّلَتْ حَتَّى أَتَانَا رَأْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ مَا زِلْنَا فِي عَبْرَةٍ بَعْدَهُ وَ كَانَ جَدِّي إِذَا ذَكَرَهُ بَكَى حَتَّى تَمْلَأَ عَيْنَاهُ لِحْيَتَهُ وَ حَتَّى يَبْكِيَ لِبُكَائِهِ رَحْمَةً لَهُ مَنْ رَآهُ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ عِنْدَ قَبْرِهِ لَيَبْكُونَ فَيَبْكِي لِبُكَائِهِمْ كُلُّ مَنْ فِي الْهَوَاءِ وَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَزَفَرَتْ جَهَنَّمُ زَفْرَةً كَادَتِ الْأَرْضُ تَنْشَقُّ لِزَفْرَتِهَا وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَشَهَقَتْ جَهَنَّمُ شَهْقَةً لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ حَبَسَهَا بِخُزَّانِهَا لَأَحْرَقَتْ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ فَوْرِهَا وَ لَوْ يُؤْذَنُ لَهَا مَا بَقِيَ شَيْ ءٌ إِلَّا ابْتَلَعَتْهُ وَ لَكِنَّهَا مَأْمُورَةٌ مَصْفُودَةٌ وَ لَقَدْ عَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ غَيْرَ مَرَّةٍ حَتَّى أَتَاهَا جَبْرَئِيلُ فَضَرَبَهَا بِجَنَاحِهِ فَسَكَنَتْ وَ إِنَّهَا لَتَبْكِيه

ص: 345


1- يظهر منه أن معنى البكاء مطلق التغيّر عن حال إلى غيره من حالات التحزن، فبكاء الشمس هو الحمرة وبكاء الأرض هو السواد، ويأتي معني بكاء السماء بالدم في ص246 وص268 (من الطبعة الحجرية) السبزواري.

وَ تَنْدُبُهُ وَ إِنَّهَا لَتَتَلَظَّى عَلَى قَاتِلِهِ وَ لَوْ لَا مَنْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ لَنَقَضَتِ الْأَرْضَ وَ أَكْفَأَتْ مَا عَلَيْهَا وَ مَا تَكْثُرُ الزَّلَازِلُ إِلَّا عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ وَ مَا عَيْنٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَ لَا عَبْرَةٌ مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ وَ دَمَعَتْ عَلَيْهِ وَ مَا مِنْ بَاكٍ يَبْكِيهِ إِلَّا وَ قَدْ وَصَلَ فَاطِمَةَ وَ أَسْعَدَهَا عَلَيْهِ وَ وَصَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أَدَّى حَقَّنَا وَ مَا مِنْ عَبْدٍ يُحْشَرُ إِلَّا وَ عَيْنَاهُ بَاكِيَةٌ إِلَّا الْبَاكِينَ عَلَى جَدِّي فَإِنَّهُ يُحْشَرُ وَ عَيْنُهُ قَرِيرَةٌ وَ الْبِشَارَةُ تَلْقَاهُ وَ السُّرُورُ عَلَى وَجْهِهِ وَ الْخَلْقُ فِي الْفَزَعِ وَ هُمْ آمِنُونَ وَ الْخَلْقُ يُعْرَضُونَ وَ هُمْ حُدَّاثُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَحْتَ الْعَرْشِ وَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ- لَا يَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ يُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَأْبَوْنَ وَ يَخْتَارُونَ مَجْلِسَهُ وَ حَدِيثَهُ وَ إِنَّ الْحُورَ لَتُرْسِلُ إِلَيْهِمْ إِنَّا قَدِ اشْتَقْنَاكُمْ مَعَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِينَ فَمَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَيْهِمْ لِمَا يَرَوْنَ فِي مَجْلِسِهِمْ مِنَ السُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ وَ إِنَّ أَعْدَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ مَسْحُوبٍ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى النَّارِ وَ مِنْ قَائِلٍ «فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ» وَ إِنَّهُمْ لَيُرَوْنَ مَنْزِلَهُمْ وَ مَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَدْنُوا إِلَيْهِمْ وَ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَأْتِيهِمْ بِالرِّسَالَةِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَ مِنْ خُزَّانِهِمْ عَلَى مَا أُعْطُوا مِنَ الْكَرَامَة فَيَقُولُونَ نَأْتِيكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَزْوَاجِهِمْ بِمَقَالاتِهِمْ فَيَزْدَادُونَ إِلَيْهِمْ شَوْقاً إِذَا هُمْ خَبَّرُوهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ قُرْبِهِمْ مِنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيَقُولُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا الْفَزَعَ الْأَكْبَرَ وَ أَهْوَالَ الْقِيَامَةِ وَ نَجَّانَا مِمَّا كُنَّا نَخَافُ وَ يُؤْتَوْنَ بِالْمَرَاكِبِ وَ الرِّحَالِ عَلَى النَّجَائِبِ فَيَسْتَوُونَ عَلَيْهَا وَ هُمْ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِهِ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ.

البحار: ج 18 ص648

18 - عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ غَيْرُهُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ لَمْ تَبْكِ عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِمَا قُلْت

ص: 346

وَ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ مَكَثُوا أَرْبَعِينَ يَوْماً تَطْلُعُ الشَّمْسُ بِحُمْرَةٍ وَ تَغْرُبُ بِحُمْرَةٍ قُلْتُ فَذَلِكَ بُكَاؤُهَا قَالَ نَعَمْ. (1)

البحار: ج 18 ص 650

29 - أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي الرَّحْبَةِ إِذَا طَلَعَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ فَضَحِكَ عَلِيٌ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً فَقَالَ «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ»(2) وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيُقْتَلَنَّ هَذَا وَ لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْض.

باب (42) رؤية أم سلمة وغيرها رسول الله(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام وإخباره بشهادة الكرام

البحار: ج 18 ص 661 س 6

قَالَ فَأَخْبَرَنِي الْأَعْمَشُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: فَلَمَّا ضَرَبَهُ اللَّعِينُ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلَى رَأْسِهِ صَارَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ فَالْمَلَائِكَةُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةً وَ يَلْعَنُونَ قَاتِلَهُ ابْنَ مُلْجَمٍ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 347


1- يمكن أن يكون هذا تفسيراً بحسب فهم السائل. السبزواري.
2- في بيان معنی بکاء السماء وسيأتي أن بكاء السماء حمرتها، ويمكن الجمع بأن لبكائها مراتب الأولى: الدم العبيط. الثانية: ظهور الدم على الأثواب. الثالثة: الحمرة. ويمكن حمل ذلك كلّه من باب تفسير الشيء بحسب فهم السامع. السبزواري.

هَبَطَت الْمَلَائِكَةُ وَ حَمَلَتْهُ حَتَّى أَوْقَفَتْهُ(1) مَعَ صُورَةِ عَلِيٍّ فِي السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَكُلَّمَا هَبَطَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عُلا وَ صَعِدَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَمَنْ فَوْقَهَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ لِزِيَارَةِ صُورَةِ عَلِيٍّ وَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مُشَحَّطاً بِدَمِه لَعَنُوا يَزِيدَ وَ ابْنَ زِيَادٍ وَ مَنْ قَاتَلُوا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْأَعْمَشُ قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هَذَا مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ وَ مَخْزُونِهِ لَا تُخْرِجْهُ إِلَّا إِلَى أَهْلِهِ.

باب (49) أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي وما جرى على يديه وأبدي أوليائه

البحار: ج 18 ص 740 س 19

قَالَ: وَ بَعَثَ ابْنُ الْأَشْتَرِ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ إِلَى الْمُخْتَارِ وَ أَعْيَانِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَدِمَ بِالرُّءُوسِ وَ الْمُخْتَارُ يَتَغَدَّى فَأُلْقِيَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَيْنَ يَدِي ابْنِ زِيَادٍ وَ هُوَ يَتَغَدَّى وَ أُتِيتُ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَ أَنَا أَتَغَدَّى قَالَ وَ انْسَابَتْ حَيَّةٌ بَيْضَاءُ تَخَلَّلُ الَرُّءُوسَ حَتَّى دَخَلَتْ فِي أَنْفِ ابْنِ زِيَادٍ وَ خَرَجَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ دَخَلَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ خَرَجَتْ مِنْ أَنْفِهِ فَلَمَّا فَرَغَ الْمُخْتَارُ مِنَ الْغَدَاءِ قَامَ فَوَطِئَ وَجْهَ ابْنِ زِيَادٍ بِنَعْلِهِ ثُمَّ رَمَى بِهَا إِلَى مَوْلًى لَهُ وَ قَالَ اغْسِلْهَا فَإِنِّي وَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِ نَجِسٍ كَافِرٍ وَ خَرَجَ الْمُخْتَارُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ بَعَثَ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَ رَأْسِ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْر وَ رَأْسِ شُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الْجُشَمِيِّ وَ السَّائِبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ(2) وَ عَلِيُّ بْن

ص: 348


1- السبزواري: أوقفته یعني أوقفت صورته، وهذا الخبر من النوادر.
2- إن كان بعث المختار الرؤوس إلى محمّد لتقديمه إياه على علي بن الحسين فهذا مما يقدح به على المختار فتدبّر. السبزواري.

الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَوْمَئِذٍ بِمَكَّة.

البحار: ج 18 ص 742 س 17

أقول: قد مضى ذمّ المختار في باب مصالحة الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) . (1)

البحار: ج 18 ص 743

4- بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِأَوْلِيَائِهِ(2) انْتَصَرَ لَهُمْ بِشِرَارِ خَلْقِهِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِنَفْسِهِ انْتَصَرَ بِأَوْلِيَائِهِ وَ لَقَدِ انْتَصَرَ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِبُخْتَنَصَّر

البحار: ج 18 ص 763

5 - أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِشَفِيرِ النَّارِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فَيَصِيحُ صَائِحٌ مِنَ النَّارِ يَا رَسُولَ اللَّهُ أَغِثْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَلَاثاً قَالَ فَلَا يُجِيبُهُ قَالَ فَيُنَادِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً أَغِثْنِي فَلَا يُجِيبُهُ قَالَ فَيُنَادِي يَا حُسَيْنُ يَا حُسَيْنُ يَا حُسَيْنُ أَغِثْنِي أَنَا قَاتِلُ أَعْدَائِكِ قَالَ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ قَدِ احْتَجَّ عَلَيْكَ قَالَ فَيَنْقَضُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عُقَابٌ كَاسِرٌ قَالَ فَيُخْرِجُهُ مِنَ النَّارِ قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مَنْ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الْمُخْتَارُ قُلْتُ لَهُ وَ لِمَ عُذِّبَ بِالنَّارِ وَ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَ قَالَ إِنَّهُ قَالَ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُمَا شَيْ ءٌ وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَوْ أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ كَانَ فِي قَلْبَيْهِمَا شَيْ ءٌ لَأَكَبَّهُمَا اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمَا.

ص: 349


1- ص 107 (من الحجرية) قال المختار لعمّه تعال حتّى نأخذ الحسن ونسلّمه إلى معاوية حتّى يسلّمنا العراق الخ. السبزواري
2- هذا من الأخبار القادحة في المختار. السبزواري.

بيان: كأن هذا الخبر وجه جمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا الباب بأنه و إن لم يكن كاملا في الإيمان و اليقين و لا مأذونا فيما فعله صريحا من أئمة الدين لكن لما جرى على يديه الخيرات الكثيرة و شفي بها صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ كانت عاقبة أمره آئلة إلى النجاة فدخل بذلك تحت قوله سبحانه «وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِم»و أنا في شأنه من المتوقفين(1) و إن كان الأشهر بين أصحابنا أنه من المشكورين.

البحار: ج 18 ص 743

6- قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَطَاعُوا فَأُكْرِمُوا وَ بَعْضَهُمْ عَصَوْا فَعُذِّبُوا فَكَذَلِكَ تَكُونُونَ أَنْتُمْ فَقَالُوا فَمَنِ الْعُصَاة يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ أُمِرُوا بِتَعْظِيمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ تَعْظِيمِ حُقُوقِنَا فَخَانُوا وَ خَالَفُوا ذَلِكَ وَ جَحَدُوا حُقُوقَنَا وَ اسْتَخَفُّوا بِهَا وَ قَتَلُوا أَوْلَادَنَا أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِينَ أُمِرُوا بِإِكْرَامِهِمْ وَ مَحَبَّتِهِمْ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ قَالَ بَلَى خَبَراً حَقّاً وَ أَمْراً كَائِناً سَيَقْتُلُونَ وَلَدَيَّ هَذَيْنِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ سَيُصِيبُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً فِي الدُّنْيَا بِسُيُوفِ بَعْضِ مَنْ يُسَلِّطُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ لِلِانْتِقَامِ- بِما كانُوا يَفْسُقُونَ كَمَا أَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الرِّجْزُ قِيلَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ غُلَامٌ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ هَذَا بِزَمَانٍ وَ إِنَّ هَذَا الْخَبَرَ اتَّصَلَ بِالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ لَعَنَهُ اللَّهُ(2) مِنْ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ أَمَّا

ص: 350


1- اعتراف المجلسي (رحمه اللّه) بالتوقف في شأن المختار ولكن الأشهر أنه من المشكورين. السبزواري.
2- هذا من سهو القلم بداهة أن الحجاج متأخر عن المختار قطعأ والظاهر أن الذي أراد قتله هو عبيد الله بن زياد و الكتاب من يزيد لا عبد الملك فراجع السير. ولو كان من عبد الملك ليس منه في زمان خلافته. ثمّ إن هنا أموراً أربعة : إسلام الرجل، شكره على ما فعله بقتلة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كونه موثوقاً به، كونه عدلاً أمامياً مرضّي العقيدة والفعل، والأوّلان لا إشكال فيهما ظاهراً والأخيران مورد التوقف. السبزواري. السابع هل يكون الغير المبتلى بالذنب أولى أو من ابتلي به ثمّ تاب ؟ يظهر من جملة من الأخبار الثاني فراجع و تدبّر. السبزواري.

رَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَ هَذَا وَ أَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَنَا أَشُكُّ هَلْ حَكَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَصَبِيٌّ مَغْرُورٌ يَقُولُ الْأَبَاطِيلَ وَ يُغَرُّ بِهَا مُتَّبِعُوهُ اطْلُبُوا لِيَ الْمُخْتَارَ فَطُلِبَ فَأُخِذَ فَقَالَ قَدِّمُوهُ إِلَى النَّطْعِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَأُتِيَ بِالنَّطْعِ فَبُسِطَ وَ أُبْرِكَ عَلَيْهِ الْمُخْتَارُ ثُمَّ جَعَلَ الْغِلْمَانُ يَجِيئُونَ وَ يَذْهَبُونَ لَا يَأْتُونَ بِالسَّيْفِ قَالَ الْحَجَّاجُ مَا لَكُمْ قَالُوا لَسْنَا نَجِدُ مِفْتَاحَ الْخِزَانَةِ وَ قَدْ ضَاعَ مِنَّا وَ السَّيْفُ فِي الْخِزَانَةِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ لَنْ تَقْتُلَنِي وَ لَنْ يَكْذِبَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَئِنْ قَتَلْتَنِي لَيُحْيِيَنِيَ اللَّهُ حَتَّى أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفاً فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِبَعْضِ حُجَّابِهِ أَعْطِ السَّيَّافَ سَيْفَكَ يَقْتُلُهُ فَأَخَذَ السَّيَّافُ سَيْفَهُ وَ جَاءَ لِيَقْتُلَهُ بِهِ وَ الْحَجَّاجُ يَحُثُّهُ وَ يَسْتَعْجِلُهُ فَبَيْنَا هُوَ فِي تَدْبِيرِهِ إِذْ عَثَرَ وَ السَّيْفُ بِيَدِهِ فَأَصَابَ السَّيْفُ بَطْنَهُ فَشَقَّهُ فَمَاتَ فَجَاءَ بِسَيَّافٍ آخَرَ وَ أَعْطَاهُ السَّيْفَ فَلَمَّا رَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَنَظَرُوا وَ إِذَا الْعَقْرَبُ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ يَا حَجَّاجُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِي وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ أَ مَا تَذْكُرُ مَا قَالَ نِزَارُ بْنُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ لِلسَّابُورِ ذِي الْأَكْتَافِ حِينَ كَانَ يَقْتُلُ الْعَرَبَ وَ يَصْطَلِمُهُمْ فَأَمَرَ نِزَارٌ وُلْدَهُ فَوُضِعَ فِي زَبِيلٍ فِي طَرِيقِهِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ لِمَ تَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْعَرَبَ وَ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ إِلَيْكَ وَ قَدْ قَتَلْتَ الَّذِينَ كَانُوا مُذْنِبِينَ فِي عَمَلِكَ وَ الْمُفْسِدِينَ قَالَ لِأَنِّي وَجَدْتُ فِي الْكِتَاب أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَيُزِيلُ دَوْلَةَ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَ يُفْنِيهَا فَاقْتُلْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْهُم ذَلِكَ

ص: 351

الرَّجُلُ فَقَالَ نِزَارٌ لَئِنْ كَانَ مَا وَجَدْتَهُ فِي كُتُبِ الْكَذَّابَيْنِ فَمَا أَوْلَاكَ أَنْ تَقْتُلَ الْبُرَاءَ غَيْرَ الْمُذْنِبِينَ وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الصَّادِقِينَ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَحْفَظُ ذَلِكَ الْأَصْلَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ هَذَا الرَّجُلُ وَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى إِبْطَالِهِ وَ يُجْرِي قَضَاءَهُ وَ يُنْفِذُ أَمْرَهُ وَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ جَمِيعِ الْعَرَبِ إِلَّا وَاحِدٌ فَقَالَ سَابُورُ صَدَقْتَ هَذَا نِزَارٌ يَعْنِي بِالْفَارِسِيَّةِ الْمَهْزُولَ كُفُّوا عَنِ الْعَرَبِ فَكَفُّوا عَنْهُمْ وَ لَكِنْ يَا حَجَّاجُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى أَنْ أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِنْ شِئْتَ فَتَعَاطَ قَتْلِي وَ إِنْ شِئْتَ فَلَا تَتَعَاطَ فَإِنَّ اللَّهَ إِمَّا أَنْ يَمْنَعَكَ عَنِّي وَ إِمَّا أَنَّ يُحْيِيَنِي بَعْدَ قَتْلِكَ فَإِنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ- فَقَالَ لِلسَّيَّافِ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّ هَذَا لَنْ يَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ وَ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْمُتَوَلِّيَ لِمَا تَأْمُرُهُ فَكَانَ يُسَلِّطُ عَلَيْكَ أَفْعًى كَمَا سَلَّطَ عَلَى هَذَا الْأَوَّلِ عَقْرَباً فَلَمَّا هَمَّ السَّيَّافُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ إِذَا بِرَجُلٍ مِنْ خَوَاصِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَدْ دَخَلَ فَصَاحَ بِالسَّيَّافِ كُفَّ عَنْهُ وَ مَعَهُ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ يَا حَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ فَإِنَّهُ قَدْ سَقَطَ إِلَيْنَا طَيْرٌ عَلَيْهِ رُقْعَةٌ أَنَّكَ أَخَذْتَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ تُرِيدُ قَتْلَهُ تَزْعُمُ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِيهِ أَنَّهُ سَيَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِي أُمَيَّةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَخَلِّ عَنْهُ وَ لَا تَعَرَّضْ لَهُ إِلَّا بِسَبِيلِ خَيْرٍ فَإِنَّهُ زَوْجُ ظِئْرِ ابْنِي الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَ قَدْ كَلَّمَنِي فِيهِ الْوَلِيدُ وَ إِنَّ الَّذِي حُكِيَ إِنْ كَانَ بَاطِلًا فَلَا مَعْنَى لِقَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِخَبَرٍ بَاطِلٍ وَ إِنْ كَانَ حَقّاً فَإِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فَخَلَّى عَنْهُ الْحَجَّاجُ فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ يَقُولُ سَأَفْعَلُ كَذَا وَ أَخْرُجُ وَقْتَ كَذَا وَ أَقْتُلُ مِنَ النَّاسِ كَذَا وَ هَؤُلَاءِ صَاغِرُونَ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ فَأَخَذَ وَ أَنْزَلَ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ الْعُنُقِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَتَعَاطَ رَدّاً عَلَى اللَّهِ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ إِذْ سَقَطَ عَلَيْهِ طَائِرٌ آخَرُ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَا حَجَّاجُ لَا

ص: 352

تَعَرَّضْ لِلْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ زَوْجُ مُرْضِعَةِ ابْنِي الْوَلِيدِ وَ لَئِنْ كَانَ حَقّاً فَسَتُمْنَعُ مِنْ قَتْلِه كَمَا مُنِعَ دَانِيَالُ مِنْ قَتْلِ بُخْتَنَصَّرَ الَّذِي كَانَ قَضَى اللَّهُ أَنْ يَقْتُلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَرَكَهُ الْحَجَّاجُ وَ تَوَعَّدَهُ إِنْ عَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ فَعَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ وَ اتَّصَلَ بِالْحَجاج الْخَبَرُ فَطَلَبَهُ فَاخْتَفَى مُدَّةً ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ فَلَمَّا هَمَّ بِضَرْبِ عُنُقِهِ إِذْ قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَاحْتَبَسَهُ الْحَجَّاجُ وَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ كَيْفَ تَأْخُذُ إِلَيْكَ عَدُوّاً مُجَاهِراً يَزْعُمُ أَنَّهُ يَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِي أُمَيَّةَ كَذَا وَ كَذَا أَلْفاً فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِنَّكَ رَجُلٌ جَاهِلٌ لَئِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِيهِ بَاطِلًا فَمَا أَحَقَّنَا بِرِعَايَةِ حَقِّهِ لِحَقِّ مَنْ خَدَمَنَا وَ إِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِيهِ حَقّاً فَإِنَّهُ سَنُرَبِّيهِ لِيُسَلَّطَ عَلَيْنَا كَمَا رَبَّى فِرْعَوْنُ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَتَّى سُلِّطَ عَلَيْهِ فَبَعَثَ بِهِ الْحَجَّاجُ وَ كَانَ مِنَ الْمُخْتَارِ مَا كَانَ وَ قَتَلَ مَنْ قَتَل.

ص: 353

التعليقات على المجلد الحادي عشر من بحار الأنوار والمطابق للجزء التاسع عشر من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 354

ص: 355

باب (3) معجزاته ومعالي أموره وغرائب شأنه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 12

16 - إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي أُتِيتُ بِقَعْبِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُهُ فَأَصْبَحْتُ مِنْ غَدٍ فَجَاشَتْ نَفْسِي فَتَقَيَّأْتُ لَبَناً قَلِيلًا وَ مَا لِي بِهِ عَهْدٌ مُنْذُ حِينٍ وَ مُنْذُ أَيَّام.(1)

باب (11) أحوال أولاده وأزواجه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص106

35- مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْهَمْدَانِيِّ وَ ابْنِ بَزِيعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ انْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ نَظَرَ لَهَا أَنْتُمْ لَوْ كَانَ لِأَحَدِكُمْ نَفْسَانِ فَقَدَّمَ إِحْدَاهُمَا وَ جَرَّبَ بِهَا اسْتَقْبَلَ التَّوْبَةَ بِالْأُخْرَى كَانَ وَ لَكِنَّهَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ إِذَا ذَهَبَتْ فَقَدْ وَ اللَّهِ ذَهَبَتِ التَّوْبَةُ إِنْ أَتَاكُمْ مِنَّا آتٍ يَدْعُوكُمْ إِلَى الرِّضَا مِنَّا فَنَحْنُ نَسْتَشْهِدُكُمْ أَنَّا لَا نَرْضَى إِنَّهُ لَا يُطِيعُنَا الْيَوْمَ وَ هُوَ وَحْدَهُ فَكَيْفَ يُطِيعُنَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الرَّايَاتُ وَ الْأَعْلَام.(2)

ص: 356


1- يستفاد من هذين الخبرين أمور مهمة. فتدبّر.السبزواري.
2- يمكن أن يكون هذا الخبر من الأخبار القادحة في زيد، ولكن الخبر الآتي عن أبي سبعة المكاري طريق... بين الأخبار لو سلمت الأخبار القادحة عن سائر الخدشات، فتدبّر. السبزواري

البحار: ج19 ص 109

50- رُوِيَ أَنَّ وَلِيدَ بْنَ صَبِيحٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي لَيْلَةٍ إِذْ طَرَقَ الْبَابَ طَارِقٌ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ انْظُرِي مَنْ هَذَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ فَقَالَتْ هَذَا عَمُّكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ أَدْخِلِيهِ وَ قَالَ لَنَا ادْخُلُوا الْبَيْتَ فَدَخَلْنَا بَيْتاً فَسَمِعْنَا مِنْهُ حِسّاً- ظَنَنَّا أَنَ الدَّاخِلَ بَعْضُ نِسَائِهِ فَلَصِقَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ فَلَمَّا دَخَلَ أَقْبَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّه فَلَمْ يَدَعْ شَيْئاً مِنَ الْقَبِيحِ إِلَّا قَالَهُ فِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ خَرَجَ وَ خَرَجْنَا فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُنَا- مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَطَعَ كَلَامَهُ فَقَالَ بَعْضُنَا لَقَدِ اسْتَقْبَلَكَ هَذَا بِشَيْ ءٍ مَا ظَنَنَّا أَنَّ أَحَداً يَسْتَقْبِلُ بِهِ أَحَداً حَتَّى لَقَدْ هَمَّ بَعْضُنَا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ فَيُوقِعَ بِهِ فَقَالَ مَهْ لَا تَدْخُلُوا فِيمَا بَيْنَنَا(1) فَلَمَّا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا مَضَى طَرَقَ الْبَابَ طَارِقٌ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ انْظُرِي مَنْ هَذَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ عَادَتْ فَقَالَتْ هَذَا عَمُّكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ لَنَا عُودُوا إِلَى مَوَاضِعِكُمْ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ بِشَهِيقٍ وَ نَحِيبٍ وَ بُكَاءٍ وَ هُوَ يَقُولُ يَا ابْنَ أَخِي اغْفِرْ لِي غَفَرَ اللَّهُ لَكَ اصْفَحْ عَنِّي صَفَحَ اللَّهُ عَنْكَ فَقَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا عَمِّ مَا الَّذِي أَحْوَجَكَ إِلَى هَذَا قَالَ إِنِّي لَمَّا أَوَيْتُ إِلَى فِرَاشِي أَتَانِي رَجُلَانِ أَسْوَدَانِ فَشَدَّا وَثَاقِي ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ انْطَلِقْ بِهِ إِلَى النَّارِ فَانْطَلَقَ بِي فَمَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَعُودُ فَأَمَرَهُ فَخَلَّى عَنِّي وَ إِنِّي لَأَجِدُ أَلَمَ الْوَثَاقِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَوْصِ قَالَ بِمَ أُوصِي مَا لِي مَالٌ وَ إِنَّ لِي عِيَالًا كَثِيراً وَ عَلَيَّ دَيْنٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ): دَيْنُكَ عَلَيَّ وَ عِيَالُكَ إِلَى عِيَالِي فَأَوْصَى فَمَا خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ فَضَمَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عِيَالَهُ إِلَيْهِ وَ قَضَى دَيْنَهُ وَ زَوَّجَ ابْنَهُ ابْنَتَه.

ص: 357


1- يستفاد من مثل هذا التعبير مرجوحية التفحص والقدح في أولاد الأئمّة عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ). السبزواري

تاريخ الإمام الباقر أبواب تاريخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسین باقر علم النبیین صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأولاده المعصومين ومناقبه وفضائله ومعجزاته وسائر أحواله

باب (5) معجزاته ومعاني أموره وغرائب شأنه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 169

83- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَذَكَرَ بَنِي أُمَيَّةَ وَ دَوْلَتَهُمْ وَ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِنَّمَا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَهُمْ وَ أَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى يَدِكَ فَقَالَ مَا أَنَا بِصَاحِبِهِمْ وَ لَا يَسُرُّنِي أَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُمْ إِنَّ أَصْحَابَهُمْ أَوْلَادُ الزِّنَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ سِنِينَ وَ لَا أَيَّاماً أَقْصَرَ مِنْ سِنِيهِمْ وَ أَيَّامِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَأْمُرُ الْمَلَكَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْفَلَكُ فَيَطْوِيهِ طَيّا. (1)

باب (8) أحوال أصحابه وأهل زمانه من الخلفاء وغيرهم وما جرى بينه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبينهم

البحار: ج19 ص209

29 - الْفُصُولُ الْمُهِمَّةُ، صِفَةُ الْبَاقِرِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَسْمَرُ مُعْتَدِلٌ شَاعِرُهُ الْكُمَيْتُ وَ السَّيِّد

ص: 358


1- فهم هذه الفترة من الخبر الشريف يحتاج إلى تأمل تام، وكذا الخبر المنقول من الكافي. وأما ما أفاده المجلسي من احتمال أن لكل ملك فلك مخصوص فالظاهر أنه مجرد احتمال لا دليل عليه. السبزواري.

السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ وَ بَوَّابُهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَ نَقْشُ خَاتَمِهِ «رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدا».

نَقْلُ خَطِّ الشَّيْخِ ابْنِ فَهْدٍ الْحِلِّيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيلَ إِنَّ رَجُلًا وَرَدَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْأَوَّلِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِقَصِيدَةٍ مَطْلِعُهَا عَلَيْكَ السَّلَامُ أَبَا جَعْفَر ألا طرقتنا آخر الليل زينب عليك سلام لمافات مطلب فقلت لها حييت زينب خدنكم تحية ميت وهو في الحي يشرب فَلَمْ يَمْنَحْهُ شَيْئاً فَسَأَلَهُ فِي ذَلِكَ وَ قَالَ لِمَ لَا تَمْنَحُنِي وَ قَدْ مَدَحْتُكَ فَقَالَ حَيَّيْتَنِي تَحِيَّةَ الْأَمْوَاتِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِر:

أَلَا طَرَقَتْنَا آخِرَ اللَّيْلِ زَيْنَبُ*** عَلَيْكِ سَلَامٌ لِمَا فَاتَ مَطْلَبٌ

فَقُلْتُ لَهَا حَيَّيْتَ زَيْنَبَ خِدْنَكُمْ*** تَحِيَّةَ مَيِّتٍ وَ هُوَ فِي الْحَيِّ يَشْرَب

مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَبَا جَعْفَر.(1)

ص: 359


1- لعل الوجه في كون عليك سلام من تحية الأموات أنه يستعمل غالبا في جواب السلام لا في السلام الابتدائي، والسلام الابتدائي هو: سلام عليك، وهو يستعمل ممن يتوقع منه الجواب غالبة، أو من ينزل منزلة من يجيب، والشاعر في المقام ما سلم عليه (عليه السلام) بسلام الأحياء، ولا نزله منزلة الأحياء أيضاً فتأمّل. السبزواري.

أبواب تاريخ الإمام الهمام مظهر الحقائق أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه

باب (5) معجزاته واستجابة دعواته ومعرفته بجميع اللغات ومعالي أموره صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 319 س 8

وَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: تَفَكَّرْتُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى «وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون» قُلْتُ خُلِقُوا لِلْعِبَادَةِ وَ يَعْصُونَ وَ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَ اللَّهِ لَأَسْأَلَنَّ جَعْفَراً عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَأَتَيْتُ الْبَابَ فَجَلَسْتُ أُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ إِذْ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَرَأَ وَ «ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» ثُمَّ قَرَأَ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْرا فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مَنْسُوخَة.(1)

باب (6) ما جرى بينها وبين المنصور وولاته وسائر الخلفاء الغاصبين والأمراء الجائرين وذكر بعض أحوالهم

البحار: ج19 ص 330

5 - الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى النَّوْفَلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّمِيمِيِّ قَالَ:

ص: 360


1- يمكن حل الإشكال الوارد على الآية الشريفة بما في الخبر بأنه من الأمور البدائية. كما يمكن حله بأنهم خلقوا لأن يعبدوا باختيارهم، فلهم اختيار العبادة كما لهم ترکها. السبزواري.

لَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ وَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) صَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ شَيْبَةُ بْنُ غفال وَلَّاهُ الْمَنْصُورُ عَلَى أَهْلِهَا فَلَمَّا قَدِمَهَا وَ حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ صَارَ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَ حَارَبَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَرَادَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ وَ مَنَعَهُ أَهْلَهُ فَحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَمَاتَهُ بِغُصَّتِهِ وَ هَؤُلَاءِ وُلْدُهُ يَتَّبِعُونَ أَثَرَهُ فِي الْفَسَادِ وَ طَلَبِ الْأَمْرِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَهُ فَهُمْ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ مَقْتُولُونَ وَ بِالدِّمَاءِ مُضَرَّجُونَ قَالَ فَعَظُمَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ عَلَى النَّاسِ وَ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَنْطِقُ بِحَرْفٍ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ إِزَارٌ قُومَسِيٌّ سخين(1) فَقَالَ وَ نَحْنُ نَحْمَدُ اللَّهَ وَ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ عَلَى رُسُلِ اللَّهِ وَ أَنْبِيَائِهِ أَجْمَعِينَ أَمَّا مَا قُلْتَ مِنْ خَيْرٍ فَنَحْنُ أَهْلُهُ وَ مَا قُلْتَ مِنْ سُوءٍ فَأَنْتَ وَ صَاحِبُكَ بِهِ أَوْلَى فَاخْتَبِرْ يَا مَنْ رَكِبَ غَيْرَ رَاحِلَتِهِ وَ أَكَلَ غَيْرَ زَادِهِ ارْجِعْ مَأْزُوراً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَخْلَى النَّاسِ مِيزَاناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أَبْيَنَهُمْ خُسْرَاناً مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَ هُوَ هَذَا الْفَاسِقُ فَأَسْكَتَ النَّاسَ وَ خَرَجَ الْوَالِي مِنَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ فَقِيلَ لِي هَذَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم.

البحار: ج19 ص 331

8- ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَاجِيلَوَيْهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ يَا بَنِي عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ مَا فَضْلُكُمْ عَلَى النَّاسِ فَسَكَتُوا فَقُلْتُ إِنَّ مِنْ فَضْلِنَا عَلَى النَّاسِ أَنَّا لَا نُحِبُّ أَنْ نَكُونَ أَحَداً سِوَانَا وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ

ص: 361


1- معرّب: کره شي: قرئ كثيرة في جنوب سبزوار، وأهل سبزوار بل جميع أهل خراسان تتوسل إلى الله تبارك وتعالى بأن جعفر بن محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)لبس إزارا من بلادنا. السبزواري.

لَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنَّا إِلَّا أَشْرَكَ ثُمَّ قَالَ ارْوُوا هَذَا الْحَدِيثَ.(1)

البحار: ج19 ص 331

9- ابْنُ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَاوِنْجِيِّ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ الشَّعِيرِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ صَاحِبِ الْمَنْصُورِ قَالَ: بَعَثَ الْمَنْصُورُ إِلَى الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَسْتَقْدِمُهُ لِشَيْ ءٍ بَلَغَهُ عَنْهُ فَلَمَّا وَافَى بَابَهُ خَرَجَ إِلَيْهِ الْحَاجِبُ فَقَالَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ سَطْوَةِ هَذَا الْجَبَّارِ فَإِنِّي رَأَيْتُ حَرَدَهُ عَلَيْكَ شَدِيداً فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَيَّ مِنَ اللَّهِ جُنَّةٌ وَاقِيَةٌ تُعِينُنِي عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ اسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ سَلَّمَ فَرَدَّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا جَعْفَرُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ لِأَبِيكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ إِلَّا أَخَذُوا مِنْ تُرَابِ قَدَمَيْكَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ وَ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ وَ لَا ذَنْبَ لِي مُحِبٌّ غَالٍ وَ مُبْغِضٌ مُفْرِطٌ قَالٍ قَالَ ذَلِكَ اعْتِذَاراً مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِمَا يَقُولُ فِيهِ الْغَالِي وَ الْمُفْرِطُ وَ لَعَمْرِي إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَوْ سَكَتَ عَمَّا قَالَتْ فِيهِ النَّصَارَى لَعَذَّبَهُ اللَّهُ وَ لَقَدْ تَعْلَمُ مَا يُقَالُ فِيكَ مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ وَ إِمْسَاكُكَ عَنْ ذَلِكَ وَ رِضَاكَ بِهِ سَخَطُ الدُّيَّانِ(2) زَعَمَ أَوْغَادُ الْحِجَازِ وَ رَعَاعُ النَّاسِ أَنَّكَ حِبْرُ الدَّهْرِ وَ نَامُوسُهُ وَ حُجَّةُ الْمَعْبُودِ وَ تَرْجُمَانُهُ وَ عَيْبَةُ عِلْمِهِ وَ مِيزَانُ قِسْطِهِ وَ مِصْبَاحُهُ الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ الطَّالِبُ عَرْضَ الظُّلْمَةِ إِلَى ضِيَاءِ النُّورِ وَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ عَامِلٍ جَهِلَ حَدَّكَ فِي الدُّنْيَا عَمَلًا وَ لَا يَرْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً فَنَسَبُوكَ إِلَى غَيْرِ حَدِّكَ وَ قَالُوا فِيكَ مَا لَيْسَ فِيكَ فَقُلْ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَ الْحَقَّ جَدُّكَ وَ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَهُ

ص: 362


1- أقول: ينبغي أن يكتب هذا الحديث بماء الذهب. السبزواري.
2- أقول للدوانیقي: هذا معتقد الروحانيين والأوّلياء في جعفر بن محمد، وأوغاد الناس وهمج الرعاء بمعزل عن درك مقامه (عَلَيهِ السَّلَامُ). السبزواري.

عَلَيْهِ أَبُوكَ وَ أَنْتَ حَرِيٌّ أَنْ تَقْتَصَّ آثَارَهُمَا وَ تَسْلُكَ سَبِيلَهُمَا فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَا فَرْعٌ مِنْ فَرْعِ الزَّيْتُونَةِ وَ قِنْدِيلٌ مِنْ قَنَادِيلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَ أَدِيبُ السَّفَرَةِ وَ رَبِيبُ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَ مِصْبَاحٌ مِنْ مَصَابِيحِ الْمِشْكَاةِ الَّتِي فِيهَا نُورُ النُّورِ وَ صَفْوَةُ الْكَلِمَةِ الْبَاقِيَةِ فِي عَقِبِ الْمُصْطَفَيْنَ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ فَالْتَفَتَ الْمَنْصُورُ إِلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ هَذَا قَدْ أَحَالَنِي عَلَى بَحْرٍ مَوَّاجٍ لَا يُدْرَكُ طَرْفُهُ وَ لَا يُبْلَغُ عُمْقُهُ تَحَارُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَ يَغْرَقُ فِيهِ السُّبَحَاءُ وَ يَضِيقُ بِالسَّابِحِ عَرْضُ الْفَضَاءِ هَذَا الشَّجَا الْمُعْتَرِضُ فِي حُلُوقِ الْخُلَفَاءِ الَّذِي لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ وَ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ وَ لَوْ لَا مَا يَجْمَعُنِي وَ إِيَّاه شَجَرَةٌ طَابَ أَصْلُهَا وَ بَسَقَ فَرْعُهَا وَ عَذُبَ ثَمَرُهَا وَ بُورِكَتْ فِي الذَّرِّ وَ قُدِّسَتْ فِي الزُّبُرِ لَكَانَ مِنِّي إِلَيْهِ مَا لَا يُحْمَدُ فِي الْعَوَاقِبِ لِمَا يَبْلُغُنِي عَنْهُ مِنْ شِدَّةِ عَيْبِهِ لَنَا وَ سُوءِ الْقَوْلِ فِينَا فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا تَقْبَلْ فِي ذِي رَحِمِكَ وَ أَهْلِ الرِّعَايَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ قَوْلَ مَنْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَ جَعَلَ مَأْوَاهُ النَّارَ فَإِنَّ النَّمَّامَ شَاهِدُ زُورٍ وَ شَرِيكُ إِبْلِيسَ فِي الْإِغْرَاءِ بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِين» وَ نَحْنُ لَكَ أَنْصَارٌ وَ أَعْوَانٌ وَ لِمُلْكِكَ دَعَائِمُ وَ أَرْكَانٌ مَا أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ الْإِحْسَانِ وَ أَمْضَيْتَ فِي الرَّعِيَّةِ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ وَ أَرْغَمْتَ بِطَاعَتِكَ لِلَّهِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ وَ إِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْكَ فِي سَعَةِ فَهْمِكَ وَ كَثْرَةِ عِلْمِكَ وَ مَعْرِفَتِكَ بِآدَابِ اللَّهِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ تُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّ الْمُكَافِيَ لَيْسَ بِالْوَاصِلِ إِنَّمَا الْوَاصِلُ مَنْ إِذَا قَطَعَتْهُ رَحِمُهُ وَصَلَهَا فَصِلْ رَحِمَكَ يَزِدِ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ وَ يُخَفِّفْ عَنْكَ الْحِسَابَ يَوْمَ حَشْرِكَ فَقَالَ الْمَنْصُورُ قَدْ صَفَحْتُ عَنْكَ لِقَدَرِكَ وَ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ لِصِدْقِكَ فَحَدِّثْنِي عَنْ نَفْسِكَ بِحَدِيثٍ أَتَّعِظُ بِهِ وَ يَكُونُ لِي زَاجِرَ صِدْقٍ عَنِ الْمُوبِقَاتِ فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَيْكَ بِالْحِلْمِ فَإِنَّهُ رُكْنُ الْعِلْمِ وَ امْلِكْ نَفْسَكَ عِنْدَ أَسْبَابِ الْقُدْرَةِ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ كُنْتَ كَمَنْ شَفَى غَيْظاً أَوْ تَدَاوَى حِقْداً أَوْ يُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ بِالصَّوْلَةِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِن

ص: 363

عَاقَبْتَ مُسْتَحِقّاً لَمْ تَكُنْ غَايَةُ مَا تُوصَفُ بِهِ إِلَّا الْعَدْلَ وَ الْحَالُ الَّتِي تُوجِبُ الشُّكْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَالِ الَّتِي تُوجِبُ الصَّبْرَ فَقَالَ الْمَنْصُورُ وَعَظْتَ فَأَحْسَنْتَ وَ قُلْتَ فَأَوْجَزْتَ فَحَدِّثْنِي عَنْ فَضْلِ جَدِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَدِيثاً لَمْ تَأْثِرْهُ الْعَامَّةُ: فَقَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ فِي عَلِيٍّ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّي وَ سَعْدَيْكَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ عَلِيّاً إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ فَبَشَّرَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بِذَلِكَ فَخَرَّ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ مِنْ قَدْرِي حَتَّى إِنِّي أُذْكَرُ هُنَاكَ قَالَ نَعَمْ وَ إِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُكَ وَ إِنَّكَ لَتُذْكَرُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فَقَالَ الْمَنْصُورُ «ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاُء».

البحار: ج19 ص3

22 - مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ وَ مُعَتِّبٌ وَ مُصَادِفٌ مَوْلَيَا الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي خَبَرٍ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ بَنُو الْعَبَّاسِ وَ شَكَوْا مِنَ الصَّادِقِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ أَخَذَ تَرِكَاتِ مَاهِرٍ الْخَصِيِّ دُونَنَا فَخَطَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَانَ مِمَّا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَعَثَ رَسُولَهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَ أَبُونَا أَبُو طَالِبٍ الْمُوَاسِيَ لَهُ بِنَفْسِهِ وَ النَّاصِرَ لَهُ وَ أَبُوكُمُ الْعَبَّاسُ وَ أَبُو لَهَبٍ يُكَذِّبَانِهِ وَ يُؤَلِّبَانِ عَلَيْهِ شَيَاطِينَ الْكُفْرِ وَ أَبُوكُمْ يَبْغِي لَهُ الْغَوَائِلَ وَ يَقُودُ إِلَيْهِ القَبَائِلَ فِي بَدْرٍ وَ كَانَ فِي أَوَّلِ رَعِيلِهَا وَ صَاحِبَ خَيْلِهَا وَ رَجِلِهَا الْمُطْعِمَ يَوْمَئِذٍ وَ النَّاصِبَ الْحَرْبِ لَهُ ثُمَّ قَالَ فَكَانَ أَبُوكُمْ طَلِيقَنَا وَ عَتِيقَنَا وَ أَسْلَمَ كَارِهاً(1) تَحْتَ سُيُوفِنَا لَمْ يُهَاجِرْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ هِجْرَةً قَطُّ فَقَطَعَ اللَّهُ وَلَايَتَهُ مِنَّا بِقَوْلِهِ «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ء» فِي كَلَامٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا

ص: 364


1- هذا الخبر من الصوارخ في العباس. السبزواري.

مَوْلًى لَنَا مَاتَ فَحُزْنَا تُرَاثَهُ إِذْ كَانَ مَوْلَانَا وَ لِأَنَّا وُلْدُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ أُمُّنَا فَاطِمَةُ أَحْرَزَتْ مِيرَاثَه.

باب (9) أحوال أقربائه وعشائره وما جرى بينه وبينهم وما وقع عليهم من الجور والظلم وأحوال من خرج في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بني الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأولاد زيد وغيرهم

البحار: ج19 ص413

25 - بإسناده عَنْ شَيْخِ الطَّائِفَةِ عَنِ الْمُفِيدِ وَ ابْنِ الْغَضَائِرِيِّ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وَ عَنِ الشَّيْخِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْأَهْوَازِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ نَجِيحِ بْنِ مُطَهَّرٍ الرَّازِيِّ و إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالا مَعاً إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حُمِلَ هُوَ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ يُعَزِّيهِ عَمَّا صَارَ إِلَيْهِ(1) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ وَ الذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ مِنْ وُلْدِ أَخِيهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ أَمَّا بَعْدُ فَلَئِنْ كُنْتَ قَدْ تَفَرَّدْتَ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ مِمَّنْ حُمِلَ مَعَكَ بِمَا أَصَابَكُمْ مَا انْفَرَدْتَ بِالْحُزْنِ وَ الْغَيْظِ وَ الْكَآبَةِ وَ أَلِيمِ وَجَعِ الْقَلْبِ دُونِي فَلَقَدْ نَالَنِي مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْجَزَعِ وَ الْقَلَقِ وَ حَرِّ الْمُصِيبَةِ مِثْلُ مَا نَالَكَ وَ لَكِنْ جَرَتْ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ

ص: 365


1- کتاب الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى بني الحسن، وهو كتاب نفعه عظيم لمن تدبّر فيه، بل يجب التدبر فيه. السبزواري.

جَلَّ جَلَالُهُ بِهِ الْمُتَّقِينَ مِنَ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْعَزَاءِ حِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) «وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا» وَ حِينَ يَقُولُ «فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ» وَ حِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) حِينَ مُثِّلَ بِحَمْزَةَ «وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» وَ صَبَرَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) وَ لَمْ يُعَاقِبْ وَ حِينَ يَقُولُ« وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى» وَ حِينَ يَقُولُ «الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» وَ حِينَ يَقُولُ «الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » وَ حِينَ يَقُولُ لُقْمَانُ لِابْنِهِ «وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور» وَ حِينَ يَقُولُ عَنْ مُوسَى «قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» وَ حِينَ يَقُولُ «الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ» وَ حِينَ يَقُولُ «ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ» وَ حِينَ يَقُولُ «وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ» وَ أَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَ اعْلَمْ أَيْ عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ لَمْ يُبَالِ بِضُرِّ الدُّنْيَا لِوَلِيِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَا شَيْ ءَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الضُّرِّ وَ الْجَهْدِ وَ الْبَلَاءِ مَعَ الصَّبْرِ وَ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يُبَالِ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا لِعَدُوِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا كَانَ أَعْدَاؤُهُ يَقْتُلُونَ أَوْلِيَاءَهُ وَ يُخِيفُونَهُمْ وَ يَمْنَعُونَهُمْ وَ أَعْدَاؤُهُ آمِنُونَ مُطْمَئِنُّونَ عَالُونَ

ص: 366

ظَاهِرُونَ قَاهِرُونَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قُتِلَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فِي بَغِيٍّ مِنَ الْبَغَايَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قُتِلَ جَدُّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِمَا قَامَ بِأَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ ظُلْماً وَ عَمُّكَ الْحُسَيْنُ بْنُ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا اضْطِهَاداً وَ عُدْوَاناً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فِي كِتَابِهِ «وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ» وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قَالَ فِي كِتَابِهِ «أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُون» وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَوْ لَا أَنْ يَحْزَنَ الْمُؤْمِنُ لَجَعَلْتُ لِلْكَافِرِ عِصَابَةً مِنْ حَدِيدٍ لَا يُصَدَّعُ رَأْسُهُ أَبَداً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الدُّنْيَا لَا تُسَاوِي عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَابْتَعَثَ اللَّهُ لَهُ كَافِراً أَوْ مُنَافِقاً يُؤْذِيهِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْماً أَوْ أَحَبَّ عَبْداً صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءَ صَبّاً فَلَا يَخْرُجُ مِنْ غَمٍّ إِلَّا وَقَعَ فِي غَمٍّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا مِنْ جُرْعَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجْرَعَهُمَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَ عَلَيْهَا وَ جُرْعَةِ حُزْنٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ صَبَرَ عَلَيْهَا بِحُسْنِ عَزَاءٍ وَ احْتِسَابٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) يَدْعُونَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ بِطُولِ الْعُمُرِ وَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ كَثْرَةِ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) كَانَ إِذَا خَصَّ رَجُلًا بِالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَ الِاسْتِغْفَارِ اسْتُشْهِدَ فَعَلَيْكُمْ يَا عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ وَ بَنِي عُمُومَتِي وَ إِخْوَتِي بِالصَّبْرِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِيمِ وَ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ الرِّضَا وَ الصَّبْرِ عَلَى قَضَائِهِ وَ التَّمَسُّكِ بِطَاعَتِهِ وَ النُّزُولِ عِنْدَ أَمْرِهِ أَفْرَغَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمُ الصَّبْرَ وَ خَتَمَ لَنَا وَ لَكُمْ بِالْأَجْرِ وَ السَّعَادَةِ وَ أَنْقَذَكُمْ وَ إِيَّانَا مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ بِحَوْلِهِ وَ قُوَّتِهِ- إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ

ص: 367

مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ أَهْلِ بَيْتِه. (1)

باب (11) أحوال أصحابه وأهل زمانه صلوات الله عليه وما جرى بينه وبينهم

البحار: ج19 ص447

64- وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ جَبْرَئِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْفَارَيَابِيِّ بِخَطِّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْكُوفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَى قَوْمٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَسْأَلُونَهُ الْحَدِيثَ مِنَ الْأَمْصَارِ(2) وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لِي أَ تَعْرِفُ أَحَداً مِنَ الْقَوْمِ قُلْتُ لَا فَقَالَ كَيْفَ دَخَلُوا عَلَيَّ قُلْتُ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يُبَالُونَ مِمَّنْ أَخَذُوا فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ غَيْرِي مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحَدِّثْنِي بِبَعْضِ مَا سَمِعْتَ قَالَ إِنَّمَا جِئْتُ لِأَسْمَعَ مِنْكَ لَمْ أَجِئْ أُحَدِّثُكَ وَ قَالَ لِلْآخَرِ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي مَا سَمِعَ قَالَ تَتَفَضَّلُ أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا سَمِعْتَ أَ جَعَلَ الَّذِي حَدَّثَكَ حَدِيثَهُ أَمَانَةً لَا أتحدث بِهِ أَبَداً قَالَ لَا قَالَ فَسَمِّعْنَا بَعْضَ مَا اقْتَبَسْتَ مِنَ الْعِلْمِ حَتَّى نَعْتَدَّ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ النَّبِيذُ كُلُّهُ حَلَالٌ إِلَّا الْخَمْرَ ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمْ يَمْسَحْ عَلَى خُفَّيْهِ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ وَ مَنْ لَمْ يَشْرَبِ النَّبِيذَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ وَ مَنْ لَمْ يَأْكُلِ الْجِرِّيثَ وَ طَعَامَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ ذَبَائِحَهُمْ فَهُوَ ضَالٌّ أَمَّا النَّبِيذُ فَقَدْ شَرِبَهُ عُمَرُ نَبِيذُ زَبِيبٍ

ص: 368


1- ما يظهر منه مدح بني الحسن، فيحمل ما يدلّ على ذمهم على التقية. السبزواري
2- الأحاديث المجعولة المكذوبة وجاعلها سفيان الثوري لعنه الله تعالى. السبزواري.

فَرَشَحَهُ بِالْمَاءِ وَ أَمَّا الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ مَسَحَ عُمَرُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثاً فِي السَّفَرِ وَ يَوْماً وَ لَيْلَةً فِي الْحَضَرِ وَ أَمَّا الذَّبَائِحُ فَقَدْ أَكَلَهَا عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ كُلُوهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ« الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُم» ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا فَقَالَ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ بِمَا سَمِعْتُ فَقَالَ أَ كُلُّ الَّذِي سَمِعْتَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَشْيَاءُ صَدَّقَ النَّاسُ بِهَا وَ أَخَذُوا بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَهَا أَصْلٌ مِنْهَا عَذَابُ الْقَبْرِ وَ مِنْهَا الْمِيزَانُ وَ مِنْهَا الْحَوْضُ وَ مِنْهَا الشَّفَاعَةُ وَ مِنْهَا النِّيَّةُ يَنْوِي الرَّجُلُ مِنَ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ فَلَا يَعْمَلُهُ فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَ لَا يُثَابُ الرَّجُلُ إِلَّا بِمَا عَمِلَ إِنْ خَيْراً فَخَيْراً وَ إِنْ شَرّاً فَشَرّاً قَالَ فَضَحِكْتُ مِنْ حَدِيثِهِ فَغَمَزَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ كُفَّ حَتَّى نَسْمَعَ قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ وَ مَا يُضْحِكُكَ مِنَ الْحَقِّ أَمْ مِنَ الْبَاطِلِ قُلْتُ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَ أَبْكِي وَ إِنَّمَا يُضْحِكُنِي مِنْكَ تَعَجُّباً كَيْفَ حَفِظْتَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فَسَكَتَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ رَأَى عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى مِنْبَرٍ بِالْكُوفَةِ وَ هُوَ يَقُولُ لَئِنْ أُتِيتُ بِرَجُلٍ يُفَضِّلُنِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ لَأَجْلِدَنَّهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا فَقَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ حُبُّ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ إِيمَانٌ وَ بُغْضُهُمَا كُفْرٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَبْطَأَ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ عَتِيقٌ مَا خَلَّفَكَ عَنِ الْبَيْعَةِ وَ اللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَن أَضْرِبَ عُنُقَكَ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا تَثْرِيبَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ(1) وَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سَلَّمَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ يَا

ص: 369


1- هذا ليس بمجعول. السبزواري.

خَالِدُ لَا تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ وَدَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ بِنُخَيْلَاتِ يَنْبُعَ يَسْتَظِلُّ بِظِلِّهِنَّ وَ يَأْكُلُ مِنْ حَشَفِهِنَّ وَ لَمْ يَشْهَدْ يَوْمَ الْجَمَلِ وَ لَا النَّهْرَوَانِ وَ حَدَّثَنِي بِهِ سُفْيَانُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا رَأَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْجَمَلِ كَثْرَةَ الدِّمَاءِ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ يَا بُنَيَّ هَلَكْتُ قَالَ لَهُ الْحَسَنُ يَا أَبَتِ أَ لَيْسَ قَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ هَذَا الْخُرُوجِ فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا بُنَيَّ لَمْ أَدْرِ أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ هَذَا الْمَبْلَغَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) زِدْنَا قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا قَتَلَ أَهْلَ صِفِّينَ بَكَى عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَنَّةِ قَالَ فَضَاقَ بِيَ الْبَيْتُ وَ عَرِقْتُ وَ كِدْتُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ مَسْكِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ إِلَيْهِ فَأَتَوَطَّأَهُ ثُمَّ ذَكَرْتُ غَمْزَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَفَفْتُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ وَ تَذْكُرُ اسْمَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ تَعْرِفُهُ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ شَيْئاً قَطُّ قَالَ لَا قَالَ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ عِنْدَكَ حَقٌّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَتَى سَمِعْتَهَا قَالَ لَا أَحْفَظُ قَالَ إِلَّا أَنَّهَا أَحَادِيثُ أَهْلِ مِصْرِنَا مُنْذُ دَهْرِنَا لَا يَمْتَرُونَ فِيهَا قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَوْ رَأَيْتَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ فَقَالَ لَكَ هَذِهِ الَّتِي تَرْوِيهَا عَنِّي كَذِبٌ وَ قَالَ لَا أَعْرِفُهَا وَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهَا هَلْ كُنْتَ تُصَدِّقُهُ قَالَ لَا قَالَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ رِجَالٌ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمْ عَلَى عِتْقِ رَجُلٍ لَجَاز قَوْلُهُ فَقَالَ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ مَا اسْمُكَ قَالَ مَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَلْفَيْ عَامٍ ثُمَّ أَسْكَنَهَا الْهَوَاءَ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ثَمَّ ائْتَلَفَ هَاهُنَا وَ مَا تَنَاكَرَ ثَمَّ اخْتَلَفَ هَاهُنَا وَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى يَهُودِيّاً وَ إِنْ أَدْرَكَ الدَّجَّالَ آمَنَ بِهِ وَ إِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ آمَنَ بِهِ فِي قَبْرِهِ يَا غُلَامُ ضَعْ لِي مَاءً وَ غَمَزَنِي وَ قَالَ لَا تَبْرَحْ وَ قَامَ الْقَوْم

ص: 370

فَانْصَرَفُوا وَ قَدْ كَتَبُوا الْحَدِيثَ الَّذِي سَمِعُوا مِنْهُ ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ وَ وَجْهُهُ مُنْقَبِضٌ فَقَالَ أَ مَا سَمِعْتَ مَا يُحَدِّثُ بِهِ هَؤُلَاءِ قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا هَؤُلَاءِ وَ مَا حَدِيثُهُمْ قَالَ أَعْجَبُ حَدِيثِهِمْ كَانَ عِنْدِي الْكَذِبُ عَلَيَّ وَ الْحِكَايَةُ عَنِّي مَا لَمْ أَقُلْ وَ لَمْ يَسْمَعْهُ عَنِّي أَحَدٌ وَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَنْكَرَ الْأَحَادِيثَ مَا صَدَّقْنَاهُ مَا لِهَؤُلَاءِ لَا أَمْهَلَ اللَّهُ لَهُمْ وَ لَا أَمْلَى لَهُمْ ثُمَّ قَالَ لَنَا إِنَّ عَلِيّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنَ الْبَصْرَةِ قَالَ عَلَى أَطْرَافِهَا ثُمَّ قَالَ لَعَنَكِ اللَّهُ يَا أَنْتَنَ الْأَرْضِ تُرَاباً وَ أَسْرَعَهَا خَرَاباً وَ أَشَدَّهَا عَذَاباً فِيكِ الدَّاءُ الدَّوِيُّ قِيلَ مَا هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ كَلَامُ الْقَدَرِ الَّذِي فِيهِ الْفِرْيَةُ عَلَى اللَّهِ وَ بُغْضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ فِيهِ سَخَطُ اللَّهِ وَ سَخَطُ نَبِيِّهِ (صلّی الله عليه وآله وسلّم) وَ كَذِبُهُمْ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ اسْتِحْلَالُهُمُ الْكَذِبَ عَلَيْنَا.

البحار: ج19 ص 603

82- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ اذْهَبْ بِنَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ فَذَهَبْتُ مَعَهُ إِلَيْهِ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ رَكِبَ دَابَّتَهُ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَدِّثْنَا بِحَدِيثِ خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَالَ دَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ فِي حَاجَتِي فَإِنِّي قَدْ رَكِبْتُ فَإِذَا جِئْتُ حَدَّثْتُكَ فَقَالَ أَسْأَلُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) لَمَّا حَدَّثْتَنِي قَالَ فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ مُرْ لِي بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ حَتَّى أُثْبِتَهُ فَدَعَا بِهِ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ نَصَرَ اللَّهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَى دِمَاؤُهُمْ وَ هُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ فَكَتَبَهُ ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَيْهِ وَ رَكِبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 371

وَ جِئْتُ أَنَا وَ سُفْيَانُ فَلَمَّا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقَال لِي كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَنْظُرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ وَ اللَّهِ أَلْزَمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رَقَبَتَكَ شَيْئاً لَا يَذْهَبُ مِنْ رَقَبَتِكَ أَبَداً فَقَالَ وَ أَيُّ شَيْ ءٍ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ قَدْ عَرَفْنَاهُ وَ النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْنَا نَصِيحَتُهُمْ- مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ كُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عِنْدَنَا وَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ وَ قَوْلُهُ وَ اللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَأَيُّ الْجَمَاعَةِ- مُرْجِئٌ يَقُولُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَ لَمْ يَصُمْ وَ لَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ جَنَابَةٍ وَ هَدَمَ الْكَعْبَةَ وَ نَكَحَ أُمَّهُ فَهُوَ عَلَى إِيمَانِ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ أَوْ قَدَرِيٌّ يَقُولُ لَا يَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَكُونُ مَا شَاءَهُ إِبْلِيسُ أَوْ حَرُورِيٌّ يَبْرَأُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ أَوْ جَهْمِيٌّ يَقُولُ إِنَّمَا هِيَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَيْسَ الْإِيمَانُ شَيْ ءٌ غَيْرُهَا قَالَ وَيْحَكَ وَ أَيَّ شَيْ ءٍ يَقُولُونَ فَقُلْتُ يَقُولُونَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ اللَّهِ الْإِمَامُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا نَصِيحَتُهُ وَ لُزُومُ جَمَاعَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَخَرَقَهُ(1) ثُمَّ قَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَدا.

باب (12) مناظرات أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع المخالفين

البحار: ج19 ص 679

11 - مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ

ص: 372


1- لقد ألحد الملعون بإحراقه الكتاب العزيز. السبزواري.

فَوَرَدَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ سَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِالْجُلُوسِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا حَاجَتُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا تُسْأَلُ عَنْهُ فَصِرْتُ إِلَيْكَ لِأُنَاظِرَكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِيمَا ذَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ وَ قَطْعِهِ وَ إِسْكَانِهِ وَ خَفْضِهِ وَ نَصْبِهِ وَ رَفْعِهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا حُمْرَانُ دُونَكَ الرَّجُلَ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّمَا أُرِيدُكَ أَنْتَ لَا حُمْرَانَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)إِنْ غَلَبْتَ حُمْرَانَ فَقَدْ غَلَبْتَنِي فَأَقْبَلَ الشَّامِيُّ يَسْأَلُ حُمْرَانَ حَتَّى ضَجِرَ وَ مَلَّ وَ عَرَضَ وَ حُمْرَانُ يُجِيبُهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَيْفَ رَأَيْتَ يَا شَامِيُّ قَالَ رَأَيْتُهُ حَاذِقاً مَا سَأَلْتُهُ عَنْ شَيْ ءٍ إِلَّا أَجَابَنِي فِيهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا حُمْرَانُ سَلِ الشَّامِيَّ فَمَا تَرَكَهُ يَكْشِرُ فَقَالَ الشَّامِيُّ أَ رَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أُنَاظِرُكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ يَا أَبَانَ بْنَ تَغْلِبَ نَاظِرْهُ فَنَاظَرَهُ فَمَا تَرَكَ الشَّامِيُّ يَكْشِرُ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أُنَاظِرَكَ فِي الْفِقْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا زُرَارَةُ نَاظِرْهُ فَمَا تَرَكَ الشَّامِيُّ يَكْشِرُ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أُنَاظِرَكَ فِي الْكَلَامِ فَقَالَ يَا مُؤْمِنَ الطَّاقِ نَاظِرْهُ فَنَاظَرَهُ فَسُجِلَ الْكَلَام بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَكَلَّمَ مُؤْمِنُ الطَّاقِ بِكَلَامِهِ فَغَلَبَهُ بِهِ فَقَالَ أُرِيدُ أَنْ أُنَاظِرَكَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ فَقَالَ لِلطَّيَّارِ كَلِّمْهُ فِيهَا قَالَ فَكَلَّمَهُ فَمَا تَرَكَ يَكْشِرُ فَقَالَ أُرِيدُ أُنَاظِرُكَ فِي التَّوْحِيدِ فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ سَالِمٍ كَلِّمْهُ فَسُجِلَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ خَصَمَهُ هِشَامٌ فَقَالَ أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِي الْإِمَامَةِ فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ كَلِّمْهُ يَا أَبَا الْحَكَمِ فَكَلَّمَهُ مَا تَرَكَهُ يَرْتِمُ وَ لَا يُحْلِي وَ لَا يُمِرُّ قَالَ فَبَقِيَ يَضْحَكُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَقَالَ الشَّامِيُّ كَأَنَّكَ أَرَدْتَ أَنْ تُخْبِرَنِي أَنَّ فِي شِيعَتِكَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ قَالَ هُوَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ أَمَّا حُمْرَانُ فَحَرَفَكَ فَحِرْتَ لَهُ فَغَلَبَكَ بِلِسَانِهِ وَ سَأَلَكَ عَنْ حَرْفٍ مِنَ الْحَقِّ فَلَمْ تَعْرِفْهُ وَ أَمَّا أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ فَمَغَثَ حَقّاً بِبَاطِلٍ فَغَلَبَكَ وَ أَمَّا زُرَارَةُ فَقَاسَكَ فَغَلَبَ قِيَاسُهُ قِيَاسَكَ وَ أَمَّا الطَّيَّارُ فَكَانَ كَالطَّيْرِ يَقَعُ وَ يَقُومُ وَ أَنْتَ كَالطَّيْرِ الْمَقْصُوص وَ أَمَّا هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ قَامَ حُبَارَى يَقَعُ وَ يَطِيرُ وَ أَمَّا هِشَامُ بْنُ

ص: 373

الْحَكَمِ فَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ فَمَا سَوَّغَكَ بِرِيقِكَ يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ ضِغْثاً مِنَ الْحَقِّ وَ ضِغْثاً مِنَ الْبَاطِلِ(1) فَمَغَثَهُمَا ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا إِلَى النَّاسِ ثُمَّ بَعَثَ أَنْبِيَاءَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فَعَرَّفَهَا الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَوْصِيَاءَ فَبَعَثَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ لِيُفَرِّقُوا ذَلِكَ وَ جَعَلَ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَ الْأَوْصِيَاءِ لِيَعْلَمَ النَّاسُ مَنْ فَضَّلَ اللَّهُ وَ مَنْ يَخْتَصُّ وَ لَوْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى حِدَةٍ وَ الْبَاطِلُ عَلَى حِدَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ بِشَأْنِهِ مَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى نَبِيٍّ وَ لَا وَصِيٍّ وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَطَهُمَا وَ جَعَلَ يُفَرِّقُهُمَا الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ عِبَادِهِ فَقَالَ الشَّامِيُّ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَالَسَكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ َسَلَّمَ) يُجَالِسُهُ جَبْرَائِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنْ عِنْدِ الْجَبَّارِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ كَذَلِكَ فَقَالَ الشَّامِيُّ اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِكَ وَ عَلِّمْنِي فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِهِشَامٍ عَلِّمْهُ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ تِلْمَاذاً لَكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ وَ أَبُو مَالِكٍ الْخَضْرَمِيُّ رَأَيْنَا الشَّامِيَّ عِنْدَ هِشَامٍ بَعْدَ مَوْت أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ يَأْتِي الشَّامِيُّ بِهَدَايَا أَهْلِ الشَّامِ وَ هِشَامٌ يَرُدُّهُ هَدَايَا أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ وَ كَانَ الشَّامِيُّ ذَكِيَّ الْقَلْب.

ص: 374


1- يمكن أن يكون هذا أحد أسرار اختلاف الأخبار الصادرة عنهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الأحكام وغيرها، بل هذا هو العمدة بل هذا هو العمدة وليحتفظ بهذا الحديث وليكتب بالنور على خدود الحور. السبزواري.

أبواب تاريخ الإمام العليم أبي إبراهيم موسی بن جعفر الكاظم الحليم صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام وأولاده الأئمّة الأعلام ما تعاقب النور والظلام

باب (3) النصوص عليه صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص498

مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى شَلَقَانَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً قَبْلَ أَنْ أَجْلِسَ يَا عِيسَى مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْقَى ابْنِي فَتَسْأَلَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا تُرِيدُ قَالَ عِيسَى فَذَهَبْتُ إِلَى الْعَبْدِ الصَّالِحِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ قَاعِدٌ فِي الْكُتَّابِ وَ عَلَى شَفَتَيْهِ أَثَرُ الْمِدَادِ فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً يَا عِيسَى إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ عَلَى النُّبُوَّةِ فَلَمْ يَتَحَوَّلُوا عَنْهَا أَبَداً (1) وَ أَخَذَ مِيثَاقَ الْوَصِيِّينَ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَلَمْ يَتَحَوَّلُوا عَنْهَا أَبَداً وَ أَعَارَ قَوْماً الْإِيمَانَ زَمَاناً ثُمَّ يَسْلُبُهُمْ إِيَّاهُ وَ إِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ مِمَّنْ أُعِيرَ الْإِيمَانَ ثُمَّ سَلَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ وَ قَبَّلْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي« ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لِي مَا صَنَعْتَ يَا عِيسَى قُلْتُ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرَنِي مُبْتَدِئاً مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ جَمِيعِ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ فَعَلِمْتُ وَ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ يَا عِيسَى إِنَّ ابْنِي هَذَا الَّذِي رَأَيْتَ لَوْ سَأَلْتَهُ عَمَّا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ لَأَجَابَكَ فِيهِ بِعِلْمٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكُتَّابِ فَعَلِمْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ

ص: 375


1- هذا الخبر يدلّ على عدم تحقق البداء في النبوّة والإمامة. فليتدبر في الجمع بينه وبين ما ظاهره تحقق البداء في الإمامة. السبزواري.

أَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ.

البحار: ج19 ص 499

44 - الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرُوا الْأَوْصِيَاءَ وَ ذُكِرَ إِسْمَاعِيلُ فَقَال لَا وَ اللَّهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا ذَاكَ إِلَيْنَا وَ مَا هُوَ إِلَّا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَنْزِلُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِد.(1)

باب (5) عبادته وسيره ومكارم أخلاقه ووفور علمه صلوات عليه

البحار: ج19 ص 552

13 - عِدَّةٌ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ قَالَ كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَثِيراً مَا يَأْكُلُ السُّكَّرَ عِنْدَ النَّوْم.(2)

البحار: ج19 ص553

20 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ مَوْلَى أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ كَانَ اشْتَرَاهُ وَ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ أَخَاهُ فَأَعْتَقَهُمْ وَ اسْتَكْتَبَ أَحْمَدَ وَ جَعَلَهُ قَهْرَمَانَهُ قَالَ أَحْمَدُ كُنَّ نِسَاءُ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذَا تَبَخَّرْن أَخَذْنَ نَوَاةً مِنْ نَوَى الصَّيْحَانِيِّ مَمْسُوحَةً مِنَ التَّمْرِ مُنَقَّاةَ التَّمْرِ وَ الْقُشَارَةِ فَأَلْقَيْنَهَا عَلَى النَّارِ قَبْلَ الْبَخُورِ فَإِذَا دَخَنَتِ النَّوَاةُ أَدْنَى دُخَانٍ رَمَيْنَ النَّوَاةَ وَ تَبَخَّرْنَ مِنْ بَعْدُ وَ كُنَّ يَقُلْنَ هُوَ أَعْبَقُ وَ أَطْيَبُ

ص: 376


1- هذا مخالف لخبر أبي بصير، لأنه إذا لم يكن لهم في أمر الإمامة شيء فما معنى الطلب والسؤال والنصب. فتدبّر. السبزواري.
2- هذا موافق لما يراه أطباء العصر الحديث. السبزواري .

لِلْبَخُورِ(1) وَ كُنَّ يَأْمُرْنَ بِذَلِك.

البحار: ج19 ص 556

32 - الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ بَعَثَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) غُلَاماً يَشْتَرِي لَهُ بَيْضاً فَأَخَذَ الْغُلَامُ بَيْضَةً أَوْ بَيْضَتَيْنِ فَقَامَرَ بِهَا(2) فَلَمَّا أَتَى بِهِ أَكَلَهُ فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ إِنَّ فِيهِ مِنَ الْقِمَارِ قَالَ فَدَعَا بِطَشْتٍ فَتَقَيَّأَ فَقَاءَه.

البحار: ج19 ص57ه

35 - عَنْ كِتَابِ الْبَصَائِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَاصِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ حَجَجْتُ وَ مَعِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَقَصَدْنَا مَكَاناً نَنْزِلُهُ فَاسْتَقْبَلَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى حِمَارٍ أَخْضَرَ يَتْبَعُهُ طَعَامٌ وَ نَزَلْنَا بَيْنَ النَّخْلِ وَ جَاءَ وَ نَزَلَ وَ أُتِيَ بِالطَّسْتِ وَ الْمَاءِ وَ الْأُشْنَانِ فَبَدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ وَ أُدِيرَ الطَّسْتُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى بَلَغَ آخِرَنَا ثُمَّ أُعِيدَ إِلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى أُتِيَ إِلَى آخِرِنَا ثُمَّ قُدِّمَ الطَّعَامُ فَبَدَأَ بِالْمِلْحِ ثُمَّ قَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ ثَنَّى بِالْخَلِّ ثُمَّ أُتِيَ بِكَتِفٍ مَشْوِيٍّ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَان يُعْجِبُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ أُتِيَ بِالْخَلِّ وَ الزَّيْتِ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) ثُمَ أُتِيَ بِسِكْبَاج

ص: 377


1- أي أشد انتشارا لرائحة الطيب. السبزواري.
2- يستفاد من الخبر أمور: الأوّل: جواز معاملة غير البالغ إن كان المراد بالغلام من لم يبلغ الحلم، لا العبد. الثاني: حجية الخبر الواحد في الموضوعات، كما هو ظاهر قوله: فقال له مولى له..الخ. الثالث: شدة المواظبة على الاجتناب عن الحرام والتحرز عنه ولو بعد الأكل . إن قيل: كيف أكل (عَلَيهِ السَّلَامُ) البيض المقامر به مع أن الإمام عالم بما كان وما يكون؟ يقال: مع أنه عالم مأمور بالطرق الظاهرية المتعارفة وعدم الاعمال بالعلم من طريق الغيب. السبزواري.

فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَهَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِلَحْمٍ مَقْلُوٍّ فِيهِ بَاذَنْجَانٌ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ حَامِضٍ قَدْ ثُرِدَ فِيهِ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِجُبُنٍّ مُبَزَّرٍ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِتَوْرٍ فِيهِ بَيْضٌ كَالْعُجَّة فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُ أَبِي جَعْفَراً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ أُتِيَ بِحَلْوَاءَ فَقَالَ كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّ هَذَا طَعَامٌ كَانَ يُعْجِبُنِي وَ رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ فَذَهَبَ أَحَدُنَا لِيَلْقُطَ مَا كَانَ تَحْتَهَا فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَنَازِلِ تَحْتَ السُّقُوفِ فَأَمَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَهُوَ لِعَافِيَةِ الطَّيْرِ وَ الْبَهَائِمِ ثُمَّ أُتِيَ بِالْخِلَال فَقَالَ مِنْ حَقِّ الْخِلَالِ أَنْ تُدِيرَ لِسَانَكَ فِي فَمِكَ فَمَا أَجَابَكَ ابْتَلَعْتَهُ وَ مَا امْتَنَعَ ثَمَّ بِالْخِلَالِ تُخْرِجُهُ فَتَلْفِظُهُ(1) وَ أُتِيَ بِالطَّسْتِ وَ الْمَاءِ فَابْتَدَأَ بِأَوَّلِ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى انْتُهِيَ إِلَيْهِ فَغَسَلَ ثُمَّ غَسَلَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ حَتَّى أُتِيَ عَلَى آخِرِهِمْ ثُمَّ قَالَ يَا عَاصِمُ كَيْفَ أَنْتُمْ فِي التَّوَاصُلِ وَ التَّبَارِّ فَقَالَ عَلَى أَفْضَلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَقَالَ أَ يَأْتِي أَحَدُكُمْ عِنْدَ الضِّيقَةِ مَنْزِلَ أَخِيهِ فَلَا يَجِدُهُ فَيَأْمُرُ بِإِخْرَاجِ كِيسِهِ فَيُخْرَج فَيَفُضُّ خَتْمَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ حَاجَتَهُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ قَالَ لَا قَالَ لَسْتُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ مِنَ التَّوَاصُل و الضيقة و الفقر.

البحار: ج19 ص 588

37 - مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَرَنْدَسِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِمِنًى وَ عَلَيْهِ نُقْبَةٌ وَ رِدَاءٌ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى جَوَالِيق سُودٍ مُتَّكِئٌ عَلَى يَمِينِهِ فَأَتَاهُ غُلَامٌ أَسْوَدُ بِصَحْفَةٍ فِيهَا رُطَبٌ فَجَعَلَ يَتَنَاوَلُ بِيَسَارِهِ

ص: 378


1- هذا موافق للطب الحديث. السبزواري.

فَيَأْكُلُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَمِينِهِ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ فَقَالَ لِي أَنْتَ رَأَيْتَهُ يَأْكُلُ بِيَسَارِهِ(1) قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين.

باب (6) مناظراته (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع خلفاء الجور وما جرى بينه وبينهم وفيه بعض أحوال علي بن يقطين

البحار: ج19 ص575

23 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ بَيْنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى فِي دَارِهِ الَّتِي فِي الْمَسْعَى تُشْرِفُ عَلَى الْمَسْعَى إِذْ رَأَى أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُقْبِلًا مِنَ الْمَرْوَةِ عَلَى بَغْلَةٍ فَأَمَرَ ابْنَ هَيَّاجٍ رَجُلًا مِنْ هَمْدَانَ مُنْقَطِعاً إِلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِلِجَامِهِ وَ يَدَّعِيَ الْبَغْلَةَ (2) فَأَتَاهُ فَتَعَلَّقَ بِاللِّجَامِ وَ ادَّعَى الْبَغْلَةَ فَثَنَى أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) رِجْلَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَ قَالَ لِغِلْمَانِهِ خُذُوا سَرْجَهَا وَ ادْفَعُوهَا إِلَيْهِ فَقَالَ وَ السَّرْجُ أَيْضاً لِي فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَذَبْتَ عِنْدَنَا الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ سَرْجُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍ وَ أَمَّا الْبَغْلَةُ فَأَنَا اشْتَرَيْتُهَا مُنْذُ قَرِيبٍ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ وَ مَا قُلْت.

ص: 379


1- يستفاد من هذا الخبر أنه يكره لنا أن نأكل باليسار، وأنه مختص بالمعصوم لأن كلتا يديه يمني. السبزواري.
2- إن قيل إن مقتضى اليد هو کون البغلة أيضاً ملكاً له (عَلَيهِ السَّلَامُ) ، كما أن مقتضى البينة كون السرج ملکا له فما وجه تخليته (عَلَيهِ السَّلَامُ) بينهم وبين البغلة ؟ يقال: نعم ولكن الشأن في صحة الشراء فان اليد مترتب على صحة البيع فإذا فسد البيع لا وجه لحجية اليد. فتدبر. السبزواري.

باب (7) أحوال عشائره وأصحابه وأهل زمانه وما جرى بينه وبينهم وما جرى من الظلم على عشائره صلوات الله عليه

البحار: ج19 ص 582

5 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَذُكِرَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ إِنِّي جَعَلْتُ عَلَيَّ أَنْ لَا يُظِلَّنِي وَ إِيَّاهُ سَقْفُ بَيْتٍ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذَا يَأْمُرُ بِالْبِرِّ وَ الصِّلَةِ وَ يَقُولُ هَذَا لعمّه(1) قَالَ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ هَذَا مِنَ الْبِرِّ وَ الصِّلَةِ إِنَّهُ مَتَى يَأْتِينِي وَ يَدْخُلُ عَلَيَّ فَيَقُولُ وَ يُصَدِّقُهُ النَّاسُ وَ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِذَا قَال.

البحار: ج19 ص 582

6- بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَنْجَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْأَرْمَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُفَضَّلِ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ لَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِي الْمَقْتُولُ بِفَخٍّ وَ احْتَوَى عَلَى الْمَدِينَةِ دَعَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عليهما السّلام) إِلَى الْبَيْعَةِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ عَمِّ لَا تُكَلِّفْنِي مَا كَلَّفَ ابْنُ عَمِّكَ عَمَّكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيَخْرُجَ مِنِّي مَا لَا أُرِيدُ كَمَا خَرَجَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ إِنَّمَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ أَمْراً فَإِنْ أَرَدْتَهُ دَخَلْتَ فِيهِ وَ إِنْ كَرِهْتَهُ لَمْ أَحْمِلْكَ عَلَيْهِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ ثُمَّ وَدَّعَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حِينَ وَدَّعَهُ يَا ابْنَ عَمِّ إِنَّكَ مَقْتُولٌ فَأَجِدَّ الضِّرَابَ(2) فَإِنَّ الْقَوْمَ

ص: 380


1- يستفاد منه أن صلة الرحم إنما يجب إذا كانت الصلة في الله تعالى وإذا ترتب عليها الحرام فقطع الصلة الظاهرية هو الصلة حقيقة. السبزواري.
2- الضراب بمعنى الإعراض. السبزواري

فُسَّاقٌ يُظْهِرُونَ إِيمَاناً وَ يُسِرُّونَ شِرْكاً وَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أَحْتَسِبُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عَصَبَةٍ ثُمَّ خَرَجَ الْحُسَيْنُ وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ قُتِلُوا كُلُّهُمْ كَمَا قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ).

باب (9) أحواله في الحبس إلى شهادته وتاريخ وفاته ومدفنه صلوات الله عليه ولعنة الله على من ظلمه البحار: ج19 ص 629

43- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ قَالَ قُلْتُ الْإِمَامُ يَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ حَيْثُ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ بِرُطَبٍ وَ رَيْحَانٍ مَسْمُومَيْنِ عَلِمَ بِهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَكَلَهُ وَ هُوَ يَعْلَمُ فَيَكُونُ مُعِيناً عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ لَا يَعْلَمُ قَبْلَ ذَلِكَ لِيَتَقَدَّمَ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِذَا جَاءَ الْوَقْتُ أَلْقَى اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ النِّسْيَانَ لِيَقْضِيَ فِيهِ الْحُكْم.

بيان ما ذكر في هذين الخبرين أحد الوجوه في الجمع بين ما دل على علمهم بما يئول إليه أمرهم(1) و بالأسباب التي يترتب عليها هلاكهم مع تعرضهم لها و بين عدم جواز إلقاء النفس إلى التهلكة و يمكن أن يقال مع قطع النظر عن الخبر أن التحرز عن أمثال تلك الأمور إنما يكون فيمن لم يعلم جميع أسباب التقادير الحتمية و إلا فيلزم أن لا يجري عليهم شي ء من التقديرات المكروهة و هذا مما لا يكون.و الحاصل أنّ أحكامهم الشرعية منوطة بالعلوم الظاهرة لا بالعلوم الإلهامية و كما أن أحوالهم في كثير من الأمور مباينة لأحوالنا فكذا تكاليفهم مغايرة لتكاليفنا على أنه يمكن أن يقال لعلهم علموا أنهم لو لم يفعلوا ذلك لأهلكوهم بوجه أشنع من ذلك فاختاروا

ص: 381


1- الأنساء عبارة أخرى عن غيبوبة المحدّث الذي صرح الإمام به في الخبر السابق لأن المحدّث هو روح القدس الذي لا يسهو ولا ينسى. السبزواري.

أيسر الأمرين و العلم بعصمتهم و جلالتهم و كون جميع أفعالهم جارية على قانون الحق و الصواب كاف لعدم التعرض لبيان الحكمة في خصوصيات أحوالهم لأولي الألباب و قد مر بعض الكلام في ذلك في باب شهادة أمير المؤمنين و باب شهادة الحسن و باب شهادة الحسين صلوات الله عليهم أجمعين.

البحار: ج19 ص 630

44 - عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُوسَوِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ الْحَذَّاءِ وَ غَيْرِهِ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ زُرْبِيٍّ قَالَ بَعَثَ إِلَيَّ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ فِي الْحَبْسِ فَقَالَ ائْتِ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبُو فُلَانٍ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ بِلَادِي وَ فَرَّقْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ عِيَالِي(1) فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ زُبَيْدَةُ طَالِقٌ وَ عَلَيْهِ أَغْلَظُ الْأَيْمَانِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُ غَرِمَ السَّاعَةَ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَ أَنْتَ خَرَجْتَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَبْلَغْتُهُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ وَ اللَّهِ لَتُخْرِجَنَّنِي أَوْ لَأَخْرُجَن.

ص: 382


1- من سبر التواريخ يعلم علما يقيناً أن تشتت أمر البرامكة وصيرورتهم عبرة لأولي الاعتبار، لم يكن إلا بما فعلوا بموسی بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسائر ما يقال فهو من الافتعالات. السبزواري.

ص: 383

التعليقات على المجلد الثاني عشر من بحار الأنوار والمطابق للجزء العشرون من الطبعة الحروفية

اشارة

ص: 384

ص: 385

أبواب تاريخ الإمام المرتجي والسيد المرتضی ثامن أئمة الهدى أبي الحسن علي بن موسی الرضا صلوات الله عليه وعلى آبائه وأولاده أعلام الوری

باب (11) وروده (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بنيسابور وما ظهر فيه من المعجزات

البحار: ج 20 ص 79

2 - أَبُو وَاسِعٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ جَدَّتِي خَدِيجَةَ بِنْتَ حَمْدَانَ بْنِ پسنده قَالَتْ لَمَّا دَخَلَ الرِّضَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَيْسَابُورَ نَزَلَ مَحَلَّةَ الْغَرْبِيِّ نَاحِيَةً تُعْرَفُ بلاش آباد(1) فِي دَارِ جَدَّتِي پسنده وَ إِنَّمَا سُمِّيَ پسنده لِأَنَّ الرِّضَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ارْتَضَاهُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ وَ پسنده هِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا مَرْضِيٌّ فَلَمَّا نَزَلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) دَارَنَا زَرَعَ لَوْزَةً فِي جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الدَّارِ فَنَبَتَتْ وَ صَارَتْ شَجَرَةً وَ أَثْمَرَتْ فِي سَنَةٍ فَعَلِمَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَكَانُوا يَسْتَشْفُونَ بِلَوْزِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَمَنْ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ تَبَرَّكَ بِالتَّنَاوُلِ مِنْ ذَلِكَ اللَّوْزِ مُسْتَشْفِياً بِهِ فَعُوفِيَ وَ مَنْ أَصَابَهُ رَمَدٌ جَعَلَ ذَلِكَ اللَّوْزَ عَلَى عَيْنِهِ فَعُوفِيَ وَ كَانَتِ الْحَامِلُ إِذَا عَسُرَ عَلَيْهَا وِلَادَتُهَا تَنَاوَلَتْ مِنْ ذَلِكَ اللَّوْزِ فَتَخِفُّ عَلَيْهَا الْوِلَادَةُ وَ تَضَعُ مِنْ سَاعَتِهَا وَ كَانَ إِذَا أَخَذَ دَابَّةً مِنَ الدَّوَابِّ الْقُولَنْجُ أُخِذَ مِنْ قُضْبَانِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَأُمِرَّ عَلَى بَطْنِهَا فَتَعَافَى وَ يَذْهَبُ عَنْهَا رِيحُ الْقُولَنْجِ بِبَرَكَةِ الرِّضَا (عليه السّلام) فَمَضَتِ الْأَيَّامُ عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَ يَبِسَتْ فَجَاءَ جَدِّي حَمْدَانُ وَ قَطَعَ أَغْصَانَهَا فَعَمِيَ وَ جَاءَ ابْنٌ لِحَمْدَانَ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَمْرٍو فَقَطَعَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ مِنْ وَجْهِ

ص: 386


1- بلاشا آباد قرية من قری سبزوار معروفة هناك. السبزواري.

الْأَرْضِ فَذَهَبَ مَالُهُ كُلُّهُ بِبَابِ فَارِسٍ وَ كَانَ مَبْلَغُهُ سَبْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَى ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْ ءٌ وَ كَانَ لِأَبِي عَمْرٍو هَذَا ابْنَانِ كَاتِبَانِ وَ كَانَا يَكْتُبَانِ لِأَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ سمجور يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا أَبُو الْقَاسِمِ وَ لِلْآخَرِ أَبُو صَادِقٍ فَأَرَادَا عِمَارَةَ تِلْكَ الدَّارِ وَ أَنْفَقَا عَلَيْهَا عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ قَلَعَا الْبَاقِيَ مِنْ أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَ هُمَا لَا يَعْلَمَانِ مَا يَتَوَلَّد عَلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ فَوَلَّى أَحَدُهُمَا ضَيَاعاً لِأَمِيرِ خُرَاسَانَ فَرُدَّ إِلَى نَيْسَابُورَ فِي مَحْمِلٍ قَدِ اسْوَدَّتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى فَشُرِحَتْ رِجْلُهُ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْعِلَّةِ بَعْدَ شَهْرٍ وَ أَمَّا الْآخَرُ وَ هُوَ الْأَكْبَرُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي دِيوَانِ السُّلْطَانِ بِنَيْسَابُورَ يَكْتُبُ كِتَاباً وَ عَلَى رَأْسِهِ قَوْمٌ مِنَ الْكُتَّابِ وُقُوفٌ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ دَفَعَ اللَّهُ عَيْنَ السَّوْءِ عَنْ كَاتِبِ هَذَا الْخَطِّ فَارْتَعَشَتْ يَدُهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ سَقَطَ الْقَلَمُ مِنْ يَدِهِ وَ خَرَجَتْ بِيَدِهِ بَثْرَةٌ وَ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَدَخَلَ إِلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْكَاتِبُ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَالُوا لَهُ هَذَا الَّذِي أَصَابَكَ مِنَ الْحَرَارَةِ فَيَجِبُ أَنْ تَفْتَصِدَ فَافْتَصَدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَعَادُوا إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ وَ قَالُوا لَهُ يَجِبُ أَنْ تَفْتَصِدَ الْيَوْمَ أَيْضاً فَفَعَلَ فَاسْوَدَّتْ يَدُهُ فَشُرِحَتْ وَ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَ كَانَ مَوْتُهُمَا جَمِيعاً فِي أَقَلَّ مِنْ سَنَة.

ص: 387

التعليقات على المجلد الثالث عشر من بحار الأنوار والمطابق للجزء الحادي والعشرون من الطبعة الحروفيّة

اشارة

ص: 388

ص: 389

أبواب تاريخ الإمام الحادي عشر

إشارة

أبواب(1) تاريخ الإمام الحادي عشر وسبط سيد البشر ووالد الخلف المنتظر وشافع المحشر السيد الرضي الزكي أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام وخلفه خاتم الأئمّة الأعلام ما تعاقبت الليالي والأيام

باب (1) ولادته وأحوال أنه صلوات الله عليه

البحار: ج 21 ص 5

3- ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي حَكِيمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) قَالَتْ بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السّلام) فَقَالَ يَا عَمَّةِ اجْعَلِي إِفْطَارَكِ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإِنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَيُظْهِرُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْحُجَّةَ وَ هُوَ حُجَّتُهُ فِي أَرْضِهِ قَالَتْ فَقُلْتُ لَهُ وَ مَنْ أُمُّهُ قَالَ لِي نَرْجِسُ قُلْتُ لَهُ وَ اللَّهِ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ مَا بِهَا أَثَرٌ(2) فَقَالَ هُوَ مَا أَقُولُ لَكِ قَالَتْ فَجِئْتُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ جَاءَتْ تَنْزِعُ خُفِّي وَ قَالَتْ لِي يَا سَيِّدَتِي كَيْفَ أَمْسَيْتِ فَقُلْتُ بَلْ أَنْتِ سَيِّدَتِي وَ سَيِّدَةُ أَهْلِي قَالَتْ فَأَنْكَرَتْ قَوْلِي وَ قَالَت

ص: 390


1- کتب على أول صفحة من المجلد الثالث عشر: (شرعت فيه ليلة الثلاثاء 22 ربيع الأوّل أسأل الله أن يوفقني لإتمامه). وهذه عبارة أخرى تدلّ على شروع آخر: (باسمه تعالى الشروع يوم الخامس من محرم 1386 ه).
2- يعني أثر المخاض. السبزواري.

مَا هَذَا يَا عَمَّةِ قَالَتْ فَقُلْتُ لَهَا يَا بُنَيَّةِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَيَهَبُ لَكِ فِي لَيْلَتِكِ هَذِهِ غُلَاماً سَيِّداً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ قَالَتْ فَجَلَسَتْ وَ اسْتَحْيَت فَلَمَّا أَنْ فَرَغْتُ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ أَفْطَرْتُ وَ أَخَذْتُ مَضْجَعِي فَرَقَدْتُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ فَفَرَغْتُ مِنْ صَلَاتِي وَ هِيَ نَائِمَةٌ لَيْسَ بِهَا حَادِثٌ ثُمَّ جَلَسْتُ مُعَقِّبَةً ثُمَّ اضْطَجَعْتُ ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَزِعَةً وَ هِيَ رَاقِدَةٌ ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّت قَالَتْ حَكِيمَةُ فَدَخَلَتْنِي الشُّكُوكُ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمَجْلِسِ فَقَالَ لَا تَعْجَلِي يَا عَمَّةِ فَإِنَّ الْأَمْرَ قَدْ قَرُبَ قَالَتْ فَقَرَأْتُ الم السَّجْدَةَ وَ يس فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا انْتَبَهَتْ فَزِعَةً فَوَثَبْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْكِ ثُمَّ قُلْتُ لَهَا تُحِسِّينَ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ يَا عَمَّةِ فَقُلْتُ لَهَا اجْمَعِي نَفْسَكِ وَ اجْمَعِي قَلْبَكِ فَهُوَ مَا قُلْتُ لَكِ قَالَتْ حَكِيمَةُ ثُمَّ أَخَذَتْنِي فَتْرَةٌ وَ أَخَذَتْهَا فِطْرَةٌ فَانْتَبَهْتُ بِحِسِّ سَيِّدِي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَاجِداً يَتَلَقَّى الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَإِذَا أَنَا بِهِ نَظِيفٌ مُنَظَّفٌ فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هَلُمِّي إِلَيَّ ابْنِي يَا عَمَّةِ فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ تَحْتَ أَلْيَتَيْهِ وَ ظَهْرِهِ وَ وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ وَ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَ سَمْعِهِ وَ مَفَاصِلِهِ ثُمَّ قَالَ تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ صَلَّى عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ إِلَى أَنْ وَقَفَ عَلَى أَبِيهِ ثُمَّ أَحْجَمَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَمَّةِ اذْهَبِي بِهِ إِلَى أُمِّهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهَا وَ ائْتِينِي بِهِ فَذَهَبْتُ بِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَ رَدَدْتُهُ وَ وَضَعْتُهُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَالَ يَا عَمَّةِ إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِعِ فَأْتِينَا قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَكَشَفْتُ السِّتْرَ لِأَفْتَقِدَ سَيِّدِي فَلَمْ أَرَهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا فُعِلَ سَيِّدِي فَقَالَ يَا عَمَّةِ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ جِئْتُ وَ سَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ فَقَالَ هَلُمِّي إِلَيَّ ابْنِي فَجِئْتُ بِسَيِّدِي فِي الْخِرْقَةِ فَفَعَلَ بِهِ كَفَعْلَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ كَأَنَّهُ يُغَذِّيهِ لَبَناً أَو

ص: 391

عَسَلًا ثُمَّ قَالَ تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ): أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ ثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَبِيهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُون قَالَ مُوسَى فَسَأَلْتُ عُقْبَةَ الْخَادِمَ عَنْ هَذَا فَقَالَ صَدَقَتْ حَكِيمَة.

البحار: ج 21 ص 11

13 - مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ الْقُمِّيِّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الشَّيْبَانِيِّ قَالَ وَرَدْتُ كَرْبَلَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَتَيْنِ قَالَ وَ زُرْتُ قَبْرَ غَرِيبِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ انْكَفَأْتُ إِلَى مَدِينَةِ السَّلَامِ مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَابِرِ قُرَيْشٍ وَ قَدْ تَضَرَّمَتِ الْهَوَاجِرُ وَ تَوَقَّدَتِ السَّمَاءُ وَ لَمَّا وَصَلْتُ مِنْهَا إِلَى مَشْهَدِ الْكَاظِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اسْتَنْشَقْتُ نَسِيمَ تُرْبَتِهِ الْمَغْمُورَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ الْمَحْفُوفَةِ بِحَدَائِقِ الْغُفْرَانِ أَكْبَبْتُ عَلَيْهَا بِعَبَرَاتٍ مُتَقَاطِرَةٍ وَ زَفَرَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ وَ قَدْ حَجَبَ الدَّمْعُ طَرْفِي عَنِ النَّظَرِ فَلَمَّا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَ انْقَطَعَ النَّحِيبُ وَ فَتَحْتُ بَصَرِي وَ إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ قَدِ انْحَنَى صُلْبُهُ وَ تَقَوَّسَ مَنْكِبَاهُ وَ ثَفِنَتْ جَبْهَتُهُ وَ رَاحَتَاهُ وَ هُوَ يَقُولُ لآِخَرَ مَعَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ يَا ابْنَ أَخِ فَقَدْ نَالَ عَمُّكَ شَرَفاً بِمَا حَمَّلَهُ السَّيِّدَانِ مِنْ غَوَامِضِ الْغُيُوبِ وَ شَرَائِفِ الْعُلُومِ الَّتِي لَمْ يَحْمِلْ مِثْلَهَا إِلَّا سَلْمَانُ وَ قَدْ أَشْرَفَ عَمُّكَ عَلَى اسْتِكْمَالِ الْمُدَّةِ وَ انْقِضَاءِ الْعُمُرِ وَ لَيْسَ يَجِدُ فِي أَهْلِ الْوَلَايَةِ رَجُلًا يُفْضِي إِلَيْهِ قُلْتُ يَا نَفْسُ لَا يَزَالُ الْعَنَاءُ وَ الْمَشَقَّةُ يَنَالانِ مِنْكِ بِإِتْعَابِيَ الْخُفَّ وَ الْحَافِرَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَ قَدْ قَرَعَ سَمْعِي مِنْ هَذَا الشَّيْخِ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى عِلْمٍ جَسِيمٍ وَ أَمْرٍ عَظِيم فَقُلْتُ أَيُّهَا الشَّيْخُ وَ مَنِ السَّيِّدَانِ قَالَ النَّجْمَانِ الْمُغَيَّبَانِ فِي الثَّرَى بِسُرَّمَنْ رَأَى فَقُلْتُ إِنِّي أُقْسِمُ بِالْمُوَالاةِ وَ شَرَفِ مَحَلِّ هَذَيْنِ السَّيِّدَيْن

ص: 392

مِنَ الْإِمَامَةِ وَ الْوِرَاثَةِ أَنِّي خَاطِبٌ عِلْمَهُمَا وَ طَالِبٌ آثَارَهُمَا وَ بَاذِلٌ مِنْ نَفْسِي الْأَيْمَانَ الْمُؤَكَّدَةَ عَلَى حِفْظِ أَسْرَارِهِمَا قَالَ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَأَحْضِرْ مَا صَحِبَكَ مِنَ الْآثَارِ عَنْ نَقَلَةِ أَخْبَارِهِمْ فَلَمَّا فَتَّشَ الْكُتُبَ وَ تَصَفَّحَ الرِّوَايَاتِ مِنْهَا قَالَ صَدَقْتَ أَنَا بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ مِنْ وُلْدِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَحَدُ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ وَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ جَارُهُمَا بِسُرَّمَنْ رَأَى قُلْتُ فَأَكْرِمْ أَخَاكَ بِبَعْضِ مَا شَاهَدْتَ مِنْ آثَارِهِمَا قَالَ كَانَ مَوْلَايَ أَبُو الْحَسَنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَّهَنِي فِي عِلْمِ الرَّقِيقِ فَكُنْتُ لَا أَبْتَاعُ وَ لَا أَبِيعُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَاجْتَنَبْتُ بِذَلِكَ مَوَارِدَ الشُّبُهَاتِ حَتَّى كَمَلَتْ مَعْرِفَتِي فِيهِ فَأَحْسَنْتُ الْفَرْقَ فِيمَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلِي بِسُرَّمَنْ رَأَى وَ قَدْ مَضَى هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ إِذْ قَدْ قَرَعَ الْبَابَ قَارِعٌ فَعَدَوْتُ مُسْرِعاً فَإِذَا بِكَافُورٍ الْخَادِمِ رَسُولِ مَوْلَانَا أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَدْعُونِي إِلَيْهِ فَلَبِسْتُ ثِيَابِي وَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ يُحَدِّثُ ابْنَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ أُخْتَهُ حَكِيمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ يَا بِشْرُ إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الْأَنْصَارِ(1) وَ هَذِهِ الْوَلَايَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرِثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَ أَنْتُمْ ثِقَاتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ سَاقَ الْخَبَرَ نَحْواً مِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخُ إِلَى آخِرِهِ.

البحار: ج 21 ص16

10 - إكمال الدين الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلِيلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ أُمُّهُ رَيْحَانَةٌ وَ يُقَالُ لَهَا نَرْجِسُ(2) وَ يُقَالُ صَقِيلُ وَ يُقَالُ سَوْسَنُ إِلَّا أَنَّهُ قِيلَ لِسَبَب

ص: 393


1- أقول: لعل ما ورد من إيمان النصارى بالحجّة أنهم يرونه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أقرباء وصي نبيهم عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيؤمنون به ويحفظون جانبه حمية لنبيهم عیسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) فتدبر أسرار الأخبار السبزواري.
2- 1- مليكة - 2 نرجس -3 صقل - سوسن . ه_ خمط . حکيمة. ولعل الاختلاف في اسم أمّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأجل تلبس الأمر وإخفاء الأم. ويحتمل أن الصيقل بمعنی المصقول عن الحمل، أي لم يكن لها أثر الحمل ظاهر، فيكون حمله (عَلَيهِ السَّلَامُ) كحمل موسی بن عمران، ويحتمل أن تكون هذه كلّها صفاتها لا أن تكون اسمها، ولكونها مجمعة المحاسن ذكرت شتی صفاتها. السبزواري.

الْحَمْلِ صَقِيلُ وَ كَانَ مَوْلِدُهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَكِيلُهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ وَ أَوْصَى أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رَوْحٍ وَ أَوْصَى أَبُو الْقَاسِمِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّمُرِيَّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) الْوَفَاةُ سُئِلَ أَنْ يُوصِيَ فَقَالَ لِلَّهِ أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ فَالْغَيْبَةُ التَّامَّةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ السَّمُرِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ).

البحار: ج 21 ص 19

20 - ابْنُ أَبِي جِيدٍ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُطَهَّرِيِّ عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا قَالَتْ بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَنَةَ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَ قَالَ يَا عَمَّةِ اجْعَلِي اللَّيْلَةَ إِفْطَارَكِ عِنْدِي فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَيَسُرُّكِ بِوَلِيِّهِ وَ حُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي قَالَتْ حَكِيمَةُ فَتَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ سُرُورٌ شَدِيدٌ وَ أَخَذْتُ ثِيَابِي عَلَيَّ وَ خَرَجْتُ مِنْ سَاعَتِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ هُوَ جَالِسٌ فِي صَحْنِ دَارِهِ وَ جَوَارِيهِ حَوْلَهُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي الْخَلَفُ مِمَّنْ هُوَ قَالَ مِنْ سَوْسَنَ فَأَدَرْتُ طَرْفِي فِيهِنَّ فَلَمْ أَرَ جَارِيَةً عَلَيْهَا أَثَرٌ(1) غَيْرَ سَوْسَنَ قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أُتِيتُ بِالْمَائِدَةِ فَأَفْطَرْتُ أَنَا وَ سَوْسَنُ وَ بَايَتُّهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَغَفَوْتُ غَفْوَة ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أَزَلْ مُفَكِّرَةً فِيمَا وَعَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ أَمْرِ وَلِيِّ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقُمْتُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي كُنْتُ أَقُومُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ

ص: 394


1- أي أثر الحمل لا المخاض. السبزواري.

لِلصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ اللَّيْلِ حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى الْوَتْرِ فَوَثَبَتْ سَوْسَنُ فَزِعَةً وَ خَرَجَتْ وَ أَسْبَغَتِ الْوُضُوءَ ثُمَّ عَادَتْ فَصَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ بَلَغَتْ إِلَى الْوَتْرِ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ قَرُبَ فَقُمْتُ لِأَنْظُرَ فَإِذَا بِالْفَجْرِ الْأَوَّلِ قَدْ طَلَعَ فَتَدَاخَلَ قَلْبِيَ الشَّك مِنْ وَعْدِ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَنَادَانِي مِنْ حُجْرَتِهِ لَا تَشُكِّي وَ كَأَنَّكِ بِالْأَمْرِ السَّاعَةَ قَدْ رَأَيْتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّه قَالَتْ حَكِيمَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ مِمَّا وَقَعَ فِي قَلْبِي وَ رَجَعْتُ إِلَى الْبَيْتِ وَ أَنَا خَجِلَةٌ فَإِذَا هِيَ قَدْ قَطَعَتِ الصَّلَاةَ وَ خَرَجَتْ فَزِعَةً فَلَقِيتُهَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتِ وَ أُمِّي هَلْ تُحِسِّينَ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ يَا عَمَّةِ إِنِّي لَأَجِدُ أَمْراً شَدِيداً قُلْتُ لَا خَوْفَ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ أَخَذْتُ وِسَادَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي وَسَطِ الْبَيْتِ وَ أَجْلَسْتُهَا عَلَيْهَا وَ جَلَسْتُ مِنْهَا حَيْثُ تَقْعُدُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ لِلْوِلَادَةِ فَقَبَضَتْ عَلَى كَفِّي وَ غَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً وَ تَشَهَّدَتْ وَ نَظَرْتُ تَحْتَهَا فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مُتَلَقِّياً الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَأَخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأَجْلَسْتُهُ فِي حَجْرِي وَ إِذَا هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فَنَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَا عَمَّةِ هَلُمِّي فَأْتِينِي بِابْنِي فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَتَنَاوَلَهُ وَ أَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَحَنَّكَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَ أَجْلَسَهُ فِي رَاحَتِهِ الْيُسْرَى فَاسْتَوَى وَلِيُّ اللَّهِ جَالِساً فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ انْطِقْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ فَاسْتَعَاذَ وَلِيُّ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَ اسْتَفْتَحَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُون» وَ صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيهِم السَّلَامُ) وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِيهِ فَنَاوَلَنِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ يَا عَمَّةِ رُدِّيهِ إِلَى أُمِّهِ حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فَرَدَدْتُهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَدِ انْفَجَرَ الْفَجْرُ الثَّانِي فَصَلَّيْتُ الْفَرِيضَةَ وَ عَقَّبْتُ إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ وَدَّعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ انْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ اشْتَقْتُ إِلَى وَلِيِّ اللَّهِ فَصِرْتُ إِلَيْهِم

ص: 395

فَبَدَأْتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ سَوْسَنُ فِيهَا فَلَمْ أَرَ أَثَراً وَ لَا سَمِعْتُ ذِكْراً فَكَرِهْتُ أَنْ أَسْأَلَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَبْدَأَهُ بِالسُّؤَالِ فَبَدَأَنِي فَقَالَ يَا عَمَّةِ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَ حِرْزِهِ وَ سَتْرِهِ وَ عَيْنِهِ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ فَإِذَا غَيَّبَ اللَّهُ شَخْصِي وَ تَوَفَّانِي وَ رَأَيْتِ شِيعَتِي قَدِ اخْتَلَفُوا فَأَخْبِرِي الثِّقَاتَ مِنْهُمْ وَ لْيَكُنْ عِنْدَكِ وَ عِنْدَهُمْ مَكْتُوماً فَإِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ يُغَيِّبُهُ اللَّهُ عَنْ خَلْقِهِ وَ يَحْجُبُهُ عَنْ عِبَادِهِ فَلَا يَرَاهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَدِّمَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَرَسَهُ «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا».(1)

باب (3) النهي عن التسمية

البحار: ج 21 ص 27

8- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيِّ قَالَ سَأَلَنِي أَصْحَابُنَا بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ أَسْأَلَ عَنِ الِاسْمِ وَ الْمَكَانِ فَخَرَجَ الْجَوَابُ إِنْ دَلَلْتُهُمْ عَلَى الِاسْمِ أَذَاعُوهُ وَ إِنْ عَرَفُوا الْمَكَانَ دَلُّوا عَلَيْهِ.(2)

ص: 396


1- يعني من العامة وإلا فالسفراء في زمن الغيبة كانوا يتشرفون بخدمته. السبزواري.
2- أقول: لما كانت غيبة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) وظهوره واستيلائه على من في الأرض واتحاد الكلمة بالنسبة إليه أمراً غريباً بالنسبة إلى الأذهان العامية بحيث يبادرون إلى الإنكار إذا سمعوا ذلك بل ربما يجعلونه من الأساطير فاللازم إنما هو تعظيم الإمام الغائب غاية التعظيم قولاً وكتباً وفعلاً حتّى يكون هذا التعظيم مانعة من جعله من الأساطير بل يكون من المعتقدات الحقة المقرونة بالتجليل والتعظيم العملي إنما هو بالقيام عند ذكر اسمه الشريف واللفظي والكتبي إنما هو بالتكنية عنه لأن من عادات كل قوم أن يكنوا عن أسماء أكابر هم ولا يصرحون بأسمائهم. فافهم. السبزواري.

باب (4) صفاته صلوات الله عليه وعلاماته ونسبه

البحار: ج 1، ص 24 س9

ابْنُ مُوسَى عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنِ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَبْيَضُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً مُبْدَحُ الْبَطْنِ عَرِيضُ الْفَخِذَيْنِ عَظِيمٌ مُشَاشُ الْمَنْكِبَيْنِ بِظَهْرِهِ شَامَتَانِ شَامَةٌ عَلَى لَوْنِ جِلْدِهِ وَ شَامَةٌ عَلَى شِبْهِ شَامَةِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لَهُ اسْمَانِ اسْمٌ يَخْفَى وَ اسْمٌ يَعْلُنُ فَأَمَّا الَّذِي يَخْفَى فَأَحْمَدُ وَ أَمَّا الَّذِي يَعْلُنُ فَمُحَمَّدٌ فَإِذَا هَزَّ رَايَتَهُ أَضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوسِ الْعِبَادِ فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبَرِ الْحَدِيدِ وَ أَعْطَاهُ اللَّهُ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَ لَا يَبْقَى مَيِّتٌ إِلَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَلْبِهِ وَ فِي قَبْرِهِ وَ هُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَ يَتَبَاشَرُونَ بِقِيَامِ الْقَائِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ). (1)

البحار: ج 1، ص 29 س 16

الغيبة للنعماني عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ يَقُومُ الْقَائِمُ وَ لَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِأَحَدٍ.(2)

ص: 397


1- السبزواري: ليس المراد باليد هنا الجارحة المخصوصة بل المراد بها الاقتدار والسطوة التي هي من شؤون سطوة الحق تعالی.
2- السبزواري: لما بين خاتم النبوّة وخاتم الولاية من المشابهة فكما أنه لم يكن لخاتم الأنبياء الأحد في عنقه بيعة فكذا خاتم الولاية. فتدبر .

أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه علبه صلوات الله عليهم أجمعين سوی ماتقدم في كتاب أحوال أميرالمؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من النصوص على الاثني عشر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

باب (1) ما ورد من إخبار الله وإخبار النبي(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بالقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من طرق الخاصة والعامة

البحار: ج 521 ص58

12 – ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إِنَّ خُلَفَائِي وَ أَوْصِيَائِي وَ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَوَّلُهُمْ أَخِي وَ آخِرُهُمْ وَلَدِي وَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ مَنْ أَخُوكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قِيلَ فَمَنْ وَلَدُكَ قَالَ الْمَهْدِيُّ يَمْلَأُهَا قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَأَطَالَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فِيهِ وَلَدِي الْمَهْدِيُ فَيَنْزِلَ رُوحُ اللَّهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيُصَلِّيَ خَلْفَهُ وَ تُشْرِقَ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ يَبْلُغَ سُلْطَانُهُ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ.(1)

البحار: ج 21 ص 60

29 -جَمَاعَةٌ عَنِ الْبَزَوْفَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ

ص: 398


1- أقول: إشراق الأرض بنور ربها أعم من الإشراق الظاهري والمعنوي لأنه بعد ظهور الحجّة تظهر المعارف ظهواً کاملاً ويضع الله يده على رؤوس العباد ويتم بها عقولهم. السبزواري

وُلْدِ هَذَا وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السّلام) بِهِ يَمْحَقُ اللَّهُ الْكَذِبَ وَ يُذْهِبُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ بِهِ يُخْرِجُ ذُلَّ الرِّقِّ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ الْمَهْدِيُّ أَوْسَطُهَا وَ عِيسَى آخِرُهَا وَ بَيْنَ ذَلِكَ تَيْحٌ أَعْوَجُ.(1)

البحار: ج 21 ص 62

35 - ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ سَالِمٍ الْأَشَلِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ نَظَرَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي السِّفْرِ الْأَوَّلِ بِمَا يُعْطَى قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ مُوسَى رَبِّ اجْعَلْنِي قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ ذَاكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَحْمَدَ ثُمَ نَظَرَ فِي السِّفْرِ الثَّانِي فَوَجَدَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرَ فِي السِّفْرِ الثَّالِثِ فَرَأَى مِثْلَهُ فَقَالَ مِثْلَه فَقِيلَ لَهُ مِثْلُهُ.(2)

البحار: ج 21 ص63

37- وَقَعَ لِي أَرْبَعُونَ حَدِيثاً جَمَعَهَا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِي أَمْرِ الْمَهْدِيِّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَوْرَدْتُهَا سَرْداً كَمَا أَوْرَدَهَا وَ اقْتَصَرْتُ عَلَى ذِكْرِ الرَّاوِي عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الْأَوَّلُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ يَكُونُ مِنْ أُمَّتِيَ الْمَهْدِيُّ إِنْ قَصُرَ عُمُرُهُ فَسَبْعُ سِنِينَ وَ إِلَّا فَثَمَانٍ وَ إِلَّا فَتِسْعٌ يَتَنَعَّمُ أُمَّتِي فِي زَمَانِهِ نَعِيماً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهُ قَطُّ

ص: 399


1- يمكن أن يكون هذا في الرجعة بعد الظهور والأخبار في أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن عيسى يخرج عند ظهور المهدي ويصلي وراءه. ويمكن أن بعد خروج المهدي أي يخرج المهدي أولاً ثمّ ينزل عيسی ويصلي خلفه. السبزواري
2- هذا يدلّ على أن ظهور المهدي و تهذيب البشر على يد واحد منهم واتفاق الكلمة على أحد من البشر المؤيد من عند الله تعالی کان معهوداً في الأمم السابقة أيضاً ولا اختصاص له بالملة الإسلامية. السبزواري.

الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ يُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَ لَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا.(1)

باب (2) ما ورد عن أمير المؤمنین صلوات الله عليه في ذلك

البحار: ج 21 ص85

1- إكمال الدين الشَّيْبَانِيُّ عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لِلْقَائِمِ مِنَّا غَيْبَةٌ أَمَدُهَا طَوِيلٌ كَأَنِّي بِالشِّيعَةِ يَجُولُونَ جَوَلَانَ النَّعَمِ فِي غَيْبَتِهِ يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلَا يَجِدُونَهُ أَلَا فَمَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أَمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ فَهُوَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا إِذَا قَامَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ فَلِذَلِك تَخْفَى وِلَادَتُهُ وَ يَغِيبُ شَخْصُهُ.(2)

باب (3) ما روي في ذلك عن الحسنین صلوات الله عليهما

البحار: ج 21 ص 101

1- الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَبْرَئِيلَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ سَدِير

ص: 400


1- الظاهر أن المراد عمره (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ظهوره بدليل الخبر الثاني. السبزواري.
2- يظهر من ذلك أن رؤيته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما لم تكن مقارنة للدعاوى الباطلة وعد بيعته لأحد في عنقه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ممکن و مدعيه لا يكذب. السبزواري.

بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عقيصاء قَالَ لَمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَلَامَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعَتِهِ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَيْحَكُمْ مَا تَدْرُونَ مَا عَمِلْتُ وَ اللَّهِ الَّذِي عَمِلْتُ خَيْرٌ لِشِيعَتِي مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ أَ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّنِي إِمَامُكُمْ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ عَلَيْكُمْ وَ أَحَدُ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِنَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالُوا بَلَى قَالَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ الْخَضِرَ لَمَّا خَرَقَ السَّفِينَةَ وَ قَتَلَ الْغُلَامَ وَ أَقَامَ الْجِدَارَ كَانَ ذَلِكَ سَخَطاً لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذْ خَفِيَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ وَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ حِكْمَةً وَ صَوَاباً أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ يَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلَّا الْقَائِمُ(1) الَّذِي يُصَلِّي رُوحُ اللَّهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُخْفِي وِلَادَتَهُ وَ يُغَيِّبُ شَخْصَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ ذَاكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أَخِي الْحُسَيْنِ ابْنُ سَيِّدَةِ الْإِمَاءِ يُطِيلُ اللَّهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابٍّ ابْنِ دُونِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ذَلِكَ لِيُعْلَمَ «أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».

باب (12) ذكر الأدلة التي ذكرها شيخ الطائفة (رحمه الله) على إثبات الغيبة

البحار: ج 21 ص 132 س16

و الثاني يتعلق به من تحمل أعباء الإمامة و القيام بها و الثالث يتعلق بنا من العزم

ص: 401


1- إن قلت: إن الحسين بن علي عليلا لم يكن بيعة في عنقه من طاغية زمانه ؟ قلنا: الظاهر أنه تابع أخاط في البيعة الظاهرية لمعاوية. السبزواري.

على نصرته و معاضدته و الانقياد له فوجوب تحمله عليه فرع على وجوده لأنه لا يجوز أن يتناول التكليف المعدوم فصار إيجاد الله إياه أصلا لوجوب قيامه و صار وجوب نصرته علينا فرعا لهذين الأصلين لأنه إنما يجب علينا طاعته إذا وجد و تحمل أعباء الإمامة و قام بها فحينئذ يجب علينا طاعته فمع هذا التحقيق كيف يقال لم لا يكون معدوما فإن قيل فما الفرق بين أن يكون موجودا مستترا أو معدوما حتى إذا علم منا العزم على تمكينه أوجده قلنا لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لأنه تكليف ما لا يطاق فإذا لا بد من وجوده فإن قيل يوجده الله إذا علم أنا ننطوي على تمكينه بزمان واحد كما أنه يظهر عند مثل ذلك قلنا وجوب تمكينه و الانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا فيجب أن يكون التمكين من طاعته و المصير إلى أمره ممكنا في جميع الأحوال و إلا لم يحسن التكليف و إنما كان يتم ذلك لو لم نكن مكلفين في كل حال لوجوب طاعته و الانقياد لأمره بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره و الأمر بخلافه.ثم يقال لمن خالفنا في ذلك و ألزمنا عدمه على استتاره لم لا يجوز أن يكلف الله تعالى المعرفة و لا ينصب عليها دلالة إذا علم أنا لا ننظر فيها حتى إذا علم من حالنا أنا نقصد إلى النظر و نعزم على ذلك أوجد الأدلة و نصبها فحينئذ ننظر و نقول ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ينظر فيها و بين عدمها حتى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله. و متى قالوا نصب الأدلة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة و الآلة قلنا و كذلك وجود الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) من جملة التمكين من وجوب طاعته و متى لم يكن موجودا لم يمكنا طاعته كما أن الأدلة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الأمران.و بهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا ترتضيها في الجواب و أسئلة المخالف

ص: 402

عليها و هذا المعنى مستوفى في كتبي و خاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.(1)

ذكر أمر أبي الحسين علي بن محمد السمري بعد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح وانقطاع الأعلام به وهم الأبواب

البحار: ج 21 ص 269

7- وَ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْه قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُكَتِّبُ(2) قَالَ كُنْتُ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فَحَضَرْتُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَيَّامٍ فَأَخْرَجَ إِلَى النَّاسِ تَوْقِيعاً نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُرِيَّ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَأَجْمِعْ أَمْرَكَ وَ لَا تُوصِ إِلَى أَحَدٍ فَيَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَ ذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْأَمَدِ وَ قَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَ امْتِلَاءِ الْأَرْضِ

ص: 403


1- لباب القول إنّ الغيبة ليست لأجل المقتضي فيها بل لأجل المانع من الظهور و موانع الظهور كثيرة يعرفها كل من تأمل في أن خاتم الأوصياء لابد وأن يتسلط على جميع البشر وتتحد الكلمة بالنسبة إليه، وهذا التسلط والاتحاد لا يمكن إلا أن تحصل في البشر طبيعة الاتحاد ويرتقوا من حضيض التفرقة والاختلاف فيلجئون إلى ركن وثيق هو الحجّة عجل الله فرجه. فكما أن بعث خاتم الرسل ما كان إلا بعد استعداد البشر للانبعاث من بعثه فكذا ظهور خاتم الأوصياء لا يكون إلا بعد استعداد البشر للاستفادة من ظهوره، وذلك لا يكون إلا بعد كمال الظلم والفساد، حتّى يستغيثوا بفطرتهم إلى مظهر العدل والإحسان. وأما إزاحة المانع عن الظهور فهو ليس من عادة الله تبارك وتعالى، بل أبي الله تعالى إلا أن يجري الأمور بأسبابها وهي سنة الله التي لن تجد لسنته تبديلا فتدبّر. السبزواري.
2- المكبت أي من يكبت العدو، وقد ضبط المكتب أيضاً، أي من يعلم الكتابة. السبزواري.

جَوْراً وَ سَيَأْتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ أَلَا فَمَنِ ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ وَ الصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ فَنَسَخْنَا هَذَا التَّوْقِيعَ وَ خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّادِسُ عُدْنَا إِلَيْهِ وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقِيلَ لَهُ مَنْ وَصِيُّكَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ لِلَّهِ أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ وَ قَضَى فَهَذَا آخِرُ كَلَامٍ سُمِعَ مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَرْضَاه.

باب (18) ذكر من رآه صلوات الله عليه

البحار: ج 21 ص 300

21 - ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ هَلْ رَأَيْتَهُ قَالَ نَعَمْ وَ لَهُ رَقَبَةٌ مِثْلُ ذِي وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عُنُقِهِ.(1)

باب (23) من ادعى الرؤية في الغيبة الكبرى وأنه يشهد ويرى الناس ولا يرونه وسائر أحواله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الغيبة

البحار: ج 21 ص 386

3- الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِنَّ الْخَضِرَ شَرِبَ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ فَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُنْفَخَ فِي

ص: 404


1- يظهر من مثل هذه الأخبار أن السفراء لا يرونه (عَلَيهِ السَّلَامُ) دائماً. السبزواري.

الصُّورِ وَ إِنَّهُ لَيَأْتِينَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْنَا فَنَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ لَا نَرَى شَخْصَهُ وَ إِنَّهُ لَيَحْضُرُ حَيْثُ ذُكِرَ فَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْكُمْ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ(1) وَ إِنَّهُ لَيَحْضُرُ الْمَوَاسِم فَيَقْضِي جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ وَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ فَيُؤَمِّنُ عَلَى دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيُؤْنِسُ اللَّهُ بِهِ وَحْشَةَ قَائِمِنَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي غَيْبَتِهِ وَ يَصِلُ بِهِ وَحْدَتَه.

البحار: ج 21 ص 387

7- ابْنُ أَبِي جِيدٍ عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَمَّا نَزَلْنَا الرَّوْحَاءَ(2) نَظَرَ إِلَى جَبَلِهَا مُطِلًّا عَلَيْهَا فَقَالَ لِي تَرَى هَذَا الْجَبَلَ هَذَا جَبَلٌ يُدْعَى رَضْوَى(3) مِنْ جِبَالِ فَارِسَ أَحَبَّنَا فَنَقَلَهُ اللَّهُ إِلَيْنَا أَمَا إِنَّ فِيهِ كُلَّ شَجَرَةِ مَطْعَمٍ وَ نِعْمَ أَمَانٌ لِلْخَائِفِ مَرَّتَيْنِ أَمَا إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ فِيهِ غَيْبَتَيْنِ وَاحِدَةٌ قَصِيرَةٌ وَ الْأُخْرَى طَوِيلَة.

البحار: ج 21 ص 387

9- عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ لَشَبَهاً مِنْ يُوسُفَ فَقُلْتُ فَكَأَنَّكَ تُخْبِرُنَا بِغَيْبَةٍ أَوْ حَيْرَةٍ فَقَالَ مَا يُنْكِرُ هَذَا الْخَلْقُ الْمَلْعُونُ أَشْبَاهُ الْخَنَازِيرِ مِنْ ذَلِكَ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا عُقَلَاءَ أَلِبَّاءَ أَسْبَاطاً أَوْلَادَ أَنْبِيَاءَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَكَلَّمُوهُ وَ خَاطَبُوهُ

ص: 405


1- لعل المراد بهذا الذكر ذکر خاص، لا مطلق الذكر. السبزواري.
2- الروحاء محل على أربعين ميلاً من المدينة. السبزواري.
3- لا منافاة بين ما دل على أنه لا في طيبة وما دل على أنه في رضوى لأن رضوی من حدود طيبة. السبزواري.

وَ تَاجَرُوهُ وَ رَادُّوه و وَ كَانُوا إِخْوَتَهُ وَ هُوَ أَخُوهُمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى عَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ وَ قَالَ لَهُمْ أَنَا يُوسُفُ فَعَرَفُوهُ حِينَئِذٍ فَمَا يُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمُتَحَيِّرَةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ يُرِيدُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَبِيهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهُ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَ وُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ بَدْوِهِمْ إِلَى مِصْر فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُكُمُ الْمَظْلُومُ الْمَجْحُودُ حَقُّهُ(1) صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ وَ يَمْشِي فِي أَسْوَاقِهِمْ وَ يَطَأُ فُرُشَهُمْ وَ لَا يَعْرِفُونَهُ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ حَتَّى قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ« أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ».

باب (25) علامات ظهوره صلوات الله عليه من السفياني والدجال وغير ذلك وفيه ذكر بعض أشراط الساعة

البحار: ج 21 ص 409

21- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ وَ لَا مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ يُسَمَّوْنَ بِهِ وَ هُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَ هِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَانِ شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وَ إِلَيْهِمْ تَعُودُ.(2)

ص: 406


1- محمول على الأقل الشايع حتّى ينافي ما دلّ على أن مكانه عل السبزواري.
2- يمكن أن يكون المراد بعض فقهاء العامة. السبزواري.

البحار: ج 21 ص 411

26 - الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْجَلُودِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ أَبِي سَيَّارٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ سَلُونِي أَيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي ثَلَاثاً فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَال يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) اقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ كَلَامَكَ وَ عَلِمَ مَا أَرَدْتَ وَ اللَّهِ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَ لَكِنْ لِذَلِكَ عَلَامَاتٌ وَ هَيْئَاتٌ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً كَحَذْوِ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِهَا قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) احْفَظْ فَإِنَّ عَلَامَةَ ذَلِكَ إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ(1) وَ أَضَاعُوا الْأَمَانَةَ وَ اسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ وَ أَكَلُوا الرِّبَا وَ أَخَذُوا الرِّشَا وَ شَيَّدُوا الْبُنْيَانَ وَ بَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا وَ اسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ وَ شَاوَرُوا النِّسَاءَ وَ قَطَّعُوا الْأَرْحَامَ وَ اتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ وَ اسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ وَ كَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً وَ الظُّلْمُ فَخْراً وَ كَانَتِ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً وَ الْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً وَ الْعُرَفَاءُ خَوَنَةً وَ الْقُرَّاءُ فَسَقَةً وَ ظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّورِ وَ اسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ وَ قَوْلُ الْبُهْتَانِ وَ الْإِثْمُ وَ الطُّغْيَانُ وَ حُلِّيَتِ الْمَصَاحِفُ وَ زُخْرِفَتِ الْمَسَاجِدُ وَ طُوِّلَتِ الْمَنَارُ وَ أُكْرِمَ الْأَشْرَارُ وَ ازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ وَ اخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ وَ نُقِضَتِ الْعُقُودُ وَ اقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ وَ شَارَكَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِي التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا وَ عَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَ اسْتُمِعَ مِنْهُمْ وَ كَانَ

ص: 407


1- أما تشييد البنيان فقد تحقق في زماننا فإن غالب الأبنية تبنى بالحديد والسمنت مع ارتفاع مفرط. وأما قوله (عليه السّلام) علت أصوات الفساق واستمع منهم، فلعل المراد منه ما يشمل مثل المتعارف في زماننا من الإذاعة المعروف بالراديو وكذا يشمل مثل الجرائد المنتشرة، فإن أكثر أهل الزمان همهم مطالعة الجرائد واستماع الراديو. السبزواري.

زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَ اتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَ صُدِّقَ الْكَاذِبُ وَ اؤْتُمِنَ الْخَائِنُ وَ اتُّخِذَتِ الْقِيَانُ وَ الْمَعَازِفُ وَ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا وَ رَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ وَ تَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدَ وَ شَهِدَ الْآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْرِ حَقٍّ عَرَفَهُ وَ تُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ وَ آثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَ لَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ وَ قُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ وَ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا الْعَجَلَ الْعَجَلَ خَيْرُ الْمَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الدَّجَّالُ فَقَالَ أَلَا إِنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بْنُ الصَّيْد فَالشَّقِيُّ مَنْ صَدَّقَهُ وَ السَّعِيدُ مَنْ كَذَّبَهُ يَخْرُجُ مِن بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا أَصْبَهَانُ مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِالْيَهُودِيَّةِ عَيْنُهُ الْيُمْنَى مَمْسُوحَةٌ وَ الْأُخْرَى فِي جَبْهَتِهِ تُضِي ءُ كَأَنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِيهَا عَلَقَةٌ كَأَنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ يَقْرَأْهُ كُلُّ كَاتِبٍ وَ أُمِّيٍّ يَخُوضُ الْبِحَارَ وَ تَسِيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخَانٍ وَ خَلْفَهُ جَبَلٌ أَبْيَضُ يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ طَعَامٌ يَخْرُجُ فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ تَحْتَهُ حِمَارٌ أَقْمَر خُطْوَةُ حِمَارِهِ مِيلٌ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ مَنْهَلًا مَنْهَلًا وَ لَا يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلَّا غَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الشَّيَاطِينِ يَقُولُ إِلَيَّ أَوْلِيَائِي أَنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَ قَدَّرَ فَهَدى أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ إِنَّهُ الْأَعْوَرُ يَطْعَمُ الطَّعَامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ وَ إِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَ لَا يَطْعَمُ وَ لَا يَمْشِي وَ لَا يَزُولُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً أَلَا وَ إِنَّ أَكْثَرَ أَشْيَاعِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْلَادُ الزِّنَا وَ أَصْحَابُ الطَّيَالِسَةِ الْخُضْرِ يَقْتُلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالشَّامِ عَلَى عَقَبَةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أَفِيقٍ لِثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى يَدَيْ مَنْ يُصَلِّي الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ أَلَا إِنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى قُلْنَا وَ مَا ذَلِكَ يَا

ص: 408

أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ خُرُوجُ دَابَّةٍ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِ الصَّفَا مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَ عَصَا مُوسَى تَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ مُؤْمِنٍ فَيُطْبَعُ فِيهِ هَذَا مُؤْمِنٌ حَقّاً وَ تَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلِّ كَافِرٍ فَيُكْتَبُ فِيهِ هَذَا كَافِرٌ حَقّاً حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنَادِي الْوَيْلُ لَكَ يَا كَافِرُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ يُنَادِي طُوبَى لَكَ يَا مُؤْمِنُ وَدِدْتُ أَنِّي الْيَوْمَ مِثْلُكَ فَأَفُوزَ فَوْزاً ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأْسَهَا فَيَرَاهَا مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوْبَةُ فَلَا تَوْبَةٌ تُقْبَلُ وَ لَا عَمَلٌ يُرْفَعُ «وَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْرا» ثُمَّ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا تَسْأَلُونِي عَمَّا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَهِدَ إِلَيَّ حَبِيبِي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ لَا أُخْبِرَ بِهِ غَيْرَ عِتْرَتِي فَقَالَ النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ لِصَعْصَعَةَ مَا عَنَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ صَعْصَعَةُ يَا ابْنَ سَبْرَةَ إِنَّ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ هُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنَ الْعِتْرَةِ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ هُوَ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ مِنْ مَغْرِبِهَا يَظْهَرُ عِنْدَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ يُطَهِّرُ الْأَرْضَ وَ يَضَعُ مِيزَانَ الْعَدْلِ فَلَا يَظْلِمُ أَحَدٌ أَحَداً فَأَخْبَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّ حَبِيبَهُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عَهِدَ إِلَيْهِ أَلَّا يُخْبِرَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ عِتْرَتِهِ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

البحار: ج 21 ص 434

90- بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْخَضِرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَا يَقُومُ الْقَائِمُ حَتَّى تُفْقَأَ عَيْنُ الدُّنْيَا وَ تَظْهَرَ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ(1) وَ تِلْكَ دُمُوعُ حَمَلَةِ الْعَرْشِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَ حَتَّى يَظْهَرَ فِيهِمْ قَوْمٌ لا خَلاقَ لَهُمْ يَدْعُونَ لِوَلَدِي وَ هُمْ بِرَاءٌ مِنْ وَلَدِي تِلْكَ عِصَابَةٌ رَدِيئَةٌ لَا خَلَاقَ لَهُمْ عَلَى الْأَشْرَارِ

ص: 409


1- أقول: إن كان حمرة السماء هي دموع حملة العرش فهي لا تزال جارية لما ورد الراوي اللعين على سيد شباب أهل الجنة في وقعة الطف. السبزواري.

مُسَلَّطَةٌ وَ لِلْجَبَابِرَةِ مُفَتِّنَةٌ وَ لِلْمُلُوكِ مُبِيرَةٌ يَظْهَرُ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ اللَّوْنِ وَ الْقَلْبِ رَثُّ الدَّيْنِ لَا خَلَاقَ لَهُ مُهَجَّنٌ زَنِيمٌ عُتُلٌّ تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي الْعَوَاهِرِ مِنَ الْأُمَّهَاتِ مِنْ شَرِّ نَسْلٍ لَا سَقَاهَا اللَّهُ الْمَطَرَ فِي سَنَةِ إِظْهَارِ غَيْبَةِ الْمُتَغَيِّبِ مِنْ وَلَدِي صَاحِبِ الرَّايَةِ الْحَمْرَاءِ وَ الْعَلَمِ الْأَخْضَرِ أَيُّ يَوْمٍ لِلْمُخَيَّبِينَ بَيْنَ الْأَنْبَارِ وَ هِيت تاريخ الإمام الثاني عشر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذَلِكَ يَوْمٌ فِيهِ صَيْلَمُ الْأَكْرَادِ وَ الشُّرَاةِ وَ خَرَابُ دَارِ الْفَرَاعِنَةِ وَ مَسْكَنِ الْجَبَابِرَةِ وَ مَأْوَى الْوُلَاةِ الظَّلَمَةِ وَ أُمِّ الْبَلَاءِ وَ أُخْتِ الْعَارِ تِلْكَ وَ رَبِّ عَلِيٍّ يَا عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بَغْدَادُ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَ بَنِي فُلَان الْخَوَنَةِ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الطَّيِّبِينَ مِنْ وُلْدِي وَ لَا يُرَاقِبُونَ فِيهِمْ ذِمَّتِي وَ لَا يَخَافُونَ اللَّهَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بِحُرْمَتِي إِنَّ لِبَنِي الْعَبَّاسِ يَوْماً كَيَوْمِ الطَّمُوحِ وَ لَهُمْ فِيهِ صَرْخَةٌ كَصَرْخَةِ الْحُبْلَى الْوَيْلُ لِشِيعَةِ وُلْدِ الْعَبَّاسِ مِنَ الْحَرْبِ الَّتِي سَنَحَ بَيْنَ نَهَاوَنْدَ وَ الدِّينَوَرِ تِلْكَ حَرْبُ صَعَالِيكِ شِيعَةِ عَلِيٍّ يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ اسْمُهُ عَلَى اسْمِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مَنْعُوتٌ مَوْصُوفٌ بِاعْتِدَالِ الْخَلْقِ وَ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ نَضَارَةِ اللَّوْنِ لَهُ فِي صَوْتِهِ ضَحِكٌ وَ فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ وَ فِي عُنُقِهِ سَطَع فَرْقُ الشَّعْرِ مُفَلَّجُ الثَّنَايَا عَلَى فَرَسِهِ كَبَدْرٍ تَمَامٍ تَجَلَّى عَنْهُ الْغَمَامُ تَسِيرُ بِعِصَابَةٍ خَيْرِ عِصَابَةٍ آوَتْ وَ تَقَرَّبَتْ وَ دَانَتْ لِلَّهِ بِدِينِ تِلْكَ الْأَبْطَالِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَلْحَقُونَ حَرْبَ الْكَرِيهَةِ وَ الدَّبْرَةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْأَعْدَاءِ إِنَّ لِلْعَدُوِّ يَوْمَ ذَاكَ الصَّيْلَمَ وَ الِاسْتِئْصَالَ أقول: إنما أوردت هذا الخبر مع كونه مصحفا مغلوطا و كون سنده منتهيا إلى شر خلق الله عمر بن سعد لعنه الله لاشتماله على الإخبار بالقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليعلم تواطؤ المخالف و المؤالف عليه صلوات الله عليه.

البحار: ج 21 ص 444

112 - عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ السَّرَّاجِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ قَالَ

ص: 410

إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ وَ وَهَى سُلْطَانُهُم وَ طَمِعَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ وَ خَلَعَتِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا وَ رَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ وَ ظَهَرَ السُّفْيَانِيُّ وَ الْيَمَانِيُّ وَ تَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ خَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قُلْتُ وَ مَا تُرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ سَيْفُهُ وَ دِرْعُهُ وَ عِمَامَتُهُ وَ بُرْدُهُ وَ قَضِيبُهُ وَ فَرَسُهُ وَ لَأْمَتُهُ وَ سَرْجُه.(1)

باب (27) سیره وأخلاقه وعدد أصحابه وخصائص زمانه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه وعلى آبائه

البحار: ج 21 ص487

2- ابْنُ مُوسَى عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي الْحَسَنِ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قَالا لَوْ قَدْ قَامَ الْقَائِمُ لَحَكَمَ بِثَلَاثٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ يَقْتُلُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ وَ يَقْتُلُ مَانِعَ الزَّكَاةِ وَ يُوَرِّثُ الْأَخَ أَخَاهُ فِي الْأَظِلَّة. (2)

البحار: ج 21 ص 490

9- مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَا لَوْ قَامَ قَائِمُنَا لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاء حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ وَ حَتَّى يَنْتَقِمَ لِابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ (عَلَيهَا السَّلَامُ) مِنْهَا قُلْتُ جُعِلْتُ

ص: 411


1- إن كان المراد بفرسه فرسه الذي كان يركب، وقد عمر إلى ظهور الحجّة علا فهو بعيد جدّاً. السبزواري.
2- هذه الأخوة ثابتة في عالم الأشباح والأظلة يعني عالم الميثاق. السبزواري.

فِدَاكَ وَ لِمَ يَجْلِدُهَا الْحَدَّ قَالَ لِفِرْيَتِهَا عَلَى أُمِّ إِبْرَاهِيمَ(1) قُلْتُ فَكَيْفَ أَخَّرَهُ اللَّهُ لِلْقَائِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ لِأَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رَحْمَةً وَ بَعَثَ الْقَائِمَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَقِمَة.

البحار: ج 21 ص 492

18 - أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى أَبِي هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: قَالَ لِي يَا رُفَيْدُ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا رَأَيْتَ أَصْحَابَ الْقَائِمِ قَدْ ضَرَبُوا فَسَاطِيطَهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ(2) ثُمَّ أَخْرَجَ الْمِثَالَ الْجَدِيدَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هُوَ قَالَ الذَّبْحُ قَالَ قُلْتُ بِأَيِّ شَيْ ءٍ يَسِيرُ فِيهِمْ بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي أَهْلِ السَّوَادِ قَالَ لَا يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيّاً سَارَ بِمَا فِي الْجَفْرِ الْأَبْيَضِ وَ هُوَ الْكَفُّ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ إِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ بِمَا فِي الْجَفْرِ الْأَحْمَرِ وَ هُوَ الذَّبْحُ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ.

البحار: ج 21 ص498

62 - مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْقَائِمِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ وَ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ وَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَلْوِيَةِ وَ هُمْ حُكَّامُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ عَلَى خَلْقِهِ حَتَّى يَسْتَخْرِجَ مِنْ قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ عَهْدٌ مَعْهُودٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَمِ فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الْوَزِيرُ وَ أَحَدَ عَشَرَ نَقِيباً كَمَا بَقُوا مَعَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَيَجُولُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ عَنْهُ مَذْهَباً

ص: 412


1- أقول: لعل هذه الفرية صارت منشأ للافتراء عليها، حتّى نزلت فيها الآية، فراجع التفاسير السبزواري.
2- حديث شريف يشهد متنه بصدقه. السبزواري.

فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْكَلَامَ الَّذِي يَقُولُ لَهُمْ فَيَكْفُرُونَ بِهِ.(1)

البحار: ج 21 ص 506

73 - مُوسَى بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ الْعِلْمُ سَبْعَةٌ وَ عِشْرُونَ حَرْفاً فَجَمِيعُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَرْفَانِ فَلَمْ يَعْرِفِ النَّاسُ حَتَّى الْيَوْمِ غَيْرَ الْحَرْفَيْنِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا أَخْرَجَ الْخَمْسَةَ وَ الْعِشْرِينَ حَرْفاً فَبَثَّهَا فِي النَّاسِ وَ ضَمَّ إِلَيْهَا الْحَرْفَيْنِ حَتَّى يَبُثَّهَا سَبْعَةً وَ عِشْرِينَ حَرْفاً.(2)

البحار: ج 21 ص 516

107 - الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: كَأَنِّي بِالْقَائِمِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ عَلَيْهِ قَبَاءٌ فَيُخْرِجُ مِنْ وَرَيَانِ(3) قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ فَيَفُكُّهُ فَيَقْرَأُهُ عَلَى النَّاسِ فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَمِ(4) فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا النُّقَبَاءُ فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ فَلَا يَلْحَقُونَ مَلْجَأً حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْهِ وَ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْكَلَامَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِه.

البحار: ج 21 ص524

143_ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ عَنِ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى

ص: 413


1- عن بعض الوعاظ المطلعين إن هذا الكلام هو قوله : اجعلوا کربلاء قبلة وصلوا إليها. السبزواري.
2- خبر شریف وأي خبر. السبزواري.
3- الوریان محل الاستتار. والظاهر كونه الجيب المعروف الآن. والعجب من صاحب المجمع حيث قال: إنه اسم موضع، فراجع مادة: وری منه. ثمّ الظاهر أن المكتوب في ذلك الكتاب هو عدم المهادنة مع الناس وعدم الاستتابة معهم چ كما يأتي في خبر زرارة وخبر العلا عن محمد وخبر أبي بصير. السبزواري
4- الجفل هو الذهاب مسرعاً. السبزواري.

عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ فَقَالَ عَقَّنِي وَلَدِي وَ جَفَانِي فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلْحَقِّ دَوْلَةً وَ لِلْبَاطِلِ دَوْلَةً وَ كِلَاهُمَا ذَلِيلٌ فِي دَوْلَةِ صَاحِبِهِ(1) فَمَنْ أَصَابَتْهُ دَوْلَةُ الْبَاطِلِ اقْتُصَ مِنْهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ.

البحار: ج 21 ص 525

145 - عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ يَا أَهْلَ الْحَقِّ اجْتَمِعُوا فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يُنَادِيَ مَرَّةً أُخْرَى يَا أَهْلَ الْبَاطِلِ اجْتَمِعُوا فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ(2) قُلْتُ فَيَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي هَؤُلَاءِ قَالَ لَا وَ اللَّهِ وَ ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّب.

البحار: ج 21 ص 525

146 - ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَ وُهَيْبٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِيُعِدَّنَّ أَحَدُكُمْ لِخُرُوجِ الْقَائِمِ وَ لَوْ سَهْماً فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ رَجَوْتُ لِأَنْ يُنْسِئَ فِي عُمُرِهِ(3) حَتَّى يُدْرِكَهُ وَ يَكُونَ مِنْ أَعْوَانِهِ وَ أَنْصَارِهِ.

البحار: ج 21 ص527

156 - عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّوِيلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِهِ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا

ص: 414


1- كلمة حق قالها الأئمّة(عَلَيهِم السَّلَامُ). السبزواري.
2- فيه تمييز الخبيث من الطيب الذي يكون في هذه الدنيا. السبزواري.
3- يعني يؤخر. السبزواري.

دَعاهُ قَالَ أُنْزِلَتْ فِي الْقَائِمِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ جَبْرَئِيلُ عَلَى الْمِيزَابِ(1) فِي صُورَةِ طَيْرٍ أَبْيَضَ فَيَكُونُ أَوَّلَ خَلْقٍ يُبَايِعُهُ وَ يُبَايِعُهُ النَّاسُ الثَّلَاثُمِائَةِ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالْمَسِيرِ وَافَى تِلْكَ السَّاعَةَ وَ مَنْ لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِيرِ فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ وَ هُوَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الْمَفْقُودُ عَنْ فُرُشِهِمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعا قَالَ الْخَيْرَاتُ الْوَلَايَةُ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.

البحار: ج 21 ص 531

176 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَيْثَمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْقَائِمَ فَلْيَتَمَنَّهُ فِي عَافِيَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) رَحْمَةً وَ يَبْعَثُ الْقَائِمَ نَقِمَةً.(2)

البحار: ج 21 ص 130

191 - الصَّفَّارُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَنِ الْقَائِمِ إِذَا قَامَ بِأَيِّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاسِ فَقَالَ بِسِيرَةِ مَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)حَتَّى يُظْهِرَ الْإِسْلَامَ قُلْتُ وَ مَا كَانَتْ سِيرَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ أَبْطَلَ مَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِالْعَدْلِ وَ كَذَلِكَ الْقَائِمُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِذَا قَامَ يُبْطِلُ مَا كَانَ فِي الْهُدْنَةِ مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ يَسْتَقْبِلُ بِهِمُ الْعَدْل

تذييل: قال شيخنا الطبرسي في كتاب إعلام الورى فإن قيل إذا حصل الإجماع على أن لا نبي بعد رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و أنتم قد زعمتم أن القائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قام لم يقبل

ص: 415


1- حيث إن إفاضة العلوم والقوى مطلقاً بواسطة جبرئیل فبيعته كأنه بيعة لجميع من له الإدراك والقوة. السبزواري.
2- حدیث شریف. السبزواري.

الجزية من أهل الكتاب(1) و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين و أمر بهدم المساجد و المشاهد و أنه يحكم بحكم داود (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا يسأل بينة و أشباه ذلك مما ورد في آثاركم و هذا تكون نسخا للشريعة و إبطالا لأحكامها فقد أثبتم معنى النبوة و إن لم تتلفظوا باسمها فما جوابكم عنها.الجواب إنا لم نعرف ما تضمنه السؤال من أنه (عليه السّلام) لا يقبل الجزية من أهل الكتاب و أنه يقتل من بلغ العشرين و لم يتفقه في الدين فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به فأما هدم المساجد و المشاهد فقد يجوز أن يختص بهدم ما بني من ذلك على غير تقوى الله تعالى و على خلاف ما أمر الله سبحانه به و هذا مشروع قد فعله النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). و أما ما روي من أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحكم بحكم آل داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضا غير مقطوع به و إن صح فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه و إذا علم الإمام أو الحاكم أمرا من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه و لا يسأل عنه و ليس في هذا نسخ الشريعة.على أن هذا الذي ذكروه من ترك قبول الجزية و استماع البينة إن صح لم يكن نسخا للشريعة لأن النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ و لم يكن مصطحبا فأما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون ذلك ناسخا لصاحبه و إن كان مخالفة في المعنى و لهذا اتفقنا على أن الله سبحانه لو قال الزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه لا يكون نسخا لأن الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب و إذا صحت هذه الجملة و كان النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب اتباعه و قبول أحكامه فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم به فينا و إن خالف بعض

ص: 416


1- أقول: الحق في الجواب أن يقال أنه ليس نسخ بل إنما هو إظهار ما أودعه النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند خلفائه ولم يمكنهم الإظهار لقصور الظروف تحقیق شريعة خاتم الأنبياء (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما يظهر بعد ظهور خاتم الأوصياء، لأن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والخلفاء الحق من بعده لم يمكنهم إظهار حقيقة الشريعة على ما هي عليها السبزواري.

الأحكام المتقدمة غير عاملين بالنسخ لأن النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل.

البحار: ج 21 ص538

198 - وَ مِنْ كِتَابِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ رَفَعَهُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْن عَلِيٍّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ لَمَوْضِعُ الرَّجُلِ فِي الْكُوفَةِ أَحَبُ إِلَيَ مِنْ دَارٍ فِي الْمَدِينَةِ.(1)

البحار: ج 21 ص 542 س 3

وَ عَنْهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ يَمْلِكُ الْقَائِمُ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَ يَزْدَادُ تِسْعاً كَمَا لَبِثَ أَهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً فَيَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ شَرْقَ الْأَرْضِ وَ غَرْبَهَا وَ يَقْتُلُ النَّاسَ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا دِينُ مُحَمَّدٍ وَ يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَ يَدْعُو الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَيُجِيبَانِهِ وَ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ وَ يُوحَى إِلَيْهِ فَيَعْمَلُ بِالْوَحْيِ بِأَمْرِ اللَّهِ.(2)

البحار: ج 21 ص 542

213 - وَ بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي زَمَانِ الْقَائِمِ وَ هُوَ بِالْمَشْرِقِ لَيَرَى أَخَاهُ الَّذِي فِي الْمَغْرِبِ وَ كَذَا الَّذِي فِي الْمَغْرِبِ يَرَى أَخَاهُ الَّذِي فِي الْمَشْرِقِ.(3)

باب (28) ما يكون عند ظهوره (عَلَيهِ السَّلَامُ)برواية المفضل بن عمر

البحار: ج 21 ص548 س 23

قَالَ الْمُفَضَّلُ قُلْتُ يَا سَيِّدِي فَأَيْنَ تَكُونُ دَارُ الْمَهْدِيِّ وَ مُجْتَمَعُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ دَارُ مُلْكِه

ص: 417


1- فيه فضل الكوفة على المدينة. السبزواري.
2- هذا من كمال الاقتدار الإلهي الذي يعطي القائم. السبزواري.
3- هذا أيضاً من الاقتدار الإلهي الذي يعطي المؤمن في ذلك الزمان. السبزواري

الْكُوفَةُ وَ مَجْلِسُ حُكْمِهِ جَامِعُهَا وَ بَيْتُ مَالِهِ وَ مَقْسَمُ غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ وَ مَوْضِعُ خَلَوَاتِهِ الذَّكَوَاتُ الْبِيضُ مِنَ الْغَرِيَّيْنِ قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا مَوْلَايَ كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ يَكُونُونَ بِالْكُوفَةِ قَالَ إِي وَ اللَّهِ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا كَانَ بِهَا أَوْ حَوَالَيْهَا وَ لَيَبْلُغَنَّ مَجَالَةُ فَرَسٍ مِنْهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَ لَيَوَدَّنَّ أَكْثَرُ النَّاسِ أَنَّهُ اشْتَرَى شِبْراً مِنْ أَرْضِ السَّبْعِ بِشِبْرٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ السَّبْع

خِطَّةٌ مِنْ خِطَطِ هَمْدَانَ وَ لَيَصِيرَنَّ الْكُوفَةُ أَرْبَعَةً وَ خَمْسِينَ مِيلًا وَ لَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُهَا كَرْبَلَاءَ وَ لَيُصَيِّرَنَّ اللَّهُ كَرْبَلَاءَ مَعْقِلًا وَ مَقَاماً(1) تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ لَيَكُونَنَّ لَهَا شَأْنٌ مِنَ الشَّأْنِ وَ لَيَكُونَنَّ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ مَا لَوْ وَقَفَ مُؤْمِنٌ وَ دَعَا رَبَّهُ بِدَعْوَةٍ لَأَعْطَاهُ اللَّهُ بِدَعْوَتِهِ الْوَاحِدَةِ مِثْلَ مُلْكِ الدُّنْيَا أَلْفَ مَرَّةٍ ثُمَّ تَنَفَّسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ يَا مُفَضَّلُ إِنَّ بِقَاعَ الْأَرْضِ تَفَاخَرَتْ فَفَخَرَتْ كَعْبَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ عَلَى بُقْعَةِ كَرْبَلَاءَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَا أَنِ اسْكُتِي كَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَ لَا تَفْتَخِرِي عَلَى كَرْبَلَاءَ فَإِنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نُودِيَ مُوسَى مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَةِ وَ إِنَّهَا الرَّبْوَةُ الَّتِي أَوَتْ إِلَيْهَا مَرْيَمُ وَ الْمَسِيحُ وَ إِنَّهَا الدَّالِيَة الَّتِي غُسِلَ فِيهَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ فِيهَا غَسَلَتْ مَرْيَمُ عِيسَى (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اغْتَسَلَتْ مِنْ وِلَادَتِهَا وَ إِنَّهَا خَيْرُ بُقْعَةٍ عَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْهَا وَقْتَ غَيْبَتِهِ وَ لَيَكُونَنَّ لِشِيعَتِنَا فِيهَا خِيَرَةٌ إِلَى ظُهُورِ قَائِمِنَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) .

باب (29) الرجعة

البحار: ج 21 ص563

5 - سَعْدٌ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ الْيَقْطِينِيِّ وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً

ص: 418


1- أقول: سمعت من بعض المشايخ أن كربلاء تجعل قبلة في زمان خروج المهدي. السبزواري.

عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ «يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجا» فَقَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلَ إِلَّا سَيَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ وَ لَا أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَاتَ إِلَّا سَيَرْجِعُ حَتَّى يُقْتَلَ.(1)

ص: 419


1- عموم مثل هذا الخبر ينافي خبر ابن الخطاب فلابد من التخصيص. السبزواري.

التعليقات على المجلّد الرابع عشر من كتاب بحار الأنوار من الطبعة الحجرية والمسمّى (کتاب السّماء والعالَم) والمتضمن للأجزاء: 22، 23، 26، 25من الطبعة الحروفية الحديثة

اشارة

ص: 420

ص: 421

كتابُ السَمَاءِ والعالَمِ أبوابُ كليات العالم وما يتعلّق بالسماويات

باب (1) حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور

البحار: ج 22 ص7 س 5

كما يراد بالسماء جهة العلو «جَمِيعاً» حال عن الموصول الثاني «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ» أي قصد إليها بإرادته من قولهم استوى إليه إذا قصده قصدا مستويا من غير أن يلوي على شي ء و قيل استوى أي استولى و ملك.(1)

البحار: ج 22 ص 7 س 11

«سَبْعَ سَماواتٍ» بدل أو تفسير و السبع لا ينافي التسع التي أثبتوها أصحاب الأرصاد إذ الثامن و التاسع مسميان في لسان الشرع بالكرسي و العرش «وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ» قيل فيه تعليل كأنه قال و لكونه عالما بتلك الأشياء كلها خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل و الوجه الأنفع و الاستدلال بأن من كان فعله على هذا النسق

ص: 422


1- الاستواء إن عديّ بالي فهو بمعنى القصد، وان عدی بعلي فهو بمعنى الاستيلاء، وله تعالی أنحاء من الاستيلاء على جميع مخلوقاته مطلقاً، الأوّل: الاستيلاء الإيجادي. الثاني: الاستيلاء البقائي، الثالث: الاستيلاء التدبيري، الرابع الاستيلاء الافنائي. إلى غير ذلك. وجميع هذه الاستيلاآت ثابتة له تعالى في تمام الحالات على جميع مخلوقاته بلا فرق بينهما أبدا. السبزواري.

العجيب و الترتيب الأنيق كان عليما و تدل الآية على حدوث السماوات بل الأرض أيضا كما سيأتي بيانه.«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ» أخبر بأنه تعالى حقيق بالحمد.(1)

البحار: ج 22 ص 15 س 21

«وأَغْطَشَ لَيْلَهَا»(2)(3).

البحار: ج 22 ص 20 س 17

6- وَ فِي خُطْبَةٍ أُخْرَى مَشْهُورَة:...... وَ إِنَّه سُبْحَانَهُ يَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْيَا وَحْدَهُ لَا شَيْ ءَ مَعَهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقْتٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حِينٍ وَ لَا زَمَانٍ عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الْآجَالُ وَ الْأَوْقَاتُ وَ زَالَتِ السِّنُونَ وَ السَّاعَاتُ فَلَا شَيْ ءَ إِلَّا الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الَّذِي إِلَيْهِ مَصِيرُ جَمِيعِ الْأُمُورِ بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا وَ بِغَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا وَ لَوْ قَدَرَتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا.(4)

البحار: ج 22 ص30

27 - الْعُيُونُ، وَ التَّوْحِيدُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهِ الْقُمِّيِّ عَنِ الْحَسَن

ص: 423


1- إن كان المراد بالسموات الأفلاك والكرات فقد ثبت بالدليل بل بالحسّ في هذه الأعصار أنها أكثر من السبع بل الألف بل هي غير متناهية فلابد وان يكون المراد بالسبع إما ما كان معرفاً في تلك الأعصار أو يكون المراد منه الإشارة إلى عدد في الجملة من غير قصد للتحديد الحقيقي. السبزواري.
2- يمكن أن يستفاد من إطلاق قوله تعالى «أَغْطَشَ»الخ أن للسماء وان علا مطلقاً ليل ونهار وان الليل والنهار يحصلان من جهة السماء مطلقاً. السبزواري.
3- سورة النازعات: الآية 29.
4- هذه الكلمات الشريفة ظاهرة في انعدام ذات الزمان وذات الجهة مطلقاً، و تعقل ذلك مما يخفى على العقول ولكن لا يمنع في قدرة الحكيم تعالی. السبزواري.

بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِي قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ الصَّابِي لِلرِّضَا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَائِنِ الْأَوَّلِ وَ عَمَّا خَلَقَ قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَأَلْتَ فَافْهَمْ أَمَّا الْوَاحِدُ فَلَمْ يَزَلْ وَاحِداً كَائِناً لَا شَيْ ءَ مَعَهُ بِلَا حُدُودٍ وَ لَا أَعْرَاضٍ وَ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ ثُمَّ خَلَقَ خَلْقاً مُبْتَدِعاً مُخْتَلِفاً بِأَعْرَاضٍ وَ حُدُودٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا فِي شَيْ ءٍ أَقَامَهُ وَ لَا فِي شَيْ ءٍ حَدَّهُ وَ لَا عَلَى شَيْ ءٍ حَذَاه وَ مَثَّلَه لَهُ فَجَعَلَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الْخَلْقِ صَفْوَةً وَ غَيْرَ صَفْوَةٍ وَ اخْتِلَافاً وَ ائْتِلَافاً وَ أَلْوَاناً وَ ذَوْقاً وَ طَعْماً لَا لِحَاجَةٍ كَانَتْ مِنْهُ إِلَى ذَلِكَ وَ لَا لِفَضْلِ مَنْزِلَةٍ لَمْ يَبْلُغْهَا إِلَّا بِهِ وَ لَا رَأَى لِنَفْسِهِ فِيمَا خَلَقَ زِيَادَةً وَ لَا نَقْصا تَعْقِلُ هَذَا يَا عِمْرَانُ قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ يَا سَيِّدِي قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ اعْلَمْ يَا عِمْرَانُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَلَقَ مَا خَلَقَ لِحَاجَةٍ لَمْ يَخْلُقْ إِلَّا مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى حَاجَتِهِ وَ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَخْلُقَ أَضْعَافَ مَا خَلَقَ لِأَنَّ الْأَعْوَانَ كُلَّمَا كَثُرُوا كَانَ صَاحِبُهُمْ أَقْوَى وَ الْحَاجَةُ يَا عِمْرَانُ لَا تَسَعُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ مِنَ الْخَلْقِ شَيْئاً إِلَّا حَدَثَتْ فِيه حَاجَةٌ أُخْرَى وَ لِذَلِكَ أَقُول لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ لِحَاجَةٍ وَ لَكِنْ نَقَّلَ بِالْخَلْقِ بِالْحَوَائِجِ بَعْضَهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِلَا حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى مَنْ فَضَّلَ وَ لَا نَقِمَةٍ مِنْهُ عَلَى مَنْ أَذَلَّ فَلِهَذَا خَلَق قَالَ عِمْرَانُ يَا سَيِّدِي أَ لَا تُخْبِرُنِي عَنْ حُدُودِ خَلْقِهِ كَيْفَ هِيَ وَ مَا مَعَانِيهَا وَ عَلَى كَمْ نَوْعٍ تَكُونُ قَالَ قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمْ إِنَّ حُدُودَ خَلْقِهِ عَلَى سِتَّةِ أَنْوَاعٍ مَلْمُوسٍ وَ مَوْزُونٍ وَ مَنْظُورٍ إِلَيْهِ وَ مَا لَا وَزْنَ لَهُ وَ مَا لَا ذَوْقَ لَهُ وَ هُوَ الرُّوحُ وَ مِنْهَا مَنْظُورٌ إِلَيْهِ وَ لَيْسَ لَهُ وَزْنٌ وَ لَا لَمْسٌ وَ لَا حِسٌّ وَ لَا لَوْنٌ وَ التَّقْدِيرُ وَ الْأَعْرَاضُ وَ الصُّوَرُ وَ الطُّولُ وَ الْعَرْضُ وَ مِنْهَا الْعَمَلُ وَ الْحَرَكَاتُ الَّتِي تَصْنَعُ الْأَشْيَاءَ وَ تَعْمَلُهَا وَ تُغَيِّرُهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَ تَزِيدُهَا وَ تَنْقُصُهَا وَ أَمَّا الْأَعْمَالُ وَ الْحَرَكَاتُ فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الشَّيْ ءِ انْطَلَقَ بِالْحَرَكَةِ وَ بَقِيَ الْأَثَرُ وَ يَجْرِي مَجْرَى

ص: 424

الْكَلَامِ الَّذِي يَذْهَبُ وَ يَبْقَى أَثَرُه إلى تمام الخبر.(1)

البحار: ج 22 ص 36

30- الْكَافِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَان قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَقُولُ إِنَ اللَّهَ خَلَقَ الْخَيْرَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَ مَا كَانَ لِيَخْلُقَ الشَّرَّ قَبْلَ الْخَيْرِ وَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَ الْإِثْنَيْنِ خَلَقَ الْأَرَضِينَ وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا فِي يَوْمِ الثَّلَاثَاءِ وَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَ خَلَقَ أَقْوَاتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ«خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّام».(2)

البحار: ج 22 ص 36س16

بيان و ما كان ليخلق الشر قبل الخير لعل الغرض أنه سبحانه ابتدأ خلق الجميع يوم الأحد إذ خيريته تعالى تقتضي أن لا يقدم خلق الشر على خلق الخير و ابتداء خلق الخير كان يوم الأحد فلم يخلق قبله شي ء أصلا ثم اعلم أن مدلول هذا الخبر ينافي ما مر من الآيات الكريمة و ظواهرها من جهتين الأولى أن ظاهر الآية أن خلق أقوات الأرض و تقديرها كان في يومين و الخبر يدل على أنه خلق أقوات الأرض في يوم و أقوات السماء في يوم و الثانية أن ظاهر الآية تقدم يومي خلق الأقوات على يومي خلق السماوات و الخبر يدل على تأخر أحد يومي خلق الأقوات عنهما و يمكن أن يجاب عن الأولى بأن المراد بخلق أقوات السماء خلق

ص: 425


1- هذا هو الذي أثبتوه في العصر الحاضر من وجود الأصوات في الجوّ وان ذهب المصوت وفني. ولكن الظاهر إن المراد بالأثر في قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإن لكل كلام اثر في النفس من الإرشاد والوعظ والاتعاظ والتأثر لا اقل من التوجه في الجملة إلى متکلمه إلى غير ذلك من الآثار العرفية. السبزواري
2- هذا الجزء من جهة السند صحیح و من جهة الدلالة يدلّ على أن في السموات خلق له قوت وله حياة كما لا يخفی وحمل الخبر على ما ذكره(رحمه اللّه) خلاف الظاهر السبزواري.

أسباب أقوات أهل الأرض الكائنة في السماء من المطر و الثلج و الألواح التي يقدر فيها الأقوات و الملائكة الموكلين بها و يؤيده أن ليس لأهل السماء قوت و طعام و شراب(1) ففي يوم واحد قدر الأسباب الأرضية لأقوات أهل الأرض و في يوم آخر قدر الأسباب السماوية لها و في الآية نسبهما إلى الأرض لكونهما لأهلها و في الخبر فصل ذلك لبيان اختلاف موضع التقديرين و عن الثانية بنحو مما ذكره البيضاوي بأن لا تكون لفظة ثم للترتيب و التراخي في المدة.

البحار: ج 22 ص 38 س1

«وَأَوحَى فِي كُلِّ أَمرَهَا».(2)

البحار: ج 22 ص 39

35 - الْعِلَلُ، وَ الْعُيُونُ، سَأَلَ الشَّامِيُّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِمَ سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى قَالَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِهَا وَ سَأَلَ عَنْ أَوَّلِ بُقْعَةٍ بُسِطَتْ مِنَ الْأَرْضِ أَيَّامَ الطُّوفَانِ فَقَالَ لَهُ مَوْضِعُ الْكَعْبَةِ وَ كَانَتْ زَبَرْجَدَةً خَضْرَاء.(3)

البحار: ج 22 ص 45

68 الْعُيُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْبَصْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاعِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ مَا

ص: 426


1- سيأتي أخبار دالة على أن للملائكة قوت و هو التسبيح مع انه يمكن أن تكون في السموات خلق غير المَلَك كما يأتي استظهاره من الأخبار والآثار. السبزواري.
2- هذه الآية الكريمة تدلّ على أن لكل سماء أهل من ذوي الحياة والإدراك وحمل لفظ الوحي على التقدير بلا شاهد بل على خلافه الشواهد السبزواري.
3- هذه الجملة تؤيد ما مرّ من أن أول ما خلق الله زبر جدة خضراء فنظر إليها نظر الهيبة فصارت ماءٌ الخ. السبزواري

خَلَقَ اللَّهُ قَالَ خَلَقَ النُّورَ قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ قَالَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتِ الْأَرْضُ قَالَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتِ الْجِبَالُ قَالَ مِنَ الْأَمْوَاجِ الْخَبَر.(1)

البحار: ج 22 ص 46 س2

«وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء».(2)

البحار: ج 22 ص 46

52 - الْعِلَلُ، فِي خَبَرِ ابْنِ سَلَامٍ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يَوْمُ الْأَحَدِ قَالَ وَ لِمَ سُمِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ قَالَ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مَحْدُودٌ قَالَ فَالْإِثْنَيْنِ قَالَ هُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنَ الدُّنْيَا قَالَ فَالثَّلَاثَاءَ قَالَ الثَّالِثُ مِنَ الدُّنْيَا قَالَ فَالْأَرْبِعَاءَ قَالَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنَ الدُّنْيَا قَالَ فَالْخَمِيسَ قَالَ هُوَ يَوْمٌ خَامِسٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ هُوَ يَوْمٌ أَنِيسٌ

ص: 427


1- فائدة: قد ورد في أول ما خلق الله في الماديات الماء والهواء والنور وقد ثبت في علم الحديث اشتمال الماء على الهواء والنور ثمّ إن الأوّلية إضافية والظاهر أن ما مرّ في تفسير علي ابن إبراهيم يصلح لشرح باقي الأخبار فراجع و تفحص. السبزواري.
2- فائدة: لما كان البناء على الماء بحسب الأسباب العادية ممتنعة، وبناؤه تبارك و تعالی عرشه على الماء إظهار لكمال قدرته. وقوله تعالى «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا» أي ليعرفكم أنفسكم أن أيكم أحسن عملاً وليس البلاء بالنسبة إلى الخالق بل بالنسبة إلى المخلوق نفسه، وقد مرّ عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) الأحسن بإصابة السُنّة لا الأكثر عملاً. ثمّ انه يمكن أن يراد بالعمل الأعم من الأعمال التكليفية أو الخارجية الجوارحية من الصنائع ونحوها أو الجوانحية من الأفكار الصحيحة التي هي الأصل لكل عمل وصنعة وقد ورد في الاهتمام بالفكر ما لا يحصى وان تفکر ساعة خير من عبادة ستين سنة. والمراد بهذا التفكر التفكر في صنع الله والتفكرات التي ينتفع بها الخلق كما لا يخفى. إن قلت انه يحصل من الكفار أيضاً وفي أصولنا انه لا ثواب لهم. قلت إن ما هو من أصولنا أن لا يدخل الكفار الجنة أما انه لا ثواب لهم مطلقاً حتّى في البرزخ أو في مواقف القيامة أو تخفيف العذاب عنهم في النار فليس من أصولنا، بل مقتضى الأدلة خلافه كما في كتاب المعاد. السبزواري.

لُعِنَ فِيهِ إِبْلِيسُ وَ رُفِعَ فِيهِ إِدْرِيسُ قَالَ فَالْجُمُعَة قَالَ هُوَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ «يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَ يَوْمُ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ» قَالَ فَالسَّبْتَ قَالَ يَوْمٌ مَسْبُوتٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْقُرْآنِ «وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» فَمِنَ الْأَحَدِ إِلَى الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَيَّامٍ وَ السَّبْتُ مُعَطَّلٌ الْخَبَر.(1)

البحار: ج 22 ص 50

95 - التَّوْحِيدُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ حِينَ كَلَّمَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَادَ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ثُمَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ فَقَالَ إِنِّي مَا وَجَدْتُ شَيْئاً صَغِيراً وَ لَا كَبِيراً إِلَّا وَ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ مِثْلُهُ صَارَ أَكْبَرَ وَ فِي ذَلِكَ زَوَالٌ وَ انْتِقَالٌ عَنِ الْحَالَةِ الْأُولَى وَ لَوْ كَانَ قَدِيماً مَا زَالَ وَ لَا حَالَ لِأَنَّ الَّذِي يَزُولُ وَ يَحُولُ يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ وَ يَبْطُلَ فَيَكُونُ بِوُجُودِهِ بَعْدَ عَدَمِهِ دُخُولٌ فِي الْحَدَثِ وَ فِي كَوْنِهِ فِي الْأَزَلِ دُخُولُهُ فِي الْقِدَمِ وَ لَنْ تَجْتَمِعَ صِفَةُ الْأَزَلِ وَ الْعَدَمِ فِي شَيْ ءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ هَبْكَ عَلِمْتُ فِي جَرْيِ الْحَالَتَيْنِ وَ الزَّمَانَيْنِ مَا ذَكَرْتَ وَ اسْتَدْلَلْتَ عَلَى حُدُوثِهِا فَلَوْ بَقِيَتِ الْأَشْيَاءُ عَلَى صِغَرِهَا مِنْ أَيْنَ كَانَ لَكَ أَنْ

ص: 428


1- ظاهر صدر هذا أن نفس الأيام مخلوق أولا وثانيا وثالثا وهكذا وهو صحيح لا إشكال فيه إن كان تحديد الأيام بحد خاص و تقدير الأسبوع وظاهر قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك قوله عزّ وجلّ الخ أن خلق السموات والأرض في هذه الأيام وهو لا يناسب صدر الخبر أولاً ولا يصح في نفسه ثانياً لا يوم إلا بعد خلق السموات والأرض كما مرّ. إلا أن يراد مقدار يوم مع انه لم يعلم أن المراد بالأيام التي خلق بها السموات والأرض أيام الدنيا أو غيرها. وعلى الثاني هل المراد بها الأيام التي في قوله تعالى: «وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون» (الحج: من الآية 47) أو الأيام التي يراد بقوله تعالى: فِي يَوْمٍ کَانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (المعارج: من الآية 4)، ثمّ ما المراد ب«أَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون» هل المراد بها القمرية أو الشمسية وهل المراد بالشمس والقمر شمسنا وقمرنا أو المراد شموس أخرى وأقمار أخر ؟ كل محتمل، فتأمّل و تدبّر. السبزواري.

تَسْتَدِلَّ عَلَى حَدَثِهَا فَقَالَ الْعَالِمُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ عَلَى هَذَا الْعَالَمِ الْمَصْنُوعِ فَلَوْ رَفَعْنَاهُ وَ وَضَعْنَا عَالَماً آخَرَ كَانَ لَا شَيْ ءَ أَدَلُّ عَلَى الْحَدَثِ مِنْ رَفْعِنَا إِيَّاهُ وَ وَضْعِنَا غَيْرَهُ وَ لَكِنْ أُجِيبُكَ مِنْ حَيْثُ قَدَرْتَ أَنْ تُلْزِمَنَا وَ نَقُولُ إِنَّ الْأَشْيَاءَ لَوْ دَامَتْ عَلَى صِغَرِهَا لَكَانَ فِي الْوَهْمِ أَنَّهُ مَتَى مَا ضُمَّ شَيْ ءٌ إِلَى مِثْلِهِ كَانَ أَكْبَرَ وَ فِي جَوَازِ التَّغْيِيرِ عَلَيْهِ خُرُوجُهُ مِنَ الْقِدَمِ كَمَا أَنَّ فِي تَغْيِيرِهِ دُخُولُهُ فِي الْحَدَث.(1)

البحار: ج 22 ص52

72 - وَ مِنْهُ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيهِ السَّلَامُ) جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الدُّنْيَا عُمُرَهَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَقَالَ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَهَا خَمْسِينَ أَلْفَ عَامٍ فَتَرَكَهَا قَاعاً قَفْراً خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ بَدَاءٌ فَخَلَقَ فِيهَا خَلْقاً لَيْسَ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ وَ قَدَّرَ لَهُمْ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ فَلَمَّا قَرُبَتْ آجَالُهُمْ أَفْسَدُوا فِيهَا فَدَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تَدْمِيراً ثُمَّ تَرَكَهَا قَاعاً قَفْراً خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمَ خَلَقَ فِيهَا الْجِنَ وَ قَدَّرَ لَهُمْ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ فِيهَا فَلَمَّا قَرُبَتْ آجَالُهُمْ أَفْسَدُوا فِيهَا وَ سَفَكُوا الدِّمَاءَ وَ هُوَ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ «أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ» كَمَا سَفَكَتْ بَنُو الْجَانِّ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ فَخَلَقَ آدَمَ وَ قَرَّرَ لَهُ عَشَرَةَ آلَافٍ وَ قَدْ مَضَى مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافِ عَامٍ وَ مِائَتَانِ وَ أَنْتُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.(2)

ص: 429


1- هذا البرهان يصح في نفي القدم في الصفة أما نفي قدم الذات فيشكل صحة هذا البرهان فيه. فتدبّر. السبزواري.
2- أقول: ولكنّه قابل للبداء. السبزواري.

البحار: ج 22 ص 54

79 - تَفْسِيرُ الْفُرَاتِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ كَثِيرٍ مُعَنْعَناً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ: شَهِدْتُ أَبِي عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عِنْدَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَ كَانَ رَجُلًا قَدْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَ كُتُبَ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا كَعْبُ مَنْ كَانَ أَعْلَمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَالَ كَانَ أَعْلَمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ كَانَ وَصِيَّ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بَعْدَهُ وَ كَذَلِكَ كُلُّ نَبِيٍّ خَلَا مِنْ بَعْدِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ يَقُومُ فِي أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَمَنْ وَصِيُّ نَبِيِّنَا وَ عَالِمُنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَ عَلِيٌّ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ كَعْبٌ مَهْلًا فَإِنَّ السُّكُوتَ عَنْ هَذَا أَفْضَلُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا خَطَا بِالصَّلَاحِ فَقَدَّمَهُ الْمُسْلِمُونَ لِصَلَاحِهِ وَ لَمْ يَكُنْ بِوَصِيٍّ فَإِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ لَمَّا تُوُفِّيَ أَوْصَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ فَقَبِلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَنْكَرَتْ فَضْلَهُ طَائِفَةٌ وَ هِيَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ «فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ» وَ كَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ السَّالِفَةُ وَ الْأُمَمُ الْخَالِيَةُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا وَ قَدْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ يَحْسُدُهُ قَوْمُهُ وَ يَدْفَعُونَ فَضْلَهُ فَقَالَ وَيْحَكَ يَا كَعْبُ فَمَنْ تَرَى وَصِيَّ نَبِيِّنَا قَالَ كَعْبٌ مَعْرُوفٌ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْكُتُبِ الْمُنْزَلَةِ مِنَ السَّمَاءِ عَلِيٌّ أَخُو النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُعِينُهُ عَلَى أَمْرِهِ وَ يُوَازِرُهُ عَلَى مَنْ نَاوَاهُ وَ لَهُ زَوْجَةٌ مُبَارَكَةٌ وَ لَهُ مِنْهَا ابْنَانِ يَقْتُلُهُمَا أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ يَحْسُدُونَ وَصِيَّهُ كَمَا حَسَدَتِ الْأُمَمُ أَوْصِيَاءَ أَنْبِيَائِهَا فَيَدْفَعُونَهُ عَنْ حَقِّهِ وَ يَقْتُلُونَ مِنْ وُلْدِهِ بَعْدَهُ كَحَسَدِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَ قَالَ فَأُفْحِمَ عِنْدَهَا وَ قَالَ: يَا كَعْبُ لَئِنْ صَدَقْتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ قَلِيلًا فَقَدْ كَذَبْتَ كَثِيراً فَقَالَ كَعْبٌ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَطُّ وَ لَكِنْ سَأَلْتَنِي عَنْ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ لِي بُدٌّ مِنْ تَفْسِيرِهِ وَ الْجَوَابِ فِيهِ فَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ أَعْلَمَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَعْدَ نَبِيِّهَا لِأَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَيْ ءٍ إِلَّا

ص: 430

وَجَدْتُ عِنْدَهُ كلما تُصَدِّقُهُ بِهِ التَّوْرَاةُ وَ جَمِيعُ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ (عليهم السّلام) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اسْكُتْ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِ فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَكَثِيرُ التَّخَرُّصِ بِكَذِبٍ فَقَالَ كَعْبٌ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنِّي كَذَبْتُ فِي شَيْ ءٍ مِن كِتَابِ اللَّهِ مُنْذُ جَرَى لِلَّهِ عَلَيَّ الْحُكْمُ وَ لَئِنْ شِئْتَ لَأُلْقِيَنَّ عَلَيْكَ شَيْئاً مِنْ عِلْمِ التَّوْرَاةِ فَإِنْ فَهِمْتَهُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَ إِنْ فَهِمَ فَهُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ هَاتِ بَعْضَ هَنَاتِكَ فَقَالَ كَعْبٌ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ «وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ» فَأَيْنَ كَانَتِ الْأَرْضُ وَ أَيْنَ كَانَتِ السَّمَاءُ وَ أَيْنَ كَانَ جَمِيعُ خَلْقِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَ مَنْ يَعْلَمُ غَيْبَ اللَّهِ مِنَّا إِلَّا مَا سَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْ نَبِيِّنَا قَالَ وَ لَكِنْ إِخَالُ أَبَا حَسَنٍ لَوْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ لَشَرَحَهُ بِمِثْلِ مَا قَرَأْنَاهُ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَدُونَكَ إِذاً اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلِيٌّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَلَى عُمَرَ وَ أَصْحَابِهِ أَرَادُوا إِسْقَاطَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَالَ كَعْبٌ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ «وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَعَمْ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ حِينَ لَا أَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ وَ لَا سَمَاءٌ مَبْنِيَّةٌ وَ لَا صَوْتٌ يُسْمَعُ وَ لَا عَيْنٌ تَنْبُعُ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا نَجْمٌ يَسْرِي وَ لَا قَمَرٌ يَجْرِي وَ لَا شَمْسٌ تُضِي ءُ وَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ غَيْرُ مُسْتَوْحِشٍ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ يُمَجِّدُ نَفْسَهُ وَ يُقَدِّسُهَا كَمَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ كَانَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ فَضَرَبَ بِأَمْوَاجِ الْبُحُورِ فَثَارَ مِنْهَا مِثْلُ الدُّخَانِ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَبَنَى بِهَا سَمَاءً رَتْقاً ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ وَ هِيَ وَسَطُ الْأَرْضِ فَطَبَقَتْ إِلَى الْبِحَارِ ثُمَّ فَتَقَهَا بِالْبُنْيَانِ وَ جَعَلَهَا سَبْعاً بَعْدَ إِذْ كَانَتْ وَاحِدَةً «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ» مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي أَنْشَأَهُ مِنْ تِلْكَ الْبُحُورِ فَجَعَلَهَا سَبْعاً طِبَاقاً بِكَلِمَتِهِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ وَ جَعَلَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ سَاكِناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَلَقَهُمْ مَعْصُومِينَ مِنْ نُورٍ مِنْ بُحُورٍ عَذْبَةٍ وَ هُوَ بَحْرُ الرَّحْمَةِ وَ جَعَلَ طَعَامَهُمُ التَّسْبِيحَ وَ التَّهْلِيلَ وَ التَّقْدِيسَ فَلَمَّا قَضَى أَمْرَه وَ خَلْقَهُ اسْتَوَى عَلَى مُلْكِهِ فَمُدِحَ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ ثُمَّ

ص: 431

قَدَّرَ مُلْكَهُ فَجَعَلَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ شُهُباً مُعَلَّقَةً كَوَاكِبَ كَتَعْلِيقِ الْقَنَادِيلِ مِنَ الْمَسَاجِدِ لَا يُحْصِيهَا غَيْرُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى(1) وَ النَّجْمُ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ كَأَكْبَرِ مَدِينَةٍ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ خَلَقَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَجَعَلَهُمَا شَمْسَيْنِ فَلَوْ تَرَكَهُمَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَمَا كَانَ ابْتَدَأَهُمَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لَمْ يُعْرَفْ خِلْقَةُ اللَّيْلِ مِنَ النَّهَارِ وَ لَا عُرِفَ الشَّهْرُ وَ لَا السَّنَةُ وَ لَا عُرِفَ الشِّتَاءُ مِنَ الصَّيْفِ وَ لَا عُرِفَ الرَّبِيعُ مِنَ الْخَرِيفِ وَ لَا عَلِمَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ مَتَى يَحُلُّ دَيْنُهُمْ وَ لَا عَلِمَ الْعَامِلُ مَتَى يَتَصَرَّفُ فِي مَعِيشَتِهِ وَ مَتَى يَسْكُنُ لِرَاحَةِ بَدَنِهِ فَكَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِرَأْفَتِهِ بِعِبَادِهِ نَظَرَ لَهُمْ فَبَعَثَ جَبْرَئِيلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إِلَى إِحْدَى الشَّمْسَيْنِ فَمَسَحَ بِهَا جَنَاحَهُ فَأَذْهَبَ مِنْهَا الشُّعَاعَ وَ النُّورَ وَ تَرَكَ فِيهَا الضَّوْءَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ «وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا» وَ جَعَلَهُمَا يَجْرِيَانِ فِي الْفَلَكِ وَ الْفَلَكُ بَحْرٌ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مُسْتَطِيلٌ فِي السَّمَاءِ اسْتِطَالَتُهُ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ يَجْرِي فِي غَمْرَةِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَجَلَةٍ يَقُودُهُمَا ثَلَاثُمِائَةِ مَلَكٍ بِيَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهَا عُرْوَةٌ يَجُرُّونَهَا فِي غَمْرَةِ ذَلِكَ الْبَحْرِ لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّهْلِيلِ وَ التَّسْبِيحِ وَ التَّقْدِيسِ لَوْ بَرَزَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ غَمْرِ ذَلِكَ الْبَحْرِ لَاحْتَرَقَ كُلُّ شَيْ ءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى الْجِبَالُ وَ الصُّخُورُ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ وَ النُّجُومَ وَ الْفَلَكَ وَ جَعَلَ الْأَرَضِينَ عَلَى ظَهْرِ حُوتٍ أَثْقَلَهَا فَاضْطَرَبَتْ فَأَثْبَتَهَا بِالْجِبَالِ فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ خَلْقَ مَا فِي السَّمَاوَات وَ الْأَرْضُ يَوْمَئِذٍ خَالِيَةٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا

ص: 432


1- فيه دلالة على عدم تناهي الكراة. السبزواري.

تَعْلَمُونَ» فَبَعَثَ اللَّهُ جَبْرَئِيلَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَأَخَذَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ قَبْضَةً فَعَجَنَهُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ وَ الْمَالِحِ وَ رَكَّبَ فِيهِ الطَّبَائِعَ قَبْلَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ فَخَلَقَهُ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ لَمَّا عُجِنَ بِالْمَاءِ اسْتَأْدَمَ فَطَرَحَهُ فِي الْجَبْلِ كَالْجَبْلِ الْعَظِيمِ وَ كَانَ إِبْلِيسُ يَوْمَئِذٍ خَازِناً عَلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ يَدْخُلُ فِي مَنْخِرِ آدَمَ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى بَطْنِهِ فَيَقُولُ لِأَيِّ أَمْرٍ خُلِقْتَ لَئِنْ جُعِلْتَ فَوْقِي لَا أَطَعْتُكَ وَ إِنْ جُعِلْتَ أَسْفَلَ مِنِّي لَا أُعِينُكَ فَمَكَثَ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَ سَنَةٍ مَا بَيْنَ خَلْقِهِ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ فَخَلَقَهُ مِنْ مَاءٍ وَ طِينٍ وَ نُورٍ وَ ظُلْمَةٍ وَ رِيحٍ وَ نُورٍ مِنْ نُورِ اللَّهِ فَأَمَّا النُّورُ فَيُورِثُهُ الْإِيمَانَ وَ أَمَّا الظُّلْمَةُ فَيُورِثُهُ الْكُفْرَ وَ الضَّلَالَةَ وَ أَمَّا الطِّينُ فَيُورِثُهُ الرِّعْدَةَ وَ الضَّعْفَ وَ الِاقْشِعْرَارَعِنْدَ إِصَابَةِ الْمَاءِ فَيُنْعَتُ بِهِ عَلَى أَرْبَعِ الطَّبَائِعِ عَلَى الدَّمِ وَ الْبَلْغَمِ وَ الْمِرَارِ وَ الرِّيحِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى «أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً» قَالَ فَقَالَ كَعْبٌ يَا عُمَرُ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُ كَعِلْمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَا فَقَالَ كَعْبٌ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَصِيُّ الْأَنْبِيَاءِ وَ مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وَ عَلِيٌّ خَاتَمُ الْأَوْصِيَاءِ وَ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ الْيَوْمَ مَنْفُوسَةٌ إِلَّا وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَعْلَمُ مِنْهُ وَ اللَّهِ مَا ذَكَرَ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الْمَلَائِكَةِ شَيْئاً إِلَّا وَ قَدْ قَرَأْتُهُ فِي التَّوْرَاةِ كَمَا قَرَأَ قَالَ فَمَا رُئِيَ عُمَرُ غَضِبَ قَطُّ مِثْلَ غَضَبِهِ ذَلِكَ الْيَوْم.

ص: 433

فهرس الموضوعات

المقدمة ...5

باب (1) نفي الظلم والجور عنه تعالى وإبطال الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين وإثبات الاختيار والاستطاعة ...13

باب (3) القضاء والقدر والمشية والإرادة وسائر أسباب الفعل...16

باب (5) باب الأرزاق والأسعار ...17

باب (10) السعادة والشقاوة والخير والشرّ وخالقهما ومقدّرهما ...18

باب (10) الطينة والميثاق ...20

باب (12) علّة عذاب الاستيصال وحال ولد الزنا وعلّة اختلاف أحوال الخلق ... 32

باب (20) التوبة وأنواعها وشرائطها ...34

باب(2) علامات الکبر الكبر وأنّ ما بين الستّين إلى السبعين معترك المنايا وتفسير أرذل العمر...39

باب (8) أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلّق بذلك ...39

باب (1) احتجاج اللّه تعالى على أرباب الملل المختلفة في القرآن الكريم ... 43

باب (1) احتجاجه صلوات اللّه عليه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم ومسائل شتّی ...45

باب (7) ما علّمه صلوات الله عليه من أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنیاه ...48

باب (14) ما بيّن (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المسائل في أصول الدين وفروعه برواية الأعمش ... 70

باب (16) احتجاجات موسی بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أرباب الملل والخلفاء وبعض ما روي

ص: 434

عنه من جوامع العلوم ...78

باب (17) ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) بغیر رواية الحميري نقلناها مجتمعة لما بينها وبين أخبار الحميري من اختلاف يسير وفرّقنا ما ورد برواية الحميري على الأبواب ... 78

باب (19) مناظرات الرضا علي بن موسی صلوات الله عليه واحتجاجه على أرباب الملل المختلفة والأديان المتشتتة في مجلس المأمون وغيره ... 78

باب (1) معنى النبوّة وعلّة بعثة الأنبياء وبيان عددهم وأصنافهم وجمل أحوالهم وجوامعها صلوات الله عليهم أجمعين ...83

باب (2) نقش خواتيمهم وأشغالهم وأمزجتهم وأحوالهم في حياتهم وبعد موتهم صلوات الله عليهم ...84

باب (4) عصمة الأنبياء(عَلَيهِم السَّلَامُ) وتأويل ما يوهم خطأهم وسهوهم ...85

تحقيق الإجماع ...93

باب (1) فضل آدم وحواء وعلل تسميتهما وبعض أحوالهما وبدء خلقهما وسؤال الملائكة في ذلك ...97

باب (3) ارتكاب ترك الأولى ومعناه وكيفيته قبول توبته والكلمات التي تلقّاها من ربّه...103

باب (4) كيفيّة نزول آدم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الجنة وحزنه على فراقها وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله ...104

باب (5) تزويج آدم حواء وكيفية بدء النسل منهما وقصة قابيل وهابيل وسائر أولادهما...105

باب (6) تأويل قوله تعالی: جَعَلَا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتَاهُمَا؛ ...106

باب (8) عمر آدم ووفاته ووصيته إلى شيث وقصصه (عَلَيهِ السَّلَامُ)...111

باب (3) بعثته (عَلَيهِ السَّلَامُ) على قومه وقصة الطوفان ...114

باب (5) أحوال أولاده وأزواجه صلوات الله عليهم وبناء البيت ...117

ص: 435

باب (8) قصص ذي القرنين ...117

باب (10) قصص أيوب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...129

باب (1) نقش خاتمهما وعلل تسميتهما وفضائلهما وسننهما وبعض أحوالهما .... 132

باب (2) أحوال موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) من حين ولادته إلى نبوتّه...132

باب (3) معنى قوله تعالى:«فَاخْلَعْ نَعْلَيْك»وقول موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي وأنّه لِمَ سمىَّ الجبل طور سيناء...138

باب (7) نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلّق بها...138

باب (4) قصة قارون ...141

باب (4) قصة ذبح البقرة ...142

باب (11) ما ناجی به موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) ربّه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه اللّه وفيه بعض النوادر...153

باب (12) وفاة موسى وهارون (عَلَيهِ السَّلَامُ) وموضع قبرهما وبعض أحوال يوشع بن نون (عَلَيهِ السَّلَامُ) ... 154

باب (18) قصص لقمان وحكمه ...155

باب (17) ولادة عيسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...160

باب (22) رفعه إلى السماء ...160

باب (25) قصص یونس وأبيه متّى ...161

باب (1) بدء خلقه وما جرى له في الميثاق ... 165

الباب (3) تاریخ ولادته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما يتعلّق بها وما ظهر عندها من المعجزات والكرامات ...171

باب (4) منشأه ورضاعه وما ظهر من إعجازه عند ذلك إلى نبوّته ... 173

باب (5) تزوّجه له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بخديجة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وفضائلها وبعض أحوالها ...177

باب (6) أسماؤه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وعللها ...177

باب (7) نادر في معنى كونه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يتيماً وضالاً وعائلاً، ومعنی انشراح صدره، وعلّة

ص: 436

يتمه والعلة التي من أجلها لم يبق له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولدٌ ذَكَر...180

باب (8) أوصافه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له في خلقته وشمائله وخاتم النبوّة ...184

باب (9) مکارم أخلاقه وسيره وسننه ...185

باب (11) فضائله وخصائصه ...185

باب (13) وجوب طاعته وحبه التفويض إليه له(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ...186

باب (15) عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك ...186

باب (17) علمه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ...187 في كيفية صدور الوحي، ونزول جبريل (عَلَيهَا السَّلَامُ)وعلّة احتباس الوحي، وبيان أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هل كان قبل البعثة متعبداً بشريعة أم لا...189

باب (3) إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته ...189

باب (1) وصيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له عند قرب وفاته ...191

افتراق الأُمّة بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على ثلاث وسبعين فرقة وأنّه يجري فيهم ما جرى في غيرهم من الأمم وارتدادهم عن الدين ...195

باب (2) إخبار اللّه تعالى نبيه وإخبار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) له أُمّته بما جرى على أهل بيته صلوات الله عليهم من الظلم والعدوان ...195

باب (3) تبيين وتتمیم ...202

باب (4) تبیین ...203

باب (5) احتجاج أمير المؤمنين (عَلَيهَا السَّلَامُ) على أبي بكر وغيره في أمر البيعة ...207

فصل (2) في الكلام على ما يستفاد من اخبار الباب والتنبيه على ما ينتفع به طالب الحق والصواب ...208

باب (15) شكاية أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه عمّن تقدّمه من المتغلّبين الغاصبين ...211

باب (16) آخر فيما كتب (عَلَيهَا السَّلَامُ) إلى أصحابه في ذلك تصريحاً وتلويحاً ...212

باب (22) تفصيل مطاعن أبي بكر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من

ص: 437

کتبهم ...216

خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله ...217

باب (23) تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الأخبار من صحاحهم وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه ...218

باب (25) تفصيل مثالب عثمان وبدعه والاحتجاج بها على المخالفين بما رووه في كتبهم وبعض أحواله...223

تذييل وتتميم ...223

باب (31) ما ورد في لعن بني أمية وبني العباس وكفرهم ...226

باب بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهَا السَّلَامُ) وما جرى بعدها من نكث الناكثين إلى غزوة الجمل ... 227

باب (2) باب احتجاج أُمّ سلمة على عائشة ومنعها من الخروج ...231

باب (4) احتجاجه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أهل البصرة وغيرهم بعد انقضاء الحرب وخطبه (عَلَيهَا السَّلَامُ) عند ذلك ...235

باب (8) باب حكم من حارب عليّاً أمير المؤمنین صلوات اللّه عليه ...236

باب (40) نصوص اللّه عليهم من خبر اللوح والخواتيم وما نص به عليهم في الكتب السالفة وغيرها...241

باب (41) نصوص الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليهم (عَلَيهم السَّلَامُ) ...243

باب (49) نادر في ذکر مذاهب الذين خالفوا الفرقة المحقة في القول بالأئمّة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم ...245

باب (61) جوامع الأخبار الدالة على إمامته من طرق الخاصة والعامة ...246

باب (62) نادر فيما امتحن اللّه به امير المؤمنین صلوات اللّه عليه في حياة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبعد وفاته ...247

باب (101) عبادته وخوفه (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...265

باب (107) جوامع مکارم أخلاقه وآدابه وسننه وعدله وحسن سياسته صلوات اللّه عليه ...266

ص: 438

مادات والنباتات ...267

باب (114) معجزات كلامه من إخباره بالغائبات، وعلمه باللغات وبلاغته وفصاحته صلوات اللّه عليه ...268

باب (127) كيفية شهادته (عَلَيهِ السَّلَامُ) ووصيته وغسله والصلاة عليه ودفنه ... 270

باب (1) ولادتها وحليتها وشمائلها صلوات اللّه عليها وجمل تواريخها ... 285

باب (3) مناقبها وفضائلها وبعض أحوالها ومعجزاتها صلوات اللّه عليها ....287

باب (4) سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الّله عليها وسير بعض خدمها ...287

باب (5) تزويجها صلوات اللّه عليها ...289

باب (7) ما وقع عليها من الظلم وبكائها وحزنها وشكايتها في مرضها إلى شهادتها وغسلها ودفنها وبيان العلة في إخفاءدفنها صلوات اللّه عليها ولعنة اللّه على من ظلمها ...289

باب (12) فضائلها ومناقبها والنصوص عليهما صلوات اللّه عليها ...295

باب (19) كيفية مصالحة الحسن بن علي صلوات اللّه عليهما معاوية وما جرى بينهما قبل ذلك ...297

باب (25) معجزاته صلوات اللّه عليه ...299

باب (26) مکارم أخلاقه وجمل أحواله وتاريخه وأحوال أصحابه صلوات الله عليه ... 300

باب (34) ثواب البكاء على مصيبته ومصائب سائر الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) وفيه أدب المأتم يوم عاشوراء ... 300

باب (35) فضل الشهداء معه وعلة عدم مبالاتهم بالقتل وبيان أنه صلوات الله عليه كان فرحاً لا يبالي بما يجري عليه ...302

باب (37) ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات اللّه عليه، ولعنة اللّه على ظالميه وقاتليه والراضين بقتله ...302

باب (42) رؤية أُمّ سلمة وغيرها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام وإخباره بشهادة

ص: 439

الکرام ... 318

باب (38) شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي اللّه عنهما ...335

باب (39) الوقائع المتأرة عن قتله (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...335

باب (40) ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء والأرض عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وانکساف الشمس والقمر وغيرها ...246

باب (42) رؤية أُمّ سلمة وغيرها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في المنام وإخباره بشهادة الكرام ...248

باب (49) أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي وما جرى على يديه وأيدي أوليائه ...249

باب (3) معجزاته ومعالي أموره وغرائب شأنه صلوات اللّه عليه ...357

باب (11) أحوال أولاده وأزواجه صلوات اللّه عليه ...357

باب (5) معجزاته ومعاني أموره وغرائب شأنه صلوات اللّه عليه ...359

باب (8) أحوال أصحابه وأهل زمانه من الخلفاء وغيرهم وما جرى بينه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبينهم... 359

باب (5) معجزاته واستجابة دعواته ومعرفته بجميع اللغات ومعالي أموره صلوات اللّه عليه ... 361

باب (6) ما جرى بينه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين المنصور وولاته وسائر الخلفاء الغاصبين والأمراء الجائرين وذكر بعض أحوالهم ...361

باب (9) أحوال أقربائه وعشائره وما جرى بينه وبينهم وما وقع عليهم من الجور والظلم ...366

وأحوال من خرج في زمانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من بني الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأولاد زيد وغيرهم...366

باب (11) أحوال أصحابه وأهل زمانه صلوات اللّه عليه وما جرى بينه وبينهم... 369

باب (12) مناظرات أصحابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع المخالفين ... 373

باب (3) النصوص عليه صلوات اللّه عليه...376

ص: 440

باب (5) عبادته وسيره ومكارم أخلاقه ووفور علمه صلوات عليه ... 377

باب (1) مناظراته (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع خلفاء الجور وما جرى بينه وبينهم وفيه بعض أحوال علي ابن يقطين ... 380

باب (7) أحوال عشائره وأصحابه وأهل زمانه وما جرى بينه وبينهم وما جرى من الظلم على عشائره صلوات اللّه عليه ...381

باب (9) أحواله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الحبس إلى شهادته وتاريخ وفاته ومدفنه صلوات اللّه عليه ولعنة اللّه على من ظلمه...382

باب (11) وروده (عَلَيهِ السَّلَامُ) بنيسابور وما ظهر فيه من المعجزات ...387

باب (1) ولادته وأحوال أمه صلوات اللّه عليه ... 391

باب (3) النهي عن التسمية ...397

باب (4) صفاته صلوات اللّه عليه وعلاماته ونسبه ... 398

باب (1) تاريخ الإمام الثاني عشر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ...399

ما ورد من إخبار الله وإخبار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يا بالقائم (عَلَيهِ السَّلَامُ) من طرق الخاصة والعامة...399

باب (2) ما ورد عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في ذلك ... 401

باب (3) ما روي في ذلك عن الحسنین صلوات اللّه عليهما ... 401

ذكر الأدلة التي ذكرها شيخ الطائفة ؛ على إثبات الغيبة ... 402

ذكر أمر أبي الحسين علي بن محمد السمري بعد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح وانقطاع الأعلام به وهم الأبواب ... 404

باب (18) ذكر من رآه صلوات اللّه عليه ... 405

باب (23) من ادعى الرؤية في الغيبة الكبرى وأنه يشهد ويرى الناس ولا يرونه وسائر أحواله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الغيبة ... 405

باب (25) علامات ظهوره صلوات اللّه عليه من السفياني والدجال وغير ذلك وفيه ذكر بعض أشراط الساعة ... 407

باب (27) سیره وأخلاقه وعدد أصحابه وخصائص زمانه وأحوال أصحابه صلوات

ص: 441

اللّه عليه وعلى آبائه ... 412

باب (28) ما يكون عند ظهوره (عَلَيهِ السَّلَامُ) برواية المفضل بن عمر... 418

باب (29) الرجعة ... 419

باب (1) حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور ... 423

فهرست الموضوعات ...435

***

ص: 442

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.