الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه المجلد 16

اشارة

سرشناسه:وجدانی فرخ، قدرت الله، 1375 - 1311، شارح

عنوان و نام پديدآور:الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه/ تالیف قدره الله الوجدانی فخر

مشخصات نشر: الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

مشخصات ظاهری: 16ج

يادداشت:کتاب حاضر شرحی است بر "الروضه البهیه..." شهید ثانی، که خود شرحی است بر "اللمعه الدمشقیه... شهید اول"

يادداشت:عربی

عنوان دیگر:اللمعه الدمشقیه. شرح

عنوان دیگر:الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

موضوع:شهید اول محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

فقه جعفری -- قرن ق 8

شناسه افزوده:شهید اول، محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه. شرح

شناسه افزوده:شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

ص: 1

اشارة

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولی

1431 ه - 2010م

الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

هاتف 946161 / 03 - 115425 / 02 - تلفاکس: 4715510 / 01

http://www.Dar-Alamira.com

E-mail:info@dar-alamira.com

ص: 2

الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه

تالیف قدره الله الوجدانی فخر

الجزء السادس عشر

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 4

كتاب الحدود

اشارة

ص: 5

ص: 6

كتاب (1) الحدود

**********

شرح:

الحدود (1)بالرفع، خبر لمبتدإ مقدّر هو «هذا». يعني أنّ هذا هو كتاب الحدود.

الحدود جمع، مفرده الحدّ من حدّ يحدّ حدّا و حددا المذنب: أقام عليه الحدّ و أدّبه بما يمنع غيره و يمنعه من ارتكاب الذنب.

الحدّ، ج حدود: العقوبة (المنجد).

من حواشي الكتاب: الحدود جمع الحدّ، و هو لغة المنع، و منه اخذ الحدّ الشرعيّ ، لكونه ذريعة إلى منع الناس عن فعل موجبه من خشية وقوعه، و شرعا عقوبة خاصّة يتعلّق بإيلام البدن بواسطة تلبّس المكلّف بمعصية خاصّة عيّن الشارع كمّيّتها في جميع أفراده، و التعزير لغة التأديب، و شرعا عقوبة أو إهانة لا تقدير لها بأصل الشرع غالبا، و الأصل فيهما الكتاب و السنّة، و تفاصيله في الأخبار و الآيات كثيرة، لكثرة أفراده... إلخ (حاشية الشارح رحمه اللّه).

و لا يخفى أنّ في إجراء حدود اللّه تعالى فوائد كثيرة فرديّة و اجتماعيّة، و في تعطيلها مضرّات كذلك، و قد اشير إليهما في الأخبار الواردة في الباب، و نحن نذكر هنا بعضها من كتاب الوسائل:

الأوّل: محمّد بن يعقوب بإسناده عن حنّان بن سدير قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: حدّ يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين ليلة و أيّامها (الوسائل: ج 18 ص 308 ب 8 من أبواب مقدّمات الحدود من كتاب الحدود ح 2).

ص: 7

(و فيه (1) فصول:)

**********

شرح:

الثاني: محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي إبراهيم عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ : يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (1) قال: ليس يحييها بالقطر، و لكن يبعث اللّه رجالا فيحيون العدل، فتحيى الأرض لإحياء العدل، و لإقامة الحدّ فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا (المصدر السابق: ح 3).

الثالث: محمّد بن يعقوب بإسناده عن عمران بن ميثم أو صالح بن ميثم عن أبيه في حديث طويل أنّ امرأة أتت أمير المؤمنين عليه السّلام فأقرّت بالزناء أربع مرّات، قال:

فرفع رأسه إلى السماء و قال: اللّهمّ إنّه قد ثبت عليها أربع شهادات و إنّك قد قلت لنبيّك صلّى اللّه عليه و آله فيما أخبرته من دينك: يا محمّد من عطّل حدّا من حدودي فقد عاندني، و طلب بذلك مضادّتي (المصدر السابق: ح 6).

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الكتاب. يعني أنّ في كتاب الحدود فصولا.

و لا يخفى أنّ فصول هذا الكتاب سبعة:

الفصل الأوّل في بيان حدّ الزناء.

الفصل الثاني في بيان حدّ اللواط .

الفصل الثالث في بيان حدّ القذف.

الفصل الرابع في بيان حدّ الشرب.

الفصل الخامس في بيان حدّ السرقة.

الفصل السادس في بيان حدّ المحارب.

الفصل السابع في بيان عقوبات متفرّقة.

و سيأتي تفصيل كلّ واحد من هذه الفصول في محلّه إن شاء اللّه تعالى.

ص: 8


1- سوره 30 - آیه 19

الفصل الأوّل في الزنى

اشارة

(الأوّل (1) في حدّ الزناء)

**********

شرح:

حدّ الزناء (1)يعني أنّ الفصل الأوّل من فصول هذا الكتاب في بيان حدّ الزناء.

أقول: لا يخفى كون الزناء من المعاصي الكبيرة التي نهى اللّه عزّ و جلّ عنه في كتابه بقوله: وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلاً (1) الذي يشير إلى عدم جواز القرب إلى الزناء الملازم لوجوب ترك ما ينتهي إليه من مقدّماته القريبة و البعيدة التي من جملتها النظر إلى الأجنبيّة و لو إلى ثوبها و الجلوس في المكان الذي جلست فيه الأجنبيّة قبل زوال حرارة بدنها، كما ورد في بعض الروايات و الحال أنّه تعالى نهى عن نفس ارتكاب سائر المعاصي لا عن القرب إليها.

أمّا الآية الناهية عن القرب إلى الزناء فهي في سورة الإسراء، الآية 32، و قد أشرنا إليها آنفا.

و الأخبار الناهية عن الزناء كثيرة جدّا، و نحن ننقل بعضها من كتاب الوسائل:

الأوّل: محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد اللّه بن الميمون القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يا بنيّ لا تزن، فإنّ الطير لو زنى لتناثر ريشه (الوسائل: ج 14 ص 232 ب 1 من أبواب النكاح المحرّم من كتاب النكاح، ح 5).

و لا يخفى أنّ تناثر ريش الطير من الزناء إشارة إلى المفاسد و المضرّات الحاصلة

ص: 9


1- سوره 17 - آیه 32

**********

شرح:

من الزناء.

الثاني: محمّد بن يعقوب بإسناده عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الزناء خمس خصال: يذهب بماء الوجه و يورث الفقر و ينقص العمر و يسخط الرحمن و يخلّد في النار، نعوذ باللّه من النار (المصدر السابق: ح 6).

الثالث: محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد اللّه بن الميمون القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: للزاني ستّ خصال: ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة، أمّا التي في الدنيا فيذهب بنور الوجه و يورث الفقر و يعجّل الفناء، و أمّا التي في الآخرة فسخط الربّ و سوء الحساب و الخلود في النار (المصدر السابق: ح 8).

الرابع: محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام فيما كتب إليه من جواب مسائله: و حرّم اللّه الزناء لما فيه من الفساد من قتل النفس و ذهاب الأنساب و ترك التربية للأطفال و فساد المواريث و ما أشبه ذلك من وجوه الفساد (المصدر السابق: ح 15).

الخامس: محمّد بن يعقوب بإسناده عن إسحاق بن بلال (هلال - خ ل) عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام ألا اخبركم بأكبر الزناء؟ قالوا: بلى، قال: هي امرأة توطي فراش زوجها فتأتي بولد من غيره فتلزمه زوجها، فتلك التي لا يكلّمها اللّه، و لا ينظر إليها يوم القيامة، و لا يزكّيها، و لها عذاب أليم (المصدر السابق:

ص 237 ب 2 من تلك الأبواب ح 2).

السادس: محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند اللّه عزّ و جلّ من رجل قتل نبيّا أو إماما أو هدم الكعبة التي جعلها اللّه قبلة لعباده أو أفرغ ماءه في امرأة حراما (المصدر السابق: ص 239 ب 4 من تلك الأبواب ح 2).

ص: 10

الزنى لغة و اصطلاحا

بالقصر لغة حجازيّة (1)، و بالمدّ تميميّة.

(و هو (2)) أي الزناء (إيلاج (3))

**********

شرح:

الزناء لغة (1)يعني أنّ أهل الحجاز يستعملون هذا اللفظ بالقصر (الزنى)، و أنّ التميميّين يستعملونه بالمدّ (الزناء).

الزناء من زنى الرجل يزني زنى و زناء (يائيّ ): فجر، فهو زان، ج زناة، و هي زانية، ج زوان (أقرب الموارد).

تعريف الزناء (2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الزناء.

(3)خبر لقوله «و هو». يعني أنّ الزناء الذي يوجب الحدّ يتحقّق بقيود.

أقول: إنّ الزناء يتحقّق بقيود عشرة:

الأوّل: الإيلاج.

الثاني: كون الإيلاج من البالغ.

الثالث: كون الإيلاج من العاقل.

الرابع: كون الإيلاج في فرج المرأة.

الخامس: كون الإيلاج في المرأة البالغة.

السادس: كون المرأة محرّمة على الزاني.

السابع: كون المرأة غير معقود عليها و لا مملوكة.

الثامن: كون الإيلاج بقدر الحشفة أو أزيد.

التاسع: كون المولج عالما بتحريم الفعل.

ص: 11

أي إدخال الذكر (1)(البالغ (2) العاقل في فرج (3) امرأة)، بل مطلق انثى (4)، قبلا أو دبرا (5)(محرّمة (6)) عليه (من غير عقد) نكاح بينهما (7)(و لا ملك) من الفاعل للقابل (8)(و لا شبهة (9)) موجبة لاعتقاد الحلّ (10)(قدر (11))

**********

شرح:

العاشر: كون المولج مختارا.

و سيأتي تفصيل كلّ واحد من القيود المذكورة و عدم تحقّق الزناء الموجب للحدّ عند تخلّف كلّ واحد منها.

(1)المراد من «الذكر» هو المذكّر أو آلة الذكوريّة، و الأوّل أولى، و عليه يكون قوله «إدخال الذكر» من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل، و على الثاني يكون من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول.

(2)بالجرّ، لإضافة الإيلاج إليه - بالنظر إلى المتن -، و يكون من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل.

(3)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «إيلاج».

(4)أي و لو لم تكن المرأة المدخول بها بالغة.

(5)يعني يتحقّق الزناء بكون الإيلاج في دبر المرأة أيضا، لأنّه ليس لواطا، فإنّ اللواط لا يتحقّق بين الرجل و المرأة، بل بين الذكرين، كما سيأتي.

(6)بالجرّ، صفة لقوله «امرأة»، و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى البالغ.

(7)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى البالغ و المرأة.

(8)المراد من «القابل» هو المدخول بها. يعني أنّ من شرائط تحقّق الزناء هو أن لا يكون الفاعل مالكا للمدخول بها، و إلاّ فلا حرمة.

(9)أي لا يتحقّق الزناء لو كان الإيلاج بالشبهة.

(10)كما إذا اعتقد الفاعل أنّ هذه المرأة التي يدخل بها هي زوجته أو مملوكته.

(11)بالنصب، لكونه مفعولا لقوله «إيلاج» لو قلنا بكون إضافة «إدخال» - و هو

ص: 12

(الحشفة) مفعول المصدر المصدّر به (1).

و يتحقّق قدرها (2) بإيلاجها (3) نفسها أو إيلاج قدرها من مقطوعها - و إن كان تناولها (4) للأوّل لا يخلو من تكلّف - في حالة كون المولج (عالما (5)) بالتحريم (مختارا (6)) في الفعل.

قيود التعريف

فهنا قيود:

أحدها (7): الإيلاج (8)، فلا يتحقّق الزناء بدونه كالتفخيذ (9) و غيره و

**********

شرح:

مترادف الإيلاج - إلى «الذكر» من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله، راجع الهامش 1 من الصفحة السابقة.

(1)أي المصدر الذي صدّرت الجملة الخبريّة به في قوله «و هو إيلاج البالغ... إلخ».

(2)الضمير في قوله «قدرها» يرجع إلى الحشفة. يعني أنّ إيلاج قدر الحشفة يتحقّق بإدخال نفس الحشفة لو كانت غير مقطوعة، و بإدخال مقدارها لو كانت مقطوعة.

(3)الضمائر في أقواله «إيلاجها» و «نفسها» و «قدرها» و «مقطوعها» ترجع إلى الحشفة.

(4)الضمير في قوله «تناولها» يرجع إلى الحشفة. يعني أنّ تناول مقدار الحشفة لنفس الحشفة بتمامها لا يخلو من تكلّف، لأنّ نفس الحشفة غير مقدارها.

(5)هذا هو القيد التاسع من القيود العشرة المذكورة سابقا.

(6)و هذا هو القيد العاشر من القيود العشرة المتقدّمة.

قيود التعريف (7)الضمير في قوله «أحدها» يرجع إلى القيود.

(8)أي الإدخال. يعني لا يتحقّق الزناء بدون الإدخال.

(9)التفخيذ من فخذه فخذا: أصاب فخذه.

الفخذ و الفخذ و الفخذ: ما بين الركبة و الورك، مؤنّثة، ج أفخاذ (أقرب الموارد).

ص: 13

إن كان (1) محرّما يوجب التعزير.

و ثانيها (2): كونه من البالغ، فلو أولج الصبيّ ادّب (3) خاصّة.

و ثالثها: كونه (4) عاقلا، فلا يحدّ المجنون على الأقوى، لارتفاع (5) القلم عنه.

و يستفاد من إطلاقه (6) عدم الفرق بين الحرّ و العبد، و هو (7) كذلك و إن افترقا (8)

**********

شرح:

(1)أي و إن كان التفخيذ و غيره حراما يوجب تعزير فاعله.

(2)الضمير في قوله «ثانيها» يرجع إلى القيود، و في قوله «كونه» يرجع إلى الإيلاج.

(3)يعني أنّ الصبيّ لو ارتكب ذلك لم يحكم عليه بإجراء الحدّ عليه.

(4)أي من شرائط تحقّق الزناء الموجب للحدّ هو كون الزاني عاقلا.

(5)إشارة إلى الروايات الدالّة على رفع قلم التكليف عن المجنون، منها ما نقله الشيخ الصدوق رحمه اللّه في كتاب الخصال:

حدّثنا الحسن بن محمّد السكونيّ المزكّي بالكوفة قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحضرميّ قال: حدّثنا إبراهيم بن أبي معاوية قال: حدّثني أبي عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد فجرت فأمر عمر برجمها، فمرّوا بها على عليّ عليه السّلام، فقال: ما هذه ؟ فقالوا: مجنونة قد فجرت، فأمر بها عمر أن ترجم، فقال:

لا تعجلوا، فأتى عمر فقال: أما علمت أنّ القلم رفع عن ثلاثة: عن الصبيّ حتّى يحتلم، و عن المجنون حتّى يفيق، و عن النائم حتّى يستيقظ (الخصال: ج 1 ص 175 ح 233).

(6)الضمير في قوله «إطلاقه» يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ قوله «و هو إيلاج البالغ العاقل... إلخ» مطلق يشمل الحرّ و العبد.

(7)أي الحكم بعدم الفرق بين الحرّ و العبد - كما عليه المصنّف - ثابت عندنا أيضا.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى الحرّ و العبد.

ص: 14

في كمّيّة الحدّ (1) و كيفيّته (2).

و رابعها: كون الإيلاج في فرجها (3)، فلا عبرة بإيلاجه في غيره من المنافذ و إن حصل به (4) الشهوة و الإنزال.

و المراد بالفرج العورة، كما نصّ عليه الجوهريّ ، فيشمل القبل و الدبر و إن كان إطلاقه (5) على القبل أغلب.

و خامسها: كونها امرأة، و هي (6) البالغة تسع سنين، لأنّها تأنيث المرء، و هو (7) الرجل.

و لا فرق فيها (8) بين العاقلة و المجنونة و الحرّة و الأمة الحيّة و الميّتة و

**********

شرح:

(1)فإنّ العبد يجري عليه نصف الحدّ الذي يجري على الحرّ.

(2)فإنّ العبد إذا حكم بقتله للزناء لم يحكم برجمه.

(3)أي الشرط الرابع لتحقّق الزناء هو كون الإدخال في فرج المرأة الشامل لقبلها و دبرها.

(4)أي لا يتحقّق الزناء بإدخال الذكر في فم المرأة مثلا و إن حصل بمصّها الإنزال و الشهوة.

(5)أي يكون إطلاق لفظ الفرج على القبل أغلب و أكثر من إطلاقه على الدبر.

(6)الضمير في قوله «و هي» يرجع إلى الامرأة. يعني أنّ الامرأة هي التي بلغت تسع سنين من عمرها.

(7)يعني أنّ المرء هو الرجل، و المرأة مؤنّثه، فكما أنّ المرء هو الذكر البالغ فكذلك المرأة هي الانثى البالغة.

(8)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى المرأة.

ص: 15

إن كان في الميّتة (1) أغلظ ، كما سيأتي.

و خرج بها (2) إيلاجه في دبر الذكر، فإنّه (3) لا يعدّ زناء و إن كان أفحش و أغلظ (4) عقوبة.

و سادسها: كونها (5) محرّمة عليه، فلو كانت حليلة بزوجيّة (6) أو ملك لم يتحقّق الزناء.

و شملت المحرّمة الأجنبيّة المحصنة (7) و الخالية من بعل (8) و محارمه (9) و زوجته (10)

**********

شرح:

(1)أي و إن كان الزناء بالمرأة الميّتة أغلظ و أشدّ من حيث الحرمة من الزناء بالحيّة، كما سيأتي.

(2)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى المرأة. يعني خرج بقول المصنّف رحمه اللّه «إيلاج البالغ العاقل في فرج الامرأة» الإيلاج في دبر الذكر، فإنّه لا يطلق عليه الزناء، بل يطلق عليه اللواط ، كما سيأتي.

(3)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع إلى الإيلاج في دبر الذكر.

(4)فإنّ حدّ اللواط أشدّ من حدّ الزناء، كما سيأتي.

(5)أي القيد السادس لتحقّق الزناء هو كون المرأة محرّمة على الرجل.

(6)كما إذا كانت المرأة زوجة الرجل أو مملوكته، فلا يتحقّق الزناء.

(7)المراد من «الأجنبيّة المحصنة» هو المرأة التي لها زوج يغدو و يروح عليها، كما سيأتي تفصيله.

(8)كما إذا لم يكن للمرأة المزنيّ بها زوج.

(9)بالنصب، عطف على قوله «الأجنبيّة». يعني يشمل قيد «المحرّمة» المرأة التي تكون من محارم الرجل الذي يزني بها.

(10)أي تشمل قيد «المحرّمة» زوجة الرجل الحائض.

ص: 16

و المظاهرة (1) و المولى منها (2) و المحرمة (3) و غيرها (4) و أمته المزوّجة (5) و المعتدّة (6) و الحائض (7) و نحوها، و سيخرج بعض هذه المحرّمات (8).

و سابعها: كونها غير معقود عليها (9) و لا مملوكة و لا مأتيّة بشبهة.

و به (10) يخرج وط ء الزوجة المحرّمة لعارض ممّا ذكر (11)، و كذا الأمة (12)، فلا يترتّب عليه (13) الحدّ

**********

شرح:

(1)المظاهرة - بصيغة اسم المفعول - هي التي ظاهرها زوجها، كما تقدّم في باب الظهار.

(2)المراد من «المولى منها» هو المرأة التي حلف زوجها على ترك وطيها أزيد من أربعة أشهر، كما تقدّم في كتاب الإيلاء.

(3)يعني يشمل قيد «المحرّمة» زوجة الرجل إذا كانت في حال الإحرام.

(4)الضمير في قوله «غيرها» يرجع إلى من ذكر.

و المراد من «غيرها» هو مثل كون الزوجة معتكفة أو صائمة، و هما محرّمتان على الزوج.

(5)أي أمته التي تزوّج بها غير المولى، فإنّها تكون محرّمة على مالكها.

(6)فإنّ الزوجة إذا طلّقها الزوج كانت محرّمة عليه حال العدّة.

(7)أي الأمة التي تكون في حال الحيض.

(8)أي سيأتي التعرّض لعدم تحقّق الزناء بوطي بعض من ذكر مثل وطي الزوجة في حال الحيض، فإنّه و إن كان حراما، لكن لا يصدق عليه الزناء.

(9)فلو كانت المرأة معقودا عليها للواطي لم يتحقّق الزناء بوطيها.

(10)الضمير في قوله «به» يرجع إلى القيد السابع.

(11)من الحيض و الظهار و الإيلاء و الإحرام.

(12)أي و كذا يخرج وطي الأمة المحرّمة، لعروض ما يوجب الحرمة.

(13)أي لا يحكم بالزناء و الحدّ على الزوج الذي جامع زوجته أو المولى الذي جامع

ص: 17

و إن حرم (1)، و لهذا (2) احتيج إلى ذكره بعد المحرّمة، إذ لولاه (3) لزم كونه (4) زناء يوجب الحدّ و إن كان (5) بالثاني (6) يستغني (7) عن الأوّل (8) إلاّ أنّ بذلك (9)

**********

شرح:

أمته في حال الحيض و غيره ممّا يستتبع الحرمة.

(1)أي و إن كان الوطي حراما في الحالات المذكورة.

(2)يعني و لأجل عدم تحقّق الزناء بوطي الزوجة أو الأمة في الحالات المذكورة تحقّقت الحاجة إلى ذكر القيد السابع بعد قول المصنّف رحمه اللّه في التعريف: «محرّمة»، فإنّه لو لم يذكر القيد السابع لدخل وطي الزوجة في الحالات المذكورة في تعريف المصنّف للزناء، و كان الزوج و المولى الواطئان كذلك زانيين!

(3)الضمير في قوله «لولاه» يرجع إلى ذكر القيد السابع من القيود. يعني لو لم يذكر القيد السابع لزم كون وطي الزوجة أو الأمة في الحالات المذكورة من الحيض و الاعتكاف و الإحرام التي تحرم الزوجة فيها على زوجها زناء موجبا للحدّ، مع أنّه لم يقل أحد من الفقهاء بذلك و إن كان حراما و موجبا للكفّارة.

(4)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى وطي الزوجة أو الأمة.

(5)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى تعريف المصنّف للزناء.

(6)المراد من «الثاني» هو القيد السابع من القيود.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى تعريف المصنّف رحمه اللّه.

(8)المراد من «الأوّل» هو القيد السادس، و هو قوله «محرّمة». يعني أنّ القيد السابع - و هو كون المرأة غير معقود عليها و لا مملوكة - يغني عن القيد السادس، فلا حاجة إلى ذكر القيد السادس مع ذكر القيد السابع، لكنّ الشارح رحمه اللّه استدرك من هذا الإشكال بقوله «إلاّ... إلخ».

(9)المشار إليه في قوله «بذلك» هو الاستغناء. و هذا اعتذار من الشارح و جواب منه

ص: 18

لا يستدرك (1) القيد (2)، لتحقّق الفائدة (3) مع سبقه (4).

و المراد بالعقد ما يشمل الدائم (5) و المنقطع، و بالملك (6) ما يشمل العين (7) و المنفعة كالتحليل (8)،

**********

شرح:

عن إشكال الاستغناء بذكر القيد السابع عن ذكر القيد السادس بأنّه ربّما يترتّب على ذكر القيد المستغنى عنه فائدة، و إلاّ يأتي الإشكال المذكور في أغلب التعاريف، كما يقال في تعريف الإنسان: الإنسان حيوان ناطق و الحال أنّ ذكر الناطق يغني عن ذكر الحيوان، لأنّ الناطق ليس إلاّ حيوانا و مع ذلك يكون في ذكر الحيوان قبل ذكر الناطق فائدة في نفسه.

(1)أي لا يكون القيد - و هو كون المرأة محرّمة - مستدركا بذكر القيد السابع.

و لا يخفى أنّ الاستدراك بمعنى الزيادة، و حاصل المعنى هو أنّ هذا القيد لا يكون زائدا.

(2)المراد من «القيد» هو القيد السادس، و هو كون المرأة محرّمة على المولج.

(3)و لا يخفى أنّ المراد من «الفائدة» هو ذكر الخاصّ بعد ذكر العامّ ، كما إذا قيل: أكرم العلماء، ثمّ قيل: أكرم الفقهاء، ففي ذكر الخاصّ بعد ذكر العامّ فائدة ظاهرة.

(4)الضمير في قوله «سبقه» يرجع إلى القيد. أي لتحقّق الفائدة مع سبق القيد الذي هو كون المرأة محرّمة على المولج.

(5)المراد من «الدائم» هو النكاح الذي لم تتعيّن المدّة فيه، و من المنقطع هو النكاح الذي عيّنت المدّة فيه.

(6)عطف على قوله «بالعقد». يعني و المراد من «الملك» في قوله «و لا مملوكة» هو ما يشمل ملك العين و المنفعة.

(7)كما إذا كان الفاعل مالكا لعين المملوكة، مثل الأمة التي يملكها مولاها عينا و يملك بضعها بالتبع.

(8)كما إذا حلّل مولى الأمة لرجل الاستمتاع منها، فإنّ الرجل المذكور يملك منفعتها

ص: 19

و بالشبهة (1) ما أوجب ظنّ الإباحة لا ما لو لا المحرميّة لحلّلت (2)، كما زعمه (3) بعض العامّة (4).

و ثامنها (5): كون الإيلاج بقدر الحشفة فما زاد، فلو أولج دون ذلك (6)

**********

شرح:

-و هي الاستمتاع منها - و إن كان لا يملك عينها.

(1)يعني أنّ المراد من «الشبهة» في قوله «و لا مأتيّة بشبهة» هو الأمر الذي يوجب للمولج الظنّ بكون الوطي و الإيلاج مباحا له.

(2)أي ليس المراد من «الشبهة» هو ما لو لم تكن المرأة محرما للواطي لكانت محلّلة له به أى بالعقد الواقع بينهما، كما زعمه بعض العامّة.

(3)الضمير الملفوظ في قوله «زعمه» يرجع إلى ما لو لا المحرميّة لحلّلت. أي ليس المراد من الشبهة المذكورة في تعريف الزناء هذا المعنى الذي زعمه بعض العامّة.

(4)المراد من «بعض العامّة» هو أبو حنيفة، فإنّه قال بسقوط الحدّ عن الرجل الذي يعقد على إحدى محارمه و إن كان عالما بالحرمة.

من حواشي الكتاب: قال في شرح الشرائع: «إذا عقد على امرأة لا يحلّ له وطئها بذلك العقد لم يكف ذلك في سقوط الحدّ عنه، لأنّه عقد فاسد، فلا يورث شبهة، كما لو اشترى حرّة فوطئها أو خمرا فشربها، و لأنّه لو كان شبهة ثبت النسب و لا يثبت باتّفاق الخصم، و كذا لو استأجرها للوطي، خلافا لأبي حنيفة حيث أسقط الحدّ عنه بمجرّد العقد و إن كان عالما بتحريمه و إن كان العقد على الامّ . نعم، لو توهّم الحلّ بذلك كان شبهة من حيث إنّ الوهم يسقط الحدّ كغيره من أنواع الشبهة و إن لم يكن هنا عقد (حاشية الشيخ عليّ رحمه اللّه).

(5)الضمير في قوله «ثامنها» يرجع إلى القيود.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الحشفة.

ص: 20

لم يتحقّق الزناء، كما لا يتحقّق الوط ء، لتلازمهما (1) هنا (2)، فإن كانت الحشفة صحيحة اعتبر مجموعها، و إن كانت مقطوعة أو بعضها (3) اعتبر إيلاج قدرها و لو ملفّقا منها (4) و من الباقي، و هذا الفرد (5) أظهر في القدريّة منها (6) نفسها.

و تاسعها: كونه (7) عالما بتحريم الفعل، فلو جهل التحريم ابتداء لقرب عهده (8) بالدين أو لشبهة - كما لو أحلّته (9) نفسها فتوهّم الحلّ مع إمكانه في

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لتلازمهما» يرجع إلى الوطي و الزناء. يعني كلّما لم يصدق عليه الوطي لم يصدق عليه الزناء، فإيلاج أقلّ من الحشفة ليس وطيا، كما أنّه لا يوجب الغسل الذي هو من آثار الوطي.

(2)المشار إليه في قوله «هنا» هو كتاب الحدود.

(3)الضمير في قوله «بعضها» يرجع إلى الحشفة. يعني لو كان بعض الحشفة مقطوعا اعتبر إيلاج مقدار الحشفة في تحقّق الزناء الموجب للحدّ.

(4)أي يعتبر المقدار و لو بالتلفيق ممّا بقي من الحشفة و من بعض القضيب.

(5)المراد من قوله «هذا الفرد» هو المقدار الملفّق من باقي الحشفة المقطوعة و من بعض القضيب. يعني أنّ هذا الفرد أظهر في معنى القدريّة من نفس الحشفة، لأنّ نفس الشيء يصدق عليه أنّه قدر ذلك الشيء.

(6)الضميران في قوليه «منها» و «نفسها» يرجعان إلى الحشفة.

(7)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى المولج. يعني أنّ التاسع من قيود تحقّق الزناء هو كون المولج عالما بتحريم الإيلاج.

(8)كما إذا أسلم جديدا بحيث لا يعرف الأحكام.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى المرأة، و ضمير المفعول يرجع إلى المولج، و الضمير في قوله «نفسها» يرجع إلى المرأة المولج فيها.

ص: 21

حقّه (1) - لم يكن زانيا.

و يمكن الغنى عن هذا القيد (2) بما سبق، لأنّ مرجعه (3) إلى طروء شبهة، و قد تقدّم اعتبار نفيها (4).

و الفرق (5) بأنّ الشبهة السابقة (6) تجامع العلم بتحريم الزناء - كما لو وجد امرأة على فراشه فاعتقدها (7) زوجته مع علمه (8) بتحريم وط ء

**********

شرح:

(1)أي مع إمكان توهّم الحلّ في حقّ المولج، و إلاّ لا تصدق عليه الشبهة.

(2)المراد من «هذا القيد» هو كونه عالما بالتحريم.

و المراد من «ما سبق» هو قول المصنّف رحمه اللّه «و لا شبهة».

(3)الضمير في قوله «مرجعه» يرجع إلى القيد التاسع، و هو كونه عالما بتحريم الفعل.

يعني أنّ هذا القيد يرجع بالأخير إلى عروض الشبهة و الحال أنّه قد تقدّم ذكر الشبهة في قول المصنّف «و لا شبهة».

(4)الضمير في قوله «نفيها» يرجع إلى الشبهة.

(5)هذا ردّ على الاعتذار من ذكر هذا القيد مع الاستغناء عنه بما تقدّم بأنّه فرق بين ما تقدّم و ما ذكر هنا، و هو أنّ الشبهة السابقة تجامع العلم بحرمة الزناء، و هنا لا يعلم أصل التحريم.

(6)أي السابقة في قول المصنّف رحمه اللّه «و لا شبهة».

(7)الضمير الملفوظ في قوله «فاعتقدها» يرجع إلى المرأة، و في قوله «زوجته» يرجع إلى المولج.

(8)أي مع علم المولج بتحريم المرأة الأجنبيّة، بمعنى كونه عالما بالحكم و جاهلا بالموضوع، بخلاف ما ذكر هنا، فإنّه شبهة للجهل بالحكم نفسه بسبب قرب عهده بالإسلام.

ص: 22

الأجنبيّة -، و هنا (1) لا يعلم أصل تحريم الزناء غير (2) كاف في الجمع بينهما (3) مع إمكان إطلاق الشبهة (4) على ما يعمّ الجاهل بالتحريم.

و عاشرها: كونه (5) مختارا، فلو اكره على الزناء، لم يحدّ على أصحّ القولين في الفاعل (6)، و إجماعا في القابل (7).

و يتحقّق الإكراه بتوعّد القادر (8) المظنون فعل ما توعّد به لو لم يفعل (9) بما يتضرّر به في نفسه (10)

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «هنا» هو التاسع من القيود.

(2)بالرفع، خبر لقوله «الفرق».

(3)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى القيد التاسع - و هو كونه عالما بالتحريم - و القيد السابع المتقدّم في قوله «و لا شبهة».

(4)يعني إذا أمكن إطلاق الشبهة على ما يشمل العالم بالتحريم و الجاهل به فلا حاجة إلى ذكر القيد التاسع، فالاعتذار بالفرق المذكور لا يتمّ ، للجمع بين القيدين مع الاستغناء عن الثاني.

(5)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى المولج. يعني أنّ القيد العاشر لتعريف الزناء هو كون المولج مختارا غير مكره على الفعل، و إلاّ لم يوجب الحدّ.

(6)يعني أنّ القول الأصحّ هو تحقّق الإكراه في الفاعل، و مقابله هو القول بعدم تحقّقه فيه، لأنّ الفاعل لا يمكن له الإيلاج إلاّ بعد رغبته و شهوته الموجبتين للنعوظ ، بخلاف القابل الذي لا يحتاج إلى ذلك.

(7)يعني أنّ تحقّق الإكراه في القابل إجماعيّ لا خلاف فيه.

(8)يعني أنّ الإكراه لا يتحقّق إلاّ إذا كان المكره قادرا على فعل ما يتوعّد به.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى المكره بالفتح.

(10)أي نفس المكره بالفتح أو من يجري مجرى نفسه.

ص: 23

أو من يجري مجراه (1)، كما سبق تحقيقه (2) في باب الطلاق.

ما يرد على التعريف

فهذه (3) جملة قيود التعريف، و مع ذلك فيرد عليه (4) امور:

الأوّل (5): أنّه لم يقيّد المولج بكونه ذكرا، فيدخل فيه (6) إيلاج الخنثى قدر (7) حشفته... إلخ (8) مع أنّ الزناء لا يتحقّق فيه (9) بذلك، لاحتمال (10)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «مجراه» يرجع إلى المكره بالفتح.

و المراد من «من يجري مجراه» هو الأولاد و الأبوان أو غيرهم من أقربائه الذين هم في حكم نفسه.

(2)أي تقدّم تحقيق المراد ممّن يجري مجرى نفس المكره في كتاب الطلاق.

ما يرد على التعريف (3)المشار إليه في قوله «فهذه» هو القيود العشرة المتقدّمة.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى تعريف المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ التعريف المذكور مع اشتماله على القيود المتقدّمة يرد عليه امور ستّة.

(5)يعني أنّ الأمر الأوّل هو عدم تقييد المصنّف المولج بكونه ذكرا، فيشمل التعريف إيلاج الخنثى و الحال أنّ الزناء لا يتحقّق في حقّه.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى التعريف.

(7)بالنصب، مفعول لقوله «إيلاج».

(8)أي في فرج امرأة محرّمة من غير عقد و لا ملك إلى قوله «عالما مختارا».

(9)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الخنثى، و المشار إليه في قوله «بذلك» هو إدخال قدر الحشفة. يعني مع عدم تحقّق الزناء بإدخال الخنثى قدر الحشفة يشمله تعريف المصنّف رحمه اللّه!

(10)تعليل لعدم تحقّق الزناء من الخنثى. و الضمير في قوله «زيادته» يرجع إلى العضو.

ص: 24

زيادته، كما لا يتحقّق به (1) الغسل، فلا بدّ من التقييد (2) بالذكر ليخرج الخنثى.

الثاني (3): اعتبار بلوغه (4) و عقله إنّما يتمّ في تحقّق زناء الفاعل (5)، و أمّا في زناء المرأة فلا (6) خصوصا العقل (7)، و لهذا (8) يجب عليها الحدّ بوطئهما (9) لها و إن كان في وط ء الصبيّ يجب عليها (10) الجلد خاصّة،

**********

شرح:

(1)يعني كما أنّ إيلاج الخنثى قدر الحشفة لا يوجب الغسل عليه كذلك لا يتحقّق الزناء به.

(2)يعني كان لازما على المصنّف رحمه اللّه أن يزيد لفظ «الذكر» في التعريف بأن يقول «و هو إيلاج الذكر البالغ... إلخ» ليخرج إيلاج الخنثى.

(3)يعني أنّ الأمر الثاني الوارد على تعريف المصنّف هو اعتباره البلوغ و العقل في المولج و الحال أنّهما لا يعتبران في تحقّق زناء المفعول.

(4)الضميران في قوليه «بلوغه» و «عقله» يرجعان إلى المولج.

(5)فالمعتبر في تحقّق زناء الفاعل هو بلوغه و عقله، أمّا بالنسبة إلى المفعول - و هي المرأة - فلا يعتبر كون الفاعل بالغا و عاقلا، بل يتحقّق الزناء في حقّها و إن كان المولج صبيّا و مجنونا.

(6)أي فلا يعتبر بلوغ المولج و لا عقله في تحقّق الزناء في حقّ المرأة.

(7)أي لا يعتبر في تحقّق زناء المرأة المولج فيها عقل المولج خصوصا.

(8)المشار إليه في قوله «لهذا» هو عدم اعتبار بلوغ المولج و لا عقله في تحقّق زناء المرأة.

(9)الضمير في قوله «بوطئهما» يرجع إلى المجنون و الصبيّ . يعني و لأجل عدم اعتبار البلوغ و العقل في المولج يجب الحدّ على المرأة المولج فيها.

و الضمير في قوله «لها» يرجع إلى المرأة.

(10)يعني إذا وطئ الصبيّ المرأة وجب على المرأة الجلد خاصّة.

ص: 25

لكنّه (1) حدّ في الجملة، بل هو (2) الحدّ المنصوص في القرآن الكريم (3).

الثالث (4): اعتبار كون الموطوءة امرأة، و هي (5) - كما عرفت - مؤنّث الرجل.

و هذا (6) إنّما يعتبر في تحقّق زنائها، أمّا زناء الفاعل فيتحقّق بوط ء الصغيرة (7) كالكبيرة (8) و إن لم يجب به (9) الرجم لو كان (10) محصنا،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع إلى الجلد. يعني أنّ الحدّ يصدق على الجلد أيضا إجمالا.

(2)ضمير «هو» يرجع إلى الجلد.

(3)كما في الآية 2 من سورة النور: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (1) ، فالآية نصّ في كون جلد الزاني و الزانية حدّا.

(4)يعني أنّ الأمر الثالث الموجب لورود الإشكال على تعريف المصنّف رحمه اللّه هو اعتبار كون المولج فيها امرأة و الحال أنّه لا يعتبر في تحقّق زناء الفاعل كون المزنيّ بها امرأة، بل يتحقّق و إن كانت المولج فيها صغيرة أيضا.

(5)الضمير في قوله «و هي» يرجع إلى الامرأة.

(6)المشار إليه في قوله «هذا» هو كون المزنيّ بها امرأة. يعني أنّ كون المزنيّ بها امرأة يشترط في تحقّق زنائها لا زناء الفاعل.

(7)فلو زنى الفاعل بالصغيرة تحقّق الزناء في حقّه.

(8)أي كما يتحقّق الزناء بوطي الكبيرة.

(9)أي و إن لم يجب الرجم على الفاعل بوطيه للصغيرة، لكن يجري عليه الحدّ.

(10)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الفاعل، و سيأتي المراد من المحصن.

ص: 26


1- سوره 24 - آیه 2

فإنّ ذلك (1) لا ينافي كونه (2) زناء يوجب الحدّ (3) كالسابق.

الرابع (4): إيلاج قدر الحشفة أعمّ من كونه من الذكر و غيره (5)، لتحقّق المقدار فيهما، و المقصود هو الأوّل (6)، فلا بدّ من ذكر ما يدلّ عليه (7) بأن يقول: قدر الحشفة من الذكر، و نحوه (8) إلاّ أن يدّعى أنّ المتبادر هو ذلك (9)، و هو (10) محلّ نظر (11).

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو عدم ثبوت الرجم.

(2)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى وطي الصغيرة.

(3)بالنصب، مفعول لقوله «يوجب».

و المراد من «السابق» هو كون الفاعل صغيرا و المفعول كبيرا، فإنّ هذا الفرض يجب فيه الحدّ على المفعول دون الفاعل، كما سبق.

(4)يعني أنّ الأمر الرابع من الامور الواردة على تعريف المصنّف رحمه اللّه هو كون إيلاج قدر الحشفة أعمّ من إيلاج الذكر أو غيره من الأعضاء.

(5)كما إذا أولج الفاعل مقدار الحشفة من إصبعه في امرأة و الحال أنّه لا يصدق عليه الزناء.

(6)أي المقصود في تعريف الزناء هو إيلاج قدر الحشفة من الذكر لا من غيره.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الذكر.

(8)أي و نحو هذا القول الدالّ على إيلاج مقدار الحشفة من الذكر.

(9)أي إلاّ أن يدّعى أنّ المتبادر من إيلاج قدر الحشفة هو إيلاجه من الذكر لا غيره من الأعضاء.

(10)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى المتبادر.

(11)وجه النظر هو أنّ التبادر المذكور إنّما هو عند المتشرّعة و المتديّنين خاصّة، فلا اعتبار لهذا التبادر.

ص: 27

الخامس (1): الجمع بين العلم (2) و انتفاء الشبهة (3) غير (4) جيّد في التعريف (5)، كما سبق (6) إلاّ أن يخصّص العالم بفرد خاصّ كالقاصد (7) و نحوه (8).

السادس (9): يخرج زناء المرأة العالمة بغير العالم (10)، كما لو جلست

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الأمر الخامس من الامور الواردة على تعريف المصنّف رحمه اللّه هو جمعه بين كون المولج عالما بالتحريم و بين عدم حصول الشبهة له.

(2)حيث قال «و هو إيلاج البالغ... عالما».

(3)حيث قال «و هو إيلاج البالغ... من غير عقد و لا شبهة».

(4)خبر لقوله «الجمع».

(5)أي في التعريف المتقدّم من المصنّف رحمه اللّه.

(6)أي كما سبق في الصفحة 22 من الشارح رحمه اللّه هذا الإيراد في ذكر القيد التاسع، و هو كونه عالما بتحريم الفعل حيث قال «و يمكن الغنى عن هذا القيد بما سبق».

(7)يعني لو اريد من «العالم» القاصد ارتفع الإشكال بالجمع بين العلم بالتحريم و بين عدم حصول الشبهة.

(8)أي و مثل القاصد كالعامد.

(9)يعني أنّ الأمر السادس من الامور الواردة على تعريف المصنّف رحمه اللّه هو خروج زناء المرأة العالمة بالرجل الغير العالم عن التعريف، لأنّ المصنّف اشترط في التعريف علم المولج، فمناط تحقّق الزناء بناء على تعريف المصنّف هو علم الرجل بالحرمة، فلو لم يعلم هو بالتحريم لم يتحقّق الزناء و إن كانت المرأة عالمة به و الحال أنّ الزناء يتحقّق في الفرض المذكور بالنسبة إلى المرأة العالمة بالتحريم.

(10)و هو ما إذا كان الفاعل غير عالم بالتحريم و كانت المرأة عالمة به.

ص: 28

على فراشه (1) متعمّدة (2) قاصدة للزناء مع جهله بالحال، فإنّه (3) يتحقّق من طرفها و إن انتفى عنه، و مثله (4) ما لو أكرهته (5).

و لو قيل: إنّ التعريف لزناء الفاعل (6) خاصّة سلم من كثير (7) ممّا ذكر، لكن يبقى فيه (8) الإخلال (9) بما يتحقّق به زناؤها.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فراشه» يرجع إلى الواطئ، و كذلك الضمير في قوله «جهله».

(2)هذا و ما بعده حال عن المرأة الجالسة على فراش الفاعل.

(3)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع إلى الزناء، و في قوله «طرفها» يرجع إلى المرأة. يعني أنّ الزناء يتحقّق من جانب المرأة و لو لم يتحقّق من جانب المرء.

(4)الضمير في قوله «مثله» يرجع إلى جلوس المرأة على فراش المرء.

(5)فاعله هو الضمير الراجع إلى المرأة، و ضمير المفعول يرجع إلى المرء. يعني و مثل جلوسها في تحقّق الزناء من جانبها هو ما لو أجبرت المرأة الرجل على الزناء.

(6)يعني لو قيل: إنّ تعريف المصنّف رحمه اللّه مع ما ذكر من القيود إنّما هو في خصوص زناء الفاعل سلم من كثير من الإشكالات المتقدّمة.

(7)المراد من كثير من الإشكالات المذكورة هو الأمر الثاني و الثالث و السادس.

(8)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى التعريف. يعني لو قلنا باختصاص التعريف بزناء الفاعل سلم من كثير من الإشكالات المذكورة، لكن مع ذلك يبقى إشكال آخر، و هو لزوم الإخلال بما يتحقّق به زناء المرأة، فلا بدّ أن يقال - كما أفاده السيّد كلانتر - في مقام تعريف زناء المرأة: إنّ زناء المرأة هو قبول البالغة العاقلة إدخال قدر حشفة المرء في فرجها من دون عقد نكاح و لا ملك يمين و لا شبهة مختارة عالمة بالحرمة.

(9)يعني أنّ التعريف المذكور يخلّ بما يتحقّق به زناء المرأة.

و الحاصل هو أنّ تعريف المصنّف رحمه اللّه ليس بتامّ شامل و لو اجيب عن الامور الواردة بما ذكر.

ص: 29

سقوط الحدّ بالشبهة

و حيث اعتبر في الزناء (1) انتفاء الشبهة (فلو تزوّج (2) الامّ ) أي أمّ المتزوّج (3)(أو المحصنة (4)) المتزوّجة (5) بغيره (ظانّا (6) الحلّ ) لقرب (7) عهده من المجوسيّة و نحوها من الكفر (8)، أو سكناه (9) في بادية بعيدة عن أحكام الدين (فلا حدّ (10)) عليه، للشبهة، و الحدود تدرأ (11) بالشبهات.

(و لا يكفي) في تحقّق الشبهة الدارئة للحدّ (العقد) على المحرمة (12)

**********

شرح:

سقوط الحدّ بالشبهة (1)أي حيث اعتبر في تعريف الزناء انتفاء الشبهة تفرّع عليه ما سيذكره.

(2)أي فلو تزوّج الرجل بامّه.

(3)يعني أنّ المراد من «الامّ » هو أمّ الرجل المتزوّج لا أمّ زوجته.

(4)بالنصب، مفعول آخر لقوله «تزوّج».

(5)صفة لقوله «المحصنة»، أي إذا عقد الرجل على المرأة المتزوّجة بغيره.

و الضمير في قوله «بغيره» يرجع إلى الرجل المتزوّج.

(6)أي في حال كون المتزوّج بامّه أو بالمرأة المتزوّجة بغيره ظانّا حلّيّتها.

(7)هذا تعليل لحصول الظنّ بالحلّ بأنّ ذلك يتحقّق لقرب عهده من المجوسيّة.

(8)أي من الكفّار الذين يستحلّون نكاح المحارم (تعليقة السيّد كلانتر).

(9)هذا تعليل آخر لظنّ المولج حلّ المحارم، و هو كونه ساكنا في البلاد البعيدة عن نشر أحكام الإسلام فيها.

(10)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «فلو تزوّج».

(11)أي تدفع الحدود بعروض الشبهات.

(12)يعني إذا عقد الرجل على إحدى محارمه بدون ظنّ الحلّ لم يسقط الحدّ عنه.

ص: 30

(بمجرّده (1)) من غير أن يظنّ الحلّ إجماعا منّا (2)، لانتفاء معنى الشبهة حينئذ (3).

و نبّه بذلك (4) على خلاف أبي حنيفة حيث اكتفى به (5) في درء الحدود، و هو (6) الموجب لتخصيصه البحث عن قيد الشبهة دون غيرها (7) من قيود التعريف.

سقوط الحدّ بالإكراه

(و يتحقّق الإكراه (8)) على الزناء (في الرجل) على أصحّ القولين (9)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بمجرّده» يرجع إلى العقد. و هذا إشارة إلى ما تقدّم من خلاف أبي حنيفة القائل بكفاية مجرّد العقد بلا حصول الظنّ في نفي الحدّ عنه.

(2)يعني أنّ عدم كفاية مجرّد العقد في نفي الحدّ إجماعيّ بين فقهاء الشيعة.

(3)أي حين إذ لم يحصل الظنّ بالحلّ .

(4)المشار إليه في قوله «بذلك» هو عدم كفاية العقد.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع إلى مجرّد العقد.

(6)يعني أنّ خلاف أبي حنيفة و قوله بسقوط الحدّ بمجرّد العقد على إحدى المحارم عالما بالتحريم كان موجبا لتخصيص المصنّف رحمه اللّه التفريع بذلك القيد من القيود المذكورة في التعريف.

(7)الضمير في قوله «غيرها» يرجع إلى الشبهة.

و المراد من غير الشبهة هو القيود التسعة الباقية التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه في تعريف الزناء.

سقوط الحدّ بالإكراه (8)أي يتحقّق الإجبار على الزناء في الرجل كما يتحقّق في المرأة.

(9)إشارة إلى القول بعدم تحقّق الإكراه في الرجل.

ص: 31

(فيدرأ الحدّ عنه (1) به، كما) يدرأ (عن المرأة بالإكراه لها (2))، لاشتراكهما في المعنى (3) الموجب لرفع الحكم (4)، و لاستلزام عدمه (5) في حقّه

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى الرجل، و في قوله «به» يرجع إلى الإكراه. يعني أنّ الحدّ يدفع عن الرجل إذا اكره على الزناء.

(2)الضمير في قوله «لها» يرجع إلى المرأة. أي كما يدفع الحدّ عن المرأة بإجبارها على الزناء.

(3)يعني أنّ الرجل و المرأة يشتركان في معنى الإكراه و ارتكاب الفعل بلا اختيار.

(4)المراد من الحكم المرفوع هو الحكم بوجوب إجراء الحدّ، كما ورد في حديث الرفع أنّ الامّة رفع عنها تسعة، منها ما استكرهوا عليه.

(5)الضمير في قوله «عدمه» يرجع إلى رفع حكم الحدّ، و في قوله «حقّه» يرجع إلى الرجل. يعني أنّ عدم سقوط الحدّ و عدم رفعه عن الرجل المكره يستلزم تكليفه بما لا يطاق، لأنّه بسبب إجبار المكره له على الزناء لا طاقة له بتركه.

من حواشي الكتاب: و الظاهر أنّ ضمير «عدمه» يرجع إلى درء الحدّ، كما يفهم من ظاهر عبارة الشيخ عليّ رحمه اللّه، و حينئذ يرد على الشارح بأنّ الكلام في ثبوت الإكراه و دليله الذي به يتحقّق الإكراه لا في درئه الحدّ و دليله، فإنّ درأه الحدّ فرع لتحقّق الإكراه، و بعد ثبوت الإكراه فالقائل أيضا يقول بالدرء للحدّ، فلا حاجة لقوله «لاستلزام عدمه... إلخ»، اللّهمّ إلاّ أن يعود الضمير على تحقّق الإكراه، فحينئذ يكون المراد بالتكليف بما لا يطاق الحرج و العسر في الدين، كما يعلم من كلام الفاضل، تأمّل (حاشية الشيخ محمود رحمه اللّه).

حاشية اخرى: قوله «لاستلزام عدمه» أي لو جعل الميل الحاصل قهرا بعد المقدّمات الاختياريّة المكره عليها من الغمز و النظر و الملامسة و غيرها اختيارا بملاحظة إمكان أن يوجّه الفكر حينئذ إلى غير الجماع فلا يحصل له الميل حصل

ص: 32

التكليف بما لا يطاق.

و ربّما قيل بعدم تحقّقه (1) في حقّه، بناء على أنّ الشهوة (2) غير مقدورة، و أنّ الخوف (3) يمنع من انتشار العضو و انبعاث القوّة.

و يضعّف (4) بأنّ القدر الموجب للزناء - و هو تغيّب الحشفة - غير متوقّف على ذلك (5) كلّه غالبا لو سلّم توقّفه (6) على الاختيار و منع (7)

**********

شرح:

العسر، لعسر ذلك حينئذ، و الأولى في المقام ما ذكره الشيخ عليّ رحمه اللّه، لكون قوله «لاستلزام» عطفا على قوله «لاشتراكهما» علّة للدرء لا لتحقّق الإكراه و بقاء قوله «التكليف بما لا يطاق» على ظاهره، فتأمّل (الحديقة).

(1)الضمير في قوله «تحقّقه» يرجع إلى الإكراه. يعني قال بعض الفقهاء بعدم تحقّق الإكراه في حقّ الرجل.

(2)هذا دليل لعدم تحقّق الإكراه في حقّ الرجل، و هو أنّ الإيلاج الموجب للزناء غير مقدور للرجل حال الإكراه، لأنّ الإيلاج يتوقّف على انتشار العضو، و هذا أيضا متوقّف على انتفاء الخوف و الحال أنّ الخوف حاصل في حال الإكراه.

(3)يعني أنّ الخوف الحاصل بفعل المكره مانع من انتشار الذكر و إيلاجه.

(4)أي يضعّف الاستدلال المذكور على عدم تحقّق إكراه الرجل على الزناء بأنّ القدر الموجب لتحقّق الزناء هو إيلاج قدر الحشفة في فرج امرأة محرّمة عليه، و هو غير متوقّف على انتشار العضو و انبعاث القوّة.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو انتشار العضو و انبعاث القوّة.

(6)الضمير في قوله «توقّفه» يرجع إلى التغيّب. يعني أنّ الأغلب هو عدم توقّف تغيّب مقدار الحشفة على الانتشار و الانبعاث.

(7)بالرفع، عطف على قوله «توقّفه».

ص: 33

الخوف منه (1).

ما يثبت به الزنا

(و يثبت الزناء) في طرف الرجل (2) و المرأة (بالإقرار به أربع مرّات مع كمال المقرّ) ببلوغه (3) و عقله (و اختياره (4) و حرّيّته، أو تصديق المولى له (5)) فيما أقرّ به (6)، لأنّ المانع من نفوذه (7) كونه إقرارا في حقّ المولى، و في حكم تصديقه (8)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى انتشار العضو.

ما يثبت به الزناء (2)يعني يثبت الزناء بالنسبة إلى الرجل إذا أقرّ به أربع مرّات، و كذا يثبت بالنسبة إلى المرأة التي أقرّت بالزناء هكذا.

(3)أي يكون الكمال بالبلوغ و العقل.

(4)بالجرّ، عطف على مدخول «مع» في قوله «مع كمال المقرّ».

(5)يعني لو كان المقرّ مملوكا لم يثبت إقراره بالزناء إلاّ مع تصديق المولى له.

و الضمير في قوله «له» يرجع إلى الزناء.

(6)المراد من «ما أقرّ به» هو الزناء.

(7)يعني أنّ المانع من نفوذ إقرار المملوك هو كونه إقرارا مضرّا بمولاه بتلفه، فإذا صدّقه المولى ارتفع المانع منه.

(8)الضمير في قوله «تصديقه» يرجع إلى المولى. يعني و في حكم تصديق المولى ما أقرّ به المملوك هو انعتاق العبد، فإذا أقرّ أربع مرّات، ثمّ انعتق كان إقراره نافذا، لرفع المانع منه، و هو حقّ المولى.

أقول: لو لا الإجماع في المسألة أمكن المناقشة فيها بأنّه إذا كان الإقرار في حالة

ص: 34

انعتاقه (1)، لزوال المانع من نفوذه (2).

و لا فرق في الصبيّ بين المراهق (3) و غيره في نفي الحدّ عنه بالإقرار.

نعم، يؤدّب (4) لكذبه، أو صدور (5) الفعل عنه، لامتناع خلوّه (6) منهما.

و لا (7) في المجنون بين المطبق (8) و من يعتوره (9) الجنون أدوارا إذا

**********

شرح:

الرقّ المانعة من صحّة الإقرار فكيف ينفع الانعتاق فيما بعد، أن انعقد الإقرار باطلا، و كيف يحكم بالحدّ و الحال أنّ الحدود تدرأ بالشبهات ؟! فالحكم بوجوب الحدّ عليه لا يخلو عن تأمّل، اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ الإقرار حال الرقّيّة إقرار غير تامّ لا إقرار باطل من رأسه، فإذا زالت الرقّيّة تمّ الإقرار و لزمه حكمه.

(1)الضمير في قوله «انعتاقه» يرجع إلى المقرّ حال الرقّ .

(2)الضمير في قوله «نفوذه» يرجع إلى الإقرار.

(3)المراهق من راهق الغلام: قارب الحلم، فهو مراهق (أقرب الموارد).

يعني لا فرق في عدم نفوذ إقرار الصبيّ بين كونه قارب الحلم و بين غيره.

(4)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الصبيّ ، و كذلك الضمير في قوله «لكذبه».

(5)بالجرّ، لدخول لام التعليل عليه أيضا. يعني أنّ الصبيّ إذا أقرّ بالزناء ادّب إمّا لكذبه أو لصدور فعل الزناء عنه.

(6)الضمير في قوله «خلوّه» يرجع إلى الصبيّ ، و في قوله «منهما» يرجع إلى الكذب و صدور الفعل.

(7)أي لا فرق في عدم نفوذ إقرار المجنون بالزناء بين كون جنونه إطباقيّا أو أدواريّا.

(8)و هو الذي يكون دائم الجنون.

(9)أي يدور عليه الجنون في زمان، و يفيق منه في زمان آخر.

ص: 35

وقع الإقرار حالة الجنون (1).

نعم، لو أقرّ (2) حال كماله (3) حكم عليه.

و لا فرق (4) في المملوك بين القنّ (5) و المدبّر (6) و المكاتب بقسميه (7) و إن تحرّر بعضه (8) و مطلق (9) المبعّض و أمّ الولد (10).

و كذا لا فرق في غير المختار (11) بين من الجئ إليه بالتوعّد (12) و بين من

**********

شرح:

(1)يعني لا يسمع إقرار المجنون ذي الأدوار إذا كان إقراره في حالة الجنون، فلو أقرّ في حالة الإفاقة اجري عليه حدّ الزناء.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المجنون ذي الأدوار.

(3)الضميران في قوليه «كماله» و «عليه» يرجعان إلى المجنون.

(4)أي و لا فرق في عدم نفوذ إقرار المملوك بين كونه قنّا أو مدبّرا أو غيرهما.

(5)و هو الرقّ محضا، ملك هو و أبواه.

(6)و هو الذي قال له مولاه: أنت حرّ دبر وفاتي.

(7)المراد من القسمين هو كون المكاتب مشروطا - و هو من شرط عليه المولى عتقه بعد أدائه تمام قيمته - أو مطلقا لم يشترط مولاه ذلك، بل يعتق منه ما يساوي ما يؤدّيه من قيمته.

(8)يعني لا يسمع إقراره و إن كان بعضه حرّا و بعضه مملوكا.

(9)بالجرّ، عطف على قوله «القنّ ». يعني لا فرق في عدم نفوذ الإقرار بين كونه قنّا أو مبعّضا بجميع أقسامه و لو بغير الكتابة.

(10)بالجرّ، عطف على قوله «القنّ ».

(11)أي لا فرق في عدم نفوذ إقرار غير المختار بين الملجأ إلى الفعل و بين من ارتفع عنه قصد الفعل بضربه.

(12)كما إذا توعّده حتّى ألجأه إلى الإقرار.

ص: 36

ضرب حتّى ارتفع قصده.

و مقتضى إطلاق اشتراط ذلك (1) عدم اشتراط تعدّد مجالس الإقرار بحسب تعدّده (2)، و هو (3) أصحّ القولين، للأصل (4) و قول (5) الصادق عليه السّلام في خبر جميل: «و لا يرجم الزاني حتّى يقرّ أربع مرّات» (6) من غير شرط التعدّد (7)، فلو اشترط لزم تأخّر البيان (8).

**********

شرح:

(1)أي مقتضى إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه من حيث الإقرار أربع مرّات هو عدم اشتراطها بوقوعها في مجلس واحد أو في مجالس متعدّدة.

(2)الضمير في قوله «تعدّده» يرجع إلى الإقرار.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى عدم اشتراط تعدّد مجالس الإقرار.

(4)يعني أنّ الأصل هو عدم اشتراط تعدّد مجالس الأقارير الأربعة.

(5)بالجرّ، عطف على مدخول لام التعليل في قوله «للأصل». يعني أنّ الدليل الآخر لعدم اشتراط تعدّد مجالس الإقرار هو قول الصادق عليه السّلام.

(6)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

لا يقطع السارق حتّى يقرّ بالسرقة مرّتين، و لا يرجم الزاني حتّى يقرّ أربع مرّات (الوسائل: ج 18 ص 380 ب 16 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 3).

(7)يعني أنّ الإمام عليه السّلام لم يشترط في الرواية المذكورة في وقوع كلّ واحد من الأقارير الأربعة كونه في مجلس غير مجلس إقرار آخر.

(8)فلو كان تعدّد مجالس الأقارير معتبرا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، و هو قبيح، لأنّ الإمام عليه السّلام كان في مقام البيان، فكان عليه البيان، و حيث لم يبيّنه علم عدم الاشتراط .

ص: 37

و قيل: يعتبر كونه (1) في أربعة مجالس، لظاهر خبر ماعز بن مالك الأنصاريّ حيث أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في أربعة مواضع و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يردّده (2) و يوقف عزمه بقوله (3): «لعلّك قبّلت (4) أو غمزت (5) أو نظرت»، الحديث (6).

**********

شرح:

(1)يعني قال بعض باشتراط تعدّد مجالس الأقارير، استنادا إلى خبر ماعز بن مالك.

(2)يعني أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يردّد ماعزا، ليمنعه من الإقرار بالزناء.

(3)الضمير في قوله «بقوله» يرجع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

(4)يعني قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لماعز: لعلّك قبّلت المرأة لا أنّك زنيت بها.

(5)أي لعلّك كبست جسد المرأة باليد و ما زنيت بها.

غمزه بيده: شبه نخسه و جسّه، و أصل الغمز العصر و الكبس باليد (أقرب الموارد).

(6)هذا الحديث لم يرد في كتب الخاصّة، راجع عنه نيل الأوطار، الجزء 7 ص 104 الحديث 1، و جملته - على ما أفاد السيّد كلانتر - هو أنّ ماعزا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الإمام و قال: إنّي زنيت، فحوّل الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله وجهه إلى اليمين، فجاء إليه منها و اعترف بذلك ثانيا، فأعرض عنه صلّى اللّه عليه و آله إلى جهة اليسار، ثمّ جاءه إلى اليسار و اعترف ثالثا، فأعرض صلّى اللّه عليه و آله عنه إمّا إلى الإمام أو إلى اليمين، فأتاه و اعترف رابعا... إلخ.

و لا يخفى أنّ الحديث لا يدلّ على اشتراط نفوذ الإقرار بوقوعه في مجالس متعدّدة.

أقول: لا يفهم من هذا الحديث وقوع أقارير ماعز في مواضع أربعة، بل يمكن تحقّق المجالس الأربعة في موضع واحد بأن يقرّ أوّلا، ثمّ يخرج و يأتي ثانيا، ثمّ يقرّ، فهذان مجلسان، ثمّ يفعل ثالثا و رابعا، فتحصل أربعة مجالس في موضع واحد.

و لا يخفى أيضا أنّ الحديث لا يدلّ على تعدّد المجالس، بل يدلّ على إقرار ماعز عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أربع مرّات و الرسول صلّى اللّه عليه و آله كان يحوّل وجهه عنه في كلّ مرّة.

اللّهمّ إلاّ أن يقال: إنّ هذا النحو من التحوّل يعدّ مجلسا مستقلاّ، لكنّ هذا الاحتمال

ص: 38

**********

شرح:

ضعيف لا يساعده العرف، و اللّه أعلم.

هذا، و في المقام روايتان منقولتان في كتب الخاصّة يمكن الاستدلال بهما على اشتراط تعدّد المجالس، و نحن نذكرهما مع طولهما من كتاب الكافي:

الاولى: عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير عن عمران بن ميثم أو صالح بن ميثم عن أبيه قال: أتت امرأة مجحّ أمير المؤمنين عليه السّلام، فقالت: يا أمير المؤمنين إنّي زنيت فطهّرني طهّرك اللّه، فإنّ عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع، فقال لها: ممّا اطهّرك ؟ فقالت: إنّي زينت، فقال لها: أو ذات بعل أنت أم غير ذلك ؟ فقالت: بل ذات بعل، فقال لها:

أ فحاضرا كان بعلك إذ فعلت ما فعلت أم غائبا كان عنك ؟ فقالت: بل حاضرا، فقال لها: انطلقي فضعي ما في بطنك، ثمّ ائتيني اطهّرك، فلمّا ولّت عنه المرأة فصارت حيث لا تسمع كلامه قال: اللّهمّ إنّها شهادة، فلم يلبث أن أتته فقالت: قد وضعت فطهّرني، قال: فتجاهل عليها فقال: اطهّرك يا أمة اللّه ممّا ذا؟ فقالت: إنّي زنيت فطهّرني، فقال: و ذات بعل أنت ذا فعلت ما فعلت ؟ قالت: نعم، قال: و كان زوجك حاضرا أم غائبا؟ قالت: بل حاضرا، قال: فانطلقي و ارضعيه حولين كاملين، كما أمرك اللّه، قال: فانصرفت المرأة، فلمّا صارت من حيث لا تسمع كلامه قال: اللّهمّ إنّهما شهادتان، قال: فلمّا مضى حولان أتت المرأة فقالت: قد أرضعته حولين فطهّرني يا أمير المؤمنين، فتجاهل عليها و قال: اطهّرك ممّا ذا؟ فقالت: إنّي زنيت فطهّرني، قال: و ذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت ؟ فقالت: نعم، قال: و بعلك غائب عنك إذ فعلت ما فعلت أو حاضر؟ قالت: بل حاضر، قال: فانطلقي فاكفليه حتّى يعقل أن يأكل و يشرب و لا يتردّى من سطح و لا يتهوّر في بئر، قال: فانصرفت و هي تبكي، فلمّا ولّت فصارت حيث لا تسمع كلامه قال: اللّهمّ إنّها ثلاث شهادات،

ص: 39

**********

شرح:

قال: فاستقبلها عمرو بن حريث المخزوميّ فقال لها: ما يبكيك يا أمة اللّه و قد رأيتك تختلفين إلى عليّ تسألينه أن يطهّرك ؟ فقالت: إنّي أتيت أمير المؤمنين عليه السّلام فسألته أن يطهّرني، فقال: اكفلي ولدك حتّى يعقل أن يأكل و يشرب و لا يتردّى من سطح و لا يتهوّر في بئر، و قد خفت أن يأتي عليّ الموت و لم يطهّرني، فقال لها عمرو ابن حريث: ارجعي إليه، فأنا أكفله، فرجعت فأخبرت أمير المؤمنين عليه السّلام بقول عمرو، فقال لها أمير المؤمنين عليه السّلام و هو متجاهل عليها: و لم يكفل عمرو ولدك ؟ فقالت: يا أمير المؤمنين إنّي زنيت فطهّرني، فقال: و ذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت ؟ فقالت: نعم، قال: أ فغائبا كان بعلك إذ فعلت ما فعلت أم حاضرا؟ فقالت:

بل حاضرا، قال: فرفع رأسه إلى السماء، و قال: اللّهمّ إنّه قد ثبت لك عليها أربع شهادات، و إنّك قد قلت لنبيّك صلّى اللّه عليه و آله فيما أخبرته به من دينك: يا محمّد من عطّل حدّا من حدودي فقد عاندني، و طلب بذلك مضادّتي، اللّهمّ فإنّي غير معطّل حدودك و لا طالب مضادّتك و لا مضيّع لأحكامك، بل مطيع لك و متّبع سنّة نبيّك صلّى اللّه عليه و آله، قال:

فنظر إليه عمرو بن حريث و كأنّما الرمّان يفقأ في وجهه، فلمّا رأى ذلك عمرو قال:

يا أمير المؤمنين إنّني أردت أكفله، إذ ظننت أنّك تحبّ ذلك، فأمّا إذا كرهته فإنّي لست أفعل، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أبعد أربع شهادات باللّه ؟ لتكفلنّه و أنت صاغر! فصعد أمير المؤمنين عليه السّلام المنبر، فقال: يا قنبر ناد في الناس: الصلاة جامعة، فنادى قنبر في الناس، فاجتمعوا حتّى غصّ المسجد بأهله، و قام أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس إنّ إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحدّ إن شاء اللّه، فعزم عليكم أمير المؤمنين لمّا خرجتم و أنتم متنكّرون و معكم أحجاركم لا يتعرّف أحد منكم إلى أحد حتّى تنصرفوا إلى منازلكم إن شاء اللّه، قال: ثمّ نزل، فلمّا أصبح الناس بكرة خرج بالمرأة و خرج

ص: 40

**********

شرح:

الناس متنكّرين متلثّمين بعمائمهم و بأرديتهم و الحجارة في أرديتهم و في أكمامهم حتّى انتهى بها و الناس معه إلى الظهر بالكوفة، فأمر أن يحضر لها حفيرة، ثمّ دفنها فيها، ثمّ ركب بغلته و أثبت رجليه في غرز الركاب، ثمّ وضع إصبعيه السبّابتين في اذنيه، ثمّ نادى بأعلى صوته: يا أيّها الناس إنّ اللّه تبارك و تعالى عهد إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله عهدا عهده محمّد صلّى اللّه عليه و آله إليّ بأنّه لا يقيم الحدّ من للّه عليه حدّ، فمن كان عليه حدّ مثل ما عليها فلا يقيم عليها الحدّ، قال: فانصرف الناس يومئذ كلّهم ما خلا أمير المؤمنين عليه السّلام و الحسن و الحسين عليها السّلام، فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحدّ يومئذ و ما معهم غيرهم، قال: و انصرف فيمن انصرف يومئذ محمّد بن أمير المؤمنين عليه السّلام (الكافي: ج 7 ص 158 ح 1).

* المجحّ : الكامل المقرب التي دنا ولادتها (النهاية: ج 1 ص 240).

الثانية: عليّ بن إبراهيم عن أحمد بن خالد رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، قال: أتاه رجل بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين: إنّي زنيت فطهّرني، قال: ممّن أنت ؟ قال: من مزينة، قال: أ تقرأ من القرآن شيئا؟ قال: بلى، قال: فاقرأ، فقرأ فأجاد، فقال: أ بك جنّة ؟ قال: لا، قال: فاذهب حتّى نسأل عنك، فذهب الرجل، ثمّ رجع إليه بعد، فقال: يا أمير المؤمنين: إنّي زنيت فطهّرني، فقال: أ لك زوجة ؟ قال: بلى، قال: فمقيمة معك في البلد؟ قال: نعم، قال: فأمره أمير المؤمنين عليه السّلام فذهب، و قال: حتّى نسأل عنك، فبعث إلى قومه فسأل عن خبره، فقالوا: يا أمير المؤمنين صحيح العقل، فرجع إليه الثالثة، فقال له مثل مقالته، فقال له: اذهب حتّى نسأل عنك، فرجع إلى الرابعة، فلمّا أقرّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام لقنبر: احتفظ به، ثمّ غضب، ثمّ قال: ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رءوس الملأ، أ فلا تاب في بيته ؟! فو اللّه لتوبته فيما بينه و بين اللّه أفضل من إقامتي عليه الحدّ، ثمّ أخرجه و نادى

ص: 41

و فيه (1) أنّه لا يدلّ على الاشتراط ، و إنّما وقعت المجالس (2) اتّفاقا، و الغرض (3) من تأخيره (4) إتيانه بالعدد المعتبر.

**********

شرح:

في الناس: يا معشر المسلمين اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحدّ، و لا يعرفنّ أحدكم صاحبه، فأخرجه إلى الجبّان، فقال: يا أمير المؤمنين أنظرني اصلّي ركعتين، ثمّ وضعه في حفرته، و استقبل الناس بوجهه، فقال: يا معاشر المسلمين إنّ هذا حقّ من حقوق اللّه عزّ و جلّ ، فمن كان في عنقه حقّ فلينصرف، و لا يقيم حدود اللّه من في عنقه للّه حدّ، فانصرف الناس، و بقي هو و الحسن و الحسين عليهما السّلام، فأخذ حجرا، فكبّر ثلاث تكبيرات، ثمّ رماه بثلاثة أحجار في كلّ حجر ثلاث تكبيرات، ثمّ رماه الحسن عليه السّلام مثلما رماه أمير المؤمنين عليه السّلام، ثمّ رماه الحسين عليه السّلام، فمات الرجل، فأخرجه أمير المؤمنين عليه السّلام، فأمر، فحفر له و صلّى عليه و دفنه، فقيل: يا أمير المؤمنين ألا تغسّله ؟ فقال: قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة، لقد صبر على أمر عظيم (المصدر السابق: ح 3).

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الاستدلال على اشتراط تعدّد مجالس الإقرار بخبر ماعز. يعني أنّ في الاستدلال المذكور إشكالا، و هو عدم دلالة الخبر المذكور على التعدّد، بل يدلّ على وقوع الأقارير في المجالس المتعدّدة اتّفاقا.

(2)أي وقعت المجالس المتعدّدة للأقارير الأربعة من باب الاتّفاق.

(3)بالرفع، مبتدأ، خبره هو قوله «إتيانه».

(4)الضمير في قوله «تأخيره» يرجع إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و في قوله «إتيانه» يرجع إلى ماعز. يعني أنّ غرض الرسول صلّى اللّه عليه و آله من تأخير قبول إقرار ماعز كان استكمال العدد المعتبر، و هو أربعة أقارير، و لم يكن تأخيره لكون تعدّد المجالس شرطا في نفوذ الإقرار بالزناء.

ص: 42

كفاية إشارة الأخرس

(و يكفي) في الإقرار به (1)(إشارة الأخرس (2)) المفهمة يقينا (3) كغيره (4)، و يعتبر تعدّدها (5) أربعا كاللفظ بطريق أولى (6)، و لو لم يفهمها (7) الحاكم اعتبر المترجم (8)، و يكفي اثنان (9)، لأنّهما شاهدان على إقرار (10) لا على الزناء.

(و لو نسب) المقرّ (الزناء إلى امرأة) معيّنة - كأن يقول (11): زنيت بفلانة

**********

شرح:

كفاية إشارة الأخرس (1)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الزناء.

(2)و هو من لا يقدر على التكلّم.

(3)أي إذا أفادت إشارة الأخرس اليقين بما يشير إليه من الزناء.

(4)أي كغير الزناء من العقود و الإيقاعات.

(5)الضمير في قوله «تعدّدها» يرجع إلى الإشارة.

(6)و لعلّ وجه الأولويّة هو كون الإشارة أضعف من التلفّظ من حيث الدلالة على المقصود.

(7)الضمير في قوله «لم يفهمها» يرجع إلى إشارة الأخرس.

(8)أي اعتبر ترجمة شخص عالم بمعاني إشاراته للحاكم.

(9)أي لا يعتبر أربعة مترجمين لإشارة الأخرس كما يعتبر في الإقرار، بل يكفي هنا اثنان.

(10)يعني أنّ المترجمين إنّما يشهدان على إقرار الأخرس بالزناء، و ليسا شاهدين على نفس الزناء حتّى يعتبر انضمام مترجمين آخرين إليهما.

نسبة الزناء إلى المعيّن (11)فاعله هو الضمير العائد إلى المقرّ.

ص: 43

-(أو نسبته (1)) المرأة المقرّة (2) به (إلى رجل) معيّن - بأن تقول: زنيت بفلان -(وجب) على المقرّ (حدّ (3) القذف) لمن نسبه إليه (بأوّل مرّة (4))، لأنّه (5) قذف صريح، و إيجابه (6) الحدّ لا يتوقّف على تعدّده.

(و لا يجب) على المقرّ (حدّ الزناء) الذي أقرّ به (7)(إلاّ بأربع مرّات)، كما لو لم ينسبه إلى معيّن (8)، و هذا (9) موضع وفاق، و إنّما الخلاف في الأوّل (10).

و وجه ثبوته (11) ما ذكر (12)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «نسبته» يرجع إلى الزناء.

(2)صفة لقوله «المرأة»، أي المرأة التي تقرّ بالزناء.

(3)يعني وجب على المقرّ بالزناء كذلك حدّ القذف، و سيأتي أنّ حدّ القذف ثمانون جلدة.

(4)يعني وجب حدّ القذف على المقرّ بأوّل مرّة و إن لم يكمل الأربعة.

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الإقرار الذي نسب فيه الزناء إلى معيّن، رجلا كان أم امرأة.

(6)يعني أنّ كون القذف موجبا للحدّ لا يتوقّف على تحقّقه أربع مرّات.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الزناء.

(8)يعني كما لا يجب الحدّ لو لم ينسب الزناء إلى شخص معيّن.

(9)المشار إليه في قوله «هذا» هو عدم وجوب الحدّ إلاّ بأربع مرّات. يعني أنّ عدم الوجوب إلاّ بأربع مرّات ليس مورد خلاف بين الفقهاء.

(10)المراد من «الأوّل» هو وجوب حدّ القذف إذا نسب الزناء إلى معيّن.

(11)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع إلى حدّ القذف.

(12)المراد من «ما ذكر» هو قول الشارح رحمه اللّه «لأنّه قذف صريح».

ص: 44

فإنّه (1) قد رمى المحصنة أي غير (2) المشهورة بالزناء، لأنّه (3) المفروض، و من (4) أنّه إنّما نسبه (5) إلى نفسه بقوله: «زنيت» و زناؤه (6) ليس مستلزما لزنائها، لجواز (7) الاشتباه عليها أو الإكراه (8)، كما يحتمل المطاوعة (9) و عدم الشبهة، و العامّ (10)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع إلى القاذف.

(2)يعني أنّ المراد من «المحصنة» هو الغير المشهورة بالزناء.

(3)أي عدم الشهرة بالزناء هو المفروض، لأنّ المرأة لو كانت مشهورة بالزناء لم يحكم بالحدّ على قاذفها.

(4)و هذا هو دليل لعدم وجوب الحدّ على من أقرّ بالزناء بشخص معيّن، و هو أنّه إنّما نسب الزناء إلى نفسه و زناؤه ليس بمستلزم لزناء من زنى به.

(5)الضمير الملفوظ في قوله «نسبه» يرجع إلى الزناء، و في قوله «نفسه» يرجع إلى المقرّ.

(6)الضمير في قوله «زناؤه» يرجع إلى القاذف، و في قوله «لزنائها» يرجع إلى المرأة التي نسب الزناء إليها.

(7)الجواز هنا بمعنى الإمكان و الاحتمال. و الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى المرأة التي نسب الزناء إليها. يعني لإمكان عروض الشبهة للمرأة، كما إذا اعتقدت أنّه زوجها و الحال أنّ المرء يعلم الواقع، و كذا إذا كانت نائمة و المرء يجامعها، فالزناء يتحقّق من جانب المرء لا المرأة.

(8)أي لإمكان إكراه المرأة على الزناء، و هذا تعليل آخر لعدم استلزام زناء المقرّ زناء المقذوفة.

(9)أي و كما يحتمل مطاوعة المرأة للمرء و انقيادها له، فيحتمل على هذا الفرض عدم تحقّق الشبهة لها، فإذا يتحقّق الزناء من جانبها أيضا.

(10)المراد من «العامّ » هو تحقّق زناء القاذف، فإنّه أعمّ من تحقّق زناء المقذوفة أيضا.

ص: 45

لا يستلزم الخاصّ (1)، و هذا (2) هو الذي اختاره المصنّف في الشرح (3).

و هو (4) متّجه إلاّ أنّ الأوّل (5) أقوى إلاّ أن يدّعي (6) ما يوجب انتفاءه عنها كالإكراه و الشبهة، عملا (7) بالعموم (8).

و مثله (9) القول في المرأة، و قد روي (10) عن عليّ عليه السّلام قال: «إذا

**********

شرح:

(1)المراد من «الخاصّ » هو تحقّق الزناء من جانب المرأة أيضا.

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو عدم ثبوت حدّ القذف على من قال: إنّي زنيت بفلان، و هو القول الثاني.

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار القول الثاني من القولين في كتابه (شرح الإرشاد).

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى القول الثاني. يعني أنّ هذا القول - و هو ثبوت حدّ القذف على المقرّ القاذف - متّجه عند الشارح رحمه اللّه أيضا.

(5)المراد من «الأوّل» هو القول الأوّل، و هو ثبوت حدّ القذف على القاذف المذكور.

يعني أنّ هذا القول هو أقوى من حيث الدليل.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى القاذف. يعني لو ادّعى القاذف ما يوجب انتفاء حدّ الزناء عنها - كأن يقول: إنّها كانت مكرهة - فإذا لا يحكم في حقّه بحدّ القذف.

(7)تعليل للقول الأوّل، و هو العمل بعموم أدلّة القذف.

(8)كما في الآية 4 من سورة النور: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (1) .

(9)الضمير في قوله «مثله» يرجع إلى ما مرّ من قذف المرء. يعني و مثل ما قلنا في الرجل القاذف يأتي بأجمعه في المرأة لو نسبت زناءها إلى رجل معيّن.

(10)الرواية منقولة في كتاب مستدرك الوسائل:

و بهذا الإسناد [الجعفريّات: أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال :

ص: 46


1- سوره 24 - آیه 4

سئلت (1) الفاجرة: من فجر بك ؟ فقالت: فلان جلدتها حدّين: حدّا للفجور و حدّا لفريتها (2) على الرجل المسلم».

(و) كذا يثبت الزناء (بالبيّنة، كما سلف) في الشهادات (3) من التفصيل.

شهادة الأقلّ من النصاب

(و لو شهد به (4) أقلّ من النصاب) المعتبر (5) فيه، و هو (6) أربعة رجال أو ثلاثة (7) و امرأتان أو رجلان و أربع نسوة (8)

**********

شرح:

حدّثنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه] عن عليّ عليه السّلام: إذا سئلت الفاجرة: من فجر بك ؟ فقالت: فلان، جلدتها حدّين: حدّا لفريتها على المسلم و حدّا بإقرارها على نفسها (المستدرك: ج 18 ص 71 ب 37 من أبواب حدّ الزنى من كتاب الحدود و التعزيرات ح 2).

(1)جواب شرط ، و الشرط هو قوله عليه السّلام «إذا سئلت».

(2)الفرية: الكذب، و - القذف، ج فرى (أقرب الموارد).

(3)أي كما سلف تفصيل الشهادت بالزناء في قوله في أوّل الفصل الثاني من كتاب الشهادات «فمنها ما يثبت بأربعة رجال، و هو الزناء و اللواط و السحق... إلخ».

شهادة الأقلّ من النصاب (4)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الزناء.

(5)و النصاب المعتبر في الشهادة على الزناء هو شهادة أربعة رجال مع الشرائط المذكورة لها في محلّه و غيرها، كما سيأتي، و الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى ثبوت الزناء.

(6)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى النصاب.

(7)أي شهادة ثلاثة رجال و امرأتين، فإنّ الامرأتين تقومان مقام رجل واحد.

(8)فإنّ شهادة أربع نسوة تقوم مقام شهادة رجلين.

ص: 47

و إن ثبت بالأخير (1) الجلد خاصّة (حدّوا (2)) أي من شهد و إن كان واحدا (3)،(للفرية)، و هي (4) الكذبة العظيمة، لأنّ (5) اللّه تعالى سمّى من قذف و لم يأت بتمام الشهداء كاذبا، فيلزمه (6) كذب من نسبه (7) و جزم (8) به من غير أن يكون الشهداء كاملين و إن كان (9) صادقا في نفس الأمر، و

**********

شرح:

(1)المراد من «الأخير» هو شهادة رجلين و أربع نسوة، فإنّ الثابت بذلك هو الجلد لا القتل و الرجم.

(2)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الأقلّ من النصاب.

(3)يعني ليس المراد من قوله «حدّوا» الجمع خاصّة، بل يشمل ما إذا كان الشاهد واحدا أيضا.

(4)الضمير في قوله «و هي» يرجع إلى الفرية.

(5)تعليل لكون القذف كذبا، و هو أنّه سمّي في القرآن الكريم بالكذب و لو كان صدقا في الواقع، كما في الآية 4 من سورة النور: أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (1) ، و قد فسّرت الآية ب «هم الكاذبون».

(6)الضمير الملفوظ في قوله «فيلزمه» يرجع إلى تسمية اللّه من قذف و لم يأت بأربعة شهداء كاذبا.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى «من» الموصولة المراد منها الشاهد، و ضمير المفعول يرجع إلى الزناء.

(8)فاعل قوله «جزم» هو الضمير العائد إلى «من» الموصلة المراد منها الشاهد، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحدّ. يعني أنّ لازم تسمية اللّه تعالى من قذف و لم يأت بتمام الشهداء كاذبا هو كذب من نسب الزناء و جزم بوقوعه ممّن نسبه إليه.

(9)أي و إن كان الشاهد صادقا في الواقع، و كان المقذوف قد ارتكبه فيما بينه و بين اللّه تعالى.

ص: 48


1- سوره 24 - آیه 4

المراد أنّهم (1) يحدّون للقذف.

شروط قبول الشهادة بالزنى

(و يشترط ) في قبول الشهادة به (2)(ذكر المشاهدة) للإيلاج (كالميل في المكحلة (3))، فلا يكفي الشهادة بالزناء مطلقا (4)، و قد تقدّم في حديث ماعز ما ينبّه عليه (5).

و روى (6) أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «لا يرجم الرجل و المرأة حتّى يشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع (7) و الإيلاج و الإدخال كالميل في المكحلة».

و في صحيحة (8) الحلبيّ عنه (9) عليه السّلام قال: «حدّ الرجم أن يشهد أربعة

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الشهود إذا لم يكونوا كاملين حدّوا حدّ القذف.

شروط قبول الشهادة بالزناء (2)يعني يشترط في قبول الشهادة بالزناء أن يذكر الشاهد المشاهدة مقيّدة بكونها كالميل في المكحلة.

(3)المكحلة: ما فيه الكحل، و هو أحد ما جاء بالضمّ من أسماء الآلة (أقرب الموارد).

(4)أي بلا تفصيل ذكر المشاهدة المذكورة.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى اشتراط المشاهدة كالميل في المكحلة.

و لا يخفى أنّ رواية ماعز وردت في خصوص الإقرار بالزناء لا في الشهادة حتّى يستفاد منه ذكر المشاهدة كالميل في المكحلة.

(6)الرواية منقولة في كتاب الكافي: ج 7 ص 184 ح 4.

(7)عطف الألفاظ الثلاثة: «الجماع» و «الإيلاج» و «الإدخال» من قبيل عطف التفسير.

(8)الصحيحة منقولة في كتاب الكافي: ج 7 ص 184 ح 5.

(9)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام.

ص: 49

أنّهم رأوه يدخل و يخرج».

و كذا لا يكفي دعوى المعاينة حتّى يضمّوا إليها (1) قولهم: من غير عقد (2) و لا شبهة إلى آخر ما يعتبر.

نعم، تكفي شهادتهم (3) به (من غير علم (4) بسبب التحليل)، بناء (5) على أصالة عدمه (6).

(فلو لم يذكروا) في شهادتهم (7)(المعاينة) على الوجه المتقدّم (8) (حدّوا (9)) للقذف دون المشهود عليه (10).

و كذا (11) لو شهدوا بها (12).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إليها» يرجع إلى الدعوى، و في قوله «قولهم» يرجع إلى الشهود.

(2)بأن يقول الشهود: إنّا شاهدنا إيلاج الرجل في المرأة كالميل في المكحلة بلا عقد و لا شبهة إلى آخر ما تقدّم من قيود تعريف الزناء.

(3)الضمير في قوله «شهادتهم» يرجع إلى الشهود، و في قوله «به» يرجع إلى الزناء.

(4)يعني تجوز شهادتهم إذا لم يعلموا سبب الحلّ و إن لم يتيقّنوا بالحرمة.

(5)بالنصب، مفعول له. يعني للبناء على أصالة عدم الحلّ ، فإذا سئلوا: كيف تشهدون مع عدم علمكم بعدم سبب الحلّ ؟ قالوا: نشهد للبناء على عدم سبب الحلّ .

(6)الضمير في قوله «عدمه» يرجع إلى سبب الحلّ .

(7)الضمير في قوله «شهادتهم» يرجع إلى الشهود.

(8)المراد من «الوجه المتقدّم» هو قوله «كالميل في المكحلة».

(9)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الشهود.

(10)أي لا يحدّ الذي شهدوا عليه.

(11)أي و كذا يحدّ الشهود لو شهدوا بالمعاينة و لم يقولوا: إنّا لا نعلم سبب التحليل.

(12)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى المعاينة.

ص: 50

و لم يكملوها (1) بقولهم: و لا نعلم (2) سبب التحليل و نحوه.

(و لا بدّ) مع ذلك (3) كلّه (من اتّفاقهم على الفعل الواحد (4) في الزمان الواحد و المكان الواحد، فلو اختلفوا) في أحدها (5) - بأن شهد بعضهم على وجه مخصوص (6) و الباقون على غيره، أو شهد بعضهم بالزناء غدوة و الآخرون عشيّة (7)، أو بعضهم في زاوية مخصوصة (8) أو بيت و الآخرون في غيره -(حدّوا (9)، للقذف).

و ظاهر كلام المصنّف (10) و غيره

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لم يكملوها» يرجع إلى الشهادة، و في قوله «بقولهم» يرجع إلى الشهود.

(2)هذا مقول قولهم في مقام إكمال شهادتهم.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر من اشتراط النصاب و ذكر المشاهدة بلا علم بسبب الحلّ . يعني لا بدّ مع ذلك كلّه من اتّفاق الشهود على الفعل.

(4)المراد من «الفعل الواحد» هو الفعل الذي يصدر عن المشهود عليه، بمعنى أنّ من شرائط قبول شهادتهم هو اتّفاقهم في بيان كيفيّة الفعل الصادر عن المشهود عليه من حيث الزمان و المكان.

(5)الضمير في قوله «أحدها» يرجع إلى الفعل و الزمان و المكان.

(6)كما إذا شهد بعضهم بكون فعل الزناء في حال القيام و الآخرون بوقوعه في حال الجلوس.

(7)هذا مثال لاختلافهم من حيث الزمان.

(8)هذا مثال لاختلافهم من حيث المكان.

(9)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الشهود.

(10)أي ظاهر كلام المصنّف رحمه اللّه في قوله «و لا بدّ من اتّفاقهم على الفعل... إلخ» يدلّ على

ص: 51

أنّه لا بدّ من ذكر الثلاثة (1) في الشهادة و الاتّفاق عليها (2)، فلو أطلقوا (3) أو بعضهم حدّوا و إن لم يتحقّق الاختلاف (4)، مع احتمال الاكتفاء بالإطلاق، لإطلاق الأخبار السابقة (5) و غيرها (6) و اشتراط (7) عدم الاختلاف حيث يقيّدون بأحد الثلاثة.

و كذا يشترط اجتماعهم (8)

**********

شرح:

لزوم ذكر الثلاثة المذكورة في الشهادة. و الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى المصنّف.

(1)المراد من «الثلاثة» هو الفعل و الزمان و المكان.

(2)الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى الثلاثة.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الشهود، و كذا الضمير في قوله «بعضهم». يعني لو أطلقوا جميعا أو أطلق بعض منهم و فصّل بعض آخر حدّوا جميعا.

(4)أي و إن لم يتحقّق الاختلاف في الواقع و الظاهر معا، لأنّهم إذا أطلقوا جميعا أمكن كونهم متّفقين، و كذا إذا أطلق بعض و فصّل آخر، ففي كلتا الصورتين لا يتحقّق الاختلاف، لعدم تناف بين إطلاقين و كذا بين إطلاق و تقييد.

(5)المراد من «الأخبار السابقة» هو رواية أبي بصير و صحيحة الحلبيّ ، فإنّ الإيلاج في كلتيهما مطلق لم يقيّد بكيفيّة صدوره و زمانه و مكانه.

(6)يعني أنّ غير الروايتين المذكورتين أيضا مطلق.

(7)بالجرّ، عطف على مدخول «مع» في قوله «مع احتمال الاكتفاء بالإطلاق». يعني مع احتمال اشتراط عدم الاختلاف في صورة تقييدهم الفعل بأحد الامور الثلاثة من الكيفيّة و الزمان و المكان.

(8)الضمير في قوله «اجتماعهم» يرجع إلى الشهود، و في قوله «إقامتها» يرجع إلى الشهادة.

ص: 52

حال إقامتها دفعة (1)، بمعنى أن لا يحصل بين الشهادات تراخ (2) عرفا لا بمعنى تلفّظهم بها (3) دفعة و إن كان (4) جائزا.

(و لو أقام بعضهم الشهادة في غيبة الباقي حدّوا و لم يرتقب (5) الإتمام)، لأنّه (6) لا تأخير في حدّ، و قد روي (7) عن عليّ عليه السّلام في ثلاثة شهدوا على رجل بالزناء فقال عليّ عليه السّلام: «أين الرابع ؟ (8)» فقالوا: الآن يجيء، فقال عليّ عليه السّلام: «حدّوهم، فليس في الحدود نظر (9) ساعة».

و هل يشترط حضورهم في مجلس الحكم دفعة (10) قبل اجتماعهم

**********

شرح:

(1)قيد لقوله «اجتماعهم».

(2)يعني أنّ المراد من اجتماعهم دفعة هو عدم تراخيهم في أداء الشهادة عرفا، و ليس المراد تلفّظهم بالشهادة دفعة واحدة.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الشهادة.

(4)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى التلفّظ دفعة. يعني أنّ تلفّظهم بالشهادة بالزناء دفعة واحدة جائز و إن كان لا يجب.

(5)أي لا ينتظر لإتمام الشهادة بقدوم الغائبين، بل يجري الحدّ على الذين شهدوا بالزناء مع غيبة الباقين.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الشأن.

(7)الرواية منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 372 ب 12 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 8.

(8)أي أين الشاهد الرابع ؟

(9)من النظرة: التأخير و الإمهال في الأمر (أقرب الموارد).

(10)بالنصب، قيد لقوله «حضورهم»، و الضمير في قوله «اجتماعهم» يرجع إلى الشهود.

ص: 53

على الإقامة (1)؟ قولان (2)، اختار أوّلهما (3) العلاّمة في القواعد، و ثانيهما (4) في التحرير، و هو (5) الأجود، لتحقّق الشهادة المتّفقة (6) و عدم ظهور المنافي (7)، مع الشكّ في اشتراط الحضور (8) دفعة، و النصّ (9) لا يدلّ على أزيد من اعتبار عدم تراخي الشهادات.

و يتفرّع عليهما (10) ما لو تلاحقوا (11)

**********

شرح:

(1)أي قبل إقامتهم الشهادة على الزناء.

(2)جواب لقوله «هل يشترط ».

(3)أي اختار العلاّمة رحمه اللّه الأوّل من القولين في كتابه (القواعد)، و هو اشتراط حضورهم دفعة في مجلس الحكم.

(4)يعني أنّ العلاّمة اختار في كتابه (التحرير) القول الثاني، و هو عدم اشتراط الشهود في مجلس الحكم دفعة قبل إقامة الشهادة.

(5)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى القول الثاني. يعني أنّ القول بعدم اشتراط حضور الشهود في مجلس الحكم دفعة قبل اجتماعهم على إقامة الشهادة هو الأجود عند الشارح رحمه اللّه.

(6)أي لتحقّق الاتّفاق حين أداء الشهادة، و هو المطلوب.

(7)هذا تعليل ثان من الشارح رحمه اللّه لكون القول الثاني أجود، و هو أنّ الأمر الذي ينافي قبول شهادتهم من ظهور فسق أو كفر أو غيرهما لم يثبت ظاهرا.

(8)هذا تعليل ثالث لعدم الاشتراط ، و هو الشكّ في الاشتراط ، فتجري البراءة.

(9)المراد من «النصّ » هو ما نقل في الصفحة السابقة. فإنّ هذا الحديث لا يدلّ على أزيد من اعتبار عدم تراخي الشهادات.

(10)الضمير في قوله «عليهما» يرجع إلى القولين المذكورين.

(11)فاعله هو الضمير العائد إلى الشهود.

ص: 54

و اتّصلت (1) شهادتهم بحيث لم يحصل التأخير (2)، فعلى الأوّل (3) يحدّون هنا بطريق أولى (4)، و على الثاني (5) يحتمل القبول و عدمه، نظرا (6) إلى فقد شرط الاجتماع حالة الإقامة دفعة و انتفاء (7) العلّة الموجبة للاجتماع، و هي (8) تأخير حدّ القاذف، فإنّه (9) لم يتحقّق هنا (10).

**********

شرح:

(1)أي تلاحق الشهود بحيث اتّصلت شهاداتهم، كما إذا شهد الأوّل و لم يتمّ كلامه حتّى لحقه الثاني، و هكذا لحقه الثالث قبل تمام كلامه، و هكذا الرابع.

(2)أي لم يحصل من الشهود التأخير في أداء الشهادات.

(3)أي على القول الأوّل - و هو اشتراط حضور الشهود في مجلس الحكم دفعة قبل إقامة الشهادات - يحدّون في هذا الفرض بطريق أولى.

(4)وجه الأولويّة هو عدم اجتماعهم لا في حال إقامة الشهادة و لا قبلها، فإنّهم إذا حدّوا مع عدم اجتماعهم قبل إقامة الشهادة - و لو اجتمعوا في حالها - ففي فرض عدم اجتماعهم لا قبل الإقامة و لا حال الإقامة حدّوا بطريق أولى.

(5)و هو القول بعدم اشتراط اجتماعهم قبل إقامة الشهادة، ففي هذا الفرض المذكور يحتمل قبول شهادتهم و يحتمل عدم القبول.

(6)بالنصب، مفعول له. و هذا دليل لعدم قبول شهادتهم.

(7)بالجرّ، عطف على مدخول «إلى» الجارّة. و هذا دليل لقبول شهادتهم في الفرض، و هو أنّ العلّة الموجبة للاجتماع - و هي تأخير حدّ القاذف - مفقودة هنا.

(8)الضمير في قوله «و هي» يرجع إلى العلّة.

(9)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع إلى تأخير حدّ القاذف.

(10)المشار إليه في قوله «هنا» هو تلاحق الشهود بحيث لم تتمّ شهادة الأوّل حتّى دخل الثاني، و كذلك الثالث و الرابع.

ص: 55

و حيث (1) يحدّ الشاهد أوّلا قبل حضور أصحابه إمّا مطلقا (2) أو مع التراخي (3)(فإن جاء الآخرون) بعد ذلك (4)(و شهدوا حدّوا (5) أيضا (6))، لفقد شرط القبول (7) في المتأخّر كالسابق (8).

(و لا يقدح تقادم (9) الزناء) المشهود به (في صحّة الشهادة)، للأصل (10).

و ما روي (11) في بعض الأخبار من أنّه متى زاد عن ستّة أشهر لا يسمع

**********

شرح:

(1)هذا من باب المقدّمة لقوله الآتي «فإن جاء الآخرون و شهدوا حدّوا».

(2)أي سواء حصل التراخي في الشهادة أم لم يحصل.

(3)أي إذا حصل التراخي في إقامة الشهادات من الشهود.

(4)أي بعد شهادة الأوّل.

(5)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى الآخرين.

(6)أي كما يحدّ الأوّل يحدّ الآخرون أيضا.

(7)المراد من «شرط القبول» هو اجتماع الشهود حين أداء الشهادات.

(8)يعني كما أنّ السابق كان فاقدا لشرط القبول كذلك اللاحق يكون فاقدا له.

(9)أي لا يضرّ بقبول الشهادة تقدّم زمان وقوع الزناء، كما إذا وقع الزناء في أزمنة متقدّمة على زمان إقامة الشهادة.

(10)المراد من «الأصل» هو أصالة صحّة شهادة العادل و تأثيرها.

(11)الرواية التي استندوا إليها لم يذكر فيها لفظ ستّة أشهر، و هي منقولة في كتاب الوسائل هكذا:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن جميل بن درّاج عن رجل عن أحدهما عليهما السّلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم ذلك منه و لم يؤخذ حتّى تاب و صلح فقال:

إذا صلح و عرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحدّ، قال ابن أبي عمير: قلت: فإن كان

ص: 56

شاذّ.

تصديق الزاني للشهود و تكذيبهم

(و لا يسقط ) الحدّ (1) و لا الشهادة (بتصديق الزاني الشهود و لا بتكذيبهم)، أمّا مع التصديق فظاهر (2)، و أمّا مع التكذيب (3) فلأنّ تكذيب المشهود عليه (4) لو أثّر لزم تعطيل الأحكام (5).

**********

شرح:

امرء غريبا لم تقم ؟ قال: لو كان خمسة أشهر أو أقلّ و قد ظهر منه أمر جميل لم تقم عليه الحدود (الوسائل: ج 18 ص 328 ب 16 من أبواب مقدّمات الحدود من كتاب الحدود ح 3).

و الحاصل أنّ مضمون هذه الرواية هو عدم سماع شهادة الشهود إذا زاد عن خمسة أشهر، لكن لم يعمل بها الفقهاء، فالرواية شاذّة غير معمول بها.

تصديق الزاني للشهود و تكذيبهم (1)يعني أنّ الحدّ الواجب إجراؤه على المشهود عليه - و هو من ارتكب الزناء - لا يسقط بتصديقه الشهود و لا بتكذيبه إيّاهم.

(2)يعني أنّ وجه عدم سقوط الحدّ عن الزاني مع تصديقه الشهود ظاهر، و هو أنّ تصديقه لقول الشهود مؤيّد لقولهم و مؤكّد لإجراء الحدّ عليه.

(3)يعني و أمّا وجه عدم سقوط الحدّ عن الزاني بتكذيبه الشهود فهو ما سيشير إليه بقوله «لو أثّر لزم تعطيل الأحكام».

(4)المشهود عليه هو الذي نسبه الشهود إلى الزناء.

(5)يعني لو كان تكذيب المشهود عليه مؤثّرا في سقوط الحدّ عنه لزم تعطيل أحكام الحدّ، لأنّ كلّ مشهود عليه يكذّب الشهود، ليدرأ الحدّ عن نفسه.

ص: 57

سقوط الحدّ بالتوبة

(و التوبة قبل قيام البيّنة) على الزاني (تسقط (1) الحدّ) عنه، جلدا (2) كان أم رجما على المشهور، لاشتراكهما (3) في المقتضي (4) للإسقاط (لا) إذا تاب (بعدها (5))، فإنّه لا يسقط على المشهور (6)، للأصل (7).

و قيل: يتخيّر الإمام في العفو عنه (8) و الإقامة.

و لو كانت التوبة قبل الإقرار (9) فأولى بالسقوط ،

**********

شرح:

سقوط الحدّ بالتوبة (1)خبر لقوله «التوبة»، و الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى التائب. يعني أنّ الزاني إذا تاب قبل قيام البيّنة عليه سقط الحدّ عنه بها.

(2)و سيأتي أنّ حدّ الزاني جلد إذا لم يكن محصنا، و رجم إذا كان كذلك.

(3)الضمير في قوله «لاشتراكهما» يرجع إلى الجلد و الرجم.

(4)المراد من «المقتضي للإسقاط » هو توبة الزاني. يعني أنّ توبة الزاني تسقط الحدّ عنه، سواء كان الحدّ جلدا أو رجما.

(5)أي لا تسقط التوبة الحدّ على الزاني إذا كانت بعد قيام البيّنة على الزناء.

(6)قال الشيخ عليّ رحمه اللّه: قوله «على المشهور... إلخ» كتب في الحاشية: لم نقف على مستند هذه الأحكام، لكنّها مشهورة، انتهى، و في المسالك نقل رواية جميل الدالّة على سقوطه قبل قيام البيّنة، و قال: إنّ رواية أبي بصير مؤيّدة لعدم سقوطه بعد قيام البيّنة، فكأنّه أراد المستند المعتبر أو أنّ ذلك يتعلّق بالتوبة قبل الإقرار و بعده، كما يدلّ عليه كلام المسالك.

(7)المراد من «الأصل» هو استصحاب بقاء وجوب الحدّ عليه عند الشكّ في زواله.

(8)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى الحدّ.

(9)فلو تاب الزاني، ثمّ أقرّ بالزناء سقط عنه الحدّ بطريق أولى.

ص: 58

و بعده (1) يتخيّر الإمام في إقامته، و سيأتي.

سقوط الحدّ بدعوى الجهالة أو الظنّ

(و يسقط ) الحدّ (بدعوى الجهالة) بالتحريم (2)(أو الشبهة) - بأن قال:

ظننت أنّها (3) حلّت بإجارتها (4) نفسها أو تحليلها (5) أو نحو ذلك (6) -(مع إمكانهما) أي الجهالة و الشبهة (في حقّه (7))، فلو كان ممّن لا يحتمل جهله بمثل ذلك (8) لم يسمع.

**********

شرح:

(1)أي لو كانت التوبة بعد إقراره بالزناء تخيّر الإمام عليه السّلام في العفو عنه و في إقامة الحدّ عليه.

سقوط الحدّ بدعوى الجهالة أو الظنّ (2)يعني لو ادّعى الزاني جهله بحرمة الزناء سقط عنه الحدّ.

(3)الضمائر في أقواله «أنّها» و «بإجارتها» و «نفسها» و «تحليلها» ترجع إلى المرأة المزنيّ بها.

(4)كما إذا آجرت المرأة نفسها في مدّة معيّنة بعوض معلوم، فظنّ الزاني أنّها تحلّ بالإجارة الكذائيّة و الحال أنّها لا توجب الحلّ ، بل تحتاج حلّيّتها إلى العقد، دائما كان أو منقطعا.

(5)كما إذا حلّلت المرأة نفسها للزاني، فظنّ حلّها.

(6)كما إذا أباحت المرأة نفسها، فظنّ حلّها.

(7)يعني يسقط الحدّ عن مدّعي الجهالة بتحريم الزناء أو مدّعي الشبهة في صورة إمكانهما في حقّه بأن كان جديد العهد بالإسلام، أو كان من أهل البوادي و القرى البعيدة عن تحصيل الأحكام.

(8)أي بمثل هذه الأحكام التي هي ظاهرة لكلّ واحد من المسلمين.

ص: 59

أقسام حدّ الزنى

اشارة

(و إذا ثبت الزناء على الوجه المذكور (1) وجب الحدّ) على الزاني،(و هو (2) أقسام ثمانية:).

الأوّل: القتل بالسيف

(أحدها (3): القتل بالسيف) و نحوه (4)،(و هو للزاني بالمحرم) النسبيّ

**********

شرح:

أقسام حدّ الزناء (1)المراد من «الوجه المذكور» هو ثبوت الزناء إمّا بالبيّنة أو بالإقرار مع اجتماع جميع الشرائط المذكورة.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الحدّ.

الأوّل: القتل بالسيف (3)الضمير في قوله «أحدها» يرجع إلى أقسام الحدّ.

اعلم أنّ حدّ الزاني على ثمانية أقسام:

الأوّل: القتل بالسيف و نحوه.

الثاني: الرجم.

الثالث: الجلد خاصّة، و هو مائة سوط .

الرابع: الجلد و الجزّ و التغريب.

الخامس: خمسون جلدة.

السادس: الحدّ المبعّض.

السابع: الضغث.

الثامن: الجلد مع عقوبة زائدة.

(4)الضمير في قوله «نحوه» يرجع إلى السيف، و المراد منه هو القتل بنحو السيف من الخنجر و السكّين.

ص: 60

من النساء (كالأمّ (1) و الاخت) و العمّة و الخالة و بنت الأخ و الاخت، أمّا غيره من المحارم بالمصاهرة كبنت (2) الزوجة و امّها (3) فكغيرهنّ من الأجانب على ما يظهر من الفتاوى (4)، و الأخبار (5) خالية من تخصيص

**********

شرح:

(1)هذه و ما بعدها أمثلة للمحارم النسبيّة.

(2)هذه و ما بعدها أمثلة للمحارم بالمصاهرة.

(3)الضمير في قوله «امّها» يرجع إلى الزوجة، و في قوله «فكغيرهنّ » يرجع إلى المحارم بالمصاهرة.

(4)يعني أنّ الظاهر من فتاوى الفقهاء هو أنّ حكم الزناء بالمحارم بالمصاهرة حكم الزناء بغير المحارم.

(5)و المراد من الأخبار الواردة في خصوص الزاني بالمحارم بلا تخصيص فيها بالمحارم النسبيّة هو ما نقل في كتاب الكافي، ننقل ثلاثة منها:

الأوّل: عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن أبي أيّوب قال: سمعت بكير بن أعين يروي عن أحدهما عليهما السّلام قال: من زنى بذات محرم حتّى يواقعها ضرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت، و إن كانت تابعته ضربت ضربة بالسيف أخذت منها ما أخذت، قيل له: فمن يضربهما و ليس لهما خصم ؟ قال: ذاك على الإمام إذا رفعا إليه (الكافي: ج 7 ص 190 ح 1).

الثاني: أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحسن عن عليّ بن أسباط عن الحكم بن مسكين عن جميل بن درّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أين يضرب الذي يأتي ذات محرم بالسيف ؟ أين هذه الضربة ؟ قال: يضرب عنقه، أو قال: تضرب رقبته (المصدر السابق: ح 2).

الثالث: عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عليّ بن أسباط عن عبد اللّه بن بكير عن أبيه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أتى ذات محرم ضربت ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت (المصدر السابق: ح 6).

ص: 61

النسبيّ ، بل الحكم فيها (1) معلّق على ذات المحرم مطلقا (2).

أمّا من حرمت (3) بالملاعنة و الطلاق (4) و اخت الموقب (5) و بنته (6) و امّه فلا (7) و إن حرمن (8) مؤبّدا.

و في إلحاق المحرم بالرضاع (9) بالنسب وجه، مأخذه (10) إلحاقه (11) في

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى الأخبار.

(2)أي سواء كانت ذات المحرم التي زنى بها ذات محرم بالنسب أو بالمصاهرة كبنت الزوجة أو أمّ الزوجة أو حليلة الابن.

(3)يعني لو زنى بالمرأة التي تحرم عليه باللعان - كما إذا نسب الزناء إلى زوجته و لم يأت بالشهود فلا عنها فحرمت عليه - لم يجر فيه حكم الزناء بالمحارم.

(4)كما إذا طلّق زوجته تسع مرّات مع تخلّل المحلّل بعد كلّ من الطلقتين فحرمت عليه أبدا، فالزناء بها لا يجري فيه حكم الزناء بالمحارم.

(5)بصيغة اسم المفعول، و المراد منه هو الغلام الذي كان موطوء، فإنّ بنته و اخته و امّه يحرمن على الواطئ أبدا، فلو زنى الواطئ بإحداهنّ لم يشمله حكم الزاني بالمحارم، و هو القتل بالسيف.

(6)الضميران في قوليه «بنته» و «امّه» يرجعان إلى الموقب.

(7)أي فلا يشمله حكم الزاني بالمحارم.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى اخت الموقب و امّه و بنته.

(9)أي في إلحاق المحارم بالرضاع بالمحارم بالنسب في إجراء حكم الزاني بالمحارم وجه.

(10)الضمير في قوله «مأخذه» يرجع إلى الوجه.

(11)أي إلحاق المحرم بالرضاع بالمحرم بالنسب، بمعنى أنّ حكم الزاني بالمحرم بالنسب يجري على الزاني بالمحرم بالرضاع، لإلحاق المحرم بالرضاع بالمحرم بالنسب في كثير من الأحكام.

ص: 62

كثير من الأحكام، للخبر (1)، لكن لم نقف على قائل به (2)، و الأخبار تتناوله (3).

و في إلحاق (4) زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك (5) بالمحرم النسبيّ قولان، من دخولهنّ (6) في ذات المحرم، و أصالة (7) العدم.

و لا يخفى أنّ إلحاقهنّ (8) بالمحرم دون غيرهنّ من المحارم بالمصاهرة (9) تحكّم (10).

**********

شرح:

(1)المراد من «الخبر» هو الحديث النبويّ المشهور: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الإلحاق.

(3)الضمير الملفوظ في قوله «تتناوله» يرجع إلى المحرم بالرضاع.

(4)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر هو قوله «قولان». يعني و في إلحاق الزناء بزوجة الأب و الابن و كذا موطوءة الأب بالملك بالزناء بالمحرم النسبيّ قولان.

(5)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «موطوءة الأب».

و المراد من «موطوءة الأب بالملك» هو الأمة التي وطئها الأب بسبب الملك.

(6)هذا هو دليل الإلحاق، و هو دخولهنّ في ذات المحرم التي تعلّق الحكم المذكور بالزناء بها في الأخبار.

(7)بالجرّ، عطف على مدخول «من» الجارّة في قوله «من دخولهنّ ». و هذا هو دليل عدم الإلحاق، و هو أصالة عدم دخولهنّ في ذات المحرم.

(8)الضمير في قوله «إلحاقهنّ » يرجع إلى زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك.

(9)المراد من غير المذكورين من المحارم بالمصاهرة هو مثل بنت الزوجة و امّها.

(10)خبر «أنّ ». يعني أنّ دخول المذكورات في حكم الزناء بالمحرم و عدم دخول غيرهنّ

ص: 63

نعم، يمكن أن يقال: دلّت النصوص (1) على ثبوت الحكم (2) في ذات المحرم مطلقا (3)، فيتناولهنّ (4)، و خروج غيرهنّ (5) بدليل آخر كالإجماع لا ينفي الحكم فيهنّ (6) مع ثبوت الخلاف (7)، لكن يبقى الكلام في تحقّق الإجماع في غيرهنّ (8).

**********

شرح:

تحكّم، أي دعوى من دون دليل.

(1)المراد من «النصوص» هو الأخبار الواردة في بيان حكم الزناء بالمحرم.

(2)المراد من «الحكم» هو حكم الزناء بالمحرم، و هو القتل بالسيف و نحوه.

(3)أي سواء كانت ذات المحرم نسبيّة أم سببيّة.

(4)الضمير في قوله «فيتناولهنّ » يرجع إلى زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك. يعني أنّ النصوص دلّت على حكم القتل بالسيف للزاني بالمحارم مطلقا، فتشمل الزناء بزوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك، لأنّهنّ أيضا من المحارم و لو بالمصاهرة أو بسبب آخر.

(5)الضمير في قوله «غيرهنّ » يرجع إلى زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك.

و المراد من «غيرهنّ » هو سائر المحارم بالمصاهرة، مثل بنت الزوجة و امّها، أو بالملك. يعني خروجهنّ من عموم الحكم بسبب الإجماع لا يوجب نفي حكم الزناء بالمحارم عن الزناء بزوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك.

(6)الضمير في قوله «فيهنّ » يرجع إلى زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك.

(7)أي مع ثبوت الخلاف في زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك في إلحاقهنّ بالمحرم النسبيّ .

(8)الضمير في قوله «غيرهنّ » يرجع إلى زوجة الأب و الابن و موطوءة الأب بالملك.

و المراد من «غيرهنّ » هو بنت الزوجة و امّها و موطوءة الابن بالملك. يعني أنّ

ص: 64

(و) كذا (1) يثبت الحدّ بالقتل (للذمّيّ (2) إذا زنى بمسلمة) مطاوعة (3) أو مكرهة (4) عاقدا (5) عليها أم لا.

نعم، لو اعتقده (6) حلالا بذلك (7) لجهله (8) بحكم الإسلام احتمل قبول (9) عذره، لأنّ (10) الحدّ يدرأ بالشبهة، و عدمه (11)، للعموم (12)، و

**********

شرح:

الكلام يبقى في تحقّق الإجماع على خروج غيرهنّ عن عموم حكم القتل بالسيف، و يظهر من كلام الشارح رحمه اللّه عدم ثبوت الإجماع على خروج المحارم بالمصاهرة عن الحكم المذكور عنده.

(1)المشار إليه في قوله «كذا» هو الحكم بقتل الزاني بالمحارم. يعني يجري مثل حدّ الزاني بالمحارم على الكافر الذمّيّ الذي زنى بمسلمة.

(2)المراد من «الذمّيّ » هو الكافر من أهل الكتاب الذي يعمل بشرائط الذمّة.

(3)يعني أنّ المسلمة راضية بالزناء، و اللفظ بصيغة اسم الفاعل.

(4)بصيغة اسم المفعول، يعني أنّ المسلمة مجبورة على الزناء.

(5)أي و الحال أنّ الذمّيّ عاقد على المسلمة، فإنّ عقده عليها باطل، فلا تأثير له في عدم تحقّق الزناء.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الذمّيّ ، و ضمير المفعول يرجع إلى الوطي.

(7)المشار إليه في قوله «بذلك» هو العقد.

(8)الضمير في قوله «لجهله» يرجع إلى الذمّيّ .

(9)بالرفع، نائب فاعل لقوله «احتمل». يعني لو اعتقد الذمّيّ حلّيّة الوطي بالعقد احتمل قبول عذره من قبل الحاكم. و الضمير في قوله «عذره» يرجع إلى الذمّيّ .

(10)تعليل لقبول عذر الذمّيّ ، و هو الجهل بالحرمة.

(11)بالرفع، عطف على قوله «قبول عذره». يعني و يحتمل عدم القبول لو ادّعى العذر.

(12)أي لعموم الأخبار الدالّة على قتل الذمّيّ لو زنى بالمسلمة، و من تلك الأخبار هو

ص: 65

لا يسقط عنه (1) القتل بإسلامه.

(و الزاني (2) مكرها (3) للمرأة)،

**********

شرح:

ما نقل في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن حنّان بن سدير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن يهوديّ فجر بمسلمة، قال: يقتل (الوسائل: ج 18 ص 407 ب 36 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 1).

(1)الضميران في قوليه «عنه» و «بإسلامه» يرجعان إلى الذمّيّ . يعني لو أسلم الذمّيّ بعد ارتكابه للزناء بالمسلمة، ثمّ أسلم لم يسقط عنه الحدّ، و يدلّ عليه بعض الأخبار، و هو المنقول في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن جعفر بن رزق اللّه قال: قدّم إلى المتوكّل رجل نصرانيّ فجر بامرأة مسلمة و أراد أن يقيم عليه الحدّ فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: قد هدم إيمانه شركه و فعله، و قال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، و قال بعضهم: يفعل به كذا و كذا، فأمر المتوكّل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث عليه السّلام و سؤاله عن ذلك، فلمّا قدم الكتاب كتب أبو الحسن عليه السّلام: يضرب حتّى يموت، فأنكر يحيى بن أكثم و أنكر فقهاء العسكر ذلك، و قالوا: يا أمير المؤمنين سله عن هذا، فإنّه شيء لم ينطق به كتاب و لم تجئ به السنّة، فكتب: إنّ فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا و قالوا: لم تجئ به سنّة و لم ينطق به كتاب، فبيّن لنا بما أوجبت عليه الضرب حتّى يموت ؟ فكتب عليه السّلام: بسم اللّه الرحمن الرحيم، فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (1) ، قال: فأمر به المتوكّل، فضرب حتّى مات (المصدر السابق: ح 2).

(2)بالجرّ، عطف على مدخول اللام الجارّة في قوله «للذمّيّ ». يعني و كذا يقتل بالسيف الزاني الذي يجبر المرأة على الزناء بها.

(3)بصيغة اسم الفاعل، و هو حال لقوله «الزاني».

ص: 66


1- سوره 40 - آیه 84

و الحكم (1) في الأخبار (2) و الفتوى معلّق على المرأة (3)، و هي - كما سلف - لا تتناول الصغيرة، ففي إلحاقها (4) بها هنا نظر، من فقد النصّ (5) و أصالة العدم، و من أنّ الفعل (6) أفحش، و التحريم فيها (7) أقوى.

**********

شرح:

(1)هذا مبتدأ، خبره قوله «معلّق».

(2)من الأخبار الواردة في الباب حديثان منقولان في كتاب الكافي:

الأوّل: عليّ بن إبراهيم عن أبيه و محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن أبي أيّوب عن بريد العجليّ قال: سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل اغتصب * امرأة فرجها، قال: يقتل، محصنا كان أو غير محصن (الكافي: ج 7 ص 189 ح 1).

* قوله: «اغتصب» أي أجبر المرأة و أكرهها على الزناء.

الثاني: عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كابر * الرجل المرأة على نفسها ضرب ضربة بالسيف مات منها أو عاش (نفس المصدر: ح 4).

* المراد من المكابرة في قوله عليه السّلام: «كابر» هو الإكراه و الإجبار.

(3)يعني أنّ حكم القتل بالسيف في الأخبار تعلّق بالزاني المكره للمرأة، و اللفظ - هذا - لا يشمل الصغيرة.

(4)الضمير في قوله «إلحاقها» يرجع إلى الصغيرة، و في قوله «بها» يرجع إلى المرأة.

يعني ففي إلحاق الصغيرة إذا أجبرها الزاني على الزناء بها بالمرأة إذا أجبرها على الزناء بها وجهان.

(5)هذا و ما بعده دليلان لعدم إلحاق الصغيرة عند إجبارها على الزناء بها بالمرأة، و هما عدم النصّ و أصالة العدم.

(6)هذا هو دليل الإلحاق، و هو كون إكراه الزاني الصغيرة على الزناء بها أفحش من إكراهه الكبيرة على الزناء بها.

(7)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى الصغيرة. يعني أنّ حرمة الزناء بالصغيرة

ص: 67

(و لا يعتبر الإحصان هنا (1)) في المواضع الثلاثة (2)، لإطلاق النصوص (3) بقتله.

و كذا لا فرق بين الشيخ (4) و الشابّ و لا بين المسلم و الكافر (5) و الحرّ و العبد (6).

و لا تلحق به (7) المرأة لو أكرهته، للأصل (8) مع احتماله (9).

**********

شرح:

بإجبارها على الزناء بها أشدّ و أقوى.

(1)المشار إليه في قوله «هنا» هو القتل بالسيف.

(2)المراد من «المواضع الثلاثة» هو الزناء بالمحارم و زناء الذمّيّ بالمسلمة و زناء الرجل بالمرأة مكرها لها على الزناء بها، و سيأتي معنى الإحصان عن قريب إن شاء اللّه تعالى.

(3)يعني أنّ النصوص الواردة في القتل في الموارد الثلاثة مطلقة تشمل المحصن و غيره.

(4)أي لا فرق في المواضع الثلاثة بين كون الزاني كبير السنّ أو شابّا.

(5)أي و لا فرق أيضا في المواضع الثلاثة بين كون الزاني مسلما أو كافرا.

(6)أي لا فرق أيضا في المواضع الثلاثة بين كون الزاني حرّا أو عبدا، لإطلاق النصوص الواردة فيها.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المرء. يعني لو أكرهت المرأة المرء على الزناء به لم يجر في حقّها الحكم المذكور في خصوص المرء من القتل بالسيف.

(8)يعني أنّ عدم إلحاق المرأة المكرهة المرء على الزناء إنّما هو لدلالة الأصل.

و المراد من «الأصل» هو الأصل العدميّ ، و هو عدم وجوب إقامة الحدّ المذكور، و هو القتل بالسيف.

(9)الضمير في قوله «احتماله» يرجع إلى الإلحاق. أي مع احتمال إلحاق المرأة المكرهة الرجل على الزناء به بالرجل المكره.

ص: 68

(و يجمع له) أي للزاني في هذه الصور (1)(بين الجلد (2) ثمّ القتل على الأقوى (3))، جمعا (4) بين الأدلّة، فإنّ الآية (5) دلّت على جلد مطلق الزاني، و الروايات (6)

**********

شرح:

(1)المراد من قوله «هذه الصور» هو الصور الثلاث المذكورة، و هي زناء الرجل بذات محرم و زناء الذمّيّ بالمسلمة و زناء الرجل بالمرأة مكرها لها على الزناء بها.

(2)يعني أنّ الزاني في الصور الثلاث يجلد أوّلا، ثمّ يقتل بالسيف على الأقوى عند الشارح رحمه اللّه.

(3)يعني أنّ الجمع بين الجلد و القتل بالنسبة إلى الزاني إذا كان زانيا بالمحارم، أو كان مكرها للمرأة على الزناء بها، أو كان ذمّيّا و زنى بالمسلمة هو الأقوى عند المصنّف رحمه اللّه في مقابل قول ابن إدريس رحمه اللّه، و سيشير الشارح رحمه اللّه إلى تفصيله.

(4)مفعول له، يعني أنّ الدليل للجمع المذكور هو الجمع بين الأدلّة.

و المراد من «الأدلّة» هو الآية و الأخبار الواردة في حدّ الزاني في المواضع الثلاثة المذكورة.

(5)المراد من «الآية» هو قوله تعالى في الآية 2 من سورة النور: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (1) . فالآية بإطلاقها تدلّ على جلد الزاني مطلقا، سواء كان في المواضع الثلاثة أم في غيرها.

(6)قد نقلنا حديثين من الكافي وردا في خصوص الزاني إذا كان مكرها للمرأة على الزناء بها عن بريد العجليّ و عن أبي بصير في الهامش 2 من ص 67، و قد تقدّم أيضا نقل الخبر الدالّ على قتل الذمّيّ إذا زنى بالمسلمة عن حنّان بن سدير في الهامش 12 من ص 65، و أمّا الأخبار الدالّة على قتل الزاني بالمحارم فقد تقدّم نقلها عن كتاب الكافي عن أبي أيّوب و عن جميل بن درّاج عن عبد اللّه بن بكير عن أبيه في الهامش 5 من ص 61.

ص: 69


1- سوره 24 - آیه 2

دلّت على قتل من ذكر (1)، و لا منافاة بينهما (2)، فيجب الجمع (3).

و قال ابن إدريس: إنّ هؤلاء (4) إن كانوا محصنين (5) جلدوا، ثمّ رجموا (6)، و إن كانوا غير محصنين جلدوا (7)، ثمّ قتلوا بغير الرجم، جمعا بين الأدلّة (8).

و في تحقّق الجمع بذلك (9) مطلقا (10) نظر، لأنّ النصوص دلّت على

**********

شرح:

(1)المراد من «من ذكر» هو الزاني بذات المحرم و الذمّيّ و المكره.

(2)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى الجلد و القتل بالسيف. يعني لا تضادّ بينهما، لإمكان الجلد أوّلا، ثمّ القتل ثانيا.

(3)أي فيجب الجمع بين مدلول الآية الدالّة على جلد الزاني و الزانية مطلقا و بين الروايات الدالّة على قتله بالسيف في المواضع الثلاثة.

(4)المشار إليه في قوله «هؤلاء» هو الزاني بذات المحرم و الذمّيّ الزاني بالمسلمة و الزاني المكره للمرأة.

(5)المراد من المحصن هو صاحب الزوجة أو المملوكة الذي يمكنه و طيهما صباحا و مساء، كما سيأتي تفصيله في الصفحة 72.

(6)أي يقتلون بالرجم بعد الجلد.

(7)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الزيادة في المواضع الثلاثة.

(8)المراد من «الأدلّة» هو الآية الدالّة على جلد الزاني و الزانية مطلقا و الأخبار الدالّة على قتل الزاني في المواضع الثلاثة المذكورة و الأخبار التي تدلّ على رجم الزاني المحصن.

(9)المشار إليه في قوله «بذلك» هو الجمع الذي تقدّم نقله عن ابن إدريس رحمه اللّه.

(10)يعني أنّ الجمع بين الأدلّة بما ذكره ابن إدريس من جميع الجهات مشكل، لدلالة بعض الأخبار على قتل الزاني في المواضع الثلاثة بالسيف و بعض آخر على الرجم.

ص: 70

قتله (1) بالسيف، و الرجم يغايره (2) إلاّ أن يقال: إنّ الرجم أعظم عقوبة (3)، و الفعل (4) هنا في الثلاثة أفحش (5)، فإذا ثبت الأقوى (6) للزاني المحصن بغير من ذكره (7) ففيه (8) أولى، مع صدق أصل القتل به (9)، و ما (10) اختاره المصنّف أوضح (11) في الجمع.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «قتله» يرجع إلى الزاني.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «يغايره» يرجع إلى القتل.

(3)يعني أنّ الرجم يكون أعظم عقوبة من القتل بالسيف.

(4)المراد من «الفعل» هو الزناء.

(5)خبر لقوله «الفعل». يعني أنّ فعل الزناء في المواضع الثلاثة يكون أفحش و أسوأ من الزناء في غيرها.

(6)المراد من «الأقوى» هو الرجم، لأنّه - حسب الفرض فيما افيد في قوله «إلاّ أن يقال» - أقوى عقوبة من القتل بالسيف.

(7)المراد من «من ذكره» هو الزاني بالمحارم و الذمّيّ الذي يزني بالمسلمة و الزاني المكره للمرأة المزنيّ بها.

(8)الضمير في قوله «ففيه» يرجع إلى «من» الموصولة المراد منها الزاني في المواضع الثلاثة.

(9)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الرجم، يعني أنّ القتل يصدق بالرجم أيضا و لو لم يكن بالسيف.

(10)هذا مبتدأ، خبره قوله «أوضح».

و المراد من «ما اختاره المصنّف» هو قوله في الصفحة 69 «يجمع له بين الجلد ثمّ القتل على الأقوى».

(11)أي الجمع الذي ذكره المصنّف رحمه اللّه أوضح من الجمع الذي قال به ابن إدريس رحمه اللّه.

ص: 71

الثاني: الرجم
اشارة

(و ثانيها (1): الرجم (2)، و يجب على المحصن (3)) - بفتح الصاد -(إذا زنى ببالغة (4) عاقلة)، حرّة كانت أم أمة، مسلمة أم كافرة.

(و الإحصان إصابة (5) البالغ العاقل الحرّ فرجا (6)) أي قبلا (7)(مملوكا له بالعقد (8) الدائم أو الرقّ ) متمكّنا (9) بعد ذلك (10) منه بحيث (يغدو (11)) عليه

**********

شرح:

الثاني: الرجم (1)الضمير في قوله «ثانيها» يرجع إلى أقسام الحدّ.

(2)الرجم من رجمه رجما: رماه بالحجارة (أقرب الموارد).

(3)المحصن من أحصنت المرأة: تزوّجت، فهي محصنة - بفتح الصاد، و - الرجل: تزوّج، فهو محصن (أقرب الموارد).

(4)أي إذا زنى الرجل المحصن بالمرأة البالغة العاقلة.

(5)يعني أنّ الإحصان في الاصطلاح هو إصابة الرجل البالغ العاقل الحرّ... إلخ.

(6)بالنصب، مفعول لقوله «إصابة».

و المراد من الإصابة هنا هو الوطي.

(7)هذا احتراز عن إصابة الدبر، كما سيأتي.

(8)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «مملوكا». يعني كون الفرج مملوكا للرجل إمّا هو بسبب العقد الدائم أو الرقّ .

(9)حال عن «البالغ العاقل».

(10)المشار إليه في قوله «ذلك» هو العقد و الرقّ ، و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الفرج.

(11)من غدا الرجل يغدو غدوّا - واويّ -: ذهب غدوة، و هو نقيض راح (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الفرج.

ص: 72

(و يروح (1))، أي يتمكّن منه (2) أوّل النهار و آخره (إصابة معلومة (3)) بحيث غابت الحشفة أو قدرها (4) في القبل.

(فلو أنكر) من يملك الفرج على الوجه المذكور (5)(وط ء (6) زوجته صدّق (7)) بغير يمين (و إن كان له (8) منها ولد، لأنّ (9) الولد قد يخلق من استرسال المنيّ ) بغير وط ء.

قيود الإحصان الثمانية

فهذه (10) قيود ثمانية:

**********

شرح:

(1)من راح رواحا: جاء أو ذهب في الرواح أو العشيّ و عمل فيه (المنجد).

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الفرج.

(3)أي إصابة صادرة على وجه اليقين.

(4)أي قدر الحشفة من مقطوع الآلة.

(5)المراد من «الوجه المذكور» هو ملك الرجل للفرج بالعقد أو الرقّ مع التمكّن منه غدوّا و رواحا.

(6)بالنصب، مفعول لقوله «أنكر».

(7)أي صدّق المنكر لوطي زوجته.

(8)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المنكر، و في قوله «منها» يرجع إلى الزوجة. يعني يصدّق الرجل الذي ينكر وطي زوجته و إن كان له من الزوجة ولد.

(9)تعليل لتصديق الزوج المنكر وطي زوجته مع وجود الولد له منها، و هو إمكان تولّد الولد من استرسال المنيّ إلى رحم الزوجة بلا وطي.

قيود الإحصان الثمانية (10)المشار إليه في قوله «هذه» هو القيود المذكورة في قول المصنّف رحمه اللّه في الصفحة السابقة «إصابة البالغ العاقل الحرّ... إلخ».

ص: 73

أحدها (1): الإصابة أي الوط ء قبلا (2) على وجه يوجب الغسل (3)، فلا يكفي مجرّد العقد و لا الخلوة التامّة و لا إصابة الدبر و لا ما بين الفخذين (4) و لا في القبل على وجه لا يوجب الغسل (5).

و لا يشترط الإنزال (6) و لا سلامة الخصيتين، فيتحقّق من الخصيّ (7) و نحوه لا من المجبوب (8) و إن ساحق.

و ثانيها (9): أن يكون الواطئ بالغا، فلو أولج الصبيّ حتّى غيّب مقدار الحشفة لم يكن محصنا و إن كان مراهقا (10).

و ثالثها (11): أن يكون عاقلا، فلو وطئ مجنونا (12) و إن عقد عاقلا

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أحدها» يرجع إلى قيود الإحصان الثمانية.

(2)أي وطي الرجل زوجته قبلا.

(3)الوطي الموجب للغسل هو الوطي المنجرّ إلى غيبوبة الحشفة أو مقدارها من مقطوع الذكر، كما تقدّم في كتاب الطهارة.

(4)أي لا يكفي في تحقّق الإحصان إصابة ما بين فخذي الزوجة.

(5)كما إذا كان الدخول بأقلّ من قدر الحشفة.

(6)أي لا يشترط في تحقّق الإحصان إنزال المنيّ عند الإصابة.

(7)و الخصيّ على قسمين: الخصيّ المرضوضة خصيته و الخصيّ المسلوبة خصيته.

(8)المجبوب هو مقطوع الذكر.

(9)يعني أنّ ثاني القيود المذكورة في تعريف الإحصان هو كون الواطئ بالغا.

(10)أي و إن كان الصبيّ مقارنا للبلوغ و الحلم.

(11)يعني أنّ ثالث القيود المذكورة للإحصان هو كون الرجل عاقلا.

(12)أي فلو وطئ في حال الجنون لم يتحقّق الإحصان.

ص: 74

لم يتحقّق الإحصان، و يتحقّق بوطئه عاقلا (1)، و إن تجدّد جنونه.

و رابعها (2): الحرّيّة، فلو وطئ العبد زوجته، حرّة (3) أو أمة، لم يكن (4) محصنا و إن عتق (5) ما لم يطأ بعده (6).

و لا فرق بين القنّ (7) و المدبّر (8) و المكاتب بقسميه (9) و المبعّض (10).

و خامسها (11): أن يكون الوط ء بفرج، فلا يكفي الدبر و لا التفخيذ و نحوه (12)، كما سلف (13).

**********

شرح:

(1)أي لو وطئ في حال العقل تحقّق الإحصان و إن تجدّد الجنون بعد الوطي.

(2)يعني أنّ الرابع من قيود الإحصان هو كون الرجل حرّا.

(3)و كون زوجة العبد حرّة لا يتصوّر إلاّ في موارد خاصّة، لأنّ العبد ليس له أن يتزوّج بالحرّة مطلقا.

(4)اسم «لم يكن» هو الضمير العائد إلى العبد.

(5)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى العبد الواطئ زوجته.

(6)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى العتق.

(7)القنّ - بكسر القاف - هو المملوك الممحّض في الرقّيّة.

(8)المدبّر هو العبد الذي يعتق بعد موت مولاه.

(9)المراد من قسمي المكاتب هو المطلق و المشروط .

(10)المبعّض هو الذي تحرّر جزء منه.

(11)يعني أنّ الخامس من قيود الإحصان هو كون الوطي بالفرج.

(12)أي فلا يكفي نحو التفخيذ في تحقّق الإحصان.

(13)أي كما سلف في الصفحة السابقة في قول الشارح رحمه اللّه «و لا إصابة الدبر و لا ما بين الفخذين».

ص: 75

و في دلالة (1) الفرج و الإصابة على ذلك (2) نظر، لما تقدّم (3) من أنّ الفرج يطلق لغة على ما يشمل الدبر، و قد أطلقه (4) عليه، فتخصيصه (5) هنا مع الإطلاق (6) - و إن دلّ عليه العرف - ليس (7) بجيّد.

و في بعض نسخ الكتاب زيادة قوله (8) «قبلا» بعد قوله «فرجا»، و هو (9) تقييد لما أطلق منه (10) و معه (11)،

**********

شرح:

(1)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر هو قوله «نظر».

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الشرط الخامس.

(3)تعليل للنظر و التأمّل في دلالة قوله هذا على الشرط الخامس.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف نفسه أطلق الفرج على الدبر في أوّل كتاب الحدود حيث قال في مقام تعريف الزناء «و هو إيلاج البالغ العاقل في فرج امرأة... إلخ»، و أراد من الفرج أعمّ من القبل و الدبر.

(5)يعني أنّ تخصيص المصنّف الفرج هنا بالقبل مع إطلاقه في كتاب الحدود على الدبر أيضا ليس بجيّد و إن كان العرف يرى اختصاص الفرج بالقبل.

و المشار إليه في قوله «هنا» هو تعريف الإحصان.

(6)أي مع إطلاق المصنّف رحمه اللّه الفرج على الدبر أيضا.

(7)خبر لقوله «تخصيصه».

(8)الضمير في قوله «قوله» يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه. يعني ورد في بعض نسخ اللمعة الدمشقيّة لفظ «قبلا» بعد قوله «فرجا».

(9)أي و هذه الزيادة تقييد لإطلاقه قبل ذلك في مقام تعريف الزناء حيث قال «و هو إيلاج البالغ العاقل في فرج امرأة... إلخ».

(10)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه.

(11)الضمير في قوله «معه» يرجع إلى التقييد. يعني أنّ قوله هنا بعد التقييد بزيادة

ص: 76

يوافق ما سلف (1).

و سادسها (2): كونه (3) مملوكا له بالعقد الدائم أو ملك اليمين، فلا يتحقّق (4) بوط ء الزناء و لا الشبهة و إن كانت (5) بعقد فاسد و لا المتعة (6).

و في (7) إلحاق التحليل (8) بملك اليمين (9) وجه،

**********

شرح:

«قبلا» بعد قوله «فرجا» يوافق ما سلف من قوله في مقام تعريف الزناء في أوّل كتاب الحدود.

(1)من إطلاقه على معنى العموم (الحديقة).

(2)يعني أنّ السادس من قيود الإحصان هو كون الفرج مملوكا للرجل.

(3)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى الفرج، و في قوله «له» يرجع إلى الرجل. يعني يشترط كون الزوجة دائميّة أو مملوكة.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى الإحصان. يعني أنّ الإحصان لا يتحقّق بالزناء، لأنّ الزاني لا يملك الفرج لا بالعقد الدائم و لا بالملك.

(5)اسم «كانت» هو الضمير العائد إلى الشبهة. يعني و إن كان منشأ الشبهة عقدا فاسدا، كما إذا عقد على ذات بعل أو ذات عدّة و هو لا يعلم.

(6)أي و لا يتحقّق الإحصان بالمتعة، فلو كانت زوجة الرجل انقطاعيّة لم يصدق عليه أنّه محصن.

(7)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر هو قوله «وجه».

(8)التحليل هو إباحة المالك الاستمتاع من أمته للغير في مدّة معيّنة بلا تمليك عينها له، فيحلّ الاستمتاع له حتّى بالوطي في المدّة.

(9)يعني و في إلحاق الأمة المحلّلة للرجل بالأمة المملوكة له في تحقّق الإحصان بوطئها وجه.

ص: 77

لدخوله (1) فيه من حيث الحلّ (2)، و إلاّ (3) لبطل الحصر المستفاد من الآية (4)، و لم أقف فيه (5) هنا على شيء.

و سابعها (6): كونه متمكّنا منه غدوّا و رواحا، فلو كان (7) بعيدا عنه لا يتمكّن منه (8) فيهما.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لدخوله» يرجع إلى التحليل، و في قوله «فيه» يرجع إلى ملك اليمين. و هذا هو دليل وجه الإلحاق.

(2)يعني كما أنّ الأمة تحلّ بملك اليمين كذلك تحلّ بتحليل مولاها إيّاها.

(3)أي و إن لم يكن التحليل داخلا في ملك اليمين لبطل الحصر المستفاد من الآية، فإنّ الآية تدلّ على انحصار الحلّيّة في أمرين هما التزويج و الملكيّة.

قال في الحديقة: و حاصل المرام أنّ أسباب التحليل في الشريعة أربعة: الزوجيّة بالعقد الدائم و بالمنقطع و الملك للعين كما في شراء الأمة و الملك للمنفعة كما في عقد التحليل، و المذكور في الآية هو الزوجيّة و ملك اليمين، و الأوّل شامل للقسمين، فلا بدّ أن يشمل الأخير أيضا للقسمين الأخيرين، و إلاّ لبطل الحصر، و خرج من تحت الأوّل في المقام الزوجيّة المنقطعة بالإجماع، فتبقى الثلاثة موجبة للإحصان.

(4)الآية 5 و 6 من سورة المؤمنون: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (1) .

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الإلحاق. يعني أنّ الشارح رحمه اللّه لم يقف في الإلحاق و عدمه على شيء من العلماء، بمعنى أنّهم لم يذكروا فيه شيئا لا نفيا و لا إثباتا.

(6)يعني أنّ السابع من قيود الإحصان هو كون الرجل متمكّنا من الوطي ليلا و نهارا.

(7)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الرجل، و الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى الفرج.

(8)يعني لو لم يتمكّن الرجل من إتيان الفرج غدوّا و رواحا لم يتحقّق الإحصان.

ص: 78


1- سوره 23 - آیه 5

و إن تمكّن في أحدهما (1) دون الآخر (2) أو فيما بينهما (3) أو محبوسا لا يتمكّن (4) من الوصول إليه (5) لم يكن (6) محصنا و إن كان (7) قد دخل قبل ذلك (8).

و لا فرق في البعيد بين كونه دون مسافة القصر (9) و أزيد.

و ثامنها (10): كون الإصابة معلومة، و يتحقّق العلم بإقراره (11) بها أو

**********

شرح:

و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الفرج، و في قوله «فيهما» يرجع إلى الغدوّ و الرواح.

(1)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع إلى الغدوّ و الرواح.

(2)يعني لو تمكّن الرجل من إتيان الفرج في الغدوّ دون الرواح أو بالعكس لم يتحقّق الإحصان في حقّه.

(3)أي لا يتحقّق الإحصان أيضا لو تمكّن الرجل من الفرج المملوك له فيما بين الغدوّ و الرواح خاصّة، و لم يتمكّن منه فيهما.

(4)أي حبسا مانعا من الوصول إلى زوجته.

(5)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى الفرج.

(6)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «فلو كان بعيدا».

(7)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الرجل، و «إن» وصليّة. يعني لا يتحقّق الإحصان في الموارد المذكورة و إن كان قد دخل بالزوجة قبل عدم التمكّن.

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو عدم التمكّن من الفرج.

(9)المراد من «مسافة القصر» هو أربعة فراسخ شرعيّة.

(10)يعني أنّ الثامن من قيود الإحصان هو كون الإصابة معلومة.

(11)الضمير في قوله «بإقراره» يرجع إلى الرجل الزاني، و في قوله «بها» يرجع إلى

ص: 79

بالبيّنة لا بالخلوة (1) و لا الولد، لأنّهما (2) أعمّ ، كما ذكر.

و اعلم أنّ الإصابة أعمّ ممّا يعتبر منها (3)، و كذا الفرج (4)، كما ذكر.

فلو قال: تغيّب قدر حشفة البالغ... إلخ في قبل مملوك له... إلخ لكان (5) أوضح.

و شمل (6) إطلاق إصابة الفرج ما لو كانت صغيرة و كبيرة، عاقلة و مجنونة و (7) ليس كذلك، بل يعتبر بلوغ الموطوءة كالواطئ (8)، و

**********

شرح:

الإصابة. يعني أنّ العلم بالإصابة يحصل بإقرار الزاني بها، لأنّه إقرار يستلزم الحدّ عليه إذا كان محصنا، و إقرار العقلاء على أنفسهم جائز.

(1)أي لا يتحقّق العلم بالإصابة بخلوة الرجل مع الزوجة و لا بتحقّق الولد منها.

(2)الضمير في قوله «لأنّهما» يرجع إلى الخلوة و الولد. يعني أنّ الخلوة أعمّ من الإصابة، لإمكان تحقّقها مع عدم الدخول، و كذا الولد أعمّ من الدخول بالزوجة، لإمكان تحقّق الولد باسترسال المنيّ ، كما تقدّم في الصفحة 73.

(3)يعني أنّ المعتبر من الإصابة في تحقّق الإحصان هو إدخال الحشفة أو قدرها و الحال أنّ الإصابة تصدق مع عدم الدخول كذلك أيضا، فالإصابة أعمّ من المطلوب منها.

(4)يعني أنّ لفظ «الفرج» أيضا أعمّ ممّا يعتبر منه، و هو القبل.

(5)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «فلو قال».

(6)هذا أمر آخر وارد على عبارة المصنّف رحمه اللّه في تعريف الإحصان، و هو أنّ تعريفه يشمل الدخول بالصغيرة و الكبيرة العاقلة و المجنونة أيضا و الحال أنّ الإحصان لا يتحقّق بالدخول بهما.

(7)الواو للحاليّة. يعني و الحال أنّه ليس الأمر كذلك.

و المشار إليه في قوله «كذلك» هو تحقّق الإحصان بالدخول بالصغيرة.

(8)يعني كما يعتبر الكمال بالبلوغ و العقل في الواطئ كذلك يعتبر في الموطوءة أيضا.

ص: 80

لا يتحقّق (1) فيهما بدونه (2).

(و بذلك (3)) المذكور كلّه (تصير المرأة محصنة) أيضا.

و مقتضى ذلك (4) صيرورة الأمة و الصغيرة محصنة، لتحقّق إصابة البالغ... إلخ فرجا مملوكا و ليس كذلك (5)، بل يعتبر فيها (6) البلوغ و العقل و الحرّيّة كالرجل (7)، و في الواطئ البلوغ (8) دون العقل، فالمحصنة (9) حينئذ المصابة (10).

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الإحصان، و الضمير في قوله «فيهما» يرجع إلى الواطئ و الموطوءة.

(2)الضمير في قوله «بدونه» يرجع إلى البلوغ.

(3)المراد من قولهما رحمهما اللّه «ذلك المذكور» هو قول المصنّف في الصفحة 72 «و الإحصان إصابة البالغ العاقل... إلخ». يعني بما ذكر في تعريف الإحصان في خصوص الرجل تصير المرأة أيضا محصنة.

(4)أي مقتضى قول المصنّف «و بذلك تصير المرأة محصنة» هو صيرورة الأمة و الصغيرة محصنتين و الحال أنّ الإحصان لا يتحقّق في حقّهما.

(5)يعني و الحال أنّ الأمة و الصغيرة لا يصدق عليهما الإحصان.

(6)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى المرأة.

(7)أي كما يعتبر في إحصان الرجل ما ذكر من البلوغ و العقل و الحرّيّة.

(8)يعني يعتبر في تحقّق الإحصان في المرأة إصابة البالغ لا العاقل، فلو كان زوجها مجنونا و أصابها صدق الإحصان في حقّها و إن لم يصدق في حقّ الزوج.

(9)الفاء في قوله «فالمحصنة» للتفريع على قول المصنّف رحمه اللّه.

و المراد من قوله «حينئذ» هو حين قول المصنّف «و بذلك تصير المرأة محصنة».

(10)بصيغة اسم المفعول و بالرفع، خبر لقوله «المحصنة».

ص: 81

حرّة (1) بالغة عاقلة من زوج بالغ (2) دائم في القبل بما (3) يوجب الغسل إصابة معلومة، فلو (4) أنكرت ذات الولد منه (5) وطأه لم يثبت إحصانها و إن ادّعاه (6)، و يثبت (7) في حقّه كعكسه (8)، و أمّا التمكّن من الوط ء فإنّما يعتبر في حقّه (9) خاصّة، فلا بدّ من مراعاته (10) في تعريفها (11) أيضا.

**********

شرح:

(1)هذا منصوب على الحاليّة، و كذا ما بعده. يعني أنّ المحصنة هي المرأة المصابة في حال كونها حرّة بالغة عاقلة... إلخ.

(2)فلو كان الزوج المصيب صغيرا لم يصدق الإحصان في حقّها.

(3)أي الإصابة على وجه يوجب الغسل، و هو دخول الحشفة أو قدرها، فلو كان أقلّ منها لم يصدق الإحصان في حقّها، كما لا يصدق في حقّ الزوج أيضا.

(4)هذا أيضا متفرّع على تعريف المصنّف رحمه اللّه إحصان المرأة.

(5)الضميران في قوليه «منه» و «وطأه» يرجعان إلى الزوج، و الضمير في قوله «إحصانها» يرجع إلى ذات الولد.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الزوج، و ضمير المفعول يرجع إلى الوطي.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى الإحصان، و الضمير في قوله «حقّه» يرجع إلى الزوج. يعني لو ادّعى الزوج وطي الزوجة و أنكرته الزوجة ثبت الإحصان في حقّه لا في حقّها.

(8)فالمرأة لو ادّعت الوطي و أنكره الزوج ثبت الإحصان في حقّها لا في حقّه.

(9)أي لا يعتبر التمكّن من الوطي في تحقّق إحصان المرأة، بل يشترط في إحصان المرء خاصّة.

(10)الضمير في قوله «مراعاته» يرجع إلى عدم اعتبار التمكّن في حقّ المرأة.

(11)أي كان من اللازم على المصنّف رحمه اللّه مراعاة عدم اعتبار التمكّن من الوطي في تعريف إحصان المرأة.

ص: 82

و يمكن أن يريد (1) بقوله: «و بذلك تصير المرأة محصنة» أنّ الشروط (2) المعتبرة فيه تعتبر (3) فيها بحيث تجعل (4) بدله بنوع من التكلّف (5)، فتخرج الصغيرة (6) و المجنونة (7) و الأمة (8)

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف، و كذا الضمير في قوله «بقوله».

(2) «أنّ » و اسمها و خبرها جملة اسميّة تؤوّل إلى مصدر هو مفعول لقوله «أن يريد».

يعني يمكن أن يؤخذ ما ذكر من الشروط في تحقّق إحصان المرء في تحقّق إحصان المرأة أيضا بتأنيث ما هو مذكّر في تعريف إحصان الرجل.

(3)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الشروط المعتبرة، و الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى المرأة.

(4)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المرأة، و الضمير في قوله «بدله» يرجع إلى الرجل. يعني تجعل المرأة بدل المرء لبيان تعريف إحصانها، كما تقدّم.

(5)لأنّه لو قلنا: إحصان المرأة هو إصابة البالغة العاقلة... إلخ لزم أن تكون المصدر - و هو الإصابة - مضافة إلى المفعول، و هو «البالغة... إلخ» و الحال أنّ المصدر كان في تعريف إحصان الرجل مضافا إلى الفاعل، لأنّ الرجل في تعريف إحصان الرجل يكون مصيبا - بصيغة اسم الفاعل -، و المرأة في تعريف إحصان المرأة تكون مصابة، و لا يخفى كون هذا تكلّفا.

و كذا يحصل التكلّف من قوله «مملوكا» أيضا، لأنّ الرجل لا بدّ من أن يكون مالكا للفرج الذي يصيبه حتّى يصدق إحصانه، و المرأة لا بدّ أن تكون مملوكة للفرج الذي يصيبها، و هذا أيضا تكلّف آخر لجعل المرأة بدل المرء في بيان إحصانها.

(6)هذا متفرّع على قوله «و يمكن أن يريد... أنّ الشروط المعتبرة فيه تعتبر فيها».

يعني فبناء على هذا تخرج الصغيرة عن تعريف إحصان المرأة بقوله «إصابة البالغة».

(7)يعني فتخرج المجنونة أيضا عن تعريف إحصان المرأة بقيد العقل.

(8)و الأمة أيضا تخرج عن تعريف إحصان المرأة بقوله «الحرّة».

ص: 83

و إن دخل حينئذ (1) ما دخل في تعريفه (2).

ما لا يشترط في الإحصان

(و لا يشترط في الإحصان (3) الإسلام)، فيثبت في حقّ الكافر (4) و الكافرة مطلقا (5) إذا حصلت الشرائط (6)، فلو وطئ الذمّيّ زوجته (7) الدائمة تحقّق الإحصان (8).

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «حينئذ» هو حين جعل المرأة بدل الرجل لبيان إحصان المرأة.

(2)الضمير في قوله «تعريفه» يرجع إلى إحصان الرجل. يعني و إن أمكن أخذ المرأة بدل المرء في تعريف إحصان المرء - كما تقدّم -، لكن تبقى الامور الواردة على تعريف إحصان المرء هنا أيضا، لشمول التعريف ما لو كان المصيب صغيرا، و لأعمّيّة الإصابة من الدخول في القبل و الدبر، و لشمول الإصابة الدخول بقدر الحشفة و أقلّ منها، فلا يكون تعريف إحصان المرء و كذا إحصان المرأة مطّردين و مانعين من الأغيار.

ما لا يشترط في الإحصان (3)يعني أنّ الإحصان الذي يوجب الرجم على الزاني لا يشترط فيه كون الزاني مسلما، بل يتحقّق الإحصان في حقّ الكافر و الكافرة أيضا.

(4)إذا أصاب فرجا مملوكا... إلخ.

(5)أي سواء كان الكافر من أهل الكتاب أم لا.

(6)أي الشرائط المذكورة في تعريف الإحصان من القيود الثمانية.

(7)الضمير في قوله «زوجته» يرجع إلى الذمّيّ ، و قوله «الدائمة» صفة لقوله «زوجته».

(8)أي تحقّق الإحصان في حقّ الذمّيّ بوطئه زوجته الدائمة مع اجتماع سائر شرائط الإحصان.

ص: 84

و كذا (1) لو وطئ المسلم زوجته الذمّيّة حيث تكون (2) دائمة.

(و لا عدم (3) الطلاق)، فلو زنى المطلّق (4)، أو تزوّجت المطلّقة (5) عالمة بالتحريم، أو زنت رجمت (6)(إذا كانت العدّة رجعيّة (7))، لأنّها (8) في حكم الزوجة و إن لم تتمكّن هي (9) من الرجعة، كما (10) لا يعتبر تمكّنها من الوط ء،(بخلاف البائن)، لانقطاع العصمة به (11)، فلا بدّ في

**********

شرح:

(1)أي و مثل الذمّيّ في تحقّق الإحصان بوطئه زوجته الدائمة المسلم إذا وطئ زوجته الدائمة الذمّيّة.

(2)اسم «تكون» هو الضمير العائد إلى الزوجة.

(3)أي و لا يشترط في تحقّق الإحصان عدم طلاق الرجل زوجته التي لو كان لم يطلّقها تحقّق في حقّه الإحصان.

(4)أي فلو زنى الرجل الذي طلّق زوجته رجم.

و لا يخفى أنّ جواب الشرط يفهم بالقرينة اللفظيّة - أعني قوله «رجمت» -، و إلاّ فهو محذوف.

(5)أي لو تزوّجت المطلّقة قبل انقضاء العدّة أو ارتكبت الزناء حكم برجمها.

(6)نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى المطلّقة.

(7)يعني أنّ الحكم بالرجم إنّما هو في صورة كون الطلاق رجعيّا.

(8)يعني أنّ الزوجة المطلّقة طلاقا رجعيّا تكون في حكم الزوجة.

(9)ضمير «هي» يرجع إلى الزوجة المطلّقة.

(10)يعني كما أنّ الزوجة لا يعتبر تمكّنها من الوطي في تحقّق إحصانها كذلك لا يعتبر تمكّنها من الرجعة. و الضمير في قوله «تمكّنها» يرجع إلى الزوجة.

(11)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الطلاق البائن. يعني أنّ العصمة الموجودة بين

ص: 85

تحقّق الإحصان بعده (1) من وط ء جديد (2)، سواء تجدّد الدوام (3) بعقد جديد أم برجوعه (4) في الطلاق (5) حيث رجعت (6) في البذل.

و كذا (7) يعتبر وط ء المملوك (8) بعد عتقه و إن كان مكاتبا (9).

**********

شرح:

-الزوج و الزوجة تنقطع بإيقاع الطلاق البائن حتّى بالخلع و المباراة و إن كانت العدّة تجب على الزوجة إذا كانت في سنّ من تحيض.

(1)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى الطلاق.

(2)بأن يرجع الزوج بعد رجوع الزوجة في البذل في الخلع و المباراة أو يعقد عليها، ثمّ يطأها و كان الوطي جامعا لشرائط الإحصان، كما تقدّم.

(3)أي سواء تجدّد الدوام في الزوجيّة بعقد جديد أم لا.

(4)الضمير في قوله «برجوعه» يرجع إلى الزوج.

(5)المراد من «الطلاق» هنا هو العدّة.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الزوجة.

(7)أي و مثل الزوج الذي طلّق زوجته طلاقا بائنا، ثمّ رجع إليها بعقد جديد أو بالرجوع في العدّة في اعتبار الوطي هو المملوك الذي عتق.

(8)لا يخفى أنّ إضافة الوطي إلى المملوك من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل.

و المعنى هو أنّ العبد الذي تزوّج بإذن مولاه و وطئ زوجته لم يتحقّق الإحصان في حقّه، لاشتراط الحرّيّة في الإحصان، كما تقدّم في تعريفه، فلو عتق لم يكن ذلك الوطي كافيا في تحقّق إحصانه، بل لا بدّ له من وطي جديد بعد العتق.

(9)أي و إن كان العبد مكاتبا، مشروطا كان أم مطلقا.

ص: 86

الجمع بين الجلد و الرجم

(و الأقرب (1) الجمع بين الجلد و الرجم في المحصن (2) و إن كان شابّا)، جمعا (3) بين دليل الآية (4) و الرواية (5).

و قيل (6): إنّما يجمع بينهما (7) على المحصن إذا كان (8) شيخا أو شيخة،

**********

شرح:

الجمع بين الجلد و الرجم (1)يعني أنّ الأقرب عند المصنّف رحمه اللّه هو الجمع بين الجلد و الرجم في المحصن مطلقا في مقابل القول بالتفصيل بين الشابّ و غيره.

(2)يعني إذا كان الزاني محصنا جلد أوّلا، ثمّ رجم.

(3)قوله «جمعا» مفعول له. يعني أنّ الحكم بالجمع بين الجلد و الرجم في الزاني المحصن إنّما هو للجمع بين الدليلين: الآية و الرواية.

(4)المراد من «الآية» هو قوله تعالى في الآية 2 من سورة النور: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (1) .

(5)و المراد من «الرواية» هو ما نقل في كتاب الكافي:

عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحرّ و الحرّة إذا زنيا جلد كلّ واحد منهما مائة جلدة، فأمّا المحصن و المحصنة فعليهما الرجم (الكافي: ج 7 ص 177 ح 2).

فالآية و الحديث يتعارضان، حيث إنّ الآية تدلّ على الجلد، و الحديث على الرجم، و الجمع بينهما يقتضي أن يجمع بين الجلد و الرجم.

(6)و القائل هو الشيخ رحمه اللّه في كتابه (النهاية)، و ما اختاره المصنّف رحمه اللّه من الجمع بين الحدّين و لو كان الزاني شابّا هو مذهب الشيخين و المرتضى و ابن إدريس و جماعة رحمه اللّه.

(7)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى الجلد و الرجم.

(8)أي إذا كان الزاني المحصن شيخا أو شيخة.

ص: 87


1- سوره 24 - آیه 2

و غيرهما (1) يقتصر فيه على الرجم.

و ربّما قيل بالاقتصار على رجمه (2) مطلقا.

و الأقوى ما اختاره (3) المصنّف، لدلالة الأخبار (4) الصحيحة عليه (5)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «غيرهما» يرجع إلى الشيخ و الشيخة.

و لا يخفى أنّ الواو هاهنا استينافيّة. و العبارة تدلّ على حكم غير الشيخ و الشيخة، و لو كانت عاطفة كان المعنى فاسدا.

(2)الضمير في قوله «رجمه» يرجع إلى المحصن. يعني قال بعض من الفقهاء برجم الزاني المحصن، سواء كان شيخا أو شيخة أو شابّا.

(3)يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو ما اختاره المصنّف رحمه اللّه من الجمع بين الجلد و الرجم على المحصن.

(4)المراد من «الأخبار» هو ما نقل في كتاب الوسائل، ننقل ثلاثة منها:

الأوّل: محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد بن مسلم عن مولانا أبي جعفر عليه السّلام في المحصن و المحصنة جلد مائة، ثمّ الرجم (الوسائل: ج 18 ص 348 ب 1 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 1).

الثاني: محمّد بن الحسن بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في المحصن و المحصنة جلد مائة، ثمّ الرجم (المصدر السابق: ح 14).

الثالث: محمّد بن الحسن بإسناده عن الفضيل قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أقرّ على نفسه عند الإمام - إلى أن قال: - إلاّ الزاني المحصن، فإنّه لا يرجمه إلاّ أن يشهد عليه أربعة شهداء، فإذا شهدوا ضربه الحدّ مائة جلدة، ثمّ يرجمه (المصدر السابق: ح 15).

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى ما اختاره المصنّف رحمه اللّه.

ص: 88

و في كلام عليّ عليه السّلام حين جمع للمرأة بينهما (1): «حددتها (2) بكتاب اللّه، و رجمتها بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (3)، و مستند التفصيل (4) رواية (5) تقصر عن ذلك (6) متنا (7) و سندا (8).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى الجلد و الرجم.

(2)يعني جلدتها، عملا بقوله تعالى في كتابه: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (1) .

(3)الرواية منقولة في كتاب مستدرك الوسائل هكذا:

عوالي اللئالي: و في الحديث أنّ عليّا عليه السّلام جلد سراجة يوم الخميس، و رجمها يوم الجمعة، فقيل له: تحدّها حدّين ؟! فقال: جلدتها بكتاب اللّه، و رجمتها بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (المستدرك: ج 18 ص 42 ب 1 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود و التعزيرات ح 12).

(4)يعني أنّ مستند القول بالتفصيل الذي نقله الشارح رحمه اللّه بقوله «قيل» - و هو قول الشيخ رحمه اللّه في كتابه (النهاية) و التهذيب و الاستبصار - هو رواية.

(5)خبر لقوله «مستند التفصيل». و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن عبد اللّه بن طلحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا زنى الشيخ و العجوز جلدا، ثمّ رجما عقوبة لهما، و إذا زنى النصف من الرجال رجم، و لم يجلد إذا كان قد أحصن، و إذا زنى الشابّ الحدث السنّ جلد و نفي سنة من مصره (الوسائل: ج 18 ص 349 ب 1 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 11).

(6)المشار اليه في قوله «ذلك» هو التفصيل بين الشابّ و غيره.

(7)يعني أنّ الرواية تقصر عن الدلالة من حيث المتن، لأنّ في متن الرواية قوله عليه السّلام:

«النصف» و هو - بفتح النون و الصاد - المتوسّط العمر لا الشابّ ، و أمّا الشابّ المذكور فيها فمقيّد بكونه غير محصن، مضافا إلى كون الحكم فيه الجلد و النفي عن مصره لا الرجم.

(8)يعني أنّ الرواية تقصر عن الدلالة على التفصيل من حيث السند أيضا، لأنّ في

ص: 89


1- سوره 24 - آیه 2
كيفيّة الجمع بين الجلد و الرجم

و حيث يجمع بينهما (1)(فيبدأ بالجلد) أوّلا وجوبا (2)، لتحقّق فائدته (3).

و لا يجب الصبر به (4) حتّى يبرأ جلده (5) على الأقوى، للأصل (6) و إن كان التأخير (7) أقوى في الزجر، و قد روي (8) أنّ عليّا عليه السّلام جلد المرأة يوم الخميس، و رجمها يوم الجمعة.

و كذا (9) القول في كلّ حدّين اجتمعا و يفوت أحدهما بالآخر، فإنّه يبدأ بما يمكن معه الجمع، و لو استويا (10) تخيّر.

**********

شرح:

سندها عبد اللّه بن طلحة، و هو لم يوثّق في كتب الرجال.

كيفيّة الجمع بين الجلد و الرجم (1)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى الجلد و الرجم.

(2)يعني أنّ الابتداء بالجلد قبل الرجم يكون واجبا.

(3)يعني أنّ وجوب الابتداء بالجلد إنّما هو لتحقّق فائدته، لأنّ الجلد بعد الرجم الموجب للقتل لا فائدة فيه.

(4)أي لا يجب الصبر برجم الزاني حتّى تبرأ جراحة جلده.

(5)أي جلد بدن الزاني.

(6)و المراد من «الأصل» هو أصالة عدم الوجوب إذا شكّ فيه.

(7)أي و إن كان تأخير الرجم عن الجلد أقوى زجرا و تعذيبا للزاني.

(8)قد نقلنا الرواية عن كتاب المستدرك في الهامش 3 من الصفحة السابقة.

(9)أي و مثل الابتداء بالجلد قبل الرجم هو كلّ حدّين اجتمعا في حقّ شخص يفوت أحدهما بإجراء الآخر.

(10)أي لو استوى الحدّان - بحيث لا يفوت أحدهما بإجراء الآخر مثل حدّي القذف و شرب الخمر - تخيّر في الابتداء بكلّ واحد منهما.

ص: 90

كيفيّة الرجم

(ثمّ تدفن (1) المرأة إلى صدرها، و الرجل (2) إلى حقويه)، و ظاهره (3) كغيره أنّ ذلك (4) على وجه الوجوب، و هو (5) في أصل الدفن حسن، للتأسّي (6)، أمّا في كيفيّته (7) فالأخبار مطلقة، و يمكن جعل ذلك (8) على وجه الاستحباب، لتأدّي الوظيفة المطلقة بما هو أعمّ (9).

**********

شرح:

كيفيّة الرجم (1)يعني إذا ثبت الرجم في حقّ المرأة دفنت في حفيرة إلى صدرها.

(2)يعني أنّ الرجل يدفن إلى حقويه.

الحقو: الخصر، تقول: «شدّ إزاره على حقوه» أي على خصره.

الخصر: وسط الانسان، و هو المستدقّ فوق الورك (أقرب الموارد).

(3)الضميران في قوليه «ظاهره» و «كغيره» يرجعان إلى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ ظاهر عبارة المصنّف و غيره هو دفن المرأة و الرجل على الكيفيّة المذكورة على وجه الوجوب.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الدفن المذكور في حقّ المرأة و الرجل.

(5)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الوجوب. يعني أنّ الوجوب في أصل الدفن حسن.

(6)أي للتأسّي بفعل الرسول صلّى اللّه عليه و آله، ففيه اسوة حسنة لمن كان يرجو اللّه و اليوم الآخر.

(7)الضمير في قوله «كيفيّته» يرجع إلى الدفن. يعني أنّ الأخبار الواردة في خصوص الدفن مطلقة.

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو دفن المرأة إلى صدرها و الرجل إلى حقويه.

(9)يعني أنّ الوظيفة الشرعيّة المطلقة تتأدّى بالدفن الأعمّ من الكيفيّة المذكورة و غيرها.

ص: 91

و روى (1) سماعة عن الصادق عليه السّلام قال: «تدفن المرأة إلى وسطها، و لا يدفن الرجل إذا رجم الاّ إلى حقويه (2)»، و نفى (3) في المختلف البأس عن العمل بمضمونها (4).

و في دخول الغايتين (5) في المغيّى وجوبا و (6) استحبابا نظر، أقربه (7) العدم، فيخرج (8) الصدر و الحقوان عن الدفن، و ينبغي على الوجوب إدخال (9) جزء منهما.

**********

شرح:

(1)الرواية منقولة في كتاب الوسائل هكذا:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تدفن المرأة إلى وسطها، ثمّ يرمي الإمام و يرمي الناس بأحجار صغار، و لا يدفن الرجل إذا رجم إلاّ إلى حقويه (الوسائل: ج 18 ص 375 ب 14 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 3).

(2)الضمير في قوله «حقويه» يرجع إلى الرجل.

(3)أي نفى العلاّمة رحمه اللّه في كتابه (المختلف) البأس عن العمل بمضمون الرواية المذكورة.

(4)الضمير في قوله «بمضمونها» يرجع إلى الرواية المتقدّمة عن سماعة.

(5)المراد من «الغايتين» هو ما ذكر من الصدر و الحقوين.

و المراد من «المغيّى» هو الدفن الواجب أو المستحبّ .

(6)الواو هنا بمعنى «أو». يعني بناء على الوجوب على قول، و الاستحباب على قول آخر.

(7)الضمير في قوله «أقربه» يرجع إلى النظر. يعني أنّ أقرب الوجهين هو عدم دخول الغايتين في المغيّى في الحكم.

(8)هذا متفرّع على عدم دخول الغايتين في المغيّى في الحكم.

(9)بالرفع، فاعل لقوله «ينبغى». يعني ينبغي على القول بعدم وجوب دخول الغايتين

ص: 92

من باب المقدّمة (1).

الفرار من الحفيرة

(فإن فرّا (2)) من الحفيرة (3) بعد وضعهما (4) فيها (اعيدا (5) إن ثبت) الزناء (بالبيّنة (6)، أو لم تصب (7) الحجارة) بدنهما (8)(على قول) الشيخ (9) و

**********

شرح:

و وجوب الدفن إليهما دخول جزء من الصدر و الحقوين فيما يدفن من الأعضاء احتياطا.

(1)أي من باب المقدّمة العلميّة، كما أنّ جزء من الغاية يدخل في المغيّى من باب الاحتياط في سائر الموارد أيضا.

الفرار من الحفيرة (2)فاعله هو الضمير الراجع إلى الزاني و الزانية.

(3)الحفيرة، ج حفائر و الحفير: ما حفر من الأرض (المنجد).

(4)الضمير في قوله «وضعهما» يرجع إلى الرجل و المرأة الزانيين، و في قوله «فيها» يرجع إلى الحفيرة.

(5)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الزاني و الزانية.

(6)يعني لو ثبت زناؤهما بشهادة أربعة رجال اعيدا، سواء أصابت الحجارة بدنهما أم لم تصب.

(7)يعني اعيدا إلى الحفيرة لو فرّا منها في صورة عدم إصابة الحجارة بدنهما إذا ثبت زناؤهما بإقرارهما به، و المفهوم منه هو عدم ردّهما إلى الحفيرة لو أصابت الحجارة بدنهما.

(8)الضمير في قوله «بدنهما» يرجع إلى الزاني و الزانية.

(9)يعني أنّ الحكم بإعادة من فرّ من الحفيرة قبل إصابة الحجارة لو ثبت الزناء بالإقرار أو مطلقا لو ثبت بالبيّنة هو قول الشيخ و ابن البرّاج رحمه اللّه، لكنّ المشهور قالوا بعدم الإعادة لو فرّ، سواء أصابت الحجارة أم لا عند ثبوت الزناء بالإقرار.

ص: 93

ابن البرّاج.

و الخلاف في الثاني (1) خاصّة، و المشهور (2) عدم اشتراط الإصابة، للإطلاق (3)، و لأنّ فراره (4) بمنزلة الرجوع عن الإقرار، و هو (5) أعلم بنفسه، و لأنّ الحدّ مبنيّ على التخفيف (6).

و في هذه الوجوه (7) نظر (8).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الاختلاف بين الفقهاء إنّما هو في فرض فراره من الحفيرة قبل إصابة الحجارة، أمّا الأوّل فلا خلاف فيه.

(2)يعني أنّ المشهور من الفقهاء قالوا بعدم اشتراط الإصابة في عدم جواز ردّهما لو فرّا من الحفيرة و ثبت زناؤهما بإقرارهما، و استدلّوا على ذلك بامور:

الأوّل: إطلاق الرواية الدالّة على عدم جواز ردّهما بعد الفرار.

الثاني: كون فرارهما بمنزلة الرجوع عن الإقرار الذي به ثبت الزناء، فإنّ المقرّ أعلم بنفسه من غيره.

الثالث: كون الحدود مبنيّة على التخفيف، حفظا للدماء و صونا للنفوس.

(3)هذا هو الدليل الأوّل من الأدلّة الثلاثة المتقدّمة للقول المشهور.

(4)الضمير في قوله «فراره» يرجع إلى الزاني المقرّ بالزناء. و هذا هو الدليل الثاني.

(5)الضميران في قوليه «و هو» و «بنفسه» يرجعان إلى المقرّ بالزناء.

(6)يعني أنّ المبنيّ عليه في الحدود هو التخفيف، و هذا هو الدليل الثالث.

(7)المراد من قوله «هذه الوجوه» هو الأدلّة الثلاثة التي استند إليها المشهور.

(8)وجه النظر في الدليل الأوّل - و هو إطلاق رواية ماعز - ضعف سندها أوّلا، و تقييدها بالرواية الدالّة على عدم الإعادة عند إصابة الحجارة لا مطلقا ثانيا.

و وجه النظر في الدليل الثاني - و هو كون الفرار بمنزلة الرجوع عن الإقرار - هو أنّ

ص: 94

و مستند التفصيل (1) رواية (2) الحسين بن خالد عن الكاظم عليه السّلام، و هو (3) مجهول.

**********

شرح:

الفرار يمكن كونه بسبب ألم إصابة الحجارة بدنه لا بسبب الرجوع عن إقراره و كونه أعلم بنفسه من غيره.

و وجه النظر في الدليل الثالث - و هو بناء الحدّ على التخفيف - هو أنّه لم يقل أحد بسقوط الحدّ عن المرجوم الذي قام الدليل على رجمه، كيف و قد وردت الرواية الدالّة على الإعادة في فرض الفرار بعد إصابة الحجارة لا قبلها!

(1)المراد من «التفصيل» هو القول بوجوب إعادة من فرّ من الحفيرة إذا لم تصبه الحجارة، و عدم الإعادة لو فرّ بعد إصابة الحجارة.

(2)خبر لقوله «مستند التفصيل». و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن الحسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: أخبرني عن المحصن إذا هو هرب من الحفيرة هل يردّ حتّى يقام عليه الحدّ؟ فقال: يردّ و لا يردّ، فقلت: و كيف ذاك ؟ فقال: إن كان هو المقرّ على نفسه، ثمّ هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شيء من الحجارة لم يردّ، و إن كان إنّما قامت عليه بيّنة و هو يجحد، ثمّ هرب ردّ و هو صاغر حتّى يقام عليه الحدّ، و ذلك أنّ ماعز بن مالك أقرّ عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالزناء، فأمر به أن يرجم، فهرب من الحفرة، فرماه الزبير بن عوّام بساق بعير فعقله فسقط ، فلحقه الناس فقتلوه، ثمّ أخبروا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بذلك، فقال: فهلاّ تركتموه إذا هرب يذهب، فإنّما هو الذي أقرّ على نفسه، و قال لهم: أما لو كان عليّ حاضرا معكم لما ضللتم، قال: و وداه رسول صلّى اللّه عليه و آله اللّه من بيت مال المسلمين (الوسائل: ج 18 ص 376 ب 15 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 1).

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الحسين بن خالد. يعني أنّ حاله مجهول، لم يتعرّضوا لجرحه أو تعديله في كتب الرجال.

ص: 95

(و إلاّ) يكن ثبوته (1) بالبيّنة، بل بإقرارهما (2) و إصابتهما الحجارة على ذلك القول (3)(لم يعادا) اتّفاقا (4)، و في رواية ماعز (5) أنّه لمّا أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برجمه (6) هرب من الحفيرة، فرماه الزبير بساق بعير، فلحقه القوم فقتلوه (7)، ثمّ أخبروا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بذلك (8)، فقال: «هلاّ تركتموه (9) إذ هرب يذهب، فإنّما هو (10) الذي أقرّ على نفسه»، و قال صلّى اللّه عليه و آله: «أما لو كان عليّ حاضرا لما ضللتم» (11)،...

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع إلى الزناء.

(2)الضميران في قوليه «بإقرارهما» و «إصابتهما» يرجع إلى الزاني و الزانية.

(3)أي على قول الشيخ و ابن البرّاج رحمهما اللّه.

(4)لأنّ الخلاف إنّما هو في خصوص هربه قبل الإصابة، فإنّ المشهور قالوا بعدم وجوب الإعادة، و قال الشيخ و ابن البرّاج بوجوب الإعادة، أمّا هربه بعد إصابة الحجارة فاتّفقوا فيه على عدم وجوب الإعادة.

(5)و قد تقدّم نقلها عن الحسين بن خالد في الهامش 2 من الصفحة السابقة.

(6)الضمير في قوله «برجمه» يرجع إلى ماعز.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى القوم، و ضمير المفعول يرجع إلى ماعز.

(8)المشار إليه في قوله «بذلك» هو فرار ماعز من الحفيرة و رمي الزبير له بساق بعير و لحوق الناس به و قتلهم له.

(9)يعني قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لم لم تتركوا ماعزا حين فراره حتّى يذهب و لا يقتل ؟

(10)ضمير «هو» و كذا الضمير في قوله «نفسه» يرجعان إلى ماعز.

(11)و هذه الرواية هي من الروايات الدالّة على تقدّم عليّ على غيره في الخلافة و الولاية، فإنّ معنى قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله: «لو كان عليّ حاضرا لما ضللتم» هو أنّه أحقّ

ص: 96

و وداه (1) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من بيت المال.

و ظاهر الحكم بعدم إعادته (2) سقوط الحدّ عنه، فلا يجوز قتله (3) حينئذ (4) بذلك (5) الذنب، فإن قتل عمدا (6) اقتصّ من القاتل، و خطأ (7) الدية، و في الرواية إرشاد إليه (8).

و لعلّ إيداءه (9) من بيت المال لوقوعه منهم خطأ مع كونه (10) صلّى اللّه عليه و آله قد

**********

شرح:

الناس بالهداية و إرشاد الامّة، فتقديم غيره عليه سبب لإضلال الامّة و ردّهم إلى غير سبيل الهداية.

(1)من ودى يدي وديا و دية القاتل القتيل: أعطى وليّه ديته (المنجد).

(2)يعني أنّ ظاهر الحكم بعدم إعادة الزاني الذي فرّ من الحفيرة هو سقوط الحدّ عنه.

(3)الضمير في قوله «قتله» يرجع إلى الزاني الذي فرّ.

(4)أي حين إذ فرّ من الحفيرة.

(5)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «قتله». يعني لا يجوز قتل الزاني الذي فرّ بارتكابه للزناء الموجب للرجم.

(6)يعني يحكم بالاقتصاص ممّن قتل الزاني الذي فرّ من الحفيرة إن كان القاتل متعمّدا في فعله هذا.

(7)يعني لو كان قتل الزاني الصادر من القاتل خطأ وجبت عليه الدية.

(8)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى وجوب الدية. يعني أنّ في رواية ماعز المتقدّمة إرشادا إلى وجوب الدية، لقوله عليه السّلام فيها: «و وداه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من بيت مال المسلمين».

(9)الضمير في قوله «إيداءه» يرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. يعني لعلّ أداء الرسول صلّى اللّه عليه و آله دية ماعز كان بسبب وقوع القتل من القوم خطأ.

(10)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

ص: 97

حكّمهم (1) فيه، فيكون (2) كخطإ الحاكم (3).

و لو فرّ غيره من المحدودين اعيد مطلقا (4).

من يبدأ بالرجم

(و) حيث يثبت الزناء بالبيّنة (يبدأ) برجمه (5)(الشهود) وجوبا (6).

(و في) رجم (المقرّ (7)) يبدأ (الإمام عليه السّلام)، و يكفي في البداءة مسمّى الضرب (8).

**********

شرح:

(1)الضمير الملفوظ في قوله «حكّمهم» يرجع إلى القوم، و الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى إجراء الحدّ على ماعز.

(2)اسم «يكون» هو الضمير العائد إلى خطأ القوم الذين حكّمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في إجراء الحدّ على ماعز. يعني يكون خطأ القوم كخطإ الحاكم، بمعنى أنّه كما أنّ الحاكم لو أخطأ في الحكم و عمل بما حكم به و قتل المحكوم عليه و ظهر خطاؤه وجب عليه أداء دية المقتول من بيت المال فكذلك الحكم لو أخطأ القوم الذين حكّمهم الحاكم.

(3)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الزاني المرجوم.

(4)أي سواء ثبتت معصيته بالبيّنة أم بالإقرار.

من يبدأ بالرجم (5)يعني يبدأ الشهود برمي المحكوم عليه بالرجم وجوبا.

(6)يعني يجب على الشهود البدء المذكور.

(7)يعني و في رجم المقرّ بالزناء يبدأ الإمام عليه السّلام برميه.

(8)أي يكفي في صدق البداءة مسمّى الضرب، و أن يصدق على الإمام عليه السّلام أنّه ضربه أوّلا.

ص: 98

حكم إعلام الناس

(و ينبغي) على وجه الاستحباب (1)(إعلام الناس) بوقت الرجم، ليحضروا و يعتبروا (2) و ينزجر من يشاهد ممّن (3) أتى مثل ذلك أو يريده (4)، و لقوله (5) تعالى: وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (1) (6)، و لا يجب (7)، للأصل (8).

(و قيل:) - و القائل ابن إدريس و العلاّمة و جماعة -(يجب حضور طائفة)، عملا بظاهر الأمر (9)، و هو (10) الأقوى.

**********

شرح:

حكم إعلام الناس (1)أي لا يجب إعلام الناس بالرجم، بل يستحبّ .

(2)أي لتحصل العبرة للحاضرين حتّى يجتنبوا ارتكاب ما يوجب الرجم.

(3)هذا بيان ل «من» الموصولة في قوله «من يشاهده».

(4)الضمير الملفوظ في قوله «يريده» يرجع إلى مثل ذلك.

(5)هذا تعليل آخر لاستحباب الإعلام.

(6)الآية 2 من سورة النور.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى الإعلام.

(8)و الأصل هو عدم وجوب الإعلام.

و المراد من «الأصل» هو أصالة عدم الوجوب إذا شكّ فيه.

(9)المراد من «ظاهر الأمر» هو دلالة لام الأمر في قوله تعالى: وَ لْيَشْهَدْ (2) على الوجوب ظاهرا.

(10)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى وجوب الإعلام.

ص: 99


1- سوره 24 - آیه 2
2- سوره 24 - آیه 2
عدد الطائفة الشاهدة للعذاب

(و) اختلف في أقلّ عدد الطائفة التي يجب حضورها (1) أو يستحبّ (2)، فقال العلاّمة و الشيخ في النهاية:(أقلّها واحد)، لأنّه (3) أقلّ الطائفة لغة (4)، فيحمل الأمر المطلق (5) على أقلّه، لأصالة البراءة من الزائد (6).

(و قيل:) - و القائل ابن إدريس - أقلّها (7)(ثلاثة)، لدلالة العرف عليه (8) فيما إذا قيل: «جئنا في طائفة (9) من الناس»، و لظاهر قوله تعالى: فَلَوْ لا (1)

**********

شرح:

عدد الطائفة الشاهدة للعذاب (1)الضمير في قوله «حضورها» يرجع إلى الطائفة. أي بناء على الوجوب الذي قال به ابن إدريس و العلاّمة رحمهما اللّه، و قوّاه الشارح رحمه اللّه.

(2)بناء على ما اختاره المصنّف رحمه اللّه.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الواحد.

(4)يعني أنّ الواحد هو أقلّ عدد يصدق عليه لفظ «طائفة» في اللغة.

الطائفة: مؤنّث الطائف، و قيل: الواحدة فصاعدا، و قيل: إلى الألف، و قيل: أقلّها رجلان، و قيل: رجل، فيكون بمعنى النفس، ج طائفات و طوائف (أقرب الموارد).

(5)أي الأمر المطلق يحمل على أقلّ عدد يصدق عليه لفظ «طائفة».

و الضمير في قوله «أقلّه» يرجع إلى مدلول الأمر المطلق.

(6)فإنّ الأقلّ متيقّن، و الزائد مشكوك فيه، فينتفي بالأصل.

(7)الضمير في قوله «أقلّها» يرجع إلى الطائفة.

(8)أي على كون أقلّ الطائفة هو الثلاثة.

(9)فإنّ الطائفة في المثال المذكور تطلق عند العرف على ثلاثة.

ص: 100


1- سوره 9 - آیه 122

نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ (1) (1)، فإنّ أقلّ الجمع فيما دلّ عليه الضمير (2) ثلاثة، و ليتحقّق (3) بهم الإنذار.

(و قيل:) - و القائل الشيخ في الخلاف -(عشرة (4))، و وجهه (5) غير واضح.

و الأجود الرجوع (6) إلى العرف، و لعلّ دلالته (7) على الثلاثة فصاعدا أقوى.

صفة الحجارة

(و ينبغي كون الحجارة صغارا، لئلاّ يسرع تلفه (8)) بالكبار، و

**********

شرح:

(1)الآية 122 من سورة التوبة.

(2)المراد من «الضمير» هو واو الجمع في قوله تعالى: لِيَتَفَقَّهُوا (2) ، و هي ترجع إلى الطائفة التي تقصد منها الجماعة، فيظهر منها أنّ أقلّ الطائفة ثلاثة.

(3)هذا تعليل آخر لكون المراد من الطائفة في الآية الشريفة هو الثلاثة، و هو أنّ الإنذار المأمور به في هذه الآية الشريفة يتحقّق بالثلاثة لا بالواحد و الاثنين.

أقول: و لا يخفى ما في هذا التعليل من الضعف، لأنّ الإنذار يحصل بالاثنين و الواحد أيضا.

(4)يعني قال الشيخ رحمه اللّه في كتابه (الخلاف) بأنّ أقلّ عدد يراد من الطائفة هو العشرة.

(5)يعني أنّ قول الشيخ غير واضح.

(6)يعني أنّ الأجود عند الشارح رحمه اللّه هو الرجوع إلى العرف في معنى الطائفة.

(7)الضمير في قوله «دلالته» يرجع إلى العرف.

صفة الحجارة (8)الضمير في قوله «تلفه» يرجع إلى المرجوم. يعني أنّ وجه كون الحجارة صغارا هو عدم تلف المرجوم بسرعة.

ص: 101


1- سوره 9 - آیه 122
2- سوره 9 - آیه 122

ليكن (1) ممّا يطلق عليه اسم الحجر، فلا يقتصر على الحصى (2)، لئلاّ يطول تعذيبه (3) أيضا.

عدم رجم من للّه في قبله حدّ

(و قيل: لا يرجم (4) من للّه في قبله حدّ)، للنهي عنه (5).

و هل هو (6) للتحريم أو الكراهة ؟ و جهان، من أصالة (7) عدم التحريم، و دلالة (8) ظاهر النهي عليه، و ظاهر العبارة (9) كون القول المحكيّ على وجه التحريم، لحكايته (10) قولا مؤذنا (11) بتمريضه،.

**********

شرح:

(1)أي و ليكن الحجارة ممّا يطلق عليه اسم الحجر.

(2)الحصى: صغار الحجارة، الواحدة حصاة، ج حصيات و حصيّ و حصيّ (أقرب الموارد).

(3)يعني أنّ الحصى يوجب أن يطول تعذيب المرجوم، فلا يجوز.

عدم رجم من للّه في قبله حدّ (4)يعني قال بعض: إنّ من للّه في ذمّته حدّ لا يجوز له أن يرجم المحكوم عليه بالرجم.

(5)أي للنهي الوارد عن رجم من للّه في قبله حدّ، كما تقدّم نقل الروايتين الدالّتين عليه عن كتاب الكافي في الهامش 6 من ص 38.

(6)الضمير في قوله «هل هو» يرجع إلى النهي عن رجم من للّه في قبله حدّ.

(7)هذا هو وجه عدم التحريم.

(8)و هذا هو وجه التحريم، و هو أنّ النهي ظاهر في الحرمة.

(9)أي ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «و قيل: لا يرجم من للّه في قبله حدّ» هو كون القول المحكيّ على وجه التحريم.

(10)الضمير في قوله «لحكايته» يرجع إلى المصنّف أو إلى القول المحكيّ .

(11)يعني أنّ حكاية المصنّف ذلك القول بقوله «قيل» يشعر بكون القول المحكيّ ضعيفا.

ص: 102

إذ (1) لا يتّجه توقّفه في الكراهة.

و هل يختصّ الحكم (2) بالحدّ الذي اقيم على المحدود أو مطلق الحدّ (3)؟ إطلاق العبارة (4) و غيرها يدلّ على الثاني، و حسنة (5) زرارة عن أحدهما (6) عليهما السّلام - قال اتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل قد أقرّ على نفسه بالفجور، فقال عليه السّلام لأصحابه: «اغدوا غدا متلثّمين (7)»، فغدوا عليه

**********

شرح:

(1)هذا تعليل لكون القول المحكيّ على وجه التحريم. يعني أنّه حيث لا يتّجه توقّف المصنّف رحمه اللّه في القول بالكراهة علم أنّ التمريض المذكور متوجّه إلى القول بالتحريم.

(2)المراد من «الحكم» هو حرمة الرجم ممّن عليه حدّ على قول، و كراهته على قول آخر. يعني أنّ المراد من الحدّ الذي يمنع من هو في ذمّته عن الرجم هل هو الحدّ الذي هو موجب للرجم أم هو مطلق الحدّ؟

(3)سواء كان الحدّ الذي هو في ذمّة من يرجم حدّ الزناء الموجب للرجم أم حدّ السرقة أم حدّ الشرب أم غيرهما.

(4)يعني أنّ إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «من للّه في قبله حدّ» و عبارة غير المصنّف يدلّ على منع مطلق الحدّ.

(5)هذا مبتدأ، خبره قوله «تدلّ على الأوّل». يعني أنّ الرواية الحسنة المنقولة عن زرارة تدلّ على كون الحدّ المانع من الرجم هو مثل الحدّ الذي يراد إجراؤه، فمن كان في ذمّته حدّ الزناء منع من إجرائه هذا الحدّ، و من كان في ذمّته حدّ شرب الخمر منع من إقامته هذا الحدّ، و هكذا.

(6)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع إلى الصادق و الباقر عليهما السّلام، و الرواية منقولة في كتاب الكافي: ج 7 ص 88 ح 2.

(7)من اللثام - بالكسر -: ما كان على الفم من النقاب أو ما يغطّى به الشفة من ثوب (أقرب الموارد).

ص: 103

متلثّمين، فقال: «من فعل مثل فعله فلا يرجمه و لينصرف» - تدلّ (1) على الأوّل (2).

و في خبر آخر عنه (3) عليه السّلام في رجم (4) امرأة أنّه (5) نادى بأعلى صوته:

يا أيّها الناس، إنّ اللّه تبارك و تعالى عهد إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله عهدا عهده (6) محمّد صلّى اللّه عليه و آله إليّ بأنّه لا يقيم الحدّ من (7) للّه عليه حدّ، فمن كان للّه عليه حدّ مثل ما له (8) عليها فلا يقيم عليها (9) الحدّ»، و صدر (10) هذا الخبر يدلّ

**********

شرح:

(1)خبر لقوله «حسنة زرارة».

(2)المراد من «الأوّل» هو كون الحدّ المستقرّ على ذمّة الراجم المانع من إقامته الحدّ هو مثل الحدّ على الفعل الذي أتى به المرجوم.

(3)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى أمير المؤمنين عليه السّلام.

(4)يعني أنّ الخبر الآخر ورد في خصوص رجم امرأة أقرّت على نفسها بالزناء، و قد تقدّم منّا ذكره في الهامش 6 من ص 38 (الرواية الاولى).

(5)الضميران في قوليه «أنّه» و «صوته» يرجعان إلى أمير المؤمنين عليه السّلام.

(6)الضمير في قوله «عهده» يرجع إلى العهد الذي عهده اللّه إلى نبيّه.

(7)بالرفع محلاّ، لكونه فاعلا لقوله «لا يقيم».

(8)الضمير في قوله «له» يرجع إلى اللّه تعالى. أي مثل الحدّ الذي للّه على المرأة المقرّة على نفسها بالزناء.

(9)أي لا يجوز له أن يقيم الحدّ على هذه المرأة المحكوم عليها بالرجم.

أقول: لا يخفى أنّ «لا» في قوله عليه السّلام: «فلا يقيم عليها الحدّ» تكون للنفي، و تكون الجملة خبريّة، لكنّها استعملت للإنشاء، بمعنى أنّ النفي استعمل للنهي، فيكون المعنى:

فلا يقم عليها الحدّ.

(10)المراد من صدر الرواية هو قوله عليه السّلام: «من للّه عليه حدّ»، فإنّ الحدّ فيه مطلق يشمل

ص: 104

بإطلاقه على الثاني (1)، و آخره (2) يحتملهما، و هو (3) على الأوّل (4) أدلّ ، لأنّ ظاهر المماثلة (5) اتّحادهما (6) صنفا، مع احتمال ارادة ما هو أعم (7)، فإنّ مطلق الحدود (8) متماثلة في أصل العقوبة.

و هل يفرق بين ما حصلت التوبة منها (9) و غيره ؟ ظاهر الأخبار (10) و

**********

شرح:

الحدّ المماثل للحدّ الذي هو على المرجوم و غير ذلك الحدّ.

(1)المراد من «الثاني» هو مطلق الحدّ.

(2)الضمير في قوله «آخره» يرجع إلى الخبر، و في قوله «يحتملهما» يرجع إلى الأوّل و الثاني. يعني أنّ آخر الخبر يحتمل الأوّل و الثاني.

و المراد من آخر الخبر هو قوله عليه السّلام: «حدّ مثل ما عليها».

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى آخر الحديث.

(4)يعني أنّ آخر الحديث أدلّ على المعنى الأوّل، و هو لزوم المماثلة بين حدّ الراجم و المرجوم من جميع الجهات.

(5)يعني أنّ ظاهر المماثلة في قوله عليه السّلام: «مثل ما عليها» هو اتّحاد الحدّين صنفا.

(6)الضمير في قوله «اتّحادهما» يرجع إلى الحدّ الذي هو على الراجم و الحدّ الذي هو على المرجوم.

(7)يعني يحتمل دلالة آخر الحديث على الحدّ الأعمّ ممّا هو على المرجوم و الراجم.

(8)يعني أنّ جميع الحدود متماثلة في أصل العقوبة، رجما كان الحدّ أو جلدا أو غيرهما و إن لم تكن متماثلة صنفا.

(9)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى «ما» الموصولة المراد بها أسباب الحدود.

(10)يعني أنّ ظاهر الأخبار يدلّ على الفرق بين من تاب و بين غيره. و من الأخبار الدالّة على الفرق هو ما نقل في كتاب الوسائل :

ص: 105

الفتوى ذلك (1)، لأنّ ما تاب عنه (2) فاعله سقط حقّ اللّه منه، بناء على وجوب (3) قبول التوبة، فلم يبق للّه عليه (4) حدّ.

و يظهر من الخبر الثاني (5) عدم الفرق، لأنّه (6) قال في آخره (7):

«فانصرف الناس ما خلا أمير المؤمنين عليه السّلام و الحسنين عليهما السّلام»، و من البعيد

**********

شرح:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن أحدهما عليهما السّلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى، فلم يعلم ذلك منه، و لم يؤخذ حتّى تاب و صلح، فقال: إذا صلح و عرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحدّ (الوسائل: ج 18 ص 327 ب 16 من أبواب مقدّمات الحدود من كتاب الحدود ح 3).

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الفرق بين من تاب و بين غيره.

(2)الضميران في قوليه «عنه» و «فاعله» يرجعان إلى «ما» الموصولة المراد منها ما يوجب الحدّ.

(3)يعني بناء على أنّ اللّه عزّ و جلّ يجب عليه أن يقبل توبة من تاب و ندم على ما ارتكبه، لقوله تعالى في الآية 104 من سورة التوبة: أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ (1) .

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى التائب. يعني إذا وجب على اللّه قبول توبة من ندم و تاب لم يبق للّه على ذمّته حدّ، بل يسقط الحدّ بالتوبة.

(5)المراد من «الخبر الثاني» هو ما نقلناه عن الكافي في الهامش 6 من ص 38 (الرواية الاولى).

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الراوي.

(7)الضمير في قوله «آخره» يرجع إلى الحديث. يعني أنّ آخر الخبر يظهر منه عدم الفرق بين من تاب و بين غيره، فإنّ انصراف جميع الحاضرين ظاهر في عدم الفرق، لبعد عدم توبة الجميع!

ص: 106


1- سوره 9 - آیه 104

جدّا أن يكون جميع أصحابه (1) لم يتوبوا من ذنوبهم ذلك الوقت (2) إلاّ أنّ في طريق الخبر ضعفا (3).

ما يعمل به بعد الرجم

(و إذا فرغ من رجمه (4)) لموته (دفن إن كان قد صلّي عليه (5) بعد غسله و تكفينه حيّا (6)) أو ميّتا (7) أو بالتفريق (8)،(و إلاّ) يكن ذلك (9) (جهّز) بالغسل و التكفين و الصلاة،(ثمّ دفن).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أصحابه» يرجع إلى أمير المؤمنين عليه السّلام.

(2)المراد من قوله «ذلك الوقت» هو وقت إجراء الحدّ على المحكوم عليه بالرجم.

(3)الضعف الموجود في طريق الخبر منشأه وجود عليّ بن حمزة في السند، لانتسابه إلى الواقفيّة.

ما يعمل به بعد الرجم (4)الضمير في قوليه «رجمه» و «موته» يرجعان إلى المرجوم.

(5)أي يدفن المرجوم بعد إقامة الصلاة عليه إذا غسّل و كفّن قبل الرجم.

(6)حال عن ضمير قوليه «غسله» و «تكفينه».

(7)و هذا أيضا حال عن ضمير قوليه «غسله» و «تكفينه».

(8)المراد من «التفريق» هو تغسيله قبل الرجم و تكفينه بعده أو بالعكس.

و الحاصل أنّ هنا صورا أربع:

الاولى: الغسل و التكفين قبل الرجم و الصلاة بعده.

الثانية: الغسل و التكفين و الصلاة بعد الرجم.

الثالثة: الغسل قبل الرجم و التكفين و الصلاة بعده.

الرابعة: التكفين قبل الرجم و الغسل و الصلاة بعده.

(9)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الغسل و التكفين قبل الرجم.

ص: 107

و الذي دلّت عليه الأخبار (1) و الفتوى أنّه يؤمر (2) حيّا بالاغتسال و التكفين، ثمّ يجتزى به (3) بعده، أمّا الصلاة فبعد الموت (4)، و لو لم يغتسل (5) غسّل بعد الرجم، و كفّن و صلّي عليه، و العبارة (6) قد توهم خلاف ذلك (7)، أو تقصر عن المقصود منها (8).

الثالث: الجلد خاصّة
هذا حدّ البالغ إذا زنى بصبية

(و ثالثها (9): الجلد خاصّة) مائة (10) سوط ،(و هو (11) حدّ البالغ)

**********

شرح:

(1)من الأخبار هو ما نقل في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن مسمع كردين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المرجوم و المرجومة يغسلان و يحنّطان و يلبسان الكفن قبل ذلك، ثمّ يرجمان و يصلّى عليهما... إلخ (الوسائل: ج 2 ص 703 ب 17 من أبواب غسل الميّت من كتاب الطهارة ح 1).

(2)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المرجوم.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى كلّ واحد من الاغتسال و التكفين.

(4)يعني أمّا الصلاة فلا يجوز إقامتها قبل الموت.

(5)يعني لو لم يغسّل المحكوم عليه بالرجم قبل الرجم وجب تغسيله بعد الموت بالرجم.

(6)أي عبارة المصنّف رحمه اللّه قبل أسطر حيث قال «دفن إن كان قد صلّي عليه بعد غسله و تكفينه حيّا»، فإنّها قد توهم الاكتفاء بإقامة الصلاة عليه حيّا أيضا.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إقامة الصلاة على المرجوم بعد الموت بالرجم.

(8)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى العبارة.

الثالث: الجلد خاصّة (9)الضمير في قوله «ثالثها» يرجع إلى أقسام الحدّ.

(10)هذا عطف بيان أو بدل عن قوله «الجلد».

(11)يعني أنّ الجلد خاصّة هو حدّ البالغ المحصن الذي زنى بصبيّة.

ص: 108

(المحصن إذا زنى بصبيّة) لم تبلغ التسع (أو مجنونة) و إن كانت (1) بالغة، شابّا كان الزاني أم شيخا،(و حدّ (2) المرأة إذا زنى بها طفل) لم يبلغ.

(و لو زنى بها (3) المجنون) البالغ (فعليها الحدّ تامّا)، و هو (4) الرجم بعد الجلد إن كانت محصنة، لتعليق الحكم (5) برجمها في النصوص (6) على

**********

شرح:

(1)أي و إن كانت المجنونة بالغة.

(2)يعني أنّ الجلد خاصّة هو حدّ المرأة أيضا إذا ارتكبت الزناء بطفل لم يبلغ.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى المرأة. يعني لو زنى بالمرأة المجنون البالغ وجب عليها الحدّ التامّ .

(4)يعني أنّ الحدّ التامّ هو الرجم بعد الجلد.

(5)يعني أنّ الحكم برجم المرأة معلّق على وطي البالغ إيّاها، سواء كان مجنونا أم لا.

(6)و من النصوص هو ما نقله شيخ الطائفة في كتاب التهذيب:

أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن امرأة تزوّجت رجلا و لها زوج، قال: فقال: إن كان زوجها الأوّل مقيما معها في المصر التي هي فيه تصل إليه أو يصل إليها فإنّ عليها ما على الزاني المحصن: الرجم، و إن كان زوجها الأوّل غائبا عنها أو كان مقيما معها في المصر لا يصل إليها و لا تصل إليه فإنّ عليها ما على الزانية غير المحصنة، و لا لعان بينهما، قلت: من يرجمها و يضربها الحدّ و زوجها لا يقدّمها إلى الإمام، و لا يريد ذلك منها؟ فقال: إنّ الحدّ لا يزال للّه في بدنها حتّى يقوم به من قام و تلقى اللّه و هو عليها، قلت: فإن كانت جاهلة بما صنعت ؟ قال: فقال: أ ليس هي في دار الهجرة ؟ قلت: بلى، قال: فما من امرأة اليوم من نساء المسلمين إلاّ و هي تعلم أنّ المرأة المسلمة لا يحلّ لها أن تتزوّج زوجين، قال: و لو أنّ المرأة إذا فجرت قالت :

ص: 109

وط ء (1) البالغ مطلقا (2)، فيشمل المجنون، و لأنّ الزناء بالنسبة إليها (3) تامّ ، بخلاف زناء العاقل بالمجنونة، فإنّ المشهور عدم إيجابه الرجم (4)، للنصّ (5).

**********

شرح:

لم أدر أو جهلت أنّ الذي فعلت حرام و لم يقم عليها الحدّ إذا لتعطّلت الحدود (التهذيب: ج 10 ص 20 ح 60).

(1)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «تعليق الحكم». يعني أنّ الحكم برجم المرأة علّق في النصوص على زناء البالغ بالمرأة، فيشمل المجنون البالغ أيضا.

(2)أي سواء كان الزاني عاقلا أم لا.

(3)يعني أنّ الزناء من جانب المرأة يكون تامّا و لو كان بالمجنون.

(4)يعني قال المشهور بعدم إيجاب الرجم على الرجل العاقل إذا زنى بالمرأة المجنونة، بل يجلد الرجل، و أمّا المرأة المجنونة فلا حدّ عليها، لرفع القلم عنها.

(5)يعني أنّ القول المشهور - و هو عدم وجوب الرجم على العاقل البالغ الذي زنى بالمرأة المجنونة - مستند إلى دليلين:

أ: النصّ .

ب: أصالة البراءة.

أقول: أمّا النصّ فقد نسبت دعوى وجوده إلى بعض الفقهاء مثل صاحب الرياض و ابن إدريس رحمهما اللّه، حيث قال في السرائر: «و قد روي أنّ الرجل إذا زنى بمجنونة لم يكن عليه رجم إذا كان محصنا»، لكنّ النصّ - كما ادّعاه السيّد كلانتر أيضا و اعترف به - غير موجود في كتب الخاصّة الروائيّة من الكافي و التهذيب و الاستبصار و الفقيه و البحار و وسائل الشيعة و الوافي، كما أنّ الشارح رحمه اللّه أيضا أنكر في كتابه (المسالك) وجود النصّ حيث قال: «و مع ذلك لا نصّ على حكم المجنونة، بخلاف الصبيّة، فإلحاقها بها قياس مع وجود الفارق، مع أنّه قد وردت روايات بإطلاق الحدّ للبالغ منهما... إلخ».

ص: 110

و أصالة (1) البراءة.

و ربّما قيل بالمساواة (2)، اطراحا للرواية (3)، و استنادا إلى العموم (4)، و لا يجب الحدّ على المجنونة إجماعا (5).

عدم ثبوت الحدّ على المجنون

(و الأقرب عدم ثبوته (6) على المجنون)، لانتفاء التكليف (7) الذي هو (8) مناط العقوبة.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الوجه الآخر لعدم إيجاب الرجم على العاقل إذا زنى بالمجنونة هو أصالة البراءة عند الشكّ في الوجوب، مع أنّ الحدود تدرأ بالشبهات.

(2)أي قال بعض بتساوي الزناء بالمجنونة مع الزناء بالعاقلة في حكم الحدّ، و هذا القول منسوب إلى بعض المتقدّمين.

(3)يعني أنّ القول بالتساوي في الموضعين مستند إلى اطراح الرواية المدّعاة دلالتها على الفرق بينهما، و قد أشرنا فيما مضى منّا إلى دعوى عدم وجود هذه الرواية الدالّة على الفرق و إلى إنكار الشارح رحمه اللّه وجودها في كتابه (المسالك).

(4)أي عموم إجراء حكم الرجم على الزاني المحصن، سواء زنى بالعاقلة أم بالمجنونة.

(5)يعني أنّ عدم وجوب الحدّ على المجنونة التي زنى بها العاقل البالغ ممّا أجمع عليه الفقهاء.

عدم ثبوت الحدّ على المجنون (6)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع إلى الحدّ. يعني أنّ الأقرب عند المصنّف رحمه اللّه هو عدم ثبوت الحدّ على المجنون إذا زنى، سواء كان بالعاقلة أم بالمجنونة، و هذا القول في مقابل قول الشيخين و ابن البرّاج رحمهم اللّه الذي سيشير إليه قريبا.

(7)يعني أنّ التكليف منتف عن المجنون و مرفوع عنه، كما هو مفاد حديث الرفع.

(8)ضمير «هو» يرجع إلى التكليف.

ص: 111

الشديدة على المحرّم (1)، و للأصل (2).

و لا فرق فيه (3) بين المطبق و غيره إذا وقع الفعل منه حالته (4)، و هذا (5) هو الأشهر.

و ذهب الشيخان (6) - و تبعهما ابن البرّاج - إلى ثبوت الحدّ عليه (7) كالعاقل من (8) رجم و جلد، لرواية (9) أبان بن تغلب عن الصادق عليه السّلام، قال: «إذا زنى المجنون أو المعتوه (10) جلد الحدّ، و إن كان محصنا رجم»،

**********

شرح:

(1)أي العمل المحرّم الذي يوجب الإتيان به عقوبة شديدة.

و المراد من «المحرّم» هنا هو الزناء، و من «العقوبة الشديدة» هو الحدّ كذلك.

(2)المراد من «الأصل» هو أصالة البراءة من وجوب إقامة الحدّ على المجنون.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى المجنون.

و المراد من «المطبق» هو المجنون الذي يعتريه الجنون دائما، و المراد من غير المطبق هو المجنون ذو الأدوار.

(4)الضمير في قوله «حالته» يرجع إلى الجنون. يعني أنّ عدم الفرق المذكور إنّما هو فيما إذا صدر الزناء عن المجنون ذي الأدوار حال جنونه، فلو وقع حال العقل جرى عليه الحدّ.

(5)المشار إليه في قوله «هذا» هو عدم ثبوت الحدّ.

(6)المراد من الشيخين هو الشيخ المفيد و الشيخ الطوسيّ رحمهما اللّه.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المجنون.

(8)قوله «من» لبيان الحدّ الذي يثبت في حقّ المجنون.

(9)الرواية منقولة في كتاب التهذيب: ج 10 ص 19 ح 56.

(10) «المعتوه» من عته الرجل - مجهولا -، فهو معتوه: نقص عقله، و قيل: فقد، و قيل:

دهش من غير مسّ جنون (أقرب الموارد).

ص: 112

قلت: و ما الفرق بين المجنون و المجنونة و المعتوه و المعتوهة ؟ فقال:

«المرأة إنّما تؤتى (1)، و الرجل يأتي، و إنّما يأتي إذا عقل كيف يأتي اللذّة، و إنّ المرأة إنّما تستكره، و يفعل بها و هي لا تعقل ما يفعل بها (2)».

و هذه الرواية - مع عدم سلامة سندها (3) - مشعرة بكون المجنون حالة الفعل (4) عاقلا إمّا لكون الجنون يعتريه (5) أدوارا أو لغيره (6)، كما يدلّ عليه التعليل (7)، فلا يدلّ (8) على مطلوبهم.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المرأة تكون مأتيّة، و المرء يكون آتيا، و بعبارة اخرى تكون المرأة مفعولا بها، و الرجل فاعلا.

(2)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى المرأة.

(3)عدم سلامة سند الرواية المذكورة مستند إلى وجود إبراهيم بن الفضل في سندها، و هو لم يوثّق في كتب الرجال.

(4)أي حالة الارتكاب للزناء.

(5)يعني أنّ المجنون قد يكون ذا الأدوار و يرتكب الزناء حالة عقله.

(6)أي لغير اعتراء الجنون إيّاه أدوارا، كما إذا لم يبلغ جنونه حدّا لا يميّز معه عمله، و لا يشعر بما يرتكبه، و يكون جنونه خفيّا.

(7)أي في قوله عليه السّلام: «و إنّما يأتي إذا عقل كيف يأتي اللذّة»، فإنّه يدلّ على عدم كون جنونه مانعا عن إدراك اللذّة و الشهوة.

(8)أي فلا يدلّ الخبر المذكور على مطلوب من استدلّ به على إجراء الحدّ على المجنون.

و الضمير في قوله «مطلوبهم» يرجع إلى الشيخين و ابن البرّاج رحمهم اللّه القائلين بثبوت الحدّ على المجنون.

ص: 113

كيفيّة الجلد

(و يجلد) الزاني (أشدّ الجلد (1))، لقوله تعالى: وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ (1) (2)، و روي (3) ضربه (4) متوسّطا.

(و يفرّق) الضرب (على جسده (5)، و يتّقى رأسه و وجهه و فرجه) قبله (6) و دبره، لرواية (7) زرارة عن الباقر عليه السّلام: «يتّقى الوجه و المذاكير»، و

**********

شرح:

كيفيّة الجلد (1)يعني يضرب بدن الزاني بالأسواط بالشدّة و الغلظة.

(2)الآية 2 من سورة النور.

(3)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن حريز عمّن أخبره عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: يفرّق الحدّ على الجسد كلّه، و يتّقى الفرج و الوجه، و يضرب بين الضربين (الوسائل: ج 18 ص 370 ب 11 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 6).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: أقول: لعلّه مخصوص بغير الزناء.

(4)الضمير في قوله «ضربه» يرجع إلى الزاني، و هذا القول من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله.

(5)الضمائر في أقواله «جسده» و «رأسه» و «وجهه» و «فرجه» ترجع إلى الزاني.

(6)أي لا يضرب فرج المحدود قبلا و دبرا.

(7)الرواية منقولة في كتاب من لا يحضره الفقيه:

و روى أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يضرب الرجل الحدّ قائما، و المرأة قاعدة، و يضرب كلّ عضو، و يترك الوجه و المذاكير (الفقيه: ج 4 ص 20 ح 25).

و المراد من «المذاكير» هو آلة الذكورة و الخصيتان.

ص: 114


1- سوره 24 - آیه 2

روي عنه (1) عليه السّلام قال: «يفرّق الحدّ على الجسد، و يتّقى الفرج و الوجه» (2).

و قد تقدّم استعمال الفرج فيهما (3)، و أمّا اتّقاء الرأس (4) فلأنّه مخوف على النفس و العين، و الغرض من الجلد ليس هو إتلافه (5)، و اقتصر جماعة على الوجه و الفرج، تبعا للنصّ (6).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى الباقر عليه السّلام.

(2)و قد تقدّم ذكر الرواية بتمامها مع مصدرها في الهامش 3 من الصفحة السابقة.

(3)الضمير في قوله «فيهما» يرجع إلى القبل و الدبر.

(4)هذا بيان حكمة المنع من ضرب رأس المحدود، و هو أنّ الضرب كذلك مخوف على النفس و العين.

(5)الضمير في قوله «إتلافه» يرجع إلى المحدود.

(6)يعني أنّ جماعة من الفقهاء اكتفوا في الاتّقاء من الضرب بالوجه، و لم يذكروا الرأس، تبعا للنصّ الذي ذكره آنفا في الصفحة السابقة.

أقول: صرّح المصنّف رحمه اللّه - كما ترى - بكون الرأس مستثنى من الضرب على الجسد، و أتى الشارح رحمه اللّه في مقام الشرح بروايتين خاليتين عن ذكر الرأس، ثمّ وجّه اتّقاء الرأس من الضرب بكون ضرب الرأس مخوفا على النفس و العين من دون أن يأتي برواية مشتملة على ذكر الرأس و أيضا صرّح باقتصار جماعة على الوجه و الفرج، زعما منه و من الجماعة المذكورة لخلوّ النصّ عن ذكر الرأس، و لكنّا - و للّه الحمد - عثرنا على الرواية الشاملة لذكر الرأس أيضا. و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يضرب الرجل الحدّ قائما، و المرأة قاعدة، و يضرب على كلّ عضو، و يترك الرأس و المذاكير (الوسائل: ج

ص: 115

(و ليكن الرجل قائما مجرّدا) مستور العورة (1)،(و المرأة (2) قاعدة قد ربطت ثيابها) عليها، لئلاّ يبدو جسدها، فإنّه (3) عورة، بخلاف الرجل (4).

و روي (5) ضرب الزاني على الحال التي يوجد عليها (6)، إن وجد عريانا ضرب عريانا، و إن وجد و عليه ثيابه ضرب و عليه (7) ثيابه، سواء في ذلك (8) الذكر و الانثى،.

**********

شرح:

18 ص 369 ب 11 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 1).

فإن قلت: هذه الرواية و إن كانت شاملة لذكر الرأس، لكنّها خالية عن ذكر الوجه! قلت: الأمر و إن كان كذلك، لكن لا يذهب عليك أنّ الرأس تشمل الوجه أيضا، و لا سبيل إلى هذا الجواب للروايتين الدالّتين على ذكر الوجه دون الرأس.

(1)أي لا يجوز كونه مجرّدا بحيث تكشف عورته.

(2)عطف على قوله «الرجل». يعني و لتكن المرأة قاعدة عند إجراء الحدّ عليها بحيث تربط عليها ثيابها لئلاّ يكشف جسدها بإصابة الأسواط إيّاها.

(3)يعني أنّ جسد المرأة كلّه عورة يجب عليها سترها.

(4)يعني أنّ جميع مواضع جسد الرجل ليس بعورة، فلا يحرم عليه كشفه و عدم ستره.

(5)الرواية منقولة في كتاب التهذيب:

عنه [الحسين بن سعيد] عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يجرّد في حدّ و لا يشنج - يعني يمدّ -، و قال: يضرب الزاني على الحال التي يوجد عليها، إن وجد عريانا ضرب عريانا، و إن وجد و عليه ثيابه ضرب و عليه ثيابه (التهذيب: ج 10 ص 32 ح 106).

(6)الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى الحال.

(7)أي يضرب الزاني و على بدنه ثيابه لو وجد كذلك و هو يزني.

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ضرب الزاني على الحال التي يوجد عليها.

ص: 116

و عمل بمضمونها (1) الشيخ و جماعة.

و الأجود الأوّل (2)، لما ذكرناه من أنّ بدنها (3) عورة، بخلافه (4)، و الرواية ضعيفة السند (5).

الرابع: الجلد و الجزّ و التغريب
اشارة

(و رابعها (6): الجلد و الجزّ) للرأس (و التغريب،)

يجب الثلاثة على الزاني الذكر الحرّ غير المحصن

(و يجب) الثلاثة (7) (على الزاني الذكر الحرّ غير المحصن و إن لم يملك)، أي يتزوّج (8) من غير أن يدخل، لإطلاق الحكم (9) على البكر (10)، و هو شامل للقسمين، بل هو

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الشيخ الطوسيّ و جماعة من الفقهاء رحمهم اللّه عملوا بمضمون هذه الرواية المنقولة، و أفتوا بضرب الزاني على الحال التي يوجد عليها.

(2)المراد من «الأوّل» هو قول المصنّف رحمه اللّه «و ليكن الرجل قائما مجرّدا، و المرأة قاعدة... إلخ».

(3)أي لما قد تقدّم من كون بدن المرأة كلّه عورة يجب عليها سترها.

(4)الضمير في قوله «بخلافه» يرجع إلى الرجل.

(5)وجه ضعف سند الرواية هو وجود طلحة بن زيد في طريقها، فقد نسب إليه كونه بتريّ المذهب.

الرابع: الجلد و الجزّ و التغريب (6)الضمير في قوله «رابعها» يرجع إلى أقسام الحدّ.

(7)أي يجب الجلد و جزّ الرأس و التغريب على الزاني الذكر الحرّ... إلخ.

(8)هذا تفسير لقوله «لم يملك». يعني أنّ المراد ممّن لم يملك هو الذي لم يتزوّج، أو تزوّج لكن لم يدخل بزوجته التي ملك فرجها بالعقد.

(9)المراد من «الحكم» هو الجلد و جزّ الرأس و التغريب، و اللام تكون للعهد الذكريّ .

(10)يعني أنّ الحكم أطلق على البكر، و هو شامل لمن لم يتزوّج أصلا، أو تزوّج و

ص: 117

على غير المتزوّج أظهر، و لإطلاق قول الصادق عليه السّلام في رواية (1) عبد اللّه بن طلحه: «و إذا زنى الشابّ الحدث السنّ جلد و حلق رأسه و نفي سنة عن مصره»، و هو (2) عامّ فلا يتخصّص (3)، و إلاّ (4) لزم تأخير البيان.

(و قيل:) - و القائل الشيخ و جماعة -(يختصّ التغريب (5) بمن أملك) و

**********

شرح:

لم يدخل بزوجته.

البكر: العذراء، يقال: صبيّ بكر و بنت بكر بلفظ واحد فيهما، ج أبكار (أقرب الموارد).

و الرواية التي أطلق فيها الحكم على البكر منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في الشيخ و الشيخة جلد مائة و الرجم، و البكر و البكرة جلد مائة و نفي سنة (الوسائل: ج 18 ص 348 ب 1 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 9).

(1)الرواية منقولة في كتاب التهذيب:

محمّد بن أحمد بن يحيى عن إبراهيم بن صالح بن سعيد عن محمّد بن حفص عن عبد اللّه بن طلحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا زنى الشيخ و العجوز جلدا، ثمّ رجما، عقوبة لهما، و إذا زنى النصف من الرجال رجم و لم يجلد إذا كان قد أحصن، و إذا زنى الشابّ الحديث السنّ جلد و نفي سنة من مصره (التهذيب: ج 10 ص 4 ح 10).

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى قول الصادق عليه السّلام. يعني أنّ قوله عليه السّلام عامّ يشمل من لم يتزوّج، أو تزوّج و لم يدخل.

(3)أي فلا يتخصّص بمن لم يتزوّج أصلا.

(4)أي لو كان المراد من لم يتزوّج خاصّة لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، و هو قبيح.

(5)أي يختصّ الحكم بالتغريب بالذي تزوّج و لم يدخل.

ص: 118

لم يدخل (1)، لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: «غير المحصن يجلد مائة، و لا ينفى، و التي قد أملكت و لم يدخل بها تجلد و تنفى» (2)، و رواية (3) محمّد بن قيس عنه (4) عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في البكر و البكرة إذا زنيا جلد (5) مائة و نفي سنة في غير مصرهما (6)، و هما اللذان قد أملكا و لم يدخلا بها».

و هاتان الروايتان مع سلامة سندهما (7) تشتملان على نفي المرأة، و

**********

شرح:

(1)أي لم يدخل الزوج بالزوجة بعد التزويج.

(2)الرواية منقولة في كتاب الكافي هكذا:

عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن حسين بن سعيد عن فضالة عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الذي لم يحصن يجلد مائة جلدة و لا ينفى، و الذي قد أملك و لم يدخل بها يجلد مائة و ينفى (الكافي: ج 7 ص 177 ح 6).

أقول: لا يخفى أنّ النسخ الموجودة بأيدينا تفاوت الكافي من حيث ألفاظ الرواية تفاوتا فاحشا، و لعلّ السرّ هو أنّ الشارح رحمه اللّه - نظرا إلى النسخ - أتى بالرواية نقلا بالمعنى، و السيّد كلانتر لمّا رأى هذا التفاوت أتى بها طبقا على ما في الكافي، و لكنّا أعرضنا عن هذا، و صحّحنا العبارة على طبق النسخ - مع ما بين النسخ من التفاوت أيضا! - و أشرنا إلى الرواية على ما هو منقول في الكافي، و قد أشار صاحب الحديقة رحمه اللّه من حواشيه هنا إلى اختلافات النسخ، راجع إن شئت.

(3)المصدر السابق: ح 7.

(4)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى أبي جعفر عليه السّلام.

(5)بالنصب، مفعول لقوله عليه السّلام: «قضى»، و كذا قوله عليه السّلام: «نفي سنة».

(6)ضميرا قوليه عليه السّلام: «مصرهما» و «هما» يرجعان إلى البكر و البكرة.

(7)هذا إشارة إلى عدم سلامة سندهما، كما سيصرّح به.

ص: 119

هو (1) خلاف الإجماع على ما ادّعاه (2) الشيخ، كيف و في طريق الاولى موسى بن بكير (3)، و في الثانية (4) محمّد بن قيس، و هو مشترك بين الثقة و غيره حيث يروي (5) عن الباقر عليه السّلام.

فالقول الأوّل (6) أجود و إن كان الثاني (7) أحوط من حيث بناء الحدّ على التخفيف (8).

حدّ الجزّ

(و الجزّ حلق الرأس) أجمع (9) دون غيره كاللحية، سواء في ذلك (10)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى نفي المرأة.

(2)الضمير الملفوظ في قوله «ادّعاه» يرجع إلى «ما» الموصولة.

(3)فإنّ موسى بن بكير فطحيّ المذهب.

(4)يعني أنّ في طريق الرواية الثانية محمّد بن قيس، و هو مشترك بين الثقة و غيره.

(5)يعني أنّ محمّد بن قيس مشترك بين الثقة و غيره إذا روى عن الباقر عليه السّلام لا ما إذا روى عن غيره من المعصومين عليهم السّلام.

(6)المراد من «القول الأوّل» هو القول بتغريب الزاني الذي لم يملك، سواء تزوّج و لم يدخل أو لم يتزوّج أصلا، و هذا القول هو الأجود عند الشارح رحمه اللّه.

(7)المراد من القول الثاني هو اختصاص التغريب بمن تزوّج و لم يدخل. يعني أنّ هذا القول أوفق بالاحتياط .

(8)و قد تقدّم أنّ الحدود تبنى على التخفيف.

حدّ الجزّ (9)يعني أنّ المحكوم عليه بالجزّ يحلق جميع رأسه لا غيره.

(10)المشار إليه في قوله «ذلك» هو وجوب الحلق.

ص: 120

المربّى (1) و غيره و إن انتفت الفائدة في غيره (2) ظاهرا.

حدّ التغريب

(و التغريب نفيه (3) عن مصره)، بل مطلق وطنه (4)(إلى آخر (5))، قريبا كان أم بعيدا (6) بحسب (7) ما يراه الإمام عليه السّلام مع صدق اسم الغربة (8)، فإن كان (9) غريبا غرّب إلى بلد آخر غير (10) وطنه و البلد (11) الذي غرّب منه

**********

شرح:

(1)يمكن كونه بصيغة اسم الفاعل، فيكون المعنى: سواء كان الشخص مربّ شعر رأسه، و يمكن كونه بصيغة اسم المفعول، فيكون المعنى: سواء كان الشعر مربّى يعتني به صاحبه.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى المربّى. يعني لو لم يكن الشعر مربّى انتفت عنه فائدة الجزّ.

حدّ التغريب (3)الضمائر في أقواله «نفيه» و «مصره» و «وطنه» ترجع إلى المجرم المحكوم عليه بالتغريب.

(4)أي المحلّ الذي اختاره وطنا لنفسه، سواء كان مصرا أو قرية أو غيرهما.

(5)أي إلى مصر آخر أو وطن آخر.

(6)أي سواء كان البلد الآخر الذي ينفى إليه قريبا من وطنه الأوّل أم كان بعيدا.

(7)أي بحسب ما يراه الإمام عليه السّلام أو نائبه.

(8)فلا يكفي النفي إلى بلد قريب من وطنه بحيث لا يصدق عليه اسم الغربة.

(9)يعني لو كان المجرم المحكوم عليه بالتغريب غريبا نفي إلى بلد آخر.

(10)بالجرّ، صفة لقوله «بلد».

(11)بالجرّ، عطف على مدخول قوله «غير». يعني غرّب إلى غير البلد الذي غرّب منه.

ص: 121

(عاما (1)) هلاليّا (2)، فإن رجع إلى ما غرّب منه قبل إكماله (3) اعيد حتّى يكمل (4) بانيا (5) على ما سبق و إن طال الفصل (6).

انتفاء الجزّ و التغريب عن المرأة

(و لا جزّ على المرأة و لا تغريب)، بل تجلد (7) مائة لا غير، لأصالة البراءة (8).

و ادّعى الشيخ عليه (9) الإجماع، و كأنّه (10) لم يعتدّ بخلاف ابن أبي عقيل حيث أثبت التغريب عليها (11)،.

**********

شرح:

(1)بالنصب، ظرف لقوله «نفيه».

العام: السنة، و أصله عوم، ج أعوام، و تصغيره عويم (أقرب الموارد).

(2)أي سنة هلاليّة لا شمسيّة.

(3)الضمير في قوله «إكماله» يرجع إلى العام.

(4)أي حتّى تكمل السنة الهلاليّة.

(5)يعني و الحال أنّه يبني على ما سبق من زمن التغريب.

(6)أي و إن كان الفصل بين المدّة التي أقام فيها في محلّ التغريب و بين المدّة التي اعيد إليه بعد مضيّها ثانيا طويلا.

انتفاء الجزّ و التغريب عن المرأة (7)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المرأة.

(8)أي لأصالة البراءة من وجوب الجزّ و التغريب إذا شكّ فيه.

(9)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى عدم الجزّ و التغريب.

(10)الضمير في قوله «كأنّه» يرجع إلى الشيخ رحمه اللّه. يعني كأنّ الشيخ لم يعتن في دعواه الإجماع بمخالفة ابن أبي عقيل رحمه اللّه.

(11)يعني أنّ ابن أبي عقيل قال بثبوت التغريب على المرأة أيضا.

ص: 122

للأخبار السابقة (1)، و المشهور أولى (2) بحال المرأة و صيانتها (3) و منعها من الإتيان بمثل ما فعلت.

الخامس: خمسون جلدة

(و خامسها (4): خمسون جلدة، و هي حدّ المملوك و المملوكة) البالغين العاقلين (و إن كانا متزوّجين (5)).

(و لا جزّ و لا تغريب على أحدهما (6)) إجماعا، لقوله (7) عليه السّلام: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها» (8)،.

**********

شرح:

(1)المراد من «الأخبار السابقة» هو الروايتان المتقدّم نقلهما عن زرارة و محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام في الصفحة 119.

(2)يعني أنّ القول المشهور - و هو عدم ثبوت الجزّ و التغريب على المرأة - أولى بحالها.

(3)يعني أنّ القول المشهور هو أولى بكون المرأة مصونة عن إتيانها بمثل العمل الذي ارتكبه، لأنّها يمكنها ارتكاب ما فعلتها من المعصية في زمان التغريب أيضا.

الخامس: خمسون جلدة (4)الضمير في قوله «خامسها» يرجع إلى أقسام الحدّ.

(5)أي و إن كان المملوك و المملوكة متزوّجين، كما إذا تزوّج غلام زيد بإذنه أو أمته كذلك، ثمّ ارتكب أو ارتكبت الزناء، فحدّهما إذا خمسون جلدة خاصّة.

(6)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع إلى المملوك و المملوكة. يعني لا يجب الجزّ و التغريب في حقّهما، للإجماع و الرواية.

(7)الضمير في قوله «لقوله» يرجع إلى المعصوم عليه السّلام.

(8)الحديث المشار إليه منقول في سنن ابن ماجه: ج 2 ص 857 ح 2566 بعبارات تفيد هذا المعنى، و ليس بعين ما نقله الشارح رحمه اللّه.

ص: 123

و كان هذا (1) كلّ الواجب، و لا قائل بالفرق (2).

و ربّما استدلّ بذلك (3) على نفي التغريب على المرأة، لقوله تعالى:

فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (1) (4)، فلو ثبت التغريب على الحرّة (5) لكان على الأمة نصفه.

**********

شرح:

و المنقول في كتب الإماميّة الروائيّة هو روايات نقلت في كتاب الوسائل أيضا، فننقل اثنتين منها:

الاولى: محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن السريّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

إذا زنى العبد و الأمة و هما محصنتان فليس عليهما الرجم، إنّما عليهما الضرب خمسين، نصف الحدّ (الوسائل: ج 18 ص 402 ب 31 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 3).

الثانية: محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في العبيد إذا زنى أحدهم أن يجلد خمسين جلدة و إن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيّا، و لا يرجم و لا ينفى (المصدر السابق: ح 5).

(1)المشار إليه في قوله «هذا» هو خمسون جلدة.

(2)أي لا قائل بالفرق بين الأمة و العبد، فلا دخل للذكوريّة و الانوثيّة في هذا الحكم.

(3)المشار إليه في قوله «بذلك» هو الحديث المتقدّم حيث قال عليه السّلام: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها». يعني ربّما استدلّ بهذا الحديث الدالّ على كون حدّ الأمة خمسين سوطا مع قوله تعالى: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (2) على نفي التغريب على المرأة الحرّة.

(4)الآية 25 من سورة النساء.

(5)يعني و الحال أنّ التغريب لم يثبت في حقّ المرأة الحرّة، فلو كان التغريب حكما عامّا ثابتا على الحرّة لثبت نصفه على الأمة، عملا بالآية الشريفة المتقدّم ذكرها.

ص: 124


1- سوره 4 - آیه 25
2- سوره 4 - آیه 25
السادس: الحدّ المبعّض

(و سادسها (1): الحدّ المبعّض، و هو حدّ من تحرّر بعضه، فإنّه يحدّ من حدّ الأحرار) الذي لا يبلغ (2) القتل (بقدر (3) ما فيه من الحرّيّة)، أي بنسبته إلى الرقّيّة،(و من حدّ العبيد بقدر (4) العبوديّة)، فلو كان نصفه حرّا حدّ (5) للزناء خمسا و سبعين جلدة: خمسين لنصيب (6) الحرّيّة و خمسا و عشرين (7) للرقّيّة.

و لو اشتمل التقسيط على جزء من سوط - كما لو كان ثلثه (8) رقّا،

**********

شرح:

السادس: الحدّ المبعّض (1)السادس من أقسام حدّ الزناء الحدّ المبعّض.

(2)يعني لو كان حدّ الأحرار بالغا القتل فلا معنى للتبعيض في الحدّ، فإنّ القتل لا يمكن تبعيضه.

(3)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «يحدّ».

(4)أي و يحدّ من تحرّر بعضه بمقدار ما فيه من الرقّيّة.

(5)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى من تحرّر بعضه.

(6)أي يضرب الذي يكون نصفه حرّا خمسين سوطا لحرّيّته، لكونها نصف حدّ الحرّ، و هو مائة سوط .

(7)أي يضرب خمسا و عشرين سوطا للرقّيّة، لكونها نصف حدّ العبد الذي هو خمسون سوطا.

(8)أي لو كان ثلث من تحرّر بعضه رقّا و ثلثاه حرّا وجب عليه ثلاثة و ثمانون سوطا و ثلثه، لأنّ ثلث خمسين سوطا الذي يثبت على الرقّ يكون ستّة عشر سوطا و ثلثيه، و ثلثا حدّ الحرّ الذي يكون مائة سوط هما ستّة و ستّون سوطا و ثلثا سوط ، فيكون المجموع ثلاثة و ثمانين سوطا و ثلث سوط : (163/2 + 833/1663/2).

ص: 125

فوجب عليه (1) ثلاثة و ثمانون و ثلث - قبض (2) على ثلثي السوط ، و ضرب بثلثه (3)، و على هذا الحساب (4).

السابع: الضغث

(و سابعها (5): الضغث (6)) - بالكسر - و أصله الحزمة (7) من الشيء، و المراد هنا القبض على جملة من العيدان (8) و نحوها (9)(المشتمل على العدد) المعتبر في الحدّ (10).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى من تحرّر بعضه.

(2)أي قبض على ثلثي السوط ، و ضرب المحدود بثلث السوط .

(3)الضمير في قوله «بثلثه» يرجع إلى السوط .

(4)يعني و قس على ما ذكر ما إذا كان ثلث من تحرّر بعضه رقّا و ثلثاه حرّا، و ما إذا كان ربعه رقّا و ثلاثة أرباعه حرّا و....

السابع: الضغث (5)يعني أنّ السابع من أقسام حدّ الزناء هو الضغث.

(6)الضغث - بالكسر -: قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس، و في الأساس:

«ضربه بضغث بقبضة من قضبان صغار أو حشيش بعضه في بعض»، ج أضغاث (أقرب الموارد).

(7)الحزمة: من الحطب و غيره معروفة (أقرب الموارد).

(8)العيدان جمع، مفرده العود.

العود: الخشب، و - الغصن بعد أن يقطع، ج عيدان و أعواد و أعود (أقرب الموارد).

(9)أي من نحو العيدان مثل القصب و غيره.

(10)فلو كان المحكوم عليه بالحدّ حرّا اخذ من العيدان أو القصب مائة، لكون حدّه مائة سوط ، و لو كان عبدا اخذ خمسون منها، لكون حدّه خمسين سوطا.

ص: 126

و ضربه (1) به دفعة مؤلمة (2) بحيث يمسّه الجميع (3) أو ينكبس (4) بعضها (5) على بعض فيناله (6) ألمها.

و لو لم تسع اليد العدد أجمع ضرب (7) به مرّتين فصاعدا إلى أن يكمل (8)، و لا يشترط وصول كلّ واحد من العدد إلى بدنه (9).

(و هو حدّ المريض مع عدم احتماله (10) الضرب المتكرّر) متتاليا و إن احتمله في الأيّام متفرّقا (11)،(و اقتضاء (12) المصلحة التعجيل).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «ضربه» يرجع إلى المجرم المحدود، و في قوله «به» يرجع إلى الضغث.

(2)أي يضرب بالضغث دفعة واحدة بحيث يوجب إيلام المجرم.

(3)أي يمسّ جميع العيدان أو القصب بدن المحدود.

(4)من كبس على الشيء: شدّ (أقرب الموارد).

(5)الضمير في قوله «بعضها» يرجع إلى العيدان.

(6)الضمير في قوله «فيناله» يرجع إلى بدن المحدود، و في قوله «ألمها» يرجع إلى العيدان.

(7)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المريض المحدود، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الضغث.

(8)أي إلى أن يتمّ العدد المطلوب.

(9)الضمير في قوله «بدنه» يرجع إلى المريض المحدود.

(10)أي مع عدم تحمّل المريض الضرب المكرّر.

(11)بأن يجرى عليه في كلّ يوم مقدار من الحدّ.

(12)بالجرّ، عطف على مدخول «مع»، أي مع اقتضاء المصلحة التعجيل على إجراء الحدّ على المريض.

ص: 127

و لو احتمل (1) سياطا (2) خفافا فهي (3) أولى من الضغث، فلا يجب إعادته (4) بعد برئه مطلقا (5).

و الظاهر الاجتزاء في الضغث بمسمّى المضروب به (6) مع حصول الألم به (7) في الجملة و إن لم يحصل (8) بآحاده، و قد روي (9) أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى المريض.

(2)جمع سوط . يعني لو تحمّل المريض عددا من الضرب بالسياط ضربا خفيفا فالضرب كذلك أولى من الضغث.

(3)الضمير في قوله «فهي» يرجع إلى السياط .

(4)الضمير في قوله «إعادته» يرجع إلى الحدّ، و في قوله «برئه» يرجع إلى المريض.

(5)أي سواء كان الحدّ بالسياط أو بالضغث.

(6)المراد من «المضروب به» هو آلة الضرب أعني الضغث.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المضروب به.

(8)أي و إن لم يحصل الألم بآحاد الضغث المضروب به.

(9)الرواية منقولة في كتاب التهذيب:

عنه [الحسين بن سعيد] عن الحسن بن محبوب عن حنّان بن سدير أنّ عبّاد المكّيّ قال: قال لي سفيان الثوريّ : أرى لك من أبي عبد اللّه عليه السّلام منزلة، فسأله عن رجل زنى و هو مريض، فإن اقيم عليه الحدّ خافوا أن يموت، ما تقول فيه ؟ قال: فسألته، فقال لي: هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك إنسان أن تسأل عنها؟ قال: قلت: إنّ سفيان الثوريّ أمرني أن أسألك عنها، قال: فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اتي برجل كبير قد استسقى بطنه و بدت عروق فخذيه و قد زنى بامرأة مريضة، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فاتي بعرجون فيه مائة شمراخ، فضربه ضربة واحدة، و ضربها ضربة

ص: 128

ذلك (1) في مريض زان بعرجون (2) فيه (3) مائة شمراخ (4)، فضربه (5) به ضربة واحدة.

و لو اقتضت المصلحة تأخيره (6) إلى أن يبرأ، ثمّ يقيم عليه (7) الحدّ تامّا فعل (8)، و عليه (9) يحمل ما روي (10) من تأخير أمير المؤمنين عليه السّلام حدّ

**********

شرح:

واحدة، و خلّى سبيلهما، و ذلك قوله عزّ و جلّ : وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ (1) * (التهذيب: ج 10 ص 32 ح 108).

* الآية 44 من سورة ص.

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ضرب المريض بالضغث إذا لم يتحمّل السياط .

(2)العرجون: أصل العذق الذي يعوج و تقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا، سمّي لانعراجه، ج عراجين (أقرب الموارد).

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى العرجون.

(4)الشمراخ: العثكال عليه بسر أو عنب، ج شماريخ (أقرب الموارد).

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و ضمير المفعول يرجع إلى المريض الزاني، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى العرجون.

(6)الضمير في قوله «تأخيره» يرجع إلى الحدّ.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى المريض.

(8)بصيغة المعلوم بقرينة قوله «يقيم»، و الفاعل هو الضمير العائد إلى الحاكم.

(9)أي على اقتضاء المصلحة التأخير تحمل الرواية الدالّة على تأخير الحدّ من أمير المؤمنين عليه السّلام.

(10)الرواية منقولة في كتاب الكافي:

عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمّون عن عبد اللّه بن

ص: 129


1- سوره 38 - آیه 44

مريض إلى أن يبرأ.

الثامن: الجلد و عقوبة زائدة

(و ثامنها (1): الجلد) المقدّر (2)(و) معه (3)(عقوبة زائدة، و هو حدّ الزاني في شهر رمضان ليلا أو نهارا) و إن كان النهار (4) أغلظ حرمة و أقوى في زيادة العقوبة (أو غيره (5) من الأزمنة الشريفة) كيوم الجمعة و عرفة و العيد (6)(أو في مكان شريف) كالمسجد و الحرم (7) و المشاهد المشرّفة (أو)

**********

شرح:

عبد الرحمن الأصمّ عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام اتي برجل أصاب حدّا و به قروح و مرض و أشباه ذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أخّروه حتّى يبرأ، لا تنكأ قروحه عليه فيموت، و لكن إذا برئ حددناه (الكافي: ج 7 ص 244 ح 5).

الثامن: الجلد و عقوبة زائدة (1)يعني أنّ الثامن من أقسام حدّ الزاني هو الجلد المقدّر و معه عقوبة زائدة، و هذا الحدّ يجري على أربع طوائف:

أ: الزاني في شهر رمضان.

ب: الزاني في الأزمنة الشريفة غير شهر رمضان.

ج: الزاني في الأمكنة المقدّسة.

د: الزاني بميّتة.

(2)المراد من «الجلد المقدّر» هو مائة جلدة على الحرّ، و نصفها على العبد.

(3)الضمير في قوله «معه» يرجع إلى الجلد المقدّر.

(4)أي و إن كان الزناء في يوم شهر رمضان أغلظ من حيث الحرمة.

(5)بالجرّ، عطف على قوله «شهر رمضان».

(6)أي الزناء في يوم عيد الأضحى أو الفطر.

(7)أي الزناء في الحرم، و قد تقدّم تفسيره في كتاب الحجّ .

ص: 130

(زنى بميّتة (1)).

(و يرجع في الزيادة (2) إلي رأى الحاكم) الذي يقيم الحدّ.

و لا فرق بين أن يكون مع الجلد رجم (3) و غيره (4).

و لو كان الزناء لا جلد فيه، بل القتل عوقب قبله (5)، لمكان المحترم ما يراه (6)، و هذا (7) لا يدخل في العبارة.

تتمّة

تعارض الشهود

(تتمّة) (لو شهد لها (8) أربع) نساء...

**********

شرح:

(1)أي الزناء بمرأة ميّتة.

(2)أي يرجع في تعيين المقدار الزائد على الجلد المقدّر إلى نظر الحاكم الذي يجري الحدّ.

(3)كما إذا كان الزاني محصنا أو كانت الزانية محصنة.

(4)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الرجم.

و المراد من غير الرجم هو الجزّ و التغريب.

(5)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى القتل. أي عوقب عقوبة زائدة قبل القتل، ثمّ يقتل.

(6)أي عوقب المحكوم عليه بالقتل قبل القتل عقوبة زائدة بما يراه الحاكم.

(7)المشار إليه في قوله «هذا» هو العقاب الزائد قبل القتل. يعني أنّ هذا الفرض لا يدخل في عبارة المصنّف رحمه اللّه، لأنّه قال «ثامنها: الجلد و عقوبة زائدة»، فلا يدخل فيها ما إذا كان الحدّ القتل، فإنّ القتل غير الجلد.

تتمّة تعارض الشهود (8)و هو ما إذا شهدت للمشهود عليها بالزناء أربع نساء بالبكارة.

ص: 131

(بالبكارة (1) بعد شهادة الأربعة (2) بالزناء قبلا (3) فالأقرب درء الحدّ) أي دفعه (عن الجميع) المرأة و الشهود بالزناء، لتعارض الشهادات (4) ظاهرا، فإنّه (5) كما يمكن صدق النساء في البكارة يمكن صدق الرجال في الزناء، و ليس أحدهم أولى من الآخر، فتحصل الشبهة الدارئة (6) للحدّ عن المشهود عليه، و كذا عن الشهود، و لإمكان (7) عود البكارة.

و للشيخ قول بحدّ شهود الزناء، للفرية (8)، و هو (9) بعيد.

**********

شرح:

(1)البكارة - بالفتح -: عذرة المرأة أي كونها عذراء (أقرب الموارد).

(2)أي الأربعة من الرجال.

(3)أمّا دبرا فلا مجال لتعارض الشهود فيه، كما لا يخفى.

(4)المراد من «الشهادات» هو شهادة أربع رجال بالزناء و شهادة أربعة نساء بالبكارة.

(5)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع إلى شأن الكلام. يعني أنّ صدق كلّ من الرجال و النساء في الشهادة محتمل، و لا ترجيح لأحدهم على الآخر.

(6)أي تتحقّق الشبهة المانعة من الحدّ، لأنّ الحدود تدرأ بالشبهات.

(7)هذا دليل آخر لإمكان صدق الرجال و النساء في شهادتهم، و هو أنّه يمكن صدق الرجال في شهادتهم بوقوع الزناء و صدق النساء في شهادتهنّ بالبكارة، لعودها بعد الزوال.

(8)يعني قال الشيخ في قول له بثبوت الحدّ على الشهود، لافترائهم على المشهود عليها بالزناء.

(9)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى قول الشيخ رحمه اللّه بثبوت الحدّ على الشهود، فإنّ هذا القول مستبعد عند الشارح رحمه اللّه.

ص: 132

نعم، لو شهدن (1) أنّ المرأة رتقاء (2)، أو ثبت أنّ الرجل مجبوب (3) حدّ الشهود، للقذف، مع احتمال السقوط (4) في الأوّل، للتعارض (5)، و لو لم يقيّدوه (6) بالقبل فلا تعارض.

حكم الحاكم بعلمه

(و يقيم الحاكم الحدّ) مطلقا (بعلمه)، سواء الإمام (7) و نائبه، و سواء علم بموجبه (8) في زمن حكمه (9) أم قبله، لعموم قوله تعالى: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا (1) (10)، وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (2) (11)، و

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى النساء.

(2)الرتقاء هي المرأة التي في فرجها لحم أو عظم يمنع من الدخول.

(3)المجبوب هو المقطوع الآلة.

(4)أي مع احتمال سقوط الحدّ عن الشهود بعد شهادة النساء بكون المرأة رتقاء.

(5)أي لتعارض الرجال و النساء في شهاداتهم.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى الشهود من الرجال، و ضمير المفعول يرجع إلى الزناء. يعني لو لم يقيّد الرجال الشاهدون الزناء بالقبل فلا تعارض بين الشهادتين.

حكم الحاكم بعلمه (7)أي سواء كان مجري الحدّ الإمام المعصوم عليه السّلام أو نائبه.

(8)بصيغة اسم الفاعل. يعني لا فرق في جواز عمل الحاكم بعلمه بين حصول علمه بموجب الحدّ في زمان حكمه أم قبله.

(9)الضمير في قوله «حكمه» يرجع إلى الحاكم، و في قوله «قبله» يرجع إلى زمن الحكم.

(10)الآية 2 من سورة النور. فإنّها تدلّ على جلد الزاني و الزانية، سواء علم موجب الجلد في زمن حكم الحاكم أم قبله.

(11)الآية 38 من سورة المائدة.

ص: 133


1- سوره 24 - آیه 2
2- سوره 5 - آیه 38

لأنّ (1) العلم أقوى دلالة من الظنّ المستند إلى البيّنة، و إذا جاز الحكم مع الظنّ (2) جاز مع العلم (3) بطريق أولى.

و خالف في ذلك (4) ابن الجنيد، و قد سبقه (5) الإجماع و لحقه (6)، مع ضعف متمسّكه بأنّ (7) حكمه بعلمه تزكية لنفسه (8) و تعريض (9) لها للتهمة و

**********

شرح:

(1)هذا دليل آخر لعمل الحاكم بعلمه الحاصل له في زمن الحكم أو قبله، و هو كون العلم أقوى دلالة من الظنّ الحاصل من البيّنة المعمول بها.

(2)أي الظنّ الحاصل من شهادة البيّنة.

(3)أي العلم الحاصل للحاكم في زمن الحكم أو قبله.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو جواز عمل الحاكم بعلمه.

(5)ضمير المفعول في قوله «سبقه» يرجع إلى ابن الجنيد. يعني أنّ الإجماع على جواز عمل الحاكم بعلمه في إجراء الحدّ حصل قبل ابن الجنيد رحمه اللّه و بعده، فلا يعتنى بمخالفته، و لا يرفع بها اليد عن الإجماع.

(6)الضمير الملفوظ في قوله «لحقه» يرجع إلى ابن الجنيد، و كذا في قوله «متمسّكه».

(7)هذا هو ما تمسّك به ابن الجنيد رحمه اللّه، و الضميران في قوليه «حكمه» و «بعلمه» يرجعان إلى الحاكم.

(8)الضمير في قوله «لنفسه» يرجع إلى الحاكم. يعني أنّ ابن الجنيد تمسّك لقوله بعدم جواز عمل الحاكم بعلمه في إجراء الحدّ بأمرين:

الأوّل أنّ جواز إقامته الحدّ بعلمه يستلزم تزكيته لنفسه، لأنّ اعتماده في إجراء الحكم و إقامة الحدّ على علمه يعدّ من قبيل تزكية المرء لنفسه، و هو قبيح يستلزم سقوطه عن العدالة المانعة عن أهليّته لهذا المنصب الشرعيّ .

الثاني أنّ عمل الحاكم بعلمه في إجراء الحدّ يستلزم تعريضه لنفسه للتهمة.

(9)بالرفع، عطف على قوله «تزكيته»، و الضمير في قوله «لها» يرجع إلى النفس.

ص: 134

سوء (1) الظنّ به، فإنّ (2) التزكية حاصلة بتولية الحكم (3)، و التهمة (4) حاصلة في حكمه (5) بالبيّنة و الإقرار (6) و إن اختلفت (7) بالزيادة (8) و النقصان، و مثل هذا (9) لا يلتفت إليه (10).

(و كذا) يحكم بعلمه (11)(في حقوق الناس)، لعين ما ذكر (12)، و عدم

**********

شرح:

(1)أي تعريض لسوء الظنّ بالحاكم، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحاكم.

(2)هذا ردّ من الشارح رحمه اللّه لما تمسّك به ابن الجنيد رحمه اللّه، فإنّه ضعّف الدليل الأوّل - و هو أنّ عمل الحاكم بعلمه تزكية لنفسه - بأنّ التزكية للنفس حاصلة للحاكم بقبوله منصب الحكومة، فإنّ التصدّي لأمر الحكومة لا يجوز إلاّ لمن يكون جامعا للشرائط ، و منها العدالة.

(3)أي بتصدّيه للحكومة.

(4)و هذا ردّ للدليل الثاني - و هو أنّ عمل الحاكم بعلمه تعريض لنفسه للتهمة - بأنّ التهمة حاصلة في حكمه بالبيّنة أيضا.

(5)الضمير في قوله «حكمه» يرجع إلى الحاكم.

(6)يعني أنّ التهمة حاصلة في حكم الحاكم بإقرار المحكوم عليه أيضا.

(7)فاعله هو الضمير العائد إلى التهمة.

(8)أي بزيادة التهمة عند حكمه بعلمه و بنقصانها عند حكمه بالبيّنة أو بالإقرار.

(9)المشار إليه في قوله «هذا» هو زيادة التهمة و نقصانها.

(10)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى مثل هذا.

(11)الضمير في قوله «بعلمه» يرجع إلى الحاكم. يعني أنّ الحاكم له أن يحكم بعلمه في حقوق الناس أيضا.

(12)المراد من «ما ذكر» هو قوله المتقدّم في الصفحة 134 «لأنّ العلم أقوى دلالة من الظنّ المستند إلى البيّنة».

ص: 135

الفارق (1)(إلاّ أنّه (2) بعد مطالبتهم (3) به)، كما في حكمه (4) لهم بالبيّنة و الإقرار،(حدّا كان) ما يعلم بسببه (5)(أو تعزيرا)، لاشتراك الجميع (6) في المقتضي.

وجدان الزوج من يزني بزوجته

(و لو وجد (7) مع زوجته رجلا يزني بها فله قتلهما (8)) فيما بينه (9) و بين اللّه تعالى،(و لا إثم عليه (10)) بذلك و إن (11) كان استيفاء الحدّ في غيره

**********

شرح:

(1)أي و لعدم الفرق بين حقوق اللّه تعالى و بين حقوق الناس.

(2)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى حكم الحاكم بعلمه في حقوق الناس.

(3)الضمير في قوله «مطالبتهم» يرجع إلى الناس، و في قوله «به» يرجع إلى الحقّ .

(4)يعني كما يحكم الحاكم في حقوق الناس بالبيّنة و الإقرار بعد مطالبتهم، بمعنى أنّ حكم الحاكم بالبيّنة و الإقرار أيضا لا يكون إلاّ بعد مطالبة الناس للحكم.

(5)يعني أنّ الحاكم يحكم بعلمه، سواء كان علمه تعلّق بموجب الحدّ أو بموجب التعزير.

(6)أي لاشتراك الحدّ و التعزير في مقتضي حكم الحاكم.

وجدان الزوج من يزني بزوجته (7)فاعله هو الضمير العائد إلى الزوج المفهوم من قوله «مع زوجته».

(8)الضمير في قوله «قتلهما» يرجع إلى الرجل الزاني و الزوجة.

(9)يعني أنّ قتلهما يجوز بحسب الواقع الذي لا ريب فيه.

(10)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الزوج، و المشار إليه في قوله «بذلك» هو قتل الزوج للزاني و الزوجة.

(11) «إن» وصليّة. يعني و إن كان استيفاء الحدّ في غير هذا الفرض المبحوث عنه منوطا بحكم الحاكم.

ص: 136

منوطا (1) بالحاكم.

هذا (2) هو المشهور بين الأصحاب لا نعلم فيه (3) مخالفا، و هو (4) مرويّ أيضا.

و لا فرق في الزوجة بين الدائم و المتمتّع بها (5)، و لا بين المدخول بها (6) و غيرها، و لا بين الحرّة و الأمة، و لا في الزاني بين المحصن و غيره (7)، لإطلاق الإذن (8) المتناول لجميع ذلك.

و الظاهر اشتراط المعاينة (9).

**********

شرح:

(1)خبر لقوله «كان».

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو جواز قتل الزاني و الزوجة في الفرض المذكور.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى جواز القتل في الفرض المذكور.

(4)أي جواز القتل في الفرض المذكور ورد في الرواية أيضا. و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في رجل أراد امرأة على نفسها حراما فرمته بحجر فأصابت منه مقتلا، قال: ليس عليها شيء فيما بينها و بين اللّه عزّ و جلّ ، و إن قدّمت إلى إمام عادل أهدر دمه (الوسائل: ج 19 ص 44 ب 23 من أبواب القصاص في النفس من كتاب القصاص ح 1).

(5)أي الزوجة المستمتع منها.

(6)الضميران في قوليه «بها» و «غيرها» يرجعان إلى الزوجة.

(7)أي لا فرق في جواز قتل الزاني بين كونه محصنا أو غيره.

(8)يعني أنّ الإذن الصادر عن الشارع مطلق يشمل جميع ذلك.

(9)يعني أنّ الظاهر من الأدلّة هو اشتراط رؤية الزوج زناء الزاني بزوجته كالميل في المكحلة في جواز القتل.

ص: 137

على حدّ ما يعتبر في غيره (1).

و لا يتعدّى إلى غيرها (2) و إن كان رحما أو محرما، اقتصارا فيما خالف الأصل (3) على محلّ الوفاق (4).

و هذا الحكم (5) بحسب الواقع كما ذكر،(و لكن) في الظاهر (يجب) عليه (6)(القود (7)) مع إقراره (8) بقتله أو قيام البيّنة به (9)(إلاّ مع) إقامته (10) (البيّنة) على دعواه (أو التصديق) من وليّ المقتول (11)،...

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الفرض المبحوث عنه.

(2)الضمير في قوله «غيرها» يرجع إلى الزوجة. يعني لا يجوز قتل من يزني بإحدى المحارم من الاخت و الامّ و البنت و غيرهنّ .

(3)المراد من «الأصل» هو أصالة عدم جواز القتل.

(4)المراد من «محلّ الوفاق» هو قتل الزاني بالزوجة، فإنّه يجوز وفاقا لفتوى الجميع.

(5)يعني أنّ الحكم بجواز قتل الزوج للزاني و زوجته و أنّه لا شيء عليه إنّما هو بحسب الواقع لا الظاهر.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الزوج.

(7)القود: القصاص و قتل القاتل بدل القتيل (المنجد).

(8)الضمير في قوله «إقراره» يرجع إلى الزوج، و في قوله «بقتله» يرجع إلى الزاني.

(9)الضمير في قوله «به» يرجع إلى القتل. يعني يجب الاقتصاص من الزوج لو قامت البيّنة على قتله للزاني بزوجته، أو أقرّ هو بذلك.

(10)الضمير في قوله «إقامته» يرجع إلى الزوج. يعني لا يجب الاقتصاص من الزوج لو أقام بيّنة على ما يدّعيه من وقوع الزناء بين الزاني و زوجته.

(11)كما إذا صدّق الزوج وليّ المقتول فيما يدّعيه من الزناء الواقع بين المقتول و بين زوجته.

ص: 138

لأصالة (1) عدم استحقاقه القتل، و عدم (2) الفعل المدّعى.

و في حديث سعد بن عبادة المشهور (3) لمّا قيل له: لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به (4)؟ قال: كنت أضربه (5) بالسيف، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «فكيف (6) بالأربعة الشهود؟ إنّ اللّه تعالى جعل لكلّ شيء

**********

شرح:

(1)هذا تعليل لوجوب القود على الزوج. يعني أنّ الأصل هو عدم استحقاق الزوج لقتل الرجل أو عدم استحقاق الزاني للقتل.

(2)بالجرّ، عطف على مدخول لام التعليل في قوله «لأصالة».

(3)بالجرّ، صفة لقوله «حديث سعد». يعني أنّ هذا الحديث مشهور. و الحديث منقول في كتاب الكافي:

عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قالوا لسعد بن عبادة: أ رأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به ؟ قال: كنت أضربه بالسيف، قال: فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما ذا يا سعد؟ قال سعد:

قالوا: لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت تصنع به ؟ فقلت: أضربه بالسيف، فقال: يا سعد و كيف بالأربعة الشهود؟! فقال: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد رأي عيني و علم اللّه أنّه قد فعل ؟ قال: إي و اللّه بعد رأي عينك و علم اللّه أنّه قد فعل، لأنّ اللّه عزّ و جلّ قد جعل لكلّ شيء حدّا، و جعل لمن تعدّى ذلك الحدّ حدّا! (الكافي: ج 7 ص 176 ح 12).

و لا يخفى أنّ الشارح رحمه اللّه استشهد بهذا الحديث على القول بوجوب القود على الزوج الذي قتل الزاني بزوجته في الفرض المبحوث عنه.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الرجل.

(5)يعني قال سعد: أضرب الرجل الذي أجده على بطن امرأتي بالسيف.

(6)يعني قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كيف تضربه بالسيف و الحال أنّ اللّه عزّ و جلّ علّق قتل الزاني

ص: 139

حدّا، و جعل لمن تعدّى ذلك الحدّ حدّا (1)!»

التزوّج بالأمة قبل الإذن من الحرّة

(و من تزوّج بأمة (2) على حرّة مسلمة و وطئها قبل الإذن) من الحرّة و إجازتها (3) عقد الأمة (فعليه (4) ثمن حدّ الزاني): اثنا عشر سوطا و نصف (5) بأن يقبض في النصف (6) على نصفه (7).

و قيل: أن يضربه ضربا بين ضربين (8).

**********

شرح:

على إقامة الشهود الأربعة!

(1)يعني أنّ اللّه جعل لمن تعدّى حدود اللّه تعالى حدّا.

التزوّج بالأمة قبل الإذن من الحرّة (2)هذا أيضا فرع من الفروع المذكورة في التتمّة، و هو ما إذا تزوّج الرجل بأمة على زوجة حرّة له و وطئها قبل الإذن من الحرّة، فإذا يثبت عليه ثمن حدّ الزاني.

(3)الضمير في قوله «إجازتها» يرجع إلى الحرّة. يعني لو أجازت الزوجة الحرّة تزوّج زوجها بالأمة لم يجر في حقّه الحدّ المذكور.

(4)الضمير في قوله «فعليه» يرجع إلى «من» الموصولة في قوله «من تزوّج بأمة».

(5)لا يخفى كون حدّ الزاني مائة سوط ، فثمنها يكون هذا المقدار.

(6)أي بأن يقبض الضارب على نصف السوط حتّى يضرب المتزوّج كذلك نصف السوط .

(7)الضمير في قوله «نصفه» يرجع إلى السوط .

(8)المراد من الضربين هو الضرب الشديد و الضرب الخفيف، فيكون الضرب بينهما ضربا متوسّطا بين ضربين.

ص: 140

افتضاض البكر بالإصبع

(و من افتضّ (1) بكرا بإصبعه) فأزال بكارتها (2)(لزمه (3) مهر نسائها (4)) و إن زاد (5) عن مهر السنّة إن كانت حرّة، صغيرة (6) كانت أم كبيرة، مسلمة أم كافرة.

(و لو كانت أمة فعليه عشر قيمتها (7)) لمولاها (8) على الأشهر، و به رواية (9) في طريقها (10) طلحة بن زيد،.

**********

شرح:

افتضاض البكر بالإصبع (1)من فضّ اللؤلؤة: ثقبها (المنجد).

و المراد من الافتضاض هنا إزالة بكارة المرأة البكر.

(2)الضمير في قوله «بكارتها» يرجع إلى البكر.

(3)الضمير الملفوظ في قوله «لزمه» يرجع إلى «من» الموصولة في قوله «من افتضّ بكرا».

(4)أي لزم على المفتضّ مهر أمثال البكر.

(5)أي و إن زاد مهر المثل عن مهر السنّة، و هو خمسمائة درهم.

(6)أي سواء كانت البكر صغيرة أم كبيرة.

(7)يعني لو افتضّ أمة الغير لزمه عشر قيمتها.

(8)الضمير في قوله «لمولاها» يرجع إلى الأمة.

(9)الرواية منقولة في كتاب التهذيب:

عنه [محمّد بن عليّ بن محبوب] عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليه السّلام قال: إذا اغتصب أمة فافتضّها فعليه عشر قيمتها، و إن كانت حرّة فعليه الصداق (التهذيب: ج 10 ص 49 ح 183).

(10)أي في طريق الرواية الدالّة على لزوم عشر قيمة الأمة طلحة بن زيد، و هو غير

ص: 141

و من ثمّ (1) قيل بوجوب الأرش - و هو (2) ما بين قيمتها بكرا و ثيّبا -، لأنّه (3) موجب (4) الجناية على مال الغير.

و هذا الحكم (5) في الباب عرضيّ ، و المناسب فيه (6) الحكم بالتعزير، لإقدامه (7) على المحرّم.

و قد اختلف في تقديره (8)، فأطلقه جماعة (9)، و جعله (10) بعضهم من ثلاثين إلى ثمانين، و آخرون (11) إلى تسعة و تسعين،.

**********

شرح:

موثّق، لكونه عامّيّا فاسد المذهب، فلا يعتمد عليه.

(1)المراد من قوله «ثمّ » هو وجود طلحة بن زيد في طريق الرواية المذكورة في الهامش 9 من الصفحة السابقة.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الأرش. يعني أنّ الأرش هو تفاوت قيمة الأمة بكرا و ثيّبا.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الأرش.

(4)بصيغة اسم المفعول، بمعنى المسبّب. يعني أنّ مسبّب الجناية على مال الغير هو الأرش.

(5)المراد من قوله «هذا الحكم» هو الحكم بوجوب مهر المثل أو الأرش أو عشر القيمة. يعني ذكر ذلك في باب الحدود إنّما هو عرضا و طردا للباب، و إلاّ فمقتضى هذا الباب هو ذكر التعزير و ما يجري على من يفتضّ البكر.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى باب الحدود.

(7)الضمير في قوله «لإقدامه» يرجع إلى من افتضّ البكر.

(8)أي اختلفت الأقوال في تحديد مقدار التعزير.

(9)أي أطلق التعزير جماعة من الفقهاء.

(10)أي جعل بعض الفقهاء تعزير من افتضّ بكرا من ثلاثين سوطا إلى ثمانين.

(11)أي جعل آخرون من الفقهاء مقدار التعزير من ثلاثين سوطا إلى تسعة و تسعين.

ص: 142

و في صحيحة (1) ابن سنان عن الصادق عليه السّلام في امرأة اقتضّت (2) جارية بيدها قال: «عليها المهر، و تضرب الحدّ (3)»، و في صحيحته (4) أيضا أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قضى بذلك (5)، و قال (6): «تجلد ثمانين».

الإقرار بحدّ مع عدم تبيينه

(و من أقرّ بحدّ (7) و لم يبيّنه (8) ضرب حتّى ينهى عن نفسه (9) أو يبلغ)

**********

شرح:

(1)الصحيحة منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 409 ب 39 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 1.

(2)من قضّ الشيء: ثقبه (المنجد).

(3)يعني تضرب المرأة الحدّ علاوة على وجوب أداء مهر الجارية عليها.

(4)الضمير في قوله «صحيحته» يرجع إلى ابن سنان. و الصحيحة منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 409 ب 39 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 2.

(5)المشار إليه في قوله «بذلك» هو الحكم بوجوب أداء المهر على من اقتضّ البكر.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى أمير المؤمنين عليه السّلام. يعني أنّه عليه السّلام قال في هذه الرواية:

«تجلد ثمانين» بدل قول الصادق عليه السّلام في الرواية المتقدّمة عليها: «تضرب الحدّ»، فالمراد من الحدّ هو الضرب ثمانين جلدا.

الإقرار بحدّ مع عدم تبيينه (7)هذا فرع آخر مذكور في التتمّة.

و المراد من الحدّ هنا - الذي يراد به موجبه - هو ما يشمل التعزير أيضا.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى «من» الموصولة، و ضمير المفعول يرجع إلى الحدّ نفسه.

(9)أي حتّى يقول المحكوم عليه بالضرب حين يضرب: كفاني هذا القدر، فلا تضربوني أزيد من ذلك.

ص: 143

(المائة (1))، و الأصل فيه رواية (2) محمّد بن قيس عن الباقر عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في رجل أقرّ على نفسه بحدّ و لم يسمّ أيّ حدّ هو أن يجلد حتّى يكون هو الذي ينهى عن نفسه الحدّ و بمضمونها (3) عمل الشيخ و جماعة.

و إنّما قيّده المصنّف بكونه لا يتجاوز المائة، لأنّها (4) أكبر الحدود، و هو حدّ الزناء.

و زاد ابن إدريس قيدا آخر، و هو (5) أنّه لا ينقص عن ثمانين، نظرا إلى أنّ أقلّ الحدود حدّ الشرب (6).

و فيه (7) نظر، إذ حدّ القوّاد (8) خمسة و سبعون.

**********

شرح:

(1)أي يضرب حتّى يبلغ عدد الأسواط المائة، فإذا يتوقّف و لو لم ينه هو عن نفسه.

(2)الرواية منقولة في كتاب الكافي: ج 7 ص 219 ح 1.

(3)الضمير في قوله «بمضمونها» يرجع إلى الرواية المذكورة. يعني أنّ الشيخ و جماعة من الفقهاء رحمهم اللّه عملوا بمضمون هذه الرواية، و أفتوا بذاك المضمون.

(4)الضمير في قوله «لأنّها» يرجع إلى المائة. يعني أنّ أكبر الحدود قدرا هو حدّ الزاني، و هو مائة سوط .

(5)يعني أنّ القيد الآخر الذي زاده ابن إدريس رحمه اللّه علاوة على ما ذكره المصنّف رحمه اللّه هو عدم نقصان الضرب عن ثمانين سوطا.

(6)يعني أنّ أقلّ الحدود هو ثمانون سوطا، فلذا زاد ابن إدريس ما ذكره من القيد.

(7)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى ما ذكره ابن إدريس رحمه اللّه.

(8)المراد من «القوّاد» هو الذي يكون جامعا بين فاعلي الفاحشة، كما سيأتي، فإنّ حدّه هو خمسة و سبعون، فأقلّ الحدود هو هذا لا ما ذهب إليه ابن إدريس.

ص: 144

و المصنّف و العلاّمة و جماعة لم يحدّوه (1) في جانب القلّة، كما أطلق (2) في الرواية، لجواز (3) أن يريد بالحدّ (4) التعزير، و لا تقدير له (5) قلّة.

و مع ضعف المستند (6) في كلّ واحد من الأقوال (7) نظر (8)، أمّا

**********

شرح:

(1)ضمير المفعول في قوله «لم يحدّوه» يرجع إلى القدر الذي يضرب به المقرّ من السوط .

(2)أي كما أطلق الحدّ في رواية محمّد بن قيس المتقدّمة أيضا حيث قال عليه السّلام: «أن يجلد... إلخ».

(3)هذا دليل لعدم التحديد من حيث القلّة.

(4)فإنّ الحدّ الوارد في الرواية يشمل التعزير أيضا.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع إلى التعزير. يعني أنّ قدر التعزير موقوف على نظر الحاكم، و لا تقدير له من حيث القلّة، فيتقدّر بما يراه الحاكم.

(6)المراد من «المستند» هو رواية محمّد بن قيس المتقدّمة، و وجه الضعف هو وجود محمّد بن قيس في سندها، فإنّه مشترك بين الثقة و غيره إذا روى عن الباقر عليه السّلام، راجع قول الشارح رحمه اللّه في الصفحة 120.

(7)فالمسألة فيها أقوال:

الأوّل: الضرب حتّى ينهى المحدود عن نفسه مع عدم تجاوز المائة، و هذا القول هو مختار المصنّف و العلاّمة و جماعة رحمهم اللّه.

الثاني: عدم النقصان عن أقلّ الحدود، كما ذهب إليه ابن إدريس رحمه اللّه.

الثالث: عدم تحديد الحدّ المذكور لا من حيث القلّة و لا من حيث الكثرة، كما ذهب إليه الشيخ و جماعة رحمهم اللّه.

(8)هذا مبتدأ مؤخّر، خبره المقدّم هو قوله «في كلّ واحد».

ص: 145

النقصان (1) عن أقلّ الحدود فلأنّه (2) و إن حمل (3) على التعزير إلاّ أنّ تقديره (4) للحاكم لا للمعزّر (5)، فكيف يقتصر على ما يبيّنه (6)؟!

و لو حمل (7) على تعزير مقدّر وجب تقييده (8) بما لو وقف (9) على أحد المقدّرات منه (10)، مع (11) أنّ إطلاق الحدّ على التعزير خلاف الظاهر (12)،

**********

شرح:

(1)هذا إيراد على إطلاق الحدّ المذكور من حيث القلّة، كما تقدّم وجهه في قول الشارح رحمه اللّه «لجواز أن يريد بالحدّ التعزير».

(2)الضمير في قوله «فلأنّه» يرجع إلى الحدّ.

(3)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى الحدّ.

(4)يعني أنّ تعيين مقدار التعزير منوط برأي الحاكم.

(5)بصيغة اسم المفعول. أي لا يناط مقدار التعزير برأي المحكوم عليه.

(6)فاعله هو الضمير العائد إلى المعزّر، و ضمير المفعول يرجع إلى «ما» الموصولة المراد منها المقدار.

(7)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الحدّ المذكور في الرواية.

(8)الضمير في قوله «تقييده» يرجع إلى الحدّ الكذائيّ أو نهي المقرّ المحدود. يعني لو حمل لفظ الحدّ في الرواية على تعزير مقدّر وجب تقييد نهي المقرّ أو الحدّ المذكور المؤوّل بما لو وقف على تعزير من التعزيرات المقدّرة في الشرع و لم يجز الاكتفاء بما يبيّنه هو و إن لم يكن مقدّرا.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى المقرّ.

(10)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى التعزير.

(11)يعني أنّ إطلاق الحدّ على التعزير - علاوة على الإشكالات الماضية - خلاف الظاهر.

(12)فإنّ معنى الحدّ هو الحدّ المقرّر في الشرع لا التعزير.

ص: 146

و اللفظ إنّما يحمل على ظاهره (1)، و مع ذلك (2) فلو وقف (3) على عدد لا يكون حدّا - كما بين الثمانين و المائة - أشكل قبوله (4) منه، لأنّه (5) خلاف المشروع.

و كذا (6) عدم تجاوز المائة، فإنّه (7) يمكن زيادة الحدّ عنها (8) بأن يكون قد زنى في مكان شريف أو زمان شريف، و مع ذلك (9) فتقدير الزيادة على هذا التقدير (10)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «ظاهره» يرجع إلى اللفظ .

(2)أي مع هذا التصحيح و التأويل.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى المقرّ. يعني لو وقف المقرّ على عدد ليس حدّا مقرّرا في الشرع أشكل قبوله.

(4)الضمير في قوله «قبوله» يرجع إلى عدد لا يكون حدّا، و في قوله «منه» يرجع إلى المقرّ.

(5)يعني أنّ قوله إذا وقف على حدّ غير مقرّر في الشرع ليس مشروعا.

(6)يعني و كذا يشكل تقييد المصنّف الضرب بأن لا يتجاوز المائة، نظرا إلى أنّها أكبر الحدود.

(7)هذا بيان ما أورده الشارح رحمه اللّه على عبارة المصنّف رحمه اللّه، و هو أنّه يمكن كون الحدّ أزيد من المائة، مثل ما إذا وقع الزناء في الأزمنة الشريفة أو الأمكنة الشريفة، كما تقدّم، فإنّ الزاني يجلد إذا مائة مع زيادة.

(8)الضمير في قوله «عنها» يرجع إلى المائة.

(9)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إمكان الزيادة عن المائة.

(10)أي على تقدير تحقّق الزناء في مكان شريف أو زمان كذلك فتعيين مقدار الزيادة عن المائة منوط برأي الحاكم، و لا يتوقّف على رأي المقرّ.

ص: 147

إلى الحاكم لا إليه (1).

ثمّ يشكل بلوغ (2) الثمانين بالإقرار مرّة، لتوقّف حدّ الثمانين (3) على الإقرار مرّتين، و أشكل منه (4) بلوغ المائة بالمرّة و المرّتين.

(و هذا) - و هو بلوغ المائة -(إنّما يصحّ إذا تكرّر) الإقرار (أربعا)، كما هو (5) مقتضى الإقرار بالزناء،(و إلاّ (6) فلا يبلغ المائة).

و بالجملة فليس في المسألة (7) فرض يتمّ مطلقا (8)، لأنّا إن حملنا الحدّ (9) على ما يشمل التعزير لم يتّجه الرجوع إليه (10) في المقدار إلاّ أن نخصّه (11) بمقدار تعزير من التعزيرات المقدّرة (12)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى المقرّ.

(2)يعني يشكل بلوغ الحدّ الثمانين بإقرار المقرّ مرّة واحدة.

(3)يعني أنّ المعصية التي توجب الثمانين مثل القذف لا تثبت إلاّ بالإقرار مرّتين.

(4)أي أشكل من بلوغ الثمانين بالإقرار مرّة واحدة هو بلوغ الحدّ المائة بالإقرار مرّة أو مرّتين.

(5)ضمير «هو» يرجع إلى تكرّر الإقرار أربعا. يعني أنّ مقتضى الزناء هو أن لا يثبت إلاّ بتكرّر الإقرار أربع مرّات.

(6)يعني لو لم يكرّر الإقرار أربع مرّات لم يجز بلوغ الضرب مائة.

(7)المراد من «المسألة» هو الإقرار بحدّ مع عدم تبيينه.

(8)أي من جميع الجهات و الجوانب.

(9)أي الحدّ الوارد في الرواية.

(10)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى المقرّ بموجب الحدّ.

(11)الضمير الملفوظ في قوله «أن تخصّه» يرجع إلى الحدّ الوارد في الرواية.

(12)و من التعزيرات المقدّرة في الشرع هو ضرب من وطئ بهيمة خمسا و عشرين

ص: 148

و حينئذ (1) يتّجه أنّه (2) يقبل بالمرّة، و لا يبلغ (3) الخمسة و السبعين، و إن أقرّ (4) مرّتين لم يتجاوز الثمانين (5)، و إن أقرّ أربعا جاز الوصول إلى المائة (6)، و أمكن (7) القول بالتجاوز، لما ذكر (8)، مع أنّه (9) في الجميع (10)

**********

شرح:

-سوطا، و أيضا من التعزيرات المقدّرة في الشرع هو تعزير الرجل إذا وطئ زوجته الصائمة في شهر رمضان مكرها لها، فإنّه يضرب خمسين سوطا علاوة على وجوب الكفّارة عليه.

(1)أي حين إذ خصصنا الرجوع إلى المقرّ بمقدار تعزير من التعزيرات المقدّرة في الشرع.

(2)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى الإقرار. يعني حين إذ خصصنا الرجوع إلى المقرّ بمقدار تعزير مقدّر يتّجه قبول الإقرار من المقرّ مرّة واحدة.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى التعزير. يعني أنّه لا يجوز بلوغ التعزير هذا المقدار، لأنّ ذلك هو أقلّ الحدود، و هو حدّ القيادة.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى المقرّ بموجب الحدّ.

(5)يعني لو أقرّ المقرّ الكذائيّ مرّتين لم يجز تعزيره بأزيد من الثمانين، بل يوقف عليه، و هذا هو حدّ القذف و حدّ الشرب اللذين يثبتان بالإقرار مرّتين.

(6)يعني لو أقرّ المقرّ الكذائيّ أربع مرّات جاز وصول التعزير إلى المائة، لأنّه حدّ الزاني، و لا يثبت إلاّ بالإقرار أربع مرّات.

(7)يعني يمكن القول بتجاوز التعزير المائة عند إقراره أربع مرّات، لما تقدّم من إمكان وقوع الزناء في الأزمنة الشريفة أو الأمكنة كذلك.

(8)أي في الصفحة 130 في قوله «و ثامنها: الجلد و عقوبة زائدة... إلخ».

(9)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى الشأن.

(10)المراد من «الجميع» هو الإقرار مرّة واحدة و مرّتين و أربع مرّات.

ص: 149

كما يمكن حمل المكرّر (1) على التأكيد لحدّ واحد (2) يمكن (3) حمله على التأسيس، فلا يتعيّن كونه (4) حدّ زناء أو غيره، بل يجوز كونه (5) تعزيرات متعدّدة أو حدودا كذلك (6) مبهمة (7)، و من القواعد المشهورة أنّ التأسيس أولى من التأكيد (8)، فالحكم مطلقا (9) مشكل،

**********

شرح:

(1)صفة لموصوف مقدّر هو الإقرار. يعني كما يمكن حمل الأقارير المكرّرة على التأكيد لحدّ واحد كذلك يمكن حملها على التأسيس.

(2)بأن يجري على المقرّ حدّ واحد.

(3)أي كذا يمكن حمل الإقرار المكرّر على التأسيس، بمعنى كون كلّ إقرار لحدّ مستقلّ غير الحدّ الآخر.

(4)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى المكرّر. يعني فلا يكون الحدّ حدّ الزناء لو كان الإقرار المكرّر أربع مرّات، أو حدّ شرب لو كان مرّتين.

(5)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى الحدّ. يعني يحتمل كون الحدّ المدلول عليه بالإقرار المكرّر هو تعزيرات متعدّدة.

(6)أي يحتمل كون الحدّ حدودا متعدّدة.

(7)أي حدودا متعدّدة مبهمة. بأن يراد من الإقرارين الأوّلين حدّ الشرب، و من الإقرارين الثانيين حدّ القذف، و هكذا، فليس كلّما أقرّ أربع مرّات حمل على حدّ الزناء، بل يحتمل إرادة التعزيرات المتعدّدة أو الحدود المتعدّدة.

(8)لأنّ الإفادة خير من الإعادة، فإنّ الإعادة لا تفيد إلاّ ما أفاده الأوّل، بخلاف التأسيس، فإنّ كلّ واحد من الأقارير يفيد فائدة مستقلّة جديدة.

(9)يعني أنّ إطلاق الحكم الذي أفاده المصنّف رحمه اللّه في قوله المتقدّم في الصفحة 143 «و من أقرّ بحدّ و لم يبيّنه ضرب حتّى ينهى عن نفسه أو يبلغ المائة» مشكل عند الشارح رحمه اللّه.

ص: 150

و المستند (1) ضعيف (2).

و لو قيل بأنّه مع الإقرار مرّة لا يبلغ الخمسة و السبعين (3) في طرف الزيادة، و في طرف النقيصة (4) يقتصر الحاكم على ما يراه (5) كان (6) حسنا.

التقبيل المحرّم و المضاجعة كذلك

(و في التقبيل (7)) المحرّم (8)

**********

شرح:

(1)المراد من «المستند» هو رواية محمّد بن قيس التي تقدّم في الصفحة 144 كونها أصلا في الحكم المذكور.

(2)و قد تقدّم وجه ضعف الرواية، و هو وقوع محمّد بن قيس في سندها، فإنّه مشترك بين الثقة و غيره إذا روى عن الباقر عليه السّلام.

(3)هذا رأى الشارح رحمه اللّه في المسألة، و هو القول بقبول الإقرار من المقرّ مرّة مع عدم وصول الضرب إلى خمسة و سبعين، لأنّه لو بلغ هذا المقدار خرج عن صدق التعزير عليه، و دخل في الحدود المقدّرة شرعا، لأنّها حدّ القيادة.

(4)يعني لو قيل في طرف النقيصة باقتصار الحاكم على ما يراه بعد ما أقرّ المقرّ مرّة واحدة لكان حسنا.

(5)أي على القدر الذي يراه الحاكم و يعيّنه للضرب.

(6)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو قيل».

التقبيل المحرّم و المضاجعة كذلك (7)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر هو قوله «التعزير بما دون الحدّ».

(8)التقبيل المحرّم يشمل تقبيل الرجل امرأة أجنبيّة بشهوة أو غلاما كذلك.

من حواشي الكتاب: قوله «و في التقبيل المحرّم... إلخ»، فقال الشيخ: يجب به التعزير، و أطلق، و قال في الخلاف: روى أصحابنا في الرجل إذا وجد مع امرأة أجنبيّة

ص: 151

(و المضاجعة (1)) أي نوم الرجل مع المرأة (في إزار) أي ثوب (واحد) أو تحت لحاف واحد (التعزير بما دون الحدّ (2))، لأنّه (3) فعل محرّم لا يبلغ حدّ الزناء، و المرجع في كمّيّة التعزير إلى رأي (4) الحاكم.

و الظاهر أنّ المراد ب «الحدّ» (5) الذي لا يبلغه هنا (6) حدّ (7) الزناء، كما ينبّه عليه في بعض الأخبار (8):

**********

شرح:

يقبّلها و يعانقها في فراش واحد أنّ عليهما أقلّ من الحدّ، و قال المفيد بالتعزير حسب ما يراه الإمام من عشر جلدات إلى تسعة و تسعين، و لا يبلغ التعزير مطلقا، و هو اختيار المصنّف و المتأخّرين، و لا حدّ لأقلّه، لأنّه منوط بنظر الحاكم، كما هو شأن التعزير، و يدلّ على أنّه لا يبلغ به حدّ الزاني صحيحة حريز عن الصادق عليه السّلام:

«أنّه يجلد كلّ واحد منهما مائة سوط إلاّ سوطا»، و عن زيد الشحّام عن الصادق عليه السّلام قال: «يجلدان مائة غير سوط »، (المسالك).

(1)بالجرّ، عطف على مدخول «في». يعني يكون في المضاجعة أيضا التعزير.

(2)أي لا بدّ من كون التعزير الجاري للتقبيل المحرّم و المضاجعة مع المرأة الأجنبيّة أقلّ من الحدّ.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى كلّ واحد من التقبيل و النوم في إزار واحد.

(4)يعني أنّ المرجع في تحديد قدر التعزير هو إلى الحاكم.

(5)يعني أنّ المراد من «الحدّ» في قول المصنّف رحمه اللّه «بما دون الحدّ» هو حدّ الزناء.

(6)المشار إليه في قوله «هنا» هو التقبيل المحرّم و المضاجعة.

(7)بالرفع، خبر لقوله «أنّ ».

(8)من جملة الأخبار هو ما نقل في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ عليّا عليه السّلام وجد رجلا و

ص: 152

أنّهما (1) يضربان مائة سوط غير سوط .

(و روى) الحلبيّ في الصحيح (2) عن الصادق عليه السّلام - و رواه (3) غيره أيضا - أنّهما (4) يجلدان كلّ واحد (مائة جلدة) حدّ (5) الزاني، و حملت (6) على ما إذا انصاف إلى ذلك (7) وقوع الفعل، جمعا (8) بين الأخبار.

**********

شرح:

امرأة في لحاف واحد، فضرب كلّ واحد منهما مائة سوط إلاّ سوطا (الوسائل: ج 18 ص 367 ب 10 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 20).

(1)الضمير في قوله «أنّهما» يرجع إلى اللذين وجدا في إزار واحد.

(2)الرواية منقولة في كتاب الكافي:

حدّثني عليّ بن إبراهيم عن أبيه و محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حدّ الجلد أن يوجدا في لحاف واحد، فالرجلان يجلدان إذا اخذا في لحاف واحد الحدّ، و المرأتان تجلدان إذا اخذتا في لحاف واحد الحدّ (الكافي: ج 7 ص 181 ح 1).

(3)الضمير في قوله «رواه» يرجع إلى ما رواه الحلبيّ ، و الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الحلبيّ .

(4)الضمير في قوله «أنّهما» يرجع إلى النائمين في إزار واحد.

(5)بدل أو عطف بيان لقوله «مائة جلدة».

(6)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير الراجع إلى رواية الحلبيّ .

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو المضاجعة. يعني أنّ الرواية الدالّة على ثبوت الحدّ حملت على وقوع الزناء منهما علاوة على المضاجعة.

(8)يعني أنّ الحمل المذكور إنّما هو للجمع بين الأخبار المتنافية، فإنّ بعضها يدلّ على الضرب تسعة و تسعين سوطا، و هذه الرواية تدلّ على الحدّ، فتحمل هذه على وقوع فعل الزناء منهما علاوة على المضاجعة.

ص: 153

المرأة الحامل من دون بعل و مولى

(و لو حملت) المرأة (و لا بعل لها (1)) و لا مولى (2)، و لم يعلم وجهه (3) (لم تجلد (4))، لاحتمال كونه (5) بوجه حلال أو شبهة (إلاّ أن تقرّ أربعا بالزناء)، فتحدّ لذلك (6) لا للحمل،(و تؤخّر (7)) الزانية الحامل (حتّى تضع الحمل) و إن كان من الزناء، و تسقيه اللبأ (8)، و ترضعه إن لم يوجد له (9) كافل.

ثمّ (10) يقيم عليها الحدّ إن كان رجما، و لو كان (11) جلدا فبعد أيّام

**********

شرح:

المرأة الحامل من دون بعل و مولى (1)الضمير في قوله «لها» يرجع إلى المرأة التي حملت مع عدم البعل لها.

(2)و هو ما إذا كانت المرأة أمة لا مولى لها.

(3)الضمير في قوله «وجهه» يرجع إلى الحمل. يعني و الحال أنّه لم يعلم وجه حمله أمن حلال هو أم من حرام أم من شبهة.

(4)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو حملت».

(5)أي لاحتمال كون حمل المرأة بوجه حلال أو شبهة، و الحدود تدرأ بالشبهات.

(6)فلو أقرّت المرأة الحامل بارتكابها للزناء و حصول الحمل منه حكم عليها بالحدّ من حيث إقرارها أربعا لا من جهة حملها.

(7)أي تؤخّر الحامل التي ارتكبت الزناء، و تبعد عن إجراء الحدّ عليها حتّى تضع.

(8)اللبأ - بكسر ففتح -: أوّل اللبن في النتاج (أقرب الموارد).

يعني تؤخّر الحامل من الزناء حتّى تسقي الولد أوّل اللبن الذي هو كثير الفائدة للطفل.

(9)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الولد.

(10)أي تحدّ المرأة بعد إرضاع اللبأ إن كان حدّها رجما.

(11)أي لو كان حدّ المرأة جلدا اخّر إلى ما بعد أيّام النفاس.

ص: 154

النفاس إن أمن عليها (1) التلف، أو وجد له (2) مرضع، و إلاّ (3) فبعده (4).

و يكفي في تأخيره (5) عنها دعواها (6) الحمل لا مجرّد الاحتمال (7).

الإقرار بموجب الحدّ ثمّ إنكاره

(و لو أقرّ) بما يوجب الحدّ (ثمّ أنكر (8) سقط الحدّ إن كان ممّا يوجب الرجم، و لا يسقط غيره (9))، و هو (10) الجلد و ما يلحقه.

هذا (11) إذا لم يجمع

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى الحامل الزانية، و في النسخ «عليه»، فإذا يرجع الضمير إلى الولد.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع إلى الولد.

(3)أي و إن لم يوجد للولد مرضع غير الزانية يؤخّر إجراء الحدّ عليها إلى إتمامها للرضاع.

(4)الضمير في قوله «فبعده» يرجع إلى الإرضاع.

(5)الضمير في قوله «تأخيره» يرجع إلى الحدّ، و في قوله «عنها» يرجع إلى المرأة الزانية الحامل.

(6)بأن تدّعي الزانية أنّها حامل.

(7)أي لا يكفي في تأخير إجراء الحدّ على الزانية مجرّد احتمال الحمل.

الإقرار بموجب الحدّ ثمّ إنكاره (8)فاعله هو الضمير العائد إلى المقرّ بموجب الحدّ.

(9)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الرجم.

(10)يعني أنّ المراد من غير الرجم هو الجلد و ما يلحقه.

و المراد ممّا يلحق الجلد هو جزّ الرأس و التغريب.

(11)المشار إليه في قوله «هذا» هو سقوط الحدّ إذا كان رجما.

ص: 155

في موجب الرجم بينه (1) و بين الجلد، و إلاّ ففي سقوط الحدّ مطلقا (2) بإنكاره (3) ما يوجب الرجم نظر (4)، من إطلاق سقوط الحدّ (5) الشامل للأمرين (6)، و من أنّ الجلد (7) لا يسقط بالإنكار لو انفرد (8)، فكذا (9) إذا انضمّ ، بل هنا (10) أولى، لزيادة الذنب (11)، فلا يناسبه (12) سقوط العقوبة مطلقا (13) مع ثبوت مثلها (14) في الأخفّ (15).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بينه» يرجع إلى الرجم.

(2)أي الرجم و الجلد معا.

(3)أي بإنكار المقرّ.

(4)يعني ففي سقوط الحدّ مطلقا إشكال.

(5)أي يستفاد من إطلاق سقوط الحدّ سقوط الرجم و الجلد كليهما.

(6)المراد من «الأمرين» هو الرجم و الجلد.

(7)هذا هو دليل عدم سقوط غير الرجم، و هو الجلد.

(8)أي لو كان الإقرار يوجب الجلد خاصّة.

(9)أي فكذا لا يسقط الجلد إذا انضمّ إلى ما يوجب الرجم أيضا.

(10)المشار إليه في قوله «هنا» هو صورة انضمام الرجم إلى الجلد. يعني بل عدم سقوط الجلد عند انضمامه إلى الرجم أولى.

(11)فإنّ الذنب الموجب للرجم هو زناء المحصن، و هو أشدّ ذنبا.

(12)الضمير الملفوظ في قوله «فلا يناسبه» يرجع إلى الإنكار. أي فلا يناسب الإنكار سقوط الحدّ مطلقا.

(13)أي الرجم و الجلد معا.

(14)الضمير في قوله «مثلها» يرجع إلى العقوبة.

(15)المراد من «الأخفّ » هو الإقرار بالذنب الذي يوجب الجلد خاصّة.

ص: 156

و الأقوى سقوط الرجم (1) دون غيره.

و في إلحاق (2) ما يوجب القتل كالزناء (3) بذات محرم أو كرها قولان (4)، من تشاركهما (5) في المقتضي - و هو (6) الإنكار لما بني على التخفيف (7) و نظر (8) الشارع إلى عصمة الدم و أخذه (9) فيه بالاحتياط - و

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو سقوط الرجم خاصّة، فلا يسقط غيره من الحدّ و الجزّ و التغريب.

(2)أي و في إلحاق ما يوجب القتل بالرجم في سقوط الحدّ عن المقرّ بالإنكار قولان.

(3)قد ذكر الشارح رحمه اللّه مثالين لما يوجب القتل:

الأوّل: الزناء بذات محرم.

الثاني: الزناء بالمرأة المكرهة على الزناء.

(4)و هما القول بسقوط الحدّ و القول بعدمه.

(5)الضمير في قوله «تشاركهما» يرجع إلى الرجم و القتل. و هذا هو دليل القول بالإلحاق.

(6)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى المقتضي.

(7)أي إنكار ما بني على التخفيف.

و المراد من «ما» الموصولة في قوله «لما بني على التخفيف» هو الحدّ.

(8)بالرفع، عطف على قوله «الإنكار». و هذا هو وجه ثان لاشتراكهما في المقتضي.

يعني أنّ المقتضي الثاني لاشتراكهما هو نظر الشارع إلى عصمة الدماء و أخذه بالاحتياط في الدماء.

(9)بالرفع أيضا، عطف على قوله «الإنكار»، و هذا وجه ثالث، و الضمير فيه يرجع إلى الشارع، و في قوله «فيه» يرجع إلى الدم.

ص: 157

من (1) عدم النصّ عليه و بطلان القياس (2).

التوبة بعد الإقرار بحدّ

(و لو أقرّ (3) بحدّ، ثمّ تاب تخيّر الإمام في إقامته (4) عليه) و العفو عنه (5)،(رجما (6)) كان الحدّ (أو غيره) على المشهور، لاشتراك الجميع في المقتضي (7)، و لأنّ التوبة إذا أسقطت تحتّم (8) أشدّ العقوبتين (9) فإسقاطها (10) لتحتّم الاخرى (11) أولى.

و نبّه بالتسوية (12) بينهما

**********

شرح:

(1)هذا هو دليل عدم سقوط القتل بالإنكار بعد الإقرار، و هو عدم النصّ عليه.

(2)أي و من بطلان قياس القتل بالرجم في السقوط بالإنكار بعد الإقرار.

التوبة بعد الإقرار بحدّ (3)أي لو أقرّ العاصي بما يوجب الحدّ، ثمّ تاب تخيّر الإمام عليه السّلام في إقامة الحدّ عليه و في العفو عنه.

(4)الضمير في قوله «إقامته» يرجع إلى الحدّ، و في قوله «عليه» يرجع إلى المقرّ.

(5)أي العفو عن المقرّ.

(6)أي سواء كان الحدّ المقرّ به رجما أو غيره.

(7)أي لاشتراك الجميع فيما يوجب التخيير للإمام عليه السّلام.

و المراد من «المقتضي» هو التوبة بعد الإقرار.

(8)بالنصب، مفعول لقوله «أسقطت».

(9)المراد من «العقوبتين» هو الرجم و الجلد، و المراد من أشدّهما هو الرجم.

(10)الضمير في قوله «فإسقاطها» يرجع إلى التوبة.

(11)أي العقوبة الاخرى التي هي أخفّ ، و المراد منها هو الجلد.

(12)أي بقوله «رجما أو غيره». و الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى العقوبتين.

ص: 158

على خلاف (1) ابن إدريس، حيث خصّ (2) التخيير (3) بما (4) إذا كان الحدّ رجما، و حتم (5) إقامته لو كان جلدا محتجّا بأصالة البقاء (6) و استلزام (7) التخيير تعطيل الحدّ المنهيّ عنه في غير موضع الوفاق (8).

و ينبغي على قول (9) ابن إدريس إلحاق ما يوجب القتل (10) بالرجم، لتعليله (11) بأنّه يوجب تلف النفس، بخلاف الجلد.

**********

شرح:

(1)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «نبّه».

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى ابن إدريس رحمه اللّه.

(3)أي تخيّر الإمام عليه السّلام في العفو و إقامة الحدّ.

(4)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «خصّ ». يعني أنّ ابن إدريس رحمه اللّه قال باختصاص تخيّر الإمام عليه السّلام بفرض كون الحدّ رجما.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى ابن إدريس، و الضمير في قوله «إقامته» يرجع إلى يرجع إلى الحدّ.

(6)المراد من «أصالة البقاء» هو استصحاب بقاء الحدّ الذي ثبت بالمعصية قبل التوبة.

(7)بالجرّ، عطف على قوله «أصالة البقاء». و هذا دليل ثان لابن إدريس رحمه اللّه، و هو استلزام التخيير تعطيل الحدّ الذي ورد النهي عنه في الشرع.

(8)المراد من «موضع الوفاق» هو الرجم خاصّة، و قد اتّفقوا فيه على التخيير.

(9)المراد من «قول ابن إدريس» هو تخيّر الإمام عليه السّلام إذا كان الحدّ رجما، و تحتّم الإقامة إذا كان جلدا. يعني ينبغي على هذا القول إلحاق القتل بالرجم في تخيّر الإمام عليه السّلام.

(10)و هو في مثل ارتكاب الزناء بذات المحرم أو مكرها للمرأة.

(11)الضمير في قوله «لتعليله» يرجع إلى ابن إدريس رحمه اللّه، و في قوله «بأنّه» يرجع إلى الرجم. يعني أنّ ابن إدريس علّل تخيّر الإمام عليه السّلام فيما إذا كان الحدّ رجما بأنّه يوجب تلف النفس، و هذا التعليل يشمل القتل أيضا.

ص: 159

ص: 160

الفصل الثاني في اللواط و السحق و القيادة

اشارة

(الفصل الثاني (1)) (في اللواط )، و هو وط ء الذكر (2)، و اشتقاقه (3) من فعل قوم لوط ،(و)

**********

شرح:

اللواط و السحق و القيادة (1)أي الفصل الثاني من الفصول التي قال عنها في أوّل الكتاب «و فيه فصول»، و قد تقدّم الفصل الأوّل في خصوص حدّ الزناء، و يختصّ هذا الفصل باللواط و السحق و القيادة.

(2)هذا من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول. يعني أنّ اللواط لا يتحقّق إلاّ بوطي الذكر لا بوطي الانثى و لو من الدبر، فإنّه زناء.

أقول: لا يخفى شدّة شناعة عمل اللواط و قبحه و إثارته للخصومات بين الأشخاص و إيراثه للأمراض و أنّه يوجب عدم الميل إلى النسوان و يمنع التوالد و التناسل، فيوجب فساد النسل و غير ذلك من المضرّات الحاصلة منه، و لذلك عيّن الشارع لمرتكبه فاعلا و مفعولا إحدى العقوبات الخمس:

الأوّل: القتل بالسيف.

الثاني: الإحراق بالنار.

الثالث: الرجم.

الرابع: إلقاؤه من شاهق.

الخامس: إلقاء جدار عليه.

(3)يعني أنّ وجه تسمية هذا العمل ب «اللواط » نشأ من فعل قوم نبيّ اسمه لوط .

ص: 161

(السحق (1))، و هو دلك فرج المرأة بفرج اخرى،(و القيادة)، و سيأتي أنّها الجمع بين فاعلي هذه الفواحش (2).

اللواط

الإقرار باللواط أو الشهادة به

أمّا الأوّل (3)(فمن أقرّ بإيقاب ذكر (4)) أي إدخال شيء من الذكر (5) في دبره (6) و لو مقدار الحشفة (7)، و ظاهرهم (8) هنا الاتّفاق على ذلك (9) و إن اكتفوا ببعضها (10) في تحريم امّه و اخته و بنته، في حالة كون المقرّ

**********

شرح:

قال في الحديقة: اشتقاقه من لفظ «لوط » اسم النبيّ ابن أخي إبراهيم عليه السّلام أو ابن خالته، و هو أخو سارة امرأة إبراهيم عليه السّلام، و لوط اسم أعجميّ .

(1)بالجرّ، عطف على مدخول «في» الجارّة في قوله «في اللواط ». يعني أنّ الفصل الثاني في السحق أيضا.

(2)المراد من قوله «هذه الفواحش» هو الزناء و اللواط و السحق.

اللواط الإقرار باللواط أو الشهادة به (3)المراد من «الأوّل» هو اللواط . و قد تقدّم معناه سابقا.

(4)قوله «إيقاب ذكر» من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله.

(5)أي آلة الذكوريّة.

(6)الضمير في قوله «دبره» يرجع إلى الذكر الذي يراد به المذكّر.

(7)أي يتحقّق اللواط بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوع الحشفة.

(8)الضمير في قوله «ظاهرهم» يرجع إلى الفقهاء، و المشار إليه في قوله «هنا» هو تحقّق اللواط .

(9)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إدخال الحشفة أو مقدارها.

(10)أي اكتفى الفقهاء رحمه اللّه بإدخال بعض الحشفة في الحكم بتحريم أمّ الموطوء و اخته و بنته.

ص: 162

(مختارا (1)) غير مكره على الإقرار (أربع مرّات) و لو (2) في مجلس واحد، (أو شهد عليه (3) أربعة رجال) عدول (بالمعاينة) للفعل (4) كالزناء (5)،(و كان) الفاعل المقرّ أو المشهود عليه (حرّا (6) بالغا عاقلا قتل (7)).

و اعتبار بلوغه و عقله واضح (8)، إذ لا عبرة بإقرار الصبيّ و المجنون، و كذا لا يقتلان لو شهد عليهما (9) به، لعدم التكليف.

أمّا الحرّيّة فإنّما تعتبر في قبول الإقرار، لأنّ (10) إقرار العبد يتعلّق بحقّ سيّده، فلا يسمع، بخلاف الشهادة عليه (11)،.

**********

شرح:

(1)ذكر المصنّف رحمه اللّه هذا الشرط قبل اشتراط البلوغ و العقل، للزوم تماميّة الشرائط العامّة في الإقرار.

(2)أي و لو وقعت الأقارير الأربعة في مجلس واحد.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الفاعل.

(4)مفعول لقوله «المعاينة»، و اللام للتقوية.

(5)أي على نحو ما يعتبر المعاينة في الزناء، أي كالميل في المكحلة.

(6)أي من شرائط نفوذ إقرار الفاعل المقرّ و كذا المشهود عليه باللواط هو كونه حرّا بالغا عاقلا.

(7)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «من أقرّ».

(8)لأنّهما من الشرائط العامّة للتكليف.

(9)الضمير في قوله «عليهما» يرجع إلى الصبيّ و المجنون، و في قوله «به» يرجع إلى اللواط .

(10)يعني أنّ الدليل على اعتبار الحرّيّة في قبول الإقرار باللواط هو كون إقرار العبد به إقرارا على مولاه، فإنّ إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ لا على غيرهم.

(11)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى العبد.

ص: 163

فإنّه لا فرق فيها (1) بينه و بين الحرّ، فيقتل (2) حيث يقتل (3)، و كذا لو اطّلع عليهما (4) الحاكم.

و بالجملة فحكمه (5) حكم الحرّ إلاّ في الإقرار و إن كانت العبارة (6) توهم خلاف ذلك.

حكم الفاعل

و يقتل الفاعل (7)(محصنا) كان (أو لا)، و قتله (8)(إمّا بالسيف (9) أو)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى الشهادة، و في قوله «بينه» يرجع إلى العبد.

(2)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى العبد.

(3)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الحرّ. يعني يقتل العبد بشهادة العدول بلواطه حيث يقتل الحرّ بها.

(4)الضمير في قوله «عليهما» يرجع إلى العبد و الحرّ. يعني و كذا يقتل العبد و الحرّ لو علم الحاكم بارتكابهما اللواط .

(5)الضمير في قوله «فحكمه» يرجع إلى العبد. يعني لا فرق بين العبد و الحرّ إلاّ في الإقرار.

(6)أي عبارة المصنّف رحمه اللّه حيث قال «و كان حرّا» توهم عدم قبول الشهادة أيضا في حقّ العبد و الحال أنّ العبد و الحرّ يتوافقان في الحكم إلاّ في الإقرار خاصّة.

حكم الفاعل (7)أي يقتل الفاعل، سواء كان محصنا أم لا، و قد تقدّم شرح الإحصان في البحث عن أقسام حدّ الزناء في الصفحة 72.

(8)الضمير في قوله «قتله» يرجع إلى الفاعل.

(9)بأن يضرب عنقه.

ص: 164

(الإحراق بالنار أو الرجم) بالحجارة و إن لم يكن (1) بصفة الزاني المستحقّ للرجم (أو بإلقاء جدار عليه (2) أو بإلقائه (3) من شاهق) كجدار رفيع يقتل مثله (4).

(و يجوز الجمع بين اثنين منها (5)) أي من هذه الخمسة بحيث يكون (أحدهما (6) الحريق)، و الآخر أحد الأربعة بأن يقتل بالسيف أو الرجم أو الرمي به (7) أو عليه (8)، ثمّ يحرق (9)، زيادة (10) في الردع.

**********

شرح:

(1)اسم «لم يكن» هو الضمير العائد إلى الرجم. يعني و إن لم يكن رجم اللائط على نحو رجم الزاني من إدخال المرجوم في الحفيرة إلى الحقو أو إلى الوسط .

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الفاعل.

(3)أي بإلقاء الفاعل من مكان شاهق.

(4)أي الجدار الذي يقتل الفاعل بإلقاء مثله عليه.

(5)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى العقوبات المذكورة، كما يأتي في عبارة الشارح رحمه اللّه أيضا.

(6)أي يجوز كون إحدى العقوبتين اللتين يجمع بينهما حريقا و كون الاخرى إحدى العقوبات الأربع الاخر.

(7)أي بإلقائه من مكان شاهق.

(8)أي بإلقاء جدار عليه.

(9)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الفاعل.

(10)أي لزيادة ردع الغير عن ارتكاب اللواط .

ص: 165

حكم المفعول و الصبيّ و المجنون

(و المفعول به يقتل (1) كذلك إن كان بالغا عاقلا مختارا، و يعزّر (2) الصبيّ ) فاعلا و مفعولا.

(و يؤدّب المجنون) كذلك (3)، و التأديب في معنى التعزير هنا (4) و إن افترقا (5) من حيث إنّ التعزير يتناول المكلّف و غيره، بخلاف التأديب (6).

و قد تحرّر من ذلك (7) أنّ الفاعل و المفعول إن كانا بالغين قتلا (8)، حرّين كانا أم عبدين أم بالتفريق (9)، مسلمين كانا أم كافرين أم بالتفريق (10)، و إن كانا صبيّين أو مجنونين أو بالتفريق.

**********

شرح:

حكم المفعول و الصبيّ و المجنون (1)أي يقتل المفعول به أيضا بإحدى العقوبات الخمس.

(2)يعني لا يثبت شيء من العقوبات المذكورة في حقّ الصبيّ إذا ارتكب اللواط ، فاعلا كان أو مفعولا، بل يؤدّب بما يراه الحاكم.

(3)أي فاعلا كان المجنون أو مفعولا.

(4)المشار إليه في قوله «هنا» هو باب اللواط . يعني أنّ التأديب و التعزير في باب اللواط بمعنى واحد، لكن في غيره من الأبواب يستعمل التعزير في حقّ المكلّف و غيره، و أمّا التأديب فيستعمل في حقّ غير المكلّف مثل الصبيّ و المجنون.

(5)فاعله هو الضمير الراجع إلى التأديب و التعزير.

(6)يعني أنّ التأديب يختصّ بغير المكلّف.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكره المصنّف رحمه اللّه في المتن و الشارح رحمه اللّه في الشرح.

(8)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الفاعل و المفعول.

(9)بأن يكون أحدهما حرّا و الآخر عبدا.

(10)كما إذا كان أحدهما مسلما و الآخر كافرا.

ص: 166

ادّبا (1)، و إن كان أحدهما مكلّفا و الآخر غير مكلّف قتل المكلّف و ادّب غيره (2).

الإقرار باللواط دون الأربع

(و لو أقرّ به (3) دون الأربع لم يحدّ) كالإقرار بالزناء (و عزّر) بالإقرار و لو مرّة، و يمكن اعتبار المرّتين (4)، كما في موجب (5) كلّ تعزير، و سيأتي (6)، و كذا الزناء (7)، و لم يذكره (8) ثمّ (9).

**********

شرح:

(1)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الصبيّ و المجنون.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى المكلّف. يعني ادّب غير المكلّف من الفاعل و المفعول.

الإقرار باللواط دون الأربع (3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى اللواط . يعني لو أقرّ شخص بلواطه أقلّ من أربع مرّات لم يحكم عليه بالحدّ كما في الإقرار بالزناء.

(4)يعني يمكن توقّف ثبوت التعزير على المقرّ على الإقرار مرّتين، فلا يعزّر بالإقرار مرّة واحدة.

(5)بصيغة اسم الفاعل. يعني كما يعتبر الإقرار مرّتين فيما يوجب كلّ تعزير.

(6)أي و سيأتي اعتبار الإقرار مرّتين في موجب كلّ تعزير و عدم كفاية الإقرار مرّة واحدة.

(7)يعني و مثل الإقرار باللواط أقلّ من أربع مرّات هو الإقرار بالزناء بمعنى أنّ المقرّ به يعزّر إذا أقرّ أقلّ من أربع مرّات.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه، و ضمير المفعول يرجع إلى التعزير.

(9)المشار إليه في قوله «ثمّ » هو باب الزناء.

ص: 167

شهادة دون الأربعة باللواط

(و لو شهد) عليه (1) به (دون الأربعة) أو اختلّ بعض الشرائط (2) و إن كانوا أربعة (حدّوا، للفرية (3)).

حكم الحاكم بعلمه

(و يحكم الحاكم فيه (4) بعلمه) كغيره (5) من الحدود، لأنّه (6) أقوى من البيّنة.

(و لا فرق) في الفاعل (7) و المفعول (بين العبد و الحرّ هنا (8)) أي في حالة علم الحاكم، و كذا لا فرق بينهما (9).

**********

شرح:

شهادة دون الأربعة باللواط (1)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى الفاعل، و في قوله «به» يرجع إلى اللواط .

(2)أي الشرائط المعتبرة في الشهود من العدالة و المعاينة كالميل في المكحلة و غيرهما.

(3)أي حدّ الشهود، لافترائهم على المشهود عليه بالزناء.

حكم الحاكم بعلمه (4)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى اللواط ، و في قوله «بعلمه» يرجع إلى الحاكم.

(5)أي كغير اللواط من موجبات الحدود. يعني أنّ الحاكم كما يحكم بعلمه في سائر الحدود يحكم بعلمه في خصوص اللواط أيضا.

(6)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى علم الحاكم. يعني لأنّ علم الحاكم أقوى من البيّنة الموجبة للظنّ .

(7)يعني لا فرق في حكم الحاكم بعلمه باللواط بين كون الفاعل و المفعول عبدا أو حرّا.

(8)المشار إليه في قوله «هنا» هو حكم الحاكم بعلمه، كما صرّح بذلك الشارح رحمه اللّه أيضا.

(9)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى الحرّ و العبد. يعني لا فرق بين الحرّ و العبد إذا قامت البيّنة على ارتكابهما للّواط .

ص: 168

مع البيّنة كما مرّ (1)، و هذا (2) منه مؤكّد لما أفهمته عبارته سابقا من (3) تساوي الإقرار و البيّنة في اعتبار الحرّيّة.

ادّعاء العبد الإكراه

(و لو ادّعى العبد الإكراه (4)) من مولاه عليه (5)(درئ (6) عنه الحدّ) دون المولى (7)، لقيام القرينة (8) على ذلك (9)، و لأنّه (10) شبهة محتملة،

**********

شرح:

(1)أي كما مرّ في أوّل هذا الفصل في قول الشارح رحمه اللّه في الصفحة 163 «أمّا الحرّيّة فإنّما تعتبر في قبول الإقرار... بخلاف الشهادة عليه، فإنّه لا فرق فيها بينه و بين الحرّ».

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو قول المصنّف رحمه اللّه «و لا فرق بين العبد و الحرّ هنا»، و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى المصنّف. يعني أنّ قول المصنّف هنا «لا فرق بين الحرّ و العبد هنا» يؤكّد عبارته سابقا في الصفحة 162 و ما بعدها حيث قال «فمن أقرّ بإيقاب ذكر... و كان حرّا».

(3) «من» بيان لقوله «ما أفهمته عبارته سابقا».

ادّعاء العبد الإكراه (4)أي إكراه مولاه إيّاه على اللواط .

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى اللواط .

(6)بصيغة المجهول. أي دفع الحدّ عن العبد المدّعي لإجبار مولاه إيّاه.

(7)أي لا يدرأ الحدّ عن المولى إذا ادّعى الإكراه على اللواط مع عبده.

(8)المراد من «القرينة» هو تسلّط المولى على عبده.

(9)المشار إليه في قوله «ذلك» هو صدق العبد في دعوى إكراه المولى.

(10)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الإكراه. يعني أنّ الإكراه في حقّ العبد شبهة محتملة، فإذا ادّعاه العبد درئ عنه الحدّ، لأنّ الحدود تدرأ بالشبهات.

ص: 169

فيدرأ الحدّ بها (1).

و لو ادّعى (2) الإكراه من غير مولاه فالظاهر أنّه (3) كغيره و إن كانت العبارة (4) تتناوله (5) بإطلاقها (6).

(و لا فرق) في ذلك (7) كلّه (بين المسلم و الكافر)، لشمول الأدلّة (8) لهما (9).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الشبهة.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى العبد. يعني لو ادّعى العبد الإكراه على اللواط من غير المولى فهو كغيره في عدم سماع دعواه.

(3)الضميران في قوليه «أنّه» و «كغيره» يرجعان إلى العبد.

(4)أي عبارة المصنّف رحمه اللّه حيث قال «و لو ادّعى الإكراه درئ عنه الحدّ».

(5)الضمير الملفوظ في قوله «تتناوله» يرجع إلى ادّعاء العبد الإكراه من غير مولاه.

(6)الضمير في قوله «بإطلاقها» يرجع إلى العبارة. يعني أنّ إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه يشمل فرض ادّعاء العبد الإكراه من غير مولاه أيضا.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو قتل اللائط بإحدى العقوبات الخمس، أو الجمع بين الاثنين من تلك العقوبات بالإقرار أربع مرّات أو بقيام البيّنة. يعني لا فرق في الأحكام المذكورة بين كون اللائط هو الكافر أو المسلم.

(8)من جملة الأدلّة الرواية المنقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن سليمان بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يفعل بالرجل قال: فقال: إن كان دون الثقب فالجلد، و إن كان ثقب اقيم قائما، ثمّ ضرب بالسيف ضربة أخذ السيف منه ما أخذ، فقلت له: هو القتل ؟ قال: هو ذاك (الوسائل:

ج 18 ص 416 ب 1 من أبواب حدّ اللواط من كتاب الحدود ح 2).

(9)الضمير في قوله «لهما» يرجع إلى المسلم و الكافر.

ص: 170

حكم ما هو دون الإيقاب

(و إن لم يكن) الفعل (إيقابا (1) كالتفخيذ أو) جعل الذكر (2)(بين الأليين (3)) - بفتح الهمزة و الياءين من تحت (4) من دون تاء بينهما (5) - (فحدّه (6) مائة جلدة) للفاعل (7) و المفعول مع البلوغ و العقل و الاختيار، كما مرّ (8)،(حرّا كان) كلّ منهما (9)(أو عبدا، مسلما كان أو كافرا، محصنا (10) أو غيره) على الأشهر (11)،.

**********

شرح:

حكم ما هو دون الإيقاب (1)أي إدخالا. يعني لو لم يكن الفعل الواقع بين الذكرين بالغا حدّ الإدخال فالحدّ هو مائة جلدة.

(2)بأن يجعل الفاعل ذكره بين أليي المفعول.

(3)الأليين تثنية، مفردها الألية.

الألية - بالفتح -: العجيزة، مثنّاها أليان بدون تاء على غير القياس، ج أليات و ألا يا (أقرب الموارد).

(4)يعني أنّ لليائين نقطتين من تحت لا من فوق، فهما ياءان لا تاءان!

(5)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى الياءين.

(6)الضمير في قوله «فحدّه» يرجع إلى ما هو غير الإيقاب.

(7)يعني أنّ غير الموقب - بكسر القاف - و غير الموقب - بفتحها - يحدّان مائة جلدة.

(8)أي كما قد مرّ ذكر القيود الثلاثة: البلوغ و العقل و الاختيار في قول المصنّف في الصفحة 163.

(9)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى الفاعل و المفعول.

(10)أي سواء كان الفاعل محصنا أو غيره.

(11)يعني أنّ القول بمائة جلدة هو الأشهر في مقابل القول برجم المحصن مطلقا و القول

ص: 171

لرواية (1) سليمان بن هلال عن الصادق عليه السّلام قال: «إن كان (2) دون الثقب فالحدّ، و إن كان ثقب اقيم قائما، ثمّ ضرب بالسيف».

و الظاهر أنّ المراد بالحدّ (3) الجلد.

(و قيل: يرجم المحصن (4)) و يجلد غيره (5)، جمعا (6) بين رواية (7) العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: «حدّ اللوطيّ مثل حدّ الزاني»، و قال: «إن كان قد احصن رجم، و إلاّ جلد»، و قريب منها رواية (8) حمّاد بن

**********

شرح:

بقتل اللائط كذلك.

(1)قد تقدّم منّا ذكر الرواية بتمامها مع مصدرها في الهامش 8 من ص 170.

(2)يعني إن كان الفعل فيما دون الثقب كالتفخيذ أو جعل الذكر بين الأليين ثبت الحدّ.

(3)يعني أنّ المراد من «الحدّ» المذكور في الرواية هو الجلد.

(4)يعني قال بعض برجم المحصن و لو كان الفعل دون الإيقاب و جلد غيره.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى المحصن.

(6)قال في المسالك: قوله «جمعا بين رواية العلاء بن الفضيل... إلخ»، و طريق الجمع حمل الاولى على غير الموقب و الثانية عليه، و نفى في المختلف عنه البأس، و يظهر من الصدوقين و ابن الجنيد وجوب القتل مطلقا، لأنّهم فرضوه في غير الموقب، و جعلوا الإيقاب هو الكفر باللّه، أخذا من الرواية المحمولة على المبالغة في الذنب أو على المستحلّ .

(7)الرواية منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 417 ب 1 من أبواب حدّ اللواط من كتاب الحدود ح 3.

(8)هذه الرواية أيضا منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أتى

ص: 172

عثمان، و بين ما روي (1) من قتل اللائط مطلقا (2).

و قيل (3): يقتل مطلقا، لما ذكر (4).

**********

شرح:

رجلا، قال: عليه إن كان محصنا القتل، و إن لم يكن محصنا فعليه الجلد، قال: قلت: فما على المؤتى به ؟ قال: عليه القتل على كلّ حال، محصنا كان أو غير محصن (المصدر السابق: ح 4).

(1)و هذه الرواية أيضا منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد قال: قرأت بخطّ رجل أعرفه إلى أبي الحسن عليه السّلام، و قرأت جواب أبي الحسن عليه السّلام بخطّه: هل على رجل لعب بغلام بين فخذيه حدّ؟ فإنّ بعض العصابة روى أنّه لا بأس بلعب الرجل بالغلام بين فخذيه، فكتب: لعنة اللّه على من فعل ذلك، و كتب أيضا هذا الرجل، و لم أر الجواب: ما حدّ رجلين نكح أحدهما الآخر طوعا بين فخذيه، ما توبته ؟ فكتب: القتل، و ما حدّ رجلين وجدا نائمين في ثوب واحد؟ فكتب: مائة سوط (المصدر السابق: ح 5).

فرواية العلاء بن الفضيل تدلّ على أنّ اللوطي إن كان محصنا رجم، و إلاّ جلد، سواء أدخل أم لا، و قريب منها رواية حمّاد بن عثمان، و الرواية المنقولة عن ابن سعيد تدلّ على قتل اللائط مطلقا، سواء أوقب أم لم يوقب، و سواء كان محصنا أم لا، فطريق الجمع بينهما على القول المذكور هو أن نحمل الفريق الأوّل على جلد اللائط الذي لم يوقب و لم يكن محصنا، و أن نحمل الرواية الثانية على قتل اللائط إذا كان محصنا و إن لم يوقب.

(2)أي سواء أوقب أم لا.

(3)يعني قال بعض الفقهاء بقتل اللائط ، سواء كان اللائط محصنا أم لا، و هذا القول منسوب إلى ابن الجنيد و الصدوقين رحمهم اللّه.

(4)المراد من «ما ذكر» هو الرواية التي نقلناها في الهامش 1 من هذه الصفحة عن الحسين بن سعيد الدالّة على قتل اللائط مطلقا.

ص: 173

و الأخبار من الطرفين (1) غير (2) نقيّة السند، و المتيقّن (3) المشهور، و الأصل عدم أمر آخر (4).

تكرار ما لا يوجب القتل ابتداء

(و لو تكرّر منه (5) الفعل) الذي لا يوجب القتل ابتداء (6).

**********

شرح:

(1)المراد من «الطرفين» هو طرف القول بكون حدّ اللائط مطلقا حدّ الزاني، فيرجم إن كان محصنا، سواء أوقب أم لا، و يجلد إن لم يكن محصنا، و طرف القول بأنّ اللائط يقتل، سواء أوقب أم لا، و سواء كان محصنا أم لا.

(2)بالرفع، خبر لقوله «الأخبار». يعني أنّ الأخبار المستند إليها غير نقيّة السند.

أمّا الرواية المنقولة عن العلاء بن الفضيل فغير نقيّة السند، لوقوع محمّد بن سنان في طريقها، فإنّ علماء الرجال ضعّفوه.

و أمّا ضعف الرواية المنقولة عن حمّاد بن عثمان فلوقوع معلّى بن محمّد في طريقها، فقد صرّح النجاشيّ و العلاّمة رحمهما اللّه بأنّه من حيث نقل الأحاديث و اتّخاذ المذهب مضطرب.

و أمّا الرواية التي استند إليها ابن الجنيد و الصدوقان فضعفها لكونها مرسلة، لأنّ فيها نقلا عن ابن سعيد: «قرأت بخطّ رجل أعرفه إلى أبي الحسن عليه السّلام»، و عدم تسمية اسم هذا الرجل الناقل عن أبي الحسن عليه السّلام هو سبب إرسال الحديث.

(3)يعني أنّ المتيقّن من الأقوال هو القول المشهور، و هو الجلد مائة سوط إذا كان الفعل فيما دون الإيقاب، فإنّ العقوبة بذلك المقدار لا ريب فيها، و الزائد على ذلك مشكوك فيه، فتجري فيه البراءة.

(4)يعني أنّ الأصل هو عدم العقوبة الزائدة على الجلد، و هي القتل بالرجم.

تكرار ما لا يوجب القتل ابتداء (5)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى من ارتكب ما هو دون الإيقاب.

(6)هذا قيد لقوله «لا يوجب».

ص: 174

(مرّتين (1) مع تكرار الحدّ) عليه - بأن حدّ لكلّ مرّة -(قتل (2) في الثالثة)، لأنّه (3) كبيرة، و أصحاب الكبائر مطلقا (4) إذا اقيم عليهم (5) الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة، لرواية (6) يونس عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال:

«أصحاب الكبائر كلّها إذا اقيم عليهم الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة».

(و الأحوط ) - و هو (7) الذي اختاره المصنّف في الشرح - قتله (8)(في الرابعة)، لرواية (9) أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «الزاني إذا جلد ثلاثا

**********

شرح:

(1)كما إذا ارتكب ما هو دون الإيقاب مرّتين مع تكرار الحدّ عليه.

(2)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى من ارتكب ما هو دون الإيقاب. يعني يحكم بقتله في المرتبة الثالثة إذا اجري عليه الحدّ مرّتين.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى ما هو دون الإيقاب.

(4)أي جميع أقسام الكبائر.

(5)الضمير في قوله «عليهم» يرجع إلى أصحاب الكبائر.

(6)الرواية منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 388 ب 20 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 3.

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه ذيل هذه الرواية: أقول: حمله الشيخ و غيره على غير الزاني.

(7)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الأحوط . يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار ما هو الأحوط في كتابه (شرح القواعد).

(8)يعني أنّ الأحوط هو قتل المرتكب للفعل المبحوث عنه في المرتبة الرابعة لا الثالثة.

(9)الرواية منقولة في كتاب الوسائل هكذا:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الزاني إذا زنى

ص: 175

يقتل في الرابعة»، و لأنّ (1) الحدّ مبنيّ على التخفيف، و للاحتياط (2) في الدماء.

و ترجيح هذه الرواية بذلك (3) و بأنّها (4) خاصّة، و تلك (5) عامّة، فيجمع بينهما (6) بتخصيص العامّ بما عدا الخاصّ (7)، و هو (8) الأجود.

و لو لم يسبق حدّه (9) مرّتين لم يجب سوى الجلد مائة.

**********

شرح:

يجلد ثلاثا، و يقتل في الرابعة. يعني جلد ثلاث مرّات (الوسائل: ج 18 ص 387 ب 20 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 1).

(1)هذا دليل آخر للقتل في المرتبة الرابعة.

(2)هذا دليل ثالث للقتل في المرتبة الرابعة.

(3)المشار إليه في قوله «بذلك» هو كون الحدّ مبنيّا على التخفيف أوّلا، و لزوم الاحتياط في الدماء ثانيا.

(4)الضمير في قوله «بأنّها» يرجع إلى رواية أبي بصير. يعني أنّ هذه الرواية خاصّة، لورودها في خصوص الزناء.

(5)المشار إليه في قوله «تلك» هو رواية يونس. يعني أنّ تلك الرواية عامّة تشمل كلّ كبيرة، زناء كانت أو غيره.

(6)أي يجمع بين الروايتين باختصاص العامّ بما عدا الزناء، فيقال: إنّ رواية يونس تدلّ على قتل المرتكب للكبائر غير الزناء في المرتبة الثالثة، و رواية أبي بصير تدلّ على قتل المرتكب للزناء من بين الكبائر في المرتبة الرابعة.

(7)المراد من «الخاصّ » هو الخبر الخاصّ ، أعني رواية أبي بصير.

(8)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الجمع المذكور بين الروايتين.

(9)يعني لو لم يجر على المرتكب لدون الإيقاب الحدّ مرّتين لم يجب عليه إلاّ الحدّ الواحد - و هو الجلد مائة - و لو ارتكبه مرّات عديدة.

ص: 176

حكم التوبة

(و لو تاب (1) قبل قيام البيّنة سقط الحدّ عنه، قتلا) كان الحدّ (أو رجما أو جلدا) على ما فصّل (2).

(و لو تاب بعده (3) لم يسقط الحدّ، و كذا (4)) لو تاب (مع الإقرار، و لكن يتخيّر الإمام في المقرّ) قبل التوبة (5)(بين العفو و الاستيفاء (6)) كالزناء.

تقبيل غلام بشهوة

(و يعزّر من قبّل غلاما بشهوة) بما يراه (7) الحاكم، لأنّه (8) من جملة المعاصي، بل الكبائر المتوعّد عليه (9) بخصوصه النار، فقد روي أنّ من قبّل غلاما بشهوة لعنته ملائكة السماء و ملائكة الأرضين و ملائكة الرحمة و

**********

شرح:

حكم التوبة (1)فاعله هو الضمير العائد إلى المرتكب للمعصية. يعني لو تاب قبل قيام البيّنة عليه سقط عنه الحدّ، لأنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

(2)أي على ما فصّل في البحث عن سقوط حدّ الزناء بالتوبة في الصفحة 58.

(3)الضمير في قوله «بعده» يرجع إلى قيام البيّنة.

(4)أي و كذا لا يسقط الحدّ لو تاب مع الإقرار بالزناء، لكن يتخيّر الإمام عليه السّلام فيما يفعل.

(5)قوله «قبل التوبة» يتعلّق بقوله «المقرّ». يعني يتخيّر الإمام عليه السّلام بين إجراء الحدّ على من أقرّ بالزناء قبل التوبة ثمّ تاب و بين العفو عنه.

(6)أي إجراء الحدّ على المقرّ.

تقبيل غلام بشهوة (7)أي يعزّر بمقدار يراه الإمام عليه السّلام صلاحا.

(8)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى تقبيل الغلام.

(9)يعني أنّ تقبيل الغلام بشهوة ممّا توعّد عليه بالنار.

ص: 177

ملائكة الغضب، و اعدّ له جهنّم و ساءت مصيرا (1)، و في حديث آخر «من قبّل غلاما بشهوة ألجمه اللّه تعالى يوم القيامة بلجام من نار» (2).

اجتماع الذكرين تحت إزار واحد

(و) كذا (يعزّر الذكران (3) المجتمعان تحت إزار واحد مجرّدين و ليس بينهما رحم) أي قرابة (من ثلاثين (4) سوطا إلى تسعة و تسعين) على المشهور.

أمّا تحديده (5) في جانب الزيادة (6) فلأنّه (7) ليس بفعل يوجب الحدّ كملا، فلا يبلغ (8) به، و لقول (9) الصادق عليه السّلام في المرأتين تنامان في ثوب واحد:

**********

شرح:

(1)الرواية منقولة في كتاب مستدرك الوسائل: ج 14 ص 351 ب 18 من أبواب النكاح المحرّم من كتاب النكاح. ح 3.

(2)المصدر السابق: ذيل نفس الحديث.

اجتماع الذكرين تحت إزار (3)الذكران مثنّى الذكر الشامل للطفل و الغلام.

(4)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «يعزّر». يعني أنّ التعزير الجاري على من ذكر هو الجلد من ثلاثين سوطا إلى تسعة و تسعين.

(5)الضمير في قوله «تحديده» يرجع إلى التعزير.

(6)و هو التسعة و التسعون في قوله «إلى تسعة و تسعين».

(7)الضمير في قوله «فلأنّه» يرجع إلى الاجتماع تحت إزار واحد. يعني أنّ الاجتماع تحت إزار واحد ليس عملا يوجب الحدّ كاملا، بخلاف اللواط أو الزناء أو غيرهما.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى الفعل، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الحدّ.

(9)هذا دليل آخر للتحديد في جانب الزيادة، و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

ص: 178

«تضربان» قلت: حدّا؟ قال: «لا»، و كذا (1) قال في الرجلين، و في رواية (2) ابن سنان عنه عليه السّلام: «يجلدان حدّا غير سوط واحد».

و أمّا في جانب النقيصة (3) فلرواية (4) سليمان بن هلال عنه عليه السّلام قال:

«يضربان ثلاثين سوطا».

**********

شرح:

محمّد بن الحسن بإسناده عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المرأتان تنامان في ثوب واحد، فقال: تضربان، فقلت: حدّا؟ قال: لا، قلت: الرجلان ينامان في ثوب واحد، قال: يضربان، قال: قلت: الحدّ؟ قال: لا (الوسائل: ج 18 ص 367 ب 10 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 16).

(1)يعني و مثل ما قاله في خصوص المرأتين من عدم ضربهما بمقدار الحدّ هو ما قاله في خصوص رجلين ناما تحت لحاف واحد، و قد تقدّم ذكر الرواية بتمامها في الهامش السابق.

(2)الرواية منقولة في كتاب التهذيب:

يونس عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجلين يوجدان في لحاف واحد، فقال:

يجلدان حدّا غير سوط واحد (التهذيب: ج 10 ص 40 ح 143).

(3)كما مرّ في قول المصنّف رحمه اللّه «من ثلاثين سوطا». يعني أنّ دليل كون التعزير في جانب النقيصة ثلاثين سوطا هو رواية سليمان بن هلال.

(4)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن سليمان بن هلال قال: سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السّلام، فقال: جعلت فداك، الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد؟ فقال: ذوا محرم ؟ قال: لا، قال: من ضرورة ؟ قال: لا، قال: يضربان ثلاثين سوطا، ثلاثين سوطا... إلخ (الوسائل: ج 18 ص 367 ب 10 من أبواب حدّ الزناء من كتاب الحدود ح 21).

ص: 179

و طريق الجمع (1) الرجوع فيما بين الحدّين (2) إلى رأي الحاكم.

و التقييد بنفي الرحم بينهما (3) ذكره (4) المصنّف كغيره، تبعا (5) للرواية.

و يشكل بأنّ مطلق الرحم لا يوجب تجويز ذلك (6)، فالأولى ترك القيد (7) أو التقييد بكون الفعل محرّما (8).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ طريق الجمع بين الروايات المذكورة المتخالفة التي تدلّ بعضها على الضرب تسعة و تسعين سوطا - كما في رواية ابن سنان -، و تدلّ بعضها على الضرب ثلاثين سوطا - كما في رواية سليمان بن هلال - هو أن يرجع فيما بين الحدّين إلى رأي الحاكم.

(2)اللام في قوله «الحدّين» تكون للعهد الذكريّ .

(3)الضمير في قوله «بينهما» يرجع إلى النائمين تحت لحاف واحد.

(4)أي ذكر هذا التقييد المصنّف رحمه اللّه حيث قال «و ليس بينهما رحم»، و كذا تعرّض له غيره. و الضمير في قوله «كغيره» يرجع إلى المصنّف.

(5)يعني أنّ المصنّف و غيره من الفقهاء رحمهم اللّه ذكروا هذا القيد، تبعا لما في الرواية حيث سأل عليه السّلام: «ذوا محرم ؟»، و كذا قوله عليه السّلام: «ذواتا محرم ؟».

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو نوم الرجلين المجرّدين تحت لحاف واحد. يعني أنّ تحقّق مطلق الرحم بينهما لا يوجب جواز نومهما مجرّدين تحت لحاف واحد.

(7)المراد من «القيد» هو قوله «و ليس بينهما رحم».

(8)يعني أنّ الأولى هو ترك مطلق القيد أو التقييد - إن كان لا بدّ منه - بكون الفعل محرّما، فلو كان المنام كذلك مستندا إلى صورة الضرورة أو الإكراه لم يكن محرّما و لا موجبا للتعزير المذكور.

ص: 180

السحق

ما يثبت به السحق

(و السحق (1) يثبت بشهادة أربعة رجال) عدول (2) لا بشهادة النساء منفردات و لا منضمّات (3)(أو الإقرار أربعا) من البالغة (4) الرشيدة (5) الحرّة (6) المختارة (7) كالزناء.

حدّ السحق

(و حدّه (8) مائة جلدة، حرّة كانت) كلّ واحدة منهما (9)(أو أمة (10))،

**********

شرح:

السحق ما يثبت به السحق (1)الثاني من المباحث الثلاثة التي يبحث عنها في هذا الفصل هو بحث السحق، و قد تقدّم معناه سابقا.

(2)صفة لقوله «رجال».

(3)أي و لا منضمّات إلى الرجال.

(4)خرج بهذا القيد إقرار الصغيرة.

(5)بأن لا تكون المرأة مجنونة.

(6)بأن لا تكون المرأة مملوكة.

(7)بأن لا تكون المرأة مكرهة.

حدّ السحق (8)الضمير في قوله «حدّه» يرجع إلى السحق.

(9)الضمير في قوله «منهما» يرجع إلى المرأتين المساحقتين.

(10)أي لا فرق في كون حدّ السحق مائة جلدة بين كون المساحقتين حرّتين أو أمتين، و كذا لا فرق بين كونهما كافرتين أم مسلمتين.

ص: 181

(مسلمة أو كافرة، محصنة (1) أو غير محصنة، فاعلة (2) أو مفعولة).

و لا ينتصف (3) هنا في حقّ الأمة، و يقبل دعواها إكراه مولاتها (4) كالعبد.

كلّ ذلك (5) مع بلوغها و عقلها، فلو ساحقت المجنونة أو الصغيرة ادّبتا (6) خاصّة.

و لو ساحقتهما (7) بالغة (8) حدّت (9) دونهما (10).

و قيل: ترجم (11) مع الإحصان، لقول الصادق عليه السّلام: «حدّها حدّ

**********

شرح:

(1)و قد تقدّم معنى الإحصان في البحث عن أقسام حدّ الزناء في الصفحة 72.

(2)بأن تكون إحداهما فاعلة للسحق، و الاخرى قابلة له.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى حدّ السحق. يعني أنّ حدّ السحق لا ينتصف في حقّ الأمة في باب السحق كما كان ينتصف حدّ الزناء في المملوك.

(4)يعني لو ادّعت الأمة إكراه مولاتها إيّاها على السحق سمعت و قبلت.

(5)أي إجراء الحدّ على المقرّة و المشهود عليها.

(6)يعني أنّ المجنونة و الصغيرة لو ساحقتا عزّرتا خاصّة، و لم يجر عليهما الحدّ.

(7)الضمير الملفوظ في قوله «ساحقتهما» يرجع إلى المجنونة و الصغيرة.

(8)بالرفع، فاعل قوله «ساحقتهما».

(9)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى البالغة. يعني يجري حدّ السحق على البالغة لا المجنونة و الصغيرة.

(10)الضمير في قوله «دونهما» يرجع إلى المجنونة و الصغيرة.

(11)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المرأة البالغة العاقلة الحرّة المساحقة. يعني قال بعض الفقهاء برجم المساحقة في صورة كونها محصنة.

ص: 182

الزاني» (1).

و ردّ (2) بأنّه (3) أعمّ من الرجم، فيحمل على الجلد، جمعا (4).

حكم تكرار السحق

(و تقتل) المساحقة (في الرابعة لو تكرّر الحدّ ثلاثا (5))، و ظاهرهم (6)

**********

شرح:

(1)الرواية منقولة في كتاب الكافي:

عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمّد بن أبي حمزة و هشام و حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه دخل عليه نسوة، فسألته امرأة منهنّ عن السحق، فقال:

حدّها حدّ الزاني، فقالت المرأة: ما ذكر اللّه عزّ و جلّ ذلك في القرآن ؟ فقال: بلى، قالت: و أين هو؟ قال: هنّ أصحاب الرسّ (الكافي: ج 7 ص 202 ح 1).

(2)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى قول من قال بالرجم.

(3)الضمير في قوله «بأنّه» يرجع إلى الحدّ الذي ورد في الرواية في قوله عليه السّلام: «حدّها حدّ الزاني». يعني أنّ الحدّ أعمّ من الرجم، فيحمل على الجلد مائة سوط .

(4)أي للجمع بين هذه الرواية المنقولة عن الكافي الدالّة على كون حدّ المساحقة كحدّ الزاني و بين الرواية الدالّة على جلد المساحقة، فإنّ الحدّ أعمّ ، و الجلد أخصّ ، فيحمل العامّ على الخاصّ .

و الرواية الدالّة على جلد المساحقة منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: السحّاقة تجلد (الوسائل: ج 18 ص 425 ب 1 من أبواب حدّ السحق و القيادة من كتاب الحدود ح 2).

حكم تكرار السحق (5)فلو كرّر إجراء الحدّ على المرأة المساحقة ثلاث مرّات، فساحقت رابعة حكم بقتلها.

(6)الضمير في قوله «ظاهرهم» يرجع إلى الفقهاء، و المشار إليه في قوله «هنا» هو باب السحق. يعني أنّ ظاهر عبارات الفقهاء رحمهم اللّه هو الاتّفاق على قتل المساحقة في المرتبة

ص: 183

هنا عدم الخلاف و إن حكمنا بقتل الزاني و اللائط في الثالثة، كما اتّفق في عبارة المصنّف (1).

حكم التوبة

(و لو تابت (2) قبل البيّنة سقط الحدّ) لا إذا تابت بعدها (3)،(و يتخيّر الإمام لو تابت بعد الإقرار) كالزناء (4) و اللواط .

اجتماع الأجنبيّتين تحت إزار

(و تعزّر الأجنبيّتان (5) إذا تجرّدتا (6) تحت إزار) بما (7) لا يبلغ الحدّ،

**********

شرح:

الرابعة بعد تكرّر الحدّ ثلاثا و إن اختلفوا في باب الزناء و اللواط في القتل و أنّه هل في المرتبة الثالثة أو الرابعة ؟

(1)و قد تقدّم في باب اللواط في الصفحة 144 و 175 قول المصنّف «و لو تكرّر منه الفعل مرّتين مع تكرار الحدّ قتل في الثالثة».

حكم التوبة (2)فاعله هو الضمير العائد إلى المساحقة.

(3)الضمير في قوله «بعدها» يرجع إلى البيّنة. يعني لو تابت المساحقة بعد قيام البيّنة على سحقها لم يسقط الحدّ عنها.

(4)يعني كما كان الإمام عليه السّلام مخيّرا في إجراء الحدّ على من ارتكب الزناء أو اللواط ، ثمّ أقرّ، ثمّ تاب بعد الإقرار كذلك يتخيّر في إجراء الحدّ على المرأة التي أقرّت بالسحق، ثمّ تابت.

اجتماع الأجنبيّتين تحت إزار (5)أي المرأتان اللتان لا يكون بينهما رحم.

(6)فلا تعزير إذا لم تكونا مجرّدتين.

(7)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «تعزّر». يعني تعزّر كلّ واحدة من الأجنبيّتين بمقدار

ص: 184

(فإن عزّرتا مع تكرّر الفعل مرّتين حدّتا (1) في الثالثة (2))، فإن عادتا عزّرتا مرّتين، ثمّ حدّتا في الثالثة،(و على هذا) أبدا.

و قيل: تقتلان (3) في الثالثة.

و قيل: في الرابعة (4)، و المستند (5) ضعيف،

**********

شرح:

لا يبلغ الحدّ.

(1)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المساحقتين.

(2)أي لو عادت المرأتان المساحقتان إلى عمل السحق بعد التعزير مرّتين حكم بإجراء الحدّ عليهما في المرّة الثالثة.

(3)يعني قال بعض بقتل المساحقتين في المرّة الثالثة إذا عزّرتا مرّتين، و هذا في النومة الثالثة لا الاولى، فالقتل على هذا القول إنّما هو بعد إجراء ستّة تعزيرات و حدّين ثالثهما هذا القتل.

(4)يعني قال بعض بقتل المساحقتين في المرّة الرابعة بتوضيح مرّ في الهامش السابق، و نسب هذا القول إلى الشيخ في النهاية و ابن البرّاج و العلاّمة رحمهم اللّه.

(5)يعني أنّ مستند القول بالقتل في الرابعة ضعيف، و هو الرواية المنقولة في كتاب الاستبصار:

محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجليّ عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا ينبغي للمرأتين تنامان في لحاف واحد إلاّ و بينهما حاجز، فإن فعلتا نهيتا عن ذلك، فإن وجدهما بعد النهي في لحاف واحد جلدتا كلّ واحدة منهما حدّا حدّا، فإن اخذتا الثالثة في لحاف واحد حدّتا، فإن وجدتا الرابعة قتلتا (الاستبصار: ج 4 ص 217 ح 20).

أقول: وجه ضعف الرواية هو وقوع أبي خديجة - و هو سالم بن مكرّم بن عبد اللّه -

ص: 185

و قد تقدّم (1) وجه التقييد بالأجنبيّتين.

مساحقة الزوجة بكرا بعد ما وطئت

(و لو وطئ (2) زوجته فساحقت (3) بكرا فحملت) البكر (فالولد (4) للرجل)، لأنّه (5) مخلوق من مائه و لا موجب لانتفائه (6) عنه، فلا يقدح كونها (7) ليست فراشا له، و لا يلحق بالزوجة (8) قطعا، و لا بالبكر (9) على

**********

شرح:

في سندها، قال العلاّمة في كتابه (الخلاصة): إنّ الوجه الوجيه التوقّف فيما نقل عنه، للأقوال المتعارضة في حقّه.

(1)أي و قد تقدّم وجه تقييد المرأتين بكونهما أجنبيّتين في قول الشارح رحمه اللّه سابقا في الصفحة 180 في خصوص نوم الذكرين تحت إزار واحد حيث قال «و التقييد بنفي الرحم بينهما... إلخ».

مساحقة الزوجة بكرا بعد ما وطئت (2)فاعله هو الضمير العائد إلى الزوج المفهوم من الفعل و المفعول المذكورين في قوله «لو وطئ زوجته».

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى الزوجة، و المفعول هو قوله «بكرا».

(4)يعني أنّ الولد الذي يتولّد من البكر يتعلّق بزوج المرأة المساحقة.

(5)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى الولد، و في قوله «مائه» يرجع إلى الرجل.

(6)أي لا يوجد موجب لانتفاء الولد المتولّد من ماء الرجل عنه.

(7)الضمير في قوله «كونها» يرجع إلى البكر، و في قوله «له» يرجع إلى الرجل. يعني عدم كون البكر فراشا للرجل لا يمنع عن إلحاق الولد به.

و المراد من الفراش هو الزوجيّة.

(8)أي الزوجة التي ساحقت البكر.

(9)أي لا يلحق الولد بالبكر التي ساحقتها الزوجة أيضا.

ص: 186

الأقوى.

(و تحدّان) المرأتان (1) حدّ السحق (2)، لعدم الفرق فيه (3) بين المحصنة و غيرها.

(و يلزمها) أي الموطوءة (4)(ضمان مهر المثل للبكر)، لأنّها (5) سبب في إذهاب عذرتها (6)، و ديتها (7) مهر نسائها، و ليست (8) كالزانية المطاوعة، لأنّ الزانية أذنت في الاقتضاض (9)، بخلاف هذه (10).

و قيل: ترجم الموطوءة (11)، استنادا إلى رواية (12).

**********

شرح:

(1)و المراد من المرأتين هو زوجة الرجل و البكر التي ساحقتها.

(2)و قد علم أنّ حدّ السحق هو مائة سوط .

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى حدّ السحق.

(4)المراد من «الموطوءة» هو الزوجة التي كانت موطوءة لزوجها، ثمّ ساحقت بكرا.

(5)الضمير في قوله «لأنّها» يرجع إلى الموطوءة.

(6)الضمير في قوله «عذرتها» يرجع إلى البكر.

العذرة، ج عذر: البكارة (أقرب الموارد).

(7)الضمير في قوله «ديتها» يرجع إلى العذرة.

(8)أي ليست البكر المساحقة كالزانية التي طاوعت الزاني في الزناء، فإنّها لا دية لعذرتها، لإذنها في إذهاب العذرة.

(9)أي في افتضاض العذرة و البكارة.

(10)المشار إليه في قوله «هذه» هو البكر. يعني أنّ البكر فيما نحن فيه لم تأذن في إذهاب عذرتها، بل طاوعت المرأة المساحقة في المساحقة خاصّة.

(11)يعني قال بعض برجم المرأة الموطوءة التي ساحقت بكرا.

(12)الرواية منقولة في كتاب الوسائل :

ص: 187

ضعيفة السند (1) مخالفة لما دلّ على عدم رجم المساحقة مطلقا (2) من الأخبار الصحيحة (3).

و ابن إدريس نفى الأحكام الثلاثة (4)، أمّا الرجم (5) فلما ذكرناه، و

**********

شرح:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السّلام يقولان: بينما الحسن بن عليّ في مجلس أمير المؤمنين عليه السّلام إذ أقبل قوم، فقالوا: يا أبا محمّد أردنا أمير المؤمنين، قال: و ما حاجتكم ؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألة، قال: و ما هي تخبرونا به ؟ قالوا: امرأة جامعها زوجها، فلمّا قام عنها قامت بحموتها * فوقعت على جارية بكر فساحقتها فوقعت النطفة فيها، فحملت، فما تقول في هذا؟ فقال الحسن: معضلة و أبو الحسن لها، و أقول: فإن أصبت فمن اللّه و من أمير المؤمنين، و إن أخطأت فمن نفسي، فأرجو أن لا أخطأ إن شاء اللّه: يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أوّل وهلة، لأنّ الولد لا يخرج منها حتّى تشقّ فتذهب عذرتها، ثمّ ترجم المرأة، لأنّها محصنة، و ينتظر بالجارية حتّى تضع ما في بطنها، و يردّ الولد إلى أبيه صاحب النطفة، ثمّ تجلد الجارية الحدّ، قال: فانصرف القوم من عند الحسن عليه السّلام، فلقوا أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال: ما قلتم لأبي محمّد؟ و ما قال لكم ؟ فأخبروه، فقال: لو أنّني المسئول ما كان عندي فيها أكثر ممّا قال ابني (الوسائل:

ج 18 ص 426 ب 3 من أبواب حدّ السحق و القيادة من كتاب الحدود ح 1).

* أي شهوتها، و حمو الشيء حرّه و شدّته.

(1)لعلّ ضعف سند الرواية المذكورة مستند إلى وقوع أحمد بن محمّد بن خالد، فإنّه من الضعفاء.

(2)سواء كانت محصنة أم لا.

(3)راجع ذيل الهامش 4 من ص 183.

(4)المراد من «الأحكام الثلاثة» هو الرجم و إلحاق الولد بالرجل و ثبوت المهر للبكر.

(5)يعني أنّ ابن إدريس رحمه اللّه نفى الحكم برجم المرأة الموطوءة، لما ذكرناه من ضعف

ص: 188

أمّا إلحاق الولد (1) بالرجل فلعدم ولادته (2) على فراشه و الولد (3) للفراش، و أمّا المهر (4) فلأنّ البكر بغيّ بالمطاوعة (5)، فلا مهر لها (6).

و قد عرفت جوابه (7).

القيادة

تعريف القيادة

(و القيادة (8) الجمع بين فاعلي (9) الفاحشة).

**********

شرح:

الرواية الدالّة على الرجم و مخالفتها لما دلّ على عدم رجم المساحقة مطلقا.

(1)يعني و أمّا ردّ ابن إدريس إلحاق الولد بالرجل فلعدم ولادة الولد على فراش الرجل و الحال أنّ الولد للفراش.

(2)الضمير في قوله «ولادته» يرجع إلى الولد، و في قوله «فراشه» يرجع إلى الرجل.

(3)الواو للحاليّة. يعني و الحال أنّ الولد يتعلّق بصاحب الفراش.

(4)يعني و أمّا نفي ابن إدريس رحمه اللّه وجوب المهر للبكر فلأنّها بغيّ ، لمطاوعتها في المساحقة الواقعة بينها و بين المرأة الموطوءة.

(5)أي لإطاعتها و ميلها إلى الفعل الواقع.

(6)الضمير في قوله «لها» يرجع إلى البكر.

(7)الضمير في قوله «جوابه» يرجع إلى ابن إدريس رحمه اللّه. يعني و ممّا حقّقناه عرفت جوابه، أمّا نفي الرجم فقد عرفت وفاقنا له، لضعف مستند الرجم، و أمّا نفي الولد فقد قلنا: إنّ الولد يلحق بالرجل، لولادة الولد من مائه، و أمّا نفي المهر فمردود بأنّ المرأة هي موجبة لزوال البكارة.

القيادة تعريف القيادة (8)الثالث من المباحث الثلاثة التي يبحث عنها في هذا الفصل هو مبحث القيادة.

(9)بصيغة التثنية و قد سقطت النون بالإضافة، فإنّ أصله «فاعلين».

ص: 189

من (1) الزناء و اللواط و السحق.

ما تثبت به القيادة

(و تثبت (2) بالإقرار مرّتين من الكامل) بالبلوغ (3) و العقل و الحرّيّة (المختار) غير المكره (4)، و لو أقرّ مرّة واحدة عزّر،(أو بشهادة (5) شاهدين) ذكرين عدلين.

حدّ القيادة

(و الحدّ) للقيادة (خمس و سبعون جلدة (6)، حرّا كان) القائد (7)(أو عبدا، مسلما) كان (أو كافرا، رجلا) كان (أو امرأة).

(و قيل) - و القائل الشيخ -: يضاف إلى جلده (8) أن (يحلق رأسه و يشهّر (9)) في البلد.

**********

شرح:

(1) «من» بيانيّة. يعني أنّ الفاحشة هي الزناء و اللواط و السحق.

ما تثبت به القيادة (2)فاعله هو الضمير العائد إلى القيادة.

(3)يعني أنّ كمال المقرّ يحصل بالبلوغ و العقل و الحرّيّة.

(4)بصيغة اسم المفعول.

(5)أي تثبت القيادة بشهادة شاهدين عدلين.

حدّ القيادة (6)أي سوطا.

(7)و هو الفاعل للقيادة، يفهم من العبارة.

(8)الضمير في قوله «جلده» يرجع إلى القائد.

(9)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى القائد.

ص: 190

(و ينفى) عنه (1) إلى غيره من (2) الأمصار من غير تحديد لمدّة نفيه (3) (بأوّل (4) مرّة)، لرواية (5) عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و وافقه (6) المفيد على ذلك (7) إلاّ أنّه (8) جعل النفي في الثانية.

**********

شرح:

و المراد من التشهير هو تعريفه في البلد و أنّه قوّاد، ليظهر فساده للناس و يسقط عن الأنظار حتّى يحذروه و يأمنوا شرّه.

(1)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى البلد، و كذا الضمير في قوله «غيره».

(2)بيان لقوله «غيره»، أي غير البلد.

(3)يعني أنّ الشيخ رحمه اللّه مع قوله بالنفي لم يعيّن مدّة لنفيه إلى سائر الأمصار.

(4)الجارّ و المجرور يتعلّقان بقوله «ينفى». يعني أنّ النفي يكون في أوّل مرّة من ارتكابه القيادة.

(5)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أخبرني عن القوّاد ما حدّه ؟ قال: لا حدّ على القوّاد، أ ليس إنّما يعطى الأجر على أن يقود؟! قلت: جعلت فداك إنّما يجمع بين الذكر و الانثى حراما، قال: ذاك المؤلّف بين الذكر و الانثى حراما؟ فقلت: هو ذاك، قال: يضرب ثلاثة أرباع حدّ الزاني: خمسة و سبعين سوطا، و ينفى من المصر الذي هو فيه، الحديث (الوسائل: ج 18 ص 429 ب 5 من أبواب حدّ السحق و القيادة من كتاب الحدود ح 1).

(6)الضمير الملفوظ في قوله «وافقه» يرجع إلى الشيخ.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو نفي البلد. يعني أنّ المفيد رحمه اللّه وافق الشيخ رحمه اللّه في الحكم بنفي القائد عن البلد.

(8)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى المفيد. يعني أنّ المفيد وافق الشيخ في الحكم بالنفي إلاّ أنّه خصّ النفي بالمرتبة الثانية.

ص: 191

(و لا جزّ (1) على المرأة و لا شهرة و لا نفي)، للأصل (2)، و منافاة (3) النفي لما يجب مراعاته من (4) ستر المرأة.

عدم جواز الكفالة و التأخير في حدّ

(و لا كفالة (5) في حدّ) بأن يكفل (6) لمن ثبت عليه الحدّ إلى وقت متأخّر عن وقت ثبوته،(و لا تأخير فيه (7))، بل يستوفى (8) متى ثبت، و من ثمّ (9) حدّ شهود الزناء قبل كمالهم في مجلس الشهادة و إن كان الانتظار

**********

شرح:

(1)أي المرأة إذا قادت لم يحكم عليها بالجزّ و الشهرة و النفي.

(2)يعني أنّ الأصل هو عدم جعل الشارع الأحكام الثلاثة (الجزّ و الشهرة و النفي) في خصوص المرأة إذا قادت و شككنا فيها.

(3)بالجرّ، عطف على مدخول اللام الجارّة في قوله «للأصل». و هذا دليل آخر لعدم الحكم بنفي المرأة القائدة، و هو أنّ نفيها إلى سائر الأمصار ينافي سترها الذي يجب عليها أن تراعيه.

(4)بيان لقوله «ما يجب».

عدم جواز الكفالة و التأخير في حدّ (5)و قد تقدّم تعريف الكفالة في كتابها في قول المصنّف «و هي التعهّد بالنقل» في مقابل الضمان الذي هو التعهّد بالمال.

(6)هذا تفسير الكفالة في الحدّ، و هو كون الشخص كفيلا لمن ثبت عليه الحدّ حتّى يؤخّر الحدّ عنه إلى وقت معيّن متأخّر عن وقت ثبوته.

(7)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الحدّ.

(8)أي يستوفى الحدّ متى ثبت، و لا يؤخّر عن وقت الثبوت.

(9)يعني و لعدم جواز التأخير في استيفاء الحدّ يحكم بالحدّ على شهود الزناء قبل إكمالهم العدد.

ص: 192

يوجب كمال العدد (1)(إلاّ مع العذر) المانع من إقامته (2) ذلك الوقت (3)(أو توجّه ضرر به (4))، فتشرع الكفالة و التأخير إلى وقت القدرة (5).

عدم إسقاط الحدّ بشفاعة

(و لا شفاعة في إسقاطه (6))، لأنّه حقّ اللّه (7) أو مشترك (8)، و لا شفاعة في إسقاط حقّ اللّه تعالى (9)، قال النبيّ (10) صلّى اللّه عليه و آله: «لا كفالة في حدّ»، و قال (11)

**********

شرح:

(1)يعني و إن كان التأخير موجبا لكمال العدد المطلوب في الشهادة.

(2)الضمير في قوله «إقامته» يرجع إلى الحدّ.

(3)المراد من قوله «ذلك الوقت» هو وقت ثبوت الحدّ.

(4)يعني إذا توجّه الضرر نحو المحدود بالتعجيل في إجراء الحدّ عليه - كما إذا كان مريضا - فإذا يجوز التأخير.

(5)أي إلى وقت زوال العذر و الضرر عن المحدود.

عدم إسقاط الحدّ بشفاعة (6)الضمير في قوله «إسقاطه» يرجع إلى الحدّ.

(7)يعني أنّ بعض الحدود يكون حقّا صرفا للّه تعالى مثل حدّ الزناء.

(8)يعني أنّ بعض الحدود حقّ مشترك بين اللّه تعالى و بين الناس مثل حدّ القذف و السبّ .

(9)إنّ الشارح رحمه اللّه ذكر لكلّ واحد من عدم جواز الكفالة و عدم جواز الشفاعة و عدم جواز التأخير دليلا واحدا.

(10)هذا هو دليل عدم جواز الكفالة في الحدّ، و الرواية المنقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 333 ب 21 من أبواب مقدّمات الحدود من كتاب الحدود ح 21.

(11)هذا هو دليل عدم جواز الشفاعة في الحدّ، و هو الرواية المنقولة في كتاب الوسائل :

ص: 193

أمير المؤمنين عليه السّلام: «لا يشفعنّ أحد في حدّ»، و قال (1) عليه السّلام: «ليس في الحدود نظرة ساعة».

**********

شرح:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن السكونيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يشفعنّ أحد في حدّ إذا بلغ الإمام، فإنّه لا يملكه، و اشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم، و اشفع عند الإمام في غير الحدّ مع الرجوع من المشفوع له، و لا يشفع في حقّ امرئ مسلم و لا غيره إلاّ بإذنه (الوسائل: ج 18 ص 333 ب 20 من أبواب مقدّمات الحدود من كتاب الحدود ح 4).

(1)هذا هو دليل لعدم جواز التأخير في إجراء الحدّ، و هو الرواية المنقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 336 ب 25 من أبواب مقدّمات الحدود من كتاب الحدود ح 1.

ص: 194

الفصل الثالث في القذف

اشارة

(الفصل الثالث (1) في القذف)

تعريف القذف

(و هو) الرمي (2) بالزناء أو اللواط (مثل قوله: زنيت (3)) - بالفتح -(أو لطت (4) أو أنت زان أو لائط و شبهه) من الألفاظ الدالّة على القذف (مع الصراحة و المعرفة (5)) أي معرفة القاذف.

**********

شرح:

القذف تعريف القذف (1)يعني أنّ الفصل الثالث من فصول كتاب الحدود في حدّ القذف.

(2)أي نسبة الزناء أو اللواط .

رمى فلانا بكذا: عابه و قذفه و اتّهمه (أقرب الموارد).

من حواشي الكتاب: القذف لغة الرمي بالحجارة، و شرعا قيل: رمي المسلم الحرّ الكامل المستتر بالزناء أو اللواط ، و هو حرام بنصّ الكتاب و السنّة و الإجماع، بل العقل أيضا... إلخ (الرياض).

(3)بصيغة المخاطب.

(4)من لاط يلوط ، و صيغة المخاطب هو «لطت» و زان «قلت».

(5)بأن يعرف القاذف المعاني الموضوع لها الألفاظ ، و إلاّ لم يصدق القذف.

ص: 195

(بموضوع اللفظ بأيّ لغة كان (1)) و إن لم يعرف المواجه (2) معناه.

و لو كان القائل جاهلا بمدلوله (3) فإن عرف أنّه يفيد فائدة يكرهها (4) المواجه عزّر (5)، و إلاّ (6) فلا.

تفاصيل القذف

(أو قال (7) لولده الذي أقرّ به: لست ولدي أو لست (8) لأبيك) أو زنت بك (9) امّك.

و لم يكن قد أقرّ به (10)، لكنّه (11) لا حق به شرعا بدون الإقرار

**********

شرح:

(1)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى القذف.

(2)بصيغة اسم المفعول، أي و إن لم يعرف المخاطب معنى اللفظ .

و الضمير في قوله «معناه» يرجع إلى اللفظ .

(3)الضمير في قوله «بمدلوله» يرجع إلى اللفظ .

(4)الضمير في قوله «يكرهها» يرجع إلى الفائدة.

(5)بصيغة المجهول، جواب شرط ، و الشرط هو «فإن عرف»، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى القائل.

(6)يعني و إن لم يعرف أنّه يفيد فائدة يكرهها المخاطب فلا تعزير.

تفاصيل القذف (7)هذا مثال آخر للقذف بأن يقول شخص لولده الذي أقرّ بكونه ولدا له: لست ولدي.

(8)بصيغة المخاطب، و هذا مثال آخر لقذف الولد الذي أقرّ به.

(9)يعني ولدتك امّك من الزناء.

(10)فاعل قوله «أقرّ» هو الضمير الراجع إلى الوالد، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى الولد.

(11)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع إلى الولد، و في قوله «به» يرجع إلى الأب.

ص: 196

فكذلك (1)، لكن له (2) دفع الحدّ باللعان، بخلاف المقرّ به (3)، فإنّه لا ينتفي مطلقا (4).

(و لو قال لآخر) غير ولده (5):(زنى بك أبوك أو يا بن الزاني حدّ (6) للأب) خاصّة، لأنّه (7) قذف له دون المواجه (8)، لأنّه (9) لم ينسب إليه (10) فعلا، لكن يعزّر له (11)، كما سيأتي، لتأذّيه (12) به.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ استعمال العبارات المذكورة خطابا لمن يلحق به شرعا بدون الإقرار أيضا يكون قذفا.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع إلى القاذف. يعني يجوز للقاذف أن يدفع الحدّ عن نفسه في هذا الفرض باللعان.

(3)أي الولد الذي أقرّ بكونه منه.

(4)سواء لا عن القاذف في دفع الحدّ عنه أم لا.

(5)الضمير في قوله «ولده» يرجع إلى القاذف. يعني لو قال لغير ولده: زنى بك أبوك كان قذفا موجبا للحدّ عليه.

(6)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو قال». أي حدّ القاذف للأب لا للابن.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى القول المذكور، و الضمير في قوله «له» يرجع إلى الأب.

(8)أي لا يحدّ القاذف للمخاطب الذي قال له: زنى بك أبوك، أو قال له: يا بن الزاني.

(9)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى القاذف.

(10)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى المواجه.

(11)الضمير في قوله «له» يرجع إلى المواجه. يعني أنّ القاذف للأب يعزّر للابن.

(12)أي لتأذّي الابن بقذف الأب.

ص: 197

(و لو قال: زنت بك امّك (1) أو يا بن الزانية حدّ للأمّ (2)، و لو قال: يا بن الزانيين فلهما (3)، و لو قال: ولدت من الزناء فالظاهر القذف للأبوين)، لأنّ تولّده (4) إنّما يتحقّق بهما و قد نسبه (5) إلى الزناء، فيقوم بهما (6)، و يثبت الحدّ (7) لهما، و لأنّه (8) الظاهر عرفا.

و في مقابلة الظاهر كونه (9) قذفا للأمّ خاصّة، لاختصاصها (10) بالولادة ظاهرا.

و يضعّف (11) بأنّ نسبته (12) إليهما واحدة، و الاحتمال قائم فيهما (13)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ امّك ولدتك من الزناء.

(2)جواب شرط ، و الشرط هو قوله «لو قال».

(3)الضمير في قوله «فلهما» يرجع إلى الأب و الامّ .

(4)يعني أنّ الولد يتولّد من الأبوين.

(5)يعني و الحال أنّ القاذف نسب الولد إلى الزناء.

(6)الضمير في قوله «بهما» يرجع إلى الأبوين. يعني أنّ الزناء يتحقّق و يقوم بالأبوين.

(7)أي يثبت حدّ القذف للأبوين.

(8)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى إسناد الزناء إلى الأبوين. يعني أنّ للّفظ المذكور ظهورا عرفيّا في أنّ الرجل و المرأة كليهما زانيان، فيحدّ القاذف لهما.

(9)يعني و في مقابل الظاهر المذكور كون القول المذكور قذفا للأمّ خاصّة.

(10)الضمير في قوله «لاختصاصها» يرجع إلى الامّ . يعني أنّ الامّ تختصّ بالولادة على الظاهر.

(11)يعني أنّ القول بقذف الامّ خاصّة يضعّف بأنّ نسبة الزناء إلى الأبوين واحدة.

(12)الضمير في قوله «نسبته» يرجع إلى الزناء، و في قوله «إليهما» يرجع إلى الأبوين.

(13)يعني أنّ احتمال ارتكاب الزناء قائم في كلّ واحد من الأب و الامّ ، فلا يختصّ

ص: 198

بالشبهة (1)، فلا يختصّ أحدهما (2) به.

و ربّما قيل بانتفائه (3) لهما، لقيام الاحتمال (4) بالنسبة إلى كلّ واحد، و هو (5) دارئ للحدّ، إذ هو (6) شبهة.

و الأقوى الأوّل (7) إلاّ أن يدّعي (8) الإكراه أو الشبهة في أحد الجانبين، فينتفي حدّه (9).

(و من نسب الزناء إلى غير المواجه (10)) كالأمثلة السابقة (11)(فالحدّ للمنسوب إليه (12)، و يعزّر للمواجة إن تضمّن شتمه (13) و أذاه)، كما هو

**********

شرح:

بأحدهما.

(1)أي بشبهة الزناء.

(2)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع إلى الأبوين، و في قوله «به» يرجع إلى الزناء.

(3)الضمير في قوله «بانتفائه» يرجع إلى الحدّ، و في قوله «لهما» يرجع إلى الأبوين.

(4)أي لقيام احتمال الشبهة بالنسبة إلى كلّ واحد من الأب و الامّ .

(5)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الاحتمال.

(6)ضمير «هو» يرجع إلى الاحتمال.

(7)المراد من «الأوّل» هو القول بقذف الأبوين و الحدّ لكلّ واحد منهما.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى القاذف. يعني لو ادّعى القاذف الإكراه أو الشبهة في أحد الأبوين لم يجب عليه إلاّ حدّ واحد.

(9)الضمير في قوله «حدّه» يرجع إلى أحد الجانبين.

(10)يعني إلى غير المخاطب.

(11)المراد من «الأمثلة السابقة» هو قوله «زنت بك امّك» و «يا بن الزانية».

(12)المراد من «المنسوب إليه» هو الأب و الامّ في الأمثلة.

(13)الضميران في قوليه «شتمه» و «أذاه» يرجعان إلى المخاطب.

ص: 199

الظاهر في الجميع (1).

(و لو قال (2) لامرأة: زنيت بك احتمل الإكراه (3)، فلا يكون (4) قذفا لها)، لأنّ المكره (5) غير زان، و مجرّد الاحتمال (6) كاف في سقوط الحدّ، سواء ادّعاه (7) القاذف أم لا، لأنّه (8) شبهة يدرأ بها (9) الحدّ.

(و لا يثبت الزناء في حقّه (10) إلاّ بالإقرار أربع مرّات)، كما سبق (11).

و يحتمل كونه (12) قذفا،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الظاهر في جميع الأمثلة المذكورة هو شتم المواجه و أذاه.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى القاذف.

(3)أي احتمل الإكراه في جانب المرأة، لأنّ زناءه لا يلازم زناء المرأة.

(4)اسم «فلا يكون» هو الضمير العائد إلى القول المذكور. يعني أنّ قوله: زنيت بك لا يكون قذفا للمرأة.

(5)يعني أنّ من اكره على الزناء لا يطلق عليه الزاني.

(6)أي مجرّد احتمال الإكراه في جانب المرأة كاف في سقوط الحدّ عنها، لأنّ الحدود تدرأ بالشبهات.

(7)الضمير الملفوظ في قوله «ادّعاه» يرجع إلى الإكراه.

(8)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى مجرّد الاحتمال.

(9)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الشبهة.

(10)أي لا يثبت الزناء في حقّ القاذف بقوله: زنيت بك إلاّ بالإقرار أربع مرّات.

(11)أي كما سبق في الفصل الأوّل من فصول الكتاب في الصفحة 44 في قوله «و لا يجب حدّ الزناء إلاّ بأربع مرّات».

(12)الضمير في قوله «كونه» يرجع إلى قوله: «زنيت بك». يعني و يحتمل كون هذا القول قذفا للمخاطب.

ص: 200

لدلالة الظاهر عليه (1)، و لأنّ (2) الزناء فعل واحد يقع بين اثنين، و نسبة أحدهما إليه (3) بالفاعليّة، و الآخر بالمفعوليّة.

و فيه (4) أنّ اختلاف النسبة (5) يوجب التغاير، و المتحقّق منه (6) كونه هو الزاني.

و الأقوى أنّه (7) قذف لها، لما ذكر (8)، و لرواية (9) محمّد بن مسلم عن

**********

شرح:

(1)أي لدلالة ظاهر اللفظ على كونه قذفا للمخاطب.

(2)هذا دليل ثان لكون القول «زنيت بك» قذفا للمخاطب، و هو أنّ العمل الصادر - و هو الزناء - فعل واحد بالنسبة إليهما و قائم بهما و إن كان يختلف نسبته إليهما من حيث الفاعليّة و المفعوليّة.

(3)الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى الفعل الواحد.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى الدليل الثاني المشار إليه في الهامش 2 من هذه الصفحة. يعني أنّ الزناء و إن كان فعلا واحدا صادرا عنهما، لكن اختلاف النسبة من حيث الفاعليّة و المفعوليّة يوجب تغاير الحكم فيهما.

(5)يعني أنّ نسبة الفاعليّة و المفعوليّة توجب التغاير في معنى الزناء، لأنّه قد يتحقّق في طرف الرجل الذي هو فاعل، و لا يتحقّق في طرف المرأة التي هي مفعولة إذا كانت مكرهة.

(6)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى قوله: «زنيت بك». يعني أنّ المتحقّق من هذا القول هو كون قائله خاصّة زانيا.

(7)يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو كون قوله: زنيت بك قذفا للمرأة.

(8)أي لما ذكر من الظهور العرفيّ في كون هذا اللفظ قذفا للمرأة.

(9)الرواية منقولة في كتاب الوسائل :

ص: 201

الباقر عليه السّلام.

الألفاظ المفيدة للقذف أحيانا

(و الديّوث (1) و الكشخان (2))

**********

شرح:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل قال لامرأته: يا زانية أنا زنيت بك، قال: عليه حدّ واحد، لقذفه إيّاها، و أمّا قوله: أنا زنيت بك فلا حدّ فيه إلاّ أن يشهد على نفسه أربع شهادات بالزناء عند الإمام (الوسائل: ج 18 ص 446 ب 13 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 1).

الألفاظ المفيدة للقذف أحيانا (1)الديّوث من داث، ديثا: لان و سهل. ديّثه: ذلّله (المنجد).

و الديّوث: القوّاد على أهله، و الذي لا يغار على أهله ديّوث، و التدييث: القيادة، و في المحكم: الديّوث و الديبوث الذي يدخل الرجال على حرمته بحيث يراهم، كأنّه ليّن نفسه على ذلك (لسان العرب).

(2)قال السيّد كلانتر في تعليقته هنا: هذه اللفظة ليست في لغة العرب، و يحتمل أن تكون فارسيّة الأصل، و أنّها معرّبة مركّبة من كلمتين: «كج» و «خانه»، فعرّب «كج» فصار «كش»، و حذفت الهاء من آخر كلمة «خانه» فصار «خان».

و أصلها «خانه كج»، قدّم المضاف - و هو «كج» - على المضاف إليه - و هو «خانه» -، بناء على قاعدة الفرس من تقديمهم المضاف إليه على المضاف.

و معناه الدار المنحرفة عن الطريق المستقيم، لأنّ الذي يدخل الرجل على عورته و ناموسه لا بدّ أن يكون من طريق غير مستقيم و من غير أن يراه الناس.

و يحتمل أن تكون الدار كناية عن أهل الدار و نسائها الساكنات فيها، حيث إنّهنّ منحرفات.

أقول: هذا، و اللفظة - هذه - مذكورة في لسان العرب بما يأتي نصّه ذيلا:

ص: 202

(و القرنان (1) قد تفيد القذف في عرف القائل (2)، فيجب الحدّ للمنسوب إليه (3)) مدلول (4) هذه الألفاظ من الأفعال، و هو (5) أنّه قوّاد على زوجته (6) أو غيرها (7) من أرحامه (8).

**********

شرح:

-الكشخان: الديّوث، و هو دخيل في كلام العرب؛ و يقال للشاتم: لا تكشخ فلانا.

قال الليث: الكشخان ليس من كلام العرب، فإن اعرب قيل: كشخان على فعلان.

قال الأزهريّ :... و لا يجوز أن يكون عربيّا، لأنّه يكون على مثال فعلال، و فعلال لا يكون في غير المضاعف، فهو بناء عقيم، فافهمه.

و الكشخنة: مولّدة ليست عربيّة.

(1)القرنان: الذي يشارك في امرأته كأنّه يقرن به غيره، عربيّ صحيح حكاه كراع.

التهذيب: القرنان نعت سوء في الرجل الذي لا غيرة له.

قال الأزهريّ : هذا من كلام الحاضرة، و لم أر البوادي لفظوا به و لا عرفوه (لسان العرب).

(2)أي قائل هذه الألفاظ إذا كان من سواد الناس.

(3)المراد من «المنسوب إليه» هو المقذوف. يعني أنّ قائل هذه الألفاظ يحدّ لمن نسب إليه مدلول هذه الألفاظ .

(4)هذا نائب الفاعل لقوله «المنسوب إليه»، فيكون المعنى أنّ قائل هذه الألفاظ يحدّ بما نسب إلى المخاطب المقذوف مدلول هذه الألفاظ .

(5)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى مدلول هذه الألفاظ ، و في قوله «أنّه» يرجع إلى المقذوف المنسوب إليه.

(6)كما هو معنى الديّوث.

(7)أي غير زوجته من أرحامه، مثل الاخت و البنت و غيرهما.

(8)الضمير في قوله «أرحامه» يرجع إلى المقذوف.

ص: 203

(و إن لم تفد (1)) ذلك (2)(في عرفه)، نظرا إلى أنّها (3) لغة غير موضوعة لذلك (4)، و لم يستعملها (5) أهل العرف فيه (6)،(و أفادت (7) شتما) لا يبلغ (8) حدّ النسبة إلى ما يوجب الحدّ (عزّر) القائل (9)، كما في كلّ شاتم (10) بمحرّم (11).

و الديّوث: الذي لا غيرة له، قاله (12) الجوهريّ .

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى الألفاظ الثلاثة المذكورة.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو القذف، و الضمير في قوله «عرفه» يرجع إلى القائل.

(3)يعني أنّ الألفاظ المذكورة لم توضع في اللغة للقذف.

(4)المشار إليه في قوله «لذلك» هو القذف.

(5)الضمير في قوله «لم يستعملها» يرجع إلى الألفاظ المذكورة.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى القذف.

(7)أي أفادت الألفاظ المذكورة شتما للمقذوف.

(8)الجملة صفة لقوله «شتما». يعني إذا أفادت الألفاظ المذكورة شتما بحيث لا يبلغ حدّ النسبة إلى ما يوجب الحدّ عزّر القائل.

(9)أي عزّر قائل هذه الألفاظ .

(10)بصيغة اسم الفاعل من شتم يشتم.

(11)كالألفاظ التي توجب الإهانة.

(12)الضمير في قوله «قاله» يرجع إلى المعنى المذكور ل «الديّوث». و الجوهريّ هو أبو نصر إسماعيل، ولد في فاراب (تركيا) و توفّي في نيسابور. من مشاهير أصحاب المعاجم. عاش زمنا بين قبائل البدو لا سيّما ربيعة و مضر، فتمكّن من اللغة و تحقّق معاني ألفاظها و كان خطّاطا ماهرا. علّم في نيسابور و اصيب بالسويداء فرمى

ص: 204

و قيل: الذي يدخل الرجال على امرأته (1).

قال تغلب: و القرنان و الكشخان لم أرهما (2) في كلام العرب، و معناه عند العامّة (3) مثل معنى الديّوث أو قريب منه (4).

و قيل: القرنان من يدخل (5) على بناته، و الكشخان من يدخل على أخواته (6).

(و لو لم يعلم) القائل (فائدتها (7) أصلا) بأن لم يكن من أهل العرف بوضعها (8) لشيء من ذلك، و لا اطّلع (9) على معناها لغة

**********

شرح:

بنفسه عن سطح بيته. أشهر مؤلّفاته «تاج اللغة و صحاح العربيّة» المعروف ب «الصحاح»، و هو معجم جمع فيه نحو 40 ألف كلمة، ترتيبها الأبجديّ على أواخر الكلم، و سبقه إلى هذا النسق خاله الفارابيّ أبو إبراهيم إسحاق في معجمه «ديوان الأدب»، و لا يخلو معجمه من الخلل و الغلط فنقّحه بعد موته تلميذه إبراهيم بن صالح الورّاق (راجع أعلام المنجد).

(1)يعني قال بعض: إنّ الديّوث هو الذي يدخل الغير على امرأته.

(2)الضمير في قوله «لم أرهما» يرجع إلى لفظي «الكشخان» و «القرنان».

(3)يعني معنى كلّ واحد من الكشخان و القرنان عند عامّة الناس مثل معنى الديّوث.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى الديّوث.

(5)أي يدخل الرجال على بناته.

(6)الضمير في قوله «أخواته» يرجع إلى «من» الموصولة المراد منها الكشخان.

(7)الضمير في قوله «فائدتها» يرجع إلى الألفاظ الثلاثة المذكورة.

(8)أي لم يعلم قائل هذه الألفاظ بوضعها لما تقدّم من المعاني.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى قائل الألفاظ المذكورة، و الضمير في قوله «معناها» يرجع إلى هذه الألفاظ .

ص: 205

(فلا شيء عليه (1)).

(و كذا) القول (في كلّ قذف جرى على لسان من لا يعلم معناه (2))، لعدم قصد شيء من القذف و لا الأذى (3) و إن أفاد (4) في عرف المقول له.

حكم ما يوجب الإيذاء و التعريض

(و التأذّي (5)) أي قول ما يوجب أذى المقول له من الألفاظ الموجبة له (6) مع العلم بكونها (7) موذية و ليست (8) موضوعة للقذف عرفا و لا وضعا (و التعريض (9)) بالقذف.

**********

شرح:

(1)أي فلا شيء على قائل هذه الألفاظ .

(2)أي لا شيء على أحد تلفّظ بلفظ لا يعلم معناه الموضوع له في اللغة أو المستعمل في العرف.

(3)أي لعدم قصد المتلفّظ بلفظ لا يعلم معناه القذف و لا الأذى بالنسبة إلى المقذوف.

(4)أي و إن أفاد قذفا أو أذى في عرف المقول له.

حكم ما يوجب الإيذاء و التعريض (5)هذا مبتدأ، خبره قوله «يوجب التعزير». و الأولى إتيان لفظ «الإيذاء»، لأنّ التأذّي من باب التفعّل، و هو لقبول الفعل و المطاوعة له، بخلاف الإيذاء الذي هو من باب الإفعال.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع إلى التأذّي.

(7)أي مع علم القائل بكون الألفاظ موذية للمقول له.

(8)الواو تكون للحاليّة، و اسم «ليست» هو الضمير العائد إلى الألفاظ . يعني أنّ استعمال هذه الألفاظ و لو لم تكن موضوعة للقذف، لكن مع علم القائل بكونها موذية للمخاطب يكون موجبا للتعزير.

(9)عطف على قوله «التأذّي». يعني أنّ التعريض بالقذف أيضا يوجب التعزير.

ص: 206

دون التصريح به (1)(يوجب (2) التعزير)، لأنّه (3) محرّم (لا الحدّ)، لعدم القذف الصريح (مثل) قوله:(هو ولد حرام)، هذا يصلح مثالا للأمرين (4)، لأنّه (5) يوجب الأذى، و فيه تعريض بكونه (6) ولد زناء، لكنّه (7) محتمل لغيره بأن يكون ولد بفعل محرّم و إن كان من أبويه بأن (8) استولده حالة الحيض أو الإحرام (9) عالما (10)، و مثله (11): لست بولد حلال، و قد يراد

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع إلى القذف.

(2)خبر لقوليه «التأذّي» و «التعريض»، فكان على المصنّف رحمه اللّه أن يقول «يوجبان التعزير»، لما لا يخفى!

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى كلّ واحد من التأذّي و التعريض.

(4)المراد من «الأمرين» هو التأذّي و التعريض.

(5)يعني أنّ القول المذكور يوجب أذى المقول له، و فيه تعريض أيضا.

(6)أي بكون المقول له ولد زناء.

(7)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع إلى قول القائل: هو ولد حرام. يعني كما يحتمل أن يدلّ هذا القول على كون المخاطب ولد زناء كذلك يحتمل أن يدلّ على عدم كونه ولد زناء، مثل كونه ولد بفعل حرام لا ينافي كونه من أبويه.

(8)مثال لكونه ولد من الحرام بغير الزناء، و هو أنّ الزوج إذا استولد ولدا في حالة حيض زوجته فإنّه يصدق عليه أنّه ولد حرام، لكن لا من الزناء.

(9)هذا مثال آخر لكون الولد من الحرام لا من حيث الزناء، لأنّ الزوجة محرّمة على الزوج في حال الإحرام.

(10)أي في حال كون الزوج عالما بحرمة الوطي حالة الحيض أو الإحرام.

(11)يعني و مثل قول القائل: هو ولد حرام قوله: لست بولد حلال.

ص: 207

به (1) عرفا أنّه ليس بطاهر الأخلاق و لا وفيّ بالأمانات و الوعود و نحو ذلك (2)، فهو (3) أذى على كلّ حال، و قد يكون (4) تعريضا بالقذف.

(أو أنا لست بزان (5))، هذا مثال للتعريض بكون المقول له أو المنبّه (6) عليه زانيا،(و لا امّي زانية)، تعريض بكون أمّ المعرّض به (7) زانية.

(أو يقول (8) لزوجته: لم أجدك عذراء (9)) أي بكرا، فإنّه تعريض بكونها (10) زنت قبل تزويجه (11)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع إلى قول القائل: «لست بولد حلال». يعني قد يراد بهذا اللفظ غير طاهر الأخلاق أو غير الوفيّ بالأمانات و الوعود.

(2)من الأخلاق السيّئة.

(3)الضمير في قوله «فهو» يرجع إلى قول القائل: «لست بولد حلال». يعني أنّ هذا القول يوجب أذى المقول له على كلّ حال.

(4)اسم «يكون» هو الضمير العائد إلى قول القائل: «لست بولد حلال». يعني قد يكون القول المذكور تعريضا بالقذف إذا قصد منه القذف.

(5)عطف على قوله «هو ولد حرام». يعني قول القائل: أنا لست بزان تعريض بكون المقول له زانيا.

(6)و هو الذي ينبّه القائل عليه بأنّه ليس بزان.

(7)أي المخاطب الذي يعرّضه القائل بالقذف.

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى الزوج المفهوم من القرينة، و الضمير في قوله «لزوجته» أيضا يرجع إلى الزوج.

(9)العذراء، ج العذارى و العذارى و العذراوات: البكر (المنجد).

(10)الضمير في قوله «بكونها» يرجع إلى الزوجة.

(11)الضمير في قوله «تزويجه» يرجع إلى الزوج.

ص: 208

و ذهبت بكارتها (1)، مع احتماله (2) غيره بأن يكون ذهابها بالنزوة (3) أو الحرقوص (4)، فلا يكون (5) حراما، فمن ثمّ كان (6) تعريضا، بل يمكن دخوله (7) فيما يوجب التأذّي مطلقا (8)، و روى زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل قال لامرأته: لم أجدك عذراء، قال: «ليس عليه شيء، لأنّ العذرة تذهب بغير جماع» (9)،

**********

شرح:

(1)أي ذهبت بكارة الزوجة قبل التزويج.

(2)الضمير في قوله «احتماله» يرجع إلى القول المذكور: «لم أجدك عذراء». يعني أنّ هذا القول يحتمل فيه عدم التعريض بكون الزوجة زنت و ذهبت بكارتها بالزناء.

(3)النزوة من نزا ينزو نزوا و نزوّا و نزوانا: وثب (المنجد).

(4)الحرقوص: دويبّة نحو البرغوث، و ربّما نبت له جناحان فطار (أقرب الموارد).

الحرقوص: هنيّ مثل الحصاة صغير اسيّد اريقط بحمرة و صفرة، و لونه الغالب عليه السواد، يجتمع و يتبلّج تحت الأناسيّ و في أرفاغهم و يعضّهم و يشقّق الأسقية.

التهذيب: الحراقيص دويبات صغار تنقب الأساقي و تقرضها، و تدخل في فروج النساء، و هي من جنس الجعلان إلاّ أنّها أصغر منها، و هي سود منقطعة ببياض (لسان العرب).

(5)اسم «لا يكون» هو الضمير العائد إلى قول القائل: «لم أجدك عذراء». يعني أنّ هذا القول يمكن أن لا يكون حراما، لاحتمال ذهاب البكارة بالنزوة و الحرقوص.

(6)أي و للاحتمال المذكور يكون القول المذكور تعريضا.

(7)الضمير في قوله «دخوله» يرجع إلى قول القائل: «لم أجدك عذراء».

(8)أي سواء كان تعريضا أم لا.

(9)الرواية منقولة في كتاب التهذيب هكذا :

ص: 209

و تحمل (1) على أنّ المنفيّ الحدّ، لرواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:

«يضرب» (2).

حكم ما يكرهه المخاطب

(و كذا يعزّر (3) بكلّ ما) - أي قول -(يكرهه (4) المواجه)، بل المنسوب إليه و إن لم يكن (5) حاضرا، لأنّ ضابط التعزير فعل (6) المحرّم، و هو غير

**********

شرح:

يونس عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل قال لامرأته: لم تأتيني عذراء، قال:

ليس عليه شيء، لأنّ العذرة تذهب بغير جماع (التهذيب: ج 10 ص 78 ح 65).

و لا يخفى أنّ الرواية هذه منقولة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لا عن أبي جعفر عليه السّلام، و أنّ الموجود فيها «لم تأتيني» بدل «لم أجدك».

(1)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الرواية المذكورة. يعني أنّ قوله عليه السّلام: «ليس عليه شيء» يحمل على الحدّ. يعني ليس عليه حدّ، فلا ينافي ثبوت التعزير على الزوج بقوله: لم أجدك عذراء.

(2)هذه الرواية أيضا منقولة في كتاب التهذيب:

يونس عن إسحاق بن عمّار عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في رجل قال لامرأته: لم أجدك عذراء، قال: يضرب، قلت: فإن عاد؟ قال: يضرب، فإنّه يوشك أن ينتهي (التهذيب: ج 10 ص 77 ح 64).

حكم ما يكرهه المخاطب (3)بصيغة المجهول، أي و كذا يعزّر القائل بكلّ ما يكرهه المخاطب.

(4)الضمير الملفوظ في قوله «يكرهه» يرجع إلى «ما» الموصولة المراد منها القول.

و المراد من المواجه - بصيغة اسم المفعول - هو المخاطب.

(5)أي و إن لم يكن الذي نسب القول إليه حاضرا في مجلس التكلّم به.

(6)يعني أنّ الملاك لثبوت التعزير هو الإتيان بالعمل المحرّم كالشتم، و هو غير مشروط

ص: 210

مشروط بحضور المشتوم (1)(مثل الفاسق (2) و شارب الخمر و هو (3) مستتر) بفسقه و شربه، فلو كان (4) متظاهرا بالفسق لم يكن له حرمة.

(و كذا (5) الخنزير و الكلب و الحقير (6) و الوضيع) و الكافر و المرتدّ (7) و كلّ كلمة تفيد الأذى عرفا (8) أو وضعا مع علمه (9) بها، فإنّها (10) توجب التعزير (إلاّ مع كون المخاطب مستحقّا للاستخفاف به (11))، لتظاهره (12)

**********

شرح:

بحضور من نسب الشتم إليه.

(1)المراد من «المشتوم» هو الذي نسب القول المكروه إليه.

(2)هذا مثال قول يكرهه المخاطب أو الغائب.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى المنسوب إليه الفسق و شرب الخمر.

(4)أي فلو كان المنسوب إليه الفسق و الشرب متظاهرا بعمله - بأن يشرب الخمر في منظر عامّ و يرتكب الفسق على رءوس الأشهاد - فهو يسقط عن الحرمة، فتجوز غيبته و تعيّبه.

(5)أي و مثل الفاسق و شارب الخمر هو أن يقال للمخاطب: الخنزير و ما ذكره بعده، و وجه الشبه و المماثلة هو الحرمة و ثبوت التعزير على القائل.

(6)بأن يقول: أنت أو فلان حقير أو وضيع.

(7)مثل ما إذا قال: أنت أو فلان مرتدّ عن دينك أو دينه.

(8)أي و إن لم توضع الكلمة للأذى بالوضع، لكن أوجبها عند العرف.

(9)الضمير في قوله «علمه» يرجع إلى القائل، و في قوله «بها» يرجع إلى الأذى.

(10)الضمير في قوله «فإنّها» يرجع إلى الألفاظ المذكورة.

(11)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المنسوب إليه المخاطب.

(12)هذا تعليل لجواز استخفاف المنسوب إليه، و هو كونه متظاهرا بالفسق.

ص: 211

بالفسق، فيصحّ مواجهته (1) بما تكون نسبته إليه حقّا لا بالكذب (2).

و هل يشترط مع ذلك (3) جعله (4) على طريق النهي (5) فيشترط شروطه (6)، أم يجوز الاستخفاف به (7) مطلقا (8)؟ ظاهر النصّ و الفتاوى الثاني (9)،

**********

شرح:

(1)أي يصحّ مخاطبة المنسوب إليه بما تكون نسبته إليه صدقا، كما إذا كان متظاهرا بالشرب، فيجوز أن يقال له: أنت شارب الخمر، و هكذا القول في غيبته.

(2)فلا يجوز أن يواجه المتظاهر بالشرب بأن يقال له: أنت زان أو سارق أو غير ذلك ممّا يكون كذبا في حقّه.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو استحقاق المنسوب إليه للاستخفاف و كون النسبة حقّا.

(4)الضمير في قوله «جعله» يرجع إلى القول الصادق في حقّ المنسوب إليه.

(5)بأن يقصد القائل من القول المذكور النهي عن المنكر.

(6)يعني لو كان جواز القول المذكور في حقّ المنسوب إليه من باب النهي عن المنكر اشترط فيه شرائطه، و قد تقدّم هذه الشرائط في كتاب الجهاد، و أنّها أربع:

الاولى: علم الناهي بكون ما ينهى عنه منكرا.

الثانية: إصرار فاعل المنكر على فعله.

الثالثة: احتمال الناهي التأثير في نهيه.

الرابعة: أمان الناهي من الضرر بنفسه أو بغيره من المؤمنين.

فلو لم تجتمع هذه الشرائط لم يجز النهي عن المنكر.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى المنسوب إليه.

(8)أي سواء كان من قبيل النهي عن المنكر أم لا.

(9)المراد من «الثاني» هو جواز الاستخفاف بالمنسوب إليه مطلقا، سواء كان قوله

ص: 212

و الأوّل (1) أحوط .

ما يعتبر في القاذف

(و يعتبر في القاذف) الذي يحدّ (الكمال (2)) بالبلوغ و العقل،(فيعزّر الصبيّ ) خاصّة (3)،(و يؤدّب المجنون) بما يراه الحاكم فيهما (4)، و الأدب في معنى التعزير (5)، كما سلف.

(و في اشتراط (6) الحرّيّة في كمال الحدّ (7)) فيحدّ (8) العبد و الأمة أربعين، أو عدم الاشتراط (9) فيساويان (10) الحرّ (قولان)،

**********

شرح:

على طريق النهي عن المنكر أم لا.

(1)المراد من «الأوّل» هو اشتراط جعل القول المذكور على طريق النهي عن المنكر.

ما يعتبر في القاذف (2)بالرفع، نائب فاعل لقوله «يعتبر».

(3)أي لا يثبت الحدّ على الصبيّ إذا كان قاذفا، بل يثبت في حقّه التعزير خاصّة.

(4)الضمير في قوله «فيهما» يرجع إلى الصبيّ و المجنون.

(5)يعني أنّ لفظي «الأدب» و «التعزير» مترادفان و بمعنى واحد.

و المراد من قوله «كما سلف» هو ما سلف من قول المصنّف رحمه اللّه في الصفحة 166 «و التأديب في معنى التعزير هنا».

(6)خبر مقدّم لقوله «قولان».

(7)المراد من «كمال الحدّ» هو الحدّ الكامل: ثمانون سوطا.

(8)يعني لو اشترطت الحرّيّة في الحدّ الكامل حدّ العبد و الأمة للقذف أربعين سوطا، و هي نصف الحدّ الكامل.

(9)يعني أو لا تشترط الحرّيّة في الحدّ الكامل، بل يجري في الحرّ و العبد بالتساوي.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى العبد و الأمة من جانب، و الحرّ من جانب آخر.

ص: 213

أقواهما (1) و أشهرهما الثاني (2)، لعموم وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ (1) (3)، و لقول الصادق عليه السّلام في حسنة الحلبيّ : «إذا قذف العبد الحرّ جلد ثمانين» (4) و غيرها (5) من الأخبار.

و القول بالتنصيف (6) على المملوك للشيخ في المبسوط ،

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «أقواهما» و «أشهرهما» يرجعان إلى القولين.

(2)المراد من «الثاني» هو مساواة العبد و الأمة للحرّ في الحدّ الكامل.

(3)الآية (4) من سورة النور: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (2) .

و الآية - كما ترى - تدلّ على ثبوت ثمانين جلدة على كلّ من قذف المحصنات و لم يأت بأربعة شهداء، حرّا كان القاذف أم عبدا أم أمة، و لا مخصّص لها لا متّصلا و لا منفصلا.

(4)الرواية منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 435 ب 4 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 4.

(5)الضمير في قوله «غيرها» يرجع إلى حسنة الحلبيّ . يعني و أخبار اخر أيضا تدلّ على تساوي حدّ القذف بين الحرّ و العبد، ننقل اثنتين منها من كتاب الوسائل:

الأوّل: محمّد بن يعقوب بإسناده عن أبي الصباح الكنانيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال:

سألته عن عبد افترى على حرّ، قال: يجلد ثمانين (الوسائل: ج 18 ص 435 ب 4 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 7).

الثاني: محمّد بن يعقوب بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في مملوك قذف حرّة محصنة، قال: يجلد ثمانين، لأنّه إنّما يجلد بحقّها (المصدر السابق: ح 8).

(6)يعني أنّ القول بكون حدّ المملوك نصف حدّ الحرّ في القذف هو للشيخ الطوسيّ رحمه اللّه في كتابه (المبسوط ).

ص: 214


1- سوره 24 - آیه 4
2- سوره 24 - آیه 4

لأصالة (1) البراءة من الزائد، و قوله تعالى: فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (1) (2)، و لرواية (3) القاسم بن سليمان عنه (4).

و يضعّف (5) بأنّ الأصل (6) قد عدل عنه للدليل (7)، و المراد بالفاحشة (8) الزناء، كما نقله المفسّرون (9)

**********

شرح:

(1)استدلّ الشيخ على قوله بالتصيف بأمرين:

أ: أصالة البراءة.

ب: الآية الشريفة و الرواية.

(2)الآية 25 من سورة النساء.

(3)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن القاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العبد إذا افترى على الحرّ كم يجلد؟ قال: أربعين، و قال: إذا أتى بفاحشة فعليه نصف العذاب (الوسائل: ج 18 ص 437 ب 4 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 15).

(4)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى الصادق عليه السّلام.

(5)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى قول الشيخ رحمه اللّه بالتنصيف.

(6)و هو الأصل الذي استند إليه الشيخ، و هو أصالة البراءة من الزائد من النصف.

(7)و المراد من «الدليل» هو حسنة الحلبيّ المتقدّمة الدالّة على عدم التنصيف.

(8)يعني أنّ المراد من «الفاحشة» في قوله تعالى: فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ (2) هو الزناء لا ارتكابهنّ لمطلق المحرّم حتّى يشمل ارتكابهنّ للقذف و يكون دليلا لما اختاره الشيخ رحمه اللّه من تنصيف حدّ القذف عليهنّ .

(9)قال الطبرسيّ رحمه اللّه صاحب مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ (3) :

ص: 215


1- سوره 4 - آیه 25
2- سوره 4 - آیه 25
3- سوره 4 - آیه 25

و يظهر (1) من اقترانهنّ بالمحصنات، و الرواية (2) مع ضعف سندها (3) و

**********

شرح:

أي إن زنين، و قال أيضا: في تفسير قوله تعالى: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (1) : أي نصف ما على الحرائر من حدّ الزناء، و هو خمسون جلدة نصف حدّ الحرّة.

(1)عطف على مدخول كاف التشبيه في قوله «كما نقله المفسّرون». يعني أنّ المراد من الفاحشة هو الزناء، لأمرين:

أ: تفسير المفسّرين، كما تقدّم.

ب: اقتران المملوكات بالمحصنات في الآية، لأنّ النساء لا يعبّر عنهنّ بالمحصنات إلاّ في خصوص الزناء.

(2)يعني الرواية المتقدّمة عن القاسم بن سليمان التي استند إليها الشيخ رحمه اللّه لقوله بتنصيف الحدّ الثابت على المملوك القاذف.

(3)الضمير في قوله «سندها» يرجع إلى الرواية.

قال بعض معاصرينا في مقام بيان وجه الضعف: لعلّ وجه ضعف الرواية هو نقل القاسم بن سليمان الواقع في سند الرواية عن أبي المفضّل و ابن بطّة، و كلاهما ضعيفان.

و قال أيضا: إنّ الشيخ رحمه اللّه قال في كتابه (التهذيب) بعد نقل هذه الرواية: إنّها شاذّة و مخالفة لظاهر القرآن و الأخبار الكثيرة التي قدّمناها، و ما هذا حكمه لا يعمل به و لا يعترض بمثله.

فأمّا مخالفته لظاهر القرآن فلأنّ اللّه تعالى قال: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ (2) إلى قوله فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً (3) ، و ذلك عامّ في كلّ قاذف، حرّا كان أو عبدا.

و أمّا قوله تعالى: فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ (4) فذلك مخصوص بالزناء، لما بيّنّاه من الأخبار و أنّه لا يجوز تناقضها (المباحث الفقهيّة).

ص: 216


1- سوره 4 - آیه 25
2- سوره 24 - آیه 4
3- سوره 24 - آیه 4
4- سوره 4 - آیه 25

شذوذها لا تعارض (1) الأخبار الكثيرة، بل الإجماع (2) - على ما ذكره (3) المصنّف و غيره -، و العجب أنّ المصنّف في الشرح (4) تعجّب من المحقّق و العلاّمة حيث نقلا (5) فيها قولين (6)، و لم يرجّحا أحدهما (7) مع ظهور الترجيح (8)، فإنّ القول بالأربعين نادر (9) جدّا، ثمّ تبعهم (10) على ما (11)

**********

شرح:

(1)خبر لقوله «الرواية». يعني أنّ الرواية مع ضعف سندها و شذوذها لا تعارض الأخبار الكثيرة الدالّة على عدم تنصيف حدّ القذف في خصوص المملوك.

(2)يعني بل هناك إجماع على أنّ العبد مساو للحرّ في حدّ القذف.

(3)الضمير في قوله «ذكره» يرجع إلى «ما» الموصولة، و في قوله «غيره» يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه.

(4)أي في كتابه المسمّى بشرح الإرشاد.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المحقّق و العلاّمة رحمهما اللّه، و الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى مسألة اشتراط الحرّيّة في كمال حدّ القاذف، و هو ثمانون جلدة.

(6)مفعول لقوله «نقلا».

(7)أي لم يرجّح المحقّق و العلاّمة أحد القولين بعد ما نقلاهما.

(8)أي مع ظهور الترجيح للقول بتساوي الحرّ و المملوك في حدّ القذف.

وجه الترجيح هو كون القول بالتنصيف شاذّا و كون مستنده ضعيفا و كون دليل التساوي عموم الآية مع عدم مخصّص لها لا متّصلا و لا منفصلا، و مع دلالة حسنة الحلبيّ أيضا على التساوي.

(9)خبر لقوله «إنّ ». يعني أنّ القول بتنصيف حدّ القذف في خصوص المملوك نادر جدّا.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه، و ضمير المفعول يرجع إلى المحقّق و العلاّمة و تابعيهم رحمهم اللّه.

(11)أي تبعهم المصنّف على ما تعجّب من المحقّق و العلاّمة، و هو نقلهما في المسألة قولين

ص: 217

تعجّب منه (1) هنا (2).

ما يشترط في المقذوف

(و يشترط في المقذوف (3) الإحصان)، و هو (4) يطلق على التزويج، كما في قوله تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ (1) (5) و مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ (2) (6)، و على الإسلام (7)، و منه (8) قوله تعالى: فَإِذا أُحْصِنَّ (3) (9)، قال ابن مسعود: إحصانها (10) إسلامها، و على الحرّيّة (11)، و

**********

شرح:

مع عدم ترجيح أحدهما.

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى «ما» الموصولة.

(2)المشار إليه في قوله «هنا» هو كتاب اللمعة الدمشقيّة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه تبع المحقّق و العلاّمة رحمهما اللّه في هذا الكتاب مع تعجّبه منهما في كتابه (شرح الإرشاد)، و موضع تبعيّته إيّاهم هنا هو قوله في الصفحة 213 «و في اشتراط الحرّيّة في كمال الحدّ قولان».

ما يشترط في المقذوف (3)أي الذي نسب الفسق إليه.

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الإحصان. يعني أنّ الإحصان يطلق على المعاني المتعدّدة كالتزويج و الإسلام و الحرّيّة.

(5)الآية 24 من سورة النساء.

(6)الآية 25 من سورة النساء.

(7)عطف على قوله «على التزويج». يعني أنّ الإحصان يطلق على الإسلام أيضا.

(8)أي و من موارد إطلاق الإحصان على الإسلام هو قوله تعالى في الآية المذكورة.

(9)الآية 25 من سورة النساء.

(10)الضميران في قوليه «إحصانها» و «إسلامها» يرجعان إلى النساء.

(11)عطف على قوله «على التزويج». يعني أنّ الإحصان يطلق على الحرّيّة أيضا.

ص: 218


1- سوره 4 - آیه 24
2- سوره 4 - آیه 25
3- سوره 4 - آیه 25

منه (1) قوله تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ (1) (2) و قوله (3) تعالى: وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ (2) ، و على (4) اجتماع الامور الخمسة التي نبّه (5) عليها هنا (6) بقوله:

(و أعني) بالإحصان هنا (7)(البلوغ و العقل و الحرّيّة و الإسلام و العفّة، فمن اجتمعت فيه (8) هذه الأوصاف) الخمسة (وجب الحدّ بقذفه (9)، و إلاّ) تجتمع (10) - بأن فقدت جمع (11).

**********

شرح:

(1)أي و من موارد إطلاق الإحصان على الحرّيّة هو قوله تعالى المذكور.

(2)الآية 25 من سورة النساء.

(3)أي و من موارد إطلاق الإحصان على الحرّيّة هو الآية 5 من سورة المائدة.

(4)عطف على قوله «على التزويج». يعني يطلق الإحصان على اجتماع الامور الخمسة التي سينبّه عليها المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب.

(5)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف، و الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى الامور الخمسة.

(6)المشار إليه في قوله «هنا» هو كتاب الحدود.

(7)يعني يراد من لفظ «الإحصان» في قوله «يشترط في المقذوف الإحصان» الامور الخمسة المذكورة.

(8)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى «من» الموصولة التي يراد منها المقذوف.

(9)الضمير في قوله «بقذفه» يرجع إلى «من» الموصولة. يعني إذا اجتمعت في المقذوف الشرائط الخمسة وجب الحدّ على القاذف.

(10)أي إن لم تجتمع في المقذوف الشرائط المذكورة لم يجب على القاذف إلاّ التعزير.

(11)لفظ «جمع» - بضمّ الجيم و فتح الميم - من الألفاظ التي يؤتى بها لتأكيد الجمع المؤنّث.

ص: 219


1- سوره 4 - آیه 25
2- سوره 5 - آیه 5

أو أحدها (1) بأن قذف (2) صبيّا (3) أو مجنونا (4) أو مملوكا (5) أو كافرا (6) أو متظاهرا (7) بالزناء -(فالواجب (8) التعزير).

كذا أطلقه (9) المصنّف و الجماعة غير فارقين بين المتظاهر بالزناء و غيره (10)،.

**********

شرح:

أقول: عدم اجتماع الشرائط يتصوّر على وجوه:

أ: فقدان الجميع بأن يكون المقذوف صبيّا مجنونا مملوكا كافرا غير عفيف.

ب: فقدان أربع منها.

ج: فقدان ثلاث منها.

د: فقدان واحدة منها أو اثنتين.

(1)الضمير في قوله «أحدها» يرجع إلى الأوصاف الخمسة.

(2)هذا و ما بعده أمثلة لفقدان أحد من الأوصاف الخمسة.

(3)أي بأن يكون المقذوف صبيّا مع كونه عاقلا حرّا مسلما عفيفا.

(4)أي بأن يكون المقذوف مجنونا، لكنّه بالغ حرّ مسلم عفيف.

(5)أي مع أنّه بالغ حرّ مسلم عفيف.

(6)أي مع أنّه بالغ عاقل حرّ عفيف.

(7)أي بأن يكون المقذوف متظاهرا بارتكاب الزناء، لكنّه بالغ عاقل حرّ مسلم.

(8)جواب شرط ، و الشرط هو المركّب من قولهما «إلاّ تجتمع». يعني لو لم يوجد شيء من الشرائط الخمسة المذكورة في المقذوف أو بعضها لم يجب الحدّ على القاذف، بل الواجب هو التعزير خاصّة.

(9)الضمير الملفوظ في قوله «أطلقه» يرجع إلى الحكم بوجوب التعزير على من قذف الذي لم تجتمع فيه الشرائط المذكورة جمع أو أحدها.

(10)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى المتظاهر.

ص: 220

و وجهه (1) عموم الأدلّة (2) و قبح (3) القذف مطلقا (4) بخلاف (5) مواجهة المتظاهر به (6) بغيره من (7) أنواع الأذى، كما مرّ (8).

و تردّد المصنّف في بعض تحقيقاته في التعزير بقذف المتظاهر به (9)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «وجهه» يرجع إلى عدم الفرق بين المتظاهر بالزناء و غيره.

(2)من الأدلّة العامّة الدالّة على عموم التعزير الحديث المنقول في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن بإسناده عن يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّ بالغ من ذكر أو انثى افترى على صغير أو كبير، أو ذكر أو انثى، أو مسلم أو كافر، أو حرّ أو مملوك فعليه حدّ الفرية، و على غير البالغ حدّ الأدب (الوسائل: ج 18 ص 440 ب 5 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 5).

(3)بالجرّ، عطف على قوله «الأدلّة». يعني أنّ وجه عدم الفرق بين المتظاهر بالزناء و غيره هو عموم قبح القذف أيضا.

(4)أي سواء كان المقذوف متظاهرا أم لا.

(5)يعني أنّ الحكم بعموم تعزير من قذف المتظاهر بالزناء يكون بخلاف الحكم في حقّ من واجه المتظاهر بالزناء بغير القذف بأن يقول له: يا فاسق و يا فاجر و أيّها الخنزير، فإنّ القاذف بهذه الألفاظ مخاطبا للمتظاهر بالزناء لا يعزّر.

(6)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الزناء، و في قوله «بغيره» يرجع إلى القذف بالزناء.

(7) «من» تكون لبيان غير القذف. يعني تجوز مواجهة المتظاهر بالزناء بألفاظ موهنة من أقسام ألفاظ موجبة للأذى بأن يقول له: أنت فاسق أو فاجر.

(8)أي كما مرّ في الصفحة 211 في قولهما «إلاّ مع كون المخاطب مستحقّا للاستخفاف به لتظاهره بالفسق... إلخ».

(9)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الزناء. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه تردّد في بعض تحقيقاته في وجوب التعزير على من قذف المتظاهر بالزناء.

ص: 221

و يظهر منه الميل إلى عدمه (1) محتجّا بإباحته (2)، استنادا إلى رواية (3) البرقيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة»، و في مرفوع (4) محمّد بن بزيع: «من تمام العبادة الوقيعة (5) في أهل الريب».

و لو قيل بهذا (6) لكان حسنا.

(و لو قال لكافر امّه مسلمة: يا بن الزانية فالحدّ لها (7))، لاستجماعها (8) لشرائط وجوبه.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عدمه» يرجع إلى التعزير.

(2)الضمير في قوله «بإباحته» يرجع إلى القذف. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه احتجّ على عدم التعزير و إباحة قذف المتظاهر بالزناء برواية البرقيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.

(3)الرواية منقولة في كتاب الوسائل: ج 8 ص 605 ب 154 من أبواب أحكام العشرة من كتاب الحجّ ح 4.

(4)و هذا دليل آخر لميل المصنّف رحمه اللّه إلى عدم تعزير من قذف المتظاهر بالزناء.

أقول: ما عثرت على الرواية في كتبنا الروائيّة. نعم، أشار العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في المجلّد 74 ص 204 و المجلّد 75 ص 161 من بحار الأنوار إلى هذه الرواية إجمالا، راجع إن شئت.

(5)المراد من «الوقيعة» هنا هو اتّهام أهل الريب و قذفهم.

(6)المشار إليه في قوله «بهذا» هو عدم تعزير من قذف المتظاهر بالزناء. فالشارح رحمه اللّه استحسن القول بعدم تعزير القاذف في المسألة المبحوث عنها.

(7)يعني أنّ حدّ القاذف إنّما هو لأمّ الكافر لا للكافر نفسه.

(8)الضمير في قوله «لاستجماعها» يرجع إلى أمّ الكافر، و في قوله «وجوبه» يرجع إلى الحدّ.

ص: 222

دون المواجه (1).

(فلو ماتت (2)) أو كانت ميّتة (3)(و ورثها (4) الكافر فلا حدّ (5))، لأنّ المسلم لا يحدّ للكافر بالأصالة (6)، فكذا بالإرث.

و يتصوّر (7) إرث الكافر للمسلم على تقدير موت المسلم مرتدّا عند الصدوق و بعض الأصحاب، أمّا عند المصنّف فغير واضح (8)، و قد فرض (9) المسألة كذلك (10) في القواعد،.

**********

شرح:

(1)المراد من «المواجه» هو المخاطب، و هو الكافر. يعني أنّ الامّ تستجمع شرائط وجوب الحدّ، و هي الإسلام و البلوغ و العقل و الحرّيّة و العفّة.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى الامّ .

(3)أي كانت الامّ المسلمة البالغة العفيفة حين قذفها القاذف ميّتة.

(4)أي ورث الامّ ولدها الكافر أو كافر غير الولد.

(5)أي فلا يجب الحدّ على القاذف.

(6)أي لا يجب الحدّ على القاذف للكافر بالأصالة، فلا يجب أيضا بالوراثة، كما إذا كانت الامّ ميّتة و ورثها الكافر.

(7)أي ربّما يرد على المصنّف رحمه اللّه بأنّه يقول بكون الكفر مانعا من الإرث، فكيف يقول هنا «و ورثها الكافر» و قد تقدّم قوله في كتاب الإرث «فلا يرث الكافر المسلم».

نعم، يتصوّر إرث الكافر للمسلم على تقدير موت المسلم في حال الارتداد عند الصدوق و بعض الأصحاب من الفقهاء رحمهم اللّه.

(8)يعني أنّ إرث الكافر من المسلم عند المصنّف رحمه اللّه غير واضح، سواء كان الميراث مالا أو حقّا.

(9)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف.

(10)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه فرض المسألة في كتابه (القواعد) كما فرضه الصدوق رحمه اللّه.

ص: 223

لكن بعبارة أقبل من هذه (1) للتأويل.

تقاذف المحصنين

(و لو تقاذف المحصنان (2)) بما يوجب الحدّ (عزّرا (3))، و لا حدّ على أحدهما، لصحيحة (4) أبي ولاّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: «اتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجلين قذف كلّ واحد منهما صاحبه بالزناء في بدنه (5)،

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «هذه» هو عبارة المصنّف في هذا الكتاب. يعني أنّ المصنّف فرض المسألة في كتابه (القواعد) كما فرضه الصدوق، لكن عبارته هناك تقبل التأويل أكثر من عبارته في هذا الكتاب، فإنّ عبارته هناك هكذا: «و لو قال لكافر امّه مسلمة: يا بن الزانية و إن كانت ميّتة و لا وارث لها سوى الكافر لم يحدّ»، فتأوّل هذه العبارة بأن لم يكن للمسلمة وارث إلاّ الكافر الذي لو لم يكن كافرا لكان وارثا، فلا تستلزم العبارة جواز كون الكافر وارثا للمسلمة، بخلاف عبارة المصنّف في هذا الكتاب في قوله «و ورثها الكافر»، فإنّها غير قابلة للتأويل، بل تدلّ على جواز إرث المسلمة، و يرد عليها الإشكال المذكور.

تقاذف المحصنين (2)قد تقدّم معنى الإحصان في الصفحة 219 في قولهما «و أعني بالإحصان هنا البلوغ و العقل و الحرّيّة و الإسلام و العفّة». يعني لو قذف كلّ واحد من المحصنين الآخر بما يوجب الحدّ - كما إذا قال كلّ واحد منهما لآخر: أنت زان أو أنت لائط - عزّرا.

(3)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى المحصنين.

(4)الصحيحة منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 451 ب 18 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 2.

(5)المراد من القذف بالزناء في البدن هو نسبة الزناء إلى نفس كلّ منهما لا إلى أرحامهما.

ص: 224

فقال: «يدرأ (1) عنهما الحدّ، و عزّرهما».

لو تعدّد المقذوف تعدّد الحدّ

(و لو تعدّد المقذوف (2) تعدّد الحدّ (3)، سواء اتّحد القاذف أو تعدّد)، لأنّ كلّ واحد (4) سبب تامّ في وجوب الحدّ، فيتعدّد المسبّب (5).

لو قذف الواحد جماعة بلفظ واحد

(نعم، لو قذف) الواحد (6)(جماعة بلفظ واحد) بأن قال: أنتم زناة (7) و نحوه،(و اجتمعوا (8) في المطالبة) له (9) بالحدّ (فحدّ واحد، و إن افترقوا) في المطالبة (10)(فلكلّ واحد حدّ)، لصحيحة (11) جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في

**********

شرح:

(1)هكذا في جميع النسخ الموجودة بأيدينا، و الموجود في الوسائل «فدرأ».

تعدّد المقذوف (2)كما إذا قال لكلّ واحد من الشخصين أو الأشخاص: أنت زان.

(3)أي يجب الحدّان أو الحدود على القاذف.

(4)يعني أنّ كلّ واحد من القذفين أو الأكثر منهما سبب تامّ للحدّ.

(5)المراد من «المسبّب» هو الحدّ، كما أنّ المراد من «السبب» هو القذف.

قذف جماعة بلفظ واحد (6)يعني أنّ القاذف الواحد لو قذف جماعة بلفظ واحد... إلخ.

(7)الزناة - بضمّ الزاي - جمع الزاني، و الضمير في قوله «نحوه» يرجع إلى القول المستفاد من قوله «بأن قال».

(8)فاعله هو الضمير العائد إلى الجماعة.

(9)الضمير في قوله «له» يرجع إلى القاذف.

(10)كما إذا طالب كلّ واحد القاذف بالحدّ بلا حضور الآخرين.

(11)الصحيحة منقولة في كتاب التهذيب: ج 10 ص 68 ح 19.

ص: 225

رجل افترى على قوم جماعة، فقال: «إن أتوا به مجتمعين ضرب حدّا واحدا، و إن أتوا به متفرّقين ضرب لكلّ واحد [منهم] حدّا».

و إنّما حملناه (1) على ما لو كان القذف بلفظ واحد - مع أنّه (2) أعمّ -، جمعا (3) بينه و بين صحيحة (4) الحسن العطّار عنه (5) عليه السّلام في رجل قذف قوما جميعا، قال: بكلمة واحدة ؟» قلت: نعم، قال: «يضرب حدّا واحدا، و إن فرّق بينهم في القذف ضرب لكلّ واحد منهم حدّا» بحمل الاولى (6) على ما لو كان القذف بلفظ واحد، و الثانية (7) على ما لو جاؤوا به مجتمعين.

و ابن الجنيد عكس، فجعل القذف بلفظ واحد موجبا لاتّحاد الحدّ

**********

شرح:

(1)الضمير الملفوظ في قوله «حملناه» يرجع إلى حديث جميل. يعني أنّ الشارح رحمه اللّه حمل الحديث المذكور على ما إذا كان القذف بلفظ واحد، و سيذكر هو رحمه اللّه وجه هذا الحمل.

(2)يعني مع أنّ خبر جميل أعمّ من أن يكون قذف الجماعة بلفظ واحد أو بألفاظ متعدّدة، لأنّ القاذف قد يقول للجماعة: أنتم زناة، أو يقول لكلّ واحد منهم: يا زاني.

(3)يعني أنّ حمل الخبر على كون القذف بلفظ واحد إنّما هو للجمع بين هذا الخبر و بين صحيحة الحسن العطّار.

(4)الصحيحة منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 444 ب 11 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 2.

(5)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام.

(6)أي بحمل الرواية الاولى - و هي صحيحة جميل - على ما إذا كان القذف بلفظ واحد.

(7)أي و بحمل الرواية الثانية - و هي صحيحة الحسن العطّار - على ما إذا جاء المقذوفين به في حال الاجتماع و لو كان القذف بألفاظ متعدّدة.

ص: 226

مطلقا (1)، و بلفظ متعدّد (2) موجبا للاتّحاد (3) إن جاؤوا مجتمعين (4)، و للتعدّد (5) إن جاؤوا متفرّقين، و نفى عنه (6) في المختلف البأس محتجّا بدلالة الخبر الأوّل (7) عليه، و هو (8) أوضح طريقا.

و فيه (9) نظر،...

**********

شرح:

(1)أي سواء جاؤوا مجتمعين أم متفرّقين.

(2)أي ذهب ابن الجنيد رحمه اللّه إلى أنّه لو كان القذف بألفاظ متعدّدة - بأن قال القاذف لأحد المقذوفين: يا زاني، و لآخر: يا شارب الخمر، و لثالث: و يا لاطي - ففيه اتّحاد الحدّ إن جاؤوا مجتمعين.

(3)أي لاتّحاد الحدّ.

(4)بأن كان القذف بألفاظ متعدّدة و جاء المقذوفون في حال الاجتماع.

(5)عطف على قوله «للاتّحاد». يعني جعل ابن الجنيد رحمه اللّه القذف بألفاظ متعدّدة موجبا لتعدّد الحدّ على القاذف إن جاء المقذوفون متفرّقين.

(6)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى قول ابن الجنيد. يعني أنّ العلاّمة رحمه اللّه قال في كتابه (المختلف) بعدم البأس بالنسبة إلى ما قاله ابن الجنيد.

(7)المراد من «الخبر الأوّل» هو صحيحة جميل المتقدّمة. و الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى قول ابن الجنيد رحمه اللّه.

(8)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى الخبر الأوّل. يعني أنّ هذا الخبر أوضح طريقا و سندا بالنسبة إلى طريق الخبر الثاني.

(9)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى كلام العلاّمة رحمه اللّه في المختلف. يعني يشكل ما قال به العلاّمة من دلالة الصحيحة الاولى المتقدّمة على كون القذف بلفظ واحد موجبا لاتّحاد الحدّ مطلقا، و بألفاظ متعدّدة موجبا لاتّحاد الحدّ إذا جاؤوا مجتمعين و للتعدّد إذا جاؤوا متفرّقين.

ص: 227

لأنّ تفصيل الأوّل (1) شامل للقذف المتّحد و المتعدّد، فالعمل به (2) يوجب التفصيل فيهما (3).

و الظاهر أنّ قوله (4) فيه: «جماعة» صفة للقوم،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ التفصيل المذكور في الخبر الأوّل في قوله عليه السّلام: «إن أتوا به مجتمعين ضرب حدّا واحدا... إلخ» يشمل القذف الواحد و المتعدّد، و هذا بيان إشكال ما قال به العلاّمة.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى التفصيل المذكور في خبر جميل. يعني أنّ العمل بصحيحة جميل التي استند إليها العلاّمة رحمه اللّه و نفى بسببها البأس عمّا ذهب إليه ابن الجنيد رحمه اللّه يوجب التفصيل في القذف الواحد و المتعدّد.

(3)الضمير في قوله «فيهما» يرجع إلى القذف الواحد و القذف المتعدّد.

حاصل الإشكال هو أنّ ابن الجنيد رحمه اللّه لو كان مستنده هو الخبر الأوّل لزمه القول بالتفصيل، سواء كان القذف بلفظ واحد أم بألفاظ متعدّدة، لكون مورد هذا الخبر أعمّ من الواحد و المتعدّد.

(4)الضمير في قوله «قوله» يرجع إلى السائل في الخبر، و في قوله «فيه» يرجع إلى خبر جميل.

و لا يخفى أنّ هذا تضعيف لتوجيه كلام ابن الجنيد حيث استند إلى خبر جميل محتجّا به على ما ذهب إليه.

أمّا التوجيه فهو أنّ لفظ «جماعة» صفة للقذف الذي يدلّ عليه فعل «افترى»، فيكون معنى الخبر السؤال عن القذف المتعدّد لقوم بألفاظ متعدّدة، فأجاب عنه الإمام عليه السّلام بالتفصيل المذكور في الخبر، فيصحّ استناد ابن الجنيد إليه و أنّه لو كان القذف متعدّدا فجاءوا به مجتمعين ففيه حدّ واحد، و لو جاؤوا به متفرّقين ففيه حدود متعدّدة.

ص: 228

لأنّه (1) أقرب و أنسب (2) بالجماعة لا للقذف، و إنّما يتّجه قوله (3) لو جعل (4) صفة للقذف المدلول عليه (5) بالفعل، و اريد بالجماعة (6) القذف المتعدّد، و هو (7) بعيد جدّا.

قذف جماعة بما يوجب التعزير

(و كذا (8) الكلام في التعزير)، فيعزّر قاذف الجماعة بما يوجبه (9) بلفظ

**********

شرح:

و أمّا التضعيف فبأنّ لفظ «جماعة» صفة للقوم لا القذف، لأمرين:

أ: لكون لفظ «قوم» أقرب إلى لفظ «جماعة» بالنسبة إلى القذف، و الأقرب يمنع الأبعد.

ب: لكون لفظ «قوم» أنسب بالجماعة، لكون «جماعة» صفة لذوي العقول في العرف، و للتعبير عن غير ذوي العقول كالقذف بلفظ «جميعا».

(1)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى القوم.

(2)قد ذكرنا وجه كون لفظ «قوم» أنسب بالجماعة لا بالقذف في الهامش 4 من الصفحة السابقة.

(3)الضمير في قوله «قوله» يرجع إلى ابن الجنيد رحمه اللّه.

(4)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى لفظ الجماعة.

(5)أي القذف الذي يدلّ عليه فعل «افترى» في قول السائل و إن لم يذكر بالصراحة.

(6)أي اريد من لفظ «جماعة» الوارد في الخبر القذف المتعدّد، فيكون معنى الخبر «في رجل افترى على قوم و قذفهم قذفا متعدّدا».

(7)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى التوجيه المذكور لكلام ابن الجنيد رحمه اللّه.

قذف جماعة بما يوجب التعزير (8)أي و مثل الكلام في الحدّ الواحد و المتعدّد هو الكلام في قذف الجماعة بما يوجب التعزير.

(9)الضمير الملفوظ في قوله «يوجبه» يرجع إلى التعزير.

ص: 229

متعدّد متعدّدا (1) مطلقا (2)، و بمتّحد (3) إن جاؤوا (4) به متفرّقين، و متّحدا (5) إن جاؤوا به مجتمعين.

و لا نصّ فيه (6) على الخصوص، و من ثمّ (7) أنكره ابن إدريس، و أوجب التعزير (8) لكلّ واحد مطلقا (9) محتجّا بأنّه (10) قياس، و نحن نقول بموجبه (11) إلاّ أنّه (12) قياس مقبول، لأنّ تداخل الأقوى يوجب

**********

شرح:

(1)أي يعزّر قاذف الجماعة تعزيرا متعدّدا إذا قذفهم بألفاظ متعدّدة.

(2)أي سواء جاؤوا بالقاذف مجتمعين أم متفرّقين.

(3)أي إذا كان القذف بلفظ متّحد و جاؤوا به متفرّقين حدّ القاذف في هذا الفرض أيضا متعدّدا.

(4)فاعله هو الضمير العائد إلى المقذوفين، و الضمير في قوله «به» يرجع إلى قاذف الجماعة.

(5)عطف على قوله «متعدّدا». يعني يحدّ القاذف حدّا واحدا إن جاء المقذوفون به في حال الاجتماع و كان اللفظ متّحدا.

(6)أي لم يرد في التعزير نصّ بالتفصيل المذكور، بل النصّ ورد بالتفصيل في خصوص الحدّ، كما تقدّم.

(7)المراد من قوله «ثمّ » هو عدم النصّ ، و الضمير الملفوظ في قوله «أنكره» يرجع إلى التفصيل.

(8)أي أوجب ابن إدريس رحمه اللّه التعزير على القاذف لكلّ واحد من المقذوفين.

(9)أي سواء جاؤوا بالقاذف مجتمعين أم متفرّقين.

(10)يعني أنّ إلحاق التعزير بالحدّ في التفصيل المذكور قياس.

(11)بصيغة اسم المفعول، و المراد منه هو الإلحاق المذكور في الهامش السابق.

(12)يعني أنّ علّة قولنا به هي كون القياس في المقام من الأقيسة المقبولة.

ص: 230

تداخل الأضعف (1) بطريق أولى.

و مع ذلك (2) فقول ابن إدريس لا بأس به (3).

مسائل في القذف

اشارة

و بقي في هذا الفصل (4)(مسائل:)

حدّ القذف

(حدّ القذف ثمانون جلدة) إجماعا (5)، و لقوله تعالى: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ (1)

**********

شرح:

(1)هذا تعليل لكون القياس في المقام قياسا مقبولا. فإنّ تداخل الأقوى - و هو الحدّ إذا جاء به المقذوفون مجتمعين - يدلّ على تداخل الأضعف - و هو التعزير - بطريق أولى.

و الحاصل أنّ من الأقيسة المقبولة هو قياس الأولويّة المعبّر عنه بالفحوى، كما أنّ قوله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ (2) يدلّ على عدم جواز شتم الوالدين و ضربهما - نعوذ باللّه منهما - بالفحوى.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو كون ما استدلّ به ابن إدريس رحمه اللّه في المقام قياسا.

(3)يعني أنّ قول ابن إدريس بالتفصيل المذكور الناشي من القياس المذكور لا بأس به، لكون هذا القياس مقبولا.

(4)المراد من قوله «هذا الفصل» هو الفصل الثالث المبحوث فيه عن القذف.

مسائل في القذف حدّ القذف (5)يعني أنّ الدليل على كون حدّ القذف ثمانين جلدة أمران:

أ: إجماع الفقهاء.

ب: الآية الشريفة.

ص: 231


1- سوره 24 - آیه 4
2- سوره 17 - آیه 23

اَلْمُحْصَناتُ (1) إلى قوله: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً (2) (1).

و لا فرق في القاذف بين الحرّ و العبد على أصحّ القولين، و من ثمّ أطلق (2).

كيفيّة جلد القاذف

(و يجلد) القاذف (بثيابه) المعتادة (3)، و لا يجرّد كما يجرّد الزاني، و لا يضرب (4) ضربا شديدا، بل (حدّا متوسّطا دون (5) ضرب الزناء، و يشهّر (6))، القاذف (ليجتنب شهادته (7)).

يثبت القذف بشهادة عدلين

(و يثبت) القذف (بشهادة عدلين) ذكرين لا بشهادة النساء منفردات و لا منضمّات (8) و إن كثرن (9)(و الإقرار مرّتين من مكلّف حرّ مختار)، فلا

**********

شرح:

(1)الآية 4 من سورة النور.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المصنّف رحمه اللّه. أي أطلق المصنّف قوله «حدّ القذف ثمانون جلدة».

كيفيّة جلد القاذف (3)أي بثيابه التي يعتاد لبسها، فلا يجوز للحاكم أن يلبسه أثوابا غير معتادة عند الجلد.

(4)نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى القاذف.

(5)أي يضرب القاذف ضربا أخفّ من ضرب الزاني.

(6)بالتشديد، من باب التفعيل لا الإفعال، أي يفضح.

(7)أي يشهّر القاذف في البلاد، ليعرفه الناس و يجتنبوا قبول شهادته.

ما يثبت به حدّ القذف أو التعزير (8)كما إذا شهد ذكر و امرأتان.

(9)أي و إن كثرت النساء في الشهادة.

ص: 232


1- سوره 4 - آیه 24
2- سوره 24 - آیه 4

عبرة بإقرار الصبيّ و المجنون و المملوك مطلقا (1) و المكره عليه (2).

و لو انتفت البيّنة (3) و الإقرار فلا حدّ و لا يمين على المنكر (4).

(و كذا ما يوجب التعزير) لا يثبت إلاّ بشاهدين ذكرين (5) عدلين أو الإقرار من المكلّف الحرّ المختار.

و مقتضى العبارة (6) اعتباره (7) مرّتين مطلقا (8)، و كذا (9) أطلق غيره مع أنّه (10) تقدّم حكمه (11) بتعزير المقرّ باللواط دون الأربع (12) الشامل للمرّة إلاّ

**********

شرح:

(1)أي سواء كان المملوك قنّا أو مكاتبا بقسميه.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى القذف.

(3)أي فلو انتفت إقامة البيّنة و الإقرار على قذف القاذف لم يحكم بالحدّ عليه.

(4)أي لا يجب على منكر القذف يمين.

(5)فلا يثبت التعزير بشهادة النساء لا منفردات و لا منضمّات، كما تقدّم آنفا في الحدّ.

(6)أي مقتضى عبارة المصنّف رحمه اللّه حيث قال «و يثبت بشهادة عدلين و الإقرار مرّتين» هو اعتبار الإقرار في ثبوت القذف مرّتين مطلقا.

(7)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع إلى الإقرار.

(8)أي سواء كان القذف بالزناء أو باللواط أو بالسحق أو بالشرب.

(9)أي و مثل عبارة المصنّف رحمه اللّه في الإطلاق هو عبارة غيره من الفقهاء رحمهم اللّه.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى المصنّف.

(10)الضمير في قوله «أنّه» يرجع إلى الشأن.

(11)الضمير في قوله «حكمه» يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه.

(12)يعني أنّ المصنّف حكم بالتعزير إذا أقرّ باللواط مقرّ بأقلّ من أربع مرّات، و هو شامل للإقرار مرّة واحدة أيضا.

ص: 233

أن يحمل ذلك (1) على المرّتين فصاعدا.

و في الشرائع نسب (2) اعتبار الإقرار به (3) مرّتين إلى قول مشعرا بتمريضه (4)، و لم نقف على مستند هذا القول (5).

حدّ القذف موروث

(و هو) أي حدّ القذف (موروث) لكلّ من يرث المال من ذكر (6) و انثى لو مات المقذوف قبل استيفائه و العفو (7) عنه (إلاّ للزوج و الزوجة (8)).

(و إذا كان الوارث جماعة) فلكلّ واحد منهم المطالبة (9) به، فإن اتّفقوا (10) على استيفائه

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو قول المصنّف في الصفحة 168 «دون الأربعة».

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى صاحب الشرائع رحمه اللّه.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع إلى القذف.

(4)يعني أنّ نسبة صاحب الشرائع اعتبار الإقرار بالقذف إلى القيل تشعر بتمريض القول المذكور.

(5)و هو القول باعتبار الإقرار بالقذف مرّتين في ثبوت حدّ القذف.

إرث حدّ القذف (6)فيرث حدّ القذف ورّاث المقذوف إذا مات قبل الاستيفاء ذكورا و إناثا.

(7)أي إذا مات المقذوف قبل العفو عن حدّ القذف، و إلاّ لا يبقى موروثا.

(8)فلا يرث الزوج حدّا تستحقّه زوجته، و كذا الزوجة إذا ماتا قبل الاستيفاء أو العفو.

(9)أي يجوز مطالبة الحدّ لكلّ واحد من ورّاث المقذوف.

و الضمير في قوله «به» يرجع إلى حدّ القذف.

(10)فاعله هو الضمير العائد إلى جماعة الورّاث، و الضمير في قوله «استيفائه» يرجع إلى الحدّ.

ص: 234

فلهم حدّ واحد و إن (1) تفرّقوا في المطالبة، و لو عفا بعضهم (لم يسقط ) عنه (2) شيء (بعفو البعض)، بل للباقين استيفاؤه (3) كاملا على المشهور (4).

يجوز العفو بعد الثبوت

(و يجوز العفو) من المستحقّ الواحد (5) و المتعدّد (بعد الثبوت، كما يجوز قبله (6))، و لا اعتراض للحاكم، لأنّه (7) حقّ آدميّ تتوقّف إقامته (8) على مطالبته و يسقط بعفوه.

و لا فرق في ذلك (9) بين قذف الزوج لزوجته و غيره (10)، خلافا للصدوق، حيث حتم (11) عليها استيفاءه،

**********

شرح:

(1) «إن» وصليّة. يعني و إن تفرّقوا في المطالبة بأن يطلب بعض و يترك آخر.

(2)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى القاذف.

(3)أي يجوز للباقين استيفاء الحدّ و مطالبة القاذف به بكماله و تمامه.

(4)نبّه ب «المشهور» على أنّ مستند الحكم رواية عمّار، و هي مع ما يعلم من حاله مقطوعة، لكن لا نعلم مخالفا في ذلك (من الشارح رحمه اللّه).

جواز العفو (5)أي إذا كان المقذوف واحدا أو متعدّدا جاز له العفو عن إجراء الحدّ على القاذف بعد الثبوت و قبله.

(6)الضمير في قوله «قبله» يرجع إلى الثبوت.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى حدّ القذف.

(8)أي إذا كان الحدّ حقّا لآدميّ فهو يسقط بعفوه و يستوفى بمطالبته.

(9)المشار إليه في قوله «ذلك» هو سقوط الحدّ بالعفو.

(10)أي غير الزوج.

(11)يعني أنّ الصدوق رحمه اللّه أوجب على الزوجة استيفاء حدّ القذف إذا كان القاذف

ص: 235

و هو (1) شاذّ.

يقتل القاذف في الرابعة

(و يقتل) القاذف (في الرابعة (2) لو تكرّر الحدّ ثلاثا) على المشهور (3)، خلافا لابن إدريس، حيث حكم بقتله في الثالثة (4) كغيره (5) من أصحاب الكبائر، و قد تقدّم الكلام فيه (6).

و لا فرق بين اتّحاد المقذوف و تعدّده هنا.

(و لو تكرّر القذف) لواحد (قبل الحدّ فواحد (7)).

و لو تعدّد المقذوف تعدّد الحدّ (8)

**********

شرح:

زوجها. و الضمير في قوله «عليها» يرجع إلى الزوجة، و في قوله «استيفاءه» يرجع إلى الحدّ.

(1)يعني أنّ قول الصدوق بتحتّم استيفاء الحدّ على الزوجة قول شاذّ.

قتل القاذف في الرابعة (2)أي في قذفه في المرتبة الرابعة.

(3)فإنّ المشهور قالوا بقتل القاذف في المرتبة الرابعة إذا اجري عليه الحدّ ثلاث مرّات.

(4)فإنّ ابن إدريس رحمه اللّه حكم بقتل القاذف في المرتبة الثالثة لو تكرّر إجراء الحدّ عليه مرّتين.

(5)الضمير في قوله «كغيره» يرجع إلى القذف. يعني و مثل الارتكاب لما يوجب الحدّ من غير القذف في المرتبة الثالثة هو ارتكاب القذف في المرتبة الثالثة.

(6)أي تقدّم الكلام فيه في الفصل الثاني في قوله في الصفحة 175 «و أصحاب الكبائر مطلقا إذا اقيم عليهم الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة، لرواية يونس... إلخ».

(7)أي فحدّ واحد على القاذف إذا تكرّر القذف لواحد و لم يجر الحدّ عليه.

(8)أي تعدّد الحدّ على القاذف بتعدّد المقذوفين.

ص: 236

مطلقا (1) إلاّ مع اتّحاد الصيغة، كما مرّ (2).

يسقط الحدّ بتصديق المقذوف

(و يسقط الحدّ بتصديق المقذوف) على ما نسبه (3) إليه من (4) الموجب للحدّ (و البيّنة (5)) على وقوعه (6) منه (و العفو (7)) أي عفو المقذوف عنه (8) (و بلعان (9) الزوجة)

**********

شرح:

(1)أي سواء وقع الحدّ على القاذف قبل قذف الثاني أم لا.

(2)أي في قوله في الصفحة 225 و ما بعدها «و لو تعدّد المقذوف تعدّد الحدّ... نعم، لو قذف جماعة بلفظ واحد... إلخ».

ما يسقط به الحدّ عن القاذف (3)الضمير الملفوظ في قوله «نسبه» يرجع إلى «ما» الموصولة المراد منها القذف، و الضمير في قوله «إليه» يرجع إلى المقذوف، و فاعل قوله «نسبه» هو الضمير العائد إلى القاذف.

(4) «من» تكون لبيان «ما نسبه إليه».

(5)بالجرّ، عطف على قوله «بتصديق المقذوف». يعني أنّ الحدّ يسقط أيضا عن القاذف إذا أقام بيّنة على ما ادّعاه.

(6)الضمير في قوله «وقوعه» يرجع إلى «ما» الموصولة في قوله «ما نسبه إليه»، و المراد منها هو ما يوجب الحدّ، و الضمير في قوله «منه» يرجع إلى المقذوف.

(7)بالجرّ، عطف على قوله «تصديق المقذوف». يعني و كذا يسقط الحدّ عن القاذف بعفو المقذوف عنه.

(8)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى القاذف.

(9)أي و كذا يسقط الحدّ عن القاذف - و هو الزوج - بلعانه زوجته.

و لا يخفى أنّ قوله «بلعان الزوجة» من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله.

ص: 237

لو كان القذف لها (1).

و سقوط الحدّ في الأربعة (2) لا كلام فيه (3)، لكن هل يسقط مع ذلك (4) التعزير؟ يحتمله (5) خصوصا في الأخيرين (6)، لأنّ الواجب (7) هو الحدّ و قد سقط ، و الأصل عدم وجوب غيره (8).

و يحتمل ثبوت التعزير في الأوّلين (9)، لأنّ قيام البيّنة و الإقرار بالموجب لا يجوّز (10) القذف، لما تقدّم (11)

**********

شرح:

(1)و هو فيما إذا قذف الزوج زوجته.

(2)المراد من «الأربعة» الموجبة لسقوط الحدّ عن القاذف هو تصديق المقذوف القاذف و إقامة البيّنة على ما ادّعاه القاذف و عفو المقذوف عن القاذف و لعان الزوج زوجته إذا قذفها.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى السقوط .

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو سقوط الحدّ.

(5)الضمير الملفوظ في قوله «يحتمله» يرجع إلى سقوط التعزير.

(6)المراد من «الأخيرين» هو العفو و لعان الزوج زوجته.

(7)أي الواجب في القذف هو الحدّ و الحال أنّه سقط بالعفو و اللعان، فلا مجال لثبوت التعزير على القاذف.

(8)يعني أنّ الأصل عدم ثبوت غير الحدّ، و هو التعزير.

(9)المراد من «الأوّلين» هو تصديق المقذوف القاذف فيما ادّعاه، و إقامة القاذف البيّنة على ما ادّعاه من الفعل الموجب للقذف.

(10)يعني أنّ قيام البيّنة و كذا حصول الإقرار من المقذوف على ما ادّعاه القاذف لا يجوّزان القذف.

(11)أي في الصفحة 210 و ما بعدها في قوله «و كذا يعزّر بكلّ ما يكرهه المواجه مثل

ص: 238

من تحريمه (1) مطلقا (2)، و ثبوت (3) التعزير به (4) للمتظاهر بالزناء، فإذا سقط الحدّ (5) بقي التعزير على فعل المحرّم (6).

و في الجميع (7)، لأنّ العفو (8) عن الحدّ لا يستلزم العفو عن التعزير، و كذا (9) اللعان، لأنّه (10) بمنزلة إقامة البيّنة على الزناء.

**********

شرح:

-الفاسق... إلخ».

(1)الضمير في قوله «تحريمه» يرجع إلى القذف.

(2)أي سواء كان القاذف صادقا فيما ادّعاه أم لا.

(3)بالجرّ، عطف على قوله «ما تقدّم». يعني ما تقدّم من ثبوت التعزير بالقذف للمتظاهر بالزناء في الصفحة 220 في قولهما «... أو متظاهرا بالزناء فالواجب التعزير».

(4)الضمير في قوله «به» يرجع إلى القذف.

(5)أي فإذا سقط الحدّ بالإقرار أو إقامة البيّنة بقي التعزير على القاذف.

(6)المراد من «المحرّم» هو القذف الذي ثبتت حرمته بالنهي عنه.

و لا يخفى أنّ قوله «فعل المحرّم» من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله.

(7)عطف على قوله «في الأوّلين». يعني و يحتمل ثبوت التعزير في جميع الموارد الأربعة، و هي الإقرار و البيّنة و اللعان و العفو.

(8)هذا تعليل لثبوت التعزير في الجميع بدفع احتمال سقوط التعزير في موردي العفو و اللعان، فيثبت بالأخير ثبوت التعزير في جميع الموارد الأربعة.

(9)أي و مثل العفو في عدم سقوط التعزير هو اللعان، لأنّ اللعان موجب لسقوط الحدّ عن الزوج، و هذا لا يستلزم سقوط التعزير أيضا عنه.

(10)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع إلى اللعان. يعني أنّ اللعان بمنزلة إقامة البيّنة على ما ادّعاه الزوج، فكما أنّ إقامة البيّنة لا توجب سقوط التعزير فكذلك اللعان.

ص: 239

لو قذف المملوك فالتعزير له لا للمولى

(و لو قذف المملوك (1) فالتعزير له لا للمولى)، فإن عفا (2) لم يكن لمولاه المطالبة، كما أنّه لو طالب (3) فليس لمولاه العفو.

(و) لكن (يرث المولى تعزير عبده) و أمته (لو مات) المقذوف (4)(بعد قذفه (5))، لما تقدّم (6) من أنّ الحدّ يورث، و المولى وارث مملوكه (7).

لا يعزّر الكفّار لو تنابزوا

(و لا يعزّر الكفّار لو تنابزوا (8) بالألقاب) أي تداعوا (9) بألقاب الذمّ (أو)

**********

شرح:

قذف المملوك (1)أي لو قذف قاذف مملوك الغير ثبت التعزير للمملوك لا لمولاه.

(2)فاعله هو الضمير العائد إلى المملوك. يعني فلو عفا المملوك عن إجراء التعزير على القاذف لم يكن لمولاه مطالبة القاذف بالتعزير.

(3)فاعله هو الضمير العائد إلى المملوك. يعني لو طالب المملوك القاذف بالتعزير لم يجز لمولاه العفو عن القاذف.

(4)أي لو مات العبد و الأمة المقذوفين.

(5)الضمير في قوله «قذفه» يرجع إلى كلّ واحد من العبد و الأمة.

و يحتمل رجوع الضمير إلى القاذف، فقوله «قذفه» يحتمل الأمرين: إضافة المصدر إلى مفعوله و كذا إلى فاعله.

(6)أي في قوله في الصفحة 234 «و هو موروث».

(7)يعني أنّ المولى يرث من مملوكه ما كان له، مالا كان - لو قلنا بمالكيّته - أو حقّا.

حكم الكفّار (8)فاعله هو الضمير العائد إلى الكفّار، من باب التفاعل.

(9)أي لو دعا كافرا آخر بألقاب الذمّ لم يعزّر من هذه الحيثيّة.

ص: 240

(عبّر بعضهم بعضا بالأمراض) من العور (1) و العرج (2) و غيرهما و إن كان (3) المسلم يستحقّ بها (4) التعزير (إلاّ مع خوف) وقوع (الفتنة) بترك تعزيرهم (5) على ذلك (6)، فيعزّرون حسما (7) لها بما يراه (8) الحاكم.

لا يزاد في تأديب الصبيّ على عشرة أسواط

(و لا يزاد (9) في تأديب الصبيّ على عشرة أسواط ، و كذا المملوك)، سواء كان التأديب لقذف أم غيره (10).

و هل النهي عن الزائد على وجه التحريم أم الكراهة ؟ ظاهره (11) الأوّل، و الأقوى الثاني (12)،

**********

شرح:

(1)العور من عور الرجل و يعور عورا: ذهب حسّ إحدى عينيه (أقرب الموارد).

(2)العرج أن تطول إحدى الرجلين على الاخرى (أقرب الموارد).

(3) «إن» وصليّة. يعني و إن كان المسلم يستحقّ التعزير إذا عيّر مسلما.

(4)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الأمراض.

(5)الضمير في قوله «تعزيرهم» يرجع إلى الكفّار. يعني لو حصل بترك تعزيرهم خوف وقوع الفتنة لم يترك.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو تنابز الكفّار و تعيير بعضهم بعضا.

(7)أي لقطع مادّة الفتنة، و الضمير في قوله «لها» يرجع إلى الفتنة.

(8)أي فيعزّر الكفّار بمقدار يراه الحاكم و يعيّنه.

تحديد تأديب الصبيّ و المملوك (9)بصيغة المجهول. أي لا يجوز الزيادة على ضرب عشرة أسواط في تأديب الصبيّ .

(10)أي لغير القذف من الأسباب الموجبة لتأديب الصبيّ .

(11)الضمير في قوله «ظاهره» يرجع إلى النهي. يعني أنّ ظاهر النهي يدلّ على التحريم.

(12)يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو كراهة الزائد على عشرة أسواط لتأديب الصبيّ .

ص: 241

للأصل (1)، و لأنّ (2) تقدير التعزير إلى ما يراه الحاكم.

يعزّر كلّ من ترك واجبا أو فعل محرّما

(و يعزّر كلّ من ترك واجبا (3) أو فعل محرّما (4)) قبل أن يتوب (بما يراه الحاكم، ففي الحرّ لا يبلغ حدّه (5)) أي مطلق حدّه، فلا يبلغ أقلّه، و هو (6) خمسة و سبعون.

نعم، لو كان المحرّم من جنس ما يوجب حدّا مخصوصا كمقدّمات الزناء فالمعتبر فيه (7) حدّ الزناء، و كالقذف بما لا يوجب الحدّ، فالمعتبر فيه حدّ القذف (8).

(و في) تعزير (العبد لا يبلغ حدّه (9))، كما ذكرناه.

**********

شرح:

(1)المراد من «الأصل» هو أصالة عدم التحريم.

(2)هذا دليل آخر لعدم تحريم الزائد على عشرة أسواط لتأديب الصبيّ .

تعزير تارك الواجب و فاعل المحرّم (3)كمن ترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من الواجبات الإلهيّة.

(4)كمن ارتكب الكذب و النظر إلى الأجنبيّة و غيرهما من المحرّمات.

(5)أي لا يجوز تعزير الحرّ بمقدار الحدّ الكامل له، و أقلّه خمسة و سبعون سوطا.

(6)و في بعض النسخ «و هي»، و هذا هو مقتضى القاعدة المشهورة المقرّرة في النحو.

(7)يعني أنّ المعتبر في حدّ ما يرتكبه من مقدّمات الحرام كالزناء هو حدّ الزناء، و هو مائة سوط لمن ارتكب مثلا تقبيل الأجنبيّة.

(8)و حدّ القذف - كما تقدّم - ثمانون سوطا، فيضرب في مقام التعزير تسعة و سبعين سوطا في جانب الزيادة.

(9)أي لا يجوز في تعزير العبد أن يصل إلى الحدّ الكامل عليه، بل لا بدّ من وصوله إلى ما هو الأقلّ من الحدّ الكامل، كما ذكرناه في الحرّ.

ص: 242

سابّ الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام

(و سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمّة عليهم السّلام يقتل (1))، و يجوز قتله (2) لكلّ من اطّلع عليه (3)(و لو (4) من غير إذن الإمام) أو الحاكم (ما لم يخف) القاتل (على نفسه (5) أو ماله أو على مؤمن) نفسا (6) أو مالا، فينتفي الجواز، للضرر (7).

قال (8) الصادق عليه السّلام:...

**********

شرح:

سابّ الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام (1)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمّة عليهم السّلام.

(2)الضمير في قوله «قتله» يرجع إلى السابّ ، و هذا من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع إلى السابّ .

(4)يعني يجوز لمن اطّلع على سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمّة عليهم السّلام قتله و لو بلا استيذان من الإمام عليه السّلام أو الحاكم.

(5)فلو خاف المطّلع الذي يريد قتل سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمّة عليهم السّلام من وقوع الضرر على نفسه أو ماله أو على سائر المؤمنين لم يجب عليه القتل حينئذ.

(6)أي لو خاف على نفس المؤمن أو ماله أو عرضه انتفى جواز القتل فضلا عن وجوبه.

(7)يعني أنّ انتفاء جواز القتل إنّما هو للضرر المنفيّ بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا ضرر و لا ضرار في الإسلام».

(8)الرواية بطولها منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب بإسناده عن عليّ بن جعفر قال: أخبرني أخي موسى عليه السّلام قال: كنت واقفا على رأس أبي حين أتاه رسول زياد بن عبيد اللّه الحارثيّ عامل المدينة، فقال :

ص: 243

أخبرني أبي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: الناس فيّ (1) اسوة سواء، من سمع

**********

شرح:

يقول لك الأمير: انهض إليّ ، فاعتلّ بعلّة، فعاد إليه الرسول فقال: قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة، فهو أقرب لخطوك، قال: فنهض أبي و اعتمد عليّ و دخل على الوالي و قد جمع فقهاء أهل المدينة كلّهم و بين يديه كتاب فيه شهادة على رجل من أهل وادي القرى قد ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فنال منه، فقال له الوالي: يا أبا عبد اللّه انظر في الكتاب، قال: حتّى أنظر ما قالوا، فالتفت إليهم فقال: ما قلتم ؟ قالوا: قلنا يؤدّب و يضرب و يعزّر [يعذّب] و يحبس، قال: فقال لهم: أ رأيتم لو ذكر رجلا من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كان الحكم فيه ؟ قالوا: مثل هذا، قال: فليس بين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بين رجل من أصحابه فرق ؟ فقال الوالي: دع هؤلاء يا أبا عبد اللّه، لو أردنا هؤلاء لم نرسل إليك، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أخبرني أبي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: الناس فيّ اسوة سواء، من سمع أحدا يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من شتمني، و لا يرفع إلى السلطان، و الواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال منّي، فقال زياد بن عبيد اللّه: أخرجوا الرجل، فاقتلوه بحكم أبي عبد اللّه عليه السّلام (الوسائل: ج 18 ص 459 ب 25 من أبواب حدّ القذف من كتاب الحدود ح 2).

(1)قوله «فيّ » بتشديد الياء، يعني أنّ الناس في حقّي اسوة سواء.

من حواشي الكتاب: قوله صلّى اللّه عليه و آله: و «الناس فيّ اسوة»، الاسوة بالضمّ و الكسر بمعنى القدوة، و كأنّها تجيء بمعنى المساوي أيضا، قال في القاموس: آساه بماله مواساة:

أناله منه و جعله فيه اسوة، و قال في النهاية: في كتاب عمر إلى أبي موسى: «آس بين الناس في وجهك و عدلك»، أي اجعل كلّ واحد منهم اسوة حصّة، و أنت خبير بأنّ الظاهر أنّ الاسوة في كلامهما هي بمعنى المساوي، و حينئذ فالظاهر أنّها في الحديث المذكور أيضا بهذا المعنى، و قوله «سواء» تأكيد لها، و قوله «فيّ » بتشديد الياء، و أمّا حملها على معنى القدوة فيحتاج إلى عناية، سواء قرئ بتشديد الياء أو بالتخفيف و إن كان الثاني أظهر على ذلك التقدير، كما يظهر بالتدبّر، فتدبّر (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

ص: 244

أحدا يذكرني بسوء (1) فالواجب عليه أن يقتل من شتمني، و لا يرفع إلى السلطان، و الواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال (2) منّي».

و سئل (3) عليه السّلام عمّن سمع يشتم عليّا عليه السّلام و يتبرّأ منه، فقال: هو و اللّه حلال الدم، و ما ألف رجل منهم برجل منكم، دعه»، و هو (4) إشارة إلى خوف الضرر على بعض المؤمنين.

و في إلحاق باقي الأنبياء عليهم السّلام بذلك (5) وجه قويّ ، لأنّ تعظيمهم و كمالهم قد علم من دين الإسلام ضرورة (6)، فسبّهم ارتداد.

**********

شرح:

(1)ما وجدنا كلمة «بسوء» في المصادر الروائيّة، و لكن أوردها الشارح رحمه اللّه هنا في الرواية، و لعلّه وجدها في مصدر.

(2)من نال من عرض فلان: سبّه (أقرب الموارد).

(3)بصيغة المجهول، و نائب الفاعل هو الضمير العائد إلى الصادق عليه السّلام. و الرواية منقولة في كتاب التهذيب:

أحمد بن محمّد بن عليّ بن الحكم عن ربعيّ بن محمّد عن عبد اللّه بن سليمان العامريّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أيّ شيء تقول في رجل سمعته يشتم عليّا عليه السّلام و تبرّأ منه ؟ فقال لي: هو و اللّه حلال الدم، و ما ألف رجل منهم برجل منكم، دعه (التهذيب: ج 10 ص 86 ح 100).

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع إلى قوله عليه السّلام في الرواية: «و ما ألف رجل منهم برجل منكم، دعه».

(5)المشار إليه في قوله «بذلك» هو قتل سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. يعني في جواز قتل سابّ سائر الأنبياء عليهم السّلام بعد جواز قتل سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وجه قويّ .

(6)يعني أنّ تعظيم سائر الأنبياء عليهم السّلام ثبت بضرورة من الدين، و منكر الضروريّ كافر.

ص: 245

و ألحق (1) في التحرير بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله امّه (2) و بنته من غير تخصيص بفاطمة عليها السّلام.

و يمكن اختصاص الحكم بها (3) عليها السّلام، للإجماع على طهارتها بآية التطهير (4).

و ينبغي تقييد الخوف على المال بالكثير المضرّ (5) فواته، فلا يمنع القليل الجواز (6) و إن أمكن منعه (7) الوجوب.

و ينبغي إلحاق الخوف على العرض بالشتم و نحوه على وجه لا يتحمّل (8) عادة بالمال،.

**********

شرح:

(1)فاعله هو الضمير العائد إلى العلاّمة رحمه اللّه. يعني أنّ العلاّمة في كتابه (التحرير) ألحق أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كذا بنته بنفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الحكم بقتل سابّهما.

(2)الضميران في قوليه «امّه» و «بنته» يرجعان إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

(3)أي يمكن اختصاص حكم جواز قتل السابّ ، لحصول الإجماع على طهارتها.

(4)آية التطهير هي الآية 33 من سورة الأحزاب: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) .

(5)أي المال الكثير الذي يضرّ فواته بصاحبه. و الضمير في قوله «فواته» يرجع إلى المال. يعني أنّ الخوف على فوات المال الكثير يمنع من جواز قتل سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمّة المعصومين عليهم السّلام، أمّا لو خاف على فوات المال القليل الذي لا يضرّ فواته بصاحبه لم يمنع من جواز القتل.

(6)بالنصب، مفعول لقوله «لا يمنع»، كما أنّ فاعله هو قوله «القليل».

(7)الضمير في قوله «منعه» يرجع إلى فوات المال القليل. يعني يمكن منع الخوف على فوات المال القليل وجوب القتل لا جوازه.

(8)يعني أنّ الخوف على الشتم و نحوه المتوجّهان إلى من يريد قتل سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو

ص: 246


1- سوره 33 - آیه 33

بل هو (1) أولى بالحفظ .

يقتل مدّعي النبوّة

(و يقتل مدّعي النبوّة) بعد نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله، لثبوت ختمه (2) للأنبياء من الدين (3) ضرورة، فيكون دعواها (4) كفرا.

يقتل الشاكّ في نبوّة نبيّنا

(و كذا) يقتل (الشاكّ في نبوّة نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله) أو في صدقه (5)(إذا كان (6) على ظاهر الإسلام)، احترز به (7) عن إنكار الكفّار لها (8) كاليهود

**********

شرح:

أحد الأئمّة عليهم السّلام إذا كان على وجه لا يتحمّله الشخص الحق بفوات المال في سقوط وجوب قتل السابّ أو جوازه.

(1)ضمير «هو» يرجع إلى العرض. يعني أنّ حفظ العرض أولى من حفظ المال.

مدّعي النبوّة (2)الضمير في قوله «ختمه» يرجع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

(3)يعني أنّ كون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خاتم الأنبياء و المرسلين ثبت بضرورة من الدين.

(4)الضمير في قوله «دعواها» يرجع إلى النبوّة. يعني أنّ دعوى النبوّة بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنكار لما ثبت بالضرورة، و هذا الإنكار ممّا يوجب الكفر.

الشاكّ في نبوّة نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله (5)الضمير في قوله «صدقه» يرجع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. يعني يقتل أيضا من شكّ في كون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صادقا فيما ادّعاه.

(6)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الشاكّ .

(7)الضمير في قوله «به» يرجع إلى قول المصنّف رحمه اللّه «إذا كان على ظاهر الإسلام».

(8)الضمير في قوله «لها» يرجع إلى النبوّة. يعني لا يجب قتل منكر نبوّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا كان كافرا ذمّيّا مثل اليهود و النصارى.

ص: 247

و النصارى، فإنّهم لا يقتلون بذلك (1).

و كذا غيرهم من فرق الكفّار (2) و إن جاز قتلهم بأمر آخر (3).

يقتل الساحر المسلم و الكافر يعزر

(و يقتل الساحر) - و هو من يعمل بالسحر و إن لم يكن مستحلاّ (4) - (إن كان (5) مسلما، و يعزّر) الساحر (الكافر)، قال (6) النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «ساحر المسلمين يقتل، و ساحر الكفّار لا يقتل»، قيل: يا رسول اللّه و لم لا يقتل ساحر الكفّار؟ فقال: «لأنّ الكفر أعظم من السحر، و لأنّ السحر و الشرك مقرونان (7)».

و لو تاب الساحر قبل أن يقام عليه الحدّ سقط عنه (8) القتل، لرواية (9)

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «بذلك» هو إنكار نبوّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

(2)كالمجوس و الوثنيّين و الكفّار الحربيّين.

(3)ككونهم من الكفّار الحربيّين، فإنّهم يجوز قتلهم، لحربهم لا لكونهم كفّارا.

الساحر المسلم و الساحر الكافر (4)أي و إن لم يكن الساحر مستحلاّ للسحر، كما إذا قال بحرمته و مع هذا ارتكبه.

(5)يعني أنّ جواز قتل الساحر إنّما هو فيما إذا كان مسلما، فلو كان كافرا لم يقتل، بل عزّر.

(6)الرواية منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 576 ب 1 من أبواب بقيّة الحدود من كتاب الحدود ح 1.

(7)يعني أنّ السحر و الشرك مقرونان، فكما أنّ الكافر لا يقتل لشركه إلاّ في موارد خاصّة ككونه حربيّا كذا لا يقتل لسحره.

(8)الضمير في قوله «عنه» يرجع إلى الساحر الذي تاب عن السحر.

(9)الرواية منقولة في كتاب الوسائل: ج 18 ص 577 ب 3 من أبواب بقيّة الحدود

ص: 248

إسحاق بن عمّار عن الصادق عليه السّلام: «إنّ عليّا كان يقول: من تعلّم شيئا من السحر كان آخر عهده بربّه (1)، و حدّه القتل إلاّ أن يتوب»، و قد تقدّم في كتاب البيع تحقيق معنى السحر و ما يحرم منه (2).

(و قاذف أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مرتدّ يقتل) إن لم يتب (3)،(و لو تاب لم تقبل) توبته (4)(إذا كان) ارتداده (عن فطرة)، كما لا تقبل توبته في غيره (5) على المشهور.

و الأقوى قبولها (6) و إن لم يسقط عنه القتل.

و لو كان ارتداده عن ملّة قبل إجماعا.

**********

شرح:

من كتاب الحدود ح 2.

(1)المراد من كون تعلّم شيء من السحر آخر عهد المتعلّم بربّه هو كونه بريئا من ربّه بتعلّم السحر.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى السحر. أي قد تقدّم في كتاب البيع تحقيق معنى السحر و ما يحرم من أقسامه.

قاذف أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (3)أي إن لم يتب قاذف أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

(4)أي لا تقبل توبة قاذف أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا كان ارتداده عن فطرة.

(5)أي كما لا تقبل توبة المرتدّ عن فطرة في غير قذف أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيضا.

(6)يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو قبول توبة المرتدّ عن فطرة عند اللّه، كما هو الحقّ عندي أيضا، لإطلاق الآية الدالّة على قبول توبة التائب، لكن يحكم بقتله في الظاهر.

ص: 249

و هذا (1) بخلاف سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ ظاهر النصّ و الفتوى وجوب قتله (2) و إن تاب، و من ثمّ قيّده (3) هنا (4) خاصّة.

و ظاهرهم أنّ سابّ الإمام عليه السّلام كذلك (5).

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «هذا» هو قاذف أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

(2)يعني أنّ ظاهر النصّ و الفتوى هو وجوب قتل سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و إن تاب.

(3)أي قيّد المصنّف رحمه اللّه قاذف أمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بكونه مرتدّا عن فطرة حتّى يقتل.

(4)المشار إليه في قوله «هنا» هو كتاب اللمعة الدمشقيّة.

(5)يعني أنّ سابّ الإمام المعصوم عليه السّلام أيضا مثل سابّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من حيث القتل مطلقا.

ص: 250

الفصل الرابع في شرب المسكر

اشارة

(الفصل الرابع (1) في الشرب) أي شرب (2) المسكر، و لا يختصّ (3) عندنا بالخمر، بل يحرم جنس (4) كلّ مسكر، و لا يختصّ التحريم بالقدر المسكر منه (5)،(فما أسكر جنسه) أي كان الغالب فيه (6) الإسكار و إن لم يسكر بعض الناس لإدمانه (7) أو قلّة

**********

شرح:

الشرب حكم المسكر (1)يعني أنّ هذا هو الفصل الرابع من الفصول التي قال عنها في أوّل الكتاب «و فيه فصول».

(2)يعني أنّ المراد من «الشرب» هو شرب المسكر لا مطلق الشرب.

(3)أي لا يختصّ الحدّ عند علمائنا الإماميّة بشرب الخمر خاصّة.

(4)أي الجنس الشامل للقليل و الكثير و إن لم يكن مسكرا بالفعل.

(5)الضمير في قوله «منه» يرجع إلى كلّ مسكر.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى «ما» الموصولة المراد منها المسكر.

(7)أي لاستمرار بعض الناس على شرب المسكر الموجب لعدم السكر.

أدمن الشيء: أدامه، و رجل مدمن خمر أي مداوم شربها (أقرب الموارد).

ص: 251

ما تناول منه أو خروج مزاجه (1) عن حدّ الاعتدال (يحرم (2)) تناول (القطرة منه) فما فوقها (3).

حكم الفقّاع

(و كذا) يحرم (الفقّاع (4)) و إن لم يسكر، لأنّه عندنا (5) بمنزلة الخمر، و في بعض (6) الأخبار: هو خمر مجهول، و في آخر (7):

**********

شرح:

(1)أي لخروج مزاج بعض الناس عن حدّ الاعتدال.

(2)بالرفع محلاّ خبر لقوله «فما أسكر جنسه».

(3)أي يحرم تناول أكثر من قطرة من المسكر أيضا.

حكم الفقّاع (4)الفقّاع كرمّان: الشراب يتّخذ من الشعير، سمّي به، لما يعلوه من الزبد (أقرب الموارد).

(5)أي الإماميّة في مقابل العامّة.

(6)الرواية منقولة في كتاب التهذيب:

محمّد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسين عن محمّد بن إسماعيل عن سليمان بن حفص قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: ما تقول في شرب الفقّاع ؟ فقال: هو خمر مجهول، يا سليمان فلا تشربه، أما يا سليمان لو كان الحكم لي و الدار لي لجلدت شاربه، و لقتلت بائعه (التهذيب: ج 9 ص 124 ح 274).

(7)أي في خبر آخر، و هو منقول في كتاب التهذيب:

أحمد بن محمّد بن عيسى عن الوشّاء قال: كتبت إليه - يعني الرضا عليه السّلام - أسأله عن الفقّاع، فكتب: حرام، و هو خمر، و من شربه كان بمنزلة شارب خمر، قال: و قال لي أبو الحسن الأوّل عليه السّلام: لو أنّ الدار داري لقتلت بائعه، و لجلدت شاربه، و قال أبو الحسن الأخير عليه السّلام: حدّه حدّ شارب الخمر، و قال عليه السّلام: هي خمرة استصغرها الناس (التهذيب: ج 9 ص 125 ح 275).

ص: 252

هو خمر استصغره (1) الناس.

و لا يختصّ التحريم بتناولهما صرفا (2)، بل يحرمان (3)(و لو مزجا بغيرهما) و إن استهلكا (4) بالمزج.

حكم العصير العنبيّ

(و كذا) يحرم عندنا (5)(العصير) العنبيّ (إذا غلى) بأن صار أسفله (6) أعلاه،(و اشتدّ) بأن أخذ (7) في القوام و إن قلّ ، و يتحقّق ذلك بمسمّى الغليان إذا كان (8) بالنار.

و اعلم أنّ النصوص و فتوى الأصحاب - و منهم (9) المصنّف في غير

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الناس استخفّوا بشرب الفقّاع و رأوا أمره سهلا و بعيدا عن شمول حكم الحرمة و العذاب.

(2)أي خالصا بلا خلط لهما بغيرهما.

(3)فاعله هو الضمير الراجع إلى الخمر و الفقاع.

(4)أي و إن استهلك الخمر و الفقّاع بمزجهما بغيرهما.

حكم العصير العنبيّ (5)أي و كذا يحرم العصير العنبيّ عند الإماميّة إذا غلى و اشتدّ.

(6)أي الغليان الحاصل من صيرورة أسفله أعلاه.

و لا يخفى أنّ تعريف الشارح رحمه اللّه للغليان بصيرورة أسفله أعلاه من قبيل تفسير الشيء بلوازمه.

(7)أي شرع في الاشتداد.

(8)اسم «كان» هو الضمير العائد إلى الغليان.

(9)أي و من جملة الأصحاب هو المصنّف رحمه اللّه في غير كتاب اللمعة الدمشقيّة.

ص: 253

هذه العبارة - مصرّحة (1) بأنّ تحريم العصير معلّق على غليانه (2) من غير اشتراط اشتداده.

نعم، من حكم بنجاسته (3) جعل النجاسة مشروطة بالأمرين.

و المصنّف هنا جعل التحريم مشروطا بهما (4)،

**********

شرح:

(1)خبر «أنّ » الواقعة في قوله «و اعلم أنّ النصوص و فتوى الأصحاب». يعني أنّ الأخبار و فتوى العلماء مصرّحتان بتعليق تحريم العصير على غليانه بلا اشتراط الاشتداد فيهما، و من جملة الأخبار الواردة نصوص نذكر ثلاثة منها:

الأوّل: محمّد بن يعقوب بإسناده عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يحرم العصير حتّى يغلى (الوسائل: ج 17 ص 229 ب 3 من أبواب الأشربة المحرّمة من كتاب الأطعمة و الأشربة ح 1).

الثاني: محمّد بن يعقوب بإسناده عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن شرب العصير، قال: تشرب ما لم يغل، فإذا غلى فلا تشربه، قلت: أيّ شيء الغليان ؟ قال: القلب (المصدر السابق: ح 3).

و المراد من قوله عليه السّلام: «القلب» هو صيرورة أسفله أعلاه.

الثالث: محمّد بن يعقوب بإسناده عن ذريح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا نشّ * العصير أو غلى حرم (المصدر السابق: ح 4).

* النشيش: صوت الماء و غيره إذا غلى (المنجد).

(2)الضمير في قوله «غليانه» يرجع إلى العصير، و كذا الضمير في قوله «اشتداده».

(3)الضمير في قوله «بنجاسته» يرجع إلى العصير. يعني من قال بنجاسة العصير - علاوة على تحريمه - شرط الأمرين: الغليان و الاشتداد.

(4)الضمير في قوله «بهما» يرجع إلى الغليان و الاشتداد. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه شرط في تحريم العصير العنبيّ في هذا الكتاب الأمرين حيث قال «إذا غلى و اشتدّ».

ص: 254

و لعلّه (1) بناء على ما ادّعاه في الذكرى من تلازم الوصفين (2)، و أنّ الاشتداد مسبّب عن مسمّى الغليان، فيكون قيد الاشتداد هنا مؤكّدا (3).

و فيه (4) نظر، و الحقّ أنّ تلازمهما (5) مشروط بكون الغليان بالنار، كما ذكرناه (6)، أمّا لو غلى (7) و انقلب بنفسه فاشتداده بذلك (8) غير واضح.

و كيف كان فلا وجه لاشتراط الاشتداد في التحريم (9)، لما ذكرناه من إطلاق النصوص بتعليقه (10) على الغليان، و الاشتداد - و إن سلّم ملازمته -

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لعلّه» يرجع إلى جعل التحريم مشروطا بأمرين.

(2)المراد من «الوصفين» هو الغليان و الاشتداد.

(3)يعني أنّ الغليان و الاشتداد متلازمان، فإذا يكون ذكر الاشتداد بعد ذكر الغليان تأكيدا له.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع إلى ما قاله المصنّف رحمه اللّه في كتاب الذكرى. يعني أنّ فيما قاله المصنّف في الذكرى نظرا، لأنّ الاشتداد لا يلازم الغليان لو لم يكن بالنار.

(5)يعني أنّ الحقّ عند الشارح رحمه اللّه هو أنّ التلازم بين الغليان و الاشتداد إنّما هو مشروط بكون الغليان بالنار، لا بنفسه.

(6)أي كما ذكرناه في قولنا في الصفحة 253 «إذا كان بالنار».

(7)فاعل قوليه «غلى» و «انقلب» هو الضمير العائد إلى العصير.

(8)المشار إليه في قوله «بذلك» هو غليان العصير بنفسه.

(9)يعني أنّ اشتراط الاشتداد في تحريم العصير ليس له وجه.

(10)يعني أنّ النصوص دلّت بإطلاقها على تعليق الحرمة على الغليان خاصّة، و لم تدلّ على تقيّدها بقيد آخر كالاشتداد.

ص: 255

لا دخل له في سببيّة التحريم.

**********

شرح:

هذه آخر كلمات جرت على قلم الاستاذ المغفور له، و بعدئذ جفّ قلمه و حلّ أجله الذي إذا جاء لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ (1) ، و أجاب نداء اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ (2) ، و ارتحل إلى جوار ربّه في صبيحة يوم السبت غرّة ربيع الثاني سنة 1417 ه . ق. مطابقا لليوم السابع و العشرين من «مرداد» سنة 1375 ه . ش.، و صار عمله - هذا - منقطعا، و لا عجب! «فإنّ الناس يوشك أن ينقطع بهم الأمل... و أنتم بنو سبيل على سفر من دار ليست بداركم، و قد اوذنتم منها بالارتحال، و امرتم فيها بالزاد...».

و ما ندري ؟! لعلّه رحمه اللّه جاد بنفسه و هو يبكي و يترنّم:

وفدت على الكريم بغير زاد*** من الحسنات و القلب السليم

و حمل الزاد أقبح كلّ شيء*** إذا كان الوفود على الكريم

غفر اللّه له و لنا و حشره و إيّانا في زمرة موالينا محمّد و آل محمّد صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين.

ص: 256


1- سوره 7 - آیه 34
2- سوره 89 - آیه 28

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.