الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه المجلد 5

اشارة

سرشناسه:وجدانی فرخ، قدرت الله، 1375 - 1311، شارح

عنوان و نام پديدآور:الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه/ تالیف قدره الله الوجدانی فخر

مشخصات نشر: الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

مشخصات ظاهری: 16ج

يادداشت:کتاب حاضر شرحی است بر "الروضه البهیه..." شهید ثانی، که خود شرحی است بر "اللمعه الدمشقیه... شهید اول"

يادداشت:عربی

عنوان دیگر:اللمعه الدمشقیه. شرح

عنوان دیگر:الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

موضوع:شهید اول محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

فقه جعفری -- قرن ق 8

شناسه افزوده:شهید اول، محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه. شرح

شناسه افزوده:شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

ص: 1

اشارة

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولی

1431 ه - 2010م

الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

هاتف 946161 / 03 - 115425 / 02 - تلفاکس: 4715510 / 01

http://www.Dar-Alamira.com

E-mail:info@dar-alamira.com

ص: 2

الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه

تالیف قدره الله الوجدانی فخر

الجزء الخامس

الجهاد ، الکفارات ، النذر ، القضاء والشهادات

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 4

كتاب الجهاد

اشارة

كتاب الجهاد (1)

**********

شرح:

كتاب الجهاد (1)إضافة الكتاب الى الجهاد بيانية و خبر لمبتدإ مقدّر و هو «هذا».

الجهاد - بكسر الجيم -: مصدر من قوله: جاهد في سبيل اللّه مجاهدة و جهادا:

بذل وسعه، و منه في القرآن وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ (1) . و جاهد العدوّ:

قاتله، و في الحديث: لا هجرة بعد الفتح لكن جهاد و نية. (أقرب الموارد).

من حواشي الكتاب: الجهاد فعال من الجهد و هو المشقّة البالغة، و شرعا بذل النفس و المال في إعلاء كلمة الإسلام و إقامة شعائر الإيمان، و هو من أعظم أركان الإسلام، روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال: فوق كلّ برّ برّ حتّى يقتل الرجل في سبيل اللّه فليس فوقه برّ. و ناهيك الحثّ عليه في القرآن العزيز في غير موضع. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

و من الآيات الدالّة على الجهاد قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (2) . (البقرة: 216). و الدليل على الوجوب قوله سبحانه «كتب» بمعنى الفرض و الوجوب.

ص: 5


1- سوره 22 - آیه 78
2- سوره 2 - آیه 216

أقسام الجهاد

و هو (1) أقسام: جهاد المشركين ابتداء (2) لدعائهم إلى الإسلام. و جهاد من يدهم (3) على المسلمين من الكفّار بحيث

**********

شرح:

-و الآية الاخرى هي قوله عزّ و جلّ وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (1) .

(النساء: 75).

و الآية الثالثة الدالّة على وجوب الجهاد هي قوله سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (2) . (النساء: 71). و محلّ الاستشهاد هو الأمر بأخذ السلاح و النفر طائفة أو انفرادا الى الجهاد.

و الآية الرابعة هي قوله عزّ من قائل وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (3) . (الحجّ : 78) و الشاهد فيها أيضا الأمر الى الجهاد في اللّه الدالّ على الوجوب.

(1)الضمير يرجع الى الجهاد. يعني أنّ الجهاد على أقسام أربعة:

الأول: جهاد المشركين ابتداء لدعوتهم الى الإسلام.

الثاني: جهاد الكفّار الذين يهاجمون المسلمين مع الخوف من أن يتسلّطوا على بلادهم و أموالهم و أعراضهم.

الثالث: الجهاد على من قصد قتل نفس محترمة أو أخذ مال محترم أو أسر حريم، بلا فرق بين كون القاصد مسلما أو كافرا.

الرابع: الجهاد على من خرج على الإمام المعصوم.

و سيأتي تفصيل ذلك قريبا.

(2)هذا هو القسم الأول من الأقسام الأربعة المذكورة.

(3)دهم الأمر يدهم وزان علم يعلم، أو دهم الأمر وزان منع يمنع: غشيه، دهّمت -

ص: 6


1- سوره 4 - آیه 75
2- سوره 4 - آیه 71
3- سوره 22 - آیه 78

يخافون (1) استيلائهم على بلادهم، أو أخذ مالهم و ما أشبهه (2) و إن قلّ .

و جهاد من يريد قتل نفس محترمة (3) أو أخذ مال أو سبي حريم مطلقا (4)، و منه (5) جهاد الأسير بين المشركين للمسلمين دافعا عن نفسه. و ربّما أطلق على هذا القسم (6) الدفاع لا الجهاد، و هو أولى. و جهاد

**********

شرح:

-النار القدر: سوّدتها. (أقرب الموارد، المنجد).

و من ذلك قوله تعالى مُدْهامَّتانِ (1) . (الرحمن: 64). أي سوداوان من شدة الخضرة.

(1)فاعل قوله «يخافون» هو ضمير الجمع الراجع الى المسلمين. و الضميران في قوليه «بلادهم» و «مالهم» يرجعان الى المسلمين أيضا.

(2)كالأعراض و الأفكار الإسلامية من آداب و شعائر، كما اذا خيف من تسلّطهم على المدارس العلمية و التعاليم الإسلامية. و هذا هو القسم الثاني من الأقسام الأربعة المذكورة. و لا يخفى أنّ خطرهم بالاستيلاء على ذلك أشدّ و أهمّ من خطرهم على الأراضي و الأموال.

و قوله «و إن قلّ » وصلية. يعني و إن كان المال قليلا.

(3)هذا هو القسم الثالث من الأقسام الأربعة المذكورة.

(4)أي بلا فرق بين من يريد القتل و السبي و أخذ المال بين المسلم و الكافر الحربي و الذمّي.

(5)أي من القسم المذكور جهاد الأسير بين المشركين دفاعا عن نفسه لا لنفع الكفّار و ضرر المسلمين.

(6)المشار إليه هو جهاد الأسير بين المشركين لصالح المسلمين. يعني ربّما يطلق على ذلك الدفاع لا الجهاد، و تظهر ثمرة الاختلاف بين إطلاق الدفاع و الجهاد في موارد:

الأول: عدم جريان أحكام الشهيد عليه اذا قتل في مقام الدفاع، مثل التغسيل -

ص: 7


1- سوره 55 - آیه 64

البغاة (1) على الإمام.

و البحث هنا عن الأول (2)، و استطرد ذكر

**********

شرح:

-و التكفين.

الثاني: عدم شركة الدافع في الغنائم بخلاف المجاهد.

الثالث: حرمة الفرار عند الجهاد بخلاف الدفاع، و غير ذلك من أحكام الجهاد.

(1)البغاة جمع الباغي، و هذا هو القسم الرابع من الأقسام الأربعة المذكورة.

أقول: اعلم أنّ المراد من «البغاة» هو فرق ثلاث:

الناكثين: و هم الذين نكثوا بيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام مثل طلحة و الزبير و غيرهما الذين اجتمعوا حول عائشة و توجّهوا الى البصرة لقتال علي عليه السّلام حتّى قتل طلحة و الزبير، و سمّيت بحرب الجمل لركوب عائشة على الجمل و حثّها الناس على قتل علي عليه السّلام، و من أراد التفصيل فليراجع كتب التاريخ.

القاسطين: و هم معاوية و أتباعه الذين ظلموا و تمرّدوا عن العدل و إطاعة إمام الحقّ علي عليه السّلام و قاتلوه في موضع يسمّى بصفّين، و حكايته أيضا مشهورة و في كتب التاريخ مذكورة.

المارقين: من مرق السهم من الرمية مروقا: نفذ فيها و خرج من الجانب الآخر، أي من غير مدخله، و منه قيل: مرق من الدين: أي خرج منه ببدعة أو ضلالة فهو مارق. (أقرب الموارد).

و هم الذين خرجوا على علي عليه السّلام و قتلوا إلاّ تسعة منهم.

و هؤلاء الذين أخبر عنهم الرسول صلّى اللّه عليه و آله بقوله: يا علي، سيقاتلك الناكثون و القاسطون و المارقون.

(2)يعني أنّ البحث هنا عن القسم الأول من الأقسام الاربعة، و هو جهاد المشركين ابتداء لدعوتهم الى الإسلام.

ص: 8

الثاني (1) من غير استيفاء، و ذكر (2) الرابع في آخر الكتاب، و الثالث (3) في كتاب الحدود.

(و يجب على الكفاية) (4) بمعنى وجوبه على الجميع إلى أن يقوم به منهم من (5) فيه الكفاية، فيسقط عن الباقين سقوطا

**********

شرح:

(1)المراد من «الثاني» هو الجهاد على من يدهم المسلمين و يهجم عليهم. يعني ذكر المصنّف رحمه اللّه هذا القسم في عرض الكلام تبعا بلا بيان تمام أحكامه.

الاستطراد: هو الانتقال من موضوع الى موضوع آخر بالمناسبة.

و المراد من ذكر المصنّف رحمه اللّه هو قوله قريبا «أو هجوم عدوّ يخشى منه على بيضة الإسلام».

(2)فاعل قوله «ذكر» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني ذكر القسم الرابع و هو جهاد البغاة في آخر كتاب الجهاد بقوله «الفصل الرابع في أحكام البغاة».

(3)بالنصب، عطفا على قوله «الرابع». يعني ذكر المصنّف رحمه اللّه القسم الثالث من الأقسام الأربعة في الفصل السادس من فصول كتاب الحدود.

(4)قسّم الاصوليون الواجب الى العيني و الكفائي، أمّا العيني فهو الذي يجب على ذمّة كلّ أحد من المكلّفين و لا يسقط بفعل أحد عن الآخر، مثل الصلاة و الصوم و غيرهما.

و أمّا الكفائي فهو الذي يجب فعله من أيّ أحد من المكلّفين، مثل تغسيل الميّت و تكفينه، فهذا الواجب يكون وجوبه على ذمّة جميع المسلمين حتّى يقوم الجميع أو أحد منهم بإتيانه فيسقط عن الغير.

و الضمير في قوله «وجوبه» يرجع الى الجهاد. يعني أنه يجب على جميع المسلمين أولا، فاذا قام به من يكفي به سقط عن ذمّة الغير.

(5)فاعل قوله «يقوم». يعني أنّ الجهاد يسقط عن الجميع اذا قام به عدّة من المسلمين الذين يكتفي بهم.

ص: 9

مراعى (1) باستمرار القائم به إلى أن يحصل الغرض المطلوب به شرعا، و قد يتعيّن (2) بأمر الإمام عليه السّلام لأحد على الخصوص و إن قام به من (3) كان فيه كفاية، و تختلف الكفاية (بحسب الحاجة) بسبب كثرة (4) المشركين و قلّتهم، و قوّتهم و ضعفهم.

(و أقلّه (5) مرّة في كلّ عام) لقوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ (1)

**********

شرح:

(1)يعني ليس سقوط وجوب الجهاد عن المسلمين سقوطا قطعيا، بل يراعى سقوطه باستمرار المجاهدين الى أن يحصل الغرض و هو قبول المشركين دعوتهم الى الإسلام أو دفع شرّهم عنه. فلو لم يحصل الغرض المطلوب شرعا لا يسقط الوجوب عن ذمّة الباقين بل عليهم الجهاد الى أن يحصل الغرض المذكور.

و الضميران في قوليه «به» يرجع الى الجهاد.

(2)يعني أنّ الوجوب الكفائي في الجهاد يصير واجبا عينيا اذا أمر به المعصوم عليه السّلام أحدا أو جمعا.

(3)أي و إن قام بالجهاد عدّة تحصل بهم الكفاية.

(4)فاذا كثرت أعداد المشركين فالكفاية تحصل بالنسبة إليهم، و هكذا اذا قلّت.

و أيضا اذا كانوا أقوياء من حيث التجهيز و القتال فيلاحظ الكفاية بالنسبة الى ذلك.

(5)أي أقلّ الواجب الكفائي في الجهاد الابتدائي مرّة واحدة في كلّ سنة.

و الدليل على الوجوب و المرّة هو قوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (2) . (التوبة: 5).

أمّا الاستدلال على الوجوب فهو قوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ (3) فعلّق -

ص: 10


1- سوره 9 - آیه 5
2- سوره 9 - آیه 5
3- سوره 9 - آیه 5

فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ... (1) الخ أوجب بعد انسلاخها (1) الجهاد و جعله (2) شرطا فيجب كلّما وجد الشرط (3)، و لا يتكرّر (4) بعد ذلك بقية العام لعدم (5) إفادة مطلق الأمر (6) التكرار.

**********

شرح:

-وجوب القتال على انسلاخ الأشهر الحرم.

و لا يحصل الشرط و هو الانسلاخ في طول السنة إلاّ مرّة واحدة، ففي كلّ عام يحصل الشرط و يجب الجهاد لأنّ المشروط يتكرّر بتكرّر الشرط ، و الاستدلال بالوجوب مرّة واحدة لا أزيد منها، بأنّ الأمر يدلّ على المرّة إلاّ اذا قامت

القرينة بالتكرار كما قال الاصوليون في كتبهم.

ففي المقام أيضا صدر الأمر بوجوب الجهاد بعد انسلاخ الأشهر المذكورة، فيحمل على المرّة لا التكرار.

(1)يعني أنّ اللّه تعالى أوجب قتال المشركين بعد انسلاخ الشهور المذكورة.

(2)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى الانسلاخ.

(3)الشرط هو الانسلاخ و المشروط هو القتال.

(4)أي لا يجب الجهاد متكرّرا بعد القتال في العام بالنسبة الى بقية أيّامه.

(5)هذا الاستدلال الثاني من الاستدلالين المذكورين آنفا.

(6)أي الأمر بالطبيعة المطلقة و المجرّدة عن كلّ شيء لا يدلّ على التكرار و لا على المرّة بناء على أنّ الموضوع له الأمر و هو الطلب المطلق الخالي عن جميع الخصوصيات.

أقول: اختلفوا في المراد من الأشهر الحرم قيل: هي الأشهر الحرم المعروفة: ذو القعدة، و ذو الحجّة، و محرّم، و رجب.

و لعلّ الوجه هو حصول التأمين لعزيمة الناس الى الحجّ ذهابا و إيابا في الثلاثة الاول، و لعزيمة المسلمين للعمرة المفردة الواردة في شهر رجب.-

ص: 11


1- سوره 9 - آیه 5

و فيه (1) نظر يظهر من التعليل.

**********

شرح:

-و قيل: هي بقية ذي الحجّة من يوم النحر و محرّم كلّه فيكون ذلك خمسين يوما، فاذا انقضت هذه الخمسون انقضى الأجلان و حلّ قتالهم.

و قيل: الأشهر الأربعة التي هي عشرون من ذي الحجّة و محرّم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من شهر ربيع الآخر، إذ حرّم فيها دماء المشركين و جعل لهم أن يسيحوا فيها آمنين. (راجع تفسير مجمع البيان: سورة التوبة).

الانسلاخ: خروج الشيء ممّا لابسه، و أصله من سلخ الشاة و هو نزع الجلد عنها، و سلخنا شهر كذا نسلخه سلخا و سلوخا. (مجمع البيان).

(1)قد اختلف المحشّون في رجوع ضمير «فيه» الى الاستدلال بوجوب الجهاد في كلّ عام مرّة بمعنى وجوبه في كلّ سنة، أو الاستدلال بوجوبه مرّة واحدة في كلّ سنة لا أزيد منها.

أقول: و الحقّ أنّ إشكال الشارح رحمه اللّه متّجه الى الاستدلال الثاني و هو وجوب الجهاد في أيّام السنة مرّة واحدة بدليل قوله «يظهر من التعليل». فإنّ المراد من «التعليل» هو قوله في الاستدلال بعدم التكرار في بقية الأيّام لعدم إفادة مطلق الأمر التكرار.

فأشكل الشارح رحمه اللّه بذلك الاستدلال بأنّ الأمر المطلق كما أنه لا يفيد التكرار كذلك لا يفيد المرّة، بل كلّ منهما يحتاج الى دليل. ففي قوله تعالى وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1) دلّت القرينة على الوجوب مرّة واحدة، و في قوله تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ (2) دلّت القرينة على التكرار.

قال صاحب الكفاية في المبحث الثامن من مباحث الفصل الثاني من فصول الأوامر: الحقّ أنّ صيغة الأمر مطلقا لا دلالة لها على المرّة و لا التكرار، فإنّ المنصرف عنها ليس إلاّ طلب ايجاد الطبيعة المأمور بها، فلا دلالة لها على -

ص: 12


1- سوره 3 - آیه 97
2- سوره 2 - آیه 43

هذا (1) مع عدم الحاجة إلى الزيادة عليها (2) في السنة، و إلاّ وجب بحسبها (3)، و عدم (4) العجز عنها فيها، أو رؤية الإمام عدمه صلاحا، و إلاّ جاز (5) التأخير بحسبه.

**********

شرح:

-أحدهما لا بهيئتها و لا بمادّتها. و الاكتفاء بالمرّة فإنّما هو لحصول الامتثال بها في الأمر بالطبيعة. (كفاية الاصول: ص 100).

من حواشي الكتاب: قوله «و فيه نظر يظهر من التعليل» و هو قوله «لعدم إفادة مطلق الأمر التكرار» فإنّه اذا كان مطلق الأمر لا يفيد التكرار فهذا ممّا لا يفيده فإنّه يحصل الامتثال به مرّة في سنة واحدة. (حاشية ع ل رحمه اللّه).

(1)المشار إليه هو وجوب الجهاد في السنة مرّة واحدة. يعني أن ذلك في صورة عدم الحاجة الى الأزيد من المرّة، و إن احتاج الغرض من الجهاد الى أزيد منها فيجب على حسب الحاجة.

(2)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى المرّة. يعني أنّ وجوب المرّة في السنة في صورة عدم الاحتياج الى أزيد منها.

(3)الضمير في قوله «بحسبها» يرجع الى الحاجة.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «عدم الحاجة». يعني أنّ وجوب الجهاد في كلّ سنة مرّة واحدة في صورة عدم عجز المسلمين عنها في السنة، و إلاّ لا يجب حتّى مرّة في السنة أيضا.

و الحاصل: أنّ في وجوب المرّة في السنة شرطان:

الأول: عدم الحاجة الى الأزيد منها، و إلاّ يجب الجهاد في السنة أزيد من المرّة.

الثاني: عدم عجز المسلمين عن المرّة في السنة، أو رؤية الإمام عليه السّلام عدم الجهاد مرّة في السنة صلاحا.

و الضمير في قوله «عنها» يرجع الى المرّة، و في قوله «فيها» يرجع الى السنة.

(5)أي إن وجد العجز أو الصلاح في تأخير الجهاد فيؤخّر بمقتضاهما.-

ص: 13

شروط الجهاد الابتدائي

و إنّما يجب الجهاد (بشرط الإمام العادل (1)، أو نائبه) الخاصّ و هو المنصوب للجهاد، أو لما هو أعمّ . أمّا العامّ كالفقيه فلا يجوز له تولّيه حال الغيبة بالمعنى الأول (2)، و لا يشترط (3) في جوازه بغيره من المعاني،(أو هجوم (4) عدوّ) على المسلمين (يخشى منه على بيضة الإسلام (5)) و هي

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «بحسبه» يرجع الى كلّ من العجز و الصلاح.

(1)المراد من «الإمام العادل» هو المعصوم عليه السّلام. يعني من شروط وجوب الجهاد الابتدائي هو وجود الإمام المعصوم عليه السّلام أو نائبه الخاصّ و هو المنصوب في خصوص الجهاد فقط أو العام و هو المنصوب نائبا مطلقا.

(2)المراد من «المعنى الأول» هو الجهاد الابتدائي لأجل الدعوة الى الإسلام، و هو الأول من الأقسام الأربعة المذكورة. يعني أنّ الفقيه الذي هو النائب العامّ للمعصوم عليه السّلام في زمان الغيبة لا يجوز له تولية الجهاد في الغيبة، بمعنى أنه لا يجوز له أن يحكم بجهاد المشركين ابتداء.

(3)النائب الفاعل هو الضمير الراجع الى الإمام أو نائبه الخاصّ أو العامّ . يعني أنّ الإمام عليه السّلام لا يشترط في وجوب الجهاد بغير القسم الأول من الأقسام الأربعة المذكورة.

و الضمير في قوله «جوازه» يرجع الى الجهاد، و في «غيره» يرجع الى الأول.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «بشرط الإمام». و هذا هو القسم الثاني من أقسام الجهاد، فاذا هجم العدوّ على المسلمين بحيث يخاف من هجومه على أصل المسلمين و مجتمعهم و بما هو القوام لهم وجب الجهاد و القتال وجوبا كفائيا، و لا يحتاج الى وجود الإمام المعصوم عليه السّلام و لا نائبه.

(5)بيضة الإسلام: جماعتهم. و بيضة القوم: أصلهم. و البيضة أصل القوم و مجتمعهم.

(لسان العرب).

ص: 14

أصله و مجتمعه فيجب حينئذ (1) بغير إذن الإمام أو نائبه.

و يفهم من القيد (2) كونه كافرا، إذ لا يخشى (3) من المسلم على الإسلام نفسه و إن كان مبدعا. نعم (4) لو خافوا على أنفسهم وجب عليهم الدفاع، و لو خيف على بعض المسلمين وجب عليه (5)، فإن عجز وجب على من يليه مساعدته (6)، فإن عجز الجميع (7) وجب على من بعد، و يتأكّد على الأقرب فالأقرب كفاية (8).

**********

شرح:

(1)فاذا خيف من هجوم العدوّ على بيضة الإسلام وجب الجهاد بغير إذن الإمام أو نائبه.

(2)المراد من «القيد» هو قوله «يخشى منه على بيضة الإسلام». يعني أنّ المستفاد من ذلك القيد كون العدوّ المهاجم كافرا.

(3)تعليل استفادة الكافر من القيد المذكور بأن العدوّ المهاجم إذا لم يكن كافرا لا يخاف منه على أصل الإسلام و لو كان أهل بدعة.

(4)استدراك من عدم وجوب الجهاد اذا لم يكن العدوّ المهاجم كافرا، بأنه اذا خاف المسلمون على أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم وجب عليهم الجهاد بالمعنى الثالث الذي سمّي بالدفاع، و هذا هو القسم الثالث من الأقسام الأربعة المذكورة.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى بعض المسلمين. يعني لو خاف البعض منهم على نفسه و ماله و عرضه وجب الدفاع على نفسه.

(6)بمعنى أنه اذا عجز بعض المسلمين عن الدفاع على نفسه وجب على الذين يمكنهم الدفاع مساعدة العاجز منهم.

(7)كما اذا عجز الخائف على نفسه و من يليه عن دفع العدوّ المهاجم وجب الدفاع على سائر المسلمين.

(8)يعني يتأكّد الواجب الكفائي في حقّ الأقرب بالنسبة الى الأبعد على العاجز.

ص: 15

(و يشترط ) في من يجب عليه الجهاد بالمعنى الأول (1)(البلوغ و العقل و الحرّية و البصر و السلامة من المرض) المانع من الركوب و العدو (2) (و العرج) (3) البالغ حدّ الإقعاد، أو الموجب لمشقّة في السعي (4) لا تتحمّل عادة، و في حكمه (5) الشيخوخة المانعة من القيام به

**********

شرح:

(1)المراد من «الأول» هو الجهاد الابتدائي. يعني أنّ الجهاد المذكور لا يجب على المسلم إلاّ بشروط :

الأول: البلوغ، فلا يجب على الصبي و لو كان مراهقا بالبلوغ.

الثاني: العقل، فلا يجب على المجنون مطلقا.

الثالث: الحرّية، فلا يجب على العبد و لو مبعّضا.

الرابع: البصر، فلا يجب على الأعمى.

الخامس: السلامة من المرض المانع من الركوب و العدو، و من العرج البالغ حدّ الإقعاد أو الى الحدّ الموجب للمشقّة، و السلامة من الفقر الموجب للعجز عن نفقته و نفقة عياله.

السادس: عدم الهرم المانع من القيام بالجهاد.

السابع: الذكورة، فلا يجب على المرأة.

هذه الشروط ذكرها الفقهاء، لكن المصنّف رحمه اللّه لم يذكر هنا الشرطين الأخيرين.

(2)العدو - بفتح العين و سكون الدال و الواو المخفّفة -: من عدا يعدو عدوا و عدوانا: جرى و ركض. (أقرب الموارد، المنجد).

و المراد هو الركض و المشي السريع.

(3)العرج - محرّكا -: أن تطول إحدى الرجلين على الاخرى، أو أن يصيبها شيء فيجمع صاحبها. (أقرب الموارد).

(4)فلو لم يبلغ العرج حدّ الإقعاد و المشقّة لا يوجب سقوط الوجوب عن صاحبه.

(5)الضمير في قوله «حكمه» يرجع الى العرج. و هذا هو الشرط السادس من-

ص: 16

(و الفقر) (1) الموجب للعجز عن نفقته و نفقة عياله و طريقه (2) و ثمن سلاحه، فلا يجب على الصبي و المجنون مطلقا (3)، و لا على العبد و إن كان مبعّضا، و لا على الأعمى و إن وجد قائدا و مطية (4)، و كذا الأعرج. و كان عليه (5) أن يذكر الذكورية فإنّها (6) شرط فلا يجب على المرأة.

هذا (7) في الجهاد بالمعنى الأول (8)، أمّا الثاني (9) فيجب الدفع على القادر، سواء الذكر و الانثى، و السليم و الأعمى، و المريض

**********

شرح:

-الشروط المذكورة. يعني أنّ الشيوخة المانعة من القيام بالجهاد أيضا توجب سقوط وجوب الجهاد.

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «من المرض». يعني يشترط في وجوب الجهاد أيضا السلامة من الفقر.

(2)أي الفقر الموجب للعجز عن مخارج طريق الجهاد و ثمن شراء السلاح له.

(3)أي بلا فرق بين المجنون الأدواري و الإطباقي.

(4)أي و إن وجد الأعمى مركوبا.

(5)أي كان لازما على المصنّف رحمه اللّه ذكر الذكورة من شروط الوجوب أيضا كما ذكرها الفقهاء.

(6)الضمير في قوله «فإنّها» يرجع الى الذكورة.

(7)المشار إليه هو الشروط السبعة المذكورة. يعني أن هذه الشروط إنّما هي في الجهاد الابتدائي.

(8)المراد منه «الجهاد الابتدائي».

(9)و هو عند هجوم الكفّار على المسلمين، يعني أمّا القسم الثاني من الأقسام المذكورة في الجهاد فهو جهاد من يدهم على المسلمين من الكفّار بحيث يخشى منه على بيضة الإسلام، فلا يشترط فيه شيء ممّا ذكر بل يجب الدفاع لكلّ من قدر عليه، ذكرا كان أو انثى، صبيّا أو بالغا، مريضا أو سالما، شابّا أو شيخا، و هكذا.

ص: 17

و العبد، و غيرهم (1).

يحرم المقام في بلد المشرك لمن لا يتمكّن من إظهار شعائر الإسلام

(و يحرم المقام (2) في بلد المشرك لمن لا يتمكّن من إظهار شعائر الإسلام) من الأذان (3) و الصلاة و الصوم و غيرها، و سمّي ذلك شعارا (4) لأنه (5) علامة عليه، أو من الشعار (6) الذي هو الثوب الملاصق للبدن،

**********

شرح:

(1)مثل الفقير و الشيخ و الأعرج، و التي ذكرناها في شروط الجهاد الابتدائي.

(2)المقام و المقامة - بضمّ الميم -: الإقامة، الموضع الذي تقيم فيه. (أقرب الموارد، المنجد). يعني يحرم على المسلم الإقامة في بلاد المشركين بشرطين:

الأول: اذا لم يتمكّن من إظهار شعائر الإسلام، فلو قدر عليه لا تحرم الإقامة عليه.

الثاني: اذا قدر على الهجرة، فلو لم يتمكّن منها لمرض أو عرج أو فقر فلا تحرم الإقامة عليه.

(3)بيان لشعائر الإسلام، فإنّ هذه من علائم الإسلام و آثاره.

(4)الشعار - بالكسر -: العلامة في الحرب و السفر، و ما تحت الدثار من اللباس و هو ما يلي شعر الجسد، جمعه: أشعرة و شعر.

شعار السلطنة: علاماتها. (أقرب الموارد).

الشعيرة: العلامة، جمعها: الشعائر. (المنجد).

(5)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الشعار، و قوله «عليه» يرجع الى الإسلام.

(6)قد تقدّم المعنى للشعار في اللغة، منها العلامة، و منها اللباس الملاصق للبدن، فكلا المعنيان يناسب المقام، بمعنى أنّ المراد من «الشعار» هو العلامة أو الثوب الملاصق للجسد.

أمّا تناسب المعنى الأول فظاهر، و أمّا تناسب المعنى الثاني فإنّ الثوب الملاصق يلازم بالبدن و لا ينفكّ عنه، فكذلك الأعمال الواجبة مثل الصلاة و الصوم و غيرهما من لوازم الإسلام.

ص: 18

فاستعير للأحكام اللاصقة اللازمة للدين.

و احترز بغير المتمكّن (1) ممّن يمكنه إقامتها لقوّة أو عشيرة تمنعه فلا تجب عليه الهجرة. نعم تستحبّ (2) لئلاّ يكثر سوادهم؛ و إنّما يحرم المقام مع القدرة عليها (3)، فلو تعذّرت لمرض أو فقر و نحوه (4) فلا حرج، و ألحق المصنّف فيما نقل عنه (5) ببلاد الشرك بلاد الخلاف التي لا يتمكّن فيها المؤمن من إقامة شعائر الإيمان (6)، مع إمكان انتقاله (7) إلى بلد يتمكّن فيه منها.

للأبوين منع الولد من الجهاد

(و للأبوين (8) منع الولد من الجهاد) بالمعنى

**********

شرح:

(1)إشارة الى قوله «لمن لا يتمكّن من إظهار شعائر الإسلام». أي احترز به ممّن يمكنه إظهار الشعائر إمّا لقوّة منه أو وجود عشيرة تعينه و تدافع عنه فحينئذ لا تجب عليه الهجرة.

(2)فاعله الضمير المؤنث الراجع الى الهجرة. يعني في صورة التمكّن من إظهار شعائر الإسلام لا تجب عليه الهجرة، لكن تستحبّ لئلاّ يكثر سوادهم بوجود المسلم في بلدهم.

(3)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى الهجرة. يعني أنّ الحكم بوجوب الهجرة في صورة القدرة عليها، فلو لم يقدر على الهجرة للموانع المذكورة لا تجب.

(4)الضمير في قوله «و نحوه» يرجع لكلّ من المرض و الفقر.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ألحق بلاد أهل التسنّن ببلاد الكفر في وجوب الهجرة اذا لم يتمكّن من إظهار شعائر التشيّع في كلامه الذي نقل عنه.

(6)المراد من «شعائر الإيمان» هو الصلاة و الوضوء و غير ذلك من الشعائر المتعارفة عند الشيعة الإمامية.

(7)أي مع إمكان انتقال المؤمن الى بلد يقدر من إظهار شعائر الشيعة.

(8)أي يجوز للأبوين منع الولد عن الجهاد بالمعنى الأول - و هو الجهاد الابتدائي -

ص: 19

الأول (1)(مع عدم التعيّن) عليه (2) بأمر الإمام له، أو بضعف (3) المسلمين عن المقاومة بدونه إذ يجب عليه حينئذ (4) عينا، فلا يتوقّف على إذنهما كغيره من الواجبات العينية.

و في إلحاق الأجداد بهما (5) قول قوي، فلو

**********

شرح:

-بشرطين:

الأول: في صورة عدم تعيّن الجهاد عليه بأمر المعصوم عليه السّلام، كما اذا أمره الإمام بالجهاد فيكون واجبا عينيّا عليه، فكما يجب إطاعتهما في الواجبات العينية مثل الصلاة و الصوم و غيرهما فكذلك في الجهاد الذي كان عليه واجبا عينيّا.

الثاني: في صورة ضعف المسلمين عن المقاومة بدون جهاد الولد، ففي هذه الصورة أيضا يكون واجبا عينيّا عليه.

(1)المراد من «الأول» هو الجهاد الابتدائي لدعوة المشركين الى الإسلام.

(2)الضميران في قوليه «عليه» و «له» يرجعان الى الولد.

(3)عطف على قوله «بأمر الإمام». و الباء للسببية. يعني مع عدم وجوب التعيّن بسبب ضعف المسلمين عن المقاومة بدون وجود الولد.

(4)يعني يجب على الولد واجبا عينيّا في صورة أمر الإمام عليه السّلام و ضعف المسلمين، فالواجب العيني لا يتوقّف على إذن الأبوين كغير الجهاد من الواجبات كما تقدّم.

(5)يعني هل يلحق الجدّ و الجدّة بالأبوين في وجوب تحصيل إذنهما؟ و في جواز منعهما الولد عن الجهاد الابتدائي فيه قولان:

الأول: عدم إلحاقهما بالأبوين، لأنّ توقّف الأمر الواجب و هو الجهاد على إذن الأبوين على خلاف الأصل، فيكتفى بالمتيقّن و هو الأبوين كما دلّ عليه الإجماع و الروايات.

الثاني: إلحاقهما بالأبوين لصدق الآباء و الأمّهات عليهما أيضا و لولاية الجدّ -

ص: 20

اجتمعوا (1) توقّف على إذن الجميع، و لا يشترط حرّيتهما (2) على الأقوى.

و في اشتراط إسلامهما قولان (3)،

**********

شرح:

-و الجدّة على الأب فتشمل على ولدهما في المنع عن الجهاد، فهذا القول قوّاه الشارح رحمه اللّه.

(1)هذا متفرّع على القول الثاني، بمعنى أنه اذا قلنا بالإلحاق يتوقّف جهاد الولد على إذن الجميع من الآباء و الامّهات.

(2)الضمير في قوله «حرّيتهما» يرجع الى الأبوين. يعني اذا كان الأبوان رقّين يجوز منعهما الولد عن الجهاد.

أمّا وجه القوّة فهو إطلاق أدلّة وجوب الاستئذان فيشمل الحرّ و الرقّ ، كما دلّت عليه الرواية المنقولة في الوسائل:

عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: جاء (أتى - خ ل) رجل الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، إنّي راغب في الجهاد نشيط ، قال:

فجاهد في سبيل اللّه، فإنّك إن تقتل كنت حيّا عند اللّه ترزق، و إن تمت فقد وقع أجرك على اللّه، و إن رجعت خرجت من الذنوب كما ولدت، فقال: يا رسول اللّه، إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي و يكرهان خروجي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقم مع والديك، فو الذي نفسي بيده لانسهما بك يوما و ليلة خير من جهاد سنة. (الوسائل: ج 11 ص 12 ب 2 من أبواب جهاد العدوّ ح 1).

و فيه أيضا عن عمرو بن شمر عن جابر قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال:

إنّي رجل شابّ نشيط و احبّ الجهاد ولي والدة تكره ذلك، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:

ارجع فكن مع والدتك، فو الذي بعثني بالحقّ لانسهما بك ليلة خير من جهاد في سبيل اللّه سنة. (المصدر السابق: ح 2).

(3)القول باشتراط إسلامهما هو أنّ الكافر لا سبيل و لا سلطة له على المسلم كما-

ص: 21

و ظاهر المصنّف (1) عدمه.

و كما يعتبر إذنهما فيه (2) يعتبر في سائر الأسفار المباحة و المندوبة و الواجبة كفاية مع عدم تعيّنه (3) عليه، لعدم (4) من فيه الكفاية، و منه (5) السفر لطلب العلم، فإن كان واجبا عينا (6) أو كفاية (7) كتحصيل الفقه و مقدّماته مع عدم قيام من فيه الكفاية، و عدم إمكان تحصيله (8) في

**********

شرح:

-قال اللّه سبحانه لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1) . (النساء: 141).

أمّا القول بعدم الاشتراط فهو إطلاق الأدلّة في الأبوين و عدم تقييدها بالإسلام، كما مرّ في الحديثين السابقين.

(1)أي ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه عدم اشتراط الإسلام في الأبوين لأنه قال «للأبوين... الخ» و لم يقيّدهما بالإسلام.

(2)يعني كما يعتبر إذن الأبوين في الجهاد الواجب كذلك يعتبر في جميع الأسفار المباحة مثل السفر الذي لا يرجّح في الشرع و لا يكره، و المندوبة مثل سفر زيارة الأئمة عليهم السّلام، و الواجبة كفاية مثل السفر لتحصيل الفقه أو العلوم المقدّماتية له.

(3)أي كون السفر الواجب كفاية عند عدم وجوبه عليه عينا.

(4)تعليل لكون السفر واجبا عينيّا، و هو اذا لم يوجد للواجب الكفائي من به الكفاية.

(5)يعني و من السفر الواجب هو السفر لطلب العلوم الإسلامية.

(6)أي بالأصالة، مثل السفر لتحصيل الاصول الاعتقادية فإنّه واجب عيني لكلّ شخص من المكلّفين.

(7)أي بالذات، مثل تحصيل الفقه فإنّه واجب كفائي و كذا مقدّماته، لكن اذا لم يقم به من فيه الكفاية يكون واجبا عينيّا لمن يقدر عليه.

(8)هذا شرط آخر في كون السفر لتحصيل الفقه واجبا عينيّا، و هو عدم إمكان التحصيل في بلد الأبوين.

ص: 22


1- سوره 4 - آیه 141

بلدهما و ما قاربه (1) ممّا لا يعدّ سفرا على الوجه (2) الذي يحصل مسافرا لم يتوقّف (3) على إذنهما، و إلاّ (4) توقّف،(و المدين) (5) بضمّ أوله و هو مستحقّ الدين

يمنع المديون الموسر القادر على الوفاء مع الحلول

(يمنع) المديون (الموسر) (6) القادر على الوفاء (مع الحلول) (7) حال الخروج إلى الجهاد، فلو كان معسرا أو كان الدين مؤجّلا

**********

شرح:

(1)أي مع عدم إمكان التحصيل في بلد مقارب لبلد الأبوين، فلو أمكن ذلك لا يجوز السفر الى البلد النائي بدون إذن الأبوين.

(2)هذا متعلّق بقوله «عدم إمكان تحصيله». يعني اذا لم يمكن التحصيل في بلد الأبوين أو البلد القريب على نحو تحصيله في البلاد البعيدة، كما اذا لم يوجد الاستاذ الماهر في بلد الأبوين أو لم تحصل الفراغة كما تحصل في البلاد البعيدة.

(3)هذا جواب لقوله «فإن كان واجبا... الخ». يعني في صورة كون السفر لتحصيل العلم واجبا عينيّا كما استدلّ بالعيني فلا يحتاج الولد الى إذن أبيه و امّه، كما تقدّم أنّ الواجبات العينية لا تحتاج الى إذن الوالدين.

و الضمير في قوله «إذنهما» يرجع الى الأبوين.

(4)يعني و إن لم يكن السفر لطلب العلم واجبا عينيّا مثل تحصيل العقائد أو كان كفائيا بحيث لا يصير واجبا عينيّا فلا يجوز السفر للعلم إلاّ مع إذن الأبوين.

(5)المدين - بصيغة اسم الفاعل - من أدان الرجل: أقرضه. (أقرب الموارد).

و المراد هو صاحب الدين، و هو مبتدأ، و خبره هو قوله «يمنع». يعني أنّ صاحب الدين يجوز له أن يمنع المديون من الجهاد الابتدائي بشرطين:

الأول: اذا كان المديون قادرا لأداء الدين، فلو لم يقدر لا يجوز منعه من الجهاد.

الثاني: مع كون الدين حالاّ حين خروج المديون الى الجهاد، فلو كان مؤجّلا لا يجوز منعه أيضا.

(6)هذا هو الشرط الأول من الشرطين المذكورين.

(7)و هذا هو الشرط الثاني.

ص: 23

و إن حلّ قبل رجوعه (1) عادة لم يكن له المنع، مع احتماله في الأخير (2).

الرباط مستحبّ دائما

(و الرباط ) (3) و هو الإرصاد في أطراف بلاد الإسلام للإعلام بأحوال المشركين على تقدير هجومهم (مستحبّ ) (4) استحبابا مؤكّدا (دائما) مع حضور الإمام و غيبته (5)، و لو وطّن (6) ساكن الثغر نفسه على الإعلام و المحافظة فهو مرابط (7)،

**********

شرح:

(1)كما اذا كان مدّة الدين اسبوعين فيحلّ قبل رجوع المدين عن الجهاد عادة، ففيه أيضا لا يجوز منعه من الجهاد.

(2)المراد من «الأخير» هو حلول الدين قبل رجوعه من الجهاد، فإنّ الجهاد في هذه الصورة يوجب تأخير الدين، فيحتمل جواز المنع فيها.

(3)الرباط - بكسر الراء - مصدر من رابط يرابط مرابطة و رباطا الأمر: واظب عليه. و رابط الجيش: لازم ثغر العدوّ، و الأصل أن يربط هؤلاء و هؤلاء خيلهم، ثمّ سمّي الإقامة بالثغر مرابطة و رباطا. (أقرب الموارد).

يعني أنّ المراقبة في ثغور المسلمين لإعلام حال العدوّ أو للاطّلاع عن أسراره و هجومه على المسلمين مستحبّ مؤكّد، و لا يختصّ استحبابه بزمان حضور المعصوم عليه السّلام، و الروايات الدالّة على ثواب الرباط كثيرة.

(4)خبر لقوله «و الرباط ».

(5)يعني أنّ استحباب الرباط لا يختصّ في زمان حضور المعصوم عليه السّلام بل يستحبّ في الغيبة أيضا.

(6)يعني لو استعدّ و تهيّأ ساكن الحدود على فعل وظائف المرابط صدق عليه اسم المرابط و جرت عليه الأحكام، فيجوز له ما نذر ما جاز على المرابطين، فلا يختصّ بغير الساكنين في الثغور و الحدود.

(7)الضمير يرجع الى ساكن الثغر.-

ص: 24

(و أقلّه (1) ثلاثة أيّام) فلا يستحقّ ثوابه و لا يدخل (2) في النذر و الوقف (3) و الوصية (4) للمرابطين بإقامة (5) دون ثلاثة، و لو نذره (6) و أطلق وجب ثلاثة بليلتين بينها كالاعتكاف.

(و أكثره (7) أربعون يوما) فإن زاد الحق بالجهاد في الثواب، لا أنه

**********

شرح:

-الثغر - بفتح الثاء و سكون الغين -: كلّ فرجة في جبل أو بطن واد أو طريق مسلوك. و الثغر: الفم أو الأسنان ما دامت في منابتها. و الثغر من البلاد: الموضع الذي يخاف منه هجوم العدوّ، فهو كالثلمة في الحائط يخاف هجوم السارق منها.

و الثغر: الموضع الذي يكون حدّا فاصلا بين المتعاديين، واحدته: ثغرة، و جمعه:

ثغور. (المنجد، أقرب الموارد).

(1)أي أقلّ الرباط ثلاثة أيّام، فلو كان أقلّ من ذلك لا يصدقه الرباط و لا تجري للمرابط أقلّ من ذلك أحكام المرابط و التي سيذكرها الشارح رحمه اللّه بقوله «فلا يستحقّ ثوابه... الخ»

(2)فاعل قوله «يدخل» مستتر يرجع الى المرابط أقلّ من ثلاثة أيّام. يعني أنّ المرابط أقلّ من ذلك لا يدخل فيمن يشمله النذر اذا نذر إعطاء شيء للمرابطين.

(3)و هكذا الوقف للمرابطين لا يشمل المرابط أقلّ من ثلاثة أيّام.

(4)كما اذا أوصى الشخص مالا للمرابطين.

(5)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «فلا يستحقّ ».

(6)الضمير في قوله «نذره» يرجع الى الرباط . يعني لو نذر رباطا مطلقا بلا تقييده بالثلاثة أو غيرها وجب على الناذر رباط ثلاثة أيّام بينها ليلتان كما لو نذر الاعتكاف فيكون كذلك.

(7)أي أنّ أكثر أيّام الرباط أربعون يوما، بمعنى أنّ المرابط بهذا المقدار يصدقه هذا -

ص: 25

يخرج (1) عن وصف الرباط .(و لو أعان (2) بفرسه أو غلامه) لينتفع بهما من يرابط (أثيب) لإعانته على البرّ، و هو في معنى الإباحة لهما (3) على هذا الوجه.(و لو نذرها) أي نذر المرابطة (4) التي هي الرباط المذكور في العبارة (أو نذر صرف مال إلى أهلها (5) وجب (6) الوفاء) بالنذر (و إن كان (7) الإمام غائبا)،

**********

شرح:

-العنوان و تجري عليه أحكامه، فلو زاد عن ذلك جرت عليه أحكام المرابط أيضا لكن يزيد له ثواب المجاهد في سبيل اللّه.

(1)يعني ليس المرابط أزيد من الأربعين يوما خارجا عن عنوانه، بل هو باق على وصف المرابط و تجري عليه الأحكام المذكورة.

(2)هذا فرع آخر و هو أنّ من أعان المرابط بفرسه أو غلامه يكون مثابا عند اللّه و لا يصدقه العنوان.

(3)ضمير التثنية في قوله «لهما» يرجع الى الفرس و الغلام. يعني أنّ ذلك إباحتهما للمرابطين بهذا الوجه.

(4)هذا التفسير إشارة الى أنّ الضمير المؤنث في قوله «و لو نذرها» يرجع الى المرابطة، فإنّها و إن لم تذكر في العبارة و المذكور فيها هو لفظ «الرباط » لكن معناه هو المرابطة فلا مانع من تأنيث الضمير.

و حاصل العبارة هو: أنّ من نذر الرباط صحّ نذره و وجب عليه الوفاء بالنذر.

(5)كما لو نذر مالا لأهل المرابطة وجب الوفاء بالنذر.

(6)جواب لقوليه «و لو نذرها» و «أو نذر... الخ».

(7)الجملة وصلية. يعني وجوب الوفاء بالنذر في الموضعين لا يختصّ بحضور الإمام عليه السّلام بل الرباط مستحسن و مرجّح حتّى في زمان الغيبة، و النذر المتعلّق بالراجح الشرعي و العقلي ينعقد و يجب العمل به.

ص: 26

لأنها (1) لا تتضمّن جهادا فلا يشترط فيها حضوره. و قيل: يجوز صرف المنذور للمرابطين في البرّ (2) حال الغيبة إن لم يخف الشنعة بتركه (3)، لعلم المخالف (4) بالنذر و نحوه (5)، و هو (6) ضعيف.

هنا فصول

اشارة

(و هنا فصول:)

**********

شرح:

(1)هذا تعليل عدم اختصاص رجحان الرباط بزمان الجهاد الذي يحتاج الى حضور المعصوم عليه السّلام.

و الضمير في قوله «فيها» يرجع الى المرابطة، و في قوله «حضوره» يرجع الى الإمام عليه السّلام.

(2)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «صرف المنذور». يعني قال بعض الفقهاء بجواز صرف المال الذي نذره للمرابطين بأن يصرف في مطلق الامور الخيرية و الإحسان اذا لم يخف من مذمّة أهل السنّة لو سمعوا ذلك.

(3)الضمير في قوله «بتركه» يرجع الى صرف المنذور للمرابطين، كما اذا خاف الناذر من صرفه المنذور للمرابطين على الامور الخيرية من مذمّة أهل التسنّن بأنه ترك الوفاء بنذره.

(4)تعليل لمذمّة المخالف عليه. يعني أنّ مذمّته عليه علمه بنذره و صرفه في غير ما نذر.

(5)الضمير في قوله «و نحوه» يرجع الى علم المخالف. و المراد من نحو العلم هو شهرة نذره بين المخالفين، فاذا اشتهر بينهم بأنه نذر صرف المال للمرابطين و صرفه في غيره يكون مورد الشنعة و المذمّة عندهم.

(6)أي القول بجواز صرف المنذور للمرابطين في البرّ ضعيف لضعف الرواية التي استند بها لأنها قابلة للتوجيه.

ص: 27

الأول في من يجب قتاله و كيفية القتال و أحكام الذمّة

اشارة

(الأول) (1) فيمن يجب قتاله و كيفية (2) القتال، و أحكام (3) الذمّة

يجب قتال الحربي

(يجب قتال (4) الحربي) و هو غير الكتابي من أصناف الكفّار (5) الذين لا ينتسبون إلى الإسلام، فالكتابي لا يطلق عليه اسم الحربي و إن كان

**********

شرح:

من يجب قتاله (1)أي الفصل الأول من فصول الجهاد و هو في بيان الفرق التي يجب قتالهم.

و قوله «قتاله» من إضافة المصدر الى مفعوله.

(2)عطف على قوله «فيمن». يعني الفصل الأول في بيان الفرق التي يجب جهادهم و في بيان كيفية القتال.

(3)عطف أيضا على قوله «فيمن». يعني الفصل الأول في بيان... و في بيان أحكام الذمّة، و سيأتي التوضيح في الذمّة و كيفيّتها.

(4)يعني يجب جهاد الكافر الحربي ابتداء و هو الذي لا يكون من أهل الكتاب و لا من المسلمين الذين يحكمون بكفرهم.

(5)مثل الملحدين و المشركين و عبدة الأصنام و الكواكب و الشمس و غيرهم.

ص: 28

بحكمه (1) على بعض الوجوه، و كذا (2) فرق المسلمين و إن حكم بكفرهم كالخوارج، إلاّ (3) أن يبغوا على الإمام فيقاتلون من حيث البغي و سيأتي حكمهم (4)، أو على غيره (5) فيدافعون (6) كغيرهم.

و إنّما يجب قتال (7) الحربي (بعد الدعاء إلى الإسلام) بإظهار (8) الشهادتين و التزام (9) جميع أحكام الإسلام،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بحكمه» يرجع الى الحربي. يعني و إن كان أهل الكتاب بحكم الكافر الحربي على بعض الوجوه كما اذا لم يعلموا بشروط الذمّي.

(2)يعني مثل أهل الكتاب في عدم صدق الحربي عليهم بعض فرق المسلمين نسل الخوارج و النواصب و إن حكم بكفرهم في مذهب أهل الحقّ .

(3)استثناء من قوله «و كذا فرق المسلمين». يعني أنّ المسلم المحكوم بالكفر لا يكون حربيا و لا في حكم الحربي إلاّ أن يخرج على الإمام المعصوم عليه السّلام.

(4)أي سيأتي حكم الخوارج في الباغين.

(5)الضمير في قوله «على غيره» يرجع الى الإمام عليه السّلام. يعني إلاّ اذا خرجوا و هجموا على غير الإمام من المسلمين، فحينئذ يقاتلون و يدافعون لا من جهة الجهاد الابتدائي بل من حيث الدفاع الذي تقدّم في أقسام الجهاد.

(6)يدافعون بصفة فعل المجهول. يعني أنّ الخوارج على غير الإمام يجب دفعهم كما يجب دفع غير الخوارج اذا هجموا على المسلمين.

(7)يعني يشترط في قتال الكافر الحربي ابتداء دعوته الى الإسلام أولا ثمّ قتاله.

(8)بأن يظهر الشهادتين و هو قول «لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه».

(9)بالجرّ، عطفا على قوله «إظهار الشهادتين». يعني إسلامه بإظهار الشهادتين في اللسان، و الالتزام و التعهّد بأحكام الإسلام بأن يلتزم بالصلاة و الصوم و غيرهما.

ص: 29

و الداعي (1) هو الإمام أو نائبه. و يسقط اعتباره (2) في حقّ من عرفه بسبق دعائه في قتال آخر، أو بغيره (3)، و من ثمّ (4) غزا النبي صلّى اللّه عليه و آله بني المصطلق من غير إعلام و استأصلهم (5). نعم يستحبّ الدعاء

**********

شرح:

(1)أي الداعي الى الإسلام هو شخص الإمام عليه السّلام أو نائبه.

(2)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع الى الدعاء. يعني يسقط وجوب الدعوة الى الإسلام قبل القتال اذا عرف المشرك الإسلام قبل القتال في سائر المواضع من القتال.

(3)أي عرف الإسلام بغير الدعوة قبل القتال بمعاشرته و مصاحبته مع المسلمين أو قراءته الكتب الإسلامية.

(4)يعني و من جهة سقوط الدعاء عند معرفته الإسلام في غير القتال فقد قاتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بني المصطلق - و هم حيّ من خزاعة - قبل دعوتهم الإسلام.

(5)قوله «استأصلهم» أي قتلهم لآخرهم.

غزوة بني المصطلق:

جاء في تفسير قوله تعالى وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَ رَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (1) . (المنافقون: 5). أنّ الآية نزلت في عبد اللّه بن ابي المنافق و أصحابه، و ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بلغه أنّ بني المصطلق يجمعون لحربه و قائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي صلّى اللّه عليه و آله، فلمّا سمع بهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج إليهم (قال ابن هشام: في شعبان سنة ستة) حتّى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد الى الساحل، فتزاحف الناس و اقتتلوا فهزم اللّه بني المصطلق و قتل منهم من قتل و نفّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبناءهم و نساءهم و أموالهم... الخ. (مجمع البيان: ج 10 ص 442، و راجع -

ص: 30


1- سوره 63 - آیه 5

حينئذ (1) كما فعل علي عليه السّلام بعمرو (2) و غيره مع علمهم بالحال،

**********

شرح:

-تاريخ الطبري: ج 2 ص 260).

و المريسيع - بضمّ الميم و فتح الراء و سكون الياء -: اسم مكان وقع فيه القتال.

المصطلق - بضمّ الميم و سكون الصاد و فتح الطاء و كسر اللام -: لقب جذيمة ابن سعد.

(1)يعني لا تجب الدعوة قبل القتال اذا عرفوا الإسلام قبل ذلك، لكن تستحبّ كما فعل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بعمرو بن عبد ودّ و بغيره من الكفّار قبل القتال، و الحال أنّ عمرا و غيره كانوا يعلمون و يعرفون الإسلام.

(2)هو عمرو بن عبد ودّ.

و قد روى أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل أنّ أول من قال «جعلت فداك» علي عليه السّلام لمّا دعا عمرو بن عبد ودّ الى البراز يوم الخندق و لم يجبه أحد، قال علي عليه السّلام: جعلت فداك يا رسول اللّه، أ تاذن لي ؟ قال: إنّه عمرو بن عبد ودّ! قال: و أنا عليّ بن أبي طالب، فخرج إليه فقتله، و أخذ الناس منه. (بحار الأنوار:

ج 39 ص 1 ب 7 ح 1 نقلا عن كتاب الطرائف).

و عن غير كتاب الأوائل أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله لمّا أذن لعلي عليه السّلام في لقاء عمرو بن عبد ودّ و خرج إليه قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: برز الإيمان كلّه الى الكفر كلّه. (المصدر السابق).

و عن كتاب موفّق بن أحمد المكّي أخطب خوارزم بإسناده الى النبي صلّى اللّه عليه و آله قال:

لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ أفضل من أعمال أمّتي الى يوم القيامة. (المصدر السابق، المستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 32 عن سفيان الثوري، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج 13 ص 19).

و روي أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: لضربة علي خير من عبادة الثقلين. (ذكره القوشجي في شرحه على التجريد، و راجع المصدر السابق: ص 2).

ص: 31

(و امتناعه) (1) من قبوله، فلو أظهر قبوله و لو باللسان كفّ (2) عنه.

و يجب قتال هذا القسم (3)(حتّى يسلم أو يقتل)، و لا يقبل منه غيره.

يجب قتال الكتابي مع بشرائط

(و الكتابي) (4) و هو اليهودي و النصراني و المجوسي

**********

شرح:

(1)عطف على قوله «بعد الدعاء الى الإسلام». يعني يجب الدعاء قبل القتال الابتدائي، فإذا امتنع من القبول فحينئذ يجوز قتاله.

(2)جواب لقوله «فلو أظهر قبوله». يعني أنّ الكافر الحربي اذا أظهر الإسلام و لو باللسان لا يجوز قتاله.

(3)المراد من «هذا القسم» هو الحربي. يعني لا يجوز ترك القتال مع هؤلاء إلاّ أن يقبلوا الإسلام، و لا تقبل منهم الجزية، بخلاف أهل الكتاب فتقبل منهم الجزية.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الإسلام.

(4)أي المنسوب الى الكتاب السماوي و هم التابعون للتوراة و الإنجيل، و هم اليهود و النصارى، أمّا المجوس فقد اختلفوا في كونهم من أهل الكتاب أو الملحقين بهم حكما.

قال الشارح رحمه اللّه في كتاب النكاح: و إنّما جعلنا المجوسية من أقسام الكتابية مع أنها مغايرة لها و إن الحقت بها في الحكم. و قال أيضا: وجه إطلاقه الكتابية على المجوسية أنّ لها شبهة كتاب صحّ بسببه التجوّز و المشهور بين المتأخّرين أنّ حكمها حكمها. (راجع اللمعة: المسألة الحادية عشرة من مسائل الفصل الثالث في المحرّمات من كتاب النكاح).

من حواشي الكتاب: أشار في الرياض الى أخبار تدلّ على كون المجوس من أهل الكتاب و أنه كان لهم نبي يقال له: جاماسب و جاءهم بكتاب في اثني عشر جلد ثور، فقتلوا النبي و أحرقوا الكتاب.

ذكره النبي صلّى اللّه عليه و آله في جواب كتاب أهل مكّة حيث أرسل صلّى اللّه عليه و آله إليهم أن أسلموا-

ص: 32

(كذلك) (1) يقاتل حتى يسلم أو يقتل (إلاّ أن يلتزم بشرائط الذمّة) فيقبل منه (2)،

**********

شرح:

-و إلاّ لأنابذنّكم بحرب، فالتمسوا منه صلّى اللّه عليه و آله أخذ الجزية و تركهم على عبادة الأوثان، فكتب صلّى اللّه عليه و آله إليهم: إنّي لست آخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب، فكتبوا إليه صلّى اللّه عليه و آله تكذيبا له: فلم أخذت الجزية من مجوس هجر، و أجابهم بما مرّ.

و لفظ المجوس قيل: فارسي اسم رجل أو قبيلة، و قيل: عربي على وزن المفعول من جاس يجوس خلال الديار فذاك مجوس، كقال يقول فذاك مقول، سمّي و لقّب بذلك لأنّ عقله مدخول معيوب.

و في التواريخ أنه زردشت الحكيم ظهر في عهد كشتاسب و اسم كتابه «زند» و شرحه «پازند» و شرح شرحه «پاپازند».

و زعم المجوس أنه شرّع لهم نكاح المحرّمات مثل الامّ و الاخت.

كتب الزند في اثني عشر ألف مسك ثور بعد الدباغة، و نسب إليه القول بحدوث إبليس من وحدة الحقّ ، و وحشته، و حدوث مذهب الثنوية على قول، و محاربة الحقّ مع إبليس ثمّ المصالحة الى آخر الزمان. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه صاحب الحديقة النجفية).

(1)خبر لقوله «و الكتابي». يعني أنّ أهل الكتاب أيضا مثل الكافر الحربي يجب قتالهم حتّى يقبلوا الإسلام أو يقتلوا أو يلتزموا بشروط الذمّة.

(2)أي يقبل من الكتابي اذا التزم بشروط الذمّة بخلاف غيره كما تقدّم.

أمّا شروط الذمّة فهي:

الأول: بذل الجزية و هي مقدار مال يعيّنه الإمام عليه السّلام في كلّ عام، و سيأتي تفصيله.

الثاني: التزامهم بأحكام الإسلام في المسائل القضائية في نزاعاتهم و مرافعاتهم.-

ص: 33

(و هي: (1) بذل الجزية (2)، و التزام أحكامنا (3)، و ترك التعرّض للمسلمات بالنكاح (4)) و في حكمهنّ الصبيان،(و للمسلمين مطلقا) ذكورا و إناثا (بالفتنة (5) عن دينهم و قطع الطريق) عليهم، و سرقة

**********

شرح:

-الثالث: ترك الزنا و التعرّض بالمسلمات، و كذلك ترك اللواط و التعرّض بالصبيان.

الرابع: ترك التعرّض للمسلمين و المسلمات و تفتينهم عن دينهم و اعتقاداتهم الحقّة.

الخامس: ترك قطع الطريق على المسلمين و سرقة أموالهم.

السادس: ترك إسكان جاسوس الكفّار في منازلهم و ترك الدلالة للكفّار على أسرار المسلمين و لو بالكتابة أو الإشارة.

السابع: ترك إظهار المنكرات في الإسلام مثل التظاهر بشرب الخمر و القمار و غيرهما.

الثامن: ترك نكاح المحارم في الإسلام مثل الأمّ و الاخت في بلد المسلمين.

فاذا عمل المشركون بالشروط المذكورة تركوا في بلاد المسلمين و تحفظ نفوسهم و أموالهم و أعراضهم في حكومة الإسلام.

(1)الضمير يرجع الى الشروط .

(2)الجزية - بالكسر -: خراج الأرض و ما يؤخذ من الذمّي، جمعها: جزى.

(المنجد). و هذا هو الأول من الشروط المذكورة.

(3)بأن يلتزم الكتابي بأحكام الإسلام في المسائل القضائية.

(4)هذا هو الثالث من الشروط المذكورة. و المراد من «النكاح» معناه اللغوي و هو الوط ء.

و الضمير في قوله «حكمهنّ » يرجع الى المسلمات.

(5)بأن يترك الفتنة و التبليغ على خلاف عقائد المسلمين.

ص: 34

أموالهم (1)،(و إيواء (2) عين المشركين) و جاسوسهم (3)،(و الدلالة على عورات المسلمين) و هو (4) ما فيه ضرر عليهم كطريق أخذهم و غيلتهم و لو بالمكاتبة،(و إظهار (5) المنكرات في) شريعة (الإسلام) كأكل لحم الخنزير و شرب الخمر و أكل الربا و نكاح المحارم (6)(في دار الإسلام).

و الأولان (7) لا بدّ منهما في عقد الذمّة، و يخرجون بمخالفتهما عنها مطلقا (8). و أمّا باقي

**********

شرح:

(1)بأن يترك قطع طرق المسلمين و سرقة أموالهم.

(2)الإيواء من أوى الى منزله، و أوى منزله أويا و أواء: نزل به ليلا أو نهارا. (أقرب الموارد).

و هو من باب الإفعال من آوى يؤوي إيواء: أي أنزله في منزله.

(3)عطف تفسير لعين المشركين.

(4)الضمير يرجع الى العورات، و التذكير باعتبار كون الخبر مذكّرا، و قيل: رعاية تطابق الضمير بالخبر أولى من تطابقه بالمرجع.

(5)بأن يترك التظاهر بالمنكرات في الإسلام.

(6)بأن يترك الزواج بالمحارم مثل الامّ و الاخت و البنت في بلاد المسلمين.

(7)المراد من «الأولان» هو بذل الجزية و التزام أحكامنا. يعني أن الشرطين الأولين لا بدّ من ذكرهما في عقد الذمّة فيكونان ركنين فيها، بمعنى أنهم لو لم يعملوا بهما يخرجون عن الذمّة و يكونون في حكم الحربي.

(8)أي سواء شرطهما في العقد صريحا أم لا.

و النائب الفاعل في قوله «يخرجون» هو الضمير الراجع الى أهل الكتاب.

و ضمير التثنية في قوله «بمخالفتهما» يرجع الى الأولين، و في قوله «عنها» يرجع الى الذمّة.

ص: 35

الشروط (1) فظاهر العبارة (2) أنها كذلك و به (3) صرّح في الدروس. و قيل:

لا يخرجون بمخالفتها (4) إلاّ مع اشتراطها عليهم، و هو (5) الأظهر.

تقدير الجزية إلى الإمام

(و تقدير الجزية إلى الإمام) و يتخيّر بين وضعها على رءوسهم (6) و أراضيهم، و عليهما (7) على الأقوى،

**********

شرح:

(1)أي باقي الشروط المذكورة آنفا.

(2)فإنّ المصنّف رحمه اللّه قال «و الكتابي كذلك إلاّ أن يلتزم... الخ». فظاهره استثناء الكتابي اذا عمل بالشروط المذكورة، فإذا لم يعمل بما ذكر يخرج عن الذمّة.

(3)أي تكون باقي الشروط مثل الأولين، و به صرّح المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(4)الضمير في قوله «مخالفتها» يرجع الى باقي الشروط .

و هذا القول في مقابل قول المصنّف رحمه اللّه ببطلان الذمّة بمخالفة باقي الشروط أيضا و إن لم يشترط في عقد الذمّة.

(5)أي القول بعدم الخروج بمخالفة باقي الشروط أظهر، لأنهم يكونون في ذمّة الإسلام و لا يخرجون عنها حتّى يخالفوا بما شرط عليهم في العقد، و الفرض عدم ذكر باقي الشروط فيه فلا يخرجون بمخالفة ما لم يذكر في العقد عن الذمّة لعدم الدليل عليه.

(6)يعني أنّ الجزية التي ذكرت من الشروط لا تقدير لها، بل الإمام عليه السّلام يتخيّر في تعيين مقدارها بالنسبة على أفراد الكفّار بأن يعيّن لكلّ فرد منهم مقدارا معيّنا، أو على أراضيهم بأن يعيّن مقدار مال لكلّ قطعة أو غيرها من أراضي الكفّار.

(7)الضمير في قوله «عليهما» يرجع الى الرؤوس و الأراضي. بمعنى تعيين مقدار الجزية عليهما، و هذا القسم الثالث اختلفوا فيه، فقال البعض بعدم جواز أخذ الجزية لكلا الرؤوس و الأراضي، لكن الشارح رحمه اللّه قال بالتخيير فيه أيضا على الأقوى.

ص: 36

و لا تتقدّر (1) بما قدّره علي (2) عليه الصلاة و السلام، فإنّه (3) منزّل على اقتضاء المصلحة في ذلك الوقت.

(و ليكن) التقدير (يوم الجباية) (4) لا قبله لأنه أنسب بالصغار، (و يؤخذ منه صاغرا) (5) فيه إشارة إلى أنّ الصغار

**********

شرح:

(1)النائب الفاعل في قوله «لا تتقدّر» هو الضمير الراجع الى الجزية. يعني أنها لا تتعيّن بمقدار الذي قدّره عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بل هو منزّل بما اقتضته المصلحة في زمانه.

(2)و الرواية الدالّة على ما قدّره علي عليه السّلام منقولة في الوسائل:

عن الشيخ المفيد رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه جعل على أغنيائهم ثمانية و أربعين درهما، و على أوساطهم أربعة و عشرين درهما، و جعل على فقرائهم اثنى عشر درهما، و كذلك صنع عمر بن الخطّاب قبله، و إنّما صنعه بمشورته صلّى اللّه عليه و آله. (الوسائل: ج 11 ص 116 ب 68 من أبواب جهاد العدوّ ح 8، المقنعة: ص 272 باب مقدار الجزية).

(3)أي ما قدّره أمير المؤمنين عليه السّلام ينزّل على مقتضى المصلحة في زمانه.

(4)يعني لا يعيّن مقدار الجزية قبل يوم الأخذ منهم بل فيه يعيّن المقدار، لأنّ ذلك يناسب بتحقيرهم الذي في الآية.

(5)فإنّ أخذ الجزية من الكفّار لا يكون إلاّ بتحقيرهم استنادا الى قوله تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1) . (التوبة: 29).

قوله «حتّى يعطوا الجزية» غاية للمقاتلة مع الكفّار. يعني اذا أعطوها لا يجوز قتالهم.-

ص: 37


1- سوره 9 - آیه 29

أمر (1) آخر غير إبهام قدرها عليه. فقيل: هو عدم تقديرها حال القبض أيضا (2)، بل يؤخذ منه إلى أن ينتهي إلى ما يراه صلاحا، و قيل: التزام أحكامنا عليهم مع ذلك (3) أو بدونه. و قيل: أخذها منه قائما و المسلم جالس. و زاد (4) في التذكرة: أن يخرج الذمّي يده من جيبه (5) و يحني ظهره

**********

شرح:

-و قوله «و هم صاغرون» حال من الكفّار. يعني أنّ إعطاءهم الجزية يلزم كونها في حال كونهم صاغرين.

و قد اختلفوا في معنى الصاغر، فقال بعض المفسّرين و كذا الفقهاء بأنّ المقصود منه هو عدم تعيين مقدار الجزية قبل يوم الأخذ بل تؤخذ منهم بمقدار الذي رآه الإمام عليه السّلام صلاحا.

و قال البعض بأنّ المقصود منه هو التزامهم بأحكام القضاء في الإسلام مع إبهام المقدار.

و قال آخر بأنّ المقصود هو أخذ الجزية منهم في حال كون الذمّي قائما و المسلم جالس.

و زاد في التذكرة بأنّ المقصود منه هو الحالة المذكورة بإضافة إخراج الذمّي يده من جيبه و انحناء ظهره و تطأطؤ رأسه.

(1)يعني يظهر من العبارة أنّ إبهام المقدار غير تصغيرهم، لأنه قال «و ليكن يوم الجباية، و يؤخذ منه صاغرا». فالمعطوف و المعطوف إليه أمران مختلفان.

(2)قوله «أيضا» إشارة الى عدم التقدير يوم الجباية، بمعنى أنه لا يجوز التعيين لا في يوم الأخذ و لا حال الأخذ أيضا.

(3)أي مع الإبهام أو بدون الإبهام.

(4)أي زاد العلاّمة رحمه اللّه في كتابه التذكرة.

(5)جيب القميص و نحوه: طوقه، جمعه: جيوب، و منه أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (1) . (أقرب الموارد، و الآية 12 من سورة النمل).

ص: 38


1- سوره 27 - آیه 12

و يطأطئ (1) رأسه، و يصبّ ما معه (2) في كفّة الميزان، و يأخذ المستوفي (3) بلحيته و يضربه في لهزمتيه (4) و هما مجتمع اللحم بين الماضغ و الاذن.

(و يبدأ (5) بقتال الأقرب) إلى الإمام أو من نصّبه (إلاّ مع الخطر في البعيد) فيبدأ به (6) كما فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله بالحارث بن أبي ضرار (7) لما بلغه (8)

**********

شرح:

(1)يطأطئ - رباعي وزان يدحرج من طأطأ رأسه و غيره -: خفضه. (المنجد).

(2)أي يصبّ المال الذي في يد الذمّي من الدنانير و الدراهم و غيرهما في الميزان.

(3)يعني أنّ المأمور و الجابي يأخذ لحية الذمّي و يضرب على لهزمتيه في حال وصول الجزية.

(4)اللهزمة - بكسر اللام -: عظم ناتئ في اللحى تحت الاذن، و هما لهزمتان.

و يقال: اللهزمتان مضغتان عليّتان تحت الاذنين، جمعها: لهازم، و هما مجتمع اللحم بين الماضغ و الاذن. (أقرب الموارد).

و لعلّ المراد منه ضرب جابي الجزية على وجه الذمّي بعنوان التحقير و التصغير.

(5)في بيان كيفية القتال مع الكفّار، بأنه يبدأ القتال بمن هو أقرب الى الإمام عليه السّلام أو نائبه في المقاتلة ثمّ الأبعد، إلاّ في مقامين:

أحدهما: اذا أحرز الخطر من الأبعد فيبدأ به ثمّ الأقرب.

ثانيهما: اذا صالح الإمام بالأقرب في ترك القتال أو تأخيره فيبدأ أيضا بالأبعد.

(6)الضمير في قوله «به» يرجع الى البعيد.

(7)أي كما فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله بالحارث بن أبي ضرار، و هو رئيس قبيلة بني المصطلق الذي تقدّم تفصيله آنفا، و الحال كان بينهم و بين النبي صلّى اللّه عليه و آله أقوام من الكفّار، لكن ابتدأ القتال بالبعيد لبلوغه صلّى اللّه عليه و آله الخبر بأنه يجمع الجيش لقتال النبي صلّى اللّه عليه و آله، فأحرز الخطر منهم فشرع قتالهم قبل الأقرب.

(8)الضمير في قوله «بلغه» يرجع الى النبي، و كذا في «بينه» الأول، و في الثاني يرجع الى الحارث بن أبي ضرار.

ص: 39

أنه يجمع له و كان بينه و بينه عدوّ أقرب (1)، و كذا فعل بخالد بن سفيان الهذلي (2)؛ و مثله (3) ما لو كان القريب مهادنا (4).

لا يجوز الفرار من الحرب إذا كان العدوّ ضعفا

(و لا يجوز الفرار) من الحرب (إذا كان العدوّ ضعفا) (5) للمسلم المأمور (6) بالثبات، أي قدره مرّتين،(أو أقلّ (7)، إلاّ لمتحرّف)

**********

شرح:

(1)صفة لقوله «عدوّ». يعني قاتل النبي صلّى اللّه عليه و آله الحارث بن أبي ضرار و الحال كان بينهما الأعداء من الكفّار.

(2)و الصحيح هو خالد بن أبي سفيان الهذلي. يعني و كذا قاتل النبي صلّى اللّه عليه و آله خالد بن أبي سفيان الهذلي قبل الكفّار الذين كانوا قريبين للنبي صلّى اللّه عليه و آله منه، و ذلك للخطر المحسوس منهم على الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

الهذل - بضمّ الهاء و فتح الذال -: و هو من قبيلة بني لحيان من طائفة هذيل، و قد نقل في التاريخ بأنه خالد بن أبي سفيان الهذلي اللحياني.

(3)أي و مثل الخطر من البعيد اذا كان القريب مورد الصلح من جانب الإمام في عدم الابتداء بالقريب لأنّ العدوّ القريب المهادن لا يخاف منه.

(4)مهادنا - من هادنه مهادنة -: صالحه و أودعه. (أقرب الموارد).

(5)يعني لا يجوز للمسلم المقاتل الفرار من القتال اذا كان تعداد الكفّار ضعف تعداد المسلمين، كما اذا كان عدد المسلمين مائة و الكفّار مائتين أو أقلّ ، لكن لو كان تعداد الكفّار أزيد من ضعف المسلمين فلا يجب المقاومة بل يجوز الفرار بالإجماع المنقول من الفقهاء أمّا لو احتمل السلامة أو الظفر ففي هذه الصورة يستحبّ له المقاومة.

(6)صفة للمسلم، أي المسلم الذي امر بالثبات و الاستقامة في مقابل العدوّ.

(7)عطف على قوله «ضعفا». يعني لا يجوز الفرار اذا كان تعداد العدوّ أكثر من تعداد المسلمين مرّتين أو أقلّ إلاّ في مقامين:-

ص: 40

(لقتال (1)) أي منتقل إلى حالة أمكن (2) من حالته التي هو (3) عليها كاستدبار (4) الشمس و تسوية اللأمة (5) و طلب السعة (6) و مورد (7) الماء، (أو متحيّز) (8) أي منضمّ (إلى فئة) يستنجد بها في المعونة على القتال، قليلة (9) كانت أم كثيرة مع صلاحيّتها له، و كونها غير

**********

شرح:

-أحدهما: اذا قصد من الفرار المكان المناسب ممّا كان.

ثانيهما: اذا قصد الانضمام الى فئة المسلمين.

(1)هذا هو المقام الأول من المقامين اللذين يجوز فيه الفرار للمسلم المأمور بالمقاومة لقصد المكان الأسهل للقتال.

(2)بصفة أفعل التفضيل بمعنى الأسهل.

(3)الضمير يرجع الى المسلم، و في قوله «عليها» يرجع الى الحالة.

(4)مثال للفرار الى مكان أسهل، بأن تكون الشمس على القفا فتكون الحرب حينئذ أسهل من كون الشمس في مقابل الوجه.

(5)اللأمة - بفتح اللام و سكوت الهمزة -: الدرع، جمعه: لأم و لؤم. (أقرب الموارد).

و هذا مثال ثان للفرار بقصد المكان الأسهل.

(6)السعة - من وسع يسع سعة وسعة -: ضدّ ضاق. (أقرب الموارد). يعني يجوز الفرار لتوسعة المكان أو اختيار المحلّ الموجب للظفر على العدوّ، مثل اختيار المكان العالي بالنسبة الى المكان الذي كان فيه.

(7)أي لطلب محلّ الورود الى الماء.

(8)عطف على قوله «إلاّ لمتحرّف لقتال». و هذا هو المقام الثاني من المقامين المذكورين لجواز فرار المسلم من القتال، و هو اذا كان القصد من الفرار اللحوق الى فئة المسلمين يستعين بهم على قتال العدوّ.

(9)أي سواء كانت الفئة المستعانة قليلة أو كثيرة لكن مع صلاحيّتها للاستعانة.-

ص: 41

بعيدة (1) على وجه يخرج عن كونه مقاتلا عادة.

هذا (2) كلّه للمختار، أمّا المضطرّ كمن عرض له مرض أو فقد سلاحه فإنّه يجوز له الانصراف.

يجوز المحاربة بطريق الفتح

(و يجوز المحاربة بطريق الفتح (3) كهدم الحصون (4) و المنجنيق (5) و قطع)

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «صلاحيّتها» يرجع الى الفئة، و في قوله «له» يرجع الى الإعانة.

(1)هذا هو الشرط الثاني في الفئة المستعانة، بأن لا تكون بعيدة بحيث يوجب خروج المسلم اللاحق بهم عن كونه مقاتلا.

(2)يعني أنّ التفصيل المذكور - و هو حرمة الفرار إلاّ في مقامين - إنّما هو في خصوص المسلم المقاتل المختار، لكن لو كان مضطرّا للفرار كمن عرض له المرض المانع من القتال أو فقد السلاح للقتال فحينئذ يجوز له الانصراف عن القتال.

أقول: لا يخفى اقتباس المصنّف رحمه اللّه قوليه «إلاّ لمتحرّف لقتال أو متحيّز» من القرآن الكريم في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ * وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ (1) . (الأنفال: 15 و 16).

كيفية القتال مع العدوّ (3)يعني يجوز الحرب مع العدوّ بجميع الطرق الممكنة الموجبة للفتح، و لو بهدم الحصون و الاستعانة بالمنجنيق و قطع الأشجار.

(4)الحصون - جمع الحصن -: كلّ موضع محميّ محرز لا يوصل الى جوفه. (أقرب الموارد).

(5)المنجنيق و المنجنوق: آلة ترمى بها الحجارة، مؤنثة و قد تذكّر، و هي معرّبة،-

ص: 42


1- سوره 8 - آیه 15

(الشجر) حيث يتوقّف (1) عليه (و إن كره) قطع الشجر (2)، و قد قطع النبي صلّى اللّه عليه و آله أشجار الطائف (3)، و حرّق على بني النضير و خرّب ديارهم (4).

(و كذا يكره إرسال الماء) عليهم (5)، و منعه (6) عنهم،(و) إرسال (النار، و إلقاء السمّ (7)) على الأقوى، إلاّ أن يؤدّي إلى قتل نفس

**********

شرح:

-جمعها: منجنيقات و مجانيق و مجانق، و تصغيره مجينق. (أقرب الموارد).

و هو بالجرّ، عطفا على قوله «كهدم الحصون». يعني أنّ من طرق الفتح هو الاستفادة بهذه الآلة لدفع العدوّ و حصول الفتح.

(1)يعني و كقطع الأشجار اذا توقّف الفتح على القطع. و فاعل قوله «يتوقّف» مستتر يرجع الى الفتح.

(2)أي و إن كان قطع الشجر مكروها لكن اذا توقّف عليه الفتح يكون جائزا بمعنى الأعمّ الشامل على المكروه.

(3)نقل العلاّمة المجلسي رحمه اللّه ذلك في بحاره قائلا:

ذكر الواقدي عن شيوخه قال: شاور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حصن الطائف، فقال له سلمان الفارسي: يا رسول اللّه أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعمل منجنيق (الى قوله:) أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقطع أعنابهم و تحريقها، فنادى سفيان بن عبد اللّه الثقفي: لم تقطع أموالنا؟ إمّا أن تأخذها إن ظهرت علينا و إمّا أن تدعها للّه و الرحم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فإنّي أدعها للّه و الرحم، فتركها. (بحار الأنوار: ج 21 ص 168 ب 28).

(4)كما في قوله تعالى فَأَتاهُمُ اللّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (1) . (الحشر: 2).

(5)أي يكره إرسال الماء على الأعداء لإهلاكهم و غرقهم.

(6)و كذا يكره منع الماء عن الكفّار لإتعابهم بالعطش و إهلاكهم به.

(7)بأن يلقى السمّ في المياه التي يشربونها أو في الأطعمة التي يأكلونها.

ص: 43


1- سوره 59 - آیه 2

محترمة (1) فيحرم إن أمكن بدونه (2)، أو يتوقّف عليه (3) الفتح فيجب، و رجّح المصنّف في الدروس تحريم (4) إلقائه مطلقا، لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عنه (5)، و الرواية (6) ضعيفة السند بالسكوني.

**********

شرح:

(1)كما اذا كان بينهم من يحقن دمه و لا يجوز قتله، فلو كان جعل السمّ في الماء و الطعام موجبا لقتله أيضا فحينئذ يحكم بحرمة ذلك لا بالكراهة.

(2)الضمير في قوله «بدونه» يرجع الى إلقاء السمّ . و فاعل «أمكن» مستتر يرجع الى الفتح. يعني أنّ كراهته في صورة إمكان الفتح بدونه، لكن لو توقّف الفتح على إلقاء السمّ فلا يحرم و لو انجرّ الى قتل نفس محترمة بل يجب في بعض الموارد.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى إلقاء السمّ الموجب الى قتل نفس محترمة، و كذا الضمير الفاعلي المقدّر في قوله «فيجب».

(4)بالنصب، مفعولا لقوله «رجّح». يعني أن المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قال برجحان القول بحرمة إلقاء السمّ ، سواء توقّف عليه الفتح أم لا، استنادا الى نهي النبي صلّى اللّه عليه و آله.

(5)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى إلقاء السمّ .

(6)أي الرواية المتضمّنة لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عن إلقاء السمّ مطلقا ضعيفة بسبب كون السكوني في سندها.

أمّا الرواية فمنقولة في الوسائل:

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يلقى السمّ في بلاد المشركين. (الوسائل: ج 11 ص 46 ب 16 من أبواب جهاد العدوّ ح 1).

السكوني - بفتح السين -: اسمه إسماعيل بن أبي زياد منسوب لأب، قال البعض بكونه من أهل التسنّن، و قال آخر بأنه من أهل التشيّع، و ما اشتهر من كونه من -

ص: 44

لا يجوز قتل الصبيان و المجانين و النساء و الشيخ و الخنثى

(و لا يجوز قتل الصبيان و المجانين و النساء و إن عاونوا إلا مع الضرورة (1)) بأن تترّسوا (2) بهم، و توقّف (3) الفتح على قتلهم.(و) كذا (لا يجوز) قتل (الشيخ الفاني) (4) إلاّ أن يعاون برأي (5) أو قتال،(و لا الخنثى)

**********

شرح:

-قضاة التسنّن إنما هو للتقية.

و نقل توثيقه عن المحقّق الداماد في كتابه الرواشح و العلاّمة بحر العلوم. (النضيد).

(1)أي لا يجوز قتل المذكورين و إن عاونوا الكفّار إلاّ في مقام الضرورة.

(2)كما اذا جعل الكفّار الطوائف الثلاثة المذكورة ترسا و وسيلة حفظ لأنفسهم، ففي هذه الصورة يجوز قتلهم.

تترّس: أي تستّر بالترس، و منه: تستّرت بك من الحدثان و تترّست من نبال الزمان. (أقرب الموارد).

(3)عطف على «تترّسوا». يعني اذا جعلهم الكفّار ترسا لأنفسهم و لا يمكن الفتح إلاّ بقتلهم فحينئذ يجوز قتل الصبيان و المجانين و النساء.

(4)أي الشيخ الذي يعجز عن المقاومة و المساعدة.

الشيخ: من استبانت فيه السنّ و ظهر عليه الشيب. و قيل: من أربعين، و قيل: من خمسين. و قيل: من إحدى و خمسين الى آخر عمره، و قيل: الى الثمانين، و قيل:

المسنّ بعد الكهل، و هو الذي انتهى شبابه، جمعه: شيوخ و شيوخ و أشياخ و شيخة و شيخة و شيوخاء و مشايخ.

و إطلاق الشيخ على الاستاذ و العالم و كبير القوم و رئيس الصناعة إنّما هو باعتبار الكبر في العلم و الفضيلة و المقام و نحو ذلك. (أقرب الموارد).

(5)بأن يكون الشيخ معاونا للكفّار من جهة المشورة و الرأي أو يعاونهم في الحرب و القتال فيجوز قتله.

ص: 45

(المشكل) (1) لأنه بحكم المرأة في ذلك (2).

يقتل الراهب و الكبير إذا كان ذا رأي أو قتال

(و يقتل الراهب (3) و الكبير) و هو (4) دون الشيخ الفاني، أو هو (5)، و استدرك (6) الجواز بالقيد و هو قوله:(إذا كان ذا رأي أو قتال) و كان يغني

**********

شرح:

(1)أي لا يجوز قتل الخنثى المشكل أيضا لأنه في المقام بحكم المرأة التي لا يجوز قتلها.

أقول: اعلم أنّ الخنثى على قسمين، الأول: الظاهر، و هو الذي فيه غلبة آثار المرأة أو الرجل فيحكم بكونها امرأة في الأول و رجلا في الثاني، و قد ذكر الفقهاء الآثار الموجبة للإلحاق، فمن أراد التفصيل فليراجع كتب الفقه.

الثاني: الخنثى المشكل، و هي التي لا تغلب فيها آثار الرجل على آثار المرأة و لا العكس، فحينئذ لا يلحق بإحدى الطائفتين.

و من العلائم المذكورة في بعض كتب الفقهاء: خروج البول أولا من الآلة ممّا يوجب إلحاقها بصاحبها.

و منها: التأخير في القطع اذا شرع البول من كلا الفرجين.

و منها: سرعة خروج البول من الآلة ممّا يوجب إلحاقها بصاحبها أيضا.

و منها: عدّ الأضلاع فتزيد المرأة عن الرجل.

و قد ضعّفوا مستند بعض منها.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو عدم القتل. يعني أنّ الخنثى تلحق بالمرأة في المقام احتياطا من جهة كونها امرأة.

(3)الراهب: من تبتّل للّه و اعتزل عن الناس الى الدير طلبا للعبادة، جمعه: رهبان، و هي راهبة، جمعها: راهبات. (أقرب الموارد).

(4)أي الشيخ الكبير.

(5)أو أنّ الكبير هو الشيخ الفاني.

(6)أي ذكر جواز قتله مكرّرا بسبب القيد، و هو قول المصنّف رحمه اللّه «اذا كان - أي -

ص: 46

أحدهما (1) عن الآخر.

(و) كذا (2)(يجوز قتل الترس (3) ممّن لا يقتل) كالنساء و الصبيان، (و لو تترّسوا بالمسلمين (4) كفّ ) عنهم (ما أمكن، و مع التعذّر (5)) بأن لا يمكن التوصّل إلى المشركين إلاّ بقتل المسلمين (فلا قود (6) و لا دية)، للإذن في قتلهم (7) حينئذ شرعا.

**********

شرح:

-الكبير - ذا رأي أو قتال». و هذا القيد لم يكن في عبارته المتقدّمة، بل ذكره الشارح رحمه اللّه في عبارته.

(1)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع الى الفاني و الكبير. يعني أنّ الفاني أيضا يجوز قتله اذا كان صاحب رأي أو قتال، فلا حاجة للتكرار بلفظين.

(2)يعني كما يجوز قتل الشيخ الفاني و الكبير اذا كانا ذا رأي أو قتال كذلك يجوز قتل الصبيان و المجانين و النساء اذا جعلهم الكفّار ترسا لأنفسهم كما تقدّم ذلك.

(3)الترس - بضمّ التاء -: و هم الذين يجعلهم الكفّار وسيلة لحفظ أنفسهم من الصبيان و المجانين و النساء الذين لا يجوز قتلهم.

(4)كما اذا جعل الكفّار عدّة من المسلمين وسيلة لحفظ أنفسهم بمعنى جعلهم ترسا لهم فحينئذ لا يجوز قتلهم في صورة الإمكان، بأن لا يتوقّف الفتح على قتلهم.

(5)أي مع عدم إمكان الفتح و الظفر على المشركين إلاّ بقتل هؤلاء العدّة من المسلمين فحينئذ يجوز قتل المسلمين الذين جعلهم المشركين ترسا لأنفسهم.

(6)فإذا جاز قتل المسلمين في المقام فلا قصاص على القاتل، كما لا تجب الدية عليه مطلقا لأنّ الشارع أذن في قتلهم.

(7)الضمير في قوله «قتلهم» يرجع الى المسلمين الذين جعلهم الكفّار ترسا لأنفسهم.

و قوله «حينئذ» إشارة الى عدم إمكان التوصّل الى المشركين إلاّ بقتل الترس.

ص: 47

(نعم تجب الكفّارة) (1) و هل هي كفّارة الخطأ أو العمد؟ وجهان، مأخذهما (2) كونه في الأصل غير قاصد للمسلم و إنّما مطلوبه قتل الكافر، و النظر (3) إلى صورة الواقع فإنّه (4) متعمّد لقتله، و هو أوجه (5). و ينبغي أن تكون (6) من بيت المال، لأنه للمصالح و هذه من

**********

شرح:

(1)لا يخفى أنّ في القتل مطلقا تجب الكفّارة على ذمّة القاتل، لكنها تختلف في العمد و الخطأ.

و اعلم أنّ كفّارة القتل الخطأ هي أحد الامور الثلاثة: عتق رقبة، و صوم ستين يوما، و إطعام ستين مسكينا، مرتّبة.

و أمّا كفّارة القتل العمد فهي جميع الامور الثلاثة المذكورة.

(2)أي مأخذ الوجهين:

وجه الحكم بوجوب كفّارة الخطأ، لأنّ المقاتلين لم يقصدوا قتلهم بل المقصود منهم قتل الكفّار لكن اضطرّوا الى قتلهم لعدم إمكان توصّلهم الى الكفّار إلاّ بقتلهم، فهو في حكم القتل الخطأ في وجوب الكفّارة المرتّبة بين أحد من الثلاثة المذكورة.

أمّا وجه الحكم بوجوب كفّارة قتل العمد فهو النظر الى واقع الأمر، فإنّ قتلهم يكون بالقصد و العمد فيه.

(3)هذا دليل وجوب كفّارة قتل العمد في المسألة.

(4)أي المسلم المقاتل عامد في قتل الترس. و الضمير في قوله «لقتله» يرجع الى المسلم المجعول ترسا.

(5)أي الوجه الثاني في نظر الشارح رحمه اللّه أوجه.

(6)فاعله الضمير المؤنث الراجع الى الدية. يعني أنّ المناسب أن يحكم بوجوبها من بيت المال و لا تتعلّق على ذمّة المقاتل.

ص: 48

أهمّها (1)، و لأنّ في إيجابها على المسلم إضرارا يوجب التخاذل عن الحرب لكثير (2).

يكره التبييت و هو النزول عليهم ليلا و القتال قبل الزوال

(و يكره التبييت) (3) و هو النزول عليهم ليلا،(و القتال (4) قبل الزوال)، بل بعده (5) لأنّ أبواب السماء تفتح عنده، و ينزل النصر و تقبل الرحمة (6). و ينبغي أن يكون بعد صلاة الظهرين،(و لو اضطرّ) إلى الأمرين (7)(زالت).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ أداء دية المسلمين المقتولين لمصلحة التوصّل الى المشركين من أهمّ مصالح الإسلام، فتصرف الدية من بيت المال.

(2)الدليل الثاني لوجوب الدية على بيت المال هو حصول التخاذل للمقاتلين لو أوجبت الدية على ذمّتهم في المقام بالنسبة الى أكثر المقاتلين.

مكروهات القتال (3)يعني يكره الهجوم و النزول على الكفّار في الليل.

(4)هذا الثاني من مكروهات القتال، و هو القتال قبل الظهر.

(5)أي يترجّح القتال بعد الزوال.

(6)هذه الألفاظ مقتبسة من الرواية الواردة في المقام و هي منقولة في الوسائل:

عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لا يقاتل حتّى تزول الشمس و يقول: تفتح أبواب السماء و تقبل الرحمة و ينزل النصر، و يقول: هو أقرب الى الليل و أجدر أن يقلّ القتل و يرجع الطالب و يفلت المنهزم. (الوسائل: ج 11 ص 47 ب 17 من أبواب جهاد العدوّ ح 2).

(7)المراد من «الأمرين» هو التبييت و القتال بعد الظهر. و فاعل قوله «زالت» مستتر يرجع الى الكراهة.

ص: 49

(و أن يعرقب) (1) المسلم (الدابّة) و لو وقفت (2) به أو اشرف (3) على القتل، و لو رأى ذلك (4) صلاحا زالت كما فعل جعفر بمؤتة (5)، و ذبحها (6) أجود. و أمّا دابّة الكافر فلا كراهة في قتلها، كما في كلّ فعل

**********

شرح:

(1)عطف على التبييت و القتال. يعني يكره أن يقطع عرقوب الفرس.

تعرقب فلان الفرس: ركبها من خلفها، و زيد ركب العراقيب.

العرقوب - كجمهور -: عصب غليظ مؤثّر فوق عقب الانسان.

و من الدابّة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها، أي بين موصل الوظيف و الساق، تقول: فلان يضرب العراقيب و يقرع الظنابيب، أي يغيث و يضيف. (أقرب الموارد).

و هو رباعي، و المراد هنا قطع قوائم الدابّة في الحرب.

(2)هذا و ما بعده وصلية. يعني يكره العرقبة و لو وقفت الدابّة صاحبه. و الضمير الفاعلي يرجع الى الدابّة، و في قوله «به» يرجع الى المسلم.

(3)بأن كان صاحب الدابّة في شرف الموت. و قوله «اشرف» بصيغة المجهول، و النائب الفاعل مستتر يرجع الى المسلم.

و لا يخفى أنّ المراد هو قطع قوائم الدابّة التي تكون للمسلم لئلاّ تقع في يد الكافر، أمّا قطع قوائم دابّة الكافر فلا يكره.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو العرقبة.

(5)مؤتة - بالضمّ على وزن غرفة بهمزة ساكنة -: اسم أرض قتل بها جعفر بن أبي طالب.

و قد ورد ذلك في الوسائل:

عن السكوني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لمّا كان يوم مؤتة كان جعفر بن أبي طالب على فرس له، فلمّا التقوا نزل على فرسه فعرقبها بالسيف، فكان أول من عرقب في الإسلام. (الوسائل: ج 8 ص 396 ب 52 من أبواب أحكام الدوابّ ح 2).

(6)يعني ذبح الدابّة أجود من عرقبتها.

ص: 50

يؤدّي إلى ضعفه و الظفر به (1).

(و المبارزة) (2) بين الصفّين (من دون إذن الإمام) على أصحّ القولين، و قيل: تحرم،(و تحرم (3) إن منع) الإمام منها،(و تجب) (4) عينا (إن ألزم) بها (5) شخصا معيّنا، و كفاية (6) إن أمر بها جماعة ليقوم بها واحد منهم، و تستحبّ إذا ندب (7) إليها من غير أمر جازم.

تجب مواراة المسلم المقتول

(و تجب مواراة (8) المسلم المقتول) في المعركة، دون الكافر (فإن اشتبه)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى الفعل. يعني يجوز كلّ فعل يوجب الظفر به على العدوّ.

(2)المبارزة - من بارز القرن مبارزة و برازا -: خرج إليه. (أقرب الموارد).

يعني يكره الخروج بين صفيّ المسلمين و الكافرين بلا إذن من الإمام عليه السّلام على أصحّ القولين، و القول الآخر هو الحكم بالحرمة ما لم يحصل الإذن منه عليه السّلام.

(3)فاعله مستتر يرجع الى المبارزة. يعني أنّ خروج أحد المسلمين بين الصفّين يحرم اذا منع الإمام عليه السّلام منه.

(4)فاعله مستتر يرجع الى المبارزة أيضا. يعني تكون واجبا عينا اذا ألزمه الإمام عليه السّلام بالمبارزة.

(5)ضمير التأنيث في قوله «بها» يرجع الى المبارزة.

(6)يعني تكون واجبا كفائيا اذا أمر الإمام عليه السّلام أحدا من جماعة.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى المبارزة، و في «منهم» يرجع الى الجماعة.

(7)يعني تستحبّ المبارزة و الظهور بين الصفّين اذا ندب الإمام عليه السّلام الى المبارزة و لم يأمرها بالجزم و الإلزام، كما اذا قال عليه السّلام: أ يوجد أحد للمبارزة و المقاتلة ؟

(8)المواراة - من وارى يواري مواراة -: أخفاه. (أقرب الموارد).-

ص: 51

بالكافر (فليوارى كميش (1) الذكر) أي صغيره، لما روي من فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله في قتلى بدر، و قال: لا يكون ذلك إلاّ في كرام الناس (2). و قيل:

يجب دفن الجميع احتياطا (3)، و هو (4) حسن، و للقرعة وجه (5)، أمّا الصلاة عليه فقيل: تابعة للدفن (6)، و قيل: يصلّى على

**********

شرح:

-و المراد منه دفن المقتولين في معركة الحرب من المسلمين و لا يجب دفن المقتولين من الكفّار.

(1)الكميش: الفرس الصغيرة الضرع. (أقرب الموارد).

و المراد هنا صغير الذكر، و لعلّ صغره من جهة الختان و دلالة كونه مسلما، فإنّ الكافر غير مختون.

(2)هذا ما جاء في الرواية المنقولة من الوسائل:

عن حمّاد بن عيسى (يحيى - خ ل) عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم بدر: لا تواروا إلاّ من كان كميشا، يعني من كان ذكره صغيرا، و قال: لا يكون ذلك إلاّ في كرام الناس. (الوسائل: ج 11 ص 112 ب 65 من أبواب جهاد العدوّ ح 1).

(3)يعني أنّ الاحتياط يحكم بوجوب دفن جميع المقتولين، لأنّ جسد المسلم يجب دفنه، فإذا اشتبه بين الأجساد فالاحتياط يحكم بوجوب دفن الجميع.

(4)أي القول بوجوب دفن الجميع حسن، لأنّ الاحتياط مستحسن في جميع الامور.

(5)فإنّ القرعة شرّعت لكلّ أمر مشكل. (راجع الوسائل: ج 17 ص 579 ب 4 من أبواب ميراث الخنثى)، و في المقام يشكل تشخيص جسد المسلم الواجب دفنه فيعيّن بالقرعة.

(6)ففي كلّ مورد يحكم بوجوب الدفن استنادا بالعلامة المذكورة أو عملا بالقرعة تتمّ الصلاة عليه.

ص: 52

الجميع (1) و يفرد المسلم بالنية، و هو (2) حسن.

**********

شرح:

(1)هذا قول آخر في الصلاة على المسلم المقتول المشتبه بين أجساد الكفّار و هو وجوب الصلاة على الجميع، لكن تختصّ نية الصلاة على جسد المسلم فقط .

(2)أي القول بوجوب الصلاة على جميع أجساد المقتولين حسن.

و الدليل على حسن القول المذكور هو حسن الاحتياط كما تقدّم في استحسان القول بوجوب دفن الجميع احتياطا.

ص: 53

الفصل الثاني يترك القتال لأمور

اشارة

(الفصل الثاني) (1) (في ترك القتال) (و يترك) القتال وجوبا (2)(لأمور،)

احدها الأمان

(أحدها: الأمان) و هو الكلام و ما في حكمه (3) الدالّ على سلامة الكافر نفسا و مالا، إجابة (4) لسؤاله ذلك، و محلّه (5) من يجب جهاده،

**********

شرح:

ترك القتال (1)أي الفصل الثاني من الفصول التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في أول الكتاب «و هنا فصول» و هو في خصوص ترك المقاتلة مع الكفّار.

(2)يعني يجب ترك القتال لأمور.

(3)من الكتابة و الإشارة الدالاّن على سلامة نفس الكافر و ماله، بأن يقول:

آمنتك، أو يقول: أذممتك، أو أنت في ذمّة الإسلام، أو يشير بما يدلّ على المعاني المذكورة.

(4)أي اللفظ و الإشارة الدالاّن لأمان الكافر من المسلم بسبب الإجابة لسؤال الكافر و هو الأمان منه.

و قوله «إجابة» مفعول له. و الضمير في قوله «لسؤاله» يرجع الى الكافر. و المشار إليه في قوله «ذلك» هو الأمان.

(5)أي مورد الأمان من الكافر الذي يجب جهاده.

ص: 54

و فاعله (1) البالغ العاقل المختار، و عقده (2) ما دلّ عليه من لفظ و كتابة (3) و إشارة مفهمة، و لا يشترط كونه (4) من الإمام بل يجوز (و لو من آحاد المسلمين لآحاد الكفار). و المراد بالآحاد العدد اليسير، و هو (5) هنا العشرة فما دون،(أو من الإمام أو نائبه) عامّا (6) أو في الجهة (7) التي أذمّ فيها (للبلد) (8) و ما هو أعمّ منه، و للآحاد بطريق أولى (9).

**********

شرح:

(1)أي الذي يؤتي الأمان للكافر هو المسلم العاقل البالغ المختار، فلا يصحّ الأمان من الصبي و المجنون و مسلوب الاختيار.

(2)الضمير في قوله «عقده» يرجع الى الأمان.

(3)بأن يكتب الألفاظ المذكورة الدالّة على سلامة نفس الكافر و ماله، أو يشير بما يدلّ على الأمان بالجزم و اليقين كما أنّ الإشارة تكفي في سائر العقود اللازمة و الجائزة في بعض الموارد.

(4)أي لا يختصّ إعطاء الأمان من نفس الإمام عليه السّلام فقط ، بل يجوز من كلّ فرد من أفراد المسلمين لكلّ فرد من أفراد الكفّار.

(5)الضمير يرجع الى العدد اليسير. يعني أنّ المراد منه هنا العشرة أو ما أقلّ منها لأنّ «آحاد» على وزن أفعال، و هو من أوزان جمع قلّة و أكثرها العشرة.

(6)بأن أعطى الإذن و النيابة له في الامور العامّة الشاملة لإعطاء الأمان أيضا.

(7)أو النائب من الإمام عليه السّلام في الجهة التي أذن الإمام لإعطائه الأمان للكفّار.

(8)هذا متعلّق بالإمام عليه السّلام و نائبه. يعني أنهما يعطيان الأمان لأهل البلد أو الأعمّ منه، مثل إعطاء الأمان لأهل المنطقة و الناحية.

(9)يعني اذا جاز أمان الإمام عليه السّلام و نائبه لأهل البلد و ما يعمّ منه فجوازه بالنسبة الى آحاد الكفّار بطريق أولى.

ص: 55

(و شرطه) (1) أي شرط جوازه (أن يكون قبل الأسر) إذا وقع من الآحاد، أمّا من الإمام فيجوز بعده (2)، كما يجوز له (3) المنّ عليه، (و عدم (4) المفسدة). و قيل: وجود المصلحة كاستمالة (5) الكافر ليرغب في الإسلام، و ترفيه (6) الجند، و ترتيب (7) امورهم، و قلّتهم (8)، و لينتقل الأمر منه (9) إلى دخولنا دارهم فنطّلع على عوراتهم. و لا يجوز مع المفسدة (كما)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «شرطه» يرجع الى الأمان. يعني لا يصحّ الأمان للكفّار إلاّ بشرطين:

الأول: أن يكون قبل إسارته اذا كان الأمان من آحاد المسلمين.

الثاني: أن لا تكون المفسدة في أمانه.

(2)يجوز للإمام عليه السّلام أن يعطي الأمان و لو بعد إسارة الكافر.

(3)الضمير في قوله «له» يرجع الى الإمام عليه السّلام. يعني يجوز للإمام أن يمنّ على الكافر بعد الأسر و يخلّي سبيله.

(4)خبر لقوله «و شرطه». و هذا هو الشرط الثاني من الشرطين المذكورين.

(5)مثال لوجود المصلحة. يعني لا يكفي الشرطان المذكوران بل تجب وجود المصلحة في أمان الكافر، كما اذا قصد استمالته و رغبته الى الإسلام بسبب الأمان.

(6)بالجرّ، عطفا على قوله «كاستمالة». و هذا مثال ثان للمصلحة في الأمان.

الترفيه - من رفه يرفه رفها و رفوها -: لان عيشه و طاب. و رفّه عنه: ازيل عنه الضيق و التعب. (المنجد).

(7)هذا مثال ثالث للمصلحة في الأمان، بأن تكون المصلحة في ترتيب امور الجند.

(8)هذا مثال رابع للمصلحة، كما اذا كان تعداد الجند قليلا فيؤتى الأمان لتحصيل تعداد كثير من الجند للظفر على العدوّ.

(9)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الأمان، و هذا مثال خامس للمصلحة، بأن-

ص: 56

(لو (1) أمن الجاسوس فإنّه (2) لا ينفذ (3))، و كذا من (4) فيه مضرّة.

و حيث يختلّ شرط (5) الصحّة يردّ الكافر إلى مأمنه، كما لو دخل بشبهة الأمان مثل أن يسمع لفظا (6) فيعتقده أمانا، أو يصحب رفقة (7) فيظنّها كافية، أو يقال له: لا نذمّك فيتوهّم الإثبات (8)، و مثله الداخل بسفارة (9)، أو ليسمع (10) كلام اللّه.

**********

شرح:

-يوجب الأمان لانتقالنا و دخولنا الى بلادهم و اطّلاعنا على أسرارهم.

(1)هذا مثال لوجود المفسدة في الأمان، فإنّ في أمان الجاسوس الكافر مفسدة على المسلمين.

(2)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى الأمان للجاسوس.

(3)أي لا يجري حكم الأمان للجاسوس.

(4)أي و كذا لا ينفذ الأمان لمن في وجوده مضرّة على الإسلام و المسلمين.

(5)فلو لم يحصل شرط من شروط الأمان و حكم بعدم صحّته لا يجوز قتل الكافر، بل يرجع الكافر الى محلّه الأول ثمّ يقاتل.

(6)هذا أول مثال لدخول الكافر بلد المسلمين بشبهة الأمان.

(7)الرفقة - مثلّثة -: الجماعة ترافقهم في سفرك. (أقرب الموارد).

و هذا مثال ثان للشبهة الحاصلة للكافر، بأن كان مصاحبا مع جماعة من المسلمين فزعم بكفاية مصاحبتهم في الأمان و دخل بلاد المسلمين.

(8)هذا مثال ثالث للشبهة الحاصلة للكافر، و هو فهمه الإثبات بدل النفي.

(9)السفارة: هي رسالة من رئيس الكفّار الى رئيس المسلمين، بأن يأتي كتابا أو كلاما من الكافر الى المسلم، فلا يجوز قتله أيضا، بل يرجع سالما الى محلّه.

(10)أي و مثل الكافر الذي دخل بلاد المسلمين اشتباها - حيث لا يجوز قتله بل -

ص: 57

ثانيها: النزول على حكم الإمام أو من يختاره

(و ثانيها (1): النزول على حكم الإمام أو من يختاره) الإمام. و لم يذكر شرائط المختار (2) اتّكالا على عصمته المقتضية لاختيار جامع الشرائط ، و إنّما يفتقر إليها (3) من لا يشترط في الإمام ذلك (فينفذ حكمه (4)) كما أقرّ النبي صلّى اللّه عليه و آله بني (5) قريظة حين طلبوا النزول على حكم سعد بن معاذ،

**********

شرح:

-يلزم إرجاعه الى محلّه - الكافر الذي دخل بلاد المسلمين لاستماع كلام اللّه تعالى، كما قال سبحانه وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (1) . (التوبة: 6).

(1)ضمير التأنيث في قوله «ثانيها» يرجع الى الأمور في قول المصنّف رحمه اللّه في بداية الفصل الثاني «و يترك لأمور». يعني أنّ الثاني من الامور الموجبة لترك القتال هو قبول و تسليم الكفّار بما يحكمه الإمام عليه السّلام أو بحكم من يختاره الإمام عليه السّلام.

و بعبارة اخرى: أن ينزل الكفّار من عنادهم و غرورهم الى حكم الإمام عليه السّلام أو من يختاره.

(2)بصيغة اسم المفعول. يعني أن المصنّف رحمه اللّه هنا لم يذكر شروط من يختاره الإمام عليه السّلام لاتّكاله و اعتقاده على عصمة الإمام عليه السّلام فإنّها تقتضي اختيار من يجمع الشروط .

أقول: الشروط المذكورة فيمن يختاره الإمام عليه السّلام حكما هي: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و الإسلام، و العدالة، و الرجولية، و الحرّية.

(3)يعني أنّ الذي لا يعتقد بعصمة الإمام عليه السّلام يفتقر الى ذكر الشروط المذكورة.

و المشار إليه في قوله «ذلك» هو العصمة. و فاعل قوله «يفتقر» هو «من» الموصولة.

(4)الضمير في قوله «حكمه» يرجع الى من يختاره الإمام عليه السّلام.

(5)مفعول لقوله «أقرّ النبي صلّى اللّه عليه و آله». أي صدّق و ثبّت ما طلب طائفة بني قريظة من انتخاب سعد بن معاذ حكما بينهم.-

ص: 58


1- سوره 9 - آیه 6

فحكم (1) فيهم بقتل الرجال و سبي الذراري و غنيمة المال، فقال له (2) النبي صلّى اللّه عليه و آله: لقد حكمت بما حكم اللّه تعالى به من فوق سبعة أرقعة (3). و إنّما

**********

شرح:

-بني قريظة: قبيلة يهودية من خيبر رئيسها كعب بن الأسد، و قد عقد النبي صلّى اللّه عليه و آله معها معاهدة.

(1)فاعل قوله «حكم» مستتر يرجع الى سعد بن معاذ، أي بعد رضا الكفّار على حكمية سعد صدر الحكم منه بأن يقتل رجالهم و تسبى ذراريهم و تغنم أموالهم.

الذراري - بفتح الذال - جمع ذرّية و هي النسل. (المنجد).

سعد بن معاذ: هو من خيرة رجال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الشجعان و من قادة جيشه الممتازين، و هو رئيس الأوس. رمي بسهم يوم الخندق فمات من أثر جراحه سنة 5 ه .

(2)الضمير في قوله «له» يرجع الى سعد بن معاذ. يعني صدّق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حكم سعد بأنه حكم اللّه تعالى من فوق السماوات السبع.

(3)الأرقعة: جمع رقيع بمعنى السماء، و المراد السماوات السبع.

قضية بني قريظة:

ذكر الشيخ المفيد رحمه اللّه غزوة بني قريظة في كتابه الإرشاد قائلا:

لمّا انهزم الأحزاب و ولّوا عن المسلمين الدبر عمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على قصد بني قريظة، و أنفذ أمير المؤمنين عليه السّلام إليهم في ثلاثين من الخزرج، و قال له: انظر بني قريظة هل نزلوا حصونهم ؟ فلمّا شارف سورهم سمع منهم الهجر، فرجع الى النبي صلّى اللّه عليه و آله فأخبره، فقال: دعهم فإنّ اللّه سيمكّن منهم، إنّ الذي أمكنك من عمرو بن عبد ودّ لا يخذلك، فقف حتّى يجتمع الناس إليك و أبشر بنصر من عند اللّه، فإنّ اللّه تعالى قد نصرني بالرعب من بين يديّ مسيرة شهر.-

ص: 59

ينفذ حكمه (1)(ما لم يخالف الشرع) بأن

**********

شرح:

-قال علي عليه السّلام: فاجتمع الناس إليّ و سرت حتّى دنوت من سورهم، فأشرفوا عليّ ، فلمّا رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، و قال آخر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو، و جعل بعضهم يصيح ببعض و يقولون ذلك، و ألقى اللّه في قلوبهم الرعب، و سمعت راجزا يرتجز:

قتل عليّ عمرا*** صاد عليّ صقرا

قصم عليّ ظهرا*** أبرم عليّ أمرا

هتك عليّ سترا ***

فقال أمير المؤمنين علي عليه الصلاة و السلام: فقلت: الحمد للّه الذي أظهر الإسلام و قمع الشرك، و كان النبي صلّى اللّه عليه و آله قال لي حين توجّهت الى بني قريظة: سر على بركة اللّه، فإنّ اللّه قد وعدكم أرضهم و ديارهم. فسرت متيقّنا لنصر اللّه عزّ و جلّ حتّى ركزت الراية في أصل الحصن فاستقبلوني في صياصيهم يسبّون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلمّا سمعت سبّهم له كرهت أن يسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك، فعملت على الرجوع إليه، فإذا به قد طلع صلّى اللّه عليه و آله و سمع سبّهم له، فناداهم: يا إخوة القردة و الخنازير، إنّا اذا حللنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، فقالوا له: يا أبا القاسم، ما كنت جهولا و لا سبّابا!! فاستحى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و رجع القهقرى قليلا، ثمّ أمر فضربت خيمته بإزاء حصونهم، فأقام النبي صلّى اللّه عليه و آله حاصرا لبني قريظة خمسا و عشرين ليلة حتّى سألوه النزول على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم سعد بقتل الرجال و سبي الذراري و النساء و قسمة الأموال، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا سعد، لقد حكمت فيهم بحكم اللّه من فوق سبعة أرقعة، و أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله بإنزال الرجال منهم و كانوا تسعمائة رجل، فجيء بهم الى المدينة، و قسّم الأموال، و استرقّ الذراري و النسوان. (الإرشاد: ص 57).

(1)يعني ينفذ حكم المختار للحكمية اذا لم يكن على خلاف مقتضى الشرع.

ص: 60

يحكم (1) بما لا حظّ (2) فيه للمسلمين، أو ما ينافي (3) حكم الذمّة لأهلها.

الثالث و الرابع: الإسلام، و بذل الجزية

(الثالث و الرابع: (4) الإسلام (5)، و بذل الجزية) فمتى أسلم الكافر حرم قتاله مطلقا (6) حتّى لو كان بعد الأسر الموجب للتخيير (7) بين قتله

**********

شرح:

(1)و قد فسّر الشارح رحمه اللّه ما يخالف الشرع بالمثالين التاليين:

الأول: أن يحكم حكما لا نصيب و لا نفع فيه للمسلمين.

الثاني: أن يحكم بخلاف ما تقتضيه الذمّة، كما اذا حكم بقتل الكافر الكتابي الذي يلتزم بالعمل بالشروط المذكورة للذمّي.

(2)أي لا نصيب و لا فائدة.

(3)هذا مثال ثان لما يخالف الشرع.

(4)أي الأمر الثالث و الرابع من الامور الموجبة لترك القتال و هما: الإسلام و بذل الجزية.

(5)بترتيب اللفّ و النشر المرتّب.

(6)أي سواء كان حربيا أو كتابيا. و يحتمل كون الإطلاق إشارة الى عدم الفرق بين إسلامه قبل الأسر أو بعده، فيكون قوله «حتّى لو كان بعد الأسر... الخ» تفسيرا للإطلاق.

(7)فإنّ الكافر اذا كان أسيرا يتخيّر الإمام عليه السّلام بين قتله و استرقاقه.

أقول: قد أشكل سلطان العلماء بعبارة الشارح رحمه اللّه في تخيير الإمام عليه السّلام بين قتله و غيره بأنه اذا كان أسره في حال الحرب وجب قتله كما سيأتي، و لو كان بعد تمام الحرب فلا يجوز قتله، فكيف قال الشارح رحمه اللّه «بعد الأسر الموجب للتخيير بين قتله و غيره»؟

و أجاب البعض بأنّ المراد من التخيير هو التخيير في قتله بين ضرب عنقه أو قطع يديه و رجليه.

ص: 61

و غيره (1)، أو بعد (2) تحكيم الحاكم عليه، فحكم بعده بالقتل، و لو كان (3) بعد حكم الحاكم بقتله و أخذ ماله و سبي ذراريه سقط القتل و بقي الباقي.

و كذا إذا بذل الكتابي (4) و من في حكمه (5) الجزية و ما يعتبر معها من شرائط الذمّة. و يمكن

**********

شرح:

-من حواشي الكتاب: قوله «بعد الأسر الموجب للتخيير» و هو الأسر الذي اسر في غير مقام المحاربة. و سيأتي أنه إن كانت الحرب قائمة يقتل حتما، و بعد ما وضعت اَلْحَرْبُ أَوْزارَها (1) لا يجوز قتله، فلا تخيير حينئذ بين قتله و غيره، فالمراد حينئذ أخذه لا في أوقات الحرب، فالإمام مخيّر بين قتله و فدائه و المنّ عليه.

و لا يخفى أنّ الفرد الخفي ما يجب قتله حتما، و هو المأخوذ و الحرب قائمة، فإنّه يسقط قتله بالإسلام كما سيأتي، فالأولى إدخال لفظة «حتّى» عليه، فينبغي التأمّل. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى القتل، مثل الاسترقاق أو إطلاق سبيله.

(2)يعني يحرم قتال من أسلم من الكفّار و لو كان إسلامه بعد التحكيم و حكم الحاكم بقتله، كما اذا رضي بحكم شخص و حكم هو بقتله، فإذا أسلم فلا يجوز قتله أيضا.

و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى التحكيم.

(3)أي لو كان إسلامه بعد حكم الحاكم بقتله و أخذ ماله و سبي ذراريه سقط حكم قتله بسبب إسلامه، لكن الأمرين الباقيين - يعني أخذ ماله و سبي ذراريه - يبقيان في الحكم الصادر من الحاكم.

(4)يعني و كذا يحرم قتاله اذا كان الكافر كتابيا أو في حكم الكتابي و رضي ببذل الجزية و العمل بالشروط المذكورة في الذمّة.

(5)مثل المجوسي كما تقدّم قول البعض بإلحاقه بأهل الكتاب حكما لا حقيقة.

ص: 62


1- سوره 47 - آیه 4

دخوله (1) في الجزية، لأنّ عقدها لا يتمّ إلاّ به فلا يتحقّق بدونه.

الخامس

(الخامس (2): المهادنة) و هي المعاقدة من الإمام عليه السّلام أو من نصبه لذلك (3) مع من (4) يجوز قتاله (على (5) ترك الحرب مدّة معيّنة) بعوض (6) و غيره بحسب ما يراه (7) الإمام قلّة،(و أكثرها عشر سنين) فلا تجوز الزيادة

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «دخوله» يرجع الى ما يعتبر. يعني يمكن أن يقال بعدم احتياج العبارة الى قوله «و ما يعتبر معها» لأنّ الجزية تحتاج الى عقدها و لا يصحّ عقد الجزية إلاّ بذكر ما يعتبر معها، فلا يمكن تحقّق العقد إلاّ بذكر الشروط المعتبرة فيها.

و الضمير في قوله «بدونه» يرجع الى ما يعتبر.

(2)أي الأمر الخامس من الامور التي توجب ترك القتال و هو المهادنة و المعاهدة من الإمام عليه السّلام أو نائبه مع الكافر الذي يجوز قتاله.

المهادنة، من هادنه مهادنة: صالحه و أودعه. (أقرب الموارد).

(3)المشار إليه في قوله «لذلك» هو عقد المهادنة. يعني من النائب الذي نصبه الإمام عليه السّلام لعقد المهادنة.

(4)يعني أنّ المهادنة تتحقّق بالمعاقدة بين الإمام عليه السّلام أو نائبه و بين الكافر الذي يجوز قتاله.

(5)متعلّق على المهادنة. يعني أنّ المهادنة تقع على ترك الحرب و القتال في مدّة معيّنة بين الإمام أو نائبه و بين الكافر الذي يجوز قتاله، فلا تصحّ المهادنة فيما لم تكن المدّة معيّنة.

(6)الباء للمقابلة. يعني أنّ المهادنة إمّا في مقابل عوض أو بلا عوض.

(7)يحتمل كون ذلك مربوطا بالعوض، بمعنى أنه يكون بمقدار ما يراه الإمام عليه السّلام صلاحا، و يحتمل كونه مربوطا بمقدار المدّة من حيث القلّة.

ص: 63

عنها (1) مطلقا (2)، كما يجوز أقلّ من أربعة أشهر إجماعا، و المختار جواز ما بينهما (3) على حسب المصلحة.

(و هي (4) جائزة مع المصلحة للمسلمين) لقلّتهم (5)، أو رجاء إسلامهم مع الصبر، أو ما يحصل

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى عشر سنين. يعني أقلّ المدّة يرجع الى نظر الإمام عليه السّلام أو نائبه، أمّا أكثرها فلا تتجاوز عن ذلك.

(2)سواء كانت هناك المصلحة في تركه أم لا، و سواء بذل الذمّي المال الكثير أم لا.

(3)ضمير التثنية في قوله «بينهما» يرجع الى أربعة أشهر و عشر سنين.

و هذا نظر الشارح رحمه اللّه في خصوص مدّة المهادنة بأنّ مقدارها ما هو مقتضى المصلحة بين المدّتين، فلا تجوز أزيد من العشرة.

و في مقابله قول العلاّمة رحمه اللّه بأنّ المسلمين لو قدروا للمقابلة مع الكفّار فلا يجوز للإمام عليه السّلام المهادنة أكثر من سنة، و لو لم يتمكّنوا من القتال فيجوز.

أقول: تعيين التكليف للإمام المعصوم عليه السّلام يبعد عقلا، و اذا لم يتمكّن المسلمون من القتال فيجوز تأخيره الى أن يتمكّنوا، فالبحث عن جواز المهادنة و التفصيل المذكور أبعد.

(4)الضمير يرجع الى المهادنة. يعني أنها من الامور الجائزة في صورة وجود المصلحة للمسلمين، بمعنى أنّ الملاك في صحّة المهادنة هو وجود المصلحة من المصالح التي سيذكرها، فلو لم توجد المصلحة لا تصحّ المهادنة.

(5)ذكر الشارح رحمه اللّه ثلاث من المصالح الموجبة لصحّة المهادنة:

أولها: قلّة جيش المسلمين، فيهادن مع الكفّار لتحصيل القوّة عليهم.

ثانيها: رجاء كون المهادنة موجبة لقبولهم الإسلام.

ثالثها: رجاء أمر يوجب الاستظهار به.

ص: 64

به (1) الاستظهار. ثمّ مع الجواز (2) قد تجب مع حاجة المسلمين إليها (3) و قد تباح لمجرّد المصلحة التي لا تبلغ حدّ الحاجة (4)، و لو انتفت (5) انتفت الصحّة.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى «ما» الموصولة. بمعنى كون المصلحة في رجاء أمر يوجب الظفر للمسلمين كانتظار معين على جيش المسلمين و شبهه.

و قوله «أو ما يحصل» عطف على قوله «إسلامهم».

(2)فاذا حكم بجواز المهادنة بسبب وجود المصلحة بالمعنى الأعمّ فيشمل الجواز بمعنى الوجوب و الجواز بمعنى المباح.

(3)فاذا احتاج المسلمون الى المهادنة وجبت بالضرورة.

(4)المراد من «الحاجة» هو الضرورة الى المهادنة. يعني قد تحصل المصلحة للمهادنة و لكنّها لا تصل الى حدّ الضرورة، ففي هذا المقام تباح المهادنة.

(5)فاعله الضمير المؤنث الراجع الى المصلحة. يعني اذا لم توجد المصلحة انتفت صحّة المهادنة و يحكم ببطلانها.

ص: 65

الفصل الثالث في الغنيمة

اشارة

(الفصل الثالث) (1) (في الغنيمة) (2) و أصلها (3) المال المكتسب، و المراد هنا ما أخذته الفئة المجاهدة على

**********

شرح:

الغنيمة و أحكامها (1)أي الفصل الثالث من الفصول التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في أول الكتاب «و هنا فصول» و هو في أحكام الغنيمة.

(2)الغنيمة: ما يؤخذ من المحاربين عنوة و الحرب قائمة. و الفيء: ما نيل منهم بعد أن تضع اَلْحَرْبُ أَوْزارَها (1) . جمعها: غنائم. و النفل ما ينفله الغازي أي يعطاه زائدا على سهمه. و كلّ شيء مظفور به فإنّه يسمّى غنما - بالضمّ - و مغنما و غنيمة.

(أقرب الموارد).

و اعلم أنّ الأموال التي تحصل من الكفّار في الجهاد على أقسام ثلاثة:

الأول: المنقولات، مثل النقود و الأثواب و الحيوانات و الفرش و شبهها.

الثاني: العقار، مثل الأراضي و البساتين و العمارات و الدكاكين.

الثالث: الاسراء، مثل الصبيان و النساء و غيرهما.

و سيأتي حكم كلّ منها بالتفصيل إن شاء اللّه تعالى.

(3)أي الغنيمة في اللغة بمعنى المال الذي يحصله الإنسان بالاكتساب، لكن المراد -

ص: 66


1- سوره 47 - آیه 4

سبيل الغلبة، لا باختلاس (1) و سرقة فإنّه (2) لآخذه، و لا بانجلاء (3) أهله عنه بغير قتال فإنّه للإمام،

تملك النساء و الأطفال بالسبي و الذكور البالغون يقتلون

(و تملك النساء و الأطفال بالسبي) (4) و إن كانت الحرب قائمة (و الذكور البالغون يقتلون حتما (5) إن أخذوا و الحرب قائمة إلاّ أن يسلموا (6)) فيسقط قتلهم، و يتخيّر الإمام حينئذ (7) بين استرقاقهم و المنّ عليهم و الفداء (8).

**********

شرح:

-منها في باب الجهاد هو المال الذي يأخذه المجاهدون من الكفّار على سبيل الغلبة لا بالحيلة و السرقة و الغفلة.

(1)الاختلاس، من خلس الشيء خلسا: أخذه في مخاتلة. (أقرب الموارد).

(2)أي المال المأخوذ بالاختلاس و السرقة يختصّ لمن أخذه من المجاهدين و حصّله و لا يقسّم بين المجاهدين.

(3)أي الغنيمة ليس مالا يحصل في يد المسلمين بتفرّق أهله و صاحبه بدون قتال، لأنّ المال كذلك يختصّ لشخص الإمام عليه السّلام.

(4)هذا أحد أقسام الأموال الحاصلة في يد المسلمين من الكفّار عند القتال، و هو النساء و الأطفال، فإنّهم لا يحكمون بالقتل و لو في حال حرارة القتال، بل يكونون مملوكين للمسلمين.

(5)أمّا حكم الرجال اذا وقعوا أسرى في الحرب بيد المسلمين فيحكمون بقتلهم حتما بشرط كونهم أسرى في حال الحرب.

(6)أي إلاّ أن يقبل الذكور الأسرى الإسلام فلا يجوز قتلهم كما تقدّم.

(7)فاذا أسلم الكفّار الأسرى و حكم بعدم جواز قتلهم فحينئذ يتخيّر الإمام عليه السّلام بين جعلهم رقيق و مملوكين للمقاتلين و بين المنّ و الإحسان عليهم بإطلاقهم و بين أخذ الفدية عنهم.

(8)الفدية بمعنى العوض.

ص: 67

و قيل: يتعيّن المنّ (1) عليهم هنا، لعدم جواز (2) استرقاقهم حال الكفر، فمع الإسلام أولى (3).

و فيه أنّ عدم (4) استرقاقهم حال الكفر إهانة (5) و مصير إلى ما هو أعظم منه، لا إكرام فلا يلزم مثله بعد الإسلام، و لأنّ الإسلام (6) لا ينافي الاسترقاق، و حيث يجوز قتلهم يتخيّر الإمام تخيّر شهوة (7) بين ضرب

**********

شرح:

(1)أي قال بعض الفقهاء بعدم تأخير الإمام بين الامور الثلاثة المذكورة في حقّ الأسير من الكفّار اذا أسلم، بل يجب تعيّنا أن يمنّ عليه و يطلقه.

(2)هذا دليل تعيّن المنّ على الكافر الأسير، بأنه اذا لم يسلم لم يجز استرقاقه بل يجب قتله، فإذا أسلم فلا يجوز قتله بطريق أولى.

(3)أي فمع قبول الكافر الأسير الإسلام فلا يجوز استرقاقه بطريق أولى.

(4)أجاب الشارح رحمه اللّه عن استدلال القول المذكور بأنّ عدم استرقاقه حال كفره لم يكن إكراما له بل إهانة عليه بقتله و إعدامه. و هذا بخلاف ما اذا قبل الإسلام، فعدم جواز استرقاقه حال الكفر لا يلازم عدم جوازه حال الإسلام أيضا.

(5)بالرفع، خبر «أنّ ». و كذا «مصير». و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الاسترقاق.

(6)هذا دليل ثان على جواز استرقاق الكافر اذا أسلم، بأنه لا ينافي الاسترقاق، بل إسلامه يمنع من قتله فقط .

(7)الشهوة - مصدر -: حركة النفس طلبا للملائم. جمعها: شهوات. (أقرب الموارد، المنجد).

يعني اذا حكمنا بجواز قتل الكافر الأسير المنكر للإسلام يتخيّر الإمام بميله الشريف بلا احتياج الى مصلحة بين الأقسام الثلاثة في قتله:

الأول: أن يضرب رقبته.

الثاني: أن يقطع يديه و رجليه.

الثالث: أن يتركه حتّى يموت، و إلاّ أجهز عليه بما يعجّل موته.

ص: 68

رقابهم (1)، و قطع أيديهم و أرجلهم، و تركهم حتّى يموتوا إن اتّفق، و إلاّ أجهز عليهم (2).

(و إن اخذوا بعد أن وضعت اَلْحَرْبُ أَوْزارَها (1) (3)) أي أثقالها من السلاح و غيره، و هو كناية عن تقضّيها (4)(لم يقتلوا (5)، و يتخيّر الإمام) فيهم تخيّر نظر (6) و مصلحة (بين المنّ ) عليهم (و الفداء) لأنفسهم بمال (7) حسب ما

**********

شرح:

(1)الرقاب: جمع رقبة، و هي العنق أو مؤخّره. (المنجد).

(2)أي أجهز عليهم بما يعجّل موتهم.

(3)و هذا اللفظ مقتبس من القرآن الكريم في قوله تعالى فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (2) . (محمّد: 4).

فإنّ «وضع اَلْحَرْبُ أَوْزارَها (3) » كناية عن تعطيله، أي انقضت لأنّ أهلها يضعون أسلحتهم حينئذ.

و الوزر - بالكسر مصدر -: الإثم، و الثقل، و السلاح لثقله على حامله، و الحمل الثقيل، يقال: حمّلته الوزر، جمعه: أوزار. (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «أَوْزارَها (4) » يرجع الى الحرب و هو مؤنث سماعي.

أمّا شبه الأوزار الى الحرب إمّا بتقدير الأهل و المعنى حتّى وضعت أهل الحرب أوزارها، أو من قبيل المجاز العقلي مثل قوله: أنبت الربيع البقل.

(4)الضمير في قوله «تقضّيها» يرجع الى الحرب، و هو مؤنث سماعي كما تقدّم.

(5)جواب لقوله «و إن اخذوا». يعني أنّ الكفّار الذين يؤخذون بعد انتهاء الحرب لا يحكمون بالقتل بل يتخيّر الإمام عليه السّلام بين إطلاقهم بالإحسان و بين جعلهم رقيق.

(6)يعني أنّ تخيير الإمام عليه السّلام هنا ليس تخيير شهوة و ميل شخصي، بل التخيير لمصلحة المسلمين.

(7)بأن يأخذ مالا من الكفّار في مقابل أنفسهم بمقدار يراه الإمام عليه السّلام صلاحا.

ص: 69


1- سوره 47 - آیه 4
2- سوره 47 - آیه 4
3- سوره 47 - آیه 4
4- سوره 47 - آیه 4

يراه من المصلحة،(و الاسترقاق) حربا (1) كانوا أم كتابيّين.

و حيث تعتبر المصلحة لا يتحقّق التخيير إلاّ مع اشتراك الثلاثة (2) فيها على السواء، و إلاّ تعيّن (3) الراجح واحدا (4) كان أم أكثر.

و حيث يختار الفداء (5) أو الاسترقاق (فيدخل ذلك (6) في الغنيمة) كما دخل من استرقّ ابتداء (7) فيها من النساء و الأطفال.

**********

شرح:

(1)الحرب: المقاتلة و المنازلة، مؤنثة تقول: وقعت الحرب و قامت الحرب. (أقرب الموارد).

و المراد هنا الكافر الحربي في مقابل الكتابي.

(2)المراد من «الثلاثة» هو: المنّ ، و الفداء، و الاسترقاق. ففي صورة تساوي المصلحة بين الثلاثة يتخيّر الإمام عليه السّلام في ذلك.

(3)و إن لم تتساو المصلحة بينها بل كانت المصلحة في أحدها أزيد فيجب تعيينا لا تخييرا.

(4)يعني أنّ ذا المصلحة الزائدة واحدا كان أو أكثر، فحينئذ يتخيّر بين ذي المصلحتين الزائدتين لا بين الثلاثة.

(5)يعني إذا أخذ الإمام عليه السّلام مالا في مقابل أنفس الكفّار المأخوذ أو جعلهم رقيق و مملوكين فيدخلان في الغنيمة و تجري حكمها فيهما.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الفداء و الاسترقاق.

(7)المراد من قوله «ابتداء» هو الصبيان و النسوان، فإنّهم اذا اخذوا يحكم باسترقاقهم ابتداء، في مقابل الذكور البالغين الذين أخذوا بعد الحرب فإنّهم لا يحكم باسترقاقهم ابتداء بل يتخيّر الإمام عليه السّلام بين الإطلاق و الفداء و الاسترقاق.

و حاصل معنى العبارة هو: كما أنّ هؤلاء يسترقّون ابتداء و يدخلون في بيت -

ص: 70

لو عجز الأسير عن المشي لم يجز قتله

(و لو عجز الأسير) الذي يجوز للإمام قتله (1)(عن المشي لم يجز قتله) لأنه لا يدرى (2) ما حكم الإمام فيه بالنسبة إلى نوع القتل، و لأنّ قتله (3) إلى الإمام و إن كان (4) مباح الدم في الجملة كالزاني المحصن (5). و حينئذ فإن أمكن حمله (6)، و إلاّ ترك

**********

شرح:

-المال كذلك المأخوذين من الرجال بغير الحرب اذا حكم الإمام عليه السّلام باسترقاقهم يدخلون في بيت المال.

(1)كما اذا أخذ المجاهدون أسيرا من الكفّار و الذي يجوز للإمام عليه السّلام بعد وصوله في يده قتله و كان ذلك الأسير عاجزا من المشي فحينئذ لا يجوز للمجاهدين قتله قبل الوصول الى الإمام عليه السّلام.

(2)بصيغة المجهول. و الدليل على عدم جواز قتل المجاهدين الأسير العاجز عن المشي هو عدم العلم بنوع القتل الذي يختاره الإمام عليه السّلام من ضرب عنقه أو قطع يديه و رجليه أو غير ذلك.

(3)هذا دليل ثان على عدم جواز قتل الأسير المذكور، و هو أنّ قتله يختصّ بالإمام عليه السّلام لأنه من مناصب الإمامة، فلا يجوز لغيره.

(4)الجملة وصلية. يعني و إن كان الأسير المذكور مهدور الدم إجمالا بسبب جوازه من الإمام لكن لا يجوز قتله لغير الإمام عليه السّلام.

(5)كما أنّ المحصن لو ارتكب الزنا يكون مباح الدم، لكن لا يجوز قتله لغير الإمام عليه السّلام.

المحصن - بفتح الصاد -: اذا زنى ببالغة عاقلة، و الإحصان: إصابة البالغ العاقل الحرّ فرجا مملوكا له بالعقد الدائم أو الرقّ يغدو عليه و يروح. (اللمعة: باب الحدود).

و سيأتي تفصيل ذلك في كتاب الحدود بأنّ حدّ الزاني المحصن هو الرجم، و قال المصنّف رحمه اللّه «الأقرب الجمع بين الجلد و الرجم في المحصن و إن كان شابّا».

(6)يعني اذا عجز الأسير عن المشي و لم يجز قتله فإن أمكن حمله الى الإمام عليه السّلام -

ص: 71

للخبر (1). و لو بدر (2) مسلم فقتله فلا قصاص و لا دية و لا كفّارة و إن أثم، و كذا لو قتله (3) من غير عجز.

يعتبر البلوغ بالإنبات

(و يعتبر البلوغ (4) بالإنبات) لتعذّر العلم بغيره من العلامات غالبا، و إلاّ فلو اتّفق العلم

**********

شرح:

-و لو على الدابّة و غيرها وجب الحمل، و إن لم يمكن حمله ترك في المكان الذي عجز فيه عن المشي.

(1)الدليل على تركه هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن الزهري عن علي بن الحسين عليهما السّلام (في حديث) قال: اذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي و لم يكن معك محمل فارسله و لا تقتله، فإنّك لا تدري ما حكم الإمام فيه. (الوسائل: ج 11 ص 53 ب 23 من أبواب جهاد العدوّ ح 2).

(2)بمعنى أنه اذا أقدم المسلم على قتله لا تجب عليه الدية و لا القصاص و لا الكفّارة، لكن يكون آثما لعدم كونه مجازا لقتله.

(3)الضمير في قوله «قتله» يرجع الى الأسير. يعني و كذا لا قصاص و لا دية و لا كفّارة على من بدر و قتل الأسير الذي لا يعجز عن المشي، بل يكون آثما و عاصيا في فعله الغير المجاز.

(4)البلوغ المانع من قتل المأخوذ من الكفّار لا يتشخّص فيه إلاّ بإنبات الشعر الخشن في بعض أعضائه.

و لا يخفى أنّ العلامات المتقدّمة في آخر كتاب الصوم لتشخيص البلوغ ثلاث:

الأول: إنبات الشعر الخشن على العانة.

الثاني: الاحتلام و خروج المني.

الثالث: إكمال خمس عشرة سنة هلالية.

فالمعتبر منها في المقام هو الإنبات لعدم إمكان غيره في خصوص الكافر المذكور غالبا لتعذّر العلم بسنّه و احتلامه.

ص: 72

به (1) بها كفى، و كذا (2) يقبل إقراره بالاحتلام كغيره، و لو ادّعى الأسير استعجال إنباته بالدواء (3) فالأقرب القبول، للشبهة الدارئة (4) للقتل.

حكم المنقول و غير المنقول من الغنائم

(و ما لا ينقل (5) و لا يحوّل) من أموال المشركين كالأرض و المساكن و الشجر (لجميع المسلمين) سواء في ذلك المجاهدون و غيرهم.

(و المنقول) (6) منها (بعد)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى البلوغ، و في قوله «بها» يرجع الى العلامات.

يعني لو اتّفق العلم ببلوغه بالعلامات الاخر غير الإنبات كفى.

(2)أي و مثل العلم ببلوغه إقراره بالاحتلام، كما اذا أقرّ الكافر المأخوذ باحتلامه فيثبت بإقراره و يحكم بقتله.

(3)كما اذا ادّعى الكافر بأنّ إنبات الشعر هو بسبب الدواء الذي استعمله لتعجيل الإنبات، فالأقرب القبول و عدم قتله.

(4)أي الشبهة المانعة من القتل، فإنّ الحدود تدرأ بالشبهات كما في الحديث الشريف. (راجع الوسائل: ج 18 ص 336 ب 24 من أبواب مقدّمات الحدود ح 4).

أحكام الغنائم المنقولة و غير المنقولة (5)أي الأموال المأخوذة من المشركين اذا كانت غير منقولة مثل الأراضي و المساكن و البساتين و غيرها تكون لجميع المسلمين، سواء كانوا من المجاهدين المبارزين الحاضرين في القتال أم لا.

(6)أي الأموال التي تكون منقولة مثل النقود و الفرش و الأثواب و غيرها فإنّها تقسّم بين المقاتلين الحاضرين حتّى الطفل طبعا بعد إخراج ما سيذكره من الجعائل و غيره.-

ص: 73

(الجعائل) (1) التي يجعلها الإمام للمصالح كالدليل (2) على طريق، أو عورة (3)، و ما يلحق (4) الغنيمة من مئونة حفظ و نقل و غيرهما (5)، (و الرضخ) (6) و المراد به هنا العطاء الذي لا يبلغ سهم من يعطاه لو

**********

شرح:

-قوله «و المنقول» صفة لموصوف مقدّر و هو المال و هو مبتدأ، و خبره هو قوله في ص 78 «يقسّم بين المقاتلة».

(1)الجعائل - كدراهم - جمع مفرده الجعالة بالفتح و الضمّ : أجر العامل، و الرشوة، و ما يجعل للغازي اذا غزا عن آخر بجعل. (أقرب الموارد).

و المراد هنا أنّ ما يقرّره الإمام عليه السّلام للمصالح مثل الدليل و المحافظ و الحامل و غيرها يخرج من الغنائم المنقولة أولا ثمّ يقسّم الباقي بين المسلمين.

(2)و الأحسن التعبير ب «الدلالة» أي الجعل للدلالة على طريق.

(3)بالجرّ، عطفا على طريق. يعني كالدليل على أسرار العدوّ، بأن يقول الإمام عليه السّلام من دلّ على طريق العدوّ أو أسراره فله كذا.

و لا يخفى الفرق بين الإجارة و الجعالة - كما يأتي في كتابيهما تفصيلا - بأنّ الجعالة لا يلزم فيها تعيين الشخص و المدّة بخلاف الإجارة.

(4)عطف على الجعائل، فيكون معنى العبارة هكذا: إنّ المنقول من الأموال المأخوذة من الكفّار بعد إخراج الجعائل و بعد إخراج المخارج التي تلحق الغنيمة مثل مخارج الحفظ و النقل و غيرهما يقسّم بين المسلمين.

(5)ضمير التثنية يرجع الى الحفظ و النقل. و المراد من «مئونة غيرهما» هو المخارج التي تصرف لتغذية الأغنام و سقيها و رعيها وكيل النقود و غير ذلك.

(6)الرضخ - بفتح الراء و سكون الضاد -: العطاء ليس بكثير، و منه الحديث:

أمرت له برضخ. (أقرب الموارد).

و المراد هنا أمر الإمام عليه السّلام بإعطاء سهم قليل من سهام المجاهدين لمن لا يجب-

ص: 74

كان (1) مستحقّا للسهم كالمرأة (2) و الخنثى و العبد و الكافر إذا عاونوا، فإنّ الإمام عليه السّلام يعطيهم من الغنيمة بحسب ما يراه من المصلحة بحسب حالهم (و الخمس) (3).

و مقتضى الترتيب الذكري (4) أنّ الرضخ مقدّم عليه، و هو أحد الأقوال في المسألة. و الأقوى أنّ الخمس بعد الجعائل و قبل الرضخ، و هو اختياره في الدروس، و عطفه هنا بالواو (5) لا ينافيه، بناء على أنها لا تدلّ على الترتيب.

(و النفل) (6) بالتحريك، و أصله الزيادة، و المراد هنا زيادة الإمام

**********

شرح:

-عليه القتال، مثل المرأة المعينة للمقاتلين أو الكافر الذي يعين المجاهدين أو العبد و الخنثى اذا عاوناهم، فالمقدار القليل من سهم المقاتل يعبّر عنه ب «الرضخ».

(1)أي سهم المقاتل الذي يستحقّه.

(2)فإنّ المرأة و من يتبعها اذا عاونوا المجاهدين في القتال يعطى لهم مقدار من الغنيمة أقلّ من سهم المقاتل على حسب ما يراه الإمام عليه السّلام صلاحا.

(3)عطف على قوله «الجعائل و الرضخ». يعني بعد إخراج خمس الغنيمة.

(4)أي الترتيب الذي ذكره المصنّف رحمه اللّه بقوله «بعد الجعائل و الرضخ و الخمس» يقتضي تقدّم الرضخ على الخمس على أحد الأقوال في المسألة.

و القول الآخر ما قوّاه الشارح رحمه اللّه من تقدّم الخمس بعد الجعائل و قبل الرضخ.

(5)أي عطف المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب بالواو لا ينافي قوله في كتاب الدروس بناء على قول بعض النحويين بعدم دلالة الواو بالترتيب.

(6)أي بعد إخراج النفل و هذا هو الرابع ممّا يخرج قبل التقسيم.

النفل - محرّكا في اللغة -: الزيادة. و المراد هنا إعطاء الزيادة من الإمام عليه السّلام لبعض المقاتلين على نصيبه.

ص: 75

لبعض الغانمين على نصيبه شيئا من الغنيمة لمصلحة (1)، كدلالة (2) و إمارة و سريّة (3)، و تهجّم (4) على قرن أو حصن (5) و تجسّس (6) حال، و غيرها ممّا فيه (7) نكاية الكفّار.

(و ما يصطفيه (8) الإمام لنفسه) من فرس فاره (9) و جارية و سيف و نحوها (10) بحسب ما يختاره، و التقييد بعدم

**********

شرح:

(1)أي إعطاء الزيادة هذه بسبب مصلحة يراها الإمام عليه السّلام و ليست بحقّ له.

(2)مثال للمصلحة الموجبة لإعطاء الزيادة على السهم، كما اذا كان المقاتل دليلا و أميرا و غيرهما ممّا سيذكره رحمه اللّه.

(3)السريّة: قطعة من الجيش، يقال: خير السرايا أربعمائة رجل. (أقرب الموارد).

و المراد هنا المقاتلون الذين يقابلون العدوّ قبل السائرين.

(4)أي كتهجّم، بأن كان بعض المقاتلين مهاجما على العدوّ و القرن.

القرن - بكسر القاف و سكون الراء - للإنسان: مثله في الشجاعة و الشدّة و العلم و القتال و غير ذلك. (المعجم الوسيط ).

(5)أي كتهجّم على حصن الكفّار.

(6)أي كتفتيش حال العدوّ في مقام الحرب.

(7)أي و غيرها من الامور الموجبة لضعف الكفّار و انكسارهم في الحرب.

فالزيادة التي يراها الإمام عليه السّلام صلاحا لبعض المقاتلين - لكونه دليلا أو أميرا أو في مقدّمة الجيش، أو مهاجما على المبارز و الحصن أو جاسوسا للمسلمين و غير ذلك - تسمّى بالنفل فتخرج تلك أيضا قبل تقسيم الغنيمة.

(8)بالجرّ، عطفا على الجعائل، و هذا هو الخامس ممّا يخرج من الغنيمة قبل تقسيمها، و هو المال الذي يختاره الإمام عليه السّلام لنفسه.

(9)بصيغة اسم الفاعل، صفة للفرس، و هو من فره بمعنى نشط . (المنجد).

(10)مثل الجواهر و الدرّ و أمثالهما.

ص: 76

الإجحاف (1) ساقط عندنا.

و قد تقدّم تقديم الخمس (2)، و بقي عليه تقديم السلب (3) المشروط للقاتل، و هو (4) ثياب القتيل و الخفّ و آلات الحرب كدرع و سلاح (5) و مركوب و سرج و لجام و سوار (6) و منطقة (7) و خاتم و نفقة معه و جنيبة (8) تقاد معه، لا حقيبة (9) مشدودة على الفرس بما فيها من الأمتعة و الدراهم،

**********

شرح:

(1)أي اشتراط عدم الإجحاف فيما يختاره الإمام عليه السّلام ساقط عند علماء الشيعة، لأنّ الاعتقاد بعصمة الإمام يكفي في ذلك.

(2)هذه العبارة ساقطة في أكثر النسخ لعدم الحاجة إليها لو قرئ الخمس بضمّ الخاء، لكن لو قرّئ بفتح الخاء أمكن تصحيح العبارة فيكون المعنى هكذا: و قد تقدّم تقديم المصارف الخمس في عبارة المصنّف رحمه اللّه، و بقي أمر لم يذكره و هو تقديم إخراج السلب المشروط اختصاصه للمجاهد القاتل.

(3)السلب - محرّكة -: ما يسلب، تقول: أخذ سلب القتيل و أسلاب القتلى، و هو ما معه من ثياب و سلاح و دابّة، جمعه: أسلاب. (أقرب الموارد).

قوله «المشروط » بالجرّ، صفة للسلب. يعني يختصّ ذلك بالقاتل.

(4)الضمير يرجع الى السلب.

(5)السلاح - بالكسر -: اسم جامع لآلة الحرب يذكّر و يؤنّث. (أقرب الموارد).

(6)السوار: و هو حلية كالطوق تلبسه المرأة في زندها أو معصمها، جمعه: أسورة و أساور. (أقرب الموارد).

(7)المنطقة - بكسر الميم -: النطاق، و ما ينتطق به، جمعه: مناطق. (أقرب الموارد).

(8)أي الفرس أو الدابّة التي تقاد مع المقتول.

(9)هذا من المستثنيات. يعني لا تكون الحقيبة المشدودة على فرس المقتول من السلب، بل هي و ما فيها من الغنائم تجري عليها حكمها.-

ص: 77

فإذا أخرج جميع (1) ذلك (يقسّم) (2) الفاضل (بين المقاتلة (3) و من حضر) القتال ليقاتل و إن لم يقاتل (4)(حتّى الطفل) الذكر من أولاد المقاتلين، دون غيرهم ممّن حضر لصنعة (5) أو حرفة كالبيطار (6) و البقّال و السائس (7) و الحافظ إذا لم

**********

شرح:

-الحقيبة: ما يحمل من القماش على الفرس خلف الراكب. (أقرب الموارد).

من حواشي الكتاب: واحدة الحقائب، و يقال لها بالفارسية خورجين.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)أي اذا أخرج من الأموال المنقولة المأخوذة من المشركين جميع المصارف المذكورة يقسّم الباقي بين الحاضرين في الحرب.

(2)هذا خبر لقوله رحمه اللّه «و المنقول بعد الجعائل... الخ».

(3)المقاتلة: الذين يأخذون في القتال و التاء للتأنيث على تأويل الجماعة، و الواحد: مقاتل. (أقرب الموارد، المنجد).

(4)فمن حضر للقتال و إن لم يقاتل لعدم المصلحة أو الاقتضاء يسهم من الغنيمة بخلاف من حضر لا للقتال - كما يذكر أمثلته - فإنّه لا يسهم من الغنيمة.

(5)يعني الذين يحضرون في معركة الحرب للصنعة مثل الطبابة و الخياطة و غيرهما لا يسهمون من الغنيمة الحاصلة من المشركين.

الصناعة: بالفتح تستعمل في المحسوسات، و بالكسر في المعاني، و هي أخصّ من الحرفة لأنها تحتاج في حصولها الى المزاولة. (أقرب الموارد).

(6)البيطار من بطر الدابّة: عالجها و سمّر نعالها، فهو بطير بيطار مبيطر. (أقرب الموارد).

و لا يخفى أنّ الأمثلة بطريقة اللفّ و النشر المرتّب، فإنّ البيطار و السائس مثالان للصنعة لأنهما يحتاجان الى المزاولة و التعلّم، و البقّال و الحافظ مثالان للحرفة لعدم احتياجهما الى المزاولة و التعلّم بل يفعلهما القادر عليهما.

(7)الذي يقوم بشؤون الدوابّ و رعايتها.

ص: 78

يقاتلوا (1)(المولود (2) بعد الحيازة و قبل القسمة).

(و كذا (3) المدد الواصل إليهم) ليقاتل معهم فلم يدرك القتال (حينئذ) أي حين إذ يكون وصوله بعد الحيازة و قبل القسمة،(للفارس سهمان) في المشهور (4). و قيل: ثلاثة (5)،(و للراجل) و هو من ليس له فرس سواء كان راجلا أم راكبا غير الفرس (6)(سهم، و لذي الأفراس (7)) و إن كثرت

**********

شرح:

(1)يعني عدم إسهام المذكورين من بيت المال في صورة عدم قتالهم، فلو قاتلوا فإنّهم يسهمون منها كما يسهم غيرهم.

(2)صفة للطفل. يعني اذا ولد للمقاتل طفل ذكر بعد أخذ الغنيمة و قبل قسمتها - كما اذا حضرت زوجة المقاتل في حال حملها فوضعت الحمل قبل تقسيم الغنيمة - فيعطى على الطفل أيضا سهم مثل سائر آحاد المسلمين الحاضرين.

(3)أي و كذا يعطى الغنيمة لمن لحق المقاتلين بقصد القتال و الإعانة لكن لم يدرك القتال و الحال وصوله كان بعد الحيازة و قبل القسمة، فلو وصل بعد القسمة فلا سهم له.

(4)أي القول المشهور هو إعطاء سهم للراكب و سهم لفرسه، و في مقابله قول بإعطاء سهمين لفرسه و سهم لنفس الفارس.

(5)استند القائل بذلك على رواية منقولة في الوسائل:

عن سعدة بن زياد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجعل للفارس ثلاثة أسهم و للراجل سهما. (الوسائل: ج 11 ص 78 ب 38 من أبواب جهاد العدوّ ح 2). ثمّ قال صاحب الوسائل: هذا محمول على تعدّد الأفراس.

(6)كما اذا ركب الحمار أو الإبل أو غيرهما.

(7)يحتمل كون الجمع هنا منطقيا فيشمل الاثنين فصاعدا و كونه لغويا الدالّ على الثلاثة فصاعدا.

ص: 79

(ثلاثة) أسهم (و لو (1) قاتلوا في السفن) و لم يحتاجوا إلى أفراسهم لصدق (2) الأسهم و حصول الكلفة عليهم بها.

من لا سهم له من الغنيمة

(و لا يسهم للمخذل) و هو الذي يجبن عن القتال و يخوّف عن لقاء الأبطال (3) و لو بالشبهات الواضحة و القرائن اللائحة (4)، فإنّ مثل ذلك ينبغي (5) إلقاؤه إلى الإمام أو الأمير إن كان فيه (6) صلاح، لا إظهاره على الناس،(و لا المرجف) (7) و هو الذي يذكر قوّة المشركين و كثرتهم بحيث

**********

شرح:

(1)الجملة وصلية. يعني أنّ الفارس له سهمان أو ثلاثة أسهم كما ذكر و لو كانت المقاتلة في السفن و لم يحتاجوا الى الفرس.

(2)فأقام دليلين: الأول لصدق اسم الفارس، و الثاني أنّ الفوارس حصلت عليهم كلفة الأفراس و مشقّتها.

(3)الأبطال - جمع بطل محرّكا -: الشجاع، سمّي بذلك لبطلان الحياة عند ملاقاته أو لبطلان العظائم به. (أقرب الموارد).

(4)يعني و لو كان تخويف المخذل بالدلائل الواضحة.

(5)يعني أنّ الشبهات و القرائن ينبغي إلقاؤهما و إبلاغهما لشخص الإمام عليه السّلام أو الأمير للجيش لو كان في إلقائه صلاح، و لا يجوز أن يشيعها بين آحاد الناس و المقاتلين.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الإلقاء.

(7)أي لا يسهم للمرجف و هو الذي يخوّف الناس من قوّة المشركين.

أرجفت القوم: خاضوا في الأخبار السيّئة و ذكر الفتن على أن يوقعوا في الناس الاضطراب من غير أن يصحّ عندهم شيء. و في القرآن وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ (1) . (الأحزاب: 60). و منه: اذا وقعت المخاويف كثرت الأراجيف. (أقرب الموارد).

ص: 80


1- سوره 33 - آیه 60

يؤدّي إلى الخذلان، و الظاهر أنه أخصّ من المخذل (1)، و إذا لم يسهم له فأولى (2) أن لا يسهم لفرسه.

(و لا للقحم) (3) بفتح القاف و سكون الحاء، و هو الكبير الهرم (4) (و الضرع) (5) بفتح الضاد المعجمة و الراء، و هو الصغير الذي لا يصلح للركوب أو الضعيف (و الحطم) (6) بفتح الحاء و كسر الطاء، و هو الذي ينكث من الهزال (7)(و الرازح) (8) بالراء المهملة ثمّ الزاء بعد الألف ثمّ الحاء المهملة، قال الجوهري: هو الهالك هزالا، و في مجمل ابن فارس: رزح

**********

شرح:

(1)فإنّ المخذل يخوّف من المشركين بذكر قوّتهم أو بذكر برودة الهواء أو حرارته أو صعوبة المسير، لكن المرجف يخوّف بذكر قوّة المشركين فقط .

(2)فلو كان المرجف و المخذل لا يسهم لهما فإنّه لا يسهم لفرسهما بطريق أولى.

(3)هذا و ما بعده من أوصاف الفرس الذي لا يسهم له من الغنيمة، و هي:

الأول: القحم، و هو الكبير الهرم.

الثاني: الضرع، و هو الصغير أو الضعيف الذي لا يستفاد منهما للركوب.

الثالث: الحطم، و هو الذي ينحني رأسه من الهزال.

الرابع: الرازح، الذي لا يقوى بصاحبه على القتال.

(4)الهرم: بلوغ أقصى الكبر. (أقرب الموارد).

(5)الضرع: الضعيف. (أقرب الموارد).

(6)الحطم: المتكسّر في نفسه و يقال للفرس اذا تهرّم لطول: حطم. (أقرب الموارد).

و المراد هنا الفرس الذي لا يرفع رأسه بسبب الهزال.

(7)الهزال - بالضمّ -: قلّة اللحم و الشحم، نقيض السمن. (أقرب الموارد).

(8)أي لا يسهم للفرس الرازح.

الرازح: الهالك هزالا، جمعه: رزّح. (أقرب الموارد).

ص: 81

أعيى (1). و المراد هنا الذي لا يقوى بصاحبه على القتال، لهزال على الأول (2)، و إعياء (3) على الثاني الكائن (4) في الأربعة (من الخيل). و قيل:

يسهم للجميع (5) لصدق الاسم. و ليس ببعيد (6).

**********

شرح:

(1)رزحت الناقة رزوحا و رزاحا: ألقت نفسها إعياء أو هزالا، فهي رازح. (أقرب الموارد).

قوله «أعيى» بصيغة الماضي. يعني قال ابن فارس في كتابه المجمل: رزح أي أعيى.

(2)أي على المعنى الأول و هو الهالك هزالا.

(3)أي للإعياء على معناه الثاني.

أعيى الماشي إعياء: تعب و كلّ و هو دون العجز. (أقرب الموارد).

(4)أي الأوصاف الأربعة المذكورة و الموجودة في الخيل لا يسهم لها من الغنيمة.

(5)القول الآخر هو إعطاء السهم لكلّ من الأفراس الأربعة المذكورة، و ذلك لصدق اسم الفرس على هذا الخيل، و لصدق اسم الفارس على صاحبه.

(6)أي لا يبعد القول المذكور لعدم دليل معتبر للتخصيص.

أقول: الروايات الدالّة على إسهام صاحب الأفراس ثلاثة مذكورة في الوسائل.

(راجع: ج 11 ص 88 و 89 باب 42 من أبواب جهاد العدوّ).

و نحن لم نطّلع على رواية مخصّصة لها، فالقول المذكور لا بأس به عندنا أيضا.

ص: 82

الفصل الرابع في أحكام البغاة

اشارة

(الفصل الرابع) (1) (في أحكام البغاة (2))

من خرج على المعصوم من الأئمّة عليهم السّلام فهو باغ

(من خرج على المعصوم من الأئمّة عليهم السّلام فهو باغ واحد كان) كابن ملجم (3) لعنه اللّه (أو أكثر) كأهل

**********

شرح:

أحكام البغاة (1)أي الفصل الرابع من الفصول التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في أول الكتاب «و هنا فصول» و هو في أحكام البغاة.

(2)البغاة: جمع واحده الباغي.

الباغي: الطالب، الظالم، العاصي على اللّه و الناس، جمعه: بغاة و بغيان، و منه:

و خرجوا بغيانا لضوالّهم، أي طلاّبا.

فئة باغية: خارجة عن طاعة الإمام العادل. (أقرب الموارد).

(3)فإنّ ابن ملجم لعنه اللّه تعالى الذي قاتل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان من البغاة و هو واحد، لكن بعض الفقهاء اعتبر الكثرة فلا يصدق الباغي على الواحد أو الاثنين أو العشرة بل يصدق عليهم قطّاع الطريق.

من حواشي الكتاب: ذهب جماعة منهم الشيخ رحمه اللّه في كتابه المبسوط -

ص: 83

الجمل (1) و صفّين (2)،

حكم الباغي

(يجب قتاله) إذا ندب إليه (3) الإمام (حتّى يفيء) أي يرجع إلى طاعة الإمام (أو يقتل) (4)، و قتاله (كقتال الكفّار) في وجوبه على الكفاية، و وجوب الثبات له (5)، و باقي الأحكام السالفة.

**********

شرح:

-و ابن إدريس و الشافعي من العامّة الى عدم تحقّق هذا الوصف إلاّ اذا كانوا في كثرة و منعة لا يمكن كفّهم و تفريق جمعهم إلاّ باتّفاق و تجهيز جيوش، أمّا اذا كانوا نفرا يسيرا كالواحد و الاثنين و العشرة فكيدها كيد ضعيف فليس أهل بغي و كانوا قطّاع طريق. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)و هم الذين باغوا على الإمام علي عليه السّلام بزعامة عائشة زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التي ركبت على الجمل و حرّكت الناس على علي عليه السّلام و ذلك في سنة 36 ه ، و لذا سمّوا بأصحاب الجمل.

(2)صفّين - بكسر الصاد و كسر الفاء المشدّدة -: موضع على الفرات من الجانب الغربي من أراضي العراق من جانب سورية. و المراد من أهل صفّين هو أصحاب معاوية بن أبي سفيان الذين خرجوا على الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

(3)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى القتال. يعني اذا دعا الإمام عليه السّلام لقتال الباغين وجب على المسلمين ذلك.

ندبه الى الأمر و للأمر ندبا: دعاه و رشّحه للقيام به و حثّه عليه. و ندبه الى الحرب: وجّهه فهو نادب، و ذاك مندوب، و الأمر مندوب إليه، و الاسم الندبة.

(أقرب الموارد، المنجد).

و ليس المراد به هنا معنى الندب الذي هو المستحبّ .

(4)النائب الفاعل مستتر يرجع الى الباغي.

و الضمير في قوله «قتاله» يرجع إليه أيضا. يعني أنّ القتال مع البغاة مثل القتال مع المشركين في كونه واجبا كفائيا.

(5)أي في وجوب الاستقامة للقتال و عدم جواز الفرار إلاّ في الموارد المذكورة.

ص: 84

(فذو الفئة) (1) كأصحاب الجمل (2) و معاوية (3)(يجهز على جريحهم (4)، و يتبع مدبرهم (5)، و يقتل أسيرهم (6)، و غيرهم (7)) كالخوارج (يفرّقون) من غير أن يتبع لهم مدبر (8)، أو يقتل لهم أسير، أو يجهز على جريح.

و لا تسبى (9) نساء الفريقين و لا ذراريهم (10) في المشهور، و لا تملّك

**********

شرح:

(1)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «يجهز على جريحهم». و المراد من «ذو الفئة» هو الذي يجمع عدّة و طائفة من الناس و يبغي على الإمام المعصوم عليه السّلام.

(2)فإنّ أصحاب الجمل كانت طائفة و فئة اجتمعت حول عائشة و خرجت على الإمام علي عليه السّلام.

(3)كذلك أصحاب معاوية كانت فئة خارجة على الإمام علي عليه السّلام.

(4)الجريح بمعنى المجروح. يعني يشدّ على جريح الفئة الباغية و يتمّ قتلهم.

و يجهز بصيغة المجهول من باب الإفعال من أجهز يجهز إجهازا: أي أسرع. أجهز على الجريح: أي شدّ عليه و أتمّ قتله.

(5)بصيغة اسم الفاعل، و المراد هو الفارّ.

(6)أي يقتل أسرى البغاة.

(7)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «يفرّقون». و ضمير الجمع يرجع الى «ذو الفئة».

(8)فاذا فرّ غير ذي الفئة لا يتبع، و لو كان منهم أسيرا فلا يقتل، و لو كان منهم مجروحا فلا يجهز، و الحال أنّ هذه الأمور الثلاثة كانت جارية في حقّ أهل ذي الفئة كما تقدّم.

(9)أي لا يجوز سبي نساء الفريقين و هما «ذو الفئة و غيرهم».

(10)الذراري - بالفتح - جمع ذرّية. يعني لا تسبى صبيانهم الذكور و الإناث أيضا.

من حواشي الكتاب: قال العلاّمة في التذكرة: لا يجوز سبي ذراري الفريقين من أهل البغي، و لا تملّك نساؤهم بلا خلاف بين الأمّة في ذلك.-

ص: 85

أموالهم (1) التي لم يحوها العسكر إجماعا و إن كانت ممّا ينقل (2) و يحوّل، و لا ما حواه (3) العسكر إذا رجعوا إلى طاعة الإمام. و إنّما الخلاف (4) في قسمة أموالهم التي حواها العسكر مع إصرارهم.

(و الأصحّ (5) عدم قسمة أموالهم مطلقا (6)) عملا بسيرة علي عليه السّلام في أهل البصرة (7)، فإنّه أمر بردّ أموالهم فأخذت حتّى القدر (8) كفاها

**********

شرح:

قال في المختلف و هو قول ابن أبي عقيل منّا: و نقل عن بعض الشيعة أنّ الإمام عليه السّلام في أهل البغي بالخيار إن شاء منّ عليهم و إن شاء سباهم، محتجّا بقول علي عليه السّلام: إنّي مننت على أهل البصرة كما منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أهل مكّة. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)أي لا يجوز تملّك أموال البغاة اذا لم يحوها العسكر، بمعنى اذا لم تكن معهم في القتال، أمّا لو كانت معهم فإنّها تملّك.

(2)أي و إن كانت أموالهم من المنقولات.

(3)أي و كذا لا تملّك الأموال التي مع العسكر اذا رفعوا أيديهم عن مخالفة الإمام عليه السّلام و رجعوا الى طاعته.

(4)يعني أنّ عدم تملّك أموالهم في الفرضين المذكورين إجماعي، إنّما الخلاف في تقسيم أموالهم التي في معيّة العسكر مع إصرارهم في البغي على الإمام عليه السّلام.

(5)أي القول الأصحّ من الأقوال هو عدم تقسيم أموال البغاة مطلقا.

(6)سواء حواها العسكر أم لا.

(7)أي عدم جواز تقسيم أموال البغاة مطلقا للتأسّي بسيرة علي عليه السّلام في خصوص أموال أهل البصرة. فإنّ عليا عليه السّلام أمر بردّ أموالهم لهم حتّى أخذ صاحب القدر مع قلبه و إهراقه الطعام الذي فيه.

(8)القدر - بالكسر -: إناء يطبخ فيه مؤنّث، و قيل يذكّر و يؤنّث، و تصغيرها -

ص: 86

صاحبها (1) لمّا عرّفها و لم يصبر على أربابها (2).

و الأكثر و منهم (3) المصنّف في خمس الدروس على قسمته كقسمة الغنيمة، عملا بسيرة علي عليه السّلام المذكورة، فإنّه قسّمها (4) أولا بين المقاتلين، ثمّ أمر بردّها، و لو لا جوازه (5) لما فعله أولا.

و ظاهر (6) الحال و فحوى

**********

شرح:

-باعتبار المؤنث: قديرة، جمعها: قدور. (أقرب الموارد).

(1)الضمير في قوله «كفاها» يرجع الى القدر، و كذلك في «صاحبها».

و معنى «كفاها» أي قلبها. يعني أمر علي عليه السّلام بإرجاع أموال أهل البصرة الذين بغوا عليه بتحريك من عائشة و كانوا مغلوبين و منكوبين، إذ أمر عليه السّلام بردّ أموالهم، فجاء أحد منهم و رأى قدره في يد المقاتلين الذين طبخوا فيها الطعام، فلم يصبر صاحب القدر فقلبها و أخذ قدره. (راجع المغني لابن قدامة: ج 8 ص 533).

(2)المراد من أرباب القدر هم المجاهدون المتصرّفون فيها. و الضمير في «أربابها» يرجع الى القدر.

(3)قال أكثر الفقهاء و منهم المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بجواز تقسيم أموال البغاة مثل تقسيم الغنيمة المأخوذة من الكفّار.

(4)فانّ عليا عليه السّلام قسّم أموال البغاة من أهل البصرة كما تقدّم، ثمّ أمر بردّها لهم، فالتقسيم أولا يدلّ على جوازه.

(5)الضمير في «جوازه» يرجع الى التقسيم. يعني لو لم يكن التقسيم جائزا لم يفعل علي عليه السّلام أولا. فتقسيمه أولا ثمّ أمره بالردّ إليهم ثانيا يدلّ على جواز التقسيم.

(6)أي القرائن الظاهرية الحالية و فحوى الأخبار تدلّ على أنّ ردّ أموال بغاة أهل البصرة إليهم من حيث المنّ و الإحسان لا لكونهم مستحقّين لها.

ص: 87

الأخبار (1) أنّ ردّها على طريق المنّ لا الاستحقاق (2)، كما منّ النبي صلّى اللّه عليه و آله على كثير من المشركين، بل ذهب بعض الأصحاب إلى جواز استرقاقهم (3) لمفهوم قوله: (4) مننت على أهل البصرة كما منّ النبي صلّى اللّه عليه و آله على أهل مكّة، و قد كان (5) له صلّى اللّه عليه و آله أن يسبي، فكذا الإمام، و هو (6) شاذّ.

**********

شرح:

(1)الأخبار التي تدلّ على ذلك منقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سليمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الناس يروون أنّ عليا قتل أهل البصرة و ترك أموالهم، فقال: إنّ دار الشرك يحلّ ما فيها و إنّ دار الإسلام لا يحلّ ما فيها، فقال: إنّ عليا عليه السّلام إنّما منّ عليهم كما منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على أهل مكّة، و إنّما ترك علي عليه السّلام لأنه كان يعلم أنه سيكون له شيعة... الخ. (الوسائل: ج 11 ص 58 ب 25 من أبواب جهاد العدوّ ح 6).

(2)أي ليس ردّ علي عليه السّلام أموال بغاة أهل البصرة لهم من حيث استحقاقهم للردّ كما تقدّم.

(3)قال بعض الفقهاء بجواز استرقاق أهل البغاة مثل المشركين.

(4)قال علي عليه السّلام في خصوص استرداد أموالهم لهم بأني مننت عليهم في عملي هذا كما منّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خصوص أهل مكّة.

(5)هذه جملة حالية. يعني و الحال أنه كان جائزا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سبي أهل مكّة، فكذا كان جائزا لعلي عليه السّلام سبي أهل البغاة من أهل البصرة.

(6)الضمير يرجع الى قول بعض الأصحاب الذي جوّز استرقاق البغاة، فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ هذا القول شاذّ لا يعمل به، فلا يجوز استرقاق البغاة مثل استرقاق المشركين.

ص: 88

الفصل الخامس في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

اشارة

(الفصل الخامس) (1) (في الأمر بالمعروف)و هو (2) الحمل على الطاعة قولا (3) أو فعلا (4)

**********

شرح:

الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (1)أي الفصل الخامس من الفصول التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في أول الكتاب «و هنا فصول» و هو في خصوص الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و لا يخفى أنّ بعض الفقهاء جعلهما كتابا مستقلاّ، لكنّ المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب جعلهما من فصول كتاب الجهاد للتناسب الحاصل بينهما، بأنّ الجهاد إنّما هو لإعلاء كلمة اللّه تعالى و حمل المشركين لقبول الإسلام اصولا و فروعا، فكذلك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيكونان من أفراد إعلاء كلمة اللّه سبحانه، و قد عنونهما أكثر الفقهاء بهذين الاسمين، لكنّ الشهيد الأول رحمه اللّه في كتابه الدروس عنونهما باسم كتاب الحسبة فقال قدّس سرّه: كتاب الحسبة يجب الأمر بالمعروف الواجب و النهي عن المنكر بشروط ستة: التكليف، و العلم بجهة الفعل، و إمكان التأثير، و انتفاء المفسدة، و أن يكون المعروف ممّا سيقع و المنكر ممّا سيترك، و عدم ظنّ قيام الغير مقامه... الخ. (الدروس الشرعية: ج 2 ص 47).

(2)الضمير يرجع الى الأمر بالمعروف.

(3)الأمر بالمعروف بالقول كما اذا ذكر مفاسد المعاصي في الدنيا و الآخرة و أنذر الناس عن عقاب اللّه تعالى في الآخرة و غير ذلك كما هو دأب الوعّاظ و المبلّغين.

(4)أي الحمل على الطاعة بالفعل كما اذا أعطى شيئا لمن يصوم و يصلّي أو عبس بوجه من تركهما و ذلك بتفهيم أنّ ترك الصلاة كان موجبا لذلك.

ص: 89

(و النهي عن المنكر) و هو (1) المنع من فعل المعاصي قولا أو فعلا (2)

هما واجبان عقلا و نقلا

(و هما (3) واجبان عقلا) في أصحّ القولين (4)

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى النهي عن المنكر. يعني أنه الزجر عن المعاصي، بأن يمنع العاصي من ارتكاب المعصية قولا بذكر مفاسد المعصية أيضا، فإنّ شرب الخمر مثلا يوجب حرمان الشارب من روائح الجنّة في الآخرة و الابتلاء بالأمراض الخاصّة في الدنيا.

(2)أي النهي عن المنكر بالفعل كأن يؤدّب المرتكب للمعصية أو يعطي شيئا كي لا يرتكب العصيان.

(3)ضمير التثنية يرجع الى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. يعني أنّ وجوبهما عقلي على الأصحّ من القولين.

(4)اختلفوا في كون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبا عقليا، فالأوامر الواردة فيهما من الآيات و الأخبار إرشاد الى العقل كما عن الشيخ الطوسي و ابن إدريس و العلاّمة و المصنّف رحمه اللّه. أو كونهما واجبا شرعيا كما عن السيد المرتضى و أبي الصلاح، و استدلّ كلّ منهما على ما رآه.

من حواشي الكتاب: ذهب الشيخ و ابن إدريس الى أنهما واجبان عقلا، فإنّا كما نعلم وجوب ردّ الوديعة و قبح عدم ردّها نعلم وجوب الأمر بالمعروف الواجب و وجوب النهي عن المنكر المحرّم.

و قال المرتضى و أبو الصلاح: إنهما واجبان سمعا، إذ لو كانا واجبين عقلا لكانا واجبين على اللّه تعالى، لأنّ كلّ واجب عقلي فإنّه يجب على من حصل فيه وجه الوجوب، و لو وجبا على اللّه تعالى لزم إمّا عدم ارتفاع المعروف و عدم وقوع-

ص: 90

(و نقلا) (1) إجماعا. أمّا الأول (2) فلأنهما لطف (3) و هو واجب على مقتضى

**********

شرح:

-المنكر، أو إخلاله تعالى بالواجب.

بيان الشرطية: أنّ الأمر بالمعروف هو الحمل على الطاعة و النهي عن المنكر هو المنع عن المعصية، فإن يفعلهما سبحانه لزم الأول و إن لم يفعلهما لزم الثاني، و اللازم بقسميه ظاهر البطلان فبطل الملزوم.

و اجيب بمنع الملازمة لاحتمال أن يكون الواجب علينا في الأمر و النهي غير الواجب عليه تعالى، فإنّ الواجب يختلف باختلاف الآمرين و الناهين، فالقادر يجب عليه بالقلب و اللسان و اليد، و العاجز يجب عليه بالقلب لا غير، و اذا كان الواجب مختلفا بالنسبة إلينا جاز اختلافه بالنسبة إلينا و إليه تعالى.

و يكون الواجب في حقّه تعالى الإنذار و التخويف بالمخالفة لئلاّ يبطل التكليف، و قد وقع ذلك منه تعالى، فقوله ذلك إشارة الى وجوبهما عقلا و اللازم صفة الوجوب. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)أي أنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان في العقل و الشرع على إجماع الفقهاء.

(2)المراد من «الأول» هو وجوبهما عقلا كما قال به الشيخ و ابن إدريس و العلاّمة و المصنّف رحمه اللّه و الشارح على الأصحّ .

فالدليل عليه هو قاعدة اللطف التي يستند عليها في الاستدلال بوجوب بعث الرسل عليهم السّلام في اصول الدين، بل على الإمامة كما استند بها البعض فيها أيضا.

(3)اللطف - مصدر من لطف به و له لطفا -: رفق به. و لطف اللّه للعبد و بالعبد: رفق به و أوصل إليه ما يحبّ برفق و وفّقه و عصمه، فهو لطيف به، جمعه: ألطاف.

(أقرب الموارد).

و في اصطلاح العلماء: اللطف ما يقرب الى الطاعة و يبعد عن المعصية.-

ص: 91

قواعد العدل، و لا يلزم من ذلك (1) وجوبهما (2) على اللّه تعالى اللازم (3) منه خلاف الواقع إن قام (4) به، أو الإخلال بحكمه (5) تعالى إن لم يقم،

**********

شرح:

-فقوله رحمه اللّه «فلأنهما لطف» بيان للوجوب العقلي.

من حواشي الكتاب: هذا الاستدلال مركّب من مقدّمتين، إحداهما: أنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لطف و هي صغرى، و ثانيتهما: اللطف واجب عقلا و هي كبرى

ذهبت العدلية أي الإمامية و المعتزلة الى تسليم الكبرى.

إذن فالنتيجة: أنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان عقلا، و معنى أنهما لطف: أنهما ممّا يقرّبان الى الطاعة و يبعدان عن المعصية من غير أن يبلغا حدّ الإلجاء.

و لا ريب في ذلك، أمّا وجوب اللطف فلأنه ممّا يحصل به الغرض و يلزم من عدم وجوبه عدم حصول الغرض. (حاشية السيّد كلانتر حفظه اللّه).

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو القول بالوجوب العقلي. يعني لا يلزم منه الإشكال الذي أورده السيّد المرتضى و أبو الصلاح رحمهما اللّه كما في حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه المنقولة آنفا في قوله «لو كانا واجبين عقلا لكانا واجبين على اللّه... الخ».

(2)أي وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر على اللّه تعالى.

(3)بالرفع، صفة للوجوب. يعني لو كانا واجبين عليه تعالى للزم خلاف الواقع، بمعنى أنه لو حمل المخلوق على الطاعة و منع المخلوق عن المعصية فإنّه لا يمكن التخلّف، و الحال أنّ بعض المخلوقين يخالف أوامره تعالى. و لو لم يأمر و ينهى للزم من ذلك تخلّفه تعالى عن أمر واجب عليه، و هذا يستحيل.

(4)فاعل قوله «قام» مستتر يرجع الى اللّه تعالى. و الضمير في قوله «به» يرجع الى الوجوب.

(5)فلو لم يقم اللّه تعالى بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر للزم منه الإخلال بما-

ص: 92

لاستلزام (1) القيام به على هذا الوجه الإلجاء الممتنع (2) في التكليف، و يجوز (3) اختلاف الواجب باختلاف محالّة (4) خصوصا مع ظهور المانع (5) فيكون الواجب في حقّه تعالى الإنذار (6) و التخويف بالمخالفة، لئلاّ يبطل (7) التكليف و قد (8) فعل.

و أمّا الثاني (9) فكثير في الكتاب و السنّة كقوله تعالى:

**********

شرح:

-حكم بوجوبه.

(1)متعلّق بقوله «و لا يلزم من ذلك» و هو تعليل على قوله «لا يلزم». فإنّ القول بوجوبهما عليه تعالى يلزم منه اذا قام بهما الإلجاء و الإجبار على مخلوقه، بمعنى الجبر على فعل الطاعة و الجبر عن اجتناب المعصية، و كلاهما ينافيان التكليف، لأنّ التكليف متفرّع على الاختيار.

(2)بالنصب، صفة للإلجاء.

(3)هذا جواب عن الإشكال المذكور، بأنّ الواجب يختلف باختلاف موارده، بمعنى كون الوجوب في حقّ المخلوق بغير المعنى الذي في حقّ الخالق سبحانه.

(4)بتشديد اللام، أي موارده.

(5)كما أنّ المانع لزوم الإلجاء فيه تعالى.

(6)بالنصب، خبرا لقوله «يكون». أي أنّ الواجب في اللّه تعالى هو الإنذار و التخويف، بخلاف الواجب في حقّ المكلّفين، فالواجب عليهم حمل المكلّف على المعروف و منعه عن المنكر.

(7)أي أنّ القول بهذا المعنى في حقّه تعالى لكي لا يبطل التكليف.

(8)الواو في قوله «و قد» حالية. يعني و الحال أنّ اللّه تعالى فعل الإنذار و التخويف.

(9)عطف على قوله رحمه اللّه «أمّا الأول». و المراد من «الثاني» هو الوجوب النقلي و الشرعي. يعني أنّ الدليل على ذلك كثير في الآيات و الروايات :-

ص: 93

وَ لْتَكُنْ (1) مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (1) . و قوله صلّى اللّه عليه و آله: لتأمرنّ بالمعروف و لتنهون عن المنكر، أو ليسلّطنّ (2) اللّه شراركم على خياركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم.

و من طرق أهل البيت عليهم السّلام فيه ما يقصم (3) الظهور، فليقف عليه من أراده في الكافى و غيره (4).

**********

شرح:

-أمّا الآيات فمنها قوله تعالى وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2) . (آل عمران: 104).

(1)اللام في قوله سبحانه «و لتكن» للأمر الدالّ على الوجوب.

و منها قوله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (3) . (آل عمران: 110).

(2)يعني لو لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر ليسلّط اللّه الشرار منكم على الأخيار، فلو دعوا الأخيار لا يستجاب دعاؤهم، لتركهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(3)يعني و الروايات الواردة في خصوص الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من طرق أهل البيت عليهم السّلام كثيرة الى حدّ يوجب ثقله أن يكسر الظهور.

قوله «يقصم» أي يكسر. و قوله «الظهور» جمع مفرده: الظهر، مفعول لقوله «يقصم».

(4)أي و غير كتاب الكافي، مثل الوسائل، فقد ذكر فيه رواياتا في هذا الخصوص نكتفي بذكر ثلاث منها:

عن أبي سعيد الزهري قال: قال أبو جعفر عليه السّلام بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. (الوسائل: ج 11 ص 394 ب 1 من أبواب الأمر و النهي ح 2).-

ص: 94


1- سوره 3 - آیه 104
2- سوره 3 - آیه 104
3- سوره 3 - آیه 110

و وجوبهما (1)(على الكفاية) في أجود القولين، للآية (2) السابقة، و لأنّ

**********

شرح:

-و عن محمّد بن عرفة قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السّلام يقول: لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر، أو ليستعملنّ عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم. (المصدر السابق: ح 4).

و عن عبد اللّه بن محمّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إن رجلا من خثعم جاء الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أخبرني ما أفضل الإسلام ؟ قال: الإيمان باللّه، قال:

ثمّ ما ذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثمّ ما ذا؟ قال: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال: فقال الرجل: فأخبرني أيّ الأعمال أبغض الى اللّه ؟ قال: الشرك باللّه، قال: ثمّ ما ذا؟ قال: قطيعة الرحم، قال: ثمّ ما ذا؟ قال: الأمر بالمنكر و النهي عن المعروف. (المصدر السابق: ح 11).

(1)الضمير في قوله «وجوبهما» يرجع الى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. يعني وجوبهما كفائي بناء على أجود القولين.

من حواشي الكتاب: و هو قول المرتضى و جماعة، و قال الشيخ الطوسي رحمه اللّه في المبسوط : قال قوم: إنّهما من فروض الأعيان و هو الأقوى عندي، و استدلّ بالرواية السابقة، و غيرها من الأخبار لا تنافي كونهما من الواجبات الكفائية لأنّ فيها الخطاب متعلّق بالكلّ أيضا و إن سقط الوجوب بفعل البعض. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)يستدلّ الشارح رحمه اللّه بالوجوب الكفائي بدليلين:

الأول: بالآية المذكورة في قوله تعالى وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ (1) فإنّ «من» في الآية للتبعيض، فالأمر يتعلّق بطائفة من المسلمين لا جميعهم، فاذا قام بهما من به الكفاية سقط عن الباقين.

الثاني: بأنّ الغرض منهما متعلّق بوقوع المعروف و رفع المنكر، و لا يتعيّن ذلك -

ص: 95


1- سوره 3 - آیه 104

الغرض شرعا وقوع المعروف و ارتفاع المنكر من غير اعتبار مباشر معيّن، فإذا حصلا (1) ارتفع و هو معنى الكفائي. و الاستدلال (2) على كونه عينيا بالعمومات غير كاف للتوفيق (3)، و لأنّ الواجب الكفائي (4) يخاطب به جميع المكلّفين كالعيني، و إنّما يسقط عن البعض بقيام البعض، فجاز (5) خطاب الجميع به، و لا شبهة على القولين (6) في سقوط الوجوب بعد حصول المطلوب (7) لفقد

**********

شرح:

-على ذمّة شخص معيّن، فكلّ من أقدم عليهما من المسلمين سقط عن الجميع، و ذلك هو معنى الواجب الكفائي.

(1)فاعله هو ضمير التثنية الراجع الى المعروف و منع المنكر. و فاعل قوله «ارتفع» مستتر يرجع الى الوجوب. يعني اذا حصل العمل بالمعروف و منع المنكر ارتفع الوجوب، و إلاّ لزم اللغو.

(2)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «غير كاف». يعني أنّ الاستدلال بالوجوب العيني بعموم الأخبار الواردة في المقام لا يكفي لإمكان الجمع بين الطائفتين من الأخبار التي يمكن استفادة الوجوب العيني و الكفائي.

(3)تعليل لعدم كفاية الاستدلال بعموم الأخبار لوجوب الجمع بين الأدلّة، و هو يقتضي الحكم بكونه واجبا كفائيا.

(4)هذا دليل آخر بأن يقال بعدم التعارض بين الأخبار للتمسّك بالجمع بين الأدلّة كما ذكر، بأنّ الواجبات الكفائية أيضا يخاطب بها جميع المكلّفين مثل الأدلّة كما ذكر، بأنّ الواجبات الكفائية أيضا يخاطب بها جميع المكلّفين مثل العيني، فإذا قام بها البعض سقط عن البعض الآخر.

(5)كأنّ هذا جواب عن التمسّك بالعموم. يعني يجوز خطاب الجميع بالواجب و لا ينافي الواجب الكفائي.

(6)المراد من «القولين» هو القول بالوجوب العيني و الكفائي.

(7)فاذا حصل الغرض يكون الأمر به لغوا.

ص: 96

شرطه (1) الذي منه إصرار العاصي. و إنّما تختلف فائدة القولين (2) في وجوب قيام الكلّ به قبل حصول الغرض و إن قام به من فيه الكفاية و عدمه (3).

يستحبّ الأمر بالمندوب و النهي عن المكروه

(و يستحبّ الأمر بالمندوب (4) و النهي عن المكروه (5)) و لا يدخلان (6) في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لأنهما واجبان في الجملة (7) إجماعا، و هذان (8) غير واجبين، فلذا أفردهما عنهما و إن أمكن

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «شرطه» يرجع الى الوجوب. يعني أنّ لوجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر شروط ستة مثل البلوغ و العلم و التأثير، و منها إصرار العاصي. فاذا لم يصرّ بأمر أحد و نهيه سقط الوجوب.

(2)أي القول بالوجوب العيني و الكفائي، فالثمرة بين اختلاف القولين تظهر في وجوب قيام جميع المسلمين على القول بالوجوب العيني و لو قام جمع منهم.

(3)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى قيام الكلّ ، و هذا بناء على القول بالواجب الكفائي.

(4)أي يستحبّ الأمر بالمستحبّات، كما اذا أمر شخصا بإتيان النوافل اليومية و الليلية.

(5)أي و كذا يستحبّ نهي الغير عن ارتكاب المكروهات، كما اذا نهى أحدا عن أكل لحم ما يكره أكل لحمه مثل الحمير و البغل.

(6)أي الأمر بالمندوبات و النهي عن المكروهات لا يدخلان في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لأنهما من الواجبات إجمالا بالإجماع.

(7)إشارة الى الاختلاف المذكور في وجوبهما عينيا أو كفائيا.

(8)المشار إليه في قوله «هذين» هو الأمر بالمندوب و النهي عن المكروه، فإنّهما غير واجبين.-

ص: 97

تكلّف (1) دخول المندوب في المعروف لكونه (2) الفعل الحسن المشتمل على وصف زائد (3) على حسنه من غير اعتبار المنع (4) من النقيض.

أمّا النهي عن المكروه فلا يدخل في أحدهما (5)، أمّا المعروف فظاهر، و أمّا المنكر فلأنه (6) الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه أو دلّ (7) عليه، و المكروه ليس بقبيح.

يجبان مع علم الآمر و الناهي

(و إنّما يجبان مع علم (8)) الآمر و الناهي

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «أفردهما» يرجع إليهما. و في قوله «عنهما» يرجع الى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الواجبين.

(1)يعني و إن أمكن بالتكلّف دخول المندوب في معنى المعروف لكونه الفعل الحسن الشامل للمندوب أيضا. أمّا النهي عن المكروه فلا يدخل في أحد منهما.

(2)الضمير في قوله «لكونه» يرجع الى المندوب. يعني أنه عبارة عن فعل حسن مشتمل على وصف زائد على حسنه و هو طلب الشارع.

(3)المراد من «الوصف الزائد» هو كونه متّصفا بصفة الاستحباب الحاصلة من طلب الشارع.

(4)أي لم يعتبر في الفعل الحسن المتّصف بالندب المنع من نقيضه. بمعنى أنه يجوز نقيضه و هو تركه.

(5)فإنّ النهي عن المكروه لا يدخل تحت الأمر بالمعروف و هذا معلوم، و لا النهي عن المنكر لأنّ المكروه لا يعدّ منكرا.

(6)الضمير في قوله «فلأنه» يرجع الى المنكر. يعني أنّ المنكر هو العمل القبيح الذي عرف فاعله قبحه و ليس المكروه كذلك.

(7)قوله «دلّ » بصيغة المجهول.

(8)هذا هو الشرط الأول في وجوبهما، بأن يكون الآمر و الناهي عالمين بالمعروف و المنكر.

ص: 98

(المعروف (1) و المنكر شرعا) لئلاّ يأمر (2) بمنكر أو ينهى عن معروف، و المراد بالعلم هنا المعنى الأعمّ (3) ليشمل الدليل الظنّي المنصوب عليه (4) شرعا،(و إصرار (5) الفاعل أو التارك) فلو علم منه (6) الإقلاع و الندم

**********

شرح:

(1)بترتيب اللفّ و النشر المرتّب.

(2)تعليل للشرط المذكور، بأنّ اشتراط العلم فيهما لكي لا يأمر بالمنكر و ينهى عن المعروف عند الجهل بهما.

و اعلم أنّ للتكاليف الشرعية من الأوامر و النواهي شروط خاصّة غير الشروط العامّة مثل البلوغ و العقل و الاختيار.

ففي وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ذكروا شروطا خاصّة نذكرها بالإجمال ثمّ بالتفصيل.

الأول: علم الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر أو الظنّ المعتبر.

الثاني: إصرار العاصي بالمعصية.

الثالث: عدم الإضرار لهما أو لأحد من المسلمين من الأمر و النهي.

الرابع: احتمال التأثير للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و سيأتي تفصيل كلّ منها.

(3)المراد من «العلم بالمعنى الأعمّ » هو الشامل للظنّ المعتبر، و يعبّر عنه بالعلمي أو العلم التعبّدي لقيام دليل معتبر شرعي على حجّيته.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المعروف و المنكر. و قوله «المنصوب» صفة بعد صفة للدليل، كما اذا قام خبر الثقة بحرمة شيء أو وجوبه فيحصل الدليل العلمي بهما.

(5)هذا هو الشرط الثاني من شروط وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و هو إصرار العاصي بالمعصية و إصرار التارك للفرائض.

(6)الضمير في قوله «منه» يرجع الى كلّ من الفاعل و التارك. يعني اذا علم أنهما -

ص: 99

سقط الوجوب بل حرم (1)، و اكتفى المصنّف في الدروس و جماعة في السقوط بظهور (2) إمارة الندم،(و الأمن (3) من الضرر) على المباشر، أو على بعض المؤمنين نفسا أو مالا أو عرضا، فبدونه (4) يحرم أيضا على الأقوى (5)،(و تجويز (6) التأثير) بأن لا يكون التأثير ممتنعا بل ممكنا بحسب

**********

شرح:

-رفعا يدهما عمّا ارتكبا من المعصية و ندما عنها سقط الوجوب بل حرم.

(1)أي حرم حينئذ أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر، لأنّ ذلك تعيير للمؤمن و هتك له.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس و جماعة من الفقهاء قالوا بكفاية ظهور علائم الندم من الفاعل و التارك في سقوط وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بلا حاجة الى حصول العلم كما قال الشارح رحمه اللّه «فلو علم... الخ».

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «مع علم المعروف». و هذا هو الشرط الثالث من شروط وجوبهما، بأن يأمن الآمر و الناهي من الضرر لنفسهما أو نفس بعض المؤمنين، و كذا الأمن بالمال و العرض فيهما، فلو لم يأمن من الضرر المذكور لا يجبان بل يحرمان على الأقوى عند الشارح رحمه اللّه.

(4)الضمير في قوله «بدونه» يرجع الى الأمن.

(5)الدليل على قوّة الحرمة هو حرمة الإقدام بالضرر، و يدلّ عليه الخبر المنقول في الوسائل:

عن مفضّل بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: يا مفضّل من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها. (الوسائل:

ج 11 ص 401 ب 2 من أبواب الأمر و النهي ح 2).

(6)بالجرّ، عطفا على قوله «مع علم المعروف». و هذا هو الشرط الرابع من شروط وجوبهما، بأن احتمل الآمر و الناهي التأثير في حقّ الفاعل للمعصية و التارك للفريضة، فلو كان التأثير ممتنعا عادة فلا يجبان.

ص: 100

ما يظهر له (1) من حاله.

و هذا (2) يقتضي الوجوب ما لم يعلم عدم التأثير و إن ظنّ (3) عدمه، لأنّ التجويز قائم مع الظنّ و هو (4) حسن، إذ لا يترتّب على فعله (5) ضرر، فإن نجع (6) و إلاّ فقد أدّى فرضه (7)، إذ الفرض (8) انتفاء الضرر، و اكتفى

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «له» يرجع الى الآمر و الناهي، و في قوله «حاله» يرجع الى الفاعل و التارك. يعني إمكان التأثير يحصل للآمر بالقرائن الظاهرة من حال فاعل المعصية و تارك الفريضة.

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو تجويز التأثير. يعني أنّ احتمال التأثير يوجب وجوب الأمر و النهي الى أن يحصل اليقين بعدم التأثير.

(3)أي و إن حصل ظنّ عدم التأثير فإنّ ذلك الظنّ لا يسقط الوجوب لأنّ احتمال التأثير يقوم مع الظنّ على خلافه أيضا.

(4)أي الكلام المذكور - و هو عدم سقوط الوجوب مع الظنّ على عدم التأثير - حسن عند الشارح رحمه اللّه.

(5)استدلال على تحسين الكلام المذكور، بأنّ في المقام لا يترتّب على فعل الأمر و النهي ضرر، فلا وجه لرفع اليد عن العمل بعموم ما يدلّ على وجوب الأمر و النهي.

(6)نجع فيه الدواء و العلف و الوعظ و الخطاب: أي دخل فأثّر فيه، أو ظهر أثره.

(أقرب الموارد).

(7)المراد من «الفرض» هو الواجب. يعني لو لم يؤثر فقد عمل الآمر بالواجب عليه.

(8)أي المراد من الفرض هذا هو تصوير المسألة بعدم وجود الضرر فيه، فلا مانع من شمول العموم.

ص: 101

بعض الأصحاب في سقوطه (1) بظنّ العدم، و ليس بجيّد (2)، و هذا بخلاف الشرط السابق، فإنّه يكفي في سقوطه ظنّه، لأنّ الضرر المسوّغ (3) للتحرّز منه يكفي فيه ظنّه. و مع ذلك (4) فالمرتفع مع فقد هذا الشرط (5) الوجوب دون الجواز، بخلاف السابق (6).

مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

(ثمّ يتدرّج) (7) المباشر (في الإنكار) فيبتدئ (بإظهار)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ بعض الفقهاء اكتفى في سقوط وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر عند حصول الظنّ بعدم التأثير، و الحال تقدّم اقتضاء تجويز التأثير الوجوب و لو ظنّ عدم التأثير أيضا.

(2)أي الاكتفاء بسقوط الوجوب عند حصول ظنّ بعدم التأثير ليس بجيّد، و هذا خلاف الشرط الثالث، فإنّ ظنّ الضرر فيه يكفي في سقوط الوجوب، لكن في الشرط الرابع لا يسقط الوجوب حتّى يتيقّن بعدم التأثير.

(3)فإنّ الضرر المجوّز للتحرّز منه يكفي فيه حصول الظنّ كما في سائر الموارد التي يكون ضرر المظنون ملاكا في الحكم، مثل عدم قصر الصلاة في السفر المظنون الضرر و غير ذلك.

(4)أي مع ذلك الفرق بين هذا الشرط و الشرط الثالث ففيهما فرق آخر أيضا، و هو اذا فقد الشرط الرابع - أي عدم احتمال التأثير - سقط وجوب الأمر و النهي، لكن لا يمنع ذلك من جوازهما، بخلاف الشرط الثالث ففيه اذا ظنّ الضرر سقط الوجوب و حرم أيضا.

(5)أي عدم احتمال التأثير.

(6)أي الشرط الثالث و هو الأمن من الضرر.

(7)أي بعد اجتماع شروط وجوب الأمر و النهي يقدّم المباشر لهما متدرّجا. يعني مرتبة بعد مرتبة.-

ص: 102

(الكراهة) (1) و الإعراض عن المرتكب متدرّجا فيه أيضا فإنّ مراتبه (2) كثيرة،(ثمّ القول الليّن) (3) إن لم ينجع (4) الإعراض،(ثمّ الغليظ ) (5) إن لم يؤثّر اللّيّن متدرّجا في الغليظ أيضا،(ثمّ الضرب) (6) إن لم يؤثّر الكلام

**********

شرح:

-إيضاح: إنّ في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مراتب:

الأولى: إظهار الكراهة عن عمل الفاعل للمعصية و التارك للفريضة.

الثانية: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالقول الليّن و بيان المصالح للفرائض و المفاسد للمعاصي.

الثالثة: الأمر و النهي بالقول الغليظ و الشديد، و فيها أيضا مراتب في شدّة غلظة القول و خفّته يجب مراعاتها.

الرابعة: بالضرب و التأديب، و فيها أيضا مراتب يجب مراعاتها.

و سيأتي تفصيل كلّ من المراتب الأربع.

(1)هذه هي المرتبة الاولى من المراتب المذكورة، بأن يعترض و يظهر الكراهة للعاصي عن ارتكابه المعاصي.

(2)فإنّ مراتب إظهار الكراهة كثيرة، بأن يجعل ارتباطه به قليلا، فلو لم يؤثّر يقطع ارتباطه به و لا يدعوه لمجالسه و هكذا.

(3)بالجرّ، عطفا على إظهار الكراهة، و هذه هي المرتبة الثانية من المراتب المذكورة، و هو الأمر و النهي بالقول الليّن و بيان المصالح و المفاسد للعاصي بالأدلّة المفيدة.

(4)أي إن لم يفد الإعراض بمراتبه المذكورة.

(5)بالجرّ، عطفا على إظهار الكراهة، و هذه هي المرتبة الثالثة من مراتب الأمر و النهي، بأن يستعمل القول الغليظ و الشديد فيهما، و مراتب القول الغليظ أيضا مختلفة.

(6)عطف على إظهار الكراهة و تابعيه، و هذه هي المرتبة الرابعة من المراتب -

ص: 103

الغليظ مطلقا (1)، و يتدرّج في الضرب أيضا على حسب ما تقتضيه المصلحة و يناسب مقام الفعل (2)، بحيث يكون الغرض (3) تحصيل الغرض.

(و في التدرّج (4) إلى الجرح و القتل) حيث لا يؤثّر الضرب و لا غيره من المراتب (قولان) أحدهما الجواز، ذهب إليه المرتضى و تبعه العلاّمة في كثير من كتبه، لعموم الأوامر (5) و إطلاقها (6). و هو (7) يتمّ في الجرح دون القتل لفوات معنى الأمر و النهي معه (8)، إذ الغرض ارتكاب المأمور (9)

**********

شرح:

-المذكورة، بأن يضرب و يعزّر العاصي بمعصيته.

(1)أي اذا لم يؤثّر الكلام الغليظ بجميع مراتبه.

(2)يعني يجب مراعاة المراتب في الضرب أيضا بما يناسب مقام فعل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(3)أي الغرض من الضرب هو لتحصيل الغرض من الأمر و النهي، فلا يجوز الضرب لتشفّي قلبه أو إطفاء غضبه أو غير ذلك من الأغراض الشخصية.

(4)خبر مقدّم لقوله «قولان». يعني هل يجوز التدرّج الى حدّ الجرح و القتل ؟ قول بالجواز من السيّد المرتضى و العلاّمة، و قول بالتفصيل.

(5)فإنّ عموم الأوامر للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يقتضي جوازهما.

(6)أي إطلاق الأوامر الواردة في المقام، حيث لم تتقيّد بشيء من ذلك.

(7)أي القول بالجواز يتمّ في الجرح لا القتل.

(8)الضمير في قوله «معه» يرجع الى القتل. يعني اذا جوّز القتل للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلا تأثير لهما لفوات موضوعهما بالقتل.

(9)يعني أنّ الغرض من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر هو عمل التارك بالفريضة و ترك العاصي بالمعصية، و شرط الوجوب من الشروط الأربعة -

ص: 104

و ترك المنهي. و شرطه تجويز التأثير و هما منتفيان معه (1)، و استقرب في الدروس تفويضهما (2) إلى الإمام و هو (3) حسن في القتل خاصّة.

(و يجب الإنكار بالقلب) (4) و هو أن يوجد (5) فيه إرادة المعروف و كراهة المنكر (على كلّ حال)

**********

شرح:

-المذكورة هو احتمال التأثير، فكلّ ذلك ينتفي عند القتل، فلا يحصل الغرض من الأمر و النهي فيه.

(1)الضمير في قوله «معه» يرجع الى القتل. يعني أنّ ارتكاب المأمور و ترك المنهي ينتفيان عند قتل العاصي، و يأتي نقض الغرض.

(2)ضمير التثنية في قوله «تفويضهما» يرجع الى الجرح و القتل.

و هذا هو القول الثالث في المسألة، بأنّ الجرح و القتل في الأمر و النهي يفوّضان الى نظر الامام عليه السّلام.

و الحاصل: إنّ في المسألة أقوال ثلاثة:

الأول: جواز الجرح و القتل للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و هذا القول عن السيّد المرتضى و العلاّمة عملا بعموم أدلّة الأمر و النهي.

الثاني: التفصيل بين الجرح و القتل بأنّ الأول جائز و الثاني غير جائز، بدليل نقض الغرض في القتل كما تقدّم.

الثالث: جواز الجرح و القتل للإمام عليه السّلام خاصّة.

(3)الضمير يرجع الى القول الثالث، و هو تفويض الجرح و القتل الى الإمام عليه السّلام خاصّة.

(4)يعني يجب على المؤمن أن يستنكر و يشمئزّ في قلبه بوجود المعصية من العاصي و ترك الفريضة من التارك بها.

(5)بصيغة المجهول، و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى القلب. يعني أنّ المراد من الإنكار بالقلب هو ايجاد إرادة المعروف في القلب و كراهة المنكر فيه أيضا.

ص: 105

سواء (1) اجتمعت الشرائط أم لا، و سواء أمر أو نهى بغيره (2) من المراتب أم لا، لأنّ الإنكار القلبي بهذا المعنى من مقتضى الإيمان (3) و لا تلحقه (4) مفسدة، و مع ذلك لا يدخل (5) في قسمي الأمر و النهي، و إنّما هو حكم يختصّ بمن اطّلع على ما يخالف الشرع بإيجاد (6) الواجب عليه من الاعتقاد (7) في ذلك، و قد تجوّز كثير من الأصحاب في جعلهم هذا القسم (8) من مراتب الأمر و النهي.

**********

شرح:

(1)هذا و ما بعده تفسير لقوله «على كلّ حال».

(2)الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الإنكار. يعني لا فرق في وجوب الإنكار القلبي بين أن ينهى العاصي بأحد من المراتب المذكورة أم لم تجتمع الشروط أصلا.

(3)فإنّ مقتضى الإيمان وجوب الإنكار القلبي على كلّ حال.

(4)الجملة حالية. يعني و الحال أنّ الإنكار القلبي لا تترتّب عليه المفسدة لتنافي الوجوب.

(5)أي الإنكار القلبي مع وجوبه بمقتضى الإيمان لا يلحق بالأمر بالمعروف و لا بالنهي عن المنكر، بل هو حكم خاصّ على كلّ من اطّلع على وقوع ما يخالف الشرع أن يوجد في قلبه ذلك الإنكار و الانزجار.

(6)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «هو حكم». يعني يجب على المطّلع على ما يخالف الشرع من الغير أن يوجد الواجب عليه، و من إيجاد الواجب عليه هو الاعتقاد القلبي بإكراه ما يخالف الشرع اذا صدر من الغير.

(7)بيان لقوله «الواجب عليه». يعني أنّ المراد بالواجب هو الاعتقاد و الإنكار القلبي لصدور المعصية من الغير و لو لم يمكنه المنع و النهي.

(8)يعني أنّ كثيرا من الفقهاء التزموا بالتجوّز في جعل الإنكار القلبي من مراتب -

ص: 106

يجوز للفقهاء حال الغيبة إقامة الحدود

(و يجوز للفقهاء حال الغيبة إقامة الحدود (1) مع الأمن من الضرر) على أنفسهم و غيرهم (2) من المؤمنين،(و) كذا يجوز لهم (الحكم بين الناس) و إثبات الحقوق بالبيّنة (3) و اليمين و غيرهما (4)(مع اتّصافهم بصفات المفتي و هي: الإيمان، و العدالة، و معرفة الأحكام (5)) الشرعية الفرعية (بالدليل) التفصيلي،(و القدرة (6) على ردّ الفروع) من الأحكام (إلى الأصول) (7)

**********

شرح:

-الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فقالوا بأنّ أول مرتبة من مراتب الأمر و النهي هو الإنكار القلبي، و الثاني منها هو إظهار الكراهة، الى آخر ما ذكر من المراتب.

أقول: دليل التجوّز هو أنّ الأمر بالمعروف هو طلب الفعل، و النهي عن المنكر هو طلب الترك، و لا يؤخذ الإنكار و الحبّ في أحد منهما و لا يصدق المنكر قلبا الناهي، و المحبّ قلبا الآمر.

(1)هذا بيان بأنّ إجراء الحدود و التعزيرات لا يختصّ بشخص الإمام عليه السّلام مثل الجهاد الابتدائي الذي لم يجز إلاّ بأمر المعصوم عليه السّلام، فاذا حصل الأمن من شرّ السلاطين يجوز للفقهاء إجراء الحدود و التعزيرات.

(2)أي الأمن من الضرر لغير الفقهاء من سائر المسلمين.

(3)فإنّ الفقهاء يجوز لهم الحكم بين الناس بالعمل بالبيّنات و الأيمان المقرّرة في كتاب القضاء، و سيأتي تفصيله هناك إن شاء اللّه تعالى.

(4)مثل الإقرار و الاعتراف.

(5)بأن نال درجة الاجتهاد و ملكة استنباط الأحكام من الأدلّة التفصيلية.

(6)بأن تحصل له ملكة يقدر بها على ردّ الفروع الى الاصول.

(7)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «ردّ الفروع».

ص: 107

و القواعد الكلّية (1) التي هي أدلّة الأحكام.

و معرفة (2) الحكم بالدليل يغني عن هذا، لاستلزامه (3) له، و ذكره (4) تأكيد. و المراد بالأحكام (5) العموم بمعنى التهيّؤ لمعرفتها بالدليل إن لم نجوّز

**********

شرح:

(1)بالجرّ، صفة للقواعد. يعني أنّ من صفات المفتي هو القدرة على ردّ الفروع الى الاصول و القواعد، و الأخيرة عطف تفسيري. و المراد من «القواعد» هو أدلّة الأحكام التي تستفاد من الأدلّة الأربعة: الكتاب، و السنّة، و العقل، و الإجماع.

(2)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «يغني».

و تعرّض الشارح قدّس سرّه للمصنّف رحمه اللّه في عبارته التي قال فيها: «و معرفة الأحكام بالدليل» و قال أيضا «و القدرة على ردّ الفروع الى الاصول». فإنّ معرفة الأحكام بالدليل يغني عن إتيان القدرة على ردّ الفروع الى الاصول، لأنّ الأول يستلزم الثاني، لكن ذكره يكون تأكيدا للمطلب.

(3)الضمير في قوله «استلزامه» يرجع الى معرفة الحكم، و في «له» يرجع الى القدرة.

(4)أي ذكر القدرة بعد المعرفة تأكيد.

(5)أي المراد من «الأحكام» في قوله رحمه اللّه «معرفة الأحكام» هو عموم أحكام الفقه من الطهارة الى الديات، لأنّ الجمع المحلّى باللام يفيد العموم، و لا يلزم حضور جميع الأحكام في ذهنه بل يكفي التهيّؤ فيها، بمعنى أن يكون صاحب ملكة للاجتهاد في جميع الأحكام.

إيضاح: قد اختلفوا في التجزّي عند الاجتهاد في أحكام الفقه و عدمه.

فقال البعض بعدم إمكان التجزّي في الاجتهاد بدليل أنّ من يقدر على استنباط حكم في باب من أبواب الفقه فهو يقدر على استنباط الأحكام في سائر أبواب الفقه أيضا، فلا معنى للتجزّي.

و بعبارة أخرى: إنّ الاجتهاد ملكة باطنية يقدر بها أن يستنبط جميع أحكام -

ص: 108

تجزّي الاجتهاد، أو الأحكام (1) المتعلّقة بما يحتاج إليه من الفتوى و الحكم إن جوّزناه (2). و مذهب المصنّف جوازه (3)، و هو قويّ .

يجب على الناس الترافع إلى الفقهاء

(و يجب) على الناس (الترافع إليهم) (4) في ما يحتاجون إليه من الأحكام، فيعصي مؤثر (5) المخالف

**********

شرح:

-الفقه، فهي إنّما توجد في أحد أو لا توجد.

و قال بعض العلماء بإمكان التجزّي في الاجتهاد، كما اختاره المصنّف رحمه اللّه في علم الاصول، بأن يقدر على استنباط حكم في باب و لا يقدر على استنباط جميع الأحكام لأنه من متدرّجات الحصول و له مراتب، فيمكن حصوله في المرتبة الاولى ثمّ الثانية ثمّ الثالثة و هكذا، و هذا معنى التجزّي.

ففي المقام يكفي معرفة أحكام القضاء من الأدلّة التفصيلية و لو لم يقدر على أحكام غير القضاء.

و الى هذا الخلاف بين العلماء - في إمكان التجزّي و عدمه - أشار الشارح رحمه اللّه بقوله «بمعنى التهيّؤ لمعرفتها» و هذا بناء على الاجتهاد المطلق كما أشار بالتجزّي في قوله «أو الأحكام المتعلّقة بما يحتاج إليه من الفتوى».

(1)أي المراد من «الأحكام» ليس العموم بل الأحكام المربوطة بما يحتاج إليه عند الفتوى و الحكم بين المتخاصمين.

(2)الضمير في قوله «جوّزناه» يرجع الى التجزّي.

(3)خبر لقوله «و مذهب المصنّف». و الضمير في «جوازه» يرجع الى التجزّي.

و الحاصل: إنّ مختار المصنّف رحمه اللّه في الاصول جواز التجزّي في الاجتهاد، و هو ما قوّاه الشارح رحمه اللّه في ذلك.

(4)يعني يجب على المسلمين أن يرجعوا في مرافعاتهم في زمان الغيبة الى فقهاء الشيعة و لا يجوز ترافعهم عند غيرهم في صورة الإمكان.

(5)بصيغة اسم الفاعل من باب الإفعال، من آثر يؤثر إيثارا: أي اختاره و فضّله.-

ص: 109

و يفسق (1)، و يجب عليهم (2) أيضا ذلك مع الأمن (3).(و يأثم الرادّ عليهم (4)) لأنه كالرادّ على نبيّهم صلّى اللّه عليه و آله و أئمّتهم عليهم الصلاة و السلام و على اللّه تعالى و هو على حدّ الكفر باللّه على ما ورد في الخبر (5)، و قد فهم من

**********

شرح:

-يعني من قدّم المفتي المخالف على المفتي المؤمن في المرافعة يكون عاصيا.

(1)عطف على قوله «يعصي».

(2)الضمير في قوله «عليهم» يرجع الى الفقهاء. يعني فكما يجب على الناس أن يرجعوا إليهم فكذلك يجب عليهم قبول الترافع إليهم.

(3)فلا يجب عند احتمال الضرر لنفسهم أو لبعض المؤمنين، و هكذا احتمال الضرر المالي و العرضي.

(4)الضمير في قوله «عليهم» يرجع الى الفقهاء. يعني اذا ترافع اثنان عند الفقيه الإمامي و حكم بينهما لا يجوز لهما ردّ حكمه، فالرادّ عليه كالرادّ على حكم النبي و الأئمة عليهم السّلام، الذي هو على حدّ الكفر كما ورد.

(5)المراد هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الى السلطان و الى القضاة أ يحلّ ذلك ؟ قال عليه السّلام: من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم الى الطاغوت، و ما يحكم له فإنّما يأخذ سحتا و إن كان حقّا ثابتا له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، و ما أمر اللّه أن يكفر به، قال اللّه تعالى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ (1) . قلت: فكيف يصنعان ؟ قال: ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما، فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم اللّه و علينا ردّ، و الرادّ علينا الرادّ على اللّه و هو في حدّ الشرك باللّه... الحديث.

(الوسائل: ج 18 ص 98 ب 11 من أبواب صفات القاضي ح 1).

ص: 110


1- سوره 4 - آیه 60

تجويز ذلك للفقهاء المستدلّين (1) عدم جوازه لغيرهم من المقلّدين، و بهذا المفهوم (2) صرّح المصنّف و غيره قاطعين به من غير نقل خلاف في ذلك، سواء قلّد (3) حيّا أو ميّتا. نعم (4) يجوز لمقلّد الفقيه الحيّ نقل الأحكام إلى غيره، و ذلك (5) لا يعدّ افتاء. أمّا الحكم فيمتنع (6) مطلقا للإجماع على اشتراط أهلية الفتوى في الحاكم حال حضور الإمام و غيبته (7).

يجوز للزوج إقامة الحدّ على زوجته

(و يجوز للزوج (8) إقامة الحدّ على زوجته) دواما و متعة، مدخولا بها

**********

شرح:

(1)صفة للفقهاء. يعني يفهم من جواز القضاء و إجراء الحدود للفقهاء عدم جوازهما للمقلّدين. و قوله «المستدلّين» إشارة الى الفقهاء الذين يقدرون على الاستدلال و الاجتهاد.

(2)فإنّ عدم الجواز يفهم هنا من قوله «تجويز ذلك للفقهاء» فمفهومه هو عدم الجواز لغير الفقهاء، لكن صرّح بذلك المفهوم المصنّف رحمه اللّه في سائر الكتب و كذلك غيره، بل قطعوا بالحكم به و لم ينقلوا الخلاف فيه.

(3)أي لا فرق في عدم الجواز للمقلّد بين كونه مقلّدا للحيّ أو الميّت.

(4)استدراك لما قال بعدم جواز إجراء الحدود و القضاء لغير المجتهد، بأنّ المقلّد للمجتهد الحيّ يجوز له نقل فتاوى المجتهد الى الغير.

(5)أي النقل للفتوى لا يعدّ إفتاء بل هو نقل للفتوى، فيجوز حينئذ.

(6)فاعل قوله «يمتنع» مستتر يرجع الى الحكم. يعني لا يجوز حكم المقلّد في المسائل القضائية بين الناس سواء أسند الحكم الى نفسه أم نقله عن غيره.

(7)أي لا فرق في عدم جواز حكم المقلّد بين زمان حضور الإمام عليه السّلام أو زمان غيبته.

(8)يعني أنّ الزوج اذا لم يكن جامعا لشروط الإفتاء يجوز له إجراء الحدّ على زوجته، سواء كانت دائمية أو منقطعة، مدخولا بها أم لا.

ص: 111

و غيره، حرّين (1) أو عبدين، أو بالتفريق (2)،(و الوالد على ولده) و إن نزل،(و السيّد (3) على عبده) بل رقيقه مطلقا (4)، فيجتمع على الأمة ذات (5) الأب المزوّجة ولاية الثلاثة، سواء في ذلك الجلد و الرجم و القطع (6)، كلّ ذلك مع العلم بموجبه (7) مشاهدة، أو إقرار من أهله (8) لا بالبيّنة (9) فإنّها من وظائف الحاكم.

**********

شرح:

(1)أي سواء كان الزوج و الزوجة حرّين أو عبدين.

(2)أي سواء كان أحدهما حرّا و الآخر مملوكا.

(3)عطف على قوله «للزوج». يعني كذا يجوز للمولى إقامة الحدّ على عبده بل على إمائه أيضا.

(4)أي بلا فرق بين العبد و الأمة.

(5)بالجرّ، صفة للأمة، كذلك قوله «مزوّجة» صفة اخرى لها. يعني تثبت للأمة المزوّجة و لها أب ولاية ثلاثة أشخاص بإقامة الحدود عليها. و ولاية الأشخاص الثلاثة هم: الوالد و الزوج و السيّد، فيجوز لكلّ منهم إجراء الحدّ في حقّها.

(6)أي قطع اليد، و ذلك في صورة ثبوت سرقتها، و سيأتي تفصيله في كتاب الحدود في شروط ثبوت السرقة الموجبة لقطع يد السارق.

(7)الضمير في قوله «موجبه» يرجع الى الحدّ، كما اذا علم الزوج أو الوالد أو السيّد صدور ما يوجب الحدّ من الزنا أو السرقة أو غيرهما بالمشاهدة أو بالإقرار ممّن يكون أهلا له.

(8)كما اذا كان المقرّ بالغا عاقلا مختارا و غيرها من شروط نفوذ الإقرار، كما سيأتي تفصيله في كتاب الإقرار. فلو أقرّت الزوجة الصغيرة أو المجنونة أو المكرهة فلا يجوز للزوج إقامة الحدّ عليها.

(9)أي لا يجوز لأحد من الثلاثة إقامة الحدّ استنادا بالبيّنة و هي شهادة عدلين.-

ص: 112

و قيل: يكفي كونها (1) ممّا يثبت بها ذلك عند الحاكم، و هذا الحكم (2) في المولى مشهور بين الأصحاب لم يخالف فيه إلاّ الشاذ (3)، و أمّا الآخران (4) فذكرهما (5) الشيخ و تبعه جماعة منهم المصنّف، و دليله (6) غير واضح.

و أصالة المنع (7) تقتضي العدم. نعم لو كان المتولّي (8) فقيها فلا شبهة في الجواز، و يظهر من المختلف أنّ موضع النزاع معه (9) لا بدونه.

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «إنّها» يرجع الى مطالبة البيّنة، فإنّ الحاكم يحكم بها لا الغير.

(1)الضميران في قوليه «كونها» و «بها» يرجعان الى البيّنة. يعني لو كانت البيّنة ممّا يثبت بها المشهود به عند الحاكم جاز استناد الثلاثة المذكورين بها في إقامة الحدّ.

(2)المشار إليه هو إقامة الحدّ لمن ذكر، فإنّ ذلك مشهور بين الفقهاء في خصوص المولى فقط .

(3)أي خالف المذكور الشاذّ من الفقهاء، و قيل: هو سلاّر رحمه اللّه.

(4)المراد من «الآخران» هو الزوج و الوالد.

(5)ضمير التثنية يرجع الى الآخرين، و المراد منهما الزوج و الوالد كما ذكرنا.

(6)أي أنّ دليل الشيخ رحمه اللّه في جواز إقامة الزوج الحدّ على زوجته و الوالد على ولده و إن نزل غير واضح.

(7)فاذا لم يوضح دليل الجواز تجري أصالة المنع من إجراء الحدّ.

(8)المراد من «المتولّي» هو المباشر لإقامة الحدّ، و المراد منه هنا هو الزوج و الوالد.

يعني لو كانا فقيهين جامعين لشروط الفتوى فلا شبهة في جوازها.

(9)يعني يظهر من عبارة العلاّمة رحمه اللّه في كتابه المختلف أنّ مورد الخلاف في الجواز و عدمه في المسألة إنّما هو اذا كانا فقيهين، فلو لم يكونا كذلك فلا نزاع في عدم الجواز.

و الضمير في قوله «معه» يرجع الى كونهما فقيهين، و كذلك في قوله «بدونه».

ص: 113

لو اضطرّه السلطان إلى إقامة حدّ أو قصاص ظلما

(و لو اضطرّه السلطان (1) إلى إقامة حدّ أو قصاص ظلما أو) اضطرّه (لحكم مخالف) للمشروع (جاز) (2) لمكان الضرورة،(إلاّ القتل (3) فلا تقية فيه) و يدخل في الجواز (4) الجرح، لأنّ المروي (5) أنه لا تقية في قتل النفوس فهو (6) خارج، و ألحقه (7) الشيخ بالقتل مدّعيا أنه لا تقية في الدماء. و فيه (8) نظر.

**********

شرح:

(1)يعني لو أجبر الحاكم شخصا الى إقامة الحدّ أو القصاص للظلم أو لحكم مخالف للشرع جاز عند الاضطرار.

(2)جواب لقوله «لو اضطرّه». و دليل الجواز هو الضرورة.

(3)فلا يجوز للشخص المجبور من السلطان قتل نفس محترمة.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى القتل.

(4)يعني يدخل في جواز الإقدام على ما أجبره السلطان الجرح أيضا، لأنّ الخارج هو القتل فقط .

(5)المراد من «المروي» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما جعل التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقية. (الوسائل: ج 11 ص 483 ب 31 من أبواب الأمر و النهي ح 1).

(6)الضمير يرجع الى الجرح.

(7)أي ألحق الشيخ الطوسي رحمه اللّه الجرح بالقتل في عدم جواز الإقدام و لو عند الاضطرار مدّعيا شمول استثناء الدماء في التقية للجرح أيضا.

(8)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الإلحاق. يعني أنّ في إلحاق الشيخ رحمه اللّه إشكال، لأنّ الرواية وردت بأنه لا تقية في قتل النفوس، و هو لا يشمل الجرح.

ص: 114

ص: 115

ص: 116

كتاب الكفّارات

اشارة

كتاب (1) الكفّارات (2)

**********

شرح:

كتاب الكفّارات (1)إضافة الكتاب إلى الكفّارات بيانية، و هو خبر لمبتدإ مقدّر و هو «هذا».

(2)الكفّارات: جمع مفرده كفّارة، و هي صيغة مبالغة، مذكّره كفّار.

الكفّارة: ما يكفّر به، أي يغطّى به الإثم. ما كفّر به من صدقة و صوم و نحوهما.

(المنجد).

من حواشي الكتاب: الكفّارة اسم للتكفير و أصلها الستر لأنه يستر الذنب، و منه الكافر لأنه يستر الحقّ ، و يقال للّيل إنّه كافر لأنه يستر من يفعل فيه شيئا.

و تكفير اليمين فعل ما يجب بالحنث فيها، و كفّارة الظهار ما يجب العود فيه، و قد ورد في القرآن بلفظ الكفّارة كقوله تعالى فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ (1) .

(المائدة: 89). و بلفظ الجزاء كقوله تعالى فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (2) .

(المائدة: 95).

و ذكرها بعد أبواب العبادات لأنها أشبه شيء بها، بل هي عبادة تالية للزكاة و إن كانت مكفّرة للذنب غالبا، فإنّ كونها كذلك لا ينافي كونها عبادة. و ذكرها بعض الفقهاء في باب الظهار و بعض في باب الأيمان لمناسبة وجوبها لهما، و الكلّ حسن. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 117


1- سوره 5 - آیه 89
2- سوره 5 - آیه 95

و هي (1) تنقسم إلى معيّنة كبعض (2) كفّارات الحجّ و لم يذكرها (3) هنا اكتفاء بما سبق، و إلى مرتّبة (4)، و مخيّرة (5)، و ما جمعت الوصفين (6)، و كفّارة (7) جمع.

**********

شرح:

(1)أي الكفّارات تنقسم الى أقسام خمسة، و هي:

الأول: المعيّنة، مثل كفّارات الحجّ .

الثاني: المرتّبة.

الثالث: المخيّرة بين الكفّارات.

الرابع: كفّارة الجمع بين المرتّبة و المخيّرة.

الخامس: كفّارة الجمع بين المتعدّدة.

و سيأتي تفصيل كلّ من الأربعة الأخيرة قريبا.

(2)هذا مثال للكفّارة المعيّنة، و هي الكفّارات التي تجب على المكلّف على التعيّن، كمن لبس الثوب المخيط فحينئذ تجب عليه الكفّارة المعيّنة و هي الشاة، و غير ذلك ممّا ذكر في كتاب الحجّ .

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه لم يذكر الكفّارة المعيّنة هنا لاكتفائه بما ذكر في كتاب الحجّ ، فمن أراد التفصيل فليراجع الجزء الرابع.

قوله «بما سبق» إشارة الى كتاب الحجّ .

(4)عطف على قوله «معيّنة». و هذا هو القسم الثاني من الأقسام المذكورة للكفّارات.

(5)عطف على قوله «معيّنة». و هذا هو القسم الثالث منها.

(6)أي جمعت الكفّارة بين الوصفين: المرتّبة و المخيّرة. و هذا هو القسم الرابع من أقسام الكفّارات.

(7)بالجرّ، عطفا على قوله «معيّنة». و هذا هو القسم الخامس من الأقسام المذكورة.

ص: 118

الكفارة المرتبة و خصالها

(فالمرتّبة) (1) ثلاث (كفّارة الظهار (2)، و قتل (3) الخطأ، و خصالهما (4))

**********

شرح:

(1)هنا شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان تفصيل الكفّارات الواجبة على المكلّف، فذكر أربعة أقسام منها في هذا الكتاب و لم يذكر القسم الأول لاكتفائه بما ذكر في كتاب الحجّ .

فالقسم الأول ممّا ذكر هنا هو الكفّارة المرتّبة، و هي ثلاث كفّارات:

أ: كفّارة الظهار.

ب: كفّارة قتل الخطأ.

ج: كفّارة الإفطار في صوم قضاء شهر رمضان بعد الزوال.

و سيأتي تفصيل كلّ منها قريبا.

(2)الظهار - بكسر الظاء -: و هو من الظهر كناية عن القول المنكر بصفة خاصّة بشروط الطلاق، كما اذا قال لزوجته: أنت عليّ كظهر أمّي أو اختى أو بنتي.

فحينئذ تحرم الزوجة عليه حتّى يكفّر الكفّارة المرتّبة.

(3)بالجرّ، عطفا على الظهار، و هذه هي الثانية من الكفّارات المرتّبة المذكورة.

(4)الخصال - بكسر الخاء - جمع مفرده الخصلة بفتح الخاء: الخلّة، فضيلة كانت أو رذيلة، و قد غلبت على الفضيلة. (أقرب الموارد، المنجد).

و المقصود من الخصال هنا الأعمال المخصوصة المعيّنة بعنوان الكفّارة.

و الضمير في قوله «خصالهما» يرجع الى الظهار و قتل الخطأ.

أقول: لا يخفى أنّ القتل على ثلاثة أقسام كما سيأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى.

الأول: القتل العمد، و هو أن يتعمّد الفعل و القصد، بمعنى أن يقصد قتل الشخص المعيّن. و في حكمه تعمّد الفعل دون القصد اذا كان الفعل ممّا يقتل غالبا، فالواجب فيه أولا القصاص ثمّ الدية.

ص: 119

المرتّبة (خصال (1) كفّارة الإفطار في شهر رمضان: العتق (2)) أولا (فالشهران) مع تعذّر العتق (فالستون) أي إطعام الستين لو تعذّر الصيام.

(و) الثالثة (3)(كفّارة من أفطر في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، و هي (4) إطعام عشرة مساكين، ثمّ صيام ثلاثة أيّام) مع العجز عن الإطعام (5).

الكفارة المخيّرة و أحكامها

(و المخيّرة (6) كفّارة شهر رمضان) في أجود القولين (و) كفّارة

**********

شرح:

-الثاني: القتل الشبيه بالعمد، و هو أن يتعمّد الفعل و يقصد إيقاعه بالشخص المعيّن و يخطئ في القصد الى القتل مع أنّ الفعل لا يقتل عادة.

الثالث: القتل الخطأ المحض، و هو أن لا يتعمّد فعلا و لا قصدا بالمجنى عليه و إن قصد الفعل في غيره.

فكفّارة قتل الخطأ هي الخصال الثلاثة المذكورة مرتّبة.

(1)خبر لقوله «خصالهما». يعني أنّ كفّارة الظهار و قتل الخطأ هي كفّارة الإفطار في شهر رمضان عمدا، لكن تكون مرتّبة لا مخيّرة بينها.

و بعبارة اخرى: إنّ كفّارتهما مثل كفّارة إبطال صوم شهر رمضان من حيث الخصال المذكورة لا من حيث الكيفية.

(2)هذا تفصيل للخصال المذكورة. الأول العتق، ثمّ صوم شهرين، ثمّ إطعام ستين مسكينا، مع رعاية الترتيب بينها.

(3)أي الكفّارة المرتّبة الثالثة هي كفّارة من أفطر في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال، لكن لو أفطر قبل الظهر لا تجب الكفّارة عليه.

(4)الضمير يرجع الى «كفّارة من أفطر».

(5)يعني الكفّارتان على نحو المرتّبة بينهما.

(6)هنا شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان الكفّارة المخيّرة و هي في موارد، منها: كفّارة شهر رمضان على أجود القولين، و القول الآخر هي المرتّبة.

ص: 120

(خلف (1) النذر و العهد) إن جعلناهما (2) ككفّارة رمضان، كما هو أصحّ الأقوال (3) رواية.

**********

شرح:

(1)أي الثاني من الكفّارات المخيّرة، و هي كفّارة خلف النذر و العهد.

(2)الضمير في قوله «جعلناهما» يرجع الى النذر و العهد. يعني أنّ كفّارتهما مخيّرة لو جعلنا كفّارتهما مثل كفّارة شهر رمضان. و هذا إشارة الى الأقوال المختلفة في كفّارة النذر و اليمين.

من حواشي الكتاب: في كفّارة النذر أقوال، أحدها: أنها ككفّارة إفطار شهر رمضان، و ثانيها: أنها ككفّارة يمين، و ثالثها: التفصيل بأنها ككفّارة شهر رمضان في نذر الصوم و كاليمين في نذر غيره، و رابعها: الفرق بين القادر فكفّارة رمضان و العاجز فكفّارة يمين، خامسها: أنها ككفّارة الظهار، و هو قول المفيد في خلف العهد و قول سلاّر في خلف النذر. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(3)اختار المصنّف رحمه اللّه كون كفّارتهما مثل كفّارة شهر رمضان. و قال الشارح رحمه اللّه بكونه أصحّ الأقوال المذكورة في حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه المنقولة في الهامش السابق استنادا الى الرواية المنقولة في الوسائل:

عن عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عمّن جعل للّه أن لا يركب محرّما سمّاه فركبه، قال: لا، و لا أعلمه إلاّ قال: فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين متتابعين، أو ليطعم ستين مسكينا. (الوسائل: ج 15 ص 575 ب 22 من أبواب بقية الكفّارات ح 7).

أقول: لعلّ توصيف الشارح هذه الرواية بالصحّة استنادا الى توصيف العلاّمة في كتابه المختلف هذه الرواية بالصحّة، لكن في خصوص عبد الملك بن عمرو كلام ينزل الرواية من الصحيحة الى الحسنة، لأنّ علماء الرجال قالوا بعدم ما يوجب توثيقه و لا ذمّه.

ص: 121

في كفّارة جزاء الصيد خلاف

(و في كفّارة (1) جزاء الصيد) و هو الثلاث (2) الاول من الثلاثة الأولى

**********

شرح:

(1)خبر مقدّم لقوله «خلاف». يعني في كفّارة الصيد في حال إحرام الحجّ خلاف بأنها مخيّرة أو معيّنة.

(2)أي الخلاف في كفّارة جزاء الصيد ليس في الجميع من أصناف الصيد بل في الكفّارات الثلاث الاول من ثلاثة أصناف من الصيد.

إيضاح: قد ذكر المصنّف رحمه اللّه في كفّارات الإحرام كفّارة الصيد، و قدّم ثلاثة أصناف من الصيد و هي: النعامة، و بقرة الوحش و حماره، و الظبي و الثعلب و الأرنب.

و قد ذكر لكلّ من الأصناف الثلاثة المذكورة كفّارات متعدّدة، فالتخيير بين الثلاث الاول من كفّارات كلّ من الثلاثة، و في باقي كفّارات كلّ منها الترتيب:

فقال رحمه اللّه «ففي النعامة بدنة، ثمّ الفضّ على البرّ، و إطعام ستين...، ثمّ صيام ستين يوما، ثمّ صيام ثمانية عشر يوما».

فالكفّارات الثلاث الأول مخيّرة و الباقي مرتّبة.

و قال أيضا «و في بقرة الوحش و حماره بقرة أهلية، ثمّ الفضّ ، و نصف ما مضى».

و قال الشارح رحمه اللّه بعد ذلك «في الإطعام و الصيام مع باقي الأحكام، فيطعم ثلاثين، ثمّ يصوم ثلاثين و مع العجز تسعة».

فالكفّارات الثلاث الاول فيها أيضا مخيّرة و الباقي مرتّبة.

و قال المصنّف أيضا «و في الظبي و الثعلب و الأرنب شاة، ثمّ الفضّ ، و سدس ما مضى».

و قال الشارح رحمه اللّه بعد ذلك «فيطعم عشرة، ثمّ يصوم عشرة، ثمّ ثلاثة».

ففيها أيضا في الثلاث الاول مخيّرة و في الباقي مرتّبة.

و لا يخفى أنّا ذكرنا كون الثلاث الاول في كلّ منها مخيّرة بناء على القول بالتخيير، -

ص: 122

ممّا ذكر (1) في الكفّارات لا مطلق (2) جزائه (خلاف) (3) في أنه مرتّب أو مخيّر. و المصنّف اختار فيما سبق الترتيب (4) و هو

**********

شرح:

-لكن وقع الخلاف من بعض العلماء بعدم التخيير بل قال بالترتيب.

فمن الإيضاح المذكور يظهر لك معنى العبارة بأنّ المراد من «الثلاث الاول» هو الخصال الثلاث التي ذكرها أولا كما تقدّم.

و المراد من «الثلاثة الاولى» هو الأصناف الثلاثة من الصيد. و «الأول» في قوله «الثلاث الاول» صفة للثلاث جمع مفرده: الاولى، و المذكّر: الأول، و جمع المذكّر:

الأوائل. و تأنيث الصفة باعتبار تأنيث الموصوف، فإنّ الثلاث مؤنث لأنّ الأعداد الى العشرة على خلاف غيرها في إتيان التاء في المذكّر لا المؤنّث.

و إتيانه بصيغة الجمع باعتبار الخصال المتعدّدة. و في قوله «من الثلاثة الاولى» أفرد الصفة و هي الاولى نظرا الى لفظه.

الأوّل: ضد الآخر أصله أوأل على أفعل مهموز الأوسط ، قلبت الهمزة واوا و ادغم.

و يدلّ الى ذلك قولهم: هذا أوّل منك، جمعه: أوائل. و الأوالي أيضا على القلب.

و قال قوم: أصله و وأل على فوعل فقلبت الواو الاولى همزة.

و تقول في المؤنّث: هي الأولى مثل الاخرى. و آخر، جمعه: الاول و الاوّل. (أقرب الموارد).

(1)بيان من الثلاثة الاولى. أي الأصناف الثلاثة التي ذكر في كفّارات الصيد في كتاب الحجّ في الفصل السادس منه.

(2)أي ليس الخلاف في التخيير و الترتيب في جميع جزاء الصيد لأنّ في بعضها الجمع و في بعضها المعيّنة كما ذكر في كفّارات الحجّ .

(3)مبتدأ مؤخّر لقوله «في كفّارة جزاء الصيد».

(4)لا يخفى أنّ مختار المصنّف رحمه اللّه فيما سبق من كتاب الحجّ يستفاد من عطفه ب «ثمّ » -

ص: 123

أقوى (1)، و مبنى الخلاف على دلالة ظاهر الآية (2) العاطفة للخصال ب «أو» الدالّة على التخيير، و دلالة (3) الخبر على أنّ ما في القرآن ب «أو» فهو على التخيير (4)،

**********

شرح:

-كما قال: «ففي النعامة بدنة، ثمّ الفضّ على البرّ، و إطعام ستين...». و هكذا قال «و في بقرة الوحش و حماره بقرة أهلية، ثمّ الفضّ ، و نصف ما مضى».

و هكذا أتى في كفّارة الظبي و الثعلب و الأرنب. ارجع الى عبارته التي ذكرناها في الإيضاح المتقدّم يظهر لك المطلب بسهولة.

(1)أي المختار من المصنّف رحمه اللّه أقوى عند الشارح قدّس سرّه.

(2)و هو قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمّا سَلَفَ وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَ اللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (1) . (المائدة: 95).

ففي الآية كما ترى أتى ب «أو» العاطفة الدالّة على التخيير.

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «على دلالة ظاهر الآية». يعني أنّ مبني الخلاف على دلالة ظاهر الآية و على دلالة الخبر بأنّ «أو» المستعملة في القرآن بمعنى التخيير.

(4)و الرواية الدالّة على كون «أو» المستعملة في القرآن بمعنى التخيير منقولة في الوسائل:

عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على كعب بن هجرة الأنصاري و القمّل يتناثر من رأسه و هو محرم فقال: أ تؤذيك هوامك ؟ فقال:

نعم، قال صلّى اللّه عليه و آله: فانزلت هذه الآية فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (2) . فأمره رسول اللّه بحلق رأسه و جعل عليه الصيام ثلاثة أيّام و الصدقة على ستة مساكين لكلّ مسكين مدّان و النسك شاة.-

ص: 124


1- سوره 5 - آیه 95
2- سوره 2 - آیه 196

و على (1) ما روي نصّا من أنها على الترتيب، و هو (2) مقدّم.

الكفارة التي جمعت الوصفين

(و التي جمعت) الوصفين (3)(كفّارة اليمين، و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة) مخيّر بين الثلاث (فإن عجز فصيام ثلاثة أيّام).

**********

شرح:

-قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و كلّ شيء في القرآن «أو» فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، و كلّ شيء في القرآن «فمن لم يجد فعليه كذا» فالأول بالخيار. (الوسائل: ج 9 ص 295 ب 14 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ح 1، و الآية المذكورة 196 من سورة البقرة).

(1)عطف على قوله «على دلالة ظاهر الآية». يعني مبنى الخلاف على ظاهر الآية و على الرواية التي دلّت بالنصّ و الصراحة من أنّ الكفّارات الاول المذكورة في الأصناف الثلاثة من الصيود على الترتيب، و الرواية مذكورة في الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن محرم أصاب نعامة و حمار وحش ؟ قال: عليه بدنة. قال: قلت: فإن لم يقدر على بدنة ؟ قال: فليطعم ستين مسكينا، قلت: فإن لم يقدر على أن يتصدّق ؟ قال: فليصم ثمانية عشر يوما، و الصدقة مدّ على كلّ مسكين... الحديث. (الوسائل: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفّارات الصيد و توابعها ح 3).

(2)الضمير يرجع الى «ما روي». هذا نظر الشارح رحمه اللّه في الخلاف المذكور و هو اختيار الترتيب، لأنّ الرواية المذكورة الدالّة على الترتيب خاصّة تخصّص الآية الشريفة.

(3)المراد من «الوصفين» هو المخيّرة و المرتّبة، و هذا هو القسم الرابع من أقسام الكفّارات الخمس المذكورة آنفا، و هي كفّارة اليمين. فإذا خالف المكلّف يمينه فحينئذ تجب عليه كفّارة الجمع بين المخيّرة و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة و بين المرتّبة و هي صيام ثلاثة أيّام اذا عجز عن الثلاثة المذكورة.

ص: 125

كفّارة الجمع

(و كفّارة الجمع (1) لقتل المؤمن عمدا ظلما (2)، و هي عتق رقبة و صيام شهرين) متتابعين (و إطعام ستين مسكينا) و قد تقدّم (3) أنّ الإفطار في شهر رمضان على محرّم مطلقا يوجبها (4) أيضا. فهذه جملة الأقسام.

أنواع اختلف في كفّاراتها

و بقي هنا أنواع اختلف في كفّاراتها أتبعها (5) بها فقال: (6)(و الحالف)

**********

شرح:

(1)المراد من «كفّارة الجمع» هنا هو وجوب الخصال الثلاث: عتق رقبة، صيام ستين يوما، و إطعام ستين مسكينا. و هي تجب في موردين:

الأول: في قتل المؤمن عمدا، و قد تقدّم توضيح قتل العمد.

الثاني: في إفطار صوم شهر رمضان بالحرام كما اذا أبطل صومه بشرب الخمر أو أكل الميتة و لحم الخنزير و غير ذلك من المحرّمات.

(2)في مقابل القتل حقّا مثل القصاص.

و الضمير في قوله «هي» يرجع الى كفّارة الجمع.

(3)أي تقدّم في كتاب الصوم في المسألة الثانية من مسائله في وجوب الكفّارات الثلاث عند الإفطار بالمحرّم في قول المصنّف رحمه اللّه «و لو أفطر على محرّم مطلقا فثلاث كفّارات».

و في تفسير «مطلقا» قال الشارح رحمه اللّه «أصليا كان تحريمه كالزنا و الاستمناء و تناول مال الغير بغير إذنه (الى قوله) أو عارضيا كوط ء الزوجة في الحيض و ماله النجس».

(4)الضمير في قوله «يوجبها» يرجع الى كفّارة الجمع، و هذا هو المورد الثاني من موردي كفّارة الجمع.

(5)أي ذكر المصنّف رحمه اللّه أنواع الكفّارات المختلف فيها بعد ذكر أقسام الكفّارات المذكورة.

و قوله «بها» أي بالأقسام المذكورة.

(6)فاعله مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

ص: 126

(بالبراءة (1) من اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام) على الاجتماع (2) و الانفراد (3)(يأثم) (4) صادقا كان أم كاذبا (5)، و في الخبر أنه يبرأ بذلك (6) منهم صادقا و كاذبا، و اختلف في وجوب الكفّارة به مطلقا (7) أو مع الحنث (8)، فنقل المصنّف هنا

**********

شرح:

(1)الحلف بالبراءة من اللّه تعالى و رسوله و الأئمة عليهم السّلام متعارف بين عوام الناس، كما اذا قال: إن فعلت كذا فأنا بريء من اللّه و رسوله و الأئمة.

فقال المصنّف رحمه اللّه بأنّ الحالف كذلك يكون آثما عند اللّه، بلا فرق بين كونه صادقا أو كاذبا، لكن في وجوب الكفّارة عليه خلاف كما سيشير إليه رحمه اللّه.

البراءة من برئ منه براءة: تخلّص و سلم.

و البراءة: السلامة من الذنب و العيب و التخلّص من الشبهة. (أقرب الموارد).

و المراد هنا المفارقة و البينونة و عدم التعلّق.

(2)بأن حلف بالبراءة من اللّه تعالى و رسوله و الأئمة عليهم السّلام جميعا.

(3)بأن حلف بالبراءة من أحدهم بالخصوص.

(4)خبر لقوله «و الحالف... الخ».

(5)بأن يحلف بترك شيء و الحال يفعله، و هكذا العكس.

(6)يعني ورد في الخبر بأنّ الحالف كذلك يكون بريئا من اللّه تعالى و رسوله و الأئمة عليهم السّلام، و الخبر منقول في الوسائل:

عن يونس بن ظبيان قال: قال لي: يا يونس، لا تحلف بالبراءة منّا، فإنّه من حلف بالبراءة منّا صادقا كان أو كاذبا فقد برئ منّا. (الوسائل: ج 16 ص 126 من أبواب كتاب الأيمان ح 2).

(7)أي سواء حنث و تخلّف أم لا.

(8)مثل أن حلف بالبراءة المذكورة لو فعل كذا فخالف حلفه.

الحنث - بكسر الحاء -: الخلف في اليمين. (لسان العرب).

ص: 127

قولين (1) من غير ترجيح، و كذا في الدروس (و) هو أنه (يكفّر كفّارة ظهار (2)، فإن عجز فكفّارة يمين (3) على قول) الشيخ في النهاية و جماعة، و لم نقف على مستنده، و ظاهرهم (4) وجوب ذلك مع الحنث و عدمه و مع الصدق و الكذب.

(و في توقيع (5) العسكري عليه السّلام) إلى محمّد بن الحسن الصفّار الذي رواه

**********

شرح:

(1)المراد من «القولين» هو القول بوجوب الكفّارة مطلقا و هي كفّارة الظهار لو قدر و كفّارة حنث اليمين لو عجز عنها، و القول بوجوب إطعام عشرة مساكين مع الحنث. فهذان القولان ذكرهما المصنّف رحمه اللّه بلا اختيار أحد منهما.

(2)قد تقدّمت كفّارة الظهار و هي المرتّبة بين الخصال الثلاث المذكورة.

(3)و كذلك تقدّمت كفّارة حنث اليمين و هي الجمع بين المخيّرة و المرتّبة.

(4)أي ظاهر كلام الشيخ الطوسي و جماعة عدم الفرق في وجوب الكفّارة المذكورة بين حنث الحالف يمينه و عدمه، و أيضا لا فرق بين صدق يمينه أو كذبه.

(5)التوقيع: ما يوقّع في الكتاب، إلحاق شيء في الكتاب بعد الفراغ منه. (أقرب الموارد، المنجد).

و المراد من «التوقيع» المصطلح هو جواب الأئمة عليهم السّلام على الأسئلة و الاستفسارات عن المسائل المختلفة و التي كتبها أصحابهم و محبّيهم لهم، و قد كانوا يكتبون الأسئلة و يجعلون الفواصل بعد كل سؤال و استفسار كي يكتب الإمام عليه السّلام جوابه فيه، و لعلّ التناسب بين المعنى اللغوي - و هو إلحاق شيء بعد الفراغ من الكتاب - و الاصطلاحي حاصل بهذا المعنى.

و توقيع الإمام العسكري عليه السّلام في هذا المقام منقول في الوسائل:

محمّد بن يعقوب قال: كتب محمد بن الحسن الى أبي محمّد عليه السّلام: رجل حلف -

ص: 128

محمّد بن يحيى في الصحيح (أنه) مع الحنث (يطعم عشرة مساكين) لكلّ مسكين مدّ (و يستغفر اللّه تعالى)، و العمل بمضمونها حسن (1) لعدم المعارض مع صحّة الرواية.

و كونها (2) مكاتبة و نادرة لا يقدح مع ما ذكرناه، و هو (3) اختيار العلاّمة في المختلف، و ذهب جماعة إلى عدم وجوب كفّارة (4) مطلقا لعدم (5) انعقاد اليمين، إذ لا حلف إلاّ باللّه تعالى، و اتّفق الجميع على

**********

شرح:

-بالبراءة من اللّه و رسوله فحنث، ما توبته و كفّارته ؟ فوقّع عليه السّلام: يطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ و يستغفر اللّه عزّ و جلّ . (الوسائل: ج 16 ص 126 ب 7 من أبواب كتاب الأيمان ح 3).

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة بأنه اختار القول الثاني من القولين، بأنّ الحالف بالبراءة المذكورة يجب عليه إطعام عشرة مساكين لو حنث عملا بمضمون الرواية لصحّتها و عدم المعارض لها.

(2)جواب عن شبهة و هي أنّ روايات المكاتبة في الأغلب ضعيفة لاحتمال التقية فيها، فأجاب رحمه اللّه بأنّ ذلك لا يمنع عن العمل بها مع صحّة السند و عدم المعارض.

(3)الضمير يرجع الى العمل بمضمون الرواية، فإنّ العلاّمة في كتابه المختلف اختار القول الثاني و هو العمل بمضمون التوقيع.

(4)هذا قول ثالث في الحالف بالبراءة المذكورة بأنه لا تجب الكفّارة عليه سواء حنث أم لا، صادقا كان أو كاذبا.

(5)تعليل عدم وجوب الكفّارة فيه بأنّ الكفّارة في صورة انعقاد اليمين، و الحال أنّ اليمين في المقام لم ينعقد فلا تجب الكفّارة. فإنّ الحلف بغير اللّه تعالى ليس يمينا كما سيأتي في باب القول في اليمين من كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

ص: 129

تحريمه مطلقا (1).

في جزّ المرأة شعرها في المصاب كفّارة ظهار

(و في جزّ (2) المرأة شعرها في المصاب كفّارة ظهار) على ما اختاره هنا، و قبله (3) العلاّمة في بعض كتبه و ابن إدريس، و لم نقف (4) على المأخذ.

(و قيل:) (5) كبيرة (مخيّرة) (6) ذهب إليه الشيخ في النهاية استنادا إلى رواية (7) ضعيفة، و في الدروس نسب القول

**********

شرح:

(1)يعني أجمع الفقهاء على حرمة الحلف بغير اللّه سواء حنث أم لا، صادقا كان أو كاذبا.

(2)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «كفّارة ظهار». يعني اذا جزّت المرأة شعر رأسها في المصيبة وجبت عليها كفّارة الظهار.

المصاب و المصابة و المصوبة: الشدّة النازلة. (أقرب الموارد).

و قوله «هنا» إشارة الى هذا الكتاب.

(3)قوله «قبله» ظرف. يعني اختار العلاّمة في بعض كتبه و كذلك ابن إدريس هذا القول قبل المصنّف رحمه اللّه.

(4)فالشارح رحمه اللّه لم يطّلع على مدرك الكفّارة في المقام.

(5)هذا هو القول الثاني في كفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب. و المراد من «الكفّارة الكبيرة» هو كفّارة الظهار في مقابل الكفّارة الصغيرة و هي كفّارة اليمين فإنها إطعام عشرة مساكين.

(6)صفة للكبيرة. يعني أنّ كفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب مثل كفّارة الظهار، لكنّ الفرق بينهما هو أنّ كفّارة الظهار مرتّبة بين العتق ثمّ صوم شهرين متتابعين ثمّ إطعام ستين مسكينا، و كفّارة جزّ الشعر مخيّرة بين المذكورات.

(7)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل :-

ص: 130

الثاني (1) إلى الشيخ و لم يذكر الأول.

و الأقوى عدم الكفّارة (2) مطلقا (3) لأصالة (4) البراءة. نعم يستحبّ لصلاحية الرواية لأدلّة السنن (5)، و لا فرق في المصاب بين القريب

**********

شرح:

-عن خالد بن سدير أخ حنّان بن سدير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل شقّ ثوبه على أبيه أو على أمّه أو على أخيه أو على قريب له، فقال: لا بأس بشقّ الجيوب، قد شقّ موسى بن عمران على أخيه هارون، و لا يشقّ الوالد على ولده و لا زوج على امرأته، و تشقّ المرأة على زوجها.

و اذا شقّ زوج على امرأته أو والد على ولده فكفّارته حنث يمين، و لا صلاة لهما حتّى يكفّرا أو يتوبا من ذلك.

فاذا خدشت المرأة وجهها أو جزّت شعرها أو نتفته ففي جزّ الشعر عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، و في الخدش اذا أدميت و في النتف كفّارة حنث يمين، و لا شيء في اللطم على الخدود سوى الاستغفار و التوبة، و لقد شققن الجيوب و لطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السّلام، و على مثله تلطم الخدود و تشقّ الجيوب. (الوسائل: ج 15 ص 583 ب 21 من أبواب الكفّارات ح 1).

(1)المراد من «القول الثاني» هو وجوب كفّارة الظهار مخيّرة في مقابل القول الأول و هو وجوب كفّارة الظهار مرتّبة.

(2)هذا هو القول الثالث و هو مختار الشارح رحمه اللّه، و هو عدم وجوب الكفّارة في جزّ المرأة شعرها.

(3)أي لا مرتّبة كما هو القول الأول و لا مخيّرة كما هو القول الثاني من الشيخ رحمه اللّه.

(4)تعليل لعدم وجوب الكفّارة في المقام، و هو أصالة البراءة لأنّ الشكّ في التكليف هو مجرى البراءة اذا لم يكن دليل معتبر على التكليف.

(5)يعني تستحبّ الكفّارة على المرأة التي جزّت شعر رأسها في المصاب استنادا -

ص: 131

و غيره للإطلاق (1).

و هل يفرّق بين الكلّ (2) و البعض ؟ ظاهر الرواية اعتبار الكلّ لإفادة الجمع المعرّف (3) أو المضاف (4) العموم. و استقرب في الدروس عدم الفرق لصدق جزّ الشعر و شعرها عرفا بالبعض (5)، و كذا الإشكال في إلحاق

**********

شرح:

-الى الرواية الضعيفة المذكورة فإنّها تصلح أن تكون دليلا للمستحبّات، فإنّ الفقهاء تسامحوا في أدلّة السنن استنادا الى الروايات التي ذكروها في خصوص التسامح فيها.

(1)فإنّ الرواية الدالّة على الكفّارة لجزّ المرأة شعرها في المصاب مطلقة بين المصاب من القريب مثل الأب و الابن و من البعيد مثل ابن العمّ و ابن الخال.

(2)أي هل يحكم بالفرق في وجوب كفّارة جزّ شعر الرأس من المرأة المصابة بين جزّ شعر جميع الرأس و بعضه بأن لا تجب الكفّارة في البعض أم لا؟ فيه قولان:

الأول: اعتبار جزّ شعر جميع الرأس لأنّ الجمع المعرّف المذكور في الرواية يفيد العموم، و هكذا الجمع المضاف.

الثاني: عدم اعتبار جزّ الجميع لصدق جزّ الشعر على بعض شعر الرأس أيضا.

(3)ففي الرواية المتقدّمة قال: «ففي جزّ الشعر...»

(4)و قال فيها أيضا «أو جزّت شعرها». فكلاهما يفيدان العموم.

و المراد من لفظ «الجمع» المحلّى باللام أو المضاف هو لفظ الشعر، فإنّه اسم جنس عند بعض علماء الأدب و جمع عند بعض آخر. و لعلّ تعبير الشارح رحمه اللّه عن لفظ الشعر بلفظ الجمع بالاستناد الى القول الثاني. و على كلّ حال فقد ذكر في الرواية المتقدّمة لفظ الشعر مرّتين معرّفا باللام و مضافا الى الغير، و كلاهما يفيدان العموم.

(5)فاذا جزّت المرأة شعر بعض الرأس يصدق عليه جزّ شعر الرأس.

ص: 132

الحلق (1) و الإحراق بالجزّ من مساواته (2) له في المعنى، و اختاره في الدروس (3)، و من (4) عدم النصّ ، و أصالة البراءة، و بطلان القياس، و عدم العلم بالحكمة الموجبة للإلحاق، و كذا (5) إلحاق جزّه في غير المصاب به من عدم النصّ ، و احتمال الأولوية، و هي (6) ممنوعة.

**********

شرح:

(1)يعني و كذا يأتي الوجهان في إلحاق حلق شعر الرأس أو إحراقه بالجزّ في وجوب الكفّارة و عدمه.

(2)هذا دليل إلحاقهما على الجزّ بأنهما مساويان بالجزّ. يعني لا فرق بين الجزّ بالقراض و بين حلق الشعر بوسائل أخرى، و هكذا إحراق الشعر.

(3)يعني أن المصنّف رحمه اللّه اختار إلحاق الحلق و الإحراق بالجزّ في وجوب الكفّارة في كتابه الدروس.

(4)عطف على قوله «من مساواته». و هذا دليل القول الثاني بعدم إلحاقهما بالجزّ، و هو عدم النصّ فيهما أولا، و جريان أصالة البراءة عند الشكّ في وجوب الكفّارة ثانيا، و بطلان قياس الحلق و الإحراق بالجزّ ثالثا، و عدم العلم بالحكمة الموجبة للإلحاق رابعا. فهذه الأدلّة الأربعة تدلّ على عدم إلحاقهما بالجزّ.

(5)عطف على قوله «و كذا الإشكال». يعني و كذا الوجهان في إلحاق جزّ المرأة شعرها في غير المصاب بجزّه فيه.

الأول: عدم النصّ في جزّه في غير المصاب فلا كفّارة فيه.

الثاني: احتمال الأولوية، بمعنى أنها اذا جزّته في المصيبة التي توجب خروجها عن التسلّط لنفسها وجبت عليها الكفّارة، فاذا جزّته في غير حال المصيبة وجبت عليها الكفّارة بطريق أولى.

(6)الضمير يرجع الى الأولوية. يعني أنّ الأولوية المذكورة ممنوعة لاحتمال كون-

ص: 133

(و في نتفه) (1) أي نتف شعرها (أو خدش وجهها أو شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفّارة يمين على قول الأكثر) و منهم (2) المصنّف في الدروس جازما به من غير نقل خلاف، و كذلك العلاّمة في كثير من كتبه.

و نسبته (3) هنا إلى القول يشعر بتوقّفه فيه، و هو (4) المناسب، لأنّ مستنده

**********

شرح:

-حرمة الجزّ عند المصاب مشعرا عن عدم رضاها بما قدّره اللّه تعالى و قضاه، و هذه الحكمة لم توجد في حقّ المرأة التي لم ترى المصيبة.

(1)هذا خبر مقدّم لقوله «كفّارة يمين». يعني بناء على قول أكثر الفقهاء تجب كفّارة اليمين في ثلاثة موارد:

الأول: اذا نتفت المرأة شعرها.

الثاني: اذا خدشت المرأة وجهها.

الثالث: اذا شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته.

(2)أي من جملة الفقهاء المذكورين المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس فإنّه أفتى بالكفّارة المذكورة بالجزم و اليقين و لم ينقل الخلاف عن الغير، و كذلك العلاّمة رحمه اللّه في كثير من كتبه.

(3)أي نسبة المصنّف رحمه اللّه وجوب الكفّارة في هذا الكتاب الى قول الأكثر يشعر بأنه توقّف في الوجوب.

و الضمير في قوله «نسبته» يرجع الى الوجوب، و في قوله «بتوقّفه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

(4)الضمير يرجع الى التوقّف. يعني أنّ التوقّف في الحكم بالوجوب يناسب الحقّ لأنّ مستند الحكم بوجوب الكفّارة هو الرواية التي اعترف المصنّف رحمه اللّه بضعفها فكيف يحكم به ؟!

و الرواية المذكورة آنفا عن خالد بن سدير دالّة على وجوب الكفّارة في المقام -

ص: 134

الرواية التي دلّت على الحكم السابق، و المصنّف اعترف بضعفها في الدروس، و ليس بين المسألتين (1) فرق إلاّ تحقّق الخلاف في الاولى دون هذه. و الكلام في نتف بعض الشعر كما سبق (2).

و لا فرق بين الولد للصلب (3) و ولد الولد و إن نزل ذكرا (4) أو انثى لذكر.

و في ولد الانثى (5) قولان، أجودهما (6) عدم اللحوق، و لا في الزوجة بين الدائم (7) و المتمتّع بها، و المطلّقة (8) رجعيا زوجة، و لا يلحق بها الأمة و إن

**********

شرح:

-بقوله عليه السّلام فيها «و اذا شقّ زوج على امرأته أو والد على ولده فكفّارته حنث يمين».

و أيضا قال فيها «و في الخدش اذا أدميت و في النتف كفّارة حنث يمين».

(1)المراد من «المسألتين» هو مسألة جزّ المرأة شعرها التي تقدّم الخلاف في وجوب الكفّارة فيها و مسألة خدشها وجهها و شقّ الرجل ثوبه، فلا فرق بينهما من حيث المدرك، لكنّ الفرق بينهما الخلاف بين الفقهاء في الاولى و عدمه في الثانية.

(2)أي سبق الوجهان في جزّ بعض شعر الرأس.

(3)المراد من «الولد للصلب» هو نفس الأولاد في مقابل ولد الولد و إن نزل.

(4)أي لا فرق في أولاد الأولاد بين كونهم ذكورا أو انثى لأولاد الذكور.

(5)أي في وجوب الكفّارة في شقّ الثوب لأولاد البنت قولان مبنيّان على أنّ ولد البنت ولد حقيقة أم لا؟ فعلى الأول يشمله، و على الثاني لا يشمله إطلاق الدليل فلا تجب الكفّارة فيها.

(6)أي أجود القولين.

(7)أي لا فرق في وجوب الكفّارة اذا شقّ الرجل ثوبه في زوجته بين كونها دائمية أو منقطعة.

(8)مبتدأ، و خبره هو قوله «زوجة». يعني اذا شقّ الرجل ثوبه في زوجته المطلّقة-

ص: 135

كانت سرّية (1) أو أمّ ولد.

و يعتبر في الخدش الإدماء كما صرّحت به الرواية (2) و أطلق الأكثر و صرّح جماعة منهم العلاّمة في التحرير بعدم الاشتراط (3)، و المعتبر منه مسمّاه (4)، فلا يشترط استيعاب الوجه، و لا شقّ جميع الجلد.

و لا يلحق به (5) خدش غير الوجه و إن أدمى، و لا لطمه (6) مجرّدا، و يعتبر في الثوب مسمّاه (7) عرفا، و لا فرق فيه بين الملبوس و غيره، و لا

**********

شرح:

-رجعية وجبت عليه الكفّارة لأنها في حكم الزوجة ما دام في العدّة، بخلاف المطلّقة بائنا فإنّها انقطعت عنها العلاقة الزوجية.

(1)السرّية - بضمّ السين و كسر الراء المشدّدة و فتح الياء المشدّدة -: الأمة التي تقام في بيت، و الأغلب أنّ اشتقاقها من السرّ، جمعها: سراري. (المنجد).

يعني لو شقّ الرجل ثوبه في موت أمته السرّية التي جعلها مدخولا بها لا تجب عليه الكفّارة، و كذلك أمته التي كانت صاحب ولد من مولاها.

(2)و هو قوله عليه السّلام في رواية خالد بن سدير المتقدّمة آنفا «و في الخدش اذا أدميت و في النتف كفّارة حنث يمين».

(3)أي لا يشترط في وجوب الكفّارة بالخدش الإدماء بل تجب مطلقا به.

(4)الضمير في قوله «مسمّاه» يرجع الى الخدش. يعني اذا حصل الخدش الموجب للإدماء يكون موجبا للكفّارة و لو كان بمقدار المسمّى و لم يستوعب تمام الوجه أو لم يشقّ الجلد كلاّ.

(5)أي لا يلحق بشقّ الوجه في وجوب الكفّارة شقّ سائر الأعضاء مثل شقّ جلد الركبة و الصدر و غيرهما و لو كان مدميا و موجبا لخروج الدم.

(6)الضمير في قوله «لطمه» يرجع الى الوجه. يعني اذا لطم الوجه لا تجب الكفّارة عليه اذا كان مجرّدا عن الخدش.

(7)أي يعتبر في اللباس مسمّاه عرفا، فلو شقّ الرجل ما لا يسمّى في العرف -

ص: 136

بين شقّه ملبوسا و منزوعا (1)، و لا بين استيعابه (2) بالشقّ و عدمه، و لا كفّارة بشقّه (3) على غير الولد و الزوجة، و أجازه (4) جماعة على الأب و الأخ لما نقل من شقّ بعض الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام فيهما (5)، و لا في شقّ (6) المرأة على الميّت مطلقا و إن حرم.

من تزوج امرأة في عدّتها

(و قيل: (7) من تزوج امرأة في عدّتها فارقها و كفّر بخمسة أصوع)

**********

شرح:

-لباسا لا تجب الكفّارة عليه، مثل شقّ القلنسوة أو المنطقة أو غيرهما.

(1)كما لو نزع الثوب و شقّه فتجب عليه حينئذ الكفّارة أيضا.

(2)بأن شقّ تمام الثوب أو بعضا منه.

(3)فاذا شقّ الرجل ثوبه في مصيبة غير الولد أو الزوجة لا تجب عليه الكفّارة.

(4)الضمير في قوله «أجازه» يرجع الى شقّ الثوب، فقال جماعة من الفقهاء بجواز ذلك و عدم وجوب الكفّارة عليه في مصيبة الأب و الأخ لما دلّ بعض الروايات بشقّ بعض الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام ثوبه في الأب و الأخ.

من حواشي الكتاب: روي أنّ موسى عليه السّلام شقّ قميصه على هارون عليه السّلام أخيه، و أنه لمّا قبض عليّ بن محمّد عليهما السّلام رئي الحسن بن علي عليهما السّلام قد خرج من الدار و قد شقّ قميصه من قدّام و خلف. (حاشية الملاّ احمد رحمه اللّه).

(5)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى الأخ و الأب.

(6)أي لا كفّارة في شقّ المرأة على الميّت سواء كان لزوجها أو ولدها أو غيرهما، لكن يحرم.

(7)أي و من الكفّارات المختلف فيها و التي قال الشارح رحمه اللّه في ص 126 «بقي هنا أنواع اختلف في كفّاراتها أتبعها بها» هذه الكفّارة، بأنه قال بعض الفقهاء: اذا تزوج الرجل امرأة في عدّتها وجب عليه أن يفارقها و وجبت الكفّارة بخمسة أصوع دقيقا.

ص: 137

(دقيقا (1)) نسب (2) ذلك إلى القول متوقّفا فيه، و جزم به في الدروس، و مستنده (3) رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و هي مع تسليم

**********

شرح:

(1)هذا تمييز من الأصوع.

الأصوع: جمع مفرده: الصاع، و هو عند أهل العراق ثمانية أرطال، و جمعه أيضا:

أصواع و وصوع و صيعان. (أقرب الموارد). و مقداره المعروف 3 كيلوغرام كما تقدّم في تعيين مقدار الكرّ في كتاب الطهارة.

الدقيق: الطحين، جمعه: أدقّة و أدقّاء. (أقرب الموارد، المنجد).

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه نسب وجوب الكفّارة الى قول، بقوله «و قيل: من تزوج... الخ» و لم يختره بل كان متوقّفا في ذلك الحكم، لكن جزم المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بالوجوب.

(3)الضمير في قوله «مستنده» يرجع الى الحكم بوجوب الكفّارة في المقام.

و قد نقل الرواية الشيخ علي ابن الشيخ محمّد حفيد الشهيد الثاني رحمهما اللّه في حاشيته على الكتاب عن أبي بصير:

من حواشي الكتاب: قال: سألته عن امرأة تزوجها رجل فوجد لها زوجا، قال: عليه الجلد و عليها الرجم لأنه قد تقدّم بعلم و تقدّمت هي بعلم، فكفّارته إن لم يقدم الى الإمام عليه السّلام أن يتصدّق بخمسة أصوع دقيقا.

و حملوا المعتدّة على ذات البعل، أمّا في العدّة الرجعية فظاهر، و أمّا في البائن فلعدم فرق الأصحاب بين العدّتين.

و في الرواية ضعف لاشتراك أبي بصير و مجهولية إسماعيل بن مرّار في روايتها.

(حاشية الشيخ علي رحمه اللّه)

و نقل المحشّي الآخر رواية اخرى من الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يتزوّج المرأة و لها زوج قال: اذا لم -

ص: 138

سندها (1) لا تصريح فيها (2) بالوجوب، فالقول بالاستحباب أوجه، و في الرواية تصريح بالعالم (3)، و أطلق الأكثر، و لا حجّة (4) في لفظ الكفّارة على

**********

شرح:

-يرفع الى الإمام فعليه أن يتصدّق بخمسة أصوع دقيقا. (الوسائل: ج 15 ص 585 ب 36 من أبواب الكفّارات ح 1) و قد نقل في كتاب المسالك الروايتين عن أبي بصير هكذا:

الاولى: أبو بصير عن الصادق عليه السّلام قال: سألته عن امرأة تزوجها رجل فوجد لها زوجا، قال عليه السّلام: عليه الحدّ و عليها الرجم لأنه قد تقدّم بعلم و تقدّمت هي بعلم، و كفّارته إن لم يقدم الى الإمام أنّ يتصدّق بخمسة أصوع دقيقا.

الثانية: أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل تزوج امرأة و لها زوج، فقال: اذا لم يرفع خبره الى الإمام فعليه أن يتصدّق بخمسة أصوع دقيقا بعد أن يفارقها.

(1)قد تقدّم في حاشية الشيخ علي رحمه اللّه وجه ضعف السند باشتراك أبي بصير بين الضعيف و الموثّق و غير ذلك.

(2)لأنه أتى في كلّ من الروايتين المنقولتين عن المسالك بجملة خبرية، و هي ظاهرة في الوجوب و ليست بصريحة فيه، فحمل الرواية على الاستحباب أوجه من حملها على الوجوب.

(3)هذا مطلب آخر هو أنّ الرواية تدلّ على وجوب الكفّارة على الذي تزوج ذات البعل عالما، لكن عبارة الأكثر مطلق كما تقدّم في الرواية قوله «لأنه قد تقدّم بعلم».

(4)هذا جواب عن إشكال هو أنّ الكفّارة تجب عند الإقدام بالمعصية للستر عليها و لا تتحقّق إلاّ بالعلم.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ لفظ الكفّارة لا يدلّ على اختصاصها بالعالم لأنّ الكفّارة في بعض الموارد تشترك بين العالم و الجاهل كما قال في آخر فصل -

ص: 139

اختصاصها بالعالم، و لا فرق في العدّة (1) بين الرجعية و البائن، و عدّة الوفاة و غيرها (2) و في حكمها (3) ذات البعل و هو (4) مصرّح في الرواية، و لا بين المدخول بها و غيرها، و الدقيق في الرواية و الفتوى مطلق (5). و ربّما قيل باختصاصه (6) بنوع يجوز إخراجه كفّارة

**********

شرح:

-الكفّارات في الحجّ «و لا كفّارة على الجاهل و الناسي في غير الصيد، أمّا فيه فتجب مطلقا عالما كان أو جاهلا».

(1)أي لا فرق في وجوب الكفّارة على من تزوج امرأة في العدّة بين كونها عدّة رجعية أو بائن حتّى عدّة الوفاة. أو غير ذلك مثل عدّة المنقطعة.

(2)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى المذكورات من أقسام العدّة. و المراد من «غيرها» هو عدّة الزوجة المنقطعة.

إيضاح: سيأتي في كتاب الطلاق في الفصل الثاني منه تقسيم الطلاق الى ثلاثة بقوله «و هو ثلاثة: بائن، و هو ستة: طلاق غير الدخول بها، و اليائسة، و الصغيرة، و المختلصة، و المباراة ما لم ترجعا في البذل، و المطلّقة ثالثة بعد رجعتين. و رجعي، و هي ما للمطلّق فيه الرجعة رجع أو لا. و الثالث: طلاق العدّة، و هو أن يطلّق على الشرائط ثمّ يرجع في العدّة و يطأ ثمّ يطلّق في طهر آخر، و هذه تحرم في التاسعة أبدا».

(3)الضمير في قوله «حكمها» يرجع الى المعتدّة. يعني أنّ من تزوج المرأة في حال كونها ذات بعل تجب عليه الكفّارة أيضا مثل من تزوجها في حال العدّة.

(4)أي ذات البعل مصرّح في الرواية في قوله «في رجل يتزوج امرأة و لها زوج» و حملوها على المعتدّة كما تقدّم.

(5)و هو الطحين الشامل لطحن الحنطة و الشعير و الذرة و نحوها.

(6)يعني قال البعض بأنّ المراد من الدقيق ليس الطحين مطلقا بل طحن ما يجوز -

ص: 140

و هو دقيق الحنطة و الشعير.

كفارة من نام عن صلاة العشاء حتّى تجاوز نصف الليل

(و من نام عن صلاة العشاء حتّى تجاوز نصف الليل (1) أصبح صائما) ظاهره (2) كون ذلك على وجه الوجوب، لأنه مقتضى الأمر (3). و في الدروس نسب القول به (4) إلى الشيخ، و جعل الرواية (5) به مقطوعة،

**********

شرح:

-إخراجه في الكفّارة و هو دقيق الحنطة و الشعير لا الغير.

(1)أي و من الكفّارات المختلف فيها و التي قال الشارح رحمه اللّه في ص 126 «بقي هنا أنواع اختلف في كفّاراتها أتبعها بها» الكفّارة التي تأتي على ذمّة من نام عن صلاة العشاء حتّى تجاوز نصف الليل، و هي صوم ذلك اليوم.

(2)أي ظاهر قول المصنف رحمه اللّه هو كون الصوم في ذلك اليوم واجبا لأنه مقتضى الأمر.

(3)و المراد من «الأمر» هو المستفاد من الجملة الخبرية التي في مقام التشريع و الأمر، مثل قوله تعالى وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (1) . (آل عمران: 97).

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى وجوب الصوم. يعني أن المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس لم يختر الوجوب بل نسب الى الشيخ رحمه اللّه و قال بأنّ الرواية الدالّة على وجوب الصوم في المقام مقطوعة.

(5)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عبد اللّه بن المغيرة عمّن حدّثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل نام عن العتمة (صلاة العشاء) فلم يقم الى انتصاف الليل، قال: يصلّيها و يصبح صائما.

(الوسائل: ج 3 ص 157 ب 29 من أبواب المواقيت ح 8).

أقول: إنّ الرواية المرسلة كما تقدّم هي التي لم يسند الرواية الى الإمام عليه السّلام بل عبّرت بقوله «سألته» و لا يعلم أنّ المسؤول هو شخص الإمام عليه السّلام أو أحد من أصحابه، و قد يعبّر عن مثل هذه الرواية بالمضمرة.-

ص: 141


1- سوره 3 - آیه 97

و حينئذ فالاستحباب أقوى (1)، و لا فرق بين النائم كذلك (2) عمدا و سهوا، و في إلحاق السكران (3) به قول ضعيف، و كذا (4) من تعمّد تركها أو نسيه من غير نوم، و لا يلحق به (5) ناسي غيرها قطعا، فلو أفطر ذلك اليوم (6) ففي وجوب الكفّارة من حيث

**********

شرح:

-و أيضا قالوا: إنّ المرسلة هي المقطوعة التي لم يذكر اسم بعض الرواة في السند، فهذه الرواية سمّيت مقطوعة لعدم ذكر بعض الرواة في سندها حيث جاء فيها «عمّن حدّثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام» فلم يذكر اسم من حدّث عنه عليه السّلام.

(1)أي اذا لم تكن الرواية معتبرة فحملها على الاستحباب أقوى كما تقدّم حول التسامح في أدلّة السنن.

(2)أي لا فرق في النائم الذي ترك صلاة العشاء حتّى تجاوز نصف الليل كونه عمدا أو سهوا.

(3)كما اذا عرضه السكر و لم يتوجّه لترك صلاة العشاء حتّى انتصف الليل، ففي وجوب الكفّارة عليه قول ضعيف لأنه يكون قياسا و هو باطل عندنا.

(4)أي و كذا القول ضعيف في وجوب الكفّارة على من ترك صلاة العشاء عمدا أو نسيها حتّى انتصف الليل لا نائما، و الدليل على ضعف القول المذكور بأنه لا يخلو عن القياس الباطل عند أهل الحقّ .

و الضمير في قوله «تركها» يرجع الى صلاة العشاء، و في قوله «أو نسيه» يرجع الى فعل صلاة العشاء.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى النائم. يعني لا يلحق بالنائم في الحكم بوجوب الكفّارة المذكورة ناسي سائر الصلوات مثل صلاة المغرب و الظهرين حتّى انتصف الليل، و القول بعدم إلحاق سائر الصلوات بالعشاء قطعيّ عند الفقهاء.

(6)أي لو أفطر في اليوم الذي يجب عليه صومه ففي وجوب الكفّارة عليه وجهان :-

ص: 142

تعيّنه (1) على القول بوجوبه أو لا بناء على أنه كفّارة فلا كفّارة (2) في تركها وجهان (3)، أجودهما الثاني (4)، و لو سافر فيه مطلقا (5)، أفطره و قضاه و كذا لو مرض (6)، أو حاضت المرأة، أو وافق العيد (7)، أو أيّام التشريق (8)، مع احتمال

**********

شرح:

-الأول: وجوبها من حيث إنّ الصوم فيه واجب متعيّن، مثل صوم يوم معيّن نذره فيه.

الثاني: عدم الوجوب لأنه كفّارة، و لا كفّارة في إفطار ما يجب عليه من جهة الكفّارة.

(1)هذا هو الوجه في وجوب الكفّارة.

(2)هذا وجه عدم وجوب الكفّارة في إفطاره.

و الضمير في قوله «تركها» يرجع الى الكفّارة.

(3)مبتدأ مؤخّر، و خبره هو قوله «ففي وجوب الكفّارة».

(4)أي أجود القولين هو عدم وجوب الكفّارة لأنه موافق لأصالة البراءة، و وجوب الكفّارة في كلّ معيّن ممنوع، و لا دليل على الكلّية من جهة النصّ .

(5)سواء كان السفر ضروريا أو اختياريا.

(6)أي و كذا يفطر و يقضي اذا كان مريضا في اليوم المذكور، أو كانت المرأة حائضا فيه.

(7)أي يفطر و يقضي الصوم المذكور اذا صادف عيدي الفطر أو الأضحى الذي يحرم الصوم فيهما مطلقا.

(8)و هكذا اذا صادف أيّام التشريق و هي ثلاثة أيّام بعد العيد من شهر ذي الحجّة لمن كان بمنى لا في غيرها، لأنه يحرم الصوم في أيّام التشريق لمن حضر في منى مطلقا، كما تقدّم في المسألة الثالثة عشرة من كتاب الصوم بقوله «يحرم صوم العيدين مطلقا و أيّام التشريق لمن كان بمنى، و قيّده بعض الأصحاب بالناسك».

ص: 143

سقوطه (1) حينئذ، و لو صادف صوما متعيّنا (2) تداخلا مع احتمال قضائه (3).

كفّارة ضرب العبد فوق الحدّ

(و كفّارة ضرب (4) العبد فوق الحدّ) الذي (5) وجب عليه بسبب ما

**********

شرح:

(1)يعني يحتمل سقوط الصوم اذا صادف بالأعذار المذكورة.

و المشار إليه في قوله «حينئذ» هو عروض المرض و الحيض و تصادف العيد و أيّام التشريق، فعلى هذا الاحتمال يسقط الصوم فيها.

(2)كما اذا نام عن صلاة العشاء حتّى انتصف الليل و صادف اليوم الآتي أحد أيّام شهر رمضان أو اليوم الذي نذر صومه فيحكم بتداخل الواجبين و هما صوم الكفّارة و الواجب.

(3)أي يحتمل وجوب القضاء بعد إتيان الصوم الواجب.

(4)و من الكفّارات المختلف فيها كفّارة ضرب العبد فوق الحدّ الذي كان بسبب ما فعل من الذنب هي عتق العبد المذكور، ففيه أقوال:

الأول: عتقه مستحبّا كما قال به المصنّف رحمه اللّه و الأكثر.

الثاني: وجوب عتقه.

الثالث: التردّد في الوجوب كما عن المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

الرابع: اعتبار تجاوز الحدّ في وجوب عتقه عن الحدّ المقرّر للحرّ.

(5)أي المراد من «الحدّ» هو الذي قرّر للذنب الذي ارتكبه العبد.

و لا يخفى بكون الحدّ في حقّه في بعض الموارد بمقدار نصف ما تعيّن للحرّ، مثل حدّ الزنا الذي هو مائة جلدة للحرّ و خمسون جلدة للعبد.

و لا يخفى أيضا جواز إجراء الحدّ من المولى لعبده كما تقدّم فلا يختصّ بالحاكم.

و يمكن كون المراد من «الحدّ» غير المقدار المحدود في الذنوب بل يشمل التعزير و التأديب أيضا.

ص: 144

فعله من الذنب أو مطلقا (1)(عتقه (2) مستحبّا) عند الأكثر، و قيل:

وجوبا (3)، و تردّد المصنّف في الدروس مقتصرا على نقل الخلاف، و قيل:

المعتبر تجاوز حدّ الحرّ (4)، لأنه المتيقّن و المتبادر عند الإطلاق، و لو قتله (5) فكفّارته كغيره.

كفّارة الإيلاء كفّارة اليمين

(و كفّارة الإيلاء (6) كفّارة اليمين)

**********

شرح:

(1)أي و لو لم يفعل شيئا يوجب الحدّ فلا يجوز ضربه فوق الحدّ المتعارف، و إلاّ يحكم بالكفّارة.

(2)خبر لقوله «كفّارة ضرب العبد».

(3)هذا هو القول الثاني من الأقوال المذكورة.

(4)هذا هو القول الرابع من الأقوال، بأنّ المعتبر في وجوب الكفّارة هو تجاوز الحدّ الذي يجرى للحرّ، مثلا اذا ضرب العبد في ارتكابه الزنا فوق مائة جلدة وجبت عليه الكفّارة، و ليس المراد فوق حدّ شخص العبد، لأنّ المتبادر و المتيقّن من الحدّ هو حدّ الحرّ لا حدّ العبد اذا أطلق الحدّ.

(5)أي لو قتل المولى عبده وجبت عليه الكفّارة التي في قتل غير العبد، و هي اذا كان القتل عمدا وجبت كفّارة الجمع بين الخصال الثلاثة: العتق و صوم ستين يوما و إطعام ستين مسكينا، و لو كان القتل خطأ وجبت الخصال المذكورة مخيّرة كما تقدّم.

و الضمير في قوله «كغيره» يرجع الى العبد.

(6)سيأتي تفصيل الإيلاء في كتابه إن شاء اللّه تعالى. قال المصنّف رحمه اللّه فيه «الإيلاء هو الحلف على ترك وط ء الزوجة الدائمة أبدا أو مطلقا أو زيادة على أربعة أشهر للإضرار بها» فاذا تمّ الإيلاء فلا يجوز للزوج وط ء زوجته، فللزوجة المرافعة -

ص: 145

لأنه (1) يمين خاصّ

يتعيّن العتق في المرتّبة بوجدان الرقبة

(و يتعيّن العتق في المرتّبة (2) بوجدان الرقبة ملكا أو تسبيبا (3)) كما لو ملك الثمن و وجد الباذل لها (4) زيادة (5) على داره و ثيابه اللائقين بحاله، و خادمه (6) اللائق به أو المحتاج إليه، و قوت يوم و ليلة له و لعياله الواجبي النفقة، و وفاء دينه و إن لم يطالب به (7). نعم لو تكلّف

**********

شرح:

-الى الحاكم فينظره أربعة أشهر ثمّ يجبره بعدها على الفئة بمعنى وط ء الزوجة مع الكفّارة أو الطلاق.

فقال المصنّف رحمه اللّه هنا بأنّ كفّارة الإيلاء هي مقدار كفّارة حنث اليمين، و هي كفّارة الجمع بين المخيّرة و المرتّبة - كما تقدّم - و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجز عن الثلاثة فصيام ثلاثة أيّام.

(1)أي لأنّ الإيلاء يمين مخصوص، و هو اليمين على ترك الزوجة في المدّة الخاصّة، و هو من أفراد اليمين المطلق.

(2)أي الملاك في الكفّارات المرتّبة بين العتق و غيره هو كون المكلّف مالكا للعبد بالفعل، كما اذا كان العبد الموجود في ملكه.

(3)بأن لا يكون مالكا للعبد بل مالكا لثمن العبد، و كان الباذل في مقابل الثمن للعبد موجودا و ممكنا.

(4)الضمير في قوله «لها» يرجع الى الرقبة.

(5)حال من «الثمن». يعني كان المكلّف مالكا لثمن العبد زيادة على داره و ثيابه اللائقين فلا يجب حينئذ بيع الدار و الثياب لتحصيل ثمن العبد.

(6)عطف على قوله «على داره». يعني زيادة على العبد الخادم اللائق بحاله أو العبد المحتاج إليه لكونه مريضا محتاجا الى خدمة عبد أو عبدين مثلا.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع الى الدين. يعني و إن لم يكن الدائن يطلب دينه فعلا.

ص: 146

العادم (1) العتق أجزأه، إلاّ مع مطالبة الديّان، للنهي (2) عن العتق حينئذ و هو عبادة، و العبرة بالقدرة عند العتق لا الوجوب (3).

يشترط في العبد أمور

(و يشترط فيها (4) الإسلام) و هو الإقرار بالشهادتين مطلقا (5) على الأقوى، و هو (6) المراد من الإيمان المطلوب في الآية (7)، و لا يشترط الإيمان الخاصّ (8) و هو الولاء على الأظهر.

**********

شرح:

(1)المراد من «العادم» هو الذي يكون مديونا و تكلّف بمقدار ثمن العبد و أعتقه فيكون مجزئا عن الكفّارة.

(2)فاذا طالبه الديّان لا يجوز له العتق، و يتعلّقه النهي و يوجب بطلان العتق، لأنّ النهي في العبادات يوجب الفساد.

(3)لأنّ المعتبر في التكاليف القدرة عند فعلها لا قبله.

(4)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الرقبة و هي بمعنى العنق، و لعلّ التعبير بها عن المملوك لعقد عنقهم بالأطناب أو السلاسل، فلذا عبّر في القرآن أيضا بالرقبة في قوله تعالى فَكُّ رَقَبَةٍ (1) . (البلد: 13).

فيشترط في العبد الذي يعتق بالكفّارة الإسلام، فلا يكفي عتق المملوك الكافر.

(5)سواء كان مؤمنا أم لا.

(6)الضمير يرجع الى الإسلام. يعني أنّ المراد من لفظ الإيمان المذكور في الآية الشريفة هو الإسلام، لا الإيمان ما لم ينكر ضروريات الدين.

(7)المراد من «الآية» هو قوله تعالى وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاّ خَطَأً وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (2) . (النساء: 92).

(8)المراد من «الإيمان الخاصّ » هو الاعتقاد بولاية الأئمّة المعصومين عليهم السّلام و هم عليّ بن أبي طالب و أولاده المعصومون الى الثاني عشر، رزقنا اللّه زيارتهم و شفاعتهم في الدنيا و الآخرة.

ص: 147


1- سوره 90 - آیه 13
2- سوره 4 - آیه 92

و طفل أحد المسلمين (1) بحكمه، و إسلام الأخرس (2) بالإشارة، و إسلام المسبي (3) بالغا بالشهادتين، و قبله بانفراد المسلم به عند المصنّف و جماعة، و ولد (4) الزنا بهما بعد البلوغ، و بتبعية السابي (5) على القول. و في

**********

شرح:

(1)بصيغة التثنية. يعني أنّ الطفل المتولّد من المسلمين بأن كانا أبواه مسلمين أو كان أحد أبويه مسلما يكون بحكم المسلم، فيجوز عتقه كفّارة.

(2)فاذا كان المملوك أخرس و أظهر الإسلام بالإشارة المفهمة يجوز عتقه كفّارة أيضا، كما تكفي إشارته في سائر الموارد من العقود و غيرها.

(3)المسبي بصيغة اسم المفعول من السبي. بمعنى الأسير الذي يأخذه المقاتل في الحرب.

فلو كان بالغا و أقرّ بالشهادتين يحكم بإسلامه، و يجوز عتقه بقصد الكفّارة.

لكن لو كان الأسير قبل بلوغه بمعنى أن يأخذه المقاتل في حال كونه صغيرا و انفرد المقاتل في أخذه و لم يشترك في أخذه المقاتل الكافر فيحكم بإسلامه أيضا عند المصنّف رحمه اللّه و جماعة. و في مقابل ذلك قول بعدم التبعية في المقام.

و الضمير في قوله «قبله» يرجع الى البلوغ، و في قوله «به» يرجع الى المسبي.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «الأخرس». يعني و إسلام ولد الزنا بإقراره بالشهادتين بعد بلوغه. فلا يكفي عتق المملوك الذي ولد من الزنا قبل بلوغه و بعد بلوغه بدون إقراره بالشهادتين من جهة الكفّارة.

و الضمير في قوله «بهما» يرجع الى الشهادتين.

و قوله «بعد البلوغ» ظرف للشهادتين.

(5)أي الطريق الآخر في الحكم بإسلام ولد الزنا قبل البلوغ و كفاية عتقه في الكفّارة هو سبيه بيد المقاتل المسلم و انفراده به، كما تقدّم في المسبي.

و اللام في قوله «على القول» للعهد الذكري. يعني هذا بناء على القول المذكور بتبعية المسبي الصغير بالسابي في الإسلام.

ص: 148

تحقّقه (1) بالولادة من المسلم و جهان (2)، من انتفائه (3) شرعا، و تولّده (4) منه (5) حقيقة، فلا يقصر عن السابي، و الأول (6) أقوى.

(و السلامة (7) من) العيوب الموجبة للعتق و هي:(العمى)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «تحقّقه» يرجع الى الإسلام. يعني أنّ الكلام المتقدّم في تبعية ولد الزنا بالسابي على القول كان في خصوص المتولّد بالزنا من الكافر، فلو كان متولّدا من المسلم ففي الحكم بإسلامه و جهان.

(2)مبتدأ مؤخّر، و خبره هو قوله «و في تحقّقه».

(3)هذا دليل على عدم الحكم بإسلام المتولّد من الزنا، و هو انتفاء التولّد الشرعي.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «انتفائه». يعني أنّ المتولّد من الزنا يحكم بإسلامه لتولّده من نطفة المسلم.

(5)الضمير في قوله «منه» يرجع الى المسلم. يعني أنّ المتولّد بالزنا من المسلم هو متولّد من المسلم حقيقة، فلا يقصر في الحكم بإسلامه من تبعية المتولّد بالزنا من الكافر بالسابي المسلم المنفرد به.

و لا يخفى أنّ المراد من ولد الزنا المتولّد من الكافر هو الذي تولّد منه سفاحا في مذهب الكفر، فإنّ كلّ دين له طريق حلال و عقد خاصّ ، فبدونه يحكم بالزنا، و معه يحكم بغير الزنا.

(6)المراد من «الأول» هو عدم الحكم بإسلام ولد الزنا المتولّد من المسلم.

وجه قوّة الأول هو أنّ تبعية المتولّد بالزنا من الكافر بالسابي المسلم و الحكم بإسلامه التبعي كان بالدليل للإلحاق، فإذا لم يوجد فلا يحكم به.

و في نجاسة المتولّد بالزنا من المسلم إشكال. فوجه كونه نجسا هو عدم إسلامه التبعي لأبويه لانتفاء التولّد الشرعي. و وجه عدم نجاسته هو كونه متولّدا من نطفة المسلم حقيقة و لو لم يكن شرعيا فيلحق بالمسلم.

(7)بالرفع، عطفا على قوله «الإسلام». أي الشرط الثاني من شروط صحّة عتق-

ص: 149

(و الإقعاد (1) و الجذام و التنكيل (2)) الصادر عن مولاه، و هو أن يفعل به فعلا فظيعا (3)، بأن يجدع (4) أنفه أو يقلع أذنيه و نحوه (5)، لانعتاقه بمجرّد حصول هذه الأسباب على المشهور، فلا يتصوّر إيقاع العتق عليه ثانيا (6).

و لا يشترط سلامته من غيرها (7) من العيوب، فيجزي الأعور (8) و الأعرج (9)

**********

شرح:

-المملوك كفّارة كون الرقبة سالمة من العيوب، و قد ذكر من العيوب المانعة من صحّة العتق كفّارة أربعة، و هي:

الأول: العمى، بأن لا يكون بصيرا.

الثاني: الإقعاد.

الثالث: الجذام.

الرابع: التنكيل.

(1)الإقعاد: الزمن الذي لا يقدر على الحركة و الفعّالية في الامور.

(2)التنكيل من نكل: أي نكص. و نكل به نكلة قبيحة: أصابه بنازلة. نكل بفلان:

صنع به صنيعا يحذّر غيره اذا رآه. (أقرب الموارد).

و المراد هنا هو قوله «أن يفعل... الخ».

(3)الفظيع من فظع الأمر: اشتدّت شناعته فهو فظيع. (أقرب الموارد).

(4)جدع جدعا: قطع أنفه. (أقرب الموارد).

(5)مثل أن يقطع شفتيه أو يقلع إحدى عينيه.

(6)أي إذا حكم بعتقه بأحد الامور المذكورة فكيف يحكم بعتقه دفعة اخرى ؟!

(7)أي لا يشترط سلامة العبد من سائر العيوب كالأمثلة التي سيذكرها.

(8)الأعور: الذي ذهب حسّ إحدى عينيه. (المنجد).

(9)الأعرج: الذي أصابه شيء في رجله فمشى مشية غير متساوية. (المنجد).

ص: 150

و الأقرع (1) و الخصي (2) و الأصمّ (3) و مقطوع أحد الاذنين و اليدين و لو مع إحدى (4) الرجلين و المريض و إن مات في مرضه (5) و الهرم (6) و العاجز عن تحصيل كفايته، و كذا (7) من تشبّث بالحرّية مع بقائه على الملك كالمدبّر (8)، و أمّ الولد و إن لم يجز بيعها (9) لجواز (10) تعجيل عتقها.

و في إجزاء المكاتب (11) الذي لم يتحرّر منه شيء

**********

شرح:

(1)الأقرع من القرع - محرّكة -: ذهاب الشعر عن مقدم الرأس كالصلع أو أشدّ منه. (أقرب الموارد).

(2)الخصي: الذي سلّت خصيتاه و نزعتا. (المنجد).

(3)الأصمّ : الذي انسدّت اذنه. (المنجد).

(4)أي مقطوع إحدى اليدين مع إحدى الرجلين، فيجوز عتق عبد قطعت إحدى يديه مع إحدى رجليه.

(5)يعني يجوز عتق المملوك المريض و لو مات في مرضه.

(6)الهرم - محرّكة -: بلوغ أقصى الكبر.

(7)أي و كذا يجوز عتق المملوك الذي تشبّث بالحرّية لكن لم يخرج عن ملك مالكه كالمثالين المذكورين.

(8)المدبّر: هو الذي قال له مولاه: أنت حرّ دبر وفاتي.

(9)فإنّ أمّ الولد - و هي التي كانت صاحب ولد من مولاها - لا يجوز بيعها لكن يجوز عتقها كفّارة.

(10)فإنّ عدم جواز بيعها إنّما كان لمصلحتها و هي بقاؤها و انعتاقها من إرث ولدها، و التعجيل في عتقها تعجيل في مصلحتها فلا مانع منه.

و الضمير في قوله «عتقها» يرجع الى أمّ الولد.

(11)يعني في كفاية عتق المملوك المكاتب مع مولاه من حيث الكفّارة قولان.

ص: 151

قولان (1)، و إجزاؤه لا يخلو من قوّة (2)، دون المرهون (3) إلاّ مع إجازة المرتهن، و المنذور (4) عتقه، و الصدقة (5) به و إن كان معلّقا (6) بشرط لم

**********

شرح:

-و لا يخفى أنّ المكاتب على قسمين: مطلق و هو الذي كاتب مع مولاه بأن لو أتى من ثمنه جزء يعتق منه بمقداره، و مشروط و هو الذي شرط في عتقه إتيان تمام ثمنه.

فالقول الأول عدم جوازه لأنه تشبّث بالحرّية بالكتابة مع المولى، فلا يجوز تصرّف المولى فيه بالعتق.

و القول الثاني كونه رقّا فعلا فيجوز للمولى التصرّف فيه بالعتق.

(1)مبتدأ مؤخّر، و خبره هو قوله «و في أجزاء المكاتب».

(2)أي الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه هو كفاية عتق المكاتب كفّارة.

(3)أي لا يجوز عتق المملوك الذي جعله موردا للرهن، لأنّ الرهن كما قال المصنّف في كتاب الرهن «هو وثيقة للدين». و قال الشارح رحمه اللّه «و الوثيقة فعيلة بمعنى المفعول أي موثوق به لأجل الدين»..

و قال المصنّف رحمه اللّه في المسألة الثالثة من كتاب الرهن «لا يجوز لأحدهما التصرّف فيه» ففي جواز عتق المرهون كفّارة أيضا يشترط إجازة المرتهن.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «المرهون». يعني دون العبد الذي نذر عتقه، فإنّه يجب عتقه بالنذر، فلا يكفي عن الكفّارة.

(5)بالجرّ، عطفا على قوله «المرهون». يعني دون الصدقة بالنذر، فلا يجوز عتق المملوك الذي نذر أن يجعله صدقة في سبيل اللّه تعالى.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى النذر، و الباء للسببية.

(6)أي و إن كان النذر معلّقا بشرط لم يحصل بالفعل على القول الذي رجّحه المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

و فاعل قوله «لم يحصل» يرجع الى الشرط ، و قوله «بعد» ظرف للشرط .

ص: 152

يحصل بعد، على قول رجّحه المصنّف في الدروس.

(و الخلوّ (1) عن العوض) فلو أعتقه و شرط عليه عوضا لم يقع عن الكفّارة لعدم تمحّض (2) القربة. و في انعتاقه بذلك (3) نظر، و قطع المصنّف في الدروس بوقوعه، و كذا لو (4) قال له غيره: أعتقه عن كفّارتك و لك عليّ كذا، و اعترف المصنّف هنا (5) بعدم وقوع العتق مطلقا. نعم لو أمره (6)

**********

شرح:

(1)بالرفع، عطفا على قوله «الإسلام». يعني الشرط الثالث من شروط صحّة العتق كفّارة خلوّ العتق عن العوض، فلا يكفي العتق في مقابل العوض عن الكفّارة.

(2)أي لم يكن العتق خالصا لوجه اللّه تعالى.

(3)المشار إليه في قوله «بذلك» هو العوض. يعني اذا لم يكن مجزئا عن الكفّارة فهل يعتق المملوك أم لا؟ فيه و جهان:

الأول: عدم عتقه، لأنّ العتق المطلق لم يكن مقصودا، و المقصود كونه كفّارة لم يقع.

الثاني: عتقه، لأنه قصد العتق و لو كفّارة فيقع، كما قطع بذلك المصنّف رحمه اللّه في الدروس.

(4)أي و كذا لا يصحّ العتق كفّارة اذا قال غيره: أعتقه... الخ.

(5)المشار إليه في قوله «هنا» هو المسألة الثانية. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قطع بوقوع العتق لا عن الكفّارة في المسألة السابقة، و لكن اعترف بعدم العتق مطلقا في هذه المسألة و الفرق بينهما غير واضح.

(6)هذا استدراك من عدم كفاية العتق بالعوض عن الكفّارة، فإنّه يكفي العتق بالعوض في صورة، و هي اذا قال الآمر: أعتقه كفّارة عنّي بعوض أو بغيره، فحينئذ يجزي العتق عن الآمر.

ص: 153

بعتقه عن الآمر بعوض أو غيره أجزأ (1)، و النية (2) هنا من الوكيل، و لا بدّ من الحكم بانتقاله (3) إلى ملك الآمر و لو لحظة، لقوله صلّى اللّه عليه و آله «لا عتق إلاّ في ملك» (4). و في كونه هنا قبل

**********

شرح:

(1)جواب لقوله «لو أمره». وجه الإجزاء في هذه الصورة هو أنه في حكم الاشتراء و الإعتاق، فتمحّض النية فيها للّه تعالى.

(2)لا بدّ في العتق من النية لأنه من العبادات، و هي في هذه الصورة من الوكيل.

(3)أي لا بدّ من أن يحكم بانتقال العبد المعتق داخلا في ملك الآمر و لو لحظة ليصحّ العتق، لأنه ورد في الرواية عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال «لا عتق إلاّ في ملك».

و في زمان دخوله في ملك الآمر ففي المسألة أقوال:

الأول: دخوله في ملك الآمر قبل إجراء صيغة العتق.

الثاني: دخوله في ملك الآمر بالشروع في صيغة العتق. بمعنى أنه يدخل في ملك الآمر حين شروع المأمور بقوله «أعتقت» و يعتق بعد تمامه.

الثالث: بعد إتمام الصيغة يدخل في ملك الآمر ثمّ يعتق، ففيه يحتاج الى فاصلة زمان حصول الملك للآمر.

الرابع: دخوله في ملك الآمر بمحض أمره، و العتق يكون كاشفا عنه.

الخامس: انتقال العبد في ملك الآمر اذا اقترن العتق بالأمر الصادر عن الآمر.

فلو لم يقترن لم يحكم بدخوله في ملك الآمر.

و لا يخفى الفرق بين الخامس و الرابع، بأنه يشترط في الخامس - الذي وجّهه الشارح رحمه اللّه بقوله «و الوجه انتقاله بالأمر المقترن بالعتق» - اقتران العتق بالأمر الصادر عن الآمر و إلاّ لا يدخل في ملكه عند الفصل، بخلاف القول الرابع فعليه يدخل في ملك الآمر و لو حصل الفاصل بينهما.

(4)هذا مضمون الرواية المنقوله في الوسائل:-

ص: 154

العتق (1) أو عند الشروع فيه (2) أو بعد (3) وقوع الصيغة ثمّ يعتق أو بكون العتق كاشفا عن ملكه بالأمر (4) أوجه (5)، و الوجه (6) انتقاله بالأمر المقترن بالعتق.

(و النية) (7) المشتملة على قصد الفعل على وجهه (8) متقرّبا، و المقارنة (9) للصيغة.

(و التعيين (10) للسبب) الذي يكفّر عنه، سواء تعدّدت الكفّارة في ذمّته

**********

شرح:

-عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا طلاق قبل نكاح و لا عتق قبل ملك. (وسائل الشيعة: ج 16 ص 7 ب 5 من أبواب العتق ح 1).

(1)هذا هو القول الأول من الأقوال المذكورة.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى العتق، و هذا هو القول الثاني من الأقوال.

(3)ظرف لدخول العبد في ملك الآمر، و هذا هو القول الثالث منها.

(4)الجارّ و المجرور متعلّقان بملكه، و هذا هو الرابع من الأقوال.

(5)مبتدأ مؤخّر، و خبره هو قوله «و في كونه... الخ».

(6)أي الأوجه هو أن يقال بانتقاله لملك الآمر عند تقارن الأمر و إجراء صيغة العتق، فلو لم يقترن لا يدخل في ملك الآمر، و هذا هو خامس الأقوال.

(7)بالرفع، عطفا على قوله «الإسلام». يعني يشترط في العتق النية المشتملة على الوجه و القربة الى اللّه تعالى. و هذا هو الشرط الرابع من شروط صحّة عتق المملوك كفّارة.

(8)المراد من «الوجه» هو عنوان الوجوب أو الندب.

(9)عطف على قوله «المشتملة». يعني يشترط في العتق النية المشتملة على قصد الفعل قربة الى اللّه و الوجه و مقارنتها لصيغة العتق.

(10)بالرفع، عطفا على قوله «الإسلام». أي الخامس من شروط صحّة عتق -

ص: 155

أم لا (1)، و سواء تغاير الجنس (2) أم لا، كما يقتضيه الإطلاق (3)، و صرّح به (4) في الدروس. و وجهه (5) أنّ الكفّارة اسم مشترك بين أفراد مختلفة، و المأمور به (6) إنّما يتخصّص بمميّزاته (7) عن غيره ممّا يشاركه.

و يشكل (8) بأنه مع

**********

شرح:

-المملوك كفّارة تعيين سبب العتق، بأن يقصد كون العتق بسبب إفطاره صوم شهر رمضان أو الظهار أو غيرهما.

(1)يعني لا يشترط في وجوب تعيين السبب تعدّد الكفّارات في ذمّته، بل و لو كان السبب واحدا وجب تعيينه.

(2)المراد من «الجنس» هنا هو النوع. يعني لا فرق في وجوب تعيين سبب الكفّارة بين كون نوع الكفّارة التي في ذمّته متغايرا أو متّحدا.

(3)أي الإطلاق المذكور في قوله «و التعيين للسبب».

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى الإطلاق.

(5)أي وجه لزوم تعيين السبب هو أنّ الكفّارة اسم مشترك بين أفراد مختلفة فيجب التعيين.

(6)المراد من «المأمور به» هنا هو الكفّارة، فانّ الكفّارة المأمور بها بأسباب مختلفة إنّما يتخصّص بمميّزاته عن غير المأمور به ممّا هو مشترك به.

(7)الضمائر الثلاثة كلّها ترجع الى المأمور به.

(8)هذا إشكال من الشارح رحمه اللّه على الدليل المذكور لوجوب التعيين، بانّه اذا اتّحدت الكفّارة في ذمّة المكلّف كما اذا أفطر صوم شهر رمضان و وجبت في ذمّته إحدى الخصال الثلاث فلا اشتراك بغير، فيجب حينئذ التعيين.

إيضاح: اعلم أنّ إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «و يشترط التعيين للسبب» يشمل على صور ثلاث:-

ص: 156

اتّحادها (1) في ذمّته لا اشتراك، فتجزي نيّته عمّا في ذمته من الكفّارة، لأنّ غيره (2) ليس مأمورا به، بل و لا يتصوّر وقوعه (3) منه في تلك الحالة شرعا، فلا وجه للاحتراز عنه كالقصر (4) و التمام في غير موضع التخيير (5).

**********

شرح:

-الاولى: اذا لم تجب على ذمّة المكلّف إلاّ كفّارة واحدة، كما اذا حنث النذر و وجبت عليه كفّارته، أو أفطر صوم شهر رمضان كذلك.

الثانية: اذا وجبت عليه كفّارات متعدّدة لكن اتّحدت أسبابها، كما اذا أفطر صوم شهر رمضان في أيّام متعدّدة.

الثالثة: اذا تعدّدت الكفّارات و اختلفت أسبابها، كما اذا وجب عليه العتق بالإفطار و الظهار.

و لا يخفى إشكال الشارح رحمه اللّه على إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه في وجوب التعيين للسبب إنّما هو في الصورتين الاوليين.

أمّا في الصورة الثالثة فالشارح رحمه اللّه أيضا يقول بوجوب التعيين.

(1)الضمير في قوله «اتّحادها» يرجع الى الكفّارة، فهذه هي الصورة الاولى من الصور المذكورة.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى «ما» الموصولة. يعني أنّ غير ما في ذمّته لا يجب عليه و ليس مأمورا ليشترك و يلزم التعيين.

(3)أي لا يتصوّر صحّة ما ليس مأمورا به عن المكلّف شرعا.

(4)مثالان لاتّحاد المأمور به في ذمّة المكلّف، فإنّ المسافر لا يجب عليه إلاّ الصلاة قصرا، و هكذا الحاضر لا يؤمر بالصلاة إلاّ تماما، فلا حاجة فيهما الى تعيين القصر للمسافر، و هكذا لإتمام للحاضر.

(5)احترز بذلك عن المسافر الذي يختار في إتيان صلاته قصرا أو تماما مثل -

ص: 157

و الأقوى أنّ المتعدّد في ذمّته مع اتّحاد نوع سببه (1) كإفطار يومين من شهر رمضان و خلف (2) نذرين كذلك (3). نعم لو اختلفت أسبابه (4) توجّه ذلك ليحصل التمييز و إن اتّفق مقدار الكفّارة (5)، و قيل: (6) لا

**********

شرح:

-المسجد الحرام في مكّة و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله في المدينة. فيجب في الصلاة فيهما تعيين القصر أو التمام في نية الصلاة.

(1)هذه هي الصورة الثانية من الصور الثلاث المذكورة، بأنه اذا تعدّدت الكفّارات و اتّحد سببها كإفطار يومين من شهر رمضان لا حاجة فيه الى تعيين السبب بل تكفي نية إتيان ما وجب في ذمّته، ففي المثال وجبت الكفّارات بسبب الإفطار.

(2)هذا مثال ثان لتعدّد الكفّارات و اتّحاد سببها، و هو اذا حنث نذره مرّتين و وجبت كفّارتهما عليه مرّتين.

(3)خبر لقوله «أنّ المتعدّد في ذمّته». و المشار إليه هو قوله «فتجزي نيّته عمّا في ذمّته».

(4)هذه هي الصورة الثالثة من الصور المذكورة و التي وافق فيها الشارح قدّس سرّه المصنّف رحمه اللّه في وجوب التعيين، و هي اذا تعدّدت الكفّارات و اختلفت أسبابها، كما مثّلنا له بالعتق بسبب الظهار و الإفطار.

و المشار إليه في قوله «ذلك» هو تعيين السبب.

(5)فإنّ الكفّارة في المثال المذكور هو العتق.

(6)من حواشي الكتاب: قال الشيخ رحمه اللّه في المبسوط : إن كانت من جنس واحد فإن أبهم و لم يعيّن بل نوى كفّارة مطلقة أجزأ، و إن كانت أجناسا مختلفة كالحنث و القتل و الظهار و الوط ء في رمضان فالحكم فيها كلّها كما لو كان الجنس واحدا، و أنه لا يفتقر الى تعيين النية. و قال بعضهم: التعيين شرط ، و الأوّل أقوى عندنا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 158

يفتقر إليه مطلقا.

و على ما اخترناه (1) لو أطلق برئت ذمّته من واحدة لا بعينها (2)، فيتعيّن في الباقى الإطلاق سواء كان (3) بعتق أم غيره من الخصال المخيّرة أو المرتّبة على تقدير العجز (4). و لو شكّ في نوع (5) ما في ذمّته أجزأه الإطلاق عن الكفّارة على القولين، كما يجزيه العتق عمّا في ذمّته لو شكّ بين كفّارة و نذر (6)، و لا يجزي ذلك (7) في الأول (8)، كما لا يجزي العتق

**********

شرح:

(1)أي على ما اخترنا من القول بعدم وجوب التعيين في الصورتين الاوليين لو لم يعيّن سبب الكفّارة بل فعل ما وجب على ذمّته بنية مطلقة برئت ذمّته من إحدى الكفّارات على ذمّته، كما اذا أعتق مملوكا واحدا بنية مطلقة و الحال كان الواجب إعتاق الرقبتين فيبرأ من إحداهما و تبقى في ذمّته الاخرى.

(2)أي لا يتعيّن ما برئ من ذمّته، لكنّ الباقي يكون معيّنا عليه بالإطلاق.

(3)اسم كان مستتر يرجع الى التكفير المعلوم بالقرينة. و يحتمل رجوعه الى الإطلاق، بمعنى أنه لا فرق في التكفير بالعتق أو بغيره من أنواع الكفّارات المخيّرة.

(4)فاذا عجز في المرتّبة يتعيّن الباقي مطلقا.

(5)المراد من «النوع» هو سبب الكفّارة. يعني اذا تيقّن بوجوب الكفّارة لكن شكّ بكون سببهما الإفطار أو القتل مثلا أجزأ في نية الإطلاق، و لا يجب التعيين على القول بجواز الإطلاق و على القول بالتعيين.

(6)كما اذا تيقّن بوجوب عتق رقبة لكن جهل في سببه هل هو الكفّارة أو النذر فيجزيه العتق بلا تعيين السبب.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو العتق عمّا في الذمّة.

(8)المراد من «الأول» هو اتّحاد الكفّارة في ذمّة المكلّف الذي قال الشارح رحمه اللّه فيه -

ص: 159

مطلقا (1) و لا بنية الوجوب (2).

مع العجز عن العتق في المرتّبة يصوم شهرين متتابعين

(و مع العجز) عن العتق في المرتّبة (3)(يصوم شهرين متتابعين) هلاليّين و إن نقصا (4) إن ابتدأ من أوله، و لو ابتدأ من

**********

شرح:

-بعدم الحاجة الى التعيين. فهنا يقول بوجوب نيّة الكفّارة فيه فلا يجوز نيّة ما في الذمّة لشموله على غير الكفّارة أيضا.

(1)أي لا تجزي في الصورة الأولى نية العتق مطلقا، بأن لا يقيّد العتق من جهة الكفّارة و لا من جهة غيرها.

(2)أي و لا تجزي في الصورة الاولى أيضا نية وجوب العتق بلا تقييده بالكفّارة.

و الحاصل: إنّ نية ما في الذمّة تكفي في صورة التيقّن بالعتق و الشكّ في موجبه، كما اذا تيقّن بوجوب صلاة الظهر لكن شكّ في أدائها و قضائها، مثل إتيانها بعد استتار الشمس و قبل الغروب الشرعي فيجوز فيه نية ما في الذمّة.

أمّا اذا تيقّن بوجوب العتق من حيث الكفّارة فيتصوّر في إطلاق نيّته صور ثلاث:

الاولى: اذا نوى في العتق ما يجب في ذمّته.

الثانية: اذا نوى العتق مطلقا، أي لا مقيّدا بكونه كفّارة و لا بكونه عمّا في الذمّة.

الثالثة: اذا نوى وجوب العتق لكن لم يقصد الكفّارة.

فلا يجزي العتق بالصور الثلاث عن الكفّارة.

(3)يعني اذا عجز المكلّف عن العتق في الكفّارة المرتّبة مثل كفّارة الظهار و القتل خطأ وجب عليه صوم شهرين متتابعين، و هكذا اذا عجز عن الصوم فيهما وجب عليه إطعام ستين مسكينا.

(4)أي و كان الشهران المتتابعان ناقصين، بأن كان كلّ منهما 29 يوما لكن إجزاء الناقص منهما في صورة شروع الصوم من اليوم الأول من الشهر الأول، كما لو شرع من أول شهر رجب و أتمّ شهر شعبان و كانا 29 يوما.

ص: 160

أثنائه (1) أكمل ما بقي منه (2) ثلاثين بعد الثاني (3) و أجزأه الهلالي في الثاني (4) و لو اقتصر هنا (5) على شهر و يوم تعيّن العددي (6) فيهما، و المراد بالتتابع أن لا يقطعهما و لو في شهر و يوم (7) بالإفطار اختيارا و لو بمسوّغه (8) كالسفر، و لا يقطعه غيره (9) كالحيض و المرض و السفر

**********

شرح:

(1)أي لو ابتدأ الصوم في أثناء الشهرين كما لو شرع في اليوم العاشر من شهر جمادى الأول فيصوم ما بقي من ذلك الشهر و يصوم جميع أيّام شهر جمادى الثاني و يكمل ما نقص من الشهر الأول من شهر رجب ثلاثين يوما، فحينئذ لا مانع من كون الشهر الثاني تسعة و عشرين يوما.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الشهر الأول المعلوم بالقرينة.

و قوله «ثلاثين» مفعول ثان لقوله «أكمل».

(3)أي بعد الشهر الثاني كما علم في المثال المذكور.

(4)يعني لو كان الشهر الثاني ناقصا عن ثلاثين يوما لا يمنع من صحّة الكفّارة.

(5)المشار إليه في قوله «هنا» هو ما شرع في أثناء الشهر. يعني اذا صام في شروعه في الأثناء شهرا و يوما متتابعا ثمّ أخّر الباقي وجب عليه إكمال الشهرين ثلاثين و لا يكفي الناقص.

(6)المراد من «العددي» هو إكمال الشهرين ثلاثين يوما.

(7)فإنّه اذا صام الشهر الأول كاملا و يوما من الشهر الثاني فيصدقه التتابع بين الشهرين و لو لم يكمل الشهر الثاني.

(8)أي لا يجوز قطع التتابع بين الشهرين و لو بما يجوّز الإفطار مثل السفر.

(9)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الإفطار. يعني لا يقطع التتابع غير الإفطار، كما اذا عرض الحيض للمرأة، أو عرض المرض، أو صادف السفر الضروري عقلا أو عرفا، فإنّ ذلك كلّه لا يقطع التتابع.

ص: 161

الضروري و الواجب (1)، بل يبني على ما مضى عند زوال العذر (2) على الفور. هذا (3) إذا فاجأه السفر.

أمّا لو علم به (4) قبل الشروع لم يعذر للقدرة على التتابع في غيره (5)، كما لو علم بدخول العيد (6)، بخلاف الحيض للزومه (7) في الطبيعة عادة. و الصبر (8) إلى سنّ اليأس تغرير بالواجب و إضرار (9) بالمكلّف، و تجب فيه (10) النية،

**********

شرح:

(1)صفة للسفر، و الواجب هو الضروري شرعا مثل الحجّ .

(2)فاذا زال العذر العقلي أو الشرعي وجب عليه إدامة ما بقي من صوم الشهرين.

(3)أي عدم قطع التتابع في صورة كون السفر مفاجأة بلا تهيّؤ له قبلا.

(4)أي لو علم بالسفر الضروري قبل شروعه بالصوم لم يعذر في قطع التتابع بذلك السفر لقدرته على تأخير صوم الكفّارة بعد السفر.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى السفر، فلو شرع في الصوم و قطع التتابع السفر الذي يعلم به قبل الشروع فلا يكون معذورا و وجب عليه الصوم متتابعا.

(6)أي و كذلك لا يعذر اذا علم بدخول العيد و قطعه التتابع.

(7)كأنه جواب عن سؤال مقدّر و هو أنه لو علمت المرأة بقطع التتابع بعروض عادتها في الحيض فلم تعذر؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ الحيض من لوازم الطبيعة فيها.

(8)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «تغرير». يعني أنّ الحكم بصبرها الى سنّ اليأس موجب التفويت للواجب.

(9)أي الصبر يوجب الإضرار بالمكلّف.

(10)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الصوم. يعني أنّ من واجبات صوم الكفّارة -

ص: 162

و التعيين (1) كالعتق، و ما (2) يعتبر في نيّته، و لو نسيها (3) ليلا جدّدها إلى الزوال، فإن استمرّ إليه لم يجز (4) و لم يقطع التتابع على الأقوى (5).

مع العجز عن الصيام يطعم ستين مسكينا

(و مع العجز) (6) عن الصيام (يطعم ستين مسكينا) فيما يجب فيه ذلك (7)

**********

شرح:

-امور ثلاثة:

الأول: النية بأن يقصد الصوم.

الثاني: تعيين سبب الكفّارة كما تقدّم في العتق للكفّارة.

الثالث: ما كان معتبرا في نية العتق.

(1)هذا هو الأمر الثاني من واجبات صوم الكفّارة. و المراد منه تعيين سبب الكفّارة من الإفطار أو الظهار أو غيرهما ممّا يوجب الكفّارة.

(2)بالرفع، عطفا على قوله «النية». و هذا هو الأمر الثالث من واجبات صوم كفّارة.

و الضمير في قوله «نيّته» يرجع الى العتق. يعني يجب في نية الصوم ما كان واجبا في نية العتق من قوله فيها المشتملة على قصد الفعل على وجهه متقرّبا.

(3)الضمير في قوله «نسيها» يرجع الى النية. يعني أنّ المكلّف لو نسي النية في الليل وجبت النية متى ذكرها الى وقت الزوال فيصحّ الصوم الكفّارة.

و الضمير في قوله «جدّدها» أيضا يرجع الى النية.

(4)جواب لقوله «فإن استمرّ». يعني لو استمرّ نسيان النية الى الزوال و بعده لم يكف صوم اليوم المذكور، بل يجب عليه الصوم بدله، و لكن لا يقطع التتابع.

(5)وجه القوّة هو أنّ الانقطاع كذلك قهريّ و ليس بعمد فلا يضرّ بالتتابع.

(6)أي لو عجز عن صوم ستين يوما في الكفّارات المرتّبة وجب عليه إطعام ستين مسكينا.

(7)يعني أنّ الإطعام يكون في الكفّارة المرتّبة التي يجب إطعام الستين، مثل كفّارة -

ص: 163

ككفّارة شهر رمضان (1) و قتل الخطأ و الظهار و النذر، لا مطلق المرتّبة فإنّه في كفّارة إفطار قضاء رمضان و كفّارة اليمين إطعام عشرة. و أطلق (2) الحكم اتّكالا على ما علم (إمّا إشباعا) في أكلة (3) واحدة (أو)

**********

شرح:

-إفطار صوم شهر رمضان - بناء على قول البعض - و قتل الخطأ و الظهار و النذر.

و أمّا المرتّبة التي لا يجب إطعام الستين - مثل كفّارة إفطار قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال - ففيها لا يجب إلاّ إطعام عشرة مساكين.

(1)لا يخفى أنّ التمثيل للكفّارة المرتّبة بكفّارة شهر رمضان و كفّارة حنث النذر لا يوافق ما قاله المصنّف و الشارح رحمهما اللّه سابقا بكونهما من الكفّارات المخيّرة، حيث قال المصنّف رحمه اللّه في بداية الكتاب «و المخيّرة كفّارة شهر رمضان و خلف النذر و العهد». و قد جوّدهما و صحّحهما الشارح رحمه اللّه.

فيمكن التمثيل بهما على المرتّبة بناء على قول الشيخ رحمه اللّه في المبسوط في خصوص الجماع و ابن عقيل في مطلق إفطار شهر رمضان.

(2)هذا اعتذار عن إطلاق المصنّف رحمه اللّه الحكم بصوم ستين يوما في المرتّبة بأنه لم يقيّده استنادا على ما ذكر سابقا بإطعام الستين في الأمثلة المذكورة.

(3)الأكلة - بالفتح -: المرّة الواحدة حتّى يشبع. (أقرب الموارد).

يعني أنّ الواجب في الإطعام هو إشباع المساكين في الأكلة الواحدة في مقابل قولين:

الأول: الإشباع في تمام اليوم.

الثاني: الإشباع مرّتين في الأكلتين.

و ليس القولان بمشهورين بل نقلا عن البعض.

من حواشي الكتاب: قال المفيد: يشبعه في يومه، و قال ابن الجنيد: يشبعه في الغداة و العشاء، و الأصحّ الأول لصدق الإطعام المأمور به و للرواية. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 164

(تسليم (1) مدّ إلى كلّ واحد على أصحّ القولين) فتوى و سندا (2)، و قيل:

مدّان مطلقا (3)، و قيل: مع القدرة، و يتساوى في التسليم الصغير و الكبير من حيث القدر (4) و إن كان الواجب في الصغير تسليم (5) الولي، و كذا في الإشباع إن اجتمعوا (6)، و لو انفرد

**********

شرح:

(1)بأن يسلّم لكلّ فقير مدّا من الطعام على أصحّ القولين.

و المدّ: ثلاثة أرباع الكيلو تقريبا من الحنطة و الشعير أو أمثالهما، و هو ربع الصاع.

(2)يعني أنّ تسليم مدّ الى كلّ واحد على القول الأصحّ هو من حيث المستند من الأخبار.

و الخبر الدالّ على المدّ الواحد منقول في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في كفّارة اليمين: يطعم (عنه - خ) عشرة مساكين، لكلّ مسكين مدّ من حنطة، أو مدّ من دقيق و حفنة، أو كسوتهم لكلّ إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، و هو في ذلك بالخيار، أيّ ذلك (الثلاثة) شاء صنع، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاث فالصيام عليه ثلاثة أيّام. (الوسائل: ج 15 ص 560 ب 12 من أبواب الكفّارات ح 1).

حفنة - بضمّ الحاء و سكون الفاء و فتح النون -: ملاء الكفّين. و منه أعطاه حفنة من دقيق. و في الحديث: إنّما نحن حفنة من حفنات ربّنا. أي يسير بالإضافة الى ملكه و رحمته. (أقرب الموارد).

(3)قوله «مطلقا» إشارة الى القيد الذي في القول الآتي «مع القدرة».

(4)يعني لا فرق في تسليم المدّ أو المدّان بين الصغير و الكبير و لو كان الصغير عند الإطعام أقلّ أكلا.

(5)خبر كان. يعني أنّ في التسليم يجب تسليمه لوليّ الصغير و لا يكفي التسليم لنفس الصغير.

(6)يعني عند اجتماع الصغير و الكبير في الإطعام يتساويان أيضا كما في التسليم.

ص: 165

الصغار (1) احتسب الاثنان بواحد، و لا يتوقّف (2) على إذن الولي.

و لا فرق بين أكل الصغير كالكبير (3) و دونه لإطلاق النصّ (4) و ندوره (5). و الظاهر أنّ المراد بالصغير غير البالغ (6) مع احتمال الرجوع إلى العرف (7). و لو تعذّر العدد في البلد (8) وجب النقل إلى غيره مع الإمكان، فإن تعذّر

**********

شرح:

(1)كما اذا اجتمع الصغار على مائدة و لم يكن معهم الكبار فلا يكفي صغير واحد بدل الكبير بل يحاسب الاثنان منهم بواحد.

(2)أي لا يتوقّف الأكل و الإشباع للصغير على إذن وليّه، بل اذا أطعم أو أشبع صغار المساكين و لو بغير اطلاع أوليائهم يجزي عن الكفّارة مع نيّتها.

(3)أي لا فرق بين أكل الصغير بمقدار أكل الكبير و بين عدمه، بل يجزي إطعام الستين صغيرا و كبيرا، أكل الصغير بمقدار الكبير أم لا.

(4)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل عليه كفّارة إطعام عشرة مساكين، أ يعطي الصغار و الكبار سواء، و النساء و الرجال، أو يفضّل الكبار على الصغار و الرجال على النساء؟ فقال: كلّهم سواء... الحديث. (الوسائل: ج 15 ص 570 ب 17 من أبواب الكفّارات ح 3).

(5)هذا دليل ثان بتساوي الصغير و الكبير، بأنّ كون أكل الصغير كالكبير نادر.

(6)غير البالغ يشمل المراهق و غيره.

(7)أي يحتمل كون المراد من الصغير هو الصغير العرفي لا الشرعي، فيختصّ بغير المراهق من الصبيان.

(8)كما اذا لم يوجد ستون مسكينا في بلد المطعم فيجب عليه حينئذ أن ينقل الطعام الى سائر البلدان عند الإمكان.

ص: 166

كرّر (1) على الموجودين في الأيّام بحسب المتخلّف (2).

و المراد بالمسكين هنا من لا يقدر على تحصيل قوت سنته فعلا (3) و قوّة، فيشمل الفقير (4)، و لا يدخل

**********

شرح:

(1)كما اذا كان المساكين ثلاثين فيطعمهم مرّتين، و لو كانوا أقلّ فيطعمهم مكرّرا حتّى يحصل العدد الواجب في الكفّارة.

(2)أي العدد الناقص من المعيّن.

(3)بأن لا يقدر على قوت سنته بالفعل و لا بالقوّة، كما لو لم يتمكّن من تحصيل قوته بالحرفة و الصنعة متدرّجا.

(4)يعني اذا كان المراد من «المسكين» هو من لا يقدر على تحصيل قوت سنته فعلا و قوّة فيشمل ذلك الفقير أيضا، لأنّ عدم التمكّن من قوت السنة تعريف جامع يشمل كليهما و إن اختلفوا في كون أيّ منهما أسوأ حالا. فقال أهل اللغة - منهم ابن السكّيت و تغلب و يونس - بأنّ المسكين أسوأ حالا من الفقير. (راجع لسان العرب و غيره).

و قد ورد في الأخبار ما يدلّ على ذلك كما عن الوسائل:

عن أبي بصير - يعني ليث بن البختري - قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ (1) قال: الفقير الذي لا يسأل الناس، و المسكين أجهد منه، و البائس أجهدهم... الحديث. (الوسائل: ج 6 ص 144 ب 1 من أبواب المستحقّين للزكاة ح 3).

و قال البعض: إنّهما مترادفان.

و قال الآخر: الفقير هو الزمن المحتاج، و المسكين هو الصحيح المحتاج.

و قال ثالث: إنّ الفقير أسوأ حالا.

و على كلّ حال قوله «هنا» إشارة الى كتاب الكفّارات، و إنّما قال ذلك لأنّ المسكين في غير هذا الباب قد يشمل الغارم.

ص: 167


1- سوره 9 - آیه 60

الغارم (1) و إن استوعب دينه ماله (2)، و يعتبر فيه (3) الإيمان، و عدم وجوب نفقته على المعطي، أمّا على غيره (4) فهو غنيّ مع بذل المنفق، و إلاّ فلا (5).

و بالطعام (6) مسمّاه كالحنطة و الشعير و دقيقهما و خبزهما و ما يغلب (7) على قوت البلد، و يجزي التمر و الزبيب

**********

شرح:

(1)أي المديون الذي ملك قوت سنته و إلاّ فهو مسكين.

(2)أي و إن أحاط دين المديون تمام ما يملكه من الأموال، مثل أن يكون له ألف دينار من الأموال، و هكذا يكون له ألف دينار من القرض عن الغير، فيستوعب دينه ماله.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المسكين. يعني يشترط في المسكين الذي تعطى له الكفّارة شرطان:

الأول: الإيمان، بأن يكون معتقدا بمذهب الإمامية فلا يجوز إعطاؤها للمخالف مطلقا.

الثانى: عدم وجوب نفقته على المعطي، فلا يجوز إعطاء الكفّارة للولد و الأب و غيرهما من واجبي النفقة.

(4)أي الذي تكون نفقته على عهدة الغير فهو غني اذا أعطاها الغير. فإن لم يعط الغير نفقته فهو غير غني و يجوز إعطاء الكفّارة له، كما اذا كانت نفقة الأب على ولده لكنه لا يعطي النفقة له فيجوز إعطاء الكفّارة له.

(5)أي فليس هو بغني.

(6)عطف على قوله «بالمسكين». يعني أنّ المراد من الطعام في وجوب الإطعام للمساكين هو كلّما يعدّ في العرف من الأطعمة المتعارف بينهم.

(7)أي و كالطعام الذي يكون أغلب قوت البلد.

ص: 168

مطلقا (1)، و يعتبر كونه سليما من العيب و المزج بغيره، فلا يجزي المسوس (2) و الممتزج بزوان (3) و تراب (4) غير معتادين. و النية (5) مقارنة للتسليم إلى المستحقّ أو وكيله أو وليّه، أو بعد (6) وصوله إليه قبل إتلافه أو نقله (7) عن ملكه، أو للشروع (8) في الأكل. و لو اجتمعوا فيه (9) ففي

**********

شرح:

(1)سواء كانا أغلب قوت البلد أم لا.

(2)المسوس - بصيغة اسم المفعول من ساس الطعام، وسوس يسوس، و يساس مبنيا للمفعول: وقع فيه السوس. ساست الشاة: كثر قملها. (أقرب الموارد).

و السوس: العثّ ، و هو دود يقع في الصوف و الخشب و الثياب و البرّ و نحوها.

(المنجد).

(3)الزوان - مثلّث الأول - ينبت في مزارع الحنطة و الشعير غالبا، حبّه يشمل حبّهما إلاّ أنه صغير.

(4)عطف على قوله «بزوان». يعني لا يجزي عن الكفّارة الطعام المخلوط بالزوان و التراب الغير المعتادين.

(5)أي يعتبر في الإطعام النية في حال تسليمها الى المسكين أو من يأخذها عنه أو وليّ المسكين.

(6)عطف على قوله «مقارنة للتسليم». يعني تجوز النية بعد وصول الطعام الى المسكين لكن قبل إتلافه.

(7)أي قبل انتقال الطعام عن ملك المسكين الى الغير.

(8)عطف على قوله «مقارنة للتسليم». يعني أنّ النية عند شروع المسكين في الأكل.

(9)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الأكل. يعني اذا اجتمع المساكين في أكل الطعام و اختلفوا في الشروع فيه فهل تكفي النية عند شروع واحد منهم في-

ص: 169

الاكتفاء بشروع واحد أو وجوب تعدّدها مع اختلافهم فيه و جهان (1).

إذا كسى الفقير فثوب

(و إذا كسى (2) الفقير فثوب) في الأصحّ ، و المعتبر مسمّاه (3) من إزار (4) و رداء (5) و سراويل (6) و قميص (7)(و لو)

**********

شرح:

-الأكل ؟ أو يجب تعدّد النية بتعداد أكلهم عند الاختلاف ؟ و جهان.

و الضمير في قوله «تعدّدها» يرجع الى النية، و في قوله «فيه» يرجع الى الأكل.

(1)مبتدأ مؤخّر، و خبره المقدّم هو قوله «ففي الاكتفاء... الخ». و هو جواب لقوله «و لو اجتمعوا... الخ».

(2)يعني اذا حكم بوجوب كسوة الفقير - كما في كفّارة اليمين التي جمعت الوصفين اللذين هما التخيير بين الإطعام و الكسوة و تحرير رقبة و الترتيب بينها و بين صيام ثلاثة أيّام كما تقدّم - فيكفي الثوب الواحد على الأصحّ .

(3)أي المعتبر في الثوب مسمّاه كما تأتي الأمثلة المذكورة في قوله «من إزار و رداء».

قوله «في الأصحّ » في مقابل القولين الآخرين، و هما: القول بوجوب الثوبين كما عن المفيد و تلميذه سلاّر رحمهما اللّه، و القول بالتفصيل بين القدرة على الثوبين فيجبان و بين العجز عنهما فيجب ثوب واحد كما عن الشيخ رحمه اللّه في النهاية و العلاّمة قدّس سرّه في كتابه القواعد.

(4)الإزار - بالكسر -: الملحفة، يذكّر و يؤنّث، و كلّ ما سترك، و منه: داري إزاري. (أقرب الموارد).

(5)الرداء - بكسر الراء -: ما يلبس فوق الثياب كالجبّة و العباءة. (أقرب الموارد).

(6)السراويل و السراوين - بالنون لغة -: لباس يستر النصف الأسفل من الجسم، فارسي معرّب و هي مؤنّثة و قد تذكّر، جمعه: سراويلات.

و قيل: السراويل جمع سروال، أو سيروالة. (أقرب الموارد).

(7)القميص: ما يلبس على الجلد.

ص: 170

(غسيلا (1) إذا لم ينخرق (2)) أو ينسحق (3) جدّا بحيث لا ينتفع به إلاّ قليلا وفاقا (4) للدروس. و جنسه القطن (5) و الكتّان (6) و الصوف و الحرير الممتزج (7) و الخالص للنساء و غير (8) البالغين دون الرجال و الخناثى (9) و الفرو (10) و الجلد المعتاد لبسه و القنّب (11) و الشعر

**********

شرح:

-و قيل: لا يكون إلاّ من قطن، جمعه: أقمصة و قمص و قمصان. (أقرب الموارد).

(1)أي و لو كان الثوب خلقا و مغسولا.

(2)أي بشرط أن لا يكون الثوب خرقا و مندرسا.

(3)أي بشرط عدم انسحاق الثوب بحيث يكون غير قابل للانتفاع به إلاّ قليلا.

(4)أي الشرط الثاني ذكرناه ليحصل التوافق بين عبارتي المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب و كتابه الدروس، فإنّه ذكر الشرط الثاني في الدروس أيضا.

(5)القطن و القطن: نبات يقوم على ساق ثمّ يتفرّع و يحمل كنافج تنفتح عن شيء أبيض في خلالها يغزل و تنسج منه الثياب القطنية. (أقرب الموارد).

(6)الكتّان: نبات يزرع بمصر و ما يليها، له زهر أزرق في حجم الحمّص و له بذر يعتصر و يستصبح به و تنسج منه ثياب. (أقرب الموارد).

(7)أي الحرير المخلوط بغيره في ثوب الذكور و الحرير الخالص في ثوب النساء.

(8)بالجرّ، عطفا على قوله «النساء». يعني و الحرير الخالص للنساء و غير البالغين سواء كانوا إناثا أو ذكورا.

(9)فلا يجوز الحرير الخالص للخنثى لاحتمال الذكورية فيها.

(10)عطف على القطن. يعني يكون جنس الثوب الذي يعطى للمساكين من الفرو و الجلد المتعارف لبسهما بين الناس.

الفرو و الفروة - بالهاء و عدمها -: شيء نحو الجبّة بطانته تبطّن من جلود بعض الحيوانات كالأرانب و الثعالب و السمّور، جمعه: فراء. (أقرب الموارد).

(11)القنّب - بكسر القاف و ضمّه -: نبات سنوي من فصيلة القنّبيّات، ينتج ليفا -

ص: 171

كذلك (1)، و يكفي ما يسمّى ثوبا للصغير و إن كانوا منفردين (2)، و لا يتكرّر (3) على الموجودين لو تعذّر العدد مطلقا، لعدم النصّ مع احتماله (4).

كلّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز عن صومهما

(و كلّ من (5) وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز عن صومهما) أجمع (صام ثمانية عشر يوما) و إن قدر على صوم أزيد منها (6).

(فإن عجز) عن صوم الثمانية عشر

**********

شرح:

-متينا صالحا لصنع الحبال و الخيطان. (المنجد).

(1)إشارة الى قوله «المعتاد لبسه». يعني يجوز كون جنس الثوب الذي يعطى للمساكين من القنّب و الشعر اذا كانا معتادين اللبس بين الناس.

(2)كما لو كان الفقراء كلّهم صغارا و لم يكن بينهم الكبار فيجوز إعطاؤهم ثوبا مناسبا لهم.

(3)أي لا يجوز تكرار الثوب على الفقراء الموجودين لتحصيل العدد الواجب منهم، كما لو كانوا ثلاثين فلا يكفي إعطاء ثوب فقيرين لكلّ واحد منهم لعدم النصّ بجواز التكرار.

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين إمكان نقل الكسوة الى بلد آخر و عدمه.

(4)الضمير في قوله «احتماله» يرجع الى التكرار. يعني مع احتمال تكرار الثوب على الفقراء الموجودين لو تعذّر العدد المطلوب.

(5)يعني أنّ من عجز عن صوم شهرين متتابعين - مثل كفّارة إفطار شهر رمضان و غيره ممّا ذكر وجوبه في حقّه - و لم يقدر على صومهما وجب عليه صوم ثمانية عشر يوما.

(6)أي و إن تمكّن من صوم أزيد من ثمانية عشر يوما. بمعنى أنه لو تمكّن من صوم عشرين يوما مثلا فلا يجب عليه إلاّ ثمانية عشر يوما لا أزيد منها.

ص: 172

أجمع (1)(تصدّق عن كلّ يوم) من الثمانية عشر (2)(بمدّ) من طعام، و قيل:

عن الستين، و يضعّف (3) بسقوط حكمها قبل ذلك، و كونه (4) خلاف المتبادر، و عدم (5) صحّته في الكفّارة المخيّرة لأنّ القادر على إطعام الستين

**********

شرح:

(1)بمعنى أنه اذا لم يقدر على صوم ثمانية عشر يوما وجب عليه التصدّق عن كلّ يوم من الثمانية عشر بمدّ من الطعام. يعني بمقدار ثمانية عشر مدّا يعطي للفقراء.

(2)هذا القيد في مقابل القول الآخر بوجوب إعطاء مدّ عن كلّ يوم من الستين.

(3)أي يضعّف القول بوجوب إطعام الستين مسكينا، بأنّ حكمها يسقط قبل العجز عن صوم ثمانية عشر يوما كما تقدّم.

و الضمير في قوله «حكمها» يرجع الى الستين. و المشار إليه في قوله «ذلك» هو العجز عن صوم الستين.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «بسقوط ». و هذا دليل ثان على تضعيف القول المذكور، فإنّ وجوب إطعام ستين مسكينا بعد العجز عن صوم ثمانية عشر يوما خلاف المتبادر من الإطعام، لأنّ صوم ثمانية عشر يوما إنّما شرّع بعد العجز عن صيام شهرين متتابعين، و صوم الشهرين إنّما شرّع بعد العجز عن إطعام ستين مسكينا في الكفّارة المرتّبة، فكيف يمكن القول بوجوب إطعام الستين في حالة العجز عن صيام ثمانية عشر يوما؟! و هذا خلاف ما يتبادر في المقام.

(5)هذا دليل ثالث على تضعيف القول بوجوب إطعام ستين مسكينا بعد العجز عن الصوم المذكور، بأنّ المكلّف اذا قدر على إطعام الستين في الكفّارة المخيّرة - مثل إفطار صوم شهر رمضان - فإنّه لا يجوز له صوم ثمانية عشر يوما، و عند العجز عنه وجب عليه إطعام الستين بدلا، بل التخيير يكون بين العتق و صوم الستين و إطعام الستين، فلا يجزي صوم ثمانية عشر يوما ليشكّ في البدل عنه.

أقول: لا يخفى وجه التقييد في قوله رحمه اللّه «في الكفّارة المخيرة». بمعنى أنّ عدم صحّة -

ص: 173

**********

شرح:

-إطعام الستين عند العجز عن الصوم إنّما هو في الكفّارة المخيّرة و كذا المرتّبة، لأنّ ذلك في الاولى يكون أصلا لا بدلا عن صوم ثمانية عشر يوما، و كذلك في الثانية لأنه اذا لم يقدر على العتق وجب عليه صوم الستين، و اذا لم يقدر عليه وجب عليه إطعام الستين. فالإطعام في ذلك أيضا يكون أصلا لا بدلا.

لكن يحتمل الصحّة في الكفّارة المعيّنة اذا كان صوم الستين واجبا تعينيا للمكلّف، ففيه يمكن القول بوجوب صوم الستين، فإذا عجز عنه وجب عليه صوم ثمانية عشر يوما، فاذا عجز عنه وجب عليه إطعام ستين مسكينا بدلا لا أصلا.

و لا يخفى أيضا عدم وجود صوم ستين يوما كفّارة معيّنة بين الكفّارات إلاّ في كفّارة الجمع كما تقدّم.

ففي كفّارة الجمع يصحّ أن يقال بوجوب العتق و إطعام ستين مسكينا و صيام ستين يوما، فعند العجز عن صوم الستين وجب عليه صوم ثمانية عشر يوما، و عند العجز عنه وجب عليه إطعام ستين مسكينا بدلا لا أصلا.

فإطعام الستين عند الجمع يكون أصلا لا بدلا أولا، ثمّ يكون واجبا بدلا عن صوم ثمانية عشر يوما عند العجز عنه ثانيا.

فلعلّ وجه تقييد الشارح رحمه اللّه في قوله «في الكفّارة المخيّرة» هو صحّة وجوب إطعام الستين بدلا في صورة وجوب صوم الستين واجبا متعيّنا كما ذكر.

و الضمير في قوله «صحّته» يرجع الى التصدّق بدلا عن الستين.

من حواشي الكتاب على قوله «و عدم صحّته في الكفّارة المخيّرة»: و كذا في المرتّبة، فإنّ صوم الستين في المرتّبة ليس إلاّ في بدل النعامة و في كفّارة الظهار و قتل الخطأ و ما شاركهما في الحكم.-

ص: 174

يجعله (1) أصلا لا بدلا، بل (2) لا يجزيه الثمانية عشر مع قدرته على إطعام الستين، لأنها (3) بدل اضطراري، و هو (4) بدل (5) اختياري.(فإن عجز)

**********

شرح:

-و الظاهر أنّ في الأول صوم الستين إنّما هو بعد العجز عن إطعام الستين، فلا يصحّ ما ذكروه فيه.

و أمّا الثاني فالظاهر أنّ من عجز عن صوم الستين اذا قدر على إطعام ستين مسكينا لا يكفي له صوم ثمانية عشر بل يجب الإطعام المذكور.

نعم، اذا عجز عنه أيضا فلعلّه يصوم ثمانية عشر يوما، فلم يصحّ ما ذكروه فيه أيضا، لكن في شمول الحكم المذكور في هذه المسألة لهذا القسم نظر، إذ لم أجد تصريحا بذلك، فلعلّه مختصّ بالمعيّنة و المخيّرة دون المرتّبة، أو يشمل أيضا المرتّبة التي وقع فيها صوم الشهرين في المرتّبة الأخيرة كبدل النعامة لا غير.

و على التقديرين يكون القسم الثاني المذكور من المرتّبة خارجا من المرتّبة بقرينة أنّ بدل صوم الستين فيه موجود، و أيضا لا يصحّ الإطلاق المذكور أيضا، بل لا بدّ من التقييد بالعجز عن إطعام الستين أيضا كما ظهر ممّا قرّرنا و لم يفعلوا، و لعلّ عدم تعرّض الشارح رحمه اللّه أيضا للمرتّبة لذلك. ثمّ على أي تقدير فتخصيص الشارح عدم صحّة الحكم المذكور بالكفّارة المخيّرة كأنه بالنسبة الى المعيّنة فإنّه يصحّ فيها، لكن ليس في الكفّارات ما وجب فيه صوم الستين تعيينا إلاّ في كفّارة الجمع، فلعلّ نظر الشارح إليها... الخ. (حاشية آقا جمال رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «يجعله» يرجع الى إطعام الستين.

(2)قوله «بل» للترقّي عن عدم جواز جعل الإطعام بدلا عن صوم ثمانية عشر، بأنّ القادر على الإطعام لا يجزيه صوم ثمانية عشر يوما.

(3)الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى الثمانية عشر.

(4)الضمير يرجع الى إطعام الستين.

(5)خبر لقوله «و هو». يعني أنّ إطعام ستين مسكينا بدل اختياري في الكفّارة -

ص: 175

عن إطعام القدر المذكور (1) و إن قدر على بعضه (2)(استغفر اللّه تعالى) و لو مرّة بنية الكفّارة.

**********

شرح:

-المخيّرة. بمعنى أنّ المكلّف له اختيار صوم ستين يوما أو اختيار إطعام ستين مسكينا.

(1)أي إن عجز المكلّف عن إطعام ثمانية عشر مدّا بدل صومها يستغفر اللّه تعالى و لو مرّة بنية الكفّارة.

(2)الضمير في قوله «بعضه» يرجع الى الإطعام المذكور، و المراد منه هو إطعام ثمانية عشر مدّا. و الجملة وصلية، أي و لو تمكّن المكلّف من إطعام بعض ثمانية عشر مسكينا فإنّه لا يجب عليه الإطعام أيضا بل وظيفته الاستغفار فقط بصيغة «أستغفر اللّه ربّي».

من حواشي الكتاب: و قيل: لا بل يتصدّق بما أمكن لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور، فإن عجز رأسا فيستغفر اللّه. (حاشية ض رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: قوله «و لو مرّة بنية الكفّارة» و يضمّ إليه لفظ التوبة و الندم على ما فعل، و يعزم على عدم العود و إن كانت عن ذنب، و إلاّ كفى مجرّد الاستغفار و لو تجدّدت القدرة على الكفّارة عنده ففي وجوبها و جهان. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه)

ص: 176

ص: 177

ص: 178

كتاب النذر و توابعه

اشارة

كتاب النذر (و توابعه) (1) من العهد (2) و اليمين

شرط الناذر

(و شرط الناذر (3) الكمال) بالبلوغ و العقل

**********

شرح:

كتاب النذر و توابعه (1)بالجرّ، عطفا على قوله «النذر» و الكتاب يضاف إليهما، و الإضافة فيهما بيانية.

و الجملة خبر لمبتدإ محذوف و هو «هذا».

(2)بيان للتوابع. يعني أنّ توابع النذر التي يبحث فيها هنا هي العهد و اليمين.

و لا يخفى أنّ الجمع منطقي يشمل الاثنين أيضا.

مبحث النذر (3)الناذر بصيغة اسم الفاعل من نذر ينذر نذرا و نذورا: أوجب على نفسه ما ليس بواجب. يقال: نذر ماله، و نذر على نفسه للّه من المال كذا، أي أوجبه على نفسه تبرّعا من عبادة أو صدقة أو غير ذلك، جمعه: نذور. (المنجد).

من حواشي الكتاب: «النذر» التزام الكامل المسلم المختار القاصد غير-

ص: 179

(و الاختيار (1) و القصد (2)) إلى مدلول الصيغة (و الإسلام (3) و الحرّية (4)) فلا ينعقد نذر الصبي و المجنون مطلقا (5)، و لا المكره (6)، و لا غير

**********

شرح:

-المحجور عليه بفعل أو تركه بقوله: «للّه» ناويا للقربة، و قد دلّت الآية و الإجماع من المسلمين على وجوب الوفاء به. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

شروط النذر اعلم أنّ الناذر الذي يجب العمل بنذره و تجري عليه أحكام النذر مشروط بشروط خمسة:

الأول: الكمال، و هو بالبلوغ و العقل.

الثاني: الاختيار و عدم الإكراه.

الثالث: القصد لمدلول صيغة النذر.

الرابع: الإسلام، و هو أعمّ من الإيمان.

الخامس: الحرّية إلاّ مع إجازة مولاه بعده أو إذنه قبله، و مع رفع الرقّية عنه.

(1)هذا هو الشرط الثاني من الشروط الخمسة المذكورة.

(2)هذا هو الشرط الثالث من الشروط المذكورة.

(3)هذا هو الشرط الرابع منها.

(4)هذا هو الشرط الخامس من الشروط .

(5)قوله «مطلقا» قيد للصبي و المجنون. يعني سواء كان الصبي مميّزا أم لا، و سواء بلغ عشر سنين أم لم يبلغ، و سواء كان الجنون أدواريا أو إطباقيا.

(6)أي للزوم الشرط الثاني لا يصحّ نذر المكره - بصيغة اسم المفعول - و هو الذي لم يكن مختارا في نذره بل يجبرونه عليه.

ص: 180

القاصد (1) كموقع صيغته عابثا (2) أو لاعبا أو سكران (3) أو غاضبا غضبا يرفع قصده إليه (4)، و لا الكافر مطلقا (5) لتعذّر القربة على وجهها (6) منه و إن استحبّ له الوفاء به لو أسلم، و لا نذر المملوك (7)(إلاّ أن يجيز المالك)

**********

شرح:

(1)أي لا يصحّ نذر من لا يكون قاصدا لعدم وجود الشرط الثالث و هو القصد، و قد مثّل على غير القاصد أمثلة:

الأول: كمن أوقع صيغة النذر بالعبث.

الثاني: كمن أوقعها باللعب.

الثالث: كمن أوقع صيغة النذر في حال السكر.

الرابع: كمن أوقعها في حال الغضب بحيث لا يبقى له القصد.

(2)قوله «عابثا» اسم فاعل من عبث الرجل عبثا: العب و هزل.

العبث - محرّكة -: اللعب و الهزل، و ارتكاب أمر غير معلوم الفائدة، أو ليس فيه غرض صحيح. (أقرب الموارد).

و قوله «كموقع» اسم فاعل من باب الإفعال.

(3)السكران - بفتح السين و سكون الكاف - من سكر الشراب سكرا و سكرا، فهو سكر و سكران، و هي سكرة و سكرى، و جمعه: سكارى و سكرى.

(أقرب الموارد).

(4)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى النذر، و في قوله «قصده» يرجع الى الناذر.

(5)سواء كان الكافر حربيا أو ذمّيا.

(6)لأنّ الكافر المقرّ باللّه و إن أمكنه التقرّب لكنّه لا يمكن التقرّب على الوجه الذي أمره اللّه، لأنّ من شرطه الاعتراف بالنبوّة الخاصّة و هي نبوّة محمد صلّى اللّه عليه و آله.

(7)لعدم توفّر الشرط الخامس فيه و هو الحرّية كما تقدّم.

ص: 181

قبل إيقاع صيغته (1) أو بعده على المختار (2) عند المصنّف (أو تزول الرقّية) قبل الحلّ (3) لزوال المانع.

و الأقوى وقوعه بدون الإذن (4) باطلا، لنفي (5) ماهيّته في الخبر (6) المحمول على نفي الصحّة (7)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «صيغته» يرجع الى النذر، و في قوله «بعده» يرجع الى الإيقاع.

(2)يعني أنّ إجازة المولى بعد إيقاع العبد صيغة النذر يصحّح نذر العبد عند المصنّف رحمه اللّه.

لكن عند الشارح رحمه اللّه اذا لم يحصل الإذن قبل النذر يكون نذر العبد باطلا كما يشير إليه بقوله «و الأقوى وقوعه بدون الإذن باطلا».

(3)بفتح الحاء، أي قبل حلّ المولى نذر العبد، فاذا زالت الرقّية زال المانع.

(4)المراد من «الإذن» هو الرضا القبلي، كما أنّ المراد من «الإجازة» هو الرضا البعدي.

(5)تعليل لبطلان نذر العبد قبل إذن المولى، بأنّ النهي الوارد في الخبر يدلّ على نفي ماهيّة النذر.

(6)المراد منه هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن الحسن بن علوان عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام أنّ عليّا عليه السّلام كان يقول:

ليس على المملوك نذر إلاّ أن يأذن له سيّده. (الوسائل: ج 19 ص 198 ب 15 من أبواب النذر و العهد ح 3).

(7)يعني اذا وردت «لا» النافية و لم يمكن حملها على نفي حقيقة الشيء فتحمل على -

ص: 182

لأنه (1) أقرب المجازات إلى الحقيقة حيث لا يراد نفيها (2)، و عموم الأمر (3) بالوفاء بالنذر مخصوص بنذر (4) المذكور كما دلّ عليه الخبر لا بنذره (5) مع

**********

شرح:

-أقرب المجازات الى المعنى الحقيقي و هو الصحّة.

إيضاح: إنّ في الخبر الآنف الذكر قال الإمام عليه السّلام «ليس على المملوك نذر» فإنّ المسلّم منه ليس نفي حقيقة النذر لوقوعه من العبد و لو بدون إذن المولى، فلا بدّ من حمله على المعنى المجازي، كما في قول أمير المؤمنين علي عليه السّلام لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد. (بحار الأنوار: ج 83 ص 379 نقلا عن دعائم الإسلام). يحمل على المعنى المجازي و هو الكمال. يعني لا كمال لصلاة جار المسجد إلاّ فيه.

ففي المقام أيضا يحمل على المعنى المجازي و هو الصحّة. يعني لا صحّة لنذر العبد إلاّ بإذن مولاه، لأنّ نفي الصحّة فيه أقرب المجازات بالنسبة الى المعنى الحقيقي اذا لم يقصد منه نفي الحقيقة.

(1)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى نفي الصحّة.

(2)الضمير في قوله «نفيها» يرجع الى الحقيقة.

(3)مبتدأ، و خبره هو قوله «مخصوص».

هذا إيراد حاصله: إنّ الأمر بوفاء النذر عامّ و هو قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (1) .

(المائدة: 1). فيشمل ما نحن فيه أيضا و هو نذر العبد من دون إذن مولاه، فلا وجه للتخصيص.

(4)هذا جواب الشارح رحمه اللّه عن الإيراد المذكور بأنّ العموم و لو كان مسلّما إلاّ أنه يخصّص بنذر العبد المذكور اذا لم يسبق له من المولى إذن لنذره كما دلّ عليه خبر الحسن بن علوان المتقدّم.

(5)أي لا يختصّ تخصيص العموم بنذر العبد مع نهي المولى.-

ص: 183


1- سوره 5 - آیه 1

النهي.(و إذن الزوج كإذن السيّد) (1) في اعتبار توقّفه (2) عليها سابقا، أو لحوقها (3) له قبل الحلّ ، أو ارتفاع الزوجية

**********

شرح:

-و كأنّ هذا دفع أيضا عن إيراد، و هو أنّ أدلّة وجوب الوفاء بالنذر عامّة تشمل تمام أفراد النذر، سواء كان الناذر حرّا أو عبدا، فتخصّص تلك العمومات بنذر العبد الذي نهى المولى عن نذره، فيبقى الباقي و منه نذره بدون إذن قبلي من المولى لأنه لا يكون منهيّا عنه.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ وجوب الوفاء و إن كان عامّا يشمل مثل هذا النذر أيضا لكنّه مخصّص بالنصّ الدالّ على عدم صحّة نذر العبد بدون إذن سيّده أيضا كما تقدّم.

من حواشي الكتاب: أي لا مخصوص بنذره مع النهي حتّى يبقى على عمومه بالنسبة الى نذره بدون الإذن. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(1)يعني أنّ إذن الزوج في نذر الزوجة مثل إذن المولى في نذر العبد.

فكما أنّ صحّة إذن العبد تتوقّف بامور ثلاثة - و هي: إجازة المولى بعد النذر، و إذنه قبل النذر، أو رفع الرقّية عنه - كذلك نذر الزوجة تتوقّف صحّته الى امور ثلاثة:

الأول: رضا الزوج قبل نذر الزوجة و هو إذنه.

الثاني: رضا الزوج بعد نذر الزوجة و هو الإجازة.

الثالث: رفع الزوجية عن الزوجة بالطلاق قبل حلّ الزوج نذرها.

و لا يخفى أنّ الأمر الثاني مبنيّ على ما اختاره المصنّف رحمه اللّه لا على ما اختاره الشارح قدّس سرّه كما في إذن المولى لنذر عبده بعد إجراء الصيغة.

(2)الضمير في قوله «توقّفه» يرجع الى النذر، و في قوله «عليها» يرجع الى الإجازة.

(3)أي لحوق الإجازة من الزوج لنذر الزوجة.

ص: 184

قبله (1). و لم يذكر (2) توقّف نذر الولد على إذن الوالد، لعدم (3) النصّ الدالّ عليه هنا (4)، و إنّما ورد (5) في اليمين فيبقى (6) على أصالة الصحّة.

و في الدروس ألحقه (7) بهما

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الحلّ . يعني تتوقّف صحّة نذر الزوجة على ارتفاع الزوجية عنها قبل حلّ الزوج نذره، فيبطل نذرها بحلّ الزوج و لو طلّقها بعد الحلّ .

(2)فاعل قوله «يذكر» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه لم يذكر توقّف صحّة نذر الولد على إذن الوالد أو إجازته، و الحال قال البعض بتوقّف نذر الولد على إذن الوالد.

(3)تعليل لعدم ذكره، بأنّ النصّ الدالّ عليه لم يوجد في مسألة النذر.

(4)المشار إليه في قوله «هنا» هو النذر.

(5)يعني أنّ النصّ الدالّ على التوقّف إنّما هو في خصوص يمين الولد بقوله عليه السّلام «لا يمين للولد مع الوالد». (الوسائل: ج 16 ص 202 ب 17 من أبواب النذر و العهد ح 12).

(6)أي فيبقى نذر الولد بدون إذن الوالد على أصالة الصحّة. و المراد منها هو أصالة العموم في دليل النذر المقتضي للصحّة. و لو لا ذلك فالأصل الأزلي الذي هو عدم الصحّة و عدم وجوب الوفاء مقدّم.

و يمكن كون المراد منها هو قاعدة الصحّة التي تجري عند الشكّ في الصحّة و البطلان.

(7)الضمير في قوله «ألحقه» يرجع الى الولد، و في قوله «بهما» يرجع الى الزوجة و العبد. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس ألحق الولد بالزوجة و العبد في توقّف نذره الى رضا الوالد قبلا أو بعدا.

ص: 185

لإطلاق (1) اليمين في بعض الأخبار على النذر - كقول الكاظم (2) عليه السّلام لمّا سئل عن جارية حلف منها بيمين فقال: للّه عليّ أن لا أبيعها فقال: ف للّه بنذرك، و الإطلاق (3) و إن كان من كلام السائل إلاّ أنّ تقرير الإمام له (4) عليه كتلفّظه به (5) -

**********

شرح:

(1)تعليل لإلحاق المصنّف رحمه اللّه الولد بهما، بأنّ اليمين أطلق في بعض الأخبار على النذر، فالرواية الواردة في خصوص توقّف يمين الولد الى رضاية الوالد تشمل النذر أيضا.

(2)و الخبر منقول بتفاوت قليل في الوسائل:

عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن الحسن بن علي عن أبي الحسن عليه السّلام قال:

قلت له: إنّ لي جارية ليس لها منّي مكان و لا ناحية و هي تحتمل الثمن، إلاّ أني كنت حلفت فيها بيمين، فقلت: للّه عليّ أن لا أبيعها أبدا ولي الى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤونة، فقال: ف للّه بقولك له. (المصدر السابق: ح 11).

و لعلّ الشارح رحمه اللّه في قوله «بنذرك» نقل مضمون الرواية، فإنّ المنقول في الوسائل و التهذيب و الاستبصار هو بلفظ «ف للّه بقولك له».

و قوله عليه السّلام «ف» هو فعل أمر من و فى يفي، كما في وقى يقي ق، وعى يعي ع.

(3)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنّ إطلاق الحلف على النذر إنّما وقع في كلام السائل في قوله «حلفت فيها بيمين فقلت: للّه عليّ ان لا أبيعها... الخ» و لا يستفاد منه إطلاق الإمام عليه السّلام كذلك فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ الإمام عليه السّلام قرّر و صدّق السائل في هذا الإطلاق، و إلاّ لكان يمنعه من الإطلاق الباطل.

فكما أنّ قول الإمام عليه السّلام حجّة كذلك التقرير منه حجّة و دليل في المطلب.

(4)الضمير في قوله «له» يرجع الى السائل، و في قوله «عليه» يرجع الى الإطلاق.

(5)أي التقرير المذكور من الإمام عليه السّلام كتلفّظه بالإطلاق المذكور.

ص: 186

و لتساويهما (1) في المعنى، و على هذا (2) لا وجه لاختصاص

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «كتلفّظه» يرجع الى الإمام عليه السّلام، و في قوله «به» يرجع الى الإطلاق.

(1)عطف على قوله «لإطلاق اليمين». و هذا دليل ثان لإلحاق الولد في توقّف نذره الى إذن والده بالعبد و الزوجة في توقّف نذرهما الى إجازة المولى و الزوج، فإنّ النذر و اليمين متساويان في المعنى.

و الضمير في «تساويهما» يرجع الى النذر و اليمين.

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو الدليلان المذكوران لإلحاق الولد بالعبد و الزوجة في توقّف نذره على إجازة والده، و هما صحّة إطلاق اليمين الوارد في الخبر على النذر، و اتّحاد معنى النذر و اليمين.

فبناء على الدليلين المذكورين أورد الشارح قدّس سرّه على المصنّف رحمه اللّه بأنه لا معنى لاختصاص حكم عدم احتياج نذر الولد الى إذن والده بالولد فقط ، بل يجب على المصنّف رحمه اللّه أن يعمّ الحكم المذكور الى الزوجة أيضا لأنّ الزوجة و الولد مشتركان في الدليل نفيا و إثباتا.

أمّا نفيا فلعدم الدليل في خصوص نذر الزوجة، كما لا نصّ في خصوص نذر الولد، بل النصّ الوارد في خصوص حلفهما لا نذرهما، كما في رواية ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: لا يمين لولد مع والده، و لا للمرأة مع زوجها، و لا للمملوك مع سيّده. (التهذيب: ج 8 ص 285 باب الأيمان و الأقسام ح 41).

و أمّا إثباتا فما ذكر من الدليلين في خصوص نذر الولد يشمل الزوجة أيضا، و الدليلان هما:

الأول: إطلاق الحلف بالنذر، كما في الخبر.

الثاني: اتّحاد المعنى في الحلف و النذر، كما تقدّم.

ص: 187

الحكم (1) بالولد، بل يجب في الزوجة مثله (2)، لاشتراكهما (3) في الدليل نفيا (4) و إثباتا (5).

أمّا المملوك (6) فيمكن اختصاصه بسبب الحجر عليه، و العلاّمة اقتصر عليه (7) هنا،

**********

شرح:

(1)اللام في قوله «الحكم» للعهد الذكري، و هو الحكم بعدم إلحاق الولد بالعبد و الزوجة في توقّف نذره الى إذن والده.

(2)الضمير في قوله «مثله» يرجع الى الحكم المذكور، و هو عدم لحوق الولد بالعبد و الزوجة في توقّف نذره الى إذن والده.

(3)ضمير التثنية في قوله «لاشتراكهما» يرجع الى الولد و الزوجة. يعني أنّ الولد و الزوجة مشتركان في الدليل.

(4)المراد من النفي في قوله «نفيا» هو نفي الدليل في توقّف نذرهما على إذن الزوج و الوالد بل النصّ فيهما مخصوص بحلفهما كما تقدّم.

(5)المراد من الإثبات في قوله «إثباتا» هو إثبات إلحاقهما بالعبد في توقّف نذرهما على إذن الوالد و الزوج بالدليلين المذكورين، و هما:

الأول: إطلاق الحلف بالنذر، كما في الخبر.

الثاني: اتّحاد معنى الحلف و النذر، كما تقدّم أيضا.

(6)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنّ العبد أيضا لم يرد في خصوص نذره نصّ ، بل النصّ الوارد في خصوص حلف الثلاثة، كما في رواية التهذيب المتقدّمة في قوله عليه السّلام «لا يمين لولد مع والده... الخ» فما الفرق بينه و بينهما؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنه يمكن اختصاص العبد في توقّف نذره الى إذن المولى بدليل خاصّ و هو كون العبد محجورا عليه في جميع التصرّفات و من جملتها نذره.

(7)يعني أنّ العلاّمة رحمه اللّه اقتصر على ذكر العبد فقط في توقّف نذره الى إذن المولى، -

ص: 188

و هو (1) أنسب. و المحقّق شرّك بينه (2) و بين الزوجة في الحكم كما هنا و ترك الولد (3)، و ليس (4) بوجه.

يشترط الصيغة الصيغة

(و الصيغة: (5) إن كان)

**********

شرح:

-و لم يذكر الزوجة و الولد.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى العبد، و قوله «هنا» إشارة الى بحث توقّف النذر الى إجازة الغير.

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة، بأنّ الاقتصار على ذكر العبد في توقّف نذره الى إجازة المولى يناسب الدليل، و هو عدم النصّ في خصوص نذرهم و وجود دليل خاصّ في خصوص نذر العبد و هو كونه محجورا من التصرّفات و منها النذر.

(2)الضمير في قوله «بينه» يرجع الى العبد. يعني أنّ المحقّق رحمه اللّه قال باشتراك العبد و الزوجة في توقّف نذرهما الى إذن الغير كما أنّ المصنّف رحمه اللّه يشركهما في هذا الكتاب بقوله «و إذن الزوج كإذن السيّد».

(3)أي ترك المحقّق رحمه اللّه ذكر الولد كما ترك المصنّف رحمه اللّه ذكره في هذا الكتاب.

(4)اسم ليس محذوف يرجع الى الترك. يعني أنّ ترك المحقّق ذكر الولد ليس موجّها بل لا بدّ من اشتراك الولد للعبد و الزوجة في الحكم لاشتراك جميعهم في الدليل نفيا و إثباتا كما فصّلنا آنفا.

صيغة النذر (5)لا يخفى أنّ النذر يحتاج الى صيغة لفظية، و لا تكفي النية الخالية من التلفّظ بصيغته و هي قول الناذر: إن كان كذا فللّه عليّ كذا.

ص: 189

(كذا (1) فللّه عليّ كذا) هذه صيغة النذر المتّفق عليه بواسطة الشرط (2)، و يستفاد من الصيغة أنّ القربة المعتبرة في النذر إجماعا (3) لا يشترط كونها غاية للفعل (4) كغيره (5) من العبادات، بل يكفي تضمّن الصيغة (6) لها، و هو (7) هنا موجود بقوله: للّه عليّ ، و إن لم

**********

شرح:

(1)المراد من قوله «كذا» هو الأمر الذي تعلّق نذره عليه، و هذا هو النذر المشروط ، و قد يعبّر عنه بنذر المجازات.

و اتّفق الفقهاء بوقوع النذر المشروط و صحّته و كونه من الملزمات لما تعهّد للّه مشروطا و معلّقا.

(2)فإنّ كونه متّفقا عليه هو بواسطة الشرط الذي ذكره في الصيغة، و أمّا النذر غير المشروط فقد اختلفوا في إلزامه.

(3)تقييد لاعتبار القربة في النذر. يعني أنّ اعتبار القربة إجماعي في صيغة النذر.

(4)أي لا يشترط في النذر كون القربة الى اللّه علّة و غاية له، بل الغاية منه هو النيل بما أراده من النذر.

(5)أي بخلاف غير النذر من سائر العبادات فيشترط فيها كون القربة غاية للفعل، فلا يصحّ الصوم و الصلاة إلاّ لغاية التقرّب الى اللّه تعالى، لكن النذر ليس كذلك.

(6)أي يكفي في صيغة النذر تضمّنها التقرّب الى اللّه تعالى، فلا يحتاج الى استعمال حرف «الى» الدالّة للغاية كما تقدّم في قوله «فللّه عليّ كذا». لكن في نيّة سائر العبادات يقول: قربة الى اللّه تعالى.

و الضمير في قوله «لها» يرجع الى القربة.

(7)الضمير يرجع الى التضمّن. يعني أن التضمّن الذي يكفي موجود في القول المذكور.

ص: 190

يتبعها (1) بعد ذلك بقوله: قربة إلى اللّه أو للّه و نحوه (2)، و بهذا (3) صرّح في الدروس و جعله أقرب، و هو (4) الأقرب.

و من لا يكتفي بذلك (5) ينظر إلى أنّ القربة غاية للفعل فلا بدّ من الدلالة (6) عليها، و كونها (7) شرطا للصيغة و الشرط مغاير للمشروط .

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «يتبعها» يرجع الى الصيغة في قوله «للّه عليّ ».

(2)كأن يقول: إطاعة لأمر اللّه تعالى و امتثالا له.

(3)المشار إليه في قوله «بهذا» هو ظهور الصيغة المذكورة في الغاية و إن لم يتبعها بقوله: قربة الى اللّه.

يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس صرّح بذلك الظهور و قال بأنه أقرب الى الصواب.

(4)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة، بأنّ الصيغة المذكورة صريحة في الغاية و مجزية فلا يحتاج الى إتيان «قربة الى اللّه» أو غيره ممّا تقدّم من الأمثلة.

(5)يعني من الفقهاء من لا يكتفي بالصيغة المذكورة بل يجب اتباعها بقوله: قربة الى اللّه، و ذلك بدليلين:

الأول: أنّ القربة غاية للفعل و لا يصحّ إلاّ بها لأنّ الفعل لغاية الرياء و السمعة باطل، فيلزم إتيان الصيغة بلفظ يدلّ على الغاية اللازمة بأن يقول: قربة الى اللّه.

الثاني: أنّ الغاية من شروط الصيغة، و الشرط غير المشروط ، مثل الوضوء الذي هو شرط للصلاة و مغاير لها.

(6)أي لا بدّ من إتيان لفظ دالّ على الغاية مثل حرف «الى» أو غيرها.

و الضمير في قوله «عليها» يرجع الى الغاية.

(7)عطف على قوله «أنّ القربة». و هذا دليل ثان من الدليلين المذكورين.

ص: 191

و يضعف (1) بأنّ القربة كافية بقصد الفعل للّه في غيره كما أشرنا (2)، و هو (3) هنا حاصل، و التعليل (4) لازم، و المغايرة (5) متحقّقة، لأنّ الصيغة بدونها (6) إن كان كذا فعليّ كذا، فإنّ

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «كونها» يرجع الى الغاية.

و حاصله: أنّ القربة و إن كانت تتضمّنها الصيغة و كانت جزء لها فيما ذكر بقوله «للّه عليّ » لكن لا بدّ من ذكرها ثانية لأنها شرط للصيغة، و هو لا بدّ أن يكون مغايرا لها.

(1)أي يضعف قول من لا يكتفي بالصيغة المذكورة بلا اتباعها بلفظ «قربة الى اللّه» بأنّ القربة هي قصد الفعل للّه في سائر العبادات و لو لم يتلفّظ بحرف «الى» فكذلك في صيغة النذر.

(2)و قد أشار الشارح رحمه اللّه آنفا في قوله «و إن لم يتبعها بعد ذلك بقوله: قربة الى اللّه أو للّه و نحوه».

(3)الضمير يرجع الى قصد الفعل. يعني أنّ قصد الفعل للّه في الصيغة المذكورة حاصل.

(4)أي التعليل الذي يستفاد من جملة «قربة الى اللّه» أو «للّه» من لوازم قوله «للّه عليّ » فتحصل الغاية من الصيغة المذكورة، هذا جواب ثان من الاستدلال بلزوم قول «قربة الى اللّه» في الصيغة.

(5)أي المغايرة التي استدلّ القائل بها على لزوم قول «قربة الى اللّه» في الصيغة متحقّقة في الصيغة المذكورة، لأنّ الصيغة نفس قوله «إن كان كذا فعليّ كذا» فإضافة لفظ «للّه عليّ » متغايرة بالصيغة.

(6)الضمير في قوله «بدونها» يرجع الى القربة. يعني أنّ الصيغة هي قول «إن كان -

ص: 192

الأصل (1) في النذر الوعد بشرط ، فتكون إضافة «للّه» خارجة.

شرط المنذور

(و ضابطه) (2) أي ضابط النذر و المراد منه هنا المنذور و هو (3) الملتزم بصيغة النذر (أن يكون (4) طاعة) واجبا كان أو مندوبا (أو مباحا)

**********

شرح:

-كذا فعليّ كذا» و شرطها الإتيان بقصد التقرّب، و هو حاصل بقوله «للّه» كما في الخبر المنقول عن الوسائل:

عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام اذا قال الرجل: عليّ المشي الى بيت اللّه و هو محرم بحجّة، أو عليّ هدي كذا بكذا فليس بشيء حتّى يقول: للّه عليّ المشي الى بيته. (الوسائل: ج 16 ص 182 ب 1 من أبواب النذر و العهد ح 1).

(1)أي الأصل في معنى النذر هو الوعد و التعهّد في مقابل الشرط ، و هو حاصل في قوله: إن كان كذا فعليّ كذا، فإضافة لفظ «للّه» تكون خارجة عن معنى النذر.

الضابطة في النذر (2)الضمير في قوله «ضابطه» يرجع الى النذر. و المراد منه ليس معناه المصدري بل المراد منه معناه اسم المفعول، فإنّ المصدر يستعمل كثيرا في معنى اسم المفعول، كما أنّ اللفظ يستعمل بمعنى الملفوظ .

و في مرجع الضمير استخدام لرجوعه الى المعنى المجازي من المصدر، و هو معنى اسم المفعول منه.

(3)أي المنذور عبارة عمّا التزم به بسبب صيغة النذر.

(4)خبر لقوله «و ضابطه». و قد ذكر المصنّف رحمه اللّه للنذر شرطين:

الأول: كون المنذور طاعة أو مباحا راجحا.

الثاني: كون المنذور مقدورا للناذر.

ص: 193

(راجحا) في الدين (1) أو الدنيا (2)، فلو كان (3) متساوي الطرفين أو مكروها أو حراما التزم فعلهما (4) لم ينعقد، و هو في الأخيرين (5) وفاقي، و في المتساوي (6) قولان، فظاهره (7) هنا بطلانه، و في الدروس رجّح صحّته، و هو (8) أجود.

**********

شرح:

(1)كترك أكل بعض الأطعمة و الأغذية لكسر الشهوة أو ترك الشبهات المباحة.

(2)كترك الأكل في وسط النهار أو الليل للهزال المطلوب في الدنيا.

(3)جواب الشرط هو قوله «لم ينعقد».

(4)ضمير التثنية في قوله «فعلهما» يرجع الى المكروه و الحرام. يعني اذا نذر فعل المكروه مثل أكل لحم الحمار أو الحرام مثل شرب الخمر لا ينعقد النذر، لكن لو نذر تركهما انعقد النذر و حرم عليه فعلهما.

(5)المراد من «الأخيرين» هو فعل الحرام و المكروه. يعني أنّ بطلان النذر في فعلهما إجماعيّ بين الفقهاء.

(6)أي في بطلان النذر في المباح المتساوي الطرفين - مثل شرب الماء و أكل الخبز مع عدم رجحانهما في الدين و الدنيا - قولان.

(7)أي أنّ ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «أن يكون طاعة أو مباحا راجحا» بطلان النذر في المباح المتساوي الطرفين.

(8)أي الترجيح للصحّة - الذي قال به المصنّف رحمه اللّه في الدروس - أجود لعدم الدليل على اشتراط الرجحان فيما لم يشتمل النذر على شرط بل كان نذرا مطلقا، أي مجرّدا عن اشتراط و غير معلّق عليه.

و الحاصل: إنّ المكلّف اذا قال: للّه عليّ إن شربت الماء وسط الطعام أفعل كذا، -

ص: 194

هذا (1) اذا لم يشتمل على شرط ، و إلاّ (2) فسيأتي اشتراط كونه طاعة لا غير، و في الدروس ساوى بينهما (3) في صحّة المباح الراجح و المتساوي.

و المشهور ما هنا (4).

(مقدورا للناذر) (5) بمعنى صلاحية تعلّق قدرته (6) به عادة في الوقت المضروب (7) له فعلا أو قوّة، فإن كان وقته معيّنا اعتبرت

**********

شرح:

-ينعقد نذره على ما رجّحه المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس و على ما جوّده الشارح قدّس سرّه هنا.

(1)المشار إليه في قوله «هذا» هو الحكم بصحّة النذر في المباح الراجح أو المتساوي الطرفين. يعني أنّ الحكم المذكور إنّما هو في النذر غير المشروط المعبّر عنه بالتبرّعي.

(2)يعني إن كان النذر مشتملا على شرط و يعبّر عنه بالنذر المجاز - أي يشترط في صحّته كون المنذور و الملتزم بصيغة النذر طاعة - فلا يكفي المباح الراجح أو المساوي في صحّته، كما سيأتي بعد صفحات في قوله «و لا بدّ من كون الجزاء طاعة».

(3)ضمير التثنية في قوله «بينهما» يرجع الى النذر التبرّعي و المجاز. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قال بصحّتهما و لو كان المنذور مباحا راجحا أو مساويا.

(4)أي فتوى المشهور من الفقهاء ما ذكر هنا.

(5)هذا هو الشرط الثاني من الشرطين المذكورين.

(6)الضمير في «قدرته» يرجع الى الناذر، و في قوله «به» يرجع الى المنذور.

(7)بأن يقدر المنذور في الوقت الذي تعيّنه حال النذر أو بالقوّة الحاصلة عادة -

ص: 195

فيه (1)، و إن كان مطلقا (2) فالعمر.

و اعتبرنا ذلك (3) مع كون المتبادر القدرة الفعلية (4) لأنها (5) غير مرادة لهم، كما صرّحوا به (6) كثيرا، لحكمهم بأنّ من نذر الحجّ و هو عاجز عنه بالفعل لكنّه يرجو القدرة ينعقد نذره

**********

شرح:

-وقت المنذور.

(1)أي تعتبر القدرة في الوقت المعيّن للمنذور.

(2)كما اذا لم يعيّن وقتا بالمنذور فوقته القدرة في عمره كائنا ما كان.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو القدرة في وقت الفعل بالفعل أو بالقوّة.

(4)يعني أنّ الشارح رحمه اللّه قال بتعميم القدرة الفعلية و الشأنية للمنذور، مع أنّ المتبادر هو القدرة عند النذر، لأنّ القدرة الفعلية حال النذر ليست مرادة للفقهاء.

و الدليل بكون مرادهم أعمّ من القوّة و الفعل هو تصريحهم في موارد كثيرة بأنّ مرادهم هو الأعمّ من القوّة.

و قد ذكر الشارح رحمه اللّه على ذلك أمثلة ثلاثة، و هي:

الأول: انعقاد نذر من نذر الحجّ و هو عاجز عنه حين النذر لكنه يرجو القدرة بعد النذر.

الثاني: انعقاد نذر من نذر صدقة مال و هو عاجز عنه عند النذر.

الثالث: انعقاد نذر المرأة الحائضة الصوم بلا تعيين وقت له.

(5)الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى القدرة الفعلية، و في قوله «لهم» يرجع الى الفقهاء.

(6)الضمير في قوله «به» يرجع الى غير المراد.

ص: 196

و يتوقّعها (1) في الوقت، فإن خرج و هو عاجز بطل، و كذا (2) لو نذر الصدقة بمال و هو فقير، أو نذرت الحائض الصوم مطلقا (3)، أو في وقت (4) يمكن فعله فيه بعد الطهارة، و غير ذلك (5)، و إنّما أخرجوا بالقيد (6) الممتنع عادة كنذر الصعود إلى السماء (7)، أو عقلا كالكون في غير حيّز (8) و الجمع

**********

شرح:

(1)يعني أنّ ناذر الحجّ ينتظر القدرة في وقته، فإن خرج وقت الحجّ المنذور و هو عاجز حكم ببطلان حجّة، و هذا مثال أول ممّا ذكروا رحمهم اللّه.

و فاعل قوله «خرج» مستتر يرجع الى الوقت، و فاعل قوله «بطل» مستتر أيضا يرجع الى النذر.

(2)هذا مثال ثان ممّا ذكروا. يعني و كذا ينعقد النذر من الفقير عند نذره.

(3)هذا مثال ثالث ممّا ذكروا، بأنّ المرأة الحائضة ينعقد نذرها الصوم اذا كان مطلقا بأن لا تعيّن وقته.

(4)ظرف للصوم، بأن نذرت الصوم في وقت يمكنها الصوم فيه بعد طهارتها من الحيض.

(5)أي غير ذلك من الأمثلة التي يظهر منها عدم اعتبار القدرة الفعلية حال النذر فيها.

(6)المراد من «القيد» هو القدرة على ما نذره. يعني أنّ الفقهاء أخرجوا بالقيد المذكور نذر فعل لا يمكن للناذر أداءه عادة أو عقلا.

(7)فإنّ الصعود الى السماء ليس بمحال عقلي بل محال عادي، لأنّ المحال العقلي لا يمكن أبدا مثل استحالة اجتماع الضدّين و ارتفاع نقيضين و غيرهما.

(8)الحيّز: المكان، و قد تخفّف ياؤه مسكّنة فيقال: الحيز. و قولهم: هذا في حيّز التواتر، أي في جهته و مكانه. (المنجد).

ص: 197

بين الضدّين، أو شرعا (1) كالاعتكاف جنبا مع القدرة (2) على الغسل، و هذا القسم (3) يمكن دخوله في كونه طاعة أو مباحا، فيخرج به (4) أو بهما (5).

الأقرب احتياجه إلى اللفظ

(و الأقرب (6) احتياجه إلى اللفظ ) فلا يكفي النية في انعقاده و إن

**********

شرح:

(1)أي الممتنع في الشرع.

(2)إنّما قيّد ذلك لأنّ الناذر اذا لم يقدر على الغسل يكون مكلّفا بالتيمّم فيكون قادرا على الاعتكاف.

و لا يكون الاعتكاف له ممتنعا شرعا و إن لم يرفع التيمّم أصل الجنابة.

(3)المراد من قوله «هذا القسم» هو الممتنع الشرعي. فقال الشارح رحمه اللّه بأنه يمكن كون ذلك من قبيل الإطاعة. بمعنى أنّ الاعتكاف عبادة و إطاعة نظرا الى أصله و لو لم يصحّ من الجنب، و هكذا المباح الراجح، فحينئذ يخرج بقيد القدرة.

و يمكن أن يقال بأنّ الممتنع الشرعي لا يكون طاعة و لا عبادة فيخرج بقيد الطاعة كما ذكر المصنّف رحمه اللّه بقوله «و ضابطه أن يكون طاعة».

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى قيد القدرة، و الفاء في قوله «فيخرج» للتفريع من قوله بأنه يمكن دخول الممتنع الشرعي في أقسام الطاعة باعتبار أصله.

(5)الضمير في قوله «بهما» يرجع الى قيد القدرة و قيد الطاعة. يعني يمكن خروج الممتنع الشرعي بقيدين باعتبار عدم كونه طاعة و باعتبار عدم كونه مقدورا.

(6)قد اختلفوا في احتياج النذر الى اللفظ الدالّ به أو كفاية النية و القصد الباطني في صحّته.-

ص: 198

استحبّ الوفاء به (1)، لأنه (2) من قبيل الأسباب، و الأصل فيها اللفظ الكاشف عمّا في الضمير (3)، و لأنه في الأصل (4) وعد بشرط أو بدونه (5)، و الوعد لفظي، و الأصل عدم النقل، و ذهب جماعة منهم الشيخان (6) إلى

**********

شرح:

-فقال المصنّف رحمه اللّه بأنّ أقرب القولين الى الصحّة هو احتياج النذر الى اللفظ و عدم كفاية النية في تحقّقه.

و ذكر الشارح رحمه اللّه لأقربية القول المذكور دليلين:

الأول: أنّ النذر من قبيل الأسباب، مثل البيع سبب لانتقال العين، و مثل الإجارة سبب لانتقال المنفعة، و هكذا النكاح و الطلاق أسباب لما ينشأ بهما.

و الأصل في الأسباب هو الألفاظ الكاشفة عن القصد الباطني، فلا يكفي القصد المجرّد عن اللفظ في الأسباب المعيّنة من الشارع، فالنذر أيضا يحتاج الى لفظ خاصّ و صيغة مخصوصة.

الثاني: أنّ النذر في اللغة تعهّد و وعد بالشرط في النذر المشروط أو بغير شرط في النذر التبرّعي، و لا يكون الوعد إلاّ باللفظ ، و الأصل عدم النقل عن المعنى الأصلي.

(1)يعني و إن كان الوفاء بما نذر قلبا بلا تلفّظ به مستحبّا لا واجبا.

(2)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى النذر.

(3)يعني أنّ الأصل و القاعدة في الأسباب استعمال اللفظ الكاشف عمّا في قلب الناذر.

(4)هذا دليل ثان من الدليلين المذكورين، بأنّ النذر في اللغة وعد و هو لفظي.

(5)أي وعد بدون شرط كما في النذر التبرّعي، فإنّ ذلك ليس مشروطا بشيء.

(6)المراد من «الشيخان» هو الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي رحمهما اللّه فإنّهما قالا بعدم -

ص: 199

عدم اشتراطه للأصل (1)، و عموم الأدلّة (2)، و لقوله (3) صلّى اللّه عليه و آله: إنّما (4) الأعمال بالنيات و إنّما لكلّ امرئ ما نوى (5). و «إنّما» للحصر، و الباء (6) سببية، فدلّ على حصر السببية فيها (7)، و اللفظ «إنّما» اعتبر في العقود ليكون دالاّ على الإعلام بما في الضمير، و العقد هنا مع

**********

شرح:

-اشتراط اللفظ في النذر و ذكرا ثلاث أدلّة:

الأول: أصالة عدم اشتراط اللفظ .

الثاني: عموم أدلّة النذر الشاملة لاستعمال اللفظ و عدمه.

الثالث: الرواية النبوية الشريفة الدالّة على أنّ النية كافية في تحقّق العمل، و أنّ نية فعل المنذور كافية في تحقّق النذر.

(1)هذا هو الدليل الأول من الأدلّة المذكورة، و المراد من «الأصل» هو أصل العدم.

(2)هذا دليل ثان من الأدلّة الثلاثة. و المراد من «الأدلّة» الروايات الواردة في خصوص النذر الشاملة للنية و التلفّظ . (راجع الوسائل: ج 16 ص 205 آخر أبواب النذر و العهد).

(3)هذا هو الثالث من الأدلّة.

(4)لفظ «إنّما» للحصر، و الباء للسببية، فيدلّ على انحصار السببية في النية و اللفظ كاشف عنها.

(5)الرواية منقولة في الوسائل (ج 1 ص 34 ب 5 من أبواب كتاب الطهارة ح 7) و راجع أيضا (البحار: ج 70 ص 211 عن عوالي اللآلي، و كنز العمّال: ح 7272).

(6)أي الباء المذكورة في قوله «بالنيات».

(7)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى النية.

ص: 200

اللّه (1) العالم بالسرائر، و تردّد المصنّف في الدروس و العلاّمة (2) في المختلف، و رجّح (3) في غيره الأول.

(و) كذلك الأقرب (انعقاد (4) التبرّع) به من غير شرط ، لما مرّ من

**********

شرح:

(1)يعني أنّ العقد و العهد في النذر إنما هو بين الناذر و بين اللّه تعالى، و هو عالم بالقلوب و النيات.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس و العلاّمة قدّس سرّه في كتابه المختلف تردّدا في كفاية النية في انعقاد النذر و عدمها.

لكنّ العلاّمة رحمه اللّه رجّح الأول و هو اشتراط اللفظ في صيغة النذر في غير كتابه المختلف، أمّا المصنّف قدّس سرّه فقد اختاره في هذا الكتاب بقوله «و الأقرب احتياجه الى اللفظ ».

(3)فاعل قوله «رجّح» مستتر يرجع الى العلاّمة. و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المختلف. و المراد من قوله «الأول» هو القول باشتراط اللفظ في صيغة النذر.

(4)عطف على قوله «احتياجه الى اللفظ ». يعني أنّ الأقرب على الصحّة القول بانعقاد النذر تبرّعا و بلا شرط .

و اعلم أنّ النذر على قسمين:

الأول: النذر المشروط ، و هو أن يقول الناذر مثلا: إن رجع ولدي من السفر فللّه عليّ أن أصوم شهرا. و يطلق على هذا النذر بالنذر المجازاتي و المشروط ، لاشتماله على الشرط و الجزاء.

الثاني: النذر غير المشروط ، و هو النذر الابتدائي، بأن يقول الناذر: للّه عليّ أن أصوم الشهر الفلاني. فإنّه لم يعلّق بشيء، بل التزم بالمنذور بلا عوض، و يسمّى بالنذر التبرّعي.

ص: 201

الأصل (1) و الأدلّة (2) المتناولة له.

و قول (3) بعض أهل اللغة إنّه وعد بشرط ، و الأصل عدم النقل معارض (4) بنقله أنه بغير شرط أيضا، و توقّف (5) المصنّف في الدروس، و الصحّة أقوى (6).

لا بدّ من كون الجزاء طاعة

(و لا بدّ من كون الجزاء (7) طاعة) إن كان

**********

شرح:

-و في انعقاد هذا النذر خلاف بين الفقهاء، فقال المصنّف رحمه اللّه بالانعقاد، و استدلّ الشارح رحمه اللّه بالأصل و الأدلّة.

(1)المراد من «الأصل» هو عدم اشتراط الشرط فيه.

(2)المراد من «الأدلّة» هو العمومات الواردة في النذر الشاملة لغير المشروط أيضا.

(3)هذا جواب عن إشكال هو أنّ أهل اللغة قالوا بأنّ النذر وعد بشرط فلا يناسب النذر غير المشروط ، و الأصل عدم نقله من معناه اللغوي.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ قول أهل اللغة في كونه وعدا شرط معارض بقول غيرهم من أهل اللغة بأنه وعد لغير شرط أيضا.

(4)بفتح الراء اسم مفعول، و هو خبر لقوله «و قول بعض... الخ».

و الضمير في قوله «بنقله» يرجع الى البعض.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس توقّف في انعقاد النذر التبرّعي و عدمه.

(6)خبر لقوله «و الصحّة». يعني أنّ القول بصحّة النذر غير المشروط و التبرّعي أقوى لأنّ الأصل عدم اشتراط الشرط فيه. و لشمول الأدلّة الواردة في النذر لغير المشروط أيضا.

(7)أي لا بدّ من أن يكون الجزاء في النذر المشروط من أقسام ما يعدّ طاعة -

ص: 202

نذر (1) مجازاة بأن يجعله أحد العبادات المعلومة، فلو كان مرجوحا أو مباحا لم ينعقد لقول الصادق عليه السّلام في خبر أبي الصباح الكناني: ليس النذر بشيء حتّى يسمّي شيئا للّه صياما (2) أو صدقة أو هديا (3) أو حجّا. إلاّ (4)

**********

شرح:

-و عبادة، مثل الصلاة و الصوم و الحجّ و غير ذلك.

و المراد من «الجزاء» هو الذي يجعل له جزاء للشرط ، ففي قوله «إن رجع ولدي من السفر» هذا شرط ، و جزاؤه هو قوله «للّه عليّ صوم شهر».

فلا ينعقد نذر المجازاة إلاّ بكون الجزاء من قبيل الطاعة واجبا كان أو مستحبّا.

فعلى ذلك لو كان الجزاء مكروها أو حراما أو مباحا راجحا أو متساويا لا ينعقد النذر.

و الدليل على ذلك الخبر المنقول في المستدرك:

عن أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام قال: ليس النذر بشيء حتّى يسمّي شيئا للّه صياما أو صدقة أو هديا أو حجّا. (مستدرك الوسائل: ج 3 ص 57 ب 2 من أبواب النذر و العهد ح 4).

(1)بالنصب، خبرا لكان أضيف الى مجازاة، و الاسم مستتر يرجع الى النذر. يعني إن كان النذر نذر مجازاة.

(2)هذا بيان للشيء.

(3)الهدي: ما اهدي الى الحرم من النعم، و قيل: ما ينقل للذبح من النعم الى الحرم.

الواحدة: هدية. (أقرب الموارد).

(4)هذا إيراد للاستدلال بالرواية المذكورة بأنه لو عمل بها يلزم القول بكون النذر التبرّعي أيضا مثل المشروط ، و الحال أنّ المصنّف رحمه اللّه لا يقول باشتراط الطاعة في غير المشروط .

ص: 203

أنّ هذا الخبر يشمل المتبرّع به (1) من غير شرط ، و المصنّف لا يقول به (2)، و أطلق الأكثر اشتراط كونه (3) طاعة، و في الدروس استقرب في الشرط و الجزاء جواز تعلّقهما (4) بالمباح محتجّا (5) بالخبر السابق في بيع الجارية، و البيع مباح إلاّ أن يقترن بعوارض مرجّحة (6).

(و) كون (الشرط ) (7) و هو ما علّق الملتزم (8) به عليه (سائغا) سواء

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى النذر.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى اشتراط الطاعة في النذر المتبرّع به.

(3)يعني أنّ أكثر الفقهاء أطلق اشتراط كون المنذور طاعة بلا فرق بين المشروط و غيره.

(4)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قرّب القول بجواز تعلّق الشرط و الجزاء كليهما بالمباح، كأن يقول: إن بعت كتابي هذا فللّه عليّ أن أذهب من بلدي.

(5)أي أنّ المصنّف رحمه اللّه احتجّ بالتقريب المذكور بالخبر السابق في خصوص بيع الجارية المنقول في الهامش 2 من صفحة 186، حيث قال السائل: إلاّ أني كنت حلفت فيها بيمين، فقلت: للّه عليّ أن لا أبيعها أبدا... فقال الإمام عليه السّلام: ف للّه بقولك (أو نذرك).

(6)بأن كان البيع راجحا أو مرجوحا بسبب ما يعرضه من المرجّح في البيع أو الترك.

(7)أي الشرط الثاني في صحّة النذر أن يكون الشرط الذي علّق الجزاء عليه جائزا اذا قصد الشكر من النذر، كما اذا قال: إن رزقت ولدا أو إن حججت فللّه عليّ كذا. فالملتزم به هو جزاء للشرط المذكور.

(8)بصيغة اسم المفعول، و هو نائب فاعل لقوله «علّق».-

ص: 204

كان راجحا (1) أم مباحا (إن قصد) (2) بالجزاء (الشكر) كقوله: إن حججت أو رزقت ولدا أو ملكت كذا فللّه عليّ كذا، من (3) أبواب الطاعة، (و إن قصد (4) الزجر) عن فعله (اشترط كونه (5) معصية، أو مباحا راجحا (6) فيه المنع) كقوله: إن زنيت (7) أو بعت داري (8) مع مرجوحيّته (9) فللّه عليّ كذا، و لو قصد في

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الشرط .

و بعبارة اخرى: إنّ الناذر يلتزم بنفسه أن يفعل أمرا معلّقا للشرط الذي ذكره في صيغة النذر.

(1)أي المراد من الجواز هو الأعمّ من الواجب و المستحبّ و المباح.

(2)يعني أنّ اشتراط كون الجزاء جائزا إنّما هو في صورة قصد الشكر من الجزاء، كما في الأمثلة المذكورة، فإنّ الناذر يقصد الشكر للحجّ أو الولد أو الملك.

(3)هذا بيان لقوله «عليّ كذا». يعني أنّ الجزاء يكون من قبيل العبادات المأمور بها واجبا أو ندبا كما مرّ.

(4)أي إن قصد الناذر من الجزاء الزجر على نفسه اشترط كون المشروط من قبيل المعصية أو المباح المرجوح الذي ورد في خصوصه المنع، ففي ذلك لا ينعقد النذر إلاّ بكون المشروط من قبيل المعاصي أو المكروهات.

(5)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى الشرط .

(6)أي مرجوحا على ما مرّ دينا أو دنيويا.

(7)هذا مثال كون الشرط من قبيل المعصية.

(8)هذا مثال كون الشرط في النذر من قبيل المباح المرجوح.

(9)أي المثال المذكور في صورة كون البيع مرجوحا، بأن ورد النهي عن بيع الدار.

ص: 205

الأول (1) الزجر و في الثاني (2) الشكر لم ينعقد، و المثال (3) واحد، و إنّما الفارق القصد، و المكروه (4) كالمباح المرجوح و إن لم يكنه (5)، فكان (6) عليه أن يذكره، و لو انتفى القصد في

**********

شرح:

(1)بأن قصد في صورة كون الشرط سائغا كون الجزاء عليه زجرا بدل الشكر فحينئذ لم ينعقد النذر. كما اذا زجر و منع نفسه عن ارتكاب عمل واجب أو مباح راجح بسبب النذر، فقال: إن صلّيت صلاة الصبح فللّه عليّ أن أصوم يومه، و قصد من هذا النذر الزجر على نفسه بإقامة صلاة الصبح.

(2)المراد من «الثاني» هو قصده الزجر عن المعصية أو المباح المرجوح فقصد الشكر فيه، بأن قال: إن شربت الخمر فللّه عليّ صوم شهر. فقصد من ذلك الشكر على ارتكاب المعصية.

ففي كلا الصورتين لا ينعقد النذر.

(3)أي المثال في الشكر و الزجر على المعصية و في الشكر و الزجر على الطاعة واحد، و إنّما الفرق بينهما بالقصد.

(4)أي أنّ المكروه في الشرع الذي ورد النهي بالذات عنه يكون مثل المباح المرجوح الذي لم يكن منهيّا بالذات شرعا بل بالعرض في الحكم و إن لم يكن هو عين المباح المرجوح، لأنّ مرجوحية المباح قد تكون دنيوية محضة بلا نهي من الشارع عنه ذاتا، فبذلك يحصل التغاير بين المكروه و المباح المرجوح.

(5)اسم قوله «لم يكن» مستتر يرجع الى المكروه. و الضمير المتّصل الظاهر في «يكنه» يرجع الى المباح المرجوح.

(6)هذا متفرّع على قوله «و ان لم يكنه». يعني اذا لم يكن المكروه هو المباح المرجوح فكان لازما على المصنّف رحمه اللّه ذكر المكروه أيضا.

ص: 206

القسمين (1) لم ينعقد لفقد الشرط (2). ثمّ الشرط إن كان من فعل الناذر فاعتبار كونه سائغا واضح (3)، و إن كان من فعل اللّه كالولد (4) و العافية (5) ففي إطلاق الوصف (6) عليه تجوّز، و في الدروس اعتبر صلاحيّته (7) لتعلّق

**********

شرح:

(1)يعني لو انتفى القصد في الموردين المذكورين بأن لا يقصد الشكر في الشكر و لا يقصد الزجر في الزجر لا ينعقد النذر.

(2)المراد من «الشرط » هو قصد الشكر في مقام الشكر و قصد الزجر في مقام الزجر، فاذا فقد الشرط فقد المشروط .

(3)لا يخفى أنّ الشرط في النذر إمّا فعل الناذر مثل قوله: إن فعلت كذا فللّه عليّ كذا، أو فعل اللّه تعالى مثل قوله: إن رزقني اللّه ولدا فللّه عليّ كذا، فاشتراط الجواز في الأول ظاهر.

(4)أي كرزق الولد له من جانب اللّه تعالى.

(5)أي كرزق العافية للناذر من جانب اللّه سبحانه.

(6)المراد من «الوصف» هو قوله «سائغا». يعني أنّ في إطلاق كون الشرط سائغا في النذر بالنسبة الى أفعال اللّه تعالى مجاز لا حقيقة، لأنّ أفعاله تعالى لا تكون موضوعة للأحكام الشرعية حتّى يكون إطلاقه عليها حقيقيا، كما في أصل إطلاق البصير و السميع و المتكلّم إليه تعالى نوع تجوّز، فمن أراد التفصيل فليراجع كتب الاصول.

(7)الضمير في قوله «صلاحيّته» يرجع الى الشرط . يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قال بأنه يشترط في الشرط عند النذر صلاحيّته و ذلك لتعلّق الشكر به، بمعنى كونه قابلا للشكر، فحينئذ يكون إطلاق الوصف لأفعال اللّه تعالى حقيقة و لا يحتاج الى التجوّز لأنّ أفعاله تكون صالحة للشكر.

ص: 207

الشكر به، و هو (1) حسن.

العهد كالنذر في جميع الشروط و الأحكام

(و العهد (2) كالنذر (3)) في جميع هذه الشروط و الأحكام.(و صورته: (4))

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى اعتبار صلاحية الشرط ، فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ هذا الاعتبار حسن.

مبحث العهد (2)العهد من عهد إليه عهدا: أوصاه و شرط عليه و إليه في الأمر.

العهد أيضا: الوفاء و الضمان و المودّة و الأمان و الذمّة، و منه يقال للحربي: يدخل بالأمان ذو عهد. (أقرب الموارد).

و المراد هنا هو عهد المكلّف أمرا مع اللّه تعالى بصيغة مخصوصة.

(3)خبر لقوله «و العهد». يعني أنّ العهد مثل النذر في جميع الشروط و الأحكام، فكما أنّ النذر على قسمين مشروط و تبرّعي كذلك العهد.

أمّا العهد المشروط فأن يقول في مقام الزجر: عاهدت اللّه أو عليّ عهد اللّه إن ارتكبت معصية فعليّ صوم شهر. أو يقول في مقام الشكر: عاهدت اللّه أو عليّ عهد اللّه إن حججت أو رزقت ولدا صوم شهر.

و أمّا العهد التبرّعي فأن يقول في الطاعة و العبادة: عاهدت اللّه أو عليّ عهد اللّه تعالى أن أصلّي صلاة الليل. أو يقول في المباح اذا كان راجحا: عاهدت اللّه أن أذهب الى بلدة قم مثلا. فكما ينعقد النذر في المباح الراجح كذلك ينعقد العهد فيه.

(4)الضمير في قوله «صورته» يرجع الى العهد. يعني أنّ صيغة العهد هو: عاهدت اللّه... الخ.

ص: 208

(عاهدت اللّه، أو عليّ عهد اللّه) أن أفعل (1) كذا أو أتركه، أو إن فعلت كذا أو تركته أو رزقت كذا فعليّ (2) كذا، على الوجه المفصّل (3) في الأقسام.

و الخلاف (4) في انعقاده بالضمير و مجرّدا (5) عن الشرط مثله.

اليمين هي الحلف باللّه

(و اليمين (6) هي الحلف باللّه) أي بذاته تعالى من غير اعتبار

**********

شرح:

(1)قوله «أفعل» بفتح الألف بصيغة المتكلّم الواحد منصوب بأن الناصبة، و كذا قوله «أتركه».

(2)جزاء لقوله «إن فعلت» و ما عطف عليه.

(3)أي على التفاصيل التي تقدّمت في شرط النذر، من كونه طاعة لو قصد الشكر من الجزاء، و معصية لو قصد الزجر من الجزاء.

(4)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «مثله». يعني أنّ الاختلاف بين الفقهاء في انعقاد العهد بالقلب مثل الخلاف في خصوص النذر. و قد تقدّم من المصنّف رحمه اللّه قوله «و الأقرب احتياجه الى اللفظ ».

و تقدّم أيضا عن جماعة منهم الشيخ الطوسي و الشيخ المفيد رحمهما اللّه عدم اشتراط اللفظ بل ينعقد بالضمير أيضا بدليل الأصل و عموم الأدلّة، كلّ ذلك يأتي في العهد أيضا.

(5)أي الخلاف في انعقاد العهد مجرّدا عن الشرط مثل الخلاف في انعقاد التبرّعي في النذر.

مبحث اليمين (6)اليمين - كقتيل -: القسم، مؤنّثة. قيل: سمّي الحلف يمينا لأنهم كانوا اذا تحالفوا و تعاهدوا ضرب كلّ واحد يمينه على يمين صاحبه فسمّي الحلف و العهد يمينا -

ص: 209

**********

شرح:

-مجازا. (أقرب الموارد).

و اعلم أنّ اليمين على أقسام أربعة:

الأول: يمين انعقاد، و هي الحلف على المستقبل فعلا أو تركا مع القصد إليه، و هو المقصود هنا.

الثاني: يمين لغو، إمّا بمعنى الحلف لا مع القصد على ماض أو آت، أو بمعنى أن يسبق اللسان الى اليمين من غير قصد أنه يمين، أو بمعنى لا و اللّه، بلى و اللّه بلا عقد على شيء كما قال تعالى لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ (1) . (المائدة: 89).

الثالث: يمين غموس، و هي عند الأكثر الحلف على أحد الأمرين مع تعمّد الكذب، و هي تغمس الحالف في الإثم أو النار لحرمتها بلا خلاف. و هناك نصوص تدلّ على أنها من الكبائر، و أنها ينتظر بها أربعين ليلة، و أنها تقطع النسل، و لا كفّارة فيها سوى الاستغفار.

الرابع: يمين حلف على الحال أو الماضي مع الصدق، و لا خلاف في جوازها و جواز الأولين، و عدم المؤاخذة في الثاني للآية المذكورة، و كراهة هذه الأخيرة و تأكّدها مع إكثارها.

قال اللّه تعالى وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ (2) . (القلم: 10).

و قال عيسى عليه السّلام للحواريين: إنّ موسى نبيّ اللّه أمركم أن لا تحلفوا باللّه كاذبين، و أنا آمركم أن لا تحلفوا باللّه كاذبين و لا صادقين. (الوسائل: ج 16 ص 115 ب 1 من أبواب كتاب الأيمان ح 2).

و قال تعالى لا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ (3) . (البقرة: 224).-

ص: 210


1- سوره 5 - آیه 89
2- سوره 68 - آیه 10
3- سوره 2 - آیه 224

اسم (1) من أسمائه (كقوله: و مقلّب (2) القلوب و الأبصار، و الذي نفسي (3) بيده، و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة (4)) لأنّ المقسم به

**********

شرح:

-و في الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال: من أجلّ اللّه أن يحلف به أعطاه اللّه خيرا ممّا ذهب منه. (التهذيب: ج 8 ص 284 باب الأيمان و الأقسام ح 26).

و يستفاد منه استحباب ترك الحلف على إثبات المال مطلقا.

و قد ترك السجّاد عليه السّلام الحلف على نفي أربعمائة دينار عن نفسه من امرأته التي طلّقها و ادّعت عليه صداقها، فطلب منه أمير المدينة إمّا أن يحلف و إمّا أن يعطيها المبلغ، فأمر ولده الباقر عليه السّلام أن يعطيها أربعمائة دينار، فقال له الباقر عليه السّلام:

جعلت فداك أ لست محقّا؟ قال: بلى، و لكنّي أجللت اللّه عزّ و جلّ أن أحلف به يمين صبر. (راجع المصدر السابق: ح 28).

و في الخبر عن الصادق عليه السّلام أنه قال: اذا ادّعى عليك مالا و لم يكن له عليك شيء فأراد أن يحلفك فإن بلغ مقدار ثلاثين درهما فأعطه و لا تحلف، و إن كان أكثر من ذلك فاحلف و لا تعطه. (المصدر السابق: ح 29).

و يستثنى من الكراهة ما وقع عليه الحاجة كتأكيد كلام أو تعظيم أمر، لورودهما في الأخبار.

(1)بأن لا يذكر اسما من أسمائه الخاصّة بل يشير الى اللّه تعالى و ذاته بتلفّظ أوصافه و أفعاله.

(2)يعني اقسم بذات الذي يقلّب القلوب و الأبصار.

(3)أي اقسم بذات الذي نفسي و حياتي بيده و إرادته.

(4)النسمة - محرّكة -: نفس الروح، و الانسان، جمعها: نسم و نسمات. و في الكلّيات: كلّ دابّة فيها روح فهي نسمة، و المملوك ذكرا كان أو انثى. -

ص: 211

فيها (1) مدلول المعبود بالحقّ إله من في السماوات و الأرض من غير أن يجعل (2) اسما للّه تعالى (أو) الحلف (باسمه) (3) تعالى المختصّ به (كقوله: و اللّه (4) و تاللّه (5) و باللّه (6))

**********

شرح:

-(أقرب الموارد).

يعني اقسم بذات فالق الحبّة و بارئ النسمة.

(1)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الأمثلة الثلاثة المذكورة بقوله «و مقلّب القلوب... الخ». يعني أنّ ما حلف به في الأمثلة هو ذاته تعالى الذي هو المعبود بالحقّ و إله من في السماوات و من في الأرض.

(2)أي الحالف في الأمثلة المذكورة لم يجعل شيئا من المذكورات اسما للّه تعالى.

(3)عطف على قوله «باللّه». يعني أنّ اليمين على قسمين:

الأول: الحلف بذاته تعالى.

الثاني: الحلف باسمه الخاصّ .

(4)هذه أمثلة على الحلف باسمه الخاصّ ، لأنّ ما يذكر من أسمائه المختصّة به من حيث إنّها لا تطلق إلاّ عليه تعالى مثل لفظ اللّه و الرحمن و ربّ العالمين أو لانصراف إطلاقه الى اللّه تعالى كالخالق و البارئ و الربّ دون ما لا ينصرف إطلاقه إليه مثل الموجود و نحوه.

و الواو في قوله «و اللّه» واو القسم ينجرّ ما بعده و لا تدخل إلاّ على مظهر و لا تتعلّق إلاّ بمحذوف نحو وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (1) . (أقرب الموارد).

(5)التاء في قوله «و تاللّه» حرف جرّ للقسم، و تجرّ اسم اللّه تعالى و ربّما جرّوا بها الربّ مضافا لياء المتكلّم، أو للكعبة و الرحمن فقالوا: تربّي الكعبة، و تالرحمن، و تاللّه. (أقرب الموارد).

(6)الباء في قوله «باللّه» من حروف الجرّ، له أربعة عشر معنى، منها القسم نحو:-

ص: 212


1- سوره 36 - آیه 2

(و أيمن اللّه (1)) بفتح الهمزة (2) و كسرها مع ضمّ النون (3) و فتحها، و كذا (4) ما

**********

شرح:

-أقسم باللّه العظيم. (أقرب الموارد).

(1)قوله «أيمن اللّه» اختلفوا في كونه مفردا و مشتقّا من اليمن بمعنى البركة و الميمنة، أو هو جمع مفرده: يمين بمعنى الحلف.

و همزته وصل عند البصريّين و قطع عند الكوفيّين. (أقرب الموارد).

فعلى كلا المعنيين هل يجوز القسم به أم لا؟

أمّا المعنى الأول فلا يصحّ القسم به لكون القسم فيه بيمن اللّه تعالى، فكأنّ الحالف يقول: اقسم بيمن اللّه تعالى، و القسم بغير الذات و اسمه الخاصّ لا ينعقد.

و أمّا المعنى الثاني - و هو كونه جمع اليمين - فعليه أيضا لا يصحّ القسم به لأنّ فيه أيضا يكون الحلف بغير الاسم الخاصّ و الذات، فكأنّ الحالف يقول: اقسم بأيمان اللّه تعالى.

لكن يستفاد من قول أهل اللغة بأنّ هذا اللفظ وضع للقسم. انظر الى ما ننقله عنهم.

أيمن اللّه: اسم وضع للقسم، و التقدير: أيمن اللّه قسمي. (أقرب الموارد).

(2)هذه أقسام أربعة في لفظ «أيمن اللّه».

الأول: بفتح الهمزة و ضمّ النون.

الثاني: بفتح الهمزة و فتح النون.

الثالث: بكسر الهمزة و ضمّ النون.

الرابع: بكسر الهمزة و فتح النون.

(3)يعني أنّ فتح الهمزة على قسمين، و كذلك كسر الهمزة على قسمين، فتكون أربعة أقسام كما فصّل في الهامش السابق.

(4)أي و كذا ينعقد اليمين بألفاظ مشتقّة من لفظ «أيمن اللّه».-

ص: 213

اقتطع منها للقسم (1)،

**********

شرح:

-و في بعض النسخ «ما اقتضب» بدل قوله «ما اقتطع» و المعنى واحد. يعني أنّ الألفاظ المأخوذة منه هي بالقطع أو قلب بعض الحروف فيه.

(1)أي اتّخذ من اللفظ المذكور ألفاظ للقسم، و قد ذكروا فيها سبع عشرة صيغة.

فاذا اضيف الى الأربعة المذكورة في نفس الصيغة المذكورة يكون المجموع إحدى و عشرين صيغة.

و قال الشرتوني في أقرب الموارد: أيمن اللّه... و فيه لغات، و هي:

أيم اللّه: و يكسر أولهما.

و أيمن اللّه: بفتح الميم و الهمزة و تكسر.

و ايم اللّه: بكسر الهمزة و الميم.

و هيم اللّه: بفتح الهاء و ضمّ الميم.

و أمّ اللّه: مثلّثة الميم.

و إمّ اللّه: بكسر الهمزة و ضمّ الميم و فتحها.

و من اللّه: بضمّ الميم و كسر النون.

و من اللّه: مثلّثة الميم و النون.

و م اللّه: مثلّثة.

و ليم اللّه، و ليمن اللّه: و همزته وصل عند البصريّين و قطع عند الكوفيّين، و اللام في الأخيرين لام الابتداء حذفت معها ألف الوصل، و اذا خاطبت قلت: ليمنك اللّه.

و يقال: يمين اللّه لا أفعل. (أقرب الموارد: حرف الياء)

أمّا الصيغ السبع عشرة فهي:

ليمن: بفتح اللام و ضمّ النون. أيم: بفتح الهمزة الميم.-

ص: 214

و هو (1) سبع عشرة صيغة (أو أقسم (2) باللّه، أو بالقديم (3)) بالمعنى

**********

شرح:

-ليمن: بفتح اللام و فتح النون. إم: بكسر الهمزة الميم.

ليمن: بكسر اللام و ضمّ النون. إم: بكسر الهمزة و ضمّ الميم.

ليمن: بكسر اللام و فتح النون. من: بضمّ الميم و النون.

يمن: بفتح الياء و النون. من: بفتح الميم و النون.

يمن: بضمّ الياء و النون. من: بكسر الميم و النون.

أيم: بفتح الهمزة و ضمّ الميم. م: بفتح الميم.

ايم: بكسر الهمزة و ضمّ الميم. م: بكسر الميم.

م: بضمّ الميم.

فهذه السبع عشرة صيغة اذا اضيف الى الصيغ الأربع المتقدّمة يكون المجموع إحدى و عشرون صيغة.

(1)الضمير يرجع الى «ما» الموصولة في قوله «ما اقتطع».

(2)عطف على قوله «باللّه». يعني أنّ اليمين هو قول: اقسم باللّه أو بالقديم اذا قصد اليمين.

(3)بأن يقول: اقسم بالقديم، بالمعنى المتعارف في الاصطلاح.

و اعلم أنّ القديم على قسمين: ذاتي و زماني.

فالقديم الذاتي هو الذي يسمّى بواجب الوجود و ليس هو إلاّ ذاته تعالى.

أمّا القديم الزماني فهو الموجود الذي لم يسبقه العدم و هو أيضا ذاته تعالى.

و الغرض من تقييد الشارح رحمه اللّه بقوله «المتعارف اصطلاحا» هو إخراج القديم من معناه اللغوي و هو كثرة المدّة و طول الزمان، أو معناه الشرعي و هو ما مضى عليه ستة أشهر فصاعدا.

ص: 215

المتعارف اصطلاحا و هو (1) الذي لا أوّل لوجوده،(أو الأزلي (2)، أو الذي (3) لا أوّل لوجوده).

و ما ذكره (4) هنا تبعا للعلاّمة و المحقّق قد

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى المعنى المتعارف. يعني أنّ المراد منه هو الذي لا أول لوجوده.

و لا يخفى أنّ هذا المعنى هو القديم الزماني و ليس هو إلاّ اللّه تعالى.

(2)الأزل: القدم و ما لا نهاية له في أوله.

الأبد: الدائم و القديم و الأزلي.

الأبدي: ما لا نهاية له.

السرمد: الدائم، الطويل.

السرمدي: ما لا أول له و لا آخر. (أقرب الموارد).

(3)عطف على قوله «باللّه». يعني اقسم بالذي لا أول لوجوده.

(4)يعني أنّ الترتيب الذي ذكره المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب تبعا للعلاّمة و المحقّق قد استضعفه في كتابه الدروس.

إيضاح: الترتيب الذي ذكره المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب هو:

أولا: كون القسم بذاته تعالى.

ثانيا: كون القسم بأسمائه المختصّة به مثل الرحمن و الرحيم و التي تكون من صفاته الذاتية.

ثالثا: كون القسم بأسمائه المشتركة التي تطلق غالبا على اللّه تعالى مثل الخالق و الرازق و غيرهما.

فإنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس استضعف ذلك الترتيب و قال: إنّ مرجع -

ص: 216

استضعفه (1) في الدروس بأنّ مرجع (2) القسم الأول (3) إلى أسماء تدلّ على صفات الأفعال (4) كالخالق و الرازق التي هي (5) أبعد من الأسماء الدالّة على صفات الذات كالرحمن (6) و الرحيم التي

**********

شرح:

-القسم الأول الى أسماء تدلّ على صفات الأفعال. بمعنى أنّ الأمثلة في قوله «و مقلّب القلوب... الخ» تكون مثل أمثلة القسم الثالث لا القسم الذي حلف بالذات، فرتبة الأمثلة المذكورة هي القسم الثالث و هو الحلف بالألفاظ الدالّة على صفات الأفعال لا الذات.

و الحاصل: إنّ المصنّف رحمه اللّه في الدروس جعل الحلف باللّه منحصرا في قول: و اللّه و باللّه... الخ.

(1)الضمير في قوله «استضعفه» يرجع الى (ما) الموصولة من قوله «ما ذكره».

(2)متعلّق بقوله «استضعفه». يعني أنّ استضعاف المصنّف رحمه اللّه في الدروس هو ذلك الطريق.

(3)المراد من «القسم الأول» هو الحلف بذاته تعالى.

(4)اعلم أنّ صفاته تعالى على قسمين:

الأول: صفات الذات، و هي التي لا يمكن سلبها و هي عين ذاته تعالى، و تسمّى بصفات الكمال، مثل الحياة و العلم.

الثاني: صفات الأفعال، و هي التي لا تكون سلبها عن اللّه تعالى نقصا بل نسبتها إليه و سلبها عنه تكونان متساويتين، و تسمّى بصفات الجمال، مثل الخالق و الرازق و المحيي و المميت و غيرها.

(5)أي صفات الأفعال تكون أبعد من الصفات الدالّة على الذات.

(6)هذان مثالان لصفات الذات، و قد تقدّم أنّ صفات الذات هي التي تكون سلبها عنه تعالى نقصا، فإنّ سلب صفة الرحمن و الرحيم نقص عليه.

ص: 217

هي (1) دون اسم الذات و هو (2) اللّه جلّ اسمه، بل هو (3) الاسم الجامع، و جعل الحلف (4) باللّه هو قوله: «و اللّه و باللّه و تاللّه» بالجرّ (5) «و أيمن اللّه» و ما اقتضب (6) منها.

و فيه أنّ هذه السمات (7) المذكورة (8) في القسم الأول (9) لا تتعلّق

**********

شرح:

(1)يعني أنّ صفات الذات مثل الرحمن و الرحيم و غيرهما تكون دون اسم الذات من حيث النسبة إليه تعالى.

(2)الضمير يرجع الى اسم الذات، يعني أنّ اسم الذات عبارة عن لفظ «اللّه».

(3)يعني أنّ لفظ «اللّه» اسم جامع لجميع أوصاف الجلال و الكمال.

(4)مفعول لقوله «جعل» و فاعله مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنه في كتابه الدروس حصر الحلف باللّه في هذه الألفاظ .

(5)يعني أنّ لفظ «اللّه» في الأمثلة الثلاثة يكون مجرورا بواو و باء و تاء القسم.

(6)قد تقدّمت أقسام ما اقتضب منها ص 214

(7)السمات: جمع مفرده سمة و هي العلامة. (أقرب الموارد).

(8)جواب الشارح رحمه اللّه لما استضعفه المصنّف قدّس سرّه في كتاب الدروس الترتيب الذي ذكره في هذا الكتاب، بأنّ العلامات المذكورة مثل «و مقلّب القلوب و الأبصار، و الذي نفسي بيده، و الذي فلق الحبّة... الخ» التي ذكرها للحلف بالذات لا ربط لها لا بالأسماء الخاصّة به تعالى و لا بالأسماء المشتركة بينه و بين غيره تعالى، لأنها لم تكن وضعت لتكون علما له تعالى، بل السمات المذكورة دالّة على ذاته بواسطة الأوصاف الخاصّة التي لا توجد إلاّ فيه تعالى، بخلاف غيرها من الأسماء التي وضعت ابتداء اسما له تعالى.

فما ذكر هنا أولى ممّا استضعفه في كتابه الدروس.

(9)المراد من «القسم الأول» هو الحلف بذاته تعالى.

ص: 218

بالأسماء المختصّة (1) و لا المشتركة (2)، لأنها ليست موضوعة للعلمية، و إنّما هي (3) دالّة على ذاته بواسطة الأوصاف الخاصّة (4) به، بخلاف غيرها من الأسماء فإنّها موضوعة للاسمية ابتداء (5)، فكان ما ذكروه (6) أولى ممّا تعقّب به (7). نعم لو (8) قيل بأنّ الجميع حلف باللّه من غير اعتبار اسم جمعا (9) بين ما ذكرناه

**********

شرح:

-و المراد من «السمات المذكورة» هو قوله «و مقلّب القلوب و الأبصار» و ما تابعه.

(1)الأسماء المختصّة مثل الرحمن و الرحيم و لفظ «اللّه».

(2)الأسماء المشتركة مثل الرازق و الخالق.

(3)الضمير يرجع الى السمات المذكورة.

(4)المراد من «الأوصاف الخاصّة» هو كونه تعالى مقلّب القلوب فالق الحبّة و بارئ النسمة. فإنّ هذه الأوصاف تختصّ به تعالى شأنه.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى اللّه.

(5)مثل اللّه و الرحمن و الرحيم.

(6)أي ما ذكره المصنّف رحمه اللّه أولا تبعا للعلاّمة و المحقّق رحمهما اللّه أولى ممّا ذكر بعده.

(7)أي ممّا ذكر في كتابه الدروس عقيب ما ذكره أولا.

(8)سيأتي جواب «لو» الشرطية بقوله «كان حسنا». يعني لو قيل بأنّ ما ذكره من الأمثلة للحلف بذاته تعالى و ما ذكره للحلف باسمه تعالى يكون الجميع مثالا للحلف بذاته تعالى - لأنّ لفظ «اللّه» اسم جامع لجميع الأوصاف الكمالية و الجمالية، و لأنّ جميع أسماء اللّه تعالى يرجع إليه و هو لا يرجع الى شيء منها - كان حسنا.

(9)أي القول المذكور للجمع بين ما ذكره الشارح رحمه اللّه بأنّ السمات المذكورة لا-

ص: 219

و حقّقه (1) من أنّ اللّه جلّ اسمه هو الاسم الجامع و من ثمّ رجعت الأسماء إليه (2) و لم يرجع (3) إلى شيء منها فكان (4) كالذات كان حسنا (5)، و يراد بأسمائه (6) ما ينصرف إطلاقها إليه من الألفاظ الموضوعة للاسمية و إن أمكن فيها المشاركة حقيقة (7) أو مجازا كالقديم (8) و الأزلي و الرحمن و الربّ (9) و الخالق و البارئ و الرازق.

**********

شرح:

-تتعلّق بالأسماء المختصّة و إنّما هي دالّة على ذاته و بين ما حقّقه المصنّف رحمه اللّه... الخ.

(1)أي و بين ما حقّقه المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس من أنّ لفظ الجلالة «اللّه» هو الاسم الجامع.

(2)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى لفظ «اللّه».

(3)فاعله مستتر يرجع الى لفظ «اللّه». يعني أنّ جميع الأسماء و الأوصاف ترجع الى لفظ الجلالة و هو «اللّه» و لا يرجع هو الى أحد من سائر الأسماء.

(4)أي فكان لفظ الجلالة «اللّه» كالذات في دلالتهما لجميع الأوصاف الكمالية و الجمالية و الأسماء الخاصّة و المشتركة.

(5)جملة «كان حسنا» جواب لقوله «لو قيل» و قد أشرنا إليه آنفا.

(6)أي يراد من الحلف باسمه الأسماء التي تنصرف إليه تعالى عند الإطلاق بدون القرينة.

(7)يعني و إن كانت الأسماء المذكورة مشتركة بينه و بين غيره بالمعنى الحقيقي، كما اذا كانت مشتركة معنويا، و هو ما كان الوضع و الموضوع له عامّا.

(8)لا يخفى أنّ الأمثلة الثلاثة الأولى من الأسماء مختصّة به تعالى عند الإطلاق.

و الأمثلة الثلاثة الاخرى من الأسماء مشتركة بينه تعالى و بين غيره.

(9)هذا و ما بعده من الأسماء المشتركة التي تنصرف عند الإطلاق إليه تعالى.-

ص: 220

(و لا ينعقد (1) بالموجود و القادر و العالم) و الحيّ و السميع و البصير و غيرها من الأسماء المشتركة بينه (2) و بين غيره، من غير أن تغلب عليه و إن نوى بها (3) الحلف، لسقوط حرمتها بالمشاركة.

(و لا بأسماء (4) المخلوقات الشريفة) كالنبي و الأئمّة و الكعبة و القرآن (5) لقوله عليه السّلام: من كان حالفا فليحلف باللّه أو يذر (6).

**********

شرح:

-و لا يخفى أيضا أنّ هذا التوضيح من الشارح رحمه اللّه مقدّمة لقول المصنّف قدّس سرّه «و لا ينعقد بالموجود... الخ».

(1)أي لا ينعقد الحلف بلفظ الموجود و القادر و العالم، بأن يقول الحالف: اقسم بالموجود... الخ.

(2)الضمير في قوله «بينه» يرجع الى اللّه. يعني أنّ الحلف بالأسماء المشتركة بين اللّه تعالى و بين المخلوق مثل الألفاظ المذكورة اذا لم يغلب استعمالها فيه تعالى لا ينعقد.

(3)أي و إن نوى بهذه الألفاظ المذكورة الحلف، لأنّ الألفاظ المذكورة لا تكون محرّمة لاشتراكها بينه و بين غيره.

(4)يعني و كذلك لا ينعقد الحلف بالأسماء الشريفة من المخلوقات كالأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام و الكعبة و غيرها.

(5)فإنّ المذكورات شريفة عند اللّه و عند المخلوق، لكن لا يصحّ الحلف بها للرواية هذه.

(6)الرواية منقولة في المستدرك:

عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من كان حالفا فليحلف باللّه أو يذر. (مستدرك الوسائل:

ج 3 ص 54 ب 24 من أبواب الأيمان ح 2 عن عوالي اللآلي).

ص: 221

إتباع مشيئة اللّه تعالى لليمين يمنع الانعقاد

(و إتباع (1) مشيئة اللّه تعالى) لليمين (يمنع الانعقاد) و إن علمت (2) مشيئته لمتعلّقه كالواجب و المندوب على الأشهر (3)، مع اتّصالها (4) به عادة، و نطقه (5) بها، و لا يقدح التنفّس و السعال (6)، و قصده (7) إليها عند النطق بها (8) و إن

**********

شرح:

(1)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «يمنع الانعقاد». يعني اذا عقّب الحالف صيغة الحلف بقوله «إن شاء اللّه» لا ينعقد الحلف بشروط ثلاثة:

الأول: اتّصال قول المشيئة بصيغة الحلف عرفا و عادة، بأن لا يفصل بينهما التكلّم، و لا يقدح السعال.

الثاني: تلفّظ الحالف بقول «إن شاء اللّه» فلا مانع من قصده قلبا.

الثالث: تلفّظ الحالف بها قصدا، فلا يمنع اذا تلفّظ بها سهوا.

(2)الجملة وصلية. يعني و لو كانت مشيئته تعالى تعلّقت به كالواجب و المندوب، مثل أن يقول: و اللّه لأصلّي الصلاة إن شاء اللّه تعالى. فإنّ تعلّق مشيئة اللّه سبحانه بالصلاة معلوم واجبا أو مندوبا.

(3)الظاهر أنّ هذا قيد لقوله «و إن علمت» في مقابل ما نقل عن العلاّمة رحمه اللّه حيث خصّ الحكم بصورة عدم العلم بمشيئة اللّه تعالى.

(4)الضمير المؤنّث في قوله «اتّصالها» يرجع الى المشيئة، و الضمير المذكّر في قوله «به» يرجع الى الحلف. و هذا هو الشرط الأول من الشروط الثلاثة المذكورة.

(5)أي مع نطق الحالف بالمشيئة. و هذا هو الشرط الثاني.

(6)السعال - بضمّ السين -: حركة تدفع بها الطبيعة مادّة مؤذية من الرئة و الأعضاء التي تتّصل بها. (أقرب الموارد).

(7)أي مع قصد الحالف الى المشيئة. و هذا هو الشرط الثالث ممّا ذكر.

(8)الضمير في قوله «بها» يرجع الى المشيئة.

ص: 222

انتفت (1) عند اليمين، دون العكس (2)، و لا فرق (3) بين قصد التبرّك و التعليق هنا (4) لإطلاق النصّ (5)، و قصّره (6) العلاّمة على ما لا تعلم مشيئة اللّه فيه كالمباح، دون الواجب و الندب و ترك الحرام (7) و المكروه،

**********

شرح:

(1)أي و إن انتفى قصد المشيئة عند تلفّظ صيغة اليمين، أي اذا لم يكن عند الحلف قاصدا للمشيئة لكنّه بعد إكمال الحلف أتبعه بالمشيئة قاصدا ففي هذه الصورة لا ينعقد حلفه.

و تأنيث فعل «انتفت» باعتبار المضاف إليه هو القصد.

(2)أي بخلاف العكس، و هو ما اذا قصد المشيئة عند إجراء صيغة الحلف لكنّه غفل عن قصده و تلفّظ بالمشيئة بلا إرادة و قصد فحينئذ لا ينعقد الحلف.

(3)أي لا فرق في بطلان صيغة الحلف بتعليقها بالمشيئة بين أن يقصد من المشيئة التبرّك أو قصد التعليق الذي هو بمعنى «إن» الشرطية.

(4)أي عند إتباع الصيغة بالمشيئة يبطل الحلف لإطلاق النصّ .

(5)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من استثنى في اليمين فلا حنث و لا كفّارة. (الوسائل: ج 16 ص 157 ب 28 من أبواب كتاب الأيمان ح 1).

(6)أي حصر العلاّمة رحمه اللّه عدم انعقاد الحلف عند الإتباع بالمشيئة بما لا يعلم بتعلّق مشيئة اللّه تعالى فيه كالمباح، كما اذا قال الحالف: و اللّه لا أبيع داري إن شاء اللّه تعالى. فحكم العلاّمة ببطلان الحلف لا فيما اذا علم تعلّق مشيئته به مثل الواجب و المندوب، و هو في مقابل الأشهر كما تقدّم.

(7)بالجرّ، عطفا على قوله «الواجب». و هذا أيضا مثال لما علم تعلّق مشيئته إليه، -

ص: 223

و النصّ (1) مطلق، و الحكم (2) نادر. و توجيهه (3) حسن لكنّه (4) غير مسموع في مقابلة النصّ (5).

التعليق على مشيئة الغير

(و التعليق (6) على مشيئة الغير يحبسها) و يوقفها (7) على مشيئته إن

**********

شرح:

-لأنّ اللّه تعالى كما شاء الواجب و المندوب كذلك شاء ترك الحرام و ترك المكروه أيضا.

(1)أي النصّ الدالّ على عدم جواز التعليق في الحلف مطلق شامل للجميع.

(2)و هذا دليل آخر على ردّ قول العلاّمة رحمه اللّه بأنّ حكمه نادر و شاذ في مقابل الأشهر كما تقدّم.

(3)و التوجيه الذي استحسنه الشارح رحمه اللّه هو أن يوجّه قول العلاّمة في التفصيل المذكور بأنه سيأتي في قول المصنّف رحمه اللّه «و التعليق على مشيئة الغير يحبسها» و قول الشارح رحمه اللّه «انعقدت ما لم يشأ حلّها».

فاذا حكم فيه بالصحّة ففي التعليق على مشيئة اللّه سبحانه اذا علم تعلّق مشيئته إليه يحكم بالصحّة أيضا.

فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ توجيه العلاّمة حسن لكنّه لا يسمع في مقابل النصّ الدالّ على عدم الصحّة مطلقا في صورة التعليق.

(4)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع الى التوجيه.

(5)تقدّم النصّ الوارد عن السكوني آنفا.

(6)مبتدأ، و خبره هو قوله «يحبسها». و الضمير فيه يرجع الى اليمين، و هو مؤنّث سماعي كما تقدّم. يعني اذا علّق الحالف اليمين الى مشيئة الغير لا يحكم بالبطلان بل يتوقّف على مشيئة الغير.

(7)الضمير في قوله «يوقفها» أيضا يرجع الى اليمين أيضا، و في «مشيئته» يرجع -

ص: 224

علّق عقدها (1) عليه كقوله: لأفعلنّ كذا إن شاء زيد، فلو جهل (2) الشرط لم ينعقد، و لو أوقف (3) حلّها عليه (4) - كقوله: إلاّ أن يشاء زيد - انعقدت (5) ما لم يشأ حلّها، فلا تبطل إلاّ أن يعلم الشرط (6). و كذا في جانب النفي (7) - كقوله: لا أفعل إن شاء زيد، أو إلاّ أن (8) يشاء - فيتوقّف

**********

شرح:

-الى الغير.

(1)الجملة وصلية، أي إن علّق انعقاد اليمين على مشيئة الغير.

و الضمير في قوله «عقدها» يرجع الى اليمين، و في قوله «عليه» يرجع الى المشيئة، و التأنيث باعتبار أنّ المشيئة من المصادر التي تلزمها التاء فجاز فيها التذكير و التأنيث، فلا مانع من تذكير الضمير هنا.

(2)فاعل قوله «جهل» مستتر يرجع الى الحالف. يعني لو كان الحالف جاهلا بمشيئة الغير يحكم ببطلان اليمين.

(3)يعني اذا قصد الحالف من الشرط توقّف حلّ اليمين الى الغير فحينئذ يحكم بالصحّة إلاّ أن يشاء حلّها.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الغير.

(5)أي انعقدت اليمين و لا يجوز حنثه ما لم يشأ الغير حلّها، لأنّ انعقاد اليمين غير مشروط بشيء بل حلّها يتوقّف على مشيئة الغير كما في المثال.

(6)المراد من «الشرط » هو مشيئة زيد حلّ اليمين.

(7)كما اذا قال: لا أفعل إلاّ أن يشاء زيد، ففيه أيضا ينعقد اليمين ما لم يشأ الغير حلّها.

(8)عطف على قوله «إن شاء». يعني أن يقول: و اللّه لا أفعل إلاّ أن يشاء زيد.

و المعنى: إلاّ أن يشاء زيد فعله فلا أتركه حينئذ.

ص: 225

انتفاؤه (1) على مشيئته في الأول، و ينتفي (2) بدونها في الثاني (3)، فلا يحرم (4) الفعل قبل مشيئته و لا يحلّ (5) قبلها.

متعلّق اليمين كمتعلّق النذر

(و متعلّق اليمين (6) كمتعلّق النذر) في اعتبار

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «انتفاؤه» يرجع الى الفعل، و في قوله «مشيئته» يرجع الى الغير.

و المراد من «الأول» هو قوله «لا أفعل إن شاء زيد». يعني أنّ عدم الفعل يتوقّف على مشيئة الغير في المثال الأول.

(2)فاعل قوله «ينتفي» مستتر يرجع الى الفعل. يعني ينتفي الفعل عن الحالف بدون مشيئة الغير في المثال الثاني.

(3)المراد من «الثاني» هو قوله «أو إلاّ أن يشاء».

(4)هذا متفرّع على المثال الأول. يعني لا يحرم الفعل قبل مشيئة الغير في قوله «لا أفعل إن شاء زيد» لأنّ الحالف علّق عدم الفعل و انتفائه على مشيئة الغير، فما دام لم يشأ انتفاؤه لا يحرم الفعل على الحالف.

(5)هذا متفرّع على المثال الثاني و هو قوله «إلاّ أن يشاء» ففيه لا يحلّ الفعل إلاّ اذا شاء الغير فعله، لأنّ الحالف في هذا المثال علّق الفعل على مشيئة الغير.

و الضمير في قوله «قبلها» يرجع الى المشيئة.

من حواشي الكتاب: قوله «فيتوقّف انتفاؤه على مشيئته في الأول» يعني يتوقّف تحريم الفعل المرتّب على انعقاد اليمين على مشيئة زيد الانتفاء في المثال الأول، و لا يحرم الفعل قبل مشيئة الانتفاء لأنّ عقدها موقوف على مشيئته له، فقبله لا تحريم لعدم انعقاد اليمين بعد، و كذا لو جهل مشيئته كما مرّ. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(6)يعني أنّ ما كان متعلّقا باليمين هو مثل ما يكون متعلّقا بالنذر في كونه من قبيل -

ص: 226

كونه (1) طاعة أو مباحا راجحا - دينا أو دنيا - أو متساويا، إلاّ (2) أنه لا إشكال هنا (3) في تعلّقها بالمباح (4)، و مراعاة الاولى فيها (5)،

**********

شرح:

-العبادات أو المباحات الراجحة في الدين أو الدنيا أو المتساوي.

(1)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى المتعلّق.

(2)استثناء من تشبيه متعلّق اليمين على متعلّق النذر.

(3)المشار إليه في قوله «هنا» هو اليمين. و الضمير في قوله «تعلّقها» يرجع الى اليمين أيضا.

(4)قد ذكر الشارح رحمه اللّه الفرق بين اليمين و النذر بعد تشبيههما من حيث المتعلّق من وجوه:

الأول: عدم الإشكال في تعلّق اليمين بالمباح و الحال تقدّم الإشكال و الخلاف في انعقاد النذر فيما اذا تعلّق بالمباح مطلقا في المشروط منه، و الخلاف اذا تعلّق بالمباح المتساوي في النذر التبرّعي، و قد مرّ من المشهور عدم انعقاد النذر عند تعلّقه بالمباح في النذر المشروط .

الثاني: لزوم مراعاة الأولى من الفعل أو الترك اذا تعلّق اليمين بالمباح و لو حصلت الأولوية بعد اليمين، كما اذا حلف أن لا يشرب اللبن ثمّ عرض الشرب الرجحان فلا مانع حينئذ من الشرب و المخالفة لليمين، بخلاف النذر اذا تعلّق بالمباح و قلنا بصحّة تعلّقه بالمباح فلا يجوز حينئذ مخالفة النذر و لو عرض الرجحان بعد تعلّق النذر بالمباح.

الثالث: عدم الخلاف في ترجيح أحد طرفي المباح المتساوي اذا تعلّق به اليمين، بخلاف تعلّق النذر به ففيه خلاف بأنه هل ينعقد النذر أم لا؟

(5)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى اليمين. هذا هو الفرق الثاني ممّا ذكر.

ص: 227

و ترجيح (1) مقتضى اليمين عند التساوي.

و ظاهر عبارته (2) هنا عدم انعقاد المتساوي لإخراجه (3) من ضابط النذر، مع أنه لا خلاف فيه (4) هنا كما اعترف به في الدروس، و الأولوية متبوعة (5) و لو طرأت (6) بعد اليمين، فلو كان

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «تعلّقها». يعني لا إشكال في ترجيح مقتضى اليمين عند تعلّقها بالمباح المتساوي الطرفين، بخلاف النذر فإنّه لا ينعقد إلاّ مع رجحان متعلّقه دينا أو دنيا.

(2)يعني أنّ ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب عدم انعقاد اليمين اذا تعلّقت بالمتساوي، بأن قال الحالف: و اللّه لا أشرب اللبن، مع كون شرب اللبن متساوي الطرفين.

(3)الضمير في قوله «لإخراجه» يرجع الى المتساوي. بمعنى أنّ المصنّف رحمه اللّه أخرج المتساوي عن متعلّق النذر في كتاب النذر بقوله في صفحة 193 «و ضابطه أن يكون طاعة أو مباحا راجحا». ثمّ جعل اليمين هنا كالنذر بقوله «و متعلّق اليمين كمتعلّق النذر».

فيظهر من عبارة المصنّف رحمه اللّه أنّ متعلّق اليمين لا يكون متساوي الطرفين.

(4)يعني مع أنّ كون متعلّق اليمين مباحا متساوي الطرفين ليس مورد خلاف بين الفقهاء كما اعترف المصنّف رحمه اللّه بذلك في كتابه الدروس.

(5)الجملة مبتدأ و خبر. يعني أنّ الأولوية في المباح تتبع و لو كانت على خلاف اليمين.

(6)فاعله الضمير المؤنّث الراجع الى الأولوية. يعني و لو كان متعلّق اليمين -

ص: 228

البرّ (1) أولى في الابتداء ثمّ صارت المخالفة أولى اتّبع (2) و لا كفّارة (3)، و في عود اليمين بعودها (4) بعد انحلالها وجهان (5)، أمّا لو (6) لم ينعقد ابتداء للمرجوحية لم

**********

شرح:

-متساويا حين اليمين لكن عرضت الأولوية بعدها، فلو كان العمل باليمين أولى ثمّ عرضت الأولوية على مخالفة اليمين لكانت المخالفة أولى من العمل بها.

أمّا لو كان متعلّق اليمين مرجوحا ابتداء فلا تنعقد اليمين من الأصل و لو عرضت له الأولوية بعد اليمين.

(1)المراد من «البرّ» هو العمل باليمين و الوفاء به.

(2)أي اتّبع الأولى و لو خالف اليمين، كما اذا حلف بإكرام شخص لكونه مؤمنا عادلا ثمّ عرض عليه الفسق فإكرامه مرجوح غير مطلوب و اليمين لا تنعقد.

(3)أي لا كفّارة في مخالفته اليمين في هذه الصورة.

(4)الضمير في قوله «بعودها» يرجع الى الأولوية، و في قوله «انحلالها» يرجع الى اليمين. يعني في عود اليمين و انعقادها أيضا بعد عود الأولوية وجهان.

مثلا اذا حلف بإكرام زيد لكونه مستبصرا ثمّ صار من أهل الخلاف و انحلّت اليمين بإكرامه ثمّ رجع الى الاستبصار ففي رجوع اليمين فيه وجهان:

الأول: عدم عود اليمين بعد انحلالها، لأنّ عود اليمين يحتاج الى سبب جديد و هو منفي.

الثاني: عود اليمين بعود الأولوية، لأنها كانت سببا لانعقاد اليمين، فإذا رجعت الأولوية رجعت اليمين.

(5)مبتدأ مؤخّر، و خبره هو قوله «و في عود اليمين».

(6)هذا في مقابل قوله قبلا «فلو كان البرّ أولى». يعني فلو لم يكن متعلّق اليمين أولى من الأول لكونه مكروها أو حراما فلا يعود اليمين يعود الأولوية.-

ص: 229

تعد (1) و إن تجدّدت (2) بعد ذلك مع احتماله (3).

و اعلم أنّ الكفّارة تجب بمخالفة مقتضى الثلاثة (4) عمدا اختيارا، فلو خالف ناسيا أو مكرها (5) أو جاهلا فلا حنث (6) لرفع الخطأ (7) و النسيان و ما استكرهوا (8) عليه، و حيث تجب

**********

شرح:

(1)فاعل قوله «تعد» هو الضمير المؤنّث الراجع الى اليمين.

(2)أي و إن تجدّدت الأولوية بعد انعقاد اليمين.

(3)الضمير في قوله «احتماله» يرجع الى عود اليمين. يعني يحتمل أن يعود اليمين المتعلّق بالمرجوح بتجدّد الأولوية في متعلّقه بعد اليمين.

(4)المراد من «الثلاثة» هو النذر و العهد و اليمين. يعني لا تجب الكفّارة في الثلاثة المذكورة إلاّ بمخالفتها عمدا، فلا كفّارة في المخالفة غير العمدي.

(5)بصيغة اسم المفعول. يعني اذا كانت مخالفة الثلاثة المذكورة بالإجبار و الإكراه.

و كذلك إذا كان جاهلا أو ناسيا، كما اذا حلف بعدم الدخول الى منزل شخص فدخل لجهله كونه منزل الشخص المذكور أو خالف نسيانا فلا كفّارة لعدم الحنث.

(6)الحنث - بكسر الحاء و سكون النون من حنث الرجل في يمينه حنثا -: لم يف بموجبها فهو حانث، و منه: على فلان يمين قد حنث فيها. (أقرب الموارد).

(7)إشارة الى حديث الرفع المنقول في الخصال:

عن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رفع عن أمّتي تسعة: الخطأ، و النسيان، و ما اكرهوا عليه، و ما لا يعلمون، و ما لا يطيقون، و ما اضطرّوا إليه، و الحسد، و الطيرة، و التفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة. (الخصال: ص 417 باب التسعة ح 9).

(8)هذا دليل على عدم صدق الحنث لليمين عند الإكراه و الإجبار. كما اذا حلف

ص: 230

الكفّارة (1) تنحلّ (2)، و هل تنحلّ في الباقي ؟ (3) وجهان، و استقرب المصنّف في قواعده (4) الانحلال، لحصول المخالفة و هي (5) لا تتكرّر كما لو تعمّد (6)، و إن افترقا (7) بوجوب الكفّارة و عدمها (8).

**********

شرح:

-بعدم أكل اللحم فأجبروه على أكله.

(1)يعني اذا وجبت الكفّارة بمخالفة الثلاثة - النذر و العهد و اليمين - عمدا تنحلّ الثلاثة. لكن في صورة عدم وجوب الكفّارة - و هي اذا لم تكن المخالفة عمدا بل نسيانا أو إكراها أو جهلا - ففي انحلال الثلاثة و جهان.

(2)فاعل قوله «تنحلّ » الضمير المؤنّث الراجع الى الثلاثة.

(3)المراد من «الباقي» هو المخالفة غير العمدي التي لا تجب فيها الكفّارة - كما في الناسي و المكره و الجاهل - ففي انحلالها و جهان.

(4)أي قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه القواعد بأنّ الأقرب انحلالها في غير العمد أيضا، لأنّ المخالفة قد حصلت و لو بالنسيان و الإكراه و الجهل، فلا تتكرّر المخالفة بعد المخالفة.

(5)الضمير يرجع الى المخالفة. يعني كما أنّ المخالفة الحاصلة بالعمد لا تتكرّر فإنّ المخالفة بالنسيان و ما تابعه لا تتكرّر كذلك.

(6)فاعل قوله «تعمّد» مستتر يرجع الى الحالف و المتعهّد و الناذر.

(7)فاعله ضمير التثنية الراجع الى العمد و غير العمد - من الناسي و المكره و الجاهل -. يعني أنهما لا فرق بينهما في عدم تحقّق المخالفة بعد المخالفة و لو فارقا في وجوب الكفّارة كما في العمد و عدم وجوبها كما في غير العمد.

(8)الضمير في قوله «عدمها» يرجع الى الكفّارة.

ص: 231

ص: 232

ص: 233

ص: 234

كتاب القضاء

اشارة

كتاب القضاء (1)

**********

شرح:

كتاب القضاء (1)اضيف إليه الكتاب، و الإضافة بيانية كما في سائر أسامي الكتب، و المضاف و المضاف إليه خبر للمبتدإ المقدّر و هو «هذا».

القضاء: بالمدّ و القصر مأخوذ من قضى يقضي، ناقص يائي يأتي بمعان متعدّدة:

منها: الحكم بين الخصمين، كما في قوله عزّ و جلّ وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (1) . (المائدة: 42).

و منها: الأمر، كما في قوله تعالى وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ (2) .

(الإسراء: 23). أي أمر و ألزم.

و منها: الموت، كما في قوله عزّ اسمه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ (3) . (الأحزاب: 23).

و منها: الأداء، كما في قوله: قضى الغريم دينه، أي أدّاه.

و منها: استعمال الفقهاء القضاء في العبادة التي تؤدّى خارج الوقت المحدود لها شرعا، مثل إتيان الصلاة في غير وقتها المحدود لها، عكس الأداء التي تؤدّى في الوقت المحدود لها.-

ص: 235


1- سوره 5 - آیه 42
2- سوره 17 - آیه 23
3- سوره 33 - آیه 23

أي (1) الحكم بين الناس

هو وظيفة الإمام عليه السّلام أو نائبه أو الفقيه

(و هو) واجب كفاية (2) في حقّ الصالحين له، إلاّ أنه (3) مع حضور الإمام (وظيفة الإمام عليه السّلام، أو نائبه)

**********

شرح:

-و المراد من «القضاء» هنا هو الحكم بين الخصمين.

من حواشي الكتاب: في القضاء خطر عظيم و إثم كبير لمن لم تجتمع فيه الشرائط . و درجة القضاء عالية و شروطه صعبة جدّا، فلا يتعرّض له مسلم حتّى يثق من نفسه بالقيام به، و إنّما يثق بذلك اذا كان عارفا بالكتاب و ناسخه و عامّه و خاصّه و ندبه و إيجابه و محكمه و متشابهه. و عارفا بالسنّة و ناسخها و منسوخها، عالما باللغة مطلقا بمعاني كلام العرب بصيرا بوجوهه، ورعا في محارم اللّه تعالى، زاهدا في الدنيا، متوفّرا على الأعمال الصالحة، مجتنبا للذنوب و السيّئات، شديد الحذر من الهوى حريصا على التقوى. هذه عبارة الشيخين. و روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال: من كان قاضيا بلا فقه ذبح بغير سكّين. و عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام: القضاة أربعة: ثلاثة منهم في النار و واحد في الجنّة. قاض يقضي بالباطل و هو يعلم أنه باطل فهو في النار، و قاض يقضي بالباطل و لا يعلم أنه باطل فهو في النار، و قاض يقضي بالحقّ و لا يعلم أنه حقّ فهو في النار، و قاض يقضي بالحقّ و هو يعلم أنه حقّ فهو في الجنّة. (من تحرير العلاّمة قدّس سرّه).

(1)تفسير للقضاء. يعني أنّ المراد منه هو الحكم بين الناس و فصل الخصومة بينهم.

و الضمير في قوله «هو» يرجع الى القضاء.

(2)أي ليس القضاء واجبا عينا بل كفائي في حقّ جماعة لهم صلاحية القضاء من حيث الشروط المذكورة للقاضي من العلم و العدالة و الذكورة و غير ذلك، كما سيأتي تفصيله في شروط القاضي إن شاء اللّه تعالى.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى القضاء.

(3)استثناء من قوله «واجب كفاية». يعني أنّ القضاء لا يجب كفاية في حقّ -

ص: 236

فيلزمه (1) نصب قاض في الناحية (2) ليقوم به، و يجب على من عيّنه (3) الإجابة، و لو لم يعيّن وجبت كفاية، فإن لم يكن أهلا إلاّ واحد (4) تعيّنت عليه، و لو لم يعلم به (5) الإمام لزمه

**********

شرح:

-الصالحين له في زمان حضور الإمام المعصوم عليه السّلام بل ينحصر القضاء به أو بمن نصبه خصوصا أو عموما.

(1)الضمير في قوله «يلزمه» يرجع الى الإمام عليه السّلام. يعني اذا لم يجز القضاء عند الحضور لغيره عليه السّلام فيلزم له أن ينصب قاض في الأطراف و الأكناف التي لا يمكن لأهلها الرجوع الى الإمام عليه السّلام في فصل الخصومات و حلّها.

(2)الناحية: الجانب و الجهة. يقال: جلس ناحية الدار. و يقال: هو في ناحية فلان:

أي في كنفه. جمعها: نواح. (المعجم الوسيط ).

و الضمير في قوله «به» يرجع الى القضاء.

(3)فاعل قوله «عيّنه» مستتر يرجع الى الإمام عليه السّلام. يعني أنّ القضاء يجب عينا على من عيّنه الإمام عليه السّلام للقضاء، لكن لو لم يعيّن شخصا بل أمر جماعة من الصالحين له وجبت عليهم الإجابة كفاية.

مثلا اذا كان عدد الصالحين للقضاء في بلدة خمسة رجال فأمر الإمام عليه السّلام شخصا معيّنا منهم وجبت عليه الإجابة وجوبا عينيا. لكن لو لم يعيّن منهم شخصا بل أمر واحدا منهم لا على التحديد فحينئذ تجب الإجابة على جميعهم وجوبا كفائيا.

(4)أي لو انحصرت أهلية القضاء في شخص واحد تعيّنت الإجابة عليه وجوبا عينيا. و فاعل قوله «تعيّنت» هو الضمير المؤنث الراجع الى الإجابة.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى واحد، و كذلك في قوله «لزمه». يعني لو لم يعلم -

ص: 237

الطلب (1)، و في استحبابه (2) مع التعدّد عينا قولان أجودهما ذلك (3) مع الوثوق من نفسه بالقيام به.

**********

شرح:

-الإمام عليه السّلام بوجود شخص واحد صالح للقضاء لزم الواحد أن يعرّف نفسه للإمام و يطلب منه النصب.

(1)مفعول لقوله «لزمه».

(2)الضمير في قوله «استحبابه» يرجع الى الطلب. يعني اذا كان الصالحون للقضاء متعدّدين فهل يجب عليهم الطلب وجوبا عينيا؟ بمعنى أنه هل يجب عليهم أن يعرّفوا أنفسهم للإمام عليه السّلام و يطلبوا منه نصبهم للقضاء أم لا؟ فيه قولان:

الأول: وجوب الطلب، لأنه من أقوى أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و يكون الأجر عليه عظيما.

الثاني: عدم الوجوب، لاحتمال الخطر العظيم في القضاء كما نقلنا التحذير منه عنهم عليه السّلام من تحرير العلاّمة قدّس سرّه الآنف الذكر.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الاستحباب. يعني قال الشارح رحمه اللّه بأنّ أجود القولين هو استحباب الطلب اذا وثقوا من أنفسهم بالإقدام على القضاء، فلو لم يأمنوا على أنفسهم فلا يستحبّ الطلب للقضاء.

من حواشي الكتاب: أي في استحباب الطلب و الإعلام عينا، لأنّ الوجوب الكفائي هنا ثابت من باب المقدّمة كما مرّ، و متى قام به واحد سقط عن الباقين، فالكلام هنا في الاستحباب العيني قبل الإعلام اذا لم تفت المصلحة أو بعده لسقوط الوجوب حينئذ. فقيل به لأنه من أقوى أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و عظم الأجر عليه. و قيل بعدمه لشدّة الخطر، و قد ورد عنهم عليهم السّلام:

من جعل نفسه قاضيا فقد ذبح بغير سكّين. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 238

شروط القاضي

(و في الغيبة (1) ينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء) و هي: (2)

**********

شرح:

القضاء في زمان الغيبة (1)قد تقدّم كون القضاء وظيفة الإمام عليه السّلام أو نائبه في زمان حضوره عليه السّلام، أمّا في زمان غيبة الإمام عليه السّلام مثل زماننا هذا فيجوز القضاء للفقيه الجامع لشروط الفتوى و القضاء، و يكون قضاؤه نافذا شرعا.

شروط القاضي (2)الضمير يرجع الى شروط الافتاء التي يلزم كون الفقيه القاضي جامعا لها، و هي امور:

الأول: البلوغ، و هو البلوغ الشرعي الذي يتحقّق بعلائم ثلاث:

الف: الاحتلام، و هو خروج المني من القبل.

ب: إكمال خمس عشرة سنة في الذكور، و إكمال تسع سنين في الإناث.

ج: إنبات الشعر الخشن على العانة.

و قد تقدّم الكلام فيه في المسألة الخامسة عشرة من مسائل الصوم، فراجع الجزء الرابع من هذا الكتاب.

الثاني: العقل، فلا ينفذ حكم المجنون مطلقا.

الثالث: الذكورة، فلا ينفذ قضاء المرأة.

الرابع: الإيمان.

من حواشي الكتاب: و هو كما سيأتي داخل في العدالة، فذكره هنا دفع للتوهّم و إيضاح، حيث إنّه قد يستعمل العدالة بمعنى آخر يجري في غير المؤمن أيضا، -

ص: 239

البلوغ و العقل و الذكورة و الإيمان و العدالة و طهارة المولد إجماعا (1)، و الكتابة و الحرّية و البصر على الأشهر (2)، و النطق و غلبة

**********

شرح:

-و لذا صرّح هنا بنفس الإيمان توضيحا للمقصود. (حاشية ع ل رحمه اللّه).

الخامس: العدالة، و هي ملكة نفسانية يقدر بها على ترك المحرّمات الكبيرة مطلقا و عدم الإصرار على الصغائر.

السادس: طهارة المولد، بأن لا يكون القاضي متولّدا من الزنا.

السابع: الكتابة.

الثامن: الحرّية.

التاسع: البصر.

العاشر: النطق.

الحادي عشر: غلبة الذكر، أي قوّة الحافظة.

الثاني عشر: الاجتهاد.

(1)يعني أنّ الشروط الستة المذكورة إجماعي عند فقهاء الشيعة.

من حواشي الكتاب: فإنّ بعض العامّة جوّز قضاء المرأة فيما يجوز شهادتها فيه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)قيد لاشتراط الكتابة و الحرّية و البصر.

من حواشي الكتاب: المراد بالكتابة العلم بها لاضطراره في الامور التي لا يتيسّر لغير النبي صلّى اللّه عليه و آله. و قيل بعدمه لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان امّيا كما نطق به الكتاب الكريم. و فيه أنه صلّى اللّه عليه و آله كان محفوظا بالعصمة المانعة من السهو و الغلط دون غيره من أهل الاجتهاد، فعدم احتياجه إليها لا يستلزم عدم احتياج غيره.-

ص: 240

الذكر (1)، و الاجتهاد (2) في الأحكام الشرعية (3) و اصولها (4)، و يتحقّق (5)

**********

شرح:

-و أمّا اشتراط الحرّية فمذهب الشيخ و الأكثر لأنّ القضاء ولاية و العبد ليس أهلا لها لاشتغاله عنها بحقوق المولى، و لأنه من المناصب الجليلة التي لا يليق بحال العبيد. و استقرب المحقّق في الشرائع عدم اشتراطه لعموم الرواية و لأنّ مناطه العلم و المفروض أنه حاصل، و للأصل و عدم أهليته مع إذن السيّد ممنوع، و كون القضاء لا يليق بحال العبيد دعوى خال عن الدليل.

و أمّا اشتراط البصر فلافتقاره الى التمييز بين الخصوم، و لأنّ الأعمى لا تنفذ شهادته في بعض القضايا، و القاضي تنفذ شهادته في الكلّ .

و قيل بعدمه للأصل و إمكان حصول التمييز و لو بشاهدين و منع نفوذ شهادته في الكلّ .

و الأقوى - تفريعا على القول باشتراط الكتابة - اشتراط البصر. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)الذكر - بالضمّ و سكون الكاف -: قوّة الحفظ .

(2)هذا هو الشرط الثاني عشر من الشروط المذكورة.

الاجتهاد - مصدر من اجتهد في الأمر -: جدّ و بذل وسعه. (المنجد).

(3)المراد منها الأحكام المتعلّقة بأفعال المكلّفين من الوجوب و الحرمة و الكراهة و الندب.

(4)المراد منها العلم بأصول الأحكام من القواعد المقرّرة في علم الاصول.

(5)فاعل قوله «يتحقّق» مستتر يرجع الى الاجتهاد. يعني أنّ الاجتهاد يتحقّق بالمعرفة على المقدّمات الستّ ، و هي:

الأول: علم الكلام.-

ص: 241

بمعرفة المقدّمات الستّ و هي: الكلام (1) و الاصول و النحو و التصريف و لغة العرب و شرائط الأدلّة (2)، و الاصول (3) الأربعة و هي: الكتاب و السنّة و الإجماع و دليل العقل.

و المعتبر (4) من الكلام ما يعرف به اللّه تعالى، و ما يلزمه (5) من صفات الجلال (6) و الإكرام (7)،

**********

شرح:

-الثاني: علم الاصول للفقه.

الثالث: علم النحو.

الرابع: علم التصريف.

الخامس: معرفة لغة العرب.

السادس: معرفة شروط الأدلّة في المنطق.

(1)علم الكلام هو العلم الباحث عن أحوال المبدأ و المعاد على نهج قانون الإسلام.

(2)المراد منها هو المنطق.

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «المقدّمات الستّ ». يعني أنّ الاجتهاد يتحقّق أيضا بمعرفة الاصول الأربعة، و هي: الكتاب و السنّة و الإجماع و العقل.

(4)أي المقدار الذي يعتبر من علم الكلام في الاجتهاد هو الاستدلالات التي توجب لمعرفته تعالى.

(5)بالرفع، عطفا على قوله «اللّه تعالى». يعني أنّ المعتبر من علم الكلام ما يعرف به ما يلزم لذاته تعالى من الأوصاف الكمالية.

(6)المراد من «صفات الجلال» هو الصفات السلبية، مثل سلب الجسمية و التركيب و التحيّز و المكان و غيرها المذكورة في كتب الكلام عن ذاته تعالى شأنه.

(7)المراد من «صفات الإكرام» هو الصفات الثبوتية مثل الحياة و العلم و الإرادة -

ص: 242

و عدله (1) و حكمته، و نبوّة (2) نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و عصمته، و إمامة (3) الأئمّة عليهم السّلام كذلك ليحصل الوثوق بخبرهم و يتحقّق (4) الحجّة به، و التصديق (5) بما جاء به النبي صلّى اللّه عليه و آله من أحوال الدنيا و الآخرة، كلّ ذلك (6) بالدليل التفصيلي.

و لا يشترط الزيادة على ذلك (7) بالاطّلاع على ما حقّقه المتكلّمون من

**********

شرح:

-و الإدراك و القدرة و غيرها المذكورة أيضا في الكتب الكلامية. و قد فسّروا الآية بها في قوله تعالى تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ (1) . (الرحمن: 78).

(1)بالرفع، عطفا على قوله «اللّه تعالى»، و كذلك حكمته. يعني ما تعرف به عدالته و حكمته تعالى.

(2)أي ما تعرف به نبوّة نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله. و هو أيضا بالرفع نائب فاعل لقوله «يعرف».

(3)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «كذلك». يعني أنّ إمامة الأئمّة عليهم السّلام مثل الأنبياء يشترط فيها العصمة ليحصل الوثوق بأخبارهم.

(4)عطف على قوله «يحصل الوثوق». أي ليحصل الوثوق بخبرهم عليهم السّلام و تتحقّق الحجّة من قولهم لأنّ الإمام اذا لم يكن معصوما لا تتمّ الحجّة من إخباره.

(5)بالجرّ، عطفا على قوله «صفات». أي ما يلزمه من التصديق بالأحكام و الآيات التي أخبر بها النبي صلّى اللّه عليه و آله و ما يتعلّق بأحوال الدنيا و الآخرة.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو المعتبر من الكلام. أي أنّ المعرفة باللّه تعالى و ما يلزمه من الصفات و عدله و حكمته و نبوّة النبي صلّى اللّه عليه و آله و إمامة الأئمّة عليهم السّلام لا تكفي فيها المعرفة الإجمالية، بل يلزم فيها الاستناد الى الأدلّة التفصيلية التي يحتاج إليها بالمقدار المتعارف.

(7)أي لا يشترط في الإفتاء أزيد من المقدار المتعارف من الاستدلالات المطوّلة-

ص: 243


1- سوره 55 - آیه 78

أحكام الجواهر (1) و الأعراض، و ما اشتملت عليه كتبه (2) من الحكمة (3) و المقدّمات (4)، و الاعتراضات، و أجوبة الشبهات، و إن وجب معرفته كفاية (5) من جهة اخرى، و من ثمّ (6) صرّح جماعة من المحقّقين بأنّ الكلام

**********

شرح:

-في الكتب الكلامية من مباحث أحكام الجواهر و الأعراض التي أطالوها كثيرا كما يشاهد في بعضها.

(1)الجواهر: جمع جوهر، و هو في اللغة ما وضعت عليه جبلّته، و كلّ حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، ما يقابل العرض، و هو الموجود القائم بنفسه. (أقرب الموارد، المنجد).

و في اصطلاح الحكماء هو كلّ موجود لا يحتاج في تحقّقه الخارجي الى موضوع، بخلاف العرض فإنّه لا يتحقّق في الخارج إلاّ بموضوع معروض له.

و البحث عن الجواهر مثل البحث عن الجسم الفلكي و العنصري و تجرّد النفس و أمثال ذلك.

و البحث عن الأعراض مثل البحث عن حقيقة العلم و القدرة و الحركة و غير ذلك.

(2)الضمير في قوله «كتبه» يرجع الى الكلام.

(3)الحكمة: هي العلم بأحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية على مقتضى القوانين العقلية.

(4)أي مقدّمات الحكمة، و هي المنطق.

(5)يعني و إن وجب كفاية الاطّلاع على ما حقّقه علماء الكلام من جهة اخرى، مثل ردّ المنكرين و المضلّين و حلّ شبه المعاندين و المبطلين.

(6)أي و من جهة عدم دخالة علم الكلام في الاجتهاد قال جماعة من أهل -

ص: 244

ليس شرطا في التفقّه، فإنّ ما يتوقّف عليه منه (1) مشترك بين سائر المكلّفين.

و من الاصول (2) ما يعرف به أدلّة الأحكام من الأمر (3) و النهي (4)، و العموم (5) و الخصوص (6)، و الإطلاق (7) و التقييد (8)،

**********

شرح:

-التحقيق بأنّ ذلك ليس شرطا في التفقّه.

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الكلام. يعني أنّ ما يحتاج إليه الفقيه من علم الكلام مشترك بين كلّ المكلّفين.

(2)عطف على قوله «من الكلام». يعني أنّ المعتبر من علم الاصول الذي ذكرناه من المقدّمات الستّ هو معرفة مقدار تعرف به أدلّة الأحكام.

(3)هذا و ما بعده بيان لأدلّة الأحكام. فمعنى الأمر - اصطلاحا - هو الطلب من العالي بحيث يدلّ نفس الطلب على كون الطالب عاليا و المطلوب منه دانيا.

(4)النهي - اصطلاحا - هو الطلب من العالي ترك فعل بحيث يدلّ نفس الطلب على كون الطالب عاليا من المطلوب منه.

(5)العموم - اصطلاحا - هو شمول اللفظ وضعا على أفراد متعدّدة، مثل: كلّ إنسان.

(6)الخصوص - اصطلاحا - هو إرادة بعض مدلول اللفظ ، مثل: بعض الإنسان.

(7)الإطلاق - اصطلاحا - هو شمول اللفظ بجميع الأفراد طولا بسبب مقدّمات الحكمة، مثل لفظ «رجل» الدالّ على حقيقة لها أفراد متعدّدة على البدل بلا استيعاب على جميع الأفراد دفعة واحدة بخلاف العامّ . مثل قوله: أكرم رجلا، فهو ينطبق على جميع الأفراد، فالمأمور يمتثل بإكرام أيّ فرد اختاره، فيكون الفرد المذكور بدلا من غيره.

(8)التقييد - اصطلاحا - هو تضييق في مدلول المطلق، مثل قوله: أعتق رقبة -

ص: 245

و الإجمال (1) و البيان (2)، و غيرها ممّا اشتملت عليه مقاصده (3).

و من النحو (4) و التصريف ما يختلف المعنى باختلافه ليحصل بسببه (5) معرفة المراد من الخطاب، و لا يعتبر الاستقصاء فيه (6) على الوجه التامّ ،

**********

شرح:

-مؤمنة، فالقيد بالإيمان يضيّق مدلول الرقبة الشاملة لجميع الأفراد مؤمنة و غيرها.

(1)الإجمال - اصطلاحا - هو اللفظ الملقى من المتكلّم بحيث لا يحرز المخاطب المراد منه، مثل قوله: أكرم زيدا، فهو مشترك بين العالم و الجاهل و العادل و الفاسق.

(2)البيان - اصطلاحا - هو إلقاء اللفظ بحيث يعلم المخاطب منه مراد المتكلّم بالوضوح.

(3)الضمير في قوله «مقاصده» يرجع الى الاصول. يعني و المراد من «الاصول» الذي هو من المقدّمات الستّ للتفقّه هو معرفة ما اشتملت عليه مقاصد علم الاصول، فإنّ علماء الاصول يقسّمون المطالب الى مقاصد متعدّدة.

(4)عطف على قوله «الكلام»، و كذلك في قوله «التصريف». يعني أنّ المعتبر من علم النحو و التصريف هو معرفة ما يختلف المعنى باختلافه. مثلا معرفة المعنى من الرفع و الجرّ في قوله تعالى أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ (1) .

(التوبة: 3). فالمعنى بجرّ «رسوله» يكون كفرا، و الصحيح هو الرفع فإنّه على الابتداء و خبره محذوف و يدلّ عليه ما تقدّمه، و تقديره: و رسوله أيضا بريء منهم.

(5)الضمير في قوله «بسببه» يرجع الى «ما» الموصولة. يعني يجب معرفة مقدار من النحو و الصرف لتحصيل المراد من الخطاب.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى كلّ فرد من النحو و الصرف. يعني لا يجب -

ص: 246


1- سوره 9 - آیه 3

بل يكفي الوسط منه (1) فما دون.

و من اللغة (2) ما يحصل به فهم كلام اللّه و رسوله و نوّابه عليهم السّلام بالحفظ ، أو الرجوع إلى أصل (3) مصحّح (4) يشتمل على معاني الألفاظ المتداولة في ذلك.

و من شرائط (5) الأدلّة معرفة الأشكال الاقترانية و الاستثنائية، و ما

**********

شرح:

-معرفة كلّ ما ذكروا في كتب التصريف و النحو بنحو المستقصى الى النهاية.

(1)الضمير في قوله «منه» أيضا يرجع الى فردي النحو و الصرف. يعني يكفي من معرفة كلّ منهما بحدّ الوسط لا الاستقصاء.

(2)أي المعتبر من اللغة التي هي أيضا من المقدّمات الستّ معرفة مقدار يحصل به فهم كلام اللّه عزّ اسمه و رسوله و الأئمّة عليهم السّلام.

(3)يعني أنّ معرفة اللغة إمّا بالحفظ أو الرجوع الى أصل مصحّح.

(4)بصيغة اسم المفعول. و المراد منه كتاب اللغة الذي قالوا بصحّته، و يشتمل على معاني الألفاظ المستعملة في كلام اللّه... الخ.

(5)عطف على قوله «من الكلام». يعني أنّ المعتبر من المنطق المعبّر عنه بالأدلّة معرفة الأشكال الاقترانية و الاستثنائية.

و المقصود من الاقتراني هو القياس الذي لم تذكر النتيجة من الهيئة و المادّة في المقدّمة، مثلا:

كلّما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.

و كلّما كان النهار موجودا فالعالم مضيء.

(فالنتيجة) كلّما كانت الشمس طالعة فالعالم مضيء.-

ص: 247

يتوقّف (1) عليه من المعاني المفردة (2) و غيرها، و لا يشترط الاستقصاء في ذلك (3) بل يقتصر على المجزي منه، و ما زاد عليه فهو مجرّد تضييع للعمر و ترجئة (4) للوقت.

و المعتبر من الكتاب (5) الكريم معرفة ما يتعلّق بالأحكام و هو نحو من خمسمائة (6) آية، إمّا بحفظها (7) أو فهم مقتضاها ليرجع إليها متى شاء،

**********

شرح:

-بخلاف الاستثنائي الذي تذكر النتيجة من حيث الهيئة و المادّة في مقدّمة القياس، مثلا:

كلّما كان العدد زوجا فليس بفرد، لكنه فرد فليس بزوج.

(1)أي و معرفة ما يتوقّف عليه من المعاني المفردة و المركّبة.

(2)المراد من «المعاني المفردة» هو معنى الجنس و الفعل، و العرض العامّ و الخاصّ .

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو المسائل و الأحكام المرتبطة بالمنطق.

(4)الترجئة من الإرجاء بمعنى التأخير. (المنجد).

(5)يعني أنّ المعتبر من الكتاب في قوله «الاصول الأربعة و هي: الكتاب و السنّة... الخ» هو معرفة... الخ.

(6)يعني أن ما يعتبر من معرفة الكتاب هو معرفة مقدار خمسمائة آية من آيات الكتاب و المعروفة بآيات الأحكام.

و لا يخفى أنّ لفظ «نحو» في اللغة تأتي بمعان متعدّدة، و هي: الطريق، الجهة، الجانب، المقدار، المثل، القصد، و يكون ظرفا و اسما، و منه النحو لإعراب كلام العرب، لأنّ المتكلّم ينحو به منهاج كلامهم إفرادا و تركيبا، جمعه: أنحاء و نحوّ.

(أقرب الموارد).

(7)الضميران في قوليه «بحفظها» و «مقتضاها» يرجعان الى خمسمائة آية. فلا يجب -

ص: 248

و يتوقّف على معرفة الناسخ منها (1) من المنسوخ، و لو بالرجوع إلى أصل (2) يشتمل عليه.

و من السنّة (3) جميع ما اشتمل منها على الأحكام، و لو في أصل مصحّح رواه عن عدل بسند متّصل إلى النبي و الأئمّة، و يعرف الصحيح (4) منها، و الحسن (5)،

**********

شرح:

-في شروط الاجتهاد حفظ جميع آيات الأحكام، بل يكفي فهم مقتضى الآيات ليرجع إليها عند الحاجة.

(1)بأن يعرف ناسخ الآيات من منسوخها.

النسخ: هو رفع تشريع سابق - كان يقتضي الدوام حسب ظاهره - بتشريع لا حق، بحيث لا يمكن اجتماعهما معا إمّا ذاتا أو بدليل خاصّ من إجماع أو نصّ صريح.

(2)يحتمل كون المراد من «الأصل» هنا هو المعنى الدرائي، و هو المجموع الذي يضبط فيه ما يسمع من المعصوم عليه السّلام بلا واسطة.

(3)عطف على قوله «الكتاب». يعني أنّ المعتبر من السنّة التي فسّر الاصول الأربعة بها في قوله «و هي الكتاب و السنّة... الخ» هو معرفة جميع ما اشتمل منها على الأحكام و لو كان في كتاب مصحّح روى صاحبه عن سند عدل متّصل الى المعصوم عليه السّلام.

(4)الصحيح: هو الخبر الذي يكون الرواة في سنده إماميّين و ممدوحين بالعدالة و التوثيق.

و الضمير في قوله «منها» يرجع الى السنّة.

(5)الحسن: هو الخبر الذي يكون الرواة في سنده إماميّين ممدوحين بغير العدالة أو -

ص: 249

و الموثّق (1)، و الضعيف (2)، و الموقوف (3)، و المرسل (4)، و المتواتر (5)، و الآحاد (6)، و غيرها (7) من الاصطلاحات التي دوّنت في رواية الحديث المفتقر (8) إليها في استنباط الأحكام،

**********

شرح:

-التوثيق كلاّ أو بعضا مع توثيق الباقي.

(1)الموثّق: هو الخبر الذي يكون كلّ الرواة أو بعضهم في سنده غير إماميّين مع توثيق الكلّ من علماء الرجال، و قد يطلق بالقوي أيضا.

(2)الضعيف: هو الخبر الذي لم يجد الشروط الثلاثة المذكورة فيما تقدّم، و هو على أقسام: الموقوف، المقطوع، المرسل، الشاذّ، المفصّل، و غير ذلك ممّا ذكره صاحب القوانين، فمن أراد التفصيل فليراجع هذا الكتاب، و هو أنفع كتاب في الأصول، و كان من الكتب الدراسية في الحوزات قديما، و مع الأسف الشديد أصبح متروكا في هذا العصر حيث جعلوا كتبا دراسية اخرى محلّه لا تفي الفوائد التي حوته.

(3)الموقوف: هو الخبر الذي يكون الراوي فيه مجهولا أو مقطوع السند، و قد يعبّر عنه بالأثر أيضا.

(4)المرسل: هو الخبر الذي ينقل عن المعصوم عليه السّلام مع حذف الوسائط .

(5)المتواتر: هو الخبر الذي ينقله جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه، و يستبعد تواطؤهم على الكذب عادة.

(6)خبر الآحاد: هو خبر عدّة لا يحصل من قولهم القطع في جميع طبقاته.

(7)أي و غير المذكورات من الاصطلاحات المذكورة في علم الحديث مثل المعرض عنه و المقبولة و المعنعن.

(8)أي الاصطلاحات التي يفتقر إليها في استنباط الأحكام الشرعية.-

ص: 250

و هي (1) امور اصطلاحية توقيفية لا مباحث علمية، و يدخل في اصول (2) الفقه معرفة أحوالها (3) عند التعارض و كثير من أحكامها.

و من الإجماع (4) و الخلاف أن يعرف أنّ ما يفتي به لا يخالف الإجماع، إمّا (5) بوجود موافق من المتقدّمين، أو بغلبة (6) ظنّه على أنه واقعة متجدّدة

**********

شرح:

-و الضمير في قوله «إليها» يرجع الى الاصطلاحات.

(1)الضمير يرجع الى الاصطلاحات. يعني أنها و لو كانت توقيفية لا علمية و لا نظرية إلاّ أنها يحتاج إليها الفقيه في مقام الاستنباط .

(2)يعني يدخل في الاصول - في قوله «و الاصول الأربعة و هي: الكتاب و السنّة... الخ» - معرفة أحوال السنّة عند التعارض، و لا تحصل إلاّ بالاطّلاع على مباحث التعادل و التراجح التي عنونوها في كتب الاصول.

(3)الضميران في قوليه «أحوالها» و «أحكامها» يرجعان الى السنّة.

و قوله «كثير» بالجرّ، عطفا على أحوالها. يعني و يدخل في الاصول معرفة كثير من أحكام السنّة، مثل الاطّلاع على مبحث حجّية الخبر الواحد الذي ذكر في كتب الاصول بالتفصيل.

(4)عطف على قوله «الكتاب». أي المعتبر من المسائل الإجماعية و الخلافية معرفة مقدار يعلم بأنّ ما أفتاه لا يخالف الإجماع.

(5)أي العلم بعدم كون فتواه على خلاف الإجماع إمّا بالعلم بعدم وجود المخالف على الإجماع من المتقدّمين عن الإجماع، أو...

(6)أي العلم بعدم كون فتواه على خلاف الإجماع بأن يظنّ بالظنّ الغالب على أنّ مورد الإجماع من المسائل المستحدثة و المتجدّدة التي لم يبحث عنها السابقون.

و الضمير في قوله «عنها» يرجع الى واقعة متجدّدة.

ص: 251

لم يبحث عنها السابقون بحيث حصل فيها أحد الأمرين (1)، لا معرفة (2) كلّ مسألة أجمعوا عليها أو اختلفوا.

و دلالة (3) العقل من الاستصحاب و البراءة الأصلية (4) و غيرهما (5) داخلة في الأصول، و كذا (6) معرفة ما يحتجّ به من القياس، بل يشتمل (7)

**********

شرح:

(1)المراد من «أحد الأمرين» هو الإجماع و الخلاف. يعني أنّ المسائل المستحدثة لم تكن مورد بحث بين السابقين ليعلم منهم الإجماع أو الخلاف فيها.

(2)عطف على قوله «أن يعرف... الخ». أي لا يحتاج الفقيه الى معرفة جميع المسائل الإجماعية و الخلافية.

(3)عطف على قوله «الكتاب». يعني أنّ الاصول التي يستدلّ بها بالعقل - مثل الاستصحاب بناء على القول بحجّيته بالعقل و هكذا البراءة - تدخل في مبحث علم الاصول.

(4)المراد من «البراءة الأصلية» هو الذي يستدلّ به بأصالة العدم الأزلي.

(5)مثل التخيير الذي يستدلّ به بالعقل.

(6)يعني و كذا يدخل في الاصول معرفة القياس الذي يستدلّ به على الحكم الشرعي.

و المراد من «القياس المحتجّ به» هو العلّة المنصوصة المعبّر عنها بالقياس المنصوص العلّة.

(7)كأنّ هذا ترقّ من قوله معرفة ما يحتاج إليه من شروط الدليل و علم النحو و الصرف، بأنه لا يحتاج الى التفاصيل فيهما بل يكفي الاطّلاع على كثير من الكتب المختصرة في اصول الفقه لاشتمالها بمقدار المحتاج إليه من شروط الدليل يعني المنطق.-

ص: 252

كثير من مختصرات (1) اصول الفقه كالتهذيب و مختصر الاصول لابن الحاجب على (2) ما يحتاج إليه من شرائط الدليل المدوّن في علم الميزان (3)، و كثير (4) من كتب النحو على ما يحتاج إليه من التصريف.

نعم، يشترط مع ذلك (5) كلّه أن يكون له قوّة يتمكّن بها من ردّ الفروع إلى اصولها و استنباطها (6) منها،

**********

شرح:

(1)صفة لموصوف مقدّر و هو الكتب.

(2)الجارّ متعلّق بقوله «يشتمل».

(3)فإنّ الكتابين المذكورين يشتملان على مقدار من مباحث المنطق الذي يحتاج إليه الفقيه عند الاستنباط فلا يحتاج الى أزيد منه.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «التهذيب». يعني و مثل كثير من كتب النحو الذي يشتمل على مقدار المحتاج إليه من مباحث الصرف، فلا يحتاج الى التفاصيل المذكورة في علم الصرف الى كتب التصريف.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو المقدّمات المذكورة.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى من أراد الاستنباط . يعني يلزم للفقيه الذي يجتهد الأحكام الشرعية من الأدلّة الاجتهادية أن يكون له قوّة يتمكّن بسببها أن يردّ الفروع الى الاصول.

مثلا اذا ورد عن الإمام عليه السّلام «كلّما خرج عن الخلقة الأصلية فهو عيب» يتمكّن من تفريع أنّ عدم الشعر في بعض أعضاء الأمة يعدّ عيبا و لو كان في بعض الموارد مطلوبا لبعض الناس أو أكثرهم.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى القوّة.

(6)الضمير في «استنباطها» يرجع الى الفروع، و في قوله «منها» يرجع الى-

ص: 253

و هذه (1) هي العمدة في هذا الباب، و إلاّ (2) فتحصيل تلك المقدّمات قد صارت في زماننا سهلة لكثرة ما حقّقه العلماء و الفقهاء فيها (3)، و في بيان استعمالها، و إنّما تلك القوّة بيد اللّه تعالى يؤتيها (4) من يشاء من عباده على

**********

شرح:

-الاصول.

(1)المشار إليه في قوله «هذه» هو القوّة المذكورة في شروط الاستنباط .

(2)يعني لو لم تحصل القوّة الاجتهادية في شخص فإنّه لا يتمكّن من استنباط الأحكام بتحصيل المقدّمات المذكورة فقط ، لأنّ تحصيلها في زماننا أصبحت سهلة و ممكنة لأكثر الطالبين لها.

(3)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى المقدّمات. يعني أنّ سهولة تحصيل المقدّمات ترجع الى كثرة التحقيقات من الفقهاء و العلماء أعلى اللّه مقامهم الذين كتبوا و صنّفوا في كلّ منها كتبا عديدة و تصانيف كثيرة.

(4)الضمير في قوله «يؤتيها» يرجع الى قوّة الاستنباط ، و هذا إشارة الى قول الإمام الصادق عليه السّلام: ليس العلم بالتعلّم إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تبارك و تعالى أن يهديه. (بحار الأنوار: ج 1 ص 225).

و المنصرف من العلم الذي يقذف على قلب من شاء اللّه تعالى ليس العلوم المادّية و الطبيعية بل العلوم الاجتهادية في الاصول و الفروع.

اللّهمّ ارزقني فهم النبيّين، و حفظ و إلهام الملائكة المقرّبين.

ربّنا و إلهنا نرجو منك برحمتك و فضلك و إحسانك أن ترزقنا هذه القوّة في أنفسنا بحقّ نبيّك نبيّ الرحمة و أئمّتك الطاهرين المعصومين عليهم السّلام، و ليس لنا إلاّ الجدّ و السعي بما يسعنا من مقدّمات الاستنباط ، و أنت تعلم يا ربّ سهر العين في أكثر الليالي طلبا للعلم و المعرفة.

ص: 254

وفق حكمته (1) و مراده، و لكثرة المجاهدة و الممارسة لأهلها مدخل عظيم في تحصيلها (2) وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (1) (3).

و إذا تحقّق المفتي بهذا الوصف (4) وجب على الناس الترافع إليه و قبول (5) قوله و التزام حكمه، لأنه منصوب من الإمام عليه السّلام على العموم (6) بقوله:

**********

شرح:

(1)الضميران في قوله «حكمته و مراده» يرجعان الى اللّه تعالى.

(2)يعني أنّ القوّة التي يتمكّن المجتهد بها من ردّ الفروع الى الاصول بل حتّى تحمّل تحصيل مقدّماتها لا تحصل إلاّ بعد المجاهدة و الممارسة لأهلها، فإنّ لهما المدخلية العظيمة في تحصيلها.

و الضميران في قوليه «لأهلها» و «تحصيلها» يرجعان الى القوّة المذكورة.

(3)يعني أنّ مضمون الآية يدلّ على دخالة السعي و الجدّ في تحصيل الهداية الى سبيل الحقّ ، و أنّ استنباط الأحكام إنما هو سبيل الى الحقّ ، و الذين جاهدوا و سعوا فيه يوفّقهم اللّه تعالى لإدراك طريق الحقّ . (و الآية 69 من سورة العنكبوت).

(4)يعني اذا حصل أهل الفتوى على الوصف المذكور وجب على الناس أن يراجعوا مرافعاتهم و خصوماتهم إليه.

(5)فاعل ثان لقوله «وجب». يعني وجب على الناس قبول حكم المفتي و الالتزام بقوله.

(6)اعلم أنّ منصب القضاء إمّا بنصب خاصّ و هو لا يمكن إلاّ في زمان حضور الإمام عليه السّلام أو بنصب عامّ و هو في زمان الغيبة مثل زماننا هذا، فإنّ الإمام عليه السّلام نصب أهل الفتوى لمنصب القضاء بالعموم.

ص: 255


1- سوره 29 - آیه 69

انظروا (1) إلى رجل منكم قد روى حديثنا و عرف أحكامنا فاجعلوه قاضيا، فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه.

و في بعض (2) الأخبار: فارضوا به حكما، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما بحكم اللّه استخفّ و علينا ردّ، و الرادّ علينا رادّ على اللّه، و هو على حدّ الشرك باللّه عزّ و جلّ (3).

(فمن عدل عنه (4) إلى قضاة الجور كان عاصيا) فاسقا لأنّ ذلك كبيرة

**********

شرح:

(1)الرواية منقولة عن الكليني رحمه اللّه في الكافي:

عن أبي خديجة [سالم بن مكرم الجمّال] قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا الى أهل الجور، و لكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه. (الكافي: ج 7 ص 412 كتاب القضاء و الأحكام ح 4).

و لا يخفى أنّ هذه الرواية تختلف اختلافا يسيرا في ألفاظها مع ما نقله الشارح رحمه اللّه و كأنه نقلها بالمعنى.

أقول: و تدلّ هذه الرواية على حرمة الترافع أمام قضاة الجور، و قد أجمع علماؤنا على ذلك، بل عدّه بعضهم من الكبائر، بل لا بدّ من الترافع أمام الفقيه العادل الجامع لشروط الفتيا في عصر غيبة الإمام عليه السّلام، إذ في حال وجوده و حضوره عليه السّلام لا بدّ من الترافع إليه أو الى من نصبه لتولّي منصب القضاء شخصيا.

(2)أي وردت في بعض الأخبار عبارات أكثر صراحة كما في قوله عليه السّلام: فارضوا به حكما... الخ.

(3)هذه الرواية أيضا منقولة في الكافي و ستأتي بعد قليل.

(4)يعني من عدل عن مراجعة قضاة الإمامية بالشروط المذكورة الى مراجعة -

ص: 256

عندنا (1)، ففي مقبول عمر بن حنظلة السابق: (2) من تحاكم إلى طاغوت فحكم له فإنّما يأخذ سحتا و إن كان حقّه ثابتا، لأنه أخذه بحكم الطاغوت و قد أمر اللّه أن يكفر بها (3). و مثله كثير.

تثبت ولاية القاضي المنصوب من الإمام بالشياع بشهادة عدلين

(و تثبت (4) ولاية القاضي) المنصوب من الإمام (بالشياع)

**********

شرح:

-قضاة الجور كان عاصيا و مذنبا.

(1)فإنّ مراجعة قضاة الجور مع وجود قضاة العدل من المعاصي الكبيرة عند فقهاء الإمامية.

(2)أي سبق ذكر ذيلها قبل قليل و المعروفة بمقبولة عمر بن حنظلة.

(3)الرواية هذه منقولة في الكافي:

عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الى السلطان أو الى القضاة، أ يحلّ ذلك ؟ فقال: من تحاكم الى الطاغوت فحكم له فإنّما يأخذ سحتا و إن كان حقّه ثابتا لأنه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللّه أن يكفر به، قلت: كيف يصنعان ؟ قال:

انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فارضوا به حكما فإنّي قد جعلته عليكم حاكما، فاذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما بحكم اللّه قد استخفّ و علينا ردّ، و الرادّ علينا الرادّ على اللّه و هو على حدّ الشرك باللّه. (المصدر السابق: ح 5).

و لا يخفى أنّ هذه الرواية تختلف اختلافا يسيرا في ألفاظها مع ما نقله الشارح رحمه اللّه و كأنه نقلها بالمعنى.

(4)فاذا انحصر الحكم في حضور الإمام عليه السّلام بشخصه أو بنائبه المنصوب عنه -

ص: 257

و هو (1) إخبار جماعة به يغلب على الظنّ صدقهم (أو بشهادة عدلين) و إن لم تكن بين يدي حاكم (2)، بل يثبت بهما أمره عند كلّ من سمعهما (3)، و لا يثبت بالواحد (4) و لا بقوله و إن شهدت له القرائن، و لا بالخطّ (5) مع أمن التزوير مع احتماله (6).

لا بدّ في القاضي المنصوب من الإمام من الكمال

(و لا بدّ) (7) في القاضي المنصوب من الإمام (من الكمال) بالبلوغ

**********

شرح:

-للقضاء فلثبوت كونه نائبا عن الإمام عليه السّلام طريقان:

الأول: الشياع.

الثاني: شهادة عدلين.

(1)الضمير يرجع الى الشياع. يعني إخبار جماعة كثيرة بكونه منصوبا عن الإمام عليه السّلام بالمقدار الذي يغلب على الظنّ صدقهم.

(2)فإنّ إخبار العدلين في المقام حجّة و لو لم يكن عند الحاكم، بخلاف سائر المقامات مثل المسائل المالية و غيرها فلا تثبت إلاّ بإخبار العدلين عند الحاكم.

(3)ضمير التثنية في قوله «سمعهما» يرجع الى العدلين. يعني أنّ كلّ من سمع من العدلين بأنّ فلانا منصوب للقضاء من جانب الإمام عليه السّلام يكفيه الرجوع إليه.

(4)أي لا تثبت ولاية القضاء بشهادة عادل واحد و لا بادّعائه و لو شهدت القرائن على صدقه.

(5)أي لا تثبت ولاية القضاء برؤية خطّ الإمام عليه السّلام و لو أمن من كون الخطّ مزوّرا.

(6)يعني يحتمل ثبوت الولاية بخطّه الشريف.

(7)يعني أنّ هناك شروطا لا بدّ من توفّرها في القاضي الذي ينصبه الإمام عليه السّلام :-

ص: 258

و العقل و طهارة المولد (1)(و العدالة) و يدخل فيها الإيمان (2)(و أهلية الإفتاء) بالعلم بالامور المذكورة (و الذكورة، و الكتابة) لعسر الضبط بدونها لغير النبي صلّى اللّه عليه و آله (3)(و البصر) لافتقاره إلى التمييز بين الخصوم، و تعذّر ذلك مع العمى في حقّ غير النبي (4)، و قيل:

**********

شرح:

-الأول: الكمال بالبلوغ و العقل.

الثاني: العدالة.

الثالث: أهلية الفتوى كما مرّ.

الرابع: الذكورة.

الخامس: الكتابة.

السادس: البصر.

(1)هذا الشرط أضافه الشارح رحمه اللّه، و قد تقدّم كونه من شروط القاضي.

(2)المراد من «الإيمان» هو كونه معتقدا بإمامة الاثني عشر من المعصومين عليهم السّلام، فلا يجوز قضاء المخالف أو من لا يعتقد بإمامتهم أو بعض الأئمّة عليهم السّلام مثل الزيدية و الفطحية و الإسماعيلية و الواقفية و غيرهم من فرق الشيعة.

(3)قد تقدّم دليل لزوم الكتابة باحتياج القاضي للحفظ و لا يحصل كثيرا إلاّ بالكتابة.

و تقدّم أيضا جواب من استدلّ على عدم الاشتراط بكون النبي صلّى اللّه عليه و آله امّيا بأنه كان معصوما لا يعرضه السهو و الاشتباه في الامور.

(4)إشارة الى كون بعض الأنبياء أعمى مع أهليّته لمنصب القضاء، فإنّ العمى لا يمنع عن القضاء في حقّه عليه السّلام لكونه معصوما و مصونا من الخطأ و الاشتباه، فلا يصحّ الاستدلال بعمى بعض الأنبياء على عدم اشتراطه في القاضي.

ص: 259

إنّهما (1) ليسا بشرط ، لانتفاء الأول في النبي صلّى اللّه عليه و آله، و الثاني في شعيب عليه السّلام، و لإمكان (2) الضبط بدونهما بالحفظ و الشهود.

و بقي من الشرائط التي اعتبرها المصنّف و غيره غلبة الحفظ (3)، و انتفاء الخرس، و الحرّية، على خلاف في الأخير (4)، و يمكن دخول الأول (5) في شرط الكمال، و عدم اعتبار الأخير (6) هنا مع أنه قطع به (7) في الدروس، و ليس دخول الثاني (8) في الكمال أولى من دخول البصر و الكتابة، فكان

**********

شرح:

(1)ضمير التثنية في قوله «إنّهما» يرجع الى الكتابة و البصر. يعني أنّ بعض الفقهاء قال بعدم اشتراط الكتابة لانتفائها في شخص النبي صلّى اللّه عليه و آله، و عدم اشتراط البصر في القاضي لانتفاء البصر في النبي شعيب عليه السّلام، مع كونهما أهلا للقضاء.

(2)هذا دليل آخر على عدم اشتراط الكتابة و البصر، بأنه يمكن للقضاة الضبط و الحفظ بدونهما بسبب الحفظ أو بسبب الشهود.

(3)إنّ الفقهاء قالوا في القاضي المنصوب عن الإمام عليه السّلام باشتراط غلبة الحفظ بأن يكون صاحب حافظة قوية، لكن المصنّف رحمه اللّه لم يذكرها، و كذلك انتفاء الخرس في القاضي المنصوب عنه عليه السّلام.

(4)المراد من «الأخير» هو اشتراط الحرّية بأنه مورد خلاف بينهم.

(5)المراد من «الأول» هو غلبة الحفظ ، فيمكن دخوله ضمن الكمال الذي قال عنه المصنّف رحمه اللّه «و لا بدّ من الكمال».

(6)أي لم يعتبر المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب الحرّية شرطا من شروط القاضي المنصوب عنه عليه السّلام.

(7)يعني و الحال أنّ المصنّف رحمه اللّه قطع باشتراط الأخير في كتابه الدروس.

(8)هذا إيراد من الشارح رحمه اللّه على عبارة المصنّف قدّس سرّه بأنّ القول بدخول انتفاء -

ص: 260

اللازم ذكره (1)، أو إدخال الجميع في الكمال.

و هذه الشرائط كلّها معتبرة في القاضي مطلقا (2)(إلاّ في قاضي التحكيم) (3) و هو الذي تراضى به الخصمان ليحكم بينهما مع وجود قاض منصوب من قبل الإمام عليه السّلام، و ذلك (4) في حال حضوره فإنّ حكمه (5)

**********

شرح:

-الخرس في اشتراط الكمال ليس أولى من دخول البصر و الكتابة، و الحال أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكرهما بعد ذكر الكمال، فكان اللازم عليه ذكر اشتراط انتفاء الخرس أيضا كما ذكرهما.

(1)الضمير في قوله «ذكره» يرجع الى الشرط الثاني. يعني كان لازما على المصنّف رحمه اللّه أن يذكر انتفاء الخرس أيضا من شروط القاضي، أو أن لا يذكر البصر و الكتابة بعد الكمال و يدخل جميع الشروط الثلاثة تحت الكمال.

(2)يعني أنّ الشروط المذكورة بقوله «الكمال و العدالة و أهلية الإفتاء و الذكورة و الكتابة... الخ». تعتبر في القاضي سواء كان منصوبا بالخصوص كما في زمان الخصوص أو بالعموم كما في زمان الغيبة.

(3)يعني أنّ جميع الشروط المذكورة لا تعتبر في قاضي التحكيم.

و لا يخفى أنّ قاضي التحكيم لا يتصوّر في زمان الغيبة لأنّ المراد منه هو الذي لم ينصبه الإمام عليه السّلام لا بنصب خاصّ و لا بنصب عامّ ، و الحال أنّ من له أهلية القضاء و الفتوى نصب للقضاء في زمان الغيبة بنصب عامّ و ليس كونه حاكما بغير نصب الإمام عليه السّلام ليكون قاضيا تحكيميا.

(4)المشار إليه في قوله «و ذلك» هو وجود قاض منصوب من قبل الإمام عليه السّلام.

و الضمير في قوله «حضوره» يرجع الى الإمام عليه السّلام.

(5)الضمير في قوله «حكمه» يرجع الى قاضي التحكيم. يعني اذا رضيا بحكم -

ص: 261

ماض عليهما، و إن لم يستجمع جميع هذه الشرائط (1).

هذا مقتضى (2) العبارة، و لكن (3) ليس المراد أنه يجوز خلوّه منها أجمع، فإنّ استجماعه (4) لشرائط الفتوى شرط إجماعا، و كذا بلوغه و عقله و طهارة مولده و غلبة حفظه و عدالته، و إنّما يقع الاشتباه في الباقي (5)، و المصنّف في الدروس قطع بأنّ شروط قاضي التحكيم هي شروط القاضي المنصوب أجمع من غير استثناء (6)، و كذلك قطع به المحقّق في

**********

شرح:

-قاض غير منصوب من قبل الإمام عليه السّلام في زمان الحضور كان حكمه نافذا في حقّهما.

(1)أي و إن لم يجمع قاضي التحكيم جميع الشروط المذكورة من العدالة و الكتابة و غيرهما.

(2)يعني أنّ مقتضى العبارة هو جواز خلوّ قاضي التحكيم من الشروط المذكورة للقاضي مطلقا.

(3)هذا استدراك من الشارح رحمه اللّه بأنه ليس المراد منه هو جواز خلوّ قاضي التحكيم من جميع شروط القاضي مثل العدالة و الإيمان و غير ذلك.

(4)بأنّ اشتراط أهلية الفتوى في القاضي إجماعي من الفقهاء، و كذا اشتراط البلوغ و العقل و طهارة المولد و غلبة الحفظ و العدالة، فإنّ ذلك كلّه من شروط القاضي بإجماع الفقهاء حتّى قاضي التحكيم.

(5)المراد من «الباقي» هو الكتابة و البصر و عدم الخرس.

(6)أي أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس لم يستثن شيئا من الشروط المذكورة في القاضي مطلقا في خصوص قاضي التحكيم، و كذا قطع المحقّق رحمه اللّه في كتابه شرائع-

ص: 262

الشرائع، و العلاّمة (1) في كتبه، و ولده (2) فخر المحقّقين في الشرح، فإنّه قال فيه: التحكيم الشرعي هو أن يحكّم الخصمان واحدا جامعا لشرائط الحكم، سوى (3) نصّ من (4) له توليته (5) شرعا عليه بولاية القضاء.

**********

شرح:

-الإسلام بغير الاستثناء.

المحقّق: هو نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي المعروف بالمحقّق الحلّي، توفّي سنة 676 و هو خال العلاّمة الحلّي رحمه اللّه.

(1)عطف على قوله «المحقّق». يعني و كذلك قطع العلاّمة الحلّي رحمه اللّه في كتبه بعدم استثناء شيء من الشروط المذكورة للقاضي بالنسبة الى قاضي التحكيم.

(2)الضمير في قوله «ولده» يرجع الى العلاّمة. يعني أنّ فخر المحقّقين ولد العلاّمة أيضا في كتابه الشرح لم يستثن شيئا في حقّ قاضي التحكيم.

فخر المحقّقين: هو الشيخ محمّد بن الحسن بن يوسف بن علي المطهّر الحلّي من وجوه الطائفة و فقهائها، جليل القدر عظيم المنزلة رفيع الشأن، و كفى في ذلك أنه فاز بدرجة الاجتهاد في السنة العاشرة من عمره، يروي عن أبيه العلاّمة و غيره، له مصنّفات كثيرة، منها: إيضاح الفوائد في حلّ مشكلات القواعد، و حاشية الإرشاد، و غيرهما. ولد في سنة 682 ه و توفّي سنة 772 ه .

(3)يعني يجوز للمتحاكمين انتخاب القاضي الجامع لجميع شروط القضاء إلاّ شرط نصب الإمام عليه السّلام له للقضاء.

(4)المراد من «من» الموصولة هو الإمام عليه السّلام. و كذلك في قوله «له».

(5)الضمير في قوله «توليته» يرجع الى النصّ ، و في قوله «عليه» يرجع أيضا الى -

ص: 263

و يمكن حمل هذه العبارة (1) على ذلك بجعله (2) استثناء من اعتبار جميع الشرائط كلّها التي من جملتها توليته (3) المدلول عليه بقوله أولا (4) «أو نائبه» ثمّ قوله (5) «و تثبت ولاية القاضي... الخ»، ثمّ ذكر (6) باقي الشرائط .

**********

شرح:

- «من» الموصولة.

و حاصل معنى العبارة: إنّ الشروط كلّها تعتبر في قاضي التحكيم إلاّ النصّ و النصب ممّن له ولاية النصّ على الفرد بولاية القضاء.

من حواشي الكتاب: الظرف الأول متعلّق بمقدّر، و الأخيرين بالنصّ ، و الضمير المجرور في «له» عائد الى من، و في «توليته» الى الحكم، و في «عليه» الى الواحد. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)المراد من «العبارة» هو قول المصنّف رحمه اللّه «إلاّ في قاضي التحكيم». و المشار إليه في قوله «ذلك» هو قول فخر المحقّقين. يعني يمكن أن تحمل عبارة المصنّف رحمه اللّه على ما قال به الفخر رحمه اللّه.

(2)بيان للحمل المذكور، بأن يجعل الاستثناء من جميع الشروط المذكورة و من جملتها اشتراط تولية الإمام أو من نصبه، فيكون معنى الاستثناء: كذلك يشترط في القاضي جميع الشروط إلاّ نصب الإمام عليه السّلام.

(3)الضمير في قوله «توليته» يرجع الى الإمام عليه السّلام.

(4)قوله «أولا» ظرف لقول المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في أول الكتاب «و هو وظيفة الإمام عليه السّلام أو نائبه».

(5)أي ثمّ بقوله في ص 257 «و تثبت ولاية القاضي».

(6)أي ذكر المصنّف رحمه اللّه بعد ذلك باقي الشروط بقوله «و لا بدّ من الكمال و العدالة... الخ».

ص: 264

فيصير التقدير أنه يشترط في القاضي اجتماع ما ذكر (1) إلاّ قاضي التحكيم، فلا يشترط فيه (2) اجتماعها لصحّته (3) بدون التولية، و هذا (4) هو الأنسب بفتوى المصنّف (5) و الأصحاب.

و يمكن على بعد (6) أن يستثنى مع الشرط المذكور أمر آخر بأن لا يعتبر

**********

شرح:

(1)أي ما ذكر في أول الكتاب بقوله «أو نائبه» و بقوله «لا بدّ من الكمال... الخ».

يعني يشترط في القاضي النيابة عن الإمام عليه السّلام و نصبه للقضاء و الكمال و العدالة و الإيمان و الذكورة و غير ذلك، إلاّ الشرط الأول - و هو النيابة عن الإمام عليه السّلام و نصبه القضاء - ففي خصوص قاضي التحكيم لا يشترط فيه جميع الشروط ، بل لو لم ينصبه الإمام جاز له القضاء بين المتحاكمين أيضا.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى قاضي التحكيم، و في قوله «اجتماعها» يرجع الى الشروط . يعني أنّ في قاضي التحكيم لا يشترط اجتماع جميع الشروط المذكورة.

(3)أي لصحّة التحكيم بدون نصّ الإمام عليه السّلام.

(4)المشار إليه في قوله «هذا» هو المعنى الذي قال الشارح رحمه اللّه فيه «و يمكن حمل هذه العبارة على ذلك». يعنى أنّ اشتراط جميع الشروط المذكورة في القاضي مطلقا حتّى في خصوص قاضي التحكيم يناسب أيضا ما أفتى به المصنّف رحمه اللّه و الأصحاب رحمهم اللّه.

(5)أي فتوى المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(6)أي يمكن على احتمال بعيد أن يستثني علاوة على الشرط المذكور - و هو عدم نصب الإمام عليه السّلام - أمر آخر و هو اشتراط البصر و الكتابة في قاضي التحكيم، بأن يقال بعدم اشتراطهما فيه.

ص: 265

المصنّف هنا فيه (1) البصر و الكتابة، لأنّ حكمه في واقعة (2) أو وقائع خاصّة يمكن ضبطها بدونهما، أو لا يجب عليه (3) ضبطها لأنه قاضي تراض من الخصمين فقد قدما على ذلك، و من أراد منهما (4) ضبط ما يحتاج إليه أشهد عليه، مع أنّ في الشرطين (5) خلافا في مطلق القاضي، ففيه (6) أولى بالجواز، لانتفاء المانع الوارد في العام بكثرة (7) الوقائع، و عسر الضبط بدونهما.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى قاضي التحكيم.

(2)يعني أنّ علّة عدم اشتراطهما في قاضي التحكيم هي كون حكم قاضي التحكيم في قضية واحدة أو في قضايا خاصّة يمكن حفظها بدون البصر و الكتابة، بخلاف القاضي المنصوب للوقائع الكثيرة و عدم إمكان الضبط له فيها.

(3)أي لا يجب على قاضي التحكيم ضبط الوقائع لأنه قاض تراضيا الخصمان به و قدما على القضاء و لو كان القاضي امّيا أو بلا بصر.

(4)الضمير في قوله «منهما» يرجع الى الخصمين. يعني فمن أراد من الخصمين ضبط ما يحتاج إليه أقام الشاهد على ما حكم القاضي.

(5)أي مع اختلاف الفقهاء في اشتراط البصر و الكتابة في مطلق القاضي كما تقدّم من البعض عدم اشتراطها.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى قاضي التحكيم. يعني اذا كان اشتراطهما في مطلق القاضي مورد خلاف حيث قال بعضهم بعدم اشتراطهما فيه فالقول بعدم اشتراطهما في قاضي التحكيم يكون أولى.

(7)أي المانع من عدم اشتراطهما في القاضي العامّ هو كثرة الوقائع و عسر ضبطها له بدونهما، فهذا المانع لا يوجد في خصوص قاضي التحكيم.

ص: 266

و أمّا الذكورية فلم ينقل أحد فيها (1) خلافا، و يبعد اختصاص قاضي التحكيم بعدم اشتراطها و إن كان (2) محتملا، و لا ضرورة (3) هنا إلى استثنائها لأنّ الاستثناء هو المجموع لا الأفراد.

و اعلم أنّ قاضي التحكيم لا يتصوّر في حال الغيبة مطلقا (4)، لأنه إن كان مجتهدا نفذ حكمه بغير تحكيم (5)، و إلاّ لم ينفذ حكمه مطلقا (6) إجماعا، و إنّما يتحقّق (7) مع جمعه للشرائط حال حضوره عليه السّلام و عدم نصبه كما بيّناه. و قد تحرّر (8) من ذلك أنّ الاجتهاد شرط في القاضي في جميع

**********

شرح:

(1)يعني أنّ في اشتراط الذكورة في القاضي العامّ لم ينقل أحد خلافا فيه، فعدم اشتراط قاضي التحكيم بها يكون بعيدا.

(2)أي و إن كان عدم اشتراطها في قاضي التحكيم محتملا.

(3)جواب عن سؤال مقدّر و هو أنه اذا لم تكن الذكورة شرطا في قاضي التحكيم كان على المصنّف رحمه اللّه استثناؤها.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ استثناء قاضي التحكيم من حيث الشروط بالنظر الى مجموع الشروط لا بالنظر الى كلّ فرد و فرد من الشروط المذكورة.

(4)أي سواء اشترط فيه جميع الشروط أو بعضها.

(5)لأنّ المجتهد منصوب عن الإمام عليه السّلام بنصب عامّ كما تقدّم.

(6)سواء كان حكمه بتحكيم أو بغير تحكيم.

(7)يعني أنّ قاضي التحكيم يتحقّق اذا كان مستجمعا للشروط في زمان الحضور مع عدم نصبه الإمام عليه السّلام.

(8)أي قد تحصّل ممّا ذكر أنّ الاجتهاد شرط في القاضي في جميع الأزمان حضورا أو غيبة.

ص: 267

الأزمان و الأحوال (1)، و هو موضع وفاق (2). و هل يشترط (3) في نفوذ حكم قاضي التحكيم تراضي (4) الخصمين به بعده (5)؟ قولان (6)، أجودهما العدم عملا بإطلاق النصوص (7).

**********

شرح:

(1)في حال كون القاضي بالنصب أو بالتحكيم.

(2)فإنّ اشتراط الاجتهاد في القاضي مطلقا مورد إجماع من الفقهاء، و ينفذ حكمه في حقّ المتخاصمين.

(3)هذا مطلب آخر في نفوذ حكم قاضي التحكيم بأنه هل يشترط في نفوذه تراضي الخصمين أم لا؟

(4)هذا نائب فاعل لقوله «يشترط ».

(5)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى حكم قاضي التحكيم.

(6)قول باشتراط التراضي منهما، و قول آخر هو عدم الاشتراط .

القول الأول: نقله في شرح الشرائع عن بعض العامّة بأنه يشترط رضاهما بعد حكم قاضي التحكيم أيضا، لأنّ رضاهما كما هو معتبر في أصل الحكم كذلك معتبر في لزومه.

القول الثاني: عدم اعتبار رضاهما بعد الحكم، و هو المشهور عملا بإطلاق النصوص الدالّة على لزوم الحكم بعده في مطلق القاضي.

أقول: يردّ القول الأول بأنّ الرضا بالحكم أولا رضاء به بعده في الحقيقة، إذ لا نفع لمن حكم على نفعه اذا احتاج نفوذ حكمه على رضا الآخر.

(7)من جملة النصوص الواردة مطلقا الخبر المنقول في الكافي، و قد تقدّم سابقا.

عن أبي خديجة [سالم بن مكرم الجمّال] قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا الى أهل الجور، و لكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من -

ص: 268

يجوز ارتزاق القاضي من بيت المال

(و يجوز ارتزاق (1) القاضي من بيت المال مع الحاجة) إلى الارتزاق لعدم المال (2)، أو الوصلة إليه، سواء تعيّن القضاء (3) عليه أم لا، لأنّ بيت المال معدّ للمصالح و هو من أعظمها (4). و قيل: لا يجوز مع تعيّنه عليه (5) لوجوبه، و يضعف (6) بأنّ المنع حينئذ من الاجرة لا من الرزق.(و لا يجوز)

**********

شرح:

-قضائنا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه. (الكافي: ج 7 ص 412 كتاب القضاء و الأحكام ح 4).

(1)يعني يجوز للقاضي أن يرتزق من بيت المال بشرط احتياجه الى الارتزاق، لكن لو تمكّن من الارتزاق من ماله فلا يجوز ذلك.

(2)قد ذكر وجهين لاحتياج القاضي الى الارتزاق:

الأول: عدم وجود المال لديه كي يرتزق به.

الثاني: عدم الوصلة الى ماله، كما لو كانت له أموال عند أشخاص لكن لم تصل يده إليها.

(3)يعني لا فرق في جواز ارتزاق القاضي من بيت المال في الموضعين المذكورين بين كون القضاء عليه واجبا عينيا بأن ينحصر القضاء له أو واجبا كفائيا كمن لم ينحصر القضاء له.

(4)الضمير في قوله «أعظمها» يرجع الى المصالح، فإنّ ارتزاق القاضي من أعظم مصالح الإسلام.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى القاضي، و في قوله «تعيّنه» يرجع الى القضاء. يعني بناء على هذا القول اذا كان القضاء واجبا عينيا على القاضي فلا يجوز الارتزاق، و إلاّ فيجوز.

(6)أي يضعف هذا القول بأنّ القضاء اذا كان واجبا عينيا فلا يجوز أخذ الاجرة في-

ص: 269

(الجعل) و لا الأجرة (1)(من الخصوم) (2) و لا من غيرهم، لأنه في معنى الرشا (3).

المرتزقة من بيت المال

(و المرتزقة) (4) من بيت المال (المؤذّن، و القاسم، و الكاتب) للإمام، أو

**********

شرح:

-مقابل الواجب، لكنّ الارتزاق يجوز للقاضي.

من حواشي الكتاب: أمّا الارتزاق من بيت المال فلا إشكال في جوازه للقاضي مع حاجته، بل مطلقا اذا رأى الإمام عليه السّلام المصلحة فيه، و يدلّ عليه ما كتبه علي عليه السّلام الى مالك الأشتر رضوان اللّه تعالى عليه من قوله عليه السّلام «و افسح له - أي للقاضي - في البذل ما يزيح علّته و تقلّ معه حاجته الى الناس». و لا فرق بين أن يأخذ الرزق من السلطان العادل و الجائر. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه صاحب الحديقة النجفية).

(1)الفرق بين الجعل و الاجرة هو أنّ الأول أجر لكلّ من يعمل للجاعل سواء كان مخاطبا به أم لا، و الثاني ما يجعلها المستأجر للأجير المعيّن المخاطب و لكلّ منهما باب في أبواب الفقه قد فصّلت احكامهما في كتابهما.

(2)الخصوم - بضمّ الخاء جمع مفرده الخصم بفتح الخاء -: المخاصم، و منه: و عند اللّه تجتمع الخصوم. و قد يجيء للاثنين و الجمع و المؤنّث، فيقال: هما و هم و هي خصمي. (أقرب الموارد).

(3)رشا هو رشى - بكسر الراء و ضمّها، جمع مفرده الرشوة مثلّثة الراء -: ما يعطى لإبطال حقّ أو إحقاق باطل، و ما يعطى للتملّق. (أقرب الموارد).

(4)بصيغة اسم الفاعل من باب افتعال. يعني أنّ المرتزقين من بيت المال أصناف:

الأول: المؤذّن، و هو الذي يداوم على أذان الإعلان.

الثاني: القاسم، و هو الذي يقسم الحقوق عن الإمام عليه السّلام أو نائبه.-

ص: 270

لضبط بيت المال، أو الحجج (1)، و نحوها من المصالح،(و معلّم القرآن و الآداب) كالعربية و علم الأخلاق الفاضلة و نحوها،(و صاحب الديوان (2)) الذي بيده ضبط القضاة و الجند و أرزاقهم (3) و نحوها من المصالح (و والي بيت المال) (4) الذي يحفظه و يضبطه و يعطي منه ما يؤمر به (5) و نحوه. و ليس الارتزاق منحصرا فيمن

**********

شرح:

-الثالث: الكاتب المخصوص للإمام عليه السّلام أو نائبه أو لضبط بيت المال أو لضبط الحجج.

الرابع: معلّم القرآن و الآداب و الأخلاق.

الخامس: صاحب الديوان.

السادس: والي بيت المال.

(1)الحجج - جمع حجّة -: البرهان. و المراد منه هنا هو الذي يكتب أدلّة المتخاصمين حينما يترافعون الى القاضي.

(2)الديوان - بالكسر و يفتح -: مجتمع الصحف و الكتاب يكتب فيه أهل الجيش و أهل العطية. أصله دوّان ابدلت إحدى الواوين ياء. جمعه: دواوين و دياوين.

و يطلق على المكان الذي يجتمع فيه لفصل الدعاوى. (أقرب الموارد).

(3)أي الذي بيده ضبط أرزاق القضاة و الجيش.

(4)هذا هو الصنف السادس من أصناف المرتزقة من بيت المال، و هو الذي يحافظ و يضبط بيت المال و يعطى منه اذا أمر الإمام عليه السّلام أو نائبه.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى «ما» الموصولة. و النائب الفاعل لقوله «يؤمر» هو الضمير الراجع الى الوالي. يعني أنّ والي بيت المال هو الذي يعطى من بيت المال ما يأمره الإمام عليه السّلام أو نائبه.

ص: 271

ذكر (1)، بل مصرفه كلّ مصلحة من مصالح الإسلام ليس لها جهة غيره (2)، أو قصرت جهتها (3) عنها.

يجب على القاضي التسوية بين الخصمين

(و يجب (4) على القاضي)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ مصرف بيت المال ليس منحصرا في الأصناف الستة المذكورة، بل يصرف في كلّ مصلحة من مصالح الإسلام التي لا توجد جهة لصرفها غير بيت المال.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى بيت المال.

(3)الضميران في قوله «جهتها عنها» يرجعان الى المصلحة. يعني اذا وجدت مصلحة صرف غير بيت المال فيها لكن لم يكتف بها - كما اذا لم يكتف الخمس في مصلحة يصرف فيها - فيصرف حينئذ بيت المال في المصلحة المذكورة لتكميل العوز.

واجبات القاضي (4)هنا شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان ما يجب على القاضي من وظائف يجب عليه رعايتها، و هي امور:

الأول: رعاية التساوي بين الخصمين في التكلّم.

الثاني: رعاية التساوي بينهما في السلام.

الثالث: رعاية التساوي في النظر إليهما، و كذلك في سائر الإحسانات و الإكرامات مثل إجازة الدخول و إجازة الكلام و غير ذلك.

الرابع: رعاية التساوي في استماع كلام المتخاصمين، و تساوي الاعتذار عند اقتضاء ما يوجب الاعتذار.

ص: 272

(التسوية (1) بين الخصمين في الكلام) معهما (و السلام) (2) عليهما و ردّه (3) إذا سلّما (و النظر) (4) إليهما (و) غيرها من (أنواع الإكرام) كالإذن (5) في الدخول و القيام و المجلس و طلاقة الوجه (و الإنصات) (6) لكلامهما (و الإنصاف) (7) لكلّ منهما إذا وقع منه ما يقتضيه، هذا هو المشهور

**********

شرح:

(1)هذا أول الامور المذكورة من وظائف القاضي، بأن يراعي التساوي في التكلّم معهما.

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «الكلام». و هذا هو الثاني من الامور المذكورة، بأن يراعي القاضي التساوي في السلام عليهما.

(3)الضمير في قوله «ردّه» يرجع الى السلام، و الضمير الفاعلي في قوله «سلّما» يرجع الى المتخاصمين. يعني يجب على القاضي رعاية التساوي في جواب السلام اذا سلّما عليه.

(4)بالجرّ، عطفا على الكلام. و هذا هو الثالث من الامور التي يلزم على القاضي التساوي بين المتخاصمين.

(5)هذا و ما بعده أمثلة على أنواع الإكرام، بأن يراعي القاضي التساوي بين المتخاصمين في إذن دخولهما، و في القيام عليهما اذا وردا، و في محلّ الجلوس بأن يساويهما فيه، و في بشاشة الوجه لهما.

(6)بالجرّ، عطفا على الكلام، و هذا هو الرابع من الامور المذكورة التي يجب على القاضي رعاية التساوي بين المتخاصمين و هو الإنصات، بأن يسكت القاضي و يسمع كلامهما.

(7)المراد من «الإنصاف» هو الاعتذار، بأن يراعي الاعتذار عند وقوع ما -

ص: 273

بين الأصحاب.

و ذهب سلاّر و العلاّمة في المختلف إلى أنّ التسوية بينهما مستحبّة عملا بأصالة البراءة (1)، و استضعافا لمستند الوجوب (2). هذا (3) إذا كانا مسلمين أو كافرين،(و) لو كان أحدهما مسلما و الآخر كافرا كان (4)(له أن يرفع المسلم (5) على الكافر في المجلس) رفعا صوريا أو معنويا،

**********

شرح:

-يوجب طلب العذر لكلّ منهما.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى القاضي، و في قوله «يقتضيه» يرجع الى الإنصاف.

(1)يعني أنّ سلاّر و العلاّمة قالا بعدم وجوب رعاية التساوي بين الخصمين فيما ذكر، بل قالا بالاستحباب استنادا الى أصالة البراءة، لأنّ الشكّ في وجوب رعاية التساوي من موارد الشكّ في التكليف، فتجري فيه أصالة البراءة.

(2)المراد من «مستند الوجوب» هو الرواية المنقولة في الوسائل:

عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من ابتلى بالقضاء فليواس بينهم في الإشارة و في النظر و في المجلس. (الوسائل: ج 18 ص 157 ب 3 من أبواب آداب القاضي ح 1).

أقول: وجه ضعف المستند هو وجود النوفلي و السكوني في سند الرواية.

(3)المشار إليه في قوله «هذا» هو رعاية التساوي بين المتخاصمين. يعني الكلام في وجوبها أو استحبابها إنما هو اذا كانا مسلمين أو كافرين.

(4)جواب لقوله «لو كان... الخ».

(5)بالنصب، مفعولا لقوله «يرفع». يعني لو كان أحد المتخاصمين مسلما فللقاضي أن يجلس المسلم في مكان رفيع بالنسبة الى الكافر.

ص: 274

كقربه (1) إلى القاضي أو على يمينه (2) كما جلس عليّ عليه السّلام بجنب شريح في خصومة له مع يهودي (3)(و أن يجلس (4) المسلم مع قيام الكافر). و هل تجب التسوية بينهما (5) فيما عدا ذلك ؟ (6) ظاهر العبارة و غيرها ذلك (7)، و يحتمل تعدّيه (8) إلى غيره من وجوه الإكرام (9).

**********

شرح:

(1)هذا مثال للقرب الصوري، و هو إجلاس المسلم في مكان قريب الى القاضي.

(2)هذا مثال للرفع المعنوي، و هو إجلاس المسلم في طرف يمين القاضي.

(3)قضية خصومة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام مع نصراني في درع منقولة عن الشعبي في مستدرك الوسائل: (راجع المستدرك: ج 3 ص 197 ب 11 من أبواب آداب القاضي ح 5).

(4)فاعله مستتر يرجع الى القاضي. يعني للقاضي أن يجلس المسلم مع كون الكافر الخصم قائما عنده.

(5)ضمير التثنية في قوله «بينهما» يرجع الى المسلم و الكافر.

(6)المشار إليه في قوله «عدا ذلك» هو قوله «أن يرفع المسلم على الكافر في المجلس، و أن يجلس المسلم مع قيام الكافر». يعني هل تجب التسوية بين المسلم و الكافر عند تخاصمهما في غير الموردين المذكورين أم لا؟

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو التسوية. يعني أنّ ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه يدلّ على رعاية التسوية في جميع المراحل إلاّ الموردين المذكورين، لأنّ ذكرهما بعدم لزوم رعاية التسوية بينهما يدلّ على لزوم التسوية في غيرهما.

(8)الضمير في قوله «تعدّيه» يرجع الى عدم لزوم الرعاية، و في «غيره» يرجع الى كلّ من الرفع و الإجلاس المذكورين.

(9)مثل النظر الى المسلم و الإذن في دخوله قبل الكافر و القيام له و غير ذلك.

ص: 275

لا تجب التسوية بين الخصمين في الميل القلبي

(و لا تجب التسوية) بين الخصمين مطلقا (1)(في الميل القلبي) إذ لا غضاضة (2) فيه على الناقص (3) و لا إدلال (4) للمتّصف لعدم اطّلاعهما (5) و لا غيرهما (6) عليه. نعم، تستحبّ التسوية فيه (7) ما أمكن.

إذا بدر أحد الخصمين بدعوى سمع منه

(و إذا بدر (8) أحد الخصمين بدعوى سمع منه (9))

**********

شرح:

(1)أي سواء كان الخصمان مسلمين أم كافرين أو أحدهما مسلما و الآخر كافرا.

يعني لا تجب التسوية بينهما من حيث الميل القلبي.

(2)الغضاضة: الذلّة و المنقصة، تقول: عليك في هذا غضاضة فلا تغفل.

(أقرب الموارد).

(3)المراد من «الناقص» هو الذي ينقص ميله بالنسبة إليه.

(4)الإدلال من أدلّ عليه إدلالا: وثق بسجيّته فأفرط عليه، يقال: أدلّ فأملّ .

(أقرب الموارد).

و المراد هنا هو إظهار المحبّة له.

(5)أي لعدم اطّلاع المتخاصمين على ميله القلبي.

(6)بالجرّ، عطفا على الضمير المضاف إليه في قوله «اطّلاعهما». يعني لعدم اطّلاع غير المتخاصمين على ميله القلبي.

(7)يعني أنّ التسوية في الميل القلبي لا تجب على القاضي لكن تستحبّ فيه أيضا بالمقدار الممكن.

(8)يعني لو بادر أحد الخصمين بدعوى شيء على خصمه يسمع القاضي دعواه و يتمّها إثباتا و نفيا ثمّ يسمع و يتوجّه الى دعواه الاخرى كذلك. لكن لو ادّعى دعويين مرتّبا لا يسمع الثانية حتّى يتمّ الحكومة في الاولى.

(9)الضمير في قوله «منه» يرجع الى أحد الخصمين.

ص: 276

وجوبا (1) تلك الدعوى لا جميع ما يريده منها (2)، و لو قال الآخر: كنت أنا المدّعي لم يلتفت إليه (3) حتّى تنتهي تلك الحكومة (4)،(و لو ابتدرا) معا (سمع من الذي على يمين صاحبه) (5) دعوى (6) واحدة، ثمّ سمع دعوى الآخر لرواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام (7)، و قيل: يقرع بينهما (8) لورودها لكلّ مشكل

**********

شرح:

(1)أي سماع القاضي دعوى البادر يكون واجبا.

(2)أي لا يسمع جميع ما يريد البادر من الدعوى. و الضمير المؤنّث في قوله «منها» يرجع الى الدعوى.

(3)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى القول الآخر.

(4)أي تنتهي الحكومة في خصوص دعوى الأول.

(5)و هو الذي يكون على يسار القاضي اذا تواجها له.

(6)مفعول لقوله «سمع». يعني اذا تبادر الخصمان في الدعوى يسمع القاضي دعوى من كان على يمين الآخر - و هو في يسار القاضي فيما لو تواجها له - دعوى واحدة و يتمّ الحكومة فيها ثمّ يسمع دعوى الآخر.

(7)الرواية منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يقدّم صاحب اليمين في المجلس بالكلام. (الوسائل: ج 18 ص 160 ب 5 من أبواب آداب القاضي ح 2).

(8)أي القول الآخر في تبادر الخصمين في الدعوى هو القرعة في التقديم، لأنّ القرعة وردت لكلّ أمر مشكل (راجع الوسائل: ج 18 ص 187 ب 13 من أبواب كيفية الحكم) و الأمر في التقديم هنا مشكل. و القائل هو الشيخ رحمه اللّه.

ص: 277

و هذا (1) منه. و مثله (2) ما لو تزاحم الطلبة عند مدرّس و المستفتون (3) عند المفتي مع وجوب التعليم (4) و الإفتاء، لكن هنا (5) يقدّم الأسبق، فإن جهل أو جاؤوا معا (6) اقرع بينهم، و لو جمعهم (7) على درس واحد مع

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «هذا» هو تقديم أحد الخصمين في سماع دعواه عند التبادر في الدعوى.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى كلّ مشكل.

(2)أي مثل مبادرة الخصمين في الدعوى و البحث في التقديم تزاحم الطلبة عند مدرّسهم، كما اذا اجتمع جمع من الطلاّب عند مدرّس و بادروه في طلب التعليم.

(3)عطف على قوله «الطلبة». يعني و مثل البحث في مبادرة المتخاصمين عند القاضي مبادرة المستفتين عند المفتي.

(4)بترتيب اللفّ و النشر المرتّب. يعني مع وجوب تعليم المدرّس للطلبة و مع وجوب الإفتاء للمفتي.

(5)المشار إليه في قوله «هنا» هو تزاحم الطلبة و المستفتي. يعني يقال بالفرق بين تزاحم المتخاصمين و هاتين المسألتين بأنّ السابق في الحضور عند المدرّس و المفتي يقدّم على المتأخّر في الحضور عندهما اذا تبادرا في السؤال، بخلاف المسألة السابقة، فالسابق في الحضور عند القاضي لا يكون مرجّحا في التقدّم عند تبادر دعواهما.

(6)بأن حضروا عند المدرّس و المفتي و تبادروا في التعليم و الإفتاء، فيحكم بالقرعة هنا، و لا يرجّح من كان على يمين صاحبه كما في المسألة السابقة.

(7)يعني لو جمع المدرّس الطلبة في درس واحد و علّمهم و لم يقدّم السابق في الحضور عند تبادر سؤالهم عن التعليم جاز ذلك في صورة تقارب استعدادهم في فهم التعاليم لهم.

ص: 278

تقارب أفهامهم جاز، و إلاّ (1) فلا.

(و إذا سكتا) (2) فله أن يسكت حتّى يتكلّما، و إن شاء (3)(فليقل:

ليتكلّم (4) المدّعي منكما، أو: تكلّما) أو يأمر من يقول (5) ذلك.(و يكره تخصيص أحدهما بالخطاب) لما فيه من الترجيح الذي أقلّ مراتبه (6) الكراهة.

تحرم الرشوة

(و تحرم الرشوة) - بضمّ الراء و كسرها (7) - و هو أخذه (8) مالا من

**********

شرح:

(1)فإن لم تتقارب أفهامهم فلا يجوز ذلك، بل يقدّم الحاضر أو يقرع في التقديم كما تقدّم.

(2)فاعل قوله «سكتا» هو ضمير التثنية الراجع الى المتخاصمين. يعني اذا لم يتكلّما المتخاصمان فللقاضي السكوت حتّى يتكلّما.

(3)فاعل قوله «شاء» مستتر يرجع الى القاضي.

(4)اللام في قوله «ليتكلّم» للأمر. يعني إن شاء القاضي أن يتكلّم فلا يخاطب أحدا منهما بل يقول: ليتكلّم أحد منكما، أو يقول تكلّما.

(5)أي يأمر القاضي أحدا بأن يقول ذلك للمتخاصمين.

(6)يعني يمكن القول فيه بالحرّية، فلو تنزّل منها يحكم بالكراهة، لأنّ أقلّ مراتب النهي الوارد من ترجيح القاضي أحد الخصمين هو الكراهة.

(7)و فتحها أيضا كما عن كتب اللغة بأن الراء مثلّثة.

الرشوة: الجعل. و الجمع: رشى و رشى. و في الحديث: لعن اللّه الراشي و المرتشي و الرائش. فالراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل، و المرتشي الآخذ، و الرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا و يستنقص لهذا. (لسان العرب).

(8)الضمير في قوله «أخذه» يرجع الى القاضي.

ص: 279

أحدهما أو منهما (1) أو من غيرهما (2) على الحكم، أو الهداية (3) إلى شيء من وجوهه سواء حكم لباذلها بحقّ (4) أم باطل. و على تحريمها (5) إجماع المسلمين، و عن الباقر عليه السّلام: أنه الكفر باللّه و رسوله (6). و كما تحرم على المرتشي تحرم على المعطي

**********

شرح:

(1)ضمير التثنية في قوله «أحدهما أو منهما» يرجعان الى المتخاصمين.

(2)بأن يأخذ مالا من غير المتخاصمين على الحكم بينهما.

(3)بأن يأخذ مالا من أحدهما أو من غيرهما للهداية الى شيء من وجوه الحكم يكون سببا لفوزه.

(4)فإنّ الباذل و لو كان محقّا لكن لا يجوز للقاضي أخذ المال للحكم و لو كان حقّا للمنع من أخذه المال للحكم مطلقا.

(5)الضمير في قوله «تحريمها» يرجع الى الرشوة. يعني أنّ حرمتها إجماعي بين كافة علماء المسلمين.

(6)لم نعثر على هذه الرواية عن الإمام الباقر عليه السّلام بل عثرنا على مضمونها في معاني الأخبار عن الإمام الصادق عليه السّلام:

عن عمّار بن مروان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الغلول فقال:... فأمّا الرشوة يا عمّار في الأحكام فإنّ ذلك الكفر باللّه العظيم و رسوله. (معاني الأخبار:

ص 211 باب معنى الغلول و السحت).

و لا يخفى أنّ هذه الرواية بالمضمون قد وردت في الوسائل عن الإمام الصادق عليه السّلام أيضا من دون لفظ «و رسوله».

عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أمّا الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه.

(الوسائل: ج 18 ص 163 ب 8 من أبواب آداب القاضي ح 8).

ص: 280

لإعانته (1) على الإثم و العدوان، إلاّ أن يتوقّف عليها (2) تحصيل حقّه فتحرم على المرتشي خاصّة (فتجب إعادتها) (3) مع وجودها، و مع تلفها المثل (4) أو القيمة.

تحرم تلقين أحد الخصمين حجّته

(و تلقين (5) أحد الخصمين حجّته) أو ما (6) فيه ضرر على خصمه.

إن وضح الحكم لزمه القضاء إذا التمسه المقتضى له

و إذا ادّعى المدّعي (فإن وضح الحكم (7) لزمه القضاء إذا)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لإعانته» يرجع الى المعطي. يعني أنّ معطي الرشوة أيضا يكون مرتكبا على الحرام مثل الآخذ لأنه يعين بإعطائه على الإثم و العدوان المنهيّين في قوله تعالى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (1) . (المائدة: 2).

(2)هذا استثناء من تحريم إعطاء الرشوة على المعطي، بأنه اذا توقّف أخذ حقّه على إعطاء الرشوة فلا يحرم الإعطاء عليه و لو كان الأخذ من الآخذ حراما.

(3)فاذا حكم بحرمة الرشوة على الآخذ وجب إعادتها لمن أخذها منه كما في سائر الأموال التي أخذها حراما.

و الضميران في قوليه «وجودها» و «تلفها» يرجعان الى الرشوة.

(4)أي مع تلف عين الرشوة تجب إعادة مثلها لو كانت متاعا كالحبوبات، و إن كانت قيمة وجب إعادة قيمتها كالحيوانات.

(5)بالرفع، عطفا على قوله «الرشوة». يعني يحرم على القاضي أيضا تلقين أحد الخصمين حجّته الموجبة لغلبته على خصمه في المحاكمة.

التلقين من لقّنه الكلام: فهّمه إيّاه مشافهة. (المنجد).

(6)أي يحرم على القاضي تلقين أحد الخصمين ما يوجب ضررا لخصمه عند المحاكمة.

(7)يعني اذا كان الحكم واضحا بين المتخاصمين وجب على القاضي الحكم به في صورة التماس من يحكم له.

ص: 281


1- سوره 5 - آیه 2

(التمسه المقضي له) فيقول: (1) حكمت، أو: قضيت، أو: أنفذت، أو: مضيت، أو: ألزمت. و لا يكفي: (2) ثبت عندي، أو: أنّ دعواك ثابتة. و في: أخرج (3) إليه من حقّه، أو أمره (4) بأخذ العين، أو التصرّف فيها، قول (5) جزم به (6) العلاّمة و توقّف المصنّف.

يستحبّ ترغيبهما في الصلح

(و يستحبّ ) له (7) قبل الحكم (ترغيبهما في الصلح) فإن تعذّر حكم بمقتضى الشرع، فإن اشتبه أرجأ (8) حتّى يتبيّن، و عليه الاجتهاد

**********

شرح:

(1)فاعل قوله «يقول» مستتر يرجع الى القاضي. يعني اذا ثبت الحكم عنده فليقل تلك الألفاظ .

(2)أي لا يكفي أن يقول القاضي: ثبت الحقّ عندي، و هكذا لا يكفي إطلاق الجملة الاسمية.

(3)بأن يخاطب القاضي المحكوم و يقول: أخرج الى صاحب الحقّ حقّه.

(4)الضمير في قوله «أمره» يرجع الى «من» الموصولة. و المراد منه هو من له الحقّ بأن يقول القاضي: خذ العين الفلانية أو تصرّف في العين المذكورة.

(5)مبتدأ مؤخّر، و خبره هو قوله «و في أخرج... الخ».

(6)يعني أنّ العلاّمة رحمه اللّه جزم بذلك القول، لكنّ المصنّف رحمه اللّه توقّف في كفاية ذلك القول عن القاضي.

(7)الضمير في قوله «له» يرجع الى القاضي، و في قوله «ترغيبهما» يرجع الى المتخاصمين. يعني يستحبّ للقاضي قبل الحكم أن يرغّب و يشوّق المترافعين للصلح، فلو امتنعا أصدر الحكم بما يقتضيه الشرع عند الوضوح.

(8)جواب إن الشرطية. يعني إن لم يتضح الحكم عند القاضي أخّر الحكم الى أن -

ص: 282

في تحصيله (1).

يكره عند القضاء أمور

(و يكره أن يشفع) إلى المستحقّ (في إسقاط حقّ (2) أو) إلى المدّعي (3) (في إبطال) دعوى (أو يتّخذ حاجبا (4) وقت القضاء) لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عنه (5)(أو يقضي مع اشتغال القلب بنعاس (6) أو همّ أو غمّ أو غضب أو جوع أو شبع) مفرطين (7)، أو مدافعة

**********

شرح:

-يتّضح له.

الارجاء: التأخير. (المنجد).

(1)الضمير في قوله «تحصيله» يرجع الى الحكم. يعني يجب على القاضي بذل وسعه لتحصيل حكم الشرع.

(2)يعني يكره للقاضي أن يكون شفيعا و ملتمسا من صاحب الحقّ في إسقاط حقّه.

(3)و المدّعي هو الذي يدّعي حقّا قبل إثباته، و المستحقّ هو الذي ثبت حقّه.

فيكره للقاضي أن يكون شفيعا للمدّعي بأن يبطل دعواه.

(4)الحاجب: البوّاب. و قيل: خاصّ ببوّاب الملك. (أقرب الموارد).

(5)الدليل على كراهة اتّخاذ القاضي حاجبا وقت القضاء هو النهي الوارد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى اتّخاذ الحاجب.

و الروايات الناهية عن اتّخاذ الحاجب منقولة في كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري رحمه اللّه في مبحث المكاسب المحرّمة، فراجع.

(6)النعاس: فترة في الحواس أو مقاربة النوم. (أقرب الموارد، المنجد).

(7)صفة للجوع و الشبع. يعني يكره للقاضي أن يقضي عند شبع و جوع مفرطين، أي خارجين عن الحدّ المتعارف.

ص: 283

الأخبثين (1) أو وجع (2)، و لو قضى مع وجود أحدها (3) نفذ.

**********

شرح:

(1)المراد من «الأخبثين» هو البول و الغائط . يعني يكره للقاضي أن يقضي في حال يسرع إليه البول أو الغائط فيحبسهما و يشتغل بالقضاء.

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «بنعاس». يعني يكره القضاء عند حصول الألم و الوجع في البدن أو أحد أعضائه.

الوجع على وزن «عدم» من وجع يجع وجعا: مرض و تألّم فهو وجع. (أقرب الموارد).

(3)الضمير المؤنّث في قوله «أحدها» يرجع الى المذكورات بقوله «بنعاس أو همّ أو غمّ ... الخ».

ص: 284

القول في كيفية الحكم

المدّعي هو الذي يترك لو ترك

(المدّعي (1) هو الذي يترك لو ترك) الخصومة، و هو (2) المعبّر عنه بأنه الذي يخلّى و سكوته، و قيل: هو من يخالف قوله الأصل (3)، أو

**********

شرح:

كيفية الحكم (1)اعلم أنّ حكم القاضي لا يمكن إلاّ أن يعرف أولا المدّعي و المنكر من المتخاصمين، لأنّ القاضي لا يحكم إلاّ بالبيّنات و الأيمان، فما لم يعرف المدّعي كيف يطلب البيّنة ؟ و هكذا اليمين.

و قد بيّنوا لمعرفة المدّعي علامات ثلاث:

الأول: المدّعي هو الذي يترك لو ترك الدعوى.

الثاني: المدّعي هو الذي يخالف قوله الأصل.

الثالث: المدّعي هو الذي يخالف قوله الظاهر.

و من العلامات الثلاث المذكورة في معرفة المدّعي يعرف المنكر.

(2)أي ما ذكر في العبارة هو المعبّر بذلك العبارة: بأنّ المدّعي يخلّى و سكوته.

الواو في قوله «يخلّى و سكوته» هو المعروف بواو المفعول معه، أي مع سكوته، و هو الذي ينتصب ما بعده مثل قوله: سرت و النيل، أي سرت مع النيل.

(3)المراد من «الأصل» هو أصالة العدم، لأنّ الأصل عدم اشتغال ذمّة المنكر لما يدّعيه المدّعي.

ص: 285

الظاهر (1).(و المنكر مقابله) في الجميع (2)، و لا يختلف موجبها غالبا (3)، كما إذا (4) طالب زيد عمرا بدين في ذمّته (5) أو عين في يده فأنكر، فزيد (6) لو سكت ترك، و يخالف قوله (7) الأصل، لأصالة براءة ذمّة عمرو من الدين، و عدم تعلّق حقّ زيد بالعين، و يخالف قوله (8) الظاهر من براءة عمرو، و عمرو لا يترك (9)، و يوافق

**********

شرح:

(1)هذه هي العلامة الثالثة ممّا ذكر، فإنّ قول المدّعي يخالف الظاهر، فإنّه يقتضي عدم استحقاق المدّعي لما في تصرّف المنكر.

(2)أي أنّ المنكر هو الذي لا يترك لو ترك، و يكون قوله موافقا للأصل و الظاهر.

(3)ظرف لقوله «و لا يختلف موجبها».

و الضمير المؤنّث يرجع الى التفاسير المذكورة في علامات المدّعي و المنكر. يعني لا تختلف موارد العلامات الثلاث المذكورة في الأغلب لا دائما.

(4)هذا استدلال على عدم اختلاف التفاسير المذكورة في علاماتها.

(5)الضميران في قوليه «ذمّته» و «يده» يرجعان الى عمرو. و فاعل قوله «أنكر» مستتر يرجع إليه أيضا.

(6)فزيد مدّع لوجود العلامة الاولى في حقّه، و هو لو ترك زيد الدعوى ترك و خلّي سبيله.

(7)الضمير في قوله «قوله» يرجع الى زيد، و هذه علامة اخرى على كونه مدّعيا، لأنّ الأصل عدم اشتغال ذمّة المنكر لما يدّعيه المدّعي.

(8)الضمير في قوله «قوله» أيضا يرجع الى زيد، و هذه علامة ثالثة من العلامات المذكورة في معرفة المدّعي و هو زيد، فإنّ الظاهر براءة ذمّة عمرو عمّا يدّعيه زيد.

(9)فيتفرّع للعلامات المذكورة في المدّعى عكسها في حقّ المنكر، بأنّ عمرو المنكر لا يترك لو ترك، و هذه العلامة الاولى في خصوص المنكر.

ص: 286

قوله (1) الأصل و الظاهر (2). فهو (3) مدّعى عليه، و زيد مدّع على الجميع (4).

و قد يختلف (5) كما إذا أسلم زوجان (6) قبل الدخول فقال الزوج:

أسلمنا معا (7) فالنكاح باق، و قالت: مرتّبا (8) فلا نكاح. فهي على

**********

شرح:

(1)أي يوافق قول عمرو المنكر الأصل لأنّ الأصل عدم اشتغاله بما يدّعيه زيد.

(2)فإنّ عمرو يوافق قوله الظاهر، لأنه يقتضي براءة ذمّته عمّا يدّعيه زيد، و هذه العلامة الثالثة في خصوص المنكر كما تقدّم.

(3)الضمير يرجع الى عمرو.

(4)يعني أنّ كون زيد مدّعيا و عمرو منكرا في المثال المذكور ينطبق على جميع العلامات المذكورة في حقّهما.

(5)أي و قد تختلف العلامات المذكورة و لا تنطبق في المدّعي و كذا في المنكر.

(6)مثل أن يتزوج الكافر و الكافرة في حال كفرهما، ثمّ أسلما قبل دخول الزوج على الزوجة فقال الزوج بأنّا أسلمنا في وقت واحد بلا تقدّم أحدنا على الآخر، فحينئذ يكون النكاح الواقع بينهما باقيا. و قالت الزوجة بأنّ أحدنا أسلم قبل الآخر، فيكون النكاح الواقع بينهما حال الكفر باطلا.

إيضاح: إنّ الزوجين الكافرين اذا أسلما بعد الدخول يكون النكاح الواقع بينهما حال الكفر باقيا سواء كان إسلامهما معا أو مرتّبا. و اذا لم يحصل الدخول بعد النكاح في الكفر، فلو أسلما في آن واحد بلا تقدّم إسلام أحدهما على الآخر حكم ببقاء نكاحهما أيضا، لكن لو أسلم أحدهما قبل الآخر حكم ببطلان نكاحهما لعدم جواز نكاح المسلم بالكافرة ابتداء لا بالاستدامة، و كأنّ النكاح قبل الدخول في حكم النكاح الابتدائي.

(7)أي بلا تقدّم إسلام أحدنا على الآخر.

(8)أي مع التقدّم و التأخّر في الإسلام.

ص: 287

الأولين (1) مدّعية، لأنها لو تركت الخصومة لتركت و استمرّ النكاح المعلوم وقوعه (2)، و الزوج لا يترك لو سكت عنها (3) لزعمها انفساخ النكاح، و الأصل عدم التعاقب (4) لاستدعائه (5) تقدّم أحد الحادثين على الآخر و الأصل عدمه (6)، و على الظاهر (7) الزوج مدّع لبعد التساوق (8)، فعلى الأولين (9) يحلف الزوج و يستمرّ النكاح، و على

**********

شرح:

(1)المراد من «الأولين» هو قوله «لو ترك ترك» و قوله «يخالف قوله الأصل».

فإنّ الزوجة في المقام لو تركت دعوى التقدّم و التأخّر تركت، بخلاف الزوج.

و أيضا يكون قولهما على خلاف الأصل لأنّ الأصل عدم التقدّم و التأخّر في إسلامهما.

(2)أي النكاح الواقع في حال كفرهما يستمرّ.

(3)أي لو سكت الزوج عن دعوى الزوجة لا يترك.

و الضمير في قوله «زعمها» يرجع الى الزوجة.

(4)أي الأصل عدم التقدّم و التأخّر في إسلامهما، فيكون قول الزوجة مخالفا للأصل، و هذه هي العلامة الثانية لكونها مدّعية.

(5)الضمير في قوله «استدعائه» يرجع الى التعاقب. يعني أنّ الزوجة تدّعى التقدّم و التأخّر في إسلامهما و الأصل عدمهما.

(6)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى التقدّم.

(7)أي بناء على كون قول المدّعي مخالفا للظاهر فالزوج هنا مدّع لأنّ قوله يخالف الظاهر، فإنّ الظاهر يقتضي عدم وقوع إسلامهما في آن واحد.

(8)أي لبعد وقوع إسلامهما في آن واحد على الظاهر.

(9)يعني بناء على العلامتين الدالّتين على كون الزوجة مدّعية يكون الزوج منكرا، فيحلف هو عند عدم البيّنة للزوجة بتقدّم إسلام أحدهما على الآخر و يستمرّ نكاحهما.

ص: 288

الثالث (1) تحلف المرأة و يبطل (2)، و كذا لو (3) ادّعى الزوج الإنفاق مع اجتماعهما و يساره و أنكرته، فمعه (4) الظاهر، و معها (5) الأصل.

و حيث عرف (6) المدّعي فادّعى دعوى ملزمة (7) معلومة جازمة قبلت اتّفاقا.

و إن تخلّف الأول (8) كدعوى هبة غير مقبوضة أو

**********

شرح:

(1)أي بناء على كون مخالفة الظاهر علامة للمدّعي يكون الزوج مدّعيا، فتحلف الزوجة عند عدم البيّنة للزوج و يحكم ببطلان النكاح الواقع بينهما حال الكفر.

(2)فاعل قوله «يبطل» مستتر يرجع الى النكاح.

(3)أي المورد الثاني في اختلاف العلامات المذكورة في المدّعي و المنكر هو الذي ادّعى الزوج الإنفاق على الزوجة مع اجتماعهما في دار واحدة و مع يسار الزوج من الجهة المالية و أنكرت الزوجة الإنفاق عليها.

(4)الضمير في قوله «معه» يرجع الى الزوج. يعني أنّ قوله يوافق الظاهر، و هو علامة كونه منكرا فيحلف هو.

(5)الضمير في قوله «معها» يرجع الى الزوجة. يعني أنّ قول الزوجة يوافق الأصل، و هو علامة المنكر فتحلف هي.

(6)بصيغة المجهول. يعني اذا عرف المدّعي بإحدى العلامات الثلاث المذكورة أو بجميعها و ادّعى الدعوى الملزمة المعلومة الجازمة قبلت.

(7)فلو لم تكن الدعوى ملزمة أو معلومة أو جازمة فلا تقبل دعوى المدّعي، و ستأتي الأمثلة على ذلك.

(8)المراد من «الأول» هو كون الدعوى ملزمة. يعني لو لم تكن الدعوى كذلك مثل أن يدّعي المدّعي بأنّ المنكر و هبه كتابا و لم يقبضه فدعواه ذلك لا -

ص: 289

وقف (1) كذلك أو رهن عند مشترطه (2) لم تسمع (3).

و إن تخلّف الثاني (4) كدعوى شيء و ثوب و فرس ففي سماعها قولان:

أحدهما - و هو الذي جزم به المصنّف في الدروس - العدم (5)، لعدم

**********

شرح:

-تكون ملزمة، لأنّ الهبة غير المقبوضة لا تكون ملزمة، بل للواهب أن يخالف الصيغة الواقعة منهما قبل القبض في بعض الموارد، مثل الهبة لغير الأرحام.

(1)هذا مثال آخر للدعوى غير الملزمة من المدّعي، و هو أن يدّعي بأنّ المنكر وقف عليه مالا و لم يقبضه، فإنّ صيغة الوقف لا توجب إلزام العمل بها قبل إقباض الموقوف على الموقوف عليه.

(2)الضمير في قوله «مشترطه» يرجع الى القبض، و هذا مثال ثالث للدعوى غير الملزمة، بأن يدّعي المدّعي بأنّ المنكر جعل مالا في رهنه لكن لم يقبضه، فإنّ بعض الفقهاء اشترطوا القبض في الرهن، فعلى ذلك لا يكون دعوى المدّعي ملزمة لعدم الإلزام بصيغة الرهن قبل القبض.

(3)جواب لقوله «إن تخلّف الأول». و فاعل قوله «تسمع» مستتر يرجع الى دعوى المدّعي.

(4)المراد من «الثاني» هو كون الدعوى معلومة. يعني لو كانت الدعوى غير معلومة مثل أن يدّعي شيئا أو ثوبا أو فرسا و لم يعيّنها ففي سماع دعواه قولان:

الأول: عدم سماع الدعوى اذا كانت غير معلومة كالأمثلة المذكورة. و هذا القول جزمه المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

الثاني: سماع الدعوى، و هو الذي قوّاه الشارح رحمه اللّه استنادا لإطلاق الأدلّة.

(5)خبر لقوله «أحدهما». يعني أنّ أحد القولين هو عدم سماع الدعوى اذا كانت غير معلومة.

ص: 290

فائدتها (1). و هو حكم الحاكم بها لو أجاب المدّعى عليه بنعم، بل لا بدّ من ضبط المثلي بصفاته (2)، و القيمي بقيمته (3)، و الأثمان (4) بجنسها و نوعها و قدرها و إن (5) كان البيع و شبهه ينصرف إطلاقه إلى نقد البلد، لأنه (6) إيجاب في الحال و هو غير مختلف، و الدعوى إخبار عن الماضي و هو (7) مختلف.

و الثاني (8) - و هو الأقوى - السماع،

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «فائدتها» و «بها» يرجعان الى الدعوى. يعني أنّ الدليل على عدم سماع الدعوى غير المعلومة هو عدم الفائدة فيها، لأنّ الحاكم لا يحكم بها لو قبلها المنكر و أجاب بنعم.

(2)بأن يذكر المدّعي صفات ما يدّعيه من الأموال المثلي مثل الحبوبات.

(3)بأن يذكر المدّعي قيمة ما يدّعيه من الأموال القيمي.

(4)بأن يذكر المدّعي الجنس و النوع و المقدار لو كان مدّعاه من النقود، مثلا اذا كان الذي ادّعاه هو الدنانير و الدراهم وجب عليه أن يذكر جنسهما و نوعهما و مقدارهما.

(5)الجملة وصليّة، كأنّ ذلك جواب عن سؤال مقدّر هو أنه اذا كان إطلاق الأثمان في البيع ينصرف الى نقد البلد فلم لا ينصرف في دعوى المدّعي الأثمان مطلقا الى نقد البلد؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ البيع و شبهه إيجاب في الحال و هو لا يكون مختلفا بغير نقد البلد، فإنّ البائع حينئذ لا يكون متردّدا في نقد البلد بخلاف ما نحن فيه.

(6)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى البيع و شبهه.

(7)الضمير يرجع الى الماضي، لأنّ الأثمان في استعمالات الماضي تكون مختلفة.

(8)عطف على قوله «أحدهما». يعني القول الثاني هو سماع الدعوى المجهولة، و قد قوّى الشارح رحمه اللّه هذا القول.

ص: 291

لإطلاق (1) الأدلّة الدالّة على وجوب الحكم.

و ما ذكر (2) لا يصلح للتقييد لإمكان الحكم بالمجهول، فيحبس (3) حتّى يبيّنه كالإقرار (4)، و لأنّ المدّعي (5) ربما يعلم حقّه بوجه ما، خاصّة بأن يعلم أنّ له عنده ثوبا أو فرسا، و لا يعلم شخصهما و لا صفتهما، فلو لم تسمع (6) دعواه بطل حقّه، فالمقتضي له (7) موجود و المانع مفقود.

**********

شرح:

(1)هذا دليل القول الثاني، بأنّ الأدلّة الدالّة على سماع دعوى المدّعي مطلقة، و كذلك الحكم كما في قوله تعالى وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ (1) . (المائدة: 49).

و في قوله سبحانه فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ (2) . (المائدة: 42).

(2)أي الأدلّة المذكورة في لزوم كون الدعوى معلومة - بأنّ المنكر لو أجاب بنعم لا تكون فائدة في الدعوى المجهولة - لا تصلح للتقييد بكونها معلومة لإمكان الحكم بالمجهول.

(3)النائب الفاعل مستتر يرجع الى المنكر الذي أجاب بنعم في مقابل الدعوى المجهولة عن المدّعي. بمعنى أنّ القاضي اذا حكم بالدعوى المجهولة كانت فائدة الحكم حبس المنكر حتّى يبيّن ما صدّقه بقوله نعم.

(4)كما أنّ المقرّ بالمجهول يحبس حتّى يبيّن ما أقرّه من حقّ الغير على ذمّته.

(5)هذا دليل آخر على صحّة الدعوى المجهولة، بأنه يمكن أن يعلم المدّعي حقّه بالإجمال في ذمّة المنكر لا بالتفصيل، كما في مثال أن المدّعي يعلم أنّ له ثوبا أو فرسا عند المنكر لكن لا يعلم أوصافهما.

(6)هذا أيضا متفرّع بالاستدلال على وجوب سماع الدعوى المجهولة، بأنه اذا لم تسمع هذه الدعوى بطل حقّ المدّعي.

(7)الضمير في قوله «له» يرجع الى السماع. يعني أنّ المقتضي لسماع الدعوى المجهولة موجود و المانع منه مفقود، فيحكم بوجوب سماعها.

ص: 292


1- سوره 5 - آیه 49
2- سوره 5 - آیه 42

و الفرق بين (1) الإقرار و الدعوى - بأنّ المقرّ لو طولب بالتفصيل ربما رجع، و المدّعي لا يرجع لوجود داعي الحاجة فيه (2) دونه - غير كاف (3) في ذلك لما ذكرناه (4).

و إن تخلّف الثالث (5) و هو الجزم بأن صرّح بالظنّ أو الوهم ففي سماعها (6) أوجه، أوجهها السماع فيما يعسر الاطّلاع عليه (7) كالقتل

**********

شرح:

(1)هذا جواب عن سؤال و هو: أنّ المقرّ يجب في حقّه سماع إقراره و لو بالمجهول لأنه لو طولب بالتفصيل يمكن أن يرجع عن إقراره فلذا يقبل الإقرار بالمجهول، و هو بخلاف المدّعي لأنه لو طولب بتفصيل دعواه فإنّه لا يرجع، فلا تقاس الدعوى بالإقرار للفرق بذلك بينهما.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ هذا لا يكفي في الاستدلال لما ذكرنا من لزوم بطلان حقّ المدّعي لو لم يسمع دعواه.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المدّعي و في قوله «دونه» يرجع الى المقرّ.

(3)خبر لقوله «و الفرق بين... الخ». يعني أنّ الفرق بذلك بين المدّعي و المقرّ لا يكفي في عدم سماع الدعوى المجهولة من المدّعي.

و المشار إليه في قوله «ذلك» هو عدم السماع.

(4)و المراد ممّا ذكره هو إبطال حقّ المدّعي.

(5)المراد من «الثالث» هو كون الدعوى جازمة. يعني لو لم تكن الدعوى جازمة - بأن يقول المدّعي: أظنّ أو أتوهّم بأنّ حقّي في ذمّة فلان - ففي سماعها وجوه.

(6)الضمير في قوله «سماعها» يرجع الى الدعوى. يعني اذا كانت الدعوى غير جازمة ففي سماعها وجوه.

(7)أي أوجه الوجوه هو سماع الدعوى غير الجازمة عن المدّعي اذا كان الاطّلاع -

ص: 293

و السرقة، دون المعاملات (1) و إن لم يتوجّه على المدّعي هنا (2) الحلف بردّ و لا نكول (3) و لا مع شاهد (4)، بل إن حلف المنكر (5) أو أقرّ (6) أو نكل (7)

**********

شرح:

-على ما يدّعيه عسيرا، مثل القتل و السرقة، فإنّ الاطّلاع الجازم عن القتل أو السرقة عسير، فعلى هذا لو ادّعى المدّعي بقوله: أظنّ أنّ زيدا سرق مالي - و هكذا التوهّم - فإنّه تسمع دعواه.

(1)فإنّ المعاملات لا يعسر الاطّلاع عليها، فلا تسمع الدعوى فيها بغير الجزم.

(2)المشار إليه في قوله «هنا» هو المورد الذي تسمع دعوى غير الجازم.

و قوله «و إن لم يتوجّه» وصلية. يعني أنّ في الموارد التي يعسر الاطّلاع عليها تسمع دعوى غير الجازم مثل القتل و السرقة، لكن لو ردّ المنكر الحلف لا يتوجّه الى المدّعي اليمين المردودة، للزوم اليقين و القطع في الحلف، و المدّعي ليس قاطعا فكيف يحلف ؟

(3)أي لا يتوجّه على المدّعي الحلف المنكول أيضا لما تقدّم من لزوم القطع في الحلف، و هو ليس قاطعا في المقام. و الفرق بين ردّ اليمين و نكوله هو أنّ الأول بأن يقول المنكر إنّي أردّ اليمين على المدّعي، و الثاني بأن يمتنع المنكر عن اليمين و أحال القاضي اليمين على المدّعي بنكول المنكر.

(4)كما اذا كان للمدّعي شاهد و احتاج الى ضمّ يمين عليه ليثبت حقّه على المنكر.

(5)كما اذا حلف المنكر حكم له و بطلت دعوى المدّعي.

(6)كما اذا أقرّ المنكر حكم للمدّعي و اخذ حقّه من المنكر.

(7)كما اذا نكل المنكر عن اليمين و قضي لحقّ المدّعي على ذمّة المنكر بالنكول فيتمّ القضاء أيضا.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى النكول.

و لا يخفى الخلاف بين الفقهاء في الحكم على المنكر بنكوله اليمين أو الحاجة الى -

ص: 294

و قضينا به، و إلاّ (1) وقفت الدعوى. إذا تقرّر ذلك (2) فإذا ادّعى دعوى مسموعة طولب المدّعى عليه بالجواب.

(و جواب (3) المدّعى عليه إمّا إقرار) بالحقّ المدّعى به أجمع (4)،(أو إنكار) له (5) أجمع، أو مركّب منهما (6) فيلزمه حكمهما (7)،(أو سكوت) (8)، و جعل السكوت جوابا مجاز شائع (9) في الاستعمال، فكثيرا ما يقال:

**********

شرح:

-حلف المدّعي اليمين المنكول عنها. فقوله «و قضينا به» إشارة الى الخلاف المذكور.

(1)أي إن لم يتمّ القضاء بالوجوه المذكورة تتوقّف الدعوى حتّى يتمّ الحكم بأحد الوجوه.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الوجوه التي ذكرها في خصوص دعوى المدّعي من كونها ملزمة معلومة جازمة. يعني اذا ادّعى المدّعي دعوى كذلك سمع منه و يلتفت القاضي الى المنكر و يطلب منه الجواب في مقابل دعوى المدّعي.

(3)فاذا طلب القاضي من المنكر الجواب في دعوى المدّعي كان الجواب إمّا إقرارا أو إنكارا.

(4)كما اذا ادّعى المدّعي ألفا فيقرّ المنكر بجميعه.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع الى الحقّ المدّعى به، بأن ينكر الحقّ أجمع.

(6)أي مركّب من الإقرار و الإنكار، كما اذا أقرّ بنصف الحقّ المدّعى به و أنكر نصفه.

(7)أي فيلزم الخصم حكم الإقرار بالبعض و الإنكار بالآخر.

(8)عطف على قوله «إقرار». يعني جواب المنكر لا إقرار و لا إنكار بل يكون ساكتا.

(9)يعني أنّ السكوت لا يطلق على الجواب حقيقة، بل مجازا شائعا في الاستعمال.

ص: 295

ترك (1) الجواب جواب المقال.

الإقرار يمضي على المقرّ مع الكمال

(فالإقرار (2) يمضي) على المقرّ (مع الكمال) أي كمال المقرّ على وجه يسمع إقراره بالبلوغ و العقل مطلقا (3)، و رفع الحجر فيما يمتنع نفوذه به، و سيأتي تفصيله (4)، فإن التمس المدّعي حينئذ الحكم حكم عليه فيقول:

ألزمتك ذلك (5)، أو قضيت عليك به.

**********

شرح:

(1)الجملة مبتدأ و خبر. يعني يقال: ترك الجواب - و هو السكوت - جواب المقال.

فأطلق في الجملة المذكورة الجواب على السكوت بالمجاز الشائع.

و الحاصل: إنّ المنكر في مقابل طلب القاضي الجواب في دعوى المدّعي لا يخلو من الحالات الثلاث:

الاولى: كونه مقرّا بالجميع أو بالبعض.

الثانية: كونه منكرا بالجميع أو بالبعض.

الثالثة: كونه ساكتا عن الإقرار و الإنكار.

(2)شرع في بيان حكم الحالات الثلاث من المنكر.

فإذا كان مقرّا بدعوى المدّعي يكون إقراره نافذا و ماضيا بشروط مذكورة:

الأول: البلوغ، فلا يسمع إقرار الصبي.

الثاني: العقل، فلا ينفذ إقرار المجنون مطلقا.

الثالث: رفع الحجر، فلا يسمع إقرار من يكون محجورا في شيء، و سيأتي تفصيله.

(3)هذا الإطلاق في مقابل قوله «فيما يمتنع نفوذه به».

(4)أي سيأتي تفصيل ما يمتنع نفوذ إقرار المقرّ، كما أنّ المفلّس لا ينفذ إقراره بالنسبة الى المال الذي تعلّق به حقّ الغرماء.

(5)المخاطب هو المنكر. يعني يخاطب القاضي المدّعى عليه بقوله ذلك، و هو إشارة الى حقّ المدّعي. و الضمير في «به» يرجع إليه.

ص: 296

(و لو التمس) المدّعي من الحاكم (كتابة إقراره كتب و أشهد (1) مع معرفته (2)، أو شهادة عدلين بمعرفته، أو اقتناعة (3) بحليته) لا بمجرّد إقراره و إن صادقه (4) المدّعي، حذرا من تواطئهما على نسب لغيرهما (5)، ليلزما (6) ذا النسب بما لا يستحقّ عليه (7).

(فإن ادّعى (8) الإعسار) و هو عجزه عن أداء الحقّ لعدم ملكه لما

**********

شرح:

(1)أي يكتب الحاكم إقرار المقرّ و يشهد على إقراره في صورة معرفة الحاكم للمدّعى عليه.

(2)الضميران في قوليه «معرفته» يرجعان الى المدّعى عليه.

(3)أي مع قناعة الحاكم على ما يرى من الحلية في المدّعى عليه من لونه و هيئته و أمثال ذلك.

(4)الضمير في «صادقه» يرجع الى المدّعى عليه.

(5)الضمير في قوله «لغيرهما» يرجع الى المدّعي و المنكر، و الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «نسب».

و حاصل معنى العبارة: إنّ القاضي ما لم يعرف المنكر بنفسه أو بشهادة عدلين أو باقتناعه بحليته و مشخّصاته لا يجوز له كتابة إقراره بحقّ المدّعى به، حذرا من تواطئهما بالنسب لغيرهما، بأن يتواطئا بالنسب لغيرهما، فاذا كتب الحاكم محكومية شخص بإقراره بحقّ المدّعى به حكم بها على الغير، لكن لو عرف الحاكم المقرّ فلا يحذر من ذلك.

(6)فاعله ضمير التثنية الراجع الى المدّعي و المنكر.

(7)أي بحقّ لا يستحقّ على ذمّته.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى ذي النسب. و الفعل بصيغة المجهول.

(8)فاعل قوله «ادّعى» مستتر يرجع الى المدّعى عليه الذي أقرّ بالحقّ المدّعى به.-

ص: 297

زاد (1) عن داره و ثيابه اللائقة بحاله و دابّته و خادمه كذلك (2) و قوت يوم و ليلة له و لعياله الواجبي النفقة (و ثبت صدقه) فيه (ببيّنة مطّلعة (3) على باطن أمره) مراقبة (4) له في خلواته واجدة صبره على ما لا يصبر عليه واجد المال عادة حتّى ظهر لها قرائن الفقر و مخايل (5) الإضافة مع شهادتها (6) على نحو ذلك بما يتضمّن الإثبات (7) لا على النفي الصرف (8)،

**********

شرح:

-يعني لو أقرّ ثمّ ادّعى بكونه معسرا لا يقدر على تأدية الحقّ المدّعى به و ثبت صدقه في الإعسار يترك الى أن يقدر على الأداء.

(1)فإنّ المديون لا يلزم بأداء دينه ببيع داره و ثيابه و دابّته و خادمه و قوت يوم و ليلة له و لعائلته. فاذا ادّعى بعدم ملكه لما زاد عن الأشياء المذكورة و ثبت ما ادّعاه لا يجبر بالأداء.

(2)المشار إليه في قوله «كذلك» هو اللائقة بحاله.

(3)صفة للبيّنة، أي التي تكون مطّلعة على باطن أمر مدّع الإعسار.

(4)قوله «مراقبة» و «واجدة» صفتان للبيّنة. يعني أنّ البيّنة تتحقّق في حقّ مدّع العسر و يجده صابرا على ما لا يصبر عليه واجد المال عادة و تظهر لها قرائن دالّة على فقره.

(5)عطف على قوله «قرائن الفقر». يعني ظهرت للبيّنة المظنّة بإضافة المدّعي للعسر.

المخايل: جمع مفرده المخيلة و هي المظنّة. (المنجد).

(6)الضمير في قوله «شهادتها» يرجع الى البيّنة. يعني مع شهادة البيّنة على صبره بما لا يصبر عليه واجد المال.

(7)بأن يشهد على القرائن المثبتة.

(8)أي لا تكفي الشهادة على النفي بأن يشهد على عدم غناه، بل تلزم الشهادة على المثبت بأن يقول ما يثبت فقره.

ص: 298

(أو بتصديق (1) خصمه) له على الإعسار،(أو كان أصل الدعوى بغير مال) (2) بل جناية أوجبت مالا أو إتلافا (3) فإنّه حينئذ يقبل قوله فيه (4) لأصالة عدم المال، بخلاف (5) ما إذا كان أصل الدعوى مالا، فإنّ أصالة بقائه تمنع من قبول قوله (6) و إنّما يثبت (7) إعساره بأحد الأمرين: البيّنة، أو تصديق الغريم. و ظاهره (8) أنه لا يتوقّف مع البيّنة على اليمين و هو أجود

**********

شرح:

(1)عطف على قوله «ببيّنة». يعني يثبت صدق المدّعى عليه في إعساره بتصديق خصمه. و المراد من «الخصم» هو المدّعي.

(2)يعني يصدّق قوله في الإعسار أيضا في صورة كون أصل الدعوى بغير مال، كما اذا كانت الدعوى إيجاد جنايته خطأ توجب الدية.

(3)كما اذا كانت دعوى المدّعى عليه بإتلاف مال.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الإعسار، و في قوله «قوله» يرجع الى المدّعى عليه. يعني اذا كانت الدعوى جناية أو إتلاف مال يقبل قول مدّع الإعسار لأصالة عدم المال له.

(5)يعني بخلاف كون أصل الدعوى مالا، بأن يدّعي المدّعي بأنه سرق أو أخذ منه مالا و أقرّ به المنكر ثمّ ادّعى الإعسار، فحينئذ لا يقبل قوله لأصالة بقاء المال الذي أقرّ بأخذه منه.

(6)الضمير في قوله «قوله» يرجع الى المدّعى عليه الذي يدّعى الإعسار.

(7)هذه مقدّمة لبيان القولين في توقّف ثبوت ادّعاء الإعسار عند ثبوته بالبيّنة أو تصديق الغريم الى اليمين.

و لا يخفى أنّ ثبوته بهما إنّما هو في صورة كون الدعوى مالا كما تقدّم.

(8)الضمير في قوله «ظاهره» يرجع الى قول المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ ظاهر عبارته يقتضي عدم توقّف الثبوت على اليمين، لأنّ المصنّف رحمه اللّه أطلق في قوله «ثبت صدقه ببيّنة... أو بتصديق خصمه» و يذكر التوقّف باليمين.

ص: 299

القولين. و لو شهدت البيّنة بالإعسار في القسم الثاني (1) فأولى بعدم اليمين، و على تقدير كون الدعوى ليست مالا (2)(و حلف) على الإعسار (ترك) إلى أن يقدر، و لا يكلّف التكسّب في المشهور (3)، و إن وجب عليه السعي على وفاء الدين.

(و إلاّ) يتّفق ذلك (4) بأن لم يقم بيّنة، و لا صادقه الغريم مطلقا (5)، و لا حلف حيث (6) لا يكون أصل الدعوى مالا (حبس) و بحث عن باطن

**********

شرح:

(1)المراد من «القسم الثاني» هو قوله «أو كان أصل الدعوى بغير مال». يعني اذا قلنا بعدم توقّف ثبوت الإعسار في صورة كون الدعوى مالا فيقال به في صورة كون الدعوى بغير مال بطريق أولى.

(2)يعني اذا كانت الدعوى بغير مال مثل الجناية أو إتلاف مال كما تقدّم و أقرّ به المدّعى عليه و ادّعى الإعسار و ثبت إعساره بادّعائه بلا بيّنة و لا تصديق الغريم و حلف على إعساره قضى الحاكم بتركه الى أن يقدر من الأداء.

(3)قال المشهور من العلماء بعدم وجوب كسبه لأداء ما حكم عليه، لكن يجب عليه السعي لأداء دينه و لو بغير تكسّب.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو صدق المدّعي للإعسار.

(5)سواء كان أصل الدعوى مالا أو غيره.

(6)يعني لم يحلف في صورة كون الدعوى غير مال.

و قد تقدّم أنه اذا كانت الدعوى غير مال و ادّعى الإعسار فإنّه لا يحتاج الى إقامة البيّنة و لا بتصديق الغريم، بل يثبت بقوله و حلفه بالإعسار. فإذا لم يحلف بما ادّعاه من الإعسار بعد إقراره بما يدّعي المدّعي من الجناية الموجبة للمال عليه أو إتلاف مال يوجب إعطاء قيمته أو مثله فحينئذ يحكم الحاكم بحبسه ثمّ يتفحّص عن حاله و حتّى يعلم كونه معسرا أم لا.

ص: 300

أمره (1)(حتّى يعلم حاله) فإن علم له (2) مال أمر بالوفاء، فإن امتنع باشره القاضي و لو ببيع ماله إن كان مخالفا للحقّ (3). و إن علم عدم المال أو لم يف الموجود بوفاء الجميع أطلق (4) بعد صرف الموجود.

الإنكار

(و أمّا الإنكار (5) فإن كان الحاكم عالما) بالحقّ (قضى بعلمه (6)) مطلقا (7) على أصحّ القولين (8). و لا فرق بين

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أمره» يرجع الى مدّعي الإعسار، و كذلك الضمير في قوله «حاله».

(2)كما اذا علم الحاكم بأنّ لمدّعي الإعسار مال.

(3)كما اذا كان الحقّ عليه دنانير و علم الحاكم بأنّ له دابّة أو غنم أو غير ذلك فيبيعها الحاكم و يؤدي حقّ المدّعي.

(4)أي أطلق الحاكم المدّعي للإعسار عن الحبس بعد أن يصرف المال الموجود له في أداء حقّ المدّعي.

(5)عطف على قوله «فالإقرار يمضي مع الكمال». و هذه هي الحالة الثانية من الحالات المذكورة في حقّ المدّعى عليه، بأن كان منكرا لمّا ادّعى عليه المدّعي من الحقّ .

(6)الضمير في قوله «بعلمه» يرجع الى الحاكم.

(7)سواء كان علم القاضي من حقوق اللّه تعالى أو حقوق الآدميّين.

(8)إشارة الى الخلاف بين الفقهاء في أنّ الحاكم هل يجوز له الحكم بعلمه مطلقا أم لا؟ ففيه قولان.

من حواشي الكتاب: المشهور أنّ الحاكم يحكم بعلمه مطلقا إماما كان أو غيره من الحكّام في جميع الأحكام من الأموال و الحدود و غير ذلك، سواء كان من-

ص: 301

علمه (1) به في حال ولايته و مكانها (2) و غيرهما، و ليس له حينئذ طلب البيّنة من المدّعي مع فقدها (3) قطعا (4)، و لا مع وجودها على

**********

شرح:

-حقوق اللّه تعالى أو حقوق الآدميّين، لأنه لو لم يقض بعلمه اقتضى الى إيقاف الأحكام أو فسق الحكّام، فيما اذا طلّق الرجل زوجته بحضرته ثلاثا ثمّ جحد الطلاق، فإن حكم بغير علمه و استحلف الزوج و سلّمها إليه فسق، و إن لم يحكم وقف الحكم. و كذا فيما اذا أعتق الرجل عبده بحضرته و أنكر. و للروايات الدالّة على أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و علي عليه السّلام حكما بعلمهما و لأنّ عصمتهم عليهم السّلام مانعة عن تطرّق التهمة.

و نقل الشيخ رحمه اللّه في المبسوط قولا بأنه لا يقضي بعلمه، و نسبه المرتضى رحمه اللّه الى ابن الجنيد، و احتجّ له في المختلف بأنّ حكمه بعلمه تزكية لنفسه و تعريض لها للتهمة و سوء الظنّ .

و أجاب عنه بأنّ التزكية حاصلة بتوليته حكم اللّه و التهمة حاصلة في الحكم بالبيّنة و الإقرار مع عدم الالتفات إليها.

و قال ابن إدريس رحمه اللّه: يحكم بعلمه في حقوق الناس لا في حدود اللّه تعالى لأنها مبنية على التخفيف. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «علمه» يرجع الى الحاكم، و في «به» يرجع الى الحقّ .

(2)الضمير في قوله «مكانها» يرجع الى الولاية. يعني لا فرق بين علمه في حال ولايته و غيره، و كذا بين علمه في الأمكنة التي له فيها ولاية الحكم أو غيرها.

(3)يعني اذا لم تكن للمدّعي بيّنة فيما للحاكم فيه علم لا يطلب منه البيّنة بل يعمل بعلمه.

(4)يعني أنّ عدم طلب الحاكم البيّنة من المدّعي عند علمه قطعيّ اذا لم تكن له بيّنة لما ادّعاه.

ص: 302

الأقوى (1) و إن قصد دفع التهمة، إلاّ مع رضاء المدّعي (2).

و المراد بعلمه (3) هنا العلم الخاصّ و هو الاطّلاع الجازم، لا بمثل وجود خطّه به (4) إذا لم يذكر (5) الواقعة و إن أمن التزوير.

نعم، لو شهد عنده عدلان بحكمه (6) به و لم يتذكّر فالأقوى جواز القضاء، كما لو شهدا بذلك عند غيره (7). و وجه المنع (8) إمكان رجوعه إلى العلم لأنه (9) فعله، بخلاف

**********

شرح:

(1)أي الأقوى عدم طلبه البيّنة مع وجودها و إن كان قصد الحاكم من الطلب هو دفع التهمة عن نفسه.

(2)يعني لا يجوز طلب البيّنة من المدّعي إلاّ مع رضاية المدّعي نفسه، لأنّ طلب البيّنة من المدّعي تحقير له فلا يجوز إلاّ مع رضايته.

(3)أي العلم الذي يعمله القاضي في الحكم ليس مطلق العلم و لو كان حاصلا من خطّ نفس القاضي مع أمنه من التزوير أيضا، بل المراد منه العلم الخاصّ ، و هو الاطّلاع الجازم بأن يتذكّر الواقعة التي يحكم بها، فلا يكفي نظره بخطّه و حصول العلم له من الخطّ .

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى الحقّ .

(5)بأن لا يتذكّر في ذهنه الواقعة التي كتب فيها بخطّه.

(6)كما اذا شهد العدلان بما حكم الحاكم في الواقعة من الحقّ ، لكن لم يحضر في ذهن الحاكم في الحال، فالأقوى حينئذ جواز قضائه بحكمه المشهود بالعدلين.

(7)يعني كما تقبل شهادة العدلين بما حكمه الحاكم عند غيره من الحكّام.

(8)هذا في مقابل القول الأقوى بالجواز، بأنه يمنع من جواز حكمه بشهادة العدلين بما حكم به. و وجه المنع إمكان رجوع القاضي الى علمه.

(9)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى حكم الحاكم. يعني أنّ الحكم الذي يشهد به -

ص: 303

شهادتهما (1) عند الحاكم على حكم غيره (2) فإنّه يكفي الظنّ ، تنزيلا لكلّ باب (3) على الممكن فيه. و لو شهدا عليه (4) بشهادته به لا بحكمه (5) فالظاهر أنه كذلك (6).

(و إلاّ) (7) يعلم الحاكم بالحقّ (طلب البيّنة) من المدّعي إن لم يكن (8)

**********

شرح:

-العدلان إنّما هو فعل نفس القاضي.

(1)يعني أنّ حكم القاضي بما نحن فيه على خلاف ما يحكم به الحاكم الآخر بشهادة العدلين بحكمه فإنّه يحكم بما يكفي فيه الظنّ لا العلم.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الحاكم.

(3)المراد من «تنزيل كلّ باب على الممكن فيه» هو تنزيل باب الذي يكفي فيه الظنّ بحصول الظنّ ، كما هو حكم الحاكم الآخر بما يحكم به الحاكم غيره.

و بحصول العلم في باب الذي يلزم فيه العلم، كحكم الحاكم بما حكمه بعلمه، كما فيما نحن فيه.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الحاكم، و في قوله «به» يرجع الى الحقّ .

هذا مطلب آخر. يعني لو شهد العدلان بأنّ الحاكم كان شاهدا بالحقّ الذي يدّعيه المدّعي عند حاكم آخر ففيه أيضا قولان مثل شهادتهما بحكمه.

(5)الضمير في قوله «حكمه» يرجع الى الحاكم.

(6)أي كالشهادة على حكم الحاكم في أنه مختلف فيه. فقال الشارح بأنّ الأقوى جواز القضاء، و تقدّم وجه المنع أيضا.

(7)عطف على قوله «فإن كان الحاكم عالما». يعني تقدّم حكم ما علمه الحاكم بالحقّ ، و من هنا شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان حكم ما لم يحصل العلم للحاكم فإنّه يطلب من المدّعي البيّنة.

(8)فاعل قوله «يكن» مستتر يرجع الى المدّعي. يعني لو لم يعلم المدّعي بأنه تلزمه البيّنة لما ادّعاه فعلى الحاكم أن يطلب منه البيّنة.

ص: 304

عالما بأنه موضع المطالبة بها، و إلاّ (1) جاز للحاكم السكوت.

إن قال المدعي لا بيّنة لي

(فإن قال: (2) لا بيّنة لي عرّفه أنّ له إحلافه، فإن طلبه (3)) أي طلب إحلافه (حلّفه الحاكم، و لا يتبرّع (4)) الحاكم (بإحلافه) لأنه حقّ للمدّعي، فلا يستوفى بدون مطالبته و إن كان إيقاعه (5) إلى الحاكم، فلو تبرّع المنكر به (6) أو استحلفه (7) الحاكم من دون التماس المدّعي لغى (8).

(و) كذا (لا يستقلّ به الغريم (9) من دون إذن الحاكم) لما قلناه من

**********

شرح:

(1)أي إن كان عالما بأنه تلزمه البيّنة فيجوز للحاكم حينئذ السكوت الى أن يقيم البيّنة.

(2)أي إن قال المدّعي - بعد أن طلب الحاكم منه البيّنة -: لا بيّنة لي عرّفه الحاكم بأنّ لك حقّ إحلاف المنكر.

(3)فاعل قوله «طلبه» مستتر يرجع الى المدّعي. و الضمير المفعولي يرجع الى الإحلاف كما وضّحه الشارح رحمه اللّه.

(4)أي لا يجوز للحاكم إحلاف المنكر من عند نفسه بلا مطالبة المدّعي، لأنّ الإحلاف حقّ له فلا يجوز بدون مطالبته.

(5)يعني و إن كان إيقاع الإحلاف وظيفة الحاكم، و لا فائدة في الحلف بغير حضور الحاكم.

(6)كما اذا أقدم المنكر بالحلف من عنده فيكون حلفه حينئذ لغوا.

(7)أي طلب الحاكم من المنكر الحلف بدون مطالبة المدّعي، ففي هذا الحال أيضا يكون حلفه لغوا.

(8)جواب لقوله «فلو تبرّع... أو استحلفه».

(9)المراد من «الغريم» هو المدّعي. و الضمير في قوله «به» يرجع الى الإحلاف.

يعني لا يجوز استقلال المدّعي في إحلاف المنكر بغير أمر الحاكم.

ص: 305

أنّ (1) إيقاعه موقوف على إذنه (2) و إن كان حقّا لغيره، لأنه (3) وظيفته.

(فإن حلف) المنكر على الوجه المعتبر (4)(سقطت الدعوى عنه) (5) و إن بقي الحقّ في ذمّته (و حرم مقاصّته (6) به) لو ظفر له (7) المدّعي بمال و إن كان مماثلا لحقّه (8)، إلاّ أن يكذّب المنكر نفسه بعد ذلك (9).

(و) كذا (لا تسمع البيّنة) (10) من المدّعي (بعده) أي بعد حلف المنكر

**********

شرح:

(1)بيان ل «ما قلناه». يعني تقدّم قولنا بأنّ إحلاف المنكر حقّ للمدّعي، و إيقاعه وظيفة الحاكم مع مطالبة المدّعي.

(2)الضمير في قوله «إذنه» يرجع الى الحاكم، و كذا في قوله «لغيره».

(3)يعني أنّ الإحلاف من وظائف الحاكم فلا يثمر إحلاف المدّعي.

(4)قد تقدّم الوجه المعتبر في الحلف في ص 209 بقوله رحمه اللّه «و اليمين هي الحلف باللّه... أو باسمه... الخ». و سيأتي تفصيله في المقام أيضا.

(5)أي سقطت عن المنكر الحقّ المدّعى به عند الحاكم، لكن يبقى حقّ الغير في ذمّته في الواقع.

(6)الضمير في قوله «مقاصّته» يرجع الى المدّعي، و في قوله «به» يرجع الى الحقّ .

يعني لا يجوز للمدّعي أن يتقاصّ بحقّه عند ظفره على التقاصّ .

(7)أي لو ظفر المدّعي بمال المنكر بعد إحلافه.

(8)كما اذا كان حقّه على ذمّته عشرة دنانير فظفر المدّعي لعشرة دنانير للمنكر، ففيه أيضا لا يجوز له أخذه من جهة حقّه الذي أنكره و حلفه.

(9)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إحلاف الحاكم المنكر بعد مطالبة المدّعي.

فلو أنكر و حلف ثمّ كذّب نفسه بأنه كان مرتكبا الكذب في إنكار حقّ الغير فحينئذ يجوز للمدّعي التقاصّ من ماله اذا ظفر به.

(10)يعني كما لا يجوز التقاصّ للمدّعي من مال المنكر اذا ظفر به بعد الإحلاف -

ص: 306

على أصحّ الأقوال (1)، لصحيحة (2) ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام: إذا رضي صاحب الحقّ بيمين المنكر بحقّه فاستحلفه فحلف أن لا حقّ له قبله (3) و إن أقام بعد ما استحلفه خمسين قسامة (4)، فإنّ اليمين قد أبطلت

**********

شرح:

-كذلك لا تسمع بيّنته اذا أقامها بعد إحلاف المنكر.

و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الإحلاف.

(1)و الأقوال في المسألة ثلاثة:

الأول: عدم سماع بيّنة المدّعي بعد إحلاف المنكر.

الثاني: سماع بيّنة المدّعي بعد الإحلاف مطلقا.

الثالث: سماع بيّنة المدّعي اذا لم يعلمها عند إحلاف المنكر.

(2)الرواية الصحيحة تدلّ على القول الأول، و هو عدم سماع بيّنة المدّعي بعد إحلاف المنكر، و هي منقولة في الوسائل:

عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا رضي صاحب الحقّ بيمين المنكر لحقّه فاستحلفه فحلف أن لا حقّ له قبله ذهبت اليمين بحق المدّعي فلا دعوى له. قلت له: و إن كانت عليه بيّنة عادلة ؟ قال: نعم، و إن أقام بعد ما استحلفه باللّه خمسين قسامة ما كان له، و كانت اليمين قد أبطلت كلّما ادّعاه قبله ممّا قد استحلفه عليه. (الوسائل: ج 18 ص 178 ب 9 من أبواب كيفية الحكم ح 1).

(3)على صيغة الماضي من القبول، فيكون جزاء للشرط .

و يمكن أن يقرأ «قبله» بمعنى عنده، فيكون متعلّقا بقوله «لا حقّ » و يكون جزاء الشرط هو قوله «فإنّ اليمين... الخ» و يكون قوله: «و إن أقام» متعلّقا به و مقدّما عليه.

(4)القسامة: هي الأيمان تقسم على أولياء الدم.

(حكم القاضي بالقسامة) اسم من أقسم اذا حلف وضع موضع المصدر. (أقرب الموارد).

ص: 307

كلّ ما ادّعاه. و غيرها (1) من الأخبار.

و قيل: تسمع بيّنته مطلقا (2)، و قيل: مع عدم علمه (3) بالبيّنة وقت تحليفه و لو (4) بنسيانها. و الأخبار حجّة عليهما (5).

(و إن لم يحلف) (6) المدّعى عليه (7)(و ردّ اليمين) على المدّعي (حلف)

**********

شرح:

(1)أي و غير الصحيحة المذكورة أيضا يدلّ على عدم سماع بيّنة المدّعي بعد الإحلاف، مثل الرواية المنقولة في الوسائل:

عن ابن أبي يعفور عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال: من حلف لكم على حقّ فصدّقوه، و من سألكم باللّه فاعطوه، ذهبت اليمين بدعوى المدّعي و لا دعوى له.

(المصدر السابق: ح 2).

(2)سواء كانت البيّنة قبل الإحلاف أو بعده. و هذا هو القول الثاني من الأقوال المذكورة.

(3)و هذا هو القول الثالث من الأقوال، بأنّ بيّنة المدّعي بعد إحلاف المنكر تقبل اذا لم يعلم بها حين تحليف المنكر.

(4)الجملة وصلية. و الضمير في قوله «بنسيانها» يرجع الى البيّنة. يعني و لو كان عدم علمه بالبيّنة حين الإحلاف بنسيانها ثمّ ذكرها و أقامها بعد الإحلاف.

(5)ضمير التثنية في قوله «عليهما» يرجع الى القولين المذكورين. يعني أنّ الأخبار الصحيحة تدلّ على خلافهما، كما تقدّمت الرواية الصحيحة الدالّة على عدم تأثير البيّنة بعد الإحلاف.

(6)عطف على قوله «فإن حلف». يعني لو لم يحلف المنكر و ردّ اليمين على المدّعي حلف في صورة كون دعواه قطعية و جازمة كما تقدّم. بخلاف كون دعواه ظنّية أو وهمية، لأنه لا يجوز الحلف إلاّ على ما قطع.

(7)فاعل لقوله «لم يحلف» و هو المنكر.

ص: 308

(المدّعي) إن كانت دعواه قطعية، و إلاّ (1) لم يتوجّه الردّ عليه كما مرّ.

و كذا لو كان المدّعي وليّا (2) أو وصيّا فإنّه لا يمين عليه و إن علم بالحال بل يلزم المنكر بالحلف، فإن أبى حبس إلى أن يحلف، أو يقضى (3) بنكوله.

(فإن امتنع) المدّعي من الحلف حيث يتوجّه عليه (سقطت (4) دعواه) في هذا (5) المجلس قطعا، و في غيره (6) على قول مشهور، إلاّ أن يأتي ببيّنة، و لو استمهل (7) امهل، بخلاف المنكر.

و لو طلب المدّعي إحضار المال قبل حلفه (8) ففي إجابته قولان،

**********

شرح:

(1)فإن لم تكن دعواه قطعية و جازمة لا يتوجّه اليمين عليه كما تقدّم.

(2)مثل كون المدّعي على المنكر هو وليّ الناقص أو وصيّ الصغير، فإنّ اليمين لا يتوجّه إليهما و إن علما بالحال و بكون الحقّ للميّت أو الصغير ثابتا.

(3)أي يقضى بثبوت الحقّ على المنكر بمحض نكوله عن اليمين بلا حاجة الى ردّها الى المدّعي. هذا بناء على القضاء بالنكول.

(4)جواب لقوله «فإن امتنع».

و الضمير في قوله «دعواه» يرجع الى المدّعي.

(5)ظرف لقوله «سقطت». يعني أنما يختصّ سقوط دعواه في مجلس الدعوى بالقطع من الفقهاء.

(6)أي تسقط دعواه في غير مجلس الدعوى أيضا على قول المشهور، فلا يجوز له حينئذ أن يرافع المنكر في هذه الدعوى إلاّ أن يقيم ببيّنة.

(7)فاعله مستتر يرجع الى المدّعي. يعني لو لم يتحمّل اليمين سريعا بل طلب المهلة امهل، بخلاف المنكر فيجب عليه الحلف اذا طولب به.

(8)بأن قال المدّعي: لا أحلف إلاّ أن يحضر المنكر المال المدّعى به، ففي إجابته قولان.

ص: 309

أجودهما العدم (1). و متى حلف المدّعي ثبت حقّه، لكن هل يكون حلفه كإقرار الغريم ؟ (2) أو كالبيّنة ؟ قولان، أجودهما الأول (3). و تظهر الفائدة (4) في مواضع كثيرة متفرّقة في أبواب الفقه (5).

(و إن نكل) المنكر عن اليمين و عن ردّها (6) على المدّعي بأن قال: أنا

**********

شرح:

(1)أي أجود القولين عدم إجابة طلبه.

(2)المراد من «الغريم» هو المنكر. يعني أنّ حلف المدّعي هل يكون مثل إقرار الغريم ؟ أو يكون مثل البيّنة التي أقامها المدّعي لإثبات حقّه ؟ قولان.

(3)أي أجود القولين هو كون حلف المدّعي بمنزلة إقرار المنكر لحقّ المدّعي. و هذا ما اختاره الشارح رحمه اللّه.

(4)يعني تظهر فائدة الاختلاف - في أنّ حلف المدّعي هل هو مثل إقرار الغريم أو مثل بيّنته ؟ - في موارد كثيرة في أبواب الفقه.

(5)و قد ذكر الفاضل التوني الملاّ أحمد رحمه اللّه موضعين من تلك المواضع.

من حواشي الكتاب: من تلك المواضع دعوى العيب على الوكيل في البيع اذا حلف المدّعي على الوجه المعتبر، فإن قلنا إنّه كإقرار الغريم لا يملك الردّ على الموكّل، لأنّ إقراره لا ينفذ في حقّ غيره. و إن قلنا إنّه كالبيّنة يملك ذلك.

و منها: اذا أقام المنكر البيّنة على الإبراء أو على الأداء بعد حلف المدّعي، فإن قلنا بالأول لم تسمع بيّنته لأنه مكذّب بإقراره لها، و إن قلنا بالثاني سمعت.

و الحقّ عندي أنّ تفريع الأحكام على أمثال تلك الاصول الفاسدة التي لم تقتبس من مشكاة النبوّة قول على اللّه تعالى بما لا يعلم و اجتراء عليه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(6)الضمير في قوله «ردّها» يرجع الى اليمين. يعني أنّ النكول هو منع المنكر عن اليمين و عن ردّها على المدّعي.

ص: 310

نأكل (1)، أو قال: لا أحلف (2)، عقيب قول الحاكم له: احلف، أو: لا أردّ (3) (ردّت اليمين أيضا) على المدّعي بعد أن يقول الحاكم للمنكر: إن حلفت (4) و إلاّ جعلتك ناكلا و رددت (5) اليمين، مرّة (6) و يستحبّ ثلاثا (7)، فإن حلف المدّعي ثبت حقّه، و إن نكل فكما مرّ (8).

(و قيل) و القائل به الشيخان (9) و الصدوقان (10) و جماعة:(يقضى) على المنكر (11) بالحقّ

**********

شرح:

(1)هذا و ما بعده أمثلة للنكول، و هي ثلاثة:

الأول: قوله «أنا نأكل».

الثاني: قوله «لا أحلف» عقيب قول الحاكم له: احلف.

الثالث: قوله «لا أردّ» عقيب قول الحاكم له: فردّ اليمين على المدّعي. و هذا معلوم بالقرينة.

(2)هذا هو الثاني من الأمثلة المذكورة.

(3)هذا هو الثالث من الأمثلة، أي: لا أردّ اليمين عليه، بعد قول الحاكم له: إن لم تحلف فردّ عليه اليمين، بقرينة ما سبق.

(4)المخاطب في قوله «حلفت» هو المنكر. و كذلك في قوله «جعلتك».

(5)بصيغة المتكلم وحده، و فاعله مستتر يرجع الى الحاكم.

(6)مفعول مطلق لقوله «يقول».

(7)يعني يستحبّ أن يقول الحاكم الكلام المذكور ثلاث مرّات.

(8)أى كما مرّ آنفا: سقطت دعواه في هذا المجلس قطعا و في غيره على قول مشهور.

(9)و هما الشيخ الطوسي و الشيخ المفيد رحمهما اللّه.

(10)و هما محمّد بن بابويه و والده عليّ بن بابويه رحمهما اللّه.

(11)يعني يحكم على ذمّة المنكر بالحقّ المدّعى به اذا امتنع عن اليمين، و لا يحتاج الى يمين المدّعي.

ص: 311

(بنكوله) (1) لصحيحة (2) محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام أنه حكى عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام أنه ألزم أخرس بدين ادّعي (3) عليه فأنكر و نكل عن اليمين

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بنكوله» يرجع الى المنكر.

(2)الرواية منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأخرس كيف يحلف اذا ادّعي عليه دين و أنكر و لم يكن للمدّعي بيّنة ؟ فقال: إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام اتي بأخرس فادّعي عليه دين و لم يكن للمدّعي بيّنة، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:

الحمد للّه الذي لم خرجني من الدنيا حتّى بيّنت للأمّة جميع ما تحتاج إليه. ثم قال:

ائتوني بمصحف، فاتي به فقال للأخرس: ما هذا؟ فرفع رأسه الى السماء و أشار إنه كتاب اللّه عزّ و جلّ . ثمّ قال: ائتوني بوليّه، فاتي بأخ له فأقعده الى جنبه، ثمّ قال:

يا قنبر، عليّ بدواة و صحيفة، فأتاه بهما، ثمّ قال لأخي الأخرس: قل لأخيك هذا بينك و بينه إنه عليّ ، فتقدّم إليه بذلك، ثمّ كتب أمير المؤمنين عليه السّلام: و اللّه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضارّ النافع المهلك المدرك الذي يعلم السرّ و العلانية، إن فلان بن فلان المدّعي ليس له قبل فلان بن فلان - أعني الأخرس - حقّ و لا طلبة بوجه من الوجوه و لا بسبب من الأسباب ثمّ غسله و أمر الأخرس أن يشربه، فامتنع فألزمه الدين. (الوسائل:

ج 18 ص 222 ب 33 من أبواب كيفية الحكم ح 1).

و الشاهد على القضاء بنكول المنكر عن اليمين قوله «فامتنع فألزمه الدين» يعني أنّ الأخرس المنكر اذا نكل عن اليمين حكم أمير المؤمنين عليه السّلام بالدين على ذمّته و لم يردّ اليمين على المدّعي.

(3)بصيغة المجهول.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الأخرس.

ص: 312

فألزمه (1) بالدين بامتناعه عن اليمين.

(و الأول (2) أقرب) لأنّ النكول أعمّ من ثبوت الحقّ (3) لجواز تركه إجلالا (4)، و لا دلالة للعامّ (5) على الخاصّ (6)، و لما روي (7) عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنه ردّ اليمين على صاحب الحقّ ، و للأخبار (8) الدالّة على ردّ اليمين على المدّعي من غير تفصيل، و لأنّ الحكم (9) مبنيّ على الاحتياط التامّ ، و لا يحصل (10) إلاّ باليمين. و في هذه الأدلّة نظر (11) بيّن.

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «ألزمه» و «امتناعه» يرجعان الى الأخرس.

(2)المراد من «الأول» هو ردّ اليمين على المدّعي اذا نكل المنكر عنها.

(3)فإنّ نكول اليمين أعمّ من ثبوت الحقّ و عدمه.

(4)مفعول له لقوله «لجواز تركه». يعني لاحتمال ترك المنكر اليمين لتجليل اللّه عزّ و جلّ ، فلا يدلّ على ثبوت الحقّ على ذمّته.

(5)المراد من «العامّ » هو نكول اليمين.

(6)المراد من «الخاصّ » هو ثبوت الحقّ على ذمّة الناكل، لأنّ النكول يدلّ على الثبوت و على عدم الثبوت كما تقدّم.

(7)رواه الدار قطني عن ابن عمر. (راجع المغني: ج 10 ص 300).

(8)و من الروايات العامّة الخبر المنقول في الوسائل:

عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تردّ اليمين على المدّعي. (الوسائل: ج 18 ص 176 ب 7 من أبواب كيفية الحكم ح 3).

(9)و هذا دليل آخر بلزوم ردّ اليمين الى المدّعي بأنّ الحكم على ثبوت المحقّ على ذمّة المنكر مبنيّ على الاحتياط التامّ .

(10)أي لا يحصل الاحتياط التامّ إلاّ باليمين عن المدّعي بعد نكول المنكر عنها.

(11)أي أنّ في جميع الأدلّة المذكورة لردّ اليمين بعد نكول المنكر على المدّعى إشكال.-

ص: 313

(و إن قال) (1) المدّعي مع إنكار غريمه (لي بيّنة عرّفه (2)) الحاكم (أنّ له)

**********

شرح:

-و لا يخفى أنّ الأدلّة المذكورة في المطلب أربعة:

الأول: كون النكول أعمّ من ثبوت الحقّ و عدمه.

الثاني: رواية النبوي صلّى اللّه عليه و آله

الثالث: الأخبار الدالّة على ردّ اليمين على المدّعي من غير تفصيل.

الرابع: أنّ الحكم مبنيّ على الاحتياط التامّ .

فهذه الأدلّة اقيمت لردّ اليمين على المدّعي.

أمّا النظر في هذه الأدلّة فقد تطرّق اليها الفاضل التوني الملاّ أحمد رحمه اللّه.

من حواشي الكتاب: أمّا في الأول فلأنّا لم نستدلّ بالنكول على ثبوت الحقّ حتّى يرد عليه ما ذكر، بل بالروايات الدالّة على ثبوت الحقّ به كقضية الأخرس، فإنّ الإجماع منعقد على عدم الفصل بينه و بين غيره...

أمّا في الثاني فلأنّ الرواية عامّية السند و مع ذلك فيحتمل اختصاصها بتلك الواقعة أو كونه بالتماس المنكر. و هو الجواب عن الثالث.

و أمّا عن الرابع فلأنّ الاحتياط ليس دليلا شرعيا، و لو سلّم فهو معارض بمثله لأنّ تكليف المدّعي باليمين مع عدم دليل عليه مخالف للاحتياط أيضا، و لو سلّم فلا احتياط بعد ورود النصّ . قال في الشرائع: و دعوى الشيخ الإجماع على هذا الحكم من غريب الاحتجاج مع مخالفته له في النهاية، و قد سبق عمدة فقهاء الطائفة، فلو عكس الدعوى كان أولى. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)عطف على قوله «فإن امتنع سقطت دعواه». يعني و إن قال المدّعي - بعد إنكار المدّعى عليه و عدم حلفه و عدم ردّه اليمين -: إنّ لي بيّنة.

(2)هذا جواب الشرط . يعني إن قال المدّعي «إنّ لي بيّنة» فعلى الحاكم أن يعرّف و يلقي إليه بأنّ له إحضار البيّنة.

ص: 314

(إحضارها، و ليقل: (1) أحضرها إن شئت) إن لم يعلم ذلك (2)(فإن ذكر (3) غيبتها خيّره (4) بين إحلاف الغريم و الصبر) و كذا يتخيّر بين إحلافه (5) و إقامة البيّنة و إن كانت حاضرة، و ليس له (6) طلب إحلافه ثمّ إقامة البيّنة، فإن طلب (7) إحلافه ففيه ما مرّ (8)، و إن طلب (9) إحضارها (10) أمهله إلى أن يحضر (و ليس)

**********

شرح:

(1)فاعله مستتر يرجع الى الحاكم.

و الضمير في قوله «أحضرها» يرجع الى البيّنة.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إحضار البيّنة.

(3)بمعنى أنّ المدّعي لو قال: إنّ بيّنتي ليست حاضرة لأن أحضرها.

و الضمير في قوله «غيبتها» يرجع الى البيّنة.

(4)جواب إن الشرطية. يعني أنّ الحاكم يخيّر المدّعي - الذي قال «لي بيّنة، لكن ليست حاضرة لأن احضرها» - بين إحلاف الغريم و بين الصبر الى أن تحضر بيّنته.

(5)يعني و كذا يتخيّر المدّعي بين إحلاف المنكر و بين إقامة البيّنة الحاضرة.

(6)أي لا يجوز للمدّعي أن يحلف المنكر ثمّ يقيم البيّنة.

(7)هذا متفرّع على قوله «خيّره بين إحلاف الغريم و الصبر». يعني ففي المقام لو اختار طلب إحلاف الغريم ففيه ما مرّ.

(8)المراد من «ما مرّ» هو سقوط دعواه بعد الحلف في هذا المجلس أو غيره.

(9)فاعل قوله «طلب» مستتر يرجع الى المدّعي.

(10)الضمير في قوله «إحضارها» يرجع الى البيّنة، و في قوله «أمهله» يرجع الى المدّعي. و فاعله مستتر يرجع الى الحاكم. يعني إن اختار المدّعي طلب إحضار البيّنة أمهله الحاكم الى أن يحضرها.

ص: 315

(له (1) إلزامه بكفيل) للغريم (و لا ملازمته) (2) لأنه (3) تعجيل عقوبة لم يثبت موجبها (4). و قيل: (5)

**********

شرح:

(1)أي ليس للحاكم أن يجبر المدّعى عليه بكفيل للغريم.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الحاكم، و في قوله «إلزامه» يرجع الى المنكر.

الكفالة: هي التعهّد بالنفس، أي التزام إحضار المكفول متى طلبه المكفول له، و شرطها رضا الكفيل و المكفول له دون المكفول... و يبرأ الكفيل بتسليمه تامّا.

(راجع أول كتاب الكفالة من اللمعة).

(2)عطف على قوله: «بكفيل». يعني ليس للحاكم أيضا إلزام ملازمة المنكر و اصطحابه مع المدّعي.

و الضمير في قوله «ملازمته» يرجع الى المدّعي.

(3)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الالتزام.

(4)الضمير في قوله «موجبها» يرجع الى العقوبة. يعني إلزام المدّعى عليه بالكفيل و الملازمة بالمدّعي تعجيل عقوبة لم يثبت موجبها.

(5)يعني قال بعض الفقهاء بأنه يجوز للحاكم إلزام المنكر بالكفيل و الملازمة حتّى يأتي المدّعي البيّنة.

من حواشي الكتاب: تكفيل الخصم مدّة الإمهال لإحضار البيّنة مذهب الشيخ رحمه اللّه في النهاية، و هو ظاهر المفيد رحمه اللّه أيضا. قال: و ليس له أن يكفل المدّعى عليه ما لم يجعل لحضور بيّنته أجلا معلوما. و ذهب ابن حمزة رحمه اللّه الى جواز التكفيل ما لم يزد المدّة ثلاثة أيّام.

و دليلهم صحّة الكفالة على كلّ حقّ ماليا كان أو غيره، و هذا الغريم يجب عليه الحضور في مجلس الحكم.

و اجيب بمنع صحّة الكفالة على مثل هذا، و لو سلّم فوجوب الحضور الآن ممنوع.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 316

له (1) ذلك.

(و إن أحضرها (2) و عرف الحاكم العدالة) فيها (حكم) بشهادتها بعد التماس المدّعي سؤالها (3) و الحكم، ثمّ لا يقول (4) لهما: اشهدا، بل: من كان عنده كلام أو شهادة ذكر ما عنده إن شاء، فإن أجابا (5) بما لا يثبت به حقّ طرح قولهما، و إن قطعا (6) بالحقّ و طابق الدعوى و عرف العدالة حكم كما ذكرنا.

(و إن (7) عرف الفسق ترك) و لا يطلب (8) التزكية لأنّ

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «له» يرجع الى الحاكم، و المشار إليه في قوله «ذلك» هو الإلزام.

(2)يعني اذا أحضر المدّعي البيّنة و عرف الحاكم عدالتها حكم اذا قال المدّعي:

اسأل عن البيّنة و احكم.

(3)الضمير في قوله «سؤالها» يرجع الى البيّنة.

قوله «و الحكم» عطف على السؤال منصوب لقوله «بعد التماس المدّعي».

(4)أي لا يقول الحاكم للبيّنة: اشهدا بل يقول: من كان له كلام أو شهادة فليذكر إن شاء.

(5)كما اذا أجاب العدلان بكلام لا يثبت به حقّ المدّعي على المنكر طرح القاضي قولهما.

(6)فاعله ضمير التثنية الراجع الى العدلين. يعني إن قطع العدلان بالحقّ و طابقت دعوى المدّعي حكم الحاكم اذا عرف عدالتهما.

(7)عطف على قوله «و عرف الحاكم العدالة». يعني لو عرف الحاكم فسق البيّنة التي أحضرها المدّعي ترك الحكم بها.

(8)فاعله مستتر يرجع الى الحاكم. يعني ليس للحاكم أن يطلب من المدّعي تزكية البيّنة بعد معرفته فسقهما.

ص: 317

الجارح (1) مقدّم،(و إن جهل) (2) حالها (استزكى) أي طلب من المدّعي تزكيتها (3)، فإن زكّاها (4) بشاهدين على كلّ من الشاهدين يعرفان (5) العدالة و مزيلها (6) أثبتها (7)،(ثمّ سأل (8) الخصم عن الجرح) فإن اعترف

**********

شرح:

(1)المراد من «الجارح» هو علم الحاكم فسقهما. يعني اذا تعارضت التزكية مع علم الحاكم الجارحة تقدّم الجارحة، أي يقدّم الجارح على المزكّى لعلم الحاكم بجرح البيّنة.

(2)فاعله مستتر يرجع الى الحاكم. و الضمير في قوله «حالها» يرجع الى البيّنة.

يعني لو لم يعلم الحاكم عدالتها و لا فسقها طلب من المدّعي تزكيتها.

(3)المراد من «التزكية» هو إتيان المدّعي البيّنة بكون البيّنة الحاضرة متّصفة بالعدالة كما سيذكر.

(4)فاعله مستتر يرجع الى المدّعي. و الضمير المتصل مفعوله. يعني لو أتى المدّعي بشاهدين عدلين يشهدان بعدالة كلّ من الشاهدين الحاضرين حكم بهما بالتفصيل الذي سيذكره.

(5)يعني يشترط كون الشاهدين على التزكية عارفين لمعنى العدالة بكونها ملكة نفسانية تمنع صاحبها عن ارتكاب المعاصي كبيرة و الإصرار عليها صغيرة.

(6)أي عارفان بما يزيل العدالة من ارتكاب الكبيرة مطلقا و الإصرار على الصغيرة و ارتكاب خلاف المروّة.

(7)الضمير في قوله «أثبتها» يرجع الى العدالة، و فاعله مستتر يرجع الى الحاكم.

يعني أثبت الحاكم العدالة في الشاهدين الحاضرين بشهادة الشهود الأربعة.

(8)فاعله مستتر يرجع الى الحاكم. و المراد من «الخصم» هو المنكر. يعني أنّ الحاكم يسأل المنكر عن جرح الشاهدين اللذين أقامهما المدّعي و زكّاهما.

ص: 318

بعدمه (1) حكم كما مرّ، و إن (استنظر (2) أمهله ثلاثة أيّام)، فإن أحضر الجارح نظر في أمره (3) على حسب ما يراه من تفصيل (4) و إجمال (5) و غيرهما (6)، فإن قبله (7) قدّمه (8) على التزكية لعدم المنافاة (9)(فإن لم يأت (10) بالجارح) مطلقا أو بعد المدّة (حكم عليه بعد الالتماس) أي

**********

شرح:

(1)يعني إن اعترف المنكر بعدم الجرح في الشاهدين الحاضرين حكم اذا طلب المدّعي الحكم.

(2)أي اذا طلب المنكر المهلة في إثباته الجرح على الشاهدين أمهله الحاكم ثلاثة أيّام.

(3)يعني أنّ على الحاكم أن يدقّق تدقيقا كاملا في جوانب الجرح بمقتضى ما يراه من خصوصيات ألفاظ الجارح و تبعيته عن القرائن الحالية و غيرها أو العمل بالإجمال و الاختصار.

(4)المراد من «التفصيل» هو رعاية الحاكم تمام خصوصيات الجارح.

(5)المراد من «الإجمال» هو ترك الدقّة في التفصيل و أخذه بظاهر الحال اعتمادا و وثوقا بصحّته.

(6)الضمير في قوله «و غيرهما» يرجع الى التفصيل و الإجمال. و المراد منه التماس الحاكم من الجارح دليلا خاصّا بالجرح.

(7)الضمير الفاعلي في قوله «قبله» يرجع الى الحاكم، و الضمير المفعولي فيه يرجع الى الجارح. يعني أنّ الجارح إن كان مورد قبول عند الحاكم قدّمه على التزكية.

(8)أي قدّم الحاكم الجارح على التزكية.

(9)يعني أنّ الجارح لا ينافي التزكية، لأنه يطّلع على ما يوجب الجرح مع عدم اطّلاع المزكّى به.

(10)أي إن لم يأت المنكر الجارح لا في المدّة المنظورة و لا بعدها حكم القاضي عليه بشرط التماس المدّعي الحكم.

ص: 319

التماس المدّعي الحكم.

(و إن ارتاب الحاكم بالشهود) مطلقا (1)(فرّقهم) استحبابا (و سألهم عن مشخّصات القضية) زمانا (2) و مكانا و غيرهما (3) من المميّزات،(فإن اختلفت أقوالهم (4) سقطت) شهادتهم. و يستحبّ له عند الريبة (5) و عظهم و أمرهم بالتثبّت و الأخذ بالجزم.

(و يكره له (6) أن يعنّت (7) الشهود) أي يدخل عليهم العنت و هو المشقّة (إذا كانوا من أهل البصيرة بالتفريق (8)) و غيره من التحزيز (9).

**********

شرح:

(1)سواء كان ارتياب الحاكم في أصل الشهود أم في شهود الشاهدين.

(2)بأن يسأل الحاكم الشهود عن زمان الواقعة المشهود بها.

(3)أي يسألهم عن غير زمان الواقعة و مكانها من المشخّصات الاخرى.

(4)الضمير في قوله «أقوالهم» يرجع الى الشهود، و كذلك في قوله «شهادتهم».

(5)يعني يستحبّ للحاكم عند عروض الشبهة في حقّ الشهود أن يوعظهم و يأمرهم بالتفتيش و العمل بالجزم و القطع.

(6)يعني يكره للحاكم أن يجعل الشهود في تعب و مشقّة اذا كانوا من أهل البصيرة.

(7)من باب التفعيل، أصله: عنت الشيء عنتا: دخل عليه المشقّة، و وقع في أمر شاقّ . (أقرب الموارد).

(8)متعلّق بقوله «يعنّت».

و الضمير في قوله «و غيره» يرجع الى التفريق. يعني أنّ العنت الذي يكره هو إمّا بالتفريق أو بغيره من التحزيز.

(9)قوله «التحزيز» إمّا بالراءين المعجمتين بمعنى الشدّة (كما في حاشية المولى الهروي رحمه اللّه) و إمّا بالراءين أي تكليف تحرير الشهادة على وجه ينقل عليهم من-

ص: 320

(و يحرم) عليه (أن يتعتع (1) الشاهد) أصل التعتعة في الكلام التردّد فيه (و هو) هنا (أن يداخله (2) في الشهادة) فيدخل معه كلمات (3) توقعه في التردّد أو الغلط بأن يقول الشاهد: إنّه اشترى كذا (4)، فيقول الحاكم: بمائة، أو في المكان (5) الفلاني، أو يريد أن يتلفّظ بشيء ينفعه (6) فيداخله بغيره ليمنعه من إتمامه، و نحو ذلك،(أو يتعقّبه) (7) بكلام ليجعله تمام ما يشهد به،

**********

شرح:

-المبالغة في مشخّصات القضية التي شهدوا بها، و إنّما ينبغي فعله بأهل الريبة و ضعفاء البصائر. (كما في حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)قوله «يتعتع» رباعي على وزن يدحرج.

تعتع في الكلام: تردّد فيه. (أقرب الموارد).

(2)الضمير في قوله «يداخله» يرجع الى التعتعة المفهوم من قوله «أن يتعتع».

(3)الضمير في قوله «معه» يرجع الى الشاهد. يعني أنّ التعتعة المحرّمة هي أن يدخل الحاكم مع الشاهد بكلمات توقع الشاهد في التردّد أو الغلط .

(4)مفعول لقوله «اشترى». يعني اذا قال الشاهد: إنّ فلان اشترى شيئا، فقال الحاكم بمائة مثلا.

(5)يعني قال الحاكم - بعد قول الشاهد: إنّه اشترى شيئا -: في المكان الفلاني.

(6)الضمير في قوله «ينفعه» يرجع الى المدّعي. يعني أنّ الشاهد يريد أن يتلفّظ بشيء ينفع المدّعي فيداخل في كلامه شيئا ليمنع من إتمام كلامه النافع للمدّعي.

و الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الشيء، و في قوله «ليمنعه» يرجع الى الشاهد.

(7)عطف على قوله «أن يداخله». يعني أنّ المراد من التعتعة المحرّمة إمّا أن يداخله-

ص: 321

بحيث لولاه (1) لتردّد، أو أتى بغيره (2)، بل يكفّ (3) عنه حتّى ينتهي ما عنده و إن لم يفد (4)، أو تردّد (5)، ثمّ يرتّب (6) عليه ما يلزمه.

(أو يرغّبه (7) في الإقامة) إذا وجده (8) متردّدا (أو يزهّده (9) لو توقّف،)

**********

شرح:

-في الشهادة أو أن يتعقّبه بكلام لو لم يكن هو لتردّد الشاهد في شهادته.

و الضمير في قوله «يتعقّبه» يرجع الى الشاهد، و الضمير الفاعلي يرجع الى الحاكم.

(1)أي لو لا كلام المتعقّب من الحاكم لكان الشاهد متردّدا في شهادته.

(2)الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الكلام الذي تعقّبه الحاكم. يعني لو لم يكن الحاكم ألقى كلاما بعد كلام الشاهد لكان أتى بغير كلام الحاكم.

(3)يعني بل يجب على الحاكم أن يكفّ عن تعقّب الكلام حتّى يتمّ كلام الشاهد.

و الضمير في قوله «عنده» يرجع الى الشاهد.

(4)أي و إن لم يفد كلام الشاهد.

(5)أي و إن كان الشاهد متردّدا في كلامه.

(6)عطف على قوله «يكفّ ». يعني يجب على الحاكم الكفّ عن تعقّب الكلام حتّى يتمّ كلام الشاهد ثمّ يرتّب على كلام الشاهد ما يقتضي الحكم.

(7)عطف على قوله «يعنّت الشهود». يعني يكره للحاكم أن يرغّب الشاهد اذا رآه متردّدا في إقامة الشهادة.

(8)الضمير في قوله «وجده» يرجع الى الشاهد.

(9)عطف على قوله «يرغّبه». يعني يكره للحاكم أن يشوّقه على ترك الشهادة لو توقّف فيها.

زهّده فيه و عنه: ضدّ رغّبه. (أقرب الموارد).

ص: 322

لا يقف عزم الغريم عن الإقرار إلاّ في حقّه تعالى

(و لا يقف (1) عزم الغريم عن الإقرار إلاّ في حقّه تعالى) فيستحبّ أن يعرّض المقرّ (2) بحدّ اللّه تعالى بالكفّ عنه و التأويل (3).

(لقضية ماعز بن مالك عند النبي صلّى اللّه عليه و آله) حين أقرّ عنده (4) بالزنا في أربعة مواضع، و النبي صلّى اللّه عليه و آله يردّده و يوقف عزمه تعريضا لرجوعه (5)، و يقول له:

لعلّك قبّلت (6) أو غمزت (7) أو نظرت، قال: لا، قال: أ فنكتها؟ (8) لا

**********

شرح:

(1)فاعله مستتر يرجع الى الحاكم. و هو يستعمل لازما و متعدّيا. فالأول مثل:

وقفت الدابّة، أي دائمة قائمة، و الثاني مثل: وقف الرجل الدابّة، أي جعلها تقف.

(أقرب الموارد).

و استعمل هنا متعدّيا بمعنى المنع.

و الحاصل: إنّ الحاكم لا يمنع الغريم عن الإقرار بالدعوى إلاّ في حقوق اللّه تعالى.

(2)بأن يقول الحاكم للمقرّ بما يوجب الحدّ في حقّه: كفّ عن الإقرار فإنّ إقرارك يوجب الحدّ.

(3)أو بأن يؤوّل كلام المقرّ كما أوّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلام ما عز المقرّ بالزنا: لعلّك قبّلت... أو غير ذلك.

(4)الضمير في قوله «عنده» يرجع الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. يعني أنّ ماعز بن مالك أقرّ عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالزنا في أربعة مواضع، و كان صلّى اللّه عليه و آله يردّده و يمنع عزمه.

(5)أي يعرّضه بالرجوع عن إقراره.

(6)أي: لعلّك وقع منك هذه المقدّمات فتجوّزت بإطلاق لفظ الزنا عليها.

(7)قوله «غمزت» من غمزه بالعين و الجفن و الحاجب: أشار بها إليه. (أقرب الموارد).

(8)بصيغة المخاطب، و الهمزة استفهامية.

نكت الأرض بقضيب أو بإصبع نكتا: ضربها به فأثّر فيها، يفعلون ذلك حال -

ص: 323

تكنّي (1)؟ قال: نعم، قال: (2) حتّى غاب ذلك منك (3) في ذلك منها؟ قال:

نعم، قال: كما يغيب المرود (4) في المكحلة (5) و الرشاء (6) في البئر؟ قال:

نعم، قال: هل تدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، فعند

**********

شرح:

-التفكّر. (أقرب الموارد).

و المراد هنا هو الدخول كناية.

و الضمير في قوله «نكتها» يرجع الى المرأة المزنيّ بها المفهوم بالقرينة.

(1)قوله «لا تكنّى» أيضا بصيغة المخاطب من باب التفعيل. و في المصدر المنقول منه: لا يكني - بفتح أوله و سكون الكاف - من الكناية. أي أنه صلّى اللّه عليه و آله ذكر هذا اللفظ صريحا و لم يكنّ عنه بلفظ آخر كالجماع.

كنى به عن كذا: يكني كناية: تكلّم بشيء و هو يريد غيره. (أقرب الموارد).

(2)فاعله مستتر يرجع الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

(3)و المشار إليه في قوله «ذلك منك» هو الآلة التناسلية للرجل، و كذلك في «ذلك منها» هو الآلة التناسلية للمرأة.

و الضمير في قوله «منها» يرجع الى المرأة الأجنبية المزنيّ بها.

(4)المرود - بكسر الميم و فتح الواو -: الميل يكتحل به. قيل: له ذلك لأنه يدور في المكحلة مرّة و في العين اخرى. (أقرب الموارد).

(5)المكحلة - بضمّ الميم و الحاء و سكون الكاف و فتح اللام -: ما فيه الكحل.

و هو أحد ما جاء بالضمّ من أسماء الآلة و يبنون معه فعلا يقولون: تمكحل الرجل:

أي أخذ مكحلة. (أقرب الموارد).

(6)الرشاء - بكسر الراء -: و هو الحبل. أي كما يغيب الحبل في البئر، و هو كناية عن إدخال الذكر في فرج المرأة.

ص: 324

ذلك (1) أمر برجمه.

و كما يستحبّ تعريضه للإنكار يكره لمن علمه (2) منه غير الحاكم حثّه على الإقرار، لأنّ هزّالا (3) قال لماعز: بادر (4) إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل أن ينزل فيك قرآن (5)، فقال له (6) النبي صلّى اللّه عليه و آله لمّا علم به (7): ألا (8) سترته

**********

شرح:

(1)أي بعد إقرار ماعز بن مالك بالزنا صراحة أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برجمه.

الرجم - من رجمه رجما -: رماه بالحجارة و قتله. (أقرب الموارد).

و هو من أقسام الحدود في حقّ الزاني المحصن، بأن يدفن الرجل الى حقويه و المرأة الى صدرها و يضربا بالحجارة الصغار حتّى يقتلا، كما سيأتي تفصيله إن شاء اللّه في كتاب الحدود.

و لا يخفى أنّ قضية ماعز بن مالك الأسلمي منقولة في نيل الأوطار. (ج 7 ص 265 باب استفسار المقرّ بالزنا و اعتبار تصريحه بما لا تردّد فيه).

(2)الضمير في قوله «علمه» يرجع الى الزنا، و في قوله «منه» يرجع الى الزاني.

يعني يكره لمن علم الخطأ من العاصي أن يشوّقه على الإقرار عند الحاكم.

(3)هو هزّال بن يزيد بن ذئاب بن كليب الأسلمي.

(4)بصيغة الأمر من بادر يبادر.

(5)أي قبل أن تنزل فيك آية من القرآن.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع الى هزّال.

(7)أي لمّا علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بحثّ هزّال لماعز أخبره بأن لو سترت عليه بثوبك كان خيرا.

(8)بكسر الأول و تشديد اللام.

من حواشي الكتاب: «إن» شرطية و «لا» زائدة. و قوله «كان» جواب إن الشرطية.

ص: 325

بثوبك كان خيرا لك.

و اعلم أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر أولا (1) أنّ جواب المدّعى عليه إمّا إقرار أو إنكار أو سكوت، و لم يذكر القسم الثالث (2)، و لعلّه (3) أدرجه في قسم الإنكار على تقدير النكول (4)، لأنّ مرجع حكم السكوت على المختار (5) إلى تحليف المدّعي بعد إعلام الساكت بالحال.

و في بعض نسخ الكتاب نقل أنّ المصنّف ألحق بخطّه قوله: (6)

أمّا السكوت عن الإقرار

(و أمّا (7) السكوت فإنّ كان لآفة) من

**********

شرح:

-و يمكن كونه بالفتح و التشديد أو التخفيف للتوبيخ، و يكون لفظ «كان» جواب شرط محذوف. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه».

و اعلم أنّ ما قاله هزّال منقول في الإصابة في تمييز الصحابة. (ج 3 ص 607).

(1)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في أول البحث في خصوص المنكر في ص 295:

«جواب المدّعى عليه إمّا إقرار أو إنكار أو سكوت».

فقد فصّل الإقرار و الإنكار لكن لم يذكر التفصيل في خصوص القسم الثالث.

(2)المراد من «القسم الثالث» هو السكوت.

(3)الضمير في قوله «لعلّه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و في قوله «أدرجه» يرجع الى القسم الثالث و هو السكوت.

(4)يعني أدرج المصنّف رحمه اللّه السكوت في الإنكار الذي يفرض عند نكول المنكر عن اليمين.

(5)قد اختار الشارح رحمه اللّه بأنّ المنكر اذا سكت عن الجواب تردّ اليمين الى المدّعي بعد إعلام المنكر الساكت بالحال.

(6)أي ألحق المصنّف رحمه اللّه في بعض نسخ الكتاب كلامه هذا بما تقدّم.

(7)عطف على قوله «و أمّا الإنكار».

ص: 326

طرش (1) أو خرس (2)(توصّل) الحاكم (إلى) معرفة (الجواب) بالإشارة المفيدة لليقين، و لو بمترجمين (3) عدلين.

(و إن كان) السكوت (عنادا حبس (4) حتّى يجيب) على قول الشيخ في النهاية، لأنّ (5) الجواب حقّ واجب عليه، فإذا امتنع منه حبس حتّى يؤدّيه (6)(أو يحكم عليه بالنكول (7) بعد عرض الجواب عليه) بأن يقول له: إن أجبت، و إلاّ جعلتك ناكلا، فإن أصرّ (8) حكم بنكوله على قول من يقضي بمجرّد النكول، و لو اشترطنا معه (9) إحلاف المدّعي أحلف بعده.

**********

شرح:

(1)بيان «لآفة». و المراد من «الطرش» هو عدم السماع، بأن كانت علّة السكوت هي عدم سماع المنكر.

طرش طرشا: تعطلت آلة سمعه فهو أطرش و هي طرشاء، جمعه: طرش. (أقرب الموارد).

(2)خرس الرجل خرسا: انعقد لسانه عن الكلام فهو أخرس، جمعه: خرس و خرسان، و هي خرساء. (أقرب الموارد).

(3)أي و لو كان إفادة الإشارة لليقين بسبب مترجمين عادلين.

(4)فاعله مستتر يرجع الى المنكر الساكت عن الجواب.

(5)هذا دليل حبس المنكر الساكت عن الجواب بأنه اذا لم يجب السؤال فيكون مضيّعا لحقّ الغير فيجوز حبسه.

(6)الضمير في قوله «يؤدّيه» يرجع الى الجواب.

(7)أي يحكم على الساكت بعد أن يعرض عليه الجواب بنكوله عن الجواب.

(8)فاعله مستتر يرجع الى المنكر الساكت.

(9)الضمير في قوله «معه» يرجع الى النكول. يعني بناء على القول باشتراط حلف -

ص: 327

و يظهر من المصنّف التخيير بين الأمرين (1)، و الأولى جعلهما (2) إشارة إلى القولين (3)، و في الدروس اقتصر (4) على حكايتهما قولين و لم يرجّح شيئا.

و الأول (5) أقوى.

**********

شرح:

-المدّعي مع نكول المنكر يحلف المدّعي بعد نكول المنكر. و هذا في مقابل القول بالحكم بمحض نكول المنكر.

(1)المراد من «الأمرين» هو الحبس حتّى يجيب، أو الحكم على المنكر بمجرّد النكول. يعني ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «حبس حتّى يجيب أو يحكم عليه بالنكول» التخيير بين الحبس و الحكم بالنكول.

(2)أي الأولى أن يجعل كلام المصنّف رحمه اللّه إشارة بوجود القولين في المسألة لا التخيير منه.

(3)المراد من «القولين» هو حبس المنكر حتّى يجيب أو الحكم عليه بالنكول.

(4)أي أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس اكتفى بحكايتهما على قولين و لم يرجّح أحدهما.

(5)المراد من «الأول» هو حبس المنكر اذا سكت عن الجواب.

ص: 328

القول في اليمين

لا تنعقد اليمين الموجبة للحقّ إلاّ باللّه تعالى

(لا تنعقد اليمين الموجبة (1) للحقّ ) من المدّعي (2)(أو المسقطة (3) للدعوى) من المنكر (إلاّ باللّه تعالى) (4) و أسمائه الخاصّة (مسلما كان الحالف أو كافرا) (5) و لا يجوز بغير ذلك كالكتب المنزلة (6) و الأنبياء

**********

شرح:

اليمين (1)صفة لليمين، أي اليمين التي تثبت الحقّ إمّا من المدّعى اذا ردّها إليه المنكر أو من المنكر، و هي المعبّر عنها بالمسقطة للدعوى.

(2)في صورة ردّ اليمين من المنكر أو في صوره الشاهد الواحد للمدّعى.

(3)صفه اخرى لليمين، و التعبير بإسقاطها الدعوى لأنها اذا تحمّلها المنكر فلا تتوجه دعوى المدّعي.

(4)أي بذاته تعالى، كما تقدّم في باب اليمين بأنها على قسمين:

الأول: الحلف بذاته تعالى.

الثاني: الحلف بأسمائه الخاصّة.

(5)المراد من «الكافر» هو المعتقد بذاته تعالى من فرق الكفّار، لا الذي لا يعتقد به تعالى مثل الملحدين و الدهريين.

(6)مثل القرآن و التوراة و الإنجيل، فلا ينعقد اليمين بها.

ص: 329

و الأئمّة (1) لقول الصادق عليه السّلام: لا يحلف بغير اللّه. و قال: اليهودي و النصراني و المجوسي لا تحلّفوهم إلاّ باللّه (2). و في تحريمه (3) بغير اللّه في غير الدعوى نظر، من ظاهر (4) النهي في الخبر، و إمكان حمله (5) على الكراهة، أمّا بالطلاق (6) و العتاق (7) و الكفر (8) و البراءة فحرام قطعا (9).

(و لو أضاف مع الجلالة: خالق كلّ شيء في المجوسي كان)

**********

شرح:

(1)كذلك لا يكفي الحلف بأسامي الأئمّة عليهم السّلام.

(2)أي لا يكفي الحلف بغير ذاته أو أسمائه عزّ و جلّ .

و الرواية منقولة في الوسائل:

عن جرّاح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يحلف بغير اللّه. و قال: اليهودي و النصراني و المجوسي لا تحلفوهم إلاّ باللّه عزّ و جلّ . (الوسائل: ج 16 ص 164 ب 32 من أبواب كتاب الأيمان ح 2).

(3)الضمير في قوله «تحريمه» يرجع الى اليمين بغير اللّه تعالى. يعني و في حرمة الحلف في غير مسألة الدعوى بغير اللّه عزّ و جلّ و جهان.

(4)هذا دليل الحرمة، بأنّ ظاهر الخبر المذكور يدلّ على حرمته في قوله عليه السّلام «لا يحلف بغير اللّه» لأنّ النهي يدلّ على الحرمة.

(5)هذا دليل عدم الحرمة بإمكان حمل النهي على الكراهة.

(6)أي الحلف بالطلاق، بأن يقول: إن كان كذا فزوجتي مطلّقة، فهو حرام قطعا.

(7)أي الحلف بعتاق المملوك، بأن يقول: إن كان كذا فكلّ مملوكي عتق، فهو أيضا حرام قطعا.

(8)أي الحلف بالكفر، كأن يقول: إن كان كذا فإنّي كافر باللّه أو بالإسلام أو بالرسول أو بالأئمّة - و العياذ باللّه -، فهذا أيضا حرام قطعا.

(9)أي بالقطع في حكمه بالحرمة.

ص: 330

(حسنا (1)) إماطة (2) لتأويله (3)، و يظهر من الدروس (4) تعيّن إضافة نحو ذلك فيه (5) لذلك (6)، و مثله: خالق النور (7) و الظلمة.

**********

شرح:

(1)مفعول لقوله «أضاف». يعني لو أضاف الحالف باللّه هذه الألفاظ على يمينه و كان الحالف مجوسيا كان حسنا.

(2)قوله «إماطة» مصدر من باب الإفعال، مجرّدة ماط يميط ميطا: زجره، دفعه.

أماطه: نجّاه، أبعده. (أقرب الموارد).

(3)يعني إضافة ذلك من الحالف المجوسي لدفع التأويل منه.

(4)أي يظهر من المصنّف رحمه اللّه في كتاب الدروس كون إضافة أمثال ذلك من الحالف المذكور واجبا متعيّنا.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المجوسي.

(6)المشار إليه في قوله «لذلك» هو إماطة التأويل.

(7)بأن يضيف الحالف المجوسي في الجلالة قوله: خالق النور و الظلمة.

من حواشي الكتاب: ظاهر كلام المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس تحريم الحلف باللّه في غير الدعوى، و يدلّ عليه قول الصادق عليه السّلام: لا تحلفوا باللّه صادقين و لا كاذبين فإنّه عزّ و جلّ يقول وَ لا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ (1) .

و قوله عليه السّلام في رواية سدير: يا سدير، من حلف باللّه صادقا أثم.

و هل يحرم الحلف بغيره في غير الدعوى ؟ يحتمل ذلك لأنّ قوله عليه السّلام «لا يحلف بغير اللّه» نفي في قوة النهي، و الأصل فيه التحريم.

و يحتمل عدمه لإمكان حمله على الكراهة، إذ ليس نهيا صريحا، و أصالة التحريم لو سلّم إنّما هو في النهي الصريح.

و يحتمل أيضا أن يكون المعنى: لا اعتداد بالحلف بغير اللّه و لا يترتّب عليه أثر.

و على هذا فلا دلالة فيها على الكراهة أيضا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 331


1- سوره 2 - آیه 224

لو رأى الحاكم ردع الذمّي بيمينهم فعل

(و لو رأى الحاكم ردع (1) الذمّي بيمينهم فعل، إلاّ أن يشتمل على محرّم) كما لو اشتمل على الحلف بالأب (2) و الابن و نحو ذلك، و عليه (3) حمل ما روي أنّ عليا عليه السّلام استحلف يهوديا بالتوراة. و ربّما أشكل تحليف بعض الكفّار باللّه تعالى (4)، لإنكارهم له، فلا يرون له حرمة، كالمجوس فإنّهم

**********

شرح:

(1)يعني لو رأى الحاكم المصلحة في منع الذمّي بيمينهم - بمعنى أنّ الذمّي لا يرتدع و لا ينزجر إلاّ باليمين المتعارف بينهم مثل الحلف بالأب أو بالابن أو بكليهما - فعل ذلك في حقّ الذمّي بأن يحلفه بالتوراة و الإنجيل.

و الضمير في قوله «بينهم» يرجع الى أهل الذمّة.

و فاعل قوله «فعل» مستتر يرجع الى الحاكم.

(2)مراد النصراني من «الأب» هو اللّه سبحانه، و من «الابن» هو المسيح عليه السّلام.

(3)أي حملت الرواية المنقولة في حقّ علي عليه السّلام بجواز إحلاف الذمّي بيمينهم اذا رأى الحاكم ردعه بها.

و الرواية منقولة في الوسائل:

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام استحلف يهوديّا بالتوراة التي انزلت على موسى عليه السّلام. (الوسائل: ج 16 ص 165 ب 32 من أبواب كتاب الأيمان ح 4).

(4)فإنّ بعض الفقهاء أشكل إحلاف بعض الكفّار بلفظ الجلالة، مثل المجوس فإنّهم لا يعتقدون بإله خلق النور و الظلمة، فلا يرون له حرمة، فلا أثر حينئذ لحلفهم بذلك.

من حواشي الكتاب: ربّما يتوهّم أنهم اذا لم يعتقدوا وجود إله خلق النور و الظلمة لا يلزم منه إنكار، و ليس كذلك، بل يلزم منه البيّنة. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

ص: 332

لا يعتقدون وجود إله خلق النور و الظلمة، فليس في حلفهم به عليهم كلفة، إلاّ أنّ النصّ (1) ورد بذلك.

ينبغي التغليظ بالقول

(و ينبغي التغليظ (2) بالقول) مثل: و اللّه الذي لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم، الطالب الغالب، الضارّ النافع، المدرك المهلك، الذي يعلم من السرّ ما يعلمه (3) من العلانية (و الزمان) (4) كالجمعة و العيد (5) و بعد الزوال

**********

شرح:

(1)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أهل الملل يستحلفون ؟ فقال: لا تحلفوهم إلاّ باللّه عزّ و جلّ . (المصدر السابق: ح 3).

من حواشي الكتاب: قيل: الأب عند النصارى هو جبرئيل عليه السّلام و الابن هو عيسى عليه السّلام و الامّ هي مريم عليها السّلام و يقولون: إنّ اللّه ثالث ثلاثة و إنّ عيسى ابن اللّه و يجعلون جبرئيل عليه السّلام لكونه المظهر الأول هو اللّه و يقولون للثلاثة «الأقانم» جمع الاقنوم بمعنى الأصل أي الاصول الثلاثة. و ظاهر مراد أكثرهم هو حلوله تعالى في الثلاثة. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(2)المراد من «تغليظ القول» هو إتيان الكلمات الموجبة للخوف، لأنّ التغليظ بالقول مظنّة رجوع الحالف الى الحقّ و الخوف من عقوبة اللّه سبحانه و تعالى.

و قد مثّل الشارح رحمه اللّه على ذلك أمثلة.

(3)إنّ السرّ و العلانية لا يتفاوت في علمه تعالى.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «بالقول». يعني ينبغي أيضا التغليظ بالزمان. و المراد منه هو الإحلاف في الأزمنة الشريفة مثل يوم الجمعة، فإنّه كما قيل سيّد الأيّام و هو مظانّ استجابة الدعاء.

(5)المراد من «العيد» هو الأعياد التي يكون أفضل الأيّام مثل عيدي الفطر و الأضحى.

ص: 333

و العصر (1)(و المكان) (2) كالكعبة و الحطيم (3) و المقام (4) و المسجد الحرام و الحرم و الأقصى (5) تحت الصخرة (6) و المساجد في المحراب. و استحباب التغليظ ثابت (في الحقوق كلّها (7)، إلاّ أن ينقص المال عن نصاب القطع) و هو ربع دينار (8)، و لا يجب على الحالف الإجابة إلى التغليظ ، و يكفيه قوله: و اللّه ما له عندي حقّ .

يستحبّ للحاكم وعظ الحالف قبله

(و يستحبّ للحاكم وعظ الحالف قبله) (9) و ترغيبه في ترك اليمين إجلالا (10) للّه تعالى، أو خوفا من عقابه على تقدير الكذب، و يتلو عليه

**********

شرح:

(1)لا يخفى الفرق بين الزوال و بين العصر، فإنّ كلا الزمانين مظانّ استجابة الدعاء.

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «بالقول». يعني ينبغي أيضا التغليظ بالمكان. و المراد منه هو الإحلاف في الأمكنة الشريفة و المقدّسة مثل الكعبة و المسجد الحرام و المسجد الأقصى و غيرها.

(3)الحطيم: جدار حجر الكعبة، ما بين الركن و المقام و زمزم، سمّي بذلك لانحطام الناس عليه، أي لازدحامهم. (المنجد، أقرب الموارد).

(4)المراد من «المقام» هو مقام إبراهيم عليه السّلام.

(5)أي المسجد الأقصى الواقع في القدس.

(6)أي الحجر العظيم الواقع في القدس.

(7)ماليا كان أو غيره، إلاّ أن ينقص المال عن المقدار الذي لا يوجب قطع يد السارق.

(8)سيأتي في كتاب الحدود إن شاء اللّه بأنّ السارق لو سرق أقلّ من ذلك المقدار لا يحكم بقطع يده به.

(9)يعني استحباب الوعظ إنّما هو قبل الإحلاف.

(10)قوله «إجلالا» و «خوفا» تعليلان لترك اليمين و مفعولان له.

ص: 334

ما ورد في ذلك (1) من الأخبار و الآثار (2)، مثل ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:

من أجلّ اللّه (3) أن يحلف به أعطاه اللّه خيرا ممّا ذهب منه (4). و قول (5) الصادق عليه السّلام: من حلف باللّه كاذبا كفر، و من حلف باللّه صادقا أثم (6)، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ لا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً (7) لِأَيْمانِكُمْ (1) (8). و عنه عليه السّلام (9)

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الكذب. يعني أنّ الحاكم يذكر الروايات الواردة من العقاب و الكفر اذا كان الحلف كذبا.

(2)جمع الأثر، و هي الأخبار و الأحاديث الواردة عن المعصومين عليهم السّلام.

(3)أي ترك الحلف باللّه إجلالا له عزّ و جلّ .

(4)يعني أنّ اللّه تعالى يؤتي له خيرا أكثر ممّا يذهب منه بسبب تركه الحلف به إجلالا له سبحانه.

و الرواية منقولة في الوسائل:

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أجلّ اللّه... الى آخر ما ورد أعلاه. (الوسائل: ج 16 ص 115 ب 1 من أبواب كتاب الأيمان ح 3).

(5)بالجرّ، عطفا على قوله «ما روي». يعني و مثل قول الصادق عليه السّلام.

(6)أي اذا كان الحلف صادقا يكون الحالف عاصيا و آثما باللّه تعالى.

(7)يعني لا تجعلوا اللّه تعالى معرضا لأيمانكم.

(8)الأيمان جمع اليمين. و الآية المذكورة هي 224 من سورة البقرة.

و الرواية منقولة في الوسائل:

عن أبي السلام المتعبّد أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لسدير: يا سدير، من حلف باللّه كاذبا كفر... الى آخر ما ورد أعلاه. (الوسائل: ج 16 ص 116 ب 1 من أبواب كتاب الأيمان ح 6).

(9)أي عن الإمام الصادق عليه السّلام.

ص: 335


1- سوره 2 - آیه 224

قال: حدّثني أبي (1) أنّ أباه كانت عنده (2) امرأة من الخوارج فقضي لأبي أنه طلّقها، فادّعت عليه صداقها، فجاءت به إلى أمير المدينة تستعديه (3)، فقال له أمير المدينة: يا علي، إمّا أن تحلف (4) أو تعطيها، فقال لي: (5) يا بنيّ ، قم فاعطها أربعمائة دينار، فقلت: يا أبه جعلت فداك، أ لست محقّا؟! قال:

بلى، و لكنّي أجللت اللّه عزّ و جلّ أن أحلف به يمين صبر (6).

**********

شرح:

(1)المراد هو الإمام الباقر عليه السّلام و المراد من «أباه» هو الإمام عليّ بن الحسين عليهما السّلام.

(2)أي كانت امرأة خارجية زوجة الإمام عليّ بن الحسين عليهما السّلام فطلّقها، فادّعت عليه عليه السّلام صداقها و شكت عند أمير المدينة.

(3)قوله «تستعديه» أي تطلب الحكومة و النصرة من أمير المدينة بأنه عليه السّلام تعدّى عليها و لم يعط صداقها.

استعدى الرجل: استعان به و استنصره. (المنجد).

(4)أي يلزم عليك إمّا أن تحلف لأنك منكر و اليمين على المنكر أو تعطي إليها صداقها.

(5)أي قال لولده الباقر عليه السّلام.

(6)الرواية منقولة في الكافي للكليني رحمه اللّه:

عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: حدّثني أبو جعفر عليه السّلام أنّ أباه كانت عنده امرأة من الخوارج - أظنّه قال: من بني حنيفة - فقال له مولى له: يا بن رسول اللّه، إنّ عندك امرأة تبرأ من جدّك، فقضى لأبي أنه طلّقها... الى آخر ما ورد أعلاه. (الكافي: ج 7 ص 435 ح 5).

من حواشي الكتاب: المراد ب «يمين الصبر» الحبس على اليمين. يقال: حلف -

ص: 336

يكفي الحلف على نفي الاستحقاق

(و يكفي الحلف على نفي الاستحقاق (1) و إن أجاب) في إنكاره (بالأخصّ ) كما إذا ادّعي عليه (2) قرضا فأجاب بأنّي ما اقترضت، لأنّ نفي الاستحقاق يشمل المتنازع (3) و زيادة، و لأنّ المدّعي (4) قد يكون صادقا، فعرض ما يسقط الدعوى. و لو اعترف به و ادّعى المسقط

**********

شرح:

-فلان صبرا أي حبس على اليمين. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: هذا الحديث بظاهره ينافي الاصول. كيف يتزوّج الإمام عليه السّلام بامرأة من الخوارج ؟ و كيف لا يعلم بحالها حتّى يخبره مولاه بأنها تتبرّأ من جدّك ؟ و ممّا يسهل الخطب أنّ راوي الحديث عليّ بن أبي حمزة البطائني و هو من الكذّابين الذين لا يخافون اللّه تعالى. و قد ذمّه أئمّة الحديث و نقده الرجال. فالحديث باطل من أصله. فعليك بمراجعة «كتاب الغيبة» في حالات هذا الرجل. (حاشية السيّد كلانتر حفظه اللّه).

(1)أي يكفي للحالف حلفه بأنّ المدّعي لا يكون على ذمّته حقّا و إن كان جوابه في إنكاره أخصّ من عدم استحقاقه.

(2)مثل أن يدّعى المدّعى عليه قرضا و أجاب بأني ما اقترضت، لكن في مقام الحلف يقول: و اللّه لا يستحقّ المدّعي على ذمّتي شيئا.

(3)فإنّ المتنازع هو اقتراض المنكر، فنفي الاستحقاق يشمل عدم استحقاق المدّعي على ذمّته شيئا لا بالاقتراض و لا بغيره، فيشمل على المتنازع و زيادة عنها.

(4)هذا دليل آخر بالاكتفاء على نفي الاستحقاق، بأنه يمكن كون المدّعي في اقتراضه صادقا، لكن عرض ما يسقط الدعوى مثل أدائه أو إسقاط المدّعي.

فلو أقرّ بالاقتراض و ادّعى الإسقاط حكم عليه بإتيان البيّنة للمسقط فيحلف على عدم الاستحقاق فرارا من ذلك.

ص: 337

طولب بالبيّنة، و قد يعجز عنها (1)، فدعت الحاجة إلى قبول الجواب المطلق (2). و قيل: يلزمه الحلف على وفق ما أجاب به (3)، لأنه بزعمه قادر على الحلف عليه حيث نفاه بخصوصه (4) إن طلبه منه المدّعي. و يضعف بما ذكرناه (5)، و بإمكان (6) التسامح في الجواب بما لا يتسامح في اليمين.

(و) الحالف (يحلف) أبدا (على القطع (7) في فعل نفسه و تركه و فعل غيره) لأنّ ذلك يتضمّن الاطّلاع على الحال الممكن معه القطع (و على نفي العلم في نفي غيره) (8) كما لو ادّعي على مورّثه (9) مالا فكفاه الحلف على أنه

**********

شرح:

(1)أي قد يتّفق عجز المنكر عن إقامة البيّنة بإسقاط ما اقترضه.

(2)أي الحاجة المذكورة كانت سببا لقبول الجواب المطلق و هو قوله: لا يستحقّ على ذمّتي شيئا.

(3)يعني قال بعض الفقهاء بوجوب الحلف على ما يوافق جوابه عند الإنكار.

(4)فإنّ المنكر قادر على الحلف بما يجيبه في مقام الإنكار و هو عدم الاقتراض.

(5)و هو قوله رحمه اللّه «طولب بالبيّنة و قد يعجز عنها».

(6)و هذا دليل آخر بالاكتفاء على الحلف على نفي الاستحقاق، بأنه يمكن التسامح في الجواب الذي ليس مع اليمين بخلاف الجواب معها، فيجب فيه الدقّة.

(7)يعني أنّ الحالف يحلف بالقطع و اليقين في خصوص فعل نفسه و تركه

و هكذا في خصوص فعل الغير، لأنّ فعل الغير قابل للقطع به بالمشاهدة و الاطّلاع عليه بخلاف الترك.

(8)يعني يحلف الحالف على نفي علمه في نفي فعل الغير، بأن يقول: و اللّه ما أعلم بأنّ فلانا فعل ما يدّعيه المدّعي.

(9)بأن ادّعى المدّعي بأن له مالا على ذمّة المورّث.

ص: 338

لا يعلم به (1)، لأنه يعسر الوقوف عليه (2)، بخلاف إثباته (3) فإنّ الوقوف عليه لا يعسر.

**********

شرح:

(1)فيحلف الوارث بأنه لا يعلم له مالا في ذمّة المورّث.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى ترك الفعل.

(3)الضمير في قوله «إثباته» يرجع الى الفعل. يعني أنّ إثبات الفعل يمكن العلم بوجوده بخلاف الترك.

ص: 339

القول في الشاهد و اليمين

كلّ ما يثبت بشاهد و امرأتين يثبت بشاهد و يمين

(كلّ ما يثبت (1) بشاهد و امرأتين يثبت بشاهد و يمين، و هو (2) كلّ ما كان مالا، أو كان المقصود منه المال كالدين (3) و القرض) تخصيص (4) بعد

**********

شرح:

الشاهد و اليمين (1)أي كلّ موضع يثبت بشاهد واحد و شهادة امرأتين يثبت بشاهد و يمين.

(2)الضمير يرجع الى «كلّما يثبت». يعني أنّ ما يثبت بشاهد واحد و شهادة امرأتين هو ما كان متعلّقا بالمال ذاتا أو كان المقصود منه المال.

(3)هذان مثالان لما كان المقصود منه المال، لأنّ المدّعى به هو المال و لو كان بلفظ القرض أو الدين.

و الفرق بينهما هو أنّ القرض - بفتح القاف و كسرها - إعطاء مقدار مال للغير بقصد إرجاع عوضه، كأنّ المقرض يقرض من ماله و يعطيه الى الغير فسمّي به.

لكن الدين أعمّ من القرض لشموله به و على المال الذي يتعلّق بذمّة الغير بعنوان المهر و الدية و اروش الجنايات.

(4)يعني ذكر القرض بعد الدين ذكر الخاصّ بعد العامّ ، فإنّ الأول يشمل الثاني كما تقدّم.

ص: 340

التعميم (و الغصب (1) و عقود المعاوضات كالبيع (2) و الصلح) و الإجارة و الهبة المشروطة بالعوض (3)(و الجناية (4) الموجبة للدية كالخطإ (5) و عمد الخطأ (6) و قتل (7) الوالد ولده و قتل الحرّ (8) العبد و المسلم (9) الكافر و كسر العظام (10)) و إن كان عمدا (و) كذا (الجائفة (11))

**********

شرح:

(1)فإنّ دعوى غصب المال يثبت بشاهد واحد و شهادة امرأتين أيضا.

(2)هذا و ما بعده أمثلة لعقود المعاوضات.

(3)قيد الهبة بالعوض لأنّ غير المعوّض منها يمكن الرجوع فلا حاجة في إثباته بالشاهد.

(4)هذه و الأمثلة لها أيضا ممّا يكون المقصود منها المال.

(5)أي الجنايات الواردة للغير توجب الدية اذا كانت عن خطأ، بخلاف العمد فإنّه يوجب القصاص، ففي إثبات ذلك يكفي الشاهد الواحد و امرأتان، لأنّ المقصود من دعواها هو إثبات المال.

(6)المراد «عمد الخطأ» هو شبه العمد لا العمد المحض، لأنّ فيه القصاص كما تقدّم، و ليس المقصود منه المال بالأصالة بخلاف شبه العمد.

(7)أي و كقتل الوالد ولده، فإنّ فيه الدية، عمدا كان أو خطأ، لأنّ الوالد لا يقاصّ بقتل ولده، بخلاف العكس.

(8)و في قتل الحرّ العبد أيضا لا قصاص، بل المقصود منه إثبات المال.

(9)أي و كقتل المسلم الكافر ففيه أيضا الدية.

(10)فإنّ في كسر العظام و لو كان عمدا لا يحكم بالقصاص لعدم إمكان التساوي في كسرها بل يمكن الزيادة و النقصان.

(11)سيأتي في كتاب الديات إن شاء اللّه بأنّ الجائفة هي الواصلة الى الجوف من أيّ -

ص: 341

و المأمومة (1) و المنقّلة (2) لما في إيجابها (3) القصاص على تقدير العمد من التغرير.

ما لا يثبت بالشاهد و اليمين

(و لا يثبت) بالشاهد و اليمين (عيوب النساء) (4) و كذا عيوب

**********

شرح:

-الجهات كانت و فيها ثلث الدية.

(1)المأمومة من أقسام الجنايات الواردة للرأس و الوجه. قال رحمه اللّه في كتاب الديات «و هي التي تبلغ أمّ الرأس أعني الخريطة و فيها ثلاثة و ثلاثون بعيرا».

(2)المنقّلة - بتشديد القاف المكسورة - و هي التي تحوج الى نقل العظم، إمّا بأن ينتقل من محلّه الى آخر أو يسقط . و هذه الجناية أيضا لا يجوز القصاص فيها بل تجب فيها الدية. و سيأتي إن شاء اللّه في كتاب الديات بأنّ مقدارها خمسة عشر بعيرا.

(3)الضمير في قوله «إيجابها» يرجع الى ما ذكر بقوله «و كسر العظام» و ما بعده من الأمثلة. و هذا تعليل لكون المقصود من ذلك المال بأنها لا توجب القصاص لو كانت عمدا، لأنّ القصاص في ذلك يوجب التغرير و الضرر لعدم إمكان التساوي بين الجناية و القصاص بالزيادة و النقصان، فلذا حكم فيها بالدية كلّ بحسبها كما مرّ.

(4)سيأتي في كتاب النكاح إن شاء اللّه تعالى بأنّ العيوب في المرأة التي تجوّز فسخ عقدها تسعة، و هي:

1 - الجنون.

2 - الجذام - بضمّ الجيم -: داء يسبّب تساقط اللحم من الأعضاء. (المنجد).

3 - البرص: مرض يحدث في الجسم كلّه قشرا أبيض و يسبّب للمريض حكّا -

ص: 342

الرجال (1)، لاشتراكهما (2) في عدم تضمّنهما المال (و لا)

**********

شرح:

-مؤلما. (المنجد).

4 - العمى.

5 - الإقعاد: داء يقعد من اصيب به. (المنجد).

6 - القرن - بسكون الراء و فتحها -: كالسنّ يكون في الفرج يمنع الوط ء. (الروضة البهية).

7 - الإفضاء: بأن صيّر مسلك البول و الحيض واحدا، أو مسلك الحيض و الغائط . (الروضة البهية).

8 - العفل: عيب يحدث في فرج المرأة يمنع من وطئها، يقال: عفلت المرأة عفلا اذا خرج في فرجها شيء يشبه ادرة الرجل، أي الفتق.

9 - الرتق: و هو أن يكون الفرج ملتحما ليس فيه مدخل للذكر. (الروضة البهية).

(1)سيأتي أيضا في كتاب النكاح بأنّ العيوب الموجبة لفسخ عقد الرجل خمسة، و هي:

1 - الجنون.

2 - الخصاء: و هو سلّ الأنثيين و إن أمكن الوط ء. (الروضة البهية).

3 - الجبّ : هو قطع مجموع الذكر أو ما لا يبقى معه قدر الحشفة. (الروضة البهية).

4 - العنن: و هو مرض يعجز معه عن الإيلاج. (الروضة البهية).

5 - الجذام.

(2)الضمير في قوله «لاشتراكهما» يرجع الى عيوب النساء و الرجال. يعني أنّ كليهما مشتركان في عدم إثبات المال بهما، بل المقصود منهما هو إثبات جواز فسخ العقد الواقع بينهما و لو انجرّ الفسخ الى عدم وجوب الصداق على ذمّة الزوج لكن ذلك بالعرض.

ص: 343

(الخلع) (1) لأنه (2) إزالة قيد النكاح بفدية و هي شرط فيه، لا داخلة في حقيقته، و من ثمّ (3) أطلق المصنّف و الأكثر. و هذا (4) يتمّ مع كون المدّعي هو المرأة. أمّا لو كان (5) الرجل فدعواه تتضمّن المال و إن انضمّ إليه (6) أمر آخر، فينبغي القطع بثبوت المال (7) كما لو اشتملت الدعوى على

**********

شرح:

(1)أي و لا يثبت طلاق الخلع بالشاهد و اليمين، لأنه أيضا من الموارد التي يكون المال مقصودا بالأصالة.

(2)أي الخلع، و هو إزالة قيد النكاح بالعوض، و هو شرط فيه و ليس داخلا في حقيقة الخلع.

(3)أي من جهة عدم دخالة الفدية في حقيقة الخلع أطلق المصنّف رحمه اللّه و أكثر الفقهاء الخلع و لم يقيّدوا بكون المدّعي هو الزوج أو الزوجة.

(4)يعني أنّ جعل الخلع من قبيل غير المقصود به المال يتمّ اذا كان المدّعي هو الزوجة.

(5)اسم كان مستتر يرجع الى المدّعي، و خبره هو «الرجل». يعني أمّا لو كان المدّعي هو الرجل فدعواه الخلع تتضمّن وجوب المال على ذمّة الزوجة، لأنّ الرجل اذا كان مدّعيا بالطلاق الخلعي تكون الدعوى هي المقصود منها المال، فتثبت بالشاهد و اليمين.

(6)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى المال.

و المراد من «أمر آخر» هو البينونة بينهما، فإنّها لا تثبت بالشاهد و اليمين بل بالشاهدين العدلين.

(7)يعني ينبغي الحكم بثبوت المال على ذمّة الزوجة بالشاهد و اليمين من الزوج.

ص: 344

الأمرين (1) في غيره كالسرقة (2)، فإنّهم قطعوا بثبوت المال. و هذا (3) قويّ ، و به (4) جزم في الدروس.

(و الطلاق) (5) المجرّد عن المال و هو واضح،(و الرجعة) (6) لأنّ مضمون الدعوى إثبات الزوجية و ليست مالا و إن (7) لزمها النفقة لخروجها عن

**********

شرح:

(1)المراد من «الأمرين» هو المال و غيره.

و الضمير في «غيره» يرجع الى الخلع. يعني كما لو اشتملت الدعوى على المال و غيره في غير الطلاق الخلعي.

(2)مثال لاشتمال الدعوى على المال و غيره، فإنّ المدّعي اذا أقام شاهدا و تحمّل يمينا على كون الشخص سارقا يثبت المال بالسرقة بشاهد و يمين و لا تثبت نفس السرقة بهما بل بالشاهدين العدلين.

(3)المشار إليه في قوله «هذا» هو ثبوت المال بالشاهد و اليمين اذا كان المدّعي للطلاق الخلعي هو الرجل.

(4)أي بذلك النظر قطع المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(5)أي لا يثبت بالشاهد و اليمين ادّعاء الطلاق المجرّد عن العوض.

(6)بالرفع، عطفا على قوله «عيوب النساء» و ما تابعه. يعني لو ادّعى الرجل بعد الطلاق الرجعي الرجعة الى الزوجية و أقام شاهدا و تحمّل يمينا لا تثبت دعواه، لأنها ليست مالا بالأصالة و ليس المقصود منها المال.

(7)وصلية. و الضمير في قوله «لزمها» يرجع الى الرجعة. يعني و إن كانت النفقة من لوازمها لكنّها خارجة عن حقيقة الرجعة.

و الضمير في قوله «لخروجها» يرجع الى النفقة، و في قوله «حقيقتها» يرجع الى الرجعة.

ص: 345

حقيقتها،(و العتق على قول) مشهور (1) لتضمّنه (2) إثبات الحرّية و هي ليست مالا، و قيل: يثبت (3) بهما (4) لتضمّنه المال من حيث إنّ العبد مال للمولى فهو (5) يدّعي زوال المالية،(و الكتابة (6)، و التدبير (7)، و الاستيلاد (8)) و ظاهره (9) عدم الخلاف فيها، مع أنّ البحث (10) آت فيها.

**********

شرح:

(1)فإنّ المشهور من الفقهاء قالوا بعدم ثبوت العتق بالشاهد و اليمين بل يحتاج الى إقامة شاهدين عدلين.

(2)الضمير في قوله «تضمّنه» يرجع الى العتق. يعني أنّ العتق يتضمّن إثبات الحرّية للمدّعي و هي ليست مالا.

(3)و القول الآخر هو ثبوت العتق بالشاهد و اليمين لتضمّن العتق سقوط المال.

و القائل هو العلاّمة في القواعد و التحرير.

و فاعل قوله «يثبت» مستتر يرجع الى العتق.

(4)مرجع ضمير التثنية الى الشاهد و اليمين.

(5)الضمير يرجع الى العبد.

(6)أي ادّعاء الكتابة لا يثبت بالشاهد و اليمين، و هي التي بين المولى و العبد، فإذا أتى العبد قيمته يكون معتقا، و هي إمّا مطلقة أو مشروطة.

(7)أي لا يثبت بشاهد و يمين لو ادّعى كون المملوك عتقا دبر وفاة المولى.

(8)أي لا يثبت بشاهد و يمين لو ادّعت الأمة كونها صاحب ولد من مولاها.

(9)أي ظاهر المصنّف رحمه اللّه عدم الخلاف في الأمثلة المذكورة بأنها لا تثبت بالشاهد و اليمين.

(10)اللام للعهد الذكري، فإنّ الخلاف المذكور في دعوى العتق يأتي فيها أيضا لتضمّنها المال كما تقدّم.

ص: 346

و في الدروس ما يدلّ على أنها (1) بحكمه، لكن لم يصرّحوا (2) بالخلاف، فلذا أفردها،(و النسب) (3) و إن ترتّب عليه (4) وجوب الإنفاق، إلاّ أنه (5) خارج عن حقيقته كما مرّ (6)،(و الوكالة) (7) لأنها ولاية على التصرّف و إن كان في مال (8)،(و الوصية)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المصنف رحمه اللّه يظهر منه في كتابه الدروس بأنّ الأمثلة الثلاثة المذكورة تكون على حكم دعوى العتق.

(2)يعني لكن الفقهاء لم يصرّحوا بالخلاف في ثبوت دعوى الأمثلة المذكورة بالشاهد و اليمين. فعلى هذا أفرد المصنف رحمه اللّه الأمثلة المذكورة عن العتق.

و الضمير في قوله «أفردها» يرجع الى الأمثلة المذكورة.

(3)من الموارد التي لا تثبت الدعوى بالشاهد و اليمين دعوى النسب.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى النسب. يعني اذا ثبت النسب ثبتت النفقة أيضا، مثل نفقة الولد على الأب و نفقة الأب اذا كان عاجزا على الابن.

(5)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى ترتّب النفقة. يعني أنّ ترتّبها بالنسب لا يكون مقصودا من دعوى النسب بالأصالة و إن كان من لوازمه، لكنها خارجة عن حقيقة النسب.

(6)أي تقدّم في خصوص العتق و الخلع و الرجعة، بأنّ النفقة خارجة عن حقيقتها.

(7)أي لا تثبت دعوى الوكالة بالشاهد و اليمين لأنها ولاية على التصرّف في المال و ليست مالا.

(8)و لا يخفى أنّ عدم ثبوت دعوى الوكالة بالشاهد و اليمين إنّما هو في صورة دعوى الموكّل التوكيل بخلاف ادّعاء الوكيل التوكيل اذا كانت الوكالة ذا اجرة، ففيها تثبت لأنّ المقصود منها هو المال.

ص: 347

(إليه) (1) كالوكالة (2)(بالشاهد و اليمين) متعلّق بالفعل السابق (3)، أي لا تثبت هذه المذكورات بهما (4).

(و في النكاح (5) قولان) أحدهما - و هو المشهور -: عدم الثبوت مطلقا (6)، لأنّ المقصود الذاتي

**********

شرح:

(1)المراد من «الوصية إليه» هو جعله وصيا في إنفاذ الوصايا، لا الوصية له بأن يوصي مالا له.

فاذا كان ادّعاء الوصي بأنّ الموصي جعله وصيا في إنفاذ الوصايا و أقام شاهدا واحدا و تحمّل يمينا لدعواه هذه فلا تثبت بهما لعدم كون الوصاية مالا و لا مقصودة بالمال، بل هي ولاية في التصرّف و لو كان متضمّنا بالمال في بعض الأوقات، كما اذا جعل للوصي مالا في مقابل الزحمات منه، فهو ليس داخلا في حقيقتها.

(2)التشبيه بالوكالة من حيث كونها ولاية على التصرّف و إن كان في مال.

و لا يخفى أنّ التفصيل المذكور في الوكالة يأتي فيها أيضا.

(3)المراد من «الفعل السابق» هو قوله رحمه اللّه «لا يثبت عيوب النساء... الخ».

(4)الضمير في قوله «بهما» يرجع الى الشاهد و اليمين.

(5)يعني في ثبوت دعوى النكاح بالشاهد و اليمين أقوال:

الأول: عدم ثبوتها على المشهور من الفقهاء مطلقا.

الثاني: ثبوت الدعوى بهما مطلقا.

الثالث: ثبوت الدعوى من المرأة.

و سيأتي تفصيل أدلّة الأقوال.

(6)سواء كانت الدعوى من الرجل أو المرأة.

ص: 348

منه (1) الإحصان و إقامة السنّة (2) و كفّ النفس عن الحرام و النسل (3)، و أمّا المهر و النفقة فإنّهما (4) تابعان. و الثاني (5): القبول مطلقا، نظرا إلى تضمّنه المال (6)، و لا نعلم قائله. و في ثالث: (7) قبوله من المرأة دون الرجل، لأنها تثبت النفقة و المهر، و ذهب إليه العلاّمة.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع الى النكاح. يعني أنّ المقصود الأصلي منه هو حفظ النفس و حصنها من ارتكاب المعاصي. هذا بناء على قوله صلّى اللّه عليه و آله: من تزوّج أحرز نصف دينه فليتّق اللّه في النصف الآخر - أو الباقي -. (الوسائل: ج 14 ص 5 ب 1 من أبواب مقدّمات النكاح ح 11 و 12).

(2)هذا إشارة الى قوله صلّى اللّه عليه و آله «من رغب عن سنّتي فليس منّي». (الوسائل: ج 14 ص 9 ب 2 من أبواب مقدّمات النكاح ضمن ح 9، و ص 74 ب 48 من نفس الأبواب ذيل ح 2).

و قوله صلّى اللّه عليه و آله «و إنّ من سنّتي النكاح». (المصدر السابق: ب 48 ذيل ح 3).

(3)بالرفع، عطفا على قوله «الإحصان».

(4)يعني و إن التزم النكاح المهر و النفقة لكنّهما من توابع النكاح و ليسا مقصودين منه.

(5)أي القول الثاني هو قبول دعوى النكاح بالشاهد و اليمين، سواء كانت الدعوى من الرجل أو المرأة لأنّ النكاح متضمّن للمال.

(6)المراد من «المال» هو الصداق في النكاح.

و قال الشارح رحمه اللّه بعدم علمه بمن اختار ذلك القول.

(7)أي و في قول ثالث التفصيل بين الرجل و المرأة. بقبول دعوى المرأة النكاح بالشاهد و اليمين لأنها تثبت النفقة و المهر، بخلاف دعوى الرجل فلا تقبل منه.

ص: 349

و الأقوى المشهور (1).

لو كان المدّعون جماعة

(و لو كان المدّعون جماعة) و أقاموا شاهدا واحدا (فعلى كلّ واحد يمين) (2) لأنّ كلّ واحد يثبت حقّا لنفسه و لا يثبت مال لأحد بيمين غيره (3).

(و يشترط شهادة الشاهد أولا (4) و تعديله (5)) و الحلف بعدهما (ثمّ الحكم يتمّ بهما (6) لا بأحدهما.)

لو رجع الشاهد غرم النصف

(فلو (7) رجع الشاهد غرم النصف) لأنه أحد جزئي سبب فوات المال على المدّعى

**********

شرح:

(1)أي الأقوى عند الشارح رحمه اللّه هو قول المشهور، و هو عدم الثبوت مطلقا.

(2)كما اذا ادّعى ثلاثة إخوة مالا على زيد و أقاموا شاهدا واحدا فعلى كلّ واحد يمين.

(3)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى أحد. فإن حلف أخ لا يكفي في إثبات مال لأخيه في المثال.

(4)يعني عند إقامة الشاهد و تحمّل اليمين لا يجوز تقديم اليمين، بل يشترط إقامة الشاهد ثمّ إثبات عدالته ثمّ الحلف.

(5)الضمير في قوله «تعديله» يرجع الى الشاهد.

(6)يعني أنّ حكم الحاكم للمدّعي على المنكر عند إقامة الشاهد الواحد و تحمّل اليمين يتمّ بكليهما.

(7)هذا متفرّع من ثبوت الحكم بهما. يعني لو رجع الشاهد عن شهادته بأن كذّب نفسه فيها حكم عليه بغرامة نصف ما حكم به و أخذ من المنكر، لأنّ الشاهد أحد جزئي سبب فوات المال على المنكر فيتضمّن بالنصف. و السبب الآخر هو يمين المدّعي.

ص: 350

عليه (1).

المدّعي لو رجع غرم الجميع

(و المدّعي لو رجع غرم الجميع) لاعترافه بلزوم المال له (2) مع كونه قد قبضه (3). و لو فرض تسلّم (4) الشاهد المال ثمّ رجع أمكن ضمانه الجميع إن شاء المالك لاعترافه (5) بترتّب يده على المغضوب، فيتخيّر المالك (6) في التضمين.

يقضى على الغائب عن مجلس القضاء

(و يقضى على الغائب (7) عن مجلس القضاء) سواء بعد (8) أم قرب

**********

شرح:

(1)أي المنكر.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع الى المنكر، و في قوله «كونه» يرجع الى المدّعي.

يعني مع كون المدّعي قد أخذ المال من المنكر، و على اليد ما أخذت.

(3)الضمير في قوله «قبضه» يرجع الى المال.

(4)بالرفع، نائب فاعل لقوله «فرض» بصيغة المجهول. يعني لو فرض بأنّ الشاهد أخذ المال من المنكر بعد شهادته و يمين المدّعي ثمّ رجع أمكن أن يحكم بضمانه المال الذي أخذه من المنكر.

(5)فإنّ الشاهد اعترف بوضع يده على المال المغصوب فيحكم بضمانه.

(6)أي يتخيّر المدّعى عليه في تضمين الشاهد لاعترافه بأخذ المال المغصوب، و المدّعي لأنّ الشاهد أخذ المال من جانبه.

و لا يخفى أنّ رجوع المالك لجميع المال عند رجوع المدّعي و الشاهد، فلو لم يرجع المدّعي فما يرجع به المالك هو النصف لا الجميع.

(7)يعني يجوز للحاكم أن يقضي على الغائب عن مجلس القضاء اذا ثبت عنده ما يجوّز الحكم الغيابي.

(8)أي لا فرق في جواز الحكم على الغائب بين كونه بعيدا عن مجلس القضاء أو قريبا له.

ص: 351

و إن كان (1) في البلد و لم يتعذّر عليه حضور مجلس الحكم على الأقوى (2) لعموم الأدلّة (3)، و لو

**********

شرح:

(1)الجملة وصلية. يعني و إن كان الغائب عن مجلس القضاء في البلد و لم يتعذّر عليه الحضور.

(2)أي القول بجواز القضاء على الغائب أقوى القولين في الجواز و عدمه.

من حواشي الكتاب: عن الشيخ الطوسي رحمه اللّه في كتابه المبسوط : و الصحيح أنه لا يقضى عليه - أي الحاضر في البلد المتمكّن من حضور مجلس الحكم - لأنه مقدور على إحضاره، و القضاء على الغائب إنّما جاز لموضع الحاجة و تعذّر إحضاره.

و ردّه الشارح رحمه اللّه باشتمال عموم الأدلّة عليها.

و فيه: أنه إن أراد بذلك أدلّة الحكم بالبيّنات فلا عموم فيها بحيث يشمل موضع النزاع، بل المتبادر منها الحكم على الحاضر، و إن أراد به أدلّة الحكم على الغائب كما هو و هي ما ذكره في شرح الشرائع من قوله صلّى اللّه عليه و آله لهند زوجة أبي سفيان:

خذي ما يكفيك و ولدك بالمعروف. مع أنّ أبا سفيان كان حاضرا في البلد غائبا عن مجلس الحكم. و ما روته العامّة عن أبي موسى الأشعري قال: كان النبي صلّى اللّه عليه و آله اذا حضر عنده خصمان فتواعد الموعد فوفى أحدهما و لم يف الآخر قضى للذي و فى على الذي لم يف. و المراد مع البيّنة، و ما رواه جميل بن درّاج عن أحدهما عليهما السّلام قال: الغائب يقضى عليه اذا قامت عليه البيّنة... الحديث.

ففيه أنّ الروايتين عامّيتان مع أنّ قوله صلّى اللّه عليه و آله لهند وقع على سبيل الإفتاء، و لهذا لم تشهد هي على ما ادّعته من أنه لا يعطيها ما يكفيها و ولدها. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(3)المراد من «الأدلّة» هو الروايات الواردة في المقام منها المنقولة في الوسائل:-

ص: 352

كان (1) في المجلس لم يقض عليه إلاّ بعد علمه. ثمّ الغائب على حجّته لو حضر، فإن ادّعى (2) بعده قضاء (3) أو إبراء (4) أقام به البيّنة، و إلاّ (5) احلف المدّعي، و محلّه (6) حقوق الناس لا حقوق اللّه تعالى، لأنّ القضاء على الغائب احتياط (7)، و حقوق اللّه تعالى مبنية على التخفيف لغنائه (8). و لو

**********

شرح:

-عن جميل بن درّاج عن جماعة من أصحابنا عنهما عليهما السّلام قال: الغائب يقضى عليه اذا قامت عليه البيّنة، و يباع ماله، و يقضى عنه دينه و هو غائب، و يكون الغائب على حجّته اذا قدم. قال: و لا يدفع المال الى الذي أقام البيّنة إلاّ بكفلاء.

(الوسائل: ج 18 ص 216 ب 26 من أبواب كيفية الحكم ح 1).

(1)اسم كان مستتر يرجع الى المدّعى عليه. و الضميران في قوله «عليه» و «علمه» يرجعان الى المدّعى عليه.

(2)فاعله يرجع الى الغائب المحكوم. يعني أنه اذا حضر و ادّعى بعد الحكم عليه قضاء أو إبراء أقام البيّنة فيحكم له.

(3)كما اذا حكم بالدين عليه و ادّعى قضاءه.

(4)كما اذا حكم بالدين عليه و ادّعى إبراء الدائن عنه.

(5)أي إن لم يقم الغائب بيّنة على ما ادّعاه من القضاء و الإبراء احلف المدّعى.

(6)الضمير في قوله «محلّه» يرجع الى القضاء على الغائب. يعني أنّ محلّ ذلك هو حقوق الناس.

(7)بمعنى أنّ القضاء على الغائب إنّما هو للاحتياط بحفظ حقوق الناس، لكن حقوق اللّه تعالى مبنية على التخفيف تفضّلا و ترحّما على العباد.

(8)الضمير في قوله «لغنائه» يرجع الى اللّه تعالى.

ص: 353

اشتمل (1) على الحقّين كالسرقة (2) قضي بالمال (3) دون القطع.

تجب اليمين مع البيّنة على بقاء الحقّ

(و تجب اليمين مع البيّنة على بقاء الحقّ ) (4) إن كانت الدعوى لنفسه (5)، و لو كانت (6) لموكّله أو للمولّى عليه فلا يمين عليه (7)، و يسلّم المال بكفيل إلى أن يحضر المالك (8) أو

**********

شرح:

(1)فاعله مستتر يرجع الى الدعوى، و التذكير باعتبار اللفظ . يعني لو اشتملت الدعوى التي حكم بها على الغائب مشتملة على حقوق الناس و حقوق اللّه تعالى - مثل السرقة - حكم على السارق الغائب بأداء المال فقط دون قطع اليد.

(2)إنّ السرقة اذا ثبتت حكم على السارق بأداء المال لمالكه و قطع يده لحقّ اللّه عزّ و جلّ .

(3)يعني يقضى على السارق الغائب بأداء المال المدّعى به، لكن لا يقضى بقطع يده اذا كان غائبا عن مجلس الحكم.

(4)يعني اذا كان الحكم على الغائب ببيّنة المدّعي وجبت عليه اليمين أيضا على بقاء حقّه.

(5)وجوب اليمين في صورة كون الدعوى لنفسه.

(6)فاعله هو تاء التأنيث الراجع الى الدعوى. يعني لو كانت الدعوى لموكّله و أقام بيّنة فحينئذ لا تجب اليمين على الوكيل. و هكذا لو كانت الدعوى للمولّى عليه مثل الصغير و المجنون.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المدّعي.

(8)هذا في صورة كون المدّعي وكيلا. يعني لو كان المدّعي وكيلا و أقام بيّنة و قضى على الغائب فلا يعطى مال المحكوم به الى الوكيل، بل يعطى الى شخص ثالث بعنوان الكفيل للمال حتّى يحضر المالك و هو الموكّل.

ص: 354

يكمل (1)، و يحلف ما دام المدّعى عليه غائبا.

(و كذا تجب) (2) اليمين مع البيّنة (في الشهادة على الميّت (3) و الطفل (4) أو المجنون). أمّا على الميّت فموضع وفاق (5)، و أمّا على الغائب و الطفل و المجنون فلمشاركتهم (6) له في العلّة المومى إليها (7) في النصّ ، و هو أنه لا لسان له (8) للجواب فيستظهر الحاكم

**********

شرح:

(1)هذا في صورة كون المدّعي وليّا. و كأنّ العبارة بصورة اللفّ و النشر المرتّب.

و فاعل قوله «يكمل» مستتر يرجع الى المولّى عليه. يعني في صورة كون المدّعي وليّا لا يعطى المال المحكوم به إليه حتّى يكمل المولّى عليه بالبلوغ أو العقل، و يحلف كلّ ذلك في صورة كون المحكوم غائبا.

(2)أي و مثل القضاء على الغائب في وجوب اليمين على المدّعي لو كانت الشهادة على الميّت أو على الطفل أو المجنون.

(3)كما اذا أقام البيّنة بحقّه على ذمّة الميّت فتجب اليمين أيضا.

(4)كما اذا أقام بيّنة لحقّه على ذمّة الصغير ففيه أيضا تجب اليمين، و هكذا المجنون.

(5)يعني في وجوب اليمين على المدّعي مع البيّنة لم يختلف فيه الفقهاء. و بعبارة اخرى: إنّ الدليل عليه هو الإجماع.

(6)الضمير في قوله «مشاركتهم» يرجع الى الأطفال و المجانين، و في قوله «له» يرجع الى الميّت.

(7)أي الحكم بوجوب اليمين اذا كان المدّعى عليه هو الطفل و المجنون، للعلّة التي أشار إليها في النصّ و هي عدم كون لسان للميّت كي يجيب المدّعي.

(8)الضمير في قوله «له» يرجع الى الميّت. يعني ورد في النصّ بأنّ علّة وجوب -

ص: 355

بها (1) إذ يحتمل لو حضر كاملا أن يجيب بالإيفاء أو الإبراء فيتوجّه (2) اليمين، و هو (3) من باب اتّحاد طريق المسألتين لا من باب القياس.

**********

شرح:

-اليمين مع البيّنة على المدّعي اذا كان المدّعى عليه هو الميّت إذ أنه لا لسان له كي يجيب المدّعي، لأنه لو كان حيّا و ذا لسان تمكّن من إجابته بالأداء أو الإبراء أو غير ذلك، فيستظهر الحاكم حينئذ بيمين المدّعي مع بيّنته.

و النصّ المذكور منقول في الوسائل:

عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قلت للشيخ عليه السّلام (يعني الإمام الكاظم عليه السّلام): خبّرني عن الرجل يدّعي قبل الرجل الحقّ فلم تكن له بيّنة بماله، قال: فيمين المدّعى عليه، فإن حلف فلا حقّ له، و إن ردّ اليمين على المدّعي فلم يحلف فلا حقّ له (و إن لم يحلف فعليه) و إن كان المطلوب بالحقّ قد مات فأقيمت عليه البيّنة فعلى المدّعي اليمين باللّه الذي لا إله إلاّ هو لقد مات فلان، و أنّ حقّه لعليه، فإن حلف، و إلاّ فلا حقّ له، لأنّا لا ندري لعلّه قد أوفاه ببيّنة لا نعلم موضعها، أو غير بيّنة قبل الموت. فمن ثمّ صارت عليه اليمين مع البيّنة، فإن ادّعى بلا بيّنة فلا حقّ له لأنّ المدّعى عليه ليس بحيّ ، و لو كان حيّا لألزم اليمين أو الحقّ ، أو يردّ اليمين عليه، فمن ثمّ لم يثبت الحقّ . (الوسائل: ج 18 ص 172 ب 4 من أبواب كيفية الحكم ح 1).

(1)الضمير في قوله «بها» يرجع الى اليمين. يعني أنّ الحاكم يحصل له الحقّ بسبب اليمين.

(2)يعني لو حضر المدّعى عليه و كان كاملا يحتمل أن يجيب المدّعي بأنه أوفى حقّه أو أبرأه، فحينئذ يتوجّه اليمين عليه.

(3)الضمير يرجع الى الاشتراك. يعني أنّ اشتراك الطفل و المجنون مع الميّت ليس -

ص: 356

و فيه نظر، للفرق (1) مع فقد النصّ ، و هو (2) أنّ الميّت لا لسان له مطلقا (3) في الدنيا، بخلاف المتنازع فيمكن مراجعته (4) إذا حضر (5) أو

**********

شرح:

-من حيث القياس الباطل، بل من باب اتّحاد الطريق، و المقصود منه هو من قبيل العلّة المنصوصة فكما أنّ الميّت لا لسان له كي يدافع عن نفسه كذلك الطفل و المجنون لا لسان لهما في الدفاع عن حقّهما، فإنّه من باب العلّة المنصوصة لا من باب القياس المنهيّ عنه.

فقد ورد عن الصادق عليه السّلام أنه قال لأبي حنيفة: اتّق اللّه و لا تقس الدين برأيك، فإنّ أول من قاس إبليس... الحديث. (بحار الأنوار: ج 10 ص 213 نقلا عن مناقب ابن شهر آشوب).

(1)يعني في مقايسة الطفل و المجنون بالميّت في الحكم المذكور إشكال من جهتين:

الأولى: الفرق بين الميّت و الطفل و المجنون.

الثانية: فقد النصّ في خصوصهما.

(2)الضمير يرجع الى الفرق. يعني أنّ الفرق بينهما هو أنّ الميّت لا لسان له أبدا في الدنيا لا بالفعل و لا بالشأن، بخلاف مورد النزاع و هو الطفل و المجنون و الغائب، فإنّ لهم إمكان الكمال و الحضور.

(3)أي لا في حال الحكم و لا في غيره.

(4)الضمير في قوله «مراجعته» يرجع الى المتنازع. يعني يمكن أن يراجع الى الغائب اذا حضر و أن يراجع الى الطفل و المجنون اذا كملا. و يرتّب الحكم على جوابه من الإيفاء و الإبراء و إقامته البيّنة أو إحلافه المدّعي، بخلاف الميّت فإنّه لا يمكن أن يراجع إليه و يرتّب الحكم على جوابه.

(5)لو كان المتنازع هو الغائب.

ص: 357

كمل (1)، و ترتيب (2) حكم على جوابه، بخلاف الميّت فكان (3) أقوى في إيجاب اليمين فلا يتّحد الطريق (4).

و إطلاقه (5) يقتضي عدم الفرق بين دعوى العين و الدين، و قيل بالفرق، و ثبوت اليمين في الدين خاصّة (6) لاحتمال الإبراء منه و غيره (7) من غير علم الشهود، بخلاف العين فإنّ ملكها (8) إذا ثبت استصحب، و يضعّف (9)

**********

شرح:

(1)لو كان المتنازع الطفل أو المجنون.

(2)بالرفع، عطفا على قوله «مراجعته».

(3)اسم كان مستتر يرجع الى الميّت. يعني بناء على ما ذكر فيكون الميّت أقوى في إيجاب اليمين مع البيّنة على المدّعي.

(4)أي لا يتّحد الملاك المذكور فيهم.

(5)الضمير في قوله «إطلاقه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ إطلاق الحكم في خصوص المذكورين يقتضي عدم الفرق بين كون الدعوى هي العين أو الدين في وجوب اليمين مع البيّنة.

(6)أي قال بعض الفقهاء بالفرق بين العين و الدين، بأنّ اليمين تجب في صورة كون الدعوى دينا لاحتمال الإبراء منه و غيره بلا بيّنة، بخلاف العين لإمكان إقامة البيّنة عليها.

(7)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الإبراء، و هو مكسور عطفا لدخول الاحتمال.

(8)فإنّ ملكية العين اذا ثبتت استصحبت عند الشكّ في زواله.

(9)هذا تضعيف الاستدلال بالفرق المذكور، بأنه كما يحتمل الإبراء و غيره في الدين كذلك يحتمل تجدّد نقل الملك في العين و الدين.

ص: 358

بأنّ احتمال تجدّد نقل الملك ممكن في الحالين (1)، و الاستظهار و عدم اللسان آت فيهما (2).

**********

شرح:

(1)المراد من «الحالين» هو العين و الدين.

(2)أي دليل استظهار الحاكم باليمين و عدم كون لسان للميّت كي يجيب آت في العين و الدين، فلا دليل للفرق بينهما.

ص: 359

القول في تعارض الدعوى في الأموال

اشارة

القول في التعارض أي تعارض الدعوى (1) في الأموال

لو تداعيا ما في أيديهما

(لو تداعيا (2) ما في أيديهما) فادّعى كلّ منهما المجموع (3) و لا بيّنة (4)

**********

شرح:

التعارض (1)أي البحث في تعارض دعوى اثنين أو أكثر في الأموال. و هذا في مقابل تعارض البيّنات.

(2)أي لو تداعى شخصان ملكية مال يكون في تصرّفهما بحيث يدّعي كلّ منهما ملكية مجموعة و لا بيّنة لأحدهما يحكم بحلف كلّ منهما على نفي استحقاق الآخر.

كما اذا سكن الأخوان في دار مشاعا و ادّعى كلّ منهما ملكيته فحينئذ يحلف كلّ منهما على عدم استحقاق الآخر.

(3)أي مجموع المال الذي في أيديهما، فلو ادّعى كلّ منهما نصف المشاع يتغيّر الحكم فيه.

(4)أي لا بيّنة لكليهما، فلو كانت لأحدهما حكم به له، و لو كانت لكليهما يأتي فيه حكم تعارض البيّنتين.

ص: 360

(حلفا) كلّ منهما على نفي استحقاق الآخر (و اقتسماه) بالسويّة (1)، و كذا لو نكلا عن اليمين (2).

و لو حلف أحدهما و نكل الآخر فهو للحالف (3)، فإن كانت يمينه بعد نكول صاحبه (4) حلف يمينا واحدة تجمع النفي (5) و الإثبات (6)، و إلاّ (7) افتقر إلى يمين اخرى للإثبات.

(و كذا) يقتسمانه (إن أقاما بيّنة، و يقضى لكلّ منهما بما في يد صاحبه) (8) بناء على ترجيح (9) بيّنة الخارج. و لا فرق هنا بين تساوي البيّنتين

**********

شرح:

(1)أي يقتسمان المال المتنازع فيه بالسويّة.

(2)بأن لا يحلف أحد منهما، ففيه أيضا يقتسمان المال المتنازع بالسويّة.

(3)أي المال المتنازع يكون لمن حلف منهما.

(4)كما لو طلب الحاكم من أحدهما اليمين فنكل ثمّ طلب من الآخر فقبل فهو يحلف اليمين الجامعة بين نفي حقّ الآخر و إثبات حقّه، فيحلف هكذا: و اللّه لا حقّ له في المال المتنازع و هو حقّي.

(5)أي نفي حقّ الآخر.

(6)أي إثبات حقّ الحالف.

(7)يعني و إن لم يكن يمينه بعد نكول الآخر بل طلب الحاكم اليمين منه أولا فحلف ثمّ طلب الحاكم اليمين من الآخر فنكل فحينئذ يحكم بحلفه ثانيا لإثبات حقّه.

(8)فاذا أقام كلّ منهما بيّنة و حكم بتعلّق حقّ كلّ منهما بما في يد الآخر ففيه أيضا يحكم بالتقسيم بينهما بالسويّة. و هذا في صورة تصرّف كلّ منهما نصف المال المتنازع.

(9)أي أنّ الحكم بتعلّق حقّ كلّ منهما بما في يد الآخر مبنيّ على ترجيح بيّنة -

ص: 361

عددا (1) و عدالة و اختلافهما.

(و لو خرجا) (2) فذو اليد من صدّقه من هي بيده مع اليمين (3)، و على المصدّق (4) اليمين للآخر، فإن امتنع (5) حلف الآخر (6) و اغرم (7)

**********

شرح:

-الخارج لبيّنة الداخل. فلو لم يرجع الى هذا الترجيح فحينئذ يحكم بما يقتضي تعارض البيّنتين.

(1)كما لو كانت بيّنة أحدهما ثلاثة رجال عدول و الآخر اثنين منهما فلا يرجّح كثرة العدد في المقام. و كذلك لو كانت بيّنة أحدهما أعدل من الآخر.

(2)بأن لم يكن المال في يدهما بل كان في يد شخص ثالث فحينئذ يكون ذو اليد من صدّقه المتصرّف في المال.

الضمير في قوله «صدّقه» يرجع الى «من» الموصولة، و في قوله «هي» يرجع الى العين.

(3)أي مع يمين المصدق - بالكسر - و هو الساكن في الدار، بأن يقول المتصرّف:

و اللّه إنّ الدار لهذا.

(4)بصيغة المفعول. يعني يجب على المصدّق - بالفتح - أيضا اليمين للآخر بأنّ المال ليس له.

(5)فاعله مستتر يرجع الى المصدّق - بالكسر -. أي فإن امتنع المصدّق عن الحلف حلف الذي لم يتصرّف في العين.

(6)المراد من «الآخر» هو الذي لم يصدّقه المتصرّف في العين.

(7)بصيغة المجهول. و النائب الفاعل هو الضمير الراجع الى المصدّق - بالكسر - و هو الذي تكون العين في يده.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الآخر الذي لم يصدّقه المتشبّث بالعين.

ص: 362

لحيلولته (1) بينه و بينها بإقراره (2) الأول، و لو صدّقهما (3) فهي (4) لهما بعد حلفهما أو نكولهما. و لهما إحلافه (5) إن ادّعيا علمه، و لو أنكرهما (6) قدّم قوله بيمينه، و لو كان لأحدهما بيّنة في جميع هذه الصور (7)(فهي لذي)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لحيلولته» يرجع الى المصدّق - بالكسر -، و في قوله «بينه» يرجع الى الآخر، و في قوله «بينها» يرجع الى العين. يعني أنّ المصدّق - بالكسر - اذا امتنع من الحلف بما يصدّقه يحكم عليه أن يغرم المال للآخر الذي حلف بكونه له، لأنه بتصديقه الغير حال بين العين و الآخر الحالف بكونها له.

(2)الباء للسببية. يعني أنّ كون المصدّق حائلا بينه و بين المال بسبب إقراره بكون المال متعلّقا بالأول، فاذا أخذه الأول حكم بغرامة المال مثلا أو قيمة على الآخر، كما لو أقرّ بالعين لشخص ثمّ أقرّها لآخر فتعطى العين للأول و يغرم للثاني المثل أو القيمة، كما سيأتي في كتاب الإقرار إن شاء اللّه تعالى.

(3)فاعله مستتر يرجع الى من بيده، و ضمير التثنية المفعولي يرجع الى المدّعيين للعين.

(4)أي تكون العين لكليهما بالسويّة بعد حلفهما أو نكولهما عن اليمين.

(5)يعني يجوز للمدّعيين المذكورين إحلاف المتشبّث بالعين اذا ادّعيا بأنه يعلم أنّ الحقّ يتعلّق بأيّ منهما.

(6)بأن قال المتشبّث بالعين: بأنّها متعلّقة بشخصه و كذّب دعواهما للعين، فيقدّم حينئذ قوله، لأنه منكر، فيحلف اذا لم يقيما بيّنة لدعواهما.

(7)المراد من «الصور» تصديق المتشبّث أحدهما، أو كليهما، أو تكذيبهما و إنكارهما. ففي جميع هذه الصور لو أقام أحدهما بأنّ المال له حكم بكونه لذي البيّنة.

ص: 363

(البيّنة) مع يمينه (1).

لو أقاماها رجّح الأعدل

(و لو أقامها (2) رجّح الأعدل) شهودا، فإن تساووا في العدالة (فالأكثر) (3) شهودا، فإن تساووا فيهما (4)(فالقرعة)، فمن خرج اسمه حلف (5) و اعطي الجميع، فإن نكل احلف الآخر و أخذ (6)، فإن امتنعا قسّمت نصفين (7)، و كذا يجب اليمين على من رجّحت بيّنته (8). و ظاهر العبارة عدم اليمين فيهما (9)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «يمينه» يرجع الى ذي البيّنة.

(2)أي لو أقام المدّعيان للعين البيّنة و تعارضا بينهما رجّحت بيّنة الأعدل على العادل.

(3)أي حكم بالبيّنة التي تكون أكثر شهودا.

(4)بأن تكون البيّنتان متساويتين من حيث العدالة و الكثرة فحينئذ يحكم بالقرعة بينهما.

(5)فاعله مستتر يرجع الى من خرج اسمه بالقرعة.

(6)أي لو نكل من خرج اسمه بالقرعة عن اليمين احلف الآخر و أخذ جميع المال.

(7)أي في صورة امتناع من خرج اسمه بالقرعة و الآخر عن اليمين تقسم العين بينهما بالسويّة.

(8)كما لو كانت بيّنة أحدهما أعدل أو أكثر من بيّنة الآخر فحينئذ تجب اليمين عليه أيضا.

(9)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى القرعة و ترجيح إحدى البيّنتين بما ذكر من العدالة و الكثرة. يعني أنّ ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «رجّح الأعدل فالأكثر فالقرعة» هو عدم وجوب الحلف.

ص: 364

و الأول (1) مختاره في الدروس، في الثاني (2) قطعا و في الأول (3) ميلا.

لو تشبّث أحدهما فاليمين عليه

(و لو تشبّث أحدهما) (4) أي تعلّق بها (5) بأن كان ذا يد عليها (فاليمين عليه) (6) إن لم يكن للآخر بيّنة، سواء (7) كان للمتشبّث بيّنة أم لا، (و لا يكفي بيّنته عنها) (8) أي عن اليمين، لأنه منكر فيدخل في عموم «اليمين على من أنكر» (9) و إن كان له بيّنة، فلو نكل (10) عنها حلف الآخر و أخذ، فإن نكل (11) أقرّت في يد المتشبّث.

**********

شرح:

(1)المراد من «الأول» هو لزوم القسم. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في الدروس بلزوم اليمين في القرعة قطعا.

(2)المراد من «الثاني» هو الترجيح بالقرعة.

(3)المراد من «الأول» هو ترجيح البيّنة بالعدالة و الكثرة. يعني أنّ المصنّف في كتابه الدروس مال الى وجوب اليمين في الأول أيضا.

(4)كما لو كان المال في يد أحدهما و كلّ من المتشبّث و الخارج ادّعيا كونه له.

(5)الضميران في قوليه «بها» و «عليها» يرجعان الى العين المتنازع فيها.

(6)يعني يكون اليمين على ذي اليد في صورة عدم البيّنة للآخر و إلاّ يحكم بالعين له.

(7)يعني لا فرق في وجوب اليمين على ذي اليد بين كونه مع البيّنة أو لم يكن.

(8)يعني لا تكفي بيّنته عن اليمين لأنه منكر و اليمين على من أنكر.

(9)بهذا المضمون وردت روايات عديدة. (راجع الوسائل: ج 18 ص 215 ب 25 من أبواب كيفية الحكم ح 3).

(10)أي لو نكل ذو اليد عن اليمين حلف الآخر و أخذ العين.

(11)فاعله مستتر يرجع الى الآخر. يعني لو نكل المدّعي الآخر أيضا عن اليمين بعد نكول ذي اليد عنها تستقرّ العين في يد ذي اليد و يكون حاكما في النزاع.

ص: 365

لو أقاما أي المتشبّث و الخارج بيّنة ففي الحكم لأيّهما خلاف

(و لو أقاما) أي المتشبّث و الخارج (بيّنة ففي الحكم لأيّهما خلاف) (1).

فقيل: تقدّم بيّنة الداخل مطلقا (2)، لما روي (3) أنّ عليا عليه السّلام قضى بذلك، و لتعارض (4) البيّنتين، فيرجع إلى تقديم ذي اليد.

**********

شرح:

(1)يعني اذا أقام ذو اليد بيّنة على كونها له و أقام الخارج بيّنة أيضا بأنها له ففي تقديم بيّنة أحدهما على بيّنة الآخر أقوال:

الأول: تقدّم بيّنة ذي اليد مطلقا، سواء شهدت بالملك المطلق أم المقيّد.

الثاني: تقدّم بيّنة الخارج مطلقا كما ذكر.

الثالث: تقدّم بيّنة الخارج اذا شهدت بيّنة كليهما بالملك المطلق أو المقيّد، أو شهدت بيّنة الخارج بالملك المسبّب.

الرابع: تقدّم بيّنة الداخل اذا شهدت بيّنة كليهما بالملك المسبّب.

(2)أي سواء شهدتا بالملك المطلق أو المسبّب.

و المراد بالملك المطلق كأن تشهد بأنّ العين ملك لفلان.

و المراد بالملك المسبّب كأن تشهد بأنّ العين ملك لفلان بالإرث أو الاشتراء أو الهبة أو غير ذلك من أسباب الملك. و هذا هو القول الأول من الأقوال الأربعة المذكورة.

(3)الرواية الدالّة على تقدّم بيّنة الداخل منقولة في الوسائل:

عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام اختصم إليه رجلان في دابّة و كلاهما أقاما البيّنة أنه أنتجها، فقضى بها للذي في يده، و قال:

لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين. (الوسائل: ج 18 ص 182 ب 12 من أبواب كيفية الحكم ح 3).

(4)هذا دليل آخر لتقدّم بيّنة الداخل على بيّنة الخارج.

ص: 366

و قيل: (1) الخارج مطلقا، عملا بظاهر الخبر المستفيض (2) من أنّ القول قول ذي اليد و البيّنة بيّنة المدّعي، الشامل لموضع النزاع (3).

**********

شرح:

(1)هذا هو القول الثاني من الأقوال الأربعة المذكورة.

من حواشي الكتاب: هذا قول سلاّر و ابن زهرة و ابن إدريس لقوله صلّى اللّه عليه و آله:

البيّنة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين شهادة البيّنتين بالملك المطلق أو المقيّد، كما تقدّم في القول الأول.

(2)المراد من «الخبر المستفيض» هو المنقول مستفيضا من المحدّثين أكثر من واحد، فإنّ الخبر الدالّ على تقدّم بيّنة الخارج ظاهرا نقله عليّ بن إبراهيم في تفسيره (ج 2 ص 156 في تفسير آية 38 من سورة الروم). و نقله الصدوق رحمه اللّه في العلل (ج 2 ص 190 ب 151). و الطبرسي في الاحتجاج (ج 1 ص 122).

عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن أبي عمير عن عثمان بن عيسى و حمّاد بن عثمان جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث فدك أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لأبي بكر: أ تحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين ؟ قال: لا، قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ادّعيت أنا فيه من تسأل البيّنة ؟ قال: إيّاك كنت أسأل البيّنة على ما تدّعيه على المسلمين، قال: فإذا كان في يدي شيء فادّعى فيه المسلمون تسألني البيّنة على ما في يدي و قد ملكته في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بعده و لم تسأل المؤمنين البيّنة على ما ادّعوا عليّ كما سألتني البيّنة على ما ادّعيت عليهم ؟ - الى أن قال -: و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: البيّنة على من ادّعى، و اليمين على من أنكر. (الوسائل: ج 18 ص 215 ب 25 من أبواب كيفية الحكم ح 3).

(3)يعني عموم قول ذي اليد و البيّنة للمدّعي شامل لموضع النزاع، فظاهره

ص: 367

و قيل: (1) تقدّم بيّنة الخارج إن شهدتا (2) بالملك المطلق أو المسبّب (3)، أو بيّنته (4) خاصّة بالسبب، و لو انفردت به (5) بيّنة الداخل قدّم. و قيل: (6) مع تسبّبهما تقدّم بيّنة الداخل أيضا. و توقّف المصنّف هنا (7) و في

**********

شرح:

-اختصاص البيّنة للخارج و هو المدّعي.

(1)هذا هو القول الثالث من الأقوال المذكورة، و هو اختيار المحقّق في الشرائع و العلاّمة في التحرير و القواعد و جملة من كتبه عملا بظاهر الخبر المستفيض.

(2)بأن شهدت البيّنتان بالملك المطلق.

(3)بأن شهدت البيّنتان بالملك المسبّب بأحد أسباب الملك، بأن شهدتا أنهما مالكان بالإرث أو الشراء كما تقدّم.

(4)الضمير في قوله «بيّنته» يرجع الى الخارج. يعني تقدّم بيّنة الخارج أيضا في صورة شهادتها بالملك المسبّب و شهادة بيّنة الداخل بالملك المطلق.

و قوله «خاصّة» منصوبة حال للبيّنة. أي حال كون البيّنة مخصوصة بالسبب.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى السبب، و فاعل «انفردت» هو قوله «بيّنة الداخل». يعني لو شهدت بيّنة الداخل بالملك المسبّب و الخارج بالملك المطلق قدّمت بيّنة الداخل في هذه الصورة خاصّة.

(6)هذا هو القول الرابع، بأنّ البيّنتين اذا شهدتا على الملك المسبّب قدّمت بيّنة الداخل أيضا، في مقابل القول الثالث بتقدّم بيّنة الخارج في هذا الفرض.

من حواشي الكتاب: هذا قول الشيخ في النهاية و ابن البرّاج للجمع بين الأخبار التي دلّ بعضها على تقديم الداخل مع بيان السبب و بعضها على تقديم الخارج. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(7)فإنّ المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب لم يختر أحدا من الأقوال في قوله «و لو أقاما بيّنة ففي الحكم لأيّهما خلاف» بل توقّف في الحكم.

ص: 368

الدروس (1) مقتصرا (2) على نقل الخلاف و هو (3) في موضعه لعدم دليل متين من جميع الجهات. و في شرح الإرشاد رجّح (4) القول الثالث، و هو مذهب الفاضلين (5). و لا يخلو من رجحان (6).

(و لو تشبّثا (7) و ادّعى أحدهما الجميع و الآخر النصف)

**********

شرح:

(1)يعني و كذلك في كتابه الدروس.

(2)حال من المصنّف رحمه اللّه. يعني أنه اقتصر في الكتابين على نقل الخلاف في المسألة.

(3)الضمير يرجع الى التوقّف المعلوم من قوله «توقّف المصنّف». يعني أنّ توقّف المصنّف رحمه اللّه في حكم المسألة يكون في موضعه، و هذا تأييد لنظر المصنّف رحمه اللّه.

و قد علّل الشارح رحمه اللّه تأييده لعدم وجود دليل محكم على ذلك.

(4)فاعله مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في شرحه على الإرشاد رجّح القول الثالث و هو تقدّم بيّنة الخارج إذا شهدت البيّنتان بالملك المطلق، أو المسبّب، أو شهدت بيّنة الخارج بالسبب.

(5)المراد من «الفاضلين» هو العلاّمة و المحقّق رحمهما اللّه.

(6)يعني ترجيح المصنّف رحمه اللّه و مذهب الفاضلين لا يخلو من الرجحان.

من حواشي الكتاب: أنت خبير بأنه ليس في الأخبار التي تدلّ على اعتبار الخروج و الدخول ما يدلّ على رجحان هذا القول، بل منها ما يدلّ على رجحان الخارج إمّا مطلقا أو مع تسبيبهما، و منها ما يدلّ على رجحان الداخل مع تسبيبهما.

و يمكن أن يقال برجحانه مع انفراده بالسبب بطريق أولى كما هو القول الرابع، و هنا أقوال اخر. (حاشية آقا جمال رحمه اللّه).

(7)بأن كانت العين في يديهما و ادّعى أحدهما الجميع و الآخر النصف مشاعا و لم

ص: 369

مشاعا (1)(و لا بيّنة اقتسماها) نصفين (بعد يمين مدّعي النصف) للآخر (2)، من دون العكس (3) لمصادقته (4) إيّاه على استحقاق النصف الآخر (5).

و لو كان النصف المتنازع معيّنا (6) اقتسماه بالسويّة بعد التحالف فيثبت لمدّعيه (7) الربع. و الفرق (8) أنّ كلّ جزء من العين على تقدير الإشاعة

**********

شرح:

-تكن لأحدهما بيّنة على ما ادّعاه فحينئذ يحكم بتقسيم العين المتنازع نصفين بعد يمين مدّعي النصف، لأنّ في المقام يكون مدّعي النصف ذي يد بالنسبة إليه و هو منكر فعليه اليمين، و مدّعي الجميع يكون مدّعيا بالنسبة الى النصف و لا بيّنة له.

(1)قيد للنصف. يعني يدّعي النصف بصورة المشاع.

(2)و هو مدّعي الجميع. أي يحلف مدّعي النصف لمدّعي الجميع.

(3)أي لا يحكم باليمين على مدّعي الجميع.

(4)الضمير في قوله «مصادقته» يرجع الى مدّعي النصف، و في قوله «إيّاه» يرجع الى مدّعي الجميع.

(5)يعني أنّ مدّعي النصف يصدّق الآخر بالنسبة الى النصف، فلا حاجة في إثباته الى اليمين.

(6)كما اذا كان نصف الدار مثلا في يد أحدهما و النصف الآخر منه في يد الآخر، فادّعى أحدهما الجميع و الآخر النصف، فحينئذ يجري عليهما قانون التحالف ثمّ يقتسما النصف بالسويّة.

(7)فاذا حكم بتنصيف النصف المتنازع بينهما حصل لمدّعي النصف ربع الدار مثلا و لمدّعى الجميع ثلاثة أرباعه.

(8)أي الفرق بين كون النصف المتنازع معيّنا و مشاعا في الحكم هو التنصيف في المشاع و تنصيف النصف في المعيّن.

ص: 370

يدّعي كلّ منهما تعلّق حقّه به و لا ترجيح، بخلاف المعيّن إذ لا نزاع في غيره (1)، و لم يذكروا في هذا الحكم خلافا (2)، و إلاّ فلا يخلو من نظر.

لو أقاما بيّنة فهي للخارج

(و لو أقاما (3) بيّنة فهي للخارج على القول بترجيح بيّنته، و هو (4) مدّعي الكلّ ) لأنّ في يد مدّعي النصف النصف، فمدّعي الكلّ خارج

**********

شرح:

-إن كلّ جزء من العين المشاع يكون مورد ادّعاء لكلّ منهما بتعلّق حقّه عليه و لا ترجيح، فيحكم بالتنصيف، بخلاف المعيّن، و هو واضح.

(1)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المعيّن.

(2)يعني أنّ الشارح رحمه اللّه في الحكم يستند بحصول الإجماع من الفقهاء لعدم الخلاف بينهم، فقال بأنه لو لم يحصل الإجماع فالحكم المذكور، و الفرق بينهما لا يخلو من إشكال.

وجه النظر هو: أنّ الاستدلال بتقسيم النصف المتنازع بأنه لا نزاع في النصف الآخر اذا كان معيّنا يجري في صورة كون النصف المتنازع مشاعا أيضا، لأنّ النصف في كليهما مورد تصادقهما بأنه لمدّعي الجميع و النزاع في النصف الباقي، فلا مجال للفرق بينهما.

من حواشي الكتاب: أنت خبير بأنهم ذكروا في باب الصلح أنه لو كان بيدهما درهمان فادّعاهما أحدهما و ادّعى الآخر أحدهما خاصّة فللثاني نصف درهم و للأول الباقي. (حاشية آقا جمال رحمه اللّه).

(3)أي في صورة ادّعاء أحدهما الجميع و الآخر النصف لو أقام كلاهما بيّنة حكم ببيّنة الخارج على القول بترجيح بيّنة الخارج، كما تقدّمت الأقوال في ذلك. (راجع هامش 1 من صفحة 366).

(4)أي الخارج في المسألة، و هو مدّعي الجميع.

ص: 371

عنه (1)(و على) القول (الآخر) (2) يقسّم (بينهما) نصفين كما (3) لو لم يكن بيّنة، لما ذكرناه من (4) استقلال يد مدّعي النصف عليه، فإذا رجّحت ببيّنته (5) به أخذه (6)، و لو أقام أحدهما (7) خاصّة بيّنة حكم بها (8).

لو كانت في يد ثالث و صدّق أحدهما صار صاحب اليد

(و لو كانت (9) في يد ثالث و صدّق أحدهما صار صاحب اليد) فيترتّب عليه ما فصّل (10)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى النصف.

(2)و هو القول بتقدّم بيّنة الداخل، فتقدّم بيّنته و يقسّم بينهما بالنصف.

(3)أي كما يقسم بينهما نصفين اذا لم تكن بيّنة لأحدهما.

(4)بيان للدليل المذكور، و هو استقلال يد مدّعي النصف. فعند ترجيح بيّنته يأخذ النصف فيبقى الباقي للآخر و هو معلوم.

(5)فاعل لقوله «رجّحت». و الضمير فيه يرجع الى مدّعي النصف، و في قوله «به» يرجع الى استقلال يده. يعني اذا رجّحنا بيّنة مدّعي النصف بسبب استقلال يده بالنسبة إليه أخذه ببيّنته.

(6)الضمير في قوله «أخذه» يرجع الى النصف.

(7)هذا أيضا في صورة ادّعاء أحدهما الجميع و الآخر النصف. فلو أقام مدّعي الجميع البيّنة حكم له بالجميع، أو أقام مدّعي النصف البيّنة حكم له بالنصف.

(8)الضمير المؤنث في قوله «بها» يرجع الى البيّنة، و الباء للسببية.

(9)أي لو كانت العين التي يدّعي أحدهما جميعها و الآخر نصفها في يد شخص ثالث و صدّق أحدهما صار صاحب يد، فيقدّم حينئذ قوله باليمين لو لم تكن البيّنة لأحدهما.

(10)من تقديم قوله مع اليمين، و تقديم بيّنة الداخل أو الخارج اذا كانت البيّنة لكليهما.

ص: 372

(و للآخر (1) إحلافهما). و لو أقاما بيّنة فللمستوعب (2) النصف، و تعارضت البيّنتان في الآخر، فيحكم للأعدل (3) فالأكثر فالقرعة، و يقضى لمن خرج بيمينه (4)، فإن امتنع حلف الآخر، فإن نكلا (5) قسّم بينهما، فللمستوعب ثلاثة أرباع (6) و للآخر (7) الربع، و قيل: (8) يقسّم على ثلاثة، فلمدّعي الكلّ اثنان، و لمدّعي النصف واحد، لأنّ المنازعة

**********

شرح:

(1)أي الذي لم يصدّقه من كانت العين في يده يحلف المصدّق و المصدّق.

و الضمير في قوله «إحلافهما» يرجع الى ثالث و أحدهما.

(2)المراد من «المستوعب» هو الذي يدّعي الجميع، فإذا أقام مدّعي الجميع و مدّعي النصف البيّنة اعطي نصف العين لمدّعي الجميع لعدم التنازع بالنسبة إليه، و تتعارض البيّنتان في النصف الباقي.

(3)فيأتي فيه ما تقدّم من ترجيح الأعدل و الأكثر ثمّ القرعة اذا تساويا من جميع الجهات.

(4)قد تقدّم إطلاق المصنّف رحمه اللّه في الحكم لمن خرج اسمه بالقرعة بلا تقييده باليمين.

و نقل الشارح رحمه اللّه قوله عن كتابه الدروس بلزوم القرعة.

(5)كما اذا امتنع مدّعي النصف و الكلّ عن اليمين فيحكم حينئذ بالتقسيم بينهما.

(6)أي لمن ادّعى الجميع يعطى ثلاثة أرباع العين، و لمن ادّعى النصف يعطى ربع العين، لأنّ النصف منها لم يكن مورد نزاع، بل تسالما لكونه متعلّقا بمدّعي الجميع، فيبقى نزاعهما في النصف الباقي فينصّف، و ذلك ربع الجميع.

(7)المراد من «الآخر» هو الذي يدّعي النصف.

(8)أي القول الآخر في المسألة تقسيم المال على ثلاثة أقسام، فيعطى لمدّعي الجميع اثنان و لمدّعي النصف واحد.

ص: 373

وقعت (1) في أجزاء غير معيّنة فيقسّم على طريق العول (2) على حسب

**********

شرح:

(1)فاعله مستتر يرجع الى المنازعة. يعني نزاع مدّعي الكلّ و النصف يقع في أجزاء غير معيّنة فيقسّم على حسب سهامهما. فإنّ السهم الذي يطلبه مدّعي الجميع اثنان - و بعبارة اخرى: نصفان - و الذي يطلبه الآخر نصف، فتقسّم العين الموجودة بنسبة السهمين المذكورين.

مثلا اذا طلب أحد من زيد دينارين و الآخر دينارا واحدا و لم يكن لزيد إلاّ دينار واحد قسّم الدينار الموجود بينهما أثلاثا، فلصاحب الدينارين ثلثاه، و لصاحب الواحد ثلثه، فينقص من كلّ منهما بمقدار سهمه.

و كذلك اذا كان لأحد دينارين و لآخر دينارا واحدا عند الودعي فسرق الديناران و بقي واحد فحينئذ يقسّم الباقي بينهما أثلاثا على نسبة ما عند الودعي منهما.

(2)العول - على وزن القول، من عال يعول عولا -: جار، و مال عن الحقّ فهو عائل. (أقرب الموارد).

و العول - في الاصطلاح الفقهي -: زيادة سهام الورثة على الحصص المفروضة في التركة. قال الشارح رحمه اللّه بخصوص ذلك في مسائل الإرث: «سمّي هذا القسم عولا إمّا من الميل... لميلها (ميل الفريضة) بالجور عليهم على أهل الفريضة بنقصان سهامهم، أو من عال الرجل: اذا كثر عياله لكثرة السهام فيها».

و اعلم أنّ من المسائل الخلافية بين الإمامية و العامّة في الإرث مسألتان:

الاولى: إرث العصبة على تقدير زيادة الفريضة عن السهام عند العامّة بخلاف الخاصّة قال المصنّف رحمه اللّه في كتاب الإرث «و لا ميراث للعصبة إلاّ مع عدم القريب». و سيأتي التوضيح و التفصيل في كتاب الإرث إن شاء -

ص: 374

سهامها و هي (1) ثلاثة كضرب (2) الديّان مع قصور مال المفلس، و كلّ

**********

شرح:

-اللّه تعالى.

الثانية: لزوم العول و النقص في الفرائض عند العامّة و عدمه عند الخاصّة.

توضيح: اذا ماتت امرأة و لها زوج يطلب النصف ممّا تركته و اختان يطلبان الثلثين منه فإذا فرض ما تركته ستة رءوس شاة فيطلب الزوج منها النصف و هو ثلاث منها و تطلبان الاختان الثلثين و هما أربعة منها فينقص المال عن السهام.

ففي المقام قال العامّة بدخول النقص و هو الواحد على الزوج و الاختين بنسبة سهامهم. و قال الخاصّة بدخول النقص على الاختين، لأنّ الزوج من أهل الفروض التي لا يزيد و لا ينقص بخلاف الاختين، فإنّ الزيادة لو حصلت تكون لهما، و النقص أيضا يدخل عليهما.

و لا يخفى أنّ قوله «يقسّم على طريق العول على حسب سهامها» يراد به العول على مبنى العامّة لا الخاصّة، فإنّهم لا يلتزمون بدخول النقص على الجميع، كما فهمت في المثال المتقدّم.

(1)الضمير يرجع الى السهام. يعني أنها ثلاثة: اثنان منها لمدّعي الكلّ و واحد منها لمدّعي النصف.

(2)تشبيه لكيفية التقسيم بين المدّعيين بالقسمة بين الغرماء.

فاذا كان لأحد في ذمّة زيد عشرة دنانير و الآخر خمسة دنانير فالمجموع يكون خمسة عشر دينارا، و نسبة العشرة الى الخمسة عشر ثلثان، و نسبة الخمسة إليها ثلث. فلو كان عند المفلس ستة دنانير يأخذ صاحب العشرة أربعة منها و صاحب الخمسة اثنين.

فكذلك المتداعيان في المسألة فيأخذ مدّعي الكلّ الثلثين و مدّعي النصف ثلثا.

ص: 375

موضع (1) حكمنا بتكافئ البيّنات، أو ترجيحها بأحد الأسباب إنّما هو مع إطلاقها أو اتّحاد التاريخ.

(و لو كان تاريخ إحدى البيّنتين أقدم (2) قدّمت) لثبوت (3) الملك بها سابقا فيستصحب (4). هذا إذا شهدتا بالملك المطلق (5) أو المسبّب (6) أو بالتفريق (7). أمّا لو شهدت إحداهما باليد و الاخرى بالملك، فإن كان المتقدّم (8) هو اليد رجّح الملك

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المواضع التي حكمنا بتساوي البيّنات أو ترجيح بيّنة الداخل على الخارج أو بالعكس إنّما ذلك في صورة إطلاق البيّنة أو إطلاقها.

فلو كانت إحدى البيّنتين أقدم من حيث التاريخ قدّمت على المتأخّر.

(2)كما لو شهدت بيّنة أحدهما بالملك في السنة الماضية و بيّنة الآخر بالملك في السنة الحاضرة قدّمت ذات التاريخ المتقدّم.

(3)فاذا ثبت الملك سابقا بالبيّنة المتقدّمة بالتاريخ استصحب الملك.

(4)فاعله مستتر يرجع الى الملك. يعني لما ثبتت الملكية في السابق بمقتضى بيّنتها المعلومة و شكّ في ارتفاعها بعد شهادة البيّنة الثانية لتعارضها بالاولى فلا ترفع اليد عن الملكية الثابتة السابقة بها لاستصحابها.

(5)بأن شهدت البيّنتان بأنّ هذا المال ملك لفلان.

(6)كما اذا شهدتا بأنه ملك لفلان بالإرث أو الشراء.

(7)كما اذا شهدت إحداهما بالملك المطلق أي من دون ذكر السبب، و الاخرى بالملك المسبّب أي مع ذكر السبب.

(8)بأن شهدت إحدى البيّنتين بأنّ العين كانت في يد فلان و شهدت الاخرى بأنها كانت ملكا لفلان فحينئذ يحكم برجحان البيّنة الشاهدة للملك.

ص: 376

لقوّته (1) و تحقّقه الآن، و إن انعكس (2) ففي ترجيح أيّهما قولان للشيخ (3)، و توقّف المصنّف في الدروس مقتصرا على نقلهما (4).

**********

شرح:

(1)الضميران في قوله «لقوّته و تحقّقه» يرجعان الى الملك، و قوله «الآن» ظرف للتحقّق. يعني أنّ وجه الرجحان هو قوّة الشهادة بالملك بالنسبة الى الشهادة باليد و تحقّق الملك في الزمان الحاضر.

(2)بأن شهدت البيّنة الأولى - أي المتقدّمة - بالملك، و الثانية - أي المتأخّرة - باليد.

ففي ترجيح أيّهما على الآخر قولان.

(3)فإنّ الشيخ الطوسي رحمه اللّه قال بترجيح بيّنة اليد في موضع و بغيرها في آخر.

(4)الضمير في قوله «نقلهما» يرجع الى القولين. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه الدروس بأنّ في ترجيح أيّ منهما قولان، و لم يختر أحدا منهما.

ص: 377

القول في القسمة

اشارة

(القول في القسمة) (1)

معنى القسمة

(و هي تمييز أحد النصيبين) فصاعدا (2)(عن الآخر، و ليست بيعا) عندنا (3)(و إن كان فيها ردّ)

**********

شرح:

القسمة (1)القسمة - بالكسر -: اسم من الاقتسام، و النصيب أيضا، جمعها: قسم كقوله: يا قاسم الرزق قد خانتني القسم. (أقرب الموارد).

فالبحث هنا هو في كيفية تقسيم النصيبين عن الآخر.

و الضمير في قوله «هي» يرجع الى القسمة.

(2)أي في تقسيم الأنصباء.

النصيب: الحظّ و الحصّة من الشيء، جمعه: أنصبة و أنصباء و نصب. (أقرب الموارد، المنجد).

(3)يعني أنّ القسمة ليست بيعا عندنا نحن الإمامية و إن كان فيها الردّ، كما لو اشتمل أحدهما على زائد.

من حواشي الكتاب: نبّه به على خلاف بعض العامّة، حيث زعم أنها بيع مطلقا، و منهم من جعل قسمة الردّ بيعا دون غيرها، و منهم من جعل قسمة -

ص: 378

لأنها (1) لا تفتقر إلى صيغة، و يدخلها (2) الإجبار و يلزمها (3)، و يتقدّر (4)

**********

شرح:

-التراضي بيعا دون غيرها، و وافقنا جماعة منهم على أنها تميّز حقّ و ليست بيعا مطلقا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: و عند الشافعي بيع بناء على أحد قوليه، لأن الشريك يبدّل نصيبه من أحد السهمين بنصيب صاحبه من السهم الآخر، و هذا - على حدّ قوله - حقيقة البيع. (راجع المغني: ج 10 ص 197). و الصحيح أنها ليست بيعا لفقدها ما يعتبر في البيع من الإيجاب و القبول، و عدم الإكراه و الإجبار، و عدم جريان الشفعة فيها، و أنها تلزم بإخراج القرعة، و أنها يتقدّر أحد النصيبين بقدر الآخر اذا كانت الحصص متساوية، بخلاف ما اذا كانت مختلفة فإنّها لا تتقدّر أحد النصيبين بقدر الآخر. (حاشية السيد كلانتر حفظه اللّه).

(1)الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى القسمة.

من هنا يذكر الشارح رحمه اللّه أدلّة عدم كون القسمة بيعا، و هي:

الأول: عدم افتقار القسمة بالصيغة.

الثاني: دخول الإجبار في القسمة بخلاف البيع.

الثالث: تقدير أحد النصيبين بمقدار الآخر.

(2)أي يدخل القسمة الإجبار. بمعنى أنّ الشريك اذا امتنع من التقسيم أجبره الحاكم بها.

(3)فاعله مستتر يرجع الى الإجبار، و الضمير المفعولي يرجع الى القسمة. يعني أنّ التقسيم و لو بإجبار الشريك يوجب كونها لازمة بحيث لا يجوز فسخه.

(4)هذا هو الدليل الثالث من الأدلّة المذكورة، و هو لزوم تقدير النصيبين اذا كان الشريكان متساويين في الاستحقاق و الحصص، كلّ بمقدار الآخر من حيث الكيف و الكمّ .

ص: 379

أحد النصيبين بقدر الآخر، و البيع ليس فيه (1) شيء من ذلك، و اختلاف اللوازم (2) يدلّ على اختلاف الملزومات.

و اشتراك (3) كلّ جزء يفرض قبلها (4) بينهما، و اختصاص كلّ واحد (5)

**********

شرح:

(1)أي ليس في البيع شيء من المذكورات، و هي: عدم الافتقار الى الصيغة، و دخول الإجبار، و تقدير أحد النصيبين بمقدار الآخر.

(2)فاذا اختلفت اللوازم اختلفت الملزومات، فاذا لم توجد في القسمة لوازم البيع فلا يحكم بكونها بيعا لفقد اللوازم الدالّة على فقد الملزوم.

(3)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «ليس حدّا» و بذلك أشار الى استدلال القائلين بكون القسمة بيعا، بأنّ اشتراك كلّ جزء في المال المشترك قبل التقسيم بين الشريكين و إزالة ملك الشريك في مقابل عوض مقدّر يوهم كون القسمة من البيع.

و يدفع الشارح رحمه اللّه ذلك التوهّم بأجوبة ثلاثة و التي قرّرها الفاضل التوني رحمه اللّه:

الأول: أنّ تحقّق البيع يحتاج الى إيجاب و قبول، و الحال أنّ القسمة لا تحتاج إليهما بل تتحقّق بدونهما.

الثاني: تحقّق بعض البيوع بلا تراض من الطرفين، مثل إلزام الشارع بالتساوي بين الأجناس الربوية عند البيع.

الثالث: النقض بالصلح، فإنّه أيضا إزالة ملك بعوض معلوم برضاية الطرفين، و الحال أنه ليس بيعا حقيقة.

(4)الضمير في قوله «قبلها» يرجع الى القسمة، و في قوله «بينهما» يرجع الى الشريكين.

(5)أي كلّ واحد من الشريكين.

ص: 380

بجزء (1) معيّن، و إزالة ملك الآخر عنه (2) بعدها (3) بعوض مقدّر بالتراضي، ليس (4) حدّا لبيع (5) حتّى يدلّ (6) عليه.

و تظهر الفائدة (7) في عدم ثبوت الشفعة للشريك بها (8) و عدم (9)

**********

شرح:

(1)الجار و المجرور متعلّقان بقوله «اختصاص». يعني اختصاص كلّ واحد من الشريكين بجزء معيّن بعد التقسيم و إزالة ملك الشريك الآخر عمّا اختصّ بصاحبه لا يوجب كون ذلك حدّا للبيع.

(2)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى جزء معيّن.

(3)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى القسمة.

(4)خبر لقوله «و اشتراك» و ما عطف عليه من قوليه «اختصاص» و «إزالة».

(5)يعني كون الأجزاء مشتركة بينهما قبل التقسيم و اختصاص أحدهما بجزء منها و إزالة ملك الآخر عنه بعوض مقدّر بالتراضي بينهما لا يعدّ تعريفا للبيع.

(6)فاعله مستتر يرجع الى قوله «اشتراك كلّ جزء... الخ».

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى البيع. يعني حتّى يدلّ هذه الأشياء المذكورة على أنّ القسمة بيع.

(7)يعني تظهر فائدة الاختلاف بين كون القسمة بيعا و عدمه في ثبوت حقّ الشفعة و عدمها. فلو قيل بكونها بيعا ثبت حقّ الشفعة للشريك، و إلاّ فلا.

(8)الضمير في قوله «بها» يرجع الى القسمة.

(9)بالجرّ، عطفا على قوله «عدم ثبوت الشفعة». و هذه أيضا فائدة اخرى للاختلاف بين كون القسمة بيعا و عدمه.

فلو قيل بكونها بيعا، فاذا قسّم النقدين مثل الذهب و الفضّة و تفرّقا قبل التقابض حكم ببطلانها لاشتراط التقابض في المجلس في بيع النقدين.

ص: 381

بطلانها (1) بالتفرّق قبل القبض فيما يعتبر فيه التقابض في البيع (2)، و عدم (3) خيار المجلس و غير ذلك.

يجبر الشريك على القسمة لو التمس شريكه القسمة

(و يجبر الشريك) (4) على القسمة (لو التمس شريكه) القسمة،(و لا ضرر و لا ردّ). و المراد بالضرر نقص قيمة الشقص (5) بها (6) عنه (7) منضما نقصا فاحشا، على ما اختاره المصنّف في الدروس، و قيل: مطلق (8) نقص القيمة، و قيل: عدم الانتفاع

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بطلانها» يرجع الى القسمة.

(2)كما يشترط التقابض في مجلس العقد في صحّة بيع النقدين.

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «عدم ثبوت الشفعة». و هذه أيضا فائدة ثالثة للاختلاف المذكور، بأنه لو قيل بعدم كون القسمة بيعا فلا يثبت فيها خيار المجلس لاختصاصه بالبيع.

(4)أي يلزم الشريك بتقسيم المال المشترك اذا التمس منه شريكه القسمة بشرطين:

الأول: عدم الضرر.

الثاني: عدم الردّ على الشريك الآخر.

(5)الشقص - بالكسر -: النصيب و السهم و القطعة من الشيء. (أقرب الموارد).

(6)الضمير في قوله «بها» يرجع الى القسمة.

(7)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الشقص. و قوله «منضمّا» حال. يعني أنّ المراد من الضرر المانع من لزوم التقسيم هو النقص الحاصل في سهم الشريك امّا يكون منضمّا الى سهم الآخر. و هذا ما اختاره المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(8)يعني قال البعض بأنّ المراد من الضرر هو مطلق الضرر الحاصل من التقسيم.

ص: 382

به (1) منفردا، و قيل: عدمه (2) على الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة، و الأجود الأول (3).

لو تضمّنت ردّا لم يجبر

(و لو تضمّنت (4) ردّا) أي دفع عوض خارج عن المال المشترك من أحد الجانبين (لم يجبر) (5) الممتنع منهما، لاستلزامه (6) المعاوضة على جزء من مقابله صوري (7) أو معنوي،

**********

شرح:

(1)أي القول الآخر هو الضرر الذي يوجب عدم الانتفاع من الشقص.

(2)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى الانتفاع. و هذا هو القول الرابع في المسألة.

من حواشي الكتاب: قوله «قيل مطلق نقص القيمة» هذا القول حكاه الشيخ رحمه اللّه في المبسوط عن بعض المتأخّرين، و قال: هو قوي، و حكى الثالثة أيضا، و قال: و هو الأقوى عندي، و اختاره في المختلف. و القول الرابع مجهول القائل. و مرجع الأقوال الى الخبر المشهور و هو قوله «لا ضرر و لا ضرار».

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(3)المراد من «الأول» هو النقص الحاصل عنه منضما نقصا فاحشا.

(4)فاعله مستتر يرجع الى القسمة. يعني لو كانت القسمة موجبة للردّ لا يحكم إلزاما على الشريك بالقسمة.

(5)جواب لقوله «لو تضمّنت».

(6)الضمير في قوله «لاستلزامه» يرجع الى لزوم الردّ.

(7)قوله «صوري أو معنوي» صفتان للجزء. يعني أنّ الردّ يوجب المعاوضة بالنسبة الى جزئه الصوري كما لو كان في القسمة زيادة من حيث الكميّة، أو المعنوي كما لو كان في القسمة زيادة من حيث الكيفية.-

ص: 383

و هو (1) غير لازم.

لا يجبر الممتنع لو كان فيها ضرر

(و كذا) لا يجبر (2) الممتنع (لو كان فيها ضرر، كالجواهر (3) و العضائد (4) الضيّقة (5) و السيف). و الضرر في هذه

**********

شرح:

-من حواشي الكتاب: صفتان للجزء، لأنّ قسمة الردّ قد يكون باعتبار زيادة عين في أحد الجزءين من المقسوم دون الآخر، كما لو قسّم أرض متساوي الأجزاء و يكون فيها نخلة قيمتها عشرة دراهم يردّ من وقعت في نصيبه على الآخر نصف العشرة. و قد يكون باعتبار زيادة القيمة كما لو كان المقسوم عبدين أحدهما أعلى قيمة من الآخر.

و الردّ هنا يستلزم المعاوضة على الجزء المعنوي، و في الأول على الجزء الصوري.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)الضمير يرجع الى المعاوضة، و تذكيره باعتبار كون المراد منها الردّ.

(2)أي لا يجبر الشريك الذي يمتنع عن التقسيم بالقسمة في صورة حصول الضرر في التقسيم.

(3)الجواهر: جمع مفرده جوهر.

الجوهر الفرد: هو الجزء الذي لا يقبل الانقسام.

جوهر الشيء: ما وضعت عليه جبلّته، و كلّ حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، و ما يقابل العرض و هو الموجود القائم بنفسه. (أقرب الموارد).

و المراد هنا هو الشيء الذي لا يقبل القسمة.

(4)العضائد: جمع مفرده العضادة. عضادتا الباب: خشبتاه من جانبيه. (أقرب الموارد، المنجد).

و المراد هنا مصراعا الباب.

(5)صفة للعضائد. و لعلّ المراد من «الضيّقة» هو الصغيرة.-

ص: 384

المذكورات يمكن اعتباره بجميع المعاني (1) عدا الثالث (2) في السيف (3) فإنّه ينتفع بقسمته غالبا في غيره (4) مع نقص فاحش (5).(فلو طلب) أحدهما (المهاياة) (6) و هي قسمة المنفعة بالأجزاء (7) أو بالزمان (8)(جاز و لم يجب) إجابته (9)، سواء كان ممّا يصحّ قسمته (10) إجبارا أم لا، و على تقدير الإجابة لا يلزم الوفاء

**********

شرح:

-و يحتمل كون المراد من «العضائد» هو الدكاكين مجازا بقرينة الضيّقة المذكورة بعدها.

(1)المراد من «المعاني» هو ما تقدّم ذكرها من نقص قسمة الشقص نقصا فاحشا، و مطلق النقص و عدم الانتفاع به منفردا. و اللام للعهد الذكري.

(2)المراد من «الثالث» هو عدم الانتفاع به منفردا.

(3)يعني أنّ قسمي الضرر من الأقسام الثلاثة المذكورة يتصوّر في تقسيم السيف لا القسم الثالث منها، و هو عدم الانتفاع به منفردا بعد القسمة، لأنّ السيف قابل الانتفاع به غالبا بعد تقسيمه جزءين في غير ما وضع له.

(4)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى ما ينتفع بالسيف.

(5)أي النقص الذي يحصل في تقسيم السيف فاحشا.

(6)المهاياة من هايأه في الأمر مهاياة: وافقه. و قد تبدّل الهمزة ياء للتخفيف فيقال:

هايتيه مهاياة. (أقرب الموارد).

(7)بأن يختصّ الانتفاع من جزء ما يشترك بأحدهما و الجزء الآخر للآخر.

(8)بأن ينتفع كلّ من الشريكين شهرا واحدا من المال المشترك.

(9)أي لا يجب على المطلوب عنه القسمة إجابة ما يطلبه صاحبه.

(10)المراد من «ما يصحّ قسمته إجبارا» هو الذي يقبل القسمة.

ص: 385

بها (1)، بل يجوز لكلّ منهما فسخها، فلو استوفى أحدهما ففسخ الآخر (2) أو هو (3) كان عليه اجرة حصّة الشريك.

إذا عدّلت السهام و اتّفقا لزم

(و إذا عدّلت (4) السهام) بالأجزاء إن كانت (5) في متساويها كيلا (6) أو وزنا أو ذرعا أو عدّا بعدد الأنصباء (7)، أو بالقيمة (8) إن اختلفت كالأرض و الحيوان (و اتّفقا (9) على اختصاص كلّ واحد بسهم لزم (10) من غير)

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «بها» و «فسخها» يرجعان الى المهاياة.

(2)أي الآخر الذي لم يستوف شيئا بعد المهاياة.

(3)يعني لو فسخ الذي استوفى تجب عليه اجرة ما استوفاه.

(4)أي اذا سوّيت السهام بالأجزاء.

عدل المتاع: جعله عدلين. (المنجد).

(5)فاعله تاء التأنيث الراجعة الى الأجزاء. و الضمير في قوله «متساويها» يرجع الى الأجزاء. يعني لو كانت الأجزاء متساوية، مثل الحنطة و الشعير و التمر و العنب.

(6)التساوي من حيث الكيل يكون في الحنطة، و من حيث الوزن يكون في الذهب و الفضّة، و من حيث الذرع يكون في القماش، و من حيث العدّ يكون في البيض و الجوز.

(7)الأنصباء: جمع مفرده النصيب. بمعنى الحظّ ، أي بعدد الحصص.

(8)عطف على قوله «بالأجزاء». يعني اذا عدّلت السهام بالقيمة فيما لو كانت العين المشتركة قيميا مثل الحيوان و الأرض.

(9)فاعله مستتر يرجع الى الشريكين.

(10)جواب لقوله «اذا عدّلت السهام و اتّفقا».

ص: 386

قرعة لصدق القسمة مع التراضي الموجبة (1) لتميّز الحقّ ، و لا فرق بين قسمة الردّ و غيرها.(و إلاّ) يتّفقا على الاختصاص (2)(أقرع) بأن يكتب أسماء الشركاء (3) أو السهام كل في رقعة و تصان، و يؤمر من (4) لم يطّلع على الصورة بإخراج إحداهما (5) على اسم أحد المتقاسمين (6) أو أحد

**********

شرح:

-و فاعله مستتر يرجع الى ما اتّفقا في القسمة.

من حواشي الكتاب: و معنى اللزوم أن ليس لأحدهما فسخه إلاّ أن يتّفقا.

(حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(1)صفة للقسمة. يعني أنها توجب لتميّز الحقّ بلا حاجة الى القرعة.

(2)يعني لو لم يتّفق الشريكان باختصاص ما عدّلت من السهام بل حصل الاختلاف بينهما بأن ادّعى كلّ اختصاص ما يدّعيه الآخر فحينئذ يقرع بينهما.

(3)كما لو كانت الأرض مشتركة بين ثلاثة (زيد، عمرو، بكر) تقسّم الأرض ثلاث قطعات، فتكتب أسامي الشركاء في رقعات ثلاث، فتخرج الرقعات واحدا بعد واحد، فكلّ من أخرجته القرعة باختصاصه لقطعة معيّنة فهي تختصّ به.

أو تكتب أسامي قطعات الأرض في رقعات ثلاث فتقرع و يخرج كذلك، فكلّ قطعة تختصّ بمن عيّنته القرعة من الشركاء.

(4)بالرفع محلاّ لكونه نائب فاعل لقوله «يؤمر».

(5)الضمير في قوله «إحداهما» يرجع الى الرقعتين المكتوبة فيهما أسامي الشركاء أو السهام.

(6)هذا في صورة كتابة السهام في الرقعات.

و قوله «متقاسمين» بصيغة الجمع.

ص: 387

السهام (1). هذا إذا اتّفقت السهام قدرا (2).

و لو اختلفت (3) قسّم على أقلّ

**********

شرح:

(1)و هذا في صورة كتابة أسامي الشركاء في الرقعات.

(2)كما اذا كان سهم كلّ من الشركاء بمقدار سهم الآخر منهم.

(3)فاعله تاء التأنيث الراجعة الى السهام.

من حواشي الكتاب: أي اذا اختلفت السهام قدرا - كما اذا كان لأحدهم النصف و للآخرين الثلث و السدس مثلا - فتقسّم العين على أقلّ السهام، بأن يؤخذ أقلّ السهام الذي هو السدس مثلا، فتقسّم العين المشتركة بحسبها الى ستة أقسام، ثمّ يجعل لكلّ سهم رقم مستقلّ مرتّبا، ثمّ تكتب أسماء الشركاء في الرقاء و تخبأ في كيس أو صندوق، ثمّ تخرج اولى رقعة بإزاء الرقم الأول.

فإن كان المخرج صاحب النصف فيعطى له الأول، ثمّ الثاني و الثالث من الأرقام أي السدس الأول و الثاني و الثالث، فالمجموع نصف. و إن كان المخرج الأول صاحب الثلث يعطى له الأول، ثمّ الثاني فنصيبه مجموع السدسين و هو الثلث.

و إن كان المخرج الأول صاحب السدس يعطى له الأول فقط ، ثمّ بعد المخرج الأول سواء كان صاحب النصف أم الثلث أم السدس يخرج الثاني.

فإن كان المخرج الثاني هو صاحب الثلث يعطى له الرابع و الخامس و هما السدسان، فيصير المجموع ثلثا، و يبقى سدس واحد يعطى لصاحب السدس من دون احتياج الى إخراج الرقعة.

و أمّا إن كان المخرج الثاني صاحب السدس يعطى له الرابع و الباقي و هو الخامس و السادس لمن له الثلث.

و أمّا إن كان المخرج الأول صاحب الثلث أخذ الرقم الأول و الثاني و هما -

ص: 388

السهام (1) و جعل لها (2) أول يعيّنه المتقاسمون (3) و إلاّ الحاكم. و تكتب

**********

شرح:

-السدسان، فالمجموع ثلث.

ثمّ يخرج اسم آخر، فإن كان المخرج صاحب النصف أخذ الثالث و الرابع و الخامس، و الباقي - و هو السدس - لصاحب السدس من دون احتياج الى إخراج الرقعة.

و أمّا إن كان المخرج الثاني صاحب السدس يعطى له الرقم الثالث، الباقي لصاحب النصف، من دون اخراج اسم آخر.

و أمّا إن كان المخرج الأول صاحب السدس أخذ الرقم الأول فيخرج اسم ثان.

فإن كان صاحب النصف يعطى له الثاني و الثالث و الرابع، فيصير المجموع نصف، و الباقي - و هما السدسان - لصاحب الثلث، من دون احتياج الى اخراج الرقعة.

و أمّا إن كان المخرج الثاني بعد المخرج الأول هو صاحب الثلث فيعطى له الثاني و الثالث و الباقي لصاحب النصف. (حاشية السيّد كلانتر حفظه اللّه).

(1)كما تقدّم تقسيم السهام في المثال المذكور على ستة أسهم، و التي هي مخرج السدس، و هو أقلّ السهام.

من حواشي الكتاب: كأن يكون لأحدهم سدس و للآخر ثلث و للآخر نصف، حينئذ يقسّم أسداسا و تجعل السهام مرتّبا، فإن خرج اسم صاحب النصف أولا أخذ ثلاثة أسداس على الترتيب، و هكذا. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(2)الضمير في قوله «لها» يرجع الى السهام المقسومة. يعني يجعل للسهام المقسومة أول ثمّ ثاني و هكذا، فيما لو كثرت السهام و عيّنها المتقاسمون و تراضوا بذلك.

(3)يعني يعيّن الأول نفس المتقاسمون اذا اتّفقوا، و إن اختلفوا يعيّنه الحاكم الشرعي.

ص: 389

أسماؤهم (1) لا أسماء السهام حذرا (2) من التفريق، فمن خرج اسمه أولا أخذ من الأول و أكمل نصيبه منها (3) على الترتيب، ثمّ يخرج الثاني إن كانوا أكثر من اثنين، و هكذا (4). ثمّ إن اشتملت القسمة على ردّ (5) اعتبر رضاهما (6) بعدها، و إلاّ (7) فلا.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أسماؤهم» يرجع الى المتقاسمين.

(2)أي خوفا من تفريق حصص المشتركين. كما لو خرج اسم صاحب الثلث في المثال المتقدّم أولا فيعطى له رقم الخارج من الأرقام، ثمّ يخرج له اسم رقم آخر بعيدا عن الأول، فحينئذ يحصل التفريق بين حصّتي صاحب الثلث و كذلك لو خرج صاحب النصف الذي له ثلاثة أرقام من السهام الستة، و المطلوب هو تقارب الحصص و تجاورها لكلّ واحد من أصحاب السهام.

(3)الضمير في قوله «منها» يرجع الى السهام. يعني أنّ الذي خرج اسمه أولا يأخذ الرقم الأول و يكمل نصيبه من الثاني و الثالث على الترتيب لا بالتفريق.

(4)أي و هكذا يخرج الثالث بعد إكمال الثاني نصيبه على الترتيب، بلا تفريق بين أرقام سهامه.

(5)كما لو احتاج التقسيم الى ردّ شيء من جانب الذي لا يعادل الآخر من حيث القيمة بل يزيد عنه.

(6)الضمير في قوله «رضاهما» يرجع الى المتقاسمين، و في قوله «بعدها» يرجع الى القسمة. يعني اعتبر رضا المتقاسمين بعد القسمة فيما لو كانت حصّة أحدهما زائدة عن الآخر و موجبة لإعطاء شيء فإنه يعتبر رضاهما.

(7)يعني فإن لم تشتمل القسمة على الردّ فلا تحتاج الى رضاهما بعد القسمة بل يجبرون عليها.

ص: 390

لو ظهر غلط في القسمة بطلت

(و لو ظهر غلط ) (1) في القسمة ببيّنة (2) أو باطّلاع (3) المتقاسمين (4) (بطلت (5)، و لو ادّعاه) أي الغلط (أحدهما و لا بيّنة حلف الآخر) لأصالة الصحّة (6)، فإن حلف (7)(تمّت) القسمة،(و إن نكل) عن اليمين (حلف المدّعي) إن لم يقض (8) بالنكول (و نقضت) (9).

لو ظهر في المقسوم استحقاق بعض

(و لو ظهر) في المقسوم (استحقاق بعض (10) معيّن بالسويّة) لا يخلّ

**********

شرح:

(1)أي لو ظهر الاشتباه في القسمة بأن لم يتحقّق التساوي بين الحصص حكم ببطلان القسمة.

(2)أي كان ظهور الغلط في القسمة بشهادة البيّنة.

(3)أي كان ظهور الغلط في القسمة باطّلاع المتقاسمين.

(4)يجوز قراءتها بصورة الجمع و التثنية.

(5)فاعله تاء التأنيث الراجعة الى القسمة.

(6)فإنّ قول منكر الغلط يطابق الأصل و هو أصالة صحّة القسمة.

(7)فاعله مستتر يرجع الى الآخر الذي ينكر الغلط .

(8)فإنّ النكول يوجب القضاء على الناكل على قول، و يردّ الحلف المنكول الى الآخر على قول آخر.

(9)بصيغة المجهول. و النائب الفاعل هو الضمير المؤنث الراجع الى القسمة.

(10)يعني لو ظهر بعد التقسيم مقدار من المال المقسوم مستحقّا للغير بحيث لا يخلّ إخراجه ممّا أخذه المتقاسمون لا يحكم بنقض التقسيم. كما لو كان السهمان من مجموع السهام الستة من الأرض المقسومة بين الشخصين مستحقّا للغير، فاذا اخرج ثلث ما في يد كلّ منهما و اعطي للغير فلا يخلّ التعديل في تقسيمها و لا يوجب بطلان القسمة بينهما.

ص: 391

إخراجه بالتعديل (فلا نقض) (1) لأنّ فائدة القسمة باقية، و هو إفراد كلّ حقّ على حدة (2)،(و إلاّ) يكن متساويا (3) في السهام بالنسبة (نقضت) (4) القسمة لأنّ ما يبقى لكلّ واحد لا يكون بقدر حقّه، بل يحتاج أحدهما (5) إلى الرجوع على الآخر و تعود الإشاعة (6).(و كذا (7) لو كان) المستحقّ (مشاعا) لأنّ القسمة حينئذ (8) لم تقع برضاء جميع الشركاء.

**********

شرح:

(1)أي لا يحكم بنقض التقسيم الحاصل بينهما، لأنّ فائدة التقسيم - و هي إفراد حقّ كلّ منهما - باقية.

(2)يعني أنّ كلّ منهما أفرد حقّه على حدة.

(3)كما لو كانت حصّة المستحقّ مختلفة، بأن كان له من حصّة أحدهما ثلث و من حصّة الآخر ثلثان.

(4)النائب الفاعل هو الضمير المؤنث الراجع الى القسمة.

(5)أي يحتاج أحد المتقاسمين أن يرجع الى الآخر بقدر حقّه.

(6)يعني يعود الاشتراك بينهما.

(7)يعني و كذا يحكم ببطلان القسمة في صورة كون حقّ المستحقّ مشاعا و غير معيّن، مثل المثال المتقدّم.

(8)يعني أن التقسيم في صورة كون حقّ المستحقّ مشاعا لم يكن برضاء جميع الشركاء الذي منهم المستحقّ .

ص: 392

ص: 393

ص: 394

كتاب الشهادات

اشارة

كتاب الشهادات (1)

**********

شرح:

كتاب الشهادات (1)الشهادات: جمع مفردها الشهادة، من شهد يشهد مثل علم يعلم، أو من باب شهد يشهد مثل شرف يشرف شهادة عند الحاكم لفلان أو على فلان: أدّى ما عنده من الشهادة، فهو شاهد، جمعه: شهد و شهود و أشهاد. (أقرب الموارد، المنجد).

الشهادة مصدر: خبر قاطع. اسم من شهد له أو عليه، اليمين، الموت في سبيل اللّه.

عالم الأكوان الظاهرة، و يقابله عالم الغيب. (المنجد، أقرب الموارد).

الشهيد و الشهيد: الأمين في شهادته. الذي لا يغيب شيء عن علمه، القتيل في سبيل اللّه، جمعه: شهداء. (المنجد).

هذه هي المعاني اللغوية للشهادة.

أمّا في الشرع فالشهادة هو إخبار عن حقّ لازم لغيره، و لا يخفى إتيان الشهادة بصيغة الجمع باعتبار الحقوق التي تثبت بنوع من الشهادات، فإنّ من الحقوق ما لا تثبت إلاّ بشهادة أربعة رجال مثل اللواط و السحق، و منها ما تثبت بأربعة رجال أو ثلاثة و امرأتين و هو حدّ الزنا الموجب للرجل، و منها ما يثبت برجلين خاصّة مثل الردّة و القذف و حدّ السرقة، كما سيأتي تفصيل ذلك كلّه إن شاء اللّه تعالى في كتاب الحدود.

ص: 395

(و فصوله (1) أربعة):

الفصل الأوّل الشاهد

شرطه البلوغ و العقل و الإسلام و الإيمان و العدالة و عدم التهمة

(و شرطه (2) البلوغ إلاّ في) الشهادة على (الجراح) (3) ما لم يبلغ النفس (4)، و قيل: مطلقا (5)(بشرط (6) بلوغ العشر) سنين (و أن)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فصوله» يرجع الى الكتاب. يعني أنّ في الكتاب فصول أربعة، و هي:

الفصل الأول: في شروط الشاهد.

الفصل الثاني: في تفصيل الحقوق.

الفصل الثالث: في الشهادة على الشهادة.

الفصل الرابع: في الرجوع عن الشهادة.

الشاهد (2)يعني يشترط في الشاهد البلوغ، إلاّ في الشاهد على الجراح. و هذا هو الشرط الأول فيه.

(3)الجراح - بكسر الجيم - واحدته جراحة، و جمعها أيضا: جراحات، و منه قوله:

جراحات السنان لها التئام. (أقرب الموارد).

(4)أي ما لم يبلغ الجراح الى حدّ القتل.

(5)أي سواء بلغ الجراح حدّ القتل أم لا.

(6)يعني يشترط في الشاهد الغير البالغ في خصوص الجراح بلوغه عشر سنين بأن يتمّ التسع و يبلغ العشر.

ص: 396

(يجتمعوا (1) على مباح، و أن لا يتفرّقوا (2)) بعد الفعل المشهود به إلى أن يؤدّوا الشهادة. و المراد حينئذ (3) أنّ شرط البلوغ ينتفي و يبقى ما عداه (4) من الشرائط التي من جملتها (5) العدد و هو اثنان في ذلك (6)، و الذكورية (7)، و مطابقة الشهادة للدعوى (8)،

**********

شرح:

(1)أي الشرط الثاني في سماع شهادة غير البالغ اجتماعهم على لعب مباح لا الحرام. بمعنى أن يلعبوا بأمر مباح بالنسبة الى المكلّفين، و إلاّ فلا تكليف في حقّ الصبيان.

أقول: لم يدلّ على هذا الشرط دليل من لسان الروايات.

(2)هذا هو الشرط الثالث في شهادة غير البالغ، و هو عدم تفرّق الشهود بعد مشاهدتهم الفعل المشهود به الى زمان أدائهم الشهادة عند الحاكم، فلو تفرّقوا بعد الفعل المشهود ثمّ أدّوا الشهادة لا تقبل شهادتهم.

(3)قوله «حينئذ» إشارة الى ما تقدّم من قوله رحمه اللّه «بشرط بلوغ العشر، و أن يجتمعوا على مباح، و أن لا يتفرّقوا». يعني أنّ ذكر العبارة المذكورة يوجب أن يراد منها لزوم سائر الشروط في شهادة غير البالغ من العدد و الذكورة و غيرها إلاّ البلوغ فقط .

(4)الضمير في قوله «ما عداه» يرجع الى البلوغ.

(5)أي من جملة الشروط اللازمة في صحّة الشهادة هو العدد.

(6)يعني أنّ العدد اللازم في الشهادة على الجراح هو اثنان لا أكثر، بخلاف الشهادة على الزنا و اللواط مثلا، فالعدد اللازم فيهما هو أربعة.

(7)أي يشترط في الشاهد على الجراح كون الشاهد ذكرا.

(8)من جملة الشروط في الشهادة هو تطابق الشهادة لما يدّعي المدّعي.

ص: 397

و بعض (1) الشهود لبعض، و غيرهما (2). و لكن روي (3) هنا (4) الأخذ بأول قولهم لو اختلف (5)، و التهجّم (6) على الدماء في غير محلّ الوفاق (7) ليس بجيّد (8).

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على الشهادة في قوله «و مطابقة الشهادة». أي من جملة الشروط هو تطابق قول بعض الشهود لقول الآخر.

(2)الضمير في قوله «غيرهما» يرجع الى العدد و المطابقة. أي غير العدد و المطابقة من سائر الامور التي تعتبر في الشاهد.

(3)الرواية منقولة في الوسائل:

عن جميل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: تجوز شهادة الصبيان ؟ قال: نعم في القتل يؤخذ بأوّل كلامه، و لا يؤخذ بالثاني منه. (الوسائل: ج 18 ص 252 ب 22 من أبواب الشهادات ح 1).

(4)المشار إليه في قوله «هنا» هو شهادة الصبيان.

و الضمير في قوله «قولهم» يرجع الى الصبيان.

(5)فاعله مستتر يرجع الى «قولهم». أي اختلف تعبير الصبيان في الشهادة.

(6)التهجّم - من هجم عليه هجوما -: انتهى إليه بغتة على غفلة منه. (أقرب الموارد).

و هو مبتدأ، و خبره هو قوله «ليس بجيّد».

(7)المراد من «محلّ الوفاق» في شهادة الصبيان هو كونها واجدة لجميع شروط الشهادة من العدد و المطابقة و غيرهما إلاّ البلوغ.

(8)حاصل كلام الشارح رحمه اللّه هو أنّ الاستناد الى الرواية و الأخذ بأول قول الصبي - كما لو قال: إنّي رأيت فلانا قتل زيدا مثلا ثمّ عدل و قال: جرح - فإنّه لو كان أخذ القول الأول كافيا في شهادة الصبي بلا اعتناء الى قوله ثانيا و بلا -

ص: 398

و أمّا العدالة (1) فالظاهر أنها غير متحقّقة لعدم التكليف الموجب للقيام بوظيفتها (2) من جهة التقوى، و المروّة (3) غير كافية، و اعتبار (4) صورة الأفعال (5) و التروك (6) لا دليل عليه (7)، و في اشتراط اجتماعهم على المباح تنبيه عليه (8).

**********

شرح:

-اعتبار سائر الشروط اللازمة في الشهادة لكان تهجّما على إراقة الدم، و هو مناف للاحتياط اللازم في الدماء، فإنّه لا يجوز إراقة دم شخص بمجرّد شهادة الصبي مع عدم تثبّته.

(1)يعني أنّ اشتراط العدالة في الصبي غير متحقّقة لعدم التكليف في الصبي الموجب لإقدامه بالوظائف اللازمة في العدالة.

(2)الضمير في قوله «بوظيفتها» يرجع الى العدالة. أي وظائف العدالة التي هي رعاية التقوى.

(3)يعني أنّ الاكتفاء برعاية ترك ما يخالف المروّة بدل العدالة في حقّ الصبي لا يكفي في الحكم بصحّة شهادته.

(4)هذا اعتراض لما يقال بكفاية صورة الأفعال و التروك في حقّ الصبي بأنه لا دليل بذلك.

(5)المراد من «الأفعال» هو الأعمال الواجبة، مثل الصلاة و الصوم و غيرهما.

(6)المراد من «التروك» هو المحرّمات الإلهية، مثل شرب الخمر و أكل الميتة و غير ذلك.

(7)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الاعتبار.

(8)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى عدم تحقّق العدالة. يعني اشتراط اجتماع الصبيان على المباح يدلّ على عدم اعتبار العدالة فيهم، بناء على أنّ بعض اللعب-

ص: 399

(و العقل) (1) فلا تقبل شهادة المجنون حالة جنونه، فلو دار (2) جنونه قبلت شهادته مفيقا (3) بعد العلم باستكمال فطنته في التحمّل (4) و الأداء، و في حكمه (5) الأبله (6)

**********

شرح:

-خلاف المروّة، لكن لا يخفى أنّ لعبهم بما يخالف المروّة في حقّ غيرهم لا يعدّ خلاف المروّة في حقّهم، لأنّ طبيعة الصبيان تقتضي اللعب، حتّى قيل: إنّ الطفل اذا لم يلعب فهو مريض يحتاج الى المداواة.

(1)بالرفع، عطفا على قوله «البلوغ». أي الشرط الثاني في الشاهد هو العقل.

العقل: نور روحاني به تدرك النفس العلوم الضرورية و النظرية.

و قيل: غريزة يتهيأ بها الإنسان لفهم الخطاب، و هو مأخوذ من عقال البعير من معنى الربط . (أقرب الموارد).

و قيل في الشرع: العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان.

(2)بأن كان جنونه أدواريا.

(3)قوله «مفيقا» بصيغة اسم الفاعل على وزان مجيب، منصوب للحالية. يعني تقبل شهادة المجنون الأدواري في حال سلامته من الجنون.

أفاق فلان من مرضه: رجعت الصحّة إليه.

أفاق المجنون من جنونه: رجع إليه عقله. (أقرب الموارد).

(4)أي بعد العلم بكون المفيق ذي فطنة في تحمّل الشهادة و أدائها.

(5)الضمير في قوله «حكمه» يرجع الى المجنون. يعني و في حكم المجنون في عدم قبول شهادته الأبله.

(6)الأبله: من ضعف عقله.

بله يبله بلها و بلاهة: ضعف عقله، فهو أبله، و هي بلهاء، و الجمع: بله. (أقرب الموارد). ناقص است 16 ص كم دارد

ص: 400

و المغفّل (1) الذي لا يفطّن لمزايا الأمور.

(و الإسلام) (2) فلا تقبل شهادة الكافر و إن كان ذميّا (و لو كان المشهود عليه كافرا على الأصحّ (3)) لاتّصافه (4) بالفسق و الظلم المانعين من قبول الشهادة، خلافا للشيخ رحمه اللّه حيث قبل شهادة أهل الذمّة لملّتهم (5) و عليهم (6) استنادا إلى رواية ضعيفة (7)

**********

شرح:

(1)المغفّل - بتشديد الفاء بصيغة اسم المفعول من باب التفعيل -: من لا فطنة له.

(أقرب الموارد).

(2)بالرفع، عطفا على قوله «البلوغ». أي الشرط الثالث من شروط الشاهد هو الإسلام.

(3)أي الأصحّ عند المصنّف رحمه اللّه من القولين هو عدم قبول شهادة الكافر و لو كانت على الكافر. في مقابل قول الشيخ رحمه اللّه بقبول شهادة الكافر على ملّته.

(4)الضمير في قوله «اتّصافه» يرجع إلى الكافر.

(5)بأن كانت شهادة الذّمي بضرر الذّمي من ملّته.

(6)بأن كانت شهادة الذمّي بضرر الذّمي من ملّته.

(7)المراد من «الرواية ضعيفة» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن زرعة عن سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة أهل الملّة. قال:

فقال: لا تجوز إلاّ على أهل ملّتهم... الحديث. (الوسائل: ج 18 ص 284 ب 38 من أبواب الشهادات ح 2).

و وجه الضعف فيها هو وقوع زرعة و سماعة في سندها.

عن أبي علي الحائري المازندراني في كتابه الرجالي «منتهى المقال» بأنّ زرعة

ص: 401

و للصدوق (1) حيث قبل شهادتهم على مثلهم و إن خالفهم في الملّة كاليهود على النصارى.

و لا تقبل شهادة غير الدمّي (2) إجماعا، و لا شهادته (3) على المسلم إجماعا (إلاّ (4) في الوصية عند عدم) عدول (5) (المسلمين) فتقبل شهادة الذمّي بها (6)، و يمكن ن يريد اشتراط فقد المسلمين

**********

شرح:

-بن محمّد الحضرمي و سماعة بن مهران الحضرمي واقفيان. (منتهى المقال: ج 3 ص 256 و 407.

(1)أي القول بعدم قبول شهادة الكافر و لو كان المشهود عليه كافرا على خلاف قول الصدوق بقبول شهادة الكافر الذمّي على الآخرين منهم و لو لم يكن المشهود عليه من ملّة الشاهد، كما لو كان الشاهد يهوديا و المشهود عليه نصرانيا.

(2)المراد من «غير الذمّي» هو الذي لم يعمل بالشروط التي ذكروها في حقّ الذمّي من أداء الجزية و عدم خيانته في حقّ المسلمين و غير ذلك.

(3)الضمير في قوله «شهادته» يرجع إلى الذمّي. يعني أنّ شهادة الذمّي لا تقبل على المسلم إجماعا.

(4)استثناء من عدم قبول شهادة الكافر. يعني أنّ شهادته في خصوص الوصية تقبل بشرط عدم عدول المسلمين. أي أنه لو وجد غير العدول من المسلمين للشهادة على الوصية فحينئذ تقبل شهادة الذمّي بها.

(5)احتراز عن وجود غير العدول من المسلمين، فإنّ شهادة الذمّي بالوصية تقبل حينئذ.

(6)الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الوصية.

ص: 402

مطلقا (1) بناء على تقديم المستورين (2) و الفاسقين اللذين (3) لا يستند فسقهما (4) إلى الكذب، و هو قول العلاّمة في التذكرة، و يضعف باستلزامه (5) التعميم (6) في غير محلّ الوفاق (7). و في اشتراط السفر

**********

شرح:

(1)أي سواء كانوا عدولا أم لا.

(2)المراد من «المستورين» من لم يعلم حاله من العدالة و الفسق.

(3)بصيغة التثنية، صفة أو بدل عن المستورين و الفاسقين.

(4)ضمير التثنية في قوله «فسقهما» يرجع إلى المستورين و الفاسقين.

(5)الضمير في قوله «باستلزامه» يرجع إلى قول العلاّمة. أي قوله بتقديم المستورين و الفاسقين يستلزم التعميم، أي قبولهما عند عدم عدول المسلمين في غير الوصية.

(6)بالنصب، مفعولا لقوله «استلزامه». يعني أنّ قول العلاّمة رحمه اللّه بتقديم شهادة المستورين و الفاسقين على شهادة الذمّي يستلزم تعميم تقديمهما في غير مورد الوفاق أيضا.

(7)فإنّ محلّ الوفاق و الإجماع هو تقديم شهادة المسلمين على شهادة الذمّي إذا كانوا عادلين.

فقول العلاّمة رحمه اللّه يستلزم تعميم تقديم شهادة المسلم على شهادة الذمّي فاسقا كان أو عادلا، و الحال أنّ غير العادل لم يتّفق به العلماء.

و المستند لقبول شهادة الذمّي في خصوص الوصية هو الرواية المنقولة في الوسائل:

عن زرعة عن سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة أهل الذمّة قال:

فقال: لا تجوز إلاّ على أهل ملّتهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على

ص: 403

قولان (1)، أظهرهما (2) العدم، و كذا (3) الخلاف في إحلافهما بعد العصر، فأوجبه (4) العلاّمة عملا بظاهر الآية (5). و الأشهر

**********

شرح:

-الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد. (الوسائل: ج 18 ص 287 ب 40 من أبواب الشهادات ح 4).

قد تقدّم ضعفها بوقوع زرعة و سماعة في سندها.

من حواشي الكتاب: وجه استلزامه لذلك أنه يوجب قبول شهادتهم على الوصية عند عدم عدول المسلمين. و محلّ الوفاق قبول شهادة الذمّي عند عدم ذلك. و إثبات الحكم فيما لم يتّفق عليه الأصحاب يحتاج إلى دليل. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)يعني في اشتراط السفر في قبول شهادة الذمّي في الوصية قولان:

الأول: هو اشتراط كون الموصي في حال السفر، و هذا القول منسوب لأبي الصلاح الحلبي و ابن الجنيد الإسكافي رحمهما اللّه.

الثاني: عدم اشتراط كون الموصي في حال السفر، و هذا القول منسوب للشيخ الطوسي و المفيد و ابن إدريس رحمهم اللّه.

(2)ضمير التثنية في قوله «أظهرهما» يرجع إلى القولين. يعنى أظهر القولين عند الشارح رحمه اللّه هو عدم اشتراط كون الموصي في حال السفر.

(3)يعني كما أنّ في اشتراط كون الموصي في حال السفر خلافا كذلك في اشتراط إحلاف الذمّيين بعد صلاة العصر خلاف.

(4)الضمير في قوله «فأوجبه» يرجع إلى الإحلاف. فإنّ العلاّمة رحمه اللّه قال بوجوبه عملا بظاهر الآية.

(5)المراد من «الآية» هو قوله تعالى:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ (1)

ص: 404


1- سوره 5 - آیه 106

العدم (1)، فإن قلنا به (2) فليكن (3) بصورة الآية بأن يقولا بعد الحلف باللّه:

(لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللّهِ إِنّا إِذاً (4) لَمِنَ الْآثِمِينَ ) (1) .

(و الإيمان) (5) و هو هنا (6) الولاء (7)، فلا تقبل شهادة غير الإمامي مطلقا (8) مقلّدا كان أم مستدلاّ (9).

(و العدالة) (10) و هي هيئة نفسانية راسخة

**********

شرح:

-أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللّهِ إِنّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ ) (2) . (المائدة: 106).

(1)أي الأشهر بين الفقهاء هو عدم وجوب إحلافهما.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع إلى الإحلاف.

(3)أي يجب كون الإحلاف بالصورة التي ذكرت في الآية.

(4)يعني لو كنّا نشتري به ثمنا قليلا نكون من الآثمين و العاصين.

(5)أي الشرط الرابع في الشاهد كونه مؤمنا بعد اشتراط كونه مسلما.

(6)المشار إليه في قوله «هنا» هو الشروط اللازمة في الشاهد. يعني أنّ المراد من «الإيمان» هنا هو الولاء و لو أريد من الإيمان في سائر الموارد هو الإسلام.

(7)الولاء - كسماء - الملك، و المحبّة و النصرة، و القرب، و القرابة. (أقرب الموارد).

و المراد هنا هو قبول ولاية الأئمّة الاثني عشر عليهم السّلام.

(8)سواء كان من فرق الشيعة مثل الفطحية و الواقفية و الزيدية أم لا.

(9)أي لا تقبل شهادة غير الإمامي سواء كان من مقلّديهم أو مستدلّيهم.

(10)أي الشرط الخامس من شروط الشاهد كونه عادلا.

ص: 405


1- سوره 5 - آیه 106
2- سوره 5 - آیه 106

تبعث (1) على ملازمة التقوى و المروّة (2) (و تزول (3) بالكبيرة) مطلقا (4)، و هي (5) ما توعّد عليها بخصوصها في كتاب أو سنّة (6)، و هي إلى

**********

شرح:

-العدالة - من عدل يعدل عدلا و عدالة و عدولة: أنصف ضدّ جار. (أقرب الموارد).

و المراد منها هو ما فسّرها الشارح رحمه اللّه.

(1)فاعله مستتر يرجع إلى الهيئة الراسخة.

(2)أي على ملازمة المروّة، و هي كمال الرجولية. لكن المراد هنا آداب نفسانية توجب مراعاتها على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات المناسبة للشخص، و هي تختلف باختلاف الأشخاص و الأمكنة و الأزمنة.

(3)فاعله مستتر يرجع إلى العدالة. يعني أنها تزول بارتكاب المعاصي الكبيرة.

(4)سواء أصرّ على ارتكاب الكبائر أم لا.

(5)الضمير يرجع إلى الكبيرة. يعني أنّ المراد من «الكبيرة» هو المعصية التي ورد التوعّد و التهديد عليها في الكتاب و السنّة.

و اعلم أنه اختلفوا في المعاصي الكبيرة على وجوه:

الأول: القول بعدم الفرق بين المعاصي لكونها مطلقا كبيرة. و هذا القول نسبه الطبرسي رحمه اللّه إلى أصحاب فقهاء الإمامية، لاشتراك جميع المعاصي في مخالفة أوامر اللّه عزّ و جلّ .

الثاني: الكبيرة ما يلحق صاحبها الوعيد الشديد في الكتاب و السنّة.

الثالث: الكبيرة ما توجب الحدّ.

الرابع: الكبيرة ما توعّد عليها بالنار.

و قد اختار الشارح رحمه اللّه بأنّ الكبيرة ما توعّد عليها بخصوصها في كتاب أو سنّة.

(6)المشهور عدم ذكر السنّة.

ص: 406

سبعمائة (1) أقرب منها إلى سبعين و سبعة.

و منها: (2) القتل (3)، و الربا (4)، و الزنا، و اللواط (5)، و القيادة (6)، و الدياثة (7)، و شرب المسكر، و السرقة،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ في خصوص الكبائر من حيث العدد ثلاثة أقوال:

ألف: كونها إلى سبعمائة.

ب: كونها سبعين من المعاصي.

ج: كونها سبعة من المعاصي.

(2)الضمير في قوله «منها» يرجع إلى الكبيرة.

و قد ذكر الشارح رحمه اللّه تعدادا من الكبائر.

(3)أي قتل النفس المحترمة.

(4)الربا هو أخذ الزيادة في معاوضة المتجانسين من المكيل و الموزون، أو أخذ الزيادة في القرض كما فصّل في محلّه.

(5)اللواط من لاط يلوط لوطا الشيء بالشيء: ألصقه. (أقرب الموارد).

و المراد هنا العمل القبيح بين الذكرين.

(6)القيادة - بكسر القاف - من قاد الدابة قيادا و قيادة: نقيض ساقها، فإنّ القود من قدّام، و السوق من خلف. (أقرب الموارد).

و المراد هنا هو السعي بين الشخصين لجمعهما على الوطي المحرّم.

(7)الدياثة - من داث يدث ديثا: لان و سهل. و الديّوث: الذي لا يغار على أهله و لا يخجل. (المعجم الوسيط ).

من حواشي الكتاب: الدياثة: الذي يصير واسطة بين الرجل و امرأته أو غلامه.

ص: 407

و القذف (1)، و الفرار من الزحف (2)، و شهادة الزور (3)، و عقوق (4) الوالدين، و الأمن من مكر اللّه (5)، و اليأس من روح اللّه (6)، و الغصب (7)، و الغيبة (8)، و النميمة (9)، و اليمين الفاجرة (10)، و قطعية الرحم (11)، و أكل مال اليتيم (12) و خيانة

**********

شرح:

-و القيادة: الذي يصير واسطة بين الرجل و المرأة في الزنا، أو بينه و الغلام في اللواط . (حاشية الشهيد الثاني رحمه اللّه).

(1)القذف: هو التعدّي على حرمة الإنسان باتّهامه بالزنا أو اللواط .

(2)الزحف - بفتح الزاء و سكون الحاء -: الجهاد.

(3)الزور: هو الباطل و الظلم.

(4)العقوق: قيل أصل العقوق القطع. يقال: عقّ الرحم، كما يقال: قطعها. (أقرب الموارد).

(5)المراد منه هو عدم الاعتناء باللّه تعالى في ارتكاب المعاصي.

(6)بأن ييأس من رحمة اللّه الواسعة.

(7)بأن يأخذ مال الغير بلا رضاء منه.

(8)الغيبة - بكسر الغين -: مصدر بمعنى ذكر الشخص في غيابه بما يسوؤه لو سمعه.

و ذكروا لها معان أخرى أيضا.

(9)النميمة، و النميم من نمّ الحديث نمّا: أظهره على وجه الإشاعة و الإفساد.

و عبارة المصباح: سعى به ليوقع فتنة. (أقرب الموارد).

و بعبارة أوضح: هي نقل قول الغير إلى المقول فيه. (المكاسب المحرّمة).

(10)أي اليمين الكاذبة.

(11)بأن يقطع الارتباط بينه و بين أرحامه حتّى بالدعاء.

(12)بأن يأكل أموال اليتامى بلا مجوّز شرعي.

ص: 408

الكيل (1) و الوزن، و تأخير الصلاة عن وقتها (2)، و الكذب (3) خصوصا على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و ضرب المسلم بغير حقّ (4)، و كتمان الشهادة (5)، و الرشوة (6)، و السعاية (7) إلى الظالم، و منع الزكاة (8)، و تأخير الحجّ عن عام (9) الوجوب اختيارا، و الظهار (10)، و أكل لحم الخنزير

**********

شرح:

(1)بأن يرتكب الخيانة في الكيل أو الوزن.

(2)بأن يؤخّر الصلاة عن وقت أدائها لا عن وقت فضيلتها.

(3)بأن حدّث بما يخالف الواقع أو يخالف بما يعتقده.

من حواشي الكتاب: و هو أعمّ يدخل فيه البهتان، و هو الكذب عن عمد بقصد الإضرار و الإهانة. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(4)احترز به عن ضرب المسلم بالحقّ ، مثل ضربه بقصد التأديب أو إجراء الحد و التعزير عليه.

(5)كما لو حضر و شهد الحادثة الواقعة لشخص فدعاه للشهادة فكتمها.

(6)الرشوة - مثلّث الراء: - ما يعطى لقضاء مصلحة، أو ما يعطى لإحقاق باطل أو إبطال حقّ ، و جمعها: رُشا و رِشا. (المعجم الوسيط ).

(7)السعاية - بكسر السين من سعى به سعيا و سعاية -: نمّ عليه و وشى به. (أقرب الموارد).

و المراد هو ذكر مساوئ الغير عند الظالم للإضرار به.

(8)بأن يمنع عن أداء الزكاة سواء كانت زكاة مال أو زكاة بدن مثل زكاة الفطرة.

(9)عام - بالميم المخفّف -: السنة.

(10)الظهار - بكسر الظاء -: هو تشبيه المكلّف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه كأن يقول لزوجته: ظهرك عليّ كظهر أمّي أو أختي أو بنتي. و هو محرّم.

ص: 409

و الميتة (1)، و المحاربة بقطع الطريق (2)، و السحر (3)، للتوعّد (4) على ذلك كلّه، و غيره (5). و قيل (6): الذنوب كلّها كبائر، و نسبه (7) الطبرسي في

**********

شرح:

(1)بأن يأكل لحم الخنزير و الميتة في حال الاختيار لا عند الضرورة، فإنّها تبيح المحرّمات كلّها.

(2)كما إذا حارب الناس بقطع الطريق عليهم، و قد ذكر اللّه تعالى على المحارب أربعة عقوبات في قوله:(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) (1) . (المائدة: 33).

قال المصنّف رحمه اللّه في كتاب الحدود: المحاربة و هي تجريد السلاح برّا أو بحرا ليلا أو نهارا لإخافة الناس في مصر و غيره من ذكر أو أنثى قويّ أو ضعيف.

(3)السحر: ما يستعان في تحصيله بالتقرّب من الشيطان ممّا لا يستقلّ به الإنسان.

(المنجد).

و قال الشهيد الثاني: هو كلام أو كتابة يحدث بسببه ضرر على من عمل له في بدنه أو عقله، و منه عقد الرجل عن حليلته و إلقاء البغضاء بينهما و استخدام الجنّ و الملائكة و استنزال الشياطين في كشف الغائبات... الخ. (الروضة البهية: بحث المكاسب المحرّمة).

(4)هذا تعليل كون ما ذكر من المعاصي من الكبائر، و هو التخويف من اللّه تعالى بالنار و العذاب لمن يرتكبها.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى ما ذكر من المعاصي.

(6)من حواشي الكتاب: القائل هو المفيد و ابن البرّاج و أبو الصلاح و الطبرسي رحمه اللّه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(7)الضمير في قوله «نسبه» يرجع إلى القول المذكور.

ص: 410


1- سوره 5 - آیه 33

التفسير إلى أصحابنا (1) مطلقا (2)، نظرا (3) إلى اشتراكها في مخالفة أمر اللّه تعالى (4) و نهيه (5)، و تسمية بعضها (6) صغيرا بالإضافة إلى ما هو أعظم منه، كالقبلة (7) بالإضافة إلى الزنا و إن كانت (8) كبيرة بالإضافة إلى النظرة، و هكذا.

(و الإصرار (9) على الصغيرة) و هي ما دون الكبيرة من الذنب.

و الإصرار إمّا فعلي كالمواظبة على نوع (10) أو أنواع من الصغائر، أو

**********

شرح:

(1)أي إلى أصحابنا الإمامية رحمه اللّه.

(2)مطلقا - بكسر اللام - بصيغة اسم الفاعل منصوب على الحالية. يعني أنّ الطبرسي رحمه اللّه نسب القول المذكور إلى أصحابنا الإمامية بلا تقييد.

(3)مفعول له، تعليل للقول بكون الذنوب كلّها من الكبائر بأنها مشتركة في مخالفة أمر اللّه تعالى و نهيه.

(4)أي في الواجبات الإلهية.

(5)أي في ما نهى اللّه تعالى عنه.

(6)الضمير في قوله «بعضها» يرجع إلى الذنوب.

(7)القبلة - بضمّ القاف و سكون الباء -: اللثمة، و جمعها: القُبَل. (لسان العرب).

(8)فاعله هو تاء التأنيث الراجع إلى القبلة. يعني أنها تكون كبيرة بالنسبة إلى النظر لوجه الأجنبية.

(9)بالجرّ، عطفا على قوله «بالكبيرة». يعني أنّ العدالة تزول أيضا بالإصرار على المعاصي الصغيرة.

(10)بأن يكون مواظبا بارتكاب نوع خاصّ من الصغائر، كما إذا أصرّ على النظر لوجه الأجنبية.

ص: 411

حكمي (1) و هو العزم على فعلها ثانيا بعد وقوعه و إن لم يفعل (2). و لا يقدح (3) ترك السنن إلاّ أن يؤدّي إلى التهاون (4) فيها (5)، و هل هذا (6) هو مع ذلك (7) مع الذنوب ؟ أم مخالفة المروّة ؟ كل محتمل (8)، و إن كان الثاني (9) أوجه.

(و بترك (10) المروّة) و هي التخلّق بخلق (11) أمثاله (12) في زمانه و مكانه،

**********

شرح:

(1)عطف على قوله «فعلي». يعني أنّ الإصرار يكون حكميا، مثل العزم و القصد لارتكاب الصغيرة.

(2)أي و إن لم يرتكب الصغيرة بعد قصده الارتكاب بها.

(3)أي لا يقدح العدالة ترك المستحبّات.

(4)بأن يكون من باب التهاون و عدم الاعتناء بالسنن فحينئذ يخلّ بالعدالة.

(5)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى السنن.

(6)المشار إليه في قوله «هذا» هو ترك السنن.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو التهاون. يعني هل يكون ترك المستحبّات مع التهاون و عدم الاعتناء بها من قبيل الذنوب ؟ أو يكون مخالفة المروّة التي تشترط في تحقّق العدالة ؟.

(8)يعنى يحتمل كونه من الذنوب كما يحتمل كون ترك السنن من مخالفة المروّة.

(9)المراد من «الثاني» هو عدّ ترك السنن مع التهاون من قبيل خلاف المروّة.

(10)عطف على «الإصرار». يعني أنّ العدالة تزول بفعل خلاف المروّة التي تنافي العدالة.

(11)الخلق - بضمّ الخاء و اللام -: الأخلاق.

(12)الضمائر في قوله «أمثاله في زمانه و مكانه» يرجع إلى العادل.

ص: 412

فالأكل في السوق و الشرب فيها (1) لغير سوقي، إلاّ إذا غلبه العطش، و المشي مكشوف الرأس بين الناس، و كثرة السخرية (2) و الحكايات المضحكة، و لبس الفقيه لباس الجندي و غيره (3) ممّا لا يعتاد لمثله (4) بحيث يسخر منه، و بالعكس (5)، و نحو ذلك يسقطها (6). و يختلف الأمر فيها (7)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى السوق.

(2)السخرية - بضمّ السين و سكون الخاء -: الاسم من سخر.

سَخِرَ يسخَر سَخْرا سَخَرا و سُخُرا و مَسخرا به: هزئ به. السخرة - كهمزة -: من يسخر من الناس. (أقرب الموارد).

(3)الضمير في قوله «غيره» يرجع إلى الجندي. يعني ممّا يخالف المروّة لبس الفقيه لباس الجندي و غير الجندي مثل لباس السوقي.

و لا يخفى أنّ لبس الفقيه لباس الجندي يخالف العدالة في بعض الأزمان و الأعصار، و إلاّ إذا حضر الفقيه في ميادين الحرب و لبس لباس الجندي مثل زماننا هذا لا يخالف العدالة، بل يدلّ على شدّة إيمانه و تعهّده بالإسلام و القرآن.

و أنّ جمعا من الفقهاء و أنا الحقير قد لبسنا لباس الجندي و حضرنا في بعض الأمكنة و المواضع أيّام الحرب المفروضة على إيران الإسلام من قبل حكومة العراق الكافرة و ذلك في سنة 1406 هجرى قمري..

(4)الضمير في قوله «لمثله» يرجع إلى الفقيه. يعني أنّ لبس الفقيه لباس الجندي يخالف عدالته و فيما لو لم يعتدّ ذلك بحيث يوجب جلب السخرية عليه.

(5)المراد من قوله «و بالعكس» هو لبس الجندي لباس الفقيه.

(6)خبر لقوله «فالأكل في السوق... إلخ». و الضمير المؤنث فيه يرجع إلى العدالة.

(7)الضمير في قوله «فيها» يرجع إلى المروّة.

ص: 413

باختلاف الأحوال و الأشخاص و الأماكن (1). و لا يقدح (2) فعل السنن و إن استهجنها العامّة و هجرها الناس كالكحل و الحنّاء (3) و الحنك (4) في بعض البلاد. و إنّما العبرة بغير الراجح شرعا.

(و طهارة (5) المولد) فتردّ شهادة ولد الزنا و لو في اليسير (6) على الأشهر. و إنما تردّ شهادته (7) مع تحقّق حاله شرعا، فلا اعتبار بمن تناله الألسن و إن كثرت (8) ما لم يحصل العلم (9) (و عدم التهمة) بضمّ التاء و فتح

**********

شرح:

(1)كما أنّ الأكل و الشرب في السوق للفضلاء و الطّلاب في بلدة قم لا يخالف المروّة بخلاف سائر البلاد التي لم يعتدّ لهم الأكل و الشرب في السوق بحيث يوجب أن يسخر منهم.

(2)أي لا يقدح العدالة فعل المستحبّات و إن استقبحها العوامّ .

(3)الحنّاء - بكسر الحاء و تشديد النون -: نبات يتّخذ ورقه للخضاب الأحمر.

جمعه: حُنآن. (المنجد).

(4)التحنّك: هو أن تدير العمامة من تحت الحنك. (لسان العرب).

(5)بالرفع، عطفا على قوله في أول الكتاب «البلوغ». أي الشرط السادس في الشاهد هو أن لا يكون ولد الزنا.

(6)يعني لا تقبل شهادة ولد الزنا و لو كانت في خصوص مال قليل على الأشهر.

(7)الضميران في قوليه «شهادته» و «حاله» يرجعان إلى ولد الزنا. يعني أنّ شهادته تردّ إذا ثبت كونه ولد الزنا شرعا، فلا اعتبار لما اشتهر بين ألسنة الناس كونه ولد الزنا.

(8)فاعله هو تاء التأنيث الراجع إلى الألسن.

(9)أي ما لم يحصل العلم للقاضي بكون الشاهد ولد الزنا.

ص: 414

الهاء، و هي (1) أن يجرّ إليه (2) بشهادته نفعا، أو يدفع (3) عنه بها ضررا.

(فلا تقبل شهادة الشريك لشريكه (4) في المشترك بينهما) بحيث يقتضي الشهادة المشاركة، (و لا) شهادة (الوصي في متعلّق وصيّته (5))، و لا يقدح في ذلك (6) مجرّد دعواه (7) الوصاية، و لا (8) مع شهادة من لا

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع إلى التّهمة. يعني أنّ التهمة تحصل عند حصول النفع إلى الشاهد من شهادته.

التهمة - بفتح الهاء و سكونها -: اسم من الاتّهام و هو ما يتّهم عليه. و جمعها: تُهَم و تُهَمَات. (المعجم الوسيط ، المنجد).

من حواشي الكتاب: إنّها مشتقّة من الوهم و أصلها: وُهمة، أبدلت الواو تاء كما في تراث و تجاه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)الضميران في قوليه «إليه بشهادته» يرجعان إلى الشاهد.

(3)يعني أنّ التهمة تحصل في صورة دفع الضرر عن الشاهد بشهادته.

و الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الشهادة.

(4)أي لا تقبل شهادة الشريك لنفع شريكه في المال المشترك بينهما.

(5)الضمير في قوله «وصيّته» يرجع إلى الوصي المعلوم بالقرينة. يعني لا تقبل شهادة الوصي في مال للصغير الذي كان متعلّق الوصية لكونه تحت ولايته.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الشهادة.

(7)الضمير في قوله «دعواه» يرجع إلى الشاهد. يعني لا يمنع شهادته بمجرّد دعواه الوصاية ما لم تثبت عند الحاكم.

(8)أي و لا يقدح أيضا شهادة من لا تثبت بشهادته الوصاية بأنّ الشاهد كان وصيا.

ص: 415

تثبت (1) بها، لأنّ (2) المانع (3) ثبوت الولاية الموجبة للتهمة بإدخال المال تحتها (4) (و لا) (5) شهادة (الغرماء للمفلس (6)) و الميّت (7) (و السيّد (8) لعبده) على القول بملكه، للانتفاع بالولاية عليه. و الشهادة في هذه الفروض (9) جالبة للنفع.

**********

شرح:

(1)فاعله هو تاء التأنيث الراجع إلى الوصية.

و الضمير في قوله «بها» يرجع إلى الشهادة.

(2)هذا تعليل عدم قدح دعوى الشاهد الوصاية و عدم قدح شهادة من لا تثبت بشهادته الوصاية في شهادة الشاهد.

(3)أي المانع من نفوذ الشهادة هو ثبوت الولاية شرعا و التي توجب التهمة المانعة من الشهادة.

(4)الضمير في قوله «تحتها» يرجع إلى الولاية.

(5)أي لا تقبل شهادة صاحبي الديون لنفع المفلس.

(6)المفلس: هو الذي حكم بإفلاسه الحاكم بحيث يقسّم الغرماء أمواله الموجودة بنسبة طلبهم منه.

فشهادتهم له بمال توجب التهمة عليهم لأنّ المال المشهود به أيضا يقسّم بينهم مثل سائر أموال المفلس.

(7)أي لا تقبل شهادة الغرماء عن الميّت بمال له لحصول التهمة في ذلك أيضا، مثل المفلس.

(8)أي لا تقبل شهادة السيّد بمال العبد و لو قلنا بملك العبد لحصول التهمة للسيّد في شهادته لولاية السيّد على مال عبده و لو كان مالكا.

(9)المراد من «الفروض» هو شهادة الشريك لشريكه، و شهادة الوصي في متعلّق

ص: 416

(و) أمّا ما يدفع الضرر (1) فشهادة (العاقلة (2) بجرح (3) شهود الجناية) خطأ (4)، و غرماء (5) المفلس بفسق شهود دين آخر، لأنهم (6) يدفعون بها ضرر

**********

شرح:

-الوصية، و شهادة الغرماء للمفلس و الميّت، و شهادة السيّد لعبده.

يعني أن الشهادة فيها توجب جلب النفع للشاهد.

(1)أي أمثلة ما يدفع الضرر بشهادته.

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «فلا تقبل شهادة الشريك لشريكه». يعني لا تقبل شهادة العاقلة بجرح الذين يشهدون الجناية على من هم عاقلته.

العاقلة: هم من يتقرّب الى القاتل بالأب كالإخوة و الأعمام و أولادهما و إن لم يكونوا وارثين في الحال، سمّيت بذلك إمّا من العقل و هو الشدّ لأنها تعقل الإبل بفناء وليّ المقتول المستحقّ للدية، أو لتحمّلهم العقل و هو الدية. و سمّيت الدية بذلك لأنها تعقل لسان وليّ المقتول. و يدخل في العقل العمودان أي الآباء و الأولاد. (راجع آخر كتاب الديات).

(3)المراد من «جرح الشهود» هو تفسيقهم أو عدم تعديلهم، بأن يقول إنّ الشهود على الجناية الواردة على من يعقل عليه ليسوا بعادلين.

(4)أي اذا كانت الجناية خطأ لا تسمع شهادة العاقلة لتعلّق الدية عليهم لا الجناية الواردة عمدا أو شبه عمد، فإنّ شهادتهم تقبل حينئذ لعدم التهمة عليهم.

(5)أي لا تقبل شهادة الذين هم غرماء المفلس بفسق الشهود الذين يشهدون على المفلس بدين آخر.

(6)الضمير في قوله «لأنهم» يرجع الى الغرماء، و في قوله «بها» يرجع الى الشهادة. أي لأنّ الغرماء يدفعون بشهادة أنفسهم الضرر عنهم.

ص: 417

المزاحمة (1). و يمكن اعتباره (2) في النفع، و شهادة الوصي و الوكيل بجرح الشهود على الموصي (3) و الموكّل (4)، و شهادة (5) الزوج بزنا زوجته التي قذفها لدفع ضرر (6) الحدّ.

و لا يقدح مطلق التهمة (7)، فإنّ شهادة الصديق لصديقه مقبولة، و الوارث (8) لمورّثه بدين و إن

**********

شرح:

(1)أي ضرر مزاحمة صاحب الدين عليهم، لأنه أيضا يشترك معهم في تقسيم مال الموجود للمفلس بنسبة طلبه منه، مثل سائر الغرماء.

(2)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع الى الدفع. يعني يمكن أن يكون المورد المذكور للدفع معتبرا في جلب النفع.

(3)بترتيب اللفّ و النشر المرتّب. يعني لا تقبل شهادة الوصي بجرح الشهود على الموصي.

(4)أي لا تقبل شهادة الوكيل بجرح الشهود على الموكّل.

فلو شهد اثنان على الموصي أو على الموكّل في شيء به ضرر عليهما فجرح الوصيّ أو الوكيل الشهود فإنّ جرحهما لا يقبل لأنّ في جرحهما الشهود يدفعان ضررا عنهما و هو نفي الوصاية أو الوكالة.

(5)أي لا تقبل شهادة الزوج بزنا زوجته التي قذفها بنسبة الزنا عليها.

(6)يعني أنّ شهادة الزوج بزنا زوجته هو لدفع الضرر عن نفسه، فلا تقبل شهادته.

(7)المراد من «مطلق التهمة» هو الذي لم توجب الشهادة لجلب النفع أو دفع الضرر.

(8)كما لو أظهر الوارث الشهادة لدين لمورّثه على ذمّة شخص، مثل شهادة أخ -

ص: 418

كان (1) مشرفا على التلف ما لم يرثه (2) قبل الحكم بها (3)، و كذا شهادة رفقاء القافلة (4) على اللصوص (5) إذا لم يكونوا (6) مأخوذين و يتعرّضوا (7) لذكر ما أخذ لهم (8).

**********

شرح:

-لأخيه بدين على ذمّة الآخر، و الحال لم يكن للأخ وارث غيره.

(1)اسم كان مستتر يرجع الى المورّث. يعني و إن كان هو في شرف الموت أيضا.

(2)فاعله مستتر يرجع الى الوارث، و مفعوله الضمير المتّصل به الراجع الى المورّث.

و الحاصل: إنّ الوارث بالقوة تسمع شهادته، و الوارث بالفعل لا تقبل شهادته و ذلك لعود النفع إليه.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الشهادة.

(4)القافلة: جمع مفرده قافل. و جمع الجمع قوافل.

و القافل: الراجع، فإنّ العرب تسمّي الناهضين للغزو قافلة تفاؤلا بقفولهم أي رجوعهم. (أقرب الموارد).

(5)اللصوص: جمع مفرده اللصّ و هو السارق. (أقرب الموارد).

(6)فاعله واو الجمع الراجع الى رفقاء القافلة. يعني أنّ شهادتهم على اللصوص تقبل في صورة عدم كونهم مأخوذ منهم المال، أي لم يكن قد سرق منهم شيء.

(7)بالجزم، عطفا على مدخول «لم» الجازمة. يعني تقبل شهادة رفقاء القافلة على اللصوص في صورة عدم تعرّضهم لذكر ما اخذ منهم، و إلاّ يكونون من المدّعين على اللصوص.

و الواو في قوله «و يتعرّضوا» حالية.

(8)اللام هنا بمعنى «من». أي ما أخذ منهم من الأموال.

ص: 419

المعتبر في الشروط وقت الأداء

(و المعتبر في الشروط ) المعتبرة (1) في الشهادة (وقت الأداء لا وقت التحمّل) فلو تحمّلها ناقصا (2) ثمّ كمل حين الأداء سمعت (3). و في اشتراط استمرارها (4) إلى حين الحكم قولان، اختار المصنّف في الدروس ذلك (5)، و يظهر من العبارة (6) عدمه.

تمنع العداوة الدنيوية

(و تمنع العداوة الدنيوية) (7) و إن لم

**********

شرح:

(1)المراد من «الشروط المعتبرة» هو ما تقدّم من اشتراط البلوغ و العقل و الإسلام و الإيمان و العدالة و طهارة المولد.

(2)أي غير جامع لشروط الشهادة، كما لو تحمّل حال الصغر و أدّاها حال البلوغ.

(3)بصيغة المجهول. و النائب الفاعل هو تاء التأنيث الراجع الى الشهادة.

(4)الضمير في قوله «استمرارها» يرجع الى الشروط .

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الاستمرار. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار استمرار الشروط المذكورة في الشاهد الى زمان حكم الحاكم على وفق الشهادة. فلو زالت العدالة مثلا عن الشاهد قبل حكم الحاكم فلا تقبل شهادته.

(6)أي عبارة المصنّف رحمه اللّه هنا بقوله «و المعتبر في الشروط وقت الأداء لا وقت التحمّل» فإنّها لم تدلّ باستمرارها الى حين الحكم.

و الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى الاستمرار.

(7)كما اذا حصلت العداوة من الشاهد بالنسبة على المشهود عليه من حيث الامور المربوطة بالدنيا، فتلك العداوة تمنع من قبول شهادة الشاهد.

العداوة: اسم بمعنى الخصومة و المباعدة، و يقال: إنّها أخصّ من البغضاء، فإنّ كلّ عدوّ مبغض، و قد يبغض من ليس بعدوّ. (أقرب الموارد).-

ص: 420

تتضمّن (1) فسقا، و تتحقّق (2)(بأن يعلم منه السرور بالمساءة (3)، و بالعكس (4)) أو بالتقاذف (5). و لو كانت العداوة من أحد الجانبين (6) اختصّ بالقبول الخالي (7) منها، و إلاّ (8) لملك كلّ غريم (9) ردّ شهادة العدل عليه (10) بأن يقذفه (11) و يخاصمه.

لو شهد العدوّ لعدوّه قبل

(و لو شهد) العدوّ (لعدوّه قبل إذا كانت)

**********

شرح:

-من حواشي الكتاب: قوله «و تمنع العداوة الدنيوية» فتقبل شهادة المؤمن المحقّ على الكافر و المبتدع، و كذا شهادة من أبغض الفاسق لفسقه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)في بعض النسخ «يتضمّن» لكن لا وجه له.

(2)فاعله هو الضمير الراجع الى العداوة.

(3)المساءة - بفتح الميم -: القبيح من القول و الفعل. (أقرب الموارد).

يعني تعلم العداوة من الشاهد سروره عند استياء المشهود عليه.

(4)أي مساءة الشاهد بسرور المشهود عليه.

(5)كما اذا تقاذف كلّ منهما الآخر بالسباب الذي لا يوجب الفسق.

(6)كما اذا ثبتت العداوة من أحدهما فلا تقبل شهادة من ثبتت عداوته، بخلاف من لم تثبت في حقّه.

(7)نائب فاعل لقوله «اختصّ » بصيغة المجهول.

(8)هذا استثناء من قوله «اختصّ بالقبول الخالي منها».

(9)أي كلّ مديون.

(10)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الغريم.

(11)فاعله مستتر يرجع الى الغريم، و الضمير المفعولي يرجع الى العدل. و كذلك-

ص: 421

(العداوة لا تتضمّن فسقا (1)) لانتفاء التهمة بالشهادة له (2). و احترز بالدنيوية عن الدينية فإنّها (3) غير مانعة، لقبول شهادة المؤمن (4) على أهل الأديان، دون العكس (5) مطلقا (6).

**********

شرح:

-الضمير في قوله «يخاصمه».

و حاصل معنى العبارة: إنّه لو كانت عداوة أحدهما مانعة عن قبول شهادة من لا عداوة فيه لتسلّط كلّ مديون على ردّ شهادة العادل عليه بقذفه و عداوته على الشاهد، و التالي باطل و فاسد للزوم منع شهادة العدول الذين لم تتحقّق عداوتهم على المشهود عليه.

(1)مفعول لقوله «لا تتضمّن». يعني أنّ عداوة العدوّ لا تمنع من قبول شهادته ما لم توجب الفسق.

و لا يخفى أنّ العداوة أمر قلبي مثل الحسد، فكما أنّ الحسد القلبي لا يوجب فسقا ما لم يظهره بالقول أو الفعل كذلك العداوة لا توجب فسقا ما لم يظهرها قولا أو فعلا.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع الى العدوّ، و اللام للانتفاع.

(3)الضمير في قوله «إنّها» يرجع الى العداوة الدينية.

(4)فإنّ شهادة المؤمن على أهل الأديان مقبولة مع عداوة المؤمن لهم.

(5)المراد من «العكس» شهادة أهل الأديان على المؤمن.

(6)أي سواء كان المشهود عليه مؤمنا أم مسلما مخالفا.

من حواشي الكتاب: الظاهر أنّ الإطلاق في مقابل التقييد بالمؤمن. يعني لا تقبل شهادة أهل الأديان على أهل الإسلام سواء كان مؤمنا أم لا.

و لكن ينبغي التقييد بكونه مسلما. و يمكن أن يكون المراد أنه لا تقبل شهادة أهل الأديان على المؤمن سواء كان الشاهد ذمّيا أم حربيا. (حاشية الشيخ جعفر رحمه اللّه).

ص: 422

لا تقبل شهادة كثير السهو و لا شهادة المتبرّع

(و لا تقبل شهادة كثير السهو، بحيث لا يضبط المشهود به (1)) و إن كان (2) عدلا، بل ربّما كان وليا (3). و من هنا قيل: نرجو شفاعة من لا تقبل شهادته (4).(و لا) شهادة (المتبرّع (5) بإقامتها) قبل استنطاق (6) الحاكم، سواء كان قبل الدعوى أم بعدها (7)، للتهمة (8) بالحرص على الأداء و لا يصير بالردّ مجروحا (9)، فلو شهد بعد ذلك (10) غيرها (11)

**********

شرح:

(1)المراد من «المشهود به» هو ما تؤدّى الشهادة به على المشهود عليه.

(2)اسم كان مستتر يرجع الى كثير السهو.

(3)أي يمكن أن يكون كثير الشكّ بالغا من العدالة الى مرتبة أولياء اللّه تعالى.

(4)المراد من «من لا تقبل شهادته» هو كثير السهو الذي لا تقبل شهادته لكنّه يصل من العدالة الى مرتبة أولياء اللّه الذين تقبل شفاعتهم في حقّ المستشفعين.

(5)المراد من «المتبرّع» هو الذي لم يطلب منه الشهادة، بل أدّى الشهادة بميل منه تبرّعا قبل استنطاق الحاكم.

(6)أي قبل طلب الحاكم منه النطق بالشهادة.

(7)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى الدعوى.

(8)يعني أنّ المتبرّع بالشهادة يتّهم بحرصه على الشهادة و لأجل ذلك لا تقبل شهادته.

(9)خبر لقوله «لا يصير». يعني أنّ المتبرّع بالشهادة اذا ردّت شهادته لا يصير بذلك غير مقبول الشهادة أبدا، بل لو شهد بعد الردّ عند استنطاق الحاكم قبلت شهادته.

(10)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الردّ.

(11)أي غير الواقعة التي ردّت شهادته فيها، فإنّ شهادته تقبل و لا تكون مردودة.

ص: 423

قبلت (1)، و في إعادتها (2) في غير ذلك المجلس وجهان (3).

و التبرّع مانع (4)(إلاّ أن يكون (5) في حقّ اللّه تعالى) كالصلاة و الزكاة و الصوم بأن يشهد بتركها (6)، و يعبّر عنها (7) ببيّنة الحسبة (8)، فلا

**********

شرح:

(1)فاعله هو تاء التأنيث الراجع الى الشهادة.

(2)الضمير في قوله «إعادتها» يرجع الى الشهادة المردودة. يعني في إعادة الشهادة المردودة في مجلس آخر. قال البعض: الأحوط القبول لاجتماع الشروط .

و الثاني: عدم القبول لكون التبرّع موجبا لحرصه على الشهادة المانع من القبول حتّى في غير مجلس الردّ.

ā (4)يعني و التبرّع مانع من القبول إلاّ ما استثناه المصنّف رحمه اللّه بقوله «إلاّ أن يكون... الخ».

من حواشي الكتاب: لأنّ التبرّع بالأداء ليس فسقا ليلزم منه جرح الشاهد المتبرّع. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(5)أي إلاّ أن تكون شهادة المتبرّع متعلّقة بحقوق اللّه تعالى.

(6)الضمير في قوله «بتركها» يرجع الى ما ذكر من الصلاة و الصوم و الزكاة.

(7)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى شهادة المتبرّع.

(8)الحسبة - مصدر من حسب يحسب حسبا و حسبانا و حسابا و حسبة: عدّه.

الحسبة: دفن الميّت في الحجارة. الأجر و الثواب و اسم من الاحتساب، جمعها:

حسب. (أقرب الموارد).

من حواشي الكتاب: الحسبة - بكسر الحاء و إسكان السين - و في اشتقاقها -

ص: 424

يمنع (1) لأنّ اللّه أمر بإقامتها (2)، فكان (3) في حكم استنطاق (4) الحاكم قبل الشهادة، و لو اشترك الحقّ كالعتق (5) و السرقة (6) و الطلاق و الخلع (7)

**********

شرح:

-وجوه:

أحدها: أن يكون من الاحتساب الذي هو الإنكار، لأنّ فاعله ينكر ترك المعروف و فعل المنكر.

ثانيها: بمعنى الأجر، و منه الحديث: من صام شهر رمضان إيمانا و احتسابا.

ثالثها: أن يكون من قولهم: هو حسن الحسبة، اذا كان حسن التدبير له. و يسمّى ببيّنة الحسبة، لأنّ الشهادة هنا من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، اسم لهما. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)أي لا يمنع من قبول شهادة المتبرّع في الامور الحسبية التي يجب على المكلّفين وجوبا كفائيا إيقاعها في الخارج.

(2)حيث أمر اللّه تعالى بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و هي نوع منه، فتكون واجبة، و الواجب لا يعدّ تبرّعا.

(3)اسم كان مستتر يرجع الى أمر اللّه تعالى.

(4)يعني أنّ أمر اللّه تعالى يكون في حكم استنطاق الحاكم عن الشاهد قبل شهادته.

(5)كون العتق حقّ اللّه تعالى لاحتياجه الى قصد القربة و حقّ الناس لإطلاق المعتق عن قيد الرّقبة.

(6)فإنّ في السرقة حقّ اللّه تعالى لمخالفته للنهي الوارد في القرآن و وجوب قطع يد السارق و حقّ الناس لتجاوز السارق حقوقهم.

(7)أمّا كون الطلاق و الخلع من حقّ اللّه تعالى لغلبة حقّ اللّه فيهما، فلذا لم تسقط -

ص: 425

و العفو (1) عن القصاص ففي ترجيح (2) حقّ اللّه تعالى أو الآدمي (3) وجهان. أمّا الوقف العامّ (4) فقبولها فيه أقوى، بخلاف الخاصّ (5) على الأقوى.

لو ظهر للحاكم سبق القادح في الشهادة على حكمه

(و لو ظهر للحاكم سبق القادح (6) في الشهادة على حكمه (7)) بأن ثبت كونهما (8) صبيّين أو أحدهما أو فاسقين (9) أو غير ذلك (نقض) (10)

**********

شرح:

-بالتراضي و أنهما يمنعان عن وقوع الزنا. و كونهما من حقوق الناس لأخذ المهر أو أزيد منه كما في الخلع.

(1)فإنّ في القتل حقّ اللّه تعالى و هو وجوب الكفّارة و حقّ الناس و هو لزوم الدية.

(2)فلو رجّح حقّ اللّه فيما ذكر تقبل شهادة المتبرّع، و إلاّ فلا.

(3)فلو رجّح حقّ الآدمي لا تقبل الشهادة من المتبرّع.

(4)فلو شهد المتبرّع قبل استنطاق الحاكم بأنّ الملك الفلاني وقف للعموم فقبولها فيه أقوى عند الشارح رحمه اللّه.

(5)كالوقف لشخص معلوم، فإنّ شهادة الشاهد قبل استنطاق الحاكم لا تقبل في ذلك.

(6)أي المانع من قبول الشهادة.

(7)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «سبق». يعني لو علم الحاكم بوجود المانع من قبول شهادة الشاهدين أو أحدهما قبل حكمه حكم ببطلان حكمه الذي استند على الشهادة.

(8)أي ظهر للحاكم كون الشاهدين صبيّين قبل الحكم.

(9)أو ظهر كونهما أو أحدهما فاسقين.

(10)جواب لقوله «و لو ظهر». أي بطل الحكم لتبيّن الخطأ في الحكم.

ص: 426

لتبيّن الخطأ فيه (1).

مستند الشهادة العلم القطعي أو رؤيته

(و مستند الشهادة العلم القطعي) (2) بالمشهود به (أو رؤيته (3) فيما يكفي فيه (4)) الرؤية، كالأفعال من الغصب و السرقة و القتل و الرضاع و الولادة و الزنا و اللواط ، و تقبل فيه (5) شهادة الأصمّ (6) لانتفاء الحاجة إلى السمع في الفعل (أو سماعا) (7) في الأقوال (نحو العقود) و الإيقاعات و القذف (مع الرؤية) (8) أيضا ليحصل العلم بالمتلفّظ (9)، إلاّ أن يعرف

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الحكم.

(2)يعني يجب استناد الشاهد في شهادته على العلم القطعي بما يؤدّي الشهادة به.

(3)الضمير في قوله «رؤيته» يرجع الى الشاهد.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى «ما» الموصولة من قوله «فيما يكفي».

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع أيضا الى «ما» الموصولة الذي يراد بها الأفعال المذكورة من الغصب و ما يلحقه.

(6)الأصمّ : هو الذي لا يسمع. يعني أنّ شهادته فيما ذكر تقبل لعدم الحاجة الى السماع فيه.

(7)أي و يسمع سماعا عطف على المعنى.

من حواشي الكتاب: مصدر لفعل محذوف، أي أن يسمع سماعا. (حاشية الشيخ جعفر رحمه اللّه).

(8)يعني يكون مستند الشاهد في الأقوال - كالأمثلة المذكورة - هو سماعه مع رؤيته أيضا.

(9)بأن يرى الشاهد المتلفّظ بالعقود و الإيقاعات و القذف و يسمع الصوت.

ص: 427

الصوت (1) قطعا فيكفي على الأقوى (و لا يشهد إلاّ على من يعرفه (2)) بنسبه أو عينه، فلا يكفي انتسابه (3) له لجواز التزوير،(و يكفي معرّفان عدلان) بالنسب (4).

يجوز أن تسفر المرأة عن وجهها

(و) يجوز أن (تسفر (5) المرأة عن وجهها) ليعرفها الشاهد عند التحمّل و الأداء (6)، إلاّ أن

**********

شرح:

(1)يعني لو عرف المتلفّظ بصوته يكفي الاستناد بالسماع بلا حاجة الى رؤيته صاحب الصوت في الشهادة.

(2)الضمائر في قوله «يعرفه بنسبه أو عينه» يرجع الى «من» الموصولة المراد بها المشهود عليه.

و المراد من قوله «لا يشهد» هو عدم تحمّل الشهادة لا إقامتها. يعني لا يتحمّل الشهادة على شخص إلاّ أن يعرفه بنسبه و شخصه.

(3)الضمير في قوله «انتسابه» يرجع الى المشهود عليه، و في قوله «له» يرجع الى النسب. يعني لا يجوز للشاهد عند تحمّله الشهادة أن يستند بادّعاء المشهود عليه نسبا لإمكان التزوير في انتسابه بنسب ليس له ذلك النسب، كما لو ادّعى زيد بأنه ولد عمرو و الحال لم يحصل للشاهد كونه ذلك، فحينئذ لا يجوز للشاهد أن يستند بذلك الانتساب لاحتمال كذب زيد كما تقدّم.

(4)يعني لو وجد معرّفان عدلان في نسب المشهود عليه يجوز للشاهد أن يستند بتعريفهما في شهادته.

(5)تسفر - بصيغة المضارع المجرّد من سفر يسفر سفورا -: خرج الى السفر.

سفر الصبح: أضاء و أشرق.

سفرت المرأة: كشفت عن وجهها فهي سافر. (أقرب الموارد، المنجد).

(6)قيدان لجواز سفور المرأة وجهها. يعني يجوز للمرأة أن تسفر وجهها عند تحمّل -

ص: 428

يعرف (1) صوتها قطعا.

يثبت بالاستفاضة أمور سبعة

(و يثبت (2) بالاستفاضة) و هي استفعال من الفيض (3)، و هو الظهور و الكثرة. و المراد بها هنا شياع الخبر إلى حدّ يفيد السامع الظنّ الغالب المقارب للعلم، و لا تنحصر (4) في عدد بل يختلف باختلاف المخبرين. نعم يعتبر أن يزيدوا عن عدد الشهود المعدلين (5) ليحصل الفرق بين خبر العدل (6) و غيره، و المشهور أنه يثبت بها (7)(سبعة: النسب و الموت و الملك المطلق و الوقف و النكاح و العتق و ولاية القاضي) لعسر إقامة البيّنة في هذه الأسباب مطلقا (8).

**********

شرح:

-الشهادة للشاهد عليها، و عند أداء المرأة الشهادة على الغير.

(1)فاعله مستتر يرجع الى الشاهد.

(2)فاعله هو ما سيذكره رحمه اللّه بقوله «سبعة».

(3)الفيض - من فاض السيل يفيض فيضا و فيوضا و فيضانا: كثر و سال من ضفة الوادي.

أفاض الكلام إفاضة: أبانه. (أقرب الموارد).

(4)فاعله هو الضمير الراجع الى الاستفاضة.

(5)يعني يعتبر في المستفيضة أن يزيد المخبرون عن عدد الشهود العادلين.

(6)فإنّ خبر العدل يكفي في بعض الموارد كونه واحدا و في بعض اثنين و في آخر أربعة.

(7)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الاستفاضة.

(8)أي بجميع أقسام البيّنة، سواء بشاهدين، أم برجل و امرأتين، أم بشاهد و يمين، أم بأربع نسوة، أو غير ذلك من البيّنات.

ص: 429

(و يكفي) في الخبر بهذه الأسباب (متاخمة (1) العلم) أي مقاربته (على قول قوي) (2) و به جزم (3) في الدروس. و قيل: (4) يشترط أن يحصل العلم. و قيل: (5) يكفي مطلق الظنّ حتّى لو سمع من شاهدين عدلين صار متحمّلا، لإفادة قولهما (6) الظنّ . و على المختار (7) لا يشترط العدالة و لا الحرّية و الذكورة، لإمكان استفادته (8) من

**********

شرح:

(1)المتاخمة - مأخوذة من تاخم يتاخم تاخمت أرضك أرضي -: اتّصل حدّها بحدّك، بلادنا متاخمة لبلادهم. (أقرب الموارد).

يعني يقارب الظنّ العلم في إفادته الاطمئنان.

(2)في مقابل القول بعدم كفايته، بل لزوم حصول العلم بالأسباب المذكورة.

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه جزم بالاكتفاء بمتاخم العلم بالأسباب المذكورة في كتابه الدروس.

(4)أي القول الآخر في الأخبار بالأسباب المذكورة هو حصول العلم القطعي، لقوله تعالى وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (1) . (الإسراء: 36). و قوله صلّى اللّه عليه و آله حينما سئل عن الشهادة: هل ترى الشمس ؟ على مثلها فاشهد أو دع. (الوسائل: ج 18 ص 250 ب 20 من أبواب الشهادات ح 3).

(5)و القائل هو الشيخ رحمه اللّه.

و فاعل قوله «صار» مستتر يرجع الى السامع.

(6)الضمير في «قولهما» يرجع الى الشاهدين.

(7)المراد من «المختار» هو الاستناد على الظنّ المتاخم للعلم. يعني فعليه لا يشترط عدالة من يحصل من قوله الظنّ المتاخم للعلم و لا حرّيته و لا ذكوريته.

(8)الضمير في قوله «استفادته» يرجع الى الظنّ المتاخم للعلم.

ص: 430


1- سوره 17 - آیه 36

نقائضها (1). و احترز بالملك المطلق (2) عن المستند إلى سبب (3) كالبيع فلا يثبت السبب به (4)، بل الملك الموجود في ضمنه (5)، فلو شهد بالملك و أسنده (6) إلى سبب يثبت (7) بالاستفاضة كالإرث قبل (8)، و لو لم يثبت (9) بها

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «نقائضها» يرجع الى العدالة و الحرّية و الذكورة.

و المراد من «نقائضها» هو الفسق و الرقّية و الانوثية.

أي أنه يمكن استفادة الظنّ من الفسّاق و العبيد و النساء التي تعتبر نقائض المذكورات، فيما لو لم نعتبر العلم، بل اعتبرنا الظنّ المتاخم للعلم.

(2)أي الملك المطلق في قول المصنّف رحمه اللّه «و الملك المطلق».

(3)أي الملك الحاصل بالبيع كأن يقول: هذه الدار لفلان، بسبب البيع الواقع بينه و بين البائع.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى الخبر المستفيض. يعني لا يثبت نفس البيع بالخبر المستفيض، بل يثبت الملك.

(5)الضمير في قوله «ضمنه» يرجع الى المسبّب المعلوم بالقرينة. يعني يثبت الملك الموجود في ضمن المسبّب الذي سببه البيع.

(6)الضمير في قوله «أسنده» يرجع الى الملك.

(7)الجملة صفة لقوله «سبب». يعني لو أسند الشاهد الملك الى السبب الذي يثبت بالاستفاضة مثل الإرث يقبل قول الشاهد لأنّ مرجعه الموت الذي يثبت بالاستفاضة.

(8)بصيغة المجهول، و هو جواب لقوله «فلو شهد». و النائب الفاعل يرجع الى قول الشاهد المستفاد من العبارة.

(9)فاعله مستتر يرجع الى السبب. و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الاستفاضة.

ص: 431

كالبيع (1) قبل (2) في أصل الملك لا في السبب (3). و متى اجتمع (4) في ملك استفاضة (5) و يد و تصرّف بلا منازع فهو (6) منتهى الإمكان، فللشاهد (7) القطع بالملك، و في الاكتفاء بكلّ واحد من الثلاثة (8) في الشهادة بالملك قول (9) قوي.

يجب التحمّل للشهادة على من له أهلية

(و يجب (10) التحمّل) للشهادة (على من له أهلية)

**********

شرح:

(1)مثال للسبب الذي لا يثبت بالاستفاضة.

(2)جواب لقوله «لو لم يثبت». و النائب الفاعل يرجع الى قول الشاهد المستفاد من العبارة.

(3)المراد من «السبب» هو البيع.

(4)فاعله هو قوله «استفاضة» و ما عطف عليها.

(5)كما اذا كانت الدار ملكا لزيد بسبب استفاضة و بسبب يد و بسبب تصرّف بلا منازع.

(6)الضمير في قوله «فهو» يرجع الى اجتماع الثلاثة من الاستفاضة و اليد و التصرّف. يعني أنّ الاجتماع كذلك يوجب نهاية إمكان الملك له.

(7)يعني يجوز للشاهد أن يقطع بالملك باجتماع الثلاثة المذكورة.

(8)المراد من «الثلاثة» هو الاستفاضة و اليد و التصرّف بلا منازع، فإنّ كلّ واحد منها أمارة معتبرة للملك.

(9)مبتدأ مؤخّر لخبر مقدّم و هو قوله «و في الاكتفاء».

في وجوب تحمّل الشهادة (10)أي يجب بالوجوب الكفائي تحمّل الشهادة على من فيه أهلية الشهادة فيما لو دعي إليها.

ص: 432

(الشهادة (1)) إذا دعي (2) إليها خصوصا (3) أو عموما (4)(على الكفاية) (5) لقوله تعالى وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا (1) (6) فسّره الصادق عليه السّلام بالتحمّل (7)، و يمكن جعله (8) دليلا عليه (9) و على الإقامة. فيأثم

**********

شرح:

(1)المراد من «أهلية الشهادة» هو كون الشخص واجدا لشروط الشهادة من البلوغ و العقل و العدالة و غيرها ممّا ذكر سابقا.

(2)النائب الفاعل مستتر يرجع الى «من» الموصولة.

و الضمير في قوله «إليها» يرجع الى الشهادة.

(3)كما اذا دعي الشخص لتحمّل الشهادة بخصوصه.

(4)كما اذا دعي عموم المسلمين لتحمّل الشهادة.

(5)أي أنّ تحمّل الشهادة على من له أهلية الشهادة واجب كفائي لا عيني، فلو تحمّلها أحد ممّن له الأهلية سقط عن الغير.

(6)قال تعالى وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا (2) . (البقرة: 282).

(7)يعني أنّ الصادق عليه السّلام فسّر قوله سبحانه في الآية المذكورة بتحمّل الشهادة.

و الرواية منقولة في الوسائل:

عن أبي الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا (3) قال: لا ينبغي لأحد اذا دعي الى شهادة ليشهد عليها أن يقول: لا أشهد لكم عليها. (الوسائل: ج 18 ص 225 ب 1 من أبواب الشهادات ح 2).

(8)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى قوله تعالى.

(9)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى تحمّل الشهادة. يعني يمكن أن يكون قوله -

ص: 433


1- سوره 2 - آیه 282
2- سوره 2 - آیه 282
3- سوره 2 - آیه 282

الجميع (1) لو أخلّوا به مع القدرة.

(فلو فقد سواه (2)) فيما يثبت به وحده و لو مع اليمين (3) أو كان (4) تمام العدد (تعيّن) (5) الوجوب كغيره (6) من فروض الكفاية إذا لم يقم به غيره.

يصحّ تحمّل الأخرس للشهادة و أداؤه

(و يصحّ تحمّل الأخرس (7)) للشهادة (و أداؤه (8) بعد القطع بمراده (9)) و لو

**********

شرح:

-تعالى في الآية المذكورة دليلا على وجوب تحمّل الشهادة و على وجوب إقامة الشهادة كليهما.

(1)أي فيأثم جميع من له أهلية الشهادة اذا منعوا من تحمّل الشهادة و إقامتها، كما هو شأن جميع الواجبات الكفائية اذا تركها جميع المكلّفين، مثل دفن الميّت و تكفينه و غسله و الصلاة عليه.

(2)الضمير في قوله «سواه» يرجع الى الشاهد الواحد.

(3)و قد تثبت الدعوى بشاهد و يمين كما اذا تعلّقت بالمال أو كان المقصود منها المال، و قد لا تثبت بهما كما اذا تعلّقت بغير المال. و قد مرّ ذلك في بحث الشاهد و اليمين من كتاب القضاء، فراجع.

(4)اسم كان مستتر يرجع الى الشاهد. يعني يجب تحمّل الشهادة و إقامتها على شاهد بالتعيّن اذا كان تمام العدد، كما اذا أقامها شاهد واحد و احتاجت الدعوى الى شاهد آخر.

(5)جواب لقوله «فلو فقد».

(6)الضمير في قوله «كغيره» يرجع الى وجوب الشهادة.

(7)الأخرس: الذي لا يقدر على التكلّم.

(8)أي يصحّ أداء ما تحمّل من الشهادة بعد حصول القطع بمراد الأخرس.

(9)الضمير في قوله «بمراده» يرجع الى الأخرس.

ص: 434

بمترجمين (1) عدلين. و ليسا (2) فرعين عليه (3)، و لا يكفي الإشارة في شهادة الناطق (4).

(و كذا يجب الأداء) مع القدرة (على الكفاية) (5) إجماعا، سواء استدعاه (6) ابتداء أم لا على الأشهر (إلاّ مع خوف ضرر غير مستحقّ )

**********

شرح:

(1)أي و لو كان القطع بمراد الأخرس بسبب مترجمين عدلين.

(2)فاعله ضمير التثنية الراجع الى المترجمين. يعني أنّ ترجمتهما لإشارة الأخرس ليس من قبيل الشهادة على الشهادة ليترتّب عليه ما يترتّب على الشهادة الفرعية من كون محلّها حقوق الناس لا حقوق اللّه تعالى، و لزوم شهادة عدلين لكلّ واحد من الأصل، و تعذّر حضور الأصل في مجلس القضاء و غير ذلك ممّا سيأتي في الفصل الثالث من فصول هذا الكتاب.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى شهادة الأخرس.

(4)أي الذي يقدر على النطق عند أداء الشهادة.

(5)يعني أنّ وجوب أداء الشهادة كفائي و ليس بواجب عيني، كما تقدّم آنفا في وجوب تحمّلها كفائيا.

(6)فاعله مستتر يرجع الى صاحب الحقّ ، و الضمير المفعولي يرجع الى الشاهد.

يعني أنّ الأشهر هو وجوب أداء الشهادة لمن يقدرها، سواء استدعاه أم لا.

من حواشي الكتاب: المشهور وجوب أداء الشهادة مع الاستدعاء و عدمه لعموم الأدلّة. و مذهب الشيخ رحمه اللّه و جماعة الى عدم وجوبه إلاّ مع الاستدعاء للروايات الكثيرة الدالّة على الفرق، المخصّصة لعموم الأدلّة، و هي بإطلاقها شاملة لصورة إبطال الحقّ بترك الشهادة، و لا يمكن حملها على صورة عدم إبطاله بتركها و إلاّ لزم عدم التفرقة بين المستدعي و غيره. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 435

على الشاهد (1) أو بعض المؤمنين. و احترز بغير المستحقّ (2) عن مثل ما لو كان للمشهود عليه حقّ على الشاهد (3) لا يطالبه (4) به، و ينشأ من شهادته (5) المطالبة، فلا يكفي ذلك (6) في سقوط الوجوب (7) لأنه ضرر مستحقّ .

و إنّما يجب الأداء مع ثبوت الحقّ بشهادته (8) لانضمام من يتمّ به العدد، أو حلف (9) المدّعي إن كان ممّا

**********

شرح:

(1)فلو خاف الشاهد من الضرر الحاصل عليه بسبب شهادته لا يجب عليه أداء الشهادة مع تحمّل الضرر غير المستحقّ .

(2)أي بقوله «ضرر غير مستحقّ ».

(3)أي على ذمّة الشاهد.

(4)الضمير في قوله «يطالبه» يرجع الى الشاهد، و في قوله «به» يرجع الى الحقّ .

(5)الضمير في قوله «شهادته» يرجع الى الشاهد. يعني أنّ شهادته على صاحب الحقّ توجب مطالبة صاحب الحقّ حقّه من الشاهد.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الضرر المستحقّ .

(7)أي سقوط وجوب أداء الشهادة.

من حواشي الكتاب: كما لو كان شخص مديونا لشخص آخر و هو ساكت عن دينه و لا يطالبه به، ثمّ دعي المديون الى الشهادة على الدائن، فإنّه لو شهد المديون على الدائن لطالبه حالا بدينه، فإنّ خوف مثل هذه المطالبة لا يمنع وجوب أداء الشهادة، بل تجب الشهادة و لو طلب الدائن دينه، لأنه ضرر مستحقّ . (حاشية السيد كلانتر حفظه اللّه).

(8)أي بشهادة الشاهد بانضمام من يتمّ العدد اللازم في الشهادة.

(9)أي لانضمام الحلف بشهادة الشاهد.

ص: 436

يثبت (1) بشاهد و يمين. فلو طلب (2) من اثنين فيما يثبت بهما لزمهما (3)، و ليس لأحدهما الامتناع بناء (4) على الاكتفاء بحلف المدّعي مع الآخر (5)، لأنّ (6) من مقاصد الإشهاد التورّع عن اليمين، و لو كان الشهود أزيد من اثنين فيما يثبت بهما وجب على اثنين منهما كفاية (7)، و لو لم يكن إلاّ واحد (8) لزمه الأداء إن كان ممّا يثبت بشاهد و يمين،

**********

شرح:

(1)يعني إن كان الحقّ من الحقوق التي تثبت بشاهد و يمين فإنّه يجب أيضا أداء الشهادة.

و ما يثبت بهما مثل الديون و الأموال و الجناية الموجبة للدية، كما سيأتي تفصيل ذلك في الفصل الثاني من هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى.

(2)يعني لو طلب صاحب الحقّ من اثنين أداء الشهادة في حقّه الذي يثبت بشهادتهما وجب القبول عن كليهما.

(3)الضمير في قوله «لزمهما» يرجع الى الاثنين. أي لزم الاثنين الأداء.

(4)منصوب لكونه مفعولا لأجله. يعني ليس لأحدهما الامتناع من أداء الشهادة بناء على أنه يقدر لإثبات حقّه بضمّ الحلف على شاهد واحد.

(5)أي مع شاهد آخر.

(6)دليل عدم جواز امتناع أحد المدعوين لأداء الشهادة على البناء المذكور، بأنّ من مقاصد الإشهاد التجنّب عن اليمين، و هذا البناء ينافي ذلك المقصد.

(7)يعني أنّ الواجب الكفائي ينحصر في اثنين من الشهود، فبإقدام اثنين منهم يسقط الوجوب عن جميعهم، و بمخالفة الجميع يحصل الإثم عليهم.

(8)يعني اذا انحصر الشاهد في شخص واحد وجبت الشهادة عليه عينا اذا كانت من الحقوق التي تثبت بشاهد و يمين.

ص: 437

و إلاّ (1) فلا. و لو لم يعلم صاحب الحقّ بشهادة الشاهد وجب عليه (2) تعريفه إن خاف بطلان الحقّ بدون شهادته (و لا يقيمها) (3) الشاهد (إلاّ مع العلم) القطعي.

لا يكفي الخطّ بها و إن حفظه

(و لا يكفي الخطّ ) بها (4)(و إن حفظه) (5) بنفسه، و أمن (6) التزوير (و لو شهد معه (7) ثقة) على أصحّ القولين، لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله لمن أراه الشمس: (8)

**********

شرح:

(1)يعني و إن لم يكن ثابتا بشاهد و يمين فلا يجب على الشخص الواحد أداء الشهادة.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الشاهد. يعني يجب على الشاهد أن يعرّف نفسه لصاحب الحقّ بأنه شاهد على حقّه لو خاف بطلان الحقّ بدون أداء شهادته.

(3)الضمير في قوله «لا يقيمها» يرجع الى الشهادة.

(4)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الشهادة. يعني لا يكفي الخطّ في استناده بالشهادة و لا يخفى أنّ المراد من «الخطّ » هو خطّ نفس الشاهد.

(5)أي و إن حفظ الشاهد خطّ نفسه بنفسه.

(6)فاعله مستتر يرجع الى الشاهد. يعني و لو حصل الاطمئنان للشاهد عن التزوير و الكذب في الخطّ الذي له.

(7)الضمير في قوله «معه» يرجع الى الخطّ .

(8)الرواية منقولة في الوسائل:

جعفر بن الحسن بن سعيد (المحقّق الحلّي) في الشرائع عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و قد سئل عن الشهادة قال: هل ترى الشمس ؟ على مثلها فاشهد أو دع. (الوسائل: ج 18 ص 250 ب 20 من أبواب الشهادات ح 3).

ص: 438

على مثلها فاشهد أو دع (1). و قيل: إذا شهد معه (2) ثقة و كان المدّعي ثقة، أقامها (3) بما (4) عرفه من خطّه (5) و خاتمه، استنادا إلى رواية شاذّة (6).

**********

شرح:

(1)فعل أمر من ودع يدع، أي اترك.

(2)الضمير في قوله «معه» يرجع الى الخطّ . يعني قال بعض الفقهاء بأنه لو انضمّ بالخطّ شهادة ثقة و كان المدّعي ثقة يجوز للشاهد أداؤها استنادا الى الخطّ . و هذا القول منسوب للشيخ رحمه اللّه و جماعة.

(3)فاعله مستتر يرجع الى الشاهد، و الضمير المفعولي يرجع الى الشهادة.

(4)الباء للسببية. يعني أقام الشاهد الشهادة استنادا بما يعرفه من خطّ نفسه و خاتمه.

(5)الضميران في قوله «خطّه و خاتمه» يرجعان الى الشاهد.

(6)الرواية الشاذّة منقولة في الوسائل:

عن الحسن [الحسين] بن علي بن النعمان عن حمّاد بن عثمان عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يشهدني على شهادة فأعرف خطّي و خاتمي و لا أذكر من الباقي قليلا و لا كثيرا. قال: فقال لي: اذا كان صاحبك ثقة و معه رجل ثقة فاشهد له. (الوسائل: ج 18 ص 234 ب 8 من أبواب الشهادات ح 1).

و قد ذكر الشيخ أبو الحسن الشعراني رحمه اللّه في حاشيته على الوسائل تعليقة على الخبر المذكور قال فيها:

رواية عمر بن يزيد مخالفة للقواعد و لسائر الأخبار، و لا يحصل العلم من قول ثقتين غالبا. فالشهادة مع عدم الذكر غير جائز كما هو المشهور، و الأمن من التزوير إن كان علما بعدم التزوير فهو، و إن كان ظنّا فلا عبرة به.

هذا، و قد عمل بإطلاق الرواية الشيخ رحمه اللّه في كتابه النهاية و لم يقيّده بالخاتم.-

ص: 439

من نقل عن الشيعة جواز الشهادة بقول المدّعي

(و من نقل عن الشيعة (1) جواز الشهادة بقول المدّعي إذا كان (2) أخا في اللّه معهود الصدق فقد أخطأ (3) في نقله) لإجماعهم على عدم جواز الشهادة بذلك (4).(نعم هو مذهب) محمّد بن

**********

شرح:

-ذكر ذلك الشهيد الثاني رحمه اللّه في حاشيته و قال بأنّ في طريق الرواية الحسن بن فضّال. إلاّ أن الملاّ أحمد الفاضل التوني رحمه اللّه ردّ ذلك قائلا:

من حواشي الكتاب: و هو سهو من الشارح رحمه اللّه، فإنّ في طريقها الحسن بن علي بن النعمان كما في الكافي، و في التهذيب الحسين و الظاهر أنه سهو أيضا.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

أقول: و في الاستبصار «الحسين» كذلك. ثمّ قال شيخ الطائفة رحمه اللّه في استبصاره بعد نقله الحديث ما نصّه: هذا الخبر ضعيف مخالف للأصول، لأنّا قد بيّنا أنّ الشهادة لا تجوز إقامتها إلاّ مع العلم، و قد قدّمنا أيضا الأخبار التي تقدّمت من أنه لا تجوز إقامة الشهادة مع وجود الخطّ و الختم اذا لم يذكرها. و الوجه في هذه الرواية أنه اذا كان الشاهد الآخر يشهد و هو ثقة مأمون جاز له أن يشهد اذا غلب على ظنّه صحّة خطّه لانضمام شهادته إليه. (الاستبصار: ج 3 ص 22 ب 16 من أبواب الشهادات ح 4).

(1)يعني أنّ من نقل عن علماء الشيعة جواز الشهادة استنادا الى قول المدّعي اذا كان مسلما معهود الصدق فقد ارتكب الخطأ في نقله هذا.

(2)أي اذا كان المدّعي أخا مسلما.

(3)فاعله مستتر يرجع الى «من» الموصولة في قوله «و من نقل... الخ».

(4)فإنّ علماء الشيعة أجمعوا على عدم جواز الاستناد في الشهادة بقول المدّعي المسلم المعهود في الصدق.

ص: 440

عليّ (1) الشلمغاني (2)(العزاقري) نسبة إلى أبي العزاقر بالعين المهملة و الزاي و القاف و الراء أخيرا (3)(من الغلاة) (4) لعنه اللّه. و وجه الشبهة على من نسب ذلك (5) إلى الشيعة أنّ هذا الرجل الملعون كان

**********

شرح:

(1)هو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن أبي العزاقر كان من المذمومين الذين ادّعوا البابية لعنهم اللّه و كان وجيها عند بني بسطام... فكان عند ارتداده يحكي كلّ كذب و بلاء... و يسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه و يأخذونه عنه. حتّى انكشف ذلك لأبي القاسم... و نهى بني بسطام عن كلامه و أمرهم بلعنه و البراءة منه فلم ينتهوا... ثمّ ظهر التوقيع من صاحب الزمان عليه السّلام بلعن أبي جعفر محمّد بن علي و البراءة منه و ممّن تابعه و شايعه و رضي بقوله. و قتل سنة 323 ه (كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص 248).

و قد نقل أيضا أنّ سبب انحرافه هو حسده الشديد لأبي القاسم الحسين بن روح النوبختي رحمه اللّه. نعوذ باللّه من شرّ الحسد.

(2)الشلمغاني نسبة الى شلمغان ناحية من نواحي واسط (في العراق). كان يدّعي أنّ اللاهوت حلّ فيه... فظهرت منه مقالات منكرة... حتّى خرجت فيه توقيعات فأخذه السلطان و قتله و صلبه ببغداد. (تنقيح المقال: ج 3 ص 156).

(3)من حواشي الكتاب: ضبط العزاقر هو على نحو ما ذكره الشيخ أبو علي في منتهى المقال. و لم يعرف له مادّة في اللغة، و لعلّه عجميّ ، و هذا غير محمّد بن عذافر - بضمّ العين ثمّ الذال و بعد الألف الفاء -. إذ ذكر في الصحاح أنه بمعنى العظيم الشديد و بمعنى الأسد و اسم رجل. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(4)فإنّ محمّد بن أبي عزاقر ارتكب الغلوّ في حقّ علي عليه السّلام و قال: إنّه هو اللّه. نعوذ باللّه من هذا و أمثاله.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما نقل عن الشيعة.

ص: 441

منهم (1) أولا، و صنّف كتابا سمّاه «كتاب التكليف» و ذكر فيه (2) هذه المسألة ثمّ غلا. و ظهر منه مقالات منكرة فتبرّأت الشيعة منه، و خرج فيه (3) توقيعات كثيرة من الناحية المقدّسة على يد أبي القاسم (4) ابن روح وكيل الناحية، فأخذه السلطان و قتله، فمن رأى هذا الكتاب و هو (5) على أساليب الشيعة و اصولهم توهّم أنه (6) منهم و هم بريئون منه، و ذكر الشيخ المفيد رحمه اللّه أنه ليس في الكتاب (7) ما يخالف سوى هذه المسألة.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منهم» يرجع الى الشيعة.

(2)أي ذكر في كتاب «التكليف» المسألة المذكورة.

(3)أي في ذمّ ابن أبي العزاقر.

(4)هو الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي رحمه اللّه ثالث النوّاب الأربعة في زمان الغيبة الصغرى، جاء من بعد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رحمه اللّه، و توفي في بغداد سنة 326 ه و دفن فيها. و تولّى بعده النيابة أبو الحسن عليّ بن محمّد السمري رحمه اللّه.

(5)الضمير يرجع الى كتاب ابن عزاقر.

(6)أي توهّم أنّ ابن عزاقر من الشيعة.

و الضمير في قوله «و هم» يرجع الى الشيعة.

(7)يعني قال الشيخ المفيد رحمه اللّه بأنّ جميع مطالب الكتاب المذكور يطابق اصول الشيعة إلاّ هذه المسألة.

ص: 442

الفصل الثاني في تفصيل الحقوق بالنسبة إلى الشهود

اشارة

الفصل الثاني (1) (في تفصيل الحقوق) بالنسبة إلى الشهود (2) و هي (3) على ما ذكره في الكتاب (4) خمسة أقسام

ما يثبت بأربعة رجال

(فمنها (5): ما يثبت بأربعة رجال، و هو الزنا و اللواط )

**********

شرح:

تفصيل الحقوق (1)أي الفصل الثاني من الفصول التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في أول الكتاب «و فصوله أربعة».

(2)يعني في تفصيل الحقوق بالنسبة الى الشهود المختلفة عددا و ذكورا و منضمّة بالحلف لا الحقوق نفسها.

من حواشي الكتاب: إنّما قال ذلك لأنّ هذا الفصل لبيان كيفية ثبوت الحقوق بشهادة الشهود المختلفة عددا و ذكورية و انوثية، و ليس فيه تفصيل الحقوق المطلقة. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(3)الضمير يرجع الى الحقوق.

(4)المراد من «الكتاب» هو اللمعة الدمشقية.

(5)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الحقوق.

ص: 443

(و السحق (1) و يكفي في) الزنا (الموجب للرجم (2) ثلاثة رجال و امرأتان، و للجلد (3) رجلان و أربع نسوة). و لو أفرد هذين (4) عن القسم الأول (5) و جعل (6) الزنا قسما برأسه كما فعل (7) في الدروس كان أنسب (8) لاختلاف حاله (9)، بالنظر إلى

**********

شرح:

(1)السحق - لغة - الشدّة في الدقّ .

و المراد به هنا وط ء المرأة مثلها، و يطلق عليه المساحقة من باب المفاعلة، و هو من أشدّ الكبائر و أعظم المحرّمات، و في روايات أهل البيت عليهم السّلام أنه الزنا الأكبر. (فقه الإمام الصادق عليه السّلام للمرحوم مغنية: ج 6 ص 279).

(2)المراد من «الزنا الموجب للرجم» هو زنا المحصن - بفتح الصاد - كما سيأتي التفصيل في كتاب الحدود إن شاء اللّه تعالى.

(3)أي الزنا الموجب للجلد. و الجلد حدّ البالغ المحصن اذا زنى بصبية أو مجنونة، أو حدّ المرأة اذا زنت بطفل لم يبلغ.

(4)المشار إليه في قوله «هذين» هو اللواط و السحق.

(5)المراد من القسم الأول هو قوله «فمنها ما يثبت بأربعة رجال».

(6)عطف على قوله «أفرد». يعني لو أفرد المصنّف رحمه اللّه اللواط و السحق عن القسم الأول من الحقوق التي يثبت بأربعة رجال و جعل الزنا قسما مستقلاّ كان أنسب.

(7)فإنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه الدروس «و تنقسم الحقوق بالنسبة الى الشهود أقساما، أحدها: ما لا يثبت إلاّ بشهادة أربعة رجال و هو اللواط و السحق.

و ثانيها: ما لا يثبت إلاّ بأربعة أو ثلاثة و امرأتين و هو الزنا الموجب للرجم... الى آخر عبارته قدّس سرّه». (الدروس الشرعية: ج 2 ص 136).

(8)خبر كان، و اسمه مستتر يرجع الى إفراد هذين.

(9)الضمير في قوله «حاله» يرجع الى الزنا.

ص: 444

الأول (1) فإنّ الأولين (2) لا يثبتان (3) إلاّ بأربعة رجال و الزنا يثبت بهم (4) و بمن ذكر (5).

ما يثبت برجلين خاصّة

(و منها:) (6) ما يثبت (برجلين) خاصّة (و هي الردّة (7) و القذف (8) و الشرب) شرب الخمر و ما في معناه (9)(و حدّ السرقة) احترز

**********

شرح:

(1)المراد من «الأول» هو الزنا في قول المصنّف رحمه اللّه «و هو الزنا... الخ».

من حواشي الكتاب: إنّ الكلام في تفصيل الحقوق بالنسبة الى الشهود، و الزنا حقّ يثبت بثلاثة أوجه، بخلاف اللواط و السحق، و تختلف أحواله بالنسبة الى الشهود، فالمناسب إفراد هذين - أي اللواط و السحق - عن القسم الأول.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)المراد من «الأولين» هو اللواط و السحق المذكوران في كلام الشارح رحمه اللّه بقوله «لو أفرد هذين... الخ».

(3)فاعله هو ضمير التثنية الراجع الى اللواط و السحق.

(4)ضمير الجمع في قوله «بهم» يرجع الى أربعة رجال.

(5)و المراد من «من ذكر» هو ثلاثة رجال و امرأتان أو رجلان و أربع نسوة.

(6)الضمير في قوله «و منها» يرجع الى الحقوق المذكورة في أول هذا الفصل.

(7)الردّة - بكسر الراء -: الاسم من الارتداد. (أقرب الموارد). و هو أفحش و أغلظ أقسام الكفر بعد الإسلام.

(8)القذف: هو رمي الغير بالزنا أو اللواط ، مثل قوله: زنيت أو لطت، أو أنت زان أو لائط .

(9)الضمير في قوله «معناه» يرجع الى الخمر.

من حواشي الكتاب: إيراد الضمير مؤنثا أقرب لأنّ الخمر مؤنث سماعي.-

ص: 445

به (1) عن نفس السرقة فإنّها (2) تثبت بهما (3)، و بشاهد و امرأتين، و بشاهد و يمين بالنسبة إلى ثبوت المال خاصّة (و الزكاة (4) و الخمس و النذر و الكفّارة) و هذه الأربعة ألحقها المصنّف بحقوق اللّه تعالى (5) و إن كان للآدمي فيها حظّ بل هو (6) المقصود منها، لعدم (7) تعيّن المستحقّ على

**********

شرح:

-(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

أقول: إنّ الضمير يرجع الى المضاف الى الخمر و هو الشرب فلا مانع من تذكيره.

و المراد من «ما في معناه» هو شرب المسكرات مثل النبيذ و الفقّاع و غير ذلك.

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى حدّ السرقة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه احترز بقوله «و حدّ السرقة» عن نفس المال المأخوذ بالسرقة.

(2)الضمير في قوله «فإنّها» يرجع الى نفس السرقة و المقصود منها المال المأخوذ.

(3)أي برجلين. يعني أنّ المال المسروق يثبت بشهادة رجلين، و بشهادة رجل و امرأتين، و بشهادة شاهد و يمين، كما هو حكم سائر الأموال.

(4)بالرفع، عطفا على الردّة. يعني ممّا يثبت بشهادة رجلين هو الزكاة و ما لحقها من الخمس و النذر و الكفّارة.

(5)فإنّ ثبوت حقوق اللّه تعالى يكون بشهادة رجلين خاصّة.

(6)الضمير يرجع الى الآدمي.

من حواشي الكتاب: الضمير للآدمي، فإنّ المقصود الأصلي من الأربعة انتفاع الآدمي. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

و الضمير في قوله «منها» يرجع الى ما ذكر من الزكاة و المعطوف عليه.

(7)هذا تعليل لإلحاق المصنّف رحمه اللّه هذه الأربعة بحقوق اللّه تعالى.

ص: 446

الخصوص. و ضابط هذا القسم (1) على ما ذكره بعض الأصحاب ما كان من حقوق الآدمي ليس مالا، و لا المقصود منه المال، و هذا الضابط (2) لا يدخل تلك الحقوق الأربعة فيه (3).

(و) منه (4)(الإسلام (5) و البلوغ و الولاء (6) و التعديل (7) و الجرح و العفو عن القصاص و الطلاق و الخلع) و إن تضمّن (8) المال، لكنّه (9) ليس نفس حقيقته (و الوكالة و الوصية إليه (10)) احترز

**********

شرح:

(1)أي القسم الذي يثبت بشهادة رجلين و هو حقوق اللّه تعالى.

(2)أي الضابط المذكور - و هو كون حقوق الآدمي التي ليس مالا و ليس المقصود منه المال - لا يوجب أن يدخل الزكاة و ما لحقها في القسم المذكور و هو حقوق اللّه تعالى، لأنّ المقصود منها المال أيضا.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى حقّ اللّه تعالى. أي أنّ الضابط المذكور لا يدخل الزكاة و ما لحقها في حقوق اللّه تعالى.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع الى ما يثبت بشهادة رجلين.

(5)يعني يثبت بشهادة الرجلين إسلام المشهود له، و كذا بلوغه و ما عطف عليهما.

(6)قد تقدّم معنى الولاء بأنه قبول ولاية الأئمّة عليهم السّلام.

(7)كما اذا شهد الرجلان بعدالة شخص أو عدم عدالته.

(8)فاعله مستتر يرجع الى الخلع.

(9)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع الى المال. يعني أنّ المال لا دخل له في حقيقة الخلع. و لا يخفى ما فيه من المناقشة لأنّ الخلع لا يطلق على الطلاق الخلعي إلاّ بعد بذل الزوجة مالا لزوجها ليطلّقها.

(10)المراد من «الوصية إليه» هو جعل الشخص وصيّا، فإنّه يثبت بشهادة رجلين -

ص: 447

به (1) عن الوصية له بمال فإنّه من القسم الثالث (2)(و النسب (3) و الهلال) و بهذا (4) يظهر أنّ الهلال من حقّ الآدمي، فيثبت فيه (5) الشهادة على الشهادة كما سيأتي.

ما يثبت برجلين، و رجل و امرأتين و شاهد و يمين

(و منها: (6) ما يثبت برجلين، و رجل و امرأتين، و شاهد و يمين، و هو (7)) كلّ ما كان مالا أو الغرض منه المال، مثل (الديون و الأموال) الثابتة (8) من غير أن تدخل في اسم الدين (و الجناية الموجبة للدية) كقتل الخطأ

**********

شرح:

-عدلين.

(1)أي احترز بلفظ «إليه» عن الوصية له، كما اذا أوصى مالا لشخص فإنّه كما يثبت بشهادة رجلين يثبت بشهادة رجل و امرأتين أو برجل و حلف.

(2)سيأتي القسم الثالث بأنه يثبت بشهادة رجل و امرأتين.

(3)فإنّ النسب يثبت بشهادة رجلين خاصّة.

(4)المشار إليه في قوله «بهذا» هو إلحاق المصنّف رحمه اللّه الهلال بالنسب. يعني يظهر من إتيان المصنّف رحمه اللّه الهلال بعد ذكر النسب أنّ الهلال من حقوق الآدمي التي تثبت بشهادة رجلين كما أنّ النسب يكون من حقوق الآدمي الذي يثبت بهما.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الهلال. يعني اذا قيل بكون الهلال من حقوق الآدمي فحينئذ يثبت فيه الشهادة على الشهادة، كما سيأتي تفصيل ذلك إن شاء اللّه تعالى.

(6)الضمير في قوله «و منها» يرجع الى الحقوق المذكورة في أول هذا الفصل في قوله رحمه اللّه «في تفصيل الحقوق».

(7)الضمير يرجع الى «ما» الموصولة المراد منها ما يثبت بما سيذكره رحمه اللّه.

(8)احترز به عن الأموال المنتقلة عوضا أو معوّضا في البيع و غيره.

ص: 448

و العمد المشتمل (1) على التغرير بالنفس كالهاشمة (2) و المنقّلة (3)، و ما لا قود (4) فيه كقتل الوالد ولده، و المسلم (5) الكافر، و الحرّ العبد، و قد تقدّم (6) في باب الشاهد و اليمين، و لم يذكر (7) ثبوت ذلك (8) بامرأتين مع اليمين مع أنه (9) قوّى في الدروس ثبوته (10)

**********

شرح:

(1)أي العمد الذي يوجب القصاص فيه التغرير بالنفس.

(2)الهاشمة: هي التي تهشم و تكسره و لكنّها لا تشقّه، و فيها عشرة أبعرة.

(3)المنقّلة: هي التي تنقل العظم و تزيله عن محلّه، و فيها خمسة عشر بعيرا.

(4)أي الجناية التي لا يجوز القصاص فيها، مثل قتل الوالد ولده، فإنّ الوالد لا يقتصّ بولده.

(5)أي كقتل المسلم الكافر، فإنّه لا قصاص على المسلم بقتله الكافر، و كذا قتل الحرّ العبد.

(6)أي تقدّم في أول بحث الشاهد و اليمين من كتاب القضاء ثبوت الدية في قتل الوالد ولده و المسلم الكافر و الحرّ العبد بقوله رحمه اللّه «و الجناية الموجبة للدية كالخطإ... و قتل الوالد ولده و قتل الحرّ العبد و المسلم الكافر و كسر العظام و الجائفة و المأمومة».

(7)فاعله مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ما ذكر بقوله «الديون و الأموال و الجناية الموجبة للدية».

(9)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنه ذكر في كتاب الدروس ثبوت الديون و الأموال و الجناية الموجبة للدية بشهادة امرأتين و يمين.

(10)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع الى ما ذكر من الديون و الأموال... الخ.

ص: 449

بهما (1) للرواية (2)، و مساواتهما (3) للرجل حالة انضمامهما (4) إليه في ثبوته (5) بهما (6) من غير يمين.

و بقي من الأحكام امور تجمع حقّ الآدمي المالي و غيره (7) كالنكاح (8)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بهما» يرجع الى شهادة امرأتين و يمين.

(2)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن منصور بن حازم قال: حدّثني الثقة عن أبي الحسن عليه السّلام قال: اذا شهد لصاحب الحقّ امرأتان و يمينه فهو جائز. (الوسائل: ج 18 ص 264 ب 24 من أبواب الشهادات ح 31).

(3)هذا دليل آخر لذكر المصنّف رحمه اللّه ثبوت ما ذكر بشهادة امرأتين و يمين، بأنّ المرأتين تساويان الرجل الواحد في صورة انضمامهما إليه، فيثبت ما ذكر بهما مع اليمين.

(4)ضمير التثنية في قوله «انضمامهما» يرجع الى المرأتين، و في قوله «إليه» يرجع الى الرجل.

(5)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع الى ما ذكر من الديون و الأموال و الجناية الموجبة للدية.

(6)الضمير في قوله «بهما» يرجع الى المرأتين و الرجل. يعني أنّ ما ذكر من الديون و الأموال و ما لحقهما يثبت بشهادة امرأتين منضمّتين لرجل واحد من غير يمين، لكون المرأتين تساويان الرجل الواحد.

(7)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الحقّ المالي. يعني بقي من الأحكام ما يجمع حقّ المالي و غيره كالأمثلة المذكورة.

(8)فإنّ النكاح يجمع حقّ المالي و هو المهر و النفقة، و غير المالي كالمضاجعة -

ص: 450

و الخلع و السرقة (1)، فيثبت بالشاهد و اليمين المال دون غيره (2)، و استبعد المصنّف ثبوت المهر (3) دون النكاح للتنافي (4).

ما يثبت بالرجال و النساء

(و منها:) (5) ما يثبت (بالرجال (6) و النساء و لو)

**********

شرح:

-و الطاعة في الفراش.

و كذلك الخلع فإنّ فيه حقّا آدميا بالنسبة الى الرجل و هو المطالبة بالبذل، و غير آدمي كالبينونة بالنسبة إليهما.

(1)فإنّ السرقة توجب الحقّ الإلهي و هو قطع يد السارق و حقّ مالي و هو إرجاع ما سرق الى صاحبه.

و الحاصل: إنّ هذه الامور تجمع بين الحقّين حقّ الآدمي المالي و غير المالي.

فيثبت في هذه الأشياء الحقّ المالي بالشاهد و اليمين، دون غيره من المضاجعة و البينونة و القطع على استبعاد في الأولين، كما نبه عليه الشارح رحمه اللّه.

(2)يعني لا يثبت غير المال بالشاهد و اليمين.

(3)بأن يحكم ثبوت المهر بالشاهد و اليمين و لم يحكم بثبوت النكاح.

(4)يعني أنّ الحكم بثبوت المهر في النكاح ينافي عدم ثبوت حقّ المضاجعة و حقّ الوط ء، لأنّ المهر لا يتحقّق إلاّ عن نكاح صحيح.

و كذلك في الخلع، فإنّ استحقاق الرجل للبذل لا يتحقّق إلاّ عن طلاق، فكيف يمكن التوفيق بين ثبوت أحد الحقّين و هو المهر في النكاح و البذل في الخلع دون المضاجعة و الطلاق ؟!

(5)الضمير في قوله «و منها» يرجع الى الحقوق المذكورة في أول هذا الفصل في قوله رحمه اللّه «في تفصيل الحقوق».

(6)أي بشهادة الرجال و النساء.

ص: 451

(منفردات (1)). و ضابطه (2) ما يعسر اطّلاع الرجال عليه غالبا (كالولادة (3) و الاستهلال) و هو (4) ولادة الولد حيّا ليرث، سمّي ذلك (5) استهلالا للصوت الحاصل عند ولادته ممّن (6) حضر عادة، كتصويت (7) من رأى الهلال (8) فاشتقّ منه (9)(و عيوب (10) النساء الباطنة) كالقرن (11)

**********

شرح:

(1)كما لو استقلّت النساء بالشهادة.

(2)الضمير في قوله «ضابطه» يرجع الى ما يثبت. يعني أنّ ضابط ما يثبت بشهادة النساء منفردات هو ما يعسر اطّلاع الرجال على المشهود به غالبا.

(3)فإنّ الولادة تثبت بشهادة النساء منفردات.

(4)الضمير يرجع الى الاستهلال.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو ولادة الولد حيّا.

(6)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «الحاصل». يعني أنّ الصوت يحصل من الذين يحضرون عند ولادة الولد للشعف الحاصل لهم من الولادة.

(7)التصويت: من صوّت يصوّت من الصوت.

(8)فإنّ الناس اذا رأوا الهلال يصوّتون و يخبر كلّ منهم رؤيته الهلال بصوت أعلى: انّي رأيت، أو: انظروا الهلال في موضع فلان.

(9)أي اشتقّ لفظ «الاستهلال» في ولادة الولد حيّا من لفظ «الاستهلال» في رؤية الهلال الذي بمعنى طلب الهلال.

(10)عطف على مدخول كاف التشبيه الجارّة من قوله «كالولادة... الخ». أي أنّ العيوب الباطنة من النساء أيضا تثبت بشهادة النساء منفردات بخلاف الظاهرة.

(11)القرن: بسكون الراء و فتحها، و هو على قسمين :

ص: 452

و الرتق (1)، دون الظاهرة كالجذام (2) و البرص (3) و العمى، فإنّه من القسم الثاني (4)(و الرضاع) (5) على الأقوى (و الوصية له) (6) أي بالمال، احتراز

**********

شرح:

-الأول: القرن عظما، كالسنّ يكون في الفرج يمنع الوط ء.

الثاني: القرن لحما، فإنّ اللحم الموجود في الفرج يمنع الوط ء، و ذلك يسمّى بالعفل أيضا.

العفل - بالتحريك -: هو شيء يخرج من قبل النساء شبيه الادرة للرجل.

(الروضة البهية).

(1)الرتق - بالتحريك -: و هو أن يكون الفرج ملتحما ليس فيه مدخل للذكر.

(الروضة البهية).

(2)الجذام - بضمّ الجيم -: و هو مرض يظهر معه يبس الأعضاء و تناثر اللحم، و هو من الأمراض الجلدية المسرية باتّفاق الأطبّاء. و قد روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله فرّ من المجذوم فرارك من الأسد.

(3)البرص - محرّكا -: أيضا من الأمراض الجلدية الشديدة. يحدث في الجسم قشرا أبيض يسبّب حكّا.

(4)المراد من «القسم الثاني» ما يثبت بشهادة رجلين.

(5)أي أنّ الرضاع أيضا يثبت بشهادة النساء منفردات، و هو قويّ . هذا في مقابل القول بعدم ثبوته.

من حواشي الكتاب: وجه القوّة أنه لا يطّلع على الرضاع الرجال غالبا فمست الحاجة الى قبول شهادة الرجال فيه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(6)و هي الوصية المالية. يعني يثبت بشهادة الرجال و النساء منفردات وصيّته المال لشخص.

ص: 453

عن الوصية إليه (1)، و هذا الفرد (2) خارج من الضابط (3)، و لو أفرده (4) قسما كما صنع (5) في الدروس كان حسنا، ليرتّب عليه (6) باقي أحكامه، فإنّه (7) يختصّ بثبوت جميع الوصية برجلين (8) و بأربع (9) نسوة، و ثبوت (10) ربعها (11) بكلّ

**********

شرح:

(1)و هي الوصية العهدية التي يعهد الوصي بالولاية عنه بعد الموت. أي لا تثبت الوصاية بشهادة النساء.

(2)المراد من «هذا الفرد» هو الوصية المالية. يعني أنّ هذا الفرد خارج من الضابط المذكور.

(3)المراد من «الضابط » هو قوله «ضابطه ما يعسر اطّلاع الرجال عليه غالبا».

فإنّ اطّلاع الرجال على الوصية المالية لا يعسر غالبا.

(4)فاعله مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. و الضمير المفعولي يرجع الى الوصية له بالمال.

(5)أي كما فعل إفراده المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(6)الضميران في قوليه «عليه» و «أحكامه» يرجعان الى الوصية له بالمال.

(7)أي الفرد الخارج، و هو الوصية المالية.

(8)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «ثبوت جميع الوصية». يعني لو أقام الموصى له شهادة الرجلين و ادّعى الوصية له فإنّه يأخذ جميع المال.

(9)يعني و كذلك يثبت جميع المال الموصى به للموصى له لو أقام شهادة أربع نسوة.

(10)بالجرّ، عطفا على مدخول باء الجارّة في قوله «بثبوت». يعني أنّ الفرد المذكور يختصّ بثبوت ربع الموصى به بشهادة كلّ واحدة من النساء.

(11)الضمير في قوله «ربعها» يرجع الى الوصية.

ص: 454

واحدة (1)، فبالواحدة (2) الربع، و بالاثنتين (3) النصف، و بالثلاث (4) ثلاثة الأرباع من غير يمين (5)، و باليمين مع المرأتين (6) و مع الرجل (7). و في ثبوت النصف (8) بالرجل أو الربع (9) من غير يمين أو سقوط (10) شهادته أصلا أوجه، من مساواته (11) للاثنتين،

**********

شرح:

(1)أي بكلّ واحدة من النساء الأربع الشاهدات، فإنّ الموصى له يأخذ ربع المال لو جاء بامرأة واحدة.

(2)هذا تفصيل ثبوت ربع الوصية بشهادة كلّ واحدة من النساء. أي بامرأة واحدة يثبت ربع المال لو أتى بها الموصى له.

(3)أي بشهادة الاثنتين من النساء يأخذ نصف المال لو أتى بهما الموصى له.

(4)أي بشهادة ثلاث من النساء تثبت ثلاثة أرباع الوصية.

(5)أي بلا حاجة الى ضميمة اليمين بشهادة إحداهنّ أو الاثنتين، و هكذا يثبت ما ذكر من التفصيل.

(6)يعني تثبت الوصية كلّها بشهادة امرأتين مع ضميمة اليمين إليها.

(7)يعني تثبت الوصية كلّها أيضا بشهادة الرجل بضميمة اليمين.

(8)يعني في شهادة الرجل الواحد بلا يمين ثلاثة أوجه:

ألف: ثبوت النصف.

ب: ثبوت الربع.

ج: سقوط شهادة الرجل الواحد أصلا.

(9)هذا هو الوجه الثاني من الأوجه المذكورة.

(10)هذا هو الوجه الثالث من الأوجه الثلاثة المذكورة.

(11)هذا دليل على الوجه الأول، و هو ثبوت النصف بشهادة الرجل الواحد، بأنه -

ص: 455

و عدم (1) النصّ ، و أنه (2) لا يقصر عن المرأة. و الأوسط (3) أوسط ، و أشكل منه (4) الخنثى، و إلحاقه (5) بالمرأة قويّ . و ليس للمرأة تضعيف المال ليصير (6) ما أوصى به ربع ما شهدت به

**********

شرح:

-يساوي شهادة اثنتين من النساء.

(1)بالجرّ، عطفا على مدخول «من». أي و من عدم النصّ . و هذا دليل على عدم ثبوت النصف بالرجل الواحد فتسقط حينئذ شهادته، و هو الوجه الثالث بأنه لم يدلّ عليه نصّ .

(2)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى الرجل الواحد، و هو دليل الوجه الثاني، و هو ثبوت الربع بشهادة رجل واحد، بأنه لا يقصر عن شهادة امرأة واحدة، فكما يثبت بها الربع، كذلك يثبت الربع به بطريق أولى.

(3)يحتمل كون المراد من «الأوسط » هو ما ذكره من أدلّة الوجوه، و هو قوله «عدم النصّ » و الحكم بسقوط شهادة الرجل الواحد. و الاحتمال الآخر كون المراد منه هو الأوسط من الوجوه الثلاثة بقوله «أو الربع من غير يمين». و نسب اختيار هذا الوجه للشارح رحمه اللّه في كتابه المسالك. لكن إلحاق الخنثى بالمرأة يدلّ على أنّ المراد بالأوسط هو الاحتمال الأول.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الرجل الواحد. يعني أنّ حكم شهادة الخنثى أشكل من حكم شهادة الرجل الواحد.

(5)أي إلحاق شهادة الخنثى بالمرأة أقوى، فبشهادته يثبت ما يثبت بشهادة المرأة.

و هذا يؤيّد احتمال كون المراد من «الأوسط » هو ثبوت الربع بشهادة الرجل الواحد لإلحاقه بالمرأة أيضا.

(6)يعني لا يجوز للمرأة في شهادتها - بعد أن كانت شهادتها موجبة للربع-

ص: 456

للكذب (1)، لكن لو فعلت (2) استباح الموصى له الجميع مع علمه (3) بالوصية لا بدونه (4)، و كذا (5) القول فيما (6) لا يثبت بشهادته الجميع.

**********

شرح:

-الاحتيال بتضعيف المال و زيادته كي يعطى للموصى له نصف المال أو جميعه، كما لو تشهد بأنّ زيدا أوصى أربعمائة دينار لعمرو كي يعطى له مائة دينار التي هي الربع الثابت بشهادتها.

هذا اذا كان زيد قد أوصى بمائة دينار لعمرو، فإنّها لو شهدت بالمائة و هو ربع المبلغ يعطى للموصى له ربعها و هو خمسة و عشرون دينارا، إلاّ أنها تحتال و تقيم الشهادة بالأربعمائة حتّى يعطى للموصى له حقّه و هو مائة دينار، لأنّ شهادتها تفيد في الربع كما تقدّم.

(1)تعليل لعدم جواز تضعيف المرأة المال الموصى به بأنه يلزم منه الكذب.

(2)يعني لو ارتكبت المرأة الكذب و احتالت في شهادتها بتضعيف المال و أخذ الموصى له جميع ما أوصى به يباح له أخذ جميع المال الموصى به مع علمه بالوصية.

(3)الضمير في قوله «علمه» يرجع الى الموصى له. أي بشرط علم الموصى له بالوصية بجميع المال.

(4)أي لا يباح الجميع للموصى له بلا علم منه.

(5)يعني و كذا القول بعدم تضعيف الشاهد في سائر الموارد التي لا يثبت بالشهادة جميع المال.

(6)المراد من «ما» الموصولة هو المرأتان أو الثلاث. و تذكير الضمير في قوله «بشهادته» من جهة اللفظ أو برجوعه الى الشاهد.

يعني كما أنه ليس للمرأة الواحدة شهادتها بتضعيف المال و زيادته كي يعطى للموصى له تمام المال كذلك ليس للمرأتين شهادتهما بتضعيف المال و زيادته.

ص: 457

ما يثبت بالنساء منضمّات إلى الرجال خاصّة

(و منها:) (1) ما يثبت (بالنساء (2) منضمّات) إلى الرجال (خاصّة) أو إلى اليمين على ما تقدّم (و هو (3) الديون و الأموال) و هذا القسم (4) داخل في الثالث (5)، قيل: و إنّما افرد (6) ليعلم احتياج النساء إلى الرجال فيه صريحا، و ليس بصحيح (7)، لأنّ الانضمام يصدق مع اليمين. و في الأول (8)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و منها» يرجع الى الحقوق المذكورة في أول هذا الفصل في قوله رحمه اللّه «في تفصيل الحقوق».

(2)أي بشهادة النساء منضمّات الى شهادة الرجال خاصّة.

(3)أي الذي يثبت بشهادة النساء منضمّات الى الرجال هو الديون و الأموال.

(4)المشار إليه في قوله «هذا القسم» هو ما يثبت بالنساء منضمّات.

(5)المراد من «الثالث» هو ما تقدّم في قوله «و منها ما يثبت برجلين و رجل و امرأتين و شاهد و يمين و هو الديون و الأموال».

(6)يعني قال البعض بأنه ذكر هذا القسم - و هو انضمام النساء - مستقلاّ عن القسم الثالث ليعلم أنّ شهادة النساء تحتاج لانضمام شهادة الرجال بالصراحة.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى القسم الثالث و هو الديون و الأموال.

(7)أي القول المذكور في توجيه تكرار هذا القسم بعد القسم الثالث ليس بصحيح، لأنّ العبارة في قوله «بالنساء منضمّات» مطلق يشمل الانضمام بالرجال و الانضمام باليمين.

من حواشي الكتاب: لكونه مطلقا يحتمل أن يكون المراد تعلّقه باليمين كما يحتمل بالرجال من غير فرق، فلا يكون أيضا صريحا في احتياجهنّ الى الرجال، فتأمّل. (حاشية ميرزا محمّد على المدرّس رحمه اللّه).

(8)المراد من «الأول» هو القسم الثالث. يعني و الحال أنّ العبارة فيه تصريح بانضمام شهادتهنّ الى شهادة الرجل بقوله «و رجل و امرأتين».

ص: 458

تصريح بانضمامهنّ إلى الرجل صريحا، فلو عكس (1) المعتذر كان أولى، و لقد كان إبداله (2) ببعض ما أشرنا إليه من الأقسام سابقا التي أدرجها (3)، و إدراجه (4) هو (5) أولى كما فعل (6) في الدروس.

**********

شرح:

(1)يعني لو قال المعتذر: إنّما افرد القسم الخامس عن الثالث ليعلم عدم احتياج شهادة النساء الى انضمام شهادة الرجال بل يكفي انضمامهنّ على اليمين كان أولى ممّا ذكر.

(2)الضمير في قوله «إبداله» يرجع الى القسم الخامس، و هو اسم كان، و خبره سيأتي في قوله «أولى».

يعني كان الأولى أن يبدّل الخامس بذكر بعض ما تقدّم من أنّ المناسب إفراده قسما مستقلاّ و هو الوصية لكونها خارجة من الضابط في ما ذكره، و يدرج القسم الخامس في الثالث.

و الحاصل: إنّ الأولى أن يذكر الوصية له منفردا من القسم الرابع و هو الذي يثبت بالرجال و النساء و لو منفردات. و يدخل القسم الخامس - و هو الذي يثبت بالنساء منضمّات - في القسم الثالث.

(3)المراد ممّا أدرجه المصنّف رحمه اللّه في بعض الأقسام هو الوصية له و التي أدرجها في القسم الرابع.

(4)الضمير في قوله «إدراجه» يرجع الى القسم الخامس من إضافة المصدر الى مفعوله.

(5)الضمير يرجع الى إدراجه و هو للتأكيد له.

(6)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر الوصية له منفردا و أدخل الخامس في بعض الأقسام في كتابه الدروس.

ص: 459

الفصل الثالث في الشهادة على الشهادة

اشارة

الفصل الثالث (1) (في الشهادة على الشهادة) (2)

محلّها حقوق الناس كافّة

(و محلّها (3) حقوق الناس كافّة) بل ضابطه (4) كلّ ما لم يكن عقوبة للّه

**********

شرح:

الشهادة على الشهادة (1)أي الفصل الثالث من فصول الكتاب التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه «و فصوله أربعة».

(2)كما اذا شهدا عدلان لشهادة عدلين آخرين في أمر كذا.

(3)الضمير في قوله «محلّها» يرجع الى الشهادة على الشهادة. يعني أنّ مورد قبولها حقوق الناس كلاّ، سواء كانت من العقوبات مثل القصاص أو غيرها مثل الديون و الأموال.

(4)يعني ضابط قبول الشهادة على الشهادة كلّ ما لم تختصّ العقوبة للّه تعالى، مثل قطع يد السارق، و قد أضرب الشارح رحمه اللّه بقوله «بل ضابطه» عما قاله المصنّف رحمه اللّه بكون محلّ الشهادة على الشهادة هو حقوق الناس بأنّ محلّ الشهادة على الشهادة هو حقوق الناس و لو تعلّق عليها حقوق اللّه تعالى أيضا مثل الزكاة و الخمس و نظيرهما.

ص: 460

تعالى مختصّة به (1) إجماعا، أو مشتركة على الخلاف (2)(سواء كانت) الحقوق (عقوبة كالقصاص (3)، أو غير عقوبة) مع كونه (4) حقّا غير مالي (كالطلاق (5) و النسب و العتق، أو مالا كالقرض و عقود المعاوضات، و عيوب النساء) هذا (6) و ما بعده (7) من أفراد الحقوق التي ليست مالا رتّبها (8) مشوّشة (و الولادة و الاستهلال و الوكالة و الوصية بقسميها) و هما (9)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى اللّه تعالى. يعني كون محلّ الشهادة على الشهادة ما لم تكن عقوبة مختصّة باللّه تعالى إجماعي.

(2)يعني أو كون محلّ الشهادة على الشهادة عقوبة مشتركة بينه تعالى و بين الناس خلافي، كما سيأتي.

(3)فإنّ القصاص لصاحبه من الحقوق له.

(4)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى غير العقوبة.

(5)فإنّ الطلاق و النسب و العتق لا تكون من العقوبة و لا من الحقوق المالية.

(6)المشار إليه في قوله «هذا» هو عيوب النساء، و هو مبتدأ، و خبره هو قوله «رتّبها مشوّشة». يعني أنّ ذكر مثال عيوب النساء و ما بعده و هو الولادة و ما يلحقها على نحو المرتّب المشوّش، لأنّ الحقّ أن يذكر الأمثلة المذكورة بعد الأمثلة المتقدّمة بقوله «كالطلاق و النسب و العتق»، لا أن يذكرها بعد قوله «أو مالا كالقرض و عقود المعاوضات».

(7)المراد من «ما بعده» الولادة و ما عطف عليها.

(8)أي الترتيب في ذكر الأمثلة مشوّشة غير مرتّبة كما تقدّم.

(9)الضمير في قوله «هما» يرجع الى قسمي الوصية.

ص: 461

الوصية إليه (1) و له (2).

لا يثبت في حقّ اللّه تعالى محضا أو مشتركا

(و لا يثبت (3) في حقّ اللّه تعالى محضا كالزنا و اللواط و السحق، أو مشتركا (4) كالسرقة و القذف، على خلاف (5)) منشأه (6) مراعاة الحقّين (7) و لم يرجّح (8) هنا شيئا، و كذا (9) في الدروس، و الوقوف (10) على موضع اليقين (11) أولى،

**********

شرح:

(1)كما اذا جعل الموصي شخصا وصيّا في الإقدام بما يوصيه، و هو من قبيل جعل الولاية للوصي. و تسمّى بالوصية العهدية.

(2)كما اذا أوصى مالا للموصى له. و تسمّى بالوصية المالية.

(3)أي الشهادة على الشهادة لا يثبت في حقوق اللّه تعالى كالأمثلة المذكورة.

(4)كما اذا كان الحقّ مشتركا بين اللّه تعالى و بين الناس، مثل السرقة الموجبة لقطع يد السارق، و هو من حقوق اللّه تعالى، و أداء المال المسروق و هو من حقوق الناس.

(5)يعني أنّ الشهادة على الشهادة في الحقّ المشترك خلافي.

(6)الضمير في قوله «منشأه» يرجع الى الخلاف.

(7)فإنّ من رجّح حقّ اللّه تعالى في المشترك قال بعدم قبول الشهادة على الشهادة، و من قال بترجيح حقّ الناس قال بقبولها.

(8)فاعله مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه لم يرجّح في هذا الكتاب أحدهما.

(9)يعني و كذلك لم يرجّح المصنّف رحمه اللّه أحد الحقّين في كتابه الدروس.

(10)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «أولى».

(11)المراد من «موضع اليقين» هو ما كان من حقوق الناس المحضة التي ليس فيها -

ص: 462

و هو (1) اختيار الأكثر. فيبقى ضابط محلّ الشهادة على الشهادة ما ليس بحدّ (2).

لو اشتمل الحقّ على الأمرين يثبت حقّ الناس

(و لو اشتمل الحقّ على الأمرين (3)) كالزنا (4)(يثبت) بالشهادة على الشهادة (حقّ الناس خاصّة (5)، فيثبت بالشهادة) على الشهادة (على إقراره (6) بالزنا نشر الحرمة) لأنها (7) من حقوق الآدميّين (لا الحدّ) لأنه (8) عقوبة للّه تعالى، و إنّما افتقر إلى إضافة الشهادة (9) على الشهادة

**********

شرح:

-أيّ حقّ للّه تعالى، فإنّها تثبت بالشهادة على الشهادة، على عكس حقوق اللّه تعالى فإنّها لا تثبت بالشهادة على الشهادة، بل بشهادة رجلين، كما مرّ آنفا.

(1)الضمير يرجع الى الوقوف. يعني أنّ أكثر الفقهاء توقّفوا في الحكم بقبول الشهادة على الشهادة في الحقوق المشتركة بين اللّه تعالى و بين الناس.

(2)أي الضابط في محلّ الشهادة على الشهادة هو الحقّ الذي ليس من قبيل الحقّ .

(3)المراد من «الأمرين» هو حقّ اللّه تعالى و حقّ الناس.

(4)فإنّ في الزنا حقّ اللّه تعالى و هو الحدّ، و حقّ الناس و هو نشر حرمة أمّ الموطوءة و بنتها على الزاني.

(5)فلا يثبت الحدّ.

(6)أي الشهادة على شهادة عدلين بإقرار شخص بالزنا توجب نشر الحرمة.

(7)الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى الحرمة.

(8)أي لأنّ الحدّ عقوبة من اللّه تعالى، و هو ليس محلّ الشهادة على الشهادة إجماعا، كما تقدّم.

(9)فإنّ الشارح رحمه اللّه أضاف قوله «على الشهادة» على عبارة المصنّف رحمه اللّه بقوله -

ص: 463

ليصير من أمثلة المبحث.

أمّا لو شهد على إقراره بالزنا شاهدان (1) فالحكم كذلك (2) على خلاف (3)،

**********

شرح:

- «بالشهادة». يعني أنّ الشارح رحمه اللّه افتقر لإضافتها لتكون المسألة من أمثلة الشهادة على الشهادة التي هي محلّ المبحث.

(1)يعني لو شهد عدلان على إقرار شخص بالزنا ففيه أيضا تنشر الحرمة فقط و لا يثبت حدّ الزنا.

(2)المشار إليه في قوله «كذلك» هو نشر الحرمة.

(3)أي على خلاف في نشر الحرمة أيضا. فكما أنه لا يثبت أصل الزنا بالشهادة على الشهادة كذلك الإقرار بالزنا لا يثبت.

من حواشي الكتاب: ذهب العلاّمة رحمه اللّه في المختلف و ولده في الشرح الى عدم ثبوت الإقرار بالزنا بشاهدين كأصله لاشتراكهما في تعلّق إقامة الحدّ و هتك العرض.

و قال الشيخ رحمه اللّه في المبسوط و الخلاف و تبعه ابن إدريس رحمه اللّه بثبوته بهما كسائر الأقارير.

فعلى الأول يثبت بالشاهدين نشر الحرمة دون الحدّ. و على الثاني كلاهما يثبتان بهما.

و الفرق بين الشهادة على الإقرار و الشهادة على أصل الفعل - حيث يكتفى في الأول باثنين امّا مطلقا أو في نشر الحرمة دون الثاني - أنّ الشهادة على الزنا قذف يوجب الفسق مع عدم بلوغ النصاب دون الشهادة على الإقرار، فلهذا تقبل هي دونها. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 464

لكنّه (1) من أحكام القسم السابق (2).

و مثله (3) ما لو شهد (4) على إقراره بإتيان البهيمة شاهدان يثبت بالشهادة عليهما (5) تحريم البهيمة و بيعها، دون الحدّ (6)

يجب أن يشهد على كلّ واحد عدلان

(و يجب أن يشهد على كلّ واحد (7) عدلان (8)) لتثبت

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لكنّه» يرجع الى ثبوت الحرمة دون الحدّ.

(2)المراد من «القسم السابق» هو قول المصنّف رحمه اللّه «أو مشتركا كالسرقة و القذف».

(3)الضمير في قوله «و مثله» يرجع الى الإقرار بالزنا.

(4)يعني مثل الشهادة على الشهادة بالإقرار بالزنا الشهادة على الشهادة بإتيان البهيمة أو وطئها.

البهيمة: هي ذات الأربع من حيوان البرّ و البحر. و قال الزجّاج: هي حيوان ذات الروح التي لا تميّز، سمّيت بذلك لذلك. و على الأول فالحكم مختصّ بها فلا يتعلّق الحكم بالطير و السمك و نحوهما و إن حرم الفعل، و على الثاني يدخل.

(الروضة البهية: الفصل السابع من الحدود).

(5)ضمير التثنية في قوله «عليهما» يرجع الى شاهدي الإقرار. أي بالشهادة على شهادة الشاهدين بالإقرار بإتيان البهيمة يثبت تحريم البهيمة و بيعها، و لا يثبت بها الحدّ على المقرّ.

(6)لا يخفى أنّ المراد من «الحدّ» هو التعزير، كما سيأتي في كتاب الحدود قول المصنّف رحمه اللّه «اذا وطئ البالغ العاقل بهيمة عزّر و اغرم ثمنها».

(7)أي على كلّ واحد من الشاهدين العدلين من الأصل.

(8)فاعل لقوله «يشهد».

ص: 465

شهادته (1) بهما.

لو شهدا على الشاهدين فما زاد جاز

(و لو شهدا (2) على الشاهدين فما زاد) كالأربعة في الزنا و النسوة (3) (جاز) لحصول الغرض و هو ثبوت شهادة كلّ واحد بعدلين، بل يجوز أن يكون الأصل (4) فرعا لآخر فيثبت (5) بشهادته مع آخر، و فيما يقبل فيه شهادة النساء (6) يجوز على كلّ امرأة أربع (7) كالرجال (8)، و قيل: لا يكون النساء فرعا (9)، لأنّ شهادة

**********

شرح:

(1)أي لتثبت شهادة كلّ واحد من الشاهدين في الأصل بسبب شهادة عدلين من الفرع.

و الضمير في قوله «بهما» يرجع الى العدلين.

(2)يعني لو شهد العدلان على أحد شاهدي الأصل ثمّ شهد العدلان على الآخر منهما و هكذا الى الشاهد الرابع في الزنا جاز.

(3)أي اذا شهد الشاهدان لكلّ واحد من النسوة الأربع جاز أيضا.

(4)أي يجوز أن يكون الشاهد الأصل فرعا لشاهد الأصل الآخر.

(5)أي يثبت الفرع بشهادة شاهد آخر، كما لو كان زيد و عمرو شاهدين لأمر بالأصالة ثمّ شهد كلّ واحد على شهادة الآخر في أمر آخر.

(6)فإنّ شهادة النساء تقبل في الولادة و الاستهلال و الوصية، كما تقدّم.

(7)أي يجوز أن تشهد لكلّ واحدة من النساء فيما تقبل شهادتهنّ أربع نسوة.

(8)يعني كما أنّ ثبوت شهادة الرجل يحتاج الى شهادة رجلين عدلين كذلك ثبوت شهادة المرأة تحتاج الى أربع نسوة.

(9)يعني قال البعض بأنّ شهادة النساء إنّما تقبل فيما يتعلّق بالأموال، أو يكون-

ص: 466

الفرع (1) تثبت شهادة الأصل لا ما شهد (2) به.

يشترط في قبول شهادة الفرع تعذّر حضور شاهد الأصل

(و يشترط ) (3) في قبول شهادة الفرع (تعذّر) حضور (شاهد الأصل بموت (4) أو مرض أو سفر) و شبهه (5).(و ضابطه (6) المشقّة في حضوره) و إن لم يبلغ حدّ التعذّر.

و اعلم أنه لا يشترط تعديل الفرع (7) للأصل، و إنّما

**********

شرح:

-الغرض منها الأموال، و الحال أنّ الشهادة على الشهادة ليست مالا و ليس الغرض منها المال، فلا تقبل.

(1)يعني أنّ شهادة أربع نساء على شهادة الأصل لا تثبت إلاّ شهادة الأصل.

(2)فاعله مستتر يرجع الى الأصل. و الضمير في قوله «به» يرجع الى «ما» الموصولة المراد منها المشهود به. يعني لا يثبت بشهادة الفرع ما شهدت الأصل به.

(3)أي الشرط الثاني من شروط الشهادة على الشهادة هو تعذّر حضور شهادة الأصل.

(4)كما اذا مات شاهد الأصل أو مرض أو سافر و لم يمكن حضوره في مجلس الشهادة.

(5)كما اذا كان محبوسا ممنوع الخروج و لو لإقامة الشهادة.

(6)الضمير في قوله «ضابطه» يرجع الى التعذّر. و الضمير في قوله «حضوره» يرجع الى شاهد الأصل. أي الملاك في التعذّر الموجب لقبول شهادة الفرع هو حصول المشقّة للحضور لا أزيد من ذلك.

(7)أي لا يشترط في قبول شهادة الفرع تصديقه عدالة الأصل، لأنّ التعديل هو وظيفة الحاكم.

ص: 467

ذلك (1) فرض (2) الحاكم. نعم يعتبر تعيينه (3)، فلا تكفي: (4) أشهدنا عدلان، ثمّ إن أشهداهما (5) قالا: (6) أشهدنا فلان أنه يشهد بكذا. و إن (7) سمعاهما (8) يشهدان جازت شهادتهما (9) عليهما (10) و إن (11) لم تكن شهادة الأصل عند حاكم على الأقوى، لأنّ العدل لا يتسامح بذلك (12) بشرط ذكر

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو التعديل.

(2)يعني أنّ تعديل شاهد الأصل إنّما هو وظيفة الحاكم لا الشاهد الفرع.

(3)أي يعتبر في قبول شهادة الفرع أن يعيّن شاهد الأصل بأن يقول: إنّ فلان بن فلان شهد على أمر كذا.

(4)فاعله الضمير المؤنث الراجع الى شهادة الفرع.

(5)فاعله ضمير التثنية الراجع الى الأصل. و الضمير المفعولي يرجع الى الفرع.

يعني أنّ الفرع لو أشهده الأصل بالشهادة قالا في شهادتهما: إنّ فلانا أشهدنا بأنه يشهد بأمر كذا.

(6)جواب لقوله «إن أشهداهما».

(7)حرف «إن» شرطية، و جوابه هو قوله «جازت».

(8)يعني لو سمع الشاهدان شهادة الأصل جاز لهما أن يشهدا على شهادة الأصل بلا حاجة الى أن يقولا: أشهدنا فلان، كما في السابق.

(9)ضمير التثنية في قوله «شهادتهما» يرجع الى الشاهدين الفرعين.

(10)ضمير التثنية في قوله «عليهما» يرجع الى الشاهدين الفرعين.

(11)وصيلة. يعني و لو لم تكن شهادة الأصلين عند الحاكم.

(12)المشار إليه في قوله «بذلك» هو الشهادة. يعني أنّ العادل لا يرتكب التسامح في شهادته و لو لم تكن شهادته عند الحاكم.

ص: 468

الأصل للسبب (1)، و إلاّ (2) فلا، لاعتياد التسامح عند غير الحاكم به (3)، و إنّما تجوز شهادة الفرع مرّة واحدة (4)

لا تقبل الشهادة الثالثة على شاهد الفرع فصاعدا

(و لا تقبل الشهادة الثالثة (5)) على شاهد الفرع (6)(فصاعدا).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ اكتفاء الفرع بشهادة الأصل و إن لم تكن الشهادة عند الحاكم مشروطة بذكر الأصل للسبب الموجب للحقّ المشهود به بأن يقول الأصل: إنّي أشهد لفلان على فلان حقّ من جهة الفرض أو البيع أو الإرث أو غير ذلك من الأسباب الموجبة لثبوت الحقّ على ذمّة المدّعى عليه.

(2)استثناء من قوله «بشرط ذكر الأصل للسبب». يعني فلو لم يذكر الأصل السبب الموجب لثبوت الحقّ فلا يجوز للفرع الشهادة على شهادة الأصل.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى الشهادة، و التذكير باعتبار ذكر الشهادة.

(4)يعني أنّ شهادة الفرع على شهادة الأصل لا تقبل إلاّ مرّة واحدة لا أزيد منها.

(5)المراد من «الشهادة الثالثة» هو شهادة عدلين آخرين على شهادة الفرعين الأولين

(6)المراد من «شاهد الفرع» هو الذي يشهد بشهادة الأصل.

كما لو شهد زيد و عمرو على شهادة حسن و حسين لثبوت حقّ لفلان على ذمّة فلان فتلك الشهادة تقبل من الفرع لكن لو شهد أحمد و محمود على شهادة حسن و حسين على الأصل فتلك هي الشهادة الثالثة، فلا تقبل منهما لأنها شهادة فرع على فرع.

ص: 469

الفصل الرابع في الرجوع عن الشهادة

اشارة

الفصل الرابع (1) (في الرجوع) (2) عن الشهادة

إذا رجعا قبل الحكم امتنع الحكم

(إذا (3) رجعا) أي الشاهدان فيما يعتبر فيه الشاهدان أو الأكثر حيث يعتبر (4)(قبل الحكم امتنع الحكم) لأنه (5) تابع للشهادة و قد ارتفعت (6)،

**********

شرح:

الرجوع عن الشهادة (1)أي الفصل الرابع من فصول الكتاب التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه «و فصوله أربعة» و هو آخر فصوله.

(2)أي في رجوع الشاهد عمّا شهد به.

(3)جوابه هو قوله «امتنع الحكم».

(4)أي اذا رجع الأكثر من الشاهدين في المورد الذي يعتبر فيه شهادة الأكثر مثل الزنا.

(5)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الحكم. يعني أنّ الحكم يتبع الشهادة، فبارتفاعها يمتنع الحكم.

(6)فاعله تاء التأنيث الراجع الى الشهادة.

ص: 470

و لأنه (1) لا يدري أصدقوا في الأول، أو في الثاني فلا يبقى ظنّ الصدق فيها (2).

إن كان الرجوع بعد الحكم لم ينقض الحكم و ضمن الشاهدان

(و إن كان الرجوع بعده (3) لم ينقض الحكم) إن كان مالا،(و ضمن الشاهدان) (4) ما شهدا به من المال (سواء كانت العين باقية أو تالفة) على أصحّ القولين (5). و قيل: تستعاد العين القائمة.

لو كانت الشهادة على قتل أو رجم أو قطع أو جرح و رجعا

(و لو كانت الشهادة على قتل (6) أو رجم (7) أو قطع (8) أو جرح) أو حدّ و كان قبل استيفائه (9) لم يستوف (10)، لأنها (11) تسقط بالشبهة، و الرجوع

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الحاكم. يعني أنّ الحاكم لا يدري أنّ الشاهد هل كان صادقا في قوله أولا أو ثانيا؟

(2)أي لا يبقى الظنّ المستند به في حكم الحاكم له.

(3)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الحكم. يعني لو رجع الشاهد عن شهادته بعد صدور حكم الحاكم فذلك لا يوجب نقض حكمه.

(4)يعني يضمن الشاهدان للمال الذي اخذ من المدّعى عليه و اعطي للمدّعي بسبب شهادتهما.

(5)في مقابل القول بعدم ضمان الشاهدين عند بقاء العين، بل يحكم باستعادة العين عن المدّعي و يعطى للمدّعى عليه.

(6)أي على ما يوجب القتل مثل الزنا بالمحارم.

(7)أي كانت الشهادة على ما يوجب الرجم مثل زنا المحصن.

(8)مثل السرقة الموجبة لقطع يد السارق.

(9)الضمير في قوله «استيفائه» يرجع الى الحكم بما ذكر من القتل و الرجم... الخ.

(10)يعني لا يجري الحكم في حقّ المحكوم.

(11)الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى الشهادة. يعني أنّ الشهادة تسقط بالرجوع -

ص: 471

شبهة، و المال (1) لا يسقط بها، و هو (2) في الحدّ (3) في معنى النقض. (4) و في القصاص قيل: (5) ينتقل إلى الدية لأنها بدل ممكن عند فوات محلّه (6)، و عليه (7) لا ينقض. و قيل: تسقط (8) لأنها فرعه، فلا يثبت الفرع من دون الأصل، فيكون ذلك (9) في معنى النقض أيضا.

و العبارة (10) تدلّ بإطلاقها على عدم النقض

**********

شرح:

-عنها لكونها شبهة، و الحدود تدرأ بالشبهات.

(1)يعني أمّا إجراء الحكم في خصوص المال لأنه لا يدرأ بالشبهة.

(2)الضمير يرجع الى الرجوع، و يحتمل رجوعه الى الحكم.

(3)أي الحدّ بالمعنى الأعمّ الشامل للتعزير.

(4)بمعنى أنّ الحكم الصادر من جانب الحاكم ينقض برجوع الشاهد عن شهادته.

(5)يعني قال البعض بأنّ الحكم الصادر من الحاكم في خصوص القصاص لا ينقض، بل يبدّل القصاص بالدية لأنّ الدية بدل ممكن عن القصاص.

(6)الضمير في قوله «محلّه» يرجع الى القصاص.

(7)أي على القول بانتقال القصاص الى الدية عند رجوع الشاهدين لا ينقض الحكم.

(8)فاعله هو الضمير الراجع الى الدية. يعني قال البعض بسقوط الدية لأنها بدل القصاص، فبسقوط الأصل و هو القصاص يسقط الفرع و هو الدية.

(9)المشار إليه في قوله «ذلك» هو سقوط الدية. يعني أنّ سقوطها يكون في معنى النقض أيضا، كما يكون سقوط الحدّ في معنى النقض.

(10)يعني أنّ عبارة المصنّف رحمه اللّه بملاحظة آخر كلامه تدلّ على عدم نقض الحكم سواء كان قبل الاستيفاء أم بعده.

ص: 472

مطلقا (1) و استيفاء (2) متعلّق الشهادة و إن كان حدّا، و الظاهر أنه (3) ليس بمراد. و في الدروس (4) لا ريب أنّ الرجوع فيما يوجب الحدّ قبل استيفائه يبطل الحدّ، سواء كان للّه (5) أو للإنسان لقيام الشبهة الدارئة، و لم يتعرّض (6) للقصاص. و على هذا (7) فإطلاق العبارة (8) إمّا ليس بجيّد أو خلاف المشهور و لو كان (9) بعد استيفاء المذكورات و اتّفق موته بالحدّ.

**********

شرح:

(1)أي سواء كان الرجوع قبل استيفاء الحكم أم لا.

(2)بالجرّ، عطفا على مدخول «على» فيكون المعنى: إنّ عبارة المصنّف رحمه اللّه تدلّ بإطلاقها على استيفاء متعلّق الشهادة و إن كان متعلّق الحكم حدّا.

(3)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى الإطلاق. يعني الظاهر أنّ الإطلاق لم يرد من العبارة.

(4)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بأنّ الرجوع من الشاهد في الموارد التي يحكم فيها بإجراء الحدّ - مثل الزنا و اللواط - قبل إجراء الحدّ يوجب بطلان الحكم بالحدّ.

(5)أي سواء كان الحدّ حقّا للّه تعالى مثل حدّ الزنا أو حقّا للإنسان مثل حدّ القذف.

(6)فاعله مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف في كتابه الدروس لم يتعرّض لحكم القصاص بأنه هل ينقض أم لا؟

(7)المشار إليه في قوله «و على هذا» هو الفرق بين الرجوع قبل الاستيفاء الذي يوجب النقض و بعده الذي لا يوجب النقض.

(8)أي إطلاق العبارة هنا ليس بجيّد.

(9)اسم كان مستتر يرجع الى الرجوع.

ص: 473

(ثمّ رجعوا (1) و اعترفوا بالتعمّد اقتصّ منهم أجمع) إن شاء وليّه، و ردّ (2) على كلّ واحد ما زاد عن جنايته، كما لو باشروا (3)(أو) اقتصّ (من بعضهم) و ردّ عليه (4) ما زاد عن جنايته (و يردّ الباقون (5) نصيبهم) من الجناية.

(و إن قالوا (6) أخطأنا فالدية عليهم) أجمع موزّعة، و لو تفرّقوا في العمد و الخطأ (7) فعلى كلّ واحد لازم قوله، فعلى المعترف بالعمد القصاص بعد ردّ ما يفضل من ديته عن جنايته، و على المخطئ نصيبه

**********

شرح:

(1)فاعله الضمير الراجع الى الشهود، و كذلك في قوله «اعترفوا». يعني لو اعترفوا في شهادتهم بارتكاب الكذب متعمّدا يحكم بالقصاص عليهم.

(2)فاعله مستتر يرجع الى الولي. يعني لو اقتصّ الولي جميعهم في مقابل المقتول يردّ على كلّ واحد منهم ما زاد عن جنايته. مثلا اذا تعمّد اثنان في ما يوجب القتل جاز للولي أن يقتصّ منهما و يقتلهما و يردّ لكلّ واحد منهما نصف الدية الزائدة عن جنايته.

(3)يعني كما لو باشر جمع في قتل أحد جاز للولي أن يقتل الجميع قصاصا، و يردّ لكلّ واحد منهم ما زاد عن جنايته من الدية.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى البعض.

(5)أي الذين لم يقتصّ منهم تردّ دية جنايتهم للولي.

(6)فاعله الضمير الراجع الى الشهود. يعني لو ادّعوا الخطأ في شهادتهم الموجبة للقتل وجبت عليهم دية المقتول بحكم الحاكم.

(7)كما لو ادّعى البعض الخطأ وجبت عليه الدية، و الآخر العمد حكم عليه القصاص بعد أن يردّ عليه الولي ما يفضل عن دية صاحبه و يقبض منه إن شاء.

ص: 474

من الدية.

لو شهدا بطلاق ثمّ رجعا

(و لو شهدا بطلاق (1) ثمّ رجعا، قال الشيخ في النهاية: تردّ (2) إلى الأول (3)، و يغرمان (4) المهر للثاني (5)، و تبعه (6) أبو الصلاح) استنادا إلى رواية حسنة (7)

**********

شرح:

(1)كما لو شهدا بأنّ زيدا طلّق زوجته ثمّ رجعا عن شهادتهم.

(2)بصيغة المجهول. و النائب الفاعل هو الضمير الراجع الى الزوجة المشهود عليها بطلاقها. يعني تردّ الزوجة المطلّقة بالشهادة الى زوجها الأول بعد تزويجها بالثاني.

(3)المراد من «الأول» هو الزوج الذي شهد بطلاق زوجته.

(4)فاعله هو ضمير التثنية الراجع الى الشاهدين.

(5)أي الزوج الثاني للمشهود عليها بالطلاق. يعني أنّ الشاهدين يغرّمان له.

(6)الضمير في قوله «تبعه» يرجع الى الشيخ رحمه اللّه. يعني أنّ أبا الصلاح الحلبي رحمه اللّه أيضا تبع الشيخ الطوسي رحمه اللّه في الحكم المذكور.

(7)المراد من «الرواية الحسنة» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في شاهدين شهدا على امرأة بأنّ زوجها طلّقها فتزوجت، ثمّ جاء زوجها فأنكر الطلاق، قال: يضربان الحدّ، و يضمنان الصداق للزوج، ثمّ تعتدّ، ثمّ ترجع الى زوجها الأول. (الوسائل: ج 18 ص 241 ب 13 من أبواب الشهادات ح 1).

قال صاحب الوسائل: حمله الشيخ رحمه اللّه على ما اذا كذّب أحد الشاهدين نفسه.

و وجه كونها حسنة هو وقوع عليّ بن إبراهيم بن هاشم في سندها.-

ص: 475

حملت (1) على تزويجها بمجرّد سماع البيّنة، لا بحكم الحاكم.

(و قال (2) في الخلاف: إن كان (3) بعد الدخول فلا غرم) للأول، لاستقرار المهر في ذمّته (4) به فلا تفويت، و البضع لا يضمن بالتفويت (5)، و إلاّ (6) لحجر على المريض بالطلاق، إلاّ أن يخرج البضع من ثلث ماله، و لأنه (7) لا يضمن له لو قتلها قاتل، أو

**********

شرح:

-أقول: اعتبر الشارح رحمه اللّه الرواية المذكورة في هذا الكتاب حسنة، و في المسالك اعتبرها موثّقة.

(1)يعني أنّ الرواية حملت على تزويجها استنادا الى سماع البيّنة بلا حكم من الحاكم.

(2)فاعله مستتر يرجع الى الشيخ رحمه اللّه.

(3)اسم كان مستتر يرجع الى رجوع الشاهدين.

(4)الضمير في قوله «ذمّته» يرجع الى الزوج الأول، و الضمير في قوله «به» يرجع الى الدخول.

(5)يعني أنّ البضع لا يضمن بسبب تفويته على الزوج الأول في المدّة التي كانت الزوجة تحت حبالة الزوج الثاني. و هذا هو الدليل الأول.

(6)يعني لو كان البضع قابلا للتضمين بسبب التفويت لكان يضمن فيما اذا طلّق الزوج زوجته في مرض موته، لأنّ مهرها حين الطلاق في المرض يجب أن يخرج من ثلث مال الميّت، لأنّ الورثة لهم حقّ في المال، مع أنّ مهرها من الأصل لا من الثلث.

(7)هذا دليل ثان على أنّ البضع لا يضمن، بأن الزوجة لو قتلها قاتل لا يضمن بضعها، بل إمّا القصاص و الدية.

ص: 476

قتلت (1) نفسها (2)، أو حرمت (3) نكاحها برضاع (و هي (4) زوجة الثاني) لأنّ الحكم (5) لا ينقض بعد وقوعه.

(و إن كان (6) قبل الدخول غرما (7) للأول (8) نصف المهر) الذي غرمه (9)،

**********

شرح:

(1)هذا دليل ثالث على عدم الضمان في البضع.

(2)فإنّ الزوجة لو قتلت نفسها لا تضمن تفويت البضع على زوجها.

(3)هذا دليل رابع على عدم الضمان في تفويت البضع، و هو عطف على قوله «قتلت».

و حاصله: إنه لو أرضعت هذه الزوجة الزوجة الصغيرة لزوجها فإنّ المرضعة تحرم على الزوج لكونها أمّ زوجة له، و كذلك الثانية لكونها بنت الزوجة المدخول بها. و الحال أنّ المرضعة لا تضمن تفويت بضعها و بضع الزوجة الثانية على زوجهما.

(4)هذا إدامة لقول الشيخ رحمه اللّه في الخلاف، بأنّ الزوجة تتعلّق بالزوج الثاني بعد رجوع الشاهد في صورة دخول الأول بالزوجة.

(5)يعني أنّ الحكم الصادر من الحاكم في خصوص طلاق الزوج الأول استنادا لشهادة الشاهد لا ينقض برجوع الشاهد عن شهادته.

(6)اسم كان مستتر يرجع الى رجوع الشاهدين.

(7)فاعله هو ضمير التثنية الراجع الى الشاهدين.

(8)أي للزوج الأول.

(9)الضمير في قوله «غرمه» يرجع الى النصف، و الضمير الفاعلي يرجع الى الزوج الأول.

ص: 477

لأنه (1) و إن كان ثابتا بالعقد - كثبوت الجميع بالدخول - إلاّ أنه كان معرّضا (2) للسقوط بردّتها (3) أو الفسخ لعيب، بخلافه (4) بعد الدخول لاستقراره مطلقا (5). و هذا (6) هو الأقوى و به (7) قطع في الدروس، و نقله هنا (8) قولا كالآخر يدلّ على تردّده فيه، و لعلّه (9) لمعارضة الرواية المعتبرة (10).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى نصف المهر. يعني أنّ النصف و إن كان ثابتا في ذمّة الزوج كما أنّ تمام المهر يثبت في ذمّته بالدخول إلاّ أنه... الخ.

(2)يعني أنّ نصف المهر أيضا يكون في معرض السقوط بارتداد الزوجة أو بفسخ الزوج بسبب أحد العيوب الموجبة للفسخ.

(3)الضمير في قوله «بردّتها» يرجع الى الزوجة، أي بارتدادها.

(4)الضميران في قوليه «بخلافه» و «لاستقراره» يرجعان الى جميع المهر.

(5)أي سواء ارتدّت الزوجة أم لا، و سواء فسخت لعيب أم لا.

(6)المشار إليه في قوله «هذا» هو قول الشيخ رحمه اللّه في الخلاف. يعني أنّ قوله هو الأقوى.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع الى قول الشيخ رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قطع ما قاله الشيخ رحمه اللّه في الخلاف.

(8)يعني كما أنّ المصنّف رحمه اللّه نقل القول الأول عن الشيخ رحمه اللّه من النهاية كذلك نقل القول الثاني عنه من الخلاف و لم يبد نظره في المقام ممّا يدلّ على تردّد المصنّف في اختيار أحد القولين.

(9)الضمير في قوله «لعلّه» يرجع الى تردّد المصنّف رحمه اللّه.

(10)المراد من «الرواية المعتبرة» هو ما نقلناها آنفا عن إبراهيم بن عبد الحميد عن -

ص: 478

و اعلم أنهم (1) أطلقوا الحكم في الطلاق من غير فرق بين البائن و الرجعي. و وجهه (2) حصول السبب المزيل للنكاح في الجملة (3)، خصوصا بعد انقضاء عدّة الرجعي (4)، فالتفويت (5) حاصل على التقديرين (6). و لو قيل بالفرق (7) و اختصاص الحكم (8) بالبائن كان حسنا (9)، فلو شهدا بالرجعي لم يضمنا إذا لم يفوّتا (10) شيئا،

**********

شرح:

-أبي عبد اللّه عليه السّلام.

(1)يعني أنّ العلماء أطلقوا الحكم المذكور في خصوص الطلاق بلا فرق بين البائن و الرجعي.

(2)الضمير في قوله «وجهه» يرجع الى الإطلاق. يعني وجه إطلاق الفقهاء الحكم في الطلاق هو حصول السبب الذي يزيل النكاح بائنا كان أو رجعيا.

(3)أي الطلاق الأعمّ من البائن و الرجعي.

(4)فإنّ الطلاق الرجعي بعد انقضاء العدّة يصير بائنا و لا يمكن الرجوع للزوج بعده.

(5)يعني أنّ تفويت بضع الزوجة على الزوج الأول حاصل بكليهما.

(6)أي بائنا كان الطلاق أم رجعيا بعد انقضاء العدّة فهو حاصل فيه في الجملة.

(7)أي الفرق بين البائن و الرجعي.

(8)المراد من «الحكم» هو الحكم بغرامة الشاهدين المهر كما تقدّم.

(9)جواب لقوله «لو قيل».

و وجه حسن هذا القول هو قدرة الزوج للرجوع الى الزوجة في الطلاق الرجعي قبل خروجها، كما سيذكره رحمه اللّه.

(10)فاعله هو ضمير التثنية الراجع الى الشاهدين.

ص: 479

لقدرته (1) على إزالة السبب بالرجعة. و لو لم يراجع حتّى انقضت العدّة احتمل إلحاقه (2) بالبائن و الغرم (3) و عدمه (4)، لتقصيره (5) بترك الرجعة. و يجب تقييد الحكم (6) في الطلاق مطلقا (7) بعدم عروض وجه مزيل (8) للنكاح، فلو شهدا به (9) ففرّق (10) و رجعا فقامت بيّنة أنه كان بينهما (11) رضاع

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «قدرته» يرجع الى الزوج الأول.

(2)الضمير في قوله «إلحاقه» يرجع الى الطلاق الرجعي.

(3)بالرفع، عطفا على «إلحاقه». يعني احتمل الحكم بغرامة الشاهدين المهر عند رجوعهما عن الشهادة.

(4)بالرفع، و هذا طرف آخر في الاحتمال. يعني يحتمل أيضا عدم الحكم بغرامة المهر على الشاهدين.

(5)الضمير في قوله «تقصيره» يرجع الى الزوج الأول. يعني أنّ دليل عدم الحكم بغرامتهما المهر تقصير الزوج بتركه الرجوع، و الحال أنه كان متمكّنا من الرجوع.

(6)أي يجب تقييد الحكم بغرامة الشاهدين المهر عند رجوعهما عن الشهادة بالطلاق، بائنا كان الطلاق أو رجعيا بعدم عروض مانع عن النكاح.

(7)بائنا كان الطلاق أو رجعيا.

(8)ذلك مثل عروض الرضاع المحرّم.

(9)أي لو شهد الشاهدان بالطلاق.

(10)أي حكم بالتفريق بين الزوج و الزوجة ثمّ رجع الشاهدان عن شهادتهما.

(11)الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى الزوجين.

ص: 480

محرّم (1) فلا غرم إذ لا تفويت.

لو ثبت تزوير الشهود

(و لو ثبت تزوير الشهود) بقاطع (2) كعلم الحاكم به (3) لا بإقرارهما (4) لأنه (5) رجوع و لا بشهادة (6) غيرهما لأنه تعارض (نقض (7) الحكم) لتبيّن فساده (8)(و استعيد (9) المال) إن كان المحكوم به مالا (فإن تعذّر (10))

**********

شرح:

(1)بصيغة اسم الفاعل، صفة للرضاع، احتراز عن الرضاع غير المحرّم، و هو ما لم يكن واجدا لشروط التحريم.

(2)أي بدليل قاطع للحاكم.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى التزوير.

(4)أي لم يثبت تزوير الشاهدين بإقرارهما.

(5)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الإقرار. يعني أنّ إقرار الشاهدين بكذبهما يكون من مصاديق الرجوع الذي تقدّم حكمه.

(6)أي اذا لم يثبت تزوير الشاهدين بشهادة غيرهما لأنّ ذلك يكون من موارد تعارض البيّنتين، و قد ذكر حكم التعارض في موضعه.

و الحاصل: إنّ تزوير الشهود لو ثبت بدليل قاطع للحاكم لا بالاستناد الى إقرارهما و لا بالاستناد الى شهادة غيرهما نقض حكم الحاكم.

(7)هذا جواب لقوله «لو ثبت تزوير الشهود».

(8)الضمير في قوله «فساده» يرجع الى الحكم.

(9)يعني يحكم بإعادة المال لو أخذ الحاكم المال من المحكوم، و لا غرم على الشاهدين.

(10)أي لو تعذّر استرداد المال لصاحبه عمّن أخذه حكم على الشهود بالتغريم لكونهم سببا في التلف.

ص: 481

(اغرموا) و كذا يلزمهم (1) كلّ ما فات بشهادتهم (و عزّروا (2) على كلّ حال) سواء (3) كان ثبوته (4) قبل الحكم أم بعده، فات شيء أم لا (و شهّروا) (5) في بلدهم و ما حولها لتجتنب شهادتهم و يرتدع (6) غيرهم، و لا كذلك من (7) تبيّن غلطه، أو ردّت شهادته (8) لمعارضة بيّنة أخرى، أو ظهور فسق، أو تهمة، لإمكان كونه (9) صادقا في نفس الأمر فلم يحصل

**********

شرح:

(1)أي كذا يلزم على عهدة الشهود - الذين ثبت تزويرهم في الشهادة - كلّ ما فات عن المشهود عليه. مثل ما لو كانت الشهادة موجبة لقتل نفس فحينئذ يلزمهم القصاص.

من حواشي الكتاب: كنصف المهر بالشهادة على الطلاق قبل الدخول، و كقيمة العبد اذا شهدا بعتقه و لم يمكن تصرّف المولى فيه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)النائب الفاعل هو الضمير الراجع الى الشهود. يعني أنهم يحكمون بالتعزير لتزويرهم على كلّ حال.

(3)هذا تفسير لقوله «على كلّ حال».

(4)الضمير في قوله «ثبوته» يرجع الى التزوير.

(5)أي الشهود المعلوم تزويرهم في شهادتهم يشهّرون في بلدهم و أطرافها بأنهم كاذبون و مزوّرون ليجتنب الناس عن شهادتهم.

(6)أي يجتنب غيرهم عن شهادة الزور.

(7)أي أنّ الشهود الذين ظهر غلطهم في شهادتهم ليسوا في حكم من ثبت تزويره.

(8)أي ليس في حكم من ثبت تزويره من ردّت شهادته بتعارض شهادة شهود آخرين أرجح.

(9)أي لإمكان كون الشاهد الذي ظهر غلطه أو بما ذكر صادقا في الواقع.

ص: 482

منه (1) بالشهادة أمر زائد (2).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الشاهد.

(2)أي أمر يوجب التعزير.

من حواشي الكتاب: أي لم يحصل أمر زائد على ما في نفس الأمر يوجب العقوبة، لأنّ الغلط قد يعرض للصادق العدل، و التعارض لا يعلم به كذب إحدى البيّنتين بعينها، و الفاسق و المتّهم قد يكونان صادقين. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

الى هنا تمّ الجزء الخامس من كتاب «الجواهر الفخرية» و يليه إن شاء اللّه تعالى الجزء السادس منه و أوله كتاب الوقف و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا

ص: 483

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.