ذکری الشیعه فی احکام الشریعه المجلد 4

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: شهید اول، محمدبن مکی، ق 786 - 734

عنوان واسم المؤلف: ذکري الشیعة فی احکام الشریعة/ تالیف الشهید الاول محمدبن جمال الدین مکی العاملی الجزینی؛ بحث مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لاحیاآ التراث

تفاصيل المنشور: قم: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لاحیاآ التراث، . 14ق. = 1419 - 13ق. = 1377.

مواصفات المظهر:ج 4

الصقيع:(موسسه آل البیت علیهم السلام لاحیاآ التراث 202)

ISBN:964-319-102-8(الفترة) ؛ 964-319-106-07500ریال:(ج.4)

ملاحظة: عربي

ملاحظة: القائمة على أساس المجلد الرابع: 1419ق. = 1377

ملاحظة:ج. 1 (چاپ اول: 1419ق. = 1377)7500 ریال (ج. 1) :ISBN 964-319-103-6

ملاحظة:ج. 2 (چاپ اول: 1419ق. = 1377)7500 ریال (ج. 2) :ISBN 964-319-104-4

ملاحظة:ج. 3 (چاپ اول: 1419ق. = 1377)7500 ریال (ج. 3) :ISBN 964-319-105-2

ملاحظة:فهرس

الموضوع: الفقه الجعفري - القرن ق 5

المعرف المضاف:موسسه آل البیت(علیهم السلام) لاحیاآ التراث

المعرف المضاف:عنوان

ترتيب الكونجرس:BP182/3/ش9ذ8 1377

تصنيف ديوي:297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية:م 78-3065

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

ص: 4

ادامة الاقطاب الأربعة

ادامة القطب الأول في العبادات

ادامة كتاب الصلاة

ادامة أركان الصلاة
ادامة الركن الأول في أفعال الصلاة و توابعها
الفصل الثالث:في تروك الصلاة
اشارة

و هي إما واجبة أو مندوبة،فهاهنا مطلبان.

المطلب الأول:في التروك الواجبة.
مقدّمة:

يحرم قطع الصلاة الواجبة اختيارا؛لوجوب الإتمام المنافي لإباحة القطع،و لقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (1).

و يجوز للضرورة،كردّ الآبق،و قبض الغريم،و قتل الحية التي يخافها على نفسه؛لمرسلة حريز عن الصادق عليه السلام (2).و لإحراز المال المخوف ضياعه،و لإمساك الدابة خوف الذهاب أو العنت في تحصيلها،روى الأمرين سماعة (3).ورد الصبي يحبو الى النار،و الشاة تدخل البيت،رواه السكوني عن علي عليه السلام (4)،و فيها انه«يبني على صلاته ما لم يتكلم» (5)و هو حق إذا لم يفعل ما ينافي الصلاة.

و لا حرج في انقطاعها بما لا اختيار فيه،كالنوم،و الدماء الثلاثة،و سبق الحديث الأكبر أو الأصغر.

و لو تعمّد الحدث أثم.و لو خاف من إمساكه الضرر على نفسه،أو سريان النجاسة إلى ثوبه أو بدنه و ظن ذلك،جاز القطع.و روى عبد الرحمن بن

ص: 5


1- سورة محمد:33.
2- الكافي 3:367 ح 3،الفقيه 1:242 ح 1073،التهذيب 2:330 ح 1361.
3- الكافي 3:367 ح 5،الفقيه 1:242 ح 1071،التهذيب 2:330 ح 1360.
4- التهذيب 2:333 ح 1375.
5- التهذيب 2:333 ح 1375.

الحجاج،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه و هو يستطيع ان يصبر عليه،أ يصلي على تلك الحال أو لا يصلي؟فقال:«إن احتمال الصبر،و لم يخف إعجالا عن الصلاة،فليصل و ليصبر» (1)و هو يدل بمفهوم المخالفة انّه إذا خاف إعجالا لم يصبر.

فروع:

قد يجب القطع،كما في حفظ الصبي و المال المحترم عن التلف،و إنقاذ الغريق و المحترق،حيث يتعيّن عليه فلو استمر بطلت صلاته؛للنهي المفسد للعبادة.

و قد لا يجب بل يباح،كقتل الحية التي لا يغلب على الظن أذاها، و إحراز المال الذي لا يضرّ به فوته.

و قد يستحب،كالقطع لاستدراك الأذان و الإقامة،و قراءة الجمعة و المنافقين في الظهر و الجمعة،و الائتمام بإمام الأصل أو غيره.

و قد يكره،كإحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفواته،مع احتمال التحريم.

و إذا أراد القطع،فالأجود التحلل بالتسليم؛لعموم:«و تحليلها التسليم» (2).و لو ضاق الحال عنه سقط.و لو لم يأت به و فعل منافيا آخر، فالأقرب عدم الإثم؛لأن القطع سائغ،و التسليم انما يجب التحلل به في الصلاة التامة.

ثم هنا مباحث:
البحث الأول حرمة الفعل الكثير الخارج عن الصلاة إذا خرج فاعله به عن
اشارة

كونه مصليا]

يحرم الفعل الكثير الخارج عن الصلاة إذا خرج فاعله به عن كونه

ص: 6


1- الكافي 3:364 ح 3،1:الفقيه 1:240 ح 1061،التهذيب 2:324 ح 1326.
2- تقدم في ص 3:418 الهامش 2.

مصليا؛لسلب اسم الصلاة فلا تبقى حقيقتها.اما القليل-كلبس العمامة،أو الرداء،أو مسح الجبهة،أو قتل القملة و البرغوث-فلا؛لما روي ان النبي صلّى اللّه عليه و آله قتل عقربا في الصلاة (1)و أمر بقتل الأسودين في الصلاة:

الحية و العقرب (2)و دفع عليه الصلاة و السلام المار بين يديه (3)و حمل امامة بنت أبي العاص و كان يضعها إذا سجد و يرفعها إذا قام (4)و أدار ابن عباس عن يساره الى يمينه (5).

و روى محمد بن مسلم،عن الصادق عليه السلام جواز قتل الحية و العقرب (6).

و روى الحلبي عنه عليه السلام قتل البقة و البرغوث و القملة و الذباب في الصلاة (7).

و في رواية عمار عنه عليه السلام في قتل الحية:«ان كان بينه و بينها خطوة واحدة فليخط و ليقتلها،و الاّ فلا» (8).4.

ص: 7


1- سنن ابن ماجة 1:395 ح 1247.
2- المصنف لعبد الرزاق 1:449 ح 1754،مسند الحمد 2:233،255،سنن الدارمي 1: 354،سنن ابن ماجة 1:394 ح 1245،الجامع الصحيح 1:233 ح 390،سنن النسائي 3:10
3- المصنف لعبد الرزاق 2:259 ح 3279،المصنف لابن أبي شيبة،1:283،سنن ابن ماجة 1:305 ح 948،السنن الكبرى 2:268.
4- الموطأ 1:170،ترتيب مسند الشافعي 1:116 ح 345،صحيح البخاري 1:137،صحيح مسلم 1:385 ح 543،سنن أبي داود 1:241 ح 917،سنن النسائي 3:10.
5- المصنف لعبد الرزاق 3:36 ح 4706،مسند احمد 1:252،سنن الدارمي 1:286، صحيح البخاري 1:179،صحيح مسلم 1:528 ح 763،سنن أبي داود 2:45 ح 1357، سنن النسائي 2:87،مسند أبي يعلى 4:35 ح 2465.
6- الكافي 3:367 ح 1،التهذيب 2:330 ح 1358.
7- الكافي 3:367 ح 2،الفقيه 1:241 ح 1070،التهذيب 2:330 ح 1359.
8- الفقيه 1:241 ح 1072،التهذيب 2:331 ح 1364.

و روى زكريا الأعور أو أبو زكريا ان الحسن عليه السلام ناول شيخا كبيرا عصاه بعد ان انحنى لتناولها (1).

و يجوز عدّ الركعات و التسبيح بالأصابع و السبحة و ان توالى؛لانه لا يخرج به عن اسم المصلي و لا يخل بهيئة الخشوع؛لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله علّم جعفرا صلاة التسبيح و هي محتاجة إلى العدد (2).

و روى البزنطي عن داود بن سرحان،عن الصادق عليه السلام في عد الآي بعقد اليد،قال:«لا بأس،هو أحصى للقرآن».

أما الأكل و الشرب،فالظاهر انهما لا يبطلان بمسماهما بل بالكثرة.فلو ازدرد ما بين أسنانه لم تبطل،اما لو مضغ لقمة و ابتلعها،أو تناول قلّة فشرب منها،فان كثر ذلك عادة أبطل.

و ان كان لقمة أو شربة فقد قال في التذكرة:تبطل؛لأنّ تناول المأكول و مضغه و ابتلاعه أفعال معدودة،و كذا المشروب (3).

و استثنى الشيخ في الخلاف الشرب في صلاة النافلة (4).و الذي رواه سعيد الأعرج عن الصادق عليه السلام:الشرب في دعاء الوتر إذا خاف فجاءة الصبح و هو عطشان و يريد الصيام،فيسعى خطوتين أو ثلاثا و يشرب (5).

و احتمل بعض الأصحاب قصر الرواية على موردها (6).3.

ص: 8


1- الفقيه 1:243 ح 1079 عن ابن زكريا الأعور،التهذيب 2:332 ح 1369 عن زكريا الأعور.
2- الفقيه 1:347 ح 1536،التهذيب 3:186 ح 420.
3- تذكرة الفقهاء 1:132.
4- قال الشيخ في الخلاف 1:413 المسألة 159:روي ان شرب الماء في النافلة لا بأس به، و نحوه في المبسوط 1:188،و راجع في ذلك مفتاح الكرامة 3:35.
5- الفقيه 1:313 ح 1424،التهذيب 2:329 ح 1354.
6- راجع:المعتبر 2:260،تذكرة الفقهاء 1:133.
مسائل:
الأولى حكم ما لو قرأ كتابا في نفسه من غير نطق

لو قرأ كتابا في نفسه من غير نطق،فان طال الزمان التحق بالسكوت الطويل و الاّ فلا تبطل به؛لأصالة بقاء الصحة،و لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«تجاوز اللّه لأمتي عما حدثت نفوسها ما لم يتكلموا» (1)و لأنّ التصورات لا يكاد يخلو منها إنسان.

الثانية حكم ما لو كان الفعل الكثير متواليا

لو كان الفعل الكثير متواليا،أبطل قطعا.و لو تفرّق بحيث حصلت الكثرة باجتماع اجزاءه،و كل واحد منها لا يعدّ كثيرا،ففي إبطال الصلاة به وجهان،من وجود ما ينافي الصلاة مجتمعا فكذا متفرّقا،و من خروجه بالتفرّق عن الكثرة،عرفا.و حديث حمل امامة (2)يقوي اشتراط التوالي.

الثالثة قول الأصحاب:إنّ الفعل الكثير إذا وقع عمدا يبطل

قال الأصحاب:ان الفعل الكثير انما يبطل إذا وقع عمدا،اما مع النسيان (3)فلا،لعموم قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«رفع عن أمتي الخطأ و النسيان» (4).

و ربما يحتج بما رواه العامة-و رواه الأصحاب أيضا-:ان النبي صلّى اللّه عليه و آله سلّم على اثنتين،فقال ذو اليدين:أ قصرت الصلاة أم نسيت؟فقال:«أصدق ذو اليدين؟»فقالوا:نعم.فقام رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 9


1- مسند احمد 2:491،صحيح البخاري 3:190،7:59،8:168،صحيح مسلم 1: 116 ح 127،سنن ابن ماجة 1:658 ح 2040،سنن أبي داود 2:264 ح 2209،الجامع الصحيح 3:489 ح 1183،سنن النسائي 6:156،مسند أبي يعلى 11:276 ح 6389.
2- تقدم في ص 7 الهامش 4.
3- راجع:المبسوط 1:117،الوسيلة:97،الغنية:496،تذكرة الفقهاء 1:132.
4- الكافي 2:335 ح 2،الفقيه 1:36 ح 132،الخصال:417،الجامع الصغير 2:16 ح 4461 عن الطبراني في الكبير.

عليه و آله فصلّى آخرتين ثم سلم،ثم سجد للسهو (1).

و هو متروك بين الإمامية،لقيام الدليل العقلي على عصمة النبي صلّى اللّه عليه و آله عن السهو،و لم يصر الى ذلك غير ابن بابويه-رحمة اللّه-و نقل عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد انه قال:أول درجة من الغلو نفي السهو عن النبي صلّى اللّه عليه و آله (2).

و هذا حقيق بالاعراض عنه؛لأن الأخبار معارضة بمثلها فيرجع الى قضية العقل،و لو صح النقل وجب تأويله،على ان إجماع الإمامية في الأعصار السابقة على هذين الشيخين و اللاحقة لهما على نفي سهو الأنبياء و الأئمة عليهم الصلاة و السلام.

الرابعة حكم البكاء في الصلاة

قد يكون الفعل الكثير مبطلا للصلاة و غير مبطل،باعتبار القصد و عدمه كالبكاء،فإنه ان كان لذكر الجنة أو النار فإنه لا يبطل،و ان كان لأمور الدنيا -كذكر ميت له-أبطل.

و قد رواه أبو حنيفة عن أبي عبد اللّه عليه السلام،و قال:«هو من أفضل الأعمال في الصلاة»يعني البكاء لجنة أو نار (3).

و روي:ان النبي صلّى اللّه عليه و آله كان في بعض صلاته فسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل (4)،بالزائين المعجمتين،و هو غليان صدره و حركته بالبكاء.

و بكى في آخر سجدة من صلاة الكسوف (5).

ص: 10


1- التهذيب 2:346 ح 1438،ترتيب مسند الشافعي 1:121 ح 356،المصنف لعبد الرزاق 2:299 ح 3447،صحيح البخاري 2:86،صحيح مسلم 1:404 ح 573،سنن ابن ماجة 1:383 ح 1214،سنن النسائي 3:20،شرح معاني الآثار 1:445.
2- الفقيه 1:235.
3- الفقيه 1:208 ح 941،التهذيب 2:317 ح 1295،الاستبصار 1:408 ح 1558.
4- مسند احمد 4:24،سنن أبي داود 1:238 ح 904،سنن النسائي 3:13،السنن الكبرى 2:251.
5- سنن النسائي 3:138.

و لو كان مغلوبا على البكاء لأمور الدنيا،فالظاهر الفساد أيضا-لإطلاق النص-و ان زال عنه الإثم.و لو بكى ناسيا لم تبطل؛لعموم:رفع الخطأ عن الناسي (1).

و يستحب التباكي في الصلاة؛لما رواه سعيد بياع السابري،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أ يتباكى الرجل و هو في الصلاة؟قال:«بخ بخ،و لو مثل رأس الذباب» (2).

الخامسة جواز الإيماء بالرأس و الإشارة باليد و التسبيح للرجل و التصفيق للمرأة،عند إرادة الحاجة

يجوز الإيماء بالرأس و الإشارة باليد و التسبيح للرجل، و التصفيق للمرأة،عند إرادة الحاجة،رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام (3).

و روى عنه حنان بن سدير:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أومأ برأسه في الصلاة (4).و روى عنه عمار:التنحنح ليسمع من عنده فيشير اليه،و التسبيح للرجل و المرأة،و ضرب المرأة على فخذها (5).

و كذا يجوز غسل الرعاف في أثنائها،رواه محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام (6).

و يجوز ضرب الحائط لإيقاظ الغير؛لرواية أبي الوليد عن الصادق عليه السلام (7)و رمي الغير بحصاة طلبا لإقباله،كما فعله عليه السلام (8).و ضم.

ص: 11


1- الكافي 2:335 ح 1،2،الخصال:417،التوحيد:353،الجامع الصغير 2:16 ح 4461 عن الطبراني في الكبير.
2- الكافي 3:301 ح 2،التهذيب 2:287 ح 1148،الاستبصار 1:407 ح 1557.
3- الكافي 3:365 ح 7،الفقيه 1:242 ح 1075،و في التهذيب 2:324 ح 1328 لم يذكر التسبيح.
4- الفقيه 1:242 ح 1076.
5- الفقيه 1:242 ح 1077.
6- الكافي 3:365 ح 9،التهذيب 2:323 ح 1323.
7- الفقيه 1:243 ح 1080،التهذيب 2:325 ح 1329.
8- الفقيه 1:243 ح 1078،التهذيب 2:327 ح 1342.

الجارية إليه؛لرواية مسمع عن أبي الحسن عليه السلام (1).و إرضاع الصبي حال التشهد؛لرواية عمار عن الصادق عليه السلام (2).

و يجوز رفع القلنسوة من الأرض و وضعها على الرأس،رواه زرارة عنه عليه السلام (3).

البحث الثاني حرمة تعمد القهقهة في الصلاة

يحرم تعمّد القهقهة في الصلاة و تبطلها إجماعا؛لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«من قهقه فليعد صلاته» (4).و روى زرارة عن الباقر عليه السلام:«القهقهة لا تنقض الوضوء و تبطل الصلاة» (5).

و الظاهر انه لا يعتبر فيها الكثرة،بل يكفي منها مسماها.و لو قهقه ناسيا لم تبطل إجماعا.و كذا لا تبطل بالتبسم-و هو ما لا صوت فيه-إجماعا، و الأقرب كراهيته.و لو صدرت القهقهة على وجه لا يمكنه دفعه،فالأقرب البطلان و ان لم يأثم؛لعموم الخبر.

البحث الثالث حرمة تعمّد الحدث في الصلاة

يحرم تعمّد الحدث في الصلاة و يقطعها،و في السهو قولان سبقا.

البحث الرابع حرمة تعمّد الكلام بما ليس من الصلاة

يحرم تعمّد الكلام بما ليس من الصلاة،و لا من القرآن و الأذكار و الدعاء بالمباح،و حدّه حرفان فصاعدا بإجماع الأصحاب؛لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«انما صلاتنا هذه تكبير و تسبيح و قرآن،و ليس فيها شيء من كلام الناس» (6).و(الكلام)جنس لما يتكلم به فيقع على الكلمة،

ص: 12


1- التهذيب 2:329 ح 1350.
2- التهذيب 2:330 ح 1355.
3- التهذيب 2:357 ح 1480.
4- سنن الدار قطني 1:167،السنن الكبرى 2:252.
5- مثله عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي 3:364 ح 6،التهذيب 2:324 ح 1324،بلفظ:«و لكن تنقض الصلاة».
6- مسند الطيالسي:150 ح 1105،المصنف لابن أبي شيبة 2:432،مسنده احمد 5:447، سنن الدارمي 1:353،صحيح مسلم 1:381 ح 537،سنن أبي داود 1:244 ح 930، سنن النسائي 3:14،السنن الكبرى 2:249.

و الكلمة صادقة على الحرفين فصاعدا.و قوله:«ليس فيها شيء من كلام الناس»خبر يراد به النهي؛لاستحالة عدم المطابقة في خبر اللّه و رسوله.

و لو تكلم ناسيا لم تبطل؛لعموم:«رفع عن أمتي الخطأ و النسيان» (1)و قول الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن الحجاج في المتكلم في الصلاة ناسيا:«يتمّها،ثم يسجد سجدتين» (2).فان طال الكلام ناسيا التحق بالفعل الكثير.

و في هذا البحث أحكام.

الأول: لا فرق بين كون الكلام عامدا لمصلحة الصلاة أو غيرها،أو لا لمصلحة.و تجويز مالك الكلام للمصلحة (3)-كتنبيه الأعمى،أو من يدركه الحريق أو السيل-مدفوع بسبق الإجماع.

الثاني: لو تكلم مكرها،ففي الابطال وجهان:نعم؛لصدق تعمّد الكلام.و لا؛لعموم:«و ما استكرهوا عليه» (4).نعم،لا يأثم قطعا.

و قال في التذكرة:يبطل؛لانه مناف للصلاة،فاستوى فيه الاختيار و عدمه.

كالحدث (5).و هو قياس مع الفرق؛بان نسيان الحديث يبطل لا الكلام ناسيا قطعا.

الثالث: لو كان الحرف الواحد مفهما،كما في الأفعال المعتلة الطرفين إذا أمر بها مثل:ق،ع،د،ش،ر فالأولى البطلان؛لتسميته كلاما لغة1.

ص: 13


1- الكافي 2:335 ح 1،2،الخصال:417،التوحيد:353،الجامع الصغير 2:16 ح 4461 عن الطبراني في الكبير.
2- الكافي 3:356 ح 4،التهذيب 2:191 ح 755،الاستبصار 1:378 ح 1433.
3- راجع:المجموع 4:85،حلية العلماء 2:129،المغني 1:740.
4- راجع الهامش 1.
5- تذكرة الفقهاء 1:131.

و عرفا،و التحديد بالحرفين للأغلب.و كذا لو كان الحرف بعده مدّة،لأنها اما:

ألف،أو واو،أو ياء.

الرابع: لو نفخ بحرفين،أو تأوّه بهما،بطل.و ان كان التأوّه من خوف النار،فوجهان:نعم؛لصدق التكلّم.و لا،و اختاره في المعتبر؛لوصف إبراهيم عليه السلام به على الإطلاق،و فعل كثير من الصلحاء (1).

و لو أنّ بحرفين بطلت؛لرواية طلحة بن زيد،عن الصادق عليه السلام ان عليا عليه السلام قال:«من أنّ في صلاته فقد تكلّم» (2).

الخامس: لا تبطل الصلاة بالحرف الواحد غير المفهم إجماعا؛لعدم انفكاك الصوت منه فيؤدي اجتنابه الى الحرج.

و كذا لا تبطل بالنفخ الذي لا تتميز فيه الحروف.

و كذا التنحنح؛لانه لا يعدّ كلاما،و قد مرّ في الرواية جوازه (3)،و أولى بالجواز إذا تعذّرت القراءة أو الأذكار إلاّ به،و لا يجوز العدول إلى الإخفات إذا أمكن من دون التنحنح؛لان الجهر واجب مع إمكانه.

و كذا لو كان التنحنح بان غلب عليه ذلك،اما لو كثر فإنه يلتحق بالفعل الكثير.

و لو تنحنح الامام لم ينفرد المأموم؛لبقاء الصحة.و قال بعض الشافعية:

ينفرد،بناء على انّ التنحنح عن قصد مبطل،و ان الظاهر انّ الامام قاصد.

و يضعف بمنع المقدمتين،و سند منع الثانية:انّ الظاهر انّ الامام يحترز من مبطلات الصلاة،فيحمل على غير الاختيار،و خصوصا عندنا لأنا نشترط عدالته.9.

ص: 14


1- المعتبر 2:254.
2- التهذيب 2:330 ح 1356.
3- المجموع 4:80،حلية العلماء 2:129.

السادس: الدعاء كلام فمباحه مباح و حرامه حرام.و لو جهل كون المطلوب حراما،فالأشبه الصحة؛لعدم وصفه بالنهي،و من تفريطه بترك التعلم.

و لو جهل كون الحرام مبطلا،فالظاهر البطلان،لانه مكلّف بترك الحرام و جهله تقصير منه،و كذا الكلام في جميع منافيات الصلاة لا يخرجها الجهل بالحكم عن المنافاة.

و في التهذيب لما أورد خبر علي بن النعمان-الذي يأتي-أوّله بالحمل على من تكلّم لظنه انّ التسليم يبيح الكلام و ان كان بعد في الصلاة،كما يبيحه إذا انصرف به من الصلاة،فلم يجب عليه إعادة الصلاة لجهله به و ارتفاع علمه بأنه لا يسوغ ذلك (1).و هذا مصير منه الى انّ الجهل بالحكم عذر.

السابع: لو تكلم بالقرآن قاصدا إفهام الغير و التلاوة جاز،كقوله للمستأذنين عليه اُدْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (2).

و لمن يريد التخطي على الفراش بنعله فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ (3).

و لنهي من اسمه يوسف يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا (4).

و لأمر يحيى بقوله يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ (5).

و لأمر حاكم أخطأ يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ (6).6.

ص: 15


1- التهذيب 2:181.
2- سورة الحجر:46.
3- سورة طه:12.
4- سورة يوسف:29.
5- سورة مريم:12.
6- سورة ص:26.

و لو قصد مجرد الافهام،ففيه وجهان:البطلان و الصحة،بناء على انّ القرآن هل يخرج عن اسمه بمجرد القصد أم لا؟ الثامن: لو تكلم عمدا لظنه إكمال الصلاة ثم تبين النقصان لم تبطل في المشهور،و هو المروي في الصحيح بطريق الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام من عدم البطلان بالتسليم (1)و هو كلام.

و بطريق علي بن النعمان:صليت بأصحابي المغرب فسلمت على ركعتين،فقالوا:انما صليت بنا ركعتين!فكلمتهم و كلموني.فقالوا:اما نحن فنعيد.فقلت:لكني لا أعيد و أتمّ ركعة فأتممت،ثم سألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقال:«كنت أصوب منهم فعلا،انما يعيد من لا يدري ما صلّى» (2).

و في هذه الرواية انه تكلم بعد ما علم النقيصة،فيحمل على انه أضمر ذلك في نفسه،أي:أضمر انه لا يعيد و انه يتم و يكون القول عبارة عن ذلك.

و بطريق محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام فيمن سلّم على ركعتين من المكتوبة للظن و تكلم ثم ذكر،قال:«يتمّ و لا شيء عليه» (3)في أخبار كثيرة (4).

و في النهاية:تبطل الصلاة بالتكلم عمدا (5)و جعله في المبسوط رواية (6)لم نقف عليها.

البحث الخامس حرمة الانحراف عن القبلة و لو يسيرا

يحرم الانحراف عن القبلة و لو يسيرا،فلو فعل عمدا أبطلها.و ان كان ناسيا،و كان بين المشرق و المغرب،فلا إبطال.و ان كان الى

ص: 16


1- التهذيب 2:180 ح 725،الاستبصار 1:370 ح 1410.
2- الفقيه 1:228 ح 1011،التهذيب 2:181 ح 726،الاستبصار 1:371 ح 1411.
3- التهذيب 2:191 ح 757،الاستبصار 1:379 ح 1436.
4- راجع:التهذيب 2:191 ح 755،758،الاستبصار 1:378 ح 1434،1437.
5- النهاية:94.
6- المبسوط 1:118.

المشرق و المغرب،أو كان مستدبرا،فقد أجرياه في المقنعة و النهاية مجرى الظان في الإعادة في الوقت إذا كان إليهما،و مطلقا ان استدبر (1).و توقف فيه الفاضلان (2).

و في التهذيب لما روى عن الحسين بن أبي العلاء عن الصادق عليه السلام فيمن سبقه الإمام بركعة في الفجر فسلم معه،ثم أقام في مصلاّه ذاكرا حتى طلعت الشمس:يضيف إليها ركعة إن كان في مكانه،و ان كان قد انصرف أعاد،قال الشيخ:يعني به إذا كان قد استدبر القبلة (3)و هذا ذهاب منه الى انّ استدبار القبلة يبطل إذا وقع سهوا،و اختاره المحقق في المعتبر (4).

و قال الشيخ في المبسوط-بعد عدّ تروك الصلاة و عدّ الاستدبار منها، و الفعل الكثير،و الحديث-:و هذه التروك على ضربين:أحدهما متى حصل عمدا أو سهوا أبطل،و هو جميع ما ينقض الوضوء،و قد روي انّه إذا سبقه الحدث جاز الوضوء و البناء،و الأحوط الأول.و القسم الآخر متى حصل ساهيا أو ناسيا أو للتقية فإنّه لا يقطع الصلاة،و هو كل ما عدا نواقض الوضوء (5).و هو تصريح منه بان الاستدبار سهوا لا يبطل.

و لك ان تقول:الصلاة الى دبر القبلة غير الاستدبار سهوا في الصلاة، فإن الاستدبار سهوا يصدق على اللحظة التي لا يقع فيها شيء من أفعال الصلاة،و جاز ان يغتفر هذا القدر كما اغتفر انكشاف العورة في الأثناء،فلا يكون للشيخ في المسألة قولان على هذا.

و يجوز أن يستدل على إبطال الصلاة بالاستدبار مطلقا بما رواه زرارة عن7.

ص: 17


1- المقنعة:14،النهاية:94.
2- المعتبر 2:74،تذكرة الفقهاء 1:103.
3- التهذيب 2:183،و الحديث فيه برقم 371،و في الكافي 3:383 ح 11.
4- المعتبر 2:381.
5- المبسوط 1:117.

الباقر عليه السلام،قال:«الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكلّه» (1)فإنه يشمل بإطلاقه العامد و الناسي،الا ان يعارض بحديث الرفع عن الناسي (2)فيجمع بينهما بحمله على العمد.

و اعلم ان الالتفات الى محض اليمين و اليسار بكله كالاستدبار،كما انّه بحكمه في الصلاة مستدبرا على أقوى القولين،فيجيء القول بالإبطال و لو فعله ناسيا إذا تذكر في الوقت،و ان فرقنا بين الالتفات و بين الصلاة الى اليمين و اليسار فلا إبطال.

البحث السادس حكم عقص الشعر

اختلف في عقص الشعر،و هو جمعه في وسط الرأس و شدّه.فروى في التهذيب عن مصادف،عن الصادق عليه السلام في رجل صلّى الفريضة و هو معقوص الشعر،قال:«يعيد صلاته» (3).

و رووا عن أبي رافع،قال:مرّ بي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا أصلّي و قد عقصت شعري فأطلقه (4).

و أخذ الشيخ بالتحريم و الابطال (5).

و قال المفيد،و سلار،و أبو الصلاح،و ابن إدريس،و الفاضلان:

يكره (6)؛للأصل،و ضعف مصادف،و استبعاد ان يكون هذا محرّما و ينفرد به الواحد.

فان قلت:و كذا تبعد الكراهية لانفراد الواحد بها.

ص: 18


1- التهذيب 2:199 ح 780،الاستبصار 1:405 ح 1543.
2- تقدم في ص 13 الهامش 1.
3- الكافي 3:409 ح 5،التهذيب 2:232 ح 914.
4- سنن الدارمي 1:320.
5- المبسوط 1:119،النهاية:95.
6- المقنعة:25،المراسم:64،الكافي في الفقه:125،السرائر:58،المعتبر 2:260، تذكرة الفقهاء 1:99.

قلت:المكروه لا تتوفر الدواعي إلى نقله،فجاز انفراد الواحد،بخلاف المحرّم.

و نقل الشيخ في الخلاف الإجماع على تحريمه (1)،فان ثبت فهو حجة معتمدة،و لما تقرر في الأصول حجية الإجماع المنقول بخبر الواحد،فلا بأس باتباع الشيخ،و للاحتياط.

فرع:

القائلون بالتحريم و الكراهة خصوه بالرجل كما في الرواية،فلا تحريم و لا كراهة في حقّ النساء.

البحث السابع:في باقي المبطلات.

فمنها:السكوت الطويل الذي يخرج به عن كونه مصليا،و ظاهر الأصحاب انه كالفعل الكثير،فحينئذ يشترط فيه التعمّد،فلو وقع نسيانا لم تبطل.و يبعد بقاء الصلاة على الصحة فيه و في الفعل الكثير المخرجين عن اسم المصلّي،بحيث يؤدي الى انمحاء صورة الصلاة،كمن يمضي عليه الساعة و الساعتان أو معظم اليوم.

و منها:نقص الركن عمدا أو سهوا و زيادته-كما مرّ-و زيادة الواجب عمدا أو نقصه عمدا.

و منها:ما خرّجه بعض متأخري الأصحاب من تحريم الصلاة مع سعة الوقت لمن تعلق به حق آدمي مضيّق مناف لها (2)و لا نصّ فيه الا ما سيجيء إن شاء اللّه من عدم قبول صلاة ممن لا يخرج الزكاة (3)و ليس بقاطع في البطلان.

ص: 19


1- الخلاف 1:111 المسألة 202.
2- كالعلامة في مختلف الشيعة:414.
3- الخصال:156،عيون اخبار الرضا 1:258.

و اما احتجاجهم بان الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده،و ان حقّ الآدمي مضيّق فيقدم على حق اللّه تعالى،و ان النهي في العبادة يفسدها،ففيه كلام حقّقناه في الأصول.

و منها:الكتف و التأمين،و قد سبقا.

و اما ما يبطل من الشك و السهو فيأتي في بابه إن شاء اللّه تعالى.

ص: 20

المطلب الثاني:في التروك المستحبة.
اشارة

و قد مرّ في تضاعيف الأفعال شطر منها و لنذكر أمورا:

الأول:يكره الالتفات الى اليمين و الشمال،

بحيث لا يخرج الوجه الى حدّ الاستدبار.و كان بعض مشايخنا المعاصرين يرى انّ الالتفات بالوجه يقطع الصلاة (1)كما يقوله بعض الحنفية (2)لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«لا تلتفتوا في صلاتكم،فإنه لا صلاة لملتفت»رواه عبد اللّه بن سلام (3)و يحمل على الالتفات بكله،و روى زرارة عن الباقر عليه السلام:«الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكلّه» (4).

الثاني:يكره ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام:«إذا قمت إلى

الصلاة فاعلم أنك بين يدي اللّه تعالى،

فان كنت لا تراه فاعلم انه يراك،فاقبل قبل صلاتك،و لا تمتخط،و لا تبصق،و لا تنقض أصابعك،و لا تورّك،فان قوما عذبوا بتنقيض الأصابع و التورك في الصلاة» (5).

قلت:تنقيض الأصابع الظاهر انّه الفرقعة بها ليسمع لها صوت،من إنقاض المحامل أي تصويتها.

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال لعلي عليه السلام:«لا تفرقع أصابعك و أنت تصلي» (6).

ص: 21


1- حكاه العاملي في مفتاح الكرامة 3:18 عن فخر المحققين.
2- شرح فتح القدير 1:357.
3- المعجم الأوسط 3:27 ح 2042. و ذيل الحديث في حلية الأولياء 7:344،و العلل المتناهية 1:446 ح 764.
4- التهذيب 2:199 ح 780،الاستبصار 1:405 ح 1543.
5- التهذيب 2:325 ح 1332.
6- سنن ابن ماجة 1:310 ح 965.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله انه سمع فرقعة رجل خلفه في الصلاة،فلما انصرف قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:«اما انه حظه من صلاته» (1).

الثالث:روى الحلبي عن الصادق عليه السلام في التمطي و التثاؤب في

الصلاة:«من الشيطان»

(2) .

الرابع:التنخم و البصاق.

روي:ان النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يأخذ النخامة في ثوبه (3).

الخامس:العبث؛

لفحوى رواية أبي بصير (4)و لما فيه من منافاة الإقبال على الصلاة و ترك الخشوع.

السادس:مدافعة الأخبثين أو الريح أو النوم؛

لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«لا صلاة لحاقن» (5)و لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«لا تصلّ و أنت تجد شيئا من الأخبثين» (6).و روى هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام:«لا صلاة لحاقن و لا لحاقنة،و هو بمنزلة من هو في ثوبه» (7)و فيه دلالة على الريح.و اما النوم فلقوله تعالى لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى في بعض التفسير (8)و لما فيه من سلب الخشوع و الإقبال على الصلاة،و التعرّض لإبطالها.

و لو عرضت المدافعة في أثناء الصلاة فلا كراهة في الإتمام؛لعدم اختيار

ص: 22


1- الكافي 3:365 ح 8.
2- التهذيب 2:324 ح 1328.
3- صحيح مسلم 1:389 ح 550،سنن ابن ماجة 1:327 ح 1024،السنن الكبرى 2:294.
4- التهذيب 2:325 ح 1332.
5- مسند أحمد 5:250،260،261،280،سنن الترمذي 2:189،سنن ابن ماجة 1:202 ح 617،619،سنن أبي داود 1:22 ح 89.
6- مسند أحمد 5:250،260،261،280،سنن الترمذي 2:189،سنن ابن ماجة 1:202 ح 617،619،سنن أبي داود 1:22 ح 89.
7- المحاسن:83،التهذيب 2:333 ح 1372.
8- سورة النساء:43،و انظر مجمع البيان 3:52.

المكلف هنا،و لو عجز عن المدافعة فله القطع.روى عبد الرحمن بن الحجاج،قال:سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه و هو يستطيع الصبر عليه،أ يصلي على تلك الحالة أو لا؟فقال:«إن احتمل الصبر و لم يخف إعجالا عن الصلاة،فليصلّ و ليصبر» (1).

السابع:التخصّر؛

لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله (2)،و هو الاعتماد باليدين على الوركين و يسمي:التورّك.

الثامن:لبس الخف الضيق؛

لما فيه من المنع عن التمكن في السجود و ملازمة القيام على سمت واحد.

التاسع:السدل،

و قد ذكر فيما مر.و قيل:انه وضع الثوب على الرأس و الكتف و إرسال طرفيه.اما لو أرسل طرفي الرداء فلا بأس؛لما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام و قال:«لا يصلح جمعهما على اليسار،و لكن اجمعهما على يمينك أو دعهما» (3).

العاشر:التأوّه بحرف واحد و الأنين به اختيارا؛

لقربه إلى الكلام.

و كره أبو الصلاح التنخع و التجشؤ،و إدخال اليدين في الكمين و تحت الثياب (4).

خاتمة
اشارة

و لنختم الفصل بثلاثة مباحث:

أحدها:في السلام على المصلّي،

و فيه مسائل تسع:

الاولى:لا يكره السلام على المصلّي؛ للأصل،و لعموم:

ص: 23


1- الكافي 3:364،الفقيه 1:240 ح 1061،التهذيب 2:324 ح 1326.
2- مسند احمد 2:232،سنن الدارمي 1:332،صحيح البخاري 2:84،صحيح مسلم 1: 387 ح 545،سنن أبي داود 1:249 ح 947،الجامع الصحيح 2:222 ح 383،سنن النسائي 2:127.
3- التهذيب 2:373 ح 1551.
4- الكافي في الفقه:125.

فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ (1) .و روى البزنطي في سياق أحاديث الباقر عليه السلام:«إذا دخلت المسجد و الناس يصلّون فسلّم عليهم،و إذا سلّم عليك فاردد فإني افعله».و ان عمار بن ياسر مرّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو يصلّي،فقال:السلام عليك يا نبي اللّه و رحمة اللّه و بركاته،فردّ عليه السلام (2).

الثانية يجب الردّ عليه إذا سلم عليه؛لعموم قوله تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها (3)و الصلاة غير منافية لذلك.

و ظاهر كلام الأصحاب مجرد الجواز؛للخبرين الآتيين بعد،و الظاهر انهم أرادوا به بيان شرعيته،و يبقى الوجوب معلوما من القواعد الشرعية.و بالغ بعض الأصحاب في ذلك،فقال تبطل الصلاة لو اشتغل بالأذكار و لما يردّ السلام (4)و هو من مشرب اجتماع الأمر و النهي في الصلاة كما سبق،و الأصحّ عدم الابطال بترك ردّه.

الثالثة يجب إسماعه تحقيقا أو تقديرا كما في سائر الردّ.و قد روى منصور بن حازم،عن الصادق عليه السلام:«يردّ عليه ردّا خفيا» (5).و روى عمار عنه عليه السلام:«ردّ عليه فيما بينك و بين نفسك،و لا ترفع صوتك» (6).

و هما مشعران بعدم اشتراط إسماع المسلّم،و الأقرب اشتراط إسماعه؛ليحصل قضاء حقّه من السلام.5.

ص: 24


1- سورة النور:61.
2- جامع البزنطي:مخطوط،رواها الشيخ المجلسي في البحار 84:306 ح 31؛و الشيخ الحر في الوسائل 7:271 ح 3 ب 17 من قواطع الصلاة عن الذكرى. و أورد المقطع الثاني منه الشيخ الصدوق في الفقيه 1:241 ح 1066 و المحقق في المعتبر 2:263،و العلامة في المنتهى 1:297 و الشهيد الأول في أربعينه:50 ح 22.
3- سورة النساء:86.
4- قاله العلامة في مختلف الشيعة:102.
5- الفقيه 1:240 ح 1065،التهذيب 2:331 ح 1366.
6- الفقيه 1:240 ح 1064،التهذيب 2:331 ح 1365.

الرابعة قال المرتضى:يجب ان يقول المصلّي في ردّ السلام مثل ما قاله المسلّم:(سلام عليكم)،و لا يقول:(و عليكم السلام) (1)و رواه عثمان بن عيسى عن الصادق عليه السلام (2).

و جوّز ابن إدريس الردّ بقوله:(عليكم السلام)،و خصوصا إذا قال المسلّم:(عليكم السلام) (3)لعموم الآية،و استضعافا لخبر الواحد مع انّ عثمان ابن عيسى واقفي شيخ الواقفة،فتبقى عموم الآية و الأصل سالمين عن المعارض.

الخامسة لا تكفي الإشارة بالرّد عن السلام لفظا.

و احتج الشافعي على تحريم التلفّظ بأنّ أبا مسعود لما قدم من الحبشة سلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو في الصلاة فلم يردّ عليه،قال:

فأخذني ما قرب و ما بعد،فلما فرغ قلت:يا رسول اللّه أنزل فيّ شيء؟قال:

«لا،و لكن اللّه يحدث من أمره ما يشاء،و انّ مما أحدث أن لا يتكلموا في الصلاة».و على جواز الإشارة بما روى صهيب و بلال:انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان إذا سلّم عليه أشار بيده (4).

و جوابه بعد تسليم النقل انه يجوز تقدّمه على الأمر بردّ السلام،و يجوز ان يكون قد جمع بين الإشارة و التلفظ خفيّا كما رويناه.5.

ص: 25


1- الانتصار:47.
2- الكافي 3:366 ح 1،التهذيب 2:328 ح 1348.
3- السرائر:50.
4- المجموع 4:93،فتح العزيز 4:117. و الرواية الاولى في:ترتيب مسند الشافعي 1:119 ح 351،مسند احمد 1:435، صحيح البخاري 9:187،سنن أبي داود 1:243 ح 924،سنن النسائي 3:9،السنن الكبرى 2:248. و الرواية الثانية في:ترتيب مسند الشافعي 1:119 ح 352،مسند احمد 2:10،سنن ابن ماجة 1:325 ح 1017،الجامع الصحيح 2:204 ح 367،سنن النسائي 3:5.

السادسة لا يجب ان يقصد القرآن بردّه،و يظهر من كلام الشيخ اعتباره (1).

لنا عموم الآية،و لخبر هشام بن سالم عن محمد بن مسلم،قال:دخلت على أبي جعفر عليه السلام و هو في الصلاة،فقلت:السلام عليك.فقال:

«السلام عليك».فقلت:كيف أصبحت؟فسكت فلما انصرف قلت له:أ يردّ السلام و هو في الصلاة؟فقال:«نعم،مثل ما قيل له» (2).و فيه دلالتان:

إحداهما:ان لفظ(السلام عليك)ليس في القرآن و قد أتى بها.

و ثانيها:عدم ذكر الامام قصد القرآن،فلو كان شرطا لذكره؛لامتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة.

السابعة لو سلّم بالصباح أو المساء أو التحية لم يجب الردّ عليه،قاله ابن إدريس (3).

و المحقق قال في المعتبر:نعم،لو دعا له و قصد الدعاء لا ردّ السلام، لم أمنع منه إذا كان مستحقا للدعاء؛لما بيناه من جواز الدعاء لنفسه و لغيره (4).

و قال الفاضل:يجب ردّ كل ما يسمى تحية؛لظاهر الآية،و خبر محمد ابن مسلم.و جوّز الردّ بلفظ المسلّم و بلفظ(سلام عليكم) (5).

الثامنة لو كان في موضع تقية ردّ خفيا و أشار،و قد تحمل عليه الروايتان السابقتان (6).

التاسعة لو ردّ غيره اكتفى به إذا كان مكلفا.و في الصبي المميز وجهان6.

ص: 26


1- النهاية:95،المبسوط 1:119،الخلاف 1:388 المسألة:141.
2- التهذيب 2:329 ح 1349.
3- السرائر:49.
4- المعتبر 2:264.
5- مختلف الشيعة:102.
6- تقدمتا في ص 24 الهامش 5،6.

مبنيان على صحة قيامه بفرض الكفاية،و هو مبني على انّ أفعاله شرعية أو لا، و قد سبقت الإشارة إليه.نعم،لو كان غير مميز لم يعتدّ به.

و لو ردّ بعد قيام غيره به لم يضرّ؛لانه مشروع في الجملة.

و هل هو مستحب كما في غير الصلاة أو تركه أولى؟فيه نظر،من شرعيته خارج الصلاة مستحبا،و من انه تشاغل بغير الصلاة مع عدم الحاجة إليه.

البحث الثاني حكم ما لو رعف في أثناء الصلاة أو تقيأ

لو رعف في أثناء الصلاة أو قاء لم تبطل الصلاة؛لأنهما غير ناقضين للطهارة،و القيء ليس بنجس و يجب غسل الرعاف إن بلغ قدر الدرهم،ثم يتمّ صلاته ما لم يفعل المنافي؛لرواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يأخذه القيء و الرعاف في الصلاة:«ينفتل فيغسل أنفه و يعود في صلاته،و ان تكلم فليعد الصلاة و ليس عليه وضوء» (1).

و روى الكليني عن الحلبي،عن الصادق عليه السلام فيمن رعف في الصلاة:«إن قدر على ماء عنده يمينا و شمالا بين يديه و هو مستقبل القبلة فليغسله عنه،ثم يصلّي ما بقي من صلاته.و ان لم يقدر على ماء،حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم،فقد قطع صلاته» (2).

و اما رواية أبي حمزة عن الصادق عليه السلام:«لا يقطع الصلاة إلاّ رعاف و أزّ في البطن،فادرؤوهنّ ما استطعتم» (3)فهي نادرة،و تحمل على ما إذا احتاج الى فعل المنافي (4).

و حملت على استحباب الإعادة (5)فإن أريد الإعادة بعد البناء فلا بأس، و ان أريد بدونه ففيه تعرّض لقطع الصلاة،الا ان يقال:هذا كقطع الصلاة

ص: 27


1- الكافي 3:365 ح 9،التهذيب 2:318 ح 1302،323 ح 1323.
2- الكافي 3:364 ح 2،التهذيب 2:200 ح 783،الاستبصار 1:404 ح 1541.
3- التهذيب 2:328 ح 1347،الاستبصار 1:403 ح 1539.
4- راجع الهامش السابق.
5- حملها المحقق في المعتبر 2:269.

لاستدراك الأذان و الجماعة.و لا يبعد ان يحمل القطع على استدراك غسل الدم أو الوضوء للأزّ-و هو الصوت في البطن،بمعنى:الأزيز-لما رواه الفضيل بن يسار،قلت:لأبي جعفر عليه السلام:أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا،فقال:«انصرف،ثم توضأ و ابن على ما مضى من صلاتك» (1).

تنبيه:

لو تعذّر قطع الرعاف حشا أنفه و صلّى مخففا لئلا يسبقه الدم،رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).و لو سبق الدم و أمكن غسله وجب،و الا أتمّها مع ضيق الوقت بحالة.

البحث الثالث استحباب قول(الحمد للّه)عند العطاس في الصلاة

يستحب(الحمد للّه)عند العطاس في الصلاة؛ للأصل،و العموم في استحباب ذلك الشامل للصلاة،و لقول الصادق عليه السلام في رواية الحلبي:«إذا عطس الرجل في الصلاة فليقل:الحمد للّه» (3).

و يجوز التحميد و الصلاة على النبي و آله عند سماعه العطسة من الغير في الصلاة؛لرواية أبي بصير عنه عليه السلام،قال:«و ان كان بينك و بينه اليمّ» (4).

و لو سمت العاطس أو شمته فدعا له جاز؛لما مرّ من جواز الدعاء للغير في الصلاة.و تردّد فيه في المعتبر،ثم قال:الجواز أشبه بالمذهب (5)،يعني:

لقضية الأصل من الجواز و عموم الدعاء للمؤمنين،و هو يشعر بعدم ظفره بنص

ص: 28


1- الفقيه 1:240 ح 1060،التهذيب 2:332 ح 1370،الاستبصار 1:401 ح 1533.
2- التهذيب 2:333 ح 1371.
3- التهذيب 2:332 ح 1367.
4- الكافي 3:366 ح 3.
5- المعتبر 2:263.

في ذلك.

و روى العامة عن معاوية بن الحكم،قال:صليت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعطس رجل من القوم،فقلت:يرحمك اللّه،فرماني القوم بأبصارهم!فقلت:ما شأنكم تنظرون إليّ؟فجعلوا يضربون أيديهم على افخاذهم فعرفت انهم يصمتوني،فلما صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس،انما هي التكبير و قراءة القرآن» (1).

و ربما قيل:انّ الإنكار على كلامه الثاني لا على التسميت (2).1.

ص: 29


1- تقدم في ص 12 الهامش 6.
2- قاله العلامة في تذكرة الفقهاء 1:131.

ص: 30

الركن الثاني:في الخلل الواقع في الصلاة.
اشارة

و هو إما عن عمد أو سهو أو شك،

فهنا مطالب ثلاثة.
المطلب الأول:العمد.
و فيه مسائل ثلاث:
الاولى بطلان الصلاة بتعمد الإخلال بكل ما يتوقف عليه صحة الصلاة

من الشروط]

تبطل الصلاة بتعمّد الإخلال بكل ما يتوقّف عليه صحة الصلاة من الشروط-كالطهارة،و الاستقبال،و ستر العورة،و إيقاعها في الوقت- و الاجزاء،ركنا كان-و هو:النية،و التكبير،و القيام،و الركوع،و السجود-أو لا -كالقراءة-أو صفة-كالجهر،و الإخفات،و الطمأنينة-لأنّ الإخلال بالشرط إخلال بالمشروط،و بالجزء إخلال بالكل.و قد سبق التنبيه على ذلك كله.

الثانية لا فرق بين الإخلال بالشروط و الأبعاض و بين الإخلال بما

يجب تركه]

لا فرق بين الإخلال بالشروط و الأبعاض و بين الإخلال بما يجب تركه؛لتحقق النهي المفسد للعبادة بفعل ما يجب تركه،و لا بين العالم و الجاهل بالحكم؛لانه ضمّ جهلا الى تقصير،و قد استثنى الأصحاب الجهر و الإخفات لما سبق.

اما لو جهل غصبية الماء أو الثوب أو المكان،أو نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود،فلا إعادة في الغصب على الإطلاق،و لا في النجاسة مع خروج الوقت،و مع بقائه قولان تقدما.

و لو وجد جلدا مطروحا فصلّى فيه،أعاد و ان تبيّن بعد انه مذكّى؛لانه دخل دخولا غير مشروع.

الثالثة بطلان الصلاة بزيادة واجب عمدا

تبطل الصلاة بزيادة واجب عمدا،سواء كان ركنا أو غيره؛لعدم الإتيان بالماهية على وجهها.و كذا لو اعتقد وجوب بعض الأذكار المندوبة أو بعض الأفعال المندوبة و كان كثيرا،و قد سبقت الإشارة إليه.

ص: 31

المطلب الثاني:في السهو
و فيه مسائل:
الأول بطلان الصلاة بالسهو إذا تضمّن الإخلال بشرط أو ركن

انما تبطل الصلاة بالسهو إذا تضمّن الإخلال بشرط أو ركن، كمن صلّى بغير طهارة،أو لا مستقبلا على ما سبق تفصيله في الاستقبال،أو صلّى مكشوف العورة ناسيا.و كمن أخلّ بالقيام حتى نوى،أو بالنية حتى كبّر، أو بالتكبير حتى قرأ،أو بالركوع حتى سجد،أو بالسجدتين حتى ركع بعدهما.

و قد تقدم ذلك بدليله.

الثانية بطلان الصلاة بزيادة و نقيصة الركن سهوا

كما تبطل نقيصة الركن سهوا كذا تبطل زيادته سهوا؛لاشتراكهما في تغيير هيئة الصلاة،و لقول الصادق عليه السلام:«من زاد في صلاته فعليه الإعادة» (1).

و أولى منه زيادة ركعة فصاعدا إلاّ زيادة الخامسة سهوا،فإنه يشترط في البطلان ان لا يكون جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد عند ابن الجنيد (2)و الفاضل (3)لصحيح جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام (4)و زرارة عن الباقر عليه السلام (5).

و في رواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام:«ان كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس،فليجعل أربع ركعات منها الظهر و يجلس فيتشهد،ثم يصلي ركعتين جالسا و يضيفها إلى الخامسة فتكون النافلة» (6).

ص: 32


1- الكافي 3:355 ح 5،التهذيب 2:194 ح 764،الاستبصار 1:376 ح 1429.
2- مختلف الشيعة:135.
3- مختلف الشيعة:135.
4- الفقيه 1:229 ح 1016.
5- التهذيب 2:194 ح 766،الاستبصار 1:377 ح 1431.
6- الفقيه 1:229 ح 1017.

و في رواية أخرى له:يضيف إلى الخامسة ركعة لتكونا نافلة (1).

و قال ابن إدريس:إن تشهد ثم قام سهوا قبل التسليم و أتى بالخامسة، صحت على قول من جعل التسليم ندبا،و نقله عن الشيخ في الاستبصار (2).

و الأكثرون أطلقوا البطلان بالزيادة (3)لما أطلق في رواية زرارة و أخيه بكير -الحسنة-عن الباقر عليه السلام،قال:«إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها و استقبل صلاته» (4)،و في رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«من زاد في صلاته فعليه الإعادة» (5).

و الشيخ جمع بينهما بحمل الاولى على من جلس و تشهد،و بحمل الثانية على من لم يفعل ذينك (6)و هو حسن،و يكون فيه دلالة على ندب التسليم.

و أوجب في الخلاف الإعادة مطلقا؛لتوقف اليقين بالبراءة عليه،و قال:

انما يعتبر الجلوس بقدر التشهد أبو حنيفة،بناء على انّ الذكر في التشهد ليس بواجب،و عندنا انّه لا بد من التشهد وجوبا (7).

اما لو لم يجلس بقدر التشهيد،فإنّها تبطل قولا واحدا عندنا.

و قال أكثر العامة:تصح الصلاة مطلقا؛لما رووه عن ابن مسعود انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله صلّى بنا خمسا،فلما أخبرناه انفتل فسجد سجدتين ثم سلّم، و قال:«إنما أنا بشر أنسى كما تنسون» (8).و هذا الحديث لم يثبت عندنا،مع1.

ص: 33


1- التهذيب 2:194 ح 765،الاستبصار 1:377 ح 1430.
2- السرائر:52،و راجع:،الاستبصار 1:377.
3- كابن البراج في:المهذّب 1:155،و الشيخ في:المبسوط 1:121.
4- الكافي 3:354 ح 2،التهذيب 2:194 ح 763،الاستبصار 1:376 ح 1428.
5- الكافي 3:355 ح 5،التهذيب 2:194 ح 764،الاستبصار 1:376 ح 1428.
6- الاستبصار 1:376.
7- الخلاف 1:451 المسألة:196.
8- صحيح مسلم 1:400 ح 572،سنن ابن ماجة 1:380 ح 1205،السنن الكبرى 2:341. و سيأتي ذيله في ص 54 الهامش 1.

منافاته للقواعد العقلية.

و يتفرع على ذلك انسحاب الحكم إلى زيادة أكثر من واحدة،و الظاهر انه لا فرق؛لتحقّق الفصل بالتشهد على ما اخترناه،و بالجلوس على القول الآخر.و كذا لو زاد في الثنائية أو الثلاثية.

و لو ذكر الزيادة قبل الركوع،فلا إشكال في الصحة؛لعدم كون زيادة القيام سهوا مبطلة،و عليه سجدتا السهو.

و لو ذكر الزيادة بين الركوع و السجود،فكالذكر بعد السجود.و احتمل الفاضل الإبطال؛لأنا ان أمرناه بالسجود زاد ركنا آخر في الصلاة،و ان لم نأمره به زاد ركنا غير متعبّد به،بخلاف الركعة الواحدة لإمكان البناء عليها نفلا (1)كما سبق.

و على ما قلناه من اعتبار التشهد،لا فرق في ذلك كلّه في الصحة إن حصل،و في البطلان إن لم يحصل.

الثالثة حكم ما لو نقص من صلاته ساهيا ركعة فما زاد

لو نقص من صلاته ساهيا ركعة فما زاد،ثم ذكر قبل فعل ما ينافي الصلاة من حدث أو استدبار أو كلام و غيره أتمّها قطعا،و ان كان بعد الحدث أعادهما،و ان كان بعد الاستدبار أو الكلام فقد سلف.

و قال الصدوق-رحمة اللّه-في المقنع:ان صليت ركعتين من الفريضة، ثم قمت فذهبت في حاجة لك،فأضف إلى صلاتك ما نقص منها و لو بلغت الى الصين،و لا تعد الصلاة فان إعادة الصلاة في هذه المسألة مذهب يونس ابن عبد الرحمن (2).

ص: 34


1- تذكرة الفقهاء 1:135.
2- في المقنع المطبوع:31:(و ان صليت ركعتين،ثم قمت فذهبت في حاجة لك،فأعد الصلاة و لا تبن على ركعتين).و قد حكى العاملي في مفتاح الكرامة 3:391 عبارة المقنع كما في المتن عن المختلف و الذكرى و غيرهما،و قال بعد إيراده العبارة السابقة:و هذا هو الموجود في النسخة التي عندنا من نسخه،لكن الناقلين غير ذلك كأنهم عولوا على المختلف.

و روى في الفقيه عن عمار،عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«انّ من سلّم في ركعتين من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء الآخرة،ثم ذكر فليبن على صلاته و لو بلغ الصين و لا اعادة عليه» (1).

و روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام،قال:سألته عن رجل صلّى بالكوفة ركعتين،ثم ذكر و هو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان انّه صلّى ركعتين،قال:«يصلي ركعتين» (2).

و يعارضه ما رواه الكليني عن سماعة،عن أبي عبد اللّه:أ رأيت من صلّى ركعتين و ظن انها أربع فسلم و انصرف،ثم ذكر بعد ما ذهب انّه انما صلّى ركعتين،قال:«يستقبل الصلاة من أولها»و ذكر انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما صلّى ركعتين لم يبرح من مكانه فلذلك أتمّها (3).

و ما رواه محمد بن مسلم،عن أحدهما،قال:سئل عن رجل دخل مع الإمام في صلاته و قد سبقه بركعة،فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه فاتته ركعة،قال:«يعيد ركعة إذا لم يحوّل وجهه عن القبلة،فإذا حوّل وجهه استقبل الصلاة» (4).

و عدّ الكليني في مبطلات الصلاة عمدا و سهوا الانصراف عن الصلاة بكليته قبل ان يتمّها (5)و هو الأصح،و تحمل تلك الأخبار على النافلة كما ذكره الشيخ (6).

الرابعة:لا حكم للسهو عن غير الركن إذا تجاوز محله،

كنسيان القراءة،

ص: 35


1- الفقيه 1:229 ح 1012،التهذيب 2:192 ح 758،الاستبصار 1:379 ح 1437.
2- التهذيب 2:347 ح 1440،و الاستبصار 1:368 ح 1403.
3- الكافي 3:355 ح 1،التهذيب 2:346 ح 1438،الاستبصار 1:369 ح 1405.
4- التهذيب 2:184 ح 732،الاستبصار 1:368 ح 1401.
5- الكافي 3:360.
6- التهذيب 2:347،الإستبصار 1:368.

أو أبعاضها،أو صفاتها من اعراب،أو ترتيب،أو جهر،أو إخفات.أو كنسيان تسبيح الركوع،أو الطمأنينة فيه،أو رفع الرأس منه،أو الطمأنينة فيه.أو الطمأنينة في السجود،أو الذكر فيه،أو السجود على بعض الأعضاء،أو لم يتمّ رفعه من السجود الأول،أو لم يطمئن في رفعه منه.

لعموم قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«رفع عن أمتي الخطأ و النسيان» (1).

و قول الباقر عليه السلام:«لا تعاد الصلاة الاّ من خمسة:الطهور، و الوقت،و القبلة،و الركوع،و السجود»رواه زرارة (2).

و قول أبي الحسن الكاظم عليه السلام في ناسي التسبيح في الركوع و السجود:«لا بأس بذلك»رواه علي بن يقطين (3).

و روى عبد اللّه القداح،عن الصادق عليه السلام:«ان عليا عليه السلام سئل عن رجل ركع و لم يسبّح ناسيا،قال:تمّت صلاته» (4).

و في رواية حكم بن حكيم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل (نسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشيء منها،ثم تذكر بعد ذلك،فقال:

«يقضى ذلك بعينه».فقلت له:أ يعيد الصلاة؟قال:«لا» (5).و هي تدل بظاهرها على قضاء أبعاض الصلاة على الإطلاق،و هو نادر مع إمكان الحمل على ما يقضى منها-كالسجدة و التشهد و أبعاضه-أو على انه يستدركه في محله.

و كذا ما روى عبد اللّه بن سنان،عن الصادق عليه السلام،قال:«إذا0.

ص: 36


1- تقدم في ص 13 الهامش 1.
2- الفقيه 1:225 ح 991،التهذيب 2:152 ح 597.
3- التهذيب 2:157 ح 612،614.
4- التهذيب 2:157 ح 612.
5- التهذيب 2:150 ح 588،الاستبصار 1:357 ح 1350.

نسيت شيئا من الصلاة،ركوعا أو سجودا أو تكبيرا،ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء» (1).

و كذا رواية الحلبي عنه عليه السلام:«إذا نسيت من صلاتك،فذكرت قبل ان تسلّم أو بعد ما تسلّم أو تكلمت،فانظر الذي كان نقص من صلاتك فأتمّه» (2).و ابن طاوس في البشرى يلوح منه ارتضاء مفهومها.

الخامسة حكم ما لو سها عن شيء و هو في محله

لو سها عن شيء و هو في محله أتى به،ركنا كان أو غيره؛لانه مخاطب به فلا يسقط بالنسيان مع إمكان تداركه.ثم ان كان هناك ترتيب وجب مراعاته،كما لو ترك الحمد حتى قرأ السورة وجب بعد قراءة الحمد إعادة السورة.

و كذا لو تشهد قبل سجود ثم تذكر أعاد السجود و التشهد،فان كان ذلك التشهد المعقّب بالتسليم فالحكم كذلك ان قلنا بوجوب التسليم،و ان لم نقل به ففي الاستدراك هنا تردّد،من الحكم بخروجه بالتشهد كما لو كان المنسي غير السجود،و من انّه لما وقع في غير موضعه كان بمثابة تسليم الناسي الذي هو غير مخرج فلا يكون التشهد هنا مخرجا،و عسى أن يأتي ما يدل عليه.فان قلنا بعدم التدارك و كان المتروك السجدتين بطلت الصلاة،و ان كانت واحدة أتى بها بعد التشهد.

و لو ذكر ترك الركوع،و قد انتهى الى حدة الساجد و لما يسجد،رجع الى الركوع.و الظاهر انه لا يجب الطمأنينة في هذا القيام؛لسبقها من قبل.

و كذا يعود لتدارك السجود ما لم يركع فيما بعده،و يتدارك القراءة أو التسبيح؛لفعله على غير الوجه المتعبّد به.و لا فرق بين السجدة الواحدة أو السجدتين،و رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في ناسي

ص: 37


1- الفقيه 1:228 ح 1007،التهذيب 2:350 ح 1450.
2- أوردها المجلسي في بحار الأنوار 88:154 عن ذكري الشيعة.

السجدة الثانية:يرجع و يسجد ما لم يركع (1)لا تدلّ على التخصيص.

و قال المفيد-رحمة اللّه-:ان ترك سجدتين من ركعة واحدة أعاد على كل حال،و ان نسي واحدة منهما ثم ذكرها في الركعة الثانية قبل الركوع أرسل نفسه و سجدها ثم قام (2).و مثله قول أبي الصلاح (3).

و صرّح ابن إدريس بإعادة الصلاة بترك السجدتين و ان ذكر قبل ركوعه، و بإعادة السجدة الواحدة إذا ذكر قبل ركوعه (4).

و لم نقف على نص يقتضي التفرقة،فإن القيام إن كان انتقالا عن المحل لم يعد إلى الواحدة،و الاّ عاد الى السجدتين.و جزم الفاضلان بالعود في الموضعين (5).

و كذا يعود لتدارك التشهد ما لم يركع عندنا،و رواه الحلبي و علي بن حمزة عن الصادق عليه السلام (6).

السادسة:لا تبطل الصلاة بالسهو عن سجدة من ركعة حتى يركع فيما

بعدها.

و قد يظهر من كلام ابن أبي عقيل وجوب الإعادة بترك سجدة،حيث قال:فالفرض:الصلوات بعد دخول وقتها،و استقبال القبلة،و تكبيرة الإحرام،و السجود.و من ترك شيئا من ذلك،أو قدّم منه مؤخّرا،أو أخّر منه مقدما،ساهيا كان أو متعمدا،إماما كان أو مأموما أو منفردا،بطلت صلاته (7).

ص: 38


1- التهذيب 2:153 ح 602،الاستبصار 1:359 ح 1361.
2- المقنعة:22.
3- الكافي في الفقه:119.
4- السرائر:50.
5- المعتبر 2:383،تذكرة الفقهاء 1:138.
6- الكافي 3:357 ح 7،8،التهذيب 2:344 ح 1429،1430.
7- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة:131.

و قال:من استيقن انه سجد سجدة و شك في الثانية سجدها،فان استيقن انه سجد سجدتين أعاد الصلاة (1).

فظاهر كلامه ان السجدة الواحدة كالسجدتين في الزيادة و النقصان.

و قد روى الشيخ في التهذيب بإسناده الى علي بن إسماعيل،عن رجل، عن معلى بن خنيس،قال:سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته،قال:«إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها و بنى على صلاته،ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه،و ان ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة.و نسيان السجدة في الأوليين و الأخيرتين سواء» (2).

و هذا الخبر فيه إرسال،و في المعلى كلام،و المشهور انه قتل في حياة الصادق عليه السلام،فكيف يروى عن أبي الحسن الماضي!،و الشيخ حمل السجدة على السجدتين معا (3).

و روى منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:سألته عن رجل صلّى فذكر انه زاد سجدة،فقال:«لا يعيد صلاته من سجدة،و يعيدها من ركعة» (4).

و روى عبيد بن زرارة عنه عليه السلام فيمن شك في سجدة فسجد ثم تيقن انه زاد سجدة،فقال،:«لا و اللّه،لا تفسد الصلاة زيادة سجدة»،و قال:

«لا يعيد صلاته من سجدة،و يعيدها من ركعة» (5).و هما خبران في معنى النهي.

و في هاتين الروايتين دلالة على صحة الصلاة لو زاد سجدة صريحا،1.

ص: 39


1- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة:131.
2- التهذيب 2:154 ح 606،الاستبصار 1:359 ح 1363.
3- الهامش السابق.
4- الفقيه 1:228 ح 1009،التهذيب 2:156 ح 610.
5- التهذيب 2:156 ح 611.

و كذا لو نقصها؛لقوله:«لا يعيد صلاته من سجدة».

السابعة:حكم الأوليين حكم الأخيرتين في السهو عن غير ركن،

فلا تبطل الصلاة بذلك في المشهور بين الأصحاب.

و قال المفيد و الشيخ-في التهذيب-:تبطل بالسهو فيهما و الشك في أفعالهما (1)لرواية البزنطي عن الرضا عليه السلام في رجل يصلي ركعتين ثم ذكر في الثانية و هو راكع انه ترك سجدة في الأولى،قال:«كان أبو الحسن يقول:

إذا تركت السجدة في الركعة الأولى،فلم تدر أ واحدة أو اثنتين،استقبلت حتى يصح لك ثنتان.فإذا كان في الثالثة و الرابعة،فتركت سجدة بعد ان تكون قد حفظت الركوع،أعدت السجود» (2).

و قد روي ما يعارض ذلك عن محمد بن منصور،قال:سألته عن الذي ينسي السجدة الثانية من الركعة الثانية أو يشك فيها،فقال:«إذا خفت ان لا تكون وضعت وجهك إلاّ مرة واحدة،فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة» (3).

و تأوّله الشيخ بانّ المراد به من الركعة الثانية من الأخيرتين (4)و هو بعيد.

و أجاب الفاضل عن رواية البزنطي:بأنّ المراد بالاستقبال الإتيان بالسجود المشكوك فيه،و يكون قوله عليه السلام:«و إذا كان في الثالثة و الرابعة فتركت سجدة»راجعا الى من تيقّن ترك السجدة في الأوليين،فإن عليه إعادة السجدة لفوات محلها.و لا شيء عليه لو شك،بخلاف ما لو كان الشك في الأولى؛لأنه لم ينتقل عن محل السجود فيأتي بالمشكوك فيه (5).

ص: 40


1- المقنعة:24،التهذيب 2:154.
2- قرب الاسناد:160،التهذيب 2:154 ح 605. و صدره في الكافي 3:349 ح 3 بلفظ:فقال:«كان أبو الحسن عليه السلام..استقبلت الصلاة حتى يصح لك انهما اثنتان.
3- التهذيب 2:155 ح 607،الاستبصار 1:360 ح 1365.
4- الهامش السابق.
5- مختلف الشيعة:130.
الثامنة:حكم الأخيرتين في البطلان

بترك الركن إذا تجاوز محله حكم الأوليين في المشهور أيضا.

و قال الشيخ:انما تبطل في الأوليين أو في الصبح أو في ثالثة المغرب، و ان كان في الأخيرتين من الرباعية حذف الزائد و أتى بالفائت،فلو ترك الركوع حتى سجد و لم يذكر حتى صلّى ركعة أخرى أسقط الاولى (1).

و له قول آخر بالتلفيق و ان كان في الأوليين (2)كما هو قول ابن الجنيد و أبي الحسن بن بابويه فيما عدا الأولى،فإنّهما اعتبرا سلامة الاولى لا غير (3).

و الروايات مختلفة،فروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام:«إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة،و قد سجد سجدتين و ترك الركوع،استأنف الصلاة» (4)و مثله رواه عن الباقر عليه السلام (5)و رواه رفاعة عن الصادق عليه السلام (6).

و روى محمد بن مسلم،عن الباقر عليه السلام في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع:«فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام،و ان كان لم يستيقن الاّ بعد ما فرغ فليقم و ليصل ركعة و سجدتين» (7).و حمل الشيخ هذا على الأخيرتين (8)و لم نقف على موجب هذا الحمل الا ما يظهر من الرواية عن الرضا عليه السلام:الإعادة في الأوليين

ص: 41


1- المبسوط 1:119،التهذيب 2:149.
2- الجمل و العقود:186(ضمن الرسائل العشر)،الاقتصاد:265،و النهاية:88.
3- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:129.
4- التهذيب 2:148 ح 580،الاستبصار 1:355 ح 1343.
5- التهذيب 2:149 ح 584،الاستبصار 1:356 ح 1346.
6- الكافي 3:348 ح 2،التهذيب 2:148 ح 581،الاستبصار 1:355 ح 1345.
7- الفقيه 1:228 ح 1006:التهذيب 2:149 ح 585،الاستبصار 1:356 ح 1348.
8- التهذيب 2:149،الاستبصار 1:356.

و الشك في الأخيرتين (1)و لكنه ليس بصريح في المطلوب.

و اعلم انّ رواية محمد بن مسلم قضيتها التلفيق و لو بعد التسليم؛لدلالة الفراغ عليه،إذ هو بترك الركوع كأنّه قد ترك الركعة إذ السجدتان لا عبرة بهما، فيكون قد بقي عليه ركعة فيأتي بها.

التاسعة حكم الأخيرتين حكم الأوليين في البطلان بترك الركن إذا

تجاوز محله]

لو نسي سجدة أو التشهد حتى ركع من بعد،قضاهما بعد التسليم و سجد للسهو؛لرواية علي بن أبي حمزة قال:قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا قمت في الركعتين و لم تتشهد و ذكرت قبل ان تركع فاقعد فتشهد،و ان لم تذكر حتى ركعت فامض في صلاتك،فإذا انصرفت سجدت سجدتي السهو لا ركوع فيهما،ثم تشهد التشهد الذي فاتك» (2).

و روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يفرغ من صلاته و قد انسي التشهد حتى ينصرف،فقال:«إن كان قريبا رجع الى مكانه فتشهد،و الاّ طلب مكانا نطيفا فتشهد» (3).

و قال ابنا بابويه و المفيد-في العزية-:يجزي التشهد الذي في سجدتي السهو عن قضاء التشهد المنسي (4)؛لظاهر رواية ابن أبي حمزة (5)،و لرواية الحسين ابن أبي العلاء عن الصادق عليه السلام (6)،و سليمان بن خالد عنه:

ان عليه سجدتي السهو و لم يذكر قضاء التشهد (7).و عن أبي بصير قال:سألته

ص: 42


1- الكافي 3:350 ح 4،التهذيب 2:177 ح 709،الاستبصار 1:364 ح 1386.
2- الكافي 3:357 ح 7،التهذيب 2:344 ح 1430.
3- التهذيب 2:157 ح 617.
4- الفقيه 1:233،المقنع:33،و حكاه عن المفيد و على ابن بابويه العلامة في مختلف الشيعة: 137.
5- تقدمت في الهامش 2.
6- التهذيب 2:158 ح 619،الاستبصار 1:362 ح 1373.
7- التهذيب 2:158 ح 618،الاستبصار 1:362 ح 1374.

عن الرجل ينسى ان يتشهد،قال:«يسجد سجدتين يتشهد فيهما» (1).

لنا:ان سجدتي السهو يجب فيهما التشهد على ما يأتي في رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2)،و التشهد يجب قضاؤه على ما مرّ في رواية محمد بن مسلم (3)،و الأصل عدم التداخل.

العاشرة:لا فرق بين التشهد الأول و الأخير في التدارك بعد الصلاة،

عند الجماعة في ظاهر كلامهم،سواء تخلّل الحدث بينه و بين الصلاة أو لا.و قال ابن إدريس:لو تخلّل الحدث بين الصلاة و التشهد الأول لم تبطل الصلاة؛ لخروجه عنها بالتسليم.و لو تخلّل بينها و بين التشهد الثاني بطلت؛لأن قضية السلام الصحيح ان يكون بعد التشهد،فوقوعه قبله كلا سلام،فيكون حدثه قد صادف الصلاة فتبطل (4).

و في هذا الكلام إشكالان:أحدهما على قضية مذهبه،و الثاني على غيره.

أمّا الأول:فلان قضية مذهبه انّ الخروج من الصلاة بالفراغ من التشهد؛ لان التسليم مستحب عنده،فكيف يحكم بالخروج منها بالتسليم؟!و حينئذ يمكن تعليل الفرق بذلك بان يقال:انما يخرج من الصلاة بكمال التشهد،و في صورة نسيانه أخيرا لم يتحقق التشهد فلا يتحقق الخروج،فيكون قد أحدث قبل الخروج.

و أمّا الثاني:فلان التسليم على القول بوجوبه قد وقع مقصودا به الخروج من الصلاة فيكون كافيا،و التشهد ليس بركن حتى يكون نسيانه قادحا في صحة

ص: 43


1- التهذيب 2:158 ح 621.
2- تأتي في ص 95 الهامش 2.
3- تقدمت في ص 42 الهامش 3.
4- السرائر:55.

الصلاة.

و في المختلف نازع في تخلّل الحدث إذا نسي التشهد الأول و حكم بإبطاله الصلاة،و حكم بان التسليم وقع في محله و ان نسي التشهد الأخير فتكون الصلاة صحيحة (1).

و قال الصدوق في الفقيه:إن رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة و أحدثت،فإن كنت قد قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك،و ان لم تكن قد قلت ذلك فقد مضت صلاتك،فتوضأ ثم عد الى مجلسك و تشهد (2).

و عوّل على رواية عبيد بن زرارة،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير،فقال:«تمت صلاته،و انما التشهد سنّة في الصلاة،فيتوضأ و يجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد» (3).

و عن زرارة عن الباقر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه من السجدة الأخيرة قبل ان يتشهد،قال:«ينصرف فيتوضأ،فإن شاء رجع الى المسجد،و ان شاء ففي بيته،و ان شاء حيث شاء،قعد فيتشهد و يسلم.و ان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته» (4).

و هذان الحديثان معتبرا الاسناد،و لكن يعارضهما انّ الحدث وقع في الصلاة فيفسدها،و رواية الحسن بن جهم قال:سألته عن رجل صلّى الظهر و العصر فأحدث حين جلس في الرابعة،فقال:«إن كان قال:اشهد ان لا إله اللّه و ان محمدا رسول اللّه،فلا يعد.و ان كان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد» و الظاهر انه روي عن الامام (5).و فيه دلالة على قول ابن إدريس و على ما عللناه).

ص: 44


1- مختلف الشيعة:138.
2- الفقيه 1:233،المقنع:33.
3- الكافي 3:346 ح 1،التهذيب 2:318 ح 1300،الاستبصار 1:342 ح 1290.
4- الكافي 3:347 ح 2،التهذيب 2:318 ح 1301،الاستبصار 1:343 ح 1291.
5- الاستبصار 1:401 ح 1531.و في التهذيب 2:354 ح 1467 عن أبي الحسن عليه السلام، و في 1:205 ح 596 فيه:(سألته-يعني أبا الحسن عليه السلام-).

به،الاّ ان ظاهر كلام الأصحاب العمل بالبطلان.

الحادية عشرة حكم الصلاة على النبي و آله صلّى اللّه عليهم إذا سها

عنها المصلي]

تتدارك الصلاة على النبي و آله صلّى اللّه عليهم إذا سها عنها المصلي كما يتدارك التشهد،فان كان في محل تدارك التشهد-أعني قبل الركوع-عاد لها و لا يضرّ الفصل بينها و بين التشهد،و ان كان بعده قضاها بعد التسليم كما يقضي التشهد.

و أنكر ابن إدريس شرعية قضائها (1)لعدم النص.

قلنا:التشهد يقضى بالنص فكذا أبعاضه؛تسوية بين الجزء و الكل.

و لو كانت الصلاة في التشهد الأخير،أمكن انسحاب كلام ابن إدريس بالبطلان إذا أتى بالحدث أو المنافي؛لعدم الخروج من الصلاة بدونها.

و وجوب قضاء الصلاة وحدها،مشعر بعدم اشتراط الموالاة في هذه الأذكار عند النسيان.

الثانية عشرة حكم ما لو ترك السجدة الواحدة ناسيا ثم ذكرها
اشارة

لو ترك السجدة الواحدة ناسيا ثم ذكرها قبل الركوع وجب العود كما يذكر،و له أحوال خمسة:

الحالة الاولى:ان يكون قد جلس عقيب السجدة الاولى، و اطمأن بنيّة انّه الجلوس الواجب.فهذا يعود الى السجود،و لا يحتاج الى الجلوس لانه قد أتى به،فلو جلس لا بنيّة لم يضر،و لو نوى استحبابه أو وجوبه فهو فعل خارج عن الصلاة لا يبطل الاّ مع الكثرة.

و قال بعض العامة:لا يكفي الجلوس الأول بل يجب الجلوس هنا، لينتقل عنه الى السجود،كما لو خفّ المريض بعد القراءة قاعدا فإنّه يجب عليه القيام ليركع عن قيام (2).

ص: 45


1- السرائر:55.و في ص 51 أوجب القضاء.
2- راجع:المجموع 4:119.

قلنا:الفرق واضح؛لأنّ الركوع من قيام لا بد منه مع القدرة عليه و لا يتمّ الا بالقيام فيجب،و لأنّ ناسي السجدة قد أتى بجلسة الفصل،بخلاف المريض فإنه لم يأت بالقيام المعتبر للركوع.

الحالة الثانية:ان يكون قد جلس بنيّة الاستراحة، بناء على انه توهّم انه سجد السجدتين معا.ففيه احتمالان:

أحدهما:انّه يكتفي به؛لأنّ قضية نيّة الصلاة الترتيب بين الأفعال،فنيّة الاستراحة لاغية؛إذ قضية نيّة الصلاة كونها للفصل بين السجدتين.

و الثاني:انه يجلس ثم يسجد؛لانّه قصد بها الاستحباب فلا يجزئ عن الواجب؛لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«و انما لكل امرئ ما نوى» (1).

و قد سبق مثل هذين الوجهين فيمن أغفل لمعة في الغسلة الأولى فغسلها في الثانية بقصد الندب (2).

و الوجه الاجتزاء بالجلسة هنا،لقولهم عليهم السلام«الصلاة على ما افتتحت عليه» (3).و قد سبق ذكره فيمن نوى الفريضة ثم أتمّها بنيّة النافلة سهوا (4)و هو من باب مفهوم الموافقة.

الحالة الثالثة:ان لا يكون قد جلس أصلا. و فيه وجهان:

أحدهما:-و هو الذي جزم به الشيخ في المبسوط (5)-انه يخرّ ساجدا و لا يجلس؛لان القيام يقوم مقام الجلسة بين السجدتين؛إذ الغرض الفصل0.

ص: 46


1- التهذيب 4:186 ح 519،مسند احمد 1:25،صحيح البخاري 1:2،صحيح مسلم 3: 1515 ح 1907،سنن أبي داود 2:262 ح 2201،الجامع الصحيح 4:1079 ح 2147، السنن الكبرى 7:341.
2- سبق في الطبع الحجري ص 82 المسألة 12.
3- التهذيب 2:197 ح 776 و 343 ح 1419.
4- سبق في 3:252.
5- المبسوط 1:120.

بينهما و قد حصل بالقيام.

و الثاني:-و هو مختار الفاضل (1)-وجوب الجلوس؛لانه من أفعال الصلاة و لم يأت به مع إمكان تداركه،و الفصل بين السجدتين يجب ان يكون بهيئة الجلوس لا بهيئة القيام و غيره.و هذا هو الأقوى.

و يتفرع عليه قضاء السجدة بعد التسليم.و وجوب الجلوس هنا بعيد لفوات الغرض به؛لانه هناك لتقع السجدتان على الوجه المشروع من الجلوس بينهما.و وجه وجوبه انه واجب في نفسه لا للفصل.و على قول الشيخ لا إشكال.

الحالة الرابعة:ان يكون قد جلس و لكن لم يطمئن. و لم أر لهم في هذه كلاما،و قضية الأصل وجوب الجلوس و الطمأنينة كما لو لم يجلس،فان الطمأنينة واجبة في الجلوس و لم تحصل،و لا يتصور وجوب طمأنينة مستقلة فوجب الجلوس لتحصيلها،و لا فرق بين ان تكون تلك الجلسة الخالية عن الطمأنينة جلسة الفصل أو جلسة الاستراحة.

الحالة الخامسة:ان يشك هل جلس أم لا؟ و فيه عندي احتمالان:

أحدهما:-و هو الأقوى-انه يجلس؛لأصالة عدم فعله مع إمكانه كالباقي في محله.

و الثاني:انه لا يجلس؛لانه شك بعد الانتقال،كما لو شك في أصل السجود بعد القيام فإنّه لا يلتفت على الأقوى،كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

و الفرق بينهما:انّ هذا يجب عليه العود الى حالة القعود و هو إذ ذاك شاك فهو في محله حقيقة.7.

ص: 47


1- مختلف الشيعة:137.
فرعان:
أحدهما:جلس فتجدّد عنده شك،

هل فعل السجدة الأولى أو لا؟ فالظاهر الإتيان بها لعين ما قلناه.

الثاني:إذا رجع لتدارك السجدة أو السجدتين و كان قد تشهد،

وجب عليه إعادة التشهد و لا يكون ما فعله أولا صحيحا؛لوجوب رعاية الترتيب بين أفعال الصلاة؛لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يرتّب دائما و قد قال:«صلوا كما رأيتموني أصلي» (1)و النسيان عذر في انتفاء الإثم لا في الاعتداد في المأتي به.و هنا يخرّ ساجدا على الأقوى،للاكتفاء بالجلوس للتشهد عن جلسة الفصل.

و كذا إذا قام يجب عليه تدارك ما يلزمه من قراءة أو تسبيح؛لمثل ما قلناه.

و يتفرع عليه ما لو نسي السجدة الأخيرة و ذكر بعد التشهد،فإنه يأتي بها ثم به على الأقوى.

و لو ذكر بعد التسليم،فعلى القول بوجوبه الأقرب الاجتزاء بقضاء السجدة؛للحكم بخروجه من الصلاة و صدق الامتثال في التشهد المقتضي للإجزاء؛مع احتمال وجوب قضائه ضعيفا تحصيلا للترتيب،و يلزم منه وجوب قضاء التشهد الأول لو نسي سجدته و لم يقولوا به.

و على القول بندب التسليم،فان ذكر قبل الإتيان بالمنافي فوجوب استدارك التشهد قوي؛لأنه في حكم المصلي بعد.و يحتمل عدمه؛للحكم بخروجه من الصلاة و إتيانه بالمنافي،اعني:التسليم.و ان أتى بالمنافي غير التسليم،و قلنا بعدم تأثيره في الصلاة،قضى السجدة لا غير،و الاّ أعاد الصلاة

ص: 48


1- مسند احمد 5:53،سنن الدارمي 1:286،صحيح البخاري 1:162،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:85 ح 1656،سنن الدار قطني 1:273،السنن الكبرى 3:120.

من رأس.

تنبيه:

لا يكون القيام مانعا من الرجوع،و لا الشروع في القراءة مانعا من الرجوع أيضا الى السجدة أو السجدتين عندنا.اما الركوع فمانع إجماعا منا في السجدة الواحدة،و لا يجب غير قضاء السجدة الواحدة بعد الصلاة.و لو كانتا اثنتين فقد تقدم الخلاف في التلفيق،و على القول به يلغو الركوع و يجعل السجدتين الآن للركعة السابقة.

الثالثة عشرة:لا تقضى السجدة إلا بعد التسليم،

قاله المرتضى (1)و الشيخان (2)و المعظم (3).

و قال الشيخ أبو الحسن علي بن بابويه في رسالته:و ان نسيت سجدة من الركعة الأولى فذكرتها في الثانية من قبل أن تركع فأرسل نفسك و اسجدها،ثم قم إلى الثانية و ابتدئ القراءة،فإن ذكرت بعد ما ركعت فاقضها في الركعة الثالثة.و ان نسيت سجدة من الركعة الثانية و ذكرتها في الثالثة قبل الركوع فأرسل نفسك و اسجدها،فان ذكرتها بعد الركوع فاقضها في الركعة الرابعة.فإن كانت سجدة من الركعة الثالثة و ذكرتها في الرابعة فأرسل نفسك و اسجدها ما لم تركع، فان ذكرتها بعد الركوع فامض في صلاتك و اسجدها بعد التسليم (4).

و قال المفيد-رحمة اللّه-في العزية:إذا ذكر بعد الركوع فليسجد ثلاث سجدات واحدة منها قضاء (5).

ص: 49


1- جمل العلم و العمل 3:36.
2- المقنعة:24،المبسوط 1:120،الخلاف 1:454 المسألة:198.
3- راجع:الوسيلة:100،المعتبر 2:383،مختلف الشيعة:131.
4- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:131.
5- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:131.

و كأنهما عوّلا على خبر لم يصل إلينا.

و في صحيح ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام:«إذا نسي الرجل سجدة فليسجدها بعد ما يقعد قبل أن يسلّم» (1).و حمله في المختلف على الذكر قبل الركوع (2)و لك ان تحمله على الإطلاق و لا يكون فيه دلالة على قول هذين الشيخين؛لأنّ المشهور بين القدماء استحباب التسليم،فيكون هذا قضاء بعد الفراغ من الصلاة.

و المعتمد المشهور؛لأنّ في ذلك تغييرا لهيئة الصلاة،و حكما بما لم يعلم موجبه.

الرابعة عشرة حكم أبو الحسن بن بابويه و بعض الأصحاب في ناسي

التشهد أو التسليم]

حكم أبو الحسن بن بابويه بأنّ ناسي التشهد أو التسليم، ثم يذكر بعد مفارقة مصلاّه،يستقبل القبلة و يأتي بهما قائما كان أو قاعدا.

و قال بعض الأصحاب:تبطل الصلاة بنسيان التسليم إذا أتى بالمنافي قبله (3).

و الحكمان ضعيفان:

أمّا الأول:فقد تقدم ما في نسيان التشهد،و قضاؤه قائما مشكل لوجوب الجلوس فيه.

و أمّا الثاني:فلان التسليم ليس بركن،فكيف تبطل الصلاة بفعل المنافي؟! فإن قال:هذا مناف في الصلاة؛لأنا نتكلم على تقدير انّ التسليم واجب.

قلنا:هذا انما يتم بمقدمة أخرى،و هي:انّ الخروج لا يتحقق الاّ به،

ص: 50


1- التهذيب 2:156 ح 609،الاستبصار 1:360 ح 1366.
2- مختلف الشيعة:131.
3- الناصريات:231 المسألة 82.

و لا يلزم من وجوبه انحصار الخروج الشرعي من الصلاة فيه،و قد سبق ذلك في بابه.

الخامسة عشرة في مواضع يغتفر زيادة الركن سهوا

قد بيّنا ان زيادة الركن مبطلة و ان كان سهوا،و يغتفر ذلك سهوا في مواضع.

منها:في صورة الائتمام إذا سبق المأموم ثم عاد إلى المتابعة،كما يأتي إن شاء اللّه.

و منها:لو زاد قياما سهوا إذا جعلنا صورة القيام كيف اتفق ركنا.

و منها:لو تبيّن المحتاط ان صلاته كانت ناقصة و ان الاحتياط مكمل لها، فإنها مجزئة على الصحيح،سواء كان ذكره بعد فراغ الاحتياط أو في أثنائه على الأقوى،و قد وقعت هنا تكبيرة منوي بها الإحرام زائدة.و كذلك لو نقص من صلاته ثم ذكر و قد شرع في أخرى،و لما يأت بينهما بالمنافي،فإن المروي العدول إلى الاولى و ان وقعت تكبيرة الإحرام (1).

و منها:لو استدرك الركوع لشكه فيه في محله ثم ذكر قبل رفع رأسه، على ما ذكره الشيخ (2)و المرتضى (3)و جماعة منهم:أبو الصلاح (4)و ابن إدريس (5).و هو قوي؛لأنّ ذلك و ان كان بصورة الركوع و منويا به الركوع الاّ انّه في الحقيقة ليس بركوع؛لتبيّن خلافه،و الهوي إلى السجود مشتمل عليه و هو واجب فيتأدّى الهوي إلى السجود به،فلا تتحقق الزيادة حينئذ،بخلاف ما لو ذكر بعد رفع رأسه من الركوع،فإن الزيادة حينئذ محققة؛لافتقاره إلى هوي الى السجود.

ص: 51


1- الاحتجاج:488.
2- المبسوط 1:122.
3- جمل العلم و العمل 3:36.
4- الكافي في الفقه:118.
5- السرائر:53.

فإن قلت:قال عليه الصلاة السلام:«و انما لكل امرئ ما نوى» (1)و هذا قد نوى الركوع فكيف يصرف الى غيره؟و لأن الطمأنينة فيه أمر وراء الهوي فتشخص بها الركوع،فتتحقق الزيادة حينئذ فيدخل تحت رواية منصور بن حازم و عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام:«لا يعيد الصلاة من سجدة،و يعيدها من ركعة» (2).

قلت:نيّة المصلي ابتداء اقتضت كون هذا الهوي للسجود،و هي مستدامة و المستدام بحكم المبتدأ فيعارض النيّة الطارئة،فيرجّح الاولى عليها لسبقها،و لكون النيّة الثانية في حكم السهو.و لهذا أجمعنا على انّه لو أوقع أفعالا بنيّة ركعة معينة من الصلاة فتبيّن انه في غيرها صحت صلاته،مع ان الترتيب بين الافعال واجب.و قد سلف انّه لو دخل في صلاة بنيّة الفرض،ثم عزبت عنه الى النفل سهوا و أتمّها بنيّة النفل،كانت صحيحة (3).

و اما الطمأنينة فليست بركن فلا تضر زيادتها.

و اما الحديث فظاهره الركعة بتمامها.سلمنا انّه أراد به الركوع،و لكن في صورة تحقّق زيادته و هي هنا غير محققة.

و قال الفاضلان:يعيد الصلاة (4).

و أطلق ابن أبي عقيل انّه إذا استيقن بعد ركوعه الزيادة يعيد الصلاة (5).

و لقائل أن يقول:جميع ما عددتم من الصور نمنع تسميتها أركانا.9.

ص: 52


1- التهذيب 4:186 ح 519،مسند احمد 1:25،صحيح البخاري 1:2،صحيح مسلم 3: 1515 ح 1907،سنن أبي داود 2:262 ح 2201،الجامع الصحيح 4:1079 ح 2147. السنن الكبرى 7:341.
2- التهذيب 2:156 ح 610،611.
3- تقدم في 3:252.
4- المعتبر 2:390،تذكرة الفقهاء 1:136،مختلف الشيعة:129.
5- حكاه عنه المحقق في المعتبر 2:390،و العلامة في مختلف الشيعة:129.

فنقول:هي بصور الأركان،و قد وقع النزاع في بعضها للتعليل بركنيتها، أي انّ القائل ببطلان الصلاة علّل بالركنية.

ص: 53

المطلب الثالث:في الشك.
و فيه مسائل:
الأولى هل يبني على أحد طرفي ما شك فيه لو غلب على ظنه

لو غلب على ظنه أحد طرفي ما شك فيه بنى عليه؛لأنّ تحصيل اليقين عسر في كثير من الأحوال فاكتفي بالظن؛تحصيلا لليسر،و دفعا للحرج و العسر.

و روى العامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«إذا شك أحدكم في الصلاة،فلينظر أحرى ذلك الى الصواب،فليبن عليه» (1).

و عن الصادق عليه السلام-بعدّة طرق-:«إذا وقع و همك على الثلاث فابن عليه،و ان وقع و همك على الأربع فسلم و انصرف» (2).

و لا فرق بين الشك في الافعال و الاعداد،و لا بين الأوليين و الأخيرتين في ذلك.

و يظهر من كلام ابن إدريس انّ غلبة الظن تعتبر فيما عدا الأوليين،و ان الأوليين تبطل الصلاة بالشك فيهما و ان غلب الظن (3).فان أراده فهو بعيد، و خلاف فتوى الأصحاب،و تخصيص لعموم الأدلة.

الثانية:لا حكم للشك مع الكثرة؛

دفعا للحرج و لصحيح محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام،قال:«إذا كثر عليك السهو،فامض على صلاتك،فإنه يوشك ان يدعك (4)الشيطان» (5)و في معناه رواية زرارة و أبي

ص: 54


1- تقدم صدره في ص 33 الهامش 8.
2- الكافي 3:353 ح 7،التهذيب 2:184 ح 733 عن عبد الرحمن بن سيابة و أبي العباس، و فيهما«رأيك»بدل«و همك»في كلا الموضعين. و سيأتي في ص 76 الهامش 1.
3- السرائر:53.
4- في المصادر زيادة:«انما هو من».
5- الكافي 3:359 ح 8،الفقيه 1:224 ح 989،التهذيب 2:343 ح 1424.

بصير (1)و عبيد اللّه الحلبي (2).

و اختلف العبارة في حدّ الكثرة،ففي رواية محمد بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام:«ان كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن يكثر عليه السهو» (3).و ظاهره تكراره ثلاثا،و العرف قاض بذلك مع توالي الشك.

و في حسنة ابن البختري-و ستأتي-:«ليس على الإعادة اعادة» (4).و هذا يظهره منه ان السهو يكثر بالثانية،الاّ ان يقال:يخص بموضع وجوب الإعادة.

و قال الشيخ في المبسوط:قيل:حدّه ان يسهو ثلاث مرات متوالية (5).

و به قال ابن حمزة (6).

و قال ابن إدريس:حدّه ان يسهو في شيء واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات،فيسقط بعد ذلك حكمه.أو يسهو في أكثر الخمس،أعني:ثلاث صلوات من الخمس (7).

و الأول حسن،و يفهم منه معنيان:

أحدهما:ما مرّ.

و الثاني:انه كلما صلّى ثلاث صلوات يقع فيها شك،بحيث لا تسلم له ثلاث صلوات خالية عن شك،و هو ظاهر اللفظ؛لانه أتى ب«كل»الدالة على العموم.و حينئذ لا تكون فيه دلالة على نهاية الكثرة بل مرجعها أيضا الى2.

ص: 55


1- الكافي 3:358 ح 2،التهذيب 2:188 ح 747،الاستبصار 1:374 ح 1422.
2- الكافي 3:359 ح 9،التهذيب 2:344 ح 1425.
3- الفقيه 1:224 ح 990.
4- الكافي 3:359 ح 7،التهذيب 2:344 ح 1428.
5- المبسوط 1:122.
6- الوسيلة:102.
7- السرائر:52.

العرف؛لامتناع العمل بظاهره و الاّ لم يتحقق الحكم بالكثرة؛لأنّ الصلوات المتعاقبة داخلة في حيز«كل»الى انقضاء تكليف المصلّي.

ثم قوله:«فهو ممن يكثر عليه»يحتمل ان يكون الحكم معلقا بالثالثة على التفسير الأول؛لأنّ«هو»ضمير الساهي في الثلاث فيدخل في الحكم.

و يحتمل ان يعلق بالرابعة؛لدلالة(الفاء)على التعقيب،و حينئذ يبني في الرابعة على فعل المشكوك فيه و ان كان في محله.

و لو شك في عدد بنى على الأكثر و لا احتياط عليه،و هذا معنى:

(المضي على الصلاة).و لو شك في لحوق مبطل لم يلتفت.

و الظاهر انه تسقط عنه سجدتا السهو فيما لو كان الشك موجبا لهما، كالشك بين الأربع و الخمس.

فروع:

الأول:لو حصلت الثلاث غير متوالية لم يعتد بها. نعم،لو تكرر ذلك أياما فالظاهر الاعتداد؛لصدق الكثرة عرفا كما قلناه.

الثاني: لو أتى بعد الحكم بالكثرة بما شك فيه،فالظاهر بطلان صلاته؛ لأنّه في حكم الزيادة في الصلاة متعمدا الاّ ان نقول هذا رخصة؛لقول الباقر عليه السلام:«فامض على صلاتك،فإنه يوشك ان يدعك الشيطان» (1)و ان الرخصة هنا غير واجبة.

و لو تذكر بعد الشك أتى بما يلزمه.فلو كان قد فعل ذلك،ففي الاجتزاء به وجهان.أقربهما ذلك إن سوغنا فعله و الاّ فالأقرب الإبطال؛للزيادة المنهي عنها.و يحتمل قويا الصحة؛لظهور انها من الصلاة.

الثالث: لو حكم بالكثرة ثم زال شكّه غالبا،ثم عرض من بعد،أتى بما5.

ص: 56


1- تقدم في ص 54 الهامش 5.

يجب فيه من الاحكام حتى يعود إلى الكثرة فيعود العفو،و هكذا.و هل يكتفى في زواله بتوالي ثلاث بغير شك؟يحتمل ذلك؛تسوية بين الذكر و الشك.

الرابع:لو كثر شكّه في فعل بعينه بنى على فعله. فلو شك في غيره فالظاهر البناء على فعله أيضا؛لصدق الكثرة.

الخامس:لو كثر السهو عن ركن فلا بدّ من الإعادة، و كذا عن واجب يستدرك-اما في محله أو غير محله-لوجوب الإتيان بالمأمور به،و ما دام لم يأت به فهو غير خارج عن عهدة الأمر.

و هل تؤثر الكثرة في سقوط سجدتي السهو؟لم أقف للأصحاب فيه على نص و ان كان ظاهر كلامهم يشمله؛لأنّ عبارتهم:لا حكم للسهو مع كثرته، و كذا الاخبار تتضمن ذلك الا انّ المراد به ظاهرا الشك؛لامتناع حمله على عموم أقسام السهو.و الأقرب سقوط السجدتين؛دفعا للحرج.

و لو كثرت زيادته سهوا لبعض الأفعال،فإن كانت غير ركن ففي سقوط سجدتي السهو الوجهان.و ان كان المزيد ركنا احتمل اغتفاره؛دفعا للحرج، و لأنّ الركن قد بيّنا اغتفار زيادته في بعض المواضع.

الثالثة:لا حكم لشك الامام مع حفظ المأموم و لا بالعكس؛

لوجوب رجوع الشاك الى المتيقن.

و لا حكم لسهو المأموم الموجب لسجدتي السهو في حال الانفراد، بمعنى:انه لو فعل المأموم موجب سجدتي السهو-كالتكلم ناسيا،أو نسيان السجدة،أو التشهد-لم تجبا عليه و ان وجب قضاء السجدة و التشهد.و كذا لو نسي ذكر الركوع أو السجود،أو الطمأنينة فيهما،لم يسجد لهما و ان أجبنا السجود للنقيصة.و ذلك كله ظاهر قول الشيخ في الخلاف و المبسوط (1)و اختاره.

ص: 57


1- الخلاف 1:463 المسألة:206،207،208،المبسوط 1:123.

المرتضى و نقله عن جميع الفقهاء الا مكحولا (1).

و رواه العامة عن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«انّه ليس عليك خلف الامام سهو،الإمام كافية،و ان سها الامام فعليه و على من خلفه» (2)و هذا الحديث رواه الدارقطني و في طريقه ضعف عند المحدّثين،و لأنّ معاوية بن الحكم تكلم خلف النبي صلّى اللّه عليه و آله فلم يأمره بالسجود (3).

و روينا في الحسن عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:«ليس على الامام سهو،و لا على من خلف الامام سهو،و لا على السهو سهو،و لا على الإعادة اعادة» (4).

و قال الفاضل-رحمة اللّه-لو انفرد المأموم بموجب السهو،وجب عليه السجدتان كالمنفرد (5)لقول أحدهما عليهما السلام:«ليس على الامام ضمان» (6).

قلنا:الخاص مقدم،و يعارض بما رواه عيسى الهاشمي،عن أبيه،عن جده،عن علي عليه السلام،انه قال:«الامام ضامن» (7).

و قد يحتج بما رواه في التهذيب عن منهال القصاب،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:أسهو في الصلاة و انا خلف الامام،قال:فقال:«اسجد سجدتين و لا تهب» (8)و يمكن حملها على الاستحباب.4.

ص: 58


1- حكاه عنه المحقق في المعتبر 2:394،و راجع:جمل العلم و العمل 3:41.
2- سنن الدار قطني 1:377،السنن الكبرى 2:352.
3- هو الحديث المتقدم في ص 12 الهامش 6.
4- الكافي 3:359 ح 7،التهذيب 2:344 ح 1428.
5- مختلف الشيعة:144،منتهى المطلب 1:412.
6- الكافي 3:378 ح 3،الفقيه 1:264 ح 1207،التهذيب 2:269 ح 772،الاستبصار 1: 440 ح 1695.
7- التهذيب 2:282 ح 1121.
8- التهذيب 2:353 ح 1464.
الرابعة حكم ما لو وجب على الامام سجدتا السهو

لو وجب على الامام سجدتا السهو،فالذي اختاره الشيخ انه يجب على المأموم متابعته و ان لم يعرض له السبب (1)لما مر،و لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«انما جعل الإمام إماما ليؤتم به» (2).

و قوّى الفاضلان انه لا يجب على المأموم متابعته؛لأن صلاة المأموم لا تبني على صلاة الامام (3)و لهذا لو تبيّن حدثه أو فسقه أو كفره لم يقدح في صحة صلاة المأموم.

فروع على قول الشيخ-رحمة اللّه-في القاعدتين:

الأول: لو رأى المأموم الإمام يسجد للسهو،وجب عليه السجود و ان لم يعلم عروض السبب،حملا على انّ الظاهر منه انّه يؤدي ما وجب عليه، و لعدم شرعية التطوّع بسجدتي السهو.

الثاني: لو عرض للإمام السبب فلم يسجد اما تعمّدا أو نسيانا،وجب على المأموم فعله،قاله الشيخ؛لارتباط صلاته به فيجبرها و ان لم يجبر الامام (4).

و ربما قيل:يبني هذا على انّ سجود المأموم هل هو لسهو الامام و نقص صلاته،أو لوجوب المتابعة؟فعلى الأول يسجد و ان لم يسجد الامام،و على الثاني لا يسجد الا لسجوده (5)الثالث: لو سها المأموم بعد تسليم الامام لم يتحمله الامام،و كذا لو سها

ص: 59


1- المبسوط 1:124.
2- المصنف لعبد الرزاق 2:461 ح 4082،مسند احمد 2:314،صحيح البخاري 1:175، صحيح مسلم 1:308 ح 411،سنن ابن ماجة 1:276 ح 846،سنن أبي داود 1:164 ح 603،سنن النسائي 2:83،مسند أبي يعلى 10:315 ح 5909،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:271 ح 2104،و لم ترد في الجميع كلمة«إماما».
3- المعتبر 2:395،تذكرة الفقهاء 1:137.
4- الخلاف 1:464 المسألة:207،المبسوط 1:124.
5- راجع المجموع 4:143 المغني 1:732،الشرح الكبير 1:731.

منفردا ثم عدل الى الائتمام إن جوّزناه على ما سيأتي إن شاء اللّه تعالى،و كذا لو نوى الانفراد ثم سها.

الرابع: لو ظن المأموم سلام الامام فسلّم ثم ظهر عدم تسليمه،فالظاهر انّ المأموم يعيد التسليم،و لا سجود عليه لتحمّل الامام.

الخامس: انما يتحمّل الامام و يحمل إذا كانت صلاته صحيحة،فلو تبيّن عدم طهارته لم يتحمل و لم يحمل،و لو تبيّن فسقه فكذلك عندنا.

السادس: لو سجد الامام لما لا يراه المأموم موجبا للسجدتين،و كان مجتهدا أو مقلدا لمن هو أعلم من الإمام،فالظاهر ان عليه السجدتين؛لظاهر الخبر (1).اما لو ظن الامام موجب السجدتين-كزيادة سجدة،أو قيام في موضع قعود-و المأموم يعلم انه لم يعرض له ذلك،فإنّه لا يجب على المأموم هنا السجود.

السابع: لو عرض للإمام السبب ثم زال عن الإمامة،اما عمدا أو بعارض من حدث أو جنون أو غيرهما،ففي وجوب السجود على المأموم وجهان:ان عللناه بسهو الامام وجب،و ان عللناه بمتابعته فلا.و يجيء على قول الشيخ وجوب سجوده على الإطلاق.

و لو سها المأموم ثم عرض للإمام قاطع للصلاة،ففي سجود المأموم عندي نظر،من حيث صدق الإمامة حينئذ فيتحقق الحمل،و من عدم حقيقة الائتمام في جميع الصلاة،و الأول أقرب.

الثامن: لو اختلف اعتقاد الامام و المأموم في موضع السجدتين،فوجب على الامام سجود فسجد قبل السلام،لم يسجد المأموم إلا بعد التسليم إذا خالفه في اعتقاده.

و لو رأى المأموم السجود قبل السلام و الامام بعده،وجب على المأموم2.

ص: 60


1- تقدم في ص 59 الهامش 2.

السجود قبل السلام،و لا يقدح ذلك في بقاء القدوة.

نعم،لو كان المأموم مسبوقا،فسجد الامام قبل التسليم أو بعده قبل انتهاء صلاة المأموم،لم يتبعه المأموم عندنا قطعا،بل يسجد المأموم عند فراغ صلاته إذا كان السهو قد عرض للإمام بعد المتابعة،و قد رواه عمار عن الصادق عليه السلام-أورده الشيخ في التهذيب (1)-و لأن زيادة السجدتين في الصلاة مبطل.

التاسع: لو سها الإمام قبل اقتداء المسبوق،ففي وجوب متابعته الامام عندي وجهان:من ظاهر الخبر (2)و انّه دخل في صلاة ناقصة،و من عدم رابطة الاقتداء حينئذ،و هذا أقرب.

العاشر: لو قام الامام سهوا إلى الخامسة،فنوى المأموم مفارقته لمّا شرع في القيام لم يحمل سجود الامام،و ان نوى بعد مسمّى الزيادة وجب السجود متابعة.و لا يشترط بلوغ الإمام إلى حدّ الراكع عندنا،بل المعتبر مسمّى القيام.

الخامسة:لا حكم للشك مع الانتقال عن المحل؛

بناء على اعتياد فعل ما شك فيه،و على انتفاء الحرج إذ الغالب عدم تذكّر الإنسان كثيرا من أحواله الماضية.

و لصحيح محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام:«كل ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد» (3).

و صحيح زرارة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:رجل شك في الأذان و قد دخل في الإقامة،قال:«يمضي».قلت:رجل شك في الأذان

ص: 61


1- التهذيب 2:353 ح 1466.
2- أي الخبر المتقدم في ص 59 الهامش 2.
3- التهذيب 2:352 ح 1460.

و الإقامة و قد كبّر،قال:«يمضي».قلت:رجل شك في التكبير و قد قرأ،قال:

«يمضي».قلت:شك في القراءة و قد ركع،قال:«يمضي».قلت:شك في الركوع و قد سجد.قال:«يمضي على صلاته»،ثم قال:«يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» (1).

فروع:

لو شك في قراءة الفاتحة و هو في السورة،وجب قراءة الفاتحة ثم سورة -أما التي كان فيها أو غيرها-لأنّ محل القراءة باق.

و قال ابن إدريس:لا يلتفت،و نقله عن الشيخ المفيد في رسالته الى ولده (2).و اليه مال صاحب المعتبر؛لصدق الانتقال فيدخل تحت عموم آخر الحديث (3).

قلنا:نمنع صدق الانتقال؛لمفهوم قوله في الحديث:(قلت:شك في القراءة و قد ركع) (4)فان مفهومه انه لو لم يركع لم يمض.

و كذا لو شك في الفاتحة أو في السورة و هو قانت؛لمثل ما قلناه،مع احتمال انّ القنوت حائل لأنّه انتقال عن القراءة بالكلية.

و أولى بالرجوع إذا شك في أبعاض الحمد و هو فيها،أو في السورة و هو فيها،جزءا كان أو صفة،كتشديد،أو اعراب،أو جهر،أو إخفات،أو مخرج.

السادسة حكم ما لو شك في السجود

لو شك في السجود و هو متشهد،أو قد فرغ منه و لما يقم،أو قام و لما يستكمل القيام أتى به،و كذا لو شك في التشهد يأتي به ما لم يستكمل

ص: 62


1- التهذيب 2:352 ح 1459.
2- السرائر:52.
3- المعتبر 2:390. و الحديث تقدم في ص 61 الهامش 3.
4- تقدم في ص 61 الهامش 3.

القيام؛لأصالة عدم فعل ذلك كله و بقاء محل استدراكه،و لرواية عبد الرحمن ابن الحجاج عن الصادق عليه السلام في رجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائما،فلم يدر أسجد أو لم يسجد؟فقال:«يسجد» (1).

و لو شك في السجود أو التشهد بعد استكمال القيام،فالأظهر عدم الالتفات؛للانتقال الحقيقي،و لصحيح إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام قال:«ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض،و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض،كل شيء مما جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه» (2)و لما مر من قوله عليه السلام في خبر زرارة:«إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» (3).و به قال الشيخ في المبسوط (4).

و في النهاية:يرجع الى السجود و التشهد ما لم يركع إذا شك في فعله (5)لحسن الحلبي عن الصادق عليه السلام في رجل سها فلم يدر سجد سجدة أو اثنتين،قال:«يسجد اخرى،و ليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو» (6)و هو يشمل الشاك بعد القيام كما يشمل الشاك في الجلوس.

و جوابه الحمل على الشك و لما يقم؛توفيقا بين الاخبار.و ان احتج الشيخ برواية ابن الحجاج فهي غير دالة على المطلوب.

و فرّق القاضي في بعض كلامه بين السجود و التشهد،فأوجب الرجوع8.

ص: 63


1- التهذيب 2:153 ح 603،الاستبصار 1:361 ح 1371،عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه.
2- التهذيب 2:153 ح 602.
3- تقدم في ص 61 الهامش 3.
4- المبسوط 1:122،و نصه:و من شك في السجود في حال القيام،أو في التشهد الأول و قد قام إلى الثالثة،فإنه لا يلتفت اليه.و هذا لا يطابق بالدقة ما نسب إليه في المتن،إلا إذ أريد من (حال القيام)استكمال القيام،و راجع:مفاتح الكرامة 3:305.
5- النهاية:92 و الظاهر ان الحكم فيها يشمل السجود خاصة دون التشهد،و راجع:الحدائق الناضرة 9:185.
6- الكافي 3:349 ح 1،التهذيب 2:152 ح 599،الاستبصار 1:361 ح 1368.

بالشك في التشهد حال قيامه دون السجود،و في موضع آخر سوّى بينهما في عدم الرجوع (1).و حمل على انه أراد بالشك في التشهد تركه ناسيا،لئلا يتناقض كلامه (2).

السابعة حكم ما لو تلافى ما شك فيه ثم ذكر فعله

لو تلافى ما شك فيه ثم ذكر فعله بطل إن كان ركنا؛لأن زيادة الركن تقتضيه،و الا فحكمه حكم من زاد سهوا.و لا فرق بين ان يكون سجدة أو لا.

و قال المرتضى و صاحبه أبو الصلاح-رحمهما اللّه-:ان شك في سجدة فأتى بها،ثم ذكر فعلها أعاد الصلاة (3).و يظهر ذلك من كلام ابن أبي عقيل (4).

و يدفعه خبر عبيد بن زرارة فيه بعينه عن الصادق عليه السلام:«لا -و اللّه-لا تفسد الصلاة زيادة سجدة»،قال:«و لا يعيدها من سجدة،و يعيدها من ركعة» (5).

فرع:

لو انتقل عن محله فشك فرجع الى فعل المشكوك،فالأقرب البطلان ان تعمّد،سواء كان ركنا أو غيره؛للإخلال بنظم الصلاة،و لانه ليس فعلا من أفعال الصلاة فيبطلها.و يحتمل عدم الابطال؛بناء على ان ترك الرجوع رخصة و انه غير قاطع بالزيادة،و خصوصا في موضع الخلاف كما مرّ في السجود و التشهد.و لم أقف للأصحاب هنا على كلام.

ص: 64


1- في المهذب 1:156 لم يذكر السجود في موضع التسوية.و حكاه عنه بتمامه العلامة في مختلف الشيعة:137.
2- حمله العلامة في مختلف الشيعة:137.
3- الكافي في الفقه:119،و حكاه عن المرتضى العلامة في مختلف الشيعة:131.
4- مختلف الشيعة:131.
5- التهذيب 2:156 ح 611.
الثامنة هل تبطل الصلاة بالشك في الأفعال،ركنا كانت أو لا؟

لا تبطل الصلاة بالشك في الأفعال،ركنا كانت أو لا،في الأوليين أو في الأخيرتين،بل حكمه ما سلف من التلافي أو عدم الالتفات على كل حال.

و حكم الشيخان بالبطلان إذا شك في أفعال الأوليين كما إذا شك في عددهما (1)و نقله الشيخ عن بعض القدماء من علمائنا (2).

لنا:الاستناد الى الأصل،و الاخبار العامة،كموثق محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال:«كل ما شككت فيه فيما قد مضى فامضه كما هو» (3)و صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام:«إذا نسيت شيئا من الصلاة،ركوعا أو سجودا أو تكبيرا،ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء» (4).

فان احتجا بصحيحة الفضل بن عبد الملك،عن الصادق عليه السلام:

«إذا لم تحفظ الركعتين الأوليين فأعد صلاتك» (5).

فالجواب انّه ظاهر في العدد و نحن نقول به،و كذا ما روى الحسن بن علي الوشّاء عن الرضا عليه السلام:«الإعادة في الأوليين،و السهو في الأخيرتين» (6).

و توسط صاحب التذكرة بالبطلان ان شك في ركن؛لأنّ الشك فيه في الحقيقة شك في الركعة،بخلاف ما إذا كان المشكوك فيه غير ركن،فان نسيانه لا يبطل.و فرّع على ذلك الشك في أفعال ثالثة المغرب من حيث إجراء الثلاثية مجرى الثنائية في الشك عددا فكذا كيفية،و من عدم النص (7).

ص: 65


1- المقنعة:24،176،التهذيب 2:154،النهاية:92،و انظر مفتاح الكرامة 3:300.
2- المبسوط 1:120.
3- التهذيب 2:344 ح 1426.
4- الفقيه 1:228 ح 1007،التهذيب 2:350 ح 1450.
5- التهذيب 2:177 ح 707،الاستبصار 1:364 ح 1384.
6- التهذيب 2:177 ح 709،الاستبصار 1:364 ح 1386.
7- تذكرة الفقهاء 1:136.

قلت:لمانع ان يمنع كون الشك في الركن شكا في الركعة أو مستلزما له؛فإنّه محل النزاع.و اما ثالثة المغرب فيمكن الحكم بالبطلان،لما روي:

«إذا شككت في المغرب فأعد» (1)فإنه يتناول الشك في الكمية و الكيفية،كما تناول الخبران المذكوران ذينك.

التاسعة:تبطل الصلاة بالشك في عدد الأوليين إجماعا الاّ من أبي جعفر

ابن بابويه،

فإنه قال:لو شك بين الركعة و الركعتين فله البناء على الركعة (2)لرواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام في الرجل لا يدري أ صلى ركعة أم اثنتين:«يبني على الركعة» (3)و نحوه رواية عبد اللّه بن أبي يعفور (4).

و هي معارضة بأخبار أصح سندا،كرواية الفضل السالفة (5)و رواية محمد ابن مسلم عن الصادق عليه السلام في الرجل يصلي فلا يدري أو واحدة صلّى أو اثنتين،قال:«يستقبل حتى يستيقن انه قد أتمّ،و في الجمعة و في المغرب و في صلاة السفر» (6).و الرواية الأولى حملها الشيخ على النافلة (7)و تبعه في المعتبر (8).

و ابن بابويه يقول:هو مخيّر بأن يأخذ بأي الأخبار شاء (9).

ص: 66


1- التهذيب 2:178 ح 714،الاستبصار 1:365 ح 1396.
2- لم نلاحظه في كتب بان بابويه،و لعلّ المصنف حكى عبارة المقنع،و نصها فيه ص 30:إذا لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة،و روي ابن على ركعة.و ظاهر ان ذلك مورد تأمل فيما استفاد منه المنصف،راجع في ذلك:الحدائق الناضرة 9:192،مفتاح الكرامة 3:294.
3- التهذيب 2:177 ح 711،الاستبصار 1:365 ح 1388.
4- التهذيب 2:178 ح 712،الاستبصار 1:365 ح 1389.
5- تقدمت في ص 65 الهامش 5.
6- الكافي 3:351 ح 2،التهذيب 2:179 ح 715،الاستبصار 1:365 ح 1391.
7- التهذيب 2:178،الاستبصار 1:365.
8- المعتبر 2:387.
9- الفقيه 1:231.

و قال والده:إذا شك في الركعة الاولى و الثانية أعاد.و ان شك ثانيا و توهّم الثانية بنى عليها ثم احتاط بعد التسليم بركعتين قاعدا.و ان توهّم الأولى بنى عليها و تشهد في كل ركعة،فإن تيقن بعد التسليم الزيادة لم يضر لأنّ التسليم حائل بين الرابعة و الخامسة،و ان تساوى الاحتمالان تخيّر بين ركعة قائما و ركعتين جالسا (1).و أطلق الأصحاب الإعادة،و لم نقف له على رواية تدل على ما ذكره من التفصيل.

و قال أيضا:فإن شككت فلم تدر أ واحدة صليت أم اثنتين،أم ثلاثا أم أربعا،صليت ركعة من قيام و ركعتين من جلوس (2).و ربما استند إلى صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلّى، واحدة أو اثنتين أو ثلاثا؟قال:«يبني على الجزم،و يسجد سجدتي السهو و يتشهد(فيهما تشهدا) (3)خفيفا» (4).و ظاهر«الجزم»الاحتياط بما ذكر؛لانه بناء على الأكثر ثم التدارك.

قال بعض الأصحاب:بل«الجزم»الإعادة (5).

و يشكل:بأنّه لا يجمع بين سجدتي السهو و بين اعادة الصلوات وجوبا و لا استحبابا.نعم،هو معارض بصحيحة ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام«إذا شككت،فلم تدر أ في ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم أربعا،فأعد و لا تمض على الشك» (6).

العاشرة حكم ما لو شك فلم يدر كم صلّى

لو شك فلم يدر كم صلّى أعاد؛لأنه لا طريق له إلى البراءة

ص: 67


1- مختلف الشيعة:132.
2- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة:132.
3- ليست في التهذيب،و في الاستبصار«تشهدا».
4- التهذيب 2:187 ح 745،الاستبصار 1:374 ح 1420.
5- راجع:التهذيب 2:188،الاستبصار 1:374،مختلف الشيعة:132.
6- الكافي 3:358 ح 3،التهذيب 2:187 ح 743،الاستبصار 1:373 ح 1418.

بدونه،و لرواية صفوان عن أبي الحسن عليه السلام:«إذا لم تدر كم صليت، و لم يقع و همك على شيء،فأعد الصلاة» (1).و رواية ابن أبي يعفور تدل عليه أيضا.

الحادية عشرة حكم ما لو شك في الثنائية فريضة-كالصبح

و الكسوف و العيدين و الجمعة و صلاة السفر-و كذا المغرب]

لو شك في الثنائية فريضة-كالصبح،و الكسوف، و العيدين،و الجمعة،و صلاة السفر-أعاد،و كذا لو شك في المغرب؛لتوقف اليقين ببراءة الذمة على الإعادة،و لرواية محمد بن مسلم السالفة (2).

و روى العلاء عن الصادق عليه السلام،و سأله عن الشك في الغداة، فقال:«إذا لم تدر أ واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة من أولها،و الجمعة أيضا و المغرب إذا لم يدر كم ركعة صلّى» (3).

و روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام و سأله عن السهو في المغرب،قال:«يعيد حتى يحفظ،انها ليست مثل الشفع» (4).

و روى عنبسة بن مصعب قال أبو عبد اللّه عليه السلام:«إذا شككت في المغرب فأعد،و إذا شككت في الفجر فأعد» (5).

فرع:

لا فرق في الشك هنا بين النقيصة و الزيادة؛لعموم الاخبار.و قد روى الفضل،سألته عن السهو؟فقال:«في المغرب إذا لم تحفظ ما بين الثلاث إلى

ص: 68


1- الكافي 3:358 ح 1،التهذيب 2:187 ح 744،الاستبصار 1:373 ح 1419.
2- تقدمت في ص 66 الهامش 6.
3- التهذيب 2:179 ح 720،الاستبصار 1:366 ح 1394 كلاهما عن سماعة،و أما رواية العلاء فهي في:180 ح 722،الاستبصار 1:366 ح 1395.لكنها تختلف عمّا في المتن.
4- التهذيب 2:179 ح 717،الاستبصار 1:370 ح 1406.
5- التهذيب 2:179 ح 718،الاستبصار 1:366 ح 1393.

الأربع فأعد» (1).

فرع:

لو نذر ركعتين أو ثلاثا،فالظاهر انها تلحق بالمكتوبة؛لفحوى الأحاديث.

فإن قلت:روى في التهذيب عن عمار،عن الصادق عليه السلام في رجل لم يدر أ صلى الفجر ركعتين أم ركعة،قال:«يتشهد و ينصرف،ثم يقوم فيصلي ركعة».قلت:فيصلي المغرب فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا،قال:

«يتشهد و ينصرف،ثم يقوم فيصلي ركعة» (2).

قلت:سنده ضعيف فلا يعارض الأصح و الأشهر،و ربما حمل على نافلة الفجر و المغرب أو على غلبة الظن،كما قاله في التهذيب (3).

على ان أبا جعفر بن بابويه-رحمة اللّه-قال:إذا شككت في المغرب، فلم تدر أ في ثلاث أنت أم أربع،و قد أحرزت اثنتين في نفسك و أنت في شك من الثلاث و الأربع،(فأضف إليها ركعة أخرى و لا تعتد بالشك،فان ذهب و همك إلى الثالثة)فسلم وصل ركعتين بأربع سجدات و أنت جالس (4)،فهو قول نادر.ه.

ص: 69


1- التهذيب 2:179 ح 719،الاستبصار 1:370 ح 1407.
2- التهذيب 2:182 ح 728.
3- الهامش السابق.
4- نصّه في المقنع:31 بدون العبارة المحصورة،و قد وردت في سياق آخر غير هذا،قال:فإذا شككت في المغرب فأعد،و روي و إذا شككت في المغرب و لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فسلم ثم قم فصل ركعة.و ان شككت في المغرب..إلخ. قال العاملي في مفتاح الكرامة 3:296 بعد إيراده عبارة المقنع كما في المتن عن مختلف الشيعة و غيره:ان الجماعة جعلوا الصدوق مخالفا في الشك المتعلق بالزيادة،و الظاهر من المقنع ان ذلك ليس مذهبا له و انما رواية،قال في نسختين منه..ثم حكى ما ذكرناه.

فائدة:

لو شك في الكسوف،فان كان الشك بين الركعة الاولى و الثانية،أو بينهما و بين الثالثة،بطلت لأنها ثنائية.

و ان كان الشك في عدد الركوع،فان تضمن الشك في الركعتين-كما لو شك هل هو في الركوع الخامس أو السادس،و انه ان كان في السادس فهو في الركعة الثانية،و ان كان في الخامس فهو في الركعة الأولى-بطلت أيضا.

و ان أحرز ما هو فيه و لكن شك في عدد الركوع،فالأقرب البناء على الأقل؛لأصالة عدم فعله،فهو في الحقيقة شك في فعل شيء و هو في محله فيأتي به كركوع الصلاة اليومية.

و هنا قولان آخران:

أحدهما:قول قطب الدين الراوندي-رحمه اللّه-:و هو انه إذا لم يتعلّق شكه بما يزيد على الاحتياط المعهود فإنه يحتاط؛لدوران الشك في اليومية مع الركوع،و لا تضر زيادة السجود في الاحتياط؛لانّه تابع.

الثاني:قول السيد جمال الدين احمد بن طاوس-قدس اللّه روحه-في البشرى:الذي ينبغي تحريره في صلاة الكسوف هو انه متى وقع الشك بين الاولى و الثانية من الخمس الأول بطلت الصلاة.

و ان وقع الشك فيما بعد ذلك من الركعات-كبين الاثنتين و الثلاث أو الأربع،أو بين الثلاث و الأربع،أو بين الثلاثة (1)-فإنه يبني على الأكثر،ثم يتلافى بعد الفراغ من الصلاة.

و ان كان شكّه بين الأربع و الخمس،فنهاية ما يلزمه سجدتا السهو.و هل يسجد عند ذلك بناء منه على انه صلّى خمسا،أم لا،يبنى على رواية عمار:م.

ص: 70


1- في هامش م:أقسام.

بأن الشاك يبني على الأكثر في الصلاة ثم يتلافى ما ظن أنه نقص.فإن قلنا بها بنى على الخمس و سجد و تلافى.

فنقول:انه مخيّر بين ان يركع و لا يركع،فان ركع فلا يتلافى بركعة بعد الفراغ من الصلاة،و ان لم يركع تلافى.

و انما قلنا بالخيار؛لورود الأثر بان من شك في الركوع و هو قائم ركع، و ورود الأثر بأن البناء في الصلاة على الأكثر ثم يتلافى،و هذان الأثران يتدافعان فكان الوجه التخيير.

و ان لم نقل بذلك بنى على الأقل،فليتم بركعة ثم يهوي الى السجود.

و حكم ما بعد الخامسة في الشك حكم الخامسة.

و لو قلنا إن الحكم في الخمس الثانية مثل الحكم في الخمس الأوائل كان له وجه،فيطرد القول فيه.

فإن قيل:ان عمارا روى انّه يحتاط أخيرا بما ظن انه نقص،لا فيما وقع فيه من الشك.

قلت:ظاهر المذهب انّ حكم الشاك حكم الظان في هذا المقام -اعني:مقام البناء على الأكثر في الصلاة-و ان لم يعتمد على هذا فلا تلافي، لكن هذا بناء على أصلين:

أحدهما:ان الركوع مع تمامه برفع رأس يسمى ركعة؛إذ في عدة أحاديث أنها عشر ركعات و أربع سجدات.

و لا يعارضه ما روى القداح عن جعفر عليه السلام عن آبائه،قال:

«كسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلى بالناس ركعتين»و ما رواه أبو البختري عن الصادق عليه السلام:«صلاة الكسوف ركعتان في أربع سجدات»لضعف سنديهما.

الثاني:ان من شك في الأوليين بطلت صلاته،و هو موضع وفاق.

قال:و لو سميناها ركعتين لرواية عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه

ص: 71

السلام:«كسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقام فصلّى ركعتين»لزم بطلانها إذا شك في الخمس الأوائل-أي في عددها-لصحيحة محمد بن مسلم قال:سألت الباقر عليه السلام عن رجل شك في الركعة الأولى،قال:«يستأنف».

قال:و ان قلنا انّ الركوع لا يسمى ركعة،و شك في الأربع الأول بنى على الأقل إذا كان قائما فإن تعلق شكه بالخامس من الركوعات بطلت؛لانه شك في الركعة الاولى و هي الخامسة ذات السجود.

ثم فرّع على ذلك:انّه لو شك بين الست و السبع و هو غير ذاكر السجدتين في الركوع الخامس،فالوجه البناء على انّه سجد و ركع ركوعا سابعا.و لو قال:أعلم اني سجدت سجدتين،و لكن لا أدري عقيب الرابعة أو ما دونها،بطلت لزيادة الركن.

قال:لا يقال تلك الآثار المتعلقة بالشك في الركعتين تحمل على الراتبة.

فالجواب:الآثار عامة أو مطلقة،و من ثم حكمنا بالبطلان لو شك بين الخمس الأوائل و الأواخر،و لم نتمسك بان النص ورد في الراتبة.

ثم أورد على نفسه انّ من شك في الركوع و هو في محله ركع.

و أجاب:بأن قولنا من شك في الأوليين بطلت صلاته أخص منه.

قال:و يمكن وجه آخر على القول بأنها ركعتان،و هو:ان تبطل بالشك فيها.

قال:و لو قيل بان المكلّف مخيّر في ان يعمل على أي القاعدتين كان لم يكن بعيدا.

قال:فان قيل الاحتياط فيه سجود و لا يتأتى ذلك في الكسوف.

فالجواب:ان الخبر الصحيح بأنّ الإنسان يعمل بالجزم و يحتاط للصلوات و ليس فيه تصريح بسجود،مع تأييده بما روي من قضاء الفائت بعينه

ص: 72

في الخبر الصحيح.

قال:و لا أعرف سبقا من غيري الى هذا التفصيل (1).

قلت:هذان القولان ضعيفان.

أمّا الأول:فلعدم المطابقة بين الفائت و بين الاحتياط المأتي به إذ فيه سجود زائد،و قوله:(انه تابع)محل النزاع،و أيضا فما يصنع إذا تجاوز الشك العدد الشرعي في الاحتياط؟ و أمّا الثاني:فمبناه كما قال السيد-رحمه اللّه-على انّها ركعات عشر، و على صدق مسمّى الأوليين في الركوعين الأولين؛و على التفرقة بين الركعة الاولى و الأخيرة،و على انّ رواية عمار تتضمن ذلك أو الخبران اللذان ذكرهما أخيرا و قد اسلفناهما.و كل ذلك منظور فيه.

امّا انّها ركعات فلما سلف في التسمية بركعتين أيضا و هو أولى بالمراعاة؛ لأن الركعة و ان كانت لغة واحد الركوع إلاّ أنّها في مصطلح الفقهاء المنضمّة إلى السجود،و الحقيقة الشرعية أولى بالمراعاة من اللغوية،و غايته انها سميت0.

ص: 73


1- بشرى المحققين..من الكتب التي يحتمل أنها مفقودة،و آثرنا استخراج النصوص التي وردت في المتن،فرواية عمار في:الفقيه 1:225 ح 992،التهذيب 2:349 ح 1448. و الأثر بأنّ من شك في الركوع..في:التهذيب 2:150 ح 589،الاستبصار 1:357 ح 1351. و الأثر بأنّ البناء في الصلاة..تقدم في رواية عمار. و ما ورد في عدة أحاديث أنها عشر ركعات..راجع:التهذيب 3:294 ح 890،الاستبصار 1:452 ح 1751،1752. و رواية القداح في:التهذيب 3:293 ح 885. و رواية أبي البختري في:التهذيب 3:291 ح 879،الاستبصار 1:452 ح 1753. و رواية ابن سنان ستأتي بتمامها في ص 740. و رواية ابن مسلم في:التهذيب 2:176 ح 700،الاستبصار 1:363 ح 1377. و ما روي من قضاء الفائت..في:الكافي 3:435 ح 7،التهذيب 3:162 ح 350.

عشرا باعتبار اللغة و هي في الحقيقة ركعتان باعتبار الشرع.و على هذا يبطل التمسك بأنه شك في الأوليين؛إذ لا يلزم من ذلك كونهما ركعتين أوليين شرعا الذي هو مقتض للبطلان مع الشك.

و اما الفرق بين الركعة الاولى و الأخيرة فمرغوب عنه،و الخبر بالبطلان إذا شك في الاولى لا ينفي كون الثانية كالأولى،مع تضمن خبر آخر سلف«إذا لم تحفظ الأوليين فأعد» (1).

و اما رواية عمار فهي ظاهرة في اليومية،و منطبقة على الاحتياط المعهود.

و اما خبر قضاء المنسي بعينه فمتروك الظاهر عند الأصحاب،و مأوّل بالإتيان به في الصلاة أي في محله.نعم،على مذهب الشيخين (2)و من أخذ أخذهما يجزم بالبطلان؛لان الشك في الجزء كالشك في الكل،و كذا على مذهب الفاضل في التذكرة من البطلان إذا شك في الركن (3).

المسألة الثانية عشرة:إذا حصّل في الرباعية الأوليين و شك في الزائد،

فالمشهور البناء على الأكثر

و الإتيان بعد التسليم بما شك فيه.و هو المسمّى بالاحتياط عند معظم الأصحاب،و قد روي إجمالا و تفصيلا:

فمن الإجمال ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:«إذا سهوت فابن على الأكثر،فإذا فرغت و سلّمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت، فان كنت أتممت لم يكن عليك شيء،و ان ذكرت انك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت» (4).

و اما التفصيل فمنه ما روى محمد بن مسلم-في الصحيح-عنه عليه السلام،فيمن لا يدري أ ركعتان صلاته أم أربع،قال:«يسلّم و يصلي ركعتين

ص: 74


1- تقدم في ص 65 الهامش 4.
2- راجع ص 65 الهامش 5.
3- راجع ص 65 الهامش 7.
4- التهذيب 2:349 ح 1448.

بفاتحة الكتاب و يتشهد و ينصرف» (1).

و مثله رواه أبو بصير عنه عليه السلام،الا انه قال:«و اركع ركعتين ثم سلّم،و اسجد سجدتين و أنت جالس ثم تسلم بعدهما» (2).و فيه دلالة على وجوب سجدتي السهو مع الاحتياط،و سيأتي ان شاء اللّه كلام فيه.

و مثله رواية ابن أبي يعفور،و فيها:«فان كان صلّى أربعا فهي نافلة،و ان كان صلّى ركعتين كانت تمام الأربع،و ان تكلم فليسجد سجدتي السهو» (3)و ليس ببعيد حمل السجدتين أولا على هذا.

فإن قلت:يعارض بما رواه محمد بن مسلم-صحيحا أيضا-قال:سألته عن الرجل لا يدري أصلّي ركعتين أو أربعا،قال:«يعيد الصلاة» (4)كما اختاره أبو جعفر بن بابويه (5).

قلت:هي مقطوعة فلا تعارض المتصل،و حملها الشيخ على الصبح أو المغرب (6)و الفاضل على من شك في حال قيامه،كان يقول:لا أدري قيامي لثانية أو رابعة،أو شك بينهما قبل إكمال الثانية (7)لرواية الفضل-في الصحيح- قال:قال لي:«إذا لم تحفظ الركعتين الأوليين فأعد صلاتك» (8).

و منه ما رواه عبد الرحمن بن سيابة و أبو العباس عن الصادق عليه السلام:

«إذا لم تدر أثلاثا صليت أو أربعا،و وقع رأيك على الثلاث،فابن على4.

ص: 75


1- التهذيب 2:185 ح 737،الاستبصار 1:372 ح 1414.
2- التهذيب 2:185 ح 738.
3- الكافي 3:352 ح 4،التهذيب 2:186 ح 739،الاستبصار 1:372 ح 1415.
4- التهذيب 2:186 ح 741،الاستبصار 1:373 ح 1417.
5- المقنع:31.
6- الهامش 4.
7- مختلف الشيعة:134.
8- التهذيب 2:177 ح 707،الاستبصار 1:364 ح 1384.

الثلاث.و ان وقع رأيك على الأربع فسلم و انصرف.و ان اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين و أنت جالس» (1).و في مرسلة جميل عنه عليه السلام:

«هو بالخيار ان شاء صلّى ركعة قائما،أو ركعتين جالسا» (2).

و خالف ابن الجنيد هنا و أبو جعفر بن بابويه،حيث قالا:يتخيّر بين البناء على الأقل و لا شيء،و بين البناء على الأكثر و يسلم و يصلّي ركعة من قيام أو ركعتين جالسا (3).و لعله لتساويهما في تحصيل الغرض،و لرواية سهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام،انه قال:«يبني على يقينه و يسجد للسهو» (4).و هذه الرواية تقتضي بظاهرها مذهب كثير من العامة في جميع الشك (5)و حمل على غلبة الظن.

تنبيه:

لو ظن الأكثر بنى عليه؛لما سلف.و لا تجب معه سجدتا السهو؛ للأصل،و لعدم ذكرها في أحاديث الاحتياط هنا و لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.و أوجبهما الصدوقان (6)،و لعلّه لرواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«إذا ذهب و همك الى التمام أبدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع» (7)و حملت على الاستحباب.

و منه ما رواه ابن أبي عمير مرسلا عنه عليه السلام في رجل لم يدر اثنتين0.

ص: 76


1- الكافي 3:353 ح 7،التهذيب 2:184 ح 733.
2- الكافي 3:353 ح 9،التهذيب 2:184 ح 734.
3- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:133.
4- الفقيه 1:230 ح 1023.
5- راجع:المجموع 4:111،فتح العزيز 4:168،المغني 1:703.
6- المقنع:31،مختلف الشيعة:138.
7- التهذيب 2:183 ح 730.

صلّى أم ثلاثا أم أربعا،قال:«يقوم فيصلّي ركعتين و يسلم،ثم يصلي ركعتين من جلوس و يسلم،فان كانت(الركعات) (1)نافلة و الاّ تمت الأربع» (2).

و هنا تنبيهات:
الأول:الحكم هنا مشهور بين الأصحاب فلا يضر الإرسال،

على انّ مراسيل ابن أبي عمير في قوة المسانيد.

الثاني:قال ابنا بابويه و ابن الجنيد:يصلّي ركعة من قيام و ركعتين من

جلوس (3).

و هو قوي من حيث الاعتبار-لأنهما ينضمان حيث تكون الصلاة اثنتين،و يجتزئ بإحداهما حيث تكون ثلاثا،الاّ ان النقل و الاشتهار يدفعه.

و جوّز ابن الجنيد هنا البناء على الأقل ما لم يخرج الوقت.

الثالث:هل يجوز ان يصلي بدل الركعتين جالسا ركعة قائما؟

ظاهر المفيد-في العزية-و سلار تحتمه (4)و الأصحاب عدمه (5)و الفاضل يتخيّر لتساويهما في البدلية (6)و هو قوي.

الرابع:هل يجب الترتيب على ما تضمنته الرواية

-و قال به المفيد في المقنعة (7)و المرتضى في أحد قوليه (8)-أو يقدم الركعة من قيام-كما قاله المفيد

ص: 77


1- في المصدرين:«اربع ركعات كانت الركعتان».
2- الكافي 3:353 ح 6،التهذيب 2:187 ح 742،باختصار في الألفاظ.
3- الفقيه 1:231،مختلف الشيعة:133.
4- المراسم:89،مختلف الشيعة:134.
5- راجع:المقنعة:24،المبسوط 1:123،الوسيلة:102.
6- تذكرة الفقهاء 1:140.
7- المقنعة:24.
8- جمل العلم و العمل 3:37.

في العزية (1)-أو يتخيّر-كما هو ظاهر المرتضى في الانتصار (2)و أكثر الأصحاب (3)-؟كل محتمل،و العمل بالأول أحوط.

و اما الشك بين الاثنتين و الثلاث فأجراه معظم الأصحاب مجرى الشك بين الثلاث و الأربع (4)،و لم نقف فيه على رواية صريحة،و نقل فيه ابن أبي عقيل تواتر الاخبار.

و خالف علي بن بابويه-رحمة اللّه-حيث قال:ان ذهب و همك إلى الثالثة فأضف إليها رابعة،فإذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها.و ان ذهب وهمك إلى الأقل فابن عليه و تشهد في كل ركعة ثم اسجد للسهو.و ان اعتدل وهمك فأنت بالخيار ان شئت بنيت على الأقل و تشهدت في كل ركعة،و ان شئت بنيت على الأكثر و عملت ما وصفناه (5).و لم نقف على مأخذه.

و قال ابنه في المقنع:سئل الصادق عليه السلام عمن لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثا؟قال:«يعيد».قيل:فأين ما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«الفقيه لا يعيد الصلاة»؟قال:«انما ذلك في الثلاث و الأربع» (6).

و أطلق المرتضى-رحمة اللّه-في الناصرية انّ من شك في الأوليين استأنف،و من شك في الأخيرتين بنى على اليقين (7).و العمل على الأول؛لأنه الأظهر في الفتاوى،و اختاره في الانتصار مدعيا فيه الإجماع بعد ذكر ما عدا2.

ص: 78


1- مختلف الشيعة:134.
2- الانتصار:48.
3- راجع:المبسوط 1:123،الكافي في الفقه:148،مختلف الشيعة:133.
4- راجع:جمل العلم و العمل 3:37،المبسوط 1:123،الكافي في الفقه:148،مختلف الشيعة:133.
5- مختلف الشيعة:133.
6- المقنع:31.
7- الناصريات:237 المسألة 102.

الشك بين الاثنتين و الأربع (1).

تنبيه:

لم يذكر الجعفي و ابن أبي عقيل التخيير بل ذكرا الركعتين من جلوس هنا،و في الشك بين الثلاث و الأربع؛للتصريح بهما فيما سلف،و في رواية الحسين بن أبي العلاء عن الصادق عليه السلام (2).و التخيير أشهر؛لما سبق من رواية جميل (3)مع عدم المنافاة بينها و بين الاخبار الباقية.

و اما الشك بين الأربع و الخمس فالنص ان عليه سجدتي السهو كما يأتي (4)و فصّل متأخرو الأصحاب بما حاصله انّ هنا صورا (5).

إحداها:ان يقع بعد إكمال السجدتين،و الأمر فيه ظاهر.

و ثانيها:ان يقع قبل رفع رأسه من السجدة الثانية،و الظاهر الحاقه به؛ لأنّ الرفع لا مدخل له في الزيادة.

و ثالثها:ان يقع بين السجدتين،فيحتمل الحاقه بها؛تنزيلا لمعظم الركعة منزلة جميعها.و يحتمل عدمه؛لعدم الإكمال و تجوز الزيادة.

و رابعها:ان يقع بين الركوع و السجود،و هي أشكل مسائله.فقطع الفاضل فيها بالبطلان؛لتردّده بين محذورين:اما القطع و هو معرض للأربع، و اما الإتمام و هو معرض للخمس (6).و قطع شيخه المحقق-في الفتاوى- بالصحة؛تنزيلا للركعة على الركوع و الباقي تابع.و تجويز الزيادة لا ينفي ما هو ثابت بالأصالة إذ الأصل عدم الزيادة،و لان تجويز الزيادة لو منع لأثر في4.

ص: 79


1- الانتصار:48.
2- الكافي 3:351 ح 2،التهذيب 2:185 ح 736.
3- تقدمت في ص 76 الهامش 3.
4- سيأتي في ص 90 الهامش 4.
5- راجع:تذكرة الفقهاء 1:140،مختلف الشيعة:134.
6- مختلف الشيعة:134.

جميع صوره.

و خامسها:ان يقع في أثناء الركوع،فيحتمل الوجهين،و ان يرسل نفسه فكأنّه شاك بين الثلاث و الأربع.

و سادسها:ان يقع بعد القراءة و قبل الركوع،سواء كان قد انحنى و لم يبلغ حدّ الراكع أو لم ينحن أصلا.

و سابعها:ان يقع في أثناء القراءة.

و ثامنها:ان يقع قبل القراءة و قد استكمل القيام.

و تاسعها:ان يقع في أثناء القيام.

و في هذه الصور الأربع يلزمه الاحتياط بركعة قائما أو ركعتين جالسا؛لانه شك بين الثلاث و الأربع،و يرسل نفسه في جميعها.و لا يترتب على التعدّد فيها شيء،سوى احتمال سقوط سجود السهو ما لم يستكمل القيام،و احتمال تعدّده إذا قرأ.

و هذه الاحتمالات التسعة واردة في كل مسألة من المسائل الأربع المتقدمة.فلو أريد تركيب مسائل الشك الخمسة تركيبا ثنائيا و ثلاثيا و رباعيا حصل منه إحدى عشرة مسألة:ست من الثنائي،و أربع من الثلاثي،و واحد من الرباعي،فإذا ضربت في الصور التسع كانت تسعا و تسعين مسألة تظهر بأدنى تأمل،و قد أشرنا إليها في الرسالة المشهورة في الصلاة (1).

فروع:
الأول:ظاهر الأصحاب انّ كل موضع تعلق فيه الشك بالاثنتين يشترط

فيه إكمال السجدتين فتبطل بدونه؛

محافظة على ما سلف من اعتبار الأوليين.

و ربما اكتفى بعضهم بالركوع؛لصدق مسمّى الركعة.و الأول أقوى.

ص: 80


1- راجع الألفية،بحث الخلل.

نعم،لو كان ساجدا في الثانية،و لما يرفع رأسه و تعلّق الشك،لم استبعد صحته؛لحصول مسمّى الركعة.

الثاني:لا بد في الاحتياط من النية،

و تكبيرة الإحرام،و جميع شرائط الصلاة و أركانها؛لانّه:اما جزء من الصلاة،أو صلاة منفردة،فيجب فيه مراعاة ما يعتبر في الصلاة.

الثالث:هل يجزئ فيه التسبيح؟

الأكثر على اعتبار الحمد و لم يذكروا التسبيح،و اثبت التخيير المفيد (1)و ابن إدريس (2).

و الذي في صحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام:«فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب» (3).و كذا في صحيح ابن أبي يعفور عنه عليه السلام (4)و زرارة عن أحدهما عليهما السلام (5)و كثير من الاخبار.نعم،في بعضها إطلاق الصلاة (6)مع العلم بأنها شرعت للبدلية فيمكن ثبوت التخيير فيها كالمبدل،و هو اعتبار مرغوب عنه مع عدم تيقّن البراءة به.

الرابع:ظاهر الفتاوى و الاخبار وجوب تعقيب الاحتياط للصلاة من غير

تخلل حدث أو كلام أو غيره،

حتى ورد وجوب سجدتي السهو للكلام قبله ناسيا كما مر (7).

و قال ابن إدريس:لا تفسد الصلاة بالحدث قبله؛لخروجه من الصلاة

ص: 81


1- المقنعة:24.
2- السرائر:54.
3- التهذيب 2:185 ح 737،الاستبصار 1:372 ح 1414.
4- الكافي 3:352 ح 4،التهذيب 2:186 ح 739،الاستبصار 1:373 ح 1415.
5- الكافي 3:351 ح 3،التهذيب 2:186 ح 740،الاستبصار 1:373 ح 1416.
6- راجع:الكافي 3:353 ح 9،350 ح 3،التهذيب 2:349 ح 1448،184 ح 734،192 ح 759.
7- تقدم في ص 75 الهامش 3.

بالتسليم و هذا فرض جديد (1).و هو ضعيف؛لان شرعيته ليكون استدراكا للفائت من الصلاة،فهو على تقدير وجوبه جزء من الصلاة،فيكون الحدث واقعا في الصلاة فيبطلها.

و أورد على ابن إدريس التناقض بين فتواه بعدم البطلان بالحدث المتخلل و بجواز التسبيح؛لأنّ الأول يقتضي كونها صلاة منفردة،و الثاني يقتضي كونها جزءا (2).و يمكن دفعه بان التسليم جعل لها حكما مغايرا للجزء باعتبار الانفصال عن الصلاة،و لا ينافي تبعية الجزء في باقي الاحكام.

الخامس:لو ذكر بعد الاحتياط تمام الصلاة كان له ثواب النافلة،

كما ورد به النقل (3).و لو ذكر النقصان صحّ و كان مكملا للصلاة.

و يشكل في صورة الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع إذا لم يطابق الأول منهما-كأن بدأ بالركعتين قائما ثم يذكر انها كانت ثلاثا،أو بدأ بالركعة قائما ثم تذكر انها كانت اثنتين-من حيث الحكم بصحة الصلاة و الانفصال منها بالكلية فلا عبرة بما يطرأ من بعد،و من اختلال نظم الصلاة.

و الأول أقوى؛لأن امتثال الأمر يقتضي الاجزاء،و الإعادة خلاف الأصل، و لانه لو اعتبر المطابقة لم يسلم لنا احتياط يذكر فاعله الاحتياج إليه؛لحصول التكبير الزائد المنوي به الافتتاح.

و لو تذكر في أثنائه الحاجة إليه،ففيه أوجه:

أحدها:الإجزاء مطلقا؛لانه من باب امتثال المأمور به.

و الثاني:الإعادة؛لزيادة التكبير.

و الثالث:الصحة إذا طابق.

ص: 82


1- السرائر:54.
2- أورده العلامة في مختلف الشيعة:139.
3- الكافي 3:353 ح 8،الفقيه 1:229 ح 1015.

و هذا انما يتصور في الفرض المذكور.و حينئذ لو بدأ بالركعتين من قيام، ثم تذكر في أثنائها انها كانت ثلاثا،فإنه تنقدح الصحة ما لم يركع في الثانية، أو ركع و كان قد قعد عقيب الأولى؛لما سبق في مثله.اما لو ركع و لما يسبق له الجلوس فالبطلان قوي؛لأنه ان اعتبر كونه مكملا للصلاة فقد زاد،و ان اعتبر كونه صلاة منفردة فقد صلّى زيادة عما في ذمته بغير فاصل.

و لو تذكر في أثناء الركعتين جالسا انها ثلاث فالأقرب الصحة؛لأن الشرع اعتبرها مجزئة عن ركعة.و يحتمل البطلان لان ذلك حيث لا علم للمكلف،اما مع علمه فيكون قد صلّى جالسا ما هو فرض معلوم له،و هذا يقدح في صحة الصلاة و ان كان قد فرغ منهما و تذكر انها ثلاث.

و أبعد في الصحة لو تذكر انها اثنتان؛لانه يلزم منه اختلال النظم.

و وجه الصحة امتثال الأمر،و الحكم بالاجزاء على تقدير كلّ محتمل؛إذ المكلف لا يؤاخذ بما في نفس الأمر،فإذا كان الحكم بالاجزاء حاصلا مع البقاء على الشك،و من الممكن ان لا يكون مطابقا للأمر نفسه،فلا فرق بينه و بين التذكر.

اما لو تذكر و لما يركع جالسا في الركعة الأولى،فالأقرب عدم الاعتداد بما فعله من النية و التكبير و القراءة،و يجب عليه القيام لإتمام الصلاة،و لا تضرّه تلك التكبيرة و ذلك القعود الزائد.

و لو تذكر قبل الشروع في الاحتياط النقصان،أتمّ ما لم يكن قد أتى بالمنافي عمدا و سهوا.

إذا عرفت ذلك،فإنّه في كل موضع حكم بالصحة يحتمل وجوب سجدتي السهو حيث يكون موجبها حاصلا،كالتسليم و العقود في موضع قيام.

السادس:لو صلّى قبل الاحتياط غيره بطل،

فرضا كان أو نفلا،ترتّب على الصلاة السابقة أو لا؛لأن الفورية تقتضي النهي عن ضده و هو عبادة.هذا إذا كان متعمدا.

ص: 83

و لو فعل ذلك سهوا و كانت نافلة بطلت،و كذا إذا كانت فريضة لا يمكن العدول فيها:اما لاختلاف نوعها كالكسوف،و اما لتجاوز محل العدول.

و يحتمل الصحة،بناء على انّ الإتيان بالمنافي قبله لا يبطل الصلاة.

و ان أمكن العدول احتمل قويا صحته،كما يعدل الى جميع الصلاة.

السابع:لو لزمه احتياط في الظهر،

فضاق الوقت الاّ عن العصر،زاحم به إذا كان يبقى بعده ركعة للعصر،و ان كان لا يبقى صلّى العصر.و في بطلان الظهر الوجهان في فعل المنافي قبله،و أولى بالبطلان هنا؛للفصل بين أجزاء الصلاة بصلاة أجنبية.

و لو كان في أثنائه فعلم الضيق،فالأقرب العدول الى العصر؛لانّه واجب ظاهرا.و يحتمل عدمه؛لانه يجوز كونه نفلا فلا يعدل عنه الى الفرض.

الثامن:يترتّب الاحتياط ترتّب المجبورات،

و هو بناء على انه لا يبطله فعل المنافي،و كذا الأجزاء المنسية تترتب.و لو فاتته سجدة من الاولى و ركعة احتياط قدّم السجدة.و لو كانت من الركعة الأخيرة احتمل تقديم الاحتياط لتقدمه عليها،و تقديم السجدة؛لكثرة الفصل بالاحتياط بينها و بين الصلاة.

التاسع:لو أعاد الصلاة من وجب عليه الاحتياط لم يجز؛

لعدم إتيانه بالمأمور به.و ربما احتمل الإجزاء؛لإتيانه على الواجب و زيادة.

العاشر:تجب نيّة الركعة أو الركعتين؛

ليتحقق الامتياز و الأداء أو القضاء بحسب الفريضة،و كذا لو خرج الوقت و قلنا لا يقدح في صحة الصلاة.

تتمة:
اشارة

لو فاتته السجدة أو التشهد أو الصلاة على النبي و آله عليهم السلام، ففعل المنافي قبل فعلها،ففيها الوجهان المذكوران في الاحتياط،و أولى بالبطلان عند بعضهم؛للحكم بالجزئية هنا يقينا.

و لا خلاف انه يشترط فيها ما يشترط في الصلاة حتى الأداء في الوقت،

ص: 84

فان فات الوقت و لما يفعلها تعمدا بطلت الصلاة عند بعض الأصحاب؛لأنه لم يأت بالماهية على وجهها.و ان كان سهوا لم تبطل عنده و نوى بها القضاء، و كانت مترتبة على الفوائت قبلها،أبعاضا كانت أو صلوات مستقلة (1).

و لو فاته الاحتياط عمدا احتمل كونه كالسجدة بل أولى؛لاشتماله على أركان.و يحتمل الصحة،بناء على ان فعل المنافي قبله لا يبطله،فان قلنا به نوى القضاء بعد خروج الوقت و ترتيب على ما سلف.

و يحتمل قويا صحة الصلاة بتعمّد ترك الأبعاض و ان خرج الوقت؛لعدم توقّف صحة الصلاة في الجملة عليها،بخلاف الاحتياط لتوقّف صحة الصلاة عليه.

و على القول بان فعل المنافي قبله لا يبطله،لا يضر خروج الوقت.

و على تقدير القول بالصحة،فالإثم حاصل ان تعمد المنافي؛للإجماع على وجوب الفورية فيه.

و يلحق بذلك النظر في سجدتي السهو،و فيه خمسة مباحث
البحث الأول:في موجبهما،

و اختلف فيه الأصحاب:

فقال ابن الجنيد:تجبان:لنسيان التشهد الأول أو الثاني إذا كان قد تشهد أولا و الاّ أعاد،و للشك بين الثلاث و الأربع أو بين الأربع و الخمس إذا اختار الاحتياط بركعة قائما أو ركعتين جالسا،و لتكرير بعض أفعال الركعتين الأخيرتين سهوا،و السلام سهوا إذا كان في مصلاّه فأتمّ صلاته،و للشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد الاحتياط.

قال:و سجدتا السهو تنوبان عن كل سهو في الصلاة.

و قال الجعفي:تجب للشك بين الأربع و الخمس،و هما النقرتان.

و سمّى ركعتي احتياط الشك بين الثلاث و الأربع:المرغمتين.

ص: 85


1- هو العلامة في تذكرة الفقهاء 1:140.

و قال المفيد-رحمه اللّه-في المقنعة:فوات السجدة و التشهد حتى يركع،و الكلام ناسيا (1).و في العزية أوجبهما على من لم يدر أ زاد ركوعا أو نقصه،أو زاد سجدة أو نقصها و كان قد تجاوز محلها (2).

و قال ابن أبي عقيل:تجب للشك بين الأربع و الخمس فما عداها، و الكلام سهوا خاطب المصلي نفسه أو غيره (3).

و قال أبو جعفر بن بابويه:لا تجبان الاّ على من قعد في حال قيامه،أو قام في حال قعوده،أو ترك التشهد،أو لم يدر زاد أو نقص.و أوجبهما أيضا بالكلام ناسيا (4).

و قال والده تجب في نسيان التشهد،و الشك بين الثلاث و الأربع مع ظن الرابعة (5).و وافقه ابنه فيه كما مرّ.

و قال المرتضى-قدس اللّه روحه-:تجبان في خمسة:نسيان السجدة و التشهد،و الكلام ساهيا،و في القعود حالة قيام و بالعكس،و في الشك بين الأربع و الخمس (6).و تبعه ابن البراج و زاد:التسليم في غير موضعه (7).و ابن حمزة تبعه و زاد:السهو عن السجدتين من الأخيرتين (8).

و قال الشيخ في النهاية:تجبان:لنسيان السجدة،و التشهد،و الشك بين الأربع و الخمس،و للسلام ناسيا في غير موضعه،و التكلم ناسيا.و سماهما0.

ص: 86


1- المقنعة:24.
2- حكاه عنهما العلاّمة في مختلف الشيعة:140.
3- حكاه عنهما العلاّمة في مختلف الشيعة:140.
4- الفقيه 1:232،المقنع:31.
5- مختلف الشيعة:140.
6- جمل العلم و العمل 3:37.
7- المهذب 1:156.
8- الوسيلة:100.

المرغمتين (1).

و في المبسوط عدّ هذه ثم قال:و في أصحابنا من قال:انّ من قام في حال قعود،أو قعد في حال قيام،فتلافاه كان عليه سجدتا السهو.و كذا نقل انهما تجبان في كل زيادة و نقصان،و فرّع عليه وجوبهما بزيادة فرض أو نفل و نقصانهما،فعلا كانا أو هيئة.ثم قال:الأظهر في الروايات و المذهب الأول (2).

و في نهاية الفاضل و التذكرة:لو زاد فعلا مندوبا أو واجبا في غير محله نسيانا سجد للسهو.قال:و لو عزم على فعل مخالف للصلاة،أو على ان يتكلم عمدا و لم يفعل،لم يلزمه سجود لان حديث النفس مرفوع عن أمتنا،و انما السجود في عمل البدن (3).

و في الجمل كالذي قال في المبسوط،الا انه لم يذكر التشهد (4).

و في الخلاف:لا تجبان إلا في أربعة:الشك،و الكلام،و السلام، و نسيان السجدة أو التشهد.و نقل عن بعض الأصحاب الوجوب في كل زيادة و نقصان (5).

و قال أبو الصلاح:تجبان للسلام،و الكلام،و القعود في موضع القيام و بالعكس،و نسيان السجدة،و للشك في كمال الفرض،و زيادة ركعة عليه، و اللحن في الصلاة نسيانا (6).

و قال سلار:تجبان للكلام،و نسيان السجدة،و للتشهد،و القعود في حال8.

ص: 87


1- النهاية:91،93.
2- المبسوط 1:123،125.
3- نهاية الإحكام 1:547،تذكرة الفقهاء 1:141.
4- الجمل و العقود:189.
5- الخلاف 1:459 المسألة:202،149.
6- الكافي في الفقه:118،148.

القيام و بالعكس (1).و لا ريب ان السلام ناسيا يدخل في قوله و قول المرتضى -رحمة اللّه.

و قال ابن زهرة:للسجدة المنسية و التشهد،و للقعود و القيام في غير موضعهما،و للشك بين الأربع و الخمس،و الكلام سهوا (2).

و قال ابن إدريس:تجبان بستة:نسيان السجدة و التشهد،و الكلام، و القعود و القيام في غير موضعهما،و الشك بين الأربع و الخمس (3).

و الشيخ نجم الدين أوجبهما في نسيان السجدة و التشهد،و السلام و الكلام و الشك بين الأربع و الخمس.و حكى القيام و القعود،و ردّه برواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«من حفظ سهوه فأتمّه فليس عليه سجدتا السهو».و حكى الزيادة و النقصان و المتمسّك من الجانبين و لم يرجّح شيئا (4).

و قال ابن عمه الشيخ نجيب الدين-في الجامع-بمقالته،و حكى القيام و القعود (5).

و الفاضل-رحمه اللّه-اختار ذلك و أضاف إليه القعود و القيام في غير موضعهما،و الزيادة و النقيصة معلومة كانت أو مشكوكة (6).

و لنشر الى بعض الروايات:

فالتشهد المنسي قد ذكر مأخذه في التاسعة من مسائل السهو.و روى محمد بن علي الحلبي عن الصادق عليه السلام في ناسي التشهد:يرجع0.

ص: 88


1- المراسم:89.
2- الغنية:504.
3- السرائر:55 و زاد فيه:من سلّم في غير موضع التسليم،و به تتم الشروط الستة.
4- المعتبر 2:398. و رواية سماعة في الكافي 3:355 ح 1.
5- الجامع للشرائع:86.
6- مختلف الشيعة:140.

فيتشهد و ليس عليه سجدتا السهو (1)و هو ظاهر فيما يتلافى في الصلاة،فلا ينافي وجوبهما فيما يؤتى به بعدها.

و اما السجدة فلم نقف فيها على خصوص نص بالوجوب.نعم،تدخل فيما رواه سفيان بن السمط عنه عليه السلام:«تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان» (2)الاّ انّ هذا العموم يعارضه رواية أبي بصير سألته عمن نسي أن يسجد سجدة،«إذا انصرف قضاها و ليس عليه سهو» (3)و ربما تحمل على سهو يوجب احتياطا أو اعادة.

و اما الكلام نسيانا فيشهد له صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام (4).و لا يعارضها صحيح زرارة عن الباقر عليه السلام:«لا شيء عليه» (5)لا مكان حمله على نفي الإعادة أو الإثم.

و اما التسليم فلانّه كلام ليس من الصلاة و زيادة.و في صحيح محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام:لا شيء فيه (6)و جوابه كالأول.

و اما القيام و القعود في غير محلهما فللزيادة،و رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيما يجب به سجدتا السهو:«إذا أردت أن تقعد فقمت،أو تقوم فقعدت،أو أردت أن تقرأ فسبّحت،أو أردت أن تسبّح فقرأت،فعليك سجدتا السهو» (7).

قلت:يمكن ان تحمل على من تلافى القراءة أو التسبيح المراد،فيكون6.

ص: 89


1- التهذيب 2:158 ح 622،الاستبصار 1:363 ح 1376.
2- التهذيب 2:155 ح 608،الاستبصار 1:361 ح 1367.
3- الفقيه 1:228 ح 1008،التهذيب 2:152 ح 598،الاستبصار 1:358 ح 1360.
4- الكافي 3:356 ح 4،التهذيب 2:191 ح 755،الاستبصار 1:378 ح 1433.
5- التهذيب 2:191 ح 756،الاستبصار 1:378 ح 1434.
6- التهذيب 2:191 ح 757،الاستبصار 1:379 ح 1436.
7- التهذيب 2:353 ح 1466.

من باب الزيادة.و يمكن ان تحمل على من فعل ذلك و فات محل التلافي، فيكون من باب النقيصة،فمن ثم لم يعد شيئا خارجا.

و اما الزيادة و النقصية فلما مر،و لما روى ابن الجنيد في النقيصة (1).

و روى عبيد اللّه الحلبي-في الصحيح-عن أبي عبد اللّه عليه السلام،قال:

«إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا،أم نقصت أو زدت،فتشهد و سلم و اسجد سجدتي السهو بغير ركوع و لا قراءة،تتشهد فيهما تشهدا خفيفا» (2).و روى الفضيل بن يسار عنه عليه السلام:«من حفظ سهوه فأتمّ فليس عليه سجدتا السهو،و انما السهو على من لم يدر زاد في صلاته أو نقص» (3).

و اما الشك بين الأربع و الخمس فلما ذكر،و لما روى عبد اللّه بن سنان عن علي عليه السلام:«إذا كنت لا تدري أربعا صليت أو خمسا،فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم تسلم بعدهما» (4).

و بالجملة:ما اختاره الفاضل أعدل الأقوال.

البحث الثاني:في اتحاد السبب و تكثّره.

لا ريب في الوجوب عند اتحاد السبب،و كذا إذا كثر في صلوات متباعدة.و لا ريب في انتفائه إذا خرج الى حد الكثرة في صلاة أو صلوات.

اما لو تعدّد سبب السجدتين في صلاة واحدة،و لم يخرج الى حد الكثرة المقتضية للعفو،فالأقرب عدم التداخل؛لقيام السبب،و اشتغال الذمة،و لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انّه قال:«لكل سهو سجدتان» (5).و لا فرق

ص: 90


1- سيأتي في ص 93.
2- الفقيه 1:230 ح 1019،التهذيب 2:196 ح 772،الاستبصار 1:380 ح 1441.
3- الفقيه 1:230 ح 1018.
4- الكافي 3:355 ح 3،التهذيب 2:195 ح 767،عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- مسند احمد 5:280،سنن ابن ماجة 1:385 ح 1219،سنن أبي داود 1:273 ح 1038، السنن الكبرى 2:337.

بين ان يختلف السبب-كالسلام و القيام-أو يتحد-كالتسليم مرارا-مع اختلاف أوقات النسيان.

و الشيخ جعل عدم التداخل أحوط (1).

و ابن إدريس فصّل،فأوجب التداخل إذا تجانس السبب؛لانه صادق على القليل و الكثير،بخلاف ما إذا اختلف السبب؛لان كل واحد لا يدخل تحت لفظ الأمر بالآخر (2).

و جوابه:ان كل واحد لو انفرد لأوجب حكما،فعند الاجتماع لا يزول ما كان ثابتا حال الانفراد.

نعم،لو نسي القراءة مثلا لم تجب عليه لكل حرف منسي سجدتان،و ان كان لو انفرد لا وجب ذلك؛لان اسم القراءة يشملها.

و لو نسيان في الركعات نسيانا مستمرا لا يذكر فيه،فالظاهر انها سبب واحد.

و لو تذكر ثم عاد الى النسيان،فالأقرب تعدّد السبب.و كذا لو تكلم بكلمات متوالية أو متفرقة و لم يتذكر النسيان فكلام واحد،فلو تذكر تعدّد.

فروع:

ينبغي ترتيبه بترتّب الأسباب.و لو كان هناك ما يقضى من الاجزاء،قدّمه على سجدتي السهو وجوبا على الأقوى.

و لو تكلم و نسي سجدة،سجدها أولا ثم سجد لسهوها و ان كان متأخرا عن الكلام؛لارتباطه بها.و يحتمل تقديم سجود الكلام؛لتقدّم سببه.5.

ص: 91


1- المبسوط 1:123،الخلاف 1:458 المسألة:201.
2- السرائر:55.

و لو ظن سهوه كلاما فسجد له،فتبيّن انه كان نسيان سجدة،فالأقرب الإعادة؛بناء على ان تعيين السبب شرط.و هو اختيار الفاضل (1).

و لو نسي سجدات أتى بها متتاليا،و سجد للسهو بعدها،و ليس له ان يخلله بينها-على الأقرب-صونا للصلاة عن الأجنبي.

البحث الثالث:محلهما بعد التسليم،

سواء كانتا للزيادة أو النقيصة -على المشهور-حذرا من الزيادة في الصلاة،و لما تقدم في رواية ابن الحجاج (2)و موثقة عبد اللّه بن ميمون عن الصادق عليه السلام عن علي عليه السلام (3).

و يحتج على الشافعي (4)بما رووه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«لكل سهو سجدتان بعد ان يسلم» (5)و ان النبي صلّى اللّه عليه و آله سجدهما بعد التسليم (6).

و يعارضها صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام:

«إذا نقصت قبل التسليم،و إذا زدت فبعده» (7).و في رواية أبي الجارود عن الباقر عليه السلام:«انهما قبل التسليم» (8)و أطلق.و حملهما الأصحاب على التقية، قال الصدوق:إني افتي به حال التقية (9).

ص: 92


1- نهاية الإحكام 1:552.
2- الكافي 3:356 ح 4،التهذيب 2:191 ح 755،الاستبصار 1:378 ح 1433. و تقدمت إجمالا في ص 89 الهامش 3.
3- التهذيب 2:195 ح 768،الاستبصار 1:380 ح 1438.
4- الام 1:130،المجموع 4:153.
5- تقدم في ص 90 الهامش 5.
6- صحيح مسلم 1:404 ح 573،السنن الكبرى 2:335.
7- التهذيب 2:195 ح 769،الاستبصار 1:380 ح 1439.
8- التهذيب 2:195 ح 770،الاستبصار 1:380 ح 1440.
9- الفقيه 1:225.

و اما رواية العامة انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله سجد قبل السلام (1)و ان الزهري قال:آخر الأمرين السجود قبل التسليم (2)،فلم يثبت عندنا،كيف و أهل البيت أعرف بحال صاحب البيت! و قال ابن الجنيد:ان كرّر بعض أفعال الصلاة في الأخيرتين ساهيا سجد للسهو بعد سلامه،و ان عدل من النفل الى الفرض استحب ان يسجد للسهو قبل سلامه؛لسهوه عن نية الفرض الذي قضاه؛لانه نقص الصلاة.

قال:و قد روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من ترك شيئا من صلاته فليسجد سجدتي السهو بعد سلامه،و ان كان بنقصان فيها سجد قبل سلامه».

و ليس في هذا كله تصريح بما يرويه بعض الأصحاب ان ابن الجنيد قائل بالتفصيل (3).نعم،هو مذهب أبي حنيفة من العامة (4).

فروع:

لو قلنا بفعله قبل التسليم،فظن موجبه ففعله ثم تبين ان لا موجب،لم يسجد له،قاله الفاضل،معللا بأنه لا سهو في سهو (5).

قلت:يشكل على القول بوجوب التسليم؛لانه تبين انه زاد في الصلاة سجدتين.

و لو سجد ثم سها سجد ثانيا؛لان سجود السهو انما يجبر ما قبله.1.

ص: 93


1- الموطأ 1:96،سنن الدارمي 1:353،صحيح البخاري 2:85،صحيح مسلم 1:399 ح 570،سنن النسائي 3:19،السنن الكبرى 2:334.
2- السنن الكبرى 2:341.
3- قاله العلامة في مختلف الشيعة:142.
4- حلية العلماء 1:150،اللباب 1:94.
5- تذكرة الفقهاء 1:141.

و لو سلّم قبل السجود متعمدا،بطلت صلاته على القول بوجوبهما قبله.

و لو كان ناسيا فالأقرب الصحة،و يأتي بهما بعده.و هل يجب سجود السهو هنا؟ وجهان:من تحقق الإخلال به في غير موضعه،و من انه لا سهو في سهو.

البحث الرابع هل تجب النيّة فيهما و تعيين السبب؟

تجب فيهما النية لأنهما عبادة،و تعيين السبب،و جميع ما يعتبر في سجود الصلاة إلا الذكر،فإنه يقول فيهما:«بسم اللّه و باللّه،و صلّى اللّه على محمد و على آل محمد»،أو يقول:«بسم اللّه و باللّه،و السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته»؛لرواية عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انّه سمعه مرة يقول فيهما الأول و مرة أخرى الثاني (1)و لا يستلزم سهو الامام؛لجواز كونه اخبارا عن حكمه فيهما.

و في الكليني عبارة الحلبي«بسم اللّه و باللّه،اللهم صلّى على محمد و آل محمد»و في المرة الأخرى«بسم اللّه و باللّه،السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه (2)» (3).و الكل مجز.ثم يتشهد تشهدا خفيفا و يسلم،للحديثين السالفين (4)و فتوى الأصحاب (5).

الاّ ان أبا الصلاح،قال:ينصرف منهما بالتسليم على محمد صلوات اللّه عليه و آله (6).

و جوّز الشيخ-في المبسوط-فيهما ما شاء من الأذكار (7).

ص: 94


1- التهذيب 2:196 ح 773.
2- في المصدر الزيادة:«و بركاته».
3- الكافي 3:356 ح 5،و مثله في الفقيه 1:226 ح 997 إلا في عبارة«اللهم صلّ»،ففيه كما في التهذيب«و صلّى اللّه».
4- تقدما في ص 67 الهامش 4،ص 90 الهامش 2.
5- راجع:المقنعة:24،المبسوط 1:125،المعتبر 2:400.
6- الكافي في الفقه:148.
7- المبسوط 1:125.

و الفاضل في المختلف لم يوجب سوى السجدتين و جعل الباقي مستحبا؛تعويلا على رواية عمار عن الصادق عليه السلام:«هما سجدتان فقط،فان كان الذي سها هو الامام كبّر إذا سجد و إذا رفع رأسه،ليعلم من خلفه انه قد سها،و ليس عليه ان يسبّح فيهما،و لا فيهما تشهد بعد السجدتين» (1).

و هو معارض بما تقدم،و برواية الحلبي أيضا الصحيحة عن الصادق عليه السلام:«يتشهد فيهما تشهدا خفيفا» (2)و بفتوى الأصحاب،مع ضعف عمار.

و في المعتبر أوجب التشهد و التسليم و لم يوجب الذكر فيهما (3).

و العمل بالمشهور بين الأصحاب أولى.

البحث الخامس:يجب البدار بهما على الفور؛

لما روي من انهما قبل الكلام (4)و لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله سجد عقيب الصلاة (5)على ما روي، و التأسي به واجب.

فلو تركهما لم يقدح في صحة الصلاة،بل يجب الإتيان بهما بعد و ان طالت المدة؛لما رواه عمار عن الصادق عليه السلام في ناسيهما:«يسجدهما متى ذكر» (6).

و في الخلاف:هما شرط في صحة الصلاة (7).فعلى قوله تركهما يقدح

ص: 95


1- مختلف الشيعة:143. و رواية عمار في الفقيه 1:226 ح 996،التهذيب 2:196 ح 771،الاستبصار 1:381 ح 1442.
2- الفقيه 1:230 ح 1019،التهذيب 2:196 ح 772،الاستبصار 1:380 ح 1441.
3- المعتبر 2:400.
4- التهذيب 2:195 ح 768،الاستبصار 1:380 ح 1438.
5- تقدم في ص 92 الهامش 6.
6- التهذيب 2:353 ح 1466.
7- الخلاف 1:462 المسألة:203.

في الصحة،و هو مع ذلك قائل بوجوب الإتيان بهما و ان طالت المدة (1).و منع الشرطية الفاضلان (2).

و قال بعض العامة:لو نسيهما قضاهما ما لم يخرج عن المسجد أو يتكلم (3)و آخرون ما لم يقم عن مجلسه أو يطل الزمان عرفا (4).و ليسا شيئا؛إذ الثابت الوجوب و التقدير تحكّم.

فروع:

الأول: لو نسي أربع سجدات من أربع ركعات،قضاها و سجد لكل واحدة سجدتين.و يحتمل الاجتزاء بسجدتين:اما على القول بالتداخل فظاهر،و اما على عدمه فلدخوله في حيز الكثرة ان تعدّد السهو.اما لو كان في سهو متصل فالظاهر انه لا يدخل في الكثرة.

و قال بعض العامة:تخلص له ركعتان إن جلس جلسة فصل أو جلسة الاستراحة،أو قلنا بان القيام يقوم مقام الجلسة،و الاّ خلص له ركعة إلاّ سجدة،فيتم بسجدة ثم ثلاث ركعات (5).

و قال بعضهم:لا تسلم له سوى التحريمة (6).

و قال آخرون:ليس عليه سوى أربع سجدات متتالية (7).

و في الخلاف:لا نص لأصحابنا فيها،و قضية المذهب بطلان الصلاة ان7.

ص: 96


1- الخلاف 1:462 المسألة:204.
2- المعتبر 2:402،مختلف الشيعة:143.
3- المجموع 4:161،المغني 1:722.
4- المجموع 4:158،156،المغني 1:723.
5- المجموع 4:120،المغني 1:727.
6- المجموع 4:121.
7- المجموع 4:121،المغني 1:727.

قلنا باشتراط سلامة الركعتين الأوليين،و الا أتى بأربع و سجد للسهو أربع مرات (1).

الثاني: لو جلس في موضع قيام ناسيا و لما يتشهد-كالجلوس على الاولى أو الثالثة-صرف إلى جلسة الاستراحة و لا سجود عليه على الأقوى،و ان تشهد وجب السجود للتشهد لا للجلوس على الأصح.

و في الخلاف:ان كان الجلوس بقدر الاستراحة و لم يتشهد فلا سجود عليه،و ان تشهد أو جلس بقدر التشهد سجد على القول بالزيادة و النقيصة (2).

و في المختلف:ان جلس ليتشهد و لم يتشهد،فالزائد على جلسة الاستراحة يوجب السجود (3)،و الظاهر انه مراد الشيخ.و لكن في وجوب السجود للزائد عن قدرها للتشهد إشكال؛لأن جلسة الاستراحة لا قدر لها بل يجوز تطويلها و تركه،فان صرف الجلوس للتشهد إليها فلا يضر طولها،و ان لم يصرف لم ينفع قصرها في سقوط سجود السهو.

الثالث:لا سجود لترك السنن، سواء كانت قنوتا أو غيره.

و قال ابن الجنيد:لو نسي القنوت قضاه في التشهد قبل التسليم و سجد سجدتي السهو (4).و رواية سفيان السالفة تدل عليه (5)،و لكن يدخل فيها ترك جميع السنن،كما قاله الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط (6).

الرابع:تسمّى هاتان السجدتان:المرغمتين، لأنهما ترغمان الشيطان،5.

ص: 97


1- الخلاف 1:456 المسألة:199.
2- الخلاف 1:458 المسألة 200.
3- مختلف الشيعة:143.
4- مختلف الشيعة:140.
5- تقدمت في ص 89 الهامش 2.
6- المبسوط 1:125.

كما دل عليه الحديث من طرقنا (1)و طرق العامة (2).و سماهما الجعفي:

النقرتين،و هو في بعض الاخبار (3)و في بعضها النهي عن تسميتهما بالنقرتين (4).و من النوادر انهما ركعتان كما ورد في بعض الاخبار.

خاتمة:

روى الصدوق بإسناده إلى إسماعيل بن مسلم،عن الصادق عليه السلام:«انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال لمن شكا إليه كثرة الوسوسة حتى لا يعقل ما صلّى من زيادة أو نقصان:إذا دخلت في صلاتك فاطعن فخذك اليسرى بإصبعك اليمنى المسبحة،ثم قل:بسم اللّه و باللّه،توكلت على اللّه، أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم،فإنك تزجره و تطرده عنك» (5).

ص: 98


1- الكافي 3:357 ح 9،التهذيب 2:349 ح 1449.
2- المصنف لعبد الرزاق 2:305 ح 3466،صحيح مسلم 1:400 ح 571،سنن الدار قطني 1:375،السنن الكبرى 2:339.
3- التهذيب 2:345 ح 1431.
4- التهذيب 2:156 ح 609،الاستبصار 1:360 ح 1366.
5- الفقيه 1:223 ح 984،و في الكافي 3:358 ح 4.
الركن الثالث:في بقية الصلوات الواجبة
اشارة

و فصوله أربعة:

الفصل الأول:في صلاة الجمعة
اشارة

و فيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول:في الشرائط
مقدّمة:

تجب صلاة الجمعة-بالنص و الإجماع-ركعتان بدلا عن الظهر.

قال اللّه تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ (1).

و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:«الجمعة حق على كل مسلم الاّ أربعة:

عبد مملوك،أو امرأة،أو صبي،أو مريض» (2).

و قال صلّى اللّه عليه و آله:«اعلموا انّ اللّه قد افترض عليكم الجمعة، فمن تركها في حياتي أو بعد موتي و له امام عادل،استخفافا بها أو جحودا لها،فلا جمع اللّه له شمله،و لا بارك له في أمره،ألا و لا صلاة له،ألا و لا زكاة له،ألا

ص: 99


1- سورة الجمعة:9.
2- المصنف لعبد الرزاق 3:173 ح 5200،سنن أبي داود 1:280 ح 1067،سنن الدار قطني 2:3،المستدرك على الصحيحين 1:288،السنن الكبرى 3:172.

و لا حج له،ألا و لا صوم له،ألا و لا برّ له حتى يتوب» (1).

و قال الصادق عليه السلام-برواية أبي بصير و محمد بن مسلم-:«ان اللّه تعالى فرض في كل أسبوع خمسا و ثلاثين صلاة،منها صلاة واجبة على كل مسلم ان يشهدها الا خمسة:المريض،و المملوك،و المسافر،و المرأة و الصبي» (2).

و روى زرارة عن الباقر عليه السلام،قال:«فرض اللّه تعالى على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا و ثلاثين صلاة،منها صلاة واحدة فرضها اللّه تعالى في جماعة و هي:الجمعة،و وضعها عن تسعة:عن الصغير،و الكبير، و المجنون،و المسافر،و العبد،و المرأة،و المريض،و الأعمى،و من كان على رأس فرسخين» (3).

و شروطها سبعة:

الشرط الأول:السلطان العادل،
اشارة

و هو الإمام أو نائبه إجماعا منا؛لما مر، و لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يعيّن لإمامة الجمعة (4).

و يشترط في النائب أمور تسعة:
الأول:البلوغ،

فلا تنعقد إمامة الصبي؛لاتصافه بما يرفع القلم،فلا يؤمن ترك واجب أو فعل محرّم منه إذا كان مميزا،و ان لم يكن مميزا فلا اعتبار لأفعاله.

الثاني:العقل،

فلا تنعقد امامة المجنون؛لعدم الاعتداد بفعله.

ص: 100


1- سنن ابن ماجة 1:343 ح 1081،مسند أبي يعلى 3:381 ح 1856،السنن الكبرى 3: 171.
2- الكافي 3:418 ح 1،التهذيب 3:19 ح 69.
3- الكافي 2:419 ح 6،الفقيه 1:266 ح 1217،الخصال:422،التهذيب 3:21 ح 77.
4- انظر ما يأتي في صحيفة:104 هامش 3.

و لو كان يعتوره أدوارا،فالأقرب الكراهة وقت إفاقته.و حرّمه الفاضل؛ لانه لا يؤمن عروضه له في أثناء الصلاة،و لجواز احتلامه في جنّته بغير شعوره (1).

قلت:تجويز العروض لا يرفع تحقيق الأهلية،و التكليف يتبع العلم.

الثالث:ان لا يكون امرأة و لا خنثى؛

لعدم تكليفهما بهذه الصلاة، و عدم جواز إمامتهما بالرجال.

الرابع:الحرية،

و أحوط القولين اعتبارها؛لعدم تكليفه بها،و لنقصه عن مرتبة الإمامة،و لرواية السكوني عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام انه قال:«لا يؤمّ العبد إلاّ اهله» (2).و هو اختيار الشيخ في النهاية (3)تبعا لشيخه المفيد (4).

و قال في المبسوط:يجوز (5)و اختاره المتأخرون (6)لما رواه محمد بن مسلم-في الصحيح-عن الصادق عليه السلام في العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به و كان أكثرهم قراءة،قال:«لا بأس به» (7)و يجوز ان تكون محمولة على الجماعة المستحبة.

الخامس:العدالة

-و هي:هيئة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى و المروءة،بحيث لا يواقع الكبائر و لا يصرّ على الصغائر-و عليه إجماع الأصحاب هنا و في الجماعة المطلقة؛لظاهر قوله تعالى:

ص: 101


1- تذكرة الفقهاء 1:144.
2- التهذيب 3:29 ح 102،الاستبصار 1:423 ح 1631.
3- النهاية:105.
4- المقنعة:27.
5- المبسوط 1:149.
6- راجع:المعتبر 2:293،تذكرة الفقهاء 1:145،مختلف الشيعة:153.
7- التهذيب 3:29 ح 100،الاستبصار 1:423 ح 1629.

وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (1) .

و روى العامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله-بطريق جابر-:«لا تؤمّن امرأة رجلا،و لا فاجر مؤمنا،الاّ ان يقهره سلطان أو يخاف سيفه أو سوطه» (2).

و روى سعد بن إسماعيل،عن أبيه،عن الرضا عليه السلام:منع امامة من يقارب الذنوب (3).

و في خبر آخر:«امامك شفيعك الى اللّه،فلا تجعل شفيعك سفيها و لا فاسقا»رواه الصدوق عن أبي ذر رضي اللّه عنه (4)و الظاهر انه قاله توقيفا.

و أولى بالاشتراط الايمان و الإسلام.فلو ظن إيمانه أو السلامة فظهر خلافه،صحت الصلاة؛لأنه متعبّد بظنه.و لا فرق بين ظهور الكفر الذي لا يخفى-كاليهودية و النصرانية-أو غيره-كالزندقة.و لو شك في السلام الإمام، أو في عدالته،لم تصحّ الصلاة خلفه.

فرع:

الاختلاف في الفروع الشرعية لا يقدح في العدالة؛للإجماع على ذلك.نعم،لو اعتقد شيئا ففعل خلافه قدح،و كذا المقلد لو ترك تقليد العالم أو الأعلم.

السادس:طهارة المولد،

فلا تصح امامة ولد الزنا المعلوم حاله إجماعا منا.و لا عبرة بمن تناله الألسن،و لا تقدح ولادة الشبهة،و لا كونه مجهول

ص: 102


1- سورة هود:113.
2- سنن ابن ماجة 1:343 ح 1081،مسند أبي يعلى 3:381 ح 1856،السنن الكبرى 3: 171.
3- الفقيه 1:249 ح 1116،التهذيب 3:31 ح 110.
4- الفقيه 1:247 ح 1103،و في التهذيب 3:30 ح 107.

الأب.و في كراهة الائتمام بهؤلاء قول لا بأس به (1)لنقصهم،و عدم كمال الانقياد الى متابعتهم.

السابع:السلامة من الجذام و البرص

-في قول مشهور-في الجماعة مطلقا؛لصحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السلام:«خمسة لا يؤمّون الناس على كل حال:المجذوم،و الأبرص،و المجنون،و ولد الزنا،و الأعرابي» (2).

و كرهه المرتضى في أحد قوليه (3)؛للأصل،و لرواية عبد اللّه بن يزيد قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المجذوم و الأبرص،هل يؤمّان المسلم؟ قال:«نعم».قلت:هل يبتلي اللّه بهما المؤمن؟قال:«نعم،و هل كتب البلاء الاّ على المؤمن» (4).

و الجمع بينهما بالحمل على الكراهية،و لكن يلزم منه استعمال المشترك في معنييه؛لأن النهي في ولد الزنا و المجنون محمول على المنع من النقيض قطعا،فلو حمل على المنع لا من النقيض في غيرهما لزم المحذور.و يمكن ان يقال لا مانع من استعمال المشترك،و ان سلم فهو مجاز لا مانع من ارتكابه.

الثامن:السلامة من العمى

في احتمال،و لم نجد به شاهدا،لكن في رواية السكوني عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام:«لا يؤمّ الأعمى في الصحراء الاّ ان يوجّه إلى القبلة» (5)و ظاهر انه غير مانع من الإمامة.فإن علل بكونه ممّن لا تجب عليه الجمعة،قلنا:مع الحضور تجب عليه و تنعقد به.

و في التذكرة نقل انّ أكثر علمائنا قائلون باشتراط سلامة الإمام من

ص: 103


1- تذكرة الفقهاء 1:177.
2- الكافي 3:375 ح 1،التهذيب 3:26 ح 92،الاستبصار 1:422 ح 1626.
3- الانتصار:49.
4- التهذيب 3:27 ح 93،الاستبصار 1:422 ح 1627.
5- الكافي 3:375 ح 2،التهذيب 3:27 ح 94.

العمى؛لانه لا يتمكّن من الاحتراز عن النجاسات غالبا (1).و اختاره في النهاية؛ لأنه ناقص فلا يصلح لهذا المنصب الجليل (2).و النقل مجهول،و التعليلان ضعيفان،مع قضية الأصل المقتضية للجواز و ان الاعتماد على الايمان و العدالة.

التاسع:إذن الامام له

-كما كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يأذن لأئمة الجمعات و أمير المؤمنين (3)بعده-و عليه إطباق الإمامية.هذا مع حضور الامام عليه السلام.

و اما مع غيبته-كهذا الزمان-ففي انعقادها قولان،أصحهما-و به قال معظم الأصحاب (4)-الجواز إذا أمكن الاجتماع و الخطبتان.و يعلّل بأمرين.

أحدهما: انّ الاذن حاصل من الأئمة الماضين فهو كالاذن من إمام الوقت،و اليه أشار الشيخ في الخلاف (5).

و يؤيده صحيح زرارة قال:حثّنا أبو عبد اللّه عليه السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت انه يريد ان نأتيه،فقلت:نغدو عليك،فقال:«لا،انما عنيت عندكم» (6).

و لان الفقهاء حال الغيبة يباشرون ما هو أعظم من ذلك بالاذن-كالحكم و الإفتاء-فهذا أولى.

و التعليل الثاني:ان الاذن انما يعتبر مع إمكانه، اما مع عدمه فيسقط

ص: 104


1- تذكرة الفقهاء 1:145 و ذكر فيه التعليلين.
2- نهاية الإحكام 2:15،150 و لم يذكر فيه سوى التعليل الأول.
3- انظر:الحدائق الناضرة 9:422 و مفتاح الكرامة 3:55 و الحاوي الكبير 2:446.
4- راجع:المبسوط 1:151،النهاية:107،المعتبر 2:279،تذكرة الفقهاء 1:145، مختلف الشيعة:109.
5- الخلاف 1:626،المسألة 397.
6- التهذيب 3:239 ح 635،الاستبصار 1:420 ح 1615.

اعتباره،و يبقى عموم القرآن و الاخبار خاليا عن المعارض.

و قد روى عمر بن يزيد-في الصحيح-عن الصادق عليه السلام:«إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلّوا في جماعة» (1).

و في الصحيح عن منصور عن الصادق عليه السلام:«يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد،و الجمعة واجبة على كل أحد،لا يعذر الناس فيها الا خمسة:المرأة،و المملوك،و المسافر،و المريض،و الصبي» (2).

و في الموثق عن زرارة عن عبد الملك عن الباقر عليه السلام،قال:قال:

«مثلك يهلك و لم يصل فريضة فرضها اللّه».قال:قلت كيف أصنع؟قال:

«صلوا جماعة»يعني:صلاة الجمعة (3)،في أخبار كثيرة مطلقة.

و التعليلان حسنان،و الاعتماد على الثاني.

إذا عرفت ذلك،فقد قال الفاضلان:يسقط وجوب الجمعة حال الغيبة، و لم يسقط الاستحباب (4).و ظاهرهما انّه لو أتى بها كانت واجبة مجزية عن الظهر،فالاستحباب انما هو في الاجتماع،أو بمعنى:انه أفضل الأمرين الواجبين على التخيير.

و ربما يقال بالوجوب الضيّق حال الغيبة؛لأن قضية التعليلين ذلك،فما الذي اقتضى سقوط الوجوب؟الا انّ عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في سائر الأعصار و الأمصار،و نقل الفاضل فيه الإجماع (5).

و بالغ بعضهم فنفى الشرعية أصلا و رأسا-و هو ظاهر كلام المرتضى (6)2.

ص: 105


1- التهذيب 3:245 ح 664،الاستبصار 1:418 ح 1607.
2- التهذيب 3:239 ح 636،الاستبصار 1:419 ح 1610،1616.
3- التهذيب 3:239 ح 638،الاستبصار 1:420 ح 1616.
4- المعتبر 2:279،تذكرة الفقهاء 1:145.
5- تذكرة الفقهاء 1:145.
6- جوابات المسائل الميافارقيات 1:272.

و صريح سلار (1)و ابن إدريس (2)و هو القول الثاني من القولين-بناء على انّ اذن الامام شرط الصحة و هو مفقود.

و هؤلاء يسندون التعليل إلى اذن الامام و يمنعون وجود الاذن،و يحملون الاذن الموجود في عصر الأئمة عليهم السلام على من سمع ذلك الاذن و ليس حجة على من يأتي من المكلّفين،و الاذن في الحكم و الإفتاء أمر خارج عن الصلاة،و لان المعلوم وجوب الظهر فلا تزول الاّ بمعلوم.و هذا القول متوجّه و الاّ لزم الوجوب العيني،و أصحاب القول الأول لا يقولون به.

ثم اعلم انّه لا خلاف انّه لو حضر الإمام الأعظم مصرا و تمكّن من الإمامة لم يؤم غيره؛تأسيا بفعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة بعده و لرواية حماد بن عيسى عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام:«إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار جمّع بالناس،ليس ذلك لأحد غيره» (3).نعم،لو كان له مانع استناب،و لا يجوز التقدم بغير اذنه.

الشرط الثاني:العدد،
اشارة

و لا خلاف في اعتباره في الجمعة.و عندنا في أقلّه روايتان،أشهرهما و الأظهر في الفتوى أنه خمسة أحدهم الإمام،رواه زرارة عن الباقر عليه السلام (4)و رواه منصور في الصحيح عن الصادق عليه السلام (5).

و روى محمد بن مسلم عنه:«سبعة و لا تجب على أقل منهم:الامام و قاضية،و المدعي حقا،و المدعى عليه،و الشاهدان،و الذي يضرب الحدود

ص: 106


1- المراسم:261.
2- السرائر:66.
3- التهذيب 3:23 ح 81.
4- الكافي 3:419 ح 4،التهذيب 3:240 ح 640،الاستبصار 1:419 ح 1612.
5- التهذيب 3:239 ح 636،الاستبصار 1:419 ح 1610.

بين يدي الامام» (1).و فيه إشارة الى انّ الاجتماع المدني لا يتمّ إلا بهؤلاء، و الجمعة تتبع التمدن لأنها انما تجب على المستوطنين.

و هذان الخبران كالمتعارضين،فجمع الشيخ أبو جعفر بن بابويه و الشيخ أبو جعفر الطوسي-رضي اللّه عنهما-بالحمل على الوجوب العيني في السبعة،و الوجوب التخييري في الخمسة (2).و هو حمل حسن،و يكون معنى قوله عليه السلام:«و لا تجب على أقل منهم»نفي الوجوب الخاص-أي:

العيني لا مطلق الوجوب-لئلا يتناقض الخبران المرويان بعدة أسانيد.

و المحقق في المعتبر لحظ هذا،ثم قال:هذا و ان كان مرجحا لكن روايتنا دالة على الجواز،و مع الجواز تجب لقوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ .فلو عمل برواية محمد بن مسلم لزم تقييد الأمر المطلق المتيقن بخبر الواحد،و لا كذا مع العمل بالأخبار التي اخترناها مع انها أكثر ورودا و نقلة.

على انّه لا يمكن العمل برواية محمد بن مسلم؛لأنّه أحصى السبعة بمن ليس حضورهم شرطا،فسقط اعتبارها (3).

قلت:الجواز لا يستلزم الوجوب و الاّ لوجبت عينا حال الغيبة، و الاحتجاج بعموم القرآن وارد فيه.و الأمر المطلق مسلم،و لكن الإجماع على تقييده بعدد مخصوص،حتى قال الشافعي و احمد:أربعون (4)و أبو حنيفة:

أربعة أحدهم الامام (5)،و مصير الأصحاب الى ذلك العدد مستند الى الخبر، و هو من الطرفين في حيز الآحاد،فلا بد من التقييد به.

فان قال:صاحب السبعة موافق على الخمسة،فاتفقا على التقييد بها،0.

ص: 107


1- الفقيه 1:267 ح 1222،التهذيب 3:20 ح 75،الاستبصار 1:418 ح 1608.
2- المبسوط 1:143،النهاية:103.
3- المعتبر 2:282.
4- المغني 2:172،فتح العزيز 4:510.
5- المغني 2:172،فتح العزيز 4:510.

فيؤخذ المتفق عليه.

قلنا:هذا من باب الأخذ بأقل ما قيل،و قد توهّم بعض الأصوليين انه حجة بل إجماع (1)و قد بيّنا ضعفه في الأصول.

و اما إحصاء العدد بالسبعة فلبيان الحكمة في اعتبار الاستيطان في الجمعة لا لانّه شرط في انعقادها.

و قال الفاضل-رحمه اللّه-في المختلف:في طريق رواية محمد بن مسلم الحكم بن مسكين و لا يحضرني الآن حاله،فنحن نمنع صحة السند و نعارضه بما تقدّم من الاخبار،و يبقى عموم القرآن سالما عن المعارض (2).

قلت:الحكم ذكره الشكي و لم يعرض له بذم (3)و الرواية مشهورة جدا بين الأصحاب،لا يطعن فيها كون الراوي مجهولا عند بعض الناس.و المعارضة منتفية بما ذكرناه من الحمل.

و قال في التذكرة:الرواية ليست ناصّة على المطلوب؛لأن الأقل من السبعة قد يكون أقل من الخمسة،فتحمل عليه جميعا بين الأدلة (4).

قلت:فيه بعد؛لانه خلاف الظاهر؛لأنه إذا قيل:هذا العدد أقل من كذا،كان صادقا على كل ما نقص عنه حقيقة بواحد أو أكثر،فتخصيصه خلاف الظاهر.و لأن«أقل»نكرة في سياق النفي فتعمّ،فهو في قوة:لا تجب على كل عدد ينقص عن السبعة.

فروع أربعة:
أحدها:العدد انما هو شرط في الابتداء لا في الاستدامة.

فلو تحرّموا

ص: 108


1- راجع:الذريعة للمرتضى 2:833.
2- مختلف الشيعة:103.
3- راجع:رجال الكشي:457 برقم 866.
4- تذكرة الفقهاء 1:146.

بها ثم انفضوا إلاّ الإمام أتمّها جمعة:للنهي عن إبطال العمل،و اشتراط الاستدامة منفي بالأصل،و لا يلزم من اشتراطه في الابتداء اشتراطه في الدوام، كعدم الماء في حق المتيمم.و هو فتوى الشيخ في كتبه (1)مع قوله في الخلاف:

انه لا نصّ لأصحابنا فيه لكنه قضية المذهب؛لانه دخل في جمعة و انعقدت بطريقة معلومة،فلا يجوز إبطالها الا بيقين (2).

و اما اعتبار بقاء واحد مع الإمام أو اثنين،أو انفضاضهم بعد صلاة ركعة تامة في وجوب الإتمام،أو اعتبار بقاء جميع العدد-كما تنسب هذه الأمور إلى الشافعي (3)-فتحكّم،و ان كان الفاضل قد رجّح اعتبار الركعة في وجوب الإتمام؛لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى» (4).

و جوابه منع الدلالة على المطلوب.نعم،لا عبرة بانفضاض الزائد على العدد مع بقاء العدد،سواء شرعوا في الصلاة أو لا إجماعا.

الثاني:لو حضر عدد آخر بعد التحريمة فتحرّموا ثم انقضّ الأولون لم

يضر؛

لان الانعقاد قد تم بالواردين،قاله في التذكرة (5).

و يشكل بان من جملة الأولين الإمام فكيف تنعقد بدونه؟الا ان يقال:

ينصبون الآن إماما،أو يكون قد انفض من عدا الامام،و يكون ذلك على القول باعتبار الركعة؛لأنه لو لم تعتبر الركعة في بقاء الصحة كان بقاء الامام وحده

ص: 109


1- المبسوط 1:144.
2- الخلاف 1:600،601 المسألة:360.
3- المجموع 4:506،فتح العزيز 4:531.
4- تذكرة الفقهاء 1:147. و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله في:سنن ابن ماجة 1:356 ح 1121،سنن الدار قطني 2: 10،المستدرك على الصحيحين 1:291.
5- تذكرة الفقهاء 1:147.

كافيا في الصحة،و لا يكون في حضور العدد الآخر فائدة تصحح الصلاة.

الثالث:لو انفضوا قبل الصلاة سقطت،

و كذا لو انفض ما ينقص به العدد.و لو انفضوا في أثناء الخطبة فكذلك،فلو عادوا أعادها من رأس ان كانوا لم يسمعوا أركانها.و لو سمعوا بنى،سواء طال الفصل أم لا؛لحصول مسمّى الخطبة،و لم يثبت اشتراط الموالاة،الا ان نقول:هي كالصلاة،فيعيدها.

و يشكل بأنه لا يأمن انفضاضهم ثانيا لو اشتغل بالإعادة،فيصير ذلك عذرا في ترك الجمعة.

الرابع:لو كان الامام هو الذي فارق في أثناء الصلاة فكغيره عند

الفاضل (1)لان الباقين مخاطبون بالإكمال،

و حينئذ ينصبون إماما منهم؛لعدم انعقادها فرادى،كما يأتي.

الشرط الثالث:كمال المخاطب بها،و انما يكمل بأمور عشرة.
الأول:البلوغ،

فلا تجب على الصبي لعدم التكليف،و لا تنعقد به و ان كان مميزا.

نعم،تجوز صلاته تمرينا و تجزئه عن الظهر.و لو صلّى الظهر ثم بلغ سعى إلى الجمعة،فإن أدرك و الاّ أعاد ظهره؛لعدم أجزاء ما وقع في الصبا عن الواجب.

الثاني:العقل،

فلا تجب على المجنون،و لا تنعقد به بمثل ما قلناه في الصبي.و لو كان جنونه أدوارا،فاتفق مفيقا حالة الإقامة،وجبت ان استمرت الإفاقة إلى آخرها و الاّ سقطت.و لو زال جنونه و وقتها باق وجبت.

الثالث:الذكورة،

فلا تجب على المرأة،و لا تنعقد بها على الأشهر؛ لما مرّ من قول الباقر و الصادق عليهما السلام (2).و في حكمها الخنثى

ص: 110


1- تذكرة الفقهاء 1:147.
2- تقدما في ص 100 الهامش 2،3.

المشكل؛للشك في السبب،اما لو التحق بالرجال فإنها تجب عليه.

و خالف ابن إدريس هنا،فزعم انه لو حضرت المرأة وجبت عليها و أجزأتها عن الظهر،غير انها لا تحسب من العدد (1).

و يظهر من كلام الشيخ في النهاية،حيث عدّ من تسقط عنه و عدّ المرأة، ثم قال:فان حضروا الجمعة وجبت عليهم الدخول فيها و أجزأتهم الصلاة ركعتين،و لم يستثن سوى غير المكلّف (2)،و كذا في التهذيب (3)و ظاهره صحتها من المرأة.

و قد روى حفص بن غياث،عن بعض مواليهم عليهم السلام،عن الصادق عليه السلام:«ان اللّه تعالى فرض الجمعة على المؤمنين و المؤمنات، و رخّص للمرأة و المسافر و العبد ان لا يأتوها،فإذا حضروها سقطت الرخصة و لزمهم الفرض الأول» (4).

فإن تمسّك ابن إدريس به لم يتم،اما على معتقده في خبر الواحد فظاهر،و اما على قول غيره فلضعف حفص،و جهالة الواسطة و خرق إجماع العلماء من عدم وجوبها على المرأة،قاله في المعتبر (5).

و قد صرح الشيخ بذلك في المبسوط،حيث جعل الناس في باب الجمعة على خمسة أضرب:

من تجب عليه و تنعقد به،و هو جامع الشرائط العشرة:الذكورة، و الحرية،و البلوغ،و العقل،و الصحة من المرض،و عدم العمى،و العرج، و الشيخوخة،و السفر،و الزيادة على فرسخين.3.

ص: 111


1- السرائر:63.
2- النهاية:103.
3- التهذيب 3:21.
4- التهذيب 3:21 ح 78.
5- المعتبر 2:293.

و من لا تجب عليه و لا تنعقد به،و هو:الصبي،و المجنون،و العبد، و المسافر،و المرأة.فهؤلاء لا تجب عليهم،و لا تنعقد بهم،و يجوز لهم فعلها تبعا لغيرهم.

و من تنعقد به و لا تجب عليه،و هو:المريض،و الأعمى،و الأعرج، و البعيد بأزيد من فرسخين.فإنهم لا يجب عليهم الحضور،و لو حضروا تمّ بهم العدد و وجبت عليهم و انعقدت بهم.

و من تجب عليه و لا تنعقد به،و هو:الكافر.

و مختلف فيه،و هو:من كان مقيما في بلد من طلاب العلم و التجار و لمّا يستوطنه،بل متى قضى وطره خرج،فإنها تجب عليه و تنعقد به عندنا،و عندهم خلاف (1).

و هذا تصريح بعدم الوجوب عليها مطلقا،و هو الأصح؛للأصل،و تيقّن تكليفها بالظهر فلا تخرج عنه الاّ بيقين.

و في قول الشيخ:بجواز فعلها تبعا لغيرها،اشعارا باجزائها عن الظهر -و هو ظاهر الاخبار-و ان لم تجب،كما يأتي في المسافر و العبد.و قد روى أبو همام عن أبي الحسن عليه السلام:«إذا صلت المرأة مع الامام ركعتين الجمعة فقد نقصت صلاتها،و ان صلت في المسجد أربعا فقد نقصت صلاتها،لتصلّي في بيتها أربعا أفضل» (2).

و العامة حكموا بالإجزاء؛لأنها تجزي الذين لا عذر لهم لكمالها فلان تجزي أصحاب العذر أولى،و لم يستثنوا سوى المجنون.و جوّزوا للنساء و العبيد و المسافرين الانصراف بعد الحضور فيصلون الظهر،بخلاف المريض؛لان المانع في حقه المشقة و قد زالت بحضوره،و مشقة العود لازمة له على تقديري4.

ص: 112


1- المبسوط 1:143.
2- التهذيب 3:241 ح 644.

صلاة الجمعة و الظهر،اللهم الا ان يكون في إقامة الجمعة انتظار زائد تزيد به مشقته،و الحقوا به أصحاب المعاذير الملحقة بالمرض كالمطر و الوحل الشديد و التمريض (1).

أقول:الخلاف الذي أشار إليه في المبسوط في الطلاب و التجار لأبي إسحاق من الشافعية،كان يقول:لا تنعقد بي الجمعة لأني ما استوطنت بغداد فاني على عزم الخروج متى اتفق لي إلى مصر و الشام (2)،و خالفه ابن أبي هريرة و زعم انعقادها به (3)كمذهبنا،مع انهم متفقون على وجوبها عليهما و انما الخلاف في تمام عدد الجمعة بهم،و الذي صححوه مذهب أبي إسحاق؛لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله لم يجمّع في حجة الوداع و قد وافق يوم عرفة يوم الجمعة (4)و انما لم يجمّع لانّه و من معه لم يكونوا متوطنين و ان كانوا قد عزموا على الإقامة أياما.

قلت:هذا كله إذا كان المقيم قد خرج عن التقصير في السفر بنيّة المقام عشرة عندنا،أو مضي ثلاثين يوما في مصر و بنيّة إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول و الخروج عندهم.

الرابع:الحضر،

فلا تجب على المسافر؛لما سبق عندنا و عند أكثر العلماء.و أوجبها عليه النخعي و الزهري (5).

و يستمر عدم الوجوب حتى يلزمه الإتمام بما ذكرناه،أو بغيره من أسباب الإتمام،ككون السفر معصية و كون المسافر كثير السفر.

و يحرم إنشاء السفر بعد الزوال؛لأنها قد وجبت عليه،فلا يجوز الاشتغال

ص: 113


1- المجموع 4:495،المغني 2:195،الشرح الكبير 2:154.
2- المجموع 4:502،حلية العلماء 2:230.
3- الهامش السابق.
4- المجموع 4:502،المغني 2:193.
5- المجموع 4:485،حلية العلماء 2:223،المغني 2:193،الشرح الكبير 2:151.

بما يؤدي إلى تركها كالتجارة و اللهو.و هذا إلزام لأبي حنيفة حيث قال:

يجوز إلاّ أن يضيق الوقت (1)بناء على قوله:إنّ الصلاة تجب بآخر الوقت (2).

فإن قلت:الصلاة و إن وجبت بأوله إلاّ أنها موسعة،فلم يمنع السفر و لمّا يتضيّق الوقت؟ قلت:لأنه مانع من إقامتها في دوامه،ففيه إسقاط للواجب بعد حصول سببه،و لأن التضيّق غير معلوم،فانّ الناس تابعون للإمام و وقت فعله غير معلوم.

و يكره السفر بعد الفجر قبل الزوال،لعدم حصول السبب الموجب، و اضافة الصلاة إلى الجمعة لا يقتضي كون اليوم بأسره سببا،و انّما كره لما فيه من منع نفسه من أفضل الفرضين.

تنبيهات:

الأول: لو كان السفر واجبا-كالحج و الغزو-أو مضطرا إليه فلا كراهة فيه.و الأقرب انتفاء التحريم أيضا لو كان بعد الزوال،إذا كان التخلف يؤدي إلى فوت الغرض أو صعوبة الالتحاق بالرفقة،أما لو:خاف الانقطاع عن الرفقة في غير السفر الواجب أو الضروري فإنّه ليس عذرا.

الثاني: لو خرج بعد الزوال فيما منع منه فهو عاص بسفره،فلا يترخّص حتى تفوت الجمعة،فيبتدئ سفره من موضع تحقق الفوات.1.

ص: 114


1- المغني 2:217،الشرح الكبير 2:161،المجموع 4:499،شرح السنّة 3: 129،عارضة الأحوذي 2:317.
2- المغني 1:415،المجموع 3:47،فتح العزيز 3:41.

الثالث: لو كان بين يدي المسافر جمعة اخرى يعلم إدراكها،ففي جواز السفر بعد الزوال و انتفاء كراهته قبله نظر،من إطلاق النهي و انه مخاطب بهذه الجمعة،و من حصول الغرض.

و يحتمل ان يقال:ان كانت الجمعة في محل الترخص لم يجز،لان فيه إسقاطا لوجوب الجمعة و حضوره فيما بعد تجديد للوجوب،إلاّ ان يقال:يتعيّن عليه الحضور و ان كان مسافرا،لأن إباحة سفره مشروط بفعل الجمعة.

و مثله لو كان بعيدا بفرسخين فما دون عن الجمعة،فخرج مسافرا في صوب الجمعة،فإنه يمكن أن يقال:يجب عليه الحضور عينا و ان صار في محل الترخص،لانّه لولاه لحرم عليه السفر.

و يلزم من هذين تخصيص قاعدة عدم الوجوب العيني على المسافر.

و يحتمل عدم كون هذا القدر محسوبا من المسافة لوجوب قطعه على كل تقدير،اما عينا كما في هذه الصورة،أو تخييرا كما في الصورة الاولى،و يجري مجرى الملك في أثناء المسافة.و يلزم من هذا خروج قطعة من السفر عن اسمه بغير موجب مشهور و ان كانت قبل محل الترخص،كموضع يرى الجدار أو يسمع الأذان،ان أمكن هذا الغرض حاز.

الرابع: قال ابن الجنيد:لو نوى المسافر المقام خمسة أيام في البلد لزمه حضورها (1)،لانه يصير بحكم المقيم عنده.و هو في رواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام لما سأله عن المسافر يحدث نفسه بإقامة عشرة7.

ص: 115


1- مختلف الشيعة:107.

أيام،قال:«فليتم الصلاة».فقال له:بلغني انك قلت خمسا.قال:«قد قلت ذلك».فقال له أبو أيوب:أ يكون أقلّ من خمس؟قال:«لا» (1).

و هو معارض بصحيح زرارة عن الباقر عليه السّلام:«إذا دخلت أرضا، فأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام،فأتمّ الصلاة» (2)،و في«إذا»معنى الشرط،و المشروط عدم عند عدم الشرط.

و حمل الشيخ الرواية الأولى على انّه من خصوصيات مكة و المدينة (3)و الفاضل على الاستحباب (4).و فيهما نظر:

اما الأول:فلأنه يجوز المقام فيهما،نوى المقام مطلقا أو لم ينو على الأصح-و هو مذهب الشيخ (5)فلا معنى للتقييد بالخمسة،فإن التزم الشيخ بتوقف التمام على مقام الخمسة-كما وقفه ابن بابويه على العشرة (6)-فهو مردود،و ان قال الشيخ:إذا أقام خمسة تأكد له التمام في الحرمين،فهو محتمل و لكن ظاهر الرواية انه يصير حتما،و لهذا منع من التمام لأقل من خمس.

و أما حمل الفاضل ذلك على الاستحباب،فإن أراد به استحباب إتمام الصلاة بمقام خمسة فلم يصر إليه أحد من الأصحاب،و ان أراد به استحباب حضور الجمعة بذلك فلا بأس به،إلاّ انّ الرواية ليس فيها تعرّض للجمعة،و انما صلاة الجمعة فرد من أفراد توابع الإقامة،فإن صحّ ان ذلك4.

ص: 116


1- الكافي 3:436 ح 3،التهذيب 3:210 ح 548،الاستبصار 1:238 ح 849.
2- الكافي 3:435 ح 1،التهذيب 3:210 ح 546،الاستبصار 1:237 ح 847.
3- التهذيب 3:220-ذيل الحديث 548.
4- مختلف الشيعة:107.
5- الخلاف 1:576-3302،النهاية:124.
6- الفقيه 1:283-ذيل الحديث 1284.

القدر محصل للإقامة وجبت الجمعة و إلاّ فلا.

و الأصح اعتبار العشرة،لأنّ الرواية به أصحّ سندا،و القائل به أكثر عددا،بل لا نعلم فيه خلافا لغير ابن الجنيد،و لو عدت المسألة من الإجماع لم يكن بعيدا.

الخامس: لو حضر المسافر موضع إقامة الجمعة،وجبت عليه و انعقدت به على أحد القولين،لصحتها منه فتنعقد به و تجب عليه، و الرواية الضعيفة عن غياث تضمنت ذلك (1)،و هو فتوى الشيخ في الخلاف (2)و تبعه ابن إدريس (3)و المحقق (4).

و منع في المبسوط من الوجوب و الانعقاد و ان جاز فعلها (5)،و الفائدة انّه لا يتم به العدد،و تبعه ابن حمزة (6)و الفاضل (7)،لأنه ليس من أهل فرض الجمعة فهو كالصبي،و لأنّ الجمعة إنما تنعقد بالمسافر تبعا لغيره، فكيف يكون متبوعا؟و لانّه لو جاز ذلك جاز انعقادها بجماعة المسافرين و ان لم يكن معهم حاضرون.

و أجيب بأن الفرق بينه و بين الصبي عدم التكليف،فإنّه لا يتصور في حق الصبي الوجوب بخلاف المسافر،و نمنع التبعية للحاضر،و الالتزام بانعقادها بجماعتهم،و الظاهر ان الاتفاق واقع على صحتها بها و اجزائها عن7.

ص: 117


1- التهذيب 3:21 ح 78،عن حفص بن غياث.
2- الخلاف 1:139 المسألة 21.
3- السرائر:64.
4- المعتبر 2:292.
5- المبسوط 1:143.
6- الوسيلة:103.
7- مختلف الشيعة:107.

الظهر.

السادس:الأفضل للمسافر حضور الجمعة، ليفوز بصفة الكمال.

أمّا المرأة فالأفضل لها ترك السعي إلى الجمعة،لما مرّ في رواية أبي همام (1).و لا فرق بين المسنّة و الشابة،لظاهر الخبر،و لعموم الأمر لهنّ بالستر.

الأمر الخامس:الحرية،

فلا تجب على العبد بإجماعنا،و هو قول أكثر العامة (2).

و أوجبها داود عليه مطلقا (3).و عن أحمد روايتان (4).و قال الحسن البصري و قتادة تجب على المخارج-و هو الذي يؤدي الضريبة-و على المكاتب (5).

لنا:ما سبق،و انعقاد الإجماع قبل هؤلاء و بعدهم.

و لا فرق بين أم الولد و غيرها،و لا بين المدبر و غيره،و كذا من تحرر بعضه.

و لو هاياه المولى فاتفقت في نوبته لم تجب،لبقاء الرق المانع، و استصحاب الواقع.

و أوجبه في المبسوط (6)-و هو وجه للشافعية (7)-لانقطاع سلطنة

ص: 118


1- تقدمت في ص 112 الهامش 2.
2- لاحظ:المجموع 4:485،حلية العلماء 2:223،المغني 2:194.روضة الطالبين 1:539.
3- لاحظ:المجموع 4:485،حلية العلماء 2:223،المغني 2:194.
4- لاحظ:المجموع 4:485،حلية العلماء 2:223،المغني 2:194.
5- لاحظ:المجموع 4:485،حلية العلماء 2:223،المغني 2:194.
6- المبسوط 1:145.
7- المجموع 4:485.

السيد عن استخدامه.و يلزم مثله في المكاتب و خصوصا المطلق،و هو بعيد،لأن مثله في شغل شاغل،إذ هو مدفوع في يوم نفسه إلى الجدّ في الكسب لنصفه الحر،فإلزامه بالجمعة حرج عليه.

فرع:

لو قلنا بوجوبها على قول الشيخ،ففي انعقادها به الوجهان السالفان، و لا يكون للتشبث بالحرية أثر في الانعقاد.

و لو ألزمه المولى بالحضور،احتمل وجوبه لوجوب طاعته فيما ليس عبادة ففيها أولى،و عدمه لأنه لا يملك إيجاب عبادة عليه.

و لو حضر صحت منه،و في انعقادها به القولان المذكوران في المسافر و القائلان (1).

و احتج في المختلف على منع انعقادها به،بأنّ وجوبها عليه يستلزم أن لا ينفك التكليف عن وجه قبح؛لأن العبد لا يجب عليه الحضور و لا يجوز إلاّ بإذن مولاه،فلو اعتدّ بحضوره في تكميل العدد لم ينفك هذا التكليف من القبيح،و هو الحضور المستلزم للتصرف في مال الغير بغير اذنه ظاهرا (2).

و جوابه اعتباره في العدد من قبيل الواجب المشروط،فإنّه إن حضر ثمّ به العدد،و إلاّ سقط الوجوب إذا توقف الحضور عليه،كما في حق الأعمى و المريض و البعيد إجماعا،و كما يقوله الفاضل و غيره في7.

ص: 119


1- تقدم في ص 117،التنبيه الخامس.
2- مختلف الشيعة:107.

الجمعة حال الغيبة (1).

و احتج الشيخ في الخلاف بعموم الدليل الدال على اعتبار العدد في العبد و غيره (2)،و لا يخلو قوله فيه و في المسافر من قوة.

السادس:ارتفاع العمى،

فلا تجب على الأعمى عند الأصحاب (3)سواء كان قريبا عن المسجد أو لا،و سواء وجد قائدا أو لا،لما سلف،و لعموم:

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ (4) و هو حاصل في الجملة.

و أوجبه عليه الشافعي و احمد مع المكنة (5)لان عتاب بن مالك قال:

يا رسول اللّه اني رجل محجوب البصر،و ان السيول تحول بيني و بين المسجد،فهل لي من عذر؟فقال عليه السّلام:«أ تسمع النداء»فقال:نعم.فقال:

«ما أجد لك عذرا إذا سمعت النداء» (6).

و الجواب:الحمل على الاستحباب المؤكد.

و لا خلاف في سقوطها عنه لو لم يجد قائدا،أو وجده بأجرة غير مقدورة له،و لو قدر عليها وجبت عندهما (7)و هو ممنوع.و لو حضر

ص: 120


1- مختلف الشيعة:103،المقنعة:27،الانتصار:53،المراسم:77.
2- الخلاف 1:140 المسألة 21.
3- راجع:المقنعة:27،المبسوط 1:143،الوسيلة:103،المعتبر 2:290،شرائع الإسلام 1:96.
4- سورة النّور:61.
5- المجموع 4:486،المغني 2:195،فتح العزيز 4:607،الشّرح الكبير 2: 150.
6- مسند احمد بن حنبل 4:43،السنن الكبرى 3:58.علما أن كتب الرجال و الحديث قد اختلفت في ضبط الرجل فهو يرد تارة:عتاب،و اخرى:عتبان.انظر المصادر و الإصابة 2:452-5396،و الاستيعاب 3:159.
7- المجموع 4:486،فتح العزيز 4:607.

وجبت عليه و انعقدت به،لزوال الضرورة حينئذ.

السابع:ارتفاع العرج البالغ حد الإقعاد،

للآية (1)،و انتفاء الحرج.

و لو لم يبلغ حد الإقعاد و انتفت المشقة،وجب الحضور.و لو حصلت، فالظاهر السقوط إذا لم يتحمل مثلها عادة،و على هذا و على المقعد يحمل إطلاق الشيخ (2).

و لم يذكر المفيد-رحمه اللّه- (3)العرج و لا المرتضى في الجمل (4)و قال في المصباح:و قد روي ان العرج عذر (5)،و هو يشعر بتوقّفه.

الثامن:ارتفاع الشيخوخة البالغة حد العجز

أو المشقة الكثيرة، لا مطلق الشيخوخة.و عليه تحمل رواية زرارة عن الباقر عليه السّلام:«فرض اللّه الجمعة»الخبر (6).

التاسع:ارتفاع المطر،

لقول الصادق عليه السّلام:«لا بأس ان تدع الجمعة في المطر» (7).و في معناه الوحل،و الحر الشديد،و البرد الشديد،إذا خاف الضرر معهما.و في معناه من عنده:مريض يخاف فوته بخروجه إلى الجمعة،أو تضرره به،و من له خبز يخاف احتراقه،و شبه ذلك.

قال المرتضى:و روي انّ من يخاف على نفسه ظلما أو ماله فهو معذور،و كذا من كان متشاغلا بجهاز ميت،أو تعليل والد،أو من يجري

ص: 121


1- الفتح:17.
2- المبسوط 1:143،النهاية:103.
3- ذكره المفيد في المقنعة:27،و راجع مفتاح الكرامة 3:106،140.
4- لاحظ:جمل العلم و العمل 3:41.
5- حكاه عنه المحقّق في المعتبر 2:290.
6- تقدم في ص 100 الهامش 3.
7- الفقيه 1:267 ح 1221،التهذيب 3:241 ح 645.

مجراه من ذوي الحرمات الوكيدة (1).

و لا ريب في سقوطها عن المحبوس و الممنوع عنها.نعم،لو حبس بحق و هو قادر عليه،وجب عليه الخروج منه و السعي إليها،فيأثم بتركه.

العاشر:ارتفاع البعد عن محل الجمعة،

و اختلف في تقديره على أربعة أقوال:

الأول:ان يكون أزيد من فرسخين، و هو المشهور،لقول الصادق عليه السّلام:«تجب على من كان منها على فرسخين،فان زاد فليس عليه شيء»رواه محمد بن مسلم و حريز (2).

الثاني:ان قدر البعد فرسخان، فلا تجب على من بعد بهما،و هو قول الصدوق (3)و ابن حمزة (4)لما مرّ من خبر زرارة السابق (5).

و يعارضه خبره هذا (6).

و يجمع بينهما بان المراد بمن كان على رأس فرسخين ان يكون أزيد منهما،فإنه قد يفهم منه ذلك،و إلاّ لتناقض مع ان الراوي واحد.

الثالث: قول ابن أبي عقيل:انها تجب على كل من إذا غدا من اهله بعد ما صلّى الغداة أدرك الجمعة،لا على من لم يكن كذلك (7).

ص: 122


1- المعتبر 2:291.
2- المعتبر 2:291. و في:الكافي 3:419 ح 3،التهذيب 3:240 ح 641،الاستبصار 1:421 ح 1619،عن حريز عن ابن مسلم،و فيهما:«على رأس فرسخين».
3- الهداية:34.
4- الوسيلة:103.
5- تقدم في ص 100 الهامش 3.
6- التهذيب 3:240 ح 643.
7- مختلف الشيعة:116.

الرابع: انها تجب على من إذا راح منها وصل إلى منزله قبل خروج يومه (1).

و يشهد لهما صحيح زرارة عن الباقر عليه السّلام:«الجمعة واجبة على من إذا صلّى الغداة في أهله إدراك الجمعة،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انما يصلّي العصر في وقت الظهر في سائر الأيام،كي إذا قضوا الصلاة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل،و ذلك سنّة الى يوم القيامة» (2).

و الجواب حمل ذلك على الفرسخين.

تنبيه:

لو زاد البعد على فرسخين،و حصلت عنده الشرائط،تخيّر بين فعلها في بلده و بين السعي إلى الجمعة الأخرى،و لا يجوز الإخلال بهما.و لو لم تحصل عنده الشرائط سقط الوجوب.و لو بعد بفرسخين الى فرسخ،فان اجتمعت الشرائط عنده تخيّر و إلاّ وجب الحضور.و لو نقص عن فرسخ فالحضور ليس إلاّ.و كل هؤلاء في الحضور كالأعمى.

الشرط الرابع:الجماعة،

فلا يكفي العدد من دون ارتباط القدوة بينهم إجماعا،و لقول الباقر عليه السّلام:«في جماعة» (3)فتجب نيّة القدوة.

و في وجوب نيّة الإمامة للإمامة هنا نظر،من وجوب نية كل واجب، و من حصول الإمامة إذا اقتدى به،و الأقرب الأول.

ص: 123


1- قاله ابن الجنيد كما في مختلف الشيعة:116.
2- التهذيب 3:238 ح 631،الاستبصار 1:421 ح 1621.
3- الكافي 3:419 ح 6،الفقيه 1:266 ح 1217،أمالي الصدوق:319، التهذيب 3:21 ح 77.

فروع:

الأول: لو كان الإمام عبدا و لم نقل بالانعقاد به،اشترط كمال العدد بغيره،و كذا المسافر،لان جمعتهما صحيحة فيصح الاقتداء فيها.

اما الصبي فيجيء على قول الشيخ بجواز الاقتداء به الصحة (1).

و الأجود المنع،لارتفاع القلم عنه،و نقصه و نقص صلاته إذ لا يسقط بها فرض عن نفسه،بخلاف العبد و المسافر.

اما لو كان الامام متنفلا-كمسافر صلّى الظهر-ففي جوازه نظر،من نقص صلاته فهو كالصبي،و من صحة اقتداء المفترض بالمتنفل.و لو كان مفترضا إلاّ ان الفرض غير الجمعة-كالصبح،و الظهر لمسافر شرع فيها قبل كمال الشرائط-فوجهان مرتبان،و اولى بالجواز،لان صلاته فرض لا نقص فيها.

الثاني: لو غاير الامام الخطيب ففي الجواز نظر،من مخالفته لما عليه السلف،و من انفصال كل عن الأخرى،و لأن غاية الخطبتين ان تكونا كركعتين و يجوز الاقتداء بإمامين في صلاة واحدة.

و ذهب الراوندي-رحمه اللّه-في أحكام القرآن إلى الأول (2)،و لعلّه الأقرب إلاّ لضرورة.

الثالث: لو عرض للإمام حدث أو غيره ممّا يخرج من الصلاة،صحّ استخلافه عندنا.و لا يشترط ان يكون الخليفة ممن سمع الخطبة،و ان كان ذلك أفضل.و في اشتراط استئناف نيّة القدوة وجه،لتغاير الإمامين.5.

ص: 124


1- الخلاف 1:123 المسألة 17،المبسوط 1:154.
2- فقه القرآن 1:135.

و يحتمل المنع،لان خليفته قائم مقامه.

و لو لم يستخلف الامام قدّموا من يتمّ بهم،سواء كان في الركعة الأولى أو الثانية،و ليس لهم الانفراد لو كان في الثانية مهما أمكن الائتمام.

الرابع: لو بان انّ الامام محدث،فان كان العدد لا يتم بدونه فالأقرب انّه لا جمعة لهم،لانتقاء الشرط،و ان كان العدد حاصلا من غيره صحت صلاتهم عندنا،لما يأتي ان شاء اللّه في باب الجماعة.

و ربما افترق الحكم هنا و هناك،لأنّ الجماعة شرط في الجمعة و لم يحصل في نفس الأمر،بخلاف باقي الصلوات،فإن القدوة إذا فاتت فيها يكون قد صلّى منفردا،و صلاة المنفرد هناك صحيحة بخلاف الجمعة.

اما لو ظهر فسق الامام فهو أسهل،لأن صلاته صحيحة في نفسها بخلاف المحدث.

و وجه المساواة ارتباط صلاة كل منهم بالإمام،فإذا لم يكن أهلا فلا ارتباط فلا جمعة؛و لا نسلم انّ صلاته هنا صحيحة،لفقد شرط الصحة.

مسائل:

الأولى: يدرك المأموم الجمعة بإدراك الركوع إجماعا،و بإدراكه في الركوع على الأصح،سواء أدى واجب الذكر أم لا،لرواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1)و غيرها (2).7.

ص: 125


1- الكافي 3:427 ح 1،الفقيه 1:270 ح 1233،التهذيب 3:243 ح 656، ،الاستبصار 1:421 ح 1621.
2- راجع:الفقيه 1:270 ح 1232،التهذيب 3:243 ح 657.

و شرط الشيخ في النهاية إدراك تكبيرة الركوع (1)لرواية محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام:«لا يعتد بالركعة التي لم يشهد تكبيرتها مع الامام» (2).

و جوابه:الرواية هناك أشهر،و القول به أظهر،و تحمل هذه الرواية على الأفضلية.

فرع:

لو شك هل كان الامام راكعا أو رافعا لم يعتدّ بها،عملا بالاحتياط، و اشتغال الذمة باليقين فلا تزول بدونه.فان كان قد بقي ركعة أخرى و إلاّ صلّى ظهرا.

الثانية: لو ركع مع الإمام في الاولى و زوحم عن السجود،فليس له السجود على ظهر غيره،فإن أمكن السجود بعد قيام الصفوف و اللحاق في الركوع الثاني وجب و أجزأ.

و ان لم يمكن حتى ركع ثانيا فليس له الركوع معه،فإذا سجد سجد معه و نوى بهما للركعة الاولى،ثم أتمّ صلاته بعد التسليم و أجزأته إجماعا.

و ان نوى بهما الثانية أو لم ينو شيئا ففي رواية حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ان لم ينو تلك السجدة للركعة الأولى لم تجز عنه الاولى و لا الثانية،و عليه ان يسجد سجدتين و ينوي أنهما للركعة الاولى،و عليه بعد ذلك ركعة تامة يسجد فيها» (3).8.

ص: 126


1- النهاية:105.
2- التهذيب 3:43 ح 150،الاستبصار 1:435 ح 1677.
3- الكافي 3:429 ح 9،الفقيه 1:270 ح 1235،التهذيب 3:21 ح 78.

و عليها الشيخ في المبسوط و الخلاف،قال:و قد روي بطلان الصلاة (1).

و المرتضى في المصباح قائل بالصحة (2).

و في النهاية:تبطل الصلاة،لعدم نية أنهما للأولى (3)نظرا إلى زيادة السجود المبطلة على ما مر.

و ابن إدريس:إنما تبطل إذا نوى أنهما للثانية،لا بترك نيّة أنهما للأولى (4).و ردّه الفاضل بأن أفعال المأموم تابعه لإمامه،فالإطلاق ينصرف إلى ما نواه الامام و قد نوى للأولى،فينصرف فعل المأموم إليه (5).

و في المعتبر لم يعرض لاشتراط نية أنهما للأولى،بل أطلق البطلان متى زاد السجدتين،أخذا بالأخبار الدالة على ذلك،و استضعافا للرواية المشار إليها (6)فإن حفصا عامي تولّى القضاء من قبل الرشيد بشرقي بغداد ثم بالكوفة (7).

قلت:ليس ببعيد العمل بهذه الرواية،لاشتهارها بين الأصحاب و عدم وجود ما ينافيها،و زيادة السجود مغتفرة في المأموم كما لو سجد قبل امامه،و هذا التخصيص يخرج الروايات الدالة على الابطال عن الدلالة.و اما ضعف الراوي فلا يضر مع الاشتهار،على انّ الشيخ قال في الفهرست:ان8.

ص: 127


1- المبسوط 1:145،الخلاف 1:137 المسألة 9.
2- المعتبر 2:299،مختلف الشيعة:109.
3- النهاية:107.
4- السرائر:65.
5- مختلف الشيعة:109.
6- المعتبر 2:299.
7- رجال النجاشي:134،الرقم 346،تهذيب التهذيب(لابن حجر)2:358.

كتاب حفص يعتمد عليه (1).

فروع:

الأول: لو لم يمكنه السجود في الثانية فاتت الجمعة على قول (2)و هل يتمّها ظهرا أو يستأنف؟ وجهان مبنيان على انّ الجمعة ظهر مقصورة أو صلاة مستقلة.فعلى الأول يتمّها ظهرا بغير نيّة العدول.و على الثاني هل هي مخالفة للظهر في الحقيقة أولا؟فعلى الأول يستأنف،و على الثاني يعدل بها إليها،و هو أقوى.

الثاني: لو زوحم عن سجود الاولى فقضاه قبل الركوع الثاني،ثم ركع مع الامام فزوحم عن السجود فقضاه بعد جلوس الامام للتشهد،تبع الامام فيه و تمت الجمعة.

الثالث: لو زوحم عن الركوع في الأولى حتى سجد الإمام،فإن تمكن من الركوع و السجود بعد ذلك قبل ركوع الإمام للثانية أجزأ،ثم ركع مع الإمام في الثانية.و عليه دلت رواية عبد الرحمن بن الحجاج،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

و لو لحقه بعد رفعه من الثانية فالأقرب الاجتزاء،لأنه أدرك ركعة مع الامام حكما و ان لم يكن فعلا،و الرواية تشمله.و وجه المنع انّه لم يلحق ركوعا مع الامام.

الرابع: لو أدرك ركوع الثانية،فزوحم عن سجودها حتى تشهد0.

ص: 128


1- الفهرست:61 الرقم 242،باب حفص.
2- قواعد الأحكام 1:38.
3- الفقيه 1:270 ح 1234 عن أبي الحسن(عليه السّلام)،التهذيب 3:248 ح 680.

الامام،سجد و تبعه في التشهد،و قوّى الفاضل إدراك الجمعة (1).اما لو استمر الزحام حتى سلم الإمام فهي كالفرع الأول.

المسألة الثالثة:لا يشترط في الصحة إدراك المأموم الخطبة،

لأن حقيقة الصلاة هي الركعتان،و عليه أكثر العامة (2).و قد روي عن الصادق عليه السّلام:«من لم يدرك الخطبة يوم الجمعة يصلّي ركعتين» (3).

الشرط الخامس:وحدة الجمعة،
اشارة

فلا يجوز اقامة جمعتين بينهما أقل من فرسخ بإجماع الأصحاب،و قول الباقر عليه السّلام:«لا يكون بين الجمعتين أقل من ثلاثة أميال» (4).و لا فرق بين ان تكونا في مصر أو مصرين، و لا بين ان يكون بينهما نهر عظيم كدجلة أو لا.

فان صلّي جمعتان فهنا صور:

الاولى:ان تسبق إحداهما و تعلم،

فتصح و تعيد اللاحقة الظهر إذا كان الإمامان مأذونا لهما في الصلاة.

و لو اختص أحدهما بالإذن،فالظاهر اختصاصه بالانعقاد و ان تأخّر، لأنّ تعينه يقتضي إيجاب الحضور معه على الجميع،فاشتغالهم بالصلاة قبله منهي عنه فيكون فاسدا.نعم،لو لم تشعر بنصبه أو بوجوده الفرقة الاولى، و جوزناها مع تعذّر الامام للآحاد،فالحكم بصحة الاولى.

و لا فرق بين قصبة البلد و أقصاه عندنا.

الصورة الثانية:ان يعلم اقترانهما،

فتبطلان إذا كانا مأذونين،لامتناع

ص: 129


1- تذكرة الفقهاء 1:149.
2- المجموع 4:558،المغني(لابن قدامة)2:158،الشّرح الكبير 2:177.
3- الكافي 3:427 ح 1،التهذيب 3:160 ح 343،243 ح 656،الاستبصار 1: 421 ح 1622.
4- التهذيب 3:23 ح 80.

صحتهما معا،و لا أولوية في أحدهما.ثم ان كان الوقت باقيا صلّوا الجمعة و إلاّ فالظهر.

الثالثة:

علم السابق عينا ثم نسي.

الرابعة:علم السبق في الجملة و لم تتعيّن السابقة.

و فيه قولان:

أحدهما:قول الشيخ:انهم يصلون جمعة مع السعة (1)لأنّه مع الحكم بوجوب الإعادة كأن المصر لم تصل فيه جمعة،و لأن الصحة مشروطة بعلم السبق و هو مفقود فانتفت الصحة.

و الثاني:قول الفاضل:انهم يصلون الظهر،لأنا قاطعون بجمعة صحيحة،فكيف تعاد (2)؟ و لبعض العامّة وجه بالصحة فيهما،لان كل واحدة منهما عقدت على الصحة،فلا يفسدها الشك الطارئ (3).و يضعف بفقد شرط الصحة إذ هو علم السبق،و هو معدوم بالنظر إلى عين كل واحد منهما.

الصورة الخامسة:ان يشتبه السبق و الاقتران.

و فيه أيضا قولان:

أحدهما:قول الشيخ رحمه اللّه و هو وجوب إعادة الجمعة عليهما مع السعة (4)لأن الجمعة متيقنة في الذمة و لم يعلم الخروج عن عهدتها،إذ من الصور الممكنة اقترانهما.

و القول الثاني للفاضل:انهم يجمعون بين إعادة الجمعة و الظهر، أخذا بمجامع الاحتياط،لأنه ان كان الواقع الاقتران فالجمعة واجبة،و ان

ص: 130


1- المبسوط 1:149.
2- مختلف الشيعة:108.
3- المجموع 4:589،المغني 2:191،الشرح الكبير 2:192.
4- المبسوط 1:149.

كان السبق فالظهر واجبة،و حينئذ يجتمعون على جمعة أو يتباعدون بفرسخ (1).

و الأقرب قول الشيخ،لان اجتماع الفرضين خلاف الأصل،و الأمر بالجمعة قائم حتى يعلم الفعل.

و المعتبر بتقدم التكبير لا التسليم،لأنها إذا سبقت انعقدت،فتبطل الطارئة عليها.

و لو أخبر بعد عقده من عدلين بسبق اخرى سعى إليها،و ان علم عدم الإدراك صلّى الظهر.

الشرط السادس:الوقت،
اشارة

و فيه مسائل:

الأولى:أوله زوال الشمس يوم الجمعة.

و قال المرتضى:يجوز أن يصلّي عند قيام الشمس (2).

و جوز ابن حنبل فعلها قبل زوال الشمس،فقدّره بعض الحنابلة بوقت صلاة العيد،و بعضهم بالساعة السادسة،لأن أبا بكر كان يخطب و يصلي قبل نصف النهار (3).

لنا:ما رواه انس كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الجمعة إذا زالت الشمس (4).و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلي الجمعة

ص: 131


1- تذكرة الفقهاء 1:150.
2- حكاه عنه الطوسي في الخلاف 1:142 المسألة 36،و ابن إدريس في السرائر: 64.
3- المغني 2:209-211. و فعل أبي بكر في:المصنّف لعبد الرزاق 3:175 ح 5210،المصنف لابن أبي شيبة 2:107،سنن الدار قطني 2:17.
4- مسند الطيالسي:285 ح 2139،مسند احمد 3:150،صحيح البخاري 2: ،سنن أبي داود 1:284 ح 1084،الجامع الصحيح 2:377 ح 503،السنن الكبرى 3:190.

حين تزول الشمس قدر شراك،و يخطب في الظل الأول» (1).و فعل الصحابي لا يعارض فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله.

الثانية:آخره إذا صار الظل مثله،عند الشيخ (2)و الفاضلين (3).و لم نقف لهم على حجة إلاّ أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي دائما في هذا الوقت، و لا دلالة فيه،لأنّ الوقت الذي كان يصلى فيه ينقص عن هذا القدر غالبا، و لم يقل أحد بالتوقيت بذلك الناقص.نعم،لو قيل باختصاص الظهر بذلك القدر-كما هو مذهب العامّة (4)-توجه توقيت الجمعة به،لأنها بدل منها.

و قال أبو الصلاح:يخرج وقتها بأن يمضي من الزوال ما يسمع الأذان و الخطبتين و الصلاة،فيصلي الظهر حينئذ (5).

و قال الجعفي:وقتها ساعة من النهار،لما روي عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال:«وقت الجمعة إذا زالت الشمس و بعده بساعة» (6)و لإجماع المسلمين على المبادرة بها كما تزول الشمس،و هو دليل التضيق.و روى زرارة عن الباقر عليه السّلام:«إن صلاة الجمعة من الأمر المضيق،إنّما لها وقت واحد حين تزول الشمس،و وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر4.

ص: 132


1- التهذيب 3:12 ح 42.
2- المبسوط 1:147.
3- المعتبر 2:287،تذكرة الفقهاء 1:143.
4- المجموع 3:21،المغني 1:412،الشرح الكبير 1:461.
5- الكافي في الفقه:153.
6- مصباح المتهجد:324.

الأيام» (1).

و قال ابن إدريس:يمتد وقتها بامتداد الظهر (2)،لتحقق البدلية، و لأصالة البقاء و تحمل الروايات على الأفضليّة.

الثالثة:لو خرج الوقت و هو متلبس بها،

أتمّها جمعة إذا أدرك ركعة في الوقت،سواء كان إماما أو مأموما.

و اعتبر بعض الأصحاب إدراك تكبيرة الإحرام (3).

و الأول أنسب بأصولنا،لأنّا لا نكتفي بالتكبير في غير هذه الصلاة بخلاف العامة،مع إنّ بعضهم يقول:ببطلان الجمعة بخروج الوقت و يصلي ظهرا (4)و بعضهم:ببطلانها من رأس،بناء على إنّ بقاء الوقت شرط في صحة الجمعة (5)و يدفعه عموم وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (6)و«من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت» (7).

الرابعة:إذا تحقق فوات الجمعة صلّيت الظهر،

و لا تكون قضاء للجمعة،لعدم السماوات في العدد.

ص: 133


1- التهذيب 3:13 ح 46.
2- انظر:السرائر:66،و الحدائق 10:134،و مفتاح الكرامة 3:50،و كشف اللثام 4:198.
3- كالعلاّمة في تذكرة الفقهاء 1:143،و نهاية الإحكام 2:11.
4- المغني 2:163،حليّة العلماء 2:232،فتح العزيز 4:488.
5- قاله أبو حنيفة،انظر:حلية العلماء 2:232،المغني 2:164،اللباب 1: 110.
6- سورة محمّد:33.
7- التهذيب 2:38 ح 119،120 و 262 ح 1044،الاستبصار 1:275 ح 999، و لكن كلها في صلاة الغداة.صحيح البخاري 1:151،صحيح مسلم 1:424 ح 608،609،سنن الترمذي 1:353 ح 186،سنن النسائي 1:257،سنن الدارمي 1:278،و هي في صلاة الصبح و العصر.

و من عبّر من الأصحاب بأنها تقضى ظهرا (1)أراد به معناه اللغوي، و هو:الإتيان،كما في قوله تعالى فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ (2)و أراد بالمأتي به وظيفة الوقت،فإن الوظيفة بالأصالة الجمعة،و عند تعذّرها تصير الوظيفة الظهر.

الخامسة:لا يشترط في صحة صلاة المؤتم إدراك الخطبتين إذا كان

قد خطب الامام للعدد،

و ان لم يحضر سواهم،لرواية الحلبي عن الصادق عليه السّلام فيمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة:«يصلي ركعتين» (3).

نعم،يكون المأموم مخطئا لو فرط في إدراك الخطبة،لوجوب الحضور عندها،و خصوصا على جعلها بدلا من الركعتين.

الشرط السابع:الخطبتان،و فيه مسائل:
الأولى:أجمع الأصحاب على انّ الخطبتين شرط في انعقاد الجمعة،

و عليه العامة إلاّ الحسن البصري فإنّه نفي اشتراطهما (4)و إلاّ فريقا من العامة فإنهم اكتفوا بالواحدة (5)لما روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كتب إلى مصعب بن عمير:

«ان اجمع من قبلك،و ذكرهم باللّه،و ازدلف اليه بركعتين» (6)،و ان عثمان

ص: 134


1- راجع:المبسوط 1:145.
2- سورة البقرة:200.
3- الكافي 3:427 ح 1،التهذيب 3:160 ح 343،243 ح 656،الاستبصار 1: 421 ح 1622.
4- المجموع 4:514،حلية العلماء 2:234،المغني 2:150.الشرح الكبير 2: 181.
5- المجموع 4:514،المغني 2:151،الشرح الكبير 2:181،المبسوط للسرخسي 2:30،بدائع الصنائع 1:262.
6- الدار المنثور 6:218 عن الدار قطني و أورده المحقق في المعتبر 2:283 و العلاّمة في التذكرة 1:150.

في أول ولايته لما ارتج عليه اكتفى بالواحدة القصيرة (1).

و جوابه:معارضة بفعل النبي صلّى اللّه عليه و آله (2)و هو أدلّ من القول.و التذكير باللّه لا تصريح فيه بأنّه مرة أو أكثر.و فعل عثمان ليس حجة،و بعض العامة يقول:هذا رخصة لتعذّر الخطبة.

الثانية:يجب فيهما القيام إلاّ مع العذر،

تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله (3)و الخلفاء بعده (4).و روى معاوية بن وهب عن الصادق عليه السّلام:إنّ ابتداع الجلوس في الخطبتين من معاوية،لوجع كان بركبتيه (5).

و يجب الجلوس بينهما جلسة لا كلام فيها،ليفصل بينهما،للتأسي، و رواية معاوية أيضا عن الصادق عليه السّلام (6).

الثالثة:تجب فيهما الطهارة من الحدث على الأصح،

للتأسي،و يقين البراءة،و صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام:«و إنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين،فهي صلاة حتى ينزل الامام» (7)و الاتحاد محال،فالمراد المماثلة في الشرائط و الاحكام إلاّ ما وقع الإجماع عليه.

ص: 135


1- المبسوط للسرخسي 2:30-31،بدائع الصنائع 1:262 و أورده أيضا المحقق في المعتبر 2:283.
2- راجع البخاري 2:14،سنن الكبرى 3:198.
3- صحيح البخاري 2:12،صحيح مسلم 2:589 ح 861،ابن ماجة 1:351 ح 1106،الدارمي 1:366،السنن الكبرى 3:197،198 أبو داود 1:286 ح 1093.
4- صحيح البخاري 2:12،صحيح مسلم 2:589 ح 861،و راجع:المغني 2: 150،الشرح الكبير 2:185.
5- التهذيب 3:20 ح 74.
6- التهذيب 3:20 ح 74.
7- التهذيب 3:12 ح 42.

و قال الحليون (1)الثلاثة:لا تشترط الطهارة (2)للأصل،و فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله للطهارة لا يدل على الوجوب،فإنّه كان يحافظ على المندوبات كمحافظته على الواجبات،و لانّه قد تقرر في الأصول انّه لا يجب التأسي فيما لم يعلم وجهه.

و الجواب الأصل يصار إلى خلافه للدليل،و الرواية الصحيحة ناهضة به،و فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله مبيّن بقول الصادق عليه السّلام (3).

الرابعة:الأولى إيقاعهما بعد الزوال،

لقوله عليه السّلام:«فهي صلاة» (4).

و لان معه يقين البراءة.و روى محمد بن مسلم في حديث مضمر المسئول ظاهره انه الإمام:«يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب» (5)و هو قول معظم الأصحاب (6).

و قال الشيخ:يجوز قبل الزوال (7)و نقل فيه الإجماع (8)و اختاره في

ص: 136


1- في س:الحلبيون،و كذا فيما نقله العاملي في مفتاح الكرامة 3:119 عن الشهيد،و عقبه بقوله و لعله فهمهه من عدم تعرضهم لذلك.انظر الكافي لأبي الصلاح الحلبي:151،إشارة السبق لابن أبي المجد الحلبي:123،غنية النزوع لابن زهرة الحلبي:498. و الذي يؤيد ما أثبتناه في المتن(الحليون)باقي النسخ،اضافة إلى مصادرهم المذكورة في الهامش الآتي و هي كما ترى للحلّيون الثلاثة المصرح فيها باشتراط الخطبة بالطهارة.
2- ابن إدريس في السرائر:63،و المحقق في المعتبر 2:285،و العلامة في مختلف الشيعة:103.
3- راجع الهامش 8،المتقدم.
4- راجع الهامش 8،المتقدم.
5- الكافي 3:424 ح 7،التهذيب 3:241 ح 648.
6- راجع:السرائر:64،الكافي في الفقيه:151،مختلف الشيعة:104.
7- المبسوط 1:151،النهاية:105.
8- الخلاف 1:142 المسألة 36.

المعتبر (1).

و روى العامة عن أنس:ان النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يصلي إذا مالت الشمس (2)،و ظاهره ان الخطبة وقعت قبل ميلها.

و روى الأصحاب بسند صحيح إلى عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك،و يخطب في الظل الأول،و يقول جبرئيل:يا محمد قد زالت فانزل فصل» (3).

و هذه الرواية قوية إسنادا و متنا.و تأويلها بأن المراد ب«الظل الأول» هو:الفيء الزائد على ظل المقياس،فإذا انتهى في الزيادة إلى محاذاة الظل الأول-و هو:أن يصير ظل كل شيء مثله-صلّى الظهر-كما أوّله الفاضل (4)-بعيد،لانه خلاف الظاهر من وجهين:أحدهما:انّ الظل لغة ما قبل الزوال،و الأصل عدم النقل،و تقييده ب«بالأول»رفع للتجوز به عن الفيء.

و الثاني:ان زوال الشمس حقيقة شرعية في مثلها عند منتصف النهار،و التقييد ب«قدر الشراك»قرينة له أيضا.

على ان التأويل يلزم منه ظاهرا إيقاع الجمعة بعد خروج وقتها عند صاحب التأويل.

الخامسة:يجب في الخطبة حمد اللّه تعالى بصيغة(الحمد للّه)

،

ص: 137


1- المعتبر 2:287.
2- تقدم في ص 131 الهامش 4.
3- التهذيب 3:12 ح 42.
4- مختلف الشيعة:104.

و الصلاة على النبي و آله صلى اللّه عليهم،و الوعظ،و قراءة ما تيسر من القرآن.

و أوجب الشيخ في أحد قوليه سورة (1)لما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2)و هو بصيغة«ينبغي»و ليس فيه تصريح بالوجوب.

و قال ابن الجنيد و المرتضى:ليكن في الأخيرة قوله تعالى إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ الآية (3)و أورده البزنطي في جامعة (4)و رواه ابن يعقوب عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام (5).

و أبو الصلاح-رحمه اللّه-لم يذكر القراءة في الخطبتين،و لا يدل على فتواه بعدم الوجوب.

و يجب الترتيب بين أجزاء الخطبة-أعني:الحمد و ما بعده-و إيقاعها بالعربية،كل ذلك للتأسي.

و ظاهر كلام المرتضى وجوب الاستغفار للمؤمنين فيها،و انه يجب التلفظ بالشهادة بالرسالة في الاولى،و الصلاة على النبي في الثانية (6).

فرع:

لو لم يفهم العدد العربية،احتمل قويا جوازه بالعجمية التي يفهمونها،تحصيلا للغرض.4.

ص: 138


1- المبسوط 1:147.
2- الكافي 3:421 ح 1،التهذيب 3:243 ح 655.
3- المعتبر 2:288،مختلف الشيعة:105 و الآية في سورة النحل:90.
4- المعتبر 2:288.
5- الكافي 3:422 ح 6.
6- المعتبر 2:284.
السادسة:يستحب في الخطيب أمور:
أحدها:استقبال الناس في خطبته،

عملا بالمأثور عن النبي صلّى اللّه عليه و آله (1)و السلف و روى السكوني عن الصادق عليه السلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:كل واعظ قبلة» (2).

و ثانيها:أن يسلّم على الناس أول ما يصعد على المنبر،

و به أفتى المرتضى (3)لما روي عن عمرو بن جميع يرفعه عن علي عليه السلام،أنّه قال:

«من السّند إذا صعد الامام المنبر أن يسلّم إذا استقبل الناس» (4)و عليه عمل الناس.

و قال في الخلاف:لا يستحب التسليم (5)و كأنّه لم يثبت عنده سند الحديث.

و ثالثها:الاعتماد على قوس أو سيف أو قضيب،

تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله، فإنه روي أنه كان يخطب و في يده قضيب (6).و روى عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام:«و يتوكأ على قوس أو عصى» (7).

و رابعها:التعمم،

شتاء كان أو قيظا،و الارتداء ببرد يمنيّ أو عدني،

ص: 139


1- سنن ابن ماجة 1:360،السنن الكبرى 3:198،سنن الترمذي 2:383 ح 509،و فيها:الناس يستقبلون الامام بوجوههم،و راجع المغني 2:152، المهذب 1:119.
2- الكافي 3:424 ح 9.
3- المعتبر 2:288.
4- التهذيب 3:244 ح 662.
5- الخلاف 1:143 المسألة 40.
6- سنن ابن ماجة 1:352 ح 1107،سنن أبي داود 1:287 ح 1096،السنن الكبرى 3:206.
7- التهذيب 3:245 ح 664.

رواه سماعة عن الصادق عليه السّلام (1)،لأنه أنسب بالوقار،و للتأسي.و في رواية عمر بن يزيد:«ليلبس البرد و العمامة» (2).

و خامسها:القيام على مرتفع لذلك أيضا،

و رفع صوته بحيث يكثر الاسماع.و الأقرب وجوب إسماع العدد،للتأسي،و حصول الفائدة.

و سادسها:كونه بليغا،

بمعنى:جمعه بين الفصاحة التي هي خلوص الكلام من التعقيد،و بين البلاغة و هي بلوغه بعبارته كنه ما في نفسه،مع الاحتراز عن الإيجاز المخل و التطويل الممل.

و سابعها:مواظبته على الصلوات في أول أوقاتها،

و اتصافه بما يأمر به،و انزجاره عما ينهى عنه،ليكون وعظه أبلغ في القلوب.

السابعة:الأقرب انّ حضور العدد شرط في صحة الخطبة،

كما هو شرط في صحة الصلاة.و لم أقف فيه على مخالف منّا،و عليه عمل الناس في سائر الأعصار و الأمصار،و خلاف أبي حنيفة هنا (3)مسبوق بالإجماع و ملحوق به،أعني:الإجماع الفعلي من المسلمين.

الثامنة:المشهور ان السامع يجب عليه الإنصات للخطبة،

و يحرم عليه الكلام،أفتى به الأكثر (4)،و حديث عبد اللّه بن سنان الصحيح يدل

ص: 140


1- الكافي 3:421 ح 1،التهذيب 3:243 ح 655.
2- راجع الهامش 5.
3- المغني 2:178،الشرح الكبير 2:183،المجموع 4:514.
4- منهم الشيخ في النهاية:105،و السيد المرتضى في المصباح على ما نقله المحقق في المعتبر 2:295 و ابن إدريس في السرائر 1:295 و به قال أكثر العامّة، فانظر المغني 2:165،و الشرح الكبير 2:215 و فتح العزيز 4:587 و بداية المجتهد 1:161.

عليه (1)تسوية بين المثلين في الاحكام.و في صحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام:«إذا خطب الامام يوم الجمعة،فلا ينبغي لأحد أن يتكلم حتى يفرغ الامام من خطبته،فإذا فرغ الامام من خطبته تكلم ما بينه و بين أن تقام الصلاة» (2).

و لان الشيخ نقل فيه الإجماع (3).

و قيل بالكراهية و استحباب الإنصات،و هو قول الشيخ في المبسوط (4)و موضع من الخلاف (5)لقضية الأصل.و يدفعه الدليل.

فروع:

الأول: لا تبطل الصلاة و لا الخطبة بالكلام و لو قلنا بتحريمه،لأنه أمر خارج عن الخطبة.

الثاني: الظاهر انّ تحريم الكلام مشترك بين الخطيب و السامعين-أو الكراهية-إلاّ لضرورة.

و قد روى العامة انّ رجلا سأل النبي صلّى اللّه عليه و آله عن الساعة و هو يخطب، فقال:«ما أعددت لها؟»فقال:حب اللّه و رسوله.فقال:«انك مع من أحببت» (6).و هذا إن صح دليل على الجواز للخطيب،و الظاهر انه يدلّ على السامع بطريق الأولى.1.

ص: 141


1- تقدم في ص 135 الهامش 8.
2- الكافي 3:421 ح 2،التهذيب 3:20 ح 71،73.
3- الخلاف 1:141 المسألة 29.
4- المبسوط 1:147.
5- الخلاف 1:144 المسألة 42.
6- السنن الكبرى 3:221.

و قد روى العامة أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا قلت لصاحبك:أنصت،فقد لغوت» (1).

و سأل أبو الدرداء أبي بن كعب عن سورة تبارك متى أنزلت و النبي يخطب،فلم يجبه،ثم قال له:ليس لك من صلاتك إلاّ ما لغوت.فأخبر النبي صلّى اللّه عليه و آله بذلك،فقال:«صدق أبيّ» (2).

الثالث: قال المرتضى رحمه اللّه:يحرم أيضا من الافعال ما لا يجوز مثله في الصلاة (3)،نظرا إلى الحديث السالف و انهما بدل من الركعتين (4).

الرابع: قيل الخلاف في التحريم و الكراهة إنّما هو في من يمكن في حقه السماع،أما من لا يمكن-كالبعيد و الأصم-فلا.و يجوز الكلام عند الضرورة،كتحذير أعمى من التردّي،و شبهه.

الخامس: الظاهر أنّ حالة الجلوس بين الخطبتين في تحريم الكلام كحال الخطبتين،لأنه في حكم الخطبة.و جوّزه الفاضل،لعدم سماع شيء يشغله عنه الكلام (5).

تنبيه:

روى الأصحاب عن الصادق عليه السّلام النهي عن الصلاة حال الخطبة (6)و هو8.

ص: 142


1- الموطأ 1:103،مسند ترتيب الشافعي 1:137 ح 403،المصنف لعبد الرزاق 3: 223 ح 5416،مسند أحمد 2:272،سنن الدارمي 1:364،صحيح البخاري 2:16، صحيح مسلم 2:583 ح 851،سنن أبي داود 1:290 ح 1112،سنن النسائي 3:104.
2- مسند أحمد 5:143،سنن ابن ماجة 1:352 ح 1111،السنن الكبرى 3:219.
3- المعتبر 2:295.
4- تقدّم في ص 135 الهامش 1.
5- تذكرة الفقهاء 1:152.
6- الكافي 3:424 ح 7،التهذيب 3:241 ح 648.

يتناول صلاة التحية و غيرها.و للعامة فيها قولان (1)و بهما روايتان عن النبي صلّى اللّه عليه و آله (2).

التاسعة:ينبغي أن يكون أذان المؤذن بعد صعود الامام على المنبر

و الامام جالس،

لقول الباقر عليه السّلام فيما رواه عبد اللّه بن ميمون:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون» (3).

و به أفتى ابن الجنيد و ابن أبي عقيل (4)و الأكثر (5).

و قال أبو الصلاح رحمه اللّه إذا زالت الشمس أمر مؤذنيه بالأذان،فإذا فرغوا منه صعد المنبر فخطب (6).

و رواه محمد بن مسلم قال:سألته عن الجمعة،فقال:«أذان و إقامة، يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر» (7).

و يتفرع على الخلاف ان الأذان الثاني الموصوف بالبدعة أو الكراهة ما هو؟ و ابن إدريس يقول:الأذان المنهي عنه هو الأذان بعد نزوله مضافا إلى

ص: 143


1- المجموع 4:551،المغني 2:165،حلية العلماء 2:229.
2- رواية الجواز في:صحيح البخاري 2:15،صحيح مسلم 2:569 ح 875،سنن أبي داود 1:291 ح 1115،1116،السنن الكبرى 3:194.و رواية النهي في:مسند أحمد 5:75،سنن أبي داود 1:290 ح 1110.
3- التهذيب 3:244 ح 663.
4- حكاه عنهما العلاّمة في مختلف الشيعة:105.
5- راجع السرائر 64،الوسيلة:104،مختلف الشيعة:105.
6- الكافي في الفقه:151.
7- التهذيب 3:244 ح 663.

الأذان الأول الذي عند الزوال (1).

و الشيخ في المبسوط أطلق كراهة الثاني،و روي انّه من فعل عثمان، و قال عطاء:هو من فعل معاوية (2).

و سماه بعض الأصحاب ثالثا بالنظر الى الإقامة (3).و روى حفص بن غياث،عن جعفر عليه السّلام،عن أبيه،قال:«الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة» (4).

قال في المعتبر:حفص ضعيف،و الأذان ذكر يتضمّن التعظيم،لكن من حيث لم يفعله النبي صلّى اللّه عليه و آله و لم يأمر به كان أحق بوصف الكراهة (5).

قلت:لا حاجة الى الطعن في السند،مع قبول الرواية التأويل و تلقّي الأصحاب لها بالقبول،بل الحق ان لفظ البدعة ليس تصريحا في التحريم، فان المراد بالبدعة ما لم يكن في عهد النبي صلّى اللّه عليه و آله ثم تجدّد بعده،و هو ينقسم إلى:محرم و مكروه،و قد بيّنا ذلك في القواعد (6).4.

ص: 144


1- السرائر:64.
2- المبسوط 1:149. و راجع:السنن الكبرى 3:192،سنن ابن ماجة 1:359 ح 1135،سنن الترمذي 2:392 ح 516،سنن أبي داود 1:285 ح 1087.
3- نقله ابن إدريس في:السرائر:64 و المحقق في المعتبر 2:296.
4- التهذيب 3:19 ح 67.
5- المعتبر 2:296.
6- القواعد و الفوائد 2:144.
المطلب الثاني:في الآداب.
اشارة

و فيه مسائل:

الأولى استحباب قراءة الجمعة و المنافقين فيها،و الجهر و القنوت

و التنفل بعشرين ركعة و الغسل و حلق الرأس..]

قد سبق استحباب الجمعة و المنافقين فيها،و الجهر، و القنوت،و التنفل بعشرين ركعة.

و يستحب التأهب لها بالغسل-لما سبق-و حلق الرأس،و قلم الأظفار،و جزّ الشارب،و التطيّب،و لبس أفضل الثياب و لتكن بيضاء، و السعي بالسكينة و الوقار،تأسيا،و لقول الصادق عليه السّلام في تفسير قوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ هو:«في العيدين و الجمعة» (1).

و قال عليه السّلام:«ليتزين أحدكم يوم الجمعة (2)و يتطيّب،و يسرّح لحيته، و يلبس أنظف ثيابه،و ليتهيأ للجمعة،و تكون عليه في ذلك اليوم السكينة و الوقار (3).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«أحب الثياب إلى اللّه تعالى البيض،يلبسها أحياؤكم،و يكفّن فيها موتاكم» (4).

و يتأكد التجمّل في حق الامام،و الزيادة فيه عن غيره.

الثانية استحباب الدعاء امام توجهه بقوله«اللهم من تهيأ و تعبأ»

إلى آخره و المباكرة إلى المسجد]

يستحب الدعاء امام توجهه بقوله:«اللهم من تهيأ و تعبأ»إلى

ص: 145


1- الكافي 3:424 ح 8،التهذيب 3:241 ح 647. و الآية في سورة الأعراف:31.
2- في المصادر زيادة:«يغتسل».
3- الكافي 3:417 ح 1،الفقيه 1:64 ح 244،التهذيب 3:10 ح 32.
4- مسند احمد 1:328،سنن أبي داود 4:8 ح 3878،الجامع الصحيح 3:320 ح 994،السنن الكبرى 3:403.

آخره،رواه أبو حمزة الثمالي عن الباقر عليه السّلام (1).

و المباكرة إلى المسجد،فعن الباقر عليه السّلام:إنه كان يبكر إلى المسجد يوم الجمعة حين تكون الشمس قيد رمح،فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك (2).

و روى عبد اللّه بن سنان،قال:قال الصادق عليه السّلام:«إنّ الجنان لتزخرف و تزين يوم الجمعة لمن أتاها،و إنكم تتسابقون إلى الجنة على قدر سبقكم إلى الجمعة» (3).

و روى العامة-في الصحيح-عن النبي صلّى اللّه عليه و آله،أنّه قال:«من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنّما قرّب بدنة،و من راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة،و من راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشا، و من راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرّب دجاجة و من راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة،فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» (4).و هذا حجّة على مالك حيث أنكر استحباب السعي قبل النداء (5).

و روى الكليني بإسناده إلى محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام:تجلس الملائكة يوم الجمعة على باب المسجد،فيكتبون الناس على منازلهم الأول3.

ص: 146


1- التهذيب 3:142 ح 316.
2- الكافي 3:429 ح 8،التهذيب 3:244 ح 660.
3- الكافي 3:415 ح 9،التهذيب 3:3 ح 6.
4- الموطأ 1:101،ترتيب مسند الشافعي 1:131 ح 389،صحيح البخاري 2: 3،صحيح مسلم 2:582 ح 850،سنن أبي داود 1:96 ح 351،الجامع الصحيح 2:372 ح 499.
5- المنتقى(للباجي)1:183،التفريع(لابن الجلاب)1:231،المغني 2: 147،الشرح الكبير 2:203.

و الثاني حتى يخرج الامام (1).و قريب منه رواه العامة (2).

الثالثة إذا صعد الخطيب على المنبر يستحب له الجلوس قبل الخطبة

بقدر قراءة سورة الإخلاص.و تحري ساعة الإجابة في يوم الجمعة للدعاء]

يستحب للخطيب الجلوس إذا صعد على المنبر قبل الخطبة بقدر قراءة قل هو اللّه أحد رواه محمد بن مسلم (3).و ليكن ذلك بعد سلامه على الناس لما مرّ،و يجب عليهم الردّ كفاية.

و يستحب تحرّي ساعة الإجابة في يوم الجمعة للدعاء.روى معاوية ابن عمار،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:ان الساعة التي يستجاب فيها الدعاء إذا خرج الامام.فقال له:انّ الامام يعجّل و يؤخّر.فقال عليه السّلام:«إذا زاغت الشمس» (4).

و في الصحاح عن النبي صلّى اللّه عليه و آله،و ذكر يوم الجمعة فقال:«فيه ساعة،لا يوافقها عبد مسلم،و هو يصلي يسأل اللّه شيئا،إلاّ أعطاه إيّاه» (5).و في رواية أخرى:«لا يسئل اللّه فيها خيرا إلاّ أعطاه»و لم يذكر الصلاة (6).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله:«هي ما بين ان يجلس الإمام الى أن يقضي الصلاة» (7).

ص: 147


1- الكافي 3:413 ح 2،الفقيه 1:274 ح 1258.
2- المصنف لعبد الرزاق 3:257 ح 5562،مسند احمد 2:280،سنن ابن ماجة 1:347 ح 1092،سنن النسائي 3:98،مسند أبي يعلى 11:19 ح 6158.
3- التهذيب 3:241 ح 648.
4- الكافي 3:416 ح 12،التهذيب 3:4 ح 8.
5- الموطأ 1:108،المصنف لعبد الرزاق 3:260 ح 5571،مسند أحمد 2: 230،صحيح البخاري 2:16،صحيح مسلم 2:583 ح 852،سنن ابن ماجة 1:360 ح 1137،سنن النسائي 3:116.
6- المصنف لعبد الرزاق 3:260 ح 5572،صحيح مسلم 2:584 ح 853،سنن النسائي 3:115.
7- صحيح مسلم 2:584 ح 853،سنن أبي داود 1:276 ح 1049.

و قال الشيخ في الخلاف:هي ما بين فراغ الامام من الخطبة إلى ان يستوي الناس في الصفوف (1)و هو مروي أيضا عن الصادق عليه السّلام في الصحيح (2)قال عليه السّلام:«و ساعة أخرى من آخر النهار الى غروب الشمس» (3).

و روي انّه إذا غاب من الشمس نصفها،و ان فاطمة عليها السّلام كانت تتحرّى ذلك (4).

الرابعة استحباب تحري المأثور في الخطبة من الألفاظ عن النبي صلّى اللّه عليه و آله

و في نهج البلاغة و تقصيرها]

يستحب تحري المأثور عن النبي صلّى اللّه عليه و آله في الخطبة من الألفاظ،و في نهج البلاغة أي بلاغ.

و يستحب تقصير الخطبة،لما روي في الصحاح انّ عمارا خطب فأوجز و أبلغ،فلما نزل قلنا:يا أبا اليقظان قد أبلغت و أوجزت!فلو كنت تنفست.فقال:إني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«ان طول صلاة الرجل و قصر خطبته مئنة من فقهه،فأطيلوا الصلاة و أقصروا الخطبة» (5).

قلت:المئنة-بفتح الميم و كسر الهمزة و تشديد النون-معناها:

المخلقة،و المجدرة،و العلامة.

الخامسة كراهة تخطي رقاب الناس قبل خروج الامام و بعده لغيره

يكره لغير الامام ان يتخطّى رقاب الناس قبل خروج الامام و بعده،و سواء كان له موضع معتاد أم لا،لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله لمن تخطّى

ص: 148


1- الخلاف 1:141،المسألة 31.
2- الكافي 3:414 ح 4،التهذيب 3:235 ح 619.
3- الكافي 3:414 ح 4،التهذيب 3:235 ح 619.
4- معاني الأخبار:399.
5- مسند أحمد 4:263،سنن الدارمي 1:365،صحيح مسلم 2:594 ح 869، مسند أبي يعلى 3:206 ح 1642،المستدرك على الصحيحين 3:393،السنن الكبرى 3:208.

رقاب الناس:«آذيت و أنيت» (1)أي:أبطأت.

السادسة استحباب زيادة العمل الصالح في يوم الجمعة و الصدقة

يستحب زيادة العمل الصالح في يوم الجمعة و الصدقة، خصوصا الإكثار من الصلاة على النبي و آله صلّى اللّه عليهم يوم الجمعة.

روى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذر،في أيديهم أقلام الذهب و قراطيس الفضة، لا يكتبون إلى ليلة السبت إلاّ الصلاة على محمد و آل محمّد صلّى اللّه عليهم، فأكثر منها.يا عمر:انّ من السّند ان تصلي على محمد و أهل بيته في كل ليلة جمعة ألف مرة،و في سائر الأيام مائة مرة» (2).

و روى القداح عن الصادق عليه السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أكثروا من الصلاة عليّ في الليلة الغراء و اليوم الأزهر ليلة الجمعة و يوم الجمعة».

فسئل إلى كم الكثير.فقال:«إلى مائة،و ما زاد فهو أفضل» (3).و روى المفضل عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«ما من شيء يعبد اللّه به يوم الجمعة أحبّ إليّ من الصلاة على محمد و آل محمد» (4).

و يستحب ان يتحرّى الخارج من المنزل لخروج الشتاء،و الداخل إليه بدخوله،ليلة الجمعة.رواه عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام:ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يستحبّه (5).

ص: 149


1- المصنف لعبد الرزاق 3:240 ح 5498،مسند احمد 4:188،سنن ابن ماجة 1:354 ح 1115،سنن أبي داود 1:292 ح 1118،سنن النسائي 3:103، المستدرك على الصحيحين 1:288.
2- الكافي 3:416 ح 13،التهذيب 3:4 ح 9.
3- الكافي 3:428 ح 2.
4- الكافي 3:429 ح 3.
5- الكافي 3:413 ح 3.
السابعة استحباب قراءة سورة الرحمن في دبر الغداة من يوم

الجمعة و التوحيد بعد الفجر مائة مرة،و الاستغفار..]

يستحب ان يقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة سورة الرحمن جل جلاله.ثم يقول كلّما قال فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ :«لا بشيء من آلائك رب أكذّب»،رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

و قراءة الكهف ليلة الجمعة،فإنها كفّارة لما بين الجمعتين،رواه محمد بن أبي حمزة عنه عليه السّلام (2).و روي من قرأها يوم الجمعة بعد الظهر أو العصر مثل ذلك (3).

و يستحب قراءة التوحيد بعد الفجر مائة مرة،و الاستغفار مائة مرة، و قراءة سورة النساء و هود و الكهف و الصافات،و زيارة النبي و الأئمة عليهم السّلام، و تتأكد زيارة الحسين عليه السّلام.

و يكره فيه إنشاد الشعر،و الحجامة.

و يستحب أن يقول عقيب العصر يوم الجمعة ما رواه ناجية،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«إذا صليت العصر يوم الجمعة فقل:اللهم صلّ على محمد و آل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلوات،و بارك عليهم بأفضل بركاتك،و عليهم السلام و على أرواحهم و أجسادهم و رحمة اللّه و بركاته.

فانّ من قاله في دبر العصر كتب اللّه له مائة ألف حسنة،و محي عنه مائة ألف سيئة،و قضى له مائة ألف حاجة،و رفع له بها مائة ألف درجة» (4).

و روى ابان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«ان للجمعة حقا و حرمة،فإياك أن تضيّع أو تقصّر في شيء من عبادة اللّه،و التقرب إليه بالعمل الصالح،

ص: 150


1- الكافي 3:429 ح 6،التهذيب 3:8 ح 25.
2- الكافي 3:429 ح 7،المقنعة 1:157،التهذيب 3:8 ح 26.
3- الكافي 3:429 ح 7.
4- أمالي الصدوق:326،ثواب الاعمال:59،التهذيب 3:19 ح 68.

و ترك المحارم كلها،فان اللّه يضاعف فيه الحسنات،و يمحو فيه السيئات، و يرفع فيه الدرجات».قال:و ذكر ان يومه مثل ليلته،«فان استطعت ان تحييها بالصلاة و الدعاء فافعل» (1).

و روى جابر عن الباقر عليه السّلام:«من مات يوم الجمعة عارفا بحق أهل هذا البيت كتب (2)له براءة من النار،و براءة من العذاب.و من مات ليلة الجمعة أعتق من النار» (3).5.

ص: 151


1- الكافي 3:414 ح 6،التهذيب 3:3 ح 3،مصباح المتهجد:248.
2- في جميع المصادر زيادة:«اللّه».
3- الكافي 3:415 ح 8،المقنعة:25،الفقيه 1:83 ح 376،التهذيب 3:3 ح 5.

ص: 152

المطلب الثالث:في الأحكام.
اشارة

و فيه مسائل

:

الأولى:يحرم البيع بعد الأذان للجمعة.

و قال الشيخ في الخلاف:

يحرم إذا جلس على المنبر بعد الأذان،و يكره بعد الزوال قبل الأذان (1).

لقوله تعالى وَ ذَرُوا الْبَيْعَ (2)أوجب تركه فيكون فعله حراما.

فروع:

الأول:لو فعل البيع هل ينعقد؟ فيه قولان:

أحدهما:-و هو الأقوى-انعقاده،و نقله الشيخ عن بعض الأصحاب (3)و به قال المتأخرون (4).

و الثاني:البطلان،و به قال الشيخ (5).

و مبنى المسألة على انّ النهي في غير العبادة هل هو مفسد أم لا؟و قد تقرر في الأصول انّه غير مفسد.

الثاني: لو كان أحد المتبايعين ممن لا يخاطب بالسعي،كان سائغا بالنظر اليه،حراما بالنظر الى من يجب عليه السعي.

و قال الشيخ:و يكره للأول،لأنه اعانة على فعل محرم (6).

ص: 153


1- الخلاف 1:145 المسألة 48.
2- سورة الجمعة:9.
3- المبسوط 1:150.
4- راجع:المعتبر 2:297،شرائع الإسلام 1:98،مختلف الشيعة:108.
5- المبسوط 1:150،الخلاف 1:145 المسألة 50.
6- المبسوط 1:150.

قال الفاضل:التعليل يقتضي التحريم،لقوله تعالى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ ثم قوى التحريم عليه أيضا (1)و هو قوي.

الثالث: قال في المعتبر:لا يحرم غير البيع من العقود،اقتصارا على موضع النص (2)و القياس عندنا باطل.و توقّف فيه الفاضل (3).

و لو حملنا البيع على المعاوضة المطلقة-الذي هو معناه الأصلي- كان مستفادا من الآية تحريم غيره.و يمكن تعليل التحريم بأن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه،و لا ريب انّ السعي مأمور به،فيتحقق النهي عن كل ما ينافيه من بيع و غيره،و هذا أولى.و على هذا تحريم غير العقود من الشواغل عن السعي.

الثانية:ليس من شرط الجمعة المصر

على الأظهر في الفتاوى، و الأشهر في الروايات حيث أطلقت.

و في رواية طلحة بن زيد،عن الصادق عليه السّلام،عن أبيه،عن علي عليه السّلام،قال:«لا جمعة إلاّ في مصر تقام فيه الحدود» (4).

و روى حفص بن غياث،عن الصادق عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام:«ليس على أهل القرى جمعة،و لا خروج في العيدين» (5).

و طلحة زيدي بتري،و حفص عامي.

و قال ابن أبي عقيل:صلاة الجمعة فرض على المؤمنين حضورها مع

ص: 154


1- تذكرة الفقهاء 1:156. و الآية في سورة المائدة:2.
2- المعتبر 2:297.
3- تذكرة الفقهاء 1:156.
4- التهذيب 3:239 ح 639،الاستبصار 1:420 ح 1617.
5- التهذيب 3:248 ح 679،الاستبصار 1:420 ح 1618.

الإمام في المصر الذي هو فيه،و حضورها مع أمرائه في الأمصار و القرى النائية عنه (1).

و في المبسوط:لا تجب على البادية و الأكراد،لأنه لا دليل عليه،ثم قال:لو قلنا انها تجب عليهم إذا حضر العدد،لكان قويا (2).

و الظاهر انه يشترط فيهم الاستيطان أو حكمه،لعدم اجتماع الجمعة مع السفر.

الثالثة:من سبق الى مكان من المسجد فهو أحقّ به.

و ان استبق اثنان و لا يمكن الجمع أقرع بينهما،و كذا لو زادوا على الاثنين و لا يسع الجميع.

و لو فارق موضعه لحاجة،فإن كان مصلاّه باقيا فهو أولى به ما لم يطل المكث،و ان لم يكن باقيا فلا أولوية،لزوالها بزواله،قاله الفاضلان (3).

و أطلق في المبسوط انه أولى (4)لمسيس الحاجة إلى القيام،و ليس ببعيد عند دعاء الحاجة،كتجديد طهارة،و إزالة نجاسة،و شبههما من الضرورات.

الرابعة:يجوز إقامة الجمعة خارج المصر،

لصدق الامتثال،و ان كان إقامتها فيه و في مسجده أفضل.نعم،يشترط ان لا يبلغ المسافة بحيث يلزم الخارجين القصر،لعدم انعقاد الجمعة حينئذ،إلاّ ان يتفق خروجهم بغير قصد المسافة،أو يكونوا ممن لا قصر عليهم.

ص: 155


1- مختلف الشيعة:108.
2- المبسوط 1:144.
3- شرائع الإسلام 3:277،مختلف الشيعة:108.
4- المبسوط 1:147.
الخامسة:من سقطت الجمعة عنه يستحب ان يصلي الظهر في

المسجد الأعظم،

لما مر من فضيلة المساجد.و لو صلاها ثم حضر الجمعة لم تجب إذا كان من أهل وجوب الظهر.فالصبي لو صلاها ثم بلغ وجبت، لعدم سقوط الواجب بغيره،و لانه لو صلّى الظهر ثم بلغ بعدها وجبت إعادتها عندنا.

و لا يجب على من سقطت عنه تأخير الظهر إلى خروج الجمعة،بل لا يستحب،لأنّ المبادرة إلى أول الوقت أفضل ما لم يحصل معارض، و لا معارض هنا.

السادسة:لو لم يكن الامام مرضيا،استحب تقديم الظهر على صلاة

الجمعة معه،

و ان صلّى معه ركعتين و أتمهما بعد تسليمه جاز،لما روي انّ الصادق عليه السّلام قال:«في كتاب علي عليه السّلام:إذا صلوا الجمعة في وقت فصل معهم،و لا تقومنّ من مقامك حتى تصلي ركعتين أخريين» (1).

و روي:انّ الباقر عليه السّلام كان يصلي في منزله ثم يحضر الجمعة (2).

ص: 156


1- التهذيب 3:28 ح 96.
2- التهذيب 3:246 ح 671.
الفصل الثاني
اشارة

في صلاة العيدين

و فيه ثلاث مطالب:

المطلب الأول:في وجوبها و شرائطها.
اشارة

و هي واجبة-

بإجماعنا-و فرض.

و أنكر بعض العامة فرضها و وافق على وجوبها (1)بناء على تمحل الفرق بين الواجب و الفرض.

و منهم من ذهب إلى انها فرض كفاية (2).

و آخرون ذهبوا إلى أنها سنة (3).

لنا:قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (4)قال بعض المفسرين:

هي صلاة العيد،و نحر البدن للأضحية (5).و قال تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى (6)قال كثير منهم:هي زكاة الفطر و صلاة العيد (7).و لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام داوموا عليها،و قال صلّى اللّه عليه و آله:«صلّوا

ص: 157


1- قاله أبو حنيفة،راجع:المغني 2:223،بدائع الصنائع 1:274،الشرح الكبير 2:223،فتح العزيز 5:4-5.
2- قاله الإصطخري،راجع:المجموع 5:2،حلية العلماء 2:253.
3- قاله الشافعي و مالك،راجع:المجموع 5:2،3،فتح العزيز 5:3-4،المغني 2:224، الشرح الكبير 2:223.
4- سورة الكوثر:2.
5- مجمع البيان 10:549.
6- سورة الأعلى:14-15.
7- مجمع البيان 10:476،تفسير القمي 2:417؛الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 20:21.

كما رأيتموني أصلّي» (1).و روينا عن الصادق عليه السّلام بطرق كثيرة انه قال:

«صلاة العيد فريضة» (2).

فإن قلت:فقد روى زرارة عنه عليه السّلام انه قال:«صلاة العيدين مع الإمام سنّة» (3).

قلت:المراد انها ثابتة بالسنّة،قاله الشيخ في التهذيب (4).

فان قلت:فقد ذكرت ان الكتاب دال عليها.

قلت:ليست دلالة قطعية بل ظاهرة،و بالسنّة:فعلا و قولا علم القطع.

و لو امتنع قوم من فعلها قوتلوا عليها،كما يقاتلون على بقية الصلوات الواجبة:نعم،لا يكفر مستحل تركها،لتحقق الخلاف من العامّة.

و شروطها شروط الجمعة السالفة،لأن فعلها من النبي صلّى اللّه عليه و آله كان على تلك الشرائط.

و روى زرارة عن أحدهما عليهما السّلام،انه قال:«إنما صلاة العيدين على المقيم،و لا صلاة إلاّ بإمام» (5).

نعم،فرّق ابن أبي عقيل-رحمه اللّه-في العدد بين العيدين و الجمعة،2.

ص: 158


1- مسند احمد 5:53،سنن الدارمي 1:286،صحيح البخاري 1:162، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:85 ح 1656،سنن الدار قطني 1:273، السنن الكبرى 3:120.
2- راجع:الفقيه 1:320 ح 1457،التهذيب 3:127 ح 269،270،الاستبصار 1:443 ح 1710،1711.
3- التهذيب 3:129 ح 277.
4- التهذيب 3:129 ح 277.
5- التهذيب 3:287 ح 862.

فذهب الى ان العيدين يشترط فيه سبعة،و اكتفى في الجمعة بالخمسة.

و الظاهر انه رواه،لانه قال:لو كان الى القياس[سبيل]لكانا جميعا سواء، و لكنه تعبّد من الخالق سبحانه (1)،و لم نقف على روايته،فالاعتماد على المشهور المعتضد بعموم أدلة الوجوب.

و تفارق الجمعة عند الأصحاب بأنّها مع عدم الشرائط تصلّى سنّة، جماعة-و هو أفضل-و فرادى.و كذلك يصلّيها من لم تجب عليه من المسافر و العبد و المرأة ندبا و ان أقيم في البلد فرضها مع الامام.

و قال السيد المرتضى-قدس اللّه روحه-:تصلّى عند فقد الامام، و اختلال بعض الشرائط،فرادى (2).

و قال أبو الصلاح بقبح الجمع فيها مع اختلال الشرائط (3).و صرّح الأكثر بأنها تصلّى جماعة.

و قال الشيخ محمد بن إدريس:من قال:تصلّى على الانفراد،أراد به من الشرائط لا صلاتها منفردة (4).

و قال الشيخ قطب الدين الراوندي من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنّة بلا خطبتين،و لكن جمهور الإمامية يصلونها جماعة و عملهم حجّة (5).و نص عليه الشيخ في الحائريات (6).ا.

ص: 159


1- مختلف الشيعة:111.و بين المعقوفين منه.
2- الناصريات:239،المسألة 111،جمل العلم و العمل 3:44.
3- الكافي في الفقه:154.
4- السرائر:70.
5- مختلف الشيعة:113.
6- لم نعثر عليه في الحائريات المطبوع ضمن الرسائل العشر للشيخ الطوسي،نعم نسب إليه ذلك في مفتاح الكرامة 3:195.هذا و لعله من جملة المفقود منها.

و قد روى عمار عن الصادق عليه السّلام،قلت له:إمامة الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو بيت،قال:«لا يؤمّ بهنّ و لا يخرجن» (1)و ربما يفهم منه نفي الجماعة فيها،و كذا في رواية سماعة عنه عليه السّلام قال:

«لا صلاة في العيدين إلاّ مع الإمام،فإن صليت وحدك فلا بأس» (2)و قد يجاب عن رواية عمار بنفي تأكيد الجماعة بالنساء،و عن الثانية ان المراد انها إذا كانت فريضة لا تكون إلاّ مع إمام،كما قاله في التهذيب (3).

و قد روى عبد اللّه بن المغيرة،قال:حدثني بعض أصحابنا،قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة الفطر و الأضحى،فقال:«صلّهما ركعتين في جماعة و غير جماعة» (4)و ظاهر هذا عموم الجماعة.

ثم هنا مسائل:

الأولى:يستحب لمن كان له عذر عن الخروج مع الامام ان يصليها

في بيته.

فروى منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام:«ان أباه مرض يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثم ضحّى» (5).

و روى عبد اللّه بن سنان عنه عليه السّلام،قال:«من لم يشهد جماعة الناس

ص: 160


1- التهذيب 3:289 ح 872.
2- الفقيه 1:320 ح 1459،ثواب الاعمال:103،التهذيب 3:135 ح 293، ،الاستبصار 1:445 ح 1719.
3- التهذيب 3:135.
4- الفقيه 1:320 ح 1461،التهذيب 3:135 ح 294،الاستبصار 1:446 ح 1724.
5- الفقيه 1:320 ح 1462،التهذيب 3:136 ح 300،الاستبصار 1:445 ح 1718.

في العيدين،فليغتسل و ليتطيب بما وجد و ليصلّ وحده كما يصلي في الجماعة» (1).

الثانية قول الشيخ في خروج العجائز و من لا هيئة لهنّ من النساء

و ذوات الهيئات منهن و الجمال في صلاة الأعياد]

قال الشيخ:لا بأس بخروج العجائز و من لا هيئة لهنّ من النساء في صلاة الأعياد ليشهدن الصلاة،و لا يجوز ذلك لذوات الهيئات منهنّ و الجمال (2).و في هذا الكلام أمران:

أحدهما:انّ ظاهره عدم الوجوب عليهن،و لعله لما رواه ابن أبي عمير-في الصحيح-عن جماعة منهم:حماد بن عثمان و هشام بن سالم، عن الصادق عليه السّلام،انّه قال:«لا بأس بأن تخرج النساء بالعيدين للتعرض للرزق»،إلاّ أنه لم يخص فيه العجائز:و قد روى عبد اللّه بن سنان قال:«انما رخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للنساء العواتق في الخروج في العيدين للتعرض للرزق (3).و العواتق:الجواري حين يدركن.

لكنّه معارض بما رواه أبو إسحاق إبراهيم الثقفي في كتابه بإسناده الى علي عليه السّلام،انه قال:«لا تحبسوا النساء عن الخروج في العيدين،فهو عليهنّ واجب»،و لأن الأدلة عامة للنساء.

الأمر الثاني:ان الشيخ منع خروج ذوات الهيئات و الجمال.

و الحديث دالّ على جوازه للتعرض للرزق،اللهم إلاّ أن يريد به المحصنات أو المملكات،كما هو ظاهر كلام ابن الجنيد حيث قال:و تخرج إليها النساء

ص: 161


1- الفقيه 1:320 ح 1463،التهذيب 3:136 ح 297،الاستبصار 1:444 ح 1716.
2- المبسوط 1:171.
3- التهذيب 3:287 ح 858.

العوائق و العجائز (1)و نقله الثقفي عن نوح بن دراج من قدماء علمائنا.

الثالثة حكم ما لو فاتت هذه الصلاة بخروج وقتها

لو فاتت هذه الصلاة بخروج وقتها،ففي قضائها خلاف.

فقال الشيخ في التهذيب:من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب القضاء، و يجوز له أن يصلي إن شاء ركعتين،و إن شاء أربعا،من غير ان يقصد بها القضاء (2).

و قال أبو الصلاح:إذا فاتت لم يجز قضاؤها واجبة و لا مسنونة (3).

و قال ابن إدريس:يستحب قضاؤها (4).

و قال ابن حمزة:إذا فاتت لا يلزم قضاؤها إلاّ إذا وصل الى الخطبة و جلس مستمعا (5)لها.

و قال ابن الجنيد:من فاتته و لحق الخطبتين صلاها أربعا كالجمعة (6).

و قال أيضا:تصلّى مع الشرائط ركعتين،و مع اختلالها أربعا (7).و كذا قال علي بن بابويه (8).

و في صحيح زرارة:«من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد، فلا صلاة له،و لا قضاء عليه» (9)و يؤيده ما تقرر في الأصول ان الإخلال لا يستتبع القضاء في المؤقت.

ص: 162


1- مختلف الشيعة:115.
2- التهذيب 3:134.
3- الكافي في الفقه:155.
4- السرائر:70.
5- الوسيلة:111.
6- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:114.
7- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:114.
8- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:114.
9- الكافي 3:459 ح 1،التهذيب 3:128 ح 273،الاستبصار 1:444 ح 1714.

و حديث عبد اللّه بن المغيرة (1)قد يلوح منه القضاء،لإطلاق الأمر.

و روى أبو البختري عن الصادق عليه السّلام قال:«من فاته العيد فليصل أربعا» (2).

و ربما يحتج بعموم قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته» (3).

و المشهور عدم القضاء بالكلية.

تنبيه:

قال ابن الجنيد:يصلّى أربعا مفصولات،يعني بتسليمتين (4).

و قال علي بن بابويه:يصليها بتسليمة (5).

و لم نقف على مأخذهما،إذ رواية الأربع (6)مع ضعف سندها مطلقة.

الرابعة:وقتها من طلوع الشمس الى الزوال.

و في المبسوط:إذا طلعت الشمس و انبسطت (7).

و قال ابن أبي عقيل:بعد طلوع الشمس (8).

و هما متقاربان،و يفهمان من رواية سماعة،قال:سألته عن الغدوّ الى المصلى في الفطر و الأضحى،فقال:«بعد طلوع الشمس» (9).

ص: 163


1- تقدم في ص 160 الهامش 4.
2- التهذيب 3:135 ح 295،الاستبصار 1:446 ح 1725.
3- عوالي اللئالي 3:107،المهذب البارع 1:460.
4- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:114.
5- حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة:114.
6- راجع الهامش 2.
7- المبسوط 2:169.
8- المعتبر 2:310.
9- التهذيب 3:287 ح 859.

و في رواية زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ليس في الفطر و لا الأضحى أذان و لا إقامة،أذانهما طلوع الشمس،فإذا طلعت خرجوا» (1).

الخامسة:وقت الخروج بعد طلوع الشمس،

لأنه أول الوقت، و لرواية سماعة و زرارة المذكورتين.و هو قول الشيخ (2)و ابن الجنيد (3).

و ظاهر المفيد انه يخرج قبل طلوعها،فإذا طلعت صبر هنيهة ثم صلى (4)،لعموم وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (5).

و عارض الفاضل بان التعقيب في الصبح في المساجد الى طلوع الشمس أولى (6).

و في قوله-رحمه اللّه-:في المساجد،إشارة إلى دفع سؤال هو:إنّ التعقيب ممكن في طريقه و جلوسه في مصلّى العيد،فيكون جامعا بين التكبير و التعقيب.فأجاب بان ذلك و ان كان ممكنا إلاّ ان فعله في المساجد أفضل، و قد تقدم ان الأفضل للمعقّب ملازمة مصلاّه الى فراغه،و ان تعقيب صلاة الصبح منتهاه مطلع الشمس.

السادسة حكم ما لو ثبتت الرؤية من الغد

لو ثبتت الرؤية من الغد،فإن كان قبل الزوال صلّيت العيد،و ان كان بعده سقطت إلاّ على القول بالقضاء.

و قال ابن الجنيد:ان تحققت الرؤية بعد الزوال أفطروا و غدوا إلى

ص: 164


1- الكافي 3:459 ح 1،التهذيب 3:129 ح 276.
2- الخلاف 1:157 المسألة 27.
3- مختلف الشيعة:113.
4- المقنعة:32.
5- سورة آل عمران:133.
6- مختلف الشيعة:114.

العيد (1)لما روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«فطركم يوم تفطرون،و أضحاكم يوم تضحون،و عرفتكم يوم تعرفون» (2).و روي:ان ركبا شهدوا عنده صلّى اللّه عليه و آله أنهم رأوا الهلال،فأمرهم أن يفطروا،و إذا أصبحوا أن يغدوا الى مصلاهم (3).و هذه الاخبار لم تثبت من طرقنا.

السابعة:يحرم السفر على المخاطب بها بعد طلوع الشمس،

لاستلزام الإخلال بالواجب.

و يكره بعد الفجر،لعدم تعيّن الوجوب حينئذ و لكن فيه تفويت الوجوب،و لرواية عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«إذا أردت الشخوص في يوم عيد،فانفجر الصبح و أنت في البلد،فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد» (4)و لما لم يثبت الوجوب حمل النهي على الكراهة.

الثامنة:يستحب الإصحار بها إلاّ بمكة

-زادها اللّه شرفا-تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه كان يصليها خارج المدينة.فروى عن الصادق عليه السّلام معاوية بن عمار:«ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يخرج حتى ينظر الى آفاق السماء» (5).

و روى أيضا معاوية انه صلّى اللّه عليه و آله كان يخرج الى البقيع فيصلي بالناس (6).

ص: 165


1- مختلف الشيعة:144.
2- الام:230،السنن الكبرى 5:176.
3- سنن ابن ماجة 1:529 ح 1653،سنن أبي داود 1:300 ح 1157،سنن النسائي 3:180.
4- الفقيه 1:323 ح 1480،التهذيب 3:286 ح 853.
5- التهذيب 3:285 ح 849.
6- الكافي 3:460 ح 3،التهذيب 3:129 ح 278.

و قال:«لا تصلّين يومئذ على بساط و لا بارية» (1).

و في مرفوعة محمد بن يحيى إلى الصادق عليه السّلام:«السنّة على أهل الأمصار أن يبرزوا في أمصارهم في العيدين،إلاّ أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد الحرام» (2).

و قال ابن الجنيد:ذلك لحرمة البيت،و كذلك استحب لأهل المدينة، لحرمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (3).و هو محجوج بما تقدم،و بما رواه محمد بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه السّلام قال:«ركعتان من السنّة ليس تصليان في موضع إلاّ بالمدينة،يصلّي في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العيد قبل ان يخرج إلى المصلّي،لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعله» (4).

فرع:

لو كان هناك عذر من مطر أو وحل أو خوف،صلّيت في البلد، حذرا من المشقة الشديدة المنافية لليسر في التكليف.و روى هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الخروج يوم الفطر و الأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها» (5).

التاسعة على الإمام إخراج المحبوسين بالدّين يوم الجمعة و العيد

روى عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال:

«على الإمام أن يخرج المحبسين في الدّين يوم الجمعة و يوم العيد الى

ص: 166


1- راجع الهامش 5،المتقدم.
2- الكافي 3:461 ح 10،التهذيب 3:138 ح 307.
3- مختلف الشيعة:115.
4- الكافي 3:461 ح 11،الفقيه 1:322،ح 1475،التهذيب 3:183 ح 308.
5- الفقيه 1:321 ح 1464،التهذيب 3:288 ح 864،الاستبصار 1:445 ح 1721.و الجبّانة:الصحراء،مجمع البحرين-مادة جبن.

العيد و يرسل معهم،فإذا قضوا الصلاة ردّهم الى السجن» (1).و فيه تنبيه على ان المحبوس في غير الدّين كالدم لا يخرج،و لعله للتغليظ في الدماء، و على ان المحبوس لما هو أخفّ من الدّين يخرج،لانه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.و ظاهره الوجوب،لأنّ لفظة«على»يشعر به.

العاشرة:يكره التنفل قبلها و بعدها الى الزوال،إلاّ بمسجد المدينة

فإنه يصلي ركعتين،للرواية السالفة (2).و روى زرارة عن الباقر عليه السّلام:ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة» (3)و المطلق يحمل على المقيد.

و أطلق ابن بابويه في المقنع كراهة التنفل (4)و كذا الشيخ في الخلاف (5)لظاهر هذا الحديث (6).

و الحق ابن الجنيد المسجد الحرام،و كل مكان شريف يجتاز به المصلّي،و انه لا يحب إخلاؤه من ركعتين قبل الصلاة و بعدها.قال و قد روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل ذلك في البدأة و الرجعة في مسجده» (7).و هذا كأنّه قياس و هو مردود.

و قال أبو الصلاح:لا يجوز التطوع و لا القضاء قبل صلاة العيد،و لا بعدها،حتى تزول الشمس (8).و كأنه أراد به قضاء النافلة،كما قال الشيخ

ص: 167


1- التهذيب 3:285 ح 852،و أوله:«ان على».
2- تقدمت ص 166 الهامش 4.
3- الكافي 3:459 ح 1،الفقيه 1:320 ح 1458،التهذيب 3:129 ح 276.
4- المقنع:46.
5- الخلاف 1:154 المسألة 16.
6- راجع الهامش 3.
7- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة:114.
8- الكافي في الفقه:155.

في المبسوط (1)،إذ من المعلوم انه لا منع من قضاء الفريضة.

و الفاضلان جوّزا صلاة التحية إذا صليت في مسجد،لعموم الأمر بالتحية (2).

قلنا:الخصوص مقدّم على العموم.

و ابن زهرة و ابن حمزة قالا:لا يجوز التنفل قبلها و بعدها (3).

و يدل على كراهة قضاء النافلة ما رواه الصدوق و الشيخ-في الصحيح-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«لا تقض و تر ليلتك-يعني في العيدين-ان كان فاتك شيء،حتى تصلي الزوال في ذلك اليوم» (4).

الحادية عشرة عدم الجواز للإمام أن يخلف من يصلي بضعفة الناس

مذهب الشيخ في الخلاف و مختار صاحب المعتبر:

أنّ الإمام لا يجوز له أن يخلف من يصلي بضعفة الناس في البلد،لما روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«قال الناس لأمير المؤمنين عليه السّلام:

ألاّ تخلّف من يصلي العيدين الناس؟قال:لا أخالف السنّة» (5).

و نقل في الخلاف عن العامة:أنّ عليا عليه السّلام خلّف من يصلي

ص: 168


1- المبسوط 1:170.
2- المعتبر 2:324،تذكرة الفقهاء 1:162،نهاية الإحكام 2:58. و عموم الأمر في:معاني الأخبار:332 ح 1،الخصال:523 ح 13،أمالي الطوسي 2:152،صحيح البخاري 2:70،صحيح مسلم 1:495 ح 714،سنن ابن ماجة 1:323 ح 1012،1013،مسند أحمد 5:305.
3- الغنية:500،الوسيلة:111.
4- الفقيه 1:322 ح 1474 عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام،التهذيب 2:274 ح 1088 عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام،و ليس فيهما«شيء».
5- الخلاف 1:155 المسألة 18،المعتبر 2:327.و الرواية في:التهذيب 3: 127 ح 302.

بالضعفة (1)و أهل البيت أعرف.

الثانية عشرة استحباب مباشرة الأرض في صلاة العيد بلا حائل

قد روينا انه يستحب مباشرة الأرض في صلاة العيد بلا حائل (2).

و قد روى الفضيل عن الصادق عليه السّلام انّه أتي بخمرة يوم الفطر فأمر بردّها و قال:«هذا يوم كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحب أن ينظر إلى آفاق السماء، و يضع جبهته على الأرض» (3).

و هما دليلان على استحباب مباشرة الأرض بجميع أعضاء المصلي، و ان كان في هذا الخبر تخصيص للجبهة لمكان شرفها.

الثالثة عشرة:يستحب أن يطعم قبل خروجه في الفطر،و بعد عوده

في الأضحى،

لوجوب الإفطار في يوم الفطر للفصل بينه و بين الصوم، فيستحب المبادرة إليه.

و روى جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«اطعم يوم الفطر قبل أن تصلي،و لا تطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الإمام» (4).

و روى العامة عن بريدة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:أنّه كان لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر،و لا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي (5).

و لأن الأكل من الأضحية مستحب،و هي لا تكون إلاّ بعد الصلاة.

و روى زرارة عن الباقر عليه السّلام قال:«لا تأكل يوم الأضحى إلاّ من ضحيتك ان

ص: 169


1- الخلاف 1:155 المسألة 18.و الرواية في السنن الكبرى 3:310.
2- الكافي 3:460 ح 3،التهذيب 3:129 ح 278.و راجع ص 703 الهامش 3.
3- الكافي 3:461 ح 7،التهذيب 3:284 ح 846،و فيهما:«أتي أبي».
4- الكافي 4:168 ح 2،الفقيه 2:113 ح 483،التهذيب 3:138 ح 310.
5- الجامع الصحيح 2:426 ح 542.

قويت،و ان لم تقو فمعذور» (1).

الرابعة عشرة استحباب الغسل و الدعاء و التطيّب لابسا أحسن ثيابه

قبل الخروج]

يستحب خروج المصلي بعد غسله و الدعاء متطيّبا لابسا أحسن ثيابه،متعمّما،شتاء كان أو قيظا،لما سبق في الجمعة.

و روى العامة عن الحسن عليه السّلام قال:«أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ان نتطيب بأجود ما نجد في العيد» (2).

أما العجائز إذا خرجن فيتنظّفن بالماء و لا يتطيّبن،لما روي انه صلّى اللّه عليه و آله قال:«لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه،و ليخرجن تفلات» (3)أي:غير متطيبات،و هو بالتاء المثناة فوق و الفاء المكسورة.

و روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:يجهر الإمام بالقراءة،و يعتمّ شاتيا و قائظا،فإن النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يفعل ذلك (4).

و روى العامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«ما على أحدكم ان يكون له ثوبان،سوى ثوبي مهنته،لجمعته و عيده» (5).

الخامسة عشرة استحباب خروج الامام ماشيا حافيا بالسكينة و الوقار

يستحب خروج الامام ماشيا حافيا،بالسكينة في الأعضاء،و الوقار في النفس،لما روي:ان النبي صلّى اللّه عليه و آله لم يركب في عيد و لا جنازة (6).

ص: 170


1- الفقيه 1:321 ح 1469.
2- المستدرك على الصحيحين 4:230،مجمع الزوائد 4:20 عن الطبراني في الكبير.
3- سنن أبي داود 1:155 ح 565،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:316 ح 2208.
4- التهذيب 3:130 ح 282.
5- المغني 2:228.
6- الأم 1:233.

و ان عليا عليه السّلام قال:«من السنّة أن تأتي العيد ماشيا،و ترجع ماشيا» (1).

و لما خرج الرضا عليه السّلام لصلاة العيد في عهد المأمون خرج حافيا (2)و قد روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«من أغبرت قدماه في سبيل اللّه حرّمهما اللّه على النار» (3).

و يستحب ان يكون مشغولا بذكر اللّه تعالى في طريقه،كما نقل عن الرضا عليه السّلام،و تبعه المأمون في المشي و الحفاء و التواضع و الذكر (4).

السادسة عشرة هل لصلاة العيدين أذان؟

لا أذان لصلاة العيدين،بل يقول المؤذن:الصلاة، ثلاثا.و يجوز رفعها بإضمار خبر أو مبتدأ،و نصبها بإضمار احضروا أو ائتوا.

و قال ابن أبي عقيل:يقول:الصلاة جامعة (5).

و دلّ على الأول رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:قلت أ فيها أذان و اقامة؟قال:«لا،و لكن ينادي:الصلاة،ثلاث مرات» (6).

ص: 171


1- سنن الترمذي 2:410 ح 530،المصنف لابن أبي شيبة 2:163،سنن ابن ماجة 1:411 ح 1269،السنن الكبرى 3:281،بإسقاط«و ترجع ماشيا»في الجميع.
2- الكافي 1:408 ح 7،عيون اخبار الرضا 2:149،الإرشاد للمفيد 2:265.
3- مسند احمد 3:479،سنن الدارمي 2:202،صحيح البخاري 2:9،الجامع الصحيح 4:170 ح 1632،سنن النسائي 6:14.
4- الكافي 1:408 ح 7،عيون اخبار الرضا 2:149،الإرشاد للمفيد 2:265.
5- المعتبر 2:316.
6- الفقيه 1:322 ح 1473،التهذيب 3:390 ح 873،و فيهما«الصلاة»مكررة مرتين.

و قد سبق قول الصادق عليه السّلام:«أذانها طلوع الشمس» (1)و هو لا ينافي قول الصلاة ثلاثا،لجواز الجمع بينهما.

و قد روت العامّة أن جابرا-رضي اللّه عنه-قال:لا أذان يوم الفطر، و لا إقامة،و لا نداء،و لا شيء (2)و هو محمول على نفي الوجوب،أو نفي التأكيد في الاستحباب.

تنبيه:

ظاهر الأصحاب انّ هذا النداء ليعلم الناس بالخروج الى المصلّى، لانه اجري مجرى الأذان المعلم بالوقت.و سيأتي كلام أبي الصلاح رحمه اللّه (3).

السابعة عشرة:يستحب تأخّر صلاة عيد الفطر شيئا عن صلاة

الأضحى،

قاله الشيخ (4)لاستحباب الإفطار قبل خروجه هنالك،و لاشتغاله بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة،و ليتسع الزمان للتضحية بتقديم صلاة الأضحى.

الثامنة عشرة اعتبار وحدة صلاة العيدين

الظاهر ان الوحدة المعتبرة في الجمعة معتبرة هنا بطريق الاولى،و صرّح به أبو الصلاح (5)و ابن زهرة رحمهما اللّه (6)لان اجتماع الناس في موضع واحد في السنة مرتين يكون أكثر غالبا من الجمعات،

ص: 172


1- تقدم في ص 164 الهامش 1.
2- المصنف لعبد الرزاق 3:277 ح 5627،صحيح مسلم 2:604 ح 886، السنن الكبرى 3:284.
3- سيأتي في ص 196 الهامش 2.
4- المبسوط 1:169.
5- الكافي في الفقه:154.
6- الغنية:500.

و ليتوفّر اجتماع القلوب في المكان الواحد،و لما رويناه عن علي عليه السّلام انه لم يخلف أحدا ليصلي بالضعفة (1)و لأنّه لم ينقل عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه صلّي في زمانه عيدان في بلد،كما لم ينقل أنه صلّيت جمعتان،فلا وجه للتوقف في هذا.

نعم،لو لم تجتمع الشرائط،و صليت مستحبا جماعة،لم يمتنع التعدد.و كذا من كان له عذر عن الخروج يصليها في منزله و لو جماعة، و ان أقيمت فرضا مع الإمام.

التاسعة عشرة:المشهور بين الأصحاب في ظاهر كلامهم استحباب

الخطيتين فيها،

و صرّح به في المعتبر (2).

و أوجبهما ابن إدريس (3)و الفاضل (4).

و الروايات مطلقة،مثل:ما رواه إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«ليس فيهما منبر،و لكن يصنع للإمام شيء شبه المنبر من طين،يقوم عليه فيخطب الناس ثم ينزل» (5).و في رواية معاوية:«و الخطبة بعد الصلاة» (6).و كذا في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (7).

و العمل بالواجب أحوط.نعم،ليستا شرطا في صحة الصلاة بخلاف

ص: 173


1- تقدم في ص 168 الهامش 5.
2- المعتبر 2:324.
3- السرائر:70.
4- تذكرة الفقهاء 1:159،نهاية الإحكام 2:61.
5- الفقيه 1:322 ح 1473،التهذيب 3:290 ح 873.
6- الكافي 3:460 ح 3،التهذيب 3:129 ح 278.
7- التهذيب 3:130 ح 281،الاستبصار 1:448 ح 1735.

الجمعة.

و يستحب الخطبة بما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام فيه،و قد أوردها الصدوق رحمه اللّه في كتابه لعيد الفطر خطبة و للأضحى اخرى (1).

و محلهما بعد الصلاة إجماعا.

و في خبر معاوية:«إنّما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان» (2).و روى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أو أبي جعفر عليه السّلام:«انّ عثمان لما أحدث أحداثه،كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس،فلما رأى ذلك قدم الخطبتين و احتبس الناس للصلاة» (3).

و قيل:إنّ بني أمية فعلوا ذلك (4)،و كذلك ابن الزبير (5)ثم انعقد الإجماع من المسلمين على كونهما بعد الصلاة.

و في صحاح العامة عن ابن عباس قال:شهدت صلاة الفطر مع نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبي بكر و عمر و عثمان و كلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب (6).

و عن جابر:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله صلّى قبل الخطبة (7).

و عن أبي سعيد الخدري:أنّ مروان جرّه إلى الخطبة قبل الصلاة،6.

ص: 174


1- الفقيه 1:325 ح 1486،328 ح 1487.
2- الكافي 3:460 ح 3،التهذيب 3:129 ح 278،و راجع المغني 2:239، الشرح الكبير 2:242.
3- التهذيب 3:287 ح 860.
4- المغني 2:239،الشرح الكبير 2:242.
5- المغني 2:239،الشرح الكبير 2:242.
6- صحيح البخاري 2:27،صحيح مسلم 2:602 ح 884،السنن الكبرى 3: 296.
7- صحيح البخاري 2:27،صحيح مسلم 2:603 ح 885،السنن أبي داود 1: 297 ح 1141،سنن النسائي 3:182،السنن الكبرى 3:296.

فجرّه أبو سعيد إلى الصلاة قبل الخطبة.فقال له مروان:قد ترك ما تعلم.

قال:كلا،و الذي نفسي بيده!لا تأتون بخير مما أعلم،ثلاث مرات (1).

و رووا أيضا أن مروان قدّم الخطبة،فقال له رجل:خالفت السنة!فقال:

ترك ذاك!فقال أبو سعيد الخدري:أما هذا فقد قضى ما عليه،سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:«من رأى منكم منكرا فلينكره بيده،فمن لم يستطع فلينكره بلسانه،فمن لم يستطع فلينكره بقلبه،و ذلك أضعف الايمان» (2).

المسألة الموفّية العشرين الخطبتان كخطبتي الجمعة غير ان الامام يذكر فيهما ما

يتعلق بهما]

الخطبتان هنا كخطبتي الجمعة في جميع ما تقدم،غير أن الإمام يذكر في خطبة الفطر ما يتعلق بالفطرة من الشرائط و القدر و الوقت،و في الأضحى ما يتعلق بالأضحية.

و لا يجب حضورهما و لا استماعهما إجماعا.و نقل هذا الإجماع أيضا الفاضل،مع انه قائل بوجوب الخطبتين (3).

الحادية و العشرون قول كثير من الأصحاب في استحباب الإفطار يوم الفطر على الحلواء

قال كثير من الأصحاب:يستحب الإفطار يوم الفطر على الحلواء (4)لما روي:أن النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يأكل قبل خروجه في الفطر تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا،أو أقل أو أكثر (5).

و لو أفطر على التربة الحسينية صلوات اللّه على مشرفها لعلّة به

ص: 175


1- المصنف لعبد الرزاق 3:284 ح 5648،صحيح البخاري 2:22،صحيح مسلم 2:605 ح 889،السنن الكبرى 3:297.
2- المصنف لعبد الرزاق 3:285 ح 5649،مسند أحمد 3:20،صحيح مسلم 1: 69 ح 78،سنن ابن ماجة 1:406 ح 1275،سنن أبي داود 1:296 ح 1140، السنن الكبرى 3:296.
3- تذكرة الفقهاء 1:159،نهاية الإحكام 2:61.
4- راجع:المبسوط 1:169،المهذب 1:121،المعتبر 2:317،تذكرة الفقهاء 1:160.
5- المستدرك على الصحيحين 1:294،السنن الكبرى 3:283.

فحسن،و إلاّ فالأقرب التحريم.و على الجواز لا يتجاوز قدر الحمّصة.

و الأفضل الإفطار على الحلاوة،و أفضلها السكر.و روي من تربة الحسين عليه السّلام (1).و الأول أظهر،لشذوذ الرواية،و تحريم الطين على الإطلاق،إلاّ ما خرج بالدليل من التربة للاستشفاء.

الثانية و العشرون يعمل منبر من طين شبيه منبر الجامع،و استحباب

الذهاب بطريق و العود بأخرى]

لا ينقل المنبر من الجامع إجماعا،بل يعمل شبهه من طين،لما سبق في الرواية (2).

و يستحب الذهاب بطريق و العود بأخرى،تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله على ما رويناه (3)و رووه عنه صلّى اللّه عليه و آله (4)ليشهد له الطريقان،و يتساوى أهلهما في التبرك به،أو للصدقة على أهل الطريقين،أو ليسأله أهلهما عن الأمور الشرعية.

و قيل:انّه صلّى اللّه عليه و آله كان يسلك الطريق الأبعد في خروجه،ليكثر ثوابه بكثرة خطواته إلى الصلاة،و يرجع بالأقرب،لأنه أسهل إذ رجوعه الى المنزل (5).

الثالثة و العشرون:يكره الخروج بالسلاح،

لمنافاته الخضوع و الاستكانة.و لو خاف عدوا لم يكره،لما روي عن السكوني عن الصادق عليه السّلام عن الباقر عليه السّلام انه قال:«نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله ان يخرج السلاح في العيدين،إلاّ ان يكون عدوّ ظاهرا» (6).

ص: 176


1- الفقيه 2:113 ح 485.
2- تقدمت في ص 173 الهامش 5.
3- الكافي 5:314 ح 41،الفقيه 1:323 ح 1479.
4- سنن أبي داود 1:300 ح 1156،السنن الكبرى 3:309.
5- راجع:المجموع 5:56،المغني 2:243،تذكرة الفقهاء 1:162.
6- الكافي 3:460 ح 6،التهذيب 3:137 ح 305.
الرابعة و العشرون:يستحب إحياء ليلتي العيدين بالصلاة و الدعاء و الذكر،

لما روى الشيخ عن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام عن علي عليه السّلام قال:

«كان يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليال من السنة،و هي:أول ليلة من رجب،و ليلة النصف من شعبان،و ليلة الفطر،و ليلة النحر» (1).و روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» (2).و موت القلب الكفر في الدنيا،و الفزع في الآخرة،و اضافة الموت إلى القلب مبالغة،كقوله فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (3).

و قال بعض العامة:لم يرد في شيء من الفضائل مثل هذه الفضيلة،لأنّها تقتضي نزع الكفر و أهوال القيامة (4).

و قال الشافعي:بلغنا أنّ الدعاء مستجاب في خمس ليال:ليلة الجمعة، و العيدين،و أول رجب،و نصف شعبان (5).

فرع:

تحصل فضيلة الإحياء بمعظم الليل،تنزيلا لأكثر الشيء منزلته.و عن ابن عباس:الإحياء أن تصلّي العشاء في جماعة (6).

ص: 177


1- مصباح المتهجد:735،و في قرب الاسناد:26.
2- ثواب الأعمال:101،سنن ابن ماجة 1:567 ح 1782،الفردوس بمأثور الخطاب 3:619 ح 5936،مجمع الزوائد 2:198 عن الطبراني في الأواسط و الكبير.
3- سورة البقرة:283.
4- فتح العزيز 5:20.
5- الام 1:231.
6- راجع:سنن الدارمي 1:278،سنن أبي داود 1:152،صحيح مسلم 1:454 ح 656،سنن الترمذي 1:433 ح 221،مسند أحمد 1:58،و في الجميع عن عثمان:كقيام نصف ليلة.و في سنن الدارمي 1:278،مسند أحمد 1:58 عن عثمان:من صلى الصبح في جماعة فهو كمن قام الليل كله.نعم في المجموع 5:43 حكى ما في المتن عن ابن عباس مع اضافة«و يعزم أن يصلي الصبح في جماعة».
الخامسة و العشرون:يستحب التكبير في العيدين،

و فيه مباحث.

أحدها:الأشهر أنه مستحب، و عليه معظم الأصحاب (1)،للأصل، و لرواية سعيد النقاش عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أمّا أن في الفطر تكبيرا و لكنه مسنون».قال قلت:و اين هو؟قال:«في ليلة الفطر في المغرب و العشاء الآخرة،و في صلاة الفجر،و صلاة العيد» (2).

و قال المرتضى:مما انفردت به الإمامية أنّ على المصلّي التكبير في ليلة الفطر،و ابتداؤه من دبر صلاة المغرب إلى أن يرجع الامام من صلاة العيد،و في عيد الأضحى يجب التكبير على من كان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة، و على غيره عقيب عشر،لقوله تعالى وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ - وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ و الأمر للوجوب،و نقل فيه الإجماع أيضا (3).و اختاره ابن الجنيد (4).

و أجيب بأنّ الأمر قد يرد للندب فيثبت مع اعتضاده بدليل آخر، و الإجماع حجّة على من عرفه.

فرع:

هذا التكبير مستحب للمنفرد و الجامع،و الحاضر و المسافر،و البلدي و القروي،و الذكر و الأنثى،و الحر و العبد،للعموم.

ص: 178


1- راجع:النهاية:135،المهذب 1:123،المعتبر 2:319.
2- الكافي 4:166 ح 1،الفقيه 2:108 ح 464،التهذيب 3:138 ح 311.
3- الانتصار:57.و الآيتين في سورة البقرة:185،203.
4- مختلف الشيعة:115.

و ثانيها:في محله.

و قد تضمنت رواية سعيد تكبير الفطر (1).

و روى حريز عن محمد بن مسلم،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جل وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ .قال:«التكبير في أيام التشريق عقيب صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر يوم الثالث، و في الأمصار عشر صلوات» (2)،و مثله رواه زرارة عن الباقر عليه السّلام (3).

و قال ابن بابويه:يكبّر في الفطر عقيب الظهر و العصر يوم الفطر أيضا (4).و لم نقف الآن على مأخذه مع أن الأصل العدم و الشهرة تؤيده.

و قال ابن الجنيد:التكبير عقيب الفرائض واجب،و عقيب النوافل مستحب (5)لما رواه حفص بن غياث بإسناده إلى علي عليه السّلام قال:«على الرجال و النساء ان يكبّروا أيام التشريق في دبر الصلوات،و على من صلّى وحده،و من صلى تطوعا» (6).

و لو فاتته صلاة فقضاها كبّر عقيبها و لو خرجت أيامه،لقوله صلّى اللّه عليه و آله:

«فليقضها كما فاتته» (7).

و لو تركه الإمام كبّر المأموم.0.

ص: 179


1- تقدمت في ص 178 الهامش 2.
2- الكافي 4:516 ح 1،التهذيب 5:269 ح 920.
3- الكافي 4:516 ح 2،التهذيب 5:269 ح 921.
4- أمالي الصدوق:517،و هو ظاهر الفقيه 2:108 ح 464.و في المقنع المطبوع:46 في عشر صلوات و الظاهر انه تصحيف ست صلوات راجع في ذلك الحدائق الناظرة 10:277،و انظر:285،مفتاح الكرامة 3:185.
5- مختلف الشيعة:115.
6- التهذيب 3:289 ح 869.
7- عوالي اللئالي 3:107،المهذب البارع 1:460.

و ثالثها:في كيفيته.

فروى ابن بابويه أن عليا عليه السّلام كان يقول في دبر كل صلاة في عيد الأضحى:«اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر (1)و للّه الحمد» (2).

و قال المفيد في تكبير الفطر:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر،و الحمد للّه على ما هدانا،و له الشكر على ما أولانا.و في الأضحى:

اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر،و الحمد للّه على ما رزقنا من بهيمة الانعام (3).

و في النهاية:اللّه أكبر،اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر، و للّه الحمد،الحمد للّه على ما هدانا،و له الشكر على ما أولانا.و في الأضحى كذلك إلاّ انه يزيد فيه:و رزقنا من بهيمة الانعام (4).

و قال ابن أبي عقيل في الأضحى:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر(اللّه أكبر) (5)و للّه الحمد على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام،و الحمد للّه على ما أبلانا (6).

و قال ابن الجنيد:في الفطر:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر (7)و للّه الحمد على ما هدانا.و في الأضحى:اللّه أكبر،اللّه أكبر،اللّهر.

ص: 180


1- في المصدر زيادة:«اللّه أكبر».
2- الفقيه 1:328 ح 1487.
3- المقنعة:33.
4- النهاية:135 و التكبير في أوله مرتان،و ليس فيه:و للّه الحمد.راجع في ذلك: جامع المقاصد 2:450،مفتاح الكرامة 3:185.
5- هذا التكبير ليس موجودا في بعض الكتب التي حكت قول ابن أبي عقيل، كمختلف الشيعة:115،و جامع المقاصد 2:451.
6- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة،115،و راجع المعتبر 2:321.
7- في مختلف الشيعة زيادة:اللّه أكبر.

أكبر،ثلاثا،لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر،و للّه الحمد،اللّه أكبر على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام (1).

و الروايات مختلفة:

ففي رواية زرارة الحسنة عن الباقر عليه السّلام:«في الأضحى:اللّه أكبر،اللّه أكبر،لا إله لا اللّه،و اللّه أكبر،اللّه أكبر على ما هدانا،اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام» (2).

و في رواية سعيد:«في الفطر:اللّه أكبر،ثلاثا،لا إله إلا اللّه،و اللّه أكبر،و للّه الحمد،اللّه أكبر على ما هدانا» (3).و كذا قال البزنطي:يكبّر ثلاثا (4).

و كل حسن ان شاء اللّه.0.

ص: 181


1- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة:115 و في آخر تكبير الاضحه زيادة: و الحمد للّه على ما أولانا.
2- التهذيب 3:139 ح 313.و في الكافي 4:516 ح 2،و التهذيب 5:269 ح 921 بزيادة،فراجع.
3- هذه صيغة الرواية في التهذيب 3:138 ح 311،و رويت في الكافي 4:166 ح 1،و الفقيه 2:108 ح 464 بزيادة و نقيصة،فراجع.
4- راجع:المعتبر 2:320.
المطلب الثاني:في الكيفية
اشارة

و فيه مسائل:

الأولى:صلاة العيد ركعتان،

و يزيد فيها على المعتاد في الصلوات خمس تكبيرات في الركعة الأولى بعد القراءة،و اربع في الثانية،بعد كل تكبير دعاء و ثناء.

و قال المفيد و جماعة:يكبّر للقيام إلى الثانية قبل القراءة،ثم يكبّر بعد القراءة ثلاثا و يقنت ثلاثا (1).

و صحيحة معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام (2).

و صحيحة يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح (3)تشهدان للأول.

الثانية:معظم الأصحاب على ان التكبير في الركعتين معا بعد

القراءة

(4) و هو في صحيح يعقوب (5)و رواه أبو بصير (6)و غيره (7).

و قال ابن الجنيد:يكبّر في الأولى قبل القراءة،و في الثانية بعدها (8)و رواه عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام (9)و إسماعيل بن سعد الأشعري

ص: 182


1- راجع المقنعة:32،الانتصار:56،المهذب 1:122،الكافي في الفقه: 154.
2- الكافي 3:460 ح 3،التهذيب 3:129 ح 278،الاستبصار 1:448 ح 1733.
3- التهذيب 3:132 ح 287،الاستبصار 1:449 ح 1737.
4- راجع:المبسوط 1:170،المهذب 1:122،المعتبر 2:312.
5- التهذيب 3:132 ح 287،الاستبصار 1:449 ح 1737.
6- التهذيب 3:131 ح 286،الاستبصار 1:449 ح 1736.
7- راجع:التهذيب 3:132 ح 289،الاستبصار 1:449 ح 1739.
8- المعتبر 2:313،مختلف الشيعة:111.
9- التهذيب 3:131 ح 284،الاستبصار 1:450 ح 1740.

عن الرضا عليه السّلام (1)في سندين صحيحين،و كذلك رواه أبو الصباح عن الصادق عليه السّلام (2).

و في رواية هشام بن الحكم عنه عليه السّلام:«تصل القراءة بالقراءة» (3).

و حملها الشيخ على التقية (4)؛لأنّه مذهب أبي حنيفة (5).

قال في المعتبر:ليس هذا التأويل بحسن،فان ابن بابويه ذكر ذلك في كتابه بعد ان ذكر في خطبته انه لا يودعه اللّه ما هو حجة له.قال:

فالأولى ان يقال فيه روايتان،أشهرهما بين الأصحاب ما اختاره الشيخ (6).

الثالثة:ظاهر الأكثر وجوب هذا التكبير،

و صرّح به ابن الجنيد (7)، و اختاره الفاضل (8)؛لأنّه وقع بيانا من صاحب الشرع و أهل بيته فعلا و قولا في رواية من سمّيناه آنفا.

و قال الشيخ-و تبعه صاحب المعتبر (9)-انه مستحب (10)لما رواه زرارة في الصحيح ابن عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر عليه السّلام عن الصلاة في العيدين،فقال:«يكبّر،يزيد في الركعة الأولى ثلاثا،و في الأخيرة ثلاثا»،ثم قال:إن شاء ثلاثا و خمسا،و إن شاء خمسا و سبعا،بعد ان يلحق

ص: 183


1- التهذيب 3:131 ح 285،الاستبصار 1:450،ح 1741.
2- التهذيب 3:132 ح 290،الاستبصار 1:450 ح 1743.
3- التهذيب 3:284 ح 847،الاستبصار 1:450 ح 1744.
4- التهذيب 3:131،الاستبصار 1:450.
5- المجموع 5:21،المبسوط للسرخسي 2:42،الباب 1:118.
6- المعتبر 2:313،و راجع الفقيه 1:324 ح 1485.
7- حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة:112.
8- مختلف الشيعة:112.
9- المعتبر 2:314.
10- التهذيب 3:134.

ذلك الى وتر» (1)و ظاهر التخيير عدم الوجوب،و لانه لا قائل بوجوب الثلاث لا غير،و لا بوجوب الخمس و الثلاث.

و لما رواه هارون بن حمزة،عن الصادق عليه السّلام قال:سألته عن التكبير في الفطر و الأضحى،فقال:«خمس و اربع،فلا يضرك إذا انصرفت» (2).

و لما رواه عيسى بن عبد اللّه،عن أبيه،عن جده،عن علي عليه السّلام قال:

«ما كان يكبّر النبي صلّى اللّه عليه و آله في العيدين إلاّ تكبيرة واحدة حتى أبطأ عليه لسان الحسين عليه السّلام،فلما كان ذات يوم عنده كبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فكبّر الحسين فكبر النبي سبعا،و في الثانية كبّر النبي و كبّر الحسين حتى كبّر خمسا، فجعلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سنّة،و ثبتت السنّة إلى اليوم» (3).

و هذا قوي أيضا.

الرابعة:الأظهر أيضا وجوب القنوت بين التكبيرات،

نصّ عليه المرتضى و انه انفراد الإمامية (4)و هو في خبر يعقوب و غيره (5).

و صرّح الشيخ باستحبابه (6)للأصل،و لما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما قال:سألته عن الكلام الذي يتكلم به بين التكبيرتين في العيد، فقال:«ما شئت من الكلام الحسن» (7)و هذا ليس بصريح في الاستحباب.

الخامسة:لا يتعيّن في القنوات لفظ مخصوص،

لقضية الأصل،

ص: 184


1- التهذيب 3:134 ح 291،الاستبصار 1:447 ح 1732،باختصار في الألفاظ.
2- التهذيب 3:286 ح 854،الاستبصار 1:447 ح 1731.
3- التهذيب 3:286 ح 855.
4- الانتصار:57.
5- التهذيب 3:132 ح 287 و 288،الاستبصار 1:449 ح 1737 و 1738.
6- الخلاف 1:153 المسألة 11.
7- التهذيب 3:288 ح 863.

و هذه الرواية،و اختلاف الروايات في تعيينه.

فروى أبو الصباح عن الصادق عليه السّلام:«تكبر و تقول:اشهد ان لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و اشهد انّ محمدا عبده و رسوله.اللهم أنت أهل الكبرياء و العظمة،و أهل الجود و الجبروت و القدرة و السلطان و العزة.

أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا،و لمحمد صلّى اللّه عليه و آله ذخرا و مزيدا،أسألك ان تصلي على محمد و آل محمد،و ان تصلي على ملائكتك المقربين و أنبيائك المرسلين،و ان تغفر لنا و لجميع المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات،الأحياء منهم و الأموات.اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون،و أعوذ بك من شر ما عاذ به عبادك المخلصون.

اللّه أكبر،أول كل شيء و آخره،و بديع كل شيء و منتهاه،و عالم كل شيء و معاده،و مصير كل شيء اليه و مردّه،و مدبر الأمور،و باعث من في القبور،قابل الأعمال،مبدئ الخفيات معلن السرائر.

اللّه أكبر،عظيم الملكوت،شديد الجبروت،حي لا يموت،دائم لا يزول،إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.

اللّه أكبر،خشعت لك الأصوات،و عنت لك الوجوه،و حارت دونك الابصار،و كلّت الألسن عن عظمتك،و التواصي كلها بيدك،و مقادير الأمور كلها إليك،لا يقضي فيها غيرك،و لا يتم فيها شيء دونك.

اللّه أكبر،أحاط بكل شيء حفظك،و قهر كل شيء عزك،و نفذ كل شيء أمرك،و قام كل شيء بك،و تواضع كل شيء لعظمتك،و ذلّ كل شيء لعزتك،و استسلم كل شيء لقدرتك،و خضع كل شيء لملكك.

ص: 185

و كذا تصنع في الركعة الثانية» (1).

و روى علي بن حاتم بإسناده الى أبي عبد اللّه عليه السّلام:«تقول بين كل تكبيرتين:اللهم أهل الكبرياء و العظمة،و أهل الجود و الجبروت،و أهل المغفرة (2)و الرحمة،و أهل التقوى و المغفرة،و أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا،و لمحمد صلّى اللّه عليه و آله ذخرا و مزيدا،ان تصلي على محمد و آل محمد،كأفضل ما صليت على عبد من عبادك،و صل على ملائكتك (3)و رسلك،و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الاحياء منهم و الأموات.اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون،و أعوذ بك من شر ما عاذ بك منه عبادك المرسلون» (4).

و روى جابر،عن الباقر عليه السّلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا كبّر قال بين كل تكبيرتين:اشهد ان لا إله اللّه وحده لا شريك له،و اشهد ان محمد عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله.اللهم أهل الكبرياء»و ذكر الدعاء الى آخره (5).

و روى بشر بن سعيد،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تقول في دعاء العيدين بين كل تكبيرتين:اللّه ربي أبدا،و الإسلام ديني أبدا،و محمد نبي أبدا (6)،و الكعبة قبلتي أبدا،و علي وليي أبدا،و الأوصياء أئمتي أبدا -و تسميهم الى آخرهم-و لا أحد إلا اللّه» (7).د.

ص: 186


1- الفقيه 1:324 ح 1485،التهذيب 3:132 ح 290.
2- في المصدر:«العفو».
3- في المصدر زيادة«المقربين».
4- التهذيب 3:139 ح 314.
5- التهذيب 3:140 ح 315.
6- في المصدر زيادة:«و القرآن كتابي أبدا».
7- التهذيب 3:286 ح 856 عن بشير بن سعيد.

و أكثر الأخبار فيها لفظ القنوت لا غير.و الشيخ أبو الصلاح قال:

و يلزمه ان يقنت بين كل تكبيرتين،فيقول:اللهم أهل الكبرياء و العظمة، الى آخره (1).فإن أراد به الوجوب تخييرا و الأفضلية فحق،و ان أراد به الوجوب عينا فممنوع.

السادسة:يستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة

كما قلناه في تكبير الصلاة اليومية.و روى يونس قال:سألته عن تكبير العيدين،أ يرفع يده مع كل تكبيرة،أم يجزئه أن يرفع في أول تكبيرة؟فقال:«يرفع مع كل تكبيرة» (2).و روى العامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا ترفع الأيدي إلاّ في سبعة مواطن»و ذكر من جملتها تكبيرات العيد (3).

و كذا يستحب رفع اليدين بالقنوت كقنوت اليومية.

فروع:

الأول: لو نسي التكبيرات أو بعضها حتى يركع،مضى في صلاته و لا شيء عليه إذ ليست أركانا.

و هل تقضى بعد الصلاة؟أثبته الشيخ رحمه اللّه (4)و لعلّه لما سبق من

ص: 187


1- الكافي في الفقه:154.
2- التهذيب 3:288 ح 866.
3- الهداية(للمرغيناني)1:86.المبسوط(للسرخسي)2:39.
4- نسبه المحقق في المعتبر 2:315 الى الشيخ رحمه اللّه و لكن قول الشيخ في المبسوط 1:171 و الخلاف 1:153 المسألة 13 خلاف ذلك،قال في مفتاح الكرامة 3: 205«قال المحقق في المعتبر و جماعة ان الشيخ اثبت القضاء و في التحرير و غيره نسبته إليه في الخلاف.و ليس لذلك في الخلاف عين و لا أثر و الموجود في الخلاف و غيره مما حضرني من الشيخ:إذا نسي التكبيرات حتى يركع مضى في صلاته و لا شيء عليه».

الرواية في باب السهو المتضمّنة لقضاء الفائت من الصلاة بعدها (1).

و نفاه في المعتبر-و تبعه الفاضل (2)؛لأنّه ذكر تجاوز محله،فيسقط بالنافي السليم عن المعارض (3).و كأنه عنى بالنافي دلالة الأصل على عدم القضاء و ان الفائت لا يجب قضاؤه،و عنى بالمعارض الأمر الجديد الدالّ على القضاء فإنه منفي،و للشيخ أن يبدي وجود المعارض و هي الرواية المشار إليها.

و لو تذكر و هو آخذ في الركوع،و لما ينته الى حدّ الراكع،رجع اليه قطعا.

و لو قلنا:بتقديم التكبير على القراءة في الأولى،فنسيه حتى قرأ،لم يعد اليه،قاله في المعتبر،لفوات محله (4).

و ليس ببعيد وجوب استدراكه أو ندبه على اختلاف القولين؛لانه محل في الجملة و لهذا كان التكبير في الثانية واقعا فيه،و لان الروايات المتضمّنة لتأخّره عن القراءة في الركعتين أقل أحوالها أن يقتضي استدراكه إذا نسي.

و في التذكرة أوجب استدراكه،و توقّف في إعادة القراءة،من حيث عدم وقوعها في محلها،و صدق القراءة (5).و الأولى إعادتها.

و لو ذكر في أثنائها قطعها و أتى به ثم استأنف القراءة.8.

ص: 188


1- سبق في ص 35،ضمن المسألة الرابعة من السهو.
2- تذكرة الفقهاء 1:158،نهاية الإحكام 2:61.
3- المعتبر 2:315.
4- المعتبر 2:215.
5- تذكرة الفقهاء 1:158.

و لا يقضي التكبير عندنا في الركوع،لما فيه من تغيير هيئة الصلاة.

و إذا قلنا بقضاء التكبير أو استدراكه فالقنوت تابع له.و الظاهر وجوب الاستقبال فيهما،لأنّهما جزءان مما يجب فيه الاستقبال،و كذا تعتبر بقية شرائط الصلاة.

و يحتمل أيضا وجوب سجدتي السهو،بناء على تناول أدلة الوجوب في اليومية لهذه الصورة.و هو قول ابن الجنيد (1).

الثاني:لو شك في عدده بنى على الأقل، لأنّه المتيقن.و في انسحاب الخلاف في الشك في الأوليين المبطل للصلاة هنا احتمال أن قيل بوجوبه.و لو تذكر بعد فعله أنّه كان قد كبّر لم يضر،لعدم ركنيته.و كذا الشك في القنوت.

الثالث: لو قدّمه على القراءة في الركعة الثانية ساهيا،أعاد بعدها قطعا و سجد للسهو على الاحتمال.

و لو قدّمه في الركعة الأولى،فكذلك عند من يوجب تأخيره.

و لو تعمّد التقديم،ففي بطلان الصلاة مع استدراكه في محله عندي وجهان:

البطلان،لتغير نظم الصلاة،و عدم إيقاعها على الوجه المأمور به، و لانّه ارتكب منهيا عنه في الصلاة،إذ الأمر بالشيء نهي عن ضده،و النهي في العبادة مفسد.

و الصحة،لما تقدم في الرواية:«إنّ كل ما ذكره اللّه عزّ و جلّ به أو رسوله فهو من الصلاة».5.

ص: 189


1- مختلف الشيعة:115.

و يحتمل ثالثا و هو البطلان ان اعتقد شرعيته،لأنّه يكون مبدعا فيتحقق النهي،و ان لم يعتقد شرعيته هنالك كان ذكرا مجردا في الصلاة فلا ينافيها.

الرابع:لو أدرك بعض التكبيرات مع الامام دخل معه، فإذا ركع الامام ركع معه على القول بالندب،لانه لا يترك المتابعة الواجبة لأجل الندب، هذا إذا لم يمكنه الإتيان بالقدر الفائت قبل رفع الامام من الركوع،و إلاّ أتى به.و لو أمكنه التكبير المجرّد عن القنوت فعله،و لو لم يمكنه ذلك قضاه عند الشيخ بعد التسليم (1).

اما على القول بوجوبه،فيحتمل منعه من الاقتداء إذا علم التخلف عن الامام.فلو اقتدى و لمّا يعلم،و لم يمكنه الجمع بين المتابعة و بين التكبير،فإنّه ينوي الانفراد.

و يحتمل جواز الاقتداء و يسقط القنوت و يأتي بالتكبير و ولاء،لتحقق الخلاف في وجوبه،بخلاف المتابعة.

و يشكل بانا بنينا على الوجوب.و المتابعة و ان كانت واجبة فوجوبها ليس جزءا من الصلاة من حيث هي صلاة.بخلاف التكبير و القنوت.

و الفاضل مع قوله بوجوبه أسقطه مع عدم إمكان الإتيان به،و لم يوجب قضاءه بعد التسليم،حتى لو أدرك الإمام راكعا كبّر و دخل معه، و اجتزأ بالركعة عنده و لا يجب القضاء (2).

الخامس:لا يتحمّل الامام هذا التكبير و لا القنوت، و انما يتحمّل القراءة.1.

ص: 190


1- المبسوط 1:171.و انظر:مفتاح الكرامة 3:205.
2- تذكرة الفقهاء 1:158،نهاية الإحكام 2:61.

و يحتمل تحمّل الدعاء،و يكفي عن دعاء المأمومين.و هذا لم أقف فيه على نص.

و لو قلنا بالتحمّل فيه،فدعا المأموم فلا بأس،سواء كان بدعاء الإمام أو غيره.

و عدم تحمّل الامام القنوت في اليومية يدلّ بطريق أولى على عدم تحمّله هنا.

المسألة السابعة:يجب قراءة الحمد و سورة معها كسائر الفرائض.

و لا خلاف في عدم تعيين سورة،و إنّما الخلاف في الأفضل:

فذهب جماعة إلى أنّه يقرأ الأعلى في الأولى و الشمس في الثانية (1).

و قال آخرون الشمس الشمس في الاولى و الغاشية في الثانية (2).

و هذا القولان مشهوران.

و قال علي بن بابويه:يقرأ في الأولى الغاشية،و الثانية الأعلى (3).

و قال ابن أبي عقيل:يقرأ في الأولى الغاشية،و في الثانية الشمس (4).

و رواية أبي الصباح،عن الصادق عليه السّلام و إسماعيل الجعفي،عن الباقر عليه السّلام تشهدان للأول (5).

ص: 191


1- منهم الصدوق في الفقيه 1:324 ذيل حديث 1684 و ابن حمزة في الوسيلة: 111 و الكيدري في إصباح الشيعة:102 و سلار في المراسم:78 و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:107 و ابن إدريس في السرائر:70.
2- منهم المفيد في المقنعة:32 و ابن زهرة في الغنية:499-500 و ابن البراج في المهذب 1:122 و أبو الصلاح في الكافي:153-154،السيد المرتضى في جمل العلم و العمل:74.و الشيخ في الخلاف 1:153 المسألة 12.
3- حكاه عنه العلاّمة في مختلف الشيعة:112.
4- حكاه عنه العلاّمة في مختلف الشيعة:112.
5- الفقيه 1:324 ح 1485،التهذيب 2:132 ح 288،290،الاستبصار 1:449.

و صحيحتا جميل و معاوية عن الصادق عليه السّلام تشهدان للثاني (1)مع أنّ في رواية جميل:«الشمس و الغاشية و أشباههما».

و الكل حسن،و إن كان العمل بالمشهور أولى.

و يستحب الجهر بالقراءة،و الظاهر استحبابه بالقنوت أيضا،إلاّ المأموم فإنّه يسرّ به.3.

ص: 192


1- الكافي 3:460 ح 3،الفقيه 1:320 ح 1457،التهذيب 3:127 ح 270، 129 ح 278.و تشهدان لما مرّ في ص 725 الهامش 3.
المطلب الثالث:في اللواحق.
اشارة

و فيه مسائل:

الاولى:لو وافق العيد الجمعة،

تخيّر من صلّى العيد في حضور الجمعة و عدمه،ذهب إليه الأكثر (1)و على الامام الحضور و الاعلام بذلك، لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال:«اجتمعنا في زمان علي عليه السّلام،فقال:

من شاء ان يأتي الجمعة فليأت،و من قعد فلا يضره و ليصلّ الظهر، و خطب عليه السّلام خطبتين،جمع فيهما خطبة العيد و خطبة الجمعة» (2)و نحوه رواه سلمة عنه عليه السّلام إلاّ انه لم يذكر الخطبتين (3).

و روى العامّة عن زيد بن أرقم:(ان النبي صلّى اللّه عليه و آله صلّى العيد و رخّص في الجمعة) (4).

و روي:ان ابن الزبير لمّا صلّى العيد و لم يخرج إلى الجمعة قال ابن عباس:أصاب السنّة (5).و فيه إيماء إلى انه يسقط أيضا عن الامام.

و قال ابن الجنيد-في ظاهر كلامه-يختص التخيير لمن كان قاصي المنزل و يستحب له الحضور (6)و اختاره الفاضل (7)لما رواه إسحاق بن عمار،

ص: 193


1- المقنعة:33،المبسوط 1:170،المعتبر 2:326،مختلف الشيعة:113.
2- الفقيه 1:323 ح 1477.
3- الكافي 3:461 ح 8،التهذيب 3:137 ح 306.
4- سنن الدارمي 1:378،سنن ابن ماجة 1:415 ح 1310،سنن أبي داود 1: 281 ح 1070،سنن النسائي 3:194،السنن الكبرى 3:317.
5- سنن أبي داود 1:281 ح 1071،سنن النسائي 3:194.
6- مختلف الشيعة:113.
7- تحرير الاحكام 1:46.

عن الصادق عليه السّلام،عن أبيه عليه السّلام:«إنّ علي بن أبي طالب عليه السّلام كان يقول:

إذا اجتمع للإمام عيدان في يوم واحد،فإنّه ينبغي للإمام أن يقول للناس في خطبته الاولى:إنّه قد اجتمع لكم عيدان،فأنا أصليهما جميعا،فمن كان مكانه قاصيا فأحب أن ينصرف عن الآخر فقد أذنت له» (1).و مفهومه أن غير قاضي المنزل ليس مأذونا له في الانصراف.

و الفرق لزوم المشقة و عدمها،إلاّ أن البعد و القرب من الأمور الإضافية،فيصدق القاضي على من بعد بأدنى بعد،فيدخل الجميع إلاّ من كان مجاورا للمسجد.

و ربما صار بعض إلى تفسير القاضي بأهل القرى دون أهل البلد (2)لأنّه المتعارف.

و قال أبو الصلاح:الظاهر في الملّة (3)وجوب عقد الصلاتين و حضورهما على من خوطب بذلك (4).

و قال ابن البراج-رحمه اللّه-الظاهر وجوب الحضور لهاتين الصلاتين (5)؛لأنّ دليل الحضور فيهما قطعي،و خبر الواحد يفيد الظن فلا يعارض القطع.

و تبعهما ابن زهرة (6).0.

ص: 194


1- التهذيب 3:137 ح 304.
2- راجع:المعتبر 2:326،تحرير الاحكام 1:46.
3- في س،ط:المسألة.
4- الكافي في الفقه:155.
5- المهذب 1:123.
6- الغنية:500.

و يجاب عنه بأنّ الخبر المتلقي بالقبول المعمول عليه عند معظم الأصحاب في قوة المتواتر فيلحق بالقطعي،و لأنّ نفي الحرج و العسر يدلّ على ذلك أيضا،فيكون الخبر معتضدا بالكتاب العزيز.

و المعتمد التخيير مطلقا،و إن كان الأولى للقريب الحضور،جمعا بين الروايتين.

تنبيه:

ظاهر كلام الشيخ في الخلاف تخيير الإمام أيضا (1).و صرّح المرتضى بوجوب الحضور عليه (2)و هو الأقرب،لوجود المقتضي مع عدم المنافي، و لما مرّ في خبر إسحاق«و أنا أصليهما جميعا» (3).

المسألة الثانية:قد تقدّم استحباب الغسل لهذه الصلاة،و وقته بعد

الفجر.

و لو تركه متعمّدا فاته الفضيلة.و لو تركه نسيانا فالأفضل الاغتسال و إعادة الصلاة ما دام الوقت،رواه عمار الساباطي،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4).

و في شرعية الجماعة في هذه الإعادة احتمال قوي،كالصلاة المبتدأة ندبا على ما سبق من استحباب الجماعة فيها.

الثالثة:يستحب التوجّه بالتكبيرات المستحب تقديمها في اليومية

و دعواتها،

سواء قلنا بأنّ تكبير العيد قبل القراءة أو بعده.

و ربما خطر لبعضهم سقوط دعاء التوجه إن قلنا بتقديم التكبير،

ص: 195


1- الخلاف 1:157 المسألة 26.
2- المعتبر 2:227.
3- تقدم في ص 194 الهامش 1.
4- التهذيب 3:285 ح 850،الاستبصار 1:451 ح 1747.

و لا ارى له وجها،لعدم المنافاة بين التوجه و القنوت بعده.

و يجوز تقديم التكبير في الركعتين للتقية،و تكون صلاة مجزئة.

الرابعة حكم ما لم تجتمع شرائط الوجوب للصلاة

إذا لم تجتمع شرائط الوجوب صلّيت ندبا على ما سبق.

و هل يشترط في جوازه خلوّ الذمة من القضاء؟الأقرب انه لا يشترط،فتجوز ممّن عليه القضاء،لما أسلفناه في باب المواقيت من الروايات.

و لو قلنا بالمنع منه،فهل يجوز ان يصلي من القضاء بهيئة العيد؟ يحتمل ذلك،لأنه إضافة ذكر اللّه تعالى و الدعاء لا غير.و يحتمل المنع، لانه تغيير لهيئة الصلاة.

اما لو نذر فعلها في وقتها،فإنها تنعقد و ان كان مشغول الذمة بالقضاء،و يراعي فيها ما يراعي في الواجبة إلاّ الجماعة،فإنها ليست شرطا في المنذورة مع اختلال الشرائط إلاّ أن ينذر ذلك،فيجب ان اتفقت الجماعة و إلاّ سقط،لانّه من قبيل الواجب المشروط.

الخامسة خروج الامام و المأموم مشاة

قال أبو الصلاح رحمه اللّه:يخرج الامام و المأموم مشاة،و كلما مشى الامام قليلا وقف و كبّر حتى ينتهي الى المصلّي،فيجلس على الأرض و يجلسون كذلك،فإذا انبسطت الشمس قام و قام الناس فكبّر و كبّر الناس، فإذا أمسكوا (1)قال مؤذنوه:الصلاة،ثلاثا،برفيع أصواتهم،ثم يكبّر و يدخل بهم في الصلاة (2).

و قال:إذا فرغ منها عقّب و عفّر ثم خطب (3).

ص: 196


1- في المصدر:أمسك.
2- الكافي في الفقه:153.
3- الكافي في الفقه:154.

و قال:لا يقرأ المأمومون خلفه،سمعوا قراءته أو لا،و عليه ان يسمعهم قنوته و تكبيره و لا يسمعونه،فإذا فرغ من الخطبة جلس على المنبر حتى ينفضّ الناس ثم ينزل (1).

و قال:يكره السفر قبل صلاة المسنونة-و تبعه ابن زهرة (2)-و يلزم تمييز يوم العيد بالإكثار من فعل الخيرات،و التوسعة على العيال،و التضحية بما تيسر و تفريق ذلك على المساكين (3).

السادسة:يستحب التعريف عشية عرفة بالأمصار في المساجد،

لما فيه من السبة بالحاج في اجتماعهم،و ملازمة ذكر اللّه تعالى.و روى عبد اللّه ابن سنان انه قال الصادق عليه السّلام:«من لم يشهد جماعة الناس في العيدين، فليغتسل،و يتطيّب،و ليصل وحده كما يصلي في الجماعة.و في يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الأمصار يدعون اللّه عزّ و جل» (4).

و عن ابن عباس انه فعله بالبصرة (5).

و فعله عمرو بن حريث (6)و محمد بن واسع (7)و يحيى بن معين (8)و هؤلاء من علماء العامة.

ص: 197


1- الكافي في الفقه:154.
2- الغنية:500.
3- الكافي في الفقيه:155.
4- التهذيب 3:136 ح 297،298.و صدره في الفقيه 1:320 ح 1463، الاستبصار 1:444 ح 1716.
5- المغني 2:250،الشرح الكبير 2:271.
6- المغني 2:250،الشرح الكبير 2:271.
7- المغني 2:250،الشرح الكبير 2:271.
8- المغني 2:250،الشرح الكبير 2:271.

و كرهه نافع مولى ابن عمر و إبراهيم النخعي و الحكم و حماد و مالك.

و سئل عنه أحمد فقال:أرجو أن لا يكون به بأس (1).

و نحن قد أثبتنا شرعيّته عن الامام المعصوم فلا عبرة بقول من كرهه.

و أفضل التعريف بالأمصار التعريف بالمشاهد،و خصوصا مشهد الامام أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام بكربلاء،فقد ورد فيه أخبار جمّة (2).9.

ص: 198


1- المغني 2:250،الشرح الكبير 2:271.
2- راجع:التهذيب 6:50 ح 115-119.
الفصل الثالث
اشارة

في صلاة الآيات

و النظر في سببها،و كيفيتها،و أحكامها

النظر الأول:تجب الصلاة بكسوف الشمس و القمر.
اشارة

و يقال:خسف القمر،أيضا.و ربما قيل:خسفت الشمس،و هو في حديث أسماء و ابن عباس عن النبي صلّى اللّه عليه و آله (1).

و لا يقال:انكسف،عند بعضهم منهم الجوهري (2)بل كسفت و كسفها اللّه-بفتح الكاف و الفاء فيهما-فهي كاسفة.و الاخبار مملوة بلفظ الانكساف (3)،و قد جوّزه بعض أهل اللغة منهم الهروي (4).

و دليل الوجوب فيهما إجماع الأصحاب،و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«ان الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه،يخوف اللّه بهما عبادة،لا يكسفان لموت أحد و لا لحياته،فإذا رأيتم ذلك فصلوا» (5)و الأمر للوجوب.

ص: 199


1- حديث أسماء في:صحيح البخاري 2:46،صحيح مسلم 2:624 ح 905، السنن الكبرى 3:338.و حديث ابن عباس في:مسند ترتيب الشافعي 1:164 ح 477،المصنف لعبد الرزاق 3:98 ح 4925،صحيح البخاري 2:46.
2- الصحاح 4:1421،مادة كسف.
3- راجع:الكافي 3:463 ح 1،465 ح 6،7،التهذيب 3:154 ح 329،156 ح 336،337.
4- انظر لسان العرب 9:298(فيه:في حديث رواه أبو جيد،انكسفت الشمس على عهد رسول النبي(صلّى اللّه عليه و آله).
5- صحيح مسلم 2:628 ح 911،السنن الكبرى 3:332.

و روى أبي بن كعب قال:انكسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بنا و قرأ سورة من الطوال،و ركع خمس ركعات،و سجد سجدتين.ثم قام فقرأ سورة من الطوال،و ركع خمس ركعات،و سجد سجدتين،و جلس عليه السّلام كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى تجلّى (1).و في هذا الخبر إلزام للعامة في مواضع:

أحدها:ان ظاهره الوجوب،لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«صلوا كما رأيتموني أصلي» (2).

و ثانيها:ان الوجوب على الأعيان،لانّه صلّى بهم لا ببعضهم.

و ثالثها:ان الركوع فيها عشر مرات كما نقول به.

و فيه دلالة على استحباب الكون في الدعاء حتى ينجلي،و سيأتي استحباب الإعادة ان شاء اللّه تعالى.

و نحو هذا الخبر رويناه عن الكاظم عليه السّلام (3).

و روينا عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صلاة الكسوف فريضة» (4).

و اما باقي الآيات فلها صور:
الأولى الزلزلة

تجب الصلاة أيضا للزلزلة،نصّ عليه الأصحاب (5).

ص: 200


1- سنن أبي داود 1:307 ح 1182،المستدرك على الصحيحين 1:333.
2- مسند احمد 5:53،سنن الدارمي 1:286،صحيح البخاري 1:162، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:85 ح 1656،سنن الدار قطني 1:273، السنن الكبرى 3:120.
3- الكافي 3:208 ح 7،التهذيب 3:154 ح 329.
4- التهذيب 3:290 ح 875.
5- راجع:المبسوط 1:172،المهذب 1:124،الوسيلة:112،المعتبر 2: ،مختلف الشيعة:116.

و ابن الجنيد لم يصرّح به و لكن ظاهر كلامه ذلك،حيث قال:تلزم الصلاة عند كل مخوف سماوي (1)،و كذا ابن زهرة (2)،و أمّا أبو الصلاح فلم يعرض لغير الكسوفين (3).

لنا:فتوى الأصحاب،و صحاح الأخبار،كرواية عمر بن أذينة عن رهط عن كليهما عليهما السّلام،و منهم من رواه عن أحدهما عليهما السّلام،أنّ صلاة كسوف الشمس و خسوف القمر و الرجفة و الزلزلة عشر ركعات و أربع سجدات (4).

و روى العامّة:أنّ عليا عليه السّلام صلّى في زلزلة جماعة (5).

قال الشافعي:إن صح قلت (6)به.

الثانية:الرجفة،

و قد تضمّنته الرواية (7)و صرّح به ابن أبي عقيل (8)و هو ظاهر الأصحاب أجمعين.

الثالثة:الرياح المخوفة.

و منهم من قال:الرياح العظيمة (9).و قال المرتضى:الرياح العواصف (10).و أطلق المفيد الرياح (11).

ص: 201


1- مختلف الشيعة:116.
2- راجع الغنية:500.
3- راجع:الكافي في الفقه:155.
4- التهذيب 3:155 ح 333.
5- الام 7:168،السنن الكبرى 7:168.
6- الام 7:168،السنن الكبرى 7:168.
7- تقدمت في الهامش 4.
8- مختلف الشيعة:116.
9- راجع الخلاف 1:159 المسألة 9،نهاية الإحكام 2:76،تذكرة الفقهاء 1:164.
10- جمل العلم و العمل 3:46.
11- المقنعة:35.
الرابعة:الظلمة الشديدة،

ذكره الشيخ (1)و ابن البراج (2)و ابن إدريس (3).

الخامسة:الحمرة الشديدة،

ذكرها الشيخ في الخلاف (4).

السادسة:باقي الآيات المخوفة،
اشارة

ذكره الشيخ (5)و المرتضى في ظاهر كلامه (6)و صرّح ابن أبي عقيل بجميع الآيات (7)و ابن الجنيد على ما نقلناه عنه (8)و ابن البراج (9)و ابن إدريس (10)و هو ظاهر المفيد (11).

و دليل الوجوب في جميع ما قلناه-مع فتوى المعتبرين من الأصحاب-ما رواه زرارة و محمد بن مسلم في الصحيح،قالا:قلنا لأبي جعفر عليه السّلام:هذه الرياح و الظلم التي تكون،هل يصلّى لها؟فقال:«كل أخاويف السماء،من ظلمة أو ريح أو فزع،فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن (12)و ظاهر الأمر الوجوب.

و عن علي بن الحسين عليهما الصلاة و السّلام في الكسوفين:«إنّه

ص: 202


1- المبسوط 1:172،النهاية:136.
2- المهذب 1:124،و فيه:و الرياح السود المظلمة و..
3- السرائر:71.
4- الخلاف 1:159 المسألة 9.
5- الخلاف 1:159 المسألة 9.
6- جمل العلم و العمل 3:46.
7- مختلف الشيعة:116.
8- تقدم في ص 201 الهامش 1.
9- المهذب 1:124.
10- السرائر:71.
11- المقنعة:35.
12- الكافي 3:464 ح 3،الفقيه 1:346 ح 1529،التهذيب 3:155 ح 330.

لا يفزع للآيتين و لا يرهب إلاّ من كان من شيعتنا،فإذا كان كذلك فافزعوا إلى اللّه و راجعوه» (1).

و قال ابن بابويه:إنّما يجب الفزع إلى المساجد و الصلاة،لأنّه آية تشبه آيات الساعة،و كذلك الزلازل و الرياح و الظلم هي آيات تشبه آيات الساعة،فآمر أن يتذكر القيامة عند مشاهدتها (2)بالتوبة و الإنابة و الفزع إلى المساجد التي هي بيوته في الأرض،و المستجير بها محفوظ في ذمة تعالى (3).

ثم هنا مسائل:
الاولى:و وقتها في الكسوفين منذ ابتداء الاحتراق إلى الأخذ في

الانجلاء عند المعظم (4).

و إلى تمامه عند الشيخ المحقّق،لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذلك اللّه تعالى و الصلاة حتى ينجلي».

و لأنّ كسوف البعض في الابتداء سبب في الوجوب،فكذا في الاستدامة.و روى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام:«إذا فرغت قبل أن ينجلي فأعد»،و لو خرج الوقت قبل تمام الانجلاء لم يؤمر بالإعادة وجوبا و لا استحبابا.و لأنّ وقت الخوف ممتد فيمتد وقت الصلاة لاستدفاعه (5).

للأكثر رواية حماد بن عثمان عن الصادق عليه السّلام،قال:ذكروا انكساف الشمس و ما يلقى الناس من شدته،فقال:«إذا انجلى منه شيء فقد

ص: 203


1- الفقيه 1:340 ح 1509.
2- في المصدر زيادة:و الرجوع إلى اللّه تعالى.
3- الفقيه 1:341.
4- المبسوط 1:172،النهاية:137،و المراسم:80،نهاية الإحكام 2:76.
5- المعتبر 2:330.

انجلى» (1).

قال في المعتبر:لا حجة فيه،لاحتمال ان يريد تساوي الحالين في زوال الشدة لا بيان الوقت (2).

و الفائدة في نيّة القضاء لو شرع في الانجلاء أو الأداء،و كذا في ضرب زمان التكليف الذي يسع الصلاة و في إدراك ركعة.

أما الإعادة فإنّها مشروعة-على ما يأتي ان شاء اللّه-ما لم يتم الانجلاء.

الثانية هل يشترط سعة الزلزلة للصلاة؟

وقّت الأصحاب الزلزلة بطول العمر،و صرّحوا انّه لا يشترط سعة الزلزلة للصلاة،فكانّ مجرد الوجود سبب في الوجوب.

و شك فيه الفاضل،لمنافاته القواعد الأصولية من امتناع التكليف بفعل في زمان لا يسعه.

و باقي الأخاويف عند الأصحاب يشترط فيها السعة.

و لا نرى وجها للتخصيص إلاّ قصر زمان الزلزلة غالبا،فإذا اتفق قصر زمان تلك الآيات-بل قصر زمانها أيضا غالب-احتمل الفاضل وجوب الصلاة أداء دائما كما يحتمل في الزلزلة ذلك (3).

و حكم الأصحاب بأن الزلزلة تصلى أداء طول العمر لا بمعنى التوسعة،فإن الظاهر وجوب الأمر هنا على الفور بل على معنى نيّة الأداء و ان أخلّ بالفورية لعذر أو غيره.

ص: 204


1- الفقيه 1:347 ح 1535 و فيه:ذكروا عنده انكساف القمر،التهذيب 3:321 ح 877 و فيه:ذكرنا انكساف القمر.
2- المعتبر 2:330.
3- انظر التذكرة 4:180 مسألة 484،و نهاية الإحكام 2:77.
الثالثة حكم ما لو فات المكلف صلاة أحد الكسوفين مع علمه بها

و تعمّده]

لو فات المكلف صلاة أحد الكسوفين مع علمه بها و تعمّده وجب القضاء،لاشتغال الذمة،و عموم روايات وجوب قضاء الصلوات،مثل:

قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من نام عن صلاة،أو نسيها،فليقضها إذا ذكرها» (1).

و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«من فاتته صلاة فريضة،فليقضها إذا ذكرها» (2).

الرابعة حكم ما لو فاتت نسيانا أو بنوم و شبهه بعد علمه بها

لو فاتت نسيانا أو بنوم و شبهه بعد علمه بها،وجب القضاء، لما رواه زرارة عن الباقر عليه السّلام:«إن أعلمك أحد و أنت نائم،فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل،فعليك قضاؤها» (3).و هذا يصلح دليلا خاصا على وجوب القضاء مع تعمد الترك،من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.

و لا فرق في هاتين الصورتين بين احتراق الكلّ أو البعض،لعموم الأدلّة.

و قال الشيخ في النهاية و المبسوط لا تقضى مع النسيان (4)،و تبعه ابن حمزة (5)و أراد به مع عدم الإيعاب،و كذا ابن البراج (6).

و أطلق المرتضى عدم القضاء لو احترق البعض،و وجوب القضاء لو احترق الجميع،ذكره في الجمل،قال:و قد روي وجوب ذلك على كل

ص: 205


1- مسند أحمد 3:100،سنن الدارمي 1:280،صحيح مسلم 1:471 ح 680، سنن ابن ماجة 1:228 ح 698،سنن أبي داود 1:119 ح 435،الجامع الصحيح 1:334 ح 177،سنن النسائي 1:294،مسند أبي يعلى 5:409 ح 3086، السنن الكبرى 2:218.
2- المعتبر 2:331.
3- التهذيب 3:291 ح 876،الاستبصار 1:454 ح 1760.
4- المبسوط 1:172،النهاية:136.
5- الوسيلة:112.
6- المهذب 1:124.

حال (1).و كذا فصلّ في المسائل المصرية (2).

الخامسة حكم ما لو لم يعلم بالكسوف

لو لم يعلم بالكسوف،فان كان مستوعبا وجب القضاء و إلاّ فلا،لرواية زرارة و محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال:«إذا كسفت الشمس كلها و احترقت،و لم تعلم ثم علمت بعد ذلك،فعليك القضاء.و إن لم تحترق كلها،فليس عليك قضاء» (3).و هذا أيضا دليل خاص،و تقريره ما تقدم.

فان قلت:فقد روى-في الصحيح-علي بن جعفر عن أخيه عليهما السّلام، قال:سألته عن الكسوف،هل على من تركها قضاء؟فقال:«إذا فاتتك فليس عليك قضاء» (4).

قلت لما وردت روايات مفصّلة،و كان هذا الخبر مجملا،وجب حمله على المفصّل،فيحمل على الجهل.

و ربما كان هذا حجّة الشيخ و من تبعه على عدم قضاء الناسي (5)و هو غير متعيّن له،لأن الناسي في معنى النائم،و قد دلت الرواية على وجوب قضائه (6).

تنبيه

قال المفيد رحمه اللّه إذا احترق قرص القمر كله،و لم يعلم به حتى أصبح،

ص: 206


1- جمل العلم و العمل 3:46.
2- و كذا فصّل في جوابات المسائل الموصلية الثالثة 2:223.
3- الكافي 3:465 ح 6،التهذيب 3:157 ح 339،الاستبصار 1:454 ح 1759.
4- التهذيب 3:292 ح 884،الاستبصار 1:453 ح 1756.
5- تقدم في ص 205 الهامش 4-6.
6- تقدمت في ص 205 الهامش 1.

صلاّها جماعة.و إن احترق بعضه،و لم تعلم به حتى أصبحت،صلّيت القضاء فرادى (1).

و قال علي بن بابويه:إذا انكسف الشمس أو القمر و لم تعلم فعليك أن تصليها إذا علمت به،و إن تركتها متعمّدا حتى تصبح فاغتسل و صلّها،و إن لم يحترق كلّه فاقضها و لا تغتسل (2).و كذا قال ولده في المقنع (3).

و ظاهر هؤلاء وجوب القضاء على الجاهل و إن لم يحترق جميع القرص،و لعلّه لرواية لم نقف عليها أو لأنّ مجرد الاحتراق سبب تام فلا يعذر فيه الجاهل،إلاّ أنّ رواية زرارة السالفة تدفعه (4).

و تفصيل المفيد بالجماعة و الفرادى في القضاء يأتي الكلام فيه (5).

و ابن الجنيد ذكر في سياق من تركها لنوم أو غفلة و لم يعلم به حتى انجلى إنّها تقضى،و قال:القضاء إذا احترق القرص كلّه الزم منه إذا احترق بعضه (6).

السادسة حكم ما لو فاتت بقية الصلوات للآيات عمدا أو نسيانا

لو فاتت بقية الصلوات للآيات عمدا وجب القضاء،و كذا نسيانا.و يحتمل انسحاب الخلاف فيها بطريق الأولى،للإجماع على وجوبها.

و إن جهل احتمال أيضا انسحاب الخلاف،و عدم القضاء أوجه:أمّا لعدم القضاء في الكسوف-و هو أقوى-و أمّا لامتناع تكليف الغافل.

السابعة حكم ما لو غابت الشمس أو القمر بعد الكسوف و قبل الشروع

في الانجلاء]

لو غابت الشمس أو القمر بعد الكسوف و قبل الشروع في

ص: 207


1- المقنعة:35.
2- مختلف الشيعة:116.
3- لم نلاحظه في المقنع،و حكاه عنه العلاّمة في مختلف الشيعة:116،و راجع مفتاح الكرامة 3:226.
4- الكافي 3:465 ح 6،التهذيب 3:157 ح 339،الاستبصار 1:454 ح 1759.
5- سيأتي ص 217،ضمن المسألة الثانية.
6- مختلف الشيعة:116.

الانجلاء،وجبت الصلاة أداء،و كذا لو سترها غيم أو طلعت الشمس على القمر عندنا.و يصلي أداء في الصورتين الأوليين،عملا بالاستصحاب.

و لو اتفق اخبار رصديين عدلين بمدة المكث،أمكن العود إليهما.

و لو أخبرا بالكسوف في وقت مترقب،فالأقرب أنهما و من أخبراه بمثابة العالم،و كذا لو اتفق العلم بخبر الواحد للقرائن.

النظر الثاني:في كيفية الصلاة.
اشارة

و هي ركعتان كسائر الصلوات،و تنفرد بأمور:

أحدها:ان الركوع في كل ركعة خمس مرات.

و ثانيها:وجوب تكرار الحمد و السورة خمسا إن أكمل السورة،و ان بعّض لم يجب تكرار الحمد.

و قال ابن إدريس:لا يجب تكرار الحمد مع إكمال السورة بل يستحب (1)و هو قول نادر.

و ثالثها:استحباب الجهر فيها،سواء كانت خسوفا أو كسوفا،و قد رواه العامة (2).و كذا باقي الآيات.

و رابعها:استحباب القنوت على كل قراءة ثانية.

و قيل:اقلّه على الخامسة و العاشرة،رواه ابن بابويه رحمه اللّه و قال:إنّ الخبر ورد به (3).

ص: 208


1- السرائر:72.
2- صحيح البخاري 2:49،صحيح مسلم 2:620 ح 901،سنن أبي داود 1: 309 ح 1188،الجامع الصحيح 2:452 ح 563.
3- الفقيه 1:347،الهداية:36.

و خامسها:انه لا يقول:(سمع اللّه لمن حمده)إلاّ في الرفع من الركوع الخامس و العاشر،بل يقتصر في باقي الركوعات على التكبير للانتصاب،كما يكبّر للأخذ في الركوع.

و سادسها:تساوي زمان قرائته و ركوعه و سجوده و قنوته في التطويل.

و سابعها:تطويل الصلاة بقراءة السور الطوال-مثل:الأنبياء، و الكهف-إذا علم أو ظن سعة الوقت.

و ثامنها:الإعادة لو فرغ قبل الانجلاء.

و لنشر الى المدارك:

فروى زرارة و محمد بن مسلم و غيرهما عن الباقر و الصادق عليهما السّلام:

«تبدأ فتكبّر لافتتاح الصلاة،ثم تقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع ثم ترفع رأسك فتقرأ أمّ الكتاب و سورة،ثم تركع الثالثة فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الرابعة ثم ترفع رأسك فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الخامسة،فإذا رفعت رأسك قلت:سمع اللّه لمن حمده،ثم تخرّ ساجدا سجدتين،ثم تقوم فتصنع كما صنعت في الأوّل».قلت:و إن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ففرقها بينها؟قال:«أجزأته أمّ القرآن في أول مرة،و إن قرأ خمس سورة فمع كل سورة أمّ القرآن» (1).و في أخبار كثيرة دالة على هذا التفصيل (2).

فان احتج ابن إدريس برواية عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام،قال:

«انكسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى ركعتين:قام في الأولى5.

ص: 209


1- التهذيب 3:155 ح 333.
2- راجع:الكافي 3:463 ح 3،التهذيب 3:156 ح 335.

فقرأ سورة،ثم ركع فأطال الركوع،ثم رفع رأسه فقرأ سورة،ثم ركع فأطال الركوع،ثم رفع رأسه فقرأ سورة،ثم ركع فأطال الركوع،ثم رفع رأسه فقرأ سورة،ثم ركع-فعل ذلك خمس ركعات قبل أن يسجد-ثم سجد سجدتين،ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك،فكان له عشر ركعات و اربع سجدات»و التوفيق بينها و بين باقي الروايات بالحمل على استحباب قراءة الفاتحة مع الإكمال.

فالجواب ان تلك الروايات أشهر و أكثر،و عمل الأصحاب بمضمونها،فتحمل هذه الرواية على ان الراوي ترك ذكر الحمد للعلم به، لتوافق تلك الروايات الأخر.

فروع:

لو بعّض وجب إكمال سورة في الخمس،لأنّها ركعة من صلاة واجبة.

و لو بعّض بسورتين أو ثلاث أو أربع،فالظاهر الجواز،غير انه إذا أتمّ السورة وجب ان يقرأ بعدها الحمد.

و لو قرأ السورة في القيام الأول،و بعّض بسورة أو أزيد في القيام الباقي،جاز.و الظاهر عدم وجوب إكمال السورة ثانيا هنا،لحصول مسمّى السورة في الركعة.و يحتمل ان ينحصر المجزئ في سورة واحدة أو خمس سور،لأنها ان كانت ركعة وجبت الواحدة،و ان كانت خمسا فالخمس، فيمكن استناد ذلك إلى تجويز الأمرين و ليس بين ذينك واسطة.

و لو قرأ في القيام الأول بعض السورة ثم قام الى الثاني،فالأقرب تخيّره بين ثلاثة أشياء:بين رفضها و اعادة الحمد،و بين القراءة من موضع

ص: 210

القطع،و بين القراءة من أي موضع شاء من السورة.مع احتمال منع هذا الأخير،لمخالفته المعهود.

و حينئذ لو اقتصر على شيء من هذه السورة في الخمس لم يجز،لما بيّنا من وجوب إكمال سورة.

و توقّف الفاضل في وجوب قراءة الحمد لو رفض السورة التي قرأ بعضها،من ان وجوب الحمد مشروط بإكمال السورة قبلها،و من انه في حكم الإكمال،و يجيء ذلك في العدول عن الموالاة في السورة الواحدة.

و يحتمل أمرا رابعا و هو:أن له إعادة لبعض الذي قرأه من السورة بعينه.فحينئذ،هل تجب قراءة الحمد؟يحتمل ذلك،لابتدائه بسورة.

و يحتمل عدمه،لأن قراءة بعضها مجز فقراءة جميعها أولى.هذا ان قرأ جميعها،و ان قرأ بعضها فأشدّ إشكالا.

و روى القنوت في كل ثانية زرارة و محمد بن مسلم أيضا عن الإمامين عليهما السّلام (1).

و روي تطويل الركوع و السجود عن الباقر عليه السّلام (2).

و روى تطويل القنوت بقدر الركوع و السجود زرارة و محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام (3).

و روى الشيخ في الخلاف عن علي عليه السّلام انه جهر في الكسوف،قال الشيخ:و عليه إجماع الفرقة (4).6.

ص: 211


1- التهذيب 3:155 ح 333.
2- الكافي 3:463 ح 2،التهذيب 3:156 ح 335.
3- الكافي 3:463 ح 2،التهذيب 3:156 ح 335،عن الامام الباقر عليه السّلام.
4- الخلاف 1:159 المسألة 6.

و روى التكبير في كل رفع من الركوع غير الخامس و العاشر محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام (1).

و روى أيضا التسميع في الخامس و العاشر (2).

و روى تطويل الصلاة عمار عنه عليه السّلام قال:«إذا صليت الكسوف فإلى أن يذهب الكسوف عن الشمس و القمر،و تطوّل في صلاتك،فان ذلك أفضل» (3).

و روى العامة ذلك عن النبي صلّى اللّه عليه و آله،ففي الصحاح:(خسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلي،فأطال القيام جدا، ثم ركع و أطال الركوع جدا،ثم رفع رأسه و أطال القيام جدا و هو دون القيام الأول،ثم ركع فأطال الركوع جدا،و هو دون الركوع الأول،ثم سجد.ثم قام فأطال القيام و هو دون القيام الأول،ثم ركع و أطال الركوع و هو دون الركوع الأول،ثم رفع رأسه فقام فأطال القيام و هو دون القيام الأول،ثم ركع فأطال الركوع و هو دون الركوع الأول،إلى قوله:ثم انصرف و قد تجلت الشمس) (4).

و عن جابر قال:انكسفت الشمس في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم مات إبراهيم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.فقال الناس:إنما انكسفت لموت إبراهيم.

فقام النبي صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بالناس،فكبّر،فأطال القراءة،ثم ركع نحوا مما قام،ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ دون القراءة الاولى،ثم ركع نحوا مما8.

ص: 212


1- راجع الهامش 3،المتقدم.
2- راجع الهامش 3،المتقدم.
3- التهذيب 3:291 ح 876.
4- صحيح مسلم 2:618 ح 901،سنن النسائي 3:152،السنن الكبرى 3: 338.

قام،الى قوله:ثم انصرف و قد أضاءت الشمس.فقال:«يا ايها الناس.انما الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه تعالى لا تنكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلّوا حتى تنجلي» (1).

و روى الأصحاب عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن الصادق عليه السّلام عن آبائه قال:«انكسفت الشمس في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فصلى بالناس ركعتين،و طوّل حتى غشي على بعض القوم ممن كان وراءه من طول القيام» (2).

و روى أبو بصير قال:سألته عن صلاة الكسوف،فقال:«عشر ركعات و اربع سجدات،تقرأ في كل ركعة مثل يس و النور،و يكون ركوعك مثل قراءتك،و سجودك مثل ركوعك».قلت:فمن لم يحسن يس و أشباهها؟ قال:«فليقرأ ستين آية في كل ركعة» (3).و ذكر الأصحاب الأنبياء و الكهف (4).

و اما الإعادة،فاختلف الأصحاب فيها على أقوال ثلاثة:

انها واجبة،و هو ظاهر المرتضى (5)و أبي الصلاح (6)و سلار (7)و هؤلاء كالمصرحين بان آخر وقتها تمام الانجلاء كما ذهب إليه المحقق (8).0.

ص: 213


1- صحيح مسلم 2:623 ح 904،سنن أبي داود 1:306 ح 1178،السنن الكبرى 3:325.
2- التهذيب 3:293 ح 885.
3- التهذيب 3:294 ح 890.
4- راجع:المقنعة:35،المبسوط 1:173،المهذب 1:124،الوسيلة:112.
5- جمل العلم و العمل 3:46.
6- الكافي في الفقه:156.
7- المراسم:28.
8- المعتبر 2:330.

و بقولهم تشهد رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا فرغت قبل ان ينجلي فأعد» (1).فإن ظاهر الأمر الوجوب.و لأن العلّة في الصلاة الواجبة دائم فيدوم المعلول.

و ذهب معظم الأصحاب إلى استحباب الإعادة (2)لقضية الأصل النافية للوجوب،و عدم اقتضاء الأمر التكرار،و صدق الامتثال،و للجمع بين هذه الرواية و صحيحة محمد بن مسلم و زرارة عن الباقر عليه السّلام:«فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعد و ادع اللّه حتى ينجلي» (3)فإن هذا صريح في جواز ترك الصلاة،فيحمل الأول على الندب حتى تتوافق الأخبار.

فإن قلت قوله:«فاقعد و ادع»صيغتا أمر،و أقل أحوال الأمر الاستحباب،و استحباب الصلاة ينافي استحباب غيرها مما ينافيها،فلا يتحقق الجمع بين الخبرين.

قلت:قد يكون الأمر للإباحة،كقوله تعالى وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا (4)إلاّ انه يبعد حمله هنا على الإباحة،لأن الدعاء لا يكون إلاّ راجع الفعل،بل الحق انه للاستحباب،و لا ينافي استحباب الصلاة،فإن الاستحباب يدخل فيه التخيير كما يدخل في الواجب،فكأنّه مخيّر بين الصلاة و بين الدعاء،و أيّهما فعل كان مستحبا.

فائدة:

قوله:«حتى ينجلي»يمكن كون«حتى»فيه لانتهاء الغاية،فلا دلالة2.

ص: 214


1- التهذيب 3:156 ح 334.
2- راجع:المبسوط 1:173،المهذب 1:125،الوسيلة:112.
3- الكافي 3:463 ح 2،التهذيب 3:156 ح 335.
4- سورة المائدة:2.

فيها على التعليل.و يمكن ان تكون تعليلية بمعنى:كي،كما تشعر به أخبار كثيرة (1)،فيكون الدعاء سببا في الانجلاء،و لهذا قال الفقهاء المطلوب بالصلاة.ردّ النور الى الشمس و القمر (2).و يحتج بهذا على شرعية الإعادة و تكريرها،ليحصل الغرض من الصلاة.

و ذهب ابن إدريس الى ان الإعادة غير واجبة و لا مستحبة (3)و لا نرى له مأخذا مع مخالفته فتاوى الأصحاب و الاخبار.وهب ان الاخبار من باب الآحاد أ ليس ان الأصحاب مطبقون قبله على شرعية الإعادة،و الأحكام الشرعية تثبت بمثل هذا عنده و عند غيره.

و المعتمد الاستحباب.و قول المرتضى و من تبعه (4)يمكن حمله عليه أيضا،فتصير المسألة متفقا عليها.

و قد روى عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فضيلة تطويل الصلاة،ثم قال:

«و ان أحببت ان تصلي،فتفرغ من صلاتك قبل ان يذهب الكسوف،فهو جائز» (5)و هذا الحديث ينفي وجوب الإعادة صريحا.

لا يقال:نحن نقول بموجبه،فان المراد جواز الفراغ من صلاة واحدة قبل انجلائه،و لا يلزم منه عدم وجوب أخرى.

لأنا نقول:أمره بتطويل الصلاة الى ان يذهب الكسوف عن الشمس6.

ص: 215


1- لعله أراد إشعار الأمر بالفزع و المبادرة إلى المساجد،الموجود في:التهذيب 3: 293 ح 887 و الفقيه 1:340 ح 1509 و 341 ح 1510.و في الفقيه 1:342 ح 1513:«ليصرف عنهم شرها»فلعل المراد صرف الشر بالانجلاء،فتأمل.
2- راجع:المعتبر 2:332،تذكرة الفقهاء 1:164.
3- السرائر:72.
4- تقدم في ص 213 الهامش 5-7.
5- التهذيب 3:291 ح 876.

و القمر،ثم أردفه بقوله:«و ان أحببت»إلى آخره،فكما ان الاولى لا تكرار فيها فكذا الثانية.و لان المفهوم من صلاته التي خوطب بها،فلو كان وراءها صلاة مخاطب بها لزم تأخر البيان عن وقت الحاجة و انه باطل،و قد تقرر في الأصول.

لا يقال:هذا يصلح حجّة لابن إدريس،لأنّه قسّم الحال إلى قسمين:

تطويل الصلاة بحيث تطابق الانجلاء،و عدم تطويلها.و لم يذكر الإعادة، فلو كانت مستحبة لم تكن القسمة حاصرة.

لأنا نقول:حكم بالجواز على قسم الفراغ قبل الانجلاء و لا نزاع فيه و جعله مقابل التطويل المستحب،فكأنّ غرض السائل كان منحصرا في هذين الشيئين و ذلك لا ينافي استحباب الإعادة بدليل أخر و انما يتوجه طلب القسمة الحاصرة أن لو أريد حصر جميع الأقسام الممكنة و هنا اقتصر على القسمين بحسب المقام.

مسائل
الأولى:يستحب ان تصلّى تحت السماء،

رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«و إن استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا تحت (1)بيت فافعل» (2).

و لو صليت في المسجد صليت في رحبته المكشوفة.و هل هي الفضل من الصحراء؟الظاهر نعم،تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله،فإنّه صلاها في

ص: 216


1- في المصدرين:«يجنك»اي:يسترك،الصحاح-مادة جنن.
2- الكافي 3:463 ح 2،التهذيب 3:156 ح 335.

مسجده (1).و روى يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انه خرج مع أبيه إلى المسجد الحرام فصليا فيه لخسوف القمر» (2).

و لعلّ رجحان البروز لعلم حال الانجلاء به.

الثانية:يستحب فيها الجماعة،

سواء كانت كسوفا أو خسوفا أو غيرها،لما روى الخاصة و العامة ان النبي صلّى اللّه عليه و آله صلاّها في جماعة (3).

و تتأكد الجماعة إذا أوعب الاحتراق،لما رواه ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام،قال:«إذا انكسفت الشمس و القمر،فإنه ينبغي للناس ان يفزعوا الى امام يصلي بهم،و أيهما كسف بعضه فإنه يجزئ الرجل ان يصلي وحده» (4).

و قال الصدوقان:إذا احترق القرص كله فصلّها في جماعة،و ان احترق بعضه فصلها فرادى (5).

فإن أرادا نفي تأكد الاستحباب مع احتراق البعض فمرحبا بالوفاق، و ان أرادا نفي استحباب الجماعة و ترجيح الفرادى طولبا بالدليل.و هذه الرواية غير ناهضة به،فإنها انما تدل على أجزاء صلاته وحده لا على استحبابها،بل ظاهرها ان الجماعة أفضل من الانفراد-و ان كانت دون الجماعة في الفضل-إذا عمّ الاحتراق.

و ليست الجماعة شرطا في صحتها عندنا و عند الأكثر.و خالف فيه بعض

ص: 217


1- سنن أبي داود 1:307 ح 1180،سنن النسائي 3:128.
2- التهذيب 3:292 ح 880،الاستبصار 1:453 ح 1754.
3- التهذيب 3:293 ح 885،سنن أبي داود 1:309 ح 1187،سنن النسائي 3: 128.
4- التهذيب 3:292 ح 881.
5- المقنع:44،مختلف الشيعة:118.

العامة،حيث قال:لا تصلّى إلاّ في الجماعة (1).و قد روى الأصحاب عن روح بن عبد الرحيم عن الصادق عليه السّلام و سأله عن صلاة الكسوف،أ تصلّى جماعة؟قال:جماعة و فرادى (2).

الثالثة:لا منع من هذه الصلاة في الأوقات الخمسة

التي تكره فيها الصلاة المبتدأة نافلة،لأنّها فرض ذو سبب.و قد روى محمد بن حمران و جميل عن الصادق عليه السّلام فعل ها عند طلوع الشمس و غروبها (3).

النظر الثالث (4):في اللواحق.
اشارة

النظر الثالث(4):في اللواحق. و فيه مسائل:

الاولى:لا خطبة لهذه الصلاة وجوبا و لا استحبابا،

للأصل،و لعدم ذكرها في أكثر الاخبار.

و روايتهم عن عائشة:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله لما فرغ منها خطب الناس، فحمد اللّه تعالى و اثنى عليه ثم قال:«إنّ الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه تعالى،و انّهما لا ينخسفان لموت أحد و لا لحياته،فإذا رأيتموهما فكبّروا و ادعوا و صلّوا و تصدقوا.يا امّة محمد إن ما من أحد أغير من اللّه ان يزني عبده أو تزني أمته.يا امّة محمد لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا و لضحكتم قليلا.ألاّ هل بلّغت» (5)حكاية حال و هي و لا تعم،و لعل ذلك

ص: 218


1- قال الثوري و محمد بن الحسن،راجع:المغني 2:274،حلية العلماء 2: 270،الشرح الكبير 2:274.
2- التهذيب 3:292 ح 882.
3- رواية محمد في التهذيب 3:155 ح 331.و رواية جميل في الكافي 3:464 ح 4.
4- في النسخ:الرابع.و لعله سهو لعدم ذكر الثالث فيما تقدم.
5- صحيح مسلم 2:618 ح 901،سنن النسائي 3:132،الإحسان بترتيب صحيح ابن حيان 4:220 ح 2834،السنن الكبرى 3:322.

الكسوف كان مقرونا بما اقتضى هذه الخطبة،لأنه قد روى في الصحيح انها كسفت يوم مات إبراهيم ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-كما سلف (1)-فقال ذلك ليزيل و همهم.

و في رواية جابر-في صحاحهم أيضا-انه قال صلّى اللّه عليه و آله:«انه عرض عليّ كل شيء تولجونه،فعرضت عليّ الجنة حتى لو تناولت منها قطفا أخذته،أو قد (2)تناولت منها قطفا فقصرت يدي عنه،و عرضت عليّ النار فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذّب في هرّة لها ربطتها فلم تطعمها و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض،و رأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار،و انهم كانوا يقولون:ان الشمس و القمر لا يخسفان إلاّ لموت عظيم،و انهما آيتان من آيات اللّه يريكموهما،فإذا خسفا فصلّوا حتى ينجلي» (3)و في هذا دليل على إزاحة ما كانوا يعتقدونه من الجهالة و حكاية ما رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله من المبشرات و المنذرات فلا يكون ذلك شرعا عاما.

و القطف:العنقود من العنب-بكسر القاف-و هو اسم لما قطف، كالذبح و الطحن.و خشاش الأرض:هو أمّها،يقال بكسر الخاء و قد تفتح.

و القصب:المعى،بضم القاف و سكون الصاد المهملة،و جمعه:اقصاب.

الثانية هل تصلّى هذه الصلاة على الراحلة؟

لا تجوز ان تصلّى هذه الصلاة على الراحلة إلاّ مع الضرورة كسائر الفرائض.

ص: 219


1- تقدم في ص 212-213 الهامش 1.
2- في المصدرين:قال.
3- صحيح مسلم 2:622 ح 904،كنز العمال 8:424 ح 23511 عن ابن جرير.

و قد روى عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام:أنّه لا يصلّى على الراحلة شيء من الفروض (1).

و روى علي بن فضل الواسطي،قال:كتب إلى الرضا عليه السّلام:إذا انكسفت الشمس و القمر و أنا راكب لا أقدر على النزول،فكتب:صلّ على مركبك الذي أنت عليه» (2).

و قال ابن الجنيد:هي واجبة على كل مخاطب،سواء كان على الأرض أو راكب سفينة أو دابة،و يستحب أن يصليها على الأرض و إلاّ فبحسب حاله (3).و ربما احتجّ له بجواب المكاتبة.فإنّه لم يقيّد فيه بالضرورة،و هو ضعيف،لأنّ الجواب مقيّد بالسؤال.

الثالثة حكم ما لو تبين في أثناء صلاة الكسوف ضيق وقت

الحاضرة]

لو شرع في صلاة الكسوف،فتبين في الأثناء ضيق وقت الحاضرة،قطعها و صلّى الحاضرة،ثم صلّى الكسوف من أولها.

و في النهاية:إن بدأ بصلاة الكسوف و دخل عليه وقت فريضة، قطعها و صلّى الفريضة،ثم رجع فتمّم صلاته (4).و هو قول المفيد (5)و المرتضى في المصباح (6)و ابني بابويه (7)و ابن البراج (8)و ابن حمزة (9).

ص: 220


1- التهذيب 3:308 ح 954.
2- قرب الأسناد:174،الكافي 3:465 ح 7،الفقيه 1:346 ح 1531،التهذيب 3:391 ح 878.
3- مختلف الشيعة:118.
4- النهاية:137.
5- حكاه عنه المحقق في المعتبر 2:341.
6- حكاه عنه المحقق في المعتبر 2:341.
7- الفقيه 1:347،المقنع:44،مختلف الشيعة:118.
8- المهذب 1:125.
9- في الوسيلة:112 لم يذكر البناء،و لعل ذكر ذلك في كتابه الآخر«الواسطة».

و في المبسوط:إذا دخل في صلاة الكسوف فدخل عليه الوقت، قطع صلاة الكسوف ثم صلّى الفرض،ثم استأنف صلاة الكسوف (1).فقد وافق في قطعها بالدخول كلام الجماعة،و خالف في البناء حيث أوجب الاستئناف.

و المسألة مبنيّة على وجوب تقديم الحاضرة على الكسوف لو اجتمعا و اتسع الوقتان.و هو قول ابني بابويه (2)و الشيخ-في الجمل و النهاية (3)- و اتباعه (4).

و قال السيد المرتضى و ابن أبي عقيل:يصلّي الكسوف ما لم يخش فوت الحاضرة،بأن يبتدأ بالحاضرة ثم يعود إلى صلاة الكسوف (5).

و في المبسوط احتاط بمذهب النهاية بعد قوله بجواز فعل صلاة الكسوف أول وقت الحاضرة (6)و الفاضلان على هذا (7)و هو قول ابن الجنيد (8).

و لا خلاف أنّ الحاضرة أولى مع خوف فوت وقتها.و الظاهر أنّه لو7.

ص: 221


1- المبسوط 1:172.
2- الفقيه 1:347،المقنع:44،مختلف الشيعة:118.
3- النهاية:137،الجمل و العقود:175،ضمن الرسائل العشر للشيخ الطوسي.
4- راجع:المهذب 1:125.
5- جمل العلم و العمل 3:45،مختلف الشيعة:117.
6- المبسوط 1:172.
7- شرائع الإسلام 1:104،المعتبر 2:340،المختلف:117.
8- مختلف الشيعة:117.

خاف فوت الكسوف،مع علمه باتساع وقت الحاضرة،قدّم الكسوف عند هؤلاء.و لو تضيّقا قدّم الحاضرة أيضا.

و نقل في المعتبر أنّ أكثر الأصحاب على التخيير مع اتساع الوقتين، و عن أبي الصلاح ذلك أيضا (1)و نقل عنه الفاضل موافقة النهاية (2)و عبارته هذه:فإن دخل وقت فريضة من الخمس و هو فيها فليتمها ثم يصلي الفرض،فإن خاف من إتمامها فوات الفرض قطعها و دخل فيه،فإذا فرغ منه بنى على ما مضى من صلاة الكسوف (3).

و رواية معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام:«خمس صلوات لا تترك على (4)حال:إذا طفت بالبيت،و إذا أردت أن تحرم،و إذا نسيت فصلّ إذا ذكرت،و صلاة الكسوف،و الجنازة» (5)تدل على التخيير بظاهرها.

و روى محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء،فإن صلينا خشينا أن تفوت الفريضة،قال:«إذا خشيت ذلك،فاقطع صلاتك و اقض فريضتك،ثم عد فيها» (6).

و روى أبو أيوب عنه عليه السّلام،و سأله عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب2.

ص: 222


1- المعتبر 2:340.
2- مختلف الشيعة:118 و نقل فيه موافقة أبي الصلاح لاختياره،و راجع مفتاح الكرامة 3:233.
3- الكافي في الفقه:156.
4- في ط و المصدرين زيادة:«كل».
5- الكافي 3:287 ح 2،التهذيب 2:172 ح 683.
6- التهذيب 3:155 ح 332.

الشمس و يخشى فوت الفريضة،فقال:«اقطعوها و صلّوا الفريضة،و عودوا إلى صلاتكم» (1).

و لعلّ الجماعة يتمسّكون بهاتين الروايتين على التقديم مع السعة، و على القطع مع دخول الوقت و البناء،و هما صحيحتان إلاّ أنّ دلالتهما على ذلك غير صريحة.نعم،روى الصدوق عن محمد بن مسلم و بريد عن الباقر عليه السّلام:«فإذا فرغت من الفريضة،فارجع إلى حيث كنت قطعت فصل و احتسب بما مضى» (2)و زيادة الثقة مقبولة.

و على كل حال فالمعتمد التخيير مع السعة،و ما قدمناه أولا لو فجأه الضيق،لأنّ البناء بعد تخلل صلاة أجنبية لم يعهد في الشارع تجويزه في غير هذا الموضع.و الاعتذار بأنّ الفعل الكثير يغتفر هنا،لعدم منافاته الصلاة،بعيد،فإنّا لم نبطلها بالفعل الكثير بل بحكم الشرع بالإبطال و الشروع في الحاضرة،فإذا فرغ منها فقد أتى بما يخل بنظم صلاة الكسوف،فيجب إعادتها من رأس،تحصيلا ليقين البراءة.

الرابعة:لو اجتمعت مع صلاة الليل قدّمها على النافلة،

لأنّ مراعاة الفرض أولى من النفل،سواء خاف فوت النافلة أو لا،و سواء اتسع الوقتان أو اتسع وقت الكسوف.

و قد روى محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام،قلت:إذا كان الكسوف آخر الليل،فبأيهما نبدأ؟فقال:«صلّ صلاة الكسوف،و اقض صلاة الليل

ص: 223


1- التهذيب 3:293 ح 888.
2- الفقيه 1:346 ح 1530 عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام.

حين تصبح» (1).

فروع:

الأول: لو كانت صلاة الليل منذورة،فكالفريضة الحاضرة في التفصيل السالف.و هل ينسحب فيها قول البناء،و كذا في كل صلاة منذورة تزاحم صلاة الكسوف؟الظاهر لا،اقتصارا على مورد النص،مع المخالفة للأصل.

الثاني: لو جامعت صلاة الاستسقاء أو غيرها من النوافل،قدّمت الكسوف،لمثل ما قلناه في صلاة الليل.

الثالث: لو اشتغل بالصلاة الواجبة عند خوف ضيق الوقت ففاتته الكسوف،فان كان قد فرّط في فعل الحاضرة أول الوقت فالأقرب قضاء الكسوف،لاستناد إهمالها الى ما تقدم من تقصيره.و يحتمل عدمه،لأن التأخير كان مباحا الى ذلك الوقت،ثم تعيّن عليه الفعل بسبب التضيق و اقتضى ذلك الفوات،فهو بالنظر الى هذه الحال غير متمكن من فعل الكسوف،فلا يجب الأداء لعدم التمكن،و لا القضاء لعدم الاستقرار.

اما لو كان ترك الحاضرة لعذر-كالحيض،و الإغماء،و الصبي، و الجنون-فعدم قضاء الكسوف أظهر،لعدم التفريط هنا.

و في إجراء الناسي،و الكافر يسلم عند تضيق الوقت،مجرى المعذور،عندي تردد،لان التحفظ من النسيان ممكن غالبا،و الكافر مأخوذ بالإسلام و مخاطب بالصلاة،و من عموم:«رفع عن أمتي الخطأ2.

ص: 224


1- التهذيب 3:155 ح 332.

و النسيان» (1)،و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«الإسلام يجب ما قبله» (2).

و لو قيل بقضاء الكسوف مطلقا كان وجها،لوجود سبب الوجوب فلا ينافيه العارض.

أمّا الحائض فلا تقضي الكسوف الحاصل في أيام الحيض،لأنّ الحيض مانع للسبب،بخلاف بقية الاعذار،فإنّه يمكن كونها مانعة الحكم لا السبب.

الرابع: لو جامعت صلاة العيد،بأن تجب بسبب الآيات المطلقة أو بالكسوفين-نظرا إلى قدرة اللّه تعالى-و إن لم يكن معتادا.على أنّه قد اشتهر أنّ الشمس كسفت يوم عاشوراء لما قتل الحسين عليه السّلام كسفة بدت الكواكب نصف النهار فيها،رواه البيهقي (3)و غيره (4).و قد قدّمناه ان الشمس كسفت يوم مات إبراهيم ابن النبي صلّى اللّه عليه و آله (5)،و روى الزبير بن بكار في كتاب الأنساب أنّه توفي في العاشر من شهر ربيع الأول (6).و روى الأصحاب أنّ من علامات المهدي كسوف الشمس في النصف الأول من شهر رمضان (7).

فحينئذ إذا اجتمع الكسوف و العيد،فإن كانت صلاة العيد نافلة قدم الكسوف،و إن كانت فريضة فكما مرّ من التفصيل في الفرائض.نعم،تقدّم0.

ص: 225


1- الفقيه 1:36 ح 132،تحف العقول:35،دعائم الإسلام 1:232،الخصال:417. ح 9.
2- مسند أحمد 4:199 و 204 و 205،فردوس الأخبار 1:118 ح 400.
3- السنن الكبرى 3:337.
4- رواه الطبراني كما في مجمع الزوائد 9:197،و الكنجي في كفاية الطالب: 444،و الخوارزمي في مقتل الحسين 2:89.
5- تقدّم في ص 212-213 الهامش 1.
6- حكاه عنه البيهقي في سننه 3:337.
7- الكافي 8:212،الإرشاد للمفيد:359،و الغيبة للطوسي:270.

على خطبة العيدين إن قلنا باستحبابهما كما هو المشهور.

الخامس: لا يتصور في الزلزلة التضيق عند من قال بوجوبها أداء طول العمر (1)،فتقدّم عليها الحاضرة مع تضيقها،و يتخيّر مع السعة.و كذا باقي الآيات إن قلنا بمساواتها الزلزلة.

و في انسحاب خلاف الجماعة فيها نظر،من عدم دلالة الرواية عليه، و من أنّ اهتمام الشارع بالحاضرة أشدّ و وجوبها ألزم.

السادس: لو اجتمعت آيتان فصاعدا في وقت واحد-كالكسوف، و الزلزلة،و الريح المظلمة-فإن اتسع الوقت للجميع تخيّر في التقديم.

و يمكن وجوب تقديم الكسوف على الآيات-لشك بعض الأصحاب في وجوبها (2)-و تقديم الزلزلة على الباقي لأنّ دليل وجوبها أقوى.

و لو اتسع لصلاتين فصاعدا،و كانت الصلوات أكثر مما يتسع له،احتمل قويا هنا تقديم الكسوف،ثم الزلزلة،ثم يتخيّر في باقي الآيات.و لا يقضي ما لا (3)يتسع له،إلاّ على احتمال عدم اشتراط سعة الوقت للصلاة في الآيات.

و لو وسع واحدة لا غير،فالأقرب تقديم الكسوف،للإجماع عليه.

و في وجوب صلاة الزلزلة هنا أداء أو قضاء وجهان.و على قول الأصحاب -بأنّ اتساع الوقت لها ليس بشرط-يصليها من بعد قطعا،و كذا الكلام في باقي الآيات.

السابع: هل يشترط في وجوب صلاة الكسوف اتساع الوقتم.

ص: 226


1- راجع:المبسوط 1:172،النهاية:136،شرائع الإسلام 1:103،قواعد الاحكام:39.
2- حكاه في شرائع الإسلام 1:103،و لم يتعرض لغير صلاة الخسوف و الكسوف أبو الصلاح في الكافي:155.
3- في المتن من س،و الباقي:ما لم.

لجميعها،أم يكفي ركعة بسجدتيها،أم يكفي مسمّى الركوع لأنّه يسمى ركعة لغة و شرعا في هذه الصلاة،أم لا؟احتمالات:

من تغليب السبب فلا يشترط شيء من ذلك فتكون كالزلزلة،إلاّ أنّ هذا الاحتمال مرفوض بين الأصحاب.

و من إجرائها مجرى اليومية،فتعتبر الركعة.

و من خروج اليومية بالنص،فلا يتعدّى إلى غيرها.

الثامن: لو اشتغل بالكسوف لظنّه سعة الحاضرة،فتبين ضيق وقتهما، ففي تقديم أيهما وجهان للفاضل،من سبق انعقاد الكسوف فيتمها للنهي عن إبطال العمل،و من أهمية الحاضرة (1).و يقوى الاشكال لو كان إذا أتمّ الكسوف أدرك من الحاضرة ركعة،لأنّ فيه جمعا بين الصلاتين أداء،و من أنّ فيه تركا لبعض الحاضرة في الوقت مع القدرة عليه.

التاسع: لو ضاق وقت الوقوف بعرفة أو المشعر،و لم يبق للمكلف إلاّ قدر يسع الوصول إليهما و أقل الكون فيهما،ففجئت صلاة الآيات،فالأقرب فعلها ماشيا،تحصيلا للواجبين إذا خاف سبق وقتها.نعم،لو كانت زلزلة أخّرها،لعدم التوقيت.

العاشر: لو اتفقت الآية في اليوم الثامن من ذي الحجة،و خاف الامام أن تفوته صلاة الظهر بمنى،قدّم صلاة الآية،لوجوبها و استحباب تأخر الصلاة.

المسألة الخامسة:يستحب إطالة صلاة كسوف الشمس على صلاة

خسوف القمر،

و قد رواه الأصحاب عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام (2).

و هل ينسحب إلى باقي الآيات حتى يكون الكسوفان أطول منها؟لم نقف فيه على نص.

ص: 227


1- تذكرة الفقهاء 1:165.
2- الكافي 3:463 ح 2،التهذيب 3:156 ح 335.

و قال ابن بابويه:انكسفت الشمس على عهد أمير المؤمنين عليه السّلام فصلّى بهم،حتى كان الرجل ينظر الى الرجل و قد ابتل قدمه من عرقه (1).

قال:و سأل الصادق عليه السّلام عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الريح و الظلمة في السماء و الكسوف،فقال الصادق عليه السّلام:«صلاتها سواء» (2).

السادسة حكم ما لو كسفت بعض الكواكب أو كسف الشمس بعض

الكواكب]

لو كسف بعض الكواكب،أو كسفت الشمس ببعض الكواكب-كما نقل انّ الزهرة رؤيت في جرم الشمس كاسفة لها-فظاهر الخبر السالف في الآيات يقتضي الوجوب (3)لأنّها من الأخاويف.و قوّى الفاضل عدمه،لعدم النص،و أصالة البراءة،و منع كون ذلك مخوفا،فان المراد بالمخوف ما خافه العامة غالبا.و هم لا يشعرون بذلك (4).

السابعة هل تجب الصلاة على المسافر؟

ليس المقام شرطا في وجوب صلاة الكسوف و باقي الآيات، فتجب على المسافر كما تجب على الحاضر،لعموم الأمر.

و كذا تجب على النساء كما تجب على الرجال،غير انه يستحب لذوات الهيئات الصلاة في منازلهن خوف افتتانهنّ أو الفتنة بهنّ،اما غيرهنّ فيستحب لهنّ الجماعة و لو مع الرجال.و لو اتفق الجمع بين صلاة ذوي الهيئات جماعة،و بين ملازمتهن المنزل،كان حسنا.

الثامنة:لو أدرك المأموم الإمام في الركوع الأول تابعه.

و لو أدركه في باقي الركوعات،ففي شرعية الدخول معه وجهان:

أحدهما:نعم،لعموم: «وَ ارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ» و الحث على

ص: 228


1- الفقيه 1:341 ح 1511.
2- الفقيه 1:341 ح 1512.
3- سلف في ص 202 هامش 12.
4- تذكرة الفقهاء 1:166،نهاية الإحكام 2:76.

الجماعة.

و الآخر:لا،لعدم النص على مثله.

فإن قلنا بالمتابعة،فالأصح عدم سلامة الاقتداء،لاستلزامه محذورين:

أمّا التخلف عن الإمام،أو تحمّل الامام الركوع،لأنّه إن أتى بما بقي عليه و لما يسجد مع الامام لزم المحذور الأول،و إن رفض الركوعات و سجد لسجود الامام لزم الثاني.

فإن قيل:لم لا ينتظره حتى يقوم إلى الثانية،فإذا انتهى إلى الخامس من عدد المأموم سجد،ثم قام فاقتدى به في باقي الركوعات،فإذا سجد الامام انفرد و أتى بما بقي عليه؟ قلنا:في هذا عدم الاقتداء،و قد قال صلّى اللّه عليه و آله:«إنّما جعل الإمام إماما ليؤتم به،فإذا ركع فاركعوا»الحديث (1).

فان قيل:لم لا يأتي المأموم بما بقي عليه ثم يسجد،ثم يلحق الامام فيما بقي من الركعات،و ليس في هذا إلاّ تخلّف عن الامام لعارض،و هو غير قادح في الاقتداء لما سيأتي إن شاء اللّه؟ قلنا:من قال:إنّ التخلّف عن الامام يقدح فيه فوات ركن،فعلى مذهبه لا يتمّ هذا،و من اغتفر ذلك فإنّما يكون عند الضرورة-كالمزاحمة-و لا ضرورة هنا.

فحينئذ يستأنف المأموم النيّة بعد سجود الامام،و تكون تلك المتابعة».

ص: 229


1- المصنف لعبد الرزاق 2:461 ح 4082،مسند أحمد 2:314،صحيح البخاري 1: 175،صحيح مسلم 1:308 ح 411،سنن ابن ماجة 1:276 ح 846،سنن أبي داود 1:164 ح 603،سنن النسائي 2:83،مسند أبي يعلى 10:315 ح 5909، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:271 ح 2104،و لم ترد في الجميع كلمة«إماما».

لتحصيل الثواب،كما يتابع في اليومية في السجود المجرد عن الركوع،و ظاهر المعتبر أنّه يتابعه في السجود أيضا،فإذا قام إلى الثانية استأنف النية (1).

فرع:

هذا إنّما يكون مشروعا لو ظن المأموم سعة الوقت،أمّا لو ظن الضيق أو تساوى الاحتمالان لم يدخل معه،لأنّه معرّض لخروج الوقت قبل فعل الواجب عليه.

و لو قلنا بالإدراك على هذا الوجه فله الائتمام.

فائدة:

ذكر الصدوق في العلل عن الفضل بن شاذان،عن الرضا عليه السّلام،قال:

«إنّما جعلت للكسوف صلاة لأنّه من آيات اللّه تعالى،لا يدرى أ للرحمة ظهرت أم للعذاب،فأحبّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أن تفزع أمته إلى خالقها و راحمها،ليصرف عنهم سوءها و يقيهم مكروهها،كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا إلى اللّه تعالى» (2).

و سأل سليمان الديلمي الصادق عليه السّلام عن سبب الزلزلة،قال:«ان اللّه تعالى و كلّ بعروق الأرض ملكا،فإذا أراد اللّه أن يزلزل أرضا أوحى إلى ذلك الملك:ان حرّك عرق كذا و كذا،فيحرك ذلك العرق فيتحرك بأهلها» (3).

و روي أن علي بن مهزيار كتب إلى أبي جعفر عليه السّلام يشكو كثرة الزلازل7.

ص: 230


1- المعتبر 2:336.
2- علل الشرائع:269،و أيضا عيون اخبار الرضا 2:115،الفقيه 1:342 ح 1513.
3- علل الشرائع:556،و يوجد أيضا في الفقيه 1:243 ح 1517.

في الأهواز،و انه يريد التحول عنها،فكتب:«لا تتحول عنها،و صوموا الأربعاء.

و الخميس و الجمعة،و اغتسلوا و طهروا ثيابكم،و ابرزوا يوم الجمعة و ادعوا اللّه فإنه يرفع عنكم».قال:ففعلنا فسكنت (1).

و روى ابن يقطين قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من اصابته زلزلة فليقرأ:

يا من يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا الآية صلّ على محمّد و آل محمد،و أمسك عنا السوء انك على كل شيء قدير».و قال:«ان من قرأها عند النوم لم يسقط عليه البيت إن شاء اللّه تعالى» (2).

و عن الصادق عليه السّلام:«أنّ الصاعقة تصيب المؤمن و الكافر و لا تصيب ذاكرا» (3).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:«التكبير يردّ الريح» (4).

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لا تسبّوا الريح فإنّها مأمورة،و لا الجبال،و لا الساعات،و لا الأيام و الليالي،فتأثموا و يرجع عليكم» (5).3.

ص: 231


1- علل الشرائع:555،و يوجد أيضا في الفقيه 1:343 ح 1518،التهذيب 3:294. ح 891،و في الجميع:«لا تتحولوا».
2- التهذيب 3:294 ح 892. و الآية الكريمة في سورة فاطر:41.
3- الفقيه 1:344 ح 1519.
4- الفقيه 1:344 ح 1521.
5- علل الشرائع:577،الفقيه 1:344 ح 1523.

ص: 232

الفصل الرابع

في صلاة النذر و شبهه من العهد و اليمين

و هي تابعة لشرط الملتزم بأحدها،فيجب الوفاء به إذا كان مشروعا، لقوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1)، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (2).

و يشترط جميع شرائط اليومية من الطهارة و القبلة و الستر و المكان، و يراعى جميع أركانها و واجباتها.

فلو نذر مشترطا الإخلال ببعض ما هو شرط في الصحة،بطل نذره رأسا،لأنه معصية.

و لو نذرت الحائض ترك الصلاة أيام حيضها انعقد.و الفائدة في الكفارة.

و لو نذر ترك الصلاة في الأوقات المكروهة و الأماكن المكروهة انعقد أيضا،لأنه راجح الترك.فلو فعلها فيه،فان كانت ندبا أمكن القول ببطلانها و لزوم الكفارة،للنهي المحرم المقتضي للفساد،و مخالفة النذر.و أمكن الصحة و لزوم الكفارة،لأن ذلك وصف خارج عن الصلاة.

و ان كانت واجبة،فصلّى في المكان المكروه،ففيه الوجهان أيضا.

و مع الضرورة لا بحث في الصحة و سقوط الكفارة،و لا تتصور الضرورة في النافلة.

و لو نذر فعلها في الوقت و الزمان المكروهين انعقدت مطلقة،فلو

ص: 233


1- سورة المائدة:1.
2- سورة الإنسان:7.

صلاها بالقيد صحت أيضا.و هل يجب فعلها في الزمان الذي كان تكره فيه النافلة؟نصّ عليه الفاضل،لخروجها عن النافلة و صيرورتها واجبة ذات سبب (1).

و لو نذر النافلة جالسا،فالأقرب انعقاده،عملا بما كانت عليه.و وجه البطلان النظر الى ما صارت اليه من الوجوب.

و لو نذرها مستدبرا مسافرا،أو على الراحلة،فكنذر الجلوس فيها.

و لو نذرها مستدبرا حضرا على غير الراحلة،فمن جوز النافلة الى غير القبلة هنا فحكمها عنده حكم نذرها جالسا،و من منع من فعلها الى غير القبلة يبطل القيد.

و في بطلان أصل النذر وجهان:من إجرائه مجرى نذر الصلاة محدثا أو مكشوف العورة،و من انّ القيد لغو فلا عبرة به،و يلزم من القول بهذا إلغاء قيد الصلاة محدثا و انعقادها متطهرا.

و لو قيّد الصلاة بزمان معيّن وجب،فإن أوقعها قبله وجب فعلها فيه، فان تعمّد الإخلال قضى و كفّر،و ان أوقعها بعده لعذر أجزأت،و ان كان لا لعذر و نوى القضاء فهي قضاء و تجب الكفارة.

و لو كان الزمان المعيّن بالنوع كيوم الجمعة،أوقعها في أية جمعة شاء و تكون أداء.

و لو قيّد الصلاة بمكان معين له مزية-كالمسجد،و الحرم،و عرفة، و المشهد-انعقدت.فلو فعلها في الأزيد،ففي إجزائها وجهان:

أحدهما:نعم،إذ فيه الإتيان بالواجب و زيادة أخرى غير منافية.6.

ص: 234


1- تذكرة الفقهاء 1:166.

و الثاني:لا،لانّه نذر منعقد فلا يجوز مخالفته و المنافاة متحققة.

و لو كان المكان المقيّد به لا مزية له،ففي انعقادها فيه وجهان:من أنها طاعة في موضع مباح فتجب،و من إجرائه مجرى نذر المشي المطلق.

فعلى الأول لو فعلها في غيره مما لا مزية له لم يجز،و ان كان له مزية ابتنى على ما سلف.و على الثاني يصليها أين شاء.

و لو عيّن الزمان و المكان معا في النذر تعيّنا،فان خالف الزمان لم يجز،و ان خالف المكان إلى أعلى و وافق الزمان ففيه الوجهان السالفان.

فان قلت:فما الفرق بين الزمان و المكان؟ قلت:الشرع جعل الزمان سببا للوجوب،بخلاف المكان،فإنّه من ضرورة الفعل لا سببية فيه.

و لقائل أن يقول:لا نسلم سببية الوقت هنا للوجوب،و انما سبب الوجوب الالتزام بالنذر و شبهه،و الزمان و المكان أمران عارضان إذ من ضرورات الافعال الظروف،و لا يلزم من سببية الوقت للوجوب في الصلوات الواجبة بالأصالة ثبوته هنا.

و قد يجاب بأن السببية في الوقت حاصلة و ان كان ذلك بالنذر،لأنا لا نعني بالسببية إلاّ توجّه الخطاب الى المكلّف عند حضور الوقت و هو حاصل هنا،و لا يتصور مثل ذلك في المكان إلاّ تبعا للزمان.و هذا حسن.

و لو نذر قراءة سورة معينة مع الفاتحة وجبت،و كذا بعض سورة، فليس له العدول،و ان كان المعدول إليه أكثر حروفا من المنذور،أو منصوصا على فضيلته مثل:آية الكرسي و سورة التوحيد.

و هل يجب مع نذر بعض سورة كاملة؟يحتمل ذلك،بناء على وجوب السورة الكاملة في الفرائض.و يحتمل العدم،لأنّ أصل الصلاة

ص: 235

هنا نافلة فتجب بحسب ما نذره.فعلى الأول،لو قيد نذره بالاقتصار على بعض السورة مع الحمد،احتمل البطلان من رأس لمنافاته الصلاة المشروعة فهو كنذرها محدثا،و الصحة و إلغاء القيد كما سلف.

و لو نذر تكرار الذكر في الركوع انعقد.و لو خرج به عن اسم الصلاة ففيه الوجهان،اعني:انعقاد المطلق،أو البطلان.و ربما احتمل الصحة، بناء على منع تصور الخروج عن الصلاة بمثل هذا التطويل.

و لو نذر احدى النوافل المرغّب فيها وجبت على هيئتها المشروعة، سواء كانت راتبة أو لا،و يتعين وقتها المشروعة فيه.و لو كان وقتها مكملا لفضيلتها-كيوم الجمعة لصلاة جعفر-فان ذكره و إلاّ صلاّها متى شاء.و لا يجب الدعاء المشتملة تلك الصلوات عليه إذا كان عقيبها،و لو كان في أثنائها تسبيح أو دعاء فالأقرب وجوبه،لانه من مشخصاتها.

و لو نذر صلاة الفريضة،ففيه قولان يلتفتان الى انّ فائدة النذر الإيجاب،أو الأعم منه كتأكيد الإيجاب أيضا.فعلى الأول لا ينعقد النذر، و على الثاني ينعقد.و تكون الفائدة بعث العزم على الفعل،و زيادة اللطف في المنع من الترك،و وجوب الكفارة.

و لو أطلق نذر الصلاة تخيّر بين الاثنتين و الثلاث و الأربع،فيراعي فيها ما يراعي في اليومية من التشهد المتخلل و غيره.

و هل تجزئ الواحدة؟فيه قولان:

نعم،للتعبد بها في الوتر،و أصالة البراءة من الزائد،و لحصول مسمى الصلاة إذ هو الأذكار و الافعال.

و الثاني:لا،لعدم التعبد بها في غيره،و لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عن

ص: 236

البتيراء (1)و هي الركعة الواحدة.

و لو أطلق عددا-كخمس،أو ست،أو عشر-انعقد،و يصليها مثنى و ثلاث و رباع.و لو صلاّها مثنى،ثم أتى بواحدة حيث يكون العدد فردا، احتمل قويا هنا الاجزاء،لتضمّن نذر العدد المفرد ذلك،بخلاف الإطلاق -أعني:نذر الصلاة مطلقا-و لهذا لو صرّح بنذر ركعة واحدة أجزأ.

و احتمل العدم،لقدرته على الإتيان بهيئة مشروعة إجماعا كالمغرب.

و ينقدح في المسألة قول:إنّ المطلق يحمل على الثنائية فلا يجزئ غيرها،لأنّ المنذور نافلة في المعنى،و النافلة مقصور شرعها غالبا على الركعتين،و لكني لم أظفر بقائل به من الأصحاب و لا غيرهم.

و لو قيّد العدد بخمس فصاعدا بتسليمه،فالظاهر عدم الانعقاد،لعدم التعبّد به،و اختاره ابن إدريس رحمه اللّه (2).و قال الفاضل:يحتمل انعقادها، لأنّها عبادة،و عدم التعبد بها لا يخرجها عن كونها عبادة (3).و لابن إدريس أن يمنع الصغرى،و سند المنع أنّ شرط كونها عبادة أن توافق المتعبّد به.

و لو قيّد الأربع أو أثلاث بتشهد واحد و تسليم آخرها،فالأقرب بطلان النذر من رأس،لأنّه لم يتعبّد بها.و يحتمل الصحة،بناء على مسمى معظم الصلاة.و يحتمل بطلان القيد لا غير،فلو صلاها معه لم تجز.

و يلوح من كلام الفاضل انعقاد هذا النذر،لأنّه قال:لو نذر صلاة مطلقة و صلاها ثلاثا أو أربعا أجزأ إجماعا،و في وجوب التشهد إشكال (4).6.

ص: 237


1- النهاية لابن الأثير 1:93،الفائق 1:72،و راجع:كشف الخفاء 1:330. ح 877.
2- السرائر:356.
3- تذكرة الفقهاء 1:166،نهاية الإحكام 2:86.
4- تذكرة الفقهاء 1:166،نهاية الإحكام 2:86.

و لو قيّد المنذورة بوقت فزاحمت المكتوبة،فالأقرب تقديم المكتوبة،لأنّ وجوبها مطلق.و يحتمل تقديم المنذورة،لتشخصها بهذا الوقت قبل المكتوبة.

فعلى هذا يقضي المكتوبة،و ليس بشيء،لأن الوقت مضروب للمكتوبة في حكم اللّه تعالى بحسب الوضع الشرعي،فلا يخرجه عن ذلك ما يعرض بفعل المكلف.

اما لو نذر استيعاب زمان المكتوبة بالصلوات،فإنه لا ينعقد في القدر المختص بها.و في انعقاده في الباقي عندي تردّد،من انّه نذر واحد فلا يتبعّض،و من وجود المقتضى للصحة في بعضه و البطلان في البعض الآخر.

و يحتمل أن يستثنى مقدار فعل النوافل الراتبة؛لأنه لولاه لحرم فعلها باعتبار النذر،فيكون نذرا مستلزما لتحريم النافلة،فيكون معصية فتبطل فيه.

و يمكن الجواب بان الغرض من النافلة-و هو صورة الصلاة المقربة الى اللّه تعالى-حاصل في هذا المنذور،فلا يضر فوات الخصوصية.

فإن قلنا باستثنائه وجبت المبادرة الى الفريضة،ثم ان صلّى النافلة فذاك،و إلاّ وجب الاشتغال بالمنذورة.

فلو أخلّ بالمبادرة،فإن كان لاشتغاله بالنذر جاز إن قلنا بأنّه يستثني للفريضة وقت يختاره المكلف في مجموع الزمان،و ان قلنا بتخصيص المستثنى بأوله لم يجز العدول الى النذر،إلاّ انّ هذا الاحتمال ضعيف و ان كان العمل به أحوط.و على هذين يتفرع تخصيص النافلة أيضا.

و لو أخلّ بالمبادرة إلى المكتوبة و لما يشتغل بالمنذورة،فالوجه

ص: 238

التحريم،لأنّه نذر استيعاب الأزمنة و هذا منها،و لأنّه لولاه لأدّى إلى الإخلال، إذ تجويز الإخلال قائم حتى يصلّي المكتوبة،فإذا أخّرها إلى آخر الوقت كان إخلالا بالنذر و هو غير جائز،فحينئذ يجب قضاء ما كان يمكن فعله من النذر و كفارة خلف النذر.

هذا في التأخّر الاختياري.

و لو كان التأخّر لضرورة،فإن كان لعذر يسقط التكليف-كالجنون، و الإغماء،و الحيض-فلا بحث،فإن زال في الأثناء وجب الاشتغال بالمكتوبة و المنذورة في أثنائه.و ان كان غير مسقط-كالنسيان-فإنه يصلي المكتوبة و النافلة ان بقي وقتها و قلنا باستثنائها.و في وجوب قضاء القدر الذي كان يمكن فعله من المنذورة احتمال قوي،بناء على وجوب أحد الأمرين بدخول الوقت و لم يأت المكلّف به.

ص: 239

الركن الرابع:في نفل الصلوات
اشارة

قد مضى القول في الرواتب و الباقي لا حصر له،و قد قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:«الصلاة خير موضوع،فمن شاء استكثر،و من شاء استقل» (1).و لنذكر المهم من ذلك.

فمنها:صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السّلام،

و تسمى:صلاة الحبوة، و صلاة التسبيح.

و هي مشهورة،و ممن رواها أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام، قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجعفر بن أبي طالب:يا جعفر إلا أمنحك، ألا أعطيك،ألا أحبوك،ألا أعلمك صلاة إذا أنت صليتها،و كنت فررت من الزحف،و كان عليك مثل زبد البحر و رمل عالج ذنوبا غفرت لك.قال:بلى لك رسول اللّه.

قال:تصلي أربع ركعات إن شئت كل ليلة،و إن شئت كل يوم،و ان شئت ففي كل جمعة،و ان شئت ففي كل شهر،و ان شئت ففي كل سنة، تفتتح الصلاة ثم تكبّر خمس عشرة مرة تقول:اللّه أكبر و سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه،ثم تقرأ الحمد و سورة،و تركع فتقولها عشر مرات،ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشر مرات،ثم تخرّ ساجدا فتقولها عشر

ص: 240


1- مسند أحمد 5:178،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 1:287 ح 362، المستدرك على الصحيحين 2:597.

ص: 241

مرات،ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشر مرات،ثم تنهض قائما فتقولها خمس عشرة مرة،ثم تقرأ الحمد و سورة ثم تركع فتقولها عشر مرات،ثم وصف كما وصف أولا،ثم تتشهد و تسلم عقيب الركعتين،ثم تصلى ركعتين آخرتين مثل ذلك».هكذا أوردها الصدوق-رحمه اللّه-في كتابه (1).

و روى الشيخ أبو جعفر الكليني بسند معتبر إلى أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجعفر:يا جعفر إلا أمنحك،ألا أعطيك،ألا أحبوك.فقال جعفر:بلى يا رسول اللّه.قال:فظنّ الناس انه يعطيه ذهبا أو فضة،فتشرف الناس لذلك،فقال له:اني أعطيك شيئا إن أنت صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما،أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة،غفر لك ما بينهما،تصلّي أربع ركعات تبتدئ فتقرأ و تقول إذا فرغت:

سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،خمس عشرة مرة بعد القراءة،فإذا ركعت قلته عشرة مرات».ثم وصف ما سلف و قال:«في كل ركعة ثلاثمائة تسبيحة،في أربع ركعات ألف و مائتا تسبيحة و تهليلة و تكبيرة و تحميدة،إن شئت صليتها بالنهار،و إن شئت صليتها بالليل (2).و هذه الرواية أشهر،و عليها معظم الأصحاب.

و مثله رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد،عن صفوان،عن بسطام، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:أ يلتزم الرجل أخاه؟فقال:«نعم،انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم افتتح خيبر أتاه الخبر أنّ جعفرا قد قدم،فقال:و اللّه ما أدري بأيّهما أنا أشدّ سرورا،أ بقدوم جعفر أو بفتح خيبر؟فلم يلبث1.

ص: 242


1- الفقيه 1:347 ح 1536.
2- الكافي 3:465 ح 1.

إن جاء فوثب رسول صلّى اللّه عليه و آله فالتزمه و قبّل ما بين عينيه،و قال له:يا جعفر إلا أعطيك»الحديث (1).

قال الصدوق-رحمه اللّه-:بأي الحديثين أخذ المصلي فهو مصيب (2).

و روى إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام:«يقرأ في الأولى إذا زلزلت،و في الثانية و العاديات،و في الثالثة إذا جاء نصر اللّه،و في الرابعة بقل هو اللّه.قلت:فما ثوابها؟قال:«لو كان عليه مثل رمل عالج ذنوبا غفر له».ثم نظر اليّ فقال:«انما ذلك لك و لأصحابك» (3).

و روى إسحاق بن عمار،قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:من صلّى صلاة جعفر كتب اللّه عزّ و جل له من الأجر مثل ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجعفر؟ قال:«أي و اللّه» (4).

و روى عبد اللّه بن المغيرة انّ الصادق عليه السّلام قال:اقرأ في صلاة جعفر بقل هو اللّه أحد (5).

و روي:في كل ركعة بالإخلاص و الجحد (6).

و روي:القراءة بالزلزلة و النصر و القدر و التوحيد (7).1.

ص: 243


1- التهذيب 3:186 ح 420،عن الحسين بن سعيد عن بسطام.و في وسائل الشيعة 5:195 ح 10073،و الوافي 2:207 كما في المتن.
2- الفقيه 1:348.
3- الكافي 3:466 ح 1،المقنع:43،التهذيب 3:187 ح 423.
4- الكافي 3:467 ح 7،الفقيه 1:349 ح 1540،التهذيب 3:188 ح 426.
5- الفقيه 1:349 ح 1540.
6- التهذيب 3:186 ح 420.
7- الفقيه 1:348 ح 1539،ثواب الاعمال:95،التهذيب 3:186 ح 421.

فوائد: يجوز جعلها من النوافل الراتبة،رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).

و يجوز جعلها من قضاء النوافل،لأن في هذه الرواية من التهذيب:

«و إن شئت جعلتها من قضاء صلاة» (2).

قال ابن الجنيد:يجوز جعلها من قضاء النوافل،و لا أحب الاحتساب بها من شيء من التطوع الموظف عليه (3).و يظهر من بعض الأصحاب جواز جعلها من الفرائض أيضا (4)إذ ليس فيه تغيير فاحش.

و يجوز تجريدها من التسبيح،ثم قضاؤه بعدها و هو ذاهب في حوائجه،لمن كان مستعجلا،رواه ابان و أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5).

و تصلّى سفرا و حضرا.و تجوز في المحمل مسافرا.

و لو صلّى منها ركعتين،ثم عرض له عارض،بنى بعد إزالة عارضه، رواه ابن بابويه-رحمه اللّه- (6).

و روى الحسن بن محبوب رفعه،قال:«تقول في آخر ركعة من صلاة جعفر عليه السّلام:يا من لبس العز و الوقار،يا من تعطّف بالمجد و تكرّم به،يا من لا ينبغي التسبيح إلاّ له،يا من أحصى كل شيء علمه،يا ذا النعمة و الطول،يا ذا المن و الفضل،يا ذا القدرة و الكرم،أسألك بمعاقد العز من عرشك،و منتهى الرحمة من كتابك،و باسمك الأعظم الأعلى7.

ص: 244


1- التهذيب 3:187 ح 422.
2- التهذيب 3:187 ح 422.
3- مختلف الشيعة:127.
4- لعله يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع:112.
5- الكافي 3:566،ح 3،الفقيه 1:349 ح 1543،التهذيب 3:187 ح 424.
6- الفقيه 1:349 ح 1541،التهذيب 3:309 ح 957.

و كلماتك التامة،أن تصلّي على محمد و آل محمد،و ان تفعل بي كذا و كذا» (1).

و عن أبي سعيد المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:تقول في آخر سجدة من أربع ركعات إذا فرغت من تسبيحك-يعني صلاة جعفر-:«سبحان من لبس العز و الوقار،سبحان من تعطّف بالمجد و تكرّم به،سبحان من لا ينبغي التسبيح إلاّ له،سبحان من احصى كل شيء علمه،سبحان ذي المن و النعم،سبحان ذي القدرة و الكرم،اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك،و منتهى الرحمة من كتابك،و اسمك الأعظم و كلماتك التامة التي تمت صدقا و عدلا،صلّ على محمد و أهل بيته،و افعل بي كذا و كذا» (2).

و يدعو عقيبها بالمنقول.

و هي بتسليمتين على الأظهر،و يظهر من الصدوق في المقنع انّه يرى أنها بتسليمة واحدة (3)،و هو نادر.

تنبيه:

زعم بعض مبغضي العامة ان الخطاب بهذه الصلاة و تعليمها كان للعباس عمّ النبي صلّى اللّه عليه و آله (4)و رواه الترمذي (5).و رواية أهل البيت أوثق،إذ أهل البيت أعلم بما في البيت،على أنّه يمكن أن يكون قد خطابهما بذلك2.

ص: 245


1- الكافي 3:466 ح 5،الفقيه 1:349 ح 1544.
2- الكافي 3:467 ح 6،التهذيب 3:187 ح 425.
3- لم نلاحظه في المقنع،و حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة 127،و راجع: الحدائق الناضرة 10:505،مفتاح الكرامة 3:265.
4- المغني 1:803،الشرح الكبير 1:778.
5- الجامع الصحيح 2:350 ح 482.

في وقتين،و لا استبعاد فيه.

و منها:صلاة سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،

و هي:ركعتان يقرأ في كل ركعة الحمد و إنّا أنزلناه خمس عشرة مرة،فإذا ركع قرأها خمس عشرة مرة،فإذا انتصب قرأها خمس عشرة مرة،فإذا سجد قرأها خمس عشرة مرة،فإذا رفع رأسه من السجود قرأها خمس عشرة مرة،فإذا سجد ثانيا قرأها خمس عشرة مرة،ثم يرفع رأسه من السجود إلى الثانية و يصلّي كذلك.فإذا سلم دعا بالمنقول في المصباح (1)فينصرف و ليس بينه و بين اللّه ذنب إلاّ غفره له.و فعلها يوم الجمعة.

و منها:صلاة علي عليه السّلام يوم الجمعة أيضا.

و هي:أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و خمسين مرة الإخلاص،ثم يدعو بالمنقول،فعن الصادق عليه السّلام:«من صلاها خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه،و قضيت حوائجه» (2).

و منها:صلاة فاطمة عليها السّلام،

و هي:ركعتان في الأولى الحمد مرة و القدر مائة مرة،و في الثانية الحمد و الإخلاص مائة مرة.

و نقل ابن بابويه أنّ صلاة فاطمة عليهما السّلام-و تسمّى:صلاة الأوابين-أربع ركعات بتسليمتين،يقرأ في كل ركعة الفاتحة و قل هو اللّه أحد خمسين مرة (3).و روى عن عبد اللّه بن سنان:ان من توضّأ فأسبغ الوضوء و صلاها،انفتل حين ينفتل و ليس بينه و بين اللّه عز و جل ذنب إلاّ غفر له (4).

ص: 246


1- مصباح المتهجد:255.
2- مصباح المتهجد:256.
3- الفقيه 1:356 ح 1559.
4- الفقيه 1:356 ح 1560.
و منها:صلاة الحسين عليه السّلام يوم الجمعة أربع ركعات:

يقرأ في الأولى -بعد التوجّه-الحمد خمسين مرة و كذا الإخلاص،فإذا ركع قرأ الحمد عشرا و كذا الإخلاص،و كذا في الأحوال ففي كل ركعة مائتي مرة،ثم يدعو بالمنقول (1).

و منها:صلاة الأعرابي،

رواها الشيخ عن زيد بن ثابت مرسلا،قال:

أتى رجل من الاعراب الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،فقال:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه إنا نكون في هذه البادية بعيدا من المدينة،و لا نقدر أن نأتيك في كل جمعة،فدلّني على عمل فيه فضل صلاة الجمعة إذا مضيت إلى أهلي خبرتهم به؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا كان ارتفاع النهار فصلّ ركعتين،تقرأ في أول ركعة الحمد مرة و قل أعوذ برب الفلق سبع مرات،و اقرأ في الثانية الحمد مرة واحدة و قل أعوذ برب الناس سبع مرات،فإذا سلمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرات.ثم تصلّي ثماني ركعات و تسليمتين، فاقرأ في كل ركعة منها الحمد مرة و إذا جاء نصر اللّه و الفتح مرة و قل هو اللّه خمسا و عشرين مرة.

فإذا فرغت من صلاتك فقل:«سبحان اللّه رب العرش الكريم لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم،فو الذي اصطفى محمدا بالنبوة ما من مؤمن و لا مؤمنة يصلي هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول إلاّ و انا ضامن له الجنة،و لا يقوم من مقامه حتى يغفر له ذنوبه و لأبويه ذنوبهما» (2).

و منها:صلاة الاستسقاء.

عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«خمس بخمس:ما نقض

ص: 247


1- جمال الأسبوع:271.
2- مصباح المتهجد:281.

العهد قوم إلاّ سلّط اللّه عليهم عدوهم،و ما حكموا بغير ما انزل اللّه إلاّ فشا فيهم الفقر،و ما ظهرت فيهم الفاحشة إلاّ فشا فيهم الموت،و لا طففوا الكيل إلاّ منعوا النبات و أخذوا بالسنين،و لا منعوا الزكاة إلاّ حبس عنهم القطر» (1).

و عن الصادق عليه السّلام:«إذا فشت أربعة ظهرت أربعة:إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل،و إذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية،و إذا جار الحكّام في القضاء أمسك القطر من السماء،و إذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين» (2).

و لما كان الدعاء في الصلاة و بعدها أقرب الى الإجابة،شرع الاستسقاء عند فتور الأمطار و غور الآبار و الأنهار.

و لا خلاف في شرعية الاستسقاء،و قد كان مشروعا في الملل السالفة.قال اللّه تعالى وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ (3)و قال تعالى:

اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (4) .

و استسقى النبي صلّى اللّه عليه و آله،و علي عليه السّلام،و الأئمة،و الصحابة،و صلّوا ركعتين (5).ة.

ص: 248


1- مجمع الزوائد 3:65،كنز العمال 16:79 ح 44006،عن الطبراني في الكبير.
2- الفقيه 1:332 ح 1491،التهذيب 3:147 ح 318.
3- سورة البقرة:60.
4- سورة نوح:10-11.
5- استسقاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و صلاته سيأتي في الهوامش 3-5 في ص:249 و استسقاء الإمام علي عليه السّلام و الصحابة و صلاتهم في:الأم 1:249،المصنّف لعبد الرزاق 3:85 ح 4895 و استسقاء الرضا عليه السّلام في عيون أخبار الرضا عليه السّلام 2:167 باب 41 ح 1،و لكن ليس فيه ذكر للصلاة.

فبطل قول بعض العامة ببدعية الصلاة،و إنّما هو دعاء و استغفار، قالوا:استسقى النبي صلّى اللّه عليه و آله على المنبر و لم يصلّ لها (1).

قلنا:نحن لا نمنع جوازه بغير صلاة،و كما أنّه نقل ذلك أيضا أنّه صلّى ركعتين للاستسقاء،رواه أبو هريرة (2)و عائشة (3)و ابن عباس و عقبة (4).و روت عائشة:أنّه بعد دعائه على المنبر نزل فصلّى ركعتين (5).

و هنا مسائل:

الأولى: يستحب أن يأمر الإمام الناس في خطبة الجمعة و غيرها بتقديم التوبة و الإخلاص للّه تعالى و الانقطاع إليه،و يأمرهم بالصوم ثلاثا عقيبها،ليخرجوا يوم الاثنين صائمين،لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:أنّ دعوة الصائم لا ترد (6)و أمر الصادق عليه السّلام محمد بن خالد و الي المدينة بالخروج يوم الاثنين،فإن لم يتفق فيوم الجمعة (7).2.

ص: 249


1- قاله أبو حنيفة،راجع:المجموع 5:100،المغني 2:285،المبسوط للسرخسي 2:76،اللباب 1:120. و فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله في:صحيح البخاري 2:34،صحيح مسلم 2:612 ح 897،سنن أبي داود 1:304 ح 1174،سنن النسائي 3:159.
2- سنن ابن ماجة:304 ح 1268،السنن الكبرى 3:347.
3- سنن أبي داود 1:304 ح 1173،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 4:227 ح 2849،المستدرك على الصحيحين 1:328.
4- المصنف لعبد الرزاق 3:84 ح 4893،مسند أحمد 1:355،سنن ابن ماجة 1:403 ح 1266 سنن أبي داود 1:302 ح 1165،سنن النسائي 3:156، سنن الدار قطني 2:68،المستدرك على الصحيحين 1:326،السنن الكبرى 3: 347.
5- راجع الهامش 3.
6- مسند أحمد 2:305،سنن ابن ماجة 1:557 ح 1752،السنن الكبرى 3: 345.
7- الكافي 3:462 ح 1،التهذيب 3:148 ح 322.

و أبو الصلاح-رحمه اللّه-لم يذكر سوى الجمعة (1).

و المفيد-رحمه اللّه-و ابن أبي عقيل،و ابن الجنيد،و سلار لم يعيّنوا يوما (2).

و لا ريب في جواز الخروج سائر الأيام،و انما اختير الجمعة لما ورد:

«ان العبد ليسأل الحاجة فتؤخّر الإجابة إلى يوم الجمعة» (3).

و لا يحتاج الى صوم أربعة و الخروج في الرابع،لقضية الأصل.

الثانية:يستحب أن يخرج الناس حفاة بالسكينة و الوقار، مبالغة في الخضوع،و ليكونوا مطرقي رءوسهم مخبتين،مكثرين ذكر اللّه عزّ و جل، و الاستغفار من ذنوبهم و سيئ أعمالهم.

قال بعض الأصحاب:و ليكن في ثياب بذلته و تواضعه،تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله (4).

و يخصّ الإمام بأمره أهل الورع و الصلاح،لأنّ دعاءهم أقرب الى الإجابة.و الشيوخ و الشيخات و الأطفال،لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«لو لا أطفال رضّع،و شيوخ ركع،و بهائم رتع،لصببنا عليكم العذاب صبا» (5).و أبناء الثمانين أحرى،لما روى عنه صلّى اللّه عليه و آله:«إذا بلغ الرجل ثمانين سنة غفر له ما تقدّم من ذنوبه و ما تأخّر» (6).».

ص: 250


1- لاحظ:الكافي في الفقه:162.
2- لاحظ:المقنعة:34،المراسم:83،مختلف الشيعة:125.
3- الكافي 2:355 ح 6.
4- تذكرة الفقهاء 1:176.
5- نثر الدرر 1:153،السنن الكبرى 3:345،مجمع الزوائد 10:227،الجامع الصغير 2:443 ح 7523 عن الطبراني في الكبير و البيهقي.
6- مسند احمد 3:217،مسند أبي يعلى الموصلي 6:352 ح 3678،و فيهما: «إذا بلغ الرجل التسعين».

و يمنع من الخروج الشواب من النساء خوف الفتنة،و الكفار لانّه مغضوب عليهم،و لقوله تعالى وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ (1)و المتظاهر بالفسق و المنكر من المسلمين.

و تخرج معهم البهائم،لقوله عليه السّلام:«و بهائم رتع» (2).و روي ان سليمان عليه السّلام خرج ليستسقي فرأى نملة قد استلقت على ظهرها،و هي تقول:«اللهم إنا خلق من خلقك،و لا غنى بنا عن رزقك،فلا تهلكنا بذنوب بني آدم»،و هي رافعة قائمة من قوائمها إلى السماء،أورده الصادق عليه السّلام عن سليمان عليه السّلام،فقال سليمان:«ارجعوا فقد سقيتم بغيركم» (3).

و يأمرهم بالخروج من المظالم،و الاستغفار،و الصدقة،و ترك الشحناء،لقوله تعالى وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (4).

و يفرق بين الأطفال و أمهاتهم،استجلابا للبكاء و الخشوع.

و قال السيد المرتضى-رحمه اللّه-و ابن الجنيد،و ابن أبي عقيل:ينقل المنبر فيحمل بين يدي الإمام إلى الصحراء (5)و قد رواه قرة مولى خالد عن5.

ص: 251


1- سورة غافر:50.
2- تقدم في الهامش 6.
3- الكافي 8:246 ح 344،الفقيه 1:333 ح 1493،و نحوه في سنن الدار قطني 2:66،المستدرك على الصحيحين 1:325.
4- سورة الأعراف:96.
5- حكاه عنهم العلامة في مختلف الشيعة:125.

الصادق عليه السّلام (1).

و قال ابن إدريس:الأظهر في الرواية أنّه لا ينقل،بل يكون كمنبر العيد معمولا من طين (2).

و لعل الأول أولى،لما روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أخرج المنبر في الاستسقاء (3)و لم يخرجه في العيد (4).

الثالثة:يستحب الإصحار بها إجماعا -و من أنكر الصلاة قال:

يستسقى على المنبر بالجامع (5)-لما روي أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله خرج إلى المصلّى (6).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام:«قضت السنّة أنّه لا يستسقى إلاّ بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء،و لا يستسقي في المساجد إلاّ بمكة» (7)و اختصاص مكة لمزيد الشرف في مسجدها.

و لو حصل مانع من الصحراء-كخوف و شبهه-جازت في المساجد.

و يستحب أن يخرج المؤذنون بين يدي الإمام بأيديهم العنز.و ليكن5.

ص: 252


1- الكافي 3:462 ح 1،التهذيب 3:148 ح 322،عن مرة مولى خالد.
2- السرائر:72.
3- سنن أبي داود 1:304 ح 1173.
4- السنن الكبرى 3:298 و فيه:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخطب يوم عيد على ناقة خرماء،مسند احمد 3:10،52،سنن أبي داود 1:296 ح 1140،سنن ابن ماجة 1:406 ح 1275 و فيها:يا مروان خالفت السنة،أخرجت المنبر يوم عيد و لم يكن يخرج به.
5- قاله أبو حنيفة:على ما في المغني 2:285،و الشرح الكبير 2:383، و المبسوط للسرخسي 2:76،و المجموع 5:100.
6- صحيح مسلم 2:611 ح 894،سنن ابن ماجة 1:403 ح 1267،سنن أبي داود 1:303 ح 1167،الجامع الصحيح 2:442 ح 556،سنن النسائي 3: 155،سنن الدار قطني 2:66،السنن الكبرى 3:344.
7- قرب الاسناد:64،التهذيب 3:150 ح 325.

الاستسقاء في مكان نظيف،و عليهم السكينة و الوقار و الخشوع و خصوصا الإمام،لرواية هشام بن الحكم عن الصادق عليه السّلام (1).

و ابن أبي عقيل و المفيد و جماعة لم يستثنوا المسجد الحرام (2).

و ظاهر ابن الجنيد استثناء المسجدين (3).

الرابعة:أذانها أن يقول:الصلاة،ثلاثا. و يجوز النصب بإضمار احضروا و شبهه،و الرفع بإضمار مبتدأ أو خبر،كما سبق في العيد.

و قال بعض العامة:يقول:الصلاة جامعة (4)و لا مانع منه.و يصح فيه رفعهما و نصبهما،و نصب الأول و رفع الثاني،و بالعكس.

و وقتها وقت العيد في ظاهر كلام الأصحاب.

و صرّح ابن أبي عقيل بأنّ الخروج في صدر النهار (5).

و أبو الصلاح:عند انبساط الشمس (6).

و ابن الجنيد بعد صلاة الفجر (7).

و الشيخان:لم يعينا وقتا إلاّ أنّهما حكما بمساواتها العيد (8)،كما في رواية تعليم الصادق عليه السّلام (9).3.

ص: 253


1- الكافي 3:462 ح 2،التهذيب 3:149 ح 323.
2- راجع:المقنعة:34،المراسم:83،مختلف الشيعة:126.
3- مختلف الشيعة:126.
4- المغني 2:286،الشرح الكبير 2:285 و 297،المهذب 1:131،المجموع 5: 72،فتح العزيز 5:97.
5- مختلف الشيعة:126.
6- الكافي في الفقه:162.
7- مختلف الشيعة:126.
8- المقنعة:34،المبسوط 1:134،النهاية:138.
9- الكافي 3:462 ح 2،التهذيب 3:149 ح 323.

و قال في التذكرة:توقع بعد الزوال (1)،و نقله ابن عبد البر عن جماعة العلماء من العامة (2).

و تجوز جماعة و فرادى،و الجماعة أفضل،لأنّ الاجتماع على الدعاء فمن بالإجابة،لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى صلاة جماعة،ثم سأل اللّه حاجة، قضيت له» (3)و لانه صلّى اللّه عليه و آله صلاّها جماعة (4).و لا يشترط في الجماعة اذن الامام.

الخامسة:صفتها كصفة صلاة العيد، فيقرأ الحمد و سورة،و يكبّر في الأولى بعد القراءة خمسا،و في الثانية أربعا،غير التكبيرات المعهودة في الصلاة.

و الأقرب استحباب ما يقرأ في العيد من السور.و روى العامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:انه كان يقرأ في العيدين،و الاستسقاء،في الأولى بالأعلى و في الثانية بالغاشيه (5).

و القنوت هنا بالاستغفار،و الدعاء بإنزال الرحمة و توفير المياه.

و ليبدأ بالصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و يختم بها،لما روي عن علي عليه السّلام:

«إذا سألتم اللّه حاجة فصلّوا على النبي و آله،فان اللّه تعالى إذا سئل عنة.

ص: 254


1- تذكرة الفقهاء 1:168.
2- نقله عنه في:المغني 2:286،الشرح الكبير 2:285.و لكن الموجود في الاستذكار 7:139 ح 9962:و الخروج الى الاستسقاء وقت خروج الناس إلى العيد عند جماعة العلماء إلاّ أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فإنه قال:الخروج إليها عند زوال الشمس،و انظر بداية المجتهد 1:219.
3- أورده المحقق في المعتبر 2:363،و العلامة في تذكرة الفقهاء 1:168.
4- سنن ابن ماجة 1:403 ح 1268،السنن الكبرى 3:344.
5- المغني 2:285 عن غريب الحديث لابن قتيبة.

حاجتين يستحيي أن يقضي إحداهما دون الأخرى» (1).

و ليقدّم الثناء على اللّه تعالى،لرواية هشام بن الحكم عن الصادق عليه السّلام:

«انه يحمد اللّه و يمجده،و يثني عليه،و يجتهد في الدعاء» (2).

و يستحب ان يعترف بذنبه طالبا من اللّه تعالى الرحمة و المغفرة.

و في القرآن العزيز إشارة الى ذلك كله.قال اللّه تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى (3).

و حكى:عن آدم و حواء رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (4).

و عن نوح عليه السّلام وَ إِلاّ تَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (5).

و عن يونس لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ (6).

و عن موسى عليه السّلام رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي (7).

و ليلح في الدعاء،للخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«انّ اللّه يحب الملحين في الدعاء» (8).6.

ص: 255


1- نهج البلاغة،الحكمة رقم 361.
2- الكافي 3:462 ح 2،التهذيب 3:149 ح 323.
3- سورة الأعلى:14-15.
4- سورة الأعراف:23.
5- سورة هود:47.
6- سورة الأنبياء:87.
7- سورة القصص:16.
8- الكامل لابن عدي 7:2621،و عنه و عن الحكيم و البيهقي في شعب الإيمان أخرجه السيوطي في الجامع الصغير 1:286 ح 1876.

و لو تأخّرت الإجابة كرروا الخروج حتى يجابوا،اما بصوم مستأنف، أو بالبناء على الأول.

و قال بن الجنيد:إن لم يمطروا،و لا أظلتهم غمامة،لم ينصرفوا إلاّ عند وجوب صلاة الظهر.و لو أقاموا بقية نهارهم كان أحبّ اليّ،فان أجيبوا و إلاّ تواعدوا على الغدوة يوما ثانيا و ثالثا (1).

السادسة:يستحب للإمام انّ يحوّل رداءه، فيجعل ما على المنكب الأيمن على الأيسر،و ما على الأيسر على الأيمن،تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله (2).

و في رواية رفعها محمد بن يحيى عن الصادق عليه السّلام:تحويل النبي صلّى اللّه عليه و آله رداءه علامة بينه و بين أصحابه يحوّل الجدب خصبا (3).

و وقت التحويل عند فراغه من الصلاة،رواه هشام بن الحكم عنه عليه السّلام من فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله (4)و في استسقاء محمد بن خالد عن أمر الصادق عليه السّلام:ثم يصعد المنبر-يعني بعد الفراغ من الصلاة-فيقلب رداءه (5).

و قال بعض الأصحاب:يحوله بعد فراغه من الخطبة (6).

و لا مانع من تحويله في هذه المواضع كلها،لكثرة التفاؤل بقلب الجدب خصبا،و قد قال المفيد و سلار و ابن البراج:يحوّل الإمام رداءه4.

ص: 256


1- مختلف الشيعة:126.
2- سنن أبي داود 1:302 ح 1163،السنن الكبرى 3:350.
3- الكافي 3:463 ح 3،الفقيه 1:338 ح 1506،التهذيب 3:150 ح 324.
4- الكافي 3:462 ح 2،التهذيب 3:149 ح 323.
5- الكافي 3:462 ح 1،التهذيب 3:148 ح 322.
6- قاله أبو الصلاح في الكافي:163،و العلامة في نهاية الإحكام 2:104.

ثلاث مرات (1).

و هل يستحب للمأموم التحويل؟أثبته في المبسوط (2).و في الخلاف:يستحب للإمام خاصة (3).و الأول قوي،للاشتراك في التفاؤل، و لقوله تعالى لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (4).

و لا فرق بين كون الرداء مربعا،أو مقورا،أو مدورا.و لا يشترط تحويل الظاهر باطنا و بالعكس،و الأعلى أسفل و بالعكس،و لو فعل ذلك فلا بأس.

السابعة:تستحب الخطبتان -كخطبتي العيد-بعد الصلاة،لما في رواية قرة في أمر الصادق عليه السّلام (5).

و روى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام تقديم الخطبة على الصلاة (6).

و قال ابن الجنيد يصعد الامام المنبر قبل الصلاة و بعدها (7).و في رواية هشام بن الحكم إيماء اليه (8)إلاّ أن الأشهر الأول،لرواية طلحة بن خالد عن الصادق عليه السّلام من فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك (9).8.

ص: 257


1- المقنعة:34،المهذب 1:144،المراسم:83.
2- المبسوط 1:135.
3- الخلاف 1:160 المسألة 4.
4- سورة الأحزاب:21.
5- تقدم في ص 252 الهامش 1.
6- التهذيب 3:150 ح 327،الاستبصار 1:451 ح 1749.
7- مختلف الشيعة:125.
8- الكافي 3:462 ح 2،التهذيب 3:149 ح 323.
9- التهذيب 3:150 ح 326،الاستبصار 1:451 ح 1748.

و قال الشيخ في رواية إسحاق:هي شاذة مخالفة لإجماع الطائفة (1).

الثامنة:يستحب ان يكبّر الإمام مائة مرة رافعا بها صوته إلى القبلة.

ثم يسبّح عن يمينه مائة مرة يرفع بها صوته.

ثم يهلّل عن يساره مائة يرفع بها صوته.

ثم يحمد اللّه مائة مستقبل الناس،قال الأصحاب:يرفع بها صوته (2)، و لم يذكره في تعليم الصادق عليه السّلام (3).

و يتابعه الناس على ذلك و يرفعون أصواتهم،قاله أبو الصلاح (4)و يظهر من كلام ابن بابويه (5)و ابن البراج (6).

و قال ابن الجنيد:إذا كبّر رفع صوته،و تابعوه في التكبير و لا يرفعون أصواتهم (7).

و المفيد-رحمه اللّه-:يكبّر إلى القبلة مائة،و إلى اليمين مسبّحا،و إلى اليسار حامدا،و يستقبل الناس مستغفرا،مائة مائة (8).

و الصدوق وافق في التكبير و التسبيح،و جعل التهليل مستقبلا للناس، و التحميد الى اليسار (9).2.

ص: 258


1- الاستبصار 1:452.
2- راجع:الكافي في الفقه:162،المهذب 1:144.
3- راجع ص 252 الهامش 1.
4- الكافي في الفقه:163.
5- الفقيه 1:334.
6- المهذب 1:144.
7- مختلف الشيعة:125.
8- المقنعة:34.
9- في المقنع:47،و الفقيه 1:334 جعل التهليل الى اليسار و التحميد مستقبلا للناس،راجع مفتاح الكرامة 3:252.

و تعليم الصادق عليه السّلام يشهد للأول (1).

و المشهور ان هذا الذكر يكون بعد الخطبتين.

و قال ابن أبي عقيل و الشيخ و ابن حمزة:قبلهما (2).

و في تعليم الصادق عليه السّلام محمد بن خالد:أنّه يصعد المنبر فيقلب رداءه،ثم يأتي بالأذكار،قال:ثم يرفع يديه و يدعو،و لم يذكر الخطبة بعد ذلك (3).

و ظاهره ان هذه الأذكار تفعل على المنبر،فكأنها من جملة الخطبة،و لو فعل ذلك جاز.

التاسعة:يستحب ان يخطب بالمأثور عن أهل البيت عليهم السّلام، و قد ذكر في التهذيب خطبة بليغة لأمير المؤمنين عليه السّلام:«الحمد للّه سابغ النعم»الى آخرها (4).و لو خطب بغير ذلك،ممّا يتضمن حمدا و ثناء و وعظا،جاز.

و الظاهر انّ الخطبة الواحدة غير كافية بل يخطب اثنتين،تسوية بينها و بين صلاة العيد.

و يستحب المبالغة في التضرع و الإلحاح في الدعاء في الخطبتين و خصوصا الثانية.و قد ذكر ابن بابويه دعوات حسنة عن أهل البيت عليهم السّلام (5).

العاشرة:يستحب الجهر بالقراءة فيها و بالقنوت، لما مر في صلاة العيد.

قال الكليني:و في رواية ابن المغيرة:«و يجهر بالقراءة،و يستسقي7.

ص: 259


1- الكافي 3:462 ح 1،التهذيب 3:149 ح 322.
2- المبسوط 1:134،النهاية:139،الوسيلة:113،مختلف الشيعة:125.
3- الكافي 3:462 ح 1،التهذيب 3:149 ح 322.
4- التهذيب 3:151 ح 328.
5- الفقيه 1:338 ح 1507.

و هو قاعد،و يصلّي قبل الخطبة» (1)و رواه ابن بابويه عن أبي جعفر عليه السّلام (2).

الحادية عشرة:لو سقوا قبل الخروج لم يخرجوا، و كذا لو خرجوا فسقوا قبل الصلاة.و في الموضعين تستحب صلاة الشكر،و سؤال الزيادة من اللّه تعالى،و عموم الغيث خلقه.و لو سقوا في أثناء الصلاة أتمّوها، و الظاهر سقوط باقي الافعال من الخطبة و الأذكار.

الثانية عشرة:يستحب رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء، لما روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله رفعهما حتى رئي بياض إبطيه (3)و الظاهر ان هيئتهما كهيئة أيدي القانتين،بان يقلب ظهرهما إلى الأرض،و وجههما الى السماء،و يجعلهما بإزاء وجهه.

و روى العامة عن أنس انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله استسقى فأشار بظهر كفيه الى السماء (4)،و هكذا دعاء دفع البلاء،و يمكن ان يكون في بعض الأحيان فعل صلّى اللّه عليه و آله ذلك.

الثالثة عشرة:يجوز الاستسقاء بغير صلاة، اما في خطبة الجمعة و العيدين،أو في أعقاب المكتوبات،أو يخرج الإمام إلى الصحراء فيدعو و الناس يتابعونه.

و يستحب لأهل الخصب الاستسقاء لأهل الجدب بهذين النوعين من1.

ص: 260


1- الكافي 3:463 ح 4.
2- الفقيه 1:338 ح 1505.
3- مسند احمد 3:181،صحيح البخاري 2:40،صحيح مسلم 2:612 ح 895،سنن ابن ماجة 1:373 ح 1180،سنن أبي داود 1:303 ح 1170،سنن النسائي 3:158،سند أبي يعلى 5:311 ح 2935،سنن الدار قطني 2:68.
4- مسند احمد 3:153،صحيح مسلم 2:612 ح 896،مسند أبي يعلى 5:29 ح 2911.

الاستسقاء.و في جوازه بالصلاة و الخطبتين عندي تردد،لعدم الوقوف عليه منصوصا،و أصالة الجواز،و لأنّ اللّه تعالى أثنى على من قال رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا (1)و حينئذ يضمّنون الدعاء طلب زيادة الخصب لأنفسهم.

الرابعة عشرة: يجوز نذر صلاة الاستسقاء كما يجوز نذر العيدين، و لكن في وقتهما.فلو نذرهما في غير وقتهما،و قصد جميع ما يعتبر فيهما،فالأقرب عدم انعقاده،لعدم التعبّد بمثله في غير وقته.

فحينئذ ان كان الناذر الامام وجب عليه الخروج بنفسه،و استحب دعاء من يجيبه الى الخروج و خصوصا من يطيعه من اهله و أقربائه و أصحابه،و لا تجب عليهم الإجابة،و ليس له إكراههم عليها،سواء بقي الجدب أو وقع الغيث.

و لو نذر الاستسقاء فسقوا،ففي وجوب الخروج عندي نظر،لسقوط شرعيته عند السقيا.و في التذكرة:يجب الخروج (2)و لعلّه لإيجاد الصورة شكرا للّه.

و لا تجب الخطبة بنذر الصلاة،لانفصالها عنها،فان نذرهما معا وجبتا.

و لا يجب القيام في الخطبة هنا،و لا كونها على المنبر،و لو قيّد به وجب،و لا تجزئه الخطبة على مرتفع غيره من حائط.

و هل تجب على ناذر الاستسقاء الصلاة في الصحراء؟ظاهر الشيخ8.

ص: 261


1- سورة الحشر:10.
2- تذكرة الفقهاء 1:168.

-رحمه اللّه-ذلك (1)لانه المعتاد و الأفضل.و لو قيّد في نذره بذلك وجب، و كذا لو قيد بالمسجد أو بمنزلة.

و هل له العدول إلى الصحراء؟يبني على ما تقدم من العدول إلى الأفضل.

و الشيخ صرّح بعدم جواز صلاتها في الصحراء إذا نذرها في المسجد (2)و هو حسن،لانعقاد نذره فيحرم مخالفته.

و لو نذرها غير الامام انعقد،و وجب عليه الخروج،و يستحب له أيضا دعاء من يطيعه.

الخامسة عشرة:يستحب الدعاء عند نزول الغيث، لما روي عنه صلّى اللّه عليه و آله:«اطلبوا استجابة الدعاء عند ثلاث:التقاء الجيوش،و اقامة الصلاة،و نزول الغيث» (3)و هو مأثور عن أهل البيت عليهم السّلام (4).

و يستحب التمطّر في أول المطر بان يخرج فيه ليصيبه.و كان ابن عباس إذا وقع الغيث قال لغلامه:اخرج فراشي و رحلي يصيبه المطر.فقال:

له أبو الجوزاء:لم تفعل هذا يرحمك اللّه؟قال:لقول اللّه تعالى سبحانه و تعالى:

«وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً» ،فأحببت أن تصيب البركة فراشي و رحلي (5).7.

ص: 262


1- المبسوط 1:135.
2- المبسوط 1:135.
3- الام 1:253،المغني 2:294-295،الشرح الكبير 2:296،و أورد ما بمعناه في السنن الكبرى 3:360.
4- الكافي 2:346 ح 1،3،أمالي الصدوق:97 ح 7،218 ح 3،الخصال:302. ح 79،أمالي الطوسي 1:287.
5- الأم 1:252،و نحوه في الأدب المفرد:407.

السادسة عشرة: لو كثرت الغيوث فخيف منها الضرر،جاز الدعاء بإزالة مضرته و تخفيفه،لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك (1).

و لو صلّى هنا ركعتان للحاجة كان حسنا،و كذا يشرع صوم ثلاثة صوم ثلاثة أيام أمام ذلك،لأنها من مهام الحوائج.

السابعة عشرة:لا يجوز نسبة الأمطار إلى الأنواء، بمعنى:انها مؤثرة، أو انّ لها مدخلا في التأثير،لقيام البرهان على أنّ ذلك من فعل اللّه تعالى و تحقق الإجماع عليه،و لأنها تخلف كثيرا و تتقدم و تتأخر.

و لو قال غير معتقد مطرنا بنوء كذا،قال الشيخ:لا يجوز،لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك (2)في رواية زيد بن خالد الجهني،قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف الناس فقال:«هل تدرون ما ذا قال ربكم؟».قالوا:اللّه و رسوله اعلم.قال:«أصبح من عبادي مؤمن بي و كافر بالكوكب،و كافر بي و مؤمن بالكوكب.من قال:مطرنا بفضل اللّه و رحمته،فذلك مؤمن بي و كافر بالكوكب.و أمّا من قال:مطرنا بنوء كذا و كذا،فذاك كافر بي و مؤمن بالكوكب» (3).و هو محمول على ما قدمناه من اعتقاد مدخليته في التأثير.

و النوء سقوط كوكب في المغرب،و طلوع رقيبه من المشرق.و منه الخبر:من أمر الجاهلية الأنواء (4).6.

ص: 263


1- صحيح البخاري 2:40،صحيح مسلم 2:612 ح 897،سنن أبي داود 1: 304 ح 1174،سنن النسائي 3:158.
2- المبسوط 1:135.
3- المصنف لعبد الرزاق 11:459 ح 21003،صحيح البخاري 2:41،سنن النسائي 3:165.
4- لسان العرب 1:176.

قال أبو عبيد:هي ثمانية و عشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة، يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر،و يطلع آخر يقابله من ساعته،و انقضاء هذه الثمانية و العشرين مع انقضاء السنة.فكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم و طلع آخر،قالوا:لا بدّ من أن يكون عند ذلك مطر،فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى النجم،فيقولون:مطرنا بنوء كذا.

و إنّما سمي نوءا لأنّه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق ينوء نوءا-أي:نهض-فسمى النجم به.قال:و قد يكون النوء السقوط (1).

أمّا لو قال:مطرنا بنوء كذا،و أراد به فيه-أي:في وقته-و أنّه من فعل اللّه تعالى،فقد قيل:لا يكره،لأنّه ورد أنّ الصحابة استسقوا بالمصلّي،ثم قيل للعباس:كم بقي من نوء الثريّا؟فقال:إنّ العلماء بها يزعمون أنّها تعترض في الأفق سبعا بعد وقوعها،فما مضت السبع حتى غيث الناس،و لم ينكر أحد ذلك (2).

و من الصلوات المستحبة صلاة الاستخارة،و في كيفيتها روايات:
منها:صلاة ركعتين

و الدعاء بالخيرة بعدهما،رواه الحلبي عن عمرو بن حريث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3).

قلت:و يقرأ فيهما سورة الحشر و الرحمن و المعوذتين،و يقول:

«اللهم إن كان كذا خيرا لي،في ديني و دنياي (4)،و عاجل أمري و آجله،

ص: 264


1- رواه عنه الصدوق في معاني الأخبار:326.لسان العرب 1:176.
2- السنن الكبرى 3:359.
3- الكافي 3:470 ح 1،التهذيب 3:179 ح 407.
4- في التهذيب زيادة:«و آخرتي».

فيسّره لي على أحسن الوجوه و أجملها.اللهم و ان كان كذا شرا لي،في ديني و دنياي و آخرتي،و عاجل أمري و آجله،فاصرفه عني على أحسن الوجوه.رب اعزم لي على رشدي،و ان كرهت ذلك أو أبته نفسي»،رواه جابر عن أبي جعفر عليه السّلام (1).

و روى ابن فضال:انّ الحسن بن الجهم سأل أبا الحسن عليه السّلام لابن أسباط-و ابن أسباط حاضر و نحن جميعا-يركب البحر أو البرّ إلى مصر؟ فأخبره بخبر طريق البر،فقال:«ائت المسجد في غير وقت صلاة فريضة، فصل ركعتين و استخر اللّه مائة مرة،ثم انظر أي شيء يقع في قلبك فاعمل به».و قال له الحسن:البر أحبّ إليّ.قال:«و إليّ» (2).

و روى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قلت له:ربما أردت الأمر فانفرق مني فريقان،أحدهما يأمرني و الآخر ينهاني؟فقال:

«إذا كثر ذلك فصلّ ركعتين،و استخر اللّه تعالى مائة مرة و مرة،ثم انظر أحزم الأمرين لك فافعله،فإنّ الخيرة فيه إن شاء اللّه.و لتكن استخارتك في عافية،فإنّه ربما خير للرجل في قطع يده،و موت ولده،و ذهاب ماله» (3).

و هذه الروايات كثيرة و هي مشهورة بين العامة و الخاصة.

و منها:الاستخارة بالرقاع،

فروى هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع،و اكتب في ثلاث منها:

بسم اللّه الرحمن الرحيم خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعله.

و في ثلاث منها:بسم اللّه الرحمن الرحيم خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان

ص: 265


1- الكافي 3:470 ح 2،التهذيب 3:180 ح 408.
2- الكافي 3:471 ح 4،التهذيب 3:180 ح 409.
3- المحاسن:599،الكافي 3:472 ح 7،التهذيب 3:181 ح 411.

ابن فلانة لا تفعل.ثم ضعها تحت مصلاك (1)،فإذا فرغت فاسجد سجدة و قل فيها مائة مرة:أستخير اللّه برحمته خيرة في عافية.ثم استو جالسا و قل:اللهم خر لي في جميع أموري في يسر منك و عافية.ثم اضرب بيدك الى الرقاع فشوشها و اخرج واحدة،فإن خرج ثلاث متواليات افعل فلتفعل الأمر الذي تريده،و ان خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله،و ان خرجت واحدة افعل و الأخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرها فاعمل به و دع السادسة لا تحتاج إليها» (2).

و روى علي بن محمد رفعه عنهم عليهم السّلام،انه قال لبعض أصحابه و قد سأله عن الأمر يمضي فيه و لا يجد أحدا يشاوره،فكيف يصنع؟فقال:

«شاور ربك».فقال له:كيف؟قال:«انو الحاجة في نفسك،و اكتب رقعتين:في واحدة لا،و في واحدة نعم،و اجعلهما في بندقتين من طين، ثم صلّ ركعتين و اجعلهما تحت ذيلك و قال:يا اللّه اني أشاورك في أمري، و أنت خير مستشار و مشير،فأشر عليّ ما فيه صلاح و حسن عاقبة.ثم ادخل يدك،فان كان فيها نعم فافعل،و ان كان فيها لا لا تفعل،هكذا تشاور ربّك».و لا يضر الإرسال،فإنّ الكليني-رحمه اللّه-ذكرها في كتابه (3)و الشيخ في التهذيب (4)و غيرهما (5).

و إنكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع (6)لا مأخذ له،مع اشتهارها بين8.

ص: 266


1- في الكافي زيادة:«ثم صلي ركعتين».
2- الكافي 3:470 ح 3،التهذيب 3:181 ح 412.
3- الكافي 3:473 ح 8.
4- التهذيب 3:182 ح 413.
5- مصباح المتهجد:481،فتح الأبواب:228،مكارم الأخلاق:323.
6- السرائر:68.

الأصحاب و عدم راد لها سواه و من أخذ أخذه،كالشيخ نجم الدين في المعتبر حيث قال:هي في حيز الشذوذ فلا عبرة بها (1).

و كيف تكون شاذة و قد دونها المحدثون في كتبهم،و المصنفون في مصنفاتهم؟! و قد صنّف السيد العالم العابد،صاحب الكرامات الظاهرة و المآثر الباهرة،رضي الدين أبو الحسن علي بن طاوس الحسني-رحمه اللّه-كتابا ضخما في الاستخارات،و اعتمد فيه على رواية الرقاع،و ذكر من آثارها عجائب و غرائب أراه اللّه تعالى إياها،و قال:إذا توالى الأمر في الرقاع فهو خير محض،و ان توالى النهي فذاك الأمر شر محض،و ان تفرّقت كان الخير و الشر موزعا بحسب تفرقها على أزمنة ذلك الأمر بحسب ترتبها (2).

و قد ذكرت استخارات مشهورة.

منها:الاستخارة بالدعاء المجرّد، و أفضله في موضع شريف كمسجد أو مشهد.فروى الشيخ-رحمه اللّه-بإسناده إلى الصادق عليه السّلام،قال:«ما استخار اللّه عبد قط مائة مرة في أمر عند رأس الحسين عليه السّلام،فيحمد اللّه و يثني عليه،إلاّ رماه اللّه بخير الأمرين» (3).

و روى معاوية بن ميسرة عن الصادق عليه السلام:«ما استخار عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه اللّه بالخيرة،يقول:يا أبصر الناظرين، و يا أسمع السامعين،و يا أسرع الحاسبين،و يا أرحم الراحمين،و يا أحكم0.

ص: 267


1- المعتبر 2:376.
2- انظر:فتح الأبواب بين ذوي الألباب و بين رب الأرباب:182.
3- قرب الاسناد:28،فتح الأبواب:240.

الحاكمين،صل على محمّد و أهل بيته،و خر لي في كذا و كذا» (1).

و روى ناجية عنه عليه السّلام:إذا أراد شراء العبد،أو الدابة،أو الحاجة الخفيفة،أو الشيء اليسير،استخار اللّه فيه سبع مرات.و ان كان أمرا جسيما استخار اللّه فيه مائة مرة» (2).

و منها:ما أورده الصدوق

في كتاب معاني الأخبار و من لا يحضره الفقيه-و نقله ابن طاوس في كتابه عنه (3)-بإسناده إلى هارون بن خارجة، قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا أراد أحدكم أمرا،فلا يشاور فيه أحدا من الناس حتى يشاور اللّه عز و جل».قلت:و ما مشاورة اللّه؟قال:

«تبدأ فتستخير اللّه عزّ و جلّ أولا،ثم تشاور فيه،فإذا بدأ باللّه أجرى الخير (4)على لسان من أحب من الخلق» (5)و نحوه في المقنعة للمفيد (6).

و منها:ما رواه السيد-رضي اللّه عنه

-عن سعد بن عبد اللّه في كتاب الدعاء،بإسناده إلى إسحاق بن عمار:«إذا أراد أحدكم أن يشتري أو يبيع، أو يدخل في أمر،فيبتدئ باللّه و يسأله».قلت:فما يقول؟قال:«يقول:

اللهم اني أريد كذا و كذا،فان كان خيرا لي في ديني و دنياي و آخرتي، و عاجل أمري و آجله،فيسّره لي.و إن كان شرا لي في ديني و دنياي فاصرفه عني.ربّ اعزم لي على رشدي و ان كرهته و أبته نفسي.ثم يستشير عشرة من المؤمنين،فان لم يصبهم و أصاب خمسة فيستشر خمسة

ص: 268


1- المقنعة:36،الفقيه 1:356 ح 1558،التهذيب 3:182 ح 414.
2- الفقيه 1:355 ح 1557.
3- فتح الأبواب:136.
4- في المعاني و الفقيه:«الخيرة».
5- الفقيه 1:355 ح 1553،معاني الأخبار:144.
6- المقنعة:36.

مرتين،و ان كان رجلان فكل واحد خمسا،و ان كان واحدا فليستشره عشرا» (1).

و من كتاب الدعاء لسعد:كتب أبو جعفر الثاني إلى إبراهيم بن شيبة:

«فهمت ما استأمرت به في ضيعتك التي تعرّض لك السلطان فيها،فاستخر اللّه مائة مرة خيرة في عافية،فإن احلولى بقلبك بعد الاستخارة بيعها فبعها و استبدل غيرها إن شاء اللّه،و لا تتكلم بين أضعاف الاستخارة حتى تتم المائة» (2).

و روى الكليني في كتاب رسائل الأئمّة عليهم السّلام أنّ الجواد كتب بمثل ذلك الى علي بن أسباط (3).

و منها:الاستخارة بالعدد،

و لم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد بن محمد الآوي الحسيني-المجاور بالمشهد المقدس الغروي-رضي اللّه عنه.

و قد رويناها عنه و جميع مروياته عن عدّة من مشايخنا،عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين بن المطهر،عن والده-رضي اللّه عنهما-عن السيد رضي الدين،عن صاحب الأمر عليه الصلاة السلام:«يقرأ الفاتحة عشرا-و أقلّه ثلاث و دونه مرة-ثم يقرأ القدر عشرا،ثم يقول هذا الدعاء -ثلاث-:اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور،و أستشيرك لحسن ظني بك في المأمول و المحذور.اللهم إن كان الأمر الفلاني مما قد نيطت بالبركة اعجازه و بواديه،و حفّت بالكرامة أيامه و لياليه،فخر لي اللهم فيه خيرة ترد

ص: 269


1- فتح الأبواب:139.
2- فتح الأبواب:143.
3- فتح الأبواب:143.

شموسه ذلولا،و تقعض أيامه سرورا.اللهم إما أمر فائتمر،و اما نهي فانتهي.اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية.ثم يقبض على قطعة من السبحة و يضمر حاجته،ان كان عدد تلك القطعة زوجا فهو افعل،و ان كان فردا لا تفعل،أو بالعكس» (1).

و قال ابن طاوس-رحمه اللّه-في كتاب الاستخارات:وجدت بخط أخي الصالح الرضي الآوي محمد بن محمد بن محمد الحسيني-ضاعف اللّه سيادته و شرف خاتمته-ما هذا لفظه:عن الصادق عليه السّلام:«من أراد أن يستخير اللّه تعالى فليقرأ الحمد عشر مرات و إنّا أنزلناه عشر مرات،ثم يقول»و ذكر الدعاء،إلا انّه قال عقيب«و المحذور»:«اللهم إن كان أمري هذا قد أنيطت»،و عقيب«سرورا»:«يا اللّه،اما أمر فائتمر،و اما نهي فانتهي.اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية-ثلاث مرات-ثم يأخذ كفا من الحصى أو سبحة» (2).

و منها:الاستخارة بالمصحف الكريم.

روى اليسع القمي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أريد الشيء فأستخير اللّه فيه فلا يوفق فيه الرأي،أفعله أو أدعه؟فقال:«انظر إذا قمت إلى الصلاة،فإنّ الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلى الصلاة،أي شيء وقع في قلبك فخذ به،و افتح المصحف فانظر إلى أول ما ترى فيه فخذ به إن شاء اللّه» (3).

و من الصلوات المستحبة صلاة الهدية.

روي عنهم عليهم السّلام:«أنّه يصلّى يوم الجمعة ثماني ركعات:أربعا تهدى الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و أربعا تهدى الى

ص: 270


1- نقله المجلسي في البحار 91:248 ح 2 عن منهاج الصلاح.
2- فتح الأبواب:272-273.
3- التهذيب 3:310 ح 960.

فاطمة عليهما السّلام.و يوم السبت أربع ركعات تهدى الى أمير المؤمنين عليه السّلام.ثم كذلك كل يوم الى واحد من الأئمة عليهم السّلام الى يوم الخميس أربع ركعات الى جعفر بن محمد عليهما السّلام.ثم في يوم الجمعة ثماني ركعات:أربعا تهدى الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و اربع ركعات تهدى الى فاطمة عليها السّلام،ثم في يوم السبت أربع ركعات تهدى إلى موسى بن جعفر عليهما السّلام،ثم كذلك الى يوم الخميس أربع ركعات تهدى إلى صاحب الزمان عليه السّلام».هكذا رواها الشيخ في المصباح (1).

و يدعو بين كل ركعتين منها:«اللهم أنت السلام.و منك السلام، و إليك يعود السلام،حيّنا ربنا منك بالسلام.اللهم انّ هذه الركعات هدية مني الى وليك فلان،فصل على محمد و آله،و بلّغه إياها،و أعطني أفضل أملي و رجائي فيك و في رسولك صلواتك عليه و فيه»و تدعو بما أحببت (2).

و منها:صلوات الحاجة يوم الجمعة،

و هي كثيرة:

منها:ما رواه عاصم بن حميد، قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا حضرت أحدكم الحاجة فليصم يوم الأربعاء و يوم الخميس و يوم الجمعة، فإذا كان يوم الجمعة اغتسل و لبس ثوبا نظيفا ثم يصعد إلى أعلى موضع في داره و يصلّي،ثم يمدّ يده الى السماء و يقول:اللهم اني حللت بساحتك» الى آخره حسب ما هو مذكور في المصباح (3).

و منها:ما رواه محمد بن مسلم-رحمه اللّه

-عن الباقر عليه السّلام،أنّه قال:«ما يمنع أحدكم إذا أصابه شيء من غمّ الدنيا أن يصلّي يوم الجمعة ركعتين،

ص: 271


1- مصباح المتهجد:285.
2- مصباح المتهجد:286.
3- مصباح المتهجد:287.

و يحمد اللّه تعالى و يثني عليه،و يصلّي على محمد و آل محمد عليهم السّلام،و يمدّ يده و يقول:اللهم إني أسألك بأنك ملك»الى آخر الدعاء،و فيه الاستعاذة من شر العدو فإنّه يكفاه (1)و عن الرضا عليه السّلام:«من كانت له حاجة قد ضاق بها ذرعا فلينزلها باللّه جلّ اسمه،يصوم الأربعاء و الخميس و الجمعة،ثم ليغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة،و يلبس أنظف ثيابه،و يتطيّب بأطيب طيبه،ثم يقدم صدقة على امرئ مسلم بما تيسّر،ثم ليبرز الى آفاق السماء و يستقبل القبلة، و يصلّي ركعتين يقرأ في الأولى الفاتحة و قل هو اللّه أحد خمس عشرة مرة،ثم ليركع فيقرأها كذلك،و كذا في الأحوال من الرفع في الركوع و السجود و الرفع منهما.و في الثانية كذلك،و قبل التشهد خمس عشرة مرة،ثم يتشهد و يسلم و يقرؤها خمس عشرة مرة،ثم يسجد و يقرؤها كذلك،ثم يعفّر خديه و يقرؤها فيهما كذلك،ثم يعود الى السجود و يدعو.

فإذا فعل تقضى حاجته» (2).

و منها:الصلاة الكاملة يوم الجمعة،

لدفع شر أهل السماء و شر أهل الأرض،مروية عن الصادق عليه السّلام،عن أبيه،عن جده،عن علي عليه السّلام، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«يصلي أربع ركعات يوم الجمعة قبل الصلاة،يقرأ في كل ركعة:فاتحة الكتاب عشر مرات،و المعوذتين عشرا،و التوحيد عشرا، و الجحد عشرا،و آية الكرسي عشرا،و القدر عشرا،و شهد اللّه عشرا فإذا فرغ من الصلاة استغفر اللّه مائة مرة،ثم يقول:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر،و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم مائة مرة،و يصلي على

ص: 272


1- مصباح المتهجد:286.
2- مصباح المتهجد:303.

النبي صلّى اللّه عليه و آله مائة مرة» (1).

و قال ابن بابويه-في الرسالة-إذا كانت لك الى اللّه حاجة،فصم ثلاثة أيام آخرها الجمعة،و ابرز قبل زوال الجمعة مغتسلا وصل ركعتين، تقرأ في كل ركعة الحمد و التوحيد خمس عشرة مرة،فإذا ركعت قرأتها عشرا،و هكذا في باقي الأحوال إلى الرفع من السجدة الثانية،و تقنت.فإذا قضيت حاجتك صلّي ركعتي الشكر،تقرأ في الأولى الحمد و التوحيد،و في الثانية الحمد و الجحد.و تقول في الركعة الاولى من ركوعك:الحمد للّه شكرا، و في سجودك:شكرا للّه و حمدا.و تقول في الركعة الثانية في الركوع و السجود:الحمد للّه الذي قضى حاجتي،و أعطاني مسألتي (2).

و هذه الصلاة في الكليني و التهذيب مسندة إلى مقاتل عن الرضا عليه السّلام (3).و صلاة الشكر المذكورة مسندة إلى هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،إلا انه قال:«تقول في الركعة الأولى في ركوعك و سجودك:

الحمد للّه شكرا شكرا و حمدا.و تقول في الثانية في ركوعك و سجودك:

الحمد للّه الذي استجاب دعائي،و أعطاني مسألتي» (4).

و من صلوات الحوائج غير مختصة بيوم الجمعة ما أورده الصدوق في

كتابه،

فمنها:ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«انّ أحدكم إذا مرض دعا الطبيب و أعطاه،و إذا كان له حاجة الى السلطان رشا البواب و أعطاه،و لو انّ أحدكم إذا فدحه أمر فرغ الى اللّه تعالى فتطهر و تصدق

ص: 273


1- مصباح المتهجد:279.
2- الفقيه 1:354.
3- الكافي 3:477 ح 3،التهذيب 3:184 ح 417.
4- الكافي 3:481 ح 1،التهذيب 3:184 ح 418.

بصدقة قلّت أو كثرت،ثم دخل المسجد فصلّى ركعتين،فحمد اللّه و اثنى عليه و صلّى على محمد و آله،ثم قال:اللهم ان عافيتني من مرضي،أو رددتني من سفري أو عافيتني مما أخاف من كذا و كذا،إلاّ آتاه اللّه ذلك، و هي (1)اليمين الواجبة و ما جعله اللّه عليه في الشكر» (2).

قال الصدوق:و كان علي بن الحسين عليهما السّلام إذا حزبه أمر لبس ثوبين من أغلظ ثيابه و أخشنها،ثم ركع من آخر الليل ركعتين،حتى إذا كان في آخر سجدة من سجوده سبّح اللّه مائة مرة،و حمده مائة مرة،و هلّل اللّه مائة مرة،و كبّر اللّه مائة مرة،ثم يعترف بذنوبه كلها ما عرف منها أقر للّه تعالى به في سجوده،و ما لم يذكر منها اعترف به جملة،ثم يدعو اللّه تعالى و يفضي بركبيته إلى الأرض (3).

و روى عن يونس بن عمار،قال:شكوت الى أبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا كان يؤذيني،فقال:«ادع عليه».فقلت:قد دعوت عليه.قال:«ليس هكذا،و لكن أقلع عن الذنوب،و صم و صلّ و تصدق،فإذا كان آخر الليل فأسبغ الوضوء ثم قم فصلّ ركعتين،ثم قل و أنت ساجد:اللهم فلان بن فلان قد أذلني (4)،اللهم أسقم بدنه،و اقطع أثره،و انقص أجله،و عجّل له ذلك في عامة هذا».قال:ففعلت فلم ألبث إن هلك (5).

و روى الصدوق أيضا:انّ رجلا كان بينه و بين رجل من أهل المدينة خصومة ذات خطر عظيم،فدخل على أبي عبد اللّه عليه السّلام فذكر له ذلك،فقال:9.

ص: 274


1- في م:«و هو على».
2- الفقيه 1:351 ح 1547،المقنعة:36،التهذيب 3:182 ح 415.
3- الفقيه 1:352 ح 1548.
4- في المصدر:«آذاني».
5- الفقيه 1:352 ح 1549.

«إذا أردت الغدو فصل بين القبر و المنبر ركعتين أو أربعا،و إن شئت في بيتك،و اسأل اللّه ان يعينك،و خذ شيئا نفيسا فتصدق به على أول مسكين تلقاه».قال:ففعلت ما أمرني فقضي لي ورد اللّه عليّ أرضي (1).

و من الصلوات المستحبة مؤكدا صلاة شهر رمضان،

و فيها مسائل:

الاولى:في شرعيتها، و الأشهر في الروايات ذلك،حتى ادعى عليه سلار الإجماع (2).

و قال الصدوق:لا نافلة فيه زيادة على غيره (3).

و ابن أبي عقيل لم يعرض لها بالذكر (4)و لا علي ابن بابويه (5).

لنا:الروايات الكثيرة،كرواية أبي خديجة (6)و محمد بن يحيى (7)و أبي بصير (8)و عبيد بن زرارة (9)و جميل بن صالح (10)جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.

احتج برواية محمد بن مسلم عنه عليه السّلام:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا صلّى العشاء لا يصلّي شيئا إلاّ بعد انتصاف الليل،لا في رمضان و لا في

ص: 275


1- الفقيه 1:352 ح 1550.
2- المراسم:82،و نصّه:لا خلاف في أنها ألف ركعة.
3- الفقيه 1:88-89،و راجع:الحدائق الناضرة 10:509،مفتاح الكرامة 3: 256.
4- راجع:مختلف الشيعة:126.
5- راجع:مختلف الشيعة:126.
6- التهذيب 3:60 ح 204،الاستبصار 1:461 ح 1793.
7- التهذيب 3:60 ح 205،الاستبصار 1:461 ح 1795.
8- سيأتي في ص 804 الهامش 9.
9- التهذيب 3:61 ح 208،الاستبصار 1:461 ح 1792.
10- التهذيب 3:61 ح 209،الاستبصار 1:461 ح 1794.

غيره» (1).

و بصحيحة عبد اللّه بن سنان عنه عليه السّلام و سأله عن الصلاة في شهر رمضان،فقال:«ثلاث عشرة ركعة،منها:الوتر،و ركعتان قبل صلاة الفجر، كذلك كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلي،و لو كان فضلا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أعمل به و أحق» (2).

و أجاب الشيخ عن الأولى:بأنّ المراد أنّه لم يكن يصلّي في جماعة، لتظافر الاخبار بنهيه صلّى اللّه عليه و آله عن الجماعة في شهر رمضان في المساجد (3).

و أجاب الفاضل عن الثاني بتجويز أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة:هل تزيد في شهر رمضان؟ و بالجملة فالفتاوى و الاخبار متظافرة بشرعيتها،فلا يضر معارضة النادر.

الثانية:في قدرها، و المشهور ألف ركعة زيادة على الراتبة،رواه جميل بن صالح عن الصادق عليه السّلام (4)و علي بن أبي حمزة أيضا (5)و إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام (6)و سماعة بن مهران عن الصادق عليه السّلام (7).

و روى سليمان بن عمرو عنه عليه السّلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:من صلّى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة،يقرأ في كل ركعة بقل1.

ص: 276


1- التهذيب 2:118 ح 443،3:69 ح 225،الاستبصار 1:279 ح 1013.
2- الفقيه 1:358 ح 1568،التهذيب 3:69 ح 224،الاستبصار 1:467. ح 1805.
3- التهذيب 3:69،الاستبصار 1:467.
4- التهذيب 3:61 ح 209،الاستبصار 1:461 ح 1794.
5- الكافي 4:154 ح 1،التهذيب 3:63 ح 215،الاستبصار 1:463 ح 1798.
6- التهذيب 3:64 ح 217،الاستبصار 1:464 ح 1801.
7- التهذيب 3:64 ح 217،الاستبصار 1:464 ح 1801.

هو اللّه أحد عشر مرات،اهبط اللّه عزّ و جل إليه من الملائكة عشرة يدرءون عنه أعداءه من الجن و الانس،و اهبط اللّه اليه عنده موته ثلاثين ملكا يؤمنونه من النار» (1).

و روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:الصلاة في العشرين الأولين، و لم يذكر العشر الأخير (2).

و هاتان الروايتان ليس فيهما معارضة في التحقيق،أما الاولى فلأن زيادة المائة حسن لما فيه من التعرّض للثواب،و اما الثانية فكانّ وظيفة العشر الأخير تركت للعلم بها،أو انّ الراوي اقتصر على العشرين الأولين.

نعم،قال ابن الجنيد:قد روي عن أهل البيت عليهم السّلام زيادة في صلاة الليل على ما كان يصليها الإنسان في غيره:أربع ركعات تتمة اثنتي عشرة ركعة (3)مع انه قائل بالألف أيضا.و هذه زيادة لم نقف على مأخذها، إلاّ أنّه ثقة و إرساله في قوة المسند،لانه من أعاظم العلماء.

و قال الشيخ الجليل ذو المناقب و المآثر أبو عبد اللّه محمد بن أحمد الصفواني-في كتاب التعريف-:هي سبعمائة ركعة (4)و لعله أراد الألف، و ترك ذكر زوائد ليالي الافراد لشهرته.

و لابن أبي قرة-رحمه اللّه-في كتابه رواية بمقدار من الصلوات لكل ليلة، ذكرناه في الأربعين حديثا (5).1.

ص: 277


1- المقنعة:28،التهذيب 3:62 ح 212.
2- التهذيب 3:64 ح 216.
3- مختلف الشيعة:126.
4- في وسائل الشيعة 8:36 ح 14 عن إقبال الأعمال:11 عن كتاب التعريف للصفواني:أنها تسعمائة ركعة.
5- الأربعون حديثا:87-91.

الثالثة:صورة الصلاة أن يصلي في العشرين الأولين كل ليلة عشرين،و في العشر الأخير كل ليلة ثلاثين،و يزيد على المعيّن في ليالي الإفراد-و هي:تسع عشرة و إحدى و عشرون و ثلاث و عشرون-كل ليلة مائة،فذلك ألف ركعة.

روى ذلك مسعدة بن صدقة و غيره عن الصادق عليه السّلام (1)و عليه طائفة من الأصحاب (2).

و قال الأكثر (3):يقتصر في ليالي الإفراد على المائة،و تبقى ثمانون ركعة فيفرقها على الجمع،فيصلي في كل جمعة عشر ركعات:أربع منها بصلاة أمير المؤمنين عليه السّلام،ثم ركعتان بصلاة فاطمة عليها السّلام،ثم أربع بصلاة جعفر عليه السّلام،ثم يصلي في ليلة الجمعة الأخيرة عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين عليه السّلام،و في عشيتها ليلة السبت عشرين ركعة صلاة فاطمة عليها السّلام.و على هذه الرواية رتّب الشيخ الدعوات في المصباح (4).

و كل حسن جميل.

الرابعة: الأظهر في الفتاوى،و الأشهر بين الأصحاب،أنّ المتنفّل بالعشرين يصلّي بين العشاءين ثماني ركعات،و بعد العشاء الآخرة اثنتي عشرة ركعة.رواه مسعدة (5)و علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن1.

ص: 278


1- الكافي 4:154 ح 1،التهذيب 3:62 ح 213،215،الاستبصار 1:462 ح 1796، 1798.
2- منهم الشيخ المفيد في الاشراف:11،و الشيخ الطوسي في الخلاف 1:117 المسألة 216،و الاقتصاد:273،و أبو الصلاح الحلبي في الكافي:159،و ابن إدريس في السرائر:68.
3- منهم الشيخ المفيد في المقنعة:27،و السيد علم الهدى في الانتصار:55،و الشيخ الطوسي في المبسوط 1:133،و ابن البراج في المهذب 1:145،و نسبه في مختلف الشيعة 1:126 إلى سلار و ابن حمزة.
4- مصباح المتهجد:497.
5- تقدمت في الهامش 1.

الصادق عليه السّلام (1)و محمد بن سليمان عن الرضا عليه السّلام (2).

و خيّر الشيخ في النهاية بين ذلك،و بين جعل اثنتي عشرة بين العشاءين و ثمان بعد العشاء (3)لرواية سماعة (4)و هي من مضمراته التي لم يسم فيها الإمام،و إن كان الظاهر رواية عنه.

الخامسة: الأظهر أيضا ان الثلاثين في العشر الأواخر،يصلّى ثمان منها بين العشاءين،و الباقي بعد العشاء الآخرة،و قد تضمنته رواية علي بن أبي حمزة (5)و محمد بن سليمان (6).

و في رواية مسعدة:يصلى بين العشاءين اثنتي عشرة ركعة و الباقي بعد العشاء (7)و عليها أبو الصلاح (8)و ابن البراج (9).

و العمل بالجميع في المسألتين جائز.

و أمّا الوتيرة،فالمشهور انها تفعل بعد وظيفة العشاء،لتكون خاتمة النوافل.

و قال سلار:بل الوتيرة مقدّمة على الوظيفة (10)و هي في رواية محمد ابن سليمان عن الرضا عليه السّلام (11).1.

ص: 279


1- التهذيب 3:63 ح 215،الاستبصار 1:463 ح 1798.
2- التهذيب 3:64 ح 217،الاستبصار 1:464 ح 1801.
3- النهاية:140.
4- الفقيه 2:88 ح 397،التهذيب 3:63 ح 214،الاستبصار 1:462 ح 1797.
5- راجع الهامش 1.
6- تقدمت في الهامش 2.
7- تقدمت في ص 278 الهامش 1.
8- الكافي في الفقه:159.
9- المهذب 1:146،باختلاف عما هنا و لعله من مصدر آخر.
10- في المراسم:82 جعل الوظيفة قبل الوتيرة،راجع مفتاح الكرامة 3:258.
11- التهذيب 3:64 ح 217،الاستبصار 1:464 ح 1801.

و الظاهر أيضا جواز الأمرين.

السادسة: لو فات شيء من هذه النوافل ليلا،فالظاهر انه يستحب قضاؤه نهارا،لعموم قوله تعالى وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً (1)و ما ورد في تفسيره ما أسلفناه من قبل.و بذلك أفتى ابن الجنيد -رحمه اللّه-قال:و كذا لو فاتته الصلاة في ليلة الشك ثم ثبتت الرؤية.

السابعة: قال أبو الصلاح:من السنّة ان يتطوع الصائم في شهر رمضان بألف ركعة (2).و هو يدلّ من حيث المفهوم على انتفاء استحباب تطوع غيره كالمسافر.

قال في المختلف:و لم يشرط باقي علمائنا ذلك.لنا:انها عبادة زيدت لشرف الزمان،فلا تسقط بسقوط الصوم (3).و هو فتوى منه بعموم الاستحباب.

الثامنة: يستحب ان يدعى عقيب كل ركعتين بالدعاء المأثور مع سعة الوقت لذلك،و لو ضاق الوقت عن الدعاء و الصلاة اقتصر على الصلاة.

التاسعة: الجماعة في هذه الصلاة بدعة محرمة عند الأصحاب،و قد رواه زرارة و ابن مسلم و الفضيل،قالوا:سألناهما عن الصلاة في رمضان نافلة بالليل جماعة،فقالا:«انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى العشاء الآخرة انصرف الى منزله،ثم يخرج من آخر الليل الى المسجد فيقوم فيصلّي.فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلّي كما كان يصلّي،فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته،ففعلوا ذلك ثلاث ليال،فقال على منبره في الرابع:إنّ7.

ص: 280


1- سورة الفرقان:62.
2- الكافي في الفقه:159.
3- مختلف الشيعة:127.

الصلاة بالليل في شهر رمضان في النافلة في جماعة بدعة،و صلاة الضحى بدعة،الا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل،و لا تصلوا صلاة الضحى فان ذلك معصية،إلاّ و إن كان بدعة ضلالة،و كل ضلالة سبيلها الى النار.ثم نزل و هو يقول:قليل في سنّة خير من كثير في بدعة» (1).

و في رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انه لما قدم أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة،أمر الحسن عليه السّلام أن ينادي في الناس:

لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة،فنادى في الناس الحسن عليه السّلام بما أمره به أمير المؤمنين عليه السّلام،فلما سمع الناس مقالة الحسن ابن علي صاحوا:وا عمراه وا عمراه،فلما بلغ ذلك علي عليه السّلام قال:قل لهم صلّوا» (2).

و يستحب ان يصلّي ليلة الفطر ركعتان،

يقرأ في الأولى الحمد و قل هو اللّه أحد ألف مرة،و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد مرة واحدة،رواه في التهذيب بالسند إلى أحمد بن محمد السياري،رفعه الى أمير المؤمنين عليه السّلام،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«انه إذا صلاهما لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه إياه» (3)و السياري في عدد (4)الضعفاء إلاّ انّ الأصحاب تلقوها بالقبول.

و من الصلوات المستحبة صلاة يوم الغدير،

و هي مشهورة بين الأصحاب.روى علي بن الحسين العبدي،قال:سمعت الصادق عليه السّلام يقول:«صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا،لو عاش إنسان ثم

ص: 281


1- الفقيه 2:87 ح 394،التهذيب 3:69 ح 226،الاستبصار 1:467 ح 1807.
2- التهذيب 3:70 ح 227.
3- المقنعة:28،التهذيب 3:71 ح 228.
4- كذا في النسخ،و لعلها:عداد.

صام ما عمّرت الدنيا لكان له ثواب ذلك،و صيامه يعدل عند اللّه عزّ و جلّ في كل عام مائة حجة و مائة عمرة مبرورات مقبولات،و هو عيد اللّه الأكبر،و ما بعث اللّه عزّ و جلّ نبيا إلاّ و تعيّد في هذا اليوم و عرف حرمته.و اسمه في السماء:يوم العهد المعهود،و في الأرض:يوم الميثاق المأخوذ و الجمع المشهود.

و من صلّى فيه ركعتين،يغتسل من قبل ان تزول الشمس مقدار نصف ساعة،و يقرأ في كل ركعة الحمد مرة،و عشر مرات قل هو اللّه أحد،و عشر مرات آية الكرسي،و عشر مرات إنا أنزلناه عدلت عند اللّه عزّ و جلّ مائة ألف حجة و مائة ألف عمرة،و ما سأل اللّه عزّ و جل حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلاّ قضيت كائنا ما كانت الحاجة.و إن فاتتك الركعتان و الدعاء قضيتهما بعد ذلك.

و من فطّر فيه مؤمنا كان كمن أطعم فئاما و فئاما و فئاما»فلم يزل يعدّ الى أن عقد بيده عشرا،ثم قال:«أو تدري ما الفئام؟»قلت:لا.قال:

«مائة ألف كل فئام،و الدرهم فيه بألف ألف درهم».و يستحب الدعاء بعدها بالمنقول،ثم يسأل حاجته،و في تمام الحديث:«فإنها و اللّه مقضيّة» (1).

و منها:صلاة يوم المباهلة،

و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة في أظهر الروايات.و روي:أنّه الخامس و العشرون منه.

و يستحب الإكثار فيه من الصلاة،و الاستغفار عقيب كل ركعتين سبعين مرة،و الدعاء بعدها بالمأثور،روى ذلك محمد بن صدقة عن

ص: 282


1- التهذيب 3:143 ح 317.

الكاظم عليه السّلام (1).

و روى عن الصادق عليه السّلام:انه يصلّي فيه ركعتان بصفة صلاة يوم الغدير،الا انه قال في آية الكرسي:«إلى قوله هُمْ فِيها خالِدُونَ ، و انها تعدل عند اللّه مائة ألف حجة و مائة ألف عمرة»،و ذكر ما سلف (2).

و منها:صلاة أول ذي الحجة،

و فيه ولد الخليل إبراهيم صلّى اللّه عليه و آله،و فيه اتخذه اللّه خليلا،و فيه زوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاطمة عليهما السّلام من أمير المؤمنين عليه السّلام.و يستحب ان يصلّي فيه صلاة فاطمة عليها السّلام.

و منها:صلاة يوم المبعث،

و هو السابع و العشرون من رجب.روى الكليني عن علي بن محمد،رفعه الى أبي عبد اللّه عليه السّلام:«من صلّى فيه أي وقت شاء اثنتي عشرة ركعة،يقرأ في كل ركعة بأمّ القرآن و سورة،فإذا فرغ و سلّم جلس مكانه ثم قرأ أمّ القرآن أربع مرات،فإذا فرغ و هو في مكانه قال:لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر،و الحمد للّه،و سبحان اللّه،و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه،أربع مرات.ثم يقول:اللّه أكبر ربي لا أشرك به شيئا،أربع مرات.

ثم يدعو فلا يدعو بشيء إلاّ استجيب له في كل حاجة،إلاّ ان يدعو في جائحة قوم أو قطيعة رحم» (3).

و منها:صلاة ليلة المبعث،

و قد رواها صالح بن عقبة عن أبي الحسن عليه السّلام،قال:«صلّ ليلة سبعة و عشرين من رجب-أي وقت شئت في الليل-اثنتي عشرة ركعة،تقرأ في كل ركعة الحمد و المعوذتين،و قل هو اللّه أحد أربع مرات،فإذا فرغت قلت و أنت في مكانك-أربع

ص: 283


1- مصباح المتهجد:708.
2- مصباح المتهجد:703.
3- الكافي 3:469 ح 7،المقنعة:37،التهذيب 3:185 ح 419.

مرات-:لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و الحمد للّه و سبحان اللّه،و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه،ثم ادع بما شئت» (1).و روي غيرها أيضا (2).

و منها:صلاة النصف من شعبان،

و هي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد و قل هو اللّه أحد مائة مرة،فإذا فرغ دعا بالمأثور.

و منها:صلاة طلب الرزق.

روى الكليني بإسناده إلى الحلبي محمد ابن علي،قال:شكا رجل الى أبي عبد اللّه عليه السّلام الفاقة و الحرفة في التجارة بعد يسار كان فيه،فأمره أبو عبد اللّه عليه السّلام أن يأتي مقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين القبر و المنبر،فيصلي ركعتين و يقول مائة مرة:اللهم إني أسألك بقوتك و قدرتك و بعزتك،و ما أحاط به علمك،ان تيسّر لي من التجارة أوسعها رزقا،و أعمّها فضلا و خيرها عاقبة.ففعل ذلك فما توجّه في وجه إلاّ رزقه اللّه (3).

و منها:صلاة الاستطعام،

رواها الكليني بإسناده إلى شعيب العقرقوفي،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«من جاع فليتوضّأ و يصلّي ركعتين، ثم يقول:يا رب اني جائع فأطعمني،فإنه يطعم من ساعته» (4).

و منها:صلاة الحبل،

رواها بإسناده الى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«من أراد ان يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة،يطيل فيهما الركوع و السجود،ثم يقول:اللهم إني أسألك بما سألك زكريا إذ قال:

«رب لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين».اللهم هب لي ذرية طيبة إنك

ص: 284


1- مصباح المتهجد:749.
2- مصباح المتهجد:749.
3- الكافي 3:473 ح 1،التهذيب 3:311 ح 965.
4- الكافي 3:475 ح 6،التهذيب 2:237 ح 939،3:312 ح 968.

سميع الدعاء.اللهم باسمك استحللتها،و في أمانتك أخذتها،فإن قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما،و لا تجعل للشيطان فيه نصيبا و لا شركا» (1).

و منها:صلاة الدخول بالزوجة.

روى أيضا عن أبي بصير،قال:سمعت رجلا و هو يقول لأبي جعفر عليه السّلام:جعلت فداك إنّي قد أسننت و قد تزوجت امرأة بكرا صغيرة و لم أدخل بها،و أنا أخاف إذا أدخلت عليّ أن تكرهني لخضابي و كبري،فقال أبو جعفر عليه السّلام:«إذا دخلت فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة،ثم أنت لا تصل إليها حتى تتوضأ و تصلي ركعتين،ثم مجّد اللّه و صل على محمد و آل محمد،ثم ادع اللّه و مر من معها أن يؤمّنوا على دعائك،و قل:اللهم ارزقني إلفها و و ودّها و رضاها،و رضني بها،ثم اجمع بيننا بأحسن اجتماع و أسرّ ائتلاف،فإنّك تحب الحلال و تكره الحرام» (2).

و منها:صلاة الاهتمام بالتزويج،

رواها أيضا بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«إذا همّ بذلك فليصل ركعتين و يحمد اللّه،ثم يقول:اللهم إنّي أريد أن أتزوج،فقدّر لي من النساء أعفّهنّ فرجا، و أحفظهنّ لي في نفسها و في مالي،و أوسعهنّ رزقا،و أعظمهنّ بركة.و قدّر لي ولدا طيبا تجعله خلفا صلحا في حياتي و بعد مماتي» (3).

و منها:صلاة السفر.

روى بإسناده إلى السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:ما استخلف عبد على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد سفرا،و يقول:اللهم إنّي

ص: 285


1- الكافي 3:482 ح 3،مصباح المتهجد:337،التهذيب 3:315 ح 974. و الآية في سورة الأنبياء:89،و الاقتباس من سورة آل عمران:38.
2- الكافي 3:481 ح 1.
3- الكافي 3:481 ح 2.

أستودعك نفسي و أهلي و مالي،و ديني و دنياي و آخرتي،و أمانتي و خواتيم عملي،إلاّ أعطاه اللّه ما سأل» (1).

و منها:صلاة من خاف شيئا،

رواها بإسناده إلى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«اتخذ مسجدا في بيتك،فإذا خفت شيئا فالبس ثوبين غليظين من أغلظ ثيابك و صل فيهما،ثم اجث على ركبتيك فاصرخ إلى اللّه و سله الجنة،و تعوّذ باللّه من شر الذي تخافه،و إياك أن يسمع اللّه منك كلمة بغي و إن أعجبتك نفسك و عشيرتك» (2).

و عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:كان علي عليه السّلام إذا هاله شيء فزع إلى الصلاة،ثم تلا هذه الآية وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ (3).

و منها:الصلاة للعافية.

روى بإسناده إلى إسماعيل بن الأرقط-و امه أم سلمة أخت أبي عبد اللّه عليه السّلام و رضي عنها-قال:مرضت في شهر رمضان مرضا شديدا حتى ثقلت،و اجتمعت بنو هاشم ليلا للجنازة و هم يرون أنّي ميت،فجزعت أمي عليّ فقال لها أبو عبد اللّه عليه السّلام خالي:«اصعدي إلى فوق البيت،و فابرزي إلى السماء و صلّي ركعتين،فإذا سلمت فقولي:اللهم إنّك وهبته لي و لم يك شيئا.اللهم و أني استوهبه (4)مبتدئا فأعرنيه».قال:

ففعلت،فأفقت و قعدت،و دعوا بسحور لهم هريسة فتسحّروا بها فتسحّرت معهم» (5).

ص: 286


1- الكافي 5:500 ح 1،الفقيه 3:249 ح 1187،التهذيب 7:407 ح 1627.
2- الكافي 3:480 ح 2،التهذيب 3:314 ح 973.
3- الكافي 3:480 ح 1 و الآية في سورة البقرة:42.
4- في الكافي:«أستوهبكه».
5- الكافي 3:478 ح 6،التهذيب 3:313 ح 970.

و بإسناده عن جميل،قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام،فدخلت عليه امرأة و ذكرت انها تركت ابنها و قد قالت بالملحفة على وجهه ميتا،فقال لها:«لعله لم يمت،فقومي فاذهبي إلى بيتك فاغتسلي و صلّي ركعتين، و ادعي و قولي:يا من وهبه لي و لم يك شيئا جدّد هبته لي،ثم حرّكيه و لا تخبري بذلك أحدا».قالت:ففعلت،فحرّكته فإذا هو قد بكى (1).

و روى بإسناده إلى الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:

«إذا كانت لك حاجة،فتوضّأ وصل ركعتين،ثم احمد اللّه و أثن عليه و اذكر من آلائه،ثم ادع تجب» (2).و في رواية أخرى عنه عليه السّلام-بعد الصلاة.

«و صل على محمد و آله،و سل تعطه» (3).

و منها:صلاة الزيارة للنبي صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمة عليهم السّلام،

و هي ركعتان بعد الفراغ من الزيارة تصلّى عند الرأس،و إذا زار أمير المؤمنين عليه السّلام صلّى ست ركعات،لأنّ معه آدم و نوحا على ما ورد في الأخبار (4).

قال ابن زهرة-رحمه اللّه-من زار و هو مقيم في بلده،قدّم الصلاة ثم زار عقيبها (5).

و ستأتي صلاة الإحرام إن شاء اللّه.

و قد تقدّمت صلاة التحية للمسجد.

و لا يستحب عندنا صلاة الضحى،بل هي بدعة لا يجوز فعلها،و نقل

ص: 287


1- الكافي 3:479 ح 11.
2- الكافي 3:479 ح 10.
3- الكافي 3:479 ح 9.
4- فرحة الغري 49،50،65،70،73،التهذيب 6:22 ح 51،34 ح 68.
5- الغنية:503.

في الخلاف فيه الإجماع (1)،و لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«صلاة الضحى بدعة» (2).و ما رووه من الاخبار فيها (3)لو صحت فهي منسوخة.3.

ص: 288


1- الخلاف 1:120 المسألة 3.
2- الكافي 3:453 ح 9،الفقيه 2:87 ح 394،التهذيب 3:69 ح 226، الاستبصار 1:467 ح 1807.
3- صحيح مسلم 1:497 ح 719،سنن ابن ماجة 1:439 ح 1380،الجامع الصحيح 2:337 ح 473.
الركن الخامس:في اللواحق
اشارة

و فيه فصول ثلاثة:

الفصل الأوّل: في صلاة السفر،و فيه مطالب
المطلب الأول:في محله،
اشارة

و هو الرباعيات من الصلوات الخمس إذا كان أداؤها في السفر بالإجماع و الآية (1).

و روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«الصلاة في السفر ركعتان،ليس قبلهما و لا بعدهما شيء،إلاّ المغرب ثلاث ركعات» (2).

و أمر عليه السّلام بالإعادة لمن صلّى الظهر أربعا في السفر (3)،فعلى هذا يكون القصر عزيمة لا رخصة.

و محله أيضا نوافل النهار و الوتيرة-لما تقدم-و الصوم الواجب.

فيجب الإفطار فيه للآية (4)،و لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«ليس من البر الصيام في

ص: 289


1- سورة النساء:101.
2- التهذيب 2:13 ح 13 ح 31،الاستبصار 1:220 ح 778.
3- التهذيب 2:14 ح 33.
4- سورة البقرة:185.

السفر» (1).و روى جابر:أنّ أناسا صاموا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في السفر فسمّاهم العصاة (2).

و انفرد الأصحاب بالتخيير في الصلاة في أربعة أماكن:مسجد مكة، و مسجد المدينة،و مسجد الكوفة،و الحائر.و هو في روايات،منها:رواية حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«من مخزون علم اللّه الإتمام في أربعة مواطن:حرم اللّه،و حرم رسوله،و حرم أمير المؤمنين،و حرم الحسين عليه السّلام (3).

و في رواية عنه عليه السّلام:«تتم الصلاة:في المسجد الحرام،و مسجد الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و مسجد الكوفة،و حرم الحسين عليه السّلام» (4).

و قال ابن بابويه:يقصر فيها ما لم ينو مقام عشرة،و تستحب له نيّة المقام ليتمّ،لرواية محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه السّلام،قلت:الصلاة بمكة تمام أو تقصير؟فقال:«قصّر ما لم يعزم مقام عشرة» (5)و مثله رواية معاوية بن وهب عن الصادق عليه السّلام و ذكر منها الحرمين (6).1.

ص: 290


1- ترتيب مسند الشافعي 1:271 ح 718،مسند الطيالسي:238 ح 1721،مسند أحمد 3:299،سنن الدارمي 2:9،صحيح مسلم 2:786 ح 1115،سنن أبي داود 2:317 ح 2407،سنن النسائي 4:177،مسند أبي يعلى 3:402 ح 1883،شرح معاني الآثار 2:62.
2- ترتيب مسند الشافعي 1:268 ح 712،صحيح مسلم 2:785 ح 1114،الجامع الصحيح 3:89 ح 710،سنن النسائي 4:177،شرح معاني الآثار 2:65،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 5:225 ح 3541.
3- كامل الزيارات:249،الخصال:252،التهذيب 5:430 ح 1494،الاستبصار 2: 334 ح 1191.
4- الكافي 4:587 ح 5،كامل الزيارات:249،مصباح المتهجد:674،التهذيب 5: 431 ح 1497،الاستبصار 2:355 ح 1193.
5- الفقيه 1:283،الخصال:252،عيون أخبار الرضا 2:18،التهذيب 5:436 ح 1482،الاستبصار 2:331 ح 1178.
6- التهذيب 5:428 ح 1485،الاستبصار 2:332 ح 1181.

و أجيب:بأنّ المراد لا يجب التمام عينا حتى يعزم على المقام عشرة، و بأنّ الشهرة في الفتوى و الرواية لا تعارض بالضد.

إذا عرفت ذلك،فهل الإتمام مختص بالمساجد نفسها أو يعم البلدان؟ ظاهر أكثر الروايات أنّ مكة و المدينة محل لذلك،فعلى هذا يتمّ في البلدين.

أمّا الكوفة ففي مسجدها خاصة،قاله في المعتبر (1).

و الشيخ ظاهره الإتمام في البلدان الثلاثة (2).

و أمّا الحائر فقال ابن إدريس:هو ما دار سور المشهد و المسجد عليه، دون ما دار سور البلد عليه،لأن الحائر لغة:هو المكان المطمئن،و ذلك إنّما هو فيما ذكرناه،و فيه حار الماء (3)يعني به:لما أمر المتوكل بإطلاق الماء على قبر الحسين عليه السّلام ليعفيه فكان لا يبلغه (4).

و أفتى ابن إدريس بأنّ التخيير إنّما هو في المساجد الثلاثة دون بلدانها (5)و اختاره في المختلف (6).

و قول الشيخ هو الظاهر من الروايات،و ما فيه ذكر المسجد منها فلشرفه لا لتخصيصه.

و الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد-في كتاب السفر له-حكم بالتخيير في البلدان الأربعة حتى في الحائر المقدس،لورود الحديث بحرم الحسين عليه السّلام،و قدّر بخمسة فراسخ و بأربعة و بفرسخ.قال:و الكل حرم و إن8.

ص: 291


1- المعتبر 2:477.
2- المبسوط 1:141.
3- السرائر:76.
4- نقله المجلسي في البحار 45:404 عن بعض مؤلفات الأصحاب.
5- السرائر:77.
6- مختلف الشيعة:168.

تفاوتت في الفضيلة.

و اعلم أنّ ابن الجنيد و المرتضى قالا:لا يقصّر في مشاهد الأئمّة عليهم السّلام (1)فاجرياها مجرى الأربعة.و ظاهرهما نفي التقصير،و لعلهما أرادا نفي تحتّمه، و لم نقف لهما على مأخذ في ذلك،و القياس عندنا باطل.

بقي هنا موضعان آخران قيل فيهما بعدم تحتّم القصر:

الأول:إذا كان قصد المسافر أربعة فراسخ فزائدا إلى ما دون الثمانية،

و لم يرد الرجوع ليومه.

قال المفيد-رحمه اللّه-و ابن بابويه:يتخيّر في قصر الصلاة و الصوم (2).

و قال الشيخ:يتخيّر في قصر الصلاة،و لا يجوز قصر الصوم (3).

و الأكثرون على التمام فيهما (4).

و أطلق ابنا بابويه و سلار التخيير في القصر و الإتمام (5).

و المأخذ أنّ هناك أخبارا صحاحا تقدّر المسافة بثمانية فراسخ أو مسير يوم،كخبر عبد اللّه الكاهلي عن الصادق عليه السّلام (6)،و خبر أبي بصير عنه عليه السّلام:

«بياض يوم أو بريدان» (7).و خبر علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام:«مسير يوم» (8).9.

ص: 292


1- جمل العلم و العمل 3:47،مختلف الشيعة:168.
2- المقنعة:55،الفقيه 1:280،2:92.
3- المبسوط 1:284،النهاية:161.
4- منهم ابن إدريس في السرائر:73 و السيد المرتضى على ما في السرائر:73،و ابن البراج في المهذب 1:106،193.
5- الفقيه 1:280،المراسم:75 و حكاية قول علي بن بابويه في المختلف:162.
6- الفقيه 1:279 ح 1269،التهذيب 3:207 ح 493،الاستبصار 1:223 ح 787.
7- التهذيب 4:222 ح 651،الاستبصار 1:223 ح 789.
8- التهذيب 3:209 ح 503،الاستبصار 1:225 ح 799.

و هناك اخبار فيها تقدير التقصير بأربعة فراسخ،كخبر أبي أيوب عن الصادق عليه السّلام (1)،و خبر زيد الشحام عنه عليه السّلام:«اثنا عشر ميلا» (2).

و اخبار شتى تتضمّن انّ أهل مكة يقصرون في سفرهم الى عرفات (3)،و في بعضها:«و يلهم-أو ويحهم-و أي سفر أشدّ منه، لا تتم» (4).

و أسانيد هذه الاخبار كلها معتبرة،فجمع الشيخان بينهما بالتخيير (5).

قال الفاضل:في بعض هذه الاخبار تصريح بتحتّم القصر،كخبر معاوية بن عمار الصحيح عن الصادق عليه السّلام الذي فيه«ويلهم»الى آخره (6).

و اعلم انّ الشيخ في التهذيب ذهب الى التخيير لو قصد أربعة فراسخ و أراد الرجوع ليومه (7)و كذا في المبسوط (8)جمعا بين الاخبار،و ذكره ابنر.

ص: 293


1- الكافي 3:433 ح 2،التهذيب 3:207 ح 495،4:223 ح 654،الاستبصار 1:223 ح 791.
2- التهذيب 3:208 ح 498،4:223 ح 655،الاستبصار 1:224 ح 794.
3- راجع:الكافي 4:518 باب الصلاة في مسجد منى،التهذيب 3:208 ح 999، الاستبصار 1:224 ح 795.
4- الكافي 4:519 ح 5،الفقيه 1:286 ح 1302،التهذيب 3:210 ح 507.
5- راجع ص 292 هامش 2 و 3.
6- المختلف:162.
7- التهذيب 3:207-208.
8- الموجود في المبسوط 1:141 وجوب التقصير،قال في مفتاح الكرامة 3: 503:نقل التخيير في الذكرى عن المبسوط و عبادة المبسوط صريحة في المشهور. و قال المحقق في المعتبر 2:467:للشيخ قولان:التقصير و الآخر في التهذيب: التخيير.

بابويه في كتابه الكبير (1).و هو قوي،لكثرة الأخبار الصحيحة بالتحديد بأربعة فراسخ،فلا أقل من الجواز.

و قال ابن أبي عقيل:كل سفر كان مبلغه بريدين و هو ثمانية فراسخ،أو بريدا ذاهبا و جائيا و هو أربعة فراسخ،في يوم واحد أو ما دون عشرة أيام -ظاهره أنّه إذا قصد بريدا ذاهبا و جائيا فيما دون عشرة أيام-يقصر (2).

الثاني:لو سافر بعد دخول الوقت،و صلّى بعد مفارقة الجدران و خفاء الأذان. و فيه أقوال:

إحداها:قول الشيخ في الخلاف،إنّه يجوز له القصر،و يستحب له الإتمام (3).

و قال ابن أبي عقيل و الصدوق:يجب الإتمام (4)قاله في المقنع (5).

و قال في من لا يحضره الفقيه:يتم مع السعة و يقصر مع الضيق (6)و هو اختيار الشيخ في النهاية (7).

و قال المفيد و المرتضى و ابن إدريس يقصر (8)و هو قول علي بن بابويه (9).

و المأخذ الأخبار المختلفة:5.

ص: 294


1- الظاهر أنّ الكتاب الكبير هو المسمى بمدينة العلم.و هو مفقود.قال الشيخ عند عد كتب الصدوق في الفهرست:«و كتاب مدينة العلم أكبر من كتاب من لا يحضره الفقيه».
2- مختلف الشيعة:162.
3- الخلاف 1:130 المسألة 14.
4- مختلف الشيعة:165.
5- المقنع:37.
6- الفقيه 1:284.
7- النهاية:123.
8- السرائر:74،و حكاه عن المفيد و المرتضى العلاّمة في مختلف الشيعة:165.
9- مختلف الشيعة:165.

ففي خبر محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام:يتم،و لو دخل بلده بعد وجوبها في سفره قصر (1).

و في خبر بشير النبال عنه عليه السّلام:إتمام من خرج بعد الوقت (2)و كذا رواية الحسن بن الوشاء عن الرضا عليه السّلام (3).

و يؤيده أنه خوطب بالصلاة بدخول الوقت،و بمضي قدر أدائها استقرت تماما،و الأصل بقاء ما كان.

و يعارضها رواية إسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السّلام:اعتبار حال الأداء في خروجه و دخوله،و قال:«ان لم تفعل فقد و اللّه خالفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (4).

و يدل على التفصيل رواية إسحاق بن عمار،قال:سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة،فقال:

«ان كان لا يخاف فوت الوقت فليتم،و ان كان يخاف خروج الوقت فليقصر» (5).

و يقرب من هذا ما لو حضر بعد وجوبها في سفره،و قد تضمّنته الاخبار (6)و اختلف فيه الأصحاب:ا.

ص: 295


1- الكافي 3:434 ح 4،الفقيه 1:284 ح 1289،التهذيب 3:222 ح 557، الاستبصار 1:239 ح 853.
2- الكافي 3:434 ح 2،3،التهذيب 3:161 ح 348،349،الاستبصار 1: 240 ح 854،855.
3- الكافي 3:434 ح 2،3،التهذيب 3:161 ح 348،349،الاستبصار 1: 240 ح 854،855.
4- الفقيه 1:283 ح 1288،التهذيب 2:13 ح 29،3:163 ح 353،الاستبصار 1:240 ح 856.
5- التهذيب 3:223 ح 559،الاستبصار 1:240 ح 857.
6- التهذيب 2:13 ح 29 و 3:163 ح 353 و 3:223 ح 559،560،222: 557،الكافي 3:434 ح 4،الفقيه 1:283 ح 1288،284 ح 1289،الاستبصار 1:239 ح 853،240 ح 856،241 ح 858،859.و قد تقدمت أكثر هذه المصادر و سيأتي بعضها.

فأوجب الإتمام (1)ابن بابويه-في الرسالة-و المفيد و ابن إدريس، لأنهم يعتبرون حال الأداء (2).

و خيّر فيه الشيخ (3).

و في رواية العيص بن القاسم عن الصادق عليه السّلام«يتمّ» (4).و في رواية محمد بن مسلم عنه عليه السّلام:«يقصّر» (5).و هما صحيحتان.

و ابن الجنيد يقول بالتخيير هنا (6)لرواية منصور بن حازم عنه عليه السّلام:

«إذا دخل وقت الصلاة على المسافر قبل أن يدخل اهله ثم دخل،إن شاء قصّر، و ان شاء أتمّ،و الإتمام أحب اليّ» (7).

قال في المعتبر:رواية إسماعيل بن جابر أشهر و أظهر في العمل،مع ميله إلى التخيير (8).

تنبيه:

لو فاتت هذه الصلاة،قال ابن الجنيد و المرتضى:يقضيها بحسب0.

ص: 296


1- في النسخ الثلاث:القصر،و هو سهو بيّن لمخالفته التعليل و رأي الثلاثة في المسألة.و انظر:مفتاح الكرامة 3:490.
2- السرائر:74،و حكاه عن ابن بابويه و المفيد العلامة في مختلف الشيعة:166.
3- المبسوط 1:141،النهاية:123.
4- التهذيب 3:162 ح 352.
5- الكافي 3:434 ح 4،التهذيب 3:222 ح 557،الاستبصار 1:239 ح 853.
6- مختلف الشيعة:166.
7- التهذيب 3:223 ح 561،الاستبصار 1:241 ح 859.
8- المعتبر 2:480.

حالها في أول الوقت (1)و اختاره ابن إدريس (2)،و يظهر من الشيخ في التهذيب (3).

و في المبسوط:يقضي من خرج من وطنه و فاتته في سفره تماما،و لو صلاها أداء كانت قصرا (4)و رواه زرارة عن الباقر عليه السّلام في القادم من السفر الى بلده ثم تفوته الصلاة بعد وجوبها عليه في السفر (5).

و حمله في المعتبر على من دخل و لم يبق من الوقت ما يسع أربعا، و اختار قضاؤها تماما،لرواية زرارة عنه عليه السّلام:«يقضي ما فاته كما فاته،إن كانت صلاة السفر أدّاها في الحضر مثلها،و ان كانت صلاة الحضر فليقضها صلاة الحضر»،و لأنّ الاستقرار في الذمة لا يتحقق الا عند الفوات،فتعيّن الحال الذي حصل فيه الفوات (6).

و قال الفاضل:الأداء و القضاء تمام في الموضعين (7).

و لا إشكال في قضاء نافلتي الظهرين لو سافر بعد دخول الوقت.

و لا بد في أصل المسألة من مضي زمان يسع الطهارة و الصلاة،فلو وسع إحداهما خاصة فهي محل الخلاف،بخلاف الأخرى فإنها تتعين بحال الأداء قطعا.4.

ص: 297


1- حكاه عنهما المحقق في المعتبر 2:48.
2- السرائر:74.
3- التهذيب 3:163.
4- المبسوط 1:140.
5- التهذيب 3:162 ح 351.
6- المعتبر 2:480.و رواية زرارة في الكافي 3:345 ح 7،التهذيب 3:162. ح 350.
7- نهاية الإحكام 2:163،164.
و يلحق بذلك موضعان آخران
اشارة

قيل فيهما بتخلف القصر عن السفر في الجملة:

الموضع الأول:إذا سافر لصيد التجارة،

فالأكثر على انه يقصر في الصوم و يتمّ الصلاة (1)،حتى نقل فيه ابن إدريس الإجماع (2).

و في المبسوط قال:روى أصحابنا انّه يتمّ الصلاة و يفطر الصوم (3).

و المرتضى و ابن أبي عقيل و سلار أطلقوا التقصير (4).

و لم نقف على دليل للأولين من كتاب و لا سنّة مصرّح بها،و ظاهر القرآن يشهد بالمساواة (5)و رواية معاوية بن وهب عن الصادق عليه السّلام حيث قال:«إذا قصرت أفطرت،و إذا أفطرت قصرت» (6).و من ثم جنح الفاضلان الى التقصير فيهما (7).

و نقل عن ابن بابويه في المعتبر:انه لو مال الى الصيد حال سفره، أتمّ في حال ميله،فإذا عاد الى طريقه قصر.

قال المحقق:و هو حسن (8).

و الظاهر أنّه أراد به إذا كان السفر معصية،بناء على أصله من عدم تأثير صيد التجارة في ذلك،و تبعه ولده في كتابه الكبير،و الشيخ،قاله في

ص: 298


1- راجع:النهاية:122،المهذب 1:106.
2- السرائر:74.
3- المبسوط 1:136.
4- جمل العلم و العمل 3:47،المراسم:74،مختلف الشيعة:161.
5- سورة البقرة:184-185،سورة النساء:101.
6- الفقيه 1:280 ح 1270،التهذيب 3:22 ح 551.
7- المعتبر 2:471،نهاية الإحكام 2:182.
8- المعتبر 1:472.

المبسوط (1).و قد روى في التهذيب رواية مرسلة أنّه قد خرج عن أبي الحسن عليه السّلام:«أن صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة،فإذا عدل عن الجادة أتمّ،فإذا رجع إليها قصّر» (2).و هذه يظهر منها أن السفر للصيد،و إن الإتمام مشروط بأن يخرج عن الجادة،أي:الطريق.

و لابن الجنيد هنا قول غريب،حيث قال:و المتصيد مشيا إذا كان دائرا حول المدينة غير متجاوز حدّ التقصير لم يقصر يومين،و إن تجاوز الحدّ و استمر به دورانه ثلاثة أيام قصر بعدها (3).و الذي رواه أبو بصير عن الصادق عليه السّلام أنه قال:«ليس على صاحب الصيد تقصير ثلاثة أيام،و إذا جاوز الثلاثة لزمه» (4)لا حجة له فيه،لعدم دلالته على جميع ما ادعاه،على إنا لم نقف على سنده.

الموضع الثاني:إذا صار سفره أكثر من حضره

ثم أقام عشرة أيام بنيّة المقام،أو كان في بلده ثم سافر،قصّر الصلاة و الصوم.

و إن أقام دون خمسة فلا حكم له.

و إن أقام خمسة حكم الشيخ و من تبعه بأنّه يقصر بالنهار،و يتمّ صلاة الليل (5).

و يصوم شهر رمضان لرواية عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام،قال:

«المكاري إن لم يستقر في منزلة إلاّ خمسة أيام و أقل (6)قصّر في سفره

ص: 299


1- لاحظ:الفقيه 1:288.و المبسوط 1:142.
2- التهذيب 3:218 ح 543،الاستبصار 1:237 ح 846.
3- مختلف الشيعة:162.
4- الفقيه 1:288 ح 1313،التهذيب 3:218 ح 542،الاستبصار 1:236 ح 844.
5- انظر:النهاية:122-123،المبسوط 1:141،المهذب 1:106،الوسيلة:108.
6- في الفقيه و التهذيب:«أو أقل».

بالنهار،و أتم بالليل،و عليه؟صوم شهر رمضان.و ان أقام عشرة و أكثر قصّر في سفره و أفطر» (1).

و أجيب:بأنها متروكة الظاهر،لأن الأقل من خمسة لا عبرة به قطعا، مع معارضتها بأصالة بقائه على التمام حتى يثبت المزيل.

و على ذلك الحليون رحمه اللّه (2).9.

ص: 300


1- الفقيه 1:281 ح 1278 بزيادة عما في المتن،التهذيب 3:216 ح 531،الاستبصار 1:234 ح 836.
2- السرائر:76،شرائع الإسلام 1:134،نهاية الإحكام 2:179.
المطلب الثاني:في شروط القصر،و هي ستة.
الشرط الأوّل:ربط القصد بمقصد معلوم،

فلا يقصر الهائم و طالب الآبق و مستقبل المسافر،إذا جوّز الظفر بالحاجة قبل المسافة و ان تمادوا في السفر،لان للسفر تأثيرا في العبادة فلا بدّ من نيّته كما تجب النيّة في العبادة،و لان المعتبر السفر إلى مسافة و هو غير معلوم هنا،فلا يترك لأجله المعلوم من إتمام العبادة.

و سأل صفوان الرضا عليه السّلام في الرجل يريد ان يلحق رجلا على رأس ميل،فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان،قال:«لا يقصر و لا يفطر،لانه لم يرد السفر ثمانية فراسخ،و انما خرج ليلتحق بأخيه فتمادى به السير» (1).

و الأسير في أيدي المشركين،و المأخوذ ظلما،ان عرف مقصدهم و قصده ترخّص.و ان غلب على ظنه بقاء الاستيلاء فكذلك إذا كان مقصدهم مسافة.و ان احتمل الأمرين،أو جهل مقصدهم،لم يترخّص.

و كذا العبد مع السيد،و الزوجة مع الزوج،و الولد مع الوالد.

و لو جوّز العبد العتق،و الزوجة الطلاق،و عزما على الرجوع متى حصلا فلا يترخص.قاله الفاضل (2)،و هو قريب ان حصلت امارة لذلك (3)و إلاّ فالظاهر البناء على بقاء الاستيلاء،و عدم دفعه بالاحتمال البعيد.

و لو بلغه خبر عبده،أو غائبة في بلد يبلغ مسافة،فقصده جزما،فلمّا

ص: 301


1- التهذيب 4:225 ح 662،الاستبصار 1:227 ح 806،و في سؤال الراوي: حتى بلغ النهروان،و هي أربعة فراسخ من بغداد،أ يفطر إذا أراد الرجوع و يقصر؟
2- نهاية الإحكام 2:171.
3- في م:كذلك.

كان في أثناء الطريق نوى الرجوع ان ظفر به قبل البلد،فهو حينئذ في حكم الراجع عن السفر،فان كان قد قطع مسافة لم يخرج عن السفر،و إلاّ خرج.

و منتظر الرفقة على حدّ المسافة يقصّر الى ثلاثين يوما.

و على أقل منها،و هو جازم بالسفر من دونها،مقصّر إذا كان في محل الترخّص.

و ان علّق سفره عليها،و علم أو غلب على ظنّه وصولها،فكالجازم بالسفر من دونها.

و ان انتفى العلم و غلبة الظن أتمّ.و كذا لو كان توقّفه في محل التمام، كالذي لم يتجاوز رؤية الجدار و سماع الأذان.

و لو قصد ما دون المسافة ثم قصد كذلك لم يترخص،و ان تمادى في السفر.

و كل هؤلاء يقصرون في العود إذا بلغ السفر مسافة.

الشرط الثاني:استمرار القصد.

فلو قصد المسافة ثم رجع عن قصده،فان كان بعد بلوغ المسافة فلا أثر له ما لم ينو المقام عشرا أو يصل الى بلده،و إن نوى الرجوع قبل بلوغ المسافة أتمّ.و كذا لو تردّد عزمه في الذهاب و الرجوع.

فلو كان قد صلّى قصرا،فالأصح انه لا يعيد،للامتثال،سواء كان الوقت باقيا أم لا.

و قال الشيخ في الاستبصار:يعيد مع بقاء الوقت،تعويلا على رواية سليمان بن حفص المروزي قال:قال الفقيه:«التقصير في الصلاة في بريدين،أو بريد ذاهبا و جائيا.فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثنى عشر ميلا،ثم بلغ فرسخين،و رجع عما نوى و أراد المقام،أتمّ.و ان كان قصر،

ص: 302

ثم رجع عن نيته،أعاد الصلاة» (1).

و انما فصّل الشيخ بالوقت و خروجه،لرواية زرارة عن الصادق عليه السّلام في الرجل يخرج في سفره الذي يريده،فيرجع عن سفره و قد صلى ركعتين:«تمت صلاته» (2)،فجمع بينهما بذلك.

فرع:

لو تردّد عزم المسافر بعد بلوغ المسافة بين الاستمرار و بين الرجوع، لم يؤثر في الترخص بل له ذلك.فلو تمادى في سفره متردّدا،و مضى عليه ثلاثون يوما،فهل يكون بمثابة من تردد و هو مقيم في المصر؟فيه نظر:

من وجود حقيقة السفر فلا يضر التردّد،و من إخلال القصد.

و من موانع الاستمرار أمران:

أحدهما:ان يقطع السفر بعزم إقامة عشرة أيام، فمتى عزم على ذلك أتمّ،و هو منصوص عن علي عليه السّلام (3)و أهل بيته (4).

و لو علّقه بشرط،كلقاء رجل فلقيه-تحقق التمام ما لم يغيّر النية.

و لو علم أن حاجته لا تنقضي في أقل من عشرة،و هو ناو قضاءها، فكناوي المقام.ثم ان كان نيّة المقام على ما دون المسافة،اشترط مسافة جديدة في خروجه منه،و ان كان على مسافة فكذلك،غير انه يكتفي هنا بالرجوع في القصر.6.

ص: 303


1- الاستبصار 1:228،و الحديث فيه برقم 808،و في التهذيب 4:226 ح 664.
2- الفقيه 1:281 ح 1272،التهذيب 4:227 ح 665،الاستبصار 1:228 ح 809.
3- أمالي الطوسي 1:357.
4- التهذيب 4:227 ح 666.

و لو نوى المسافة فصاعدا،و في نيّته المقام عشرا في أثنائها،لم يقصر إلاّ ان يكون ذلك القدر الذي قبل موضع المقام مسافة.و لا فرق بين كون نيّة المقام في بلد أو قرية أو حلة أو بادية،و لا بين العازم على استمرار السفر بعد المقام و غيره.

و الظاهر أن بعض اليوم لا يحسب بيوم كامل،بل يلفق.فلو نوى المقام عند الزوال،اشترط أن ينتهي بزوال الحادي عشر منه.و الأقرب انه لا يشترط عشرة أيام غير يومي الدخول و الخروج،لصدق العدد حينئذ.

و لو تردّد عزم المسافر على المقام و الخروج،قصّر الى شهر في رواية أبي ولاد عن الصادق عليه السّلام (1).و عن الباقر عليه السّلام:إلى ثلاثين يوما (2)، و هو الأقوى،لأن المبيّن أولى من المجمل بل هو مبني عليه.

و لو رجع عن نيّة المقام،و كان قد صلى على التمام فرضا و لو صلاة، بقي على التمام حتى يخرج و إلاّ قصّر،رواه أبو ولاد عن الصادق عليه السّلام (3).

و يعارضه رواية حمزة بن عبد اللّه الجعفري،و قد أقام بمكة ناويا فأتمّ الصلاة ثم بدا له،فسأل أبا الحسن عليه السّلام فقال:«ارجع الى التقصير» (4)و حمله الشيخ على ان الأمر بالتقصير إذا خرج فصار مسافرا (5).9.

ص: 304


1- الفقيه 1:280 ح 1271،التهذيب 3:221 ح 553،الاستبصار 1:238. ح 851.
2- الكافي 3:436 ح 3،التهذيب 3:219 ح 548،الاستبصار 1:238 ح 849،و لكن في الكافي و الاستبصار عن أبي عبد اللّه(عليه السّلام).
3- الفقيه 1:280 ح 1271،التهذيب 3:221 ح 553،الاستبصار 1:238 ح 851.
4- الفقيه 1:283 ح 1286،التهذيب 3:221 ح 554،الاستبصار 1:239 ح 852.
5- التهذيب 3:222،الاستبصار 1:239.

قلت:يمكن ان يقال هذا مختص بمكة و باقي الأماكن الأربعة، لجواز التمام فيها بغير نيّة المقام،و سيأتي بحثه.

و هنا فروع:

الأوّل: انه قيّد في الرواية بالفريضة (1).فلو صلى نافلة الزوال أو العصر فالأقرب ان له الرجوع،لعدم الاسم المعلق عليه.

الثاني: أنّ الصلاة المؤداة تماما ينبغي أن تكون بعد نية المقام.فلو صلّى فرضا تماما ناسيا قبل نية المقام لم يعتد،سواء خرج الوقت أو لا.

الثالث: لا ريب في تعلق الحكم بمن صلّى فرضا تماما لأجل نيّة المقام.

فإذا كان في غير الأماكن الأربعة فالأمر ظاهر.

و إن كان في أحدها،و نوى الصلاة تماما لأجل المقام،فالحكم ثابت قطعا،و صورة السؤال في الرواية عمن نوى الإقامة بالمدينة عشرا (2).

و ان صلّى تماما لشرف البقاع،و ذهل[في]تلك (3)الحالة عن نيّة المقام،ثم رجع بعد هذه الصلاة،ففي اعتبارها عندي وجهان،و من قوله في الرواية«ان كنت صليت بها فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر» (4)1.

ص: 305


1- الفقيه 1:280 ح 1271،التهذيب 3:221 ح 553،الاستبصار 1:238 ح 851.
2- الفقيه 1:280 ح 1271،التهذيب 3:221 ح 553،الاستبصار 1:238 ح 851.
3- في نسخة«س»أشار بالزيادة على كلمة«تلك»و الظاهر أنّ صحة العبارة على ما اثبت.
4- الفقيه 1:280 ح 1271،التهذيب 3:221 ح 553،الاستبصار 1:238 ح 851.

و الضمير في«بها»يعود إلى المدينة فقد صدق الشرط،و من انّ هذه الصلاة قد كانت سائغة له بحكم البقعة و ان صلاها على ذلك الحكم،كما سبق في رواية حمزة (1).

الرابع: لو نوى ثم صلّى بنيّة القصر،ثم أتمّ أربعا ناسيا،ثم تذكر بعد الصلاة و نوى الخروج،فان كان في الوقت فكمن لم يصل لوجوب إعادتها.و إن كان قد خرج الوقت احتمل الاجتزاء بها لأنها صلاة تمام مجزئة،و عدمه لانه لم يقصد التمام.

الخامس: لو خرج الوقت و لما يصل عمدا أو نسيانا،فللفاضل في الاجتزاء به وجهان،ينظران الى استقرارها في الذمة تماما،و الى عدم صدق فعلها.

و لو خرج الوقت لعذر مسقط-كالجنون و الإغماء-فكن لم يصل (2).

السادس: لو شرع في الصوم،فهل هو بحكم الصلاة؟يحتمل ذلك،لأنه أحد الأمرين المرتبين على المقام،و قد قال تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (3).و يحتمل عدم اعتباره،لانه لم يصل فريضة.و الأول مختار الفاضل (4).

السابع: لو رجع في أثناء الصلاة،حكم الشيخ-في المبسوط-بعدم عوده الى التقصير حتى يخرج مسافرا (5).9.

ص: 306


1- التهذيب 3:222،الاستبصار 1:239.
2- تذكرة الفقهاء 1:193.
3- سورة محمد:33.
4- تذكرة الفقهاء 1:193.
5- المبسوط 1:139.

و تردّد فيه المحقق (1)،نظرا الى افتتاح الصلاة و قد سبق الخبر ب«انها على ما افتتحت عليه،و الى عدم الإتيان بالشرط حقيقة.

و فصّل الفاضل:بتجاوز محل القصر فلا يرجع،و بعدم تجاوزه (2).

فيرجع،لانه مع التجاوز يلزم من جواز الرجوع إبطال العمل المنهي عنه، و مع عدم تجاوزه يصدق انه لم يصل بتمام.

و في الجمع بين هذا التفصيل و بين فتواه بان الشروع في الصوم يلزم بالإتمام (3)نظر،لأنه في كليهما لم يأت بمسمّى الصيام و الصلاة،و من حيث انّ الصوم لا ينعقد فرضه في السفر أصلا و رأسا،بخلاف الصلاة فإن الركعتين منعقدتان سفرا و حضرا،فلم تقع المخالفة إلاّ في الركعتين الأخيرتين،فإذا لم يأت بهما فهو باق على القدر المشترك بين السفر و الحضر.

و أمّا الصوم فقد فعل منه ما لا يتصور فعله في السفر،فلا يجوز إبطاله بعد انعقاده.و يحتمل ان يقال ان كان رجوعه عن نيّته قبل الزوال صح الرجوع،لانه لا يزيد على الإفطار في الصوم لمن خرج مسافرا قبل الزوال، و ان كان بعده فلا رجوع،كما لو خرج المسافر بعد الزوال فإنه لا يباح له الإفطار،و هذا قوي.

الثامن: لو نوى المسافر الإقامة عشرا في أثناء الصلاة قصرا،أتمّها لوجود المقتضى،و النية الأولى بجملة الصلاة كافية،فإن الركعتين الأخيرتين تابعة للأوليين،و قد روى ذلك علي بن يقطين عن أبي6.

ص: 307


1- الشرائع 1:136.
2- نهاية الإحكام 2:185 و مختلف الشيعة:169.
3- انظر نهاية الإحكام 2:185-186.

الحسن عليه السّلام (1).

فلو نوى الرجوع عن المقام بعد هذه الصلاة،ففيه عندي وجهان:

أحدهما:جوازه،لان ظاهر الرواية ان يكون جميع الصلاة التامة واقعا قبل الرجوع عن نيته،و لم يقع هنا جملة الصلاة.

و ثانيهما:-و هو الأقرب-عدم اعتبار هذا الرجوع،لصدق الصلاة تماما،و المؤثر في الحقيقة ليس إلاّ القدر الزائد عن الركعتين الأوليين و قد حصل هنا.

المانع الثاني:أن يصل إلى بلده، أو بلد له فيه ملك قد استوطنه ستة أشهر،فيتم حينئذ و ان كان جازما على السفر بعد قبل تخلّل عشرة،رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السّلام،و قد سأله عن الاستيطان فقال:«ان يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر» (2).

و روى عمار عن الصادق عليه السّلام:«يتم و لو لم يكن له إلاّ نخلة واحدة» (3).

و لا يشترط في الإقامة التتالي،للعموم الشامل للمتفرق.

و لا السكنى في الملك،فلو سكن في غيره أجزأ.

و لا كون الملك له صلاحية السكنى،لحديث النخلة.نعم،يشترط كون السكنى بعد الملك،فلو تقدمت أو بعضها على الملك لم يعتدّ بها، لانه المفهوم من الاستيطان.4.

ص: 308


1- الكافي 3:435 ح 8،الفقيه 1:285 ح 1299،التهذيب 3:324 ح 564.
2- الفقيه 1:288 ح 1310،التهذيب 3:213 ح 520،الاستبصار 1:231 ح 821.
3- التهذيب 3:211 ح 512،الاستبصار 1:229 ح 814.

و يشترط أيضا دوام الملك،فلو خرج عن ملكه زال الحكم،لأنّ الصحابة لما دخلوا مكة قصروا فيها (1)لخروج أملاكهم.

و يشترط ملك الرقبة،فلا تكفي الإجارة،و التملك بالوصية.

و لو تعدّدت المواطن في البلد الواحد،كفى استيطان الأول منها ستة أشهر،و لو خرج عن ملكه إذا بقي الباقي على ملكه.

و لو كان في طريق المسافر مواطن،قصّر بين كل موطنين بينهما مسافة،و أتمّ فيها و فيما بين كل موطنين تقصير عن المسافة.

و لو اتخذ بلدا دار مقامة على الدوام،فالظاهر ان حكمه حكم الملك،و كذا لو اتخذ بلدانا للمقام دواما على التناوب.

و هل يشترط هنا استيطان الستة الأشهر؟الأقرب ذلك،لتحقق لاستيطان الشرعي مضافا الى العرفي.

فروع:

الأوّل: إذا سبقت نيّة المقام ببلد عشرة أيام على الوصول إليه،ففي انقطاع السفر بما ينقطع به الوصول الى بلده من مشاهدة الجدار و سماع لأذان وجهان،من صيرورته كبلدة،و من ضعف المانع من القصر هنا، هو الآن مسافر حقيقة فيستصحب حكمه حتى يخرج عنه اسم السفر.

و كذا الوجهان لو خرج منه الى مسافة هل يترخص بمجرد الخروج أو خفاء الأذان و الجدار؟فيه الوجهان.

الثاني: لو نوى المقام في أثناء المسافة عشرا و لما يقمها ثم سافر،3.

ص: 309


1- السنن الكبرى 3:136،153،و انظر صحيح البخاري 2:53،صحيح مسلم 1:481 ح 693.

فالظاهر انها سفرة ثانية،سواء كان ذلك في صوب المقصد أولا.

أما لو وصل الى وطنه،فان كان لم يقصد تجاوزه في سفره،ثم عرض له سفر آخر الى وطنه الآخر قبل العشرة،فكالأول.و حينئذ لو تجدّدت له سفرات ثلاث على هذا الوجه أتمّ في الثالثة،و إن كانت على صوب المقصد.

و ان كان من عزمه اتصال السفر في أول خروجه و مرّ على أوطانه، فالحكم:بتعدد السفر هنا إذا لم يتخلل مقام عشرة،بعيد،لأنها سفرة واحدة متصلة حسا و ان انفصلت شرعا،و من ثم لم يذكر الأصحاب الاحتمال في ذلك.

و يحتمل ضعيفا احتسابها،لانقطاع سفره الشرعي بذلك،و كون الآخر سفرا مستأنفا،و من ثم اشترطت المسافة.

الثالث: لو خرج من بلده الى مسافة نوى المقام بها عشرا،و لمّا يتمّها ثم عاد الى بلده،فهل تحسب هذه ثانية؟فيه الوجهان.

الشرط الثالث:كون المقصود مسافة،
اشارة

و هي ثمانية فراسخ،كل فرسخ ثلاثة أميال،كل ميل أربعة آلاف ذراع،كل ذراع اربع و عشرون إصبعا،كل إصبع سبع شعيرات-و قيل ست عرضا (1)-كل شعيرة سبع شعرات من شعر البرذون.

و قدّر أهل اللغة الميل بقدر مدّ البصر من الأرض المستوية (2).

و روي تقديره بألف و خمسمائة ذراع (3)و حمل على سهو الراوي،

ص: 310


1- راجع:المهذب البارع 1:480،التنقيح الرائع 1:285،المدارك 4:430، مفتاح الكرامة 3:497.
2- الصحاح 5:1823،ابن أثير 4:383،لسان العرب 11:639.
3- الفقيه 1:286 ح 1303.

و انه ثلاثة آلاف و خمسمائة فأسقط ثلاثة،و الطعن في الرواية رأسا أولى من نسبته الى السهو في بعضها،و قد أوردها في من لا يحضره الفقيه.

و قدّرت المسافة في رواية سماعة:ب«الثمانية» (1).

و في رواية أبي أيوب عن الصادق عليه السّلام:ب«بريدين،أو بياض يوم» (2).

و في رواية علي بن يقطين عن الكاظم عليه السّلام:ب«مسير يوم» (3).

و لو أراد الرجوع ليومه كفى أربعة فراسخ فصاعدا،لقول الصادق عليه السّلام في رواية معاوية بن وهب:«بريد ذاهبا،و بريد جائيا» (4).

و في رواية محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام:«إذا ذهب بريدا،و رجع بريدا،فقد شغله يومه» (5).

فروع:
الأوّل:لو قصد الرجوع لليلته،

أو في ليلته و يومه،فالأقرب القصر مع اتصال السفر.نعم،لو قطعه بالمبيت انقطع الترخص،لحصول راحة الليل حينئذ.

و روى الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام،قال:«انما وجب التقصير في ثمانية فراسخ،لا أقل من ذلك و لا أكثر،لأنّ ثمانية فراسخ مسيرة (6)يوم

ص: 311


1- التهذيب 3:207 ح 492،الاستبصار 1:222 ح 786.
2- التهذيب 3:210 ح 506،الاستبصار 1:225 ح 802.
3- التهذيب 3:209 ح 503،الاستبصار 1:225 ح 799.
4- التهذيب 3:208 ح 496،4:224 ح 657،الاستبصار 1:223 ح 792.
5- التهذيب 4:224 ح 658.
6- في النسخ«من»و المتنبت«مسيره»من المصادر أوجه.

للعامة و القوافل و الأثقال،و لم يجب في مسير يوم لما وجب في مسير سنة،لأن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم،فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره» (1)،و هو يدل على ما قلناه من انقطاع سفره بالمبيت.

الثاني:لو كان المقصد زيادة على الأربعة فكالاربعة.

و لو نقص-كالثلاثة يتردّد فيها ثلاث مرات-لم يترخص لخروجه عن اسم المسافر (2)،و إلاّ لزم تقصير المتردّد في أقل من ميل،و هو باطل.

الثالث:ثبتت المسافة بالاعتبار بالأذرع،

و حينئذ لا فرق بين قطعها في يوم أو أقل أو أكثر.

و لو لم يتفق ذلك،فالظاهر ان مسير يوم كاف في الأرض المعتدلة و السفر المعتدل،لنطق الاخبار به،و عسر المساحة.

نعم،لو قصد مسافة في زمان يخرج به عن اسم المسافر-كالسنة- فالأقرب عدم القصر،لزوال التسمية.

و من هذا الباب،لو قارب المسافر بلده،فتعمد ترك الدخول إليه للترخص،و لبث في قرى تقاربه مدة يخرج بها عن اسم المسافر.

و لو أقف في هذين الموضعين على كلام للأصحاب،و ظاهر النظر يقتضي عدم الترخص.

الرابع:لو تعارضت البيّنتان بالنفي و الإثبات في المسافة،

فالأقرب العمل ببيّنة الإثبات،لأن شهادة النفي غير مسموعة.

و لا يكفي إخبار الواحد بها،و يحتمل الاكتفاء به إذا كان عدلا،جعلا

ص: 312


1- الفقيه 1:290 ح 1320،علل الشرائع:266،عيون اخبار الرضا 2:113.
2- في«س»المسافة.

لذلك من باب الرواية لا من باب الشهادة.

فعلى هذا لو سافر اثنان:أحدهما يعتقد المسافة،و الآخر لا يعتقدها، فالظاهر ان لكل منهما ان يقتدي بالآخر،لصحة صلاته بالنسبة إليه.

و لو شك المكلف في بلوغ المسافة أتمّ،لأصالة عدمه.

و لو علم في أثناء السفر بلوغ المقصد مسافة،فالظاهر الترخص حينئذ،و إن قصر الباقي عن مسافة.

و مبدأ المساحة (1)من آخر العمارة في البلد المعتدل،و من آخر محلته في البلد المتسع جدا.

الخامس:لو كان لبلد طريقان،

أحدهما خاصة مسافة،فسلك الأقرب أتمّ،و ان سلك الأبعد لعلّة غير الترخص قصر،و ان كان للترخص لا غير فالأقرب التقصير للإباحة.و قال ابن البراج:يتم،لأنه كاللاهي بصيده (2).

و لو رجع قاصد الأقرب بالأبعد،قصر في رجوعه لا غير.

و لو رجع قاصد الأبعد بالأقرب،قصّر في ذهابه و إيابه.

الشرط الرابع:كون السفر مباحا

-واجبا كان أو ندبا،أو جائزا أو مكروها-فلا يترخص العاصي،كالآبق،و الزوجة الناشز،و تابع الجائر، و قاطع الطريق،و الباغي على الامام،و التاجر في المحرمات.

و قد روى عدم تقصير العاصي للّه و لرسوله-كطالب الشحناء، و السعاية في ضرر على قوم من المسلمين-عمار بن مروان عن

ص: 313


1- في«س»المسافة.
2- المهذب 1:107.

الصادق عليه السّلام (1).

و روى حماد بن عثمان عنه عليه السّلام:«الباغي و العادي ليس لهما ان يقصرا الصلاة» (2).

و الصيد لهوا و بطرا معصية،فلا ترخص فيه،و رواه زرارة عن الباقر عليه السّلام (3).

فروع:

لا يشترط انتفاء المعصية في سفره،انما الشرط انتفاؤها بسفره، سواء كان نفس السفر معصية-كالفار من الزحف،و من وقوف عرفات بعد وجوبه عليه-أو غايته معصية-كما سبق من الباغي و العادي.

و لو سلك طريقا مخوفا على النفس يغلب معه ظن التلف،فالأقرب أنه عاص بسفره فلا يترخص.

و لو خاف على ماله المجحف به فكذلك.

و لو كان غير مجحف،فالظاهر انه يترخص،لعدم وجوب حفظ مثل هذا القدر.

و لو رجع عن المعصية في أثناء السفر اعتبرت المسافة حينئذ،فلو قصر الباقي أتمّ.

و لو قصد المعصية في أثناء السفر المباح انقطع ترخّصه.فلو عاد إلى الطاعة،فالظاهر انه يعود ترخّصه و لا تشترط مسافة متجددة،لأنّ المانع2.

ص: 314


1- الفقيه 2:92 ح 409،التهذيب 4:219 ح 640.
2- الكافي 3:438 ح 7،التهذيب 3:217 ح 539.
3- التهذيب 3:218 ح 540،الاستبصار 1:236 ح 842.

كان المعصية و قد زالت،و قد سبق مثله في المائل إلى الصيد ثم يعود عنه.

الشرط الخامس:ان لا يكون سفره أكثر من حضره،

و بها عبر معظم الأصحاب (1).

و لم يرتضها في المعتبر،محتجا بأنه يلزم عليه ان لو أقام في بلده عشرة ثم سافر عشرين ان يتم في سفره،و لم يقل به أحد.

قال:بل الأولى ان يقال:ان لا يكون ممن يلزمه الإتمام سفرا،كما تضمنته رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام،عن الباقر عليه السّلام من:«الجابي الذي يدور في جبايته،و الأمير الذي يدور في إمارته،و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق،و الراعي،و البدوي» (2).

و روى زرارة عن الباقر عليه السّلام:«المكاري،و الكري،و الراعي، و الأشتقان» (3)و هو أمين البيادر،و قيل:البريد (4).

و في رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام:«الملاحون، و المكاري،و الجمال» (5).

و روى إسحاق بن عمار:الاعراب و الملاحين (6).

ص: 315


1- راجع:المقنعة:55،جمل العلم و العمل 3:47،المبسوط 1:141،و المراسم:74،مختلف الشيعة:163.
2- المعتبر 2:472. و الرواية في:الفقيه 1:282 ح 1282،الخصال:403،التهذيب 3:214 ح 524.
3- الكافي 3:436 ح 1،الفقيه 1:281 ح 1276،الخصال:252،التهذيب 3: 215 ح 526.
4- الفقيه 1:281.
5- الكافي 3:437 ح 2،الفقيه 1:281 ح 1277،التهذيب 3:214 ح 525.
6- الكافي 3:438 ح 9،التهذيب 3:215 ح 527،الاستبصار 1:233 ح 829.

و يخرجون هؤلاء عن الكثرة بمقام عشرة أيام منويّة سواء كان ببلدهم أو غيره،و بمقام عشرة في بلدهم و إن لم يكن بنيّة.قاله الأصحاب و قد روى ذلك في المكاري عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام (1).و من ثم احتمل الشيخ المحقق اختصاص هذا بالمكاري (2)،و جعل الباقين على التمام و ان أقاموا عشرة،و هو بعيد.

فروع:

المعتبر صدق اسم هؤلاء على من سافر،و كذا من كان في معناهم، و انما يحصل ذلك غالبا بالسفرة الثالثة التي لم تتخلل قبلها تلك العشرة.

و ابن إدريس اعتبر ثلاث دفعات كما قلناه،ثم قال:صاحب الصّنعة من المكارين و الملاحين و التاجر و الأمير،يجب عليهم الإتمام بنفس خروجهم الى السفر،لان صنعتهم تقوم مقام تكرر من لا صنعة له (3).

و هو ضعيف،لأن العلة كثرة السفر و هي مفقودة هنا.

و في المختلف:يتمّون جميعا في الثانية إذا لم يقيموا بعد الأولى عشرة (4).

و يضعف بمنع التسمية بهذا القدر،فالأولى التمام في الثالثة مطلقا.

و ربما قيل:إذا كان الاسم قد صدق عليهم،فخرجوا لمقام عشرة أيام ثم عادوا الى السفر،اكتفي بالمرتين،و ان كانوا مبتدئي السفر فلا بعد من3.

ص: 316


1- تقدمت في 300 الهامش 1.
2- المعتبر 2:472.
3- السرائر:76.
4- مختلف الشيعة:163.

الثلاثة.

و هو ضعيف،لان الاسم قد زال و هو الآن كالمبتدإ،لأنه لو لم يزل وجب الإتمام في السفرة الأولى عقيب العشرة،كما أشار إليه المحقق.و هذا أيضا يرد على ابن إدريس،لأنّ الصنعة ان كانت كافية،فلا فرق بين أن يقيم عشرة أو لا،و هذا التزام حينئذ.

و المراد بالكري في الرواية المكتري.و قال بعض أهل اللغة:قد يقال الكري على المكاري (1).و الحمل على المغايرة أولى بالرواية،لتكثر الفائدة،و لأصالة عدم الترادف.

و لو أنشأ هؤلاء أسفارا غير صنائعهم-كالحج مثلا،أو التاجر يصير ملاحا أو مكاريا-فالظاهر انهم يقصرون،و خصوصا البدوي و الملاح، للتعليل بان«بيوتهم معهم» (2).و ربما كان ذلك بحديثين معتبري الاسناد:

أحدهما:رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام،قال:«المكاري و الجمال إذا جدّ بهما السير فليقصرا» (3)و مثله رواه الفضل بن عبد الملك عن الصادق عليه السّلام (4).

و يكون المراد ب(جدّ السير)ان يكون مسيرهما متصلا،كالحج، و الأسفار التي لا يصدق عليها صنعته.

و يحتمل ان يراد انّ المكارين يتمّون ما داموا يتردّدون في أقل من المسافة،أو في مسافة غير مقصودة،فإذا قصدوا مسافة قصروا،و لكن هذا1.

ص: 317


1- القاموس المحيط 4:382.
2- الكافي 3:438 ح 9،التهذيب 3:215 ح 527،الاستبصار 1:233 ح 829.
3- الكافي 3:437 ح 2،التهذيب 3:215 ح 528،الاستبصار 1:233 ح 830.
4- التهذيب 3:215 ح 529،الاستبصار 1:233 ح 831.

لا تخصص للمكاري و الجمال به،بل كل مسافر.

و قال الكليني رحمه اللّه-و تبعه الشيخ (1)-:المراد ان يجعلوا المنزلين منزلا،فيقصرون في الطريق و يتمون في المنزل (2)،لما رفعه الى أبي عبد اللّه عليه السّلام بطريق عمران الأشعري عن بعض أصحابنا:«الجمال و المكاري إذا جدّ بهما السير،فليقصرا فيما بين المنزلين،و يتما في المنزل» (3).

قلت:الظاهر انه أراد به المنزل الذي ينتهيان اليه مسافرين لا منزلهما،إذ منزلهما لا اشكال فيه.

و على تقدير إرادة المنزل مطلقا يكون ذلك الإيضاح بالنسبة إلى منزلهما،و ان أريد منزلهما خاصة كان تأكيدا.

و على كل تقدير،يلزم ان يقال المكاري و الجمال:اما ان يجعلا المنزلين منزلا أو لا،فإن جعلاه قصرا و إلاّ أتمّا،و لعله للمشقة الشديدة بذلك،لخروجه عن السير المعتاد.و حينئذ في اطراده في باقي الأقسام تردّد،من حيث حصول المشقة به مع قصد المسافة،و من عدم النص عليه.

و ربما لاح ان تخلّف القصر فيمن عدّد في الروايات لتخلف قصد المسافة على الوجه المعتاد غالبا،لأنهم بين:

من لا قصد له في بعض الأحيان،كالبدوي و الراعي اللذين يطلبان2.

ص: 318


1- الكافي 3:437 ح 2،التهذيب 3:215 ح 528،الاستبصار 1:233 ح 830.
2- الكافي 3:437 ح 2،التهذيب 3:215 ح 528،الاستبصار 1:233 ح 830.
3- الفقيه 1:282 ح 1279،التهذيب 3:215 ح 530،الاستبصار 1:233 ح 832.

القطر و النبت.

و من له قصد لا يكون مسافة غالبا،كالأمير و التاجر.

و من له قصد إلى المسافة لكن لا على الوجه المعتاد،كبعض الأمراء و التجار و المكارين.

و من له قصد المسافة على وجه المقام،كالملاح الذي أهله معه.

فان قلت:فما يصنع بالبريد و المكاري و الجمال؟ قلت:هؤلاء مقاصدهم تارة تستحلق المسافة،و تارة لا تستتبع المسافة.

فإن كانت الى دون المسافة فظاهر،و ان كانت إلى مسافة اغتفرت،لأنهم اعتادوا مطلق السفر فجروا مجرى الحاضر.

و اعلم ان ابن أبي عقيل عمّم وجوب القصر على كل مسافر،و لم يستثن أحدا (1).

الشرط السادس:أن يضرب في الأرض،

للتعليق عليه في الآية (2).

و ناطه الأصحاب بأمور ثلاثة:

أحدها:أن تتوارى جدران بلده.

و الثاني:ان يخفى عليه أذان مصره.

و الأولى في رواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام (3).و الثاني في رواية عبد اللّه بن سنان عنه عليه السّلام (4).و كلاهما صحيحا السند.

و الثالث:الاكتفاء بالخروج من منزله،و هو قول ابن بابويه في

ص: 319


1- مختلف الشيعة:163.
2- سورة النساء:101.
3- الكافي 3:434 ح 1،الفقيه 1:279 ح 1267،التهذيب 2:12 ح 27،4: 230 ح 676.
4- التهذيب 4:230 ح 675،الاستبصار 1:242 ح 862.

الرسالة (1).و رواه ولده مرسلا عن الصادق عليه السّلام:«إذا خرجت من منزلك فقصّر الى ان تعود اليه» (2).

و ابن الجنيد يقول في ظاهر كلامه:أنّ المسافر في خروجه يقصّر إذا فارق منزله و انقطع عنه رؤية أبيات قريته،و في رجوعه الى دخوله منزله.

قال:فان حيل بينه و بين منزله بعد وصوله إليه أتم (3).

و اعتبار الأولين هو المشهور بل يكاد يكون إجماعا.و رواية ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام مجملة،و المجمل يحمل على المبيّن.

نعم،روى إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السّلام عن المسافر يدخل بيوت الكوفة،أ يتمّ الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله؟قال:«بل يكون مقصرا حتى يدخل اهله» (4).

و روى العيص عن الصادق عليه السّلام:«لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل اهله» (5).

و تأولهما بعض الأصحاب بأن المراد بدخول اهله سماع الأذان (6)،أو رؤية الجدران،و لا ينافي ذلك دخول الكوفة فإنها كانت واسعة الخطة، فلعلّه دخل منها ما لا يسمع فيه أذان محلته.4.

ص: 320


1- مختلف الشيعة:163.
2- الفقيه 1:279 ح 1268.
3- مختلف الشيعة:164.
4- الكافي 3:434 ح 5،الفقيه 1:284 ح 1291،التهذيب 3:222 ح 555، الاستبصار 1:242 ح 863.
5- التهذيب 3:222 ح 556،الاستبصار 1:242 ح 864،و فيهما:«حتى يدخل بيته».
6- هو الشيخ في الاستبصار 1:242،ذيل الحديث 864.

تنبيه:

أكثر عبارة الأولين اعتبار أحد الأمرين:من الخفاء،و عدم سماع الأذان (1).

و المرتضى اعتبر خفاءهما معا في خروجه،و في دخوله يقصر حتى يبلغ منزله (2).

و اختاره الفاضل في الدخول و الخروج (3).فعلى هذا إدراك أحدهما يجعله بحكم المقيم،سواء كان خارجا الى السفر،أو راجعا منه.

و المفيد-رحمه اللّه-ظاهره اعتبار الأذان (4)،و به صرّح سلار (5).

و الصدوق-في المقنع-اعتبر خفاء الحيطان (6).

و ابن إدريس نصّ على ان المعتبر بالأذان المتوسط دون الجدران (7).

و في المبسوط ظاهره ان المعتبر الرؤية،فإن حصل حائل فالأذان (8).

و المعتمد خفاء إدراكهما فيهما،عملا بالروايتين الصحيحتين أولا (9).4.

ص: 321


1- راجع:الخلاف 1:128 المسألة 6،المهذب 1:106،المعتبر 2:473، تذكرة الفقهاء 1:189.
2- يوجد صدر المسألة في:جمل العلم و العمل(رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة):47،و نقل ذيل المسألة عنه المحقق في المعتبر 2:474، و العلامة في التذكرة 1:189.
3- تذكرة الفقهاء 1:189،نهاية الإحكام 2:172.
4- المقنعة:55.
5- المراسم:75.
6- المقنع:37.
7- السرائر:74.
8- المبسوط 1:136.
9- راجع ص 319 الهامش 3،4.

فروع:

يكفي سماع الأذان من آخر البلد،و كذا رؤية آخر جدرانه.اما لو اتسعت خطة البلد بحيث تخرج عن العادة،اعتبرنا محلته و أذانها كما أوّلنا به الرواية.

و لا عبرة بأعلام البلد كالمنائر و القلاع و القباب،و لا بسماع الأذان المفرط في العلو،كما لا عبرة بخفاء الأذان المفرط في الانخفاض.

و الأقرب اجراء الصوت العالي مجرى الأذان،و التمثيل بالأذان لأنه أبلغ الأصوات.

و لو كانت القرية في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا، و ساكن الحلة(يعتبر الأذان.و في القرى المفرطة في انخفاض البيوت يحتمل ذلك و تقدير رؤية الجدار) (1)،و كذا يحتمل رؤية الجدار في حلة البادية.

و تقارب القريتين لا يجعلهما بحكم الواحدة،و ان كثر اختلاطهما و دخول أهل كل منهما الأخرى من غير تغيير زي.

فحينئذ المسافر من إحداهما في صوب الأخرى يعتبر جدار قرينة و أذانها.

و لو منع المسافر من تمام السفر،فان كان قبل محل الترخّص أتمّ، و ان تجاوز محل الرخصة و رجا زوال المانع و جزم بالسفر قصّر.

و لو سافر في السفينة،فردّته الريح الى ان أدرك أحد الأمرين:منس.

ص: 322


1- سقط من م،أثبتناه من س.

الجدار و الأذان،أتمّ.

و لو عاد المسافر لحاجة قبل بلوغ المسافة أتمّ في طريقه،لخروجه عن اسم المسافر.نعم،لو كان غريبا فهو باق على القصر،و إن كان قد نوى المقام عشرا فيه،أو مضى عليه ثلاثون يوما.

و ها هنا أمور اشترطها بعض العامة،و ليست شرطا عندنا:
فمنها:الخوف (1)،

فمنها:الخوف(1)، و لا يشترط مجامعته السفر،لخبر يعلى بن أمية و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«صدقة تصدّق اللّه بها عليكم،فاقبلوا صدقته» (2).

و قال ابن عباس:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سافر بين مكة و المدينة آمنا لا يخاف إلاّ اللّه تعالى،فصلّى ركعتين (3).

احتج داود بظاهر الآية (4).

قلنا:الحديث مبيّن للمراد منها.

و منها:نيّة القصر (5).

و منها:نيّة القصر (5).و ليست شرطا عندنا،فلو دخل في صلاة، و ذهل عن نيّة القصر كانت صحيحة،لأنّ المقتضي لتسويغ القصر الحكمة و هي لا تتغيّر بالنية.

و منها:عدم الائتمام بالمقيم (6).

و منها:عدم الائتمام بالمقيم (6). و ليس شرطا،فلو ائتم المقصّر بمقيم

ص: 323


1- شرطه داود،راجع:المحلى 4:267،حلية العلماء 2:224.
2- مسند احمد 1:36،سنن الدارمي 1:354،صحيح مسلم 1:478 ح 686، سنن ابن ماجة 1:339 ح 1065،سنن أبي داود 3:3 ح 1199،الجامع الصحيح 5:242 ح 3034،سنن النسائي 3:116،مسند أبي يعلى 1:163 ح 181.
3- المصنف لعبد الرزاق 2:516 ح 4270،الجامع الصحيح 2:431 ح 547،سنن النسائي 3:117،السنن الكبرى 3:135.
4- سورة النساء:101.
5- شرطه جماعة راجع:المغني 2:106،الشرح الكبير 2:106 و روضة الطالبين 1:496،حلية العلماء 2:230،المهذب للشيرازي 1:110،المجموع 4: 353،الحاوي الكبير 2:378.
6- شرطه جماعة،راجع المغني 2:129،روضة الطالبين 1:494،حلية العلماء 2:230،المهذب للشيرازي 1:110،المجموع 4:356،الحاوي الكبير 2:380.

لم يتمّ عندنا،بل هو باق على قصره بإجماعنا،لإطلاق القرآن و الاخبار.

احتجوا بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«انما جعل الإمام إماما ليؤتم به» (1).

قلنا:نمنع إمامته في الزائد عن فرض المقصّر.

و منها:انه لا يشترط كون السفر واجبا،

لعموم الأدلة (2)و خلاف ابن مسعود مدفوع،لانقراضه.

و لا يشترط كونه طاعة.و اشتراط عطاء ذلك (3)مردود،و احتجاجه بأن النبي صلّى اللّه عليه و آله لم يقصّر إلاّ في سبيل الخير مدفوع بان ذلك لا يمنع من التقصير في غيره.

ص: 324


1- المصنف لعبد الرزاق 2:461 ح 4082،مسند احمد 2:314،صحيح البخاري 1:175،صحيح مسلم 1:308 ح 411،سنن ابن ماجة 1:276 ح 846،سنن أبي داود 1:164 ح 603،سنن النسائي 2:83،مسند أبي يعلى 10:315 ح 5909،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:271 ح 2104،و لم ترد في الجميع كلمة«اماما».
2- قاله ابن مسعود،راجع:المغني 2:100،الشرح الكبير 2:92.
3- المغني 2:100،الشرح الكبير 2:92.
المطلب الثالث:في الاحكام.
اشارة

و فيه مسائل:

الاولى:لو أتمّ المقصّر عامدا بطلت صلاته،

لان القصر عزيمة.هذا مع العلم بان فرضه القصر.و لو كان جاهلا بذلك،فالمشهور انه لا اعادة عليه في الوقت و لا بعد خروجه:

اما مع بقائه فخالف فيه أبو الصلاح-رحمه اللّه-و ابن الجنيد،و قال ابن الجنيد:يستحب له الإعادة مع خروج الوقت (1).

و اما مع خروجه فلا نعلم فيه خلافا،إلاّ ما يظهر من كلام ابن أبي عقيل حيث قال:من صلّى في السفر صلاة الحضر،فصلاته باطلة و عليه الإعادة،لأن الزيادة في الفرض مبطلة (2).

لنا:صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام فيمن صلى في السفر أربعا:«ان كان قرئت عليه آية التقصير،و فسّرت له،فصلّى أربعا أعاد.و ان لم يكن قرئت عليه،و لم يعلمها،فلا إعادة عليه» (3)و النكرة في سياق النفي تعم،فيدخل فيه بقاء الوقت و خروجه.

و سأل المرتضى-رضى اللّه عنه اللّه-عن ذلك الرضي-رحمه اللّه-فقال:الإجماع على انّ من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزئة،و الجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها فلا تكون مجزية.

ص: 325


1- الكافي في الفقه:116،و حكاه عن ابن الجنيد العلامة في مختلف الشيعة: 66.
2- مختلف الشيعة:164.
3- الفقيه 1:278 ح 1266،التهذيب 3:226 ح 571.

فأجاب المرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب الجهل،و ان كان الجاهل غير معذور (1).

الثانية حكم ما لو أتمّ الصلاة ناسيا

لو أتمّ الصلاة ناسيا،ففيه ثلاثة أقوال:

أشهرها:انه يعيد ما دام في الوقت، فان خرج فلا اعادة عليه (2).

و صحيحة العيص بن القاسم عن الصادق عليه السّلام تدل عليه،حيث سأله عن مسافر أتمّ الصلاة،قال:«ان كان في وقت فليعد،و ان كان الوقت قد مضى فلا» (3)فإنه لا يجوز حملها على العامد العالم قطعا،و لا على الجاهل، المعارضة الرواية الأولى،فتعيّن حملها على الناسي.

القول الثاني:لأبي جعفر الصدوق في المقنع: ان ذكر في يومه أعاد،و ان مضى اليوم فلا اعادة (4).و هذا يوافق الأول في الظهرين،و اما العشاء الآخرة:

فإن حملنا اليوم على بياض النهار فيكون حكم العشاء مهملا.

و ان حملناه على ذلك و على الليلة المستقبلة إذ صلاة اليوم و الليلة بمثابة اليوم الواحد،و جعلنا آخر وقت العشاء طلوع الفجر كما سلف،وافق القول الأول أيضا و إلاّ خالفه.

و ان حملنا اليوم على بياض النهار و ليلته الماضية،فيكون جزما بان العشاء تقضى إذا ذكر في بياض النهار،و هذه مخالفة للقول الأول.

ص: 326


1- راجع روض الجنان:398.
2- قال به:الطوسي في النهاية:123 المحقق في المعتبر 2:478،العلامة في مختلف الشيعة:164.
3- الكافي 3:435 ح 376،التهذيب 3:169 ح 372،الاستبصار 1:241 ح 860.
4- المقنع:38.

و متمسكه صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام في الرجل ينسى فيصلي في السفر أربع ركعات،قال:«ان ذكر في ذلك اليوم فليعد،و ان لم يذكر حتى مضى ذلك اليوم فلا إعادة» (1).

و الأولى حمل كلامه و الرواية على صلاتي النهار،فإنهما ظاهران فيه، فيوافق الأول.

القول الثالث:الإعادة مطلقا. و هو قول علي بن بابويه (2)و الشيخ في المبسوط و علل فيه بان من قال من أصحابنا:ان كل سهو يلحق في صلاة السفر يوجب الإعادة،فظاهر،و من لم يقل يقول:قد زاد به فعليه الإعادة على كل حال (3).

و يتخرج هنا على القول:بان من زاد خامسة في الصلاة و كان قد قعد بقدر التشهد تسلم له الصلاة،صحة الصلاة هنا،لان التشهد حائل بين ذلك و بين الزيادة.

فإن قلت:فينبغي لو تعمّد الزيادة القول بذلك،لتحقق الخروج من الصلاة بالتشهد،فان هذا القول من روادف القول بندب التسليم.

قلت:إذا زاد متعمّدا لم تكن نيّة الخروج حاصلة بالتشهد،و لا في حكم الحاصلة،بل نيّة البقاء على الصلاة هي الحاصلة فتتحقق الزيادة في الصلاة،و قد أسلفنا تحقيق الخروج من الصلاة في مسألة وجوب التسليم.

و الناسي و ان لم تكن نيّة الخروج له حاصلة إلاّ انها في حكم الحاصلة.0.

ص: 327


1- الفقيه 1:281 ح 1275،التهذيب 3:169 ح 373،الاستبصار 1:241 ح 861.
2- مختلف الشيعة:164.
3- المبسوط 1:140.

فرع:

لو قصّر المسافر غير الرباعية أعاد مطلقا.و روى إسحاق بن عمار في امرأة صلت في السفر المغرب ركعتين:«ليس عليها قضاء» (1)و هي متروكة شاذة.

الثالثة حكم ما لو صام المسافر الذي يجب عليه الإفطار

لو صام المسافر الذي يجب عليه الفطر فرضا عامدا عالما وجبت الإعادة،للنهي عن الصوم في الكتاب (2)و السنة (3).

و ان كان جاهلا بالقصر أجزأ،للنص (4)و رواية حماد عن الحلبي عن الصادق عليه السّلام في الصائم في السفر:«ان كان بلغه انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك فعليه القضاء،و ان لم يكن بلغه فلا شيء عليه» (5)و كذا في رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عنه عليه السّلام (6).

و لو كان ناسيا،فالأشبه الإعادة،لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«ان اللّه تصدق على مرضى أمتي و مسافريها بالإفطار في شهر رمضان،أ يعجب أحدكم ان لو تصدّق بصدقة أن ترد عليه!»رواه الأصحاب عن الصادق عليه السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله (7).و قال الصادق عليه السّلام في هذه الرواية:«الصائم في شهر رمضان

ص: 328


1- الفقيه 1:287 ح 1306،التهذيب 3:226 ح 572،الاستبصار 1:220 ح 779.
2- سورة البقرة:184،185.
3- راجع:الكافي 4:127 ح 3،التهذيب 4:217 ح 630.
4- لعله إشارة الى ما في الكافي 4:128 ح 2،3 حيث هما نص صريح في ذلك.
5- الكافي 4:128 ح 1،الفقيه 2:93 ح 417،التهذيب 4:220 ح 643.
6- التهذيب 4:221 ح 646.
7- الكافي 4:127 ح 3،الفقيه 2:91 ح 403،التهذيب 4:217 ح 630.

في السفر كالمفطر فيه في الحضر» (1).و لان فرضه الصوم في غير هذا الزمان فلا يجزي عنه هذا الزمان.

و روى ابن بابويه-في من لا يحضره الفقيه-عن محمد بن بزيع،عن الرضا عليه السّلام،قال:سألته عن الصلاة (2)بمكة و المدينة،أ تقصير أم تمام؟قال:

«قصر ما لم يعزم على مقام عشرة أيام» (3)و به احتج على اعتبار نيّة الإقامة في إتمام الصلاة بالأماكن الأربعة (4).

الرابعة هل هناك فرق بين الشرائط و الأحكام في الصوم و الصلاة؟

لا فرق بين الصوم و الصلاة في الشرائط و الاحكام،لما تقدم من قول الصادق عليه السّلام:«هما واحد،إذا قصرت أفطرت،و إذا أفطرت قصرت» (5)و قد سبق الخلاف في ذلك.

و يفترقان في الأماكن الأربعة،فإنّ إتمام الصلاة جائز بل أفضل،بخلاف الصوم فأنّي لم أقف فيه على نص و لا فتوى،و قضية الأصل بقاؤه على الفطر لمكان السفر،و إن كان في بعض الروايات في الأماكن لفظ الإتمام فإنّ الظاهر أنّ المراد به الصلاة.و اللّه أعلم.

الخامسة قول الشيخ فرض السفر لا يسمى قصرا

قال الشيخ:فرض السفر لا يسمّى قصرا،لأنّ فرض المسافر مخالف لفرض الحاضر (6).و يشكل بقوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ (7)و بعض الأصحاب سمّاها بذلك.قيل:و هو نزاع

ص: 329


1- الكافي 4:127 ح 3،الفقيه 2:91 ح 403،التهذيب 4:217 ح 630.
2- في النسخ:الصوم،و هو سهو بيّن،و تقدّم بلفظ الصلاة في ص 818 الهامش 3.
3- الفقيه 1:283 ح 1285،عيون أخبار الرضا عليه السّلام 2:18،التهذيب 5:426 ح 1482،الاستبصار 2:331 ح 1178.
4- الفقيه 1:283.
5- الفقيه 1:280 ح 1270،التهذيب 3:220 ح 551.
6- المبسوط 1:136،الخلاف 1:128 المسألة 4.
7- سورة النساء:102.

لفظي (1).

السادسة حكم ما إذا خرج حاجّا إلى مكة و بينه و بينها مسافة

قال رحمه اللّه:إذا خرج حاجّا إلى مكة،و بينه و بينها مسافة تقصر فيها الصلاة،و نوى أن يقيم بها عشرا،قصّر في الطريق،فإذا وصل إليها أتمّ.

و إن خرج إلى عرفة يريد قضاء نسكه،لا يريد مقام عشرة أيام إذا رجع إلى مكة كان له القصر،لأنّه نقض.مقامه بسفر بينه و بين بلده يقصّر في مثله.و إن كان يريد إذا قضى نسكه مقام عشرة أيام بمكة أتمّ بمنى و عرفة و مكة،حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر (2).

و تبعه المتأخرون،و إن عمّم بعضهم العبارة من غير تخصيص بمكة زادها اللّه شرفا (3)و ظاهرهم اعتبار عشرة جديدة في موضعه الذي نوى المقام فيه بعد خروجه إلى ما دون المسافة (4)و ظاهرهم أن نيّة إقامة ما دون العشرة في رجوعه ك:لا نيّة.

السابعة اجتزاء ابن الجنيد وحده في إتمام المسافر بنيّة مقام

خمسة أيام]

اجتزأ ابن الجنيد وحده في إتمام المسافر بنيّة مقام خمسة أيام (5).

و هو مروي-في الحسن-عن الصادق عليه السّلام بطريق أبي أيوب و سؤال محمد بن مسلم (6)،و حمله الشيخ على الإقامة بأحد الحرمين،أو على استحباب الإتمام (7).و فيهما نظر،لأنّ الحرمين عنده لا يشترط فيهما خمسة و لا غيرها،إن كان أقل من خمس فلا إتمام.و أمّا الاستحباب فالقصر عنده عزيمة،فكيف قصّر رخصة هنا؟!

الثامنة حكم من سافر فقطع أربعة فراسخ أو فرسخ أو فرسخين

ذهب في النهاية إلى أن من سافر فقطع أربعة فراسخ،و صلّى

ص: 330


1- تذكرة الفقهاء 1:194.
2- المبسوط 1:138.
3- راجع:شرائع الإسلام 1:136.
4- راجع:المهذب 1:109،مختلف الشيعة:164.
5- مختلف الشيعة:164.
6- الكافي 3:436 ح 3،التهذيب 3:219 ح 548،الاستبصار 1:238 ح 849.
7- التهذيب 3:220،الاستبصار 1:138.

قصرا ثم اقام ينتظر رفقة،قصّر الى ثلاثين يوما.و ان كان مسيرة أقل من أربعة فراسخ أتم حتى يسير فيقصّر (1).

و في المبسوط:متى خرج من البلد الى موضع بالقرب من مسافة فرسخ أو فرسخين بنيّة أن ينتظر الرفقة هناك و المقام عشرا فصاعدا أتمّ.

و ان لم ينو عشرا و اقام لانتظارهم قصّر الى شهر.

و كلامه ظاهر في اعتبار خفاء الأذان أو الجدار لان الفرسخ مظنتهما.

و كلامه في النهاية يمكن بناؤه على أمرين:

أحدهما:انّه غير جازم بحضور الرفقة و ان سفره معلّق عليه.

و الثاني:ان التقصير جائز في أربعة فراسخ كما هو مذهبه.

و قد قدّمنا القول في ذلك كله.

التاسعة هل محل الترخص في البدوي ان يتجاوز موضعه؟

اعتبر ابن البراج في محل الترخص في البدوي أن يتجاوز موضعه،و في المقيم في الوادي أن يتجاوز عرضه،و ان سافر فيه طولا فأن يغيب عن موضع منزله (2).

و كأنّه في هذين الآخرين يعتبر سماع الأذان و رؤية الجدار،و ان قدرهما بما ذكره،و في البدوي لما لم يكن له دار انتفى اعتبارهما، و الأقرب تقديرهما فيه أيضا.

العاشرة حكم المرور على الوطن و النزول فيه

اعتبر ابن البراج-فيما يلوح من كلامه-في انقطاع سفر من مرّ على ضيعته أو أهله النزول و نيّة المقام عشرا (3).

و صرح أبو الصلاح باشتراط الوطن و النزول فيه،فلو لم ينزله قصّر

ص: 331


1- النهاية:124.
2- المهذب 1:106.
3- المهذب 1:106.

الى شهر عنده ما لم ينو المقام عشرة (1).

و قد روى إسماعيل بن الفضل-في الصحيح-انه سأل الصادق عليه السّلام:

«إذا نزلت قراك و ضيعتك فأتمّ الصلاة» (2).

و في موثقة عمار عنه عليه السّلام في الرجل يخرج في سفر فيمرّ بقرية له أو دار فينزل فيها،فقال:«يتمّ الصلاة و لو لم يكن له إلاّ نخلة واحدة» (3).

و روى ابن بكير عن الصادق عليه السّلام في الرجل له بالكوفة دار و منزل فيمر بها مجتازا لا يريد المقام إلا بقدر ما يتجهّز يوما أو يومين،قال:

«يقيم (4)في جانب المصر،و يقصّر».قلت:فان دخل اهله؟قال:«عليه التمام» (5).

و في المبسوط:إذا سافر فمرّ في طريقه بضيعة له،أو على مال له، أو كانت له أصهار أو زوجة،فينزل عليهم و لم ينو المقام عشرة أيام قصّر، و قد روي انّ عليه التمام.و قد بيّنا الجمع بينهما،و هو:انّ ما روي انه ان كان جاء منزله أو ضيعته مما قد استوطنه ستة أشهر فصاعدا تمّم،و ان لم يكن استوطن ذلك قصر (6)،و أطلق.

فظاهره ان المرور كاف،و تبعه المتأخرون (7)و تشهد له صحيحة سعد0.

ص: 332


1- الكافي في الفقه:117.
2- الفقيه 1:287 ح 1309،التهذيب 3:210 ح 508،الاستبصار 1:228. ح 810.
3- التهذيب 3:211 ح 512،الاستبصار 1:229 ح 814.
4- في النسخ:«يتم».
5- قرب الاسناد:80،الكافي 3:435 ح 2،التهذيب 3:220 ح 550.
6- المبسوط 1:136،و راجع:التهذيب 3:212.
7- راجع:الوسيلة:109،المعتبر 2:469،شرائع الإسلام 1:133،مختلف الشيعة:170.

ابن أبي خلف،قال:سأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السّلام عن الدار تكون للرجل بمصر أو الضيعة فيمرّ بها،قال:«إن كان مما قد سكنه أتمّ فيه الصلاة،و إن كان ممّا لم يسكنه فليقصّر» (1)و المراد به السكنى ستة أشهر لما سلف.و هو المعتمد.

الحادية عشرة حكم من لم ينزل بقريته

قال ابن الجنيد أيضا:أنّ من لم ينزل بقريته يقصّر.

و ألحق بالملك منزل الزوجة و الولد و الوالد و الأخ،إن كان حكمه نافذا فيه و لا يزعجونه منه لو أراد به المقام (2)لموثقة الفضل البقباق عن الصادق عليه السّلام في المسافر ينزل على بعض اهله يوما و ليلة أو ثلاثا،قال:«ما أحب أن يقصّر الصلاة» (3).

و في صحيح الفضل بن عبد الملك عن الصادق عليه السّلام في المسافر ينزل على بعض أهله يوما أو ليلة،قال:«يقصّر الصلاة» (4).

فجمع بينهما بحمل الأولى على نيّة المقام عشرا (5).

الثانية عشرة حكم ما لو قصر المسافر اتفاقا
اشارة

قال بعض الأصحاب:لو قصّر المسافر اتفاقا أعاد قصرا (6).

و فيه تفسيرات:

أحدها:أن يكون غير عالم بوجوب القصر،

فإنّه صلّى صلاة يعتقد فسادها فيجب إعادتها قصرا.و هذا ذكره في المبسوط (7).

الثاني:أن يعلم وجوب القصر،

و لكن جهل بلوغ المسافة فقصّر فاتفق بلوغ المسافة،فإنّه يعيد لأنّه صلّى قصرا مع أنّ فرضه التمام،فيكون

ص: 333


1- التهذيب 3:212 ح 518،الاستبصار 1:230 ح 819.
2- مختلف الشيعة:170.
3- التهذيب 3:233 ح 608،الاستبصار 1:232 ح 825.
4- التهذيب 3:217 ح 535،الاستبصار 1:231 ح 824.
5- مختلف الشيعة:170.
6- راجع:شرائع الإسلام 1:135،قواعد الاحكام:51.
7- المبسوط 1:139.

منهيا عنه فيعيد في الوقت قصرا.

اما إذا خرج الوقت،فيحتمل قويا القضاء تماما،لانه قد كان فرضه التمام فليقضها كما فاتته.و يحتمل القضاء قصرا،لانه مسافر في الحقيقة، و انما منعه من القصر جهل المسافة و قد علمها.

و هذا مطرد فيما لو ترك المسافر الصلاة أو نسيها،و لم يكن عالما بالمسافة ثم تبيّن المسافة بعد خروج الوقت،فان في قضائها قصرا أو تماما الوجهين.

التفسير الثالث:ان يعلم وجوب القصر و بلوغ المسافة،

و لكن نوى الصلاة تماما نسيانا،ثم سلّم على ركعتين ناسيا ثم ذكر،فإنه يعيد لمخالفته ما يجب عليه من ترك نيّة التمام،و تكون الإعادة قصرا سواء كان الوقت باقيا أم لا،لان فرضه القصر ظاهرا و باطنا.

و يحتمل قويا هنا أجزاء الصلاة،لأن نيّة التمام لغو،و الناسي غير مخاطب،و التسليم وقع في محله.

الثالثة عشرة حكم ما لو صلّى المسافر قصرا فتبين انه في موضع

سماع الأذان أو رؤية الجدار]

لو صلّى المسافر قصرا،ثم تبيّن انه في موضع سماع الأذان أو رؤية الجدار،لم يجز لان فرضه التمام،فان كان لم يأت بالمنافي أتمّها و أجزأت على الأقرب،لأن نيّة جملة الصلاة كافية.

و لو نوى المقام عشرة فقصّر ناسيا فكذلك.

و لو قصّر جاهلا،فالأقرب انه كالناسي.و قال الشيخ نجيب الدين بن سعيد-في الجامع للشرائع-:لا اعادة عليه (1).و لعلّه لانّه بنى على استصحاب القصر الواجب،و خفاء هذه المسألة على العامة،و لما رواه

ص: 334


1- الجامع للشرائع:93.

منصور بن حازم عن الصادق عليه السّلام،قال:سمعته يقول:«إذا أتيت بلدة فأزمعت المقام عشرة أيام فأتمّ الصلاة،فإن تركه رجل جاهل فليس عليه اعادة» (1).

و ربما حمل الضمير في«تركه»على القصر للمسافر و ان لم يجر له ذكر في الرواية،لأنه قد علم انّ الجاهل معذور في التمام.

الرابعة عشرة استحباب صلاة النوافل المقصورة في الأماكن الأربعة

تستحب صلاة النوافل المقصورة في الأماكن الأربعة، لأنه من باب إتمام الصلاة المنصوص عليه.و نقله (2)الشيخ نجيب الدين محمد بن نما-رحمه اللّه-عن شيخه ابن إدريس.

و لا فرق بين أن يتمّ الفرضية أو لا،و لا بين أن يصلي الفريضة خارجا عنها و النافلة فيها،أو يصليهما معا فيها.

الخامسة عشرة استحباب للمسافر قول ثلاثين مرة عقيب كل صلاة

مقصورة:سبحان اللّه و الحمد للّه..]

يستحب ان يقول المسافر عقيب كل صلاة مقصورة:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا و اللّه أكبر،ثلاثين مرة،جبرا لما نقص منها.و روى ذلك سليمان بن حفص المروزي عن العسكري عليه السّلام بلفظ(الوجوب) (3)و المراد به تأكّد الاستحباب.و توقّف الفاضل في عموم استحباب هذا العدد غير المقصورة (4)و الرواية عن العسكري مصرّحة بالمقصورة،و صرّح به أيضا ابن بابويه (5).

السادسة عشرة هل يستحب للمسافر الجمع بين الصلاتين؟

يجوز الجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت للحاضر و المسافر عندنا،لما مر.

ص: 335


1- التهذيب 3:221 ح 552.
2- في م،س:و نقل.
3- التهذيب 3:230 ح 594.
4- تذكرة الفقهاء 1:187،تحرير الاحكام:57.
5- الفقيه 1:289،المقنع:38.

و هل يستحب للمسافر الجمع؟الظاهر ذلك،لما روي أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يفعله،منه رواية الحلبي عن الصادق عليه السّلام،قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان في سفر،أو عجلت به حاجة،يجمع بين الظهر و العصر،و المغرب و العشاء الآخرة» (1).

قال:و قال الصادق عليه السّلام:«لا بأس أن تعجل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق» (2).

و فيه إشارة إلى أن تأخيرها أفضل،و لكن روى منصور عنه عليه عليه السّلام و سأله عن صلاة المغرب و العشاء بجمع،قال:«بأذان و إقامتين لا تصل بينهما شيئا،هكذا صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (3)فعلى هذا لا تصلي بينهما نافلة.

و لا فرق بين ان يجمع بينهما في وقت فضيلة الأولى،أو في وقت الثانية.

السابعة عشرة في تحديد المسافة

روى البزنطي عن الرضا عليه السّلام:حدّ المسافة بثلاثة برد (4).

و روى أبو بصير عن الصادق عليه السّلام:«مسيرة يومين» (5).

و سندهما جيد،إلاّ أنّهما مخالفان إجماع الأصحاب،فحملا على التقية، أو على برد لم تزد على بريدين أو مسير يوم في يومين (6).

و روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السّلام:إن شيّع الرجل أخاه في

ص: 336


1- الكافي 3:431 ح 3،التهذيب 3:233 ح 609.
2- الكافي 3:431 ح 3،التهذيب 3:233 ح 609.
3- التهذيب 3:234 ح 615.
4- التهذيب 3:209 ح 504،الاستبصار 1:225 ح 800.
5- التهذيب 3:209 ح 505،التهذيب 1:225 ح 801.
6- التهذيب 3:209 ح 505،الاستبصار 1:225 ح 801.

الصيام يفطر له،و تشييعه أفضل من صومه (1).

و روى عبد اللّه بن مسكان و محمد بن النعمان،عن الصادق عليه السّلام:«انّ المسافر إذا ائتم بالحاضر،فان كان في الظهر جعل الفريضة في الركعتين الأوليين،و ان كانت العصر فليجعل الأوليين نافلة و الأخيرتين فريضة» (2).

و فيه إشارة إلى كراهة الصلاة نفلا بعد العصر،و الى صحة النافلة ممّن عليه فريضة.

و روى معاوية بن عمار عنه عليه السّلام:«انّ المسافر يقضى نافلة الليل ماشيا،يتوجه إلى القبلة ثم يمشي و يقرأ،فإذا أراد أن يركع حوّل وجهه إلى القبلة و ركع و سجد ثم مشى» (3).

و في رواية إبراهيم بن ميمون عنه عليه السلام.

:يومئ بالسجود (4).

و في رواية يعقوب بن شعيب عنه عليه السّلام:يومئ بهما،و يجعل السجود أخفض (5).

و في مرسلة حريز عنه عليه السّلام:لا يسوق المصلّي ماشيا الإبل (6).

و روى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السّلام،قال:سألته عن رجل جعل للّه عليه ان يصلّي كذا و كذا،هل يجزئه ذلك على دابته و هو مسافر؟ قال:«نعم» (7)و يحمل ذلك على العجز،أو إرادة الناذر ذلك.6.

ص: 337


1- التهذيب 3:219 ح 545.
2- التهذيب 3:165 ح 360،226 ح 573.
3- التهذيب 3:229 ح 585.
4- التهذيب 3:229 ح 587.
5- الكافي 3:440 ح 7،التهذيب 3:229 ح 588.
6- الكافي 3:441 ح 9،الفقيه 1:289 ح 1318،التهذيب 3:230 ح 592.
7- التهذيب 3:231 ح 596.
الثامنة عشرة كراهة السفر في البحر

يكره السفر في البحر،و خصوصا للتجارة.روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«كان أبي يكره الركوب في البحر للتجارة» (1).

و قال علي عليه السّلام:«ما أجمل الطلب من ركب البحر» (2).

و سأل محمد بن مسلم الصادق عليه السّلام عن ركوب البحر،فقال:«و لم يغرر الرجل بدينه؟!» (3).

فإن ابتلى بركوبه استحب أن يقرأ في السفينة وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية (4)بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (5).

و إذا اضطرب به البحر فليقل متكئا على جنبه الأيمن:بسم اللّه اسكن بسكينة اللّه،و قرّ بقرار اللّه،و اهدأ بإذن اللّه،و لا قوة إلا باللّه».

و روى قول:«بسم اللّه»إلى قوله:«و لا قوة إلا باللّه»ابن بابويه عن أبي جعفر عليه السّلام (6).

و يحرم ركوبه عند هيجانه،لوجوب التحرّز من الضرر و ان كان مظنونا،و لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عنه (7)و النهي للتحريم.

التاسعة عشرة التحنك بطرف العمامة في السفر استحباب مؤكد

يتأكّد استحباب التحنّك بطرف العمامة في السفر.

روى عمار عن الصادق عليه السّلام،انّه قال:«من خرج في سفره فلم يدر

ص: 338


1- الفقيه 1:293 ح 1333.
2- الفقيه 1:293 ح 1336.
3- الفقيه 1:293 ح 1334.
4- سورة الزمر:67.
5- سورة هود:41.
6- الفقيه 1:292 ح 1332.
7- الفقيه 1:293 ح 1335.

العمامة تحت حنكه،فأصابه ألم لا دواء له،فلا يلومنّ إلاّ نفسه» (1)قال ابن بابويه:و قال الصادق عليه السّلام:«ضمنت لمن خرج من بيته معتمّا ان يرجع إليهم سالما» (2).5.

ص: 339


1- الفقيه 1:173 ح 814.
2- الفقيه 1:173 ح 815.

ص: 340

الفصل الثاني: في صلاة الخوف و مطالبه خمسة:
المطلب الأوّل:صلاة ذات الرقاع،
اشارة

و اختلف في سبب التسمية بذلك،فقيل:لأنّ القتال كان في سفح جبل فيه جديد حمر و صفر كالرقاع (1).

و قيل:كانت الصحابة حفاة فلفّوا على أرجلهم الجلود و الخرق لئلا تحترق (2).

قال صاحب المعجم:و قيل:سمّيت برقاع كانت في ألويتهم.

و قيل:الرقاع اسم شجرة في موضع الغزوة.

قال:و فسّرها مسلم في الصحيح بأنّ الصّحابة نقبت أرجلهم من المشي فلفّوا عليها الخرق (3).

و هي على ثلاثة أميال (4)من المدينة عند بئر أروما،هكذا نقلها صاحب المعجم بالألف،قال:و بين الهجرة و بين هذا الغزاة أربع سنين و ثمانية أيام (5).

و قيل:مرّ بذلك الموضع ثمانية حفاة،فنقبت أرجلهم و تساقطت

ص: 341


1- معجم البلدان 3:56.
2- في السيرة النبوية لابن كثير 3:160 في حديث أبي موسى:«إنما سميت بذلك لما كانوا يربطون على أرجلهم من الخرق من شدّة الحرّ».
3- معجم البلدان 3:56،و راجع:صحيح مسلم 3:1449 ح 1816،صحيح البخاري 5:145
4- في المصدر:أيام.
5- معجم البلدان 3:56.

أظفارهم،فكانوا يلفّون عليها الخرق (1).

و هذه الصلاة ثابتة بالكتاب و السنة،لقوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ الآية (2)،و صلاّها النبي صلّى اللّه عليه و آله بالموضع المذكور (3)و التأسي به واجب.

و حكمها ثابت به عندنا و عند الجمهور،إلاّ أبا يوسف فإنّه زعم أنّها من خصائص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4)لقوله تعالى وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ .

قلنا:ثبت وجوبها علينا بالتأسي به.و لهذا وجب أخذ الصدقة من المال،و إن كان تعالى قد قال خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (5)و من ثم لم يسمع من مانعي الزكاة احتجاجهم بهذه الآية على منعها.

و قيل:إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان قبل نزول هذه الآية متعبّدا،إذا خاف أخّر الصلاة إلى أن يحصل الأمن ثم يقضيها،ثم نسخ ذلك بمضمون الآية (6).

و زعم بعض العامة أنّها نسخت بفعل النبي صلّى اللّه عليه و آله ذلك (7).

قلنا:كان ذلك قبل نزول هذه الآية.

و تحقيقها يظهر في مسائل:

الأولى حكم صلاة الخوف في السفر و الحضر

صلاة الخوف مقصورة سفرا-إجماعا-إذا كانت رباعيّة،

ص: 342


1- راجع:نهاية الإحكام 2:191.
2- سورة النساء:102.
3- صحيح البخاري 5:145،صحيح مسلم 1:575 ح 842،سنن أبي داود 2:13 ح 1238،سنن النسائي 3:171.
4- المجموع 4:405،المغني 2:251،شرح فتح القدير 2:63.
5- سورة التوبة:103.
6- سورة النساء:102.
7- صحيح البخاري 5:145،صحيح مسلم 1:575 ح 842،سنن أبي داود 2:13 ح 1238،سنن النسائي 3:171.

سواء صليت جماعة أو فرادى.و ان صليت حضرا،ففيه أقوال ثلاثة:

أحدها:-و هو الأصح-أنها تقصر للخوف المجرّد عن السفر كما تقصر للسفر المجرّد عن الخوف-و عليه معظم الأصحاب (1)-سواء صليت جماعة أو فرادى،لظاهر الآية،و لصحيح زرارة عن الباقر عليه السّلام:«صلاة الخوف أحقّ أن تقصر من صلاة سفر ليس فيه خوف» (2).

و في حسن محمد بن عذافر عن الصادق عليه السّلام:«إذا جالت الخيل تضطرب بالسيوف أجزأ تكبيرتان» (3).و هو ظاهر في الانفراد،لبعد الجماعة في هذه الحال.

و ثانيها:أنّها لا تقصر إلاّ في السفر على الإطلاق.و هو شيء نقله الشيخ عن بعض الأصحاب (4)اقتصارا على موضع الوفاق،و أصالة إتمام الصلاة.

و جوابه:إنّما يقتصر مع عدم الدليل و هو ظاهر الثبوت.

و ثالثها:انها تقصر في الحضر بشرط الجماعة،اما لو صليب فرادى أتمّت و هو قول الشيخ (5)و يظهر من كلام جماعة (6)و به صرّح ابن إدريس (7)لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله انما قصرها في الجماعة.7.

ص: 343


1- راجع:جمل العلم و العمل 3:48،المهذب 1:112،الكافي في الفقه: 146،السرائر:77،مختلف الشيعة:150.
2- الفقيه 1:294 ح 1342،التهذيب 3:302 ح 921.
3- الكافي 3:457 ح 1،التهذيب 3:300 ح 913.
4- المبسوط 1:163،الخلاف 1:147 المسألة 2.
5- المبسوط 1:165.
6- لاحظ:الوسيلة:110،الغنية:561،المراسم:88.
7- لاحظ ما ورد في الحدائق 11:265.و انظر السرائر:77.

قلنا:لوقوع ذلك لا لكونه شرطا.

المسألة الثانية:هذا القصر كقصر المسافر يردّ الرباعية إلى ركعتين.

و قال ابن بابويه:سمعت شيخنا محمد بن الحسن يقول:رويت أنّه سئل الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا (1)؟فقال:

«هذا تقصير ثان و هو أن يردّ الرجل الركعتين إلى ركعة» (2)،و قد رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح (3).

و قال ابن الجنيد بهذا المهذب،و أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله صلّى كذلك بعسفان برواية الباقر عليه السّلام،و جابر،و ابن عباس،و حذيفة (4).

و قال بعض الرواية:فكانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركعتان،و لكل طائفة ركعة ركعة (5).

و هذا قول نادر،و الرواية به و إن كانت صحيحة فهي معارضة بأشهر منها عملا و نقلا،كما رواه الحلبي عن الصادق عليه السّلام و قد وصف صلاة الخوف:أنّه يصلي بالأولى ركعة،ثم يصلّون الثانية و هو قائم،ثم تأتي الثانية فيصلي بهم الثانية،ثم يتمون ثانيتهم و يسلّم بهم (6)و رواه أيضا

ص: 344


1- سورة النساء:101.
2- الفقيه 1:295 ح 1343.
3- الكافي 3:458 ح 4.
4- حكاه عنه العلاّمة في مختلف الشيعة:151.و رواية الباقر عليه السّلام في:مختلف الشيعة: 151.و رواية جابر و ابن عباس و حذيفة في:سنن أبي داود 2:16 ح 1246،السنن الكبرى 3:261-262،و انظر:المغني 2:266-267،و لكن ليس فيهما ذكر عسفان.
5- سنن أبي داود 2:17 ح 1246،و انظر:مختلف الشيعة:151،السنن الكبرى 3: 262،و المغني 2:266.
6- الكافي 3:455 ح 1،المقنع:39،التهذيب 3:171 ح 379.

عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عنه عليه السّلام (1).

الثالثة:شروط هذه الصلاة أربعة:
أحدها:كون الخصم قويا بحيث يخاف هجومه في حال الصلاة.

فلو ضعف بحيث يؤمن منه الهجوم انتفت هذه الصلاة،لعدم الخوف حينئذ.

و ثانيها:ان تكون في المسلمين كثرة تمكنهم ان يفترقوا فرقتين:

إحداهما.تصلي مع الامام،و الأخرى بإزاء العدو.فلو لم يكن ذلك لم تتحقق هذه الصلاة.

و ثالثها:ان لا يحوج الحال إلى زيادة التفريق الى أكثر من فرقتين،

لتعذّر التوزيع حينئذ إلاّ ان يكونوا في صلاة المغرب،و لا يحتاج إلى الزيادة على الثلاث فإن الأقرب مشروعيتها حينئذ،لحصول الغرض.

و لو شرطنا في الخوف السفر،و احتاج الى أربع فرق في الحضر، فكذلك.

فلو زاد على الفرق الثلاث في المغرب،و على الفرق الأربع،انتفت الصلاة على هذه الهيئة قطعا.

و رابعها:عند بعضهم ان يكون العدو في خلاف جهة القبلة،

إما في استدبارها أو عن يمينها و شمالها،بحيث لا يمكنهم مقاتلته و هم يصلون إلاّ بالانحراف عن القبلة (2)،لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله انما صلاّها و العدو في خلاف جهة القبلة.

فحينئذ لو كان العدو في القبلة،و أمكنهم أن يصلّوا جميعا و يحرس بعضهم-كما يأتي في صلاة عسفان-أثرت على هذه الصلاة،إذ ليس فيها

ص: 345


1- الكافي 3:456 ح 2،الفقيه 1:293 ح 1337،التهذيب 3:172 ح 380.
2- راجع:المبسوط 1:163،المعتبر 2:455.

تفريق و لا مخالفة شديدة لباقي الصلوات:من انفراد المؤتم مع بقاء حكم ائتمامه،و من انتظار الإمام إياه،و ائتمام القائم بالقاعد.

قال الفاضل:و لو قيل بالجواز-و عنى ذات الرقاع-كان وجها،لعدم المانع منه،و فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله وقع اتفاقا لا أنّه كان شرطا (1).و هذا حسن.

و هذه شروط لهيئة ذات الرقاع لا لمجرد القصر،فإنّ الخوف بمجرده موجب للقصر و إن لم تحصل باقي هذه الشروط.و المنفرد يصلّي قصرا بغير هذه الشروط.و يجوز أن تكون الفرقة واحدا إذا حصلت المقاومة به.

الرابعة:صفتها ما رواه الحلبي-في الحسن-عن الصادق عليه السّلام،

قال:

«يقوم الامام،و تجيء طائفة من أصحابه فيقومون خلفه،و طائفة بإزاء العدو،فيصلي بهم الإمام ركعة ثم يقوم و يقومون معه،فيمثل قائما و يصلّون هم الركعة الثانية،ثم يسلّم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم.و يجيء الآخرون فيقومون خلف الإمام فيصلّي بهم الركعة الثانية،ثم يجلس الامام و يقومون هم فيصلّون ركعة أخرى،ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمة».

قال:«و في المغرب مثل ذلك،يقوم الامام و تجيء طائفة فيقومون خلفه و يصلي بهم ركعة،ثم يقوم و يقومون فيمثل الإمام قائما و يصلّون الركعتين و يتشهدون و يسلّم بعضهم على بعض،ثم ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم.و يجيء الآخرون فيقومون في موقف أصحابهم خلف الإمام،فيصلي بهم ركعة يقرأ فيها ثم يجلس و يتشهد،و يقوم و يقومون هم معه فيصلّون ركعة أخرى،ثم يجلس و يقومون هم فيصلّون ركعة أخرى

ص: 346


1- تذكرة الفقهاء 1:194.

و يسلم عليهم» (1).

و في صحيحة عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه،عنه عليه السّلام قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأصحابه في غزاة ذات الرقاع صلاة الخوف،ففرق أصحابه فرقتين، أقام فرقة بإزاء العدو و فرقة خلفه.فكبّر و كبروا،فقرأ و أنصتوا،فركع فركعوا، و سجد فسجدوا،ثم استتم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قائما و صلوا لأنفسهم ركعة،ثم سلم بعضهم على بعض ثم خرجوا إلى أصحابهم و قاموا بإزاء العدو.و جاء أصحابهم فقاموا خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بهم ركعة ثم تشهد و سلم عليهم،فقاموا فصلّوا لأنفسهم ركعة و سلم بعضهم على بعض» (2).

و لم يذكر المغرب في هذه الرواية.و ذكر هناك انتظارهم للتسليم، و هنا تسليمه من غير انتظار،و كلاهما جائزان و ان كان الأول أشهر من الثاني،و على الثاني ابن الجنيد و ظاهر ابن بابويه (3).

و قال ابن الجنيد:إذا سبقهم بالتسليم لم يبرح من مكانه حتى يسلموا (4).

الخامسة حكم صلاة المغرب لطائفتين

يجوز في صلاة المغرب ان يصلّي بالأولى ركعة و الثانية ركعتين،كما تضمّنته رواية الحلبي (5).قال ابن أبي عقيل:بذلك تواترت الأخبار عنهم،لتكون لكلتا الطائفتين قراءة (6).و عليه أكثر الأصحاب إذ لم يذكروا

ص: 347


1- الكافي 3:455 ح 1،المقنع:39،التهذيب 3:171 ح 379.
2- الكافي 3:456 ح 2،الفقيه 1:293 ح 1337،التهذيب 3:172 ح 380.
3- الفقيه 1:293 ح 1337.مع ملاحظة ما أفاده في 1:3.
4- مختلف الشيعة:151.
5- تقدمت في 346-347 الهامش 1.
6- مختلف الشيعة:151.

غيره (1).

و خيّر الشيخ و أبو الصلاح بين ذلك و بين ان يصلى بالأولى ركعتين و بالثانية ركعة (2)و جعل الأول أفضل في كتاب مسائل الخلاف (3)و أحوط في كتاب الاقتصاد (4)و اختاره أيضا ابن الجنيد (5)اعني:إيثار الأول.

و قد روى زرارة و فضيل و محمد بن مسلم-في الصحيح-عن الباقر عليه السّلام:«انّه يصلي بفرقة ركعتين،ثم يجلس و يشير إليهم بيده فيقومون فيصلّون ركعة و يسلمون،و تجيء الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة» (6).

و إذا كان الحديثان معتبري الاسناد تعيّن التخيير.نعم،الأول أفضل، -و هو مروي عن فعل علي عليه السّلام (7)-اما للتأسي به،و اما لفوز الفرقة الثانية بالقراءة المتعيّنة و بما يوازي فضيلة تكبيرة الإحرام و التقدم،و ذلك يحصل بإدراك الركعتين.و عليه الفاضل في التذكرة (8).

و بعض العامة رجّح الثاني (9)و اختاره الفاضل في القواعد،لئلا تكلف الثانية زيادة جلوس في التشهد.له و هي مبنيّة على التخفيف.و هذا ليس بشيء،لأن هذا الجلوس لا بد منه و استدعائه زمانا،فلا يحصل التخفيف2.

ص: 348


1- راجع:جمل العلم و العمل 3:48،الوسيلة:110،المهذب 1: 113،المراسم:88.
2- الكافي في الفقه:146.
3- الخلاف 1:148 المسألة 4.
4- الاقتصاد:270.
5- مختلف الشيعة:151.
6- التهذيب 3:301 ح 918.
7- انظر المغني 2:262،الشرح الكبير 2:133.
8- تذكرة الفقهاء 1:196.
9- المجموع 4:415،المغني 2:262.

بإيثار الأولى به.و لانه معارض بما انه إذا صلّى بالأولى ركعتين و بالثانية ركعة،فإنها تجلس حيث لا يجلس الإمام-أعني في تشهدها الأول-و إذا انعكس كان جلوسها فيه حيث يجلس الامام،و ذلك على مقتضى الكلام الأول نوع تخفيف.

السادسة حكم القراءة في صلاة المغرب بالنسبة للطائفة الثانية

قال ابن الجنيد و المرتضى:إذا صلّى بالأولى في المغرب ركعة و أتمّوا،ثم قام إلى الثالثة التي هي ثانية للثانية،سبّح هو و قرأت الطائفة الثانية (1).

و ابن إدريس قال:الإجماع على انه لا قراءة عليهم (2).

و سيأتي إن شاء اللّه بحث مأخذ ذلك في الجماعة.

السابعة حكم اقتداء الطائفة الثانية في الركعة الثانية

ظاهر الأصحاب بقاء اقتداء الثانية في الركعة الثانية حكما، و ان استقلوا بالقراءة و الافعال،فيحصل لهم ثواب الائتمام و يرجعون الى الامام في السهو،و حينئذ لا ينوون الانفراد عند القيام إلى الثانية.

و ابن حمزة-في الواسطة و الوسيلة-حكم بأنّ الثانية تنوي الانفراد في الركعة الثانية (3).

و كأنه أخذه من كلام الشيخ في المبسوط،حيث قال:و متى سهت هذه الطائفة-يعني:الثانية-فيما تنفرد به،فإذا سلّم بهم الامام سجدوا هم لنفوسهم سجدتي السهو.و متى سهت في الركعة التي تصلّي مع الامام،لم يلزمها حكم ذلك السهو و لا يجب عليها شيء (4).فنفى الشيخ لازم الائتمام

ص: 349


1- جمل العلم و العمل 3:48،مختلف الشيعة:151.
2- السرائر:77.
3- الواسطة:مخطوط،الوسيلة:110.
4- المبسوط 1:165.

و هو وجوب سجدتي السهو،و نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم.

و يدلّ على المشهور انهم عدّوا من جملة مخالفة هذه الصلاة:ائتمام القائم بالقاعد،و انّه في رواية زرارة-الصحيحة-:انّ الباقر عليه السّلام قال:

«فصار للأولين التكبير و افتتاح الصلاة،و للآخرين التسليم» (1)و لا يحصل لهم التسليم إلاّ ببقاء الائتمام.

و للشيخ و ابن حمزة أن يمنعا كون ذلك مستلزما لبقاء الائتمام حقيقة، و إن كان مستلزما له في ثواب الائتمام،و هما يقولان به.على أنّ التسليم في الرواية مصرح به انّ الامام يوقعه من غير انتظارهم-كما يأتي-و ذلك مقتض لانفرادهم حتما،و انما قال عليه السّلام:«و للآخرين التسليم»لأنهم حضروه مع الإمام.

الثامنة استحباب تخفيف الإمام القراءة،و باقي الأفعال

يستحب تخفيف الإمام القراءة في الاولى و باقي الأفعال -بالاقتصار على الواجب-ليخفّف عن الفرقة الأولى ما هم فيه من حمل السلاح،و يخفّفون هم أيضا في ركعتهم التي ينفردون بها ليسرعوا الى موقف أصحابهم،و يسرعوا أولئك إلى الصلاة ليتوفّروا على مصادمة العدو.

التاسعة ابتداء انفراد الطائفة الأولى بعد السجدة الثانية من

الركعة الأولى]

مبدأ انفراد الاولى بعد السجود الثاني من الركعة الأولى، لانتهاء الركعة التي اقتدوا فيها بذلك.و لو استمروا حتى قام الامام و قاموا معه جاز،بل هو أفضل،لاشتراكهم في ذلك القيام فلا فائدة في الانفراد قبله.

قيل:و يجب عليهم إيقاع نيّة الانفراد (2)لوجوب نية الواجب.

و يحتمل عدمه،لأن قضية الائتمام انما هو في الركعة الاولى و قد انقضت،

ص: 350


1- التهذيب 3:301 ح 917،تفسير العياشي 1:272 ح 257.
2- راجع:المبسوط 1:163،الوسيلة:110،الجامع للشرائع:104.

و هذا أقوى.

العاشرة:يستحب تطويل الإمام القراءة في انتظار الثانية،

و لو انتظرهم بالقراءة ليحضروها كان جائزا،فحينئذ يشتغل بذكر اللّه تعالى إلى حين حضورهم.و الأول أجود،لأن فيه تخفيفا للصلاة،و قراءته كافية في اقتدائهم به و ان لم يحضروها كغيرهم من المؤتمين.

و إذا انتظرهم-لفراغ ما بقي عليهم-في تشهده طوّله بالأذكار و الدعوات حتى يفرغوا.

و لو سكت أيضا فالأقرب جوازه.

الحادية عشرة هل ينتظر الثانية إذا صلى بالأولى ركعتين في

قراءة الثالثة؟]

إذا صلّى في المغرب بالأولى ركعتين انتظر الثانية في قراءة الثالثة،فيطوّلها-كما تقدم-حتى يجيئوا.

و لو انتظرهم في التشهد الأول حكم الفاضل بجوازه،ليدركوا معه الركعة (1)من أولها (2).و في صحيح الجماعة-زرارة و فضيل و محمد بن مسلم-عن الباقر عليه السّلام إيماء إليه،حيث قال:«ثم جلس بهم،ثم أشار إليهم بيده،فقام كل إنسان منهم فصلّى ركعة ثم سلّموا و قاموا مقام أصحابهم.و جاءت الطائفة الأخرى فكبّروا و دخلوا في الصلاة،و قام الامام فصلّى بهم ركعة ثم سلم،ثم قام كل واحد منهم فصلّى ركعة فشفعها بالتي صلّى مع الامام،ثم قام فصلى ركعة ليس فيها قراءة.فتمت للإمام ثلاث ركعات،و للأولين ركعتين في جماعة» (3).

الثانية عشرة:يجب أخذ السلاح على الطائفتين،

لتوقّف الحراسة

ص: 351


1- في النسخ:الركعتين،و هو سهو بيّن.
2- تذكرة الفقهاء 1:196.
3- التهذيب 3:301 ح 918،تفسير العياشي 1:272 ح 257.

عليه.

و قال في الخلاف:يجب على الطائفة المصلية،لظاهر الآية (1).

قلنا:وجوبه عليها يستلزم وجوبه على الأخرى بطريق الأولى،لأنها المستعدة للقتال و المناجزة.على انه روي في التفسير عن ابن عباس انّ المأمورين بأخذ السلاح هم الذين بإزاء العدو (2).

و ابن الجنيد قال:يستحب أخذ السلاح،و الأمر للإرشاد (3).

و المراد بالسلاح هنا آلة الدفع من السيف و الخنجر و السكين و نحوه مما يفري.و في الجوشن و الدرع و المغفر و نحوه مما يكنّ و لو منع شيئا من واجبات الصلاة-كالجوشن الثقيل و المغفر السابغ المانع من السجود على الجبهة-لم يجز أخذه إلاّ لضرورة.

و قال في المبسوط:يكره أخذه إذا لم يتمكن معه من الصلاة (4).

الثالثة عشرة حكم ما لو كان السلاح نجسا

لو كان السلاح نجسا.فان كان مما لا تتمّ فيه الصلاة منفردا،فهو عفو إذا لم تتعدّ نجاسته الى غيره.و لو كان على الدرع و شبهه، أو كان يتعدّى الى غيره،و ليست النجاسة معفوا عنه،لم يجز أخذه إلاّ لضرورة.

الرابعة عشرة جواز الضربة و الضربتان و الطعنة و الطعنتان في أثناء الصلاة

يجوز في أثناء الصلاة الضربة و الضربتان و الطعنة و الطعنتان و الثلاث مع تباعدها-اختيارا و اضطرارا-لانه ليس فعلا كثيرا.

و لو احتاج الى الكثير فأتى به لم تبطل،و تكون كصلاة الماشي.

ص: 352


1- الخلاف 1:149 المسألة 7.
2- مجمع البيان 3:102،تفسير القرطبي 5:371،تفسير الطبري 5:159.
3- مختلف الشيعة:152.
4- المبسوط 1:164.

و كذا يجوز له إمساك عنان الفرس و جذبه إليه-كثيرا و قليلا-لأنّه في محل الحاجة.

الخامسة عشرة حكم ما لو ترك أخذ الصلاح في موضع وجوبه

لو ترك أخذ السلاح في موضع وجوبه لم تبطل صلاته،لأن الأخذ ليس شرطا في الصلاة و لا جزء منها،و انما هو واجب منفصل عن الصلاة.

و لو منع عن كمال الافعال-كزيادة الانحناء في الركوع-كره أخذه إلاّ لضرورة،قاله الفاضل (1).

و لو قيل بعدم الكراهة كان وجها،لأنا نتكلم على تقدير وجوب أخذه،و لا يمنع من الواجب إلاّ معارضة واجب،و ذلك الكمال غير واجب.

السادسة عشرة:لا تجب التسوية بين الطائفتين في العدد،

لأنّ الغرض ما يظنّ به القوة على المدافعة.و لا يشترط كون الطائفة ثلاثة، و الإتيان بضمير الجمع في قوله فَإِذا سَجَدُوا (2)بناء على الغالب، و الطائفة قد تصدق على الواحد.

و لو علم الامام ضعف الطائفة الحارسة عن الحراسة في أثناء صلاته أمدّهم ببعض من معه،أو بجميعهم،ثم يبنون على صلاتهم و إن استدبروا القبلة،للضرورة.

السابعة عشرة حكم ما لو عرض الخوف في أثناء صلاة الأمن

لو عرض الخوف في أثناء صلاة الأمن أتمّها ركعتين.

و لو عجز عن الركوع و السجود أتمّها بالإيماء،لمكان الضرورة،

ص: 353


1- تذكرة الفقهاء 1:197.
2- سورة النساء:103.

و وجود المقتضي.

و لو أمن في أثناء صلاة الخوف،أتمّها عددا إن كان حاضرا،و كيفية سواء كان حاضرا أو مسافرا.

و لا فرق بين أن يكون قد استدبر أوّلا أو لم يستدبر.

و قال الشيخ في المبسوط:لو صلّى ركعة مع شدة الخوف ثم أمن نزل و صلّى بقية صلاته على الأرض،و ان صلّى على الأرض آمنا ركعة فلحقه شدة الخوف فكبر (1)و صلّى بقية صلاته إيماء،ما لم يستدبر القبلة في الحالين،فان استدبرها بطلت صلاته (2).و الأقرب الصحة مع الحاجة الى الاستدبار،لانه موضع ضرورة و الشروط معتبرة مع الاختيار.

الثامنة عشرة:لا فرق في جواز القصر مع الخوف بين الرجال

و النساء،

لحصول المقتضي في الجميع.

و ابن الجنيد قال:يقصرها كل من يحمل السلاح من الرجال-حرا كان أو بعدا-دون النساء في الحرف (3)و لعلّه لعدم مخاطبتهنّ بالقتال، و الخوف انّما يندفع غالبا بالرجال،فلا أثر فيه للنساء قصرن أم أتممن.

التاسعة عشرة حكم ما لو رأى سوادا مقبلا فظنه عدوا

لو رأى سوادا مقبلا فظنه عدوا،فقصّر أو أومأ،ثم ظهر خطأ الظن،فالصلاة صحيحة سواء كان الوقت باقيا أو قد خرج،لانه امتثل المأمور به،فيخرج عن العهدة.

ص: 354


1- كذا في النسخ و الحدائق 11:284 عن المبسوط.و اما في الجواهر 14:186 عن المبسوط 1:166:ركب.
2- المبسوط 1:166.
3- مختلف الشيعة:151.

و لا فرق في ظهور الخطأ بين ظهور كون السواد إبلا مثلا،و بين كونه عدوا لكن هناك حائل،لتحقق الخوف على التقديرين.إلاّ أن يكون الحائل سهل الاطلاع عليه،و هناك مظنّته فتركوا الاطلاع،فحينئذ لا تصح الصلاة للتفريط.

ص: 355

المطلب الثاني:صلاة بطن النخل

و قد ورد انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله صلاّها بأصحابه (1).

قال في المبسوط:روى الحسن عن أبي بكرة عن فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله (2).

و صفتها:ان يصلّي الإمام بالفرقة الأولى مجموع الصلاة و الأخرى تحرسهم،ثم يسلّم بهم،ثم يمضوا الى موقف أصحابهم.ثم يصلّي بالطائفة الأخرى نفلا له و فرضا لهم.

قال في المبسوط:و هذا يدلّ على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل (3).

و شرطها كون العدو في قوة يخاف هجومه،و إمكان افتراق المسلمين فرقتين لا أزيد،و كونه في خلاف جهة القبلة.

و يتخير بين هذه الصلاة و بين ذات الرقاع.و يرجّح هذه إذا كان في المسلمين قوة ممانعة،بحيث لا تبالي الفرقة الحارسة بطول لبث المصلية.

و يختار ذات الرقاع إذا كان الأمر بالعكس.

و لا تجوز صلاة الجمعة على هذه الهيئة،لأنها لا تنعقد ندبا، و لا تشرع في مكان مرتين.

و تنعقد على هيئة ذات الرقاع إذا صليت حضرا،فيخطب للأولى خاصة بشرط كونها كمال العدد فصاعدا،و لا يضر انفراد الامام حال مفارقة

ص: 356


1- سنن النسائي 3:178،179،سنن الدار قطني 2:60 ح 10،61 ح 12،13، سنن أبي داود 2:17 ح 1248.
2- المبسوط 1:167. و رواية أبي بكرة في:مسند احمد 5:49،سنن أبي داود 2:17 ح 1248، سنن النسائي 3:179،سنن الدار قطني 2:61.
3- المبسوط 1:167. و رواية أبي بكرة في:مسند احمد 5:49،سنن أبي داود 2:17 ح 1248، سنن النسائي 3:179،سنن الدار قطني 2:61.

الفرقة الاولى في أثناء الصلاة،لأنه في حكم الباقي على الإمامة من حيث انتظاره للثانية،و عدم فعل يعتدّ به حينئذ.و لا تعدد هنا في صلاة الجمعة،لأنّ الإمام لم يتم جمعته مع مفارقة الاولى،فالفرقتان تجريان مجرى المسبوقين في الجمعة الذين يتمّون بعد تسليم الامام.

و لو خطب للفرقتين معا،ثم تفرقا حالة الصلاة،كان أجود إذا أمكن ذلك.

فرع:

قال الشيخ:متى كان في الفرقة الأولى العدد الذين تنعقد بهم الجمعة و خطب بهم،ثم انصرفوا و جاء الآخرون،لا يجوز ان يصلي بهم الجمعة إلاّ بعد ان يعيد الخطبة،لأن الجمعة لا تنعقد إلاّ بخطبة مع تمام العدد (1).

و يريد به الانصراف قبل فراغهم من الصلاة و شروعهم فيها،اما لو سمعوها و صلّوا معه ركعة و أتموها لأنفسهم،فلا تعاد الخطبة هنا لأجل الثانية قطعا.7.

ص: 357


1- المبسوط 1:167.
المطلب الثالث:صلاة عسفان.

و قد نقلها الشيخ في المبسوط بهذه العبارة،قال:و متى كان العدو في جهة القبلة،و يكونون في مستوى الأرض لا يسترهم شيء،و لا يمكنهم أمر يخافون منه،و يكون في المسلمين كثرة،لا تلزمهم صلاة الخوف و لا صلاة شدة الخوف،و ان صلّوا كما صلّى النبي صلّى اللّه عليه و آله بعسفان جاز.

فإنّه قام عليه السّلام مستقبل القبلة و المشركون أمامه،فصف خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صفّ،و صفّ بعد ذلك الصفّ صفّ آخر،فركع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ركعوا جميعا،ثم سجد عليه السّلام و سجد الصف الذين يلونه و قام الآخرون يحرسونه،فلما سجد الأولون السجدتين و قاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم،ثم تأخر الصفّ الذين يلونه الى مقام الآخرين،و تقدم الصفّ الآخر الى مقام الصف الأول.

ثم ركع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ركعوا جميعا في حالة،ثم سجد و سجد الصفّ الذي يليه و قام الآخرون يحرسونه،فلما جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الصفّ الذي يليه سجد الآخرون،ثم جلسوا جميعا و سلم بهم جميعا.

و صلّى بهم عليه السّلام أيضا هذه الصلاة يوم بني سليم (1).

و قال الفاضل-رحمه اللّه-:لها ثلاث شرائط:

ان يكون العدو في جهة القبلة،لأنّه لا يمكن حراستهم في الصلاة إلا كذلك.

و ان يكون في المسلمين كثرة يمكنهم معها الافتراق فرقتين.

ص: 358


1- المبسوط 1:166-167.

و أن يكونوا على قلّة جبل أو مستو من الأرض،لا يحول بينهم و بين أبصار المسلمين حائل من جبل و غيره،ليتوقوا لبسهم و الحمل عليهم و لا يخاف كمين لهم (1).

قال الفاضلان:و في العمل بمضمونها نظر،لأنّه لم يثبت نقلها بطريق محقق عن أهل البيت عليه السّلام (2).

قلت:هذه صلاة مشهورة في النقل،فهي كسائر المشهورات الثابتة و ان لم تنقل بأسانيد صحيحة،و قد ذكرها الشيخ مرسلا لها غير مسند و لا محيل على سند،فلو لم تصحّ عنده لم يتعرّض لها حتى ينبّه على ضعفها،فلا تقصر فتواه عن روايته.ثم ليس فيها مخالفة لأفعال الصلاة غير التقدم و التأخر و التخلّف بركن،و كل ذلك غير قادح في صحة الصلاة اختيارا،فكيف عند الضرورة.2.

ص: 359


1- تذكرة الفقهاء 1:195.
2- المعتبر 2:464،تذكرة الفقهاء 1:195،نهاية الإحكام 2:192.
المطلب الرابع:صلاة شدة الخوف

و هي ان ينتهي الحال إلى التحام الابطال،و قوة النزال،و عدم التمكن من الافتراق على الوجوه السابقة.

فالصلاة هنا قصر في العدد،إلاّ المغرب و الصبح فإنهما بحالهما.

و يقصر الجميع في الكيفية،فيصلّون ركبانا و مشاة و يركعون و يسجدون، و مع التمكن يومئون بهما و يجعلون السجود أخفض من الركوع،و مع تعذر الإيماء تجزئ عن كل ركعة:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر، فعن جميع الصلوات تسبيحتان و عن المغرب ثلاث.

قال اللّه تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً (1).

و روى حماد بن عثمان عن أبي بصير،قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إذا التقوا فاقتتلوا فإنما الصلاة حينئذ بالتكبير،فإذا كانوا وقوفا فالصلاة إيماء» (2).

و في الصحيح عن زرارة و فضيل و محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«في صلاة الخوف عند المطاردة و المناوشة و تلاحم القتال،فإنّه يصلي كل إنسان منهم بالإيماء حيث كان وجهه.فإذا كانت المسايفة و المعانقة و تلاحم القتال،فإنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ليلة صفين-و هي:ليلة الهرير-لم تكن صلاتهم الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كل

ص: 360


1- سورة البقرة:240.
2- التهذيب 3:300 ح 916.

صلاة إلاّ بالتكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء،و لم يأمرهم بإعادة الصلاة» (1).في أخبار كثيرة (2).

فروع:

لا يضرّ هنا استدبار القبلة و الأفعال الكثيرة مع الحاجة إليها.

و لو تمكن من بعضها وجب بحسب المكنة.

و لو تمكن من السجود على عرف الدابة،أو قربوس السرج،أو من النزول له،وجب.

و ان تمكن من الاستقبال و لو بتكبيرة الإحرام وجب،و إلاّ سقط.

و لو تمكن من الاستقبال ابتداء و تعذّر في الأثناء،أو بالعكس،وجب فيما تمكن خاصة.

و لا بد من النيّة و التحريمة و التشهد و التسليم،لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«تحريمها التكبير و تحليلها التسليم» (3).

و تجب الصيغة المشار إليها أولا في التسبيح،للإجماع على اجزائها.

و ظاهر الرواية انه يتخيّر في الترتيب كيف شاء (4).و الأجود الأول،ليحصل6.

ص: 361


1- الكافي 3:457 ح 2،التهذيب 3:173 ح 384،تفسير العياشي 2:272 ح 256.
2- راجع:الكافي 3:458 ح 5،الفقيه 1:296 ح 1349،التهذيب 3:174 ح 385،386.
3- الكافي 3:69 ح 2،الفقيه 1:23 ح 68 و انظر المصنف لعبد الرزاق 2:72 ح 2539،مسند احمد 1:123،سنن أبي داود 1:16 ح 61،الجامع الصحيح 1:8 ح 3.
4- الكافي 3:457 ح 2،التهذيب 3:173 ح 384،تفسير العياشي 2:272 ح 256.

يقين البراءة.

و تجوز الجماعة هنا،و لا يشترط فيها الاستقبال مع تعذّره،فيصلّون مقتدين به و ان اختلفت الجهة،ما لم يتقدّموا عليه في صوب وجهه و يكونون كالمستديرين حول الكعبة.

فإن قلت:قد سلف انه لا يجوز اقتداء المتخالفين في الاجتهاد في الجهة،فكيف جاز هنا؟ قلت:هنا القبلة معلومة،و لكن الشرع جعل قبلة هؤلاء ما استقبل وجوههم عند الحاجة إليه،فصار ذلك قبلته بوضع الشرع.و لا يعتقد الآخر خطأه إذ ليس هنا اختلاف في تعيين القبلة،فجاز الاقتداء هنا بخلاف الأول،لاعتقاده خطأ صاحبه.

ص: 362

المطلب الخامس:في الاحكام
اشارة

و فيه مسائل:

الأولى:لا فرق في أسباب الخوف بين الخوف من عدو أو لص أو

سبع،

فيجوز قصر الكيفية و الكمية عند وجود سبب الخوف كائنا ما كان.

و من ذلك الأسير في أيدي المشركين يخاف من إظهار الصلاة فإنّه يومئ،و الظاهر أنّه لا يقصر العدد إذا لم يكن مسافرا.

روى سماعة،قال:سألته عن الأسير يأسره المشركون،فتحضر الصلاة فيمنعه الذي أسره منها،قال:«يومئ إيماء» (1)،و لم يذكر قصر العدد.

و روى محمد بن إسماعيل،قال:سألته عن الصلاة في مواضع فيها الاعراب،فقال:«إذا خفت فصل على الراحلة المكتوبة و غيرها» (2).

و روى علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام في الرجل يلقى السبع و قد حضرت الصلاة و لا يستطيع المشي مخافة السبع،فإن قام يصلّي خاف في ركوعه و سجوده السبع،و إن توجّه إلى القبلة خاف أن يثب عليه،قال:«يستقبل الأسد،و يصلي و يومئ برأسه إيماء و هو قائم،و إن كان على غير القبلة» (3).

و في مرسل إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الذي يخاف السبع أو يخاف عدوا يثب عليه أو يخاف اللصوص:يصلّي على دابته إيماء الفريضة» (4).

ص: 363


1- الكافي 3:457 ح 4،الفقيه 1:294 ح 1341،التهذيب 3:175 ح 391،399 ح 910.
2- الكافي 3:457 ح 5،التهذيب 3:299 ح 911.
3- الكافي 3:459 ح 7،الفقيه 1:294 ح 1339،التهذيب 3:302 ح 915.
4- التهذيب 3:302 ح 922.

و نحوه في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في خائف اللص و السبع:

«يصلّي صلاة المواقفة إيماء على دابته» (1).

الثانية جواز قصر كيفية الصلاة بحسب الإمكان للموتحل و الغريق

يجوز للموتحل و الغريق قصر كيفية الصلاة بحسب الإمكان، و لا يقصران العدد إلاّ في سفر أو خوف.نعم،لو خاف من إتمام الصلاة استيلاء الغرق،و رجا عند قصر العدد سلامته،و ضاق الوقت،فالظاهر انّه يقصر العدد أيضا.

و لو كان في واد يغشيه السيل،و خاف الغرق إن ثبت مكانه،جاز أن يصلي صلاة الإيماء ماشيا.

و لو كان هناك موضع مرتفع يمكنه الاعتصام به،وجب و لم يصل مومئا.

و لو عجز عنه،أو عجزت دابته،أو خاف دوران الماء حوله و صعوبة التخلّص منه،صلّى ماشيا و لو عدوا.

الثالثة:لو كان المحرم يخاف فوت الوقوف بإتمام الصلاة عددا

و أفعالا،

و يرجو حصوله بقصرهما أو أحدهما،فالأقرب جوازهما،لأن أمر الحج خطر و قضاؤه عسر.

و لو كان المديون معسرا و هرب من الدين،و خاف الحبس ان أدركه و اضطر إلى الإيماء،جاز أيضا.

اما من عليه قصاص يرجو بالهرب العفو،لسكون غليل الأولياء فهرب،ففي جواز صلاة الشدّة وجه ضعيف،تحصيلا للمصلحة.و وجه المنع انّه عاص بهربه.

ص: 364


1- الفقيه 1:295 ح 1348،التهذيب 3:173 ح 383.

و لو احتاج في المدافعة عن ماله إلى صلاة الإيماء جاز-سواء كان حيوانا أو لا-لحرمة المال.

الرابعة هل للسهو الذي يلحق المأمومين حال المتابعة حكم؟

كل سهو يلحق المأمومين حال المتابعة لا حكم له،و حال الانفراد لكل حكم نفسه.و البحث هنا في تحمل الامام و وجوب متابعة المأموم،كما تقدم.

الخامسة:تجوز صلاة بطن النخل في الأمن.

و جوّز الشيخ صلاة ذات الرقاع و صلاة عسفان (1)فيه لعدم فحش المخالفة.أما صلاة الإيماء فلا شك في عدم جوازها في الأمن.

و أولى بالجواز في غير صلاة الإيماء الصلاة في طلب العدو.و قول الشيخ بالمنع (2)محمول على صلاة الإيماء.

ص: 365


1- المبسوط 1:167.
2- المبسوط 1:167.

ص: 366

الفصل الثالث: في صلاة الجماعة و فضلها عظيم.
اشارة

قال اللّه تعالى وَ ارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ (1).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع و عشرين درجة» (2).رواه العامة في صحاحهم عن أبي سعيد الخدري عنه صلّى اللّه عليه و آله.

و روي:«بخمس و عشرين درجة» (3).و الفذ-بالفاء و الذال المعجمة-:

الفرد.

و روينا-في الصحيح-عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام،قال:

«الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفرد بأربع و عشرين درجة، تكون خمسة و عشرين صلاة» (4).

و في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له» (5).

ص: 367


1- سورة البقرة:43.
2- صحيح البخاري 1:166،مسند أحمد 2:65،112،سنن النسائي 2: 103،السنن الكبرى 3:59،لكن كلها عن ابن عمر،و الذي عن أبي سعيد هو الرواية التالية.
3- صحيح البخاري 1:166،مسند أحمد 3:55،السنن الكبرى 3:60،كلها ن أبي سعيد الخدري.
4- ثواب الأعمال:59،التهذيب 3:25 ح 85.
5- الكافي 3:372 ح 5،التهذيب 3:24 ح 84.

و قال ابن بابويه:قال الباقر عليه السّلام:«من صلّى الصلوات الخمس في جماعة فظنوا به كل خير» (1).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى الغداة و عشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة اللّه تعالى،و من ظلمه فإنّما يظلم اللّه،و من أخفره فإنما يخفر اللّه جلّ و عزّ» (2).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى الغداة فإنّه في ذمة اللّه،فلا يخفرن اللّه في ذمته» (3).

يقال:أخفرته:إذا نقضت عهدة.أي من نقض عهده فإنّما ينقض عهد اللّه،لأنّه بصلاته صار في ذمة اللّه و جواره.

و روى ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام،قال:«همّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بإحراق قوم كانوا يصلون في منازلهم و لا يصلون الجماعة،فأتاه رجل أعمى فقال:يا رسول اللّه إنّي ضرير البصر،و ربما اسمع النداء و لا أجد من يقودني إلى الجماعة و الصلاة معك.فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله:شدّ من منزلك إلى المسجد حبلا و احضر الجماعة» (4).

و في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام،قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الفجر،فاقبل بوجهه على أصحابه فسأل عن أناس يسميهم بأسمائهم،فقال:هل حضروا الصلاة؟فقالوا:لا يا رسول اللّه فقال:أغيّب3.

ص: 368


1- الفقيه 1:246 ح 1093،و في الكافي 3:371 ح 3.
2- المحاسن:52 ح 76.و انظر الهامش حيث أشار إلى اختلاف النسخ بين: حقره..يحقر و:أخفره..يخفر.
3- مسند أحمد 4:312،الجامع الصحيح 1:434 ح 222.
4- التهذيب 3:266 ح 753.

هم؟فقالوا:لا.فقال:أما أنّه ليس من صلاة أشدّ على المنافقين من هذه الصلاة و العشاء،و لو علموا أي فضل فيهما لأتوهما و لو حبوا» (1).

و في الصحيح عنه عنه عليه السّلام:«أنّ أناسا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبطؤوا عن الصلاة في المسجد،فقال رسول اللّه:ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم،فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم» (2).

و في صحاح العامة عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«و الذي نفسي بيده،لو هممت أن آمر بحطب،ثم آمر بالصلاة،ثم آمر رجلا فيؤمّ الناس، ثم أحالها في رحال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم» (3).

و روى محمد بن عمارة،قال:أرسلت إلى الرضا عليه السّلام أسأله عن الرجل يصلّي المكتوبة وحدة في مسجد الكوفة أفضل،أو صلاته في جماعة،فقال:«الصلاة في جماعة أفضل» (4).

قلت:يعلم من هذا أنّ الصلاة في جماعة أفضل من ألف صلاة،لأنّه قد ثبت أنّ الصلاة في مسجد الكوفة بألف صلاة.

و يستحب حضور جماعة أهل الخلاف استحبابا مؤكدا.8.

ص: 369


1- المحاسن:84،أمالي الصدوق:392،الفقيه 1:246 ح 1097،التهذيب 3: 25 ح 86.
2- التهذيب 3:25 ح 87.
3- صحيح البخاري 1:165،صحيح مسلم 1:451 ح 651،سنن النسائي 2: 107،السنن الكبرى 3:55.و في المصادر عوض:ثم أحالها في رحال.قوله: ثم أخالف إلى رجال.و هو الصحيح.
4- التهذيب 3:25 ح 88.

قال الصادق عليه السّلام في رواية حماد بن عثمان:«من صلّى معهم في الصف الأول كان كمن صلّى خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الصف الأول» (1).

و قال عليه السّلام في رواية حفص بن البختري:يحسب لمن لا يقتدي مثل من يقتدي (2).

و قال عليه السّلام:«من صلّى في مسجده،ثم أتى مسجدهم فصلى معهم خرج بحسناتهم» (3).

و قال عليه السّلام:«إذا صليت معهم غفر لك بعدد من خالفك» (4).

و روى زيد الشحام عنه عليه السّلام أنه قال:«يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم،و صلّوا في مساجدهم،و عودوا مرضاهم،و اشهدوا جنائزهم، و إن استطعتم أن تكونوا الأئمة و المؤذنين فافعلوا.أما إنّكم إذا فعلتم ذلك قالوا:هؤلاء الجعفرية رحم اللّه جعفرا ما كان أحسن ما يؤدّب أصحابه.

و إذا تركتم ذلك قالوا:هؤلاء الجعفرية فعل اللّه بجعفر ما كان أسوأ ما يؤدّب أصحابه!» (5).

و روى العامة عن أبي الدرداء عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«ما من ثلاثة في قرية و لا بدّ و لا تقام فيهم الصلاة إلاّ استحوذ عليهم الشيطان،فعليك9.

ص: 370


1- الفقيه 1:250 ح 1126.و في الكافي 3:380 ح 6 عن حماد عن الحلبي.
2- الكافي 3:373 ح 9،الفقيه 1:251 ح 1127،التهذيب 3:265. ح 752.
3- الكافي 3:380 ح 8،الفقيه 1:265 ح 1209،التهذيب 3:270 ح 778.
4- الفقيه 1:265 ح 1211،358 ح 1572.
5- الفقيه 1:251 ح 1129.

بالجماعة،فإنما يأكل الذئب القاصية» (1).

و استدل المحاملي-من الشافعية-بهذا الحديث على وجوب الجماعة على الكفاية،و انه ظاهر مذهبهم (2).

و هو معارض بما رووه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«صلاة الرجل مع الواحد أفضل من صلاته وحده،و صلاته مع الرجلين أفضل من صلاته مع واحد، و حيثما كثرت الجماعة فهو أفضل» (3).

و لا يحسن ان يقال الإتيان بالواجب أفضل من تركه.و تفضيله أحد الفعلين على الآخر يشعر بتجويزهما جميعا،و الفرضية تنافي ذلك.فيحمل الحديث على التغليظ في تركهم الجماعة،أو يكون التوعد على ترك ذلك دائما بحيث يؤذن بالاستخفاف بالسنة.على انه ليس بصريح في الجماعة، لأن إقامة الصلاة يصدق على فعلها مطلقا،مع انّ الخبر ليس من الصحاح.

و روينا عن زرارة و الفضيل،قلنا له:الصلوات في جماعة أ فريضة هي؟فقال:«الصلوات فريضة،و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها،و لكنها سنّة،من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين،من غير علة،فلا صلاة له» (4).

و بهذين يحتج على من أوجبها على الأعيان،كالاوزاعي،و أبي ثور،3.

ص: 371


1- سنن أبي داود 1:150 ح 547،سنن النسائي 2:106،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:267،المستدرك على الصحيحين 1:211.
2- فتح العزيز 4:285.
3- مسند أحمد 5:140،سنن أبي داود 1:152 ح 554،سنن النسائي 2:105، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:249 ح 2054،المستدرك على الصحيحين 1.248،السنن الكبرى 3:61،و في الجميع:«ازكى»بدل«أفضل»في الموصفين،راجع تلخيص الحبير 4:284.
4- الكافي 3:372 ح 6،التهذيب 3:24 ح 83.

و أحمد،و داود،و ابن المنذر (1).

قالوا:روى ابن عباس أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«من سمع النداء فلم يأته،فلا صلاة له إلاّ من عذر» (2)و قد روينا نحن مثل ذلك (3).

و روينا عن الصادق عليه السّلام:«أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:لا صلاة لمن لا يصلّي في المسجد مع المسلمين إلاّ من علّة،و لا غيبة إلاّ لمن صلّى في بيته و رغب عن جماعتنا.و من رغب عن جماعة المسلمين سقطت عدالته و وجب هجرانه،و إن رفع إلى إمام المسلمين أنذره و حذّره،و من لزم جماعة المسلمين حرمت عليهم غيبته و ثبتت عدالته» (4).

و هو محمول على التأكيد و نفي الكمال،أو على الاستهانة بصلاة الجماعة.قال الفاضل:أو على الجماعة الواجبة (5)و هي في الجمعة و العيدين مع الشرائط.

و الإجماع على أنّ الجماعة أفضل من الفرادى.

و يستحب المحافظة على إدراك صلاة الإمام من أولها،ففي الخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى أربعين يوما في جماعة،يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان:براءة من النار،و براءة من النفاق» (6).5.

ص: 372


1- المجموع 4:189،المغني 2:155.
2- سنن ابن ماجة 1:260 ح 793،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:253، المستدرك على الصحيحين 1:245،السنن الكبرى 3:57.
3- الكافي 3:372 ح 5،التهذيب 3:24 ح 84.
4- التهذيب 6:241 ح 596،الاستبصار 2:12 ح 33.
5- تذكرة الفقهاء 1:170،منتهى المطلب 1:263.
6- الجامع الصحيح 2:7 ح 241،العلل المتناهية 1:432 ح 735.

و المراد بإدراكها أن يكبّر الامام بحضوره ثم ينوي المأموم بعده،فلو جرى التكبير في غيبته فليس بمدرك.و لا يكفي إدراك الركوع الأول،سواء أدرك معه شيئا من القيام الأول أو لا،و سواء كان قد منعه مانع دنيوي أو أخروي.

و تهذيب الفضل بذكر مطالب ثلاثة

ص: 373

المطلب الأول:في محلها
اشارة

و فيه مسائل:

الأولى:محلها.

و هو الصلوات الخمس المفروضة.و باقي الفرائض -حتى المنذورة-عندنا.و الأداء بالقضاء و بالعكس عندنا،و وافقونا على الجماعة في القضاء،لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله صلّى بأصحابه الصبح قضاء (1)،كما سلف.

و تشرع الجماعة في النوافل السابقة مثل الاستسقاء و العيدين مع اختلال شروطها.و صلاة الغدير عند أبي الصلاح-رحمه اللّه- (2)و يظهر من المفيد-رحمه اللّه- (3).و فيما يأتي إن شاء اللّه من إعادة الصلاة خلف الامام (4).

و فيما عداها لا تنعقد،لنهي أمير المؤمنين عليه السّلام عن الجماعة في نافلة رمضان (5)و سبق أيضا من فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله (6)،و أنّه قال:«لا جماعة في نافلة» (7).

الثانية:لا فرق بين الرجال و النساء في استحباب الجماعة

و إن لم يكن معهن رجل.ذكره الشيخ (8)و ابن البراج و سلار و ابن زهرة

ص: 374


1- التهذيب 2:265 ح 1058،الاستبصار 1:286 ح 1049.
2- الكافي في الفقه:160.
3- المقنعة:34.
4- سيأتي في ص 381 المسألة 8.
5- التهذيب 3:70 ح 227.
6- تقدم في ص 280،المسألة التاسعة.
7- التهذيب 3:64 ح 217،الاستبصار 1:464 ح 1801.
8- الخلاف 1:125 المسألة 35.

و أبو الصلاح و ابن حمزة و ابن إدريس و قال:هو الأظهر في المذهب (1)و هو مذهب باقي الحليين (2)إلاّ الفاضل في المختلف (3).

لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أمر أم ورقة بنت عبد اللّه بن الحارث بن نوفل أن تؤمّ.

أهل دارها،و كان صلّى اللّه عليه و آله يزورها و جعل لها مؤذنا (4).

و روينا عن إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد للّه عليه السّلام في الرجل يؤمّ النساء ليس معهن رجل في الفريضة،قال:«نعم» (5).

و عنه عليه السّلام:لا بأس بإمامة المرأة النساء،رواه سماعة بن مهران في الموثق (6)و مثله أرسله عبد اللّه بن بكير عنه عليه السّلام (7).

فإن قلت:فقد روى سليمان بن خالد عنه عليه السّلام-في الصحيح-في المرأة تؤمّ النساء،فقال:«إذا كنّ جميعا أمتهنّ في النافلة،و أما المكتوبة فلا (8).

و في الصحيح عن الحلبي عنه عليه السّلام،قال:«تؤمّ المرأة النساء»إلى قوله:«في النافلة،و لا تؤمهنّ في المكتوبة» (9).7.

ص: 375


1- السرائر:60.
2- الجامع للشرائع:97،المعتبر 2:427،تذكرة الفقهاء 1:170.
3- مختلف الشيعة:154.
4- سنن أبي داود 1:161 ح 592،سنن الدار قطني 1:279،المستدرك على الصحيحين 1:203،السنن الكبرى 3:130.
5- الكافي 3:377 ح 3،الفقيه 1:257 ح 1167،التهذيب 3:268 ح 767.
6- التهذيب 3:31 ح 111،الاستبصار 1:426 ح 1644.
7- التهذيب 3:31 ح 112،الاستبصار 1:426 ح 1645.
8- الكافي 3:376 ح 2،التهذيب 3:269 ح 768،الاستبصار 1:426 ح 1646.
9- التهذيب 3:268 ح 765،الاستبصار 1:427 ح 1647.

و في الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه السّلام في المرأة تؤمّ النساء،قال:

«لا،إلاّ على الميت» (1).

و قال ابن بابويه:سأل هشام أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة هل تؤمّ النساء،قال:«تؤمهنّ في النافلة،فأما في المكتوبة فلا» (2).

قال:و روى هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها،و صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار» (3).

و روى العامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:«لا تمنعوا اماءكم المساجد، و بيوتهنّ خير لهنّ» (4).

و قال:«صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، و صلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها» (5).

و كل هذه الأخبار تؤذن بنفي استحباب الجماعة لهنّ منفردات، و الخبران الأخيران يدلاّن على أنّ صلاتهن في البيوت أفضل من إتيان الجماعة.

قلت:قد نقل عن المرتضى رحمه اللّه القول بموجبها (6).و يظهر أيضا4.

ص: 376


1- الفقيه 1:259 ح 1177،التهذيب 3:206 ح 488
2- الفقيه 1:259 ح 1176،التهذيب 3:205 ح 487.
3- الفقيه 1:259 ح 1178.
4- سنن أبي داود 1:155 ح 567،المستدرك على الصحيحين 1:209،السنن الكبرى 3:131.
5- سنن أبي داود 1:156 ح 570،المستدرك على الصحيحين 1:209،السنن الكبرى 3:131.
6- حكاه عنه ابن إدريس في السرائر:60،و العلاّمة في مختلف الشيعة:154.

من الجعفي حيث قال:و لا تؤمنّ المرأة النساء في الفرائض،و لا بأس بإمامتها لهنّ في النوافل (1).و في المختلف مال إليه لصحة الأخبار (2)به و يمكن حملها على نفي الاستحباب المؤكّد،لا مطلق الاستحباب توفيقا.

و قال في المعتبر:الروايتان بالمنع نادرتان لا عمل عليهما (3)و عني به رواية الحلبي و سليمان بن خالد.

قلت:و يعارضهما أيضا ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي،قال:سألته عن المرأة تؤمّ النساء،ما حدّ رفع صوتها بالقراءة أو بالتكبير؟فقال:«بقدر ما تسمع» (4)و مثله رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام (5).

الثالثة:الجماعة مشروعة في غير المساجد

-و إن كانت في المساجد أفضل،و تتفاوت بتفاوت شرف المساجد-لعموم الأدلّة،و لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«أعطيت خمسا و لم يعطهن أحد قبلي:جعلت لي الأرض طيبة طهورا و مسجدا،فأيما رجل أدركته الصلاة صلّى حيث كان» (6).

ص: 377


1- حكاه عنه العلاّمة في مختلف الشيعة:154.
2- مختلف الشيعة:154.
3- المعتبر 2:427 و الروايتان تقدمتا في ص 890 الهامش 3،4.
4- الفقيه 1:263 ح 1201،التهذيب 3:267 ح 760.
5- قرب الاسناد:100،التهذيب 3:267 ح 761.
6- صحيح البخاري 1:119،صحيح مسلم 1:370 ح 521،سنن النسائي 1: 210،مسند أبي عوانة 1:396،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 8:104 ح 6364،السنن الكبرى 1:212.

و قوله عليه الصلاة و السلام:«لا صلاة لجار المسجد» (1)محمول على نفي الكمال،خصوصا إذا كان لا يحضر أحد إلاّ بحضوره،أو تكثر بحضوره الجماعة،فإنّ حضوره فيه أفضل.

و إذا تكثرت المساجد فالأفضل قصد المسجد الجامع،أو الأكثر جماعة، أو من إمامه أفضل بورع أو فقه أو قراءة،أو غير ذلك من المرجّحات.فقد ورد في الحديث عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من صلّى خلف عالم فكمن صلّى خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و لو تساوت في المرجّحات،فهل الأقرب أولى مراعاة للجوار،أو الأبعد مراعاة لكثرة الخطى؟نظر.

الرابعة كراهة صلاة جماعة أخرى في مسجد صلّي فيه جماعة

إذا صلّي في مسجد جماعة كره أن تصلّى فيه جماعة أخرى عند الشيخ-في أكثر كتبه-و ابن إدريس:إذا كانوا يجمعون في تلك الصلاة بعينها (3).

لما رواه أبو علي قال:كنا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام،فأتاه رجل فقال:جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر و انصرف بعضنا و جلس بعض في التسبيح، فدخل رجل المسجد فأذّن فمنعناه و دفعناه عن ذلك.فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

«أحسنت،ادفعه عن ذلك،و امنعه أشد المنع».فقلت:فإن دخلوا و أرادوا أن يصلّوا فيه جماعة؟قال:«يقومون في ناحية المسجد و لا يبدر لهم امام» (4).

ص: 378


1- التهذيب 1:92 ح 244،سنن الدار قطني 1:420 المستدرك على الصحيحين 1: 246،السنن الكبرى 3:57.
2- مستدرك الوسائل 6:473 ح 7286 عن لب اللباب،و راجع كشف الخفاء 2:122 ح 1865.
3- المبسوط 1:152،الخلاف 1:120 المسألة 2،النهاية:118،التهذيب 3:55.
4- التهذيب 3:55 ح 190. و في الفقيه 1:266 ح 1215:«و لا يبدو لهم امام»و راجع في ذلك الحدائق الناضرة 7:387.

و لما فيه من التهاون في تأخير الصلاة ليقتدي بالإمام الآخر،و ربما ادّى إلى اختلاف القلوب الذي تتسبب عنه العداوة.

و الأقرب عدم الكراهية،لعموم شرعية الجماعة،و مسيس الحاجة فإن اجتماع أهل المسجد دفعة واحدة يكاد يتعذّر،فلو كره ذلك أدّى إلى فوات فضيلة الجماعة.

و روى زيد بن علي،عن أبيه،عن آبائه،قال:«دخل رجلان المسجد و قد صلّى علي عليه السّلام بالناس،فقال:ان شئتما فليؤمّ أحدكما صاحبه،و لا يؤذن و لا يقيم» (1).

و روي:ان رجلا دخل المسجد بعد ان صلّى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:«أيكم يتّجر على هذا؟»فقام رجل فصلّى معه (2).

و في رواية:«إلا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه»،فلما صلّيا قال:«هذا جماعة» (3).

و خبر أبي علي ليس صريحا في كراهة الجماعة،انما هو في كراهة الأذان و الإقامة،و لا ريب في كراهيتهما إلاّ مع تفرّق الصفوف.و بما قلناه قال الشيخ في النهاية و الفاضل رحمهما اللّه (4).

نعم،لو كان التخلّف عن الإمام الأول قصدا كره ذلك على معنى نقص ثواب الجماعة الثانية،لما فيه من اختلاف القلوب،و يمكن ان يكون هذا محملا للخبر الأول.3.

ص: 379


1- التهذيب 2:281 ح 1119،3:56 ح 191.
2- مسند احمد 3:5،الجامع الصحيح 1:427 ح 220،مسند أبي يعلى 2:321 ح 1057،سنن الدار قطني 1:277.
3- مسند أحمد 5:254،269.
4- النهاية:118،مختلف الشيعة:153.

و قال ابن الجنيد:لا بأس بالجمع في المسجد الذي قد جمع فيه صاحبه،و لا اختار ان يبتدئ غير صاحبه بالجمع فيه،و لو جمع قبله لما كان في ذلك نقص صلاته.و انما كرهته لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله،و لان ذلك يورث الضغائن.و من أراد الجمع بعد صاحب المسجد أجزأه إلاّ أن يؤذّن و يقيم، و كذلك ان صلّى فرادى (1).

الخامسة:يباح ترك الجماعة للعذر،

كما تضمّنته الأخبار السابقة.

و ينقسم:

إلى عام:كالمطر،و الوحل،و الريح الشديدة في الليلة المظلمة،لما روي من قوله عليه الصلاة و السّلام:«إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال» (2).قال الهروي:قال أبو منصور:النعل ما غلظ من الأرض في صلابة (3).

و الى خاص:كالخوف من ظالم،أو فوت رفقة،أو ضياع مال،أو غلبة نوم،أو يكون مريضا،أو ممرضا،أو قد أكل شيئا من المؤذيات رائحتها-كالثوم و البصل-للنهي عن دخول المسجد بها،أو قد حضر الطعام مع شدة الشهوة لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«إذا حضر العشاء و أقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء» (4)،أو حاقنا لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به

ص: 380


1- حكى بعضه العلامة في مختلف الشيعة:153.
2- الفقيه 1:246 ح 1099.
3- انظر:النهاية في غريب الحديث 5:82.
4- مسند احمد 3:110،سنن الدارمي 1:293،صحيح البخاري 1:171، صحيح مسلم 1:392 ح 557،سنن ابن ماجة 1:301 ح 935،الجامع الصحيح 2:184 ح 353،سنن النسائي 2:111،مسند أبي يعلى 5:183 ح 2796.

قبل الصلاة» (1).

السادسة:يجوز اقتداء المفترض بالمفترض و ان اختلف الفرضان ما

لم تتغير الهيئة،

كاليومية و الكسوف و الجنازة.و ليس له متابعة الكسوف في ركوع ثم ينفرد،أو ينتظره حتى يسجد،و لا متابعة الجنازة في تكبيرة ثم ينفرد،أو ينتظر فراغ صلاة الجنازة،لما فيه من مخالفة الإمام المتبوع.

السابعة:يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل،

لما روي ان معاذا كان يصلي مع النبي صلّى اللّه عليه و آله العشاء ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سليم،هي له تطوع و لهم مكتوبة (2).و رواه الأصحاب عن الرضا عليه السّلام بطريق محمد بن إسماعيل بن بزيع (3).

الثامنة:يجوز اقتداء المتنفل بالمفترض،

لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله لرجل:

«إذا جئت فصلّ مع الناس و ان كنت قد صلّيت» (4).

و عن الصادق عليه السّلام:ان الأفضل لمن صلّى ثم يجد جماعة أن يصلّي معهم (5).

و لا فرق بين كونه قد صلّى أولا منفردا أو جماعة،لعموم الأدلة.

ص: 381


1- سنن النسائي 2:110،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:256 ح 2068، السنن الكبرى 3:72.
2- ترتيب مسند الشافعي 1:104 ح 305،المصنف لعبد الرزاق 2:8 ح 2265، صحيح البخاري 1:179،صحيح مسلم 1:339 ح 465،سنن أبي داود 1: 163 ح 599،شرح معاني الآثار 1:409،السنن الكبرى 3:86.
3- الكافي 3:380 ح 5،التهذيب 3:50 ح 174.
4- الموطأ 1:132،سنن النسائي 2:112،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 4: 60 ح 2398،سنن الدار قطني 1:415،المستدرك على الصحيحين 1:244.
5- التهذيب 3:50 ح 175.

فالظاهر استرسال الاستحباب أيضا،و منعه في التذكرة (1).

التاسعة جواز اقتداء المفترض بالمتطوع

يجوز اقتداء المتنفل بمثله فيما سبق.و كذا يجوز في الإعادة إذا كان في المأمومين مفترض.اما لو صلّى اثنان فصاعدا فرادى أو جماعة،ففي استحباب إعادة الصلاة لهم جماعة نظر،من شرعية الجماعة، و من انه لم يعهد مثله،و النهي عن الاجتماع في النافلة يشمله.

العاشرة منع الفاضل من فعل الجمعة فرضا خلف متنفل بها أو خلف مفترض بغيرها

منع الفاضل-رحمه اللّه-من فعل الجمعة فرضا خلف متنفل بها -كالمسافر يقدم ظهره ثم يأتيها-أو خلف مفترض بغيرها-كمن يصلّي ركعتين منذورة،أو صبحا قضاء،أو فريضة من الفرائض (2).

و هذا يتصور فيما إذا خطب و انفض العدد،ثم تحرّم واحد بصلاة واجبة فاجتمع العدد،سواء كان المتحرّم الخطيب أو غيره ان جوزنا مغايرة الإمام للخطيب.

و في هذا المثال مناقشة،لأن الظاهر انه إذا اجتمع العدد بعد الخطبة وجوب الجمعة و فساد صلاة المتلبس بها إذا كانت ظهرا ليوم.نعم،لو كان قد صلّى الظهر و تلبس بالعصر،ثم حضر العدد،أمكن أن يقال بصحة الفرض.و أبلغ منه في الصحة ان يكون مسافرا أو أعمى،و قد صلّى فرضه و شرع في آخر،فاجتمع العدد.

الحادية عشرة:لو نقص عدد صلاة المأموم عن صلاة الإمام،

تخيّر المأموم بين انتظاره حتى التسليم و بين تسليمه،و الأول أفضل.

ص: 382


1- تذكرة الفقهاء 1:183،قال:«ج:هل يستحب التكرار ثلاثا فما زاد،إشكال أقربه المنع».
2- تذكرة الفقهاء 1:176.

و لو زاد عدد صلاته على صلاة الإمام،تخيّر المأموم بين المفارقة في الحال،و الصبر حتى يسلّم الامام فيقوم المأموم إلى الإتمام أفضل و حينئذ لو انتظر الامام فراغ المأموم ثم سلّم كان جائزا بل أفضل،فعلى هذا يقوم المأموم بعد تشهد الامام.

و قال المرتضى رضى اللّه عنه في الجمل:لو دخل المقيم في صلاة مسافر، وجب عليه أن لا ينتقل من الصلاة بعد سلامه إلاّ بعد أن يتمّ المقيم صلاته (1).

و قال ابن الجنيد:فإن دخل المقيم في صلاة المسافر من غير أن يعلم لم ينتقل المسافر بعد سلامه حتى يتم المقيم صلاته.

و يمكن حمل كلام المرتضى على تأكد الاستحباب،و حمل كلام ابن الجنيد على كراهية الانتقال،و قد أفتى الشيخ و ابن إدريس و جماعة باستحباب الانتظار (2).

الثانية عشرة:الظاهر انّ هذه الفروض إنما تتأتى في صورة الإعادة.

فلو.

صلّى مفترض خلف متنفل نافلة مبتدأة أو قضاء لنافلة،أو صلّى متنفل بالراتبة خلف الفرض،أو متنفل راتبة خلف راتبة أو غيرها من النوافل، فظاهر المتأخرين المنع (3).

الثالثة عشرة:إذا أعاد من صلّى صلاته جماعة نوى الندب،

لخروجه عن عهدة الفرض و لو نوى الفرض،لرواية هشام بن سالم في الرجل يصلّي الغداة وحده ثم يجد جماعة،قال:«يصلي بهم و يجعلها الفريضة إن شاء» (4).

ص: 383


1- جمل العلم و العمل 3:39.
2- السرائر:60،مختلف الشيعة:155،شرح جمل العلم و العمل(لابن البراج):118.
3- راجع:الجامع للشرائع:197،شرائع الإسلام 1:122.
4- الفقيه 1:251 ح 1132.و بسند آخر في الكافي 3:379 ح 1،و التهذيب 3:50 ح 176.و في الجميع:«يصلي معهم».

و أوّلها الشيخ بأنّ المراد إذا وجد جماعة في أثناء صلاته،فإنّه يعدل إلى النفل ثم يصلي معهم و يجعلها الفريضة،لأنّ من صلى بنيّة الفرض لا يمكنه جعلها غير فرض (1).

و قد روي:«أنّه يحسب أفضلهما و أتمهما» (2).

الرابعة عشرة حكم ما لو اقتدى من يصلّي الظهر بمن يصلي العصر و بالعكس

قال الصدوق رحمه اللّه:لو اقتدى من يصلّي الظهر بمن يصلّي العصر جاز،و لا يصلّي العصر خلف من يصلي الظهر إلاّ ان يتوهمها العصر،ثم يعلم انها كانت الظهر فتجزئ عنه (3).

و لا نعلم مأخذه،إلا أن يكون نظرا إلى أنّ العصر لا تصحّ إلا بعد الظهر، فإذا صلاها خلف من يصلي الظهر فكأنّه قد صلى العصر مع الظهر مع أنّها بعدها.و هو خيال ضعيف،لأنّ عصر المصلي مترتبة على ظهر نفسه،لا على ظهر إمامه.

ص: 384


1- التهذيب 3:50.
2- الفقيه 1:251 ح 1133.
3- الفقيه 1:233.
المطلب الثاني:في شروط الاقتداء.
اشارة

و هي ستة:

الشرط الأول:أهلية الإمام للإمامة،و ذلك باجتماع أوصاف تنقسم إلى قسمين:
أحدهما عامّة

و هي سبعة:

أولها:البلوغ، فلا تصح إمامة الصبي غير المميز إجماعا،لعدم الوثوق بجريانه على ما يعتبر في الصلاة.و أمّا المميز:

فقال الشيخ في الخلاف و المبسوط:يجوز امامة المراهق المميز العاقل في الفرائض (1).

و قال ابن الجنيد:غير البالغ إذا كان سلطانا مستخلفا للإمام الأكبر-كالولي لعهد المسلمين-يكون إماما و ليس لأحد أن يتقدّمه،لأنّه أعلى ذوي السلطان بعد الإمام الأكبر.و أمّا غيره من الصبيان فلا أرى أن يؤمّ في الفرائض من هو أسنّ منه (2).

و قال الجعفي:يؤمّ الغلام.

و تمسّك الشيخ بالإجماع على أنّ من هذه صفته تلزمه الصلاة، و أيضا فقوله عليه الصلاة و السّلام:«مروهم بالصلاة لسبع»يدل على أنّ صلاتهم شرعية (3).و رواية طلحة بن زيد عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام عن

ص: 385


1- الخلاف 1:123 المسألة 17،المبسوط 1:154.
2- مختلف الشيعة:153.
3- الخلاف 1:123 المسألة 17. و الحديث النبوي في:مسند أحمد 2:180،سنن أبي داود 1:133 ح 494، سنن الدار قطني 1:231،المستدرك على الصحيحين:197.

علي عليه السّلام،قال:«لا بأس ان يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم و ان يؤمّ» (1).

و روى العامة:انّ عمرو بن أبي سلمة قال:كنت غلاما حافظا قد حفظت قرآنا كثيرا،فانطلق أبي وافدا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في نفر من قومه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:«يؤمكم أقرؤكم لكتاب اللّه»فقدموني،فكنت أصلي بهم و أنا ابن سبع سنين أو ثمان (2).

و قال في النهاية-و تبعه ابن البراج-:لا تجوز إمامته لنقصه،و تجويز إخلاله ببعض الأركان و الأبعاض (3)و لرواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام عن علي عليه السّلام:«لا بأس ان يؤذّن الغلام قبل ان يحتلم، و لا يؤم حتى يحتلم،فإن أمّ جازت صلاته و فسدت صلاة من خلفه» (4).

و يقوى طريق الرواية ان ابن بابويه أرسلها عن علي عليه السّلام (5)،و العمل بها أولى،عملا بالمتيقن و قوتها على تلك،لأنّ طلحة بن زيد بتري،و رواة الأخرى عامة.

فرعان:

الأول:تجوز إمامته الصبيان، لتساويهم في المرتبة.و الأقرب جواز إمامته في النافلة أيضا،لانعقادها منه و صحتها على الأقوى.

الثاني: لو جوّزنا إمامته في الفريضة،فهل تستثنى الجمعة من ذلك.

من حيث انه غير مخاطب بها،أو لا من حيث أنّها مشروعة بالنسبة إليه9.

ص: 386


1- التهذيب 3:29 ح 104،الاستبصار 1:424 ح 1633.
2- سنن أبي داود 1:159 ح 585،سنن النسائي 2:80،السنن الكبرى 3:91.
3- النهاية:113،المهذب 1:80.
4- التهذيب 3:29 ح 103،الاستبصار 1:423 ح 1633.
5- الفقيه 1:258 ح 1169.

و نافلة و يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل؟الأقرب الثاني،تسوية بينها و بين غيرها من الفرائض.

و ثانيها:العقل، فلا تصح امامة المجنون إجماعا،لبطلان صلاته، و عدم قصده.

و لو كان يعتوره الجنون أدوارا صحّ في حال إفاقته بعد الوثوق بها و ان كان مكروها،لجواز فجأة الجنون في أثناء الصلاة،و إمكان ان يكون قد عرض له احتلام حال جنونه.

فرع:

لو جنّ في الأثناء بطلت صلاته و نوى المأموم الانفراد حينئذ،فلو عاد اليه العقل استأنف الصلاة.و في جواز نقل النيّة إليه بعد ذلك وجهان مبنيان على جواز تجدّد الائتمام للمنفرد.اما لو كان المأموم قد اقتدى بآخر لم يعد الى هذا،إذ لا يشرع نقل النية من إمام الى إمام في غير الاستخلاف.

و ثالثها:الإسلام، فلا تصح امامة الكافر إجماعا و ان كان عدلا في دينه،لبطلان صلاته،و لعدم جواز الركون اليه و كونه أهلا للضمان.

فرع:

لو شكّ في إسلامه،لم يصلّ خلفه و ان كان في دار الإسلام.

و قال ابن الجنيد:كل من أظهر دين أهل الملّة في دار الإسلام على الإسلام،الاّ ان يتبين منه خلافه فأما أهل دار الهدنة المختلط فيها أهل الملة بغيرهم-كالفرس،و البلاد التي يلزم بكفر أهلها و ان أظهروا الملّة لمخالفتهم في الأصول-فلا أرى الاقتداء بأحد منهم،إلاّ إذا علم ما يوجب توليه.

ص: 387

و الوجه المنع،لأن الإسلام شرط،و الشك في الشرط شك في المشروط،و الصلاة لا توجب الحكم بإسلامه.

و رابعها:الايمان، و هو أخص من الإسلام في الحكم و ان ساواه في الحقيقة،فلا تجوز امامة غير الإمامي من المبتدعة-سواء أظهر بدعته أو لا- إجماعا،لأنّه فاجر و ظالم،و قد قال تعالى وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ (1).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«لا يؤمّن فاجر مؤمنا» (2).

و روى الفضيل بن يسار عن الباقر و الصادق عليه السّلام،قالا:«عدو اللّه فاسق لا ينبغي لنا ان نقتدي به» (3).

و منع الجواد عليه السّلام من الصلاة خلف الواقفة في مكاتبة البرقي (4).

و روى إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل يحب أمير المؤمنين عليه السّلام و لا يتبرأ من عدوه،فقال:«هذا مخلط و هو عدو،لا تصل خلفه إلاّ ان تتقيه» (5).

و خامسها:العدالة إجماعا، لما سلف من الآية و الخبر (6)و قوله صلّى اللّه عليه و آله:

«لا تؤمنّ امرأة رجلا،و لا فاجر مؤمنا» (7).2.

ص: 388


1- سورة هود:113.
2- سنن ابن ماجة 1:343 ح 1081،مسند أبي يعلى 3:381 ح 1856،السنن الكبرى 3:171.
3- أورده المحقق في المعتبر 2:432،و العلاّمة في نهاية الإحكام 2:140.
4- الفقيه 1:248 ح 1113،التهذيب 3:28 ح 98.
5- الفقيه 1:249 ح 1118،التهذيب 3:28 ح 97.
6- تقدما في الشرط السابق.
7- تقدم في ص 388 الهامش 2.

و لرواية الحسن بن راشد عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لا تصل الاّ خلف من تثق بدينه و أمانته» (1).

و قيل للرضا عليه السّلام في رجل يقارف الذنوب و هو عارف بهذا الأمر، أ أصلي خلفه؟قال:«لا» (2).

و المعتبر ظهور العدالة لا اشتراطها في نفس الأمر.فلو تبيّن كفره أو فسقه بعد الصلاة فلا اعادة.و لو كان في أثنائها نوى الانفراد و أتمّ صلاته.

و قال ابن الجنيد:لا أرى الدخول في صلاة المظهر للبدعة،و التارك للسنّة المخالف لأئمة المؤمنين،و لا المعاون لأهل الباطل على المحققين، لقول اللّه تعالى وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ ،و لما روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال لابن مسعود:«لا طاعة لمن عصى اللّه»يقولها ثلاثا.و إذا كان الإمام انما جعل ليتبع،و قد نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن اتباع العاصي،فقد نهى عن الدخول في صلاته و الاتباع له:و قد روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال لأبي ذر:«لا تصلوا خلف فاسق»،و قال لأبي الدرداء:«لا تصلّ خلف السفهاء»،و لمعاذ:«لا تقدموا بين أيديكم إلاّ من ترضون دينه و أمانته».

قال:و هذا في الفرائض،فاما ان جعلها نافلة و لم يحتسب بها من فرضه فلا بأس،و قد روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال ذلك لأبي ذر.

قال:و حديث إسماعيل بن عباس،عن حميد بن مالك،عن مكحول،عن معاذ،انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«يا معاذ:أطع كل أمير،و صل خلف كل إمام»ضعيف،لأنّ إسناده شامي،و إسماعيل بن عباس مهجور عند يحيى بن معين و ابن مهدي لانّه روى مناكر.8.

ص: 389


1- الكافي 3:374 ح 5،التهذيب 3:266 ح 755.
2- الفقيه 1:249 ح 1116،التهذيب 3:277 ح 808.

ثم قال:و إذا أمّ الكافر قوما فعلموا بذلك كان عليهم الإعادة (1).

و نقل ابن إدريس عن المرتضى وجوب الإعادة لو تبيّن فسقه أو كفره (2).

لنا:مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال و كان يؤمّهم رجل،فلما صاروا إلى الكوفة علموا أنه يهودي قال:«لا يعيدون» (3).

و قال ابن بابويه:يعيدون ما خافت فيه لا ما جهر (4).

و من هذا الباب،لو تبين حدث الامام بعد الصلاة،فالمشهور عدم الإعادة.و قال المرتضى يعيدون (5)،و قد روى:انهم ان علموا في الوقت تلزمهم الإعادة (6).و لو صلى بهم بعض الصلاة ثم علموا حينئذ أتمّ القوم في رواية جميل (7)،و في رواية حماد عن الحلبي:«يستقبلون صلاتهم» (8).

و يعارض ما ذكره-رحمه اللّه-محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام،سألته عن0.

ص: 390


1- الآية في سورة هود:113. و قوله صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود في:مسند احمد 1:400.سنن ابن ماجة 2: 956-2865. و حديث معاذ في:مجمع الزوائد 2:67 عن الطبراني في الكبير. و قول ابن معين و ابن مهدي في:
2- السرائر:61.
3- الكافي 3:378 ح 4،التهذيب 3:40 ح 141.
4- الفقيه 1:263.
5- الناصريات:236 المسألة 97.
6- أورده المرتضى في الناصريات:236 المسألة 97،و المحقق في المعتبر 2: 434،و العلاّمة في منتهى المطلب 1:370.
7- الفقيه 1:264 ح 1207،التهذيب 3:269 ح 772،الاستبصار 1:44 ح 1695.
8- أوردها في السرائر:62،و منتهى المطلب 1:370.

الرجل يؤمّ القوم و هو على غير طهر فلا يعلم حتى تنقضي صلاته،قال:

«يعيد،و لا يعيد من خلفه و ان أعلمهم انه على غير طهر» (1)و كذا رواه زرارة عنه عليه السّلام (2)،و رواه حمزة بن حمران عن الصادق عليه السّلام (3).

فان قلت:فقد روي:ان عليا عليه السّلام صلّى بالناس على غير طهر، فخرج مناديه:ان أمير المؤمنين صلّى على غير طهر فأعيدوا،و ليبلغ الشاهد الغائب (4).

قلت:هذا ينافي العصمة المشترطة في الإمام،فهو مردود مع شذوذه.قاله في التهذيب (5).

فروع:

الأول: الأقرب اشتراط العلم بالعدالة بالمعاشرة الباطنة،أو شهادة عدلين،أو اشتهارها.و لا يكفي التعويل على حسن الظاهر.

و خالف هنا فريقان:

أحدهما:من قال كل المسلمين على العدالة،الى ان يظهر منه ما يزيلها،و هو قول سيجيء ان شاء اللّه تعالى.و به قال ابن الجنيد (6).

و الثاني:جواز التعويل على حسن الظاهر-و هو قول بعض9.

ص: 391


1- التهذيب 3:39 ح 137،الاستبصار 1:432 ح 1668.
2- التهذيب 3:39 ح 139،الاستبصار 1:432 ح 1670.
3- التهذيب 3:39 ح 136،الاستبصار 1:432 ح 1667.
4- التهذيب 3:40 ح 140،الاستبصار 1:433 ح 167.
5- التهذيب 3:40.
6- مختلف الشيعة:159.

الأصحاب (1)-لعسر الاطلاع على البواطن.

و قد روى الشيخ بإسناد معتبر عن أبي جعفر عليه السّلام:«إذا كان الرجل لا تعرفه يؤم الناس،فلا تقرأ و اعتدّ بصلاته» (2).و يمكن ان يكون اقتداؤهم به تعديلا له عند من لا يعرفه.

و قد روى خلف بن حماد،عن رجل،عن الصادق عليه السّلام:«لا تصل خلف الغالي،و المجهول،و المجاهر بالفسق و ان كان مقتصدا» (3).و هذا يصلح حجة للجانبين،من حيث لفظ«المجهول»،و مفهوم«المجاهر بالفسق».

الثاني: لو كان عدلا ظاهرا،و يعلم المأموم فسقه،لم يقتد به لوجود المانع بالنسبة اليه.و هل تنعقد الجمعة بالنسبة الى هذا المأموم؟الظاهر لا،لعلمه باختلال الشرائط.

الثالث: المخالف في أصول العقائد لا يقتدى به،الاّ ان يكون في مسائل لا مدخل لها في الإسلام-كمسألة بقاء الاعراض،و حدوث الإرادة، و النفي و الإثبات-فإن ذلك غير ضائر؛لأنّ مثله خفي المدارك و لا يتوقّف عليه الايمان.

الرابع: المخالف في الفروع إذا لم يخرق الإجماع يجوز الاقتداء به (4)،لعدم خروجه بذلك عن العدالة.ط.

ص: 392


1- قال الشيخ الأنصاري:و كذلك القول بأنها عبارة عن حسن الظاهر غير مصرح به في كلام أحد من علمائنا،و ان نسبه بعض متأخري المتأخرين إلى كثير بل إلى الكل.رسالة في العدالة ضمن رسائل فقهية:24. و انظر مفتاح الكرامة 3:82 فقد فصل البحث فيها.
2- التهذيب 3:275 ح 798.
3- الفقيه 1:248 ح 1111،الخصال:154،التهذيب 3:31 ح 109،282 ح 837.
4- أثبتناها من ط.

اما لو علم المأموم أنه يترك واجبا،أو شرطا يعتقده المأموم،لم يقتد به،كالمخالفة في القبلة،و في التحري في الأواني،و في وجوب السورة.

و كذا لو اعتقد جواز الصلاة في الثعالب و صلّى فيها،لم يقتد به من يعتقد المنع.

و سادسها:طهارة المولد، فلا تجوز امامة عن علم انّه ولد زنا، لنقصه.و لقولهم عليهم السّلام:«ولد الزنا شر الثلاثة» (1).و لان شهادته لا تقبل فكذا إمامته،لأن أداء الأفعال الواجبة عليه في معنى الشهادة.و لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:«لا تقبل شهادة ولد الزنا،و لا يؤمّ بالناس» (2).

اما ولد الشبهة،و من تناله الألسن،فجائز،لأن الظاهر سلامة النسب.

و سابعها:صحة صلاته ظاهرا. فلو صلّى غير متطهر،أو فاقد أحد الشرائط،و المأموم يعلم بذلك،لم يصح الاقتداء به.و لا يشترط فيها كونها صحيحة في نفس الأمر،لما تقدم من عدم اعادة من صلّى خلف المحدث و لما يعلم.

القسم الثاني:في الأوصاف الخاصة،و هي ستة:
أحدها:الذكورة شرط في إمام الرجال و الخناثى.

فلو أمّ الرجال امرأة بطل الاقتداء إجماعا منّا،و لقوله عليه السّلام:«لا تؤمّ امرأة رجلا» (3).و الخنثى في معنى المرأة،لعدم العلم بذكوريته إذا كان مشكلا.

و لا فرق بين التراويح و غيرها.و قول المزني و أبي ثور و محمد بن

ص: 393


1- سنن أبي داود 4:29 ح 3963،مسند احمد 2:311،المستدرك على الصحيحين 4:100،السنن الكبرى 10:57.
2- الكافي 7:396 ح 8،التهذيب 6:244 ح 614.
3- سنن ابن ماجة 1:343 ح 1081،مسند أبي يعلى 3:381 ح 1856،السنن الكبرى 3:90،171.

جرير الطبري بجواز إمامة المرأة الرجال في التراويح (1)ضعيف،مسبوق بالإجماع و ملحوق به.

و لا يؤمّ الخنثى مثله،لجواز كون الإمام امرأة و المأموم رجلا.و جوّزه ابن حمزة (2)لتكافؤ الاحتمالين فيهما،و الأصل الصحة.و جوابه انّ من صور الإمكان تخالفهما في الذكورة و الأنوثة كما قلناه،و الأصل وجوب القراءة على المصلّي إلاّ بعد العلم بالمسقط.

و لا كراهة في إمامة الرجل بالأجنبية و ان خلا بها،لأن العدالة تمنع من تطرّق التهمة.قاله الفاضل (3).

و لو صلّى خلف الخنثى رجل،فبان انه رجل بعد الصلاة أعاد،لعدم صحة الدخول.اما لو ظنه رجلا فتبيّن رجلا فالوجه الصحة،لمطابقة ظنه نفس الأمر.

و لا يشترط نيّة الرجل استتباع النساء في صحة اقتدائهنّ به.

و ثانيها:القيام،

و هو شرط في إمامة القائمين،فلا يؤمّ القاعد القيام، فلو فعل بطلت صلاتهم،لما روي من قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«لا يؤمّن أحد بعدي جالسا» (4).

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام:«لا يؤمّ المقيد بالمطلقين،و لا صاحب الفالج الأصحاء» (5).

و لو أمّ مثله جاز،و ان كان المأموم يرجو البرء و لا يرجوه الامام،

ص: 394


1- المجموع 4:255،المغني 2:34،بداية المجتهد 1:145.
2- الوسيلة:105.
3- تذكرة الفقهاء 1:176.
4- الفقيه 1:249 ح 1119،سنن الدار قطني 1:398،السنن الكبرى 3:80.
5- الكافي 3:375 ح 2،الفقيه 1:248 ح 1108،التهذيب 3:27 ح 94.

لتساويهما حال الاقتداء.

و لو أمّ الأعرج أو الأقطع جاز مع القدرة على القيام.

و جوّز الشيخ-في الخلاف-ائتمام القاعد بالمومئ (1).و كأنه عنى به المضطجع و المستلقي،و يمكن القول بالمنع،لأن صلاة المؤتمّ أكمل.

و ثالثها:القراءة إذا أمّ قارئا،

فلو أمّ الأمي القارئ لم يصح إجماعا -و الأمي من لا يحسن قراءة الفاتحة و السورة-فلو أمّ مثله جاز إذا عجزا عن التعلم.و لو عجز الامام دون المأموم لم يصح اقتداؤه.

و لو أحسن أحدهما الفاتحة و الآخرة السورة،جاز ائتمام من يعجز عن الفاتحة بالقادر عليها دون العكس،للإجماع على وجوبها في الصلاة بخلاف السورة.

و لو أحسن أحدهما بعض الفاتحة و الآخر بعض السورة،فصاحب بعض الفاتحة أولى بالإمامة.

و لو أحسن الآخر كمال السورة،ففي ترجيح من يحسن بعض الفاتحة عليه نظر،من حيث الإجماع على وجوب ما يحسنه،و من زيادة الآخر عليه.و الأول أقرب،مع احتمال جواز امامة كل منهما بالآخر.

و لا يجوز ان يأتمّ محسن السورة بمحسن الفاتحة،ثم يأتمّ به محسن الفاتحة ليقرأ السورة،فإذا انتهيا إلى الفاتحة ائتم به محسن السورة،و هكذا، لما فيه من تعاكس الإمامة و هو غير معهود.و في كلام التذكرة إشارة إلى احتمال جوازه (2).

و الأخرس في معنى الأمي،فيجوز ان يؤمّ مثله.و لو أمّ الأخرس

ص: 395


1- الخلاف 1:121 المسألة 5.
2- تذكرة الفقهاء 1:177.

الأمي الناطق،ففي الجواز نظر،من عجزه عن التكبير،و من انّ الامام لا يتحمله،و هما متساويان في عدم القراءة.

و لو أحسن كل منهما بعض الفاتحة،فإن تساويا في ذلك البعض صحّ اقتداء كل منهما بصاحبه.و ان اختلفا،فان زاد أحدهما على الآخر جاز امامة الناقص دون العكس،و ان اختلف محفوظاهما لم يؤمّ أحدهما الآخر لنقص كل منهما بالنسبة إلى الآخر.

و لو كان يلحن في القراءة،فإن قدر على الإصلاح لم تصح صلاته إماما و لا منفردا،و ان عجز عنه جاز ان يؤمّ مثله لا غيره،و ان كان الغير يلحن أيضا،لاختلاف مواضع اللحن.و لا فرق بين كون اللحن مغيّر المعنى-مثل:ضم تاء«أنعمت»أو لا-مثل:فتح ميم«بسم»-لأنّ القرآن عربي و اللحن ليس بعربي.

و قول الشيخ بكراهية إمامة من يلحن في قراءته،أحال المعنى أو لم يحل،في الحمد و غيرها،إذا تعذّر عليه الإصلاح (1).

و قول ابن إدريس:لا تجوز امامة اللحنة الذي يغير بلحنه معاني القرآن (2)و يدلّ بمفهومه على جواز غير المغيّر للمعاني.

بعيدان.و توجيههما بانّ صلاته صحيحة بالنسبة إليه مدخول،و إلاّ لصحّ الاقتداء بالأمي.

و في حكم اللاحن مؤوف اللسان مع عجزه عن الإصلاح تصح صلاته،و لا يصح اقتداء غيره به.و لو أمّ مثله في ذلك الحرف صح، و كذلك من في لسانه لكنة من آثار العجمة.و من ذلك:0.

ص: 396


1- المبسوط 1:153.
2- السرائر:60.

الأرتّ،و هو الذي يبدل حرفا بغيره.

و الألثغ-بالثاء المثلثة-و هو الذي يجعل الراء لاما،قاله الفراء (1).

قال:و الأرت هو الذي يجعل اللام تاء (2).و في المبسوط:الألثغ الذي يبدل حرفا مكان حرف (3).

و الأليغ-بالياء المعجمة بنقطتين من تحت-و هو الذي لا يبين الكلام.

فلا تصح إمامتهم إلاّ بأمثالهم.

و في المبسوط:الأرت الذي يلحقه في أول كلامه رتج،فيتعذر عليه،فإذا تكلم انطلق لسانه (4).فعلى هذا تجوز إمامته مطلقا،و كذا التمتام -و هو الذي يكرر التاء-و الفأفاء-و هو الذي يكرر الفاء-اي:لا تتيسر لهما التاء و الفاء الا بترديدها مرتين فصاعدا،لان هذه زيادة غير مخرجة عن صحة القراءة.نعم يكره الائتمام بهما لمن لا يساويهما،قاله في التذكرة (5).و لم يذكر الكراهية في المعتبر (6).

و في المبسوط فسّر التمتام و الفأفاء بأنه الذي لا يحسن ان يؤدي التاء و الفاء،و حكم بكراهة إمامته (7)لصحة صلاته باعتبار عجزه.و منعه الفاضل كالأخرس (8)و هو حسن.5.

ص: 397


1- حكاه عنه في تذكرة الفقهاء 1:178.
2- حكاه عنه في تذكرة الفقهاء 1:178.
3- المبسوط 1:153.
4- المبسوط 1:153.
5- تذكرة الفقهاء 1:178.
6- المعتبر 2:438.
7- المبسوط 1:153.
8- مختلف الشيعة:155.

اما من به لثغة خفيفة مع من يخلص الحرف و لا يبلغ به تبديله بغيره،فجائز إمامته للقارئ و ان كان القارئ أفضل،لأنّ ذلك يعد قرآنا.

و رابعها:ستر العورة إذا أمّ لمستورها.

فلو أمّ العاري بالمستور فالأقرب المنع،لنقص صلاته من حيث الشرط و من حيث الأركان،لأنه يومئ بها إيماء،و ربما صلّى قاعدا و القائم لا يؤمّه القاعد.

و ربما قال الفاضل:ان اقتدى بالعاري مكتس عاجز عن الركوع و السجود لمرض جاز (1).و هذا بناء على انّ المانع انما هو عجزه عن الأركان،و اما إذا علّل بنقصه من حيث الستر فلا.

و أطلق الشيخ جواز اقتداء المكتسي بالعاري (2)لأن صلاته صحيحة بالنسبة اليه.

و لو أمّ العاري بمثله جاز.نعم،لو تمكّن أحدهما من ستر احدى العورتين،و عجز الآخر،جاز الائتمام بالمستور إحداهما للآخر.و في العكس الأوجه.

و خامسها:القدرة على الاستقبال.

فلو عجز عن الاستقبال لم يؤمّ القادر عليه،و يجوز ان يؤم مثله.

و سادسها:الختان
اشارة

-و قد قيل انه من الشروط العامة (3)-لما روي عن زيد عن آبائه عن علي عليه السّلام:«الأغلف لا يؤم القوم و ان كان أقرأهم،لأنّه ضيّع من السنة أعظمها،و لا تقبل له شهادة،إلاّ ان يكون ترك ذلك خوفا على نفسه» (4).

ص: 398


1- تذكرة الفقهاء 1:179.
2- الخلاف 1:121 المسألة 5.
3- راجع:المقنع:35،المعتبر 2:442،نهاية الإحكام 2:143.
4- الفقيه 1:248 ح 1107،التهذيب 3:30 ح 108.

و يمكن ردّ هذا الى اشتراط العدالة،و انما ذكرناه هنا لان الشيخ أبا الصلاح-رحمه اللّه-جوّز إمامة الأغلف للأغلف لا للمطّهّر (1).

و الأقرب انه متى تمكّن من الختان بطلت إمامته مطلقا لفسقه،و إلاّ صحت مطلقا،و الخبر محمول على التمكّن صريحا.

و هنا مسائل:

الأولى:اختلف في إمامة العبد.

فقال في المبسوط و النهاية:لا يجوز ان يؤمّ الأحرار،و يجوز ان يؤمّ بمواليه إذا كان أقرأهم (2).

و قال ابن بابويه-في المقنع-:و لا يؤم العبد إلاّ أهله (3)لرواية السكوني عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن علي عليهما السّلام قال:«لا يؤم العبد إلاّ أهله» (4).

و أطلق ابن حمزة ان العبد لا يؤمّ الحر (5).

و جوز إمامته مطلقا ابن الجنيد و ابن إدريس (6).

و أطلق الشيخ-في الخلاف-جواز إمامته،قال:و في بعض رواياتنا ان العبد لا يؤمّ إلاّ مولاه (7).

و قال أبو إصلاح:يكره (8).4.

ص: 399


1- الكافي في الفقه:144.
2- المبسوط 1:155،النهاية:112.
3- المقنع:35.
4- التهذيب 3:29 ح 102،الاستبصار 1:423 ح 1631.
5- الوسيلة:105.
6- السرائر:61،مختلف الشيعة:153.
7- الخلاف 1:121 المسألة 8.
8- الكافي في الفقه:144.

و البحث عن الجواز،و ان كان الحر مقدما عليه عند التعارض،لان الصفات المعتبرة كافية،و قد قال عليه السّلام«يؤمكم أقرؤكم» (1).

و قد روي في الصحيح عن محمد بن مسلم-تارة يرويه عن الصادق عليه السّلام،و تارة عن أحدهما-جوازه صريحا (2).و لا يعارضه رواية السكوني،مع إمكان حملها على الكراهية،كما قاله أبو الصلاح.

فرع:

المعتق بعضه أولى من القن،و ممّن انعتق منه أقل،و الحر أولى منهما.و في ترجيح من تشبث بالحرية قبل حصول حقيقتها-كالمدبر، و المكاتب المشروط و المطلق قبل الأداء،و الموصى بعتقه-على القن،أو ترجيح بعضهم على بعض،نظر.و لعل الأقرب عدم الترجيح،إذ لم يثبت جعل ذلك مرجحا،فتبقى المرجحات المشهورة سليمة عن المعارض.

الثانية: قال المرتضى-رحمه اللّه-:لا يؤمّ الأجذم،و الأبرص،و المحدود، و لا صاحب الفالج الأصحّاء،و لا المتيمم المتوضئين (3).

و قال في الانتصار:تكره إمامة الأبرص،و المجذوم و المفلوج (4).

و قال الصدوق:لا يؤمّ الأعرابي المهاجرين،و لا بأس ان يؤم المتيمم المتوضئين (5).5.

ص: 400


1- الفقيه 1:185 ح 880،سنن ابن ماجة 1:240 ح 726،سنن أبي داود 1: 161 ح 590،مسند أبي يعلى 4:231 ح 2343،السنن الكبرى 1:426.
2- التهذيب 3:29 ح 99،100،الاستبصار 1:423 ح 1628،1629.
3- جمل العلم و العمل 3:39.
4- الانتصار:50.
5- المقنع:35.

و قال الشيخ-في الخلاف-:سبعة لا يؤمّون الناس على كل حال:

المجذوم،و الأبرص،و المجنون،و ولد الزنا،و الأعرابي بالمهاجرين، و المقيد بالمطلقين،و صاحب الفالج بالأصحاء (1).

و قال في المبسوط:لا يؤمّ الأعرابي بالمهاجرين،و لا المجذوم و الأبرص و المحدود من ليس كذلك،و لا يؤمّ المقيد المطلقين، و لا صاحب الفالج الأصحاء (2).و نحوه في النهاية (3).

و قال ابن الجنيد:و لا أرى إمامة الأعرابي للمهاجر،لقول اللّه عز و جل وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ (4)و لا امامة المجذوم و ذي العاهة التي لا يؤمن معها ترك استيفاء وظائف الصلاة،و كذلك المقعد للأصحاء،و لا المتيمم للمتوضئين،إلاّ ان يكون خليفة الإمام أو سلطانا له.

و قال ابن أبي عقيل:و لا يؤمّ المفضول الفاضل،و لا الأعرابي المهاجر،و لا الجاهل العالم،و لا صلاة خلف المحدود.

و قال المفيد-رحمه اللّه-في إمام الجمعة،و الشرائط التي تجب فيمن يجب معه الاجتماع:ان يكون حرا بالغا طاهرا في ولادته مجنّبا من الأمراض الجذام و البرص خاصة.

و قال ابن بابويه-فيمن لا يحضره الفقيه-:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«امام القوم وافدهم،فقدموا أفضلكم» (5).0.

ص: 401


1- الخلاف 1:125 المسألة 34.
2- المبسوط 1:155.
3- النهاية:112.
4- الآية في سورة الأنفال:72،المقنعة:27.
5- الفقيه 1:247 ح 1100.

و قال عليه السّلام:«ان سركم ان تزكّوا صلاتكم فقدموا خياركم» (1).

و قال عليه السّلام:«من صلى بقوم،و فيهم من هو أعلم منه،لم يزل أمرهم في سفال الى يوم القيامة» (2).

و قال أبو ذر:ان إمامك شفيعك الى اللّه،فلا تجعل شفيعك سفيها و لا فاسقا (3).

و روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام،انه قال:«خمسة لا يؤمّون الناس،و لا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة:الأبرص، و المجذوم،و الأعرابي حتى يهاجر،و ولد الزنا،و الحدود» (4).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام:«لا يصلين أحدكم خلف الأجذم، و المجنون،و المحدود،و ولد الزنا.و الأعرابي لا يؤم المهاجر» (5).

و قال عليه السّلام:«لا يؤمّ صاحب القيد المطلقين،و لا يؤمّ صاحب الفالج الأصحاء» (6).

و قال الباقر و الصادق عليهما السّلام:«لا بأس ان يؤمّ الأعمى إذا رضوا به، و كان أكثرهم قراءة وافقههم» (7).

و قال أبو جعفر عليه السّلام:«إنّما العمى عمى القلب9.

ص: 402


1- الفقيه 1:247 ح 1101،و في المقنع:35،علل الشرائع:326.
2- الفقيه 1:247 ح 1102،و في المحاسن:93،علل الشرائع:326،ثواب الاعمال:246،التهذيب 3:56 ح 194.
3- الفقيه 1:247 ح 1103،و في علل الشرائع:326،التهذيب 3:30 ح 107.
4- الفقيه 1:247 ح 1105.
5- الفقيه 1:247 ح 1106،و في الكافي 3:375 ح 4،و فيهما زيادة: «و الأبرص».
6- الفقيه 1:248 ح 1108،و في الكافي 3:375 ح 2،التهذيب 3:27 ح 94.
7- الفقيه 1:248 ح 1109.

فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (1) .

و قال أبو الصلاح:لا تنعقد الجماعة إلاّ بإمام عدل،طاهر الولادة، سليم من الجنون و الجذام و البرص،الى قوله:و قد تتكامل صفات الإمامة لجماعة و تنعقد على وجه دون وجه،و تكره على وجه دون وجه.

فالأول:المقيد بالمطلق،و الزمن بالصحيح،و الخصي بالسليم، و الأغلف بالمطهر،و المحدود بالبري،و المرأة بالرجال.و يجوز ان يؤم كل منهم بأهل طبقته.

و الثاني:الأعمى بالمبصر،أو المقصر بالمتم،أو المتم بالمقصر، و المتيمم بالمتوضئ،و العبد بالحر.و لا كراهة في إمامة كل منهم لأهل طبقته (2).

و قال ابن البراج-في المهذب-:و اما من يؤمّ بمثله و لا يؤمّ بغيره من الأصحاء السليمين،فهو:الأبرص،و المجذوم،و المفلوج،و الزمن، و لا يؤمّ الأعرابي المهاجرين،و لا يؤمّ المتيمم المتوضئين،و لا يؤم المسافر الحاضرين،و قد ذكر أنها مكروهة.و لا يؤمّ المحدود،و الأعمى إذا لم يسدده من خلفه،فان سدده كانت إمامته جائزة (3).

و قال ابن حمزة-في الواسطة-و يكره ان يؤمّ الناس خمسة عشر:

المتيمم،و المسافر،و المقيد،و القاعد،و اللاحن لمن يقدر على إصلاح لسانه،و من لا يؤدّي حرفا،و من يبدّل حرفا مكان حرف،و من يرتجّ عليه0.

ص: 403


1- الفقيه 1:248 ح 1110. و الآية في سورة الحج:46.
2- الكافي في الفقه:143.
3- المهذب 1:80.

في أول كلامه،و من لا يأتي بالحروف على الصحة و البيان،و المحدود، و المفلوج،و المجذوم،و الأبرص،لمن لا يكون على مثل أحوالهم (1).

و يقرب منه الوسيلة له (2).

و قال الجعفي:يؤمّ الأعمى،و العبد،و المتيممون المتوضئين.

و لا يصلّى خلف الأجذم،و الأبرص،و المجنون،و المحدود،و ولد الزنا، و الأعرابي.

و قال سلار:تكره إمامة المتيمم للمتطهر،و المسافر للحاضر (3).

و قال ابن إدريس:و تكره إمامة الأجذم و الأبرص و صاحب الفالج للأصحاء،و فيما عدا الجمعة و العيدين،فان ذلك لا يجوز.و قد ذهب بعض أصحابنا الى ان أصحاب هذه الأمراض لا يجوز ان يؤمّوا الأصحاء على طريق الحظر،و الأظهر ما قلناه.و لا تجوز إمامة المحدود الذي لم يتب.

و يكره ان يؤمّ الأعرابي المهاجرين،و المتيمم بالمتوضئين،و المسافر بالحاضرين.

قال و لا تجوز إمامة المقيد للمطلقين،و لا الجالس بالقيام.و لا بأس بإمامة الأعمى (4).

و قال السيد عز الدين أبو المكارم حمزة بن زهرة-رضي اللّه عنه-:و لا يصح الائتمام بالأبرص،و المجذوم،و المحدود،و الزمن،و الخصي،و المرأة،إلاّ1.

ص: 404


1- الواسطة.مخطوط.و هي ليست خمسة عشر كما ذكر المصنف بل ثلاثة عشر،و نصه في الوسيلة،قال:و تكره إمامة ثلاثة عشر.،و الى ذلك أشار العاملي في مفتاح الكرامة 3:469.
2- الوسيلة:105.
3- المراسم:86.
4- السرائر:60-61.

لمن كان مثلهم،بدليل الإجماع،و طريقة الاحتياط.و يكره الائتمام بالأعمى،و العبد،و من يلزمه التقصير،و من يلزمه الإتمام،و المتيمم،إلاّ لمن كان مثلهم (1).

و الشيخ نجم الدين بن سعيد كره ائتمام الحاضر بالمسافر و بالعكس في الرباعية،و امامة المحدود بعد توبته.و اما الأعرابي،فإن كان ممن لا يعرف محاسن الإسلام و لا وصفها لم يؤمّ،و كذا إذا كان ممن تجب عليه المهاجرة و لما يهاجر،و إلاّ جاز مع اتصافه بالشرائط.

قال:و لا بأس بإمامة الأعمى إذا كان له من يسدده،لقوله عليه السّلام:

«يؤمّكم أقرؤكم»،و لان العمى ليس نقصا فقد عمي بعض الأنبياء (2).

قال:و روى مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:«لا بأس ان يصلي الأعمى بالقوم،و ان كانوا هم الذين يوجهونه» (3).

قال:و يكره ان يؤمّ المتيمم متطهرا.و الأقرب جواز ائتمام المرأة الطاهر بالمستحاضة،و الصحيح بالسلس.و الوجه كراهة إمامة الأجذم و الأبرص (4).

قلت:روى الشيخ بإسناده إلى الشعبي،قال:قال علي عليه السّلام:«لا يؤمّ الأعمى في البرية» (5).و يمكن حمله على المقيد بتوجيههم إياه إلى القبلة، أو على الكراهة،كما قاله أبو الصلاح و ابن زهرة (6).ة.

ص: 405


1- الغنية:498،و لم يذكر الأعمى.
2- الفقيه 1:185 ح 880،سنن ابن ماجة 1:240 ح 726،سنن أبي داود 1: 161 ح 590،مسند أبي يعلى 4:231 ح 2343،السنن الكبرى 1:426.
3- التهذيب 3:30 ح 105.
4- المعتبر 2:441-442.
5- التهذيب 3:269 ح 773.
6- الكافي في الفقه:143.و قد تقدم ان ابن زهرة لم يذكر الأعمى في الغنية.

و قال ابن عمه الشيخ نجيب الدين-في الجامع-:و تكره إمامة الأجذم،و الأبرص،و المفلوج،و المقيد،و الأعرابي،إلا بأمثالهم.و تجوز امامة المحدود بعد توبته.و يكره اقتداء المتطهر بالماء بالمتيمم.و يؤمّ الأعمى بالبصير إذا سدّد و بمثله (1).

و الفاضل-رحمه اللّه-قال بجواز إمامة الأجذم و الأبرص،لعموم:«يؤمكم أقرؤكم»،و لما رواه عبد اللّه بن يزيد قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المجذوم.و الأبرص يؤمّان المسلمين،قال:«نعم»قلت:و هل يبتلي اللّه بهما المؤمن؟قال:«نعم،و هل كتب البلاء إلاّ على المؤمن».

و تجوز امامة المتيمم بالمتطهر بالماء،لصحيحة جميل بن دراج قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إمام قوم أصابته جنابة في السفر و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل،أ يتوضأ بعضهم و يصلي بهم؟قال:«لا،و لكن يتيمم الجنب و يصلّي بهم،فان اللّه عز و جل جعل التراب طهورا».و نحوه موثّق عبد اللّه بن بكير عنه عليه السّلام.

و لكنه تكره إمامة هؤلاء جمعا بين ذلك و بين روايات المنع.

كصحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال:«خمسة لا يؤمّون الناس على كل حال:المجذوم،و الأبرص،و المجنون،و ولد الزنا،و الأعرابي».

و كرواية السكوني عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن علي عليه السّلام:«لا يؤمّ المقيد المطلقين.و لا يؤمّ صاحب الفالج الأصحاء،و لا صاحب التيمم المتوضئين.و لا يؤم الأعمى في الصحراء الاّ ان يوجّه إلى القبلة» (2).4.

ص: 406


1- الجامع للشرائع 97-98.
2- من قول المصنف:؟؟؟؟؟ الى هنا هو قول الفاضل في مختلف الشيعة:154. و الحديث الأول تقدم في ص:400،هامش:5. و رواية عبد اللّه بن يزيد في:التهذيب 3:27 ح 93،الاستبصار 1:422 ح 1627. و رواية جميل و عبد اللّه بن بكير في:التهذيب 3:167 ح 364،365،الاستبصار 1:424 ح 1637،1638. و رواية أبي بصير في:الكافي 3:375 ح 1. و رواية السكوني في:الكافي 3:375 ح 2،التهذيب 3:27 ح 94.

قال الفاضل:و اما المقيد بالمطلقين،فان تمكّن من القيام صح ان يكون اماما،و الا فلا.و اما الأعرابي،فإن عرف شرائط الصلاة،و كان أقرأ القوم عدلا،جاز ان يكون امام،و إلاّ فلا (1).

و استدل المحقق في المعتبر،على كراهة إمامة كل من المسافر و الحاضر بالآخر-كما قاله المفيد (2)و المرتضى (3)و الشيخ في الخلاف (4)و أبو الصلاح (5)و ابن إدريس (6)-بموثقة العباس بن عبد الملك عن الصادق عليه السّلام،قال:«لا يؤمّ الحضري المسافر،و المسافر الحضري» (7).

و قال علي بن بابويه:لا يجوز إمامة المتمم للمقصر،و لا بالعكس (8).و تبعه ابنه في صلاة المسافر خلف المقيم (9).ة.

ص: 407


1- مختلف الشيعة:154.
2- المقنعة:35.
3- جمل العلم و العمل 3:39.
4- الخلاف 1:125 المسألة:33.
5- الكافي في الفقه:144.
6- السرائر:60.
7- المعتبر 2:441. و الرواية في التهذيب 3:164 ح 355،و الاستبصار 1:426 ح 1643،عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك.
8- مختلف الشيعة:155.
9- حكاه عن المقنع،العلاّمة في مختلف الشيعة:155،و لكنه غير موجود في النسخ الموجودة بأيدينا،راجع مفتاح الكرامة.

و قال سلار:يكره ائتمام الحاضر بالمسافر (1)،و لم يذكر العكس، و كذا الشيخ في أكثر كتبه (2).

و في المختلف[ذهب]الى عدم كراهة ائتمام المسافر بالحاضر، للأصل،و لانه كالائتمام في الصلوات المختلفة العدد،و الائتمام بالمسبوق.

و طعن في الرواية،فان في طريقها داود بن الحصين،و هو واقفي و ان كان ثقة (3).

المسألة الثالثة: قول ابن أبي عقيل بمنع امامة المفضول بالفاضل، و منع امامة الجاهل بالعام،ان أراد به الكراهية فحسن،و ان أراد به التحريم أمكن استناده الى ان ذلك يقبح عقلا،و هو الذي اعتمد عليه محققو الأصوليين في الإمامة الكبرى و لقول اللّه جل اسمه أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (4)و للخبرين المقدمين في كلام ابن بابويه (5).

و قال ابن الجنيد:السلطان المحقق أحقّ بالإمامة ممن حضر،ثم صاحب المنزل بعده،ثم صاحب المسجد.فان لم يحضر أحد من هؤلاء فاقرأ القوم،فان تساووا في القرآن فأكبرهم سنا،فان تساووا في ذلك فأعلمهم بالنسبة وافقههم في الدين.فان أذن أهل الوصف الأول لأهل الوصف الثاني في الإمامة جاز ان يؤمّوا بهم،إلاّ ان يكون الإمام الأكبر فإنّه3.

ص: 408


1- المراسم:86.
2- الاقتصاد:269،الجمل و العقود:191،النهاية:112،المبسوط 1:154 و في ص 138 حكم بالكراهة في الحالتين.
3- مختلف الشيعة:115.
4- سورة يونس:35.
5- تقدما في ص 913 الهامش 2،3.

لا يجوز ان يتقدمه غيره و الحديث الذي روي فيه:انّ عبد الرحمن بن عوف قدم أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله فصلّى بهم و صلّى النبي صلّى اللّه عليه و آله خلفه ركعة (1)، فقد قيل انّه غير صحيح،لانه مخالف لقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَ رَسُولِهِ (2)،و قد روى أبو قتادة انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:«إذا أقيمت الصفوف فلا تقدموا حتى تروني» (3).

فاعتبر ابن الجنيد في ذلك الاذن،و يمكن حمل كلام ابن أبي عقيل عليه.

و الآية يراد فيها الإمامة الكبرى.

و الخبران يحملان على إيثار المفضول على الفاضل من حيث هو مفضول،و لا ريب في قبحه،و لا يلزم من عدم جواز إيثاره عليه عدم جواز أصل إمامته،و خصوصا مع إذن الفاضل و اختياره.

و اما صلاة النبي صلّى اللّه عليه و آله خلف غيره فقد رواها العامة في الصحيح.

و قضية صلاة أبي بكر و ان النبي صلّى اللّه عليه و آله عزله (4)يدلّ على ما قاله ابن الجنيد.

الرابعة: تضمّن كلام أبي الصلاح انه لا يؤمّ الخصي بالسليم (5).

و لا نعلم وجهه،سواء أراد به التحريم أو الكراهة،لأن الذكورية متحققة، و ما فوات أعضاء التناسل إلاّ بمثابة فوات بعض الأعشاء التي لا تخل4.

ص: 409


1- صحيح مسلم 1:230 ح 81،مسند أحمد 1:192،سنن أبي داود 1:37 ح 149،مسند أبي يعلى 2:161 ح 19.
2- سورة الحجرات:1.
3- صحيح البخاري 1:164،صحيح مسلم 1:422 ح 156،مسند أحمد 5:296.
4- إعلام الوري:166،إرشاد القلوب(للديلمي)2:340،و نقله عن الإرشاد أيضا في بحار الأنوار 28:110.
5- الكافي في الفقه:144.

بالإمامة.

فإن قال:ففواتها قرب من شبه النساء،فلذلك منع منه.

قلنا:نمنع القرب،و لهذا لم يؤثر ذلك في شيء من أحكام الرجولية الجارية عليه قبل الخصاء.سلمنا،لكن لا نسلم انّ القرب من الشبه له مدخل في الكراهية.

تتمة:في ترجيح الأئمة،

و فيها مباحث:

أحدها:لا ريب انّ الامام الأعظم مع حضوره أولى بالإمامة، إلاّ ان يمنعه مانع فيستنيب،و مستنابه أولى من الغير،لترجّحه بتعيّن الإمام،فإنه لا يستنيب إلاّ الراجح أو المساوي.فإن استناب الراجح ففيه مرجّحان،و ان استناب المساوي ففيه مرجّح واحد.

و ثانيها: لو لم يكن الإمام الأعظم و تعدّدوا:

فاما ان يكره المأمومون إمامة بعضهم بأسرهم.

و اما ان يختاروا امامة واحد بأسرهم.

و اما ان يختلفوا في الاختيار.

فان كرهه جميعهم لم يؤمّ بهم،للخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله (1).و عن علي عليه السّلام،و أتاه قوم برجل فقالوا:ان هذا يؤمنا و نحن له كارهون،فقال له علي عليه السّلام:«انك لخروط» (2)بفتح الخاء المعجمة و الراء المهملة و الواو و الطاء المهملة.

قال أبو عبيد:الخروط الذي يتهوّر في الأمور و يركب رأسه في كل ما يريد بالجهل و قلة المعرفة بالأمور.و منه يقال:الخرط علينا فلان:إذا اندرأ

ص: 410


1- المحاسن:12،الفقيه 1:36 ح 131.
2- غريب الحديث لهروي 3:455،المصنف لابن أبي شيبة 1:407.

عليهم بالقول السيئ و الفعل (1).

و قال الفاضل:الأقرب انه ان كان ذا دين يكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته و الإثم على من كرهه و الاّ كرهت (2).

و ان اختار الجميع واحدا فهو أولى،لما فيه من اجتماع القلوب و التعاضد.

و ان اختلفوا،قال الفاضل:يقدم اختيار الأكثر (3)و أطلق الأصحاب انّه مع الاختلاف يطلب الترجيح.و فيه تصريح بأنّه ليس للمأمومين أن يقتسموا الأئمة فيصلي كل قوم خلف من يختارونه،لما فيه من الاختلاف المثير للإحن.

و ثالثها: ان الأمير في امارته،و رب المنزل في منزله،و الامام الراتب في مسجده،لا يعارضه غير الإمام الأعظم و ان كان غيره أفضل منه إذا كان بشرائط الإمام.

هذا ظاهر الأصحاب،و صرّح به جماعة (4)منهم الفاضل قال:

و لا نعلم فيه خلافا-يعني في تقدّم رب المنزل-لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«لا يؤمن الرجل الرجل في بيته،و لا في سلطانه».و قال الصادق عليه السّلام:

«لا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله،و لا في سلطانه».و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«من زار قوما فلا يؤمّهم»و هو عام في المسجد و غيره.و لان تقديم غير الراتب عليه ربما أورث وحشة و تنافرا (5).6.

ص: 411


1- غريب الحديث للهروي 3:456.
2- تذكرة الفقهاء 1:179.
3- تذكرة الفقهاء 1:179،نهاية الإحكام 2:152.
4- راجع:جمل العلم و العمل 3:40،المبسوط 1:154،المعتبر 2:438.
5- منتهى المطلب 1:374. و قوله صلّى اللّه عليه و آله في:مسند احمد 4:118،صحيح مسلم 1:465 ح 673،سنن أبي داود 1:159 ح 582،الجامع الصحيح 1:459 ح 235،سنن النسائي 2:76، السنن الكبرى 3:125. و قول الصادق عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في:الكافي 3:376 ح 5،التهذيب 3:31 ح 113. و قوله صلّى اللّه عليه و آله في:سنن أبي داود 1:162 ح 596،الجامع الصحيح 2:187 ح 356،سنن النسائي 2:80،السنن الكبرى 3:126.

و لو أذن هؤلاء لغيرهم جاز و انتفت الكراهية،و يكون المأذون له أولى من غيره.

و هل الأفضل لهم الإذن للأكمل منهم،أو الأفضل لهم مباشرة الإمامة؟لم أقف فيه على نص،و ظاهر الأدلّة يدلّ على ان الأفضل لهم المباشرة.فحينئذ لو أذنوا فالأفضل للمأذون له ردّ الاذن،ليستقر الحقّ على أصله.

و لو تأخّر الإمام الراتب استحب مراسلته ليحضر أو يستنيب.

و لو بعد منزله،و خافوا فوت وقت الفضيلة،قدّموا من يختارونه.

و لو حضر في أثناء صلاتهم دخل معهم،و في جواز استخلافه هنا نظر.

و لو حضر بعد صلاتهم استحب إعادتها معه،لما فيه من اتفاق القلوب،مع تحصيل الاجتماع مرتين في الصلاة.

و رابعها: ان الشيخ قال في المبسوط:إذا حضر رجل من بني هاشم فهو أولى بالتقدم إذا كان ممن يحسن القراءة (1).و الظاهر أنّه أراد به على غير الأمير و صاحب المنزل و المسجد،مع انه جعل الأشرف بعد الأفقه، الذي هو بعد الأقرأ،و الظاهر انه الأشرف نسبا.

و تبعه ابن البراج في تقديم الهاشمي و قال بعده:و لا يتقدم أحد على4.

ص: 412


1- المبسوط 1:154.

أميره،و لا على من هو في مسجده أو منزله (1).

و جعل أبو الصلاح بعد الأفقه القرشي (2).

و ابن زهرة جعل الهاشمي بعد الأفقه (3).

و ابن حمزة جعل الأشرف بعد الأفقه (4).

و في النهاية لم يذكر الشرف (5)،و كذا المرتضى (6)و ابن الجنيد (7)و علي بن بابويه (8)و ابنه (9)و سلار (10)و ابن إدريس (11)و الشيخ نجيب الدين يحيى (12)و ابن عمه في المعتبر (13).و ذكر ذلك في الشرائع (14)و أطلق،و كذا الفاضل في المختلف و قال:انّه المشهور (15)يعني:تقديم الهاشمي.

و نحن لم نره مذكورا في الاخبار إلاّ ما روى مرسلا أو مسندا بطريق غير معلوم من قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«قدموا قريشا و لا تقدموها» (16)و هو علىم.

ص: 413


1- المهذب 1:80.
2- الكافي في الفقه:143.
3- الغنية:498.
4- الوسيلة:105.
5- راجع:النهاية:111.
6- راجع:جمل العلم و العمل 3:40.
7- راجع:مختلف الشيعة:155،156.
8- راجع:مختلف الشيعة:155،156.
9- راجع:الفقيه 1:246،المقنع:34.
10- راجع:المراسم:87.
11- راجع:السرائر:61.
12- راجع:الجامع للشرائع:98.
13- راجع:المعتبر 2:439.
14- شرائع الإسلام 1:125.
15- مختلف الشيعة:156.
16- ترتيب مسند الشافعي 2:194 ح 691،الكامل لابن عدي 5:1810،مجمع الزوائد 10:25،كنز العمال 12:22 ح 33789-33791 عن البزار و البيهقي في المعرفة و غيرهم.

تقدير تسليمه غير صريح في المدعى.نعم،هو مشهور في التقديم في صلاة الجنازة كما سبق من غير رواية تدل عليه.نعم،فيه إكرام لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا تقديمه لأجله نوع إكرام،و إكرام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تبجيله ممّا لا خفاء بأولويته.

و خامسها:ان الأقرأ أولى من الأفقه -و نقل عن بعض الأصحاب ان الأفقه أولى-لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه،فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنّة،فإن كانوا في السنّة سواء فأقدمهم هجرة،فان كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا» (1).

و قال الصادق عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يتقدم القوم أقرؤهم للقرآن» (2).

و تمسّك من رجّح الأفقه باهمية الحاجة إليه في الصلاة،فإنه ربما فاته فيها ما يحتاج إلى كثرة الفقه في معرفته.و حمل الخبر على انّ القراءة كانت في زمن الصحابة مستلزمة للفقه،لأنهم كانوا إذا تعلموا القرآن تعلموا معه احكامه.قال ابن مسعود:كنا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها و نهيها و أحكامها.فكان أقرؤهم أفقههم.

و جوابه متعبدات الصلاة محصورة،و لا بد من كون القارئ عالما بها.

و جعل الأعلم بالسنّة مرتبة بعد الأقرأ صريح في إمكان انفكاك القراءة عن العلم بالسنّة.و تعلم احكام القرآن غير كاف في الفقه إذ معظمه مثبت3.

ص: 414


1- مسند احمد 4:118،صحيح مسلم 1:465 ح 673،سنن أبي داود 1:159 ح 582، الجامع الصحيح 1:459 ح 235،سنن النسائي 2:76،السنن الكبرى 3:125.
2- الكافي 3:376 ح 5،التهذيب 3:31 ح 113.

بالسنّة.

و سادسها:قد يرجح القارئ على الآخر بجودة الأداء و إتقان القراءة، و ان كان أقل حفظا.فان تساويا في الأداء فأكثرهم قرآنا.

و سابعها: لو اجتمع من يقرأ ما يكفي في الصلاة لكنه أفقه،و الآخر كامل القراءة غير كامل الفقه لكن معه من الفقه ما يعرف معه أحكام الصلاة، قال في المبسوط:جاز تقديم أيهما كان (1)و تبعه ابن حمزة في الواسطة، مع قولهما بتقديم الاقرأ على الأفقه و لكنهما أرادا ترجيح الاقرأ على الفقيه مع تساويهما في الفقه.

بذلك صرح في المبسوط و قال:لو كان أحدهما فقيها لا يقرأ، و الآخر قارئ لا يفقه،فالقارئ أولى،لأن القراءة شرط في صحة الصلاة، و الفقه ليس بشرط (2).

و المراد بقوله:و الفقه نفي الفقه في غير الصلاة،إذا معرفته بشرائط الصلاة و أفعالها لا تصح الصلاة بدونه.و مساق كلام الشيخ يدل على قول ثالث في اجتماع القراءة و الفقه و هو التخيير،إذ موضوع المسألة إذا اجتمع الاقرأ و الأفقه هو ما ذكره الشيخ و حكم عليه بالتخيير.

و قال في التذكرة:إذا اجتمع فقيهان قارئان،و أحدهما أقرأ و الآخر أفقه،قدّم الأقرأ على الأول-يعني به تقدّم الاقرأ-و الأفقه على الثاني (3).

و هذا تصريح بمخالفه المبسوط.0.

ص: 415


1- المبسوط 1:157.
2- المبسوط 1:157.
3- تذكرة الفقهاء 1:180.

فرع:

لو تساويا في القراءة و الفقه في الصلاة،و زاد أحدهما بفقه في غير الصلاة،فالظاهر انه لا يترجّح به،لعدم تعلقه بالصلاة.و لو كان أحدهما أعرف بأحكام الصلاة،و الآخر أعرف بما سواها،فالأول أولى،لأنّ له أثرا في تكميل الصلاة.

و ثامنها: لو تساويا في القراءة و الفقه،قدّم الأشرف عند الشيخ في المبسوط،ثم الأقدم هجرة،ثم الأسن (1).

و قدّم في النهاية-و هو المشهور-الأقدم هجرة بعد الأفقه (2).

و قدّم المرتضى الأسن بعد الأفقه،و لم يذكر الهجرة (3).

و في رواية أبي عبيدة عن الصادق عليه السّلام:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يتقدّم القوم أقرأهم للقرآن،فان كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة،فان كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا،و ان كانوا في السن سواء فليؤمّهم أعلمهم بالسنّة وافقههم في الدين» (4).و هذه الرواية تشهد بتقديم الهجرة و السن على الفقه.

و صرّح ابن الجنيد و ابن إدريس بتقديم الأسن على الأفقه (5)،و جعل ابن إدريس الأقدم هجرة بعد الأفقه (6).

و الأقرب تقديم الأفقه على من عدا الأقرأ،لقوله تعالى:1.

ص: 416


1- المبسوط 1:157.
2- النهاية:111.
3- جمل العلم و العمل 3:40.
4- الكافي 3:376 ح 5،التهذيب 3:31 ح 113.
5- السرائر:61،مختلف الشيعة:155.
6- السرائر:61.

إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (1) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (2) و لما تقدّم في حديث السفال،و قد رواه العرزمي مرفوعا إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله (3).

و كذا قدم الهجرة مقدّم على السن،لما فيه من الشرف،و للرواية.

و تأخّر العلم بالسنّة في الرواية،يحمل على القدر الزائد عما يحتاج إليه في الصلاة فإنّه نوع ترجيح،لاشتماله على الأفضلية،ليوافق الحديث السالف عن النبي صلّى اللّه عليه و آله.

فرعان:

الأول:المراد ب(الهجرة)من دار الحرب الى دار الإسلام، قال الفاضل:أو يكون من أولاد من تقدمت هجرته-كما قاله بعض العامة- (4)سواء كانت الهجرة قبل الفتح أو بعده (5).

و ربما جعلت الهجرة في زماننا سكنى الأمصار،لأنها تقابل البادية مسكن الأعراب،لأن أهل الأمصار أقرب الى تحصيل شرائط الإمامة و الكمال فيها.

و قد روى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«ان الجفاء و القسوة في الفدّادين» (6).1.

ص: 417


1- سورة فاطر:28.
2- سورة الزمر:9.
3- تقدم في ص 402 الهامش 3.
4- تذكرة الفقهاء 1:180.
5- المجموع 4:281.
6- مسند احمد 5:273،صحيح مسلم 1:71 ح 81.

فقيل:هم المكثرون من الإبل (1).

و قيل:هم أهل القرى و البوادي،و هم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم و أموالهم و مواشيهم (2).

هذا إذا قرى بتشديد الدال الأول،و يقرأ بتخفيفه و هو جمع فدّان -بتشديد الدال-و هي:بقر الحرث (3)أي:في أصحاب الفدادين لبعدهم عن الأمصار.

و عن الشيخ نجيب الدين يحيى:هي في زماننا التقدم في التعلم قبل الآخر.

الثاني:المراد ب(علو السن)في الإسلام. فلو كان أحدهما ابن خمسين كلها في الإسلام،و الآخر ابن سبعين لكن إسلامه أقل من خمسين،فالأول هو الأسن.قاله الشيخ في المبسوط (4).

و تاسعها:لو تساويا في جميع ما تقدم من الصفات:

قال ابنا بابويه و الشيخان و جماعة:يقدّم الأصبح وجها (5).

و قال المرتضى-رضى اللّه عنه-و ابن إدريس:و قد روي إذا تساووا فأصبحهم وجها (6).1.

ص: 418


1- غريب الحديث للهروي 1:203.
2- غريب الحديث للهروي 1:203.
3- غريب الحديث للهروي 1:203.
4- المبسوط 1:157.
5- الفقيه 1:147،المقنع:34،المبسوط 1:157،النهاية:111،الوسيلة: 105،المراسم:87. و حكاه عن المفيد المحقق في المعتبر 2:440،و عن علي بن بابويه العلاّمة في مختلف الشيعة:156.
6- جمل العلم و العمل 3:40،السرائر:60. و الرواية في علل الشرائع:326 ح 2،فقه الرضا(عليه السّلام):143،السنن الكبرى 3:121.

و قال في المعتبر:لا أرى لهذا أثرا في الأولوية،و لا وجها في شرف الرجال (1).

و قال في المختلف:يقدّم الأصبح،لما فيه من الدلالة على عناية اللّه به (2).

و في التذكرة حكى عن العامة فيه تفسيرين:

أحدهما:انه الأحسن صورة،لأن ذلك فضيلة كالنسب.

و الثاني:انه الأحسن ذكرا بين الناس.

قال:و الأخير أحسن (3).

قلت:و يمكن ان يحتج عليه بقول أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في عهد الأشتر رضي اللّه عنه:«و انما يستدلّ على الصالحين بما يجري اللّه لهم على ألسن عباده» (4).

و عاشرها: انهم إذا تساووا في جميع ما تقدم يقدم الأتقى و الأورع، لأنه أشرف في الدين و أكرم على اللّه تعالى،لقوله تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ .قاله في التذكرة (5).

قال:و الأقوى تقديم هذا على الأشرف،لأن شرف الدين خير من شرف الدنيا (6).

قال:فان استووا في ذلك كله فالأقرب القرعة (7).

قال:لأنهم أقرعوا في الأذان في عهد الصحابة،فالإمام أولى (8).

قلت:و لو علّل بالأخبار العامة في القرعة كان حسنا.3.

ص: 419


1- المعتبر 2:440.
2- مختلف الشيعة:156.
3- تذكرة الفقهاء 1:180،و راجع:المجموع 4:280.
4- نهج البلاغة:427 قسم الرسائل:53.
5- تذكرة الفقهاء 1:180.و الآية في سورة الحجرات:13.
6- تذكرة الفقهاء 1:180.و الآية في سورة الحجرات:13.
7- تذكرة الفقهاء 1:180.و الآية في سورة الحجرات:13.
8- تذكرة الفقهاء 1:180.و الآية في سورة الحجرات:13.

و لا أثر عندنا للتقديم بنظافة الثوب و البدن عن الأوساخ،و طيب الصنعة،و حسن الصوت.و قدّم بها بعض العامة،لأنها تفضي إلى استمالة القلوب،فيكثر الجمع (1).

فروع:

الأول:لو تساويا في القراءة و الفقه، و زاد أحدهما في الورع-الذي هو العفة و حسن السيرة،و هو مرتبة وراء العدالة تبعث على ترك المكروهات و التجنّب عن الشبهات و الرخص-ففي تقديمه عندي نظر، لعدم ذكر الاخبار و الأصحاب له،و من ان اعتبار العدالة في الإمام تستتبع روادفها،إذ الإمامة سفارة بين اللّه تعالى و بين الخلق،فأولاهم بها أكرمهم على اللّه تعالى،و كلما كان الورع أتمّ كان تحقّق العدالة أشدّ،فحينئذ يقدّم هذا على المراتب الباقية.

الثاني:إذا حكمنا بترجيح الهاشمي لنسبه، ففي ترجيح المطلبي على غيره نظر،مما روي من قوله عليه الصلاة و السلام:«نحن و بنو المطّلب لم نفترق في الجاهلية و لا في الإسلام».نعم،الهاشمي أولى منه قطعا و حينئذ في ترجيح أفخاذ بني هاشم بسبب شرف الآباء-كالطالبي،و العباسي، و الحارثي،و اللهبي.ثم العلوي،و الحسني،و الحسيني.ثم الصادقي، و الموسوي،و الرضوي،و الهادي-احتمال بيّن،لان الترجيح دائر مع شرف النسب فيوجد حيث يوجد.

الثالث: هل يرجح العربي على العجمي،و القرشي على باقي العرب؟احتمال أيضا.و كذا ينسحب الاحتمال في الترجيح بسبب الآباء3.

ص: 420


1- المجموع 4:283.

الراجحين بعلم أو تقوى أو صلاح.و من عبّر من الأصحاب بالأشرف (1)يدخل في كلامه جميع هذا،و لا بأس به.و من ثم يرجّح أولاد المهاجرين على غيرهم لشرف آبائهم.

الشرط الثاني من شروط الاقتداء:نيّة الاقتداء،
اشارة

لقوله صلّى اللّه عليه و آله:

«و انما لكل امرئ ما نوى» (2)،و على ذلك انعقد الإجماع.

و لو نوى الجماعة مطلقا لم يكف،لأنها مشتركة بين الامام و المأموم، فلا تتخصص بأحدهما إلا بنيّة.فلو ترك نيّة الاقتداء فهو منفرد،فان ترك القراءة عمدا أو جهلا بطلت،و كذا لو قرأ لا بنيّة الوجوب.

و ان قرأ بنيّة الوجوب،و تساوقت أفعاله و أفعال الإمام بحيث لا تؤدي الى انتظار للإمام،صحت صلاته،و لم يفز بثواب الجماعة و ان تابع الإمام في أذكاره و أفعاله.

و ان تقدّم عليه الامام،فترك بعض الواجب من الأذكار متابعة له، بطلت صلاته،لتعمّده الإخلال بأبعاضها الواجبة.

و ان تقدّم هو على الامام-كإن فرغ من القراءة قبله،و التسبيح في الركوع و السجود-و بقي منتظرا،فان طال الانتظار بحيث يخرج به عن كونه مصليا بالنسبة إلى صلاته،قيل:تبطل،لأنّ ذلك يعدّ مبطلا.و يمكن ان يقال باستبعاد الفرض،فإن المصلي امامه محكوم بصحة صلاته مع هذا

ص: 421


1- راجع:المبسوط 1:157.
2- التهذيب 4:186 ح 519،مسند احمد 1:25،صحيح البخاري 1:2، صحيح مسلم 3:1515 ح 1907،سنن أبي داود 2:262 ح 2201،الجامع الصحيح 4:1079 ح 2147،السنن الكبرى 7:341.

التطويل،و اشتغاله بالأعمال لا يكون فارقا بينهما بحيث تصح صلاة أحدهما و تبطل في الآخر.هذا ان اشتغل المأموم بذكر أو تسبيح،و ان سكت اتجه البطلان.

و ان لم يطل الانتظار،فالأقرب الصحة إذ ليس فيه إلاّ انّه قرن فعله بفعل غيره،و لم يثبت كون ذلك قادحا في الصلاة.

و بعض العامة حكم ببطلان صلاته،لانه وقف صلاته على صلاة غيره لا لاكتساب فضيلة الجماعة،و فيه ما يشغل القلب و يسلب الخشوع، فيمنع منه (1).

و جوابه بمنع الشغل و السلب،و لو سلمنا فذلك نقص في ثواب الصلاة لا في حقيقتها،و إلاّ لبطلت صلاة من اشتغل قلبه و سلب خشوعه، و لم يقل به أحد.

فروع:
الأول:لو شك في نيّة الاقتداء،

قال في التذكرة:هو كالشك في أصل النيّة،فتبطل مع بقاء المحل،و لا يلتفت مع انتقاله (2).و يمكن بناؤه على ما قام إليه،فان لم يعلم شيئا بنى على الانفراد،لأصالة عدم نيّة الائتمام.

الثاني:لا فرق بين الجمعة و غيرها في اعتبار نيّة الائتمام،

بل الجمعة آكد،لوجوب الائتمام فيها.و تخيّل ان الجمعة لا تنعقد إلاّ جماعة فيستغني

ص: 422


1- المجموع 4:235.
2- تذكرة الفقهاء 1:174.

عن نيته فاسد،لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«الاعمال بالنيّات» (1).

الثالث:يشترط القصد الى امام معيّن.

فلو كان بين يديه اثنان، و نوى الائتمام بأحدهما لا بعينه بطل،و كذا لو نوى الاقتداء بهما،لتعذر المتابعة أو تعسّرها.

و لو عيّن فأخطأ تعيينه،بطلت و ان كان الثاني أهلا للإمامة.

و لو نوى الاقتداء بالحاضر على انه زيد فبان عمرا،ففي ترجيح الإشارة على الاسم فيصح،أو بالعكس فبطل،نظر.و نظيره ان يقول المطلّق لزوجة اسمها عمرة:هذه زينب طالق،أو يشير البائع إلى حمار فيقول:بعتك هذا الفرس.

الرابع:لا يشترط في صحة القدوة نيّة الإمام للإمامة و ان أمّ النساء،

لما روى أنس انّه رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله يصلّي فصلى خلفه،ثم جاء آخر حتى صاروا رهطا،فلما أحسّ بهم النبي صلّى اللّه عليه و آله أوجز في صلاته،و قال:«انما فعلت هذا لكم» (2).

نعم،يستحب له نيّة الإمامة،ليقطع بنيل الثواب.فلو لم ينوها احتمل نيله،لتأدي شعار الجماعة بما وقع و ان لم ينوه،و الأقرب المنع للخبر.

و حينئذ لو اقتدي به و هو لا يشعر حتى فرغ من الصلاة،أمكن أن ينال الثواب،لانه لم يقع منه إهمال النيّة،و انما نالها الجماعة بسببه،فيبعد في

ص: 423


1- التهذيب 4:186 ح 519،مسند احمد 1:25،صحيح البخاري 1:2، صحيح مسلم 3:1515 ح 1907،سنن أبي داود 2:262 ح 2201،الجامع الصحيح 4:1079 ح 2147،السنن الكبرى 7:341.
2- السنن الكبرى 3:110.

كرم اللّه و فضله حرمانه.

أما الجمعة و الجماعة الواجبة،فالظاهر وجوب نيّة الإمامة فيها، لوجوب نيّة الواجب.

و لو نوى الإمامة بقوم فظهر غيرهم،لم يضر و نال ثواب الإمامة، لقصدها إجمالا.

الخامس:لو نوى الاقتداء بالمأموم لم يصح إجماعا،

للتنافي بين الإمامة و الائتمام.و لو ظنه إماما فبان مأموما فكذلك.و كذا لو جهل الحكم لم يعذر أيضا.

السادس:

لو نوى كل من الاثنين امامة صاحبه،صحّت صلاتهما و ان لم ينالا فضيلة الجماعة،لإتيانهما بما يجب عليهما.و هو مروي عن أمير المؤمنين عليه السّلام (1).

و لو نوى كل منهما الائتمام بصاحبه بطلت،للرواية عنه عليه السّلام (2)و لانه لم يقرأ بنيّة الوجوب.

و لو شكا فيما أضمراه بطلت صلاتهما،قاله جماعة (3).

و فصّل الفاضل،فقطع بالبطلان إن كان في الأثناء،لأنّه لا يمكنهما المضي في الصلاة على الانفراد و لا على الاجتماع.و تردّد فيما إذا شكا بعد الفراغ،لانه شك بعد الانتقال،و من عدم اليقين بالإتيان بأفعال الصلاة (4).

ص: 424


1- الكافي 3:375 ح 3،الفقيه 1:250 ح 1123،التهذيب 3:54 ح 186.
2- الكافي 3:375 ح 3،الفقيه 1:250 ح 1123،التهذيب 3:54 ح 186.
3- راجع:المبسوط 1:153،المعتبر 2:424.
4- تذكرة الفقهاء 1:174.

قلت:يمكن ان يقال:ان كان الشك في الأثناء و هو في محل القراءة لم يمض ما فيه إخلال بالصحة،فينوي الانفراد و صحت الصلاة،لأنه إن كان قد نوى الإمامة فهي نيّة الانفراد،و ان كان قد نوى الائتمام فالعدول عنه جائز.و ان كان بعد مضي محل القراءة،فإن علم انه قرأ بنيّة الوجوب،أو علم القراءة و لم يعلم نيّة الندب،انفراد أيضا،لحصول الواجب عليه.و ان علم ترك القراءة،أو القراءة بنيّة الندب،أمكن البطلان،للإخلال بالواجب.

و ينسحب البحث في الشك بعد التسليم،و يحتمل قويا البناء على ما قام إليه،فان لم يعلم ما قام اليه فهو منفرد كما سبق.

السابع:جوّز الشيخ-رحمه اللّه-عدول المنفرد الى الائتمام في أثناء

الصلاة،

محتجا بالإجماع و الاخبار،و أصالة صحة الاقتداء،و عدم المانع (1).

و منع منه بعض الأصحاب (2)لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله من قوله:«إذا كبّر الامام فكبّروا» (3).و لان هذا كان في ابتداء الإسلام،فكان المسبوق يصلي ما فاته ثم يدخل مع الامام فنسخ (4).و لورود النقل بانّ المنفرد يقطع صلاته مع إمام الأصل أو مطلقا (5)أو ينقل الى النفل (6)فلو ساغ العدول لم يكن ذلك.

ص: 425


1- الخلاف 1:123 المسألة 15.
2- كالعلامة في تذكرة الفقهاء 1:175،و قواعد الاحكام:46.
3- تقدم صدره في ص 324 الهامش 1.
4- مسند أحمد 5:246،سنن أبي داود 1:138 ح 506،السنن الكبرى 2: 296،3:93،تلخيص الحبير 4:421،الدر المنثور 1:176 في تفسير آية 183 من سورة البقرة،تفسير ابن كثير 1:220 في نفس الآية.
5- ادعاه في تذكرة الفقهاء 1:175.
6- الكافي 3:379 ح 3،380 ح 7،التهذيب 3:274 ح 792،51 ح 177.

و جوابه:ان الخبر مخصوص بمن لم يكن قد سبق منه التكبير، و يعارض بقوله تعالى وَ ارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ (1)و بالأخبار الباعثة على الاقتداء.و المنسوخ غير صورة النزاع.و قطع الصلاة ليحصّل كمال الفضيلة حينئذ.

و لا فرق بين ان يدخل معه في الركعة الاولى من صلاتهما أو في غيرها،و يراعي نظم صلاته،و يتابع الإمام في التشهد و القنوت على انهما ذكر إذا لم يكونا فرضه.فإذا قام الإمام إلى تمام صلاته و قد انتهت صلاة المأموم تخيّر بين التسليم،و بين انتظاره ذاكرا للّه تعالى ليسلّم معه،و هو أفضل.

الثامن:يجوز ان يصير المأموم اماما،

و ان ينقل المؤتمّ من إمام إلى آخر،و كلاهما في الاستخلاف،سواء كان لعذر الإمام،أو لانقطاع صلاته و بقاء صلاة المسبوقين،فيقتدي بعضهم ببعض.

التاسع:يجوز نقل النيّة من الائتمام الى الانفراد حيث لا تجب

الجماعة،

لما مر في صلاة ذات الرقاع.و لأن معاذا قرأ سورة البقرة فانفرد بعضهم،فقال له:نافقت،فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال له:«أ فتان أنت يا معاذ!مرتين،اقرأ سورة ذات البروج،و الليل إذا يغشى،و السماء و الطارق،و هل أتاك حديث الغاشية» (2).و قد روي عن الصادق عليه السّلام

ص: 426


1- سورة البقرة:40.
2- ترتيب مسند الشافعي 1:104 ح 305،المصنف لعبد الرزاق 2:8 ح 2265، صحيح البخاري 1:179،صحيح مسلم 1:339 ح 465،سنن أبي داود 1:163 ح 599،شرح معاني الآثار 1:409،السنن الكبرى 3:86،باختلاف في أسماء السور.

و الرضا عليه السّلام التسليم قبل الامام لعذر (1).

فعلى هذا،لو نوى الانفراد قبل قراءة الإمام قرأ لنفسه.

و ان كان قد قرأ الإمام قيل:يجتزئ بقراءته ثم يركع (2).و لو كان في الأثناء اجتزأ بما مضى.و الاستئناف في الموضعين متجه،لأنّه في محل القراءة و قد نوى الانفراد.

العاشر:لو اقتدى بإمام فحضر آخر،فهل له العدول اليه؟

جوّزه الفاضل،بناء على جواز نيّة الانفراد،و على تجدّد الائتمام للمنفرد (3).

و يمكن المنع،لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«انما جعل الإمام ليؤتم به،فلا تختلفوا عليه» (4)،و لأنّ نقل المنفرد لتحصيل فضيلة الجماعة و هي حاصلة هنا،فلا معنى للنقل.

و يمكن ان يفرق بين العدول إلى الأفضل و غيره.

نعم،لو استخلف امامه رجلا نقل اليه،و الوجه هنا تجديد نيّة النقل.

و ربما احتمل عدمه،لأن الخليفة نائبه فكأنّه المصلّي.

و على جواز النقل لا باستخلاف،هل يجوز دور النقل و تراميه؟فيه ما فيه،و يردّ هذا أيضا في الاستخلاف.

ص: 427


1- رواية الصادق عليه السّلام في التهذيب 3:55 ح 189. و رواية الرضا عليه السّلام في المعتبر 2:448،و تذكرة الفقهاء 1:175.و مثلها عن الامام الكاظم عليه السّلام في التهذيب 3:283 ح 842.
2- قاله العلاّمة في تذكرة الفقهاء 1:75،و نهاية الإحكام 2:128.
3- تذكرة الفقهاء 1:175.
4- صحيح البخاري 1:184،سنن الدارمي 1:287،مسند احمد 2:314، السنن الكبرى 3:79.
الشرط الثالث:العدد،

و اقلّه اثنان في غير الجمعة و العيدين، لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«الاثنان فما فوقهما جماعة» (1).

و سأل الحسين الصيقل الصادق عليه السّلام عن أقل ما تكون الجماعة،قال:

«رجل و امرأة» (2).

و في حديث الجهني عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«المؤمن وحده جماعة» (3)و المراد به إدراك فضيلة الجماعة عند تعذر الجماعة.

و تنعقد الجماعة بالصبي المميز،لان ابن عباس ائتم بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و كان إذ ذاك غير بالغ (4).و كذا بامرأة و صبي إن جوزنا الاقتداء به،و إلاّ امتنع.

و كلما كثر الجمع كان أفضل.

الشرط الرابع:اعتبار الموقف،و فيه مسائل:
الأولى:يجب ان لا يتقدم المأموم على الإمام في الابتداء و الاستدامة

عند علمائنا اجمع،فلو تقدم بطلت،لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«انما جعل الإمام إماما ليؤتمّ به» (5)و للتأسي به صلّى اللّه عليه و آله و بالأئمة بعده.

ص: 428


1- عيون اخبار الرضا عليه السّلام 2:61،سنن ابن ماجة 1:312 ح 972،سنن الدار قطني 1:280،المستدرك على الصحيحين 4:334،السنن الكبرى 3:69.
2- الفقيه 1:246 ح 1095،المقنع:35،التهذيب 3:26 ح 91.
3- الكافي 3:371 ح 2،الفقيه 1:246 ح 1096،التهذيب 3:265 ح 749.
4- صحيح البخاري 1:47،179،217،سنن أبي داود 1:166 ح 610،611، مسند احمد 1:341،343،347،سنن ابن ماجة 1:312 ح 973،سنن النسائي 2:87.
5- تقدم في ص 324 الهامش 1.

و تجوز مساواة المأموم للإمام في الموقف.

و أوجب ابن إدريس-في ظاهر كلامه-تقدم الامام بقليل،عملا بظاهر الخبر (1).

و يدفعه ظاهر صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام:«الرجلان يؤمّ أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه» (2)و كذا في حسن زرارة عن الصادق عليه السّلام (3)و لو وجب التأخّر لذكره،و الاّ لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.

قال الفاضل-رحمه اللّه-:و لأنّه لو كان شرطا لما أمكن تصور اختلاف اثنين في الإمامة،لأن التقدم ان حصل فهو الامام و إلاّ بطلت الصلاة (4).

و يشكل بأنه لا اقتداء هنا حتى يتأخّر المأموم،و لأن تأخّر المأموم شرط في صحة صلاته لا في صحة صلاة الامام.

و المعتبر بالأعقاب.فلو تساوى العقبان،لم يضر تقدم أصابع رجل المأموم أو رأسه.و لو تقدم بعقبه على الامام،لم ينفعه تأخّره عنه بأصابعه أو رأسه.

و للفاضل احتمال اشتراط التقدّم بالعقب و الأصابع معا (5)و هو أحوط.

الثانية حكم تباعد المأموم عن الامام

لا يجوز تباعد المأموم عن الامام بما لم تجر به العادة.

و قال الشيخ-رحمه اللّه-في المبسوط:و متى ما بعد ما بينهما لم تصح صلاته،و ان علم بصلاة الامام.و حدّ البعد ما جرت العادة بتسميته بعدا،

ص: 429


1- السرائر:60.
2- التهذيب 3:26 ح 89.
3- الكافي 3:371 ح 1،التهذيب 3:24 ح 82.
4- مختلف الشيعة:152.
5- تذكرة الفقهاء 1:170.

و حدّ قوم ذلك بثلاثمائة ذراع،و قالوا على هذا ان وقف و بينه و بين الإمام ثلاثمائة ذراع،ثم وقف آخر بينه و بين هذا المأموم ثلاثمائة ذراع،ثم على هذا الحساب و التقدير بالغا ما بلغوا،صحت صلاتهم.

قالوا:و كذلك إذا اتصلت الصفوف في المسجد،ثم اتصلت بالأسواق و الدروب و الدور،بعد ان يشاهد بعضهم بعضا و يرى الأولون الإمام، صحت صلاة الكل.

و هذا قريب على مذهبنا أيضا (1).

فيمكن ان يشير الى جميع ما تقدم،فيكون رضي بالثلاثمائة.

و يمكن ان يشير بالقرب الى الفرض الأخير خاصة،فلا يكون راجعا في التقدير بثلاثمائة ذراع،و هو الأنسب بقوله:و حدّ البعد ما جرت العادة بتسميته بعدا.

و قال أبو الصلاح-رحمه اللّه-و ابن زهرة-قدس اللّه روحه-:لا يجوز ان يكون بين الصفين من المسافة ما لا يتخطى (2)لحسن زرارة عن الباقر عليه السّلام قال:«إن صلّى قوم،و بينهم و بين الامام ما لا يتخطى،فليس ذلك الامام لهم بإمام.و أي صف كان اهله يصلون بصلاة الامام،و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى،ليس لهم تلك بصلاة» (3).

و حمل على الاستحباب،أو على ان المراد ب«ما لا يتخطى»الحائل.

ذكر ذلك في المختلف (4)،و فيه بعد،من ان الحائل لا يتعذّر بذلك،إذ9.

ص: 430


1- المبسوط 1:156.
2- الكافي في الفقه:144،الغنية:560.
3- الكافي 3:385 ح 4،الفقيه 1:253 ح 1144،التهذيب 3:52 ح 182.
4- مختلف الشيعة:159.

يمكن المشاهدة معه في حال القيام.

الثالثة حكم الحيلولة بين الامام و المأموم بما يمنع المشاهدة

لا تجوز الحيلولة بين الامام و المأموم بما يمنع المشاهدة، و كذا بين الصفوف عند علمائنا،لحسن زرارة عن الباقر عليه السّلام:«و ان كان بينهم ستر أو جدار فليس تلك لهم بصلاة،و هذه المقاصير إنما أحدثها الجبارون،ليس لمن صلّى خلفها مقتديا صلاة» (1).

فروع:

الأول: لا يكون الشارع حائلا بين الصفوف،و لا النهر،و لا الحائط القصير المانع حالة الجلوس خاصة،و لا الشبابيك.

و المقصورة المانعة من الرؤية في جميع الأحوال مبطلة للائتمام.و لو ولجها الامام و شاهده الجناحان،أو انتهت مشاهدتهما الى من يشاهده، صح الائتمام و إلاّ فلا.اما الذين يقابلون الامام فصلاتهم صحيحة،لانتهاء مشاهدتهم اليه.

و منع أبو الصلاح و ابن زهرة من حيلولة النهر (2)لرواية زرارة السالفة، و قد بيّنا حملها على الاستحباب.

و لو كانت المقصورة مخرّمة صحت كالشباك.و يظهر من المبسوط و كلام أبي الصلاح عدم الجواز مع حيلولة الشباك (3)لرواية زرارة،مع اعتراف الشيخ بجواز الحيلولة بالمقصورة المخرّمة (4)،و لا فرق بينهما.

ص: 431


1- الكافي 3:385 ح 4،الفقيه 1:253 ح 1144،التهذيب 3:52 ح 182.
2- الكافي في الفقه:144،الغنية:560.
3- المبسوط 1:156،الكافي في الفقه:144.
4- المبسوط 1:156.

الثاني: تجوز الجماعة في السفينة الواحدة و السفن المتعددة،بشرط عدم التباعد المفرط و عدم الحائل،سواء كانت مشدودة بعضها ببعض أم لا،و كذا لو كان الامام على الشط و المأمومون في السفينة أو بالعكس، للأصل،و ما روي من جواز الصلاة في السفينة (1)،و قد سبق.

الثالث: لو صلّى في داره خلف إمام المسجد،و هو يشاهد الصفوف،صحت قدوته.و أطلق الشيخ ذلك،و الأولى تقييده بعدم البعد المفرط.

قال:و ان كان باب الدار بحذاء باب المسجد(أو باب المسجد عن يمينه أو عن يساره)و اتصلت الصفوف من المسجد الى داره،صحت صلاتهم.فان كان قدام هذا الصفّ في داره صفّ لم تصح صلاة من كان قدامه،و من صلى خلفهم صحت صلاتهم،سواء كان على الأرض أو في غرفة منها،لأنهم يشاهدون الصفّ المتصل بالإمام،و الصفّ الذي قدامه لا يشاهدون الصفّ المتصل بالإمام (2).

و قد روي ان أنسا كان يصلي في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف بصلاة الامام،و بينه و بين المسجد طريق (3).و فيه أيضا دلالة على انّ الشارع ليس بحائل.

فإن قلت:قد روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«من كان بينه و بين الإمام حائل فليس مع الامام» (4).».

ص: 432


1- راجع:التهذيب 3:297 ح 902،الاستبصار 1:440 ح 1696.
2- المبسوط 1:156-157.و ما بين القوسين ليس في المصدر.
3- مسند ترتيب الشافعي 1:107 ح 317،السنن الكبرى 3:111.
4- المجموع 4:309،المبسوط(للسرخسي)1:193،تذكرة الفقهاء 1:173 و في الجميع:«طريق»بدل«حائل».

قلت:يحمل على العبد المفرط،أو على الكراهة.

الرابع: الحائل إنما يمنع إذا كان المأموم رجلا،أو خنثى على الأقرب لجواز الذكورية،أو أنثى بأنثى.اما لو اقتدت المرأة بالرجل و بينهما حائل فإنه جائز،لرواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،حيث قال له:و ان كان بينه و بينهنّ حائط أو طريق؟قال:«لا بأس» (1).

و قال ابن إدريس:و قد وردت رخصة للنساء ان يصلّين و بينهن و بين الإمام حائط،و الأول الأظهر و الأصح (2)و عنى به مساواتهنّ للرجال.

الخامس: تجوز الصلاة بين الأساطين مع المشاهدة و اتصال الصفوف،لقوله عليه السّلام:«لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا» (3).

الرابعة اشتراط كون موقف الامام مساويا لموقف المأموم أو أخفض منه

يشترط ان يكون موقف الامام مساويا لموقف المأموم أو اخفض منه،فلا يجوز العلو بما يعتدّ به،لما روي:ان عمارا-رضى عنه اللّه-تقدم للصلاة على دكان و الناس أسفل منه،فتقدم حذيفة-رضي عنه اللّه-فأخذ بيده حتى أنزله،فلما فرغ من صلاة قال له حذيفة:ألم تسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«إذا أمّ الرجل القوم،فلا يقومنّ في مكان أرفع من مقامهم»؟قال عمار:

فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي (4).

و روي أيضا:انّ حذيفة أمّ على دكان بالمدائن،فأخذ عبد اللّه بن مسعود بقميصه فجذبه،فلما فرغ من صلاته قال:ألم تعلم انهم كانوا ينهون عن ذلك؟!قال:بلى،ذكرت حين جذبتني (5).

ص: 433


1- التهذيب 3:53 ح 183.
2- السرائر:61.
3- الكافي 3:386 ح 6،الفقيه 1:253 ح 1141،التهذيب 3:52 ح 180.
4- سنن أبي داود 1:163 ح 598،السنن الكبرى 3:109.
5- سنن أبي داود 1:163 ح 597،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:290. ح 2140،المستدرك على الصحيحين 1:210،السنن الكبرى 3:108.

و روى عمار الساباطي عن الصادق عليه السّلام في الرجل يصلّي بقوم و هم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلي فيه،فقال:«إن كان الامام على شبه الدكان،أو على موضع أرفع من موضعهم،لم تجز صلاتهم» (1).

و قال الشيخ-في الخلاف-:يكره ان يكون الامام على مثل سطح، و دكان،و ما أشبه ذلك (2).

و قال ابن الجنيد:لا يكون الإمام أعلى بحيث لا يرى المأموم فعله، إلاّ ان يكون المأمومون أضرّاء،فإن فرض البصراء الاقتداء بالنظر،و فرض الأضرّاء الاقتداء بالسماع إذا صحّ لهم التوجه (3).

و قال المحقق-في المعتبر-:للشيخ قولان:

أحدهما:التحريم،ذكره في النهاية و المبسوط.

و الثاني:الكراهية،ذكره في الخلاف،لرواية سهل قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على المنبر فكبّر و كبّر الناس وراءه،ثم ركع و هو على المنبر،ثم رجع فنزل القهقري حتى سجد في أصل المنبر،ثم عاد حتى فرغ،ثم اقبل على الناس فقال:«ايها الناس فعلت كذا لتأتموا[بي] و لتعلموا صلاتي» (4).8.

ص: 434


1- الكافي 3:386 ح 9،الفقيه 1:253 ح 1146،التهذيب 3:53 ح 185.
2- الخلاف 1:124 المسألة 23.
3- مختلف الشيعة:160.
4- المعتبر 2:419. و راجع:المبسوط 1:156،النهاية:117،الخلاف 1:24 المسألة 23. و الرواية في:مسند احمد 5:339،صحيح مسلم 1:386 ح 544،السنن الكبرى 3:108.

و أجاب في المعتبر بمنع الرواية أولا،و بالحمل على علو لا يعتدّ به -كالمرقاة السفلى-ثانيا،و بجواز كونه من خواصه عليه السّلام ثالثا (1).

قال الفاضل:و لانّه لم يتم الصلاة على المنبر،فان سجوده و جلوسه انما كان على الأرض بخلاف ما وقع فيه الخلاف،أو لأنه عليه السّلام علّمهم الصلاة و لم يقتدوا به (2).

و في المختلف حمل كلام الشيخ-رحمه اللّه-في الخلاف على انّه أراد بالكراهة التحريم (3)،و هو خلاف ما عقله عنه المحقق-رحمه اللّه-حتى انه تردّد فيه في غير المعتبر (4)لإمكان حمل روايات المنع على الكراهية.

فروع:

الأول: لو كان الإمام أسفل من المأموم.بالمعتد كان الاقتداء جائزا، سواء كان المأموم على سطح أم لا.و قد روى عمار:و ان كان الإمام أسفل من موضع المأموم فلا بأس،و قال:«لو كان رجل فوق بيت أو غير ذلك، و الامام على الأرض،جاز ان يصلّي خلفه و يقتدي به» (5).

الثاني:لا تقدير للعلوّ الا بالعرف و في رواية عمار:و لو كان أرفع منهم بقدر إصبع إلى شبر،فان كان أرضا مبسوطة و كان في موضع فيه ارتفاع،فقام الإمام في المرتفع و قام من خلفه أسفل منه إلاّ أنّهم في موضع5.

ص: 435


1- المعتبر 2:419.
2- تذكرة الفقهاء 1:173.
3- مختلف الشيعة:160.
4- شرائع الإسلام 1:123.
5- الكافي 3:386 ح 9،الفقيه 1:253 ح 1146،التهذيب 3:53 ح 185.

منحدر،فلا بأس (1).و هي تدل بمفهومها على انّ الزائد على شبر ممنوع، و اما الشبر فيبني على دخول الغاية في المغيا و عدمه.

و قدّره الفاضل بما لا يتخطى (2)و لعلّه أخذ من رواية زرارة السالفة؛ و لأنه قضية العرف.

الثالث:لو وقف الامام على الأعلى،بطلت صلاة المأموم الذي أسفل منه و لا تبطل صلاة الامام.و النهي عن قيامه في مكان أعلى لأجل صحة صلاة المأموم،لا لأجل صحة صلاة الإمام.

الخامسة:في سنّة الموقف،

و هي في صور.

إحداها:ان يقتدي الرجل بالرجل، فيستحب قيامه عن يمينه،و يقدّم الامام بيسير،لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله جذب ابن عباس من ورائه فأداره إلى يمينه و كان قد وقف على يساره (3)،و لروايتي محمد بن مسلم و زرارة السابقتين (4).

و ثانيتها:ان تقتدي المرأة بالمرأة، فتقف أيضا موقف الرجل بالرجل.

و ثالثتها:ان تقتدي المرأة بالرجل، فتقف خلفه،فلو وقفت عن جانبيه بنى على المحاذاة،و قد سبقت.

و رابعتها:ان يقتدي الخنثى بالرجل، و الأولى وقوفه خلفه،لجواز

ص: 436


1- الكافي 3:386 ح 9،الفقيه 1:253 ح 1146،التهذيب 3:53 ح 185.
2- تذكرة الفقهاء 1:173،النهاية الاحكام 2:124.
3- المصنف لعبد الرزاق 3:36 ح 4706،مسند احمد 1:252،سنن الدارمي 1: 286،صحيح البخاري 1:179،صحيح مسلم 1:528 ح 763،سنن أبي داود 2:45 ح 1357،سنن النسائي 2:87،مسند أبي يعلى 4:35 ح 2465.
4- تقدمتا في ص 429 الهامش 5،6.

الأنوثة.

و خامستها:ان يقتدي الرجال بالرجل، و الأفضل صلاتهم خلفه بأجمعهم،و هو منصوص عنهم عليهم السّلام (1).

و كونه في وسط الصف،فلو صلّى لا في وسطه جاز،و قد روى من فعل بعضهم عليهم السّلام (2)،و لعلّه للضرورة لأنّ الإمام لا يترك الأفضل.هذا في غير العراة،و اما العراة فلا يبرز عنهم إلاّ بركبتيه.

و يستحب اختصاص أهل الفضل بالصف الأول،ثم الثاني بمن دونهم،و هكذا،لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«ليليني أولو الأحلام،ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (3)ثم الصبيان،ثم النساء.

و عن الباقر عليه السّلام:«ليكن الذين يلون الإمام أولى الأحلام منكم و النهي،فان نسي الإمام أو تعايا قوّموه،و أفضل الصفوف أولها،و أفضل أولها ما دنا من الامام» (4).

و قد روى الكليني في خبر مرفوع:انّ الصادق عليه السّلام صلّى إلى زاوية و القوم كلهم عن أحد جانبيه (5).

و ليكن يمين الصف لأفاضل الصف الأول،لما روي ان الرحمة تنتقل من الامام إليهم،ثم الى يسار الصف،ثم إلى الباقي (6)،و الأفضل للأفضل.2.

ص: 437


1- التهذيب 3:26 ح 89.
2- الكافي 3:386 ح 8،التهذيب 3:53 ح 184.
3- سنن الدارمي 1:290،صحيح مسلم 1:323 ح 432،سنن أبي داود 1:180 ح 674،الجامع الصحيح 1:440 ح 228،سنن النسائي 2:87،السنن الكبرى 3:97.
4- الكافي 3:372 ح 7،التهذيب 3:265 ح 751.
5- الكافي 3:386 ح 8،التهذيب 3:53 ح 184،و فيهما:(كلهم عن يمينه).
6- نقلها في مسالك الأفهام 1:312.

و سادستها:ان تقتدي النساء بالمرأة، فيقمن صفا.و لو احتيج الى صفوف فعل،و تقف التي تؤم بهنّ وسط الصف الأول غير بارزة.و روى عبد اللّه بن بكير مرسلا عن الصادق عليه السّلام في الرجل يؤمّ بالمرأة،قال:

«نعم،تكون خلفه»،و في المرأة تؤمّ النساء،قال:«نعم،تقوم وسطا بينهنّ و لا تتقدّمهن» (1).

و سابعتها:ان يقتدي الصبيان بالصبي، و حكمهم حكم الرجال في جميع ما ذكر.

و ثامنتها:ان يقتدي أصناف بالرجل -كالأحرار،و العبيد،و الرجال، و النساء،و الخناثى،و الصبيان-فيقف الأحرار من كل صنف امام العبيد من ذلك الصنف،و الرجال أمام الصبيان،و الصبيان أمام الخناثى،و الخناثى أمام النساء.

و قال ابن الجنيد-رحمه اللّه-:يقوم الرجال أولا،ثم الخصيان،ثم الخناثى،ثم الصبيان ثم النساء،ثم الصبيات.و يقدم الأحرار على العبيد و الإماء،و الاشراف على غيرهم،و العلماء من الاشراف على من لا علم له.

و الأحق بقرب الامام من يصلح للنيابة عند احتياج الامام إليها.

فالخلاف بينه و بين الشيخ في تقديم الصبيان على الخناثى (2)،فالشيخ نظر الى تحقق الذكورية في الصبيان،و نظر ابن الجنيد الى تحقق الوجوب في الخناثى دون الصبيان،و هو حسن،و اختاره ابن إدريس و الفاضل (3).

و الأفضل وقوف الإمام في وسط الصف.8.

ص: 438


1- التهذيب 3:31 ح 112،الاستبصار 1:436 ح 1645.
2- المبسوط 1:155.
3- السرائر:60،مختلف الشيعة:158.

و يكره تمكين الصبيان من الصف الأول،و وقوف المأموم وحده اختيارا،لرواية السكوني عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا تكونن في العثكل.قلت:و ما العثكل؟قال:ان تصلي خلف الصفوف وحدك،فان لم يمكن الدخول في الصف و قام حذاء الإمام أجزأه،فإن هو عاند الصف فسد عليه صلاته» (1).

و قال ابن الجنيد:إن أمكنه الدخول في الصف من غير أذية غيره،لم يجز قيامه وحده.

و قال:إن دخل رجل الى المسجد،فلم ير في الصفوف موضعا يقف فيه،أجزأه ان يقوم وحده محاذيا مقامه و لو كان نائبا للإمام،و ان خالف ذلك الموضع لم تجز صلاته إذا ترك ما على المنفرد أن يأتي به.

و يدفع قوله صحيح أبي الصباح عن الصادق عليه السّلام في الرجل يقوم في الصف وحده،فقال:«لا بأس،إنما يبدو واحد بعد واحد» (2).

فان احتج بما روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أبصر رجلا خلف الصفوف وحده فأمره أن يعيد الصلاة (3)،و برواية السكوني المذكورة.

قلنا:الخبر من طرق العامة،و لو سلم حمل على الاستحباب.4.

ص: 439


1- التهذيب 3:282 ح 838 و فيه:«العيكل»في الموضعين. قال المجلسي في بحار الأنوار 88:117:لم أر العيكل بهذا المعنى في كتب اللغة،و في بعض النسخ بالثاء المثلثة و هو كذلك ليس له معنى مناسب..و لا يبعد ان يكون«الفسكل»بالفاء و السين المهملة،و هو بالضم و الكسر:الفرس الذي يجيء في الحلبة آخر الخيل.
2- علل الشرائع:361،التهذيب 3:280 ح 828.
3- مسند احمد 4:228،سنن أبي داود 1:182 ح 682،الجامع الصحيح 1: 445 ح 230،السنن الكبرى 3:104.

و يعارضهما ما روي ان أبا بكرة جاء و النبي صلّى اللّه عليه و آله راكع،فركع دون الصف ثم مشى الى الصف،فلما قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«أيكم ركع دون الصف ثم مشى الى الصف؟».

فقال أبو بكرة:أنا.فقال:«زادك اللّه حرصا و لا تعد» (1)،أي:لا تعد إلى التأخير أو نهي كراهة عن فعل مثل هذا،لانه لم يأمره بإعادة الصلاة.

فروع:

الأول: لا كراهة في وقوف المرأة وحدها إذا لم تكن نساء،و كذا مع تعذر المكان على الرجل الواحد.

الثاني: لو وجد فرجة في صف،فله السعي إليها و ان كانت في غير الصف الأخير،و لا كراهة هنا في اختراق الصفوف،لأنهم قصروا حيث تركوا تلك الفرجة.نعم،لو أمكن الوصول بغير اختراقهم كان أولى.

الثالث: لو لم يجد فرجة فوقف وحده،لم يستحب له جذب رجل ليصلي معه،لما فيه من حرمانه الفضيلة بالتقدم،و احداث الخلل في الصف.و لو جذبه لم يستحب إجابته.

الرابع: لو تقدّم المأموم في أثناء الصلاة متعمدا على الامام،فالظاهر انه يصير منفردا،لإخلاله بالشرط.و يحتمل ان يراعى باستمراره أو عوده الى موقفه،فان عاد أعاد نيّة الاقتداء.

و لو تقدم غلطا أو سهوا،ثم عاد الى موقفه.فالظاهر بقاء القدوة، للحرج.و لو جدّد نيّة الاقتداء هنا كان حسنا.و كذا الحكم لو تقدمت سفينة6.

ص: 440


1- صحيح البخاري 1:199،سنن أبي داود 1:182 ح 684،سنن النسائي 2: 118،السنن الكبرى 3:106.

المأموم على سفينة الإمام،فلو استصحب نيّة الائتمام بعد التقدّم بطلت صلاته.و قال الشيخ-في الخلاف-:لا تبطل،لعدم الدليل (1).

الخامس:كل ما ذكرناه في سنّة الموقف، فإنّه لا يبطل الائتمام بتركه،و ان نقص الفضل.

السادس: لو قام الواحد عن يمين الامام فدخل آخر،فان لم يكن الأول قد أحرم تأخّر و وقفا معا خلف الامام،و كذا لو كان قد أحرم إذا لم يكن مؤديا إلى فعل كثير.

و لو قدّم الامام ثم تحاذيا جاز،و ان كان تأخر الأول و تحاذيهما أفضل،إلاّ ان يكون لا موقف من ورائهما،فيتقدم الإمام إذا كان امامه موقف.

و روى عمار عن الصادق عليه السّلام،قال:سألته عن الرجل يدرك الامام و هو قاعد يتشهد،و ليس خلفه إلاّ رجل واحد عن يمينه،قال:لا يتقدّم الامام و لا يتأخّر الرجل،و لكن يقعد الذي يدخل معه خلف الإمام،فإذا سلّم الامام قام الرجل فأتمّ الصلاة» (2).

و يجوز الوقوف بحذاء الإمام إذا لم يجد موضعا،رواه سعيد الأعرج عن الصادق عليه السّلام (3).

السابع:يستحب اقامة الصفوف استحبابا مؤكدا.

قال ابن بابويه:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«أقيموا صفوفكم،فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي،و لا تخالفوا فيخالف اللّه بين6.

ص: 441


1- الخلاف 1:124 المسألة 29.
2- الكافي 3:386 ح 7،التهذيب 3:272 ح 788.
3- الكافي 3:285 ح 3،التهذيب 3:272 ح 786.

قلوبكم» (1).

و روى الشيخ بإسناده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«سدّوا بين صفوفكم،و حاذوا بين مناكبكم،لا يستحوذ عليكم الشيطان» (2).

و روي في صحاح العامة:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسوّي صفوفنا كأنما يسوّي القداح (3)،و قال:«أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري» (4).

و قال:«سووا صفوفكم،فان تسوية الصفوف من تمام الصلاة» (5).

و كان يمسح مناكبهم في الصلاة و يقول:«استووا،و لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» (6).

الثامن:يستحب لمن وجد خللا في صف ان يسعى. روى العامة -في الحسان-عنه صلّى اللّه عليه و آله:«انّ اللّه و ملائكته يصلّون على الذين يلون الصفوف الأول،و ما من خطوة أحب الى اللّه من خطوة يمشيها يصل بها صفا» (7)و نحوه ما يأتي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (8).

التاسع:يستحب للإمام أمرهم بتسوية الصفوف، لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آلهة.

ص: 442


1- الفقيه 1:252 ح 1139،المقنع:34،بصائر الدرجات:440.
2- التهذيب 3:283 ح 839.
3- صحيح مسلم 1:324 ح 436،سنن أبي داود 1:178 ح 663،مصابيح السنة 1:397 ح 774،سنن النسائي 2:89.
4- صحيح البخاري 1:184،السنن الكبرى 3:100.
5- مسند احمد 3:274،سنن الدارمي 1:289،صحيح مسلم 1:334 ح 433، سنن ابن ماجة 1:317 ح 993،سنن أبي داود 1:179 ح 668،مسند أبي يعلى 5:354 ح 2997.
6- المصنف لعبد الرزاق 2:45 ح 2430،صحيح مسلم 1:323 ح 432،سنن أبي داود 1:178 ح 663،السنن الكبرى 3:97.
7- سنن أبي داود 1:149 ح 543،مصابيح السنة 1:400 ح 784.
8- يأتي في الفروغ الآتية.

روي انه كان يقول عن يمينه:«اعتدلوا سووا صفوفكم»و عن يساره:

«اعتدلوا سووا صفوفكم» (1).اما استحباب التفات الامام عن اليمين و اليسار،لا بهذا الاعتبار،فليس بمستحب عندنا.

العاشر:يستحب تقارب الصفوف، فلا يزيد ما بينها على مسقط الجسد إذا سجد،رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام (2).

و قدّر أيضا بمربض عنز،ذكره في المبسوط (3).

الحادي عشر:يجوز التأخّر إلى صف فيه فرجة إذا وجد ضيقا في صفه، لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أتمّوا الصفوف إذا رأيتم خللا،و لا يضرّك ان تتأخر وراءك إذا وجدت ضيقا في الصف الأول إلى الصف الذي خلفك و تمشي منحرفا» (4).

و روى التقدّم و التأخّر أيضا علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام (5).

و في رواية زرارة عن الباقر عليه السّلام:«ينبغي للصفوف ان تكون تامة متواصلة بعضها الى بعض» (6).

و في رواية محمد بن مسلم،قال:قلت له:الرجل يتأخّر و هو في الصلاة،قال:«لا».قلت:فيتقدّم.قال:«نعم،ماشيا إلى القبلة» (7)و يحمل على عدم الحاجة الى ذلك فيكره.7.

ص: 443


1- سنن أبي داود 1:179 ح 670.
2- الفقيه 1:253 ح 1143.
3- المبسوط 1:159.
4- الفقيه 1:253 ح 1142،التهذيب 3:280 ح 826.
5- التهذيب 3:275 ح 799.
6- الفقيه 1:253 ح 1143.
7- التهذيب 3:272 ح 787.
الشرط الخامس:توافق نظم الصلاتين في الافعال لا في عدد

الركعات،

فلا يقتدى في اليومية بالكسوف و لا بالجنازة و العيد، و لا بالعكس،لقوله صلّى اللّه عليه و آله:«انما جعل الإمام إماما ليؤتم به»الخبر (1)و هو غير حاصل مع الاختلاف.

و لا يشترط توافق الصلاتين نوعا و لا صنفا،فيجوز اقتداء المفترض بالمتنفل و بالعكس،و بالظهر في العصر و المغرب و الصبح و بالعكس،و قد سبق.و روى حماد بن عثمان عن الصادق عليه السّلام في رجل أمّ قوما فصلّى العصر و هي لهم ظهر،فقال:«أجزأت عنه و عنهم» (2).

فلو اقتدى مصلّي الظهر بمصلي المغرب،فانتهى الإمام إلى التسليم، أتمّ المأموم و له الانفراد عقيب السجدة الأخيرة،و الأول أفضل.

و لو اقتدى مصلّي الصبح بمصلّي الظهر،فحكمه ما مرّ في اقتداء المسافر بالحاضر،فيتخيّر عند انتهاء صلاته بين التسليم و الانتظار ليسلّم الامام،و هو الأفضل.

و لو اقتدى في المغرب بالظهر،فإذا قام الإمام إلى الرابعة لم يتابعه، بل يجلس للتشهد و التسليم،و الأقرب استحباب انتظاره كما قلناه في الصبح و صلاة المسافر.

لا يقال:انه أحدث تشهدا مانعا من الاقتداء،بخلاف مصلّي الصبح.

ص: 444


1- صحيح البخاري 1:184،177،صحيح مسلم 1:308 ح 411،309 ح 412،414،سنن أبي داود 1:164 ح 601،603،165 ح 605،سنن النسائي 2:83،142،سنن الترمذي 2:194 ح 361،سنن ابن ماجة 1:392 ح 1237،1238،393 ح 1239.و يوجد في غيرها من المصادر.
2- التهذيب 3:49 ح 172،الاستبصار 1:439 ح 1691.

مع الظهر،فإنه تشهّد مع الإمام.

لأنا نقول:لا نسلم ان ذلك مانع من الاقتداء،و ما هو إلاّ كتأخّر المأموم عن الإمام في تشهّده إذا كان مسبوقا.

و يجوز الاقتداء في القضاء بالأداء و بالعكس،كما يجوز في الأداء بالأداء و في القضاء بالقضاء.

الشرط السادس:المتابعة للإمام،و فيه مسائل:
الأولى:يجب كون أفعال المأموم غير متقدمة على أفعال الإمام

إجماعا.

فلو تحرّم قبله بطلت القدوة.و لو تحرّم معه ففيه قولان،أصحهما المنع.

و لو ركع قبله،فان كان لم يفرغ الإمام من القراءة،و تعمّد المأموم الركوع و لما يقرأ،أو قرأ و قلنا بعدم اجتزائه بها إذ الندب لا يجزئ عن الفرض،بطلت الصلاة.

و ان كان بعد قراءة الإمام أثم،و في بطلان الصلاة قولان:

ففي المبسوط:من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته (1).و لعلّه للنهي عن المفارقة الدال على الفساد،و لكن يمكن ان يقال:صار منفردا، لأنّ المفارقة المنهي عنها ما دام مؤتما.

و قال المتأخرون:لا تبطل الصلاة و الا الاقتداء و ان أثم،لقضية الأصل (2).و حينئذ يستمر حتى يلحقه الامام،فلو عاد الى الركوع بطلت،

ص: 445


1- المبسوط 1:157.
2- لم نعثر عليه إلاّ في المهذب البارع 1:472-473 لابن فهد الحلّي.

و كذا في السجود لو سجد قبله،و كذا في الرفع منهما.

اما لو فعل ذلك سهوا لم يأثم و يعود مع الإمام،لرواية محمد بن سهل الأشعري عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام فيمن رفع رأسه قبل الامام،قال:«يعيد ركوعه» (1).

و عن الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السّلام في الرجل يرفع رأسه من السجود قبل ان يرفع الإمام رأسه من السجود،قال:«فليسجد» (2).

و هاتان الروايتان و ان كانتا مطلقتين فإنهما تحملان على الناسي،إذ الزيادة عمدا مبطلة فلا يؤمر بالعود،و للجمع بين ذينك و بين رواية غياث عن الصادق عليه السّلام في الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام،أ يرجع إذا أبطأ الإمام؟قال:«لا» (3).

فرع:

لو ترك الناسي الرجوع،ففي بطلان صلاته وجهان:

أحدهما:نعم،لان المعتدّ به انما هو الثاني و لم يأت به متعمّدا، فيبقى في العهدة.

و الثاني:لا،لأنّ الرجوع لقضاء حق المتابعة لا لكونه جزءا من الصلاة،و لانه بترك رجوعه يصير في حكم المتعمد الذي عليه الإثم لا غير.

و في التذكرة لم يوجب بالعود على الناسي و ان كان جائزا (4).و روى5.

ص: 446


1- الفقيه 1:258 ح 1172،التهذيب 3:47 ح 163،الاستبصار 1:438 ح 1688.
2- الفقيه 1:258 ح 1173،التهذيب 3:48 ح 165.
3- الكافي 3:384 ح 14،التهذيب 3:47 ح 164،الاستبصار 1:438 ح 1689.
4- تذكرة الفقهاء 1:185.

الحسن بن علي بن فضال،قال:كتبت الى أبي الحسن الرضا عليه السّلام:فيمن ركع لظنه ركوع الامام،فلما رآه لم يركع رفع رأسه،ثم أعاد الركوع مع الامام،فكتب:«يتم صلاته،و لا تفسد بما صنع صلاته» (1).

و يمكن ان يستدل-رحمه اللّه-بمفهوم هذا الخبر.

الثانية حكم ما لو اضطر إلى الصلاة مع غير المقتدى به

لو اضطر إلى الصلاة مع غير المقتدى به تابعه ظاهرا و لا ينوي الاقتداء،و لا عبرة هنا بالتقدّم و التأخّر،وقع عمدا أو سهوا.

و يقرأ لنفسه و لو سرا في الجهرية،لقول الصادق عليه السّلام:«يجزئك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس» (2).

و تجزئه الفاتحة وحدها مع تعذّر السورة،و لو ركع الامام قبل قراءته قرأ في ركوعه،و لو بقي عليه شيء فلا بأس.و روى أبو بصير عن الباقر عليه السّلام:«ان فرغ قبلك فاقطع القراءة و اركع معه» (3)و سأله عن الائتمام بمن لا يقتدى به.

و لو اضطر الى القيام قبل تشهده قام و تشهد قائما.

و جوّز في التهذيب ترك القراءة الضرورة هنا،لرواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام،انه قال له:«ادخل معهم في الركعة و اعتدّ بها، فإنها من أفضل ركعاتك».قال:فسمعت أذان المغرب فقمت مبادرا، فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أول صف أدركت و اعتددت بها،ثم صليت بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت،و إذا خمسة أو ستة من جيراني من المخزوميين و الأمويين قد قاموا اليّ،و قالوا:يا أبا هاشم جزاك

ص: 447


1- التهذيب 3:277 ح 811.
2- الكافي 3:315 ح 16،التهذيب 2:97 ح 366،الاستبصار 1:321 ح 1197.
3- التهذيب 3:275 ح 801.

اللّه عن نفسك خيرا،فقد و اللّه رأينا خلاف ما ظننا بك و ما قيل فيك، تبعناك حين قمت إلى الصلاة و نحن نرى انك لا تقتدي بالصلاة معنا،فقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا،فرضي اللّه عنك و جزاك خيرا.فقلت لهم:سبحان اللّه المثلي يقال هذا!!» (1).

الثالثة:للمأموم أحوال:

إحداهما:ان يدرك الامام قبل ركوعه، فيحتسب بتلك الركعة إجماعا، سواء أدرك تكبيرة الركوع أو لا.

الحالة الثانية:ان يدركه حال ركوعه، فيركع قبل رفع الامام، و الأصح إدراك الركعة كما قاله المرتضى (2)و ابن الجنيد (3)و ابن إدريس (4)و المتأخرون (5)لصحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام:في الرجل إذا إدراك الامام و هو راكع فيكبر الرجل و هو مقيم صلبه،ثم يركع قبل أن يرفع الإمام رأسه،فقد أدرك الركعة (6)،و نحوه حسن الحلبي عنه عليه السّلام (7).

و قال الشيخ و تلميذه ابن البراج:إذا لم يلحق تكبيرة الركوع فقد فاتته الركعة (8)لصحيح محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام،قال:قال لي:«إذا لم

ص: 448


1- التهذيب 3:37 و الحديث فيه برقم 133،و في الاستبصار 1:431 ح 1666.
2- جمل العلم و العمل 3:41.
3- مختلف الشيعة:158.
4- السرائر:61.
5- راجع المعتبر 2:443،شرائع الإسلام 1:125،مختلف الشيعة:158.
6- الكافي 3:382 ح 6،التهذيب 3:43 ح 152،271 ح 781،الاستبصار 1: 435 ح 1679.
7- الكافي 3:382 ح 5،الفقيه 1:254 ح 1149،التهذيب 3:43 ح 153، الاستبصار 1:435 ح 1680.
8- التهذيب 3:43،المهذب 1:82.

يدرك القوم قبل أن يكبر الإمام الركعة (1)،فلا يدخل معهم في تلك الركعة» (2).و في عبارة أخرى له عنه:«لا يعتد بالركعة التي لم يشهد تكبيرها مع الامام» (3).

و أجيب بأن التكبير يعبّر به عن نفس الركوع،فتتفق الاخبار.

الحالة الثالثة:ان يدركه بعد ركوعه قبل السجدتين، فيستحب التكبير و الدخول معه في السجدتين.

و هل يحتاج الى استئناف النيّة بعد ذلك؟ قال الشيخ (4):لا لأنّ زيادة الركن مغتفرة في متابعة الامام.

و قال الفضلان:نعم،لأنها زيادة عمدا (5)،و لا فرق هنا بين ان يكون ذلك في السجدتين من الركعة الأخيرة أو باقي الركعات.

و الذي في رواية المعلى بن خنيس عن الصادق عليه السّلام:«إذا سبقك الإمام بركعة،فأدركته و قد رفع رأسه،فاسجد معه و لا تعتدّ بها» (6).فهذا يحتمل عدم الاعتداد بهما من الصلاة،و ان كانت النية صحيحة.و يحتمل عدم الاعتداد بهما و لا بالصلاة.

و عبارة المبسوط كالرواية (7).9.

ص: 449


1- في المصدرين:«للركعة».
2- التهذيب 3:43 ح 149،الاستبصار 1:434 ح 1676.و فيهما باختلاف في الضمائر.
3- التهذيب 3:43 ح 150،الاستبصار 1:435 ح 1677.
4- المبسوط 1:159.
5- المعتبر 2:447،تذكرة الفقهاء 1:182،نهاية الإحكام 2:132.
6- التهذيب 3:48 ح 166.
7- المبسوط 1:159.

الحالة الرابعة:ان يدركه و قد سجد واحدة، فيكبر و يسجد معه الأخرى،و في الاعتداد بها الوجهان.

و روى محمد بن مسلم:متى يكون مدرك الصلاة مع الامام؟ قال:«إذا أدرك الامام و هو في السجدة الأخيرة من صلاته،فهو مدرك لفضل الصلاة مع الامام» (1).و هنا أولى بالاعتداد،لان المزيد ليس ركنا.

و الوجه الاستئناف كالأول،لأن الزيادة عمدا مبطلة و ان لم تكن ركنا.

الحالة الخامسة:ان يدركه بعد السجود، فيكبّر و يجلس معه:اما جلسة الاستراحة،أو جلسة التشهد الأول،أو التشهد الأخير.

و تجزئ هذه التكبيرة قطعا،فان كان قد بقي شيء من صلاة الإمام بنى عليه،و إلاّ نهض بعد تسليم الامام و أتمّ صلاته.

و ممّن روى الاجتزاء بذلك عمار (2)و لكن روى أيضا عن الصادق عليه السّلام في رجل أدرك الإمام جالسا بعد الركعتين،قال:«يفتتح الصلاة،و لا يقعد مع الامام حتى يقوم» (3).و الجمع بينهما بجواز الأمرين،و ان كان الأفضل الجلوس مع الامام حتى يسلم.

و روى ابن بابويه ان منصور بن حازم كان يقول:إذا أتيت الامام و هو جالس قد صلّى ركعتين فكبّر ثم اجلس،و إذا قمت فكبّر (4).و في هذا إيماء الى عدم الاجتزاء بالتكبير،إلاّ أن يجعله تكبير القيام،و هو نادر.

و الظاهر انه يدرك فضل الجماعة إذا كان التأخير لا عمدا،لأنه مأمور4.

ص: 450


1- التهذيب 3:57 ح 197.
2- الكافي 3:386 ح 7،التهذيب 3:272 ح 788.
3- التهذيب 3:274 ح 793.
4- الفقيه 1:291 ح 1184.

به مندوب اليه،و ليس إلاّ لإدراك الفضيلة،و اما كونها كفضيلة من أدرك قبله فغير معلوم.

و قال ابن بابويه فيمن أدركه في السجدة الأخيرة أو في التشهد:أنه أدرك فضل الجماعة (1).

و قال ابن إدريس:يدرك فضيلة الجماعة بإدراك بعض التشهد (2)و ظاهره انه يدرك ذلك و ان لم يتحرّم بالصلاة.

المسألة الرابعة:كل ما يدركه المأموم فهو أول صلاته،

سواء كان أول صلاة الإمام أم لا.

قال المحقق:و هو مذهب علمائنا كافة،لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«ما أدركتم فصلّوا،و ما فاتكم فأتموا»،و لرواية زرارة عن الباقر عليه السّلام قال:«إذا أدرك الرجل بعض الصلاة جعل ما أدرك أول صلاته.ان أدرك من الظهر أو العصر ركعتين،قرأ فيما أدرك مع الامام مع نفسه أمّ الكتاب و سورة،فإذا سلم الامام قام فصلّى ركعتين لا يقرأ فيهما،لأنّ الصلاة انما يقرأ فيها في الأوليين» (3).

و روى عبد الرحمن بن الحجاج،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن

ص: 451


1- الفقيه 1:265.
2- السرائر:62.
3- المعتبر 2:446. و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله في:صحيح البخاري 1:163،164،صحيح مسلم 1:420 ح 602،سنن ابن ماجة 1:255 ح 775،مسند أحمد 2:239،270،المصنف لابن أبي شيبة 2:358،السنن الكبرى 2:297.و رواية زرارة في الفقيه 1:256 ح 1162،التهذيب 3:45 ح 158،الاستبصار 1:436 ح 1683،باختصار في الألفاظ.

الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام،كيف يصنع إذا جلس الامام؟قال:«يتجافى و لا يتمكن من القعود.فإذا كانت الثالثة للإمام -و هي له ثانية-فليلبث قدر ما يتشهد،ثم يلحق بالإمام».و سألته عن الرجل يدرك مع الامام الركعتين الأخيرتين،قال:«اقرأ فيهما فإنّهما لك أوليان،و لا تجعل أول صلاتك آخرها» (1).

فان قلت:فقد روى ما يعارض ذلك،كرواية معاوية بن وهب عنه عليه السّلام:انه يقضي القراءة في آخر صلاته (2).

قلت:حملها الشيخ على قراءة الحمد في الأخيرتين،و لا يلزم منه قراءة السورة (3).

الخامسة:لو سبق المأموم بعد انعقاد صلاته،

أتى بما وجب عليه و التحق بالإمام،سواء فعل ذلك عمدا أو سهوا أو لعذر،و قد مر مثله في الجمعة.

و لا تتحقق فوات القدوة بفوات ركن و لا أكثر عندنا.و في التذكرة توقّف في بطلان القدوة بالتأخر بركن (4)،و المروي بقاء القدوة،رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السّلام فيمن لم يركع ساهيا حتى انحط الامام للسجود:«يركع و يلحق به» (5).

السادسة:لو أحسّ الامام و هو راكع بداخل،

استحب له تطويل

ص: 452


1- الكافي 3:381 ح 1،التهذيب 3:46 ح 159،الاستبصار 1:437 ح 1684.
2- التهذيب 3:47 ح 162،274 ح 797،الاستبصار 1:438 ح 1687.
3- الهامش السابق.
4- تذكرة الفقهاء 1:185.
5- التهذيب 3:55 ح 188.

ركوعه بمقدار ركوعين،و نقل الشيخ فيه الإجماع (1)،و رواه جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام:«انتظر مثليّ ركوعك،فان انقطعوا و إلاّ فارفع رأسك» (2).

و قال في المبسوط:فإن أحسّ بداخل لم يلزمه التطويل ليلحق الداخل الركوع،و قد روي انه يطوّل ركوعه مقدار الركوع مرتين (3).فكانّ عنده توقفا في الرواية،و الوجه القطع باستحباب ذلك.

و قال ابن الجنيد:فان تنحنح بالإمام مريد الدخول في صلاته،انتظره بمقدار لبثه في ركوعه مرة ثانية،فان لحقه و إلاّ رفع رأسه (4).

فروع:

الأول:لو أحسّ في أثناء القراءة بداخل، لم يستحب له تطويل القراءة،لحصول الغرض بإدراكه في الركوع.

و لو قلنا باشتراط إدراك تكبير الركوع،فلا بأس بتطويل القراءة،بل يستحب.

و هل يكره تطويلها على القول بإدراكه راكعا؟.

قال الفاضل:لا يكره،لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه قال:«اني أحيانا أكون في الصلاة،فافتتح السورة أريد ان أتمّها فأسمع بكاء صبي،فأتجوز في صلاتي مخافة أن تفتتن امه».فإذا جاز الاختصار رعاية لحق الطفل6.

ص: 453


1- الخلاف 1:121 المسألة 7.
2- التهذيب 3:48 ح 167.
3- المبسوط 1:153.
4- مختلف الشيعة:156.

جازت الزيادة رعاية لحق اللاحق (1).

و تتأكد زوال الكراهية بعلمه انه لا يلحق بتطويل الركوع،بل يستحب هنا تطويل القراءة.

الثاني:لا يستحب تطويل القراءة رجاء لمن عساه يدخل،لما فيه من الإضرار بالباقين،بل يكره.نعم،لو علم منهم الرضا بذلك لم يكره.

و يكره ان يفرّق بين من له قدر و بين غيره في الانتظار،لاستواء الجميع في المعونة على الفضيلة.

الثالث:لو أحسّ به بعد رفع رأسه من الركوع، فلا انتظار هنا إجماعا،لأنّ الغرض من الفضيلة تحصل له بما أدرك من الأفعال،إذ لا اقتداء حقيقي هنا.نعم،لو كان في التشهد الأخير استحب تطويله إذا توقّف إدراكه على التطويل،لتحصل له ثواب الجماعة.

الرابع:لو انتظر مثلي ركوعه لداخل، ثم دخل آخر،لم ينتظره خوفا من التطويل على المأمومين.

السابعة هل المشي راكعا لمن خاف فوت الاقتداء جائز؟

قد سبق جواز المشي راكعا لمن خاف فوت الاقتداء،و رواه الأصحاب أيضا عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم السّلام (2).

و في رواية:«يجر رجليه و لا يرفعهما» (3).

ص: 454


1- تذكرة الفقهاء 1:182. و الحديث النبوي في:مسند احمد 3:109،صحيح البخاري 1:181،صحيح مسلم 1:343 ح 192،مسند أبي يعلى 5:441 ح 3144،مسند أبي عوانة 2: 88،الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3:180 ح 1883،السنن الكبرى 3: 118.
2- الفقيه 1:257 ح 1166،التهذيب 3:44 ح 154،الاستبصار 1:436 ح 1681.
3- الفقيه 1:254 ح 1148،المقنع:36.

قال في المبسوط:و الأفضل السجود مكانه،ثم الالتحاق إذا قام (1).

و شرط ذلك ان لا يكثر المشي بحيث يخرج عن اسم المصلي،و ان يكون الموضع الذي يركع فيه مما يصحّ الاقتداء فيه،فلو تباعد أو سفل بالمعتد بطل الاقتداء.

و لو سجد الامام قبل انتهائه إلى الصف.و خاف فوت السجود بوصوله الى الصف،سجد مكانه قطعا ثم قام و التحق بالصف.و لو رفع رأسه من الركوع و مشى قائما جاز.و لو انّه سجد في غير الصف،ثم قام ليلتحق فركع الامام ثانيا،ركع مكانه و مشى في ركوعه أيضا.

الثامنة:لا يتحمل الامام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة

سوى القراءة.و في قراءة المأموم للأصحاب أقوال نحكيها بألفاظهم.

قال أبو جعفر بن بابويه-في المقنع-:و اعلم انّ على القوم في الركعتين الأوليين أن يستمعوا الى قراءة الامام،و إذا كان في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة سبّحوا،و عليهم في الركعتين الأخريين أن يسبحوا (2).و روى في من لا يحضره الفقيه عن زرارة و محمد بن مسلم،عن أبي جعفر عليه السّلام،قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بعث على غير الفطرة» (3).

و روى عن الحلبي عن الصادق عليه السّلام:«إذا صليت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه،سمعت قراءته أو لم تسمع،إلاّ ان تكون صلاة يجهر فيها

ص: 455


1- المبسوط 1:155.
2- المقنع:36.
3- الفقيه 1:255 ح 1155،و أيضا في:المحاسن:79،الكافي 3:377 ح 6، ثواب الاعمال:274،التهذيب 3:269 ح 770.

بالقراءة فلم تسمع فاقرأ» (1).

قال:و في رواية عبيد بن زرارة عنه:«انه من سمع الهمهمة فلا يقرأ» (2).

و في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:«ان كنت خلف امام فلا تقرأنّ شيئا في الأوليين و أنصت لقراءته،و لا تقرأنّ شيئا في الأخيرتين» (3).

و روى بكر بن محمد عن الصادق عليه السّلام:«اني لأكره للمؤمن (4)ان يصلي خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها فيقوم كأنّه حمار».قلت:فيصنع ما ذا؟قال:«يسبّح» (5).

و قال المرتضى:لا يقرأ المأموم خلف الموثوق به في الأوليين في جميع الصلوات من ذوات الجهر و الإخفات،إلاّ ان تكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام،فيقرأ كل واحد لنفسه.و هذه أشهر الروايات.و روي:انه لا يقرأ فيما جهر فيه الامام،و تلزمه القراءة فيما يخافت فيه الامام.و روي:انه بالخيار فيما خافت فيه.فأما الأخيرتان فالأولى أن يقرأ المأموم أو يسبّح فيهما (6)(7).

و قال الشيخ في النهاية:إذا تقدم من هو بشرائط الإمامة فلا تقرأنّر.

ص: 456


1- الفقيه 1:255 ح 1156،و أيضا في:الكافي 3:377 ح 2،التهذيب 3:32 ح 115،الاستبصار 1:428 ح 1650.
2- الفقيه 1:256 ح 1157.
3- الفقيه 1:256 ح 1160،و أيضا في السرائر:45،480.
4- في م،ط:«لكم».
5- الفقيه 1:256 ح 1161،و أيضا في:قرب الاسناد:18،التهذيب 3:276 ح 806.
6- جمل العلم و العمل 3:40.
7- في ط زيادة:و روي انه ليس عليه ذلك،و هي موجودة في المصدر.

خلفه،جهرية أو إخفاتية،بل تسبح مع نفسك و تحمد اللّه.و ان كانت جهرية فأنصت للقراءة،فإن خفي عليك قراءة الإمام قرأت لنفسك،و ان سمعت مثل الهمهمة من قراءة الإمام جاز لك إلاّ تقرأ و أنت مخيّر في القراءة.و يستحب ان تقرأ الحمد و حدها فيما لا يجهر الإمام بالقراءة فيها، و ان لم تقرأها فليس عليك شيء (1).و كذا في المبسوط معبرا بعبارة،و قال في آخرها:لأنّ قراءة الإمام مجزية عنه (2).

و قال ابن البراج:و متى أمّ من يصح تقدمه بغيره في صلاة جهر و قرأ،فلا يقرأ المأموم بل يسمع قراءته،و ان كان لا يسمع قراءته كان مخيّرا بين القراءة و تركها،و ان كانت صلاة إخفات استحب للمأموم ان يقرأ فاتحة الكتاب وحدها،و يجوز ان يسبح اللّه و يحمده (3).

و قال أبو الصلاح:و لا يقرأ خلفه في الأوليين من كل صلاة و لا في الغداة،الا ان يكون بحيث لا يسمع قراءته و لا صوته فيما يجهر فيه فيقرأ.

و هو في الأخيرتين من الرباعيات و ثالثة المغرب بالخيار بين قراءة الحمد و التسبيح،و القراءة أفضل (4).

و قال ابن حمزة-في الواسطة-:فالواجب أربعة أشياء:متابعة الإمام في أفعال الصلاة،و الإنصات لقراءته،و نية الاقتداء،و الوقوف خلفه أو عن أحد جانبيه.و إذا اقتدى بالإمام لم يقرأ في الأوليين،فإن جهر الامام و سمع أنصت،و ان خفي عليه قرأ،و ان سمع مثل الهمهمة فهو مخيّر.[و]إن4.

ص: 457


1- النهاية:113.
2- المبسوط 1:158.
3- المهذب 1:79.
4- الكافي في الفقه:144.

خافت الامام سبّح في نفسه.و في الأخيرتين:ان قرأ كان أفضل،و ان لم يقرأ جاز،و إن سبح كان أفضل من السكوت (1).

و قال سلار-في قسم المندوب-:و لا يقرأ المأموم خلف الامام.

و روي ان ترك القراءة في صلاة الجهر خلف الامام واجب.و الأثبت الأول (2).

و قال ابن زهرة-رحمه اللّه-:و يلزم المؤتم ان يقتدي بالإمام عزما و فعلا، فلا يقرأ في الأوليين من كل صلاة و لا في الغداة،الا ان تكون صلاة جهر و هو لا يسمع قراءة الإمام.فأما الأخريان و ثالثة المغرب فحكمه فيها حكم المنفرد (3).

و هذه العبارة،و عبارة أبي الصلاح،تعطي،وجوب القراءة أو التسبيح على المؤتم في الأخيرتين،و كأنهما أخذاه عن كلام المرتضى.

و قال ابن إدريس:اختلفت الرواية في القراءة خلف الامام الموثوق به،فروي انّه لا قراءة على المأموم في جميع الركعات و الصلوات،سواء كانت جهرية أو إخفاتية في أظهر الروايات،و الذي يقتضيه أصول المذهب انّ الامام ضامن للقراءة بلا خلاف.و روي انّه لا قراءة على المأموم في الأوليين في جميع الصلوات الجهرية و الإخفاتية،إلاّ أن[تكون]صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام فيقرأ لنفسه.و روي انه ينصب فيما جهر فيه الإمام بالقراءة و لا يقرأ هو شيئا،و تلزمه القراءة فيما خافت؛و روي انه بالخيار فيما خافت فيه الإمام.فأما الركعتان الأخيرتان فقد روي انه لا قراءة8.

ص: 458


1- كتاب الواسطة لم يطبع،و تجد بعض هذا المعنى في الوسيلة:106.
2- المراسم:87.
3- الغنية:498.

فيهما و لا تسبيح.و روي انه يقرأ فيهما أو يسبّح.و الأول أظهر لما قدمناه (1).

و قال الشيخ نجم الدين بن سعيد:و تكره القراءة خلف الإمام في الإخفاتية على الأشهر،و في الجهرية لو سمع و لو همهمة،و لو لم يسمع قرأ.

و قال:تسقط القراءة عن المأموم،و عليه اتفاق العلماء.

و قال الشيخان:لا يجوز ان يقرأ المأموم في الجهرية إذا سمع قراءة الامام و لو همهمة.و لعله استنادا إلى رواية يونس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«من رضيت قراءته فلا تقرأ خلفه» (2).و في رواية الحلبي عنه عليه السّلام:

«إذا صليت خلف إمام تأتم به فلا تقرأ خلفه،(سمعت قراءته)،أو لم تسمع،الا ان تكون صلاة يجهر فيها و لم تسمع قرائته» (3).و الاولى ان يكون النهي على الكراهة،لرواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:«إنما أمرنا بالجهر لينصت من خلفه،فان سمعت فأنصت،و ان لم تسمع فاقرأ»و التعليل بالإنصات يؤذن بالاستحباب (4).

ثم قال:إذا لم تسمع في الجهرية و لا همهمة فالقراءة أفضل،و به9.

ص: 459


1- السرائر:61.
2- التهذيب 3:33 ح 118 و فيه«به»بدل«قراءته»،و الكلمتان ليستا في الاستبصار 1:428 ح 1653.
3- الكافي 3:377 ح 2،الفقيه 1:255 ح 1156،التهذيب 3:32 ح 115، الاستبصار 1:428 ح 1650 و في م،ط:«سمع قراءة»بدل«سمعت قراءته».
4- الكافي 3:377 ح 1،علل الشرائع:325،التهذيب 3:32 ح 114،الاستبصار 1:427 ح 1649.

روايات منها:رواية عبد اللّه بن المغيرة عن قتيبة عن أبي عبد للّه عليه السّلام،قال:

«إذا كنت خلف من ترتضي به في صلاة يجهر فيها فلم تسمع قراءته فاقرأ، و ان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ» (1).و يدلّ على انّ ذلك على الفضل لا على الوجوب رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام في الرجل يصلي خلف من يقتدي به يجهر بالقراءة فلا يسمع القراءة،قال:«لا بأس ان صمت و ان قرأ» (2).

ثم قال:أطلق الشيخ-رحمه اللّه-استحباب قراءة الحمد في الإخفاتية للمأموم،و الأولى ترك القراءة في الأوليين،و في الأخيرتين روايتان:

إحداهما:رواية ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا كان مأمونا على القراءة فلا تقرأ خلفه في الأخيرتين».

و الأخرى رواية أبي خديجة عنه عليه السّلام،قال:«إذا كنت في الأخيرتين فقل للذين خلفك يقرءون فاتحة الكتاب» (3).

و قال ابن عمه نجيب الدين-رحمه اللّه-:و لا يقرأ المأموم في صلاة جهر بل يصغي لها،فان لم يسمع و سمع كالهمهمة أجزأه و جاز ان يقرأ.و ان كان في صلاة إخفات سبح مع نفسه و حمد اللّه،و ندب الى قراءة الحمد فيما لا يجهر فيه (4).9.

ص: 460


1- الكافي 3:377 ح 4،التهذيب 3:33 ح 117،الاستبصار 1:428 ح 1652.
2- التهذيب 3:24 ح 122،الاستبصار 1:429 ح 1657.
3- المعتبر 2:420-421. و رواية ابن سنان الموجودة في التهذيب 3:35 ح 124،يختلف مضمونها عن المنقول هنا و يوافق ما سيأتي من نقل العلاّمة. و رواية أبي خديجة في:التهذيب 3:275 ح 800.
4- الجامع للشرائع:99.

و قال الفاضل الجليل الشيخ جمال الدين بن المطهر-رضى اللّه عنه و عنهم أجمعين-في المختلف:و لنورد هنا أجود ما بلغنا من الأحاديث و أوضحها طريقا.

روى عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح،و ذكر الرواية السالفة.

ثم قال:و في الحسن عن الحلبي،و ذكر الرواية السابقة.

ثم قال:و في الحسن عن زرارة عن أحدهما عليهما السّلام،قال:«إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت و سبّح في نفسك».

و في الحسن عن قتيبة عن الصادق عليه السّلام،و ذكر ما سبق.

و في الصحيح عن سليمان بن خالد،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

أ يقرأ الرجل في الاولى و العصر خلف الامام و هو لا يعلم الذي يقرأ؟فقال:

«لا ينبغي له ان يقرأ،يكله الى الامام».

و في الصحيح عن علي بن يقطين،قال:سألت أبا الحسن الأول عليه السّلام عن الرجل يصلي خلف إمام يقتدي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة و لا يسمع القراءة،قال:«لا بأس ان صمت و ان قرأ».

و في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ان كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة و كان الرجل مأمونا على القراءة فلا تقرأ خلفه في الأوليين».و قال:«يجزئك التسبيح في الأخيرتين».قلت:

أي شيء تقول أنت؟قال:«اقرأ فاتحة الكتاب».

و في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم،قال:قال أبو جعفر عليه السّلام

ص: 461

«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بعث على غير الفطرة» (1)و قد تقدم.

قال:و الأقرب في الجمع بين الاخبار استحباب القراءة في الجهرية إذا لم يسمع و لا همهمة لا الوجوب،و تحريم القراءة فيها مع السماع لقراءة الامام،و التخيير بين القراءة و التسبيح في الأخيرتين و الإخفاتية (2).0.

ص: 462


1- مختلف الشيعة:157-158. و روايتي عبد الرحمن و الحلبي تقدمتا في ص 961 الهامش 4. و رواية زرارة عن أحدهما عليهما السّلام في الكافي 3:377 ح 3،التهذيب 3:32 ح 116، الاستبصار 1:428 ح 1651. و رواية قتيبة تقدمت في ص 461 الهامش 1. و رواية سليمان بن خالد في التهذيب 3:33 ح 119،الاستبصار 1:428 ح 1654. و رواية علي بن يقطين تقدمت في ص 461 الهامش 1. و رواية ابن سنان في التهذيب 3:35 ح 124. و رواية زرارة و محمد بن مسلم في المحاسن:49،الكافي 3:377 ح 6،الفقيه 1:255 ح 1155،ثواب الاعمال:274،التهذيب 3:269 ح 770.
2- مختلف الشيعة:158. و روايتي عبد الرحمن و الحلبي تقدمتا في ص 460 الهامش 1-2. و رواية زرارة عن أحدهما عليهما السّلام في الكافي 3:377 ح 3،التهذيب 3:32 ح 116، الاستبصار 1:428 ح 1651. و رواية قتيبة تقدمت في ص 962 الهامش 1. و رواية سليمان بن خالد في التهذيب 3:33 ح 119،الاستبصار 1:428 ح 1654. و رواية علي بن يقطين تقدمت في ص 461 الهامش 1. و رواية ابن سنان في التهذيب 3:35 ح 124. و رواية زرارة و محمد بن مسلم في المحاسن:49،الكافي 3:377 ح 6،الفقيه 1:255 ح 1155،ثواب الاعمال:274،التهذيب 3:269 ح 770.

و قال في التذكرة:لا تجب على المأموم القراءة،سواء كانت الصلاة جهرية أو إخفاتية،و سواء سمع قراءة الإمام أو لا،و لا تستحب في الجهرية مع السماع عند علمائنا اجمع (1).

ثم نقل عن الشيخين انه لا تجوز القراءة في الجهرية مع السماع و لو همهمة،ثم قال:و تحتمل الكراهة (2).

و قال:لو لم يسمع القراءة في الجهرية و لا همهمة فالأفضل القراءة (3).

ثم قال:لو كانت الصلاة سرا،قال الشيخ:يستحب قراءة الحمد خاصة (4).

و أحسن الأقوال ما ذكره في المعتبر.

و قد روى هشام بن سالم عن أبي خديجة عن الصادق عليه السّلام،قال:

«إذا كنت إمام قوم،فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوليين،و على الذين خلفك ان يقولوا:سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر،و هم قيام.

فإذا كان في الركعتين الأخيرتين،فعلى الذين خلفك ان يقرءوا فاتحة الكتاب،و على الامام التسبيح بمثل ما سبح القوم في الركعتين الأخيرتين» (5).

و روى الحسين ابن بشير عن الصادق عليه السّلام و سأله عن القراءة خلف الامام،فقال:«لا،انّ الامام ضامن للقراءة» (6).ر.

ص: 463


1- تذكرة الفقهاء 1:184.
2- تذكرة الفقهاء 1:184.
3- تذكرة الفقهاء 1:184.
4- تذكرة الفقهاء 1:184.
5- التهذيب 3:275 ح 800.
6- الفقيه 1:247 ح 1104 عن الحسن بن كثير،التهذيب 3:279 ح 820 عن الحسين بن بشير.

فروع:

الأول:إذا لم يقرأ المأموم لم يستحب له الاستعاذة، لأنها من مقدمات القراءة.

و هل يستحب له دعاء الاستفتاح،اعني:دعاء التوجه؟الوجه ذلك، للعموم.نعم،لو كان يشغله الاستفتاح عن السماع أمكن استحباب تركه.

و قطع الفاضل بأنّه لا يستفتح إذا اشتغل به (1).

الثاني:لا تستحب القراءة في سكتتي الامام عندنا، لعدم ذكرها في الروايات و فتاوى الأصحاب،مع إطلاق الأمر بالقراءة أو النهي عنها.

الثالث: لو قرأ ففرغ قبله،استحب ان يبقي آية ليقرأها عند فراغ الامام،ليركع عن قراءة،لرواية زرارة عن الصادق عليه السّلام،قلت:أكون مع الإمام فأفرغ[من]القراءة قبله،قال:«أمسك آية،و مجّد اللّه تعالى و أثن، فإذا فرغ فاقرأ الآية» (2).و فيه دليل على استحباب التسبيح و التحميد في الأثناء،و دليل على جواز القراءة خلف الامام.

و كذا يستحب إبقاء آية لو قرأ خلف من لا يقتدي به.

الرابع:يستحب للإمام إسماع من خلفه القراءة في الجهرية، و جميع الأذكار في الإخفاتية و الجهرية،كما يستحب للمأموم الإخفات مطلقا،لقول5.

ص: 464


1- تذكرة الفقهاء 1:184.
2- المحاسن:326،الكافي 3:373 ح 1،التهذيب 3:38 ح 135.

الصادق عليه السّلام:«ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول،و لا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا مما يقول» (1).0.

ص: 465


1- التهذيب 3:49 ح 170.
المطلب الثالث:في اللواحق
اشارة

و فيه مسائل:

الأولى حكم ما لو أحدث الإمام أو عرض له مانع

يجوز الاستخلاف-عند علمائنا اجمع-للإمام إذا أحدث أو عرض له مانع،للأصل،و لما روي عن علي عليه السّلام:«و من وجد أذى، فليأخذ بيد رجل فليقدمه» (1).و فيه دليل على انّ حق الاستخلاف هنا للإمام،فلو لم يفعل استناب المأمومون،لرواية علي بن جعفر عن أخيه عليهما السّلام (2).

الثانية:يكره ان يستخلف المسبوق،لاحتياجه الى ان يستخلف من

يسلّم بهم.

و يستحب ان يكون ممن شهد الإقامة،لرواية معاوية بن شريح عن الصادق عليه السّلام،قال:«إذا أحدث الامام و هو في الصلاة،فلا ينبغي له ان يقدم إلاّ من شهد الإقامة» (3).

و يجوز تقديم من لم يعلم ما مضى من صلاتهم،فيسبّحون به عند خطئه،رواه زرارة عن أحدهما عليهما السّلام (4).

الثالثة حكم ما لو جن الإمام أو أغمي عليه أو مات

لو جنّ الإمام أو أغمي عليه أو مات،فحق الاستخلاف للمأمومين،لرواية الحلبي عن الصادق عليه السّلام في رجل أمّ قوما بركعة ثم مات،قال:«يقدمون رجلا آخر و يعتدّون بالركعة» (5).

ص: 466


1- الكافي 3:366 ح 11،التهذيب 2:325 ح 1331.
2- الفقيه 1:262 ح 1196،التهذيب 3:283 ح 843.
3- التهذيب 3:42 ح 146،الاستبصار 1:434 ح 1674.
4- الكافي 3:384 ح 13،التهذيب 3:272 ح 784.
5- الكافي 3:383 ح 9،الفقيه 1:262 ح 1197،التهذيب 3:43 ح 148.
الرابعة حكم ما لو حضر الامام الصالح للإمامة و مكلّف في صلاته

لو حضر الامام الصالح للإمامة و مكلّف في صلاة،فإن كانت نفلا استحب قطعها ليفوز بأفضل منها،و ان كانت فريضة نقلها الى النفل ثم ائتمّ به ان لم يكن إمام الأصل،ليدرك الفضيلة،و لرواية سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام،قال:سألته عن رجل دخل المسجد فافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي إذ أذّن المؤذن،قال:«فليصل ركعتين،و يستأنف الصلاة مع الامام،و لتكن الركعتان تطوعا» (1).

و روى سماعة،قال:سألته عمن صلّى ركعة من فرضه فخرج الامام، فقال:«ان كان إماما عدلا فليصل اخرى و يجعلها تطوعا و يدخل مع الامام» (2).

و لو كان إمام الأصل استحب قطع الفريضة و استئناف الصلاة.

و توقّف فيه الفاضلان من حيث كمال المزية،و من عموم النهي عن قطع الصلاة (3).

و في المختلف جزم بعدم قطع الصلاة (4).

و يظهر من ابن إدريس عدم جواز النقل الى النفل،لأنه في معنى الابطال (5).

و في المبسوط:ان كانت فريضة كمل ركعتين و جعلهما نافلة و سلّم

ص: 467


1- الكافي 3:379 ح 3،التهذيب 3:274 ح 792.
2- الكافي 3:380 ح 7،التهذيب 3:51 ح 177.
3- المعتبر 2:445،الموجود في تذكرة الفقهاء 1:184،نهاية الإحكام 2: 159،إرشاد الأذهان 1:273،قواعد الأحكام 1:47 هو الجزم بقطع الفريضة، نعم استقرب عدم القطع في منتهى المطلب 1:383 كالمختلف.
4- مختلف الشيعة:159.
5- السرائر:63.

و دخل مع الإمام،فان لم يمكنه قطعها (1).و هو يشعر بجواز قطع الفريضة مع غير إمام الأصل إذا خاف الفوات،و هو عندي قوي،استدراكا لفضل الجماعة الذي هو أعظم من فضل الأذان،و لان العدول الى النفل قطع لها أيضا أو مستلزم لجوازه.

الخامسة جواز التسليم قبل الإمام في الجماعة المستحبة بنيّة الانفراد ان كان له عذر

يجوز في الجماعة المستحبة التسليم قبل الإمام بنيّة الانفراد ان كان له عذر،لما رواه أبو المغراء عن الصادق عليه السّلام في الرجل يصلي خلف إمام فيسلم قبل الامام،قال:«ليس بذلك بأس» (2).و روى علي بن جعفر عن أخيه عليهما السّلام في الرجل يكون خلف الامام فيطيل التشهد، فيأخذه البول أو يخاف على شيء ان يفوت أو يعرض له وجع،قال:يسلم و ينصرف (3).لأنّ الاقتداء غير واجب ابتداء فلا يجب استدامة.

و لو تعمّد السّلام قبله لا لعذر و لم ينو الانفراد،فالظاهر أنه يأثم و يجزئه.و لو كان له عذر و لم ينو الانفراد فكذلك،لانه انفراد بالفعل.

السادسة حكم ما لو صلّى أمّي بقارئ

قال الشيخ في المبسوط:لو صلّى أميّ بقارئ بطلت صلاة القارئ وحده،و صحت صلاة الأميّ.و لو صلّى بقارئ و أميّ بطلت صلاة القارئ وحده (4).

و استدرك الفاضل بأنه ينبغي التقييد بكون القاري غير صالح للإمامة، إذ لو كان صالحا لوجب على الأمي الاقتداء به،فإذا أخلّ بطلت صلاته و صلاة من خلفه (5).

ص: 468


1- المبسوط 1:156.
2- التهذيب 3:55 ح 189.
3- التهذيب 2:349 ح 1446.
4- المبسوط 1:154.
5- مختلف الشيعة:155.

و هذا بناء على وجوب الاقتداء،لانه يسقط وجوب القراءة لقيام قراءة الإمام مقامها،و ينبغي تقييده بأمرين:

أحدهما:سعة الوقت.فلو كان ضيقا لم يمكن فيه التعلم،فصلاته بالنسبة إليه صحيحة،فهي كسائر الصلوات التي لا يجب فيها الاقتداء مع إمكان الوجوب-كما قاله رحمه اللّه للعدول الى البدل عند تعذر المبدل.

الثاني:علم الأمي بالحكم.فلو جهله فالظاهر انه معذور،لان ذلك من دقائق الفقه الذي لا يكاد يدركه إلاّ من مارسه.

تم مع سعة الوقت و إمكان التعلم ينبغي بطلان صلاة الأمي على كل حال،لإخلاله بالواجب من التعلم،و اشتغاله بمنافيه.

و يتفرع على ذلك لو كان يعجز عن حرف،أو عن اعراب،فهل يجب عليه الائتمام؟فيه الكلام بعينه،إذ حكم الأبعاض حكم الجملة.

السابعة عدم جواز الاقتداء في النافلة

من مشاهير الفتاوى انه لا يجوز الاقتداء في النافلة،و قد سبق ذلك و ما استثنى منه،إلاّ ان في الروايات ما يتضمن جوازه،مثل:ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السّلام،قال:«صل بأهلك في رمضان الفريضة و النافلة،فإني أفعله» (1).و روى الحلبي عنه عليه السّلام:«تؤمّ المرأة النساء في النافلة» (2)و كذا في رواية سليمان بن خالد عنه عليه السّلام (3).

الثامنة حكم ما لو اضطر إلى الصلاة خلف المخالف

وردت رخصة بأنه إذا اضطر إلى الصلاة خلف المخالف يظهر المتابعة و لا يسجد السجود الحقيقي،و رواها عبيد بن زرارة عن أبي

ص: 469


1- التهذيب 3:267 ح 762.
2- التهذيب 3:268 ح 765،الاستبصار 1:427 ح 1647.
3- الكافي 3:376 ح 2،التهذيب 3:269 ح 768،الاستبصار 1:426 ح 1646.

عبد اللّه عليه السّلام،حيث قال عليه السّلام:«و اما أنا أصلي معهم و أريهم أني أسجد و ما اسجد» (1).

و روى ناصح المؤذن عنه عليه السّلام انه قال له عليه السّلام:اني أصلي في البيت و اخرج إليهم،قال:«اجعلها نافلة،و لا تكبر معهم فتدخل معهم في الصلاة،فإن مفتاح الصلاة التكبير» (2).و تأويل هذا الحديث مشكل،لأنّ ظاهره انّ النافلة تنعقد بغير تكبير و هو غير معهود،و ان الصلاة تنعقد بالتكبير بحيث يتعيّن إتمامها و لم يقل به الأصحاب.

التاسعة جواز التشهد للمسبوق مع الامام

يجوز التشهد للمسبوق مع الامام،رواه إسحاق بن يزيد عنه عليه السّلام،حيث قال:أ فأتشهد كلما قعدت؟فقال:«نعم،انما التشهد بركة» (3).و نحوه رواه داود بن الحصين (4).

و قال في المبسوط:إذا جلس للتشهد الأخير جلس معه يحمد اللّه و يسبحه (5).

و قال أبو الصلاح:يجلس مستوفزا و لا يتشهد (6)و تبعه ابن زهرة (7)و ابن حمزة (8).

و الأفضل للإمام ان يلازم مقامه حتى يتمّ من اقتدى به الصلاة،رواه

ص: 470


1- التهذيب 3:269 ح 774.
2- التهذيب 3:270 ح 775.
3- الكافي 3:381 ح 3،التهذيب 3:270 ح 779.
4- التهذيب 3:56 ح 196.
5- المبسوط 1:159.
6- الكافي في الفقه:145.
7- الغنية:498.
8- الظاهر أنه في غير الوسيلة من كتبه المخطوطة،و انظر الحدائق 11:250.

إسماعيل بن عبد الخالق قال:سمعته يقول:«لا ينبغي للإمام ان يقوم إذا صلّى حتى يقضي كل من خلفه ما قد فاته من الصلاة» (1)و لفظة«لا ينبغي» ظاهرة في الكراهية،و لرواية عمار عن الصادق عليه السّلام:جواز قيام الامام من موضعه قبل فراغ من دخل في صلاته (2).

فان قلت:في قوله:«يقضي كل من خلفه ما فاته»دليل على ان ما يدركه آخر صلاته لا أولها،كما يقوله بعض العامة (3)و يحتج بقول النبي صلّى اللّه عليه و آله:«و ما فاتكم فاقضوا» (4).

قلت:لما دلت الأخبار الكثيرة على انّ ما يدركه هو أول الصلاة، وجب تأويل هذا بانّ المراد ب(القضاء):الإتيان،و المراد ب(ما فات) المماثل لما فات في العدد لا في نفس الفائت،اعني:القراءة بالفاتحة و السورة.

العاشرة:يستحب للإمام تخفيف الصلاة،

و الاقتصار على السور القصار،و التسبيح في الركوع و السجود ثلاثا لا أزيد.روى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام،قال:«ينبغي للإمام ان تكون صلاته على أضعف من خلفه» (5).

و لو أحسّ بشغل لبعض المأمومين استحب التخفيف أزيد من ذلك.

ص: 471


1- التهذيب 3:49 ح 169،الاستبصار 1:439 ح 1692،و فيهما:«ما فاته».
2- التهذيب 3:273 ح 790.
3- المغني 2:260،الشرح الكبير 2:11،المبسوط(للسرخسي)1:190، المجموع 4:220،فتح العزيز 4:427،حلية العلماء 2:188.
4- مسند أحمد 2:238،270،318،سنن النسائي 2:114،المصنف لابن أبي شيبة 2:358،السنن الكبرى 2:297،مسند الحميدي 2:418 ح 935.
5- الفقيه 1:255 ح 1152،التهذيب 3:274 ح 795.

روى ابن سنان عن الصادق عليه السّلام،قال:«صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر و العصر،فخفف الصلاة في الركعتين،فلما انصرف قالوا:خففت في الركعتين الأخيرتين،فقال لهم:«اما سمعتم صراخ الصبي» (1).

و يستحب له القعود بعد التسليم هنيهة،رواه سيف بن عميرة عن أبي بكر عن الصادق عليه السّلام (2).

و يستحب ان يعمّم الامام دعاءه،لرواية سماعة عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:«من صلّى بقوم،فاختص نفسه بالدعاء، فقد خانهم» (3).

الحادية عشرة حكم من يصلي بالناس و في وجهه أثر،و الصلاة مع النواصب بغير وضوء تقية

روى إبراهيم بن عبد الحميد،عن أبي الحسن عليه السّلام، قال:«لا يصلي بالناس من في وجهه آثار» (4).و به افتى ابن بابويه في المقنع (5)و يمكن حملها على البرص أو الجذام لا على مطلق الآثار.

و روى شعبة بن صدقة،انه قيل للصادق عليه السّلام في الصلاة مع الناصبة بغير وضوء تقية لعدم إمهالهم للوضوء،فقال عليه السّلام:«اما يخاف من يصلي على غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا» (6).و قال ابن بابويه-في المقنع-:

«ما من عبد يصلّي في الوقت و يفرغ،ثم يأتيهم و يصلّي معهم و هو على وضوء،الا كتب اللّه له خمسا و عشرين درجة» (7)و الظاهر انه رواه.و يجمع

ص: 472


1- التهذيب 3:274 ح 796.
2- التهذيب 3:275 ح 802.
3- الفقيه 1:260 ح 1186،التهذيب 3:281 ح 831.
4- التهذيب 3:281 ح 833.
5- انظر المقنع:115(فيه:قال أمير المؤمنين عليه السّلام لا يؤمّ صاحب العلّة الأصحّاء).
6- الفقيه 1:251 ح 1128،و فيه مسعدة بن صدقة.
7- لم نعثر عليه في المقنع و رواه في الفقيه 1:265-1210.

بينهما بالاضطرار و الاختيار.

الثانية عشرة:وقت القيام إلى الصلاة

عند قول المؤذن:(قد قامت الصلاة)في المشهور،لان حفص بن سالم سأل الصادق عليه السّلام:إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة،أ يقوم الناس على أرجلهم أو يحتبسون حتى يجيء الامام؟قال:«لا بل يقومون،فان جاء امامهم و إلاّ فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم» (1).

و قال بعض الأصحاب:وقت القيام عند قوله:(حي على الصلاة)، لأنه دعاء إليها (2).قلنا:دعاء إلى الإقبال،(و قد قامت)دعاء الى القيام.

و في المبسوط:وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الأذان،و كذلك وقت الإحرام بها وقت الفراغ منه على التمام (3)و عنى به الإقامة.و مثله قال في الخلاف (4).

الثالثة عشرة:يكره ان يصلى نافلة بعد الإقامة،

لما فيه من التشاغل بالمرجوح عن الراجح.و منعه ابن حمزة (5)و في النهاية:لا يجوز (6)،و قد تحمل على ما لو كانت الجماعة واجبة و كان ذلك يؤدي الى فواتها.

الرابعة عشرة هل أنّ الامام يضمن القراءة و الركوع و السجود؟

نقل ابن إدريس انّ من الأصحاب من يقول:ان الامام يضمن القراءة و الركوع و السجود (7)و مضمونه في رواية محمد بن سهل عن

ص: 473


1- الفقيه 1:252 ح 1137،التهذيب 2:285 ح 1143.
2- حكاه في مختلف الشيعة 1:160.
3- المبسوط 1:157.
4- الخلاف 1:564 المسألة 315،316.
5- الوسيلة:106.
6- النهاية:119.
7- السرائر:61.

الرضا عليه السّلام،قال:«الامام يحمل أوهام من خلفه إلاّ تكبيرة الافتتاح» (1).

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:«الأئمة ضمناء» (2).

و يعارضها غيرها من ان الامام ليس بضامن،رواها معاوية بن وهب عن الصادق عليه السّلام (3).

الخامسة عشرة هل ينبّه المأموم الامام على الغلط و اللحن؟

يفتح المأموم على الإمام إذا ارتج عليه،و ينبّهه على الغلط و اللحن،فلو تركه لم تبطل الصلاة إذا لم يعلم انه تعمّده.

و المسبوق إذا جلس في تشهد الامام جلس متجافيا مستوفزا غير متمكن،و ذلك على سبيل الندب،و قال ابن بابويه:يجب (4).و يستحب له تخفيف تشهده في موضعه ثم يلحق بالإمام.

السادسة عشرة استحباب ان يتقدم الامام دخول المسجد و يتعمّم فيتحنك و يجهر بالقراءة و التكبير و القنوت و التشهّد

قال أبو الصلاح:و يلزم إمام الصلاة تقديم دخول المسجد ليقتدي به المؤتمون،و يتعمّم فيتحنك و يرتدي،و يجهر بالقراءة بحيث يجب الجهر،و يخافت.بحيث يجب الإخفات،و يجهر بالتكبير و القنوت و التشهد على كل حال،و يخفف من غير إخلال (5).

و الظاهر انه أراد باللزوم تأكيد الاستحباب،و يكون المراد بالجهر في القراءة زيادته بحيث يسمع المأمومون.

قال:و يلي اولى الأحلام العوام و الاعراب،و يلونهم العبيد،و يلونهم

ص: 474


1- الفقيه 1:264 ح 1205.
2- ترتيب مسند الشافعي 1:58 ح 174،المصنف لعبد الرزاق 1:477 ح 1839، السنن الكبرى 1:430.
3- التهذيب 3:277 ح 813.
4- الفقيه 1:263 ذيل الحديث 1198.
5- الكافي في الفقه:144.

الصبيان ثم النساء (1).

السابعة عشرة جواز الائتمام بمن يسمع أبويه الكلام المغضب لهما ما لم يكن عاقا قاطعا

روى عمر بن يزيد عن الصادق عليه السّلام:جواز الائتمام بمن يسمع أبويه الكلام المغضب لهما ما لم يكن عاقا قاطعا (2).و يحمل ذلك على انه غير مصرّ،إذ الإصرار على الصغائر يلحقها بالكبائر ان جعلنا هذا صغيرة و تحريم ان يقول لهما أف (3)يؤذن بعظم حقهما،و بأنّ المتخطّي نهي اللّه تعالى فيهما على خطر عظيم.

الثامنة عشرة حكم من سبق الإمام بالافعال أو قارنه أو تابعه

قال ابن بابويه:من المأمومين من لا صلاة له،و هو الذي يسبق الإمام في ركوعه و سجوده و رفعه.

و منهم من له صلاة واحدة،و هو المقارن له في ذلك.

و منهم من له أربع و عشرون ركعة،و هو الذي يتبع الإمام في كل شيء،فيركع بعده،و يسجد بعده،و يرفع منهما بعده.

و منهم من له ثمان و أربعون ركعة،و هو الذي يجد في الصف الأول ضيقا فيتأخّر إلى الصف الثاني (4).

قال:و روى أيضا:«ان من صلّى في مسجد القبيلة كان له ثمان و أربعون ركعة».قال:و مسجد القبيلة هو مسجد بناه من لقي الإمام.

قال:و سألت شيخنا محمد بن الحسن عن موقف من يدخل بعد من

ص: 475


1- الكافي في الفقه:144.
2- الفقيه 1:248 ح 1114،التهذيب 3:30 ح 106.
3- المستفاد من الآية 23،سورة الإسراء.
4- الظاهر ان هذا الحديث و الذي بعده رويت في كتاب«فضل المساجد و حرمتها و ما جاء فيها»-و هو مخطوط مفقود-على ما قاله الشيخ الصدوق في الفقيه ج 1:152 ذيل الحديث 702،و انظر ثواب الأعمال:51.

دخل و وقف على يمين الامام لتضايق الصفوف،فقال:لا أدري،و ذكر انه لا يعرف في ذلك أثرا في الحديث.

التاسعة عشرة استحباب كون الامام أقرأ القوم و الإنصات لقراءة الإمام

أوجب ابن حمزة ان يكون أقرأ القوم،لظاهر الخبر.

و المشهور انه على الاستحباب،و الا ان يكون من دونه لا يؤدي الواجب من القراءة.

و أوجب الإنصات لقراءة الامام على ظاهر الآية و حمله الأكثر على الندب.

و عدّ من المحظور صلاة العصر خلف من يصلّيها و لم يصلّ المقتدي الظهر.و هذا لا خصوصية فيه للإمامة،لتحريم تقديم العصر على الظهر متعمدا،سواء كان إماما أو مؤتما أو منفردا.

و عدّ من المكروه الوقوف عن يسار الامام،و قال:لا يمكّن العبد، و لا الصبي،و لا السفيه،و لا المخنث،و لا الخنثى،من الصف الأول (1).

العشرون قول الشيخ في الخلاف بعدم بطلان صلاة من تقدمت سفينته على سفينة الإمام

قال الشيخ في الخلاف:لا تبطل الصلاة بتقدم سفينة المأموم على سفينة الإمام،لعدم الدليل (2).و الظاهر انه يريد به إذا انفرد،أو استدرك التأخّر.

و قال:لو قلنا ان الماء ليس بحائل،فلا حدّ فيه الا ما يمنع من

ص: 476


1- الظاهر أن هذه الأحكام منقولة من كتاب الواسطة،و هو مفقود.و يوجد بعضها في كتاب الوسيلة:105،106،108. و الخبر في الكافي 3:376 ح 5،علل الشرائع 2:326 ح 2،التهذيب 3:31 ح 113. و الآية في سورة الأعراف:204.
2- الخلاف 1:559 المسألة 307.

مشاهدة الامام و الاقتداء بأفعاله.

ثم نقل عن الشافعي التحديد بثلاثمائة ذراع،فان زاد لم يجز.

ثم قال:التحديد يحتاج الى شرع،و ليس فيه ما يدل عليه (1).و هذا يشعر بجواز الزيادة على ثلاثمائة،و لا يراد به مع اتصال الصفوف إذ لا صفوف في الماء،الا في مثل السفن.و يمكن ان يريد بالتحديد المنفي نفس الثلاثمائة،فيكون انتفاء الزائد بطريق الأولى.

و ليكن هذا آخر المجلد الأول من كتاب ذكري الشيعة،و يتلوه ان شاء اللّه تعالى في المجلد الثاني كتاب الزكاة.و فرغ منه يوم الثلاثاء لتسع ان بقين من صفر ختم بالخير و الظفر،سنة أربع و ثمانين و سبعمائة.و الحمد للّه رب العالمين،و الصلاة و التسليم على أفضل المرسلين محمد و آله الطيبين الطاهرين صلاة تامة باقية الى يوم الدين.

ص: 477


1- الخلاف 1:559 المسألة 308. و قول الشافعي في الأم(مختصر المزني):23 المهذّب 1:107.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.