الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه المجلد 4

اشارة

سرشناسه:وجدانی فرخ، قدرت الله، 1375 - 1311، شارح

عنوان و نام پديدآور:الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه/ تالیف قدره الله الوجدانی فخر

مشخصات نشر: الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

مشخصات ظاهری: 16ج

يادداشت:کتاب حاضر شرحی است بر "الروضه البهیه..." شهید ثانی، که خود شرحی است بر "اللمعه الدمشقیه... شهید اول"

يادداشت:عربی

عنوان دیگر:اللمعه الدمشقیه. شرح

عنوان دیگر:الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

موضوع:شهید اول محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

فقه جعفری -- قرن ق 8

شناسه افزوده:شهید اول، محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه. شرح

شناسه افزوده:شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

ص: 1

اشارة

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولی

1431 ه - 2010م

الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

هاتف 946161 / 03 - 115425 / 02 - تلفاکس: 4715510 / 01

http://www.Dar-Alamira.com

E-mail:info@dar-alamira.com

ص: 2

الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه

تالیف قدره الله الوجدانی فخر

الجزء الرابع

الحج

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 4

كتاب الحجّ

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(كتاب الحجّ ) (1)

**********

شرح:

كتاب الحجّ (1)الحجّ - من حجّ يحجّ حجّا، وزان مدّ يمدّ مدّا -: قصد حجّ الأماكن المقدّسة، أي زارها، و هو حاجّ ، جمعه: حجّاج و حجيج.

الحاجّ : من زار الأماكن المقدّسة، اسم جمع بمعنى الحجّاج.

الحجّة - بكسر الحاء و فتح الجيم المشدّدة -: الاسم من حجّ . ذو الحجّة - بكسر الحاء و فتح الجيم المشدّدة -: آخر أشهر السنة القمرية. جمعه: ذوات الحجّة.

(المنجد).

الحجّ من أهمّ الواجبات:

قال اللّه تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (1) . (آل عمران: 92). فإنّ في الآية الشريفة ضروب من التأكيد لإتيان الحجّ :

ص: 5


1- سوره 3 - آیه 97

**********

شرح:

الأوّل: قوله «على الناس» أي حقّ واجب عليهم. و بناء الكلام على الإبدال للتفصيل بعد الإجمال فيثبت الحكم مرّتين. و المعنى يكون هكذا: و للّه على الناس حقّ و هو حجّ البيت. فكأنّ وجوب الحجّ كرّر مرّتين.

الثاني: قوله تعالى «وَ مَنْ كَفَرَ» (1) بدل من لم يحجّ ، و لا يخفى ما فيه من التغليظ ، و إليه أشار النبي صلّى اللّه عليه و آله - كما في الوسائل - من مات و لم يحجّ فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا. (الوسائل: ج 8 ص 21 ب 7 من أبواب وجوب الحجّ ح 5).

و فيه عن ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحجّ أو سلطان يمنعه فليمت يهوديّا أو نصرانيا. (المصدر السابق: ح 1).

الثالث: قوله تعالى «فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ » (2) و لم يقل إنّي غنيّ عن العالمين، أو إنّه غنيّ عن العالمين، فوضع المضمر مقام المضمر فيه نوع من الاهتمام.

و لا يخفى أنّ المراد من «الكفر» المذكور في الآية هو إمّا المجاز أو المبالغة في كون ترك الحجّ من الكبائر العظيمة، أو حقيقة لكثرة مراتب الإيمان و الكفر، لأنّ الإيمان عمل مطلقا كما في بعض الروايات، و القول اللساني و الاعتقاد الجناني أيضا داخلان في العمل.

أو المراد من «الكفر» المذكور هو اذا كان تارك الحجّ في مقام الانكار و العناد فإنّه يرجع الى تكذيب النبي صلّى اللّه عليه و آله و القرآن الكريم، و تكذيبهما يرجع الى تكذيب اللّه تعالى، و تكذيبه لا شكّ فيه بأنه يكون كفرا، كما أنّ الكفر المعبّر به في ترك بعض المحرّمات يحمل على صورة الارتكاب بها عن إنكار، فلو ارتكب المعصية و لم ينكر كونها عصيانا و لم ينته الى إنكار الرسول صلّى اللّه عليه و آله و إنكار الباري

ص: 6


1- سوره 3 - آیه 97
2- سوره 3 - آیه 97

(و فيه (1) فصول):

**********

شرح:

تعالى لا يعدّ كافرا بل فاسقا، مثل أن يترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما لا عن إنكار بل عن ضعف الإرادة و الإيمان فلا يطلق عليه كافرا، و بذلك تحمل التعابير الواردة في كفر تارك الصلاة كما في رواية عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام: إنّ تارك الصلاة كافر. (الوسائل: ج 3 ص 29 ب 11 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها ح 4).

و من ذلك القبيل الرواية المنقولة في الوسائل:

عن حمّاد بن عمر و أنس بن محمّد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام (في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام) قال: يا علي، كفر باللّه العظيم من هذه الامّة عشرة... و من وجد سعة فمات و لم يحجّ . يا علي: تارك الحجّ و هو مستطيع كافر، يقول اللّه تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (1) يا علي، من سوّف الحجّ حتّى يموت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا. (الوسائل: ج 8 ص 20 ب 7 من أبواب وجوب الحجّ ح 3).

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الكتاب. يعني أنّ كتاب الحجّ فيه فصول سبعة، و هي:

الفصل الأول: في شرائط الحجّ و أسبابه.

الفصل الثاني: في أنواع الحجّ ، و هي ثلاثة: تمتّع، و قران، و إفراد.

الفصل الثالث: في المواقيت التي يجب الإحرام في أحد منها.

الفصل الرابع: في بيان أفعال العمرة.

الفصل الخامس: في أفعال الحجّ .

الفصل السادس: في كفّارات الإحرام.

الفصل السابع: في الإحصار و الصدّ عن الحجّ .

ص: 7


1- سوره 3 - آیه 97

الفصل الأول في شرائطه و أسبابه

اشارة

الأول (1) في شرائطه (2) و أسبابه (3)

يجب الحجّ على المستطيع

(يجب الحجّ على المستطيع) بما سيأتي (4)(من الرجال و النساء و الخناثي (5) على الفور (6) بإجماع الفرقة (7) المحقّة، و تأخيره (8) كبيرة

**********

شرح:

شرائط الحجّ و أسبابه (1)صفة لموصوف مقدّر و هو الفصل. يعني الفصل الأول في شرائط الحجّ و أسبابه.

(2)المراد من الشرائط هو شرائط الصحّة مثل الإسلام و التمييز.

(3)المراد من أسباب الحجّ هو الذي يوجب الحجّ على المكلّف مثل الاستطاعة و النذر و الحلف و العمد.

(4)و سيأتي في قوله رحمه اللّه «و يشترط وجود ما يموّن به عياله الواجبي النفقة الى حين رجوعه».

قوله «بما سيأتي» متعلّق بقوله «على المستطيع».

(5)الخناثي: جمع الخنثى، و هو الذي له عضو الرجال و النساء معا، و جمعه أيضا:

خناث. (المنجد).

(6)قوله «على الفور» متعلّق بقوله «يجب». يعني أن وجوب الحجّ إنّما هو فوري.

(7)الفرقة - بكسر الفاء -: طائفة من الناس، جمعه: فرق. و الفرقة - بضمّ الفاء -:

الافتراق. (المنجد).

و المراد من «الفرقة المحقّة» هو الطائفة الإمامية من المسلمين الذين هم أتباع مذهب أهل البيت عليهم السّلام.

(8)الضمير في قوله «تأخيره» يرجع الى الحجّ . يعني أنّ تأخير إتيان الحجّ من المعاصي الكبيرة.

ص: 8

موبقة (1)، و المراد بالفورية وجوب المبادرة إليه في أول عام (2) الاستطاعة مع الإمكان، و إلاّ ففيما يليه (3) و هكذا، و لو توقّف (4) على مقدّمات من سفر و غيره وجب الفور بها (5) على وجه يدركه كذلك (6)، و لو تعدّدت الرفقة (7) في العام الواحد وجب السير مع اولاها (8)، فإن أخّر

**********

شرح:

(1)أي مهلكة. يعني أنّ تأخير الحجّ من المعاصي المهلكة، فهو كناية عن لزوم الاهتمام بإتيانه و عدم جواز تأخيره.

(2)العام: بتخفيف الميم و هو السنة.

(3)الضمير في قوله «يليه» يرجع الى عام الاستطاعة. يعني لو لم يمكن الحجّ في سنة الاستطاعة فإنّه تجب المبادرة إليه في السنة التالية له، و لو لم يمكنه في تلك السنة فالمبادرة تجب في السنة الثالثة و الرابعة و هكذا.

(4)فاعل قوله «توقّف» يرجع الى الحجّ . يعني لو احتاج إتيان الحجّ على مقدّمات مثل أخذ التذكرة و تهيئة الراحلة و لوازم السفر الاخرى ليتمكّن من أفعال الحجّ في الموسم وجب عليه ذلك من باب التلازم بين وجوب المقدّمة و وجوب ذي المقدّمة.

(5)الضمير في قوله «بها» يرجع الى المقدّمات.

(6)يعني أنّ المستطيع اذا احتاج الى مقدّمات مثل السفر و لوازمه ليقدر من الحجّ في أول عام الاستطاعة وجب عليه ذلك. و قوله «كذلك» إشارة الى الحجّ في عام الاستطاعة.

(7)الرفقة: جماعة المرافقين، جمعه: رفاق و رفق، و رفق. (المنجد).

(8)الضمير في قوله «اولاها» يرجع الى الرفقة. يعني في صورة تعدّد المرافقين يجب عليه السفر بالاولى منهم. فلو لم يسافر بالاولى و سافر بالثانية و أدرك الحجّ في وقته فيها المراد، و إن لم يدرك الحجّ بالسفر مع الرفقة الثانية يكون مثل من تعمّد تأخير الحجّ فيستقرّ الوجوب على ذمّته.

ص: 9

عنها (1) و أدركه مع التالية، و إلاّ (2) كان كمؤخّره عمدا في استقراره (3) (مرّة) (4) واحدة (بأصل (5) الشرع، و قد يجب بالنذر و شبهه) من العهد و اليمين (و الاستئجار (6) و الإفساد (7)) فيتعدّد بحسب وجود السبب (8).

(و يستحبّ تكراره (9)) لمن أدّاه واجبا (10)،(و لفاقد (11) الشرائط )

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى رفقة الاولى، و في «أدركه» يرجع الى الحجّ ، و قوله «التالية» صفة لموصوف مقدّر و هو الرفقة.

(2)استثناء عن قوله «أدركه». يعني لو لم يدرك الحجّ في أول عام الاستطاعة فيكون مثل من أخّره متعمّدا.

(3)أي في استقرار الحجّ في ذمّته.

(4)يعني يجب الحجّ على المكلّف لو استطاع منه مرّة واحدة في تمام عمره بحكم أصل الشرع، لكن قد يجب مرّات عديدة بسبب يوجده المكلّف مثل النذر و الاستنابة و غيرهما.

(5)الجار و المجرور متعلّق بقوله «يجب الحجّ ... الخ»

(6)بالكسر، عطفا على قوله «بالنذر»

(7)المراد من «الإفساد» هو إفساد الحجّ الواجب، كما اذا أفسد الحجّ بأحد المبطلات للحجّ فيجب عليه إتيانه مرّة ثانية، فهذا الوجوب مرّة ثانية إنّما هو بسبب إفساد الحجّ .

(8)كما اذا حجّ لوجوبه بسبب الاستطاعة الحاصلة له و حكم الإسلام عليه بالحجّ مرّة، و حجّ لوجوبه بسبب النذر، و كذا بسبب الاستنابة، و غير ذلك.

(9)الضميران في «تكراره» و «أدّاه» يرجعان الى الحجّ .

(10)حال من قوله «أدّاه». يعني اذا حجّ الواجب عليه يستحبّ له أن يحجّ بنية الندب اذا كان مستطيعا و قادرا له أيضا.

(11)الجار و المجرور متعلّق بقوله «و يستحبّ ». يعني و يستحبّ الحجّ لمن لم يكن

ص: 10

متكلّفا،(و لا يجزي) (1) ما فعله مع فقد الشرائط عن حجّة الإسلام بعد حصولها (2)(كالفقير) يحجّ ثمّ يستطيع،(العبد) (3) يحجّ (بإذن مولاه) ثمّ يعتق و يستطيع فيجب الحجّ ثانيا.

شرط وجوبه

(و شرط (4))

**********

شرح:

مستطيعا بالتكلّف و التسكّع، لكن الحجّ متسكّعا و متكلّفا لا يكفي عن الواجب عند حصول الاستطاعة.

(1)أي لا يسقط الحجّ متكلّفا الحجّ الواجب عند الاستطاعة عن ذمّته بل يجب عليه الحجّ بنية الواجب ثانيا، كما في زماننا الحاضر، يسافر بعض المؤمنين بعنوان خدمة الحجّاج مع أخذ الاجرة و يحجّون معهم عند حصول أوقات الحجّ ، فإنّهم اذا استطاعوا بعد ذلك لا يسقط الحجّ الواجب في ذمّتهم.

(2)الضمير في «حصولها» يرجع الى الشرائط .

(3)هذا مثال آخر لمن حجّ مع فقد الشرائط ثمّ حصل التمكّن له بعد إتيان الحجّ ، فانّ العبد لا تحصل له شرائط وجوب الحجّ في زمان رقّيته، لكن يصحّ حجّه بإذن مولاه، فاذا اعتق و كان مستطيعا عند العتق وجب عليه الحجّ مرّة اخرى بحكم الإسلام، و هذا هو المسمّى بحجّة الإسلام.

(4)هذا شروع لبيان شرائط وجوب الحجّ ، و قد يذكر المصنّف رحمه اللّه خمسة من شرائط وجوب الحجّ .

الأوّل: البلوغ، فمن لم يكنّ بالغا لا يجب عليه الحجّ و لو حصل له التمكّن المالي.

الثاني: العقل: فلو حصل التمكّن المالي للمجنون لا يجب عليه الحجّ أيضا، فلو زال جنونه و زال تمكّنه لا يثبت الحجّ على ذمّته.

الثالث: الحرّية، فلو حصل للمملوك مال بناء على القول بملكه لا يجب عليه الحجّ ، لكنّه يصحّ منه الحجّ بإذن مولاه، و لا يكفي هذا الحجّ بعد عتقه و استطاعته

ص: 11

وجوبه: (1) البلوغ، و العقل، و الحرّية، و الزاد (2)، و الراحلة (3) بما يناسبه (4) قوّة و ضعفا، لا شرفا و ضعة (5) فيما (6) يفتقر إلى قطع المسافة و إن

**********

شرح:

عن الحجّ الواجب عليه حينئذ.

الرابع: وجود الزاد، و هو المؤونة اللازمة في الحجّ .

الخامس: الراحلة، التي يحتاج اليها في الحجّ .

السادس: التمكّن من المسير، بأن يكون سالما و صحيحا يقدر على إتيان أعمال الحجّ ، و يكون الطريق خاليا من الموانع، و يكون الزمان موسّعا بمقدار أداء المناسك.

(1)هذه هي شرائط وجوب الحجّ على ذمّة المكلّف في مقابل شرائط صحّة الحجّ التي سيذكرها بقوله «و شرط صحّته الإسلام».

(2)الزاد: من يتّخذ من الطعام للسفر، جمعه: أزودة، و أزواد. (المنجد).

(3)الراحلة: من الإبل، ما كان منها صالحا لأن يرحل. القويّ منها على الأحمال و الأسفار للذكر و الانثى و التّاء للمبالغة، جمعه: رواحل. (المنجد).

(4)أي يناسب الحاجّ من حيث قوّة المركب و ضعفه، فلو كان له مركب يقدر أن يحمله الى الحجّ فحينئذ يجب عليه الحجّ ، و لو لم يناسبه من حيث الشرف مثل أن يكون له حمار يقدر أن يحمله الى الحجّ فحينئذ يجب عليه أيضا و لو كان شأنه أن يركب الفرس.

(5)ضعة - بكسر الضاد و فتحها من وضع يضع وضعا، و ضعة و ضعة و وضوعا نفسه -: أي أذلها (المنجد)

(6)الجار و المجرور متعلّق بقوله «الراحلة». يعني أنّ الراحلة التي هي شرط لوجوب الحجّ على الذمّة هي المناسب له من حيث القوّة و الضعف لا الشرف و الضعة.

ص: 12

سهل المشي و كان معتادا له (1) أو للسؤال (2)، و يستثنى له من جملة ماله داره (3) و ثيابه و خادمه (4) و دابّته و كتب علمه

**********

شرح:

و يمكن أن يكون متعلّقا بالزاد أيضا. يعني أنّ الزاد و الراحلة اللتان هما شرط في وجوب الحجّ إنّما من حيث المناسب له قوة و ضعفا لا شرفا و ضعة، مثلا اذا احتاج الى طعام قوي في إتيان الحجّ فلا يجب عليه الحجّ إلاّ أن يقدر على الطعام القوي، و كذلك في المركب.

من حواشي الكتاب: قوله «بما يناسبه» قيد للراحلة، أو لهما، و المناسب قوة و ضعفا بالنسبة الى الراحلة مثل أن لو أمكنه ركوب الإبل كفت له حصولها، و لو لم يمكنه لضعفه و احتاج الى محمل توقّف عليه.

و بالنسبة الى الزاد مثل أن لو كان قويا كفى له خبز الشعير، و لو كان ضعيفا و يتضرّر بأكله و احتاج الى اللحم مثلا توقّف الوجوب عليه.

و قوله «فيما يفتقر... الى آخره» تعلّقه بالراحلة واضح، و أمّا تعلّقه بالزاد فبأن يقال: اذا لم يفتقر الى قطع المسافة و كان مقيما بمكّة فكلّ زاد مزوّد به بدون الحجّ يزوّد به مع الحجّ فلا يتوقّف الوجوب على حصول الزاد.

و قوله «و إن سهل المشي» متعلّق بالراحلة، و يمكن تعلّقه بهما معا. (حاشية الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «له» يرجع الى المشي.

(2)عطف على «له». يعني و إن كان من عادته المشي و السؤال عن الناس في استعانته بالركوب لكنّه لا يجب عليه الحجّ إلاّ أن يتمكّن من الراحلة. و التقييد بقوله «فيما يفتقر الى قطع المسافة» لعلّه لإخراج الساكنين في بلدة مكّة فإنّهم لا يحتاجون الى قطع المسافة فلا يشترط وجود الراحلة في استطاعتهم الحجّ .

(3)فلا يجب عليه أن يبيع داره و ثيابه و خادمه و دابّته و يصرفها في مخارج الحجّ .

(4)المراد من «الخادم» هو المملوك الذي يخدمه لا الأجير الحرّ الذي في خدمته.

ص: 13

اللائقة (1) بحاله، كمّا (2) و كيفا، عينا و قيمة (3)،(و التمكّن من المسير (4)) بالصحّة، و تخلية الطريق، و سعة الوقت.

شرط صحّته

(و شرط صحّته الإسلام (5)) فلا يصحّ من الكافر و إن وجب عليه.

(و شرط مباشرته مع الإسلام) و ما في حكمه (6)(التمييز) فيباشر أفعاله المميّز (7) بإذن الولي،

**********

شرح:

(1)بالرفع، صفة لجميع ما ذكر. يعني أنّ المستثنى ما يليق بحاله من الدار و الثياب و الخادم و الدابة و الكتب لا أزيد منها.

(2)من حيث المقدار بأن يحتاج الى دارين أحدهما لنفسه و الآخر للضيف الوارد عليه لكونه من أشراف الناس و المعروف بينهم، و كذلك الثوب و غيره ممّا ذكر.

و المراد من قوله «كيفا» هو اللائق بحاله من حيث كيفية الدار بأن احتاج الى دار أوسع و خادم أحسن و دابّة كذلك.

(3)فلا فرق في الاستثناء عين ما ذكر أو قيمتها.

(4)المسير - مصدر من سار يسير سيرا، و تسيارا و مسيرة و سيرورة - ذهب في الأرض. (المنجد).

يعني و من شرائط وجوب الحجّ على المكلّف تمكّنه من السير الى إتيان النسك من جهة صحّة مزاجه و خلوّ الطريق من الموانع و وسعة الزمان من الذهاب الى إتيان النسك، فلو لم يحصل ذلك التمكّن له لا يجب عليه الحجّ .

(5)هنا شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان شرائط صحّة الحجّ ، فمنها الإسلام، فإنّ الكفّار لا يصحّ منهم الحجّ حال كفرهم و إن وجبت عليهم الفروع، فإنّهم يعاقبون بترك الفروع كما يعاقبون بترك الاصول.

(6)المراد من «حكم الإسلام» هو الإسلام التبعي، مثل كون الصبيّ و المجنون تابعين في اسلام وليّهما.

(7)قوله «المميّز» فاعل لقوله «فيباشر أفعاله». يعني أنّ الصبيّ المميّز يقدم على

ص: 14

(و يحرم الولي (1) عن غير المميّز) إن أراد الحجّ به (ندبا) (2) طفلا كان أو مجنونا، محرما كان الولي (3) أم محلاّ، لأنه يجعلهما (4) محرمين بفعله لا نائبا عنهما، فيقول: اللّهمّ إنّي أحرمت (5) بهذا إلى آخر النية، و يكون المولّى عليه حاضرا (6) مواجها له، و يأمره بالتلبية إن أحسنها (7) و إلاّ لبّى عنه، و يلبسه ثوبي الإحرام، و يجنّبه (8) تروكه، و إذا طاف به أوقع به صورة

**********

شرح:

أعمال النسك بإذن الولي.

فالتمييز من شرائط الصحّة لا الوجوب.

(1)قوله «و يحرم الولي» من باب إفعال. يعني أنّ الولي يحمّل الغير المميّز على الإحرام بأن يلبسه ثوبي الإحرام و يلقّنه نية الإحرام في صورة الإمكان، و إلاّ ينوي نيابة عنه، و ليس المراد بإحرام الولي إحرامه من غير المميّز نيابة.

(2)يعني أنّ تحميل الغير المميّز من الصبي و المجنون على الإحرام لا يكون واجبا على الولي بل يكون مندوبا و مستحبّا.

(3)كما اذا كان الولي في حال الإحرام.

(4)الضمير في «يجعلهما» يرجع الى الصبي و المجنون، و في «لأنه» يرجع الى الولي، و كذلك في «بفعله».

(5)بصيغة المتكلّم. يعني يقول في تحميل الغير البالغ على الإحرام: اللّهمّ إنّي أحرمت بهذا... الى آخر ما يأتي في الإحرام لنفسه.

(6)جملة حالية. يعني يقول الولي ذلك في حال كون المولّى عليه حاضرا عنده.

(7)الضمير في «أحسنها» يرجع الى التلبية. يعني أنّ الولي يحمّل الغير المميّز الى قول التلبية إن قدر عليه، و إن لم يقدر على قول التلبية لعدم قدرته للتكلّم فيلبّي الولي نيابة عن المولّى عليه.

(8)أي يمنعه من ارتكاب محرّمات الإحرام.

ص: 15

الوضوء (1)، و حمله (2) و لو على المشي، أو ساق به (3)، أو قاد به (4)، أو استناب فيه (5)، و يصلّي عنه ركعتيه (6) إن نقص سنّه عن ستّ (7)، و لو أمره بصورة الصلاة (8) فحسن، و كذا القول في سائر الأفعال (9)، فإذا فعل (10) به ذلك فله أجر حجّه،(و شرط صحّته من العبد إذن المولى) و إن

**********

شرح:

(1)يعني اذا أراد الولي أن يطوّف المولّى عليه أجرى عليه صورة الوضوء، بأن يغسل صورته و يديه و يمسح على رأسه و رجليه و ينوي الوضوء عنه.

(2)أي إجباره على الطواف و لو مشيا.

(3)بأن يمشي الولي في الطواف و يسوق المولّى عليه قدّامه كما تساق الدابّة كذلك.

(4)و ذلك بأن يذهب الولي في الطواف قدّام المولّى عليه و يحمّله للمشي عقيبه.

(5)يعني يستنيب الولي عن المولّى عليه في الطواف إمّا بنفسه أو بالغير.

(6)الضمير في «ركعتيه» يرجع الى الطواف. يعني أنّ الولي يأتي ركعتي الطواف عن جانب المولّى عليه.

(7)فلو زاد سنّه عن الستّ يأمره لصلاة الطواف بنفسه لقدرته بعد الستّ على إتيان الصلاة.

(8)يعني لو أمر الولي بإتيان صورة الصلاة و لو قبل الستّ فهو أحسن من إتيانها بنفسه.

(9)يعني أنّ الولي يأمره لإتيان جميع أفعال الحجّ و لو صورة.

(10)فاعل قوله «فعل» يرجع الى الولي، و الضمير في «به» و «حجّه» يرجعان الى غير المميّز. يعني اذا حمل الولي الغير المميّز بصورة أفعال الحجّ كتب له ثواب حجّ الغير المميّز.

و يمكن كون اللفظ «حجّة» بالتاء كما في بعض النسخ. يعني لو فعل الولي ذلك يكتب له ثواب حجّة.

ص: 16

تشبّث بالحرّية كالمدبّر و المبعّض، فلو فعله بدون إذنه لغا (1)، و لو أذن له فله الرجوع قبل التلبّس (2) لا بعده (3).

شرط صحّة الندب من المرأة

(و شرط صحّة الندب (4) من المرأة إذن الزوج)، أمّا الواجب فلا، و يظهر من إطلاقه (5) أنّ الولد لا يتوقّف حجّه مندوبا على إذن الأب أو

**********

شرح:

و ممّا يدلّ على كتابة ثواب حجّ الصبي على وليّه الحامل له بأفعال الحجّ هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برويثة و هو حاجّ فقامت إليه امرأة و معها صبيّ لها فقالت: يا رسول اللّه، أ يحجّ عن مثل هذا؟ قال: نعم، و لك أجره. (الوسائل: ج 8 ص 37 ب 20 من أبواب وجوب الحجّ ح 1).

(1)يعني أنّ العبد مبعّضا كان أو غيره لو حجّ بدون إذن المولى كان حجّه لغوا.

(2)يعني لو أذن المولى عبده بإتيان أعمال الحجّ يجوز له الرجوع من إذنه قبل إقدام العبد على الحجّ ، لكنّه لو شرع بالنسك فلا يجوز له الرجوع من إذنه لوجوب إتمام الحجّ بالشروع فيه، فليس للمولى أن يمنعه من الإتمام.

(3)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى التلبّس.

(4)يعني أنّ شرط صحّة حجّ المندوب من المرأة هو إذن الزوج في حجّها المستحبّ ، لكنّها لو حجّت الواجب فلا تحتاج الى إذن زوجها لأنّ إتيان الحجّ الواجب عليها لا يشترط فيه إذن الزوج.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر اشتراط إذن المولى في صحّة حجّ العبد، و أيضا ذكر اشتراط إذن الزوج في صحّة حجّ الزوجة مندوبا، لكنّه أطلق غير ذلك، فيستفاد من إطلاق كلامه رحمه اللّه في غير ذلك بأنّ الولد اذا حجّ مندوبا فلا يحتاج إلى إذن والده، و إلاّ لم يطلقه المصنّف رحمه اللّه.

ص: 17

الأبوين، و هو (1) قول الشيخ رحمه اللّه، و مال إليه (2) المصنّف في الدروس، و هو (3) حسن إن لم يستلزم (4) السفر المشتمل على الخطر، و إلاّ فاشتراط إذنهما (5) أحسن،

لو أعتق العبد أو بلغ الصبيّ أو أفاق المجنون

(و لو أعتق العبد) المتلبّس (6) بالحجّ بإذن (7) المولى (أو بلغ الصبيّ أو أفاق (8) المجنون) بعد تلبّسهما (9) به

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى عدم توقّف حجّ الولد مندوبا الى إذن الوالد. يعني أنّ ذلك هو قول الشيخ الطوسي رحمه اللّه.

(2)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى القول بعدم توقّف حجّ المندوب من الولد الى إذن والده.

(3)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في عدم توقّف حجّ المندوب من الولد الى إذن والده، و هو في صورة عدم استلزام السفر الخطر. فلو كان سفر الولد مستلزما للمخاطرة فحينئذ يشترط إذن الأبوين في حجّ الولد مندوبا بوجه أحسن.

(4)فاعل قوله «يستلزم» مستتر يرجع الى الحجّ ، و مفعوله «السفر». يعني إن لم يستلزم إتيان حجّ الولد بدون إذن الأبوين السفر المشتمل على الخطر.

و لا يخفى أنّ المراد من «الخطر» هو كون السفر محتمل الخطر بحيث لم يكن على حدّ الظنّ بالضرر، فلو كان السفر مظنون الضرر يحرم عليه ذلك من حيث استلزامه الضرر.

(5)ضمير التثنية في قوله «إذنهما» يرجع الى الأبوين.

(6)بالرفع، صفة للعبد. يعني لو أعتق العبد بعد شروعه بالنسك بإذن المولى...

(7)هذا يتعلّق بالمتلبّس. يعني كان شروع العبد بأعمال النسك بإذن المولى.

(8)أفاق يفيق إفاقة المجنون من جنونه: رجع إليه عقله. (المنجد).

(9)ضمير التثنية في «تلبّسهما» يرجع الى الصبي و المجنون، و في «به» يرجع الى الحجّ .

ص: 18

صحيحا (1)(قبل أحد الموقفين (2) صحّ و أجزأ عن حجّة الإسلام) على المشهور (3)

**********

شرح:

(1)قوله «صحيحا» حال من تلبّسهما. يعني اذا بلغ الصبي بعد تلبّسه بالحجّ صحيحا و هو اذا كان حجّه بإذن الولي و أفاق المجنون بعد تلبّسه بالحجّ صحيحا و هو اذا أقدم عليه قبل عروض الجنون ثمّ عرضه الجنون ثمّ حصلت الصحّة له و كان ذلك قبل الوقوف في أحد الموقفين حكم بصحّة حجّهما.

من حواشي الكتاب: أمّا الصبي فصحّته باعتبار إذن وليه لقوله «صحيحا» و أما المجنون فبان يحرم ثمّ جنّ ثمّ أفاق قبل أحد الموقفين. (منه رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: يجوز جعل المجنون كالصبي مطلقا. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه صاحب حديقة النجفية).

(2)المراد من «الموقفين» هو الوقوف بعرفة من زوال يوم التاسع من ذي الحجّة الى غروبه، و الوقوف في المشعر من طلوع الفجر الصادق الى طلوع الشمس في الليلة العاشرة من ذي الحجّة.

(3)يعني أنّ المشهور من الفقهاء هو إجزاء حجّ الصبيّ و المجنون اذا كملا قبل أحد الموقفين.

و عن بعض شارحي الشرائع: فتوى الأصحاب قد تطابقت على الإجزاء، و لم أجد قائلا بالمنع و إن وجد التردّد في بعض المصنّفات.

أمّا وجه التردّد من البعض في مقابل قول المشهور فهو: أنّ الأفعال المندوبة لا تجزي عن الأفعال الواجبة إلاّ في موضع النصّ ، و الإحرام من أعظم أركان الحجّ ، و قد فعلاه و هما غير مكلّفين به، فلا يكون مجزيا عن الواجب، و إلحاقهما بالعبد الذي ورد في خصوصه النصّ قياس مع الفارق.

و المراد من النصّ الوارد في صحّة حجّ العبد المعتق قبل أحد الموقفين هو المنقول

ص: 19

و يجدّدان (1) نية الوجوب بعد ذلك، أمّا العبد المكلّف فبتلبّسه به ينوي الوجوب (2) بباقي أفعاله، فالإجزاء فيه أوضح.

و يشترط استطاعتهم (3) له سابقا و لا حقا، لأنّ الكمال الحاصل أحد الشرائط ، فالإجزاء من جهته (4)، و يشكل ذلك (5) في العبد إن أحلنا

**********

شرح:

في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في مملوك أعتق يوم عرفة، قال: اذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحجّ ، و إن فاته الموقفان فقد فاته الحجّ ، و يتمّ حجّه و يستأنف حجّة الإسلام فيما بعد. (الوسائل: ج 8 ص 35 ب 17 من أبواب وجوب الحجّ ح 5).

(1)فاعل قوله «يجدّدان» ضمير التثنية الراجع الى الصبي و المجنون. يعني أنهما بعد حصول الكمال يجدّدان نية الوجوب، و المشار إليه في قوله «ذلك» هو حصول كمالهما.

(2)يعني أنّ العبد اذا اعتق تكون نيته الوجوب، لأنه اذا شرع الحجّ بإذن المولى استحبابا وجب عليه إتمام الحجّ ، فبحصول العتق يوجب دوام نية الوجوب، بخلاف المجنون و الصبي، فإن كانت نيتهما مستحبّا فيجب عليهما تجديدها بالوجوب.

(3)الضمير في «استطاعتهم» يرجع الى المملوك و الصبي و المجنون الذين حصل الكمال و العتق لهم قبل أحد الموقفين. يعني أنّ إجزاء حجّهم في الصورة المذكورة فيما اذا كانوا مستطيعين من حيث المال قبل تلبّسهم بالحجّ و بعده، فلو لم يكونوا مستطيعين لم يجزهم الحجّ كذلك، بل يجب عليهم الحجّ بعد الاستطاعة أيضا.

(4)يعني أنّ القول بالإجزاء إنّما هو من حيث العتق و الكمال، فيراعى حصول شرائط الوجوب كلاّ.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو اشتراط الاستطاعة قبل العتق. يعني أنّ العبد

ص: 20

ملكه (1)، و ربّما قيل بعدم اشتراطها (2) فيه للسابق، أمّا اللاحق (3) فيعتبر قطعا،

يكفي البذل في تحقّق الوجوب

(و يكفي البذل) للزاد و الراحلة (في تحقّق الوجوب) على المبذول له (4).

(و لا يشترط صيغة خاصّة) للبذل من هبة (5) و غيرها من الامور اللازمة (6)، بل يكفي مجرّده بأيّ صيغة (7) اتّفقت، سواء وثق (8) بالباذل أم

**********

شرح:

و ما في يده لمولاه فكيف يشترط الاستطاعة فيه حين كونه مملوكا، فلذا قال البعض بعدم اشتراط الاستطاعة في خصوص العبد قبل العتق، لكنّ الاستطاعة بعد العتق شرط ، و هو ممكن.

(1)أي اذا قلنا باستحالة المالكية للعبد في زمان كونه مملوكا للغير، كما ورد في حقّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العبد و ماله لسيّده. (سنن البيهقي: 327/5).

(2)الضمير في «اشتراطها» يرجع الى الاستطاعة، و في «فيه» يرجع الى العبد.

(3)أي الاستطاعة اللاحقة للعتق يشترط في إجزاء حجّ العبد.

(4)يعني أنه لو بذل أحد الزاد و الراحلة للحجّ على المكلّف فيجب الحجّ عليه بحيث لو لم يحجّ يستقرّ الوجوب في ذمّته، و لو مات تؤخذ مئونة الحجّ من ماله و لو لم يوص به كما هو في سائر الأشخاص كذلك.

(5)المراد من «الهبة» هو المعوّضة لا مطلقا، فإنّ الغير المعوّضة لم تكن لازمة.

(6)الامور اللازمة: مثل الصلح اللازم أو الشرط في ضمن العقد اللازم، كما اذا اشترط الزاد و الراحلة في الذمّة في ضمن المعاملة.

(7)الصيغة أعمّ من العقد و الإيقاع. بمعنى أنّ التعهّد أيضا يكفي في وجوب الحجّ على ذمّة المبذول له.

(8)وثق يثق ثقة وثوقا بفلان: ائتمنه. (المنجد). يعني لا فرق في وجوب الحجّ على المبذول في صورة وثوقه على الباذل أو عدمها.

ص: 21

لا، لإطلاق النصّ (1)، و لزوم تعليق (2) الواجب بالجائز يندفع، بأنّ الممتنع منه (3) إنّما هو الواجب المطلق لا المشروط ، كما لو ذهب (4) المال قبل

**********

شرح:

(1)و المراد من «النصّ المطلق» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت له: فإن عرض عليه ما يحجّ به فاستحى من ذلك أ هو ممّن يستطيع إليه سبيلا؟ قال: نعم، ما شأنه يستحيي و لو يحجّ على حمار أجدع أبتر، فإن كان يستطيع (يطبق - خ ل) أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليحجّ . (الوسائل: ج 8 ص 27 ب 10 من أبواب وجوب الحجّ ح 5).

و فيه أيضا عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من عرض عليه الحجّ و لو على حمار أجدع مقطوع الذنب فأبى فهو مستطيع للحجّ . (المصدر السابق: ح 7).

فإنّ الروايتين مطلقتان في وجوب الحجّ على من بذل و عرض إليه ما يحتاجه في الحجّ .

(2)هذا جواب عن سؤال و هو أنّ الواجب كيف يعلّق بالجائز؟ فإنّ البذل ممّن لم يوثّق به جائز و متزلزل، فكيف يحكم بالوجوب المعلّق على المتزلزل ؟

فأجاب عنه رحمه اللّه بقوله «يندفع بأنّ الممتنع... الى آخره». يعني أنّ عدم جواز الحكم بالوجوب المعلّق على الجائز إنّما هو في الواجب المطلق مثل الصلاة و غيرها، لكنّ الواجب المشروط لا مانع من تعلّقه على أنه متزلزل مثل الاستطاعة المتزلزلة الموجبة للوجوب ما دامت موجودة.

(3)الضمير في قوله «منه» يرجع الى التعليق. يعني أنّ الواجب المطلق لا يجوز تعليقه بالأمر الجائز المتزلزل بخلاف الواجب المشروط ، فإنّه لا مانع من تعليقه بالجائز.

(4)مثال لتعليق الواجب المشروط بالأمر الجائز و هو وجود الاستطاعة المتزلزلة،

ص: 22

الإكمال (1)، أو منع (2) من السير و نحوه (3) من الامور الجائزة (4) المسقطة للوجوب الثابت (5) إجماعا (6)، و اشترط في الدروس التمليك (7) أو الوثوق به، و آخرون (8) التمليك أو وجوب بذله بنذر و شبهه،

**********

شرح:

فإذا زالت الاستطاعة يسقط الوجوب عنه.

ففيما نحن فيه أيضا يحكم بوجوب الحجّ ما دام مستطيعا، فاذا زالت يسقط الوجوب لتعليقه بالجائز.

(1)أي قبل إكمال الحجّ و إتمامه.

(2)هذا مثال ثان لتعليق الواجب المشروط بالأمر الجائز، فإنّ الحجّ كان واجبا معلّقا لاستطاعته من حيث الطريق فاذا منع من السير في الطريق يسقط الحجّ من ذمّته.

(3)كالموانع العارضة لاستطاعته من حيث الجسم، كما اذا حصل له المرض المانع من السفر. و لفظ «نحوه» بالكسر لدخول الكاف فيه أيضا.

(4)فإنّ الامور المذكورة كلّها جائزة و محتملة للمستطيع الذي يجب عليه الحجّ ، فاذا وجدت سقط الحجّ من الذمّة. فكذلك في المقام ما دام البذل من الباذل موجود وجب الحجّ فإذا زال زال الوجوب كما ذكر.

(5)فإنّ وجوب الحجّ اذا كان ثابتا و مسلّما، لكنّه يسقط بزوال الاستطاعة من حيث المال، و من حيث الطريق و من حيث البدن.

(6)هذا قيد لقوله «المسقطة». يعني أنّ عروض المانع من الامور الجائزة المسقطة للحجّ إجماعا.

(7)يعني ذهب المصنّف رحمه اللّه في الدروس باشتراط تمليك الزاد و الراحلة في وجوب الحجّ على المبذول له أو حصول الوثوق الى بذله، فلو لم يثق به و لم يعتمد عليه فلا يجب الحجّ عليه.

(8)يعني اشترط الآخرون من الفقهاء في وجوب الحجّ على المبذول له التمليك، أو

ص: 23

و الإطلاق (1) يدفعه.

نعم، يشترط بذل عين الزاد و الراحلة، فلو بذل له أثمانهما (2) لم يجب القبول، وقوفا فيما خالف الأصل (3) على موضع اليقين (4)، و لا يمنع الدين (5) و عدم المستثنيات الوجوب (6) بالبذل.

نعم، لو بذل له ما يكمل (7) الاستطاعة اشترط زيادة

**********

شرح:

وجوب البذل على الباذل بسبب النذر، بأن ينذر أن يعطي الزاد و الراحلة للمبذول له، أو يحلف و يعاهد بذلك، فلو لم يكن التمليك أو وجوب البذل فلا يحكم بوجوب الحجّ عليه.

(1)أي إطلاق الأخبار التي منها قوله عليه السّلام في رواية أبي بصير المتقدّمة «من عرض عليه الحجّ و لو على حمار أجدع مقطوع الذنب... الى آخره» يمنع ذلك التقييد.

و الضمير في «يدفعه» يرجع الى الاشتراط .

(2)فلو بذل الباذل قيمة الزاد و الراحلة لم يجب عليه القبول و لا تحصل الاستطاعة.

(3)فإنّ الأصل عدم وجوب الحجّ ببذل الغير الزاد و الراحلة، بل الوجوب عند حصولهما لشخص المكلّف. و المراد من «الأصل» هو أصل البراءة.

(4)فإنّ موضوع اليقين كما في الأخبار هو بذل عين الزاد و الراحلة لا بذل ثمنهما و قيمتهما.

(5)فلو كان المبذول له مديونا أو لم يكن له ما يستثنى ممّا يشترط في الاستطاعة من الدار و الثوب و غير ذلك فلا يمنع ذلك من تعلّق الوجوب عليه ببذل الزاد و الراحلة من الباذل.

(6)مفعول لقوله «لا يمنع». و فاعله «الدّين و عدم المستثنيات».

(7)كما اذا كان للمبذول مال لكن لا يوجب حصول الاستطاعة، فلو بذل الباذل

ص: 24

الجميع (1) عن ذلك (2)، و كذا لو (3) وهب مالا مطلقا، أمّا لو شرط الحجّ به (4) فكا لمبذول فيجب عليه القبول إن كان عين الراد و الراحلة، خلافا للدروس (5)، و لا يجب لو كان مالا غيرهما (6)، لأنّ قبول الهبة اكتساب، و هو (7) غير واجب له، و بذلك (8) يظهر الفرق بين البذل و الهبة،

**********

شرح:

له مالا ليكمل استطاعته اشترط في ذلك عدم كونه مديونا و وجود ما كان من مستثنيات الاستطاعة.

(1)المراد من «الجميع» هو المال الذي عند المبذول و المال الذي يبذله الباذل. يعني يشترط أن يزيد المجموع من المال المبذول و الموجود عنده عن المستثنيات.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الدين و المستثنيات.

(3)يعني و كذا لا يجب القبول في صورة هبة المال مطلقا بدون أن يشترط الحجّ ، بأن يقول: وهبتك مالا.

و الفرق بين هذا الفرض و الأول ليس إلاّ من حيث التعبير في الأول بلفظ «البذل» و في ذاك بلفظ «الهبة».

(4)بأن شرط إتيان الحجّ بالمال الموهوب، فإن كان الموهوب عين الزاد و الراحلة فيجب عليه حينئذ القبول، كما يجب عليه القبول في صورة البذل. و لو كان مالا غير الزاد و الراحلة فلا يجب عليه القبول.

(5)فإنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس خالف وجوب القبول في هذه الصورة أيضا.

(6)الضمير في «غيرهما» يرجع الى الزاد و الراحلة.

(7)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الاكتساب. يعني أنّ اكتساب المال للحجّ لا يجب على المكلّف. و الضمير في «له» يرجع الى الحجّ .

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو وجوب القبول في البذل و عدم وجوبه في الهبة.

توضيح: اعلم أنّ الصيغة الجارية إمّا عقد و هو الذي يحتاج الى إيجاب و قبول، أو

ص: 25

فإنّه (1) إباحة يكفي فيها الإيقاع. و لا فرق بين بذل الواجب (2) ليحجّ

**********

شرح:

إيقاع و هو الذي لا يحتاج الى القبول بل يكفي فيه الإيجاب مثل الإبراء و العتق و غير ذلك. فعلى ما يظهر من الشارح رحمه اللّه أنّ البذل من قبيل الإيقاع يكفي البذل في وجوب الحجّ على المبذول بلا احتياج الى قبول المبذول له، لكنّ الهبة من قبيل العقد يحتاج الى قبول الموهوب له كما في قوله «فإنّه إباحة يكفي فيها الإيقاع» يعني أنّ البذل إباحة من قبيل الإيقاع فلا يحتاج الى القبول.

من حواشي الكتاب: قوله «و لا يجب لو كان مالا غيرهما... الخ» إيجاب قبول الهبة اذا وهب له الزاد و الراحلة دون إتمامهما معلّلا بما ذكره غير جيد لأنّ التعليل جار فيهما، فالفرق تحكّم، و ظاهر الروايات الوجوب مطلقا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: العبارات مشوّشة، و الحاصل أنّ البذل بمعنى الإباحة إمّا مطلق أو مقيّد بالحجّ ، و حينئذ إمّا متعلّق بعين الزاد و الراحلة أو بغيرهما ثمنا أو جنسا. و الهبة أيضا إمّا مطلقة أو مقيّدة بالحجّ . و الظاهر أنّ الشارح رحمه اللّه جعل البذل المقيّد المتعلّق بعين الزاد و الراحلة بذلا و الباقين هبة، و الهبة المقيّدة المتعلّقة بعينهما بذلا أيضا و الباقين هبة. و ألحق جعل البذل عنوانا مطلقا و الهبة عنوانا آخر مطلقا. و نظره ظاهرا الى جواز جعل البذل لازما بصيغة الهبة، فتأمّل. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه صاحب الحديقة النجفية).

(1)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى البذل، و في قوله «فيها» يرجع الى الإباحة.

يعني اذا كان البذل من قبيل الإيقاع مثل الإبراء و العتق فلا يحتاج الى القبول، كما أنّهما لا يحتاجان الى القبول بل يبرأ و يعتق المنظور بمجرّد الإيقاع.

(2)قوله «الواجب» صفة لموصوف مقدّر و هو المال. يعني لا فرق في وجوب الحجّ على المبذول له بين بذل ما يجب و يلزم في الحجّ مثل الزاد و الراحلة، أو يلتزم بالمئونة للحجّ مع مصاحبته لنفسه.

ص: 26

بنفسه (1)، أو ليصحبه فيه (2) فينفق عليه،(فلو حجّ به (3)) بعض إخوانه أجزأه عن الفرض لتحقّق شرط الوجوب (4).

(و يشترط ) مع ذلك (5) كلّه (وجود ما يمون (6) به عياله الواجبي النفقة إلى حين رجوعه) و المراد بها (7) هنا ما يعمّ الكسوة

**********

شرح:

(1)الضمير في «نفسه» يرجع الى المبذول له.

(2)أي ليصحب المبذول له في إتيانه الحجّ و يتحمّل نفقته. و الضمير في قوله «ليصحبه» يرجع الى الباذل، و في قوله: «فيه» يرجع الى الحجّ ، و في «عليه» يرجع الى المبذول له.

(3)يعني لو حمل المبذول له بالحجّ بتكفّل ما يحتاج إليه في الحجّ بعض إخوانه المؤمنين و قد أتى النسك بواسطة تحمّلهم مئونة حجّه يكفي ذلك الحجّ عن حجّة الإسلام التي يجب عليه عند الاستطاعة، فلا يجب الإتيان بالواجب الحاصل من الاستطاعة.

(4)فإنّ شرط الوجوب هو التمكّن من الحجّ من حيث الاستطاعة المالية، و هو حاصل بواسطة إخوانه المؤمنين، و لا يخفى أنّ هذا غير إتيان الحجّ متسكّعا، فإنّه لا يسقط الوجوب الحاصل بالاستطاعة.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الشرائط المذكورة لوجوب الحج و هي: البلوغ، و العقل، و الحرّية، و الزاد، و الراحلة، و التمكّن من المسير. و هذا المذكور هنا هو السابع منها لوجوب الحجّ على المكلّف، و هو وجود مئونة عياله الواجبي النفقة من زمان ذهابه الى الحجّ الى عوده منه.

(6)يمون فعل مضارع وزان يمنع، ماضيه مأن: احتمل المؤونة، و يقال: مانهم يمونهم: من الأجوف، و المؤونة - بفتح الميم -: القوت. (المنجد).

(7)الضمير في قوله «بها» يرجع الى المؤونة، و قوله «هنا» إشارة الى باب الحجّ .

يعني أنّ المراد من «المؤونة» في باب الحجّ هو ما يشمل الكسوة و أمثالها.

ص: 27

و نحوها (1) حيث يحتاجون إليها، و يعتبر فيها القصد (2) بحسب حالهم.

في وجوب استنابة الممنوع بكبر أو مرض أو عدوّ قولان

(و في) وجوب (استنابة الممنوع) (3) من مباشرته بنفسه (بكبر أو مرض أو عدوّ قولان، و المروي) صحيحا (4)(عن علي عليه السّلام ذلك)، حيث أمر

**********

شرح:

(1)الضمير في «نحوها» يرجع الى الكسوة. يعني أنّ المؤونة في المقام لا تنحصر في التغذية فقط بل تشمل سائر المخارج التي يحتاجون إليها مثل اللباس و اجرة المسكن و المصارف التي يصرفونها في ما يحتاجون كقيمة الماء المصروف و غير ذلك.

(2)يعني أنّ المؤونة اللازمة لعياله الواجبي النفقة يعتبر فيها الاقتصاد و اللائق بالحال لا الزيادة.

(3)قوله «و في استنابة الممنوع» خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «قولان». يعني أنّ الذين لا يقدرون على إتيان الحجّ من جهة كبر السنّ أو المرض الحاصل لهم المأيوس من البرء في وجوب استنابتهم الغير للحجّ عنهم قولان بين الفقهاء.

(4)يعني أنّ الرواية الصحيحة عن علي عليه السّلام تدلّ على وجوب الاستنابة، و هي المنقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أمر شيخا كبيرا لم يحجّ قطّ ، و لم يطق الحجّ لكبره أن يجهّز رجلا يحجّ عنه. (الوسائل: ج 8 ص 45 ب 24 من أبواب وجوب الحجّ ح 6). و هذه الرواية دالّة على وجوب الاستنابة لمن لا يقدر على الحجّ لكبر السنّ .

أمّا الرواية الدالّة على وجوب الاستنابة من المريض فهي المنقولة أيضا في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام يقول: لو أنّ رجلا أراد الحجّ فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج فليجهّز رجلا من ماله ثمّ ليبعثه مكانه. (المصدر السابق: ح 5).

ص: 28

شيخا (1) لم يحجّ و لم يطقه من كبره أن يجهّز رجلا فيحجّ عنه (2)، و غيره من الأخبار (3). و القول الآخر (4) عدم الوجوب لفقد شرطه (5) الذي هو الاستطاعة، و هو (6) ممنوع، و موضع الخلاف ما إذا عرض المانع قبل استقرار الوجوب، و إلاّ (7) وجبت قولا واحدا. و هل

**********

شرح:

المشار إليه في قوله «ذلك» هو الاستنابة.

(1)أي أمر رجلا كبير السنّ - الذي لم يحجّ في عمره حجّة الإسلام و لم يطقه في أواخر السنّ - بالاستنابة.

(2)بأن يأتي الحجّ نيابة عن المنوب عنه.

(3)الدالّة على لزوم استنابة من لم يقدر الحجّ لكبر أو مرض.

(4)و القول الآخر المنسوب للحلّي و جماعة من الفقهاء رضوان اللّه عليهم هو عدم وجوب الاستنابة لأصالة البراءة و لعدم الاستطاعة لهم للحجّ .

(5)أي لفقد شرط الوجوب الذي هو الاستطاعة، فإنّ من كان مريضا أو كبير السنّ و لا يقدر على الحجّ لم تحصل له الاستطاعة البدنية.

(6)الضمير يرجع الى فقد الشرط . يعني أنّ فقد شرط الاستطاعة في المقام ممنوع لأنّ الاستطاعة على المذكورين أعمّ من المباشرة و الاستنابة، فإنّهم و لو لم يقدروا على الحجّ مباشرة لكنّهم يقدرون الاستنابة من حيث المال.

و أمّا جواب الدليل الأول المذكور للقائلين بعدم وجوب الاستنابة و هو أصالة عدم الوجوب فهو منقوض بالروايات الواردة في وجوب الاستنابة، فمع وجود النصّ لا يعمل بالأصل.

(7)كما اذا كان المذكورون قادرين للحجّ لكنّهم أخّروه متعمّدين فحصلت لهم الموانع، فذلك الحجّ استقرّ في ذمّتهم، فلا خلاف بين الفقهاء بوجوب استنابتهم الغير أن يحجّ عنهم.

و المراد من قوله «قولا واحدا» هو عدم الخلاف في المسألة بين الفقهاء.

ص: 29

يشترط في وجوب الاستنابة اليأس من البرء

يشترط (1) في وجوب الاستنابة اليأس من البرء، أم يجب (2) مطلقا و إن لم يكن مع عدم اليأس فوريّا (3)؟ ظاهر الدروس الثاني (4)، و في الأول (5) قوّة، فيجب (6) الفورية

**********

شرح:

(1)هذا فرع آخر و هو: أنّ وجوب الاستنابة هل هو عند اليأس من البرء بأن كان مرضه مستبعد الشفاء و كذلك عدم طاقة الشيخ للحجّ كان مستبعد الرفع، أو يجب الاستنابة مطلقا؟

و الجواب سيشير إليه الشارح رحمه اللّه بعد قليل.

(2)فاعل قوله «يجب» مستتر يرجع الى الاستنابة، و قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق في وجوب الاستنابة بين احتمال البرء و عدمه.

(3)يعني هل يجب الاستنابة للحجّ بوجوب فوريّ و إن لم يكن مأيوسا من البرء؟

(4)المراد من «الثاني» هو الحكم بوجوب الاستنابة فوريّا بلا انتظار البرء من المانع، و هذا مختار المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(5)المراد من «الأول» هو الحكم بوجوب الاستنابة عند اليأس من البرء، فلو احتمل لنفسه رفع المانع فلا يجوز استنابة الغير للحجّ عنه.

فنظر الشارح رحمه اللّه في الوجهين المذكورين هو تقوية الحكم بوجوب الاستنابة عند اليأس من البرء، و لعلّ الوجه هو الأصل فيه، لأنّ الأصل و القاعدة يقتضي المباشرة في الحجّ و الاستنابة على خلافه، و المتيقّن في خلاف الأصل هو الاستنابة عند اليأس، فتبقى الصورة الاخرى باقية.

أقول: لكن المستفاد من الروايات المنقولة في الوسائل هو جواز الاستنابة للمريض و الشيخ بلا تقييد باليأس من البرء، فإنّ المريض غالبا محتمل البرء، و الحال أجاز الاستنابة فيه.

(6)هذا متفرّع للقول بوجوب الاستنابة. يعني اذا قلنا بالوجوب يحكم حينئذ

ص: 30

كالأصل (1) حيث يجب، ثمّ إن استمرّ العذر (2) أجزأ.

(و لو زال العذر) و أمكنه الحجّ بنفسه (حجّ ثانيا) و إن كان قد يئس منه (3)، لتحقّق الاستطاعة حينئذ (4)، و ما وقع (5) نيابة إنّما وجب للنصّ ، و إلاّ لم يجب لوقوعه (6) قبل شرط الوجوب.(و لا يشترط ) في الوجوب بالاستطاعة زيادة على ما تقدّم (7)

**********

شرح:

بوجوب الفورية في الاستنابة، كما أنّ الواجب في أصل الإتيان بالحجّ كان واجبا فوريّا.

(1)المراد من «الأصل» هو المباشرة من نفس المستنيب. يعني كما أنّ الحجّ اذا كان واجبا للمكلّف وجب عليه المبادرة فكذلك عند وجوب الاستنابة وجب عليه الفورية.

(2)أي إن لم يبرء من المرض حتّى مات يكفي في حقّه الحجّ النيابي، و لو حصل التمكّن فعليه الحجّ ثانيا.

(3)يعني و لو كان استنابة الحجّ عند اليأس من البرء. و الضمير في قوله «منه» يرجع الى العذر.

(4)يعني أنّ الاستطاعة الموجبة للحجّ تحقّقت عند زوال العذر، فيجب عليه الحجّ ثانيا.

(5)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنّ وجوب الحجّ اذا حكم به بالاستطاعة الحاصلة بزوال العذر فما معنى الحكم بوجوب الاستنابة عند العذر؟

فأجاب رحمه اللّه بأنّ وجوب الاستنابة إنّما هو لوجود النصّ في ذلك، فلو لم يكن فيحكم حينئذ بعدم وجوب الاستنابة لعدم حصول شرط الوجوب.

(6)الضمير في قوله «لوقوعه» يرجع الى الحجّ . يعني أنّ الحجّ المأتيّ بالنيابة كان قبل شرط الوجوب و هو الاستطاعة البدنية.

(7)المراد من «ما تقدّم» في الاستطاعة المالية هو وجود الزاد و الراحلة و مئونة

ص: 31

(الرجوع (1) إلى كفاية) من صناعة (2) أو حرفة (3) أو بضاعة (4) أو ضيعة (5) و نحوها (6)(على الأقوى) (7) عملا بعموم النصّ ، و قيل: يشترط

**********

شرح:

عياله الواجبي النفقة ذهابا و إيابا. يعني لا يشترط في وجوب الحجّ على المكلّف زيادة على ذلك كونه صاحب صنعة أو حرفة أو ضيعة بحيث تكون الكفاية بها بعد رجوعه من الحجّ .

(1)نائب فاعل لقوله «لا يشترط ». يعني لا يشترط في الوجوب رجوع المكلّف من الحجّ الى وسيلة معاش تكفيه.

(2)الصناعة - بفتح الصاد و كسرها -: العلم الحاصل بمزاولة العمل كالخياطة و الحياكة. و قيل: الصناعة - بفتح الصاد - تستعمل في المحسوسات. و الصناعة - بكسر الصاد - في المعاني، جمعها: صناعات و صنائع. (المنجد).

(3)الحرفة: اسم من الاحتراف و هي جهة الكسب. (المنجد).

و الفرق بين الصناعة و الحرفة هو أنّ الاولى محتاجة الى علم يوصل به الى المقصد مثل الخياطة و النجارة، أمّا الثانية فلا تحتاج الى علم يتعلّم من الغير مثل البقالة و العطارة.

(4)البضاعة - بكسر الباء -: هي من المال ما اعدّ للتجارة. (المنجد).

(5)الضيعة - بفتح الضاد -: العقار و الأرض المغلّة. (المنجد).

(6)يعني و من أمثال ما ذكر مثل المستغلاّت التي يستعيش من غلاّتها.

(7)هذا القول الأقوى في مقابل المنقول بقوله «و قيل يشترط ». و الدليل على عدم اشتراط الرجوع من الحجّ الى وسيلة معاش تكفيه هو العمل بعموم النصّ .

و المراد من «النصّ » هو نفس الآية الكريمة في خصوص الحجّ بقوله تعالى وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1) . (آل عمران: 97). فإنّ من استطاع الى الحجّ يجب عليه ذلك بلا تقييد فيه بالرجوع الى وسيلة معاش

ص: 32


1- سوره 3 - آیه 97

و هو المشهور (1) بين المتقدّمين لرواية أبي الربيع الشامي، و هي لا تدلّ على

**********

شرح:

تكفيه. و الروايات الواردة في تفسيرها بوجوب الحجّ لمن استطاع بلا تقييد فيها بذلك منها المنقول في الوسائل:

عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله حفص الأعور و أنا أسمع عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1) قال: ذلك القوّة في المال و اليسار، قال: فإن كانوا موسرين فهم ممّن يستطيع ؟ قال: نعم... الحديث. (الوسائل: ج 8 ص 25 ب 9 من أبواب وجوب الحجّ ح 3).

(1)أي القول باشتراط الرجوع الى وسيلة المعاش الكافية له، و هو المشهور بين المتقدّمين، و استندوا الى الرواية المنقولة في الوسائل:

عن أبي الربيع الشامي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قوله اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (2) فقال: ما يقول الناس ؟ قال:

فقلت له: الزاد و الراحلة. قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قد سئل أبو جعفر عليه السّلام عن هذا فقال: هلك الناس اذا، لئن كان من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن الناس ينطلق إليهم فيسلبهم إيّاه لقد هلكوا اذا، فقيل له:

فما السبيل ؟ قال: فقال: السعة في المال اذا كان يحجّ ببعض و يبقي بعضا لقوت عياله، أ ليس قد فرض اللّه الزكاة فلم يجعلهما إلاّ على من يملك مائتي درهم ؟! (المصدر السابق: ح 1 و 2).

و لا يخفى عدم دلالة الرواية على مطلوب المتقدّمين، فإنّهم استندوا في الوجوب باشتراط الرجوع الى وسيلة معاش تكفيه، و الحال لم يصرّح بذلك في الرواية بل فيها - في جواب ما قيل له: فما السبيل ؟ قال عليه السّلام -: السعة في المال اذا كان يحجّ ببعض و يبقي بعضا لقوت عياله.

و لا دلالة فيها باشتراط الرجوع الى كفاية من وسيلة المعاش. و الى عدم دلالة

ص: 33


1- سوره 3 - آیه 97
2- سوره 3 - آیه 97

**********

شرح:

الرواية على مطلوبهم أشار الشارح رحمه اللّه بقوله «و هي لا تدلّ على مطلوبهم» لأنها تدلّ فقط على اشتراط وجود المؤونة و المخارج المحتاج إليها في الذهاب و الإياب و مقدار ما يحتاج إليه في مخارج عياله.

أقول: و لا يخفى لزوم مقدار مال بالفعل أو بالقوّة في وجوب الحجّ غير الزاد و الراحلة لينفقه في المعيشة بعد الرجوع من الحجّ كما يستفاد ذلك من قوله عليه السّلام «قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن الناس» في رواية أبي الربيع الشامي المذكورة.

و تدلّ عليه أيضا الرواية المنقولة في مجمع البيان:

قال الفضل بن الحسن الطبرسي - في قوله تعالى وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1) -: المروي من أئمتنا عليهم السّلام أنه الزاد و الراحلة و نفقة من تلزمه نفقته، و الرجوع الى كفاية، إمّا من مال أو ضياع أو حرفة، مع الصحّة في النفس، و تخلية الدرب (السرب) من الموانع و إمكان المسير. (مجمع البيان: ج 2 ص 799، الوسائل: ج 8 ص 25 ب 9 من أبواب وجوب الحجّ ح 5).

ثمّ قال صاحب الوسائل: لا يبعد أن يكون فهم «الرجوع الى كفاية» من الرواية عن المفيد رحمه اللّه و ليست بصريحة مع كونها مخالفة للاحتياط و بقية النصوص، و كذا رواية الخصال مع إجمالهما و احتمال إرادة الرجوع الى كفاية يوم واحد أو أيّام يسيرة، و اللّه أعلم.

و أيضا يستفاد مما قال به المشهور من المتقدّمين ما رواه الشيخ المفيد رحمه اللّه في كتابه «المقنعة» كما في الوسائل عن أبي الربيع الشامي المتقدّمة، و زاد بعد قوله «و يستغني به عن الناس»: يجب عليه أن يحجّ بذلك، ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفّه لقد هلك اذا، ثمّ ذكر تمام الحديث و قال فيه: يقوت به نفسه و عياله.

ص: 34


1- سوره 3 - آیه 97

مطلوبهم، و إنّما تدلّ على اعتبار المؤونة ذاهبا و عائدا، و مئونة عياله كذلك، و لا شبهة فيه.

لا يشترط في المرأة مصاحبة المحرم

(و كذا) (1) لا يشترط (في المرأة) مصاحبة (المحرم) و هو هنا الزوج (2)، أو من يحرم نكاحه عليها مؤبّدا بنسب (3) أو رضاع (4) أو مصاهرة (5)، و إن لم يكن مسلما (6) إن لم يستحلّ المحارم

**********

شرح:

(الوسائل: ج 8 ص 24 ب 9 من أبواب وجوب الحجّ ذيل الحديث 1 و 2، المقنعة: 60).

و الحاصل ممّا يستفاد من الروايات و قول المشهور من المتقدّمين بأنّ الشرط في وجوب الحجّ غير الزاد و الراحلة وجود وسيلة المعيشة بعد الرجوع من الحجّ ، لئلاّ يحتاج الى الناس في السؤال عنهم أو الاستقراض أو غير ذلك.

(1)عطف على قوله «لا يشترط الرجوع الى كفاية». يعني و كذا لا يشترط في وجوب الحجّ للمرأة مصاحبة المرء من محارمها بل يجب الحجّ عليها عند الاستطاعة.

(2)يعني أنّ المراد من «المحرم» في باب الحجّ غير المحرم في باب النكاح، لأنّ المحرم هنا يشمل الزوج أيضا، لكن المحرم في باب النكاح هو من يحرم عليه نكاحها.

(3)يعني أنّ المراد من «المحرم» هنا غير الزوج، و هو الذي يحرم عليه نكاح المرأة المستطيعة بنسب مثل أخيها و ابن أخيها و غير ذلك من المحارم النسبي.

(4)و المحرم الرضاعي هو الذي يرتضع من امرأة بالشرائط المذكورة في باب الرضاع هي امّها أو اختها أو هي التي ارتضعت المرأة المستطيعة أيضا منها.

(5)و المحرم بالمصاهرة مثل صهر المستطيعة و هو الذي تزوّج بنتها أو بنت بنتها أو بنت ابنها الى ما نزل.

(6)بمعنى أنه لو شرط وجود المحرم في وجوب الحجّ على المرأة فلا فرق بين محارمها المسلم و الكافر، بشرط أن لا يستحلّ المحارم مثل المجوسي فإنّهم يجوّزون التزويج بالمحارم، فلا مفهوم باشتراط المحرم منهم.

ص: 35

كالمجوسي (1).

(و يكفي ظنّ السلامة) (2)، بل عدم الخوف (3) على

**********

شرح:

(1)المجوس: أمّة يعبدون الشمس أو النار، الواحد: مجوسي. (المنجد).

من حواشي الكتاب في باب النكاح: أشار في الرياض الى أخبار تدلّ على كون المجوس من أهل الكتاب، و أنهم كان نبيّ لهم يقال له «جاماسب» و جاءهم بكتاب في اثنى عشر جلد ثور، فقتلوا النبي و أحرقوا الكتاب. ذكره النبي صلّى اللّه عليه و آله في جواب كتاب أهل مكّة حيث أرسل صلّى اللّه عليه و آله إليهم أن أسلموا و إلاّ لأنابذنكم بحرب، فالتمسوا منه صلّى اللّه عليه و آله أخذ الجزية و تركهم على عبادة الأوثان، فكتب صلّى اللّه عليه و آله إليهم: إنّي لست آخذ الجزية إلاّ من أهل الكتاب، فكتبوا إليه صلّى اللّه عليه و آله تكذيبا له:

فلم أخذت الجزية من مجوس هجر؟! و أجابهم بما مرّ.

و لفظ المجوس قيل: فارسي، اسم رجل أو قبيلة، و قيل: عربي على وزن المفعول، من جاس يجوس فذاك مجوس، و زان قال يقول فذاك مقول. سمّي و لقّب بذلك لأنّ عقله مدخول و معيوب.

و في التواريخ: إنّه زردشت الحكيم ظهر في عهد كشتاسب، و اسم كتابه «زند».

و زعم المجوس أنه شرّع لهم نكاح المحرّمات مثل الامّ و الاخت و كتب الزند في اثني عشر مسك ثور بعد الدباغة و نسب إليه القول بحدوث إبليس من وحدة الحقّ و وحشته، و حدوث مذهب الثنوية على قول و محاربة الحقّ مع إبليس ثمّ المصالحة الى آخر الزمان و وضع الحرب أمانة و رهنا عند القمر... الخ. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه صاحب الحديقه النجفية).

(2)أي يكفي في وجوب الحجّ على المرأة ظنّها السلامة من الخطر على بضعه و عرضه.

(3)يعني بل يكفي في وجوب الحجّ عليها عدم الخوف على البضع أو العرض مع عدم المحرم، و إلاّ يشترط في وجوب الحجّ عليها مصاحبة المحرم.

ص: 36

البضع (1) أو العرض (2) بتركه (3) و إن لم يحصل الظنّ بها (4)، عملا بظاهر النصّ (5)،

**********

شرح:

(1)البضع - بضمّ الباء -: النكاح، عن ابن سكّيت: المباضعة: المجامعة. و يقال: ملك فلان بضع فلانة اذا ملك عقدة نكاحها و هو كناية عن موضع الغشيان. و بضع المرأة بضعا و باضعها مباضعة و بضاعا: جامعها. و الاسم: البضع، و جمعه البضوع.

(لسان العرب).

(2)العرض - بكسر العين -: ما يصونه الانسان من نفسه أو سلفه أو من يلزمه أمره أو موضع المدح و الذمّ منه، و ما يفتخر الانسان به من حسب أو شرف، جمعه: أعراض. (المنجد).

و المراد من «العرض» هو الّذي تتحفّظ المرأة في نفسها و هو أعمّ من البضع.

و الحاصل: لو خافت المرأة على ما تتحفّظه من البضع و العرض فحينئذ يجب الحجّ عليها.

(3)الضمير في قوله «بتركه» يرجع الى المحرم، و الجار و المجرور متعلّق بالخوف.

يعني بل يجب الحجّ على المرأة اذا لم تخف على بعضها و نفسها بترك مصاحبة المحرم.

(4)الضمير في قوله «بها» يرجع الى السلامة.

(5)المراد من «النصّ » هو الأخبار المذكورة في الوسائل:

منها: عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تحجّ بغير ولي ؟ قال عليه السّلام: لا بأس، و إن كان لها زوج أو أخ أو ابن أخ فأبوا أن يحجّوا بها و ليس لهم سعة فلا ينبغي لها أن تقعد، و لا ينبغي لهم أن يمنعوها... الحديث. (الوسائل:

ج 8 ص 109 ب 58 من أبواب وجوب الحجّ ح 4).

و منها: عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المرأة

ص: 37

وفاقا (1) للمصنّف في الدروس، و مع الحاجة إليه (2) يشترط في الوجوب عليها (3) سفره معها، و لا يجب عليه (4) إجابتها إليه تبرّعا و لا باجرة، و له طلبها (5) فتكون جزء (6) من استطاعتها، و لو ادّعى الزوج الخوف عليها (7) أو عدم أمانتها و أنكرته عمل بشاهد الحال مع انتفاء البيّنة، و مع

**********

شرح:

تحجّ بغير محرم، فقال: اذا كانت مأمونة و لم تقدر على محرم فلا بأس بذلك.

(المصدر السابق: ح 6).

(1)فإنّ القول بعدم اشتراط مصاحبة المحرم عند عدم خوف المرأة على البضع و العرض موافق لقول المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(2)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى المحرم.

(3)يعني لو احتاجت المرأة الى مصاحبة المحرم شرط في وجوب الحجّ عليها سفر المحرم معها، و إلاّ وجب.

و الضميران في «عليها» و «معها» يرجعان الى المرأة، و في «سفره» يرجع الى المحرم.

(4)يعني لا يجب على المحرم إجابة المرأة في السفر الى الحجّ لا تبرّعا و مجّانا و لا باجرة.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المحرم، و في «إجابتها» يرجع الى المرأة، و في قوله «إليه» يرجع الى الحجّ .

(5)يعني يجوز للمحرم طلب الاجرة من المرأة بالمصاحبة معها الى الحجّ .

(6)فالاجرة المأخوذة من المحرم تكون جزء من الاستطاعة المالية للمرأة. بمعنى أنها لو لم تقدر على ذلك المقدار من المال فحينئذ لا يجب الحجّ عليها.

و الضمير في «استطاعتها» يرجع الى المرأة.

(7)يعني لو ادّعى زوج المرأة خوف الخطر على بضع أو عرض زوجته أو عدم

ص: 38

فقدهما (1) يقدّم قولها (2)، و في اليمين نظر (3)، من أنها (4) لو اعترفت نفعه، و قرّب في الدروس عدمه (5)،

**********

شرح:

تحفّظها في الطريق على بضعها و عرضها و أنكرت الزوجة و لم تكن للزوج بيّنة لما ادّعاه فحينئذ يحكم الحاكم بالقرائن الحالية.

(1)الضمير في قوله «فقدهما» يرجع الى البيّنة و شاهد الحال. يعني مع فقد شاهد الحال و البيّنة يقدّم قول المرأة.

(2)الضمير في «قولها» يرجع الى المرأة.

(3)يعني في وجوب اليمين للمرأة في ما أنكرته وجهان.

(4)هذا دليل وجوب اليمين على المرأة، بأنّ المرأة لو اعترفت بما يدّعيه الزوج نفعه، و إن أنكرت وجب اليمين عليها حيث إنّ قاعدة «اليمين على من أنكر» تشملها.

و أمّا وجه عدم وجوب اليمين عليها - و الّذي لم يذكره الشارح رحمه اللّه - فهو اختصاص اليمين في النزاع المالي، و في المقام يكون النزاع في خصوص العبادة الواجبة من اللّه تعالى، فلا يشرّع وجوب اليمين فيه لأنّ المرأة تدّعي حقّ اللّه و هو وجوب الحجّ ، فيقبل قولها بلا حاجة الى اليمين.

من حواشي الكتاب: الزوج يدّعي لنفسه حقّا عليها فلا بدّ في إسقاطه من اليمين. [هذا دليل وجوب اليمين على المرأة].

و وجه عدم اليمين أنه ليس كلّ حقّ يلزم في ردّه اليمين كما في ادّعاء حقّ ردّ السلام، مع أنّ حقّ الزوج معارض. بحقّ اللّه تعالى و هو الحجّ الواجب عليها، فيقدّم حقّ اللّه تعالى، و الأصل في المسلمة الأمانة و مآل قول الزوج عدم لزوم أداء الحجّ حينئذ، فالمرأة مدّعية (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه صاحب الحديقة النجفية).

(5)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى اليمين. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قرّب الاحتمال الثاني الذي لم يذكره صريحا، و هو عدم لزوم اليمين على المرأة.

ص: 39

و له (1) حينئذ منعها باطنا لأنه محقّ عند نفسه، و الحكم مبنيّ على الظاهر (2).

(و المستطيع يجزيه الحجّ متسكّعا (3)) أي متكلّفا له بغير زاد و لا راحلة، لوجود (4) شرط الوجوب و هو الاستطاعة، بخلاف ما لو تكلّفه (5)

**********

شرح:

(1)يعني يجب على الزوج - عند حكم الحاكم بوجوب الحجّ على المرأة - الإنكار و المنع قلبا لأنه محقّ في نظره، فلا يجوز رضاه بحصول الخطر لبضع زوجته أو عرضها، فإنّ حكم الحاكم إنّما كان مستندا بظواهر الأدلّة و هو لا يغيّر الحقيقة و الواقع في نظر الزوج.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الزوج، و في «منعها» يرجع الى الزوجة، و في «لأنه» و «نفسه» يرجعان الى الزوج.

(2)يعني أنّ حكم الحاكم بوجوب الحجّ على المرأة مستند على الأدلّة الظاهرية.

(3)تسكّع في أمره أو سيره: لم يهتد لوجهته. و تسكّع في الظلمة: خبط فيها. رجل سكع: المتحيّر. (أقرب الموارد، المنجد).

و المراد هنا هو الذهاب الى الحجّ بتكلّف و مشقّة. يعني انّ المستطيع من حيث المال اذا حجّ بلا زاد و لا راحلة بل يكلّ نفسه الى الغير أو يمشي لا للثواب بل لبخله، بأن لا يصرف المال في الراحلة فيجزيه من حجّه الواجب بالاستطاعة.

لكن لو لم يستطع من حيث المال و تحمّل المشقّة و التكلّف في الحجّ أو كلّ نفسه و مخارجه الى الغير و حجّ فلا يجزي عن حجّه الواجب اذا حصلت له الاستطاعة بعد حجّه كذلك.

(4)هذا دليل قوله «يجزيه» فإنّ شرط الوجوب و هو الاستطاعة المالية وجد له.

(5)الضمير في «تكلّفه» يرجع الى الحجّ ، و فاعله هو قوله «غير المستطيع». يعني القول بإجزاء حجّ المستطيع مالا بحال التسكّع و التكلّف لا يشمل الذي حجّ متسكّعا و هو غير مستطيع، فالحجّ كذلك منه لا يجزيه بعد حصول الاستطاعة له.

ص: 40

غير المستطيع.

الحجّ ماشيا أفضل

(و الحجّ مشيا (1) أفضل) منه ركوبا (إلاّ مع الضعف عن العبادة (2)، فالركوب أفضل، فقد حجّ (3) الحسن عليه السّلام ماشيا مرارا، قيل: إنّها (4) خمس و عشرون حجّة)، و قيل: عشرون، رواه الشيخ في التهذيب (5)، و لم يذكر

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الحجّ في حال المشي لمن يقدر على الراحلة أفضل من الحجّ راكبا.

و لا يخفى أنّ المشي كذلك غير التسكّع و التكلّف الذي كان منشأه البخل من صرف المال.

(2)بأن كان المشي موجبا لضعفه عن العبادة و أدائه النسك الواجب، ففي مثل هذا المقام لا يكون الحجّ مشيا أفضل منه ركوبا.

(3)هذا دليل أول لأفضلية الحجّ ماشيا، و هو حجّ الإمام الحسن بن علي عليهما السّلام ماشيا، فإنّ فعل المعصوم حجّة.

(4)الضمير في قوله «إنّها» يرجع الى قوله «مرارا». يعني أنّ حجّ الحسن بن علي عليهما السّلام ماشيا مرارا قيل بكونها خمسا و عشرين مرّة كما في مستدرك الوسائل:

عن ابن عبّاس لمّا اصيب الحسن عليه السّلام قال معاوية: ما آسى على شيء إلاّ على أن أحجّ ماشيا، و لقد حجّ الحسن بن علي عليهما السّلام خمسا و عشرين حجّة ماشيا، و انّ النجائب لتقاد معه. (مستدرك الوسائل: ج 2 ص 6 ب 21 من أبواب وجوب الحجّ ح 5 نقلا عن مناقب ابن شهر آشوب).

(5)يعني روى الشيخ رحمه اللّه في كتابه التهذيب حجّ الحسن عليه السّلام حجّ عشرين مرّة ماشيا، و هو المنقول في الوسائل:

عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فضل المشي، فقال: الحسن بن علي عليهما السّلام قاسم ربّه ثلاث مرّات حتّى نعلا و نعلا، و ثوبا و ثوبا، و دينارا

ص: 41

في الدروس غيره (1)،(و المحامل (2) تساق بين يديه) و هو (3) أعلم بسنّة جدّه عليه الصلاة و السلام من غيره (4)، و لأنه (5) أكثر مشقّة، و أفضل الأعمال أحمزها (6)، و قيل: (7) الركوب أفضل مطلقا (8) تأسّيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله فقد حجّ راكبا (9)، قلنا:

**********

شرح:

و دينارا، و حجّ عشرين حجّة ماشيا على قدميه. (الوسائل: ج 8 ص 55 ب 32 من أبواب وجوب الحجّ ح 3).

(1)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى القول الأخير. يعني أنّ الشهيد الأول رحمه اللّه في كتابه الدروس ذكر في خصوص حجّ الحسن بن علي عليهما السّلام أنه حجّ عشرين مرّة ماشيا.

(2)هذه إدامة دليل حجّ الحسن بن علي عليهما السّلام ماشيا. يعني و الحال أنّ المحامل تساق قدّامه.

المحمل: شقّان على البعير يحمل فيهما العديلان، جمعه: المحامل. (أقرب الموارد).

(3)الضمير يرجع الى الحسن بن علي عليهما السّلام. يعني أنه أعلم الناس بسنّة جدّه صلّى اللّه عليه و آله فعمل بالسنّة، و هو أيضا دليل على استحباب الحجّ ماشيا.

(4)الضمير في «غيره» أيضا يرجع الى الحسن بن علي عليهما السّلام.

(5)و هذا دليل ثالث على استحباب الحجّ ماشيا، لأنّ الحجّ بالمشي يكون أشقّ من الحجّ بالركوب، إضافة الى قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الأعمال أحمزها. (بحار الأنوار: ج 70 ص 191). فيحكم حينئذ باستحباب الحجّ ماشيا.

(6)الأحمز: الأمتن و الأشقّ . (أقرب الموارد).

(7)هذا هو القول الثاني، و هو استحباب الركوب للحجّ .

(8)و سيشير رحمه اللّه الى ما يقيّد بما يستحبّ الركوب من عروض الضعف أو حصول البخل فقوله «مطلقا» إشارة لهذه القيود.

(9)و الدليل على حجّ النبي صلّى اللّه عليه و آله راكبا هو الرواية المنقولة في الوسائل:

ص: 42

فقد (1) طاف راكبا، و لا يقولون بأفضليّته كذلك (2)، فبقي أنّ فعله صلّى اللّه عليه و آله وقع لبيان الجواز لا الأفضلية. و الأقوى التفصيل (3) الجامع بين الأدلّة

**********

شرح:

عن رفاعة قال: سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام رجل: الركوب أفضل أم المشي ؟ فقال:

الركوب أفضل من المشي، لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركب. (الوسائل: ج 8 ص 57 ب 33 من أبواب وجوب الحجّ ح 1).

و فيه أيضا عن رفاعة و ابن بكير جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن الحجّ ماشيا أفضل أو راكبا؟ فقال: بل راكبا، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حجّ راكبا. (المصدر السابق: ح 4).

(1)هذا ردّ عن الاستدلال باستحباب الركوب بورود الرواية في حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله راكبا.

فأجاب رحمه اللّه عنه بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طاف أيضا راكبا، و الحال لم يقل أحد باستحباب الطواف راكبا.

و الرواية الدالّة على طواف الرسول صلّى اللّه عليه و آله راكبا هي المنقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: طاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ناقته الغضباء، و جعل يستلم الأركان بمحجنه و يقبّل المحجن.

(الوسائل: ج 9 ص 492 ب 81 من أبواب الطواف ح 1).

(2)المشار إليه في قوله «كذلك» هو الطواف راكبا. يعني اذا قلنا بعدم أفضلية الطواف راكبا فيحمل طواف الرسول صلّى اللّه عليه و آله راكبا لبيان أنّ الطواف راكبا كان جائزا، كما أنّ فعل المعصومين عليهم السّلام في بعض الموارد المرجوح أو المفضول إنّما صدر لبيان الجواز.

(3)بأن يجمع بين الأدلّة، فتحمل الروايات الدالّة على أفضلية الحجّ راكبا بصورة حصول الضعف عن العبادة و الدعاء و القراءة، و تحمل الروايات الدالّة على

ص: 43

بالضعف (1) عن العبادة، من الدعاء (2) و القراءة، و وصفها (3) من الخشوع و عدمه (4)، و ألحق بعضهم بالضعف كون الحامل له على المشي توفير المال (5)، لأنّ (6) دفع رذيلة الشحّ (7) عن النفس من أفضل الطاعات (8)، و هو حسن، و لا فرق (9) بين حجّة الإسلام و غيرها.

**********

شرح:

أفضلية الحجّ ماشيا بعدم حصول الضعف المانع من الخشوع في الدعاء و الذكر و غير ذلك.

(1)الجار و المجرور متعلّق بالتفصيل، و هذا أحد طرفي التفصيل، و الطرف الآخر هو قوله «و عدمه».

(2)هذا بيان للعبادة، و كذلك قوله «و القراءة».

(3)عطف على قوله «عن العبادة» أي الضعف في وصف العبادة و هو الخشوع.

(4)عطف على قوله «بالضعف». و هذا هو الطرف الآخر من التفصيل. يعني أنّ الأقوى هو التفصيل بين حصول الضعف في العبادة و عدم حصوله فيها.

(5)يعني اذا كان الباعث له للمشي هو حفظ المال و تكثيره بالقناعة كذلك فيلحق ذلك بحكم الضعف. يعني كما أنّ الضعف يوجب أفضلية الركوب للحجّ كذلك التوفير و تكثير صرف المال في الحجّ لدفع رذيلة النفس و دفع البخل المبغوض يوجب أفضلية الركوب.

(6)هذا دليل إلحاق توفير المال و ازدياد خرجه في الحجّ بالركوب الى حكم حصول الضعف، و هو دفع صفة رذيلة البخل عن النفس.

(7)الشحّ : البخل و الحرص. و في الصحاح: البخل مع الحرص. (أقرب الموارد).

(8)كما ورد في الآية الشريفة بقوله تعالى وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (1) . (الحشر: 9). و قد ورد في وجه نزول الآية بأنها في خصوص مولى الموحّدين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

(9)أي لا فرق في الحكم بأفضلية الركوب بالتفصيل المذكور بين حجّة الإسلام

ص: 44


1- سوره 59 - آیه 9

من مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه

(و من مات بعد الإحرام و دخول الحرم (1) أجزأ) عن الحجّ ، سواء مات في الحلّ (2) أم الحرم، محرما أم محلاّ (3)، كما لو مات بين الإحرامين (4) في إحرام (5) الحجّ أم العمرة، و لا يكفي مجرّد الإحرام (6) على الأقوى، و حيث أجزأ لا يجب الاستنابة في إكماله (7)،

**********

شرح:

و الإفراد و القران.

(1)و لا يخفى وجود الشرطين في سقوط الحجّ الواجب عن ذمّة المكلّف و هما الإحرام و دخول الحرم، فلو أحرم و لم يدخل الحرم و مات فلا يسقط عن الذمّة.

(2)كما اذا أحرم و دخل الحرم ثمّ خرج عن الحرم فمات خارجه.

(3)كما اذا أحرم و دخل الحرم و أتى الأعمال الموجبة للحلّ فمات بعد الخروج عن الإحرام.

(4)المراد من «الإحرامين» هو إحرام العمرة و إحرام الحجّ ، و هذا مثال لقوله «أم محلاّ».

(5)هذا تعميم و متعلّق بقوله «من مات بعد الإحرام و دخول الحرم». يعني لا فرق في سقوط الحجّ بعد الإحرام و دخول الحرم سواء كان الإحرام للحجّ أو للعمرة.

(6)بأن أحرم للعمرة و قصد بلدة مكّة فمات قبل دخوله الحرم، و هو مقدار مسافة معيّنة حول بلدة مكّة، كما سيوضح ذلك، فلا يجزي عن الحجّ الواجب المستقرّ في ذمّته بل تجب الاستنابة. لكنّه لو لم يستقرّ الحجّ في ذمّته بل وجب الحجّ في ذلك العام فقصد الحجّ و أحرم من أحد المواقيت و عزم بلدة مكّة فمات بعد الإحرام و قبل الدخول في الحرم فلا يجب الاستنابة لأنّ الاستطاعة زالت بموته كما أنه لو مات قبل الإحرام أو في الطريق، و سيأتي توضيح ذلك إن شاء اللّه.

(7)يعني اذا مات بعد الإحرام و دخول الحرم و قلنا بالإجزاء فلا تجب الاستنابة لإكمال باقي النسك من الطواف و السعي و غيرهما.

ص: 45

و قبله (1) تجب من الميقات إن كان مستقرّا، و إلاّ (2) سقط ، سواء تلبّس (3) أم لا،(و لو مات قبل ذلك (4) و كان) الحجّ (قد استقرّ في ذمّته) بأن اجتمعت له شرائط الوجوب (5)، و مضى عليه (6) بعده مدّة يمكنه فيها استيفاء جميع أفعال الحجّ فلم يفعل (قضي عنه) الحجّ (من بلده (7) في)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الدخول في الحرم. يعني لو مات قبل ذلك تجب الاستنابة من أحد المواقيت و لو تلبّس بالإحرام في صورة استقرار الحجّ في ذمّته.

(2)استثناء من قوله «إن كان مستقرّا». يعني لو لم يستقرّ الحجّ في ذمّته بل كان أول عام الاستطاعة فحينئذ يسقط الحجّ ، كما أوضحناه قبل قليل.

(3)يعني لا فرق في سقوط الحجّ عن ذمّته بين أن يتلبّس بالإحرام أم لا، حتّى لو مات في الطريق يسقط عنه الحجّ لزوال الاستطاعة، كما أوضحناه قبل قليل.

(4)المشار إليه هو الإحرام و الدخول في الحرم.

(5)قد مرّت الإشارة الى شرائط الوجوب في صفحة 11 بقوله «و شرط وجوبه البلوغ و العقل و الحرّية و الزاد و الراحلة» و بقوله أيضا في صفحة 27 «و يشترط وجود ما يمون به عياله الواجبي النفقة الى حين رجوعه».

(6)يعني أنه يشترط في استقرار الحجّ في الذمّة - غير الشرائط المذكورة - مضيّ مدّة بعد الوجوب يتمكّن من إتيان جميع أفعال الحجّ من الإحرام الى آخر أعمال الحجّ لكنّه لم يقدّم فأخّر الحجّ الى العام القادم، فذهب الى الحجّ لكنّه مات في الطريق أو بعد الإحرام قبل دخول الحرم أو مات في بلده قبل التوجّه الى الحجّ فهنا تجب الاستنابة عنه.

و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الوجوب، و في قوله «فيها» يرجع الى المدّة التي مضت عليه.

(7)يعني تجب الاستنابة من بلد المكلّف و لا تكفي الاستنابة من أحد المواقيت أو

ص: 46

(ظاهر الرواية).

الأولى أن يراد بها (1) الجنس، لأنّ ذلك ظاهر أربع روايات في الكافي، أظهرها دلالة رواية أحمد بن أبي نصر (2) عن محمّد بن عبد اللّه قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل يموت فيوصي بالحجّ من أين يحجّ عنه ؟ قال عليه السّلام: على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله (3)، و إن لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة (4)، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة (5). و إنّما جعله ظاهر الرواية لإمكان أن يراد بماله (6) ما عيّنه اجرة للحجّ

**********

شرح:

من بلد مات فيه.

(1)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الرواية. يعني أنّ الأولى أن يريد المصنّف رحمه اللّه من لفظ «الرواية» الجنس الشامل لأربعة روايات ظاهرة في وجوب الاستنابة من بلد المكلّف لا الرواية الواحدة في المقام.

(2)و قد رويت هذه الرواية في الكافي للشيخ الكليني رحمه اللّه:

عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن محمّد بن عبد اللّه قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل يموت فيوصي بالحجّ من أين يحجّ عنه ؟ قال عليه السّلام: على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله، و إن لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة. (الكافي: ج 4 ص 308 ح 3، الوسائل: ج 8 ص 117 ب 2 من أبواب النيابة في الحجّ ح 3).

(3)يعني لو كان ماله موسّعا بمقدار استنابة الحجّ من منزله فيجب حينئذ الاستنابة من منزله.

(4)الظاهر أنّ بلدة الكوفة كانت محلّ وقوع موته فيها.

(5)لعلّ وجوب الاستنابة من بلدة المدينة لوجود أبعد المواقيت فيها، و هو ميقات ذي الحليفة المعروف بمسجد الشجرة.

(6)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في المتن «من بلده في ظاهر الرواية» فيمكن أن يراد

ص: 47

بالوصية (1)، فإنّه يتعيّن الوفاء به (2) مع خروج ما زاد عن اجرته من الميقات من الثلث (3) إجماعا، و إنّما الخلاف (4) فيما لو أطلق الوصية (5)، أو

**********

شرح:

بقول الإمام عليه السّلام «على قدر ماله» هو المال الذي أوصاه لاستنابة الحجّ فيعمل بالوصية بمقدار المال الموصى به، فلو كان مال الوصية يكفي بالاستنابة من البلد يعمل به، و إلاّ فمن البلد الذي مات فيه، و إلاّ فمن أحد المواقيت.

و لا يخفى أنه لو زاد المال الذي أوصاه من مخارج حجّ الميقات اشترط فيه عدم زيادته عن ثلث ما تركه لأنّ الزائد من الثلث يحتاج الى تنفيذ الورّاث، بخلاف مخارج حجّ الميقات فإنّها تخرج من أصل المال و لو كان زائدا عن الثلث.

(1)الجار و المجرور متعلّق بقوله «عيّنه». يعني أنّ المراد بالمال هو الذي عيّنه للحجّ بسبب الوصية.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى ما عيّنه.

(3)فلو زاد ما عيّنه بإتيان الحجّ عن الثلث اعتبر في مقدار الزائد عن مخارج الحجّ من الميقات إجازة الورّاث، و إلاّ لا يجب العمل بالوصية في الزائد عن الثلث في غير حجّ الميقات. و الدليل على إخراج الزائد عن اجرة الميقات من الثلث و الإتيان بما يكفي المال الموصى به من البلد أو الميقات هو الإجماع.

(4)هذا من لوازم قوله «فإنّه يتعيّن الوفاء به مع خروج ما زاد عن اجرته من الميقات من الثلث إجماعا». يعني أنّ الإجماع حاصل في صورة الوصية و تعيين المال لاستنابة الحجّ ، أمّا في صورة الوصية بالحجّ مطلقا بلا تعيين المال فلم يحصل الإجماع بوجوب الاستنابة من البلد الذي مات فيه، بل فيه خلاف كما سيوضحه، و يقوّي الاستنابة عنه من الميقات خاصّة.

(5)بأن أوصى باستنابة الحجّ منه بلا تعيين المال و لا تعيين الاستنابة من البلد أو الميقات.

ص: 48

علم أنّ عليه حجّة الإسلام و لم يوص بها (1).

و الأقوى القضاء عنه (2) من الميقات خاصّة، لأصالة البراءة من الزائد (3)، و لأنّ الواجب (4) الحجّ عنه، و الطريق لا دخل لها (5) في حقيقته، و وجوب (6) سلوكها من باب المقدّمة و توقّفه (7) على مئونة فيجب

**********

شرح:

(1)فلو علم بوجوب الحجّ في ذمّته و لم يوص بالاستنابة وجب حينئذ إخراج الاجرة من ماله، لكنّ الخلاف في وجوب الاستنابة من بلده أو من الميقات.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى حجّة الإسلام.

(2)أي الإتيان عن جانبه. و ليس المراد هو القضاء بغير الوقت فإنّ لفظ «القضاء» سيعمل بمعان: منها الحكم، و منها الوجوب، و منها الإتيان في غير الوقت عند الفوت في الوقت، و منها الإتيان مطلقا.

(3)فإنّ الواجب هو إتيان الحجّ من الميقات، فاذا شكّ في وجوب الاستنابة في أزيد من الميقات فحينئذ تجري فيه البراءة.

(4)و هذا دليل ثان على عدم وجوب الاستنابة من غير الميقات، فإنّ الحجّ الواجب إنّما هو من الميقات، و سلوك الطريق لا دخل له في حقيقة الحجّ .

(5)الضمير في قوله «لها» يرجع الى الطريق و هو مؤنث سماعي، و في «حقيقته» يرجع الى الحجّ .

(6)و هذا مبتدأ، و خبره قوله «يندفع». و ذلك اعتراض بوجوب الحجّ من الميقات بأنّ المكلّف لو كان يحجّ بنفسه لكان عليه سلوك الطريق من باب المقدّمة و كان ذلك يحتاج الى مئونة، فاذا استنيب من جانبه فليكن في النائب أيضا كذلك، بمعنى وجوب إخراج مئونة الطريق و الحجّ من مال المنوب عنه. و سيأتي دفعه بقوله «بأنّ مقدّمة الواجب اذا لم تكن مقصودة بالذات لا تجب».

(7)الضمير في «توقّفه» يرجع الى السلوك. يعني أنّ سلوك طريق الحجّ يتوقّف

ص: 49

قضاؤها (1) عنه يندفع (2) بأنّ مقدّمة الواجب إذا لم تكن

**********

شرح:

على مئونة، فكما أنّ قضاء الحجّ عنه يجب كذلك قضاء مئونة سلوك الطريق للحجّ يجب من ماله، و القضاء هنا بمعنى أخذ المؤونة من ماله.

(1)الضمير في «قضاؤها» يرجع الى المؤونة، و في قوله «عنه» يرجع الى المنوب عنه. و المعنى هكذا: و وجوب سلوك الطريق من باب المقدّمة و احتياجه الى المؤونة يوجب قضاء المؤونة عن جانب المنوب عنه، و معنى القضاء هنا هو إخراج مئونة الطريق من ماله.

(2)خبر لقوله «وجوب سلوكها... الخ» و حاصل الدفع بأنّ المقدّمة كما حقّقها صاحب الكفاية وحيد عصره الآخوند ملاّ كاظم الخراساني رحمه اللّه في كتابه بأنّ المقدّمة على أقسام، و من التقسيمات المذكورة فيه قوله: و منها تقسيمها الى العقلية و الشرعية و العادية، فالعقلية: هي ما استحيل واقعا وجود ذي المقدّمة بدونه. و الشرعية - على ما قيل -: ما استحيل وجوده بدونه شرعا.

و أمّا العادية: و قد مثّل لها نصب السلّم و نحوه للصعود على السطح. (كفاية الاصول: ص 116).

و الحاصل من بحثه في وجوب المقدّمة عند وجوب ذي المقدّمة هو وجوب المقدّمة الشرعية في الشرع و وجوب المقدّمة العقلية عند العقل. مثال المقدّمة الشرعية هو الطهارات الثلاثة و إزالة النجاسة من البدن و الثوب و الستر للعورة و غير ذلك.

و لا يخفى بأنّ البعض من تلك المقدّمات مقصودة بالذات للشارح مثل الغسل و الوضوء، و البعض الآخر لم يكن كذلك إلاّ من حيث المقدّمية للصلاة مثل تطهير البدن و الثوب من النجاسة. فعلى ذلك لا يشترط القربة في إزالة النجاسة، لكن يشترط القربة في الوضوء و الغسل.

ص: 50

مقصودة (1) بالذات لا تجب، و هو (2) هنا كذلك، و من (3) ثمّ لو سافر إلى الحجّ لا بنيته أو بنية غيره ثمّ بدا له (4) بعد الوصول إلى الميقات الحجّ أجزأ (5)، و كذا لو سافر ذاهلا (6) أو مجنونا ثمّ

**********

شرح:

فلو حصل زوال النجاسة من الثوب و البدن بلا قصد و لا إقدام من المصلّي بل حصل بواسطة نزول المطر و جريان الماء بلا إرادة منه فيكفي في حصول المقدّمة لصلاته، بخلاف الغسل و الوضوء فإنّهما يشترطان بالقصد و القربة، و بذلك أشار الشارح رحمه اللّه في الدفع بقوله «بأنّ مقدّمة الواجب اذا لم تكن مقصودة بالذات لا تجب». و أمّا المقدّمة العقلية مثل السفر الى الحجّ فإنها أيضا لا تكون مقصودة بالذات، بل المقصود منها هو الوصول الى الميقات لإتيان الحجّ .

فتلك المقدّمة أيضا اذا حصلت بأيّ وجه حتّى بغير الوجه الشرعي تكفي من حيث المقدّمية، فلو حجّ فهو يجزي عنه.

(1)قد أوضحنا المقدّمة التي هي مقصودة بالذات في الهامش السابق و مثّلنا لها بالطهارات الثلاث للصلاة.

(2)الضمير يرجع الى سلوكها. يعني أنّ سلوك طريق الحجّ في المقام من المقدّمات التي لم تكن مقصودة بالذات.

(3)هذا من الاستشهادات التي تدلّ على عدم كون سلوك طريق الحجّ من المقدّمات المقصودة للشارع، بمعنى أنّ المكلّف لو سافر الى مكّة لا بقصد إتيان نسك الحجّ بل بقصد التجارة مثلا فاذا بلغ الى الميقات صمّم إتيان المناسك فأحرم و أتى جميع النسك الواجبة أجزأ ذلك عن حجّه الواجب.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الحجّ .

(4)أي عرض و حصل له عزم الحجّ .

(5)خبر لقوله «لو سافر الى الحجّ ».

(6)الذهول: هو عدم الالتفات. و هذا استشهاد آخر على عدم كون سلوك طريق

ص: 51

كمل (1) قبل الإحرام، أو آجر (2) نفسه في الطريق لغيره، أو حجّ متسكّعا (3) بدون الغرامة (4)، أو في نفقة غيره (5)، أو غير ذلك (6) من الصوارف (7) عن جعل الطريق مقدّمة للواجب، و كثير من الأخبار ورد

**********

شرح:

الحجّ من المقدّمات المقصودة للشارع.

(1)هذا متفرّع على قوله «أو مجنونا». يعني اذا حصل الكمال للمجنون بعد السفر الى الحجّ . و التفريع لقوله «ذاهلا» هو عدم الالتفات و لم يذكره لظهوره.

(2)عطف على قوله «لو سافر». هذا أيضا استشهاد على عدم كون سلوك الطريق من المقدّمات المقصودة للشارع، فإنّ المكلّف اذا استأجر نفسه للغير بأن كان سائقا للغير أو خادما له في الطريق فاذا حصل له عزم الحجّ بعد الوصول الى الميقات و أتى النسك أجزأ ذلك أيضا.

(3)تسكّع في أمره أو سيره: لم يهتد لوجهته. (أقرب الموارد). و المراد هنا هو السفر الى الحجّ لمشقّة و عسرة و بلا صرف مئونة لازمة في السفر، كأن يلقي نفسه كلاّ على الغير حتى يصل الى الميقات. فإتيان الحجّ بالسفر متسكّعا يجزي اذا كان مستطيعا، لكن لو لم يستطع من حيث المال بل تحمّل السفر بالتسكّع و المشقّة و حجّ لا يجزي ذلك من حجّه الواجب اذا استطاع.

(4)الغرامة: هي مئونة السفر من الزاد و الراحلة.

(5)بأن سافر بصرف الغير مخارج سفره و حجّ فيجزي أيضا عن حجّه الواجب.

و لا يخفى في ذلك أيضا كون صرف المؤونة في السلوك الى الحجّ لم يكن مقصودا بالذات للشارع، و إلاّ لا يحكم بالإجزاء.

(6)أي غير ما ذكر من الأمثلة، مثل أن يسافر بمركب غصبي أو كان غير بالغ فاذا بلغ عند الميقات شرع بإتيان الحجّ و هو كامل.

(7)المراد من «الصوارف» هو القرائن الدالّة على عدم كون سلوك طريق الحجّ من المقدّمات المقصودة للشارع.

ص: 52

مطلقا (1) في وجوب الحجّ عنه (2)، و هو (3) لا يقتضي زيادة على أفعاله المخصوصة.

و الأولى (4) حمل هذه الأخبار على ما لو عيّن قدرا، و يمكن حمل غير

**********

شرح:

(1)أي بلا تقييد إتيان الحجّ من البلد، و هذا استشهاد من الأخبار على عدم وجوب الحجّ من البلد، لأنّ الطريق لا دخل له في حصول الغرض و هو الحجّ .

أمّا الأخبار الدالّة على ذلك فهي المنقولة في الوسائل:

منها: عن ضريس عن أبي جعفر عليه السّلام قال في رجل خرج حاجّا حجّة الإسلام فمات في الطريق، فقال: إن مات في الحرم فقد اجزأت عنه حجّة الإسلام، و إن مات دون الحرم فليقض عنه وليّه حجّة الإسلام. (الوسائل: ج 8 ص 47 ب 26 من أبواب وجوب الحجّ ح 1).

و منها: عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل توفّي و أوصى أن يحجّ عنه، قال: إن كان ضرورة فمن جميع المال و إنّه بمنزلة الدين الواجب، و إن كان قد حجّ فمن ثلثه، و من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و لم يترك إلاّ قدر نفقة الحمولة و له ورثة فهم أحقّ بما ترك، فإن شاءوا أكلوا، و إن شاءوا حجّوا عنه.

(الوسائل: ج 8 ص 46 ب 25 من أبواب وجوب الحجّ ح 4).

(2)فإنّ الروايتين المذكورتين في الهامش السابق تدلاّن على وجوب الحجّ عن الذي مات في الطريق مطلقا كما في قوله عليه السّلام في الرواية الاولى «فليقض عنه وليّه حجة الإسلام». و كذلك في ذيل الرواية الثانية بقوله عليه السّلام «فإن شاءوا حجّوا عنه» فالأمر بالحجّ مطلق و لم يقيّد بالحجّ من البلد.

(3)الضمير يرجع الى الورود مطلقا. يعني أنّ ورود الأخبار مطلقا لا يقتضي الحجّ أزيد من أفعال الحجّ ، و هي ليست إلاّ من الميقات.

(4)هذا جمع بين الطائفتين من الأخبار التي دلّت على وجوب الاستنابة من البلد،

ص: 53

هذا الخبر منها (1) على أمر آخر مع ضعف سندها (2) و اشتراك (3) محمّد ابن عبد اللّه في سند هذا الخبر بين الثقة (4) و الضعيف و المجهول. و من أعجب

**********

شرح:

و الاخرى دلّت على وجوب الحجّ مطلقا، فقال الشارح رحمه اللّه: و الأولى حمل هذه الأخبار الدالّة على الوجوب من البلد. بصورة تعيين مقدار من المال يكفي بإتيان الحجّ من البلد و أيضا يحمل غير هذا الخبر - و هو خبر أحمد بن محمّد بن أبي نصر المتقدّم في صفحة 47 - بالمحامل الاخرى، مثل وجود القرائن على حجّ البلد.

فالحاصل من الطائفتين من الأخبار هو وجوب الحجّ من الميقات، إلاّ اذا حصلت القرينة على وجوب الحجّ من البلد.

(1)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الأخبار المذكورة. و المراد من «الأمر الآخر» هو وجود القرائن على الحجّ من البلد.

(2)الضمير في قوله «سندها» يرجع الى غير هذا الخبر. يعني أنّ الاخبار التي كانت غير هذا الخبر تكون ضعيفة من حيث السند.

(3)بالكسر، عطفا على قوله «ضعف سندها». و هذا أيضا استدلال على أولوية حمل هذه الأخبار على ما لو عيّن قدرا.

و بعبارة اخرى: أنّ دليل الأولوية هو ضعف سند الأخبار الثلاثة من الأخبار الأربعة التي قال الشارح رحمه اللّه «الأولى أن يراد بها الجنس لأنّ ذلك ظاهر أربع روايات» كما أشار إليه في صفحة 47.

و أيضا الدليل بالأولوية هو اشتراك محمّد بن عبد اللّه الذي في سند هذا الخبر بين الضعيف و الثقة و المجهول.

فاذا كان كذلك - يعني مع ضعف سند الأخبار الثلاثة و مع اشتراك الراوي في سند الرواية الرابعة - فتحمل الأخبار الأربعة الدالّة على وجوب الحجّ من البلد الى صورة تعيين مال الوصية أو وجود القرائن الدالّة على ذلك.

(4)فإنّ المراد من «محمّد بن عبد اللّه» الذي هو ثقة هو: محمّد بن عبد اللّه القمّي

ص: 54

العجب (1) هنا أنّ ابن إدريس ادّعى تواتر الأخبار

**********

شرح:

الأشعري، فعن الشيخ الطوسي رحمه اللّه بأنه ثقة.

و عن المجلسي رحمه اللّه في شرح من لا يحضره الفقيه أنّ الثقة هو محمّد بن عبد اللّه ابن زرارة.

و عن المجلسي رحمه اللّه أنّ الواقع في سند هذا الخبر هو ابن زرارة.

و أيضا قد ذكروا بهذا الاسم من الرواة هذه الأشخاص و لم يتعرّضوا بكونهم ثقة أو غير ثقة.

1 - محمّد بن عبد اللّه بن الصيقل.

2 - محمّد بن عبد اللّه بن عمرو بن سالم.

3 - محمّد بن عبد اللّه بن مروان.

4 - محمّد بن عبد اللّه الخراساني خادم الرضا عليه السّلام.

5 - محمّد بن عبد اللّه الطاهري من أصحاب الرضا عليه السّلام.

6 - محمّد بن عبد اللّه المدائني من أصحاب الرضا عليه السّلام.

و قال بعض المعاصرين: محمّد بن عبد اللّه الذي كان ثقة هو محمّد بن عبد اللّه بن رباط البجلي فإنّه و أبوه ثقتان.

و أمّا محمّد بن عبد اللّه الذي كان ضعيفا فهو محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب الشيباني المكنّى بأبي المفضّل، فإنّ كثيرا من أهل الرجال ضعّفوه، فعن ابن الغضائري: انّه وضّاع و كثير المناكير... الخ.

و أمّا المراد من المجهول فهو محمّد بن عبد اللّه الجعفري، فعن ابن الغضائري:

لا نعرفه إلاّ من جهة عليّ بن محمّد صاحب الزنج، و من جهة عبد اللّه بن محمّد البلوي و الذي يحمل عليه فأمره فاسد.

(1)و لعلّ الشارح رحمه اللّه تعجّب من كلام العلاّمة في المختلف بأنّا لم نقف على خبر

ص: 55

بوجوبه (1) من عين البلد، و ردّه (2) في المختلف بأنّا لم نقف على خبر واحد فضلا عن التواتر، و هنا (3) جعله ظاهر الرواية، و الموجود (4) منها أربع، فتأمّل (5).

**********

شرح:

واحد و الحال ذكر فيه أربع روايات، و تعجّب أشدّ منه الذي أنكر وجود حتّى الخبر الواحد من كلام ابن إدريس رحمه اللّه بأنه ادّعى التواتر من الأخبار في المسألة.

(1)الضمير في قوله «بوجوبه» يرجع الى الحجّ ، فإنّ ابن إدريس رحمه اللّه ادّعى تواتر الأخبار بوجوب الحجّ من بلد الميّت.

(2)يعني أنّ العلاّمة رحمه اللّه في كتابه المختلف ردّ وجوب الحجّ من البلد بسبب عدم وقوفه حتّى على خبر واحد في الدلالة لذلك الوجوب.

(3)و تعجّب الشارح رحمه اللّه من المصنّف رحمه اللّه أيضا في هذا الكتاب الذي جعل وجوب الحجّ من البلد ظاهر الرواية، و الحال في المقام أربع روايات كما أشرنا إليه سابقا.

(4)الواو في قوله «و الموجود» للحالية. يعني و الحال أنّ في الدلالة بوجوب الحجّ من البلد أربع روايات.

(5)لعلّ الأمر بالتأمّل هو إمكان الجمع بين الأقوال المذكورة من ابن إدريس و العلاّمة الحلّي و المصنّف رحمهم اللّه و رفع التعجّب من التنافي الحاصل بين كلماتهم، و ذلك:

بحمل كلام ابن إدريس رحمه اللّه من كون الأخبار المتواترة في المسألة هي الأخبار المستفيضة المحفوفة بالقرائن الصادقة لا التواتر الذي في الاصطلاح، لأنّ اليقين الحاصل من الأخبار المتواترة يحصل بهذه الأخبار المستفيضة المحفوفة بالقرائن الصادقة.

و بحمل كلام العلاّمة رحمه اللّه بأنه لم يجد حتّى رواية واحدة في المسألة بالرواية

ص: 56

و لو صحّ هذا الخبر (1) لكان حمله على إطلاقه أولى، لأنّ ماله (2) المضاف إليه يشمل جميع ما يملكه، و إنّما حملناه (3)

**********

شرح:

الواجدة لشرائط الحجّية من حيث السند و الدلالة، فإنّ الروايات الأربع المنقولة في خصوص المسألة لم تكن حجّة، فوجودها كالعدم، فيصحّ من العلاّمة رحمه اللّه أن يقول بأني ما وجدت رواية واحدة.

و بحمل كلام المصنّف رحمه اللّه بقوله «في ظاهر الرواية» و الحال في المسألة أربع روايات، بجنس الرواية الشامل للواحد و الأكثر.

و بذلك التوضيح و التوجيه في كلمات الأعلام الثلاثة رضوان اللّه عليهم ينتفي التنافي و أيضا ينتفي التعجّب.

(1)المراد من «هذا الخبر» هو رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر المذكورة في صفحة 47. يعني لو صحّ سنده لحمل على معنى المطلق من مال الميّت لا المال الذي أوصاه للحجّ .

فحاصل المعنى من الرواية: لو وسع ماله الذي بقي بعد فوته بمؤونة حجّ البلد صرف فيه، و إلاّ يصرف بالحجّ من بلد الميّت، و إلاّ يصرف بالحجّ من الميقات.

(2)هذا دليل أولوية حمل الرواية بمطلق مال الميّت، فإنّ قوله عليه السّلام «على قدر ماله، إن وسعه ماله... الى آخره» فإنّ المفرد المضاف - كما قالوا في الكتب الأدبية - يفيد العموم.

(3)هذا اعتذار من حمل ماله بمال الوصية للحجّ في قوله رحمه اللّه في صفحة 47 «لإمكان أن يراد بماله ما عيّنه اجرة للحجّ بالوصية». يعني أنّ الحمل كذلك لوجود المعارضة بين هذه الروايات الدالّة على وجوب الحجّ من البلد و بين الروايات المانعة منه بل الدالّة على وجوب الحجّ من الميقات، فحملنا الروايات المذكورة بمال الوصية مع عدم الاعتماد بصحّة السند فيها.

ص: 57

لمعارضته (1) للأدلّة الدالّة على خلافه مع عدم صحّة سنده، و نسبة الحكم هنا (2) إلى ظاهر الرواية فيه نوع (3) ترجيح مع توقّف (4) و لكنّه قطع به (5) في الدروس.

و على القول به (6)(فلو ضاقت التركة) عن الاجرة من بلده (7)(فمن حيث بلغت (8)) إن أمكن الاستئجار من الطريق (9)(و لو من)

**********

شرح:

فلو حكم بصحّة سندها أو صحّة سند هذا الخبر المذكور فيطلق معنى الرواية من حيث مال الموصي.

(1)الضمائر في قوله «معارضته» و «خلافه» و «سنده» ترجع الى الخبر المذكور.

(2)فإنّ المصنّف رحمه اللّه نسب حكم وجوب الحجّ من بلد المكلّف على ظاهر الرواية بقوله في صفحة 46 «قضي عنه من بلده في ظاهر الرواية».

(3)خبر لقوله «و نسبة الحكم هنا».

(4)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في نسبة الحكم بظاهر الرواية كأنه رجّح الرواية الدالّة على وجوب الحجّ من البلد على الروايات الدالّة بوجوب الحجّ من الميقات مع التوقّف في الترجيح لأنه لم يصرّح بالترجيح.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قطع في كتابه الدروس بالحكم بوجوب الحجّ من البلد اذا كان مال الميّت مكفيا.

(6)يعني على القول بوجوب الحجّ من البلد فلو لم يكف الحجّ من البلد وجب حينئذ من أيّ مكان كان.

(7)أي من بلد الميّت.

(8)فاعل قوله «بلغت» هو الضمير المؤنث الراجع الى التركة.

(9)مثلا اذا وسع مال المتروك من الميّت باستئجار الحجّ من المدينة وجب منها، أو من بلدة الكوفة فكذلك، و هكذا سائر البلاد في طريق الحجّ .

ص: 58

(الميقات) (1) إن لم تحتمل (2) سواه، و كذا (3) لو لم يمكن بعد فوات البلد، أو (4) ما يسع منه إلاّ من الميقات، و لو عيّن كونها (5) من البلد فأولى بالتعيين من تعيين مال يسعه منه، و مثله (6) ما لو دلّت القرائن على إرادته، و يعتبر الزائد (7) من الثلث مع عدم إجازة الوارث إن لم نوجبه (8) من البلد

**********

شرح:

(1)يعني لو ترك مالا لا يسع الحجّ به إلاّ من الميقات فلا يجب إلاّ منه.

(2)فاعل قوله «تحتمل» هو الضمير المؤنث الراجع الى التركة. يعني لو لم تكن تركة الميّت إلاّ بالحجّ من الميقات فلا يجب إلاّ منه لا الغير.

و الضمير في قوله «سواه» يرجع الى الميقات.

(3)يعني و كذا يجب الحجّ من الميقات لو لم يمكن الحجّ من البلاد الموجودة في الطريق بعد عدم إمكان الحجّ من نفس البلد.

(4)عطف على قوله «البلد». يعني و كذا لو لم يمكن الحجّ بعد عدم إمكانه من البلد و فوات إمكان ما يسع المال منه من سائر البلاد إلاّ من الميقات وجب الحجّ من الميقات أيضا.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى «ما» الموصولة، و المراد منه البلد الذي يسع المال بالحجّ منه من البلاد التي في طريق الحجّ .

(5)الضمير في قوله «كونها» يرجع الى النيابة. يعني لو عيّن الموصي بكون استنابة الحجّ عنه من بلده فأولى بالحكم بالتعيين من الوصية بمال يسع الحجّ من البلد.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى البلد.

(6)يعني و مثل التعيين بالحجّ من البلد دلالة القرائن على إرادة البلد.

(7)أي الزائد من مئونة الحجّ من الميقات. يعني أنّ مقدار مئونة الحجّ من الميقات يخرج من أصل المال، لأنّ الواجبات المالية يجب إخراجها من أصل التركة.

(8)يعني لو لم نوجب الحجّ من البلد عند عدم الوصية يخرج الزائد من مئونة

ص: 59

ابتداء، و إلاّ (1) فمن الأصل، و حيث يتعذّر من الميقات يجب من الأزيد (2) و لو من البلد حيث يتعذّر من أقرب منه (3) من باب مقدّمة الواجب حينئذ (4)، لا الواجب في الأصل.

لو حجّ ثمّ ارتدّ ثمّ عاد

(و لو حجّ ) مسلما (ثمّ ارتدّ ثمّ عاد) إلى الإسلام (لم يعد) حجّه السابق (5)(على الأقرب) (6)

**********

شرح:

الميقات من الثلث عند الوصية، لكنه لو أوجبنا وجوب الحجّ من البلد فيحكم بإخراج مئونة الحجّ من البلد من أصل التركة كما أوضحناه في الهامش السابق.

و المراد من قوله «إن لم نوجبه من البلد ابتداء» هو الحكم بعدم وجوب الحجّ من البلد عند عدم الوصية.

(1)استثناء من قوله «إن لم نوجبه». يعني عند الحكم بالوجوب من البلد ابتداء تخرج المؤونة من أصل التركة.

(2)هذا متفرّع بوجوب الحجّ من الميقات. يعني لو لم يمكن الاستنابة من الميقات لعدم كون النائب فيه أو لعدم وجود المؤمن من الميقات وجب استنابة الشخص الجامع للشرائط من مكان أزيد منه حتّى لو لم يوجد إلاّ من البلد فيجب منه.

(3)الضمير في قوله «منه» يرجع الى البلد. يعني اذا تعذّر النائب من مكان قريب الى الميقات وجب من نفس البلد.

(4)يعني أنّ وجوب الاستنابة من البلد عند التعذّر من الميقات أو من بلد قريب منه إنّما هو من باب وجوب المقدّمة لا الوجوب النفسي.

و المراد من قوله «لا الواجب في الأصل» هو الوجوب النفسي لا الغيري.

(5)أي السابق على ارتداه.

(6)أي الأقرب من الدليلين للقولين في المسألة عدم وجوب الإعادة للحجّ المأتيّ به قبل الارتداد.

ص: 60

للأصل (1) و الآية و الخبر، و قيل: (2) يعيد لآية الإحباط (3)، أو لأنّ المسلم لا يكفر (4)، و يندفع (5) باشتراطه

**********

شرح:

(1)فإنّ الشارح رحمه اللّه يذكر ثلاث دلائل لتقريب المصنّف رحمه اللّه القول بعدم الإعادة.

الأول: الأصل، و المراد منه أصالة البراءة من وجوب الإعادة، فإنّ ذلك شكّ في التكليف، فتجري البراءة فيه.

الثاني: الآية، و المراد منها قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (1) . (الكهف: 30). و أيضا قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (2) . (الزلزلة: 7).

الثالث: الخبر، و المراد منه هو المروي في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من كان مؤمنا فيحجّ و عمل في إيمانه ثمّ أصابته في إيمانه فتنة فكفر ثمّ تاب و آمن قال: يحسب له كلّ عمل صالح عمله في إيمانه و لا يبطل منه شيء. (الوسائل: ج 1 ص 96 ب 30 من أبواب مقدّمة العبادات ح 1).

و لا يخفى أنّ الاستناد بدليل الأصل مع وجود الآية و الرواية لا مجال له، فإنّ العمل بالأصل عند عدم الدليل.

(2)و القائل هو الشيخ الطوسي رحمه اللّه (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(3)الإحباط - من أحبط عمله -: أبطله. (المنجد). و المراد من آية الإحباط قوله تعالى وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (3) .

(المائدة: 5).

فاستدلّ القائل بوجوب الإعادة بدليلين: الأول بدلالة آية الإحباط ، و الثاني بأنّ المسلم لا يختار الكفر، فالذي حجّ ثمّ كفر فكأنه لم يكن في الواقع مسلما.

(4)هذا هو الدليل الثاني بوجوب إعادة الحجّ لمن حجّ ثمّ كفر ثمّ آمن.

(5)فأجاب الشارح رحمه اللّه عن الدليل الأول و هو الإحباط بأنه لو مات المرتدّ في-

ص: 61


1- سوره 18 - آیه 30
2- سوره 99 - آیه 7
3- سوره 5 - آیه 5

بالموافاة (1) عليه كما اشترط في ثواب الإيمان ذلك (2)، و منع (3) عدم كفره (4)، للآية المثبتة للكفر بعد الإيمان، و عكسه (5).

و كما لا يبطل مجموع الحجّ كذا بعضه (6) ممّا لا يعتبر

**********

شرح:

حال الكفر لا الذي مات في حال اختياره الإسلام كما في المسألة المبحوثة، و من الآيات قوله تعالى وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (1) .

(البقرة: 217). فإنّ الآية تدلّ على حبط أعمال الكافر قبل الكفر اذا مات في حال الكفر، لا اذا تاب و عاد الى الإسلام ثمّ مات في الإسلام، ففي المسألة لا يحكم ببطلان حجّه حال إسلامه، و لا يجب عليه إعادة ذلك الحجّ بعد الارتداد عن الإسلام ثانيا.

(1)بمعنى حصول الفوت حال الكفر. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الكفر.

(2)يعني كما أنّ ترتّب الثواب على الإيمان يشترط فيه الفوت في حال الإيمان، فلو مات كافرا لا يترتّب على إيمانه مثوبة.

(3)هذا ردّ من الشارح رحمه اللّه على الدليل الثاني الذي أقاموه ببطلان الحجّ المأتيّ به، و هو عدم حصول الكفر بعد الإيمان، فأجاب عنه بالآيات الدالّة على الإيمان من الذين اختاروا الكفر بعد إيمانهم، منها قوله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (2) .

(النساء: 137).

فإنّ الآية الشريفة كما تلاحظ تدلّ على وجود الإيمان قبل الكفر، فيندفع قول المستدلّ «لأنّ المسلم لا يكفر».

(4)الضمير في قوله «كفره» يرجع الى المسلم.

(5)و هو الإيمان بعد الكفر.

(6)يعني كما لا يبطل الحجّ بالارتداد كذلك لا يبطل بعض الأعمال من الحجّ اذا

ص: 62


1- سوره 2 - آیه 217
2- سوره 4 - آیه 137

استدامته (1) حكما كالإحرام فيبنى عليه لو ارتدّ بعده (2).

لو حجّ مخالفا ثمّ استبصر

(و لو حجّ مخالفا (3) ثمّ استبصر (4) لم يعد إلاّ أن يخلّ بركن) عندنا (5) لا

**********

شرح:

ارتدّ ثمّ آمن، مثلا اذا أحرم للحجّ بالشرائط اللازمة في الإحرام ثمّ ارتدّ عن الإسلام دقائق ثمّ رجع الى الإسلام فلا يجب عليه تجديد الإحرام من أوله بل يبني على النية الحاصلة له في الابتداء.

(1)اعلم أنّ بعض الأعمال من الحجّ يكفي الشروع فيه مثل الإحرام، فلو أعرض عنه بعد الشروع ثمّ عزم الإحرام كفت النية السابقة كما في بعض الأعمال فيجب استدامة الحكمي الى آخره مثل الطواف، فلو أعرض عنه في وسط الطواف ثمّ عزم الإدامة يجب له الإعادة مثل لزوم استدامة الحكمي في نية الصلاة، فلو انصرف في وسطها بطلت الصلاة و يشرع من أولها.

(2)يعني لو ارتدّ المحرم بعد إحرامه ثمّ عاد الى الإسلام و عزم إدامة إحرامه فلا يجب عليه أن يرجع مثلا الى الميقات و يحرم منه، بل يبني على إحرامه السابق على ارتداده.

و الضميران في قوله «يبني عليه» و «بعده» يرجعان الى الإحرام.

(3)يعني لو حجّ المكلّف في حال كونه من أهل السنّة ثمّ اختار التشيّع لا يجب عليه إعادة حجّه الذي أتاه قبل الاستبصار.

(4)أي اختار مذهب الإمامية.

(5)يعني لا تجب عليه إعادة الحجّ الذي أتاه إلاّ في صورة إخلاله بركن من أركان الحجّ عند الإمامية لا الركن الذي عند العامّة مثلا أنّ حجّ القران عند العامّة يكون بنية واحدة للحجّ و عمرته التي بعده، لكن الإمامية لا يجوّزون حجّ القران بنية واحدة بين الحجّ و عمرته بل تجب نية الإحرام للحجّ أولا ثمّ نية الإحرام للعمرة بعد إتمام الحجّ .

ص: 63

عنده على ما قيّده المصنّف (1) في الدروس، مع أنه عكس (2) في الصلاة فجعل الاعتبار بفعلها (3) صحيحة عنده لا عندنا، و النصوص خالية من القيد (4)، و لا فرق بين من حكم بكفره من فرق

**********

شرح:

فلو أتى المخالف حجّ القران كما يراه العامّة صحيحا بنية واحدة بين إحرام الحجّ و العمرة ثمّ استبصر وجبت عليه حينئذ الإعادة، لكنّه لو أتى القران كما أوجبته الإمامية بنية مستقلّة بين كلّ من إحرامي الحجّ و العمرة ثمّ استبصر لا تجب عليه حينئذ إعادة حجّ القران.

و الضمير في قوله «لا عنده» يرجع الى المخالف.

(1)يعني أنّ الحكم بوجوب الإعادة و عدمه على ما فصّل مبتن بما قيّده المصنّف في كتابه الدروس.

(2)يعني أنّ المصنّف حكم بعكس ذلك في خصوص الصلاة، أي أنه قال: لو أخلّ المخالف في صلاته بركن - الذي يعتقده العامّة ركنا - ثمّ استبصر وجبت عليه إعادة صلاته، و لو أخلّ بركن - الذي يعتقده الإمامية ركنا - ثمّ استبصر فلا تجب عليه الإعادة.

(3)الضمير في «فعلها» يرجع الى الصلاة، و فاعل قوله «جعل» مستتر يرجع الى المصنّف في الدروس. و الضمير في «عنده» يرجع الى المخالف. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه جعل في كتابه الدروس فعل الصلاة صحيحة عند المخالف لا عند الإمامية.

(4)المراد من «القيد» الذي تخلو النصوص منه هو القيد في قول المصنّف رحمه اللّه: «إلاّ أن يخلّ بركن».

و المراد من «النصوص» هو الأخبار التي وردت في صحّة حجّ المخالف بلا تقييد عدم إخلاله بالركن، و هي المنقوله في الوسائل:

ص: 64

المخالفين (1) و غيره في ظاهر النصّ .

و من الإخلال بالركن حجّه قرانا (2) بمعناه عنده، لا المخالفة في نوع

**********

شرح:

منها: عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حجّ و هو لا يعرف هذا الأمر، ثمّ منّ عليه بمعرفته و الدنيوية به، أ عليه حجّة الإسلام أو قد قضى فريضة ؟ فقال عليه السّلام: قد قضى فريضة، و لو حجّ لكان أحبّ إليّ .

قال: و سألته عن رجل حجّ و هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متديّن، ثمّ منّ اللّه عليه فعرف هذا الأمر، يقضي حجّة الإسلام ؟ فقال عليه السّلام:

يقضي أحبّ إليّ ... الحديث. (الوسائل: ج 8 ص 42 ب 23 من أبواب وجوب الحجّ ح 1).

و منها: عن عمر بن اذينة قال: كتبت الى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن رجل حجّ و لا يدري و لا يعرف هذا الأمر، ثمّ منّ اللّه عليه بمعرفته و الدينونة به، أ عليه حجة الإسلام ؟ قال عليه السّلام: قد قضى فريضة اللّه، الحجّ أحبّ إليّ . (المصدر السابق:

ح 2).

(1)و الفرق المحكوم بكفرهم من العامّة هم المجسّمة و المشبّهة و الناصبين لعداوة أهل البيت عليهم السّلام. يعني أنّ إطلاق النصوص يدلّ بكفاية حجّ كلّ فرقة منهم، و قد مرّت بعض منها قبل قليل في روايتي بريد العجلي و ابن اذينة، فراجع.

(2)يعني اذا حجّ المخالف القران بكيفية صحيحة عند العامّة فهو من الإخلال بالركن. و المعنى الذي يصحّ القران عند العامّة هو إتيان الحجّ و عمرته بنية واحدة، كما أشرنا إليه في هامش 5 من ص 63.

و الحاصل: أنّ المخالف اذا أتى حجّ القران بنية واحدة بين الحجّ و عمرته ثمّ استبصر لا يكفي الحجّ بل تجب عليه الإعادة.

ص: 65

الواجب (1) المعتبر عندنا (2)، و هل الحكم بعدم الإعادة لصحّة العبادة في نفسها (3) بناء على عدم اشتراط الإيمان فيها؟ أم إسقاطا (4) للواجب في الذمّة كإسلام (5) الكافر؟ قولان (6)،

**********

شرح:

و الضمير في قوله «عنده» يرجع الى المخالف.

وجه التسمية بحجّ القران بناء على هذا المعنى الذي عند العامّة هو مقارنة الحجّ و عمرته في النية.

أمّا وجه التسمية بناء على المعنى الذي عند الإمامية هو أن يحرم للحجّ و يسوق الهدي و بعد إكمال الحجّ يحرم للعمرة. و ستأتي الإشارة إليه إن شاء اللّه تعالى.

(1)يعني أنّ المخالفة في نوع الحجّ لا تكون مثل الإخلال بالركن. بمعنى أنّ المخالف اذا أتى حجّا تمتّعا أو قرانا على طبق مذهبه في وجوب هذا النوع عليه و الحال أنّ الإمامية تقول في حقّه بنوع آخر ثمّ استبصر لا تجب عليه إعادة حجّه.

(2)أي عندنا الإمامية.

(3)الضمير في «نفسها» يرجع الى العبادة. يعني أنّ الحكم بعدم وجوب الإعادة من المخالف بعد الاستبصار هل هو بسبب صحّة عبادته في نفس العبادة، بمعنى أنّ الإيمان لا يشترط في صحّة العبادة بل يكفي الإسلام فيها؟ أو أنّ الحكم بعدم الإعادة للتخفيف في حقّه، كما أنّ الحكم بعدم وجوب العبادات الفائتة في حقّ الكافر ليس إلاّ من جهة التخفيف و الإرفاق عليه بعد اختياره الإيمان و الإسلام ؟

و الضمير في قوله «اشتراط الإيمان فيها» أيضا يرجع الى العبادة.

(4)مفعول له، و هو الشقّ من الثاني من جهتي الحكم بعدم وجوب الإعادة.

(5)هذا مثال لتخفيف العبادة عن الذمّة بلا اشتراط الإيمان و الإسلام في صحّة العبادة.

(6)مبتدأ مؤخّر، و خبره قوله «هل الحكم... الخ».

ص: 66

و في النصوص ما يدلّ على الثاني (1).

(نعم (2) يستحبّ ) الإعادة للنصّ (3) و قيل: (4) يجب، بناء على اشتراط

**********

شرح:

(1)المراد من «الثاني» هو الحكم بعدم الإعادة تخفيفا. يعني أنّ الظاهر من مضمون بعض النصوص الواردة في المقام هو عدم وجوب الإعادة للتخفيف و الامتنان من اللّه عزّ اسمه في حقّ المخالف اذا استبصر.

و من النصوص التي يفهم من مضمونها التخفيف و الامتنان لا الصحّة هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عمّار الساباطي قال: قال سليمان بن خالد لأبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا جالس:

إنّي منذ عرفت هذا الأمر اصلّي في كلّ يوم صلاتين، أقضي ما فاتني قبل معرفتي ؟ قال: لا تفعل، فإنّ الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة. (الوسائل: ج 1 ص 98 ب 31 من أبواب مقدّمة العبادات ح 4).

فإنّ قوله عليه السّلام «فإنّ الحال التي كنت عليها أعظم... الخ» يدلّ على أنّ الاعتقاد الذي كان في حاله قبل استبصاره كان أعظم قبحا من تركه الصلاة، و ليس معناه أنّ الصلاة المأتية منه كانت صحيحة.

(2)استدراك لما ذكر من عدم وجوب إعادة المخالف حجّه الذي فعله حال الخلاف بعد الاستبصار. يعني أنه لا تجب عليه الإعادة لكن تستحبّ له بدلالة النصّ .

(3)كما دلّ عليه النصّ المذكور في رواية بريد العجلي بقول الصادق عليه السّلام «يقضي أحبّ إليّ » و قوله عليه السّلام في رواية ابن اذينة «و الحجّ أحبّ إليّ ».

(4)يعني قال بعض الفقهاء بوجوب الإعادة بدليل أنّ الإيمان شرط في صحّة العبادة، فاذا فقد الشرط فقد المشروط .

من حواشي الكتاب: و فيه أنه شرط القبول لا الصحّة، و قد قال المرتضى رحمه اللّه:

إنّ العمل الريائي صحيح غير مقبول إنّما يتقبّل اللّه من المتّقين. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه صاحب الحديقة النجفية).

ص: 67

الإيمان المقتضي لفساد المشروط بدونه، و بأخبار (1) حملها على الاستحباب طريق الجمع (2).

القول في حجّ الأسباب

(القول في حجّ الأسباب) (3) بالنذر و شبهه (4) و النيابة.

لو نذر الحجّ و أطلق كفت المرّة

(لو نذر (5) الحجّ و أطلق كفت المرّة) مخيّرا في النوع (6) و الوصف (7)، إلاّ أن يعيّن

**********

شرح:

(1)هذا دليل ثان على وجوب الإعادة من القائلين به و هي الأخبار، و منها الخبر المنقول في الوسائل:

عن عليّ بن مهزيار قال: كتب إبراهيم بن محمّد بن مهران الهمداني الى أبي جعفر عليه السّلام: إنّي حججت و أنا مخالف، و كنت صرورة فدخلت متمتعا بالعمرة الى الحجّ ، قال: أعد حجّك. (الوسائل: ج 8 ص 43 ب 23 من أبواب وجوب الحجّ ح 6).

فالمستفاد من هذا الخبر هو وجوب إعادة الحجّ .

(2)فيجمع بين هذا الخبر الذي يدلّ على وجوب الإعادة و بين الأخبار المذكورة السابقة التي تدلّ على عدم وجوب الإعادة بحمل هذا على الاستحباب.

حجّ الأسباب (3)إضافة الحجّ الى الأسباب من قبيل إضافة المعلول الى العلّة. يعني: القول في أحكام الحجّ الذي علّته وجود الأسباب الشرعية.

و المراد من «الأسباب» هو النذر و شبهه و النيابة.

(4)المراد من «شبه النذر» هو اليمين و العهد. و المراد من «النيابة» هو الذي يجب على عهدة المكلّف بسبب قبوله النيابة من الغير.

(5)شرع لبيان أحكام الحجّ الواجب بالأسباب و شرع منها بالنذر. و المراد بإطلاق النذر بأن كان النذر مطلقا بلا تعيين المرّة و المرّات فيه.

(6)أنواع الحجّ هو: التمتع، و الإفراد، و القران.

(7)وصف الحجّ كونه ماشيا، أو راكبا، أو غير ذلك.

ص: 68

أحدهما (1)، فيتعيّن الأول (2) مطلقا (3)، و الثاني (4) إن كان مشروعا كالمشي و الركوب، لا الحفاء (5) و نحوه،(و لا يجزي) المنذور (عن حجّة الإسلام) سواء وقع حال وجوبها (6) أم لا، و سواء نوى به (7) حجّة الإسلام أم النذر أم هما، لاختلاف السبب (8) المقتضي لتعدّد المسبّب.

**********

شرح:

(1)ضمير التثنية في قوله «أحدهما» يرجع الى النوع و الوصف.

(2)المراد من «الأول» هو تعيين نوع الحجّ في النذر بأن ينذر حجّا تمتّعا أو إفرادا. فعند تعيين نوع الحجّ في النذر يجب العمل بما عيّنه بلا فرق بين الأنواع.

(3)أي سواء كان حجّا تمتعا أو إفرادا أو قرانا.

(4)فاعل ثان لقوله «فيتعيّن». يعني فيتعيّن وصف الحجّ بالنذر اذا كان ذلك الوصف في الحجّ مشروعا، كما يمثّل المشروع بقوله «كالمشي و الركوب».

(5)الحفاء - بكسر الحاء -: المشي بلا خفّ و لا نعل. (أقرب الموارد). و المراد بقوله «و نحوه» هو المشي برجل واحدة أو المشي برجليه و يديه. و هذان مثالان بالوصف الذي لم يكن مشروعا.

(6)يعني أنّ حجّ المنذور لا يجزي عن حجّة الإسلام، بلا فرق بين كون إتيان حجّ النذر في حال وجوب حجّة الإسلام عليه أم لا.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع الى حجّ النذر. يعني لا فرق في عدم إجزاء حجّ النذر عن حجّة الإسلام بين أن ينوي ذلك في حجّ المنذور كما اذا نذر أن يحجّ في عام فلان فعند إتيان الحجّ نوى حجّة الإسلام، أو نوى حجّ المنذور، أو نوى حجّ المنذور و حجّة الإسلام. فعلى جميع الصور لا يكفي حجّه المأتيّ به عن حجّة الإسلام.

(8)المراد من «اختلاف السبب» هو كون السبب في أحدهما النذر و في الآخر الإسلام، فإنّهما يوجبان الحجّين على ذمّة المكلّف لا الحجّ الواحد.

ص: 69

(و قيل) و القائل الشيخ و من تبعه:(إن نوى حجّة النذر (1) أجزأت) عن النذر و حجّة الإسلام على تقدير وجوبها (2) حينئذ،(و إلاّ فلا) (3) استنادا إلى رواية (4) حملت (5) على نذر حجّة الإسلام،(و لو قيّد نذره (6) بحجّة الإسلام فهي واحدة) و هي حجّة الإسلام، و تتأكد (7) بالنذر بناء

**********

شرح:

(1)قال الشيخ الطوسي رحمه اللّه و من تبعه من الفقهاء بأنه لو نذر الحجّ و كان مستطيعا عند إتيان نذره فحجّ بنية النذر يجزي ذلك الحجّ عن حجّة الإسلام أيضا، لكنّه لو حجّ بنية حجّة الإسلام يجزي عنها لا عن المنذور.

(2)الضمير في قوله «وجوبها» يرجع الى حجّة الإسلام، و المراد من قوله «حينئذ» هو إتيان حجّة النذر حين وجوب حجّة الإسلام على ذمّته.

(3)استثناء من قوله «إن نوى حجّة النذر». يعني لو لم ينو النذر فأتى بنية حجّة الإسلام فلا يجزي عن حجّة النذر بل يجب عليه ذلك.

(4)الرواية المستندة للشيخ و التابعين له منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل نذر أن يمشي الى بيت اللّه فمشى، هل يجزيه عن حجّة الإسلام ؟ قال عليه السّلام: نعم. (الوسائل: ج 8 ص 48 ب 27 من أبواب وجوب الحجّ ح 1).

(5)يعني أنّ الرواية المذكورة تحمل على كون النذر هو حجّة الإسلام، فحينئذ يكفي إتيانه بنية المنذور عن حجّة الإسلام، و الحال أنّ النزاع في صورة كون المنذور هو الحجّ المطلق، بمعنى أنه لو نذر حجّا مطلقا فإتيانه هل يجزي عن حجّة الإسلام أم لا يجزي بل يجب عليه الحجّ ثانيا بقصد حجّة الإسلام ؟

(6)كما لو نذر أن يحجّ حجّة الإسلام فلا تجب عليه إلاّ حجّة واحدة و هي حجّة الإسلام.

(7)يعني يحكم بتأكيد حكم الوجوب في حقّه لو قيل بصحّة نذر الواجب.

ص: 70

على جواز نذر الواجب، و تظهر الفائدة (1) في وجوب الكفّارة مع تأخيرها عن العام المعيّن أو موته (2) قبل فعلها مع الإطلاق متهاونا.

هذا (3) إذا كان عليه حجّة الإسلام حال النذر، و إلاّ كان مراعى بالاستطاعة (4)، فإن حصلت وجب بالنذر أيضا (5)، و لا يجب تحصيلها (6)

**********

شرح:

(1)لو قيل: فما الفائدة للنذر اذا لم يجب إلاّ حجّة واحدة ؟ يقال في جوابه: إنّ الثمرة تظهر في وجوب الكفّارة لتخلّف النذر لو أخّر الحجّ عن العام المعيّن.

(2)بالكسر، عطفا على قوله «مع تأخيرها». يعني تظهر الفائدة في وجوبها بالنذر أيضا مع موت الناذر قبل إتيان الحجّ المنذور اذا كان مطلقا و لم يأته متهاونا به فتجب كفّارة تخلّف النذر على عهدة الوارث ممّا تركه الناذر.

(3)المشار إليه في قوله «هذا» هو وجوب حجّة واحدة لمن نذر حجّة الإسلام.

يعني انّ ذلك الحكم في صورة كونه مستطيعا حال النذر، فلو لم يكن مستطيعا فلا يحكم بوجوب الحجّ المنذور إلاّ بعد حصول الاستطاعة له، فلو لم تحصل فلا تجب الحجّة لا بالنذر و لا بالاسلام، فلو حصلت الاستطاعة تجب عليه بالنذر كما تجب عليه بالاسلام.

(4)أي كان الوجوب منتظرا بحصول الاستطاعة.

(5)كما يجب بالاستطاعة.

(6)الضمير في قوله «تحصيلها» يرجع الى الاستطاعة. يعني لو نذر الحجّ فلا يجب عليه تحصيل الاستطاعة للعمل بالنذر.

و المشار إليه في قوله «هنا» هو نذر حجّة الإسلام. يعني كما أنّ استطاعة حجّة الإسلام لا يجب عليه تحصيلها كذلك استطاعة حجّة الإسلام المنذورة. و قيل في عدم وجوب تحصيل استطاعة الحجّ بأنها شرط في وجوب الحجّ ، و المقدّمة للواجب المشروط لا يجب تحصيلها، فكذلك في المقام.

ص: 71

هنا على الأقوى (1)، و لو قيّدها (2) بمدّة معيّنة فتخلّفت الاستطاعة عنها بطل النذر.

(و لو قيّد غيرها) (3) أي غير حجّة الإسلام (فهما اثنتان) (4) قطعا، ثمّ (5)

**********

شرح:

(1)القول الآخر في مقابل «الأقوى» هو وجوب تحصيل الاستطاعة، لأنّ الحجّ المنذور بالنسبة الى الاستطاعة لم يكن مشروطا، و أنّ الاستطاعة مقدّمة للواجب المطلق، و مقدّمة الواجب المطلق واجب، فتحصيل الاستطاعة للمنذور واجب.

(2)ضمير التأنيث في قوله «قيّدها» يرجع الى الاستطاعة. يعني لو قيّد الناذر الاستطاعة في المدّة المعيّنة كما قال: للّه عليّ أن أحجّ الى سنتين لو حصلت لي الاستطاعة فيهما، فإذا لم تحصل الاستطاعة فيهما بطل النذر.

و الضمير في قوله «عنها» يرجع الى المدّة المعيّنة.

(3)أي غير حجّ الاستطاعة، بمعنى أن يقول: للّه عليّ أن أحجّ حجّا غير حجّة الإسلام، فحينئذ تجب عليه اثنتان: الحجّ المنذور و حجّ الاستطاعة.

(4)ضمير التثنية في قوله «فهما اثنتان» يرجع الى حجّة الإسلام و الحجّ المنذور المفهوم بالقرينة.

(5)هذا متفرّع على القول بوجوب الحجّين في ذمّته، و التفصيل بأنه لو نذر حجّا بلا تعيين مدّة الحجّ المنذور و كانت له الاستطاعة حين النذر فيجب عليه حينئذ إتيان حجّة الإسلام أولا ثمّ إتيان الحجّ المنذور في السنوات القابلة.

و لو عيّن المنذور بسنة الاستطاعة و لم تزل الاستطاعة قبل خروج القافلة فلا ينعقد النذر، و لو زالت الاستطاعة عنده فحينئذ ينعقد نذره و يجب الحجّ المنذور في ذمّته، و يجب إتيانه و لو متسكّعا أو تحميلا نفسه للغير من حيث مئونة الحجّ ، فاذا أتاه كذلك سقط الحجّ المنذور عن ذمّته. و لا يخفى أنّ الحجّ كذلك لا يسقط عنه حجّة الإسلام.

ص: 72

إن كان مستطيعا حال النذر و كانت حجّة النذر مطلقة (1) أو مقيّدة بزمان متأخّر عن السنة الاولى (2) قدّم حجّة الإسلام، و إن قيّده بسنة الاستطاعة كان انعقاده مراعى (3) بزوالها قبل خروج القافلة، فإن بقيت (4) بطل لعدم القدرة على المنذور شرعا، و إن زالت انعقد (5)، و لو تقدّم النذر على الاستطاعة ثمّ حصلت قبل فعله (6) قدّمت حجّة الإسلام إن كان النذر مطلقا، أو مقيّدا (7) بما يزيد عن تلك السنة أو بمغايرها (8)،

**********

شرح:

(1)أي مطلقة من حيث المدّة بأن لم يعيّن مدّة الحجّ المنذور.

(2)بأن نذر الحجّ بعد سنتين أو سنة بعد عام الاستطاعة.

(3)يعني يكون انعقاد النذر منتظرا بزوال الاستطاعة قبل خروج القافلة.

و الضميران في «قيّده» و «انعقاده» يرجعان الى النذر.

(4)فاعل قوله «بقيت» مستتر يرجع الى الاستطاعة، و فاعل قوله «بطل» مستتر يرجع الى النذر.

(5)أي لو زالت الاستطاعة انعقد النذر كما أوضحناه.

(6)يعني لو نذر الحجّ قبل الاستطاعة ثمّ حصلت قبل فعل النذر متسكّعا وجبت عليه حجّة الإسلام لو كان نذره مطلقا أو مقيّدا بزمان يزيد على عام الاستطاعة، و إلاّ وجب عليه الحجّ المنذور لعدم حصول الاستطاعة مع وجوب الحجّ المنذور.

(7)عطف على قوله «مطلقا». يعني أو كان تقييد مدّة النذر أزيد من السنة الحاصلة له فيها الاستطاعة.

(8)بمعنى كون النذر في غير عام الاستطاعة.

فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ الناذر يقدّم حجّة الإسلام على المنذور في ثلاث صور :

ص: 73

و إلاّ (1) قدّم النذر، و روعي في وجوب حجّة الإسلام بقاء الاستطاعة إلى الثانية (2).

و اعتبر المصنّف في الدروس في حجّ النذر الاستطاعة الشرعية (3)، و حينئذ فتقدّم (4) حجّة النذر مع حصول الاستطاعة بعده و إن كان

**********

شرح:

الاولى: اذا كان نذره مطلقا.

الثانية: اذا كانت مدّة النذر أزيد من سنة الاستطاعة.

الثالثة: اذا نذر الحجّ في غير عام الاستطاعة.

و الضمير في قوله «بمغايرها» يرجع الى قوله «تلك السنة».

(1)استثناء من قوله «إن كان النذر مطلقا» و قوله «أو مقيّدا بما يزيد» و قوله «أو بمغايرها». يعني لو لم يكن النذر بأحد الصور الثلاث المذكورة فحينئذ يجب تقديم الحجّ المنذور.

(2)أي السنة الثانية. يعني ينتظر في وجوب حجّة الإسلام في السنة الثانية ببقاء الاستطاعة فيها، فلو لم تبق الاستطاعة فيها فلا يجب الحجّ .

(3)قوله «الاستطاعة الشرعية» في مقابل الاستطاعة العقلية كما تأتي الإشارة إليها. و المراد من «الاستطاعة الشرعية» هو وجود الزاد و الراحلة و مئونة عياله الواجبي النفقة كما قدّمناه.

(4)هذا متفرّع على قول المصنّف رحمه اللّه باشتراط الاستطاعة الشرعية في الحجّ المنذور. يعني و بناء على ذلك وجب تقديم حجّة النذر على حجّة الاستطاعة لو حصلت الاستطاعة له بعد نذره و لو كان النذر مطلقا، و الحال قد أوضحنا آنفا كون هذه من الصور الثلاث التي يجب تقديم حجّة الإسلام على حجّة النذر.

و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى النذر.

ص: 74

مطلقا (1)، و يراعى (2) في وجوب حجّة الإسلام الاستطاعة بعدها، و ظاهر (3) النصّ و الفتوى كون استطاعة النذر عقلية (4)، فيتفرّع عليه ما سبق (5). و لو أهمل حجّة النذر في العام الأول (6) قال المصنّف فيها (7) تفريعا على مذهبه (8): وجبت حجّة الإسلام.

**********

شرح:

(1)أي بلا فرق بين كون النذر غير مقيّد بتلك السنة أو كونه مطلقا بلا تقييد.

(2)أي ينتظر في وجوب حجّة الإسلام الى حصول الاستطاعة لحجّة الإسلام بعد إتيان حجّة النذر.

و الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى حجّة النذر.

(3)و هذا كأنّه اعتراض لاعتبار المصنّف رحمه اللّه في الدروس في حجّ النذر الاستطاعة الشرعية.

(4)المراد من «الاستطاعة العقلية» هو إمكان إتيان الحجّ و لو لم يكن له الزاد و الراحلة، بل إتيانه بالتسكّع و المشقّة البدنية.

(5)المراد من «ما سبق» هو التفصيل الذي تقدّم بأنه لو قيّده بغير تلك السنة أو أطلق أو قيّد بغيرها وجب حينئذ تقديم حجّة الإسلام، و إلاّ فيجب تقديم حجّة النذر.

(6)يعني لو لم يحجّ في العام الأول و لم يعمل بالنذر قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بأنه تجب عليه حجّة الإسلام في السنة القابلة كما تجب عليه حجّة النذر، لأن الاستطاعة التي هي شرط لكليهما قد حصلت، فيصدق عليه أنه كان مستطيعا للحجّ و النذر.

(7)ضمير التأنيث في قوله «فيها» يرجع الى الدروس، و التأنيث باعتبار الجمع في الدروس الذي هو جمع مفرده الدرس.

(8)المراد من قوله «تفريعا على مذهبه» هو فتواه باشتراط الاستطاعة الشرعية في وجوب النذر.

ص: 75

أيضا (1)، و يشكل بصيرورته (2) حينئذ كالدين، فيكون (3) من المؤونة، (و كذا) (4) حكم (العهد و اليمين،)

لو نذر الحجّ ماشيا وجب

(و لو نذر الحجّ ماشيا وجب) مع إمكانه (5)، سواء جعلناه أرجح من الركوب أم لا (6) على الأقوى، و كذا (7) لو نذره راكبا،

**********

شرح:

(1)كما وجبت عليه حجّة النذر. يعني فتجب عليه الحجّتان حجّة الإسلام و حجّة النذر.

(2)هذا إشكال من الشارح رحمه اللّه لكلام المصنّف رحمه اللّه في الدروس. و الكلام المنقول عن المصنّف في كتابه الدروس هكذا: و الظاهر أنّ استطاعة النذر شرعية لا عقلية، فلو نذر الحجّ ثمّ استطاع صرف ذلك الى النذر، فإن أهمل و استمرّت الاستطاعة الى العام القابل وجبت عليه حجّة الإسلام أيضا.

(3)أي تكون مئونة النذر مثل الدين على ذمّة الناذر، فيحسب من أقسام الديون الذي في ذمّته، فما دام عليه الدين لا تحصل له الاستطاعة لحجّة الإسلام.

(4)يعني أنّ الأحكام المذكورة في خصوص النذر تجري في خصوص العهد و اليمين، مثلا اذا عاهد اللّه تعالى أو حلف أن يحجّ و أطلق كفت المرّة، و لا يجزي عن حجّة الإسلام كما مرّ ذكره سابقا.

(5)فلو لم يقدر على الحجّ بالمشي هل يسقط الوجوب أصلا أو يسقط الوصف و هو المشي ؟ فيه احتمالان.

(6)يعني أنّ حجّة النذر لا يشترط فيها كون المنذور أرجح من غيره بل يكفي فيها الرجحان.

من حواشي الكتاب: لأنّ المعتبر في المنذور أن يكون راجحا في نفسه لا بالنسبة الى الغير. و جعل العلاّمة في القواعد و ولده في الشرح وجوب المشي فرعا على القول بأنه أفضل من الركوب. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(7)يعني و كذا يجب إتيان الحجّ راكبا لو نذره كذلك، سواء جعلناه أرجح من

ص: 76

و قيل (1): لا ينعقد غير الراجح منهما، و مبدأه (2) بلد الناذر على الأقوى عملا بالعرف، إلاّ أن يدلّ (3) على غيره فيتبع. و يحتمل (4) أول الأفعال، لدلالة الحال (5) عليه، و آخره منتهى أفعاله الواجبة (6) و هي رمي الجمار (7)، لأنّ المشي وصف في الحجّ المركّب من الأفعال الواجبة، فلا

**********

شرح:

المشي أم لا، بدليل كونه راجحا في نفسه و كفاية الرجحان في حجّة النذر و عدم الاحتياج بكونها أرجح.

(1)القائل هو العلاّمة رحمه اللّه في القواعد و ولده في الشرح كما أشير إليه آنفا في حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه.

و الضمير في قوله «منهما» يرجع الى الركوب و المشي.

(2)الضمير في قوله «مبدأه» يرجع الى المشي. يعني اذا نذر المشي في الحجّ يكون مبدأ المشي من بلد الناذر، فيجب عليه المشي الى الحجّ من بلده. هذا بناء على الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه، و في مقابله القول الآخر و هو وجوب المشي من أول الميقات كما يشير الى ذلك بقوله «و يحتمل أول الأفعال».

(3)فاعل قوله «يدلّ » مستتر يرجع الى العرف. يعني إلاّ أن يدلّ العرف على غير بلد الناذر فيجب التبعية من العرف.

(4)هذا هو القول الآخر في مقابل القول الأقوى بنظر الشارح رحمه اللّه.

(5)المراد من «الحال» هو كلام الناذر بقوله «للّه عليّ أن أحجّ ماشيا، أو راكبا».

يعني أعاهد اللّه أن أحجّ في حال المشي أو الركوب، فإنّ ذلك يدلّ على الحجّ بحال المشي أو الركوب عند الشروع بالحجّ و يكون من الميقات.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى أول الأفعال.

(6)قوله «الواجبة» صفة لقوله «أفعاله». يعني و آخر المشي أو الركوب هو منتهى أفعال الحجّ التي تجب عليه.

(7)المراد من «رمي الجمار» هنا هو الرمي الذي يفعله بعد إتيان طواف الزيارة

ص: 77

يتمّ (1) إلاّ بآخرها. و المشهور (2) - و هو الذي قطع به المصنّف في الدروس -

**********

شرح:

و السعي و طواف النساء فيذهب الى المبيت بمنى في الليلة الحادية عشرة و الثانية عشرة أو الثالثة عشرة كما يجيء تفصيله.

و في مقابل ذلك القول بكون منتهى أعمال الحجّ هو طواف النساء، فلا يجب المشي الى المبيت بمنى ماشيا بناء على ذلك القول.

(1)أي لا يتمّ المشي الواجب إلاّ بمنتهى أعمال الحجّ الواجبة.

(2)القول المشهور في مقابل القول المذكور بكون آخر الأعمال هو رمي الجمرات كما أوضحناه، فعلى ذلك القول اذا مشى الى إتيان طواف النساء فلا يجب المشي الى المبيت بمنى.

و اعلم أنه تجب في حجّ التمتّع هذه الأفعال بالترتيب:

الأول: الإحرام من أحد المواقيت المعيّنة.

الثاني: طواف عمرة التمتّع و صلاته.

الثالث: السعي بين الصفا و المروة للعمرة.

الرابع: التقصير للعمرة.

و هذه الأربعة هي عمرة التمتّع، فاذا تمّت أفعال العمرة يشرع في أعمال الحجّ من اليوم التاسع من شهر ذي الحجّة و بهذا الترتيب:

الأول: الإحرام من بلدة مكّة لحجّة الإسلام.

الثاني: الوقوف في عرفات من زوال يوم التاسع الى غروب ليلة العاشر.

الثالث: الوقوف في المشعر من طلوع الفجر الى طلوع الشمس.

الرابع: رمي جمرة العقبة في اليوم العاشر.

الخامس: هدي التمتّع.

السادس: الحلق أو التقصير.

ص: 78

أنّ آخره طواف النساء.

(و يقوم في المعبر (1)) لو اضطرّ إلى عبوره وجوبا على ما يظهر من العبارة، و به صرّح جماعة استنادا الى رواية (2) تقصر لضعف (3) سندها

**********

شرح:

السابع: طواف الزيارة و صلاة الطواف.

الثامن: السعي بين الصفا و المروة لحجّة الإسلام.

التاسع: طواف النساء و صلاته.

العاشر: المبيت بمنى في الليلة الحادية عشرة و الثانية عشرة و في بعض الحال الثالثة عشرة.

الحادي عشر: رمي الجمرات الثلاث (الاولى، و الوسطى، و العقبى) في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر.

اذا علمت الأفعال الواجبة في الحجّ و العمرة فنقول: إنّ في مسألة نذر الحجّ مشيا قولين، المشهور منهما هو وجوب المشي الى إتيان طواف النساء و هو التاسع من أعمال الحجّ ، فلا يجب المشي الى المبيت بمني و كذا الى رمي الجمرات. أمّا القول الآخر فهو وجوب المشي الى إتمام الجمرات في منى.

(1)المعبر - بكسر الميم -: سفينة يعبر عليها النهر. (أقرب الموارد). يعني يجب على الناذر مشيا أن يقوم في السفينة و أمثالها اذ اضطرّ للركوب.

و الضمير في «عبوره» يرجع الى الناذر.

(2)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن النوفلي و السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ عليا عليه السّلام سئل عن رجل نذر أن يمشي الى البيت فعبر في المعبر قال عليه السّلام: فليقم في المعبر قائما حتّى يجوزه. (الوسائل: ج 8 ص 64 ب 37 من أبواب وجوب الحجّ ح 1).

(3)تعليل لقصور الرواية للاستناد عليها، و ضعف السند من حيث كون النوفلي و السكوني فيها، و كلاهما من ضعاف الرواة كما قالوا.

ص: 79

عنه (1). و في الدروس جعله (2) أولى، و هو (3) أولى خروجا (4) من خلاف من أوجبه، و تساهلا (5) في أدلّة الاستحباب. و توجيهه (6) بأنّ الماشي يجب عليه القيام و حركة الرجلين، فإذا تعذّر أحدهما (7) لانتفاء فائدته بقي الآخر (8) مشترك (9)، لانتفاء الفائدة

**********

شرح:

(1)الضمير في «عنه» يرجع الى الوجوب.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس جعل القيام في المعبر أولى.

(3)الضمير يرجع الى الجعل المفهوم من قوله «جعله أولى».

(4)مفعول له، دليل جعل القيام في المعبر أولى. و المعنى هكذا: إنّ جعل القيام في السفينة أولى أولى للفرار عن مخالفة الذي حكم بوجوب القيام فيها.

و الضمير في قوله «أوجبه» يرجع الى القيام.

(5)هذا دليل آخر بجعل القيام في السفينة أولى و هو المسامحة في أدلّة السنن. بمعنى أنّ المسامحة في المستحبّات دأب الفقهاء.

(6)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «مشترك». يعني أنّ توجيه وجوب القيام بأنّ الماشي يفعل القيام و الحركة للرجلين، فاذا لم تعدّ حركة الرجلين في السفينة من الفعلين اللازمين للماشي فإنّه يبقى الفعل الآخر و هو القيام في وجوبه.

و أجاب الشارح رحمه اللّه عن هذا الدليل بقوله «مشترك». يعني أنّ هذا التوجيه لعدم وجوب حركة الرجلين لعدم الفائدة فيه يشترك في خصوص القيام أيضا، لأنّ القيام لا فائدة فيه فلا يحكم بوجوب القيام.

(7)ضمير التثنية في قوله «أحدهما» يرجع الى القيام و حركة الرجلين. و المراد من «أحدهما» هو حركة الرجلين.

(8)المراد من «الآخر» هو القيام. يعني اذا لم تكن لحركة الرجلين فائدة فلا يجب هو، لكن القيام يبقى في وجوبه.

(9)خبر لقوله «و توجيهه» كما ذكرنا آنفا. يعني أنّ هذا التوجيه لوجوب القيام مع

ص: 80

فيهما (1)، و إمكان (2) فعلهما بغير الفائدة.

(فلو ركب (3) طريقه) أجمع (أو بعضه قضى ماشيا) للإخلال بالصفة (4) فلم يجز، ثمّ إن كانت السنة معيّنة فالقضاء (5) بمعناه المتعارف و يلزمه مع ذلك (6) كفّارة بسببه، و إن كانت (7) مطلقة فالقضاء بمعنى الفعل ثانيا و لا كفّارة (8). و في الدروس: لو ركب بعضه قضى

**********

شرح:

عدم وجوب حركة الرجلين مشترك في خصوص عدم وجوب القيام لعدم الفائدة فيه أيضا.

(1)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى القيام و حركة الرجلين.

(2)أي و لإمكان فعل القيام و حركة الرجلين بلا فائدة.

(3)فاعل قوله «ركب» مستتر يرجع الى الناذر مشيا.

و الضمير في قوله «بعضه» يرجع الى الطريق. يعني لو ركب الناذر مقدار من الطريق فلا يكفي حجّه عن الواجب، بل يجب عليه قضاء الحجّ و إتيانه ثانيا.

(4)المراد من «الصفة» هو المشي. بمعنى أنّ الناذر اذا أتى الحجّ راكبا لا يجزي في حقّه بل يجب عليه ثانيا لإخلاله بصفة الواجب الذي يكون مثل الإخلال بنفس الواجب.

(5)المراد من «القضاء» هو قوله «قضى ماشيا». يعني لو نذر الحجّ ماشيا في سنة معيّنة و لم يأت الحجّ ماشيا فيها وجب عليه القضاء بمعناه المتعارف، و هو إتيان الفعل بعد فوته في وقته المعيّن.

(6)أي يجب عليه - مضافا الى وجوب القضاء - كفّارة خلف النذر أيضا.

و الضمير في قوله «بسببه» يرجع الى النذر.

(7)فاعله الضمير الراجع الى سنة النذر. يعني لو كانت سنة النذر غير معيّنة فإن القضاء يكون في عبارة المصنّف رحمه اللّه بمعنى إتيان الحجّ ثانيا.

(8)يعني في صورة كون سنة النذر مطلقة غير معيّنة فاذا ركب في طريق الحجّ أو في

ص: 81

ملفّقا (1)، فيمشي ما ركب و يتخيّر فيما مشى منه. و لو اشتبهت الأماكن (2) احتاط بالمشي في كلّ ما يجوز (3) فيه أن يكون قد ركب، و ما اختاره هنا (4) أجود.(و لو عجز (5) عن المشي ركب) مع تعيين السنة أو الإطلاق (6)، و اليأس من القدرة و لو

**********

شرح:

بعضه وجب عليه الحجّ ماشيا، و لا تجب عليه الكفّارة لعدم خلف النذر فيه.

(1)التلفيق هو جعل الطريق متركّبا من المشي و الركوب، بأن يمشي بمقدار الذي ركب و يتخيّر في مقدار الذي مشى.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الطريق.

(2)بأن شكّ في بعض الأمكنة بأنه مشى في الطريق الذي لا يجب المشي فيه أو ركب في حجّه السابق في الطريق الذي يجب المشي فيه، فعند الشكّ يجب عليه الاحتياط بالمشي.

(3)قوله «يجوز» بمعنى يحتمل. يعني في كلّ مكان يحتمل الركوب فيه يجب فيه المشي احتياطا.

(4)المراد من «ما اختاره» في هذا الكتاب هو الحجّ ماشيا في تمام الطريق و لو مشى في بعض الطريق في حجّه السابق. فجودة الشارح رحمه اللّه ذلك لعدم صدق الحجّ ماشيا في صورة التلفيق كما عن بعض الحواشي.

(5)فاعل قوله «عجز» مستتر يرجع الى الناذر. يعني لو عجز من الحجّ ماشيا جاز له الحجّ راكبا في صورة كون النذر معيّنا في سنة. بدليل عدم سقوط الميسور بالمعسور، فإنّ الواجب هو الحجّ ماشيا، فإذا عجز عن المشي لا يسقط الوجوب عنه بل يأتيه بما يقدر.

(6)بأن كان النذر مطلقا فينصرف الى السنة الحاضرة فيكون مثل تعيين السنة في صورة اليأس عن التمكّن، لكن لو لم يحصل اليأس له من الحجّ في السنوات القابلة لا يجوز له الحجّ راكبا لعدم ضيق وقت الواجب و هو الحجّ ماشيا.

ص: 82

بضيق (1) وقته لظنّ الوفاة، و إلاّ (2) توقّع المكنة (3).(و) حيث جاز الركوب (4)(ساق بدنة) جبرا للوصف (5) الفائت، وجوبا (6) على ظاهر العبارة و مذهب (7) جماعة، و استحبابا (8) على الأقوى جمعا بين الأدلّة،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ اليأس من القدرة في السنوات القابلة و لو كان بسبب ظنّه الوفاة قبل الحجّ لعروض مرض يفهم منه فوته في مدّة قليلة أو حكم بإعدامه أو غير ذلك.

(2)هذا استثناء من قوله «و اليأس من القدرة». يعني لو لم يحصل له اليأس من إتيان الحجّ في القادم مع إطلاق النذر لا يجوز له الحجّ راكبا بل ينتظر القدرة للحجّ ماشيا.

(3)المكنة - بضمّ الميم و سكون الكاف -: القدرة و الاستطاعة، و القوّة و الشدّة.

(المعجم الوسيط ).

(4)يعني اذا عجز عن المشي و جاز الركوب حجّ و ساق بدنة، بمعنى أنه يركب عند الطريق و يقدّم إبلا بدنة لجبران الوصف و هو المشي.

(5)المراد من «الوصف» هو المشي.

(6)يعني يجب سوق البدنة بدلالة ظاهر العبارة من المصنّف رحمه اللّه.

(7)بالكسر، عطفا على قوله «ظاهر العبارة». يعني يجب سوق البدنة على رأي المصنّف رحمه اللّه الواضح من ظاهر عبارته و على فتوى جماعة من الفقهاء.

(8)بمعنى أنّ سوق البدنة في المقام مستحبّ على الأقوى بفتوى الشارح رحمه اللّه عند الجمع بين الروايات الواردة في المسألة.

و من الروايات الدالّة على وجوب السوق الخبر المنقول في الوسائل:

عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل نذر أن يمشي الى بيت اللّه و عجز عن المشي، قال: فليركب و ليسق بدنة، فإنّ ذلك يجزي عنه اذا عرف اللّه منه الجهد. (الوسائل: ج 8 ص 60 ب 36 من أبواب وجوب الحجّ ح 3).

ص: 83

و تردّد (1) في الدروس. هذا كلّه (2) مع إطلاق نذر الحجّ ماشيا، أو نذرهما (3) لا على معنى جعل المشي قيدا لازما في الحجّ بحيث لا يريد إلاّ

**********

شرح:

و من الروايات الدالّة على استحباب السوق الخبر المنقول في الوسائل عن كتاب السرائر نقلا عن نوادر أحمد بن محمّد بن أبي نصر:

عن عنبة بن مصعب قال: قلت له - يعني لأبي عبد اللّه عليه السّلام -: اشتكى ابن لي فجعلت للّه عليّ إن هو برئ أن أخرج الى مكّة ماشيا، و خرجت أمشي حتى انتهيت الى العقبة، فلم استطع أن أخطو فيه، فركبت تلك الليلة حتّى اذا أصبحت مشيت حتّى بلغت، فهل عليّ شيء؟ قال: فقال لي: اذبح، فهو أحبّ إليّ . قال:

قلت له: أيّ شيء هو إليّ لازم أم ليس لي بلازم ؟ قال: من جعل للّه على نفسه شيئا فبلغ فيه مجهوده فلا شيء عليه، و كان اللّه أعذر لعبده. (الوسائل: ج 8 ص 61 ب 34 من أبواب وجوب الحجّ ح 6).

و قوله «فبلغ فيه الى... الخ». يعني اذا سعى من جعل للّه على نفسه شيئا بمقدار جهده فلا يجب عليه شيء بل يقبل اللّه تعالى عذره. فالرواية هذه تدلّ على عدم وجوب شيء بل يدلّ صدرها بقوله «فهو أحبّ إليّ » على الاستحباب، فلذا قال الشارح رحمه اللّه «استحبابا على الأقوى».

(1)حيث لم يفت المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بوجوب السوق أو عدمه.

(2)أي الحكم بوجوب الحجّ راكبا و سوق البدنة أو استحباب سوق البدنة إنّما هو في صورة إطلاق النذر، كما اذا نذر الحجّ مطلقا بلا اشتراط المشي فيه بحيث لو لم يقدر على المشي لا يقصد الحجّ أصلا.

(3)ضمير التثنية في قوله «نذرهما» يرجع الى الحجّ و المشي. يعني أنّ الحكم بوجوب الحجّ راكبا مع سوق البدنة إنّما هو في صورة نذر الحجّ و المشي بصورة تعدّد المطلوب، فاذا نذر الحجّ و المشي و لم يقدر على المشي لا يسقط عنه الحجّ .

ص: 84

جمعهما (1)، و إلاّ سقط الحجّ أيضا مع العجز عن المشي.

يشترط في النائب البلوغ و العقل و الخلو من حجّ واجب

(و يشترط في النائب) في الحجّ (البلوغ (2) و العقل و الخلو (3)) أي: خلوّ ذمّته (من حجّ واجب) في ذلك (4) العام (مع التمكّن منه (5) و لو مشيا) حيث (6) لا يشترط فيه الاستطاعة (7) كالمستقرّ (8) من حجّ الإسلام ثمّ

**********

شرح:

(1)بمعنى أنّ الناذر اذا جمع في نذره الحجّ و المشي بحيث لا يكون له إلاّ مطلوب واحد و هو الحجّ بالمشي فاذا لم يقدر على المشي لا يجب عليه الحجّ راكبا لسقوط الحجّ عنه بالتعذّر عن إتيانه.

(2)فلا يجوز استنابة من لم يبلغ و لو كان سنّه قريبا من البلوغ و إن كان من العلماء أو من المجتهدين، كما أنّ بعض الفقهاء المتقدّمين كانوا مجتهدين في الصغر.

(3)من شرائط النيابة خلوّ ذمّة النائب عن حجّ واجب. بمعنى أنه لو كان في ذمّته الحجّ الواجب و كان متمكّنا عن إتيانه و لو بالمشي أو تحميل مئونة الغير فلا يجوز استنابته.

(4)ظرف لقوله «من حجّ واجب». يعني لو كان الحجّ واجبا عليه في السنوات القادمة - كما يأتي مثاله بقوله «كمن نذره كذلك» - فاستنيب في سنة حاضرة فلا مانع من ذلك.

(5)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الحجّ الواجب. و قوله «و لو مشيا» يتعلّق بالتمكّن.

(6)هذا تعليل لوجوب الحجّ مشيا. يعني اذا استقرّ وجوب الحجّ عليه وجب أن يبرئ ذمّته منه و لو بإتيان الحجّ متسكّعا، لأنّ الوجوب كذلك لا يشترط فيه الاستطاعة الشرعية.

(7)المراد من «الاستطاعة» هو الاستطاعة الشرعية، و هي وجود الزاد و الراحلة و مئونة واجبي النفقة كما أوضحناها سابقا.

(8)هذا مثال للحجّ الواجب الذي يتمكّن منه و لو متسكّعا، بأن حصلت

ص: 85

يذهب المال، فلا تصحّ (1) نيابة الصبي و لا المجنون مطلقا (2)، و لا مشغول (3) الذمّة به في عام (4) النيابة، للتنافي، و لو كان (5) في عام بعده

**********

شرح:

الاستطاعة في السنوات الماضية و لم يأت الحجّ قاصرا ثمّ ذهب المال منه فبقي وجوب الحجّ عليه مستقرّا.

(1)هذا و ما بعده متفرّعان على قول المصنّف رحمه اللّه «يشترط في النائب البلوغ و العقل».

(2)يمكن الإشارة بالإطلاق على القيد الذي في خصوص مشغول الذمّة بقوله «في عام النيابة». و يمكن تعلّقه بالمجنون، بمعنى أنه لا فرق في عدم صحّة نيابة المجنون سواء كان إطباقيا أو أدواريا في زمان عروض الجنون له حال الاستنابة. و يمكن تعلّقه بالصبي أيضا، بمعنى أنه لا تصحّ نيابة الصبي سواء بلغ العشر أو لا، لأنّ البعض اختلف في صحّة استنابة ذي العشر.

من حواشي الكتاب: و في الصبي المميّز قولان، أجودهما و أشهرهما: لا، لأنّ عبادته تمرينية لا شرعية كاملة. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب: أي و إن أذن لهما الولي، مميّزا كان الصبي أم لا، بلغ عشرا أم لا، و الظاهر أنّ المراد من «المجنون» من لم يكن له إفاقة يسع جميع أفعال الحجّ .

(حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(3)بالكسر، عطفا على قوله «الصبي». يعني لا تصحّ نيابة الصبي و لا نيابة من اشتغلت ذمّته للحجّ .

(4)الجار و المجرور متعلّق بقوله «مشغول الذمّة». يعني لا تجوز نيابة من اشتغل ذمّته بالحجّ في سنة النيابة للتنافي بين الوجوبين، فإنّ وجوب الحجّ في ذمّته في العام الحاضر ينافي الوجوب بسبب النيابة.

(5)هذا متفرّع على قوله «في عام النيابة». يعني أنّ الحجّ الواجب عليه لو كان في

ص: 86

كمن نذره كذلك (1) أو استؤجر (2) له صحّت (3) نيابته قبله، و كذا (4) المعيّن حيث يعجز عنه و لو مشيا لسقوط الوجوب في ذلك العام، للعجز و إن كان (5) باقيا في الذمّة، لكن يراعى (6) في جواز استنابته ضيق الوقت، بحيث لا يحتمل تجدّد الاستطاعة عادة، فلو استؤجر كذلك (7) ثمّ اتّفقت

**********

شرح:

عام بعد عام النيابة فإنّه لا يمنع من صحّة النيابة، لعدم التنافي بين الوجوبين لاختلاف ظرفهما من حيث الزمان.

و اسم «كان» مستتر يرجع الى الوجوب. و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى عام النيابة.

(1)مثال للحجّ الواجب عليه في عام بعد سنة النيابة.

و الضمير في قوله «نذره» يرجع الى الحجّ . و قوله «كذلك» إشارة الى نذر الحجّ بعد سنة النيابة.

(2)هذا مثال آخر في المقام و هو كونه نائبا في السنوات القادمة.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الحجّ .

(3)جواب لقوله «لو كان في عام بعده». و الضمير في «نيابته» يرجع الى النائب، و في «قبله» يرجع الى عام الواجب.

(4)يعني و كذا تجوز النيابة في العام المعيّن الذي وجب عليه الحجّ فيه لكنّه عجز عن إتيان الحجّ فيه و لو ماشيا أو متسكّعا فحينئذ يسقط عنه الحجّ الواجب، فاذا استنيب و جعل المستأجر الزاد و الراحلة في اختياره فهو يقدر عن إتيان الحجّ النيابي لا الحجّ الواجب على ذمّته، فيصحّ استنابته في ذلك العام أيضا.

(5)يعني أنّ الحجّ الواجب يبقى في ذمّته و يأتي الحجّ نيابة.

(6)بمعنى أنه لا تجوز النيابة منه إلاّ اذا ضاق وقت إتيان الحجّ الواجب على ذمّته بحيث لا يحتمل حصول الاستطاعة عادة.

(7)إشارة الى ضيق وقت الحجّ الواجب عليه بحيث لا يحتمل عادة حصول

ص: 87

الاستطاعة على خلاف العادة لم ينفسخ، كما لو تجدّدت (1) الاستطاعة لحجّ الإسلام بعدها (2) فيقدّم حجّ النيابة، و يراعى في وجوب حجّ الإسلام بقاؤها (3) الى القابل.

يشترط في النائب الإسلام

(و الإسلام) (4) إن صحّحنا عبادة المخالف (5)، و إلاّ اعتبر الإيمان أيضا، و هو (6) الأقوى. و في الدروس حكى صحّة نيابة غير المؤمن

**********

شرح:

الاستطاعة له.

فاذا استؤجر في هذه الصورة للغير ثمّ حصلت الاستطاعة له - كما اذا مات أحد من أرحامه و حصل المال له بالإرث - لا تنفسخ الاستنابة.

(1)يعني أنّ المسألة هذه مثل المسألة التي سبقتها، و هي استئجار نفسه لنيابة الحجّ عند عدم استطاعته فحصلت الاستطاعة له بعد النيابة، ففي المقام أيضا تصحّ نيابته للحجّ .

(2)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى الاستنابة. يعني اذا استؤجر للنيابة في العام الحاضر ثمّ حصلت له الاستطاعة لحجّة الإسلام وجب عليه تقديم حجّ الاستنابة ثمّ يحجّ عن نفسه في العام القادم لو بقيت له الاستطاعة، فلو زالت لا يستقرّ الحجّ الواجب في ذمّته.

(3)الضمير في قوله «بقاؤها» يرجع الى الاستطاعة. و «القابل» صفة لموصوف مقدّر و هو العام. أي الى العام القابل.

(4)المراد من «الإسلام» هو الإقرار بالشهادتين و لو لم يقرّ بالولاية.

(5)يعني لو قيل بصحّة عبادة المخالف جاز حينئذ استنابة أهل التسنّن، و إلاّ فلا تجوز استنابته.

(6)الضمير يرجع الى اعتبار الإيمان.

من حواشي الكتاب: وجهه الأخبار الكثيرة الدالّة على بطلان عبادة المخالف،

ص: 88

عنه (1) قولا مشعرا بتمريضه (2)، و لم يرجّح شيئا،(و إسلام (3) المنوب عنه، و اعتقاده الحقّ ) فلا يصحّ الحجّ عن المخالف مطلقا (4)،(إلاّ أن يكون أبا للنائب) و إن علا للأب (5) لا للأمّ ، فيصحّ و إن كان ناصبيا (6). و استقرب في الدروس اختصاص المنع بالناصب (7)، و يستثنى

**********

شرح:

و أنه لم ينتفع بشيء من الأعمال، و عدم وجوب الإعادة بعد استقامته تفضّلا من اللّه سبحانه كما تفضّل على الكافر. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه حكى في الدروس قولا بصحّة نيابة أهل التسنّن من قبل أهل الحقّ ، و هو يدلّ على ضعف هذا القول.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى المؤمن.

(2)الضمير في «تمريضه» يرجع الى القول.

و فاعل قوله «يرجّح» مستتر يرجع الى المصنّف. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه لم يختر رجحان القول المنقول.

(3)يعني أنّ الشرط الخامس في النيابة هو كون المنوب عنه مسلما و معتقدا بالحقّ ، بمعنى أنه كما يراعى في النائب الشرائط المذكورة يراعى في خصوص المنوب عنه أيضا كونه مؤمنا.

(4)أي بلا فرق بين كون المخالف ناصبيا أو غيره، و بين كونه من أقارب النائب أم لا.

(5)يعني لو كان المنوب عنه أبا للنائب أو جدّا له من جانب الأب فحينئذ تجوز نيابته عنه، و لو كان جدّا له من جانب الأمّ لا تجوز النيابة عنه.

(6)و الناصبي هو الذي ينصب العداوة لأهل البيت عليهم السّلام لعنهم اللّه تعالى في الدنيا و الآخرة.

(7)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه استقرب عدم جواز النيابة مختصّا بالناصبي، فلو كان المنوب عنه من سائر فرق العامّة فحينئذ تجوز النيابة عنهم.

ص: 89

منه (1) الأب، و الأجود الأول (2)، للرواية (3) و الشهرة، و منعه بعض الأصحاب (4) مطلقا (5). و في إلحاق باقي العبادات به وجه (6)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الناصبي. يعني أنّ الناصبي لو كان أبا للنائب فحينئذ تجوز استنابته.

(2)المراد من «الأول» هو القول بعدم جواز نيابة أهل الحقّ عن غير أهل الحقّ إلاّ اذا كان أبا للنائب و لو كان ناصبيا.

(3)المراد من «الرواية» هو الخبر الوارد في الوسائل و الدالّ على جواز نيابة أهل الحقّ عن الناصبي اذا كان أبا له:

عن وهب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أ يحجّ الرجل عن الناصب ؟ فقال: لا، قلت: فإن كان أبي ؟ قال: إن كان أباك فحجّ عنه. (الوسائل: ج 8 ص 135 ب 20 من أبواب النيابة في الحجّ ح 1).

(4)المراد من «بعض الأصحاب» هو ابن إدريس رحمه اللّه حيث قال في سرائره: و لا يجوز لأحد أن يحجّ عن غيره اذا كان مخالفا له في الاعتقاد من غير استثناء، سواء كان أباه أو غيره. (السرائر: ج 1 ص 632).

(5)أي بلا فرق بين كون المخالف ناصبيا أو غيره، و أيضا بلا فرق بين كون المخالف أبا للنائب أم لا.

و لعلّ سند عدم جواز النيابة عن الناصبي و لو كان أبا له هو الرواية المنقولة في الوسائل:

عن عليّ بن مهزيار قال: كتبت إليه: الرجل يحجّ عن الناصب هل عليه إثم اذا حجّ عن الناصب ؟ و هل ينفع ذلك الناصب أم لا؟ فقال: لا يحجّ عن الناصب و لا يحجّ به. (الوسائل: ج 8 ص 135 ب 20 من أبواب النيابة ح 2).

(6)يعني و في جواز نيابة أهل الحقّ عن المخالف اذا كان أبا للنائب و عدم جواز

ص: 90

خصوصا (1) إذا لم يكن ناصبيا.

يشترط نية النيابة

(و يشترط نية النيابة) بأن يقصد كونه نائبا، و لمّا كان ذلك (2) أعمّ من تعيين من ينوب عنه نبّه على اعتباره أيضا بقوله (و تعيين (3) المنوب عنه قصدا) في نية كلّ فعل يفتقر إليها (4)، و لو اقتصر في النية على تعيين المنوب

**********

شرح:

النيابة اذا لم يكن أبا له في سائر العبادات له وجه.

من حواشي الكتاب: وجه الإلحاق أنّ المخالف مكلّف بجميع الواجبات حجّا كان أو غيره، فيعاقب على تركه، و فعله صحيح لنفسه اذا لم يخلّ بشيء من أركانه، فتكون النيابة عنه صحيحه في سائرها لفائدة سقوط العقاب.

و فيه أنّا لا نسلّم أنّ فعله صحيح لنفسه اذا لم يخلّ بشيء من أركانه، بمعنى سقوط العقاب اذا مات على باطله، للأخبار الكثيرة الدالّة على أنه لم ينتفع بشيء من أعماله، و الأجود المنع من النيابة عنه مطلقا، إلاّ في موضع النصّ لأنها موادّة لمن حادّ اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)يعني أنّ في إلحاق جواز النيابة في غير الحجّ من العبادات له وجه، بالخصوص اذا لم يكن المنوب عنه ناصبيا لسهولة أمر غير الناصبي بالنسبة إليه.

(2)يعني أنّ قوله «يشترط نية النيابة» أعمّ من اشتراط تعيين شخص المنوب عنه، بل هو مطلق يشمل على صورة عدم تعيين المنوب عنه أيضا. فعلى ذلك عقّبه بقوله «و تعيين المنوب عنه».

(3)بالرفع، عطفا على قوله «نية النيابة». يعني و يشترط في صحّة النيابة أن يعيّن النائب شخص المنوب عنه في قلبه عند نية الأعمال المحتاجة الى النية.

(4)الضمير في قوله «إليها» يرجع الى النية، فإنّ من أعمال الحجّ ما تحتاج الى النية فيها، مثل الإحرام و الطواف و غيرهما.

و الحاصل من العبارة هو لزوم رعاية الشرطين و هما: نية النيابة بلا تقييد من أيّ شخص، و نية النسك عن شخص المنوب عنه.

ص: 91

عنه بأن ينوي (1) أنه عن فلان أجزأ، لأنّ ذلك (2) يستلزم النيابة عنه (3)، و لا يستحبّ التلفّظ (4) بمدلول هذا القصد (5)،(و) إنّما (يستحبّ ) تعيينه (6) (لفظا عند باقي الأفعال (7)) و في المواطن (8) كلّها

**********

شرح:

(1)هذا بيان الاكتفاء في صورة رعاية أحد الشرطين المذكورين.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو نية أعمال الحجّ عن شخص المنوب عنه. يعني أنّ النية كذلك تلازم نية النيابة، فلا تحتاج الى قصد الشرطين: النيابة مطلقا و النيابة من جانب شخص معيّن.

(3)أي عن المنوب عنه، و هذا تعليل لعدم احتياج نية النيابة و نية نيابة الشخص.

لكنّ الشارح رحمه اللّه لو لم يذكر قوله «عنه» لكان التعليل أو في بما يعلّله، بأن يكتفي بقوله «لأنّ ذلك يستلزم النيابة». و المراد من «النيابة» هو النيابة المطلقة.

(4)يعني لا يحكم باستحباب التلفّظ بما يدلّ على ما قصده، كما أنّ في نية الصلاة قالوا باستحباب النية في القلب و لو كان التلفّظ أيضا مجزيا، ففي المقام لا يستحبّ التلفّظ بشخص المنوب عنه حين نية النيابة.

(5)المشار إليه هو قصد المنوب عنه.

(6)الضمير في قوله «تعيينه» يرجع الى المنوب عنه.

توضيح: اعلم أنّ النائب ينوي الحجّ نيابة أولا حين الخروج الى الحجّ ، ثمّ ينوي النيابة عند إتيان كلّ من النسك.

فعلى هذا قال ما معناه لا يستحبّ التلفّظ باسم المنوب عنه عند نية النيابة حين الخروج إليه، لكنّه يستحبّ له أن يتلفّظ بتعيين المنوب عنه عند إتيان باقي أفعال الحجّ .

(7)المراد من «باقي الأفعال» هو النسك التي يأتيها في موارد مختلفة و مواطن متعدّدة مثل الوقوفين.

(8)أي و عند المواطن كلّها مثل الوقوف في عرفة و المشعر و المبيت بمنى و غير ذلك

ص: 92

بقوله: (1) «اللّهمّ ما أصابني من تعب (2) أو لغوب (3) أو نصب (4) فأجر فلان (5) بن فلان، و أجرني في نيابتي عنه»، و هذا (6) أمر خارج عن النية متقدّم عليها (7) أو بعدها،

تبرأ ذمّتة النائب و المنوب عنه لو مات محرما بعد دخول الحرم

(و تبرأ ذمّته) أي ذمّة النائب من الحجّ (8)، و كذلك ذمّة المنوب عنه إن كانت (9) مشغولة (لو مات) النائب (محرما بعد)

**********

شرح:

من المواطن.

المواطن: جمع مفرده: موطن، و هو الوطن. (المنجد).

(1)الجار و المجرور متعلّق بقوله «لفظا». يعني أنّ التلفّظ بتعيين المنوب عنه يستحبّ بهذا اللفظ .

(2)التعب - وزان عدم، من تعب يتعب تعبا -: ضدّ استراح. (المنجد).

(3)اللغوب - بفتح اللام و ضمّها، و من لغب يلغب بمعنى: تعب و أعيا أشدّ الإعياء.

(المنجد).

(4)النصب - وزان حسن، من نصب ينصب نصبا -: تعب و أعيا في الأمر. (المنجد، أقرب الموارد).

(5)فلان و فلانة - بضمّ الفاء -: يكنّى بهما عن العلم الذي مسمّاه ممّن يعقل فلا تدخل «ال» عليهما.

و فلانة: ممنوعة من الصرف، فيقال: جاء فلان و جاءت فلانة.

(6)المشار إليه في قوله «هذا» هو تعيين المنوب عنه باللفظ المذكور. يعني أنّ التعيين كذلك أمر خارج عن حقيقة النية بل هو أمر يجوز تقديمه على النية و تأخيره عليها.

(7)الضميران في قوله «عليها» و «بعدها» يرجعان الى النية.

(8)الجار و المجرور متعلّق بقوله «و تبرأ». يعني أنّ النائب اذا أحرم و دخل الحرم برأت ذمّته من الحجّ الذي تعلّق على ذمّته بالنيابة.

(9)يعني و كذلك تبرأ ذمّة المنوب عنه عن الحجّ الذي كان في ذمّته واجبا

ص: 93

(دخول الحرم) ظرف (1) للموت لا للإحرام،(و إن خرج منه) من الحرم (بعده) أي بعد دخوله (2)، و مثله (3) ما لو خرج من الإحرام أيضا كما لو مات بين الإحرامين (4)، إلاّ أنه (5) لا يدخل في العبارة (6)، لفرضه (7) الموت في حال كونه محرما، و لو قال بعد الإحرام و دخول الحرم شملهما (8)، لصدق

**********

شرح:

مستقرّا. فلو كانت الاستنابة للحجّ مستحبّة فلا احتياج الى ذكر سقوط الحجّ عن المنوب عنه، و كذلك لو لم يستقرّ الوجوب بل وجب عليه في العام الحاضر.

(1)المراد من «الظرف» هو قوله «بعد دخول الحرم». يعني أنّ قوله «بعد دخول الحرم» ظرف لقوله «لو مات» و ليس ظرفا لقوله «محرما».

و الحاصل: أنّ النائب اذا أحرم و دخل الحرم في حال الإحرام و أدركه الموت سقط الحجّ عنه، و كذلك عن ذمّة المنوب عنه. و لو مات في خارج الحرم - كما اذا دخل الحرم محرما فخرج لحاجة الى خارج الحرم فأخذه الموت - ففي هذه الصورة أيضا يسقط الواجب عن ذمّتهما.

(2)أي بعد دخوله الى الحرم في حال الإحرام.

(3)أي و مثل الخروج من الحرم لو أدركه الموت بعد خروجه من الإحرام.

(4)المراد من «الإحرامين» هو إحرام العمرة و إحرام الحجّ ، فإنّ الحاجّ اذا أتمّ أعمال العمرة يكون محلاّ بتقصير العمرة و يحرم للحجّ من زمان إدراك الوقوف بعرفة فيكون بين الإحرامين محلاّ، فلو مات بين الإحرامين يسقط الحجّ عن ذمّتهما أيضا.

(5)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى الخروج المفهوم من قوله «لو خرج».

(6)العبارة هي قوله «لو مات محرما بعد دخول الحرم».

(7)الضمير في قوله «لفرضه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و في قوله «كونه» يرجع الى النائب.

(8)ضمير التثنية في قوله «شملهما» يرجع الى الخروج من الحرم و الخروج من الإحرام.

ص: 94

البعدية (1) بعدهما. و أولوية الموت بعده (2) منه حالته ممنوعة (3)،(و لو مات قبل ذلك (4)) سواء كان قد أحرم (5) أم لا (6) لم يصحّ الحجّ عنهما، و إن

**********

شرح:

(1)لأنّ القول بالموت بعد الإحرام و دخول الحرم يشمل على كلا الصورتين.

و الضمير في «بعدهما» أيضا يرجع الى الخروج من الإحرام و الخروج من الحرم.

(2)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الإحرام، و في قوله «منه» يرجع الى الموت، و في قوله «حالته» يرجع الى الإحرام. فالعبارة جواب عن سؤال مقدّر و هو: أنّ الموت في حال الإحرام اذا كان مسقطا للوجوب فالقول بكون الموت بعد الإحرام مسقطا بطريق أولى.

فأجاب رحمه اللّه بأنّ الأولوية كذلك ممنوعة لأنّ ذلك ليس إلاّ قياسا محضا، لأنّ الإسقاط في حال الإحرام لعلّه لوجود الخصوصية في الإحرام أو لتعظيمه. أو لأنّ السقوط في الموت حال الإحرام للتفضّل من جانب اللّه تعالى في قبول الناقص بدل الكامل، و التفضّل في حال لا يوجب الشمول لحال آخر و لا يستلزم السراية إليه و إن كان الحال الآخر أولى بالنظر الى الأول.

من حواشي الكتاب: منع الأولوية لاحتمال كون التلبّس بالإحرام دخيلا فيها، فلا بدّ من الإشعار به على حدة. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(3)خبر لقوله «و أولوية الموت».

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الإحرام و الدخول الى الحرم. يعني لو مات قبل أحد الشرطين أو قبل كليهما لا يصحّ الحجّ عن المنوب عنه، و كذا عن النائب، فلو قبض النائب تمام الاجرة استعيد منها بالنسبة الى ما بقي من العمل الذي استؤجر عليه.

(5)كما اذا أحرم فمات قبل الدخول في الحرم.

(6)كما اذا مات قبل الإحرام. و الضمير في قوله «عنهما» يرجع الى النائب و المنوب عنه.

ص: 95

كان (1) النائب أجيرا و قد قبض الاجرة (استعيد (2) من الاجرة بالنسبة)

**********

شرح:

(1)هذا من متفرّعات عدم صحّة الحجّ عنهما، فاذا لم يكن الحجّ صحيحا استعيد عن تركته من الاجرة بالنسبة الى ما بقي من العمل المستأجر عليه.

(2)يعني يطلب من استأجر النائب للعمل الإعادة من الاجرة بنسبة ما بقي من العمل، فإن كان العمل بالنسبة الى ما بقي منه هو النصف فيطلب النصف و إن كان بمقدار الربع فهكذا.

توضيح: اعلم أنّ استئجار النائب على أقسام، و لكلّ منها أحكام:

الأول: أن يستأجر النائب لأعمال الحجّ بلا تقييد الاجرة للذهاب و العود أو للأعمال.

الثاني: أن يستأجر النائب بالحجّ و يعيّن الاجرة في مقابل الأعمال لا الذهاب و العود.

الثالث: أن يقرّر الاجرة في مقابل الأعمال و الذهاب، مثلا كان النائب من أهل مكّة فاستأجره للحجّ و عيّن الاجرة للذهاب الى الحجّ و إتيان أعماله.

الرابع: أن يقرّر الاجرة للذهاب الى الحجّ و العود منه و الأعمال الواجبة.

ففي كلّ من الصور الأربع إمّا أن يتّفق الموت قبل الإحرام أو بعده، فتكون الأقسام حينئذ ثمانية.

فلو اتّفق الموت قبل الإحرام في الصورة الاولى و الثانية فلا يستحقّ النائب من الاجرة شيئا لعدم إتيانه من العمل المستأجر عليه شيئا. أمّا في صورة الإطلاق كما في الصورة الاولى لانصراف الإجارة لأعمال الحجّ لا الغير. امّا في الصورة الثانية للتصريح بكون مورد الإجارة هو الأعمال فقط لا الذهاب و الإياب و هو ظاهر.

و لو اتّفق الموت في الصورتين بعد الإحرام قسمت الاجرة لمجموع أعمال الحجّ ،

ص: 96

أي بنسبة ما بقي من العمل المستأجر عليه، فإن كان الاستئجار على فعل الحجّ خاصّة (1) أو مطلقا (2) و كان موته بعد الإحرام استحقّ بنسبته (3) الى بقية أفعال الحجّ ، و إن كان عليه (4) و على الذهاب استحقّ اجرة الذهاب و الإحرام (5) و استعيد الباقي، و إن كان عليهما (6) و على العود

**********

شرح:

فلو كان عمل الإحرام خمس مجموع الأعمال فيستحقّ النائب من الاجرة الخمس، و لو كان بمقدار الثلث فهكذا.

أمّا الصورة الثالثة فلو اتّفق الموت قبل الأجرام أو بعده استحقّ من الاجرة بالنسبة الى اجرة الذهاب الى الحجّ و مجموع أعماله، و لا تلاحظ اجرة الإياب و العود.

و في الصورة الرابعة: يستحقّ من الاجرة بمقدار من العمل بالنسبة الى اجرة الذهاب و الإياب و مجموع الأعمال، بلا فرق بين وقوع الموت قبل الإحرام أو بعده.

(1)كما اذا استأجر النائب لأعمال الحجّ فقط لا الذهاب و الإياب و هي الصورة الثانية من الصور المذكورة.

(2)بأن يستأجر النائب للحجّ و يطلق فتنصرف الاجرة لأعمال الحجّ و هي الصورة الاولى من الصور المذكورة.

(3)الضمير في قوله «بنسبته» يرجع الى الإحرام، و قد أوضحنا ذلك في التوضيح الآنف.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى فعل الحجّ . بمعنى كون الاجرة في مقابل أعمال الحجّ و الذهاب الى الحجّ ، و هو القسم الثالث من الصور المذكورة.

(5)لأنّ الفرض وقوع الموت بعد الإحرام، فلو اتّفق قبل الإحرام لو حظت النسبة بمقدار الذهاب من المسافة الى ما بقي منها و مجموع الأعمال.

(6)ضمير التثنية في قوله «عليهما» يرجع الى الذهاب و فعل الحجّ . يعني لو كان

ص: 97

فبنسبته (1) الى الجميع. و إن كان (2) موته قبل الإحرام ففي الأولين (3) لا يستحقّ (4) شيئا، و في الأخيرين (5) بنسبة ما قطع من المسافة الى ما بقي من المستأجر عليه.

و أمّا القول (6) بأنه يستحقّ مع الإطلاق بنسبة ما فعل من

**********

شرح:

الاستئجار للذهاب و فعل الحجّ و العود منه لو حظت النسبة بمقدار الفعل المأتيّ به و ما بقي من الأعمال، و هذه هي الصورة الرابعة من الصور المذكورة.

(1)أي النسبة بين الفعل المأتيّ به و بين مجموع الأعمال من الذهاب و الإياب و فعل الحجّ .

و الضمير في قوله «فبنسبته» يرجع الى العمل المفهوم بالقرائن.

و الحاصل: أنّ في الصورة الرابعة المفصّلة لو أتى عملا من أعمال الذهاب و الإياب و فعل الحجّ لو حظت النسبة بين العمل المأتيّ به و جميع الأعمال المذكورة.

(2)بعد أن فصّل أحكام الأقسام في صورة الموت بعد الإحرام شرع هنا في بيان الأحكام لو اتّفق الموت قبل الإحرام.

(3)المراد من «الأولين» هو قرار الاجرة لأعمال الحجّ بالصراحة أو بالإطلاق المنصرف الى أعمال الحجّ .

(4)و قد أوضحنا دليل عدم الاستحقاق في التوضيح الآنف الذكر بأنّ النائب لو مات قبل الإحرام في الصورتين الاوليين و لم يأت شيئا من الأعمال المستأجر عليها لا يستحقّ شيئا.

(5)و هما: الصورة التي تعيّن الاجرة للذهاب و فعل الحجّ ، و الصورة التي تعيّن الاجرة للذهاب و الإياب و فعل الحجّ .

(6)حيث قال بعض الفقهاء بحمل صورة إطلاق الصيغة الى استئجار الذهاب و الإياب و فعل الحجّ ، و هي الصورة الرابعة من الصور المذكورة.

فردّه الشارح رحمه اللّه بقوله «ففي غاية الضعف».

ص: 98

الذهاب (1) الى المجموع منه (2) و من أفعال الحجّ و العود كما ذهب إليه جماعة ففي غاية الضعف، لأنّ مفهوم الحجّ (3) لا يتناول غير المجموع المركّب من أفعاله (4) الخاصّة دون الذهاب إليه (5) و إن جعلناه مقدّمة للواجب، و العود (6) الذي لا مدخل له في الحقيقة و لا ما يتوقّف عليها (7) بوجه.

**********

شرح:

(1)أي المسافة التي ذهبها بقصد الحجّ .

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الذهاب. بمعنى ملاحظة النسبة بين مقدار المسافة التي ذهبها و ما تبقى منها و بين فعل الحجّ و العود منه.

(3)فإنّ إطلاق لفظ «الحجّ » الذي تكلّم به في صيغة الإجارة بقوله «استأجرتك للحجّ باجرة كذا» لا يشمل غير أعمال الحجّ و النسك الواجبة.

(4)المراد من «الأفعال الخاصّة» من الحجّ هو الإحرام الى آخر أعمال الحجّ التي أوضحناه كرارا.

(5)يعني أنّ إطلاق لفظ «الحجّ » لا يشمل الذهاب إليه و لو كان الذهاب مقدّمة للحجّ .

(6)بالكسر، عطفا على قوله «الذهاب». يعني أنّ إطلاق الحجّ لا يشمل غير أعمال الحجّ ، و هي دون الذهاب إليه و دون العود منه.

و الضمير في قوله «لا مدخل له» يرجع الى العود.

و حاصل المعنى بأنّ الحجّ لا يشمل الذهاب و إن كان واجبا من حيث وجوب مقدّمة الواجب، و لا العود الذي لا دخل له في حقيقة الحجّ و لا فيما يتوقّف عليه الحجّ ، لأنّ العود لا يجب من حيث مقدّمة الواجب أيضا كما يجب الذهاب من هذا الحيث.

(7)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى «ما» الموصولة، و التأنيث باعتبار كون المراد من «ما» الموصولة هو المقدّمة.

ص: 99

يجب على الأجير الإتيان بما شرط عليه

(و يجب على الأجير الإتيان بما شرط عليه) من نوع (1) الحجّ و وصفه (2)(حتّى الطريق مع الغرض) قيد في تعيّن (3) الطريق بالتعيين، بمعنى أنه (4) لا يتعيّن به إلاّ مع الغرض المقتضي (5) لتخصيصه، كمشقّته و بعده (6)، حيث يكون داخلا في الإجارة (7)

**********

شرح:

و في بعض النسخ ضبط الضمير بالتذكير و هو المناسب. يعني أنّ العود لا دخل له لا في حقيقة الحجّ و لا فيما يتوقّف الحجّ عليه من المقدّمات.

(1)بيان لقوله «بما شرط عليه». يعني يجب على النائب الأجير الإتيان بما تعيّن عليه من أنواع الحجّ .

(2)كما اذا شرط لمستأجر الحجّ ماشيا أو راكبا فيجب عليه رعاية الوصف المشترط عليه أيضا.

(3)يعني أنّ قوله «مع الغرض» قيد لقوله «حتّى الطريق» و سيشير باحتمال كون ذلك قيدا بما شرط بقوله «و يمكن كونه قيدا في وجوب الوفاء بما شرط مطلقا».

(4)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى الطريق، و في قوله «به» يرجع الى الشرط .

يعني اذا جعل لفظ «مع الغرض» قيدا لقوله «حتّى الطريق» فيكون المعنى أنّ الطريق المعيّن لا يتعيّن بالشرط إلاّ مع تعلّق الغرض به.

(5)قوله «المقتضي» صفة للغرض. يعني أنّ الغرض يقتضي كون الطريق مختصّا بما عيّن بالشرط .

و الضمير في قوله «لتخصيصه» يرجع الى الطريق.

(6)الضميران في قوله «كمشقّته» و «بعده» يرجعان الى الطريق. يعني اذا شرط الطريق المعيّن في عقد الإجارة و كان هو غرضا للمستأجر وجب للنائب الذهاب به لا الغير.

(7)أي أنّ التزام الطريق على النائب فيما لو وقعت الإجارة على الطريق أيضا.

ص: 100

لاستلزامها (1) زيادة الثواب، أو بعد (2) مسافة الإحرام، و يمكن كونه (3) قيدا في وجوب الوفاء بما شرط مطلقا (4)، فلا يتعيّن النوع كذلك إلاّ مع الغرض كتعيين الأفضل (5)، أو تعيّنه (6) على المنوب عنه، فمع انتفائه (7) كالمندوب (8) و الواجب المخيّر كنذر

**********

شرح:

(1)ضمير التثنية في قوله «لاستلزامها» يرجع الى المشقّة و البعد. يعني أنّ الغرض يتعلّق بالطريق المعيّن، و المراد منه هو كون الطريق المعيّن ذي مشقّة أو بعد فيحصل الثواب أزيد من الطريق القريب و السهل، كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ : أفضل الأعمال أحمزها. (البحار: ج 70 ص 191).

(2)بالكسر، عطفا على قوله «كمشقّته و بعده». و هذا أيضا مثال ثالث للغرض الحاصل للمستأجر من تعيّن الطريق، فإنّ في بعض الطرق يكون الإحرام أبعد من غيره كما في طريق المدينة يكون الميقات من ذي الحليفة و هو أبعد المواقيت كما أوضحناه.

(3)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى الغرض. يعني أنّ قوله «مع الغرض» كما احتملنا كونه قيدا للطريق يحتمل كونه قيدا لقوله «الإتيان بما شرط عليه».

(4)بلا فرق بين ما شرط من الطريق و غيره من نوع الحجّ و وصفه.

(5)و هذا مثال أول للزوم رعاية نوع الحجّ عند الغرض المتعلّق به، فاذا تعلّق غرض المستأجر بالأفضل فلا يجوز للنائب التعدّي منه.

(6)الضمير في قوله «تعيّنه» يرجع الى النوع. و هذا مثال ثان للزوم رعاية نوع الحجّ عند الغرض المتعلّق به، و هو كون نوع من الحجّ واجبا عينيا للمستأجر، كما اذا كان منزله أقرب من ستة عشر فراسخ لبلدة مكّة وجب عليه حجّ الإفراد، أو أزيد منه وجب عليه حجّ التمتّع.

(7)فلو انتفى الغرض من الشرط فلا يجب على النائب الوفاء بما شرط .

(8)فإنّ الحجّ المندوب لا يتعيّن بين أنواع الحجّ من التمتّع و الإفراد و القران.

ص: 101

مطلق (1)، أو تساوي منزلي المنوب عنه في الإقامة (2) يجوز (3) العدول عن المعيّن الى الأفضل، كالعدول من الإفراد الى القران (4)، و منهما (5) الى التمتّع، لا منه (6) إليهما، و لا من القران الى الإفراد (7).

و لكن يشكل ذلك (8) في الميقات، فإنّ المصنّف و غيره أطلقوا تعيّنه

**********

شرح:

(1)اذا كان النذر مطلقا لا يتعيّن عليه نوع خاصّ من أنواع الحجّ المذكورة، بل يكون واجبا مخيّرا بينهما.

(2)كما اذا أقام المستأجر ستة أشهر في مكان تكون وظيفته التمتّع و ستة أشهر في مكان تكون وظيفته الإفراد.

(3)يعني اذا انتفى الغرض من التعيين جاز للنائب التعدّي من النوع المفضول الى النوع الأفضل.

(4)فإنّ حجّ القران أفضل من حجّ الإفراد.

(5)الضمير في قوله «منهما» يرجع الى الإفراد و القران. يعني يجوز العدول من الإفراد و القران الى حجّ التمتّع، فإنّه أفضل من كليهما، فلو عيّن المستأجر حجّ الإفراد على النائب يجوز له العدول منه الى التمتّع لعدم تعلّق الغرض به المكشوف بالقرائن.

(6)الضمير في قوله «منه» يرجع الى التمتّع، و في «إليهما» يرجع الى القران و الإفراد. يعني لا يجوز العدول من التمتّع الى الإفراد و القران.

(7)فلو عيّن القران فلا يجوز للنائب العدول الى الإفراد، لأنّ القران أفضل من الإفراد.

(8)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الاحتمال الثاني في قوله «و يمكن كونه قيدا في وجوب الوفاء... الخ». يعني أنّ ذلك الاحتمال يشكل في خصوص الميقات، لأنّ المصنّف رحمه اللّه و غيره قالوا بوجوب التعيّن بالتعيين في خصوص الميقات، و لم يفصّلوا حصول الغرض و عدمه في تعيّنه بالتعيين.

ص: 102

بالتعيين من غير (1) تفصيل بالعدول الى الأفضل و غيره، و إنّما جوّزوا ذلك (2) في الطريق و النوع بالنصّ (3)، و لمّا انتفى (4) في الميقات أطلقوا تعيّنه (5) به و إن كان

**********

شرح:

(1)الجار و المجرور متعلّق بقوله «أطلقوا». يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه و غيره لم يفصّلوا في الميقات بالعدول من المفضول الى الأفضل، فلو حمل قوله «مع الغرض» الى جميع ما شرط وقع الإشكال.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو العدول. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه و غيره جوّزوا العدول من المفضول الى الأفضل في خصوص الطريق و في خصوص أنواع الحجّ ، لا في جميع ما شرط حتّى يشمل المواقيت أيضا.

(3)أمّا النصّ الدالّ على جواز العدول عن النوع المعيّن من جانب المستأجر الى غيره فهو المنقول في الوسائل:

عن أبي بصير - يعني المرادي - عن أحدهما عليهما السّلام في رجل أعطى رجلا دراهم يحجّ بها عنه حجّة مفردة فيجوز له أن يتمتّع بالعمرة الى الحجّ ؟ قال: نعم، إنّما خالف الى الفضل. (الوسائل: ج 8 ص 128 ب 12 من أبواب النيابة في الحجّ ح 1).

أمّا الرواية الدالّة على جواز عدول النائب عن الطريق المعيّن من المستأجر الى غيره فهي المنقولة في الوسائل:

عن حريز بن عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أعطى رجلا حجّة يحجّ بها عنه من الكوفة فحجّ عنه من البصرة، فقال: لا بأس، اذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه. (الوسائل: ج 8 ص 127 ب 11 من أبواب النيابة في الحجّ ح 1).

(4)فاعل قوله «انتفى» مستتر يرجع الى النصّ . يعني و لمّا انتفى النصّ في العدول من الميقات المعيّن الى غيره أطلق المصنّف رحمه اللّه و غيره تعيّن الميقات بتعيين المستأجر.

(5)الضمير في قوله «تعيّنه» يرجع الى الميقات، و في قوله «به» يرجع الى التعيين.

ص: 103

التفصيل (1) فيه متوجّها أيضا (2)، إلاّ أنه لا قائل به. و حيث يعدل الى غير المعيّن مع جوازه (3) يستحقّ جميع الاجرة، و لا معه (4) لا يستحقّ في النوع شيئا، و في الطريق (5) يستحقّ بنسبة الحجّ الى المسمّى للجميع (6)، و تسقط

**********

شرح:

(1)يعني و إن كان التفصيل بين وجود الغرض من التعيين و عدمه في خصوص الميقات أيضا له وجه لكنّه لا قائل به من الفقهاء.

(2)كما انّ التفصيل في غير المواقيت متوجّه. و الضمير في قوله «به» يرجع الى التفصيل.

(3)الضمير في قوله «جوازه» يرجع الى العدول. يعني في صورة جواز العدول في نوع الحجّ أو وصفه أو غيرهما ممّا عيّن المستأجر الى غيره يستحقّ النائب جميع ما جعل اجرة للحجّ . لكن لو لم يجز العدول فتعدّى ما عيّن الى غيره لا يستحقّ في خصوص النوع شيئا و في الطريق يشير إليه بقوله «يستحقّ ... الخ».

(4)أي لا مع جواز العدول كما في حجّ الإفراد المعدول إليه من القران الذي عيّنه المستأجر.

(5)يعني و في صورة مخالفة الطريق الذي عيّنه المستأجر - كما لو عيّن الحجّ من طريق المدينة فحجّ من طريق اليمن - يستحقّ اجرة أعمال الحجّ لا الطريق و يأخذ اجرة أعمال الحجّ بالنسبة الى الاجرة المعيّنة لها و للطريق المعيّن، مثلا عيّن المستأجر الحجّ من طريق المدينة باجرة ثلاثين ألف تومان فحجّ النائب من طريق اليمن، فلو كانت اجرة الحجّ عشرين ألف تومان و اجرة طريق المدينة عشرة آلاف تومان فيرجع النائب الى المستأجر عشرة آلاف لأنه لا يستحقّ اجرة الطريق لأنه خالف ما عيّنه المستأجر، و مئونة الطريق الذي حجّ منه يذهب من كيس النائب.

(6)المراد من «الجميع» هو الطريق و أعمال الحجّ .

ص: 104

اجرة ما تركه من الطريق (1)، و لا يوزّع للطريق المسلوكة (2) لأنه (3) غير ما استؤجر عليه، و أطلق المصنّف و جماعة (4) الرجوع عليه (5) بالتفاوت بينهما، و كذا (6) القول في الميقات، و يقع الحجّ عن المنوب عنه في الجميع (7)

**********

شرح:

(1)فلا يستحقّ اجرة الطريق الذي عيّنه المستأجر و خالفه النائب.

(2)قوله «المسلوكة» صفة للطريق. و في بعض النسخ «المسلوك» فإنّ لفظ «الطريق» يذكّر و يؤنّث.

الطريق: السبيل، يذكّر و يؤنّث، جمعه: طرق، و أطرق و أطرقة، و جمع الجمع:

طرقات. (المنجد).

(3)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الطريق، و قد أوضحنا في الهامش السابق بأنّ الطريق يذكّر و يؤنث، فالصفة مؤنّث باعتبار التأنيث، و الضمير الراجع إليه مذكّر باعتبار التذكير.

(4)المراد من إطلاق كلام المصنّف رحمه اللّه و جماعة هو التعبير بالمرجوع على النائب بمقدار التفاوت بين ما أتاه من نوع الحجّ و الطريق الغير المعيّن و بين ما عيّن منهما من جانب المستأجر، مثلا لو كانت اجرة القران المعيّن خمسين دينارا و الإفراد المعدول إليه أربعين دينارا فحينئذ يرجع الى النائب مقدار عشرة دنانير، و كذلك في الطريق.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى النائب، و في «بينهما» يرجع الى الطريق المعيّن و غير المعيّن.

(6)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في خصوص مخالفة النائب في الميقات المعيّن. يعني و مثل إطلاق المصنّف رحمه اللّه و جماعة في خصوص الرجوع الى النائب بمقدار التفاوت بين الطريق المعيّن و غيره يقال في خصوص مخالفة النائب في خصوص الميقات المعيّن و غيره.

(7)المراد من «الجميع» هو المخالفة في الطريق و الميقات و نوع الحجّ . يعني و في جميع

ص: 105

و إن لم يستحقّ في الأول اجرة.

ليس للنائب الاستنابة إلاّ مع الإذن صريحا

(و ليس له (1) الاستنابة إلاّ مع الإذن) له فيها (صريحا) ممّن (2) يجوز له الإذن فيها كالمستأجر عن نفسه أو الوصي، لا الوكيل (3) إلاّ مع إذن الموكّل له في ذلك،(أو إيقاع العقد (4) مقيّدا بالإطلاق) لا

**********

شرح:

الصور يكون الحجّ عن المنوب عنه، فلو كان واجبا يسقط الوجوب عن ذمّته و إن لم يستحقّ النائب الاجرة في صورة مخالفته للنوع المعيّن من أنواع الحجّ ، كما اذا عيّن المستأجر الحجّ القران فعدل النائب الى الإفراد.

أقول: في صورة جواز العدول من نوع الى آخر يحكم بوقوع الحجّ المأتيّ به عن المنوب عنه، لكن في صورة عدم جواز العدول يشكل المحكم بوقوعه عن المنوب عنه، لأنّ الوقوع عنه فرع صحّة الحجّ و الحكم بالصحّة لا يطابق الاصول ظاهرا.

(1)أي لا يجوز للنائب أن يستنيب الغير عن المنوب عنه إلاّ مع الإذن من المستأجر بالصراحة بأن يقول المستأجر: أنت مأذون في الاستنابة أيضا.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى النائب و في قوله «فيها» يرجع الى الاستنابة.

(2)الجار و المجرور متعلّق بقوله «مع الإذن». يعني أنّ الإذن لا يصحّ إلاّ ممّن يجوز له الإذن كما مثّل لمن يجوز له الإذن بقوله «كالمستأجر عن نفسه أو الوصي».

(3)فإنّ من وكّل لاستنابة شخص للحجّ لا يجوز له الإذن باستنابة النائب بدل نفسه غيره للحجّ إلاّ مع إذن الموكّل بأن قال: أنت وكيل في استنابة شخص للحجّ و مأذون بأن تجيز النائب في استنابته الغير للحجّ ، لأنّ الوكيل لا يتسلّط إلاّ بما يوكّل فيه بخلاف الوصي.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الوكيل، و المشار إليه في قوله «ذلك» هو الاستنابة من النائب.

(4)المراد من «العقد» هو الواقع بين المستأجر و الأجير. و المراد من تقييد الإطلاق

ص: 106

إيقاعه (1) مطلقا فإنّه (2) يقتضي المباشرة بنفسه، و المراد بتقييده (3) بالإطلاق أن يستأجره ليحجّ مطلقا بنفسه. أو بغيره، أو بما (4) يدلّ عليه، كأن يستأجره لتحصيل الحجّ عن المنوب. و بإيقاعه (5) مطلقا أن يستأجره ليحجّ عنه، فإنّ هذا الإطلاق يقتضي مباشرته (6) لا استنابته

**********

شرح:

بأن يقول المستأجر: استنبتك مطلقا. ففي هذه الصورة يجوز للنائب أن يستنيب الغير للحجّ عن المنوب عنه.

(1)الضمير في قوله «إيقاعه» يرجع الى العقد. و المراد من إيقاع العقد مطلقا بأن يقول: استنبتك للحجّ . ففي هذه الصورة لا يجوز له الاستنابة، لأنّ الإطلاق ينصرف الى نفس النائب.

(2)يعني أنّ إطلاق العقد يقتضي مباشرة شخص النائب للحجّ لا استنابة الغير للحجّ .

و الضمير في قوله «بنفسه» يرجع الى النائب.

(3)هذا توضيح للتقييد بالإطلاق. و الضمير في قوله «يستأجره» يرجع الى النائب، و كذلك الضميران في قوله: «بنفسه أو بغيره».

(4)الجار و المجرور متعلّق بقوله «أن يستأجره». يعني و المراد من تقييده بالإطلاق أن يستأجره بلفظ يدلّ على جواز الاستنابة للنائب، و مثّل له بقوله: «كأن يستأجره... الخ».

(5)عطف على قوله «و المراد بتقييده». يعني و المراد من إيقاعه مطلقا أن يستأجر المستأجر النائب بأن يحجّ عن المنوب عنه، فإنّ ذلك الإطلاق ينصرف الى المباشرة.

و الضمير في قوله «ليحجّ عنه» يرجع الى المستأجر.

(6)الضميران في قوله «مباشرته» و «استنابته» يرجعان الى النائب، و في قوله «فيه» يرجع الى الحجّ .

ص: 107

فيه. و حيث يجوز (1) له الاستنابة يشترط (2) في نائبه العدالة و إن لم يكن هو عدلا.

لا يحجّ عن اثنين في عام

(و لا يحجّ عن اثنين في عام) واحد، لأنّ الحجّ و إن تعدّدت أفعاله (3) عبادة واحدة فلا يقع عن اثنين. هذا (4) إذا كان الحجّ واجبا على كلّ واحد منهما، أو اريد (5) إيقاعه عن كلّ واحد منهما. أمّا (6) لو كان

**********

شرح:

(1)و هو صورة تقييد العقد بالإطلاق أو التصريح بالإذن لاستنابته، كما أوضحناه آنفا.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى النائب.

(2)يعني في صورة جواز الاستنابة للنائب يشترط استنابة من كان عادلا، فلا يجوز له أن يستنيب غير العادل و إن لم يكن نفس النائب عادلا.

و الضمير في قوله «لم يكن هو» يرجع الى النائب الذي استنابه المنوب عنه.

(3)فإنّ أفعال الحجّ من الإحرام الى آخر أعماله تكون متعدّدة لكنّ المجموع عبادة واحدة، فلا يمكن إتيانها عن جانب اثنين مثلا أنّ الوقوف بعرفة و كذا في المشعر في زمان واحد من يوم واحد و ليلة واحدة لا يمكن تكرار الوقت المعيّن للوقوفين، و كذا الحال في سائر المشاعر و النسك.

(4)أي عدم جواز الحجّ عن الاثنين في صورة كون الحجّ واجبا على ذمّتهما، بأن وجب الحجّ على كلّ من الشخصين اللذين يريد النائب أن يحجّ عنهما. ففي هذه الصورة لا يجوز الحجّ من نائب واحد عن شخصين.

(5)هذا مثال ثان على عدم جواز الحجّ الواحد عن اثنين، و هو أن يريد النائب أن يوقع الحجّ الواحد عن شخصين.

و الضمير في قوله «إيقاعه» يرجع الى الحجّ .

(6)هذه الصورة التي يجوز الحجّ من نائب واحد عن اثنين، و هو كون الحجّ

ص: 108

مندوبا و اريد إيقاعه (1) عنهما ليشتركا في ثوابه، أو واجبا (2) عليهما كذلك بأن ينذرا الاشتراك في حجّ يستنيبان فيه (3) كذلك، فالظاهر (4) الصحّة فيقع في العام الواحد عنهما (5)، وفاقا (6) للمصنّف في الدروس، و على تقدير المنع لو فعله (7) عنهما لم يقع عنهما

**********

شرح:

المندوب عن اثنين.

(1)الضمير في قوله «إيقاعه» يرجع الى المندوب من الحجّ ، فاذا أراد النائب إتيان الحجّ المندوب عن اثنين ليكون الثواب عائدا لهما فلا مانع ذلك.

و الضمير في قوله «في ثوابه» يرجع الى الحجّ المندوب.

(2)عطف على قوله «مندوبا» منصوب لكونه خبرا لقوله «لو كان». يعني يجوز الحجّ الواحد عن اثنين أيضا اذا كان الحجّ واجبا لشخصين بنحو الاشتراك، و مثّل له بقوله «بأن ينذرا... الخ».

(3)يعني اذا نذر الاثنان بأن يستنيبان شخصا واحدا للحجّ بنحو الاشتراك بأن يأتي الحجّ عنهما فلا مانع من ذلك.

و المشار إليه في قوله «كذلك» هو الاشتراك بين اثنين.

(4)جواب لقوله «أمّا لو كان مندوبا... أو واجبا... الخ». يعني أنّ الظاهر في الصورتين المذكورتين هو الصحّة.

(5)فالحجّ الواحد المأتيّ به في عام واحد بقصد النيابة عن اثنين يقع عن كلا المنوب عنهما.

(6)يعني أنّ القول بصحّة حجّ واحد عن اثنين في الموردين المذكورين يوافق قول المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(7)يعني في صورة المنع و عدم جواز حجّ واحد عن اثنين، فلو أتى حجّا واحدا عن جانب اثنين لا يقع الحجّ عن المنوبين المقصودين و لا عن نفس

ص: 109

و لا عنه، أمّا استئجاره لعمرتين (1) أو حجّة مفردة و عمرة مفردة (2) فجائز، لعدم المنافاة.

لو استأجراه لعام

(و لو استأجراه لعام) (3) واحد (فإن سبق أحدهما) بالإجارة (صحّ السابق) و بطل اللاحق،(و إن اقترنا) بأن أوجباه (4) معا فقبلهما، أو

**********

شرح:

النائب.

و فاعل قوله «لم يقع» مستتر يرجع الى الحجّ المأتيّ به، و ضمير التثنية في قوله «عنهما» يرجع الى المنوبين عن النائب، و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى النائب.

(1)يعني أنّ استئجار شخص واحد لإتيان العمرتين - بأن يستأجر لأداء العمرتين عن اثنين أو عن واحد - لا مانع منه، لأنّ الوقت المشغول لعمرة لا ينافي الوقت الذي يختصّه لعمرة اخرى، ففي عام واحد يجوز استنابة شخص واحد لعدّة عمرات.

(2)بأن يستناب شخص واحد لحجّة مفردة و عمرة مفردة فلا مانع من ذلك أيضا، لأنّ العمرة لا تختصّ بزمان خاصّ كي تتنافى بحجّة مفردة أو عمرة مفردة اخرى، بخلاف الحجّتين في عام واحد، لأنّ الزمان في خصوص النسك الواجبة محدود و معيّن لا يتصوّر وقوع حجّتين في زمان واحد، مثل الوقوف بعرفة من الزوال الى الغروب، و مثل الوقوف في المشعر من طلوع الفجر الى طلوع الشمس.

(3)هذا من متفرّعات القول بعدم جواز استنابة شخص واحد عن الاثنين في الحجّ في عام واحد، و هو أنه لو سبق استئجار أحدهما على الآخر صحّ السابق و بطل اللاحق، كما في سائر الموارد التي اختصّت الإجارة بزمان معيّن حيث لا يمكن الاستئجار عن اثنين.

(4)هذا تصوير الاستئجار عن اثنين بالاقتران، و هو أن يوقعا كلاهما إيجاب عقد

ص: 110

و كلّ (1) أحدهما الآخر، أو وكّلا (2) ثالثا فأوقع (3) صيغة واحدة عنهما (بطلا) لاستحالة الترجيح من غير مرجّح (4)، و مثله (5) ما لو استأجراه مطلقا لاقتضائه التعجيل أمّا لو اختلف زمان الإيقاع (6)

**********

شرح:

الإجارة في آن واحد بأن يقولا بقصد الإنشاء: استنبتك للحجّ ، بلا سبق من أحدهما فقال النائب: قبلت الاستنابة للحجّ عنكما.

و الضمير في قوله: «فقبلهما» يرجع الى الايجابين المفهوم من قوله «أوجباه».

(1)هذا مثال ثان باقتران عقدي الاستئجار، و هو أن يوكّل أحدهما الآخر فيقول في مقام إجراء صيغة الاستئجار: استنبتك عنّي و عن موكّلي في العام الحاضر للحجّ ، فقال النائب: قبلت الاستنابة عنكما.

(2)هذا مثال ثالث بأن وكّلا اثنان شخصا ثالثا أن يستنيب عنهما للحجّ فقال في مقام إجراء صيغة الاستئجار لشخص واحد: استنبتك عن قبل موكّلي للحجّ في العام الحاضر فقال النائب: قبلت النيابة عنهما كذلك.

(3)فاعل قوله «أوقع» مستتر يرجع الى الثالث. و الضمير في «عنهما» يرجع الى الاثنين اللذين وكّلا الثالث للاستنابة.

(4)فلا رجحان لتقديم أحد من الاستنابتين فيحكم ببطلانهما.

(5)يعني و مثل الاستنابة لعام واحد في البطلان استنابة شخص واحد عن اثنين اذا أطلقا العقد، فإنّ إطلاق العقد يقتضي التعجيل، فكلّ منهما يقتضي الحجّ في العام الحاضر، فيتنافيان و لا يرجّح أحدهما، فيحكم ببطلانها لعدم جواز ترجيح بلا مرجّح.

و الضمير في قوله «اقتضائه» يرجع الى الإطلاق.

(6)المراد من «الايقاع» هو إتيان الحجّ . بمعنى أنّ اختلاف زمان إتيان الحجّ يوجب صحّة استنابة شخص واحد عن اثنين بأن يستناب عن شخص بالحجّ في العام الحاضر و عن الآخر في العام القابل.

ص: 111

صحّ و إن اتّفق العقدان (1)، إلاّ (2) مع فورية المتأخّر، و إمكان استنابة من يعجّله (3) فيبطل.

تجوز النيابة في أبعاض الحجّ

(و تجوز النيابة في أبعاض الحجّ ) (4) التي تقبل النيابة (كالطواف) (5) و ركعتيه (و السعي و الرمي)، لا الإحرام (6) و الوقوف و الحلق و المبيت بمنى (مع العجز) (7) عن مباشرتها بنفسه،

**********

شرح:

(1)فإن اتّفق العقدان - كما اذا قال أحدهما: استنبتك للحجّ في العام الحاضر، و قال الآخر: استنبتك للحجّ في العام القابل، فقال النائب: قبلت النيابة عنكما - صحّت الاستنابة و النيابة عنهما.

(2)هذا استثناء عن قوله «صحّ ». يعني لو كانت استنابة الحجّ للمتأخّر فورية و أمكن له أن يستأجر شخصا آخر و لم يفعل فاستناب هذا الشخص حكم ببطلان استئجاره للمخالفة الفورية التي تجب عليه.

(3)الضمير في قوله «يعجّله» يرجع الى الحجّ . و قوله «فيبطل» جواب لقوله «إلاّ مع فورية المتأخّر».

(4)يعني أنّ الاستنابة كما تجوز في جميع أفعال الحجّ كذلك تجوز في بعض أفعالها التي تقبل النيابة.

(5)هذا و ما بعده مثال لأبعاض الحجّ التي تجوز النيابة فيها، كما اذا عجز عن الطواف فاستناب الغير للطواف عنه أو قدر على الطواف فطاف بنفسه و استناب الغير لركعتي الطواف.

(6)هذا و ما بعده مثال لأبعاض الحجّ التي لا تجوز الاستنابة فيها، مثلا لا تجوز استنابة الغير للوقوف بعرفه و المشعر عن جانب المنوب عنه، و كذلك لا تجوز استنابة الغير أن يحلق رأسه عن جانب المنوب عنه، و مثلهما استنابة الغير للميّت بمنى.

(7)الجار و المجرور متعلّق بقوله «و تجوز النيابة... الخ». و الضمير في قوله «عن مباشرتها» يرجع الى أبعاض الحجّ ، و في قوله «بنفسه» يرجع الى المنوب عنه.

ص: 112

لغيبة (1) أو مرض يعجز معه (2) و لو عن أن يطاف (3) أو يسعى به. و في إلحاق (4) الحيض به فيما يفتقر إلى الطهارة وجه، و حكم الأكثر بعد و لها (5) إلى غير النوع لو تعذّر إكماله (6) لذلك.(و لو أمكن حمله في الطواف)

**********

شرح:

(1)هذا و ما بعده تعليل للعجز عن المباشرة. و المراد من «الغيبة» هو خروج الحاجّ و المعتمر عن مكّة مع نسيان الطواف و ما بعده و كونه بعيدا عنها بنحو لا يقدر أن يرجع الى مكّة و يطوف فيها، فيجوز له أن يستنيب الغير للطواف و السعي و صلاة الطواف.

(2)الضمير في قوله «معه» يرجع الى المرض.

(3)هذا و ما بعده بصيغة المجهول. يعني أنّ المرض الموجب لاستنابة الغير هو الذي يعجزه حتّى عن الطواف الذي يحمله الغير، و كذلك السعي. فلو تمكّن المريض عن الطواف و السعي اللذين يحمله الغير فلا تجوز له الاستنابة لعدم تحقّق العجز عند ذلك.

و الضمير في قوله «يسعى به» يرجع الى المريض.

(4)هذا خبر مقدّم للمبتدإ المؤخّر و هو قوله «وجه». يعني اذا عرض الحيض للمرأة و لم تتمكّن من الطواف الذي يحتاج الى الطهارة هل تجوز لها الاستنابة لإلحاق الحيض بسائر الأسباب الموجبة للعجز أم لا؟ فقال «وجه».

و الضمير في قوله «به» يرجع الى العجز.

(5)يعني قال أكثر الفقهاء بعدول الحائض عن الحجّ الذي لا تتمكّن من طوافه الى غيره، مثلا اذا أحرمت المرأة لعمرة التمتّع و وردت مكّة لطواف عمرة التمتّع فعرضها الحيض بالأثناء فلم تقدر على الطواف وجب عليها أن تعدل الى حجّ الإفراد الذي لا يجب طوافه فعلا.

(6)الضمير في قوله «إكماله» يرجع الى النوع الذي عرض فيه الحيض. و المشار

ص: 113

(و السعي وجب) مقدّما (1) على الاستنابة،(و يحتسب لهما (2)) لو نوياه، إلاّ أن يستأجره (3) للحمل لا في طوافه، أو مطلقا (4)، فلا يحتسب للحامل، لأنّ الحركة مع الإطلاق قد صارت مستحقّة عليه (5) لغيره، فلا يجوز

**********

شرح:

إليه بقوله «لذلك» هو الحيض العارض لها.

من حواشي الكتاب في عدول الحائض الى نوع آخر من الحجّ : وجه إلحاق الحيض بالعجز عن المباشرة بنفسها أنّ الأعذار المسوّغة للنيابة كالغيبة و المرض يوجب الاستنابة للعجز عن المباشرة و الحيض أقوى منها لعدم جواز دخولها المسجد، فاذا جاز فيها الاستنابة للعلّة المذكورة جاز فيه أيضا فيما يفتقر الى الطهارة كالطواف و ركعتيه لوجود العلّة، لكن حكم الأكثر بعدولها الى غير النوع، بل لم يظهر هنا خلاف حتّى أنّ العلاّمة رحمه اللّه ادّعى في المنتهى و التذكرة الإجماع على الحكم، و الروايات به متظافرة. نعم، يمكن القول بجواز استنابتها في الطواف مع الضرورة الشديدة كانقطاعها عن أهلها في البلاد البعيدة. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)يعني في صورة إمكان الطواف و السعي بحمل الغير لا تجوز الاستنابة.

(2)الضمير في قوله «لهما» يرجع الى الحامل و المحمول. و الفاعل لقوله «نوياه» هو ضمير التثنية الراجع الى الحامل و المحمول. يعني لو نوى الحامل و المحمول الطواف عنهما احتسب الطواف لكليهما.

(3)الضميران في قوله «يستأجره» و «طوافه» يرجعان الى الحامل. يعني اذا استأجر المريض الحامل بأن يحمله للطواف لا في حال طواف نفسه فحينئذ لا يحتسب الطواف على الحامل أيضا.

(4)كما اذا استأجر الحامل بلا تقييد مذكور، ففي صورة إطلاق الاستئجار أيضا لا يحسب الطواف للحامل لانصراف الإطلاق بحمله لا في طواف نفسه.

(5)يعني أنّ الحركة من الحامل تكون حقّا على ذمّته للغير فلا يحسب الطواف

ص: 114

صرفها (1) الى نفسه، و اقتصر في الدروس على الشرط الأول (2).

كفّارة الإحرام في مال الأجير

(و كفّارة الإحرام) اللازمة بسبب فعل الأجير موجبها (3)(في مال (4) الأجير) لا المستنيب لأنه فاعل السبب (5)، و هي كفّارة للذنب (6) اللاحق به (و لو أفسد حجّه قضى (7) في) العام (القابل)

**********

شرح:

للحامل. و الضميران في قوله «عليه» و «لغيره» يرجعان الى الحامل.

(1)يعني لا يجوز صرف الحركة لنفس الحامل.

(2)المراد من «الشرط الأول» هو قوله «إلاّ أن يستأجره للحمل لا في طوافه».

و الشرط الثاني قوله «أو مطلقا». يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اقتصر في عدم جواز حساب الطواف للحامل بما اذا شرط المستأجر أن يحمله الأخير لا في طواف نفسه، فلو أطلق و لم يصرّح بذلك فحينئذ يحسب الطواف لكليهما.

(3)بالنصب، و عامله قوله «فعل الأجير». يعني لو فعل الأجير عملا يوجب الكفّارة مثل الصيد و غيره فلا تجب الكفّارة إلاّ على ذمّة الأجير لا المستأجر.

(4)خبر لقوله «و كفّارة الإحرام». يعني أنّ كفّارة ما يرتكب به الأجير في حال الإحرام كائن في مال نفس الأجير. و المراد من قوله «لا المستنيب» هو المستأجر.

(5)هذا تعليل وجوب الكفّارة من مال الأجير، فإنّ النائب فعل ما يوجب الكفّارة.

(6)يعني أنّ الكفّارة المعيّنة لفاعل السبب موجبة للتكفير من الذنب الملحق بالأجير. و الضمير في قوله «به» يرجع الى الأجير، فلا ربط للمستأجر.

(7)يعني لو أفسد النائب حجّه عمدا - كما اذا جامع زوجته في الإحرام - وجب على النائب إتيان الحجّ في السنة القابلة بعد إتمام الحجّ في السنة التي أفسد الحجّ فيها.

و المراد من قوله «قضى في القابل» هو الحجّ ثانيا في العام القابل، و ليس بالمعنى المتعارف من القضاء و هو إتيان العمل في خارج الوقت بعد فوته في وقته.

ص: 115

لوجوبه بسبب الإفساد (1)، و إن كانت (2) معيّنة بذلك العام، (و الأقرب الإجزاء) عن فرضه (3) المستأجر عليه بناء (4) على أنّ الاولى فرضه، و القضاء عقوبة،(و يملك (5) الاجرة) حينئذ لعدم الإخلال (6) بالمعيّن، و التأخير (7) في المطلق. و وجه عدم الإجزاء في

**********

شرح:

(1)فإنّ من موجبات قضاء الحجّ هو إفساد الحجّ .

(2)يعني و إن كانت الحجّة المستأجرة معيّنة بالسنة التي أفسد الحجّ فيها، فإنّ الوجوب إنّما جاء من جهة إفساد النائب الحجّ .

(3)يعني أنّ الأقرب في نظر المصنّف رحمه اللّه كفاية الحجّ الذي أفسده و أتمّه في العام الحاضر عن الحجّ الذي استأجر نفسه له.

و الضمير في قوله «فرضه» يرجع الى النائب، و في قوله «عليه» يرجع الى فرضه. و قوله «المستأجر عليه» صفة لفرضه.

(4)فإنّ الحكم بإجزاء الحجّ الفاسد يبتني على القول بكون الحجّ الأول فرضا و الحجّ في العام القابل عقوبة، و سيشير الشارح رحمه اللّه على القول الآخر، و هو كون الحجّ الأول عقوبة و الثاني فرضا.

(5)فإنّ استحقاق النائب الاجرة يبتني على القول بكون الحجّ الأول فرضا و الثاني عقوبة، لأنه اذا قيل بكونه فرضا فحينئذ يحكم باستحقاقه الاجرة، لأنه أتى الفعل في العام المعيّن، بخلاف القول بكون الثاني فرضا، فإنّ النائب لا يستحقّ الاجرة لمخالفته بما يجب عليه من إتيان الحجّ المستأجر في العام القابل.

و فاعل قوله «يملك» مستتر يرجع الى النائب، و المشار إليه في قوله «حينئذ» هو الإجزاء.

(6)هذا و ما بعده تعليل لاستحقاق الأجير الاجرة، فإنّ النائب لم يخلّ بالحجّ المستأجر في العام المعيّن.

(7)بالكسر، عطفا على قوله «الإخلال». و هذا تعليل ثان بتملّك النائب الاجرة.

ص: 116

المعيّنة (1) بناء على أنّ الثانية فرضه ظاهر (2) للإخلال بالمشروط ، و كذا (3) في المطلق على ما اختاره المصنّف في الدروس، من أنّ (4) تأخيرها عن السنة الاولى لا لعذر يوجب عدم الاجرة، بناء على (5) أنّ الإطلاق يقتضي التعجيل

**********

شرح:

و قد أوضحنا سابقا بأنّ النائب يجب عليه إتيان الحجّ في العام الحاضر في صورتين، الاولى: في صورة تعيين العام الحاضر، الثانية: في صورة إطلاق الاستئجار المنصرف الى العام الحاضر. ففي المقام يحكم باستحقاقه الاجرة لعدم إخلاله بالعام المعيّن و لعدم تأخيره الحجّ عن العام الحاضر المنصرف إليه الإطلاق.

(1)قوله «في المعيّنة» صفة لموصوف مقدّر و هو الحجّة. و هذا بيان دليل عدم الإجزاء في صورة كون الحجّة المعيّنة في العام المعيّن بناء على كون الفرض هو الثاني و العقوبة هو الأول.

(2)قوله «ظاهر» خبر لقوله «و وجه عدم الإجزاء». يعني أنّ وجه عدم إجزاء الحجّ المأتيّ به في العام المعيّن بناء على ذلك واضح، لأنّ النائب أخلّ بما شرط عليه من إتيانه الحجّ في العام المعيّن.

(3)يعني و كذا يظهر وجه عدم الإجزاء في صورة كون الاستئجار مطلقا بناء على مختار المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(4)هذا مختار المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

و الضمير في قوله «تأخيرها» يرجع الى الحجّة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه الدروس بأنّ النائب لو أخّر الحجّة عن السنة المعيّنة بلا عذر فحينئذ لا يستحقّ الاجرة من المستأجر.

(5)هذا بيان لمبنى مختار المصنّف رحمه اللّه و هو انصراف إطلاق الاستئجار بالعام الحاضر المقتضي للتعجيل.

ص: 117

فيكون (1) كالمعيّنة. فإذا جعلنا الثانية (2) فرضه كان كتأخير المطلق، فلا يجزي (3) و لا يستحقّ اجرة، و المروي (4) في حسنة زرارة أنّ الاولى فرضه، و الثانية عقوبة،

**********

شرح:

(1)يعني في صورة الإطلاق المقتضي للتعجيل تكون الحجّة المستأجرة مثل الحجّة المعيّنة في العام الحاضر.

(2)قوله «الثانية» مفعول أول لقوله «جعلنا» و المفعول الثاني للفعل قوله «فرضه».

و لا يخفى أنّ فعل «جعل» من الأفعال التي تحتاج الى مفعولين.

و الضمير في قوله «فرضه» يرجع الى النائب. يعني فاذا جعلنا الحجّة الثانية فرضا و واجبا على عهدة النائب و الاولى عقوبة عليه فيكون النائب مثل من أخّر الحجّ الواجب عليه في العام الحاضر عنه، فلا يستحقّ الاجرة.

(3)أي فلا يكفي الحجّ المأتيّ به الفاسد في العام الأول عن الفرض الذي على عهدة النائب بقضية الاستئجار، و لا يستحقّ الاجرة.

(4)المراد من «المروي» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن زرارة قال: سألته عن محرم غشى امرأته و هي محرمة، قال: جاهلين أو عالمين ؟ قلت: أجبني في (عن - خ ل) الوجهين جميعا، قال: إن كانا جاهلين استغفرا ربّهما و مضيا على حجّهما و ليس عليهما شيء، و إن كانا عالمين فرّق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه و عليهما بدنة، و عليهما الحجّ من قابل، فاذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرّق بينهما حتّى يقضيا نسكهما و يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا. قلت: فأيّ الحجّتين لهما؟ قال: الاولى التي أحدثا فيها ما أحدثا، و الاخرى عليهما عقوبة. (الوسائل: ج 9 ص 257 ب 3 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 9).

فإنّ الرواية تدلّ على كون الحجّة الاولى فرضه فتكون مستندة لقول المصنّف رحمه اللّه «و الأقرب الإجزاء و يملك الاجرة».

ص: 118

و تسميتها (1) حينئذ فاسدة مجاز، و هو (2) الذي مال إليه المصنّف. لكنّ الرواية (3) مقطوعة، و لو لم

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و تسميتها» يرجع الى الحجّة الاولى. يعني إن كان الحجّ الأول مجزيا و موجبا لاستحقاق الأجير الاجرة فكيف يسمّى فاسدا؟

فأجاب رحمه اللّه بأنّ إطلاق الفاسد عليه ليس حقيقة بل مجازا، لأنّ الفاسد لا يتعلّق عليه الأمر و لا يكون مجزيا، و الحال في المقام يكون الحجّ الأول فرضا و مجزيا.

قوله «مجاز» خبر لقوله «و تسميتها».

(2)الضمير يرجع الى كون الأول فرضا و الثاني عقوبة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه مال الى ذلك فقال «و الأقرب الإجزاء... الخ».

(3)كأنّ الشارح رحمه اللّه يميل الى كون الثانية فرضا و الاولى عقوبة، لأنه يستدرك كلام المصنّف رحمه اللّه بقوله «لكن الرواية مقطوعة».

فائدة: اعلم أنّ علماء الرجال عبّروا عن الروايات المنقولة عنهم عليهم السّلام بألفاظ و تعابير مختلفة أزيد من عشرين، و قد فصّلت أسامي الروايات بتوضيح لازم في كلّ منها مستفيدا من كتاب الميرزا القمّي رحمه اللّه المعروف ب «القوانين» و ذلك في كتابي المطبوع قبل ثمان عشرة سنة باللغة الفارسية المسمّى ب «كار و كوشش» فمن أراد فليراجع كتاب القوانين أو بكتابنا المذكور، و لنشير في هذا المختصر بأقسام أربعة من الروايات:

الأول: الرواية الصحيحة، و هي التي يذكر الرواة في سندها و يكون الرواة فيها إماميّين و عدولا.

الثاني: الحسنة، و هي التي يكون الرواة فيها إماميّين لكن لم يكن كلّهم أو بعضهم عدولا.

الثالث: الموثّقة، و هي التي يصل السند الى المعصوم عليه السّلام لكن الرواة في سندها لم

ص: 119

نعتبرها (1) لكان القول بأنّ الثانية فرضه أوضح، كما ذهب إليه ابن ادريس.

و فصّل العلاّمة في القواعد غريبا (2)، فأوجب في المطلقة قضاء الفاسدة

**********

شرح:

يكونوا اماميّين و الحال كانوا موثّقين في نقلهم.

الرابع: الضعيفة، و هي التي يكون الرواة فيها مجهولين أو مطعونين.

فقول الشارح رحمه اللّه «في حسنة زرارة» إشارة الى كون الرواة في سندها إماميّين اثني عشرية لكن لم تحرز عدالتهم.

و قوله رحمه اللّه «لكن الرواية مقطوعة» يريد منه كونها مضمرة، و هي التي لم يذكر فيها اسم المعصوم عليه السّلام الذي نقل عنه الخبر.

انظر الى حسنة زرارة الآنفة الذكر بقوله «سألته عن محرم غشى امرأته» فإنّ زرارة لم يذكر اسم المسؤول بأنّ الذي سأله هل هو المعصوم عليه السّلام و أيّهم أو غير المعصوم ؟

و زرارة بن أعين هو من جملة الرواة عن الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السّلام عاش بين سنة 80 و سنة 150 للهجرة، و هو كوفيّ التربة و الولادة، شيبانيّ الولاء لا النسب، و المعروف أنه من أصدق أهل زمانه. و كان زرارة بن أعين من أصحاب الإجماع، بمعنى أنّ علماء الرجال أجمعوا بصحّة روايته، و قد ذكروا في خصوص زرارة فضائل لا يسع المقام لذكرها، و هو أشهر من يعرف.

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنه لو لم تكن الرواية معتبرة لكان القول بكون الحجّة الثانية فرضا أوضح، لأنه اذا أفسد الحجّ الأول فكيف يقال بأنّ الأقوى أو الأقرب الإجزاء عن فرضه، و هذا القول هو الذي اختاره ابن ادريس رحمه اللّه.

من حواشي الكتاب: لكون ما فعله مفسدا للحجّ ، و مع الفساد لا يجزي عن الفرض. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(2)الغريب: العجيب غير المألوف من الكلام و البعيد الفهم، جمعه: غرائب.

ص: 120

في السنة الثانية، و الحجّ عن النيابة بعد ذلك، و هو (1) خارج عن الاعتبارين (2)، لأنّ غايته (3) أن تكون العقوبة هي الاولى، فتكون الثانية فرضه، فلا وجه للثالثة، و لكنّه (4) بنى على أنّ الإفساد يوجب الحجّ ثانيا، فهو (5) سبب فيه كالاستئجار، فإذا

**********

شرح:

(المنجد). و هو في المقام صفة لموصوف مقدّر و هو التفصيل. يعني أنّ العلاّمة رحمه اللّه فصّل في كتابه القواعد تفصيلا غير مألوف و غير مأنوس، فقال: إنّ النائب اذا أفسد الحجّ الأول فيجب عليه حينئذ قضاء ما أفسده في العام الأول في السنة الثانية، و تجب الحجّة نيابة في السنة الثالثة، فعلى هذا يأتي النائب ثلاث حجج في العام الأول و الثاني و الثالث كما يشير الى أدلّتها.

(1)الضمير يرجع الى التفصيل الذي ذكره العلاّمة رحمه اللّه. حيث قال الشارح رحمه اللّه بأنّ التفصيل المذكور عن العلاّمة رحمه اللّه خارج عن كلا الاعتبارين.

(2)المراد من «الاعتبارين» هو اعتبار الحجّ الأول فرضا و الثاني عقوبة كما مال إليه المصنّف رحمه اللّه، و اعتبار الأول عقوبة و الثاني فرضا كما ذهب إليه ابن ادريس رحمه اللّه.

(3)يعني أنّ غاية التفصيل كون العقوبة هي الاولى فتكون الحجّة الثانية فرضا، فيختار القول الذي عن ابن ادريس رحمه اللّه فلا مجال للقول بوجوب الحجّة الثالثة.

و الضمير في قوله «غايته» يرجع الى التفصيل.

(4)هذا بيان الدليل للتفصيل المذكور عن العلاّمة رحمه اللّه، بأنّ النائب أفسد الحجّ الأول عمدا فيجب عليه الحجّ الثاني بحكم الإفساد، فإنّه سبب لوجوب الحجّ مثل نفس الاستئجار، و الثالثة تجب عليه لعدم براءة ذمّته عن الحجّ الذي استأجر نفسه عليه.

(5)الضمير يرجع الى الإفساد، و في قوله «فيه» يرجع الى الوجوب. يعني أنّ

ص: 121

جعلنا (1) الاولى هي الفاسدة لم تقع عن المنوب، و الثانية وجبت بسبب الإفساد، و هو (2) خارج عن الإجارة، فتجب الثالثة. فعلى هذا (3) ينوي الثانية عن نفسه، و على جعلها (4) الفرض ينويها عن المنوب، و على الرواية (5) ينبغي أن يكون عنه، مع احتمال (6) كونها عن المنوب أيضا.

**********

شرح:

الإفساد سبب لوجوب الحجّ في العام الثاني، و التمثيل بقوله «كالاستئجار» في وجوب الحجّ عليه. يعني كما أنّ الاستئجار سبب لوجوب الحجّ عليه فكذلك الإفساد سبب لوجوب الحجّ على ذمّته.

(1)هذا و ما بعده مقدّمة للقول بوجوب الحجّ الثالث عليه، بمعنى أنه اذا جعلنا الحجّة الاولى فاسدة و لم تقع الفاسدة عن المنوب عنه، و الحجّة الثانية وجبت عليه بسبب إفساد النائب و لا ربط له بالاستئجار فحينئذ تجب عليه الحجّة الثالثة.

(2)الضمير يرجع الى الوجوب، أي الوجوب بسبب الإفساد لا ربط له بالإجارة.

(3)المشار إليه في قوله «هذا» هو الوجوب بسبب الإفساد. يعني فاذا وجبت الحجّة الثانية بسبب الإفساد فحينئذ ينوي النائب الحجّة الثانية عن نفسه.

و الضمير في قوله «عن نفسه» يرجع الى النائب.

(4)الضميران في قوله «جعلها» و «ينويها» يرجعان الى الحجّة الثانية. يعني بناء على جعل الحجّة الثانية فرضا و الاولى عقوبة فحينئذ ينوي النائب الثانية عن المنوب عنه.

(5)يعني بناء على مضمون الرواية المذكورة من زرارة ينبغي كون الحجّ الثاني عن النائب لأنه عقوبة عليه فينويه عن نفسه.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى النائب.

(6)هذا هو الاحتمال الآخر، و هو كون الحجّة الثانية أيضا عن المنوب عنه لكونها

ص: 122

يستحبّ إعادة فاضل الاجرة

(و يستحبّ ) للأجير (إعادة فاضل الاجرة) عمّا أنفقه (1) في الحجّ ذهابا و عودا،(و الإتمام له (2)) من المستأجر عن نفسه (3)، أو من الوصي (4) مع النصّ لا بدونه (5)(لو أعوز) (6)، و هل يستحبّ لكلّ منهما (7) إجابة الآخر الى ذلك ؟

**********

شرح:

من تبعات الحجّة الاولى - التي هي عن المنوب عنه - و من متمّماتها و مكمّلاتها، فكأنها تجبر الحجّة الاولى التي أفسدها، فينوي الثانية أيضا عن المنوب عنه.

و الضمير في قوله «كونها» يرجع الى الحجّة الثانية.

(1)يعني يستحبّ للنائب أن يعيد المال الذي كان فاضلا عن مئونة ذهابه الى الحجّ و عوده منه و ما صرفه في مئونة أعمال الحجّ .

(2)الضمير في قوله «له» يرجع الى الأجير. يعني كما يستحبّ للأجير أن يعيد إضافة ما صرفه في الحجّ كذلك يستحبّ لمن استأجره أن يكمّل له ما نقص من مئونته المصروفة في الذهاب و الإياب و ما صرفه في أفعال الحجّ .

(3)أي المستأجر الذي استأجر النائب عن جانب نفسه.

و الضمير في «نفسه» يرجع الى المستأجر.

(4)الجار و المجرور متعلّق بقوله «و الإتمام» و معطوف على قوله «من المستأجر».

يعني يستحبّ الإتمام من المستأجر عن نفسه أو من الوصي مع تصريح الموصي بأنه لو نقص ما عيّن للنائب فعلى الوصي أن يكمل ما نقص له.

(5)الضمير في قوله «لا بدونه» يرجع الى النصّ . يعني أنه لو لم يصرّح الموصي بالإتمام لا يجوز للوصي ذلك، لأنه لا اختيار له في الإتمام من مال الموصي إلاّ مع النصّ .

(6)أي لو نقص ما جعل اجرة عمّا صرفه من مئونة الذهاب و الإياب و أفعال الحجّ .

(7)ضمير التثنية في قوله «منهما» يرجع الى المستأجر و الأجير. يعني هل

ص: 123

تنظّر (1) المصنّف في الدروس من أصالة (2) البراءة و من أنه (3) معاونة على البرّ و التقوى (4)،

يستحب ترك نيابة المرأة الصرورة

(و ترك (5) نيابة المرأة الصرورة (6)) و هي التي لم تحجّ ، للنهي عنه في أخبار (7)،

**********

شرح:

يستحبّ القبول من المستأجر اذا أعاد الأجير ما فضل عن المؤونة و كذلك الأجير ما يكمله المستأجر ما نقص أم لا؟ و قوله «الى ذلك» إشارة الى ما ذكر.

(1)هذا جواب لقوله «هل يستحبّ ... الخ». يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بأنّ في المسألة نظر. و المراد من «التنظّر» هو الاحتمالان.

(2)هذا دليل احتمال عدم كون الإجابة مستحبّة، لأنّ الاستحباب من الأحكام الشرعية، فكلّ حكم شرعي شكّ فيه تجري عليه أصالة البراءة، كما اذا شكّ في وجوب شيء تجري عليه البراءة، كذلك الاستحباب، بناء على شمول أدلّة البراءة بالأحكام الغير الإلزامية أيضا مثل الاستحباب و الكراهة.

(3)هذا دليل استحباب الإجابة لكلّ منهما ما يعطيه الآخر، بأنّ الإجابة توجب الإعانة لإحسان الآخر، فيستحبّ من حيث الإعانة على البرّ و التقوى.

(4)و هذا متّخذ من قوله تعالى تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (1) . (المائدة: 2).

(5)بالرفع، عطفا على قوله «إعادة فاضل... الخ». يعني يستحبّ ترك نيابة المرأة التي لم تحجّ سابقا بل كان حجّها لأول مرّة.

(6)الصرورة و الصرارة و الصارورة و الصاروراء: من لم يحجّ أو لم يتزوج، تستعمل للواحد و للجمع. (المنجد).

(7)من الأخبار الدالّة على النهي عن نيابة المرأة الصرورة الخبر المنقول في الوسائل:

عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: يحجّ الرجل الصرورة

ص: 124


1- سوره 5 - آیه 2

حتّى ذهب بعضهم (1) الى المنع لذلك، و حملها (2) على الكراهة طريق الجمع بينها و بين ما دلّ على الجواز.(و كذا (3) الخنثى الصرورة) إلحاقا لها بالانثى، للشكّ في الذكورية، و يحتمل (4) عدم الكراهة لعدم تناول المرأة

**********

شرح:

عن الرجل الصرورة، و لا تحجّ المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة. (الوسائل:

ج 8 ص 125 ب 9 من أبواب النيابة في الحجّ ح 1).

و منها: عن سليمان بن جعفر قال: سألت الرضا عليه السّلام عن امرأة صرورة حجّت عن امرأة صرورة، فقال: لا ينبغي. (المصدر السابق: ح 3).

و من الروايات التي تدلّ على جواز نيابة المرأة عن الرجل و بالعكس الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يحجّ عن المرأة و المرأة تحجّ عن الرجل ؟ قال: لا بأس. (الوسائل: ج 8 ص 124 ب 8 من أبواب النيابة في الحجّ ح 2).

(1)يعني أنه أفتى بعض الفقهاء و هو الشيخ رحمه اللّه بمنع نيابة المرأة الصرورة للنهي عنها. و قوله «لذلك» إشارة الى المنع و النهي.

من حواشي الكتاب: منع الشيخ رحمه اللّه في كتابه الاستبصار من نيابة المرأة الصرورة عن الرجل، و في كتابه النهاية من نيابة المرأة مطلقا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)هذا مبتدأ، و خبره قوله «طريق الجمع».

و قد أجمع الشارح رحمه اللّه بين الروايات الناهية عن نيابة المرأة الصرورة و المجوّزة لها بحمل النهي على الكراهة و من حيث كون ترك الكراهة مستحبّا. قال المصنّف رحمه اللّه: «يستحبّ ... ترك نيابة المرأة الصرورة».

(3)يعني و كذا يستحبّ ترك نيابة الخنثى الصرورة بدليل إلحاق الخنثى بالأنثى.

(4)هذا احتمال آخر في خصوص نيابة الخنثى الصرورة، و هو عدم كراهة نيابة

ص: 125

التي هي مورد النهي لها (1).

يشترط علم الأجير بالمناسك و قدرته و عدالته

(و يشترط (2) علم الأجير بالمناسك (3)) و لو إجمالا، ليتمكّن من تعلّمها تفصيلا (4)، و لو حجّ (5) مع مرشد عدل أجزأ،(و قدرته (6) عليها) على

**********

شرح:

الخنثى للشكّ في كون الخنثى امرأة، و النهي ورد في خصوص المرأة، فيكون المورد من موارد الشبهة الموضوعية، و قد قالوا في علم الاصول بأنه اذا شكّ في الموضوع تجري فيه البراءة.

(1)الضمير في قوله «لها» يرجع الى الخنثى. يعني أنّ النهي الوارد في نيابة المرأة لا يشمل الخنثى للشكّ في كون الخنثى موردا للنهي.

(2)هنا شرع في بيان الشرائط التي تلزم في النائب. و الأول منها علم الأجير بالمناسك، فلو لم يعلم بها لا إجمالا و لا تفصيلا و لم يرشده المرشد العادل فلا تجوز حينئذ نيابته.

(3)المناسك: جمع مفرده منسك. و المراد هنا نفس العبادات المخصوصة في أمكنة مخصوصة، فالتعبير مجاز بعلاقة الحال و المحلّ ، فسمّيت العبادات الواردة في محلّ المخصوص باسم المحلّ .

(4)الانسب أن يقال: ليتمكّن من فعلها تفصيلا، لأن التعلّم التفصيلي لا يتوقّف بالعلم الإجمالي، و الحال أنّ معنى العبارة هو توقّف التعلّم تفصيلا على علم الأجير إجمالا.

من حواشي الكتاب: لا يخفى فساد العبارة و التعليل، فإنّ التمكّن من تعلّمها تفصيلا لا يتوقّف على العلم الإجمالي السابق. و في بعض النسخ «ليتمكّن من فعلها تفصيلا» و هو أولى. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(5)يعني لو حجّ الأجير بإرشاد شخص عادل بجميع مناسك الحجّ أجزأ و لو لم يعلم بالمناسك، لا تفصيلا و لا إجمالا.

(6)بالرفع، عطفا على قوله «علم الأجير». و هذا هو الشرط الثاني من شرائط

ص: 126

الوجه الذي عيّن، فلو كان عاجزا عن الطواف بنفسه (1) و استؤجر (2) على المباشرة لم يصحّ ، و كذا لو كان لا يستطيع القيام في صلاة الطواف (3). نعم لو رضي المستأجر بذلك حيث يصحّ منه (4) الرضا جاز،(و عدالته) (5)

**********

شرح:

الأجير، بأن يقدر على فعل المناسك على الوجه الذي تعيّن عليه.

(1)الضمير في قوله «بنفسه» يرجع الى الأجير. يعني اذا عجز الأجير عن الطواف بنفسه بل احتاج الى حمله من قبل شخص آخر و الحال شرط عليه الطواف بالمباشرة فلا يجوز نيابته للحجّ .

(2)الواو في الجملة للحالية. يعني اذا عجز عن الطواف بالمباشرة و الحال شرط المستأجر طوافه كذلك فلا يصحّ طوافه.

(3)كذلك لو عجز الأجير عن الصلاة قائما حتّى في صلاة الطواف فلا تجوز نيابته أيضا.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع الى المستأجر. يعني لو رضي المستأجر بالطواف مع الغير و بالصلاة جالسا جازت النيابة في صورة كون المستأجر أهلا بهذا الرضا و هو كونه مستأجرا عن نفسه في الحجّ المندوب، و كذلك كونه وكيلا أو وصيّا في الاستئجار للحجّ المندوب مع تصريح الموكّل و الموصي لذلك، و إلاّ فلا يصحّ الرضا منه بالطواف مع حمل الغير و الصلاة جالسا.

قوله «جاز» جواب لقوله «نعم لو رضي المستأجر... الخ».

(5)هذا هو الشرط الثالث من شرائط الأجير، و هو كونه عادلا في صورتين.

الاولى: اذا كان استئجاره للحجّ عن الميّت فلا يصحّ استئجار الفاسق عن الميّت لا لعدم صحّة حجّ الفاسق بل لعدم الاعتماد على إخباره بإتيان الحجّ ، بحكم مدلول الآية الشريفة إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (1) . (الحجرات: 6).

الثانية: اذا استؤجر للحجّ عن الذي وجب عليه الحجّ مثل المريض و الشيخ

ص: 127


1- سوره 49 - آیه 6

حيث تكون الإجارة عن ميّت (1)، أو من (2) يجب عليه الحجّ ،(فلا يستأجر فاسق) أمّا لو (3) استأجره ليحجّ عنه تبرّعا لم تعتبر العدالة لصحّة حجّ الفاسق (4)، و إنّما المانع عدم قبول خبره،(و لو حجّ ) الفاسق عن غيره (أجزأ) عن المنوب عنه في نفس الأمر (5)، و إن وجب عليه (6)

**********

شرح:

و الشيخة ففيها أيضا يشترط كون الأجير عادلا، فلا تصحّ نيابة الفاسق بدليل المذكور في الصورة الاولى.

(1)هذه هي الصورة الاولى من الصورتين المذكورتين.

(2)عطف على قوله «عن ميّت». يعني حيث تكون الإجارة عمّن يجب عليه الحجّ . و هذه هي الصورة الثانية من الصورتين المذكورتين.

(3)هذا متفرّع على قوله «حيث تكون الإجارة عن ميّت أو من يجب عليه الحجّ » فلو لم يكن كذلك بل استأجره المستأجر عن نفسه ليحجّ حجّا تبرّعا لا حجّا واجبا فلا تعتبر في صحّة النيابة العدالة.

و الفاعل في قوله «استأجره» مستتر يرجع الى المستأجر، و الضمير فيه يرجع الى الأجير، و قوله «تبرّعا» صفة لموصوف مقدّر و هو «حجّا».

و حاصل معنى العبارة بأنّ المستأجر لو استأجر الأجير عن نفسه في حجّ تبرّعي لا حجّ واجب عليه لم تعتبر العدالة في صحّة النيابة.

(4)فإنّ الفاسق يصحّ حجّه، لكن لا يقبل إخباره بإتيانه الحجّ ، فاذا كان قد استأجره للحجّ تبرّعا فلا احتياج لقبول إخباره بإتيان الحجّ .

و الضمير في قوله «خبره» يرجع الى الفاسق.

(5)يعني أنّ حجّ الفاسق صحيح و إتيانه عن جانب الغير مجزي عن الغير في الواقع، لكنّ المنوب عنه لا تبرأ ذمّته عن الواجب بإخباره الفاسق.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المنوب عنه، و في «غيره» يرجع الى الفاسق.

ص: 128

استنابة غيره لو كان (1) واجبا، و كذا القول في غيره (2) من العبادات كالصلاة و الصوم و الزيارة المتوقّفة (3) على النية.

الوصية بالحجّ ينصرف الى اجرة المثل

(و الوصية بالحجّ ) مطلقا من غير (4) تعيين مال (ينصرف الى اجرة المثل) و هو (5) ما يبذل غالبا للفعل المخصوص لمن استجمع شرائط النيابة

**********

شرح:

(1)يعني في صورة وجوب الحجّ على المنوب عنه يجب عليه استنابة غير الفاسق مجدّدا، و لا يعتني بحجّ الفاسق لعدم جواز الاعتماد بإخباره.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الحجّ . يعني أنّ الفاسق لا تجوز استنابته في غير الحجّ أيضا مثل الصلاة و الصوم و الزيارة.

(3)قوله «المتوقّفة» صفة لمجموع ما ذكر لا الزيارة فقط ، لأنّ الصلاة و الصوم أيضا متوقّفان على النية.

و لا يخفى أنّ الأعمال التي لا تصحّ إلاّ بالنية لا يمكن الاطّلاع بإتيانها إلاّ بإخبار الشخص، و الفاسق اذا أخبر بأنه نوى عند إتيان العمل من الحجّ و الصلاة و غيرهما فلا يوثق بخبره، و لعلّه نوى الحجّ عن نفسه أو عن الغير أو لم ينو أصلا فكيف يعتمد عليه.

و كأن الشارح رحمه اللّه أشار بقوله «المتوقّفة على النية» بالجواب عن السؤال الذي لو قيل: إنّ الفاسق اذا شوهد بأنه يأتي أعمال الحجّ و غيره من العبادات المستأجرة فيحكم بإجزائه عند ذلك.

فأجاب رحمه اللّه بأنّ الأعمال المتوقّفة على النية لا يعلم نيّة الفاسق فيها إلاّ بإخباره، و الحال أنّ الفاسق لا اعتماد و لا وثوق بإخباره، فلا يجزي عن المنوب عنه.

(4)بيان لقوله «مطلقا». يعني أنّ الموصي اذا أوصى بإتيان الحجّ عنه واجبا أو مندوبا وجبت اجرة المثل ممّا تركه لا الزيادة عنها لعدم جواز أخذ الزائد من مال الوارث.

(5)الضمير يرجع الى اجرة المثل. يعني أنّ اجرة المثل هو مقدار مال يبذل غالبا

ص: 129

في أقلّ مراتبها (1)، و يحتمل اعتبار الأوسط (2) هذا إذا لم يوجد من يأخذ أقلّ منها (3)، و إلاّ اقتصر عليه، و لا يجب تكلّف (4) تحصيله، و يعتبر ذلك من البلد أو الميقات على الخلاف (5)،(و يكفي) مع الإطلاق (6)(المرّة إلاّ مع إرادة التكرار) فيكرّر حسب ما دلّ عليه اللفظ (7)، فإن زاد عن الثلث

**********

شرح:

للفعل المخصوص لمن كان مستجمعا لشرائط النيابة.

(1)الضمير في قوله «مراتبها» يمكن رجوعه الى النيابة، يعني في أقلّ مراتب النيابة. و كذلك يحتمل رجوعه الى الاجرة، يعني أنّ الاجرة إنّما هي تؤخذ في أقلّ مراتبها، فلا تجوز الزيادة من أقلّ مراتب الاجرة. فعلى كلا الاحتمالين لا يتفاوت المعنى المطلوب.

(2)المراد من «الأوسط » إمّا بحسب حال النائب أو بحسب حال المنوب عنه، و يحتمل كون المراد المتوسط بين الإجارات المتعارفة بين الناس.

(3)الضمير في قوله «منها» يرجع الى اجرة المثل. يعني أنّ الحكم بانصراف الاجرة الى المثل إنّما هو في صورة عدم وجدان شخص يأخذ الأقلّ من اجرة المثل.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الأقلّ .

(4)يعني لا يجب على الوصي أن يلقي نفسه بالمشقّة في تحصيل من يأخذ أقلّ من اجرة المثل.

(5)اللام في قوله «على الخلاف» للعهد الذكري، و قد ذكرنا الخلاف في وجوب الحجّ عند إطلاق الوصية بأنه من البلد أو من الميقات.

(6)فلو أطلق الموصي في الوصية بالحجّ عنه فإنّه يكفي استئجار الحجّ عنه مرّة واحدة إلاّ أن يريد الموصي التكرار.

(7)فلو دلّ لفظه بإتيان الحجّ مرّتين أو ثلاث مرّات أو أزيد فحينئذ يجب التكرار،

ص: 130

اقتصر عليه إن لم يجز الوارث، و لو كان بعضه (1) أو جميعه واجبا فمن الأصل.

و لو عيّن القدر و النائب تعيّنا

(و لو عيّن القدر و النائب تعيّنا) (2) إن لم يزد القدر عن الثلث في المندوب و عن اجرة المثل في الواجب، و إلاّ اعتبرت الزيادة (3) من الثلث مع عدم إجازة الوارث، و لا يجب على النائب القبول (4)، فإن امتنع طلبا

**********

شرح:

فلو زاد عن ثلث ما ترك و لم يجز الوارث اقتصر على صرف الثلث لا الأزيد منه.

(1)الضمير في قوله «بعضه» يرجع الى ما أوصى. يعني لو كان بعض ما أوصى به الموصي واجبا عليه فتخرج الاجرة من أصل ماله، و كذلك اذا كان جميع ما أوصى به واجبا عليه.

(2)يعني أنّ الموصي اذا عيّن مقدارا من المال لاستنابة الحجّ و عيّن أيضا شخصا معيّنا أن يستأجر عنه - كما اذا قال: استأجروا زيدا أن يحجّ عنّي في مقابل عشرين دينارا - فيجب صرف المال المعيّن في استئجار زيد بشرطين:

الأول: اذا لم يزد المقدار المذكور عن الثلث لو كان الحجّ الموصى به مندوبا.

الثاني: اذا لم يزد المال المعيّن عن اجرة المثل لو كان الحجّ الموصى به واجبا على الموصي، و إلاّ يصرف لاستنابة الحجّ عنه بمقدار اجرة المثل لا الأزيد منه.

و فاعل قوله «تعيّنا» هو ضمير التثنية الراجع الى المال و النائب.

(3)المراد من «الزيادة» هو الزيادة عن الثلث في صورة كون الحجّ مندوبا، و الزيادة عن اجرة المثل في صورة كون الحجّ واجبا.

(4)بمعنى أنّ الموصي اذا أوصى باستنابة زيد للحجّ عنه بمقدار معيّن من المال فحينئذ لا يجب لزيد قبول النيابة عن الموصي.

ص: 131

للزيادة لم يجب إجابته (1)، ثمّ يستأجر غيره بالقدر (2) إن لم يعلم إرادة تخصيصه به، و إلاّ فباجرة المثل إن لم يزد (3) عنه (4)، أو يعلم (5) إرادته

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إجابته» يرجع الى النائب. يعني أنّ الموصي اذا عيّن زيدا لاستنابة الحجّ في مقابل عشرة دنانير فامتنع زيد عن النيابة في مقابل المال المذكور و طلب الزيادة عنه فلا يجب على الورّاث قبوله.

(2)يعني اذا امتنع النائب المعيّن عن النيابة في مقابل المال المعيّن استؤجر غيره بشرط عدم العلم بإرادة الموصي اختصاص النائب المعيّن بالمال الذي عيّنه.

توضيح: قال الموصي: استأجروا للحجّ شخصا فاضلا عنّى في مقابل عشرين دينارا، و الحال أنّ المقدار المذكور أزيد من اجرة المثل كثيرا، و يعلم من الموصي أنه اختصّ المال الزائد عن اجرة المثل فقط للشخص الفاضل لا الغير، فاذا امتنع الفاضل عن قبول النيابة استؤجر الغير لا في مقابل المال المعيّن المختصّ للفاضل في إرادة الموصي بل في مقابل اجرة المثل.

(3)يعني أنّ وجوب استئجار الغير في مقابل اجرة المثل إنّما هو في صورة عدم زيادتها عن المال المعيّن من الموصي و إلاّ يكتفي بالمعيّن لأنّ الموصي اذا عيّن مالا أقلّ من اجرة المثل فلا يتعدّى عن المقدار المعيّن الأقلّ .

(4)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى القدر، و فاعل قوله «إن لم يزد» مستتر يرجع الى اجرة المثل.

و حاصل معنى العبارة: إن امتنع النائب المعيّن عن النيابة استؤجر غيره في مقابل المال المعيّن اذا لم يعلم من إرادة الموصي اختصاص المال المعيّن لشخص النائب المعيّن، و إلاّ تجب الاستنابة في مقابل اجرة المثل، و ذلك أيضا اذا لم تزد اجرة المثل عن المال المعيّن و إلاّ يكتفى بالقدر المعيّن.

(5)أي إلاّ أن يعلم إرادة الموصي استنابة النائب المعيّن فقط لا الغير، فلو امتنع هو

ص: 132

خاصّة فيسقط بامتناعه بالقدر، أو مطلقا (1)، و لو عيّن النائب خاصّة (2) أعطي اجرة مثل من يحجّ (3) مجزيا، و يحتمل اجرة مثله (4)، فإن امتنع منه (5) أو مطلقا استؤجر غيره (6) إن لم يعلم إرادة التخصيص و إلاّ سقط .

**********

شرح:

فحينئذ يسقط الاستئجار و الاستنابة من الغير لاختصاص نظر الموصي عليه.

و لا يخفى أنّ كلمة «أو» هنا بمعنى إلاّ فيقدر «أن» الناصبة بعدها كما مثّل الأدبيّون بذلك بقولهم: لأقتلنّه أو يسلم، بمعنى إلاّ أن يسلم.

و حاصل معنى العبارة: ثمّ يستأجر غير النائب المعيّن اذا امتنع المعيّن، إلاّ أن يعلم إرادة الموصي النائب المعيّن فيسقط حينئذ وجوب العمل بالوصية عند امتناع النائب المعيّن.

(1)أي فيسقط بامتناعه مطلقا بدون أن يطلب الأزيد.

(2)هذا في مقابل قوله «و لو عيّن القدر و النائب». يعني لو عيّن النائب و لم يعيّن القدر...

(3)بمعنى أنه اذا عيّن النائب و لم يعيّن القدر تعطى له اجرة مثل شخص يحجّ حجّا مجزيا.

(4)الضمير في قوله «مثله» يرجع الى النائب المعيّن. يعني يحتمل وجوب اجرة المثل لشخص النائب كما أنه اذا كان صاحب علم و شخصية خاصّة بحيث تزيد اجرة أمثاله عن سائر الأشخاص.

(5)يعني إن امتنع النائب المعيّن عن النيابة في مقابل اجرة المثل، أو امتنع عن النيابة مطلقا لا باجرة المثل و لا بغيرها استؤجر غيره بشرط عدم العلم بتعلّق إرادته لشخص النائب المعيّن لا الغير، فلو علم ذلك فحينئذ تسقط الاستنابة.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى القبول المفهوم بالمقام.

(6)الضمير في قوله «استؤجر غيره» يرجع الى النائب المعيّن.

ص: 133

لو عيّن لكلّ سنة قدرا

(و لو عيّن لكلّ سنة قدرا) (1) مفصّلا كألف، أو مجملا كغلّة (2) بستان (3)، (و قصر كمّل من الثانية (4) فإن لم تسع) الثانية (فالثالثة) فصاعدا (5) ما يتمّم اجرة المثل (6)، و لو بجزء (7) و صرف الباقي مع ما بعده كذلك، و لو كانت السنون (8) معيّنة ففضل منها فضلة لا تفي بالحجّ أصلا ففي

**********

شرح:

(1)يعني لو عيّن الموصي لاستنابة الحجّ عنه في كلّ سنة قدرا معيّنا من المال كما اذا أوصى باستنابة الحجّ عنه في كلّ سنة عشرة دنانير...

(2)الغلّة - بالفتح -: الدخل من كراء دار و أجر غلام و فائدة أرض و نحو ذلك، جمعها: غلاّت و غلال. (أقرب الموارد).

(3)البستان: كلّ أرض ادير عليها جدار و فيها نخيل متفرّقة و أعناب و أشجار يمكن زراعة ما بينها من الأرض، و هو فارسي معرّب، جمعه بساتين.

(أقرب الموارد).

(4)أي كمّل مئونة استئجار الحجّ من المال الذي عيّنه للسنة الثانية، فلو لم يكف أيضا كمّل من المال المعيّن للسنة الثالثة، و هكذا.

(5)أي من السنوات الصاعدة على الثلاثة.

(6)و الحاصل: أنه يجب إكمال اجرة استنابة الحجّ و لو من المال الذي عيّنه للسنوات القابلة.

(7)بمعنى أنه كمّل الناقص من اجرة المثل من الأموال المعيّنة للسنوات الآتية و لو بأخذ جزء منها، كما اذا عيّن خمسة دنانير لكلّ سنة و لم يكف ذلك المقدار فيأخذ النصف المعيّن للسنة القابلة لأجرة المثل و يبقى النصف الباقي منه للحجّ في السنوات الآتية، و هكذا.

(8)كما اذا عيّن ألف دينار للحجّ في عشرين سنة فزاد من الاجرة مقدار لا يكفي لأجرة المثل لحجّ آخر.

و الضمير في قوله «فيها» يرجع الى السنون.

ص: 134

عودها (1) إلى الورثة أو صرفها في وجوه البر وجهان (2)، أجودهما الأول (3) إن كان القصور ابتداء، و الثاني (4) إن كان طارئا، و الوجهان آتيان فيما لو قصر المعيّن (5) لحجّة واحدة، أو قصر ماله أجمع عن الحجّة الواجبة، و لو أمكن استنماؤه (6)، أو رجي (7) إخراجه في وقت آخر وجب مقدّما على الأمرين (8).

**********

شرح:

(1)أي عود الفضلة الى الورثة أو صرفها في وجوه البرّ.

(2)هذا مبتدأ مؤخر، و خبره قوله «ففي عودها... الخ».

(3)المراد من «الأول» هو الحكم بعود الفضلة الى الورثة بشرط كون قصورها من الأول، بمعنى عدم كفايتها لنيابة الحجّ من الأول، لأنها اذا لم تكف باجرة المثل من حين الوصية تكون الوصية باطلة فتدخل في ملك الورثة.

(4)المراد من «الثاني» هو صرف الفضلة في وجوه البرّ بشرط عروض القصور، بمعنى أنها كانت كافية لأجرة الحجّ عند الوصية لكن عرض له القصور بعد الوصية، فتصرف حينئذ في وجوه البرّ لخروجها عن صلاحية كونها متعلّقة بالورثة بسبب الوصية فلا تدخل في ملكهم.

(5)كما اذا عيّن عشرة دنانير لاستئجار حجّة واحدة فقصرت عنها ففيه أيضا الوجهان المذكوران من دخوله لملك الورثة أو خروجه منه و صرفه في الخيرات.

(6)و قد احتمل الوجهان في المسائل الثلاث و هي: بقاء فضلة من مال الوصية لا يفي باجرة الحجّ ، و قصور مال الوصية عن حجّة واحدة، و قصور تمام المال عن الحجّة. ففي جميع المسائل المذكورة لو أمكن إبقاؤه و تكثيره بالتجارة و الزراعة و غيرها فإنّه يجب ذلك مقدّما على صرفه في وجوه البرّ.

(7)و كذلك لو رجي إمكان الحجّ في وقت آخر لا يصرف في وجوه البرّ.

(8)المراد من «الأمرين» هو عود المال الى الورثة و صرفه في وجوه البرّ.

ص: 135

(و لو زاد) المعيّن (1) للسنة عن اجرة حجّة و لم يكن مقيّدا بواحدة (حجّ ) عنه (2) به (مرّتين) فصاعدا إن وسع (في عام) واحد (من اثنين) فصاعدا (3)، و لا يضرّ اجتماعهما معا في الفعل في وقت واحد، لعدم وجوب الترتيب هنا (4) كالصوم (5) بخلاف الصلاة (6). و لو فضل عن واحدة جزء اضيف إلى ما بعده إن كان (7)، و إلاّ ففيه ما مرّ.

**********

شرح:

(1)يعني لو زاد المال المعيّن للحجّ في سنة عن اجرة حجّة واحدة و لم يعيّن الموصي استئجار واحدة و وسع المال لاستنابة حجّتين أو ثلاث حجج فهنا يجب استنابة المرّتين بأجيرين في سنة واحدة، و لا مانع من إجماع الأجيرين فصاعدا في عام واحد.

(2)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى المنوب عنه، و في قوله «به» يرجع الى المال الموصى به.

(3)أي باستنابة اثنين أو أزيد.

(4)يعني أنّ الترتيب بين الحجّتين بنيابة شخصين أو أزيد لا يلاحظ في خصوص الحجّ .

(5)كما أنّ الصوم اذا أتاه الأجيران فصاعدا من شخص واحد لا يجب الترتيب بينهما بل يستأجر الأجيران بقضاء صوم شخص واحد في زمان واحد.

(6)فإنّ الصلاة المأتية بها بنيابة شخصين فصاعدا يلاحظ فيها الترتيب للزومه في الصلاة كما يقول به أكثر الفقهاء، و لا يجوز إتيان صلاتين من نائبين عن جانب منوب واحد في عرض واحد.

(7)يعني إن كان الحجّ أوصى به بعد الحجّ الأول، و إن انحصر الحجّ الموصي به في واحد ففيما أضاف من مئونته الوجهان، أي ردّ المال الى الورثة أو صرفه في وجوه البرّ.

ص: 136

الودعيّ العالم بامتناع الوارث يستأجر عنه من يحجّ أو يحجّ

(و الودعيّ ) لمال إنسان (العالم (1) بامتناع الوارث) من إخراج الحجّ الواجب عليه عنه (يستأجر عنه من يحجّ أو يحجّ ) عنه (هو بنفسه) (2) و غير الوديعة من الحقوق المالية حتّى الغصب بحكمها (3)، و حكم غيره من الحقوق التي تخرج من أصل المال كالزكاة و الخمس و الكفّارة و النذر حكمه (4). و الخبر (5) هنا معناه الأمر، فإنّ ذلك واجب عليه حتّى لو دفعه إلى الوارث اختيارا ضمن (6)، و لو علم أنّ البعض يؤدّي فإن كان نصيبه

**********

شرح:

(1)قوله «العالم» صفة للودعي. يعني اذا علم الودعي - و هو من عنده المال - بأنّ الوارث يمتنع عن صرف المال لاستنابة الحجّ عن صاحب المال الذي وجب عليه الحجّ فإنّه يجوز له استئجار الحجّ بلا اطّلاع الوارث.

(2)يعني أنّ الودعي يأتي الحجّ نيابة عن صاحب المال بنفسه لا باستئجار شخص آخر.

و الضمير في قوله «هو» يرجع الى الودعي.

(3)يعني أنّ الأموال التي في ذمّة شخص لشخص الذي يجب عليه الحجّ لو امتنع وارثه من إتيان الحجّ عنه جاز له أن يصرف المال في استنابة الحجّ عن صاحب الحقّ و لو كان الضامن غاصبا.

و الضمير في قوله «بحكمها» يرجع الى الوديعة. يعني أنّ سائر الحقوق المالية بحكم الوديعة.

(4)قوله «حكمه» خبر لقوله «و حكم غيره». يعني أنّ حكم سائر الحقوق مثل حكم الحجّ ، فكما أنّ الحقوق المالية موجودة عند شخص يجوز صرفها في الحجّ كذلك الزكاة و الخمس و غيرهما.

(5)المراد من «الخبر» هو قوله «يستأجر» فإنّ معناه الأمر بإتيان الحجّ .

(6)فلو أخذوه منه قهرا فلا ضمان.

ص: 137

يفي به بحيث يحصل الغرض منه وجب الدفع إليهم (1)، و إلاّ (2) استأذن من يؤدّي مع الإمكان و إلاّ (3) سقط . و المراد بالعلم هنا (4) ما يشمل الظنّ الغالب المستند الى القرائن. و في اعتبار الحجّ من البلد (5) أو الميقات ما مرّ.

(و لو كان عليه (6) حجّتان إحداهما نذر فكذلك) يجب إخراجهما فما

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الودعي اذا علم بأنّ بعض الورّاث يأتي الحجّ عن الميّت فإنّه يجب عليه أن يدفع الوديعة التي عنده الى الورّاث.

و الضمير في قوله «إليهم» يرجع الى الورّاث.

(2)استثناء من قوله «فإن كان نصيبه يفي به». يعني لو لم يف نصيب من يؤدّي الحجّ عن الميّت فإنّه يجب على الودعي أن يحصل الإذن منه فيصرف الوديعة التي عنده في استنابة الحجّ عن الميّت.

(3)فإن لم يمكن الاستئذان لوجود المحذور أو خوف إفشاء وجود الوديعة سقط حينئذ وجوب الاستئذان عنه، بل يأتي الحجّ عن صاحب الوديعة بنفسه أو باستئجار الغير.

(4)أي المراد من العلم في قوله «و الودعي العالم بامتناع الوارث» هو الاعتقاد الشامل للظنّ أيضا الحاصل من القرائن، بمعنى أنّ الودعي اذا حصل له الظنّ الغالب بأنّ الورثة لا تأتي الحجّ عن الميّت لو دفع الوديعة إليهم، فيجب عليه أن يصرف الوديعة في الحجّ بنفسه أو باستنابة الغير.

(5)يعني أنّ الودعي الذي يجب عليه الحجّ عن صاحب الوديعة هل المعتبر حجّه من البلد أو من الميقات ؟ ففيه الخلاف المتقدّم.

(6)يعني لو كان على ذمّة صاحب الوديعة حجّتان أحدهما للنذر و الآخر لحجّة الإسلام وجب على الودعي أيضا أن يصرف الوديعة في إتيان الحجّتين الواجبتين اللتين على ذمّة الميّت.

ص: 138

زاد (إذ الأصحّ أنهما (1) من الأصل) لاشتراكهما (2) في كونهما حقّا واجبا ماليا، و مقابل الأصحّ (3) إخراج المنذورة من الثلث، استنادا الى رواية (4) محمولة على نذر غير لازم كالواقع في المرض (5)، و لو قصر المال (6) عنهما

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أنهما» يرجع الى الحجّتين. يعني أنّ القول الأصحّ إخراج مئونة كلا الحجّتين الواجبتين أو الأزيد من أصل المال لا من الثلث.

(2)ضميرا التثنية في قوله «لاشتراكهما» و «كونهما» يرجعان الى الحجّتين الواجبتين.

(3)أي القول الأصحّ الذي ذكره بقوله «الأصحّ » فالقول الغير الأصحّ هو إخراج مئونة الحجّ الذي وجب عليه بالنذر من ثلث المتروك لا من الأصل.

(4)المراد من «الرواية المستندة» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن ضريس الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل عليه حجّة الإسلام نذر نذرا في شكر ليحجّنّ به رجلا الى مكّة، فمات الذي نذر قبل أن يحجّ حجّة الإسلام و من قبل أن يفي بنذره الذي نذر، قال: إن ترك مالا يحجّ عنه حجّة الإسلام من جميع المال و اخرج من ثلثه ما يحجّ به رجلا لنذره و قد و فى بالنذر، و إن لم يكن ترك مالا إلاّ بقدر ما يحجّ به حجّة الإسلام حجّ عنه بما ترك، و يحجّ عنه وليّه حجّة النذر، إنّما هو مثل دين عليه. (الوسائل: ج 8 ص 51 ب 29 من أبواب وجوب الحجّ ح 1).

(5)فإنّ المريض الذي يموت بمرضه لا يجب العمل بما نذره من ماله لا من أصل المال و لا من ثلثه، أو إنّ النذر في مرض الموت يكون مثل الوصية لا يخرج إلاّ من الثلث لا من الأصل.

(6)اللام في قوله «قصر المال» للعهد. يعني لو قصر المال الذي يكون وديعة عند الودعي عن اجرة الحجّتين اللتين إحداهما للإسلام و الاخرى للنذر.

و الضمير في قوله «عنهما» يرجع الى الحجّتين.

ص: 139

تحاصّتا (1) فيه، فإن قصرت الحصّة (2) عن إخراج الحجّة بأقلّ ما يمكن و وسع الحجّ خاصّة أو العمرة صرف فيه (3)، فإن قصر عنهما (4) و وسع أحدهما ففي تركهما و الرجوع الى الوارث، أو البرّ على ما تقدّم، أو تقديم حجّة الإسلام، أو القرعة أوجه (5)، و لو وسع الحجّ خاصّة (6) أو العمرة

**********

شرح:

(1)فاعل قوله «تحاصّتا» هو ضمير التثنية الراجع الى الحجّتين، و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المال. يعني في صورة قصور المال عن مئونة الحجّتين يقسّم المال لكليهما.

(2)المراد من «الحصّة» هو المال الذي جعل حصّة لكلّ منهما. يعني لو لم تكف حصّة كلّ من الحجّتين بهما و لو بصرف أقلّ ما يحتاج إليه لكن الحصّة لكلّ منهما تكفي حجّته فقط أو تكفي عمرة مفردة كذلك صرفت الحصّتين في حجّ كلّ منهما أو عمرة كلّ منهما.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى ما وسع.

(4)بأن لا تكفي الوديعة بكليهما لا في مجموع حجّهما و عمرتهما و لا في أحد من الحجّة و العمرة منهما، و فيه أربعة احتمالات:

الأول: ترك كلّ من الحجّتين الواجبتين و إعادة الوديعة الى الورّاث.

الثاني: صرف المال في وجوه البرّ و الإحسان في حقّ الميّت.

الثالث: تقديم حجّة الإسلام على حجّة النذر، بأن تصرف الوديعة باستنابة حجّة الإسلام.

الرابع: القرعة بين الحجّتين، بأيّ منهما أصابت القرعة صرف المال في مئونته.

(5)قوله «أوجه» مبتدأ مؤخّر، و خبره قوله «ففي تركهما... الخ».

(6)بأن تكفي الوديعة بحجّة أحد من الحجّتين الواجبتين أو عمرة أحدهما، ففيه أيضا أربعة وجوه كما مرّت.

ص: 140

فكذلك، و لو لم يسع أحدهما (1) فالقولان (2)، و التفصيل (3) آت فيما لو أقرّ بالحجّتين، أو علم (4) الوارث أو الوصي كونهما عليه،(و لو تعدّدوا) من عنده الوديعة (5) أو الحقّ (6) و علموا بالحقّ (7) و بعضهم (8) ببعض (وزّعت) اجرة الحجّة (9)، و ما في

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع الى الحجّ خاصّة و العمرة خاصّة. يعني لو لم تكف الوديعة حتّى بالفرض الآخر و هو صرفها في حجّ أحد من الواجبين أو عمرة أحد منهما ففيه القولان المتقدّمان.

(2)المراد من «القولان» هو القول بعود الوديعة الى الورثة و القول بصرفها في وجوه البرّ و الإحسان.

(3)المراد من «التفصيل» هو التفصيل المذكور في صرف الوديعة لكلّ من الحجّتين اللتين أقرّ الميّت بهما في حال حياته، و التفصيل المذكور في عدم كفاية الوديعة بكليهما. يعني أنّ التفاصيل المذكورة تأتي في صورة الإقرار بوجوب الحجّتين عليه.

(4)يعني أنّ التفاصيل الماضية تأتي في صورة علم الوارث بوجوب الحجّتين عليه و لو لم يوص الميّت، و كذلك اذا علم الوصي بوجوبهما عليه.

و الضمير في «كونهما» يرجع الى الحجّتين الواجبتين، و في «عليه» يرجع الى الميّت.

(5)كما اذا أودع الميّت مقدارا من المال في يد كلّ منهما.

(6)يعني اذا كان من عنده الحقّ المالي من الميّت متعدّدا.

(7)المراد من «الحقّ » هو الواجب الذي في ذمّة الميّت من الواجبات التي تخرج مئونتها من أصل ما ترك أعمّ من الحجّ و غيره، مثل الصلاة و الصوم و الكفّارات.

(8)فاعل لقوله «علموا». يعني اذا علموا بعض منهم ببعض آخر بأنهم و دعيّون.

(9)يعني تقسّم مئونة الحجّة الواجبة عليه بنسبة المال الذي في يد كلّ منهما. مثلا لو

ص: 141

حكمها (1) عليهم بنسبة ما بأيديهم من المال (2)، و لو أخرجها (3) بعضهم بإذن الباقين فالظاهر هو الإجزاء، لاشتراكهم (4) في كونه مال الميّت الذي يقدّم إخراج ذلك منه على الإرث (5)، و لو لم يعلم بعضهم بالحقّ (6) تعيّن على العالم بالتفصيل (7)، و لو علموا به و لم يعلم

**********

شرح:

كانت اجرة الحجّة ألف دينار و في يد كلّ منهما عشرة آلاف دينار توزّع الاجرة بينهما بالمناصفة، و لو كان في يد أحدهما خمسة آلاف دينار توزّع اجرة الحجّة بينهما بالأثلاث، بمعنى أنّ من في يده عشرة آلاف دينار يتعهّد من الاجرة سهمين، و أنّ من في يده خمسة يتعهّد سهما واحدا، و هكذا.

(1)المراد من «ما في حكمها» هو سائر الحقوق المالية مثل الزكاة و الخمس و الكفّارات.

(2)فالذي كان عنده عشرة يتعهّد من الاجرة ثلثين، و من كان عنده خمسة يتعهّد ثلثا من الاجرة.

(3)كما اذا أخرج اجرة الحجّ بعض منهم بإذن الباقين فإنّه يجزي عن الجميع.

(4)فإنّ كلاّ منهم يشترك في كون المال الذي في أيديهم مالا للميّت فيقدّم إخراج ذلك على إرث الورّاث.

و الضمير في قوله «كونه» يرجع الى ما بأيديهم، و المشار إليه في قوله «إخراج ذلك منه» هو اجرة الحجّة.

(5)الجار و المجرور متعلّق بقوله «يقدّم». يعني يقدّم إخراج مئونة الحجّ على الإرث.

(6)المراد من «الحقّ » هو الذي في ذمّة الميّت من الحقوق الواجبة الشرعية. يعني اذا علم أحد منهم بذلك وجب عليه واجبا عينيا لا تخييريا بينهم.

(7)الجار و المجرور متعلّق بقوله «تعيّن». و المراد من «التفصيل» هو التفصيل المذكور من أول المسألة الى هنا.

ص: 142

بعضهم (1) ببعض فأخرجوا جميعا أو حجّوا فلا ضمان مع الاجتهاد على الأقوى، و لا معه (2) ضمنوا ما زاد على الواحدة، و لو علموا (3) في الأثناء سقط من وديعة كلّ منهم ما يخصّه من الاجرة و تحلّلوا ما عدا واحد بالقرعة (4) إن كان (5) بعد الإحرام، و لو حجّوا عالمين بعضهم ببعض صحّ السابق (6) خاصّة و ضمن اللاحق، فإن أحرموا

**********

شرح:

(1)كما اذا علموا بوجوب الحجّ على الميّت لكن لم يعرف بعضهم بعضا فأخرجوا اجرة الحجّ كلّهم أو صرفوا بنفسهم في الحجّ فعلموا بعد إتيان الحجّ بأنهم حجّوا معا عن جانب الميّت فلا يضمنون عند التحقيق و الاجتهاد و إلاّ ضمنوا.

(2)الضمير في قوله «و لا معه» يرجع الى الاجتهاد. يعني لو لم يتحقّقوا و لم يجتهدوا فحجّوا جميعا فبان بأنهم حجّوا يضمنون بما زاد عن اجرة حجّة واحدة، فاذا كان في يد كلّ واحد من الثلاث مثلا عشرة دنانير و كان اجرة الحجّ الواحد ستّة دنانير فحينئذ يسقط عن كلّ منهم ديناران من الوديعة و يضمنون الباقي منها.

(3)هذا فرع آخر في المسألة و هو أنّ الذين في يدهم أموال الميّت و لم يعلموا بعضهم ببعض إلاّ في أثناء الحجّ فإنّه يسقط عن كلّ منهم بمقدار المؤونة المصروفة للحجّ و مقدّماته الى حال العلم و حلّوا من الإحرام جميعا إلاّ الواحد بحكم القرعة، مثلا اذا صرف كلّ واحد منهم الى حال العلم من أنّ السائرين أيضا حجّوا عن الميّت ألفي دينار فيسقط من الوديعة عنده بذلك المقدار و يشتغل الباقي من الوديعة.

(4)فيقرع بينهم، فكلّ من أصابته القرعة يبقى في إحرامه و يحلّ الباقون منهم.

(5)هذا قيد لقوله «تحلّلوا». يعني إن كان علمهم بحجّ الآخر بعد الإحرام، أمّا لو علموا قبل الإحرام أحرم واحد منهم بحكم القرعة.

(6)بمعنى أنّ الذي أقدم بالحجّ سابقا يصحّ حجّه و يبطل حجّ اللاحق و ضمن الوديعة التي عنده.

ص: 143

دفعة (1) وقع الجميع عن المنوب و سقط من وديعة كلّ واحد ما يخصّه من الاجرة الموزّعة و غرم الباقي، و هل يتوقّف تصرّفهم (2) على إذن الحاكم ؟

الأقوى (3) ذلك مع القدرة على إثبات الحقّ (4) عنده، لأنّ ولاية إخراج ذلك (5) قهرا على الوارث إليه، و لو لم يمكن (6) فالعدم أقوى، حذرا من

**********

شرح:

(1)كما اذا علموا بأنّ كلاّ منهم يحجّ عن الميّت فأحرموا في زمان واحد بلا سبق أحد منهم، فحينئذ يصحّ حجّ الجميع عن المنوب عنه و يسقط عن الوديعة التي عند كلّ منهم بمقدار الاجرة التي يختصّ عليه عند توزيع اجرة الحجّ بينهم، و يغرم كلّ منهم الباقي من الاجرة.

و الضمير في قوله «يخصّه» يرجع الى كلّ واحد. و فاعل قوله «غرم الباقي» مستتر يرجع الى كلّ واحد منهم.

(2)يعني أنّ الذين عندهم أموال الميّت هل يحتاج تصرّفهم المال في مئونة الحجّ عن الميّت الى إذن الحاكم ؟

(3)هذا جواب لقوله «هل يتوقّف». و المشار إليه في قوله «ذلك» هو توقّف تصرّفهم على إذن الحاكم الشرعي.

(4)المراد من «الحقّ » هو الذي ما في ذمّة الميّت من الحقوق الشرعية، مثل الحجّ و الصلاة و الصوم.

و الضمير في قوله «عنده» يرجع الى الحاكم.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إخراج اجرة الحجّ من مال المتروك عن الميّت.

يعني أنّ الحكومة و الغلبة في مثل هذه المسائل إنّما هو للحاكم لا الغير.

و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى الحاكم.

(6)فاعل قوله «يمكن» مستتر يرجع الى إمكان إثبات الحقّ عنده. يعني لو لم يمكن للودعي أن يثبت الحقّ عند الحاكم فالقول بعدم تحصيل الإذن منه أولى.

ص: 144

تعطيل الحقّ (1) الذي يعلم من بيده المال ثبوته، و إطلاق النصّ (2) إذن له، (و قيل: يفتقر الى إذن الحاكم) مطلقا (3) بناء على ما (4) سبق (و هو بعيد) (5) لإطلاق النصّ و إفضائه (6) الى مخالفته (7) حيث يتعذّر.

**********

شرح:

(1)بمعنى أنه لو منع من صرف المال في الحقوق الواجبة الى الميّت لزم تعطيل الحقوق الشرعية التي في ذمّة الميّت و لا يعلمه إلاّ الودعي الذي عنده المال من الميّت.

و الضمير في قوله «ثبوته» يرجع الى الحقّ ، و هو مفعول لقوله «يعلم من بيده المال».

(2)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن بريد العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل استودعني مالا و هلك و ليس لولده شيء و لم يحجّ حجّة الإسلام، قال: حجّ عنه، و ما فضل فاعطهم. (الوسائل: ج 8 ص 128 ب 13 من أبواب النيابة ح 1). فإنّ الرواية تدلّ على جواز الحجّ عن الميّت بلا تقييد إجازة من الحاكم.

و الضمير في قوله «إذن له» يرجع الى الودعي.

(3)سواء تمكّن من إثبات الحقّ عنده أم لا.

(4)المراد من «ما سبق» هو قوله «لأنّ ولاية إخراج ذلك قهرا على الوارث إليه».

(5)أي القول بافتقار الإذن من الحاكم بعيد، لأنّ خبر بريد العجلي المذكور آنفا مطلق.

(6)الضمير في قوله «إفضائه» يرجع الى القول بالافتقار، و هو بالجر، عطفا على مدخول لام التعليل في قوله «لإطلاق النصّ ».

(7)الضمير في «مخالفته» يرجع الى النصّ . يعني أنّ القول بذلك ينجرّ الى مخالفة النصّ في صورة عدم إمكان الاستئذان.

ص: 145

الفصل الثاني في أنواع الحجّ

اشارة

(الفصل الثاني في أنواع الحجّ ) (و هي (1) ثلاثة:)

التمتّع

(تمتّع (2)) و أصله التلذّذ (3) سمّي هذا النوع به (4) لما يتخلّل بين عمرته و حجّه من التحلّل الموجب لجواز الانتفاع و التلذّذ بما كان قد حرّمه الإحرام، مع ارتباط عمرته بحجّه حتّى أنهما (5) كالشيء

**********

شرح:

أنواع الحجّ (1)الضمير في قوله «و هي ثلاثة» يرجع الى الأنواع. يعني أنّ أنواع الحجّ ثلاثة:

تمتّع، و قران، و إفراد.

(2)هذا و ما بعده في بيان الثلاثة من أنواع الحجّ ، فالأول منها هو حجّ التمتّع.

(3)يعني أنّ لفظ «التمتّع» في اللغة بمعنى التلذّذ، و تسميته بذلك اللفظ باعتبار التحلّل الحاصل بين عمرته و حجّه الموجب لحصول التلذّذ و التمتّع ممّا حرّمه الإحرام.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى التمتّع، و في قوله «بين عمرته و حجّه» أيضا يرجعان الى حجّ التمتّع. و ممّا حرّمه إحرام العمرة هو التلذّذ بالنساء، فبالتّحلل من إحرامها يجوز التمتّع الجنسي بالنساء الى أن يحرم لحجّه.

(5)فإنّ بين عمرة التمتّع و حجّه شدّة ارتباط و كأنهما شيء واحد في الشرع.

ص: 146

الواحد شرعا، فإذا حصل بينهما ذلك (1) فكأنه حصل في الحجّ (و هو (2) فرض من نأى) أي بعد (عن مكّة بثمانية و أربعين ميلا من كلّ جانب على الأصحّ ) (3) للأخبار (4) الصحيحة الدالّة عليه، و القول المقابل للأصحّ (5)

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو التمتّع، و الضمير في قوله «فكأنه» يرجع الى التلذّذ. يعني أنّ حصول التلذّذ بين الحجّ و العمرة كأنه حاصل في الحجّ ، فعلى ذلك سمّي بحجّ التمتّع.

(2)الضمير في قوله «و هو فرض... الخ» يرجع الى حجّ التمتّع. يعني أنّ حجّ التمتّع يتعيّن للذين بعدوا عن بلدة مكّة بثمانية و أربعين ميلا، و هي ستّة عشر فرسخا، أي ستّ و تسعون كيلومترا كما في قوله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ اتَّقُوا اللّهَ (1) . (البقرة: 196).

(3)يعني أنّ القول بذلك المقدار من كلّ جانب لمكّة على الأصحّ من القول، و في مقابلة قول أمين الإسلام الطبري رحمه اللّه صاحب التفسير المعروف بكون المقدار من كلّ جانب اثني عشر ميلا.

(4)من الأخبار المستندة في المسألة الخبر المنقول في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (2) ، قال: يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة، كلّ من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلا ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكّة فهو ممّن دخل في هذه الآية، و كلّ من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة. (الوسائل: ج 8 ص 187 ب 6 من أبواب أقسام الحجّ ح 3).

و الضمير في قوله «الدالّة عليه» يرجع الى الأصحّ . و هذا القول منسوب الى المشهور، و قد نسب الى الصدوقين رحمهما اللّه و الشيخ رحمه اللّه في كتابيه التهذيب و النهاية و المحقّق رحمه اللّه في المعتبر و العلاّمة رحمه اللّه في المنتهى و الشهيد الأول في الدروس.

(5)القول المقابل للأصحّ هو اعتبار البعد باثني عشر ميلا، و قد نسب هذا القول

ص: 147


1- سوره 2 - آیه 196
2- سوره 2 - آیه 196

اعتبار بعده باثني عشر ميلا، حملا (1) للثمانية و الأربعين على كونها موزّعة على الجهات الأربع، فيخصّ كلّ واحدة اثني عشر، و مبدأ التقدير منتهى عمارة مكّة الى منزله (2)، و يحتمل (3) الى بلده مع عدم سعتها جدا، و إلاّ فمحلّته. و يمتاز هذا النوع (4) عن قسيميه (أنه يقدّم عمرته على حجّه ناويا)

**********

شرح:

الى الشيخ رحمه اللّه في كتابه المبسوط و ابن ادريس رحمه اللّه في السرائر و المحقّق رحمه اللّه في الشرائع و العلاّمة رحمه اللّه في بعض كتبه و الطبرسي رحمه اللّه في تفسيره.

أقول: و قد استندت في نقل الأقوال بما نقله أحد الفضلاء المعاصرين في شرحه، حفظه اللّه تعالى و جزاه بما سعى في تحصيل الأقوال.

(1)يعني أنّ القائلين بهذا القول حملوا الثمانية و الأربعين ميلا على توزيعه و تقسيمه بالجهات الأربع، فإذا لوحظ من كلّ جانب من الجهات الأربع اثني عشر ميلا كان المجموع ثمانية و أربعين ميلا.

(2)يعني أنّ أول المقدار المذكور يلاحظ من آخر البيوت و العمارات من بلدة مكّة الى منزل المكلّف النائي عنها.

(3)هذا احتمال آخر في تحصيل المسافة المذكورة بأنه يلاحظ بين آخر عمارات مكّة الى أول عمارات بلد الحاجّ في صورة عدم كون سعة بلدة خارجة عن المتعارف كما في البلاد الكبيرة مثل طهران و بغداد، قال بعض الفقهاء باعتبار المسافة الشرعية في قصر الصلاة من أول المحلّة التي سكن المكلّف فيها، ففي المقام أيضا كذلك.

و الضمير في قوله «سعتها» يرجع الى البلدة، و في «محلّته» يرجع الى الحاجّ .

(4)المشار إليه في قوله «هذا النوع» هو حجّ التمتّع، و المراد من قوله «قسيميه» هو حجّ القران و حجّ الإفراد. يعني أن حجّ التمتّع يفارق القسمين الآخرين من أقسام الحجّ بتقدّم عمرته على الحجّ .

ص: 148

(بها (1) التمتّع) بخلاف عمرتيهما (2) فإنّها مفردة بنيّة (3).

قران و إفراد

(و قران و إفراد) (4) و يشتركان في تأخير العمرة عن الحجّ و جملة الأفعال (5)، و ينفرد القران (6) بالتخيير في عقد إحرامه بين الهدي و التلبية،

**********

شرح:

فإنّ الساكنين في البعد عن مكّة بمقدار ثمانية و أربعين ميلا يأتون عمرة الحجّ أو لا ثمّ يشرعون بالحجّ في اليوم التاسع من شهر ذي الحجّة، بخلاف القران و الإفراد، فإنّ عمرتهما تكون بعدهما.

و الضميران في قوله «عمرته» و «حجّه» يرجعان الى التمتّع.

(1)الضمير في قوله «بها» يرجع الى العمرة. يعني أنّ الحاجّ ينوي في عمرته التمتّع لأنهما - كما أشرنا إليه - عمل واحد بخلاف الإفراد و القران، فإنّ عمرتهما تنفردان عنهما حتّى في النية.

(2)ضمير التثنية في «عمرتيهما» يرجع الى القران و الإفراد.

(3)يعني أنّ عمرتهما منفردة عن حجّهما بسبب النية.

(4)قوله «قران و إفراد» كلاهما بالرفع، عطفا على قوله «تمتّع». يعني أنّ من أنواع الحجّ هو حجّ القران و حجّ الإفراد.

(5)يعني أنّ حجّ القران و الإفراد يشتركان في جميع الأفعال و الأعمال.

(6)أي يحصل الفرق بين حجّ القران و الإفراد، بأنّ الآتي بحجّ القران يتخيّر في الإحرام له بين الهدي و التلبية، بمعنى أنه اذا ساق الهدي مع نفسه تحقّق إحرامه و لا يحتاج الى التلبية، بخلاف الإفراد فإنّ إحرامه لا يتحقّق إلاّ بأن ينوي الإحرام و يلبّي بعده.

و الحاصل: أنّ القارن يتخيّر في إحرامه كما ذكر، و المفرد يتعيّن عليه التلبية في تحقّق إحرامه.

و الضمير في قوله «إحرامه» يرجع الى القران.

ص: 149

و الإفراد (1) بها، و قيل: (2) القران أن يقرن بين الحجّ و العمرة بنية واحدة، فلا يحلّ إلاّ بتمام أفعالها (3) مع سوق الهدي، و المشهور الأول (4)(و هو) (5) أي كلّ واحد منهما (فرض من نقص عن ذلك المقدار (6)) من المسافة مخيّرا بين النوعين (7)، و القران أفضل.

لو أطلق الناذر تخير

(و لو أطلق الناذر)

**********

شرح:

(1)أي و ينفرد حجّ الإفراد عن القران بسبب تعيّن التلبية له في الإحرام. و الضمير في قوله «بها» يرجع الى التلبية.

(2)و القائل بذلك هو ابن أبي عقيل رحمه اللّه.

من حواشي الكتاب: حكى المحقّق رحمه اللّه في المعتبر عن الشيخ رحمه اللّه في الخلاف أنه قال: اذا تم أفعال عمرته و قصّر فقد صار محلاّ، فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلّل و كان قارنا. ثمّ قال: و به قال ابن أبي عقيل، حكي هذا في المدارك، و صحيحتا معاوية بن عمّار و منصور بن حازم تدلاّن على المشهور، و صحيحة الحلبي يمكن تأويلها بما لا تعارضها. و أراد بالمشهور هنا الشهرة بالنسبة الى القول الآخر، لأنّ دليله ضعيف. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(3)ضمير التثنية في قوله «أفعالها» يرجع الى الحجّ و العمرة. يعني أنّ القارن يقارن نية الحجّ و العمرة، فلا يحلّ إلاّ بإتمام أفعال كلّ منهما مع سوق الهدي.

قوله «أن يقرن» بضمّ الراء، من باب نصر ينصر.

(4)المراد من «الأول» هو الفرق بالتخيير في عقد إحرام حجّ القران بين الهدي و التلبية.

(5)مرجع الضمير الى كلّ فرد من القران و الإفراد.

(6)أي المقدار المذكور، و هو ثمانية و أربعون ميلا من كلّ جانب أو اثنا عشر ميلا على قول.

(7)يعني أنّ النائين بذلك المقدار عن بلدة مكّة يتخيّرون بين إتيان حجّ القران و بين حجّ الإفراد، لكنّ القران أفضل من الإفراد.

ص: 150

و شبهه (1) للحجّ (تخيّر في الثلاثة) مكّيا كان أم افقيا (2)(و كذا يتخيّر من حجّ ندبا) (3) و التمتّع أفضل مطلقا (4) و إن حجّ ألفا و ألفا

ليس لمن تعيّن عليه نوع العدول الى غيره

(و ليس لمن تعيّن عليه نوع) بالأصالة (5) أو العارض (العدول الى غيره (6) على الأصحّ ) عملا بظاهر الآية (7) و صريح الرواية (8)، و عليه

**********

شرح:

(1)بالرفع، و المراد منه هو المخالف و المعاهد.

قوله «للحجّ » متعلّق بالناذر. يعني لو أطلقوا هؤلاء الحجّ و لم يعيّنوا النوع منه يتخيّرون في إتيان واحد من الثلاثة.

(2)الافق - بضمّ الألف و سكون الفاء و ضمّها -: الناحية. ما ظهر من نواحي الفلك ماسّا الأرض، جمعه: آفاق. (المنجد).

و المراد هنا الناحية البعيدة من مكّة بمقدار ثمانية و أربعين ميلا.

(3)يعني و كذا يتخيّر بين الثلاث من يحجّ مندوبا.

(4)أي بلا فرق بين الواجب بالنذر المطلق أو المندوب، فإنّ حجّ التمتّع من قسيميه.

قوله «و إن حجّ ألفا و ألفا» متخذ من متن الرواية كما في الوسائل:

عن عبد الصمد بن بشير قال: قال لي عطية: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أفرد الحجّ جعلت فداك سنة ؟ فقال لي: لو حججت ألفا و ألفا لتمتّعت فلا تفرد.

(5)التعيّن بالأصالة مثل وجوب نوع من أنواعه الثلاثة من جهة كونه مكيا أو افقيا، و التعيّن بالعارض مثل وجوب نوع منها بالنذر و شبهه.

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى النوع. فمن وجب عليه التمتّع بالأصالة أو بالنذر لا يجوز له العدول الى غيره.

(7)المراد من «الآية» هو قوله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1) . (البقرة: 196).

(8)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

ص: 151


1- سوره 2 - آیه 196

الأكثر (1). و القول الآخر (2) جواز التمتّع للمكّي، و به روايات حملها (3) على

**********

شرح:

عن علي بن جعفر قال: قلت لأخي موسى بن جعفر عليهما السّلام: لأهل مكّة أن يتمتّعوا بالعمرة الى الحجّ ؟ فقال: لا يصلح أن يتمتّعوا لقول اللّه عزّ و جلّ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1) . (الوسائل: ج 8 ص 186 ب 6 من أبواب أقسام الحجّ ح 2).

و في رواية اخرى عن زرارة عن الباقر عليه السّلام في معنى الآية قال: يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة. (المصدر السابق: ح 3).

(1)يعني أنّ أكثر الفقهاء اختاروا هذا القول. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى عدم الرجوع.

(2)في مقابل القول الأول، و هو القول بجواز حجّ التمتّع لأهل مكّة و من سكنوا فيها و لو جاز لهم الإفراد و القران أيضا، و استندوا في قولهم هذا بروايات منقولة في الوسائل:

منها: عن عبد الرحمن بن الحجّاج و عبد الرحمن بن أعين قالا: سألنا أبا الحسن عليه السّلام عن رجل من أهل مكّة خرج الى بعض الأمصار، ثمّ رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله له أن يتمتّع ؟ فقال: ما أزعم أنّ ذلك ليس له، و الإهلال بالحجّ أحبّ إليّ . (الوسائل: ج 8 ص 189 ب 7 من أبواب أقسام الحجّ ح 1).

و منها: عن موسى بن القاسم البجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: ربّما حججت عن أبيك، و ربّما حججت عن أبي، و ربّما حججت عن الرجل من إخواني، و ربّما حججت عن نفسي، كيف أصنع ؟ فقال: تمتّع، فقلت: إنّي مقيم بمكّة منذ عشر سنين، فقال: تمتّع. (الوسائل: ج 8 ص 177 ب 4 من أبواب أقسام الحجّ ح 3).

(3)هذا مبتدأ، و خبره قوله «طريق الجمع». يعني أنّ الروايات الدالّة على جواز

ص: 152


1- سوره 2 - آیه 196

الضرورة طريق الجمع.

أمّا النائي (1) فلا يجزيه غير التمتّع اتّفاقا (إلاّ لضرورة) استثناء من عدم جواز العدول مطلقا (2)، و يتحقّق ضرورة المتمتّع (3) بخوف الحيض المتقدّم على طواف العمرة، بحيث يفوت اختياري عرفة قبل إتمامها (4)، أو التخلّف (5) عن

**********

شرح:

العدول من القران و الإفراد الى حجّ التمتّع يحتمل على صورة الضرورة لا الاختيار. بمعنى أنّ المكّي اذا اضطرّ جاز له حجّ التمتّع، و عند الاختيار لا يجوز، و ذلك طريق الجمع بين الروايات المانعة و المجوّزة.

(1)قوله «النائي» أي البعيد. يعني أنّ الذين يبعدون عن مكّة بمقدار ثمانية و أربعون ميلا لا يجوز لهم غير حجّ التمتّع، و الدليل على ذلك هو الإجماع و اتّفاق الفقهاء.

(2)قوله «مطلقا» إشارة الى أنّ الاستثناء شامل للعدول من التمتّع الى قسيميه، و منهما الى التمتّع. فلو حصلت الضرورة جاز له العدول عمّا وجب عليه من نوع الى نوع آخر من أنواع الحجّ .

(3)بيان للضرورة الموجبة لجواز العدول من التمتّع الى الإفراد، و هي خوف عروض الحيض المانع عن طواف العمرة بحيث لو انتظرت الطهارة من الحيض لا تتمكّن من تحصيل وقوف اختياري عرفة، ففي هذه الصورة يجوز للمرأة العدول من حجّ التمتّع الى حجّ الإفراد.

(4)الضمير في قوله «إتمامها» يرجع الى العمرة.

و الحاصل: أنّ المرأة التي خافت من عروض الحيض قبل إتمام أعمال العمرة بحيث لا تتمكّن من الوقوف بعرفة يجوز لها أنّ تحرم لحجّ الإفراد و لو كانت من أهل الآفاق، فتفعل أعمال الحجّ و لو في حال الحيض، فاذا فرغت منها تحرم للعمرة بعد أفعال الحجّ ، و هذا هو حجّ الإفراد.

(5)بالكسر، عطفا على قوله «بخوف الحيض». يعني أنّ المورد الثاني من الموارد

ص: 153

الرفقة (1) الى عرفة حيث يحتاج إليها، و خوفه (2) من دخول مكّة قبل الوقوف لا بعده و نحوه (3). و ضرورة المكّي بخوف الحيض المتأخّر عن النفر (4) مع عدم إمكان تأخير العمرة الى أن تطهر، و خوف (5) عدوّ بعده،

**********

شرح:

التي يجوز للمتمتّع أن يعدل الى الإفراد هو خوف التخلّف عن الرفقة، بمعنى أنه لو اشتغل بأفعال عمرة التمتّع يحصل له خوف التخلّف عن رفقائه، لأنهم كلّهم يأتون حجّ الإفراد، ففي هذه الصورة أيضا يجوز للذي كانت وظيفته التمتّع أن يشتغل بالإفراد.

(1)الرفقة - بكسر الراء و ضمّه و فتحه -: جماعة من المرافقين، جمعها: رفق و رفاق و أرفاق. (المنجد).

و الضمير في قوله «إليها» يرجع الى الرفقة.

(2)بالكسر، عطفا على قوله «بخوف الحيض». و هذا هو المورد الثالث من الموارد التي يجوز للمتمتّع أن يعدل الى الإفراد، و هو الخوف من دخول مكّة قبل الوقوف لا بعد الوقوف.

(3)الضمير في «نحوه» يرجع الى الخوف، و هو معطوف بخوف الحيض. يعني تتحقّق الضرورة بخوف مثل الحيض كضيق الوقت بحيث لا يتمكّن من إدراك الوقوف.

(4)هذا مثال حصول الضرورة الموجبة للعدول من الإفراد الى التمتّع، و هي تحصل للمرأة التي لو شرع الإفراد تخاف من أن يعرض لها الحيض بعد إتمام الحجّ و حين النفر من منى الى مكّة لطواف العمرة المتأخّرة عن الحجّ ، فيجوز لها أن تحرم لعمرة التمتّع و تأتي العمرة ثمّ تأتي بعدها الحجّ . و لا يخفى أنّ الخوف عن تأخّر عروض الحيض إنما هو في صورة عدم إمكان تأخيرها العمرة، و إلاّ لا يجوز لها العدول أيضا.

(5)بالكسر، عطفا على قوله «بخوف الحيض المتأخّر». و هذا مثال ثان للضرورة

ص: 154

و فوت (1) الصحبة (2) كذلك (3).

لا يقع الإحرام بالحجّ إلاّ في أشهر الحجّ

(و لا يقع) (4) و في نسخة لا يصحّ (الإحرام بالحجّ ) بجميع أنواعه (5) (أو عمرة التمتّع إلاّ في) أشهر الحجّ (شوّال و ذي القعدة (6) و ذي الحجّة (7)) على وجه (8) يدرك باقي المناسك في وقتها، و من

**********

شرح:

الموجبة للعدول من حجّ الإفراد الى حجّ التمتّع، و هو أن يخاف المفرد من العدوّ المانع من دخول مكّة بعد إتيان الحجّ لإتيان العمرة بعد الحجّ .

و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الحجّ .

(1)بالكسر، عطفا أيضا على قوله «بخوف الحيض المتأخّر». و هذا مثال ثالث للضرورة الموجبة للعدول من الإفراد الى التمتّع، و هو أن يخاف من رحيل رفقته من مكّة بعد قضاء مناسك الحجّ مباشرة ممّا لا يمكنه البقاء وحده.

(2)الصحبة: جمع مفرده الصاحب، و الجمع أيضا: الصحب، مثل الراكب جمعه:

الركب. (أقرب الموارد).

(3)المشار إليه في قوله «كذلك» هو النفر. يعني أنّ فوت الصحبة عن النفر يوجب جواز العدول من الإفراد الى التمتّع.

(4)هذا في بيان الشرائط العامّة للأنواع الثلاثة من الحجّ و هو وقوع إحرامها في أشهر الحجّ ، فلا يصحّ إحرام القران و الإفراد و إحرام العمرة للتمتّع إلاّ في ذلك.

(5)أي الأنواع الثلاثة من الحجّ و هي: التمتّع و القران و الإفراد.

(6)ذو القعدة - بكسر القاف و فتحها -: الشهر الحادي عشر من السنة القمرية، سمّي بذلك لأنّ العرب كانوا يقعدون فيه عن الغزو. (المنجد).

(7)ذو الحجّة - بكسر الحاء -: آخر أشهر السنة القمرية، سمّي بذلك للحجّ فيه، جمعه: ذوات الحجّة. (المنجد).

(8)هذا القيد لإخراج ما يتوهّم بأنّ الشهور الثلاثة اذا كانت شهورا للحجّ فإنّه

ص: 155

ثمّ (1) ذهب بعضهم الى أنّ أشهر الحجّ الشهران و تسع من ذي الحجّة لفوات اختياري عرفة اختيارا (2) بعدها (3)، و قيل: عشر (4) لإمكان إدراك الحجّ في العاشر بإدراك المشعر وحده، حيث لا يكون فوات عرفة اختياريا (5)، و من جعلها الثلاثة نظر الى كونها ظرفا زمانيا لوقوع أفعاله في الجملة (6)، و في جعل الحجّ أشهرا بصيغة الجمع في الآية (7) إرشاد الى

**********

شرح:

يجزي إحرام الحجّ و الشروع به من اليوم الخامس عشر من شهر ذي الحجّة، و الحال أنّ الحجّ لا يصحّ الإقدام به إلاّ في اليوم التاسع من ذي الحجّة، فلذا قال «على وجه يدرك باقي المناسك». يعني بحيث يتمكّن من إدراك المناسك و لا يتمكّن به إلاّ قبل اليوم التاسع أو فيه أو في اليوم العاشر، كما يشير إليه أيضا.

(1)يعني و من حيث اشتراط إدراك المناسك في الأشهر قال بعض الفقهاء بأنّ أشهر الحجّ الشهران و تسع من شهر ذي الحجّة، لأنه لو قيل بأزيد من ذلك ليفوت وقوف اختياري عرفة، و هو من زوال الظهر من اليوم التاسع الى غروبه.

(2)يعني لو قيل بأزيد من ذلك فات وقوف اختياري عرفة في حال الاختيار، و الحال أنه يبطل الحجّ .

(3)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى الشهرين و تسع من ذي الحجّة.

(4)هذا القول يجعل أشهر الحجّ شهرين و عشرا من شهر ذي الحجّة، لأنّ الحاجّ اذا فات عنه الوقوف الاختياري و الاضطراري من عرفة و الوقوف الاختياري من المشعر لكنّه أدرك في اليوم العاشر من ذي الحجّة الوقوف الاضطراري من المشعر صحّ حينئذ حجّه فيكون أشهر الحجّ شهرين و عشرا.

(5)يعني أنّ هذا الحكم في صورة عدم فوت وقوف عرفة اختيارا.

(6)قوله «في الجملة» ليس بمعنى إجمالا، بل معناه بالجملة يفي لوقوع جميع أفعال الحجّ في هذه الشهور.

(7)المراد من «الآية» هو قوله تعالى اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ (1)

ص: 156


1- سوره 2 - آیه 197

ترجيحه (1)، و بذلك (2) يظهر أنّ النزاع لفظي.

و بقي العمرة المفردة (3) و وقتها مجموع أيّام السنة

يشترط في التمتّع جمع الحجّ و العمرة لعام واحد

(و يشترط في التمتّع جمع الحجّ و العمرة لعام واحد) (4) فلو أخّر الحجّ عن سنتها صارت مفردة،

**********

شرح:

فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (1) . (البقرة: 197).

(1)الضمير في قوله «ترجيحه» يرجع الى جعل الحجّ أشهرا.

و لا يخفى أنّ الأقوال في أشهر الحجّ المصرّح به في الآية الشريفة ثلاثة:

الأول: كون أشهر الحجّ شهرين و تسعا.

الثاني: كونها شهرين و عشرا.

الثالث: كونها ثلاثة أشهر، أي شوّال، ذو القعدة، ذو الحجّة.

فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ جعل الحجّ بلفظ «أشهر» في الآية إرشاد للقول الثالث، لأنّ «أشهر» جمع و أقلّه ثلاثة، و أنّ أفعال الحجّ بالجملة تقع في هذه الشهور الثلاثة، لأنّ طواف الزيارة و السعي و غيرهما يجوز تأخيره الى آخر شهر ذي الحجّة.

(2)المشار إليه في قوله «بذلك» هو الترجيح المذكور للقول الثالث. يعني و بالتوجيه بأنّ أفعال الحجّ تقع في ظرف الأشهر الثلاثة يظهر بأنّ النزاع لفظي لا شهرة له.

العمرة المفردة (3)يعني لم يذكر وقت العمرة المفردة، فإنّ وقتها مجموع أيّام السنة، ففي أيّ وقت أتاها تكون صحيحة.

(4)فإنّ حجّ التمتّع لا يصحّ إلاّ أن يجمع بين العمرة و الحجّ في سنة واحدة، فلو أتى العمرة لكن أخّر الحجّ الى سنة قادمة تتبدّل العمرة من عمرة التمتّع الى العمرة المفردة.

ص: 157


1- سوره 2 - آیه 197

فيتبعها (1) بطواف النساء، أمّا قسيماه (2) فلا يشترط إيقاعهما في سنة في المشهور، خلافا للشيخ حيث اعتبرها (3) في القران كالتمتّع (و الإحرام بالحجّ له) أي للتمتّع (من مكّة) من أيّ موضع شاء منها (4)(و أفضلها المسجد) الحرام (5)،(ثمّ ) الأفضل منه (المقام (6)، أو تحت الميزاب (7)) مخيّرا بينهما (8) و ظاهره (9) تساويهما في الفضل. و في الدروس الأقرب أنّ فعله (10) في المقام أفضل من الحجر تحت الميزاب، و كلاهما

**********

شرح:

(1)أي يأتي طواف النساء بعد العمرة، لأنّ المفردة يجب فيها طواف النساء بخلاف عمرة التمتّع.

و الضمير في قوله «فيتبعها» يرجع الى العمرة.

(2)أي القران و الإفراد لا يشترط فيهما إيقاع الحجّ و العمرة في سنة واحدة، بل لو أتى الحجّ في سنة و أخّر عمرته الى سنة اخرى صحّ الحجّ و العمرة كلاهما.

(3)الضمير في قوله «اعتبرها» يرجع الى السنة. يعني أنّ الشيخ رحمه اللّه اعتبر السنة الواحدة في العمرة و الحجّ في القران كما تعتبر هي في حجّ التمتّع.

(4)الضمير في قوله «منها» يرجع الى مكّة. يعني يجوز الإحرام للحجّ من بلدة مكّة من أيّ مكان منها.

(5)الحرام بمعنى الإحرام لا بمعنى الحرمة.

(6)أي المكان الذي قام فيه خليل اللّه إبراهيم عليه السّلام و دعا الناس للحجّ .

(7)تحت الميزاب هو حجر إسماعيل عليه السّلام.

(8)ضمير التثنية في قوله «بينهما» يرجع الى المقام و الميزاب.

(9)أي ظاهر كلام المصنّف رحمه اللّه كون المقام و الميزاب مساويا من حيث الفضل.

(10)قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس: الأقرب فعل الإحرام للحجّ في مقام

ص: 158

مرويّ (1).(و لو أحرم) المتمتّع بحجّه (2)(بغيرها) أي غير مكّة (لم يجز إلاّ مع التعذّر المتحقّق (3)) بتعذّر الوصول إليها (4) ابتداء، أو تعذّر العود إليها

**********

شرح:

إبراهيم أفضل من الإحرام تحت الميزاب، فإنّه يجري الى حجر إسماعيل، فقال «من الحجر تحت الميزاب».

(1)أمّا المروي في خصوص جواز الإحرام في المقام و في حجر إسماعيل فهو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل ثمّ البس ثوبيك و ادخل المسجد - الى أن قال: - ثمّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمّ أحرم بالحجّ ... الحديث. (الوسائل: ج 8 ص 246 ب 21 من أبواب المواقيت ح 1).

و الأخبار الاخرى تدلّ على الإحرام من بلدة مكّة مطلقا فيحمل هذا على الأفضل، وكلا المقامين قد ذكر في الحديث، فيمكن القول بتساوي المقامين في الفضل.

(2)الضمير في قوله «بحجّه» يرجع الى التمتّع. يعني لو أحرم لحجّ التمتّع من غير بلدة مكّة لم يجز و لم يكف إلاّ مع عدم إمكان الورود الى مكّة ابتداء أو عودا إليها بعد الخروج.

(3)قوله «المتحقّق» صفة للتعذّر. يعني أنّ التعذّر يتحقّق إمّا بتعذّر الوصول الى مكّة ابتداء أو بتعذّر العود إليها بعد الخروج كما أوضحنا قبلا.

(4)الضمير في قوله «إليها» يرجع الى مكّة. يعني أنّ المكلّف اذا تعذّر له الوصول الى مكّة من الأول جاز له إحرام التمتّع من غير مكّة.

و قد أشكل بعض المحشّين على ذلك فقال:

من حواشي الكتاب: إنّه اذا تعذّر وصوله الى مكّة ابتداء وجب عليه نقل

ص: 159

مع تركه (1) بها نسيانا أو جهلا لا عمدا، و لا فرق (2) بين مروره على أحد المواقيت و عدمه.(و لو تلبّس) (3) بعمرة التمتّع (و ضاق الوقت عن إتمام العمرة) قبل الإكمال و إدراك (4) الحجّ

**********

شرح:

النية الى حجّ الإفراد، فكيف يتصور إحرامه بحجّ التمتع في غير مكّة ؟ (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «تركه» يرجع الى الإحرام، و في قوله «بها» يرجع الى مكّة.

يعني و يتحقّق التعذّر بتعذّر العود الى مكّة مع ترك الإحرام فيها نسيانا أو جهلا، كما اذا خرج من مكّة و نسي الإحرام أو جهل بوجوبه ثمّ لم يتمكّن من العود إليها لعدوّ أو لضيق الوقت أو لعدم الرفقة مع الاحتياج و غير ذلك.

و لو خرج من مكّة بلا إحرام عمدا بطل حجّه لأنه عذر للعامد.

(2)هذا الإطلاق يرتبط بأصل المسألة و هو عدم جواز إحرام المتمتّع من غير مكّة، فإنّه لا فرق فيه بين مرور الحاجّ على أحد المواقيت أم لا و لعلّه لردّ القول بجواز الإحرام من غير مكّة عند عبوره من أحد المواقيت.

من حواشي الكتاب: فيه ردّ على بعض العامّة حيث جوّز للمتعمّد الإحرام من بعض المواقيت كما جوّز له الإحرام من مكّة، و أمّا عندنا فلا خلاف في عدم جوازه من غير مكّة للمتعمّد. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(3)يعني لو شرع الحاجّ بعمرة التمتّع - بمعنى أنه أحرم و دخل مكّة - و عليه أن يأتي أعمال العمرة من الطواف و السعي فضاق الوقت من إتمامها بحيث لو شغل الى إتمام أفعال العمرة لا يتمكّن من إدراك الحجّ بأن يحرم للحجّ من مكّة و يحضر للوقوف في عرفة من زوال اليوم التاسع، فلو كان الأمر كذلك جاز له أن يعدل بالنية من إحرام العمرة الى إحرام حجّ الإفراد و يؤدّي أعمال الحجّ بهذا الإحرام من دون أن يحرم للحجّ ثانيا.

(4)بالكسر، عطفا على قوله «عن إتمام العمرة». يعني اذا ضاق الوقت من إكمال

ص: 160

(بحيض (1) أو نفاس أو عذر) مانع عن الإكمال بنحو ما مرّ (2)(عدل) بالنية من العمرة المتمتّع بها (3)(الى) حجّ (الإفراد) و أكمل الحجّ (4) بانيا على ذلك الإحرام (و أتى بالعمرة) المفردة (من بعد) إكمال الحجّ (5)، و أجزأه عن فرضه (6) كما يجزي لو انتقل ابتداء للعذر. و كذا يعدل عن الإفراد و قسيمه (7) الى التمتّع للضرورة، أمّا اختيارا فسيأتي الكلام

**********

شرح:

أعمال العمرة و إدراك الحجّ ...

(1)كما اذا عرض المرأة الحيض المانع عن طواف العمرة، و كذلك اذا وضع الحمل و حصل لها النفاس المانع من الطواف.

(2)أي مرّ التفصيل في خصوص العذر عند قول الشارح رحمه اللّه «و يتحقّق ضرورة المتمتّع بخوف الحيض المتقدّم... أو التخلّف عن الرفقة... و خوفه من دخول مكّة قبل الوقوف لا بعده».

فقال الشارح رحمه اللّه بأنه لو حصلت الضرورة كذلك فحينئذ يجوز العدول من التمتّع الى حجّ القران. و كذلك في صورة التلبّس بأعمال العمرة لو حصلت الضرورة جاز العدول منها الى الإفراد.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى العمرة.

(4)يعني أنّ المعذور كذلك اذا عدل من عمرة التمتّع الى حجّ الإفراد فلا يحتاج الى تجديد الإحرام بل يكفيه العدول في القلب و يكمل أعمال الحجّ .

(5)كما أنّ وضع حجّ الإفراد إتيان عمرته المفردة بعد إكمال الحجّ فكذلك في المسألة هذه.

(6)يعني و لو كان الفرض لهذا الشخص المتلبّس بعمرة التمتّع المعذور من إتمامها حجّا تمتّعا لكنّه يكفيه الإفراد لتبدّل التمتّع بالإفراد. فكما أنه يجزيه اذا عرض له العذر من إتيان التمتّع و حجّ الإفراد فكذلك بعد الشروع.

(7)المراد من «قسيم الإفراد» هو القران. يعني كما يجوز العدول من التمتّع الى

ص: 161

فيه (1)؛ و نية العدول عند (2) إرادته قصد الانتقال الى النسك المخصوص متقرّبا.

يشترط في الإفراد أمور

(و يشترط في) حجّ (الإفراد النية) و المراد بها نية الإحرام بالنسك (3) المخصوص، و على هذا (4) يمكن الغنى عنها بذكر الإحرام، كما يستغنى عن باقي النيّات (5) بأفعالها. و وجه تخصيصه (6) أنه الركن الأعظم باستمراره

**********

شرح:

الإفراد فكذلك يجوز العدول من الإفراد و القران الى حجّ التمتّع لو عرض العذر من إتيانهما.

(1)أي في جواز العدول من الإفراد الى التمتّع لكونه أفضل.

(2)هذا ظرف لقوله «نية العدول». و الضمير في قوله «إرادته» يرجع الى الحاجّ .

يعني أنّ نية العدول في حال إرادة الحاجّ قصد الانتقال الى النسك المخصوص و هو الحجّ ، و ينوي القربة.

(3)النسك - بضمّ النون و سكون السين -: مطلق العبادة، و المراد هنا العبادة المخصوصة و هي حجّ الإفراد.

(4)المشار إليه كون المراد من النية هو نية الإحرام. يعني اذا كان كذلك فلا يحتاج الى ذكر النية للاستغناء عنه بقوله بعد ذلك «و إحرامه من الميقات» لأنّ ذكر الإحرام يستغني عن ذكر نية الإحرام.

(5)يعني كما أنّ ذكر باقي أفعال الحجّ يستغني عن ذكر نياتها كذلك في الإحرام لا يحتاج الى ذكر النية أولا ثمّ ذكر الإحرام كما فعله المصنّف رحمه اللّه.

(6)الضمير في قوله «تخصيصه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ وجه اختصاص المصنّف رحمه اللّه الإحرام بذكر نيته أيضا، لأنّ الإحرام هو الركن الأعظم من بين أركان الحجّ ، و ذكر السببين بكون الإحرام من أعظم الأركان، و هما:

الأول: لزوم استمرار الإحرام.

ص: 162

و مصاحبته لأكثر الأفعال و كثرة (1) أحكامه، بل هو (2) في الحقيقة عبارة عن النية لأنّ توطين النفس على ترك المحرّمات المذكورة لا يخرج عنها (3)، إذ لا يعتبر استدامته (4)، و يمكن أن يريد به نية الحجّ (5) جملة، و نية الخروج

**********

شرح:

الثاني: مصاحبة الإحرام لأكثر أفعال الحجّ ، لأن بعض الأفعال مثل طواف الزيارة و السعي و طواف النساء لا يشترط الإحرام فيها، لأنّ تلك الأفعال بعد الخروج من الإحرام لكونها بعد أعمال اليوم العاشر في منى.

(1)بالكسر، عطفا على قوله «باستمراره». و هذا أيضا تعليل بكون الإحرام من أعظم الأركان.

(2)هذا ترقّي من الاستدلال بكون الإحرام من أعظم الأركان لاختصاص ذكر النية فيه، بأنّ الإحرام في الحقيقة عبارة عن نية ترك المحرّمات، فليس حقيقة الإحرام إلاّ القصد و النية.

(3)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى النية. يعني أنّ توطين النفس هو أمر قلبي، و النية أيضا ليست إلاّ بأمر قلبي، فلا ينفكّان.

(4)كأنّ هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنّ توطين النفس لترك محرّمات الإحرام شرط من أول الإحرام الى زمان التحليل في كلّ لحظة و في كلّ زمان، و النية شرط في الإحرام، في أول الإحرام فكيف يتّحد التوطين و النية ؟

فأجاب رحمه اللّه بأنّ التوطين لترك محرّمات الإحرام أيضا لا يلزم في كلّ لحظة و لحظة، بل يكفي توطين النفس لترك المحرّمات في أول الإحرام، كما أنّ النية يكفي وجودها في أول الإحرام تفصيلا و استدامته حكما.

(5)هذا احتمال آخر في قوله «يشترط في الإفراد النية» بأن المصنّف رحمه اللّه أراد بذلك نية حجّ الإفراد بجميع أفعاله.

و الاحتمال الآخر هو نية الخروج من المنزل الى الحجّ ، فبناء على ذلك يدفع

ص: 163

من المنزل كما ذكره (1) بعض الأصحاب. و في وجوبها (2) نظر أقربه (3)

**********

شرح:

الإشكال المذكور.

و فاعل قوله «يريد» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. و الضمير في قوله «به» يرجع الى ذكر النية، و قوله «نية الحجّ ... و نية الخروج» مفعولان لقوله «أن يريد».

(1)الضمير في قوله «ذكره» يرجع الى احتمال نية الخروج من المنزل. يعني احتمل بعض الأصحاب من الفقهاء بأنّ نية الخروج من المنزل الى الحجّ لازمة.

(2)الضمير في قوله «وجوبها» يرجع الى كلّ فرد من الاحتمالين المذكورين، و هما احتمال وجوب نية الحجّ جملة و احتمال وجوب نية الخروج من المنزل.

قوله «نظر» مبتدأ مؤخّر، و خبره قوله «في وجوبها». و معنى النظر هو وجود الاحتمالين.

الأول: وجوب النية كذلك.

الثاني: عدم وجوب النية لا للحجّ و لا للخروج.

(3)الضمير في قوله «أقربه» يرجع الى النظر.

من حواشي الكتاب: أي أقرب النظر عدم وجوب النية المذكورة، و وجه الأقربية أنه لا دليل من الشرع على وجوبهما، و الأصل براءة الذمّة ممّا لا دليل عليه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: أمّا في الأول فلما مرّ أنّ العبادة إن كانت فعلا واحدا اعتبرت النية لها دون أجزائها، و إن كانت أفعالا متعدّدة اعتبرت النية لأجزائها دونها، و لا شكّ هنا في اعتبار النية لأفعال الحجّ لكلّ فعل فيلزم أن لا يعتبر النية له.

و أمّا في الثاني: فلأنّ نية الخروج إن كانت لأجل الخروج فوجوب الخروج من

ص: 164

العدم. و الذي اختاره المصنّف في الدروس الأول (1).

و (إحرامه) (2) به (من الميقات) و هو أحد الستة الآتية (3) و ما في حكمها (4)(أو من دويرة (5) أهله، إن كانت أقرب (6)) من الميقات (الى)

**********

شرح:

باب المقدّمة على تقدير وجوبها لا يحتاج الى النية، و إن كانت لأجل الحجّ يرد عليه مع ما مرّ أنها ليست مقارنة للحجّ .

و لا يخفى أنه ليس حمل كلام المصنّف رحمه اللّه على شيء من الوجهين و لو قلنا بوجوبها، إذ لا فرق بين الإفراد و غيره في وجوب نية جملة أفعال الحجّ ، أو نية الخروج من المنزل، فلو كانا واجبين لوجبا في التمتّع أيضا. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(1)المراد من «الأول» هو نية الإحرام. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس اختار وجوب نية الإحرام.

(2)بالرفع، عطفا على قوله «النية». يعني يشترط في الإفراد النية و الإحرام بحجّ الإفراد من الميقات.

(3)الأولى أن يقال: و هو أحد الخمسة الآتية: ذو الحليفة، الجحفة، يلملم، قرن المنازل، العقيق.

و السادس المذكور في الآتية هو «دويرة أهله» فإنّه مذكور هنا، فتكون المواقيت ستة بإضافة الدويرة الى ما ذكر من الخمسة.

من حواشي الكتاب: و الأولى بدلها الخمسة فتأمّل. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(4)الضمير في قوله «حكمها» يرجع الى الستة. يعني يشترط الإحرام لحجّ الإفراد من أحد المواقيت أو ممّا في حكمها، و المراد منه هو المحاذي لأحد المواقيت.

(5)الدويرة: مصغّر الدار و هو المسكن و المحلّ ، جمعها: دور و ديار و أدور، و هي مؤنّثة و قد تذكّر، و التاء للتأنيث لأنّ التصغير يوجب رجوع الشيء الى أصله.

(6)يعني أنّ وجوب الإحرام من دويرة الأهل إنّما هو في صورة قرب الدويرة الى

ص: 165

(عرفات) اعتبر القرب الى عرفات لأنّ الحجّ بعد الإهلال (1) به من الميقات لا يتعلّق الغرض فيه بغير عرفات، بخلاف العمرة فإنّ مقصدها (2) بعد الإحرام مكّة. فينبغي اعتبار القرب فيها (3) الى مكّة، و لكن لم يذكره (4) هنا، و في الدروس أطلق (5) القرب، و كذا أطلق (6) جماعة.

و المصرّح به في الأخبار الكثيرة (7) هو القرب الى مكّة

**********

شرح:

عرفات لا القرب الى مكّة، لأنّ الغرض لا يتعلّق بالإحرام إلاّ المسير الى عرفات بخلاف إحرام عمره التمتّع فإنّ المقصد بعده هو مكّة.

(1)المراد من «الإهلال» هو الإحرام. و الضمير في قوله «به» يرجع الى حجّ الإفراد. يعني أنّ المفرد اذا أحرم لحجّ الإفراد من الميقات قصد عرفات.

(2)يعني أنّ المقصد بعد إحرام العمرة إنّما هو مكّة، لأنّ أعمال العمرة - و هي الطواف و السعي و التقصير - لا تفعل إلاّ بمكّة.

(3)أي فيعتبر قرب دويرة الأهل في إحرام العمرة بالنسبة الى بلدة مكّة.

(4)فإنّ المصنّف رحمه اللّه لم يذكر القرب الى مكّة في إحرام العمرة في هذا الكتاب.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه أطلق القرب في كتابه الدروس، و لم يذكر المراد منه هل القرب الى مكّة أو القرب الى عرفات. و عبارته المنقولة هكذا: «من كان منزله دون الميقات فميقاته منزله».

(6)يعني و كذا أطلق القرب بلا ذكر مكّة و لا عرفات جماعة من الفقهاء، لكنّ التصريح وقع في الأخبار الكثيرة بكون المراد من «القرب» هو القرب الى مكّة لا عرفات.

(7)و من الأخبار الكثيرة الدالّة بالقرب الى مكّة هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كان منزله دون الوقت الى مكّة فليحرم من دويرة أهله. (الوسائل: ج 8 ص 242 ب 17 من أبواب المواقيت ح 1).

ص: 166

مطلقا (1)، فالعمل به (2) متعيّن و إن كان ما ذكره هنا (3) متوجّها. و على ما اعتبره المصنّف من مراعاة القرب الى عرفات فأهل مكّة يحرمون من منزلهم، لأنّ دويرتهم أقرب من الميقات إليها (4)، و على اعتبار (5) مكّة فالحكم كذلك (6)، إلاّ أن الأقربية لا تتمّ لاقتضائها (7) المغايرة بينهما، و لو

**********

شرح:

و عن معاوية بن عمّار أيضا في حديث آخر عنه عليه السّلام: اذا كان منزله دون الميقات الى مكّة فليحرم من دويرة أهله. (المصدر السابق: ح 2).

و منها: عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كان منزل الرجل دون ذات عرق الى مكّة فليحرم من منزله. (المصدر السابق: ح 3).

(1)أي بلا تقييد القرب الى مكّة بإحرام الحجّ أو إحرام العمرة.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى المصرّح به في الأخبار، و هو القرب الى مكّة مطلقا.

(3)ما ذكره هو قوله «أو من دويرة أهله إن كانت أقرب الى عرفات». و الوجه هو ما ذكر من أنّ الغرض بعد إحرام الحجّ هو السير الى عرفات، فالمعتبر هو القرب الى عرفات.

(4)فإنّ أهل مكّة بناء على اعتبار القرب الى عرفات يحرمون من بيوتهم لأنّ دويرتهم أقرب الى عرفات من الميقات.

و الضمير في قوله «إليها» يرجع الى عرفات.

(5)يعني بناء على اعتبار القرب الى مكّة أيضا يجب إحرام أهل مكّة من بيوتهم، لكن اعتبار القرب لا يصدق عليهم لاقتضاء القرب التغاير بين الشيئين، فإنّ القرب من مقولات ذات الإضافة لا يتصوّر إلاّ بين شيئين مثل الابوّة و البنوّة، و الحال أنّ أهل مكّة ليسوا من أهل مكان قريب الى مكّة.

(6)يعني أنّ أهل مكّة يحرمون من بيوتهم بناء على اعتبار القرب من مكّة.

(7)الضمير في قوله «اقتضائها» يرجع الى الأقربية، و الضمير في «بينهما» يرجع

ص: 167

كان المنزل مساويا للميقات (1) أحرم منه، و لو كان مجاورا (2) بمكّة قبل مضيّ سنتين خرج الى أحد المواقيت، و بعدهما (3) يساوي أهلها.

يشترط في القران أمور

(و) يشترط (في القران ذلك) (4) المذكور في حجّ (5) الإفراد (و) يزيد (عقده) (6) لإحرامه (بسياق الهدي، و إشعاره)

**********

شرح:

الى الشيئين كما أوضحنا آنفا.

(1)كما اذا كان الفاصلة بين الميقات الى مكّة و المنزل إليها مساويا فيجب إحرامه من الميقات.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الميقات.

(2)المراد من «المجاور» هو الذي كان من أهل الآفاق و الأطراف ثمّ اختار السكونة بمكّة فإنّه قبل مضيّ سنتين من زمان مجاورته بمكّة في حكم الآفاقي، فحينئذ يخرج الى أحد المواقيت التي في أطراف مكّة و يحرم، لكنّه بعدهما يكون في حكم أهل مكّة فيحرم من دويرته.

(3)الضمير في قوله «بعدهما» يرجع الى السنتين، و في قوله «أهلها» يرجع الى مكّة.

في أحكام حجّ القران (4)يعني يشترط في حجّ القران ما يشترط في الإفراد من الإحرام من أحد المواقيت أو من دويرة أهله لو كانت قريبة الى عرفات.

(5)ظرف لقوله «المذكور». يعني أنّ ما ذكر في حجّ الإفراد هو شرط في حجّ القران أيضا.

(6)الضمير في قوله «عقده» يرجع الى حجّ القران. يعني أنّ ما ذكر في خصوص حجّ الإفراد يشترط في خصوص حجّ القران أيضا، و أنّ حجّ القران يزيد على ما ذكر بجواز عقد إحرامه بسوق الهدي. بمعنى أنّ حجّ الإفراد لا يصحّ إحرامه

ص: 168

بشقّ سنامه (1) من الجانب الأيمن، و لطخه بدمه (إن كان بدنة، و تقليده (2) إن كان) الهدي (غيرها) غير البدنة (بأن يعلّق في رقبته نعلا قد صلّى) السائق (3)(فيه و لو نافلة، و لو قلّد الإبل) بدل إشعارها (4)(جاز).

مسائل

اشارة

(مسائل) (5)

**********

شرح:

إلاّ بقول التلبية، لكن القران يصحّ إحرامه بسياق الهدي و بإشعاره أيضا كما يصحّ بالتلبية.

(1)السنام - بفتح السين -: حدبة في ظهر الإبل، جمعه: أسنمة. (المنجد). يعني أنّ إشعار الهدي الذي يعقد به الإحرام هو أن يشقّ سنام البعير من الجانب الأيمن و يلطخه بدمه.

و الضميران في قوله «لطخه» و «دمه» يرجعان الى الهدي، و الإشعار كذلك في صورة كون الهدي بدنة بفتح الباء و الدال و النون، لإبل الذي كمل خمس سنين.

(2)بالكسر، عطفا على قوله «إشعاره». يعني لو كان الهدي غير البدنة عقد الإحرام بتقليد الهدي.

(3)أي الذي يسوق الهدي يعلّق على رقبة غير البدنة نعله الذي صلّى فيه. و المراد منه النعل مثل الجورب لا تبطل الصلاة فيه.

(4)يعني لو علّق نعله الذي صلّى فيه على رقبة الإبل الذي يسوقه في حجّ القران و عقد به الإحرام جاز، فيكون التقليد هنا بدل إشعار الإبل.

و قوله «جاز» جواب لقوله «و لو قلّد الإبل».

مسائل (5)خبر للمبتدإ المقدّر و هو «هذه».

ص: 169

الاولى: يجوز لمن حجّ ندبا مفردا العدول الى عمرة التمتّع

الاولى: (1)(يجوز لمن حجّ ندبا مفردا العدول الى) عمرة (التمتّع) اختيارا، و هذه (2) هي المتعة التي أنكرها الثاني (3)(لكن لا يلبّي (4)) بعد طوافه

**********

شرح:

(1)أي المسألة الاولى، و هي أنّ من شرع في حجّ الإفراد ندبا جاز له العدول الى حجّ التمتّع. بمعنى أن يجعل إحرامه لعمرة التمتّع و يأتي الطواف و السعي بقصد عمرة التمتّع ثمّ بعد إتمامها يأتي أعمال الحجّ .

(2)المشار إليه في قوله «هذه» هو المتعة المعدولة عن حجّ الإفراد. يعني أنّ هذه المتعة هي إحدى المتعتين اللتين أنكرهما الثاني.

(3)المراد من «الثاني» هو عمر بن الخطّاب، و التعبير بالثاني لكونه خليفة ظاهرة بعد خلافة الأول و هو أبو بكر بن أبي قحافة.

و لا يخفى أنّ الروايات و الأخبار على حدّ التواتر بين العامّة و الخاصّة بأنّ الثاني أنكر المتعتين، و هما متعة الحجّ و متعة النساء بقوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فانهي عنهما و اعاقب عليهما: متعة النساء و متعة الحجّ . (المغني لابن قدامة:

ج 7 ص 572، الحاوي الكبير: ج 9 ص 328).

لكن حصل الخلاف بين العلماء بأنّ متعة الحجّ التي أنكرها الخليفة الثاني هل هي حجّة التمتّع الابتدائي بمعنى أنه أنكر الإحلال بين إحرام عمرة التمتّع و إحرام الحجّ كما يجوّزها الإمامية ؟ أو المراد منه هو حجّ التمتّع المعدول عن الإفراد كما في مسألتنا هذه ؟ أو حرّم الخليفة الثاني كلا القسمين من المتعتين ؟

ذهب عدّة من فقهاء الإمامية على أنّ الخليفة الثاني أنكر التمتّع مطلقا كما عن المجلسي رحمه اللّه و قال بعض الفقهاء - منهم الشهيد الثاني - في المسألة المبحوثة بأنّ الخليفة الثاني أنكر المتعة المعدولة عن الإفراد كما يقول الشارح رحمه اللّه «و هذه هي المتعة التي أنكرها الثاني».

(4)فاعل قوله «يلبّي» مستتر يرجع الى «من» الموصولة في قوله «يجوز لمن حجّ

ص: 170

و سعيه (1) لأنهما محلّلان من العمرة في الجملة (2)، و التلبية عاقدة للإحرام فيتنافيان، و لأنّ (3) عمرة التمتّع لا تلبية فيها بعد دخول مكّة (فلو لبّى) بعدهما (بطلت متعته) التي نقل (4) إليها (و بقي على حجّه) السابق لرواية (5) إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام و لأنّ العدول (6) كان مشروطا بعدم التلبية، و لا ينافي (7) ذلك الطواف و السعي لجواز تقديمهما للمفرد على

**********

شرح:

ندبا». يعني أنّ من عدل من الإفراد الى التمتّع يلزمه ترك التلبية بعد الطواف و السعي.

(1)المراد من «الطواف و السعي» هو اللذان يجعلهما لعمرة التمتّع، فإنّهما محلّلان من العمرة إجمالا، و التلبية عاقدة للإحرام فيتنافيان.

(2)يعني أنّ الطواف و السعي محلّلان إجمالا لكنّ الإحلال الكامل إنّما هو بعد التقصير.

(3)هذا دليل آخر لترك التلبية بعد الطواف و السعي، بأنه لا يجوز التلبية في عمرة التمتّع بعد الدخول الى مكّة.

(4)يعني اذا عدل من حجّة الإفراد الى عمرة التمتّع و طاف و سعى للعمرة لكن لبّى بعدهما بطلت المتعة التي عدل إليها، و بقي على حجّه السابق و هو الإفراد.

(5)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن إسحاق بن عمّار عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل يفرد الحجّ فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ثمّ يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له. (الوسائل: ج 8 ص 185 ب 5 من أبواب أقسام الحجّ ح 9).

(6)هذا أيضا دليل على عدم جواز التلبية بعد الطواف و السعي، بأنه لا يجوز العدول من الإفراد الى عمرة التمتّع إلاّ بعدم قول التلبية بعدهما.

(7)هذا جواب عن إيراد و هو: اذا لم تجز التلبية بعد الطواف و السعي فكيف

ص: 171

الوقوف، و الحكم بذلك (1) هو المشهور، و إن كان مستنده (2) لا يخلو من شيء،(و قيل) و القائل ابن إدريس:(لا اعتبار إلاّ بالنية (3)) اطراحا (4) للرواية، و عملا بالحكم الثابت من جواز النقل بالنية، و التلبية (5) ذكر لا

**********

شرح:

يجعلهما للحجّ ، و الحال أنّ طواف الحجّ و سعيه يكونان بعد الوقوفين و أعمال منى في اليوم العاشر؟

فأجاب رحمه اللّه بأنه يجوز تقديم طواف الحجّ و سعيه على ما ذكر. و المشار إليه في قوله «و لا ينافي ذلك» هو جعل الطواف و السعي لحجّ الإفراد لو لبّى بعدهما.

و ضمير التثنية في قوله «تقديمهما» يرجع الى الطواف و السعي.

(1)أي الحكم ببطلان المتعة و البقاء على حجّ الإفراد عند التلبية بعد الطواف و السعي هو المشهور.

(2)المراد من «المستند» هو رواية عمّار المتقدّمة. وجهة عدم خلوّه من شيء هو أنّ إسحاق بن عمّار الذي في سند الرواية المستندة فطحيّ المذهب فاسد العقيدة.

(3)المراد من «النية» هو قصد العدول من حجّ الإفراد الى التمتّع، فإذا نوى ذلك فلا اعتبار لقول التلبية بعد الطواف و السعي، فليست التلبية إلاّ ذكرا و لا تأثير لها.

و يحتمل أيضا كون المراد من قوله «و لا اعتبار إلاّ بالنية» هو قصد الإحرام من التلبية، فاذا لم ينو الإحرام منها فلا اعتبار لها في إبطال المعدول إليه، لكنّ الاحتمال الأول أقرب.

(4)فذكر الشارح رحمه اللّه أنّ لابن إدريس دليلين، الأول: اطراح الرواية المستندة للمشهور لضعفها بوجود إسحاق بن عمّار الفطحي المذهب في سندها. الثاني:

العمل بالحكم الثابت، و هو جواز العدول من الإفراد الى التمتّع.

(5)و هذا أيضا في إدامة الاستدلال من ابن إدريس بأنّ قول التلبية ذكر لا تأثير له في إبطال التمتّع و المنع منه.

ص: 172

أثر له في المنع (و لا يجوز العدول للقارن) (1) تأسّيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله حيث بقي على حجّه (2) لكونه قارنا، و أمر من لم يسق الهدي بالعدول،(و قيل:) لا يختصّ جواز العدول بالإفراد المندوب (3)(بل يجوز العدول عن الحجّ الواجب أيضا) سواء كان متعيّنا (4) أم مخيّرا بينه (5) و بين غيره كالناذر مطلقا، و ذي المنزلين (6) المتساويين، لعموم الأخبار (7) الدالّة على الجواز

**********

شرح:

(1)فإنّ من أقدم على حجّ القران بسوق الهدي و إشعاره و تقليده فلا يجوز له أن يعدل الى التمتّع للتأسّي بالرسول صلّى اللّه عليه و آله.

(2)فإنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله بقي على حجّه قارنا لسياقه الهدي و إشعاره، و أمره لمن لم يسق الهدي بالعدول الى حجّ التمتّع. (راجع الوسائل: ج 8 ص 150 ب 2 من أبواب أقسام الحجّ ح 4).

(3)أي بحجّ الإفراد المندوب، فإنّ هذا القائل يجوّز العدول من حجّ الإفراد الى التمتّع و لو كان الإفراد واجبا.

(4)كما اذا نذر حجّا مفردا أو كان من أهل مكّة و كانت وظيفته حجّا مفردا فيجوز له العدول منه الى حجّ التمتّع.

(5)الضميران في قوله «بينه» و «غيره» يرجعان الى الإفراد.

و الواجب المخيّر مثل أن ينذر الحجّ مطلقا، فإنّ الناذر يتخيّر في إتيان الإفراد و التمتّع.

(6)هذا مثال ثان في وجوب الإفراد تخييرا بينه و بين التمتّع، فإنّ من كان له منزلان متساويان من حيث الإقامة فيهما - كما اذا كان له منزل أبعد من ثمانية و أربعين ميلا من مكّة و كان له منزل آخر في أقرب منها الى مكّة و أقام طول السنة ستة أشهر في كلّ منهما - فإنّه يتخيّر في إتيان التمتّع و الإفراد.

(7)كما في رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عند قوله: ثمّ أتى جبرئيل

ص: 173

(كما أمر به النبي صلّى اللّه عليه و آله من لم يسق من الصحابة) من غير تقييد بكون المعدول عنه (1) مندوبا أو غير مندوب (و هو قوي) (2) لكن فيه سؤال (3) الفرق بين جواز العدول عن المعيّن اختيارا و عدم جوازه ابتداء، بل ربّما (4) كان الابتداء أولى للأمر بإتمام الحجّ و العمرة للّه، و من ثمّ (5)

**********

شرح:

و هو على المروة فأمره أن يأمر الناس أن يحلّوا إلاّ سائق هدي. (الوسائل: ج 8 ص 151 ب 2 من أبواب أقسام الحجّ ح 4). فإنّها تدلّ على جواز العدول من الإفراد الى التمتّع بالعموم، فيشمل المندوب و الواجب.

(1)و هو حجّ الإفراد الذي عدل عنه الى التمتّع، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر الناس بالعدول من الإفراد الى التمتّع و لم يقيّد الإفراد بكونه مندوبا أو واجبا، فقال صلّى اللّه عليه و آله - كما جاء في رواية معاوية بن عمّار السابقة -: إنّ هذا جبرئيل يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحلّ .

(2)أي القول بجواز العدول من الحجّ الواجب الى التمتّع يكون عند المصنّف رحمه اللّه قويّا.

(3)أي لمّا قوّى المصنّف رحمه اللّه القول بجواز العدول من حجّ الإفراد الواجب الى التمتّع فإنّه يوجّه إليه سؤال و هو: كيف عدّه هنا قويا و قد قال في صفحة 151 «و ليس لمن تعيّن عليه نوع العدول الى غيره» فإنّ العدول ابتداء أولى بالجواز من العدول بعد الشروع.

(4)هذا تشديد للاعتراض الموجّه للمصنّف رحمه اللّه في تقويته القول بجواز العدول بعد الشروع، بأنه اذا جاز ذلك فإنّ جواز العدول ابتداء و قبل الشروع بطريق أولى، لأنّ الشارع أمر بوجوب الإتمام بعد الشروع في الحجّ و العمرة بقوله تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (1) . (البقرة: 196).

(5)يعني و من حيث الأمر بالإتمام بعد الشروع في الحجّ و العمرة قال بعض

ص: 174


1- سوره 2 - آیه 196

خصّه بعض الأصحاب بما إذا لم يتعيّن عليه الإفراد و قسيمه كالمندوب (1) و الواجب (2) المخيّر جمعا بين (3) ما دلّ على الجواز مطلقا، و ما دلّ على اختصاص كلّ قوم بنوع (4)، و هو (5) أولى إن لم نقل بجواز العدول عن الإفراد الى التمتّع ابتداء.

الثانية: يجوز للقارن و المفرد إذا دخلا مكّة الطواف و السعي

(الثانية: يجوز للقارن و المفرد (6) إذا دخلا مكّة الطواف و السعي)

**********

شرح:

الأصحاب باختصاص جواز العدول بصورة عدم كون حجّ الإفراد واجبا عينيا، و كذلك في خصوص قسيميه و هما التمتّع و القران.

(1)هذا مثال لما لم يتعيّن عليه الإفراد، فإنّ الحجّ المندوب لا ينحصر في الإفراد، فيجوز العدول منه الى التمتّع.

(2)بالكسر، لدخول كاف التشبيه فيه أيضا، و هذا مثال ثان لما لم يتعيّن عليه الإفراد.

(3)يعني أنّ القول بجواز العدول عند عدم تعيّن الإفراد إنّما هو للجمع بين الأخبار، فإنّ منها ما يدلّ على جواز العدول مطلقا، و منها ما يدلّ على عدم جواز العدول بل يعيّن ما وجب من أنواع الحجّ للمكلّف.

(4)كما أنّ النائين من مكّة بأزيد من ثمانية و أربعين ميلا يختصّون بإتيان حجّ التمتّع، و الساكنين في أقرب منها يختصّون بحجّ الإفراد أو القران.

(5)الضمير يرجع الى الجمع و اختصاص القول بجواز العدول من الإفراد الى التمتّع بصورة عدم وجوب الإفراد متعيّنا.

و اشترط الشارح رحمه اللّه بأولوية القول بالجمع المذكور بعدم القول بجواز العدول من الإفراد الى التمتّع ابتداء، فلو قلنا بجواز العدول ابتداء فلا أولوية في القول المذكور، بل يجوز العدول من الإفراد الواجب الى التمتّع كما يجوز العدول من الإفراد المندوب.

(6)يعني الذين يجب عليهم حجّ القران أو الإفراد اذا دخلوا مكّة جاز عليهم

ص: 175

للنصّ (1) على جوازه مطلقا (2)،(إمّا الواجب أو الندب) يمكن كون ذلك (3) على وجه التخيير للإطلاق (4)، و الترديد (5) لمنع (6) بعضهم من تقديم الواجب، و الأول (7) مختاره في الدروس، و عليه فالحكم (8) مختصّ

**********

شرح:

طواف الحجّ و سعيه مقدّما على الوقوفين و أعمال اليوم العاشر في منى.

(1)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن حمّاد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مفرد الحجّ أ يعجّل طوافه أو يؤخّره ؟ قال: هو و اللّه سواء عجّله أو أخّره. (الوسائل: ج 8 ص 204 ب 14 من أبواب أقسام الحجّ ح 1).

(2)أي بلا فرق بين المضطرّ و غيره.

(3)قوله «كون ذلك» إشارة الى قول المصنّف رحمه اللّه «إمّا الواجب أو الندب». يعني يمكن حمل ذلك القول من المصنّف رحمه اللّه على معنى التخيير، بمعنى أنّ القارن و المفرد يجوز لهما تقديم الطواف و السعي على الوقوفين سواء كان حجّهما واجبا أو مندوبا.

(4)أي لإطلاق الرواية في الدلالة على جواز تقديمهما في قوله عليه السّلام «هو و اللّه سواء».

(5)عطف على قوله «على وجه التخيير». يعني يمكن حمل ذلك القول من المصنّف على وجه الترديد.

(6)تعليل لوجه الترديد في معنى العبارة، بأنّ البعض من الفقهاء منع من تقديم طواف الحجّ الواجب و كذلك من تقديم سعيه.

(7)المراد من «الأول» هو التخيير. يعني يجوز تقديم الطواف و السعي للقارن و المفرد على الوقوفين، بلا فرق بين كونهما واجبين أو مندوبين. و هذا المعنى اختاره المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(8)أي بناء على جواز التقديم فهو مختصّ بتقديم الطواف و السعي، لكن طواف النساء لا يجوز تقديمه إلاّ لضرورة.

ص: 176

بطواف الحجّ دون طواف النساء، فلا يجوز تقديمه إلاّ لضرورة كخوف (1) الحيض المتأخّر. و كذا يجوز لهما تقديم صلاة (2) لطواف يجوز تقديمه كما يدلّ عليه قوله (لكن يجدّدان التلبية عقيب صلاة الطواف) يعقدان بها (3) الإحرام لئلاّ يحلاّ.

(فلو تركاها (4) أحلاّ على الأشهر) للنصوص (5) الدالّة عليه، و قيل:

لا يحلاّن (6) إلاّ بالنية، و في الدروس

**********

شرح:

(1)هذا مثال للضرورة، و هو خوف المرأة من عروض الحيض بعد الوقوفين بحيث يمنع من طواف النساء و لا يمكنها الإتيان بعد الطهارة من الحيض.

(2)يعني يجوز للقارن و المفرد تقديم صلاة لطواف يجوز تقديمه. و الضمير في «تقديمه» يرجع الى الطواف.

(3)يعني أنّ القارن و المفرد يعقدان بالتلبية الإحرام، لأنّ الطواف و السعي محلّلان إجمالا.

(4)فلو تركا القارن و المفرد التلبية يكونان محلّين من الإحرام، لأنّ الطواف و السعي محلّلان كما ذكر.

(5)أمّا من النصوص الدالّة على التحلّل بترك التلبية فهو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المفرد للحجّ هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة ؟ قال: نعم ما شاء، و يجدّد التلبية بعد الركعتين، و القارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلاّ من الطواف بالتلبية. (الوسائل:

ج 8 ص 206 ب 16 من أبواب أقسام الحجّ ح 2).

(6)فاعله ضمير التثنية الراجع الى القارن و المفرد. يعني قال بعض الفقهاء بأنهما لا يحلاّن إلاّ بنية العدول من الإفراد الى عمرة التمتّع، كما مرّ في جواز العدول من

ص: 177

جعلها (1) أولى، و على المشهور (2) ينبغي الفورية بها عقيبها، و لا يفتقر (3) الى إعادة نية الإحرام بناء (4) على ما ذكره المصنّف من أنّ التلبية كتكبيرة الإحرام لا تعتبر بدونها لعدم (5) الدليل على ذلك، بل إطلاق هذا (6) دليل

**********

شرح:

الإفراد الى عمرة التمتّع و إتيان الطواف و السعي بنيته، فالتلبية لا توجب الإحلال.

و المراد من قوله «إلاّ بالنية» هو نية العدول من الإفراد الى عمرة التمتّع.

(1)قال المصنّف رحمه اللّه في الدروس: الأولى هو قول التلبية بعد الطواف و السعي المتقدّم على الوقوفين.

(2)المشهور هو التلبية بعد الطواف و السعي، فينبغي عليه المبادرة بالتلبية بعد صلاة الطواف.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى التلبية، و في قوله: «عقيبها». يرجع الى صلاة الطواف.

(3)يعني بناء على قول المشهور بلزوم التلبية بعد صلاة الطواف و السعي بين الصفا و المروة لا يحتاج الى تجديد نية الإحرام لعدم الدليل على إعادتها.

(4)هذا مفعول له، و هو تعليل لإعادة نية الإحرام، لأنّ المصنّف رحمه اللّه قال: بأنّ التلبية مثل تكبيرة الإحرام، فكما أنّ تكبيرة الإحرام لا تتحقّق إلاّ بالنية كذلك التلبية لا يتحقّق الإحرام بها إلاّ بالنية.

(5)هذا دليل على قوله «و لا يفتقر الى إعادة... الخ» و هو عدم وجود دليل لإعادة النية، و الدليل على وجوب التلبية مطلق، فلو احتاج الى تجديد نية الإحرام أيضا لذكر في دليل إعادة التلبية، فاذا لم يذكر ذلك فيه فلا دليل لوجوب إعادة نية الإحرام، و هذا واضح.

(6)المشار إليه في قوله «هذا» هو الدليل، و هذا اسم إشارة للمشار إليه القريب.

ص: 178

على ضعف ذاك (1). و لو أخلاّ (2) بالتلبية صار حجّهما عمرة و انقلب تمتّعا و لا يجزي عن فرضهما (3) لأنه عدول اختياري، و احترز بهما (4) عن المتمتّع فلا يجوز له تقديمهما على الوقوف اختيارا، و يجوز له (5) تقديم الطواف و ركعتيه (6) خاصّة مع الاضطرار كخوف الحيض المتأخّر، و حينئذ (7) فيجب عليه التلبية لإطلاق

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «ذاك» هو لزوم إعادة نية الإحرام، و ذاك اسم اشارة للمتوسّط .

(2)فاعله ضمير التثنية الراجع الى المفرد و القارن. يعني لو تركا التلبية و تحلّلا صار حجّهما عمرة، لأنّ الطواف و السعي اذا لم تكن التلبية بعدهما فإنّهما يوجبان الإحلال.

(3)فاذا وجب حجّ القران أو الإفراد عليه فلا يجزي التمتّع عنهما، لأنّ العدول من النوع الواجب الى غيره لا يجوز كما قال المصنّف رحمه اللّه به في صفحة 151 «و ليس لمن تعيّن عليه نوع العدول الى غيره».

(4)يعني احترز المصنّف رحمه اللّه بذكر القران و الإفراد في قوله «يجوز للقارن و المفرد» من حجّ التمتّع، فلا يجوز لمن حجّ تمتّعا أنّ يقدّم الطواف و السعي على الوقوفين.

و الضمير في قوله «تقديمهما» يرجع الى الطواف و السعي.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع الى المتمتّع. يعني يجوز لمن حجّ تمتّعا أنّ يقدّم الطواف على الوقوف في مقام الاضطرار لا الاختيار، مثل خوف المرأة عن عروض الحيض المتأخّر عن الوقوف و أعمال منى في اليوم العاشر بنحو لا يمكنها الطواف لو أخّرته.

(6)عطف على الطواف. يعني يجوز تقديم ركعتي الطواف أيضا في مقام الاضطرار.

(7)يعني و حين تقديم الطواف و ركعتي الطواف تجب عليه التلبية بعدها فورا كما مرّ.

ص: 179

النصّ (1)، و في جواز طوافه ندبا (2) وجهان، فإن فعل (3) جدّد التلبية كغيره.

الثالثة: لو بعد المكّي ثمّ حجّ على ميقات أحرم منه

(الثالثة: لو بعد المكّي) (4) عن الميقات (ثمّ حجّ على ميقات أحرم منه وجوبا) لأنه قد صار ميقاته (5) بسبب مروره كغيره من أهل المواقيت (6) إذا مرّ بغير ميقاته، و إن كان ميقاته دويرة (7) أهله،(و لو كان)

**********

شرح:

(1)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي اريد الجواز بمكّة فكيف أصنع ؟ (الى أن قال:) اذا دخلت مكّة فطف بالبيت واسع بين الصفا و المروة، قلت له: أ ليس كلّ من طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحلّ ؟ فقال:

إنّك تعقد بالتلبية. ثمّ قال: كلّما طفت طوافا و صلّيت ركعتين فاعقد طوافا بالتلبية... الحديث. (الوسائل: ج 8 ص 206 ب 16 من أبواب أقسام الحجّ ح 1).

(2)يعني و في جواز طواف المتمتّع طوافا مندوبا لا طواف الزيارة وجهان:

الأول: جوازه لكونه عبادة و هي مستحبّة.

الثاني: كون الطواف محلّلة و الإحلال غير جائز.

(3)يعني لو فعل المتمتّع الطواف جدّد التلبية، مثل طواف غير المندوب.

(4)بمعنى أنّ المكّي الذي كان ميقاته دويرته لو خرج منها و أراد الحجّ فحينئذ يحرم من أحد المواقيت مثل غير المكّي.

(5)يعني أنّ الميقات الذي يمرّ به بعد الخروج من مكّة يكون له ميقاتا بسبب مرور المكّي منه.

و الضمائر في قوله «ميقاته» و «مروره» و «كغيره» ترجع الى المكّي.

(6)كما أنّ أهل ميقات ذي الحليفة لو مرّوا من طريق غير المدينة يعملون بما هو وظيفة غيرها من المواقيت.

(7)خبر لقوله «و إن كان». يعني و إن كان ميقات أهل مكّة بيوتهم اذا كانت أقرب

ص: 180

(له (1) منزلان بمكّة) أو ما في حكمها (2)(و بالآفاق) الموجبة للتمتّع (3) (و غلبت إقامته في الآفاق تمتّع)، و إن غلبت (4) بمكّة أو ما في حكمها قرن (5) أو أفرد،(و لو تساويا) في الإقامة (تخيّر) في الأنواع الثلاث (6).

هذا (7) إذا لم يحصل من إقامته بمكّة ما يوجب انتقال حكمه، كما لو أقام بمنزله الآفاقي ثلاث سنين و بمكّة سنتين متواليتين و حصلت الاستطاعة فيها فإنّه حينئذ يلزمه حكم مكّة (8) و إن كانت إقامته في الآفاق أكثر لما سيأتي (9)، و لا فرق في الإقامة بين ما وقع منها حال التكليف

**********

شرح:

الى عرفات كما مرّ.

(1)يعني اذا كان للمكّي منزلان أحدهما في مكّة و الآخر أبعد منهما بمقدار ثمانية و أربعين ميلا، فلو غلبت سكونته بأحدهما تبع بأحكام أهله، و عند التساوي يتخيّر في إتيان أيّ نوع من أنواع الحجّ .

و الضمير في قوله «له» يرجع الى المكّي.

(2)المراد من «ما في حكمها» هو ثمانية و أربعون ميلا في أطراف مكّة من النواحي.

(3)أي الآفاق المذكورة التي توجب حجّ التمتّع.

(4)أي غلبت سكونته ببلدة مكّة أو بمقدار ثمانية و أربعين ميلا من نواحيها.

(5)أي أتى حجّ الإفراد أو حجّ القران.

(6)من حجّ التمتّع و الإفراد و القران.

(7)المشار إليه في قوله «هذا» هو التفصيل الذي ذكره من وجوب نوع، و التخيير بين الأنواع الثلاثة. يعني أنّ ما ذكر هو في صورة عدم تعيّن وظيفة أهل مكّة في حقّه، و هو إقامته في مكّة سنتين و حصول الاستطاعة للحجّ فيها.

(8)بمعنى أنّ أهل الآفاق اذا سكنوا بلدة مكّة سنتين متواليتين ينقلب حكمه الى حجّ الإفراد و القران.

(9)عند قوله رحمه اللّه «و المجاور بمكّة سنتين ينتقل في الثالثة الى الإفراد و القران».

ص: 181

و غيره (1)، و لا بين ما أتمّ الصلاة فيها (2) و غيره، و لا بين الاختيارية و الاضطرارية (3)، و لا المنزل المملوك عينا (4) و منفعة (5)، و المغصوب، و لا بين أن يكون بين المنزلين (6) مسافة القصر و عدمه لإطلاق النصّ (7) في

**********

شرح:

(1)كما اذا أقام في مكّة سنة و هو صغير و أقام أيضا سنة اخرى و قد بلغ، فلا فرق بين السنتين.

(2)أي لا فرق بين أن يقيم بمكّة و صلّى تماما أو لم يقم بل سكن فيها مردّدا الى قبل شهر ثمّ خرج منها ثمّ رجع و أقام كذلك فحصل تمام السنتين.

(3)كما اذا أقام ببلدة مكّة اضطرارا للخوف من العدوّ، أو كان محبوسا في مكّة، أو كان ممنوع الخروج منها، فاذا حصلت السكونة كذلك سنتين يتبدّل حكمه بحجّ الإفراد.

(4)كما اذا ابتاع منزلا و ملك عينه.

(5)كما استأجر منزلا فملك منفعته بالإجارة، و كذلك لا فرق بين سكونته بمكّة في منزل مباح له، أو سكن فيها في منزل غصبي.

ففي تلك الصور أيضا اذا أقام سنتين تبدّل حكمه الى حجّ الإفراد و حجّ القران.

(6)المراد من «المنزلين» هو المنزل الذي في الآفاق و المنزل الذي هو أقرب الى مكّة من ثمانية و أربعين ميلا، فلا فرق في التفصيل المذكور بين كون المسافة بينهما بمقدار المسافة الموجبة لقصر الصلاة أم لم يكن.

(7)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة لا متعة له، فقلت لأبي جعفر عليه السّلام: أ رأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكّة ؟ قال:

فلينظر أيّهما الغالب عليه فهو من أهله. (الوسائل: ج 8 ص 191 ب 9 من أبواب أقسام الحجّ ح 1).

ص: 182

ذلك (1) كلّه، و مسافة السفر الى كلّ منهما (2) لا يحتسب عليهما. و متى حكم باللحوق (3) بأحد المنزلين اعتبرت الاستطاعة منه (4)، و لو اشتبه الأغلب (5) منه تمتّع.

**********

شرح:

(1)إنّ النصّ المذكور مطلق في التفصيلات المذكورة، بأنّ الساكن بمكّة سنتين من أهل الآفاق يجب عليه الإفراد، و أنّ صاحب المنزلين يتبع حكم من غلب من حيث السكونة إلاّ أن تحصل الاستطاعة في السنتين اللتين سكن بمكّة.

(2)المراد من هذه العبارة هو أنّ مسافة السفر بين المنزلين في مكّة و الآفاق لو كانت خمسة أيّام مثلا فتلك المدّة لا تحتسب بأحد منهما، إنّما الملاك هو سكونته فيهما، فلو غلب أحدهما لحق به من حيث الحكم.

(3)فاذا غلبت سكونته في أحد المنزلين و حكم بلحوق حكمه اعتبرت الاستطاعة منه.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع الى المنزل الذي حكم باللحوق به. يعني اذا كانت مئونة الحجّ من منزل الآفاقي خمسين دينارا مثلا و من منزل المكّي عشرين دينارا و غلبت سكونته في الآفاقي فلا تحصل الاستطاعة إلاّ بوجود خمسين دينارا عنده. و هكذا اذا غلبت سكونته في المنزل المكّي فتحصل له الاستطاعة بوجود عشرين دينارا عنده.

(5)بمعنى أنه اذا شكّ ذو المنزلين في سكونته غالبا في أيّ منهما وجب عليه حجّ التمتّع.

أقول: لا يخفى أنّ الحكم بوجوب التمتّع للشاكّ المذكور إنّما هو على القول بجواز عدول المفرد الى التمتّع، لكن لو قيل بالتعيّن كما عن المصنّف رحمه اللّه فحينئذ يشكل الأمر.

من حواشي الكتاب: قوله «و لو اشتبه الأغلب منه تمتّع» وجوب التمتّع لمن

ص: 183

(و المجاور (1) بمكّة) بنية الإقامة على الدوام، أو لا معها (2) من أهل الآفاق (سنتين ينتقل) فرضه (في الثالثة (3) الى الإفراد و القران، و قبلها) أي قبل الثالثة (يتمتّع) (4). هذا إذا تجدّدت الاستطاعة في زمن الإقامة (5)، و إلاّ لم ينتقل (6) ما وجب من الفرض، و الاستطاعة تابعة للفرض فيهما (7)

**********

شرح:

اشتبه عليه الحال على سبيل الاحتياط ، لأنّ المكّي جاز له التمتّع اختيارا، فمع الاشتباه أولى بخلاف الثاني، إذ لا يجوز له القران و الإفراد اختيارا، فبالتمتّع تيقّن براءة الذمّة له، بخلاف القران و الإفراد.

و قيل: بالتخيير هنا لنقصان الدليل عن إفادة التعيّن، و هو أولى و إن كان التمتّع أحوط . (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)المراد من «المجاور» هو الآفاقي الذي سكن في بلدة مكّة سنتين، يتبدّل حكم الآفاقي الى حكم المكّي من وجوب الإفراد أو القران عليه.

(2)الضمير في قوله «معها» يرجع الى نية الإقامة. يعني لا فرق في تبدّل حكم الآفاقي الى حكم المكّي عند سكونته سنتين في مكّة بين نية الإقامة أو لا.

(3)أي في السنة الثالثة.

(4)يعني قبل السنة الثالثة يجب عليه التمتّع لو حصلت له الاستطاعة.

(5)يعني أنّ الحكم بتبدّل التمتّع بالإفراد إنّما هو في صورة حصول الاستطاعة عند إقامته بمكّة.

(6)فلو حصلت الاستطاعة له قبل السنتين المذكورتين وجب عليه حجّ التمتّع.

(7)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى السنتين. يعني أنّ الاستطاعة تتبع الفرض في السنتين. بمعنى أنّ الفرض فيهما هو الإفراد و القران، فالاستطاعة تابعة بذلك الفرض اذا نوى الإقامة الدائمية فيها، مثلا اذا كانت مئونة حجّ الإفراد خمسين دينارا فحصل له المال بذلك المقدار فتحصل له الاستطاعة و لو وجب عليه حجّ

ص: 184

إن كانت الإقامة بنية الدوام، و إلاّ اعتبرت من بلده (1). و لو انعكس الفرض بأن أقام المكّي في الآفاق اعتبرت نية الدوام و عدمه (2) في

**********

شرح:

التمتّع، لكن لو لم ينو الإقامة الدائمية في مكّة في السنتين فلا تحصل له الاستطاعة إلاّ من بلده، فعلى ذلك اذا حصل له خمسون دينارا و كانت مئونة الحجّ من بلده ستين دينارا فلا تحصل له الاستطاعة و لا يجب عليه الحجّ .

أقول: لا يصحّ توهّم التهافت بين قول المصنّف رحمه اللّه مزجا مع قول الشارح رحمه اللّه «و المجاور بمكّة بنية الإقامة على الدوام أو لا معها من أهل الآفاق سنتين ينتقل الى الإفراد» و بين قول الشارح رحمه اللّه هنا «و الاستطاعة تابعة للفرض فيهما إن كانت الإقامة بنية الدوام».

فإنّ غرض المصنّف رحمه اللّه هو بيان تبدّل حكم التمتّع بحكم الإفراد بالسكونة في مكّة سنتين بلا فرق بين نية الدوام و عدمه.

و الغرض هنا بيان حكم الاستطاعة، فإنّها تتفاوت من حيث نية الدوام و غيرها. فإنّ من نوى الإقامة الدائمية في مكّة سنتين و حصلت له بمقدار ما تحصل استطاعة حجّ الإفراد وجب عليه حجّ التمتّع. و لو لم ينو الإقامة الدائمية فلا تحصل له الاستطاعة إلاّ بمقدار ما يستطيع من بلده.

و الحاصل: أنّ الأول في مقام بيان نوع الحجّ الذي يتبدّل التمتّع بالإفراد بلا فرق بين نية الإقامة الدائمية و غيرها، و الثاني في مقام بيان مقدار الاستطاعة التي تتفاوت فيها نية الإقامة الدائمية و غيرها، فلا تنافي و لا تهافت بين المقامين كما زعمه البعض.

(1)الضمير في قوله «بلده» يرجع الى الآفاقي الذي أقام بمكّة لا بنية الإقامة الدائمية.

(2)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى الدوام.

ص: 185

الفرض (1) و الاستطاعة (2) إن لم تسبق الاستطاعة بمكّة (3) كما مرّ، كما يعتبر ذلك في الآفاقي لو انتقل (4) من بلد الى آخر يشاركه (5) في الفرض، و لا فرق أيضا بين الإقامة زمن التكليف (6) و غيره، و لا بين الاختيارية

**********

شرح:

و الحاصل: أنّ أهل مكّة اذا أقاموا في الآفاق سنتين تبدّل حكمهم الى حجّ التمتّع بعد إتمامهما، و لا يتبدّل قبلهما بلا فرق بين نية الإقامة الدائمية أو غيرها. و أيضا تعتبر استطاعتهم في السنتين من الآفاق لو نووا الإقامة الدائمية فيها، و من مكّة لو لم ينووا الإقامة الدائمية في الآفاق.

(1)قد أوضحنا بأنّ المكّي اذا أقام سنتين في الآفاق وجب عليه حجّ التمتّع مثل الآفاقي.

(2)قد أوضحنا أيضا بأنّ الاستطاعة في سنتين تابعة للفرض لو نوى الإقامة الدائمية في الآفاق، و إلاّ تعتبر الاستطاعة فيهما من مكّة.

(3)فلو حصلت الاستطاعة له في زمان سكونته في مكّة و أخّر الحجّ فالفرض عليه ما لأهل مكّة و هو حجّ الإفراد.

(4)يعني أنّ الآفاقي اذا انتقل من بلد الى آخر - كما لو كان من أهل المدينة مثلا و انتقل الى الكوفة - فالمعتبر استطاعته السابقة، فإنّ المؤونة من المدينة كانت قليلة و المؤونة من الكوفة كانت كثيرة، فاذا حصلت الاستطاعة له في حال سكونته في المدينة و انتقل الى الكوفة وجب عليه الحجّ باستطاعته السابقة و لو لم يستطع بالنسبة الى المؤونة المحتاجة إليها من الكوفة.

(5)فإنّ البلد المنتقل إليه و البلد المنتقل منه يشتركان من حيث وجوب نوع الحجّ و هو التمتّع.

(6)ففي فرض عكس المسألة و انتقال الآفاقي الى غير بلده في الآفاق فإنّه لا فرق في الحكم المذكور بين الإقامة في السنتين اللتين يتبدّل الحكم بها و بين الإقامة الاختيارية و الاضطرارية كما مرّ في خصوص المجاور بمكّة سنتين.

ص: 186

و الاضطرارية للإطلاق (1).

(و لا يجب الهدي (2) على غير المتمتّع) و إن كان قارنا، لأنّ هدي القران (3) غير واجب ابتداء و إن تعيّن بعد الإشعار أو التقليد للذبح، (و هو) (4) أي هدي التمتّع (نسك) كغيره (5) من مناسك الحجّ ، و هي (6) أجزاؤه من الطواف و السعي و غيرهما،(لا جبران) (7) لما فات من

**********

شرح:

(1)انظر النصّ المطلق في المقام المروي عن زرارة عن أبي جعفر رحمه اللّه و المذكور في صفحة 182.

(2)الهدي - بفتح الهاء و كسر الدالّ و الياء المشدّدة -: ما اهدي الى الحرم من النعم. (المنجد).

الهدي - بفتح الهاء و سكون الدال و الياء المخفّفة -: ما اهدي الى الحرم من النعم، و قيل: ما ينقل للذبح من النعم الى الحرم، الواحدة: هدية. (أقرب الموارد).

و المراد من معنى الهدي هنا هو ما يذبح بنية الهدي لحجّ التمتّع أو القران.

(3)فإنّ القارن لا يجب عليه الهدي ابتداء و إن وجب عليه بعد السوق و الإشعار.

(4)مبتدأ، و خبره قوله «نسك». يعني أنّ الهدي من النسك و يحتاج الى النية كما أنّ سائر النسك الواجبة في الحجّ يحتاج الى النية، و هذا في مقابل قول الشيخ بأنّ الهدي جبران. و المراد من «النّسك» بتثليث النون و سكون السين هو العبادة.

(5)كما أنّ غير الهدي من أعمال الحجّ من النسك. و المناسك: جمع منسك و هو محلّ العبادة، فإنّ المواضع التي تقع فيها أعمال الحجّ تسمّى بالمناسك مجازا.

(6)الضمير يرجع الى المناسك. يعني أنّ المناسك هي أجزاء الحجّ مثل الطواف و السعي و غيرهما.

و الضمير في «أجزاؤه» يرجع الى الحجّ .

(7)يعني أنّ الهدي ليس جبران لما فات من الإحرام من أحد المواقيت.

ص: 187

الإحرام له من الميقات على المشهور بين أصحابنا، و للشيخ رحمه اللّه قول بأنه (1) جبران، و جعله (2) تعالى من الشعائر، و أمره بالأكل منه يدلّ على الأول (3).

و تظهر الفائدة (4) فيما لو أحرم به من

**********

شرح:

و لا يخفى أنّ المشهور يقول بكون الهدي من أجزاء مناسك الحجّ ، أمّا الشيخ رحمه اللّه فيقول بأنه جبران لما فات له من إحرام أحد المواقيت، لأنّ الإحرام من مكّة يوجب فوت الإحرام من الميقات.

و سيأتي بيان الثمرة بين القولين قريبا بقوله «و تظهر الفائدة فيما لو أحرم... الخ».

(1)الضمير في قوله «بأنه» يرجع الى الهدي.

(2)هذا و قوله «و أمره بالأكل» مبتدءان، و خبرهما قوله «يدلّ على الأول». يعني أنّ جعل هدي القران من شعائر اللّه كما في قوله تعالى وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (1) . (الحجّ : 36). و أمره تعالى بالأكل من لحمه كما في قوله تعالى في نفس الآية فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (2) .

يدلاّن على كون الهدي نسكا لا جبرانا.

(3)المراد من «الأول» هو القول بكون الهدي من النسك لا الجبران.

(4)فإنّ الثمرة بين القولين تظهر في موضعين:

الأول: اذا أحرم من أحد المواقيت، و بذلك لا يجوز حال الاختيار بل في حال الاضطرار.

فبناء على قول الشيخ رحمه اللّه يسقط الهدي لعدم فوت الإحرام من الميقات، و لا يسقط على المشهور لكونه من النسك الواجب.

الثاني: اذا خرج المكّي الى الآفاق فأراد الحجّ ، فاذا مرّ من أحد المواقيت وجب

ص: 188


1- سوره 22 - آیه 36
2- سوره 22 - آیه 36

الميقات (1)، أو مرّ به (2) بعد أن أحرم من مكّة، فيسقط الهدي على الجبران لحصول الغرض، و يبقى على النسك، أمّا لو أحرم من مكّة و خرج الى عرفات من غير أن يمرّ بالميقات وجب الهدي على القولين (3) و هو موضع وفاق.

الرابعة: لا يجوز الجمع بين النسكين الحجّ و العمرة بنية واحدة

(الرابعة: (4) لا يجوز الجمع بين النسكين) الحجّ (5) و العمرة (بنية واحدة) سواء في ذلك (6) القران و غيره على المشهور،(فيبطل كلّ منهما) للنهي المفسد (7) للعبادة كما لو

**********

شرح:

عليه أن يحرم منه.

فبناء على قول الشيخ رحمه اللّه يسقط الهدي، و لا يسقط على المشهور.

(1)هذا هو الموضع الأول من الموضعين المذكورين.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى الميقات. و هذا هو الموضع الثاني من الموضعين المذكورين.

(3)ففي هذه الصورة لا يسقط الهدي على قول المشهور و على قول الشيخ رحمه اللّه، و عدم السقوط فيها مورد إجماع الفقهاء و لم يختلف فيه أحد.

(4)أي المسألة الرابعة.

(5)بيان للنسكين اللذين لا يجوز الجمع بينهما.

(6)يعني لا فرق في عدم جواز النسكين بنية واحدة في حجّ القران و التمتّع و الإفراد بناء على قول المشهور، فلو نرى كذلك حكم ببطلانهما.

(7)فإنّ النهي في العبادة يوجب الفساد كما قرّر في علم الأصول.

و المراد من «النهي» الوارد في منع الجمع بين النسكين هو النصّ المنقول في الوسائل:

عن زرارة قال: جاء رجل الى أبي جعفر عليه السّلام و هو خلف المقام، فقال: إنّي

ص: 189

نوى (1) صلاتين، خلافا (2) للخلاف حيث قال: ينعقد الحجّ خاصّة، و للحسن (3) حيث جوّز ذلك و جعله (4) تفسيرا للقران مع سياق الهدي.

(و لا إدخال أحدهما على الآخر) (5) بأن ينوي الثاني (قبل) إكمال (تحلّله (6) من الأول) و هو الفراغ منه، لا مطلق

**********

شرح:

قرنت بين حجّة و عمرة، فقال له: هل طفت بالبيت ؟ فقال: نعم، قال: هل سقت الهدي ؟ قال: لا، فأخذ أبو جعفر عليه السّلام بشعره ثمّ قال: أحللت و اللّه. (الوسائل: ج 8 ص 209 ب 18 من أبواب أقسام الحجّ ح 1).

(1)كما تبطل الصلاتين لو نواهما بنية واحدة.

(2)يعني خالف المشهور الشيخ رحمه اللّه في كتابه الخلاف حيث قال بانعقاد الحجّ و ببطلان العمرة. هذا في صورة تقدّم الحجّ مثل الإفراد، و في صورة تقدّم العمرة كما في حجّ التمتّع فالحكم بصحّة العمرة و إبطال الحجّ .

(3)يعني أنّ المشهور على خلاف ما ذهب إليه الحسن بن أبي عقيل رحمه اللّه فإنّه قال بصحّتهما.

من حواشي الكتاب: القران بين صلاتي الظهر و العصر، أمّا بنيّتهما عبادة واحدة، أو عبادتين بلا خروج عن الصلاة الاولى عند إتمامها، أو مع الخروج بلا نية اخرى للثانية، أو مع نية اخرى لها أيضا، فيكون من ابتداء الاولى للثانية مجرّد العزم، و الأخير صحيح و البواقي باطلة. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(4)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى الجمع بين النسكين. يعني أنّ ابن أبي عقيل رحمه اللّه جعل ذلك معنى القران فقال: إنّ القران هو جمع الحجّ و العمرة بنية واحدة مع سوق الهدي.

(5)كما اذا نوى الحجّ قبل إتمام العمرة في التمتّع و نوى العمرة قبل إتمام الحجّ في الإفراد و القران.

(6)الضمير في قوله «تحلّله» يرجع الى المحرم. يعني لا يجوز لمن أحرم على نسك أن

ص: 190

التحلّل (1)،(فيبطل الثاني إن كان عمرة) مطلقا (2) حتّى لو أوقعها قبل المبيت بمنى ليالي التشريق،(أو كان) الداخل (3)(حجّا) على العمرة (قبل السعي) لها،(و لو كان) بعده (4) و (قبل التقصير و تعمّد ذلك فالمروي) صحيحا (5) عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (أنه (6) يبقى على حجّة)

**********

شرح:

ينوي الآخر قبل إكمال الأول، مثلا اذا نوى المعتمر للحجّ قبل الفراغ من العمرة و هو اذا قصّر لها، و كذا المفرد اذا نوى العمرة قبل إكمال أعمال الحجّ .

و الضمير في قوله «و هو الفراغ» يرجع الى التحلّل، و في قوله «منه» يرجع الى الأول.

(1)يعني ليس المراد من قوله «قبل تحلّله» مطلق الإحلال، لأنه اذا طاف و سعى للعمرة حصل التحلّل منها لكن لم يحصل الفراغ منها، و كذلك في الحجّ يحصل التحلّل قبل المبيت في منى في ليالي التشريق لكن لم يحصل الفراغ من الحجّ .

(2)قوله «مطلقا» إشارة الى قوله «حتّى لو أوقعها قبل المبيت... الخ». يعني اذا نوى العمرة قبل إتمام أفعال الحجّ بطلت العمرة حتّى لو أوقع العمرة قبل المبيت بمنى في ليالي التشريق، و هي ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر.

(3)يعني و كذا يبطل الثاني اذا أدخل الحجّ على العمرة قبل السعي للعمرة. لكن لو أدخل الحجّ على العمرة بعد السعي و قبل التقصير فالمروي صحّة حجّه و بطلان العمرة.

و الضمير في قوله «لها» يرجع الى العمرة.

(4)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى السعي. يعني لو أدخل الحجّ في العمرة بعد السعي و قبل التقصير و كان متعمّدا فالمروي صحّة حجّه مفردا.

(5)أي أنّ ما روي هو من طريق صحيح، و هو المروي مسندا و الرواة فيه إماميّون و عدول.

(6)الجملة خبر لقوله «فالمروي». و الرواية المذكورة منقولة في الوسائل:

ص: 191

(مفردة) بمعنى بطلان عمرة التمتّع، و صيرورتها (1) بالإحرام قبل إكمالها حجّة مفردة، فيكملها (2) ثمّ يعتمر بعدها عمرة مفردة.

و نسبته (3) الى المروي يشعر بتوقّفه في حكمه من حيث (4) النهي عن الإحرام الثاني، و بوقوع (5) خلاف ما نواه إن أدخل (6) حجّ التمتّع، و عدم (7) صلاحية الزمان إن أدخل غيره،

**********

شرح:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المتمتّع اذا طاف و سعى ثمّ لبّى بالحجّ قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر و ليس عليه متعة. (الوسائل: ج 8 ص 73 ب 54 من أبواب الإحرام ح 5).

ثمّ قال صاحب الوسائل: حمله الشيخ رحمه اللّه على العمد أيضا.

(1)الضميران في قوله «صيرورتها» و «إكمالها» يرجعان الى العمرة. يعني أنّ ناوي العمرة اذا نوى إحرام الحجّ قبل إتمامها بالتقصير كانت حجّة مفردة.

(2)أي الناوي للحجّ قبل إتمام العمرة يكمل حجّة مفردة ثمّ يأتي العمرة و تكون عمرته مفردة.

(3)يعني أنّ نسبة المصنّف رحمه اللّه الحكم بالمروي يشعر بأنه توقّف في الحكم المذكور.

(4)بمعنى أنّ توقّف المصنّف رحمه اللّه في الحكم المذكور من حيث النهي بإدخال الإحرام الثاني قبل إتمام الأول، و النهي موجب للفساد كما قرّر في الأصول.

(5)هذا دليل ثان بتوقّف المصنّف رحمه اللّه، بأنّ الحكم بصحّة حجّ القران قهرا يوجب الحكم بوقوع خلاف ما نواه لأنه نوى حجّ التمتّع، فما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد.

(6)يعني أنّ وقوع خلاف ما نواه في صورة إدخال حجّ التمتّع في عمرته.

(7)بالكسر، عطفا على قوله «بوقوع خلاف ما نواه». يعني لو نوى غير حجّ التمتّع فلا يصلح الزمان له، لأنّ وظيفته إتيان حجّ التمتّع فلا يساعده الزمان أن ينوي

ص: 192

فبطلان (1) الإحرام أنسب، مع أنّ الرواية ليست صريحة في ذلك (2)، لأنه قال: المتمتّع إذا طاف و سعى ثمّ لبّى قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر و ليس له متعة (3). قال المصنّف في الدروس: يمكن حملها على متمتّع (4)

**********

شرح:

حجّ القران أو الإفراد.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى التمتّع.

و الحاصل: أنّ الذي نوى الحجّ قبل إتمام العمرة يشكل الحكم بصحّة حجّه و يتبدّل حجّ التمتّع بحجّ الإفراد عملا بمضمون الرواية المذكورة بدليلين:

الأول: بالحكم بما خالف ما نواه، فإنّه قصد حجّ التمتّع و الحال يحكم بصحّة حجّه قرانا، فما وقع لم يقصد، و ما قصد لم يقع.

الثاني: بعدم مساعدة الزمان للحكم بصحّة حجّه إفرادا، لأنّ التكليف الواجب عليه هو حجّ التمتّع فكيف ينوي الإفراد و يدخله في العمرة التي لم تتمّ ؟ فالعمل بمضمون الرواية مشكل.

(1)هذا نتيجة الدليلين المذكورين، فالحكم ببطلان الإحرام الثاني يناسب المقام.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو تبدّل حجّ التمتّع بحجّ الإفراد، لأنّ قوله عليه السّلام في رواية أبي بصير «ثمّ لبّى» لا دلالة فيه بأنّ المقصود من التلبية هو قصد الإحرام للحجّ . و أيضا بأنّ قوله عليه السّلام فيها «ليس عليه متعة» فإنّ معناه بطلان عمرة التمتّع لا التبدّل بحجّ الإفراد.

(3)فلا دلالة في الرواية بتبدّل حجّ التمتّع بحجّ الإفراد كما لا يخفى.

(4)إنّ المصنّف رحمه اللّه حمل الرواية في كتابه الدروس على حجّ التمتّع الذي عدل إليه من حجّ الإفراد، فإنّا قد فصّلنا في صورة جواز العدول من الإفراد الى التمتّع بأنه يجب ترك التلبية بعد السعي للعمرة، لأنّ الطواف و السعي محلاّن، و التلبية عاقدة للإحرام، فلو لبّى بعد السعي بطل المعدول إليه و بقي في حجّه المعدول عنه

ص: 193

عدل عن الإفراد ثمّ لبّى بعد السعي، لأنه (1) روي التصريح بذلك (2) في رواية اخرى (3). و الشيخ رحمه اللّه حملها (4) على المتعمّد، جمعا بينها و بين حسنة

**********

شرح:

و هو الإفراد.

و الحاصل: إنّ المصنّف رحمه اللّه حمل الرواية المذكورة الدالّة على تبدّل حجّ التمتّع بالإفراد الى التمتّع الذي عدل إليه من الإفراد.

(1)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الشأن.

(2)المشار إليه في قوله «بذلك» هو كون المراد من التمتّع الذي عدل إليه من الإفراد لا حجّ التمتّع الذي وجب عليه ابتداء.

(3)المراد من «الرواية الاخرى» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل يفرد الحجّ فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة ثمّ يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له. (الوسائل: ج 8 ص 185 ب 5 من أبواب أقسام الحجّ ح 9).

و لا يخفى أنّ الرواية هذه تدلّ على تبدّل التمتّع بالإفراد، و قد صرّح بكون التمتّع الذي عدل إليه من الإفراد لا الابتدائي.

(4)يعني أنّ الشيخ رحمه اللّه حمل الرواية المنقولة عن أبي بصير الدالّة على تبدّل حجّ التمتّع بحجّ القران على الذي تعمّد في إدخال الحجّ في العمرة، لأنّ الرواية مطلقة في قوله عليه السّلام «المتمتّع اذا طاف و سعى ثمّ لبّى بالحج... الخ» فإنّها مطلقة في كون التلبية عمدا أو سهوا.

فحملها الشيخ رحمه اللّه بصورة العمد للجمع بينها و بين حسنة عمّار الآتية الدالّة بأنّ من أدخل الحجّ في العمرة ناسيا فلا شيء عليه.

توضيح: إنّ رواية أبي بصير تدلّ على بطلان العمرة اذا أدخل الحجّ فيها و على

ص: 194

عمّار (1) المتضمّنة: أنّ من دخل في الحجّ قبل التقصير ناسيا لا شيء عليه.

و حيث حكمنا بصحّة الثاني و انقلابه مفردا لا يجزي عن فرضه (2)، لأنه عدول اختياري و لم يأت بالمأمور به (3) على وجهه، و الجاهل عامد (4).

(و لو كان ناسيا (5) صحّ إحرامه الثاني) و حجّه، و لا يلزمه قضاء

**********

شرح:

تبدّل حجّ الإفراد. أمّا حسنة عمّار فتدلّ على صحّة العمرة و الحجّ اذا أدخل الحجّ في العمرة ناسيا.

أمّا الجمع بينهما فقد حمل الشيخ رحمه اللّه إطلاق مضمون رواية أبي بصير على صورة العمد، فلا تنافي بين الروايتين.

(1)المراد من «حسنة عمّار» هو الخبر المروي في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل أهلّ بالعمرة و نسي أن يقصّر حتّى دخل في الحجّ ، قال: يستغفر اللّه و لا شيء عليه و قد تمّت عمرته. (الوسائل: ج 9 ص 73 ب 54 من أبواب الإحرام ح 3).

(2)فاذا كان عليه حجّ التمتّع و قلنا بتبدّل التمتّع الى الإفراد و صحّ إفراده فلا يجزي ذلك عن فرضه الذي في ذمّته من حجّ التمتّع، لأنّ العدول من نوع الواجب الى آخر لا يجوز كما قال المصنّف رحمه اللّه في صفحة 151 «و ليس لمن تعيّن عليه نوع العدول الى غيره».

(3)المراد من «المأمور به» هو حجّ التمتّع، فإنّ الناوي للحجّ قبل تمام العمرة اذا قلنا بتبدّل التمتّع بالإفراد لم يأت المأمور به بعنوانه الخاصّ و هو التمتّع، فلا يسقط الواجب عن ذمّته.

(4)أي من أدخل الحجّ في العمرة جهلا فهو في حكم العامد.

(5)أي لو أدخل الحجّ بالعمرة ناسيا صحّ إحرامه الثاني و صحّ حجّه.

و قوله «و لو كان ناسيا» عطف على قوله «و تعمّد ذلك فالمرويّ أنه... الخ».

ص: 195

التقصير (1) لأنه ليس جزء بل محلّلا،(و يستحبّ جبره (2) بشاة) للرواية (3) المحمولة على الاستحباب جمعا (4)، و لو كان الإحرام (5) قبل إكمال السعي بطل و وجب إكمال العمرة. و اعلم (6) أنه لا يحتاج الى استثناء

**********

شرح:

و الحاصل: إنّ إدخال الحجّ في العمرة لو كان بعد السعي و قبل التقصير و كان الإدخال نسيانا لا عمدا صحّ إحرامه الثاني و صحّ حجّه.

(1)أي لا يجب عليه أن يقضي التقصير لأنه ليس من أجزاء أعمال العمرة، بل هو سبب الإحلال، فلا حاجة الى التقصير بعد الإحرام بالثاني.

(2)الضمير في قوله «جبره» يرجع الى التقصير.

(3)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الرجل يتمتّع فينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ ، فقال: عليه دم يهريقه. (الوسائل: ج 9 ص 73 ب 54 من أبواب الإحرام ح 6).

(4)للجمع بين الرواية الدالّة على إهراق الدم و الروايات الاخرى الدالّة على عدم وجوب شيء عليه انظر رواية معاوية بن عمّار الآنفة الذكر.

(5)أي لو كان الإحرام للحجّ قبل السعي للعمرة بطل الإحرام للحجّ و وجب عليه أن يتمّ عمرته.

و فاعل قوله «بطل» مستتر يرجع الى الإحرام.

و لا يخفى أنّ هذا متفرّع من قوله «و لو كان إدخال الحجّ قبل التقصير».

و الحاصل: أنه لو أدخل الحجّ في العمرة قبل التقصير و بعد السعي ففيه ما مرّ من التفصيل.

و لو كان إدخال الحجّ في العمرة قبل السعي بطل الحجّ و وجب إكمال العمرة.

(6)هذا جواب عن إيراد هو أنه لا يصحّ الحكم بعدم جواز إدخال الحجّ في العمرة مطلقا، بل كان على المصنّف رحمه اللّه استثناء من يضطرّ.

فأجاب رحمه اللّه بأنّ ذلك ليس إدخال نسك في آخر بل انتقال منه الى آخر.

ص: 196

من تعذّر عليه إتمام نسكه (1)، فإنّه يجوز له الانتقال الى الآخر قبل إكماله (2)، لأنّ ذلك لا يسمّى إدخالا بل انتقالا و إن كان المصنّف قد استثناه (3) في الدروس.

**********

شرح:

(1)كما اذا لم يتمكّن المعتمر من سعي عمرته فإنّه يجوز عليه إحرام الحجّ .

(2)الضمير في قوله «إكماله» يرجع الى نسكه الذي تعذّر عليه إتمامه.

(3)فإنّ المصنّف رحمه اللّه قد استثنى من تعذّر له إتمام نسكه.

ص: 197

الفصل الثالث في المواقيت

اشارة

(الفصل الثالث) (1) (في المواقيت)واحدها (2) ميقات، و هو (3) لغة: الوقت المضروب للفعل، و الموضع (4) المعيّن له، و المراد هنا

**********

شرح:

المواقيت (1)أي الفصل الثالث من الفصول التي ذكرها في أول الكتاب بقوله «و فيه فصول».

و قد ذكر الفصل الأول منها في شروط الحجّ و أسبابه، ثمّ ذكر الفصل الثاني في أنواع الحجّ ، و هذا هو الثالث منها في خصوص المواقيت.

(2)أي مفردها ميقات. و الميقات - بالكسر -: الوقت: و قيل: الوقت المضروب للشيء، يقال: الهلال ميقات الشهر، و الموعد الذي جعل له وقت. جمعه:

مواقيت. و قد يستعار للموضع الذي جعل وقتا للشيء، و منه: مواقيت الحاجّ لمواضع إحرامهم، يقال: بلغوا الميقات من مواقيت الحجّ ، و قد فعل بالوقت مثل ذلك، أي استعير للموضع. (أقرب الموارد).

(3)الضمير يرجع الى الميقات. يعني أنّ لفظ «ميقات» في اللغة إمّا اسم زمان معيّن للفعل أو اسم مكان معيّن للفعل.

(4)عطف على قوله «الوقت المضروب».

ص: 198

الثاني (1)

لا يصحّ الإحرام قبل الميقات إلاّ بالنذر و شبهه

(لا يصحّ الإحرام قبل الميقات إلاّ بالنذر (2) و شبهه (3)) من العهد و اليمين (إذا وقع الإحرام في أشهر الحجّ (4)) هذا شرط لما يشترط وقوعه (5) فيها، و هو الحجّ مطلقا (6) و عمرة التمتّع،(و لو كان عمرة مفردة لم يشترط ) وقوع إحرامها (7) في أشهر الحجّ لجوازها في مطلق السنة، فيصحّ تقديمه (8) على الميقات بالنذر مطلقا، و القول بجواز تقديمه بالنذر و شبهه

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المراد من معنى الميقات هنا هو اسم مكان معيّن للفعل و هو الإحرام.

(2)فلو نذر أن يحرم قبل الميقات فعليه الإحرام قبل أن يمرّ بالميقات، كما لو نذر الحاجّ أن لو وفّقه اللّه تعالى لتحصيل مقدّمات الحجّ أن يحرم من داره أو بلده أو من موضع ركوبه السيارة أو الطيارة.

(3)و كذا لو عاهد أو حلف الإحرام قبل الميقات فيصحّ عند ذلك الإحرام قبل الميقات.

(4)يعني يصحّ الإحرام قبل الوصول الى الميقات بشرط وقوعه في أشهر الحجّ ، و قد مرّ التفصيل في خصوص أشهر الحجّ بأنه ثلاثة أشهر: شوال و ذو القعدة و ذو الحجّة، أو شهران و تسعة أيّام من شهر ذي الحجّة، أو شهران و عشرة أيّام من ذي الحجّة.

(5)يعني أنّ وقوع الإحرام في أشهر الحجّ إنّما هو شرط في النسك الذي يجب إحرامه في أشهر الحجّ ، و هو عبارة عن الحجّ بأنواعه الثلاثة، و عمرة التمتّع.

(6)أي بلا فرق بين التمتّع، و الإفراد و القران.

(7)الضمير في قوله «إحرامها» يرجع الى العمرة. يعني أنّ العمرة المفردة تصحّ في جميع أيّام السنة و لا يشترط إحرامها في أشهر الحجّ ، كما لا يشترط وقوع نفس العمرة في أشهر الحجّ .

(8)الضمير في قوله «تقديمه» يرجع الى إحرام العمرة. و قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين أشهر الحجّ و غيرها.

ص: 199

أصحّ القولين و أشهرهما (1)، و به (2) أخبار بعضها صحيح فلا يسمع إنكار بعض الأصحاب (3) له استضعافا لمستنده.

(و لو خاف مريد الاعتمار (4) في رجب تقضّيه (5) جاز له الإحرام)

**********

شرح:

(1)لا يخفى أنّ الأشهر هو في مقابل القول المشهور، و هو ضعيف بالنسبة الى القول المشهور لأنه في مقابل القول النادر.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى جواز تقديم الإحرام على الميقات.

يعني يدلّ على الجواز أخبار بعضها صحيح، من جملتها الخبر المنقول في الوسائل:

عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل جعل للّه عليه شكرا أن يحرم من الكوفة، قال: فليحرم من الكوفة و ليف للّه بما قال. (الوسائل: ج 8 ص 236 ب 13 من أبواب المواقيت ح 1).

(3)المراد من «بعض الأصحاب» المنكر لجواز الإحرام قبل الميقات هو العلاّمة رحمه اللّه.

من حواشي الكتاب: قاله العلاّمة في المختلف، و هو ممنوع، ناقلا في جواز روايتين ضعيفتين و لم يذكر الصحيحة، و في التذكرة اختاره استنادا الى الرواية الصحيحة، و هذا غريب منه. (من حواشي الشارح رحمه اللّه).

(4)يعني من أراد العمرة المفردة في شهر رجب لكن لم يسعه الوقت بإدراك أفعال العمرة في شهر رجب و خاف أن تفوت العمرة فيه فحينئذ يجوز له أن يحرم للعمرة المفردة قبل الوصول الى الميقات و قبل انقضاء شهر رجب، و بالإحرام للعمرة قبل انقضاء رجب و قبل الوصول الى أحد المواقيت، فهو ينال ثواب العمرة الرجبية و لو وقعت أفعال العمرة في شهر شعبان.

(5)الضمير في قوله «تقضّيه» يرجع الى رجب، مثلا اذا أراد العمرة في شهر رجب

ص: 200

(قبل الميقات) أيضا، ليدرك فضيلة الاعتمار في رجب الذي يلي (1) الحجّ في الفضل و تحصل (2) بالإهلال فيه (3) و إن وقعت الأفعال في غيره، و ليكن الإحرام في آخر جزء من رجب تقريبا (4) لا تحقيقا (و لا يجب إعادته (5) فيه) في الموضعين (6) في أصحّ القولين، للامتثال المقتضي للإجزاء. نعم،

**********

شرح:

لكن ضاق الوقت بحيث لم يبق من الشهر إلاّ ساعة و لم يصل الميقات، فلو أخّر الإحرام الى الميقات خاف فوت رجب و تقضّيه فيجوز له حينئذ تقديم الإحرام على الميقات.

(1)يعني أنّ العمرة في شهر رجب تكون فضيلتها مثل فضيلة الحجّ .

(2)أي تحصل الفضيلة التالية لفضيلة الحجّ بالإحرام فيه و لو لم تقع جميع أفعال العمرة فيه.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى رجب. و «الإهلال» بمعنى الإحرام. يعني اذا أحرم في آخر ساعة من شهر رجب لكنّ الأفعال وقعت في شهر شعبان حصلت الفضيلة المذكورة في حقّه.

و الضمير في قوله «غيره» أيضا يرجع الى رجب.

(4)المراد من «آخر الجزء التقريبي من رجب» هو الساعات المنهية، و الجزء التحقيقي لا يمكن تحصيله بأن يحرم من جزء حقيقي من شهر رجب، لأنه يمكن انقضاء الشهر حين الإحرام.

(5)الضمير في قوله «إعادته» يرجع الى الإحرام. يعني لا يجب إعادة الإحرام المتقدّم على الميقات في الميقات.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الميقات.

(6)المراد من «الموضعين» هو فيما لو نذر الإحرام قبل الميقات و فيما لو أحرم قبل الميقات خوفا من تقضّي شهر رجب. يعني لا يجب له أن يجدّد الإحرام اذا وصل

ص: 201

يستحبّ (1) خروجا (2) من خلاف من أوجبها.

لا يجوز لمكلّف أن يتجاوز الميقات بغير إحرام

(و لا) يجوز لمكلّف (3)(أن يتجاوز الميقات بغير إحرام) عدا ما استثني من المتكرّر (4)، و من دخلها (5) لقتال، و من ليس (6) بقاصد مكّة عند مروره على الميقات، و متى تجاوزه (7) غير هؤلاء بغير إحرام (فيجب الرجوع إليه (8)) مع الإمكان،(فلو تعذّر بطل) نسكه (إن تعمّده) (9) أي

**********

شرح:

الميقات، لأنه امتثل الأمر بالإحرام و هو يقتضي الإجزاء. و القول الغير الأصحّ لزوم تجديد الإحرام اذا وصل الميقات.

(1)يعني أنّ إعادة الإحرام بعد الوصول الى الميقات مستحبّ .

(2)فرارا من مخالفة من أوجب إعادة الإحرام في الميقات. يعني أنّ الحكم باستحباب الإعادة إنّما هو للفرار من مخالفة من أوجب الإعادة فيه بنحو كلّي.

(3)أي لا يجوز لأحد من المكلّفين أن يمرّ على أحد من المواقيت بلا إحرام.

(4)و قد استثني من وجوب الإحرام من الميقات أفراد كالذي يتكرّر المرور على الميقات، مثل السائق للوسائل النقلية و التاجر و الراعي.

(5)و من الذين يجوز لهم العبور من الميقات بغير إحرام من أراد القتال الشرعي، كمن يقاتل الكفّار الداخلة للحرم.

(6)هذا هو الثالث من الذين يجوز لهم العبور من الميقات بغير إحرام، و هو الذي لا يقصد الدخول لبلدة مكّة.

(7)يعني اذا تجاوز الميقات غير الأفراد المستثنون بلا إحرام وجب عليهم أن يرجعوا الى الميقات و يحرموا منه.

(8)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى الميقات.

(9)أي إن تعمّد التجاوز بغير الإحرام من الميقات بطل نسكه الذي وجب عليه،

ص: 202

تجاوزه بغير إحرام عالما بوجوبه، و وجب عليه قضاؤه و إن لم يكن مستطيعا (1)، بل كان سببه إرادة الدخول، فإنّ ذلك (2) موجب له كالمنذور. نعم، لو رجع قبل دخول الحرم (3) فلا قضاء عليه و إن أثم

**********

شرح:

كما اذا وجب عليه العمرة لحجّ التمتّع أو العمرة للنذر و تجاوز الميقات بلا إحرام فعند ذلك يبطل نسكه.

(1)يعني اذا تجاوز الميقات بغير إحرام وجب عليه أن يقضي النسك المقصود الباطل من جهة ترك الإحرام و إن لم يكن تارك الإحرام مستطيعا، و لم يجب عليه النسك المتروك بسبب الاستطاعة، بل كان سبب وجوبه عليه إرادة الدخول لمكّة.

توضيح: اعلم أنّ كلّ من أراد الدخول الى بلدة مكّة وجب عليه الإحرام للحجّ أو للعمرة، و لا يجوز لأحد من المكلّفين أن يدخل فيها إلاّ بالإحرام لأحدهما غير الأفراد المستثنون مثل المتكرّر و التاجر و مثلهما، فلو كان أحد غير مستطيع بالحجّ أو العمرة و لم يجب عليه الحجّ أو العمرة من حيث الاستطاعة فإنّه يجب عليه من حيث إرادة الدخول لمكّة، فإنّ ذلك أحد الأسباب الموجبة للنسك كالنذر و العهد و الحلف، فلو ترك الإحرام عند الدخول بطل هذا النسك الواجب عليه، فكلّ واجب متروك يجب قضاؤه، فذلك النسك يجب عليه قضاؤه.

و لفظ «إن» في قوله «و إن لم يكن مستطيعا» وصلية. يعني و إن لم يكن الداخل بدون الإحرام مستطيعا.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو إرادة الدخول في مكّة.

(3)مثلا اذا أراد بلدة مكّة من المدينة فإذا بلغ ذي الحليفة التي هي ميقات لأهل المدينة و لم يحرم فذهب لكنّه لم يبلغ حدّ الحرم و هو مقدار ثمانية و أربعون ميلا الى مكّة، فرجع و انصرف من إرادة مكّة فلا يجب عليه حينئذ قضاء النسك المتروك، لكنّه ارتكب الإثم بتركه الإحرام الواجب من الميقات.

ص: 203

بتأخير الإحرام،(و إلاّ يكن) متعمّدا بل نسي، أو جهل (1)، أو لم يكن قاصدا مكّة ثمّ بدا له (2) قصدها (أحرم من حيث أمكن (3)، و لو دخل مكّة) معذورا (4) ثمّ زال عذره بذكره (5) و علمه و نحوهما (خرج الى أدنى الحلّ ) (6) و هو ما خرج عن منتهى الحرم إن لم يمكنه الوصول الى أحد المواقيت (7)،(فإنّ تعذّر) الخروج الى ادنى الحلّ (فمن موضعه (8)) بمكّة،(و لو أمكن الرجوع (9) الى الميقات وجب) لأنه الواجب بالأصالة، و إنّما قام غيره (10) مقامه للضرورة، و مع إمكان الرجوع إليه لا ضرورة، و لو كمل غير المكلّف بالبلوغ و العتق بعد تجاوز

**********

شرح:

(1)أي كان جاهلا بوجوب الإحرام أو بالميقات.

(2)أي اتّفق عليه إرادة الدخول لبلدة مكّة.

و الضمير في قوله «قصدها» يرجع الى مكّة.

(3)يعني أحرم من أيّ مكان كان في خارج مكّة.

(4)المراد من العذر للدخول هو الجهل أو الإكراه مثلا.

(5)هذا في مقابل النسيان، و لفظ «علمه» في مقابل الجهل. و المراد من «نحوهما» هو الإكراه و الإجبار.

(6)أي الى أول نقطة من خارج الحرم.

(7)فلو أمكن له الإحرام من أحد المواقيت فحينئذ يجب ذلك عليه.

(8)الضمير في قوله «موضعه» يرجع الى المعذور.

(9)يعني اذا أحرم من موضع العذر ثمّ أمكن له الرجوع الى الميقات فحينئذ يجب ذلك عليه، لأنّ جواز إحرامه من موضع العذر كان بدلا من الميقات، فاذا زال العذر وجب الإحرام من الميقات لأنه الواجب بالأصالة.

(10)الضمائر في قوله «غيره» و «مقامه» و «إليه» ترجع الى الميقات.

ص: 204

الميقات (1) فكمن لا يريد النسك.

**********

شرح:

(1)يعني لو حصل الكمال الذي هو البلوغ و العتق كما اذا بلغ الصبي أو اعتق المملوك بعد مرورهما من الميقات بلا إحرام فإنّ حكمهما مثل حكم من لم يقصد الدخول الى بلدة مكّة ثمّ بدا له أن يدخلها، و قد بيّن حكمه في قوله آنفا «أحرم من حيث أمكن، و لو دخل مكّة خرج الى أدنى الحلّ ». فالكامل بالبلوغ و العتق بعد تجاوز الميقات حكمه كذلك.

المواقيت المعيّنة فائدة مهمّة في المقام:

اعلم أنّ الحدود التي عيّنوها في أحكام بلدة مكّة ثلاثة:

الأول: الحدّ الذي عيّنوه في تشخيص المكّي الذي يجب عليه حجّ الإفراد و القران، و الآفاقي الذي يجب عليه حجّ التمتّع، و هو كما مرّ تفصيله في ص 147 بقول المصنّف رحمه اللّه «و هو فرض من نأى عن مكّة بثمانية و أربعين ميلا من كلّ جانب على الأصحّ ».

و قال الشارح رحمه اللّه «و القول المقابل للأصحّ اعتبار بعده باثني عشر ميلا حملا للثمانية و الأربعين على كونها موزّعة على الجهات الأربع».

و الحاصل: فكلّ من سكن في أقرب من الحدّ المذكور وجب عليه الإفراد و القران، و كلّ من سكن في أبعد منها وجب عليه التمتع.

الثاني: الحدّ الذي عيّنوه في تشخيص الحرم الذي هو مكان أمن لكلّ من دخل فيه، بل محلّ أمن للحيوان، بل النبات أيضا، و هو مقدار مسافة وسيعة جعلت بلدة مكّة فيها، و ليست مسافة الحرم متساوية من كلّ جانب بالنسبة الى بلدة مكّة، كما أنّ المسافات بين المواقيت و مكّة لم تكن متساوية، بل متفاوتة كما

ص: 205

المواقيت ستة

(و المواقيت) (1) التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأهل الآفاق ثمّ قال: هنّ (2) لهنّ و لمن (3) أتى عليهنّ من غير أهلهنّ

**********

شرح:

سيأتي التفصيل عنها في المواقيت إن شاء اللّه تعالى.

فإنّ المسافة التي عيّنت للحرم هي كالأتي:

إنّ حدّ الحرم من جانب الشمال هو مسجد «تنعيم» و هو واقع في طريق المدينة بمقدار 6 كيلومترات الى المسجد الحرام.

و من جانب الجنوب محلّ يسمّى ب «أضاة لبن» و هو في طريق اليمن، و الفاصل بينه و بين مكّة 14 كيلومترا.

و من جانب الشرق «جعرّانه» و هي في طريق الطائف، و الفاصل بينها و بين مكّة 14 كيلومترا. و قد نقل أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد أحرم للعمرة من هذه المنطقة.

و من جانب الغرب يميل قليلا الى الشمال قرية تسمّى ب «الحديبية» و هي واقعة في طريق جدّة بمقدار 14 كيلومترا الى بلدة مكّة، و قيل بأنّ بيعة الرضوان وقعت فيها، و فيها منارات مرتفعة الى ستّة أذرع جعلت علامات للحرم و قد يتشخّص بها الحرم.

و الثالث: الحدّ الذي عيّنوه للإحرام من جوانب مكّة لكلّ من أراد الدخول الى بلدة مكّة من جانبه، و المسافة بين هذا الحدّ الى مكّة مختلفة من حيث البعد و القرب.

و قد سمّوا تلك الحدود ب «المواقيت».

(1)مبتدأ، و خبره قوله «ستة». يعني أنّ المواقيت التي عيّنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

لإحرام الساكنين في أبعد من ثمانية و أربعين ميلا من مكّة ستة.

(2)يعني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد أن عيّن المواقيت في الآفاق قال «هنّ لهنّ » و هما مبتدأ و خبر.

(3)عطف على «لهنّ ». يعني قال صلّى اللّه عليه و آله بأنّ المواقيت المعيّنة لأهل الآفاق و للذين

ص: 206

(ستة: ذو الحليفة (1)) بضمّ الحاء و فتح اللام و الفاء بعد الياء بغير فصل،

**********

شرح:

يأتون الى مكّة من المواقيت المعيّنة لو كانوا من غير أهل الآفاق المذكورة.

أقول: إنّي لم أجد الحديث الذي ذكره الشارح رحمه اللّه بقوله «ثمّ قال: هنّ لهنّ ... الخ» في الروايات المنقولة عن الإمامية لكنّه نقل عن العامّة. (راجع سنن النسائي: ج 5 ص 94 باب ميقات أهل اليمن). و لنتبرّك بنقل حديثين واردين في المقام عن الوسائل:

أولهما: عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من تمام الحجّ و العمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لا تجاوزها إلاّ و أنت محرم، فإنّه وقّت لأهل العراق و لم يكن يومئذ عراق، بطن العقيق من قبل أهل العراق، و وقّت لأهل اليمن يلملم، و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل، و وقّت لأهل المغرب الجحفة و هي مهيعة، و وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، و من كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكّة فوقّته منزله. (الوسائل: ج 8 ص 222 ب 1 من أبواب المواقيت ح 2).

ثانيهما: عن الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الإحرام من مواقيت خمسة، وقّتها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لا ينبغي لحاجّ و لا لمعتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها، و وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة يصلّي فيه و يفرض الحجّ ، و وقّت لأهل الشام الجحفة، و وقّت لأهل النجد العقيق، و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل، و وقّت لأهل اليمن يلملم، و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (المصدر السابق: ح 3).

(1)هو الأول من المواقيت الستة التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه، و هو ميقات لأهل المدينة و من يأتي الى مكّة من طريق المدينة.

الحليفة - بضمّ الحاء و فتح اللام بعده الياء الساكنة و الفاء المفتوحة -: مصغّر

ص: 207

تصغير الحلفة بفتح الحاء و اللام واحد الحلفاء، و هو النبات المعروف قاله الجوهري، أو تصغير الحلفة (1) و هي اليمين لتحالف قوم من العرب به، و هو (2) ماء على ستة أميال من المدينة، و المراد الموضع الذي فيه الماء و به (3) مسجد الشجرة. و الإحرام منه (4) أفضل و أحوط للتأسّي (5)،

**********

شرح:

الحلفة محرّكة.

الحلف - محرّكة -: نبات في الماء، واحدته: حلفة و حلفة.

الحلفاء: نبت أطرافه محدّدة كأنها أطراف سعف النخل و الخوص، ينبت في مغايض الماء و النزوز، الواحدة: حلفة، مثل قصبة و قصباء و طرفة و طرفاء.

و قيل: واحدته: حلفاء. قال سيبويه: الحلفاء: واحد و جمع. (أقرب الموارد).

و سمّيت المكان بذي الحليفة لنبات الحلفة فيه.

(1)الحلفة - بكسر الحاء -: العهد يكون بين القوم لأنه لا يعقد إلاّ بالحلف، يقال:

بينهم حلف، أي عهد.

الحلف - بفتح الحاء و سكون اللام، أو بكسر اللام -: يمين يؤخذ بها العقد، ثمّ استعمل في كلّ يمين. (أقرب الموارد).

(2)الضمير يرجع الى «ذو الحليفة». يعني أنه ماء كان في مسافة ستة أميال من المدينة. و المراد ليس نفس الماء بل المكان الذي كان الماء فيه، و قد نبت في الماء نبات يعرف بالحلفة.

(3)يعني أنّ المراد من «ذو الحليفة» هو الأرض التي فيها مسجد الشجرة.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع الى مسجد الشجرة. يعني أنّ الإحرام من نفس المسجد أفضل و لو كان الإحرام في مكان ذي الحليفة أيضا مجزيا.

(5)علّة كون الإحرام من مسجد الشجرة أفضل هو التأسّي برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإنه قد أحرم منه كما في الرواية المنقولة في الوسائل:

ص: 208

و قيل: بل يتعيّن (1) منه لتفسير ذي الحليفة به (2) في بعض الأخبار، و هو

**********

شرح:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ ثمّ أنزل اللّه عليه وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (1) . (الحجّ : 27). فأمر المؤذنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم. بأنّ رسول اللّه يحجّ من عامه هذا، فعلم به من حضر المدينة و أهل العوالي و الأعراب، فاجتمعوا، فحجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّما كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيتبعونه، أو يصنع شيئا فيصنعونه، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أربع بقين من ذي القعدة، فلمّا انتهى الى ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل، ثمّ خرج حتّى أتى المسجد الذي عنده الشجرة فصلّى فيه الظهر و عزم (أحرم) بالحجّ مفردا... الخ. (الوسائل: ج 8 ص 150 ب 2 من أبواب أقسام الحجّ ح 4).

(1)يعني قال بعض الفقهاء بوجوب الإحرام من مسجد الشجرة متعيّنا بحيث لا يجوز في حال الاختيار من غيره.

(2)فإنّ ذا الحليفة فسّرت في بعض الأخبار بمسجد الشجرة، و في بعض الأخبار يطلق في جواز الإحرام من ذي الحليفة، فيحمل المطلق بالمقيّد، كما اذا جاء «أكرم عالما» و جاء أيضا «أكرم زيدا العالم» يحمل المطلق على المقيّد، فكذلك في المقام.

من حواشي الكتاب: الظاهر من الأخبار أنّ المراد بذي الحليفة بالنسبة الى الميقات هو مسجد الشجرة، و يقال له الشجرة أيضا لوجود شجرة هناك لإتمام الموضع، و يعضدها المروي عن العلل:

قلت للصادق عليه السّلام: لأيّ علّة أحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من مسجد الشجرة و لم يحرم من موضع دونه ؟ قال: لأنه لمّا اسري به الى السماء و صار بحذاء الشجرة نودي: يا محمّد، قال: لبّيك، قال: أ لم أجدك يتيما فآويتك ؟ و وجدتك ضالاّ

ص: 209


1- سوره 22 - آیه 27

جامع بينها (للمدينة (1)، و الجحفة (2)) و هي في الأصل (3) مدينة أجحف

**********

شرح:

فهديتك ؟ فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الحمد و النعمة لك لا شريك لك. فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلّها. (علل الشرائع: ج 2 ص 139 ح 1 مع اختلاف يسير).

فالأكثر على تعيين المسجد، خلافا لمن أطلق ذا الحليفة كاللمعة و الوسيلة.

و بعضهم جعل المسجد أحوط .

و بناء على تعيّنه فلو كان المحرم جنبا أو حائضا أحرما به مجتازين لحرمة اللبث، و إن تعذّر فهل يحرمان من خارجه أم يؤخّر الى الجحفة ؟ إشكال، و المرض و المشقّة الحاصلة من نحو البرد و الحرّ من الضروريات المبيحة للتأخير الى الجحفة. (أحد المحشّين رحمه اللّه).

(1)خبر لقوله «ذو الحليفة». يعني أنّ ذا الحليفة ميقات لإحرام أهل المدينة و من يأتي من طريق المدينة.

توضيح: اعلم أنّ ذا الحليفة كان واقعا في ستة أميال - و هي فرسخان - من بلدة المدينة، أمّا الآن فمتّصل بالمدينة لتوسعتها. و الفاصل بين ذي الحليفة و مكّة أربعون و مائتا ميلا و هي ثمانون فرسخا و قد يساوي 480 كيلومترا.

(2)الثاني من المواقيت الستة هو الجحفة لأهل الشام أو من يجيء الى مكّة من طريق الشام.

الجحفة - بفتح الجيم و سكون الحاء و أيضا بضمّ الجيم و سكون الحاء و فتح الفاء -:

بقية الماء في جوانب الحوض. (المنجد).

الجحفة: موضع بالحجاز بين مكّة و المدينة و هي ميقات أهل الشام، و زعم أنّ العماليق أخرجوا بني عبيل - و هم إخوة عاد - من يثرب فنزلوا الجحفة و كان اسمها مهيعة فجاءهم سيل فاجتحفهم فسمّيت جحفة. (لسان العرب).

(3)ليس المراد من «الأصل» هنا اللغة، لأنّ معناه اللغوي هو ما ذكر في الهامش

ص: 210

بها السيل على ثلاث مراحل من مكّة (للشام)، و هي الآن لأهل مصر (1)، (و يلملم) (2) و يقال: ألملم (3)، و هو جبل من جبال تهامة (4)(لليمن (5)، و قرن المنازل) بفتح القاف فسكون الراء، و في الصحاح (6) بفتحهما، و أنّ أويسا منها، و خطّئوه (7) فيهما، فإنّ اويسا يمني منسوب الى قرن

**********

شرح:

السابق، بل المراد من الأصل هو الزمان السابق. يعني أنّ الجحفة كانت في الزمان القديم مدينة.

و الفاصل بينها و بين مكّة 72 ميلا يساوي 24 فرسخا و هي 154 كيلومترا.

(1)و قد كانت الجحفة في زمان الشهيد الثاني قدّس سرّه (911-965) ميقاتا لأهل مصر لأنّ أهل الشام كانوا يحجّون من طريق المدينة.

(2)الثالث من المواقيت هو يلملم - بفتح الياء و اللام و سكون الميم و كذا فتح اللام الثاني و سكون الميم الآخر -: و هو ميقات لأهل اليمن و لمن جاء من طريق اليمن.

(3)ألملم وزان غضنفر.

(4)تهامة - بكسر التاء -: مكّة. بلاد جنوبي الحجاز، و النسبة إليها تهاميّ ، و الجمع:

تهاميون. (المنجد).

(5)متعلّق بقوله «و يلملم». يعني أنّ يلملم ميقات لأهل اليمن و من جاء من طريق اليمن.

(6)أي و في كتاب الصحاح للجوهري يكون «قرن» بفتح القاف و الراء.

و الضمير في قوله «بفتحهما» يرجع الى القاف و الراء. و قد ذكر صاحب الصحاح أنّ اويسا كان من قرن.

(7)الضمير في قوله «خطّئوه» يرجع الى صاحب الصحاح. يعني أنّ العلماء قالوا بخطإ صاحب الصحاح في كون قرن بفتح القاف و الراء، و في كون اويس من أهل هذا المكان، لأنّ اويسا كان من طائفة قرن - محرّكا - و هو اسم طائفة

ص: 211

بالتحريك: بطن من مراد، و قرن جبل صغير ميقات (للطائف (1)، و العقيق (2)) و هو واد طويل يزيد على بريدين (3)(للعراق، و أفضله)

**********

شرح:

معروفة بمراد. و أيضا أن قرن - بسكون الراء - كان اسما لجبل صغير و هو ميقات لأهل الطائف.

و اويس بن عامر القرني من بني عامر، كان من سادات التابعين، أصله من اليمن، شهد صفّين مع أمير المؤمنين عليه السّلام و استشهد فيها سنة 37 ه. (حلية الأولياء: ج 2 ص 79). و قيل: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شهد في غيابه بأنه من أهل الجنّة.

(1)خبر لقوله «و قرن المنازل». يعني أنّ الرابع من المواقيت المعيّنة هو قرن المنازل، و هو ميقات لأهل الطائف و من جاء الى مكّة من هذا الطريق.

(2)العقيق: خرز أحمر، الواحدة: عقيقة: الوادي، و كلّ سيل ماء شقّه السيل قديما فوسّعه. (المنجد).

و المراد منه هنا هو واد طويل يزيد طوله من بريدين، و كلّ بريد يساوي 12 ميلا، و هي أربعة فراسخ. و اعلم أنّ هذا الوادي الذي يكون ميقاتا لأهل العراق - و هو الخامس من المواقيت المعيّنة - ينقسم الى ثلاثة:

الأول: المسلخ، و هو أول هذا الوادي.

الثاني: غمرة - بفتح الغين و سكون الميم - و هو وسط هذا الوادي.

الثالث: ذات عرق - بكسر العين و سكون الراء - و هو آخر هذا الوادي.

(3)البريد - وزان أمير -: مسافة يقطعها الرسول، أعني 12 ميلا تقريبا، و تسمّيه العامّة بالبوسطة، جمعه: برد. (المنجد).

و نقل بأنّ البريد كان في الأصل اسما للبغل و هو كلمة فارسية (دم بريده) لأنّ البغل الذي كان القاصدون يركبونه كان مقطوع الذنب، ثمّ تغيّر اللفظ و سمّوه لمن يركبه و هو القاصد، ثمّ سمّوا المسافة التي يذهبها القاصدون 12 ميلا بذلك اللفظ .

(الفائق للزمخشري).

ص: 212

(المسلخ) و هو أوله من جهة العراق، و روي أنّ أوله (1) دونه بستة أميال، و ليس في ضبط المسلخ شيء يعتمد عليه، و قد قيل: (2) إنه بالسين و الحاء المهملتين واحد (3) المسالح و هو المواضع العالية، و بالخاء (4) المعجمة لنزع الثياب به،(ثمّ ) يليه (5) في الفضل (غمرة) و هي في وسط الوادي،(ثمّ ذات عرق) (6) و هي آخره الى جهة المغرب،

**********

شرح:

(1)يعني ورد في الروايات بأنّ أول وادي العقيق دون المسلخ بمقدار ستة أميال.

و الضمير في قوله «أوله» يرجع الى وادي العقيق، و في قوله «دونه» يرجع الى المسلخ.

و الرواية الدالّة على أول وادي العقيق دون المسلخ بمقدار ستة أميال هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أول العقيق بريد البعث و هو دون المسلخ بستة أميال ممّا يلي العراق، و بينه و بين غمرة أربعة و عشرون ميلا بريدان.

(2)القائل هو فخر المحقّقين و الفاضل المقداد. (نقلا عن حواشي الكتاب).

(3)يعني أنّ المسلخ بالحاء المهملة هو مفرد، جمعه: المسالخ، و هي المواضع العالية من الأرض.

(4)يعني أنّ المسلخ بالخاء المعجمة هو موضع لمكان ينزع الثوب فيه، و هو مأخوذ من سلخ يسلخ، و منه مسلخ الحمّام.

(5)يعني ثمّ يلي المسلخ من حيث الفضل الإحرام من غمرة - وزان تمرة - الذي هو وسط الوادي.

(6)يعني ثمّ يلي المكانين المذكورين من حيث الفضل الإحرام من ذات عرق، و هو آخر وادي العقيق كما أوضحناه آنفا.

ص: 213

و بعدها (1) عن مكّة مرحلتان قاصدتان كبعد (2) يلملم و قرن عنها.

ميقات حجّ التمتّع مكّة

(و ميقات (3) حجّ التمتّع مكّة) كما مرّ،(و حجّ الإفراد منزله) لأنه (4) أقرب الى عرفات من الميقات مطلقا، لما عرفت (5) من أنّ أقرب المواقيت

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى ذات عرق. يعني أنّ الفاصل بين ذات عرق الذي هو آخر وادي العقيق الى مكّة مرحلتان، و كلّ مرحلة ثمانية فراسخ.

و المراد من قوله «قاصدتان» هو المرحلة المقتصدة لا المرحلة القليلة أو الكثيرة من حيث المسافة.

(2)هذا تمثيل و تشبيه بينهم من حيث الفاصل بالنسبة الى بلدة مكّة. فالمواقيت الثلاثة متّحدة من حيث البعد الى مكّة.

و الضمير في قوله «عنها» يرجع الى مكّة.

(3)هذا هو السادس من المواقيت الستة المعيّنة، فإنّ مكّة ميقات لمن حجّ تمتّعا، و ميقات المفرد منزله.

(4)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى منزله. يعني أنّ منزل المكّي هو ميقاته، لأنّ منزله أقرب الى عرفات من جميع المواقيت.

و قوله «مطلقا» يعني جميع المواقيت.

(5)هذا تعليل كون منزل المكّي أقرب الى عرفات من جميع المواقيت.

توضيح: إنّ أقرب المواقيت الى مكّة من حيث المسافة ثلاثة: وادي العقيق، قرن المنازل، يلملم، لأنّ بينها و بين مكّة مرحلتان، و المتوسط هو ميقات جحفة، فإنّ بينها و بين مكّة ثلاث مراحل، و الأبعد ميقات ذي الحليفة، فإنّ المسافة بينها و بين مكّة عشر مراحل.

فاذا كان أقرب المواقيت ثمانية و أربعين ميلا و هي مرحلتان و كان منتهى المسافة التي يتعيّن للمكّي و يجب عليه حجّ الإفراد بذلك المقدار فيكون حينئذ منزل

ص: 214

الى مكّة مرحلتان هي ثمانية و أربعون ميلا و هي منتهى مسافة حاضري (1) مكّة (كما سبق) (2) من أنّ من كان منزله أقرب الى عرفات فميقاته منزله، و يشكل (3) بإمكان زيادة منزله بالنسبة الى عرفة و المساواة فيتعيّن الميقات فيهما و إن لم يتّفق ذلك (4) بمكّة.

كلّ من حجّ على ميقات فهو له

(و كلّ من حجّ على ميقات) كالشامي (5) يمرّ بذي الحليفة (فهو (6) له) و إن لم يكن من أهله، و لو تعدّدت المواقيت في الطريق الواحد

**********

شرح:

المكّي أقرب الى عرفات من جميع المواقيت المعيّنة للإحرام، فهو يحرم لحجّة الإفراد من منزله لا غير.

(1)قوله «حاضري» جمع سقط نونه بالإضافة الى مكّة.

(2)يعني سبق ذلك في صفحة 165 بقوله: «و إحرامه من الميقات أو من دويرة أهله إن كانت أقرب الى عرفات».

(3)يعني يشكل القول بكون منزل المكّي ميقاته مطلقا في صورة كون منزله و أحد المواقيت متساويين مسافة بالنسبة الى عرفات، أو كون الميقات أقرب إليها، و لا يتصوّر ذلك في نفس بلدة مكّة لأنّ الفاصل بينها و بين عرفات أربعة فراسخ، فلا يتصوّر الأقرب منها لأحد المواقيت، لكنّ ذلك يمكن لمن سكن في حوالي بلدة مكّة في مسافة ثمانية و أربعين ميلا التي يجب لمن سكن فيها حجّ الإفراد.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو كون منزل صاحب الإفراد أقرب الى عرفات.

(5)يعني أنّ أهل الشام لو مرّوا من ميقات ذي الحليفة وجب عليهم الإحرام منها و لو كانت هي ميقاتا لأهل المدينة.

(6)الضمير يرجع الى الميقات، و في قوله «له» يرجع الى «من» الموصولة المراد منها المارّ، و في قوله «أهله» يرجع الى الميقات.

ص: 215

كذي الحليفة و الجحفة و العقيق بطريق المدني (1) أحرم من أولها (2) مع الاختيار، و من ثانيها مع الاضطرار، كمرض يشقّ معه التجريد (3) و كشف الرأس أو ضعف (4) أو حرّ أو برد، بحيث لا يتحمّل ذلك (5) عادة، و لو عدل عنه (6) جاز التأخير الى الآخر اختيارا، و لو أخّر الى الآخر

**********

شرح:

(1)يعني أنّ أهل المدينة اذا قصدوا الحجّ يكون في طريقهم ثلاث مواقيت: الأول ذو الحليفة الذي هو قرب المدينة، و الثاني الجحفة الذي يكون بعد ذي الحليفة، و الثالث العقيق الذي يكون آخر المواقيت في طريق أهل المدينة، فيجوز لهم الإحرام من الميقات الثاني عند الاضطرار لا الاختيار.

(2)الضميران في قوله «أولها» و «ثانيها» يرجعان الى المواقيت.

(3)لأنّ الإحرام يوجب أن يجرّد البدن من الثوب و يلبس ثوبي الإحرام، و هكذا يجب على المرء في الإحرام كشف رأسه، فاذا كان مريضا يشقّ عليه تجريده من الثوب المخيط أو كان الحرّ و البرد موجبين للمشقّة عليه بحيث لا يتحمّل جاز له أن يحرم من الميقات الثاني.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «كمرض». و هكذا قوله «أو حرّ أو برد».

(5)قوله «ذلك» إشارة الى ما ذكر من الأمثلة الأربعة حين الاضطرار بقوله «كمرض... أو ضعف أو حرّ أو برد».

(6)يعني لو عدل عن الميقات الأول بالاضطرار بترك الإحرام منه ثمّ زال العذر أو مرّ عنه سهوا لم يجب عليه العود بل يجوز تأخير الإحرام الى الميقات الثاني، بخلاف ما لو لم يكن الميقات الثاني، ففيه يجب عليه الرجوع الى الميقات و الإحرام منه.

من حواشي الكتاب: في قوله «و لو عدل عنه» سهوا أو مرضا. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

ص: 216

عمدا (1) أثم و أجزأ على الأقوى.

لو حجّ على غير ميقات كفته المحاذاة

(و لو حجّ على غير ميقات (2) كفته المحاذاة) للميقات، و هي مسامتته بالإضافة (3) الى قاصد مكّة عرفا إن اتّفقت (4)،(و لو لم يحاذ ميقاتا (5) أحرم من قدر تشترك فيه المواقيت) و هو قدر بعد أقرب المواقيت من مكّة و هو مرحلتان كما سبق علما (6) أو ظنّا، في

**********

شرح:

(1)هذا في مقابل التأخير بغير عمد كالاضطرار أو السهو. يعني لو أخّر عن الميقات الأول متعمّدا و أحرم من الميقات الثاني فإنّه يجزي، لكنّه أثم بتأخيره الإحرام عن الأول لصدق الإحرام من الميقات.

(2)بحيث لم يمرّ عن أحد المواقيت.

و الحاصل: أنّ الحاجّ الذي لم يتّفق عبوره من الميقات يكفي إحرامه من المحاذاة و هي مسامتة الميقات. و الدليل على كفاية الإحرام من محاذي الميقات روايات منقولة في الوسائل:

منها: عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أقام بالمدينة شهرا و هو يريد الحجّ ثمّ بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال. فيكون حذاء الشجرة من البيداء. (الوسائل: ج 8 ص 230 ب 7 من أبواب المواقيت ح 1).

(3)يعني أنّ المحاذاة كون من يقصد مكّة مسامتا بالميقات، و لا يخفى بأنّ المسامتة لا يتصوّر إلاّ بالصدق العرفي لا بالدقّة العقلية.

المسامتة - من سامت يسامت -: قابله و وازاه. (أقرب الموارد، المنجد).

(4)أي إن اتّفقت المسامتة العرفية كذلك. بمعنى إن تمكّن من تشخيص المحاذاة.

(5)كما اذا لم يمرّ بأحد المواقيت و لم يتمكّن من تشخيص محاذاة الميقات وجب عليه الإحرام من بعد مسافة تشترك فيه المواقيت.

(6)بحيث حصل العلم أو الظنّ بكون بعد المسافة التي أحرم فيها بمقدار بعد أقرب

ص: 217

برّ (1) أو بحر. و العبارة أعمّ ممّا اعتبرناه (2)، لأنّ المشترك بينها (3) يصدق باليسير، و كأنه (4) أراد تمام المشترك، ثمّ إن تبيّنت الموافقة أو استمرّ الاشتباه (5) أجزأ، و لو تبيّن تقدّمه (6) قبل تجاوزه أعاده و بعده (7)، أو تبيّن تأخّره وجهان من المخالفة (8) و تعهّده (9) بظنّه المقتضي للإجزاء.

**********

شرح:

المواقيت و هي ستة عشر فرسخا.

(1)يعني لا فرق في لزوم رعاية بعد المسافة المذكورة بين محلّ الإحرام و بين مكّة في كون قاصد مكّة من طريق البحر أو من طريق البرّ.

(2)يعني أنّ ما اعتبرناه هو البعد بمقدار المرحلتين، و الحال أنّ قوله «تشترك فيه المواقيت» يشمل الأقلّ منهما أيضا.

(3)الضمير في قوله «بينها» يرجع الى المواقيت. يعني أنّ المشترك بين المواقيت يشمل الأقلّ من المرحلتين، فإنّ البعد بمقدار مرحلة أيضا مشترك بين المواقيت (4)هذا جواب عن شمول عبارة «باليسير» من المرحلتين، بأنّ المصنّف رحمه اللّه أراد من القدر المشترك تمام ما تشترك فيه المواقيت.

(5)بأن لم يظهر كونه محرما من أقلّ المسافة بل بقي الاشتباه عليه فيكفي و يجزي.

(6)الضمير في «تقدّمه» يرجع الى الإحرام و في «تجاوزه» يرجع الى الميقات.

يعني لو ظهر تقدّم إحرامه عن الميقات قبل الوصول به أعاد إحرامه.

(7)أي لو تبيّن إحرامه قبل الميقات في زمان مرّ عن الميقات و كذلك لو تبيّن إحرامه بعد الميقات ففيهما وجهان.

(8)هذا وجه عدم كفاية الإحرام قبل الميقات و بعده.

(9)هذا وجه كفاية الإحرام في الموضعين، لأنه تعبّد بظنّه الذي كان حجّة، و العمل بالحجّة يوجب الإجزاء.

ص: 218

الفصل الرابع في أفعال العمرة

اشارة

(الفصل الرابع) (1) (في أفعال العمرة) المطلقة (2)

**********

شرح:

أفعال العمرة المطلقة (1)أي الفصل الرابع من الفصول التي ذكرها أول الكتاب بقوله رحمه اللّه «و فيه فصول».

(2)أي من غير تقيّد بعمرة التمتّع و غيرها، بقرينة قوله «و يزيد في عمرة الإفراد بعد التقصير طواف النساء».

و اعلم أن العمرة مطلقا لها أعمال أربعة:

الأول: الإحرام من أحد المواقيت.

الثاني: الطواف و ركعتاه.

الثالث: السعي بين الصفا و المروة.

الرابع: التقصير. بمعنى أن يقصّر من ظفره أو شعره.

و قد نسب الى الشيخ البهائي رحمه اللّه بأنه جمع أعمال العمرة في جملة بقوله: «أطرست للعمرة اجعل نهج»

فالألف من كلمة «أطرست» رمز للإحرام، و الطاء منها للطواف، و الراء لركعتي الطواف، و السين للسعي، و التاء منها للتقصير و أنّ الإحرام و الطواف و السعي من أركان العمرة.

ص: 219

(و هي الإحرام و الطواف و السعي و التقصير). و هذه الأربعة تشترك فيها عمرة الإفراد و التمتّع،(و يزيد في عمرة الإفراد بعد التقصير طواف النساء) (1) و ركعتيه (2)، و الثلاثة الاول (3) منها أركان دون الباقي (4)، و لم يذكر التلبية (5) من الأفعال كما ذكرها في الدروس،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الأعمال الأربعة المذكورة تشترك فيها عمرتا التمتّع و الإفراد، لكنهما تفترقان في وجوب طواف النساء و ركعتيه في العمرة المفردة لا التمتّع، فإنّ طواف النساء في حجّ التمتّع بعد أعمال الحجّ .

(2)عطف على قوله «طواف النساء» و كلاهما مفعولان لقوله «و يزيد». و فاعله مستتر يرجع الى المعتمر.

(3)قوله «الاول» بضمّ الألف و فتح الواو جمع مفرده: الاولى.

و الضمير في قوله «منها» يرجع الى الأربعة المذكورة. و المراد من «الثلاثة الاول» هو الإحرام و الطواف و السعي. يعني أنّ هذه الأعمال الثلاثة من الأركان.

توضيح: إنّ المراد من «الأركان» في أعمال الحجّ هو الذي يبطل النسك لو ترك عمدا لا سهوا، و الحال أنّ المراد من «الأركان» في خصوص الصلاة هو الذي تبطل الصلاة بدونه عمدا و سهوا.

أمّا غير الركن في النسك لو ترك لا تبطل العمرة و لو كان عمدا بل يرتكب التارك الإثم، أمّا في الصلاة فإنّه يوجب البطلان لو ترك عمدا لا سهوا.

من حواشي الكتاب: الركن هنا ما يبطل الفعل بتركه عمدا لا سهوا، و غيره ما يحصل الإثم بتركه عمدا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(4)الباقي في أعمال العمرة الذي ليس بركن هو ركعتا الطواف، و التقصير، فلو تركهما المعتمر عمدا لا تبطل العمرة بل عليه الإثم.

(5)هذا إيراد على المصنّف رحمه اللّه بعدم ذكره التلبية من أعمال العمرة في هذا الكتاب،

ص: 220

إلحاقا (1) لها بواجبات الإحرام كلبس ثوبيه،(و يجوز (2) فيها) أي في العمرة المفردة (الحلق) مخيّرا بينه (3) و بين التقصير،(لا في عمرة التمتّع)، بل يتعيّن التقصير (4) ليتوفّر الشعر في إحرام حجّته المرتبط بها.

القول في الإحرام

اشارة

(القول في الإحرام) (5)

**********

شرح:

و الحال أنه ذكرها في كتابه الدروس من أعمال العمرة.

(1)هذا جواب عنه بأنه ألحق التلبية في هذا الكتاب بواجبات الإحرام و لم يذكرها اكتفاء بذكر الإحرام، كما أنه لم يذكر لبس ثوبي الإحرام من أعمال العمرة لكونه من واجبات الإحرام.

و الضمير في قوله «لها» يرجع الى التلبية.

(2)و هذا هو الفرق الثاني بين عمرة التمتّع و العمرة المفردة، فإنّ المتمتّع لا يجوز له الحلق بدل التقصير بل يؤخّر الحلق الى اليوم العاشر في منى كما سيجيء في أعمال حجّ التمتّع.

(3)الضمير في قوله «بينه» يرجع الى الحلق. يعني أنّ المعتمر عمرة مفردة يتخيّر بين الحلق و بين أن يقصّر من ظفره أو شعره.

(4)فيكون التقصير للمتمتّع واجبا عينا لا تخييرا لتوفير الشعر لإحرام الحجّ ، لأنّ الحجّ يرتبط بالعمرة في التمتّع لأنه يشرع بأعمال الحجّ بعد عمرته. و من واجبات الحجّ الحلق أو التقصير ليبقى الشعر لذلك.

و الضمير في قوله «حجّته» يرجع الى التمتّع و في قوله «بها» يرجع الى العمرة.

مستحبّات الإحرام (5)أي في أحكام الإحرام من المستحبّات و الواجبات و المكروهات و المحرّمات.

ص: 221

يستحبّ توفير شعر الرأس و استكمال التنظيف

يستحبّ توفير شعر الرأس لمن أراد الحجّ تمتّعا (1) و غيره (من أول ذي القعدة و آكد منه (2)) توفيره (عند هلال ذي الحجّة) و قيل: يجب (3) التوفير، و بالإخلال (4) به دم شاة، و لمن (5) أراد العمرة توفيره شهرا.

(و استكمال التنظيف) (6) عند إرادة الإحرام (بقصّ (7) الأظفار، و أخذ الشارب، و الاطّلاء (8)) لما تحت رقبته من بدنه و إن قرب العهد

**********

شرح:

(1)يعني كلّ من يريد حجّ التمتّع أو غيره من الإفراد و القران يستحبّ له أن يوفّر شعر رأسه من أول شهر ذي القعدة. و هذا هو الأول من مستحبّات الإحرام.

(2)الضمير في قوله «آكد منه» يرجع الى التوفير من أول ذي القعدة، و في قوله «توفيره» يرجع الى الشعر. يعني يستحبّ مؤكّدا توفير الشعر من أول شهر ذي الحجّة.

(3)القول بوجوب التوفير منسوب الى الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي رحمهما اللّه.

من حواشي الكتاب: ظاهر الشيخ رحمه اللّه في النهاية و المفيد رحمه اللّه في المقنعة، و زاد المفيد وجوب الدم بالإخلال. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: هذا قول المفيد و تبعه بعض الأصحاب. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(4)يعني قيل بوجوب التوفير و بوجوب دم شاة كفّارة عن ترك التوفير.

(5)عطف على قوله «لمن أراد الحجّ ». يعني يستحبّ لمن أراد العمرة المفردة توفير الشعر شهرا.

(6)هذا هو الثاني من مستحبّات الإحرام، بأنّ يكمل قاصد الإحرام النظافة.

(7)بيان لاستكمال التنظيف، و هو قصّ أظفار اليد و الرجل و أخذ الشارب... الخ.

(8)الاطّلاء: بتشديد الطاء من طلّيته بالدهن و غيره طليا، و تطلّيت به، و أطليت.

(لسان العرب). و هو من باب الافتعال قلب التاء المنقوطة بالمؤلّفة و ادغمتا.

و المراد هنا هو استعمال النورة.

ص: 222

به (1)،(و لو سبق) الاطّلاء على يوم (2) الإحرام (أجزأ) في أصل السنّة و إن كانت الإعادة أفضل (ما لم يمض (3) خمسة عشر يوما) فيعاد (4).

(و الغسل) (5) بل قيل بوجوبه (6)، و مكانه (7) الميقات إن أمكن فيه، و لو كان مسجدا (8) فقربه عرفا، و وقته يوم الإحرام بحيث لا يتخلّل بينهما (9) حدث أو أكل أو طيب أو لبس ما لا يحلّ للمحرم، و لو خاف عوز الماء

**********

شرح:

(1)يعني و إن كان الاطّلاء قريبا من حيث الزمان.

(2)بمعنى أنه لو أطلى قبل يوم الإحرام يكفي في العمل بأصل السنّة، لكنّه لو أعاده في يوم الإحرام كان أفضل.

(3)هذا قيد بقوله «أجزأ». يعني الاكتفاء بالاطّلاء السابق هو في صورة عدم مضيّ خمسة عشر يوما، و إلاّ لا يكتفي بالسابق بل يستحبّ إعادة الاطّلاء.

(4)النائب الفاعل مستتر يرجع الى الاطّلاء.

(5)الثالث من مستحبّات الإحرام هو الغسل.

(6)من حواشي الكتاب: و القائل بالوجوب هو ابن أبي عقيل، و به رواية مرسلة رواها محمّد بن عيسى بن يونس. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(7)يعني مكان الغسل هو المحلّ الذي يحرم فيه إن أمكن.

(8)يعني لو كان محلّ الإحرام هو المسجد كما أنّ الإحرام لمن حجّ من طريق المدينة هو مسجد الشجرة فحينئذ يستحبّ الغسل في مكان قريب من المسجد لا في المسجد.

و الضمير في قوله «فقربه» يرجع الى المسجد.

(9)الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى الغسل و الإحرام. يعني يستحبّ الغسل في يوم الإحرام بحيث أن لا يحدث و لا يأكل و لا يستعمل الطيب و لا يلبس المخيط بعد الغسل، بل يحرم بعد الغسل بلا ارتكاب أحد ممّا ذكر.

ص: 223

فيه (1) قدّمه في أقرب أوقات إمكانه إليه فيلبس ثوبيه (2) بعده. و في التيمّم (3) لفاقد الماء بدله قول للشيخ لا بأس به و إن جهل مأخذه.

تستحب صلاة سنّة الإحرام

(و صلاة سنّة الإحرام) (4) و هي ستّ

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الميقات. يعني لو خاف فقد الماء في الميقات للغسل قدّم الغسل في أقرب الأوقات لإحرامه.

و الضميران في قوله «قدّمه» و «إمكانه» يرجعان الى الغسل. و في قوله «إليه» يرجع الى الإحرام.

(2)يعني اذا خاف فقد الماء في محلّ الإحرام جاز له غسل الإحرام متقدّما على محلّ الإحرام و يلبس ثوبي الإحرام بعد الغسل.

و لا يخفى أنّ جواز الغسل قبل الميقات و جواز لبس ثوبي الإحرام ليس معناه الإحرام قبل الوصول الى الميقات، لأنّ الإحرام قبل الميقات لا يجوز كما قدّمناه.

(3)يعني و في استحباب التيمّم اذا لم يجد الماء للغسل لا قبل محلّ الإحرام و لا فيه قول للشيخ رحمه اللّه، فقال الشارح رحمه اللّه بأنه لا بأس من القول بما قاله الشيخ رحمه اللّه، لكن مستند القول مجهول.

أقول: و لعلّ المستند باستحباب التيمّم عند فقد الماء هو العموم الوارد في بعض الروايات المنقولة في الوسائل، كما في قول الامام الباقر عليه السّلام: إنّ التيمّم أحد الطهورين. (راجع الوسائل: ج 2 ص 991 ب 21 من أبواب التيمّم ح 1).

فالمراد من «الطهورين» هو الطهارة المائية و الطهارة الترابية. و قد اشكل باستحباب التيمّم هنا لعدم ورود نصّ في كونه بدلا عن غسل الإحرام.

من حواشي الكتاب: الذي ورد في الشرع من جواز التيمّم فعله في مواضع مخصوصة بدلا من الوضوء و الغسل و لم يثبت جوازه بدلا عن مطلقهما. و هذا التيمّم لم يثبت من الشرع التعبّد به. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(4)الرابع من مستحبّات الإحرام هو الصلاة التي سمّيت بصلاة سنّة الإحرام.

ص: 224

ركعات (1)، ثمّ أربع، ثمّ ركعتان قبل الفريضة إن جمعهما (2).(و الإحرام (3) عقيب) فريضة (الظهر، أو فريضة) إن لم يتّفق الظهر و لم مقضية (4) إن لم يتّفق وقت فريضة مؤدّاة،(و يكفي النافلة) المذكورة (5)(عند عدم وقت الفريضة)، و ليكن ذلك (6) كلّه بعد الغسل و لبس الثوبين ليحرم عقيب

**********

شرح:

(1)فإنّ صلاة سنّة الإحرام ستة ركعات، فإتيانها أفضل، فلو لم يأتها فيأتي أربع ركعات، ثمّ ركعتين، و هذا البعدية من حيث الفضيلة.

(2)ضمير التثنية في قوله «جمعهما» يرجع الى الفريضة و سنّة الإحرام. يعني في صورة جمعه فريضة و سنّة يقدّم السنّة على الفريضة، و إلاّ فيكتفي بإتيان صلاة السنّة.

(3)الخامس من مستحبّات الإحرام هو الإحرام بعد إتيان صلاة الظهر أو بعد إتيان فريضة من الفرائض اليومية.

(4)فلو لم يمكن الإحرام بعد إتيان الفريضة أداء يستحبّ الإحرام بعد الفريضة قضاء، بمعنى أنه اذا أراد الإحرام لكن لم تكن الفريضة في ذمّته أداء قضى ممّا فات من الفرائض فيحرم بعد فريضة مقضية.

(5)يعني لو لم يتّفق وقت الصلاة فريضة أداء و لا قضاء فيكفي في الاستحباب إتيان صلاة سنّة الإحرام المذكورة.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الصلاة المسنونة و الفريضة التي فصّلناها. يعني يستحبّ كون الصلاة المذكورة بعد الغسل و لبس ثوبي الإحرام.

و الحاصل: إنّ مستحبّات الإحرام التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه خمسة، و هي:

1 - توفير شعر الرأس من أول ذي القعدة.

2 - استكمال التنظيف بقصّ الأظفار و أخذ الشارب و الاطّلاء.

3 - الغسل.

ص: 225

الصلاة بغير فصل.

يجب في الإحرام النية و يقارن بها لبيك

(و يجب فيه (1) النية المشتملة على مشخّصاته) من كونه إحرام حجّ أو عمرة تمتّع أو غيره، إسلامي أو منذور أو غيرهما، كلّ ذلك (مع القربة) التي هي (2) غاية الفعل المتعبّد به.(و يقارن بها) (3) قوله:(لبّيك (4) اللّهمّ لبّيك، لبّيك إنّ الحمد و النعمة و الملك لك، لا شريك لك لبّيك) و قد أوجب (5) المصنّف و غيره النية للتلبية أيضا و جعلوها

**********

شرح:

4-صلاة سنّة الإحرام.

5 - الإحرام عقيب الظهر أو فريضة.

واجبات الإحرام (1)يعني من واجبات الإحرام النية بحيث تشمل جميع مشخّصات الإحرام التي يفصّله بقوله «إحرام حجّ ... الخ».

(2)فإنّ غاية جميع الأفعال العبادية هي القربة، بمعنى أنّ المكلّف يأتي المتعبّد به لكونه مقرّبا له الى اللّه سبحانه.

(3)و من واجبات الإحرام أن يقارن النية مع القربة بقوله: لبّيك اللّهمّ لبّيك... الخ».

(4)سيأتي التوضيح من الشارح رحمه اللّه في معاني ألفاظ التلبية بقوله «و لبّيك نصب على المصدر... الخ».

(5)قد ظهر من العبارة و الشرح بأنه تكفي نية الإحرام قربة الى اللّه، ثمّ التلبية بقوله «لبّيك اللّهمّ لبّيك... الخ». لكن المصنّف رحمه اللّه و غيره قالوا بوجوب النية للتلبية أيضا في غير هذا الكتاب، و ينبغي أن تكون نية التلبية قبل التقرّب بنية الإحرام بهذا النحو: احرم لحجّ التمتّع و ألبّي له قربة الى اللّه، لتحقّق المقارنة بين

ص: 226

مقدّمة (1) على التقرّب بنية الإحرام بحيث يجمع النيّتين جملة (2)، لتحقّق المقارنة بينهما (3) كتكبيرة الإحرام لنية الصلاة (4)، و إنّما (5) وجبت النية للتلبية دون التحريمة لأنّ أفعال الصلاة متّصلة حسّا و شرعا فيكفي نية واحدة للجملة (6) كغير التحريمة من الأجزاء، بخلاف التلبية فإنّها من جملة أفعال الحجّ و هي (7) منفصلة شرعا و حسّا، فلا بدّ لكلّ واحد من نية.

**********

شرح:

نية الإحرام و التلبية، و هذه المقارنة حقيقية.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

(1)يعني جعل المصنّف رحمه اللّه و غيره النية للتلبية مقدّمة على التقرّب الى اللّه سبحانه بنية الإحرام.

و قوله «مقدّمة» بصيغة المجهول.

(2)بمعنى أنه يجمع نية الإحرام و نية التلبية ثمّ يتقرّب.

(3)ضمير التثنية في قوله «بينهما» يرجع الى نية الإحرام و نية التلبية.

(4)تمثيل للمقارنة بين نية الإحرام و نية التلبية، بأنه كما تجب المقارنة بين نية الصلاة و تكبيرة الإحرام فكذلك في المقام.

(5)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنه اذا وجبت النية للتلبية المقارنة لنية الإحرام فلم لا تجب النية لتكبيرة الإحرام في الصلاة بل يكتفى فيها بنية الصلاة ؟ فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ أفعال الصلاة متّصلة حسّا و شرعا، بخلاف أعمال الحجّ مثل الطواف و السعي و غير ذلك فإنّها منفصلة بعضها عن البعض.

(6)ففي الصلاة تكفي النية الواحدة لجميع أفعاله تحريمة كانت أو غيرها بخلاف أعمال الحجّ .

(7)الضمير يرجع الى أفعال الحجّ . يعني أنّ كلّ واحد من أعماله منفصل عن الآخر بالحسّ ، كما يشاهد بكون الطواف عملا و السعي عملا آخر فإنّهما منفصلان.

ص: 227

و على هذا (1) فكان إفراد التلبية عن الإحرام و جعلها من جملة أفعال الحجّ أولى كما صنع (2) في غيره، و بعض الأصحاب جعل نية التلبية بعد نية الإحرام (3) و إن حصل بها فصل، و كثير منهم لم يعتبروا المقارنة بينهما (4) مطلقا، و النصوص خالية عن اعتبار المقارنة (5)، بل بعضها صريح

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «هذا» هو كون أعمال الحجّ منفصلة و أفعال الصلاة متّصلة.

يعني اذا كان كذلك فكان لازما أن يفرد التلبية عن الإحرام و يجعل من جملة أفعال الحجّ لا من أجزاء الإحرام.

(2)فاعل قوله «صنع» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى كتاب اللمعة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر الإحرام ثمّ ذكر التلبية من جملة أعمال الحجّ في غير هذا الكتاب. لكن العبارة في هذا الكتاب تدلّ على كون التلبية من جملة أجزاء الإحرام.

(3)و هذا القائل أوجب النيّتين إحداهما للإحرام و الثانية للتلبية، فينوي هكذا:

احرم قربة الى اللّه و ألبّي قربة الى اللّه.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى النية. يعني و لو حصلت الفاصلة بين نية الإحرام و نفس التلبية بنية التلبية.

(4)فإنّ أكثر الفقهاء لم يلزموا المقارنة بين نية الإحرام و نفس التلبية. و بعبارة أوضح: أنه يجوز نية الإحرام ثمّ التلبية و لو كانت منفصلة من الإحرام.

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين الفصل بسبب النية أو غيرها، مثل أن ينوي الإحرام ثمّ يمشي مقدارا ثمّ يلبّي.

(5)يعني أنّ الروايات لم تذكر لزوم المقارنة بين نية الإحرام و التلبية، بل البعض من النصوص صرّح بعدم لزوم المقارنة بينهما و هو المنقول في الوسائل:

منها: عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن أحرمت من غمرة و من

ص: 228

في عدمها.

و «لبّيك» نصب على المصدر (1)، و أصله (2) لبّا لك أي إقامة، أو إخلاصا من لبّ بالمكان إذا أقام به، أو من لبّ الشيء (3) و هو خالصة، و ثنّي (4) تأكيدا، أي إقامة بعد إقامة و إخلاصا بعد إخلاص، هذا بحسب الأصل،

**********

شرح:

بريد البعث صلّيت و قلت كما يقول المحرم في دبر صلاتك، و إن شئت لبّيت من موضعك، و الفضل أن تمشي قليلا ثمّ تلبّي. (الوسائل: ج 9 ص 46 ب 35 من أبواب الإحرام ح 1).

و منها: عن عبد الرحمن بن الحجّاج و حمّاد بن عثمان عن الحلبي جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا صلّيت في مسجد الشجرة فقل و أنت قاعد دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم، ثمّ قم فامش حتّى تبلغ الميل و تستوي بك البيداء، فاذا استوت بك فلبّه... الحديث. (المصدر السابق: ح 3).

(1)المراد من «المصدر» كونه مفعولا مطلقا فإنه مصدر، و المعنى هكذا: البّ لك إلبابا بعد إلباب. و بعبارة اخرى: البّ إلبابين لك.

و قال في النهاية: و هي إجابة المنادي، أي: إجابتي لك يا ربّ ، و لم يستعمل إلاّ على لفظ التثنية في معنى التكرير أي إجابة بعد إجابة.

(2)أي معناه في اللغة، فإنه بمعنى الإقامة في المكان، و المعنى: البّ لبّين لك، أي اقيم في خدمتك إقامة و إخلاصا.

و قوله: لبّا بالنصب.

(3)لبّ الشيء - بضمّ اللام - مبتدأ، و خبره قوله «خالصه».

(4)النائب الفاعل في قوله «ثنّي» مستتر يرجع الى لفظ «لبّيك». يعني أنه ثنّى للتأكيد، و معناه: اقيم في خدمتك إقامة بعد إقامة على (معناه الأول) و إخلاصا بعد إخلاص (على المعنى الثاني).

ص: 229

و قد صار (1) موضوعا للإجابة، و هي هنا (2) جواب عن النداء الذي أمر اللّه تعالى به إبراهيم بأن يؤذّن (3) في الناس بالحجّ ففعل (4)، و يجوز (5) كسر

**********

شرح:

(1)فاعل قوله «صار» مستتر يرجع الى «لبّيك» فإنّه صار موضوعا للإجابة، كما في كتب اللغة.

لبّيك: قيل معناه: اتجاهي إليك و قصدي لك و إقبالي على أمرك، مأخوذ من قولهم: أرى تلبّ داره، أي تواجهها و تحاذيها، و نصبه على المصدرية و تثنيته للتوكيد. (أقرب الموارد).

(2)أي التلبية في الإحرام إجابة عن النداء الذي أمر اللّه سبحانه به إبراهيم عليه السّلام.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى النداء.

فائدة: لا يخفى أنّ معنى التلبية هو قول لبّيك، كما أنّ لبّى بمعنى قال لبّيك، و هذا نظير لفظ بسمل يبسمل بسملة، أي قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم.

(3)و هو قوله تعالى وَ أَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (1) . (الحجّ : 27).

(4)فاعل قوله «فعل» مستتر يرجع الى إبراهيم عليه السّلام. يعني بعد أمر اللّه تعالى له عليه السّلام بالنداء ائتمر و نادى.

(5)من هنا تعرّض الشارح رحمه اللّه ببيان الجملة الثانية من التلبية و هي قوله «انّ الحمد و النعمة... الخ». فقال: يجوز كسر «إنّ » لكون الجملة مستأنفة و يجوز فتحها بنزع الخافض.

فائدة: قال أهل النحو بأنّ حرف «إنّ » من الحروف المشبّهة بالفعل يعمل بنصب الاسم و رفع الخبر، فيجب نصب الألف فيها اذا كان مدخولا على حروف الجرّ، كما في قوله: عجبت من أنّ زيدا قائم. و يجب كسر الألف فيها اذا وقع في أول الجملة. و بعبارة اخرى: اذا كانت الجملة مستأنفة، و هي على قسمين:

ص: 230


1- سوره 22 - آیه 27

«انّ » على الاستئناف، و فتحها بنزع الخافض و هو (1) لام التعليل، و في الأول (2) تعميم فكان أولى (3).

يجب لبس ثوبي الإحرام

(و لبس (4) ثوبي الإحرام)

**********

شرح:

الأول: اذا وقعت الجملة ابتداء مثل: إنّ زيدا قائم.

الثاني: اذا انقطعت الجملة الثانية من الاولى، مثل قوله وَ لا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (1) . (يونس: 65).

و قد ذكروا لقراءة همزتها بالفتح مواردا، و هكذا لقراءتها بالكسر، فمن أراد التفصيل فليراجع كتب النحو.

أمّا في التلبية فتقرأ همزتها بالكسر لكونها جملة مستأنفة لا ربط لها بالجملة الاولى، فكأنه يبتدئ بقوله: إنّ الحمد و النعمة للّه تعالى.

و كذلك يجوز قراءتها بالفتح لدخول حرف الجرّ و لو تقديرا عليها فتكون الجملة تعليلا لقوله أوّلا: لبّيك اللّهمّ لبّيك.

فالمعنى هكذا: إلهي و ربّي البّ لك إلبابا بعد إلباب، و اخلص لك إخلاصا بعد إخلاص، لأنّ الحمد و النعمة لك... الخ.

(1)الضمير يرجع الى الخافض. يعني أنّ المراد من «الخافض» الذي نزع هو لام التعليل.

(2)المراد من «الأول» هو قراءة همزة «انّ » بالكسر. يعني اذا جعلت الجملة مستأنفة تكون معناها أعمّ ، بمعنى أنّ الحمد و النعمة للّه تعالى بالعموم لا بالخصوص في هذا المقام.

(3)فقراءة: إنّ الحمد و النعمة... الخ بالكسر أولى من قراءتها بالفتح.

(4)بالرفع، عطفا على قوله «النية». و هذا هو الثالث من واجبات الإحرام.

لبس - بضمّ اللام - مصدر من لبس يلبس لبسا، وزان علم يعلم: استتر الثوب.

ص: 231


1- سوره 10 - آیه 65

الكائنين (1)(من جنس ما يصلّي فيه) المحرم، فلا يجوز أن يكون من جلد (2) و صوف و شعر و وبر ما لا يؤكل لحمه، و لا من جلد (3) المأكول مع عدم التذكية، و لا في الحرير (4) للرجال، و لا في الشافّ (5) مطلقا (6)، و لا في النجس (7) غير المعفوّ عنها في الصلاة، و يعتبر

**********

شرح:

و بالفتح من باب كتب يكتب: جعله يلتبس في أمره.

لبس يلبس لبسا: خلطه و جعله مشتبها بغيره خافيا. (المنجد).

(1)صفة لقوله «ثوبي الإحرام». يعني يشترط في ثوبي الإحرام ما يشترط في ثوب المصلّي، فكلّ ثوب لا يجوز الصلاة فيه لا يجوز الإحرام فيه أيضا، كما سيوضحه بقوله «فلا يجوز... الخ».

(2)قوله «الجلد» و ما بعده مضاف الى حيوان غير مأكول اللحم.

(3)يعني و لا يجوز الإحرام في ثوب كان من جلد حيوان مأكول اللحم لكنّه لم يذبح بذبح شرعي.

(4)و كذا لا يجوز إحرام الرجال في ثوب من حرير كما لا يجوز صلاتهم فيه.

(5)الشافّ - بتشديد الفاء - من شفّ يشفّ شفوفا و شفيفا و شففا الشيء: رقّ فظهر ما وراءه، فهو شفيف و شفّاف. (أقرب الموارد، المنجد).

(6)قوله «مطلقا» يمكن كونه إشارة الى عدم الفرق بين الرجال و النساء في عدم جواز لبس الثوب الرقيق، و يمكن كونه إشارة الى عدم الفرق في عدم الجواز بين الإزار و الرداء، فإنّ المصنّف رحمه اللّه جعل المنع في الشافّ مختصّا بالإزار دون الرداء.

(7)يعني و كذا لا يجوز الإحرام في ثوب نجس بما لا يعفى عنه في الصلاة.

و اعلم أنّ كون النجس في ثوب المصلّي ممنوع، فلا يجوز الصلاة في الثوب النجس، لكن استثني من النجاسات في ثوب المصلّي موردان:

ص: 232

كونهما (1) غير مخيطين، و لا ما أشبه المخيط كالمخيط من اللبد (2)، و الدرع المنسوج كذلك، و المعقود (3)، و اكتفى المصنّف عن هذا الشرط (4) بمفهوم جوازه للنساء.(يأتزر بأحدهما، و يرتدي بالآخر) (5) بأن يغطّي به

**********

شرح:

الأول: الدم الذي هو أقلّ من درهم بغلي غير الدماء الثلاثة - الحيض و النفاس و الاستحاضة - و غير الدم من نجاسة العين مثل الكلب و الخنزير و الكافر و دم حيوان غير مأكول اللحم.

الثاني: الدم الحاصل من القروح و الجروح، كما ذكر مفصّلا في كتاب الصلاة.

(1)ضمير التثنية في قوله «كونهما» يرجع الى الثوبين.

و قوله «مخيطين» اسم مفعول من خاط يخيط ، وزان قال يقول، و هو المخيط .

(2)اللبد - محرّكة -: الصوف. (أقرب الموارد). يعني أنّ الثوب الذي يكون من اللبد بصورة الثوب المخيط الذي يحيط على البدن أو الدرع المنسوج المحيط على البدن لا يجوز الإحرام بهما.

و قوله «الدرع» هو قميص من زرد الحديد يلبس وقاية من سلاح العدوّ.

(المنجد).

(3)بالكسر، عطفا على قوله «كالمخيط ... الخ». و هذا مثال ثالث للثوب المخيط .

و المراد من الثوب المخيط المعقود هو الذي لم يكن مخيطا لكنه عقد بصورة المخيط فهو أيضا غير جائز للمحرم.

(4)المراد من «هذا الشرط » كون الثوب غير مخيط للرجال. و المراد من المفهوم هو الذي يفهم من قول المصنّف رحمه اللّه قريبا «و يجوز في الحرير و المخيط للنساء».

(5)هذه جملة حالية من قوله «و لبس ثوبي الإحرام». يعني يكون لبسهما بكيفية جعل أحدهما إزارا و الآخر رداء، فإنّ الأول يشدّ بالوسط بدل السراويل، و الثاني يلقى على الكتفين بدل القباء.

ص: 233

منكبيه (1)، أو يتوشّح به بأن يغطّي به أحدهما، و تجوز الزيادة عليهما (2) لا النقصان، و الأقوى أن لبسهما واجب (3) لا شرط في صحّته، فلو أخلّ به اختيارا أثم و صحّ الإحرام.

القارن يعقد إحرامه بالتلبية أو الإشعار

(و القارن (4) يعقد إحرامه بالتلبية) بعد نية الإحرام،(أو بالإشعار (5)، أو التقليد) المتقدّمين، و بأيّهما (6) بدأ استحبّ الآخر. و معنى عقده بهما على تقدير المقارنة واضح (7)، فبدونهما لا يصحّ أصلا، و على

**********

شرح:

(1)المنكب - بكسر الكاف -: مجتمع رأس الكتف و العضد مذكّر، جمعه: مناكب.

(أقرب الموارد).

و هذا بيان لقوله «و يرتدي بالآخر» فإنّ الارتداء هو ستر المنكبين بأحد الثوبين، أمّا التوشيح فهو ستر أحد المنكبين بطرف أحد الثوبين و جعل الباقي تحت المنكب الآخر كحمائل السيف في أحد الكتفين.

(2)يعني يجوز في الإحرام لبس أزيد من الثوبين بأن يلبس ثلاثة أثواب لا أقلّ منهما، فلا يجوز لبس ثوب واحد.

(3)يعني أنّ لبس الثوبين في الإحرام من الواجبات التكليفية المستقلّة لا الشرطية، فلو تركهما يكون عاصيا و لا يبطل إحرامه.

و الضمير في قوله «صحّته» يرجع الى الإحرام.

(4)أي الذي يحرم لحجّ القران يجوز عقد إحرامه بالتلبية أو بإشعار الهدي أو تقليده فيتخيّر بين أحدها.

(5)و قد مرّ بيان الإشعار و التقليد سابقا.

(6)ضمير التثنية يرجع الى التلبية و أحد من الإشعار و التقليد، فلو عقد الإحرام بالتلبية يستحبّ له الإشعار و التقليد و في العكس يستحبّ العكس.

(7)خبر لقوله «و معنى عقده بهما». يعني لو شرطت المقارنة بين نية الإحرام

ص: 234

المشهور (1) يقع و لكن لا يحرم محرّمات الإحرام بدون أحدهما.

يجوز الإحرام في الحرير و المخيط للنساء

(و يجوز) الإحرام (في الحرير و المخيط للنساء) (2) في أصحّ القولين (3)

**********

شرح:

و التلبية أو الإشعار فإنّ عقد الإحرام بهما واضح، لأنه اذا نوى الإحرام و لبّى أو أشعر بلا فصل تحقّق إحرامه، فلو لم يقارنهما على نية الإحرام لا يصحّ إحرامه.

و الضمير في قوله «بدونها» يرجع الى المقارنة.

(1)قال المشهور بعدم لزوم المقارنة بين نيّة الإحرام و أحدهما. فعلى المشهور اذا نوى الإحرام وقع لكن لا تحرم عليه المحرّمات التي تأتي قبل التلبية أو الإشعار، و كذا يجوز له إبطال إحرامه و تجديد نيته.

(2)إنّ مفهوم هذه الجملة يدلّ على عدم جواز الإحرام في ثوب الحرير و المخيط للرجال و الخناثى.

(3)و في مقابل القول الأصحّ قول آخر، انظر الحاشية الآتية.

من حواشي الكتاب: الخلاف في موضعين:

الأول: في الحرير المحض للنساء، و قد منع منه الشيخ رحمه اللّه، و ابن الجنيد على ما نقل العلاّمة في المختلف، و ليس في المبسوط تصريح به، و جوّزه المفيد رحمه اللّه في كتاب أحكام النساء، و صحيحة يعقوب بن شعيب تدلّ على جوازه.

الثاني: في لبس المخيط لهنّ ، و قد نقل في المختلف عن الشيخ رحمه اللّه في النهاية و المبسوط منعهنّ ، و الذي في المبسوط جواز لبسه لهنّ ، فإنّه قال في فصل ما يجب على المحرم اجتنابه: و يحرم على المرأة ما يحرم على الرجل، و يحلّ لها ما يحلّ له، و قد رخّص لهما في السراويل و القميص، ثمّ قال في آخر ذكر حكم النساء في الحجّ : و يجوز لها لبس المخيط . نعم، كلامه في النهاية صريح في المنع، و الصحيحة المتقدّمة تدلّ على الجواز لكنّها معارضة في الموضعين بروايات اخر، و لعلّ الجواز في المخيط أشبه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 235

على كراهة، دون الرجال و الخناثى (1).(و يجزي) لبس (القباء) (2) أو القميص (3)(مقلوبا) بجعل ذيله (4) على الكتفين، أو باطنه (5) ظاهره من غير أن يخرج (6) يديه من كمّيه، و الأول (7) أولى وفاقا للدروس، و الجمع أكمل (8). و إنّما يجوز (9) لبس القباء كذلك (لو فقد الرداء) ليكون بدلا منه، و لو أخلّ بالقلب أو أدخل يده في كمّه فكلبس المخيط (10).(و كذا) يجزي

**********

شرح:

(1)لأنّ الخنثى لا يعلم كونها انثى التي يجوز لها لبس الحرير.

(2)هذا بيان لجواز لبس القباء مقلوبا بدل ثوب الإحرام عند الضرورة.

(3)يعني لو فقد الرداء الذي يجعله في كتفيه يجعل القباء أو القميص بدله بشرط قلبهما، و القلب على قسمين:

الأول: أن يجعل ذيل القباء و القميص على الكتفين بمعنى جعل أسفلهما أعلاهما.

الثاني: أن يجعل باطنهما ظاهرهما، و يجعلهما على كتفيه.

(4)هذا هو القسم الأول من القسمين المذكورين.

(5)هذا هو القسم الثاني من القسمين المذكورين.

(6)هذا شرط لكلا القسمين. يعني في القلب المذكور لا يجوز أن يدخل يديه في كمّي القباء و لا القميص.

(7)المراد من «الأول» هو جعل ذيل القباء و القميص على الكتفين، فإنّ المصنّف رحمه اللّه قاله في الدروس.

(8)بأنّ يجعل أسفلهما أعلاهما و يقلب باطنهما ظاهرهما، فهذا أكمل و أتمّ في التقليب الذي شرطوه في جواز جعلهما بدلا من ثوب الإحرام.

(9)فالقول بجواز لبس القباء و القميص مقلوبا إنّما هو عند فقد الرداء لا عند الاختيار.

(10)يعني لو أخلّ المحرم بالشرائط المذكورة في جعل القباء و القميص بدل الإزار

ص: 236

(السراويل (1) لو فقد الإزار) (2) من غير اعتبار قلبه، و لا فدية في الموضعين (3).

يستحبّ للرجل رفع الصوت بالتلبية

(و يستحبّ للرجل) بل لمطلق الذكر (4)(رفع الصوت بالتلبية) حيث يحرم (5) إن كان راجلا بطريق المدينة، أو مطلقا (6) بغيرها، و إذا (7) علت راحلته البيداء راكبا بطريق المدينة، و إذا

**********

شرح:

بأن لا يقلبهما أو أدخل يده في كمّيهما وجب عليه كفّارة لبس المخيط لكن إحرامه صحيح.

(1)السروال: لباس يستر النصف الأسفل من الجسم، فارسي معرب، و الكلمة مؤنثة و قد تذكّر، جمعها: سراويل و سراويلات. (المنجد).

(2)يعني يجوز لبس السروال المخيط عند فقد ثوب الإزار، و لا يشترط فيه القلب كما يشترط في القباء و القميص.

(3)يعني عند لبس القباء مقلوبا بدل الرداء و لبس السروال عند فقد الإزار لا تجب الكفّارة في كلا الموضعين.

(4)و يشمل الصبي، فيستحبّ لمطلق الذكور أن يرفعوا أصواتهم عند التلبية.

(5)يعني يستحبّ التلبية عند الإحرام في صورة كون المحرم غير راكب و كونه في طريق المدينة.

(6)اي بلا فرق بين كون المحرم راجلا أو راكبا اذا أحرم في غير طريق المدينة.

و الضمير في قوله «بغيرها» يرجع الى طريق المدينة.

(7)هذا موضع آخر يستحبّ رفع التلبية في طريق المدينة اذا كان المحرم راكبا، و هو اذا وصلت وسيلته النقلية البيداء.

البيداء: اسم لأرض بين مكّة و المدينة، و هي الى مكّة أقرب، تعدّ من الشرف أمام ذي الحليفة. (مراصد الاطّلاع: ج 1 ص 239).

ص: 237

أشرف (1) على الأبطح متمتّعا. و تسرّ (2) المرأة و الخنثى، و يجوز الجهر حيث لا يسمع الأجنبي، و هذه (3) التلبية غير ما يعقد به الإحرام إن اعتبرنا المقارنة، و إلاّ (4) جاز العقد بها، و هو (5) ظاهر الأخبار.

(و ليجدّد عند مختلف الأحوال) (6)

**********

شرح:

(1)هذا هو الموضع الآخر الذي يستحبّ فيه رفع التلبية، و هو اذا أحرم الحاجّ للتمتّع من مكّة و قصد عرفات، فإذا وصل الى الأبطح - و هو مسيل مكّة - يستحبّ له رفع التلبية بلا فرق بين الراكب و الراجل.

(2)يستحبّ للمرأة و الخنثى أن تخفضا صوتهما عند التلبية، و يجوز لهما الرفع عند عدم سماع الأجنبي صوتهما كما في قراءة الصلاة الجهرية أيضا.

(3)المشار إليه هو التلبية التي أشرنا باستحباب رفع الصوت بها عند طريق المدينة و عند الإشراف على الأبطح. يعني اذا اعتبرت المقارنة بين نية الإحرام و التلبية فلا يجوز تأخير التلبية الى ذلك، فيعقد الإحرام بالتلبية بلا تأخير لها، ثمّ يستحبّ تكرار التلبية عند هذه المواضع.

(4)لكن لو لم تعتبر المقارنة جاز عقد الإحرام بهذه التلبية المستحبّة في المواضع المذكورة.

(5)الضمير يرجع الى جواز العقد بهذه التلبية.

و من الأخبار التي يستفاد منها جواز عقد الإحرام بهذه التلبية هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: هل يجوز للمتمتّع بالعمرة الى الحجّ أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة ؟ فقال عليه السّلام: نعم، إنّما لبّى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في البيداء، لأنّ الناس لم يعرفوا التلبية، فأحبّ أن يعلّمهم كيف التلبية. (الوسائل:

ج 9 ص 46 ب 35 من أبواب الإحرام ح 2).

(6)يعني يستحبّ تجديد التلبية بعد العقد بها و بعد التلبية المستحبّة عند حالات

ص: 238

بركوب (1) و نزول (2)، و علوّ (3) و هبوط (4)، و ملاقاة أحد و يقظة (5)، و خصوصا بالأسحار و أدبار الصلوات (و يضاف إليها (6) التلبيات المستحبّة) و هي: «لبّيك ذا المعارج (7)... الخ».

**********

شرح:

مختلفة، و يوضّح الشارح رحمه اللّه الحالات المختلفة بقوله «بركوب و نزول... الخ».

(1)أي اذا ركب وسيلة النقل يقول: لبّيك.

(2)أي اذا نزل من وسيلة النقل يقول: لبّيك.

(3)أي اذا بلغ الأراضي المرتفعة من الطريق يقول: لبّيك.

(4)أي حين النزول من الأراضي المرتفعة من الطريق يقول: لبّيك.

(5)أي اذا انتبه من النوم يقول: لبّيك، خصوصا اذا انتبه عند السحر، و كذلك بعد إتمام كلّ صلاة.

(6)يعني يضيف الى التلبية المذكورة التلبيات المستحبّة الاخرى، و هي المنقولة عن مستدرك الوسائل:

و كان جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر عليهم السّلام يزيدان فيه:

لبّيك ذا المعارج، لبّيك لبّيك.

داعيا الى دار السلام، لبّيك لبّيك.

غفّار الذنوب، لبّيك لبّيك.

مرغوبا و مرهوبا إليك، لبّيك لبّيك.

تبدئ و المعاد إليك، لبّيك لبّيك.

كشّاف الكرب العظام، لبّيك.

عبدك و بن عبديك، لبّيك لبّيك.

يا كريم لبّيك.

(7)المعرج - بفتح الميم و كسرها -: السلّم و المصعد، جمعه: المعارج. (المنجد).

ص: 239

يقطعها التلبية المتمتع إذا شاهد بيوت مكّة

(و يقطعها المتمتّع (1) إذا شاهد بيوت مكّة) و حدّها عقبة المدنيين إن دخلها من أعلاها (2)، و عقبة (3) ذي طوى إن دخلها من أسفلها، (و الحاجّ (4) الى زوال عرفة، و المعتمر مفردة (5) إذا دخل الحرم) إن كان

**********

شرح:

و المراد هنا هو السماوات. يعني: البّ لك إلبابين يا إلهي الذي صاحب السماوات التي تعرج فيها الملائكة إليك. و قد ذكروا له معان اخر أيضا، فمن أراد فليراجع مرآة العقول.

و قوله عليه السّلام «داعيا الى دار السلام» إشارة الى قوله تعالى وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ (1) . (يونس: 25).

و قوله عليه السّلام «تبدئ و المعاد إليك» يعني أنت الذي أوجدت و ابتدأت العالم و الرجوع إليك.

(1)يعني أنّ الذي يأتي عمرة حجّ التمتّع و يلبّي في الحالات المختلفة التي فصّلت آنفا اذا شاهد بيوت مكّة وجب عليه أن يقطع التلبية.

و قوله «المتمتّع» فاعل لقوله «يقطعها».

(2)الضمير في قوله «أعلاها» يرجع الى مكّة. يعني أنّ الداخلين من أعلى مكّة - و هم الذين يأتون من جانب المدينة - اذا وصلوا عقبة المدنيين وجب عليهم قطع التلبية.

(3)خبر لقوله «و حدّها». يعني للذين يأتون بلدة مكّة من أسفلها اذا بلغوا عقبة ذي طوى وجب عليهم قطع التلبية.

(4)عطف على قوله «المتمتّع» و هو أيضا فاعل لقوله «و يقطعها». يعني و يقطع التلبية الحاجّ عند زوال عرفة. و حرف «الى» بمعنى عند.

(5)هذا أيضا فاعل لقوله «و يقطعها». يعني أنّ الذي أتى عمرة مفردة و أحرم من أحد المواقيت يقطع التلبية عند دخوله الحرم، أمّا اذا أحرم للعمرة المفردة من خارج الحرم مثل مسجد التنعيم فإنّه يقطع التلبية عند مشاهدته بيوت مكّة.

ص: 240


1- سوره 10 - آیه 25

أحرم بها (1) من أحد المواقيت، و إن كان قد خرج لها من مكّة الى خارج الحرم، فإذا شاهد بيوت مكّة إذ لا يكون (2) حينئذ بين أول الحرم و موضع الإحرام مسافة.

(و الاشتراط (3) قبل نية الإحرام) متّصلا (4) بها بأن يحلّه (5) حيث حبسه، و لفظه المروي: «اللّهمّ إنّي اريد التّمتّع بالعمرة الى الحجّ على كتابك و سنّة نبيّك صلّى اللّه عليه و آله، فإن عرض لي شيء يحبسني فحلّني (6) حيث حبستني لقدرك (7) الذي قدّرت عليّ ، اللّهمّ إن لم تكن (8) حجّة فعمرة، احرم لك

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بها» يرجع الى العمرة، و كذلك في قوله «لها».

(2)يعني اذا أحرم من خارج الحرم فلا مسافة بين محلّ الإحرام الى الحرم لأنه يحرم من أدنى الحلّ ، فلا فاصل كي يمكنه أن يلبّي فيه.

(3)بالرفع، عطفا على قوله «رفع الصوت... الخ». يعني أنه يستحبّ للرجل أن يشترط قبل الشروع بنية الإحرام أن يحلّ عند عروض الإحصار و الصدّ و سائر المواقع.

(4)حال من قوله «و الاشتراط ». و الضمير في قوله «بها» يرجع الى نية الإحرام.

(5)فاعل لقوله «يحلّه» مستتر يرجع الى اللّه تعالى، و كذلك فاعل قوله «حبسه». يعني يستحبّ أن يشترط مع اللّه تعالى أن يحلّه اذا حبسه و منعه من إتمام النسك.

و الضمير في قوله «و لفظه» يرجع الى الاشتراط .

(6)أي أحللني حيث منعتني، و المخاطب هو اللّه تعالى.

(7)يعني لو اقتضت التقديرات من عندك المانع من إتمام نسكي هذا الذي احرم له فيا إلهي أحللني من إحرامي هذا.

(8)يعني إلهي و ربّي إن لم تكن أعمالي هذه حجّة لمانع قد حصل لي فاجعلها عمرة.

ص: 241

شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي (1) من النساء و الثياب و الطيب، أبتغي (2) بذلك وجهك و الدار الآخرة».

يكره الإحرام في الثياب السّود

(و يكره الإحرام في) الثياب (3)(السّود) (4)، بل مطلق الملوّنة بغير البياض كالحمراء (5).(و المعصفرة (6)) و شبهها،

**********

شرح:

(1)هذه الكلمات كناية عن نهاية الإخلاص عند الإحرام. و معناها أنّ المحرم يتوجّه الى اللّه تعالى و يخالف هواه من حيث الميل الى النساء و الثياب و الطيب و كلّ ما يتلذّذ به ممّا يحرم عند الإحرام بشعره و بشرته و لحمه و دمه.

(2)أي أطلب بتركي هذه المحرّمات رضاك و اليوم الآخر.

و الحاصل: إنّ واجبات الإحرام التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه ثلاثة، و هي:

1 - النية.

2 - التلبية.

3 - لبس ثوبي الإحرام.

مكروهات الإحرام (3)الثياب: جمع مفرده: الثوب. و هنا شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان الأحكام المكروهة للمحرم، أولها الإحرام في الثياب السود.

(4)السود: جمع مفرده: الأسود، و الجمع الآخر منه: السودان، و هو ما كان لونه السواد. (أقرب الموارد، المنجد).

(5)الحمراء مؤنث الأحمر، و هو لون معروف.

(6)المراد من «المعصفرة» هو الملوّنة بلون أصفر.

و العصفر - بضمّ العين و سكون الصاد و ضمّ الفاء -: هو صبغ أصفر اللون. (المنجد).

و الضمير في قوله «و شبهها» يرجع الى المعصفرة. يعني و شبه المعصفرة من الألوان القريبة منها.

ص: 242

و قيّدها (1) في الدروس بالمشبّعة، فلا يكره بغيره، و الفضل في البيض من القطن.(و النوم عليها (2)) أي نوم المحرم على الفرش المصبوغة بالسواد و العصفر و شبهها من الألوان.(و الوسخة) (3) إذا كان الوسخ ابتداء، أمّا لو عرض في أثناء الإحرام كره غسلها (4)، إلاّ لنجاسة.(و المعلمة) (5) بالبناء للمجهول، و هي المشتملة على لون آخر يخالف لونها (6) حال عملها

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قيّد المعصفرة في كتابه الدروس بالمشبّعة، و هي المعصفرة بلون أصفر المتمايل الى الأحمر. و بعبارة اخرى: إنّ المكروه هو الثوب الملوّن بالعصفر الشديد، فلو كان عصفره خفيفا فلا كراهة فيه.

(2)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى السود و المعصفرة. يعني كما أنّ الإحرام يكره في الثوب المتلوّن بما ذكر كذلك يكره للمحرم أن ينام على فرش متلوّن بالعصفر و السواد.

(3)الوسخة: صفة مشبهة من وسخ الثوب و الجلد، أي علاه الوسخ من قلّة التعهّد بالماء فهو وسخ. الوسخ: ما يعلو الثوب و غيره من الدرن من قلّة التعهّد بالماء، جمعه: أوساخ، و من المجاز: لا تأكل من أوساخ الناس: (أقرب الموارد).

(4)يعني أنّ الكراهة إنّما هي في صورة كون الوسخ ابتداء، لكن لو وسخت الثياب بعد الإحرام به فلا كراهة، بل الكراهة في غسلها إلاّ للنجاسة الحاصلة فيها، فيجب حينئذ غسلها و تطهيرها من النجاسة أو تبديلها لوجوب طهارة ثوبي الإحرام.

(5)بالكسر، عطفا على قوله «السود». هذا هو الخامس ممّا يكره للمحرم و هو إحرامه بالثوب المعلم - بصيغة اسم المفعول - و هو الذي تكون الخطوط فيه مختلفة من حيث اللون.

(6)يعني أنّ المعلمة على قسمين:

ص: 243

كالثوب المحوك من لونين أو بعده (1) بالطرز و الصبغ.

(و دخول الحمّام) (2) حالة الإحرام.(و تلبية المنادي) (3) بأن يقول له:

«لبّيك» لأنه في مقام التلبية للّه، فلا يشرك غيره فيها (4)، بل يجيبه بغيرها من الألفاظ (5) كقوله: يا سعد، أو يا سعديك (6).

**********

شرح:

الأول: الذي يشتمل لون أولها بالخطوط المعلنة عند حكاكتها و عملها.

الثاني: كونها معلمة بعد حكاكتها بالصبغ بأن يصبغ مخطوطا بالعلامات.

فكلا القسمين مكروهان في ثوب الإحرام.

قوله «المحوك» اسم مفعول من حاك يحوك، وزان قال يقول.

(1)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى العمل. يعني اذا كانت معلمة بعد العمل بسبب الطرز و الصبغ.

طرز الثوب: زيّنه بالخيوط الملوّنة بالرسوم و ما شاكلها. و تطرّز الثوب: صار معلما. (المنجد).

(2)السادس من مكروهات المحرم هو دخوله الحمّام.

(3)السابع من مكروهات المحرم هو أن يقول في جوابه للمنادي: لبّيك، بل ينبغي إجابته بقوله: بلى، نعم و أمثالهما، لأنّ المحرم في مقام التلبية للّه تعالى فلا يشرك غيره تعالى في التلبية.

(4)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى التلبية.

(5)بيان لغير التلبية من الألفاظ التي يجاب بها للمنادي.

(6)يا سعديك مثل لبّيك منصوب لكونه مفعولا مطلقا، و العامل فيه محذوف و هو:

اسعدك إسعادين، و سقطت النون للإضافة. يعني أنّ المحرم يكره عليه أن يقول «لبّيك» في جوابه للمنادي بل يقول «يا سعد» أو «يا سعديك».

و المعنى: اجيب لك إجابة بعد إجابة في كلّ زمان ناديتني و أنا في طاعتك.

ص: 244

التروك المحرّمة ثلاثون
اشارة

(و أمّا التروك (1) المحرّمة فثلاثون:)

الصيد

(صيد (2) البرّ)، و ضابطه الحيوان المحلّل (3) الممتنع بالأصالة، و من

**********

شرح:

و لا يخفى أن لفظ «يا» هنا ليس بمعنى النداء بل هو بمعنى «نعم».

و الحاصل: إنّ مكروهات الإحرام التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه سبعة، و هي:

1 - الإحرام في الثياب السود.

2 - الإحرام في الثياب المعصفرة و شبهها.

3 - النوم على الفرش المتلوّنة بالعصفر و السواد.

4 - الإحرام في الثياب الوسخة.

5 - الإحرام بالثوب المعلم.

6 - دخول الحمّام.

7 - جواب المنادي ب «لبّيك».

محرّمات الإحرام (1)شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان المحرّمات التي يجب على المحرم تركها.

التروك: جمع مفردة: ترك بالفتح، مصدر ترك يترك، و هو بمعنى اسم المفعول، كاللفظ بمعنى الملفوظ و الخلق بمعنى المخلوق.

قوله «المحرّمة» صفة للتروك بمعنى المتروكات. يعني و أمّا المتروكات التي هي محرّمات للمحرم فثلاثون.

(2)الصيد بمعنى المصيد، و هذا هو الأول من المحرّمات للمحرم و التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه «ثلاثون».

(3)بصيغة اسم المفعول. يعني أنّ الضابطة في صيد البرّ المحرّم على المحرم هو كون الحيوان البرّي مأكول اللحم و كونه وحشيا ذاتا، فلو عرض له الامتناع و التوحّش خرج من الضابطة، كما اذا توحّش البقر أو الجاموس أو غيرهما.

ص: 245

المحرّم: (1) الثعلب و الأرنب و الضبّ (2) و اليربوع (3) و القنفذ (4) و القمل (5) و الزنبور (6) و العظاءة (7)، فلا يحرم (8) قتل الأنعام و إن توحّشت، و لا

**********

شرح:

(1)يعني و يحرم الصيد من الحيوان المحرّم اللحم كالثعلب و الأرنب... الخ.

(2)الضبّ : حيوان من الزحّافات شبيه بالحرذون، ذنبه كثير العقد، و من أمثالهم:

أعقد من ذنب الضبّ . جمعه: أضبّ ، و ضبّان. (المنجد).

(3)اليربوع: نوع من القواصم يشبه الفأر، قصير اليدين طويل الرجلين و له ذنب طويل، جمعه: يرابيع. (المنجد).

(4)القنفذ - بضمّ القاف و سكون النون و ضمّ الفاء و فتحها: دويبة ذات ريش حادّ في أعلاه يقي به نفسه إذ يجتمع مستديرا تحته، و الانثى: قنفذة، و الجمع: قنافذ.

(المنجد).

(5)القمل - بفتح القاف و سكون الميم -: دويبة تتولّد من الوسخ و العرق في بدن الانسان اذا علاه ثوب أو شعر تلسعه و تتغذى بدمه، الواحد: القملة.

(أقرب الموارد). و يحتمل قراءته مشدّدا.

القمل - بضمّ القاف و فتح الميم المشدّدة -: قيل: إنه دوابّ صغار كالقردان تركب البعير عند الهزال، الواحدة: قمّلة. (أقرب الموارد، المنجد).

(6)الزنبور - بضمّ الزاء و سكون النون -: ذباب أليم اللسع، جمعه: زنابير. (المنجد).

(7)العظاءة - بفتح العين و كسره -: دويبة ملساء تعدو و تتردّد، و تسمّى شحمة الأرض و شحمة الرمل، تمشي مشيا سريعا ثمّ تتوقّف، جمعه: عظايات و عظايا.

(أقرب الموارد).

(8)هذا متفرّع على قوله «و ضابطه الحيوان الممتنع بالأصالة» فالأنعام ليست متوحّشة بالأصالة، فلو عرضها الامتناع فلا يحرم على المحرم قتله. الأنعام: جمع مفرده: النعم بالتحريك: ذوات الخفّ و الظلف و هي الإبل و البقر و الغنم. و قيل:

تطلق الأنعام على هذه الثلاثة، فاذا انفردت: الإبل. (أقرب الموارد).

ص: 246

صيد (1) الضبع و النمر (2) و الصقر (3) و شبهها من حيوان البرّ (4)، و لا الفأرة (5) و الحيّة و نحوهما (6). و لا يختصّ التحريم بمباشرة قتلها (7)، بل يحرم الإعانة عليه،

**********

شرح:

(1)يعني و لا يحرم أيضا صيد هذه الحيوانات.

الضبع - بفتح الضاد و سكون الباء أو فتحه -: ضرب من السباع معروف، مؤنثة، و تطلق على الذكر و الانثى، جمعها: ضباع و أضبع. (المنجد).

(2)النمر - بفتح النون و كسر الميم أو بفتح النون و سكون الميم أو بكسر النون و سكون الميم -: ضرب من السباع فيه شبه من الأسد إلاّ أنه أصغر منه و أخبث و أجرأ و هو منقّط الجلد نقطا سودا و بيضا، سمّي به للنمر التي فيه، جمعه: أنمر و أنمار و نمر و نمار. (أقرب الموارد).

(3)الصقر - بفتح الصاد -: كلّ طائر يصيد من البزاة و الشواهين، و في الكلّيات كلّ طائر يصيد تسمّيه العرب صقرا، ما خلا النسر و العقاب، و كلّ ما لا يصيد من الطير فهو صاقر، جمعه: أصقر و صقور و صقار. (أقرب الموارد).

(4)المراد من قوله «شبهها» هو أمثال الأسد و الذئب. و الضمير فيه يرجع الى ما ذكر من الحيوانات البرّية الجائزة صيدها للمحرم.

(5)عطف على قوله «و لا صيد الضبع». يعني و لا يحرم صيد الفأرة.

الفأر: دويبة في البيوت تصطاده الهرّة، للمذكّر و المؤنّث، جمعه: فئران و فئرة.

(أقرب الموارد، المنجد).

(6)الضمير في قوله «نحوهما» يرجع الى الفأرة و الحية. يعني و كذا لا يحرم صيد أمثالهما من حشرات الأرض.

(7)يعني لا يختصّ التحريم بقتل ما ذكر من الحيوانات بالمباشرة بل يحرم صيدها و لو إعانة للغير.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الصيد.

ص: 247

(و لو دلالة) (1) عليها (و إشارة) إليها (2) بأحد الأعضاء و هي (3) أخصّ من الدلالة.

و لا فرق في تحريمها (4) على المحرم بين كون المدلول محرما و محلاّ، و لا بين الخفية (5) و الواضحة. نعم، لو كان المدلول عالما به (6) بحيث لم يفده زيادة انبعاث عليها (7) فلا حكم لها، و إنّما أطلق المصنّف (8) صيد البرّ مع كونه

**********

شرح:

(1)يعني يحرم الإعانة على صيد ما ذكر من الحيوانات، أي يدلّ الصائد على تلك الحيوانات المحرّمة.

(2)بأن يشير الى ما ذكر باليد أو بالعين فيصيدها الغير، فذلك أيضا يحرم على المحرم.

(3)الضمير يرجع الى الإشارة، فإنّ الدلالة أعمّ من الإشارة بالأعضاء أو بالقول، فهو من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ كما يقال: أكرم العلماء، و أكرم زيدا العالم.

(4)الضمير في قوله «تحريمها» يرجع الى ما ذكر من الحيوانات التي يحرم صيدها للمحرم. يعني لا فرق في الحرمة بالدالّ و المشير بين كون المدلول و المشار إليه محرما أو غير محرم.

(5)الخفية و الواضحة صفتان للدلالة و الإشارة.

(6)كما اذا علم الصائد بالصيد بحيث لا يفيده دلالة الغير و لا إشارته فلا تحريم حينئذ.

(7)أي لا تفيد الدلالة زيادة تحريك الى الصيد لأنّ الصائد يرى الصيد و يعلمه، فلو كان كذلك فلا حكم للدلالة.

(8)هذا إيراد من الشارح قدّس سرّه لعبارة المصنّف رحمه اللّه فإنّه أطلق بقوله «صيد البرّ» و الحال أنّ التحريم مختصّ ببعض من الحيوانات البرّية التي فصّلناها لا مطلقا، فأجاب عنه بجوابين:

ص: 248

مخصوصا بما ذكر تبعا للآية، و اعتمادا على ما اشتهر من التخصيص (1).

(و لا يحرم صيد البحر، و هو ما يبيض و يفرّخ) (2) معا (فيه)، لا إذا تخلّف أحدهما (3) و إن لازم (4) الماء كالبطّ ، و المتولّد بين الصيد (5) و غيره يتبع

**********

شرح:

الأول: أنّ المصنّف رحمه اللّه تبع في إطلاقه بإطلاق الآية الشريفة بقوله تعالى وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (1) . (المائدة: 96).

الثاني: أنّ المصنّف رحمه اللّه اعتمد في إطلاقه بما أشتهر بين الفقهاء باختصاص التحريم بما ذكر من الحيوانات.

(1)أي من تخصيص التحريم لبعض من الحيوانات البرّية.

(2)يحتمل كونه من باب الإفعال أو التفعيل. و قوله «فيه» متعلّق بكلا قوليه «يبيض» و «يفرّخ». يعني أنّ الحيوان البحري هو الذي يفعل البيض و التفريخ في الماء.

(3)فلو كان بيضه في الماء و تفريخه في البرّ أو كان البيض في البرّ و التفريخ في الماء فلا يعدّ حيوانا بحريا.

(4)يعني و إن كان الحيوان الذي يفرّخ في البرّ و يبيض في البحر ملازما للماء و يعيش فيه أبدا.

البطّ : طير مائي قصير العنق و الرجلين و هو غير الأوز، الواحدة: البطّة للمذكّر و المؤنّث، و الجمع: بطوط و بطاط . (أقرب الموارد).

قوله «كالبطّ » مثال للحيوان الذي يبيض في الماء و يفرّخ في البرّ.

و قيل في خصوص البطّ بأنه يفعل كذلك بعد أن يبيض في الماء ثمّ يحرّك البيض الى البرّ و يفرّخ فيه.

(5)المراد من «الصيد» هو المحرّم صيده. و المراد من «غيره» هو المحلّل صيده. مثلا اذا جامع الضبع الذي يجوز صيده مع الثعلب الذي يحرم صيده فتولّد منهما ولد، فلو صدق عليه الثعلب حرم صيده و لو صدق عليه الضبع جاز صيده.

ص: 249


1- سوره 5 - آیه 96

الاسم، فإن انتفيا (1) عنه و كان ممتنعا فهو صيد إن لحق (2) بأحد أفراده.

النساء بكلّ استمتاع

(و النساء (3) بكلّ استمتاع) من الجماع و مقدّماته (4)(حتّى العقد)، و الشهادة عليه و إقامتها (5) و إن تحمّلها محلاّ، أو كان العقد بين محلّين (6).

الاستمناء

(و الاستمناء) (7) و هو استدعاء المني بغير الجماع.

لبس المخيط

(و لبس المخيط ) (8) و إن قلّت الخياطة،

**********

شرح:

(1)بأن لا يصدق المتولّد منهما في المثال لا الثعلب و لا الضبع، فلو كان متوحّشا فيلحق عليه حكم الصيد المحرّم.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى المتولّد.

(2)فإنّ الإلحاق بالصيد المحرّم مشروط بأمرين: أحدهما كونه ممتنعا، و الثاني كونه لاحقا بأحد أفراد الصيد الذي يحرم لا مطلقا.

(3)عطف على قوله «صيد البرّ». يعني أنّ الثاني من المحرّمات على المحرم هو الاستمتاع من النساء بجميع أنواع الاستمتاع التي سيوضحها.

(4)مقدّمات الجماع هي التقبيل و اللمس و غيرهما.

(5)يعني يحرم على المحرم الشهادة على العقد و إقامة الشهادة عليه و إن كان تحمّل الشهادة في حال الإحلال لكن تحرم عليه إقامتها حال الإحرام.

و الضمير في «تحمّلها» يرجع الى الشهادة.

(6)يعني تحرم الشهادة على العقد و إقامتها عليه، و كذلك يحرم على المحرم أن يجري العقد و لو كان بين الزوجين المحلّين.

(7)هذا هو الثالث من المحرّمات على المحرم، و هو طلب المني بغير وسيلة الجماع، بأن يلعب بآلته التناسلية باليد أو ينظر على صور مهيّجة فينزل المني.

و لا يخفى أنّ الاستمناء يحرم في غير حالة الإحرام أيضا، و قد ورد في خصوصه بأنه يوجب بعض الأمراض.

(8)الرابع من المحرّمات على المحرم هو لبس الثوب المخيط و لو كانت الخياطة فيه

ص: 250

(و شبهه) (1) ممّا أحاط كالدرع المنسوج و اللبد المعمول كذلك (2).

عقد الرداء

(و عقد الرداء) (3) و تخليله و زرّه (4) و نحو ذلك (5)، دون عقد الإزار (6) و نحوه فإنّه جائز، و يستثنى منه (7) الهميان فعفي عن خياطته.

**********

شرح:

قليلة.

(1)بالكسر، عطفا على قوله «المخيط ». يعني و يحرم لبس شبه المخيط ، و قد مثّل له مثالين:

الأول: الدرع المنسوج. و الدرع: قميص من زرد الحديد يلبس وقاية من سلاح العدوّ، جمعه: دروع. (المنجد).

الثاني: اللبد، و هو الصوف، أي الثوب المصنوع منه بصورة المخيط الذي يحيط على البدن.

(2)المشار إليه في قوله «كذلك» متعلّق بقوله «ممّا أحاط ».

(3)الخامس من المحرّمات على المحرم هو عقد الرداء، و المراد منه هو الثوب الذي يجعله على كتفيه فلا يجوز عقده و تخليله.

التخليل: من تخلّل القوم أي دخل بينهم. (المنجد). و المراد هنا إدخال طرفي الثوب بينهما و شدّه في الوسط .

(4)زرّ يزرّ زرّا القميص: شدّ أزراره و أدخلها في العرى. (المنجد). يعني و يحرم إزرار الرداء.

(5)يعني و يحرم أمثال التخليل و الزرّ مثل أن يشدّ طرفي الرداء بالخيط .

(6)أي يحرم عقد الثوب الذي يجعله بدل الإزار. و المراد من قوله «و نحوه» هو التخليل و الأزرار اللذان يحرّمان بالنسبة الى الرداء كما فصّله آنفا.

(7)الضمير في قوله «منه» يرجع الى المخيط . يعني يستثنى من تحريم لبس المخيط الهميان، فإنّه يجوز.

ص: 251

مطلق الطيب

(و مطلق الطيب) (1) و هو الجسم ذو الريح الطيّبة المتّخذ للشمّ غالبا (2) غير الرياحين (3) كالمسك (4) و العنبر و الزعفران و ماء الورد، و خرج بقيد الاتّخاذ (5) للشمّ ما يطلب منه الأكل أو التداوي غالبا كالقرنفل (6) و الدار صيني (7) و سائر الأبازير (8) الطيّبة فلا يحرم شمّه، و كذا ما لا ينبت

**********

شرح:

الهميان - بكسر الهاء -: كيس تجعل فيه النفقة و يشدّ على الوسط ، جمعه: همايين.

(المنجد).

(1)السادس من المحرّمات على المحرم استعمال جسم ذي رائحة طيّبة و الذي يتّخذونه للشمّ غالبا.

(2)خرج بهذا القيد الجسم ذو الرائحة الطيّبة المتّخذ لغير الشمّ غالبا كما ستأتي الإشارة إليه.

(3)صفة لقوله «و هو الجسم ذو الريح... الخ».

(4)هذا مثال للجسم ذي الرائحة الطيّبة. و قد أوضحنا لفظتي المسك و العنبر في كتاب الخمس في بحث الغوص فمن أراد ذلك فليراجع.

(5)و ذلك في قوله «و هو الجسم ذو الريح الطيّبة المتّخذ للشمّ غالبا». فخرج بذلك القيد الأجسام ذو الرائحة الطيبة المتّخذة للأكل أو التداوي و المعالجة من الأمراض.

(6)القرنفل، و القرنفول - بفتح القاف و الراء و سكون النون و ضمّ الفاء -: شجرة أزهارها عطرية، و هو أفضل الأفاويه الحارّة، تنتشر في أوربا و إفريقيا الشمالية و آسيا، الواحدة: قرنفلة و قرنفولة. (المنجد).

(7)الدار صيني: شجر هندي يشبه شجر الرمّان، يستعمل قشره كأقسام التوابل، أو يخدّر كالشاي. (حاشية السيد كلانتر حفظه اللّه).

(8)البزر: و هو ما يطيّب الغذاء، جمعه: أبزار، و جمع جمعه: أبازير. (أقرب الموارد).

ص: 252

للطيب كالفوتنج (1) و الحنّاء (2) و العصفر (3). و أمّا ما يقصد شمّه من النبات الرطب كالورد و الياسمين فهو (4) ريحان، و الأقوى تحريم شمّه (5) أيضا، و عليه المصنّف في الدروس و ظاهره هنا عدم التحريم، و استثنى منه الشيح (6)

**********

شرح:

يعني و سائر الأبازير التي تتّخذ للأكل، فإنّ القرنفل و الدار صين و أمثالهما و إن كانت ذا رائحة طيبة لكنّها لا تتّخذ للطيب خاصّة، بل تتّخذ لتطييب الغذاء فلا تحرم للمحرم.

(1)الفوتنج: نبت يشبه النعناع معرّب «بونه». (حاشية السيد كلانتر حفظه اللّه).

(2)الحنّاء - بكسر الحاء و بعده النون المشدّدة -: و هي نبات يتّخذ ورقه للخضاب الأحمر المعروف و له زهر أبيض كالعناقيد، واحدته: حنّاءة، و جمعه: حنآن.

(المنجد).

(3)العصفر وزان قنفذ: صبغ أصفر اللون. (المنجد). و قد مرّ ذكره سابقا.

(4)خبر لقوله «و أمّا ما يقصد شمّه». يعني أنّ ما يكون المقصود منه شمّه فقط مثل بعض النباتات الرطبة فهو من قبيل الرياحين، فلا يحرم ذلك للمحرم.

(5)الضمير في قوله «شمّه» يرجع الى «ما» الموصولة في قوله «ما يقصد شمّه». يعني أنّ الأقوى تحريم شمّ ما يقصد شمّه أيضا كما يحرم شمّ الطيب. و على هذا القول ذهب في كتابه الدروس، لكن ظاهر كلام المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب عدم تحريم شمّ الرياحين لأنه قال «و مطلق الطيب» فإنّ الطيب لا يشمل النبات المتّخذ للشمّ .

الطيب: كلّ ذي رائحة عطرة كالمسك و العنبر و الدهن و نحو ذلك ممّا يتعطّر به، جمعه: أطياب و طيوب. (أقرب الموارد).

(6)الشيح: نبات أنواعه كثيرة و هو عند الإطلاق نوعان، أصفر الزهر يشبه

ص: 253

و الخزامى (1) و الإذخر (2) و القيصوم (3) إن سمّيت (4) ريحانا، و نبّه بالإطلاق على خلاف الشيخ حيث خصّه (5) بأربعة: المسك و العنبر و الزعفران و الورس (6)، و في قول آخر له (7) بستة بإضافة العود (8) و الكافور (9) إليها.

**********

شرح:

الذهب في ورقه و هو الأرمني، و أحمر غليظ الورق و هو التركي، و كلّه طيّب الرائحة. (أقرب الموارد).

(1)الخزامى - بضمّ الخاء -: نبات زهره أطيب الأزهار، و الخزام - بفتح الخاء - أيضا بهذا المعنى. (أقرب الموارد).

(2)الإذخر - بكسر الهمزة و الخاء -: الحشيش الأخضر و نبات طيّب الرائحة، الواحدة: إذخرة، جمعه: أذاخر. (أقرب الموارد).

(3)القيصوم: نبات طيّب الرائحة يتداوى به. (المنجد).

(4)النائب الفاعل مستتر يرجع الى ما ذكر من الرياحين المستثناة. يعني يستثنى من حرمة شمّ هذه المذكورات لو سمّيت ريحانا، فلو لم تسمّ فلا يشمله دليل حرمة الرياحين ليحتاج الى الاستثناء.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه أطلق بقوله «و مطلق الطيب» على خلاف الشيخ الطوسي رحمه اللّه، فإنّه خصّ التحريم من الطيب بأربعة: المسك و العنبر و الزعفران و الورس.

(6)الورس. نبات كالسمسم يصبغ به و تتّخذ منه الغمرة أي الزعفران. (المنجد).

(7)الضمير في قوله «له» يرجع الى الشيخ رحمه اللّه. يعني أنه خصّ التحريم من الطيب في قول آخر بستة، فأضاف الى الأربعة المذكورة: العود و الكافور.

(8)العود: الخشب، و الغصن بعد أن يقطع، و ضرب من الطيب يتبخّر به، جمعه:

عيدان و أعواد و أعود. (أقرب الموارد).

(9)الكافور: نبت طيّب نوره كنور الاقحوان، يكون من شجر بجبال بحر الهند

ص: 254

و يستثنى من الطيب خلوق (1) الكعبة و العطر (2) في المسعى.

القبض من كريه الرائحة

(و القبض (3) من كريه الرائحة)، لكن لو فعل فلا شيء عليه غير الإثم، بخلاف الطيب.

الاكتحال

(و الاكتحال (4) بالسواد و المطيب)، لكن لا فدية في الأول (5)، و الثاني (6)

**********

شرح:

و الصين، و خشبه أبيض هشّ خفيف جدّا و يوجد في أجوافه الكافور، و هو أنواع، و لونه أحمر و إنّما يبيضّ بالتصفية. (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «إليها» يرجع الى الأربعة المذكورة.

(1)الخلوق - كرسول -: ضرب من الطيب مائع فيه صفرة لأنّ أكثر أجزائه من الزعفران. (أقرب الموارد).

و قد تعطّر بها جدران الكعبة و أستارها، فلا يحرّم الخلوق للمحرم.

(2)هذا هو الثاني ممّا يستثنى من تحريم الطيب، و هو العطر المشموم عند السعي بين الصفا و المروة، و قد كان السعي قديما بين السوق من العطّارين فلا يحرم شمّ العطور المشمومة فيه.

(3)السابع من المحرّمات على المحرم القبض من الرائحة الكريهة، و لا يخفى أنّ إضافة «الكريه» الى «الرائحة» من قبيل إضافة الصفة الى الموصوف.

و الكريه اسم مفعول، و المعنى هكذا: من المحرّمات قبض الأنف من شمّ الرائحة المكروهة و المنفرة. فلو تخلّف فقد أثم لكن لم تجب فيه الكفّارة، بخلاف شمّ الطيب ففي مخالفته تجب الكفّارة.

(4)الثامن من المحرّمات على المحرم هو الاكتحال.

الاكتحال - من كحل العين كحلا -: جعل فيها الكحل.

و الكحل - بضمّ الكاف و سكون الحاء -: الإثمد و كلّ ما وضع في العين يشفى به.

(أقرب الموارد).

(5)فلو اكتحل بالسواد أثم لكن لم تجب فيه الكفّارة.

(6)الاكتحال بالمطيب من قبيل استعمال الطيب لو قيل بوجوب الكفّارة فيه.

ص: 255

من أفراد الطيب.

الادّهان

(و الادّهان) (1) بمطيب و غيره اختيارا (2)، و لا كفّارة في غير المطيب منه (3) بل الإثم،(و يجوز أكل الدهن غير (4) المطيب) إجماعا.

الجدال

(و الجدال (5)، و هو قول لا و اللّه و بلى و اللّه)، و قيل: (6) مطلق اليمين، و هو خيرة الدروس، و إنّما يحرم مع عدم الحاجة إليه (7)، فلو اضطرّ إليه لإثبات (8) حقّ أو نفي باطل فالأقوى جوازه و لا كفّارة.

**********

شرح:

(1)التاسع من المحرّمات على المحرم التدهين بشيء ذي رائحة طيّبة مثل استعمال دهن فيه رائحة مثل المسك أو العنبر، أو غير ذلك مثل التدهين بالزيتون.

(2)فيجوز الادّهان عند الضرورة.

(3)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الدهن. يعني لو استعمل الدهن الغير المطيب أثم لكن لم تجب الكفّارة.

(4)صفة للدهن. يعني لا يحرم أكل الدهن الغير المعطّر بالإجماع.

(5)العاشر من المحرّمات على المحرم هو الجدال.

الجدال - من جادل يجادل مجادلة و جدالا -: خاصمه شديدا، و منه قوله تعالى في القرآن الكريم وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (1) . (النحل: 125). و المراد هنا أن يقول المحرم: لا و اللّه، و بلى و اللّه.

(6)يعني قال بعض الفقهاء بأنّ المحرّم هو مطلق اليمين، مثل: و الرحمن و الرحيم، و هذا القول اختاره المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(7)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى قول «و اللّه».

يعني أنّ التحريم يختصّ بعدم الاضطرار الى اليمين، فلو احتاج إليه فالأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه جواز.

(8)و قد مثّل لاضطرار القولين المذكورين مثالين:

أحدهما: اذا احتاج إليه في مقام إثبات الحقّ - كأن ادّعى من الغير حقّا يحتاج في

ص: 256


1- سوره 16 - آیه 125
الفسوق

(و الفسوق (1) و هو الكذب) مطلقا.

السباب

(و السباب) (2) للمسلم، و تحريمهما ثابت في الإحرام و غيره (3)، و لكنّه فيه آكد كالصوم و الاعتكاف، و لا كفّارة فيه سوى الاستغفار.

النظر في المرآة

(و النظر في المرآة) (4) بكسر الميم و بعد الهمزة ألف، و لا فدية له.

إخراج الدم اختيارا

(و إخراج الدم اختيارا) (5) و لو بحكّ الجسد و السواك (6)، و الأقوى أنه لا

**********

شرح:

إثباته الى اليمين - فحينئذ يجوز.

الثاني: لنفي الباطل - كأن ادّعى الغير منه حقّا باطلا فحلف بنفيه - فيجوز أيضا.

(1)الفسوق - من فسق الرجل فسقا و فسوقا -: ترك أمر اللّه و عصى و جار عن قصد السبيل. (أقرب الموارد).

و هذا هو الحادي عشر من المحرّمات على المحرم، و المراد منه هنا الكذب.

قوله «مطلقا» أي بلا فرق بين الكذب على اللّه أو غيره.

(2)هذا هو الثاني عشر من المحرّمات على المحرم.

السباب - بكسر الباء -: و هو الشتم. (أقرب الموارد، لسان العرب).

(3)يعني أنّ تحريم الفسوق و السباب ثابت حتّى في غير حال الإحرام، و فيه يحرّمان مؤكّدا.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الإحرام. يعني أنه يحرّم مؤكّدا في الإحرام كما أنّ ذلك يحرم مؤكّدا في حال الصوم و حال الاعتكاف، فلو ارتكب المحرم الفسوق و السباب فقد أثم لكن لا كفّارة فيهما و كفّارتهما الاستغفار.

(4)الثالث عشر من المحرّمات على المحرم النظر في المرآة، و لا كفّارة فيه أيضا غير الإثم.

(5)الرابع عشر من المحرّمات إخراج الدم من البدن حال الإحرام بلا اضطرار إليه.

(6)السواك - بالكسر -: عود تدلك به الأسنان، و قيل من شجر الأراك، جمعه :

ص: 257

فدية له، و احترز بالاختيار عن إخراجه لضرورة كبطّ جرح (1) و شقّ دمّل (2) و حجامة (3) و فصد (4) عند الحاجة إليها (5) فيجوز إجماعا.

قلع الضرس

(و قلع الضرس) (6)، و الرواية مجهولة

**********

شرح:

سوك بضمّتين. (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «له» يرجع الى إخراج الدم، و لا فدية فيه على الأقوى لأصالة البراءة لكنّه محرّم.

(1)بطّ الجرح: شقّه. (المنجد).

(2)الدمّل - بضمّ الدال و فتح الميم المشدّدة كسكّر من دمل الشيء دملا -: أصلحه.

و هو الخراج، يخفّف، سمّي به تفؤّلا ببرئه، جمعه: دماميل. (أقرب الموارد).

و الخراج: كلّ ما يخرج بالبدن كالدمّل، الواحدة: خراجة، و جمعه: خراجات.

(المنجد).

(3)الحجامة - بفتح الحاء -: الاسم من المحجم. الحجامة - بكسر الحاء -: المداواة و المعالجة بالمحجم. و المحجم. آلة الحجم و هي شيء كالكأس يفرّغ من الهواء و يوضع على الجلد فيحدث تهيّجا و يجذب الدم أو المادّة بقوّة. (المنجد).

(4)الفصد - من فصد و فصادا -: شقّ العرق، فهو فاصد، و العرق مفصود، و المريض شقّ عرقه. (أقرب الموارد).

(5)الضمير في قوله «إليها» يرجع الى ما ذكر من الأمثلة الأربعة للضرورة، و هي:

بطّ جرح، و شقّ دمّل، و حجامة، و فصد، فذلك كلّه ليس بمحرّم للمحرم عند الضرورة.

(6)الخامس عشر من المحرمات على المحرم هو قلع الضرس.

الضرس - بكسر الضاد -: السنّ ، جمعه: ضروس و أضراس، و هو مذكّر و قد يؤنّث. و المشهور أنّ الأضراس ما سوى الثنايا و الرباعيات و الأنياب، و هي

ص: 258

مقطوعة (1)، و من ثمّ أباحه (2) جماعة خصوصا مع الحاجة. نعم، يحرم من جهة إخراج الدم (3)، و لكن لا فدية له، و في روايته (4) أنّ فيه شاة.

قصّ الظفر

(و قصّ الظفر) (5) بل مطلق

**********

شرح:

خمسة في كلّ جانب من الفكّين، و قد تكون أربعة. (أقرب الموارد).

و لا يخفى أنّ المراد من الضرس هنا هو مطلق السنّ فلا يختصّ التحريم بالأسنان الخاصّة المذكورة، و هي الخمسة في كلّ جانب من الفكّين.

(1)المراد من «الرواية المجهولة المقطوعة» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن محمّد بن عيسى عن عدّة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان أنّ مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شيء، محرم قلع ضرسه، فكتب عليه السّلام:

يهريق دما. (الوسائل: ج 9 ص 302 ب 19 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ح 1).

و لا يخفى ضعف الرواية من جهتين:

الأول: كونها مجهولة، لأنّ بعض الرواة لم يذكر اسمه فيها كما في قوله «عن رجل من أهل خراسان» و هو مجهول من حيث الوثاقة.

الثاني: كونها مقطوعة، و المراد من «المقطوعة» هي المضمرة، لأنّ الإمام المسؤول منه لم يذكر اسمه بل فيها «فكتب عليه السّلام: يهريق دما».

(2)أي و من كون الرواية مجهولة و مقطوعة أباح قلع الضرس للمحرم جماعة من الفقهاء، خصوصا اذا احتاج الى قلعه.

(3)يعني يحرم قلع الضرس من حيث كونه ملازما بإخراج الدم، فلو لم يتّفق فلا يحكم بالحرمة.

(4)الضمير في قوله «روايته» يرجع الى قلع الضرس، فإنّ الرواية المذكورة في خصوصه فيها «يهريق دما» و الحال أنه أيضا لا يدلّ على وجوب الشاة.

(5)السادس عشر من المحرّمات على المحرم هو قصّ الظفر بالوسائل التي بها يقصّ الظفر.

ص: 259

إزالته (1) أو بعضه اختيارا، فلو انكسر فله إزالته، و الأقوى أنّ فيه الفدية كغيره (2) للرواية (3).

إزالة الشعر

(و إزالة الشعر) (4) بحلق و نتف و غيرهما مع الاختيار، فلو اضطرّ كما لو نبت في عينه جاز إزالته و لا شيء عليه (5)، و لو كان التأذّي بكثرته لحرّ أو قمل (6) جاز أيضا، لكن يجب الفداء (7)، لأنه محلّ المؤذي لا نفسه، و المعتبر

**********

شرح:

(1)الضميران في قوله «إزالته» و «بعضه» يرجعان الى الظفر. يعني يحرم إزالة كلّ الظفر أو بعضه أيضا، إلاّ أن ينكسر فيجوز أن يزيله لوجود الأذية في بقائه.

(2)يعني أنّ الأقوى في قصّ الظفر وجوب الكفّارة كما تجب الكفّارة في غيره من المحرّمات إلاّ ما استثني.

(3)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه، قال: لا يقصّ منها شيئا إن استطاع، فإن كانت تؤذيه فليقصّها، و ليطعم مكان كلّ ظفر قبضة من طعام. (الوسائل: ج 9 ص 293 ب 12 من أبواب بقية الكفّارات ح 4).

(4)السابع عشر من المحرمات على المحرم هو إزالة الشعر، و لا فرق في حرمتها بالحلق أو النتف أو بالنورة.

(5)فعند الاضطرار لو أزال الشعر فلا شيء على المحرم.

(6)بأن كانت الكثرة موجبة للقمل أو توجب الحرّ الذي لا يتحمّل عادة فيجوز حينئذ إزالة الشعر.

(7)يعني عند وجود القمل يجوز إزالة الشعر لكن تجب فيها الكفّارة، لأنّ الشعر لا يكون مؤذيا بنفسه بل هو مكان للمؤذي و هو القمل.

ص: 260

إزالته (1) بنفسه، فلو كشط جلدة عليها شعر فلا شيء في الشعر لأنه (2) غير مقصود بالإبانة.

تغطية الرأس للرجل

(و تغطية الرأس للرجل) (3) بثوب و غيره حتّى بالطين و الحناء و الارتماس (4) و حمل متاع يستره، أو بعضه (5). نعم، يستثنى عصام (6)

**********

شرح:

و الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى الشعر، و في قوله «لا نفسه» يرجع الى المؤذي.

(1)يعني أنّ المعتبر في تحريم إزالة الشعر هو نفسه بأن أزال نفس الشعر، لكن لو أبان جلدة فيها شعر فلا شيء بالنسبة الى الشعر و لو كان لإبانة الجلدة شيئا.

كشط كشطا: رفع شيئا عن شيء. (أقرب الموارد).

(2)أي لأنّ الشعر لم يقصد بالإبانة بل المقصود هو إبانة الجلدة.

(3)الثامن عشر من المحرّمات على المحرم هو ستر الرجل رأسه عند الإحرام بأيّ ساتر كان حتّى بجعل الطين أو الحناء على رأسه.

(4)بأن يرتمس في الماء و يستر رأسه.

(5)الضمير في قوله «بعضه» يرجع الى الرأس. يعني و لو كان الستر بحمل متاع يستر رأسه جميعا أو جزء من رأسه.

(6)العصام من الدلو و القربة و الإداوة حبل يشدّ فتحمل به. و من الوعاء عروة يعلّق بها. (أقرب الموارد، المنجد).

القربة - بكسر القاف و سكون الراء -: الوطب من اللبن، و قد تكون للماء يستقي بها، جمعه: قربات. (أقرب الموارد). و الوطب: سقاء اللبن، جمعه: أوطب و أوطاب.

(المنجد).

يعني يستثنى من تغطية الرأس ستر الرأس بوسيلة عصام القربة.

ص: 261

القربة، و عصابة (1) الصداع، و ما يستر منه بالوسادة، و في صدقه (2) باليد وجهان، و قطع (3) في التذكرة بجوازه، و في الدروس جعل تركه أولى، و الأقوى الجواز لصحيحة معاوية (4) بن عمّار، و المراد بالرأس هنا منابت (5) الشعر حقيقة، أو حكما، فالاذنان ليستا منه (6)، خلافا للتحرير.

**********

شرح:

(1)العصابة - بالكسر -: ما عصب به من منديل و نحوه.

الصداع - بالضمّ -: وجع الرأس. (المنجد).

يعني يستثنى من تحريم تغطية الرأس مواضع: منها عصام القربة، و منها عصابة الصداع، و منها: ما يستر من الرأس بوسيلة المتّكأ عند النوم.

(2)يعني و في صدق الستر اذا وضع يده على الرأس وجهان، الأول: صدق الستر لغة، الثاني: عدم صدقه عرفا، لأنّ وضع اليد على الرأس لا يصدق عليه الستر في العرف.

(3)فاعل قوله «قطع» مستتر يرجع الى العلاّمة رحمه اللّه، فإنّه قطع في التذكرة بجواز الستر باليد. و الضمير في «جوازه» يرجع الى ستر الرأس باليد.

(4)المراد من «الصحيحة» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس، و لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض. (الوسائل: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الإحرام ح 3).

(5)قوله «منابت» جمع منبت. يعني أنّ المراد من «الرأس» في المقام هو الذي ينبت شعر الرأس فيه حقيقة لو كان ذا شعر، و حكما لو كان غير ذي شعر، مثل أن يكون أصلع أو أقرع.

(6)فلو ستر الاذنين فلا تحريم لأنهما ليستا من الرأس.

ص: 262

تغطية الوجه أو بعضه للمرأة

(و) تغطية (الوجه) أو بعضه (للمرأة) (1)، و لا تصدق باليد كالرأس (2)، و لا بالنوم عليه (3)، و يستثنى من الوجه (4) ما يتمّ به ستر الرأس، لأنّ (5) مراعاة الستر أقوى، و حقّ الصلاة أسبق،(و يجوز لها سدل (6) القناع الى)

**********

شرح:

(1)التاسع عشر من المحرّمات على المحرم هو ستر المرأة وجهها أو بعض وجهها عند الإحرام.

(2)هذا تنظير في عدم صدق التغطية بوضع اليد على وجهها كما لا تصدق التغطية بوضع اليد على الرأس في الرجل.

(3)يعني و لا تصدق التغطية بالنوم على وجهها. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الوجه.

(4)يعني يستثنى من ستر الوجه مقدار يتمّ به ستر الرأس من حيث المقدّمة لستر الرأس.

(5)هذا تعليل بوجوب ستر مقدار من الوجه من باب المقدّمة لستر الرأس، فالاحتياط في ستر الرأس أقوى.

و لا يخفى أنّ في المقام يتعارض حكم ستر الرأس و كشف الوجه في مقدار من الوجه. فالحكم بوجوب ستر الرأس يقتضي مراعاة الاحتياط في ستر مقدار من الوجه من باب المقدّمة. و الحكم بوجوب كشف الوجه للمرأة المحرمة يقتضي كشف مقدار من الرأس احتياطا من باب المقدّمة، فعند التعارض يقدّم حكم الستر بوجهين:

الأول: رعاية حفظ الحجاب بقاعدة أولية يستفاد من أدلّة الحجاب.

الثاني: لتقدّم حقّ الصلاة التي يجب فيه ستر الرأس لوجوب الصلاة قبل الإحرام فيقدّم.

(6)السدل - من سدل الشعر و الثوب و الستر سدلا -: أرخاه و أرسله.

ص: 263

(طرف أنفها (1) بغير إصابة وجهها) على المشهور، و النصّ (2) خال من اعتبار عدم الإصابة، و معه (3) لا يختصّ بالأنف، بل يجوز الزيادة، و يتخيّر الخنثى بين وظيفة الرجل و المرأة، فتغطّي

**********

شرح:

(أقرب الموارد).

يعني يجوز إرخاء القناع الى آخر أنفها بشرط الفاصل بين القناع و الوجه.

القناع - بالكسر -: ما تقنّع به المرأة رأسها و هو أوسع من المقنع و المقنعة، يقال:

أغدفت المرأة قناعها، جمعه: أقناع و أقنعة. (أقرب الموارد).

(1)الضميران في قوله «أنفها» و «وجهها» يرجعان الى المرأة.

(2)المراد من النصّ الخالي من اعتبار عدم إصابة القناع وجه المرأة هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث: كره النقاب يعني للمرأة المحرمة، و قال: تسدل الثوب على وجهها، قلت: حدّ ذلك الى أين ؟ قال:

الى طرف الأنف قدر ما تبصر. (الوسائل: ج 9 ص 128 ب 48 من أبواب تروك الإحرام ح 2).

(3)الضمير في قوله «معه» يرجع الى عدم الإصابة. يعني فاذا لم يصب القناع الى الوجه و جاز إرخاؤه كذلك فلا مانع من إرخائه و سدله أزيد من طرف الأنف.

بل يستفاد من رواية اخرى سدل القناع الى الذقن، و هي المنقولة في الوسائل أيضا:

عن حريز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المحرمة تسدل الثوب على وجهها الى الذقن. (المصدر السابق: ح 6).

بل في اخرى الى النحر، و هي المنقولة في الوسائل أيضا:

عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المحرمة تسدل ثوبها الى نحرها. (المصدر السابق: ح 7).

ص: 264

الرأس (1) أو الوجه (2)، و لو جمعت بينهما (3) كفّرت.

النقاب

(و النقاب) (4) للمرأة، و خصّه (5) مع دخوله في تحريم تغطية الوجه تبعا للرواية، و إلاّ فهو (6) كالمستغنى عنه.

الحنّاء للزينة

(و الحنّاء (7) للزينة) لا للسنّة سواء

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الخنثى يجوز لها تغطية الرأس عملا بوظيفة المرأة، فإنّها يجب عليها ستر الرأس في الإحرام و غيره.

(2)أو تغطّي الخنثى الوجه عملا بوظيفة الرجل. و لا يخفى أنّ المراد من قوله «فتغطّي الوجه» ليس وجوب التغطية، بل المراد منه جوازه، لأنّ الرجل لا يجب عليه تغطية الوجه بل يجوز.

(3)الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى تغطية الوجه و الرأس. يعني لو تغطّي الخنثى رأسها و وجهها تجب عليها الكفّارة لعلمها بارتكاب المحرّم، إمّا من جهة تغطية الرأس أو من جهة تغطية الوجه.

(4)العشرون من المحرّمات على المحرم هو النقاب للمرأة عند إحرامها.

النقاب - بكسر النون -: القناع على مارن الأنف تستر به المرأة وجهها، جمعه:

نقب. (أقرب الموارد).

(5)الضمير في قوله «خصّه» يرجع الى النقاب. يعني اختصّ المصنّف رحمه اللّه ذكر النقاب بعد تحريم التغطية التي تشمل النقاب لتبعيّته بالرواية، و هي المنقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: المحرمة لا تتنقب لأنّ إحرام المرأة في وجهها و إحرام الرجل في رأسه.

(6)يعني لو لم تكن التبعية للرواية فذكر النقاب مستغنى عنه.

و الضمير في قوله «فهو» يرجع الى النقاب، و كذلك في قوله «عنه».

(7)الحادي و العشرون من المحرّمات على المحرم هو استعمال الحنّاء بقصد الزينة لا

ص: 265

الرجل (1) و المرأة، و المرجع فيهما (2) الى القصد، و كذا يحرم (3) قبل الإحرام اذا بقي أثره إليه، و المشهور فيه (4) الكراهة، و إن كان التحريم أولى.

(و التختّم (5) للزينة) لا للسنّة، و المرجع فيهما الى القصد أيضا.

لبس المرأة ما لم تعتدّه من الحلي

(و لبس المرأة ما لم تعتدّه (6) من الحلي،)

**********

شرح:

الاستحباب. يعني أنه لو استعمل المحرم الحنّاء بقصد استحبابه فلا يحرم عند الإحرام.

(1)يحرّم الحنّاء للمحرم سواء كان رجلا أو امرأة.

(2)أي المرجع في كونه للزينة التي يحرم و في كونه للسنّة التي لا يحرم الى قصد المحرم نفسه، فأيّ منهما قصد تبعه حكمه.

(3)يعني و كذا يحرم الحنّاء قبل الإحرام اذا علم ببقاء أثره الى حال الإحرام، فلا يجوز لمن يقصد الحجّ أن يستعمل الحنّاء الذي يبقى أثره الى زمان إحرامه.

و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى الإحرام.

(4)قال الشارح رحمه اللّه بأنّ المشهور بين الفقهاء في خصوص حناء المحرم هو الكراهة لا الحرمة، و إن كان الحكم بالتحريم أولى.

و دليل الأولوية إطلاق الروايات الناهية عن تزيين المحرمة، منها المنقولة في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: المحرمة لا تلبس الحلي و لا المصبغات إلاّ صبغا لا يردع. (الوسائل: ج 9 ص 131 ب 49 من أبواب تروك الإحرام ح 2).

(5)الثاني و العشرون من المحرّمات على المحرم هو جعل الخاتم في الاصبع بقصد الزينة لا بقصد السنّة، و المرجع فيهما لى القصدين أيضا كما في الحنّاء.

(6)الثالث و العشرون من المحرّمات هو أن تلبس المرأة ما لم تعتدّه من أسباب الزينة قبل الإحرام و لو لم تقصد الزينة.

ص: 266

(و إظهار (1) المعتاد) منه (للزوج) و غيره من المحارم، و كذا يحرم عليها لبسه (2) للزينة مطلقا، و القول بالتحريم كذلك (3) هو المشهور، و لا فدية له سوى الاستغفار.

لبس الخفّين للرجل

(و لبس الخفّين للرجل (4) و ما يستر ظهر قدميه) مع تسميته لبسا (5)، و الظاهر أنّ بعض الظهر كالجميع (6) إلاّ ما يتوقّف عليه لبس النعلين.

التظليل للرجل الصحيح سائرا

(و التظليل للرجل الصحيح سائرا) (7) فلا يحرم نازلا إجماعا، و لا

**********

شرح:

(1)الرابع و العشرون: أن تظهر المرأة أداة زينتها التي تعتادها لزوجها أو لغيره من المحارم قصدا بإظهار الزينة.

(2)يعني و كذا يحرم على المرأة المحرمة لبس الحلي بقصد الزينة بلا فرق بين كونه معتادا أو غير معتاد.

(3)قوله «كذلك» إشارة الى التفصيل المذكور. يعني أنّ القول بالتحريم المذكور هو المشهور بين الفقهاء، و كأنه إشارة الى عدم صراحة النصوص في تحريمه. و كفّارة لبس الحلي و إظهار المعتاد للزوج هو الاستغفار فقط لا غير.

و الضمير في قوله «لا فدية له» يرجع الى لبس الحلي.

(4)الخامس و العشرون و السادس و العشرون من المحرّمات على المحرم لبس الخفّين للرجل و لبس ما يستر ظهر قدميه، و لا مانع للمرأة من لبس الخفّين و ستر قدميها.

(5)كما اذا كان الساتر على ظهر قدميه مثل الجورب و أمثاله، لا اذا ستر بوضع شيء عليهما أو بجعل الطين و الحنّاء أو بجعلهما تحته عند الجلوس فلا مانع من ذلك كلّه لعدم تسمية ذلك لبسا.

(6)يعني كما يحرم ستر جميع قدميه كذلك يحرم ستر بعض منهما، إلاّ بمقدار ما يتوقّف لبس النعلين عليه، كما في بعض الأنعل الذي لا يمكن لبسه إلاّ به.

(7)السابع و العشرون من المحرّمات جعل الرجل الصحيح سائرا ما يظلّ على

ص: 267

ماشيا إذا مرّ تحت المحمل (1) و نحوه، و المعتبر منه (2) ما كان فوق رأسه، فلا يحرم الكون في ظلّ المحمل عند ميل الشمس الى أحد جانبيه (3). و احترز بالرجل (4) عن المرأة و الصبي فيجوز لهما الظلّ اتفاقا، و بالصحيح (5) عن العليل، و من لا يتحمّل الحرّ و البرد بحيث يشقّ عليه بما لا يتحمّل عادة، فيجوز له (6) الظلّ لكن تجب الفدية.

**********

شرح:

رأسه، ففيه ثلاثة قيود:

1 - الرجل، فلا مانع من التظليل للمرأة.

2 - الصحيح، فلا مانع من تظليل المريض.

3 - كونه سائرا، فلا مانع من التظليل عند الجلوس و النزول.

(1)فالتظليل عند السير من المحمل أو الجدار لا مانع منه، فإنّ التظليل الجانبي ليس بمحرّم، بل المانع منه هو التظليل من فوق الرأس.

(2)أي المعتبر من التحريم هو الظلّ الذي كان فوق رأس المحرم.

(3)الضمير في قوله «جانبيه» يرجع الى المحمل. يعني لا يحرم أن يكون المحرم عند السير في ظلّ المحمل اذا مالت الشمس في أحد جانبي المحمل، بأن يمشي في ظلّ طرف مغرب المحمل و الشمس في طرف المشرق منه، أو أن يمشي في طرف مشرق المحمل اذا كانت الشمس في طرف المغرب منه.

(4)أي احترز المصنّف رحمه اللّه بقوله «و التظليل للرجل» عن تحريم تظليل المرأة و الصبي، فجواز تظليلهما اتّفاقي و إجماعي بين الفقهاء.

(5)أي احترز المصنّف رحمه اللّه بقوله «للرجل الصحيح» عن الذي كان مريضا بحيث لا يتحمّل الحرارة عادة، و ذكر البرد لبيان مطلق حال المريض، لا أنّ التظليل يوجب حصول البرودة غير القابلة للتحمّل.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع الى العليل. يعني يجوز له التظليل لكن تجب عليه الفدية.

ص: 268

لبس السلاح اختيارا

(و لبس السلاح اختيارا) (1) في المشهور و إن ضعف دليله (2)، و مع الحاجة إليه (3) يباح قطعا، و لا فدية فيه مطلقا.

قطع شجر الحرم و حشيشه

(و قطع شجر الحرم (4) و حشيشه)

**********

شرح:

(1)الثامن و العشرون من المحرّمات على المحرم لبس السلاح في حال الاختيار، لا في حال القتال أو الدفاع عن نفسه، فيجوز حينئذ عند الحاجة إليه.

السلاح - بالكسر -: اسم جامع لآلة الحرب يذكّر و يؤنّث. (أقرب الموارد).

(2)أمّا دليل حرمة السلاح للمحرم فمن مفهوم الروايات المنقولة في الوسائل:

منها: عن عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: (إنّ - خ ل) المحرم اذا خاف العدوّ (و - خ ل) يلبس السلاح فلا كفّارة عليه. (الوسائل: ج 9 ص 137 ب 54 من أبواب تروك الإحرام ح 1).

و منها: عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: أ يحمل السلاح المحرم ؟ قال: اذا خاف المحرم عدوّا أو سرقا فليلبس السلاح. (المصدر السابق: ح 2).

و منها: عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد عن مثنّى عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا بأس بأن يحرم الرجل و عليه سلاحه اذا خاف العدوّ. (المصدر السابق: ح 4).

و وجه الضعف في الرواية الثالثة بالخصوص هو وجود سهل بن زياد في سنده الذي ضعّفوه في الرجال. و دلالة الروايات الثلاث بحرمة حمل السلاح للمحرم بالمفهوم لا بالمنطوق، و الحال أنّ المفهوم ضعيف.

(3)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى السلاح. يعني أنّ المحرم لو احتاج الى السلاح جاز له قطعا.

قوله «مطلقا» إشارة بأنّ لبس السلاح لا تجب فيه الكفّارة بلا فرق بين أن يلبسه عند الاحتياج أو عند الاختيار.

(4)التاسع و العشرون من المحرّمات على المحرم هو قطع أشجار الحرم و قطع

ص: 269

الأخضرين (1)(إلاّ الإذخر (2) و ما ينبت (3) في ملكه، و عودي (4) المحالة) بالفتح و هي (5) البكرة (6) الكبيرة التي يستقى

**********

شرح:

حشيشه لو كانا أخضرين، فلو لم يكونا كذلك فهما خارجان عن الحكم.

و قد استثنى المصنّف رحمه اللّه من تحريم قطع الشجر و الحشيش أربعة مواضع:

الأول: قطع الإذخر، و الذي سنوضحه قريبا.

الثاني: ما ينبت في ملك الحرم.

الثالث: قطع عودي المحالة، و الذي سنوضحه أيضا.

الرابع: قطع أشجار الفواكه.

(1)قوله «الأخضرين» صفة للشجر و الحشيش.

(2)الإذخر: الحشيش الأخضر، و نبات طيّب الرائحة، الواحدة: إذخرة، و جمعه:

أذاخر. (أقرب الموارد).

و هذا هو الموضع الأول من المواضع المستثناة.

(3)قوله «ينبت» بصيغة المعلوم. يعني كلّ شجر أو حشيش ينبت في ملك الحرم يجوز له قطعه.

و هذا هو الموضع الثاني من موارد المستثناة.

(4)عطف على قوله «الإذخر». يعني يستثنى من التحريم قطع عودي المحالة، فإنّ المحالة التي هي البكرة الكبيرة تجعل على الخشبتين المجعولتين على الأرض.

و قوله «عودي» تثنية سقطت النون بالإضافة.

و الحاصل: أنّ العودين اللذين ينصبان على الأرض و تجعل المحالة عليهما ليستقى بها يجوز قطعهما للمحرم، و لعلّ الحكمة هي عموم الحاجة.

(5)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى المحالة - بفتح الميم -.

(6)البكرة - بسكون الكاف أو بفتح الباء و الكاف و الراء -: خشبة مستديرة في وسطها محزّ يستقى عليها، جمعها: بكر، و بكرات. (أقرب الموارد).

ص: 270

بها (1) على الإبل، قاله الجوهري. و في تعدّي الحكم (2) الى مطلق البكرة نظر، من ورودها (3) لغة مخصوصة، و كون (4) الحكم على خلاف الأصل (5) (و شجر (6) الفواكه)، و يحرم ذلك (7) على المحلّ أيضا، و لذا لم يذكره في الدروس من محرّمات الإحرام.

قتل هوامّ الجسد

(و قتل هوامّ الجسد) (8) بالتشديد جمع

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المحالة تعلّق على الإبل و يستقى بها، و تسمّى الإبل بالناضح.

(2)المراد من «الحكم» هو جواز قطع عودي البكرة للمحرم. يعني هل يسري حكم الجواز بقطع عودي مطلق البكرة حتّى الصغيرة التي لا تحتاج الى الإبل بل يستقى بها بوسيلة اليد أم يختصّ بها؟ فيه وجهان:

الأول: عدم الجواز، لأنه يختصّ بقطع عودي المحالة التي هي لغة مخصوصة.

الثاني: كون الحرمة على خلاف الأصل، فاذا شكّ في التحريم تجري أصالة الإباحة.

(3)هذا دليل على عدم جواز قطع عودي مطلق البكرة.

(4)هذا دليل على جواز قطع عودي مطلق البكرة.

(5)المراد من «الأصل» هو أصالة الإباحة، فإنّ حرمة قطع الأشجار و الحشيش على خلاف هذا الأصل، فاذا شكّ في موضع يحكم بأصالة الإباحة.

(6)عطف على قوله «الإذخر».

هذا هو الرابع من المواضع المستثناة، فإنّ قطع أشجار الفواكه للمحرم ليس بحرام.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو قطع شجر الحرم و حشيشه، فإن المحلّ أيضا لا يجوز له قطعهما، فإنّ ذلك من محرّمات الحرم لا المحرم.

(8)الثلاثون من المحرّمات على المحرم هو قتل هوامّ البدن، و ذكر لهوامّ البدن مصداقين.

ص: 271

هامّة (1)، و هي دوابّه (2) كالقمل (3) و القراد (4)، و في إلحاق البرغوث (5) بها قولان، أجودهما العدم (6). و لا فرق بين قتله (7) مباشرة و تسبيبا كوضع دواء يقتله،(و يجوز نقله) (8) من مكان الى آخر من جسده، و ظاهر

**********

شرح:

(1)كما أنّ الخواصّ جمع خاصّة، و العوامّ - بتشديد الميم - جمع عامّة.

(2)دوابّ - جمع مفرده: الدابّ -: ما دبّ من الحيوان، و غلب على ما يركب و يحمل عليه الأحمال، و يقع على المذكّر، و الهاء فيها للوحدة. (أقرب الموارد).

(3)القمل - بفتح القاف و سكون الميم -: حيوان تتولّد من الوسخ و العرق في بدن الانسان.

(4)القراد - بضمّ القاف -: دويبة تتعلّق بالبعير و نحوه و هما كالقمل للإنسان، الواحدة: القرادة، جمعها: قردان. (أقرب الموارد).

(5)البرغوث - بضمّ الباء و الغين و سكون الراء -: ضرب من صغار الهوامّ ، عضوض، شديد الوثب في صورة الفيل، جمعه: براغيث. (أقرب الموارد).

(6)يعني أنّ أجود القولين في خصوص البرغوث عدم إلحاقه بهوامّ الجسد، فيجوز للمحرم قتل البرغوث.

أقول: و إنّي ما فهمت وجه القول بأنّ أجود القولين هو عدم اللحوق، بل اللغة تدلّ على كون البرغوث من صغار الهوامّ .

(7)الضمير في قوله «قتله» يرجع الى الهوامّ ، و التذكير باعتبار اللفظ . يعني لا فرق في تحريم قتل الهوامّ بالمباشرة أو بالتسبيب، و قد مثّل التسبيب بقوله «كوضع دواء يقتله».

(8)بأن ينقل الهوامّ من رأسه الى كتفه مثلا بلا فرق بين كون المكان المنقول إليه أحفظ له أو مساويا.

ص: 272

النصّ (1) و الفتوى عدم اختصاص المنقول إليه بكونه مساويا للأول، أو أحرز. نعم لا يكفي (2) ما يكون معرضا لسقوطه قطعا، أو غالبا.

**********

شرح:

(1)المراد من «النصّ » الدالّ على جواز النقل هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: المحرم يلقى عنه الدوابّ كلّها إلاّ القملة فإنّها من جسده، و إن أراد أن يحوّل قملة من مكان الى مكان فلا يضرّه. (الوسائل: ج 9 ص 163 ب 78 من أبواب تروك الإحرام ح 5).

فالرواية تدلّ على جواز النقل بلا تقييد كون المنقول إليه أحرز من المكان الأول.

(2)أي لا يكفي في جواز النقل ما يكون الهوامّ في معرض السقوط بالقطع أو الأغلب، لأنّ نقله كذلك في حكم الإتلاف.

و الحاصل: إنّ المحرّمات التي ينبغي للمحرم أن يجتنبها ثلاثون كما قالها المصنّف رحمه اللّه، و هي:

1 - صيد البرّ.

2 - الاستمتاع من النساء.

3 - الاستمناء.

4 - لبس المخيط .

5 - عقد الرداء.

6 - مطلق الطيب.

7 - القيض على كريه الرائحة.

8 - الاكتحال بالسواد و المطيب.

9 - الادّهان بمطيب و غيره.

10 - الجدال.

11 - الفسوق (الكذب).

12 - السباب.

13 - النظر في المرآة.

14 - إخراج الدم اختيارا.

15 - قلع الضرس.

16 - قصّ الظفر.

17 - إزالة الشعر.

18 - تغطية الرأس للرجل.

19 - تغطية الوجه للمرأة.

20 - النقاب للمرأة.

ص: 273

القول في الطواف

اشارة

(القول في الطواف) (1)

شرط الطواف أمور
يشترط فيه رفع الحدث و الخبث

(و يشترط فيه رفع الحدث) مقتضاه عدم صحّته (2) من المستحاضة و المتيمّم، لعدم إمكان رفعه في حقّهما و إن استباحا (3) العبادة بالطهارة.

و في الدروس أنّ الأصحّ (4) الاجتزاء بطهارة المستحاضة و المتيمّم مع

**********

شرح:

21-استعمال الحنّاء للزينة.

22 - التختّم للزينة.

23 - لبس المرأة ما لم تعتدّه من الحلي.

24 - إظهار المرأة المعتاد من الحلي لزوجها بقصد الزينة.

25 - لبس الخفّين للرجل.

26 - لبس ما يستر ظهر قدمي الرجل.

27 - التظليل للرجل الصحيح سائرا.

28 - لبس السلاح اختيارا.

29 - قطع شجر الحرم و حشيشه.

30 - قتل هوامّ الجسد.

الطواف شرائط صحّة الطواف:

(1)أي الكلام في أحكام الطواف، فإنّ من شرائط صحّته رفع الحدث.

الطواف: من طاف حول الشيء و بالشيء، يطوف طوفا و طوافا و طوفانا، و هو مصدر، و شرعا: الدوران حول البيت الحرام. (أقرب الموارد).

(2)أي مقتضى اشتراط رفع الحدث عدم صحّة الطواف من المرأة المستحاضة أو الشخص الذي يتيمّم، لأنّ الحدث لا يرتفع عنهما.

(3)فاعل قوله «استباحا» هو ضمير التثنية الراجع الى المستحاضة و المتيمّم، فإنّهما يأتيان الصلاة بالغسل و التيمّم، لكنّ الحدث باقي عليهما.

(4)أي ذهب المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بجواز طواف المستحاضة و المتيمّم اكتفاء بالغسل و التيمّم.

ص: 274

تعذّر المائية (1) و هو المعتمد (2)، و الحكم (3) مختصّ بالواجب، أمّا المندوب فالأقوى عدم اشتراطه بالطهارة و إن كان أكمل، و به (4) صرّح المصنّف في غير الكتاب.

(و) رفع (الخبث) (5)، و إطلاقه (6) أيضا يقتضي عدم الفرق بين ما يعفى عنه في الصلاة و غيره، و هو (7) يتمّ على قول من منع من إدخال مطلق

**********

شرح:

(1)هذا قيد لقوله «و المتيمّم». يعني يجوز الاكتفاء بالتيمّم عند تعذّر الماء.

قوله «المائية» صفة لموصوف مقدّر و هو الطهارة.

(2)أي القول بالاجتزاء معتمد للشارح رحمه اللّه.

(3)المراد من «الحكم» هو اشتراط رفع الحدث في صحّة الطواف، فإنّ الحكم يختصّ بالطواف الواجب، لكنّ المندوب أنّ الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه هو عدم اشتراطه برفع الحدث، بل يصحّ الطواف المندوب بلا طهارة من الحدث، لكنّ الطواف بالطهارة أكمل و أفضل من الطواف بغير الطهارة.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى اختصاص الحكم بالطواف الواجب. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه صرّح بجواز طواف المندوب بلا طهارة في غير اللمعة، لكنّه في هذا الكتاب أطلق اشتراط رفع الحدث بقوله «و يشترط فيه رفع الحدث».

(5)بالكسر، عطفا على قوله «الحدث». يعني الثاني من شرائط الطواف هو رفع الخبث، فلو كان اللباس أو البدن نجسا لا يصحّ الطواف فيهما.

(6)أي إطلاق الخبث في اشتراطه للطواف يقتضي عدم الفرق بين النجاسة المعفوّة عنه مثل الدم القليل من درهم بغلي في الصلاة و غيره.

قوله «أيضا» إشارة بإطلاق عبارته في خصوص الحدث الذي استفيد منه الحكم بعدم صحّة طواف المندوب بلا طهارة.

(7)الضمير يرجع الى عدم الفرق. يعني أنّ ذلك يتمّ بناء على القول بعدم جواز

ص: 275

النجاسة المسجد ليكون منهيّا عن العبادة به (1)، و مختار (2) المصنّف تحريم الملوّثة خاصّة فليكن هنا كذلك، و ظاهر الدروس القطع به (3)

**********

شرح:

إدخال مطلق النجاسة المسجد، فاذا خالف النهي و أدخل النجاسة في الطواف كان من قبيل النهي الوارد في العبادة الموجب لفسادها.

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى الإدخال. يعني أنّ إدخال النجاسة يكون سببا لكون الطواف منهيّا. و الباء في «به» للسببية.

توضيح: قالوا في الاصول بأنّ الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه أم لا؟ كما عن المرحوم الآخوند الخراساني.

قال رحمه اللّه في مقدّمات البحث: الاقتضاء أعمّ من أن يكون بنحو العينية أو الجزئية أو اللزوم (الى قوله:) إنّ المراد بالضدّ هاهنا هو مطلق المعاند و المنافي وجوديا كان أو عدميا. (كفاية الاصول: ص 162).

فاذا ورد أمر من الشارع بإزالة النجاسة عن المسجد بقوله «أزل النجاسة عن المسجد» فنفس هذا الأمر يقتضي النهي عن ضدّ المأمور به و هو الصلاة في المسجد، فكان «أزل النجاسة» بمعنى لا تصلّ في المسجد، فلو صلّى فيه تكون صلاته منهية و فاسدة.

ففي المقام: اذا أدخل الثوب النجس في المسجد الحرام صدر الأمر من الشارع بإزالة النجاسة عن المسجد، و هو يقتضي النهي عن ضدّه و هو الطواف، فيكون الطواف منهيا، و النهي في العبادة يوجب الفساد فيبطل طوافه.

(2)هذا إيراد على المصنّف رحمه اللّه بأنّ مبناه تحريم إدخال النجاسة الملوّثة و المسرية في المسجد لا مطلقا، فعلى مبناه هذا ينبغي أن يحكم بصحّة الطواف مع النجاسة الغير المسرية القليلة من مقدار الدرهم البغلي كما في الصلاة.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى عدم الفرق بين المعفوّ في الصلاة و غيره.

ص: 276

و هو (1) حسن، بل قيل بالعفو عن النجاسة هنا (2) مطلقا.

يشترط فيه الختان في الرجل

(و الختان في الرجل) (3) مع

**********

شرح:

أمّا عبارة الدروس فيقول رحمه اللّه: و في العفو عمّا يعفى عنه في الصلاة نظر، و قطع ابن إدريس و الفاضل بعدمه، و التوقّف فيه لا وجه له. (الدروس: ج 1 ص 392).

يعني أنّ التوقّف في العفو لا وجه له بل يحكم بعدم عفو نجاسة يعفى في الصلاة، كما قطعا بعدم العفو ابن إدريس و الفاضل المقداد رحمهما اللّه.

هذا ما استفاد من عبارة الدروس بعض المعاصرين حفظه اللّه تعالى.

أقول: إنّ الضمير في «به» من قوله «و ظاهر الدروس القطع به» يرجع الى تحريم الملوّثة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قطع في كتابه الدروس بتحريم ذلك لا مطلقا.

و المستفاد من عبارة الدروس أيضا هذا المعنى كما في قوله «و التوقّف فيه لا وجه له». يعني أنّ التوقّف في العفو لا وجه له.

و الحاصل: أنّ ما استفدت من عبارته هو جواز الطواف في النجاسة المعفوّ عنه في الصلاة، و استحسنه الشارح بقوله «و هو حسن».

و يشهد ما ذكرنا قوله «بل قيل بالعفو عن النجاسة هنا مطلقا».

فإنّ حرف «بل» للترقّي من القول بجواز الطواف بالنجاسة المعفوّ عنها في الصلاة بالقول بجواز الطواف في مطلق النجاسة و لو كانت غير معفوّة عنها في الصلاة.

(1)الضمير يرجع الى تحريم الملوّثة. يعني أنّ القول بذلك حسن لا القول بتحريم المعفوّ عنه.

(2)يعني قال بعض الفقهاء بجواز الطواف بالنجاسة المعفوّة في الصلاة و غيرها.

من حواشي الكتاب: ذهب ابن الجنيد و ابن حمزة الى كراهة الطواف في الثوب النجس سواء كانت النجاسة معفوّا عنها أم لا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(3)الثالث من شرائط الطواف الختان في الرجل مع الإمكان كما سيوضحه.

ص: 277

إمكانه (1)، فلو تعذّر و ضاق وقته سقط ، و لا يعتبر في (2) المرأة، و أمّا الخنثى فظاهر العبارة (3) عدم اشتراطه في حقّه، و اعتباره (4) قويّ لعموم النصّ ، إلاّ ما أجمع (5) على خروجه، و كذا القول (6) في الصبي و إن لم يكن (7) مكلّفا

**********

شرح:

الختان - بكسر الخاء -: الاسم من ختن الصبي، ختن الشيء ختنا: قطعه، ختن الصبي: قطع قلفته، فهو خاتن، و ذلك ختين و مختون. (أقرب الموارد، المنجد).

(1)الضميران في قوله «إمكانه» و «وقته» يرجعان الى الختان. يعني لو ضاق وقت الختان - كما اذا كان الختان مانعا من إدراك وقوف عرفات سقط .

(2)أي لا يعتبر الختان في طواف المرأة و لو كان ختانها مستحبّ كما سيأتي في كتاب النكاح في قوله رحمه اللّه «و يستحبّ خفض النساء».

(3)أي أنّ ظاهر قوله «و الختان في الرجل» هو اختصاص اشتراط الختان للرجل، فلا يشمل الخنثى.

(4)أي اعتبار الختان في الخنثى قويّ لعموم النصّ . و المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الأغلف لا يطوف بالبيت و لا بأس أن تطوف المرأة. (الوسائل: ج 9 ص 369 ب 33 من أبواب مقدّمات الطواف ح 1).

فإنّ الرواية تدلّ على عموم اشتراط الختان في الطواف إلاّ في المرأة فتشمل الخنثى أيضا.

(5)و ما أجمع على خروجه عن عموم اشتراط الختان هو المرأة، كما في الرواية فقد استثناها.

(6)أي و كذا القول باشتراط الختان في طواف الصبي قويّ لعموم النصّ المذكور.

(7)يعني أنّ الصبي و إن لم يكن مكلّفا بأصل الطواف لكنّه اذا طاف لا يصحّ طوافه إلاّ بختانه.

ص: 278

كالطهارة (1) بالنسبة الى صلاته.

يشترط فيه ستر العورة

(و ستر العورة) (2) التي يجب سترها في الصلاة و يختلف بحسب حال الطائف (3) في الذكورة و الانوثة.

واجب الطواف أمور
النية

(و واجبه: النية) (4) المشتملة على

**********

شرح:

(1)يعني كما أنّ الوضوء شرط في صحّة صلاة الصبي و إن لم يكن مكلّفا بأصل الصلاة فكذلك القول بالنسبة الى الختان.

و الضمير في قوله «الى صلاته» يرجع الى الصبي.

(2)الرابع من شرائط الطواف هو ستر العورة التي يجب سترها في حال الصلاة.

العورة: كلّ مكمن للستر، و كلّ أمر يستحى منه، و كلّ أمر يستره الانسان من أعضائه أنفة و حياء عن كشفه، جمعه: عورات بسكون الواو و فتحه.

(أقرب الموارد، المنجد). و المراد هنا هو الأعضاء التي يجب سترها عند الصلاة.

(3)فلو كان الطائف انثى وجب عليه ستر جميع أعضائه كما في الصلاة إلاّ الوجه و الكفّين، و لو كان الطائف ذكرا وجب عليه ستر القبل و الدبر فقط كما في صلاته أيضا.

واجبات الطواف:

(4)الأول من واجبات الطواف هو النية، و يشترط فيها امور أربعة:

الأول: قصد النسك المعيّن بأنه حجّ أو عمرة، حجّ إسلامي أو حجّ منذور، حجّ تمتّع أو حجّ قران أو إفراد.

الثاني: قصد الوجه بمعنى أن يقصد عنوان النسك من وجوب أو ندب.

الثالث: قصد القربة، بأن يأتي النسك لكونه مقرّبا الى اللّه تعالى.

الرابع: التقارن بين النية و أول الحركة للشوط .

ص: 279

قصده (1) في النسك المعيّن من حجّ أو عمرة، إسلامي أو غيره، تمتّع أو أحد قسيميه (2)، و الوجه (3) على ما مرّ، و القربة (4) و المقارنة (5) للحركة في الجزء الأول من الشوط (6).

البداءة بالحجر الأسود

(و البداءة (7) بالحجر الأسود) بأن يكون أول

**********

شرح:

و خلاصة النية: أطوف لعمرة التمتّع الواجب (مثلا) قربة الى اللّه تعالى. و كذلك في غيرها.

و الضمير في قوله «و واجبه» يرجع الى الطواف.

(1)الضمير في قوله «قصده» يرجع الى الطائف. يعني المشتملة على قصد الطائف في... الخ.

(2)أي الإفراد أو القران.

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «على قصده». يعني المشتملة على الوجه.

و قوله «على ما مرّ» إشارة الى اختلاف الفقهاء في وجوب قصد الوجه كما مرّ في باب الطهارة و الصلاة.

(4)هذا أيضا بالجرّ، عطفا على قوله «على قصده».

(5)هذا أيضا عطف على «قصده». يعني أنّ النية تجب اشتمالها بهذه الأربعة كما أوضحناه آنفا.

(6)الشوط : الجري مرّة الى الغاية، جمعه: أشواط . (أقرب الموارد).

طاف ثلاثة أشواط ، كلّ مرّة من الحجر الى الحجر شوط . (المصباح المنير).

و لا يخفى أنّ الأشواط السبعة طواف واحد.

(7)الثاني من واجبات الطواف هو شروعه من الحجر الأسود بحيث يكون أول جزء من بدن الطائف في مقابل أول جزء من الحجر الأسود، مثلا طرف الأنف أو رأس إصبع الرجل في بعض الأشخاص أو البطن في البعض الآخر الذي يعدّ مقدّم الأعضاء له يحاذي أول الجزء من الحجر الأسود ليمرّ تمام الأعضاء على الحجر.

ص: 280

جزء من بدنه بإزاء أول جزء منه (1) حتّى يمرّ (2) عليه كلّه و لو ظنّا، و الأفضل استقباله (3) حال النية بوجهه للتأسّي، ثمّ يأخذ (4) في الحركة على اليسار عقيب النية، و لو جعله (5) على يساره ابتداء جاز مع عدم

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الحجر.

(2)فاعل قوله «يمرّ» مستتر يرجع الى البدن. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الحجر. و قوله «كلّه» بالضمّ تأكيد للبدن، فيكون معنى العبارة: حتّى يمرّ البدن كلّه على الحجر.

و يحتمل كون لفظ «كلّه» بالكسر ليكون تأكيدا للحجر. فالمعنى: ليمرّ البدن على الحجر كلّه.

و لا يحتاج في ذلك الى تحصيل العلم بل يكفي الظنّ بمرور تمام البدن على تمام الحجر الأسود، لأنّ اشتراط العلم يوجب العسر.

(3)الضمير في قوله «استقباله» يرجع الى الحجر. يعني أنّ الأفضل أن يواجه الحجر عند النية للتأسّي بالنبي صلّى اللّه عليه و آله، كما نقل ذلك في الوسائل:

عن إبراهيم بن عيسى عن أبيه عن أبي الحسن عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طاف بالكعبة حتّى اذا بلغ الى الركن اليماني رفع رأسه الى الكعبة ثمّ قال: الحمد للّه الذي شرّفك و عظّمك، و الحمد للّه الذي بعثني نبيّا و جعل عليّا إماما، اللّهمّ اهد له خيار خلقك و جنّبه شرار خلقك. (الوسائل: ج 9 ص 401 ب 12 من أبواب الطواف ح 5).

(4)أي يشرع الحركة الى طرف اليسار بحيث تقع الكعبة في يساره بعد النية بلا فصل.

(5)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى الحجر. يعني لو جعل الحجر في يساره من الابتداء بلا توجّه إليه جاز بشرط عدم وجود التقية.

ص: 281

التقية، و إلاّ فلا (1)، و النصوص (2) مصرّحة باستحباب الاستقبال، و كذا (3) جمع من الأصحاب،(و الختم به) (4) بأن يحاذيه في آخر شوطه، كما ابتدأ أولا ليكمل الشوط من غير زيادة (5) و لا نقصان.

جعل البيت على يساره

(و جعل البيت على يساره) (6) حال الطواف، فلو استقبله بوجهه أو ظهره أو جعله (7) على يمينه و لو في

**********

شرح:

و لا يخفى أنّ العامّة تقول بوجوب استقبال الحجر الأسود عند النية، لكن الإمامية تقول باستحبابه على المشهور.

(1)يعني لو احتاج الى التقية بأن خاف على بدنه أو عرضه أو ماله لو أظهر المخالفة للعامّة فلا يجوز له أن ينوي بغير جهة الحجر.

(2)إنّ النصوص المصرّحة باستحباب استقبال الحجر عند النية منقولة في كتاب الوسائل (ج 9 ص 400-408 باب 12 و 15 من أبواب الطواف) فراجع و استفد.

(3)يعني و كذا جمع من الأصحاب صرّحوا باستحباب استقبال الحجر عند النية.

(4)عطف على قوله «البداءة بالحجر». يعني يجب ختم الطواف أيضا بالحجر الأسود بنحو أن يحاذي أول جزء من بدنه لأول جزء من الحجر الأسود كما ابتدأ عند الشروع.

(5)فإنّ الشوط كما لا يجوز نقصانه كذلك لا يجوز زيادته، مثل الصلاة التي توجب الزيادة و النقيصة فيها بطلانها.

(6)الثالث من واجبات الطواف هو أن يجعل البيت على يساره في جميع أشواط الطواف، فلو حوّل وجهه الى البيت أو استدبره بظهره أو جعل يمينه إليه بطل طوافه و لو في خطوة من الطواف.

(7)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى البيت، و في «يمينه» يرجع الى الطائف. يعني لو جعل البيت على يمين الطائف بأن يطوف بعكس المشروع و المتعارف و لو في خطوة بطل الطواف.

ص: 282

خطوة (1) منه بطل.

الطواف بين البيت و بين المقام

(و الطواف (2) بينه و بين المقام حيث هو الآن، مراعيا لتلك النسبة (3))

**********

شرح:

(1)الجملة متعلّقة بكلّ من الحالات الثلاث المذكورة. و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الطواف. يعني أنّ الحالات المذكورة و لو في خطوة من الطواف توجب بطلان الطواف.

(2)الرابع من واجبات الطواف هو أن يطوف في مقدار ما بين البيت و بين مقام إبراهيم عليه السّلام الذي هو الآن موجود.

(3)يعني يجب رعاية النسبة بين المقام و البيت في جميع جوانب البيت.

توضيح: اعلم أنّ الفاصل بين المقام و البيت هو مقدار ستة و عشرين ذراعا تقريبا، و هو ما يعادل ثلاثة عشر مترا، إلاّ في الجانب الذي فيه حجر إسماعيل فالفاصل المذكور يراعى من الحجر، و طول الحجر الى البيت عشرون ذراعا و هو ما يعادل عشرة أمتار فتكون الفاصلة بين البيت و المطاف من جانب الحجر ستة و أربعين ذراعا و هي ما تعادل 23 مترا.

و الحاصل: إنّ المطاف في جميع الجهات يكون 13 مترا، و في جانب الحجر 23 مترا.

و لا يخفى أنّ حجر إسماعيل وقع بين الركنين الشامي و الغربي بشكل بيضوي، فبناء على هذا يكون المطاف تقريبا بيضويا لا مدوّرا.

و احتمل البعض بوجوب رعاية المسافة 26 عن جميع الجهات حتّى من جانب الحجر أيضا، فبناء على ذلك يكون المطاف فيه ستة أذرع لأنّ المسافة بين البيت و داخل الحجر بشكل بيضوي عشرون ذراعا، فيكون المطاف على شكل دائري لا بيضوي.

من حواشي الكتاب: الأحوط أن لا يبعد من ستة أذرع من خارج الحجر،

ص: 283

من جميع الجهات، فلو خرج عنها (1) و لو قليلا بطل، و تحتسب المسافة (2) من جهة الحجر من خارجه و إن جعلناه (3) خارجا من البيت. و الظاهر أنّ المراد بالمقام (4) نفس الصخرة، لا ما

**********

شرح:

و داخله بقدر عشرين، و الجميع ستّ و عشرون ذراعا من الأطراف الأربعة تقريبا. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى النسبة. يعني لو خرج عن المطاف المذكور و لو قليلا بطل طوافه.

(2)أي المسافة التي بين المقام و البيت، و هي ستة و عشرون ذراعا، يراعى من خارج حجر إسماعيل.

و الضمير في قوله «خارجه» يرجع الى الحجر.

(3)يعني أنّ المطاف المذكور يراعى من خارج حجر إسماعيل و لو قلنا بكونه خارجا من البيت.

(4)المقام: موضع القدمين، و المنزلة. مقام إبراهيم عليه السّلام قيل: هو الحجر الذي فيه أثر قدميه في الكعبة. (أقرب الموارد).

من حواشي الكتاب: قوله «و الطواف بينه و بين المقام حيث هو الآن... الخ» قال في المسالك: الأصل في المقام هو العمود من الصخرة التي كان إبراهيم عليه السّلام يقف عليه حين بنائه البيت، و أثر قدميه فيه الى الآن، و قد كان في زمن إبراهيم عليه السّلام ملاصقا للبيت بحذاء الموضع الذي هو الآن، ثمّ نقله الناس الى موضعه الآن، فلمّا بعث النبي صلّى اللّه عليه و آله ردّه الى الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم عليه السّلام، فما زال فيه حتّى قبض صلّى اللّه عليه و آله و كذلك في زمن الأول و بعض من زمن الثاني، ثمّ ردّه بعد ذلك الى الموضع الذي هو فيه الآن، روى ذلك كلّه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ثمّ بعد ذلك بنوا له بناء، و أطلقوا اسم المقام

ص: 284

عليه (1) من البناء، ترجيحا (2) للاستعمال الشرعي على العرفي لو ثبت.

إدخال الحجر في الطواف

(و إدخال (3) الحجر في الطواف للتأسّي (4) و الأمر به)، لا لكونه من

**********

شرح:

على ذلك البناء بسبب المجاورة، حتّى صار إطلاقه عليه كأنه حقيقة عرفية. و قد احترز بقوله «الآن» عن الصلاة في موضعه القديم، فإنّها غير مجزية، و هو مصرّح به في النصوص. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المقام. يعني أنّ المراد من المقام حسب الظاهر هو نفس الصخرة لا البناء الذي بنوه و جعلوا الصخرة في داخل البناء في طرف مخصوص، فعلى ذلك يزيد بالمطاف تقريبا ذراعان.

(2)تعليل لكون المراد من المقام هو نفس الصخرة لا البناء الذي هو عليها، بأنّ المقام استعمل في نفس الصخرة شرعا، و أيضا استعمل في البناء عليها عرفا بعلاقة المجاورة، فيقدّم الاستعمال الشرعي على الاستعمال العرفي.

و فاعل قوله «لو ثبت» مستتر يرجع الى الشرعي. يعني لو ثبت الاستعمال الشرعي، و الحال أنّ الاستعمال الشرعي - بأنّ المقام في نفس البناء لا في الصخرة - لم يكن مسلّما، لأنّ الروايات مطلقة لم يفهم منها كون المراد من المقام هو البناء أو نفس الصخرة، و أنّ الفقهاء أطلقوا المقام كثيرا على البناء الموجود.

(3)الخامس من واجبات الطواف هو إدخال حجر إسماعيل عليه السّلام في الطواف.

(4)هذا تعليل لوجوب إدخال حجر إسماعيل في الطواف، بأنّ ذلك لا لكون الحجر جزء من البيت و لا لكون بعض حجر إسماعيل من البيت، لأنّ الروايات واردة في عدم كونه من البيت لا كلاّ و لا جزء، بل الإدخال للتأسّي و الأمر به، كما في الرواية، و أنّ مضمون الرواية دالّة برعاية احترام مدفن الأنبياء و أمّ إسماعيل لئلا يطأها الطائفون عند طوافهم.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى إدخال الحجر، و في قوله «لا لكونه» يرجع الى الحجر.

ص: 285

البيت، بل قد روي (1) أنه ليس منه، أو أنّ (2) بعضه منه، و أمّا الخروج عن شيء آخر (3) خارج الحجر فلا يشرع إجماعا.

خروجه بجميع بدنه عن البيت

(و خروجه (4) بجميع بدنه عن البيت) فلو أدخل يده في

**********

شرح:

(1)الرواية الدالّة على عدم كون الحجر من البيت منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شيء من البيت ؟ فقال: لا، و لا قلامة ظفر، و لكن إسماعيل دفن فيه امّه فكره أن يوطأ، فجعل عليه حجرا، و فيه قبور أنبياء. (الوسائل: ج 9 ص 429 ب 30 من أبواب الطواف ح 1).

(2)عطف على قوله «لكونه من البيت». يعني لا لكون بعضه من البيت. فلم ترد من الإمامية رواية لكون الحجر أو بعضه من البيت، لكن وردت من العامّة ما يدلّ على كون بعضه من البيت.

(3)فإنّ من أهل السنّة من قال بوجوب إدخال مقدار من خارج حائط الحجر في الطواف و يطوفون خارج حائطه بمقدار قليل، لكنّ الإجماع من الإمامية قام بعدم وجوب إدخال شيء من خارج حجر إسماعيل في الطواف.

من حواشي الكتاب: قوله «فلا يشرع إجماعا... الخ» قال في المسالك: الإجماع واقع من المسلمين على أنه ليس خارج الحجر شيء آخر يجب الخروج عنه فيجوز الطواف خلفه ملاصقا لحائطه من جميع الجهات، و إنّما نبّهنا على ذلك لأنه قد اشتهر بين العامّة هناك اجتناب محلّ لا أصل له في الدين، انتهى. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(4)السادس من واجبات الطواف هو خروج الطائف بجميع بدنه عن البيت، و يتفرّع من ذلك بطلان الطواف بامور سيشير إليها، و هي:

الأول: بطلان الطواف لو أدخل الطائف يده في باب الكعبة.

ص: 286

بابه (1) حالته أو مشى (2) على شاذروانه و لو خطوة أو مسّ

**********

شرح:

الثاني: بطلان الطواف لو طاف على شاذروان البيت، و سيأتي تعريفه قريبا.

الثالث: بطلان الطواف لو أدخل يده في الشاذروان لاستلام جدار الكعبة في حال الطواف، لكنّه لو توقّف و استلم و حفظ مكانه بحيث لا يزيد و لا ينقص فلا مانع منه.

(1)هذا هو الأول من الفروع المذكورة. و الضمير في قوله «يده» يرجع الى الطائف، و في «بابه» يرجع الى البيت، و في «حالته» يرجع الى الطواف.

(2)هذا هو الفرع الثاني من الفروع المذكورة.

الشاذروان - بفتح الذال المعجمة -: هي الحواشي للكعبة في سافل جدارها، قالوا بكونها من الكعبة و حذفوها عند تجديد بنائها، و مقدارها تقريبا شبر كما قيل.

قال الفاضل الهندي رحمه اللّه: هو بعض من أساسها أبقته قريش خارجا منها شبه الدكّات لمّا كانت الأموال الطيّبة قاصرة عن بنائها كما كانت فضيّقوها. معرّب «چادربند» أي الموضع الذي يشدّ فيه أستار الكعبة بالأطناب، و يسمّى التأزير لأنه كالإزار لها. و هل يحيط بالكعبة من جوانبها؟ فالذي في التذكرة [تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 361 س 21] و تفسير النظام للنيشابوري و العرض للرافعي أنه مختصّ بما بين الركن العراقي و الشامي و الذي في تاريخ تقي الدين الفاسي المالكي الإحاطة بجوانبها الثلاثة غير الذي في الحجر لكونه من الكعبة، و الذي في تحرير النووي و تهذيبه [تهذيب الأسماء و اللغات: ج 2 ص 80] الإحاطة أيضا، قال:

لكن لا يظهر عند الحجر الأسود، و قد احدث في هذه الأزمان عنده شاذروان.

قال في التحرير: طول الشاذروان في السماء ستة عشر اصبعا و عرضه ذراع [أخبار مكّة: ج 1 ص 310] و الذراع أربع و عشرون اصبعا. و قال في التهذيب [تهذيب الأسماء و اللغات: ج 2 ص 172]: ارتفاعه من الأرض في بعض

ص: 287

حائطه (1) من جهته ماشيا بطل، فلو أراد مسّه (2) وقف حالته، لئلاّ يقطع جزء من الطواف غير خارج عنه.

إكمال السبع و عدم الزيادة عليها

(و إكمال السبع) (3) من الحجر إليه شوط ،(و عدم الزيادة عليها (4) فيبطل إن تعمّده (5)) و لو خطوة، و لو زاد سهوا فإن لم يكمل الشوط الثامن

**********

شرح:

المواضع نحو شبرين، و في بعضها نحو شبر و نصف، و عرضه في بعضها نحو شبرين و نصف، و في بعضها نحو شبر و نصف. (كشف اللثام: ج 5 ص 417 طبعة مؤسّسة النشر الإسلامي - قم).

(1)الضمير في قوله «حائطه» يرجع الى البيت، و في قوله «من جهته» يرجع الى شاذروان. يعني لو مسّ الطائف حائط البيت من جهة الشاذروان حال الطواف بطل طوافه.

(2)يعني لو أراد مسّ حائط البيت فليتوقّف لئلا يدخل جزء من بدنه في غير المطاف و يقطع مقدارا من طوافه في داخل البيت الموجب لبطلان طوافه.

(3)السابع من واجبات الطواف هو إكمال سبعة أشواط ، و الدور من الحجر الأسود إليه شوط واحد.

(4)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى السبعة. يعني يشترط في صحّة الطواف أن لا يزيد على سبعة أشواط و لا ينقص عنها.

(5)الضمير في قوله «تعمّده» يرجع الى الزائد. يعني لو زاد على سبعة أطواف عمدا و لو خطوة يبطل طوافه، أمّا لو زاد سهوا ففيه صورتان:

الاولى: في صورة علمه بالزيادة قبل إكمال الشوط الزائد فيجب عليه قطع الشوط ، و لا تضرّ الزيادة سهوا.

الثانية: في صورة علمه بالزيادة بعد إكمال الشوط فيتخيّر بين القطع و بين إكمال اسبوعين، فيكون الطواف الثاني مستحبّا.

ص: 288

تعيّن القطع، فإن زاد (1) فكالمتعمّد، و إن بلغه (2) تخيّر بين القطع و إكمال اسبوعين، فيكون الثاني (3) مستحبّا، و يقدّم (4) صلاة الفريضة على السعي و يؤخّر صلاة النافلة.

الركعتان خلف المقام

(و الركعتان (5) خلف المقام) حيث هو الآن، أو الى أحد جانبيه، و إنّما أطلق (6) فعلهما خلفه تبعا لبعض الأخبار، و قد اختلفت

**********

شرح:

(1)يعني إن زاد و لو خطوة بعد علمه بالسهو بطل طوافه، و يكون كالمتعمّد في الزيادة.

(2)الضمير في قوله «بلغه» يرجع الى الشوط الثامن. يعني لو أكمل الشوط الثامن سهوا و علم بالزيادة فحينئذ يتخيّر بين القطع و إكمال اسبوعين.

(3)قوله «الثاني» صفة لموصوف مقدّر و هو الاسبوع. يعني يكون الاسبوع الثاني طوافا مستحبّا.

(4)فاعل قوله «يقدّم» مستتر يرجع الى الطائف المذكور. يعني يجب عليه أن يأتي صلاة الطواف الواجب قبل السعي بين الصفا و المروة، ثمّ يأتي صلاة الطواف المستحبّ بعد السعي.

(5)الثامن من واجبات الطواف هو إتيان ركعتي الطواف خلف المقام، أو في أحد جانبي المقام الذي هو الآن، لا المقام الذي كان في زمان النبي صلّى اللّه عليه و آله ملاصقا بالبيت.

و لا يخفى أنّ صلاة الطواف مثل صلاة الصبح، لكن بلا أذان و لا إقامة و مخيّرا بين الجهر و الإخفات.

(6)فاعل قوله «أطلق» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. و ضمير التثنية في قوله «فعلهما» يرجع الى الركعتين. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه أطلق فعل الركعتين خلف المقام و لم يقيّده بالمقام الفعلي تبعا لبعض الأخبار المطلقة، منها الخبر المنقول في

ص: 289

عبارته (1) في ذلك فاعتبر هنا خلفه، و أضاف إليه أحد جانبيه في الألفية، و في الدروس فعلهما في المقام، و لو منعه زحام أو غيره صلّى خلفه أو الى أحد جانبيه، و الأوسط (2) أوسط ، و يعتبر في نيّتهما (3) قصد الصلاة للطواف المعيّن متقرّبا، و الأولى إضافة الأداء (4)، و يجوز فعل صلاة

**********

شرح:

الوسائل:

عن سعدان بن مسلم قال: رأيت أبا الحسن موسى عليه السّلام استلم الحجر ثمّ طاف حتّى اذا كان اسبوع التزم وسط البيت و ترك الملتزم الذي يلتزم أصحابنا، و بسط يده على الكعبة، ثمّ يمكث ما شاء اللّه، ثمّ مضى الى الحجر فاستلمه، و صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم، ثمّ استلم الحجر فطاف حتّى اذا كان في آخر الاسبوع استلم وسط البيت... الخ. (الوسائل: ج 9 ص 426 ب 26 من أبواب الطواف ح 10). فإنّ الخبر أطلق فعل الركعتين خلف المقام و لم يقيّده بالمقام الفعلي.

(1)يعني أنّ المصنف رحمه اللّه اختلف في محلّ إتيان صلاة الطواف ففي اللمعة إتيانها خلف المقام و ذلك في قوله «و الركعتان خلف المقام».

و في الألفية إتيانها خلف المقام أو أخذ جانبيه.

أمّا في الدروس: فإتيانها في نفس المقام اختيارا، فلو منعه ازدحام الناس أو المانع غيره فيأتيها خلف المقام أو أحد جانبيه.

(2)المراد من «الأوسط » هو إتيان ركعتي الطواف خلف المقام أو أحد جانبيه كما في كتابه الألفية. فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ نظر المصنّف في الألفية يطابق الاعتدال.

(3)يعني يلزم في نية صلاة الطواف أن يقصد الصلاة للطواف المعيّن قربة الى اللّه تعالى، فيقول: اصلّي صلاة طواف عمرة التمتّع - مثلا - قربة الى اللّه تعالى.

(4)أي أنّ الأولى أن يقصد في نيّته كون صلاة الطواف أداء.

ص: 290

الطواف المندوب حيث شاء (1) من المسجد، و المقام أفضل.

تواصل أربعة أشواط

(و تواصل (2) أربعة أشواط ، فلو قطع) الطواف (لدونها (3) بطل) مطلقا (4)(و إن كان لضرورة، أو دخول البيت (5)، أو صلاة فريضة (6) ضاق وقتها). و بعد الأربعة (7) يباح القطع لضرورة، و صلاة فريضة و نافلة (8) يخاف فوتها، و قضاء حاجة مؤمن، لا

**********

شرح:

(1)فلا يشترط في صلاة الطواف المندوب إتيانها في المقام، بل يأتيها بأيّ مكان شاء من المسجد الحرام، لكنّ الإتيان في مقام إبراهيم عليه السّلام يكون أفضل.

(2)التاسع من واجبات الطواف هو اتّصال أربعة أشواط مطلقا، فلو قطعه في أقلّ من الأشواط الأربعة بطل طوافه و لو عند الضرورة. لكنّ القطع في أكثر منها لا يوجب البطلان، و ذلك في صور.

الاولى: اذا عرضه المرض المانع من دوام طوافه، فيجوز له هنا قطعه، فاذا زال يبني على ما سبق من الأشواط .

الثانية: اذا ضاق وقت الصلاة بحيث لو أدام الطواف خاف فوت صلاته.

الثالثة: لقضاء حاجة أخيه المؤمن، كمن طلب منه المساعدة في أمر فيقطع طوافه و يعينه في أمره، ثمّ يأتي ما في الأشواط بناء على ما سبق منها.

(3)اللام في قوله «لدونها» بمعنى عند، كما في قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (1) . (الإسراء: 78). أي عند دلوك الشمس.

(4)إشارة لقوله «و إن كان لضرورة... الخ».

(5)بأن قطع الطواف لدخوله داخل الكعبة.

(6)بأن قطع الطواف لصلاة فريضة خاف فوتها.

(7)يعني بعد إتيان الأشواط الأربعة متواصلة يجوز له القطع لا مطلقا، بل لأمور فصّلناها آنفا كما يوضحه بقوله «لضرورة».

(8)كما اذا خاف فوت صلاة الوتر أو الشفع لو أدام طوافه، فيجوز له قطع طوافه

ص: 291


1- سوره 17 - آیه 78

مطلقا (1)، و حيث يقطعه يجب أن يحفظ موضعه (2) ليكمل منه بعد العود، حذرا (3) من الزيادة أو النقصان، و لو شكّ أخذ بالاحتياط (4). هذا في طواف الفريضة، أمّا النافلة فيبنى فيها (5) لعذر مطلقا، و يستأنف قبل بلوغ الأربعة، لا له (6) مطلقا، و في الدروس أطلق البناء

**********

شرح:

و إتيان صلاة النافلة، و يبني على ما سبق من الأشواط بعد إتيان صلاة النافلة.

و الضمير في قوله «فوتها» يرجع الى فردي صلاة الفريضة و النافلة.

(1)قوله «مطلقا» يحتمل كونه متعلّقا بقوله «لضرورة» و ما بعدها. يعني لا يجوز القطع مطلقا إلاّ في الموارد المذكورة.

و يحتمل كونه متعلّقا بقوله «و قضاء حاجة مؤمن». يعني يجوز قطع الطواف بعد الأشواط الأربعة لقضاء حاجة مؤمن لا مطلقا و لو كان غير مؤمن.

من حواشي الكتاب: أي لا لقضاء الحاجة مطلقا مؤمنا كان أو غيره. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)يعني اذا جاز قطع طوافه في الموارد المذكورة وجب عليه أن يحفظ موضع القطع ليكمل الطواف من موضع القطع بلا زيادة أو نقصان.

و الضميران في قوله «موضعه» و «منه» يرجعان الى القطع.

(3)علّة لوجوب حفظ موضع القطع.

(4)يعني لو شكّ في موضع القطع يأخذ بالاحتياط و يطوف ممّا قبل موضع الشكّ ، و لا ينافي احتمال الزيادة لأنّ الأصل عدم الزيادة.

(5)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الأشواط المأتية قبل القطع.

و قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين الأشواط الأربعة و غيرها.

(6)الضمير في قوله «له» يرجع الى العذر.

و قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين الأعذار المذكورة و غيرها. يعني يجب الاستئناف بلا عذر مطلقا.

ص: 292

فيها (1) مطلقا.

(و لو ذكر) (2) نقصان الطواف (في أثناء السعي ترتّبت صحّته (3) و بطلانه على الطواف)، فإن كان نقصان الطواف قبل إكمال أربع استأنفهما (4)، و إن كان بعده (5) بنى عليهما (6) و إن لم يتجاوز (7) نصف السعي، فإنّه تابع للطواف في البناء و الاستئناف.

(و لو شكّ في العدد) (8) أي عدد الأشواط (بعده) أي بعد

**********

شرح:

(1)يعني قال في الدروس بالبناء على ما أتى من الأشواط مطلقا، قطع الطواف مع العذر أو لا، قبل الأشواط الأربعة أو بعدها.

(2)يعني لو ذكر الطائف في أثناء سعيه بأنه لم يأت أشواطا سبعة بل أتاها ناقصا بنى صحّة سعيه على صحّة طوافه، بمعنى أنه لو أتى الطواف أقلّ من أربعة أشواط بطل طوافه و سعيه كلاهما لبطلان الطواف الملازم لبطلان السعي.

و لو أتى الطواف أزيد من أربعة أشواط صحّ طوافه المترتّب عليه صحّة سعيه.

(3)الضميران في قوله «صحّته» و «بطلانه» يرجعان الى السعي.

(4)ضمير التثنية في قوله «استأنفهما» يرجع الى الطواف و السعي.

(5)أي لو كان نقصان الطواف بعد إكمال أربعة أشواط حكم بصحّة طوافه و سعيه و بنى على ما سبق من أشواطهما، مثلا اذا طاف ستة أشواط فعلم بها في المرتبة السادسة في أثناء سعيه أكمل الطواف و بعده يكمل السعي، فيصحّ كلاهما.

(6)ضمير التثنية في قوله «عليهما» يرجع الى الطواف و السعي.

(7)قوله «و إن لم يتجاوز» وصلية. يعني أنّ البناء على ما سبق من أشواط السعي و لو كان علمه بنقصان الطواف قبل نصف السعي، بأن تيقّن بنقصان الطواف بعد إكمال الأشواط الأربعة في الشوط الثالث من السعي.

و الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى السعي.

(8)لو شكّ الطائف في عدد الأشواط فله صور أربع:

ص: 293

فراغه (1) منه (لم يلتفت) مطلقا (2)،(و في الأثناء (3) يبطل إن شكّ في)

**********

شرح:

الاولى: اذا شكّ فيه بعد الفراغ من طوافه - مثل أن يشكّ في عدد الأشواط و هو في حال صلاة الطواف أو هو في مقابل الحجر الأسود - ففي هذا الحال لا اعتبار له مطلقا، بلا فرق بين كون الشكّ في النقصان أو الزيادة.

الثانية: اذا كان الشكّ في أثناء الطواف و لم يكن في الركن الأخير - مثلا يشكّ أنّ الشوط الذي فيه هو السادس أو السابع - فهذا النوع من الشكّ يوجب البطلان، لأنه لو بنى على الشوط السادس فأكمله ثمّ أتى الشوط السابع حكم بالبطلان لو كان المشكوك في الواقع هو السابع لحصول الزيادة عمدا و هو الشوط المأتيّ به بعد إكمال المشكوك، و لو كان هو الشوط السادس في الواقع و بناه على السابع فبطلان طوافه ظاهر.

و الحاصل: إنّ الشاكّ في الأثناء واقع بين المحذور من الزيادة عمدا لو بنى على الأقلّ و النقصان عمدا لو بنى على الأكثر.

الثالثة: اذا شكّ في السابع و الثامن و هو في الركن الذي فيه الحجر الأسود بنى على الأقلّ و هو السابع و حكم بصحّة طوافه لأصالة عدم الزيادة.

الرابعة: اذا شكّ في الشوط السابع و الثامن و هو لم يصل الركن العراقي الذي فيه الحجر الأسود ففيه أيضا يحكم بالبطلان، مثل شكّه في النقصان لوقوعه بين المحذورين أيضا، لأنه لو بنى على الشوط السابع و أكمله فيحتمل كونه شوطا ثامنا، فزيادته عمدا يوجب البطلان، و لو بناه على الشوط الثامن و قطعه فيحتمل كونه شوطا سابعا، و بطلان الطواف بقطعه أوضح لحصول النقص العمدي في الطواف.

(1)الضمير في قوله «فراغه» يرجع الى الطائف، و في قوله «منه» يرجع الى الطواف.

(2)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين شكّه في الزيادة و النقصان.

(3)أي في أثناء الطواف.

ص: 294

(النقيصة) كأن شكّ بين كونه تامّا (1) أو ناقصا، أو في عدد الأشواط مع تحقّقه (2) عدم الإكمال،(و يبني على الأقلّ إن شكّ (3) في الزيادة على السبع) إذا تحقّق إكمالها (4) إن كان على الركن (5)، و لو كان (6) قبله بطل

**********

شرح:

(1)مثل شكّه في أثناء الطواف بين كونه شوطا سابعا أو سادسا.

(2)التحقّق هنا بمعنى التيقّن. يعني اذا حصل الشكّ في عدد الأشواط و هو متيقّن بعدم الإكمال كما اذا شكّ في أنه السابع أو الثامن أو أزيد، لكنّه لو تيقّن بالإكمال و شكّ في الأشواط الزائدة على الإكمال فيكون من جملة الشكّ في الزائد الذي يشير إليه بقوله «يبني على الأقلّ إن شكّ في الزيادة على السبع».

و الحاصل: إنّ قوله «مع تحقّقه عدم الإكمال» قيد على الفرض الأخير و هو قوله «أو في عدد الأشواط » لأنّ من جملة الشكّ في الأشواط هو الشكّ في إكمال السبع و الشوط الثامن و الأزيد، فقيّده الشارح رحمه اللّه بأنّ المراد من الشكّ في الأشواط غير صورة تحقّقه بالإكمال و الشكّ في الزائد، لأنّ الفرض دخالة النقصان في أحد طرفي الشكّ .

أقول: هذا ما فهمت من العبارة، و قد ذكر المحشّون في حلّها حواش مطوّلة و التي تحتاج لفهمها الى حواش اخرى، فمن أراد فليراجع.

(3)هذه هي الصورة الثالثة من صور الشكّ التي فصّلناه آنفا.

(4)هذا القيد لبيان أنه لو شكّ مع عدم تحقّق الإكمال كان من قبيل الشكّ في النقصان الذي تبيّن حكمه، و هذا قيد توضيحي لا حاجة إليه.

(5)أي الركن العراقي الذي فيه الحجر الأسود. و فاعل «كان» مستتر يرجع الى الطائف.

(6)أي لو كان الشكّ قبل كون الطائف في الركن العراقي بطل طوافه.

و فاعل قوله «كان» مستتر يرجع الى الطائف. و الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الركن.

ص: 295

أيضا (1) مطلقا كالنقصان، لتردّده بين محذورين: الإكمال المحتمل للزيادة عمدا، و القطع المحتمل للنقيصة، و إنّما اقتصر عليه (2) بدون القيد لرجوعه الى الشكّ في النقصان.

(و أمّا نفل الطواف (3) فيبني) فيه (على الأقلّ مطلقا (4)) سواء شكّ في الزيادة أم النقصان، و سواء بلغ الركن أم لا. هذا هو الأفضل، و لو بنى على الأكثر (5)

**********

شرح:

(1)قوله «أيضا» إشارة الى ما قيل بالبطلان في الفرض السابق. و قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين الشكّ في الزائد أو الناقص، لأنّ الوقوع بين المحذورين يحصل حينئذ.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى ما ذكره المصنّف رحمه اللّه في المتن بقوله «إن شكّ في الزيادة على السبع» و لم يقيّد على كونه في الركن، و قد ذكر القيد الشارح رحمه اللّه بقوله «إن كان على الركن» فيوجّه الشارح عن عدم تقييد المصنّف بأنه لو شكّ قبل الكون في الركن يرجع الى الشكّ في النقصان الذي ذكر المصنّف حكمه.

(3)بعد أن بين المصنّف رحمه اللّه أحكام الشكّ في الطواف الواجب شرع في ذكر أحكام الشكّ في الطواف المندوب، فإنّ الطائف يبني على الأقلّ مطلقا، مثلا اذا شكّ بين السادس و الخامس بنى على الخامس، و هكذا.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى النفل.

(4)المراد من «مطلقا» هو ما سيوضحه الشارح رحمه اللّه بقوله «سواء شكّ في الزيادة أم النقصان، و سواء بلغ الركن أم لا».

(5)يعني لو بنى على الأكثر عند الشكّ في الطواف المندوب جاز، كما اذا شكّ بين الخامس و السادس فيبني حينئذ على السادس، و هكذا.

قوله «جاز» جواب الشرط في قوله «و لو بنى... الخ».

ص: 296

حيث (1) لا يستلزم الزيادة جاز أيضا (2) كالصلاة.

سنن الطواف
اشارة

(و سننه: (3))

**********

شرح:

(1)يعني أنّ البناء على الأكثر في صورة عدم استلزام البناء على الأكثر الزيادة، كما اذا شكّ بين السابع و الثامن.

(2)قوله «أيضا» إشارة الى أنه كما يجوز البناء على الأقلّ كذلك يجوز البناء على الأكثر.

قوله «كالصلاة» مثال لجواز البناء على الأكثر عند الشكّ في الصلاة المندوبة، فإذا شكّ في كون الصلاة المندوبة ركعة أو ركعتين بنى على الركعتين.

و لا يخفى أنّ الصلاة المندوبة ليست إلاّ ركعتين أو ركعة كما في صلاة الوتر، و قد نقل أنّ صلاة الأعرابي أكثر من ركعتين و لم يثبت، راجع كتاب الصلاة.

و الحاصل: إنّ واجبات الطواف تسعة كما ذكرها المصنّف رحمه اللّه، و هي:

1 - النية.

2 - البدء بالحجر الأسود و الختم به.

3 - جعل البيت على يسار الطائف.

4 - الطواف ما بين البيت و بين مقام إبراهيم عليه السّلام.

5 - إدخال حجر إسماعيل عليه السّلام في الطواف.

6 - خروج الطائف بجميع بدنه عن البيت.

7 - إكمال سبعة أشواط .

8 - إتيان ركعتي الطواف خلف المقام.

9 - تواصل أربعة أشواط .

مستحبّات الطواف:

(3)الضمير في قوله «سننه» يرجع الى الطواف و هو مبتدأ، و خبره هو قوله «الغسل».

ص: 297

الغسل

(الغسل (1)) قبل دخول مكّة (من بئر ميمون) (2) بالأبطح،(أو) بئر (فخّ ) (3) على فرسخ من مكّة بطريق المدينة،(أو غيرهما (4). و مضغ الإذخر (5))

**********

شرح:

(1)الأول من مستحبّات الطواف هو الغسل قبل الدخول لبلدة مكّة من بئر ميمون.

(2)قال الفاضل الهندي رحمه اللّه: ميمون بن عبد اللّه بن حمّاد الحضرمي الذي كان حليفا لبني اميّة و كان حفرها في الجاهلية. كذا في السرائر [ج 1 ص 569]، و في القاموس ميمون بن خالد الحضرمي [القاموس المحيط : ج 4 ص 279].

(كشف اللثام: ج 5 ص 454).

الأبطح: هو المسيل، و من أسامي مكّة لكونها في المسيل.

(3)الفخّ - بفتح الفاء و تشديد الخاء -: و هو على رأس فرسخ من مكّة.

من حواشي الكتاب: قتل في الفخ الحسين بن علي بن الحسن ابن عمّ الكاظم عليه السّلام. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(4)يعني يستحبّ الغسل عند الدخول لمكّة من غير بئر ميمون و فخّ .

(5)الثاني من مستحبّات الطواف هو مضغ الإذخر، و قد ذكرنا ضبطه و معناه في صفحة 270 فراجع.

و الروايات الدالّة على استحباب مضغ الإذخر عند الدخول للحرم منقولة في الوسائل:

منها: عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر فامضغه. (الوسائل: ج 9 ص 316 ب 3 من أبواب مقدّمات الطواف ح 1).

قال الكليني رحمه اللّه: سألت بعض أصحابنا عن هذا فقال: يستحبّ ذلك ليطيب به الفم لتقبيل الحجر. (المصدر السابق).

و منها: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه، و كان يأمر أمّ فروة بذلك. (المصدر السابق: ح 2).

ص: 298

بكسر الهمزة و الخاء المعجمة.(و دخول (1) مكّة من أعلاها) من عقبة المدنيّين للتأسّي (2)، سواء في ذلك المدني و غيره.(حافيا) (3) و نعله بيده بسكينة (4) و هو الاعتدال في الحركة (و وقار) (5) و هو الطمأنينة (6) في

**********

شرح:

(1)الثالث من مستحبّات الطواف هو دخول الطائف مدينة مكّة من أعلى مكّة، من عقبة المدنيّين اذا أتاها من طريق المدينة.

و نقل الفاضل الهندي رحمه اللّه عن بعض الأعلام باستحباب الدخول من عقبة المدنيّين لكلّ من جاء الى مكّة من سائر الأقطار. (كشف اللثام: ج 5 ص 456).

(2)و الرواية الدالّة على استحباب الدخول من الجانب المذكور منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل) في صفة حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: و دخل من أعلى مكّة من عقبة المدنيّين، و خرج من أسفل مكّة من ذي طوى. (الوسائل: ج 9 ص 317 ب 4 من أبواب مقدّمات الطواف ح 1).

(3)الرابع من مستحبّات الطواف هو دخول بلدة مكّة حافيا و الحال يأخذ نعله بيده.

(4)السكينة - بفتح السين -: الطمأنينة و الوقار. (المنجد).

(5)عطف على قوله «بسكينة».

قال الفاضل الهندي رحمه اللّه: المراد من السكينة و الوقار واحد، أو أحدهما الخضوع الصوري و الآخر المعنوي. (كشف اللثام: ج 5 ص 457).

عن السيد نور الدين الجزائري رحمه اللّه: لو قيل بعكس ما اشتهر من معناهما لكان أنسب، فالسكينة: هي الهيئة النفسانية التي قال في القرآن هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ (1) . (الفتح: 4). و الوقار: هو الهيئة البدنية كما قال في القرآن الكريم وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (2) . (الأحزاب: 33).

(6)الطمأنينة - بضمّ الطاء و سكون الميم بعد الهمزة -: توطين و تسكين يحصلان

ص: 299


1- سوره 48 - آیه 4
2- سوره 33 - آیه 33

النفس و إحضار البال و الخشوع.

الدخول من باب بني شيبة

(و الدخول من باب بني شيبة) (1) ليطأ هبل و هو الآن (2) في داخل المسجد بسبب توسعته، بإزاء باب السلام عند الأساطين (3)(بعد الدعاء بالمأثور) عند الباب.

الوقوف عند الحجر

(و الوقوف عند الحجر) (4) الأسود (و الدعاء فيه) (5) أي في حالة الوقوف مستقبلا رافعا يديه،(و في (6) حالات الطواف) بالمنقول،(و قراءة)

**********

شرح:

للنفس على ما أدركته. (أقرب الموارد).

(1)الخامس من مستحبّات الطواف هو الدخول من باب بني شيبة ليضع قدميه على الموضع الذي فيه هبل.

هبل: وزان صرد، هو أعظم الأصنام (كما رواه سليمان بن مهران في حديث المأزمين عن الصادق عليه السّلام) الذي رماه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام من ظهر الكعبة لمّا علا ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فامر به فدفن عند باب بني شيبة، فصار الدخول الى المسجد من باب بني شيبة سنّة لأجل ذلك. (الوسائل: ج 9 ص 323 ب 9 من أبواب مقدّمات الطواف ح 1).

(2)أي باب بني شيبة في زمان الشهيد الثاني كان في داخل المسجد للتوسعة الحاصلة له.

(3)الأساطين: جمع مفرده الاسطوانة و هو العمود. (المنجد).

(4)السادس من مستحبّات الطواف هو الوقوف عند الحجر الأسود و الدعاء الوارد فيه.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الوقوف. يعني يستحبّ الدعاء عند الوقوف بأن يستقبل وجهه الى الحجر الأسود و يرفع يده الى السماء و يدعو اللّه تعالى بما شاء.

(6)عطف على قوله «فيه». يعني يستحبّ الدعاء في جميع حالات الطواف بما نقل

ص: 300

(القدر (1) و ذكر اللّه تعالى).

السكينة في المشي

(و السكينة (2) في المشي) بمعنى (3) الاقتصاد فيه مطلقا في المشهور، (و الرمل) (4) بفتح الميم و هو الإسراع في المشي مع تقارب

**********

شرح:

عن المعصومين عليهم السّلام. (راجع الوسائل: ج 9 ب 23 و 26 من أبواب الطواف).

(1)يعني يستحبّ قراءة سورة القدر و ذكر اللّه تعالى بأيّ لفظ كان و الطمأنينة في حال المشي.

(2)السابع من مستحبّات الطواف هو السكينة في المشي.

(3)يعني أنّ المراد من «السكينة» هنا ليس مربوطا بحالته النفسانية، بل المراد هو الوقار و الاعتدال في المشي للطواف.

قوله «مطلقا» يعني بلا فرق بين أشواط السبعة للطواف في مقابل قول الشيخ رحمه اللّه الذي يشير إليه قريبا بقوله «و الرمل ثلاثا... الخ».

قوله «في المشهور» متعلّق بقوله «مطلقا». يعني هذا قول المشهور.

(4)يعني يستحبّ الرمل في أشواط ثلاثة و المشي في الأربعة الباقية على قول الشيخ رحمه اللّه في كتابه المبسوط .

الرمل - بفتح الميم - نقل الفاضل الهندي رحمه اللّه من معانيه عن ديوان الأدب [ج 2 ص 129] أنه ضرب من العدو، و نقل عن الصحاح [ج 4 ص 1713] أنه بين المشي و العدو، و عن الأزهري: يقال: رمل الرجل يرمل رملا اذا أسرع في مشيه. و نقل أيضا عن النووي في تحريره أنه الإسراع في المشي مع تقارب الخطى و لا يثب و ثوبا. (كشف اللثام: ج 5 ص 467).

و المعنى الذي ذكره الشارح رحمه اللّه هنا بقوله «هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى دون الوثوب و العدو» يناسب هذا المعنى. و الهرولة أيضا بهذا المعنى.

و قد ورد في علّة الرمل عن زرارة أو محمّد الطيّار (بن مسلم - خ ل) قال: سألت

ص: 301

الخطى (1) دون الوثوب (2) و العدو (3)(ثلاثا) و هي (4) الاولى،(و المشي أربعا) بقية الطواف (على قول الشيخ) في المبسوط في طواف القدوم (5) خاصّة، و إنّما أطلقه (6) لأنّ كلامه الآن فيه، و إنّما يستحبّ على القول

**********

شرح:

أبا جعفر عليه السّلام عن الطواف أ يرمل فيه الرجل ؟ فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أن قدم مكّة و كان بينه و بين المشركين الكتاب الذي قد علمتم أمر الناس أن يتجلّدوا و قال: أخرجوا أعضادكم، و أخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ رمل بالبيت ليريهم أنه لم يصبهم جهد، فمن أجل ذلك يرمل الناس... (الوسائل: ج 9 ص 428 ب 29 من أبواب الطواف ح 2، علل الشرائع: ص 412 ب 152 ح 1).

(1)الخطى - وزان غرف، جمع خطوة وزان غرفة -: فتح ما بين قدميه و مشى.

(المنجد).

(2)الوثوب - بضمّ الواو - من وثب يثب وثبا و وثبانا و وثوبا: طفر. (أقرب الموارد).

(3)العدو - بفتح العين و سكون الدال - من عدى الرجل يعدو عدوا -: جرى و ركض. (المنجد).

(4)الضمير يرجع الى الثلاث. يعني أنّ المراد من الثلاث التي يستحبّ فيها الرمل هو الأشواط الثلاثة الاولى.

(5)المراد من «القدوم» هنا هو من قدم للطواف في أول مرتبة منه. قال المصنّف رحمه اللّه في الدروس: و يمكن أن يراد بطواف القدوم الطواف المستحبّ للحاجّ مفردا أو قارنا على المشهور اذا دخل مكّة قبل الوقوف، كما هو مصطلح العامّة، فلا يتصوّر في حقّ المكّي، و لا في المعتمر متعة أو إفرادا، و لا في الحاجّ مفردا اذا أخّر دخول مكّة عن الموقفين. قال: و لكنّ الأقرب الأول، لأنّ المعتمر قادم حقيقة الى مكّة، و كذا الحاجّ اذا أخّر دخولها، و يدخل طواف القدوم تحت طوافه. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 400).

(6)فاعل قوله «أطلقه» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف نقل قول

ص: 302

به (1) للرجل الصحيح، دون المرأة و الخنثى و العليل بشرط (2) أن لا يؤذي غيره، و لا يتأذّى (3) به، و لو كان راكبا (4) حرّك دابّته، و لا فرق (5) بين

**********

شرح:

الشيخ رحمه اللّه مطلقا و لم يقيّده بالقدوم، و الحال أنّ الشيخ قال باستحباب الرمل للقدوم لا مطلقا، فعلّل الشارح رحمه اللّه إطلاق المصنّف بأنّ كلامه في المقام في خصوص من قدم للطواف في أول مرتبة منه.

(1)يعني لو قيل باستحباب الرمل كما قاله الشيخ رحمه اللّه فهو يختصّ بالرجل الصحيح لا المريض و لا للمرأة و الخنثى.

(2)بمعنى أنّ استحباب الرمل مشروط بعدم الإيذاء للغير و إلاّ يكون حراما.

(3)و يشترط في استحباب الرمل أيضا أن لا يتأذّى الطائف بسبب الرمل، فلو حصلت له الأذية به فلا يستحبّ .

و الضمير في قوله «به» يرجع الى الرمل.

(4)أي لو كان الطائف راكبا حرّك دابّته في الأشواط الثلاثة.

(5)يعني بناء على استحباب الرمل في الأشواط الثلاثة فلا فرق بين الركن اليماني و العراقي، و هذا في مقابل قول العامّة الذين يقولون باستحبابه بين الركنين المذكورين. (راجع المجموع للشافعي: ج 8 ص 58).

من حواشي الكتاب: قال بعض العامّة: يمشي ما بين الركنين لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أمر أصحابه بأن يرملوا الأشواط الثلاثة و يمشوا ما بين الركنين. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

و المراد من «اليمانيّين» هو الركن اليماني و العراقي، فثنّى به تغليبا لليماني.

من حواشي الكتاب: المراد بهما العراقي الذي فيه الحجر الأسود و هو الشرقي، و اليماني الذي هو الجنوبي. و يقال: اليمني لكونه في سمت اليمن أو في يمين العالم.

و باب البيت متّصل الى العراقي و باب المستجار الى اليمني، و هو مقام الباب

ص: 303

الركنين اليمانيّين و غيرهما، و لو تركه في الأشواط (1) أو بعضها لم يقضه.

استلام الحجر

(و استلام الحجر) (2) بما أمكن من بدنه، و الاستلام بغير همز المسّ من السلام (3) بالكسر و هي الحجارة بمعنى مسّ السلام، أو من السلام (4) و هو التحية، و قيل: بالهمز (5) من اللأمة و هي الدرع، كأنه اتّخذه جنّة (6)

**********

شرح:

أيضا، حيث انشقّ و دخلت فيه فاطمة بنت أسد لوضع علي عليه الصلاة و السلام، ثمّ التأم، و كان للكعبة أولا هذان البابان، كما في النبوي لعائشة: لو لا قومك حديثو عهد بالاسلام لهدمت الكعبة و جعلت لها بابين. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(1)يعني لو ترك الطائف الرمل في الأشواط المذكورة أو تركه في بعضها فلا قضاء للرمل.

و الضمير في قوله «يقضه» يرجع الى الرمل.

(2)الثامن من مستحبّات الطواف هو استلام الحجر الأسود، بأن يمسّ يده أو سائر الأعضاء و يقبّله في صوره الإمكان و إلاّ يشير إليه بيده من البعيد و يقبّل يده.

الاستلام من مادة «سلام» بكسر العين و هو الحجارة. بمعنى مسّ الحجر كما يقال: اكتحل، اذا مسّ حجارة الكحل. أو من السلام - بالفتح - بمعنى التحية.

(3)و هو المعنى الأول المذكور.

(4)و هو المعنى الثاني المذكور.

(5)هذا معنى ثالث محتمل للفظ «الاستلام» كأنّ الطائف اذا استلم الحجر اتّخذه درعا و سلاحا يحفظه من النار.

(6)جنّة - بضمّ الجيم -: السترة، و كلّ ما وقى من سلاح. الترس يستر حامله. (المنجد).

ص: 304

و سلاحا،(و تقبيله) (1) مع الإمكان، و إلاّ استلمه بيده ثمّ قبّلها (أو الإشارة إليه) (2) إن تعذّر، و ليكن (3) ذلك في كلّ شوط ، و أقلّه الفتح و الختم.

استلام الأركان

(و استلام الأركان) (4) كلّها كلّما مرّ بها، خصوصا اليماني و العراقي و تقبيلهما (5) للتأسّي.

**********

شرح:

فالاستلام هو أخذ السترة من عذاب النار يوم القيامة، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خصوص الصوم: الصوم جنّة من النار. (التهذيب: ج 4 ص 151 ح 408). يعني أنه يحفظ الصائم من عذاب النار، و هو كناية عن الثواب المترتّب للصوم. و كذا الحال بالنسبة الى استلام الحجر الأسود.

(1)الضمير في قوله «تقبيله» يرجع الى الحجر. يعني لو أمكنه تقبيل الحجر فعل و إن لم يمكن للزحام و غيره فيمسّ يده و يقبّلها.

و الضمير في قوله «قبّلها» يرجع الى اليد، و هي مؤنّث سماعي كما أنّ كلّ عضو زوج في البدن مؤنّث سماعي من الرجل و العين و الاذن و غيرها.

(2)يعني لو لم يمكن تقبيل الحجر و لا مسّه باليد أشار إليه من بعيد.

(3)اللام في قوله «و ليكن» للأمر الاستحبابي. يعني يستحبّ استلام الحجر أو غيره ممّا ذكر في جميع الأشواط التي يحاذي الحجر، و إن لم يمكن ذلك في الجميع فيستحبّ أقلاّ في الشوط الأول و الأخير.

(4)التاسع من مستحبّات الطواف هو استلام الأركان الأربعة للبيت: اليماني و العراقي و الشامي و الغربي.

(5)الضمير في قوله «و تقبيلهما» يرجع الى الركن اليماني و العراقي، و هو عطف على قوله «استلام الأركان». يعني أنّ الركن اليماني و العراقي يختصّان باستحباب تقبيلهما أيضا غير أنهما مشتركان في الاستلام مع الركنين الآخرين الشامي و الغربي. و الدليل على ذلك الاختصاص هو التأسّي بالنبي صلّى اللّه عليه و آله.

ص: 305

استلام المستجار في الشوط السابع

و استلام (المستجار (1) في) الشوط (السابع)

**********

شرح:

عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يستلم إلاّ الركن الأسود و اليماني، ثمّ يقبّلهما و يضع خدّه عليهما، و رأيت أبي يفعله. (الوسائل: ج 9 ص 418 ب 22 من أبواب الطواف ح 2).

و المراد من «الركن الأسود» هو الركن العراقي، سمّاه بالأسود لإلصاق الحجر الأسود به مجازا بقرينة المجاورة.

و هذه بعض الروايات الواردة في ثواب الاستلام منقولة في الوسائل:

عن أبي اسامة زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كنت أطوف مع أبي و كان اذا انتهى الى الحجر مسحه بيده و قبّله، و اذا انتهى الى الركن اليماني التزمه، فقلت: جعلت فداك تمسح الحجر بيدك و تلزم (تلتزم - خ ل) اليماني ؟ فقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أتيت الركن اليماني إلاّ وجدت جبرئيل عليه السّلام قد سبقني إليه يلتزمه. (المصدر السابق: ح 3).

و عن الشيخ الصدوق رحمه اللّه قال: قال الصادق عليه السّلام: الركن اليماني بابنا الذي تدخل منه الجنّة. (المصدر السابق: ح 6).

و عنه عليه السّلام قال: و فيه باب من أبواب الجنّة لم يغلق منذ فتح، و فيه نهر من الجنّة تلقى فيه أعمال العباد. (المصدر السابق: ح 7).

قال الشيخ الصدوق رحمه اللّه: و روي أنه يمين اللّه في أرضه يصافح بها خلقه. (المصدر السابق: ح 8).

و اعلم أنّ بناء الكعبة على شكل مكعّب و لكلّ ركن منها اسم، و الحجر الأسود وقع في الركن العراقي الذي في جهة المشرق، و باب الكعبة أيضا وقع قريبا من الركن العراقي. أمّا المستجار فإنّه وقع في محاذي الباب قريبا من الركن اليماني الذي هو على جهة الجنوب.

(1)العاشر من مستحبّات الطواف هو استلام المستجار في الشوط الأخير.

ص: 306

و هو (1) بحذاء الباب دون الركن اليماني بقليل،(و إلصاق البطن) (2) ببشرته به في هذا الطواف لإمكانه، و تتأدّى السنّة في غيره (3) من طواف مجامع

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المستجار وقع في مقابل باب الكعبة.

و المراد هنا من «المستجار» هو محلّ استعاذة الطائفين الى ربّهم، فإنّهم اذا بلغوا المستجار استغاثوا الى اللّه تعالى.

و الروايات الواردة في خصوص الاستجارة و الاستغاثة في الموضع المذكور كثيرة نذكر منها رواية واحدة تبرّكا و تيمّنا من الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا فرغت من طوافك و بلغت مؤخّر الكعبة و هو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت و الصق بدنك (بطنك - خ ل) و خدّك بالبيت و قل: اللّهمّ البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مكان العائذ بك من النار. ثمّ أقرّ لربّك بما عملت، فإنّه ليس من عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلاّ غفر اللّه له إن شاء اللّه... الخ.

(الوسائل: ج 9 ص 424 ب 26 من أبواب الطواف ح 4).

المستجار: هو المكان الذي دخلت فاطمة بنت أسد منه في البيت و انشقّ لها الجدار. (راجع كتب التاريخ في حالات ولادة أمير المؤمنين علي عليه السّلام).

(2)عطف على قوله «استلام المستجار». يعني يستحبّ إلصاق بشرة البطن لجدار المستجار لإمكان ذلك في طواف العمرة لأنه في حال لبس ثوبي الإحرام.

و المراد من قوله «في هذا الطواف» هو طواف عمرة التمتّع. و الضمير في قوله «لإمكانه» يرجع الى الإلصاق.

(3)يعني يتأدّى استحباب استلام المستجار في غير طواف عمرة التمتّع بإلصاق البطن به و لو بثوبه الذي لبسه.

و الضمير في قوله «في غيره» يرجع الى طواف العمرة.

ص: 307

للبس المخيط و لو من داخل الثياب،(و) إلصاق بشرة (الخدّ به) (1) أيضا.

(و الدعاء (2) و عدّ ذنوبه عنده) مفصّلة، فليس (3) من مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه فيه إلاّ غفرها له إن شاء اللّه، رواه معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام.

و متى استلم (4) حفظ موضعه بأن يثبت رجليه فيه، و لا يتقدّم بهما (5) حالته، حذرا (6) من الزيادة في الطواف أو النقصان.

**********

شرح:

(1)يعني يستحبّ إلصاق بشرة الخدّ بالمستجار أيضا.

(2)يعني يستحبّ الدعاء عند المستجار و إحضار ذنوبه في قلبه و عدّها و الاعتذار منها الى اللّه تعالى.

(3)هذا متّخذ من الرواية المنقولة في الوسائل و التي تقدّمت آنفا عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام بقوله «فإنّه ليس من عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلاّ غفر اللّه له إن شاء اللّه».

(4)هذا الشرط متعلّق بجميع الاستلامات المذكورة للأركان و الحجر الأسود و المستجار. يعني أنّ الطائف اذا أراد أن يستلم ما ذكر وجب له أن يحفظ الموضع الذي يشتغل لاستلام أو تقبيل الحجر ليطوف من موضعه و لا يزيد و لا ينقص.

و الضمير في قوله «موضعه» يرجع الى الاستلام، و في قوله «فيه» يرجع الى الموضع.

و فاعل قوله «يثبت» مستتر يرجع الى الطائف و هو من باب الإفعال.

(5)أي لا يتقدّم برجليه في حالة الاستلام. و الضمير في قوله «حالته» يرجع الى الاستلام.

(6)مفعول له، تعليل لوجوب حفظ موضع الاستلام.

ص: 308

التداني من البيت

(و التداني (1) من البيت) و إن قلّت (2) الخطى، فجاز اشتمال القليلة على مزيّة و ثواب زائد عن الكثيرة (3)، و إن كان قد ورد في كلّ خطوة من الطواف سبعون ألف حسنة، و يمكن الجمع (4) بين تكثيرها و التداني بتكثير الطواف،(و يكره الكلام (5) في أثنائه بغير الذكر و القرآن) و الدعاء و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و ما ذكرناه (6) يمكن دخوله في الذكر.

**********

شرح:

(1)الحادي عشر من مستحبّات الطواف هو التداني و التقارب الى البيت، بأن يطوف في قرب البيت.

(2)هذا إشارة الى إيراد، و هو كيف يستحبّ التداني و الحال أنه يوجب قلّة الخطى ؟ فلو كثرت الخطى فإنّها توجب الثواب الكثير.

فأجاب الشارح رحمه اللّه عنه بوجهين:

الأول: إمكان اشتمال الخطى القليلة على زيادة ثواب للخطى الكثيرة.

الثاني: إمكان الجمع بين التداني و تكثير الأقدام.

(3)صفة لموصوف مقدّر و هو الخطى.

(4)هذا جواب ثان من الجوابين اللذين ذكرناهما.

و الضمير في قوله «تكثيرها» يرجع الى الخطى. يعني يمكن أن يكثر الأقدام و يطوف في قرب البيت فيجمع الثوابين.

(5)يعني يكره التكلّم في حال الطواف إلاّ بالذكر و الدعاء و قراءة القرآن.

(6)المراد من «ما ذكرناه» هو قوله «و الدعاء و الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله». يعني يمكن أن يدخل ذلك في قول المصنّف رحمه اللّه «بغير الذكر».

و الحاصل: إنّ مستحبّات الطواف أحد عشر كما ذكرها المصنّف رحمه اللّه، و هي:

1 - الغسل قبل الدخول لبلدة مكّة.

2 - مضغ الإذخر.

3 - دخول مكّة من أعلاها.

4 - دخول مكّة حافيا.

5 - الدخول من باب بني شيبة.

6 - الوقوف عند الحجر الأسود.

7 - السكينة في المشي.

8 - استلام الحجر الأسود و تقبيله.

9 - استلام الأركان الأربعة للبيت.

10 - استلام المستجار في الشوط الأخير.

11 - التداني و التقارب الى البيت.

ص: 309

مسائل
الاولى: كلّ طواف ركن

الاولى: (1)(كلّ طواف) واجب (2)(ركن) يبطل النسك بتركه عمدا كغيره من الأركان (إلاّ طواف النساء) (3)، و الجاهل (4) عامد، و لا يبطل بتركه (5) نسيانا لكن يجب

**********

شرح:

مسائل (1)أي المسألة الاولى من مسائل الطواف، و هي أنّ طواف النساء ليس بركن.

(2)بالكسر، صفة لقوله «كلّ طواف». يعني أنّ الطواف الواجب ركن للحجّ أو العمرة.

(3)فإنّ طواف النساء لا دخل له في صحّة الحجّ و لا في صحّة العمرة، فإنّ طواف النساء يجب بعد حجّ التمتّع أو بعد عمرة مفردة، لكنّه لو ترك عمدا لا يبطل النسك.

(4)يعني من ترك الطواف الواجب جهلا فهو في حكم من تركه عمدا فيبطل حينئذ نسكه.

(5)الضمير في قوله «بتركه» يرجع الى الطواف الواجب. يعني أنه لو ترك الطواف الواجب نسيانا لا يبطل بسببه النسك، حجّا كان أو عمرة.

ص: 310

تداركه (1)(فيعود إليه (2) وجوبا مع المكنة) و لو من بلده (3)(و مع التعذّر) (4) و الظاهر أنّ المراد به المشقّة الكثيرة وفاقا للدروس، و يحتمل إرادة العجز عنه (5) مطلقا (يستنيب) فيه، و يتحقّق البطلان بتركه (6) عمدا و جهلا بخروج ذي الحجّة قبل فعله إن كان طواف الحجّ مطلقا، و في عمرة التمتّع يضيق وقت الوقوف (7) إلاّ عن التلبّس بالحجّ قبله (8)، و في المفردة (9) المجامعة للحجّ و المفردة

**********

شرح:

(1)يعني لو ترك الطواف الواجب نسيانا وجب إتيانه متى ذكره.

(2)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى طواف النساء. يعني لو ترك طواف النساء و لو عمدا رجع الى مكّة و أدّاه مع إمكان العود.

(3)يعني وجوب العود لإتيان طواف النساء مسلّم و لو من بلده.

(4)أي لو تعذّر العود - و المراد منه هو حصول المشقّة الكثيرة الغير المتحمّلة كما عن الدروس (ج 1 ص 404) - جاز له الاستنابة لطواف النساء.

(5)يعني يحتمل أن يراد من التعذّر العجز مطلقا، سواء كان عجزا عقليا أم شرعيا أم عرفيا.

(6)الضمير في قوله «بتركه» يرجع الى الطواف الواجب. يعني لو ترك الطواف الواجب عمدا أو جهلا بطل نسكه بخروج شهر ذي الحجّة قبل إتيانه إن كان المتروك طواف الحجّ مطلقا، أي حجّ تمتّع أو إفراد أو قران.

(7)يعني يتحقّق البطلان في ترك طواف عمرة التمتّع بضيق وقت الوقوف في عرفة.

(8)الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الطواف. يعني أنّ الوقوف في عرفات يضيق وقته إلاّ أن يشرع في إحرام الحجّ من مكّة و يذهب الى عرفات لدرك وقوفها من زوال اليوم التاسع قبل إتيان الطواف المتروك لعمرة التمتّع، بحيث لو أتاه لا يمكن درك الوقوف كذلك.

(9)يعني و في تحقّق بطلان العمرة المفردة المجامعة للحجّ بترك طوافها عمدا أو جهلا

ص: 311

عنه (1) إشكال، و يمكن اعتبار نية الإعراض عنه (2).

(و لو نسي طواف النساء) حتّى خرج من مكّة (جازت الاستنابة) فيه (3)(اختيارا) و إن أمكن العود، لكن لو اتّفق عوده (4) لم يجز الاستنابة، أمّا لو تركه عمدا وجب العود إليه مع الإمكان، و لا تحلّ النساء بدونه (5) مطلقا حتّى العقد (6)، و لو

**********

شرح:

إشكال، من حيث إنّ طواف العمرة المجامعة لحجّ الإفراد و القران لا اختصاص لطوافها بشهر ذي الحجّة حتّى يقال ببطلانه بخروج ذي الحجّة.

و المراد من «العمرة المفردة المجامعة للحجّ » هو عمرة حجّ الإفراد و القران.

(1)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الحجّ ، و المراد منه هو العمرة المفردة التي يجوز إتيانها في جميع أيّام السنة، ففي بطلانها بترك طوافها عمدا أو جهلا أيضا إشكال بما مرّ من عدم تعيّن وقت لجبران طوافها.

(2)يعني يمكن تحقّق البطلان في ترك طواف عمرتي الإفراد و القران بزمان قصد ترك الطواف، فاذا قصد عدم الإتيان تحقّق البطلان.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى طواف النساء.

(4)يعني أنّ ناسي طواف النساء لو اتّفق عوده الى مكّة لا يجوز له الاستنابة له. هذا مع نسيان طواف النساء، لكن لو تركه عمدا لا يجوز له الاستنابة بل يجب عليه العود و الإتيان مع الإمكان.

(5)أي لا تحلّ النساء لمن ترك طواف النساء، بلا فرق بين تركه عمدا أو جهلا أو نسيانا حتّى يأتيه بنفسه أو بنائبه لو جاز.

(6)يعني أنّ تارك طواف النساء يحرم عليه عقد النساء أيضا.

و الحاصل: إنه يحرم عليه جميع الاستمتاعات من النساء، حتّى العقد الخالي من الاستمتاع.

ص: 312

كان (1) امرأة حرم عليها تمكين الزوج على الأصحّ ، و الجاهل (2) عامد كما مرّ، و لو كان المنسيّ بعضا (3) من غير طواف النساء بعد إكمال الأربع جازت الاستنابة فيه كطواف النساء (4).

الثانية: يجوز تقديم طواف الحجّ و سعيه للمفرد

(الثانية: (5) يجوز تقديم طواف الحجّ و سعيه للمفرد) (6)، و كذا القارن (على الوقوف) بعرفة اختيارا، لكن يجدّدان (7) التلبية عقيب صلاة كلّ

**********

شرح:

(1)اسم «كان» مستتر يرجع الى تارك طواف النساء. يعني لو كان تارك ذلك امرأة يحرم عليها تمكين زوجها.

في مقابل قوله «على الأصحّ » قول بوجوب تمكينها لوجوب إطاعتها عن الزوج اذا طلبها.

من حواشي الكتاب: هذا الحكم ذكره المصنّف رحمه اللّه في الدروس و أشار الى الخلاف كما هنا، و لعلّ الأصحّية باعتبار احتمال عدم التحريم بناء على عموم وجوب إطاعة الزوج عليها، و المسألة محلّ إشكال لعدم النصّ . (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)أي الجاهل بوجوب طواف النساء في حكم العامد، كما مرّ في سائر المسائل.

(3)يعني لو نسي بعض الأشواط غير الأربعة الاولى من طواف غير طواف النساء جاز للناسي الاستنابة للأشواط المنسية.

(4)أي كما تجوز الاستنابة لطواف النساء المنسى، و التشبيه في خصوص جواز الاستنابة بالنسبة الى تمام أشواط طواف النساء.

(5)أي المسألة الثانية من المسائل الست المتعلّقة بالطواف.

(6)يعني أنّ الحاجّ المفرد يجوز له أن يقدّم طواف الحجّ و سعيه على الوقوف بعرفة اختيارا.

(7)فاعل قوله «يجدّدان» هو ضمير التثنية الراجع الى المفرد و القارن. يعني يجب

ص: 313

طواف كما مرّ،(و) كذا يجوز تقديمهما (للمتمتّع (1) عند الضرورة) كخوف الحيض (2) و النفاس المتأخّرين، و عليه (3) تجديد التلبية أيضا،(و طواف النساء (4) لا يقدّم لهما)، و لا للقارن (إلاّ لضرورة، و هو (5)) أي طواف النساء (واجب في كلّ نسك) حجّا كان أم عمرة (على كلّ فاعل) (6)

**********

شرح:

عليهما تجديد التلبية عقيب صلاة الطواف.

و قوله «صلاة كلّ طواف» إشارة لما مرّ من جواز تقديم طواف الحجّ و سعيه للمتمتّع أيضا عند الضرورة. فالمراد هو كلّ من جاز له تقديم طواف الحجّ للوقوف وجب عليه تجديد التلبية عقيب صلاة الطواف.

(1)يعني أنّ الحاجّ المتمتّع اذا حصلت الضرورة عليه جاز له أن يقدّم طواف حجّه و كذلك سعيه على الوقوف بعرفة.

(2)مثال للضرورة الموجبة لتقديم طواف الحجّ للمتمتّع، فإنّ المرأة اذا خافت عروض الحيض بعد الوقوف بعرفة المانع من إتيان الطواف جاز لها تقديم الطواف، و هكذا بالنسبة الى النفاس.

(3)أي يجب على المتمتّع أيضا تجديد التلبية كالقارن و المفرد.

(4)قد فصّل المصنّف رحمه اللّه جواز تقديم طواف الحجّ و سعيه للوقوف بعرفة. و قال بعده بأنّ طواف النساء الذي يجب إتيانه بعد طواف الزيارة و السعي لا يجوز تقديمه على الوقوف.

و الضمير في قوله «لهما» يرجع الى المتمتّع و المفرد.

و قوله «و لا للقارن» أي و كذلك لا يجوز تقديم طواف النساء على من حجّ القران.

(5)هذا بيان لوجوب طواف النساء، بأنه يجب في كلّ نسك حجّا كان أو عمرة إلاّ في عمرة التمتّع، فإنّ طواف النساء فيها يكون بعد إتيان حجّ التمتّع.

(6)العموم للشمول على الرجل و المرأة و الكبير و الصغير و الشيخ و الشيخة يقدر

ص: 314

للنسك (إلاّ عمرة التمتّع) فلا يجب فيها،(و أوجبه فيها (1) بعض الأصحاب) و هو ضعيف (2)، فيشمل قوله (3) «كلّ فاعل» الذكر و الانثى، الصغير و الكبير، و من يقدر على الجماع و غيره، و هو (4) كذلك، إلاّ أنّ إطلاق الوجوب على غير المكلّف مجاز، و المراد أنه (5) ثابت عليهم حتّى لو تركه الصبي حرم عليه النساء بعد البلوغ حتّى يفعله (6)، أو يفعل عنه، (و هو متأخّر عن السعي) (7)، فلو

**********

شرح:

على الجماع أم لا، فتارك طواف النساء لو كان رجلا حرمت عليه النساء، و لو كانت امرأة حرم عليها الرجال، و لو كان صبيّا وجب عليه إتيانه قبل التزويج.

(1)أي أوجب بعض الأصحاب طواف النساء في عمرة التمتّع.

(2)أي الحكم بوجوب طواف النساء في عمرة التمتّع ضعيف لعدم دليل معتبر عليه.

(3)أي قول المصنّف رحمه اللّه.

(4)أي الحكم بوجوب طواف النساء لكلّ فاعل النسك صحيح، إلاّ أنّ إطلاق الوجوب على الصغير ليس بحقيقة.

(5)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى طواف النساء، و في قوله «عليهم» يرجع الى المذكورين و هم كما في قوله «الذكر و الانثى، الصغير و الكبير، و من يقدر على الجماع و غيره».

(6)فالوجوب في خصوص غير المكلّف بذلك المعنى، بأنه لو تركه لا يجوز له التزويج حتّى يأتيه بعد البلوغ، و هذا إطلاق مجازا.

و الضمير في قوله «يفعله» يرجع الى الطواف، و في قوله «عنه» يرجع الى الصبي.

بمعنى أنه لو لم يقدر بعد البلوغ من إتيان طواف النساء وجب عليه أن يستنيب أحدا و يؤدّي طواف النساء عنه.

(7)يعني أنّ طواف النساء يؤتى بعد السعي للحجّ أو العمرة.

ص: 315

قدّمه (1) عليه عامدا أعاده بعده، و ناسيا (2) يجزي، و الجاهل عامد.

الثالثة: يحرم لبس البرطلة

(الثالثة: (3) يحرم لبس البرطلة) بضمّ الباء و الطاء و إسكان الراء و تشديد اللام المفتوحة، و هي قلنسوة (4) طويلة كانت تلبس قديما (في الطواف) لما روي (5) من النهي عنها معلّلا بأنها من زيّ اليهود،(و قيل) و القائل ابن إدريس و استقربه (6) في الدروس:(يختصّ ) التحريم

**********

شرح:

(1)و الضمير في قوله «قدّمه» يرجع الى طواف النساء و في «عليه» يرجع الى السعي، و في «أعاده» يرجع الى الطواف، و في «بعده» الى السعي. أي لو قدّم طواف النساء على السعي عمدا وجب عليه إعادة الطواف بعد السعي.

(2)فلو قدّم طواف النساء على السعي نسيانا منه فلا يجب عليه إعادته، و من قدّمه جهلا فهو كالعامد وجب عليه إعادة الطواف.

(3)أي المسألة الثالثة من المسائل الستّ المتعلّقة بالطواف، و هي حرمة لبس البرطلّة في الطواف، و هي قلنسوة طويلة.

(4)القلنسوة و القلنسية - اذا فتحت القاف ضمّت السين، و إن ضمّت القاف كسرت السين و قلبت الواو ياء -: شيء من ملابس الرأس معروف.

(أقرب الموارد).

(5)و المستند لتحريم لبس القلنسوة في الطواف هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن يزيد بن خليفة قال: رآني أبو عبد اللّه عليه السّلام أطوف حول الكعبة و عليّ برطلّة، فقال لي بعد ذلك: قد رأيتك تطوف حول الكعبة و عليك برطلّة، لا تلبسها حول الكعبة، فإنّها من زيّ اليهود. (الوسائل: ج 9 ص 477 ب 67 من أبواب الطواف ح 2).

(6)الضمير في قوله «استقر به» يرجع الى قول ابن إدريس رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه استقرب قوله في الدروس.

ص: 316

(بموضع (1) تحريم ستر الرأس) كطواف العمرة، لضعف مستند التحريم (2)، و هو الأقوى، و يمكن حمل النهي على الكراهة بشاهد التعليل (3)، و على تقدير التحريم لا يقدح (4) في صحّة الطواف، لأنّ النهي عن وصف خارج عنه (5)، و كذا لو طاف لابسا للمخيط .

**********

شرح:

(1)يعني أنّ ابن إدريس رحمه اللّه قال باختصاص تحريم لبس البرطلّة بطواف يحرم فيه لبس الساتر للرأس، و هو طواف عمرة التمتّع الذي يطوف في حال الإحرام، ففيه لا يجوز ستر الرأس. (السرائر: ج 1 ص 576).

لا الطواف الذي لا يحرم فيه ستر الرأس، و هو طواف الحجّ الذي يخرج فيه عن الاحرام و يطوف محلاّ، فيجوز حينئذ لبس البرطلّة في الطواف.

(2)و المراد من «ضعف المستند» هو استفادة التحريم منه، لأنّ التزيّي بزيّ اليهود الذي في المستند لا بقصد التشبّه لا يحرم.

(3)أي التعليل الذي في رواية يزيد بن خليفة المتقدّمة، و هو قوله عليه السّلام «فإنّها من زيّ اليهود».

(4)يعني و لو قيل بحرمة لبس البرطلّة فهو لا يضرّ بصحّة الطواف، لأنّ حقيقة الطواف هو الشوط و الدور الى البيت، و النهي ورد بصفته و هو لبس البرطلّة، و هو خارج عن حقيقة الطواف.

قالوا في الاصول: إنّ النهي الوارد على صفة خارجة عن حقيقة العبادة لا يوجب فسادها، مثل النظر الى الأجنبية في حال الصلاة فإنّه لا يوجب بطلان الصلاة، فهكذا في مقام النهي عن لبس البرطلّة فهو متعلّق بصفة خارجة عن حقيقة الطواف.

(5)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الطواف. فإنّ النهي وارد على صفة خارجة عن حقيقة الطواف، و كذلك لو طاف في حال لبس الثوب المخيط فإنّه لا يبطل الطواف لأنّ النهي متعلّق بوصف خارج عن حقيقة الطواف.

ص: 317

الرابعة في امرأة نذرت الطواف على أربع يديها و رجليها

(الرابعة (1): روي عن علي عليه السّلام) بسند ضعيف (2)(في امرأة نذرت الطواف على أربع) يديها و رجليها (أنّ عليها طوافين (3)) بالمعهود، و عمل بمضمونه الشيخ رحمه اللّه،(و قيل) و القائل المحقّق:(يقتصر) بالحكم (على المرأة)

**********

شرح:

(1)أي المسألة الرابعة من المسائل الستّ المتعلّقة بالطواف، و هي في ما لو نذرت امرأة أن تطوف على يديها و رجليها. و هي رواية وردت عن علي عليه السّلام في الوسائل:

عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع، قال: تطوف اسبوعا ليديها و اسبوعا لرجليها.

(الوسائل: ج 9 ص 478 ب 70 من أبواب الطواف ح 1).

ففي المسألة أربعة أقوال:

الأول: قول الشيخ الطوسي رحمه اللّه، و هو العمل بمضمون الرواية، أي الطواف بنحو المعهود المتعارف مرّتين. (النهاية و نكتها: ج 1 ص 508).

الثاني: قول المحقّق الحلّي رحمه اللّه باختصاص الحكم بطوافين على المرأة فقط . (شرائع الإسلام: ج 1 ص 271).

الثالث: قول ابن إدريس رحمه اللّه بالبطلان في كليهما. (السرائر: ج 1 ص 576).

الرابع: انعقاد النذر دون الوصف.

أمّا مختار المصنّف رحمه اللّه فهو الحكم بالصحّة في الرجل و المرأة، كما سيأتي الاستدلال منه قدّس سرّه.

(2)وجه ضعف السند كون النوفلي و السكوني فيه، و كلاهما قيل في حقّهما بأنهما عامّيان.

(3)قوله «طوافين» خبر أنّ . يعني روي عن علي عليه السّلام أنّ على المرأة المذكورة و طوافين بالمعهود، و هو الطواف قائمة على رجليها.

ص: 318

وقوفا (1) فيما خالف الأصل على موضع النصّ ،(و يبطل في الرجل) لأنّ هذه الهيئة (2) غير معتدّ بها شرعا، فلا ينعقد في غير موضع النصّ ،(و قيل) و القائل ابن إدريس:(يبطل فيهما) لما ذكر (3)، و استضعافا للرواية.

(و الأقرب الصحّة فيهما (4)) للنصّ ، و ضعف السند (5) منجبر بالشهرة، و إذا ثبت في المرأة (6) ففي الرجل بطريق أولى.

**********

شرح:

(1)هذا دليل قول المحقّق رحمه اللّه بأنّ الأصل في النذر هو تعلّقه بما فيه رجحان، و الحال في المسألة لم يتعلّق النذر بما فيه رجحان و هو الطواف بالأربع، ففيما خالف الأصل يقتصر على ما ورد فيه النصّ و هو المرأة، فلو نذر الرجل ذلك حكم ببطلان نذره لعدم كونه راجحا.

(2)أي الطواف بالأربع هيئة غير معتبرة شرعا، فلا يحكم بصحّة النذر إلاّ في مورد النصّ ، و هو نذر المرأة.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الهيئة.

(3)المراد من «ما ذكر» هو قوله «لأنّ هذه الهيئة غير معتدّ بها شرعا». فدليل قول ابن إدريس رحمه اللّه بالبطلان كون متعلّق النذر غير متعارف شرعا، و كذلك ضعف المستند.

(4)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى الرجل و المرأة.

فمختار المصنّف رحمه اللّه صحّة النذر في المرأة للنصّ ، و في الرجل بالأولوية.

(5)فكلّ رواية ضعيفة السند اذا عمل بها المشهور من الفقهاء فحينئذ يجبر ضعفه، ففي المقام كذلك.

(6)أي اذا ثبت الحكم بالصحّة في خصوص المرأة فإنّه يثبت في الرجل بطريق أولى.

توضيح الأولوية: إنّ المرأة مأمورة بحفظ الحجاب شرعا و الطواف على أربع

ص: 319

و الأقوى (1) ما اختاره ابن إدريس من البطلان مطلقا، و ربّما قيل:

ينعقد (2) النذر دون الوصف، و يضعف (3) بعدم قصد المطلق.

الخامسة: يستحبّ إكثار الطواف

(الخامسة: (4) يستحبّ إكثار الطواف) لكلّ حاضر بمكّة (ما استطاع و هو أفضل من الصلاة تطوّعا للوارد) (5) مطلقا، و للمجاور (6) في السنة الاولى، و في الثانية (7) يتساويان، فيشرّك

**********

شرح:

ينافي ذلك، فإذا جاز طوافها بهذه الهيئة المنافية لحفظ الحجاب فإنّ جوازه بالنسبة الى الرجل أولى، و إن كان هذا الدليل منه مورد نظر و إشكال.

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة و هو الحكم بالبطلان في الرجل و المرأة كما قال به ابن إدريس رحمه اللّه، لأن الطواف كذلك لا يكون متعارفا و متعاهدا في الشرع فلا يحكم بصحّة النذر في حقّهما.

(2)هذا هو القول الرابع من الأقوال المذكورة، و هو الحكم بانعقاد النذر دون الوصف. يعني يصحّ نذره في الطواف المتعارف لا على صفة خاصّة و هي الطواف على الأربع.

(3)فضعف القول الرابع لعدم قصد الناذر الطواف المطلق بل قصده على الأربع، فيكون من قبيل «ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد».

(4)أي المسألة الخامسة من المسائل الستّ المتعلّقة بالطواف، و هي استحباب تكثير الطواف لكلّ من حضر مكّة.

(5)يعني أنّ الطواف ندبا أفضل من الصلاة المندوبة في حقّ من ورد بمكّة في جميع أيّام السنة الاولى و غيرها.

(6)عطف على قوله «للوارد». يعني أنّ الطواف أفضل من الصلاة المندوبة للمجاور أيضا في السنة الاولى.

(7)صفة لموصوف مقدّر و هو «السنة».

ص: 320

بينهما (1)، و في الثالثة تصير الصلاة أفضل كالمقيم (2)،(و ليكن) (3) الطواف (ثلاثمائة و ستين طوافا، فإن عجز) عنها (4)(جعلها أشواطا) فتكون احدا و خمسين طوافا، و يبقى ثلاثة أشواط تلحق بالطواف الأخير، و هو (5) مستثنى من كراهة القران في النافلة بالنصّ (6)، و استحبّ بعض

**********

شرح:

و فاعل قوله «يتساويان» ضمير التثنية الراجع الى الطواف و الصلاة. يعني أنّ المجاور في السنة الثانية يتساوى الطواف و الصلاة في حقّه.

و المجاور: هو الذي قصد الإقامة في مكّة دائما.

(1)أي المجاور يشرّك الطواف و الصلاة في السنة الثانية.

(2)يعني أنّ في حقّ المجاور تكون صلاة المندوب أفضل من الطواف المندوب، كما أنّ المقيم بمكّة كذلك.

(3)الأمر في المقام استحبابي. يعني يلزم استحبابا للمجاور أن يطوف ثلاثمائة و ستين طوافا، فيكون المجموع 2520 شوطا لأنّ كلّ طواف سبعة أشواط .

(4)الضميران في قوله «عنها» و «جعلها» يرجعان الى عدد 360. يعني لو عجز عن الطواف بذلك العدد جعل ذلك عددا للأشواط ، فيكون 51 طوافا، و تبقى ثلاثة أشواط يلحقها بالطواف الأخير، فيكون هو عشرة أشواط .

(5)هذا جواب عن إيراد مقدّر و هو أنه يأتي في المسألة السادسة كراهة القران و هو إلحاق عدد زائد على السبع فكيف حكم باستحبابه في المقام ؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنه مستثنى عن كراهة القران بوجود النصّ .

(6)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يستحبّ أن يطوف ثلاثمائة و ستين اسبوعا على عدد أيّام السنة، فإن لم يستطع فثلاثمائة و ستين شوطا، فإن لم يستطع فما قدرت عليه من الطواف. (الوسائل: ج 9 ص 396 ب 7 من أبواب

ص: 321

الأصحاب إلحاقه (1) بأربعة اخرى لتصير مع الزيادة (2) طوافا كاملا، حذرا من القران، و استحباب ذلك (3) لا ينافي الزيادة، و أصل القران (4) في العبادة مع صحّتها لا ينافي الاستحباب، و هو (5) حسن و إن استحبّ

**********

شرح:

الطواف ح 1).

و المراد من قوله عليه السّلام «على عدد أيّام السنة» هو السنة القمرية التي تكون أيّامها 360 يوما، أمّا السنة الشمسية فيكون عدد أيّامها 364 يوما و ربع يوم.

(1)يعني قال بعض الأصحاب باستحباب إلحاق الثلاثة من الأشواط الباقية على أربعة أشواط اخرى ليكون المجموع طوافا آخر لئلاّ يلزم القران.

(2)المراد من «الزيادة» هو أربعة اخرى.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو العدد المذكور 360. يعني أنّ الحكم باستحباب أربعة أشواط و جعل الثلاثة مع الزيادة طوافا كاملا لا ينافي استحباب ذلك العدد، لأنّ الطائف قد يأتي العدد مع الزيادة.

(4)هذا جواب عن إيراد مقدّر و هو أنّ القران بمعنى وصل الاسبوعين من الأشواط مكروه في الطواف المندوب - كما سيأتي في المسألة السادسة - فكيف يحكم بعض الأصحاب كابن زهرة باستحباب إلحاق الأربعة بالعشرة الأخيرة ليكون الثلاثة و الأربعة طوافا كاملا مع اتّصال الطوافين الذي هو أحد المصداقين للقران المحرّم في الطواف الواجب و المكروه في الطواف المندوب ؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ أصل القرآن المحكوم بالكراهة مع صحّة العبادة معه لا ينافي الاستحباب، لأنّ الكراهة في العبادة ليست إلاّ بمعنى كونها أقلّ ثوابا بالنسبة الى غيرها.

و الضمير في قوله «مع صحّتها» يرجع الى العبادة.

(5)أي القول باستحباب إلحاق الأربعة و جعلها طوافا كاملا حسن بنظر الشارح رحمه اللّه.

ص: 322

الأمران (1).

السادسة: القران مبطل في طواف الفريضة

(السادسة: (2) القران) بين اسبوعين بحيث لا يجعل بينهما تراخيا، و قد يطلق (3) على الزيادة عن العدد مطلقا،(مبطل في طواف الفريضة، و لا)

**********

شرح:

(1)المراد من «الأمران» هو إلحاق الثلاثة بالطواف الأخير و جعله عشرة أشواط ، و إلحاق الأربعة بالثلاثة و جعلهما طوافا كاملا.

(2)أي المسألة السادسة من المسائل المتعلّقة بالطواف، و هي كون القران بين الاسبوعين من الأشواط مبطلا في الطواف الواجب و مكروها في الطواف المندوب.

القران: مصدر من قارن يقارن مقارنة و قرانا: صاحبه و اقترن به. (أقرب الموارد).

و القران - بكسر القاف - يطلق على معنيين.

الأول: أن يقارن و يصاحب الاسبوعين من الأشواط بحيث لا يجعل بينهما تراخيا.

الثاني: أن يقارن الزائد من الأشواط على عدد السبعة التي هي طواف كامل مطلقا، بلغ السبعة أم لم يبلغ.

من حواشي الكتاب: القران بين اسبوعين إمّا بأن ينوي كونهما عبادة واحدة متّصلة و ينوي ابتداء نية واحدة لهما، أو ينوي لهما في الأول مع قصد انفرادهما بلا خروج عن الأول بعده أو مع الخروج بلا نية على حدة للثاني أو معها، و الثلاثة الاول مبطلة في الفريضة بخلاف الأخير، و المبطل في الفريضة موجب للكراهة في النافلة، و يدخل في الأول من الثلاثة زيادة بعض الأشواط . (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(3)هذا هو المعنى الثاني للقران من المعنيين المذكورين آنفا.

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين بلوغ الزائد عن السبعة بها أو عدم البلوغ.

ص: 323

(بأس به (1) في النافلة، و إن كان تركه أفضل)، و نبّه بأفضلية تركه على بقاء فضل معه (2)، كما هو شأن كلّ عبادة مكروهة (3). و هل تتعلّق الكراهة بمجموع الطواف (4) أم بالزيادة ؟ الأجود الثاني (5) إن عرض قصدها بعد الإكمال، و إلاّ (6) فالأول، و على التقديرين (7) فالزيادة يستحقّ عليها ثواب في الجملة (8) و إن قلّ .

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى القران. يعني لا مانع من القران في الطواف المندوب، لكن تركه يكون أفضل.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه أشار بقوله «و إن كان تركه أفضل» بأنّ الفضل في الطواف المندوب باق مع القران فيه.

(3)يعني أنّ شأن كلّ عبادة مكروهة بقاء الثواب و الفضل فيه، و قد مرّ أن معنى الكراهة في العبادة ليست إلاّ كونها أقلّ ثوابا بالنسبة الى غيرها.

(4)يعني أنّ الكراهة في القران هل تتعلّق بمجموع الملحق به و اللاحق من الأشواط أم تتعلّق بالأشواط اللاحقة فقط؟.

(5)أجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ الأجود هو كراهة الأشواط اللاحقة لا الملحق بها في صورة عروض قصد الزائد بعد إكمال الاسبوع.

(6)يعني لو قصد القران بين الاسبوع و الزائد من الأول فحينئذ تتعلّق الكراهة بمجموع اللاحق و الملحق.

(7)المراد من قوله «على التقديرين» هو فرض تعلّق الكراهة بالزائد و فرض لحوقها بالمجموع.

(8)فإنّ الزائد أيضا يوجب الثواب إجمالا و لو لم يكن الثواب بمقدار عدم القران.

و قوله «و ان قلّ » جملة وصلية. يعني و إن كان الثواب بالنسبة الى عدم القران قليلا.

ص: 324

القول في السعي

اشارة

(القول في السعي (1) و التقصير)

مقدّمات السعي
اشارة

(و مقدّماته) (2)

**********

شرح:

السعي (1)اعلم أنّ الثالث من واجبات العمرة هو السعي بين الصفا و المروة، و هو عبارة عن الذهاب و الإياب بينهما سبعة مرّات على نحو لا يبقى بينهما شيء بلا سعي.

و إن الصفا و المروة اسمان لجبلين صغيرين في جنب المسجد الحرام متقابلين. و انّ ارتفاع صفا 15 مترا، و ارتفاع مروة في حدود 8 أمتار. و قد وقع صفا في ذيل جبل أبو قبيس، و سمّي بصفا لأنّ المصطفى آدم هبط عليه فقطع للجبل اسم من اسم آدم عليه السّلام كما في رواية عبد الحليم بن أبي الديلم عن الصادق عليه السّلام. (راجع علل الشرائع: ص 431).

و المروة وقعت في شمال بيت اللّه الحرام، سمّيت بها لما روي عن الصادق عليه السّلام بأنّ حوّاء أمّ البشر نزلت فيها عند هبوطها من الجنّة، فسمّيت بها لأنّ المرأة هبطت عليها فقطع للجبل اسم من اسم المرأة. (راجع المصدر السابق).

و قد ذكروا وجوها اخر لتسمّيهما بذلك، فمن أراد فليراجع.

و لا يخفى أنّ الفاصل بين الصفا و المروة 420 مترا.

و قد كان الآن بصورة الشارع المسقّف بارتفاع 12 مترا و عرض 20 مترا، و سمّي بالمسعى، وفّقنا اللّه تعالى لإتيان النسك فيه و في جميع المناسك.

و قوله «القول» مبتدأ، و خبره هو قوله «في السعي و التقصير».

مقدّمات السعي

(2)قوله «مقدّماته» مبتدأ، و خبره هو قوله «استلام الحجر». و ما بعده من المستحبّات.

ص: 325

كلّها (1) مسنونة

استلام الحجر و الشرب من زمزم

(استلام الحجر) (2) عند إرادة الخروج إليه.(و الشرب (3) من زمزم، و صبّ الماء منه عليه (4)) من الدلو المقابل للحجر، و إلاّ فمن

**********

شرح:

(1)هذا بيان من الشارح رحمه اللّه في خصوص مقدّمات السعي، بأنّ كلّها مستحبّة و ليست بواجبة، و قد ذكر خمسا من مقدّمات السعي، و هي:

1 - استلام الحجر عند قصد السعي.

2 - الشرب من ماء زمزم و صبّ مقدار منه على بدنه و قراءة الدعاء الوارد.

3 - الطهارة من الحدث و الخبث.

4 - الخروج من المسجد الحرام الى السعي من باب صفا و هو مقابل للحجر الأسود.

5 - الصعود الى الصفا قبل السعي بمقدار يرى الكعبة و التوقّف فيه بمقدار قراءة سورة البقرة.

(2)هذه هي اولى مقدّمات السعي، و قد مرّت الإشارة الى معنى الاستلام في صفحة 304 فراجع.

و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى السعي.

(3)هذه هي ثاني مقدّمات السعي.

زمزم: بئر في مكّة في الحرم الشريف قرب الكعبة، احتفرها إسماعيل و امّه هاجر، يشرب الحجّاج ماءها و ينقلونه الى بلادهم تبرّكا. (أعلام المنجد).

من حواشي الكتاب: زمزم - كجعفر - اسم بئر بمكّة سمّيت به لكثرة مائها، و الزام المتكثر، و قيل: لزم هاجر ماءها حين انفجرت من الزمام، و قيل: لزمزمة جبرئيل عليه السّلام و كلامه، و هو أول من أظهرها، سقى إسماعيل عليه السّلام، ثمّ حفرها الخليل عليه السّلام، ثمّ غضّت بعده فحفرها عبد المطّلب، و يقال لها أيضا: ركضة جبرئيل. (مجمع البحرين).

(4)يعني يستحبّ قبل السعي الشرب من ماء زمزم و صبّ الماء منه على بدنه

ص: 326

غيره، و الأفضل استقاؤه بنفسه (1)، و يقول عند الشرب و الصبّ : اللّهمّ اجعله علما نافعا، و رزقا واسعا، و شفاء من كلّ داء و سقم.

الطهارة من الحدث

(و الطهارة) (2) من الحدث على أصحّ القولين (3)، و قيل: يشترط ، و من الخبث أيضا.(و الخروج من باب الصفا) (4) و هو الآن داخل (5) في المسجد كباب بني شيبة، إلاّ أنه (6) معلّم باسطوانتين فليخرج من بينهما، و في

**********

شرح:

و أعضائه.

الدلو: الذي يستقى به، مؤنث، و قد يذكّر، جمعه: أدل. (أقرب الموارد).

و يستحبّ أيضا أن يشرب و يصبّ من ماء دلو وضع في مقابل الحجر الأسود، و إن لم يمكن الاستفادة من مائه فمن الدلو الذي وضع في غير مقابل الحجر.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الدلو المقابل للحجر.

(1)بمعنى أنّ المستحبّ أن يخرج الماء من البئر بنفسه لا بمباشرة الغير.

و لا يخفى بأنّ بئر زمزم وقع في طرف المشرق من الكعبة و الفاصل 18 مترا و هي في قرب مقام إبراهيم عليه السّلام.

(2)هذه هي ثالث مقدّمات السعي.

(3)في مقابله القول بوجوب الطهارة من الحدث.

(4)هذه هي رابع مقدّمات السعي.

(5)قال الشارح رحمه اللّه بأنّ باب الصفا في زمانه داخل في المسجد لتوسعته كما هو الحال في باب بني شيبة.

(6)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى باب الصفا. يعني انّ الباب المذكور علّم بعلامة و هي الاسطوانتان، فمن أراد الاستحباب فليخرج من بين الاسطوانتين فيكون حينئذ خارجا من باب الصفا.

و الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى الاسطوانتين.

ص: 327

الدروس الظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما (1) أيضا.

الوقوف على الصفا

(و الوقوف على الصفا) (2) بعد الصعود إليه حتّى يرى البيت من بابه (مستقبل الكعبة (3)، و الدعاء و الذكر) قبل الشروع (4) بقدر قراءة البقرة مترسّلا (5)، للتأسّي (6)، و ليكن الذكر (7) مائة تكبيرة و تسبيحة و تحميدة

**********

شرح:

(1)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في الدروس باستحباب الخروج الى السعي من الباب الموازي للأسطوانتين أيضا. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 409).

(2)هذه هي خامس مقدّمات السعي، بأن يتوقّف على الصفا بعد الصعود إليه بمقدار يرى البيت من باب الصفا.

و الضمير في قوله «بابه» يرجع الى الصفا.

(3)بأن يتوجّه الى جهة الكعبة عند التوقّف في الصفا و الدعاء فيه.

(4)يعني الوقوف و الدعاء و الذكر في الصفا قبل الشروع للسعي.

(5)أي متأنّيا لا يستعجل.

(6)كما ورد في الوسائل:

عن بكير بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: إنّ آدم لمّا نظر الى الحجر من الركن كبّر اللّه و هلّله و مجّده، فلذلك جرت السنّة بالتكبير و استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا. (الوسائل: ج 9 ص 519 ب 4 من أبواب السعي ح 4).

و من الروايات الدالّة على استحباب إطالة الوقوف على الصفا و تأثيره على زيادة المال الخبر المنقول في الوسائل:

عن حمّاد المنقري قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا. (الوسائل: ج 9 ص 519 ب 5 من أبواب السعي ح 1).

(7)يعني يستحبّ الذكر في الصفا بهذه الكيفية:

اللّه أكبر 100 مرّة.

ص: 328

و تهليلة، ثمّ الصلاة على النبيّ و آله صلّى اللّه عليه و آله مائة.

واجبات السعي
اشارة

(و واجبه (1))

النية

(النية) المشتملة على قصد الفعل المخصوص متقرّبا، مقارنة (2) للحركة و للصفا، بأن يصعد عليه فيجزي من أيّ جزء كان منه (3)، أو يلصق عقبه (4) به إن لم يصعد، فإذا وصل الى المروة (5) ألصق أصابع رجليه بها إن لم يدخلها ليستوعب سلوك المسافة التي بينهما (6) في كلّ شوط .

**********

شرح:

سبحان اللّه 100 مرّة.

الحمد للّه 100 مرّة.

لا إله إلاّ اللّه 100 مرّة.

اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد 100 مرّة.

واجبات السعي:

(1)يعني من واجبات السعي النية المشتملة على قصد الفعل المخصوص، بأن ينوي:

أفعل السعي لعمرة التمتّع قربة الى اللّه تعالى.

(2)حال من النية. يعني أنّ النية تكون في حال مقارن للحركة و هو في الصفا.

و اللام في قوله «للصفا» بمعنى «في». يعني النية في حال كونه في الصفا.

(3)يعني يجزي السعي من أيّ جزء كان من الصفا.

(4)بأن يلصق عقب رجليه بالصفا لئلاّ يبقى شيء فاصل بين العقب و الصفا.

(5)يعني اذا بلغ الى المروة يجب أن يلصق رءوس أصابع رجليه بالمروة.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى المروة. هذا اذا لم يدخل في نفس المروة، و إن دخل فيها فلا حاجة لإلصاق الأصابع بها.

(6)أي الإلصاق من عقب الرجل بالصفا و الى رءوس الأصابع بالمروة، لكي يستوعب المسير بينهما.

ص: 329

البدأة بالصفا، و الختم بالمروة

(و البدأة (1) بالصفا، و الختم بالمروة، فهذا شوط (2)، و عوده) من المروة الى الصفا (آخر، فالسابع (3)) يتمّ (على المروة.)

ترك الزيادة على السبعة

(و ترك الزيادة (4) على السبعة، فيبطل (5)) لو زاد (عمدا) و لو خطوة،(و النقيصة (6) فيأتي بها) و إن طال الزمان، إذ لا تجب الموالاة فيه، أو كان (7) دون الأربع، بل يبني و لو على شوط (8).(و إن)

**********

شرح:

(1)الثاني من واجبات السعي هو الشروع بالصفا و الختم بالمروة.

(2)فالسير من الصفا الى المروة شوط واحد، و العود من المروة الى الصفا شوط آخر.

(3)فالشوط السابع و هو آخر الأشواط يقع في المروة.

(4)الثالث من واجبات السعي هو ترك الزيادة على سبعة أشواط و إلاّ يبطل السعي.

(5)فاعل قوله «يبطل» مستتر يرجع الى السعي. يعني يبطل السعي لو زاد أو نقص ممّا ذكر و لو خطوة.

(6)بالكسر - عطفا - على قوله «الزيادة». يعني يجب ترك النقيصة أيضا كما يجب ترك الزيادة، فلو نقص عن سبعة أشواط وجب عليه إتيان النقيصة و لو بعد مدّة طويلة، لأنّ الموالاة بين الأشواط ليست بشرط .

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى النقيصة، و في قوله «فيه» يرجع الى السعي.

(7)عطف على قوله «و إن طال الزمان». يعني يجب عليه إتيان النقيصة من الأشواط و لو كان المأتيّ به من الأشواط أقلّ من الأربعة، مثلا اذا أتى ثلاثة أشواط فقطع وجب عليه إتيان الباقي و لو بعد مدّة طويلة. و فيه إشارة الى أنّ السعي ليس مثل الطواف الذي يجب فيه الموالاة بين أربع أشواط منه، فلو قطع في أقلّ من الأربعة وجب عليه استئناف الطواف.

(8)يعني لو نقص السبعة من الأشواط وجب عليه إتيان الناقص و يبني على ما

ص: 330

(زاد (1) سهوا تخيّر بين الإهدار) للزائد،(و تكميل اسبوعين) إن لم يذكر حتّى أكمل الثامن، و إلاّ (2) تعيّن إهداره،(كالطواف) (3)، و هذا القيد (4) يمكن استفادته من التشبيه، و أطلق (5) في الدروس الحكم و جماعة، و الأقوى (6) تقييده بما ذكر، و حينئذ فمع الإكمال يكون الثاني مستحبّا،(و لم)

**********

شرح:

أتى به و لو كان المأتيّ به شوطا واحدا.

(1)أيّ إن زاد على السبعة من الأشواط سهوا و التفت عند إكمال الشوط الثامن تخيّر بين إبطاله و قطعه و بين التكميل لأسبوعين من الأشواط .

(2)استثناء من قوله «إن لم يذكر حتّى أكمل الثامن». يعني إن تذكّر قبل إكمال الثامن وجب عليه إبطال الشوط الزائد.

و الضمير في قوله «إهداره» يرجع الى الشوط الزائد.

(3)كما أنّ الطواف لو زاد فيه على السبعة من الأشواط فتذكّر قبل إكمال الشوط الثامن وجب عليه إبطال الزائد.

(4)المراد من «القيد» هو قوله «إن لم يذكر حتّى أكمل الثامن». و هذا لم يكن في عبارة المصنّف رحمه اللّه بل هو مطلق، كما قال «تخيّر بين الإهدار و تكميل اسبوعين» بلا تقييد إكمال الثامن.

فقال الشارح رحمه اللّه بأنه يمكن استفادة هذا القيد من تشبيه السعي بالطواف في الزيادة عن العدد الواجب.

(5)فاعل قوله «أطلق» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنه أطلق الحكم بالتخيير بين إكمال الاسبوعين و بين إهدار الزائد من السبعة بلا تقييد التذكّر قبل إكمال الثامن. و كذلك أطلقه جماعة من الفقهاء.

(6)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنّ الأقوى في الحكم بالتخيير هو التقييد المذكور.

أقول: وجه القوّة هو الرواية الدالّة على إكمال الاسبوعين لمن تيقّن بالشوط

ص: 331

(يشرع استحباب السعي (1) إلاّ هنا)، و لا يشرع ابتداء مطلقا.

السعي ركن

(و هو) أي السعي (ركن (2) يبطل) النسك (بتعمّد تركه) و إن جهل الحكم (3)، لا بنسيانه بل يأتي به مع الإمكان، و مع التعذّر يستنيب كالطواف (4)، و لا يحلّ له (5) ما يتوقّف عليه من المحرّمات حتّى يأتي

**********

شرح:

الثامن، و هي المنقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في حديث الطواف قال: و كذا اذا استيقن أنه سعى ثمانية أضاف إليها ستا. (الوسائل: ج 9 ص 528 ب 13 من أبواب السعي ح 1).

(1)فإنّ السعي لم يكن مندوبا إلاّ في المقام فقط ، و لم يستحبّ السعي ابتداء مثل الطواف.

و قوله «مطلقا» يعني لم يشرع السعي في أيّ زمان من الأزمنة إلاّ مع الطواف الواجب و هنا.

(2)قد ذكرنا الفرق بين ركن الصلاة و ركن الحجّ ، فإنّ الأول يوجب بطلان الصلاة لو زاد أو نقص عمدا أو سهوا، بخلاف أركان الحجّ ، فإنها لو تركت عمدا توجب بطلان الحجّ ، لا بالنسيان و السهو.

و الضمير في قوله «تركه» يرجع الى السعي.

(3)فإنّ الجاهل في حكم العامد كما في سائر المواضع من مناسك الحجّ .

(4)كما أنّ الطواف المتروك نسيانا تجب الاستنابة فيه عند تعذّر إتيانه فكذلك السعي اذا تركه نسيانا و لم يتمكّن من إتيانه بنفسه وجبت الاستنابة فيه.

(5)الضمير في قوله «له» يرجع الى من ترك السعي. يعني أنه لا يحلّ على من ترك السعي من المحرّمات التي يتوقّف حلّها على السعي، و إنّ المحرّمات الثلاثين سبعة و عشرون منها يحتاج حلّها الى السعي، و ثلاثة منها - و هي النساء و العطر

ص: 332

به (1) كملا أو نائبه،(و لو ظنّ فعله (2) فواقع) بعد أن أحلّ بالتقصير (أو قلّم) ظفره (فتبيّن الخطأ) و أنه لم يتمّ السعي (أتمّه و كفّر ببقرة) في المشهور (3)، استنادا الى روايات دلّت على الحكم (4)، و موردها ظنّ إكمال السعي بعد أن سعى ستة أشواط .

و الحكم (5) مخالف للأصول الشرعية من وجوه كثيرة:

**********

شرح:

و الصيد - لا تحلّ بالسعي، بل الاثنين منها و هما النساء و العطر يحلاّن بالتقصير، فتبقى حرمة الصيد بماله، لأنه كما قيل من محرّمات الحرم لا الإحرام، فلكلّ من كان في الحرم يحرم عليه الصيد محرما كان أو محلاّ.

(1)غاية لعدم حلّ ما يحرم على المحرم. يعني لا يحلّ من المحرّمات التي تتوقّف على السعي - و هي 27 محرّما - حتّى يأتي السعي كاملا و هو إتيان أشواط سبعة، فلا يحلّ لتارك السعي عمدا أو نسيانا و لو شوطا منها إلاّ أن يأتيه بنفسه أو بنائبه.

(2)يعني لو ظنّ المعتمر فعل السعي و جامع أو قلّم ظفره - اعتمادا على ظنّه بحلّ النساء بالسعي و التقصير أو قلّم ظفره كذلك - فتبيّن خطأه بأنه لم يأت السعي أتمّ السعي و كفّر ببقرة.

(3)فإنّ المشهور من العلماء قالوا بوجوب التكفير ببقرة استنادا الى روايات منقولة في الوسائل:

منها: عن عبد اللّه بن مسكان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا و المروة ستة أشواط و هو يظنّ أنها سبعة، فذكر بعد ما حلّ و واقع النساء أنه إنّما طاف ستة أشواط ، قال: عليه بقرة يذبحها و يطوف شوطا آخر. (الوسائل:

ج 9 ص 529 ب 14 من أبواب السعي ح 2).

(4)و هو الإتمام و التكفير ببقرة.

(5)المراد من «الحكم» هو قول المصنّف رحمه اللّه «و لو ظنّ فعله فواقع أو قلّم فتبيّن

ص: 333

وجوب (1) الكفّارة على الناسي في غير الصيد، و البقرة (2) في تقليم الظفر أو الأظفار، و وجوبها (3) بالجماع مطلقا، و مساواته (4) للقلم، و من ثمّ أسقط وجوبها (5) بعضهم و حملها على الاستحباب، و بعضهم

**********

شرح:

الخطأ أتمّه و كفّر ببقرة» فإنّ ذلك يخالف الاصول و القواعد الشرعية التي في أيدينا من وجوه:

الأول: وجوب الكفّارة لمن ارتكب المحرّم نسيانا، و الحال عدم وجوب الكفّارة للناسي إلاّ في خصوص الصيد فقط .

لا يقال: إنّ المسألة في خصوص الاعتماد بالظنّ مع مخالفته للواقع لا الناسي.

لأنه يقال: إنّ الزعم المخالف للواقع هو ملازم بالنسيان، لأنّ من زعم أنه أتى الشوط السابع فبان بأنه لم يأته فكأنه نسي الشوط السابع.

الثاني: جعل كفّارة تقليم الظفر هو البقرة، و الحال أنّ كفّارة تقليم جميع الأظفار هو الشاة.

الثالث: جعل كفّارة الجماع في صورة النسيان هي البقرة بلا تفصيل بين الموسر و المتوسط و المعسر.

الرابع: جعل كفّارة الجماع مساويا لكفّارة تقليم الظفر.

(1)بيان للوجوه التي خالف الحكم المذكور الاصول الشرعية. فالأول منها هو ما ذكرناه من وجوب الكفّارة على الناسي في غير الصيد، فإنّ وجوب الكفّارة على الناسي مختصّ بالصيد فقط .

(2)بالكسر، عطفا على قوله «الكفّارة». يعني أنّ الثاني من وجوه مخالفة الحكم للأصول الشرعية هو وجوب البقرة في تقليم الظفر.

(3)هذا الثالث من وجوه المخالفة. و الضمير في قوله «وجوبها» يرجع الى البقرة.

(4)هذا الرابع من وجوه المخالفة. و الضمير في قوله «مساواته» يرجع الى الجماع.

(5)يعني و من جهة مخالفة الحكم بوجوب البقرة للأصول الشرعية أسقط وجوب

ص: 334

أوجبها (1) للظنّ و إن لم تجب (2) على الناسي، و آخرون (3) تلقّوها بالقبول مطلقا.

و يمكن توجيهه (4) بتقصيره هنا في ظنّ الإكمال، فإنّ من سعى ستة يكون على الصفا فظنّ الإكمال مع اعتبار كونه على المروة تقصير، بل تفريط واضح، لكنّ المصنّف (5) و جماعة فرضوها قبل إتمام السعي

**********

شرح:

البقرة بعض الفقهاء و حمل البقرة على الاستحباب.

(1)يعني و أوجب البقرة بعض الفقهاء للعمل بالظنّ .

(2)فاعل قوله «تجب» مستتر يرجع الى البقرة. يعني و إن لم تجب البقرة على الناسي لكنّها تجب على من عمل بالظنّ و لم يحصل العلم.

(3)يعني تلقّى الآخرون من الفقهاء هذه الرواية بالقبول و العمل بها.

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين العمل بالظنّ أو بحصول النسيان.

و الضمير في قوله «تلقّوها» يرجع الى الرواية المذكورة.

(4)يعني يمكن توجيه الحكم بوجوب البقرة في المقام، بأنّ من زعم إتمام السعي فإنّه كان مقصّرا في ظنّ الإكمال، لأنّ من سعى ستة أشواط يكون على الصفا فكيف يحصل له الظنّ بالإتمام و الحال أنّ الإكمال لا يكون إلاّ في المروة ؟ فعلى هذا يكون الساعي كذلك مفرطا في ظنّه، فتجب الكفّارة عليه، بخلاف الناسي فإنّه لا تجب الكفّارة عليه لعدم كونه مفرطا و لا مقصّرا.

و الضمير في قوله «تقصيره» يرجع الى الساعي.

(5)هذا استدراك من التوجيه المذكور، فإنّ المصنّف رحمه اللّه و جماعة من الفقهاء فرضوا المسألة قبل إتمام السعي مطلقا كما في قوله «و لو ظنّ فعله فواقع أو قلّم فتبيّن الخطأ» فيشمل الزعم بالإتمام و لو كان في مروة، كما اذا ظنّ الإكمال و هو في

ص: 335

مطلقا (1) فيشمل ما يتحقّق فيه العذر كالخمسة (2)، و كيف كان فالإشكال (3) واقع.

يجوز قطع السعي لحاجة و غيرها قبل بلوغ الأربعة

(و يجوز قطعه (4) لحاجة، و غيرها) قبل بلوغ الأربعة، و بعدها على المشهور (5)، و قيل: كالطواف،(و الاستراحة في أثنائه) و إن لم يكن على

**********

شرح:

الشوط الخامس في المروة فتبيّن الخطأ و عدم الإتمام و لو فرض في الرواية ظنّ الشوط السادس سابعا في قول عبد اللّه بن مسكان «ستة أشواط و هو يظنّ أنها سبعة» فالتوجيه المذكور يمكن بناء على ما فرض في الرواية لا في كلام المصنّف و غيره من الفقهاء رضوان اللّه عليهم الذين فرضوها مطلقا.

(1)يعني سواء كان الساعي في الشوط السادس أم في الخامس.

(2)فإنّ الشوط الخامس يكون في المروة، فالساعي يظنّ بالإتمام و لا يكون مفرطا و لا مقصّرا في ظنّه.

(3)يعني أنّ إشكال كون الحكم على خلاف الاصول و القواعد حاصل، كما أوضحنا بأنّ في المسألة و التوجيه المذكور لا يفيد إلاّ في دفع إشكال وجوب البقرة للناسي الذي لا تجب عليه الكفّارة إلاّ في الصيد، و هو أول الوجوه التي خالف الحكم المذكور الاصول و القواعد الشرعية و التي ذكرناها آنفا.

(4)قد مرّ عدم وجوب الموالاة في أشواط السعي، فعلى هذا يجوز قطعه لحاجة و غيرها قبل البلوغ بأربعة أشواط و بعده.

و الضمير في قوله «قطعه» يرجع الى السعي، و في قوله «غيرها» يرجع الى الحاجة، و في قوله «بعدها» يرجع الى الأربعة.

(5)قوله «على المشهور» متعلّق بجواز قطع السعي، و في مقابل المشهور قول منسوب الى المفيد و سلاّر و الحلبي.

من حواشي الكتاب: كون الحكم هنا كالطواف في اعتبار مجاوزة النصف منقول عن المفيد و سلاّر و أبي الصلاح. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

ص: 336

رأس الشوط مع حفظ موضعه (1)، حذرا من الزيادة و النقصان.

القول في التقصير

(و يجب التقصير) (2) و هو إبانة الشعر أو الظفر بحديد و نتف (3) و قرض (4) و غيرها (بعده (5)) أي بعد السعي (بمسمّاه) و هو ما يصدق

**********

شرح:

بالرفع، عطفا على قوله «قطعه». يعني تجوز الاستراحة في أثناء السعي و إن لم يصل آخر الشوط .

و الضمير في قوله «أثنائه» يرجع الى السعي.

(1)الضمير في قوله «موضعه» يرجع الى القطع. يعني اذا قطع السعي وجب عليه أن يحفظ موضع القطع لئلاّ يلزم الزيادة و النقصان.

التقصير (2)الرابع من واجبات العمرة هو التقصير، و المراد منه إبانة الشعر أو الظفر.

فبالتقصير يخرج المعتمر عن إحرامها فيحلّ له جميع محرّمات الإحرام حتّى النساء و العطر فيبقى من المحرّمات الصيد في الحرم، و لعلّ التحريم فيه للحرم لا الإحرام كما مرّ.

التقصير: من قصّر الشيء ضدّ طوّله. (أقرب الموارد).

(3)قوله «نتف» مجرور بحرف الباء الجارة، مصدر، من نتف الشعر و الريش و نحوه، أي نزعه. (أقرب الموارد).

(4)هذا أيضا مجرور لدخول الباء الجارة فيه، مصدر، من قرض الشيء قرضا، أي قطعه. (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «و غيرها» يرجع الى ما ذكر من الحديد و النتف و القرض.

و المراد من «غيرها» إبانة الشعر باستعمال النورة و إحراق الشعر مثلا.

(5)يعني يجب التقصير بعد السعي، فلا يجوز قبله، و يكفي في التقصير مسمّاه بأن يصدق التقصير من شعر أعضائه.

ص: 337

عليه (1) أنه أخذ من شعر أو ظفر، و إنّما يجب التقصير متعيّنا (إذا كان سعي العمرة) أمّا في غيرها (2) فيتخيّر بينه و بين الحلق (من الشعر) متعلّق بالتقصير (3)، و لا فرق فيه بين شعر الرأس و اللحية (4) و غيرهما،(أو الظفر) (5) من اليد أو الرجل، و لو حلق بعض الشعر أجزأ، و إنّما يحرم حلق جميع الرأس، أو ما يصدق عليه (6) عرفا،(و به (7) يتحلّل من إحرامها) فيحلّ له جميع ما حرّم بالإحرام حتّى الوقاع.

**********

شرح:

(1)الضميران في قوله «عليه» و «أنه» يرجعان الى المسمّى.

قوله «أخذ» بصيغة المصدر لا الماضي، و المعنى هكذا: و المسمّى هو الذي يصدق عليه أنه أخذ من شعر أو ظفر.

(2)أي في غير عمرة التمتّع مثل العمرة المفردة، فلا يجب التقصير وجوبا تعيينيا بل يجب مخيّرا بينه و بين الحلق.

(3)يعني أنّ قوله «من الشعر» متعلّق بقوله «و يجب التقصير».

(4)اللحية - بكسر اللام -: شعر الخدّين و الذقن. (أقرب الموارد، المنجد).

و الضمير في قوله «لهما» يرجع الى الرأس و اللحية. يعني لا فرق في صحّة التقصير بين أخذ الشعر من الرأس و اللحية أو من سائر أعضاء البدن كالعانة و الإبط .

(5)بالكسر، عطفا على قوله «من الشعر» فلا فرق في التقصير من ظفر أصابع اليد أو الرجل.

(6)أي يصدق عليه الحلق عرفا.

(7)أي بالتقصير يخرج من إحرام العمرة فيحلّ له جميع المحرّمات بالإحرام حتّى الجماع بالنساء.

و قوله «الوقاع» يعني الجماع.

ص: 338

(و لو حلق) جميع رأسه عامدا عالما (فشاة) (1)، و لا يجزي عن التقصير للنهي (2)، و قيل: يجزي لحصوله (3) بالشروع، و المحرم متأخّر، و هو متّجه (4) مع تجدّد القصد، و ناسيا (5) أو جاهلا لا شيء عليه، و يحرم (6) الحلق و لو بعد التقصير،(و لو جامع (7) قبل التقصير عمدا فبدنة للموسر،)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الذي يحلق جميع رأسه بدل التقصير يرتكب الحرام و يجب عليه الفدية و هي الشاة.

(2)المراد من «النهي» هو النهي الوارد في الروايات المنقولة في الوسائل:

منها: عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و ليس في المتعة إلاّ التقصير. (الوسائل: ج 9 ص 542 ب 4 من أبواب التقصير ح 2).

و منها: عن إسحاق بن عمّار عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتّع أراد أن يقصّر فحلق رأسه، قال: عليه دم يهريقه. (المصدر السابق: ح 3).

(3)أي لحصول التقصير بالشروع في الحلق.

(4)يعني أنّ القول بالإجزاء عن التقصير متّجه في صورة تجدّد قصد الحلق لا القصد به ابتداء.

(5)فلو حلق تمام رأسه نسيانا أو جهلا بعدم الجواز فلا شيء عليه.

(6)و لا يخفى حرمة الحلق و لو بعد التقصير، لأنّ المتمتّع يجب عليه أن يؤخّره الى يوم النحر في منى.

(7)فاعل قوله «جامع» مستتر يرجع الى المعتمر. يعني لو جامع المعتمر النساء قبل التقصير عمدا وجب عليه البدنة.

البدنة - محرّكة - سمّيت بذلك لعظم بدنها و سمنها، و تقع على الجمل و الناقة و البقرة عند جمهور أهل اللغة و بعض الفقهاء، و خصّها جماعة بالإبل. (مجمع البحرين).

ص: 339

(و بقرة للمتوسط (1)، و شاة للمعسر)، و المرجع في الثلاثة (2) الى العرف بحسب حالهم (3) و محلّهم، و لو كان جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه.

(و يستحبّ التشبّه بالمحرمين بعده) (4) أي بعد التقصير بترك لبس المخيط و غيره كما يقتضيه إطلاق النصّ (5) و العبارة (6)، و في الدروس اقتصر على التشبّه (7) بترك المخيط ،(و كذا) يستحبّ

**********

شرح:

(1)هو الذي بين الموسر و المعسر عرفا.

(2)أي المرجع في تشخيص الثلاثة - الموسر و المتوسط و المعسر - هو العرف.

(3)فيمكن كون الشخص من أهل القرية بالنسبة الى حاله موسرا و لكن بالنسبة الى حال أهل البلاد متوسطا.

و كذلك بالنسبة الى محلّه، فيمكن كون الشخص بالنسبة الى مكّة معسرا و بالنسبة الى محلّ سكونته موسرا.

(4)يعني يستحبّ لمن خرج من الإحرام بالتقصير أن يتشبّه بالمحرمين بلبس ثوبي الإحرام و ترك ثوب المخيط و غيره ممّا يحرم على المحرم.

(5)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن حفص بن البختري عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ينبغي للمتمتّع بالعمرة الى الحجّ اذا أحلّ أن لا يلبس قميصا و ليتشبّه بالمحرمين. (الوسائل: ج 9 ص 545 ب 7 من أبواب التقصير ح 1).

(6)المراد من «إطلاق العبارة» هو قول المصنّف عليه السّلام «و يستحبّ التشبّه بالمحرمين بعده».

(7)يعني اقتصر المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس لمن خرج من الإحرام بالتقصير على ترك لبس المخيط فقط ، حيث قال: يستحبّ له التشبّه بالمحرمين في ترك لبس المخيط . (الدروس الشرعية: ج 1 ص 415).

ص: 340

ذلك (1)(لأهل مكّة في الموسم (2)) أجمع، أي موسم الحجّ ، أوّله وصول الوفود (3) إليهم محرمين و آخره العيد عند إحلالهم.

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو التشبّه. يعني يستحبّ لأهل مكّة أن يتشبّهوا بالمحرمين في أيّام الحجّ .

(2)الموسم: المجتمع، سمّي به لأنه معلم يجتمع إليه، و أكثر استعماله لوقت اجتماع الحاجّ و سوقهم في مكّة، جمعه: مواسم. (أقرب الموارد).

قوله «أجمع» بمعنى جميع أيّام موسم الحجّ .

(3)الوفود - بالضمّ ، جمع مفرده: الوفد بالفتح -: قوم يفدون على الملك. (أقرب الموارد).

يعني أول موسم الحجّ هو وصول الحجّاج محرمين الى مكّة و آخر الموسم يوم العيد اذا كان الوفود محلّين.

و الضمير في قوله «إحلالهم» يرجع الى الوفود.

ص: 341

الفصل الخامس في أفعال الحجّ

اشارة

(الفصل الخامس) (1) (في أفعال الحجّ )

**********

شرح:

أفعال الحجّ (1)أي الفصل الخامس من فصول كتاب الحجّ التي قال عنها «و فيه فصول».

و اعلم أنّ حجّ التمتّع مركّب من أعمال العمرة و أعمال الحجّ و قد نظّم الشيخ البهائي رحمه اللّه بيت شعر جمع فيه جميع أعمالهما برمز أول حرف منها، و هو:

أطرست للعمرة اجعل نهج*** أوو أرنحط رس طرمر لحجّ

يعني اجعل «اطرست» لمعرفة أعمال العمرة، و اجعل «أوو أرنحط رس طرمر» لمعرفة أعمال الحجّ .

توضيح لرموز العمرة:

ألف: رمز لإحرام العمرة من الميقات.

ر: رمز لركعتي الطواف للعمرة.

ط : رمز لطواف عمرة التمتّع.

س: رمز للسعي لعمرة التمتّع.

ت: رمز للتقصير لعمرة التمتّع.

توضيح لرموز الحجّ :

ألف: رمز لإحرام الحجّ من مكّة. ط : رمز لطواف الحجّ بعد الرجوع الى مكّة.

ص: 342

(و هي: (1) الإحرام، و الوقوفان (2)، و مناسك منى (3)، و طواف الحجّ ، و سعيه، و طواف النساء، و رمي الجمرات (4)، و المبيت (5) بمنى). و الأركان منها (6) خمسة: الثلاثة الاول و الطواف

**********

شرح:

و (1): رمز للوقوف في عرفات.

و: رمز لركعتي طواف الحجّ .

و (2): رمز للوقوف في المشعر.

س: رمز للسعي بين الصفا و المروة.

ألف: رمز للإفاضة من عرفات و المشعر.

ط : رمز لطواف النساء.

ر: رمز لرمي جمرة العقبة يوم النحر.

ر: رمز لركعتي طواف النساء.

ن: رمز للنحر في منى.

م: رمز للمبيت في منى.

ح: رمز لحلق الرأس في منى.

ر: رمز لرمي الجمرات الثلاث.

أقول: لا يخفى أنّ الشيخ البهائي رحمه اللّه عدّ في رموز شعره الإفاضة من عرفات و المشعر من الأعمال المستقلّة للحجّ ، و الحال أنها ليست عملا مستقلاّ بل مقدّمة للوقوفين المذكورين.

(1)الضمير يرجع الى أعمال الحجّ . و قد ذكرها الشارح رحمه اللّه إجمالا، و سيذكرها تفصيلا.

(2)أي الوقوف في عرفة و الوقوف في المشعر.

(3)و هي رمي جمرة العقبة و الهدي و الحلق في اليوم العاشر من ذي الحجّة.

(4)اي الجمرات الثلاثة: الاولى و الوسطى و العقبى في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر، و في الثالث عشر في بعض الحالات كما يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.

(5)بأن يبيت في ليالي الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر في بعض الحالات أيضا، كما يأتي تفصيل ذلك بعونه تعالى.

(6)يعني أنّ الأركان من الأعمال المذكورة خمسة: الإحرام، و الوقوف في عرفة، و الوقوف في المشعر، و الطواف للحجّ ، و السعي بين الصفا و المروة.

ص: 343

الأول (1) و السعي.

القول في الإحرام و الوقوفين

القول في الإحرام للحج

(القول (2) في الإحرام و الوقوفين) (يجب بعد التقصير الإحرام بالحجّ على المتمتّع) وجوبا موسّعا (3) الى أن يبقى للوقوف مقدار ما يمكن إدراكه (4) بعد الإحرام من محلّه،(و يستحبّ ) إيقاعه (يوم التروية (5)) و هو الثامن من ذي الحجّة، سمّي بذلك لأنّ الحاجّ

**********

شرح:

و لا يخفى أنّ المراد بالركن في الحجّ هو الذي يبطل النسك بنقصانه عمدا لا سهوا.

أمّا الركن في الصلاة فهو الذي تبطل الصلاة بنقصانه عمدا و سهوا.

قوله «الاول» بضمّ الهمزة و فتح الواو، جمع مفرده: الاولى، و هو مؤنّث، و المذكّر:

الأول، جمعه: أوائل.

(1)المراد من «الطواف الأول» هو طواف الحجّ فإنّ بعده طواف النساء فهو ليس من أركان الحجّ .

(2)هنا شرع في بيان أعمال الحجّ بالتفصيل، فبدأ ببيان أحكام الإحرام و الوقوفين، أي الوقوف بعرفة و الوقوف بالمشعر.

الإحرام للحجّ (3)يعني أنّ الإحرام للحجّ بعد الإحلال من العمرة ليس واجبا فوريا بل يكون زمانه موسّعا الى أن يتمكّن من إدراك وقوف عرفة من زوال اليوم التاسع من ذي الحجّة.

(4)الضمير في قوله «إدراكه» يرجع الى الوقوف، و في قوله «من محلّه» يرجع الى الإحرام، و المراد منه بلدة مكّة.

(5)يعني يستحبّ الإحرام في يوم التروية و هو الثامن من ذي الحجّة.

ص: 344

كان يتروّى الماء لعرفة من مكّة، إذ لم يكن بها (1) ماء كاليوم، فكان بعضهم (2) يقول لبعض: تروّيتم لتخرجوا (بعد صلاة الظهر) (3)، و في

**********

شرح:

التروية من تروّى تروّيا الرجل و الشجر من الماء: أي روي. و تروّى فلان: أي تفكّر. (أقرب الموارد).

و قد ذكروا في علّة تسمية اليوم الثامن من ذي الحجّة بيوم التروية وجهان، و قد ذكر الشارح رحمه اللّه أحدهما بقوله «لأنّ الحاجّ كان يتروّى الماء... الخ» معتمدا حسب الظاهر على الرواية الواردة في علل الشرائع:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته لم سمّي يوم التروية يوم التروية ؟ قال: لأنه لم يكن بعرفات ماء و كانوا يستقون من مكّة من الماء لربّهم و كان يقول بعضهم لبعض: تروّيتم تروّيتم، فسمّي يوم التروية لذلك. (علل الشرائع:

ص 435).

أمّا الوجه الثاني في تسمية اليوم الثامن من ذي الحجّة بيوم التروية بأنها - كما ذكرنا - بمعنى التفكّر، فإنّ إبراهيم عليه السّلام رأى في المنام ليلة الثامن من ذي الحجّة بأنه يؤمر بذبح ولده فتفكّر هل هو رؤيا من اللّه تعالى أم لا، فلمّا كانت الليلة التاسعة رآه أيضا فعرف أنه ليس برؤيا كاذبة بل صادقة من اللّه سبحانه، فسمّى اليوم التاسع يوم عرفة لأنّ إبراهيم عليه السّلام عرف كون رؤياه صادقة.

(راجع كشف اللثام: ص 350 الطبعة القديمة).

(1)الضمير في قوله «بها» يرجع الى عرفة. يعني لم يكن في عرفة آنذاك ماء بخلاف زماننا هذا، فإنّ الماء فيه كثير و الحمد للّه ربّ العالمين.

(2)يعني يقول بعض الحجّاج لبعض: تروّيتم لتخرجوا؟ و الجملة استفهامية. يعني هل أخذتم الماء لتخرجوا الى عرفات ؟

(3)يعني يستحبّ الإحرام للحجّ في اليوم الثامن بعد إقامة صلاة الظهر.

ص: 345

الدروس: بعد الظهرين (1) المتعقّبين لسنّة الإحرام الماضية. و الحكم (2) مختصّ بغير الإمام و المضطرّ، و سيأتي استثناؤهما (3)،(و صفته (4) كما مرّ) في الواجبات و المندوبات و المكروهات.

الوقوف بعرفة

(ثمّ الوقوف) (5) بمعنى الكون (بعرفة من زوال التاسع الى غروب)

**********

شرح:

(1)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس يستحبّ الإحرام بعد إقامة صلاة سنّة الإحرام ثمّ صلاة الظهر و العصر بعدها، أي يصلي ركعات الإحرام عند الزوال ثمّ فريضتي الظهر و العصر ثمّ يحرم بعدهما. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 415).

و صلاة سنّة الإحرام ستّ ركعات، و دونها في الفضيلة أربع ركعات، و دونها ركعتان، كما مرّ تفصيله في مستحبّات إحرام العمرة، فمن أراد أن يحصل مرتبة من مراتب الفضيلة فليأتي أحدا منها.

(2)المراد من «الحكم» هو استحباب الإحرام بعد صلاة الظهر أو الظهرين. يعني أنّ ذلك يختصّ بغير الإمام. و المراد من «الإمام» هو الذي كان مسئولا بامور الحجّاج، و هكذا يختصّ بغير المضطرّ و هو الذي يحتاج الى الخروج قبل الظهر.

(3)يعني و سيأتي استثناء الإمام و المضطرّ من استحباب إحرامهما بعد صلاة الظهر عند قوله رحمه اللّه «و الإمام يخرج الى منى قبل الصلاتين و كذا ذو العذر» فإنّهما يخرجان قبل الظهر و يصلّيان صلاتي الظهر و العصر في منى.

(4)يعني أنّ صفة الإحرام من حيث الأحكام الواجبة و المستحبّة و المكروهة كما مرّت في خصوص إحرام العمرة. (راجع الفصل الرابع من هذا الكتاب).

الوقوف بعرفة (5)أي أنّ الحاجّ اذا أحرم وجب عليه بعد الإحرام المكث في عرفة من زوال اليوم التاسع الى غروبه الشرعي و هو ذهاب الحمرة المشرقية لا استتار الشمس.

و قوله «بمعنى الكون» إشارة الى عدم الفرق قائما أو راكبا أو جالسا.

ص: 346

(الشمس مقرونا بالنية) (1) المشتملة على قصد الفعل المخصوص، متقرّبا بعد

**********

شرح:

(1)يعني يجب في صحّة الوقوف النية، بأن ينوي مثلا الوقوف لحجّ التمتّع أو الإفراد و القران قربة الى اللّه تعالى. و المراد من «الفعل المخصوص» هو الوقوف لحجّ التمتّع مثلا، بأن يقصده في نيته لكونه مقرّبا له الى اللّه تعالى.

عرفة - محرّكة بالفتح - جبل يقال بينه و بين مكّة نحو تسعة أميال، و هي ممنوعة من الصرف للعلمية و التأنيث. و يوم عرفة: التاسع من ذي الحجّة.

عرفات: موقف الحاجّ على اثني عشر ميلا من مكّة، و هي اسم في لفظ الجمع، فلا يجمع معرفة لأن الأماكن لا تزول، فصارت كالشيء الواحد.

و قال في المصباح: و يعرب (أي عرفات) إعراب مسلمات و مؤمنات، و التنوين يشبه تنوين المقابلة، كما في باب مسلمات، و لهذا لا يدخلها الألف و اللام.

و بعضهم يقول: عرفة هي الجبل، و عرفات جمع عرفة تقديرا لأنه يقال: وقفت بعرفة كما يقال: بعرفات. (أقرب الموارد).

أقول: عرفة هو واد يقع على بعد 24 كيلومتر من شمال مكّة، و هو خارج من حدّ الحرم، و قد ذكروا في وجه تسميتها بلفظ «عرفة» وجوها:

الأول: ما ذكرنا في وجه تسمية التروية، بأنّ إبراهيم كان يوم الثامن من ذي الحجّة قد تفكّر و تردّد في كون رؤياه صادقة أم لا، فلمّا رآها ليلة التاسع عرف أنّ رؤياه من جانب اللّه تعالى و ليس ما رآه من جانب الشيطان.

(راجع مجمع البيان: ج 1 ص 295).

الثاني: ما رواه الشيخ الصدوق قدّس سرّه في العلل:

عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن عرفات لم سمّيت عرفات ؟ فقال: إنّ جبرئيل عليه السّلام خرج بإبراهيم صلوات اللّه عليه يوم عرفة، فلمّا زالت الشمس قال له جبرئيل: يا إبراهيم، اعترف بذنبك و اعرف مناسكك، فسمّيت

ص: 347

تحقّق الزوال (1) بغير فصل، و الركن من ذلك (2) أمر كلّي، و هو جزء من مجموع الوقت بعد النية و لو سائرا (3)، و الواجب الكلّ (4)،(و حدّ عرفة من بطن عرنة (5)) بضمّ العين المهملة و فتح الراء و النون

**********

شرح:

عرفات لقول جبرئيل عليه السّلام: اعترف، فاعترف. (علل الشرائع: ص 436).

الثالث: سمّيت بذلك لأنّ آدم عليه السّلام قد فارق زوجته حواء في مدّة طويلة بعد الخروج من الجنّة، ففي اليوم التاسع لاقاها و كانت المعارفة بينهما. (عن حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

و قال الفاضل الهندي قدّس سرّه: سمّيت بها لمعرفة آدم عليه السّلام حواء في هذه، أو إبراهيم عليه السّلام إسماعيل فيها، أو لمعرفة إبراهيم عليه السّلام أنّ ما رآه من ذبح ولده أمر من اللّه تعالى، أو لقول جبرئيل عليه السّلام فيها لأحدهما: أ عرفت ؟ يعني المناسك، أو لأمر آدم عليه السّلام أو الناس بالاعتراف فيها بالذنوب. (كشف اللثام: ص 353 الطبعة القديمة).

(1)قوله «بعد تحقّق الزوال» ظرف للنية. يعني تجب النية بعد تحقّق زوال اليوم التاسع بلا فصل بين النية و الزوال، بأن لا يتراخى بالنية بل يوقعها في أول الزوال.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الوقوف من الزوال الى الغروب في اليوم التاسع. يعني أنّ الركن من مجموع ذلك الوقت أمر كلّي، و الكلّي يتحقّق بوجود أفراده و لو كان فردا واحدا، فلو حصل الوقوف و لو في لحظة من الزوال الى الغروب حصل الركن.

(3)أي و لو كان الوقوف في جزء من الوقت المذكور في حال السير أو الركوب.

(4)يعني أنّ الواجب هو الوقوف في كلّ الوقت المعيّن من الزوال الى الغروب، لكن الركن هو الجزء من ذلك، فلو ترك الوقوف في الكلّ عمدا حكم البطلان لا في مقدار من المجموع.

(5)العرنة - بضمّ العين و فتح الراء على وزن همزة، و في لغة بضمّتين -: واد بحذاء

ص: 348

(و ثويّة) (1) بفتح المثلثة و كسر الواو و تشديد الياء المثناة من تحت المفتوحة،(و نمرة) (2) بفتح النون و كسر الميم و فتح الراء، و هي (3) و هي بطن عرنة، فكان يستغنى عن التحديد بها (الى الأراك) (4) بفتح الهمزة (الى ذي)

**********

شرح:

عرفات، و بتصغيرها سمّيت عرينة، و هي قبيلة ينسب إليها العرنيون.

و قال السمعاني: ظنّي أنها واد بين عرفات و منى.

و قيل: إنّه موضع بين العلمين الذين بهما حدّ عرفة، و العلمين الذين هما حدّ الحرم.

(كشف اللثام: ص 353 الطبعة القديمة).

فعلى هذا أنّ عرنة حدّ يعرف بها عرفة، فهي ليست بموقف بل الوقوف من داخلها يصحّ لا في نفسها.

(1)الثويّة: بفتح الثاء و تشديد الياء كما في كتاب السرائر. و قال صاحب كشف اللثام: لم أظفر لها في كتاب اللغة بمميّز.

(2)نمرة: بفتح النون و كسر الميم.

قال صاحب كشف اللثام: يجوز إسكان ميمها، و هي الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك اذا خرجت من المأذنين تريد الموقف، و في الأخبار أنها بطن عرنة، فلعلّها يقال عليهما و لو على أحدهما بالمجاورة. (كشف اللثام: ص 353 الطبعة القديمة).

(3)الضمير يرجع الى نمرة. فبناء على كونها بطن عرنة كان المصنّف رحمه اللّه يستغني عن إتيانها لأنّ التحديد بعرنة يغني عن ذكرها.

(4)يعني حدّ عرفة من بطن عرنة و ثويّة الى الأراك. و المراد هنا حدّ لعرفة من ناحية الشام قرب نمرة كما عن بعض المعاصرين.

الأراك - بفتح الأول -: شجر من الحمص يستاك بقضبانه، الواحدة: أراكة، و جمعه: ارك و أرائك. (أقرب الموارد).

ص: 349

(المجاز) (1)، و هذه المذكورات (2) حدود لا محدود فلا يصحّ الوقوف بها.

(و لو أفاض) (3) من عرفة (قبل الغروب عامدا و لم يعد (4) فبدنة، فإن عجز (5) صام ثمانية عشر يوما) سفرا أو حضرا، متتابعة و غير متتابعة في أصحّ القولين (6)، و في الدروس أوجب فيها المتابعة هنا (7)، و جعلها في الصوم (8) أحوط ،

**********

شرح:

(1)ذو المجاز: و هو سوق كانت على فرسخ من عرفة بناحية كبكب. (كشف اللثام:

ص 353 الطبعة القديمة).

(2)يعني أنّ بطن عرنة و ثويّة الى الأراك و ذي المجاز إنّما هي حدود لمحلّ الوقوف و ليست من نفس عرفة، فلا يجوز للحاجّ الوقوف بها.

(3)أفاض: من فاض السيل يفيض فيضا: أي كثر، و سال من ضفة الوادي.

(أقرب الموارد). فكان الحجّاج يسيلون من عرفة و المشعر بعد الاجتماع و يخرجون منهما.

(4)يعني لو خرج من عرفة عمدا قبل الغروب و لم يعد إليها وجب عليه الفدية و هي البدنة، و هي محرّكة بمعنى الإبل العظيم، سمّيت بها لعظم جثّتها، و الجمع: بدن و هي في سنّ الخامسة الى السادسة، و المراد هنا ذبح بعير أو ناقة.

(5)يعني فإن عجز الخارج من عرفة قبل الغروب عن تفديته البدنة وجب عليه صوم ثمانية عشر يوما.

(6)في مقابله القول بوجوب المتابعة في الصوم المذكور كما في الدروس. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 419).

(7)المشار إليه في قوله «هنا» هو باب الحجّ . يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس أوجب المتابعة في باب الحجّ . (الدروس الشرعية: ج 1 ص 295).

(8)يعني جعل المصنّف رحمه اللّه المتابعة في الصوم المذكور في باب الصوم من كتاب الدروس أحوط .

ص: 350

و هو (1) أولى. و لو عاد قبل الغروب فالأقوى (2) سقوطها و إن أثم، و لو كان ناسيا أو جاهلا فلا شيء عليه إن لم يعلم بالحكم قبل الغروب (3)، و إلاّ وجب العود مع الإمكان، فإن أخلّ (4) به فهو عامد. و أمّا العود بعد الغروب فلا أثر له (5).

(و يكره الوقوف على الجبل) بل في أسفله بالسفح (6)(و قاعدا) أي الكون بها قاعدا (و راكبا)، بل واقفا و هو الأصل (7) في إطلاق الوقوف

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى القول بالاحتياط . يعني أنّ القول بالاحتياط أولى.

(2)أي لو عاد الى عرفة قبل الغروب فالأقوى سقوط البدنة و بدلها.

وجه الأولوية هو إتيانه بالواجب و هو الوقوف الى الغروب، كمن تجاوز عن الميقات غير محرم ثمّ عاد و أحرم مع أصالة البراءة من وجوب الفدية عند الشكّ .

و في مقابلة القول بعدم السقوط ، فعن كتاب النزهة أنّ سقوط الكفّارة بعد الثبوت يفتقر الى دليل، و ليس الدليل موجودا.

و الضمير في قوله «سقوطها» يرجع الى البدنة و بدلها.

(3)كما اذا خرج من عرفة و لا يعلم حكم عدم جواز الخروج قبل الغروب فلا شيء عليه، لكنّه لو علم الحكم وجب حينئذ عليه العود إليها عند الإمكان.

(4)يعني لو لم يعد عند التمكّن من العود إليها فيكون كمن ترك البقاء الى الغروب عمدا، فيجب عليه الكفّارة و هي البدنة، أو بدلها و هو صوم ثمانية عشر يوما.

(5)فإذا خرج من عرفة قبل الغروب و عاد إليها بعد الغروب فلا تأثير للعود.

(6)السفح - بالفتح -: عرض الجبل المضطجع، و قيل: أصله، و قيل: أسفله حيث يغلظ و يسفح فيه الماء. (أقرب الموارد).

(7)يعني أنّ الأصل في الوقوف هو الكون في حالة القيام لا الجلوس و لا الركوب،

ص: 351

على الكون إطلاقا لأفضل أفراده عليه.(و المستحبّ المبيت بمنى (1) ليلة التاسع الى الفجر)، احترز بالغاية (2) عن توهّم سقوط الوظيفة بعد نصف الليل كمبيتها ليالي التشريق،(و لا يقطع محسّرا) (3) بكسر السين، و هو (4) حدّ منى الى جهة عرفة (حتّى تطلع الشمس، و الإمام (5) يخرج) من مكّة

**********

شرح:

و إطلاق الوقوف على الكون هو من باب إطلاق أفضل الأفراد لما هو أعمّ منه، فالوقوف قائما هو أفضل أفراد الكون.

(1)يعني يستحبّ للحاجّ أن يبيت في منى ليلة التاسع من ذي الحجّة الى الفجر، و لا يخفى بأنّ منى كانت في طريق عرفة للقادم من مكّة.

(2)المراد من «الغاية» هو قوله «الى الفجر» فاحترز بذكرها عن توهّم هو أنّ الاستحباب يسقط بعد النصف، كما أنّ حكم الوجوب بمنى في ليالي التشريق - الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر - يسقط بتنصيف الليل، بل الاستحباب في هذا المبيت المستحبّ في منى غايته طلوع الفجر.

التشريق: مصدر، شرق اللحم، أي قدّده، و منه أيّام التشريق و هي ثلاثة أيّام بعد يوم النحر، لأنّ لحوم الأضاحي تشرّق فيها، أي تشرّر في الشمس. (أقرب الموارد، المنجد).

(3)يعني يستحبّ للحاجّ أن لا يقطع وادي محسّر قبل طلوع الشمس.

(4)الضمير يرجع الى محسّر.

محسّر - بضمّ الميم و فتح الحاء و كسر السين المشدّد، وزان منجّم -: هو واد قرب المزدلفة بين عرفات و منى. (أقرب الموارد).

سمّي به لأنّ فيه فيل أبرهة أوقع أصحابه في الحسرة أو الإعياء لما جهدوا أن يتوجّه الى الكعبة فلم يفعل. (كشف اللثام: ص 353 الطبعة القديمة، و راجع المصباح المنير).

(5)ليس المراد من «الإمام» هنا هو المعصوم عليه السّلام بل المراد منه هو من يتكفّل

ص: 352

(الى منى قبل الصلاتين) الظهرين يوم التروية ليصليهما (1) بمنى، و هذا كالتقييد (2) لما أطلقه سابقا من استحباب إيقاع الإحرام بعد الصلاة المستلزم (3) لتأخّر الخروج عنها،(و كذا ذو العذر) كالهمّ (4) و العليل و المرأة و خائف الزحام (5)، و لا يتقيّد خروجه بمقدار الإمام (6) كما سلف، بل له التقدّم بيومين و ثلاثة.

**********

شرح:

امور الحجّاج مثل أمير الحاجّ ، فهو يخرج من مكّة قبل إقامة الظهرين يوم التروية و هو الثامن من ذي الحجّة الى منى.

(1)يعني أنّ الإمام يصلّي صلاة الظهر و العصر في منى.

(2)يعني أنّ قول المصنّف رحمه اللّه هنا «و الإمام يخرج الى منى قبل الصلاتين» مثل التقييد لقوله سابقا «و يستحبّ [الإحرام] يوم التروية بعد صلاة الظهر» لأنّ كلامه سابقا في خصوص استحباب الإحرام، و التقييد هنا في خصوص الخروج من مكّة قبل الظهر، فليس بتقييد حقيقي، بل هو باعتبار أنّ المحرم بعد إحرامه يخرج من مكّة الى عرفات فقال ما معناه: إلاّ الإمام فإنّه يخرج قبل الظهر.

(3)فإنّ الإحرام بعد صلاة الظهر مستلزم للخروج من مكّة بعد صلاة الظهر.

و الضمير في قوله «عنها» يرجع الى الصلاة.

(4)الهمّ - بالكسر -: الشيخ الفاني، جمعه: أهمام. (أقرب الموارد).

(5)الزحام - بكسر الزاء - مصدر من زحمه زحما و زحاما: ضايقه و دافعه في مضيق. (أقرب الموارد).

(6)يعني أنّ جواز خروج ذوي الأعذار لا يتقيّد بالمقدار الذي يستحبّ خروج الإمام فيه و هو قبل إقامة الظهرين، بل يجوز لهم الخروج و لو قبل اليوم الثامن بيوم أو بيومين.

قوله «كما سلف» إشارة الى قوله «و الإمام يخرج الى منى قبل الصلاتين».

ص: 353

(و الدعاء (1) عند الخروج إليها) أي الى منى في ابتدائه،(و) عند الخروج (منها) الى عرفة،(و فيها) (2) بالمأثور (3)،(و الدعاء بعرفة) بالأدعية المأثورة (4) عن أهل البيت عليهم السّلام، خصوصا دعاء الحسين و ولده (5) زين العابدين عليهما السّلام،(و إكثار الذكر للّه تعالى) بها،(و ليذكر)

**********

شرح:

(1)يعني يستحبّ الدعاء في وقت الخروج الى منى ابتداء، و كذلك يستحبّ عند الخروج منها الى عرفة.

(2)يعني يستحبّ الدعاء في منى عند قصده عرفة.

و الحاصل: أنّ الدعاء يستحبّ في ثلاثة مواضع:

الأول: عند الخروج الى منى ابتداء.

الثاني: عند كونه في منى.

الثالث: عند الخروج من منى.

(3)هذا قيد للدعاء في المواضع الثلاثة المذكورة، بمعنى أنّ الدعاء يستحبّ بما هو منقول، فمن أراده فليراجع وسائل الشيعة (ج 10 ص 7 ب 6 من أبواب إحرام الحجّ ).

(4)أي المنقولة عن الأئمة المعصومين عليهم السّلام، فمن أرادها فليراجع الوسائل (ج 10 ص 15 ب 14 من أبواب الحجّ ).

(5)بالكسر، يعني خصوصا دعاء ولد الحسين عليه السّلام و هو الإمام زين العابدين عليه السّلام.

و المراد منه هو الدعاء السابع و الأربعين من أدعية الصحيفة السجّادية، و هو يحتوي على جميع مطالب الدنيا و الآخرة.

أمّا المراد من «دعاء الحسين عليه السّلام» فهو الدعاء المعروف بدعاء عرفة المنقول في كتب الأدعية مثل كتاب الإقبال للسيّد ابن طاوس رحمه اللّه و زاد المعاد للمجلسي رحمه اللّه و مفاتيح الجنان للشيخ عبّاس القمّي رحمه اللّه فمن أراد ذلك فليراجع.

و لا يسعني إلاّ و أن أذكر - تبرّكا - بعض الروايات الحاثّة و المشوّقة للدعاء عند

ص: 354

(إخوانه بالدعاء، و أقلّهم (1) أربعون).

**********

شرح:

الوقوف في عرفة و المنقولة في الوسائل:

منها: عن سفيان بن عينية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف فقال: أ ترى يجيب اللّه هذا الخلق كلّه ؟ فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلاّ غفر اللّه له مؤمنا كان أو كافرا، إلاّ أنهم في مغفرتهم على ثلاث منازل: مؤمن غفر اللّه ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر و أعتقه من النار، و ذلك قوله عزّ و جلّ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النّارِ * أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا وَ اللّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (1) . (البقرة: 201 و 202). و منهم من غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و قيل له: أحسن فيما بقي من عمرك، و ذلك قوله عزّ و جلّ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (2) .

(البقرة: 203). يعني من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه و من تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى الكبائر... الخ. (الوسائل: ج 10 ص 21 ب 18 من أبواب إحرام الحجّ ح 1).

و منها: رواية رواها الشيخ الصدوق رحمه اللّه، قال: روي أنّ من أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفات ثمّ ظنّ أنّ اللّه لم يغفر له. (المصدر السابق: ح 2).

(1)يعني أنّ أقلّ عدد يستحبّ الدعاء في حقّهم من الإخوان المؤمنين هو أربعون.

و لا يخفى الخصوصية في عدد أربعين، فقد ذكروا الخصوصية في مواضع كثيرة نشير ببعض منها كما نقل من كتاب النجم الثاقب للمحدّث النوري رحمه اللّه.

الأول: قد بعث النبي صلّى اللّه عليه و آله في كمال الأربعين من عمره الشريف كما هو المشهور.

الثاني: مدّة ميقات موسى عليه السّلام في طول أربعين ليلة.

الثالث: أمر اللّه تعالى رسوله صلّى اللّه عليه و آله بالهجر عن زوجته خديجة أربعين ليلة لولادة بنتها الزهراء عليها السّلام.

الرابع: توفيق التشرّف لحضور بقية اللّه الأعظم بالبيتوتة في مسجد السهلة كما

ص: 355


1- سوره 2 - آیه 201
2- سوره 2 - آیه 203

روى الكليني (1) عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه قال: رأيت عبد اللّه بن جندب بالموقف، فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه (2)، ما زال مادّا يده الى السماء و دموعه تسيل على خدّيه حتّى تبلغ الأرض، فلمّا انصرف الناس قلت: يا أبا محمّد، ما رأيت موقفا قطّ أحسن من موقفك، قال: و اللّه ما دعوت فيه إلاّ لإخواني، و ذلك لأنّ أبا الحسن موسى عليه السّلام أخبرني أنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش:

و لك مائة ألف ضعف مثله، و كرهت أن أدع مائة ألف ضعف لواحدة لا

**********

شرح:

هو المشهور.

الخامس: من أخلص للّه تعالى عبادة أربعين صباحا أجرى اللّه تعالى له ينابيع العلم و الحكمة.

السادس: تأثير قضاء الحاجة بالدعاء أربعين يوما.

السابع: البكاء أربعين يوما يوجب رفع المعاصي الكبيرة و قبول التوبة.

الثامن: أنّ النطفة تنقلب بالعلقة بعد أربعين يوما.

التاسع: الدعاء لأربعين مؤمنا يوجب استجابة الدعاء، كما ورد في صلاة الوتر.

العاشر: ورود زيارة مخصوصة لأربعين الامام الحسين عليه السّلام، رزقنا اللّه تعالى في الدنيا زيارته و في الآخرة شفاعته.

(1)الرواية منقولة في (الكافي: ج 4 ص 465 ح 7، و في الوسائل: ج 10 ص 20 ب 17 من أبواب إحرام الحجّ ح 1) إلاّ أنّ فيهما اختلاف يسير.

جندب: بالجيم المضمومة و النون الساكنة و الدال المهملة المفتوحة و الباء الموحدة، كما في الصحاح.

(2)المراد من «الموقف» هو الوقوف في عرفة. يعني أنه وقف فيها بحال أحسن بحيث يمدّ يده الى اللّه تعالى و يجري دمعه على خدّه.

ص: 356

أدري تستجاب أم لا.

و عن عبد اللّه بن جندب (1) قال: كنت في الموقف، فلمّا أفضت أتيت إبراهيم بن شعيب، فسلّمت عليه و كان مصابا بإحدى عينيه (2)، و إذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم، فقلت له: قد أصبت بإحدى عينيك و أنا و اللّه مشفق على الاخرى، فلو قصرت من البكاء قليلا، قال: لا و اللّه يا أبا محمّد ما دعوت لنفسي اليوم دعوة، قلت: فلمن دعوت ؟ قال:

دعوت لإخواني، لأني سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل اللّه به ملكا يقول: و لك مثلاه، فأردت أن أكون أنا أدعو لإخواني و الملك يدعو لي، لأنّي في شكّ من دعائي لنفسي، و لست في شكّ من دعاء الملك لي.

(ثمّ يفيض) (3) أي ينصرف، و أصله الاندفاع بكثرة، أطلق على الخروج من عرفة لما يتّفق فيه من اندفاع الجمع الكثير منه كإفاضة الماء (4)، و هو متعدّ لا لازم، أي يفيض نفسه (بعد غروب الشمس) المعلوم

**********

شرح:

(1)الرواية منقولة في المصدرين السابقين (الكافي: ح 9، الوسائل: ح 3). عن إبراهيم بن أبي البلاد أو عبد اللّه بن جندب. إلاّ أنّ فيهما اختلاف يسير.

(2)يعني أنّ إبراهيم بن شعيب كانت إحدى عينيه معيوبة، و كان قد بكى بعينه الاخرى و قد احمرّت عينه السالمة من شدّة البكاء كأنها علقة.

(3)قد مرّ التوضيح في معنى الإفاضة في ص 350 هامش 3.

(4)فإنّ معنى الفيض في اللغة هو سيل الماء من الكثرة، فشبّه سيل الحجّاج بعد الاجتماع في وادي عرفة بأنهم يسيلون بعد الاجتماع بالماء الذي يسيل بعد

ص: 357

بذهاب الحمرة المشرقية (1) بحيث لا يقطع حدود عرفة (2) حتّى تغرب (الى المشعر) (3) الحرام،(مقتصدا) (4) متوسّطا (في سيره، داعيا اذا بلغ الكثيب (5) الأحمر) عن يمين الطريق (6) بقوله:(اللّهمّ ارحم موقفي (7)، و زد)

**********

شرح:

الاجتماع في الوادي.

و قوله «يفيض» فعل مضارع من باب الإفعال.

(1)فإنّ المراد من غروب الشمس ليس استتاره بل المراد هو الغروب الشرعي و هو ذهاب الحمرة المشرقية.

(2)يعني لا يجوز له أن يخرج من حدود عرفة حتّى يحصل الغروب الشرعي.

(3)المشعر - بفتح الميم و سكون الشين و فتح العين -: جبل بآخر مزدلفة و اسمه قزح، جمعه: مشاعر. (المصباح المنير).

و لا يخفى أنه الثالث من أعمال الحجّ ، و هو واد بين عرفة و مكّة، و المسافة بينها و بين عرفة 12 كيلومترا، و بينها و بين مكّة 12 كيلومترا أيضا.

و سمّي به لإقامة شعائر اللّه فيه، و الحرام بمعنى الحرمة و الاحترام.

(4)حال من قوله «ثمّ يفيض». يعني أنّ الحاجّ بعد الوقوف في عرفة يذهب الى المشعر معتدلا في مشيه، و اذا بلغ الكثيب الأحمر يدعو اللّه تعالى بدعاء منقول.

(راجع الوسائل: ج 11 ص 34 ب 1 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1).

(5)الكثيب - بفتح الكاف بعده الثاء المثلّث -: التلّ من الرمل. سمّي به لأنه انكثب أي انصبّ في مكان فاجتمع فيه. (الصحاح، أقرب الموارد).

(6)يعني أنّ الكثيب الأحمر يقع في طرف اليمين من الطريق الذي بين عرفة و المشعر.

(7)يعني اللّهمّ تقبّل منّى وقوفي في المشعر. و هذا الدعاء رواه معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السّلام. (راجع الوسائل: ج 10 ص 34 ب 1 من أبواب الوقوف بالمشعر

ص: 358

(في عملي، و سلّم لي ديني، و تقبّل مناسكي. اللّهمّ لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف، و ارزقنيه أبدا ما أبقيتني).

الوقوف بالمشعر

(ثمّ يقف به) (1) أي يكون بالمشعر (ليلا الى طلوع الشمس (2)، و الواجب الكون) واقفا كان أم نائما أم غيرهما من الأحوال (3)(بالنية) عند وصوله (4)، و الأولى تجديدها (5) بعد طلوع الفجر لتغاير الواجبين (6)، فإنّ الواجب الركني منه اختيارا المسمّى فيما بين طلوع

**********

شرح:

ح 1). و فيه الى قوله عليه السّلام «و تقبّل مناسكي». أمّا قوله عليه السّلام «اللّهمّ ارحم موقفي... الخ» فقد ورد في رواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السّلام. (راجع التهذيب: ج 5 ص 287 ح 622). و فيه «و ارزقنيه من قابل أبدا ما أبقيتني».

الوقوف بالمشعر (1)يعني يجب عليه الوقوف في المشعر. و الضمير في قوله «به» يرجع الى المشعر.

و المراد من الوقوف ليس كونه واقفا و قائما، بل المراد هو كونه في المشعر كما قلنا في الوقوف في عرفة، بلا فرق بين حالة الركوب و السير و النوم و غيرها.

(2)فلا يجوز له أن يخرج من المشعر قبل طلوع الشمس.

(3)مثل الوقوف في حال السير أو الركوب.

(4)بأن ينوي الوقوف و مشخّصاته للحجّ تمتّعا و غيره اذا وصل الى المشعر.

(5)الضمير في قوله «تجديدها» يرجع الى النية. يعني اذا طلع الفجر الصادق وجب عليه أن يجدّد نية الوقوف.

(6)المراد من «الواجبين» هو الواجب الركني و الواجب غير الركني، و الأول هو المسمّى من الوقوف و لو قليلا بين الطلوعين، و الثاني هو الوقوف في باقي ليلة العاشر.

ص: 359

الفجر الى طلوع الشمس، و الباقي واجب لا غير كالوقوف (1) بعرفة.

(و يستحبّ إحياء تلك الليلة) (2) بالعبادة (و الدعاء و الذكر و القراءة) فمن أحياها لم يمت قلبه يوم تموت القلوب،(و وط ء (3) الصرورة المشعر برجله)، و لو في نعل أو ببعيره. قال المصنّف في الدروس: و الظاهر أنه (4)

**********

شرح:

(1)كما أنّ الواجب الركني في وقوف عرفة هو مسمّى الوقوف بين الزوال و الغروب الشرعي كذلك الحال في الوقوف في المشعر الحرام بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس من اليوم العاشر.

(2)أي الليلة العاشرة من ذي الحجّة التي يقف الحجّاج في المشعر. و المراد من «الإحياء» هو إحياء القلب بالدعاء و الذكر كما ورد في رواية منقولة في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث): إن استطعت أن تحيي قلبك الليلة فافعل، فانّه بلغنا أنّ أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين، لهم دويّ كدويّ النحل، يقول اللّه جلّ ثناؤه: أنا ربّكم و أنتم عبادي، أدّيتم حقّي، و حقّ عليّ أن أستجيب لكم، فيحطّ تلك الليلة عمّن أراد أن يحطّ عنه ذنوبه، و يغفر لمن أراد أن يغفر له. (الوسائل: ج 10 ص 44 ب 10 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1).

(3)الوط ء: من وطأ يطأ وط ء: هيّأه و دمّثه و سهّله. وطئه برجله: علاه بها و داسه.

(أقرب الموارد).

و المراد من «الصرورة» هو الحاجّ الذي لم يحجّ قبل ذلك بل كان أول حجّه.

يعني يستحبّ أن يطأ الصرورة برجله المشعر بلا نعل أو معه أو بالإبل الذي ركبه.

(4)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى المشعر. يعني أنّ المراد من المشعر الذي

ص: 360

المسجد الموجود الآن،(و الصعود على قزح) (1) بضمّ القاف و فتح الزاي المعجمة، قال الشيخ رحمه اللّه: هو المشعر الحرام (2)، و هو جبل هناك يستحبّ الصعود عليه،(و ذكر اللّه عليه (3))، و جمع (4) أعمّ منه.

مسائل
اشارة

مسائل (5)

كلّ من الموقفين ركن

(كلّ (6) من الموقفين ركن) و هو مسمّى الوقوف في كلّ منهما (7)(يبطل الحجّ بتركه عمدا، و لا يبطل) بتركه (سهوا) كما هو حكم أركان الحجّ

**********

شرح:

يستحبّ أن يطأه برجله هو المسجد الموجود الآن كما قاله المصنّف في الدروس.

(راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 422).

(1)و يستحبّ للحاجّ أن يصعد على جبل قزح وزان صرد.

(2)قال الشيخ الطوسي رحمه اللّه بأنّ القزح هو المشعر الحرام، و هو جبل في محلّ الوقوف يستحبّ أن يصعد عليه الحاجّ و يطأه.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى قزح. يعني يستحبّ ذكر اللّه على جبل قزح.

(4)يعني و لفظ «جمع» أعمّ من المشعر، فإنّه يشمل المشعر الذي قال الشيخ رحمه اللّه هو القزح و قال المصنّف هو المسجد الذي في الموقف. فالجمع هو مجموع المكان الذي يجوز الوقوف بأيّ نقطة شاء منها.

مسائل (5)يعني أنّ هنا مسائل عديدة.

(6)يعني أنّ كلاّ من الوقوفين في عرفة و المشعر ركن، و قد ذكرنا سابقا بطلان الحجّ بتركه عمدا لا سهوا.

(7)يعني أنّ الركن هو المسمّى من الوقوف في عرفة و الوقوف في المشعر.

ص: 361

أجمع (1).

(نعم لو سها عنهما (2)) معا (بطل)، و هذا الحكم مختصّ بالوقوفين و فواتهما أو أحدهما لعذر (3) كالفوات سهوا.

لكلّ من الموقفين اختياري و اضطراري

(و لكلّ ) من الموقفين (اختياري (4) و اضطراري، فاختياري عرفة ما بين الزوال و الغروب (5)، و اختياري المشعر ما بين طلوع الفجر (6) و طلوع الشمس، و اضطراري عرفة (7) ليلة النحر) من الغروب الى الفجر، (و اضطراري المشعر) (8) من طلوع شمسه (الى زواله).

**********

شرح:

(1)فهذا الحكم للركن في الحجّ لا يختصّ بالوقوفين، بل يعمّ جميع أركانه، مثل الإحرام و الطواف و السعي أيضا.

(2)الضمير في قوله «عنهما» يرجع الى الوقوف في عرفة و المشعر. يعني لو تركهما معا سهوا وجب البطلان، و هذا الحكم مختصّ بهما.

(3)فلو فات أحد الوقوفين بالعذر لا يبطل الحجّ ، و لو فات كلاهما بالعذر بطل الحجّ .

(4)المراد من «الاختياري» هو الذي يكون واجبا في الاختيار، و «الاضطراري» هو الذي يكفي في صحّة الحجّ عند الاضطرار.

(5)يعني بين الزوال و الغروب الشرعي في اليوم التاسع.

(6)أي بين الطلوعين من اليوم العاشر من ذي الحجّة.

(7)الوقوف الاضطراري لعرفة هو الوقوف في ليلة العاشر من ذي الحجّة - و هي ليلة النحر، لكون نحر الهدي في يومه - من غروبها الى طلوع الفجر منها.

(8)الوقوف الاضطراري للمشعر من طلوع شمس يوم النحر - و هو اليوم العاشر - الى زواله.

و الضميران في قوله «شمسه» و «زواله» يرجعان الى يوم النحر.

ص: 362

و له (1) اضطراري آخر أقوى منه (2)، لأنه مشوب بالاختياري، و هو (3) اضطراري عرفة ليلة النحر، و وجه شوبه اجتزاء المرأة (4) به اختيارا، و المضطرّ (5) و المتعمّد مطلقا مع جبره (6) بشاة، و الاضطراري (7) المحض ليس كذلك، و الواجب من الوقوف الاختياري الكلّ (8)، و من

**********

شرح:

(1)أي أنّ للمشعر وقوف اضطراري آخر أقوى من الاضطراري المذكور، و هو الوقوف من غروب ليلة النحر الى الفجر. أمّا كونه أقوى من الأول فلأنه مختلط بالوقوف الاختياري، لأنّ المرأة و المضطرّ بل المتعمّد مطلقا يجوز لهم الوقوف في ليلة النحر الى الفجر مع جبر المتعمّد بشاة.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الاضطراري المذكور، و في قوله «لأنه» يرجع الى الاضطراري الأخير.

(3)الضمير يرجع الى اضطراري آخر. و المراد من «اضطراري عرفة» هو ما ذكره بقوله رحمه اللّه «و اضطراري عرفة ليلة النحر».

(4)يعني يجوز للمرأة الاكتفاء بالوقوف في ليلة النحر الى فجره اختيارا بلا اضطرار.

(5)بالكسر، عطفا على قوله «المرأة» و كذلك المتعمّد.

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق لمن وقف في المشعر الى الفجر و أفاض منه قبله اختيارا بين الرجل و المرأة، إلاّ أنّ المرأة و المضطرّ لا يجب عليهما الجبران بشاة، أمّا الرجل المتعمّد فإنّه يجب عليه الجبران بشاة.

(6)الضمير في قوله «جبره» يرجع الى المتعمّد، لأنّ المرأة المتعمّدة لا يجب عليها الجبران بشاة.

(7)الواو في قوله «و الاضطراري» حالية. يعني و الحال أنّ الوقوف الاضطراري الخالص لا يكون كذلك، و بعبارة أوضح: لا يجبر بشاة.

(8)يعني أنّ الواجب في الوقوف الاختياري كلّ وقت تعيّن له مثل الوقوف بعرفة

ص: 363

الاضطراري الكلّي (1) كالركن من الاختياري.

و أقسام الوقوفين بالنسبة الى الاختياري و الاضطراري ثمانية: أربعة مفردة (2) و هي كلّ واحد من الاختياريّين و الاضطراريّين، و أربعة مركّبة و هي (3) الاختياريّان و الاضطراريّان، و اختياري

**********

شرح:

من الزوال الى الغروب، و من طلوع الفجر الى طلوع الشمس بالنسبة الى الوقوف في المشعر، فيجب الوقوف حينئذ في جميع الوقت المذكور.

(1)المراد من «الكلّي» هو الذي يصدق عليه الوقوف في جزء من الأوقات المعيّنة و لو في لحظة منها، كما أنّ الركن في الوقوف الاختياري منهما هو الكلّي من الزوال الى الغروب لليوم التاسع من ذي الحجّة.

(2)المراد من «الأربعة المفردة» هو إتيان الحاجّ واحدا من الوقوفين اختيارا و اضطرارا بهذا الطريق:

1 - أن يأتي وقوف الاختياري من عرفة بلا إتيان وقوف المشعر، لا اختيارية و لا اضطرارية.

2 - إتيان اختياري مشعر لا عرفة مطلقا.

3 - إتيان اضطراري عرفة لا المشعر مطلقا.

4 - إتيان اضطراري مشعر لا عرفة مطلقا.

(3)بيان للأربعة المركّبة من الاختياري و الاضطراري و بهذه الصورة:

1 - إتيان الحاجّ الوقوفين الاختياريّين منهما.

2 - إتيان الحاجّ الوقوفين الاضطراريّين منهما.

3 - إتيان الحاجّ الوقوف الاختياري من عرفة مع الوقوف الاضطراري من المشعر.

4 - إتيان الحاجّ الوقوف الاضطراري من عرفة مع الوقوف الاختياري من المشعر.

ص: 364

عرفة (1) مع اضطراري المشعر و عكسه (2).

(و كلّ أقسامه يجزي) (3) في الجملة لا مطلقا، فإنّ العامد يبطل حجّه بفوات كلّ واحد من الاختياريّين (إلاّ (4) الاضطراري الواحد) فإنّه لا يجزي مطلقا (5) على المشهور، و الأقوى (6) إجزاء اضطراري المشعر

**********

شرح:

(1)هذا هو القسم الثالث من الأقسام الأربعة المركّبة.

(2)هذا هو القسم الرابع من الأقسام الأربعة المركّبة.

(3)يعني كلّ من الأقسام الثمانية المذكورة يجزي إجمالا. بمعنى أنه لا يجزي عند ترك أحد الوقوفين مطلقا حتّى متعمّدا لأنه يبطل حجّه و لو بترك أحد الوقوفين.

(4)استثناء من قوله «كلّ أقسامه يجزي». فإنّ من الأقسام الثمانية قسم واحد لا يجزي، و هو إتيان وقوف الاضطراري الواحد، بلا فرق بين اضطراري عرفة أو المشعر، فإنّه لا يجزي على المشهور، فيكون حجّه حينئذ باطلا.

(5)سواء كان الاضطراري المأتيّ به هو وقوف اضطراري عرفة أو المشعر، فإنّه لا يكفي في صحّة الحجّ على المشهور.

(6)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في مقابل المشهور، و هو كفاية إتيان وقوف الاضطراري الواحد في صحّة الحجّ ، استنادا الى صحيحة عبد اللّه بن مسكان المنقولة في الوسائل:

عن يونس أنّ عبد اللّه بن مسكان لم يسمع من أبي عبد اللّه عليه السّلام إلاّ حديث: من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ . قال: و كان أصحابنا يقولون: من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ . فحدّثني محمّد بن أبي عمير و أحسبه رواه: أنّ من أدركه قبل الزوال من يوم النحر فقد أدرك الحجّ . (الوسائل: ج 10 ص 60 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 13).

ص: 365

وحده لصحيحة عبد اللّه بن مسكان عن الكاظم عليه السّلام. أمّا اضطرارية السابق (1) فمجزي مطلقا كما عرفت، و لم يستثنه (2) هنا، لأنه جعله (3) من قسم الاختياري، حيث خصّ (4) الاضطراري بما بعد طلوع الشمس، و نبّه على حكمه (5) أيضا بقوله:(و لو أفاض قبل الفجر عامدا فشاة)، و ناسيا لا شيء عليه. و في إلحاق الجاهل بالعامد (6) كما في نظائره أو الناسي قولان، و كذا (7) في ترك أحد الوقوفين.

**********

شرح:

(1)و هو المشوب من الاختياري، و هو الوقوف ليلة النحر الى الفجر فهو مجز و لو كان في ترك الاختياري متعمّدا.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه لم يستثن الاضطراري السابق و هو ليلة النحر من عدم الإجزاء، لأنه من قبيل الاختياري.

(3)فاعل قوله «جعله» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، فإنّه جعل الاضطراري المذكور من قسم الاختياري.

(4)فإنّ المصنّف رحمه اللّه خصّ الاضطراري بالوقوف بعد طلوع الشمس في قوله «و اضطراري المشعر الى زواله».

(5)و أشار المصنّف رحمه اللّه الى حكم الاضطراري السابق بقوله «و لو أفاض قبل الفجر... الخ».

(6)من أفاض من المشعر قبل طلوع الفجر هل يلحق بالعامد في وجوب الشاة أم بالناسي في عدم وجوب الشاة ؟ فيه قولان.

المراد من قوله «نظائره» هو نظائر هذا الحاصل بعدم جواز الإفاضة قبل الفجر.

(7)يعني و كذا القولان في إلحاق من ترك الوقوفين جاهلا بالحكم من إلحاقه بالعامد الملازم ببطلان حجّه و إلحاقه بالناسي في عدم بطلان حجّه.

ص: 366

يجوز الإفاضة قبل الفجر للمرأة و الخائف بل كلّ مضطرّ

(و يجوز) الإفاضة قبل الفجر (للمرأة و الخائف (1)) بل كلّ مضطرّ كالراعي (2) و المريض (و الصبي مطلقا) (3) و رفيق المرأة (4)(من غير جبر). و لا يخفى أنّ ذلك مع نية الوقوف ليلا (5) كما نبّه عليه (6) بإيجابه النية له عند وصوله.

حدّ المشعر ما بين الحياض و المأزمين

(و حدّ المشعر ما بين الحياض (7) و المأزمين) بالهمز الساكن ثمّ كسر

**********

شرح:

(1)المراد من «الخائف» هو من خاف الخطر لنفسه أو ماله أو عرضه فيجوز له الإفاضة من المشعر قبل الفجر.

(2)فإنّ الراعي للماشية يضطرّ للخروج من المشعر قبل الفجر لأن يوصل ماشيته الى محلّ الرعي.

(3)يعني يجوز للصبي أن يخرج من المشعر قبل الفجر و لو بغير عذر و لا اضطرار.

(4)و هو الذي يتعهّد لحفظ المرأة في الحجّ زوجا لها كان أم غير ذلك، فاذا جاز للمرأة الخروج من المشعر قبل الفجر جاز كذلك لمن كان مصاحبا لها.

و الحاصل: أنّ المرأة و الخائف و الصبي و مرافق المرأة و المضطرّ يجوز لهم الخروج من المشعر الحرام قبل طلوع الفجر و من غير حاجة الى جبران ذلك بفداء شاة.

(5)يعني أنّ جواز إفاضة المذكورين قبل الفجر إنّما هو في صورة نيّتهم الوقوف متقرّبا في الليلة، و إلاّ لا يجوز لهم الخروج كذلك.

(6)أي كما أشار المصنّف رحمه اللّه الى جواز الإفاضة مع النية.

و الضمير في «إيجابه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و في قوله «له» يرجع الى الحاجّ ، و كذلك في قوله «عند وصوله».

(7)الحياض جمع الحوض، سمّي الوادي بها لوجود مجامع المياه فيه مثل الحياض.

قوله «المأزمين» ليس معناه التثنية مرادا بل هو اسم لوادي مقابل محسّر و مقابل

ص: 367

الزاي المعجمة، و هو الطريق الضيّق بين الجبلين،(و وادي (1) محسّر) و هو طرف منى كما سبق، فلا واسطة بين المشعر و منى.

يستحبّ التقاط حصى الجمار من المشعر

(و يستحبّ التقاط حصى (2) الجمار (3) منه) لأنّ الرمي تحية لموضعه (4) كما مرّ (5)، فينبغي التقاطه من المشعر لئلاّ يشتغل عند قدومه

**********

شرح:

الحياض.

من حواشي الكتاب: سمّي الموضع بالحياض لما فيه من غدران الماء. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: المأزم طريق ضيّق بين الجبلين، و منه سمّي الموضع الذي بين جمع و عرفة مأزمين. قال الجوهري: و قال في القاموس: و المأزم - و يقال المأزمان - مضيق بين جمع و عرفة، و آخر بين مكّة و منى و جبل المشعر.

قيل: ليس من المشعر. و قال في الدروس: الظاهر أنّ ما أقبل من الجبال من المشعر دون ما أدبر منها. (حاشية صاحب المدارك رحمه اللّه).

(1)عطف على قوله «الحياض». يعني انّ حدّ المشعر ما بين الحياض و المأزمين و وادي محسّر، و هو من جانب منى، فعلى ذلك لا فاصلة بين المشعر و منى إلاّ الحدّ المذكور.

(2)الحصى - بفتح الحاء المهملة -: صغار الحجارة، يقال: هم أكثر من الحصى، الواحدة: حصاة، و جمعه: حصيّات و حصي و حصي. (أقرب الموارد).

(3)الجمار - بكسر الجيم جمع مفرده. جمرة بسكون الميم -: الحصاة، و الجمع أيضا:

جمرات بفتح الميم. (أقرب الموارد). يعني يستحبّ اتّخاذ الحصى للجمرة من المشعر.

(4)الضمير في قوله «لموضعه» يرجع الى الرمي. يعني أنّ الرمي كأنه تحية لموضع الرمي و هو منى، فاتّخاذ الحصى من المشعر و إحضارها في منى يوجب فعل التحية لمنى.

(5)في كتاب الصلاة ما معناه أنّ تحية المسجد الصلاة، و تحية المسجد الحرام

ص: 368

بغيره (1)،(و هو سبعون) حصاة، ذكّر الضمير (2) لعوده على الملقوط المدلول عليه بالالتقاط ، و لو التقط أزيد منها احتياطا حذرا من سقوط بعضها أو عدم إصابته فلا بأس (3).

يستحب الهرولة في وادي محسّر

(و الهرولة) (4) و هي الإسراع فوق المشي و دون العدو كالرمل،(في وادي محسّر) (5) للماشي و الراكب فيحرّك دابّته، و قدرها (6) مائة ذراع أو مائة خطوة، و استحبابها (7) مؤكّد حتّى لو نسيها رجع إليها و إن وصل الى مكّة،(داعيا) (8) حالة الهرولة (بالمرسوم) و هو: اللّهمّ سلّم

**********

شرح:

الطواف فيه، و تحية الحرم الإحرام، و تحية منى الرمي.

و الضمير في قوله «التقاطه» يرجع الى الحصى.

(1)الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الرمي و في «قدومه» يرجع الى الناسك.

(2)يعني ذكّر المصنّف رحمه اللّه الضمير في قوله «و هو سبعون» باعتبار الملقوط الدالّ عليه بلفظ «التقاط ».

(3)جواب لقوله «لو التقط ». يعني لا مانع من التقاط أزيد من سبعة حصاة.

(4)قد مرّ التوضيح في معنى الهرولة عند بيان معنى الرمل في صفحة 301 بأنّ كلاهما بمعنى واحد و هو المشي المخصوص.

(5)فإنّ استحباب الهرولة إنّما هو في وادي محسّر للماشي، و أمّا الراكب فيؤدّي الاستحباب بتحريك دابّته في وادي محسّر.

(6)الضمير في قوله «قدرها» يرجع الى الهرولة، فإنّ مقدار استحباب الهرولة هو مائة ذراع أو مائة خطوة - بضمّ الخاء -.

(7)الضمائر في قوله «استحبابها» و «نسيها» و «إليها» ترجع الى الهرولة.

(8)يعني يستحبّ الدعاء عند الهرولة بما هو منقول، و الضمير في قوله «و هو» يرجع الى المرسوم.

ص: 369

عهدي (1)، و اقبل توبتي، و أجب دعوتي، و أخلفني (2) فيمن تركت بعدي (3).

القول في مناسك منى

اشارة

(القول في مناسك منى) (4)

**********

شرح:

(1)المراد من «العهد» هو الايمان المعهود بين اللّه و بين العبد، أو هو عهد اللّه على العباد. و المراد أن يوفيه إيمانه و يؤتيه له يوم موته بأن لا يذهب به الشيطان.

(2)من حواشي الكتاب: قوله «و أخلفني» أي كن أنت خليفتي و نائبي في أهلي الذين تركتهم بعد سفري في وطني، أو بعد موتي في الدنيا بأن تجعل امورهم سالمة و حوائجهم مقضيّة. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(3)و الدعاء المذكور منقول من الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث الإفاضة من المشعر): فاذا مررت بوادي محسّر - و هو واد عظيم بين جمع و منى و هو الى منى أقرب - فاسع فيه حتّى تجاوره، فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرّك ناقته، و هو يقول (قال - خ ل):

اللّهمّ سلّم لي عهدي، و أقبل توبتي، و أجب دعوتي، و أخلفني (بخير) فيمن تركت بعدي. (الوسائل: ج 10 ص 46 ب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1).

مناسك منى (4)من واجبات الحجّ هي الأعمال التي يجب إتيانها في منى و المعبّر عنها بمناسك منى.

المناسك: جمع مفرده: منسك - بفتح السين و كسرها وزان مجلس -: المكان المألوف.

و مناسك الحجّ : عباداته، يقال: قضى مناسك الحجّ . و قيل: مواضع العبادات، و منه: دارنا مناسكنا أي متعبّداتنا. (أقرب الموارد).

ص: 370

جمع منسك، و أصله (1) موضع النسك و هو العبادة، ثمّ أطلق اسم المحلّ على الحالّ . و لو عبّر (2) بالنسك كان هو الحقيقة، و منى (3) بكسر الميم و القصر، اسم مذكّر منصرف قاله الجوهري، و جوّز غيره (4) تأنيثه، سمّي

**********

شرح:

(1)يعني أنّ منسك اسم مكان في الأصل بمعنى مكان العبادة، ثمّ استعمل مجازا في نفس العبادة بعلاقة الحالّ و المحلّ ، لأنّ العبادة حالّ و موضعه محلّها، فاستعمل الحالّ باسم المحلّ ، كما في قوله: جار الميزاب، و في قوله: تفرّق المسجد، يعني جار ماء الميزاب و تفرّق أهل المسجد.

(2)فاعل قوله «عبّر» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني لو قال المصنّف «القول في نسك منى» لكان الاستعمال حقيقيا.

(3)منى - على وزن «الى» بكسر الميم و القصر -: موضع بمكّة، و الغالب عليه التذكير فيصرف. (أقرب الموارد).

و هو إمّا من التمنّي، أو من الإمناء، و قد ذكروا في وجه تسمية الموضع المخصوص بلفظ «منى» وجهين، ذكر المصنّف رحمه اللّه الأول منهما.

الأول: روي عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن الرضا عليه السّلام كتب إليه العلّة التي من أجلها سمّيت منى منى: إنّ جبرئيل عليه السّلام قال هناك: يا إبراهيم، تمنّى على ربّك ما شئت، فتمنّى إبراهيم في نفسه أن يجعل اللّه مكان ابنه إسماعيل كبشا يأمره بذبحه فداء له، فأعطى مناه. (علل الشرائع: ج 2 ص 242).

و اذا أردت تفصيل الرواية فعليك مراجعة مجمع البحرين مادّة «منى».

الثاني: لما يمنى فيها من الدماء أي يراق. أمنى إمناء الدماء: أراقها. (المنجد).

قوله «تمنّ » فعل أمر من تمنّى يتمنّي: التمنّي: تشهّي حصول الأمر المرغوب فيه.

(لسان العرب).

(4)يعني جوّز غير الجوهري كون لفظ «منى» مؤنثا، فعلى ذلك يجوز رجوع الضمير عليه بالتأنيث.

ص: 371

به المكان المخصوص لقول جبرائيل عليه السّلام فيه لإبراهيم عليه السّلام: تمنّ على ربّك ما شئت.

و مناسكها (1)(يوم النحر) ثلاثة

رمي جمرة العقبة
اشارة

(و هي رمي جمرة العقبة) (2) التي هي أقرب الجمرات الثلاث الى مكّة، و هي حدّها (3) من تلك الجهة، (ثمّ الذبح (4)، ثمّ الحلق (5)) مرتّبا (6) كما ذكر،(فلو عكس عمدا أثم و أجزأ.)

**********

شرح:

(1)أي المناسك التي يجب فعلها في منى في اليوم العاشر من ذي الحجّة - المسمّى بيوم النحر - ثلاثة: رمي جمرة العقبة، و الهدي، و الحلق.

رمي جمرة العقبة (2)هذا هو الأول من المناسك الواجبة في منى يوم النحر، و هو رمي جمرة العقبة.

توضيح: إنّ في منى ثلاثة مواضع بنيت من الحجر و الطين، و سمّيت بالجمرة الاولى، و الوسطى، و العقبى، فمن أراد بلدة مكّة من منى يلقى الجمرة الاولى و بعدها الوسطى و بعدهما العقبى، و كلّ منها تقع في شارع يمتدّ من الغرب الى الشرق، و الفاصل بين كلّ منها مع الاخرى ستة أذرع على ما ذكره بعض المعاصرين. و جمرة العقبة أقربهنّ الى بلدة مكّة، و هي الحدّ بين منى و مكّة.

(3)الضمير في قوله «حدّها» يرجع الى منى، و في قوله «هي» يرجع الى جمرة العقبة. يعني أنّ جمرة العقبة حدّ منى من جهة مكّة.

(4)الثاني من أعمال منى هو ذبح الهدي.

(5)الثالث من أعمال منى يوم النحر هو حلق الرأس.

(6)يعني يجب الترتيب بين الأعمال الثلاثة، فلو لم يأت الحاجّ بالترتيب يكون عاصيا لكن لا يبطل حجّه.

ص: 372

تجب النية في الرمي

(و تجب النية (1) في الرمي) المشتملة (2) على تعيينه (3)، و كونه في حجّ الإسلام أو غيره، و القربة (4) و المقارنة لأوله، و الأولى التعرّض للأداء (5)

**********

شرح:

واجبات و شرائط الرمي:

(1)يعني أنّ من واجبات الرمي النية.

و اعلم أنّ الرمي له أحكام واجبة و أحكام مستحبّة، فالأحكام الواجبة في الرمي بالإجمال تسعة و هي - كما ستذكر بالتفصيل -:

الأول: النية.

الثاني: إكمال السبع.

الثالث: إصابة الجمرات.

الرابع: مباشرة الحاجّ لرمي الجمار بنفسه.

الخامس: كون الرمي بحيث يصدق عليه الرمي.

السادس: كونه بما يسمّى حجرا.

السابع: كون الحصى حرميا.

الثامن: كون الحصى بكرا غير مرميّ بها.

التاسع: الموالاة بين السبعة.

(2)صفة للنية. يعني أنّ في النية يجب شموله على التعيين و القربة و الوجه و العدد.

(3)الضميران في قوله «تعيينه» و «كونه» يرجعان الى الرمي، و في قوله «غيره» يرجع الى حجّ الإسلام.

(4)بالكسر، عطفا على قوله «تعيينه» و كذلك قوله «و المقارنة». يعني يجب في النية كونها مشتملة على التعيين و القربة و المقارنة لأول الرمي.

و الضمير في قوله «لأوله» يرجع الى الرمي.

(5)فإنّ الرمي لو كان في سنة الحجّ ينوي الأداء، و لو كان في السنة القادمة قضاء فينوي القضاء.

ص: 373

و العدد، و لو تداركه بعد وقته نوى القضاء.

تجب إكمال السبع

(و إكمال السبع) (1) فلا يجزي ما دونها و لو اقتصر عليه (2) استأنف إن أخلّ بالموالاة عرفا و لم تبلغ الأربعة، و لو كان قد بلغها (3) قبل القطع كفاه الإتمام.(مصيبة (4) للجمرة) و هي (5) البناء المخصوص أو موضعه و ما

**********

شرح:

(1)هذا هو الثاني من واجبات الرمي - التي قد ذكرناها إجمالا - و هو إكمال السبع، فلو رمى أقلّ منها لم يكف بل يجب استئناف الرمي لو قطع قبل الأربع، و بعدها يبني على ما مضى.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى قوله «دونها». يعني لو اكتفى على ما دون السبع أعاد الرمي لو أخلّ بالموالاة عرفا و لم تبلغ الأربع.

فذكر للزوم الإعادة شرطين: الأول عدم الموالاة عرفا، و الثاني عدم بلوغ الأربعة، فلو بلغ الرمي بذلك فقطع لا يجب الإعادة بل كفاه الإتمام.

(3)أي لو بلغ الرمي بالأربع ثمّ قطع الرمي فلا يجب إعادة الرمي بل يبني على ما مضى. مثلا لو قطع الرمي بعد الرمي خمسا فلا يجب الإعادة، و لو قطعه بعد الرمي ثلاثا وجب عليه الاستئناف.

(4)هذا هو الثالث من واجبات الرمي و هو كونه في حال الإصابة للجمرة أو موضعه أو ما حوله.

قوله «مصيبة» بصيغة اسم الفاعل حال من قوله «إكمال السبع». يعني في حال إصابة الحصى المرمية للجمرة.

(5)الضمير يرجع الى الجمرة. فإنّ الجمرة عبارة عن البناء من الحجر و الطين لو كان باقيا، و موضعه لو لم يكن البناء باقيا، أو حول ما اجتمع فيه من الحصى.

و هذا التفصيل بناء على ما ذكر المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس حيث قال رحمه اللّه:

و الجمرة اسم لموضع الرمي، و هو البناء أو موضعه ممّا يجتمع من الحصى، و قيل هي مجتمع الحصى لا السائل منه. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 428).

ص: 374

حوله ممّا يجتمع من الحصى، كذا عرّفها المصنّف في الدروس، و قيل: (1) هي مجمع الحصى دون السائل، و قيل: (2) هي الأرض، و لو لم يصب (3) لم يحتسب.

و لو شكّ في الإصابة أعاد لأصالة العدم (4). و يعتبر كون الإصابة (بفعله) (5) فلا يجزي الاستنابة فيه اختيارا، و كذا (6) لو حصلت الإصابة بمعونة غيره (7)، و لو حصاة (8) اخرى، و لو و ثبت

**********

شرح:

(1)و هذا القول ما نقله في كتابه الدروس أيضا بأنّ الجمرة عبارة عن محلّ اجتمع فيه الحصى لا ما جرى الحصى و تفرّق فيه. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 428).

(2)و القول الآخر هو كون الجمرة هي أرضها اذا لم يبق بناؤها. فلا يكفي الرمي بالحصى المجتمع فيها.

(3)فاعل قوله «يصب» مستتر يرجع الى الرمي. يعني فلو لم يصب ما رماه الى الموضع المذكور لا يكفي الرمي.

(4)فاذا شكّ الرامي في الإصابة و عدمها وجب عليه الإعادة عملا بأصالة العدم.

(5)الرابع من واجبات الرمي هو كون إصابة الحصى بالمباشرة، فلا يجوز الاستنابة للرمي عند التمكين و القدرة عليه. لكن لو لم يمكن المباشرة جاز له الاستنابة.

(6)يعني و كذا لا يجزي الرمي اذا حصلت إصابة الحصى بالجمرة بمعونة الغير، و لو كان الغير هو إصابة الحصاة بحصاة اخرى.

(7)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الرامي. يعني لو حصلت الإصابة بمعونة شخص آخر - كما اذا جعل الغير يده على يد الرامي فيرمي الحصاة بيد الرامي فأصابت الحصاة الجمرة - لا تكفي.

(8)بالنصب، خبرا لكان المقدّر. يعني و لو كانت المعونة بحصاة اخرى من شخص آخر.

ص: 375

حصاة (1) بها فأصابت لم يحتسب الواثبة بل المرمية (2) إن أصابت، و لو وقعت على ما هو أعلى من الجمرة ثمّ وقعت (3) فأصابت كفى، و كذا لو وقعت على غير أرض الجمرة (4) ثمّ و ثبت إليها (5) بواسطة صدم الأرض و شبهها (6).

و اشتراط كون الرمي بفعله (7) أعمّ من مباشرته بيده، و قد اقتصر هنا و في الدروس عليه (8)، و في رسالة الحجّ اعتبر كونه مع

**********

شرح:

(1)يعني لو و ثبت الحصاة التي في الأرض بسبب حصاة الرامي فأصابت الجمرة لم تحتسب على الرامي، لكن لو أصابت الحصاة التي رماها الحاجّ فحينئذ تحتسب عليه.

قوله «حصاة» فاعل لقوله «و ثبت». و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الحصاة التي رماها الحاجّ ، و الباء هنا للسببية.

(2)يعني بل تحتسب الحصاة المرمية لو حصلت الإصابة.

(3)كما اذا أصابت الحصاة بشيء أعلى من الجمرة ثمّ رجعت و وقعت على الجمرة فحينئذ يكفي.

(4)كما اذا أصابت الحصاة بأرض اخرى ثمّ و ثبت إليها و وقعت في الجمرة فحينئذ يكفي أيضا.

(5)الضمير في قوله «إليها» يرجع الى الجمرة. يعني اذا كانت إصابة الحصاة للجمرة بسبب الاصطدام بأرض غير أرض الجمرة فحينئذ يكفي أيضا.

(6)أي شبه الأرض، مثل أن أصاب الحصاة للجمرة بسبب صدمها بحيوان أو إنسان أو محمل أو غير ذلك.

(7)يعني أنّ اشتراط المصنّف رحمه اللّه في قوله «بفعله» أعمّ من كون الإصابة بيد الرامي أو بسائر أعضائه من الرجل و غيرها.

(8)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الفعل. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اكتفى في هذا

ص: 376

ذلك (1) باليد، و هو (2) أجود (بما يسمّى رميا) (3)، فلو وضعها (4) أو طرحها (5) من غير رمي لم يجز، لأنّ الواجب صدق اسمه، و في الدروس نسب ذلك (6) الى قول، و هو (7) يدلّ على تمريضه (بما يسمّى)

**********

شرح:

الكتاب و كتابه الدروس بلفظ «فعله» فهنا قال «بفعله» و في الدروس قال «سادسها مباشرة الرمي». (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 430).

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو المباشرة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اعتبر في رسالته الحجّ - مع كون الإصابة بسبب فعل الرامي - كون الرمي بيده أيضا، فلا يكفي الرمي و الإصابة بسبب سائر أعضائه.

(2)و الدليل على كون الرمي باليد أجود هو كونه المعهود من فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام هو الرمي باليد لا غيرها من الأعضاء.

من حواشي الكتاب: لأنه المعهود من فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام و استمرّ عليه عمل الأعصار الى يومنا هذا. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(3)الخامس من واجبات الرمي هو كون الرمي و الإصابة به بحيث يصدق عليه الرمي لا بالوضع و لا بالطرح.

(4)كما اذا وضع الحصاة في الجمرة بدون الرمي.

(5)بأن كان الحاجّ في الهواء و طرح الحصاة الى الجمرة بحيث لا يصدق عليه الرمي فلا يكفي أيضا، لأنّ الواجب هو رمي الحصاة الى الجمار، فيجب صدق الرمي و إن سمّي رميا عرفا.

و الضمير في قوله «اسمه» يرجع الى الرمي.

(6)المشار إليه في قوله «ذلك» هو قوله «بما يسمّى رميا» فإنّ المصنّف رحمه اللّه نسب في كتابه الدروس اشتراط ذلك الى قول.

(7)أي النسبة الى قول يدلّ على ضعف القول المذكور و عدم اختيار المصنّف رحمه اللّه

ص: 377

(حجرا) (1)، فلا يجزي الرمي بغيره و لو بخروجه عند بالاستحالة، و لا فرق فيه (2) بين الصغير و الكبير، و لا بين الطاهر و النجس، و لا بين المتّصل بغيره (3) كفصّ الخاتم لو كان حجرا حرميا و غيره

تجب كون الحجر حرميا بكرا

(حرميا)، فلا يجزي من غيره، و يعتبر فيه (4) أن لا يكون مسجدا، لتحريم إخراج الحصى منه

**********

شرح:

ذلك القول.

أمّا عبارته في الدروس فهي «ثالثها إيصالها بما يسمّى رميا، فلو وضعها وضعا أو طرحها من غير رمي لم تجز على قول». (الدروس الشرعية: ج 1 ص 429).

(1)السادس من واجبات الرمي هو كون المرميّ به مسمّى بالحجر بأن يصدق عليه اسم الحجر عرفا، فلا يجزي الرمي بغير الحجر، بأن كان غير الحجر أصلا مثل الآجر و الرمل أو مثل الذهب و الفضّة، أو استحال من أصله بأن صار الحجر ملحا.

(2)أي لا فرق بين كون الحجر المرميّ به صغيرا أو كبيرا بشرط أن لا يخرج عن كونه صغار الحجر من حيث الصغر، و أن لا يخرج عن كونه كذلك من حيث الكبر.

(3)الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الحجر. يعني لا مانع باتّصال الحجر المرميّ به بغير الحجر مثل فصّ الخاتم اذا كان حجرا حرميا فإنّه يتّصل بغير الحجر.

و الفصّ - مثلّث الفاء - من الخاتم: ما يركّب فيه من المعادن كالياقوت و نحوه، جمعه: فصوص و فصاص و أفصّ . (أقرب الموارد).

و المراد من «الحرمي» هو كون الحجر مأخوذا من الحرم، فلو اخذ فصّ الخاتم من سائر الأمكنة لا يجزي و لو لم يكن متّصلا بغيره أيضا.

و الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى المتّصل.

(4)يعني و يشترط في الحجر الحرمي أيضا أن لا يؤخذ من المساجد التي كانت في

ص: 378

المقتضي للفساد في العبادة (بكرا) (1) غير مرميّ بها رميا صحيحا، فلو رمي بها بغير نية أو لم يصب (2) لم يخرج عن كونها بكرا. و يعتبر مع ذلك كلّه تلاحق الرمي (3)، فلا يجزي الدفعة و إن تلاحقت (4) الإصابة، بل يحتسب منها واحدة، و لا يعتبر (5) تلاحق الإصابة.

**********

شرح:

الحرم للنهي عن إخراج حصى المساجد منها، و النهي يقتضي الفساد في العبادة فيبطل الرمي حينئذ.

فالسابع من شرائط الرمي هو كون الحجر حرميا.

(1)البكر - بكسر الباء و سكون الكاف - العذراء: المرأة و الناقة اذا ولدتا أول بطن و أول مولود لأبويه، و أول كلّ شيء، و كلّ فعلة لم يتقدّمها مثلها، و البقرة الفتية و منه قوله: إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ (1) . (البقرة: 68). و الضربة البكر:

القاطعة القاتلة. (أقرب الموارد).

و المراد هنا كون الحجر مرميا في أول مرتبة منه على نحو يوضحه الشارح رحمه اللّه.

(2)كما اذا رمى الحصى لكنّها لا تصب الجمرة فلا يخرج عن كونها بكرا، فيكفي رميه ثانيا و ثالثا الى أن يصيب الجمرة.

فالثامن من شرائط الرمي هو كون الحصى المرمية بكرا.

(3)التاسع من شرائط الرمي هو تلاحق الرمي. يعني أن يرمي الحصى واحدا بعد واحد، فلا يجزي لو رماها دفعة واحدة.

و هذا الشرط التاسع أضافه الشارح رحمه اللّه بعد ذكر الشرائط الثمانية من المصنّف رحمه اللّه. فقوله «مع ذلك كلّه» إشارة الى ما ذكره المصنّف رحمه اللّه من الشرائط الثمانية.

(4)كما اذا رمى الحصى دفعة واحدة لكنّها أصابت الجمرة واحدا بعد واحد فتحسب الواحدة من مجموعها.

(5)يعني لا يشترط إصابة الحصى متلاحقا بحيث أن تصيب واحدة منها بعد

ص: 379


1- سوره 2 - آیه 68
يستحبّ البرش

(و يستحبّ البرش) (1) المشتملة على ألوان مختلفة بينها (2) و في كلّ واحدة (3) منها، و من

**********

شرح:

واحدة، بل تكفي و إن تخلّفت بعدم إصابة البعض.

مستحبّات الرمي:

(1)يعني يستحبّ في الرمي كون الحجر المرميّ به أبرش و كذلك كون الأحجار أيضا برشا، و سيأتي ذكر معنى «البرش» قريبا إن شاء اللّه تعالى.

و اعلم أنه كما ذكرنا كون الامور التسعة شرطا واجبا في الرمي نذكر أنّ فيه امورا مستحبّة، و هي عشرة فنذكرها أولا إجمالا، ثمّ نأتي عليها تفصيلا بحوله سبحانه، و هي:

1 - البرش.

2 - الملتقطة.

3 - كون الحصى بقدر الأنملة.

4 - كون الرامي بالطهارة عند الرمي.

5 - الدعاء عند الرمي.

6 - التكبير مع كلّ حصاة.

7 - تباعد الرامي.

8 - الرمي خذفا.

9 - استقبال الجمرة العقبة.

10 - الرمي ماشيا.

(2)الضمير في قوله «بينها» يرجع الى الحصى. يعني يستحبّ كون الحصى على ألوان مختلفة بأن يكون كلّ واحد منها على لون غير لون الآخر.

(3)بأن يكون كلّ واحدة من الحصى على ألوان مختلفة بحيث تكون منقّطة.

البرش: بضمّ الباء و سكون الراء، جمع مفرده: أبرش و برشاء. (أقرب الموارد).

أبرش: كأن على جلده نقط بيض أو يخالف لونها لون جلده. (المنجد).

و في الصحاح: البرش في شعر الفرس: نكت صغار تخالف سائر لونه. (الصحاح).

و الحاصل: إنّ البرش على قسمين: (الأول) كون كلّ فرد من أفراد الحصى منقّطة

ص: 380

ثمّ (1) اجتزأ بها عن المنقّطة، لا كما فعل في غيره (2) و غيره (3)، و من جمع بين الوصفين (4) أراد بالبرش المعنى الأول، و بالمنقّطة الثاني،(الملتقطة) (5) بأن يكون كلّ واحدة منها مأخوذة من الأرض منفصلة، و احترز بها عن

**********

شرح:

و مختلفة اللون. (الثاني) كون أفراد الحصى مختلفة اللون بحيث لو كان أحدها بلون أحمر تكون الاخرى بلون أصفر و الثالثة بلون أسود و هكذا.

(1)يعني و من جهة شمول لفظ «البرش» بكلا المعنيين اكتفى المصنّف رحمه اللّه بذكر لفظ «البرش» و لم يعبّر بكون الحصى منقّطة، لأنّ التعبير بالمنقّطة يفيد استحباب أحد المعنيين اللذين يستحبّ كلاهما في الرمي.

(2)يعني لم يفعل المصنّف رحمه اللّه كما فعل في غير هذا الكتاب.

و فاعل قوله «فعل» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. و الضمير في «غيره» يرجع الى الكتاب.

(3)الضمير في قوله «و غيره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أن المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب لم يفعل كما فعل في غير هذا الكتاب و لم يفعل المصنّف رحمه اللّه كما فعل غيره.

و المراد هو أنّ المصنّف رحمه اللّه عبّر في هذا الكتاب بقوله «و يستحبّ البرش» و عبّر في غيره كما عبّر غيره رحمه اللّه أيضا بأنه يستحبّ كون الحصى منقّطة.

فقول المصنّف رحمه اللّه هنا يشمل على كلا القسمين.

(4)المراد من «الوصفين» هو كون أفراد الحصى مختلفة اللون و كون كلّ واحدة منها منقّطة. فمن قال «يستحبّ البرش و المنقّطة» أراد من البرش المعنى الأول و هو كون الأفراد مختلفة اللون، و من المنقّطة و هو كون كلّ فرد منها على ألوان مختلفة كما أوضحنا آنفا.

(5)الثاني من مستحبّات الرمي كون الحصى مأخوذة من الأرض منفصلة، بأن لا تكون منكسرة بحيث يؤخذ الحجر الواحد الكبير فيكسر و يجعل بتعداد الحصى المقصودة.

ص: 381

المكسّرة من حجر، و في الخبر: (1) التقط الحصى و لا تكسرنّ منه شيئا (بقدر الأنملة) (2) - بفتح الهمزة و ضمّ الميم - رأس الإصبع.

يستحب طهارة الرامي

(و الطهارة) (3) من الحدث حالة الرمي في المشهور، جمعا (4) بين صحيحة محمّد بن مسلم الدالّة على النهي عنه بدونها (5) و رواية أبي غسّان (6) بجوازه على غير طهر، و كذا علّله المصنّف و غيره، و فيه

**********

شرح:

(1)المراد من «الخبر» هو المروي في الوسائل:

عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: التقط الحصى و لا تكسرن منهنّ شيئا. (الوسائل: ج 1 ص 54 ب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3).

(2)الثالث من مستحبّات الرمي كون الحصى بقدر الأنملة، بأن لا تكون أصغر منها و لا أكبر.

الأنملة - المفصل الأعلى الذي فيه الظفر من الأصبع، و الجمع: أنامل و أنملات، و هي رءوس الأصابع. (لسان العرب).

الأنملة - بتثليث الميم و الهمزة تسع لغات -: رأس الاصبع، و قيل: المفصل الأعلى الذي فيه الظفر، جمعه: أنامل و أنملات. (أقرب الموارد، المنجد).

(3)الرابع من مستحبّات الرمي هو كون الرامي متطهّرا حال الرمي.

(4)هذا تعليل بالحكم باستحباب طهارة الرامي عند الرمي، فإنّ الجمع بين الروايتين يقتضي ذلك.

(5)الضمير في قوله «بدونها» يرجع الى الطهارة. و الصحيحة المذكورة منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الجمار فقال: لا ترم الجمار إلاّ و أنت على طهر. (الوسائل: ج 10 ص 69 ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1).

فإنّها تدلّ على النهي حال الرمي بغير طهر.

(6)الرواية المذكورة منقولة في الوسائل أيضا:

ص: 382

نظر (1)، لأنّ المجوّزة مجهولة الراوي فكيف يؤوّل الصحيح لأجلها؟ و من ثمّ (2) ذهب جماعة من الأصحاب منهم: المفيد و المرتضى الى اشتراطها (3)، و الدليل معهم (4). و يمكن أن يريد (5) طهارة الحصى فإنّه

**********

شرح:

عن أبي غسّان حميد بن مسعود قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رمي الجمار على غير طهور، قال: الجمار عندنا مثل الصفا و المروة حيطان، إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرّك، و الطهر أحبّ إليّ ، فلا تدعه و أنت قادر عليه. (المصدر السابق: ح 5).

فهذه الرواية تدلّ على عدم وجوب كون الرامي طاهرا عند الرمي.

فالجمع بينهما يقتضي الحكم باستحباب الطهارة حال الرمي فلا تجب الطهارة عند الرمي، و هذا تعليل من المصنّف رحمه اللّه و غيره بالحكم بالاستحباب.

(1)هنا أشكل الشارح رحمه اللّه بالجمع المذكور من المصنّف رحمه اللّه و غيره، بأنّ الرواية المجوّزة - و هي رواية أبي غسّان - مجهولة الراوي فإنّ أبا غسّان حميد بن مسعود لم يعلم حاله في علم الرجال بأنه من الضعاف أو الثقات، فكيف تؤوّل الصحيحة الناهية عن الرمي بغير طهور على استحباب الطهارة في الرمي لأجل الرواية المجهولة و هي رواية أبي غسّان ؟

و الضمير في قوله «لأجلها» يرجع الى المجوّزة.

(2)يعني و من جهة ضعف الراوي في الرواية المجوّزة للرمي بغير الطهارة أفتى جماعة من الفقهاء باشتراط الطهارة في صحّة الرمي، منهم الشيخ المفيد و السيّد المرتضى رحمهما اللّه.

(3)الضمير في قوله «اشتراطها» يرجع الى الطهارة.

(4)يعني أنّ الدليل المعتبر يكون مع هؤلاء لأنّ الصحيحة لا تؤوّل برواية أبي غسّان المجهول.

(5)يعني يمكن أن يريد المصنّف رحمه اللّه بقوله «و الطهارة» هو طهارة الحصى المرمية،

ص: 383

مستحبّ أيضا على المشهور، و قيل بوجوبه (1). و إنّما كان الأول (2) أرجح لأنّ سياق أوصاف الحصى أن يقول: الطاهرة، لينتظم مع ما سبق منها، و لو اريد الأعمّ منهما (3) كان أولى.

يستحب الدعاء حالة الرمي و قبله

(و الدعاء) (4) حالة الرمي و قبله، و هي (5) بيده بالمأثور

**********

شرح:

فإنّ الطهارة فيها أيضا مستحبّة عند المشهور من الفقهاء.

(1)و قال بعض الفقهاء بوجوب طهارة الحصى المرمية.

(2)المراد من «الأول» هو كون الطهارة مستحبّة للرامي. يعني أنّ ترجيح اشتراط طهارة الرامي هو سياق العبارة، فإنّها لو كانت شرطا بالنسبة الى الحصى فعليه أن يقول «الطاهرة» لتكون صفة للحصى. فإتيان المصنّف رحمه اللّه بقوله «الطهارة» يوجب ترجيح الأول و هو طهارة الرامي.

و الضمير في قوله «ما سبق منها» يرجع الى الأوصاف.

(3)ضمير التثنية في قوله «منهما» يرجع الى طهارة الرامي و طهارة الحصى. يعني لو أراد المصنّف رحمه اللّه كلا الطهارتين كان أولى من إرادة أحدهما لاستحباب كليهما بين الفقهاء.

(4)الخامس من مستحبّات الرمي هو الدعاء في حال الرمي و قبله.

(5)الجملة حالية من قوله «و قبله». يعني يستحبّ الدعاء قبل الرمي و الحصى في يد الرامي بالمنقول، و من جملة الأدعية التي وردت في المقام الدعاء المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه قال: خذ حصى الجمار ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها، و لا ترمها من أعلاها، و تقول و الحصى في يدك: «اللّهمّ هؤلاء حصياتي فاحصهنّ لي و أرفعهنّ في عملي» ثمّ ترمي فتقول مع كلّ حصاة: «اللّه أكبر، اللّهمّ ادحر عنّي الشيطان، اللّهمّ تصديقا

ص: 384

(و التكبير (1) مع كلّ حصاة)، و يمكن كون الظرف (2) للتكبير و الدعاء معا (و تباعد) (3) الرامي عن الجمرة (نحو خمس عشرة ذراعا) الى عشر.

يستحب أن يضع الحصاة على بطن إبهام اليد اليمنى و يدفعها بظفر السبّابة

(و رميها خذفا) (4) و المشهور في تفسيره (5) أن يضع الحصاة على بطن إبهام اليد اليمنى و يدفعها (6) بظفر السبّابة (7)، و أوجبه (8) جماعة منهم ابن

**********

شرح:

بكتابك و على سنّة نبيّك، اللّهمّ اجعله حجّا مبرورا و عملا مقبولا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا» و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعا، فاذا أتيت رحلك و رجعت من الرمي فقل «اللّهمّ بك وثقت و عليك توكّلت، فنعم الربّ و نعم المولى و نعم النصير».

قال: و يستحبّ أن ترمي الجمار على طهر. (الوسائل: ج 10 ص 70 ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1).

(1)السادس من مستحبّات الرمي هو التكبير عند رمي كلّ من الحصاة.

(2)المراد من «الظرف» هو قوله رحمه اللّه «مع كلّ حصاة».

(3)السابع من مستحبّات الرمي هو أن يبعد الرامي عن الجمرة بمقدار خمسة عشر ذراعا الى عشرة أذرع.

(4)الثامن من مستحبّات الرمي هو رمي الحصى خذفا.

الخذف - بفتح الخاء و سكون الذال -: مصدر، خذف بالحصاة أو النواة و نحوهما:

رمى بها من بين سبّابتيه. (أقرب الموارد).

(5)هذا أحد التفاسير التي ذكروها في معنى الخذف.

(6)الضمير في قوله «يدفعها» يرجع الى الحصاة.

(7)السبّابة هي الإصبع التي بين الوسطى و الإبهام. (المنجد).

(8)الضمير في قوله «أوجبه» يرجع الى الخذف بوضع الحصاة على بطن إبهام يد اليمنى و دفعها بظفر السبّابة، و هذا ما ذهب إليه ابن إدريس رحمه اللّه. (راجع السرائر:

ج 1 ص 590).

ص: 385

إدريس بهذا المعنى، و المرتضى (1) لكنّه جعل الدفع بظفر الوسطى.

و في الصحاح: (2) الخذف بالحصى الرمي بها بالأصابع، و هو (3) غير مناف للمروي الذي فسّروه به بالمعنى الأول، لأنه قال في رواية البزنطي (4) عن الكاظم عليه السّلام: تخذفهنّ خذفا، و تضعها (5) على الإبهام و تدفعها بظفر السبّابة، و ظاهر

**********

شرح:

(1)يعني و أوجب الخذف بالتفسير المذكور السيّد المرتضى رحمه اللّه لكن بفرق يسير و هو دفع الحصاة الموضوعة في بطن إبهام اليمنى بوسيلة ظفر الإصبع الوسطى.

(راجع الانتصار: ص 105).

(2)هذا تفسير ثالث للخذف في كتاب الصحاح للجوهري، ففيه الخذف بالحصى:

الرمي بها بالأصابع. و هذا المعنى أعمّ من كلا التفسيرين المذكورين، فإنّ رمي الحصى بالأصابع يشمل كلا القسمين المتقدّمين.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الحصى.

(3)أي و ما في الصحاح لا ينافي المروي الذي فسّره العلماء و هو الخذف بالمعنى الأول. و المراد من «التفسير» في العبارة هو التطبيق. و الضمير في قوله «فسّروه» يرجع الى المروي، و في قوله «به» يرجع الى الخذف الذي هو بالمعنى الأول، فيكون معنى العبارة هكذا: و ما في الصحاح لا ينافي المروي الذي طابقوه بالخذف بالمعنى الأول. لأنّ الرمي بالأصابع يشمله أيضا.

(4)المراد من «رواية البزنطي» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السّلام قال: حصى الجمار يكون مثل الأنملة (الى أن قال:) تخذفهنّ خذفا، و تضعها على الإبهام و تدفعها بظفر السبّابة. قال: و ارمها من بطن الوادي و اجعلهنّ على يمينك كلّهنّ . (الوسائل: ج 10 ص 73 ب 7 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1).

(5)الضميران في قوله «تضعها» و «تدفعها» يرجعان الى الحصى.

ص: 386

العطف (1) أنّ ذلك أمر زائد على الخذف، فيكون فيه (2) سنّتان: إحداهما رميها خذفا بالأصابع لا بغيرها و إن كان (3) باليد، و الاخرى جعله بالهيئة المذكورة (4)، و حينئذ (5) فتتأدّى سنّة الخذف برميها بالأصابع كيف اتّفق، و فيه (6) مناسبة اخرى للتباعد بالقدر المذكور، فإنّ الجمع بينه (7) و بين الخذف بالمعنيين

**********

شرح:

(1)في قوله «و تضعها... الخ». يعني أنّ ظاهر العطف هو أنّ الكيفية المعطوفة أمر زائد على الخذف لظهور الاختلاف بين المعطوف و المعطوف إليه.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الخذف. يعني بناء على تغاير المعطوف و المعطوف إليه تكون في الخذف سنّتان:

إحداهما: أن يخذف الحصى بالأصابع لا بسائر الأعضاء و لو كان جائزا.

و الاخرى: جعل الرمي بالكيفية المذكورة.

(3)أي و إن كان غير الأصابع هو اليد.

(4)المراد من «الهيئة المذكورة» هو وضع الحصى على بطن الإبهام و دفعها بظفر السبّابة.

(5)أي تتحقّق في الرواية السنّتين المذكورتين، فيمكن تحصيل السنّة في الرمي خذفا برمي الحصى بالأصابع لا بسائر الأعضاء و لو باليد بأيّ نحو كان الرمي بالأصابع.

(6)أي في تأدية سنّة الخذف بالرمي بالأصابع كيف اتّفق مناسبة اخرى باستحباب التباعد بين الرامي و الجمرة بالمقدار المذكور، و هو البعد عن الجمرة بمقدار خمسة عشر ذراعا أو عشرة أذرع، لأنّ الجمع بين التباعد المذكور و بين الرمي بالكيفيتين المذكورتين بعيد.

(7)الضمير في قوله «بينه» يرجع الى التباعد. يعني أنّ الجمع بين إتيان سنّتي التباعد و الخذف بالمعنيين بعيد.

ص: 387

السابقين (1) بعيد. و ينبغي مع التعارض (2) ترجيح الخذف، خروجا (3) من خلاف موجبه.

يستحب استقبال الجمرة هنا

(و استقبال الجمرة هنا) (4) أي في جمرة العقبة، و المراد باستقبالها (5) كونه مقابلا لها، لا عاليا عليها كما يظهر من الرواية (6) «ارمها (7) من قبل

**********

شرح:

(1)المراد من «المعنيين السابقين» هو ما قال به المشهور بوضع الحصاة على بطن الإبهام و دفعها بظفر السبّابة كما عن ابن إدريس رحمه اللّه و ما قاله الآخرون بدفعها بظفر الوسطى كما ذهب إليه السيّد المرتضى رحمه اللّه.

(2)يعني اذا تعارض تحصيل الاستحبابين بأن لا يمكن تحصيل كليهما رجّح تحصيل استحباب الخذف، بمعنى أنّ الحاجّ لا يمكنه الرمي بالخذف المذكور و هو جعل الحصى على بطن الإبهام و دفعها بالسبّابة أو الوسطى و البعد بالمقدار المذكور.

فيرجّح الخذف حينئذ على تحصيل استحباب التباعد للفرار عن مخالفة من أوجبه من العلماء مثل ابن إدريس و السيّد المرتضى رحمهما اللّه.

(3)أي فرارا من مخالفة من أوجب الخذف بالكيفية المذكورة.

و الضمير في قوله «موجبه» يرجع الى الخذف.

(4)التاسع من مستحبّات الرمي هو استقبال جمرة العقبة.

و المراد من «الاستقبال» ليس كون الرامي في مقابل وجه الجمرة لأنها ليست ذي وجه و ذي ظهر لعدم الفرق في جوانبها، بل المراد كون الرامي مساويا لها لا عاليا و لا سافلا عن الجمرة.

(5)و الضميران في قوله «باستقبالها» و «لها» يرجعان الى الجمرة، و في قوله «كونه» يرجع الى الرامي.

(6)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في صفحة 384 عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، فراجع.

(7)الضمائر في «ارمها، وجهها، ترمها، أعلاها، لها» ترجع الى الجمرة.

ص: 388

وجهها و لا ترمها من أعلاها» و إلاّ فليس لها وجه خاصّ يتحقّق به الاستقبال. و ليكن مع ذلك (1) مستدبرا القبلة.(و في الجمرتين الاخريين يستقبل القبلة) (2).

يستحب الرمي ماشيا

(و الرمي ماشيا) (3) إليه من منزله لا راكبا (4)، و قيل: الأفضل الرمي (5) راكبا، تأسّيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله (6)، و يضعّف (7) بأنه صلّى اللّه عليه

**********

شرح:

(1)أي يستحبّ كون الرامي مع مساواته للجمرة أن يستدبر القبلة و يتوجّه إليها.

(2)يعني و يستحبّ في الرمي للجمرتين الاخريين و هما الوسطى و الاولى أن يستقبلهما مع استقباله القبلة.

(3)العاشر من مستحبّات الرمي هو الرمي في حال المشي، بأن يخرج من منزله الى الرمي ماشيا لا راكبا.

و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى الرمي.

فيستفاد إذا من عبارتي المصنّف و الشارح رحمهما اللّه هو استحباب المشي من منزله الى الرمي و استحباب الرمي في حال كونه راجلا لا راكبا.

(4)بمعنى أنه يستحبّ المشي لا الركوب من منزله الى الرمي.

(5)و قال بعض الفقهاء بأفضلية الرمي في حال الركوب تأسّيا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و القائل هو الشيخ رحمه اللّه. (راجع المبسوط : ج 1 ص 369).

(6)أمّا الرواية الدالّة على رمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الجمار في حال الركوب فهي منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن الحسين عن بعض أصحابنا عن أحدهم عليهم السّلام في رمي الجمار: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمى الجمار راكبا على راحلته. (الوسائل: ج 10 ص 74 ب 8 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1).

(7)أي القول باستحباب الرمي راكبا يضعّف لوجود رواية دالّة على أنه صلّى اللّه عليه و آله

ص: 389

و آله و سلّم رمى ماشيا أيضا رواه عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام.

الهدي
شرائط المذبوح

(و يجب في الذبح (1)) لهدي التمتّع (2)(جذع (3) من الضأن (4)) قد كمل

**********

شرح:

رمى ماشيا أيضا، و هي منقولة في الوسائل:

عن عليّ بن جعفر عن أخيه عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرمي الجمار ماشيا. (الوسائل: ج 10 ص 74 ب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1).

الذبح:

(1)هذا هو الثاني من المناسك الواجبة في منى يوم النحر، و هو الهدي.

و اعلم أنّ الهدي يجب في حجّ التمتّع مطلقا، واجبا كان أو مستحبّا، أصالة كان أو نيابة.

أمّا الإفراد فلا يجب الهدي فيه، و أمّا القران فيجب فيه أيضا لمصاحبة الحاجّ مع الهدي.

و يشترط في الهدي امور ثلاثة:

الأول: كون الهدي من جنس البقر أو الغنم أو الإبل المعبّر عنها بالأنعام الثلاثة مع شرائط السنّ المعيّن فيها.

الثاني: كون الهدي تامّ الخلقة، بأن لا يكون ناقصا.

الثالث: كون الهدي غير مهزول، بأن يكون على كليتيه شحم.

قوله: «الذبح» بفتح الذال و سكون الباء من ذبح ذبحا و ذباحا: شقّ و فتق و نحر و خنق. (أقرب الموارد).

(2)فغير التمتّع مثل القران يجب فيه ذبح ما صاحبه.

(3)الجذع - محرّكة - من البهائم: صغيرها، جمعه: جذاع و جذعان. (المنجد).

الجذع: و هو من البهائم ما قبل الثني. (أقرب الموارد).

(4)الضأن: اسم جنس لخلاف الماعز. (المنجد). و هو فاعل لقوله «يجب». يعني

ص: 390

سنّه سبعة أشهر، و قيل: ستة،(أو ثنيّ (1) من غيره) و هو من البقر و المعز ما دخل في الثانية، و من الإبل في السادسة،(تامّ (2) الخلقة) فلا يجزي الأعور و لو ببياض على عينه، و الأعرج، و الأجرب (3)، و مكسور (4) القرن الداخل، و مقطوع شيء من الاذن، و الخصي (5)، و الأبتر (6)، و ساقط الأسنان (7) لكبر و غيره، و المريض. أمّا شقّ

**********

شرح:

يجب في هدي التمتّع الجذع من جنس الضأن، سنّه سبعة أشهر أو ستة. و هذا هو الأول من شرائط الهدي.

(1)عطف على قوله «جذع». و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الضأن. يعني يجب كون الهدي جذعا لو كان من جنس الغنم، و ثنيّا - و هو ما دخل في السنة الثانية - لو كان من جنس البقر و المعز، و ما دخل في السنة السادسة لو كان من جنس الإبل.

(2)بالرفع، عطفا على قوله «جذع». و هذا هو الثاني من شرائط الهدي، و هو كونه تامّ الخلقة، فلا يجزي الأعور. و هو من عور الرجل يعور: ذهب حسّ إحدى عينيه. (أقرب الموارد).

(3)الأجرب - مؤنّثه: جرباء من الجرب بالتحريك -: بثور صغار تبتدئ حمراء و معها حكّة شديدة و ربّما تقيّحت، و منه قولهم: أعدى من الجرب. (أقرب الموارد).

(4)بالرفع، عطفا على قوله «الأعور». يعني فلا يجزي الحيوان الذي كسر قرنه الداخل لا الظاهر.

(5)هو الذي سلّت خصيتاه بحيث نزعتا.

(6)و هو مقطوع الذنب أو الألية.

(7)المراد منه سقوط جميع أسنانه، لظهور الجمع المحلّى بأل العموم، فلا مانع من ذبح

ص: 391

الاذن (1) من غير أن يذهب منها (2) شيء و ثقبها و وسمها و كسر القرن الظاهر و فقدان القرن و الاذن خلقة و رضّ (3) الخصيتين فليس (4) بنقص، و إن كره الأخير (5)،(غير (6) مهزول) بأن يكون ذا شحم على الكليتين و إن قلّ .

(و يكفي فيه (7) الظنّ ) المستند الى نظر أهل الخبرة، لتعذّر العلم

**********

شرح:

حيوان سقط تعدادا من أسنانه.

(1)هذا و ما بعده في قوله «و ثقبها و وسمها و كسر القرن... الخ» مبتدأ، و خبرهما هو قوله «فليس بنقص».

(2)الضمائر في قوله «منها، ثقبها، و سمها» ترجع الى الاذن، و التأنيث باعتبار تأنيث اذن، و كلّ عضو كان في البدن زوجا يكون مؤنّثا.

(3)بالرفع، عطفا على قوله «أمّا شقّ الاذن».

الرضّ - من رضّه رضّا -: دقّه و جرشه، فهو رضيض و مرضوض.

(أقرب الموارد).

(4)خبر لقوله «أمّا شقّ الاذن» و ما بعده. يعني أنّ المذكورات في خصوص الهدي ليس نقصا.

(5)المراد من «الأخير» هو قوله «رضّ الخصيتين». فيكره مرضوض الخصيتين في الهدي.

(6)الثالث من شرائط الهدي هو كونه غير مهزول. و الملاك في تشخيص عدم الهزل هو كون مقدار و لو قليلا من الشحم على كليتيه.

(7)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى غير الهزل. يعني اذا ظنّ كون الهدي غير مهزول يكفي فيه، و لا يجب تحصيل العلم لعدم إمكانه. لكنّ الظنّ يحصل بإخبار أهل الخبرة، فمتى حصل له الظنّ في كون الهدي غير مهزول ثمّ ذبحه يكفي له و لو لم يكن كذلك.

ص: 392

به (1) غالبا، فمتى ظنّه كذلك أجزأ و إن ظهر مهزولا لتعبّده (2) بظنّه،(بخلاف ما لو ظهر ناقصا (3) فإنّه لا يجزي) لأنّ تمام الخلقة أمر ظاهر، فتبيّن خلافه مستند الى تقصيره. و ظاهر العبارة أنّ المراد ظهور المخالفة فيهما بعد الذبح (4)، إذ لو

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى غير الهزل.

(2)لأنّ الحاجّ متعبّد بظنّه و لو خالف الواقع.

(3)كما اذا ظنّ الهدي تامّ الخلقة فظهر ناقصا فانّه لا يكفي، فإذا ظهر خلاف ما ظنّه وجب عليه الهدي الآخر لتقصيره في ظنّه، لأنّ كون الهدي تامّ الخلقة أمر ظاهري بخلاف كونه ذي شحم في كليتيه فإنّه أمر غير ظاهر.

(4)بأن ظهرت المخالفة لما ظنّ بكون الهدي غير مهزول و غير ناقص بعد الذبح لا بعد الشراء و قبل الذبح.

توضيح: إنّ المخالفة للظنّ بكون الهدي غير مهزول و غير ناقص الخلقة إمّا بعد الذبح أو بعد الشراء، فلو ظهرت المخالفة قبل الذبح للظنّ بغير الهزل قبل الشراء ففيه خلاف، الأجود في نظر الشارح رحمه اللّه الإجزاء.

و كذلك لو ظهر كونه تامّ الخلقة قبل الذبح و الحال ظنّ الحاجّ بعدم كونه تامّا عند الشراء.

لكن لو ظهر كونه تامّ الخلقة بعد الذبح و الحال أنّ الحاجّ ظنّ بعدم كونه تامّ الخلقة عند الشراء فذهب الشارح رحمه اللّه الى عدم إجزائه إلاّ أن تظهر السلامة قبل الذبح.

و الحاصل: إنّ الخلاف في الإجزاء عند ظهور الهدي تامّ الخلقة بعد الذبح مع ظنّ النقصان عند الشراء و قبل الذبح. و ليس الخلاف في الإجزاء عند ظهور الهدي تامّ الخلقة قبل الذبح مع ظنّ النقصان عند الشراء، فهذا قرينه على كون مراد المصنّف رحمه اللّه في العبارة ظهور الخلاف بعد الذبح لا قبله.

ص: 393

ظهر (1) التمام قبله أجزأ قطعا، و لو ظهر الهزال قبله (2) مع ظنّ سمنه عند الشراء ففي إجزائه قولان، أجودهما (3) الإجزاء للنصّ (4) و إن كان عدمه (5) أحوط . و لو اشتراه من غير اعتبار (6) أو مع ظنّ نقصه أو هزاله لم يجز، إلاّ (7) أن تظهر الموافقة قبل الذبح، و يحتمل قويا الإجزاء لو ظهر

**********

شرح:

(1)هذا تعليل كون المراد من المخالفة للظنّ في كلا الصورتين بعد الذبح، بأنه لو ظهرت المخالفة للظنّ بكون الهدي ناقصا عند الشراء قبل الذبح يكون مجزيا قطعا. بخلاف ظهور الهدي كاملا بعد الذبح مع الظنّ بكونه ناقصا عند الشراء فهو ليس بمجز.

و الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الذبح.

(2)الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الذبح أيضا. يعني لو ظهر الهدي مهزولا قبل الذبح و الحال أنّ الحاجّ ظنّ بكونه غير مهزول عند الشراء ففي إجزاء ذلك قولان.

(3)أي أجود القولين كونه مجزيا للنصّ .

(4)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يشتري هديا فكان به عيب عور أو غيره، فقال: إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه، و إن لم يكن نقد ثمنه ردّه و اشترى غيره. (الوسائل: ج 10 ص 122 ب 24 من أبواب الذبح ح 1).

(5)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى الإجزاء. يعني أنّ القول بعدم الإجزاء يطابق الاحتياط ، لأنّ العمل بالظنّ من حيث كونه طريقا الى الواقع، فاذا انكشف الخلاف لا يجوز الاكتفاء به.

(6)بأن اشترى الهدي بلا تحقيق، أو اشتراه مع ظنّه بنقصانه، أو هزاله، ففي هذه الصور الثلاث لا يجزي الهدي و لو ظهر بعد الذبح سالما و غير مهزول، لأنّ الحاجّ اذا ظنّ بعدم كون الهدي واجدا للشرائط كيف يتقرّب به الى اللّه سبحانه ؟

(7)استثناء عن قوله «لم يجز» فإنّه مطلق، فتستثنى منه صورة مطابقة الهدي

ص: 394

سمينا بعده (1)، لصحيحة العيص بن القاسم عن الصادق عليه السّلام.

(و يستحبّ أن يكون ممّا عرّف به) (2) أي حضر عرفات وقت الوقوف (3) و يكفي قول بائعه فيه (سمينا) زيادة على ما يعتبر فيه (4)(ينظر)

**********

شرح:

بالواقع قبل الذبح بأن ظنّ النقصان و الهزال فظهرت السلامة و السمن قبل الذبح، لأنّ ظهور الصحّة و السمن حينئذ يوجب إمكان النية.

(1)يعني يحتمل قويّا الحكم بالإجزاء لو ظهر الهدي سمينا بعد الذبح أيضا، استنادا للصحيحة المنقولة في الوسائل:

عن عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الهرم الذي قد وقعت ثناياه أنه لا بأس به في الأضاحي، و إن اشتريته مهزولا فوجدته سمينا أجزأك، و إن اشتريته مهزولا فوجدته مهزولا فلا يجزي. (الوسائل: ج 10 ص 111 ب 16 من أبواب الذبح ح 6).

مستحبّات الهدي اعلم أنّ الهدي الذي يجب في حجّ التمتّع تستحبّ فيه امور:

الأول: كون الهدي ممّا عرّف، بمعنى حضوره في عرفات بعد زوال اليوم التاسع من ذي الحجّة.

الثاني: كونه سمينا أزيد من مقدار الواجب.

الثالث: كونه إناثا من الإبل و البقر و ذكورا من الغنم.

(2)الأوّل ممّا يستحبّ في الهدي كونه ممّا حضر في عرفات وقت الوقوف.

(3)و هو من زوال اليوم التاسع من ذي الحجّة الى الغروب، و يستند في ذلك الى قول بائعه.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الحضور في عرفة.

(4)فإنّ المعتبر في سمنه كون كليتيه ذي شحم، فالمستحبّ سمنه أزيد من ذلك

ص: 395

(و يمشي و يبرك (1) في سواد) الجار (2) متعلّق بالثلاثة على وجه التنازع، و في رواية: و يبعر (3) في سواد، إمّا بكون (4) هذه المواضع - و هي: العين و القوائم

**********

شرح:

المقدار، و هذا هو الثاني من مستحبّات الهدي.

(1)برك يبرك - مثل كتب يكتب - البعير: استناخ، و هو أن يلصق صدره بالأرض، برك في المكان: أقام فيه. (المنجد).

(2)المراد من «الجار» هو قوله «في سواد». يعني أنّ ذلك متعلّق بالثلاث المذكورة، بمعنى أنه ينظر في سواد و يمشي في سواد و يبرك في سواد.

و المراد من «التنازع» هو تنازع العوامل الثلاثة على معمول واحد و هو الجار و المجرور، فإنّ كلّ من الأفعال الثلاثة يريد أن يعمل فيه.

(3)يبعر - بفتح العين مضارع ماضيه بعر، مثل علم، و معناه أخرج ما فيه من البعر.

و الرواية منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام: أين أراد إبراهيم عليه السّلام أن يذبح ابنه ؟ قال: على الجمرة الوسطى. و سأله عن كبش إبراهيم عليه السّلام ما كان لونه و أين نزل ؟ قال: أملح، و كان أقرن، و نزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، و كان يمشي في سواد و يأكل في سواد و ينظر و يبعر و يبول في سواد. (الوسائل:

ج 10 ص 108 ب 13 من أبواب الذبح ح 6).

(4)فالمحتمل من العبارات المذكورة «ينظر و يمشي و يبرك و يبعر في سواد» امور:

الأول: كون العين و القوائم و البطن و المخرج في الهدي بلون اسود.

الثاني: كون نظره و مشيه و جلوسه و بعره في السواد الذي هو ظلّه الحاصل من عظم جثّته من حيث السمن. بمعنى أن يسع ظلّه بنظره و مشيه... الخ، فكان ذلك مبالغة في كونه سمينا.

الثالث: كون الأفعال المذكورة للهدي في واد وسيع من المرعى بحيث يكون

ص: 396

و البطن و المبعر - سودا، أو بكونه (1) ذا ظلّ عظيم لسمنه و عظم جثّته بحيث ينظر فيه و يبرك و يمشي مجازا (2) في السمن، أو بكونه (3) رعى و مشى و نظر و برك و بعر في السواد، و هو الخضرة و المرعى زمانا (4) طويلا فسمن لذلك، قيل: (5) و التفسيرات الثلاثة مروية عن أهل البيت عليهم السّلام.

**********

شرح:

سوادا من كثرة الخضرة فيه.

و قد أشار بالمحتمل الأول من المحتملات بقوله «إمّا بكون هذه المواضع... الخ» بلون أسود في الهدي.

(1)هذا بيان المحتمل الثاني من الأفعال المذكورة. و الضميران في قوله «لسمنه» و «جثّته» يرجعان الى الهدي.

(2)أي مبالغة في بيان سمن الهدي.

(3)و هذا هو الثالث من المحتملات المذكورة، فالمراد وقوع هذه الأفعال في موضع سواد و هو كناية عن الخضرة و المرعى.

(4)ظرف للأفعال المذكورة. يعني أنّ الهدي ينظر و يمشي و يبرك و يبعر في الخضرة و المرعى مدة طويلة بحيث كان ذلك سببا لسمنه.

(5)و القائل بكون التفسيرات الثلاثة مروية عن أهل البيت عليهم السّلام هو قطب الدين الراوندي رحمه اللّه.

من حواشي الكتاب: و القائل هو قطب الدين الراوندي، و هذا الوصف على التفسير الأول وصف برأسه زيادة على السمن، و على التفسيرين الأخيرين مبالغة في زيادة السمن. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

أقول: نحن لم نطّلع بالمستند للتفسيرات الثلاثة عن أهل البيت عليهم السّلام، لكنّ الألفاظ المذكورة قد وردت في روايات منقولة في الوسائل:

منها: عن الحلبي قال: حدّثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ضحّ بكبش أسود

ص: 397

(إناثا (1) من الإبل و البقر ذكرانا من الغنم) و أفضله الكبش و التيس من الضأن و المعز.

واجبات الذبح

(و يجب النية) (2) قبل الذبح مقارنة له، و لو تعذّر الجمع (3) بينها و بين الذكر في أوله قدّمها عليه، مقتصرا

**********

شرح:

أقرن فحل، فإن لم تجد أسود فأقرن فحل يأكل في سواد و يشرب في سواد و ينظر في سواد. (المصدر السابق: ح 5).

(1)الثالث من مستحبّات الهدي كونه من إناث الإبل و البقر و من ذكور الغنم.

الإناث - بكسر الهمزة -: جمع مفرده: الانثى، و جمع الجمع: انث. (أقرب الموارد).

الذكران - بضمّ الذال - جمع مفرده: الذكر محرّكة، خلاف الانثى، و الجمع أيضا:

ذكور و ذكار و ذكارة. (أقرب الموارد).

الكبش: الحمل اذا أثنى، و قيل اذا أربع، جمعه: كباش. (أقرب الموارد، المنجد).

و المراد هنا الفحل بأيّ سنّ كان.

التيس - بفتح التاء -: الذكر من المعز و الضباء، جمعه: تيوس و أتياس و تيسة.

(أقرب الموارد).

واجبات الهدي:

(2)من واجبات الهدي النية مقارنة للذبح بحيث يجمع النية في قلبه و ذكر اسم اللّه في لسانه، لأنّ البسملة أيضا واجبة عند الذبح مقارنة له.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الذبح.

(3)بأن لا يتمكّن من الجمع كما ذكرناه في ابتداء الذبح فيقدّم النية على ذكر اسم اللّه، و يكتفي فيه بالأقلّ فيقول: بسم اللّه.

و الضمير في قوله «بينها» يرجع الى النية، و في «أوله» يرجع الى الذبح، و في «قدّمها» يرجع الى النية، و في قوله «عليه» يرجع الى الذكر.

ص: 398

منه (1) على أقلّه جمعا بين الحقّين (2)(و يتولاّها (3) الذابح) سواء كان هو الحاجّ أم غيره، إذ يجوز الاستنابة فيهما اختيارا، و يستحبّ نيتهما (4)، و لا يكفي (5) نية المالك وحده.

(و يستحبّ جعل يده) (6) أي الناسك (معه) مع الذابح لو تغايرا (و) يجب (قسمته (7) بين الإهداء) الى مؤمن (و الصدقة) عليه مع فقره (و الأكل) و لا ترتيب بينها (8)، و لا يجب

**********

شرح:

(1)يعني اذا قدّم النية على الذكر فليقتصر منه على أقلّ الذكر بقوله «بسم اللّه» فقط .

(2)المراد من «الحقّين» هو حقّ النية و حقّ الذكر. يعني أنّ الاكتفاء بأقلّ الذكر يوجب رعاية حقّ النية و هو مقارنته للذبح و حقّ الذكر الواجب في صحّة الذبح.

(3)الضمير في قوله «يتولاّها» يرجع الى النية. يعني يباشر النية من يذبح الهدي.

و لا فرق بين كون الذابح هو نفس الحاجّ أو من استنابه الحاجّ ، لأنّ الاستنابة في النية و الذبح كلاهما جائزان و لو في حال الاختيار.

و الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى النية و الذبح.

(4)يعني يستحبّ أن ينوي الذابح و الحاجّ .

(5)هذا متفرّع على قوله «يتولاّها الذابح».

(6)بأن يجعل الحاجّ يده مع يد الذابح، في صورة كون الذابح غير الحاجّ بل نائبا عنه.

و فاعل قوله «لو تغايرا» هو ضمير التثنية الراجع الى الذابح و الحاجّ .

(7)يعني يجب للحاجّ تقسيم لحم الهدي على ثلاثة بين الإهداء الى المؤمنين و الصدقة عليهم و الأكل.

(8)أي لا يجب الترتيب بين الثلاثة بأن يهدي ثلثه أو لا ثمّ يتصدّق ثلثه الآخر ثمّ

ص: 399

التسوية (1)، بل يكفي من الأكل مسمّاه (2)، و يعتبر فيهما أن لا ينقص كلّ منهما عن ثلثه. و تجب النية لكلّ منها (3) مقارنة للتناول، أو التسليم الى المستحقّ أو وكيله، و لو أخلّ (4) بالصدقة ضمن الثلث، و كذا (5) الإهداء إلاّ أن يجعله صدقة، و بالأكل (6) يأثم خاصّة.

(و يستحبّ نحر الإبل (7) قائمة قد ربطت يداها) مجتمعتين (بين)

**********

شرح:

يأكل كذلك، بل يجوز تقديم كلّ منها على الآخر.

(1)أي لا يجب التساوي بين تقسيمه ثلاثا بل يجوز الأكل بمقدار و لو قليلا منه.

(2)الضمير في قوله «مسمّاه» يرجع الى الأكل. يعني أنّ في تثليث التقسيم يكفي في الأكل المسمّى منه و يعتبر في الصدقة و الإهداء أن لا يكونا أقلّ من ثلث الهدي.

و الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى الإهداء و الصدقة، و في «ثلثه» يرجع الى الهدي.

(3)يعني تجب النية في قسمته ثلاثا، ففي خصوص الأكل ينوي مقارنا له، و في الصدقة ينوي مقارنا الى تسليمه للمستحقّ أو وكيله، و في الإهداء ينوي مقارنا كذلك.

(4)يعني لو لم يعمل بوظيفة التقسيم المذكور فبتخلّفه عن الصدقة يضمن ثلث الهدي، بمعنى أنه يبقى في ذمّته الى أن يبرئ نفسه.

و في تخلّفه عن إهداء ثلثه للمؤمنين أيضا يضمن إلاّ أن يتصدّق سهم الإهداء على فقراء المؤمنين.

و في تخلّفه عن الأكل بأن لا يأكل و لو بمسمّاه فإنّه يأثم و لا ضمان فيه.

(5)أي و كذا يضمن فيما لو أخلّ بالإهداء. و الضمير في قوله «يجعله» يرجع الى الإهداء.

(6)عطف على قوله «بالصدقة». يعني لو أخلّ بالأكل فلا ضمان إلاّ أنه يأثم خاصّة.

(7)يعني يستحبّ نحر الإبل للهدي في حال كونها قائمة بحيث تربط يداها

ص: 400

(الخفّ (1) و الركبة (2)) ليمنع (3) من الاضطراب، أو تعقل يدها اليسرى من الخفّ الى الركبة و يوقفها على اليمنى، و كلاهما (4) مروي،

**********

شرح:

مجتمعتين، أو تعقل يدها اليسرى من الخفّ الى الركبة بحيث تقوم الإبل على ثلاثة من رجليه و يده اليمنى.

النحر - من نحر البهيمة نحرا و تنحارا -: أصاب نحرها و هو في اللبّة مثل الذبح في الحلق، و مكان النحر أعلى الصدر، و قيل موضع القلادة، مذكّر، جمعه: نحور.

(أقرب الموارد).

(1)الخفّ - بضمّ الخاء و تشديد الفاء -: للبعير و النعام بمنزلة الحافر لغيرها، جمعه:

أخفاف و خفاف. (أقرب الموارد).

(2)الركبة - بضمّ الراء و سكون الكاف -: موصل ما بين أسافل أطراف الفخذ و أعالي الساق. (أقرب الموارد).

(3)قوله «ليمنع» إمّا بصيغة المعلوم فاعله مستتر يرجع الى الربط ، أو المجهول، و النائب الفاعل هو الضمير الراجع الى المنحور.

(4)أي كلا النحوين المذكورين في نحر الإبل مروي.

أمّا الرواية الدالّة على الكيفية التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه فهي منقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ (1) . (الحجّ : 36) قال: ذلك حين تصفّ للنحر يربط يديها ما بين الخفّ الى الركبة، و وجوب جنوبها اذا وقعت على الأرض. (الوسائل: ج 10 ص 134 ب 35 من أبواب الذبح ح 1).

فهذه الرواية تدلّ على استحباب الكيفية التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه من ربط يدي الإبل من الخفّ الى الركبة.

و أمّا الرواية الدالّة على الكيفية التي ذكرها الشارح رحمه اللّه فهي منقولة أيضا في

ص: 401


1- سوره 22 - آیه 36

(و طعنها (1) من) الجانب (الأيمن) بأن يقف الذابح على ذلك الجانب، و يطعنها (2) في موضع النحر، فإنّه (3) متّحد.(و الدعاء (4) عنده) بالمأثور.

**********

شرح:

الوسائل:

عن أبي خديجة قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى، ثمّ يقوم به من جانب يدها اليمنى و يقول «بسم اللّه و اللّه أكبر، اللّهمّ هذا منك و لك، اللّهمّ تقبّل منّي» ثمّ يطعن في لبّتها ثمّ يخرج السكّين بيده، فاذا وجبت قطع موضع الذبح بيده. (المصدر السابق: ح 3).

فهذه الرواية تدلّ على الكيفية التي ذكرها الشارح رحمه اللّه من ربط يد الإبل اليسرى من الخفّ الى الركبة.

(1)أي يستحبّ طعن الإبل من الجانب الأيمن.

و المراد من نحر الإبل من الجانب الأيمن ليس أيمن المنحر لأنه واحد و هو ثغرة النحر بين الترقوتين فلا يمين و لا يسار فيه، و لا فرق في نحره بين قيام الذابح يمينا و يسارا، بل المراد استقرار الذابح في جانب أيمن الهدي.

(2)الضمير في قوله «يطعنها» يرجع الى الإبل.

(3)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى موضع النحر. يعني أنّ موضع النحر واحد و لا فرق في وقوف الذابح يمينه و يساره، فلا يطعن إلاّ في منحر واحد.

(4)بالرفع، عطفا على قوله «نحر الإبل». يعني يستحبّ الدعاء في حال النحر بما هو مذكور في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة و انحره أو اذبحه و قل «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً (1) مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (2) ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ (3) و أنا من المسلمين، اللّهمّ منك و لك، بسم اللّه

ص: 402


1- سوره 6 - آیه 79
2- سوره 6 - آیه 79
3- سوره 6 - آیه 162

(و لو عجز (1) عن السمين فالأقرب إجزاء المهزول، و كذا الناقص) لو عجز عن التامّ ، للأمر (2) بالإتيان بالمستطاع المقتضي امتثاله للإجزاء، و لحسنة (3) معاوية بن عمّار «إن لم تجد فما تيسّر لك» و قيل:

ينتقل الى الصوم (4) لأنّ المأمور به هو الكامل، فإذا تعذّر انتقل الى بدله و هو الصوم.

**********

شرح:

و باللّه و اللّه أكبر، اللّهمّ تقبّل منّي» ثمّ أمر السكّين، و لا تنخعها حتّى تموت.

(الوسائل: ج 10 ص 137 ب 37 من أبواب الذبح ح 1).

(1)يعني لو عجز الناسك عن الهدي السمين المذكور بكون كليتيه ذي شحم فالأقرب عند المصنّف رحمه اللّه إجزاء الهدي المهزول، و كذلك لو عجز عن تامّ الخلقة فالأقرب عنده إجزاء الناقص.

(2)دليل إجزاء المهزول و الناقص بدل غيرهما قوله صلّى اللّه عليه و آله في رواية النبوي: اذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. (مصابيح الكلام للوحيد البهبهاني: باب الوضوء، و راجع هامش 4 من عوالي اللآلي: ج 4 ص 58). فيكلّف الناسك عند العجز عن غير المهزول و الكامل بهدي المهزول و الناقص.

(3)المراد من «الحسنة» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار (في حديث) قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اشتر فحلا سمينا للمتعة، فإن لم تجد فموجوء، فإن لم تجد فمن فحولة المعز، فإن لم تجد فنعجة، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي... الحديث. (الوسائل: ج 10 ص 106 ب 12 من أبواب الذبح ح 7).

(4)و سيأتي بأنّ الناسك اذا عجز عن الهدي صام عشرة أيّام، ثلاثة في الحجّ و سبعة في الحضر، فإذا لم يتمكّن عن غير المهزول و الكامل فيحكم عليه بالبدل و هو الصوم.

ص: 403

لو وجد الثمن دون الهدي

(و لو وجد الثمن دونه) (1) مطلقا (خلّفه عند من يشتريه و يهديه) عنه من الثقات إن لم يقم بمكّة (طول ذي الحجّة) (2) فإن تعذّر فيه فمن القابل (3) فيه، و يسقط هنا (4) الأكل فيصرف الثلثين في وجههما، و يتخيّر في الثلث الآخر (5) بين الأمرين (6) مع احتمال قيام النائب (7) مقامه فيه، و لم

**********

شرح:

(1)يعني اذا قدر الناسك على ثمن الهدي لكن لم يصل الى نفس الهدي لا كاملا و لا ناقصا وجب عليه أن يخلّف الثمن عند شخص موثّق ليشتري و يهدي عن جانب الناسك.

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين الكامل و الناقص و المهزول و غيره.

و الضمير في قوله «دونه» يرجع الى الهدي، و في «خلّفه» يرجع الى الثمن، و الضميران في قوله «يشتريه و يهديه» يرجعان الى الهدي.

(2)قوله «طول ذي الحجّة» ظرف لقوله «يشتريه و يهديه». يعني أنّ وقت الهدي من الثقة الى آخر ذي الحجّة.

(3)يعني لو لم يتمكّن من الهدي في طول ذي الحجّة من سنة النسك وجب عليه أو على النائب الثقة الذي عنده وضع ثمن الهدي أن يهدي في ذي الحجّة من السنة القابلة.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى ذي الحجّة.

(4)يعني اذا اشترى النائب الثقة الهدي و ذبحه من جانبه سقط حكم الأكل في تثليث لحم الهدي كما فصّلنا، لكنّ الثلثين الآخرين يصرفهما في الإهداء للمؤمنين و الصدقة لهم، و أمّا الثلث المعيّن للأكل فيتخيّر في صرفه في الموردين الآخرين.

(5)المراد من «الثلث الآخر» هو السهم المعيّن لأكل الناسك.

(6)و هما الإهداء للمؤمنين و التصدّق لهم.

(7)يعني يحتمل قيام النائب مقام الحاجّ في الأكل من ثلث لحم الهدي.

ص: 404

يتعرّضوا لهذا الحكم (1).

لو عجز عن تحصيل الثقة أو الثمن

(و لو عجز) (2) عن تحصيل الثقة أو (عن الثمن) في محلّه (3) و لو بالاستدانة على ما في بلده و الاكتساب (4) اللائق بحاله و بيع (5) ما عدا المستثنيات في الدين (صام) (6) بدله عشرة أيّام (ثلاثة أيّام في الحج)

**********

شرح:

و الضمير في قوله «مقامه» يرجع الى الناسك، و في قوله «فيه» يرجع الى الأكل.

(1)أي لم يتعرّض العلماء لحكم ثلث الهدي في حقّ النائب بأنه يتخيّر في صرفه في الإهداء و التصدّق للمؤمنين أو يقوم مقام الناسك في الأكل من الثلث المذكور.

(2)فاعل قوله «عجز» مستتر يرجع الى الحاجّ . يعني لو عجز الحاجّ عن تحصيل الثقة أو عن نفس الثمن في محلّ الهدي بأن لم يتمكّن في منى و لو بالاستقراض في بلده و الاكتساب اللائق به وجب عليه الصوم بدله.

(3)الضمير في قوله «محلّه» يرجع الى الهدي بأن عجز عن الهدي في منى.

(4)بالجر، عطفا على قوله «بالاستدانة». يعني لو قدر بالاكتساب اللائق بحاله لتحصيل ثمن الهدي وجب عليه ذلك.

(5)هذا أيضا عطف على قوله «بالاستدانة». يعني لو عجز عن الثمن و لو ببيع ما عدا المستثنيات في الدين وجب عليه الصوم بالتفصيل المذكور.

أمّا مستثنيات الدين فهي التي لا يجب بيعها لأداء الدين، مثل الدار التي سكن فيها و ما يحتاج إليه من اللوازم و الدابّة و الكتاب و الثوب و غير ذلك ممّا فصّل في كتاب الدين.

فلا يجب بيع هذه المستثنيات لثمن الهدي.

(6)جواب لقوله «و لو عجز... الخ».

فالصوم الواجب بدل الهدي عشرة أيّام، ثلاثة منها في الحجّ متوالية، و سبعة اذا رجع الى أهله.

ص: 405

(متوالية) إلاّ ما استثني (1)(بعد التلبّس بالحجّ ) (2) و لو من أول ذي الحجّة، و يستحبّ السابع و تالياه (3)، و آخر وقتها (4) آخر ذي الحجّة (و سبعة (5) إذا رجع الى أهله) حقيقة، أو حكما كمن لم يرجع، فينتظر مدّة لو ذهب لوصل الى أهله عادة، أو مضيّ (6) شهر. و يفهم من تقييد الثلاثة بالموالاة (7) دون السبعة عدم اعتبارها فيها،

**********

شرح:

(1)المستثنى من وجوب الموالاة هو الذي علم بعدم تمكّنه بالهدي و شرع صوم الثلاثة من يوم التروية و صام يومين فينفصل بينهما و بين اليوم الثالث يوم العاشر و أيّام التشريق، فيستثنى ذلك من وجوب الموالاة بينها.

(2)المراد من «التلبّس بالحجّ » هو أعمّ من أعمال الحجّ و أعمال عمرته، فاذا اشتغل بعمرة التمتّع جاز له الصوم بدل الهدي من أول ذي الحجّة، لكن لا يجوز ذلك الصوم قبل ذي الحجّة.

(3)المراد من «تالياه» هو الثامن و التاسع من ذي الحجّة.

(4)يعني أنّ آخر وقت الصوم للأيّام الثلاثة هو آخر ذي الحجّة.

(5)بالنصب، عطفا على قوله «ثلاثة». يعني صام الناسك سبعة أيّام أيضا اذا رجع الى أهله حقيقة بأن يأتي بلده و دخل بيته، أو حكما كمن لم يرجع الى بلده فانتظر في بلد آخر بمقدار لو كان رجع ليأتي أهله في هذه المدّة.

و الضمير في قوله «أهله» يرجع الى الناسك.

(6)أو كان متردّدا في بلد مضى عليه شهر جاز له أن يصوم الثلاثة.

(7)في قوله «ثلاثة أيّام في الحجّ متوالية» فيفهم من هذا التقييد في الثلاثة و عدمه في العشرة عدم وجوب الموالاة في صوم العشرة المذكورة.

و الضمير في قوله «اعتبارها» يرجع الى الموالاة، و في قوله «فيها» يرجع الى العشرة.

ص: 406

و هو (1) أجود القولين، و قد تقدّم (2).

يتخيّر مولى المأذون له في الحجّ بين الإهداء عنه، و أمره بالصوم

(و يتخيّر مولى) المملوك (3)(المأذون له) في الحجّ (بين الإهداء (4) عنه، و بين أمره (5) بالصوم) لأنه عاجز عنه ففرضه الصوم، لكن لو تبرّع المولى بالإخراج (6) أجزأ، كما يجزي عن غيره لو تبرّع عليه متبرّع، و النصّ (7)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ عدم وجوب الموالاة في العشرة هو أجود القولين في وجوبها و عدمها.

(2)قد تقدّم عدم وجوب الموالاة في صوم العشرة أيّام في الجزء الثالث في المسألة الثامنة من كتاب الصوم، فراجع.

(3)يعني يتخيّر المولى الذي أذن لمملوكه بالحجّ أن يهدي من جانب عبده و بين أمره لعبده بالصوم.

قوله «المأذون» صفة لموصوف مقدّر و هو المملوك. و الضمير في قوله «له» يرجع الى المملوك.

(4)من باب الإفعال بمعنى جعل الهدي. و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى المملوك.

(5)بأن يأمر عبده بالصوم لأنّ العبد عاجز عن الهدي.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الهدي.

(6)يعني لو تبرّع المولى الهدي عن جانب عبده المأذون للحجّ أجزأ ذلك عنه كما يجزي عن غير عبده اذا تبرّع الهدي عنه.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى العبد. و فاعل قوله «تبرّع» هو قوله «متبرّع».

(7)فإنّ النصّ يدلّ على هذا التخيير و هو منقول في الوسائل:

عن جميل بن درّاج قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتّع، قال: فمره فليصم، و إن شئت فاذبح عنه. (الوسائل: ج 10 ص 88 ب 2 من أبواب الذبح ح 1).

ص: 407

ورد بهذا التخيير، و هو دليل على أنه لا يملك شيئا (1)، و إلاّ (2) اتّجه وجوب الهدي مع قدرته عليه، و الحجر (3) عليه غير مانع منه كالسفيه.

لا يجزي الهدي الواحد إلاّ عن واحد

(و لا يجزي) الهدي (الواحد إلاّ عن واحد (4)، و لو عند الضرورة) على أصحّ (5) الأقوال، و قيل: يجزي عن سبعة و عن سبعين اولي

**********

شرح:

(1)يعني أنّ ورود النصّ بتخيير المولى في أمره المملوك المأذون له في الحجّ بالصوم بدل الهدي و تبرّعه الهدي عن مملوكه يدلّ على عدم مالكية العبد شيئا، فلو كان مالكا وجب عليه الهدي.

(2)استثناء من قوله «لا يملك شيئا». فلو قلنا بمالكيّته يتّجه أن يقال بوجوب الهدي على العبد.

و الضمير في قوله «قدرته» يرجع الى العبد، و في قوله «عليه» يرجع الى الهدي.

(3)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنّ العبد و لو كان مالكا فهو محجور عن التصرّف في ماله، فكيف يحكم عليه بوجوب الهدي عند القول بمالكيّته.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ الحجر من تصرّفه لا يمنع من وجوب الهدي، كما أنّ السفيه محجور عن التصرّف في ماله لكن لو حجّ وجب عليه الهدي.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المملوك، و في قوله «منه» يرجع الى وجوب الهدي.

(4)يعني لا يجزي الهدي الواحد إلاّ عن ناسك واحد و لو عند الضرورة، بحيث لم يوجد إلاّ هدي واحد.

(5)و في إجزاء الهدي الواحد عن أكثر من واحد قولان:

الأول: كفاية الهدي الواحد عن سبعة أو سبعين ناسك اذا اشتركوا في خوان واحد كما اذا كانوا رفقاء و أصدقاء في السفر.

الثاني: كفاية الواحد عن أكثر و لو لم يكونوا اولي خوان واحد.

ص: 408

خوان (1) واحد، و قيل: مطلقا، و به (2) روايات محمولة على المندوب

**********

شرح:

من حواشي الكتاب: قوله «قيل يجزي عن سبعة... الخ» القائل به هو الشيخ رحمه اللّه قال في المبسوط : الهدي الواجب لا يجزي الواحد إلاّ عن واحد مع الاختيار، سواء كانت بدنة أو بقرا، و يجوز عند الضرورة عن خمسة و عن سبعة و عن سبعين، و كلّما قلّوا كان أفضل.

و مثله قال في النهاية، و كان على الشارح رحمه اللّه أن يقول: و قيل يجزي عن خمسة و عن سبعة... الخ.

و الخوان - ككتاب - ما يؤكل عليه الطعام، و المراد به كونهم رفقة مختلطين في المأكل، و قيل: ذلك كناية عن كونهم أهل بيت واحد. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

من حواشي الكتاب أيضا: قوله «و قيل مطلقا» ظاهره أنّ هنا قائلا بإجزاء الواحد عن السبعة و السبعين عند الضرورة و عدمها، اولي خوان واحد كانوا أو لا، و القول به غير مشهور بل غير مذكور.

نعم، ذهب المفيد و عليّ بن بابويه الى إجزاء البقرة عن خمسة اذا كانوا أهل بيت، و أطلق سلاّر إجزاءها عن خمسة. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(1)الخوان - بضمّ الخاء و كسرها -: ما يوضع عليه الطعام ليؤكل، و تسمّيه العامّة السفرة، جمعه: أخونة و خون. (المنجد).

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى إجزاء الواحد عن سبعة أو عن سبعين اذا كانوا اولي خوان واحد.

امّا الروايات المحمولة على الهدي المندوب فهي منقولة في الوسائل:

منها: عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يجزي البقرة عن خمسة بمنى اذا كانوا أهل خوان واحد. (الوسائل: ج 10 ص 113 ب 18 من أبواب الذبح ح 5).

منها: عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: البدنة و البقرة يضحّى بها، تجزي

ص: 409

جمعا (1)، كهدي القران (2) قبل تعيّنه (3)، و الاضحية (4) فإنّه (5) يطلق عليها (6) الهدي. أمّا الواجب (7) و لو بالشروع في الحجّ المندوب فلا يجزي

**********

شرح:

عن سبعة اذا اجتمعوا من أهل بيت واحد و من غيرهم. (المصدر السابق: ح 6).

و منها: عن حمران قال: عزّت البدن سنة بمنى حتّى بلغت البدنة مائة دينار، فسئل أبو جعفر عليه السّلام عن ذلك فقال: اشتركوا فيها، قلت: كم ؟ قال: ما خفّ فهو أفضل. قال: فقلت: عن كم يجزي ؟ فقال: عن سبعين. (المصدر السابق: ح 11).

فهذه الروايات حملت على الهدي المندوب لا الواجب.

(1)أي الجمع بين الروايات التي تدلّ بعضها بإجزاء الواحد عن سبعة و بعضها على عدم إجزاء الواحد إلاّ عن واحد يوجب حمل ما يدلّ على الإجزاء على الهدي المندوب.

(2)فإنّ الهدي الذي يصاحبه الحاجّ للقران لا يجب قبل الأصحاب و قبل الإشعار و التقليد فيجوز اشتراك أكثر من واحد في هدي واحد لحجّ القران.

(3)و التعيّن لا يتحقّق إلاّ بالإشعار أو التقليد. و الضمير في قوله «تعيّنه» يرجع الى الهدي.

(4)عطف على قوله «كهدي القران». و هذا مثال ثان للهدي المندوب، و هو الاضحية التي يذبحونها في عيد الأضحى في الأمصار، فإنّها يجوز اشتراك أكثر من واحد فيها.

الأضحية - بالضمّ ، و تكسر -: شاة يضحّى بها، جمعه: أضاحي.

(5)الضمير في قوله «إنّه» يرجع الى الشأن.

(6)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى الاضحية. يعني أنها يطلق عليها الهدي.

الهدي - بفتح الهاء و سكون الدال -: ما اهدي الى الحرم من النعم، و قيل: ما ينقل للذبح من النعم الى الحرم، الواحدة: الهدية. (أقرب الموارد).

(7)يعني أمّا الهدي الواجب لحجّ التمتّع الواجب أو لحجّ التمتّع المندوب فإنّ الهدي

ص: 410

إلاّ عن واحد فينتقل مع العجز (1) و لو بتعذّره (2) الى الصوم.

لو مات من وجب عليه الهدي قبل إخراجه

(و لو مات) من وجب عليه (3) الهدي قبل إخراجه (اخرج) عنه (من صلب المال) (4) أي من أصله و إن لم يوص به (5)، كغيره (6) من الحقوق المالية الواجبة.(و لو مات)

**********

شرح:

فيه يجب بالشروع فيه، فلا يجزي الواحد إلاّ عن ناسك واحد. و الدليل عليه هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: لا يجوز البدنة و البقرة إلاّ عن واحد بمنى. (الوسائل: ج 10 ص 113 ب 18 من أبواب الذبح ح 1).

(1)كما اذا عجز عن ثمن الهدي.

(2)كما اذا قدر على الثمن لكن تعذّر الهدي، ففي الصورتين ينتقل الى البدل و هو صوم عشرة أيّام.

(3)كما اذا وجب الهدي على الحاجّ المتمتّع فمات قبل أن يخرج الهدي أو ثمنه من ماله فحينئذ يخرج الهدي من أصل ماله.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى «من» الموصولة في قوله «من وجب عليه الهدي»، و في قوله «قبل إخراجه» يرجع الى الهدي.

(4)المراد من «صلب المال» هو مجموع ما تركه، لا الثلث ممّا تركه، فإن كان على الميّت ديون للآخرين أو ديون شرعية مثل الصلاة و الصوم و الحجّ و الكفّارة اخرج ذلك كلّه من أصل ماله، أمّا ما أوصى من المستحبّات فيخرج من ثلث ما تركه.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى الهدي.

(6)الضمير في قوله «كغيره» يرجع الى الهدي أيضا. يعني كما أنّ سائر الحقوق المالية الواجبة تخرج من صلب المال و لو لم يوص بها المديون فكذلك الهدي.

ص: 411

فاقده (1)(قبل الصوم صام الولي) و قد تقدّم بيانه (2) في الصوم (عنه العشرة على قول) (3) لعموم (4) الأدلة بوجوب قضائه ما فاته من الصوم.

**********

شرح:

(1)يعني اذا مات من لم يتمكّن من الهدي قبل أن يصوم عشرة أيّام ثلاثة في السفر و سبعة في الحضر صام وليّه عنه.

(2)يعني تقدّم الحكم بوجوب صوم الولي عن الميّت في المسألة الرابعة من كتاب الصوم بقوله «اذا تمكّن من القضاء ثمّ مات قضى عنه أكبر ولده الذكور».

و في المسألة ثلاثة أقوال:

الأول: وجوب صوم العشرة على الولي عن الميّت.

الثاني: وجوب صوم الولي عن الميّت المتمكّن من صوم العشرة في حال حياته، لكن لو لم يكن متمكّنا منها آنذاك فحينئذ لا يجب على الولي قضاء ذلك الصوم.

الثالث: وجوب صوم الثلاثة على الولي لا مجموع العشرة.

(3)هذا هو القول الأول من الأقوال المذكورة في المسألة. قال الفاضل الهندي رحمه اللّه في شرح قول المصنّف رحمه اللّه «لو مات قبل الصوم صام الولي عنه العشرة على قول»: وفاقا للسرائر و الشرائع للخبر و الإجماع. (كشف اللثام: ص 365 من النسخة القديمة).

(4)استدلّ الشارح رحمه اللّه بالقول المذكور لعموم الأدلّة بوجوب قضاء الولي ما فات الميّت من الصوم.

و الضمير في قوله «قضائه» يرجع الى الولي، و في قوله «ما فاته» يرجع الى الميّت.

أقول: من الأدلّة الدالّة على وجوب قضاء ما فات عن الميّت بالعموم رواية منقولة في الوسائل:

ص: 412

(و يقوى (1) مراعاة تمكّنه منها) في الوجوب، فلو لم يتمكّن لم يجب كغيره من الصوم الواجب، و يتحقّق التمكّن في الثلاثة بإمكان فعلها في الحجّ (2)، و في السبعة بوصوله الى أهله، أو مضي المدّة المشترطة (3) إن أقام بغيره (4)،

**********

شرح:

عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام، قال: يقتضي عنه أولى الناس بميراثه، قلت: فإن كان أولى الناس به امرأة ؟ فقال: لا، إلاّ الرجال. (الوسائل: ج 7 ص 341 ب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان ح 5).

(1)هذا هو القول الثاني من الأقوال المذكورة و هو مراعاة تمكّن الميّت في حال حياته من صوم العشرة في وجوبها على عهدة الولي، فلو لم يتمكّن الميّت في حال حياته فلا يجب على الولي كغير الصوم المذكور.

مثلا اذا لم يقدر المكلّف بالصوم الواجب عليه مثل صوم شهر رمضان و غيره فلا يجب على الولي قضاؤه، و كذلك صوم العشرة في المقام.

و الضمير في قوله «تمكّنه» يرجع الى الميّت، و في قوله «منها» يرجع الى العشرة، و في قوله «كغيره» يرجع الى صوم الواجب بدل الهدي.

(2)يعني يتحقّق التمكّن الموجب لقضاء الولي في صوم الثلاثة بإمكان فعل الثلاثة في الحجّ ، و في السبعة بوصول الناسك الى وطنه أو مضي شهر كما مرّ.

و الضمير في قوله «فعلها» يرجع الى الثلاثة، و في «وصوله» و «أهله» يرجع الى الناسك.

(3)المراد من «المدّة المشترطة» هو انتظار مدّة لو ذهب الى أصله لوصله أو مدّة مردّدة شهرا.

(4)الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى بلد الناسك.

ص: 413

و مضي (1) مدّة يمكنه فيها الصوم، و لو تمكّن (2) من البعض قضاه خاصّة.

و القول الآخر: (3) وجوب قضاء الثلاثة خاصّة، و هو ضعيف.

محلّ الذبح منى

(و محلّ الذبح) لهدي التمتّع (و الحلق منى (4)، و حدّها من العقبة) و هي (5) خارجة عنها (الى وادي محسّر) (6)، و يظهر من جعله حدّا خروجه عنها

**********

شرح:

(1)بالجر، عطفا على قوله «بوصوله». يعني يعتبر في وجوب السبعة على الولي علاوة على ما ذكر مضيّ مدّة يمكن له صوم السبعة، فإن لم تمض تلك المدّة و مات فلا يجب على الولي صومها.

و الضمير في قوله «يمكنه» يرجع الى الميّت، و في قوله «فيها» يرجع الى المدّة.

(2)فاعل قوله «تمكّن» مستتر يرجع الى الميّت. يعني لو تمكّن الميّت في حال حياته من صوم بعض العشرة مثل أن يتمكّن من صوم يوم أو يومين فمات قبله وجب على الولي المقدور منه صومها.

(3)هذا هو القول الثالث من الأقوال المذكورة و هو وجوب قضاء ثلاثة أيّام على الولي لا السبعة، و قد ضعّفه الشارح رحمه اللّه لعدم الدليل عليه.

(4)قوله «منى» ظرف للذبح و الحلق. يعني يجب فعلهما في منى التي حدّها من جمرة العقبة الى وادي محسّر.

و الضمير في قوله «و حدّها» يرجع الى منى.

(5)الضمير في قوله «هي» يرجع الى العقبة، و هي صفة لموصوف مقدّر و هو جمرة.

يعني أنّ جمرة العقبة حدّ لمنى و هي خارجة عن منى.

و الضمير في قوله «عنها» يرجع الى منى.

(6)قد مرّ وجه تسمية الوادي بين منى و المشعر بلفظ «محسّر» و هو بصيغة اسم الفاعل.

فحدّ منى من جانب بلدة مكّة جمرة العقبة و من جانب المشعر وادي محسّر، فكلا

ص: 414

أيضا (1)، و الظاهر من كثير (2) أنه منها.

يجب ذبح هدي القران متى ساقه و عقد به إحرامه

(و يجب ذبح هدي القران متى ساقه و عقد به إحرامه) (3) بأن أشعره أو قلّده، و هذا (4) هو سياقه شرعا، فالعطف تفسيري و إن كان ظاهر العبارة (5) تغايرهما، و لا يخرج عن ملك سائقه بذلك (6)، و إن تعيّن ذبحه

**********

شرح:

الحدّين خارجان عن منى فلا يجوز الذبح و الحلق فيهما.

و الضمير في قوله «جعله» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و في «خروجه» يرجع الى وادي محسّر، و في قوله «عنها» يرجع الى منى.

(1)أي كما أنّ العقبة خارجة عن منى فإنّ وادي محسّر خارج عنها أيضا.

من حواشي الكتاب: هذا بناء على عدم دخول ما بعد «الى» لما قبلها وضعا، أو للقرينة و هي هنا قوله «من العقبة» و هذا غير دخول الغاية في المغيّى كما قرّر في علم الأصول. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(2)يعني أنّ ظاهر كثير من الفقهاء هو أنّ وادي محسّر يعدّ من منى.

و الضمير في قوله «أنه» يرجع الى وادي محسّر، و في قوله «منها» يرجع الى منى.

(3)قد مرّ في جواز عقد الإحرام بالتلبية و الإشعار و التقليد. يعني يجب الهدي في حجّ القران اذا عقد بإشعار الهدي أو تقليده الإحرام.

الضمير في قوله «به» يرجع الى هدي القران، و في قوله «إحرامه» يرجع الى الحجّ .

(4)المشار إليه في قوله «هذا» هو التقليد و الإشعار. يعني أنّ السياق في اصطلاح الشرع هو الإشعار و التقليد، فقوله «و عقد به» عطف على قوله «متى ساقه» فالعطف تفسيري.

(5)العبارة في قوله «متى ساقه و عقد» ظاهر في تغاير المعطوف و المعطوف عليه.

(6)المشار إليه في قوله «بذلك» هو السوق الشرعي بالإشعار و التقليد. يعني أنّ

ص: 415

فله (1) ركوبه و شرب لبنه ما لم يضرّ به أو بولده، و ليس له (2) إبداله بعد سياقه المتحقّق بأحد الأمرين.

لو هلك هدي القران لم يجب بدله

(و لو هلك) قبل ذبحه (3) أو نحره بغير تفريط (لم يجب) إقامة (بدله)، و لو فرّط فيه ضمنه،(و لو عجز) (4) عن الوصول الى محلّه الذي يجب ذبحه فيه (ذبحه) أو نحره و صرفه في وجوهه في موضع عجزه،(و لو لم)

**********

شرح:

الهدي لا يخرج عن ملك السائق بذلك، لكن يتعيّن له ذبحه و لا يجوز ذبح هدي آخر بدله.

و الضمير في قوله «ذبحه» يرجع الى الهدي المسوق بالإشعار و التقليد.

(1)هذا متفرّع على قوله «و لا يخرج عن ملك سائقه بذلك» فاذا لم يخرج عن ملكه جاز للمالك أن يتصرّف في ملكه بركوبه و شرب لبنه بشرط عدم التضرّر في نفس الهدي و ولده.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع الى السائق، و في قوله «إبداله بعد سياقه» يرجعان الى الهدي المسوق.

و المراد من قوله «أحد الأمرين» هو الإشعار و التقليد.

(3)الذبح في الشاة و النحر في الإبل. يعني لو هلك الهدي قبل ذلك بغير تفريط لا يجب على السائق إبداله، لكن لو فرّط في الهدي ضمن و وجب عليه بدله.

و الضميران في قوله «فيه» و «ضمنه» يرجعان الى الهدي.

(4)فاعل قوله «عجز» مستتر يرجع الى الهدي. يعني لو عجز الهدي في حجّ القران عن الوصول الى محلّ الذبح - و هو مكّة أو منى - ذبح السائق في محلّ العجز و صرف لحمه في الثلاثة المذكورة، و هي الإهداء و التصدّق و الأكل.

و الضمير في قوله «ذبحه» يرجع الى الهدي المسوق، و فاعله مستتر يرجع الى السائق، و كذلك في قوليه «نحره و صرفه».

ص: 416

(يوجد) (1) فيه مستحقّ (أعلمه علامة الصدقة) بأن يغمس (2) نعله في دمه و يضرب بها صفحة سنامه، أو يكتب (3) رقعة و يضعها عنده يؤذن بأنه هدي، و يجوز التعويل (4) عليها هنا في الحكم بالتذكية و إباحة الأكل

**********

شرح:

(1)يعني لو لم يوجد في محلّ عجز الهدي عن الوصول من يستحقّ الهدي من الفقراء و إخوانه المؤمنين جعل الناسك فيه علامة تفهم العابر بأنه صدقة و يجوز للغير الاستفادة منه.

(2)هذا بيان إعلام كون الهدي المذكور صدقة، بأن يغمس القارن نعله بدم الهدي و يضرب بها صفحة سنام الإبل.

السنام - بفتح السين -: حدبة في ظهر البعير، جمعه: أسنمة. (المنجد).

أقول: لا يخفى بأنّ من الموارد التي يقدّم الظاهر على الأصل هذا الموضع، فإنّ أصالة عدم التذكير تفيد كونها ميّتة، و كذلك أصالة عدم جواز أكله تفيد عدم جواز الأكل منه، لكن العلامة الظاهرة في كونه صدقة تفيد الجواز فتقدّم على الأصلين.

(3)هذا طريق آخر يبيّنه الشارح رحمه اللّه بإعلام كون الهدي المذبوح في محلّ العجز صدقة، بأن يكتب القارن رقعة و يضعها عند الهدي المذكور يعلم أنه هدي.

الرقعة - بالضمّ -: القطعة من الورق التي تكتب، جمعه: رقع و رقاع. (أقرب الموارد، المنجد).

و الضميران في قوله «عنده» و «أنه» يرجعان الى الهدي المذبوح.

(4)يعني يجوز لمن مرّ به أن يعتمد بهذه العلامة و يحكم بجواز الأكل منه و بكونه مذكّى، فهذا حكم بتقدّم الظاهر على الأصل استنادا للنصّ في المقام، و هو منقول في الوسائل:

عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ساق بدنة

ص: 417

للنصّ . و تسقط (1) النية المقارنة لتناول المستحقّ . و لا تجب الإقامة عنده (2) الى أن يوجد و إن أمكنت.

(و يجوز بيعه (3) لو انكسر) كسرا يمنع وصوله،(و الصدقة بثمنه).

و وجوب (4) ذبحه في محلّه مشروط بإمكانه، و قد

**********

شرح:

فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها أو عرض لها موت أو هلاك، قال: يذكّيها إن قدر على ذلك، و يلطّخ نعلها التي قلّدت بها حتّى يعلم من مرّ بها أنها قد ذكّيت فيأكل من لحمها إن أراد. (الوسائل: ج 10 ص 130 ب 31 من أبواب الذبح ح 3).

(1)إشارة لما مرّ من وجوب النية عند تناول المستحقّ ، فإنّ في المقام تسقط نية القربة من الحاجّ بعد أن ترك الهدي و ذهب عنه.

(2)و يعني لا يجب على القارن أن يقوم عند الهدي المذبوح الى أن يوجد المستحقّ و لو تمكّن من ذلك.

و الضمير في قوله «عند» يرجع الى الهدي، و النائب الفاعل في قوله «أن يوجد» مستتر يرجع الى المستحقّ .

(3)هذا الحكم يختصّ بصورة عدم وصول الهدي الى المحلّ بسبب كسر عضو من أعضائه المانع، فيجوز حينئذ بيع الهدي و الصدقة بثمنه، بخلاف الصورة المتقدّمة و هي عجز الهدي عن الوصول الى المحلّ و لم يحكم فيها بجواز بيعه، و سيأتي كون الفارق بين الصورتين هو النصّ .

(4)هذا جواب عن إيراد و هو أنّ وجوب وصول الهدي الى المحلّ و هو مكّة أو منى فكيف يجوز الذبح في غير المحلّ ؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ وجوب ذبح الهدي في محلّه مشروط بإمكان الذبح في المحلّ .

و الضمير في قوله «ذبحه» يرجع الى الهدي، و في قوله «بإمكانه» يرجع الى الذبح في المحلّ .

ص: 418

تعذّر (1) فيسقط ، و الفارق بين عجزه و كسره في وجوب ذبحه و بيعه (2) النصّ .

لو ضلّ هدي القران فذبحه الواجد أجزأ

(و لو ضلّ (3) فذبحه الواجد) عن صاحبه في محلّه (أجزأ) عنه للنصّ ، أمّا لو (4) ذبحه في غيره أو عن غيره أو لا بنيّته لم يجزه

**********

شرح:

(1)فاعل قوله «تعذّر» مستتر يرجع الى الذبح في المحلّ ، و كذا فاعل قوله «فيسقط ». يعني و قد تعذّر في المقام الذبح في المحلّ فيسقط حينئذ وجوب الذبح في المحلّ .

(2)العبارة على صورة اللفّ و النشر المرتّب. يعني أنّ الفارق بين وجوب ذبحه عند عجزه و وجوب بيعه عند كسره هو النصّ المنقول في الوسائل:

عن الحلبي قال: سألته عن الهدي الواجب اذا أصابه كسر أو عطب أ يبيعه صاحبه و يستعين بثمنه على هدي آخر؟ قال: يبيعه و يتصدّق بثمنه و يهدي هديا آخر. (الوسائل: ج 10 ص 126 ب 27 من أبواب الذبح ح 1).

(3)فاعل قوله «ضلّ » مستتر يرجع الى الهدي. يعني لو ضلّ الهدي المسوق بالإشعار و التقليد و وجده شخص و ذبحه عن جانب صاحبه في محلّ الذبح أجزأ عنه.

و دليل الإجزاء هو النصّ المنقول في الوسائل:

عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يضلّ هديه فوجده رجل آخر فينحره، فقال: إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه، و إن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه. (الوسائل: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح ح 2).

(4)و هذا متفرّع عمّا تقدّم من اشتراط ذبح الواجد عن صاحبه في منى.

فلو ذبح الواجد في غير محلّ الذبح أو ذبح الهدي المذكور بنية غير صاحبه أو

ص: 419

(و لا يجزي (1) ذبح هدي التمتّع) من غير (2) صاحبه لو ضلّ ،(لعدم (3) التعيين) للذبح، إذ يجوز لصاحبه (4) إبداله قبل الذبح، بخلاف هدي القران فإنّه (5) يتعيّن ذبحه بالإشعار أو التقليد، و هذا (6) هو المشهور.

و الأقوى (7) و هو الذي اختاره في الدروس الإجزاء، لدلالة الأخبار

**********

شرح:

ذبح الهدي المذكور بلا نية الهدي فلا يجزي عن صاحبه في الصور المذكورة.

و الضمير في قوله «في غيره» يرجع الى محلّ الذبح، و في قوله «عن غيره» يرجع الى صاحبه، و في قوله «لا بنيّته» يرجع الى الهدي.

(1)أمّا الحكم المذكور في خصوص هدي الضالّ اذا ذبحه الواجد عن صاحبه و إجزائه عنه فإنّه لا يجزي في هدي التمتّع لعدم تعيّن الهدي الضالّ في التمتّع، بل يجوز له أن يذبح غير الهدي الضالّ .

(2)متعلّق بقوله «ذبح هدي التمتّع». بمعنى أنه لا يجزي هدي التمتّع لو ذبحه غير صاحبه.

(3)هذا تعليل عدم إجزاء هدي التمتّع لو ذبحه غير صاحبه عنه لو ضلّ ، فإنّ الهدي في التمتّع لا يتعيّن مثل هدي القران الذي يتعيّن ذبحه بالإشعار و التقليد.

(4)الضميران في قوله «لصاحبه» و «إبداله» يرجعان الى هدي التمتّع.

(5)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى هدي القران.

(6)أي عدم إجزاء هدي التمتّع لو ذبحه غيره عند الضلال هو قول المشهور من الفقهاء.

(7)أمّا الأقوى بنظر الشارح رحمه اللّه و المختار بنظر المصنّف رحمه اللّه في الدروس هو الإجزاء.

قال في الدروس: لو ضلّ هدي التمتّع فذبح عن صاحبه قيل: لا يجزي (الى أن قال:) و الأصحّ الإجزاء. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 442).

ص: 420

الصحيحة عليه (1)، و حينئذ (2) فيسقط الأكل منه، و يصرف في الجهتين الاخريين، و يستحبّ (3) لواجده تعريفه قبل الذبح و بعده ما دام وقت الذبح باقيا، ليدفع (4) عن صاحبه غرامه الإبدال.

محلّ ذبح هدي القران مكّة أو منى

(و محلّه) أي محلّ ذبح هدي القران (مكّة (5) إن قرنه) بإحرام (العمرة، و منى (6) إن قرنه بالحجّ ). و يجب فيه (7) ما يجب في هدي التمتّع على الأقوى، و قيل: الواجب ذبحه

**********

شرح:

(1)و لعلّ المراد هو الأخبار الدالّة بالإجزاء بالعموم لا بخصوص هدي التمتّع، و لم أجد ما يدلّ بإجزائه بالخصوص. (راجع الوسائل: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح).

(2)أي اذا قلنا بالإجزاء سقط وجوب الأكل من صاحبه فيصرف في الجهتين الأخيرتين و هما التصدّق و الإهداء.

(3)و يستحبّ لواجد هدي التمتّع أن يعرّفه قبل الذبح و بعده ما دام وقت الذبح باق.

(4)هذا تعليل استحباب التعريف ما دام وقت الهدي باق، و هو دفع غرامة الإبدال عن صاحبه.

(5)خبر لقوله «محلّه». يعني محلّ هدي القران بلدة مكّة بأيّ مكان كان منها في صورة سوق الهدي بإحرام العمرة التي تكون بعد الحجّ في الإفراد و القران.

(6)هذا خبر آخر لقوله «محلّه». يعني لو ساق الهدي في إحرام حجّ القران فمحلّ ذبحه منى التي ذكر حدّها سابقا بقوله «من العقبة الى وادي محسّر».

و الضميران في قوليه «قرنه» يرجعان الى هدي القران.

(7)يعني يجب في هدي القران ما يجب في هدي التمتّع من وجوب تقسيمه ثلاثا:

الإهداء، و الصدقة، و الأكل.

ص: 421

خاصّة (1) إن لم يكن منذور الصدقة، و جزم به المصنّف (2) في الدروس، ثمّ جعل الأول قريبا، و عبارته هنا (3) تشعر بالثاني، لأنه جعل الواجب الذبح و أطلق.

يجزي الهدي الواجب عن الاضحيّة

(و يجزي الهدي الواجب (4) عن الاضحيّة) بضمّ الهمزة و كسرها و تشديد الياء المفتوحة فيهما (5)، و هي (6) ما يذبح يوم عيد الأضحى تبرّعا، و هي مستحبّة استحبابا مؤكّدا، بل قيل بوجوبها على القادر، و روي استحباب الاقتراض لها و أنه (7) دين مقضيّ ، فإن وجب على

**********

شرح:

(1)يعني قال بعض الفقهاء في خصوص هدي القران بوجوب ذبحه فقط و لم يتعرّض لوجوب تقسيمه ثلاثا بشرط عدم نذر القارن تصدّقه للفقراء، و إلاّ وجب العمل بما نذر.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس حكم بالذبح فقط جزما، و بعد جزمه به قال بأن الأقرب كونه مثل هدي التمتّع. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 443).

(3)أي عبارة المصنّف رحمه اللّه في صفحة 415 من هذا الكتاب في قوله «و يجب ذبح هدي القران متى ساقه» تشعر بالقول الثاني، و هو الواجب ذبحه خاصّة، لأنّ المصنّف رحمه اللّه جعل الواجب على القارن ذبح الهدي فقط و لم يتعرّض غير ذلك.

و الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. و الفاعل في قوله «أطلق» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه أيضا.

(4)فاذا ذبح الناسك القارن أو المتمتّع الهدي فيجزهما عن استحباب الاضحية التي تستحبّ في عيد الأضحى.

(5)ضمير التثنية يرجع الى الصورتين و هما ضمّ الهمزة و كسرها.

(6)الضمير يرجع الى الاضحية. يعني هي التي تكون مستحبّة في عيد الأضحى.

(7)يعني روي أنّ القرض للأضحية من القروض التي يوفّق المقروض لقضائه،

ص: 422

المكلّف هدي أجزأ عنها (و الجمع) بينهما (1)(أفضل) و شرائطها و سننها كالهدي.

يستحبّ التضحية بما يشتريه

(و يستحبّ التضحية (2) بما يشتريه) و ما في حكمه،(و يكره بما يربّيه) للنهي (3) عنه، و لأنه (4) يورث القسوة،(و أيّامها) أي أيّام الاضحيّة (بمنى أربعة أولها)

**********

شرح:

و هو منقول في الوسائل:

محمّد بن عليّ بن الحسين قال: جاءت أمّ سلمة رضي اللّه عنها الى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه يحضر الأضحى و ليس عندي ثمن الأضحية فأستقرض و أضحّي ؟ فقال: استقرضي فإنّه دين يقضى. (الوسائل: ج 7 ص 177 ب 64 من أبواب الذبح ح 1).

(1)الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى الاضحية و الهدي الواجب.

(2)التضحية - من ضحّاه تضحية -: أطعمه في الضحوة و بالشاة: ذبحها في الضحى من أيّام الأضحى. (أقرب الموارد).

يعني يستحبّ في الاضحية شاة أو بقرة أو إبل اشتراها أو ملّكه الغير لا بما جعله في تربيته.

و المراد من قوله «و ما في حكمه» هو تملّكه بتمليك الغير مثل الهبة و غيرها.

(3)النهي الوارد في تضحية ما يربّيه المضحّي هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: جعلت فداك، كان عندي كبش سمين لأضحّي به، فلمّا أخذته و أضجعته نظر إليّ فرحمته و رققت عليه ثمّ إنّي ذبحته. قال: فقال لي: ما كنت احبّ لك أن تفعل، لا تربّينّ شيئا من هذا ثمّ تذبحه.

(الوسائل: ج 10 ص 175 ب 61 من أبواب الذبح ح 1).

(4)هذا دليل ثان على كراهة ذبح ما ربّاه صاحبه، فانّ ذبح ما ربّاه يوجب قساوة القلب.

ص: 423

(النحر (1)، و بالأمصار (2)) و إن كان بمكّة (ثلاثة) أولها النحر كذلك (3)، و أول وقتها من يوم النحر طلوع الشمس و مضيّ (4) قدر صلاة العيد و الخطبتين بعده، و لو فاتت (5) لم تقض، إلاّ أن تكون واجبة بنذر و شبهه (و لو تعذّرت تصدّق (6) بثمنها) إن اتّفق في الأثمان ما يجزي منها، أو ما يريد (7) إخراجه،(فإن اختلفت (8) فثمن موزّع عليها) بمعنى إخراج قيمة

**********

شرح:

(1)يعني أنّ أيّام ذبح الاضحية أربعة: أولها يوم النحر و هو العاشر من ذي الحجّة.

(2)أمّا أيّام الاضحية في غير منى من البلاد و النقاط حتّى في بلدة مكّة فهي ثلاثة أيّام.

(3)يعني كما أنّ أول أيّام الأربعة كان يوم النحر كذلك أول أيّام الثلاثة.

(4)أمّا أول وقت الاضحية من حيث الأوقات فهو طلوع الشمس من يوم النحر و مضيّ زمان مقدار فعل صلاة العيد و الخطبتين بعد صلاة العيد.

و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى بعد طلوع الشمس.

(5)فاعل قوله «فاتت» مستتر يرجع الى الاضحية. يعني لو فاتت في الوقت المذكور لها فلا قضاء لها إلاّ اذا وجبت بالنذر و العهد و اليمين.

(6)فاعل قوله «تصدّق» هو قوله «ما يجزي منها». يعني لو تعذّرت الاضحية تصدّق بثمن الاضحية ما يجزي من الاضحية، مثلا أنّ الشاة تجزي و لا تنحصر في البقر و الإبل، فيجوز تصدّق ثمنها لو اتّفقت ما تجزي من حيث القيمة.

(7)يعني لو اتّفق في الأثمان ما يريد أن يخرجه اضحية.

(8)فاعل قوله «اختلفت» مستتر يرجع الى قيمة الاضحية. يعني في صورة اختلاف قيمة أقلّ ما يجزي في الاضحية يجمع جميع القيم و تؤخذ النسبة من المجموع.

مثلا لو كان الاختلاف بين قيمتين فتجمع القيمتان و يؤخذ النصف من المجموع.

ص: 424

منسوبة الى القيم المختلفة بالسوية (1)، فمن الاثنين النصف، و من الثلاث الثلث، و هكذا، فلو كان قيمة بعضها مائة (2) و بعضها مائة و خمسين تصدّق بمائة و خمسة و عشرين، و لو كانت ثالثة (3) بخمسين تصدّق بمائة، و لا يبعد قيام مجموع القيمة مقام بعضها (4) لو كانت موجودة، و روي استحباب الصدقة بأكثرها (5)، و قيل: الصدقة بالجميع أفضل، فلا

**********

شرح:

و لو كان الاختلاف بين ثلاث قيم فتجمع أيضا و يؤخذ من المجموع الثلث، كما سيذكر الشارح رحمه اللّه أمثلتها.

و الضمير في قوله «عليها» يرجع الى الاضحية.

(1)يعني تخرج قيمة منسوبة الى القيم المختلفة بالسوية، فلو كانت القيمة اثنين فتجمع و يؤخذ نصفها. و لو كانت القيم بين أفراد ما يجزي من الاضحية ثلاث فتجمع و يؤخذ ثلث المجموع، و هكذا.

(2)هذا مثال كون القيمتين اثنين بين الأفراد، بأن تكون قيمة الواحدة مائة و الاخرى مائة و خمسين فيجمع بينهما و يكون المجموع 250 فيتصدّق بنصفها و هي 125.

(3)مثال كون القيم بين أفراد الاضحية ثلاث 100 و 150 و 50، و المجموع 300، فيتصدّق بثلثها و هي 100.

(4)الضمير في قوله «بعضها» يرجع الى الاضحية. و هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنه لو قلنا بوجوب تقسيم ثلاثة: الإهداء، و الصدقة، و الأكل فكيف يحكم في قيمتها بصرفها الى التصدّق.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنه لا يبعد قيام مجموع قيمة الاضحية مقام بعض الاضحية الذي يصرف للتصدّق.

و فاعل قوله «كانت» مستتر يرجع الى الاضحية.

(5)يعني روي باستحباب التصدّق بأكثر القيم لا النسبة بين القيم كما ذكرنا،

ص: 425

إشكال (1) حينئذ في القيمة.

(و يكره أخذ شيء من جلودها و إعطاؤها (2) الجزّار) اجرة، أمّا صدقة إذا اتّصف (3) بها فلا بأس، و كذا حكم (4) جلالها و قلائدها (5) تأسّيا

**********

شرح:

و الرواية منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا ذبحت أو نحرت فكل و أطعم، كما قال اللّه فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ (1) . فقال: القانع الذي يقنع بما اعطيته، و المعترّ الذي يعتريك، و السائل الذي يسألك في يديه، و البائس الفقير.

(الوسائل: ج 10 ص 142 ب 40 من أبواب الذبح ح 1، و الآية 36 من سورة الحجّ ).

وجه دلالة التصدّق بأكثر القيم في اختلاف القيم هو الحكم في الرواية بالأكل و الإطعام بالفرق المذكورة فيها و هي: القانع، و المعترّ، و السائل، و البائس.

(1)المراد من «الإشكال» هو الذي أجاب عنه الشارح رحمه اللّه بقوله «و لا يبعد قيام مجموع القيمة مقام بعضها». فاذا قلنا باستحباب تصدّق جميع الاضحية فلا يأتي الإشكال بأنه كيف يقوم المجموع مقام البعض، لأنّ المستحبّ تصدّق جميع الاضحية، فكذلك في قيمتها.

(2)الضمير في قوله «إعطاؤها» يرجع الى الجلود. يعني يكره إعطاء جلود الاضحية على الذي يذبحها بعنوان الاجرة.

(3)أي اذا اتّصف الجزّار بصفة من يجوز له أخذ الصدقة مثل الفقير فلا مانع من إعطاء جلود الاضحية له.

(4)يعني و كذا يكره أخذ جلّ الاضحية و إعطاؤها للجزّار اجرة.

الجلال - بكسر الجيم، جمع مفرده: جلّ بضمّ الجيم و تشديد اللام - للدابّة:

كالثوب للإنسان تصان به. (أقرب الموارد، المنجد).

(5)القلائد - جمع مفرده: قلادة بالكسر -: ما جعل في العنق من الحلي. (أقرب الموارد، المنجد).

ص: 426


1- سوره 22 - آیه 36

بالنبي صلّى اللّه عليه و آله (1)، و كذا يكره بيعها (2) و شبهه (بل يتصدّق بها (3)) و روي جعله (4) مصلّى ينتفع به في البيت.

الحلق
اشارة

(و أمّا الحلق (5))

يتخيّر بين الهدي و التقصير

(فيتخيّر بينه و بين التقصير، و الحلق أفضل) الفردين

**********

شرح:

(1)فإنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله ذبح الهدي و لم يعط الجزّارين من جلودها و جلالها و قلائدها.

و الرواية الدالّة عليه منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (الى أن قال:) و لم يعط الجزّارين من جلالها و لا من قلائدها و لا من جلودها، و لكن تصدّق به. (الوسائل: ج 10 ص 151 ب 42 من أبواب الذبح ح 3).

(2)يعني و كذا يكره بيع جلود الاضحية و ما الحق بها، و كذا يكره مثل البيع كهبتها للغير.

و الضمير في قوله «شبهه» يرجع الى البيع.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الجلود و الجلال، و القلائد.

(4)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى الجلد. يعني يكره بيع جلد الاضحية، بل ورد في النصّ جعل جلد الاضحية مصلّى يصلّى عليها في بيته، و النصّ الدالّ على ذلك منقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الإهاب، فقال: تصدّق به أو تجعله مصلّى تنتفع به في البيت، و لا تعطه الجزّارين. (الوسائل: ج 10 ص 152 ب 43 من أبواب الذبح ح 5).

الحلق:

(5)الثالث من أعمال منى في اليوم العاشر هو الحلق، فالناسك يتخيّر بين أن يحلق تمام شعر رأسه و بين التقصير، بأن يقصّر من ظفره و شعر بدنه، لكنّ الحلق أفضل الفردين اللذين يتخيّر الناسك بينهما.

ص: 427

الواجبين تخييرا (1)(خصوصا للملبّد) (2) شعره، و تلبيده هو أن يأخذ عسلا و صمغا و يجعله (3) في رأسه، لئلاّ يقمل أو يتّسخ (و الصرورة) (4) و قيل: لا يجزئهما إلاّ الحلق (5)، للأخبار الدالّة عليه، و حملت على الندب

**********

شرح:

(1)قوله «تخييرا» حال من الواجبين.

(2)يعني أنّ الحلق أفضل من التقصير، خصوصا للملبّد شعره و للصرورة و هو الذي كان أول حجّه.

الملبّد: بصيغة اسم الفاعل من لبّد الصوف: بمعنى لبده. لبّد شعره: ألزقه بشيء لزج أو صمغ حتّى صار كاللبد، و هو شيء كان يفعله أهل الجاهلية اذا لم يريدوا أن يحلقوا رءوسهم في الحجّ . (أقرب الموارد، لسان العرب).

الصمغ - بسكون الميم و فتحها -: شيء ينضحه الشجر و يسيل منها، الواحدة:

صمغة و صمغة، و جمعه: صموغ، و أنواعه كثيرة. (أقرب الموارد).

(3)الضمير في قوله «يجعله» يرجع الى فردي العسل و الصمغ. يعني أنّ التلبيد هو أخذهما و جعلهما في الرأس ليحفظ شعر الرأس من القمل أو الوسخ. و قد نقل عن ابن سينا بأنّ من آثار العسل دفع القمل، و هذا ما ثبت في الطبّ القديم.

(4)بالكسر، عطفا على قوله «للملبّد». يعني أنّ الأفضل من الواجبين تخييرا هو الحلق خصوصا للملبّد و الصرورة.

(5)قال بعض الفقهاء بعدم إجزاء غير الحلق للملبّد و الصرورة و ذلك للأخبار الدالّة عليه.

و من الأخبار الدالّة على وجوب الحلق الخبر المنقول في الوسائل:

عن أبي سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يجب الحلق على ثلاثة نفر: رجل لبّد، و رجل حجّ بدوا لم يحجّ قبلها، و رجل عقص رأسه. (الوسائل: ج 10 ص 185 ب 7 من أبواب الحلق و التقصير ح 3).

ص: 428

جمعا (1).

يتعيّن على المرأة التقصير

(و يتعيّن على المرأة التقصير) فلا يجزيها (2) الحلق حتّى لو نذرته لغا، كما لا يجزي الرجل في عمرة التمتّع و إن نذره (3)، و يجب فيه (4) النية المشتملة على قصد التحلّل من النسك المخصوص (5) متقرّبا، و يجزي

**********

شرح:

و منها: ما رواه محمّد بن عليّ بن الحسين قال: استغفر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمحلّقين ثلاث مرّات، و للمقصّرين مرّة. (المصدر السابق: ص 187 ح 11).

و منها: ما رواه محمّد بن عليّ بن الحسين قال: و روي أنّ من حلق رأسه بمنى كان له بكلّ شعرة نور يوم القيامة. (المصدر السابق: ح 12).

(1)أي للجمع بين الروايات الدالّة على وجوب الحلق و الروايات الدالّة على جواز التقصير.

أقول: ما وجدت أخبارا دالّة على جواز التقصير تقاوم الأخبار الدالّة على وجوب الحلق.

(2)يعني لا يكفي عن المرأة في ذلك إلاّ التقصير، حتّى لو نذرت المرأة حلق شعر رأسها لا يجب عليها العمل بنذرها بل يبطل حكمه للنهي الوارد الموجب لتحريم حلق المرأة رأسها، و النهي في العبادات يوجب البطلان.

من حواشي الكتاب: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: ليس على النساء حلق إنّما على النساء التقصير، و في الرضوي: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن تحلق المرأة رأسها، و يجزي المرأة في التقصير أخذ قدر الأنملة، و قيل: المراد بقدر الأنملة أقلّ المسمّى.

(3)بأن نذر الرجل أن يحلق رأسه في عمرة التمتّع، فيبطل حينئذ نذره للنهي الموجب للفساد في العبادات.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى التقصير و الحلق. لكن قوله «و يجزي مسمّاه» يدلّ على رجوعه الى التقصير و إن وجبت النية في الحلق أيضا.

(5)بأن يقصد الناسك في نية تقصيره الإحلال من النسك المخصوص هكذا:

اقصّر للتحليل من إحرام حجّ التّمتّع أو الإفراد أو القران قربة الى اللّه تعالى.

ص: 429

مسمّاه (1) كما مرّ،(و لو تعذّر) فعله (2)(في منى) في وقته (فعل بغيرها) وجوبا (و بعث بالشعر إليها ليدفن) فيها (مستحبّا) فيهما (3) من غير تلازم (4)، فلو اقتصر على أحدهما تأدّت سنّته خاصّة.

يمرّ فاقد الشعر الموسى على رأسه

(و يمرّ (5) فاقد الشعر الموسى على رأسه) مستحبّا (6) إن وجد ما يقصّر منه غيره (7)، و إلاّ (8) وجوبا، و لا يجزي الإمرار (9) مع إمكان التقصير

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «مسمّاه» يرجع الى التقصير كما مرّ في تقصير عمرة التمتّع.

(2)يعني لو لم يتمكّن الناسك من فعل الحلق في منى في يوم النحر وجب عليه الحلق في غير منى، و يستحبّ له إرسال شعره للدفن في منى.

و الضميران في قوله «فعله» و «وقته» يرجعان الى الحلق، و الضمير في قوله «بغيرها» يرجع الى منى، و كذلك في «إليها» و «فيها».

(3)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى بعث الشعر و دفنه.

(4)يعني لا ملازمة بين إرسال الشعر الى منى و دفنه فيها، فلو أرسله إليها عمل بسنّة البعث فقط .

(5)قوله «يمرّ» بضمّ الياء و كسر الميم بصيغة المعلوم، و فاعله «فاقد الشعر»، و مفعوله «الموسى». يعني يستحبّ لمن كان فاقد الشعر في رأسه أن يمرّ الموسى على رأسه.

(6)فالإمرار كذلك مستحبّ لفاقد الشعر في رأسه اذا وجد في بدنه ما يقصّر به من الظفر و الشعر.

(7)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى شعر الرأس. و في قوله «منه» يرجع الى «ما» الموصولة. يعني لو وجد في بدنه شعرا غير شعر رأسه ليقصّر منه.

(8)استثناء من قوله «إن وجد ما يقصّر... الخ». يعني لو لم يجد في بدنه شيئا يقصّر منه وجب إمرار الموسى على رأسه الخالي من الشعر.

(9)فلو أمكن التقصير من ظفره و شعره الذي غير شعر الرأس لا يجزى إمرار

ص: 430

لأنه بدل عن الحلق اضطراري، و التقصير قسيم اختياري، و لا يعقل إجزاء الاضطراري مع القدرة على الاختياري (1)، و ربّما قيل بوجوب الإمرار على من حلق في إحرام العمرة (2) و إن وجب عليه التقصير من غيره لتقصيره بفعل المحرّم.

يجب تقديم مناسك منى الثلاثة على طواف الحجّ

(و يجب تقديم مناسك منى) (3) الثلاثة (على طواف الحجّ ، فلو أخّرها (4)) عنه (عامدا فشاة، و لا شيء على الناسي، و يعيد الطواف) كلّ

**********

شرح:

الموسى على الرأس لأنّ إمرار الموسى على الرأس بدل عن الحلق عند الاضطرار، و التقصير بدل اختياري، فلا يكفي البدل الاضطراري عند إمكان البدل الاختياري.

و الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى امرار الموسى.

(1)المراد من «الاختياري» هو التقصير.

(2)فهذا القائل يوجب إمرار الموسى على الرأس الفاقد للشعر في صورة حلق الناسك رأسه في تحليل عمرة التمتّع الذي يجب عليه التقصير، فذلك الشخص يجب عليه التقصير من غير شعر الرأس، و يجب عليه أيضا أن يمرّ الموسى على رأسه الخالي توبيخا لما ارتكب بما هو منهيّ عنه.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى من حلق، و في قوله «غيره» يرجع الى شعر الرأس. و المراد من قوله «بفعل المحرّم» هو حلق الرأس في العمرة.

(3)يعني يجب على الناسك أن يقدّم المناسك التي تجب عليه يوم النحر في منى و هي: الرمي لجمرة العقبة، و الهدي، و الحلق - على طواف الحجّ ، بأن يأتي الأعمال المذكورة ثمّ يرجع الى مكّة ليطوف طواف الحجّ الذي هو من واجبات الحجّ .

(4)الضمير في قوله «أخّرها» يرجع الى مناسك منى. يعني لو أخّر الأعمال

ص: 431

منهما (1) العامد اتّفاقا، و الناسي على الأقوى. و في إلحاق الجاهل بالعامد (2) و الناسي قولان، أجودهما الثاني (3) في نفي الكفّارة، و وجوب الإعادة و إن فارقه (4) في التقصير، و لو قدّم السعي (5) أعاده أيضا على الأقوى، و لو قدّم الطواف أو هما (6) على التقصير فكذلك، و لو

**********

شرح:

المذكورة عن طواف الحجّ عمدا وجب عليه شاة، أمّا لو أخّرها نسيانا فلا تجب عليه.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى طواف الحجّ .

(1)يعني يجب على العامد و الناسي إعادة الطواف، بمعنى أنّ الطواف الذي قدّمه على الأعمال المذكورة في منى يكون لغوا.

أمّا إعادة من قدّمه عامدا فهو اتّفاقي بين الفقهاء، و الناسي أيضا على الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه.

(2)فلو الحق الجاهل بالعامد وجب عليه شاة، و لو الحق بالناسي فالأقوى وجوب الشاة عليه أيضا.

(3)المراد من «الثاني» هو القول بإلحاق الجاهل على الناسي. بمعنى أنه لا تجب عليه شاة، لكن تجب على الجاهل إعادة الطواف. و المراد من «الجاهل» هو الذي لا يعلم وجوب تقديم أعمال منى على طواف الحجّ .

(4)الضمير في قوله «فارقه» يرجع الى الناسي. يعني و إن كان الجاهل بالحكم مقصّرا و معاقبا بخلاف الناسي فإنّه لا تقصير له.

(5)بأن قدّم الناسك السعي الذي هو بعد أعمال منى على مناسكها وجب عليه أيضا أن يعيد السعي على الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه.

و الضمير في قوله «أعاده» يرجع الى السعي.

(6)بمعنى أنّ الناسك لو قدّم الطواف و السعي على التقصير أو الحلق اللذان هما من

ص: 432

قدّمه (1) على الذبح أو الرمي ففي إلحاقه بتقديمه على التقصير خاصّة وجهان، أجودهما ذلك (2). هذا كلّه (3) في غير ما استثني سابقا من تقديم المتمتّع لهما (4) اضطرارا و قسيميه (5) مطلقا.

**********

شرح:

واجبات يوم النحر - بأن رمى جمرة العقبة و فعل الهدي ثمّ رجع الى مكّة و طاف و سعى - وجب عليه إعادة الطواف و السعي أيضا.

(1)الضمير في قوله «قدّمه» يرجع الى الطواف. يعني لو قدّم الناسك الطواف على الذبح في منى أو رمي جمرة العقبة ففي إلحاق ذلك - بتقديم الطواف على التقصير فقط بأن يحكم بإعادتهما الطواف، أو عدم إلحاقهما عليه و عدم وجوب إعادة الطواف - وجهان.

و الضمير في قوله «إلحاقه» يرجع الى تقديم الطواف على الذبح، و كذلك في قوله «بتقديمه» يرجع الى الطواف.

قوله «وجهان» مبتدأ مؤخّر، و خبره «ففي إلحاقه».

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الإلحاق. يعني أنّ أجود القولين هو إلحاق تقديم الطواف على الذبح أو على الرمي على تقديم الطواف على التقصير كلّما حكمنا فيه على وجوب الإعادة، فكذلك يحكم في المقام بوجوب إعادة الطواف و كون الطواف المأتيّ به لغوا.

(3)أي كلّ هذا التفصيل هو في تقديم الطواف على مناسك منى يوم النحر في غير الموارد المستثناة من جواز تقديم الطواف عليها، كما قدّمنا آنفا بجواز تقديم الطواف و السعي لمن لم يتمكّن منهما بعد أعمال منى.

(4)ضمير التثنية في قوله «لهما» يرجع الى الطواف و السعي.

(5)بالجرّ، عطفا على المتمتّع. يعني استثني تقديم قسيمي المتمتّع - و هما المفرد و المقارن - الطواف و السعي على مناسك منى مطلقا عند الاضطرار و الاختيار.

و الضمير في قوله «قسيميه» يرجع الى المتمتّع.

ص: 433

بالحلق يتحلّل من كلّ ما حرّمه الإحرام إلاّ من النساء و الطيب و الصيد

(و بالحلق) (1) بعد الرمي و الذبح (يتحلّل) (2) من كلّ ما حرّمه الإحرام،(إلاّ (3) من النساء و الطيب و الصيد)، و لو قدّمه (4) عليهما أو وسّطه بينهما ففي تحلّله به أو توقّفه على الثلاثة قولان (5)، أجودهما الثاني (6)،(فإذا طاف) (7) طواف الحجّ (و سعى) سعيه (حلّ الطيب)، و قيل: يحلّ (8) بالطواف خاصّة،

**********

شرح:

(1)فالحلق الذي يجب على الناسك بعد رمي جمرة العقبة و بعد الهدي يوم النحر في منى يوجب إحلال الحاجّ من الإحرام. فكلّ ما حرّمه إحرام الحجّ يكون له حلالا إلاّ ثلاثة و التي سيشير إليها بقوله: «إلاّ من النساء و الطيب و الصيد».

(2)فاعل قوله «يتحلّل» مستتر يرجع الى الناسك. و الضمير في قوله «حرّمه» يرجع الى الحاجّ .

(3)استثناء من قوله «يتحلّل».

(4)هذا متفرّع على قول الشارح رحمه اللّه «بعد الرمي و الذبح». يعني لو لم يرم جمرة العقبة و لم يذبح الهدي بل اكتفى في منى بالحلق خاصّة أو جعل الحلق في وسط الرمي و الهدي ففي إحلاله بذلك الحلق قولان.

و الضمير في «قدّمه» يرجع الى الحلق، و في «وسّطه» بالتشديد أيضا يرجع الى الحلق، و في «بينهما» يرجع الى الرمي و الذبح، و في «تحلّله» يرجع الى الناسك، و في «به» يرجع الى الحلق، و في «توقّفه» يرجع الى التحليل.

(5)مبتدأ مؤخّر، و خبره المقدّم هو قوله «ففي تحلّله... الخ».

(6)المراد من «الثاني» هو التحلّل بإتيان الأعمال الثلاثة: رمي الجمرة، و الهدي، و الحلق.

(7)أي اذا طاف بعد مناسك منى و سعى فيحلّ له الطيب فيبقى من المحرّمات اثنان، و هما النساء و الصيد.

(8)يعني قال بعض الفقهاء بحلّ الطيب بالطواف خاصّة بلا إتيان السعي.

ص: 434

و الأول (1) أقوى للخبر الصحيح.

هذا (2) إذا أخّر الطواف و السعي عن الوقوفين (3). أمّا لو قدّمهما (4) على أحد الوجهين (5) ففي حلّه (6) من حين

**********

شرح:

(1)أي القول الأول - و هو الحكم بحلّ الطيب بكليهما - أقوى في نظر الشارح رحمه اللّه.

و الدليل عليه هو الخبر الصحيح المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا ذبح الرجل و حلق فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلاّ النساء و الطيب، فاذا زار البيت و طاف و سعى بين الصفا و المروة فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلاّ النساء، و اذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه إلاّ الصيد. (الوسائل: ج 10 ص 192 ب 13 من أبواب الحلق و التقصير ح 1).

و قال صاحب الوسائل: المراد الصيد الحرمي لا الإحرامي، ذكره جماعة من علمائنا.

فالرواية تدلّ على حلّ كلّ شيء بالطواف و السعي إلاّ النساء و الصيد، فالطيب لا يحلّ إلاّ بإتيان كلا الطواف و السعي.

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو حلّ الطيب بالطواف و السعي أو حلّه بالطواف.

يعني أنّ التفصيل المذكور إنّما هو في صورة تأخيرهما عن الوقوف في عرفة و المشعر، لكن لو قدّمهما عن الوقوفين في موضع الجواز ففي حلّ الطيب بعدهما أو توقّفه على أفعال منى وجهان.

(3)أي الوقوف في عرفة و الوقوف في المشعر.

(4)ضمير التثنية يرجع الى الطواف و السعي.

(5)و هما اضطرار المتمتّع لتقديم الطواف و السعي على الوقوفين، و اختيار المفرد و القارن في تقديمهما.

(6)الضمير في قوله «حلّه» يرجع الى الطيب.

ص: 435

فعلهما (1) أو توقّفه (2) على أفعال منى وجهان (3)، و قطع المصنّف في الدروس بالثاني (4).

و بقي من المحرّمات النساء و الصيد (فإذا طاف للنساء حللن (5) له) إن كان رجلا، و لو كان (6) صبيّا فالظاهر أنه كذلك من حيث الخطاب

**********

شرح:

(1)ضمير التثنية يرجع الى الطواف و السعي.

(2)الضمير في قوله «توقّفه» يرجع الى حلّ الطيب.

(3)مبتدأ مؤخّر، و خبره المقدّم هو قوله «ففي حلّه... الخ».

(4)المراد من «الثاني» هو توقّف حلّ الطيب على إتيان أفعال منى، فمن لم يأتها لا يحلّ له الطيب. قال في الدروس: فلو قدّم الطوافين و السعي قبل مناسك منى لضرورة أو ناسيا و اجتزأنا بها أو متعمّدا على ما سلف فالأشبه أنه لا يحلّ له شيء من محرّمات الإحرام حتّى يأتي بمناسك منى، و إنّما يحصل التحلّل بكمال الطوافين و السعي، فلو بقي منهما و لو خطوة فهو باق على ما كان. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 456).

(5)فاعل قوله «حللن» مستتر يرجع الى النساء. يعني اذا طاف الناسك طواف النساء حللن النساء له إن كان الناسك رجلا.

(6)يعني لو كان الناسك صبيّا فالظاهر من الأدلّة عدم حلّ النساء له قبل طواف النساء.

و المراد منه هو الخطاب الوضعي لا الخطاب التكليفي، لأنّ الصبي لا تكليف له قبل البلوغ، فلو لم يأت طواف النساء و عقد النساء فلا تجب عليه الكفّارة و لا يحكم بارتكابه المحرّم، لكن لا تحلّ النساء له بعد البلوغ حتّى يأتي طواف النساء.

كما أنّ الصبي لو عرض له الحدث في الصغر لا تصحّ منه الصلاة بعد البلوغ حتّى يغتسل.

ص: 436

الوضعي، و إن لم يحرمن (1) عليه حينئذ (2) فيحرمن بعد البلوغ بدونه الى أن يأتي به.

و أمّا المرأة فلا إشكال في تحريم الرجال عليها بالإحرام (3)، و إنّما الشكّ في المحلّل، و الأقوى أنها (4) كالرجل، و لو قدّم (5) طواف النساء على الوقوفين ففي حلّهنّ (6) به أو توقّفه على بقية المناسك الوجهان، و لا يتوقّف المحلّل على صلاة الطواف عملا بالإطلاق (7). و بقي حكم الصيد

**********

شرح:

(1)فاعل قوله «يحرمن» هو نون النسوة الذي يرجع الى النساء. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الصبي.

(2)أي حين عدم البلوغ. و الضميران في قوله «بدونه» و «به» يرجعان الى طواف النساء.

(3)فإنّ المرأة اذا أحرمت يحرم عليها الرجال، لكن الشكّ في أنّ المحلّل لها هو طواف الزيارة أو طواف النساء.

(4)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنّ الأقوى في حلّ الرجال عليها إتيانها طواف النساء، كما أنّ المحلّل في الرجال إتيانه طواف النساء.

(5)فاعل قوله «قدّم» مستتر يرجع الى الناسك.

(6)الضمير في قوله «حلّهنّ » يرجع الى النساء، و في قوله «به» يرجع الى طواف النساء. يعني لو قدّم الناسك طواف النساء على الوقوف في عرفة و المشعر ففي حلّ النساء له بطواف النساء أو توقّف حلّ النساء على إتيان سائر أعمال الحجّ مثل الوقوفين و مناسك منى ففيه وجهان.

و الضمير في قوله «توقّفه» يرجع الى الحلّ .

(7)يعني أنّ إطلاق الأدلّة يدلّ على حلّ النساء بالطواف، فلا يقيّد حينئذ بإتيان

ص: 437

غير معلوم من العبارة (1) و كثير (2) من غيرها، و الأقوى حلّ الإحراميّ منه (3) بطواف النساء.

يكره لبس المخيط قبل طواف الزيارة

(و يكره له (4) لبس المخيط قبل طواف الزيارة) و هو طواف الحجّ ، و قبل السعي أيضا، و كذا يكره تغطية الرأس و الطيب (5) حتّى يطوف للنساء.

**********

شرح:

صلاة الطواف من الروايات المطلّقة المنقولة في الوسائل:

منها: عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو لا منّ اللّه عزّ و جلّ على الناس من طواف النساء لرجع الرجل الى أهله ليس تحلّ له أهله. (الوسائل: ج 9 ص 389 ب 2 من أبواب الطواف ح 2).

(1)لأنّ المصنّف رحمه اللّه قال آنفا «و بالحلق يتحلّل إلاّ من النساء و الطيب و الصيد، فاذا طاف و سعى حلّ الطيب، فاذا طاف للنساء حللن له» فلم يبق من المحرّمات إلاّ الصيد.

(2)بالكسر، عطفا على قوله «من العبارة». يعني أنّ حكم الصيد كذلك غير معلوم من عبارات كثير من الأصحاب من غير هذه العبارة، أي من غير عبارة المصنّف رحمه اللّه.

و الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى العبارة.

(3)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الصيد.

من حواشي الكتاب: يعني أنّ الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه حلّ الصيد الذي حرّمه الإحرام لا الصيد الذي حرّمه الحرم، فإنّ تحريمه باق ما دام في الحرم.

(حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(4)يعني يكره لبس الثوب المخيط لمن حلّ بالحلق حتّى يطوف طواف الزيارة و يسعى أيضا.

(5)و هكذا يكره تغطية الرأس و الطيب لمن حلّ حتّى يطوف طواف النساء.

ص: 438

القول في العود الى مكّة للطوافين و السعي

اشارة

(القول في العود (1) الى مكّة للطوافين و السعي)

يستحبّ تعجيل العود من يوم النحر

(يستحبّ تعجيل العود (2) من يوم النحر) متى فرغ من مناسك منى (الى مكّة) ليومه،(و يجوز تأخيره الى الغد (3)، ثمّ يأثم المتمتّع) إن أخّره (بعده) في المشهور (4). أمّا القارن و المفرد فيجوز لهما (5) تأخيرهما طول

**********

شرح:

العود الى مكّة (1)اعلم أنّ من واجبات الحجّ الطواف له - و يسمّى بطواف الزيارة أيضا - و السعي و طواف النساء.

(2)من مستحبّات الطوافين و السعي في مكّة أن يرجع الناسك لها من منى في اليوم العاشر من ذي الحجّة المسمّى بيوم النحر.

فاذا فرغ من أعمال منى الثلاثة في يوم النحر - و هي الرمي و الذبح و الحلق - يستحبّ أن يرجع الى مكّة.

و الضمير في قوله «ليومه» يرجع الى النحر.

(3)المراد من «الغد» هو اليوم الحادي عشر.

و الضمير في قوله «تأخيره» يرجع الى العود. يعني يجوز تأخير العود الى مكّة من اليوم العاشر الى اليوم الذي يليه، لكن لو أخّر الرجوع بعد اليوم الحادي عشر يكون آثما في المشهور.

(4)في المقابل المشهور قوله «و قيل: لا إثم».

(5)الضمير في قوله «لهما» يرجع الى القارن و المفرد، و في قوله «تأخيرهما» يرجع الى الطوافين و السعي. يعني يجوز لمن أتى بحجّ القران أو المفرد أن يؤخّر الطوافين و السعي الى آخر شهر ذي الحجّة... لكن لا يجوز التأخير أزيد من ذي الحجّة.

و الضمير في قوله «لا عنه» يرجع الى ذي الحجّة.

ص: 439

ذي الحجّة لا عنه،(و قيل: (1) لا إثم) على المتمتّع في تأخيره عن الغد، (و يجزي طول ذي الحجّة) كقسيميه، و هو الأقوى (2) لدلالة الأخبار الصحيحة عليه (3)،

**********

شرح:

(1)القائل بعدم الإثم للمتمتّع الذي أخّر الطوافين و السعي عن اليوم الحادي عشر هو ابن إدريس رحمه اللّه. (راجع السرائر: ج 1 ص 602).

من حواشي الكتاب: القائل هو ابن إدريس رحمه اللّه، و هو مختار العلاّمة رحمه اللّه في المختلف، و قوّاه الشارح رحمه اللّه، لدلالة الأخبار الصحيحة كصحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بأن يؤخّر زيارة البيت الى يوم النفر.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه، و الرواية منقولة في الوسائل: ج 10 ص 202 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 9).

و الضمير في قوله «تأخيره» يرجع الى العود. و المراد من «الغد» هو اليوم الحادي عشر.

(2)أي القول بعدم الإثم في تأخير العود الى المدّة المذكورة هو الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه، فكما أنّ تأخير العود الى مكة يجوز للقارن و المفرد فكذلك يجوز للمتمتّع أن يأخّره طول ذي الحجّة.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الإجزاء. يعني أنّ الأخبار الصحيحة تدلّ على إجزاء تأخير طواف الحجّ عن يوم النحر، و هو منقول في الوسائل:

منها: عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في زيارة البيت يوم النحر قال:

زره، فإن شغلت فلا يضرّك أن تزور البيت من الغد و لا تأخّر أن تزور عن يومك، فانّه يكره للمتمتّع أن يؤخّر، و موسّع للمفرد أن يؤخّره... الحديث.

(الوسائل: ج 10 ص 200 ب 1 ب من أبواب زيارة البيت ح 1).

و منها: عن عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل

ص: 440

و اختاره (1) المصنّف في الدروس، و على القول بالمنع لا يقدح التأخير في الصحّة و إن أثم (2).

كيفية الجميع كما مرّ

(و كيفية الجميع (3) كما مرّ) في الواجبات و المندوبات، حتّى في سنن دخول مكّة من الغسل و الدعاء و غير ذلك (4)، و يجزي الغسل بمنى (5)، بل غسل النهار (6) ليومه،

**********

شرح:

نسي أن يزور البيت حتّى أصبح، قال: لا بأس، أنا ربّما أخّرته حتّى تذهب أيّام التشريق، و لكن لا تقرب النساء و الطيب. (المصدر السابق: ح 2).

و منها: عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس إن أخّرت زيارة البيت الى أن يذهب أيّام التشريق، إلاّ أنّك لا تقرب النساء و لا الطيب. (المصدر السابق: ح 3).

(1)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار الإجزاء في تأخير الطواف عن يوم النحر في كتابه الدروس، قال رحمه اللّه: اذا قضى الحاجّ مناسكه بمنى وجب عليه العود الى مكّة، و يستحبّ ليومه، فإن تأخّر فمن غده، و في جواز تأخّره عن الغد اختيارا قولان، أقربهما الجواز على كراهية. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 457).

(2)يعني اذا تأخّر الطواف عن يوم النحر فلا يوجب بطلان الحجّ بل يوجب الإثم.

(3)المراد من «الجميع» طواف الزيارة و طواف النساء و السعي. يعني كيفية الثلاثة من حيث الواجبات و المستحبّات كما في طواف العمرة و سعيها، فيستحبّ الغسل قبل الدخول بمكّة و الدعاء، و تجب في الطواف النية و ركعتا الطواف في مقام إبراهيم عليه السّلام. و كذلك يجب في السعي الابتداء من بالصفا و الختم بالمروة مع النية.

(4)مثل مضغ الإذخر و الدخول من أعلى مكّة.

(5)يعني اذا اغتسل الناسك بمنى كفاه عن غسل دخول مكّة استحبابا.

(6)بل كفاه غسل اليوم اذا دخل مكّة في اليوم الذي اغتسل. بمعنى أنه اذا اغتسل

ص: 441

و الليل (1) لليلته ما لم يحدث فيعيده (غير (2) أنه هنا ينوي بها) أي بهذه المناسك (الحجّ ) أي كونها مناسكه، فينوي طواف حجّ الإسلام حجّ التمتّع (3)، أو غيرهما من الإفراد، مراعيا للترتيب (4)، فيبدأ بطواف الحجّ ، ثمّ بركعتيه ثمّ السعي (5)، ثمّ طواف النساء، ثمّ ركعتيه.

**********

شرح:

أول اليوم ثمّ دخل مكّة في آخره كفاه ذلك الغسل.

(1)عطف على قوله «غسل النهار». يعني يكفي غسل الليل في دخوله مكّة بعد الغسل و لو طال بشرط عدم صدور الحدث، و إلاّ يستحبّ الغسل بعد الحدث عند دخول مكّة.

و الضميران في قوله «ليومه» و «لليلته» يرجعان الى الناسك، و في قوله «فيعيده» يرجع الى الغسل.

(2)يعني أنّ كيفية الطواف و السعي في الحجّ مثل كيفيتهما في العمرة، لكنّ الفرق بينهما في نيتهما، فإنّ الناسك في الطوافين و السعي ينوي كونهما من الحجّ ، و في السابق ينوي الطواف و السعي من حيث وجوبهما للعمرة.

و الضمير في قوله «أنه» يرجع الى الناسك، و المشار إليه في قوله «هنا» هو الحجّ ، و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الثلاثة.

(3)هذا و ما بعده بيان لقوله «حجّ الإسلام». يعني يجب هنا أن ينوي حجّ الإسلام و ما يأتيه من أنواعه الثلاثة، و هي التمتّع و الإفراد و القران.

(4)يعني يجب للناسك أن يراعي الترتيب بين الأعمال الثلاثة بعد العود الى مكّة، و هي طواف الحجّ و طواف النساء و السعي.

(5)فاذا رجع الناسك الى مكّة وجب عليه أن يطوف بنية طواف الحجّ ، ثمّ يصلّي ركعتيه، ثمّ يسعى بين الصفا و المروة، ثمّ يطوف طواف النساء، ثمّ يصلّي ركعتيهما.

و الضمير في قوله «ركعتيه» يرجع الى طواف النساء.

ص: 442

القول في العود الى منى

اشارة

(القول في العود الى منى) (1)

يجب بعد قضاء مناسك منى العود إليها

(و يجب بعد قضاء مناسكه (2) بمنى العود إليها) هكذا الموجود في النسخ (3). و الظاهر أن يقال: بعد قضاء مناسكه (4) بمكّة العود الى منى، لأنّ مناسك مكّة متخلّلة بين مناسك منى أولا (5) و آخرا. و لا يحسن (6)

**********

شرح:

العود الى منى (1)اعلم أنّ الثامن من واجبات الحجّ هو المبيت بمنى.

و لمّا قال المصنّف رحمه اللّه «يجب بعد قضاء مناسك منى العود إليها» أشكل الشارح رحمه اللّه على عبارته بأنّ المناسب أن يقول: يجب بعد قضاء مناسك مكّة العود الى منى، لأنّ الأعمال الثلاثة في مكّة فاصلة بين الأعمال السابقة في منى و اللاحقة فيها.

(2)الضمير في قوله «مناسكه» يرجع الى الناسك. يعني اذا أتى الناسك مناسكه بمنى وجب العود إليها.

(3)يعني هكذا كانت عبارة المصنّف رحمه اللّه في نسخ كتاب اللمعة.

(4)أي مناسك الحاجّ بمكّة.

(5)فإنّ مناسك منى أوّلا رمي جمرة العقبة و الهدي و الحلق يوم النحر، و مناسك منى آخرا المبيت و رمي الجمرات الثلاث.

(6)جواب عن توجيه العبارة بأن يقال: إنّ العود الى منى لمناسكه الاخرى فيها يصدق عليه أن يقال «بعد قضاء مناسكه بمنى العود إليها» فأجاب رحمه اللّه بأنّ بين أعمال الاولى و الاخرى أعمال مكّة التي هي أقوى من أعمال منى لكون الطواف و السعي من أركان أعمال الحجّ بخلاف أعمال منى.

و الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى أعمال منى.

ص: 443

تخصيص مناسك منى مع أنّ بعدها ما هو أقوى، و ما ذكرناه (1) عبارة الدروس و غيرها، و الأمر سهل (2).

و كيف كان فيجب العود الى منى إن كان خرج منها (3)(للمبيت بها ليلا) ليلتين أو ثلاثا (4) كما سيأتي تفصيله، مقرونا بالنية المشتملة على قصده (5) في النسك المعيّن بالقربة بعد تحقّق الغروب، و لو تركها (6) ففي

**********

شرح:

(1)المراد من «ما ذكرناه» هو قوله «و الظاهر أن يقال: بعد قضاء مناسكه بمكّة».

يعني أنّ ذلك القول هو عبارة المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس و عبارة غير كتاب الدروس.

و الضمير في قوله «و غيرها» يرجع الى الدروس، و التأنيث باعتبار الجمع.

قال المصنّف رحمه اللّه في الدروس: اذا قضى مناسكه بمكّة وجب العود الى منى.

(الدروس الشرعية: ج 1 ص 458).

(2)لأنّ المقصود من العبارة معلوم.

(3)فاذا خرج الناسك من منى وجب عليه أن يعود الى منى ثانية ليبيت فيها ليلا.

(4)و سيأتي في صفحة 461 وجوب المبيت ثلاثا لمن لم يجتنب الصيد و النساء و ذلك عند قول المصنّف رحمه اللّه «و إلاّ وجب المبيت ليلة الثالث عشر بمنى».

و على كلّ حال يجب الرجوع لمن خرج من منى، لكنّ الذي لم يخرج من منى كمن أتى الطواف و السعي قبل الوقوفين، فيجب عليه المبيت في منى ليلا أو ثلاث ليال.

(5)صفة للنية، يعنى يجب شمول النية بقصد الناسك النسك المعيّن مع القربة، بأن ينوي: أبيت لحجّ التمتّع أو الإفراد أو القران قربة الى اللّه تعالى، و هذه النية بعد تحقّق الغروب.

(6)الضمير في قوله «تركها» يرجع الى النية. يعني لو ترك الناسك النية في المبيت

ص: 444

كونه كمن لم يبت أو يأثم خاصّة مع التعمّد وجهان: من تعليق (1) وجوب الشاة على من لم يبت و هو حاصل بدون النية، و من عدم (2) الاعتداد به شرعا بدونها،(و رمي (3) الجمرات الثلاث نهارا) في كلّ يوم يجب مبيت ليلته (4).

لو بات بغير منى

(و لو بات بغيرها (5) فعن كلّ ليلة شاة) و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين المختار (6) و المضطرّ في وجوب الفدية،

**********

شرح:

فهل هو كمن ترك المبيت في منى فيجب عليه الشاة أو يكون آثما فقط؟ فيه وجهان.

(1)هذا دليل عدم وجوب الشاة، بأنّ وجوبها عند عدم البيتوتة و الحال أنها حاصلة.

و الضمير في قوله «و هو» يرجع الى المبيت.

(2)و هذا دليل وجوب الشاة، لأنّ المبيت بلا نية لا اعتبار به.

و الضمير في قوله «بدونها» يرجع الى النية.

(3)عطف على قوله «للمبيت». يعني يجب العود الى منى للمبيت بها و لرمي الجمرات الثلاث في النهار.

(4)فاذا وجب عليه مبيت ليلتين وجب رمي الجمرات الثلاث - الاولى و الوسطى و العقبى - في اليومين، و اذا وجب المبيت في ثلاث وجب رمي الجمرات في ثلاثة أيّام.

(5)الضمير في قوله «بغيرها» يرجع الى منى. يعني لو بات الناسك في غير منى وجبت عليه الشاة لكلّ ليلة كانت واجبة عليه مبيتها.

(6)فإنّ إطلاق عبارة المصنّف في قوله رحمه اللّه «و لو بات بغيرها فعن كلّ ليلة شاة» يدلّ على عدم الفرق بين ترك المبيت في حال الاختيار أو في حال الاضطرار في وجوب الشاة عليه.

ص: 445

و هو (1) ظاهر الفتوى و النصّ (2)، و إن (3) جاز خروج المضطرّ منها لمانع خاصّ (4) أو عام، أو حاجة (5)، أو حفظ مال، أو تمريض مريض (6)، و يحتمل (7) سقوط الفدية عنه، و ربّما بني الوجهان (8) على أنّ الشاة هل

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى عدم الفرق، فإنّ الظاهر من إطلاق فتاوى الفقهاء و النصوص هو عدم الفرق في وجوب الفدية على من خرج من منى.

(2)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام عن رجل بات بمكّة في ليالي منى حتّى أصبح، قال: إن كان أتاها نهارا فبات فيها حتّى أصبح فعليه دم يهريقه.

(الوسائل: ج 10 ص 206 ب 1 من أبواب العود الى منى ح 2).

(3)قوله «إن» وصلية. يعني و لو جاز أن يخرج المضطرّ من منى فمع ذلك تجب عليه الفدية.

(4)المانع الخاصّ هو الذي عرض لشخص الناسك، و العامّ هو الذي عرض المانع لجميع الناسكين.

(5)كمن احتاج للخروج منها لقضاء حاجة.

(6)المراد من قوله «تمريض مريض» هو إعادة المريض و مداواته و مداراته، كمن خرج من منى ليعالج مريضا فيجب عليه حينئذ الفدية.

(7)يعني احتمل البعض سقوط الفدية عمّن خرج من منى اضطرارا كالأمثلة المذكورة.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى المضطرّ.

(8)اللام في قوله «الوجهان» للعهد. يعني ربّما يبنى الوجهان المذكوران في وجوب الفدية و عدمه، على أنّ وجوب الشاة لو كان من حيث كونها كفّارة للخروج عنها فلا تجب عند الاضطرار، لكنّه لو كان من حيث الجبران لعدم المبيت فيها وجبت.

ص: 446

هي كفّارة أو فدية و جبران (1)؟ فتسقط على الأول (2) دون الثاني، أمّا الرعاة (3) و أهل سقاية العبّاس فقد رخّص (4)

**********

شرح:

(1)كأنّ عدم المبيت بمنى يجبر بالشاة.

(2)فلو كانت كفّارة تسقط عن المضطرّ لأنه لا ذنب له بخلاف كونها فدية.

(3)الرعاة - بضمّ الراء، جمع مفرده: الراعي -: الذي يحوط الماشية و يحفظها.

(لسان العرب).

السقاية بكسر السين: آلة تتخذ لسقي الماء، و السقاية مصدر كالسقي أيضا، و بيت البئر سقاية أيضا. (مجمع البيان).

(4)يعني أنّ الطائفتين المذكورتين من الناسكين - و هما الرعاة و أهل سقاية العبّاس - رخّصا للخروج من منى بلا وجوب الفدية عليهما.

و المراد من «سقاية العبّاس» هو بئر زمزم، و النسبة الى العبّاس كونه متصدّيا في صدر الإسلام لزمزم، فإنّ العبّاس بن عبد المطّلب كان يسقي الحجّاج من ماء زمزم.

و قد ذكر الشيخ الطبرسي في سبب نزول قوله تعالى أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (1) . (التوبة: 19) قال رحمه اللّه:

قيل: إنها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و العبّاس بن عبد المطّلب و طلحة بن شيبة، و ذلك أنهم افتخروا.

و روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده عن ابن بريدة عن أبيه قال: بينا شيبة و العبّاس يتفاخران، إذ مرّ بهما عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: بما ذا تتفاخران ؟ فقال العبّاس: لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية الحاجّ ، و قال شيبة: اوتيت عمارة المسجد الحرام. فقال علي عليه السّلام: استحييت لكما، فقد

ص: 447


1- سوره 9 - آیه 19

لهم (1) في ترك المبيت من غير فدية.

و لا فرق في وجوبها (2) بين مبيته بغيرها لعبادة و غيرها (إلاّ أن يبيت بمكّة مشتغلا بالعبادة) الواجبة (3)، أو المندوبة مع استيعابه (4) الليلة بها،

**********

شرح:

أوتيت على صغري ما لم تؤتيا، فقالا: و ما اوتيت يا علي ؟ قال: ضربت خراطيمكما بالسيف حتّى آمنتما باللّه و رسوله، فقام العبّاس مغضبا يجرّ ذيله حتّى دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: أما ترى الى ما يستقبلني به علي ؟ فقال: ادعوا لي عليا، فدعي له، فقال صلّى اللّه عليه و آله: ما حملك على ما استقبلت به عمّك ؟ فقال: يا رسول اللّه، صدمته بالحقّ ، فمن شاء فليغضب، و من شاء فليرض.

فنزل جبرائيل عليه السّلام فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يقرأ عليك السلام و يقول: اتل عليهم أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ ... (1) الآيات. فقال العبّاس: إنا قد رضينا - ثلاث مرّات -. (تفسير مجمع البيان: ج 5 ص 14).

(1)الضمير في قوله «لهم» يرجع الى الرعاة و أهل سقاية العبّاس. يعني أنّ الفقهاء قد أجازوا بتركهم المبيت بلا فدية استنادا الى رواية منقولة في الوسائل:

عن مالك بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام: إنّ العبّاس استأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يبيت بمكّة ليالي منى، فأذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أجل سقاية الحاجّ . (الوسائل:

ج 10 ص 210 ب 1 من أبواب العود الى منى ح 21).

(2)أي لا فرق في وجوب الفدية على من لم يبت بمنى بين كونه خارجا لغيرها للعبادة أو لغير العبادة.

و الضمير في قوله «وجوبها» يرجع الى الفدية، و في «مبيته» يرجع الى الناسك، و في «بغيرها» يرجع الى منى، و في «غيرها» يرجع الى العبادة.

(3)كما اذا نذر الاشتغال بالعبادة في مكّة في ليالي التشريق أو كان مشغولا بالعبادة المستحبّة.

(4)أي مع إتمامه الليلة بالعبادة بأن يشتغل بها من أولها الى آخرها.

ص: 448


1- سوره 9 - آیه 19

إلاّ (1) ما يضطرّ إليه من أكل و شرب، و قضاء حاجة و نوم يغلب عليه، و من أهمّ العبادة الاشتغال بالطواف و السعي (2)، لكن لو فرغ منهما قبل الفجر وجب عليه إكمالها (3) بما شاء من العبادة، و في جواز رجوعه بعده (4) الى منى ليلا نظر، من استلزامه (5) فوات جزء من الليل بغير أحد

**********

شرح:

و الضمير في قوله «استيعابه» يرجع الى الناسك و في «بها» يرجع الى العبادة.

(1)استثناء من قوله «مع استيعابه الليلة». يعني لا مانع من عدم عبادته في حال أكله أو شربه.

(2)فإنّ الاشتغال بالطواف و السعي يعدّان من أهمّ العبادات، فلو اشتغل بهما يكون شاغلا بالعبادة، لكنّه لو فرغ منهما وجب عليه بغيرهما من العبادات قبل الفجر.

و الضمير في قوله «منهما» يرجع الى الطواف و السعي.

(3)الضمير في قوله «إكمالها» يرجع الى الليلة. يعني لو فرغ الحاجّ من الطواف و السعي وجب عليه أن يكمل الليلة بالعبادة التي شاء من الصلاة و الذكر و الدعاء و غيرها.

(4)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الفراغ، و في «رجوعه» يرجع الى الحاجّ .

يعني أنّ الحاجّ اذا فرغ من الطواف و السعي هل يجوز له الرجوع الى منى ليلا أم لا يجوز؟ فيه نظر، و سيشير الى كلا الطرفين من النظر بقوله: «من استلزامه فوات جزء... الى آخره».

(5)هذا دليل عدم جواز رجوع الناسك الى منى بعد فراغه من الطواف و السعي في مكّة، بأنه يستلزم فوت جزء من الليل، و الناسك لم يكن في منى و لم يكن مشتغلا بالعبادة في مكّة بل كان بين مكّة و منى.

و الضمير في قوله «استلزامه» يرجع الى الرجوع.

ص: 449

الوصفين، أعني المبيت بمنى و بمكّة متعبّدا، و من أنه (1) تشاغل بالواجب، و يظهر من الدروس جوازه (2) و إن علم أنه لا يدرك منى إلاّ بعد انتصاف الليل. و يشكل (3) بأنّ مطلق التشاغل بالواجب (4) غير مجوّز.

(و يكفي) في وجوب المبيت بمنى (أن يتجاوز) (5) الكون بها (نصف الليل) فله (6) الخروج بعده منها و لو الى مكّة.

رمي الجمرات الثلاث
يجب في الرمي الترتيب

(و يجب في الرمي (7) الترتيب) بين الجمرات الثلاث (يبدأ بالاولى)

**********

شرح:

(1)هذا دليل جواز الرجوع الى منى بعد الفراغ، بأنّ الرجوع هو اشتغال بالواجب لأنه مقدّمة للواجب، و مقدّمة الواجب - كما في الاصول - واجب.

و الضمير في قوله «أنه» يرجع الى الرجوع. و قوله «تشاغل» مصدر و خبرك «أنّ ».

(2)فالمصنّف رحمه اللّه قال في الدروس بجواز الرجوع من مكّة الى منى و لو علم بعدم دركه منى إلاّ بعد نصف الليل. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 459).

(3)هذا إشكال بالتعليل لجواز الرجوع بكونه واجبا، فإنّ مقدّمة الواجب لا تكون واجبة مطلقا بل اذا علم إدراك الواجب بها.

(4)المراد من «الواجب» هو مقدّمة الواجب، فإنّ التشاغل بها لا يكون واجبا مع علمه بعدم إدراكه منى إلاّ بعد نصف الليل.

(5)يعني أنّ المبيت بمنى لا يجب إلاّ بمقدار نصف الليل، فبعده لا يجب.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى منى.

(6)فيجوز الخروج للناسك من منى بعد نصف الليل و لو الى مكان آخر غير مكّة.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الناسك، و في «بعده» يرجع الى نصف الليل.

رمي الجمرات الثلاث (7)اعلم أنّ التاسع من واجبات الحجّ هو رمي الجمرات الثلاث، فإنّ الحاجّ اذا

ص: 450

و هي أقربها (1) الى المشعر تلي مسجد الخيف (ثمّ الوسطى)، ثمّ جمرة (العقبة)، و لو نكس (2) فقدّم مؤخّرا (عامدا) كان،(أو ناسيا) بطل رميه (3) أي مجموعه من حيث هو مجموع، و أمّا رمي الاولى فإنّه (4) صحيح و إن

**********

شرح:

أراد مكّة من منى تكون في طريقه ثلاثة مواضع، تسمّى كلّ منها بالجمرة، و هي:

الجمرة الاولى، و بعدها الوسطى، و بعدها العقبى. فالجمرة الاولى واقعة في محاذي مسجد الخيف تقرب الى المشعر. و الجمرة العقبى هي الحدّ بين منى و مكّة، فذهب المصنّف رحمه اللّه الى وجوب الترتيب بين الجمرات المذكورة.

(1)الضمير في قوله «أقربها» يرجع الى الجمرات الثلاث. يعني أنّ الجمرة الاولى أقرب الجمرات الى المشعر في محاذي مسجد الخيف.

الخيف - بفتح الخاء و سكون الياء - ما انحدر عن غلظ الجبل و ارتفع عن مسيل الماء، و منه سمّي مسجد الخيف من منى. (معجم البلدان: ج 2 ص 507).

فالمسجد المسمّى به وقع ذيل جبل بمنى لكونه مرتفعا عن المسيل، و قد استقرّ جيش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في زمان فتح مكّة في هذا الموضع و صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هذا المسجد.

و قد وردت روايات بفضيلة الصلاة فيه، فعن الصادق عليه السّلام: إن استطعت أن يكون مصلاّك فيه فافعل فإنّه قد صلّى ألف نبي. (الوسائل: ج 3 ص 534 ب 50 من أبواب أحكام المساجد ح 1).

(2)نكسه: قلبه على رأسه، و جعل أسفله أعلاه و مقدّمه مؤخّره. (أقرب الموارد).

(3)يعني لو رمى الحاجّ جمرة العقبة ثمّ الوسطى ثمّ الاولى بطل رميه من حيث المجموع، لكن رمي الجمرة الاولى لا يبطل بل يجوز إعادة الوسطى و العقبى بعدها.

(4)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى رمي الاولى من الجمرات. و فاعل قوله «تأخّرت» مستتر يرجع الى الجمرة الاولى. و كذلك الضمير في قوله «لصيرورتها».

ص: 451

تأخّرت، لصيرورتها أولا، فيعيد على ما يحصل معه (1) الترتيب؛ فإن كان النكس محضا (2) كما هو الظاهر أعاد على الوسطى و جمرة العقبة و هكذا.

(و يحصل الترتيب بأربع حصيات) (3) بمعنى أنه إذا رمى الجمرة بأربع و انتقل الى ما بعدها (4) صحّ ، و أكمل الناقصة بعد ذلك، و إن كان (5) أقلّ من أربع استأنف التالية. و في الناقصة (6) وجهان، أجودهما

**********

شرح:

(1)يعني يعيد الحاجّ على نحو يحصل الترتيب به.

(2)المراد من «النكس المحض» هو الرمي من العقبة ثمّ الوسطى ثمّ الاولى فهذا نكس حقيقي، فيجب عليه أن يعيد الرمي لجمرة الوسطى ثمّ العقبى. و أمّا النكس الغير الحقيقي فهو ابتداء الرمي من الوسطى ثمّ العقبى ثمّ الاولى، ففيه أيضا يعيد رمي الوسطى ثمّ العقبى.

(3)حصيات - بفتح الحاء و الصاد - جمع مفرده: حصاة، و الجمع الآخر: الحصي - بضمّ الحاء و كسرها و تشديد الياء -: صغار الحجارة. (أقرب الموارد، المنجد).

فالترتيب الواجب يحصل بأربع حصيات، بمعنى أنه لو رمى الأربع منها بالجمرة الاولى و هكذا في الوسطى و العقبى يحصل الترتيب، و لا تجب الإعادة بل يكمّلها بمقدار السبع لكلّ منها.

(4)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى الجمرة. يعني أنه اذا رمى أربعا من الحصيات ثمّ انتقل الى جمرة اخرى يصحّ رميه و يحصل الترتيب، فيجب عليه إكمال الناقص لا إعادة ما سبق.

(5)يعني لو كان الرمي أقلّ من أربع حصيات لجمرة و انتقل الى الاخرى وجب عليه إعادة ما سبق بحيث يحصل الترتيب الواجب.

(6)أي في وجوب إعادة ما رمى للسابقة أقلّ من أربع حصيات وجهان.

و المراد من قوله «الناقصة» هو الجمرة السابقة التي رمى بها أقلّ من أربع

ص: 452

الاستئناف (1) أيضا، و كذا (2) لو رمى الأخيرة دون أربع، ثمّ قطعه (3) لوجوب الولاء (4).

هذا كلّه (5) مع الجهل أو النسيان، أمّا مع العمد فيجب إعادة ما بعد التي (6) لم تكمل مطلقا، للنهي (7) عن الاشتغال

**********

شرح:

حصيات.

و وجه عدم الإعادة إنما هو اذا لم نقل بلزوم الموالاة بين رمي الحصيات، و إلاّ فلا وجه لعدم الإعادة.

(1)يعني أنّ أجود الوجهين هو لزوم إعادة رمي الجمرة السابقة الناقصة أيضا كما يلزم إعادة اللاحقة.

(2)يعني و كذا تجب الإعادة اذا رمى جمرة العقبة أقلّ من أربع حصيات ثمّ قطعه للزوم الموالاة بين الحصيات.

(3)الضمير في قوله «قطعه» يرجع الى الرمي.

(4)الولاء - بكسر الواو -: التوالي، جاؤوا ولاء و على ولاء أي متتابعين. (أقرب الموارد).

(5)يعني أنّ التفاصيل المذكورة في وجوب إعادة رمي اللاحقة بعد رمي أقلّ من أربع حصيات للسابقة و عدم الوجوب في صورة رمي اللاحقة بعد أربع حصيات للسابقة إنّما هو في صورة الجهل أو النسيان.

أمّا لو قدّم رمي اللاحقة قبل إكمال السابقة عمدا لا تصحّ اللاحقة مطلقا للنهي عن رمي اللاحقة التي توجب البطلان.

(6)يعني تجب إعادة ما بعد الجمرة التي لم يكمل رميها، بلا فرق بين رميها أربع حصيات أم أقلّ منها.

(7)و هذا النهي مستفاد من وجوب الترتيب بين الجمرات، و النهي في العبادات يوجب الفساد.

ص: 453

بغيرها (1) قبل إكمالها و إعادتها إن لم (2) تبلغ الأربع، و إلاّ بنى عليها و استأنف الباقي، و يظهر من العبارة (3) عدم الفرق بين العامد و غيره، و بالتفصيل (4) قطع في الدروس.

(و لو نسي) (5) رمي (جمرة أعاد على الجميع إن لم تتعيّن (6))، لجواز

**********

شرح:

(1)الضمائر في قوله «بغيرها» و «إكمالها» و «إعادتها» ترجع الى الجمرة التي لم تكمل.

(2)هذا قيد لقوله «و إعادتها». يعني تجب إعادة الجمرة التي لم تكمل اذا لم تبلغ الحصيات الأربع، فلو رمى الأربع ثمّ قطعه لرمي الاخرى وجب إعادتها أيضا، فإنّ الموالاة بين رمي أربع حصيات واجبة.

و الضمير في قوله «عليها» يرجع الى أربع حصيات.

(3)يعني يحصل من عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «و يحصل الترتيب بأربع حصيات» عدم الفرق بين حصول الترتيب برمي أربع حصيات بين العامد و الجاهل و الناسي، بمعنى أنه لو رمى أربع حصيات لجمرة ثمّ اشتغل بالاخرى عمدا حصل الترتيب، و لا تجب إعادتها بل يجب عليه إكمال الناقص.

(4)المراد من «التفصيل» هو الفرق بين العامد و غيره، فتجب الإعادة على العامد لا الناسي، و بذلك التفصيل قطع المصنّف في كتابه الدروس حيث قال رحمه اللّه:

و الترتيب يحصل بأربع حصيات مع النسيان أو الجهل لا مع التعمّد فيعيد الأخيرتين... الخ. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 430).

(5)فاعل قوله «نسي» مستتر يرجع الى الحاجّ . يعني لو نسي رمي جمرة من الجمرات الثلاث بأن تيقّن عدم رمي أحدها لكن لم يعلم أيّا منها وجب عليه رمي الجمرات الثلاث لاحتمال كون الجمرة التي لم يرمها هي الاولى فيوجب بطلان غيرها للزوم الترتيب بينها.

(6)فاعل قوله «تتعيّن» مستتر يرجع الى الجمرة المنسية.

ص: 454

كونها (1) الاولى فتبطل الأخيرتان،(و لو نسي (2) حصاة) واحدة و اشتبه الناقص من الجمرات (3)(رماها على الجميع) لحصول (4) الترتيب بإكمال الأربع، و كذا لو نسي اثنتين (5) و ثلاثا، و لا يجب الترتيب هنا (6)، لأنّ الفائت من واحدة و وجوب الباقي من باب المقدّمة كوجوب (7) ثلاث

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «كونها» يرجع الى الجمرة المنسية أيضا. فلو ترك الجمرة الاولى بطلت الأخيرتان.

(2)فاعل قوله «نسي» مستتر يرجع الى الناسك. يعني لو نسي الناسك رمي حصاة واحدة لكن لم يعلم أنّ الواحدة المتروكة لأيّ منها وجب عليه أن يرميها على الجمرات الثلاث.

(3)فلو اشتبه الناقص بين الجمرات الثلاث وجب عليه أن يرمي الحصاة الواحدة على الجمرات الثلاث.

(4)هذا جواب عن إيراد عدم الترتيب برمي الحصاة الواحدة على الجميع.

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنه حصل الترتيب برمي الحصيات الأربع، فلا مانع من القول بوجوب رمي الحصاة الواحدة على الجمرات الثلاث.

(5)يعني و كذا يجب رمي اثنتين أو ثلاث حصيات اذا علم نقصانهما في إحدى الجمرات لكن اشتبه بين الثلاث.

(6)المشار إليه في قوله «هنا» هو نسيان اثنتين أو ثلاث حصيات من إحدى الجمرات. يعني لا يجب في المقام الترتيب أيضا لأنه حصل برمي أربع حصيات على الثلاث فلا يحتاج لإعادة رمي الجميع.

(7)أي كما أنّ المكلّف اذا نسي صلاة واحدة من الصلوات الخمس اليومية وجب عليه إتيان ثلاث فرائض ثنائية و ثلاثية و رباعية، و الأخيرة بنية ما في ذمّته من الظهرين و العشاء الرباعيات.

ص: 455

فرائض عن واحدة مشتبهة من الخمس.

نعم، لو فاته من كلّ جمرة واحدة (1) أو اثنتان أو ثلاث وجب الترتيب لتعدّد الرمي بالأصالة، و لو فاته ما دون أربع (2) و شكّ في كونه من واحدة أو اثنتين أو ثلاث وجب رمي ما يحصل (3) معه يقين البراءة، مرتّبا لجواز (4) التعدّد، و لو شكّ في أربع (5) كذلك استأنف الجميع.

**********

شرح:

(1)كما اذا تيقّن بنقصان كلّ جمرة بواحدة أو اثنتين أو ثلاث حصيات فحينئذ يجب عليه ملاحظة الترتيب في إكمال نقصان كلّ منها، بأن يكمل الاولى ثمّ الوسطى ثمّ الاخرى لوجوب تعدّد الحصيات بالأصالة لا بالمقدّمية كما في الفرض السابق، فإنّ التعدّد من باب المقدّمة.

(2)يعني لو فات الحاجّ أقلّ من أربع حصيات مثل فوت حصاة واحدة أو اثنتين أو ثلاث لكن شكّ بأنّ الفائت أقلّ من أربع هل هو من إحدى الجمرات أو الاثنتين أو الثلاث وجب عليه أن يرمي الجمرات بحيث تحصل له البراءة، بأن يرمي الحصيات المنسية على الجمرة الاولى ثمّ الوسطى ثمّ العقبى، فحينئذ يحصل الترتيب و تبرأ ذمّة الحاجّ .

و الضمير في قوله «كونه» يرجع الى «ما» الموصولة.

(3)يعني وجب الرمي بحيث يحصل معه اليقين بالبراءة كما أوضحناه آنفا، مراعيا الترتيب و التعداد المنسيّ منها.

(4)هذا تعليل لقوله «مرتّبا». يعني لزوم الترتيب لاحتمال كون الناقص المشتبه متعدّدا بينها.

(5)يعني لو شكّ في عدم رمي أربع حصيات بين واحدة أو اثنتين أو ثلاث من الجمرات وجب عليه استئناف جميع الجمرات الثلاث. فإنّ اشتغال الذمّة اليقيني

ص: 456

يستحبّ رمي الجمرة الاولى عن يمينه

(و يستحبّ رمي) الجمرة (الاولى عن يمينه) (1) أي يمين الرامي و يسارها (2) بالإضافة الى المستقبل،(و الدعاء) حالة الرمي و قبله (3)

**********

شرح:

يقتضي البراءة اليقينية، فلا تحصل البراءة إلاّ برمي الجميع من الثلاث.

و المشار إليه في قوله «كذلك» هو اشتباه المنسيّ الأربع بين الثلاث، كما أنّ اشتباه المنسيّ أقلّ من أربع كان بين الثلاث.

(1)يعني يستحبّ للرامي أن يرمي الجمرة الاولى من جانبها الأيسر الذي يكون مقابلا للجانب الأيمن للرامي اذا توجّه الى طرف القبلة.

(2)الضمير في قوله «و يسارها» يرجع الى الجمرة، و في قوله «يمينه» يرجع الى الرامي. فقوله «الى المستقبل» يعني تقابل يمين الرامي الى يسار الجمرة في صورة مواجهة الرامي للقبلة.

(3)يعني يستحبّ الدعاء في حال الرمي و قبله بما ورد عن المعصومين عليهم السّلام.

و من جملة الروايات التي ورد الدعاء فيه الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و ابدأ بالجمرة الاولى فارمها عن يسارها من بطن المسيل و قل كما قلت يوم النحر، ثمّ قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة و احمد اللّه واثن عليه، و صلّ على النبي و آله، ثمّ تقدّم قليلا فتدعوه و تسأله أن يتقبّل منك، ثمّ تقدّم أيضا. ثمّ افعل ذلك عند الثانية و اصنع كما صنعت بالاولى، و تقف و تدعو اللّه كما دعوت، ثمّ تمضي الى الثالثة، و عليك السكينة و الوقار، فارم و لا تقف عندها. (الوسائل: ج 10 ص 75 ب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 2).

و الدعاء الذي اشير إليه في هذا الخبر منقول في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خذ حصى الجمار، ثمّ ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة، فارمها من قبل وجهها، و لا ترمها من أعلاها، و تقول

ص: 457

بالمأثور،(و الوقوف عندها) (1) بعد الفراغ من الرمي، مستقبل القبلة، حامدا (2) مصلّيا داعيا سائلا القبول.(و كذا الثانية) (3) يستحبّ رميها عن يمينه و يسارها، واقفا بعده كذلك (4).(و لا يقف عند الثالثة) و هي جمرة العقبة مستحبّا (5)، و لو وقف لغرض فلا بأس.

إذا بات بمنى ليلتين جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال

(و إذا بات بمنى ليلتين جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال (6))، لا

**********

شرح:

و الحصى في يدك: اللّهمّ هؤلاء حصياتي فاحصهنّ لي و ارفعهنّ في عملي. ثمّ ترمي فتقول مع كلّ حصاة: اللّه أكبر، اللّهمّ ادحر عنّى الشيطان، اللّهمّ تصديقا بكتابك و على سنّة نبيّك، اللّهمّ اجعله حجّا مبرورا و عملا مقبولا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا، و ليكن فيما بينك و بين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعا، فاذا أتيت رحلك و رجعت من الرمي فقل: اللّهمّ بك وثقت، و عليك توكّلت، فنعم الربّ و نعم المولى و نعم النصير. قال: و يستحبّ أن ترمي الجمار على طهر. (الوسائل: ج 10 ص 70 ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1).

(1)يعني يستحبّ الوقوف عند الجمرة الاولى بعد الفراغ من رمي الحصيات.

(2)هذا و ما بعده حال عن الناسك. يعني يستحبّ أن يقف عند الجمرة الاولى في حال كونه يحمد اللّه و يصلّي على النبي و آله و داعيا و سائلا قبول نسكه.

(3)يعني و كذا يستحبّ رمي الجمرة الثانية عن يمين الرامي و يسار الجمرة.

(4)المشار إليه في قوله «كذلك» هو قوله «مستقبل القبلة، حامدا مصلّيا داعيا سائلا القبول».

(5)يعني أنّ الوقوف عند الثالثة لم يكن مستحبّا، و لو وقف لغرض آخر فلا بأس منه.

(6)أي بعد زوال اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة، فلا يجوز له الخروج قبل ظهر

ص: 458

قبله (إن كان (1) قد اتّقى الصيد و النساء) في إحرام الحجّ قطعا (2)، و إحرام العمرة أيضا (3) إن كان الحجّ تمتّعا على الأقوى. و المراد باتّقاء الصيد عدم قتله (4)، و باتّقاء النساء عدم جماعهنّ (5)، و في إلحاق (6) مقدّماته و باقي المحرّمات المتعلّقة بهنّ (7) كالعقد

**********

شرح:

ذلك اليوم.

و الضمير في قوله «لا قبله» يرجع الى الزوال.

(1)هذا شرط لجواز النفر من منى بعد زوال اليوم الثاني عشر، و هو اتّقاء الصيد و النساء.

(2)يعني أنّ اتّقاء الصيد و النساء شرط في إحرام الحجّ قطعا، فلو لم يجتنب الحاجّ عن الصيد و النساء في إحرام الحجّ فلا يجوز له الخروج من منى، بل يجب عليه أن يبيت الليلة الثالثة عشرة قطعا.

(3)فالاجتناب عن الصيد و النساء يشترطان في إحرام العمرة أيضا لو كانت عمرة التمتّع على الأقوى.

أقول: دليل كونه أقوى هو اتّصال العمرة فيه بالحجّ كأنهما شيء واحد بخلاف العمرة المفردة.

من حواشي الكتاب: في مقابل احتمال الاكتفاء باتّقائه في الحجّ فقط لأنّ العمرة نسك برأسها. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(4)يعني أنّ المراد من اشتراط الاتّقاء من الصيد هو عدم قتله الصيد لا عدم إقدامه بمقدّماته مثل الإشارة و الدلالة و غيرهما.

(5)يعني أنّ المراد من اشتراط الاتّقاء من النساء هو عدم جماعهنّ لا عدم ارتكابه سائر مقدّمات الجماع من اللمس و التقبيل و غيرهما.

(6)هذا خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «وجه».

(7)الضمير في قوله «بهنّ » يرجع الى النساء. يعني و في إلحاق سائر المحرّمات

ص: 459

وجه (1). و هل يفرّق فيه (2) بين العامد و غيره ؟ أوجه، ثالثها (3) الفرق بين الصيد و النساء، لثبوت (4) الكفّارة فيه مطلقا، دون

**********

شرح:

المربوطة بالنساء مثل العقد عليهنّ وجه.

(1)وجه إلحاق مقدّمات الجماع به هو عدم صدق الاتّقاء من النساء اذا ارتكب مقدّمات الجماع مثل اللمس و التقبيل و العقد بهنّ .

أمّا وجه عدم الإلحاق فهو أنّ ظاهر اتّقاء النساء عدم جماعهنّ و عدم إتيانهنّ ، كما نقل في بعض الروايات بعدم الإتيان، فلا يصدق الإتيان إلاّ بالجماع بهنّ .

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الشرط المذكور و هو الاتّقاء من الصيد و النساء. يعني هل يكون فرقا بين ارتكابهما عمدا و ارتكابهما سهوا بأن لا يحكم بوجوب المبيت لمن ارتكبهما سهوا أم لا؟ فيه ثلاثة أقوال:

الأول: الحكم بوجوب المبيت في ليلة الثالث عشر لمن لم يجتنب عن الصيد و النساء عمدا أو سهوا.

الثاني: الفرق بين العامد و الناسي في الصيد و النساء، بمعنى عدم وجوب المبيت لمن ارتكبهما سهوا بخلاف من ارتكبهما عمدا.

الثالث: الفرق بين الصيد و النساء لمن ارتكبهما سهوا، بأن يحكم بوجوب المبيت لمرتكب الصيد سهوا لا النساء، لأنّ ارتكاب الصيد يوجب الكفّارة بلا فرق بين العمد و السهو.

(3)أي ثالث الوجوه الثلاثة، و هو الفرق بين الصيد و النساء.

(4)هذا تعليل الفرق بين الصيد و النساء، بأنّ المرتكب للصيد يجب عليه المبيت في ليلة الثالث عشر و لو كان سهوا، لأنّ في ارتكاب الصيد تجب الكفّارة و لو سهوا، بخلاف غيره مثل ارتكاب النساء فلا كفّارة في صورة السهو فيه.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الصيد.

ص: 460

غيره (1)،(و لم تغرب (2) عليه الشمس ليلة الثالث عشر بمنى).

(و إلاّ) يجتمع الأمران الاتّقاء و عدم الغروب، سواء انتفيا أم أحدهما (3) (وجب المبيت ليلة الثالث عشر بمنى)، و لا فرق مع غروبها عليه بين من تأهّب (4) للخروج قبله فغرب عليه قبل أن يخرج و غيره، و لا بين (5) من خرج و لم يتجاوز حدودها حتّى غربت و غيره (6).

**********

شرح:

و قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق في وجوب الكفّارة في الصيد بين العمد و السهو.

(1)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الصيد.

(2)هذا شرط ثان لجواز النفر من منى بعد زوال اليوم الثاني عشر، و هو خروجه قبل غروب الشمس، فلو أخّر و غربت الشمس في ليلة الثالث عشر وجب عليه المبيت في هذه الليلة.

(3)أي انتفى أحد الشرطين و هما ارتكاب الصيد أو النساء و عدم خروجه قبل غروب الشمس في ليلة الثالث عشر من ذي الحجّة. فعند فقد الشرطين أو أحدهما يجب عليه المبيت بمنى في تلك الليلة أيضا.

(4)تأهّب: تهيّأ و استعدّ. (أقرب الموارد). يعني اذا غربت الشمس قبل خروجه من منى وجب عليه المبيت في ليلة الثالث عشر بلا فرق بين تهيّؤه للخروج و عدمه.

و الضمير في قوله «غروبها» يرجع الى الشمس، و في «قبله» يرجع الى الغروب، و في «غيره» يرجع الى «من» الموصولة في قوله «من تأهّب».

(5)يعني و لا فرق أيضا في وجوب المبيت في ليلة الثالث عشر بين من خرج من منى لكن لم يخرج عن حدودها قبل الغروب، كما اذا شرع في الخروج لكن غربت الشمس قبل خروجه من حدود منى و بين من لم يخرج.

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى «من» الموصولة في قوله «من خرج».

ص: 461

نعم (1)، لو خرج منها قبله ثمّ رجع بعده لغرض كأخذ شيء نسيه لم يجب المبيت، و كذا (2) لو عاد لتدارك واجب بها. و لو رجع (3) قبل الغروب لذلك فغربت عليه بها ففي وجوب المبيت قولان، أجودهما ذلك (4).

(و) حيث وجب مبيت ليلة الثالث عشر وجب (رمي الجمرات) الثلاث (فيه (5)، ثمّ ينفر في الثالث عشر، و يجوز قبل الزوال بعد الرمي).

وقت الرمي من طلوع الشمس الى غروبها

(و وقته) أي وقت الرمي (من طلوع الشمس الى غروبها) في المشهور (6)، و قيل: أوله الفجر، و أفضله عند الزوال (و يرمي المعذور)

**********

شرح:

(1)هذا فرع آخر، و هو اذا خرج الناسك من منى قبل الغروب ثمّ رجع إليها بعد الغروب لغرض و عمل مثل نسيانه شيئا من منى فرجع لأخذه، ففي مثل هذا الفرض لا يجب عليه أن يبيت بمنى في ليلة الثالث عشر.

و الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الغروب و كذلك في قوله «بعده».

(2)يعني و كذلك لا يجب عليه المبيت في ليلة الثالث عشر لو عاد بعد الغروب الى منى لتدارك ما فات منه مثل رمي الجمار أو رمي بعض الحصيات الفائتة.

(3)هذا فرع آخر، و هو اذا رجع الناسك لتدارك ما فات منه بمنى قبل الغروب فغربت عليه الشمس في منى ففي وجوب المبيت في ليلة الثالث عشر قولان.

(4)أي أجود القولين وجوب المبيت.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى اليوم الثالث عشر. يعني اذا وجب مبيت الليلة وجب رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر، لكن يجوز له أن ينفر من منى قبل زوال اليوم الثالث عشر، بخلاف اليوم الثاني عشر فلا يجوز له الخروج قبل زواله كما مرّ.

(6)القول المشهور في مقابل القول بكون وقت الرمي من أول طلوع الفجر لا

ص: 462

كالخائف (1) و المريض و المرأة و الراعي (2)(ليلا (3)، و يقضي الرمي لو فات) في بعض الأيّام (مقدّما (4) على الأداء) في تاليه (5)، حتّى لو فاته رمي (6) يومين قدّم الأول (7) على الثاني، و ختم بالأداء (8)، و في اعتبار

**********

شرح:

طلوع الشمس.

و الضمير في قوله «أوله» يرجع الى وقت الرمي.

(1)هذا مثال أول للمعذور، و هو الذي يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله من الرمي في النهار، فيجوز له الرمي في الليل.

(2)هذان أيضا مثالان للمعذور، فإنّ الراعي و المرأة يجوز لهما الرمي في الليل.

(3)ظرف لقوله «و يرمي المعذور».

(4)بصيغة اسم الفاعل، حال من الناسك القاضي. يعني يجب عليه تقديم القضاء على أداء رمي اليوم اللاحق. مثلا اذا فات عنه الرمي يوم الحادي عشر و أراد رمي الجمار في اليوم الثاني عشر وجب عليه رمي ما فات قضاء ثمّ يرمي جمار اليوم الثاني عشر أداء.

(5)ظرف لقوله «على الأداء». يعني أنّ الناسك يقدّم القضاء على الأداء في اليوم التالي.

و الضمير في قوله «تاليه» يرجع الى القضاء.

(6)يعني لو فات على الناسك رمي جمار اليومين وجب عليه أن يقدّم قضاء رمي جمرة اليوم الأول على رمي جمرة اليوم الثاني، كما اذا فاته رمي جمرة اليوم الحادي عشر و الثاني عشر فأراد الرمي في اليوم الثالث عشر وجب قضاء رمي جمرة اليوم الحادي عشر ثمّ الثاني عشر ثمّ يرمي الثالث عشر أداء.

(7)أي قدّم اليوم الأول على اليوم الثاني كما أوضحناه، بأنه يجب عليه قضاء رمي جمرة اليوم الأول قبل قضاء رمي جمرة اليوم الثاني.

(8)أي ختم الرمي بالأداء كما أوضحناه.

ص: 463

وقت الرمي (1) في القضاء قولان، أجودهما ذلك (2)، و تجب نية القضاء فيه (3)، و الأولى الأداء فيه في وقته (4)، و الفرق (5) وقوع ما في ذمّته أولا على وجهين دون الثاني (6).

لو رحل قبل الرمي

(و لو رحل) من منى (قبله) أي قبل الرمي أداء (7) و قضاء (رجع له) في أيّامه (8)،(فإن تعذّر) عليه

**********

شرح:

(1)المراد من «وقت الرمي» هو النهار كما قال المصنّف رحمه اللّه «و وقته من طلوع الشمس الى غروبها» فهل يجب رعاية الوقت المذكور لرمي القضاء أيضا أم يجوز القضاء و لو في الليل ؟ فيه قولان.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو اعتبار الوقت في قضاء الرمي أيضا مثل الأداء.

(3)الضميران في قوليه «فيه» يرجعان الى الرمي. يعني تجب على الناسك نية القضاء و الأداء في الرمي.

(4)ظرف لقوله «و الأولى الأداء فيه».

(5)يعني أنّ الفرق بين وجوب نية القضاء و أولوية وجوب نية الأداء في وقته هو تعلّق الرمي على ذمّته في القضاء على وجهين، بخلاف الأداء، فلا يتعلّق على ذمّته إلاّ الأداء، فالأولى فيه أيضا نية الأداء.

(6)المراد من «الثاني» هو قوله «الأداء فيه في وقته» فإنّ الرمي في وقته لم يكن على وجهين.

(7)كما إذا تعلّق عليه وجوب الرمي عند وقته أو وجوب قضاء الرمي عند فوته في وقته لكنّ الناسك خرج من منى بلا إتيانه لا أداء و لا قضاء فيجب عليه الرجوع الى منى في أيّام الرمي.

(8)الضمير في قوله «أيّامه» يرجع الى الرمي، و أيّامه هي الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر.

ص: 464

العود (1)(استناب فيه) في وقته، فإن فات (2) استناب (في القابل) (3) وجوبا إن لم يحضر (4)، و إلاّ وجبت المباشرة.

(و يستحبّ النفر في الأخير (5)) لمن لم يجب عليه، و العود الى مكّة لطواف الوداع استحبابا مؤكّدا (6)، و ليس واجبا عندنا، و وقته (7) عند إرادة الخروج بحيث لا يمكث بعده إلاّ مشغولا بأسبابه (8)، فلو زاد عنه

**********

شرح:

(1)بأن لم يتمكّن من العود الى منى في ذلك الوقت فيجب عليه استنابة الغير للرمي عنه. و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الرمي، و كذلك في قوله «وقته».

(2)فاعل قوله «فات» مستتر يرجع الى الوقت. يعني لو فاتت أيّام الرمي المذكورة وجب عليه أن يستنيب الغير للرمي في العام القابل في أيّام التشريق، فلا يصحّ استنابة الغير للرّمي في غير وقته المذكور.

(3)صفة لموصوف مقدّر و هو العام.

(4)يعني يجب الاستنابة إن لم يحضر شخصه بمنى في العام القابل، و إلاّ وجبت رمي الجمار بمباشرة نفسه لا الغير.

(5)المراد من «الأخير» هو اليوم الثالث عشر. يعني يستحبّ لمن لم يجب عليه المبيت في ليلة الثالث عشر أنّ يتوقّف في منى الى يوم الثالث عشر، ففيه يرجع الى مكّة لطواف الوداع، و ليس له أن يرجع من منى الى بلده.

(6)يعني أنّ طواف الوداع ليس واجبا عند الإمامية لكنه مستحبّ مؤكّد.

من حواشي الكتاب: و أوجبه أحمد و الشافعي في أحد قوليه من العامّة.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(7)أي وقت طواف الوداع عند إرادة الخروج من مكّة بحيث لا يؤخّر الطواف إلاّ بالاشتغال بمقدّمات الخروج.

(8)الضمير في قوله «بأسبابه» يرجع الى الخروج، و في «عنه» يرجع الى الوقت،

ص: 465

أعاده، و لو نسيه حتّى خرج (1) استحبّ العود له و إن بلغ المسافة (2) من غير إحرام، إلاّ أن يمضي له شهر، و لا وداع للمجاور (3).

و يستحبّ الغسل (4) لدخولها،(و الدخول من باب بني شيبة) (5)، و الدعاء (6) كما مرّ.

مستحبات مكة بعد العود من منى

دخول الكعبة

(و دخول الكعبة) (7) فقد روي أنّ دخولها دخول في رحمة اللّه و الخروج

**********

شرح:

و في «أعاده» يرجع الى الطواف.

(1)أي لو نسي طواف الوداع حتّى خرج من مكّة استحبّ له العود الى مكّة لطواف الوداع.

و الضمير في «له» يرجع الى الطواف.

(2)يعني اذا نسي طواف الوداع و خرج من مكّة الى حدّ المسافة استحبّ له أن يعود لطواف الوداع أيضا بلا إحرام بشرط عدم مضي شهر من خروجه، و إلاّ يحرم دخول مكّة.

من حواشي الكتاب: الظاهر أنّ المراد بها حدّ الحرم، و الأظهر ثمانية فراسخ.

«حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

(3)أي لا يستحبّ طواف الوداع للساكن بمكّة.

مستحبّات العود من منى الى مكّة:

(4)الأول من المستحبّات هو الغسل للدخول ببلدة مكّة. و الضمير في قوله «لدخولها» يرجع الى مكّة.

(5)الثاني من المستحبّات هو دخول المسجد الحرام من باب بني شيبة.

(6)الثالث هو الدعاء كما مرّ في الدخول للطواف.

(7)الرابع هو دخول الكعبة المشرّفة، و الرواية في خصوص دخول الكعبة منقولة

ص: 466

منها خروج من الذنوب و عصمة فيما بقي من العمر و غفران لما سلف من الذنوب،(خصوصا للصرورة (1))، و ليدخلها بالسكينة و الوقار، آخذا بحلقتي الباب عند الدخول.

الصلاة بين الاسطوانتين داخل الكعبة

(و الصلاة (2) بين الاسطوانتين) اللتين تليان تليان الباب (على الرخامة (3) الحمراء). و يستحبّ أن يقرأ في اولى الركعتين (4) الحمد و حم السجدة، و في

**********

شرح:

في الوسائل:

عن ابن القدّاح عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: سألته عن دخول الكعبة فقال:

الدخول فيها دخول في رحمة اللّه، و الخروج منها خروج من الذنوب، معصوم فيما بقي من عمره، مغفور له ما سلف من ذنوبه. (الوسائل: ج 10 ص 230 ب 16 من أبواب العود الى منى ح 1).

و الضمير في قوله «دخولها» يرجع الى الكعبة، و كذلك في قوله «منها».

(1)المراد من «الصرورة» هو الذي لم يحجّ بعد و هذه اولى حجّته.

و يستحبّ الوقار و السكينة عند الدخول، و كذلك يستحبّ أخذ حلقتي باب الكعبة.

(2)الخامس من المستحبّات هو الصلاة بين الاسطوانتين اللتين هما مقابل باب الكعبة في داخلها.

(3)الرخامة - بضمّ الراء -: القطعة من الرخام - بضمّ الراء أيضا - و هو حجر معروف. (المنجد). فإنّ في باطن الكعبة مكان نصب فيه حجر الرخامة الحمراء، و يستحبّ الصلاة عليها، و المشهور أنّ ذلك محلّ ولادة الامام علي عليه السّلام.

(4)يعني يستحبّ أن يقرأ في الركعة الاولى من الصلاة التي يأتيها في داخل الكعبة بعد سورة الحمد سورة فصّلت، و هي سورة حم السجدة، و التي فيها آية السجدة

ص: 467

الثانية بعدد آيها (1) و هي ثلاث أو أربع و خمسون.

(و) الصلاة (في زواياها) الأربع، في كلّ زاوية (2) ركعتين، تأسّيا (3) بالنبي صلّى اللّه عليه و آله،(و استلامها) (4) أي الزوايا،(و الدعاء)، و القيام (5) بين ركني

**********

شرح:

الواجبة، و لا يخفى بأنه اذا قرأ آية السجدة وجب عليه أن يسجد لها ثمّ يقوم و يتمّ صلاته.

(1)الآي: جمع مفرده: آية و هي العلامة و العبرة، و الجمع الآخر منها: الآيات.

(أقرب الموارد). يعني يستحبّ للمصلّي أن يقرأ في الركعة الثانية من القرآن بعد الحمد بمقدار عدد آيات سورة فصّلت، و هي 54 آية.

(2)الزاوية من البيت: ركنه، جمعه زوايا. (أقرب الموارد).

(3)يعني أنّ استحباب الصلاة في زوايا الكعبة للتبعية عن النبي صلّى اللّه عليه و آله كما جاء في الوسائل:

عن إسماعيل بن همام قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: دخل النبي صلّى اللّه عليه و آله الكعبة فصلّى في زواياها الأربع، و صلّى في كلّ زاوية ركعتين. (الوسائل: ج 9 ص 373 ب 36 من أبواب مقدّمات الطواف ح 2).

(4)الضمير في قوله «استلامها» يرجع الى الكعبة. يعني يستحبّ استلام الزوايا في داخل الكعبة.

(5)يعني يستحبّ أن يقيم بين ركني الغربي و اليماني و الجدار الممتدّ بينهما مقابل الجدار الذي فيه باب الكعبة بأن يواجه هذا الجدار و يرفع يديه و يلصق به بدنه و يدعو، كما ورد عن المعصومين عليهم السّلام في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: رأيت العبد الصالح عليه السّلام دخل الكعبة فصلّى ركعتين على الرخامة الحمراء، ثمّ قام فاستقبل الحائط بين الركن اليماني و الغربي فرفع يده و لصق به و دعا، ثمّ تحوّل الى الركن اليماني فلصق به و دعا، ثمّ أتى الركن الغربي، ثمّ خرج. (الوسائل: ج 9 ص 374 ب 36 من أبواب مقدّمات الطواف ح 4).

ص: 468

الغربي و اليماني، رافعا يديه، ملصقا به (1)، ثمّ كذلك (2) في الركن اليماني، ثمّ الغربي (3)، ثمّ الركنين الآخرين (4)، ثمّ يعود الى الرخامة (5) الحمراء فيقف عليها، و يرفع رأسه الى السماء، و يطيل الدعاء، و يبالغ في الخشوع و حضور القلب.

الدعاء عند الحطيم و استلام الحجر

(و الدعاء عند الحطيم) (6) سمّي به لازدحام الناس عنده للدعاء و استلام الحجر فيحطم (7) بعضهم بعضا، أو لانحطام (8) الذنوب عنده،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى الحائط الذي بين الركنين.

(2)يعني يفعل في الركن اليماني كما فعل بين الركنين من القيام و رفع اليد و الإلصاق و الدعاء.

(3)أي يصير الى الركن الغربي و يفعل فيه أيضا كما ذكر آنفا.

(4)يعني يصير الى الركنين الآخرين و يفعل كما فعل من قبل.

(5)يعني بعد العمل في الزوايا الأربعة - من القيام و رفع اليد و الإلصاق و الدعاء - يرجع الى قطعة الحجر الحمراء فيقف عليها و يرفع رأسه الى السماء و يبالغ في الخشوع عند ذلك و يحضر قلبه الى اللّه و يدعو بما شاء.

(6)السادس من المستحبّات هو الدعاء عند الحطيم.

الحطيم: جدار حجر الكعبة، و قيل: ما بين الركن و زمزم و المقام، سمّي بذلك لانحطام الناس عليه أي لازدحامهم. (أقرب الموارد، المنجد).

و قد ذكر الشارح رحمه اللّه في تسمية الحطيم وجوها:

الأول: حطم الناس بعضهم بعضا لاستلام الحجر و الدعاء عنده.

(7)أي ازدحموا و حطم بعضهم بعضا ليصل نفسه لاستلام الحجر.

(8)الثاني من وجوه التسمية هو انحطام الذنوب و انكسارها في المقام، فالحطيم صفة بمعنى اسم الفاعل، يعني أنّ المكان المذكور يكسر الذنوب.

ص: 469

فهو فعيل بمعنى فاعل، أو لتوبة اللّه (1) فيه على آدم فانحطمت ذنوبه، (و هو (2) أشرف البقاع) على وجه الأرض على ما ورد في الخبر (3) عن زين العابدين و ولده الباقر عليهما الصلاة و السلام،(و هو (4) ما بين الباب و الحجر) الأسود، و يلي الحطيم (5) في الفضل عند المقام، ثمّ الحجر، ثمّ ما

**********

شرح:

(1)الثالث من وجوه التسمية هو قبول توبة آدم عليه السّلام في المكان المذكور و كسر ذنوبه فيه.

و الضمير في قوله «ذنوبه» يرجع الى آدم عليه السّلام.

(2)الضمير يرجع الى الحطيم. يعني أنّ ذلك المكان هو أشرف الأمكنة على وجه الأرض.

(3)و الخبر منقول عن الإمام الرضا عليه السّلام في كتاب الكافي، و لم نعثر على رواية في هذا المضمار عن الإمامين السجّاد و الباقر عليهما السّلام كما ذكره الشارح رحمه اللّه:

عن الحسن بن الجهم قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن أفضل موضع في المسجد يصلّى فيه، قال: الحطيم ما بين الحجر و باب البيت، قلت: و الذي يلي ذلك في الفضل ؟ فذكر أنه عند مقام إبراهيم عليه السّلام، قلت: ثمّ الذي يليه في الفضل ؟ قال: في الحجر، قلت: ثمّ الذي يلي ذلك ؟ قال: كلّ ما دنا من البيت. (الكافي: ج 4 ص 525 ح 1).

البقاع - بكسر الباء جمع مفرده: بقعة بضمّ الباء -: القطعة من الأرض. (أقرب الموارد).

(4)الضمير يرجع الى الحطيم. يعني أنّ الحطيم ما بين الباب للكعبة و الحجر الأسود.

(5)يعني أنّ الفضل بعد الحطيم الدعاء عند مقام إبراهيم عليه السّلام، ثمّ الدعاء في حجر إسماعيل، ثمّ يلي الفضل كلّ ما دنا من البيت، كما هو المستفاد من خبر الحسن بن الجهم الآنف الذكر.

ص: 470

دنا من البيت.

استلام الأركان و المستجار و إتيان زمزم

(و استلام الأركان) (1) كلّها،(و المستجار (2)، و إتيان (3) زمزم و الشرب منها) و الامتلاء، فقد قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: ماء زمزم لما شرب (4) له، فينبغي شربه للمهمّات (5) الدينية و الدنيوية. فقد فعله جماعة من الأعاظم لمطالب مهمّة فنالوها (6)، و أهمّها (7) طلب رضا اللّه و القرب منه

**********

شرح:

(1)السابع من المستحبّات هو استلام أركان البيت، و هذا غير استحباب استلام زوايا البيت من الداخل كما ذكر.

(2)بالكسر، عطفا على الأركان. يعني يستحبّ استلام المستجار، و سمّي به لاستجارة فاطمة أمّ علي عليه السّلام به عند ولادته عليه السّلام.

(3)الثامن من المستحبّات هو أن يجيء الى ماء زمزم و يشرب منها.

(4)قوله «شرب» بصيغة المجهول. و الضمير في قوله «له» يرجع الى «ما» الموصولة. يعني أنّ ماء زمزم يشرب لقضاء الحوائج.

و قد ورد هذا الحديث في مستدرك الوسائل:

عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ماء زمزم شفاء من كلّ داء - و أظنّه قال: - كائنا ما كان، لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ماء زمزم لما شرب له. (مستدرك الوسائل: ج 9 ص 348 ب 14 من أبواب مقدّمات الطواف ح 2).

(5)يعني ينبغي أن يشرب ماء زمزم بنية قضاء الحاجات المهمّة الدينية منها و الدنيوية.

(6)الضمير في قوله «نالوها» يرجع الى المطالب المهمّة، فإنّ طائفة من أعاظم الفقهاء و العلماء شربوا من ماء زمزم بقصد قضاء حاجاتهم المهمّة فنالوا حوائجهم.

(7)الضمير في قوله «أهمّها» يرجع الى المطالب المهمّة. يعني أنّ أهمّ المطالب

ص: 471

و الزلفى (1) لديه، و يستحبّ مع ذلك (2) حمله و إهداؤه.

الخروج من باب الحنّاطين

(و الخروج (3) من باب الحنّاطين) سمّي بذلك لبيع الحنطة عنده، أو الحنوط (4)، و هو باب بني جمح (5) بإزاء الركن الشامي، داخل في المسجد كغيره (6)، و يخرج من الباب المسامت

**********

شرح:

و الحوائج أن يطلب الحاجّ عند شربه رضا اللّه تعالى و التقرّب إليه.

(1)الزلفى - بضمّ الزاء و سكون اللام -: المنزلة و القربة، و ألفها للتأنيث كالبشرى.

و منه في القرآن الكريم وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى (1) .

أي قربة. (أقرب الموارد، و الآية 37 من سورة سبأ).

و الضمير في قوله «لديه» يرجع الى اللّه تعالى.

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الشرب و التقرّب إليه. يعني يستحبّ مع الشرب قربة حمل ماء زمزم و إعطاؤه لإخوانه هدية.

(3)التاسع من المستحبّات هو خروج الحاجّ من الباب الموسوم بباب الحنّاطين.

و التسمية به إما لبيع الحنطة في هذا الباب أو لبيع الحنوط فيه.

(4)الحنوط - بالفتح -: كلّ طيب يمنع الفساد تحشى بها جثّة الميّت بعد تجويفه فتحفظه من البلى طويلا. (المنجد).

(5)الجمح - بضمّ الجيم و فتح الميم بعده الحاء المهملة -: من جمح بمعنى أسرع قال تعالى لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَ هُمْ يَجْمَحُونَ (2) . (التوبة: 57). فإنّ ذلك الباب وقع في محاذي الركن الشامي من البيت.

من حواشي الكتاب: بني جمح: بطن من قريش على ما في الدروس و هو داخل في المسجد كغيره من الأبواب. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(6)الضمير في قوله «كغيره» يرجع الى باب الحنّاطين. يعني أنه داخل في المسجد الحرام كغيره من الأبواب.

ص: 472


1- سوره 34 - آیه 37
2- سوره 9 - آیه 57

له (1) مارّا من عند الأساطين إليه على الاستقامة (2) ليظفر به.

الصدقة بتمر يشتريه بدرهم

(و الصدقة (3) بتمر يشتريه بدرهم) شرعي، و يجعلها قبضة قبضة بالمعجمة (4)، و علّل في الأخبار بكونه كفّارة لما لعلّه دخل عليه في حجّه من حكّ أو قملة (5) سقطت أو نحو ذلك، ثمّ إن استمر

**********

شرح:

(1)يعني يستحبّ للحاجّ أن يخرج من المسجد الحرام بإزاء الركن الشمالي.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الركن الشامي.

قوله «مارّا» حال من الحاجّ الخارج. بمعنى أنه يمرّ عند الخروج من عند الأساطين و يمشي الى طرف الباب الموازي للركن الشامي.

(2)المراد من «الاستقامة» هو المشي الى طرف الباب الموازي للركن الشامي بنحو المستقيم بلا انحراف الى يمين و لا يسار ليحصل استحباب الخروج من باب الحنّاطين، فاذا خرج كذلك كان خارجا من تلك الباب.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى باب الحنّاطين.

(3)العاشر من المستحبّات اشتراء تمر بدرهم و تصدّقه للفقراء بحيث يجعلها قبضة و قبضة و يقسّمها بينهم.

(4)قبض الشيء: أمسكه بيده و ضمّ عليه أصابعه. (المنجد).

قبص الشيء: تناوله بأطراف اصابعه. (المنجد).

فالتقييد بالمعجمة للإشارة باستحباب التقسيم بالقبض لا بالقبص.

(5)ففي الأخبار علّل التصدّق كذلك بكون ذلك التمر كفّارة عمّا ارتكبه في إحرام حجّه من حكّ بدنه أو إسقاط قملة أو نحو ذلك.

و الرواية الدالّة على ما ذكر منقولة في الكافي:

عن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ينبغي للحاجّ اذا قضى نسكه و أراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا يتصدّق به فيكون كفّارة لما لعلّه دخل عليه في حجّه من حك أو قملة سقطت أو نحو ذلك. (الكافي: ج 4 ص 533 ح 1).

ص: 473

الاشتباه (1) فهي صدقة مطلقة، و إن ظهر له (2) موجب يتأدّى بالصدقة، فالأقوى (3) إجزاؤها لظاهر (4) التعليل كما في (5) نظائره، و لا يقدح اختلاف الوجه لابتنائه (6) على الظاهر، مع أنّا (7) لا نعتبره.

**********

شرح:

(1)يعني لو لم يلتفت الحاجّ بوقوع ما يوجب الكفّارة يكون ذلك صدقة مطلقة في حقّه، و لو ظهر له ارتكابه ما يوجب الكفّارة فتكون مجزية.

و المراد من «الصدقة المطلقة» هو التصدّق بلا سبب موجب له.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع الى الحاجّ . و فاعل قوله «ظهر» مستتر يرجع الى الموجب. يعني لو تبيّن للحاجّ وقوع ما يوجب الكفّارة فيتأدّى بالصدقة المذكورة.

(3)يعني لو تبيّن للحاجّ وقوع ما يوجب الكفّارة فالأقوى إجزاء هذه الصدقة من الكفّارة الواجبة عليه.

و قد علّل الشارح رحمه اللّه لقوله بالإجزاء - في مقابل ما يتوهّم بأنّ الصدقة بنية الاستحباب فكيف تجزي عن الكفّارة الواجبة ؟ - بأنّ في الرواية علّل بكفايته عن الكفّارة المتعلّقة على ذمّته أولا، و كفاية نية الندب عن الواجب في نظائره ككفاية نية الاستحباب في يوم الشكّ عند ظهور كون الصوم واجبا ثانيا، و ابتناء نية الاستحباب على الظاهر ثالثا.

(4)هذا هو التعليل الأول لدفع التوهّم المذكور، كما قال عليه السّلام في الرواية المذكورة «فيكون كفّارة لما لعلّه دخل عليه في حجّه من حكّ أو قملة سقطت... الخ».

(5)و هذا تعليل ثان لإجزاء الصدقة عن الكفّارة الواجبة.

(6)و هذا تعليل ثالث. و الضمير في قوله «لابتنائه» يرجع الى الوجه.

(7)يعني مع عدم اعتبار الوجه عندنا، كما أشار إليه سابقا في نية الصلاة و نية الوضوء.

ص: 474

العزم على العود

(و العزم (1) على العود) الى الحجّ ، فإنّه من أعظم الطاعات، و روي أنه (2) من المنشئات (3) في العمر، كما أنّ العزم على تركه مقرّب للأجل و العذاب، و يستحبّ أن يضمّ الى العزم سؤال اللّه تعالى ذلك (4) عند الانصراف.

يستحبّ الإكثار من الصلاة بمسجد الخيف

(و يستحبّ الإكثار من الصلاة بمسجد الخيف) (5) لمن كان بمنى، فقد

**********

شرح:

(1)الحادي عشر من المستحبّات هو عزم الحاجّ على العود الى الحجّ ، و ليس طواف الوداع يعني تركه الحجّ أبدا، فإنّ قصد الحجّ من الطاعات العظيمة.

(2)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى العزم على العود، يعني ورد في الروايات أنّ العزم على الحجّ يوجب طول العمر، كما أنّ العزم على تركه يوجب قصر العمر.

أمّا في المعنى الأول فقد ورد في الكافي:

عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من رجع من مكّة و هو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره. (الكافي: ج 4 ص 281 ح 3).

و أمّا في المعنى الثاني فقد ورد في الكافي أيضا:

عن حسين الأحمسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من خرج من مكّة و هو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله و دنا عذابه. (الكافي: ج 4 ص 270 ح 1).

(3)المنشئات - بالشين -: جمع منشئ، بمعنى ما يحدث العمر و يجدّده، و هو كناية عن كونه موجبا لزيادة العمر.

المنسئات - بالسين كما عن بعض نسخ اللمعة - جمع مفرده: منسئ بمعنى المؤخّر، و كلاهما بصيغة اسم الفاعل في الصحاح: نسأت الشيء نساء: أخّرته.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو العود. يعني يستحبّ أن يسأل اللّه تعالى أن يوفّقه للعود الى الحجّ علاوة على العزم.

(5)و قد ذكرنا وجه تسمية المسجد المذكور بمسجد الخيف، فمن كان بمنى يستحبّ

ص: 475

روي (1) أنه من صلّى به مائة ركعة عدلت عبادة سبعين عاما، و من سبّح اللّه فيه مائة تسبيحة كتب له أجر عتق رقبة، و من هلّل اللّه فيه مائة عدلت إحياء نسمة (2)، و من حمد اللّه فيه مائة عدلت خراج العراقين (3) ينفق في سبيل اللّه، و إنّما سمّي خيفا لأنه (4) مرتفع عن الوادي، و كلّ ما ارتفع عنه سمّي خيفا.

(و خصوصا عند المنارة (5)) التي في وسطه،

**********

شرح:

له أن يصلّي في هذا المسجد كثيرا.

(1)و الرواية منقولة في الوسائل:

عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال: من صلّى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، و من سبّح اللّه فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة، و من هلّل اللّه فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، و من حمد اللّه فيه مائة تحميد عدلت أجر خراج العراقين يتصدّق به في سبيل اللّه عزّ و جلّ . (الوسائل: ج 3 ص 535 ب 51 من أبواب أحكام المساجد ح 1).

(2)النسمة - محرّكة -: نفس الروح و الإنسان، جمعها: نسم و نسمات، و في الكلّيات:

كلّ دابّة فيها روح فهي نسمة. (أقرب الموارد).

(3)المراد من «العراقين» هو بلده البصرة و الكوفة، كانتا مركز اجتماع الجيش و العسكر، و لكلّ منهما حاكما مستقلاّ.

(4)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى مسجد الخيف أي لأنه وقع في مكان مرتفع عن المسيل و الوادي.

(5)المنارة - بفتح الميم -: موضع النور. يقال: هدم فلان منار المساجد.

(أقرب الموارد).

فإنّ المنارة قد وقعت في وسط مسجد الخيف بحيث لكلّ جانب منها ثلاثين

ص: 476

(و فوقها (1) الى القبلة بنحو من ثلاثين ذراعا)، و كذا عن يمينها (2) و يسارها و خلفها، روى تحديده (3) بذلك معاوية بن عمّار (4) عن الصادق عليه السّلام، و أنّ ذلك مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أنه صلّى فيه ألف نبي، و المصنّف اقتصر على الجهة

**********

شرح:

ذراعا في القديم لكنّها توسعت تدريجا، و الحال - على ما نقل بعض المعاصرين - يكون طوله 108 مترا و عرضه 91 مترا.

(1)يعني تستحبّ الصلاة خصوصا عند المنارة و فوقها. و المراد من «فوقها» هو قدّامها الى طرف القبلة بمقدار ثلاثين ذراعا أي 15 مترا.

(2)أي و كذلك يستحبّ الصلاة بنحو من ثلاثين ذراعا عن يمين المنارة المذكورة، و كذا عن يسارها و خلفها.

و الحاصل: إنه تستحبّ الصلاة في الجوانب الأربعة من هذه المنارة الواقعة في وسط مسجد الخيف.

(3)الضمير في قوله «تحديده» يرجع الى مسجد الخيف. و المشار إليه في قوله «بذلك» يرجع الى كون جوانبها الأربعة بمقدار ثلاثين ذراعا.

(4)الرواية منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلّ في مسجد الخيف و هو مسجد منى، و كان مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد، و فوقها الى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، و عن يمينها و عن يسارها و خلفها نحوا من ذلك. قال: فتخيّر ذلك، فإن استطعت أن يكون مصلاّك فيه فافعل فإنّه قد صلّى فيه ألف نبي، و إنّما سمّي الخيف لأنه مرتفع عن الوادي، و ما ارتفع عن الوادي سمّي خيفا. (الوسائل: ج 3 ص 534 ب 50 من أبواب أحكام المساجد ح 1).

و المشار إليه في قوله «ذلك» يرجع الى الحدود المذكورة.

ص: 477

الواحدة (1)، و في الدروس أضاف يمينها و يسارها كذلك (2)، و لا وجه للتخصيص (3)، و ممّا يختصّ به (4) من الصلوات صلاة ستّ ركعات في أصل الصومعة.

يحرم إخراج من التجأ الى الحرم بعد الجناية

(و يحرم إخراج من التجأ الى الحرم بعد الجناية) بما يوجب حدّا (5) أو تعزيرا أو قصاصا، و كذا لا يقام (6) عليه فيه.(نعم، يضيّق عليه في المطعم)

**********

شرح:

(1)كما في قوله «و فوقها الى القبلة بنحو من ثلاثين ذراعا».

(2)قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس: و أفضله في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و هو من المنارة الى نحو من ثلاثين ذراعا الى جهة القبلة، و عن يمينها و يسارها كذلك.

(الدروس الشرعية: ج 1 ص 462).

(3)أي لا دليل للتخصيص لأنّ الرواية المذكورة تدلّ على الفضل في الجوانب الأربعة من المنارة.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى مسجد الخيف. يعني و من الصلاة المستحبّة المختصّة بمسجد الخيف ستّ ركعات في أصل الصومعة.

الصومعة: منار الراهب، جمعها: صوامع. (أقرب الموارد).

و قد ورد في الخبر المنقول من الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلّ ستّ ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة. (الوسائل: ج 3 ص 535 ب 51 من أبواب أحكام المساجد ح 2).

(5)كما اذا التجأ الجاني الذي يكون محكوما بالحدّ أو التعزير، فلا يجوز إخراجه من الحرم لإجراء الحدّ أو التعزير في حقّه.

(6)فاعل قوله «لا يعاد» مستتر يرجع الى الحدّ و التعزير و القصاص، و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الحرم.

ص: 478

(و المشرب) بأن لا يزاد منهما على ما يسدّ الرمق (1) ببيع (2) و لا غيره، و لا يمكّن (3) من ماله زيادة على ذلك،(حتّى يخرج) فيستوفى (4) منه.

(فلو جنى في الحرم قوبل) (5) بمقتضى جنايته (فيه) لانتهاكه حرمة الحرم، فلا حرمة له، و ألحق بعضهم به (6) مسجد النبي و مشاهد الأئمّة عليهم السّلام و هو (7) ضعيف المستند.

**********

شرح:

(1)الرمق - محرّكا - بقية الحياة، جمعه: أرماق. (أقرب الموارد).

(2)الجارّ متعلّق بقوله «بأن لا يزاد منهما». يعني انّ الجاني الملتجئ بالحرم يضيّق عليه بعدم بيعه من المطعم و المشرب أزيد ممّا يسدّ بقية حياته، و كذلك بغير البيع كالهبة و الصدقة.

و الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى البيع.

(3)أي لا يجوز أن يمكّن للجاني من ماله أزيد ممّا يسدّ رمقه.

(4)فاعله قوله «يستوفى» مستتر يرجع الى الحدّ و التعزير و القصاص، و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الجاني.

(5)يعني لو ارتكب الجناية في الحرم قوبل بما يقابل جنايته، لأنه لم يراع حرمة الحرم فلا يلاحظ الحرمة في حقّه.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الحرم، و في «انتهاكه» يرجع الى الجاني، و كذلك في «له».

(6)من حواشي الكتاب: يعني ألحق بعض الفقهاء بالحرم في الحكم المذكور مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و مشاهد الأئمة عليهم السّلام لإطلاق اسم الحرم عليها في بعض الأخبار و يناسبه التعظيم. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(7)الضمير يرجع الى الإلحاق، و المستند هو إطلاق اسم الحرم على مشهد الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و مشاهد الأئمة عليهم السّلام، و هو ضعيف لأنّ الحرم ينصرف عند الإطلاق الى حرم اللّه.

ص: 479

الفصل السادس في كفّارات الإحرام

اشارة

(الفصل السادس) (1) (في كفّارات (2) الإحرام) اللاحقة (3) بفعل شيء من محرّماته (و فيه (4) بحثان:)

البحث الأول كفّارة الصيد

اشارة

(الأول: في كفّارة الصيد)

**********

شرح:

كفّارات الإحرام (1)أي الفصل السادس من فصول كتاب الحجّ التي قال عنها «و فيه فصول».

(2)الكفّارات جمع مفرده: كفّارة، و هي ما يكفّر أي يغطّي به الإثم و غيره، و شرعا ما كفّر به من صدقة و صوم و نحوهما، سمّي به لأنه يكفّر الذنب أو يستره ككفّارة اليمين. (أقرب الموارد).

(3)قوله «اللاحقة» صفة للكفّارات. يعني أنها تتعلّق بالحرم بسبب ارتكابه شيئا من محرّمات الإحرام.

و الضمير في قوله «محرّماته» يرجع الى الإحرام.

(4)الضمير في قوله «و فيه» يرجع الى الفصل السادس، يعني في هذا الفصل بحثان، الأول منهما في كفّارة الصيد.

ص: 480

في النعامة بدنة

(ففي النعامة (1) بدنة (2)) و هي من الإبل الانثى التي كمل سنّها خمس سنين (3)، سواء في ذلك (4) كبير النعامة و صغيرها، ذكرها و انثاها، و الأولى المماثلة بينهما (5) في ذلك (ثمّ الفضّ ) (6) أي فضّ ثمن البدنة لو

**********

شرح:

كفّارة الصيد (1)النعامة - بفتح النون كسحابة: حيوان مركّب من خلقة الطير و الجمل، اخذ من الجمل العنق و الوظيف و المنسم، و من الطير الجناح و المنقار و الريش. (المنجد).

(2)مبتدأ مؤخّر، و خبره المقدّم هو قوله «ففي النعامة». يعني أنّ كفّارة قتل النعامة على المحرم بدنة.

البدنة - محرّكة -: ناقة أو بقرة تنحر بمكّة، سمّيت بذلك لأنهم كانوا يسمّنونها.

(أقرب الموارد).

و المراد منها هو قوله «و هي من الإبل... الخ».

(3)يعني أنّ المراد من البدنة في كفّارة النعامة الإبل الانثى التي كمل سنّها خمس سنين و بلغت لستّ سنين.

(4)يعني لا فرق في وجوب البدنة كذلك بين قتل النعامة الصغيرة و الكبيرة، و الذكر منها و الانثى، فلو قتلت النعامة الصغيرة الانثى فكفّارتها مثل قتل النعامة الكبيرة المذكّر.

(5)يعني أنّ الأولى في نظر الشارح رحمه اللّه المماثلة بين البدنة و النعامة في الكبير و الصغير و الذكورة و الانوثة.

و الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى البدنة و النعامة. و المشار إليه في قوله «ذلك» يرجع الى الكبير و الصغير و الذكر و الانثى.

(6)يعني لو لم يتمكّن الحاجّ من البدنة فحينئذ يجب عليه أن يشتري بثمنها الحنطة

ص: 481

تعذّرت (على البرّ (1) و إطعام ستين) مسكينا،(و الفاضل) من قيمتها (2) عن ذلك (له، و لا يلزمه الإتمام لو أعوز) (3)، و لو فضل منه ما لا يبلغ (4) مدّا أو مدّين دفعه الى مسكين آخر و إن قلّ .

**********

شرح:

و يفرّقها بين ستين مسكينا، فلو زادت زيادة عن قيمتها فهي له، و لو نقصت لا يجب عليه إكمال الناقص.

الفضّ : من فضّ الشيء فضّا: فرّقه، و قسّمه. (أقرب الموارد).

و فاعل قوله «تعذّرت» مستتر يرجع الى البدنة.

(1)البرّ - بضمّ الباء و تشديد الراء -: القمح، الواحدة: برّة. (أقرب الموارد).

و حاصل المعنى: أنّ المحرم اذا قتل النعامة وجبت عليه البدنة، فلو لم يتمكّن منها وجب عليه تفريق ثمن البدنة باشتراء الحنطة و إطعامها لستين مسكينا.

(2)الضمير في قوله «قيمتها» يرجع الى البدنة، و المشار إليه في قوله «ذلك» هو إطعام ستين مسكينا. يعني أن الفاضل من قيمة البدنة عن إطعام ستين مسكينا يكون للحاجّ .

(3)يعني لو نقص قيمة البدنة عن إطعام ستين مسكينا لا يجب عليه الإكمال.

أعوز الرجل إعوازا: افتقر و ساءت حاله و أعجزه و اشتدّ عليه.

(أقرب الموارد).

(4)يعني لو زاد من البرّ الذي اشتراه بثمن البدنة مقدار لا يبلغ مدّا ليكون بمقدار حقّ فرد واحد من المساكين أو مدّين ليكون بمقدار حقّ الاثنين من المساكين وجب عليه دفع الزائد الى مسكين آخر و إن لم يبلغ بمقدار حقّه الذي كان مقداره مدّا، و كلّ مدّ مقداره 750 غرام.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى البرّ الذي اشتراه بثمن البدنة، و في قوله «دفعه» يرجع الى «ما» الموصولة. و فاعل قوله «قلّ » مستتر يرجع الى «ما» الموصولة أيضا.

ص: 482

(ثمّ صيام ستين يوما) (1) إن لم يقدر على الفضّ لعدمه (2) أو فقره.

و ظاهره (3) عدم الفرق بين بلوغ القيمة على تقدير إمكان الفضّ الستين و عدمه، و في الدروس (4) نسب ذلك الى قول مشعرا بتمريضه،

**********

شرح:

(1)يعني لو لم يتمكّن من البدنة و لا من فضّ ثمنها الى ستين مسكينا وجب عليه أن يصوم ستين يوما.

(2)الضمير في قوله «لعدمه» يرجع الى البرّ، و في «فقره» يرجع الى الناسك. يعني أنّ عدم قدرته على الفضّ إمّا لعدم وجود البرّ لأن يشتريه و يقسّمه بين الفقراء أو لعدم الثمن عنده لفقره.

(3)يعني ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «ثمّ صيام ستين يوما» هو وجوب الصوم بذلك المقدار بلا فرق بين أن يبلغ ثمن البدنة بمقدار تقسيمه بين ستين مسكينا أم لا.

و بعبارة اخرى: لو تمكّن في الفرض من اشتراء البرّ و تقسيمه بين الفقراء فإنّ قيمة البدنة لا تكفي مقدار حنطة تكفي بإطعام ستين مسكينا لكلّ منهم مدّا، بل تكفي بإطعام ثلاثين مسكينا كذلك. ففي هذا الفرض أيضا يجب على الناسك صيام ستين يوما على ما يظهر من عبارة المصنّف رحمه اللّه.

(4)يعني نسب ذلك في كتابه الدروس الى قول، و هذه النسبة تدلّ على عدم اختياره ذلك القول.

أقول: إنّي تفحّصت عبارته في الدروس مكرّرا فما وجدت نسبة هذا القول بالغير من المصنّف رحمه اللّه و لعلّ الشارح رحمه اللّه وصل ما لم نصل إليه.

و عبارته في الدروس في خصوص العجز عن الهدي و وجوب الصوم عليه هكذا:

لو فقد الهدي و وجد ثمنه خلّفه عند ثقة ليذبحه عنه في ذي الحجّة، فإن تعذّر فمن

ص: 483

و الأقوى (1) جواز الاقتصار على صيام قدر ما وسعت من الإطعام، و لو زاد ما لا يبلغ القدر صام عنه يوما كاملا.

(ثمّ صيام ثمانية عشر يوما) لو عجز عن صوم الستين و ما في معناها (2) و إن قدر على صوم أزيد من الثمانية عشر، نعم لو عجز عن صومها (3)

**********

شرح:

القابل فيه، و لو عجز عن الثمن صام، و أطلق الحسن وجوب الصوم عند الفقد، و خيّر ابن الجنيد بينهما و بين الصدقة بالوسطى من قيمة الهدي تلك السنة، و حتّم ابن إدريس رحمه اللّه الصوم مطلقا. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 439).

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة، فالأقوى عنده هو أنّ العاجز عن البدنة و فضّ ثمنها بالحنطة بين ستين مسكينا لعدم بلوغ قيمة البدنة بذلك المقدار، بل كفايته بالتقسيم بين أقلّ من ذلك العدد، فيكفي صومه بمقدار عدد يبلغ قيمة البدنة بإطعامه ذلك العدد.

مثلا اذا بلغ ثمن البدنة عند فرض وجوده بإطعام ثلاثين مسكينا وجب على العاجز عن الإطعام صوم ثلاثين يوما لا أزيد منه.

من حواشي الكتاب: وجه القوّة قوله عليه السّلام في صحيحة عبيدة الحذّاء: فإن لم يقدر على الطعام صام لكلّ نصف صاع يوما. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)الضمير في قوله «معناها» يرجع الى صيام الستين. و المراد منه هو صوم عدد يبلغه ثمن البدنة فرضا لإطعام المساكين، كما أوضحناه في الهامش السابق، فيجب عليه أن يصوم ثمانية عشر يوما و إن تمكّن من صوم أزيد منها.

(3)يعني لو عجز عن صوم ثمانية عشر يوما وجب عليه ما تمكّن منه و لو كان قليلا مثل صوم يوم واحد أو أزيد.

لكن في صورة العجز عن صوم ستين يوما يجب عليه حينئذ صوم ثمانية عشر يوما و لو قدر على صوم أزيد منها.

ص: 484

وجب المقدور. و الفرق (1) ورود النصّ بوجوب الثمانية عشر لمن عجز عن الستين الشامل لمن قدر على الأزيد (2) فلا يجب. و أمّا المقدور من الثمانية عشر (3) فيدخل في عموم: «فأتوا منه ما استطعتم» لعدم المعارض، و لو شرع في صوم الستين قادرا (4) عليها فتجدّد عجزه بعد تجاوز الثمانية

**********

شرح:

(1)يعني و الفرق بين العجز عن صوم الستين فينتقل الى صوم ثمانية عشر و إن كان يقدر على أزيد منها و بين العجز عن الثمانية عشر فإنه يجب عليه ما تمكّن هو ورود النصّ ، بأنه اذا عجز الناسك عن صوم الستين وجب عليه صوم ثمانية عشر يوما، بخلاف عجزه عن صوم ثمانية عشر يوما فإنّه لم يتعيّن عليه مقدار الصوم الواجب.

فبحكم قوله صلّى اللّه عليه و آله «و اذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم». (مصابيح الكلام للوحيد البهبهاني: باب الوضوء، و راجع هامش 4 من عوالي اللآلي: ج 4 ص 58) يجب عليه صوم مقدار أيّام يمكّن صومها.

و النصّ الفارق منقول في الوسائل (ج 9 ص 183 و 184 ب 2 من أبواب كفّارات الصيد ح 1 و 3 و 5، فراجع).

(2)فإنّ إطلاق وجوب ثمانية عشر يوما عند العجز عن الستين يشمل لمن قدر على صوم أزيد منها أيضا.

(3)يعني و أمّا المقدور من أقلّ من الثمانية عشر يوما فيدخل في عموم قوله صلّى اللّه عليه و آله:

اذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. (مصابيح الكلام للوحيد البهبهاني: باب الوضوء، و راجع هامش 4 من عوالي اللآلي: ج 4 ص 58). بخلاف صورة العجز عن الستين، فإنّ القاعدة تشملها، لكنّ النصّ بوجوب ثمانية عشر يوما يعارض القاعدة المستفادة من الرواية.

(4)يعني لو شرع الناسك في صوم ستين يوما في حال قدرته عليها لكن حصل

ص: 485

عشر اقتصر على ما فعل و إن كان شهرا، مع احتمال (1) وجوب تسعة حينئذ لأنها بدل عن الشهر المعجوز عنه.

(و المدفوع الى المسكين) على تقدير الفضّ (نصف (2) صاع) مدّان في المشهور، و قيل: مدّ، و فيه قوّة (3).(و في بقرة الوحش و حماره (4) بقرة)

**********

شرح:

العجز قبل الإتمام و بعد تجاوز الثمانية عشر اكتفى بالذي صامه و لو كان ذلك المقدار شهرا.

(1)يعني يحتمل في صورة عجزه بعد صوم شهر وجوب صوم تسعة أيّام، لأنّ بدل صوم الشهرين عند العجز عن ثمانية عشر يوما و بدل كلّ شهر تسعة أيّام، ففي الفرض المذكور صام شهرا و عجز عن شهر آخر فيجب عليه صوم تسعة أيّام بدل الشهر الذي عجز عن صومه.

و الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى التسعة.

(2)خبر لقوله «و المدفوع». يعني اذا عجز الناسك عن البدنة عند صيد النعامة و قدر عن فضّ البرّ للمساكين قال المشهور بتعيّن مدّين لكلّ مسكين، و كلّ مدّ يعادل 750 غرام و المدّان يساوي كيلو و نصف الكيلو.

و قال بعض الفقهاء بتعيّن مدّ لكلّ مسكين.

(3)و قد قوّى الشارح رحمه اللّه القول بتعيّن فضّ مدّ لكلّ مسكين، و مستنده هو الرواية المنقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فإن لم يجد ما يشتري (به - خ ل) بدنة فأراد أن يتصدّق فعليه أن يطعم ستين مسكينا، كلّ مسكين مدّا. (الوسائل: ج 10 ص 186 ب 2 من أبواب كفّارات الصيد ح 11).

(4)الضمير في قوله «حماره» يرجع الى الوحش. يعني كفّارة صيد البقرة الوحشية و الحمار الوحشي بقرة أهلية مسنّة، و هي التي كملت سنتين و دخلت في الثالثة.

ص: 486

(أهلية) مسنّة فصاعدا، إلاّ أن ينقص سنّ المقتول (1) عن سنّها فيكفي مماثله (2) فيه،(ثمّ الفضّ ) (3) للقيمة على البرّ لو تعذّر،(و نصف ما مضى) في الإطعام و الصيام مع باقي الأحكام، فيطعم ثلاثين، ثمّ يصوم ثلاثين، و مع العجز (4) تسعة.

في الظبي و الثعلب و الأرنب شاة

(و في الظبي (5) و الثعلب و الأرنب شاة، ثمّ الفضّ ) المذكور (6) لو تعذّرت الشاة،(و سدس ما)

**********

شرح:

(1)يعني لو نقص من الصيد المقتول عن المسنّة فلا تجب المسنّة بل تجب بقرة أهلية يساوي سنّها سنّ الصيد المقتول.

(2)الضمير في قوله «مماثله» يرجع الى المقتول، و في قوله «فيه» يرجع الى السنّ .

يعني اذا نقص سنّ الصيد المقتول عن المسنّة فلا يجب إلاّ بقرة أهلية تماثل سنّ الصيد.

(3)يعني لو عجز الناسك عن البقرة المسنّة في كفّارة صيد البقرة و الحمار الوحشيّين وجب عليه فضّ ثمن البقرة المسنّة بأن يشتري بها حنطة و يقسّمها بين المساكين.

لكنّ الواجب هنا نصف ما ذكر في كفّارة النعامة عند العجز عن البدنة. فنصف إطعامه يكون ثلاثين، و نصف الصوم الواجب فيه يكون صوم شهر واحد، و نصف صوم ثمانية عشر يوما يكون صوم تسعة أيّام.

(4)يعني لو عجز عن صوم شهر وجب عليه صوم تسعة أيّام، كما أنه لو كان عاجزا عن صوم شهرين وجب عليه صوم ثمانية عشر يوما، فنصفه في هذا الفرض صوم تسعة أيّام.

(5)هذا و ما بعده خبر مقدّم لقوله «شاة». يعني أنّ كفّارة صيد الثلاثة المذكورة من الحيوان - الظبي و الثعلب و الأرنب - هي شاة في صيد كلّ واحد منها.

(6)أي فضّ ثمن الشاة باشتراء البرّ و تقسيمه بين الفقراء.

ص: 487

(مضى) (1) فيطعم عشرة (2)، ثمّ يصوم عشرة، ثمّ ثلاثة (3)، و مقتضى تساويها (4) في الفضّ و الصوم أنّ قيمتها لو نقصت عن عشرة لم يجب الإكمال، و يتبعها (5) الصوم، و هذا (6) يتمّ في الظبي خاصّة

**********

شرح:

(1)يعني يجب على الناسك العاجز عن الشاة سدس ما كان واجبا عند عجزه عن البدنة في كفّارة النعامة.

(2)لأنّ إطعام العشرة كان سدس إطعام الستين، و كذلك صوم العشرة كان سدس صوم الشهرين.

(3)فاذا عجز عن صوم عشرة أيّام وجب عليه صوم ثلاثة أيّام لأنها سدس الثمانية عشر التي كانت واجبة عند العجز عن صوم الشهرين في صيد النعامة.

(4)الضمير في قوله «تساويها» يرجع الى الثلاثة المذكورة، و في قوله «قيمتها» يرجع الى الشاة. يعني مقتضى تساوي الحيوانات المذكورة في وجوب الفضّ و الصوم عند العجز عن الشاة هو عدم وجوب إكمال إطعام الستين لو نقصت قيمة الشاة عن ذلك المقدار، مثلا اذا بلغ ثمن الشاة بإطعام سبعة مساكين فلا يجب إكمال العشرة.

(5)الضمير في قوله «يتبعها» يرجع الى القيمة. يعني يتبع القيمة الصوم، بمعنى أنّ القيمة اذا كانت بمقدار إطعام سبعة مساكين عند فرض وجودها فلا يجب عليه إلاّ صوم سبعة أيّام لا أزيد منها، كما كان كذلك عند إعواز البدنة و إعواز ثمنه عند وجوب الصوم بدل الفضّ .

(6)هنا أشكل الشارح رحمه اللّه بالتساوي المذكور بين الحيوانات الثلاثة، بل اختصّ الحكم المذكور بالظبي خاصّة لوجود النصّ في خصوصه، لكنّه استدرك بعد ذلك بقوله «نعم ورد فيهما شاة، فمع العجز عنها يرجع الى الرواية العامّة... الخ» ثمّ قال «و هذا هو الأقوى».

ص: 488

للنصّ (1). أمّا الآخران (2) فألحقهما به جماعة تبعا للشيخ، و لا سند له ظاهرا، نعم (3) ورد فيهما شاة، فمع العجز عنها يرجع الى الرواية العامّة (4)

**********

شرح:

(1)المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول مرسلا عن أبي جعفر الجواد عليه السّلام (الى أن قال:) و إن كان ظبيا فعليه شاة، فإن لم يقدر فليطعم عشرة مساكين، فإن لم يجد فليصم ثلاثة أيّام... الحديث. (الوسائل: ج 9 ص 188 ب 3 من أبواب كفّارات الصيد ح 2، تحف العقول: ص 453).

(2)و هما الثعلب و الأرنب.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى الظبي. يعني أنّ جماعة من الفقهاء - و هم الشيخ المفيد و السيّد المرتضى رحمهما اللّه - تبعا للشيخ الطوسي رحمهم اللّه ألحقوا الثعلب و الأرنب في هذا الحكم. (راجع المقنعة: ص 435، رسائل المرتضى المجموعة الثالثة: ص 71، المبسوط : ج 1 ص 340). لكن لا سند و لا دليل لهم بالإلحاق على الظاهر.

(3)هذا استدراك الشارح رحمه اللّه من كلامه في عدم الإلحاق بأنه ورد في خصوص صيد الثعلب و الأرنب وجوب شاة، فاذا عجز الناسك عن الشاة يحكم عليه بما فصّله في رواية عامّة.

(4)المراد من «الرواية العامّة» هو الذي يحكم فيها بوجوب الفضّ عند العجز عن الكفّارة ثمّ الصوم، بلا فرق بين كون الكفّارة بدنة أو بقرة أو شاة، و هي منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فإن لم يجد ما يشتري (به - خ ل) بدنة فأراد أن يتصدّق فعليه أن يطعم ستين مسكينا كلّ مسكين مدّا، فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام. و من كان عليه شيء من الصيد

ص: 489

بإطعام عشرة مساكين لمن عجز عنها، ثمّ صيام الثلاثة، و هذا (1) هو الأقوى، و في الدروس نسب مشاركتهما (2) له الى الثلاثة، و هو مشعر بالضعف، و تظهر فائدة القولين (3) في وجوب إكمال إطعام العشرة و إن لم تبلغها القيمة على الثاني (4)،

**********

شرح:

فداؤه بقرة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فإن لم يجد فليصم تسعة أيّام.

و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام. (الوسائل: ج 9 ص 186 ب 2 من أبواب كفّارات الصيد ح 11).

(1)المشار إليه في قوله «و هذا» هو الرجوع الى الرواية العامّة، فهذا غاية فتوى الشارح رحمه اللّه بعد إشكاله على الشيخ رحمه اللّه و تابعيه بعدم سند إلحاق الثعلب و الأرنب بالظبي.

(2)الضمير في قوله «مشاركتهما» يرجع الى الأرنب و الثعلب و في قوله «له» يرجع الى الثعلب. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس نسب مشاركة المذكورين بالظبي بثلاثة من الفقهاء الأعاظم و هم الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي و السيّد المرتضى رحمهم اللّه. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 355).

(3)المراد من «القولين» هو الإلحاق كما هو مدلول عبارته، و العمل بمدلول الرواية العامّة كما هو نظر الشارح رحمه اللّه.

(4)المراد من «القول الثاني» هو العمل بمضمون الرواية العامّة كما اختاره الشارح رحمه اللّه.

فبناء على القول الثاني يجب إكمال إطعام ستين مسكينا لو لم يبلغ ثمن الشاة بذلك لأنّ في الرواية العامّة المذكورة آنفا قوله عليه السّلام «من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين». فإنّ إطعام عشرة مساكين كان عليه واجبا مستقلاّ بعد عجزه عن الشاة فلا يكتفي بإطعام ما بلغه ثمن الشاة بخلاف القول الأول و هو

ص: 490

و الاقتصار (1) في الإطعام على مدّ.

في كسر بيض النعام لكلّ بيضة بكرة من الإبل

(و في كسر (2) بيض النعام لكلّ بيضة بكرة (3) من الإبل) و هي الفتيّة (4) منها بنت (5) المخاض فصاعدا مع

**********

شرح:

الظاهر من المصنّف رحمه اللّه بأنه لا يجب على العاجز عن الشاة إلاّ توزيع ثمنه لإطعام الفقراء كائنا ما كان و لو لم يبلغ بمقدار إطعام العشرة.

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «في وجوب إكمال العشرة». و هذه هي فائدة القول الثاني من القولين بأنه بناء على القول الثاني يكتفي في إطعام العشرة بمقدار مدّ من الطعام لعدم ورود نصّ بأزيد منه في خصوص الثعلب و الأرنب، بل المستفاد من الرواية العامّة هو إطعام العشرة عند العجز عن الشاة فيهما، و يكفي في الإطعام مقدار مدّ اذا لم يتعيّن أزيد منه، بخلاف القول الأول فبناء عليه يجب الإطعام لكلّ مسكين مقدار مدّ من الطعام، لأنّ إطعام مدّين لكلّ فقير ورد في خصوص الظبي، و في الثعلب و الأرنب أيضا يحكم بما حكم فيه من إطعام مدّين لكلّ مسكين.

(2)خبر مقدّم لقوله «بكرة». يعني لو كسر المحرم بيض النعام الذي يتحرّك في داخله الفرخ وجب عليه بكرة من الإبل. و لو لم يتحرّك فيه الفرخ فيشير المصنّف رحمه اللّه الى كفّارته بقوله «و إلاّ أرسل... الخ».

(3)البكرة - بفتح الباء و سكون الكاف -: مؤنث البكر و هو الفتى من الإبل، جمعه:

أبكر و بكران و بكار. (أقرب الموارد). و هو مبتدأ مؤخّر كما ذكرنا.

(4)الفتيّة - بفتح الفاء و كسر التاء و الياء المشدّدة -: مؤنّث الفتى و هو الشابّ من كلّ شيء، جمعه: فتاء و أفتاء. (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «منها» يرجع الى الإبل.

(5)بيان للفتية. يعني أنها بنت مخاض فصاعدا.

بنت مخاض: هي التي دخلت في سنة ثانية و الحال أنّ امّها تستعدّ أن تكون حاملا.

ص: 491

صدق (1) اسم الفتى، و الأقوى إجزاء البكر (2)، لأنّ مورد النصّ البكارة و هي جمع لبكر و بكرة،(إن تحرّك الفرخ (3)) في البيضة،(و إلاّ) (4) يتحرّك

**********

شرح:

(1)هذا قيد لقوله «فصاعدا». يعني أنّ الصاعد سنّه عن بنت مخاض يشترط فيها صدق اسم الفتى عليه، فلو زاد سنّه على حدّ لا يصدق عليه اسم الفتى فلا يجزي.

(2)البكر - بفتح الباء و سكون الكاف -: مذكّر و هو الفتى من الإبل. يعني أنّ الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه كفاية المذكّر أيضا لورود لفظ البكارة في النصّ ، و هو جمع يشمل المذكّر و المؤنث من الإبل الفتى.

البكارة - بكسر الباء -: جمع بكرة، و البكار - بكسر الباء - جمع بكر. (أقرب الموارد).

فعلى ما في أقرب الموارد لا تشمل البكارة البكر بل هي جمع بكرة مؤنثا.

و المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في كتاب علي عليه السّلام: في بيض القطاة بكارة من الغنم اذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل.

(الوسائل: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفّارات الصيد ح 4).

(3)الفرخ - بفتح الفاء و سكون الراء -: ولد الطائر و كلّ صغير من الحيوان و النبات، جمعه: أفرخ و أفراخ. (أقرب الموارد). يعني شرط وجوب بكرة الإبل في كسر بيض النعام هو تحرّك الفرخ من البيضة.

(4)هذا بيان كفّارة كسر بيض النعام في صورة عدم تحرّك الفرخ في البيضة، بأن يرسل الفحل من الإبل على الانثى منها، فلو حصل الولد من ذلك فيرسله هديا الى الكعبة، و لو لم يحصل الولد من إرسال الفحل على الانثى فلا يجب في ذمّته شيء.

الفحولة - بضمّ الفاء -: جمع مفرده: الفحل - بفتح الفاء و سكون الحاء -: الذكر

ص: 492

(أرسل فحولة الإبل في إناث) منها (بعدد البيض، فالناتج (1) هدي) بالغ (2) الكعبة، لا كغيره من الكفّارات. و يعتبر (3) في الانثى صلاحية الحمل، و مشاهدة (4) الطرق (5)، و كفاية (6) الفحل للإناث عادة، و لا فرق بين كسر البيضة بنفسه (7) و دابّته، و لو ظهرت فاسدة أو الفرخ ميّتا فلا

**********

شرح:

من كلّ حيوان. (أقرب الموارد).

و الإناث بكسر الهمزة جمع انثى بضمّ الهمزة.

(1)الناتج للبهائم كالقابلة للنساء.

(2)يعني أنّ الولد الحاصل من إرسال الفحل على الانثى بتعداد ما كسره من بيضة النعام هدية يبلغها الناسك الى الكعبة، فلا يجزي إيصالها الى منى أو الى مكّة، بل تصرف في مصالح الكعبة أو يساعد بها زوّار بيت اللّه الحرام.

و الضمير في قوله «كغيره» يرجع الى الناتج.

(3)يعني أنّ في إرسال الفحل على الانثى يعتبر في كون الإبل الانثى صالحة للحمل، فلو لم تصلح له لصغرها أو كبرها لا يكفي.

(4)بالرفع، عطفا على قوله «صلاحية الحمل». يعني و يعتبر أيضا أن يشاهد الحاجّ طرق ذكر الإبل الانثى منها.

(5)الطرق - بفتح الطاء و سكون الراء - من طرقه طرقا: ضربه بالمطرقة، و طرق الرجل: أي تزوّج. (المنجد).

و المراد هنا نزو الذكر على الانثى.

(6)هذا هو الشرط الآخر في إرسال الفحولة على الانثى، بأن يكفي الفحل الواحد لتعداد من إناث الإبل عادة في الطرق، فلو أرسل فحلا واحدا بتعداد كثير من الانثى بحيث لا يكفي عادة في ضربهم فلا يجزي.

(7)يعني لا فرق في وجوب الكفّارة على المحرم في كسر بيضة النعام بين كسره بنفسه أو بسبب دابّته.

ص: 493

شيء (1)، و لا يجب تربية الناتج (2)، بل يجوز صرفه من حينه، و يتخيّر بين صرفه في مصالح الكعبة و معونة الحاجّ كغيره (3) من مال الكعبة.

(فإن عجز) (4) عن الإرسال (فشاة عن البيضة) الصحيحة،(ثمّ ) (5) مع العجز عن الشاة (إطعام عشرة مساكين) لكلّ مسكين مدّ (6). و إنّما

**********

شرح:

(1)جواب لقوله «لو ظهرت فاسدة». يعني اذا كسر المحرم بيضة النعام فظهرت فاسدة أو كان الفرخ في داخله ميّتا فلا تجب الكفّارة على المحرم، فإنّ كسر البيضة الفاسدة كذلك مثل كسر سائر الأشياء التي لا كفّارة فيه على المحرم.

(2)فاذا أرسل المحرم فحولة الإبل على الانثى منها فحصل الناتج لا يجب تربيته و حفظه الى أن يكون كبيرا، بل يجوز صرفه الى هدي الكعبة من حين النتاج و الولادة.

و الضمير في قوله «صرفه» يرجع الى الناتج، و في قوله «حينه» يرجع الى النتاج.

(3)كما أنّ غير الناتج من أموال الكعبة يجوز صرفه في مصالح الكعبة أو في معونة الحجّاج لبيت اللّه الحرام.

(4)يعني لو عجز الحاجّ عن إرسال فحول الإبل على الانثى منها عند كسره بيضة النعام الصحيحة وجب عليه شاة عن البيضة الواحدة.

(5)يعني لو عجز عن الشاة أيضا وجب عليه إطعام عشرة مساكين عند كسر بيضة واحدة من النعام.

(6)فلا يجب هنا إلاّ إطعام مدّ واحد لكلّ مسكين، لأنّ الضابطة في الإطعام ليس إلاّ مدّ واحد لكلّ مسكين لا أزيد، إلاّ أن يرد النصّ في الإطعام بأزيد منه كما جاءت الرواية في خصوص صيد الظبي التي صرّح فيها بإطعام مدّين لكلّ مسكين.

و فاعل قوله «أطلق» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه فإنّه أطلق بقوله «إطعام

ص: 494

أطلق لأنّ ذلك ضابطه حيث لا نصّ على الزائد، و مصرف الشاة و الصدقة كغيرهما (1)، لا كالمبدل (2)،(ثمّ صيام ثلاثة) (3) أيّام لو عجز عن الإطعام.

في كسر كلّ بيضة من القطا و القبج بسكون الباء و هو الحجل و الدرّاج من صغار الغنم

(و في كسر (4) كلّ بيضة من القطا (5) و القبج) بسكون الباء (6) و هو الحجل (7)(و الدرّاج (8) من صغار الغنم إن تحرّك الفرخ) في البيضة. كذا

**********

شرح:

عشرة مساكين». و المشار إليه في قوله «ذلك» هو إطعام مدّ واحد.

و الضمير في قوله «ضابطه» يرجع الى الإطعام.

(1)الضمير في قوله «كغيرهما» يرجع الى الشاة و الصدقة. و المراد من «الصدقة» هو إطعام عشرة مساكين. يعني أنهما يصرفان في الموارد التي تصرف فيها سائر الكفّارات، و لا يختصّ صرفهما في مصارف الكعبة كالمبدل.

(2)المراد من «مبدل الشاة و الإطعام» هو الناتج الحاصل من إرسال فحولة الإبل على الانثى منها.

(3)فلو عجز الحاجّ عن الإرسال و عن الشاة و عن الإطعام لعشرة مساكين وجب عليه صوم ثلاثة أيّام.

(4)يعني يجب على المحرم الذي كسر بيضة من الطيور الثلاثة - القطا و القبج و الدرّاج - اذا تحرّك الفرخ في داخلها غنم صغير، و لو لم يتحرّك الفرخ في داخلها فسيشير المصنّف رحمه اللّه الى كفّارته بقوله «و إلاّ أرسل... الخ».

(5)القطاة - بفتح القاف -: طائر في حجم الحمام، و قد يطلق الحمام عليه للمشابهة، و هو نوعان الجوني و الكدري، جمعه: قطا و قطوات. (أقرب الموارد).

(6)و قد ذكر البعض بفتح الباء كما في أقرب الموارد.

(7)الحجل - بالتحريك -: الذكر من القبج. (أقرب الموارد).

(8)الدرّاج - بضمّ الدال و تشديد الراء كرمّان -: طائر يطلق على الذكر و الانثى، جميل المنظر، ملوّن الريش. (أقرب الموارد).

ص: 495

أطلق المصنّف (1) هنا و جماعة، و في الدروس جعل في الأولين (2) مخاضا من الغنم، أي من شأنها الحمل، و لم يذكر الثالث (3). و النصوص خالية عن ذكر الصغير، و الموجود في الصحيح (4) منها أنّ في بيض القطاة بكارة من الغنم، و أمّا المخاض (5) فمذكور في مقطوعة،

**********

شرح:

(1)فإنّ المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب قال «من صغار الغنم» و لم يقيّد سنّه، و كذلك جماعة من الفقهاء.

(2)المراد من «الأولين» هو القطاة و القبج. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال بوجوب المخاض في كسر بيض القطاة و القبج. و المراد منه هو الغنم التي من شأنها أن تكون حاملا.

(3)أي لم يذكر المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس الدرّاج، و عبارته فيه هي: بيض القطاة و القبج، و في كسر البيضة مع تحرّك الفرخ مخاض من الغنم أي من شأنها الحمل، و إلاّ أرسل فحولة الغنم في إناثها بالعدد. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 355).

و أيضا أنّ النصّ في المقام خال عن ذكر صغار الغنم الذي ذكره المصنّف رحمه اللّه بقوله «من صغار الغنم».

(4)يعني أنّ الموجود في الرواية الصحيحة من النصوص هو أنّ في بيض القطاة بكارة من الغنم. و المراد من «البكارة» هو الفتى من الغنم كما أشرنا إليه آنفا.

و الضمير في قوله «منها» يرجع الى النصوص.

و الرواية الصحيحة منقولة في الوسائل و قد مرّت آنفا.

عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في كتاب علي عليه السّلام: في بيض القطاة بكارة من الغنم اذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل.

(الوسائل: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفّارات الصيد ح 4).

(5)أمّا المخاض - و هو الإبل المستعدّة للحمل الذي ذكر المصنّف رحمه اللّه في الدروس

ص: 496

و العمل (1) على الصحيح.

و قد تقدّم (2) أنّ المراد بالبكر الفتي، و سيأتي أنّ في قتل القطاة و القبج

**********

شرح:

بقوله: و في كسر البيضة مع تحرّك الفرخ مخاض من الغنم (الدروس الشرعية: ج 1 ص 355) - فمذكور في رواية مقطوعة نقلها صاحب الوسائل:

عن سليمان بن خالد قال: سألته عن رجل وطئ بيض قطاة فشدخه (الى أن قال:) و من أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم. (الوسائل: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفّارات الصيد ح 3).

أقول: لا يخفى أنّ مراد الشارح رحمه اللّه من الرواية المقطوعة هو الخبر المضمر الذي لم يذكر فيه اسم الإمام المنقول عنه بل عبّر بقوله «سألته» فإنّ المنقول عنه غير معلوم هل هو المعصوم أو أحد من أصحاب الامام عليه السّلام.

(1)يعني فلا يعمل إلاّ بالرواية الصحيحة لا المقطوعة، فيحكم بوجوب البكارة التي وردت في الصحيحة لا المخاض الذي ورد في المقطوعة.

لا يقال بأنّ البكارة بمعنى الغنم الفتي أعمّ من المخاض بمعنى الغنم المستعدّ للحمل، فليحمل العامّ على الخاصّ عملا بقاعدة الجمع بين العامّ و الخاصّ .

لأنه يقال: نعم العمل بهذه القاعدة إنّما هو اذا كان النصّ المتضمّن للخاصّ قابلا للتعارض، و الحال في المقام لا تتعارض المقطوعة المتضمّنة له مع الصحيحة المتضمّنة للعامّ .

(2)هذا إيراد و جواب من الشارح رحمه اللّه. (أمّا الإيراد) فانّه تقدّم أنّ المراد من «البكارة» هو الفتى من الغنم، و سيأتي في خصوص صيد القطاة و القبج و الدرّاج بأنه لا تجب إلاّ في الحمل المفطوم، و أنّ الغنم الفتي أكبر من الحمل الذي هو صغير الغنم، و سنّه أربعة أشهر، لأنّ الغنم يفطم ولده عن اللبن اذا بلغ أربعة أشهر.

و الحاصل: يلزم زيادة كفّارة البيض عن كفّارة نفس صاحب البيض.

ص: 497

و الدرّاج حمل (1) مفطوم، و الفتى أعظم منه، فيلزم وجوب الفداء للبيض أزيد ممّا يجب في الأصل (2)، إلاّ (3) أن يحمل الفتى على الحمل فصاعدا، و غايته (4) حينئذ تساويهما في الفداء، و هو (5) سهل.

أمّا بيض القبج و الدرّاج

و أمّا بيض (6) القبج و الدرّاج فخال عن النصّ ، و من ثمّ اختلفت

**********

شرح:

(و أمّا الجواب) فهو قوله رحمه اللّه «إلاّ أن يحمل الفتى... الخ». يعني لا يرد الإشكال اذا حمل البكر و هو الغنم الفتي الشابّ بمعنى الأعمّ الذي يشمل الحمل المفطوم و أكبر منه.

(1)الحمل - بفتحتين -: هو الجذع من أولاد الضأن. (أقرب الموارد).

و المراد من «المفطوم» هو المقطوع عن اللبن.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الحمل.

(2)المراد من «الأصل» هو صاحب بيض القطاة و القبج و الدرّاج.

و الحاصل: يلزم في المقام زيادة الفرع على الأصل.

(3)هذا جواب عن الإيراد المذكور و هو زيادة الفرع على الأصل، فأجاب رحمه اللّه بحمل الفتى على الحمل المفطوم و أكبر منه.

(4)الضمير في قوله «غايته» يرجع الى الحمل. يعني و غاية ما يلزم من هذا الحمل هو لزوم التساوي بين كفّارة البيض و صاحبه، فقال في حلّه أيضا بأن التساوي بين المذكورين سهل لأنه لا مانع من اتّحاد كفّارتهما.

و الضمير في قوله «تساويهما» يرجع الى البيض و الأصل.

(5)أي التساوي بينهما في الكفّارة سهل، و ليس هو بمشكل لتساوي الصغير و الكبير في أكثر الأحكام الشرعية.

(6)الى هنا كان الشارح رحمه اللّه في بيان إشكال زيادة كفّارة البيض عن كفّارة صاحبه، ثمّ شرع قدّس سرّه في إشكال آخر و هو عدم ذكر كفّارة بيض القبج و الدرّاج في الروايات فكيف يحكم باتّحاد كفّارة بيضهما مع كفّارة بيض القطاة.

ص: 498

العبارات فيها، ففي بعضها (1) اختصاص موضع النصّ و هو بيض القطا، و في بعض و منه (2) الدروس إلحاق القبج، و في ثالث إلحاق الدرّاج بهما (3)، و يمكن (4) إلحاق القبج بالحمام في البيض، لأنه صنف منه.

(و إلاّ) (5) يتحرّك الفرخ (أرسل في الغنم بالعدد) كما تقدّم في النعام، (فإن عجز) (6) عن الإرسال (فكبيض النعام). كذا أطلق

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بعضها» يرجع الى عبارات الفقهاء.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى بعض عبارات الفقهاء. يعني أنّ بعض الفقهاء و كذلك عبارة المصنّف رحمه اللّه في الدروس كما ذكرناها آنفا في قوله «بيض القطاة و القبج» قد ألحقوا القبج بالقطاة.

(3)يعني أنّ بعض الفقهاء ألحق بيض الدرّاج بالقطاة و القبج.

(4)يعني يمكن أن يلحق بيض القبج ببيض الحمام في الكفّارة لأنه صنف من أصناف الحمام، و سيأتي بيان كفّارة بيض الحمام في صفحة 509 بقوله «و في فرخها حمل» فلا يلحق بالقطاة.

(5)فما فصّل في كفّارة بيض الطيور الثلاثة - القبج و الدرّاج و القطاة - إنّما هو في صورة تحرّك الفرخ في البيض، لكن لو لم يتحرّك وجب فعلى المحرم أن يرسل فحل الغنم على الانثى بتعداد البيض الذي أتلفه المحرم.

(6)فاعل قوله «عجز» مستتر يرجع الى المحرم. يعني لو عجز المحرم عن إرسال الفحل من الغنم على الانثى لعدم تمكّنه من تحصيل الغنم أو عدم إمكان الإرسال فيكون حكمه كحكم بيض النعام، و قد تقدّم في بيض النعام بأنه لو لم يتمكّن من الإرسال وجب عليه الشاة، و عند عدم تمكّنه منها وجب عليه إطعام عشرة مساكين، و عند عدم تمكّنه من الإطعام أيضا وجب صوم ثلاثة أيّام.

ص: 499

الشيخ (1) تبعا لظاهر الرواية (2)، و تبعه الجماعة، و ظاهره (3) أنّ في كلّ بيضة شاة، فإن عجز أطعم عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيّام، و يشكل (4) بأنّ الشاة لا تجب في البيضة ابتداء (5)، بل إنّما يجب نتاجها حين

**********

شرح:

فيشكل الشارح رحمه اللّه بإطلاق التشبيه بقوله «بأنّ الشاة لا تجب في البيضة ابتداء... الخ» أي قبل العجز، فكيف تجب بعده ؟

(1)يعني أنّ الشيخ الطوسي رحمه اللّه أطلق عبارته بوجوب ما حكم في بيض النعام في بيض الطيور الثلاثة أيضا تبعا بإطلاق التشبيه بينهما في ظاهر الرواية.

(2)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في كتاب علي عليه السّلام: في بيض القطاة كفّارة مثل ما في بيض النعام. (الوسائل: ج 9 ص 216 ب 24 من أبواب كفّارات الصيد ح 2).

(3)الضمير في قوله «ظاهره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني ظاهر عبارته «فكبيض النعام» هو أنّ في كلّ بيضة شاة... الخ.

(4)أي أشكل الشارح رحمه اللّه بإطلاق التشبيه بينهما.

(5)يعني لو كسر المحرم بيض الطيور الثلاثة الذي لم يتحرّك الفرخ في جوفه لم يجب عليه إلاّ إرسال فحل الغنم على الانثى، فما حصل من الإرسال كان عليه، و لو لم يحصل شيء فلا يجب عليه، فكيف تجب عليه الشاة عند العجز عن الإرسال و الحال أنّ التكاليف الضرورية أسهل من التكاليف الاختيارية ؟!.

توضيح: إنّ المحرم اذا كسر بيض النعام الذي لم يتحرّك الفرخ في جوفه وجب عليه إرسال فحول الإبل على الانثى منها، و عند عدم تمكّنه من الإرسال كان عليه الشاة، فلم يوجد الإشكال فيه لأنّ الولد الحاصل من إرسال الإبل على الانثى كان أعظم من الشاة، بخلاف إرسال الغنم الفحل على الانثى، فإنّ الولد

ص: 500

تولد (1) على تقدير حصوله (2)، و هو (3) أقلّ من الشاة بكثير، فكيف (4) تجب مع العجز؟ و فسّره (5) جماعة من المتأخّرين منهم المصنّف بأنّ المراد وجوب الأمرين الأخيرين (6) دون الشاة.

و هذا الحكم (7) هو الأجود، لا لما ذكروه، لمنع كون الشاة أشقّ من الإرسال (8)، بل هي أسهل على أكثر الناس،

**********

شرح:

الحاصل منه أصغر من الشاة الواجب عليه عند العجز بناء على إطلاق الشيخ رحمه اللّه و جماعة من الفقهاء.

(1)بصيغة المعلوم من باب التفعيل، و فاعله مستتر يرجع الى النتاج. يعني كان الواجب عليه نتاج الإرسال لو تولّد، و إلاّ لم يكن عليه شيء.

(2)الضمير في قوله «حصوله» يرجع الى النتاج.

(3)الضمير يرجع الى النتاج. يعني أنّ الولد الحاصل من إرسال فحل الغنم على الانثى أقلّ من الشاة الواجب عليه عند عدم تمكّنه من الإرسال بناء على إطلاق التشبيه بينهما.

(4)فاعل قوله «تجب» هو الضمير المؤنث الراجع الى الشاة. يعني فكيف تجب الشاة عند العجز عن الإرسال ؟

(5)الضمير في قوله «فسّره» يرجع الى التشبيه الذي في متن الرواية بقوله عليه السّلام «مثل ما في بيض النعام». يعني أنّ جماعة من الفقهاء المتأخّرين منهم المصنّف رحمه اللّه فسّر تشبيه النصّ بأنّ المراد من التشبيه هو وجوب الإطعام و الصوم لا وجوب الشاة.

(6)المراد من «الأمرين الأخيرين» هو الإطعام و الصوم.

(7)المشار إليه في قوله «و هذا الحكم» هو عدم وجوب الشاة بل وجوب أحد الأمرين، فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ الحكم بعدم وجوب الشاة في المسألة هو الأجود.

(8)فإنّ الشارح رحمه اللّه يعدّ الحكم بعدم وجوب الشاة في المسألة أجود للدليل الذي

ص: 501

لتوقّفه (1) على تحصيل الإناث و الذكور، و تحرّي (2) زمن الحمل و مراجعتها (3) الى حين النتاج، و صرفه (4) هديا للكعبة، و هذه امور تعسر على الحاجّ غالبا أضعاف (5) الشاة، بل (6) لأنّ الشاة يجب أن تكون مجزئة

**********

شرح:

سيذكره بقوله «بل لأنّ الشاة يجب أن تكون مجزئة... الخ».

و يردّ الشارح رحمه اللّه على الدليل الذي ذكره جماعة من الفقهاء في عدم وجوبها و هو كون الشاة أكبر و أشقّ من الإرسال الذي يجب عليه عند إمكانه بقوله «بل هي أسهل... الخ».

(1)الضمير في قوله «لتوقّفه» يرجع الى الإرسال.

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «على تحصيل».

تحرّي مصدر من تحرّى يتحرّى تحرّيا: طلب ما هو أحرى، أو طلب ما هو أحرى الأمرين، أي أولاهما. (أقرب الموارد). و المراد هنا الانتظار و المراقبة في زمان الحمل.

(3)أي محافظتها. و الضمير فيه يرجع الى الانثى الحامل من الفحل. يعني لزوم مراجعة الانثى الحامل الى زمان الولادة.

(4)الضمير في قوله «صرفه» يرجع الى النتاج.

(5)يعني أنّ الامور المذكورة أشقّ على الحاجّ بمراتب كثيرة من تحصيل الشاة.

(6)هذا أضراب عن قوله «لا لما ذكروه». يعني بل الدليل على عدم وجوب الشاة هو أنّ الشاة تكون مجزئة عند العجز عن الإرسال بطريق أولى لكونها أعلى قيمة من ولد الإرسال، فتكون الشاة أحد أفراد الواجب كما أنّ الإرسال أيضا أحد أفراد الواجب لكنه أقلّ من الشاة، فاذا تعذّر الإرسال انتقل الوجوب الى بدله و هو الإطعام و الصوم فلا تجب عليه الشاة.

ص: 502

هنا (1) بطريق أولى، لأنها أعلى قيمة و أكثر منفعة من النتاج، فيكون كبعض أفراد الواجب (2)، و الإرسال أقلّه (3). و متى تعذّر الواجب انتقل الى بدله، و هو (4) هنا الأمران الآخران من حيث البدل العامّ (5) لا الخاصّ (6)، لقصوره عن الدلالة، لأنّ (7) بدليّتهما عن الشاة يقتضي

**********

شرح:

(1)أي عند تعذّر الإرسال. يعني أنّ الشاة عند عدم إمكان الإرسال تكون مجزئة بطريق أولى لكونها أعلى قيمة و أكثر منفعة من النتاج الحاصل من الإرسال.

(2)أي الواجب المخيّر بين الشاة و النتاج.

(3)الضمير في قوله «أقلّه» يرجع الى الواجب.

(4)الضمير يرجع الى البدل. يعني أنّ البدل عند تعذّر الإرسال هو الإطعام و الصوم من حيث كونهما بدلا عامّا عن الشاة كما تقدّم النصّ العامّ في ذلك عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام بقوله «و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام».

(5)المراد من «البدل العامّ » هو البدل الذي جعل بدلا ببيان عامّ بلا اختصاص لمورد خاصّ كما أشرنا الى الدليل العامّ .

(6)يعني أنّ بدلية الإطعام و الصوم لا يستفاد من دليل خاصّ . و المراد منه هو رواية سليمان بن خالد المتقدّمة لقصورها عن الدلالة ببدلية الإطعام و الصوم بل قال فيها عليه السّلام «في بيض القطاة كفّارة مثل ما في بيض النعام» فلا دلالة فيها بكون الإطعام و الصوم بدلا عن النتاج.

(7)هذا تعليل كون الإطعام و الصوم بدلا عن الإرسال، و كأنه جواب عن إيراد.

(أما الإيراد) فإنّ الإطعام و الصوم بدلان عن الشاة كما يستفاد من الرواية العامّة فكيف يجعلان بدلا عن الإرسال عند تعذّره ؟

(و الجواب) هو أنّ كونهما بدلا عن الشاة يقتضي بدليّتهما عن النتاج بطريق

ص: 503

بدليّتهما عمّا هو دونها قيمة بطريق أولى.

في الحمامة و هي المطوّقة أو ما تعبّ الماء

(و في الحمامة (1) و هي المطوّقة أو ما تعبّ الماء) بالمهملة أي تشربه (2) من غير مصّ كما تعبّ الدوابّ ، و لا

**********

شرح:

أولى، لأنّ الشاة أعلى قيمة من النتاج و أكثر منفعة منه، فاذا كان بدلا عن الأعلى يكونان بدلا عن الأدنى بطريق أولى.

و ضميرا التثنية في قوليه «بدليّتهما» يرجعان الى الإطعام و الصوم. و الضمير في قوله «دونها» يرجع الى الشاة.

(1)هذا خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «شاة». يعني لو اصطاد المحرم الحمامة وجبت عليه الكفّارة و هي شاة.

و قد عرّفها الشارح بكونها مطوّقة أي لها علامة كالحلقة في عنقها أو بكونها تعبّ الماء كما تعبّ الدوابّ و لا تمصّه.

(2)الضمير في قوله «تشربه» يرجع الى الماء. يعني أنّ الحمامة تعبّ الماء مثل الدوابّ .

قوله «بالمهملة» يعني أنّ لفظ «تعبّ » بالعين المهملة من عبّ يعب - وزان مدّ يمدّ - الماء: شربه، أو كرعه بلا تنفّس. (المنجد).

عبّ الماء عبّا: شربه، و قيل: جرعه، و قيل: تابعه و كرعه أو شربه بلا تنفّس، و منه: مصّوا الماء مصّا و لا تعبّوه عبّا. و يقال: الحمام يشرب عبّا كما تعبّ الدوابّ . (أقرب الموارد).

الحمام - بفتح الحاء -: طائر بعينه، و قيل: كلّ ذي طوق من الطير من نحو الفواخت و القماري، الواحدة: حمامة، فالتاء فيه للدلالة على الوحدة لا للتأنيث.

و كان الكسائي يقول: الحمام هو البرّي و اليمام هو الذي يألف البيوت. و قال الأصمعي: اليمام هو الحمام الوحشي و هو ضرب من طير الصحراء. و المشهور أنّ الحمام هو الأهلي و اليمام هو البرّي، و الحمام أحمر الساق. (أقرب الموارد).

ص: 504

يأخذه (1) بمنقاره قطرة قطرة كالدجاج و العصافير.

و «أو» هنا (2) يمكن كونه للتقسيم بمعنى كون كلّ واحد من النوعين حماما و كونه (3) للترديد، لاختلاف الفقهاء و أهل اللغة في اختيار كلّ منهما (4)، و المصنّف في الدروس اختار الأول (5) خاصّة، و اختار المحقّق

**********

شرح:

(1)عطف على قوله «تشربه من غير مصّ ». و هذا أيضا تفسير في معنى لفظ العبّ .

يعني أنّ الحمام هو الذي لا يأخذ الماء بمنقاره قطرة قطرة مثل الدجاج و العصافير.

الدجاج: طائر معروف منه أهلي و منه برّي، الواحدة: دجاجة، للذكر و الانثى.

و التاء للدلالة على الوحدة. (أقرب الموارد).

العصفور - بضمّ العين -: طائر و هو يطلق على ما دون الحمام من الطير قاطبة، جمعه: عصافير. (أقرب الموارد).

(2)يعني أنّ لفظ «أو» في قوله «هي المطوّقة أو ما تعبّ الماء» إمّا للترديد أو للتقسيم.

فبناء على التقسيم فإنّ الحمام على قسمين: قسم منها مطوّقة، و قسم منها تعبّ الماء عبّا.

و بناء على الترديد فإنّ الحمام اختلفت آراء الفقهاء و اللغويين في تعريفها، فقال البعض بأنّ الحمام هي المطوّقة، و قال الآخر هي التي تعبّ الماء عبّا.

(3)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى لفظ «أو».

(4)فإنّ بعض الفقهاء و اللغويين اختار التطوّق في تعريف الحمام، و اختار الآخر عبّ الماء.

(5)أي أنّ المصنّف رحمه اللّه في الدروس اختار في تعريف الحمام كونها مطوّقة.

فقال قدّس سرّه في الحمام: هو كلّ مطوّق شاة على المحرم في الحلّ ، و درهم على المحلّ في الحرم. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 356).

ص: 505

و العلاّمة الثاني (1) خاصّة، و الظاهر أنّ التفاوت بينهما (2) قليل أو منتف، و هو (3) يصلح لجعل المصنّف كلاّ منهما معرّفا. و على كلّ تقدير فلا بدّ من إخراج القطا و الحجل من التعريف (4)، لأنّ لهما كفّارة معيّنة غير كفّارة الحمام، مع مشاركتهما (5) له في التعريف كما صرّح به (6) جماعة.

**********

شرح:

(1)أي قال المحقّق و العلاّمة رحمهما اللّه بأنّ الحمام هي التي تعبّ الماء عبّا.

(2)يعني أنّ الظاهر أنّ التفاوت بين العلامتين قليل أو التفاوت بينهما منتف، لأنّ كلّ مطوّقة تعبّ الماء عبّا.

(3)الضمير يرجع الى قلّة التفاوت أو انتفائه. يعني أنّ ذلك كان موجبا أن يجعل المصنّف رحمه اللّه كلاّ منهما في تعريف الحمام، لأنّ المصداق الخارجي لكلّ من العلامتين واحد.

(4)فإنّ التعريف بالتطوّق أو عبّ الماء يشمل القطاة و الحجل، لكن يجب إخراجهما من التعريف، لأنّ كفّارتهما متعيّنة غير الكفّارة المذكورة في خصوص الحمام.

و بعبارة اخرى: أنّ التعريف بالتطوّق يشمل الحجل لأنّ في عنقه طوقا أيضا.

و هكذا التعريف بعبّ الماء يشمل القطاة لأنها تعبّ الماء عبّا. فيلزم إخراجهما عن التعريف المذكور لكون الكفّارة فيهما غير كفّارة الحمام.

و الضمير في قوله «لهما» يرجع الى القطاة و الحجل.

(5)أي مع مشاركة القطاة و الحجل في التعريف المذكور.

و ضمير التثنية في قوله «مشاركتهما» يرجع الى القطاة و الحجل، و في قوله «له» يرجع الى الحمام.

(6)الضمير في قوله «به» يرجع الى الاشتراك. يعني أنّ جماعة قد صرّحوا باشتراكهما في التعريف المذكور.

ص: 506

كفّارة الحمام بأيّ معنى اعتبر شاة

و كفّارة الحمام بأيّ معنى اعتبر (شاة (1) على المحرم في الحلّ (2)، و درهم على المحلّ في الحرم) على المشهور، و روي أنّ عليه (3) فيه القيمة، و ربّما قيل بوجوب أكثر الأمرين من (4) الدرهم و القيمة، أمّا الدرهم فللنصّ (5)،

**********

شرح:

و لا يخفى أنّ المراد من إخراجهما عن التعريف هو إخراجهما عن حكم المعرّف، لأنه لا معنى لإخراجهما عن الموضوع المعرّف.

(1)مبتدأ مؤخّر، و خبره هو قوله «و في الحمامة» كما أشرنا. يعني أنّ الحمام بجميع أقسامها إلاّ ما استثني كفّارة صيدها شاة على المحرم اذا ارتكبه في الحلّ ، و درهم اذا اصطادها محلاّ في الحرم، و اذا اجتمع الأمران بأن اصطاد الحمام محرما في الحرم وجبت عليه الشاة و الدرهم.

(2)قد مرّ حدّ الحلّ و الحرم فيما تقدّم.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المحلّ ، و في قوله «فيه» يرجع الى الحرم. يعني روي أنّ المحلّ اذا اصطاد الحمام في الحرم وجبت عليه قيمة الحمام، و الرواية منقولة في الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث أنه سأله عمّن قتل حمامة في الحرم و هو حلال، قال: عليه ثمنها ليس عليه غيره. (الوسائل: ج 9 ص 197 ب 10 من أبواب كفّارات الصيد ح 9).

و المراد من قوله «و هو حلال» يعني أنّ الصائد محلّ .

(4)بيان للأمرين. يعني أنّ المراد من «الأمرين» هو الدرهم و قيمة الحمام.

(5)فإنّ وجوب الدرهم لدلالة النصّ ، و هو منقول في الوسائل:

عن ابن فضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم، قال: عليه قيمتها و هو درهم يتصدّق به أو يشتري طعاما لحمام الحرم، و إن قتلها و هو محرم في الحرم فعليه شاة و قيمة الحمامة. (المصدر السابق: ح 6).

ص: 507

و أمّا القيمة فله (1)، أو لأنها (2) تجب للمملوك في غير الحرم ففيه أولى.

و الأقوى (3) وجوب الدرهم مطلقا (4) في غير الحمام المملوك، و فيه (5) الأمران معا، الدرهم للّه و القيمة للمالك، و كذا القول في كلّ مملوك (6) بالنسبة الى فدائه و قيمته.

(و يجتمعان) الشاة و الدرهم (على المحرم في الحرم) (7)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فله» يرجع الى النصّ . يعني أمّا وجوب القيمة على المحرم فهو أيضا للنصّ المذكور كما في أوله حيث قال عليه السّلام «عليه قيمتها».

(2)هذا تعليل ثان لوجوب القيمة على قاتل الحمام، فإنّ القيمة تجب على ذمّة تالفها اذا كانت الحمامة مملوكة في غير الحرم بدليل من أتلف مال الغير فهو له ضامن.

(3)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في خصوص من قتل الحمام في الحرم بأن يفصل بين المملوك و غيره.

فلو كان الحمام غير مملوك وجب على صائده الدرهم بلا فرق بين مساواة الدرهم قيمته أم لا، لأنه هتك حرمة الحرم الذي كان محلّ أمن و أمان لكلّ ما فيه.

و لو كان مملوكا للغير وجبت قيمته لمالكه لضمانه و الدرهم لحرمة الحرم.

(4)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين كون قيمة الحمام مساويا له أم لا.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المملوك. يعني يجب في الحمام المملوك الدرهم و القيمة.

(6)يعني و كذا يقال في قتل كلّ حيوان مملوك في الحرم فإنّه يجب على القاتل الأمران الدرهم و قيمة الحيوان باشتمال دليلهما المذكور له.

و الضميران في قوليه «فدائه و قيمته» يرجعان الى المملوك.

(7)كما اذا قتل المحرم الحمام في الحرم فيجب عليه الشاة لكونه محرما، و الدرهم

ص: 508

الأول (1) لكونه محرما، و الثاني (2) لكونه في الحرم، و الأصل (3) عدم التداخل، خصوصا مع اختلاف حقيقة الواجب.

في فرخ الحمام حمل

(و في فرخها (4) حمل) بالتحريك (5) من أولاد الضأن ما سنّه أربعة أشهر فصاعدا،(و نصف درهم عليه (6)) أي على المحرم في الحرم،(و يتوزّعان (7))

**********

شرح:

لقتله الحمام في الحرم.

(1)المراد من «الأول» وجوب الشاة.

(2)المراد من «الثاني» وجوب الدرهم.

(3)المراد من «الأصل» هو أصالة العدم. يعني أنّ الأصل يقتضي عدم تداخل الكفّارتين خصوصا اذا اختلفا في الحقيقة، فإنّ حقيقة الشاة غير حقيقة الدرهم، فلو كانتا شاتين يمكن القول بالتداخل.

(4)الضمير في قوله «فرخها» يرجع الى الحمام. يعني و في قتل فرخ الحمام يجب على المحرم حمل.

و الحمل - بفتح الحاء و الميم -: الجذع من أولاد الضأن الذي كان سنّه أربعة أشهر أو أزيد، و جمعه: حملان و أحمال. و فيه ثلاث صور:

الأول: اذا صاده في الحرم محرما فتجتمع عليه كفّارتان: الحمل الذي بلغ سنّه أربعة أشهر، و نصف الدرهم.

الثاني: اذا صاده في خارج الحرم محرما وجب عليه الحمل المذكور فقط .

الثالث: اذا صاده في الحرم و لم يكن محرما وجب عليه نصف الدرهم فقط .

(5)أي بفتح الحاء و الميم.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع على المحرم.

(7)فاعل قوله «يتوزّعان» هو ضمير التثنية الراجع الى الحمل و نصف الدرهم.

و ضمير التثنية في قوله «أحدهما» يرجع الى الصورتين المذكورتين، و هما صيده في الحرم محلاّ و صيده في الحلّ محرما.

ص: 509

(على أحدهما) فيجب الأول (1) على المحرم في الحلّ ، و الثاني (2) على المحلّ في الحرم بقرينة ما تقدّم (3) ترتيبا (4) و واجبا (5).

في بيض الحمام درهم و ربع

(و في بيضها درهم و ربع) (6) على المحرم في الحرم.(و يتوزّعان (7) على أحدهما)، و في بعض النسخ «إحداهما» (8) فيهما، أي

**********

شرح:

(1)المراد من «الأول» الحمل.

(2)المراد من «الثاني» نصف الدرهم.

(3)أي ممّا تقدّم في صيد نفس الحمام.

(4)المراد من «الترتيب المتقدّم» هو ذكر المحرم اذا صاد في الحلّ أولا، ثمّ ذكر المحلّ اذا صاد في الحرم ثانيا.

(5)المراد من «الواجب» هو ذكر وجوب الشاة في قتل الحمام في الحلّ محرما و وجوب الدرهم في قتلها محلاّ في الحرم، فهذا الترتيب و الواجب يجريان في خصوص قتل فرخ الحمام أيضا.

(6)يعني لو كسر المحرم بيض الحمام ففيه أيضا ثلاث صور:

الأول: اذا كسره في الحرم محرما وجب عليه درهم و ربع درهم.

الثاني: اذا كسره في الحلّ محرما وجب عليه درهم.

الثالث: اذا كسره في الحرم محلاّ وجب عليه ربع درهم.

(7)فاعل قوله «يتوزّعان» هو ضمير التثنية الراجع الى الدرهم و ربعه.

و ضمير التثنية في قوله «على أحدهما» يرجع الى المحرم و المحلّ . يعني و يتوزّع الدرهم و ربع الدرهم على المحرم اذا كسر بيض الحمام في الحلّ ، و على المحلّ اذا كسره في الحرم.

(8)يعني و في بعض نسخ اللمعة ورد لفظ «إحداهما» بالتأنيث بدل «أحدهما» بالتذكير في الفرخ و البيض.

ص: 510

الفاعلين (1)، أو الحالتين فيجب درهم على المحرم في الحلّ ، و ربع على المحلّ في الحرم. و لم يفرّق في البيض بين كونه (2) قبل تحرّك الفرخ و بعده.

و الظاهر أنّ مراده الأول (3)، أمّا الثاني (4) فحكمه حكم الفرخ كما صرّح به (5) في الدروس، و إن (6) كان إلحاقه به مع الإطلاق لا يخلو من بعد،

**********

شرح:

(1)باللفّ و النشر المرتّب. يعني الضمير في «أحدهما» مذكّرا يرجع الى الشخصين المرتكبين للقتل و الكسر، و في «إحداهما» مؤنثا يرجع الى الحالتين، و هما حالة الإحرام و حالة الإحلال.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر البيض مطلقا و لم يفرّق بين كون الفرخ فيه متحرّكا أم لا.

(3)المراد من «الأول» هو قبل تحرّك الفرخ في البيض.

(4)المراد من «الثاني» هو بعد تحرّك الفرخ في البيض.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى حكم البيض اذا تحرّك فيه الفرخ. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قد صرّح في كتابه الدروس بكون حكم البيض الذي يتحرّك فيه الفرخ حكم نفس الفرخ و هو وجوب الحمل في كسره كما يجب هو في قتل نفس الفرخ، حيث قال رحمه اللّه: و لو كسر بيض حمامة تحرّك فرخها وجب ما في الفرخ مع التلف. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 356).

(6)قوله «إن» وصلية، و الضمير في «إلحاقه» يرجع الى البيض الذي تحرّك فيه الفرخ، و في قوله «به» يرجع الى الفرخ.

و حاصل معنى العبارة هو أنّ الشارح رحمه اللّه استظهر من عبارة المصنّف قدّس سرّه بقوله «و الظاهر أنّ مراده الأول» بأنّ الكفّارة المذكورة في المتن تختصّ بالبيض الذي لم يتحرّك فيه الفرخ، و الذي يتحرّك فيه الفرخ يلحق حكما بنفس الفرخ. فقال الشارح رحمه اللّه في استبعاد الاستظهار المذكور بأنّ ذلك يستبعد مع إطلاق عبارة المصنّف قدّس سرّه في قوله: «و في بيضهما درهم و ربع» فيبعد كون مراد المصنّف قدّس سرّه من العبارة مقيّدا بعدم تحرّك الفرخ فيه.

ص: 511

و كذلك (1) لم يفرّق بين الحمام المملوك و غيره، و لا بين الحرمي و غيره.

و ألحق ثبوت الفرق كما صرّح به (2) في الدروس و غيره، فغير (3) المملوك حكمه ذلك (4)، و الحرمي منه (5)، يشتري بقيمته الشاملة (6)

**********

شرح:

(1)يعني كما أنّ المصنّف رحمه اللّه لم يفرّق بين كفّارة البيض الذي لم يتحرّك فيه الفرخ و الذي يتحرّك فيه الفرخ كذلك لم يفرّق بين الحمام المملوك و غيره و الحرمي و غيره، و الحال أنّ الفرق بينهما ثابت.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى الفرق. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس و كذلك غير المصنّف من الفقهاء رحمهم اللّه صرّحوا بالفرق بينهما.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

(3)شرع الشارح رحمه اللّه هنا لبيان الفرق فقال: بأنّ غير حمام المملوك حكمه ما ذكر في المتن، و أمّا المملوك فيجتمع فيه ما ذكره في المتن و قيمته لمالك الحمام.

و أيضا أنّ الحمام الحرمي غير المملوك يشتري بقيمته الشاملة للفداء غذاء لحمام الحرم.

(4)أي ما ذكر في المتن بقوله «شاة على المحرم في الحلّ و درهم على المحلّ في الحرم».

(5)الضمير في قوله «منه» يرجع الى غير المملوك. يعني أنّ الحمام الحرمي غير المملوك يشتري بقيمته علفا لحمام الحرم.

(6)قوله «الشاملة» صفة للقيمة. يعني أنّ المراد من «القيمة» ليس الدرهم فقط بل الشاملة للكفّارة أيضا.

فالكفّارة في قتل نفس الحمام الحرمي في الحرم محرما هي الشاة و الدرهم فيصرفهما في اشتراء الغذاء لحمام الحرم.

و كذلك الكفّارة في قتل فرخ الحمام في الحرم محرما الحمل و نصف الدرهم فيصرفهما في تغذية حمام الحرم أيضا.

ص: 512

للفداء علفا (1) لحمامه، و ليكن (2) قمحا (3) للرواية (4)، و المملوك كذلك (5)، مع إذن المالك، أو كونه (6) المتلف، و إلاّ (7) وجب ما ذكر (8) للّه و قيمته (9) السوقية للمالك.

**********

شرح:

(1)العلف - محرّكة -: ما تطعمه الدوابّ ، جمعه: علوفة و أعلاف و علاف. (أقرب الموارد).

(2)الأمر هنا استحبابي. يعني و الأحسن كون العلف لحمام الحرم من القمح.

(3)القمح - بفتح القاف و سكون الميم -: حبّ يطحن و يتّخذ منه الخبز. (المنجد).

(4)المراد من «الرواية» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أصاب طيرين واحدا من حمام الحرم و الآخر من حمام غير الحرم، قال: يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم و يتصدّق بجزاء الآخر. (الوسائل: ج 9 ص 214 ب 22 من أبواب كفّارات الصيد ح 6).

(5)يعني انّ الحمام المملوك اذا قتله المحرم مثل غير المملوك اذا أذن قتله مالكه، فيشتري بقيمته الشاملة للفداء علفا لحمام الحرم.

(6)بالجرّ، عطفا على قوله «مع إذن المالك». يعني أو مع كون الحمام ملكا لنفس المحرم.

(7)استثناء من قوليه «مع إذن المالك أو كونه المتلف». يعني لو كان الحمام مملوكا و لم يأذن المالك و لم يكن ملكا لنفس المحرم فقتله المحرم وجب عليه اشتراء العلف بقيمته المذكورة علفا لحمام الحرم و وجب عليه أيضا قيمته السوقية لمالك الحمام.

(8)المراد من «ما ذكر» هو قوله «يشتري بقيمته الشاملة... الخ».

(9)فاعل ثان لقوله «وجب». يعني و وجب أيضا على المحرم قيمته السوقية لمالكه بدليل من أتلف مال الغير فهو له ضامن.

ص: 513

في كلّ واحد من القطا و الحجل و الدرّاج حمل مفطوم

(و في كلّ واحد (1) من القطا و الحجل و الدرّاج حمل مفطوم رعى (2)) قد كمل سنّه أربعة أشهر، و هو (3) قريب من صغير الغنم في فرخها، و لا بعد (4) في تساوي فداء الصغير و الكبير كما ذكرناه.

و هو (5) أولى من حمل المصنّف المخاض الذي اختاره ثمّ على بنت

**********

شرح:

(1)قد ذكر المصنّف رحمه اللّه سابقا كفّارة كسر بيض القطاة و الحجل - أي القبج - و الدرّاج بقوله «و في كسر كلّ بيضة من القطا و القبج و الدرّاج من صغار الغنم... الخ». أمّا هنا فيذكر كفّارة صيد نفس الطيور الثلاثة. فقوله «و في كلّ واحد من القطا... الخ» خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «حمل مفطوم».

(2)بصيغة الماضي. يعني أنّ الحمل المفطوم من اللبن يرعى و يغتذي من العلف.

(3)الضمير يرجع الى الحمل المفطوم. يعني أنّ الحمل كذلك يقرب لصغير الغنم الذي ذكره سابقا في كفّارة قتل فرخ الطيور الثلاثة بقوله رحمه اللّه «و في كسر كلّ بيضة... من صغار الغنم». و المراد من «كسر البيضة» هو الذي تحرّك فيه فرخ الطيور الثلاثة.

و الحاصل: إنّ كفّارة كلّ واحد من القطاة و الحجل - أي القبج - و الدرّاج حمل مفطوم، و هي قريب من كفّارة الفرخ الذي في داخل البيض التي كفّارته من صغار الغنم، لأنّ صغار الغنم يصدق على الحمل المفطوم الذي أكمل سنّه أربعة أشهر.

(4)هذا دفع لتوهّم بعد تساوي الكفّارتين فيهما، لأنّ صغار الغنم أكبر من الحمل، فدفعه بأنه لا بعد في تساوي كفّارتي الصغير و الكبير كما ذكر سابقا من حمل «البكر» على «الحمل».

(5)أي المذكور في هذا الكتاب - من كون كفّارة كسر البيض من الطيور الثلاثة من صغار الغنم و كون كفّارة قتل نفسهما حملا مفطوما و كونهما قريبا من حيث

ص: 514

المخاض (1)، أو على (2) أنّ فيها هنا مخاضا بطريق أولى، للإجماع (3) على انتفاء الأمرين (4).

و كذا ممّا (5) قيل من أنّ مبنى شرعنا على اختلاف المتّفقات و اتّفاق

**********

شرح:

المصداق أو مساويا - أولى من حمل المصنّف رحمه اللّه المخاض الذي اختاره في كفّارة كسر بيض القطاة و القبج في كتابه الدروس (ج 1 ص 355) على بنت المخاض.

و قوله «ثمّ » بفتح الثاء و تشديد الميم إشارة الى الفرخ.

(1)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «من حمل المصنّف رحمه اللّه». يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار في كفّارة البيض الذي يتحرّك فيه الفرخ المخاض و في قتل صاحب البيض بنت المخاض، و الفاصل بينهما كثير، فحمل المخاض على بنت المخاض أبعد، فحمل صغير الغنم على الحمل المفطوم أولى من الحمل المتقدّم.

و لا يخفى أنّ بنت المخاض هي التي أكملت السنة الاولى و دخلت في الثانية، و الحمل المفطوم هو الذي أكمل أربعة أشهر من سنّه، فالفاصل بينهما أيضا كثير.

(2)عطف على قوله «على بنت المخاض». و هذا جواب ثان عن إشكال زيادة كفّارة كسر البيض عن قتل نفس الطيور المذكورة، بأن يقال: اذا كانت كفّارة كسر البيض مخاضا من الغنم فتكون كفّارة قتل صاحب البيض مخاضا بطريق أولى.

(3)هذا تعليل إبطال المحملين المذكورين، بأنّ الإجماع قام على انتفاء الأمرين المذكورين.

(4)المراد من «الأمرين» هو وجوب المخاض في كسر البيض و وجوب المخاض في نفس الطيور المذكورة كما فصّلنا، بل الواجب في الفرخ الداخل في البيض من صغار الغنم و في صاحب البيض الحمل المفطوم.

(5)عطف على قوله «من حمل المصنّف رحمه اللّه». و هذا وجه ثالث للحمل بالصحّة في

ص: 515

المختلفات، فجاز أن يثبت في الصغير زيادة على الكبير.

و الوجه (1) ما ذكرناه، لعدم التنافي بوجه. هذا (2) على تقدير اختيار

**********

شرح:

خصوص وجوب المخاض في البيض و بنت المخاض في صاحب البيض، بأنّ مبنى الشرع على اختلاف المتّفقات و اتّفاق المختلفات كما مرّ في وجوب نزح سبعين دلوا اذا مات إنسان في بئر بلا فرق بين المسلم و الكافر و الذكر و الانثى و الصغير و الكبير، و وجوب أربعين دلوا للشاة و الكلب و الخنزير. (راجع كتاب الطهارة الجزء الأول بحث كيفية تطهير البئر).

فجمع الشاة و الخنزير في الحكم مع اختلافهما، و فرّق الحكم في الخنزير و الكافر مع اتفاقهما. فكذا يقال بأنّ الحكم في الصغير أزيد من حيث الكفّارة ممّا يحكم بها في خصوص الكبير فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ ما ذكرناه أولى من الوجه الذي قيل في التوجيه.

(1)يعني أنّ وجه الأولوية هو ما ذكرناه، و هو كون كفّارة كسر البيض من صغار الغنم و شموله للحمل أيضا، فلا تنافي بينهما ليحتاج الى التوجيه الذي ذكره المصنّف في الدروس و كذلك سائر الفقهاء رحمهم اللّه.

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو الأولوية المذكورة. يعني أنها على تقدير اختيار صغار الغنم في الفرخ كما اختاره المصنّف رحمه اللّه سابقا في قوله «و في كسر كلّ بيضة من القطا و القبج و الدرّاج من صغار الغنم إن تحرّك الفرخ» أو على ما اخترناه من وجوب الفتى في البيض الذي تحرّك فيه الفرخ و استفاده الشارح من لفظ «البكارة» الموجود في رواية سليمان بن خالد الصحيحة.

ففي كليهما يحمل «الفتى الذي اختاره الشارح رحمه اللّه في قوله «و العمل على الصحيح» و «صغار الغنم» الذي اختاره المصنّف رحمه اللّه بقوله «من صغار الغنم» على الحمل المفطوم الذي في قتل الطيور المذكورة، فلا تنافي ليحتاج الى

ص: 516

صغير الغنم في الصغير كما اختاره المصنّف، أو على وجوب الفتى كما اخترناه، و حمله (1) على الحمل، و إلاّ (2) بقي الإشكال.

في كلّ من القنفذ و الضبّ و اليربوع جدي

(و في كلّ (3) من القنفذ و الضبّ و اليربوع (4) جدي (5)) على المشهور،

**********

شرح:

التوجيه. لكن لو قيل بوجوب المخاض في البيض و بنت المخاض لصاحب البيض فلا يمكن حينئذ التوجيه و الجمع بينهما كما مرّ.

(1)الضمير في قوله «و حمله» يرجع الى الفتى و صغار الغنم، و هو بالكسر، عطفا على قوله «على تقدير... الخ».

(2)استثناء من قوليه «اختيار صغير الغنم» و «أو على وجوب الفتى». يعني فإن لم نخترهما بل قيل بوجوب المخاض في البيض كما في الدروس و بنت المخاض في صاحبه فلا يرتفع الإشكال المذكور، و هو زيادة فداء الصغير على فداء الكبير.

(3)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «جدي». يعني لو قتل المحرم أحدا من هذه الثلاثة - القنفذ و الضبّ و اليربوع - وجب عليه كفّارة جدي بناء على المشهور في مقابل القول بوجوب حمل مفطوم.

القنفذ - بضمّ القاف و سكون النون و ضمّ الفاء و فتحها -: دويبة ذات ريش حادّ في أعلاه يقي نفسه إذ يجتمع مستديرا تحته، و الانثى قنفذة.

(المنجد).

الضبّ - بفتح الضاد و تشديد الباء -: من الزحّافات شبيه بالحرذون ذنبه كثير العقد، جمعه: أضبّ ، و ضبّان و ضباب. (المنجد).

(4)اليربوع: نوع من القواصم يشبه الفأر قصير اليدين طويل الرجلين و له ذنب طويل، جمعه: يرابيع. (المنجد).

(5)الجدي - بفتح الجيم و سكون الدال: ولد المعز في السنة الاولى، جمعه: أجد و جداء و جديان. (المنجد).

ص: 517

و قيل (1): حمل فطيم، و المروي (2) الأول، و إن كان الثاني مجزئا بطريق أولى. و لعلّ القائل فسّر به (3) الجدي.

في كلّ من القبّرة و الصعوة و العصفور مدّ

(و في كلّ (4) من القبّرة) بالقاف المضمومة ثمّ الباء المشدّدة بغير نون بينهما (5)،(و الصعوة) (6) و هي عصفور صغير له ذنب طويل يرمح به (7)

**********

شرح:

(1)من حواشي الكتاب: الظاهر أنه أبو الصلاح الحلبي. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

فإنّه قال رحمه اللّه بأنّ الكفّارة فيها حمل فطيم و هو صغير الضأن. (الكافي في الفقه:

ص 206).

(2)المراد من «المروي» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في اليربوع و القنفذ و الضبّ : اذا أصابه المحرم فعليه جدي، و الجدي خير منه، و إنّما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد. (الوسائل: ج 9 ص 191 ب 6 من أبواب كفّارات الصيد ح 1).

(3)يعني لعلّ أبا الصلاح فسّر الجدي المذكور بالحمل الفطيم و هذا غريب اذا لم يتّفق ذلك في الاستعمالات.

(4)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «مدّ طعام».

(5)يعني أنّ لفظ «قبّرة» بتشديد الباء بدون حرف النون بين القاف و الباء المشدّدة، لكن في كتب اللغة ذكر بالنون بينهما.

القبّرة و القنبرة و القنبرة و القنبراء و القنبراء: عصفورة دائمة التغريد، جمعه: قبّر و قبر و قنابر. (المنجد).

(6)الصعوة - بفتح الصاد و سكون العين و فتح الواو - و قد ذكر الشارح رحمه اللّه معناه، جمعه: صعاء و أصعاء. (المنجد).

(7)الضمير في قوله «به» يرجع الى الذنب. فيحتمل كون يرمح بمعنى يحرّك. يعني أن الصعوة يحرّك ذنبه كحركة الرمح. و يحتمل كونه بمعنى أنّ الصعوة يضرب شيئا بذنبه كما يرمح صاحب الرمح شيئا برمحه.

ص: 518

(و العصفور) بضمّ العين و هو ما دون (1) الحمامة، فيشمل الأخيرين (2)، و إنّما جمعها (3) تبعا للنصّ ، و يمكن أن يريد به (4) العصفور الأهلي كما سيأتي تفسيره به في الأطعمة، فيغايرهما (مدّ) (5) من (طعام) و هو (6) هنا ما يؤكل من الحبوب و فروعها، و التمر و الزبيب و شبهها.

في الجرادة تمرة

(و في الجرادة (7) تمرة)،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ العصفور أصغر من الحمامة، فهذا التعريف يشمل القبّرة و الصعوة لأنهما أيضا أصغر من الحمامة.

(2)المراد من «الأخيرين» هما القبّرة و الصعوة.

(3)الضمير في قوله «جمعها» يرجع الى القبّرة و الصعوة و العصفور. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر الثلاثة مع شمول العصفور الأخيرين، تبعا للرواية و هي المنقولة في الوسائل:

عن صفوان بن يحيى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في القنبرة و العصفور و الصعوة يقتلهم المحرم، قال: عليه مدّ من طعام لكلّ واحد. (الوسائل:

ج 9 ص 191 ب 7 من أبواب كفّارات الصيد ح 1).

(4)يعني يمكن أن يريد المصنّف رحمه اللّه من لفظ «العصفور» هو الأهلي منه، فيغاير العصفور الأهلي من القبّرة و الصعوة فإنّهما غير أهليّين.

و الضمير في قوله «فيغايرهما» يرجع الى القبّرة و الصعوة.

(5)مبتدأ مؤخّر كما مرّ، و مقدار المدّ 750 غراما.

(6)الضمير يرجع الى الطعام. يعني ليس المراد من الطعام هنا هو الحنطة و الشعير، بل المراد هو ما يؤكل بلا فرق بين الحبوب و التمر و الزبيب.

و المراد من «شبهها» هو سائر الفواكه.

(7)الجرادة واحدة الجراد: صنف من الجنادب مشهور. (أقرب الموارد). يعني تجب في قتل الجرادة تمرة واحدة.

ص: 519

و تمرة خير من جرادة (1).

(و قيل: كفّ من طعام) و هو (2) مرويّ أيضا، فيتخيّر بينهما جمعا (3)، و اختاره (4) في الدروس.(و في كثير الجراد شاة) (5)، و المرجع في الكثرة الى العرف، و يحتمل اللغة (6) فيكون الثلاثة كثيرا، و يجب لما

**********

شرح:

(1)يعني أنّ إعطاء التمرة خير من إعطاء الجرادة، فقد نقل في قتل الجرادة وجوب الجرادة عن طريق العامّة.

و الذي يدلّ على أنّ إعطاء التمرة خير من إعطاء الجرادة هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن حريز عمّن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في محرم قتل جرادة قال: يطعم تمرة، و التمرة خير من جرادة. (الوسائل: ج 9 ص 233 ب 37 من أبواب كفّارات الصيد ح 7).

(2)أي وجوب كفّ من الطعام في كفّارة قتل الجرادة، و هو مرويّ أيضا في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن محرم قتل جرادة ؟ قال:

كفّ من طعام، و إن كان كثيرا فعليه دم شاة. (المصدر السابق: ح 6).

(3)يعني يحكم بتخيير المحرم بين إعطاء التمرة و بين كفّ من الطعام عند قتله الجرادة للجمع بين الروايتين المذكورتين.

(4)الضمير في قوله «و اختاره» يرجع الى التخيير. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس اختار التخيير بين التمرة و كفّ من الطعام. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 357).

(5)يعني لو قتل المحرم كثيرا من الجراد وجب عليه شاة.

(6)فلو احتمل من الكثرة معناها اللغوي فيصدق على الثلاثة كثيرا، بخلاف المعنى العرفي فلا يصدقها الكثير عرفا لأنّ أقل الجمع في اللغة هو الثلاثة.

ص: 520

دونه (1) في كلّ واحدة تمرة أو كفّ .

(و لو لم يمكن التحرّز) من قتله (2)، بأن كان على طريقه بحيث لا يمكن التحرّز منه إلاّ بمشقّة كثيرة لا تتحمّل (3) عادة، لا الإمكان (4) الحقيقي (فلا شيء) (5).

في القملة كفّ من طعام

(و في القملة) (6) يلقيها عن ثوبه أو بدنه و ما أشبههما أو يقتلها (كفّ ) من (طعام). و لا شيء في البرغوث (7) و إن منعنا قتله.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «دونه» يرجع الى الكثير. يعني لو كان الجراد أقلّ من الكثير العرفي أو اللغوي وجب لكلّ واحد منه كفّ من الطعام أو تمرة.

(2)يعني لو لم يتمكّن المحرم من التحرّز من قتل الجراد لكثرة الجراد في طريقه بحيث لا يمكن التحفّظ من قتله إلاّ بتحمّل مشقّة شديدة فلا شيء عليه من كفّارة.

و الضمير في قوله «طريقه» يرجع الى المحرم.

(3)فاعل قوله «تتحمّل» هو ضمير التأنيث الراجع الى المشقّة.

(4)يعني ليس المراد من قوله «لم يمكن التحرّز» هو الإمكان الحقيقي بحيث لم يتمكّن التحرّز و لو بالمشقّة أيضا.

(5)جواب لقوله «و لو لم يمكن التحرّز».

(6)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو «كفّ طعام». يعني أنّ المحرم لو قتل القملة أو ألقاها عن ثوبه أو بدنه أو شبههما مثل شعره وجب عليه كفّ من طعام.

القملة - بفتح القاف و سكون الميم -: دويبة تلسع الانسان و تغتذي بدمه، جمعها:

قمل. (المنجد).

(7)أي لا تجب الكفّارة في قتل البرغوث و لو لم يجز قتله للمحرم. بمعنى أنّ قتل البرغوث يحرم للمحرم لكن لا يجب عليه شيء.

البرغوث - بضمّ الباء -: ضرب من صغار الهوام، عضوض شديد الوثب في صورة الفيل، جمعه: براغيث. (أقرب الموارد).

ص: 521

و جميع ما ذكر (1) حكم المحرم في الحلّ ، أمّا المحلّ في الحرم فعليه القيمة فيما لم ينصّ على غيرها، و يجتمعان (2) على المحرم في الحرم، و لو لم يكن له (3) قيمة فكفّارته الاستغفار.

لو نفّر حمام الحرم و عاد الى محلّه فشاة

(و لو نفّر (4) حمام الحرم و عاد) الى محلّه (فشاة) عن الجميع،(و إلاّ) يعد (فعن كلّ واحدة شاة) على المشهور، و مستنده (5) غير معلوم، و إطلاق الحكم (6) يشتمل مطلق التنفير و إن لم يخرج من الحرم، و قيّده المصنّف في

**********

شرح:

(1)أي جميع ما ذكر من كفّارة صيد القطاة و الحجل - أي القبج - و الدرّاج و القملة إنّما هو حكم المحرم في الحلّ بأن صادها في خارج الحرم.

أمّا اذا كان محلاّ فقتلها في الحرم وجب على المحلّ قيمة ما قتله إلاّ ما ورد النصّ بوجوب غير قيمته.

(2)يعني أنّ ما وجب على المحرم في الحلّ و ما وجب على المحلّ في الحرم يجتمعان على المحرم في الحرم.

(3)يعني لو لم يكن لما قتله في الحرم محلاّ قيمة مثل القمل و اليربوع و الضبّ فلا شيء على القاتل إلاّ الاستغفار.

(4)من باب التفعيل، فاعله مستتر يرجع الى المحرم. يعني لو شرّد حمام الحرم عن محلّه ثمّ عاد الحمام الى محلّه ثانية وجب عليه شاة واحدة عن الجميع، و لو لم يعد وجب عليه عن كلّ حمامة شاة واحدة، هذا الحكم بناء على المشهور من فتوى الفقهاء.

(5)الضمير في قوله «مستنده» يرجع الى المشهور.

(6)أي الإطلاق في قوله «و لو نفّر حمام الحرم... الخ» فإنه يشمل الحكم المذكور و لو لم يخرج الحمام من الحرم أيضا، لكنّ المصنّف رحمه اللّه قيّد الحكم في بعض كلامه بما اذا خرج الحمام من الحرم.

ص: 522

بعض تحقيقاته بما لو تجاوز الحرم، و ظاهرهم (1) أنّ هذا حكم المحرم في الحرم، فلو كان محلاّ فمقتضى القواعد وجوب القيمة إن لم يعد، تنزيلا له منزلة الإتلاف.

و يشكل حكمه (2) مع العود، و كذا حكم (3) المحرم لو فعل ذلك في الحلّ ، و لو كان المنفّر (4) واحدة ففي وجوب الشاة مع عودها و عدمه تساوي الحالتين (5)، و هو بعيد.

**********

شرح:

(1)أي ظاهر الفقهاء أنّ الحكم المذكور يختصّ بالمحرم في الحرم لكنّه لو كان محلاّ فقتلها وجب عليه قيمتها عملا بالقاعدة عند عدم عوده لكون التنفير كذلك بمنزلة الإتلاف.

(2)الضمير في قوله «حكمه» يرجع الى التنفير. يعني يشكل حكم تنفير الحمام في الحرم على المحلّ اذا عاد بعده لعدم الدليل على وجوب شيء عليه حينئذ.

(3)يعني و كذا يشكل الحكم للمحرم الذي نفّر حمام غير الحرم من حيث كونه محرما فيجب عليه شيء.

و من حيث عدم كون الحمام في الحرم فلا يجب عليه شيء فلذا يشكل الحكم حينئذ.

(4)بصيغة اسم المفعول. يعني لو كان الحمام المنفّر واحدة فالحكم بوجوب الشاة مع العود، و مع عدم العود وجب أن تكون الحالتين متساوية و هو بعيد، لأنّ حالة عدم العود تكون في حكم الإتلاف فتجب الشاة، لكنّ الحكم مع عدم العود بعيد لاختلاف الحالتين.

(5)قوله «تساوي الحالتين» مصدر مرفوع تقديرا لكونه مبتدأ مؤخّرا للخبر المقدّم و هو قوله «ففي وجوب الشاة». و الفاء للجواب عن قوله «و لو كان المنفّر

ص: 523

و يمكن عدم وجوب شيء (1) مع العود وقوفا (2) فيما خالف الأصل على موضع اليقين (3) و هو الحمام إن (4) لم نجعله اسم جنس يقع على الواحدة.

**********

شرح:

واحدة».

فحاصل العبارة: إنّه لو قلنا بوجوب الشاة في نفر الحمامة الواحدة مع عودها و عدم عودها يلزم تساوي الحالتين، و هذا التساوي بينهما بعيد لكون حالة العود غير قابلة للتساوي مع عدم العود.

و الضمير في قوله «و هو» يرجع الى التساوي.

(1)يعني يمكن أن يقال: إنّ في صورة عود الحمامة المنفّرة لا تجب على المحرم شيء من الكفّارات.

(2)مفعول له، تعليل بعدم وجوب شيء عند عود المنفّرة.

و المراد من «الأصل» هو أصالة البراءة من الوجوب لأنه شكّ في التكليف، و الشبهة وجوبية، و لا خلاف في جريان الأصل فيها كما قرّر في الاصول بأنّ في الشبهة التحريمية قال عدّة من الأخباريّين بالاحتياط لكنّ في الوجوبية أجمعوا بجريان البراءة.

(3)المراد من «موضع اليقين» هو الذي قام الدليل على وجوب الكفّارة و هو الحمام لا باسم الجنس الفردي بلفظ الجمع الذي أقلّه ثلاثة أو باسم الجنس الجمعي.

(4)قوله «إن» شرطية. يعني أنّ موضع اليقين الذي قام الدليل على وجوب الكفّارة فيه هو الحمام الذي لم نجعله اسم جنس فردي الذي يصدق للواحدة أيضا.

توضيح: اعلم أنّ اسم الجنس إمّا جمعي أو فردي، أمّا الجمعي فيستعمل في الثلاثة و الأزيد مثل لفظ «تمر» الذي يأتي في مفرده التاء مثل «تمرة». و أمّا

ص: 524

و كذا الإشكال (1) لو عاد البعض خاصّة و كان (2) كلّ من الذاهب و العائد واحدة، بل الإشكال (3) في العائد و إن كثر، لعدم (4) صدق عود الجميع الموجب للشاة. و لو كان المنفّر

**********

شرح:

الفردي فهو الذي يصدق على الكلّ و على الفرد مثل الماء و الحجر و الإنسان.

عن كتاب صحاح اللغة: إنّ الحمام يستعمل في الفرد و الجمع بدون التاء، فيكون من قبيل اسم جنس فردي، و لو استعمل في المفرد بالتاء كما عن غيرها فيكون اسم جنس الجمعي مثل التمر و التمرة، و مثل الشجر و الشجرة.

و الحاصل: لو جعلنا الحمام بمعنى اسم جنس جمعي فلا تجب الكفّارة في نفر الحمامة الواحدة لجريان الأصل، لكن لو جعلناه اسم جنس فردي فيشمل الدليل بنفر حمامة واحدة أيضا و تجب فيها الكفّارة.

(1)يعني و كذا يأتي الإشكال المذكور لو نفّر حمامتين و عادت إحداهما و لم تعد الاخرى. فلو جعلنا الحمام في الدليل بمعنى اسم جنس فردي فلا إشكال في وجوب الكفّارة، و لو جعلناه اسم جنس جمعي فلا تجب فيه الكفّارة كما أوضحناه آنفا.

(2)الواو في قوله «و كان» حالية. يعني عود البعض و عدم عود الآخر في حال نفر الفردين من الحمام.

(3)يعني يمكن الإشكال أيضا في صورة عود عدّة من الحمام المنفّرة و عدم عود عدّة أو فرد منها.

(4)دليل الإشكال في الصورة الأخيرة بأنه لا يصدق على عود الجميع الموجب للشاة.

قوله «الموجب» صفة لقوله «عود الجميع». و قد ذكرنا دليل وجوب الشاة عند عود كثير من الحمام المنفّرة لكونه اسم جنس فردي فيشمل صورة عود الكثير أيضا.

ص: 525

جماعة (1) ففي تعدّد الفداء عليهم (2) أو اشتراكهم فيه خصوصا مع كون فعل كلّ واحد لا يوجب النفور (3) وجهان (4)، و كذا في إلحاق غير الحمام به (5)، و حيث لا نصّ ظاهرا ينبغي القطع بعدم اللحوق، فلو عاد (6) فلا شيء، و لو لم يعد ففي إلحاقه بالإتلاف نظر، لاختلاف الحقيقتين (7)، و لو شكّ في العدد بنى على الأقلّ ، و في العود (8) على عدمه عملا

**********

شرح:

(1)بالنصب، خبرا لقوله «كان». يعني لو نفّر الحمام تعداد من المحرمين ففي تعدّد الفداء... الخ وجهان.

(2)الضمير في قوله «عليهم» يرجع الى المنفّرين. يعني هل تجب على ذمّة كلّ واحدة منهم كفّارة مستقلّة أم يشتركون في كفّارة واحدة ؟

(3)يعني أنّ الوجهين يأتيان خصوصا اذا لم يكن فعل كلّ منهم موجبا لنفر الحمام بل المجموع كان سببا له.

(4)مبتدأ مؤخّر لخبر مقدّم و هو قوله «ففي تعدّد الفداء».

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى الحمام. يعني و كذا الوجهان يأتيان في نفر غير الحمام مثل أن ينفّر ظبي الحرم، فيحتمل اللحوق لأنّ الحكم تعلّق على النفر و لا خصوصية للحمام. و يحتمل عدم اللحوق لأنّ الدليل ورد في خصوص الحمام و لا دليل في خصوص غيره.

و قد قطع الشارح رحمه اللّه بعدم لحوق غير الحمام عليه في الحكم.

(6)هذا متفرّع على عدم اللحوق، فعند العود لا شيء على المحرم، و عند عدم العود ففي إلحاقه بالإتلاف احتمالان، الأول: الإلحاق بالإتلاف قياسا بالحمام الذي لم يعد، الثاني: عدم الإلحاق لاختلاف التلف و عدم العود في الحقيقة.

(7)المراد من «الحقيقتين» هو عدم العود و الإتلاف.

(8)يعني لو شكّ في عود الحمام المنفّرة بنى على عدم العود و يلحقه حكم الإتلاف.

ص: 526

بالأصل (1) فيهما.

لو أغلق على حمام و فراخ و بيض فكالإتلاف

(و لو أغلق (2) على حمام و فراخ و بيض فكالإتلاف، مع جهل الحال أو علم التلف) فيضمن المحرم في الحلّ كلّ حمامة بشاة، و الفرخ بحمل، و البيضة بدرهم. و المحلّ (3) في الحرم الحمامة بدرهم، و الفرخ بنصفه (4)، و البيضة بربعه، و يجتمعان على من جمع الوصفين (5)، و لا فرق بين حمام الحرم و غيره إلاّ على الوجه السابق (6).

لو باشر الإتلاف جماعة

(و لو باشر (7) الإتلاف جماعة أو تسبّبوا) أو باشر بعض و تسبّب

**********

شرح:

(1)المراد من الأصل في البناء على الأقلّ هو أصالة عدم الزائد، و في الثاني هو أصالة عدم العود.

و الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى العود و العدد.

(2)يعني لو أغلق باب مسكن الحمام و الفراخ و البيض عليها و علم بتلفها أو جهل الحال له فذلك في حكم إتلاف الثلاثة المذكورة فتجب عليه حينئذ كفّارة إتلاف الحمام و الفراخ و البيض على التفصيل الذي يذكره الشارح رحمه اللّه بقوله «فيضمن المحرم في الحلّ كلّ حمامة بشاة... الخ».

(3)عطف على قوله «فيضمن المحرم».

(4)الضميران في قوليه «بنصفه» و «بربعه» يرجعان الى الدرهم.

(5)المراد من «الوصفين» هو إتلاف الثلاث المذكورة في الحرم و في حال الإحرام.

(6)و هو اشتراء العلف بقيمة الحرمي لتغذية حمام الحرم.

(7)فاعله هو قوله «جماعة». يعني لو باشر إتلاف الحمام جماعة كما اذا اشتركوا في الإتلاف أو اشتركوا في التسبيب بأن أشار الغير إليه أو اشتركوا في الإتلاف من حيث السببية و المباشرة كما اذا أشار أحدهم و باشر الآخر فلكلّ منهم كفّارة مستقلّة.

ص: 527

الباقون (فعلى (1) كلّ فداء)، لأنّ كلّ واحد من الفعلين (2) موجب له. و كذا لو باشر واحد امورا متعدّدة يجب لكلّ منها (3) الفداء، كما لو (4) اصطاد و ذبح و أكل، أو كسر البيض و أكل، أو دلّ على الصيد و أكل، و لا فرق بين كونهم محرمين و محلّين في الحرم، و التفريق (5) فيلزم كلاّ حكمه فيجتمع على المحرم منهم في الحرم الأمران.

في كسر قرني الغزال نصف قيمته

(و في كسر قرني (6) الغزال نصف قيمته، و في عينيه أو يديه أو رجليه القيمة (7)، و الواحد (8) بالحساب)

**********

شرح:

(1)جواب لقوله «لو باشر».

(2)أي الفعلان الصادران منهما موجبان للكفّارة.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الفداء.

(3)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الامور.

(4)هذا مثال أول للأمور المتعدّدة. و المثال الثاني هو قوله «أو كسر البيض و أكل».

و الثالث هو قوله «أو دلّ على الصيد و أكل».

(5)كما اذا كان أحدهما محرما و الآخر محلاّ و تشاركا في إتلاف الحمام في الحرم. و المراد من «الأمران» هو كفّارة المحرم في الحلّ و المحلّ في الحرم.

(6)القرن - بفتح القاف و سكون الراء -: الروق من الحيوان أو موضعه من رأس الانسان، و هو زيادة عظمية تنبت في رءوس بعض الحيوانات. (أقرب الموارد).

(7)قوله «القيمة» مبتدأ مؤخّر لخبر مقدّم و هو قوله «و في عينيه أو يديه أو رجليه». يعني تجب في إتلاف عيني الغزال أو يديه أو رجليه قيمته على المتلف.

(8)بالجرّ، عطفا على قوله «قرني الغزال». يعني و في كسر الواحد من قرني الغزال ربع القيمة، و في كسر عين واحدة أو يد واحدة أو رجل واحدة نصف القيمة.

ص: 528

ففيه (1) نصف القيمة، و لو جمع بينه (2) و بين آخر من اثنين فتمام القيمة، و هكذا (3).

هذا (4) هو المشهور

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «ففيه» يرجع لكلّ فرد من قرني الغزال و عينيه و يديه و رجليه.

و اللام في قوله «نصف القيمة» للعهد الذكري، فلا يلزم الإيراد على عبارة الشارح رحمه اللّه، كما أوردوا بأنه لو قال «الربع» أو «النصف» لكان خاليا من الإشكال.

و الحال اذا كان اللام في القيمة للعهد الذكري فلا يراد من القيمة إلاّ ما ذكر، و نصف ما ذكر من القيمة في القرنين هو الربع، و في غيرهما هو النصف، فعلى هذا أنّ قول الشارح رحمه اللّه «ففيه نصف القيمة» لا قصور فيه كما ادّعى القصور بعض المحشّين.

من حواشي الكتاب: الأولى أن يقول: ففيه ربع القيمة أو نصفها حتّى يخلو العبارة من القصور في الإفادة كما لا يخفى على من تأمّل. (حاشية المولى الهروي رحمه اللّه).

الغزال - بفتح الغين -: الشادن حين يتحرّك و يمشي. جمعه: غزلة و غزلان، وزان غلمة و غلمان. (الصحاح، أقرب الموارد).

و الشادن: ولد الظبية. (المنجد).

(2)الضمير في قوله «بينه» يرجع الى الواحد. يعني لو جمع بين كسر واحد من المذكورين مع واحد آخر منها وجب عليه تمام القيمة.

(3)يعني و هكذا لو جمع بين واحد من الاثنين مع واحد من الاثنين الآخر و واحد من غيرهما وجب عليه كفّارة كلّ بحسابه، مثل أن يكسر واحدا من القرن و واحدا من الرجل و واحدا من اليد فيجب عليه تمام القيمة للرجل و اليد الواحدين، و ربع القيمة لقرن واحد، و هكذا.

(4)المشار إليه في قوله «هذا» هو ما ذكر من الكفّارات في القرن و العين و اليد و الرجل. يعني أنها أفتى بها المشهور من الفقهاء.

ص: 529

و مستنده (1) ضعيف، و زعموا أنّ ضعفه منجبر بالشهرة، و في الدروس جزم بالحكم (2) في العينين، و نسبه في اليدين و الرجلين الى القيل.

و الأقوى (3) وجوب الأرش في الجميع، لأنه نقص حدث على الصيد فيجب أرشه حيث لا معيّن (4) يعتمد عليه.

**********

شرح:

(1)أي مستند الحكم المشهور ضعيف، و زعموا بأنّ ضعفه ينجبر بالشهرة.

و المقصود من «المستند» هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن سماعة بن مهران عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: ما تقول في محرم كسر إحدى قرني غزال في الحلّ ؟ قال: عليه ربع قيمة الغزال، قلت: فإنّ كسر قرنية ؟ قال: عليه نصف قيمته يتصدّق به، قلت: فإن هو فقأ عينيه ؟ قال:

عليه قيمته، قلت: فإن هو كسر إحدى يديه ؟ قال: عليه نصف قيمته، قلت: فإن هو قتله ؟ قال: عليه قيمته. قال: قلت: فإن هو فعل به و هو محرم في الحلّ ؟ قال:

عليه دم يهريقه، و عليه هذه القيمة اذا كان محرما في الحرم. (الوسائل: ج 9 ص 223 ب 28 من أبواب كفّارات الصيد ح 3).

و قيل في وجه ضعفه هو وقوع سماعة بن مهران في سنده.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه حكم في كتابه الدروس بوجوب تمام القيمة في عيني الغزال لكن نسب وجوب القيمة في اليدين و الرجلين الى القيل حيث قال رحمه اللّه:

و في عيني الصيد كمال قيمته، و في إحداهما النصف، و كذا قيل في يديه و رجليه، و في قرنيه نصف القيمة، و في إحداهما الربع لرواية أبي بصير. (الدروس الشرعية:

ج 1 ص 358).

(3)هذا نظر الشارح في كسر قرني الغزال و إتلاف عينيه و يديه و رجليه بأنه لا يجب فيها إلاّ الأرش.

(4)يعني اذا لم يوجد دليل يعيّن مقدارا في خصوص المذكورين فحينئذ يعمل

ص: 530

لا يدخل الصيد في ملك المحرم بحيازة

(و لا يدخل الصيد في ملك المحرم بحيازة (1) و لا عقد (2) و لا إرث (3)) و لا غيرها من الأسباب المملّكة كنذره له (4). هذا (5) إذا كان عنده.

أمّا النائي (6) فالأقوى دخوله في ملكه ابتداء اختيارا كالشراء (7) و غيره (8) كالإرث، و عدم (9) خروجه بالإحرام، و المرجع

**********

شرح:

بقاعدة الأرش.

و المراد من قوله «لا معيّن» هو الدليل الذي يعيّن مقدار ما يجب.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المعيّن.

(1)الحيازة - بكسر الحاء بعده الياء - من حازه يحوزه حوزا و حيازة: ضمّه و جمعه، و كلّ من ضمّ شيئا الى نفسه فقد حازه. (أقرب الموارد).

يعني أنّ المحرم اذا احتاز و أخذ صيدا لا يملكه و إن كانت الحيازة أحد الأسباب المملّكة.

(2)أي لا يملك المحرم الصيد بالعقد كما اذا باعه الغير.

(3)كما اذا مات المورّث الذي له صيد.

(4)مثال لغير المذكورين من الأسباب المملّكة مثل أن ينذر الغير الصيد للمحرم.

(5)المشار إليه في قوله «هذا» هو عدم دخول الصيد في ملك المحرم.

و الضمير في قوله «عنده» يرجع الى الصيد. يعني أنّ الحكم بعدم دخول الصيد في ملك المحرم إنّما هو اذا كان المحرم حاضرا عند اصطياد الصيد.

(6)قوله «النائي» صفة لموصوف مقدّر و هو المحرم. يعني أمّا المحرم البعيد عن الاصطياد يملكه اذا انتقل إليه بالعقد أو الإرث أو غيرهما.

(7)هذا مثال دخول الصيد في ملك المحرم اختيارا.

(8)الضمير في «غيره» يرجع الى الاختيار.

(9)بالرفع، عطفا على قوله «دخوله». يعني فالاقوى دخول الصيد في ملك المحرم و عدم خروجه عن ملكه بسبب الإحرام.

ص: 531

فيه (1) الى العرف.

من نتف ريشة من حمام الحرم فعليه صدقة بتلك اليد الجانية

(و من نتف ريشة (2) من حمام الحرم فعليه صدقة بتلك اليد الجانية)، و ليس في العبارة أنه نتفها باليد حتى يشير إليها (3) بل هي (4) أعمّ لجواز نتفها بغيرها، و الرواية وردت بأنه يتصدّق باليد الجانية و هي (5) سالمة من

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى النائي. يعني أنّ المرجع في تشخيص البعيد هو العرف، فلو صدق عليه النائي عرفا جرى الحكم فيه.

(2)الريشة: كسوة الطائر و زينته، و هو بمنزلة الشعر لغيره من الحيوان، و التاء فيه للوحدة، و الجمع: أرياش و رياش. (أقرب الموارد).

يعني لو نتف المحرم ريشة واحدة من حمام الحرم وجب أن يتصدّق بتلك اليد الجانية.

(3)هذا إشكال أدبي من الشارح على عبارة المصنّف رحمهما اللّه لأنه لم يذكر لفظ «اليد» في عبارة لتصحّ الإشارة بقوله «بتلك اليد».

فلو كان عبّر: و من نتف بيده ريشة من حمام... الخ لكان التعبير بقوله «فعليه صدقة بتلك اليد الجانية» صحيحا، و الحال أنّ العبارة أعمّ من النتف باليد أو غيرها، كما اذا نتف بالسنّ مثلا أو الرجل أو غير ذلك.

(4)الضمير يرجع الى العبارة. يعني أنّ العبارة أعمّ من نتف الريشة باليد و بغيرها.

و الضمير في قوله «نتفها يرجع الى الريشة، و في قوله «بغيرها» يرجع الى اليد.

(5)يعني أنّ الرواية خالية من الإيراد لعدم استعمال لفظ «تلك» في الرواية.

و الضمير في قوله «و هي سالمة» يرجع الى الرواية و هي منقوله في الوسائل:

عن إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال فيمن نتف ريشة من حمام الحرم: يتصدّق بصدقة على مسكين و يعطي باليد التي نتف بها. (الوسائل: ج 9 ص 203 ب 13 من أبواب كفّارات الصيد ح 5).

ص: 532

الإيراد (1)، و لو اتّفق النتف بغير اليد جازت الصدقة كيف شاء (2) و يجزي مسمّاها (3)، و لا تسقط (4) بنبات الريش، و لا تجزي بغير اليد الجانية.

و لو نتف أكثر من ريشة ففي الرجوع الى الأرش عملا بالقاعدة (5) أو تعدّد الصدقة بتعدّده وجهان، اختار ثانيهما (6) المصنّف في الدروس، و هو حسن إن وقع النتف على التعاقب (7)، و إلاّ فالأول (8) أحسن إن أوجب

**********

شرح:

(1)أي من الإيراد الذي ذكر بقوله «و ليس في العبارة... الخ».

(2)بأن يعطي باليد أو بالإشارة أو بالحوالة أو بالوكالة أو غير ذلك.

(3)الضمير في قوله «مسمّاها» يرجع الى الصدقة. يعني «لا تعيين لمقدار الصدقة قلّة، فيكفي المسمّى منها.

(4)فاعل قوله «تسقط » مستتر يرجع الى الصدقة. يعني أنّ الصدقة لا تسقط بنبات الريش الذي نتف، و كذلك لا تجزي الصدقة بغير اليد الجانية عند القول بوجوبها باليد الجانية، كما اذا نتف الريشة باليد اليمنى و تصدّق باليد اليسرى.

(5)فانّ القاعدة تجري في الموارد التي لم ترد الرواية فيها ببيان ما يجب، فإنّ الرواية قد وردت في خصوص نتف ريشة واحدة كما في رواية إبراهيم بن ميمون المذكورة آنفا في قوله عليه السّلام «نتف ريشة من حمام الحرم» فلا يشمل نتف أكثر منها و لزوم الأرش لإيجاد النقص في الحمام الذي يوجب الأرش اذا لم يعيّن ما يجب.

(6)المراد من «ثانيهما» هو تعدّد الصدقة بتعداد الريش. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس اختار الوجه الثاني حيث قال: و من نتف ريشة من حمام الحرم فعليه صدقة بتلك اليد و لا يجزي بغيرها، و الظاهر تعدّدها بتعدّد الريش، و لا تسقط الصدقة بنبات الريش. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 363).

(7)بأن نتف ريشة ثمّ نتف ريشة اخرى، و هكذا.

(8)و هو القول بالأرش و تفاوت القيمة بين الناقص و غيره اذا كان النتف موجبا

ص: 533

أرشا، و إلاّ تصدّق بشيء لثبوته (1) بطريق أولى.

و لو نتف غير الحمامة أو غير الريش (2) فالأرش. و لو أحدث ما لا يوجب الأرش نقصا (3) ضمن أرشه، و لا يجب تسليمه (4) باليد الجانية للأصل (5).

جزاء الصيد مطلقا يجب إخراجه بمنى و بمكة

(و جزاؤه) أي جزاء الصيد مطلقا (6) يجب إخراجه (بمنى) إن وقع (في)

**********

شرح:

لتفاوت القيمة و نقصانها، و إن لم يتفاوت فلا يجب إلاّ التصدّق بشيء.

(1)أي لثبوت التصدّق في نتف الأكثر بطريق أولى لأنه اذا ثبت التصدّق في نتف ريشة واحدة ففي الأكثر يثبت بطريق أولى.

(2)بأن نتف ريشة من العصفور أو نتف ظفرا من الحمام فلا يجب إلاّ الأرش.

(3)قوله «نقصا» مفعول لقوله «لو أحدث». يعني لو أوجد نتف الريشة التي لا يوجب الأرش لعدم تفاوت القيمة نقصا في بدن الحمام بأن أوجد جرحا في موضع الريشة التي نتفها فحينئذ يضمن المحرم أرش النقص الحاصل في موضع الريشة.

و الضمير في قوله «أرشه» يرجع الى النقص.

(4)الضمير في قوله «تسليمه» يرجع الى الأرش. يعني لا يجب تسليم الأرش باليد الجانية كما يجب التصدّق بها.

(5)المراد من «الأصل» هو البراءة عن وجوب ذلك.

(6)يحتمل كون قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق في الصيد. يعني لا فرق في الصيد حماما أو ظبيا أو غيرهما من المذكورين.

و يحتمل كونه إشارة الى عدم الفرق بين الجزاء. يعني جزاء الصيد، بلا فرق بين كونه هديا مثل الإبل و الشاة و أرشا و قيمة و صدقة. فإنّ جزاء الصيد يصرف بمعنى لو اتّفق الصيد في إحرام الحجّ ، و يصرف بمكّة لو اتّفق في إحرام العمرة.

ص: 534

(إحرام الحجّ ، و بمكّة في إحرام العمرة)، و لو افتقر (1) الى الذبح وجب فيهما أيضا كالصدقة (2)، و لا تجزي الصدقة (3) قبل الذبح، و مستحقّه الفقراء و المساكين بالحرم فعلا (4)، أو قوة كوكيلهم فيه، و لا يجوز الأكل منه (5) إلاّ بعد انتقاله الى المستحقّ بإذنه، و يجوز في

**********

شرح:

(1)فاعل قوله «افتقر» مستتر يرجع الى جزاء الصيد. يعني لو افتقر الى الذبح مثل كفّارة صيد النعامة التي هي البدنة و صيد الظبي و الثعلب و الأرنب التي هي الشاة وجب الذبح و التصدّق في منى و مكّة أيضا.

و الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى منى و مكّة.

(2)يحتمل كون المراد من التشبيه بالصدقة بيان تقسيم الصدقة في منى و مكّة، لأنّ المصنّف رحمه اللّه لم يبيّن مكان الصدقة.

و يحتمل كون المقصود من التشبيه بيان تقسيم الجزاء مثل تقسيم الصدقة بين الفقراء في منى و مكّة بمعنى أنه كما يجب تقسيم الكفّارة بين الفقراء في المحلّين كذلك يجب الذبح فيهما.

(3)يعني لا تكفي صدقة الحيوان قبل ذبحه. و ليس المراد من «الصدقة» هو معناها الاصطلاحي، بل المراد هنا الإعطاء.

و بعبارة اخرى: لا يجوز إعطاء الحيوان للفقراء قبل الذبح.

(4)قوله «فعلا» يتعلّق بالحرم. يعني أنّ المستحقّين هم الذين يكونون في الحرم فعلا، كما اذا حضروا في الحرم حين أخذ الصدقة و الجزاء، أو الذين يكونون في الحرم بالقوّة لوكيلهم في الحرم في أخذ الصدقة و الجزاء عن جانبهم.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الحرم.

(5)الضميران في قوله «منه» و «انتقاله» يرجعان الى الجزاء. يعني لا يجوز الأكل من الجزاء إلاّ بعد انتقاله للفقير مع إذنه.

ص: 535

الإطعام (1) التمليك و الأكل (2).

البحث الثاني: في كفّارة باقي المحرّمات

اشارة

(البحث الثاني: (3) في كفّارة باقي المحرّمات)

في الوط ء بدنة

(في الوط ء) (4) عامدا (5) عالما (6) بالتحريم (قبلا أو دبرا قبل المشعر و إن (7) وقف بعرفة) على أصحّ (8) القولين

**********

شرح:

(1)يعني في الموارد التي يجب الإطعام مثل وجوب إطعام ستين مسكينا في كفّارة صيد النعامة اذا لم يتمكّن من البدنة أو إطعام العشرة عند العجز عن الإرسال في كسر بيض النعام اذا لم يتحرّك فيه الفرخ و غيرهما يجوز للحاجّ ان يملّك الطعام للفقير، و يجوز له إيكال الطعام له.

(2)المراد منه هو الايكال للفقير.

كفّارة باقي محرّمات الإحرام (3)أي البحث الثاني من البحثين اللذين ذكره المصنّف رحمه اللّه في أول الفصل السادس بأنّ فيه بحثين، فذكر الأول منهما و هو في كفّارة الصيد، وها هو الآن يبحث في الثاني منهما و هو في كفّارة باقي المحرّمات.

(4)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر هو قوله «بدنة». يعني لو ارتكب المحرم في حال الإحرام الوط ء الذي هو أحد المحرّمات للمحرم عمدا و علما وجب عليه البدنة.

(5)العمد في مقابل النسيان.

(6)عالما في مقابل جاهلا بالموضوع أو الحكم، ففي النسيان و الجهل لا تجب الكفّارة كما سيأتي بيانه.

(7)قوله «و إن» وصلية. يعني و لو كان الوط ء بعد الوقوف بعرفة.

(8)هذا يتعلّق على قوله «و إن وقف بعرفة» يعني هذا الحكم جار عليه و لو

ص: 536

(بدنة (1)، و يتمّ حجّه (2) و يأتي به من قابل) فوريا إن كان الأصل كذلك (3) (و إن كان الحجّ نفلا) (4)، و لا فرق في ذلك (5) بين الزوجة و الأجنبية، و لا بين الحرّة و الأمة، و وط ء الغلام (6) كذلك في أصحّ القولين دون الدابّة (7)

**********

شرح:

ارتكب الوط ء بعد الوقوف بعرفة، فيجب عليه الكفّارة و القضاء على أصحّ القولين، و القول الآخر هو عدم وجوب القضاء و لو وجبت عليه البدنة بارتكاب الوط ء.

من حواشي الكتاب: خالف هنا المفيد و أتباعه فاعتبروا في وجوب البدنة و الحجّ من قابل قبلية الجماع على الوقوف بعرفة أيضا، و صحيحة معاوية بن عمّار تدلّ على الأول. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

أقول: المراد من «أتباع المفيد» هما سلاّر و الحلبي. (راجع المقنعة: ص 433،

و المراسم: ص 106، و الكافي في الفقه: ص 203).

(1)قوله «بدنة» مبتدأ للخبر المقدّم كما ذكرنا آنفا و هي الإبل الانثى التي أكملت الخمسة و دخلت في الستة.

(2)أي الحجّ الذي ارتكب فيه الوط ء، فيجب عليه أن يكمله و يأتي به في العام القابل.

(3)يعني اذا كان أصل الحجّ الواجب عليه فوريا مثل حجّ الإسلام أو النذر المعيّن فيجب إتيانه أيضا فوريا.

(4)لأنّ الحجّ المندوب اذا شرعه وجب عليه إكماله و إتيانه.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الوط ء. يعني لا فرق في الحكم المذكور بين وط ء زوجته أو أجنبية و إن كان وط ء الأجنبية أشدّ حرمة.

(6)الغلام - بضمّ الغين -: الطارّ الشارب، و هو الصبي من حين يولد الى أن يشبّ .

(المعجم الوسيط ).

(7)يعني ليس وط ء الدابّة مثل وط ء الانسان في الحكم المذكور بناء على أشهر

ص: 537

في الأشهر (1).

و هل الاولى (2) فرضه و الثانية عقوبة، أو بالعكس ؟ قولان، و المرويّ الأول، إلاّ أنّ الرواية مقطوعة و قد تقدّم (3).

**********

شرح:

القولين.

من حواشي الكتاب: اعلم أنّ في الروايات التي هي المستند للحكم في بعضها عن محرم وقع على أهله، و في بعضها محرم غشي امرأته، و في بعضها وقع الرجل بامرأته، فان كان الأهل و المرأة شاملين للأمة و المستمتع بها و الغشيان شاملا للوط ء في دبر المرأة كانت الأجنبية و الغلام خارجين لا دلالة في النصّ على وطئهما. نعم يمكن إلحاقهما بالزوجة من حيث إنّ وطئهما أفحش و أبلغ في هتك الإحرام فكانت العقوبة عليه أولى بالوجوب كما في المنتهى. (حاشية الملأ أحمد رحمه اللّه).

(1)في مقابل القول الآخر هو أنّ الحجّ لا يفسد بوط ء الدابّة.

من حواشي الكتاب: نقل الشيخ رحمه اللّه في الخلاف الإفساد به قولا لبعض أصحابنا في المختلف عن ابن حمزة. [راجع الوسيلة: ص 159]. ثمّ قال: و عندي في ذلك تردّد بين الأخذ بالبراءة و بين العمل بالاحتياط .

و قال في المنتهى - بعد نقل المسألة اختلاف العامّة فيها -: و نحن فيه من المتوقّفين، و الأقرب عدم الإفساد لأنّ الحجّ انعقد صحيحا فلا يفسده إلاّ دليل شرعي و لم نقف عليه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)يعني هل الحجّة الاولى فرض و الثانية عقوبة أو بالعكس ؟ فيه قولان. و روي كون الأول فرضا و الثاني عقوبة في حسنة زرارة و قد نقلناها كاملة في صفحة 118 هامش 4 من هذا الجزء، فراجع.

(3)أي تقدّم قول الشارح رحمه اللّه بأنّ الرواية مقطوعة في صفحة 119 هامش 3 من هذا الجزء، فراجع.

ص: 538

**********

شرح:

توضيح: اعلم أنه اذا أبطل الحاجّ حجّه بالجماع وجب عليه إتمام حجّه ثمّ يأتيه في السنة الثانية، فحصل الخلاف بين الفقهاء بأنه هل الفرض هو الحجّ الأول المعبّر عنه بالحجّ الفاسد مسامحة و الثاني عقوبة ؟ أم الفرض هو الثاني و الأول عقوبة ؟

قال المشهور و فيه رواية بأنّ الأول فرض و الثاني عقوبة.

و قال ابن إدريس رحمه اللّه بأنّ الحجّ الثاني فرض و الأول عقوبة. (راجع السرائر: ج 1 ص 550).

و تظهر فائدة القولين في موارد:

الأول: اذا كان أجيرا لتلك السنة أو كان أجيرا مطلقا ينصرف لتلك السنة. فلو قلنا بالمشهور بأنّ الحجّ الأول فرض و الثاني عقوبة استحقّ الأجير الاجرة لأنه أتى الحجّ في سنته المعيّنة، و لو قلنا بما قاله ابن إدريس رحمه اللّه فلا يستحقّ الأجير الاجرة لأنّ الفرض هو الثاني و لم يأت الحجّ في العام الذي تعيّن عند الإجارة، مثل الأجير الذي تخلّف عن العمل في اليوم المعيّن عليه.

الثاني: في الحجّ الذي وجب عليه بالنذر في سنة معيّنة فأفسده فعلى المشهور لا تجب عليه كفّارة حنث النذر لأنه أتى الحجّ في العام المنذور، و على القول الآخر تجب عليه الكفّارة.

الثالث: اذا أفسد الحجّ بالجماع ثمّ صدّه الخصم عن إدامة الحجّ فسيأتي في بحث الإحصار و الصدّ، فاذا منع من الحجّ بعد الإحرام جاز له أن يخرج من الإحرام بالهدي، و لو رفع المانع من الحجّ في العام الحاضر أو القابل فبناء على المشهور يجب إتيان الحجّ الواجب في الحاضر و القابل ثمّ يأتي الحجّ العقوبتي بعده.

ص: 539

و تظهر الفائدة في الأجير لتلك السنة (1)، أو مطلقا (2)، و في كفّارة (3) خلف النذر و شبهه لو عيّنه (4) بتلك السنة، و في المفسد (5) المصدود إذا تحلّل (6) ثمّ قدر على الحجّ لسنته (7) أو غيرها.

(و عليها (8) مطاوعة مثله) كفّارة و قضاء. و احترزنا بالعالم

**********

شرح:

و بناء على قول ابن إدريس رحمه اللّه يسقط عنه الحجّ العقوبتي بحصول الحصر و الصدّ، فلو رفع المانع وجب عليه حجّه الواجب في العام الحاضر أو القابل.

(1)قيد للأجير. يعني الأجير الذي استؤجر للحجّ لتلك السنة فأفسد الحجّ .

(2)أي الأجير الذي استؤجر مطلقا و انصرف الإطلاق للسنة الحاضرة فأفسد الحجّ . ففي الصورتين لا يستحقّ الأجير الاجرة بناء على قول ابن إدريس رحمه اللّه، و يستحقّ الاجرة بناء على المشهور كما أوضحناه آنفا.

(3)هذا هو المورد الثاني من موارد ظهور الفائدة في القولين.

(4)الضمير في قوله «عيّنه» يرجع الى الحجّ . يعني لو عيّن الناذر الحجّ في السنة التي أفسد حجّه فيها.

(5)هذا هو المورد الثالث من موارد ظهور الفائدة في القولين.

و قوله «المصدود» صفة للمفسد. يعني أنّ الحاجّ الذي أفسد حجّه ثمّ كان مصدودا و ممنوعا من الحجّ .

(6)اذا خرج من الإحرام بسبب الهدي كما سيأتي التفصيل عنه بأنّ المصدود و المحصور يخرجان من الإحرام بسبب الهدي.

(7)يعني أنّ المصدود بعد إحلاله بالهدي قدر على إتيان الحجّ برفع الصدّ و المنع عنه في سنته الحاضرة أو غيرها.

(8)يعني يجب على المرأة التي أطاعت في الجماع ما يجب على الرجل الذي جامعها من الكفّارة و القضاء.

ص: 540

العامد (1) عن الناسي و لو للحكم و الجاهل فلا شيء عليهما (2). و كان عليه (3) تقييده و إن أمكن إخراج الناسي من حيث عدم كونه (4) محرّما في حقّه، أمّا الجاهل فآثم (5).

(و يفترقان (6) إذا بلغا موضع الخطيئة بمصاحبة (7) ثالث)

**********

شرح:

و قوله «مطاوعة» بصيغة اسم الفاعل. و الضمير في قوله «عليها» يرجع الى المرأة المعلومة بالقرائن، و الضمير في «مثله» يرجع الى ما يجب على الرجل.

أمّا لو كانت غير مطاوعة بل كانت مكرهة فلا تجب عليها الكفّارة و القضاء.

(1)في قوله «عامدا عالما». فقال الشارح رحمه اللّه: احترزنا بقولنا العالم عن الجاهل بالحكم بقولنا العامد عن الناسي بالحكم كمن نسي حرمة الجماع حال الإحرام، أو الموضوع كمن نسي كونه محرما فلا شيء عليهما.

و لا يخفى أنّ العبارة مشوّشة بصورة اللفّ و النشر.

(2)الضمير في قوله «عليهما» يرجع الى الجاهل و الناسي.

(3)يعني كان لازما على المصنّف رحمه اللّه تقييد حكم الجماع بالعالم العامد.

(4)بمعنى أنّ الناسي يمكن إخراجه من قوله «باقي المحرّمات» فانّ الجاهل المقصّر داخل في الحكم لكون الجماع حراما عليه لتقصيره عن التعلّم، لا الناسي فإنّه خارج عن الحكم لعدم حرمة الجماع عليه.

(5)بصيغة اسم الفاعل. يعني أمّا الجاهل بالحكم فإنّه عاصي لتقصيره في تعلّم الحكم، فكان داخلا في الموضوع و عليه إخراجه.

(6)الجملة خبرية بمعنى الإنشائية. يعني يجب على الرجل و المرأة المرتكبين للجماع أن يفترقا في حجّ القضاء الذي وجب عليهما بإفسادهما الحجّ بالجماع اذا بلغا الموضع الذي ارتكبا فيه الجماع.

(7)الباء للسببية، بمعنى أنّ افتراقهما يحصل بمصاحبة شخص ثالث معهما في موضع الجماع.

ص: 541

محترم (1)(في) حجّ (القضاء) الى آخر (2) المناسك.

(و قيل:) يفترقان (في الفاسد أيضا) (3) من موضع الخطيئة الى تمام مناسكه، و هو (4) قويّ مرويّ و به قطع المصنّف في الدروس. و لو حجّا في

**********

شرح:

(1)صفة لقوله «بمصاحبة ثالث». و المراد من «المحترم» هو كونه مميّزا عاقلا، فلا تكفي مصاحبة الصغير و المجنون.

(2)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «يفترقان». يعني يجب افتراقهما من موضع الخطيئة الى إكمال أعمال الحجّ في القضاء.

(3)يعني قال بعض الفقهاء بوجوب المفارقة في الحجّ الذي أفسداه بالجماع من موضع الخطيئة الى آخر أعمال الحجّ .

(4)الضمير يرجع الى القول بوجوب المفارقة في الحجّ الفاسد أيضا.

و وجه قوّته هو وجود الرواية المنقولة في الوسائل:

عن عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن محرم واقع أهله، قال: قد أتى عظيما. قلت: أفتني (قد ابتلي)، فقال: استكرهها أو لم يستكرهها؟ قلت: أفتني فيهما جميعا، قال: إن كان استكرهها فعليه بدنتان، و إن لم يكن استكرهها فعليه بدنة و عليها بدنة، و يفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتّى ينتهيا الى مكّة و عليهما الحجّ من قابل لا بدّ منه. قال: قلت: فاذا انتهيا الى مكّة فهي امرأته كما كانت ؟ فقال: نعم، هي امرأته كما هي، فاذا انتهيا الى المكان الذي كان فيهما ما كان افترقا حتّى يحلاّ، فاذا أحلاّ فقد انقضى عنهما، فإنّ أبي كان يقول ذلك. (الوسائل: ج 9 ص 259 ب 4 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 2).

و الضمير في قوله «به» يرجع الى القول بوجوب افتراقهما في حجّهما الفاسد.

يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه الدروس بهذا القول. (راجع الدروس الشرعية:

ج 1 ص 369).

ص: 542

القابل (1) على غير تلك الطريق فلا تفريق و إن وصل الى موضع يتّفق فيه (2) الطريقان كعرفة مع احتمال وجوب التفريق في المتّفق منه (3)، و لو توقّفت مصاحبة الثالث (4) على اجرة أو نفقة وجبت عليهما.

(و لو كان (5) مكرها) لها (تحمّل عنها البدنة لا غير) أي (6) لا يجب عليه القضاء عنها، لعدم (7) فساد حجّها بالإكراه، كما لا يفسد حجّه (8) لو

**********

شرح:

(1)يعني لو حجّا في العام القابل على طريق غير طريق حجّهما الفاسد فلا يجب تفارقهما.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الموضع. يعني اذا حجّا على طريق غير طريق الحجّ الباطل فلا يجب عليهما الافتراق و لو وصل الطريق المذكور لطريق حجّ الفاسد.

و قوله «كعرفة» مثال اتّصال طريقي الحجّ الفاسد و القضاء في ذلك الموضع.

(3)و يحتمل أيضا وجوب الافتراق في الموضع الذي اتّصل الطريقان فيه.

(4)مثل أن يطلب الشخص الثالث الذي تحصل بسبب مصاحبته المفارقة منهما الاجرة، فتجب الاجرة على الرجل و المرأة.

(5)اسم كان مستتر يرجع الى الرجل. و الضمير في قوله «لها» يرجع الى المرأة. يعني لو أجبر الرجل المرأة على الجماع وجبت عليه بدنة عن جانبها أيضا، و لا يجب عليه غير البدنة.

(6)تفسير لقوله «لا غير». يعني لا يجب على الرجل المكره قضاء حجّ المجبورة.

(7)دليل على عدم وجوب قضاء حجّها بذمّة الرجل لأنّ حجّها لم يفسد لكونها مكرهة.

(8)الضميران في قوليه «حجّه» و «أكرهته» يرجعان الى الرجل. يعني لو أجبرت

ص: 543

أكرهته، و في تحمّلها (1) عنه البدنة و تحمّل (2) الأجنبي لو أكرههما وجهان أقربهما (3) العدم للأصل (4). و لو تكرّر الجماع بعد الإفساد تكرّرت البدنة لا غير (5)، سواء كفّر عن الأول أم لا. نعم لو جامع في القضاء (6)

**********

شرح:

المرأة الرجل على الجماع بأن أو عدته بالإضرار بماله و نفسه و عرضه لو لم يقدم على الجماع فارتكب إكراها وجبت عليها بدنة عن جانبه أيضا.

أقول: تحقّق الإكراه للجماع عن الرجل مشكل لأنه لا يتمكّن عن الجماع إلاّ بالمطاوعة كما لا يخفى.

و ليس الرجل مثل المرأة في تحقّق الإكراه لأنّ المرأة مفعول يقع عليها الفعل إجبارا و الرجل فاعل لا يتحقّق عنه الجماع إلاّ طوعا.

(1)خبر مقدّم لقوله «وجهان». يعني في وجوب البدنة على المرأة عن جانب الرجل الذي أجبرته على الجماع وجهان.

و الضمير في قوله «تحمّلها» يرجع الى المرأة، و في قوله «عنه» يرجع الى الرجل.

(2)عطف على قوله «في تحمّلها» و هذا أيضا خبر مقدّم لقوله «وجهان». يعني لو أجبر شخص أجنبي رجلا و امرأة على الجماع بحيث أو عدهما بالإضرار بمالهما أو نفسيهما أو عرضهما لو لم يقدما على الجماع فارتكباه ففي وجوب البدنة عليه عن جانبهما وجهان.

(3)أي أقرب الوجهين عدم وجوب البدنة على المرأة و على الأجنبي لأصالة البراءة.

(4)المراد من «الأصل» هو البراءة، لكون الشكّ في التكليف و الشبهة وجوبية.

(5)يعني اذا أفسد الحجّ بالجماع فكرّر الجماع فلا يجب عليهما إلاّ قضاء واحد، لكنّ البدنة تكرّرت بتكرّر الجماع.

(6)بمعنى أنه لو ارتكب الجماع فيما يأتي به من قابل وجب عليه قضاء القضاء، و هكذا، غير أنه تجب عليه البدنة.

ص: 544

لزمه ما لزمه أولا (1)، سواء جعلناها (2) فرضه أم عقوبة، و كذا القول في قضاء القضاء (3).

(و تجب البدنة) (4) من دون الإفساد بالجماع (بعد المشعر الى أربعة أشواط من طواف النساء، و الأولى) بل الأقوى (بعد خمسة) (5) أي الى تمام الخمسة، أمّا بعدها (6) فلا خلاف في عدم وجوب البدنة. و جعله (7)

**********

شرح:

(1)بمعنى أنه اذا ارتكب الجماع في حجّ القضاء وجب عليه البدنة و قضاء القضاء.

(2)الضمير في قوله «جعلناها» يرجع الى حجّة القضاء. يعني لو ارتكب الجماع في القضاء وجب عليه ما وجب في حجّة الأداء.

و لا فرق فيه بين القول بكون الحجّة الثانية فرضا له كما قال ابن إدريس رحمه اللّه أو عقوبة عليه كما قال المشهور به، و قد مرّ التفصيل في ذلك.

(3)فلو ارتكب الجماع في قضاء القضاء وجب عليه أيضا ما وجب في حجّ الأداء.

(4)قد مرّ وجوب البدنة و فساد الحجّ بالجماع قبل وقوف المشعر، لكن لو ارتكب الجماع بعد المشعر الى إتيان أربعة أشواط من طواف النساء فلا تجب عليه إلاّ البدنة و لا يحكم بفساد حجّه، فالارتكاب بالجماع بعد أربعة أشواط من طواف النساء لا يوجب الفساد و لا البدنة.

(5)و الأولى بنظر المصنّف رحمه اللّه و الأقوى بنظر الشارح رحمه اللّه الحكم بوجوب البدنة اذا ارتكب الجماع الى آخر الشوط الخامس من طواف النساء.

(6)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى الأشواط الخمسة.

(7)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ قول المصنّف قدّس سرّه «و الأولى بعد خمسة» يدلّ على أنه يقول باكتفاء الأربعة في سقوط البدنة.

و الضمير في قوله «اكتفائه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه أيضا، و في قوله «سقوطها» يرجع الى البدنة.

ص: 545

الحكم أولى يدلّ على اكتفائه بالأربعة في سقوطها، و في الدروس قطع (1) باعتبار الخمسة، و نسب اعتبار الأربعة الى الشيخ، و الرواية (2) و هي ضعيفة. نعم

**********

شرح:

(1)يعني أن المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس حكم قطعا بعدم سقوط البدنة الى خمسة أشواط من طواف النساء، حيث قال رحمه اللّه: الجماع قبل أن يطوف من طواف النساء خمسة أشواط و فيه بدنة. و قال الشيخ رحمه اللّه: يكفي الأربعة و هو مروي. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 370).

(2)يعني نسب المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس الاكتفاء بالأربعة الى الشيخ الطوسي رحمه اللّه (راجع المبسوط : ج 1 ص 337، النهاية: ص 231) و الى الرواية و هي ضعيفة و المنقولة في الوسائل:

عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت اسبوعا طواف الفريضة، ثمّ سعى بين الصفا و المروة أربعة أشواط ، ثمّ غمزه بطنه فخرج و قضى حاجته، ثمّ غشي أهله، قال: يغتسل ثمّ يعود و يطوف ثلاثة أشواط و يستغفر ربّه و لا شيء عليه، قلت: فإن كان طاف بالبيت طواف الفريضة، فطاف أربعة أشواط ، ثمّ غمزه بطنه، فخرج فقضى حاجته فغشي أهله ؟ فقال: أفسد حجّه و عليه بدنة، و يغتسل، ثمّ يرجع فيطوف اسبوعا، ثمّ يسعى و يستغفر ربّه، قلت: كيف لم تجعل عليه حين غشي أهله قبل أن يفرغ من سعيه كما جعلت عليه هديا حين غشي أهله قبل أن يفرغ من طوافه ؟ قال: إنّ الطواف فريضة و فيه صلاة، و السعي سنّة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قلت: أ ليس اللّه يقول إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ (1) ؟ قال: بلى، و لكن قد قال فيها وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (2) . فلو كان السعي فريضة لم يقل وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً (3) . (الوسائل: ج 9 ص 267 ب 11 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 2).

ص: 546


1- سوره 2 - آیه 158
2- سوره 2 - آیه 158
3- سوره 2 - آیه 158

يكفي (1) الأربعة في البناء عليه و إن (2) وجبت الكفّارة، و لو كان (3) قبل إكمال الأربعة فلا خلاف في وجوبها.

(و لكن لو كان (4) قبل طواف الزيارة) أي قبل إكماله و إن بقي منه (5) خطوة (و عجز عن البدنة تخيّر (6) بينها و بين بقرة أو شاة). لا وجه (7)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الحاجّ اذا طاف أربعة أشواط و ارتكب الجماع بعدها بني عليها و أتي باقي الأشواط و لا يجب عليه الاستئناف بخلاف الأقلّ منها، فاذا قطع وجب الاستئناف عليه كما مرّ البحث فيه.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى مقدار الأربعة.

(2)قوله «إن» وصلية. يعني و لو وجبت الكفّارة عليه لارتكابه الجماع.

(3)اسم كان مستتر يرجع الى الجماع. يعني لو ارتكب الجماع قبل إكمال الأشواط الأربعة لم يختلف أحد من العلماء في وجوب الكفّارة عليه.

و الضمير في قوله «وجوبها» يرجع الى الكفّارة.

(4)يعني لو ارتكب الجماع قبل طواف الزيارة - و هو الطواف الذي يجب إتيانه قبل طواف النساء - و عجز عن البدنة وجب عليه بدلها و هي البقرة أو الشاة، بخلاف ارتكاب الجماع بعد إتيان طواف الزيارة، فلو عجز عن البدنة فلا بدل عنها و لا شيء عليه.

(5)فلو بقيت من طواف الزيارة خطوة و ارتكب الجماع وجبت عليه البدنة، و عند العجز عنها تجب عليه البقرة أو الشاة.

(6)جواب لقوله «لو كان قبل طواف الزيارة».

و الضمير في قوله «بينها» يرجع الى البدنة.

(7)هذا إيراد من الشارح رحمه اللّه لعبارة المصنّف قدّس سرّه في قوله «و عجز عن البدنة تخيّر بينها... الخ». فإنّه اذا حصل له العجز عن البدنة فلا معنى للتخيير بينها

ص: 547

للتخيير بين البدنة و غيرها بعد العجز عنها، فكان الأولى (1) أنه مع العجز عنها يجب بقرة أو شاة. و في الدروس أوجب فيه (2) بدنة، فإن عجز فبقرة، فإن عجز فشاة، و غيره (3) خيّر بين البقرة و الشاة، و النصوص خالية عن هذا التفصيل (4) لكنّه مشهور في الجملة على اختلاف ترتيبه (5) و إنّما أطلق (6) في بعضها الجزور، و في بعضها الشاة.

**********

شرح:

و بين غيرها.

و الضميران في قوليه «غيرها» و «عنها» يرجعان الى البدنة.

و الحاصل: إنّ التخيير لا يتصوّر إلاّ مع تمكّن المكلّف عن طرفي التخيير، فعند العجز عن أحدهما فلا معنى للتخيير.

(1)أي فكان الأولى أن يقول المصنّف رحمه اللّه بأنّ الحاجّ المرتكب للجماع قبل طواف الزيارة و لو بخطوة تجب عليه بقرة أو شاة عند عجزه عن البدنة.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الجماع قبل إكمال طواف الزيارة. يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس: الجماع بعد الموقفين قبل إكمال طواف الزيارة و فيه بدنة، فإن عجز فبقرة، فإن عجز فشاة. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 370).

(3)الضمير في قوله «و غيره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني و غير المصنّف حكم بالتخيير بين البقرة و الشاة عند العجز عن البدنة، و لم يحكم بالترتيب بينهما كما حكم المصنّف رحمه اللّه في الدروس.

(4)المراد هو التفصيل المذكور بعد العجز عن البدنة.

(5)الضمير في قوله «ترتيبه» يرجع الى التفصيل. يعني أنّ التفصيل بعد العجز عن البدنة مشهور بين الفقهاء إجمالا، لكنّ الترتيب بين البقرة و الشاة مورد خلاف بينهم.

(6)يعني أنّ في بعض الروايات أطلق الجزور عند العجز عن البدنة و في بعضها عبّر

ص: 548

(و لو جامع (1) أمته المحرمة بإذنه محلاّ فعليه بدنة أو بقرة أو شاة، فإن عجز عن البدنة و البقرة فشاة أو صيام ثلاثة أيّام)، هكذا وردت الرواية (2) و أفتى بها (3) الأصحاب، و هي (4) شاملة بإطلاقها ما لو أكرهها

**********

شرح:

بالشاة.

الجزور - بفتح الجيم -: من الإبل خاصّة يقع على الذكر و الانثى، جمعه: جزر و جزورات.

و قيل: الجزور الناقة التي تنحر. (أقرب الموارد).

(1)يعني لو جامع الحاجّ المحلّ أمته المحرمة بإذنه وجبت عليه بدنة أو بقرة أو شاة.

بمعنى أنه يتخيّر بين أحد هذه الثلاثة، فلو عجز عن البدنة و البقرة تخيّر بين الشاة و صيام ثلاثة أيّام.

قوله «محلاّ» حال من ضمير مقدّر في قوله «جامع» و يرجع الى المولى المعلوم بالقرينة.

(2)أمّا الحكم المذكور فقد ورد في الرواية المنقولة في الوسائل:

عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السّلام أخبرني عن رجل محلّ وقع على أمة له محرمة، قال: موسرا، أو معسرا؟ قلت: أجبني فيهما، قال: هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها؟ أو أحرمت من قبل نفسها؟ قلت: أجنبي فيهما، فقال: إن كان موسرا و كان عالما انّه لا ينبغي له و كان هو الذي أمرها بالإحرام فعليه بدنة، و إن شاء بقرة، و إن شاء شاة، و إن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شيء عليه موسرا كان أو معسرا، و إن كان أمرها و هو معسر فعليه دم شاة أو صيام.

(الوسائل: ج 9 ص 263 ب 8 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 2).

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الرواية.

(4)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى الرواية أيضا. يعني أنّ إطلاق الرواية في صورة كون الأمة مكرهة أو مطاوعة.

ص: 549

أو طاوعته (1)، لكن مع مطاوعتها يجب عليها الكفّارة أيضا (2) بدنة، و صامت عوضها ثمانية عشر يوما مع علمها بالتحريم، و إلاّ فلا شيء عليها.

و المراد بإعساره (3) الموجب للشاة (4) أو الصيام إعساره عن البدنة و البقرة، و لم يقيّد في الرواية و الفتوى الجماع بوقت (5) فيشمل سائر (6) أوقات إحرامها التي يحرم الجماع بالنسبة إليه، أمّا بالنسبة إليها فيختلف الحكم كالسابق (7)، فلو كان قبل الوقوف بالمشعر فسد حجّها مع

**********

شرح:

(1)أي طاوعت الأمة مولاها.

(2)فكما تجب البدنة على المولى كذلك تجب على الأمة أيضا.

و لو أنها لا تملك شيئا وجب عليها صيام ثمانية عشر يوما بدل البدنة بشرط علم الأمة بالحرمة، فلو كانت جاهلة بتحريم الجماع فلا يجب عليها شيء.

و الضميران في قوليه «علمها» و «عليها» يرجعان الى الأمة.

(3)أي المراد من إعسار المولى في الرواية المذكورة بقوله عليه السّلام «و هو معسر فعليه دم شاة أو صيام» ليس فقر المولى بل المراد عدم تمكّنه من البدنة و البقرة.

(4)أي الموجب للشاة أو الصيام مخيّرا بينهما.

(5)فإنّ الرواية مطلقة في الحكم المذكورة بالنسبة الى إحرام الأمة، و كذا الحال بالنسبة الى فتوى الأصحاب، فلا فرق في جماعها بين حال قبل وقوفها في المشعر و بعده بالنسبة الى وجوب الكفّارة المذكورة على المولى.

لكن بالنسبة الى نفس الأمة فيختلف حكم الجماع، ففي حال قبل المشعر يفسد حجّها مع المطاوعة و العلم، أمّا بعده فلا يفسد حجّها.

(6)أي جميع الأوقات في إحرامها التي يحرم على المولى الجماع فيها.

و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى المولى.

(7)كما مرّ في الجماع قبل الوقوف في المشعر فيبطل الحجّ ، و بعد الوقوف فلا يفسد الحجّ في حقّ غير الأمة، فيكون الحكم في حقّها أيضا كذلك.

ص: 550

المطاوعة و العلم. و احترز ب «المحرمة بإذنه» (1) عمّا لو فعلته بغيره، فإنّه (2) يلغو فلا شيء عليهما، و لا يلحق بها (3) الغلام المحرم بإذنه (4) و إن كان (5) أفحش، لعدم النصّ (6) و جواز (7) اختصاص الفاحش بعدم الكفّارة

**********

شرح:

(1)يعني احترز المصنّف رحمه اللّه في قوله «أمته المحرمة بإذنه» عن الأمة التي أحرمت بدون إذن مولاها، فإنّ إحرامها كذلك يكون لغوا فلا يجب شيء بالجماع معها، لا عليها و لا على مولاها.

و فاعل قوله «فعلته» مستتر يرجع الى الأمة، و الضمير فيه يرجع الى الإحرام، و الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الإذن.

(2)أي أنّ إحرامها هذا يكون لغوا. و الضمير في قوله «عليهما» يرجع الى المولى و الأمة.

(3)يعني لا يلحق بالأمة الجماع مع الغلام المحرم بإذن المولى و إن كان الجماع منه حال الإحرام أشدّ معصية.

(4)قوله «المحرم بإذنه» صفة للغلام. يعني أنّ الغلام اذا أحرم بإذن المولى ثمّ جامع معه مولاه لا يلحق حكمه بحكم الأمة المحرمة بإذن مولاها الذي جامعها، و لا يجب على المولى أحد من الثلاثة المذكورة - البدنة أو البقرة أو الشاة -.

(5)اسم كان مستتر يرجع الى الجماع مع الغلام. يعني أنّ ذلك و إن كان أشدّ معصية لأنّ الأمة في غير حال الإحرام حلال لمولاها بخلاف الغلام فإن اللواط معه من المعاصي.

(6)هذا دليل أول على عدم لحوق الجماع مع الغلام بالجماع مع الأمة في حال الإحرام و هو عدم النصّ .

(7)بالجرّ، لدخول لام التعليل فيه، و هذا دليل ثان على عدم اللحوق لإمكان اختصاص الأفحش بعدم الكفّارة للعقوبة عليه يوم القيامة، فإنّ جواز الكفّارة

ص: 551

عقوبة كسقوطها (1) عن معاود الصيد عمدا للانتقام.

لو نظر الى أجنبية فأمنى

(و لو نظر (2) الى أجنبية فأمنى) من غير قصد له (3) و لا عادة (4)(فبدنة للموسر (5)) أي عليه (و بقرة للمتوسط و شاة للمعسر)، و المرجع في المفهومات الثلاثة (6) الى العرف.

و قيل: ينزل (7) ذلك على الترتيب، فتجب البدنة على القادر عليها،

**********

شرح:

يوجب أن يعاقب المرتكب بالعذاب أو يخفّف عنه العقاب، فالفاحش الذي لا كفّارة فيه يبقى عذابه الى يوم القيامة.

(1)تمثيل بعدم الكفّارة عقوبة، فإنّ المحرم اذا ارتكب الصيد وجبت عليه الكفّارة، فاذا عاد فلا كفّارة عليه عقوبة و انتقاما.

(2)فاعل قوله «نظر» مستتر يرجع الى المحرم. يعني لو نظر المحرم الى امرأة أجنبية فخرج المني منه بلا قصد و لا عادة منه بل حصل المني منه اتّفاقا وجبت عليه البدنة أو البقرة أو الشاة في الحالات الثلاث التي سيذكرها، لكن لو حصل المني مع القصد و كانت من عادته الإمناء فيكون مثل المستمني الذي سيذكر كفّارته قريبا.

(3)الضمير في قوله «له» يرجع الى الإمناء المفهوم من قوله «فأمنى» مثل قوله تعالى: اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (1) . (المائدة: 8). فإنّ الضمير فيه يرجع الى المعدّل المعلوم من قوله «اعدلوا».

(4)كما اذا لم يكن من عادته خروج المني بالنظر الى الأجنبية و إلاّ يكون كالمستمني.

(5)اللام في قوله «للموسر» بمعنى على الموسر. يعني تجب البدنة على عهدة المحرم الذي يكون موسرا، فلذا قال الشارح رحمه اللّه «أي عليه».

(6)و هي كون المحرم موسرا أو متوسطا أو معسرا، فالملاك في تشخيصها هو العرف.

(7)بصيغة المجهول من باب التفعيل. يعني يتحمّل الكفّارات الثلاث المذكورة على الترتيب.

ص: 552


1- سوره 5 - آیه 8

فإن عجز عنها فالبقرة، فإن عجز عنها فالشاة، و به (1) قطع في الدروس، و الرواية تدلّ على الأول (2)، و فيها أنّ الكفّارة للنظر (3) لا للإمناء، و لو قصده (4) أو كان من عادته فكالمستمني و سيأتي.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «به» يرجع الى التنزيل المذكور. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قطع بوجوب الترتيب بين المذكورين، فقال قدّس سرّه: النظر الى غير أهله فيمنى يوجب بدنة، فإن عجز فبقرة، فإن عجز فشاة. و في رواية أبي بصير: على الموسر بدنة و على المتوسط بقرة و الفقير شاة. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 371).

(2)المراد من «الأول» هو وجوب كلّ واحد من الثلاث المذكورة في حالات المحرم الثلاث.

أمّا الرواية الدالّة على الأول فمنقولة في الوسائل:

عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل محرم نظر الى ساق امرأة فأمنى، فقال: إن كان موسرا فعليه بدنة، و إن كان وسطا فعليه بقرة، و إن كان فقيرا فعليه شاة، ثمّ قال: أمّا أني لم أجعل عليه هذا لأنه أمنى، إنّما جعلته عليه لأنه نظر الى ما لا يحلّ له. (الوسائل: ج 9 ص 272 ب 16 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 2).

(3)يعني أنّ في الرواية المذكورة دلالة على أنّ الكفّارة للنظر لا لحصول المني كما في قوله عليه السّلام «إنّما جعلته عليه لأنه نظر الى ما لا يحلّ له». يعني أنّ الإمام عليه السّلام صرّح بجعل الكفّارة للنظر الحرام لا للإمناء الحاصل من النظر، و الحال أنّ المصنّف رحمه اللّه جعل وجوب الكفّارة للإمناء في قوله «و لو نظر الى أجنبية فأمنى».

و الحاصل: إنّ المروي غير مفتيّ به بين الفقهاء.

و الضمير في قوله «و فيها» يرجع الى الرواية.

(4)فاعل قوله «قصده» مستتر يرجع الى المحرم، و الضمير المفعولي يرجع الى

ص: 553

(و لو نظر الى زوجته بشهوة فأمنى فبدنة) (1)، و في الدروس جزور (2).

و الظاهر إجزاؤهما (3)،(و بغير شهوة لا شيء) و إن أمنى، ما لم يقصده (4) أو

**********

شرح:

الإمناء. يعني لو قصد المحرم من النظر الى الأجنبي الإمناء أو كان من عادته خروج المني فهو في حكم من استمنى، و سيأتي حكمه قريبا.

(1)جواب لقوله «لو نظر الى زوجته» فالمحرم اذا نظر الى زوجته بالشهوة و خرج المني وجب عليه البدنة، و لو نظر بلا شهوة و خرج المني فلا يجب عليه شيء بالشرط الذي سيذكره.

(2)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في الدروس بوجوب جزور و هو الإبل ذكرا كان أو انثى، فإنّه عامّ و البدنة خاصّ ، بمعنى الإبل الانثى التي كملت الخمسة، حيث قال قدّس سرّه: لو نظر الى أهله بغير شهوة فلا شيء عليه و إن أمنى، و لو كان بشهوة فأمنى فجزور. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 371).

(3)الضمير في قوله «إجزاؤهما» يرجع الى البدنة و الجزور.

و الدليل على إجزاء الجزور هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن مسمع أبي سيّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا سيّار إنّ حال المحرم ضيّقة (الى أن قال:) و من مسّ امرأته بيده و هو محرم على شهوة فعليه دم شاة، و من نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، و من مسّ امرأته أو لازمها عن غير شهوة فلا شيء عليه. (الوسائل: ج 9 ص 274 ب 17 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 3).

و لا يخفى أنّ الجزور أعمّ من البدنة فيشمله و لا يحتاج الى دليل، لكنّ الرواية الدالّة على البدنة منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (الى أن قال:) و قال في المحرم ينظر الى امرأته، أو ينزّلها بشهوة حتّى ينزل، قال: عليه بدنة. (المصدر السابق: ح 1).

(4)الضمير في قوله «يقصده» يرجع الى الإمناء. يعني اذا نظر المحرم الى زوجته بلا

ص: 554

يعتدّه،(و لو مسّها (1) فشاة إن كان بشهوة و إن لم يمن، و بغير شهوة لا شيء) و إن أمنى، ما لم يحصل أحد الوصفين (2)،(و في تقبيلها بشهوة جزور) أنزل أم لا، و لو طاوعته (3) فعليها مثله،(و بغيرها) أي بغير شهوة (شاة) (4) أنزل أم لا، مع عدم الوصفين (5).

لو أمنى بالاستمناء أو بغيره من الأسباب فبدنة

(و لو أمنى (6) بالاستمناء أو بغيره من الأسباب التي تصدر عنه فبدنة).

**********

شرح:

شهوة فاتّفق خروج المني منه بلا قصد الإمناء فلا شيء عليه.

و العجب في هذا الشرط بأنّ الفرض هو النظر بلا شهوة فكيف يتصوّر قصد خروج المني بالنظر كذلك.

و الضمير في قوله «يعتدّه» أيضا يرجع الى الإمناء.

(1)يعني لو مسّ المحرم بدن زوجته بشهوة وجبت الشاة و بغير شهوة فلا شيء عليه و إن خرج المني.

(2)المراد من «الوصفين» هو قصد الإمناء و العادة عليه.

(3)فلو أطاعت الزوجة في تقبيل الزوج وجبت عليها أيضا الجزور.

(4)مبتدأ مؤخّر لخبر مقدّم و هو قوله «و بغيرها».

(5)فلو أنزل عند التقبيل بغير شهوة وجبت عليه الشاة بشرط عدم قصده الإنزال و عدم العادة منه، فلو وجد أحد الوصفين يكون كالمستمني، و سيشير الى كفّارته قريبا.

(6)فاعل قوله «أمنى» مستتر يرجع الى المحرم. يعني لو خرج المني من المحرم بفعل الاستمناء أو بغير فعل الاستمناء مثل أن يتجسّم المرأة الجميلة فيخرج المني وجبت عليه البدنة.

و الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الاستمناء.

و قوله «من الأسباب التي تصدر عنه» بيان لغيره.

و الضمير في قوله «عنه» يرجع الى المحرم.

ص: 555

و هل يفسد به (1) الحجّ مع تعمّده و العلم بتحريمه ؟ قيل: نعم، و هو (2) المرويّ من غير معارض. و ينبغي تقييده (3) بموضع يفسده الجماع.

و يستثنى من الأسباب التي عمّمها (4) ما تقدّم من المواضع التي لا توجب البدنة بالإمناء و هي كثيرة.

لو عقد المحرم أو المحلّ لمحرم على امرأة

(و لو عقد المحرم (5) أو المحلّ لمحرم على امرأة فدخل فعلى كل)

**********

شرح:

(1)يعني هل يبطل الحجّ بالاستمناء مع العلم و العمد؟ قال بعض الفقهاء: يبطل حجّه اذا استمنى قبل الوقوف بالمشعر، مثل الجماع الذي يفسد به الحجّ اذا وقع قبل المشعر، أمّا بعده فلا يفسد بل تجب عليه الكفّارة.

(2)أي أنّ فساد الحجّ بالاستمناء بشرط وقوعه قبل المشعر مروي.

و الرواية المستندة إليها منقولة في الوسائل:

عن إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى ؟ قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم بدنة و الحجّ من قابل. (الوسائل: ج 9 ص 272 ب 15 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 1).

فالرواية تدلّ على فساد الحجّ و لا يوجد معارض على عدم البطلان.

(3)الضمير في قوله «تقييده» يرجع الى الإفساد. يعني يلزم تقييد القول بفساد الحجّ بوقوع الاستمناء قبل المشعر كما قيّد ذلك في الجماع.

(4)يعني عمّم المصنّف رحمه اللّه أسباب الاستمناء بقوله «من الأسباب التي تصدر عنه» فإنّه شامل لما تقدّم من قوله «و لو نظر الى أجنبية فأمنى» و من قوله «و لو نظر الى زوجته بشهوة فأمنى».

فيجب استثناء المواضع التي ذكر الكفّارة فيها، فإنّ في بعضها لا تجب البدنة و لو خرج المني مثل المسّ و التقبيل.

(5)يعني لو أجرى المحرم عقدا لشخص محلّ أو أجرى المحلّ عقدا لشخص محرم

ص: 556

(منهما) أي من العاقد و المحرم المعقود له (بدنة)، و الحكم بذلك (1) مشهور، بل كثير منهم (2) لا ينقل فيه خلافا، و مستنده (3) رواية سماعة، و موضع الشكّ (4) وجوبها على العاقد المحلّ . و تضمّنت أيضا وجوب الكفّارة على المرأة المحلّة (5) مع علمها بإحرام الزوج. و فيه (6) إشكال، لكن

**********

شرح:

على امرأة فدخل المعقود بالمرأة المعقودة فعلى كلّ واحد من العاقد و المعقود عليه بدنة.

(1)أي الحكم بوجوب البدنة لكليهما مع الدخول مشهور بين الفقهاء.

(2)كأنّ المسألة إجماعية لعدم وقوع الخلاف فيها بين كثير من الفقهاء.

(3)مستند الحكم المذكور هو رواية سماعة بن مهران المنقولة في الوسائل:

عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوّج محرما و هو يعلم أنه لا يحلّ له، قلت: فإن فعل فدخل بها المحرم ؟ قال: إن كانا عالمين فإنّ على كلّ واحد منهما بدنة، و على المرأة إن كانت محرمة بدنة، و إن لم تكن محرمة فلا شيء عليها إلاّ أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوّجها محرم، فإن كانت علمت ثمّ تزوّجته فعليها بدنة. (الوسائل: ج 9 ص 279 ب 21 من أبواب كفّارات الاستمتاع ح 1).

(4)يعني لا شكّ في وجوب الكفّارة على المحرم إنّما الشكّ في خصوص المحلّ الذي عقد المحرم.

(5)فإنّ الرواية دلّت بوجوب البدنة على المرأة التي لم تكن محرمة بقوله عليه السّلام «فإن كانت علمت ثمّ تزوّجته فعليها بدنة». يعني أنّ المرأة المحلّة التي علمت بأنها تزوّجها المحرم تجب الكفّارة عليها أيضا.

(6)الضمير في قوله «و فيه» يرجع الى وجوب الكفّارة على المرأة المحلّة. و وجه الإشكال هو عدم كونها محرمة، و الرواية الدالّة على وجوبها ضعيفة السند لوقوع سماعة بن مهران فيه و هو واقفي كما قيل.

ص: 557

هنا (1) قطع المصنّف في الدروس بعدم الوجوب عليها (2).

و في الفرق (3) نظر، و ذهب جماعة الى عدم وجوب شيء على المحلّ فيهما (4) سوى الإثم، استنادا الى الأصل (5)، و ضعف مستند (6) الوجوب أو بحمله على الاستحباب، و العمل بالمشهور أحوط (7).

نعم لو كان الثلاثة (8) محرمين وجبت على الجميع، و لو كان العاقد

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «هنا» هو وجوب الكفّارة على المرأة المحلّة، و لا يخفى لزوم الإشكال المذكور في حقّ الرجل المحلّ أيضا.

(2)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى المرأة المحلّة المعقودة، فإنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس حكم بالقطع بعدم وجوب الكفّارة على المرأة المحلّة المعقودة، حيث قال قدّس سرّه لو عقد المحرم على امرأة و دخل فعلى كلّ واحد كفّارة و إن كان العاقد محلاّ، و لو كانت المرأة محلّة فلا شيء عليها. (الدروس الشرعية: ج 1 ص 372).

(3)أي في الفرق بين العاقد المحلّ بوجوب الكفّارة عليه و المرأة المحلّة في عدم وجوب الكفّارة عليها - كما في الدروس - إشكال.

فلو عمل بالرواية المذكورة حكم بوجوب الكفّارة على كليهما، و لو لم يعمل بها لضعف سندها بوجود سماعة بن مهران فلا يحكم بوجوبها على كليهما.

(4)قال جماعة من الفقهاء بعدم وجوب شيء للعاقد المحلّ و المرأة المحلّة إلاّ الإثم.

(5)المراد من «الأصل» هو جريان أصالة البراءة في الشبهة الوجوبية التكليفية.

(6)كما ذكرنا كرارا وجه ضعفها هو وجود سماعة بن مهران الواقفي في سندها.

(7)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنّ العمل بما أفتاه المشهور من وجوب الكفّارة على العاقد المحلّ أيضا يطابق الاحتياط .

(8)المراد من «الثلاثة» هو العاقد و المعقود و المعقودة بأن كانوا محرمين فتجب

ص: 558

و المرأة محرمين خاصّة (1) وجبت الكفّارة على المرأة مع الدخول، و العلم بسببه لا بسبب العقد، و في وجوبها (2) على العاقد الإشكال، و كذا الزوج (3).

(و العمرة المفردة إذا أفسدها) بالجماع قبل إكمال سعيها (4) أو غيره (قضاها في الشهر الداخل، بناء على أنه (5) الزمان بين العمرتين)،

**********

شرح:

حينئذ عليهم الكفّارة.

(1)بأن لا يكون الزوج محرما بل كان العاقد و المرأة المعقودة محرمين فدخل الزوج عليها فحينئذ تجب الكفّارة على المرأة لحصول الجماع لا بسبب وقوع العقد في حال إحرامها.

(2)يعني و في وجوب الكفّارة على العاقد المحرم إشكال.

(3)أي و كذا الإشكال المتقدّم يجيء في خصوص الزوج المحلّ أيضا لعدم دخولهما في مضمون الرواية.

من حواشي الكتاب: أي مع الدخول، و إلاّ فلا إشكال في عدم وجوب شيء على أحدهم. و وجه الإشكال في العاقد مع الدخول حينئذ أنه غير موضع النصّ و الشهرة مع أنه خلاف الأصل، فإنّ الشهرة و النصّ فيما اذا كان الزوج محرما فعقد و دخل، و كذا الزوج، و لا يخفى أنه غير الإشكال السابق في كلامه. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(4)لا يجوز الجماع للمعتمر قبل سعي العمرة. فلو أفسد العمرة بالجماع قبل السعي أو بغير الجماع من المبطلات وجب قضاء العمرة في الشهر القادم.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الجماع، و في قوله «قضاها» يرجع الى العمرة.

و المراد من قوله «الشهر الداخل» هو الشهر الآتي.

(5)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى الشهر.

ص: 559

و لو جعلناه (1) عشرة أيّام اعتبر بعدها. و على الأقوى (2) من عدم تحديد وقت بينهما يجوز قضاؤها معجّلا بعد إتمامها (3) و إن كان الأفضل التأخير (4)، و سيأتي ترجيح المصنّف عدم التحديد (5).

في لبس المخيط و ما في حكمه شاة

(و في لبس (6) المخيط و ما في حكمه شاة) و إن اضطرّ (7)،

في لبس الخفّين و الطيب و قص الأظفار شاة

(و كذا) تجب الشاة (في لبس الخفّين) (8) أو أحدهما،(أو)

**********

شرح:

و لا يخفى أنهم اختلفوا في مقدار الفاصل بين العمرتين، فقال البعض بوجوب الفاصل بينهما بشهر، و الآخرون بعشرة أيام، و البعض الآخر بوجوب الفاصلة بسنة.

(1)الضمير في قوله «جعلناه» يرجع الى الزمان. يعني لو قلنا بلزوم الفصل بين العمرتين بعشرة أيّام وجب قضاؤها بعد عشرة أيّام.

و الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى عشرة أيّام.

(2)هذا نظر الشارح رحمه اللّه و هو القول بعدم اشتراط الفصل بين العمرتين، فحينئذ يجوز التعجيل لقضاء العمرة التي أفسدها.

و الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى العمرتين.

(3)بمعنى أنّ المعتمر يجب عليه إتمام العمرة التي أفسدها بالجماع.

(4)أي أنّ الأفضل تأخير قضاء العمرة الفاسدة و عدم تعجيلها.

(5)فإنّ المصنّف رحمه اللّه يرجّح عدم وجوب التحديد بين العمرتين لا بعشرة أيّام و لا بشهر و لا بغيرهما، و ذلك عند قوله قدّس سرّه في خاتمة الكتاب «و قيل: لا حدّ و هو حسن».

(6)خبر مقدّم لقوله «شاة». يعني اذا لبس المحرم الثوب المخيط أو ما في حكم المخيط وجب عليه شاة. و المراد من «ما في حكمه» هو الأثواب المحوكة بصورة المخيط .

(7)أي لا فرق في وجوب الشاة بين اضطراره أم لا.

(8)يعني و كذا تجب الشاة اذا لبس المحرم الخفّين أو أحدهما.

ص: 560

(الشمشك) (1) بضمّ الشين و كسر الميم (أو الطيب (2) أو حلق الشعر) و إن قلّ مع صدق اسمه (3)، و كذا إزالته بنتف و نورة و غيرهما.

(أو قصّ الأظفار) (4) أي أظفار يديه و رجليه جميعا (في)

**********

شرح:

الخفّ - بضمّ الخاء و تشديد الفاء -: الذي يلبس في الرجل، سمّي به لخفّته، جمعه:

أخفاف و خفاف. (أقرب الموارد).

(1)بالجرّ، عطفا على الخفّين. يعني و كذا تجب الشاة اذا لبس المحرم الشمشك.

شمشك: بضمّ الشين و كسر الميم و سكون الشين الثاني. و الضبط كذلك على نظر الشارح رحمه اللّه و في المسالك.

شمشك - بفتح الشين الأول و الثاني و سكون الميم -: من ملابس الرعاة. (أقرب الموارد).

شمشك: بضمّ الشين الأول و الميم و سكون الشين الثاني. هكذا ذكره صاحب كشف اللثام و لم يقل بصحّة الضبط الذي ذكره الشهيد رحمه اللّه.

شمسك: بضمّ الشين و كسر الميم و سكون السين. هكذا ذكره البعض.

أقول: و الظاهر انّه يصنع من جلد الحيوان و تلبسه الرعاة، و يسمّى بالفارسي «چاروق».

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «في لبس المخيط » فتجب الشاة أيضا في استعمال الطيب.

(3)الضمير في قوله «اسمه» يرجع الى الحلق. يعني اذا صدق عليه اسم الحلق وجبت الشاة لا أخذ مقدار قليل من شعر الرأس فإنّه لا يصدق عليه الحلق، و هو أعمّ من إزالة شعر الرأس بموسى أو المقراض أو الإحراق أو النورة أو غير ذلك.

(4)يعني تجب الشاة في قصّ جميع أظفار اليدين و الرجلين في مجلس واحد، و كذلك في قصّ جميع أظفار اليدين أو الرجلين في مجلس واحد، فإن لم يكن

ص: 561

(مجلس (1)، أو يديه) خاصّة في مجلس (أو رجليه) كذلك (2)،(و إلاّ (3) فعن كلّ ظفر مدّ). و لو كفّر لما لا يبلغ الشاة (4) ثمّ أكمل اليدين أو الرجلين (5) لم تجب الشاة، كما أنه لو (6) كفّر بشاة لأحدهما (7) ثمّ أكمل الباقي في المجلس تعدّدت. و الظاهر أنّ

**********

شرح:

قصّها في مجلس واحد - أي قصّ أظفار يد واحدة أو رجل واحدة - وجب عن كلّ ظفر مدّ من الطعام.

(1)ظرف لقصّ جميع الأظفار.

(2)بأن قصّ أظفار اليد أو الرجل في مجلس واحد.

(3)استثناء عن كون المجلس واحدا. بمعنى أنه لو قصّ أظفار يد واحدة في مجلس وجب عليه خمسة أمداد من الطعام، و اذا قصّ أظفار أحد الرجلين في مجلس آخر وجب عليه عشرة أمداد من الطعام، و هكذا.

(4)كما اذا قصّ أظفار يد واحدة فكفّر عنها بخمسة أمداد ثمّ قصّ أظفار يده الاخرى فلا تجب عليه الشاة، بل يكفّر عن أظفار يده الاخرى أيضا بخمسة أمداد من الطعام.

(5)و هكذا في أظفار الرجلين اذا قصّ أظفار أحدهما و أعطى كفّارتها و هي أمداد من الطعام ثمّ أكمل قصّ جميع أظفار الرجلين فلا تجب الشاة، بل يكفّر لكلّ من الأظفار بمدّ من الطعام.

(6)و هذا فرع آخر في وجوب الشاتين، و هو اذا قصّ أظفار اليدين في مجلس واحد و أعطى الشاة كفّارة عنها ثمّ قصّ جميع أظفار الرجلين في المجلس المذكور وجبت عليه الشاة الاخرى، و لو اتّحد مجلس قصّ أظفار اليدين و الرجلين فإنّ التخلّل بالتكفير يوجب تعدّد الكفّارة.

(7)الضمير في قوله «لأحدهما» يرجع الى اليدين و الرجلين.

ص: 562

بعض (1) الظفر كالكلّ ، إلاّ أن يقصّه في دفعات مع اتّحاد الوقت (2) عرفا فلا يتعدّد فديته.

قلع شجرة من الحرم

(أو قلع (3) شجرة من الحرم صغيرة) غير ما استثني، و لا فرق هنا بين المحرم و المحلّ (4)، و في معنى قلعها: قطعها من أصلها (5)، و المرجع في الصغيرة و الكبيرة (6) الى العرف، و الحكم بوجوب شيء للشجرة مطلقا (7)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الظاهر من الأدلّة هو قصّ مقدار قليل من الظفر كقصّ جميعه في وجوب مدّ من الطعام.

(2)فلو قصّ ظفرا قليلا قليلا متعدّدا في مجلس واحد فلا يجب إلاّ مدّ واحد.

(3)أي تجب الشاة في قلع شجرة واحدة صغيرة من الحرم إلاّ ما استثني.

(4)فلا فرق في وجوب الشاة على من قلع شجرة الحرم بين كونه محرما أو محلاّ لأنّ ذلك من محرّمات الحرم لا الإحرام.

(5)يعني أنّ المحرم اذا قطع شجرة الحرم من أصلها و لم يقلعها فهو في حكم القلع في وجوب الشاة عليه.

(6)ستأتي كفّارة قلع الشجرة الكبيرة في قوله «و في الشجرة الكبيرة عرفا بقرة».

و الحاصل: إنّ الملاك في تشخيص الصغيرة و الكبيرة هو العرف.

(7)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين الصغيرة و الكبيرة. يعني أنّ الحكم بوجوب الكفّارة فيهما هو المشهور، و مستند المشهور رواية مرسلة منقولة في الوسائل:

عن موسى بن القاسم قال: روى أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: اذا كان في دار الرجل شجرة من الشجر الحرم لم تنزع، فإن أراد نزعها كفّر بذبح بقرة يتصدّق بلحمها على المساكين. (الوسائل: ج 9 ص 301 ب 18 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ح 3).

ص: 563

هو المشهور، و مستنده رواية مرسلة.

في الادّهان و قلع الضرس أو نتف إبطيه

(أو ادّهن بمطيّب) (1) و لو لضرورة (2)، أمّا غير المطيّب فلا شيء فيه و إن أثم.(أو قلع (3) ضرسه) مع عدم الحاجة إليه في المشهور، و الرواية به (4) مقطوعة، و في إلحاق السنّ به

**********

شرح:

(1)أي كذا تجب الشاة على المحرم اذا استعمل الدهن المعطّر في بدنه كما اذا عطّر الدهن بالمسك أو العنبر و استعملها، لكن لو لم يكن معطّرا لا تجب الكفّارة و إن كان حراما كما مرّ في محرّمات الإحرام.

و قوله «بمطيب» بصيغة اسم المفعول.

(2)يعني لا فرق في الحكم بوجوب الشاة عند استعمال الدهن المعطّر في حالة الضرورة، كما اذا احتاج الى استعماله لرفع مرض أو غيره.

(3)قوله «أو قلع» بصيغة الماضي. بمعنى أنه تجب الشاة على المحرم اذا قلع ضرسه مع عدم الحاجة الى القلع، و إلاّ لا تجب الكفّارة على المشهور، لكن غير المشهور من الفقهاء كالشيخ الطوسي رحمه اللّه أوجب الكفّارة في قلع الضرس مطلقا احتاج الى القلع أم لا.

و قوله «في المشهور» متعلّق الى عدم الحاجة إليه.

الضرس - بالكسر -: السنّ ، جمعه: ضروس و أضراس و هو مذكّر، و قد يؤنث، و المشهور أنّ الأضراس ما سوى الثنايا و الرباعيات و الأنياب و هي خمسة من كلّ جانب من الفكّين، و قد تكون أربعة. (أقرب الموارد).

(4)أي الرواية في وجوب الكفّارة المذكورة في قلع الضرس على المحرم مقطوعة، و المراد من «المقطوعة» هو الخبر المضمر لأنه لم يذكر فيه اسم الإمام المنقول عنه.

و الرواية المقطوعة منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن عيسى عن عدّة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان أنّ مسألة

ص: 564

وجه (1) بعيد، و على القول بالوجوب (2) لو قلع متعدّدا فعن كلّ واحد شاة و إن اتّحد المجلس.

(أو نتف إبطيه) (3) أو حلقهما،(و في أحدهما (4) إطعام ثلاثة مساكين)، أمّا لو نتف بعض كلّ منهما (5) فأصالة البراءة تقتضي عدم وجوب شيء،

**********

شرح:

وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شيء، محرم قلع ضرسه، فكتب عليه السّلام:

يهريق دما. (الوسائل: ج 9 ص 302 ب 18 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ح 3).

(1)مبتدأ مؤخّر، و خبره المقدّم هو قوله «و في إلحاق السنّ به». يعني و في إلحاق قلع المحرم السنّ بقلع الضرس من حيث الكفّارة وجه بعيد.

أقول: وجه الإلحاق أنّ الذنب في غير الأضراس أفحش لأنّ دية غير الأضراس أزيد من ديتها كما سيأتي في باب الديات، فاذا أوجبت الكفّارة في الأضراس التي ديتها أخفّ من غيرها ففي الغير تجب الكفّارة بطريق أولى، فجعل الشارح رحمه اللّه وجه إلحاق السنّ بالضرس بعيد، لكنّ الأضراس تطلق على مطلق السنّ أيضا كما عن الصحاح، فحينئذ لا يطلق عليه الإلحاق بل الرواية تدلّ على وجوب الكفّارة في مطلق السنّ ضرسا أو غيره.

(2)يعني بناء على وجوب الكفّارة في الأضراس فلو قلع متعدّدا منها فحينئذ تجب الشاة عن كلّ واحد منها و إن قلع متعدّدا منها في مجلس واحد.

(3)من موارد وجوب الشاة هو نتف المحرم إبطيه. يعني اذا نتف شعر إبطيه أو حلقهما تجب عليه الشاة، و في نتف شعر أحدهما يجب إطعام ثلاثة مساكين.

الإبط - بكسر الألف و سكون الباء -: باطن المنكب يذكّر و يؤنث، جمعه: آباط .

(أقرب الموارد).

(4)الضمير في قوله «أحدهما» يرجع الى الإبطين.

(5)بأن نتف مقدارا منهما فالأصل عدم وجوب شيء، لأنّ الشكّ حاصل في

ص: 565

و هو (1) مستثنى من عموم إزالة الشعر الموجب للشاة، لعدم وجوبها (2) لمجموعه، فالبعض أولى.

(أو أفتى بتقليم الظفر فأدمى المستفتي) (3). و الظاهر (4) أنه لا يشترط كون المفتي محرما لإطلاق النصّ (5)، و لا

**********

شرح:

التكليف، و الشبهة وجوبية، و البراءة جارية في الشبهات الوجوبية كما حقّق في الاصول.

(1)الضمير يرجع الى نتف البعض، و كأنّ هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنه يجب على المحرم الشاة اذا أزال شعرا من بدنه فكيف يحكم في إزالة مقدار من شعر إبطه بعدم وجوب شيء؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ إزالة شعر بعض الإبط مستثنى من عموم إزالة الشعر الموجب للشاة، لأنّ الشاة تجب اذا نتف جميع شعر الإبطين فلا يحكم بوجوبها في نتف البعض.

(2)الضمير في قوله «وجوبها» يرجع الى الشاة، و في قوله «لمجموعه» يرجع الى أحد الإبطين. يعني أنّ الشاة لا تجب اذا نتف جميع شعر إبط واحد، فعدم وجوبها في نتف بعض الإبط الواحد بطريق أولى.

(3)من موارد وجوب الشاة أيضا هو اذا أفتى شخص بجواز تقليم الظفر للمحرم فعمل بفتواه و جرى الدم حين تقليم ظفره.

(4)يعني أنّ الظاهر من الأدلّة عدم الفرق بين كون المفتي محرما أو محلاّ فتجب الشاة على المحلّ أيضا في المسألة.

(5)تعليل الحكم بوجوب الشاة على المفتي بلا فرق بين المحرم و المحلّ هو إطلاق النصّ .

و المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

ص: 566

كونه (1) مجتهدا. نعم يشترط صلاحيته للافتاء بزعم المستفتي ليتحقّق (2) الوصف ظاهرا. و لو تعمّد (3) المستفتي الإدماء فلا شيء على المفتي.

و في قبول قوله (4) في حقّه نظر، و قرّب المصنّف في الدروس (5) القبول، و لا شيء على المفتي في غير ذلك (6) للأصل

**********

شرح:

عن إسحاق الصيرفي قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام أنّ رجلا أحرم فقلّم أظفاره و كانت له إصبع عليلة فترك ظفرها لم يقصّه، فأفتاه رجل بعد ما أحرم فقصّه فأدماه، فقال: على الذي أفتى شاة. (الوسائل: ج 9 ص 294 ب 13 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ح 1).

(1)أي و لا يشترط كون المفتي مجتهدا. نعم، يشترط صلاحية المفتي للإفتاء بزعم المستفتي بأن اعتقد أنه يصلح للإفتاء.

(2)تعليل لصلاحية المفتي بالإفتاء بزعم المستفتي. و المراد من «الوصف» هو كونه مفتيا و لا يخرج عن مورد الرواية.

(3)بأن أجرى المستفتي الدم من ظفره عند التقليم فلا يجب على المفتي شيء بل تجب الكفّارة على المستفتي.

(4)الضمير في قوله «قبول قوله» يرجع الى المستفتي، و في قوله «حقّه» يرجع الى المفتي. يعني هل تجب الكفّارة على المفتي بقبول قول المستفتي بأنه عمل بفتواه و أدمى ظفره أم لا يجب القبول و لا تجب على المفتي الشاة ؟ فيه إشكال.

(5)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بأنّ الأقرب هو القبول و وجوب الكفّارة على المفتي. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 383).

(6)فلو أفتى المفتي بجواز الحلق مثلا لا تجب عليه كفّارته. و كذا اذا أفتى بجواز العقد أو غيره من محرّمات الإحرام لأنّ رواية إسحاق الصيرفي الآنفة الذكر وردت في خصوص قلم الظفر و إدماء الدم.

ص: 567

مع احتماله (1).

في الجدال شاة

(أو جادل) (2) بأن حلف بإحدى الصيغتين (3) أو مطلقا (4)(ثلاثا صادقا) من غير ضرورة إليه كإثبات (5) حقّ أو دفع باطل يتوقّف عليه، و لو زاد الصادق عن ثلاث (6) و لم يتخلّل التكفير فواحدة عن الجميع، و مع تخلّله (7) فلكلّ ثلاث شاة،(أو واحدة (8) كاذبا، و في اثنتين (9) كاذبا)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «احتماله» يرجع الى وجوب شيء على المفتي بدليل قوله عليه السّلام أنّ كلّ مفت ضامن. (وسائل الشيعة: ج 18 ص 161 ب 7 من أبواب آداب القاضي ح 2).

(2)يعني و كذا تجب الشاة اذا جادل ثلاثا صادقا. و المراد من «الجدال» ليس معناه اللغوي لأنّ المجادلة هي المخاصمة، بل المراد منه هنا هو الحلف بصيغة: لا و اللّه، و بلى و اللّه - ثلاث مرّات -.

(3)بصيغة: لا و اللّه، و بلى و اللّه.

(4)أي بلا فرق بين الصيغتين و غيرهما كالرحمن و أمثاله كما مرّ في محرّمات الإحرام القول بحرمة مطلق الحلف بأسماء اللّه تعالى.

(5)مثال للضرورة على الحلف. و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى الحلف، و كذلك في قوله «عليه».

(6)يعني لو حلف المحرم صادقا أزيد من ثلاث مرّات و لم يكفّر الثلاث قبل الزائد عنها فلا يجب إلاّ شاة واحدة عن الجميع.

(7)الضمير في قوله «تخلّله» يرجع الى التكفير. يعني لو كفّر الثلاث لا تجب إلاّ اذا بلغ ثلاثا اخر فتجب لها شاة اخرى، و هكذا.

(8)بالنصب، عطفا على قوله «ثلاثا». يعني تجب الشاة اذا حلف واحدة كاذبا بصيغة: لا و اللّه، أو: بلى و اللّه.

(9)أي لو حلف كاذبا اثنتين تجب على المحرم بقرة، و في الحلف ثلاثا كاذبا تجب

ص: 568

(بقرة، و في الثلاث) فصاعدا (بدنة) إن لم يكفّر عن السابق (1)، فلو كفّر عن كلّ واحدة فالشاة، أو اثنتين فالبقرة. و الضابط اعتبار العدد السابق ابتداء (2)، أو بعد التكفير، فللواحدة شاة، و للاثنتين بقرة، و للثلاث بدنة.

في الشجرة الكبيرة بقرة

(و في الشجرة الكبيرة (3) عرفا بقرة) في المشهور، و يكفي فيها و في الصغيرة كون (4) شيء منها في الحرم سواء كان أصلها أم فرعها، و لا كفّارة في قلع الحشيش و إن أثم في غير الإذخر (5) و ما أنبته الآدمي، و محلّ

**********

شرح:

عليه البدنة.

(1)المراد من «السابق» هو الحلف الأول بالنسبة الى الحلفين، و الثاني بالنسبة الى الثلاثة. فلو أعطى كفّارة حلف الأول و هي الشاة فلا تجب للثاني إلاّ شاة اخرى، و هكذا، لكن لو لم يكفّر وجبت للحلفين بقرة و للثلاثة بدنة.

(2)و القاعدة ملاحظة الحلف السابق ابتداء، فلو حلف واحدا وجبت الشاة أو اثنتين وجبت البقرة أو ثلاثا وجبت البدنة. أو ملاحظته بعد التكفير، فلو كفّر الأول فلا يلاحظ هو مع الحلف الثاني.

(3)عطف على قوله «و في لبس المخيط و ما في حكمه شاة». يعني و في قلع الشجرة الكبيرة في الحرم تجب عليه البقرة بناء على المشهور من الفقهاء. (راجع الخلاف:

ج 1 ص 437).

و قوله «عرفا» قيد للشجرة الكبيرة.

(4)فاعل لقوله «و يكفي». يعني أنّ الملاك في الشجرة الحرمية التي تجب في قلعها البدنة اذا كانت كبيرة و الشاة اذا كانت صغيرة كون شيء من الشجرة في الحرم، سواء كان أصل الشجرة أو أغصانها. و الضمائر الثلاثة في «منها، أصلها، فرعها» ترجع الى الشجرة.

(5)فإنّ قلع الإذخر و النبات التي أنبته الشخص لا مانع من قلعهما، و قد مرّ

ص: 569

التحريم فيهما (1) الاخضرار، أمّا اليابس فيجوز قطعه مطلقا (2)، لا قلعه إن كان أصله ثابتا.

لو عجز عن الشاة في كفّارة الصيد

(و لو عجز عن الشاة في كفّارة الصيد) التي (3) لا نصّ على بدلها (فعليه إطعام عشرة مساكين) لكلّ مسكين مدّ،(فإن عجز صام ثلاثة أيّام)، و ليس في الرواية التي هي مستند الحكم (4) تقييد بالصيد، فتدخل الشاة

**********

شرح:

استثناؤهما في محرّمات الإحرام و ذكرنا معنى الإذخر. (راجع صفحة 254 من هذا الجزء).

(1)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى الشجر و الحشيش. يعني لا يحرم قطعهما إلاّ اذا كانا أخضر، فلو يبسا يجوز قطعهما.

(2)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق في جواز قطع اليابس منهما في كونهما ذو أصل أو لا، فقطعهما جائز، لكن قلع ذي الأصل لا يجوز اذا كان ثابتا في الأرض لاحتمال نباته أيضا، و الفرق بين القطع و القلع واضح.

(3)أي الشاة التي لا نصّ على بدلها مثل الشاة في كسر البيضة التي اذا عجز عنها كان الواجب إطعام عشرة مساكين، أو الشاة في الظبي و الثعلب و الأرنب و وجوب الفضّ اذا عجز عنها.

و الحاصل: إنّ الشاة التي في كفّارة الصيد لو لم يتعيّن بدلها عند العجز عنها فيعمل فيه بالقاعدة العمومية و هي إطعام عشرة مساكين، لكلّ مسكين مدّ، فإن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيّام.

و الضمير في قوله «بدلها» يرجع الى الشاة.

(4)أي الرواية التي ذكرت تلك القاعدة لم تقيّد فيها الشاة بالصيد، فالشاة الواجبة بغير الصيد مثل الواجبة بلبس المخيط داخلة في القاعدة أيضا.

ص: 570

الواجبة بغيره (1) من المحرّمات.

(و يتخيّر (2) بين شاة الحلق لأذى أو غيره، و بين إطعام عشرة) مساكين (لكلّ واحد مدّ، أو صيام ثلاثة) أيّام، أمّا غيرها (3) فلا ينتقل إليهما إلاّ مع

**********

شرح:

و الرواية المستندة منقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فإن لم يجد ما يشتري (به - خ ل) بدنة فأراد أن يتصدّق فعليه أن يطعم ستين مسكينا كلّ مسكين مدّا، فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام. و من كان عليه شيء من الصيد فداؤه بقرة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فمن لم يجد فليصم تسعة أيّام، و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام. (الوسائل: ج 9 ص 186 ب 2 من أبواب كفّارات الصيد ح 11).

و لا يخفى أنّ ما في خصوص الشاة لم يقيّد بكونها للصيد في قوله عليه السّلام «و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين».

(1)الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى الصيد. يعني فتدخل في القاعدة المذكورة الشاة التي وجبت بغير الصيد من المحرّمات، مثل لبس المخيط أو قصّ الأظفار أو استعمال الطيب و غيرها من المحرّمات التي تجب فيها الشاة.

(2)أي من وجبت عليه الشاة لحلق رأسه لدفع الأذى أو لغير ذلك يتخيّر بين الشاة و بين إطعام عشرة مساكين و بين صيام ثلاثة أيّام.

(3)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى الشاة في حلق الرأس. يعني أنّ حكم التخيير جار في الشاة لحلق الرأس لا في غيرها، بل تجب الشاة في غير حلق الرأس واجبا معيّنا لكن عند العجز ينتقل الى الإطعام و الصيام بنحو الترتيب.

و الحاصل: إنّ الواجب في شاة حلق الرأس تخييري و في شاة غيره ترتيبي.

ص: 571

العجز عنها، إلاّ في (1) شاة وط ء الأمة فيتخيّر بينها و بين الصيام كما مرّ.

في شعر سقط من لحيته أو رأسه بمسّه كفّ من طعام

(و في شعر (2) سقط من لحيته أو رأسه) قلّ (3) أم كثر (بمسّه (4) كفّ من طعام، و لو كان (5) في الوضوء) واجبا أم مندوبا (فلا شيء). و ألحق به (6) المصنّف في الدروس الغسل و هو (7) خارج عن مورد النصّ ،

**********

شرح:

(1)استثناء من الواجب الترتيبي. يعني المولى اذا وطئ أمته تجب عليه الشاة لكن مخيّرا بين الشاة و الصيام، كما مرّ في قول المصنّف رحمه اللّه في بحث كفّارة باقي المحرّمات صفحة 529 حيث قال قدّس سرّه «فإن عجز عن البدنة و البقرة فشاة أو صيام ثلاثة أيّام».

(2)خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر و هو قوله «كفّ من طعام». يعني اذا مسّ المحرم يده على لحيته أو على رأسه فسقط منهما الشعر وجب عليه كفّ من طعام.

(3)فاعل قوله «قلّ » مستتر يرجع الى الشعر. و كذلك في قوله «كثر». يعني لا فرق في قلّة الشعر الساقط و كثرته.

(4)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «سقط ».

(5)اسم كان مستتر يرجع الى سقوط الشعر من اللحية و الرأس بمسّه. يعني لو سقط في الوضوء - واجبا أو مندوبا - فلا يجب عليه شيء.

(6)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس ألحق بالوضوء سقوط الشعر بمسّه في حال الغسل أيضا. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 382).

(7)الضمير يرجع الى الغسل. يعني أنّ الغسل لم يذكر في النصّ .

و المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن الهيثم بن عروة التميمي قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة أو شعرتان، فقال: ليس بشيء، ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (1) . (الوسائل: ج 9 ص 299 ب 16 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ح 6).

ص: 572


1- سوره 22 - آیه 78

و التعليل (1) بأنه (2) فعل واجب فلا يتعقّبه فدية يوجب إلحاق التيمّم و إزالة النجاسة بهما (3) و لا يقول به.

تتكرّر الكفّارات بتكرّر الصيد عمدا أو سهوا

(و تتكرّر الكفّارات بتكرّر الصيد عمدا أو سهوا)، أمّا السهو فموضع وفاق (4)، و أمّا تكرّره عمدا فوجهه صدق اسمه (5) الموجب له، و الانتقام (6) منه غير مناف لها، لإمكان الجمع بينهما. و الأقوى

**********

شرح:

(1)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «يوجب إلحاق... الخ».

و هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنّ الغسل واجب فاذا مسّ البدن للغسل و سقط الشعر لعمل واجب عليه فكيف يحكم بوجوب الكفّارة فيه ؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنه لو حكم بعدم وجوب الكفّارة بهذا التعليل يلزم الحكم بعدم وجوب الكفّارة اذا سقط الشعر عند التيمّم الواجب أو عند إزالة النجاسة أيضا، و الحال أنّ المستدلّ لا يقول بعدم الكفّارة فيهما.

(2)الضميران في قوليه «أنه» و «يتعقّبه» يرجعان الى الغسل.

(3)الضمير في قوله «بهما» يرجع الى الوضوء و الغسل الواجبين، و في قوله «لا يقول به» يرجع الى عدم الكفّارة، و الضمير الفاعلي يرجع الى المستدلّ .

(4)إنّ تكرّر الكفّارة عند تكرّر الصيد سهوا إجماعي، أمّا في صورة العمد فهو خلافي. قال المصنّف رحمه اللّه بالتكرّر، و وجه قول المصنّف رحمه اللّه صدق اسم الصيد الموجب لوجوب الكفّارة.

و قال الشارح رحمه اللّه بعدم تكرار الكفّارة بقوله «و الأقوى عدمه».

(5)الضمير في قوله «اسمه» يرجع الى الصيد، و في قوله «الموجب له» يرجع الى التكرار. يعني أنّ وجه القول بتكرار الكفّارة عند تكرار الصيد هو صدق اسم الصيد الذي يوجب تكرار الكفّارة.

(6)هذا مبتدأ، و خبره هو قوله «غير مناف لها».

ص: 573

عدمه (1) و اختاره المصنّف في الشرح للنصّ عليه صريحا في صحيحة ابن أبي عمير مفسّرا به الآية، و إن كان القول بالتكرار أحوط (2).

**********

شرح:

و هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو أنه ورد في القرآن وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ (1) . (المائدة: 95). يعني أنّ المحرم الصائد اذا عاد الى الصيد فينتقم اللّه تعالى يوم القيامة، و الانتقام ينافي قبول الكفّارة لأنّها تذهب الذنب فلا مجال للانتقام ؟

فأجاب الشارح رحمه اللّه عنه بأنّ الانتقام لا ينافي الكفّارة لإمكان الجمع بين الكفّارة و الانتقام، أو لأنّ الكفّارة تخفّف الذنب لا أنها تذهب الذنب.

(1)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى التكرار. يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه عدم تكرار الكفّارة اذا تكرّر الصيد عمدا، و اختار المصنّف رحمه اللّه ذلك القول في شرح الإرشاد.

و الضمير في قوله «و اختاره» يرجع الى القول بعدم تكرار الكفّارة.

و الدليل على عدم تكرار الكفّارة بتكرار الصيد عمدا هو التصريح في النصّ على عدم التكرار.

و المراد من «النصّ » هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم اذا قتل الصيد فعليه جزاؤه و يتصدّق بالصيد على مسكين، فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه و ينتقم اللّه منه و النقمة في الآخرة. (الوسائل: ج 9 ص 244 ب 48 من أبواب كفّارات الصيد ح 1).

قال صاحب الوسائل: حمله الشيخ و غيره على العمد.

و قدّمنا الإجماع في تكرار الكفّارة في خصوص الناسي في قول الشارح رحمه اللّه «أمّا السهو فموضع وفاق». و لذا حمل الرواية الدالّة على عدم التكرار على صورة العمد.

(2)قوله «أحوط » بالنصب، خبرا لكان. يعني أنّ القول بتكرار الكفّارة بتكرار الصيد عند العمد أيضا يطابق الاحتياط .

ص: 574


1- سوره 5 - آیه 95

و موضع (1) الخلاف العمد بعد العمد، أمّا بعد الخطأ (2) أو بالعكس (3) فيتكرّر قطعا، و يعتبر كونه (4) في إحرام واحد، أو في التمتّع مطلقا (5). أمّا لو تعدّد في غيره (6) تكرّرت.

تتكرّر الكفّارات بتكرّر اللبس للمخيط في مجالس

(و بتكرّر (7) اللبس) للمخيط (في مجالس)، فلو اتّحد المجلس لم يتكرّر، اتّحد جنس الملبوس (8) أم اختلف، لبسها (9) دفعة أم على التعاقب، طال

**********

شرح:

(1)أي أنّ الخلاف بين الفقهاء في تكرار الكفّارة و عدمه إنّما هو في الصيد عمدا بعد الصيد عمدا.

(2)يعني أمّا الصيد عمدا بعد الصيد خطأ فلا خلاف في تكرار الكفّارة فيه.

(3)بأن صاد أولا خطأ ثمّ صاد عمدا ففيه أيضا يحكم بالتكرار قطعا.

(4)يعني يعتبر في الخلاف المذكور أن يكون تكرار الصيد في إحرام واحد، كما اذا اصطاد مرّتين في حجّ التمتّع فلا فرق بين حجّه و عمرته لارتباط إحرامهما، أو اصطاد في إحرام عمرة مفردة مرّتين.

أمّا لو اصطاد في حجّ الإفراد مرّة و اصطاد في عمرته مرّة اخرى فذلك خارج عن محلّ الخلاف و يجب فيهما تكرار الكفّارة.

(5)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين تكرار الصيد في عمرته أو حجّه، أو وقوع أحد الصيدين في عمرته و الآخر في حجّه لأنهما مرتبطان.

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى التمتّع. يعني في غير التمتّع تتكرّر الكفّارة اذا وقع الصيد في إحرام الحجّ و العمرة لعدم ارتباطهما.

(7)عطف على قوله «بتكرّر الصيد». يعني تتكرّر الكفّارة أيضا اذا تكرّر لبس المخيط في مجالس متعدّدة.

(8)كما اذا لبس العباءة المخيط و القباء المخيط في مجلس واحد فلا تتكرّر الكفّارة.

(9)الضمير الفاعلي المقدّر فيه يرجع الى المحرم. و الضمير المؤنث في «لبسها»

ص: 575

المجلس (1) أم قصر،(و) بتكرّر (الحلق (2) في أوقات) متكثّرة عرفا و إن اتّحد المجلس (و إلاّ (3) فلا) يتكرّر.

و في الدروس جعل ضابط تكرّرها (4) في الحلق و اللبس و الطيب و القبلة تعدّد الوقت، و نقل ما هنا (5) عن المحقّق، و لم يتعرّض لتكرّر ستر

**********

شرح:

يرجع الى الثوب المخيط ، و التأنيث باعتبار الجمع.

و المراد من «اللبس دفعة» هو أن يجعل الثوب في بدنه دفعة واحدة في مقابل التعاقب بأن يلبسها لبسا بعد لبس.

(1)أي لا فرق في اتّحاد المجلس الموجب لعدم تكرّر الكفّارة بين كونه طويلا أو قصيرا.

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «اللبس». يعني و تتكرّر الكفّارة بتكرّر حلق الرأس أيضا في أوقات مختلفة و متكثّرة عرفا، مثل أن حلق شعر رأسه في الصبح ثمّ حلق في الظهر ثمّ حلق في العصر، فتجب ثلاث كفّارات و إن فعل الثلاث في مجلس واحد.

(3)استثناء عن الأوقات المتكثّرة، فلو لم يصدق تكثّر الأوقات عرفا بأن حلق رأسه دفعة ثمّ حلقه دفعة اخرى بلا فصل كثير عرفا فلا تتكرّر الكفّارة.

(4)الضمير في قوله «تكرّرها» يرجع الى الكفّارة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس جعل القاعدة في تكرار الكفّارة المذكورة تعدّد الوقت و إن اتّحد المجلس، و كذا الحال بالنسبة الى الاستمتاع باللبس و الطيب و القبلة. (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 390).

(5)المراد من «ما هنا» هو تكرّر الكفّارة في لبس المخيط اذا كان المجلس متعدّدا و إلاّ لا تتكرّر و إن اختلف زمان اللبس.

فنسب المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس ما ذكره في هذا الكتاب الى المحقّق رحمه اللّه.

(راجع شرائع الإسلام: ج 1 ص 297 و 298).

ص: 576

ظهر القدم و الرأس.

و الأقوى في ذلك (1) كلّه تكرّرها بتكرّره مطلقا (2)، مع تعاقب الاستعمال لبسا (3) و طيبا (4) و سترا (5) و حلقا (6) و تغطية (7) و إن اتّحد (8) الوقت و المجلس، و عدمه (9) مع إيقاعها دفعة بأن جمع (10) من الثياب جملة و وضعها على بدنه و إن اختلفت أصنافها (11).

**********

شرح:

(1)أي الأقوى عند الشارح رحمه اللّه في تكرّر الكفّارة لما ذكر هو تكرارها بتكرّر المذكورين، بلا فرق بين تعدّد المجالس و الأوقات و بين عدمه بشرط أن يكونوا متعاقبين.

(2)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين تعدّد المجالس و الأوقات و عدمه.

(3)بأن كان لبس المخيط لبسا بعد لبس.

(4)كما اذا استعمل الطيب مكرّرا متعاقبا و لو كان التكرار في مجلس واحد أو وقت كذلك.

(5)كما اذا ستر رجله مرّتين أو مرّات.

(6)كما اذا حلق رأسه مرّتين أو مرّات.

(7)مثل ان يغطي المحرم رأسه مرّات.

(8)الظاهر أنّ هذه الجملة تفسير لقوله «مطلقا».

(9)بالرفع، عطفا على قوله «تكرّرها». يعني أنّ الأقوى عنده عدم التكرار اذا أوقع المذكورين - اللبس و الطيب و الستر و الحلق و تغطية الرأس - في دفعة واحدة.

(10)هذا مثال إيقاع اللبس المتعدّد في دفعة واحدة، و هو أن يجمع المحرم الثياب المتعدّدة و جعلها على بدنه.

(11)الضمير في قوله «أصنافها» يرجع الى الثياب. بأن جمع الثياب و لبسها دفعة

ص: 577

لا كفّارة على الجاهل و الناسي في غير الصيد

(و لا كفّارة (1) على الجاهل و الناسي في غير الصيد)، أمّا فيه فتجب مطلقا، حتّى على غير المكلّف (2) بمعنى اللزوم في ماله أو على الولي.

(و يجوز تخلية الإبل) (3) و غيرها (4) من الدوابّ (للرعي في الحرم)، و إنّما يحرم مباشرة قطعه (5) على المكلّف محرما (6) و غيره.

**********

شرح:

واحدة قميصا و قباء و غير ذلك.

(1)أي لا تجب الكفّارة في المحرّمات المتقدّمة اذا ارتكبها المحرم جاهلا بأحكامها أو ناسيا بأن علم الحكم لكن ارتكبها نسيانا، إلاّ في ارتكاب الصيد فتجب الكفّارة فيه و إن كان جاهلا أو ناسيا.

(2)المراد من وجوب الكفّارة على غير المكلّف مع أنه لا تكليف عليه هو لزوم الكفّارة في ماله لو كان له مال، فلو لم يكن له مال فحينئذ تجب كفّارة صيد غير المكلّف على عهدة وليّه.

(3)يعني يجوز للمحرم أن يخلّي إبله للرعي في الحرم و لا يمنعها، فلا يحرم عليه اذا قلع أو قطع الإبل من حشيش الحرم، فإنّه يحرم على المحرم نفسه لا من تخلية إبله للرعي في الحرم.

(4)و كذلك لا تحرم تخلية غير الإبل مثل الفرس و البقر و غيرهما.

(5)الضمير في قوله «قطعه» يرجع الى الحشيش المعلوم بالقرينة. يعني يحرم على المحرم قطع حشيش الحرم بالمباشرة لا بسبب دابّته.

(6)أي لا فرق في حرمة قطع حشيش الحرم بين كون المكلّف في حال الإحرام أو كان محلاّ، لأنّ ذلك من محرّمات الحرم لا من محرّمات الإحرام.

ص: 578

الفصل السابع في الإحصار و الصدّ

اشارة

الفصل السابع (1) (في الإحصار (2) و الصدّ (3))

في معناهما

أصل الحصر (4) المنع، و المراد به هنا منع الناسك بالمرض عن نسك يفوّت (5) الحجّ ، أو العمرة بفواته مطلقا كالموقفين، أو عن

**********

شرح:

الإحصار و الصدّ (1)أي الفصل السابع من الفصول التي ذكرها في أوّل الكتاب بقوله «و فيه فصول»، و هذا هو الفصل الأخير منه في الإحصار و الصدّ.

(2)الإحصار من أحصر يحصر عن السفر: حبسه عنه. أحصره المرض و البول:

جعله يحصر نفسه. قال أبو عمرو الشيباني: حصرني الشيء و أحصرني أي حبسني. احصر الحاجّ أي حبسوا عن المضيّ لمرض أو خوف أو غيرهما. (أقرب الموارد).

(3)الصدّ من صدّ عنه صدّا و صدودا: أعرض عنه، و مال و هو صادّ، جمعه: صداد:

منعه و دفعه، و صرفه عنه، و منه: فلان مصدود من الخير. (أقرب الموارد).

(4)يعني أنّ الحصر في اللغة بمعنى المنع. لكنّ المراد منه في المقام هو كون الحاجّ ممنوعا من دوام النسك بسبب عروض المرض عليه.

(5)بيان للنسك الممنوع منها. يعني أنّ الحصر في كون الحاجّ ممنوعا من أعمال

ص: 579

النسك (1) المحلّل على تفصيل يأتي.

و الصدّ: (2) بالعدوّ و ما في معناه (3)، مع قدرة الناسك بحسب ذاته على الإكمال.

و هما (4) يشتركان في ثبوت أصل التحلّل

**********

شرح:

النسك التي يبطل الحجّ أو العمرة بتركها عمدا و لو اضطرارا مثل الموقفين.

و قوله «مطلقا» إشارة الى بطلان الحجّ و لو عند الاضطرار، مثل الوقوف في عرفة و المشعر.

(1)عطف على قوله «عن نسك يفوّت... الخ». يعني أنّ الحصر يتحقّق أيضا بمنع الحاجّ عن إتيان الأعمال التي بها يتحلّل عن الإحرام، مثل ما يأتي تفصيله.

(2)عطف على قوله «الحصر». يعني أنّ الصدّ أيضا منع الناسك عن نسك يفوّت الحجّ و العمرة بفواته أو عن النسك المحلّل، لكن بسبب العدوّ لا بالمرض.

(3)الضمير في قوله «معناه» يرجع الى العدوّ، مثل منع السيل و المطر و الاتّفاقات المانعة.

و الحاصل: إنّ الإحصار هو عدم تمكّن الانسان من الحجّ و العمرة لمرض، أمّا الصدّ فإنّه يقدر على إتيانهما لكنه يمنع من عدوّ أو سيل أو غيرهما.

(4)الضمير يرجع الى الحصر و الصدّ. يعني أنهما يشتركان في جواز التحلّل بسببهما بإرسال الهدي أو بذبحه كما يفصّل، لكنّ الفرق بينهما امور:

الأول: عموم التحلّل في حقّ المصدود، بمعنى أنه اذا صدّ عن النسك بذبح الهدي في مكان الصدّ و خرج عن الإحرام حلّ له جميع ما حرّمه الإحرام حتّى النساء، بخلاف المحصور فإنّه لا يحلّ له النساء بإرسال الهدي.

الثاني: أنّ المصدود يذبح الهدي في مكان الصدّ، و المحصور يرسل الهدي الى مكّة أو منى.

ص: 580

بهما (1) في الجملة، و يفترقان في عموم (2) التحلّل، فإنّ المصدود يحلّ له بالمحلّل كلّما حرّمه الإحرام، و المحصر ما عدا النساء. و في مكان (3) ذبح هدي التحلّل، فالمصدود يذبحه (4) أو ينحره (5) حيث وجد المانع (6)، و المحصر (7) يبعثه الى محلّه بمكّة و منى. و في إفادة (8) الاشتراط تعجيل التحلّل للمحصر (9) دون المصدود، لجوازه بدون الشرط .

و قد يجتمعان (10) على المكلّف بأن يمرض و يصدّه العدوّ، فيتخيّر في

**********

شرح:

الثالث: تأثير الاشتراط عند الإحرام بأن يحلّ متى عرضه المانع للمحصور، فيجوز تعجيله الإحلال قبل وصول الهدي الى مكانه و عدم إفادته للمصدود.

(1)الباء للسببية، و الضمير يرجع الى الحصر و الصدّ.

(2)هذا هو الأول ممّا ذكرنا من الفرق بينهما.

(3)و هذا هو الثاني من الفروق بين الحصر و الصدّ.

(4)أي يذبح الهدي اذا كان غير إبل.

(5)أي ينحر الهدي اذا كان إبلا.

(6)بالنصب، مفعولا لقوله «حيث وجد». و الضمير الفاعلي المقدّر يرجع الى الحاجّ .

(7)بصيغة اسم المفعول. يعني أنّ المحصور بسبب المرض يرسل الهدي الى محلّه و هو مكّة لو احصر من النسك في إحرام العمرة، و منى لو احصر من النسك في إحرام الحجّ .

(8)هذا هو الفرق الثالث بين الحصر و الصدّ.

(9)فاشتراط التحلّل عند الإحرام يفيد المحصور في تعجيل تحليله بمحض إرسال الهدي الى محلّه و لو لم يصل إليه و لا يفيد المصدود كما ذكرنا آنفا.

و الضمير في قوله «لجوازه» يرجع الى التحلّل للمصدود.

(10)فاعل قوله «يجتمعان» هو ضمير التثنية الراجع الى الحصر و الصدّ. يعني قد يتّفق اجتماعهما للحاجّ بأن يحصل المرض و يصدّه العدوّ عن إتيان النسك.

ص: 581

أخذ حكم ما شاء منهما، و أخذ (1) الأخفّ من أحكامهما، لصدق الوصفين (2) الموجب للأخذ بالحكم، سواء عرضا دفعة (3)، أم متعاقبين (4).

متى احصر الحاجّ بالمرض عن الموقفين

(و متى (5) احصر الحاجّ بالمرض عن الموقفين) معا (6) أو عن أحدهما (7)

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «في أخذ حكم ما شاء». يعني يتخيّر الحاجّ الممنوع بالمرض و العدوّ بين أخذ حكم كلّ من المحصر و المصدود و بين أخذ أخفّ الحكمين منهما. فيجوز الانتظار الى وصول الهدي الى محلّه، و يجوز له ذبح الهدي في مكان الصدّ و يعجّل التحليل.

(2)أي لصدق وصف الحصر و الصدّ فيه الموجب لجواز أخذ حكم كلّ منهما.

(3)كما اذا عرض المرض في زمان اتّفاق العدوّ.

(4)كما اذا حصل المرض ثمّ وجد العدوّ المانع.

(5)في بيان عروض الحصر المانع من النسك الذي تبطل النسك بفوته، و يذكر هنا ثلاثة أمثلة من موارد بطلان النسك:

الأول: اذا منع من إتيان الوقوف بعرفة و الوقوف بالمشعر اختيارا و اضطرارا.

الثاني: اذا منع من أحد الوقوفين و الحال فات عنه الآخر مثل فوت عرفة و المنع من وقوف المشعر.

الثالث: اذا منع من وقوف المشعر مع فوت اختياري عرفة و درك اضطراريها فقط .

ففي الصور الثلاث يحكم ببطلان الحجّ ، فإذا حصل المرض و منع من هذه فيحكم بحكم المحصور الذي يأتي تفصيله.

(6)هذه هي الصورة الاولى من الصور الثلاث التي فصّلناها في الهامش السابق.

(7)هذه هي الصورة الثانية من الصور الثلاث المذكورة.

ص: 582

مع فوات الآخر أو عن المشعر (1) مع إدراك اضطراري عرفة خاصّة دون العكس (2). و بالجملة متى احصر عمّا يفوت بفواته الحجّ (أو) احصر (المعتمر (3) عن مكّة) أو عن الأفعال بها و إن دخلها (بعث) (4) كلّ منهما (ما ساقه) إن كان قد ساق هديا،(أو) بعث (هديا أو ثمنه) إن لم يكن ساق. و الاجتزاء بالمسوق مطلقا (5) هو المشهور، لأنه هدي مستيسر (6).

**********

شرح:

(1)هذه هي الصورة الثالثة منها.

(2)المراد من «العكس» هو إدراك اضطراري المشعر مع المنع من الاختياري و الاضطراري بعرفة، ففي هذه الصورة لا يحكم ببطلان الحجّ و لا تجري فيه أحكام الحصر لعدم بطلان الحجّ ، و الحال تقدّم في تعريف الحصر بأنه يتحقّق بالمنع ممّا يبطل الحجّ بفوته.

و الحاصل: إنّ الحصر لا يتحقّق إلاّ بالمنع ممّا يبطل الحجّ بفوته.

(3)عطف على قوله «الحاجّ ». يعني متى احصر المعتمر في إحرام العمرة عن دخول مكّة أو منع بعد الدخول منها عن الأعمال فيها جرى في حقّه أيضا حكم الحصر.

(4)جواب لقوله «متى احصر الحاجّ ... أو المعتمر» فاذا منعا من أعمال النسك و دخول مكّة أرسل كلّ منهما الهدي الذي ساقه، و إن لم يكن قد ساق الهدي معه أرسل هديا أو ثمن الهدي الى محلّه كما فصّلنا.

(5)إشارة الى ما سيشير إليه من عدم التداخل. يعني يكتفي بإرسال الهدي الذي ساقه و لو كان واجبا بالإشعار على المشهور.

(6)الدليل على الاجتزاء بإرسال ما ساقه هو قوله تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1) . (البقرة: 196). فيصدق على ما ساقه الحاجّ الهدي المستيسر.

ص: 583


1- سوره 2 - آیه 196

و الأقوى عدم التداخل (1) إن كان السياق واجبا و لو بالإشعار أو التقليد لاختلاف الأسباب المقتضية لتعدّد المسبّب (2). نعم لو لم يتعيّن ذبحه (3) كفى، إلاّ أنّ إطلاق هدي السياق حينئذ (4) عليه مجاز. و إذا بعث واعد نائبه (5) وقتا معيّنا (لذبحه) أو نحره.

(فإذا بلغ الهدي محلّه، و هي (6) منى إن كان حاجّا، و مكّة إن كان معتمرا) و وقت (7) المواعدة

**********

شرح:

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنّ الهدي المسوق اذا كان واجبا بالإشعار أو التقليد لا يكتفي المحصور بإرساله، بل يجب عليه هدي أيضا يحلّل به من الإحرام لأنّ اختلاف الأسباب يوجب اختلاف المسبّبات، فإنّ سبب الوجوب في الهدي المسوق هو الإشعار و سبب الوجوب في الهدي المحلّ هو الحصر فلا يتداخلان.

(2)المسبّب هو الهدي الواجب للتحليل و الهدي الواجب للإشعار.

(3)الضمير في قوله «ذبحه» يرجع الى الهدي. يعني لو لم يكن الهدي واجبا معيّنا بالإشعار و غيره جاز الاكتفاء به.

(4)أي حين عدم كون الهدي واجبا معيّنا لذبحه فإطلاق السياق عليه مجاز لأنّ السياق الشرعي يحصل بالإشعار أو التقليد.

(5)مفعول لقوله «واعد». و الضمير الفاعلي المقدّر فيه و في قوله «بعث» يرجعان الى المحصور. يعني يجب على المحصور أن يواعد نائبه وقتا معيّنا لذبح الهدي، و كذا لنحر الهدي اذا كان إبلا فينظر الوقت المواعد للتحليل.

(6)أي عمل الهدي منى لو كان المحصور في الحجّ ، و مكّة لو كان في عمرته، و تأنيث الضمير باعتبار تأنيث خبره و هي منى.

(7)بالرفع، عطفا على قوله «الهدي» و هو فاعل لقوله «بلغ». يعني اذا بلغ وقت

ص: 584

(حلق (1) أو قصّر، و تحلّل بنيّته (2) إلاّ من النساء حتّى يحجّ ) في القابل (3)، أو يعتمر مطلقا (4)(إن كان) النسك الذي دخل فيه (5)(واجبا) مستقرّا (6)، (أو يطاف عنه للنساء) (7) مع وجوب طوافهنّ في ذلك النسك (8)(إن كان ندبا) (9) أو واجبا (10)

**********

شرح:

المواعدة قال بعض المحشّين: إنّ وقت المواعدة عطف على محلّه بالنصب. فالمعنى اذا بلغ الهدي محلّه و وقت المواعدة حلق أو قصّر.

(1)جواب لقوله «فاذا بلغ». يعني أنّ المحصور لا يخرج من الإحرام حتّى يبلغ الهدي محلّه و يبلغ زمان المواعدة.

(2)يعني يخرج من الإحرام بنية التحلّل إلاّ عن إحرام حرمة النساء فلا تلحّ النساء له حتّى يأتي الحجّ في السنة القادمة أو يأتي العمرة مطلقا.

(3)أي في العام القابل.

(4)قوله «مطلقا» إشارة الى أنّ في إتيان العمرة لا يشترط العام القابل بل يأتيها في أيّ وقت شاء.

(5)أي النسك الذي دخل فيه و منع من دوامه.

(6)المراد من «الواجب المستقرّ» هو الذي وجب عليه سابقا و أخّر إتيانه في العام الذي منع منه.

(7)يعني لا تحلّ النساء له إلاّ أن يؤتى طواف النساء نيابة عنه اذا وجب في ذلك النسك بأن كان في حجّ مطلقا، أو عمرة مفردة لا عمرة التمتّع، فإنّ طواف النساء لا يجب في عمرة التمتّع.

(8)مثل الحجّ و العمرة المفردة، فإنّ طواف النساء يجب فيهما.

(9)هذه الجملة قيد لقوله «أو يطاف عنه للنساء». يعني لو كان النسك مندوبا لا تحلّ له النساء حتّى يطاف عنه طواف النساء.

(10)أو كان النسك عليه واجبا غير مستقرّ.

ص: 585

غير مستقرّ بأن (1) استطاع له (2) في عامه.

لا يسقط الهدي الذي يتحلّل به بالاشتراط

(و لا يسقط الهدي) الذي يتحلّل به (بالاشتراط ) (3) وقت الإحرام أن يحلّه حيث حبسه كما سلف.(نعم له (4) تعجيل التحلّل) مع الاشتراط من غير انتظار بلوغ الهدي محلّه. و هذه فائدة الاشتراط فيه (5).

و أمّا فائدته (6) في المصدود فمنتفية لجواز تعجيله التحلّل بدون الشرط .

**********

شرح:

(1)مثال للواجب غير المستقرّ كما اذا حصلت له الاستطاعة في العام الذي حصر منه بحصول المرض.

و الحاصل: إنّ الناسك الذي منع من إتمام نسكه بالمرض و كان النسك غير مستقرّ في ذمّته فتحلّل عند الحصر بالهدي و خرج من الإحرام لا تحلّ له النساء إلاّ بإتيان الغير طواف النساء عنه.

(2)الضمير في قوله «له» يرجع الى النسك الواجب المقدّر في قوله «واجبا». و كذا ضمير قوله «عامه».

(3)قد مرّ في مستحبّات الإحرام بأنّ منها أن يشترط حين الإحرام أن يحلّه اللّه تعالى حيث حبسه، فلو احصر من النسك بالمرض فلا يسقط الهدي الذي يتحلّل به باشتراط الإحلال عند المنع و الحبس، فلا فائدة للاشتراط إلاّ تعجيل الإحلال قبل وصول الهدي الى محلّه كما تقدّم.

(4)الضمير في قوله «له» يرجع الى الناسك الذي شرط الإحلال عند الإحرام.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الحصر. يعني لا فائدة لاشتراط الإحلال عند الحبس الى ذلك كما تقدّم آنفا في الفرق الثالث بين الحصر و الصدّ.

(6)يعني أمّا الفائدة لاشتراط الإحلال عند الحبس في حقّ المصدود الذي منعه العدوّ فمنتفية لأنه يجوز له التعجيل بالإحلال بمحض ذبح الهدي في مكان الصدّ و لو لم يشترط عند الإحرام كما تقدّم أيضا.

ص: 586

و قيل: إنّها (1) سقوط الهدي، و قيل: سقوط القضاء (2) على تقدير وجوبه بدونه، و الأقوى (3) أنه تعبّد شرعي و دعاء مندوب، إذ لا دليل على ما ذكروه (4) من الفوائد.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إنّها» يرجع الى الفائدة. يعني قال بعض الفقهاء - كما عن السيّد المرتضى و ابن إدريس رحمهما اللّه - بأنّ فائدة الاشتراط سقوط الهدي عند الإحصار و التحلّل بمجرّد النية.

من حواشي الكتاب: ذهب السيّد المرتضى و ابن إدريس رحمهما اللّه الى أنّ فائدة الاشتراط سقوط الهدي مع الإحصار و التحلّل بمجرّد النية، و نقلا فيه الإجماع.

و قال الشيخ رحمه اللّه: لا يسقط لعموم قوله تعالى فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1) . و أجاب عنه المرتضى بأنه محمول على من لم يشترط ، و في رواية أحمد ابن محمّد بن أبي نصر و رواية ذريح المحاربي دلالة عليه. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)يعني قال بعض الفقهاء بسقوط القضاء باشتراط الإحلال عند المنع و الحبس في الموارد التي يجب فيها القضاء، و هذا القول منسوب للشيخ الطوسي رحمه اللّه في كتابه التهذيب.

من حواشي الكتاب: هذا قول الشيخ رحمه اللّه في التهذيب و استدلّ عليه برواية ضريس بن أعين، و استشكله العلاّمة رحمه اللّه في المنتهى بأن الفائت إن كان واجبا لم يسقط فرضه بمجرّد الاشتراط ، و إن لم يكن واجبا لم يترك بالاشتراط ، و استحسنه بعض المتأخّرين. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(3)هذا هو نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة بأنّ الأقوى عنده أنّ اشتراط الإحلال عند الحبس تعبّد شرعي، و ليس هو لفائدة مرتّبة عليه و هو دعاء مندوب، فما ذكروه له من فوائد سقوط الهدي و عدم القضاء لا دليل عليه.

(4)مثل سقوط الهدي كما عن المرتضى و ابن إدريس رحمهما اللّه و سقوط القضاء كما عن الشيخ رحمه اللّه.

ص: 587


1- سوره 2 - آیه 196

لا يبطل تحلّله لو ظهر عدم ذبح الهدي

(و لا يبطل تحلّله) (1) الذي أوقعه بالمواعدة (لو ظهر عدم ذبح الهدي) وقت (2) المواعدة و لا بعده، لامتثاله (3) المأمور المقتضي لوقوعه مجزيا يترتّب عليه أثره (4)،(و يبعثه (5) في القابل) لفوات وقته في عام الحصر،(و لا يجب الإمساك عند بعثه (6)) عمّا يمسكه المحرم الى أن يبلغ محلّه (على الأقوى) لزوال الإحرام بالتحلّل السابق،

**********

شرح:

(1)قد تقدّم في خصوص المحصور بأنه اذا أرسل الهدي الى مكّة أو منى يشترط و يواعد زمان الذبح و ينتظر الى أن يصل الهدي و زمان المواعدة، فاذا بلغ الهدي الى محلّه و بلغ زمان المواعدة فتحلّل المحصور اعتمادا باعتقاده بلوغ الهدي و الزمان فانكشف الخلاف فلا يبطل تحلّله، لقاعدة إجزاء الامور الظاهرية عن الواقعية كما ثبت في الاصول.

و الضمير في قوله «أوقعه» يرجع الى التحلّل.

(2)بالنصب، لكونه مفعولا فيه للذبح. يعني لو ظهر عدم ذبح المواعد في وقت المواعدة و لا بعده.

و الضمير في قوله «بعده» يرجع الى وقت المواعدة.

و الحاصل: اذا ظهر عدم الذبح لا في وقت المواعدة و لا بعده لا يبطل التحلّل.

(3)دليل عدم البطلان هو امتثال المحصور الأمر بإرسال الهدي و التحلّل بعد ذلك الوقت.

و الضمير في قوله «لوقوعه» يرجع الى المأمور، و في «عليه» يرجع الى الإجزاء.

(4)المراد من «أثره» هو التحلّل من الإحرام.

(5)الضمير في قوله «يبعثه» يرجع الى الهدي. يعني يرسل الهدي الى محلّه في العام القابل و لا يجب عليه الإمساك الى أن يبلغ الهدي الى محلّه على الأقوى عند المصنّف رحمه اللّه.

(6)الضميران في «بعثه» و «محلّه» يرجعان الى الهدي.

ص: 588

و الإمساك تابع له. و المشهور وجوبه (1) لصحيحة معاوية بن عمّار «يبعث (2) من قابل و يمسك أيضا». و في الدروس اقتصر على المشهور. و يمكن (3) حمل الرواية على الاستحباب كإمساك

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «وجوبه» يرجع الى الإمساك. يعني أنّ المشهور بين الفقهاء هو وجوب إمساك المحصور حين أرسل الهدي الى محلّه في عام قابل حتّى يبلغ المحلّ و وقت مواعدة الذبح كما كان إمساك المحصور عن محرّمات الإحرام في عام الحصر واجبا الى أن يبلغ الهدي محلّه و يبلغ زمان الذبح.

أمّا دليل القول بعدم وجوب الإمساك في العام القابل هو زوال الإحرام بالتحلّل السابق و الإمساك تابع له فلا يجب.

أمّا دليل القول المشهور فهو صحيحة معاوية بن عمّار المنقولة في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل احصر فبعث بالهدي، فقال: يواعد أصحابه ميعادا، فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي يوم النحر، و اذا كان يوم النحر فليقصّر من رأسه و لا يجب عليه الحلق حتّى يقضي مناسكه.

و إن كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكّة و الساعة التي يعدهم فيها، فاذا كان تلك الساعة قصّر و أحلّ ، و إن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع الى أهله رجع و نحر بدنة إن أقام مكانه، و إن كان في عمرة فاذا برأ فعليه العمرة واجبة، و إن كان عليه الحجّ فرجع الى أهله و أقام ففاته الحجّ (و - خ ل) كان عليه الحجّ من قابل، فإن ردّوا الدراهم عليه و لم يجدوا هديا ينحرونه و قد أحلّ لم يكن عليه شيء، و لكن يبعث من قابل و يمسك أيضا... الحديث. (الوسائل: ج 9 ص 305 ب 2 من أبواب الإحصار و الصدّ ح 1).

(2)يعني قال المشهور بوجوب الإمساك، فإنّه يبعث الهدي في عام قابل و يمسك أيضا كما أنه كان يمسك عند إرسال الهدي في عام الحصر.

(3)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة بأنه لا يجب الإمساك، و حمل الرواية على

ص: 589

باعث هديه من الآفاق تبرّعا (1).

لو زال عذره التحق وجوبا

(و لو زال عذره التحق) (2) وجوبا و إن بعث هديه (فإن أدرك، و إلاّ تحلّل بعمرة) (3) و إن ذبح أو نحر هديه على الأقوى (4)، لأنّ (5) التحلّل بالهدي مشروط بعدم التمكّن من العمرة، فإذا حصل انحصر فيه. و وجه العدم (6) الحكم بكونه محلّلا قبل التمكّن و امتثال الأمر المقتضي له.

**********

شرح:

الاستحباب، كما أنه ورد استحباب إرسال الهدي أو ثمنه في موسم الحجّ الى مكّة و الإمساك الى زمان ذبح الهدي في مكانه و زمانه.

(1)قوله «تبرّعا» متعلّق بقوله «باعث هديه». يعني ورد الإمساك في حقّ من يبعث هديه من الآفاق الى مكّة تبرّعا لا واجبا.

(2)يعني لو زال عذر المحصور بأن صحّ من المرض المانع وجب عليه أن يلتحق بالحجّاج لإتيان النسك و إن أرسل الهدي، فإن أدرك الحجّ - كما اذا أدرك الوقوفين أو أحدهما كما تقدّم - صحّ حجّه، و إن لم يدرك الحجّ نوى العمرة المفردة و يأتي أعمالها لعدم تعيّن وقت العمرة المفردة فيخرج من الإحرام بإتيان مناسك العمرة.

(3)أي يخرج من الإحرام بسبب إتيان أعمال العمرة المفردة و إن كان الهدي ذبحه نائبه.

(4)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «تحلّل بعمرة». يعني أنّ الأقوى عند الشارح رحمه اللّه الإحلال بالعمرة في مقابل القول بالتحلّل بذبح الهدي أو نحره بوسيلة نائبه.

(5)تعليل حصول التحلّل بسبب إتيان أعمال العمرة بأنّ الإحلال بالهدي عند عدم التمكّن من العمرة، فاذا حصل التمكّن منها فلا يتحلّل بالهدي.

و فاعل قوله «حصل» مستتر يرجع الى التمكّن، و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى إتيان العمرة.

(6)يعني وجه عدم التحلّل بالعمرة في مقابل الأقوى هو الحكم بكون المحصور محلاّ

ص: 590

من صدّ بالعدوّ عن الموقفين و مكّة

(و من صدّ (1) بالعدوّ عمّا ذكرناه) عن الموقفين (2) و مكّة (3)(و لا طريق غيره (4)) أي غير المصدود عنه (أو) له (5) طريق آخر و لكن (لا نفقة له) تبلغه و لم يرج (6) زوال المانع قبل خروج الوقت (ذبح (7) هديه) المسوق أو غيره كما تقرّر (8)،(و قصّر أو حلق و تحلّل حيث صدّ حتّى (9) من النساء)

**********

شرح:

بسبب الهدي قبل التمكّن و أنه قد امتثل الأمر من الشارع، و هو يقتضي الإجزاء، فلا يحتاج الى إتيان العمرة في التحلّل من الإحرام.

و الضمير في قوله «بكونه» يرجع الى الهدي، و في قوله «المقتضي له» يرجع الى التحلّل.

(1)هنا شرع في بيان حكم المصدود. يعني أنّ الحاجّ الذي كان ممنوعا من إتيان النسك بسبب العدوّ بحيث يبطل الحجّ بفوت ما يمنع من إتيانه مثل الوقوفين فهو يذبح الهدي الذي يسوقه اذا أشعر أو قلّد، و إلاّ ذبح غيره و قصّر أو حلق و خرج من الإحرام.

(2)مثال الصدّ في الحجّ .

(3)مثال الصدّ في العمرة.

(4)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الطريق المصدود.

(5)أي يمكن للمصدود الذهاب الى الموقفين أو مكّة من طريق آخر لكنّه لا نفقة له.

(6)قوله «يرج» مجزوم بلم. يعني اذا كان المصدود لا يرجو رفع المانع قبل خروج وقت الحجّ ذبح هديه، و إلاّ وجب عليه الانتظار.

(7)فاعل قوله «ذبح» يرجع الى «من» الموصولة في قوله «و من صدّ».

(8)كما تقرّر في المحصور، بأنه لو تعيّن بالإشعار و التقليد وجب عليه ذبحه، و إلاّ جاز ذبح غيره.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المسوق.

(9)متعلّق بقوله «تحلّل». يعني يخرج المصدود من الإحرام و تحلّ له محرّمات

ص: 591

(من غير تربّص) و لا انتظار طوافهنّ ،(و لو احصر عن عمرة التمتّع فتحلّل فالظاهر (1) حلّ النساء أيضا)، إذ لا طواف لهنّ بها حتى يتوقّف حلّهنّ (2) عليه. و وجه التوقّف عليه (3) إطلاق الأخبار بتوقّف حلّهن عليه من غير تفصيل.

و اعلم أنّ المصنّف (4) و غيره أطلقوا القول (5) بتحقّق الصدّ و الحصر بفوات الموقفين و مكّة في الحجّ (6) و العمرة، و أطبقوا (7) على عدم تحقّقه

**********

شرح:

الإحرام حتّى النساء بدون انتظار إتيان طواف النساء بنفسه أو بغيره كما عن البعض من الفقهاء.

(1)يعني أنّ الظاهر من الأدلّة حلّ النساء أيضا لمن صدّ عن العمرة و تحلّل بذبح الهدي، لأنّ عمرة التمتّع لا يجب فيها طواف النساء.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى عمرة التمتّع.

(2)الضمير في قوله «حلّهنّ » يرجع الى النساء، و في قوله «عليه» يرجع الى طواف النساء. يعني أنّ عمرة التمتّع لا طواف للنساء فيها ليتوقّف حلّهنّ بإتيانه.

(3)يعني وجه توقّف حلّ النساء بإتيان طواف النساء هو إطلاق الأخبار بأنّ حلّهنّ يتوقّف بطواف النساء، و لم يفصّلوا بين الحجّ و العمرة.

(4)لا يخفى أنّ الشارح رحمه اللّه قصد من بيان ذلك التعرّض بمسائل عديدة و التي اختلف الفقهاء فيها، و قال بأنّ المصنّف و غيره من الفقهاء رحمهم اللّه أطلقوا القول بتحقّق الصدّ و الحصر... الخ.

(5)و لم يفصّلوا بين أقسام الحجّ و العمرة.

(6)و العبارة بصورة اللفّ و النشر المرتّب. يعني أطلقوا بتحقّق الصدّ و الحصر بفوات الوقوفين في الحجّ و بفوات مكّة في العمرة.

(7)يعني أنّ الفقهاء اتّفقوا أيضا بعدم تحقّقهما بالمنع عن المبيت بمنى و رمي الجمرات

ص: 592

بالمنع عن المبيت بمنى و رمي الجمار، بل يستنيب في الرمي في وقته إن أمكن و إلاّ قضاه في القابل.

بقي امور

اشارة

و بقي امور (1)

لو منع الحاج عن مناسك منى

منها: (2) منع الحاجّ عن مناسك منى يوم النحر (3) إذا لم يمكنه الاستنابة في الرمي و الذبح (4)، و في تحقّقهما (5) به نظر، من إطلاق

**********

شرح:

فيها، كما اذا حصل المرض أو منع العدوّ من أن يرجع الحاجّ الى منى بعد إتيانه طواف الزيارة و السعي في مكّة، فقالوا بأنه يستنيب لرمي الجمار في الحادى عشر و الثاني عشر، و الثالث عشر في بعض الموارد، و لا شيء عليه، و لو لم يمكنه الاستنابة في وقت الرمي وجب عليه قضاء الرمي في العام القابل.

و الضمير في قوله «قضاه» يرجع الى الرمي.

قوله «في القابل» صفة لموصوف مقدّر و هو العام.

(1)يعني بقيت من مسائل الحصر و الصدّ امور خلافية بين الفقهاء و لم يتعرّض المصنّف رحمه اللّه و غيره لهما، و قد تعرّض لها الشارح رحمه اللّه في ضمن مسائل.

مسائل (2)هذه هي المسألة الاولى و هي في ما لو احصر الحاجّ بالمرض أو صدّ بالعدوّ عن إتيان مناسك منى في اليوم العاشر و لم يمكنه الاستنابة في الرمي و الذبح.

(3)مناسك منى يوم النحر هي رمي العقبة و الذبح و الحلق.

(4)فلو أمكنه الاستنابة فيهما يستنيب و يحلق في مكان الحصر و الصدّ لأنّ الحلق لا يستناب فيه.

(5)الضمير في قوله «تحقّقهما» يرجع الى الصدّ و الحصر، و في قوله «به» يرجع الى

ص: 593

النصّ (1) و أصالة البقاء (2). أمّا لو (3) أمكنه الاستنابة فيهما فعل و حلق، أو قصّر (4) مكانه و تحلّل، و أتمّ باقي الأفعال.

المنع عن مكّة

و منها: (5) المنع عن مكّة

**********

شرح:

المنع. يعني و في تحقّق الصدّ و الحصر بالمنع من مناسك منى بأن يتحلّل بإرسال الهدي أو بذبحه و خروجه من الإحرام وجهان.

(1)هذا دليل تحقّق الصدّ و الحصر و هو إطلاق الرواية المرسلة و المنقولة في الوسائل:

عن الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و المحصور و المضطرّ يذبحان بدنتيهما في المكان الذي يضطرّان فيه، و قد فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذلك يوم الحديبية حين ردّ المشركون بدنته و أبوا أن يبلغ المنحر فأمر بها فنحرت مكانه.

(الوسائل: ج 9 ص 303 ب 1 من أبواب الإحصار و الصدّ ح 2).

فإنّ الرواية مطلقة في خصوص الممنوع من البلوغ الى المنحر و العمل بحكم الصدّ و الحصر اذا كان الحاجّ مضطرا أو محصورا.

(2)هذا دليل عدم جريان حكم الحصر و الصدّ في حقّه و هو أصالة البقاء في إحرامه. و المراد من «الأصل» هو الاستصحاب بمعنى أنّ المحرم يبقى في الإحرام حتّى يحصل اليقين بوجود المحلّل، و كون الهدي في المقام محلّلا ليس بمتيقّن.

(3)يعني أنّ النظر في المسألة في صورة عدم إمكان الاستنابة للرمي و الذبح، فلو أمكن الاستنابة فيهما فلا خلاف في استنابتهما و الحلق في مكان المنع.

(4)يعني أو قصّر - بالتشديد - في المكان الذي منع فيه و خرج من الإحرام، و يأتي باقي الأعمال و هي طواف الزيارة و السعي و غيرهما.

و الضمير في قوله «مكانه» يرجع الى المنع.

(5)هذه هي المسألة الثانية من مسائل الحصر و الصدّ و التي تعرّض لها

ص: 594

و أفعال منى معا، و أولى بالجواز (1) هنا لو قيل به ثمّ (2). و الأقوى تحقّقه (3) هنا للعموم.

المنع عن مكّة خاصّة بعد التحلّل بمنى

و منها: (4) المنع عن مكّة خاصّة بعد التحلّل بمنى. و الأقوى عدم

**********

شرح:

الشارح رحمه اللّه و هي فيما لو منع الحاجّ بسبب المرض أو العدوّ بعد الوقوفين من الدخول بمكّة و من أفعال منى معا.

بمعنى أنه لا يمكنه الإتيان بالأعمال التي تجب في مكّة مثل طواف الزيارة و ركعتيه و السعي و طواف النساء، و من أفعال منى و هي الرمي و الهدي و الحلق جمعا.

(1)أي القول بجواز التحلّل بالهدي في هذه المسألة أولى من القول بجواز التحلّل بالهدي في المسألة السابقة، لأنّ الحاجّ في هذا الفرض ممنوع من الأعمال التي تجب بمكّة، و ممنوع من الأعمال التي تجب في يوم النحر بمنى.

و المشار إليه في قوله «هنا» هو كون الحاجّ ممنوعا من أعمال مكّة و منى معا.

(2)ثمّ - بفتح الثاء و تشديد الميم -: اسم يشار به الى المكان البعيد، و قد تلحقه التاء فيقال: ثمّة، و موضعه النصب على الظرفية. (أقرب الموارد).

فقوله «ثمّ » إشارة الى ما منع الحاجّ من أعمال منى خاصّة.

(3)الضمير في قوله «تحقّقه» يرجع الى الصدّ و الحصر، و المشار إليه في قوله «هنا» هو المنع من أعمال مكّة و منى معا. يعني أنّ الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه تحقّق الصدّ في صورة المنع من مكّة و أعمال منى معا، و الدليل عليه هو قوله عليه السّلام «و المحصور و المضطرّ يذبحان بدنتهما... الخ». و الآية الشريفة فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1) . (البقرة: 196).

(4)هذه هي المسألة الثالثة من مسائل الحصر و الصدّ و التي تعرّض لها الشارح رحمه اللّه و هي كون الحاجّ ممنوعا من دخول مكّة فقط بعد إتيان أعمال منى يوم النحر و التحلّل بحيث حلّت محرّمات الإحرام له إلاّ النساء و الطيب و الصيد التي لا تحلّ إلاّ بإتيان باقي الأعمال بمكّة.

ص: 595


1- سوره 2 - آیه 196

تحقّقه (1) فيبقى على إحرامه بالنسبة الى الصيد و الطيب و النساء الى أن يأتي ببقية الأفعال، أو يستنيب فيها (2) حيث يجوز (3)، و يحتمل (4) مع خروج ذي الحجّة التحلّل بالهدي لما (5) في التأخير الى القابل من الحرج.

منع المعتمر عن أفعال مكّة بعد دخولها

و منها: (6) منع المعتمر عن أفعال مكّة بعد دخولها (7). و قد أسلفنا (8)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الأقوى بنظر الشارح رحمه اللّه في هذه المسألة هو عدم تحقّق الصدّ و الحصر و عدم جواز تحلّله من باقي المحرّمات بالهدي، فيبقى في حال الإحرام بالنسبة الى النساء و الصيد و الطيب حتّى يأتي طواف الزيارة و السعي و طواف النساء.

(2)أي يستنيب بإتيان الأعمال المذكورة بمكّة.

(3)فاعل قوله «يجوز» مستتر يرجع الى الاستنابة، و هو في صورة عدم إمكان إتيانها بنفسه.

(4)بصيغة المجهول، و النائب الفاعل هو قوله «التحلّل بالهدي». يعني احتمل بعض بأنه يجتنب عن الثلاثة المذكورة - و هي النساء و الصيد و الطيب - الى أن يخرج شهر ذي الحجّة فحينئذ يتحلّل بالهدي.

(5)هذا دليل الاحتمال المذكور و هو لزوم الحرج بالأخصّ بالنسبة الى النساء، فإنّ الاجتناب عنها الى سنة مشقّة، و نفي الحرج مفهوم من قوله تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (1) . (الحجّ : 78).

و لا يخفى أنه اذا خرج من إحرام الأعمال الثلاثة بخروج شهر ذي الحجّة لا يسقط عنه إتيان الأعمال الباقية بنفسه أو بنائبه في العام القابل.

(6)هذه هي المسألة الرابعة من المسائل التي تعرّض لها الشارح رحمه اللّه و هي كون المعتمر ممنوعا من إتيان أعمال العمرة بمكّة بعد دخوله بها.

(7)الضمير في قوله «دخولها» يرجع الى مكّة، و هو ضمير مفعولي أضيف إليه المصدر.

(8)أي ذكرنا عند قول المصنّف رحمه اللّه في صفحة 583 «أو المعتمر عن مكّة» بأنّ

ص: 596


1- سوره 22 - آیه 78

أنّ حكمه حكم المنع عن مكّة لانتفاء الغاية (1) بمجرّد الدخول.

الصدّ عن الطواف خاصّة

و منها: (2) الصدّ عن الطواف خاصّة فيها (3) و في الحجّ ، و الظاهر أنه يستنيب فيه كالمريض مع الإمكان، و إلاّ (4) بقي على إحرامه بالنسبة الى ما يحلّله الى أن يقدر عليه أو على الاستنابة.

الصدّ عن السعي خاصّة

و منها: (5) الصدّ عن السعي خاصّة، فإنّه (6) محلّل في العمرة

**********

شرح:

حكم منع المعتمر عن الدخول بمكّة حكم منع الحاجّ عن الوقوفين.

(1)الغاية من الدخول بمكّة هي إتيان الطوافين و السعي، فاذا منع منهما فلا فائدة في الدخول بها.

(2)هذه هي المسألة الخامسة من المسائل التي تعرّض لها الشارح رحمه اللّه و هي كون المانع عن الطواف بسبب العدوّ في الحجّ و العمرة، فهو يستنيب للطواف مع الإمكان، و إلاّ بقي على إحرامه بالنسبة الى الطيب لا غيره.

(3)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى العمرة، و في قوله «أنه» يرجع الى المصدود، و في قوله «فيه» يرجع الى الطواف.

(4)يعني إن لم يمكن الاستنابة بقي على إحرامه. و المراد من «ما يحلّله» هو حلّية الطيب.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الطواف، فما لم يأت الطواف لا يحلّ له الطيب. و لا يخفى عدم لزوم الحرج في الاجتناب عنه و ليس الاجتناب عن النساء الموجب للحرج كما مرّ.

(5)هذه هي المسألة السادسة و الأخيرة من المسائل التي تعرّض لها الشارح رحمه اللّه و هي ما اذا منع العدوّ عن السعي بين الصفا و المروة فقط لا من الطواف.

(6)الضمير في قوله «إنّه» يرجع الى السعي. يعني أنّ السعي في العمرة يحلّل جميع محرّمات الإحرام بلا تقييد، بخلاف السعي في الحجّ فإنّه محلّل على بعض الوجوه

ص: 597

مطلقا (1)، و في الحجّ على بعض الوجوه (2) و قد تقدّم، و حكمه (3) كالطواف، و احتمل في الدروس (4) التحلّل منه في العمرة

**********

شرح:

مثل عدم تقدّمه على الوقوفين.

توضيح: إنّ السعي في العمرة لا يتصوّر إلاّ بالترتيب الذي ذكروه في العمرة - و هو الإحرام و الطواف و السعي و التقصير - لكنّ السعي في الحجّ يجوز تقديمه على الوقوفين في بعض الموارد مثل الاضطرار في حجّ التمتّع و الاختيار في حجّ القران و الإفراد كما مرّ. فلذا اتّفقوا بكون السعي في العمرة محلّلا مطلقا، و في الحجّ اختلفوا في كونه محلّلا لما يحلّله مثل الطيب، أو اذا تأخّر من الوقوفين، و أعمال منى يكون محلّلا له.

فقوله «مطلقا» إشارة الى عدم التقييد في كون السعي محلّلا في العمرة بخلاف السعي في الحجّ ، فإنّه في الحجّ محلّل على بعض الوجوه، و هو عدم تقدّمه على الوقوفين و أعمال منى كما مرّ ذلك في مناسك منى يوم النحر.

(1)أي بلا تقييد بوجه.

(2)و هو عدم تقدّم السعي على مناسك منى، و قد تقدّم في مناسك منى يوم النحر.

(3)أي أنّ حكم المنع من السعي هو حكم المنع من الطواف، و قد مرّ حكم منع الطواف في المسألة الخامسة بأنه لا تجري في حقّه أحكام الصدّ التحلّل بالهدي بل تجب عليه الاستنابة مع الإمكان، و إلاّ يبقى في إحرامه بالنسبة الى ما يحلّله الى أن يأتي بنفسه أو نائبه، فكذلك في حكم المنع من السعي.

و لا يخفى أنّ المعتمر لعمرة التمتّع اذا منع من الطواف و السعي حتّى بلغ زمان الحجّ تبدّل حجّ التمتّع الى القران لو تمكّن من الحجّ ، و البحث هنا في الصدّ عن سعي العمرة و الحجّ بعدها.

(4)يعني احتمل المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس التفصيل بين المنع من سعي العمرة

ص: 598

لعدم (1) إفادة الطواف شيئا، و كذا القول في عمرة الإفراد لو صدّ عن طواف النساء (2)،

**********

شرح:

فيجري فيه حكم الصدّ بخلاف المنع من سعي الحجّ . (راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 476).

و الحاصل - بناء على هذا الاحتمال -: اذا منع من سعي العمرة تحلّل المصدود بالهدي من جميع المحرّمات، لكن لو منع من سعي الحجّ وجب عليه الاستنابة عند الإمكان و إلاّ يبقى على إحرامه بالنسبة الى ما يحلّله السعي الى أن يأتي به بنفسه أو بنائبه.

و الضمير في قوله «التحلّل منه» يرجع الى الإحرام.

(1)هذا دليل الاحتمال المذكور في الدروس.

توضيح: إنّ السعي في العمرة يحلّل جميع ما حرّمه الإحرام و لا تأثير للطواف في العمرة، أمّا السعي في الحجّ فإنّ الطواف للزيارة و الطواف للنساء يحلّل له جميع المحرّمات، و لا يبقى لتحليل السعي إلاّ الطيب، و البقاء في إحرامه بالنسبة الى الاجتناب عن الطيب لا عسر فيه.

فلو قيل: إنّ التحلّل في العمرة ليس إلاّ بالتقصير فكيف قال الشارح رحمه اللّه «فإنّه محلّل في العمرة مطلقا»؟

يقال: لعلّ المراد عدم بطلان العمرة لو ارتكب المعتمر بمحرّمات الإحرام قبل التقصير، بل تجب عليه الكفّارة كما مرّ، بل و عند النسيان لا شيء عليه. فالأصل للتحليل هو السعي لا التقصير، فلذا قال رحمه اللّه «فإنّه محلّل في العمرة مطلقا».

(2)قوله «و كذا القول في عمرة الإفراد لو صدّ عن طواف النساء» إشارة الى الاحتمالين المذكورين بجواز التحلّل بالهدي لو منع من إتيان طواف النساء في عمرة الإفراد التي لا تحلّ النساء إلاّ بطواف النساء و عدم جواز التحلّل، بل يبقى في إحرامه بالنسبة الى النساء الى أن يأتيه بنفسه أو بنائبه.

ص: 599

و الاستنابة فيه (1) أقوى من التحلّل.

و هذه الفروض (2) يمكن في الحصر مطلقا (3)، و في الصدّ إذا كان خاصّا (4)، إذ لا فرق (5) فيه بين العامّ و الخاصّ بالنسبة الى المصدود، كما لو حبس (6) بعض الحاجّ و لو بحقّ يعجز عنه (7)، أو اتّفق له (8) في تلك

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى طواف النساء. يعني أنّ الاستنابة فيه أقوى من القول بجريان حكم الصدّ و هو التحلّل بالهدي فيه، لأنّ طواف النساء قابل للنيابة.

(2)أي الفروض التي ذكرت في خصوص الصدّ يمكن في خصوص الحصر أيضا مطلقا.

(3)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين كون الحصر عامّا أو خاصّا، كما اذا حصر العموم بالمرض العارض عليهم من النسك أو حصر الشخص الخاصّ بالمرض العارض عليه فقط .

(4)يعني لا يلاحظ في الصدّ إلاّ الخاصّ ، بمعنى أنه اذا منع الشخص يجري في حقّه حكم الصدّ و لو لم يعمّ .

(5)هذا تعليل لكون الملاك في الصدّ هو الخاصّ بأنه لا فرق في جريان حكم الصدّ في خصوص شخص كونه عامّا أو خاصّا.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى حكم الصدّ.

(6)هذا و ما بعده مثال للصدّ الخاصّ ، فالأول هو كون بعض الحاجّ محبوسا و لو بسبب حقّ في ذمّته يعجز عن أدائه كما اذا كان مفروضا حبسه صاحب الدين.

(7)فلو لم يكن عاجزا عن أداء الحقّ و النجاة من الحبس فلا يصدق في حقّه الصدّ.

(8)الضمير في قوله «له» يرجع الى بعض. بمعنى أنه اذا اتّفق لبعض الحاجّ وجود شخص في عرفة و المشعر يخاف منه على نفسه أو ماله أو عرضه فيجري في حقّه حكم الصدّ، و هذا مثال ثان للصدّ الخاصّ .

ص: 600

المشاعر (1) من يخافه.

و لو قيل بجواز الاستنابة في كلّ فعل (2) يقبل النيابة حينئذ (3) كالطواف (4) و السعي و الرمي و الذبح و الصلاة كان (5) حسنا، لكن يستثنى منه (6) ما اتّفقوا على تحقّق الصدّ و الحصر به كهذه (7) الأفعال للمعتمر.

**********

شرح:

(1)المراد من «المشاعر» هو عرفة و المشعر.

(2)ظرف لقوله «بجواز الاستنابة». يعني لو قيل بوجوب الاستنابة في كلّ فعل قابل للنيابة كان حسنا. و المراد من «الجواز» ليس تساوي الطرفين بل الوجوب.

(3)أي حين الحصر بالمرض و الصدّ بالعدوّ.

(4)مثال للأفعال القابلة للاستنابة.

(5)جواب لقوله «لو قيل».

(6)الضمير في قوله «منه» يرجع الى جواز الاستنابة. يعني بعد القول بوجوب الاستنابة في الامور القابلة للاستنابة كالأمثلة المذكورة يلزم استثناء مورد حصول الإجماع من الفقهاء على تحقّق الصدّ و الحصر فيه و جريان حكمهما.

(7)مثال لمورد الإجماع بجريان حكم الصدّ و الحصر فيه، فإنّ المعتمر اذا منع من مجموع تلك الأفعال فإنّ الفقهاء اتفقوا على جريان الصدّ و الحصر فيه.

توضيح: إذا منع المعتمر بعد الدخول بمكّة أو منع من الدخول بها الذي يلازم المنع من أعمال الطواف و الصلاة و السعي فحينئذ يتحقّق في حقّه الصدّ و الحصر فيذبح الهدي عند الصدّ و يرسله الى مكّة عند الحصر و يخرج من الإحرام باتّفاق الفقهاء.

ص: 601

خاتمة

اشارة

خاتمة (1)

تجب العمرة على المستطيع

(تجب العمرة (2) على المستطيع) إليها سبيلا (3)(بشروط الحجّ ) (4) و إن (5) استطاع إليها خاصّة،

**********

شرح:

وجوب العمرة المفردة (1)خاتمة - بكسر التاء الأول -: مؤنث الخاتم، و هو أقصى كلّ شيء و تمامه و عاقبته و آخرته، و منه الامور بخواتيمها. (أقرب الموارد). يعني أنّ المسألة المبحوثة هي آخر كتاب الحجّ .

(2)المراد من «العمرة» في المسألة هي المفردة التي يأتيها أهل مكّة و من كان منزله قرب ثمانية و أربعين ميلا من مكّة، أي 16 فرسخا، فإنّ الواجب الأصلي عليهم هو العمرة المفردة بخلاف الساكنين في أبعد من المسافة المذكورة، فالواجب الأصلي عليهم هو عمرة التمتّع، فلا تشتبه عليك العمرة المفردة التي تجب على المكّي بالعمرة المفردة التي لا تجب على غير المكّي، فإنّ الواجب الأصلي عليهم هي عمرة التمتّع، و هي لا تجب إلاّ بوجوب حجّها. فإنّ العبارة ليست وافية المطلب إلاّ بشيء من التوضيح.

(3)اقتباس من قوله تعالى وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (1) .

و المراد منه كما مرّ في الحجّ هو الاستطاعة من حيث الطريق و المال و البدن.

(4)المراد من «شروط الحجّ » هو الشرائط الاخرى غير السبيل مثل العقل و البلوغ و الحرّية.

(5)الجملة وصلية. و الضمير في قوله «اليها» يرجع الى العمرة. يعني تجب العمرة على المستطيع إليها و إن كانت الاستطاعة بالعمرة فقط لا الحجّ الذي هو الإفراد أو القران.

ص: 602


1- سوره 3 - آیه 97

إلاّ (1) أن تكون عمرة تمتّع فيشترط في وجوبها الاستطاعة لهما (2) معا لارتباط كلّ منهما بالآخر، و تجب (3) أيضا بأسبابه (4) الموجبة له لو اتّفقت لها (5)

**********

شرح:

(1)استثناء من قوله «تجب العمرة». يعني أنّ عمرة التمتّع لا تجب على المستطيع إليها إلاّ بوجوب حجّها، فمن تمكّن من العمرة لا الحجّ - كما نحن الساكنون في البلاد البعيدة - لا تجب عليه العمرة المفردة المعذورة بل تستحبّ استحبابا مؤكّدا كما سيشير إليه.

(2)الضمير في قوله «لهما» يرجع الى الحجّ و العمرة. يعني يشترط في وجوب عمرة التمتّع الاستطاعة للحجّ و عمرته، لأنّ الحجّ تمتّعا يرتبط بعمرته، بخلاف الإفراد و القران فإنّهما ينفردان عن عمرتهما.

(3)يعني أنّ العمرة كما تجب بالاستطاعة كذلك تجب بالأسباب التي يجب بها الحجّ لو وجدت، و هي امور:

الأول: النذر و العهد و اليمين، كمن نذر أو عاهد أو حلف أن يأتي بعمرة فتجب عليه العمرة، و إلاّ يعدّ عاصيا و تجب عليه كفّارة تخلّف النذر و شبهه.

الثاني: الاستئجار، بأن يستأجر نفسه بإتيان العمرة عن الآخر فتجب عليه.

الثالث: الإفساد، كمن أفسد عمرته عمدا بالجماع قبل السعي فيجب عليه إتيان العمرة في شهر قادم.

الرابع: اذا فات الحجّ بعدم إدراك الوقوفين بعد الإحرام له وجب عليه تبديل نيته بالعمرة المفردة و إتيان أعمالها من الطواف و السعي و الخروج من الإحرام.

(4)الضمير في قوله «بأسبابه» يرجع الى الحجّ ، و كذلك في قوله «الموجبة له». يعني و تجب العمرة علاوة على الاستطاعة الموجبة لها بأسباب الحجّ التي كانت باعثة لوجوب الحجّ عليه.

(5)الضمير في قوله «لها» يرجع الى العمرة، و الضمير الفاعلي يرجع الى الأسباب.

ص: 603

كالنذر (1) و شبهه و الاستئجار (2) و الإفساد (3)، و تزيد عنه (4) بفوات الحجّ بعد الإحرام، و يشتركان (5) أيضا في وجوب أحدهما تخييرا لدخول مكّة

**********

شرح:

يعني لو وجدت الأسباب للعمرة أيضا.

(1)هذا هو الأول من الامور المتقدّمة.

(2)هذا هو الثاني من الامور.

(3)هذا هو الثالث من الامور.

(4)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الحجّ . يعني أنّ العمرة تزيد عن الحجّ من الأسباب الموجبة للوجوب بفوت الحجّ بعد إحرامه، و هذا هو الرابع من الامور المذكورة الموجبة لوجوب العمرة المفردة.

و بعبارة أوضح: إنّ الأسباب الموجبة تشترك بين العمرة و الحجّ ، فكلّ سبب يوجب الحجّ يوجب العمرة أيضا، مثل الاستطاعة و النذر و العهد و اليمين و الإفساد، إلاّ أنّ في وجوب العمرة سببا يزيد على أسباب وجوب الحجّ ، و هو فيما لو فات الحجّ عنه بفوت الوقوفين بعد الإحرام بالحجّ فحينئذ يجب عليه تبديل النية بالعمرة و الخروج من الإحرام كما مرّ.

(5)فاعل قوله «يشتركان» هو ضمير التثنية الراجع الى الحجّ و العمرة. يعني أنهما يشتركان في سبب الوجوب عند الدخول بمكّة واجبا تخييريا بين إتيان الحجّ أو العمرة، لأنّ الإحرام ليس عبادة مستقلّة بل هو إمّا للحجّ أو للعمرة.

فيجب الإحرام لكلّ من دخل مكّة من أحد المواقيت كما مرّ، لكنّه يتخيّر بين إحرام العمرة أو الحجّ إلاّ لأشخاص:

الأول: المتكرّر، و هو الذي يدخلها متكرّرا مثل الحطّاب و الحشّاش و السائق و التاجر المداوم و الراعي و غيرهم.

الثاني: من دخل مكّة للقتال الشرعي، كما اتّفق للمسلمين في فتح مكّة مع

ص: 604

لغير (1) المتكرّر، و الداخل لقتال، و الداخل عقيب إحلال من إحرام، و لمّا يمض (2) شهر منذ الإحلال، لا الإهلال.

يؤخّرها القارن و المفرد

(و يؤخّرها القارن و المفرد) عن الحجّ مبادرا بها على الفور وجوبا (3) كالحجّ . و في الدروس جوّز تأخيرها الى استقبال المحرم (4)، و ليس منافيا للفور (5)،

**********

شرح:

الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

الثالث: من دخل بعد الإحلال من إحرام حجّ أو عمرة فأراد أن يدخل مكّة و الحال لم يمض من إحلاله شهر لا من إحرامه، لكن لو مضى من زمان إحرامه شهر فلا يجوز عليه الدخول بلا إحرام.

(1)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «في وجوب». يعني أنّ الوجوب هو لغير الداخل متكرّرا كما مرّت أمثلته في الهامش السابق.

(2)الجملة حالية. يعني أنّ وجوب الإحرام للدخول ليس فيما لو مضى بين الإحرام شهر، بل بين الإحلال من الإحرام السابق و الإحرام الثاني.

(3)يعني أنّ إتيان العمرة بعد حجّ الإفراد و القران واجب فوري.

(4)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في الدروس بجواز تأخير العمرة الى استقبال شهر محرّم.

(5)يعني أنّ قول المصنّف رحمه اللّه في الدروس بجواز تأخير العمرة في الإفراد و القران الى إقبال شهر محرّم ليس منافيا بوجوبه الفوري، لأنّ المراد ب «الفورية» هو الفورية العرفية و هي تصدق الى آخر ذي الحجّة فكأنه أقدم للعمرة فورا عرفا.

أمّا عبارته رحمه اللّه في الدروس فهي: و وقت العمرة المفردة الواجبة بأصل الشرع عند الفراغ من الحجّ و انقضاء أيّام التشريق لرواية معاوية بن عمّار [الوسائل:

ج 10 ص 66 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3] السالفة، أو في استقبال المحرّم، و ليس هذا المقدار منافيا للفورية. و قيل: يؤخّرها عن الحجّ حتّى يتمكّن الموسى

ص: 605

لا تتعيّن العمرة بالأصالة بزمان مخصوص

(و لا تتعيّن) العمرة بالأصالة (1)(بزمان مخصوص) واجبة و مندوبة، و إن وجب الفور بالواجبة على بعض الوجوه (2)، إلاّ أنّ ذلك ليس تعيينا للزمان. و قد يتعيّن زمانها (3) بنذر و شبهه،

هي مستحبّة مع قضاء الفريضة في كلّ شهر

(و هي مستحبّة مع قضاء (4) الفريضة في كلّ شهر) على أصحّ الروايات (5).

**********

شرح:

من الرأس، و وقت الواجبة بالسبب عند حصوله، و وقت المندوبة جميع السنة.

(الدروس الشرعية: ج 1 ص 337).

(1)قوله «بالأصالة» بمعنى أنه لا ينافي كونها واجبة معيّنة بالعرض كما اذا نذر العمرة في أول شهر فلان أو آخره، لكنّ الوقت للعمرة المفردة واجبة أو مستحبّة لم يتعيّن بأصل الشرع.

(2)هذا كأنه جواب عن سؤال مقدّر، و هو أنّ الشارح رحمه اللّه قدّم وجوب المبادرة الى العمرة بعد الحجّ في قوله «مبادرا بها على الفور» و هو يدلّ بتعيّن زمان العمرة بعد إتيان الحجّ .

فأجاب بقوله رحمه اللّه «و إن وجب الفور بالواجبة على بعض الوجوه». يعني أنّ الفورية لا تدلّ بتعيّن وقت العمرة.

(3)الضمير في قوله «زمانها» يرجع الى العمرة، و قد مرّ مثال تعيّن زمان العمرة بالنذر و شبهه.

(4)المراد من «القضاء» هنا هو الإتيان. يعني اذا أتى العمرة الواجبة استحبّ بعدها في كلّ شهر مرّة واحدة.

و اعلم أنّ لفظ «القضاء» يستعمل بمعان متعدّدة، منها الحكم و الأمر كما في قوله تعالى وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ (1) . (الإسراء: 23) أي أمر. و منها إتيان المأمور في غير زمانه مثل «اقض ما فات كما فات». و منها الإتيان كما في قوله تعالى فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ (2) . (الجمعة: 10).

(5)و المراد من «أصحّ الروايات» هو الخبر المنقول في الوسائل:

ص: 606


1- سوره 17 - آیه 23
2- سوره 62 - آیه 10

(و قيل: لا حدّ) للمدّة بين العمرتين (و هو (1) حسن)، لأنّ فيه (2) جمعا بين الأخبار الدالّ بعضها على الشهر (3) و بعضها على السنة (4) و بعضها على عشرة أيّام (5) بتنزيل

**********

شرح:

عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في كتاب علي عليه السّلام: في كلّ شهر عمرة. (الوسائل: ج 10 ص 244 ب 6 من أبواب العمرة ح 1).

(1)الضمير يرجع الى القول بعدم الحدّ بين العمرتين، بل تستحبّ العمرة بعد العمرة و لو لم يحصل الفصل بينهما، و هذا نظر المصنّف رحمه اللّه.

و قد علّل الشارح رحمه اللّه كون القول المذكور حسنا، بأنّ فيه جمعا بين الأخبار الواردة التي تدلّ بعضها على استحباب الفصل بينهما بشهر و الاخرى بسنة و بعضها بعشرة أيّام.

فما ذكر من المحدود في الأخبار المذكورة يحمل على مراتب الاستحباب، فإنّ أصل إتيان العمرة بعد العمرة يستحبّ في أول المرتبة من مراتب الاستحباب، فالأفضل إتيانها بعد مضي عشرة أيّام من الاولى، و الأفضل منه إتيانها بعد مضي شهر من الاولى، و أكثر ما ينبغي أن يكون بين العمرتين سنة.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى القول بعدم الحدّ بين العمرتين.

(3)و هي رواية عبد الرحمن بن الحجّاج المتقدّمة آنفا.

(4)و هي الرواية المنقولة في الوسائل:

عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

لا يكون عمرتان في سنة. (المصدر السابق: ح 7 و 8).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: حملها الشيخ على عمرة التمتّع.

(5)و هي الرواية المنقولة في الوسائل أيضا:

عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: لكلّ شهر عمرة. قال:

و قلت له: يكون أقلّ من ذلك ؟ قال: لكلّ عشرة أيّام عمرة. (المصدر السابق: ح 10).

ص: 607

ذلك (1) على مراتب الاستحباب.

فالأفضل (2) الفصل بينهما بعشرة أيّام، و أكمل (3) منه بشهر، و أكثر ما ينبغي (4) أن يكون بينهما السنة، و في التقييد (5) بقضاء الفريضة إشارة الى عدم جوازها (6) ندبا مع تعلّقها بذمّته وجوبا، لأنّ الاستطاعة (7) للمفردة

**********

شرح:

(1)قوله «بتنزيل ذلك» متعلّق بقوله «جمعا بين الأخبار». يعني أنّ الجمع بين الأخبار يحصل بتنزيل التحديدات المذكورة فيها على مراتب الاستحباب كما أوضحناه آنفا.

و المشار إليه في قوله «ذلك» هو الحدود المذكورة في الأخبار.

(2)قوله «فالأفضل» في مقابل أصل فضل إتيان العمرة بعد العمرة بلا فصل.

(3)أي الأكمل من حيث الفضل.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الأفضل.

(4)هذا آخر مراتب الاستحباب من حيث الفصل بين العمرتين.

و الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى العمرتين، فأكثر زمان ينبغي أن يكون بين العمرتين من حيث الاستحباب هو السنة أو أزيد منها.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قيّد استحباب العمرة المفردة بقضاء المعتمر عمرته الواجبة في قوله «و هي مستحبّة مع قضاء الفريضة» للإشارة بأنّ المعتمر اذا تعلّقت على ذمّته العمرة الواجبة فلا يجوز له إتيان العمرة بقصد الاستحباب، لأنّ إمكان فعل العمرة يلازم الاستطاعة لها، فاذا حصلت الاستطاعة وجبت عليه، و اذا كانت العمرة واجبة عليه فلا تكون العمرة عليه مستحبّة.

(6)الضمير في قوله «جوازها» يرجع الى العمرة. يعني لا تجوز العمرة بنية الندب اذا تعلّقت على ذمّته العمرة الواجبة بسبب الاستطاعة عليها.

و الضمير في قوله «تعلّقها» يرجع الى العمرة أيضا.

(7)هذا تعليل على أنه اذا استطاع على العمرة المندوبة فتصير بالاستطاعة عليها

ص: 608

ندبا يقتضي الاستطاعة وجوبا غالبا (1)، و مع ذلك (2) يمكن تخلّفه لمتكلّفها حيث يفتقر (3) الى مئونة لقطع المسافة و هي (4) مفقودة، و كذا (5) لو

**********

شرح:

واجبة و لا يجوز إتيان الواجب بنية الندب.

(1)الظرف متعلّق بقوله «يقتضي الاستطاعة وجوبا». يعني أنّ الاستطاعة للعمرة المندوبة يقتضي و يلازم الاستطاعة للعمرة الواجبة في أغلب الموارد، لكن في بعض الموارد لا يقتضي، كما اذا ألقى كلّه و ثقله على الغير و تمكّن من المستحبّة فحينئذ لا يلزم الواجبة.

(2)المشار إليه في قوله «مع ذلك» هو اقتضاء الاستطاعة للعمرة المندوبة بالاستطاعة للعمرة الواجبة. يعني و مع ذلك التلازم بينهما يمكن التخلّف لهذه الملازمة في صورة تكلّف المعتمر مع عدم الاستطاعة للواجبة، بأن يأتي العمرة مستحبّة بالتكلّف و إلقاء كلّه على الغير و السؤال عنه، و الحال أنّ الاستطاعة للواجبة لا تتحقّق إلاّ بكونه مالكا للزاد و الراحلة و مئونة عائلته - كما تقدّم - فيتفارقان.

و الضمير في قوله «تخلّفه» يرجع الى الاقتضاء، و في قوله «لمتكلّفها» يرجع الى العمرة.

(3)قوله «يفتقر» بصيغة المجهول، و النائب الفاعل مستتر يرجع الى إتيان العمرة.

و يحتمل كونها بصيغة المعلوم، و فاعله مستتر يرجع الى المعتمر.

و التقييد بقوله «حيث يفتقر» لإخراج أهل مكّة، فإنّهم لا يفتقرون في إتيان العمرة المفردة بالزاد و الراحلة بل لهم الخروج الى أقرب المواقيت و الإحرام و الدخول الى مكّة و إتيان أعمال العمرة، بخلاف النائين أو الساكنين في أطراف مكّة فإنّهم لا يستطيعون أداء العمرة المفردة إلاّ بالزاد و الراحلة.

(4)الضمير يرجع الى المؤونة. يعني أنّ المؤونة مفقودة للمكلّف.

(5)هذا مثال ثان في تخلّف اقتضاء الاستطاعة للعمرة المندوبة بالاستطاعة للعمرة

ص: 609

استطاع إليها و الى حجّتها و لم تدخل أشهر الحجّ (1) فإنّه (2) لا يخاطب حينئذ بالواجب فكيف يمنع من المندوب ؟! إذ لا يمكن فعلها (3) واجبا إلاّ بعد فعل الحجّ . و هذا البحث (4) كلّه في المفردة.

**********

شرح:

الواجبة، و هو اذا كان مستطيعا الى العمرة و الحجّ المفرد قبل حلول أشهر الحجّ فإنّه لا يخاطب بالعمرة المفردة الواجبة لعدم حلول أشهر الحجّ ، لكن له أن يأتي العمرة المفردة مندوبة فلا يقتضي الاستطاعة للمندوبة بالاستطاعة للواجبة.

و الضميران في قوليه «إليها» و «حجّتها» يرجعان الى العمرة. و المراد من «حجّتها» هو حجّ الإفراد أو القران.

(1)المراد من «أشهر الحجّ » هو شهر شوّال و ذي القعدة و ذي الحجّة.

(2)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى المستطيع للعمرة و الحجّ ، فإنّ المستطيع كذلك لا يخاطب قبل شهور الحجّ بإتيان العمرة الواجبة بل يخاطب بها بعد حجّها إفرادا أو قرانا، فلا يمنع ذلك العمرة الواجبة بعد إتيان الحجّ عن إتيان العمرة المستحبّة قبله.

(3)الضمير في قوله «فعلها» يرجع الى العمرة المفردة. يعني لا يمكن فعل العمرة الواجبة قبل الشهور المذكورة، فلا يمنع العمرة المفردة المندوبة.

(4)أي البحث في وجوب العمرة بالاستطاعة الحاصلة إليها لا الى الحجّ إنّما هو في خصوص العمرة المفردة.

أمّا عمرة التمتّع فإنّها لا تجب إلاّ مع الاستطاعة الى حجّ التمتّع، فما لم يستطع الى الحجّ لا تجب عمرته بل تستحبّ العمرة المفردة على النائين أبدا بلا تعيين زمان لها، و لو كانت فضيلتها بالنسبة الى بعض الأوقات أفضل من غيرها - كما في كتاب الدروس - حيث قال رحمه اللّه: و وقت المندوبة جميع السنة، و أفضلها الرجبية لأنها تلي الحجّ في الفضل و تحصل بالإحرام فيه، و روي فضل العمرة في رمضان.

(الدروس الشرعية: ج 1 ص 93).

ص: 610

**********

شرح:

إيضاح: العمرة - بضمّ العين و سكون الميم -: اسم من الاعتمار، و هي لغة: القصد الى مكان عامر، أو الزيارة التي فيها عمارة الودّ. و شرعا: أفعال مخصوصة تسمّى بالحجّ الأصغر، و أفعالها أربعة: الإحرام، و الطواف، و السعي بين الصفا و المروة، و الحلق، جمعها: عمر و عمرات. (أقرب الموارد).

أقول - بعد التوكّل على اللّه المنّان -: الى هنا تمّ شرح كتاب الحجّ ، و رأيت من المناسب ذكر بعض الفوائد في فصل مستقلّ ، كما أذكر بابا خاصّا في فضيلة زيارة المعصومين عليهم السّلام و بعض الصالحين و المؤمنين رضوان اللّه عليهم أجمعين، رزقنا اللّه زيارتهم في الدنيا و شفاعتهم في الآخرة، آمين.

ص: 611

ص: 612

ص: 613

ص: 614

فوائد

فائدة الحجّ :

**********

شرح:

أرى من الضروري ذكر بعض الأحاديث الشريفة الواردة في فوائد الحجّ كي يشتاق إليه المؤمنون أكثر راجيا منه عزّ شأنه التوفيق و التسديد.

منها: عن سعد الإسكاف قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ الحاجّ اذا أخذ في جهازه لم يخط خطوة في شيء من جهاز إلاّ كتب اللّه عزّ و جلّ له عشر حسنات و محا عنه عشر سيّئات و رفع له عشر درجات حتّى يفرغ من جهازه، فاذا استقلّت به راحلته لم تضع خفّا و لم ترفعه إلاّ كتب اللّه عزّ و جلّ له مثل ذلك حتّى يقضي نسكه، فاذا قضى نسكه غفر اللّه له ذنوبه، و كان ذا الحجّة و المحرّم و صفر و شهر ربيع الأول أربعة أشهر تكتب له الحسنات، و لا تكتب عليه السيّئات إلاّ أن يأتي بموجبة، فاذا مضت أربعة أشهر خلط بالناس1.

و منها: عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحاجّ يصدرون على ثلاثة أصناف: فصنف يعتقون من النار، و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امّه، و صنف يحفظه في أهله و ماله، فذلك أدنى ما يرجع به الحاجّ 2.

(1) الوسائل: ج 8 ص 66 ب 38 من أبواب وجوب الحجّ ح 9.

(2) الوسائل: ج 8 ص 83 ب 42 من أبواب وجوب الحجّ ح 15.

ص: 615

**********

شرح:

و منها: عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلني اللّه فداك، أسألك في الحجّ منذ أربعين عاما فتفتيني، فقال: يا زرارة، بيت حجّ إليه قبل آدم بألفي عام تريد أن تفتى مسائله في أربعين عاما؟!1

مستحبّات عزيمة الحجّ :

قال الشهيد رحمه اللّه في كتابه الدروس: يستحبّ في أداء الحجّ أن يقطع العلائق بينه و بين معامليه، و يوصي بما يهمّه، و أن يجمع أهله، و يصلّي ركعتين و يسأل اللّه الخيرة في عاقبته و يدعو بالمأثور. فاذا خرج وقف على باب داره تلقاء وجهه و قرأ الفاتحة، ثمّ يقرأها عن يمينه و يساره، و كذا آية الكرسي، و يدعو بالمنقول، و يتصدّق بشيء، و ليقل «بحول اللّه و قوّته أخرج» ثمّ يدعو عند وضع رجليه في الركاب و عند الاستواء على الراحلة، و يكثر من ذكر اللّه تعالى في سفره.

و يستحبّ الخروج يوم السبت أو الثلاثاء، و استصحاب العصا و خصوصا اللوز المرّ، و توفير شعر رأسه و لحيته من أول ذي القعدة و يتأكّد عند هلال ذي الحجّة.

ثمّ قال رحمه اللّه: و قال المفيد: يجب، و لو حلق في ذي القعدة فدم2. و الأول أظهر.

و المعتمر يوفّره شهرا و استكمال التنظيف بإزالة شعر الإبط و العانة بالحلق، و الإطلاء أفضل، و لو كان مطليا أو قد أزال الشعر بغيره أجزأ ما لم يمض خمسة عشر يوما و الإعادة أفضل و إن قرب العهد به، و قصّ الشارب و الأظفار، و إزالة الشعث.

و الغسل، و أوجبه الحسن3 ، و لو فقد الماء تيمّم عند الشيخ رحمه اللّه4. و يجزي غسل

(1) الوسائل: ج 8 ص 7 ب 1 من أبواب وجوب الحجّ ح 12.

(2) المقنعة: ص 391.

(3) المختلف: ج 1 ص 264.

(4) المبسوط : ج 1 ص 314.

ص: 616

**********

شرح:

النهار ليومه و الليل لليلته ما لم ينم فيعيده خلافا لابن إدريس رحمه اللّه1. و الأقرب أنّ الحدث كذلك، و يجوز تقديمه على الميقات لخائف الإعواز، فإن تمكّن بعد استحبّت الإعادة، و كذا يستحبّ إعادته لو أكل أو تطيّب أو لبس بعده ما يحرم على المحرم، و لو قلّم أظفاره بعد الغسل لم يعد و يمسحها بالماء2.

فضل مكّة و مواضع منها:

عن ميسر قال: كنّا عند أبي جعفر عليه السّلام في الفسطاط نحوا من خمسين رجلا، فقال لنا: أ تدرون أيّ البقاع أفضل عند اللّه منزلة ؟ فلم يتكلّم أحد، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: تلك مكّة الحرام التي رضيها اللّه لنفسه حرما و جعل بيته فيها.

ثمّ قال: أ تدرون أيّ بقعة في مكّة أفضل حرمة ؟ فلم يتكلّم أحد، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: ذلك بين الركن الأسود الى باب الكعبة، ذلك حطيم إسماعيل عليه السّلام الذي كان يذود فيه غنيمته و يصلّي فيه. فو اللّه لو أنّ عبدا صفّ قدميه في ذلك المكان قائما بالليل مصلّيا حتّى يجنّه النهار، و قائما النهار حتّى يجنّه الليل و لم يعرف حقّنا و حرمتنا أهل البيت لم يقبل اللّه منه شيئا أبدا. إنّ أبانا إبراهيم عليه السّلام و على محمّد و آله كان ممّا يشترط على ربّه أن قال فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (1) 3. أمّا أنه لم يعن الناس كلّهم فانّهم اولئك رحمكم اللّه و نظراؤكم، و إنما مثلكم في الناس مثل الشعرة السوداء في الثور الأنور4.

و عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لنا عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أيّ البقاع أفضل ؟

(1) السرائر: ج 1 ص 530.

(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 342.

(3) إبراهيم: 37.

(4) ثواب الأعمال: ص 244 ح 3.

ص: 617


1- سوره 14 - آیه 37

**********

شرح:

فقلت: اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم، فقال: أمّا أفضل البقاع ما بين الركن و المقام، و لو أنّ رجلا عمّر ما عمّر نوح عليه السّلام في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما يصوم النهار و يقوم الليل في ذلك المكان ثمّ لقي اللّه عزّ و جلّ بغير و لا يتنا لم ينفعه ذلك شيئا1.

و عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أحبّ الأرض الى اللّه عزّ و جلّ مكّة، و ما تربة أحبّ الى اللّه عزّ و جلّ من تربتها، و لا حجر أحبّ إليه من حجرها، و لا شجر أحبّ إليه من شجرها، و لا جبال أحبّ الى اللّه من جبالها، و لا ماء أحبّ الى اللّه من مائها2.

و عن الامام الباقر عليه السّلام أنه قال: من أمّ هذا البيت حاجّا أو معتمرا مبرّأ من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امّه3.

ثواب النظر الى الكعبة:

عن عليّ بن عبد العزيز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من نظر الى الكعبة بمعرفة فعرف من حقّنا و حرمتنا مثل الذي عرف من حقّها و حرمتها غفر اللّه له ذنوبه و كفاه همّ الدنيا و الآخرة4.

و عن سيف التّمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من نظر الى الكعبة لم يزل تكتب له حسنة و تمحى عنه سيّئة حتّى يصرف بصره عنها5.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 245 ح 2313.

(2) الوسائل: ج 9 ص 349 ب 19 من أبواب مقدّمات الطواف ح 1.

(3) الوسائل: ج 8 ص 64 ب 38 من أبواب وجوب الحجّ ح 1.

(4) الوسائل: ج 9 ص 364 ب 29 من أبواب مقدّمات الطواف ح 5.

(5) المصدر السابق: ح 6.

ص: 618

ثواب الإنفاق في الحجّ :

**********

شرح:

عن الصادق عليه السّلام أنه قال: من أنفق درهما في الحجّ كان خيرا له من مائة ألف درهم ينفقها في حقّ 1.

و قال ابن بابويه: روي أنّ درهما في الحجّ خير من ألف ألف درهم في غيره في سبيل اللّه، و درهم يصل الى الإمام مثل ألف ألف درهم في حجّ 2.

(1) الوسائل: ج 8 ص 82 ب 42 من أبواب وجوب الحجّ ح 10.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 225 ح 2249.

ص: 619

ختام

باب المزار

في ذكر فضيلة زيارة قبر النبيّ المختار صلّى اللّه عليه و آله

و الأئمة المنتجبين الأطهار عليهم السّلام

و بعض الصالحين الأبرار و المؤمنين الأخيار

**********

شرح:

لمّا أتممت إيضاح مطالب كتاب الحجّ بتوفيق من اللّه تعالى و إحسانه و ذكرت بعد ذلك فصلا في فوائد تتعلّق بالحجّ صمّمت أن أذكر في ختامه بعض الروايات الواردة في فضيلة زيارة النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة المعصومين عليهم السّلام و أمّ الأئمة فاطمة الزهراء عليها السّلام. فإنّي ما وفّقت لهذا الأمر المهمّ إلاّ بالتوسّل بهم كما إنّي أتوسّل بهم الى اللّه تعالى في كلّ أمر يهمّني، و قد توجّهوا إليّ و تفضّلوا عليّ في جميع المهامّ الدنيوية، راجيا منهم أن يتفضّلوا عليّ أيضا في حال انتقالي و ارتحالي من هذه الدنيا الدنيّة الى اللّه تعالى بالأخصّ عند سكرات الموت و حضور ملك الموت عليه السّلام و نقلي الى القبر و نزولي و وحدتي و وحشتي و سؤالي فيه.

ألا يا قادتي و سادتي و شفعائي و أئمتي إنّي بكم أتولّى و من أعدائكم أتبرّأ في الدنيا و الآخرة فأدركوني في الحالات المذكورة، و لا اعتماد لي بعمل صدر منّي في عمري أن أرجع به الى اللّه تعالى وليّ نعمتي إلاّ بحبّكم و الفناء في سبيلكم، فإنّي ما وجدت لذّة

ص: 620

**********

شرح:

باطنية في حياتي إلاّ عند حضوري في حرمكم و عرض حاجاتي عندكم. فيا مواليّي و يا ساداتي احبّ أن أحضر في حرمكم لكنّي بعيد عنه في الظاهر.

و لمّا رأيت الروايات الدالّة بتحقّق زيارتكم من بعيد و قبولكم سلام المحبّ و تحيّاته بأيّ مكان و زمان كان أحببت أن أنقل بعض تلك الروايات عسى أن تكون لي وسيلة للنجاة في يوم الحساب.

استحباب زيارة قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله

يستحبّ للحاجّ و غيرهم زيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة المنوّرة استحبابا مؤكّدا، و يجبر الإمام الناس على ذلك لو تركوه لما فيه من الجفاء المحرّم كما يجبرون على الأذان، و منع ابن إدريس رحمه اللّه ضعيف1 لقوله صلّى اللّه عليه و آله: من أتى مكّة حاجّا و لم يزرني الى المدينة جفوته يوم القيامة، و من أتاني زائرا وجبت له شفاعتي، و من وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة2.

و قال صلّى اللّه عليه و آله في الترغيب في زيارته: من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ السلام فإنّه يبلغني3.

و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله للحسين عليه السّلام: يا بني، من زارني حيّا و ميّتا، أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقّا عليّ أن أزوره يوم القيامة و اخلّصه من ذنوبه4.

(1) حيث قال رحمه اللّه: إجبارهم على زيارة الرسول صلوات اللّه عليه لا يجوز لأنها غير واجبة.

(السرائر: ج 1 ص 647).

(2) الوسائل: ج 10 ص 261 ب 3 من أبواب المزار ح 3.

(3) الوسائل: ج 10 ص 263 ب 4 من أبواب المزار ح 1.

(4) الوسائل: ج 10 ص 256 ب 2 من أبواب المزار ح 14.

ص: 621

**********

شرح:

و عن أبي حجر الأسلمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أتى مكّة حاجّا و لم يزرني الى المدينة جفوته يوم القيامة، و من أتاني زائرا وجبت له شفاعتي، و من وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة، و من مات في أحد الحرمين مكّة و المدينة لم يعرض و لم يحاسب، و من مات مهاجرا الى اللّه عزّ و جلّ حشر يوم القيامة مع أصحاب بدر1.

استحباب زيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله و لو من بعيد

عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إلي في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ السلام فإنه يبلغني2.

استحباب زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السّلام

عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما خلق اللّه خلقا كثيرا أكثر من الملائكة، و أنه لينزل كلّ يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور فيطوفون به، فاذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فاذا طافوا بها أتوا قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر أمير المؤمنين عليه السّلام فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر الحسين عليه السّلام فسلّموا عليه، ثمّ عرجوا فينزل مثلهم أبدا الى يوم القيامة.

و قال عليه السّلام: من زار قبر أمير المؤمنين عارفا بحقّه غير متجبّر و لا متكبّر كتب اللّه له أجر مائة ألف شهيد و غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر و بعث من الآمنين

(1) الوسائل: ج 10 ص 263 ب 3 من أبواب المزار ح 3.

(2) الوسائل: ج 10 ص 263 ب 4 من أبواب المزار ح 1.

ص: 622

**********

شرح:

و هوّن عليه الحساب و استقبلته الملائكة، فاذا انصرف شيّعته الى منزله، فان مرض عادوه، و إن مات شيّعوه بالاستغفار الى قبره1.

و عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: من زار عليّا بعد وفاته فله الجنّة2.

استحباب زيارة قبر الزهراء عليها السّلام

عن يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جدّه قال دخلت على فاطمة عليها السّلام فبدأتني بالسلام، ثمّ قالت: ما غدا بك ؟ قلت: طلب البركة، قالت: أخبرني أبي و هو ذا (هو) أنه من سلّم عليه و عليّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنّة، قلت لها: في حياته و حياتك ؟ قالت: نعم و بعد موتنا3.

مدفن فاطمة الزهراء عليها السّلام:

محمّد بن علي بن الحسين قال: اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيّدة نساء العالمين، فمنهم من روى أنها دفنت في البقيع، و منهم من روى أنها دفنت بين القبر و المنبر و أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة، لأنّ قبرها بين القبر و المنبر، و منهم من روى أنها دفنت في بيتها فلمّا زادت بنو اميّة في المسجد صارت في المسجد. و هذا هو صحيح عندي4.

(1) الوسائل: ج 10 ص 293 ب 23 من أبواب المزار ح 1.

(2) الوسائل: ج 10 ص 296 ب 23 من أبواب المزار ح 10.

(3) الوسائل: ج 10 ص 287 ب 18 من أبواب المزار ح 1.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 572.

ص: 623

استحباب زيارة قبور أئمة البقيع عليهم السّلام

**********

شرح:

عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما لمن زار أحد منكم ؟ قال: كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله1.

قال محمّد بن الحسن: روي عن الصادق عليه السّلام: من زارني غفرت له ذنوبه و لم يمت فقيرا.

قال: و روي عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهما السّلام أنه قال: من زار جعفرا أو أباه لم يشتك عينه و لم يصبه سقم و لم يمت مبتلى2.

و عن عمرو بن هشام عن بعض أصحابنا عن أحدهم عليهم السّلام قال: اذا أتيت قبور الائمة بالبقيع فقف عندهم و اجعل القبلة خلفك و القبر بين يديك، ثمّ تقول: السلام عليكم أئمة الهدى، السلام عليكم أهل البرّ و التقوى... الخ3.

استحباب زيارة قبر الحسين عليه السّلام

عن الحسين بن محمّد قال: قال أبو الحسن موسى عليه السّلام: أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد اللّه عليه السّلام بشطّ الفرات اذا عرف حقّه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر4.

و عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: وكّل اللّه بقبر

(1) الوسائل: ج 10 ص 426 ب 79 من أبواب المزار ح 1.

(2) المصدر السابق: ح 2.

(3) كامل الزيارات لابن قولويه: ص 55 ب 16.

(4) الوسائل: ج 10 ص 428 ب 80 من أبواب المزار ح 5.

ص: 624

**********

شرح:

الحسين عليه السّلام أربعة آلاف ملك شعث غبر1 يبكونه الى يوم القيامة، فمن زاره عارفا بحقّه شيّعوه حتّى يبلغوه مأمنه، و إن مرض عادوه غدوة و عشية، و إن مات شهدوا جنازته و استغفروا له الى يوم القيامة2.

و عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين صلوات اللّه عليه شعثا غبرا يبكونه الى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له:

منصور، فلا يزوره زائر إلاّ استقبلوه، و لا يودّعه مودّع إلاّ شيّعوه، و لا يمرض إلاّ عادوه، و لا يموت إلاّ صلّوا على جنازته و استغفروا له بعد موته3.

و عن الهيثم بن عبد اللّه عن الامام الرضا عن أبيه عليهما السّلام قال: قال الصادق عليه السّلام:

إنّ أيّام زائر الحسين بن علي عليهما السّلام لا تعدّ من آجالهم4.

و عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: وكّل بالحسين عليه السّلام سبعون ألف ملك شعثا غبرا يصلّون عليه منذ يوم قتل الى ما شاء اللّه، يعني قيام القائم عليه السّلام، و يدعون لمن زاره، و يقولون: يا ربّ هؤلاء زوّار الحسين عليه السّلام افعل بهم و افعل بهم5.

هذا و قد احتمل بعض الفقهاء وجوب زيارة الحسين عليه السّلام مثل وجوب الحجّ استنادا الى بعض الروايات:

منها: عن عبد الرحمن بن كثير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو أنّ أحدكم حجّ دهره ثمّ لم يزر الحسين بن علي عليهما السّلام لكان تاركا حقّا من حقوق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لأنّ

(1) الشعث - ككتف -: المغبّر الرأس. و الغبر - ككتف -: أصابه الغبار. (أقرب الموارد).

(2) الوسائل: ج 10 ص 318 ب 37 من أبواب المزار ح 1.

(3) المصدر السابق: ح 2.

(4) المصدر السابق: ص 322 ح 9.

(5) المصدر السابق: ص 323 ح 12.

ص: 625

**********

شرح:

حقّ الحسين فريضة من اللّه تعالى واجبة على كلّ مسلم1.

و منها: عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: ما تقول فيمن ترك زيارة الحسين و هو يقدر على ذلك ؟ قال: إنّه قد عقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عقّنا... الخ2.

ثواب زيارة الحسين عليه السّلام من بعيد:

عن حنّان بن سدير عن أبيه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا سدير، تزور الحسين عليه السّلام في كلّ يوم ؟ قلت: جعلت فداك، لا، قال: فما أجفاكم ؟ قال: فتزورونه في كلّ جمعة ؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ شهر؟ قلت: لا، قال: فتزورونه في كلّ سنة ؟ قال: قلت: قد يكون ذلك، قال: يا سدير، ما أجفاكم للحسين، أما علمت أنّ للّه عزّ و جلّ ألفي ألف ملك شعثا غبرا يبكونه و يزورونه، لا يفترون، و ما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين عليه السّلام في كلّ جمعة خمس مرّات أو في كلّ يوم مرّة ؟ قلت: جعلت فداك، (إنّ ) بيننا و بينه فراسخ كثيرة، فقال لي: اصعد فوق سطحك ثمّ التفت يمينة و يسرة ثمّ ترفع رأسك الى السماء، ثمّ تنحو نحو القبر فتقول «السلام عليك يا أبا عبد اللّه، السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته» تكتب لك زورة، و الزورة حجّة و عمرة3.

و عن الحسن بن ثوير قال: كنت أنا و يونس بن ظبيان عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و كان أكبرنا سنّا، فقال له: إنّي كثيرا ما أذكر الحسين عليه السّلام فأيّ شيء أقول ؟ قال: قل «صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه» تعيد ذلك ثلاثا، فإنّ السلام يصل إليه من قريب

(1) الوسائل: ج 10 ص 333 ب 38 من أبواب المزار ح 1.

(2) المصدر السابق: ح 2.

(3) الوسائل: ج 10 ص 385 ب 63 من أبواب المزار ح 2.

ص: 626

**********

شرح:

و من بعيد... الحديث1.

استحباب زيارة قبر الإمام الكاظم عليه السّلام

عن الحسن بن عليّ الوشّاء عن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن زيارة قبر أبي الحسن عليه السّلام هي مثل زيارة قبر الحسين عليه السّلام ؟ قال: نعم2.

فضيلة قبري الإمامين الكاظم و الجواد عليهما السّلام

عن زكريا بن آدم القمّي عن الرضا عليه السّلام قال: إنّ اللّه نجّى بغداد بمكان قبر الحسينيين فيها3.

استحباب زيارة قبر الإمام الرضا عليه السّلام

عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: قال الرضا عليه السّلام: من زارني على بعد داري و مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتّى اخلّصه من أهوالها: اذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا، و عند الصراط ، و عند الميزان4.

عن عبد السلام بن صالح الهروي (في حديث دعبل) أنّ الرضا عليه السّلام قال له:

لا تنقضي الأيّام و الليالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي و زوّاري، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له5.

(1) الوسائل: ج 10 ص 385 ب 63 من أبواب المزار ح 1.

(2) الوسائل: ج 10 ص 427 ب 80 من أبواب المزار ح 1.

(3) الوسائل: ج 10 ص 428 ب 80 من أبواب المزار ح 5.

(4) الوسائل: ج 10 ص 433 ب 82 من أبواب المزار ح 2.

(5) الوسائل: ج 10 ص 438 ب 82 من أبواب المزار ح 22.

ص: 627

**********

شرح:

و عن يحيى بن سليمان المازني عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: من زار قبر ولدي علي كان عند اللّه كسبعين حجّة مبرورة. قال: قلت: سبعين حجّة ؟! قال: نعم و سبعين ألف حجّة. قال: قلت: سبعين ألف حجّة ؟! قال: ربّ حجّة لا تقبل، من زاره و بات عنده ليلة كان كمن زار اللّه في عرشه... الحديث1.

استحباب زيارة الهادي و العسكري و المهدي عليهم السّلام من داخل أو خارج

عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما لمن زار واحدا منكم ؟ قال:

كمن زار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله2.

و عن أبي هاشم الجعفري قال: قال أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهما السّلام:

قبري بسرّمن رأى أمان لأهل الجانبين.

و قد فسّر العلاّمة المجلسي الأول كلمة «أهل الجانبين» بالشيعة و أهل السنّة، و قال: إنّ فضله عليه السّلام يعمّ الموالي و المعادي.

و قال الشيخ رحمه اللّه: المنع من دخول الدار هو الأحوط و الأولى لأنّ الدار قد ثبت أنها ملك للغير و لا يجوز لنا أن نتصرّف فيها بالدخول و لا غيره إلاّ بإذن صاحبها.

قال: و لو أنّ أحدا يدخلها لم يكن مأثوما خاصّة اذا تأوّل في ذلك ما روي عنهم عليهم السّلام من أنهم جعلوا شيعتهم في حلّ من مالهم، و ذلك على عمومه.

و قد روي في ذلك أكثر من أن يحصى، و قد أوردنا طرفا منه في باب الأخماس، انتهى3.

(1) الوسائل: ج 10 ص 443 ب 87 من أبواب المزار ح 1.

(2) الوسائل: ج 10 ص 448 ب 90 من أبواب المزار ح 1.

(3) التهذيب: ج 6 ص 94 ب 44 من كتاب المزار.

ص: 628

**********

شرح:

أقول: و قد تقدّم في الصلاة عنهم أنه لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ بطيبة نفس منه، و قد علم طيبة نفس المالك لدخول الدار و عدم الضرر عليه، و حصول زيادة التعظيم له و لأبيه و جدّه عليهم السّلام، مع عموم أحاديث الزيارات و إطلاقها الدالّ على الإذن و عدم وصول النهي عن الدخول الى غير ذلك من الوجوه، و اللّه أعلم.

استحباب زيارة المعصومين عليهم السّلام من بعد

عن هشام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا بعدت بأحدكم الشقّة و نأت به الدار فليصعد على منزله فليصلّ ركعتين، و ليؤمّ بالسلام الى قبورنا، فإنّ ذلك يصل إلينا1.

استحباب زيارة قبر السيّدة فاطمة عليها السّلام بقم

عن سعد بن سعد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السّلام بقم فقال: من زارها فله الجنّة2.

عن العمركي عن رجل عن ابن الرضا عليه السّلام قال: من زار قبر عمّتي بقم فله الجنّة3.

استحباب زيارة قبر السيد عبد العظيم الحسني بري

عن محمّد بن يحيى عمّن دخل على أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي عليهما السّلام من

(1) الوسائل: ج 10 ص 452 ب 95 من أبواب المزار ح 1.

(2) الوسائل: ج 10 ص 451 ب 94 من أبواب المزار ح 1.

(3) المصدر السابق: ح 2.

ص: 629

**********

شرح:

أهل الري، قال: دخلت على أبي الحسن العسكري عليهما السّلام فقال لي: أين كنت ؟ فقلت:

زرت الحسين عليه السّلام، فقال: أما أنك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي عليهما السّلام1.

في عدم جواز الطواف بالقبور

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تشرب و أنت قائم، و لا تطف بقبر، و لا تبل في ماء نقيع، فإنّ من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه... الحديث2.

فالرواية دالّة على النهي عن طواف كلّ قبر، لكن يخصّص العموم بالرواية الدالّة على طواف قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و هي المذكورة أيضا في الوسائل:

عن يحيى بن أكثم (في حديث) قال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرأيت محمّد بن عليّ الرضا عليه السّلام يطوف به، فناظرته في مسائل عندي... الحديث3.

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: هذا غير صريح في أكثر من دورة واحدة لأجل إتمام الزيارة و الدعاء من جميع الجهات كما ورد في بعض الزيارات لا بقصد الطواف على أنه مخصوص بقبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لا يدلّ على غيره من الأئمة و لا غيرهم، و القياس باطل، و راويه عامّي ضعيف قد تفرّد بروايته، و يحتمل كون الطواف فيه بمعنى الإلمام و النزول كما ذكره علماء اللغة، و هو قريب من معنى الزيارة، و يحتمل الحمل على التقية بقرينة راويه، لأنّ العامّة يجوّزونه، و الصوفية من العامّة يطوفون بقبور مشايخهم، و اللّه أعلم.

(1) الوسائل: ج 10 ص 451 ب 93 من أبواب المزار ح 1.

(2) الوسائل: ج 10 ص 450 ب 92 من أبواب المزار ح 1.

(3) المصدر السابق: ح 3.

ص: 630

استحباب زيارة الصلحاء من المؤمنين

**********

شرح:

عن عليّ البزّاز قال: سمعت أبا الحسن الأول عليه السّلام يقول: من لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي إخواننا يكتب له ثواب زيارتنا، و من لم يقدر على صلتنا فليزر صالحي إخوانه يكتب له ثواب صلتنا1.

استحباب زيارة قبور المؤمنين

عن صفوان بن يحيى أنه قال لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: بلغني أنّ المؤمن اذا أتاه الزائر أنس به، فاذا انصرف عنه استوحش، فقال: لا يستوحش2.

عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: مررت على أبي جعفر عليه السّلام بالبقيع فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشيعة، قال: فوقف عليه ثمّ قال: «اللّهمّ ارحم غربته، وصل وحدته، و آنس وحشته، و أسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، و ألحقه بمن كان يتولاّه» ثمّ قرأ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) سبع مرّات3.

الى هنا تمّ الجزء الرابع من كتاب «الجواهر الفخرية»

و يليه إن شاء اللّه تعالى الجزء الخامس منه و أوله كتاب الجهاد

و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا

(1) الوسائل: ج 10 ص 458 ب 97 من أبواب المزار ح 10.

(2) الوسائل: ج 10 ص 462 ب 101 من أبواب المزار ح 1.

(3) المصدر السابق: ح 2.

ص: 631


1- سوره 97 - آیه 1

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.