الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه المجلد 2

اشارة

سرشناسه:وجدانی فرخ، قدرت الله، 1375 - 1311، شارح

عنوان و نام پديدآور:الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه/ تالیف قدره الله الوجدانی فخر

مشخصات نشر: الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

مشخصات ظاهری: 16ج

يادداشت:کتاب حاضر شرحی است بر "الروضه البهیه..." شهید ثانی، که خود شرحی است بر "اللمعه الدمشقیه... شهید اول"

يادداشت:عربی

عنوان دیگر:اللمعه الدمشقیه. شرح

عنوان دیگر:الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

موضوع:شهید اول محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه -- نقد و تفسیر

فقه جعفری -- قرن ق 8

شناسه افزوده:شهید اول، محمدبن مکی، 786 - 734ق. اللمعه الدمشقیه. شرح

شناسه افزوده:شهید ثانی، زین الدین بن علی، 966 - 911ق. الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه. شرح

ص: 1

اشارة

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولی

1431 ه - 2010م

الأمیرة لطّباعَة وَالنَّشر وَالتّوزیع - بیروت - لبنان

هاتف 946161 / 03 - 115425 / 02 - تلفاکس: 4715510 / 01

http://www.Dar-Alamira.com

E-mail:info@dar-alamira.com

ص: 2

الجواهر الفخریه فی شرح الروضه البهیه

تالیف قدره الله الوجدانی فخر

الجزء الثاني

الطهارة

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 4

كتاب الصلاة

اشارة

كتاب (1) الصلاة (2) فصوله (3) أحد عشر:

**********

شرح:

كتاب الصلاة (1)خبر لمبتدإ مقدّر و هو «هذا» و الاضافة بيانية كما في سائر الكتب المضافة الى عنوان يبحث فيه عنه.

(2)الصلاة: الدعاء، و الدين، و الرحمة، و الاستغفار، و حسن الثناء من اللّه على الرسول، و عبادة فيها ركوع و سجود، و هي اسم يوضع موضع المصدر.

و قيل: الصلاة من اللّه الرحمة، و من الملائكة الاستغفار، و من المؤمنين الدعاء، و من الطير و الهوامّ التسبيح، و هي لا تكون إلاّ في الخير بخلاف الدعاء فإنّه يكون في الخير و الشرّ، و كنيسة اليهود يقال: اجتمعت اليهود في صلاتهم و صلواتهم، أصلها بالعبرانية. «صلوتا». (أقرب الموارد).

(3)الضمير من قوله «فصوله» يرجع الى الكتاب، يعني يبحث في الكتاب عن الفصول المذكورة.

و اعلم أنّ فصول الكتاب أحد عشر فصلا:

الأول: في أعداد الصلاة.

الثاني: في شروط الصلاة.

الثالث: في كيفية الصلاة.

ص: 5

الفصل الأول في أعدادها

اشارة

(الأول) (1) (في أعدادها)

الواجب سبع صلوات

(و الواجب سبع) (2) صلوات:

(اليومية) الخمس (3) الواقعة في اليوم و الليلة،

**********

شرح:

الرابع: في مستحبّات الصلاة.

الخامس: في تروك الصلاة.

السادس: في بقية الصلاة الواجبة.

السابع: في أحكام الخلل في الصلاة.

الثامن: في صلاة القضاء.

التاسع: في صلاة الخوف.

العاشر: في صلاة المسافر.

الحادي عشر: في صلاة الجماعة.

أعداد الصلاة (1)صفة لموصوف مقدّر و هو «الفصل» أي الفصل الأول من الكتاب في بيان أعداد الصلاة. و الضمير في قوله: «أعدادها» يرجع الى الصلاة.

(2)اعلم أنّ ما يجب من الصلوات سبع:

الاولى: الصلاة اليومية.

الثانية: صلاة الجمعة.

الثالثة: صلاة العيدين.

الرابعة: صلاة الآيات.

الخامسة: صلاة الطواف.

السادسة: صلاة الأموات.

السابعة: صلاة الملتزم بها بالنذر و شبهه.

(3)اليومية الخمس عبارة عن: صلاة الصبح، و الظهر، و العصر، و المغرب، و العشاء.

ص: 6

نسبت (1) إلى اليوم تغليبا (2)، أو بناء (3) على إطلاقه على ما يشمل الليل (و الجمعة (4) و العيدان و الآيات و الطواف و الأموات (5) و الملتزم (6) بنذر و شبهه) و هذه (7) الأسماء إمّا

**********

شرح:

(1)جواب عن سؤال مقدّر و هو: أنّ الصلاة الخمس يقع اثنان منها في الليل و هما المغرب و العشاء فكيف أطلق على المجموع بالصلاة اليومية ؟

فأجاب عنه بجوابين:

الأوّل: إطلاق اليومية للتغليب، لأنّ عدد الصلاة الواقعة في اليوم ثلاث و الواقع في الليل اثنتان فيطلق اسم الثلاث على الاثنتين تغليبا.

الثاني: إطلاق اليوم في اللغة على الوقت، و هو يشمل الليل أيضا.

اليوم - بالفتح -: أوّله من طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس.

و قد يراد باليوم الوقت مطلقا و منه الحديث «تلك أيام الهرج» أي وقته، و لا يختصّ بالنهار دون الليل. فتقول: ذخرتك لهذا اليوم، أي الوقت الذي افتقرت فيه إليك، و هو مذكّر جمعه أيام. (أقرب الموارد).

(2)هذا الجواب الأول من السؤال.

(3)و هذا جواب ثان من الجوابين المذكورين آنفا.

(4)أي صلاة الجمعة و العيدين... إلخ.

(5)أي الصلاة على الأموات.

(6)بصيغة اسم المفعول، أي الصلاة التي التزم و تعهّد المكلّف بها بسبب النذر أو العهد أو اليمين.

(7)يعني أنّ إطلاق هذه الأسماء على الصلاة المذكورة (إمّا) من حيث الغلبة العرفية، بمعنى أنّ المتعارف بين الناس إطلاق الجمعة على صلاتها كما يقولون: أقمنا الجمعة، يعني صلاة الجمعة، أو آتينا العيدين أو الآيات أو الطواف... و هكذا، و يريدون منها إتيان الصلاة. (أو) بتقدير المضاف و هو الصلاة في كلّ منها، إلاّ في اليومية فبتقدير الموصوف فيها و هو الصلاة أيضا. فيكون من قبيل المجاز في الحذف، مثل قوله تعالى: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ (1) (يوسف: 82) أي أهلها، فقام المضاف إليه مقام المضاف و أعرب بإعرابه و هو النصب في المثال.

ص: 7


1- سوره 12 - آیه 82

غالبة (1) عرفا، أو بتقدير حذف المضاف (2) فيما عدا الأولى (3)، و الموصوف فيها (4). و عدّها سبعة أسدّ ممّا صنع (5) من (6) قبله حيث عدّوها تسعة (7) بجعل الآيات ثلاثا (8) بالكسوفين.

و في إدخال (9) صلاة الأموات اختيار إطلاقها

**********

شرح:

(1)بالرفع خبر قوله «هذه الأسماء» يعني أنّ إطلاق هذه الأسماء على الصلاة إمّا من حيث الغلبة العرفية...

(2)قد أوضحنا ذلك آنفا بأنّ ذلك من قبيل المجاز في الحذف.

(3)المراد من الاولى هو اليومية، يعني يصحّ تقدير المضاف في كلّ ممّا ذكر إلاّ اليومية، فلا يصحّ فيها تقدير المضاف، بل يقدّر فيها الموصوف لأنّ ياء النسبة في «اليومية» يوجب كونها صفة للصلاة لا مضاف إليه لها، فيكون المعنى فيها الصلاة المتصفة باليومية.

أقول: و المناسب في الملتزم بها بنذر و شبهه أيضا تقدير الموصوف لا المضاف، و التذكير فيه باعتبار الواجب لعدم صحّة الإضافة فيه، نظرا الى أنّه وصف مفعول.

(4)أي بتقدير حذف الموصوف في الاولى.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه عدّ الصلاة الواجبة سبعا و الحال أنّ المتقدّمين عليه عدّوها تسعا، بإضافة صلاة الكسوف و الخسوف عليها. فقال الشارح رحمه اللّه: إنّ عدّ الصلوات الواجبة سبعا كما صنعه المصنّف رحمه اللّه أصحّ و أتقن ممّا صنع المتقدّمون عليه.

(6)قوله «من» موصول و فاعل «صنع» و الضمير في قوله «قبله» بفتح القاف و سكون الباء يرجع إلى المصنّف رحمه اللّه.

(7)أي المتقدّمون على المصنّف عدّوا الصلوات الواجبة تسعا.

(8)يعني أنّهم عدّوا صلاة الآيات ثلاثا.

(9)خبر مقدّم لقوله «اختيار» إطلاقها عليه، يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه عدّ صلاة الأموات من جملة الصلوات الواجبة، فذلك يدلّ بأنه قائل بكون صلاة الأموات

ص: 8

عليها (1) بطريق الحقيقة الشرعية، و هو (2) الذي صرّح المصنّف باختياره في الذكرى. و نفي الصلاة عمّا لا فاتحة فيها و لا طهور و الحكم بتحليلها بالتسليم ينافي (3) الحقيقة.

و بقي من أقسام الصلاة الواجبة صلاة الاحتياط و القضاء (4)،

**********

شرح:

صلاة.

إيضاح: قد اختلفوا في كون صلاة الأموات دعاء أو صلاة.

قال البعض بأنّها ليست صلاة لنفي الصلاتية ممّا لم يكن فيه الفاتحة بقوله «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب».

و ممّا لم يكن فيه الطهور بقوله «لا صلاة إلاّ بطهور».

و ممّا لم يكن التحليل منه بالسلام بقوله «تحريمها التكبير و تحليلها التسليم».

فعدم ما يشترط في حقيقة الصلاة يدلّ على عدم كون صلاة الأموات صلاة حقيقة لحصر الصلاة في الرواية الاولى بما فيه فاتحة الكتاب، و في الثانية بما فيه الطهور، و في الثالثة بما فيه التسليم.

و قد تقدّم في صلاة الميّت عدم الحمد فيها و عدم اشتراط الطهارة و التسليم فيها أيضا.

و قال بعض آخر بكون صلاة الأموات صلاة حقيقة و منهم المصنّف رحمه اللّه فإنه صرّح في كتابه الذكرى باختياره القول بالصلاة، و كذلك هنا عدّه من جملة الصلوات الواجبة، لكن نظر الشارح رحمه اللّه عدم كونها صلاة بقوله: «و نفي الصلاة.... الخ» ينافي الحقيقة.

(1)الضمير في قوله «إطلاقها» يرجع الى الصلاة، و في قوله «عليها» يرجع الى صلاة الأموات.

(2)الضمير في قوله «و هو الذي» يرجع الى الاختيار، يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار بالصراحة في كتابه الذكرى كونها صلاة حقيقة.

(3)خبر قوله «و نفي الصلاة... الخ».

(4)سيأتي تفصيل صلاة الاحتياط عند الشكّ في أحكام الشكوك الصحيحة،

ص: 9

فيمكن (1) دخولهما في الملتزم، و هو (2) الذي استحسنه المصنّف، و في (3) اليومية، لأنّ الأول (4) مكمّل لما يحتمل فواته منها، و الثاني (5) فعلها في غير وقتها،

**********

شرح:

و هكذا صلاة القضاء، فإنهما من الصلوات الواجبة، لكن المصنّف رحمه اللّه لم يذكرهما في عداد الصلاة الواجبة، فأجاب الشارح رحمه اللّه عن هذا الإشكال.

(1)فجواب الشارح رحمه اللّه عن إشكال عدم عدّ الصلاتين المذكورتين من الصلاة الواجبة بتوجيهات ثلاثة لعبارة المصنّف رحمه اللّه.

الأول: دخول صلاتي الاحتياط و القضاء في عنوان الملتزم شبه النذر، بأنّ المراد من شبه النذر ليس اليمين و العهد فقط ، بل شيء يوجب الصلاة على ذمّة الشخص، فهو من أقسام النذر، فالمكلّف يلتزم بصلاة الاحتياط باختياره الطرف الموجب للصلاة عند شكّه فكأنه يلتزم بصلاة الاحتياط بذلك، كما يلتزم بالصلاة المندوبة بالنذر. و هكذا يلتزم بصلاة القضاء عند عدم إتيانها في الوقت.

الثاني: دخول صلاتي الاحتياط و القضاء في الصلاة اليومية لأنّ الأولى مكمّلة لها، فكأنّها جزء من اليومية، و الثانية هي نفس الصلاة اليومية إلاّ أنها في خارج وقتها.

الثالث: أن يقال بدخول صلاة الاحتياط في الملتزم - كما تقدّم وجهه - و دخول صلاة القضاء في اليومية لأنّها إتيان اليومية في خارج وقتها - كما تقدّم أيضا -.

(2)الضمير في قوله «و هو الذي» يرجع إلى إمكان دخولهما المفهوم من قوله «فيمكن» كما في قوله تعالى: اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (1) (المائدة: 8) و الضمير يرجع الى العدل المفهوم من «اعدلوا». يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه استحسن هذا التوجيه في بعض تأليفاته.

(3)عطف على قوله «في الملتزم» يعني يمكن دخول الصلاتين في اليومية. و هذا هو التوجيه الثاني.

(4)المراد من «الأول» هو صلاة الاحتياط .

(5)المراد من «الثاني» صلاة القضاء.

ص: 10


1- سوره 5 - آیه 8

و دخول (1) الأول (2) في الملتزم، و الثاني (3) في اليومية، و له (4) وجه وجيه.

و المندوب لا حصر له

(و المندوب) من الصلاة (لا حصر له) (5) فإنّ الصلاة خير موضوع، فمن شاء استقلّ و من شاء استكثر (6)

**********

شرح:

(1)عطف على قوله «دخولها». و هذا هو التوجيه الثالث من التوجيهات الثلاثة المفصّلة آنفا.

(2)بأن يوجّه بدخول صلاة الاحتياط في عنوان الملتزم، لأنّ المكلّف باختياره طرف الشكّ الموجب لصلاة الاحتياط يلتزم بنفسه بصلاة الاحتياط فيصدق عليها الملتزم بها.

(3)أي دخول صلاة القضاء في عنوان الصلاة اليومية لأنها إتيان اليومية في غير وقتها.

(4)الضمير في قوله «و له» يرجع الى الاحتمال الأخير فقال الشارح رحمه اللّه بأنّ وجه هذا الاحتمال وجيه عندي.

* و من الحواشي: قوله «و له وجه» بيان وجهه - كما أفاده في شرح الألفية بأنّ وجوب الاحتياط بسبب اجنبي من قبل المكلّف، و هو طرو الشكّ بسبب تقصيره في التحفظ غالبا، فهو يشبه النذر في كونه بسبب من المكلّف، و وجه دخول القضاء في اليومية واضح. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(5)أي لا تنحصر الصلوات المستحبة في عدد معيّن لأنها من موضوعات الخير في الشرع، فمن أراد الإكثار من الخير أكثر الخير، و من أراد الإقلال أقلّ .

(6)فإنّ العبارة المذكورة مأخوذة من الرواية المنقولة في كتاب البحار:

عن أبي ذرّ رحمه اللّه قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو جالس وحده، فقال لي:

يا أبا ذرّ للمسجد تحية، قلت: و ما تحيّته ؟ قال: ركعتان تركعهما، فقلت: يا رسول اللّه إنّك أمرتني بالصلاة فما الصلاة ؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أقلّ ، و من شاء أكثر. (البحار: ج 18 ص 31 باب أنّ للصلاة أربعة آلاف باب، طبع كمباني).

و في كتاب المستدرك: «استقلّ ، استكثر».

قوله «خير موضوع» يمكن قراءته على وجهين:

ص: 11

(و أفضله (1) الرواتب) اليومية التي هي ضعفها (2)(فللظهر ثمان) ركعات

**********

شرح:

الأول: بأن يضاف لفظ الخير الى لفظ الموضوع فيكون معناه: إنّ الصلاة أخير و أحسن موضوع من جانب الشارع، فمن شاء اختار القليل من الخير أو الكثير منه.

الثاني: بأن يكون من قبيل الصفة و الموصوف فيقرأ اللفظان بالرفع.

(1)أي أفضل الصلاة المندوبة النوافل اليومية، و تسميتها بالرواتب لكونها ثابتة و دائمة.

الرواتب - جمع راتب -: دائم و ثابت. و الرواتب أيضا: الوظائف، و السنن التابعة للفرائض، و قيل: الموقّتة بوقت مخصوص. (أقرب الموارد).

(2)الضمير في قوله «هي» يرجع الى الرواتب، و في قوله «ضعفها» يرجع الى اليومية المعلومة بالقرائن.

يعني أنّ عدد الرواتب تكون ضعف عدد الصلاة اليومية، لأنّ عدد ركعات الصلاة الخمس اليومية سبعة عشر ركعة، فيكون عدد الرواتب أربعا و ثلاثين ركعة بهذا التفصيل:

لصلاة الظهر: ثمان ركعات قبلها.

لصلاة العصر: ثمان ركعات قبلها.

لصلاة المغرب: أربع ركعات بعدها.

لصلاة العشاء: ركعتان جالسا بعدها.

لصلاة الصبح: ركعتان قائما قبلها.

نوافل الليل: ثمان ركعات.

صلاة الشفع: ركعتان قبل صلاة الصبح.

صلاة الوتر: ركعة واحدة قبل صلاة الصبح.

فيكون المجموع أربعة و ثلاثين ركعة، لأنّ ركعتي العشاء جالسا تعدّان ركعة واحدة، فاذا جمعت مع الفرائض اليومية تكون الصلاة اليومية مع نوافلها إحدى و خمسين ركعة.

ص: 12

(قبلها (1)، و للعصر ثمان ركعات قبلها، و للمغرب أربع بعدها، و للعشاء ركعتان جالسا) أي الجلوس ثابت فيهما (2) بالأصل لا رخصة (3)، لأنّ الغرض منهما (4) واحدة ليكمل بها ضعف الفريضة، و هو (5) يحصل بالجلوس فيهما، لأنّ الركعتين من جلوس ثوابهما ركعة من قيام.

(و يجوز قائما) (6) بل هو (7) أفضل على الأقوى للتصريح (8) به في بعض

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «قبلها» يرجع الى صلاة الظهر المفهوم بالقرينة، كما أنّ الضمير في قوله «قبلها» بعد ذلك يرجع الى صلاة العصر كذلك.

(2)يعني أنّ الجلوس ثبت في الركعتين بالذات يعني شرّعتا في حال الجلوس، لكن النوافل الاخر شرّعن قائما، و يجوز إتيانها جالسا أيضا.

(3)أي ليس الجلوس فيهما من حيث الجواز كما في سائر النوافل.

(4)يعني أنّ الغرض من الركعتين المذكورتين إكمال كون عدد النوافل ضعف عدد الفرائض، كما ورد في الروايات.

(5)الضمير في قوله «هو» يرجع الى الضعف، يعني أنّ هذا المعنى يحصل بالجلوس في الركعتين لكون الركعتين جالسا تعدّان بركعة قائما.

(6)يعني يجوز إتيان الركعتين المذكورتين بحال القيام أيضا.

(7)أي القيام للركعتين أفضل، بناء على الأقوى من القولين.

(8)تعليل كون القيام فيهما أفضل، بأنّ في بعض الروايات صرّح بالقيام و هو منقول في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر، و ست ركعات بعد الظهر، و ركعتان قبل العصر، و أربع ركعات بعد المغرب، و ركعتان بعد العشاء الآخرة، يقرأ فيهما مائة آية قائما أو قاعدا، و القيام أفضل، و لا تعدّهما من الخمسين... الخ. (الوسائل: ج 3 ص 35 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها ح 16).

ص: 13

الأخبار و عدم دلالة ما دلّ على فعلهما جالسا على أفضليته (1)، بل غايته الدلالة على الجواز، مضافا (2) إلى ما دلّ على أفضلية القيام في النافلة مطلقا و محلّهما (3)(بعدها) أي بعد العشاء، و الأفضل جعلهما بعد التعقيب، و بعد كلّ صلاة يريد فعلها بعدها.

و اختلف كلام المصنّف في تقديمهما على نافلة شهر رمضان (4) الواقعة بعد العشاء، و تأخيرهما عنها، ففي النفلية قطع بالأول (5)، و في الذكرى بالثاني (6)، و ظاهره (7) هنا الأول نظرا إلى البعدية (8)،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أفضليته» يرجع الى الجلوس، يعني أن الدالّ على الجلوس لا يعارض ما دلّ على القيام، بل هو يدلّ على تشريعه جالسا لا لكونه أفضل.

(2)يعني يضيف الى الرواية الدالّة على أفضلية القيام في ركعتي العشاء الروايات الدالّة على استحباب القيام في جميع النوافل مطلقا، بلا فرق بين نافلة العشاء و غيرها.

(3)أي محلّ ركعتي النافلة للعشاء بعد صلاة العشاء، و الأفضل أن يأتيهما بعد التعقيب للصلاة، فلو أراد الصلاة الاخرى بعد العشاء فالأفضل إتيانهما بعدها أيضا.

(4)يستحبّ إتيان نافلة شهر رمضان بعد صلاة العشاء - كما سيأتي تفصيله - فهل تقدّم على الركعتين المذكورتين أم لا؟

(5)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه النفلية بالأول، و هو تقديمهما على نافلة شهر رمضان.

(6)يعني و قال في كتابه الذكرى بتقديم نافلة شهر رمضان عليهما.

(7)الضمير في قوله «ظاهره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أن ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب أيضا القول بتقديم الركعتين على نافلة شهر رمضان.

(8)أي الظهور يستعاد من لفظ «بعدها» في قوله: و للعشاء ركعتان جالسا و يجوز قائما بعدها.

ص: 14

و كلاهما (1) حسن.

(و ثمان) ركعات صلاة (الليل، و ركعتا الشفع) بعدها (2)،(و ركعة (3) الوتر، و ركعتا الصبح قبلها (4)) هذا هو المشهور رواية و فتوى (5)، و روي ثلاث و ثلاثون بإسقاط الوتيرة (6)، و تسع و عشرون (7) و سبع

**********

شرح:

(1)أي كلا القولين - تقديم الركعتين على نافلة شهر رمضان أو العكس - حسن، لأنّ البعدية في العبارة و الرواية تصدق على كلا الوجهين.

(2)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى ثمان.

(3)يعني و ركعة واحدة تسمّى «صلاة الوتر».

(4)الضمير في قوله «قبلها» يرجع الى صلاة الصبح، يعني أنّ نافلتها قبل صلاتها.

(5)أي المشهور من حيث الرواية و الفتوى تقديم نافلة الصبح على الصلاة.

(6)يعني ورد تعداد النوافل في بعض الروايات ثلاث و ثلاثون ركعة، فعليه اسقط صلاة الوتيرة و هي الركعتان بعد العشاء جالسا، و قد تقدّم كونهما في مقام ركعة واحدة قائما من حيث الثواب.

و الرواية الدالّة على كون النوافل بالعدد المذكور منقولة في كتاب الوسائل:

عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان عن ابن مسكان عن محمّد بن أبي عمير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل ما جرت به السنّة من الصلاة، قال: تمام الخمسين. (الوسائل: ج 3 ص 32 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها ح 5).

فيستفاد منها كون أعداد النوافل ثلاثا و ثلاثين ركعة.

وتر المصلّي أوتر الصلاة: صلّى الوتر.

(7)أي روي كون تعداد النوافل تسعا و عشرين ركعة بإسقاط أربع ركعات من نوافل صلاة العصر مع الوتيرة.

و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

عن يحيى بن حبيب قال: سألت الرضا عليه السّلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد الى اللّه

ص: 15

و عشرون (1) بنقص (2) العصرية أربعا، أو ستا مع الوتيرة، و حمل (3) على المؤكّد منها لا على (4) انحصار السنة فيها.

(و في السفر (5) و الخوف) الموجبين (6) للقصر (تنتصف الرباعية، و تسقط راتبة المقصورة) و لو قال: راتبتها (7) كان أقصر، فالساقط نصف

**********

شرح:

تعالى من الصلاة، قال: ستة و أربعون ركعة فرائضة و نوافله، قلت: هذه رواية زرارة ؟ قال: أو ترى أحدا كان أصدع بالحقّ منه ؟. (الوسائل: ج 3 ص 43 باب 14 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها ح 5).

فيستفاد منها كون النوافل بالعدد المذكور لأنّ عدد الفرائض و هو سبعة عشر ركعة اذا حذف من ستة و أربعين يبقى تسعا و عشرين ركعة.

(1)و الرواية الدالّة على السبع و العشرين منقولة في كتاب الوسائل:

عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن علي ابن بنت إلياس عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا تصلّ أقلّ من أربع و أربعين ركعة. قال:

و رأيته يصلّي بعد العتمة أربع ركعات. (الوسائل: ج 3 ص 43 ب 14 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها ح 4).

(2)أي بنقص أربع ركعات من نوافل العصر مع الوتيرة في تسع و عشرين، أو بنقص ستة ركعات من نوافل صلاة العصر مع الوتيرة في سبع و عشرين.

(3)يعني حملت الروايتان على المؤكّد في الاستحباب بالنسبة الى العددين المذكورين.

(4)أي لا يستفاد من الروايتين انحصار عدد النوافل فيما ذكر فيهما، و الضمير في قوله «فيها» يرجع الى العدد المذكور في الروايتين.

(5)يعني و في السفر و الخوف الموجبان لقصر الصلاة - كما يأتي شرائطهما - تنتصف تعداد النوافل، فإذا انتصف عدد أربع و ثلاثين يكون نصفها سبعة عشر ركعة.

(6)أخرج بذلك القيد السفر و الخوف اللذين لا يوجبان القصر كسفر المعصية و الخوف القليل.

(7)يعني لو كان المصنّف رحمه اللّه أتى عبارته بقوله «راتبتها» لكانت أقصر، لأنّ إتيان

ص: 16

الراتبة سبع عشرة ركعة، و هو (1) في غير الوتيرة موضع وفاق، و فيها (2) على المشهور، بل قيل: إنّه (3) إجماعيّ أيضا.

و لكن روى الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام عدم سقوطها (4)، معلّلا بأنّها زيادة في الخمسين تطوّعا (5)، ليتمّ بها (6) بدل كلّ ركعة من الفريضة ركعتان من التطوّع. قال المصنّف في الذكرى: و هذا قويّ (7) لأنّه خاصّ

**********

شرح:

الضمير الراجع الى الرباعية يكفي من ذكر لفظ المقصورة.

و الحاصل: أنّ الصلاة التي تقصر في السفر و الخوف هي الرباعية، أي الظهر و العصر و العشاء، فالمجموع من نوافلها سبعة عشر ركعة، لأنّ للظهر ثمان ركعات و للعصر ثمان ركعات و للعشاء ركعتان جالسا بمنزلة الركعة الواحدة قائما.

(1)الضمير في قوله «هو» يرجع الى السقوط ، يعني أنّ سقوط نوافل الظهرين إجماعيّ ، لكن سقوط نافلة العشاء مشهوريّ .

(2)الضمير في قوله «و فيها» يرجع الى الوتيرة.

(3)أي قال البعض: إنّ السقوط في الوتيرة أيضا إجماعيّ في السفر و الخوف.

(4)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام (في حديث) قال: و إنّما صارت العتمة مقصورة و ليس تترك ركعتاها (ركعتيها) لأنّ الركعتين ليستا من الخمسين، و إنّما هي زيادة في الخمسين تطوّعا ليتمّ بها بدل كلّ ركعة من الفريضة ركعتين من التطوّع. (الوسائل: ج 3 ص 70 ب 29 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها ح 3).

(5)اي ندبا و مستحبا لا واجبا.

(6)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الزيادة، يعني علّة زيادة الوتيرة بالنوافل لتمامية كون بدل كلّ ركعة من الفريضة ركعتان من النوافل، لأنّ تعداد الفرائض سبعة عشر ركعة، فإذا كرّرت تكون أربعة و ثلاثين ركعة.

(7)المشار إليه في قوله «و هذا قويّ » هو عدم سقوط الوتيرة، فاستدلّ المصنّف رحمه اللّه

ص: 17

و معلّل، إلاّ (1) أن ينعقد الإجماع على خلافه.

و نبّه بالاستثناء على دعوى ابن إدريس الإجماع عليه (2)، مع أنّ الشيخ في النهاية صرّح بعدمه (3)، فما قوّاه في محلّه (4).

(و لكلّ ركعتين من النافلة تشهّد و تسليم) هذا هو الأغلب (5). و قد خرج عنه (6) مواضع ذكر المصنّف منها موضعين بقوله:(و للوتر بانفراده)

**********

شرح:

في كتابه الذكرى بعدم سقوطها بدليلين.

الأول: كون الروايات الدالّة على سقوط نوافل الصلاة المقصورة عامّة، بمعنى أنّ فيها سقوط النوافل المقصورة عند السفر و الخوف، و رواية الفضل بن شاذان خاصّة، فيخصّص بها على الروايات العامّة.

الثاني: كون رواية الفضل معلّلة بقوله «و إنّما هي زيادة في الخمسين تطوّعا» فتقدّم على غيرها.

(1)استثناء من عدّ القول بالسقوط قويا، يعني لا يحكم به اذا قام الإجماع على السقوط .

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى السقوط ، فإنّ ابن إدريس ادّعى الإجماع بسقوط الوتيرة عند السفر.

(3)و صرّح الشيخ الطوسي رحمه اللّه بعدم الإجماع بالسقوط .

(4)و هذا نظر الشارح، بأنّ عدم سقوط الوتيرة قويّ .

(5)يعني أنّ الأغلب في النوافل كونها بركعتين مثل صلاة الصبح بتشهّد و سلام.

(6)أي خرج عن القاعدة المذكورة موارد ذكر منها المصنّف رحمه اللّه صلاتي الوتر و صلاة الأعرابي.

صلاة الوتر: هي ركعة واحدة، يقرأ فيها الحمد و السورة ثمّ يرفع يده بالقنوت و أقلّ ما ورد في قنوتها - بعد الدعاء و ذكر حاجاته بأيّ مقدار شاء - أمور:

الأول: الاستغفار للمؤمنين و الأفضل ذكر أسامي الأربعين منهم بقوله: اللهمّ اغفر لفلان، و لا فرق بين الرجال و النساء، و الأحياء و الأموات، فإنّ الدعاء

ص: 18

تشهد و تسليم (1)(و لصلاة الأعرابي) (2) من التشهّد و التسليم (ترتيب)

**********

شرح:

لأربعين من المؤمنين يوجب استجابة الدعاء.

الثاني: الاستغفار سبعين مرّة بقوله: أستغفر اللّه ربّي و أتوب إليه، و يستحبّ رفع اليد اليسر و العدّ باليمنى.

الثالث: قول «هذا مقام العائذ بك من النار» سبع مرّات. نقل الاستغفار و الذكر المذكوران عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله في صلاة الوتر.

الرابع: قول «العفو» ثلاثمائة مرّة، نقل ذلك عن الإمام زين العابدين عليه السّلام بأنّه كان يقولها في صلاة الوتر ثلاثمائة مرّة.

الخامس: قول «ربّ اغفر لي و ارحمني و تب عليّ انّك التوّاب الغفور الرحيم» و ينبغي أن يطيل القنوت فيها و يبكي أو يتباكى من خشية اللّه، ثمّ يركع و يأتي بالسجدتين و يتشهّد و يسلّم.

و يستحبّ أن يسبّح تسبيح الزهراء عليها السّلام و هي: اللّه أكبر 34 مرّة، الحمد للّه 33 مرّة، سبحان اللّه 33 مرّة، فيكون المجموع مائة مرّة.

ثم يقول بعد ذلك «الحمد لربّ الصباح الحمد لفالق الإصباح». ثمّ يقول «سبحان ربّي الملك القدّوس العزيز الحكيم» ثلاث مرّات.

و هناك أدعية و أذكار اخرى فمن أرادها فليراجعها في مظانّها.

و أنا الحقير المذنب ألتمس المؤمنين أن يذكروني ضمن الأربعين و أن لا ينسوني أبدا، تقبّل اللّه تعالى أعمالهم.

صلاة الأعرابي: و هي عشر ركعات، بأن يصلّي ركعتين مثل صلاة الصبح، ثمّ يصلّي أربع ركعات مثل صلاة الظهر، ثمّ يصلّي أربع ركعات أيضا مثل صلاة العصر، فيكون المجموع عشر ركعات.

(1)قوله «تشهّد و تسليم» كلاهما بالرفع مبتدأن مؤخّران خبرهما قوله «لصلاة الوتر بانفراده».

(2)خبر مقدّم لقوله «ترتيب الظهرين بعد الثنائية» يعني يلزم لصلاة الأعرابي التشهّد و السلام بالكيفية التي تلزم لصلاة الظهرين بعد صلاة الصبح، كما أوضحناه آنفا.

ص: 19

(الظهرين بعد الثنائية) فهي عشر ركعات بخمس (1) تشهّدات و ثلاث تسليمات (2) كالصبح و الظهرين.

و بقي صلوات اخر (3) ذكرها الشيخ في المصباح و السيد رضيّ الدين

**********

شرح:

(1)لأنّ تشهّدين يكونان في الأربعة الاولى، و اثنين منه يكونان في الأربعة الثانية، و تشهّد واحد يكون في الركعتين الأخيرتين، فيكون المجموع من التشهّدات خمسة.

(2)لأنّ للركعتين سلام واحد، و للأربع الاولى سلام واحد، و للأربع الثانية سلام واحد، فيكون المجموع ثلاث تسليمات.

و المستند لصلاة الأعرابي عن كتاب مصباح المتهجّدين للشيخ الطوسي رحمه اللّه في خصوص الأدعية الواردة عن المعصومين عليهم السّلام.

روى عن زيد بن ثابت قال: أتى رجل من الأعراب الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه: إنّا نكون بالبادية هذه بعيدا من المدينة و لا نقدر أن نأتيك في كلّ جمعة، فدلّني على عمل فيه فضل صلاة الجمعة اذا مضيت الى أهلي خبّرتهم به، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اذا كان ارتفاع الشمس فصلّ ركعتين تقرأ في الاولى الحمد مرّة و قل أعوذ برب الفلق سبع مرّات، و اقرأ في الثانية الحمد مرّة و قل أعوذ بربّ الناس سبع مرّات، فاذا سلّمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرّات، ثمّ قم و صلّ ثمان ركعات بتسليمتين، و اقرأ في كلّ ركعة منها الحمد مرّة و اذا جاء نصر اللّه مرّة و قل هو اللّه أحد خمسا و عشرين مرّة، فإذا فرغت من صلاتك فقل «سبحان اللّه ربّ العرش الكريم (العظيم) و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» سبعين مرّة. فو الذي اصطفاني بالنبوّة ما من مؤمن و لا مؤمنة يصلّي هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول إلاّ و أنا ضامن له الجنّة، و لا يقوم من مقامه حتى يغفر له ذنوبه و لأبويه ذنوبهما. (من حاشية اللمعة عن مصباح المتهجّدين).

(3)يعني بقيت الصلوات الاخرى التي تؤتى بتسليم أزيد من ركعتين أو أقلّ منهما، و قد ذكرها الشيخ في كتابه المصباح و السيد في كتابه المسمّى «تتمّات المصباح».

ص: 20

ابن طاوس في تتمّاته (1) يفعل منها بتسليم واحد أزيد من ركعتين، ترك المصنّف (2) و الجماعة استثناءها لعدم اشتهارها و جهالة طريقها، و صلاة الأعرابي توافقها في الثاني (3) دون الأول (4).

**********

شرح:

(1)هو اسم كتاب للسيد باعتبار أنّه يذكر فيه التتمّات لمصباح الشيخ رحمه اللّه فيمكن إرجاع الضمير في قوله «تتمّاته» الى السيّد و الى المصباح.

(2)إنّ المصنّف رحمه اللّه ترك استثناء الصلاة المذكورة عن القاعدة المذكورة في كيفية صلاة النوافل بتسليم واحد لكلّ ركعتين لعدم كون الصلاة المذكورة مشهورة، و لكون الرواة في سندها مجهولين، بمعنى أنّ الراوي لها لم يعلم عدالته و لا وثاقته.

و الضميران في قوليه «اشتهارها» «و طريقها» يرجعان الى الصلاة المذكورة.

(3)المراد من «الثاني» هو جهالة الطريق، يعني أنّ صلاة الأعرابي توافق الروايات المذكورة من حيث جهالة سند الرواية.

* من الحواشي: نقل الشيخ في المصباح هذه الصلاة عن زيد بن ثابت، و اشتهر نقلها ممّن تبعه في الكتب، و نقل الشيخ في التهذيب أنّ زيد بن ثابت حكم في الفرائض بحكم الجاهلية. (حاشية الشيخ الفاضل أحمد التوني رحمه اللّه).

(4)المراد من الأول هو عدم الاشتهار يعني انّ صلاة الأعرابي لم تشترك في الصلاة المذكورة من حيث عدم اشتهارها كما تقدّم في الحاشية المنقولة عن الكتاب.

ص: 21

(الفصل الثاني في شروطها

اشارة

(الفصل الثاني (1))

(في شروطها)

(و هي سبعة) (2):

الشرط الأول: الوقت

اشارة

(الأول (3): الوقت (4))

**********

شرح:

شروط الصلاة (1)أي الفصل الثاني من الفصول التي قال في أول الكتاب «فصوله أحد عشر» و الضمير في «شروطها» يرجع الى الصلاة.

(2)أي الشروط سبعة:

الأول: الوقت.

الثاني: القبلة.

الثالث: ستر العورة.

الرابع: مكان المصلّي.

الخامس: الطهارة من الحدث و الخبث.

السادس: ترك الكلام.

السابع: الإسلام.

الوقت (3)صفة لموصوف مقدّر و هو الشرط .

(4)الوقت من وقت يقت، وقتا. مثل ضرب، يضرب ضربا: أي جعل وقتا لأمر كذا، و هو المصدر، أو هو مقدار من الزمان، جمعه أوقات. (المنجد).

ص: 22

وقت اليومية

و المراد هنا (1) وقت اليومية، مع أنّ السبعة شروط لمطلق الصلاة غير الأموات في الجملة (2)، فيجوز (3) عود ضمير شروطها إلى المطلق، لكن (4) لا يلائمه تخصيص الوقت باليومية إلاّ (5) أن يؤخذ كون مطلق الوقت شرطا و ما (6) بعد

**********

شرح:

(1)أي المراد من الوقت هنا بيان وقت اليومية.

(2)يعني مع كون الشروط السبعة المذكورة من شروط مطلق الصلوات لا الصلوات اليومية قوله «في الجملة» قيد لقوله «شروط لمطلق الصلاة». يعني أنّ الشروط المذكورة شروط لمطلق الصلوات إجمالا و لو احتاجت في تطبيق بعضها لبعض الصلاة الى توجيه و تكلّف، مثل تطبيق شرط الوقت لجميع الصلاة من الجمعة و الميّت، و الآيات و الطواف لأنّ كلاّ منها شروط بوقت معيّن إلاّ صلاة الأموات، فلا يشترط الوقت فيها، كما لا تشترط الشروط الاخر فيها أيضا.

(3)هذا متفرّع لكون الشروط لمطلق الصلوات لا الصلاة اليومية، يعني اذا كان كذلك فيجوز عود الضمير في قوله «في شروطها» الى مطلق الصلاة لا لخصوص اليومية منها.

(4)هذا إيراد لرجوع ضمير «شروطها» الى مطلق الصلاة، بأنه اذا كان كذلك فلا يناسب اختصاص البحث لبيان وقت الصلاة، بل المناسب بيان أوقات مطلق الصلوات الواجبة.

(5)هذا توجيه لاختصاص المصنّف رحمه اللّه البحث لبيان وقت اليومية.

بأن يقال: إنّ المصنّف رحمه اللّه قال أولا: إنّ من شروط مطلق الصلوات هو الوقت بلا اختصاص باليومية و غيرها، و بعد ذكر الوقت من الشروط السبعة لكلّ من الصلاة الواجبة بنحو الإجمال شرع لبيان حكم آخر و هو بيان التفصيل في الوقت المخصوص للصلاة اليومية، و هذا لا ينافي كون الوقت في الجملة شرطا لمطلق الصلاة.

(6)قوله «و ما» مبتدأ و خبره «حكم آخر». قوله «بعد» يضاف الى قوله «ذكره

ص: 23

ذكره (1) مجملا من (2) التفصيل حكم آخر لليومية، و لو عاد ضمير (3) شروطها إلى اليومية لا يحسن، لعدم (4) المميّز مع اشتراك الجميع في الشرائط بقول مطلق، إلاّ (5) أنّ عوده إلى اليومية أوفق لنظم الشروط ، بقرينة تفصيل الوقت و عدم (6) اشتراطه للطواف و الأموات و الملتزم إلاّ بتكلّف (7) و تجوّز، و عدم (8) اشتراط الطهارة من الحدث و الخبث في صلاة

**********

شرح:

مجملا» بكسر الذال، و يقدّر قبل لفظ «بعد» فعل هو ما ذكر، أو ما وقع، أو ما يأتي، فتكون العبارة هكذا: و ما ذكر - أو و ما وقع أو و ما يأتي - بعد ذكر الوقت مجملا من التفصيل حكم آخر لليومية.

(1)الضمير في قوله «ذكره» يرجع الى الوقت. قوله «مجملا» حال من ذكر الوقت.

(2)لفظ «من» لبيان «ما» الموصولة، يعني: و ما ذكره عبارة من تفصيل الوقت.

(3)قد وجّه الشارح رحمه اللّه عود الضمير في قوله «في شروطها» الى مطلق الصلاة و أجاب من الايراد المذكور، ثم أكّده بقوله «لو عاد ضمير شروطها الى اليومية لا يحسن» بتعليل ما يذكره.

(4)هذا تعليل لتأكيد مدّعاه بعود الضمير الى مطلق الصلاة، بأنّ جميع الشروط السبعة بالإطلاق تشترك فيها الصلوات الواجبة و لا مميّز للاختصاص.

(5)هذا رجوع من الشارح رحمه اللّه عن استدلاله برجوع الضمير في شرائطها الى مطلق الصلاة، بدليل أنّ رجوع الضمير الى الصلاة اليومية مناسب لنظم الشروط المذكورة. و القرينة هي تفصيل الوقت لليومية.

(6)أي و بقرينة عدم اشتراط الوقت لصلاة الطواف و الأموات و المنذور إلاّ بالتكلّف أو التجوّز.

و الضمير في قوله «عدم اشتراطه» يرجع الى الوقت.

(7)بأن يكلّف في توجيه اشتراط الوقت لصلاة الطواف بأنّ وقتها بعد فعل الطواف، و في صلاة الأموات بأنّ وقتها بعد التغسيل و التكفين، و في صلاة الملتزم على حسب ما يلتزم المكلّف به.

(8)عطف على قوله «تفصيل الوقت» و هذه قرينة ثالثة لعود الضمير في

ص: 24

الأموات و هي أحد السبعة، و اختصاص (1) اليومية بالضمير مع اشتراكه (2) لكونها الفرد الأظهر من بينها (3)، و الأكمل (4) مع (5) انضمام قرائن لفظية بعد ذلك.

(فللظهر) من الوقت (زوال (6) الشمس) عن وسط السماء و ميلها (7) عن دائرة نصف النهار (المعلوم بزيد الظلّ ) أي زيادته، مصدران (8)

**********

شرح:

«شروطها» الى الصلاة اليومية، و هي عدم اشتراط الطهارة من الحدث و الخبث في صلاة الميّت، و الحال أنها من جملة الصلوات الواجبة.

(1)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو: أنّ الصلاة الواجبة كلّها تشترك في الشروط السبعة، فكيف تختصّ الشروط بالصلاة اليومية بإرجاع الضمير في «شروطها» الى اليومية ؟

فأجاب عنه بأنّ الصلاة اليومية أظهر أفراد الصلوات الواجبة، فلذا اختصّت الشرائط بها و إن اشتركت الصلاة الواجبة في جميعها أو بعضها.

قوله «اختصاص اليومية» مبتدأ خبره قوله «لكونها الفرد الأظهر».

(2)الضمير في قوله «مع اشتراكه» يرجع الى الجميع، يعني مع اشتراك جميع الصلوات الواجبة في الشرائط .

(3)الضمير في قوله «من بينها» يرجع الى الصلاة الواجبة.

(4)عطف على قوله «الأظهر» صفة للفرد.

(5)و هذا تأييد آخر لعود الضمير الى الصلاة اليومية، بمعنى أن عوده إليها أوفق لنظم الشروط ... الخ، مع وجود القرائن اللفظية، و من القرائن اللفظية ذكر وقت اليومية.

(6)مبتدأ مؤخّر للخبر المقدّم و هو قوله «فللظهر» يعني أنّ وقت صلاة الظهر هو زوال الشمس عن وسط السماء.

(7)قوله «و ميلها» عطف تفسير لزوال الشمس، و كلاهما بمعنى واحد. و العلامة لتشخيص الزوال هو زيادة ظلّ ذي الظلّ بعد نقصه.

قوله «المعلوم» بالرفع صفة لزوال الشمس.

(8)يعني أنّ لفظي «زيد» و «زيادة» كلاهما مصدران من زاد يزيد.

ص: 25

لزاد الشيء (بعد نقصه) و ذلك في الظلّ المبسوط ، و هو الحادث من المقاييس (1) القائمة على سطح (2) الافق، فإنّ الشمس إذا طلعت وقع (3) - لكلّ شاخص قائم على سطح الأرض بحيث يكون عمودا على سطح الافق - ظلّ (4) طويل الى جهة المغرب، ثمّ لا يزال ينقص كلّما ارتفعت

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الظلّ الذي يزيد بعد نقصه إنّما هو في الظل المبسوط الحامل من المقاييس القائمة، بمعنى أنّ الشاخص ينصب في الأرض بشكل عمودي، فاذا طلعت الشمس عليه من المشرق يزيد ظلّه، فكلّما ارتفعت الشّمس ينقص ظلّه الى أن تبلغ وسط السماء، فينقص ظلّه في بعض البلاد، و يعدم في البعض كما يأتي تفصيله إن شاء اللّه.

و احترز بقوله «و ذلك في الظلّ المبسوط » عن الظلّ المنكوس، و هو الظلّ الحاصل من شاخص لا ينصب عموديا في الأرض، بل ينصب في الجدار مثلا موازيا و مواجها للشمس عند طلوعها.

فاذا طلعت الشمس عليه لا يوجد فيه الظلّ في الأول أصلا، لكن كلّما ارتفعت الشمس أخذ الظلّ في الشروع بحيث يزيد بارتفاع الشمس، فيقال له: الظلّ المنكوس أو المعكوس لأنه يكون عكس الظلّ المبسوط في الأرض.

المقاييس - جمع مفرده المقياس بالكسر -: المقدار و الميل، لأنه يقاس به عمقها و ما يقاس به. (أقرب الموارد).

(2)الجار و المجرور يتعلّق بقوله «القائمة». الافق - بضمّ الألف و الفاء أو بسكونه -:

الناحية جمعه «الآفاق». (أقرب الموارد).

(3)قوله «وقع» فعل ماض يأتي فاعله بقوله «ظلّ » يعني أنّ الشمس اذا طلعت يحصل لكلّ شاخص و ذي ظلّ ظلّ طويل الى جهة المغرب.

قوله «قائم» بالجرّ صفة ل «شاخص».

قوله «بحيث» بيان ل «قائم» يعني كون الشاخص قائما كونه على صورة العمود في الأرض.

(4)فاعل لقوله «وقع» كما أوضحنا.

ص: 26

الشمس حتى تبلغ (1) وسط السماء فينتهي النقصان إن كان (2) عرض المكان المنصوب فيه المقياس مخالفا (3) لميل الشمس في

**********

شرح:

(1)فاعله ضمير التأنيث العائد الى الشمس، يعني أنّ الظلّ الحاصل من الشاخص الى طرف المغرب ينقص بارتفاع الشمس حتى تبلغ الشمس وسط السماء، فينتهي الظلّ الى نهاية النقصان.

(2)يعني أنّ نقصان الظلّ بالنحو المذكور في صورة اختلاف درجة عرض المكان المنصوب فيه لميل الشمس، و سيأتي تفصيل ذلك إن شاء اللّه.

(3)خبر قوله «كان» يعني اذا بلغت الشمس وسط السماء ينتهي نقصان الظلّ في صورة كون عرض المكان المنصوب فيه الشاخص مخالفا لميل الشمس من حيث مقدار الدرجة التي عيّنها أهل الفنّ لكلّ منهما.

إيضاح: اعلم أنّ أهل الفنّ عيّنوا درجات للبلاد من حيث العرض و من حيث الطول، أمّا ضابطة تعيين الدرجات من حيث عرض البلاد هي بعدها عن خطّ الاستواء.

و خطّ الاستواء: هو الخطّ الفرضي الذي يمتدّ من جانب المشرق الى جانب المغرب بحيث يوجب تقسيم كرة الأرض بنصفي الدائرتين المفروضتين بنصفي دائرة الشمالي و الجنوبي، و يسمّيان بالقطب الشمالي و القطب الجنوبي. (كما عن كتاب جام جم لفرهاد ميرزا).

تعيين درجات البلاد البلدة الطول العرض

أردبيل 48، 17 38، 10

اردستان 52، 49 38، 33

أصفهان 51، 50 32، 40

تبريز 46، 25 38، 2

و قد ذكرت الدرجات لسائر البلاد فمن أراد فليرجع إليها.

ص: 27

......................................................................

**********

شرح:

و أيضا قد عيّن بعضهم لميل الشمس درجة مقدارها 24 درجة، و بعضهم الآخر درجة مقدارها 5، 23 درجة.

اذا عرفت ذلك فاعلم أنّ البلاد تقسم على أقسام من حيث الدرجة المعلومة من قربها الى خطّ الاستواء و بعدها عنه:

الأول: البلاد التي تقع في خطّ الاستواء المذكور، بحيث لا يتصوّر لها درجة جغرافية إلاّ الصفر، ففي أمثال تلك تطلع الشمس عليهم على صورة عمودية في أول يوم من فصل الربيع و أول يوم من فصل الخريف، و هما اليومان اللذان يساويان ليلتيهما.

و الحاصل: عدم الظلّ في أمثال هذه البلاد في يومين من أيام السنة.

1 - اليوم الأول من شهر (فروردين) حمل.

2 - اليوم الأول من شهر (مهر) ميزان.

الثاني: البلاد التي تبعد عن خطّ الاستواء و تكون ذات درجة جغرافية من حيث العرض، و ذلك أيضا على أقسام ثلاثة:

1 - البلاد التي تكون درجة بعدها عن خطّ الاستواء أقلّ من درجة الميل الأعظم للشمس، مثل بلدتي مكّة المكرّمة و صنعاء، فإنّ مقدار درجتهما أقلّ من درجة الميل الأعظم، لأنّ بلدة مكّة بعدها عن خطّ الاستواء 5، 21 درجة، و الميل الأعظم للشمس بعده عن خطّ الاستواء 23 درجة و 30 دقيقة و 17 ثانية.

ففي أمثال هذه البلاد يعدم ظلّ الشاخص في يومين من أيام السنة:

1 - في يوم لم تصل الشمس الى الميل الأعظم، بل كانت في درجة تساوي درجة البلدة المذكورة عند صعودها.

2 - في يوم تنزل الشمس من الميل الأعظم و يساوي درجة البلد المذكور.

لأنّ الشمس في اليومين المذكورين تطلع على رءوس البلاد المذكورة بصورة عمودية، فيعدم الظلّ في اليومين المذكورين.

ص: 28

......................................................................

**********

شرح:

ففي بلدة مكّة التي تكون درجة عرضها 5، 21 درجة يعدم الظلّ اذا تطابق درجة صعود الشمس و هبوطها بذلك المقدار.

فيتفق الأول في الثامن من درجة الجوزاء، و هو اليوم الرابع من ذلك البرج المسمّى بشهر (خرداد).

و يتفق الثاني في الهبوط اذا وصلت الى درجة ثلاثة و عشرين من برج السرطان المسمّى بشهر (تير).

3 - البلاد التي تكون درجتها الجغرافية عرضا بمقدار درجة الميل الأعظم، مثل بلدة «المدينة المنوّرة» قد عيّنوا درجة عرضها 25 درجة.

و درجة الميل الأعظم تقدّم كونها تقريبا 24 درجة.

ففي أمثال بلدة المدينة المنوّرة التي تقرب درجة بعدها بدرجة بعد الميل الأعظم يعدم الظلّ في أيام السنة يوما واحدا و هو أول برج السرطان المسمّى بشهر (تير).

4 - البلاد التي تكون درجته الجغرافية من عرضها أكثر من درجة الميل الأعظم و ذلك مثل بلاد العراق و ايران و غيرهما فلا تطلع الشمس فيهما على رءوس أهلها، فلا ينعدم الظلّ عنهم أبدا لكن يصل لمنتهى النقصان ثمّ يزيد.

فائدة: إنّ الشمس في أول يوم من برج الحمل (فروردين) تكون على نقطة الاعتدال الربيعي فتطلع على خطّ الاستواء و تقرب عليه، ثمّ تميل الى جهة الشمال فيكون طلوعها و غروبها منحرفا عن خطّ الاستواء (دائرة معدّل النهار) و هكذا تتدرّج شيئا فشيئا حتى اليوم الأخير من فصل الربيع، و هو آخر شهر (خرداد).

ثمّ إنّ الشمس ترجع و ينتقص انحرافها في أول يوم من الصيف و هو أول شهر (تير) و يقال لها (نقطة الانقلاب الصيفي). و يبعد هذا المدار عن مدار معدّل النهار الى جهة الشمال بما يقرب من ثلاث و عشرين درجة و نصف.

و يظلّ الانحراف الشمالي ينقص يوما فيوما حتى تنتهي الشمس الى نقطة

ص: 29

...................................................

**********

شرح:

الاعتدال الخريفي، و هو أول يوم من فصل الخريف، و هو أول يوم من شهر (مهر) فتطلع الشمس على مدار معدّل النهار كما كانت في أول فصل الربيع.

ثمّ تأخذ في الانحراف نحو الجنوب شيئا فشيئا حتى نقطة الانقلاب الشتوي، فتسير على مدار رأس الجدي، ثمّ ترجع عائدة حتى تنتهي الى نقطة الاعتدال الربيعي، و هكذا.

اذا عرفت كيفية دورة الشمس فاعلم أنه يختلف ظلّ كلّ شاخص بالنسبة الى موقعيته من الأرض.

فالبلاد التي تكون على خطّ الاستواء يعدم ظلّهم عند ما تكون الشمس على نقطتي (الاعتدال الربيعي «أول فروردين» و الخريفي «أول مهر») و يميل ظلّهم نحو الجنوب اذا أخذت الشمس تنحرف نحو الشمال و بالعكس.

و البلاد التي يكون عرضها أكثر من ثلاث و عشرين درجة و نصف (درجة الميل الأعظم) لا يعدمون الظلّ أبدا، بل ينقص و يزيد حسب إقبال الشمس عليهم و إدبارهم عنها، فأهل الشمال يكون ظلّهم الى الشمال عند الزوال أبدا، و أهل الجنوب يكون ظلّهم الى الجنوب عند الزوال أبدا.

و أمّا البلاد التي تكون بين الانقلابين فيأخذ ظلّهم يميل نحو الشمال تارة، و نحو الجنوب أخرى.

و ربما يعدم ظلّهم و ذلك في السنة مرّتين، مرّة عند صعود الشمس و وصولها الى درجة عرض البلد، و اخرى عند هبوطها و وصولها الى نفس الدرجة. (حاشية كلانتر).

فائدة اخرى: الدائرة تقسم الى 360 درجة بنحو التساوي بينها، و يقسّم كلّ درجة الى ستين و يسمّى كلّ منها بالدقيقة، و كلّ دقيقة تقسم الى ستين و يسمّى كلّ منها بالثانية.

فائدة ثالثة: دائرة البروج هي مدار حركة الشمس في أيام السنة، و تقسم الى اثني عشر قسمة، و تسمّى كلّ منها باسم خاصّ ، هكذا:

ص: 30

.................................................

**********

شرح:

الحمل (فروردين).

الثور (ارديبهشت).

الجوزاء (خرداد).

السرطان (تير).

الأسد (مرداد).

السنبلة (شهريور).

الميزان (مهر).

العقرب (آبان).

القوس (آذر).

الجدي (دي).

الدلو (بهمن).

الحوت (إسفند).

فائدة رابعة: لا يخفى أنّ مقدار درجة عرض البلاد يلاحظ ببعده و قربه عن خطّ الاستواء كما فصّلناه في الايضاح المتقدّم.

أمّا مقدار طول البلاد فاختلفوا في المبدأ الملحوظ من طول البلاد.

فذهب علماء اليونان الى ملاحظة ابتداء طول البلاد من المغرب، باعتقادهم عدم وجود البلاد المعمورة بعدها.

و ذهب آخرون أنّ ابتداء طول البلاد من البحر المحيط (المحيط الاطلسي).

أمّا بطليموس الحكيم فرأى أنّ المبدأ من الجزائر الستة المسمّيات بالجزائر الخالدات، و جزائر السعداء.

أمّا المتأخّرون فذهبوا الى أنّ المبدأ من نصف النهار (گرينويج) الذي يمرّ من بلدة (لندن) عاصمة بريطانيا.

فائدة خامسة: إنّ الشمس تطلع في أول يوم الربيع (أول فروردين) من خطّ الاستواء و تغرب فيه، فيكون الليل و النهار متساويين و تكون الطبيعة في أكثر

ص: 31

....................................

**********

شرح:

النقاط مطلوبة.

ثمّ تميل الشمس الى الشمال في كلّ يوم مقدارا، و كلّما ترتفع تزيد حرارتها حتى تصل الميل الأعظم، و هو أول يوم من شهر (تير) و يكون أطول أيام السنة.

ثمّ تنزل في حركتها و تقلّ حرارتها الى أن تصل الاعتدال الخريفي (أول شهريور) ثمّ تنتقل الى الجنوب فتنقص من حرارتها يوما فيوما الى أن تصل أول يوم من الشتاء، و هو (أول شهر دي) يكون أقصر أيام السنة، و هكذا.

انظر الشكل رقم (1) لعلّه يفيدك.

* شكل رقم (1)

ص: 32

المقدار (1) و يعدم (2) الظلّ أصلا إن كان بقدره (3)، و ذلك (4) في كلّ مكان يكون عرضه مساويا (5) للميل الأعظم للشمس أو أنقص (6) عند ميلها بقدره و موافقته له في الجهة (7).

**********

شرح:

(1)أي في مقدار الدرجة التي عيّنوا لكلّ من ميل الشمس و البلاد كما أوضحناه في المقدّمات المفصّلة.

(2)بصيغة المجهول من: عدم المال عدما و عدما: فقده، و هو وزان علم. عدم الرجل عدامة: كان عديما أي أحمق. (أقرب الموارد).

يعني أنّ الظلّ يكون معدوما أصلا اذا كان عرض البلد من حيث الدرجة بمقدار درجة الميل الأعظم، كما مثّلنا لذلك كون درجة بلدة المدينة المنوّرة مثلا بمقدار درجة الميل الأعظم بتفاوت يسير.

درجة الميل الأعظم 24 درجة.

درجة عرض المدينة 25 درجة.

(3)الضمير في قوله «بقدره» يرجع الى الميل، و اسم كان الضمير العائد على قوله «عرض المكان المنصوب فيه المقياس».

يعني: فيعدم الظلّ اذا كان مقدار درجة المكان المنصوب فيه المقياس بمقدار درجة الميل.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو انعدام الظلّ .

(5)قد فصّلنا البلاد في تقسيمها الى ثلاثة أقسام من كون درجة البلد مساوية لدرجة الميل الأعظم أو أنقص.

(6)كما اذا كان عرض البلد أقلّ من درجة الميل الأعظم، مثل بلدة مكّة عرضها 21 درجة و 25 دقيقة، و الحال أنّ درجة الميل الأعظم 25 درجة.

(7)يعني موافقة المكان مع الميل الأعظم من حيث الجهة، مثل بلدة مكّة، فإنّ جهة عرض البلد متّفقة مع جهة انحراف الشمس، يعني كان عرض البلد شماليا كما أنّ انحراف الشمس الى الشمال أيضا.

ص: 33

و يتفق (1) في أطول أيام السنة تقريبا في مدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و ما قاربها (2) في العرض، و في (3) مكّة قبل الانتهاء بستة و عشرين يوما، ثمّ يحدث ظلّ جنوبي (4) إلى تمام الميل و بعده إلى ذلك المقدار، ثمّ

**********

شرح:

(1)فاعله الضمير العائد على الانعدام. يعني: أنّ عدم ظلّ الشاخص يتفق في المدينة المنوّرة في اليوم الذي يكون أطول أيام السنة، و هو أول يوم من شهر (تير) من شهور السنة الشمسية. هذا مثال تساوي درجة المكان بدرجة عرض الميل الأعظم، و بعده يحدث الظلّ الى طرف الشمال آنا فآنا.

(2)أي و كذا في البلاد التي تقارب بلدة المدينة المنوّرة من حيث درجة العرض.

قوله «تقريبا» إشارة الى أنّ انعدام الظلّ في اليوم المذكور ليس تحقيقيا بل هو تقريبي، لأنّ درجة عرض بلدة المدينة المنوّرة لا تساوي درجة عرض الميل الأعظم بل تقاربها، فإنّ الحدّ الأقصى لدرجة الميل الأعظم - كما تقدّم - هو 24 درجة، أمّا درجة عرض بلدة المدينة المنوّرة فهو 25 درجة فتبتعد الشمس من رءوس أهل المدينة المنوّرة بمقدار درجة واحدة، فلا يحصل لها أثر محسوس، فيقال: إنّ الظلّ يعدم في اليوم المذكور في بلدة المدينة المنوّرة و أمثالها تقريبا.

(3)عطف على قوله «في أطول أيام السنّة» يعني: و يتفق انعدام الظلّ في مكّة المكرّمة قبل أن تنتهي الشمس بنهاية ميلها بستة و عشرين يوما، بمعنى أنّ الشمس تبتدئ بميلها الكامل في أول برج السرطان، يعني أول شهر (تير). فقبل ذلك بمقدار ستة و عشرين يوما و هو الرابع من الجوزاء - أي اليوم الرابع من شهر (خرداد) - ينعدم الظلّ في بلدة مكّة و مثلها.

(4)يعني بعد انعدام الظلّ في اليوم المذكور يحدث الظلّ الى طرف الجنوب لأنّ ميل الشمس الى جهة الشمال، فهو يوجب حدوث الظلّ الى الجنوب الى أن تنتهي الشمس بالميل الأعظم، و اذا انتهى إليه أيضا يدوم الظلّ الحادث الى الجنوب الى أن تصل الشمس بعد تمام الميل و رجوعها الى مقدار درجة عرض المكان، فيعدم الظلّ أيضا في اليوم المذكور. فالانعدام الثاني يحصل في ستة و عشرين يوما من السرطان، أي في يوم 26 من شهر (تير) الشمسي.

ص: 34

يعدم يوما آخر.

و الضابط (1): أنّ ما كان عرضه زائدا على الميل الأعظم لا يعدم الظلّ

**********

شرح:

اختلاف المحققين في يوم انعدام الظل في مكّة:

عن استاذ الفنّ و خرّيطه الخواجة نصير الدين الطوسي رحمه اللّه: يقع الانعدام الأول في الثامن من الجوزاء، و هو قبل وصول الشمس بالانقلاب الصيفي باثنين و عشرين يوما (يوم الثامن من شهر خرداد) و الانعدام الثاني يقع بعد ثلاثة و عشرين يوما من الانقلاب الصيفي.

و عن كتاب روض الجنان للشارح رحمه اللّه اختيار ما قاله الخواجة رحمه اللّه، لعلّ الاختيار المذكور مع ما ذكره في هذا الشرح لكون التفاوت يسيرا، و اللّه العالم. (عن شرح الذهن).

(1)أي الضابط في انعدام ظلّ الشاخص هو ما اذا كان درجة عرض المكان زائدا على درجة ميل الأعظم لا يعدم الظلّ أبدا، مثل العراق و إيران، فإنّ درجتهما تزيد عن درجة الميل الأعظم، انظر الجدول الآتي في تعيين درجات بعض مدن ايران، و قس مع درجة الميل الأعظم للشمس، و قد تقدّم مرارا بأنّ درجة ميل الشمس الأعظم 24 درجة.

البلدة الطول العرض اصفهان 51، 50 32، 40

اردبيل 48، 17 38، 10

اصطهبانات 54، 40 29، 15

اهر 47، 2 38، 30

بروجرد 48، 35 33، 55

تبريز 46، 25 38، 2

خرّم آباد 46، 25 33، 36

سراب 47، 36 37، 59

قم 50، 56 34، 30

ص: 35

فيه أصلا، بل يبقى عند زوال الشمس منه (1) بقية تختلف زيادة و نقصانا ببعد الشمس من مسامتة رءوس أهله و قربها (2)، و ما كان عرضه مساويا للميل يعدم فيه يوما و هو أطول أيام السنة (3)، و ما كان عرضه أنقص منه (4) كمكّة و صنعاء يعدم فيه يومين عند مسامتة الشمس لرءوس أهله صاعدة (5) و هابطة (6)، كلّ ذلك (7) مع موافقته له في الجهة كما مرّ.

أمّا الميل الجنوبي فلا يعدم ظلّه (8) من ذي

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الظلّ في البلاد المذكورة لا يعدم عند زوال الشمس أبدا بل يبقى مقدار منه، و يختلف الباقي من حيث البعد و القرب لخطّ الاستواء كما تقدّم.

(2)عطف على قوله «ببعد الشمس». و الضمير يرجع الى الشمس.

(3)قد مثّلنا لذلك ببلدة المدينة المنوّرة، فإنّ درجة عرضها يقارب درجة الميل الأعظم.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الميل الأعظم، يعني أنّ المكان الذي يكون درجة عرضه أنقص من درجة الميل الأعظم - مثل بلدة مكّة - قد تقدّم كون درجتها 5، 21 و درجة الميل الأعظم 24.

(5)قد تقدّم سير الشمس صاعدة من الاعتدال الربيعي الى طرف الشمال، فيعدم الظلّ يوما واحدا عند صعود الشمس الى الشمال و يوما آخر عند هبوطها الى الجنوب.

(6)فإنّ الشمس تصعد الى نقطة الانقلاب ثمّ تهبط و ترجع منها الى الاعتدال كما مرّ.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو انعدام الظلّ بالتفصيل المذكور.

يعني أنّ جميع التفاصيل المذكورة في انعدام الظلّ إنّما هو في صورة موافقة المكان للميل الأعظم في الجهة جنوبا و شمالا.

(8)الضمير في قوله «ظلّه» يرجع الى الشاخص.

ص: 36

العرض (1) مطلقا، لا كما (2) قاله المصنّف رحمه اللّه في الذكرى - تبعا للعلاّمة - من كون ذلك (3) بمكّة و صنعاء في أطول أيام السنة، فإنّه (4) من أقبح الفساد. و أول (5) من وقع فيه الرافعيّ من الشافعية، ثمّ قلّده (6) فيه جماعة منّا و منهم من غير تحقيق للمحلّ . و قد حرّرنا البحث في شرح الإرشاد (7).

و إنما لم يذكر المصنّف هنا حكم حدوثه (8) بعد عدمه

**********

شرح:

(1)أي المكان الذي هو صاحب درجة من حيث العرض، و المراد هو العرض الشمالي، و عدم تقييده بالشمالي لعدم ثبوت كون البلاد في الجنوب أيضا في القديم، فلذا يقصد من العرض الشمالي.

(2)هذه الجملة ترتبط بما قاله «و ما كان عرضه أنقص... الخ» يعني يعدم الظلّ في أيام السنة يومين في مكّة و صنعاء كما تقدّم، و ليس المطلب كما قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه «الذكرى» تبعا للعلاّمة رحمه اللّه بانعدام الظلّ في مكّة و صنعاء يوما واحدا، و هو اليوم الأطول من أيام السنة.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» هو انعدام الظلّ في أطول أيام السنة، و هو اليوم الأول من شهر (تير) الشمسي.

(4)أي القول بانعدام الظلّ في بلدتي مكّة و صنعاء يوما واحدا من أقبح الفساد.

(5)يعني أول شخص وقع في هذا الفساد هو الرافعيّ من علماء الشافعية.

(6)الضمير في قوله «قلّده» يرجع الى الشافعي المذكور، يعني تبع الرافعيّ بعض من علماء الشيعة و العامّة.

قوله «منّا» أي من علماء الإمامية و قوله «منهم» أي من علماء أهل السنّة.

(7)شرح الإرشاد للشارح رحمه اللّه.

(8)هذا اعتراض من الشارح لعبارة المصنّف رحمه اللّه بالاختصار بقوله «فللظّهر زوال الشمس المعلوم بزيد الظلّ » فإنّها لا تدلّ بكون حدوث الظلّ بعد عدمه علامة أيضا بمعرفة الزوال، و الحال أنّ حدوثه بعد عدمه أيضا علامة، كما أنّ زيده بعد النقصان علامة، و الضميران في قوليه «حدوثه» و «عدمه» يرجعان الى الظلّ .

ص: 37

لأنّه (1) نادر، فاقتصر على العلامة الغالبة، و لو عبّر (2) بظهور الظلّ في جانب المشرق - كما صنع في الرسالة الألفية - لشمل القسمين بعبارة وجيزة.

(و للعصر (3) الفراغ منها (4) و لو تقديرا) بتقدير (5) أن لا يكون قد

**********

شرح:

(1)علّل عدم ذكر المصنّف رحمه اللّه حدوث الظلّ بعد عدمه بأنه نادر، فاكتفى بالعلامة الغالبة.

(2)يعني لو كان المصنّف رحمه اللّه عبّر بقوله «فللظهر ظهور الظلّ في جانب المشرق» بدل «بزيد الظلّ » لكان يشمل العلامتين، لأنّ الظلّ عند الزوال يظهر الى طرف المشرق بعد عدمه، كما في اليومين المذكورين في مكّة و صنعاء، و أيضا يظهر بعد نقصانه الى جانب المشرق.

(3)يعني و للعصر من الوقت الفراغ من صلاة الظهر و لو تقديرا. و هو عطف على قوله «فللظهر... الخ».

إيضاح: اعلم أنّ صلاتي الظهر و العصر لكلّ منهما وقت خاصّ و مشترك.

أمّا الوقت الخاصّ لصلاة الظهر فهو أوّل وقت من الزوال بمقدار إتيانها تماما أو قصرا، بطيئا أو سريعا، و هكذا.

و أمّا الوقت الخاصّ لصلاة العصر فهو آخر وقت الى المغرب بقدر إتيان صلاة العصر كذلك.

أمّا الوقت المشترك بينهما فهو ما بين الوقتين المختصّين المذكورين.

فلو أتى المصلّي صلاة العصر في الوقت الخاصّ لصلاة الظهر و لو نسيانا يحكم ببطلانها. و هكذا لو أتى صلاة الظهر في الوقت الخاصّ لصلاة العصر يحكم ببطلانها. لكن لو أتى و لو ركعة من إحداهما في الوقت المشترك يحكم بصحّتها، كما يأتي تفصيله إن شاء اللّه تعالى.

(4)الضمير في قوله «منها» يرجع الى صلاة الظهر.

(5)تفسير للفراغ تقديرا، يعني لو لم يأتي بصلاة الظهر و نسيها، لكن لو أتاها كان ممكنا في الزمان الملحوظ ، فاذا يحكم بدخول وقت العصر.

و الضمير في قوله «صلاّها» يرجع الى صلاة الظهر.

ص: 38

صلاّها فإنّ وقت العصر يدخل بمضيّ مقدار فعله (1) الظهر بحسب حاله من قصر، و تمام، و خفة، و بط ء، و حصول (2) الشرائط ، و فقدها بحيث لو اشتغل بها (3) لأتمّها. لا بمعنى (4) جواز فعل العصر حينئذ مطلقا (5)، بل تظهر الفائدة لو صلاّها (6) ناسيا قبل الظهر، فإنّها (7) تقع صحيحة إن وقعت بعد دخول وقتها المذكور، و كذا لو دخل (8) قبل أن يتمّها (و تأخيرها) (9) أي العصر إلى (مصير الظلّ ) الحادث بعد الزوال

**********

شرح:

(1)الضميران في قوليه «فعله» و «حاله» يرجعان الى المصلّي.

(2)أي بحصول شرائط الصلاة اذا كان يحتاج الى تحصيلها.

(3)الضميران في قوليه «بها» و «لأتمّها» يرجعان الى صلاة الظهر.

(4)أي ليس معنى دخول وقت العصر بأنّ المكلّف يجوز إقدامه بصلاة العصر و لو عمدا بل الشهرة ما يذكره.

(5)إشارة بعدم الفرق بين العمد و النسيان، أي المراد كذلك.

(6)الضمير في قوله «صلاّها» يرجع الى صلاة العصر يعني أنّ ثمرة دخول وقت العصر بالتقدير المذكور تظهر في صورة إتيان صلاة العصر قبل الظهر في الوقت المذكور.

(7)يعني أنّ صلاة العصر تكون صحيحة إن وقعت في الوقت المذكور.

(8)فاعله الضمير العائد الى الوقت. يعني و كذا يحكم بصحّة صلاة العصر لو أتاها في الوقت الخاصّ لصلاة الظهر نسيانا، لكن وقعت ركعة منها في الوقت المذكور.

و الضمير في قوله «يتمّها» يرجع الى صلاة العصر.

و كذا الحال في صلاة الظهر لو أتاها في آخر الوقت المخصوص بصلاة العصر كما تقدّم، لكن وقعت ركعة منها في الوقت المشترك يحكم بصحّتها، بخلاف إتيان تمامها في الوقت المخصوص للعصر فيحكم حينئذ ببطلانها.

(9)هذا بيان وقت الفضيلة لصلاة العصر و هو تأخيرها الى أن يصير ظلّ الشاخص من حيث الزيادة بعد النقصان بمقدار نفس الشاخص.

ص: 39

(مثله) (1) أي مثل ذي الظلّ و هو المقياس (أفضل (2)) من تقديمها على ذلك الوقت، كما أنّ فعل الظهر قبل هذا المقدار أفضل، بل قيل بتعيّنه (3) بخلاف تأخير العصر.

(و للمغرب ذهاب (4) الحمرة المشرقية) و هي الكائنة في جهة المشرق (5)، و حدّه (6) قمّة الرأس.

**********

شرح:

*و من الحواشي: و اعتبر بعضهم المماثلة بين الفيء الزائد و الظلّ الأول الباقي عند الزوال، و المستفاد من الروايات قول الأكثر مع عدم انضباط الثاني لاختلاف الظلّ الأول يوما فيوما. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «مثله» يرجع الى ذي الظلّ المعلوم بالقرينة و إن لم يذكر قبلا.

(2)خبر قوله «و تأخيرها». و الضمير في قوله «تقديمها» يرجع الى صلاة العصر.

أقول: إنّ الوقت المذكور هو وقت الفضيلة لصلاة العصر بالاتفاق، و لم يقل أحد من الامامية بوجوب تأخيرها الى ذلك الوقت على ما حقّقت.

(3)يعني قيل بتعيّن الوقت المذكور لصلاة الظهر، بمعنى أنه لا يجوز تأخيرها من ذلك الوقت، لكن صلاة العصر يجوز تأخيرها الى ذلك الوقت لتحصيل وقت الفضيلة منها، و لم يقل أحد بتعيّن تأخيرها الى ذلك الوقت.

و الضمير في قوله «بتعيّنه» يرجع الى فعل الظهر.

(4)بفتح الذال مبتدأ و خبره قوله «و للمغرب» يعني و لصلاة المغرب من الوقت هو انعدام الحمرة المشرقية.

(5)يعني أنّ الحمرة المشرقية تكون في جهة المشرق بعد غروب الشمس، و كلّما يمضي من استتارتها تتحرّك الحمرة من المشرق تلو الشمس، و كأنّ الظلمة جيش يعقّب جيش الحمرات الباقية من النور الحاصل من الشمس ليتسلّط على الافق، و هكذا يكون حتى يجيء جيش الحمرة على المحاذي لرءوس أهل المكان المذكور، ففي هذا الحال يحكم بدخول وقت صلاة المغرب.

(6)الضمير في قوله «و حدّه» يرجع الى الذهاب و هو مبتدأ و خبره «قمّة الرأس».

ص: 40

(و للعشاء الفراغ منها (1)) و لو تقديرا على نحو ما قرّر للظهر (2). إلاّ أنّه هنا لو شرع في العشاء تماما (3) تامّة الأفعال فلا بدّ من دخول المشترك و هو (4) فيها، فتصحّ مع النسيان بخلاف العصر (5).

**********

شرح:

و «القمّة» بالكسر: أعلى الرأس، و أعلى كلّ شيء. (أقرب الموارد).

و المراد هنا أعلى رءوس الحاضرين في المحلّ الذي تطلّع و تغرب الشمس فيه.

(1)يعني أن وقت العشاء هو الزمان الذي يفرغ المصلّي من صلاة المغرب و لو تقديرا.

(2)يعني كما تقدّم الفراغ التقديري في صلاة الظهر.

و اعلم أنّ لصلاة المغرب و العشاء أيضا وقتا خاصّا و وقتا مشتركا.

فالوقت الخاصّ للمغرب مقدار زمان يمكن إتيانها فيه من حيث حاله خفة و بط ء، و من حيث تحصيل الشرائط اللازمة فيها.

أمّا الوقت الخاصّ للعشاء: فهو الزمان الذي يقدّر بإتيانها فيه قبل نصف الليل.

و الوقت المشترك بينهما هو الزمان الفاصل بين الوقتين المشتركين.

فلو كانت الصلاة قصرا و صلّى صلاة العشاء في الوقت الخاصّ بالمغرب يحكم ببطلانها، عمدا كان أو نسيانا.

لكن لو صلّى العشاء في الوقت الخاصّ للمغرب نسيانا لا يحكم ببطلانها لوقوع ركعة منها في الوقت المشترك كما مرّ في الظهرين.

و هكذا لو صلّى المغرب في الوقت الخاصّ للعشاء يحكم ببطلانها، عمدا كان أو نسيانا.

(3)بمعنى أنه لو دخل العشاء في الوقت الخاصّ للمغرب نسيانا لا يحكم ببطلانها لوقوع ركعة منها في المشترك كما تقدّم. و احترز بقوله «تماما» عن الدخول فيه اذا كانت الصلاة قصرا فيحكم ببطلانها لوقوع تمام الصلاة في غير وقتها.

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى المصلّي، و في قوله «فيها» يرجع الى الصلاة.

يعني أنه يدخل الوقت المشترك في حال كون المصلّي مشغولا بصلاة العشاء.

(5)و ليس صلاة العصر كذلك اذا دخل فيها من الوقت الخاصّ للظهر لكون ركعاتهما متساوية.

ص: 41

(و تأخيرها) إلى ذهاب الحمرة (المغربية (1) أفضل)، بل قيل بتعيّنه (2) كتقديم (3) المغرب عليه.

أمّا الشفق (4) الأصفر و الأبيض فلا عبرة بهما عندنا.

(و للصبح طلوع الفجر (5)) الصادق و هو الثاني

**********

شرح:

(1)الحمرة المغربية هي التي تحرّكت من المشرق، فإذا زالت عن قمّة الرأس يقال لها المغربية. يعني تأخير صلاة العشاء الى ذهاب الحمرة المغربية أفضل من تعجيلها.

(2)يعني قال البعض بوجوب تأخير صلاة العشاء على الذهاب المذكور.

(3)يعني كما قال البعض بوجوب تقديم صلاة المغرب على الذهاب المذكور.

(4)الشفق: بقية ضوء الشمس و حمرتها في أول الليل. (المنجد).

إيضاح: اعلم أنّ شعاع الشمس يختلف عند طلوعها و غروبها.

فقبل ظهور قرص الشمس عن المشرق يظهر بياض و يكون علامة لوقت صلاة الصبح اذا كان صادقا، ثمّ يتبدّل لونه بالحمرة و الصفرة الكاشفة عن ظهور قرصها.

و كذلك عند غروبها يظهر الشفق بلون صفرة ثمّ يتبدّل بلون حمرة، ثمّ يتبدّل ببياض. يعني أنّ لوني الأصفر و الأبيض لا اعتبار لهما عند الامامية.

و الضمير في قوله «بهما» يرجع الى الأصفر و الأبيض.

و استدلّ بكون المراد من الشفق هو الحمرة برواية منقولة عن كتاب الوسائل:

عن ابن فضّال عن ثعلبة بن ميمون - الى قوله -: فدخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق، فقال: لا بأس بذلك. قلنا:

و أيّ شيء الشفق ؟ فقال: الحمرة. (الوسائل: ج 3 ص 148 ب 22 من أبواب المواقيت ح 6).

(5)الفجر - مصدر -: ضوء الصباح و هو حمرة الشمس في سواد الليل، و قيل: هو في آخر الليل كالشفق في أوله، هذا أصله ثمّ سمّي به الوقت.

ص: 42

المعترض (1) في الافق.

(و يمتدّ وقت الظهرين إلى الغروب) اختيارا على أشهر القولين (2) لا بمعنى (3) أنّ الظهر تشارك العصر في جميع ذلك الوقت (4)، بل يختصّ العصر من آخره (5) بمقدار أدائها، كما يختصّ الظهر من

**********

شرح:

و قيل: الفجر اثنان (الأول) الكاذب و هو المستطيل و يبدو أسود معترضا، و يقال له: ذنب السرحان أي ذنب الذئب (و الثاني) الصادق و هو المستطير، و يبدو ساطعا يملأ الأفق ببياضه، و هو عمود الصبح و يطلع بعد ما يغيب الأول، و بطلوعه يدخل النهار. (أقرب الموارد، المصباح المنير).

(1)أي الظاهر من طرف المشرق.

(2)يعني أنّ امتداد وقت الظهرين الى الغروب بناء على أشهر القولين في مقابل القول الآخر و هو امتداده عند الاضطرار مثل المرأة التي تعلم نقاءها من الحيض عند الغروب، و هكذا الصبي الذي يبلغ عند الغروب.

* من حواشي الكتاب: قوله «على أشهر القولين» مقابله القول بأنّ الامتداد على هذا الوجه إنما هو في المضطرّين و أولي الأعذار، و أمّا في حال الاختيار فوقت الظهر الى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله، و للعصر الى أن يصير مثليه، و هو قول الشيخ في أكثر كتبه. و قال في النهاية: آخر وقت الظهر لمن لا عذر له الى أن يصير الظلّ على أربعة أقدام و هي أربعة أسباع الشخص. و ذهب المرتضى في بعض كتبه الى أنّ وقت العصر للمختار الى أن يصير الظلّ بعد الزيادة ستة أسباعه، و الأظهر ما هو الأشهر. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(3)هذا بيان أنّ ظاهر كلام المصنّف رحمه اللّه ليس بمراد، بل المراد من امتداد وقتي الظهر و العصر هو اختصاص صلاة العصر بمقدار أدائها في آخر الوقت، كما أنّ صلاة الظهر تختصّ بمقدار أدائها في أول الوقت.

(4)و هو الامتداد الى الغروب.

(5)الضمير في قوله «آخره» يرجع الى الوقت، و الضمير في قوله «أدائها» يرجع الى صلاة العصر المعلومة بالقرينة.

ص: 43

أوله به (1).

و إطلاق امتداد وقتهما (2) باعتبار كونهما لفظا واحدا إذا امتدّ وقت مجموعه من حيث هو مجموع إلى الغروب لا ينافي (3) عدم امتداد بعض أجزائه - و هو الظهر - إلى ذلك (4)، كما إذا قيل: يمتدّ وقت العصر إلى الغروب لا ينافي عدم امتداد بعض أجزائها (5) - و هو أولها - إليه.

**********

شرح:

(1)يعني كما أنّ صلاة الظهر تختصّ من أول الوقت به. و الضمير في قوله «أوله» يرجع الى الوقت، و في قوله «به» يرجع الى الأول.

(2)يعني أنّ المراد من إطلاق وقتي الظهر و العصر الى الغروب باعتبار أنّ الظهرين لفظ واحد و المجموع منهما يمتدّ وقته الى الغروب، و المسلّم منه عدم امتداد وقت آخر الصلاة منهما الى الغروب، كما أنّه لا يتصوّر امتداد وقت أول جزء من صلاة العصر الى الغروب لاختصاص آخر الوقت لآخر الجزء منها، و هو واضح.

(3)خبر لقوله «و إطلاق امتداد وقتهما». و الضمير في قوله «بعض أجزائه» يرجع الى اللفظ الواحد. يعني أنّ إطلاق امتداد وقت الظهرين باعتبار لفظ الواحد لا ينافي عدم امتداد جزئه الآخر الى الغروب كما أوضحناه.

(4)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الغروب.

(5)الضمير في قوله «بعض أجزائها» يرجع الى صلاة العصر. و في قوله «و هو» يرجع الى بعض، و في قوله «إليه» يرجع الى الغروب.

يعني أنّ القول بامتداد وقت صلاة العصر الى الغروب ليس معناه امتداد وقت جميع أجزائها الى الغروب لأنّه لا يتصوّر أصلا.

و الحاصل: قد ذكروا أنّ هنا مجازين: 1 - اطلاق الظهرين على صلاة العصر. 2 - إطلاق امتداد وقتهما الى الغروب. و العلاقة المجازية إمّا إطلاق الجزء على الكلّ بمعنى إطلاق وقت الجزء على المجموع، أو العلاقة المجاورة، و هي مجاورة الظهر بالعصر.

لكن على ما ذكره الشارح رحمه اللّه بأنّ امتداد وقتهما الى الغروب من حيث كونهما

ص: 44

و حينئذ فإطلاق الامتداد على وقتهما بهذا المعنى (1) بطريق الحقيقة لا المجاز، إطلاقا (2) لحكم بعض الأجزاء على الجميع أو نحو ذلك (3).

(و) وقت (العشاءين (4) إلى نصف الليل) مع اختصاص العشاء من آخره بمقدار أدائها (5)، على نحو ما ذكرناه في الظهرين.

(و يمتدّ وقت الصبح حتى (6) تطلع الشمس) على افق (7) مكان المصلّي و إن لم (8) تظهر للأبصار.

**********

شرح:

لفظا واحدا هو امتداد وقت آخر الجزء إليه لا امتداد أول الجزء منهما، فيكون الإطلاق كذلك حقيقة و متعارفا لا مجازا بالعلاقتين المذكورتين.

(1)إشارة الى عدم شمول إطلاق الامتداد بجميع الأجزاء بل يختصّ آخر الجزء من الوقت لآخر الجزء من صلاة العصر.

(2)هذا دليل إطلاق المجاز الذي نفاه. يعني أنّ القائلين بالإطلاق مجازا استدلّوا بإطلاق حكم البعض الى الكلّ المعروف بعلاقة الكلّ و الجزء.

(3)كما ذكرنا العلاقة المجاورة بين الصلاتين أو المجاورة بين الأجزاء.

(4)عطف على قوله «الظهرين». يعني و يمتدّ وقت صلاة المغرب و العشاء الى نصف الليل. و المراد من الإطلاق هنا أيضا اختصاص آخر جزء من الوقت بآخر جزء من الصلاتين.

(5)الضمير في قوله «أدائها» يرجع الى صلاة العشاء. يعني قد ذكرنا اختصاص آخر جزء من الوقت لآخر جزء من الصلاتين في الظهرين، كذلك في العشاءين.

(6)يعني أنّ وقت صلاة الصبح أيضا يمتدّ من طلوع الفجر الصادق الى طلوع الشمس.

(7)أي المراد من طلوع الشمس طلوعها على افق المصلّي.

و لا يخفى أنّ الآفاق تختلف من جهة طلوع الشمس لأنّها تطلع في مكان و الحال يكون في الآخر ليل، فالمناط هو طلوع الشمس في نفس افق المصلّي.

(8)أي و إن لم يظهر طلوع الشمس على الأبصار بأن كانت الجبال أو غيرها مانعة من رؤيتها بالأبصار أو منع الغيم من رؤيتها.

ص: 45

وقت النوافل

(و) وقت (نافلة الظهر (1) من الزوال إلى أن يصير الفيء) و هو (2) الظلّ الحادث بعد الزوال، سمّاه (3) في وقت الفريضة ظلاّ و هنا فيء - و هو أجود (4) - لأنّه مأخوذ من «فاء: إذا رجع» مقدار (قدمين) أي سبعي (5) قامة المقياس، لأنّها إذا قسّمت سبعة أقسام يقال لكلّ قسم: «قدم»، و الأصل فيه أنّ قامة الإنسان غالبا سبعة أقدام بقدمه (6).

**********

شرح:

(1)قد تقدّم أنّ نافلة الظهر ثمان ركعات قبلها، فوقت أدائها من الزوال الى كون الظلّ الحادث للشاخص بمقدار القدمين.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الفيء.

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه سمّى الظلّ الحادث في وقت الفريضة ظلاّ بقوله «بزيد الظلّ » و هنا فيئا بملاحظة معناه اللغوي و هو الرجوع لكون الظلّ يرجع من المغرب الى المشرق.

(4)يعني أنّ تسمية الظلّ الحادث بلفظ الفيء أجود لتناسبه معنى الرجوع في معناه اللغوي.

و المراد منه رجوع الظلّ من جانب المغرب الى جانب المشرق، فإنّ الظلّ الى الزوال يكون في جانب المغرب ثمّ يرجع بعد الزوال الى جانب المشرق.

(5)تثنية مفردة «سبع» يعني أنّ القدمين تكونان سبعي قامة الانسان المتوسّط ، فإنها مقدار سبعة أقدام متعارفة فيكون القدمان بمقدار سبعين منهما.

القدم - محرّكة -: من الرجل، ما يطأ عليه الانسان من لدن الرسغ الى ما دون ذلك، مؤنثة، جمعها أقدام. (أقرب الموارد).

(6)يعني أنّ القاعدة في المسألة أنّ قامة كلّ انسان اذا قسّمت تكون سبعة أقدام بقدمه المتعارفة له.

فائدة: و الوجه في تعبير المصنّف رحمه اللّه بالقدمين و تفسير الشارح رحمه اللّه بكونهما سبعي قامة المقياس، لأنّ أول شاخص لوحظ به الوقت كان طوله بمقدار قامة الانسان المتعارف، و هي اذا قسّمت على سبعة أقسام يكون كلّ جزء منها بمقدار قدم، فتكون قامة الانسان المتعارفة سبعة أقدام كذلك.

ص: 46

(و للعصر (1) أربعة أقدام) فعلى هذا (2) تقدّم نافلة العصر بعد صلاة الظهر أول وقتها (3) أو في هذا المقدار، و تؤخّر الفريضة (4) إلى وقتها، و هو (5) ما بعد المثل. هذا (6) هو المشهور رواية (7) و فتوى.

و في بعض الأخبار (8) ما يدلّ على امتداد وقتهما بامتداد وقت فضيلة

**********

شرح:

(1)يعني أنّ وقت نافلة العصر الى أن يصير الفيء بمقدار أربعة أقدام.

(2)يعني فاذا تعيّن وقت نافلة صلاة العصر الى ذلك المقدار و قد تقدّم كون وقت فضيلة صلاة العصر اذا صار الظلّ بمقدار الشاخص، فاذا يأتي المصلّي بنافلة العصر بعد صلاة الظهر الى هذا المقدار من الوقت ثمّ يؤخّر صلاة العصر الى وقت فضيلتها كما تقدّم.

(3)أي في أول الوقت المخصوص لصلاة الظهر.

(4)المراد من «الفريضة» هو صلاة العصر، و المراد من «وقتها» هو صيرورة الظلّ بمقدار قامة الشاخص.

(5)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الوقت. يعني أنّ وقت فريضة العصر بعد كون الظلّ بمقدار الشاخص.

(6)المشار إليه في قوله «هذا هو المشهور» تعيّن وقت نافلة الظهر الى كون الظلّ بمقدار القدمين و نافلة العصر الى كون الظلّ بمقدار أربعة أقدام في مقابل القول بامتداد وقت نافلة الظهر و العصر بمقدار امتداد وقت فضيلتهما.

(7)و الرواية الدالّة على كون وقت نافلة الظهر قدمين و نافلة العصر أربعة أقدام منقولة في كتاب الوسائل:

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الفضيل بن يسار و زرارة بن أعين و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام أنهما قالا:

وقت الظهر بعد الزوال قدمان، و وقت العصر بعد ذلك قدمان. (الوسائل: ج 3 ص 102 ب 8 من أبواب المواقيت ح 1).

(8)و من الأخبار التي تدلّ على امتداد وقت نافلتيهما بامتداد وقتي فضيلتهما هو ما ورد في كتاب الوسائل :

ص: 47

الفريضة، و هو (1) زيادة الظلّ بمقدار مثل الشخص للظهر و مثليه للعصر، و فيه (2) قوّة.

و يناسبه (3) المنقول من فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام و غيرهم من

**********

شرح:

محمّد بن علي بن الحسين عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن وقت الظهر، فقال: ذراع من زوال الشمس، وقت العصر ذراعان (ذراع) من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس.

ثمّ قال: إنّ حائط مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان قامة، و كان اذا مضى منه ذراع صلّى الظهر، و اذا مضى منه ذراعان صلّى العصر.

ثمّ قال: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان ؟ قلت: لم جعل ذلك ؟ قال: لمكان النافلة، لك أن تتنفّل من زوال الشمس الى أن يمضي ذراع، فاذا بلغ فيؤك ذراعا من الزوال و بدأت بالفريضة و تركت النافلة، و اذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة. (الوسائل: ج 3 ص 103 ب 8 من أبواب المواقيت ح 3 و 4).

* من حواشي الكتاب: إنّ المحقّق رحمه اللّه استدلّ بهذه الرواية على امتداد وقت نافلة العصر و الظهر بامتداد وقت فضيلتهما. فإنّ المراد من الذراع هو القامة، و المراد من الذراعين هو القامتين. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

فقوله «اذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة» معناه امتداد وقت النافلة حتى يكون فيء الانسان بمقدار مثليه، لأنّ المراد من الذراع هو القامة و أمّا الرواية الدالّة على كون المراد من الذراع هو القامة فمنقولة في كتاب الوسائل:

عن علي بن حنظلة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: القامة و القامتان الذراع و الذراعان في كتاب علي عليه السّلام. (الوسائل: ج 3 ص 105 ب 8 من أبواب المواقيت ح 14).

(1)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى وقت الفضيلة.

(2)الضمير في قوله «و فيه» يرجع الى القول المذكور.

(3)أي يناسب بعض الأخبار المذكورة ما نقل عن عمل شخص الرسول صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام بأنهم كانوا يأتون نوافل العصر الى وقت فضيلة صلاتهم سلام اللّه عليهم.

ص: 48

السلف (1) من صلاة نافلة العصر قبل الفريضة متّصلة بها.

و على ما ذكروه من الأقدام (2) لا يجتمعان أصلا لمن أراد صلاة العصر في وقت الفضيلة، و المرويّ (3) أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يتبع الظهر بركعتين من سنّة العصر، و يؤخّر الباقي إلى أن يريد صلاة العصر. و ربما أتبعها (4) بأربع و ستّ و أخّر الباقي.

و هو (5) السرّ في اختلاف المسلمين في أعداد نافلتيهما (6)، و لكن أهل البيت أدرى (7) بما فيه.

**********

شرح:

(1)المراد من السلف هم العلماء، بعد الأئمة عليهم السّلام.

(2)يعني بناء على القول يكون وقت نافلة الظهر اذا صار الظلّ قدمين و كون وقت العصر اذا صار أربعة أقدام لا يمكن اجتماع وقتي فضيلة العصر مع نافلتها.

(3)بالرفع عطف على قوله «المنقول». يعني و تؤيّد بعض الأخبار الدالّة على امتداد وقت النافلة الى وقت الفريضة الرواية المنقولة بأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي الركعتين من نافلة صلاة العصر بعد صلاته الظهر و يؤخّر باقيها الى أن يريد صلاة العصر.

(4)يعني ورد في الرواية أيضا بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأتي بركعات أربع من النافلة للعصر بعد صلاته الظهر أو ستّ ركعات منها ثمّ يؤخّر الباقي الى أن يريد صلاة العصر.

(5)يعني أنّ اختلاف النقل في إتيان الرسول صلّى اللّه عليه و آله من نوافل العصر بعد صلاته الظهر بركعتين، أو أربع ركعات، أو ستّ ركعات كان موجبا لاختلاف الأقوال.

فقال بعض الفقهاء بأنّ نافلة الظهر عشر ركعات ثمانية قبلها و ركعتان بعدها.

و قال بعض بكون نافلة الظهر اثني عشر ركعة، و هكذا.

(6)الضمير في قوله «نافلتيهما» يرجع الى الظهر و العصر.

(7)هذا مثل معروف في كلام العرب، لكن المراد هنا أنّ أهل البيت عليهم السّلام أدرى

ص: 49

و لو أخّر (1) المتقدّمة على الفرض عنه لا لعذر نقص الفضل و بقيت أداء ما بقي وقتها، بخلاف المتأخّر (2) فإنّ وقتها لا يدخل بدون فعله.

(و للمغرب (3) إلى ذهاب الحمرة المغربية، و للعشاء كوقتها (4)) فتبقى أداء إلى أن ينتصف الليل، و ليس في النوافل ما يمتدّ (5) بامتداد وقت

**********

شرح:

بذلك، و هم الذين عرّفوا أنّ نوافل العصر ثماني ركعات، و أنّ ما أتى به النبي صلّى اللّه عليه و آله في بعض الأحيان من ركعتين أو أربع أو ستّ بعد الظهر إنّما هي من نوافل العصر، و قد قدّمها لا أنّها من نوافل الظهر لتكون أزيد من ثمان و نوافل العصر أقلّ منها.

و الاختلاف بين علماء أهل السنّة في تعداد النوافل لكثير لاختلاف السنّة.

(1)هذا مطلب آخر و هو اذا أخّر المصلّي النوافل التي قبل صلاته - مثل نافلة الظهر و العصر و الصبح - اختيارا تصحّ النوافل أداء، لكن تكون أقلّ فضلا بشرط بقاء وقتها، كما اذا أتاها قبل كون الظلّ بمقدار قدمين في نافلة الظهر و أربعة أقدام في نافلة العصر لبقاء وقتها.

(2)مثل نافلة المغرب و العشاء لعدم دخول وقتها قبل فعل الفريضة. و الضمير في قوله «فعله» يرجع الى الفرض.

(3)أي وقت نافلة المغرب بعد إتيانها الى أن تذهب الحمرة المغربية.

و قد تقدّم أنّ الحمرة تظهر من المشرق بعد استتار قرص الشمس و تتحرّك من المشرق تلو الشمس، فاذا وصلت الى قمّة الرأس يدخل وقت صلاة المغرب، ثمّ تسير الى جانب المغرب، فما لم تزل هذه الحمرات في طرف المغرب يكون وقت أداء نافلة المغرب بعد إتيان الصلاة المفروضة.

أمّا وقت نافلة العشاء فيمتدّ بامتداد وقت أدائها.

(4)يعني أنّ وقت نافلة العشاء يمتدّ كوقت أداء صلاة العشاء. و الضمير في قوله «كوقتها» يرجع الى الصلاة.

(5)أي ليس في النوافل اليومية نافلة يمتدّ وقتها بامتداد وقت أدائها إلاّ نافلة العشاء، لأنّ وقت نافلة الظهر حتى يفيء الظلّ الى قدمين، و وقت نافلة العصر الى أن يصير الفيء أربعة أقدام، و نافلة المغرب الى ذهاب الحمرة المغربية، و نافلة

ص: 50

الفريضة على المشهور سواها (و للّيل بعد نصفه) الأول (1)(إلى طلوع الفجر) الثاني (2).

و الشفع و الوتر من جملة (3) صلاة الليل هنا، و كذا (4) تشاركها في

**********

شرح:

الصبح الى أن تطلع الحمرة من المشرق، لكن نافلة العشاء الى وقت أداء الفرض، و هو الى أن ينتصف الليل. و الضمير في قوله «سواها» يرجع الى نافلة العشاء.

قوله «على المشهور» في مقابل الأشهر، و هو امتداد وقت جميع النافلة الراتبة بامتداد الفريضة و به رواية لكنّها معارضة بما هو أصحّ و أشهر.

و قد علّق الشارح رحمه اللّه على قول المصنّف رحمه اللّه «على المشهور» بقوله: بل الإجماع.

و قد حشّى جمال الدين رحمه اللّه على هذه التعليقة قائلا: لأنها نافلة للعشاء فتكون مقدّرة بوقتها كما قال في المعتبر.

* و من حواشي الكتاب: الرواية المستفادة منها امتداد أوقات النوافل بامتداد أوقات الفريضة هي المنقولة عن القاسم بن الوليد الغفاري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت لأبي عبد اللّه: جعلت فداك صلاة النهار النوافل كم هي ؟ قال: ستّ عشرة ركعة، أيّ ساعات النهار شئت أن تصلّيها صلّيتها إلاّ أنّك إن صلّيتها في مواقيتها أفضل.

و الرواية غير صريحة مع معارضتها بأكثر و أصحّ منها، فمن شاء فليراجع كتاب الوسائل باب 13 و 17 و 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها. (حاشية كلانتر).

(1)قوله «الأول» صفة للنصف، يعني أنّ وقت نافلة الليل بعد نصفه الأول، فيكون أول نصفه الثاني وقت صلاة الليل الى أن يطلع الفجر.

(2)صفة للفجر، يعني الفجر الثاني الذي يسمّى بالفجر الصادق، في مقابل الفجر الأول المسمّى بالفجر الكاذب كما تقدّم.

(3)يعني أنّ صلاتي الشفع و الوتر تعدّان من صلاة الليل من حيث امتداد وقتهما الى طلوع الفجر الصادق.

(4)أي و كذا تشاركان الشفع و الوتر صلاة الليل في التزاحم بنافلة الصبح و صلاته. بمعنى أنّ المصلّي لو صلّى أربع ركعات من صلاة الليل قبل الفجر يجوز له

ص: 51

المزاحمة بعد (1) الفجر لو أدرك (2) من الوقت مقدار أربع، كما يزاحم (3) بنافلة الظهرين لو أدرك من وقتها (4) ركعة، أما المغربية (5) فلا يزاحم بها مطلقا إلاّ أن يتلبّس منها (6) بركعتين فيتمّها مطلقا (7).

(و للصبح (8) حتى تطلع الحمرة) من قبل المشرق،

**********

شرح:

أن يأتي بالباقي و بصلاة الشفع و الوتر قبل نافلة الصبح و صلاته.

و الضمير في قوله «تشاركهما» يرجع الى صلاة الليل. كما أنّ الضمير الفاعلي المستتر يرجع الى صلاة الشفع و الوتر.

(1)ظرف المزاحمة.

(2)أي التزاحم بينهما اذا أدرك المصلّي أربع ركعات من صلاة الليل المعروف هي ثمانية ركعات.

(3)بصيغة المجهول، يعني كما تحصل المزاحمة بين نافلة الظهر و العصر مع وقت فضيلتهما اذا أدرك ركعة من النافلة في وقتها، كما اذا أدرك ركعة قبل كون الظلّ أربع أقدام يجوز له إتيان ما بقي من ركعات النافلة للعصر قبلها.

(4)الضمير في قوله «من وقتها» يرجع الى النافلة، كما أوضحنا أنّ المصلّي اذا أدرك ركعة واحدة من نافلة الظهر و العصر في وقتها يأتي الركعات الباقية في وقت فضيلة الفريضة.

(5)المراد من المغربية هو أربع ركعات نافلة صلاة المغرب فإنّها لا يزاحم بوقت فريضة العشاء سواء أتى من نافلة المغرب شيئا أم لا.

(6)الضمير في قوله «منها» يرجع الى نافلة المغرب، فإذا أقدم بإتيان ركعتين من نافلة المغرب فدخل وقت العشاء بانتصاف الليل يتمّ الركعتين سواء كان المصلّي في أول الركعتين أو آخرهما.

(7)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين كون المصلّي في أول الركعتين أو آخرهما عند انتصاف الليل.

(8)يعني أنّ وقت نافلة الصبح من طلوع الفجر الصادق الى طلوع الحمرة من جانب المشرق.

ص: 52

و هو (1) آخر وقت فضيلة الفريضة، كالمثل (2) و المثلين للظهرين و الحمرة (3) المغربية للمغرب، و هو (4) يناسب رواية المثل لا القدم.

النافلة المبتدأة في مواضع

(و تكره النافلة المبتدأة (5))

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى طلوع حمرة المشرق و هي تظهر قرب طلوع الشمس. يعني أنّ وقت فضيلة صلاة الصبح أيضا من الفجر الثاني الى طلوع الحمرة المشرقية.

(2)أي كما أنّ آخر وقت فضيلة صلاة الظهر الى كون الظلّ بمقدار الشاخص، و وقت فضيلة صلاة العصر الى أن يصير الظلّ بمثلي الشاخص، كما تقدّم.

(3)عطف على قوله «المثل» أي و كذهاب الحمرة المغربية لصلاة المغرب من جهة وقت الفضيلة.

(4)أي القول بامتداد وقت نافلة الصبح الى آخر وقت فضيلة صلاته يناسب الروايات الدالّة على امتداد وقت نافلة الظهر الى أن يصير الظلّ مثل الشاخص، و امتداد وقت فضيلة العصر الى أن يصير الظلّ مثلي الشاخص. و لا يناسب الروايات الدالّة بكون وقت نافلة الظهر الى أن يصير الظلّ بمقدار القدمين و وقت نافلة العصر الى أن يصير الظلّ بمقدار أربع أقدام، لأنه اذا قلنا بكون وقت نافلة الظهرين بمقدار القدمين و أربع أقدام فلا يصادف مع وقت فضيلة الفريضة، و قد تقدّم من المشهور و قول المصنّف رحمه اللّه العمل برواية القدمين.

(5)قوله «المبتدأة» بصيغة اسم المفعول، يعني تكره الصلاة التي يقيمها الشخص تبرّعا بدون سبب الاستحباب في خمسة مواضع:

اثنان منها فعلي:

الأول: بعد صلاة الصبح.

الثاني: بعد صلاة العصر.

و ثلاثة منها زماني:

الأول: عند طلوع الشمس.

الثاني: عند غروبها.

ص: 53

و هي (1) التي يحدثها المصلّي تبرّعا، فإنّ الصلاة قربان (2) كلّ تقيّ ، و احترز بها (3) عن ذات السبب، كصلاة الطواف (4)، و الإحرام (5)، و تحية المسجد عند دخوله (6)، و الزيارة عند حصولها (7)، و الحاجة (8)، و الاستخارة، و الشكر، و قضاء النوافل مطلقا (9) في هذه الأوقات الخمسة المتعلّق اثنان

**********

شرح:

الثالث: عند قيام الشمس في وسط السماء.

و لا يخفى أنّه لا معنى للكراهة في العبادات، فالمراد منها كونها أقلّ ثوابا لا الكراهة التي تكون فيها المفسدة الغير الملتزمة، كما هو كذلك في غير العبادات.

(1)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى النافلة المبتدأة. يعني أنّ المراد منها الصلاة التي يأتيها المصلّي بدون سبب الاستحباب، فإنّ الصلاة راجحة بدون سبب شرعي لأنّها كما تقدّم: «خير موضوع» (البحار: ج 18 ص 31 باب أنّ للصلاة أربعة آلاف باب، طبع كمباني). و «الصلاة قربان كلّ تقي». (الوسائل: ج 3 ص 30 ب 12 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها ح 2).

(2)القربان: كلّ ما يتقرّب به الى اللّه تعالى من ذبيحة و غيرها، و الجمع قرابين، و هو في الأصل مصدر و لهذا يستوي فيه المفرد و الجمع. (أقرب الموارد).

(3)فاعله الضمير العائد على المصنّف رحمه اللّه. يعني أنه احترز بقيد المبتدأة عن النافلة التي لها سبب.

(4)مثال للنافلة التي لها سبب.

(5)فإنّ الصلاة المستحبّة عند الإحرام تكره في الموارد الخمسة المذكورة، و سيأتي في كتاب الحجّ استحباب الصلاة عند الإحرام بقوله «يستحبّ سنّة الإحرام، و هي ستّ ركعات، ثمّ أربع، ثمّ ركعتان».

(6)كما يأتي استحباب ركعتين عند الدخول في المسجد.

(7)الضمير في و قوله «حصولها» يرجع الى الزيارة، فإنّ زيارة مشاهد الأئمة المعصومين عليهم السّلام توجب استحباب صلاة الزيارة.

(8)قد ذكروا استحباب الصلاة في الموارد المذكورة.

(9)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين قضاء نوافل الليل أو اليوم في عدم كراهتها في الأوقات المذكورة.

ص: 54

منها بالفعل (1)(بعد صلاة الصبح) إلى أن تطلع الشمس (و العصر) (2) إلى أن تغرب (و) ثلاثة (3) بالزمان (عند طلوع الشمس) (4) أي بعده (5) حتى ترتفع و يستولي شعاعها و تذهب الحمرة، و هنا (6) يتّصل وقت الكراهتين الفعلي (7) و الزماني (و) عند (غروبها) (8) أي ميلها إلى الغروب و اصفرارها حتى يكمل (9) بذهاب الحمرة المشرقية.

و تجتمع هنا الكراهتان في وقت واحد (و) عند (قيامها) (10) في وسط

**********

شرح:

(1)يعني أنّ كراهة اثنان من الموارد الخمسة يرتبط بالفعل، يعني إتيان الفعل مثل إتيان صلاة الصبح و العصر توجب الكراهة.

(2)هذا مثال ثان للفعل الذي يوجب كراهة النافلة بعده، و هو إتيان صلاة العصر.

(3)يعني أنّ الكراهة في ثلاثة منها ترتبط بالزمان.

(4)هذا مثال أول لما يكون الزمان موجبا للكراهة.

(5)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الطلوع، و فاعل قوله «ترتفع» ضمير التأنيث العائد على الشمس، و فاعل قوله «يستولي» شعاعها.

(6)المشار إليه في قوله «هنا» هو طلوع الشمس. يعني أنّ كراهة الصلاة بعد صلاة الصبح تتصل بالكراهة بعد طلوع الشمس.

(7)المراد من الفعل الموجب للكراهة هو صلاة الصبح، و من الزمان هو طلوع الشمس.

(8)هذا هو الثاني من الكراهة الزمانية، و الضمير في قوله «غروبها» يرجع الى الشمس.

(9)فاعله الضمير العائد الى الغروب، يعني أنّ الكراهة تحصل عند ميل الشمس الى الغروب و علامة ميلها هي اصفرارها، و تستمرّ الكراهة الى كمال الغروب، و هو يحصل بذهاب الحمرة المشرقية التي يدخل وقت صلاة المغرب، فقبل الغروب الشرعي أيضا تجتمع الكراهتان الفعلية و الزمانية.

(10)هذا مثال ثالث من الكراهة الزمانية، و هو زمان قيام الشمس في وسط السماء بأن تصل الشمس الى دائرة نصف النهار تقريبا.

ص: 55

السماء و وصولها إلى دائرة نصف النهار تقريبا إلى أن تزول (1)(إلاّ يوم الجمعة) (2) فلا تكره النافلة فيه (3) عند قيامها، لاستحباب صلاة ركعتين من نافلتها حينئذ، و في الحقيقة هذا الاستثناء منقطع (4)، لأنّ نافلة الجمعة من ذوات الأسباب إلاّ أن يقال بعدم كراهة المبتدأة فيه (5) أيضا عملا (6) بإطلاق النصوص باستثنائه.

**********

شرح:

(1)فاعله ضمير التأنيث العائد على الشمس، يعني هذه الكراهة الزمانية من قيام الشمس في وسط السماء الى أن تزول الشمس و دخل وقت صلاة الظهر.

(2)يعني لا تكره النافلة عند قيام الشمس في وسط السماء في يوم الجمعة.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى اليوم، و في قوله «قيامها» يرجع الى الشمس.

و لا يخفى أنّ نوافل يوم الجمعة عشرون ركعة كما سيأتي في كتاب الصلاة قوله:

«و يزاد نافلتها أربع ركعات، و الأفضل جعلها سداس في الأوقات الثلاثة و ركعتان عند الزوال».

(4)و المراد من «الاستثناء المنقطع» هو عدم دخول المستثنى في المستثنى منه كقوله: جاءني القوم إلاّ الجار، و المستثنى منه في المقام هو النافلة المبتدأة، و المستثنى هو النافلة من ذوي الأسباب، فإنّ قيام الشمس وسط السماء سبب زماني لاستحباب النافلة فيه.

(5)بأنّ يقال إنّ النافلة المبتدأة أيضا لا تكره في زمان ارتفاع الشمس وسط السماء، بمعنى أنّه لو أقام الشخص صلاة تبرّعا غير صلاة النافلة الواردة عند زوال الجمعة لا يحكم بكراهتها.

(6)أي الحكم بعدم كراهة نافلة المبتدأة عند زوال الجمعة للعمل بإطلاق النصوص الدالّة باستثناء يوم الجمعة. و الضمير في قوله «باستثنائه» يرجع الى يوم الجمعة.

و من النصوص الدالّة باستثناء يوم الجمعة هو المنقول في كتاب الوسائل:

محمّد بن الحسن عن فضالة عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا صلاة نصف النهار إلاّ يوم الجمعة. (الوسائل: ج 5 ص 18 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 6).

ص: 56

في تقديم النافلة

(و لا تقدّم) النافلة الليلية (1) على الانتصاف (إلاّ لعذر) كتعب (2) و برد و رطوبة رأس و جنابة و لو اختيارية يشقّ معها الغسل، فيجوز تقديمها (3) حينئذ من أوله بعد العشاء بنية التقديم (4) أو الأداء (5). و منها (6) الشفع و الوتر.

**********

شرح:

(1)المراد من «الليلية» هي النافلة المنسوبة الى الليل، و هي إحدى عشر ركعة كما تقدّم، و قد ذكرنا بأنّ وقتها بعد انتصاف الليل الى الفجر الصادق، فلا يجوز تقديمها على نصف الليل إلاّ لعذر.

(2)هذا و ما بعده أمثلة الأعذار التي يجوز تقديم نافلة الليل على نصف الليل و هي:

الأول: وجود التعب و المشقّة بعد النصف.

الثاني: احتمال وجود برد يمنع من إتيان النافلة بعد النصف.

الثالث: رطوبة الرأس (علامة البلغم) التي توجب كون نومه ثقيلا.

الرابع: حصول الجنابة بعد النصف و لو كانت اختيارية و التي يشقّ عليه الغسل معها بعد النصف.

و الضمير في قوله «معها» يرجع الى الجنابة.

(3)الضمير في قوله «تقديمها» يرجع الى النافلة الليلية. يعني اذا وجد ذو الأعذار المذكورة يجوز له أن يأتي النافلة قبل النصف، و ضمير قوله «من أوله» يرجع الى الليل.

(4)المراد من «نية التقديم» هو إتيان العمل في خارج الوقت المعيّن له.

(5)المراد من «نيّة الأداء» هو إتيان العمل في وقته، فبناء على جواز إتيانها قبل الانتصاف يحكم بتوسعة وقت النافلة، و ذلك يستفاد من بعض الأخبار المنقولة في كتاب الوسائل، مثل:

الحسين بن سعيد عن محمّد بن أبي عمير عن جعفر بن عثمان عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بصلاة الليل فيما بين أوله الى آخره، إلاّ أنّ أفضل ذلك بعد انتصاف الليل. (الوسائل: ج 3 ص 183 ب 44 من أبواب المواقيت ح 9).

(6)يعني أنّ صلاتي الشفع و الوتر تعدّان من النافلة الليلية في جواز تقديمها على النصف عند العذر.

ص: 57

(و قضاؤها (1) أفضل) من تقديمها في صورة جوازه (2)(و أول الوقت (3) أفضل) من غيره (إلاّ) في مواضع ترتقي إلى خمسة و عشرين (4) ذكر أكثرها المصنّف في النفلية (5)، و حرّرناها (6)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و قضاؤها» يرجع الى النافلة الليلية، يعني أنّ إتيان النافلة المذكورة بعد وقتها بنيّة القضاء أفضل من تقديمها على انتصاف الليل.

(2)الضمير في قوله «جوازه» يرجع الى التقديم، يعني اذا جوّز تقديمها لذوي الأعذار يكون إتيان قضاء النافلة أفضل من تقديمها على تنصيف الليل.

(3)لا يخفى بأنّ ذلك المطلب يتعلّق لجميع الصلوات واجبة كانت أم مندوبة، و هو كون إتيان الصلاة أول الوقت أفضل من تأخّرها.

و الدليل على ذلك قوله وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ... (1) الخ. (آل عمران: 133).

و الرواية المنقولة في كتاب الوسائل:

علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أصلحك اللّه وقت كلّ صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره ؟ قال: أوله، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ من الخير ما يعجّل. (الوسائل: ج 3 ص 89 ب 3 من أبواب المواقيت ح 12).

(4)يعني أنّ المواضع التي تصل الى خمسة و عشرين استثني فيها إتيان الصلاة في أول الوقت.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر أكثر المواضع المذكورة في كتابه «النفلية».

(6)و قد حرّر الشارح رحمه اللّه أكثر المواضع المذكورة في شرح كتاب النفلية.

أقول: المواضع التي استثنى فيها إتيان الصلاة في أول الوقت أشير الى بعض منه:

الأول: تأخير صلاة العشاء الى ذهاب الشفق المغربي.

الثاني: تأخير المستحاضة الظهر و المغرب الى آخر وقت فضيلتهما.

الثالث: تأخير المتيمّم الى آخر الوقت بقدر ما يصلّي الفريضة.

الرابع: تأخير المربّية للصبي ذات الثوب الواحد الظهرين الى آخر الوقت لتغسل الثوب قبلهما، و يحصل فيه أربع صلاة بغير نجاسة.

ص: 58


1- سوره 3 - آیه 133

مع الباقي (1) في شرحها، و قد ذكر منها هنا ثلاثة (2) مواضع:

(لمن يتوقّع (3) زوال عذره) بعد أوله (4)، كفاقد الساتر أو وصفه (5) و القيام (6)، و ما بعده (7) من المراتب الراجحة على ما هو به إذا رجا القدرة

**********

شرح:

الخامس: تأخير صلاة الليل الى الثلث الآخر الى الفجر.

السادس: تأخير صلاة الصبح لمن أدرك من صلاة الليل أربع ركعات الى أن يتمّها.

السابع: تأخير مدافع الأخبثين الى أن يخرجهما.

الثامن: تأخير الصائم المغرب الى بعد الإفطار لرفع منازعة النفس، أو انتظار الغير لصلاته.

التاسع: تأخير صاحب العذر الراجي لزواله بل أوجبه السيد رحمه اللّه.

العاشر: تأخير الصلاة لإدراك فضيلة الجماعة.

الحادي عشر: تأخيرها لإتيانها في مكان شريف مثل المساجد أو العتبات المقدّسة.

(1)يعني حرّر الشارح المواضع المذكورة في شرح النفلية و أضاف إليها الباقي منها.

(2)المواضع التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب ثلاثة.

الأول: تأخير الصلاة لذوي الأعذار الذين يتوقّعون زوال عذرهم.

الثاني: تأخير الصائم صلاته اذا انتظر الغير في إفطاره لصلاة.

الثالث: تأخير صلاة المغرب و العشاء لمن يفيض من عرفة الى المشعر الحرام، فإنه لا مانع من تأخيرهما الى أن يأتيهما في المشعر.

(3)هذا الموضع الأول من المواضع الثلاثة المذكورة.

(4)الضمير في قوله «أوله» يرجع الى الوقت.

(5)أي فاقد وصف الساتر، كما اذا فقد صفة الطهارة في الساتر في أول الوقت ليجوز له التأخير لتحصيل الساتر الطاهر.

(6)أي فاقد القيام في أول الوقت، كما اذا لم يتمكّن من إقامة الصلاة في أول الوقت قائما يجوز له تأخيرها الى أن يأتيها كذلك.

(7)أي و كفا قد ما بعد القيام من المراتب الدانية منه كالمتمكّن من الصلاة مضطجعا

ص: 59

في آخره. و الماء (1) على القول بجواز التيمّم مع السعة (2) و لإزالة النجاسة غير المعفوّ عنها (3)(و لصائم (4) يتوقّع) غيره (فطره) و مثله من تاقت (5) نفسه إلى الإفطار بحيث ينافي الإقبال على الصلاة (و للعشاءين) (6) للمفيض من عرفة (إلى المشعر) و إن تثلّث (7) الليل.

**********

شرح:

و يرجو تمكّنه من الصلاة جالسا فيجوز له تأخير صلاته الى وقت يتمكّن من الجلوس قبل انقضاء الوقت.

و الضمير في قوله «هو» يرجع الى المكلّف، و في قوله «به» بما الموصول، و في قوله «في آخره» يرجع الى الوقت.

(1)بالجرّ عطف على قوله «الساتر». يعني من ذوي الأعذار فاقد الماء للطهارة بناء على القول بجواز التيمّم في أول الوقت.

(2)محرّكة في مقابل ضيق الوقت.

(3)قد تقدّم كون النجاسة التي أقلّ من الدرهم البغلي معفوّا عنها في الصلاة، لكن المكلّف اذا وجد في ثوبه نجاسة أزيد منه و لم يتمكّن من إزالتها في أول الوقت يجوز له تأخر صلاته مع رجاء تمكّنه من الإزالة في آخر الوقت.

(4)عطف على قوله «لمن يتوقّع زوال عذره» يعني إلاّ الصائم ينتظر الغير لإفطاره فيستحبّ له تأخير صلاته عن أول الوقت، و هو الموضع الثاني من المواضع الثلاثة المذكورة.

(5)أي و مثل الصائم الذي ينتظر الغير لإفطاره من اشتاقت نفسه الى الإفطار، و لا يحصل له كمال الإقبال عند الصلاة قبل الإفطار.

و تاق يتوق توقا و تؤقا و تياقة و توقانا: اشتاق إليه، فهو تائق، و توّاق. (أقرب الموارد).

(6)أي إلاّ لصلاتي المغرب و العشاء لمن يفيض من عرفة الى المشعر الحرام فيستحبّ له تأخيرهما الى أن يصل المشعر و يصلّي فيه، و هو الموضع الثالث من المواضع الثلاثة المذكورة.

(7)أي و إن مضى ثلث الليل، إشارة الى نصوص واردة في كراهة تأخير صلاة

ص: 60

يعوّل في الوقت على الظنّ

(و يعوّل (1) في الوقت على الظنّ ) المستند إلى ورد (2) بصنعة أو درس و نحوهما (مع تعذّر العلم) أمّا مع إمكانه فلا يجوز الدخول بدونه (3)(فإن)

**********

شرح:

المغرب الى ثلث الليل منها المنقول في كتاب الوسائل:

محمّد بن يعقوب (الى) عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: وقت المغرب في السفر الى ثلث الليل. (الوسائل: ج 3 ص 141 ب 19 من أبواب المواقيت ح 1) فاستثنى منه تأخير صلاة المغرب الى ثلث الليل لمن يفيض من عرفة الى المشعر الحرام.

أقول: الروايات الدالّة على إتيان الصلاة في أول أوقاتها لكثيرة جدا، فيلزم على الطلبة و غيرهم من المؤمنين أن لا يؤخّروا صلاتهم عن أول وقتها و لا يتهاونوا عن ذلك، و نكتفي من الروايات المذكورة بنقل رواية منقولة في كتاب الوسائل:

عن جماعة (الى) عن سماعة عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: (الى أن قال): إنّ أول ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قبلت قبل ما سواها. إنّ الصلاة اذا ارتفعت في اوّل وقتها رجعت الى صاحبها و هي بيضاء مشرقة تقول:

حفظتني حفظك اللّه، و اذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت الى صاحبها و هي سوداء مظلمة تقول: ضيّعتني ضيّعك اللّه. (الوسائل: ج 3 ص 78 ب 1 من أبواب المواقيت ح 2).

(1)أي يعتمد المكلّف في تشخيص أوقات صلاته على ظنّه الحاصل له من الأعمال المرتّبة مثل الصنعة أو الدرس و أمثالهما الواقعة في كلّ يوم، كما اذا كانت له وظيفة مرتّبة معيّنة مثل الدرس أو العبادة أو صنعة تنتهي في كلّ يوم مثلا عند الزوال أو المغرب بحيث تكون العادة مستمرّة كذلك، فيجوز له الاعتماد على الظنّ الحاصل من ذلك اذا لم يتمكّن من تشخيص الوقت لغيم و غيره.

(2)الورد - بكسر الواو و سكون الراء -: من الماء المحميّ ، و قيل: يومها اذا أخذت صاحبها لوقت (أقرب الموارد) و المراد هنا هو الأمر المداوم المستمرّ كما يقال: ذكر فلان ورد لساني.

(3)يعني اذا تمكّن من تحصيل العلم لا يجوز الاعتماد على الظنّ .

ص: 61

صلّى بالظنّ حيث يتعذّر العلم ثمّ انكشف وقوعها (1) في الوقت أو (دخل (2) و هو (3) فيها أجزأ) على أصحّ القولين (و إن تقدّمت) (4) عليه بأجمعها (أعاد) و هو (5) موضع وفاق.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «وقوعها» يرجع الى الصلاة. يعني اذا دخل الصلاة اعتمادا على الظنّ بدخول وقت الصلاة ثمّ انكشف إصابة الظنّ تكفي صلاته.

(2)فاعله الضمير العائد الى الوقت.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى المصلّي، و في قوله «فيها» يرجع الى الصلاة.

يعني اذا اعتمد على الظنّ عند تعذّر العلم و صلّى فدخل وقت الصلاة في حال كونه مشغولا للصلاة تجزي صلاته على أصحّ القولين.

و في مقابله عدم الإجزاء، كما هو مذهب القديمين و السيد المرتضى، كما لو وقعت الصلاة بأسرها قبل دخول الوقت.

* من حواشي الكتاب: الخلاف في الصورة الثانية، و هي إن دخل و هو فيها فمذهب الشيخ و جماعة الإجزاء، و مذهب القديمين و السيد المرتضى الى عدم الإجزاء و وجوب الإعادة، كما لو وقعت بأسرها قبل دخول الوقت، و الأول أظهر لتحقّق الامتثال حيث جوّز التعويل على الظنّ و الإعادة يحتاج الى دليل... الخ. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(4)فاعله ضمير التأنيث العائد الى الصلاح. يعني لو اتّفق وقوع الصلاة بأجمعها في وقت لم يدخل وقت الصلاة يجب عليه إعادة صلاته. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الوقت، و في قوله «بأجمعها» يرجع الى الصلاة.

(5)أي وجوب الإعادة في الفرض المذكور لم يختلف فيه أحد.

ص: 62

الشرط الثاني القبلة

اشارة

(الثاني (1): القبلة (2))

الكعبة للمشاهد و من بحكمه

(و هي) عين (الكعبة للمشاهد) لها (3)(أو حكمه) (4) و هو من يقدر على التوجّه إلى عينها بغير مشقّة كثيرة لا تتحمّل عادة، و لو بالصعود إلى جبل أو سطح (وجهتها) (5) و هي السمت الذي

**********

شرح:

القبلة (1)صفة لموصوف مقدّر و هو الشرط ، أي الشرط الثاني من شروط الصلاة التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في صفحة 22: «و هي سبعة».

و قد ذكر الشرط الأول منها و هو الوقت، ثم شرع في بيان الثاني منها و هو القبلة.

(2)القبلة - بكسر القاف و سكون الباء -: النوع، و الجهة، يقال: ما لهذا الأمر قبلة، أي جهة صحّة. و منه قبلة المصلّي للجهة التي يصلّي نحوها. و الكعبة: كلّ ما يستقبل من شيء. (أقرب الموارد). و المراد منها هنا هو الجهة التي يصلّي إليها.

(3)يعني أنّ القبلة هي نفس الكعبة للمصلّي الذي يشاهدها. و الضمير في قوله «هي» يرجع الى القبلة، و في قوله «لها» يرجع الى الكعبة.

الكعبة: كلّ بيت مربّع، و البيت الحرام بمكّة. قيل سمّي بالكعبة لنتوئه، و قيل:

لتربيعه. و جمعه كعبات و كعاب. (أقرب الموارد).

(4)بالجرّ عطف على قوله «للمشاهد». يعني أنّ قبلة المصلّي هي عين الكعبة لمن يشاهد عينها كمن يصلّي في المسجد الحرام فإنه يشاهد الكعبة، أو لمن في حكم المشاهد، و هو الذي يتمكّن من التوجّه الى عين الكعبة كمن سكن في بعض بيوت مكّة يقدر أن يصعد الى السطح أو الجبل و يشاهد عين الكعبة. و الضمير في قوله «الى عينها» يرجع الى الكعبة.

و لا يخفى ما في عطف الحكم على قوله «للمشاهد» فإنّ عطف المصدر على الاسم لم يكن مصطلحا، و الأولى ذكر «من» الموصول قبله كما ذكره الشارح رحمه اللّه بقوله «و هو من يقدر... الخ».

(5)بالرفع عطف الى الكعبة. يعني أنّ القبلة هي جهة الكعبة لا نفسها لمن لا يشاهد الكعبة، و ليس في حكم المشاهد.

الجهة - مثلّث الجيم -: الجانب و الناحية و ما توجّهت إليه (المنجد) الجمع جهات.

ص: 63

يحتمل (1) كونها فيه و يقطع بعدم خروجها عنه لأمارة شرعية (2) (لغيره) (3) أي غير المشاهد و من بحكمه كالأعمى (4).

و ليست (5) الجهة للبعيد محصلة عين الكعبة و إن كان

**********

شرح:

(1)و المراد منه أنّ الجهة هي التي يحتمل المصلّي كون الكعبة فيها بحيث يقطع بعدم خروج الكعبة عنها، مثلا اذا تعيّن وجود الكعبة في الجهة التي مقدارها عشرين ذراعها يحصل القطع له بأنّ الكعبة لا تكون خارجة من المقدار المذكور و لو لم يقطع بكونها في نقطة خاصّة منه.

ففي المقام يجتمع القطع و الاحتمال. أمّا القطع لعدم خروج الكعبة عن مقدار الجهة المذكور. و أمّا الاحتمال في كون عين الكعبة في نقاط المقدار المعلوم في الجهة.

و الضمير في قوله «كونها» يرجع الى الكعبة، و في قوله «فيه» يرجع الى السمت.

(2)قوله «لأمارة شرعية» يتعلّق بقوليه «يحتمل» و «يقطع». يعني أنّ حصول الاحتمال بكون الكعبة في نقطة من نقاط المقدار المتعيّن في الجهة و حصول القطع بعدم خروجها عنه بسبب أمارة شرعية.

و لا يخفى أنّ المكلّف اذا تعذّر له تحصيل الأمارة الشرعية في تشخيص الكعبة في جهة من الجهات يجب عليه تحصيل القطع بما يحكم عليه العقل، كما اذا لم يعلم بوجود الكعبة في أيّ جهة من الجهات يجب عليه الصلاة بالجهة التي يعلم بوجود الكعبة في أحد منها.

(3)يعني أنّ القبلة جهة الكعبة لغير من يشاهدها أو في حكمه.

(4)قوله: كالأعمى مثال لغير المشاهد و من في حكم المشاهد، فإنّ من لا بصر له لا يشاهد عين الكعبة و لو بالصعود الى السطح أو الجبل.

(5)و هذا الكلام من الشارح رحمه اللّه في الاعتراض على كلام العلاّمة رحمه اللّه في كتابه «التذكرة».

فإنّ العلاّمة رحمه اللّه قال: جهة الكعبة هي ما يظنّ أنّه الكعبة حتى لو ظنّ خروجه عنها لم يصحّ . فقال الشارح رحمه اللّه: إنّ الجهة لا توجب تحصيل عين الكعبة فيها و إن كان المصلّي بعيدا عنها بمقدار كثير لعدم إمكان استقبال العين تحقيقا، كما يتّضح من استدلاله.

ص: 64

البعد (1) عن الجسم يوجب اتّساع جهة محاذاته، لأنّ

**********

شرح:

(1)هذا ردّ لمن استدلّ على كون البعد عن الجسم موجبا لتحصيل المحاذاة لعينه، شكل رقم (2)

قد يلاحظ انتهاء المواقف التي تساوي جرم الكعبة بها بخلاف المواقف التي تزيد عليه، فيحتاج الى انحراف الخطوط في اتّصالها الى الكعبة

ص: 65

ذلك (1) لا يقتضي استقبال العين، إذ لو أخرجت خطوط متوازية (2) من مواقف البعيد المتباعدة (3) المتفقة الجهة على وجه (4) يزيد على جرم

**********

شرح:

لأنّ الجسم اذا قرب لا يحاذى به إلاّ القليل ممّا يقابله، فاذا بعد مقدارا يحاذى به أكثر ممّا كان، و هكذا. انظر الى الشكل رقم (2) تجده مفيدا لك إن شاء اللّه تعالى في فهم استدلالهم.

فالمقابل القريب الواحد يرى نفسه محاذيا للجسم الموجود، فاذا بعد يرى الاثنان نفسهما محاذيان للجسم، و اذا بعد أكثر ممّا قبل يرون الثلاثة، و هكذا الأبعد فالأبعد، كلّما حصل البعد حصل اتّساع جهة المحاذاة.

و قوله «و إن كان البعد... الخ» جملة وصلية، فيردّ الشارح رحمه اللّه هذا الاستدلال بقوله «لأنّ ذلك... الخ».

(1)هذا تعليل الردّ و المشار إليه في قوله: «لأنّ ذلك» كون البعد موجبا لاتّساع جهة المحاذاة فيردّ الشارح رحمه اللّه بأنّ الاتّساع المذكور لا يقتضي كون المحاذاة بعين الكعبة، لأنّه لو جعلت خطوط متوازية من المواضع البعيدة الى نفس الكعبة بحيث تزيد عن مقدار جرم الكعبة لا يتصوّر اتّصال جميع الخطوط الى عين الكعبة. انظر الى الشكل رقم (3) يتّضح لك جليا إن شاء اللّه.

فلو فرض مقدار جرم الكعبة خمسة عشر ذراعا مثلا لا يقابل عين الكعبة إلاّ الحاضرون في الصفّ الذي يكون طوله بهذا المقدار، و لا يقابل عينها الحاضرون في الصفوف المطوّلة منه.

(2)صفة للخطوط ، و المراد منها خطوط متساوية تمتدّ و لا تتّصل أبدا، بحيث يمتدّ بلا انحراف الى اليمين و اليسار.

وازاه موازاة: قابله و واجهه. (أقرب الموارد).

(3)قوله «المتباعدة» بالكسر صفة للمواقف. يعني لو أخرجت الخطوط من مواقف البعيد التي تكون متباعدة و متّفقة الجهة، فأخرجت بذلك الخطوط المتوازية التي ليست من المتّفقة الجهة...

(4)يعني أنّ إخراج الخطوط المتوازية لو كانت أزيد من جرم الكعبة لم يتّصل

ص: 66

الكعبة لم تتصل الخطوط أجمع بالكعبة ضرورة (1)،

**********

شرح:

الى عينها.

الجرم - بالكسر -: الجسد، و الجمع القليل أجرام، و الكثير جروم و جرم.

(لسان العرب).

(1)يعني أنّ عدم اتصال الخطوط المتوازية في صورة زيادة المواقف عن جرم الكعبة ضروريّ ، كما في الشكل رقم (3).

شكل رقم (3).

ص: 67

و إلاّ (1) لخرجت عن كونها متوازية.

و بهذا (2) يظهر الفرق بين العين و الجهة، و يترتّب عليه (3) بطلان صلاة بعض الصفّ المستطيل زيادة من قدر الكعبة (4) لو اعتبر مقابلة العين.

و القول (5) بأنّ البعيد فرضه الجهة أصحّ القولين في المسألة، خلافا

**********

شرح:

(1)يعني فإن اتّصلت الخطوط الخارجة من المواقف المتّفقة الجهة لعين الكعبة يلزم خروجها من كونها متوازية بل تكون منحرفة الى الكعبة انظر الى الشكل رقم (2) يفيدك إن شاء اللّه تعالى.

(2)أي ببيان عدم اتّصال الخطوط المتوازية من المواقف المتّفقة الجهة الى عين الكعبة يظهر الفرق بين القول بكون عين الكعبة قبلة المتباعدين و بين القول بكونها جهة الكعبة، و تظهر فائدة الخلاف في الحكم ببطلان صلاة بعض من صلّى في الصفّ الطويل الذي يزيد عن مقدار جرم الكعبة.

* من حواشي الكتاب: قوله «و ليست الجهة للبعيد محصّلة عين الكعبة... الخ» قال العلاّمة رحمه اللّه في التذكرة: جهة الكعبة هي ما يظنّ أنه الكعبة حتى لو ظنّ خروجها عنها لم يصحّ ، و هذا التفسير مع فساد عبارته يستلزم بطلان صلاة بعض الصفّ المستطيل الذي يزيد طوله عن مقدار بعد الكعبة للقطع بخروج بعضه متعلّق بأفراد المجموع على الإشاعة لا على التعيين، فلا ينافيه ظنّ كلّ واحد علما ليقين أنّه مستقبل القبلة، قلنا: الظنّ لا بدّ من استناده الى أمارة ميسّرة له بحيث يجوز الركون إليه شرعا، و هذا القطع ينافيه... الخ. (عن شرح الإرشاد).

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الفرق المذكور. يعني يترتّب على الاختلاف المذكور بطلان صلاة بعض الصفوف المطوّلة.

فعلى القول بكون القبلة عين الكعبة كما عن العلاّمة رحمه اللّه و الشافعي يحكم ببطلان صلاة غير المتقابلين الى عين الكعبة، و على القول الآخر يحكم بصحّتها.

(4)كما لو فرضنا مقدار جرم الكعبة خمسة عشر ذراعا و مقدار امتداد الصفّ عشرون ذراعا.

(5)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في المسألة بأنّ القول بكون قبلة المتباعدين جهة الكعبة لا عينها.

ص: 68

للأكثر (1) حيث جعلوا المعتبر للخارج عن الحرم استقباله، استنادا إلى روايات (2) ضعيفة (3).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ القول الأصحّ في المسألة هو كون قبلة من لم يشاهد الكعبة و لم يكن بحكمه هو جهة الكعبة لا عينها. و هذا القول على خلاف أكثر الفقهاء الذين يقولون بأنّ المعتبر من تحصيل القبلة هو الحرم لمن كان خارجا عنه.

* من حواشي الكتاب: في الأكثرية نظر، إذ القائل به الشيخ رحمه اللّه و جماعة و أكثر المتأخّرين. و بالجملة قالوا: إنّ الكعبة قبلة لأهل المسجد، و المسجد قبلة لأهل الحرم، و الحرم قبلة من كان خارجا عنه. فعلى ظاهر قولهم يكفي لمن في الحرم التوجّه الى جزء من المسجد و إن كان في غير جهة الكعبة. و كذا للخارج عن الجرم التوجّه الى جزء من الحرم مطلقا، و الأول و إن لم يكن بعيدا، كيف و ظاهر الآية التوجّه الى المسجد مطلقا، لكن الثاني بعيد جدّا.

(حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(2)و الروايات - المستفادة منها القول بكون قبلة المتباعدين هو الحرم، و قبلة أهل الحرم هي المسجد الحرام، و قبلة المصلّين في المسجد الحرام هي الكعبة، كما عن الشيخ رحمه اللّه و جماعة - منقولة في كتاب الوسائل:

عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد، و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم، و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا. (الوسائل: ب 3 من أبواب القبلة ح 1 ج 3 ص 220).

عن بشر بن جعفر الجعفي عن جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: سمعته يقول: البيت قبلة لأهل المسجد، و المسجد قبلة لأهل الحرم، و الحرم قبلة للناس جميعا. (الوسائل:

ب 3 من أبواب القبلة ح 2 ج 3 ص 220).

(3)وجه ضعف الرواية الأولى كونها مرسلة كما أنّ في سندها محمّد بن الحجّال عن بعض رجاله.

و وجه ضعف الرواية الثانية هو لعلّه عدم تعرّض أهل الرجال بحالة المذكورين في سندها.

ص: 69

ثمّ إن علم البعيد (1) بالجهة بمحراب معصوم أو اعتبار (2) رصديّ و إلاّ (3) عوّل على العلامات المنصوبة لمعرفتها نصّا (4) أو استنباطا.

علامة أهل العراق

(و علامة) (5) أهل (العراق و من في سمتهم) كبعض أهل

**********

شرح:

(1)قد تقدّم أنّ القبلة لغير المشاهد للكعبة و من بحكمه هي جهة الكعبة، فالعلم بالجهة يحصل بأمور:

الأول: المحراب الذي صلّى المعصوم عليه السّلام فيه، مثل محراب مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله في المدينة و محراب مسجد الكوفة و مسجد البصرة.

الثاني: القواعد الرصدية التي وضعها أهل الفنّ لتشخيص جهة القبلة، مثل الدائرة الهندية المعروفة أو غيرها ممّا يتحصّل منها جهة القبلة.

الثالث: العلائم الكلّية النجومية التي أخذوها من بعض الروايات و استخرجها بعض من القواعد النجومية في خصوص معرفة قبلة الأمكنة، و سيوضح المصنّف رحمه اللّه هذه العلائم النجومية في عباراته القادمة.

(2)عطف على قوله «بمحراب». و المراد من الرصدي هو المنجّم الذي ينتظر في محلّ مخصوص لمعرفة النجوم و الكواكب.

المرصد: محرّكة من رصده رصدا رصدا: قعد له على طريقه.

(3)يعني و إن لم يمكن تشخيص جهة القبلة بوسيلة محراب المعصوم عليه السّلام أو أمارة رصديّ يعتمد المكلّف على العلامات المنصوبة لتشخيص جهة القبلة في النصّ أو في استنباط الفقهاء.

(4)سيأتي نقل الرواية الواردة في بيان العلامات المذكورة.

(5)من هنا شرع في بيان معرفة جهة القبلة لبعض البلدان، فقال: إنّ أهل العراق و من في السمت الذي يقارب العراق درجة طول بلدهم مثل بعض خراسان يعتمدون على علامتين:

الأولى: جعل المغرب على الأيمن و المشرق على الأيسر.

الثانية: جعل الجدي في حالتي ارتفاعه و انخفاضه خلف المنكب الأيمن.

ص: 70

خراسان (1) ممّن يقاربهم (2) في طول بلدهم (3)(جعل المغرب على الأيمن و المشرق على الأيسر و الجدي) (4) حال غاية ارتفاعه أو انخفاضه

**********

شرح:

العراق: شاطئ النهر أو البحر على طوله، و قيل لبلد العراق عراق لأنه على شاطئ دجلة و الفرات عداء (أي تتابعا) حتى يتّصل بالبحر. و العراقان: الكوفة و البصرة. (لسان العرب).

(1)خراسان: بلاد بشرقي فارس، معناه موضع الشمس. (أقرب الموارد).

(2)الضمير في قوله «يقاربهم» يرجع الى أهل العراق. يعني علامة أهل العراق و بعض أهل خراسان الذين يكونون مقاربين لأهل العراق في طول بلدهم جعل المغرب... الخ.

و الضمير في قوله «في سمتهم» أيضا يرجع الى أهل العراق.

السمت - بسكون الميم -: الطريق. (أقرب الموارد).

(3)قد مرّ التفصيل في بيان المراد من طول البلاد آنفا في الفوائد المذكورة، و قلنا فيها بأنّه اختلف أهل الفنّ في المبدأ الذي يلاحظ منه طول البلاد. و المعروف بين المتأخّرين في تحصيل طول البلاد من حيث المبدأ هو (گرينويج) الذي يمرّ على عاصمة بريطانيا كما هو المبنى في عصرنا الحاضر.

و لا يخفى أنّ المراد من «خراسان» هو بلاد إيران. و المراد من قوله «كبعض أهل خراسان» هو بعض أهل إيران، مثل: أهل بلدة ماكو، و بلدة خوي، و بلدة سلماس، و نقدة، و إيلام، و قصر شيرين، و أمثال ذلك ممّا تقارب درجة طولها درجة طول بلاد العراق كما ذكرها أهل الفنّ .

(4)بالجرّ عطف على المغرب. يعني علامة أهل العراق بإضافة جعل المغرب على الأيمن و المشرق على الأيسر جعل الجدي خلف المنكب الأيمن.

الجدي - بفتح الجيم و سكون الدال -: نجم الى جنب القطب يدور مع بنات نعش تعرف به القبلة، و برج في السماء ملاصق للدلو. (أقرب الموارد، المنجد). و يستعمل البعض في النجم مصغّرا للفرق بين معناه البرج و معناه النجم.

ص: 71

(خلف المنكب (1) الأيمن) و هذه العلامة ورد بها النصّ (2)

**********

شرح:

(1)المنكب - بكسر الكاف -: مجتمع رأس الكتف و العضد، مذكّر جمعه: مناكب.

(أقرب الموارد).

يعني: أنّ علامة القبلة لأهل العراق و من في سمتهم جعل المغرب في الجانب الأيمن و المشرق في الأيسر و جعل الجدي في حالتي غاية ارتفاعه و انخفاضه في مقابل خلف المنكب الأيمن.

و لا يخفى أنّ الجدي كذلك يكون علامة لمعرفة القبلة لا في جميع حالاته.

و المراد من غاية ارتفاعه هو سيره في تقاطع دائرة نصف النهار للبلد و دائرة مدار نفسه، و المراد من انخفاضه وصول الجدي الى محلّ التقاطع من الدائرتين في محلّ أسفل.

و بعبارة أخرى: أنّ الجدي يطلع ابتداء في نصف النهار، ثمّ يدور الى قطب فلك البروج، و يرتفع الى غاية الارتفاع، فهذه علامة لتشخيص القبلة. كما أنّ حالة انخفاضه علامة للتشخيص أيضا، و هي أيضا تقع في نصف النهار.

فائدة: عن الخواجة نصير الدين الطوسي رحمه اللّه، أنّ العرب يسمّون الكواكب السبعة المعروفة بالدبّ ببنات النعش الصغرى، لأنهم يتصوّرون في أذهانهم كون النجوم الأربعة بصورة المربّع نعشا، و النجوم التالية لها بناتا للنعش كأنهم يصوّرون في أذهانهم حالة خروج النعش و خروج بنات النعش تالية للنعش، كما هو مرسوم في الكثير أنّ النعش يحمل و تخرج بنات صاحبه تالية و باكية.

(2)كأنّ الشارح رحمه اللّه في مقام الانتقاد للمصنّف رحمه اللّه بأنّ العلامتين المذكورتين لا يستند عليهما في تشخيص القبلة على الإطلاق بالنسبة على جميع بلاد العراق، بل يستند عليه أهل أوساط العراق كما سيشير إليه. و المراد من النصّ هو المنقول في كتاب الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن القبلة، فقال: ضع الجدي في قفاك و صلّ . (الوسائل: ب 5 من أبواب القبلة ح 1 ج 3 ص 222).

محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رجل للصادق عليه السّلام: إني أكون في السفر و لا

ص: 72

خاصّة (1) علامة للكوفة و ما ناسبها، و هي (2) موافقة للقواعد المستنبطة من الهيئة و غيرها (3) فالعمل (4) بها متعيّن في أوساط العراق مضافا (5) إلى

**********

شرح:

أهتدي الى القبلة بالليل، فقال: أ تعرف الكوكب الذي يقال له جدي ؟ قلت: نعم، قال: اجعله على يمينك، و اذا كنت في طريق الحجّ فاجعله بين كتفيك. (الوسائل:

باب 5 من أبواب القبلة ح 2 ج 3 ص 222).

قال صاحب المدارك: الأولى حمل العلامة الاولى و الثالثة على أطراف العراق الغربية و ما والاها، و حمل الثانية على أوساط العراق كالكوفة و بغداد، و أمّا أطرافه الشرقية كالبصرة و ما والاها فيحتاج فيها الى زيادة انحراف نحو المغرب، و كذا القول في بلاد خراسان.

و الضمير في قوله «ناسبها» يرجع الى الكوفة.

و وجه كون الرواية في بيان العلامة الكوفة هو كون السائل - و هو محمّد بن مسلم - من أهل الكوفة و إلاّ لم يصرّح فيها باسم الكوفة.

(1)قوله «خاصّة» قيد للضمير المذكور بقوله «ورد بها». يعني أنّ النصّ ورد في بيان هذه العلامة (جعل الجدي خلف المنكب الأيمن) فقط و لم يصرّح فيه بجعل المغرب على الأيمن و المشرق على الأيسر. انظر الروايتين المذكورتين ففيهما «ضع الجدي في قفاك و صلّ » و «اجعله على يمينك».

(2)الضمير في قوله «هي» يرجع الى العلامة. يعني أنّها توافق للقواعد النجومية و الجغرافية مثل الدائرة الهندية المعروفة.

(3)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى الهيئة، و المراد منه هو العلم الذي يفيد في تحصيل درجات طول البلاد و عرضها.

(4)هذه نتيجة اختصاص العلامة ببلدة الكوفة، فقال الشارح رحمه اللّه: إنّ العمل بالعلامة المذكورة يختصّ بالبلاد التي تقع في أوساط العراق لا البلاد التي تقع في شرقه، مثل البصرة و ما يوافقها من حيث الدرجة.

(5)هذه البلاد المذكورة أمثلة أوساط العراق و الأولى إتيان «مضافة» باعتبار كون لفظ الأوساط جمعا.

ص: 73

الكوفة كبغداد و المشهدين (1) و الحلّة.

و أمّا العلامة الاولى (2): فإن أريد فيها (3) بالمغرب و المشرق الاعتداليان (4) - كما صرّح

**********

شرح:

*من حواشي الكتاب: قوله «في أوساط العراق مضافا الى الكوفة» و الظاهر أنّ يقال «مضافة» باعتبار كون الأوساط جمعا. و وجه الإفراد باعتبار أنّه حال من العمل، بمعنى أنّ العمل بها في هذه الأماكن مضافا ذلك العمل الى العمل بها في الكوفة، و هذا من الفصاحة و الايجاز، أو أنه حال من العراق فهو مقيّد بالاضافة، و الأواسط جزؤه باعتبار، فيصحّ الحال منه، فتأمّل. (حاشية الشيخ علي رحمه اللّه).

(1)المراد من «المشهدين» هما الكاظمين عليهما السّلام.

و الحاصل: أنّ درجة طول بلدة الكوفة كما عن أهل الفنّ 44 درجة، فكلّ بلدة تساوي الكوفة في الطول تتعيّن العلامة لأهلها، فالبلاد المذكورة تساويها تحقيقا مثل بلدة الحلّة أو تقريبا مثل بلدة بغداد لأنّ طولها 44 درجة و 24 دقيقة.

(2)المراد من العلامة الاولى هو جعل المغرب على الأيمن و المشرق على الأيسر، فهذا إشكال ثان على كلام المصنّف رحمه اللّه بأنه لو أراد المشرق و المغرب الاعتداليين تكون العلامة الاولى مخالفة للعلامة الثانية كثيرا.

فلا يصحّ قوله «جعل المغرب... الخ» و «جعل الجدي... الخ».

(3)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى العلامة الاولى. و الجملة الشرطية يأتي جوابها في قوله «كانت مخالفة للثانية كثيرا».

(4)قوله «الاعتداليان» نائب فاعل لقوله «إن أريد».

و اعلم أنّ المشرق و المغرب على ثلاثة أقسام:

الأول: الاعتداليان، و هما اللذان يقعان في طرفي خطّ الاستواء الذي يكون الليل و النهار فيهما متساويين، مثل أول الربيع و أول الخريف، كما فصّلناه في مبحث الوقت.

الثاني: الاصطلاحيان، و هما الحاصلان في كلّ يوم من طلوع الشمس و غروبها و من قطعها نصف النهار، و هما الأعمّ من الاعتداليين لشمولهما عليهما أيضا،

ص: 74

به (1) المصنّف في البيان - أو الجهتان (2) اصطلاحا - و هما المقاطعتان (3) لجهتي الجنوب (4) و الشمال (5) بخطّين بحيث يحدث عنهما زوايا (6) قوائم - كانت مخالفة (7) للثانية كثيرا، لأنّ الجدي حال استقامته (8) يكون على

**********

شرح:

كما هو واضح.

الثالث: العرفيان، و هما النقاط التي تطلع الشمس و تغرب فيها جميعا. بمعنى أنّ مجموع النقاط التي طلعت و غربت الشمس فيها تسمّى بالعرفي.

(1)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه صرّح بكون المراد من المشرق و المغرب في المسألة هو الاعتداليين. و الضمير في قوله «به» يرجع الى الاعتدال.

(2)عطف على قوله «الاعتداليان». يعني أو اريد من المشرق و المغرب الجهتان الاصطلاحي، و هو القسم الثاني من أقسام المشرق و المغرب المذكورة قبل قليل.

(3)يعني أنّ الجهتين الاصطلاحيتين هما المقاطعتان لجهتي الجنوب و الشمال بنحو خطّين، و الذي يحصل من التقاطع زوايا قوائم.

(4)الجنوب - بفتح الجيم -: نقطة الجنوب. (أقرب الموارد).

(5)الشمال بفتح الشين بمعنى الجهة المقابلة للجنوب، و بكسر الشين بمعنى اليسار.

(المنجد).

(6)الزوايا ثلاثة أقسام: قائمة، منفرجة، حادّة. و المراد من القائمة هي الحاصلة من تقاطع خطّين عموديين و مقداره تسعون درجة.

(7)خبر قوله «كانت» و اسمه الضمير المؤنث العائد على العلامة الاولى، و هي جعل المغرب على اليمين و المشرق على اليسار.

يعني لو اريد من المشرق و المغرب الاعتداليان أو الاصطلاحيان كانت مخالفة للعلامة الثانية، و هي جعل الجدي خلف المنكب الأيمن.

(8)المراد من استقامة الجدي كونه في غاية ارتفاعه و انخفاضه على دائرة نصف النهار.

و اعلم أنّ الجدي يصير في حالتي غاية ارتفاعه و غاية انخفاضه في دائرة نصف النهار. فاذا جعل المغرب الاعتدالي أو الاصطلاحي على اليمين و المشرق الاعتدالي أو الاصطلاحي على اليسار فيقع الجدي في مقابل بين الكتفين.

ص: 75

دائرة نصف النهار المارّة (1) بنقطتي الجنوب و الشمال، فجعل المشرق و المغرب على الوجه السابق (2) على اليمين و اليسار يوجب جعل الجدي بين الكتفين قضية (3) للتقاطع، فإذا اعتبر كون الجدي خلف المنكب الأيمن

**********

شرح:

(1)صفة لقوله «دائرة». يعني أنّ دائرة نصف النهار تمتدّ بين نقطتي الشمال و الجنوب، كما أنّ خطّ الاستواء يمتدّ من المشرق الى المغرب.

(2)المراد من الوجه السابق هو المغرب و المشرق الاعتداليان. يعني اذا جعل المغرب الاعتدالي على اليمين و المشرق الاعتدالي على اليسار فيقع الجدي بين الكتفين لا خلف المنكب الأيمن كما قاله المصنّف رحمه اللّه.

(3)قوله «قضية» مفعول له تعليل لوقوع الجدي بين الكتفين. بمعنى أنّ التقاطع بين خطّي الجنوب و الشمال مع خطّي المشرق و المغرب يوجب وقوع الجدي كذلك، لأنّ الجدي كما تقدّم كرارا يقع عند حالتي ارتفاعه و انخفاضه في خطّ نصف النهار القاطع لخطّ المشرق و المغرب.

الدائرة 360 درجة

شكل رقم (4).

ص: 76

لزم الانحراف بالوجه (1) عن نقطة الجنوب نحو المغرب كثيرا، فينحرف بواسطته (2) الأيمن عن المغرب نحو الشمال و الأيسر عن المشرق نحو الجنوب، فلا يصحّ جعلهما (3) معا علامة لجهة واحدة، إلاّ أن يدّعى اغتفار هذا التفاوت (4) و هو (5) بعيد خصوصا مع مخالفة العلامة (6) للنصّ

**********

شرح:

فائدة: اعلم أنّ الدائرة تجمع ثلاثمائة و ستين درجة، فاذا امتدّ الخطّان المتقاطعان في وسطها تنقسم الى جهات أربعة تكون لكلّ واحد منها تسعين درجة. انظر الى الشكل رقم (4) تجده مفيدا إن شاء اللّه تعالى.

(1)يعني عند جعل الجدي خلف المنكب الأيمن ينحرف الوجه عن التقابل بنقطة الجنوب الى طرف المغرب كثيرا.

(2)الضمير في قوله «بواسطته» يرجع الى الانحراف. قوله «الأيمن» فاعل «فينحرف». يعني اذا انحرف الوجه عن نقطة الجنوب فينحرف اليمين عن جانب المغرب الى جانب الشمال، و هكذا ينحرف طرف الأيسر عن جانب المشرق الى طرف الجنوب فلا يشكل كلام المصنّف رحمه اللّه.

(3)الضمير في «جعلهما» يرجع الى العلامتين المذكورتين، و هما: جعل المغرب على اليمين... الخ، و جعل الجدي خلف المنكب الأيمن.

(4)بأنّ يقال باغتفار الانحراف بهذا المقدار عن القبلة عند الصلاة.

(5)أي اغتفار التفاوت المذكور يستبعد جدّا، لأنّ التفاوت بين العلامتين كما بيّن أهل الفنّ 33 درجة، فإنّ القبلة - بناء على جعل الجدي خلف المنكب الأيمن - تنحرف عن خطّ نقطة الجنوب بمقدار 33 درجة بخلاف جعل المغرب على اليمين و المشرق على اليسار.

كيف يمكن القول باغتفار هذا المقدار من الانحراف، بأن يقال بجواز العمل بالعلامة الاولى الموجب للانحراف بهذا المقدار؟

(6)اللام في قوله «العلامة» للعهد الذكري، و المراد هو جعل المغرب على اليمين و المشرق على اليسار. يعني أنّ تلك العلامة لم تذكر في النصّ المذكور. (راجع صفحة 72 هامش 2 من هذا الجزء).

ص: 77

و الاعتبار (1)، فهي (2) إمّا فاسدة الوضع أو تختصّ ببعض جهات العراق، و هي أطرافه الغربية (3) - كالموصل و ما والاها (4) - فإنّ التحقيق أنّ جهتهم (5) نقطة الجنوب، و هي (6) موافقة لما ذكر (7) في العلامة.

و لو اعتبرت العلامة المذكورة (8) غير مقيّدة بالاعتدال و لا بالمصطلح

**********

شرح:

(1)عطف على النصّ . و المراد من الاعتبار هو القواعد النجومية و الجغرافية.

(2)الضمير في قوله «فهي» يرجع الى العلامة الاولى. يعني أنّ جعل المغرب على اليمين و المشرق على اليسار إمّا يحكم ببطلانه و فساده أصلا و وضعا، أو يحكم باختصاص ذلك ببعض بلاد العراق.

(3)أي أطراف العراق من جانب الغرب مثل بلدة الموصل.

(4)الضمير في قوله «والاها» يرجع الى الموصل. يعني تجعل العلامة لأهل الموصل و أهل البلاد التي تكون في خطّ نصف نهار الموصل، بمعنى كون البلاد متساوية في الدرجة من حيث الطول، كما تقدّم آنفا اختلاف درجات بغض البلاد و تساويها في البعض الآخر.

(5)الضمير في قوله «جهتهم» يرجع الى الأطراف الغربية. يعني أنّ التحقيق هو أنّ جهة قبلة أطراف العراق الغربية هي نقطة الجنوب.

(6)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى الجهة التي هي نقطة الجنوب.

(7)و المراد ممّا ذكر هو جعل المغرب على الأيمن و المشرق على الأيسر، و اللام في قوله «العلامة» للعهد الذكري.

(8)هذا إشكال آخر للمصنّف رحمه اللّه في صورة إرادة العرفيّين من المشرق و المغرب الاعتداليين منهما كما تقدّم في الأقسام الثلاثة منهما.

بمعنى أنه اذا اريد المشرق و المغرب العرفيّين فينشر الإشكال أكثر ممّا ذكر، لأنّ العرف يقول بكون مجموع النقاط التي تطلع الشمس و تغرب فيها في جميع أيام السنة مشرقا و مغربا. فتختلف مطالع الشمس و مغاربها، ففي كلّ يوم تطلع من نقطة غير النقطة التي تطلع منها في اليوم الأخر، و كذلك غروبها.

ص: 78

بل بالجهتين العرفيتين (1) انتشر الفساد كثيرا، بسبب الزيادة فيهما (2)

**********

شرح:

*من حواشي الكتاب: و الجهتان العرفيّتان تمام القوس الذي فيه مطالع الشمس في السنة و ما فيها مغاربها كذلك. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(1)قد تقدّم صدق المشرق و المغرب العرفيّين بمجموع نقاط المشارق و المغارب في طول أيام السنة.

(2)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى المشرق و المغرب العرفيّين. يعني انتشار الفساد الكثير في المسألة بسبب الزيادة و النقصان في العرفيّين.

مثلا اذا جعل نقطة سافلة من مدار رأس السرطان على جانب اليمين و كذلك في جانب المشرق ليحصل الانحراف من نقطة الجنوب الى جانب المشرق، بحيث لا يقع الجدّي خلف المنكب الأيمن بل يقع خلف المنكب الأيسر الذي يكون بمقدار انحراف أهل الشام الى المشرق و هو 31 درجة فيكون ذلك علامة لأهل الشام لا العراق.

و إن جعل نقطة سافلة من مدار رأس السرطان على جانب الأيمن و جعل مدار رأس الجدي على جانب الأيسر الأول - (هو آخر نقطة من المغرب العرفي الى الشمال) الثاني (هو آخر نقطة من المشرق الى طرف الجنوب) - ليكون ذلك علامة لغير أهل العراق.

و إن جعل العكس ليكون ذلك أيضا علامة لغير أهل الشام.

فيكون جعل المغرب على جانب الأيمن و المشرق على الأيسر المذكور العلامة الأولى لأهل العراق فاسدا، بل تكون العلامة الثالثة لبيان قبلة سائر البلاد.

فكيف جعل المصنّف رحمه اللّه ذلك علامة ثابتة لتشخيص قبلة أهل العراق ؟

لو قيل: ليلزم جعل نقطة معيّنة من المغرب العرفي على الأيمن و كذلك الأيسر

ص: 79

و النقصان الملحق لهما (1) تارة بعلامة الشام (2) و اخرى بعلامة العراق (3) و ثالثة بزيادة عنهما (4)، و تخصيصهما (5) حينئذ بما يوافق الثانية (6) يوجب سقوط فائدة العلامة (7).

**********

شرح:

بحيث ينطبق بالعلامة الثانية و هي جعل الجدي خلف المنكب الأيمن.

يقال: فبناء على ذلك تلغى العلامة الاولى لكفاية العلامة الثانية في المقام.

(1)أي الزيادة و النقصان الحاصلان في المشرق و المغرب العرفيّين يلحقانهما تارة بعلامة الشام، و ذلك اذا كان انحراف اليمين قليلا من المغرب الاعتدالي الى جانب الجنوب، و انحراف اليسار قليلا الى جانب الشمال لصدق المشرق و المغرب العرفيّين لهما.

و تارة بعلامة العراق، و ذلك اذا كان الانحراف من المغرب الاعتدالي الى جانب الشمال، بعكس ما تقدّم.

و تارة بعلامة غيرهما، و ذلك في صورة انحراف أزيد من المقدارين المذكورين علامة للعراق و الشام.

و قوله «الملحق» بصيغة اسم الفاعل صفة لكلّ من الزيادة و النقصان.

و الضمير في قوله «لهما» يرجع الى الجهتين العرفيّتين.

(2)ذلك في صورة الانحراف من المغرب الاعتدالي الى طرف الجنوب، كما تقدّم.

(3)و ذلك في صورة الانحراف من المغرب الاعتدالي الى جانب الشمال.

(4)و ذلك في صورة الانحراف أكثر ممّا ذكر من المقدارين.

(5)جواب عمّا لو قيل بأنّ المراد من المشرق و المغرب العرفيّين هو النقطة المخصوصة منهما الموافقة بالعلامة الاولى.

و الضمير في قوله «تخصيصهما» يرجع الى المشرق و المغرب العرفيّين.

(6)قوله «الثانية» صفة لموصوف مقدّر و هو العلامة.

(7)اللام في قوله «العلامة» للعهد الذكري، و المراد منها هي العلامة الاولى.

يعني اذا كان الملاك من جعل المشرق على الأيمن و المشرق على الأيسر هو انطباقهما بجعل الجدي خلف المنكب الأيمن فما الفائدة في العلامة الاولى، فيكون

ص: 80

........................................................

**********

شرح:

ذكره لغوا. و لتسهيل فهم المشرق و المغرب الاعتداليّين و الاصطلاحيّين و العرفيّين انظر الى الشكل رقم (5) يبدو لك جليا إن شاء اللّه تعالى.

شكل رقم (5)

يتبين من هذا الشكل أنّ أوساط العراق عند اتجاههم الى الكعبة ينحرفون عن نقطة الجنوب الى الغرب فوق العشرين درجة، و يلزمهم أن يقع كوكب الجدي القطبي خلف منكبهم الأيمن.

ص: 81

و أمّا أطراف (1) العراق الشرقية كالبصرة و ما

**********

شرح:

فإذا جعل المصلّي منتهى المغرب الشمالي على يمينه و منتهى المشرق الجنوبي على يساره يحصل الانحراف عن نقطة الجنوب نحو المغرب بدرجات تقرب 45 درجة، انظر (ألف - ب) من الشكل رقم (6).

و كذلك العكس، انظر (ج - د) منه.

(1)قد تبيّن أنّ علامة القبلة لأهل بلاد أوساط العراق بجعل الجدي خلف المنكب الأيمن الملازم بالانحراف الى جهة الشمال قليلا.

و أمّا علامة أهل أطراف العراق الشرقية مثل البصرة فيلزم انحراف المصلّي الى طرف المغرب عن مقدار الانحراف في أوساطها.

شكل رقم (6).

ص: 82

والاها (1) من بلاد خراسان، فيحتاجون إلى زيادة انحراف نحو المغرب عن أوساطها قليلا (2)، و على هذا القياس (3).

علامة أهل الشام

(و للشام) من العلامات (جعله) أي الجدي في تلك الحالة (4)(خلف الأيسر) الظاهر من العبارة كون الأيسر صفة للمنكب بقرينة ما قبله (5)، و بهذا (6) صرّح في البيان، فعليه يكون انحراف

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «والاها» يرجع الى البصرة. يعني أنّ البلاد التي تساوي البصرة من حيث الطول الجغرافي من بلاد خراسان...

و قد تقدّم أنّ المراد من خراسان هو بلاد ايران، فأهل هذه البلاد ينحرفون الى جانب المغرب أزيد ممّا ينحرف أهل الأوساط قليلا.

(2)قيد لقوله «أزيد». يعني تكون زيادة انحرافهم عن انحراف الأوساط قليلا، و قد ذكروا أنّ انحراف البصرة 38 درجة، و انحراف بغداد 48 درجة، فيكون التفاوت بدرجتين. و على ما نقل عن كتاب روض الجنان للشهيد الثاني أنّ انحراف أوساط العراق الى المغرب 33 درجة و انحراف البصرة 37 درجة.

(3)يعني كلّما ازدادت البلاد في الطول شرقا ازداد الانحراف نحو الجنوب، كما ينعكس الأمر عند التفاوت في الطول من ناحية المغرب.

(4)أي في غاية ارتفاعه و انخفاضه. و قد شرع المصنّف رحمه اللّه في بيان قبلة أهل الشام بعد بيان علامة قبلة أهل العراق، و ذكر لها علامتين:

الاولى: جعل الجدي عند غاية ارتفاعه و انخفاضه خلف المنكب الأيسر.

الثانية: جعل السهيل في أول طلوعه في مقابل عينيه، و ذلك يحصل بالانحراف من نقطة الجنوب الى المشرق بمقدار 31 درجة كما ذكره أهل الفنّ .

(5)يعني أن المصنّف رحمه اللّه لم يذكر موصوف الأيسر هنا، و لكن ذكره في عبارته المتقدّمة في بيان علامة أهل العراق بقوله «و جعل الجدي خلف المنكب الأيمن» فتكون قرينة بأنّ المراد من الأيسر ليس طرف اليسار مطلقا بل المراد هو المنكب الأيسر.

(6)أي بكون الأيسر صفة للمنكب صرّح المصنّف رحمه اللّه في كتابه البيان.

ص: 83

الشاميّ (1) عن نقطة الجنوب مشرقا بقدر انحراف العراقي عنها مغربا.

و الذي (2) صرّح به غيره (3) - و وافقه المصنّف في الدروس و غيرها (4) - أنّ الشاميّ يجعل الجدي خلف الكتف (5) لا المنكب، و هذا هو الحقّ الموافق للقواعد (6)، لأنّ انحراف الشاميّ أقلّ من انحراف العراقيّ المتوسّط ، و بالتحرير (7) التامّ ينقص الشاميّ عنه (8) جزءين (9) من تسعين

**********

شرح:

(1)يعني فبناء على جعل الجدي خلف المنكب الأيسر للشامي يلزم انحرافه عن نقطة الجنوب الى جانب المشرق بمقدار انحراف العراقي عن نقطة الجنوب الى جانب المغرب.

(2)هذا اعتراض من الشارح رحمه اللّه بالقول بتساوي انحراف العراقي الى المغرب و انحراف الشامي الى المشرق، بل يتفاوت مقدار انحرافهما ببيان أنّ الشامي لا يجعل الجدي خلف المنكب الأيسر بل يجعله خلف كتفه الأيسر.

(3)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و في قوله «وافقه» يرجع الى الغير.

(4)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى الدروس، و التأنيث باعتبار الجمع.

(5)الكتف، و الكتف، و الكتف: عظم عريض خلف المنكب، و الجمع كتفة و أكتاف. (المنجد).

(6)أي القواعد النجومية و الجغرافية، فإنّ أهل الفنّ قد ذكروا أنّ درجة انحراف أهل الشام من نقطة الجنوب الى جانب المشرق 31 درجة.

و ذكروا أنّ مقدار انحراف أهل أوساط العراق من نقطة الجنوب الى المغرب 33 درجة. فعلى ذلك يقع الجدي خلف كتف أهل الشام الأيسر لا خلف منكبهم الأيسر.

(7)أي و بالتحقيق الكامل في المطلب يكون انحراف أهل الشام من نقطة الجنوب الى المشرق أقلّ بدرجتين من انحراف أهل العراق الى المغرب.

(8)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى انحراف العراقي.

(9)و المراد من الجزءين من تسعين جزء هو درجتان من الدرجات المنظورة بين

ص: 84

جزء ممّا (1) بين الجنوب و المشرق أو المغرب.

(و جعل (2) سهيل) أول طلوعه (3) - و هو بروزه عن الافق -(بين)

**********

شرح:

الجنوب و المشرق الاعتدالي.

إيضاح: قد تقدّم سابقا بأنّ علماء الهيئة و النجوم قد قسّموا كلّ دائرة الى ثلاثمائة و ستين جزء و سمّوه بالدرجة، فاختلاف الدرجة بين الجنوب و الشمال يكون بمقدار 180 درجة، و اختلاف الدرجة بين الجنوب و المشرق الاعتدالي 90 درجة، و كذا بين الجنوب و بين المغرب الاعتدالي 90 درجة، و كذا الحال بين الشمال و بين المشرق أو المغرب الاعتداليّين 90 درجة.

فإذا كان انحراف أوساط العراق الى المغرب 33 درجة و انحراف أهل الشام الى المشرق 31 درجة فيتفاوت الانحراف بينهما بدرجتين فيعبّر عنهما بجزءين من تسعين جزء.

(1)بيان «تسعين جزء». يعني أنّ ذلك يكون بين الجنوب و المشرق و المغرب.

راجع الشكل رقم (6) يتضح لك جليا إن شاء اللّه تعالى.

(2)عطف على قوله «جعله». و هذه علامة ثانية لتشخيص القبلة لأهل الشام كما تقدّم قبل قليل بأنّ لأهل الشام علامتين.

سهيل: نجم قيل عند طلوعه تنضج الفواكه و ينقضي القيظ ، و في المثل (اذا طلع سهيل رفع كيل و وضع كيل) يضرب في تبدّل الكلام. (أقرب الموارد).

عن أهل الفنّ أنّ سهيل نجم في طرف الجنوب يطلع عن نقطة ينحرف الى المشرق بمقدار 31 درجة، ثمّ يسير الى نصف النهار و يغرب في نقطة ينحرف الى المغرب بمقدار 31 درجة أيضا.

(3)يعني جعل سهيل بين العينين في زمان أول طلوعه تكون علامة للقبلة لا مطلقا.

و تعريف الشارح رحمه اللّه الطلوع بقوله: «و هو بروزه عن الافق» مع وضوح معنى الطلوع لبيان الملاك هو أول طلوعه لا مطلقا في مقابل بعض الفقهاء الذين جعلوا الملاك ارتفاعه الى خطّ نصف النهار، فإنّ فساده واضح.

ص: 85

(العينين) لا مطلق كونه (1) و لا غاية ارتفاعه، لأنّه (2) في غاية الارتفاع يكون مسامتا (3) للجنوب، لأنّ غاية ارتفاع كلّ كوكب يكون على دائرة نصف النهار المسامتة (4) له كما سلف (5).

علامة أهل المغرب

(و للمغرب) (6) و المراد به بعض المغرب

**********

شرح:

(1)أي لا مطلق وجود السهيل بأيّ نقطة كانت حتّى اذا انحرف الى المغرب بدرجات مذكورة.

(2)الضمير في قوله «لأنه» يرجع الى السهيل يعني اذا ارتفع الى خطّ نصف النهار فإنّه يحاذي نقطة الشمال، لأنّ خطّ نصف النهار يمتدّ من الجنوب الى الشمال.

فلو جعل السهيل في هذا الحال بين العينين يلزم أن يوافق قبلة أهل الشام مع قبلة أهل البلاد الغربية من العراق مثل الموصل و ما والاها، لأنّه قد علم انحراف قبلة أهل الشام من الجنوب الى المشرق بمقدار 31 درجة.

(3)أي مقابلا للجنوب.

(4)صفة لدائرة نصف النهار، و الضمير في قوله «له» يرجع الى الجنوب.

(5)أي كما سلف في خصوص الجدي بقوله: «إنّ الجدي حال استقامته يكون على دائرة نصف النهار».

(6)عطف على قوله: «أهل العراق». يعني و علامة معرفة جهة الكعبة لأهل المغرب جعل الثريّا... الخ.

و اعلم أنه قد ذكروا في تشخيص القبلة لأهل المغرب علامتين:

الأول: جعل الثريّا في أول طلوعها في مقابل وجه اليمين.

الثاني: جعل العيّوق في مقابل وجه اليسار.

و لا يخفى أنّ قبلة أهل المغرب تقع بين النجمين المذكورين، فتكون منحرفة من نقطة الشمال الى المشرق.

و المراد من المغرب هنا بعض البلاد الغربية الواقعة في جانب الجنوب الغربي لمكّة المكرّمة، مثل الحبشة (أثيوبيا) و النوبة (السودان) لا المغرب المشهور - مثل مراكش و الجزائر و السنغال و كينيا و غيرها التي تساوي المذكورات من حيث الدرجة المعيّنة في الطول - فإنّ قبلتهم الى طرف المشرق.

ص: 86

كالحبشة (1) و النّوبة (2) لا المغرب المشهور (جعل الثّريّا (3) و العيّوق (4)) عند طلوعهما (على يمينه و شماله) (5) الثّريّا على اليمين، و العيّوق على اليسار.

و أمّا المغرب المشهور (6) فقبلته تقرب من نقطة المشرق و بعضها (7) يميل عنه (8) نحو الجنوب يسيرا.

علامة أهل اليمن

(و اليمن مقابل الشام) و لازم المقابلة أنّ أهل اليمن يجعلون سهيلا طالعا (9) بين الكتفين مقابل جعل الشاميّ

**********

شرح:

(1)مثال لبعض بلاد المغرب، و المراد منه أثيوبيا.

(2)هذا مثال آخر أيضا، و المراد منه السودان.

(3)و هي ستة أو سبعة كواكب على شكل عنقود، و تشاهد بالعين المجرّدة.

الثريّا: مجموعة كواكب في عنق الثور، سمّيت بذلك لكثرة كواكبها مع ضيق المحلّ .

(أقرب الموارد، المنجد). و تسمّى بالفارسية (پروين).

(4)العيّوق: نجم أحمر مضيء في طرف المجرّة الأيمن يتلو الثريّا لا يتقدّمها. (أقرب الموارد).

قيل: إنّ معناه الحافظ و المانع من المكروه، و وجه تسميته كونه عائقا للثريّا، كأنه يكون محافظا لها.

قيل: اسمه بالفارسية (سروش).

(5)بصورة اللفّ و النشر المرتّب، بمعنى أنه تجعل الثريّا على يمين الوجه و العيّوق على شماله.

(6)قد تقدّم آنفا أنّ المغرب المشهور هو الجزائر، و مراكش و غيرهما.

(7)الضمير في قوله «و بعضها» يرجع الى بلاد المغرب المعلوم بالقرينة.

(8)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى المشرق. يعني أنّ قبلة بعض بلاد المغرب المشهور يميل من المشرق الى جانب الجنوب قليلا.

(9)قوله «طالعا» حال من سهيل.

و اعلم أنّ قبلة أهل اليمن خلاف قبلة أهل الشام، لأنهما متقابلان كتقابل إنسانين

ص: 87

له (1) بين العينين، و أنّهم يجعلون الجدي محاذيا (2) لأذنهم اليمنى، بحيث يكون مقابلا للمنكب الأيسر، فإنّ مقابله (3) يكون إلى مقدّم الأيمن، و هذا (4) مخالف لما صرّح به المصنّف في كتبه

**********

شرح:

يقوم أحدهما في مقابل الآخر. فالهيئة التي يجعلها أهل الشام قبلتهم يأخذون أهل اليمن عكسها علامة لقبلتهم.

و لا يخفى أنّ أهل الشام كانوا يجعلون السهيل بين عينيهم، فيلزم لأهل اليمن جعله خلف كتفيهم.

و أيضا أنّ أهل الشام كانوا يجعلون الجدي في مقابل خلف كتفهم الأيسر، فيجعل أهل اليمن في مقابل الاذن اليمنى.

(1)الضمير في قوله «له» يرجع الى سهيل.

(2)يعني أنّ أهل اليمن يجعلون الجدي في مقابل اذنهم اليمنى.

قوله «بحيث يكون مقابلا للمنكب الأيسر» إشارة الى هيئة أهل الشام، فإنهم كانوا يجعلون الجدي خلف المنكب الأيسر، فأهل اليمن يجعلونه محاذيا لأذنهم اليمنى للمقابلة بينهما.

(3)الضمير في قوله «مقابله» يرجع الى المنكب الأيسر. يعني أنّ مقابل المنكب الأيسر هو مقدّم الأيمن الذي يحاذي الاذن اليمنى.

(4)المشار إليه في قوله «هذا» هو كون علامة أهل اليمن مقابل العلامتين المذكورتين في خصوص أهل الشام.

و قد أورد الشارح رحمه اللّه لما يستفاد من كلام المصنّف رحمه اللّه في علامة أهل اليمن بإيرادات ثلاثة:

الأول: بأنّ المصنّف رحمه اللّه جعل العلامة في خصوص سهيل في هذا الكتاب بجعله بين الكتفين حال طلوعه، و الحال أنه ذكر في سائر كتبه جعله بين الكتفين في حال غروبه.

و أيضا أنّ المصنّف رحمه اللّه قال هنا بجعل الجدي محاذيا للأذن اليمنى لأهل اليمن، و الحال أنه قال في سائر كتبه بجعل الجدي بين العينين.

ص: 88

الثلاثة (1) و غيره من أنّ اليمني يجعل الجدي بين العينين و سهيلا غائبا بين الكتفين (2)، فإنّ

**********

شرح:

الثاني: أنّ العلامتين اللتين ذكرهما المصنّف رحمه اللّه في سائر كتبه لا تتوافقان في بيان قبلة أهل اليمن، لأنّ جعل الجدي في حالة غاية ارتفاعه أو انخفاضه يلازم بجعل نقطة الشمال محاذيا له لوقوع الجدي في حالتيهما على خطّ نصف النهار الذي يمتدّ من الجنوب الى الشمال.

إذا يلزم أخذ المساوي لنقطة الشمال قبلة بلا انحراف أصلا، و هذا لا يوافق العلامة الثانية، و هي جعل سهيل في حالة غروبه بين الكتفين، لأنّ سهيل كما تقدّم آنفا نجم في طرف الجنوب يطلع عن نقطة تنحرف الى المشرق بمقدار 31 درجة، ثمّ يتحرّك الى خطّ نصف النهار، ثمّ ينتقل الى طرف المغرب فيغرب في مقدار 31 درجة فيه.

فيعلم منه أنّ سهيل لا يوافق العلامة الاولى إلاّ في حال ارتفاعه الى نصف النهار لا في حال غروبه، كما ذكره المصنّف رحمه اللّه في كتبه.

الثالث: بناء على العلامتين اللتين ذكرهما المصنّف رحمه اللّه في سائر كتبه تكون قبلة أهل اليمن على خلاف قبلة أهل العراق لا الشام، لأنّ الشامي يتّجه الى نقطة منحرفة عن الجنوب الى المشرق و المقابلة منه تقتضي الاتّجاه الى نقطة منحرفة نحو المغرب.

مع أنّ اليمني إمّا متّجه الى نقطة القطب الشمالي أو منحرف الى شرق القطب قليلا.

فلا تقابل بين اليمني و الشامي أصلا، نعم هو مقابل للعراقي عند ميله الى غرب القطب الجنوبي بقليل.

و هذه الإيرادات الثلاثة يستفاد من العبارة كما ترى.

(1)المراد من الكتب الثلاثة: الدروس، و البيان، و الذكرى.

قوله «و غيره» عطف على المصنّف رحمه اللّه. يعني صرّح المصنّف رحمه اللّه و غيره...

(2)هذا الإيراد الأول من الإيرادات المفصّلة آنفا. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه و غيره صرّحوا في علامة أهل اليمن بجعل الجدي بين العينين، و جعل سهيل في حال

ص: 89

ذلك (1) يقتضي كون اليمن مقابلا للعراق لا للشام.

و مع هذا الاختلاف فالعلامتان (2) مختلفتان أيضا، فإنّ جعل الجدي طالعا (3) بين العينين يقتضي استقبال نقطة الشمال، و حينئذ (4) فيكون نقطة الجنوب بين الكتفين، و هي (5) موازية لسهيل في غاية (6) ارتفاعه - كما مرّ - لا (7) غائبا.

و مع هذا (8) فالمقابلة للعراقيّ لا للشاميّ .

**********

شرح:

غروبه بين الكتفين.

قوله «غائبا» حال من سهيل بمعنى الغروب.

(1)المشار إليه في قوله «ذلك» هو جعل الجدي بين العينين و السهيل عند غروبه بين الكتفين.

* من حواشي الكتاب: في قول الشارح رحمه اللّه «يقتضي كون اليمن مقابلا للعراق لا للشام» لأنّ أهالي المغرب الشمالي من العراق يجعلون الجدي خلف المنكبين الملازم لجعل سهيل غائبا بين العينين، فاليماني اذا جعل الجدي بين العينين و سهيلا غائبا خلف المنكبين يكون العراقي و اليماني متقابلين. (حاشية كلانتر).

(2)هذا الإيراد الثاني من إيرادات الشارح رحمه اللّه الثلاثة المفصّلة آنفا.

و المراد من العلامتين جعل اليمني الجدي بين العينين و السهيل غائبا بين الكتفين.

(3)حال من الجدي. يعني أنّ جعله في أول طلوعه بين العينين يوجب أن يستقبل اليمني نقطة الشمال كما أوضحناه آنفا.

(4)أي حين استقبال نقطة الشمال تكون نقطة الجنوب بين الكتفين لامتداد خطّ الجنوب الى الشمال.

(5)الضمير في قوله «هي» يرجع الى نقطة الجنوب. يعني أنها تحاذي لسهيل في حال غاية ارتفاعه كما أوضحنا أنّه يقع في غاية ارتفاعه في نصف النهار.

(6)ظرف لقوله «موازية».

(7)أي لا يكون سهيل عند غروبه في نقطة الجنوب، كما مرّ.

(8)المشار إليه هو قوله «فالعلامتان مختلفتان». يعني و مع اختلاف العلامتين

ص: 90

هذا (1) بحسب ما يتعلّق بعباراتهم. و أمّا (2) الموافق للتحقيق فهو: (3) أنّ المقابل للشام من اليمن هو صنعاء و ما ناسبها و هي (4) لا تناسب شيئا من هذه

**********

شرح:

فالمقابلة المذكورة تكون بين العراقي و اليمني لا بينه و بين الشامي.

و هذا هو الإيراد الثالث من إيرادات الشارح رحمه اللّه الثلاثة المذكورة آنفا.

و قد تقدّم من حاشية كلانتر آنفا تقرير كون اليمني بناء على العلامتين المذكورتين متقابلا للعراقي.

و لا يخفى أنّ المراد من العراق في المطلب بعض مدنه الواقعة في أوساط العراق و غربه.

(1)المشار إليه في قوله «هذا» ما ذكر من المطالب المتعلّقة لعبارات الفقهاء في خصوص قبلة أهل اليمن. و الضمير في قوله «عباراتهم» يرجع الى الفقهاء.

(2)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في التحقيق في قبلة أهل اليمن.

(3)الضمير في قوله «فهو» يرجع الى الموافق للتحقيق. يعني الذي يوافق التحقيق في نظر الشارح رحمه اللّه في تشخيص قبلة أهل اليمن هو كون قبلتهم متقابلة لقبلة أهل الشام بالنسبة الى بعض مدن اليمن مثل صنعاء و ما ناسبها.

صنعاء: عاصمة اليمن و درجة طولها الجغرافية كما ذكره أهل الفنّ 77 درجة و 14 دقيقة و درجة عرضها 5، 14.

و الضمير في قوله «ناسبها» يرجع الى صنعاء.

أقول: إنّ على أهل صنعاء العمل بالعلامتين المذكورتين في هذا الكتاب - و هما جعل سهيل عند طلوعه بين الكتفين و جعل الجدي عند غاية ارتفاعه في مقابل اذنهم اليمنى - و لا يجوز لهم العمل بالعلامتين المذكورتين في سائر الكتب للزوم الإيرادات المذكورة فيها.

(4)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى صنعاء. يعني أنّ مدينة صنعاء من مدن اليمن لا تناسب شيئا ممّا ذكر المصنّف رحمه اللّه في كتبه الثلاثة و غيره من العلامات، و هي قوله «أنّ اليمني يجعل الجدي بين العينين و سهيلا غائبا بين الكتفين».

ص: 91

العلامات (1)، و إنّما المناسب لها (2) عدن و ما والاها، فتدبّر.

يجوز أن يعوّل على قبلة البلد

(و) يجوز أن (يعوّل على قبلة البلد) (3) من غير أن يجتهد (4)(إلاّ مع علم الخطأ) فيجب حينئذ الاجتهاد،

**********

شرح:

(1)اللام في «العلامات» للعهد الذكري، و المراد هو العلامات المذكورة في كتبه الثلاثة كما أوضحناها آنفا.

و لا يخفى أنّ المراد من العلامات هو العلامتين، و التعبير بالجمع لعلّه باعتبار ذكرهما في الكتب الثلاثة.

(2)الضمير في قوله «لها» يرجع الى العلامات. يعني أنّ المتناسب للعلامات المذكورة في الكتب الثلاثة إنّما هو قبلة بعض مدن اليمن مثل مدينة عدن التي يكون طولها 75 درجة و المدن التي توافقها من حيث الدرجات.

و الضمير في قوله «والاها» يرجع الى عدن.

* من حواشي الكتاب: حاصل تحقيقه: أنّ بلاد اليمن مختلفة فبعضها مقابل للشام كصنعاء و ما ناسبها في الطول و العرض، و هي لا تناسب العلامات المذكورة كجعل الجدي بين العينين و سهيلا غائبا بين الكتفين، لما عرفت من الإشكال على جعل الشامي الجدي خلف المنكب الأيسر الذي يلزم منه كون الجدي مقابلا للأذن اليمنى لليماني.

و إنّما المناسب للعلامات المذكورة (يمن و ما والاها) - مع قطع النظر عمّا تقدّم عليها من إشكال - لأنّ عرض عدن 12 درجة و 33 دقيقة، و طولها من جهة الشرق 40 درجة و 10 دقائق، فيصير انحرافهم عن الشمال الى المغرب قريبا من انحراف الشامي عن الجنوب الى الشرق. (حاشية كلانتر).

و هنا تمّت المطالب المذكورة في العلامات التي تشخّص بها القبلة من حيث العلائم النجومية و الجغرافية، ثمّ يذكر المباحث الاخرى في القبلة.

(3)يعني يجوز للمصلّي أن يصلّي الى القبلة التي أخذها أهل البلد بلا حاجة الى اجتهاد.

(4)أي بلا حاجة الى الاجتهاد من الطرق الروائية و النجومية، فلو علم خطأهم يجب الاجتهاد.

ص: 92

و كذا (1) يجوز الاجتهاد فيها تيامنا و تياسرا و إن لم يعلم الخطأ.

و المراد بقبلة البلد محراب مسجده (2) و توجّه قبوره و نحوه (3)، و لا فرق

**********

شرح:

(1)يعني كما أنه اذا علم خطأ أهل البلد في أصل القبلة يجب الاجتهاد كذلك يجوز له الاجتهاد اذا لم يعلم خطأهم في التيامن و التياسر.

و الحاصل: أنّ وجوب الاجتهاد إنّما هو في صورة اليقين بأنّ أهل البلد أخطئوا في أصل القبلة، فما لم يتيقّن بخطئهم لا يجوز له العمل باجتهاده، لكن في خصوص التيامن و التياسر يجوز له العمل باجتهاده و لو لم يعلم بخطئهم.

و بعبارة أخرى: أنّ الحاصل من كلام المصنّف و الشارح رحمهما اللّه أنّ المصلّي يجوز له الاجتهاد في تشخيص قبلة البلد و لو عند عدم علمه بخطئهم في مقابل القول من البعض بعدم جواز العمل باجتهاده اذا لم يحصل له العلم بخطإ أهل البلد، لأنّ الأمر دائر بين تشخيصه و تشخيص أهل البلد، و لا يرجّح تشخيصه على تشخيص أهل البلد، بل الترجيح معهم لكثرتهم.

لكن لو علم من الخارج بأنهم أخطئوا في تشخيص القبلة فيجب عليه الاجتهاد و لا يجوز له الصلاة بقبلتهم.

و أيضا يجوز للمصلّي أن يجتهد في التيامن و التياسر و لو لم يحصل له العلم بخطئهم.

و وجه الجواز هنا - و لو عند عدم علمه بخطئهم - هو المسامحة في تشخيص التيامن و التياسر من أهل البلد، بخلاف تشخيص أصل القبلة، فإنّهم لا يسامحون في أصلها كثيرا.

(2)الضمير في قوله «مسجده» يرجع الى البلد. يعني أنّ لتشخيص قبلة أهل البلد أمارات منها محراب المسجد.

المحراب: الغرفة، صدر البيت و أكرم مواضعه، و منه سمّي محراب المسجد و هو مقام الامام، و صدر المجلس، و أشرف موضع فيه. (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «قبوره» يرجع الى البلد.

(3)و المراد من «نحوه» مثل جعل المحتضر الى جهة القبلة و جعل الذبيحة إليها.

ص: 93

بين الكبير (1) و الصغير. و المراد به بلد المسلمين، فلا عبرة بمحراب المجهولة كقبورها (2)، كما لا عبرة بنحو القبر و القبرين للمسلمين (3)، و لا بالمحراب المنصوب في طريق قليلة المارّة (4) منهم.

لو فقد الأمارات

(و لو فقد الأمارات) الدالّة على الجهة المذكورة هنا (5) و غيرها (قلّد) العدل العارف بها رجلا كان أم امرأة حرا أم عبدا.

و لا فرق بين فقدها لمانع من رؤيتها كغيم (6) و رؤيته كعمى (7) و جهل

**********

شرح:

(1)صفة لموصوف مقدّر و هو البلد. يعني لا فرق في كون المحراب و توجّه القبور علامة للقبلة بين كون البلد صغيرا أو كبيرا.

(2)الضمير في قوله «كقبورها» يرجع الى المجهولة. يعني كما لا يعتبر محراب البلد الذي يكون مجهولا بين كونه بلدة مسلم أو غيره كذلك لا تعتبر قبورها.

(3)فإنّ القبر الواحد أو الاثنين لا يكون علامة لتشخيص القبلة و لو كان للمسلمين.

(4)قوله «قليلة المارّة» صفة للطريق و هي مؤنّث مجازي. يعني أنّ المحراب الذي نصب في الطريق الذي يمرّ المسلمون به قليلا لا يكون أمارة شرعية في تشخيص القبلة.

(5)قوله «هنا» إشارة الى عبارة الكتاب. و الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى عبارة الكتاب. يعني لو لم توجد العلامات المذكورة لتشخيص القبلة في هذا الكتاب و غيره يجوز للمصلّي تقليد العادل العارف بالعلامات. و المراد من التقليد أخذ قول العادل بلا احتياج الى دليله.

(6)مثال للمانع الذي يمنع رؤية العلامات المذكورة، فإنّ الغيم يمنع من رؤية الكواكب المذكورة في تشخيص القبلة. و الضمير في قوله «رؤيتها» يرجع الى الأمارات.

(7)مثال للمانع الذي يمنع من رؤية المصلّي، فإنّ عدم بصر المصلّي يمنع من رؤية العلامات المذكورة في تشخيص القبلة. و الضمير في قوله «رؤيته»

ص: 94

بها كالعاميّ (1) مع ضيق الوقت عن التعلّم على أجود الأقوال و هو الذي يقتضيه إطلاق العبارة، و للمصنّف و غيره (2) في ذلك اختلاف.

و لو فقد التقليد صلّى إلى أربع جهات متقاطعة على زوايا قوائم (3) مع الإمكان، فإن عجز اكتفى بالممكن (4). و الحكم (5) بالأربع حينئذ مشهور، و مستنده (6) ضعيف

**********

شرح:

يرجع الى المصلّي.

و قوله «و جهل» عطف على العمى و مثال آخر للمانع من رؤية المصلّي. و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الأمارات.

(1)أي المنسوب الى العامّ بتشديد الميم و جمعه العوامّ ، و بالتخفيف بمعنى السنة.

قوله «على أجود الأقوال» إشارة الى وجود الأقوال الثلاثة في المسألة:

الأول: وجوب الصلاة الى أربع جهات بلا تقييد مطلقا.

الثاني: وجوب التقليد من العادل العارف مطلقا.

الثالث: التفصيل بين كونه أعمى فيجوز له التقليد أو مبصرا فيصلّي الى أربع جهات.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

(3)قد تقدّم آنفا بأنّ أقسام الزوايا ثلاثة: منفرجة، حادّة، قائمة.

يعني أنّ المصلّي اذا لم يمكن له تشخيص القبلة لا بالأمارات المذكورة و لا بالتقليد عن العادل العارف يجب عليه الصلاة بأربع جهات على صورة الزوايا القائمة.

(4)كما اذا تمكّن من الصلاة الى جهتين لا بالأربع فلا يجب عليه الصلاة الى أربع جهات، أو تمكّن من الصلاة الى ثلاث جهات فكذلك.

(5)أي الحكم بالصلاة بأربع جهات في صورة عدم التمكّن من تقليد العادل العارف هو المشهور بين الفقهاء.

(6)أي مستند الحكم المذكور ضعيف، و المستند روايتان منقولتان في كتاب الوسائل :

ص: 95

و اعتباره (1) حسن، لأنّ الصلاة كذلك تستلزم إمّا القبلة أو الانحراف عنها (2) بما لا يبلغ اليمين و اليسار (3)، و هو موجب للصحّة

**********

شرح:

محمّد بن علي بن الحسين قال: روي فيمن لا يهتدي الى القبلة في مفازة أنّه يصلّي الى أربعة جوانب. (الوسائل: ب 8 من أبواب القبلة ح 1 ج 3 ص 225).

عن خراش عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: جعلت فداك إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون: اذا اطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنّا و أنتم سواء في الاجتهاد، فقال: ليس كما يقولون، اذا كان ذلك فليصلّ لأربع وجوه. (الوسائل: ب 8 من أبواب القبلة ح 5 ج 3 ص 226). و وجه ضعف الروايتين هو ارسالهما.

و لا يخفى أنّ في مقابل المشهور القول بالصلاة بأيّ جانب شاء استنادا الى رواية منقولة في الوسائل:

عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قبلة المتحيّر، فقال: يصلّي حيث شاء.

(الوسائل: ب 8 من أبواب القبلة ح 3 ج 3 ص 226).

(1)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع الى المستند. يعني أنه و لو كان من حيث السند ضعيفا لكن يستحسن بدليل يفصّله بقوله «لأنّ ... الخ».

(2)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى القبلة.

و حاصل تحسين المستند للحكم بالصلاة لأربع جهات هو استحسان العقل لهذا الحكم، لأنّه اذا صلّى الى أربع جهات فهو إمّا ملازم بالصلاة الى القبلة اذا كانت في إحدى الجوانب التي صلّى إليها، أو ملازم بالانحراف عن القبلة بالمقدار الذي لا يبلغ الى حدّ اليمين و اليسار، و الذي يكون فيه مغتفرا اذا كانت فيما بين الجهات الأربعة، كما اذا كانت بين الجنوب الغربي و الشرقي، أو الشمال الغربي أو الشرقي اذا صلّى بإحدى الجهات.

(3)و المراد من اليمين و اليسار هو الانحراف من جانب القبلة بمقدار 90 درجة، لأنّ الانسان اذا قام متوجّها الى الجنوب تكون يمينه الى جانب المغرب و يساره الى جانب المشرق، و يكون الانحراف بين الجنوب و المشرق 90 درجة، و كذلك بين الجنوب و المغرب، و ذلك المقدار من الانحراف لا يضرّ بصحّة الصلاة.

ص: 96

مطلقا (1)، و يبقى الزائد عن الصلاة الواحدة واجبا من باب المقدّمة، لتوقّف الصلاة إلى القبلة أو ما في حكمها (2) الواجب عليه كوجوب الصلاة الواحدة في الثياب المتعدّدة المشتبهة بالنجس لتحصيل الصلاة في واحد طاهر، و مثل هذا (3) يجب بدون النصّ ، فيبقى النصّ له شاهدا و إن كان مرسلا.

و ذهب السيد رضيّ الدين ابن طاوس هنا إلى العمل بالقرعة استضعافا (4) لسند الأربع مع ورودها (5) لكلّ أمر مشتبه، و هذا (6)

**********

شرح:

(1)قوله «مطلقا» إشارة بعدم الفرق بين اغتفار ذلك المقدار من الانحراف عن القبلة بين سعة الوقت و ضيقها.

قوله «و يبقى الزائد... الخ» إشارة الى أنّ الصلاة الواحدة اذا وقعت الى القبلة من الجهات الأربع ففائدة إتيان الأكثر من باب المقدّمة لتحصيل الواقع منها.

(2)الضمير في قوله «في حكمها» يرجع الى القبلة، و المراد من حكم القبلة هو الجهة أو السمت على الاكتفاء بها في الاستقبال.

و قوله «الواجب» صفة لإتيان الصلاة الى القبلة أو جهة القبلة.

و قوله «عليه» يتعلّق على قوله «لتوقّف الصلاة». و الضمير فيه يرجع الى الزائد.

و حاصل معنى العبارة: أنّ وجوب الزائد عن الصلاة الواحدة عليه لتوقّف الصلاة الى جانب القبلة أو الى جهة القبلة الذي يجب عليه إتيان الزائد.

(3)المشار إليه في قوله «هذا» إتيان الصلاة الى القبلة أو الى حكمه يجب على المصلّي بحكم العقل، و النصّ يؤيّد حكم العقل و لو كان مرسلا.

(4)يعني أن السيد ابن طاوس رحمه اللّه حكم في المسألة بالقرعة لضعف مستند الصلاة الى أربع جهات.

(5)الضمير في قوله «ورودها» يرجع الى القرعة.

(6)إدامة استدلال السيد بأنّ مورد المسألة من الموارد المشتبهة، فيجب القرعة.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى المشتبه.

ص: 97

منه، و هو (1) نادر.

لو انكشف الخطأ بعد الصلاة

(و لو انكشف الخطأ بعد الصلاة) بالاجتهاد أو التقليد حيث (2) يسوغ أو ناسيا للمراعاة (لم يعد ما كان بين اليمين و اليسار) أي ما كان دونهما إلى جهة القبلة و إن قلّ (و يعيد ما كان إليهما) محضا (3)(في وقته) لا خارجه (4).

(و المستدبر) و هو الذي صلّى إلى ما يقابل (5) سمت القبلة الذي تجوز

**********

شرح:

(1)يعني أنّ قول السيد نادر، و المشهور على خلافه.

(2)قيد للتقليد. يعني اذا انكشف خطأ المصلّي في صلاته الى جانب القبلة بأن اجتهد القبلة أو قلّد فصلّى ثمّ بانت الصلاة الى غير القبلة بمقدار لم يصل الى حدّ اليمين أو اليسار - و هو كما تقدّم 90 درجة - لا يجب عليه إعادة الصلاة.

قوله «أو ناسيا للمراعاة» يعني اذا نسي وجوب التقليد أو الاجتهاد في تحصيل القبلة فصلّى ثمّ بان الخلاف لا يجب عليه الإعادة أيضا، كمن بان خلاف اجتهاده أو تقليده.

قوله «و إن قلّ » فاعله الضمير العائد الى دون. يعني لا يجب الإعادة و لو انحرف عن جانب اليمين و اليسار قليلا.

(3)يعني يعيد اذا كان متوجّها الى اليمين أو اليسار خالصا اذا علمه قبل تمام الوقت، و بعده لا يعيد.

(4)فلو علم الخلاف بعد الوقت لا يجب عليه الإعادة.

(5)بمعنى أنه اذا صلّى و ظهره الى القبلة أو السمت الذي يجوز له الصلاة إليه تجب عليه إعادة الصلاة و لو خرج وقت الصلاة.

إيضاح: قد تقدّم في أول مبحث القبلة بأنّ قبلة المشاهدين للكعبة هي عينها، و لغير المشاهدين السمت الذي يحتمل كونها فيه، و يقطع بعدم خروجها عنه.

مثلا اذا تيقّن بكون الكعبة في مقدار معيّن قليلا كان أو كثيرا يجوز للمكلّف أن يصلّي مواجها لأيّ نقطة من المقدار المذكور اختيارا. فلو صلّى مواجها لغير المقدار المذكور فذلك يعدّ منه أنه صلّى ما يقابل القبلة، فيحكم ببطلان صلاته في

ص: 98

الصلاة إليه اختيارا (يعيد و لو خرج الوقت) على المشهور، جمعا بين (1) الأخبار الدالّ أكثرها على إطلاق الإعادة في الوقت، و بعضها (2) على

**********

شرح:

الوقت أو خارجه.

قوله «الذي» صفة للسمت. و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى السمت.

قوله «على المشهور» إشارة بأنّ في المسألة قولان: وجوب الإعادة كما اختاره المصنّف رحمه اللّه و المشهور، و عدم وجوبها و هو مختار بعض الفقهاء. و الظاهر أنّ قيد المشهور يتعلّق بمسألة الاستدبار الى القبلة.

(1)أي للجمع بين الأخبار الدالّة أكثرها بأنّ المصلّي اذا بان له أنه صلّى بغير القبلة في الوقت تجب عليه الإعادة مطلقا، و بين الأخبار الدالّة بوجوب الإعادة اذا بان الخلاف في الوقت على المتيامن و المتياسر، فلو بان لهما الخلاف في غير الوقت لا يجب عليهما الإعادة، لكن المستدبر تجب عليه الإعادة اذا بان له الخلاف، بلا فرق بين الوقت و خارجه.

و الرواية الدالّة على وجوب الإعادة اذا بان الخلاف في الوقت بلا فرق بين المستدبر و المتيامن و المتياسر منقولة في الوسائل:

عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا صلّيت و أنت على غير القبلة و استبان لك أنك صلّيت و أنت على غير القبلة و أنت في وقت فأعد، و إن فاتك الوقت فلا تعد. (الوسائل: ب 11 من أبواب القبلة ح 1 ج 3 ص 229).

فالرواية تدلّ على وجوب الإعادة اذا بان الخلاف، بلا فرق بين المستدبر و المتيامن و المتياسر. و كذلك تدلّ على عدم وجوب الإعادة اذا بان الخلاف في خارج الوقت، بلا فرق أيضا بين المستدبر و المتيامن و المتياسر.

(2)الضمير في قوله «بعضها» يرجع الى الأخبار. يعني أنّ بعض الأخبار يدلّ على اختصاص وجوب الإعادة في الوقت بالمتيامن و المتياسر، فلو بان خلافهما بعد الوقت لا تجب عليهما الإعادة.

و الضمير في قوله «تخصيصه» يرجع الى الوقت. يعني أنّ بعض الأخبار اختصّ الوقت في وجوب الإعادة فيه بالمتيامن و المتياسر.

ص: 99

تخصيصه بالمتيامن و المتياسر و إعادة (1) المستدبر مطلقا.

و الأقوى (2) الإعادة في الوقت مطلقا لضعف مستند التفصيل الموجب

**********

شرح:

و عن بعض المحشّين المعاصرين: رجوع الضمير الى وجوب الإعادة. لكن لا يناسب المراد من العبارة.

(1)عطف على قوله «تخصيصه». يعني أنّ بعض الأخبار تدلّ على وجوب إعادة المستدبر مطلقا، و هو إشارة الى عدم الفرق بين الوقت و غيره في المستدبر.

(2)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في الاستفادة من أخبار الباب، و هو الحكم بوجوب الإعادة اذا بان الخلاف في الوقت، بلا فرق بين المستدبر و غيره من المتيامن و المتياسر و من صلّى الى اليمين أو الى اليسار محضا.

و الدليل على الحكم بإطلاق الإعادة هو ضعف مستند التفصيل الغير القابل لتقييد الصحيح.

و اعلم أنّ المسألة على أقسام، يقع النزاع بين المشهور و الشارح رحمه اللّه في بعض منها:

الأول: اذا انكشف الخطأ بأنه صلّى دبر القبلة لا خلاف في وجوب الإعادة فيه في الوقت و خارجه.

الثاني: اذا انكشف الانحراف بمقدار 90 درجة في الوقت لم يقع الخلاف فيه أيضا في وجوب الإعادة.

الثالث: اذا انكشف الانحراف 90 درجة في خارج الوقت فلا خلاف في وجوب الإعادة فيه أيضا.

الرابع: اذا انكشف الخطأ في الوقت بالانحراف بأقل من 90 درجة، فهذا القسم من الأقسام مورد خلاف بين الشارح رحمه اللّه و المشهور.

فقال الشارح رحمه اللّه بوجوب إعادة الصلاة فيه، استنادا الى الروايات الدالّة بإطلاقها على وجوب إعادة الصلاة على من لم يصلّ الى القبلة.

و قال المشهور بعدم وجوب الإعادة على من انحرف بهذا المقدار.

أقول: يمكن تطبيق الخلاف بين الشارح رحمه اللّه و المشهور بالمسألة المشهودة لطلاّب الحوزة العلمية بقم المقدّسة في قبلة المسجد المقابل لحرم السيدة فاطمة بنت الامام

ص: 100

لتقييد الصحيح المتناول بإطلاقه موضع (1) النزاع. و على

**********

شرح:

الكاظم عليها السّلام المشهور انحراف قبلته بالتيامن، فكلّ من صلّى و لم يراع التيامن المشهور تجب عليه إعادة صلاته بناء على نظر الشارح رحمه اللّه، و لا تجب الإعادة بناء على المشهور.

(1)قد حرّرنا موضع النزاع بين المشهور و الشارح رحمه اللّه، و هو انحراف المصلّي بأقلّ من 90 درجة عن سمت القبلة، فإنّ الروايات الصحيحة الدالّة بوجوب الإعادة على من صلّى بغير القبلة كرواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه المذكورة آنفا تشمل مورد النزاع، و الرواية المقيّدة لها ضعيفة.

شكل رقم (7).

ص: 101

المشهور (1) كلّ ما خرج عن دبر القبلة إلى أن يصل إلى اليمين و اليسار يلحق بهما (2)، و ما خرج عنهما نحو (3) القبلة يلحق بها.

**********

شرح:

(1)هذه مسألة اخرى من المشهور التي يوافقها الشارح رحمه اللّه أيضا، و هي لحوق النقاط المنحرفة عن نقطة دبر القبلة الى أن تصل اليمين و اليسار إليهما في وجوب الإعادة مطلقا، بلا فرق بين الاكتشاف في الوقت أو خارجه.

انظر الى الشكل رقم (7) تجده مفيدا لفهم المطلب إن شاء اللّه تعالى.

(2)ضميرا التثنية في قوليه «بهما» و «عنهما» يرجعان الى اليمين و اليسار.

(3)أي ما خرج عن اليمين و الشمال من النقاط حتى يلحق الى نفس القبلة يلحق بالقبلة. و الضمير في قوله «يلحق بها» يرجع الى القبلة.

فعلى المشهور تلحق جميع نقاط 90 درجة من المغرب و 90 درجة من المشرق الى جانب القبلة إليها، و على نظر الشارح رحمه اللّه عدم إلحاقها إليها، انظر الى الشكل رقم (8) يبدو لك واضحا إن شاء اللّه تعالى.

شكل رقم (8).

ص: 102

الشرط الثالث: ستر العورة

اشارة

(الثالث (1): ستر العورة (2))

المراد بالعورة

(و هي (3) القبل و الدّبر للرجل) و المراد بالقبل: القضيب و الانثيان و بالدّبر: المخرج لا الأليان (4) في المشهور (و جميع (5) البدن عدا الوجه) و هو ما يجب غسله منه في الوضوء أصالة (6)

**********

شرح:

ستر العورة (1)صفة لموصوف مقدّر و هو الشرط ، أي الشرط الثالث من شروط الصلاة التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في صفحة 22 «و هي سبعة».

و قد ذكر الشرط الأول منها و هو الوقت، ثمّ ذكر الشرط الثاني منها و هو القبلة، ثمّ شرع في بيان الشرط الثالث و هو ستر العورة.

(2)العورة: كلّ شيء يستره الانسان من أعضائه أنفة و حياء، جمعه عورات، عورات. (المنجد، أقرب الموارد).

(3)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى العورة. و المراد من القبل - بضمّ القاف و الباء - في الرجل القضيب و الانثيان، و من الدّبر - بضمّ الدال و الباء - هو مخرج الغائط .

القضيب: يكنّى عن ذكر الإنسان و غيره من الحيوانات. (لسان العرب).

(4)الأليان - تثنية ألية بفتح الألف -: ما ركب العجز و تدلّى من شحم و لحم، جمعها ألايا، أليات. (المنجد).

قوله «في المشهور» إشارة الى القول الغير المشهور و هو كون المراد من العورة من السرّة الى الركبتين أو الى أسفل الساق.

(5)عطف على قوله «القبل» يعني أنّ العورة في المقام عبارة عن جميع البدن إلاّ الوجه و الكفّين و ظاهر القدمين في خصوص المرأة. بمعنى أنّ المرأة يجب عليها ستر جميع البدن إلاّ ما استثني.

و المراد من الوجه المستثنى هو المقدار الذي يجب غسله عند الوضوء، و هو ما يحيطه إصبع الإبهام و الوسط ، كما تقدّم في مبحث الوضوء.

(6)احترز بقيد الأصالة عمّا يجب غسله من باب المقدّمة العلمية و هو ما زاد عمّا يحيطه الإبهام و الوسطى.

ص: 103

(و الكفّين) (1) ظاهرهما و بطانهما من الزندين (و ظاهر القدمين) دون باطنهما (2)، و حدّهما مفصل الساق. و في الذكرى و الدروس ألحق باطنهما بظاهرهما (3)، و في البيان استقرب ما هنا (4)، و هو (5) أحوط (للمرأة) و يجب ستر شيء من الوجه و الكفّ و القدم من باب المقدّمة، و كذا (6) في عورة الرجل.

و المراد بالمرأة الانثى البالغة، لأنّها تأنيث «المرء» و هو الرجل، فتدخل فيها الأمة البالغة، و سيأتي جواز كشفها رأسها (7). و يدخل الشعر فيما يجب ستره، و به (8) قطع المصنّف في كتبه، و في الألفية جعله أولى.

**********

شرح:

(1)أي عدا الكفّين.

(2)الضمير في قوله «باطنهما» يرجع الى القدمين. يعني أنّ المستثنى هو ظاهر القدمين و أمّا باطنهما فيلحقان بسائر الأعضاء في وجوب الستر عند الصلاة.

(3)فإنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابي الدروس و الذكرى بلحوق باطن القدمين بظاهرهما في الاستثناء.

(4)قوله «هنا» إشارة بهذا الكتاب. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه البيان قرّب عدم لحوق باطن القدمين بظاهرهما.

(5)الضمير في قوله «و هو» يعود الى ما هنا. يعني أنّ القول بعدم لحوق باطن القدمين بظاهرهما و وجوب ستر باطنيهما عند الصلاة يطابق الاحتياط .

(6)يعني و كذا يجب على الرجل ستر الزائد من العورة من باب المقدّمة العلمية عند الصلاة ليراعي الاحتياط .

(7)الضميران في قوله «كشفها رأسها» يرجع الى الأمة. يعني سيجيء القول بجواز كشف الأمة رأسها عند الصلاة و عدم كونها مثل الحرّة في وجوب ستر رأسها.

(8)الضمير في قوله «و به» يرجع الى دخول الشعر فيما يجب ستره. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه حكم في كتبه بالقطع بدخول الشعر في حكم ما يجب ستره، فعليه

ص: 104

شرائط الساتر

(و يجب كون الساتر طاهرا (1)) فلو كان نجسا لم تصحّ الصلاة (و عفي عما مرّ) (2) من ثوب صاحب القروح (3) و الجروح (4) بشرطه (5)، و ما نجس بدون الدرهم من الدم

**********

شرح:

يجب على المرأة ستر رأسها عند صلاتها.

لكن المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه الألفية: الأولى دخول شعرها فيما يجب ستره.

(1)الأول من شرائط ثوب المصلّي كونه طاهرا، فلو كان نجسا لا تصحّ الصلاة فيه، إلاّ في الموارد التي سيشير إليه رحمه اللّه.

(2)يعني أنّ ثوب المصلّي لا تجب طهارته في موارد:

الأول: ثوب صاحب القروح و الجروح بشرطي السيلان و عدم قطعه بمقدار الصلاة.

الثاني: اذا كان الدم الموجود في الثوب أقلّ من مقدار الدرهم.

الثالث: ثوب المرأة المربّية للصبي.

الرابع: ثوب من لم يجد ثوبا طاهرا و لم يتمكّن من الصلاة عاريا.

و يشترط في العفو عن ثوب المرأة المربّية أمران:

ألف: اذا انحصر ثوبها في الواحد.

ب: اذا تنجّس ببول الصبي الذي تربّيه.

قوله «عمّا مرّ» إشارة الى ما تقدّم في أول مبحث الطهارة: في وجوب إزالة النجاسات عند الصلاة، بقوله: و هذه [النجاسات] يجب إزالتها عن الثوب و البدن، و عفي عن دم الجرح و القرح مع السيلان.

(3)القروح: جمع قرح بفتح القاف و ضمّها و سكون الراء. (المنجد).

(4)الجروح: جمع جرح بضم الجيم و سكون الراء. (المنجد). و قد تقدّم الفرق بين القروح و الجروح عند ذكر النجاسات من كتاب الطهارة فلا نعيده.

(5)و الشرط هو السيلان دائما بحيث لا يسع الصلاة.

قوله «بدون الدرهم» قد مرّ التفصيل في مقدار الدرهم عند بحث النجاسات من كتاب الطهارة، فراجع.

ص: 105

(و عن نجاسة) (1) ثوب (المربّية للصبيّ ) بل لمطلق الولد و هو (2) مورد النصّ ، فكان التعميم أولى (ذات (3) الثوب الواحد) فلو قدرت على غيره و لو بشراء أو استئجار أو استعارة لم يعف عنه، و ألحق بها (4) المربّي، و به (5) الولد المتعدّد.

و يشترط نجاسته ببوله (6) خاصّة، فلا يعفى عن غيره، كما لا يعفى عن

**********

شرح:

(1)عطف على قوله «عمّا مرّ». و هذا هو المورد الثاني ممّا يعفى عن نجاسة الثوب عند الصلاة. و المراد من المربّية التي تتعهّد و تباشر لتربية الصبي، بلا فرق بين كون الصبي ولدها أم لا.

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الولد. يعني أنّ النصّ ورد في خصوص الولد لا الصبي، فيشمل الصبي و الصبيّة.

و المراد من النصّ هو المنقول في كتاب الوسائل:

عن أبي حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل عن المرأة ليس لها إلاّ قميص واحد و لها مولود فيبول عليها، كيف تصنع ؟ قال: تغسل القميص في اليوم مرّة. (الوسائل:

ب 4 من أبواب النجاسات ح 1 ج 2 ص 1004).

قوله «فكان التعميم أولى» يعني أنّ القول بشمول الحكم للصبيّة أيضا أولى.

(3)بالجرّ صفة للمربّية. يعني أنّ العفو في ثوب المربّية شرط بانحصار ثوبها في الواحد، فلو كان لها ثوب طاهر لا يعفى عنها.

(4)الضمير في قوله «بها» يرجع الى المربّية. يعني قال الفقهاء بلحوق المرء الذي يباشر تربية الصبي بالمرأة المربّية في العفو عن ثوبه النجس في صلاته اذا كان واحدا.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى الولد. يعني و في حكم الولد الواحد الولد المتعدّد اذا كانت المرأة مربّية لهم.

(6)يعني من شرائط العفو عن نجاسة ثوب المربّية عند صلاتها كون النجاسة بسبب بول الصبي فلو تنجّس بنجاسة غيره لا يحكم بالعفو عنه.

ص: 106

نجاسة البدن (1) به. و إنّما أطلق (2) المصنّف نجاسة المربّية من غير أن يقيّد بالثوب لأنّ (3) الكلام في الساتر، و أمّا التقييد (4) بالبول فهو مورد النصّ و لكنّ (5) المصنّف أطلق النجاسة في كتبه كلّها.

(و يجب غسله (6) كلّ يوم مرّة) و ينبغي كونها آخر النهار لتصلّي فيه أربع صلوات متقاربة (7) بطهارة أو

**********

شرح:

(1)أي كما أنه لا يحكم بالعفو عن نجاسة بدن المربّية بسبب بول الصبي كذلك لا يحكم بالعفو عن نجاسة غير بول الصبي.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى بول الصبي.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال «و عن نجاسة المربّية» و لم يقل عن نجاسة ثوب المربّية، و الحال كان لازما بالتقييد بالثوب لأنّ المربّية لا تعفى عن نجاسة بدنها.

(3)هذا اعتذار من جانب المصنّف رحمه اللّه لعدم تقييده بالثوب، بأنّ الكلام في شرائط الساتر، فالقرينة تدلّ على أنّ المراد ثوبها.

(4)يعني أمّا الشارح رحمه اللّه قيّد الحكم ببول الصبي في قوله «و يشترط نجاسته ببوله خاصّة» لوروده في النصّ كما مرّ في قوله «و لها مولود فيبول عليها». فعلى ذلك يحكم بالعفو عن نجاسة بول الصبي، فلو تنجّس ثوب المربّية بغيره من النجاسات لا يحكم بالعفو عنها.

و الضمير في قوله «فهو» يرجع الى التقييد.

(5)لكنّ المصنّف رحمه اللّه قال بالعفو عن نجاسة ثوب المربّية في كتبه كلّها، بلا فرق بين البول من الصبي و غيره كما في هذا الكتاب قال «عن نجاسة المربّية» و لم يقيّده ببول الصبي.

(6)الضمير في قوله «غسله» بالفتح يرجع الى الثوب. يعني يجب على المرأة المربّية أن تغسل ثوبها المنجّس ببول الصبي أو مطلقا في كلّ يوم مرّة واحدة لصلاتها.

و الضمير في قوله «كونها» يرجع الى المرّة.

(7)و المراد من «أربع صلوات متقاربة» هي الظهران و العشاءان. يعني اذا أخّرت

ص: 107

نجاسة (1) خفيفة (و) كذا عفي (عمّا يتعذّر إزالته فيصلّي فيه للضرورة) و لا يتعيّن (2) عليه الصلاة عاريا خلافا للمشهور (3)(و الأقرب تخيير المختار (4)) و هو الذي لا يضطرّ إلى لبسه لبرد و غيره (بينه) أي بين أن يصلّي فيه صلاة تامّة الأفعال (5)(و بين الصلاة عاريا (6) فيومئ للركوع و السجود) كغيره (7) من العراة قائما (8) مع أمن المطّلع.

**********

شرح:

تغسيل ثوبها الى آخر النهار تتمكّن من أن تصلّي أربع صلوات - الظهر و العصر و المغرب و العشاء - بثوب طاهر.

(1)لأنّها اذا أخّرت الغسل تكون نجاسة الثوب قليلة و خفيفة، و هو ظاهر.

(2)أي لا يجب عليه الصلاة عاريا واجبا عينيا، بل الواجب تخييريّ بين الصلاة بالثوب النجس اذا اضطرّ أو عاريا من الثوب.

(3)أي الحكم بالوجوب التخييري في المسألة هو على خلاف المشهور بين الفقهاء.

* من حواشي الكتاب: قوله «خلافا للمشهور» ذهب الشيخ رحمه اللّه و أكثر الأصحاب أنّه يتعيّن عليه الصلاة عاريا، و التخيير ظاهر ابن الجنيد رحمه اللّه و مختار المحقّق في المعتبر، و العلاّمة في المنتهى عملا بالروايات. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

(4)المراد من المختار الذي لا يضطرّ للبس الثوب لشدّة البرد. و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى البرد. و المراد منه هو سائر الأعذار الموجب للبس الثوب النجس.

(5)بأن يلبس الثوب النجس و يأتي الصلاة بتمام أركانه و أفعاله من القيام و السجود و الركوع و غيرها.

(6)أي يصلّي في حال كونه عريانا قائما بحيث يومئ للركوع و السجود.

(7)الضمير في قوله «كغيره» يرجع الى من يتعذّر عليه إزالة النجاسة عن ثوبه.

يعني أنّ الشخص المذكور يصلّي قائما عريانا كما أنّ كلّ من لا يتمكّن من الثوب يصلّي عريانا قائما.

و قوله «العراة» جمع العاري مثل القضاة جمع القاضي.

(8)قوله «قائما» حال ثان من الصلاة كما أنّ قوله «عاريا» حال أول منها.

ص: 108

و جالسا مع عدمه (1).

و الأفضل الصلاة فيه (2) مراعاة للتمامية، و تقديما (3) لفوات الوصف (4) على فوات أصل الستر، و لو لا الإجماع (5) على جواز الصلاة فيه عاريا - بل الشهر بتعيّنه - لكان القول بتعيّن الصلاة فيه (6) متوجّها.

أمّا المضطرّ إلى لبسه فلا شبهة في وجوب صلاته فيه.

(و يجب كونه) أي الساتر (غير مغصوب) (7) مع العلم بالغصب

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى الأمن. يعني يصلّي عاريا و جالسا مع عدم الأمن من المطّلع.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الثوب النجس. يعني و لو كان مختارا بين الصلاة عاريا و الصلاة بالثوب المذكور لكن الأفضل الصلاة بالثوب النجس، و قد علّل التفصيل المذكور بالدليلين:

الأول: مراعاة تمامية أفعال الصلاة بأن يأتي الركوع و السجود بالثوب النجس تامّا لا بالإيماء و الإشارة.

الثاني: تقديم فوت الوصف على فوت أصل الستر، بمعنى أنه اذا دار الأمر بين حفظ الستر و حفظ وصفه قدّم حفظ أصل الستر فيصلّي بالساتر بلا وصف الطهارة.

(3)هذا هو التعليل الثاني لتفصيل الصلاة مع الثوب النجس.

(4)المراد من الوصف هو طهارة الثوب.

(5)إنّه قام الإجماع بجواز الصلاة عاريا لكن الشهرة دلّت بالتعيين لا بالجواز.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الثوب النجس. و قوله «متوجّها» خبر كان.

يعني لو لا الإجماع بجواز الصلاة عاريا و الشهرة بتعيّن الصلاة كذلك لكان القول بتعيّن وجوب الصلاة بالثوب النجس متوجّها.

(7)الشرط الثاني من شرائط ثوب المصلّي كونه غير مغصوب. و قوله «مع العلم بالغصب» لإخراج صورة الجهل بكون الثوب مغصوبا، فلو جهل لا يحكم ببطلان الصلاة.

ص: 109

(و غير جلد و صوف و شعر) و وبر (من غير المأكول (1) إلاّ الخزّ (2)) و هو دابّة ذات أربع تصاد من الماء ذكاتها كذكاة السمك، و هي معتبرة في جلده لا في وبره إجماعا (و السّنجاب) (3) مع تذكيته لأنّه ذو نفس.

قال المصنّف في الذكرى: و قد اشتهر بين التجّار و المسافرين أنّه غير مذكّى، و لا عبرة بذلك (4)، حملا لتصرّف المسلمين على ما هو الأغلب

**********

شرح:

(1)الثالث من شرائط ثوب المصلّي أن لا يكون من أجزاء غير المأكول اللحم.

فوائد: يستعمل الصوف في الغنم و أمثاله، و يستعمل الشعر في المعز و الحمير و الخيل و أمثالها، و يستعمل الوبر - بفتح الواو و الباء - في الإبل و الأرنب و أمثالهما.

(2)الخزّ - بتشديد الزاء -: حيوان غير مأكول اللحم، و أنه دابّة ذات الأربع يشبه الثعلب، يخرج من البحر و يأكل المعلوف في البرّ و يرجع الى البحر و يعيش فيه، و له جلد ثمين يصنع منه الثوب، و هو قابل للتذكية مثل السمك. و تذكيته إخراجه من الماء حيّا و موته خارجا. و الفرق بينه و بين السمك أنّ السمك يحلّ لحمه و يطهر ميتته خارجا. و الخزّ يطهر ميتته لكن لا يحلّ لحمه. (فرهنگ عميد).

(3)السنجاب - بكسر السين و ضمّه -: دابّة برّية أكبر من الجرذ، له ذنب طويل كثيث الشعر يرفعه صعدا، تتّخذ منه الفراء و يضرب به المثل في خفة الصعود و لونه أزرق رمادي و منه اللون السنجابي. (المنجد).

و قوله «لأنه ذو نفس» أي ذو دم دافق، و كلّ حيوان كانت له نفس سائلة لا يطهر إلاّ بالتذكية.

(4)المشار إليه في قوله «بذلك» هو اشتهاره بين التجّار بأنه غير مذكّى. يعني لا اعتبار بذلك الشهرة، بل يحمل التصرّف من المسلم على الصحّة. فاذا اشتري جلد السنجاب من يد مسلم يحمل حينئذ بكونه مذكّى لحمل فعل المسلم على الصحّة.

ص: 110

(و غير ميتة) (1) فيما يقبل الحياة كالجلد، أمّا ما لا يقبلها كالشعر، و الصوف فتصحّ الصلاة فيه من ميّت إذا أخذه جزّا، أو غسل موضع الاتّصال (2) (و غير الحرير) (3) المحض، أو الممتزج على وجه يستهلك الخليط (4) لقلّته (للرجل و الخنثى) و استثني منه ما لا يتمّ الصلاة فيه كالتكّة (5) و القلنسوة (6) و ما يجعل منه في أطراف الثوب

**********

شرح:

(1)الرابع من شرائط ثوب المصلّي أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلّها الحياة كالجلد، أمّا ما لا تحلّها الحياة مثل الثوب المنسوج من شعر الميتة أو صوفها فلا مانع منه بشرطين:

الأول: اذا أخذ بالجزّ.

الثاني: اذا غسل موضع اتّصال الصوف و الشعر ببدن الميتة.

(2)إشارة الى الشرط الثاني من الشرطين المذكورين، و الدليل عليه أنّه اذا أخذ بالنتف يلازم للرطوبة النجسة في جذور الشعر و الصوف فيجب تطهيره.

(3)الشرط الخامس هو أن لا يكون ثوب المصلّي من الحرير الخالص، فلو اختلط بغيره بمقدار لا يستهلك الحرير على الخليط فلا يمنع من الصحّة.

(4)الخليط بمعنى المخلوط . يعني لو اخلط الحرير بغيره و كان الخليط قليلا بحيث يستهلك و يعرف في العرف و السوق حريرا لا تجوز الصلاة به.

و الضمير في قوله «لقلّته» يرجع الى الخليط .

قوله «للرجل» إشارة الى أنّ المرأة لا مانع لها من لبس الثوب الحرير عند الصلاة. و الخنثى في حكم الرجل.

(5)التكّة - بكسر التاء و فتح الكاف المشدّد -: رباط يشدّ به السراويل. (المنجد).

(6)القلنسوة - بفتح القاف و اللام و سكون النون و ضمّ السين و فتح الواو - و أيضا (القلنسية): نوع من ملابس الرأس، و هو على هيئات مختلفة، جمعه قلانيس و قلانس. (المنجد).

قوله «و ما يجعل... الخ» يعني و يستثنى من الثوب الحرير مقدار الحرير الذي يجعل في حواشي الثياب.

ص: 111

و نحوها (1) ممّا لا يزيد على أربع أصابع مضمومة، أمّا الافتراش له فلا يعدّ لبسا كالتدثّر (2) به و التوسّد (3) و الركوب عليه (4).

يسقط ستر الرأس عن الأمة المحضة

(و يسقط (5) ستر الرأس) و هو (6) الرقبة فما فوقها (عن الأمة المحضة) التي لم ينعتق منها شيء، و إن كانت مدبّرة (7)، أو مكاتبة مشروطة (8)، أو

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و نحوها» يرجع الى الأطراف. يعني يستثنى من منع الحرير المقدار الذي يجعل في أمثال أطراف الثوب كما إذا جعل في ياقة الثوب أو جيبه أو الجورب أو الحزام.

قوله «أصابع مضمومة» إشارة الى أنه لا يستثنى مقدار الأصابع منفرجة.

(2)التدثّر هو التلفّف، فلا مانع من تلفيف الحرير فوق الثياب عند الصلاة.

(3)التوسّد جعل الحرير متّكأ عند الصلاة في حال المرض الذي لا يقدر من الصلاة قائما.

(4)أي لا يحرم افتراش الحرير، لأنّ جعل الحرير فرشا عند الصلاة لا يعدّ لبسا فلا بأس به حينئذ. و كلّ ما ذكر ممّا يستثنى من الافتراض و التدثّر و التوسّد لا يعدّ لبسا فلا يمنع من الصلاة به لأنّ المنع من لبس الحرير لا من غير اللبس في الصلاة.

(5)قد تقدّم من المصنّف رحمه اللّه وجوب ستر جميع البدن للمرأة - عدا الوجه و الكفّين و ظاهر القدمين - بقوله «و جميع البدن... للمرأة».

و يستثنى من المرأة طائفتان:

الاولى: ستر الأمة المحضة رأسها.

الثانية: ستر الصبيّة - التي لم تبلغ - رأسها.

(6)الضمير في قوله «هو» يرجع الى الرأس. يعني أنّ المراد من الرأس الرقبة و ما فوقها، و ليس المراد هو ما يصدق عليه الرأس.

(7)المراد من المدبّرة الأمة التي جعلها مولاها حرّة بعد وفاته بقوله «أنت حرّة دبر وفاتي» فلا يجب عليها ستر رأسها حال الصلاة.

(8)المكاتبة المشروطة: هي التي شرطها المولى لعتقها إتيان مبلغ معيّن، مثلا قال:

لو جئتي ألف دينار تكوني حرّة، فما لم تأت بالمبلغ المذكور لا تعتق منها شيء.

ص: 112

مطلقة (1) لم تؤدّ شيئا، أو أمّ ولد، و لو انعتق منها شيء فكالحرّة (2) (و الصبيّة) (3) التي لم تبلغ، فتصحّ صلاتها تمرينا مكشوفة الرأس.

لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم إلاّ مع الساق

(و لا تجوز الصلاة فيما (4) يستر ظهر القدم إلاّ مع الساق) بحيث يغطّي شيئا منه (5) فوق المفصل على المشهور،

**********

شرح:

(1)المكاتبة المطلقة: هي التي يشرط مولاها لعتقها مبلغا معيّنا مطلقا، بمعنى أنّها لو أتت جزء من المبلغ المعيّن يعتق منها جزء بذلك المقدار، مثلا لو أتت من ألف دينار المذكور في المثال المتقدّم دينارا واحدا يعتق منها جزء من ألف جزء.

قوله «لم تؤدّ شيئا» لإخراج المشروطة المطلقة التي أدّت شيئا فإنّها تعتق منها بذلك المقدار، فلا تجوز لها الصلاة مكشوفة الرأس و الرقبة.

(2)يعني يكون حكم من أعتق منها جزء و لو قليلا حكم الحرّة في وجوب ستر الرأس.

(3)و هذا المورد الثاني من الموردين اللذين استثني من حكم وجوب الستر، و هو عطف على قوله «عن الأمة المحضة». يعني و يسقط ستر رأس الصبيّة التي لم تبلغ عند الصلاة.

و الضمير في قوله «صلاتها» يرجع الى الصبيّة.

قوله «تمرينا» حال من صلاة الصبيّة. يعني أنها لا تجب عليها الصلاة، بل تكون صلاتها بعنوان التمرين للصلاة.

(4)يعني لا تجوز الصلاة بما يستر ظهر القدم فقط إلاّ مع الساق، فلا تجوز الصلاة بالنعل الذي يستر ظهر القدمين و لا يستر الساق.

(5)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الساق. يعني لو كان ما يستر ظهر القدم يستر مقدارا من المفصل أيضا فلا مانع منه.

و لعلّ المراد ممّا يستر ظهر القدم و لا يستر مقدارا من الساق هو أمثال النعال الذي يمنع من حركة أصابع الرجل عند السجود بحيث يمنع اتّصالها بالأرض، لا أمثال الجورب الذي هو غير مانع من حركة أصابع الرجل و اتّصالها بالأرض و لو كان يستر نصف ظهر القدم أو كلّه و لا يستر مقدارا من الساق.

ص: 113

و مستند (1) المنع ضعيف جدّا، و القول بالجواز قويّ متين (2).

(و تستحبّ ) الصلاة (في) النعل (العربية) (3) للتأسّي (و ترك السواد عدا العمامة (4) و الكساء (5) و الخفّ (6)) فلا يكره الصلاة فيها سودا (7) و إن كان

**********

شرح:

(1)يعني مستند المشهور في الحكم المذكور ضعيف، و هو منقول في كتاب الوسائل نقلا عن العلاّمة في المختلف و غيره:

عن ابن حمزة قال: و روي أنّ الصلاة محظورة في نعل السندي و الشمشك.

(الوسائل: ب 38 من أبواب لباس المصلّي ح 7 ج 3 ص 311، المختلف: الفصل الثالث في اللباس ج 2 ص 88، الوسيلة لابن حمزة: ص 88).

و ضعفه لكون المرويّ عنه مجهولا، فعلى ذلك اختار الشيخ و جماعة كراهة ذلك.

(راجع المبسوط : ج 1 ص 83، المراسم لسلاّر: ص 65).

(2)لأنّ المذكور في النصّ المذكور هو نعل السندي و الشمشك، فلا يجوز التعميم.

(3)و الظاهر من النعل العربية التي لا تمنع من اتّصال أصابع الرجل بالأرض، و المستند لاستحباب ذلك النصّ المنقول في كتاب الوسائل:

عن الحسن بن فضّال قال: رأيت أبا الحسن عليه السّلام عند رأس النبي صلّى اللّه عليه و آله صلّى ستّ ركعات، و ثمان ركعات في نعليه. (الوسائل: ب 37 من أبواب لباس المصلّي ح 2 ج 3 ص 308).

(4)أي تستحبّ الصلاة بترك لبس الثياب السود غير العمامة.

و العمامة - بكسر العين -: ما يلفّ على الرأس، جمعه عمائم و عمام. (المنجد).

(5)أي عدا الكساء. و الكساء - بكسر الكاف -: الثوب، جمعه أكسية. (المنجد).

و أيضا الكساء - بالمدّ -: هو ثوب من صوف و منه العباء. (قاله الجوهري).

(6)أي عدا الخفّ . و الخفّ : ما يلبس بالرجل، جمعه أخفاف. (المنجد).

و الضمير في قوله «فيها» يرجع الى العمامة و الكساء و الخفّ .

(7)قوله «سودا» حال ممّا ذكر من العمامة و الكساء و الخفّ .

و السود: محرّكة على وزن عدم، بمعنى كون الشيء أسود من سود يسود، وزان علم يعلم مصدره السود.

ص: 114

البياض أفضل مطلقا (1)(و ترك) الثوب (الرقيق) الذي لا يحكي البدن و إلاّ لم تصحّ (2)(و اشتمال الصمّاء) (3) و المشهور أنّه الالتحاف بالإزار و إدخال طرفيه تحت يده و جمعهما على منكب واحد.

يكره ترك التحنّك و الرداء

(و يكره ترك التحنّك) و هو إدارة جزء (4) من العمامة تحت الحنك

**********

شرح:

و السود - بضمّ الأول -: هو الشرف و المجد، و أيضا السود بفتح الأول بمعنى الأرض المسطّحة التي لا حجارة فيها، و يمكن أن يكون المذكور في العبارة سوادا.

(1)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين العمامة و الكساء و الخفّ . يعني و إن كان الأفضل الصلاة بالبياض حتى فيما ذكر جواز كونها سودا.

(2)قوله «و ترك الثوب... الخ» عطف على قوله «ترك السواد». يعني و تستحبّ الصلاة بترك لبس الثوب الرقيق الذي لا يحكي البدن، فلو كان رقيقا بحيث يحكي البدن لا تصحّ الصلاة بها لعدم ستر العورة، و هو واجب كما تقدّم.

(3)أي يكره في الصلاة اشتمال الصمّاء.

و الصمّاء مؤنث الأصمّ ، من صمّ يصمّ صمّا: القارورة سدّها، الجرح سدّه، انسدّت اذنه و ثقل، أو ذهب سمعه، فهو أصمّ ، و مؤنثه الصمّاء. (المنجد).

و هذا معناه في اللغة، أمّا المراد منه في المقام كما قيل: جعل الإزار أو مثله على المنكبين و لفّ بدنه به و قد وضّحه الشارح رحمه اللّه فراجع أعلاه.

و قال صاحب كشف اللثام: كراهة اشتمال الصمّاء بإجماع أهل العلم كما عن التحرير و المنتهى.

قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة و حسنه: إيّاك و التحاف الصمّاء، قال: و ما التحاف الصمّاء؟ قال: أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد. (الوسائل: ب 25 من أبواب لباس المصلّي ح 1 ج 3 ص 289) و بذلك فسّر في النهاية و المبسوط و الوسيلة، و فيها أنّه فعل اليهود. (كشف اللثام).

(4)و المراد من الجزء أعمّ من طرفي العمامة بل تؤدّي السنّة بإدارة جزء من العمامة تحت الحنك و لو بشقّ مقدار منها.

قوله «مطلقا» إشارة الى وجه الإطلاق بقوله «للإمام و غيره».

ص: 115

(مطلقا) للإمام و غيره بقرينة القيد (1) في الرداء، و يمكن أن يريد بالإطلاق تركه (2) في أيّ حال كان و إن لم يكن مصلّيا، لإطلاق النصوص باستحبابه و التحذير من تركه (3)، كقول الصادق عليه السّلام: «من تعمّم و لم يتحنّك فأصابه (4) داء لا دواء له فلا يلومنّ (5) إلاّ نفسه» (6) حتى ذهب (7) الصدوق إلى عدم جواز تركه في الصلاة.

(و ترك الرداء) (8) و هو ثوب أو ما يقوم

**********

شرح:

(1)المراد من «القيد» هو القيد في الرداء، كما في قوله بعد سطور «و ترك الرداء للإمام».

فذلك القيد يدلّ بأنّ المراد من كراهة ترك التحنّك مطلقا إشارة الى عدم الفرق بين الإمام و المأموم.

(2)الضمير في قوله «تركه» يرجع الى التحنّك. يعني يمكن أن يراد من كراهة ترك التحنّك تركه في أيّ وقت من أوقات التعمّم حتى في غير حال الصلاة، حملا على إطلاق النصّ في استحباب التحنّك.

(3)الضميران في قوليه «استحبابه» و «تركه» يرجعان الى التحنّك.

(4)الضمير في قوله «فأصابه» يرجع الى «من» الموصول.

(5)قوله «لا يلومنّ » من لام يلوم: ذمّ و كدر بالقول، و تلحقه نون التأكيد الثقيلة، و هو كناية عن أنّه إذا لم يتحنّك المعمّم و ابتلي بداء فلا يكون الابتلاء إلاّ بسبب من نفسه فلا يلومنّ حينئذ إلاّ نفسه.

(6)الرواية منقولة في التهذيب (باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و المكان... ح 846 ج 2 ص 215) و هناك أحاديث اخرى في استحباب التحنّك مطلقا فمن أرادها فليراجع (الوسائل: ب 26 من أبواب لباس المصلّي ج 3 ص 291-293).

(7)أي أفتى الصدوق رحمه اللّه بعدم جواز ترك التحنّك على المصلّي المتعمّم. (راجع الفقيه: باب ما يصلّى فيه و ما لا يصلّى فيه ج 1 ص 72 بعد حديث 64).

(8)عطف على قوله «ترك التحنّك». يعني و من مكروهات ثوب المصلّي تركه

ص: 116

مقامه (1) يجعل على المنكبين ثم يردّ ما على الأيسر (2) على الأيمن (للإمام). أمّا غيره من المصلّين فيستحبّ له الرداء، و لكن لا يكره تركه بل يكون خلاف الأولى (و النقاب (3) للمرأة و اللثام (4) لهما (5)) أي للرجل و المرأة، و إنّما يكرهان إذا لم يمنعا شيئا من واجبات القراءة (فإن منعا القراءة حرما (6)) و في حكمها الأذكار الواجبة.

**********

شرح:

ثوب الرداء اذا كان إمام الجماعة.

الرداء - بكسر الراء -: ما يلبس فوق الثياب كالعباء و الجبّة. (المنجد).

(1)الضمير في قوله «مقامه» يرجع الى الثوب. و المراد ممّا يقوم مقام الثوب هو الملحفة و أمثالها.

(2)أي يجعل الطرف الأيسر من العباء و أمثاله على المنكب الأيمن و بالعكس.

و الأولى في غير الامام أيضا عدم ترك الرداء عند الصلاة.

(3)قوله «النقاب» عطف على نفس الترك لا على ما أضيف إليه الترك. يعني يكره النقاب للمرأة حال صلاتها اذا لم يمنع من صحّة قراءتها و إلاّ يحرم.

و النقاب - بكسر النون -: القناع تجعله المرأة على مارن أنفها و تستر به وجهها. (المنجد).

(4)قوله «و اللثام» عطف أيضا على نفس الترك. يعني و من مكروهات الثوب في الصلاة هو اللثام للرجل و المرأة.

و اللثام - بكسر اللام -: ما كان على الأنف و ما حوله من ثوب أو نقاب، جمعه اللثم. (المنجد).

و أيضا اللثام ما يدار على الأنف و الفم و يسترهما.

و اعلم أنّ لفظي «النقاب و اللثام» معطوفان على ترك الرداء. و المعنى هكذا:

و يكره للمصلّي ترك الرداء، و يكره النقاب للمصلّية، كما و يكره اللثام لكليهما.

(5)و الضمير في قوله «لهما» يرجع الى الرجل و المرأة، فإنّ اللثام كان متعارفا عند العرب للرجل، فحكم بكراهته عند الصلاة.

(6)الضمير الفاعلي في قوله «حرما» يرجع الى النقاب و اللثام. يعني أنّ الحكم

ص: 117

تكره) الصلاة في ثوب المتّهم بالنجاسة أو الغصب

(و تكره) الصلاة (في ثوب المتّهم بالنجاسة أو الغصب) في لباسه (1)(و) في الثوب (ذي التماثيل) أعمّ من كونها مثال حيوان و غيره،(أو خاتم فيه صورة) (2) حيوان، و يمكن أن يريد بها ما يعمّ المثال، و غاير (3) بينهما تفنّنا، و الأول (4) أوفق للمغايرة (أو قباء (5) مشدود في غير)

**********

شرح:

بكراهتهما في صورة عدم منعهما عن صحّة القراءة، و إلاّ يحكم بحرمتهما لوجوب القراءة الصحيحة في الصلاة فيحرم المانع منها.

و الضمير في قوله «في حكمها» يرجع الى القراءة. يعني كما يحكم بحرمة المانع من القراءة الصحيحة يحكم بحرمة المانع من الأذكار الواجبة مثل ذكر الركوع و السجود و التشهّد و غيرها. و لا يحرم المانع من الأذكار المستحبّة في الصلاة.

(1)الضمير في قوله «في لباسه» يرجع الى المتّهم. يعني لو اتّهم شخص في غصب لباسه يكره الصلاة في لباسه.

أمّا لو كان متّهما في غصب مسكنه و مأكوله و بستانه فلا يحكم بكراهة الصلاة في لباسه.

(2)يعني و يحكم بكراهة الصلاة اذا كان في إصبع المصلّي خاتم فيه صورة حيوان، أمّا الخاتم المصوّر بصورة غير الحيوان مثل الشجر و الورد و غير ذلك فلا يحكم بكراهته.

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ساق الكلام بعبارتين في قوليه «التماثيل» و «صورة» و الحال أراد منهما معنى واحدا للتفنّن في العبارة.

و الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى التماثيل و الصورة.

(4)المراد من الأول هو تفسير الصورة بالتصوير عن الحيوان في قوله «حيوان» و يقابله التفسير الثاني و هو إرادة تصوير الأعمّ من الحيوان و غيره في قوله «و يمكن أن يريد... الخ».

و الحاصل: قوله «و الأول» مبتدأ و خبره «أوفق للمغايرة».

(5)بالجرّ عطف على قوله «في ثوب المتّهم». يعني و تكره الصلاة في قباء مشدود في

ص: 118

(الحرب) على المشهور. قال الشيخ: ذكره (1) عليّ بن بابويه (2) و سمعناه من الشيوخ مذاكرة و لم أجد به خبرا مسندا.

قال المصنّف في الذكرى بعد حكاية قول الشيخ: قلت (3): قد روى العامّة أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: «لا يصلّي أحدكم و هو محزّم» و هو (4) كناية عن شدّة (5) الوسط ، و ظاهر استدراكه لذكر الحديث جعله دليلا على كراهة القباء المشدود،

**********

شرح:

غير الحرب.

القباء - بفتح الأول -: ثوب يلبس فوق الثياب، جمعه أقبية. (المنجد).

(1)الضمير في قوله «ذكره» يرجع الى القباء المشدود.

(2)علي بن بابويه رحمه اللّه والد الشيخ الصدوق قدّس سرّه، و قبره الشريف في بلدة قم الطيّبة صانها اللّه تعالى عن الحدثان.

يلزم على المؤمنين بالأخصّ طلاّب الحوزات العلمية أن لا يتركوا زيارة قبره الشريف، و هكذا زيارة قبر ولده الصدوق الواقع ببلدة ري المعروف عنه حكاية عدم تفسّخ جسده الشريف بعد هذه المدّة الطويلة المتصرّمة من دفنه و ليترحّموا عليهما لأنهما من أعاظم فقهاء الشيعة.

و الحاصل: أنّ الشيخ الطوسي رحمه اللّه قال: إنّ القباء المشدود ذكره علي بن بابويه و سمعناه عن الأساتيذ رحمهم اللّه في مجالس المذاكرة و المباحثة، لكن لم أجد بكراهة الصلاة في القباء المشدود خبرا معتبرا.

(3)فاعله الضمير العائد على المصنّف رحمه اللّه. يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى:

إنّ أهل السنّة ذكروا كراهة القباء المشدود عند الصلاة رواية. و لعلّ ذكر المصنّف رحمه اللّه الرواية المذكورة من العامّة ميله الى الحكم بكراهة القباء المشدود لأنّ التسامح في اسناد السنن معروف عملا ب «التسامح في أدلّة السنن».

(4)أي النهي عن الصلاة في حال كون المصلّي محزّما كناية عن شدّ الوسط أيضا.

(5)كذا في اللمعة، و أمّا في ذكرى الشيعة ففيه «شدّ».

ص: 119

و هو بعيد (1).

و نقل في البيان عن الشيخ كراهة شدّ الوسط (2)، و يمكن الاكتفاء في دليل الكراهة بمثل هذه الرواية.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و هو بعيد» يرجع الى جعل الرواية المذكورة دليلا للكناية عن الحزام لشدّ الوسط ، لأنّ التحزّم أعمّ من شدّ القباء عموما من وجه، لإمكان شدّ القباء من غير حزام، و إمكان التحزّم على غير قباء. فاذا لا يمكن كون ذلك دليلا على المطلوب - و هذا على خلاف شدّ الوسط الذي نقله عن الشيخ - فإنه مساو للتحزّم، و نظرا الى المسامحة في دليل الكراهة يمكن جعله دليلا عليها.

(2)يعني نقل المصنّف رحمه اللّه في كتابه البيان عن الشيخ الطوسي رحمه اللّه كراهة شدّ الوسط حال الصلاة لا القباء المشدود.

و قال فيه: يمكن الاكتفاء في دليل الكراهة على هذه الرواية المنقولة من العامّة بقوله: «لا يصلّي أحدكم و هو محزّم» لكون الحكم غير إلزاميّ .

أقول: إنّ حكم الكراهة أيضا من الأحكام الخمسة التي يحتاج إثباتها الى دليل راسخ، و لا يكتفى فيه تمثّل هذه الرواية المنقولة من العامّة.

ص: 120

الشرط الرابع: المكان

اشارة

(الرابع (1): المكان (2)) الذي يصلّى فيه،

المراد بالمكان

و المراد به هنا (3) ما

**********

شرح:

مكان المصلّي (1)صفة لموصوف مقدّر و هو الشرط ، أي الشرط الرابع من شروط الصلاة التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في صفحة 22: «و هي سبعة».

و قد ذكر الأول منها و هو الوقت، ثمّ الثاني منها و هو القبلة، ثمّ ذكر الشرط الثالث منها و هو ستر العورة، ثمّ شرع في بيان الشرط الرابع و هو المكان.

(2)المكان - بفتح الأول -: موضع كون الشيء، جمعه أماكن، و أمكنة، و أمكن، و الأخير نادر. (المنجد).

(3)المشار إليه في قوله «هنا» مبحث المكان من حيث الحكم الشرعي في مقابل مبحث المكان في علمي الكلام و الحكمة.

المكان في اصطلاح المتكلّمين: هو البعد الموهوم الذي يشغله الجسم و يملأه على سبيل التوهّم. بمعنى أنّ المكان هو الذي يشغله الجسم بحيث لو فرغ الجسم عنه يخلو المكان عنه.

المكان في اصطلاح الحكماء: هو السطح الباطن من الجسم الحاوي المماسّ للسطح الظاهر من الجسم المحويّ . فكأنّهم يقولون بعدم الوجود للفضاء و لا لبعد المفطور و أمثال ذلك.

فليس الموجود إلاّ الجسم نفسه، لكن الانسان اذا رأى الجسم يتوهّمه و يتخيّله في مكان، فاذا فرغ الجسم عنه فشغله الآخر يزعمون ذلك ظرفا للأجسام، مثل السطح للجسم المماسّ بالماء، فزعموا أنه مكان للماء الموجود فيه.

المكان في اصطلاح الفقهاء: هو الذي يشغله الجسم من الحيّز أو يعتمد عليه و لو بالوسائط ، فيشمل ذلك المكان الذي قام المصلّي فيه أو سجد فيه، أو الفضاء الذي يشغله عند الركوع أو يشغله صدر المصلّي عند السجود.

بمعنى أنه لو كان مكان قيامه مباحا و كذلك موضع سجوده لكن كان الفضاء الذي يشغله صدره عند السجود مغصوبا يحكم ببطلان صلاته. فقوله «و المراد به هنا ما يشغله من الحيّز» إشارة الى ذلك المطلب.

ص: 121

يشغله (1) من الحيّز (2)، أو يعتمد عليه (3) و لو بواسطة، أو وسائط (و يجب كونه (4) غير مغصوب) للمصلّي (5) و لو جاهلا بحكمه الشرعي أو

**********

شرح:

(1)و الضمير في قوله «يشغله» يرجع الى «ما» الموصول، و فاعله الضمير العائد على المصلّي و هو بصيغة المعلوم.

(2)الحيّز - بفتح الحاء و تشديد الياء المكسور -: المكان، يقال: هذا في حيّز التواتر أي في جهته و مكانه. (المنجد).

(3)و الضمير في قوله «يعتمد عليه» يرجع الى «ما» الموصول. يعني أنّ المراد من المكان في المقام ما يشغله و ما يعتمد المصلّي عليه حالتها بلا واسطة مثل الفرش الذي يصلّي المصلّي عليه، أو مع الواسطة مثل الأرض التي جعل عليها الفرش و صلّى فيه. و هكذا اذا جعل السرير في الأرض و جعل الفرش على السرير، فالأرض تكون معتمدا للمصلّي مع واسطة السرير و الفرش، و هكذا.

و الحاصل: أنّ المراد من المكان في اصطلاح الفقه هو الفضاء الذي يشغله المصلّي في تمام حالات الصلاة قائما و راكعا و ساجدا، و لو لم يتعمّد به مثل الفضاء المشغول حين الركوع و السجود.

فاذا فرضنا مقدار قليل بمساحة شبر من الأرض مثلا مغصوبا و هو يقابل صدر المصلّي عند ركوعه أو سجوده يحكم ببطلان صلاته لأنّ الفضاء تابع للأرض.

كما اذا ملك الشخص مقدارا من الأرض يملك فضاه بالمقدار المتعارف.

فيتفرّع بذلك ما اذا قام الشخص بالوسائل الفضائية فوق دار شخص و يصلّي فيه و الحال أنّ صاحب الدار لم يرض بذلك يحكم حينئذ ببطلان صلاته، لكون الفضاء الذي يشغله المصلّي مغصوبا، لأنّ مالك الدار و الأرض يملك الفضاء فوقه بالمقدار المتعارف، فلا يجوز حينذاك التصرّف فيه بغير رضا صاحبه. و قد ظهر بذلك معنى قوله رحمه اللّه «ما يشغله من الحيّز».

(4)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى المكان.

(5)يعني أنّ شرط صحّة صلاة المصلّي أن لا يكون المكان الذي يصلّي فيه مغصوبا من جانب المصلّي، بمعنى أنه لو غصبه ثمّ صلّى فيه يحكم حينئذ ببطلان صلاته.

ص: 122

الوضعي (1) لا

**********

شرح:

لكن لو كان مغصوبا من الغير و صلّى المكلّف جاهلا بكونه مغصوبا فلا يحكم ببطلان صلاة الجاهل بالغصب أو رضا المالك بصلاة غير الغاصب في المكان المغصوب بواسطة الغير.

(1)اعلم أنّ الأحكام إمّا تكليفية أو وضعية.

أمّا الأول فهو: الوجوب، و الحرمة، و الكراهة، و الاستحباب، و الاباحة على قول فيها.

فيعبّر عن ذلك - كما سيأتي في الأبواب الآتية - بأنّه:

إمّا راجح مع المنع من النقيض فهو الواجب، مثل الصلاة و الصوم الواجبين، فهما راجحان و مطلوبان للشارح، و منع المكلّف من نقيضهما يعني تركهما.

و إمّا مرجوح مع المنع من النقيض أيضا فهو الحرام، مثل شرب الخمر و أكل الميتة، فإنّهما مرجوحان و ممنوعان من جانب الشارع، و منع الشارع من نقيضهما و هو فعلهما.

و إمّا مرجوح مع عدم المنع من النقيض و هو الكراهة، مثل أكل لحم الحمير، فإنّ الشارع لم يمنع من فعله.

و إمّا راجح مع عدم المنع من النقيض أيضا و هو الاستحباب، مثل صلاة الليل، فإنّ الشارع لم يمنع من تركه.

و إمّا متساوي الطرفين لم يكن أحدهما راجحا و لا مرجوحا فيعبّر عنه بالإباحة، مثل جميع المباحات، فإنّ الشارع لم يمنع من فعله و لا من تركه، مثل الأكل و الشرب و أمثالهما.

أمّا الأحكام التكليفية: فهي مثل الصحّة و البطلان و الشرطية و الجزئية و المانعية و القاطعية و الملكية و غيرها التي تنتزع من الأحكام التكليفية، مثلا بطلان الصلاة في المكان المغصوب ينتزع من قول الشارع: لا تغصب.

و هكذا الصحّة في الملك و المباح ينتزع و يستفاد من قول الشارع: صلّ في ملكك و صلّ في الطريق بشرط عدم تعطيل الطريق عن المارّة.

ص: 123

بأصله (1) أو ناسيا (2) له أو لأصله على ما يقتضيه إطلاق العبارة (3)، و في

**********

شرح:

و كذا الشرطية تنتزع من قول الشارع: توضّأ قبل الصلاة لها.

و كذا الجزئية تنتزع من قول الشارع: اقرأ الحمد للصلاة و اركع و اسجد لها، و هكذا.

و كذا القاطعية تنتزع من قول الشارع: لا تتكلّم حين الصلاة.

و حاصل معنى العبارة: من شرائط مكان المصلّي أن لا يكون مغصوبا للمصلّي، و لا فرق بين كون المصلّي جاهلا بأنّه لا يجوز له التصرّف في المكان المغصوب أو علم بعدم جواز تصرّفه لكن يكون جاهلا ببطلان صلاته في المكان المغصوب.

و هذا المراد من قوله «أو الوضعي».

(1)أي لا تبطل الصلاة اذا كان المصلّي جاهلا بأصل الغصب، كما اذا صلّى في مكان لا يعلم كونه غصبا.

(2)قوله «أو ناسيا» عطف على قوله «جاهلا». يعني يحكم ببطلان صلاته أيضا اذا نسي الحكم الشرعي أو الوضعي للمغصوب.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى الحكم الشرعي و الوضعي.

و الضمير في قوله «لأصله» يرجع الى الغصب. يعني يحكم ببطلان الصلاة اذا نسي كون المكان مغصوبا فصلّى فيه.

(3)يعني أنّ إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «و يجب كونه غير مغصوب» يقتضي البطلان في الصور المذكورة.

إيضاح: اعلم أنّ صور الصلاة في المكان المغصوب خمس يحكم ببطلان الصلاة في أربع منها، و بالصحّة في واحدة:

الأولى: اذا علم كون المكان مغصوبا و علم حكمه الشرعي و الوضعي فصلّى فيه، ففي هذه الصورة يحكم ببطلان صلاته.

الثانية: اذا جهل الحكم الشرعي و الوضعي للصلاة في المكان المغصوب فصلّى فيه، ففي هذه الصورة أيضا يحكم ببطلان صلاته.

الثالثة: اذا علم كون المكان مغصوبا فنسي و صلّى فيه، ففي هذه الصورة أيضا

ص: 124

الأخيرين (1) للمصنّف رحمه اللّه قول آخر بالصحّة، و ثالث (2) بها (3) في خارج الوقت خاصّة، و مثله (4) القول في اللباس.

و احترزنا بكون المصلّي هو الغاصب عمّا لو كان غيره، فإنّ الصلاة فيه (5) بإذن المالك صحيحة في المشهور، كلّ

**********

شرح:

يحكم ببطلان صلاته.

الرابعة: اذا نسي الحكم الشرعي و الوضعي للصلاة في المكان المغصوب و صلّى فيه، يحكم ببطلان صلاته في هذه الصورة أيضا.

الخامسة: اذا جهل بكون المكان غصبا فصلّى فيه ثمّ ظهر كونه مغصوبا، ففي هذه الصورة خاصّة يحكم بصحّة صلاته.

(1)المراد من الأخيرين هو صورة نسيان حكم الغصب و صورة نسيان أصل الغصب. يعني يستفاد من إطلاق كلام المصنّف رحمه اللّه هنا بطلان الصلاة في الصورتين المذكورتين.

و له قول بصحّة الصلاة فيهما.

و له قول ثالث بالصحّة اذا علم بعد وقت الصلاة.

(2)قوله «ثالث» صفة لموصوف مقدّر و هو «قول».

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الصحّة. يعني أنّ للمصنّف رحمه اللّه قول ثالث في الصورتين الأخيرتين بالصحّة فيما لو تذكّر الغصبية في خارج الوقت لا في وقت الصلاة.

(4)الضمير في قوله «و مثله» يرجع الى المكان. يعني و مثل المكان القول في لباس المصلّي، فالصلاة في اللباس المغصوب فاسدة في أربع صور من الصور المذكورة، و صحيحة في صورة واحدة، و هي التي اذا جهل المصلّي بكون اللباس غصبا فصلّى ثمّ علم كونه مغصوبا فلا يجب عليه إعادة الصلاة في الوقت - على قول - لا في خارجه.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المكان المغصوب يعني أنّ الصلاة في المكان

ص: 125

ذلك (1) مع الاختيار، أمّا مع الاضطرار كالمحبوس فيه (2) فلا منع (3) (خاليا (4) من نجاسة متعدّية) (5) إلى المصلّي أو محموله الذي يشترط طهارته على وجه يمنع من الصلاة، فلو لم تتعدّ أو تعدّت على وجه يعفى عنه كقليل الدم أو إلى ما

**********

شرح:

المغصوب صحيحة اذا كانت بإذن المالك.

أقول: اذ لم يرد نحو: لا تصلّ في المغصوب، بل نهى عن التصرّف في مال الغير.

و كذا يجوز لشخص المالك أن يصلّي في المكان الذي غصب الغير عنه بلا خلاف من أهل الحقّ ، لكن الزيدية خالفت في صحّة صلاة المالك أيضا.

(1)المشار إليه في قوله «كلّ ذلك» هو بطلان الصلاة في الصور المذكورة. يعني أنّ الحكم بالبطلان إنما هو في حال الاختيار، لكن لو اضطرّ المصلّي للصلاة في المكان المغصوب فلا يمنع من الصحّة.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المكان المغصوب. يعني أنّ المحبوس في المكان الغصبي لا يمنع من الصلاة فيه لاضطراره بذلك.

(3)أي لا مانع من الصلاة في المكان المغصوب عند الاضطرار لا الاختيار، فلو كانت مقدّمات الخلاص من المكان المغصوب ممكنة له لا يجوز حينئذ الصلاة في المكان الغصبي، كما اذا حبس في المكان المغصوب لامتناعه من أداء دين حلّ أجله و هو ميسور منه، لكنه يمتنع و يحبس فيه فلا تصحّ صلاة ذلك الشخص فيه، كما لا يخفى.

(4)قوله «خاليا» خبر ثان لقوله «و يجب كونه». يعني الشرط الثاني في مكان المصلّي كونه خاليا من النجاسة.

(5)فلو تتعدّى النجاسة و لم تسر الى المصلّي فلا مانع منها كما ذكره الشارح رحمه اللّه.

و الحاصل: اذا كان مكان المصلّي متنجّسا بحيث لا يسري الى ثوب المصلّي و بدنه تصحّ الصلاة فيه، بخلاف محلّ السجدة فإنه يشترط فيه كونه طاهرا مطلقا كما سيشير إليه رحمه اللّه.

ص: 126

لا يتمّ (1) الصلاة فيه لم يضرّ (طاهر المسجد) بفتح الجيم، و هو القدر المعتبر (2) منه في السجود مطلقا (3).

الأفضل المسجد و فضل بعض المساجد

(و الأفضل المسجد) لغير المرأة، أو مطلقا بناء على إطلاق المسجد (4) على بيتها بالنسبة إليها (5) كما ينبّه عليه (و تتفاوت) المساجد (في الفضيلة) بحسب تفاوتها في

**********

شرح:

(1)مثل الجورب و القلنسوة و غيرهما. و المراد من عدم تمام الصلاة فيه كونه صغيرا بحيث لا يكون ساترا عند الصلاة فيه. و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى «ما» الموصول.

(2)سيأتي المقدار المعتبر في وضع الجبهة على الأرض عند السجود.

و الضمير في قوله «هو» يرجع الى المسجد، و هو بصيغة اسم الزمان و المكان. و في قوله «منه» يرجع الى المكان.

(3)قوله «مطلقا» إشارة الى قوله المصنّف رحمه اللّه «طاهر المسجد». يعني يشترط طهارة مقدار ما يصحّ السجود عليه من الجبهة حال الصلاة من النجاسة، بلا فرق بين كونها مسرية أو غير مسرية.

(4)يعني اذا أطلق المسجد على بيت المرأة فيصحّ قوله «و الأفضل المسجد».

و الضمير في قوله «بيتها» يرجع الى المرأة.

و الروايات الدالّة على إطلاق المسجد على بيت المرأة منقولة في كتاب الوسائل:

عن هشام بن سالم، قال: قال الصادق عليه السّلام: خير مساجد نسائكم البيوت.

(الوسائل: ب 30 من أبواب أحكام المساجد ح 2 ج 3 ص 510).

و هشام أيضا قال: و روي أنّ خير مساجد النساء البيوت. (الوسائل: نفس الباب السابق ح 3).

و عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خير مساجد نسائكم البيوت.

(الوسائل: نفس الباب السابق ح 5).

(5)الضمير في قوله «إليها» يرجع الى المرأة.

ص: 127

ذاتها (1) أو عوارضها (2) ككثير الجماعة:

(فالمسجد الحرام (3) بمائة ألف صلاة) و منه الكعبة و زوائده (4) الحادثة و إن كان غيرهما أفضل، فإنّ القدر (5) المشترك بينها فضله

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «ذاتها» يرجع الى المساجد. يعني يمكن التفاوت إمّا من حيث ذات المساجد - كما أن فضيلة الصلاة في المسجد الحرام تتفاوت بالنسبة الى غيره بالذات - أو...

(2)الضمير في قوله «عوارضها» أيضا يرجع الى المساجد. و المراد من الفضيلة العارضة هو حصول الفضيلة بالعرض لا بالذات، مثل كثرة الجماعة الموجبة لزيادة فضيلة الصلاة، بحيث لو زاد المأمومون عن العشرة فلا حدّ في ثوابها كما ورد في الأخبار.

(3)الحرام: ضدّ الحلال، أي لا يحلّ انتهاكه كالأشهر الحرم و البيت الحرام و المسجد الحرام و البلد الحرام، و جمعه حرم، و المراد منه هنا المسجد الحرام في مكّة المعظّمة.

(4)بالرفع عطف على الكعبة. و الضمير في قوله «منه» يرجع الى المسجد الحرام أيضا.

يعني يعدّ من المسجد الحرام الكعبة و زوائد المسجد من حيث الفضيلة.

بمعنى أنه لو صلّى في داخل الكعبة تكون الصلاة بمقدار فضيلة الصلاة في المسجد و لو كانت الصلاة في داخل الكعبة مكروهة على قول، و مع ذلك تزيد فضيلة الصلاة بذلك المقدار.

و لا يخفى أنّ المسجد الحرام أضيف إليه مقدار في زمان حكومة بني أمية، و أضيفت إليه أيضا زوائد في سائر الأزمنة.

فالفضيلة الحاصلة في مقدار المسجد في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متّصلة في الزوائد التي اضيفت الى المسجد بعده.

(5)يعني أنّ مقدار الفضيلة المشتركة بين جميع نقاط المسجد الحرام أعمّ من داخل الكعبة و أصل المسجد في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و زوائده القديمة و الحديثة يكون بذلك المقدار (أي مائة ألف صلاة).

ص: 128

بذلك العدد، و إن اختصّ الأفضل (1) بأمر آخر (2) لا تقدير فيه، كما يختصّ بعض المساجد المشتركة في وصف (3) بفضيلة (4) زائدة عمّا اشترك فيه (5) مع غيره (6)(و النبويّ ) بالمدينة (بعشرة آلاف) صلاة، و حكم زيادته (7)

**********

شرح:

(1)قوله «الأفضل» صفة لموصوف مقدّر و هو المكان. يعني و إن اختصّ المكان الأفضل من بعض نقاط المسجد بسبب أمر آخر لفضيلة زائدة على الفضيلة المشتركة، مثل الصلاة في مقام إبراهيم أو في المكان الذي كان في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

(2)المراد من الأمر الآخر هو الثواب الكثير الآخر. و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الأمر. يعني أنّ المكان الأفضل - مثل أصل المسجد الحرام - يختصّ بالثواب الكثير الذي لا يقدّر مقداره.

(3)أي المساجد التي تشترك في الوصف مثل كون المسجدين جامعين أو اشتراك المسجدين في وصف السوق أو المحلّة لا مانع من اختصاص البعض بفضيلة زائدة على الوصف المشترك.

(4)قوله «بفضيلة» يتعلّق بقوله «كما يختصّ ».

(5)و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى «ما» الموصول.

(6)و الضمير في قوله «مع غيره» يرجع الى البعض.

و حاصل التنظير: انّه يمكن أن يكون بعض المساجد مشتركا مع البعض في أصل الفضيلة، كمساجد السوق أو القبيلة فإنهما يكونان على نسق واحد في الفضيلة و الثواب، لكن يختصّ البعض بمزية و فضيلة زائدة بالنسبة الى الآخر، كما لو كانت الصلاة في أحدهما أكثر من الآخر، أو كانت الجماعة منعقدة فيه، أو كان الامام الذي يصلّي فيه ذا مزيّة من حيث العلم أو العمل أو غير ذلك من الأمور العرضية اللاحقة للمساجد المذكورة في محلّها.

(7)الضمير في قوله «زيادته» يرجع الى المسجد النبوي. يعني أنّ حكم زوائد مسجد المدينة أيضا مثل زوائد المسجد الحرام في اشتراك جميع نقاطه في الفضيلة المذكورة، و اختصاص نقاط المسجد الأصلي في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بفضيلة زائدة كما تقدّم في المسجد الحرام.

ص: 129

الحادثة كما مرّ (و كلّ من مسجد الكوفة و الأقصى (1)) سمّي به بالإضافة إلى بعده عن المسجد الحرام (بألف (2)) صلاة (و) المسجد (الجامع) في البلد للجمعة أو الجماعة (3) و إن تعدّد (4)(بمائة، و) مسجد (القبيلة) كالمحلّة (5) في البلد (بخمس و عشرين، و) مسجد (السوق (6) باثنتي عشرة).

مسجد المرأة بيتها

(و مسجد المرأة بيتها) بمعنى أنّ صلاتها فيه أفضل من خروجها إلى المسجد، أو بمعنى كون صلاتها فيه (7) كالمسجد في الفضيلة، فلا تفتقر إلى

**********

شرح:

(1)الأقصى: الأبعد، و الجمع: أقاص، يقال: عرف ذلك الأداني و الأقاصي، و الأذناب و النواصي. (أقرب الموارد).

و الضمير في قوله «به» يرجع الى الأقصى. يعني أنّ وجه تسميته بمسجد الأقصى لبعده عن المسجد الحرام.

أو لعدم وجود المسجد وراءه في زمانه (حاشية القاضي رحمه اللّه).

(2)يعني أنّ فضيلة الصلاة في مسجدي الكوفة و الأقصى بمقدار ألف صلاة في غيرهما.

(3)أي المراد من المسجد الجامع هو الذي تقام فيه صلاة الجمعة أو صلاة الجماعة.

(4)أي و إن تعدّد مسجد الجامع في بلدة، كما اذا اقيمت صلاة الجمعة في مسجدين أو أزيد - مثل أن تقام صلاة الجمعة في كل اسبوع في أحد مساجد البلد، أو اقيمت صلاة الجماعة في المتعدّد - فيوجد عنوان الجامع في المتعدّد، و تكون فضيلة الصلاة فيه بمائة كما ورد في الأخبار.

(5)يعني أنّ فضيلة مسجد القبيلة و المحلّة الذي لا يصلّي فيه إلاّ طائفة من الناس أو أهل محلّة من البلد تكون بمقدار خمس و عشرين فضيلة من الصلاة في غيره.

(6)أي المسجد الواقع في السوق الذي لا يصلّي فيه إلاّ أهل السوق تكون فضيلة الصلاة فيه بمقدار اثنتي عشرة فضيلة في غيره.

(7)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى بيت المرأة. يعني أنّ المرأة لو صلّت في بيتها

ص: 130

طلبها (1) بالخروج، و هل هو (2) كمسجد مطلق، أو كما تريد (3) الخروج إليه فيختلف بحسبه ؟ الظاهر الثاني (4).

يستحبّ اتّخاذ المساجد

(و يستحبّ (5) اتّخاذ المساجد استحبابا مؤكدا) فمن بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنّة، و زيد (6) في بعض الأخبار كمفحص قطاة (7) و هو (8)

**********

شرح:

تحصل لها فضيلة الصلاة في المسجد، و لا يخفى أنه يحتمل في العبارة معنيان:

الأول: أنّ المرأة تحصل لها الفضيلة المذكورة في المساجد لو خرجت و صلّت فيها، لكن لو لم تخرج إليها و صلّت في بيتها تكون فضيلتها أزيد من فضيلة المسجد.

الثاني: أنّ فضيلة صلاتها في بيتها مساوية لصلاتها في المسجد.

(1)الضمير في قوله «طلبها» يرجع الى الفضيلة. يعني أنّ المرأة لا تحتاج الى تحصيل فضيلة الصلاة في المساجد بل تكتب لها الفضيلة لو صلّت في بيتها.

(2)يعني هل أنّ بيت المرأة يكون مثل مطلق المسجد في الفضيلة أو المسجد الذي تريد الصلاة فيه ؟ مثلا اذا أرادت الصلاة في المسجد الجامع تكتب لها فضيلة الجامع و هكذا السوق اذا أرادته.

(3)فاعله الضمير العائد الى المرأة.

(4)المراد من الثاني هو المسجد الذي تريد المرأة الصلاة فيه.

(5)فلمّا ذكر اسم المساجد في مكان المصلّي التفت المصنّف رحمه اللّه الى بيان ثواب تأسيس المساجد فقال: يستحبّ تأسيس المسجد استحبابا مؤكّدا.

(6)يعني أنّ في بعض الأخبار زيدت عبارة «كمفحص قطاة». و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

عن أبي عبيدة الحذّاء عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى اللّه له بيتا في الجنّة. (الوسائل: ج 3 ص 486 ب 8 من أبواب أحكام المساجد ح 2).

قوله «و زيد» فعل مبني للمجهول من زاد يزيد.

(7)القطاة: طائر في حجم الحمام جمعه قطوات. (المنجد).

(8)الضمير في قوله «هو» يرجع الى لفظ «مفحص». يعني أنّ اللفظ على وزن مقعد بصيغة اسم المكان، و هو الموضع الذي تعدّه طير القطاة بصدرها لتبيض فيه.

و جؤجؤ - على وزن هدهد -: الصدر. (المنجد).

ص: 131

كمقعد الموضع الذي تكشفه القطاة و تلينه بجؤجؤها لتبيض فيه، و التشبيه به مبالغة في الصغر، بناء (1) على الاكتفاء برسمه (2) حيث يمكن الانتفاع به في أقلّ مراتبه (3) و إن لم يعمل له حائط و نحوه (4).

قال أبو عبيدة الحذّاء (5) راوي الحديث: مرّ بي أبو عبد اللّه عليه السّلام في طريق مكة و قد سوّيت (6) بأحجار مسجدا، فقلت: جعلت فداك نرجو أن يكون هذا (7) من ذاك ؟ (8) فقال: نعم (9).

**********

شرح:

(1)قوله «بناء» من بنى يبني بنيا و بناء بكسر الباء.

(2)الضمير في قوله «برسمه» يرجع الى المسجد. يعني أنّ التشبيه بمفحص القطاة مبالغة في بيان صغر المسجد الذي يبنيه الشخص، و إلاّ يلزم كونه بحيث يمكن الانتفاع به لا بمقدار المفحص حقيقة لعدم الفائدة بذلك المقدار منه.

(3)الضمير في قوله «مراتبه» يرجع الى الانتفاع. يعني يلزم رعاية المقدار الذي يمكن فيه أقلّ مراتب الانتفاع.

(4)يعني و إن لم يحدث في المكان الذي يجعله مسجدا جدارا و لا سقفا، بل يكفي تسوية الموضع بالأحجار و غيرها بقصد المسجد كما يشير إليه في الرواية.

(5)الحذّاء - بفتح الحاء و تشديد الذال -: هو زياد بن عيسى كما ذكره النجاشي و الشيخ في رجاله ثقة، روى عن الباقرين عليهما السّلام و مات في زمن الصادق عليه السّلام.

(6)أي جعلت أرضا محجّرا بقصد المسجد.

(7)قوله «هذا» مركّب من هاء التنبيه و ذا اسم الإشارة للقريب.

(8)قوله «ذاك» اسم إشارة للمتوسط ، كما انّ «ذلك» اسم إشارة للبعيد. يعني قال أبو عبيدة الحذّاء للصادق عليه السّلام: أ نرجو أن يكون ثواب هذا المسجد الذي حجّرته مثل ثواب بناء سائر المساجد؟ فقال: نعم.

(9)قوله «نعم» بفتح النون حرف جواب، و يقال أيضا: نعم بفتح الأول و كسر العين و سكون الميم، و نعم، و نعام. (المنجد).

ص: 132

و يستحبّ اتّخاذها (1)(مكشوفة) و لو بعضها (2) للاحتياج (3) إلى السقف في أكثر البلاد لدفع الحرّ و البرد.

(و الميضاة) (4) و هي المطهّرة للحدث و الخبث

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «اتخاذها» يرجع الى المساجد، و المراد من الاتخاذ التأسيس.

يعني يستحبّ في تأسيس المسجد أن يجعل بلا سقف، و لا يخفى أنّ استحباب ذلك في بعض الأمكنة التي يساعد الهواء الانتفاع منه.

(2)الضمير في قوله «بعضها» يرجع الى المساجد. يعني يستحبّ تأسيس مقدار من المسجد بلا سقف و مقدار منه مع السقف.

(3)هذا تعليل لاستحباب بعض المسجد مسقّفا. يعني أنّ في أكثر البلاد يحتاج المسجد الى السقف للحفظ من الحرّ أو البرد.

أقول: لكن في بعض الأخبار دلالة على كراهة السقف للمسجد مطلقا كما نقل في كتاب الوسائل:

عن الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن المساجد المظلّلة أ تكره الصلاة فيها؟ فقال: نعم... الخ. (الوسائل: ج 3 ص 488 ب 9 من أبواب أحكام المساجد ح 2).

و عن الحلبي أيضا أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المساجد المظلّلة أ يكره القيام فيها؟ قال: نعم، و لكن لا تضرّكم الصلاة فيها. (الوسائل: نفس الباب السابق ح 3).

و قال أبو جعفر عليه السّلام: أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسّرها و يأمر بها فتجعل عريشا كعريش موسى. (الوسائل: نفس الباب السابق ح 4).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: ينبغي أن لا يكون بين المصلّي و بين السماء حائل و لا حجاب و أنّه من أسباب قبول الصلاة و إجابة الدعاء.

(4)الميضاة على وزن ميعاد، و ميزان أصلها الموضاة، مثل كون أصل الميزان الموزان و الميعاد الموعاد قلبت الواو ياء على قاعدة الصرف اذا كان ما قبل الواو مكسورا تقلب ياء، و هي اسم للموضع الذي يتوضّأ فيه، مأخوذ من وضوأ يوضأ وضوء و وضاءة الشيء: صار نظيفا حسنا. (المنجد). و المراد من الميضاة هنا هو محلّ النظافة حدثا و خبثا.

ص: 133

(على بابها) (1) لا في وسطها (2) على تقدير سبق إعدادها (3) على المسجدية و إلاّ حرم (4) في الخبثية مطلقا و الحدثية إن أضرّت بها (5).

(و المنارة (6) مع حائطها (7)) لا في وسطها مع تقدّمها (8) على المسجدية كذلك و إلاّ حرم، و يمكن شمول كونها مع الحائط استحباب أن لا تعلو

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «على بابها» يرجع الى المساجد. يعني يستحبّ تأسيس محلّ النظافة من الحدث و الخبث بباب المساجد.

(2)أي لا يستحبّ تأسيس الميضاة في وسط المساجد في زمان الإقدام للتأسيس.

(3)الضمير في قوله «إعدادها» يرجع الى الميضاة و هو مصدر من أعدّ يعدّ. يعني أنّ عدم استحباب تأسيس الميضاة في وسط المساجد إنما هو من أول التأسيس، فلو أسّس المسجد لا يجوز تأسيس الميضاة في الوسط لحرمة جعل الوسط من المسجد محلّ نظافة.

(4)أي حرم تأسيس الميضاة لرفع الخبث في وسط المسجد مطلقا، بلا فرق بين الضرر بالمسجدية أم لا.

(5)الضمير في قوله «بها» يرجع الى المسجدية. يعني لو أضرّت الميضاة بالمسجدية لا يجوز تأسيسها في وسط المسجد و لو لنظافة غير الخبثية.

(6)المنارة - بفتح الأول -: التي يؤذّن عليها، و جمعها: مناور و منائر. (المصباح المنير).

و المراد منها هنا المأذنة التي تجعل للمساجد.

(7)الضمير في قوله «حائطها» يرجع الى المساجد.

(8)الضمير في قوله «تقدّمها» يرجع الى المنارة. يعني جواز المنارة في وسط المساجد إنما هو في صورة تقدّم المنارة على المسجدية، و إلاّ لا يجوز جعل المنارة في وسط المساجد لمنافاته بأصل الوقف الّذي يحرم تبديله و تغييره، لأنّ الموقوف يوقّف على حسب ما يوقعه أهله.

قوله «كذلك» إشارة الى كون المنارة مثل الميضاة في عدم جواز تأسيسها في وسط المسجد بعد المسجدية، لأنها تأخذ من فضاء المسجد و هو غير جائز.

ص: 134

عليه، فإنّها (1) إذا فارقته بالعلوّ فقد خرجت عن المعيّة و هو (2) مكروه.

آداب المسجد

(و تقديم الداخل) إليها (يمينه (3) و الخارج) منها (يساره) عكس الخلاء تشريفا (4) لليمنى فيهما (و تعاهد (5) نعله) و ما (6) يصحبه من عصا و شبهه، و هو استعلام حاله عند باب المسجد احتياطا للطهارة، و التعهّد أفصح من التعاهد لأنّه (7) يكون بين اثنين

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فإنها» يرجع الى المنارة، و في قوله «فارقته» يرجع الى الحائط . يعني أنّ المنارة اذا علت و ارتفعت على حائط المسجد فهي تنافي المعيّة التي يستفاد من قوله «و المنارة مع حائطها».

(2)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الخروج المفهوم من قوله «خرجت... الخ».

و لا يخفى أنّ هنا حكمين:

الأول: استحباب أخذ المنارة للمسجد.

الثاني: كراهة جعلها عالية عن حائط المسجد.

(3)بالنصب مفعول قوله «تقديم الداخل» كذلك قوله «يساره». يعني يستحبّ لمن دخل المسجد أن يقدّم يمينه و لمن خرج منه أن يقدّم يساره.

(4)أي تشريفا للرجل اليمنى حالة الدخول الى المسجد فتقدّم، و في حالة الدخول الى بيت الخلاء، فتؤخّر.

و الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى المسجد و الخلاء.

(5)بالرفع عطف على قوله سابقا «اتخاذ المساجد». و المراد من التعاهد هنا هو التحفّظ و الرعاية عند باب المساجد. بمعنى معرفة النعل بأن لا يكون نجسا و لا يدخل المسجد بالنعل النجس.

(6)بالجرّ محلاّ عطف على قوله «نعله». يعني يستحبّ تعاهد ما يصحبه من عصا و غيره. و الضمير في قوله «يصحبه» يرجع الى الداخل.

(7)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع الى لفظ «التعاهد». يعني أنّ هذا اللفظ يستعمل في المفهوم الذي يكون بين الاثنين، و ليس هذا محلّه.

ص: 135

و المصنّف تبع الرواية (1).

(و الدعاء فيهما) أي الدخول و الخروج بالمنقول و غيره (و صلاة التحية (2) قبل جلوسه) و أقلّها ركعتان،

**********

شرح:

و اعلم أنّ من الأبواب بابين يستفاد منهما المعنى الواقع بين الاثنين، و هما باب المفاعلة و التفاعل.

و الفرق بينهما هو أنّ الأول يحتاج الى فاعل و مفعول مثل: ضارب زيد عمرا، و الثاني يحتاج الى الفاعلين مثل: تضارب زيد و عمرو.

فعلى ذلك اعترض الشارح قدّس سرّه على المصنّف رحمه اللّه بأنّ استعمال لفظ «التعهد» أفصح من لفظ التعاهد الذي هو بين الاثنين.

أقول: لكن الذي يستفاد من كتب اللغة أنّ التعهد و التعاهد و الاعتهاد تستعمل بمعنى واحد، انظر المنقول من بعض كتب اللغة: تعاهد و تعهّد و اعتهد الشيء:

تحفّظ به و جدّد العهد به.

عهد يعهد عهدا الأمر: عرفه، و عهد الشيء: حفظه و راعاه. (المنجد).

(1)الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم، و نهى أن يتنعّل الرجل و هو قائم. (الوسائل: ج 3 ص 504 ب 24 من أبواب أحكام المساجد ح 1).

و كذلك في الوسائل عن مكارم الأخلاق عن النبي صلّى اللّه عليه و آله في قوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (1) (الأعراف: 31) قال: تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد. (الوسائل: نفس الباب السابق ح 3، مكارم الأخلاق: ج 1 ص 269 ح 811).

(2)التحية من حيّاه تحية، قال له: حيّاك اللّه، أي أطال عمرك، و حيّاه اللّه: أبقاه.

(المنجد).

و المراد من صلاة التحية هنا هو السلام و الاحترام للمسجد. فإنّ احترام الحرم بالإحرام و احترام مراقد المعصومين عليهم السّلام بالزيارة، و احترام المساجد هو بصلاة التحية عند الدخول فيها.

ص: 136


1- سوره 7 - آیه 31

و تتكرّر (1) بتكرّر الدخول و لو عن قرب، و تتأدّى بسنّة (2) غيرها و فريضة (3) و إن لم ينوها (4) معها، لأنّ المقصود بالتحية أن لا تنتهك (5) حرمة المسجد بالجلوس بغير صلاة، و قد حصل، و إن كان الأفضل عدم التداخل (6).

و تكره (7) إذا دخل و الامام في مكتوبة (8)، أو الصلاة تقام (9)، أو قرب

**********

شرح:

(1)فاعله الضمير المؤنث العائد الى صلاة التحية. يعني أنّها تتكرّر بتكرار الدخول في المسجد، بمعنى انه اذا دخل و صلّى ثمّ خرج منه ثمّ دخل المسجد ثانية تستحبّ له صلاة التحية و لو كان دخوله في الدفعة الثانية متقاربة.

(2)يعني أنّ استحباب صلاة التحية للمسجد يتأدّى بإتيان صلاة سنّة اخرى، كما اذا دخل المسجد و أدّى صلاة أول الشهر مثلا فالاستحباب يتأدّى بذلك أيضا، كما أنه يتأدّى بإتيان صلاة الفريضة فيها.

و الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى صلاة التحية.

(3)بالجرّ عطف على «سنّة». و المعنى أنّ التحية تتأدّى بنفسها و بسنّة غيرها و بفريضة.

(4)و الضمير في قوله «لم ينوها» يرجع الى التحية، و في قوله «معها» يرجع الى السنّة و الفريضة.

(5)قوله «لا تنتهك» من الانهتاك مجرّدة هتك يهتك هتكا.

(6)بأنّ الأفضل أن يأتي بصلاة التحية و لو أدّى الصلاة المسنونة أو الفريضة في المسجد.

(7)فاعله الضمير المؤنث العائد على صلاة التحية. يعني أنّ التحية تحكم بالكراهة في حالة دخوله للمسجد و الجماعة قائمة.

(8)المكتوبة: بمعنى الصلاة كما في قوله سبحانه: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (1) . (النساء: 103).

(9)كما اذا دخل المسجد و رأى الامام في حال إقامة الصلاة، أو في حال يقرب إقامته الصلاة.

ص: 137


1- سوره 4 - آیه 103

إقامتها بحيث لا يفرغ منها (1) قبله (2) فإن لم يكن متطهّرا أو كان له عذر مانع عنها (3) فليذكر اللّه تعالى.

و تحية المسجد الحرام الطواف (4)، كما أن تحية الحرم الإحرام، و منى الرمي.

(و يحرم زخرفتها) (5) و هو نقشها بالزّخرف (6) و هو الذهب، أو مطلق النقش كما اختاره (7) المصنّف في الذكرى، و في الدروس أطلق الحكم بكراهة الزخرفة و التصوير، ثم جعل تحريمهما قولا. و في البيان حرّم النقش و الزخرفة و التصوير بما فيه روح، و ظاهر الزخرفة هنا (8) النقش

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منها» يرجع الى صلاة التحية. يعني أنّ كراهة صلاة التحية في صورة عدم الفراغ منها عند إقامة صلاة الإمام، فلو وسع الوقت لها لا تكره.

(2)الضمير في قوله «قبله» يرجع الى قيام الصلاة أو ما يقرب الى القيام.

(3)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى صلاة التحية. يعني لو كان الداخل معذورا من إتيانها لعدم كونه متطهّرا أو لمانع آخر فيستحبّ له أن يذكر اللّه تعالى بأيّ ذكر شاء.

(4)يعني أنّ الطواف في مسجد الحرام يكفي عن استحباب صلاة التحية فيه.

و قد تقدّم أنّ التحية بمعنى السلام و الاحترام، فالاحترام لمسجد الحرام هو الطواف، و احترام الحرم الدخول فيه بالإحرام، و احترام منى هو رمي الجمرات فيها.

(5)الزخرفة - بفتح الزاء و سكون الخاء و فتح الراء على وزن دحرجة -: لها معنيان في المقام، أحدهما: النقش بالزخرف، ثانيهما: مطلق النقش.

(6)الزخرف - بضمّ الزاء و سكون الخاء و ضمّ الراء -: الذهب.

(7)الضمير في قوله «اختاره» يرجع الى مطلق النقش. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار مطلق النقش من اللفظ المذكور.

(8)يعني أنّ ظاهر لفظ الزخرفة في هذا الكتاب هو النقش بالذهب.

ص: 138

بالذهب، فيصير (1) أقوال المصنّف بحسب كتبه، و هو (2) غريب منه.

(و) كذا يحرم (نقشها (3) بالصور) ذوات الأرواح دون غيرها، و هو (4) لازم من تحريم النقش مطلقا لا من غيره (5)، و هو قرينة اخرى (6) على

**********

شرح:

(1)يعني اذا اريد من لفظ الزخرفة هو النقش بالذهب في هذا الكتاب فيحصل للمصنّف رحمه اللّه أقوال بتعداد كتبه المذكورة و بهذا التفصيل:

1 - حرمة النقش بالذهب، اختاره في اللمعة.

2 - حرمة مطلق نقش المساجد، اختاره في الذكرى.

3 - إطلاق الحكم بكراهة الزخرفة و التصوير للمساجد، اختاره في الدروس.

4 - حرمة النقش و الزخرفة و تصوير ما فيه الروح، اختاره في البيان.

لكن لو حملنا الزخرفة بمعنى مطلق النقش فينقص من الأقوال المذكورة واحد، لاتحاد قوليه في كتابيه اللمعة و الذكرى و الغرابة فيه قليلة

(2)أي الأقوال العديدة بتعداد كتبه المذكورة غريب من المصنّف رحمه اللّه جدّا لعدم سبق مثله فيما يعرف منه، لأنّ الاستقامة في الرأي معهود منه رحمه اللّه.

(3)يعني و كذا يحرم تنقيش المساجد بصور ذوي الأرواح، مثل صورة الانسان و الحيوان بخلاف صور الأشجار.

(4)أي حرمة تنقيش المساجد بصور ذوي الأرواح من لوازم القول بتحريم النقش مطلقا.

قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين النقش بالذهب أو بغيره.

(5)الضمير في قوله «من غيره» يرجع الى تحريم النقش مطلقا. و المراد من «غيره» هو تفسير الزخرفة في قول المصنّف رحمه اللّه بالذهب خاصّة، و هو المعنى الأول للزخرفة، لا المطلق، أي الذهب و غيره الذي هو المعنى الثاني للزخرفة كما تقدّم.

إذ على المعنى الأول للزخرفة لا يلزم منه تحريم نقش المساجد بالصور ذوات الأرواح، بل هو لازم للمعنى الثاني للزخرفة.

(6)يعني أنّ ذكر المصنّف رحمه اللّه هذه العبارة قرينة اخرى بإرادته من الأولى تحريم

ص: 139

إرادة الزخرفة بالمعنى الأول (1) خاصّة، و هذا (2) هو الأجود.

و لا ريب في تحريم تصوير ذي الروح (3) في غير المساجد ففيها (4) أولى، أمّا تصوير غيره (5) فلا.

(و تنجيسها) (6) و تنجيس آلاتها كفرشها، لا مطلق (7) إدخال النجاسة

**********

شرح:

النقش بالذهب خاصّة. و القرينة الاولى هي ظهور لفظ الزخرفة في النقش بالذهب، كما تقدّم من الشارح رحمه اللّه في قوله «و ظاهر الزخرفة هنا النقش بالذهب».

(1)المعنى الأول هو النقش بالذهب.

(2)المشار إليه هو المعنى الأول. يعني أنّ الأجود هو حمل الزخرفة بالنقش بالذهب.

(3)المراد من تصوير ذوي الروح - الذي يحرم بلا إشكال مطلقا - هو المجسّمات التي لها ظلّ لو جعلت في مقابل الشمس.

قال الشيخ الأنصاري رحمه اللّه في كتابه المكاسب: تصوير صور ذوات الأرواح حرام اذا كانت مجسّمة بلا خلاف فتوى و نصّا. و قد ذكر أقوال الفقهاء و النصوص الدالّة في المسألة.

(4)الضمير في قوله «ففيها» يرجع الى المساجد. يعني اذا كانت التصاوير المجسّمة محرّمة مطلقا فتحرم في المساجد مؤكّدا، لتأكّد الحرمة في الأمكنة المحترمة.

(5)أي تصوير غير ذوي الأرواح فلا يحرم، مثل الأشجار و الأبنية.

(6)أي يحرم تنجيس المساجد و تنجيس لوازمها و آلاتها، مثل الفرش و الحصر و البواري فيها.

(7)أي لا يحرم إدخال النجاسات غير المسرية الى المساجد، مثل أن يلبس الثوب النجس و يدخل المسجد.

و هناك قول آخر هو حرمة إدخال النجاسة مطلقا، و لا يخفى لو كان إدخال النجاسة هتكا لحرمة المسجد عرفا، مثل إدخال الميّت غير المغسول و العذرة و غيرهما.

ص: 140

إليها في الأقوى.

(و إخراج (1) الحصى منها (2)) إن كانت فرشا أو جزء منها، أمّا لو كانت قمامة (3) استحبّ إخراجها و مثلها (4) التراب، و متى اخرجت على وجه التحريم (فتعاد) (5) وجوبا إليها أو إلى غيرها من المساجد، حيث يجوز نقل آلاتها إليه و ما لها (6) لغناء الأول، أو أولوية الثاني (7).

**********

شرح:

(1)أي يحرم إخراج الحصى من المساجد في صورة كونها فرشا لها، كما في بعض الأمكنة يجعلون الحصى في المسجد بدلا من الفرش، و هكذا اذا كانت جزء له، لكن لا يحرم إخراجها من المساجد بقصد النظافة.

الحصى - بفتح الأول -: صغار الحجارة، الواحدة الحصاة، و الجمع: الحصيات و الحصيّ و الحصيّ . (المنجد).

و يمكن أن يكون هنا الحصيّ بضمّ الأول و الحصيّ بكسره جمع الحصاة.

(2)الضمير في قوله «منها» يرجع الى المساجد.

(3)القمامة - بضم القاف -: الكناسة. (المصباح المنير).

(4)الضمير في قوله «مثلها» يرجع الى الحصاة. يعني أنّ إخراج تراب المساجد منها أيضا حرام إلاّ بقصد النظافة.

(5)بصيغة المجهول من عاد يعود. يعني فلو أخرج الحصى أو التراب من المساجد في صورة التحريم يجب إعادتها الى المسجد الذي أخرجها منه أو الى المسجد الآخر اذا جاز انتقال آلات المسجد المذكور الى غيره و هو في صورة الاستغناء و عدم الحاجة.

(6)قوله «ما لها» مركّب من لفظي (ما) و (لها) عطف على قوله «آلاتها». يعني لا يجب إعادة ما اخرج من المسجد إليه من آلاته و ما يختصّ له ممّا وقف له، مثل الفرش و الحصر و سائر اللوازم، بل يجوز إعادتها الى مسجد آخر اذا غنى المسجد الأول منها.

(7)كما اذا احتاج الثاني بما أخرجه من الأول من جهة أهمّيته في المنظر و شدّة حاجته مع عدم حاجة المأخوذ عنه بهذا المقدار.

ص: 141

(و يكره تعليتها (1)) بل تبنى وسطا عرفا.(و البصاق (2) فيها) و التنخّم (3) و نحوه و كفّارته (4) دفنه.(و رفع الصوت) المتجاوز للمعتاد و لو في قراءة القرآن.

(و قتل القمّل (5)) فيدفن لو فعل (و بري (6) النبل (7) و) هو داخل في

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «تعليتها» يرجع الى المساجد. يعني يكره جعل حائط المساجد متعاليا خارجا عن المتعارف.

و التعلية مصدر على وزن تفرقة.

(2)أي يكره قذف البصاق في المساجد.

البصاق - بضمّ الباء -: لعاب الفم الّذي يدفعه الانسان. (المنجد).

(3)عطف على البصاق.

التنخّم: دفع فضلات تخرج من الصدر.

النخامة: هي النخاعة وزنا و معنى، و هو ما يخرجه الانسان من حلقه من مخرج الخاء. (المصباح المنير). و تسمّى أيضا بالبلغم. يعني يكره أيضا قذف النخامة في المساجد.

(4)أي كفّارة البصاق و التنخّم دفنه و ستره لئلاّ يتنفّر الغير و يتأذّى منه.

(5)أي من المكروهات في المساجد أيضا قتل القمّل فيها، فلو فعل ذلك يلزمه دفنه و ستره.

القمل - بفتح القاف و سكون الميم -: دويبة معروفة تلسع الانسان و تغتذي بدمه، مفرده القملة.

و القمّل - بضمّ القاف و تشديد الميم المفتوحة و سكون اللام -: دواب صغار كالقردان تركب البعير عند الهزال. (المنجد).

و لا يبعد كون المراد هنا الأول.

(6)أي يكره بري النبل في المساجد.

البري: النحت، يقال: برأ العود و القلم أي نحته. (لسان العرب).

(7)النبل - بفتح النون و سكون الباء -: السهم. (المصباح المنير).

ص: 142

(عمل الصنائع) (1) و خصّه لتخصيصه في الخبر فتتأكد كراهته (و تمكين (2) المجانين و الصبيان) منها مع عدم الوثوق بطهارتهم، أو كونهم (3) غير مميّزين، أمّا الصبيّ المميّز الموثوق بطهارته المحافظ على أداء الصلوات فلا يكره تمكينه، بل ينبغي تمرينه كما يمرّن على الصلاة.

(و إنفاذ (4) الأحكام) إمّا مطلقا (5)، و فعل علي عليه السّلام له بمسجد الكوفة

**********

شرح:

(1)أي يكره عمل الصنائع في المساجد، و يدخل بري النبل في عمل الصنائع، لكن اختصاص ذكره لتخصيصه في الخبر، فيكون أشدّ كراهة، لأنه مكروه بعنوان بري النبل الوارد في الخبر، و بعنوان عمل الصنائع العامّ المحكوم بالكراهة. و الخبر منقول في كتاب الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن سلّ السيف في المسجد، و عن بري النبل في المسجد. قال: إنّما بني لغير ذلك. (الوسائل: ج 3 ص 495 ب 17 من أبواب أحكام المساجد ح 1).

(2)أي يكره فسح المجال لدخول المجانين و الصبيان في المساجد. و الضمير في قوله «منها» يرجع الى المساجد.

(3)أي مع كون الصبيان غير مميّزين يحكم بالكراهة، لكن المميّز منهم لا يكره تمكين ورودهم المساجد.

(4)و من المكروهات في المساجد أيضا إجراء الحاكم الأحكام الشرعية في المساجد.

نفّذ و أنفذ الحاكم الأمر: أجراه و قضاه. (المنجد).

(5)أي سواء أ كان في القضاء جدال و خصومة أم لا. يعني اذا قلنا بكراهة القضاء في المساجد مطلقا يلزم منه القول بخروج فعل أمير المؤمنين عليه السّلام القضاء في مسجد الكوفة خارجا و مستثنى من الحكم المذكور، لأنّ الأئمة عليهم السّلام اذا نهوا عن أمر ثمّ ارتكبوا بأنفسهم بما نهوا عنه فيعلم منه اختصاص الحكم بغيرهم، لأنّ أهل البيت أدرى بما فيه، فإنّهم عليهم السّلام لا يرتكبون المعاصي و المكروهات أبدا.

ص: 143

خارج، أو مخصوص بما فيه جدال و خصومة، أو بالدائم (1) لا ما يتفق نادرا، أو بما (2) يكون الجلوس فيه لأجلها لا بما إذا كان لأجل العبادة فاتفقت الدعوى، لما (3) في إنفاذها حينئذ من المسارعة المأمور بها، و على أحدها (4) يحمل فعل علي عليه السّلام، و لعلّه بالأخير (5) أنسب،

**********

شرح:

قوله «أو مخصوص بما فيه... الخ» عطف على قوله مطلقا. يعني أو تختصّ الكراهة بالقضاء الذي ينتهي بالخصومة و الجدال فلا يكره ما لا يلازم بذلك.

(1)عطف على قوله «بما فيه جدال... الخ». يعني أو يختصّ الحكم بكراهة القضاء اذا كان دائما في المسجد، لا ما لو اتفق ذلك فيه.

(2)هذا أيضا عطف على قوله «بما فيه جدال... الخ». يعني أو يختصّ الحكم بالكراهة اذا كان الحاكم جالسا في المسجد للقضاء لا ما اذا حضر فيه للعبادة ثمّ اتفق القضاء كما تقدّم.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المسجد. و في قوله «لأجلها» يرجع الى القضاء.

(3)تعليل للمنفي، يعني لا يكره القضاء اذا دخل المسجد للعبادة ثمّ اتفق القضاء فيه، لأنّ فيه المسارعة لما امر به من القضاء.

و الضمير في قوله «إنفاذها» يرجع الى القضاء. و المشار إليه في قوله «حينئذ» هو اتفاق القضاء في المسجد. و الضمير في قوله «بها» يرجع الى المسارعة.

(4)الضمير في قوله «أحدها» يرجع الى الوجوه المذكورة بقوله «مخصوص بما فيه جدال» و بقوله «أو بالدائم» و بقوله «أو بما يكون الجلوس فيه لأجلها». يعني يحمل فعل علي عليه السّلام القضاء في المسجد بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة آنفا.

(5)المراد من الوجه الأخير هو دخول علي عليه السّلام للمسجد بقصد العبادة و اتفاق القضاء فيه. و هو الوجه المناسب لفعل سيّد الوصيّين عليه السّلام، لأنّ الإقدام بالقضاء و الترفّع فيه وظيفة الحاكم و سبب للمغفرة، و قد أمر سبحانه في الآية الشريفة بالتسريع بها في قوله تعالى: وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ (1) (آل عمران: 133).

ص: 144


1- سوره 3 - آیه 133

إلاّ (1) أنّ دكّة القضاء به لا تخلو من منافرة للمحامل.

(و تعريف (2) الضوالّ (3)) إنشادا (4) و نشدانا (5)، و الجمع بين وظيفتي (6)

**********

شرح:

(1)هذا جواب عن التوجيهات المذكورة في قضاء علي عليه السّلام في المسجد، بأنه كانت في مسجد الكوفة دكّة تسمّى بدكّة القضاء، و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجلس فيها للقضاء مطلقا. فلا تصحّ إذا التوجيهات المذكورة في حقّه عليه السّلام إلاّ أن يقال بكون فعله مستثنى من الحكم بالكراهة كما تقدّم.

الدكّة: الذي يقعد عليه، و المراد منها هنا المكان المعدّ للقضاء الذي كان يجلس عليه أمير المؤمنين عليه السّلام في مسجد الكوفة.

* من حواشي الكتاب: وجه منافرة الحامل المذكورة أنّ إضافة الدكّة الى القضاء و اشتهاره بذلك تقتضي كونها للحكم، و هو مقتضى دوامه و كون الجلوس فيها لأجله، و الحكم لا يخلو من خصومة غالبا. ثمّ لا يخفى أنّ الرواية التي هي مستند الحكم ضعيفة بالإرسال معارضة بفعل علي عليه السّلام، فهي قاصرة عن إثبات الحكم.

لذلك ذهب الشيخ رحمه اللّه في الخلاف و ابن إدريس في السرائر و العلاّمة في المختلف الى عدم الكراهة.

و يؤيده أنّ الحكم طاعة فجاز إيقاعها في المساجد الموضوعة للطاعات. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

(2)بالرفع نائب فاعله قوله «و يكره».

(3)الضوالّ - بفتح الأول و تشديد اللام - جمع ضالّة، كما أنّ العوامّ بفتح العين و تشديد الميم، و الخواصّ هكذا جمع العامّة و الخاصّة، و هكذا الدواب جمع دابة.

(4)قوله «إنشادا» مصدر باب إفعال، أنشد الضالّة: عرّفها و دلّ عليها، و قيل:

استرشد عنها. (أقرب الموارد). يعني يكره إعلان الضالّة التي وجدها في المسجد.

(5)قوله «نشدانا» مصدر من نشد ينشد نشدا و نشدة و نشدانا: نادى و سأل عنها و طلبها. (أقرب الموارد). و المراد منه هنا إعلان ما ضلّه في المسجد.

(6)هذا جواب عن السؤال بأنّ من وجد شيئا يلزم عليه الإعلان في المجامع و منها المساجد فكيف يجمع الحكم بالكراهة و الحكم بالإعلان في المجامع ؟ فأجاب رحمه اللّه بأنّ الإعلان يمكن كونه في خارج باب المسجد.

ص: 145

تعريفها في المجامع و كراهتها في المساجد فعله خارج الباب (و إنشاد (1) الشعر) لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عنه، و أمره (2) بأن يقال للمنشد (3): «فضّ (4) اللّه فاك»، و روي نفي البأس عنه، و هو (5) غير مناف للكراهة.

**********

شرح:

(1)بالرفع نائب فاعل قوله «و يكره».

(2)بالجرّ عطف على قوله «لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله». يعني علّة كراهة إنشاد الشعر في المساجد هو نهي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك. و لعلّ النهي يستفاد من نفس هذا الكلام.

(3)المنشد بصيغة اسم الفاعل من أنشد الشعر اذا قرأه. (المنجد).

(4)قوله «فضّ اللّه فاك» من باب فضّ يفضّ فضّا الشيء: كسره فتفرّقت كسره، و فضّ القوم: فرّقهم. فضّ اللّه فاه: نثر أسنانه، و منه قولهم في الدعاء: لا فضّ فوك، أي لا نثرت أسنانك و لا فرّقت، ذكروا الفم و أرادوا الأسنان تسمية للشيء باسم محلّه. (أقرب الموارد).

و الرواية المتضمّنة للكلام المذكور منقولة في كتاب الوسائل:

عن جعفر بن إبراهيم عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سمعتموه ينشد الشعر في المسجد (المساجد - خ ل) فقولوا: فضّ اللّه فاك، إنّما نصبت المساجد للقرآن. (الوسائل: ج 3 ص 492 ب 14 من أبواب أحكام المساجد ح 1).

و الرواية المستشمّ منها النهي منقولة في الوسائل أيضا:

عن الحسين بن زيد عن الصادق عليه السّلام قال: و عن ورّام بن أبي فراس في كتابه قال: قال عليه السّلام: يأتي في آخر الزمان قوم يأتون المساجد فيعقدون حلقا، ذكرهم الدنيا و حبّ الدنيا، لا تجالسوهم فليس للّه فيهم حاجة. (الوسائل: نفس الباب المذكور ح 4).

(5)الضمير في قوله «و هو غير مناف» يرجع الى ما روي بلفظ «لا بأس». يعني أنّ عدم البأس لا ينافي الكراهة بل يدلّ على الجواز غير المنافي للكراهة.

و المراد منه الرواية المنقولة في الوسائل :

ص: 146

قال المصنّف في الذكرى: ليس ببعيد حمل إباحة إنشاد الشعر على ما يقلّ منه و تكثر منفعته، كبيت حكمة، أو شاهد (1) على لغة في كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيه صلّى اللّه عليه و آله و شبهه (2)، لأنّه من المعلوم أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان ينشد بين يديه البيت و الأبيات من الشعر في المسجد و لم ينكر ذلك.

و ألحق به (3) بعض الأصحاب ما كان منه موعظة، أو مدحا للنبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام، أو مرثية (4) للحسين عليه السّلام، و نحو (5) ذلك، لأنّه (6) عبادة

**********

شرح:

عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: سألته عن الشعر أ يصلح أن ينشد في المسجد؟ فقال: لا بأس. (الوسائل: نفس الباب المذكور ح 2).

(1)صفة لموصوف مقدّر و هو بيت، يعني أنّ إنشاء بيت شعر بعنوان الشاهد على لغة في القرآن الكريم أو السنّة النبوية الشريفة لا يحكم بكراهته في المساجد.

(2)الضمير في قوله «و شبهه» يرجع الى بيت حكمة و بيت شاهد. و المراد منه هو أبيات الوعظ و التشويق الى الأعمال الصالحة و التخويف من أهوال يوم القيامة و غير ذلك. فإنشاد الأبيات الدالّة على ذلك لا يحكم بكراهتها في المساجد.

قوله «ينشد» بصيغة المجهول. يعني أنه معلوم بأنّ في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان البعض ينشد الأشعار في المسجد مع حضوره صلّى اللّه عليه و آله و هو لا ينكر ذلك.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى بيت الحكمة و الشاهد.

(4)بالنصب عطف على قوله «موعظة». يعني أنّ بعض الفقهاء ألحق بأبيات الحكمة و الشاهد الأشعار المتضمّنة على الموعظة و المدح للنبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام و رثائهم.

المرثية - بفتح الميم و سكون الراء و كسر الثاء المخفّف و فتح الياء -: ما يرثى به الميّت من شعر و سواه، جمعها: مراث. (المنجد).

(5)بالنصب محلاّ عطف على قوله «موعظة».

(6)و الضمير في قوله «لأنّه» يرجع الى إنشاد بيت الموعظة و ما عطف إليه. يعني أنّ علّة جواز ذلك كونها من قبيل العبادة فلا تنافي الغرض الذي تأسّست

ص: 147

لا تنافي الغرض المقصود من المساجد، و ليس ببعيد. و نهي النبي صلّى اللّه عليه و آله محمول على الغالب من أشعار العرب الخارجة عن هذه الأساليب (1).

(و الكلام فيها (2) بأحاديث الدنيا) للنهي عن ذلك (3) و منافاته لوضعها فإنّها وضعت للعبادة.

تكره الصلاة في أمكنة

(و تكره (4) الصلاة في الحمّام) و هو البيت المخصوص الذي يغتسل فيه لا المسلخ (5) و غيره من بيوته و سطحه. نعم تكره في بيت ناره من جهة النار، لا من حيث الحمّام.

**********

شرح:

عليه المساجد.

قوله «ليس ببعيد» هذا من الشارح رحمه اللّه تأييد لإلحاق بعض الأصحاب أشعار الموعظة و المدح و المرثية بأشعار الحكمة و الشاهد و إباحتها في المساجد.

(1)الأساليب - جمع اسلوب بضمّ الأول -: و هو الطرز و الطريق. (المنجد).

(2)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى المساجد. يعني و يكره الكلام في المساجد بأحاديث الدنيا.

(3)الحديث الذي ورد فيه النهي عن حديث الدنيا في المساجد قد ذكرناه آنفا في رواية ورّام بن أبي فراس بقوله عليه السّلام «يأتون المساجد فيقعدون حلقا، ذكرهم الدنيا و حبّ الدنيا... الخ».

و الدليل الآخر بكراهة الكلام الدنيوي في المساجد قوله رحمه اللّه «و منافاته لوضعها». يعني أنّ الكلام بحديث الدنيا في المساجد ينافي وضع المساجد فانّها وضعت للعبادة.

(4)الى هنا تمّ الكلام في أحكام المساجد. و شرع في بيان الأمكنة التي تكره الصلاة فيها، منها الحمّام، و المراد منه البيت الذي يغتسل فيه لا جميع بيوته.

(5)المراد من المسلخ المحلّ الذي يعدّ لنزع اللباس فيه للواردين، فكراهة الصلاة فيه مرفوعة.

ص: 148

(و بيوت الغائط ) (1) للنهي عنه، و لأنّ الملائكة لا تدخل بيتا يبال فيه و لو في إناء، فهذا (2) أولى (و) بيوت (3)(النار) و هي (4) المعدّة لإضرامها فيها كالأتّون (5) و الفرن (6) لا ما وجد فيه نار مع عدم

**********

شرح:

(1)بالجرّ عطف على قوله «الحمّام». و المراد هو بيت الخلاء المخصوص للغائط و البول.

(2)المشار إليه في قوله «هذا» هو بيت الغائط ، و هذا دليل ثان بكراهة الصلاة فيها، و الدليل الأول قوله «للنهي عنه».

و حاصل الاستدلال الثاني أنّه ورد أنّ الملائكة لا تدخل بيوتا يبال في إناء فيه.

فعدم دخولها في بيت الغائط يكون بطريق أولى، فاذا حكم بكراهة الصلاة في بيت يكون فيه إناء يبال فيه فالحكم بكراهتهما في بيت مخصوص للغائط و البول بطريق أولى.

و من جملة الروايات الدالّة على عدم دخول الملائكة في بيت فيه إناء يبال فيه الرواية المنقولة في كتاب الوسائل:

عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ جبرئيل عليه السّلام أتاني فقال: إنّا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب و لا تمثال جسد و لا إناء يبال فيه. (الوسائل: ج 3 ص 464 ب 33 من أبواب مكان المصلّي ح 1).

(3)بالجرّ عطف على قوله «الحمّام».

(4)الضمير في قوله «هي» يرجع الى البيوت. يعني أنّ المراد منها البيوت المعدّة للنار لا البيوت التي يوقد فيها النار كثيرا أو قليلا. و الضمير في قوله «إضرامها» يرجع الى النار، و هي مؤنث سماعي. و في قوله «فيها» يرجع الى البيوت.

(5)الأتّون - كتنّور -: موقد نار الحمّام، جمعه: أتاتين و أتن. (أقرب الموارد).

التنّور - بفتح الأول و تشديد النون -: تجويفة اسطوانية من فخّار تجعل في الأرض و تخبز فيها، و جمعه: تنانير. (المنجد).

(6)الفرن - بضمّ الفاء و سكون الراء -: بيت غير التنّور معدّ لأن يخبز فيه، جمعه:

أفران. (المنجد).

ص: 149

إعداده لها، كالمسكن إذا أوقدت (1) فيه و إن كثر (2)(و) بيوت (المجوس) للخبر (3) و لعدم انفكاكها عن النجاسة، و تزول الكراهة برشّه (4).

(و المعطن) بكسر الطاء واحد المعاطن، و هي: مبارك (5) الإبل عند الماء

**********

شرح:

(1)بصيغة المجهول النائب الفاعل هو الضمير المؤنث العائد على النار و هي مؤنث سماعي. و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المسكن.

(2)فاعله الضمير المذكّر العائد على الايقاد المعلوم من قوله «أوقدت». يعني أنّ البيت الذي اوقدت النار فيه و لو كثيرا لا تكره الصلاة فيه.

(3)و الخبر الدالّ على كراهة الصلاة في بيوت المجوس منقول في كتاب الوسائل:

عن أبي اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تصلّي في بيت فيه مجوسي، و لا بأس بأن تصلّي و فيه يهودي أو نصراني. (الوسائل: ج 3 ص 442 ب 16 من أبواب مكان المصلّي ح 1).

(4)الضمير في قوله «برشّه» يرجع الى بيت المجوس. يعني أنّ صبّ الماء في بيت المجوسي ترفع الكراهة.

رشّ يرش رشّا و ترشاشا الماء: نفضه و فرّقه. (المنجد).

أمّا دليل رفع الكراهة في بيت المجوس بعد رشّ الماء هو ما نقل في كتاب الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الصلاة في البيع و الكنائس و بيوت المجوس، قال: رشّ و صلّ . (الوسائل: ج 3 ص 438 ب 13 من أبواب مكان المصلّي ح 2).

* من حواشي الكتاب: و اعتبر بعضهم الجفاف بعد الرشّ ، و فيه نظر لكنه أحوط ، و لا يخفي أنّ وجه الكراهة هنا بالأصالة إنّما هو ملاحظة النجاسة الوهمية و زوالها بالطهارة الوهمية الحاصلة من الرشّ ، فلا يلزم حينئذ الجفاف، لكن الأحوط ملاحظته احتياطا في النجاسة بمباشرتهم، و النجاسة الوهميّة معتبرة في بعض المقامات... الخ.

(5)المبارك - جمع مبرك على وزن مقعد -: و هو محلّ نزول الإبل لشرب الماء.

ص: 150

للشرب (و مجرى الماء) و هو المكان المعدّ لجريانه و إن لم يكن فيه (1) ماء (و السبخة) بفتح الباء واحد (2) السباخ، و هي الشيء الذي يعلو الأرض كالملح، أو بكسرها (3) و هي الأرض ذات السباخ (و قرى (4) النمل (5)) جمع قرية، و هي مجتمع ترابها حول جحرتها (6)(و) في نفس (7)(الثلج (8))

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المكان. يعني لا ترفع الكراهة بعدم وجود الماء فيه مثل الأنهار التي لا يجري الماء فيه في بعض الفصول.

(2)يعني أنّ السبخة مفرد السباخ. و الضمير في قوله «و هي الشيء» يرجع الى السبخة. يعني أنّ السبخة شيء يعلو في الأرض كما أنّ الملح يعلو في بعض الأراضي المخصوصة.

(3)الضمير في قوله «بكسرها» يرجع الى الباء و التأنيث باعتبار كونه حرفا و هي مؤنث، فيكون معنى العبارة هكذا:

السبخة هي الأرض التي تكون ذات السباخ تكره الصلاة فيها، بلا فرق بين قراءتها بفتح الباء أو بكسرها لاحتياجها بتقدير الأرض.

* من حواشي الكتاب: ما ذكره الشارح رحمه اللّه موافق لما نقل عن الخليل في عينه.

قال: أرض السبخة و الأرض السبخة، في الأول بفتح الباء مضافا الى الأرض، و في الثاني بكسرها صفة للأرض. (حاشية كلانتر).

(4)القرى - بضمّ القاف -: جمع قرية بفتح القاف.

(5)النمل - بفتح النون و سكون الميم -: اسم جنس و مفرده النملة على وزن تمر و تمرة.

(6)الجحر - بضمّ الجيم و سكون الحاء -: كلّ شيء تحفره الهوامّ و السباع لأنفسها، و الجمع: أجحار و جحرة. (لسان العرب).

و قرية النمل: مجتمع ترابها. (أقرب الموارد، المنجد).

(7)أي تكره الصلاة في نفس الثلج، و هذا إشارة الى عدم كراهة الصلاة على سرير أو لوح أو فرش موضوعة على وجه الثلج.

(8)الثلج - بفتح الثاء و سكون اللام -: ما يتجمّد من ماء السماء و يسقط ، جمعه:

ثلوج بضمّ الثاء، و مفرده ثلجة، ماء ثلج: بارد. (المنجد).

ص: 151

(اختيارا (1)) مع تمكّن الأعضاء، أمّا بدونه (2) فلا، مع الاختيار.

(و بين المقابر) و إليها (3) و لو قبرا (إلاّ بحائل و لو عنزة) بالتحريك، و هي العصا في أسفلها حديدة مركوزة (4) أو معترضة (أو بعد (5) عشرة أذرع) و لو كانت القبور خلفه، أو مع أحد جانبيه فلا كراهة.

(و في الطريق) (6) سواء كانت مشغولة بالمارّة (7)، أم فارغة إن لم يعطّلها (8) و إلاّ حرم (و) في (بيت فيه مجوسيّ ) و إن لم يكن البيت له (9)

**********

شرح:

(1)فلا تكره الصلاة على الثلج عند الاضطرار.

قوله «مع تمكّن الأعضاء» قيد للحكم بكراهة الصلاة على الثلج.

(2)الضمير في قوله «بدونه» يرجع الى تمكّن الأعضاء. يعني لو لم تتمكّن الأعضاء في الثلج فلا تجوز الصلاة عليه مع الاختيار أيضا، و إلاّ تجوز و تصحّ .

(3)أي تكره الصلاة مواجها الى المقابر كما تكره بين المقابر و لو كان المواجه قبرا واحدا.

(4)قوله «مركوزة» حال من العصا. يعني لا فرق في رفع الكراهة اذا حالت العصا بين المصلّي و المقابر بين كونها منصوبة على صورة العمود أو مجعولة قدّام المصلّي عرضا.

(5)عطف على قوله «بحائل» مكسور بالباء اللاحق. يعني تكره الصلاة مواجها الى المقابر إلاّ ببعد عشرة أذرع، و كذا الصلاة بين المقابر.

(6)أي تكره الصلاة في الطريق.

(7)يعني لا فرق في الحكم بكراهة الصلاة في الطريق بين تواجد العابرين فيه أم هو خال منهم.

(8)الضمير في قوله «يعطّلها» يرجع الى الطريق و هي مؤنث سماعي. يعني أنّ الحكم بكراهة الصلاة في الطريق إنّما هو في صورة عدم تعطيل الطريق، و إلاّ يحكم بالحرمة. إذا ينتزع من الحكم التكليفي الحكم الوضعي و هو البطلان.

(9)يعني تكره الصلاة في بيت يكون فيه المجوسيّ و إن لم يكن البيت ملكا له بل

ص: 152

(و إلى نار مضرمة) أي موقدة و لو سراجا أو قنديلا (1)، و في الرواية كراهة الصلاة إلى المجمرة (2) من غير اعتبار الإضرام، و هو (3) كذلك، و به (4) عبّر المصنّف في غير الكتاب،(أو) إلى (تصاوير) (5) و لو في الوسادة (6)، و تزول الكراهة بسترها بثوب و نحوه (7).

**********

شرح:

كان لمسلم، و هذا غير الحكم بكراهة الصلاة في بيت المجوس كما تقدّم.

و الضمير في قوله «له» يرجع الى المجوسي.

و الرواية الدالّة على كراهة الصلاة في بيت فيه مجوسيّ منقولة في كتاب الوسائل:

عن أبي أسامة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تصلّ في بيت فيه مجوسي، و لا بأس بأن تصلّي و فيه يهودي أو نصراني. (الوسائل: ج 3 ص 442 ب 16 من أبواب مكان المصلّي ح 1). و قد تقدّمت آنفا.

(1)القنديل - بكسر القاف -: المصباح، جمعه: قناديل و هي كلمة لاتينية. (المنجد).

(2)المجمرة - بفتح الميمين و الراء -: هي ظرف تجعل فيها النار.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الحكم بالكراهة. يعني أنّ الحكم المذكور مؤيّد عند الشارح رحمه اللّه.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى مضمون الرواية. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه عبّر في غير هذا الكتاب بما تضمّنت الرواية، و هي منقولة في كتاب الوسائل:

عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يصلّي الرجل و في قبلته نار أو حديد، قلت: أله أن يصلّي و بين يديه مجمرة شبه ؟ قال: نعم، فإن كان فيها نار فلا يصلّي حتى ينحّيها عن قبلته. (الوسائل: ج 3 ص 459 ب 30 من أبواب مكان المصلّي ح 2).

(5)الظاهر أن المراد من التصاوير هو تصاوير ذوي الأرواح كما أراد ذلك في عباراته الماضية، و هي جمع التصوير.

(6)الوسادة - بكسر الواو و فتح الدال، و أيضا بضمّ الواو و فتحها -: المخدّة.

(المنجد).

(7)الضمير في قوله «و نحوه» يرجع الى الثوب. يعني ترتفع الكراهة بجعل الثوب أو مثله على التصوير الموجود في مقابل المصلّي.

ص: 153

(أو مصحف (1) أو باب مفتوحين (2)) سواء في ذلك (3) القارئ و غيره. نعم يشترط (4) الإبصار. و ألحق به (5) التوجّه إلى كلّ شاغل من نقش و كتابة، و لا بأس به (6).

(أو وجه (7) إنسان) في المشهور فيه (8) و في الباب المفتوح و لا نصّ

**********

شرح:

(1)المصحف - بضمّ الميم و فتحها و كسرها -: ما جمع من المصحف بين دفّتي الكتاب المشدود، جمعه: المصاحف بفتح الميم. (المنجد). و المراد هنا القرآن الكريم.

(2)بصيغة التثنية صفة للمصحف و الباب. يعني أنّ الكراهة في صورة كونهما مفتوحين، فلو لم يكونا كذلك لم تحكم بالكراهة.

(3)المشار إليه هو الحكم بالكراهة. و المراد من القارئ من يقدر على قراءة المصحف الشريف. يعني لا فرق في الحكم بالكراهة المذكورة بين القارئ و غيره.

(4)أي الرؤية و القدرة عليها، فلو كان أعمى لا تكره.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع بكلّ فرد من المصحف و الباب المفتوحين. يعني أنّ التوجّه الى كلّ ما يشغل المصلّي يوجب كراهة الصلاة.

وجه الإلحاق: فهم العرف بأنّ المناط في الكراهة هو اشتغال المصلّي بما ينصرف ذهنه عن الصلاة، و هو موجود في غير الباب و المصحف.

(6)الضمير في قوله «به» يرجع الى الإلحاق، و قد ذكرنا وجه الإلحاق.

(7)المراد من الوجه هو الصلاة في مقابل صورة إنسان فلا تكره الصلاة في مقابل إنسان لم يواجهه، بأن يصلّي في مقابل ظهر الإنسان.

(8)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الوجه. يعني أنّ الحكم بكراهة الصلاة في مقابل وجه الإنسان و الباب المفتوح هو فتوى المشهور و لا نصّ فيهما. و الضمير في قوله «عليهما» يرجع الى الباب و وجه الانسان.

و أمّا ما دلّ على كراهة الصلاة في مقابل مصحف مفتوح فقد ورد في كتاب الوسائل:

عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت في الرجل يصلّي و بين يديه

ص: 154

عليهما ظاهرا، و قد يعلّل بحصول التشاغل به.

(أو حائط ينزّ (1) من بالوعة (2)) يبال فيها، و لو نزّ بالغائط فأولى، و في إلحاق غيره (3) من النجاسات وجه (4).

(و في مرابض الدوابّ ) جمع مربض، و هو مأواها و مقرّها، و لو عند (5) الشرب (إلاّ) مرابض (الغنم) فلا بأس بها للرواية (6) معلّلا بأنّها سكينة

**********

شرح:

مصحف مفتوح في قبلة ؟ قال: لا، قلت: فإن كان في غلاف ؟ قال: نعم. (الوسائل:

ج 3 ص 456 ب 27 من أبواب مكان المصلّي ح 1).

(1)نزّ ينزّ من باب ضرب يضرب، النزّ - بكسر النون و فتحها -: ما يتحلّب من الأرض من الماء. (المنجد).

(2)البالوعة و البلاّعة و البلّوعة - الجمع بواليع و بلاليع -: ثقب أو قناة في وسط الدار مثلا يجري فيها الماء الوسخ و الأقذار. (المنجد).

(3)الضمير في «غيره» يرجع الى الغائط .

(4)قوله «وجه» مبتدأ مؤخّر خبره «في إلحاق».

وجه الإلحاق: هو فهم العرف بأنّه اذا منع من الصلاة الى حائط ينزّ من البالوعة التي يبال أو يغوّط فيها فيفهم المنع من البالوعة التي ينزّ الحائط من سائر النجاسات فيها.

و الرواية الدالّة على كراهة الصلاة الى الحائط المذكور منقولة في كتاب الوسائل:

عن أبي نصر عمّن سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المسجد ينزّ حائط قبلته من بالوعة يبال فيها، فقال: إنّ كان نزّه من البالوعة فلا تصلّ فيه، و إن كان نزّه من غير ذلك فلا بأس. (الوسائل: ج 3 ص 444 ب 18 من أبواب مكان المصلّي ح 2).

(5)يعني تكره الصلاة في مقرّ الدوابّ حتى المقرّ عند الشرب، مثل المكان الذي يعدّ لشرب الدوابّ فيه.

(6)الرواية الدالّة على عدم كراهة الصلاة في مرابض الغنم منقولة في كتاب الوسائل :

ص: 155

و بركة (1)(و لا بأس بالبيعة (2) و الكنيسة (3) مع عدم النجاسة). نعم يستحبّ رشّ (4) موضع صلاته (5) منها و تركه حتى يجفّ .

و هل يشترط في جواز دخولها إذن أربابها؟ احتمله المصنّف في الذكرى تبعا لغرض الواقف (6)، و عملا بالقرينة (7)، و فيه (8) قوّة، و وجه

**********

شرح:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الصلاة في مرابض الغنم، فقال:

صلّ فيها... الخ. (الوسائل: ج 3 ص 443 ب 17 من أبواب مكان المصلّي ح 2).

(1)لم يوجد التعليل المذكور في رواياتنا لكن الرواية منقولة في كتاب التاج و الذي رواها عن الترمذي و أبي داود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقوله: صلّوا فيها فإنّها بركة.

(2)البيعة - بكسر الباء و سكون الياء -: معبد للنصارى و اليهود. جمعه: بيع و بيعات و بيعات. (المنجد).

(3)الكنيسة - بفتح أولها -: محلّ العبادة عند النصارى. (المنجد).

(4)رشّ يرشّ رشّا و ترشاشا الماء: نفضه و فرّقه. (المنجد).

(5)الضمير في قوله «صلاته» يرجع الى المصلّي، و في قوله «تركه» يرجع الى الموضع.

أقول: إنّ الرواية الدالّة على الرشّ خالية عن قيد الجفاف، و لعلّ ذكر ذلك بأنّ الرطوبة الموجودة مظنّة لسراية النجاسة المحتملة، فإذا جفّت زال الاحتمال.

و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الصلاة في البيع و الكنائس و بيوت المجوس، فقال: رشّ و صلّ . (الوسائل: ج 3 ص 438 ب 13 من أبواب مكان المصلّي ح 2). و قد تقدّمت آنفا.

(6)أي واقف البيعة و الكنيسة، لأنه وقفهما لليهود و النصارى لا المصلّي المسلم.

(7)فإنّ القرينة تدلّ باختصاصهما لليهود و النصارى، و المراد هي القرينة الحالية، فإنّ ظاهر حالهم عدم الرضا بدخول من ينكر دينهم.

(8)الضمير في قوله «و فيه» يرجع الى الاحتمال المذكور من المصنّف رحمه اللّه.

ص: 156

العدم (1) إطلاق الأخبار بالإذن في الصلاة بها (2).

(و يكره تقدّم المرأة على الرجل، أو محاذاتها له) في حالة صلاتهما من دون حائل، أو بعد (3) عشرة أذرع (4)(على) القول (الأصحّ ) و القول الآخر التحريم، و بطلان صلاتهما مطلقا، أو مع الاقتران، و إلاّ (5) المتأخّرة

**********

شرح:

(1)أي عدم احتمال لزوم الإذن من أرباب البيع و الكنائس لإطلاق الأخبار.

(2)الضمير في قوله «بها» يرجع الى البيع و الكنائس.

و من الروايات الدالّة على جواز الصلاة فيها مطلقا الرواية المنقولة في كتاب الوسائل:

عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: لا بأس بالصلاة في البيعة و الكنيسة الفريضة و التطوّع، و المسجد أفضل. (الوسائل: ج 3 ص 439 ب 13 من أبواب مكان المصلّي ح 6).

(3)بالجرّ لإضافة البعد إليه أيضا.

(4)الأذرع - جمع ذراع -: و هو من الرجل من طرف المرفق الى طرف الإصبع الوسطى، و الذراع من المقاييس طوله الآن بين الخمسين و السبعين سانتيمترا.

(المنجد).

و الحاصل: أنّ المرأة اذا بعدت عن الرجل عند صلاتهما بمقدار عشرة أذرع ترتفع كراهة الصلاة.

(5)اعلم انّ في المسألة أقوال:

الأول: القول بالبطلان مطلقا، كما عن الشيخ الطوسي و المفيد قدّس سرّهما و المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس فإنّهم حكموا في مسألة تقدّم المرأة عن الرجل عند صلاتهما بالحرمة و البطلان، بلا فرق بين تقدّم صلاة أحدهما على الآخر أو التلاحق.

الثاني: القول ببطلان صلاة المتأخّر منهما، بمعنى أنّه اذا شرع أحدهما أولا ثمّ شرع الآخر فيحكم ببطلان صلاة من تأخّر. و هذا القول منسوب لبعض الفقهاء مثل المحقّق الثاني و المقدّس الأردبيلي قدّس سرّهما و هو مختار الشارح رحمه اللّه في المسالك.

ص: 157

عن تكبيرة الإحرام. و لا فرق بين المحرم و الأجنبية، و المقتدية (1) و المنفردة، و الصلاة الواجبة و المندوبة.

(و يزول) المنع كراهة و تحريما (بالحائل) المانع من نظر أحدهما الآخر و لو ظلمة (2) و فقد بصر في قول، لا تغميض (3) الصحيح عينيه في الأصحّ (أو بعد (4) عشرة أذرع) بين موقفهما (و لو حاذى سجودها (5) قدمه فلا منع) و المرويّ في الجواز كونها تصلّي خلفه، و ظاهره تأخّرها في جميع الأحوال عنه، بحيث لا يحاذي جزء منها (6) جزء منه، و به (7) عبّر بعض

**********

شرح:

الثالث: القول بالكراهة، كما صحّحه المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب بقوله «و يكره تقدّم المرأة على الرجل أو محاذاتها له على الأصحّ ».

(1)يعني لا فرق في الحكم المذكور بين كون المرأة منفردة في صلاتها أو مقتدية، كما اذا صلّت خلف إمام حال كونها محاذية للرجل أو متقدّمة له.

(2)أي لو كان الحائل و المانع من رؤية أحدهما الآخر الظلمة أو فقد البصر ترفع الكراهة.

(3)يعني لا ترفع الكراهة بغمض البصر من الصحيح على القول الأصحّ ، و في مقابله القول بارتفاع الكراهة أيضا.

(4)عطف على قوله «بالحائل» مكسور بدخول حرف الباء. و الضمير في قوله «موقفهما» يرجع الى المرأة و الرجل.

(5)الضمير في قوله «سجودها» يرجع الى المرأة، و في قوله «قدمه» يرجع الى الرجل. يعني لو حاذى موضع سجدة المرأة بموضع قدم الرجل فلا مانع منه.

(6)و هذا اعتراض من الشارح قدّس سرّه لقول المصنّف رحمه اللّه بعدم المنع اذا حاذى موضع سجدة المرأة بموضع قدم الرجل، و الحال أنّ لفظ الخلف في الرواية ينافي ذلك، لأنّه لا يصدق الخلف اذا حاذى جزء من بدن المرأة بجزء من بدن الرجل.

و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الرجل. و في قوله «منها» يرجع الى المرأة.

(7)الضمير في قوله «به» يرجع الى الخلف. يعني أنّ بعض الفقهاء عبّر بلفظ «الخلف» الدالّ على عدم جواز المحاذاة المذكور.

ص: 158

الأصحاب، و هو (1) أجود.

ما يصح السجود عليه

(و يراعى في مسجد الجبهة (2)) بفتح الجيم، و هو القدر المعتبر منه في السجود، لا محلّ جميع الجبهة (أن يكون من الأرض، أو نباتها غير المأكول و الملبوس عادة) بالفعل، أو بالقوّة القريبة (3) منه بحيث يكون من جنسه (4)، فلا يقدح في المنع توقّف المأكول على طحن و خبز و طبخ، و الملبوس على غزل و نسج و غيرها، و لو خرج عنه بعد أن كان منه (5)

**********

شرح:

(1)أي التعبير بلفظ «الخلف» أجود، لأنّ المفاد من الرواية كون المرأة خلف الرجل و لا يصدق ذلك عند المحاذاة المذكور. و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي و بين يديه امرأة تصلّي ؟ قال: إن كانت تصلّي خلفه فلا بأس و إن كانت تصيب ثوبه. (الوسائل: ج 3 ص 430 ب 6 من أبواب مكان المصلّي ح 4).

(2)الجبهة: مستوى ما بين الحاجبين الى الناصية. (أقرب الموارد). يعني يجب رعاية كون موضع الجبهة عند السجود من الأرض أو نباتها... الخ. و المراد من الجبهة ليس تمامها بل مقدار الواجب منها عند السجدة.

(3)و المراد من القوّة القريبة هو كونه يؤكل شأنا قريبا و لو احتاج الى مقدّمات مثل الحنطة و الشعير و غيرهما الذي يحتاج أكلها الى الطحن و الطبخ و غير ذلك لا بالقوّة البعيدة، لأنّه لو لوحظت قابليته البعيدة لأكل، فما من شيء إلاّ أنه يؤكل مثل أوراق الأشجار و سائر النباتات التي تأكلها الحيوانات و تتبدّل ببدن الحيوانات و يؤكل لحمها، فهذا المقدار من قابلية الأكل لا يلاحظ في المسألة.

(4)الضمير في قوله «جنسه» يرجع الى كلّ فرد من المأكول و الملبوس. يعني لو عدّ منهما عرفا لا يجوز السجود عليه.

(5)الضميران في قوله «عنه» و «منه» يرجعان الى المأكول. يعني أنّ قشر اللوز كان في أول تكوينه لطيفا و قابلا للأكل فلا يجوز السجود عليه، ثمّ يخشن شيئا فشيئا حتى يخرج عن كونه مأكولا فيجوز السجود عليه حينئذ.

ص: 159

كقشر اللوز ارتفع المنع لخروجه عن الجنسية.

و لو اعتيد أحدهما (1) في بعض البلاد دون بعض فالأقوى (2) عموم التحريم. نعم لا يقدح النادر كأكل المخمصة (3) و العقاقير (4) المتّخذة للدواء من نبات لا يغلب أكله.

(و لا يجوز السجود على المعادن (5)) لخروجها عن اسم الأرض بالاستحالة و مثلها الرماد (6) و إن كان منها، و أمّا الخزف (7) فيبنى على

**********

شرح:

(1)ضمير التثنية في قوله «أحدهما» يرجع الى المأكول و الملبوس.

(2)يعني أنّ الأقوى عموم المنع من السجدة لما يكون مأكولا أو ملبوسا في بعض البلاد دون البعض لصدق المأكولية و الملبوسية عليه في الجملة.

(3)المخمصة: خلاء البطن من الطعام جوعا يقال: أصابهم مخمصة. (أقرب الموارد).

و المراد هنا سنة المجاعة و القحط .

(4)العقاقير - جمع عقّار بفتح العين و تشديد القاف -: ما يتداوى به من النبات الدواء مطلقا. (المنجد).

و حاصل مراده: أنّ ما يؤكل اتفاقا على خلاف العادة كأكل أشياء في زمان المجاعة أعاذ اللّه المسلمين من الابتلاء بها أو استعمال النباتات المتخذة للدواء كلّ ذلك لا يمنع السجود عليها.

(5)المعادن - جمع معدن بفتح الميم و سكون العين و كسر الدال -: هو منبت الجواهر من حديد و فضّة و نحوهما، مكان كلّ شيء فيه أصلّه و مركزه، و منه: فلان معدن الخير، أي منشأه. (المنجد).

(6)الرماد - بفتح الراء -: ما بقي من المواد المحترقة بعد احتراقها، و الجمع: أرمدة.

و الضمير في قوله «مثلها» يرجع الى المعادن. و في قوله «منها» يرجع الى الأرض.

يعني لا يجوز السجود على الرماد و لو كان من الأرض.

(7)الخزف - بفتح الخاء و الزاء -: ما عمل من الطين و شوي بالنار فصار فخّارا.

(المنجد).

ص: 160

خروجه بالاستحالة عنها (1)، فمن حكم بطهره لزمه (2) القول بالمنع من السجود عليه، للاتفاق على المنع ممّا خرج عنها بالاستحالة و تعليل من حكم بطهره بها، لكن (3) لمّا كان القول بالاستحالة بذلك ضعيفا كان جواز السجود عليه قويا.

(و يجوز) السجود (على القرطاس (4)) في الجملة (5) إجماعا للنصّ الصحيح الدالّ عليه (6)، و به خرج عن أصله المقتضي لعدم جواز

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عنها» يرجع الى الأرض و هي مؤنّث سماعي.

(2)الضمير في قوله «لزمه» يرجع الى «من» الموصول.

إيضاح: إنّ من حكم بطهارة الخزف المعمول من الطين النجس بالاستحالة لزمه القول هنا بعدم جواز السجود عليه لخروجه من الأرض بالاستحالة، و الإجماع على عدم جواز السجود بما خرج من صدق الأرض عليه.

و من قال بعدم طهارته لعدم استحالته فيلزمه القول بجواز السجود عليه لكونه من أقسام الأرض الغير المستحيلة.

قوله «و تعليل من حكم» بالجرّ لدخول لام التعليل عليه. و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الاستحالة.

(3)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في جواز السجود على الخزف بأنّ القول باستحالة الخزف ضعيف، فالقول بجواز السجود عليه قويّ .

(4)القرطاس، مثلّث القاف، قرطس قرطس: الصحيفة التي يكتب فيها، جمعه:

قراطيس. (المنجد).

(5)يعني يجوز السجدة على القرطاس إجمالا لا بجميع أقسامه، للخلاف الحاصل بجواز السجود على القرطاس المتخذ من الحرير و الكتّان كما سيأتي، و الدليل بالجواز هو الإجماع من الفقهاء.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الجواز المعلوم من قوله «و يجوز... الخ». و في

ص: 161

السجود عليه، لأنّه مركّب من جزءين لا يصحّ السجود عليهما، و هما النورة (1) و ما مازجها من القطن و الكتّان (2) و غيرهما، فلا مجال للتوقّف فيه في الجملة (3).

و المصنّف هنا خصّه بالقرطاس (المتّخذ من النبات) كالقطن و الكتّان و القنّب (4)، فلو اتّخذ من الحرير لم يصحّ السجود عليه، و هذا إنّما يبنى على القول باشتراط كون هذه الأشياء مما لا يلبس بالفعل حتى يكون

**********

شرح:

قوله «به» يرجع الى النصّ .

يعني و بسبب وجود النصّ في الجواز خرج عمّا يقتضي أصل القرطاس، لأنّ ذات القرطاس المعروف مركّب من النورة و القطن، و كلاهما لا يجوز السجود عليهما.

و المراد من النصّ هو المنقول في كتاب الوسائل:

عن علي بن مهزيار قال: سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه السّلام عن القراطيس و الكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا؟ فكتب: يجوز. (الوسائل:

ج 3 ص 601 ب 7 من أبواب ما يسجد عليه ح 2) و قد تقدّمت آنفا.

(1)النورة - بالضمّ -: السمة و حجر الكلس ثم غلب على أخلاط تضاف الى الكلس من زرنيخ و غيره و يستعمل لإزالة الشعر. (أقرب الموارد).

(2)القطن، و القطن: يغزل و ينسج منه الثياب. (المنجد).

الكتّان - بفتح الكاف و تشديد التاء -: نبات له زهر أزرق تنسج منه الثياب، و له بذر يعتصر منه زيت يستصبح به. (المنجد).

(3)يعني مع وجود النصّ المخرج القرطاس من حكم ذاته المركّب من الجزءين اللذين لا يقتضي جواز السجود عليه فلا مجال للتوقّف في الجواز إجمالا، و لو استثنى بعض الأفراد منه مثل القرطاس المتّخذ من الحرير كما سيذكره.

(4)القنّب و القنّب - بكسر القاف و ضمّها -: نبات يفتل من لحائه حبال و خيطان، و له حبّ يسمّى الشهدايخ قيل هو فارسي قد جرى في كلام العرب. (أقرب الموارد).

ص: 162

المتّخذ منها غير ممنوع، أو كونه غير مغزول أصلا إن جوّزناه فيما دون المغزول، و كلاهما (1) لا يقول به المصنّف، و أمّا إخراج الحرير فظاهر على هذا، لأنّه لا يصحّ السجود عليه بحال.

و هذا (2) الشرط على تقدير جواز السجود على هذه الأشياء ليس بواضح، لأنّه (3) تقييد لمطلق النصّ (4) أو تخصيص

**********

شرح:

(1)ضمير التثنية في قوله «كلاهما» يرجع الى لفظي الكون في قوله «كون هذه الأشياء ممّا لا يلبس» و قوله «أو كونه غير مغزول أصلا».

إيضاح: إنّ المصنّف رحمه اللّه يشترط في جواز السجود على القرطاس شرطين:

الأول: كون القرطاس مأخوذا من القطن.

الثاني: كونه مأخوذا من الكتّان أو القنّب. و الحال أنّه لا يجوّز السجود على هذه الثلاثة بالذات لكونها من قبيل الملبوس أو المغزول، فكيف يقول باشتراط أخذ القرطاس منها؟ فلا معنى لهذا الاشتراط .

و أمّا اشتراطه كون القرطاس غير مأخوذ من الحرير فوجهه ظاهر، لأنّ الحرير نفسه لا يصحّ السجود عليه فكذلك القرطاس المأخوذ منه.

(2)قوله «و هذا الشرط » مبتدأ خبره قوله «ليس بواضح». و المشار إليه اشتراط كون القرطاس متّخذا من القطن و الكتّان و القنّب. يعني أنّ ذلك الشرط لا مجال له بعد قول المصنّف رحمه اللّه بعدم جواز السجود على هذه الثلاثة بالذات بلا فرق بين كونها معدّا للّبس أم لا، و سواء كانت مغزولة أم لا.

(3)الضمير في قوله «لأنّه» يرجع الى الشرط . يعني أنّ اشتراط كون القرطاس في جواز السجود عليه بكونه متّخذا من القطن و الكتّان و القنّب تقييد لإطلاق النصّ . و هذا تعليل لعدم كون الشرط واضحا.

(4)و النصّ الدالّ على جواز السجود على القرطاس منقول في كتاب الوسائل:

عن علي بن مهزيار قال: سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه السّلام عن القراطيس و الكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا؟ فكتب: يجوز. (الوسائل :

ص: 163

لعامّه (1) من غير فائدة، لأنّ ذلك لا يزيله (2) عن حكم مخالفة الأصل (3)، فإنّ أجزاء النورة المنبثّة (4) فيه بحيث لا يتميّز من جوهر الخليط (5) جزء يتمّ عليه السجود كافية (6) في المنع، فلا يفيده ما يخالطها من الأجزاء التي

**********

شرح:

ج 3 ص 601 ب 7 من أبواب ما يسجد عليه ح 2). و قد تقدّمت آنفا.

و كذلك رواية صفوان الجمّال قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام في المحمل يسجد على القرطاس و أكثر ذلك يؤمي إيماء. (الوسائل: نفس الباب المذكور ص 600 ح 1).

(1)لأنّ في بعض الروايات عبّر بلفظ القراطيس و الكواغذ فإنّهما جمعان محلاّن باللام فيدلاّن العموم.

قوله «من غير فائدة» يتعلّق بقوليه «تقييد» و «تخصيص». يعني لا يستحسن تقييد المطلق و تخصيص العامّ بلا فائدة.

(2)يعني أنّ اشتراط كون القرطاس من القطن و القنّب و الكتّان لا يخرجه عن مخالفة الأصل، و هو عدم جواز السجود عليه لو لم يكن النصّ فيه.

(3)و المراد من «الأصل» كون القرطاس مركّبا من الجزءين و هما النورة و القطن، و كلّ واحد منهما لا يجوز السجود عليه فالأصل عدم جواز السجود على القرطاس بالنظر الى ذاته.

(4)المنبثّة من بثّ بثّا: نثر و أذاع. يعني أن أجزاء النورة متفرّقة في القرطاس. (أقرب الموارد). بحيث لا يتميّز ممّا خلط فالجزء المخلوط بالنورة لا يجوز السجود عليه.

(5)الخليط بمعنى المخلوط ، و المراد منه القطن و الكتّان و القنّب المخلوطة بالنورة المركّب منها القرطاس.

(6)خبر قوله «فإنّ أجزاء النورة». يعني أنّ أجزاء النورة المتفرّقة في القرطاس - بحيث لا يتميّز من القطن مقدار ما يتمّ السجود عليه و هو قدر درهم بغلي أو قدر خفض بطن اليد أو قدر رأس الإبهام كما تقدّم - لا يتشخّص في القرطاس، فهذه كافية في المنع عن السجود على القرطاس، فلا فائدة في اشتراط أخذ القرطاس من الأشياء المذكورة.

و النصّ أيضا مطلق في جواز السجود على القرطاس.

ص: 164

يصحّ السجود عليها منفردة.

و في الذكرى جوّز السجود عليه إن اتّخذ من القنّب، و استظهر المنع من المتّخذ من الحرير، و بنى المتّخذ من القطن و الكتّان على جواز السجود عليهما، و يشكل تجويزه القنّب على أصله (1)، لحكمه فيها (2) بكونه ملبوسا في بعض البلاد، و أنّ ذلك (3) يوجب عموم التحريم، و قال فيها أيضا: في النفس (4) من القرطاس شيء، من حيث اشتماله على النورة المستحيلة من اسم الأرض بالإحراق (5)، قال: إلاّ

**********

شرح:

و الضمير في قوله «فلا يفيده» يرجع الى حكم مخالفة الأصل. و في قوله «يخالطها» يرجع الى أجزاء النورة.

و قوله «منفردة» حال من قوله «يصحّ السجود عليها».

و الحاصل: أنّ تلك المواد - على تقدير جواز السجود عليها قبل أن يصنع منها القرطاس - مغمورة بأجزاء النورة.

(1)الضمير في قوله «أصله» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و المراد من الأصل هو النظر و الفتوى. يعني يرد الإشكال على المصنّف رحمه اللّه في حكمه بجواز السجود على القرطاس اذا اتّخذ من القنّب، فإنّه رحمه اللّه حكم في كتابه الذكرى بكون القنّب من الملبوس الذي لا يجوز السجود عليه، فكيف اشترط في القرطاس كونه مأخوذا منه ؟

(2)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الذكرى، و في «كونه» الى القنّب.

(3)المشار إليه في قوله «ذلك» حكم المصنّف رحمه اللّه بكون القنّب ملبوسا في بعض البلاد فإنّه يوجب الحكم بعدم جواز السجود على القنّب عموما.

(4)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه الذكرى: إنّ في ذهن الانسان في خصوص السجود على القرطاس شيء من الشبهة من جهة تركّبه من النورة التي استحالت بالنار من صدق الأرض عليها.

(5)الباء للسببية، و الجار يتعلّق بقوله «المستحيلة». يعني أنّ النورة و لو كانت من أجزاء الأرض إلاّ أنّها خرجت منها بسبب الإحراق.

ص: 165

أن (1) نقول: الغالب جوهر (2) القرطاس، أو نقول (3): جمود النورة يردّ إليها اسم الأرض.

و هذا (4) الإيراد متّجه لو لا خروج القرطاس بالنصّ الصحيح و عمل الأصحاب، و ما دفع (5) به الإشكال غير واضح، فإنّ أغلبية المسوّغ (6) لا يكفي مع امتزاجه بغيره

**********

شرح:

(1)هذا دفع ما قال «إنّ في النفس من القرطاس شيء». يعني يمكن دفع ما يوجد في النفس من الشبهة بأن يقال: إنّ الغالب في القرطاس هو جوهره و مادّته الذي يصحّ السجود عليه.

(2)المراد من جوهر القرطاس هو القطن و القنّب و الكتّان.

(3)و هذا جواب ثان للشبهة العارضة للنفس بأن يقال: إن جمود النورة يوجب إطلاق اسم الأرض عليها ثانيا.

بمعنى أنّ النورة تكون من أجزاء الأرض أولا ثم خرجت عنها بالاستحالة بالإحراق، ثم عادت بعد الانجماد بصحّة إطلاق الأرض عليها. و الضمير في قوله «إليها» يرجع الى النورة.

(4)المشار إليه في قوله «و هذا» هو قوله «في النفس من القرطاس شيء». يعني أنّ الشبهة الحاصلة في الذهن في جواز السجود على القرطاس متّجه، إلاّ أنّ الحكم بالجواز هو بالنصّ الصحيح الذي تقدّم.

و قوله «و عمل الأصحاب» عطف على النصّ الصحيح. يعني أنّ خروج القرطاس عن الأصل بسبب النصّ الصحيح و بسبب عمل الأصحاب به.

(5)إشارة الى ضعف دفع الإشكال الحاصل عند النفس بقوليه «إلاّ أن نقول الغالب... الخ» و «جمود النورة... الخ». يعني هذا الدفع من الإشكال الحاصل غير واضح. أمّا وجه ضعف دليله الأول قوله «إنّ أغلبية المسوّغ لا يكفي في الحكم بالجواز مع امتزاجه بغيره». و ضعف دليله الثاني قوله «كون جمود النورة... الخ».

(6)قوله «المسوّغ» بصيغة اسم المفعول. يعني أنّ أغلبية جوهر القرطاس المسوّغ للسجود عليه لا يكفي في الحكم المذكور لأنه ممزوج بغير المسوّغ.

ص: 166

و انبثاث (1) أجزائهما بحيث لا يتميّز، و كون (2) جمود النورة يردّ إليها اسم الأرض في غاية الضعف، و على قوله (3) رحمه اللّه لو شكّ في جنس المتّخذ منه - كما هو الأغلب - لم يصحّ السجود عليه، للشكّ في حصول شرط الصحة.

و بهذا ينسدّ باب السجود عليه غالبا (4)، و هو (5) غير مسموع في مقابل النصّ و عمل الأصحاب.

(و يكره) السجود (على المكتوب) منه مع ملاقاة الجبهة لما (6) يقع

**********

شرح:

(1)بالجرّ، للعطف على قوله «مع امتزاجه». و ضمير التثنية في قوله «أجزائهما» يرجع الى الجوهر و النورة. يعني أنّ أغلبية المسوّغ لا يكفي في الحكم بجواز السجود على القرطاس لتفرّق أجزاء النورة و الخليط بحيث لا يتميّز مقدار ما يصحّ السجود عليه.

(2)هذا ردّ لقوله «أو نقول: جمود النورة... الخ». يعني أنّ القول بأنّ جمود النورة يوجب عودها الى إطلاق الأرض عليها في غاية الضعف.

(3)يعني بناء على قول المصنّف رحمه اللّه بجواز السجود على القرطاس بشرط اتخاذه من القطن و الكتّان و القنّب لا اذا اتّخذ من الحرير، فلو شكّ في القرطاس المأخوذ منها لا يصحّ السجود عليه للشكّ في حصول الشرط .

(4)فإنّ أغلب القراطيس و الكواغذ مشكوكة في اتّخاذه ممّا يصحّ السجود عليه أم لا، فينسدّ باب إجازة السجود على القراطيس غالبا.

(5)الضمير في قوله «و هو غير مسموع» يرجع الى انسداد باب السجود على القرطاس. يعني أنّ ذلك غير مسموع في مقابل النصّ الدالّ بجواز السجود على القرطاس، كما تقدّم في روايتي الجمّال و ابن مهزيار مع عمل الأصحاب بالنصّ المذكور.

(6)يعني أنّ الكراهة في صورة ملاقاة الجبهة بمقدار ما يصحّ السجود من القرطاس غير مكتوب فيه لأنّ حبر الكتابة مانع يفصل بين الجبهة و محلّ السجود اذا لم يضع الجبهة بالمقدار المذكور الخالي من الكتابة.

ص: 167

عليه اسم السجود خاليا من الكتابة، و بعضهم لم يعتبر ذلك (1)، بناء على كون المداد (2) عرضا لا يحول بين الجبهة و جوهر القرطاس، و ضعفه ظاهر (3).

الشرط الخامس طهارة البدن من الحدث و الخبث

(الخامس (4): طهارة البدن من الحدث و الخبث) (و قد سبق) بيان حكمهما مفصّلا (5).

**********

شرح:

(1)يعني أنّ بعض الفقهاء لم يعتبر كون المقدار المذكور خاليا من الكتابة، لأنّ اللون الحاصل من المداد عرضا غير حائل بين القرطاس و الجبهة.

(2)المداد - بكسر الميم -: الحبر. (المنجد).

(3)لأنّ حبر الكتابة جسم زائد على جسم القرطاس.

الطهارة من الحدث و الخبث (4)صفة لموصوف مقدّر و هو الشرط ، أي الشرط الخامس من شروط الصلاة التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في صفحة 22: «و هي سبعة».

و قد ذكر الأول منها و هو الوقت، ثمّ الثاني منها و هو القبلة، ثمّ الشرط الثالث منها و هو ستر العورة، ثمّ الرابع منها و هو المكان، ثمّ شرع في بيان الشرط الخامس و هو طهارة البدن من الحدث و الخبث.

(5)يعني قد تقدّم حكم طهارة البدن من الحدث و الخبث في أحكام النجاسات و أحكام الطهارات الثلاثة من كتاب الطهارة في الجزء الأول.

ص: 168

الشرط السادس: ترك الكلام

اشارة

(السادس (1): ترك الكلام (2)) في أثناء الصلاة،

المراد من الكلام

و هو (3): - على ما اختاره المصنّف و الجماعة - ما تركّب (4) من حرفين فصاعدا، و إن لم يكن كلاما لغة (5) و لا اصطلاحا (6)،

**********

شرح:

ترك الكلام (1)صفة لموصوف مقدّر و هو الشرط ، أي الشرط السادس من شروط الصلاة التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في صفحة 22: «و هي سبعة».

و قد ذكر الشرط الأول منها و هو الوقت، ثمّ الثاني منها و هو القبلة، ثمّ الشرط الثالث منها و هو ستر العورة، ثمّ الرابع منها و هو المكان، ثمّ أشار الى الخامس في طهارة البدن من الحدث و الخبث، ثمّ شرع في بيان الشرط السادس و هو ترك الكلام.

(2)الكلام: القول، يقال: أتى بكلام... (أقرب الموارد). و المراد هنا الكلام المعبّر عنه بكلام الآدميّ غير القرآن و الدعاء و الذكر، فإنها مباحة في أثناء الصلاة و لا تضرّ إلاّ أن تكون موجبة لانمحاء صورة الصلاة.

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الكلام. يعني أنّ الكلام الذي يجب تركه في أثناء الصلاة ما يتركّب من... الخ.

(4)خبر قوله «و هو».

(5)فإنّ الكلام اللغوي هو القول المفيد للمعنى و لو كان حرفا واحدا، مثل حرف العطف «واو».

(6)إيضاح اعلم أنّ في الكلام ثلاث اصطلاحات:

الأول: اصطلاح اللغويين، و هو أنّ الكلام لفظ يتكلّم به بشرط كونه مفيدا للمعنى، سواء كان حرفا واحدا مثل «واو» العطف أو حرفين مثل «من» أو أكثر مثل «زيد».

الثاني: اصطلاح النحويّين، و هو أنّ الكلام هو المركّب من الكلمتين اللتين بينهما الاسناد التامّ مثل «جاء زيد».

الثالث: اصطلاح الفقهاء، و هو اللفظ المركّب من حرفين بلا فرق بين كونه مفيدا

ص: 169

و في حكمه (1) الحرف الواحد المفيد كالأمر من الأفعال المعتلّة الطرفين، مثل «ق» (2) من الوقاية، و «ع» (3) من الوعاية لاشتماله (4) على مقصود الكلام، و إن أخطأ (5) بحذف (6)

**********

شرح:

للمعنى مثل حرف النداء أو غير مفيد مثل مقلوب زيد.

النسبة المنطقية بين الكلام عند الفقهاء و الكلام عند اللغويين هو العموم و الخصوص من وجه، لأنّ اللفظ غير المفيد للمعنى مثل «ديز و بيز» يصدق عليه الكلام الفقهي لا اللغوي، فإنّ الفقهاء يقولون ببطلان الصلاة بتلفّظ الحرفين و لو لم يكن مفيدا للمعنى، و التلفّظ بحرف مفيد للمعنى مثل واو العطف يصدق عليه الكلام اللغوي لا الفقهي لعدم بطلان الصلاة بتلفّظه.

و التلفظ بما يتركّب من حرفين مفيدا للمعنى يصدق عليه الكلام الفقهي لبطلان الصلاة به، و الكلام اللغوي لكونه قولا مفيدا للمعنى. و هذه النسبة أيضا جارية بين الكلام النحوي و الفقهي.

و الحاصل: أنّ الكلام المبطل للصلاة عند الفقهاء هو التلفّظ بحرفين و لو لم يكن كلاما عند اللغويين و النحويين مثل «آه، اح، پف، تف» و أمثال ذلك.

(1)الضمير في قوله «و في حكمه» يرجع الى ما يتركّب من حرفين، و هو خبر مقدّم لمبتدإ مؤخّر هو قوله «الحرف الواحد».

(2)إنّ حرف «ق» فعل أمر مأخوذ من وقى يقي بمعنى الحفظ و الصيانة و الستر من الأذى.

(3)إنّ حرف «ع» فعل أمر مأخوذ من وعى يعي، و هو معتلّ الطرفين بمعنى الحفظ و التدبّر.

(4)هذا تعليل كون الحروف المذكورة في حكم المركّب من الحرفين في بطلان الصلاة بتلفّظها أيضا، فإنّها و لو لم تكن كلاما في اصطلاح الفقهاء كما تقدّم لعدم تركّبها من حرفين لكن يحكم ببطلان الصلاة بتلفّظها لإفهامها مقصود المتكلّم.

(5)فإنّ النحويين قالوا بوجوب إلحاق هاء السكت الى الحروف المذكورة عند الوقف مثل «قه، عه» فلو أخطأ المصلّي و لم يذكر الهاء يحكم ببطلان الصلاة أيضا.

(6)الباء للسببية. يعني و أن أخطأ بسبب عدم ذكر هاء السكت.

ص: 170

هاء السكت و حرف (1) المدّ لاشتماله (2) على حرفين فصاعدا.

و يشكل بأنّ النصوص خالية عن هذا (3) الإطلاق، فلا أقلّ من أن يرجع فيه (4) إلى الكلام لغة أو اصطلاحا، و حرف (5) المدّ - و إن طال مدّه بحيث يكون بقدر أحرف - لا يخرج عن كونه حرفا واحدا في نفسه، فإنّ المدّ - على ما حقّقوه - ليس بحرف و لا حركة، و إنّما هو (6) زيادة في مطّ (7) الحرف و النفس (8) به (9)، و ذلك (10) لا يلحقه بالكلام.

و العجب أنّهم (11) جزموا بالحكم

**********

شرح:

(1)مرفوع لكونه عطفا على قوله «الحرف الواحد المفيد». يعني و في حكم الكلام المركّب من حرفين في بطلان الصلاة الحرف الواحد المفيد مثل «ق» و «ع» و حرف المدّ.

(2)تعليل كون حرف المدّ في حكم الكلام بأنّه مشتمل على مدّ الصوت و تطويله بمقدار حرفين أو أكثر.

(3)المراد من الإطلاق هو إطلاق الكلام بالحرف الواحد و المدّ مع عدم صدق اسم الكلام عليهما لا عرفا و لا لغة.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الكلام المبطل.

(5)الواو حالية. يعني و الحال أنّ حرف المدّ - مثل الواو و الياء و الألف - لا يخرج عن كونه حرفا واحدا و إن أطاله المتكلّم أكثر من المدّ المتعارف، فهذا دليل على عدم كون حرف المدّ أكثر من حرف واحد عند إطالته.

(6)أي المدّ.

(7)المطّ - بفتح الميم -: مصدر مطّ يمطّ على وزن مدّ يمدّ و على معناه.

(8)النفس - بفتح النون و الفاء -: ريح يدخل و يخرج من فم الحيّ ذي الرئة و أنفه حال التنفّس، جمعه أنفاس. (المنجد).

(9)أي بالحرف.

(10)المشار إليه هو المدّ و المطّ . و الضمير في «لا يلحقه» يرجع الى المدّ.

(11)أي الفقهاء.

ص: 171

الأول (1) مطلقا، و توقّفوا في الحرف المفهم (2) من حيث كون المبطل الحرفين فصاعدا، مع أنّه (3) كلام لغة و اصطلاحا.

و في (4) اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى و جهان (5)، و قطع المصنّف بعدم اعتباره (6). و تظهر الفائدة في الحرفين الحادثين من التنحنح (7) و نحوه (8)، و قطع العلاّمة بكونهما حينئذ غير مبطلين، محتجّا بأنّهما ليسا من جنس الكلام، و هو (9) حسن.

و اعلم (10) أنّ في جعل هذه التروك من الشرائط

**********

شرح:

(1)المراد من «الحكم الأول» هو بطلان الصلاة بالحرفين، و المراد من «مطلقا» صدق الكلام به أم لا، مثل «آه، اح، اف» و مثل مدّ الحروف و إطالتها أكثر من المتعارف.

(2)مثل الحرف الدالّ على معنى الأمر مثل «ع، ق».

(3)أي مع أنّ الحرف المفهم كلام في اللغة و الاصطلاح.

(4)الواو مستأنفة. يعني هل يشترط في بطلان الصلاة بالحرفين كونهما موضوعين لمعنى أم لا؟

(5)وجه الاشتراط عدم صدق الكلام بالمهملات غير الموضوعات، و وجه عدم الاشتراط إطلاق المناط ، و هو كون المبطل متحقّق الحرفين، موضوعين أم مهملين.

(6)الضمير في قوله «اعتباره» يرجع الى الاشتراط . يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قطع بعدمه.

(7)تنحنح - على وزن تدحرج، مصدره. تنحنح -: تردّد الصوت في الصدر مثل «اح اح».

(8)و نحوه مثل العطس.

(9)أي احتجاج العلاّمة بعدم كون الحرفين المهملين من جنس الكلام حسن.

(10)توضيح للمطلب، بأن المصنّف رحمه اللّه في مقام بيان شرائط الصلاة قال: السادس

ص: 172

تجوّزا (1) ظاهرا، فإنّ الشرط يعتبر كونه متقدّما على المشروط و مقارنا له، و الأمر هنا ليس كذلك (2).

ترك الفعل الكثير

(و) (3) ترك (الفعل الكثير عادة) و هو: ما يخرج به فاعله عن كونه مصلّيا عرفا. و لا عبرة (4) بالعدد، فقد يكون الكثير فيه (5) قليلا كحركة الأصابع، و القليل (6) فيه كثيرا كالوثبة (7) الفاحشة.

و يعتبر فيه (8) التوالي، فلو تفرّق بحيث حصلت الكثرة في جميع الصلاة و لم يتحقّق الوصف (9) في

**********

شرح:

من الشرائط ترك الكلام، و الحال أنّ ترك الامور المذكورة لا يصدقه الشرط ، لأنّ الشرط هو الأمر الوجودي الذي هو قبل العمل و المقارن به مثل الوضوء بالنسبة الى الصلاة، و الحال أنّ الأمور المتروكة لا وجود لها و لا يلزم تقدّمها للصلاة. ففي كون التروك المذكورة من شرائط الصلاة تجوّز للعلم بعدم وجوب تقدّم هذه، بل كفاية المقارنة فقط .

(1)منصوب لكونه اسما ل «أنّ ».

(2)أي متقدّما و مقارنا، و الواو في قوله «و مقارنا» بمعنى الجمع. تعني يعتبر في الشرط كونه متقدّما و مقارنا مع المشروط ، و الحال أنّ التروك المذكورة لم تجمع بين وصفي التقدّم و المقارنة، بل كانت مقارنة للصلاة فقط ، كما أوضحنا قبل قليل.

(3)عطف على قوله «الكلام».

(4)أي لا اعتبار بالتعداد من الأفعال.

(5)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الفعل. يعني ربّما يكون الكثير في الفعل قليلا عرفا مثل حركة الأصابع بأنّه كثير عدّا لا عرفا.

(6)عطف على «الكثير».

(7)وثب يثب وثبا: أي قام و نهض، قفز و طفر. و الوثبة - بفتح الواو و سكون الثاء آخرها التاء -: اسم مرة، مثل ضربة.

(8)أي في الفعل الكثير.

(9)المراد من الوصف هو الكثرة.

ص: 173

المجتمع (1) منها لم يضرّ، و من هنا كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يحمل امامة (2) و هي ابنة ابنته و يضعها كلّما سجد ثمّ يحملها إذا قام. و لا يقدح القليل كلبس العمامة (3) و الرداء (4) و مسح الجبهة و قتل الحيّة و العقرب و هما (5) منصوصان (6).

ترك السكوت الطويل و البكاء و القهقهه و التطبيق و التكتف

(و) ترك (السكوت الطويل) المخرج عن كونه مصلّيا (عادة)، و لو خرج به عن كونه قارئا بطلت القراءة خاصّة (7).

(و) ترك (البكاء) (8) بالمدّ، و هو: ما اشتمل منه (9) على صوت، لا مجرّد خروج الدمع مع احتماله (10) لأنّه البكاء مقصورا،

**********

شرح:

(1)اللام في «المجتمع» بمعنى الموصول، أي لم يتحقّق وصف الكثرة في الأفعال التي صدرت مجتمعا بلا تفرّق، بل يتحقّق الوصف في مجموع الأفعال الصادرة المتفرّقة في ضمن أفعال الصلاة.

(2)أمامة: اسم بنت زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التي تزوّجها أبو العاص.

(3)العمامة - بكسر العين -: ما يلفّ على الرأس.

(4)الرداء - بكسر الراء جمعه أردية -: ما يلبس فوق الثياب كالعباءة و الجبّة.

(5)ضمير «هما» يرجع الى قتل الحيّة و العقرب.

(6)من النصّ الوارد الحديث المنقول من كتاب الوسائل:

عن زرارة أنه قال لأبي جعفر عليه السّلام: رجل يرى العقرب و الأفعى و الحيّة و هو يصلّي أ يقتلها؟ قال: نعم إن شاء فعل. (الوسائل: ج 4 ص 1269 ب 19 من أبواب قواطع الصلاة ح 1).

(7)مثل أن يسكت وسط الحمد بمقدار خرج عن كونه قارئا عرفا، فاذا تبطل القراءة فقط ، فاذا بطلت القراءة بطلت الصلاة أيضا لو لم يعد القراءة، لكن لو أعاد القراءة صحّت صلاته.

(8)البكاء بضمّ الباء، و المدّ: هو البكاء مع الصوت.

(9)الضمير في قوله «منه» يرجع الى البكاء.

(10)الضمير في قوله «احتماله» يرجع الى مجرّد خروج الدمع لكونه بكاء بلا صوت.

ص: 174

و الشكّ (1) في كون الوارد منه (2) في النصّ مقصورا أو ممدودا (3)، و أصالة (4) عدم المدّ معارض بأصالة صحّة الصلاة، فيبقى الشكّ في عروض المبطل (5) مقتضيا لبقاء حكم الصحّة.

و إنّما يشترك ترك البكاء (للدنيا) كذهاب (6) مال و فقد محبوب، و إن وقع على وجه قهريّ في وجه (7)،

**********

شرح:

(1)مكسور لكونه عطفا على «أنّه» و هذا تعليل ثان.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى البكاء.

(3)يعني لم يعلم البكاء المذكور في النصّ هل هو مقصور أو ممدود، فعلى هذا يمكن شمول الرواية بالبكاء المقصور أيضا. الى هنا دليل بطلان الصلاة بالبكاء المقصور.

(4)هذا ردّ دليل القائل ببطلان الصلاة بالبكاء بلا صوت. و شرح الدليل هكذا. اذا شكّ في أنّ الوارد في النصّ هل هو بالمدّ أو بالقصر يحكم بالقصر لأصالة عدم الزائد.

و أجاب الشارح عنه بأنّ هذا الأصل معارض بأصالة صحّة الصلاة. و المراد من أصالة الصحّة هو استصحاب الصحّة، لكون الصلاة قبل البكاء صحيحا فتستصحب الصحّة. و ليس المراد من التعارض المعارضة المتعارفة، لكون الاستصحاب مقدّما لتمام الأصول، كما قيل: إنّ الاستصحاب عرش الأصول و فرش الأمارات. بل هذا نوع دليل بتقدّم الاستصحاب. لكن يمكن أن يريد من أصالة الصحّة غير الاستصحاب، بل الأصل الذي يمسّكون به عند الشكّ في الصحّة و الفساد. فاذا يمكن التعارض بين أصالة عدم إلزامه و أصل الصحّة، فيتساقطان و يحكم بالاستصحاب، و هو بقاء ما شكّ في عروض المانع كما ذكره الشارح بقوله «فيبقى الشكّ في عروض المبطل مقتضيا لبقاء حكم الصحّة». و هذا هو استصحاب ما كان مقتضيا للبقاء عند الشكّ في وجود المانع.

(5)المراد من المبطل هو البكاء المبطل.

(6)الذهاب - بفتح الذال -: من ذهب يذهب.

(7)أي على وجه من الوجوه، و هو إطلاق النصّ في البكاء المبطل.

ص: 175

و احترز بها (1) عن الآخرة، فإنّ البكاء لها (2) - كذكر الجنّة و النار، و درجات المقرّبين إلى حضرته (3)، و دركات المبعّدين عن رحمته - من أفضل (4) الأعمال. و لو خرج منه (5) حينئذ حرفان فكما سلف (6).

(و) ترك (القهقهة) و هي: الضحك المشتمل على الصوت، و إن لم يكن فيه (7) ترجيع (8) و لا شدّة (9)، و يكفي فيها و في البكاء مسمّاهما (10)، فمن ثمّة أطلق (11). و لو وقعت على وجه لا يمكن دفعه (12) ففيه و جهان، و استقرب المصنّف في الذكرى البطلان (13).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الدنيا و هي مؤنث الأدنى.

(2)الضمير في قوله «لها» يرجع الى الآخرة، فإنّ البكاء للآخرة و الشوق الى الجنّة و الخوف من النار من العبادات المطلوبة.

(3)أي الى حضرة الباري تعالى شأنه المعلوم من القرينة.

(4)خبر إنّ في قوله «فإنّ البكاء لها...».

(5)أي من الباكي، المعلوم من القرينة. يعني لو حصل من بكاء الباكي حين الصلاة حرفان...

(6)من الاحتمالين: البطلان لحصول الحرفين، و عدمه لكونهما عدّ الكلام حرفا أو لغة.

(7)أي في الصوت.

(8)الترجيع هو ترديد الصوت في الحلق.

(9)بالرفع، عطف على «ترجيع».

(10)الضمير في قوله «مسمّاهما» يرجع الى البكاء و الضحك.

(11)فاعله مستتر تقديره المصنّف رحمه اللّه و إطلاقه قوله «ترك البكاء و القهقهة» بلا قيد.

(12)أي دفع الوقوع القهريّ من القهقهة.

(13)أي مال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى الى بطلان الصلاة عند وقوع القهقهة الحاصلة من المصلّي.

ص: 176

(و التطبيق) و هو: وضع إحدى الراحتين (1) على الأخرى راكعا بين ركبتيه (2)، لما روي من النهي عنه (3)، و المستند ضعيف (4)، و المنافاة به من حيث الفعل منتفية، فالقول بالجواز أقوى، و عليه (5) المصنّف في الذكرى.

(و التكتّف (6)) و هو: وضع إحدى اليدين على الاخرى بحائل و غيره فوق (7) السرّة و تحتها (8) بالكفّ عليه (9) و على (10) الزند، لإطلاق النهي

**********

شرح:

(1)الراحة هي باطن الكفّ .

(2)الركبة. الموصل ما بين الفخذ و الساق، جمعه: ركب و ركبات و ركبات و ركبات. (المنجد).

(3)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى التطبيق، أمّا الرواية التي تنهي عنه كما استفاد منها صاحب الجواهر رحمه اللّه فهي منقولة من كتاب الوسائل:

عن عليّ بن جعفر قال: قال أخي عليه السّلام: قال عليّ بن الحسين عليه السّلام: وضع الرجل إحدى يديه على الاخرى في الصلاة عمل و ليس في الصلاة عمل. (الوسائل: ج 4 ص 1264 ب 15 من أبواب قواطع الصلاة ح 4).

(4)هذا نظر الشارح في عدم لزوم ترك التطبيق لضعف المستند و عدم منافاة التطبيق من حيث الفعل الكثير.

(5)الضمير في قوله «و عليه» يرجع الى القول بالجواز.

(6)بالجرّ، عطفا على قوله «التطبيق». و الكتف - بفتح الكاف و سكون التاء المنقوطة - مصدر. يعني لغة شدّ إحدى اليدين بالاخرى، و اصطلاحا وضع إحدى اليدين على الاخرى.

(7)بالنصب لكونه مفعولا فيه لقوله «وضع إحدى اليدين... الخ».

(8)بالنصب، عطفا على «فوق السرّة».

(9)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الكفّ .

(10)عطف على ضمير «عليه».

و توضيح العبارة: أنّ التكتّف عبارة عن وضع إحدى اليدين على الاخرى

ص: 177

عن التكفير الشامل لجميع ذلك (إلاّ لتقية) (1) فيجوز منه (2) ما تأدّت به، بل يجب، و إن كان عندهم (3) سنّة، مع ظنّ الضرر بتركها، لكن لا تبطل الصلاة بتركها حينئذ (4) لو خالف، لتعلّق النهي بأمر خارج، بخلاف المخالفة في غسل الوضوء بالمسح (5).

الالتفات إلى ما وراء و الأكل و الشرب

(و الالتفات (6) إلى ما وراءه) إن

**********

شرح:

و جعلهما فوق السرّة أو تحتها بوضع الكفّ على الكفّ أو بوضع الكفّ على الزند، فكلّ من الحالات المذكورة يشمله التكفير الذي ورد النهي عنه مطلقا كما في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: قلت له: الرجل يضع يده في الصلاة - و حكى اليمنى على اليسرى - فقال: ذلك التكفير، لا يفعل. (الوسائل: ج 4 ص 1264 ب 15 من أبواب قواطع الصلاة ح 1).

(1)هذا استثناء من وجوب ترك التكتّف في الصلاة. يعني يجب الترك إلاّ للتقية.

التقيّة - من تقى يتقي تقى و تقاء و تقية -: الخوف و التجنّب و الحذر. و المراد منها هنا هو الخوف من الضرر.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى التكتّف. يعني يجوز من التكتّف عند التقية بمقدار ما تؤدّي التقية به، فلا يجوز أزيد ممّا يجبر به التقية.

(3)يعني يجب التكتّف - و إن كان هو عند العامّة مستحبّا - في صورة إحساس الضرر من ترك التقية. و الضمير في قوله «بتركها» يرجع الى التقية.

(4)أي حين وجوب التقية، فلو ترك الوجوب و لم يتكتّف لا تبطل صلاته، لأنّ النهي لم يتعلّق بنفس الصلاة بل يتعلّق بأمر خارج عن الصلاة. فارتكاب المنهيّ عنه لا يوجب بطلان الصلاة، كما أنّ نظر المصلّي الى الأجنبية لا يبطل الصلاة.

(5)بالمسح يتعلّق بالمخالفة. يعني هذا بخلاف المخالفة للغسل بسبب التقية في الوضوء بالمسح، فإنّ النهي فيه يتعلّق بنفس المسح للتقية، فلو كان وظيفة المتوضّئ غسل الرجل تقية لكن خالف وظيفته و مسح بدل الغسل بطل وضوؤه.

(6)بالجرّ، عطفا على قوله «التكتّف». يعني و من شروط الصلاة ترك الالتفات الى ما وراءه. و الضمير في قوله «ورائه» يرجع الى المصلّي.

ص: 178

كان (1) ببدنه أجمع، و كذا (2) بوجهه عند المصنّف و إن كان الفرض (3) بعيدا، أمّا إلى ما دون ذلك (4) كاليمين و اليسار، فيكره بالوجه و يبطل بالبدن عمدا من حيث الانحراف (5) عن القبلة.

(و الأكل و الشرب) (6) و إن كان قليلا كاللقمة (7)، إمّا لمنافاتهما وضع الصلاة (8)، أو لأنّ (9) تناول المأكول و المشروب و وضعه في الفم و ازدراده (10) أفعال كثيرة،

**********

شرح:

(1)اسم كان مستتر تقديره «الالتفات». يعني ترك الالتفات شرط للصلاة اذا كان بتمام بدن المصلّي. و الضمير في قوله «بدنه» يرجع الى المصلّي.

(2)يعني و كذا يجب ترك التفات المصلّي وجهه في حال الصلاة بناء على نظر المصنّف رحمه اللّه.

(3)يعني و إن كان التفات المصلّي الى ما وراءه بوجهه بعيدا لأنه كيف يمكن أن ينقلب وجهه الى ورائه ؟

(4)المراد من «دون ذلك» هو الوراء مثل الالتفات الى اليمين و الى اليسار فلا يجب تركه بل يكره فعله.

(5)هذا دليل وجوب ترك التفات المصلّي الى ما وراءه، لأن الالتفات إليه يؤدّي الى الانحراف و هذا يبطل الصلاة.

(6)الأكل و الشرب كلاهما بالجرّ، عطفا على قوله «الالتفات». يعني و من شرائط الصلاة ترك الأكل و الشرب.

(7)اللقمة: ما يلقم في مرّة، جمعه: لقم. (المنجد).

(8)إذ هما ينافيان الاشتغال بذكر اللّه تعالى و عبادته.

(9)هذا دليل آخر لوجوب ترك الأكل و الشرب حين إتيان الصلاة، و هو كونهما من قبيل فعل الكثير المبطل للصلاة.

(10)الضمير في قوله «ازدراده» يرجع الى الطعام. و لفظه من زرد يزرد زردا و ازدرادا وزان علم يعلم: بلع اللقمة و أسرع. (المنجد).

ص: 179

و كلاهما (1) ضعيف، إذ لا دليل (2) على أصل المنافاة، فالأقوى اعتبار الكثرة فيهما (3) عرفا، فيرجعان إلى الفعل الكثير، و هو (4) اختيار المصنّف في كتبه الثلاثة (إلاّ في الوتر (5) لمن يريد الصوم) و هو عطشان (فيشرب) إذا لم يستدع (6) منافيا غيره (7)، و خاف (8) فجأة الصبح قبل إكمال غرضه

**********

شرح:

(1)أي كلا الدليلين - و هما كون الأكل و الشرب منافيان لوضع الصلاة و كونهما فعلا كثيرا - ضعيف.

(2)هذا ردّ على الدليل الأول، و هو أنّ التنافي بين وضع الصلاة و الأكل و الشرب لا دليل عليه.

(3)و هذا كأنّه ردّ على الدليل الثاني بأنّه ما لم يدلّ العرف على كونهما فعلا كثيرا لا يحكم بعدم جوازهما حال الصلاة.

(4)الضمير يرجع الى الاعتبار. يعني اعتبار الكثرة في الفعل في الأكل و الشرب في إبطالهما الصلاة مختار المصنّف رحمه اللّه في كتبه الثلاثة (الذكرى، و البيان، و الدروس) فلو لم يصدق عليهما فعل كثير لا تبطل الصلاة بهما.

(5)يعني يجب ترك الأكل و الشرب إلاّ في صلاة الوتر - و هي ركعة واحدة بعد ركعتي الشفع - لمن يريد الصوم و هو عطشان، فلو لم يشرب الماء يدخل الفجر و يمنع من شرب الماء، فيجوز له أن يشرب الماء حال صلاة الوتر.

(6)أي اذا لم يحتج الشرب الى الأفعال المنافية للصلاة، مثل استدبار القبلة أو غير ذلك.

(7)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الشرب، و هو بالنصب لكونه مفعولا بقوله «لم يستدع». يعني يجوز الشرب حال صلاة الوتر بشرطين، أحدهما: اذا لم يوجب المنافي للصلاة غير نفس الشرب، و الثاني: اذا خاف طلوع الصبح قبل تأتّي غرضه من صلاة الوتر من قراءة الأدعية الواردة في قنوته و تكرار السورة و غير ذلك. و الضمير في قوله «منه» يرجع الى الوتر. و الضمير في قوله «غرضه» يرجع الى المصلّي.

(8)عطف على قوله «اذا لم يستدع».

ص: 180

منه، و لا فرق فيه (1) بين الواجب و الندب.

و اعلم أنّ هذه المذكورات (2) أجمع إنّما تنافي الصلاة مع تعمّدها، عند المصنّف مطلقا (3)، و بعضها إجماعا، و إنّما لم يقيّد (4) هنا اكتفاء باشتراطه تركها، فإنّ ذلك يقتضي التكليف به المتوقّف على الذكر، لأنّ الناسي غير مكلّف ابتداء (5)، نعم (6) الفعل الكثير ربّما توقّف المصنّف في تقييده بالعمد، لأنّه أطلقه في البيان، و نسب التقييد في الذكرى إلى الأصحاب، و في

**********

شرح:

(1)و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى كلّ واحد من الصوم و الوتر. يعني لا فرق في الحكم المذكور بين كونهما واجبين أو مستحبّين.

(2)المراد من المذكورات هو الذي ذكر وجوب تركها من أول الشرط السادس الى هنا يعني إنّما تبطل الصلاة بإتيان هذه عند التعمّد.

(3)يعني أنّ المذكورات تبطل الصلاة لو ارتكبها عمدا عند المصنّف رحمه اللّه كلاّ. يعني أيّ فرد منها كان تبطل الصلاة عند المصنّف رحمه اللّه، لكن البعض منها مبطل إجماعا و بلا خلاف بين الفقهاء.

(4)فاعله مستتر تقديره المصنّف. يعني أطلق المصنّف رحمه اللّه بطلان الصلاة بها جميعا و لم يقيّد بحال العمد لأنه اكتفى بكون ترك المذكورات شرطا للصلاة، و هو يقتضي التكليف المتوقّف على الذكر. و الضمير في قوله «باشتراطه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و في «تركها» يرجع الى المذكورات.

(5)يعني أنّ الناسي ليس مكلّفا من الأول، فالتكليف برعاية شروط الصلاة عند المصنّف رحمه اللّه يلازم كون المذكورات مكلّفا بها عند التذكّر و العمد، و لا يخفى أنّ الناسي أيضا مكلّف في بعض الموارد بإتيان الأجزاء المنسيّة بعد الصلاة.

(6)هذا استدراك عن عدم اشتراط التعمّد في بطلان الصلاة في خصوص فعل الكثير، فإنّ المصنّف رحمه اللّه أطلق البطلان بسبب فعل الكثير في كتابه البيان، و نسب البطلان بالفعل الكثير الى الأصحاب من الفقهاء، و نسب البطلان في كتاب الدروس الى المشهور. فمن عباراته المختلفة في كتبه يستفاد توقّفه في اشتراط التعمّد في بطلان الصلاة بالفعل الكثير.

ص: 181

الدروس إلى المشهور، و في الرسالة الألفية جعله (1) من قسم المنافي مطلقا، و لا يخلو إطلاقه (2) هنا من دلالة على القيد إلحاقا له (3) بالباقي. نعم لو استلزم الفعل الكثير ناسيا (4) انمحاء صورة الصلاة رأسا توجّه البطلان أيضا، لكنّ الأصحاب أطلقوا (5) الحكم.

الشرط السابع: الإسلام

(السابع (6): الإسلام)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى الفعل الكثير. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه جعل الفعل الكثير منافيا و مبطلا للصلاة بلا قيد التعمّد و غيره.

(2)يعني أنّ إطلاق المصنّف رحمه اللّه بطلان الصلاة بالفعل الكثير في هذا الكتاب لا يخلو من الدلالة بقيد التعمّد، لأنّ البطلان فيما ألحقه الفعل الكثير مشروط بالعمد فكذلك في الفعل الكثير.

(3)أي إلحاق الفعل الكثير بالبقيّة ممّا ذكر في الشرط السادس.

(4)بمعنى أنّ الفعل الكثير اذا استلزم انمحاء هيئة الصلاة من الأصل على نحو يخرج المصلّي عن حالة كونه مصلّيا يتوجّه الحكم بإبطال الصلاة مطلقا، بلا تقييد بالعمد.

(5)يعني أنّ الأصحاب أطلقوا عدم بطلان الصلاة بالفعل الكثير في صورة السهو، بلا تقييد كونه مخرجا عن هيئة الصلاة أم لا، بل القائلون بالبطلان و عدمه سهوا أطلقوا الحكم.

الإسلام (6)صفة لموصوف مقدّر و هو الشرط ، أي الشرط السابع من شروط الصلاة التي قال عنها المصنّف رحمه اللّه في صفحة 22: «و هي سبعة».

و قد ذكر الأول منها و هو الوقت، ثمّ الثاني منها و هو القبلة، ثمّ ذكر الشرط الثالث منها و هو ستر العورة، و ذكر بعد ذلك الشرط الرابع و هو المكان، ثمّ أشار

ص: 182

(فلا تصحّ العبادة (1)) مطلقا فتدخل الصلاة (من الكافر (2)) مطلقا و إن كان (3) مرتدّا ملّيا (4)، أو فطريا (5)(و إن وجبت عليه (6)) كما هو قول الأكثر، خلافا لأبي حنيفة حيث زعم أنّه (7) غير مكلّف بالفروع فلا يعاقب على تركها (8)، و تحقيق المسألة في الاصول (9).

**********

شرح:

الى الخامس منها و هو طهارة البدن من الحدث و الخبث، ثمّ ذكر الشرط السادس و هو ترك الكلام، و أخيرا شرع في بيان الشرط الأخير منها و هو الإسلام.

(1)العبادة من عبد يعبد وزان كتب يكتب، مصدره عبادة و عبودية و عبودية اللّه:

وحّده و خدمه و خضع و ذلّ و طاع له. (المنجد).

و المراد هنا الأعمال المشروطة بقصد القربة الى اللّه تعالى، فإنّ الأعمال كذلك لا تصحّ من غير المسلم لعدم تحقّق التقرّب منه الى اللّه سبحانه. فمن ذلك نفس الصلاة فلا تصحّ من غير المسلم، فمن شرائط الصلاة هو الإسلام.

قوله «مطلقا» يعني سواء كانت صلاة أو غيرها.

(2)الظرف يتعلّق بقوله «فلا تصحّ ». و قوله «مطلقا» إشارة الى أيّ قسم كان من الكفر.

(3)قوله «إن» وصلية. يعني لا تصحّ الصلاة من الكافر و لو كان مرتدّا.

(4)الملّي: هو الذي كان من ملّة الكفر فأسلم ثمّ ارتدّ.

(5)الفطري: هو الذي كان أحد أبويه مسلما عند الولادة ثمّ ارتدّ من الإسلام و كان كافرا. و الفرق بينهما هو أنّ الأول يستتاب و تقبل توبته بخلاف الثاني فلا تقبل توبته على الظاهر، بل يحكم الحاكم بقتله و توريث أمواله لو كان رجلا، و يحكم بالاستتابة و الحبس عند عدم التوبة لو كان امرأة.

(6)يعني أنّ الكافر مكلّف بالواجبات الفرعية لكن لا تقبل منه حال الكفر.

(7)يعني زعم أبو حنيفة بعدم كون الكافر مكلفا بالفروع.

(8)الضمير في قوله «تركها» يرجع الى الفروع. و الحقّ ما عند الامامية هو أنّ الكافر مكلّف بالفروع و الاصول، فيعاقب يوم القيامة لتركهما.

(9)يعني تحقيق المسألة في أنّ الكافر يعاقب لترك الفروع أم لا هو في علم الاصول من العقائد.

ص: 183

(و التمييز) (1) بأن يكون له قوّة يمكنه بها معرفة أفعال الصلاة ليميّز الشرط من الفعل، و يقصد بسببه (2) فعل العبادة،(فلا تصحّ (3) من المجنون و المغمى عليه و) الصبيّ (غير المميّز لأفعالها) بحيث لا يفرّق بين ما هو شرط فيها (4) و غير شرط ، و ما هو واجب و غير واجب، إذا نبّه عليه.

(و يمرّن (5) الصبيّ ) على الصلاة (لستّ (6))، و في البيان لسبع (7)، و كلاهما مروي (8)، و يضرب عليها لتسع، و روي لعشر،

**********

شرح:

(1)بالرفع، لكونه خبرا لقوله «السابع». و المراد من التمييز - كما شرحه - بأن يكون المصلّي عارفا بأفعال الصلاة من حيث الشعور ليفهم الفرق بين الشرط و الفعل.

(2)أي بأن يقصد بسبب التميز العبادة. و الضمير في قوله «بسببه» يرجع الى التمييز.

(3)هذا نتيجة شرط التمييز في المصلّي، فإنّ المجنون و المغمى عليه و الذي لا يميّز أفعال الصلاة لا تصحّ الصلاة منهم.

(4)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الأفعال. يعني أنّ غير المميّز هو الذي لا يفرّق بين الشرط و غيره و بين الواجب و الندب اذا نبّه عليه.

(5)يمرّن بصيغة المجهول من مرن يمرن مرونة و مرونا و مرانة على الشيء: أي اعتاده و داومه، وازن كتب يكتب. (المنجد). يعني يلزم الصبي بإتيان الصلاة بعنوان التمرين و العادة للصلاة.

(6)أي الصبي الذي بلغ عمره ستّ سنوات.

(7)يعني و قال في كتاب البيان: يمرّن الصبي الذي بلغ سبع سنوات، و كلاهما مرويّ .

(8)أمّا الرواية الدالّة على تمرين الصبي و هو في سنّ السادسة فهي منقولة من كتاب الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام في الصبي متى يصلّي ؟ قال عليه السّلام: اذا عقل الصلاة، قلت: متى يعقل الصلاة و تجب عليه ؟ قال: لستّ سنين. (الوسائل: ج 3 ص 12 ب 3 من أبواب أعداد الفرائض ح 2).

ص: 184

و يتخيّر (1) بين نية الوجوب و الندب، و المراد بالتمرين التعويد على أفعال المكلّفين ليعتادها (2) قبل البلوغ فلا يشقّ عليه بعده.

**********

شرح:

و أمّا الرواية الدالّة على تمرين الصبي و هو في سنّ السابعة فهي منقولة من كتاب الوسائل:

عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بني خمس سنين، فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين. (الوسائل: ج 3 ص 12 نفس الباب السابق ح 5).

(1)أي يتخيّر الصبيّ بأن ينوي الصلاة واجبا أو ندبا.

(2)أي يعتاد الصبيّ بأفعال المكلّفين قبل تكليفه بها، فلا يشكل عليه التكليف بعد البلوغ.

ص: 185

الفصل الثالث في كيفية الصلاة

اشارة

(الفصل الثالث) (1) (في كيفية الصلاة)

يستحبّ الأذان و الإقامة

يستحبّان قبل الشروع

(و يستحبّ ) قبل الشروع في الصلاة (الأذان (2) و الإقامة (3)) و إنّما جعلهما (4) من الكيفية خلافا للمشهور من جعلهما من المقدّمات، نظرا (5) إلى مقارنة الإقامة لها غالبا، لبطلانها (6) بالكلام و نحوه بينها و بين

**********

شرح:

كيفية الصلاة (1)أي الفصل الثالث من الفصول التي قال عنها في أول كتاب الصلاة: «فصوله أحد عشر».

الأذان و الإقامة (2)بالرفع، لكونه نائب فاعل لقوله «و يستحبّ ». و الأذان هو الإعلام. (المنجد).

(3)أقام إقامة و قامة: ضدّ أجلس، و أقام للصلاة: نادى لها. (المنجد).

هذان معنى الأذان و الإقامة في اللغة. أمّا المراد منهما في الاصطلاح ليشير الى كيفيتهما قريبا.

(4)فاعل «جعلهما» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، و الضمير «هما» يرجع الى الأذان و الإقامة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه جعلهما من كيفية الصلاة، لكن المشهور جعلهما من مقدّمات الصلاة.

(5)هذا تعليل لجعل المصنّف رحمه اللّه الأذان و الإقامة من كيفيتها.

(6)أي لبطلان الإقامة بالتكلّم بين الإقامة و الصلاة.

ص: 186

الصلاة، و كونها (1) أحد الجزءين، فكانا (2) كالجزء المقارن، كما دخلت النية فيها (3)، مع أنّها خارجة عنها، متقدّمة (4) عليها على التحقيق.

و كيفيتهما (بأن ينويهما (5)) أولا لأنّهما عبادة، فيفتقر (6) في الثواب عليها إلى النية، إلاّ ما شذّ (7)،

**********

شرح:

توضيح: إنّ المصنّف رحمه اللّه جعل الأذان و الاقامة من كيفية الصلاة، و الحال جعلهما المشهور من مقدّمات الصلاة بالنظر الى أنّ الإقامة مقارنة للصلاة. و أيضا لبطلان الإقامة لو فصل بينها و بين الصلاة بالتكلّم و غيره، فاذا ناسب كون الإقامة من كيفية الصلاة بالدليلين فهي جزء الأذان و الإقامة، فيكون الأذان أيضا مناسبا لأن يعدّ من كيفية الصلاة.

و الضمير في «لبطلانها» يرجع الى الإقامة. و الضمير في «نحوه» يرجع الى الكلام.

و المراد منه مثل الفعل الكثير أو السكوت الطويل.

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «لبطلانها»، هذا في إدامة التعليل لجعلهما من كيفية الصلاة. يعني لكون الإقامة أحد الجزءين: الأذان و الإقامة.

و الضمير في قوله «كونها» يرجع الى الإقامة.

(2)فاعل «كانا» مستتر يرجع الى الأذان و الإقامة. يعني فبالدليل المذكور كان الأذان و الإقامة مثل الجزء المقارن للصلاة.

(3)هذا تقريب لكون الأذان و الإقامة من كيفية الصلاة بأنّ النية مع كونها مقدّمة للصلاة تعدّ من الكيفيات لها فكذلك الأذان و الإقامة.

و الضمير في قوله «مع أنها» يرجع الى النية. و الضمير في قوله «عنها» يرجع الى الصلاة.

(4)يعني مع أنّ النية متقدّمة على الصلاة بالتحقيق.

(5)يعني يلزم النية للأذان و الإقامة قبلهما، لأنّهما من العبادات المحتاجة إليها.

(6)فاعله مستتر يرجع الى من يريد أن يؤذّن و يقيم. يعني كلّ من أراد أن يحصّل الثواب على العبادة التي يؤدّيها فلينوها.

(7)مثّل بعض لما شذّ ما روي: أنّ من يدير السبحة ساهيا فإنه يحصل له الثواب

ص: 187

(و يكبّر أربعا (1) في أول الأذان، ثمّ التشهّدان (2)) بالتوحيد و الرسالة،(ثمّ الحيعلات (3) الثلاث، ثمّ التكبير، ثمّ التهليل، مثنى (4) مثنى)، فهذه ثمانية عشر فصلا (5).

(و الإقامة مثنى) في جميع فصولها و هي (6) فصول الأذان إلاّ ما يخرجه (و يزيد (7)) بعد حيّ على خير العمل،(قد قامت الصلاة مرّتين)،

**********

شرح:

و لو لم تحصل منه النية.

* من حواشي الكتاب: كبعض الأفعال المتعلّقة بالميّت من الدفن و الكفن و غيرهما.

و الحقّ أنه إن دلّ دليل على اعتبار النيّة في حصول الثواب على العبادة يكون شاملا للجميع و لا يستثنى منه شيء، إذ لم يوجد دليل في الأخبار على استثناء شيء بخصوصه من تلك الكلّية، بل النيّة من أصلها مسكوت عنها في الأخبار و كلام قدماء الأصحاب، و الرواية المشهورة عالية. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

أقول في ردّ المثال عن الفاضل التوني رحمه اللّه: إنّ دفن الميّت و كذا كفنه لا يكونان من قبيل العبادة، بل العمل بهما يسقط الوجوب الكفائيّ عن الكلّ و لو بنيّة التجنّب عن رائحة الميّت. فدفن الميّت و كفنه و كذلك غسل الثوب و أمثالهما لا يترتّب عليها الثواب إلاّ مع النيّة.

(1)أي يكبّر بقوله «اللّه أكبر» 4 مرّات.

(2)المراد من التشهّدين: الشهادة بالتوحيد بقوله: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه» مرّتين، و الشهادة بالرسالة بقوله: «أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه» مرّتين.

(3)حيعل المؤذّن: قال «حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح». (المنجد).

الحيعلات - جمع مفردها الحيعلة وزان دحرجة - اسم لجمل «حيّ على الصلاة» و أخواتها.

(4)المثنى: إعادة المعروف مرّتين فأكثر. (أقرب الموارد). و المراد مرّتين.

(5)أي أنّ فصول الأذان ثمانية عشر.

(6)يعني أنّ فصول الإقامة هي فصول الأذان إلاّ الفصول التي يخرجه.

(7)يعني و يزيد من يقرأ الإقامة فصلا و هو «قد قامت الصلاة» مرّتين.

ص: 188

(و يهلّل (1) في آخرها مرّة) واحدة. ففصولها (2) سبعة عشر

**********

شرح:

(1)أي و يقول «لا إله إلاّ اللّه» في آخر الإقامة مرّة واحدة.

(2)الضمير في قوله «فصولها» يرجع الى الإقامة. يعني أنّ فصول الإقامة سبعة عشر كما أنّ فصول الأذان ثمانية عشر بالترتيب الآتي:

فصول الأذان:

اللّه أكبر أربع مرّات

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه مرّتان

أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه مرّتان

حيّ على الصلاة مرّتان

حيّ على الفلاح مرّتان

حيّ على خير العمل مرّتان

اللّه أكبر مرّتان

لا إله إلاّ اللّه مرّتان

فالمجموع (18) فصلا

فصول الإقامة:

اللّه أكبر مرّتان

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه مرّتان

أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه مرّتان

حيّ على الصلاة مرّتان

حيّ على الفلاح مرّتان

حيّ على خير العمل مرّتان

قد قامت الصلاة مرّتان

اللّه أكبر مرّتان

لا إله إلاّ اللّه مرّة واحدة

فالمجموع (17) فصلا

ص: 189

تنقص (1) عن الأذان ثلاثة و يزيد اثنين، فهذه جملة الفصول المنقولة شرعا (2)،(و لا يجوز اعتقاد شرعية (3) غير هذه) الفصول (في الأذان و الإقامة كالتشهّد (4) بالولاية) لعلي عليه السّلام

**********

شرح:

(1)فاعله مستتر يرجع الى الإقامة. يعني أنّ في الإقامة تنقص من فصول الأذان ثلاثة و هي «اللّه أكبر» ثلاث مرّات و يزيد على فصولها اثنان و هما «قد قامت الصلاة» مرّتان.

(2)يعني أنّ الفصول المذكورة في الأذان و الإقامة ثبتت في الشرع بلا زيادة و نقيصة، فما يزاد عليهما مثل الشهادة بالولاية أو ذكر الألقاب الكثيرة للرسول صلّى اللّه عليه و آله لا يجوز اعتقاد ورود ذلك في الشرع، بل لو قيل رجاء فلا مانع من رجاء الثواب من ذكره.

(3)أي لا يجوز الاعتقاد بورود غير هذه الفصول في الشرع.

(4)يعني أنّ الشهادة بولاية عليّ بن أبي طالب و أولاده المعصومين عليهم السّلام لم ترد في فصول الأذان، و هكذا قول «أنّ محمّدا و آله خير البريّة».

* من حواشي الكتاب (في خصوص الأذان و الإقامة): إنّ الأوّل شرعا أذكار، و الثاني لقيام الصلاة، و قد أطبق العامّة على نسبته الى رواية عبد اللّه بن زيد أو ابن رواحة، لكنّه عند الخاصّة: نزل به جبرئيل عليه السّلام على النبي صلّى اللّه عليه و آله و رأسه في حجر عليّ صلوات اللّه عليه و آله، فلمّا أفاق من غشية الوحي قال لعليّ عليه السّلام:

هل سمعت فصول الأذان ؟ قال: نعم، فأمر ببلال أن يؤذّن. (حاشية صاحب المدارك رحمه اللّه).

ذكر نبذة من الروايات الواردة في خصوص الأذان و ثوابه 1 - عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا هبط جبرئيل عليه السّلام بالأذان على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان رأسه في حجر عليّ عليه السّلام، فأذّن جبرئيل و أقام، فلمّا انتبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: يا عليّ سمعت ؟ قال: نعم، قال: حفظت ؟ قال: نعم، قال صلّى اللّه عليه و آله: ادع لي بلالا نعلمه، فدعا عليّ عليه السّلام بلالا فعلّمه. (الوسائل: ج 2 ص 612

ص: 190

...........................................

**********

شرح:

ب 1 من أبواب الأذان و الإقامة ح 2).

و رواه الصدوق بإسناده عن منصور بن حازم. و روى الشيخ بإسناده عن عليّ ابن إبراهيم مثله.

2 - عن ابن أبي عقيل عن الصادق عليه السّلام أنّه لعن قوما زعموا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخذ الأذان من عبد اللّه بن زيد. (نفس المصدر السابق: ح 3).

3 - عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أذّن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنّة. (الوسائل: ج 4 ص 613 ب 2 من أبواب الأذان و الإقامة ح 1).

و رواه الصدوق رحمه اللّه عن أبيه عن سعد عن يعقوب بن يزيد مثله.

4 - عن زكريّا صاحب السابري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة في الجنّة على المسك الأذفر؛ مؤذّن أذّن احتسابا، و إمام أمّ قوما و هم به راضون، و مملوك يطيع اللّه و يطيع مواليه. (الوسائل: ج 4 ص 613 ب 2 من أبواب الأذان و الإقامة ح 2).

5 - و روي: أنّ الملائكة إذا سمعت الأذان من أهل الأرض قالت: هذه أصوات أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله بتوحيد اللّه تعالى. فيستغفرون اللّه لأمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله حتّى يفرغوا من تلك الصلاة. (الوسائل: ج 4 ص 616 ب 2 من أبواب الأذان و الإقامة ح 19).

ذكر جملة من الأحاديث الواردة في ثواب الأذان و الإقامة لكلّ الصلوات اليومية 1 - عن أبي ذرّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وصيّته له قال: يا أبا ذر، إنّ ربّك ليباهي ملائكته بثلاثة نفر؛ رجل يصبح في أرض قفراء فيؤذّن ثمّ يقيم ثمّ يصلّي، فيقول ربّك للملائكة: انظروا إلى عبدي يصلّي و لا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملك يصلّون وراءه و يستغفرون له الى الغد من ذلك اليوم.

يا أبا ذر، إذا كان العبد في أرض فيء - يعني قفراء - فتوضّأ أو تيمّم ثم أذّن و أقام و صلّى أمر اللّه الملائكة فصفّوا خلفه صفّا لا يرى طرفاه، يركعون لركوعه و يسجدون بسجوده و يؤمّنون على دعائه.

ص: 191

(و أنّ (1) محمّدا و آله خير البرية) أو خير البشر (و إن كان الواقع كذلك) (2) فما كلّ واقع حقّا يجوز إدخاله في العبادات الموظّفة شرعا، المحدودة من اللّه تعالى، فيكون إدخال ذلك (3) فيها بدعة و تشريعا، كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهّدا أو نحو ذلك من العبادات. و بالجملة فذلك (4) من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان.

قال الصدوق: إنّ إدخال ذلك فيه من وضع المفوّضة (5) و هم طائفة من الغلاة (6)،

**********

شرح:

يا أبا ذر، من أقام و لم يؤذّن لم يصلّ معه إلاّ ملكاه اللذان معه. (الوسائل: ج 4 ص 621 ب 4 من أبواب الأذان و الإقامة ح 9).

2 - عن محمّد بن مسلم قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّك اذا أنت أذّنت و أقمت صلّى خلفك صفّان من الملائكة، و إن أقمت إقامة بغير أذان صلّى خلفك صفّ واحد. (المصدر السابق: ح 2).

3 - عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صلّى بأذان و إقامة صلّى خلفه صفّان من الملائكة، و من صلّى بإقامة بغير أذان صلّى خلفه صفّ واحد من الملائكة، قلت له: و كم مقدار كلّ صفّ ؟ فقال: أقلّه ما بين المشرق و المغرب، و أكثره ما بين السماء و الأرض. (المصدر السابق: ح 7).

(1)أي و كقول «أنّ محمّدا و آله خير البريّة».

(2)يعني و إن كانت الشهادة بالولاية و قول ما ذكر حقّ إلاّ أن كلّ حقّ لا يجوز إدخاله في فصول الأذان ما لم يرو من الشارع.

(3)المشار إليه هو الشهادة بالولاية و قول «أنّ محمّدا... الخ».

(4)يعني أنّ الشهادة بالولاية و القول المذكور من أركان الإيمان فلا إيمان لمن لا يشهد بالولاية، إلاّ أنها لا تدخل في فصولهما.

(5)المفوّضة - بصيغة اسم الفاعل -: هم قوم يقولون إنّ اللّه تعالى خلق الأرض و فوّض الأمر الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو الوليّ أو لهما.

(6)الغلاة - جمع غال -: طائفة غالت في النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمة عليهم السّلام و اعتقدت فيهم فوق درجتهم و مرتبتهم.

ص: 192

و لو فعل هذه (1) الزيادة، أو إحداها بنية أنّها منه أثم في اعتقاده، و لا يبطل الأذان بفعله، و بدون اعتقاد ذلك لا حرج (2). و في المبسوط أطلق (3) عدم الإثم به، و مثله المصنّف في البيان.

استحبابهما ثابت في الخمس

(و استحبابهما ثابت في الخمس) اليومية خاصّة، دون غيرها من الصلوات (4) و إن كانت واجبة. بل يقول المؤذّن للواجب منها: الصلاة ثلاثا بنصب الأولين (5)، أو رفعهما (6)، أو بالتفريق (7)(أداء و قضاء (8))،

**********

شرح:

(1)المشار إليه هو الشهادة بالولاية و القول الآخر المذكور. و الضمير في «إحداها» يرجع إليهما.

(2)يعني لو أتى بالشهادة و القول الآخر في الأذان بدون اعتقاده كونهما جزء فلا مانع منه.

(3)المراد من إطلاق الشيخ في المبسوط بأنه قال بعدم الإثم بلا تقييد القول بقصد الجزئية أو عدمها. و الشارح رحمه اللّه قيّده في صورة قصد الجزئية يرتكب إثما. و كذا المصنّف رحمه اللّه في كتابه البيان أطلق عدم الإثم.

(4)يعني أنّ الأذان و الإقامة مشروعتان في الفرائض اليومية لا غيرها و إن كانت الصلاة الغير اليومية واجبة، مثل صلاة الآيات. أمّا صلاة الجمعة فيستحبّ فيها الأذان و الإقامة لكونها بدلا من صلاة الظهر.

(5)يعني يقول المؤذّن للصلاة الواجبة من غير الفرائض اليومية: (الصلاة) ثلاث مرّات، فينصب في المرّتين الاوليين و يسكّن في الأخيرة. و يكون المعنى: أقيموا الصلاة، أو احضروا الصلاة.

(6)بالجرّ، عطفا على «الأوّلين». يعني أو يرفع المؤذّن (الصلاة) في المرّتين الاوليين و يسكّن في المرّة الاخرى؛ فيكون المعنى: حضرت الصلاة، قامت الصلاة. فالرفع للفاعلية، أو الرفع لكونها مبتدأ و التقدير: «الصلاة قامت، أو حضرت».

(7)بأن ينصب أحدهما و يرفع الآخر. و الوجه علم ممّا ذكر في القسمين الأوّلين.

(8)كلاهما حالان من مصلّي الصلوات الخمس اليومية. يعني أنّ استحباب الأذان و الإقامة فيها في حال كونها أداء أو قضاء.

ص: 193

للمنفرد و الجامع (1)،(و قيل:) و القائل به المرتضى و الشيخان (يجبان في الجماعة) لا بمعنى اشتراطهما في الصحّة، بل في ثواب (2) الجماعة، على ما صرّح به (3) الشيخ في المبسوط ،

و كذا فسّره (4) به المصنّف في الدروس عنهم (5) مطلقا (6).

(و يتأكّدان في الجهرية، و خصوصا الغداة و المغرب) بل أوجبهما (7) فيهما الحسن مطلقا، و المرتضى فيهما (8) على الرجال و أضاف إليهما الجمعة،

**********

شرح:

(1)أي يستحبّ الأذان و الإقامة للصلوات الخمس في حال كون المصلّي منفردا أو جماعة.

(2)يعني يشترط النيل بثواب صلاة الجماعة بذكر الأذان و الإقامة، لا أنهما يشترطان في صحّة الصلاة.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى ترتّب الثواب.

(4)الضمير في قوله «فسّره» يرجع الى اشتراط الأذان و الإقامة في صلاة الجماعة.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى ترتّب ثواب الجماعة.

(5)الضمير في قوله «عنهم» يرجع الى الفقهاء. يعني و مثل تصريح الشيخ رحمه اللّه في المبسوط قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه «الدروس»؛ بالتفسير عن الفقهاء بلا اختصاص ذلك للشيخ رحمه اللّه. فعبارة الدروس هكذا: و أوجبها جماعة لا بمعنى اشتراطه في الصحّة بل في الثواب. فالظاهر من العبارة أنّ التفسير بذلك المعنى لا يختصّ بالشيخ رحمه اللّه فقط ، بل عن الفقهاء مطلقا.

(6)قوله «مطلقا» إشارة الى أنّ التفسير كذلك عن الفقهاء مطلقا بلا اختصاص للشيخ رحمه اللّه.

(7)الضمير في قوله «أوجبهما» يرجع الى الأذان و الإقامة. و الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى الغداة و المغرب. يعني أوجبهما الحسن بن أبي عقيل في صلاة المغرب و الصبح مطلقا، أي بلا فرق بين الرجال و النساء.

(8)يعني و أوجب السيد المرتضى الأذان و الإقامة فيهما على الرجال لا النساء، و قال بوجوبهما في صلاة الجمعة أيضا.

ص: 194

و مثله (1) ابن الجنيد، و أضاف الأول (2) الإقامة مطلقا، و الثاني (3) هي على الرجال مطلقا (و يستحبّان للنساء سرّا)، و يجوزان (4) جهرا إذا لم يسمع الأجانب (5) من الرجال، و يعتدّ بأذانهنّ (6) لغيرهنّ ،(و لو نسيهما) المصلّي و لم يذكر حتى افتتح (7) الصلاة (تداركهما ما لم يركع) في الأصحّ (8)، و قيل:

**********

شرح:

(1)أي و مثل السيد المرتضى قال ابن الجنيد بوجوبهما في صلاة الصبح و المغرب و الجمعة على الرجال.

(2)المراد من الأول هو الحسن بن أبي عقيل؛ فإنه قال بوجوب الأذان و الإقامة في صلاة الصبح و المغرب للنساء و الرجال، و أضاف وجوب الإقامة في جميع الصلوات الخمس.

(3)المراد من الثاني هو السيد المرتضى؛ فإنه قال بوجوب الأذان و الإقامة في صلاة المغرب و الجمعة و الغداة للرجال، و أضاف هو وجوب الإقامة على الرجال في جميع الصلوات الخمس. فكلّ من لفظتي «مطلقا» إشارة لجميع الصلوات الخمس.

(4)الفاعلان في قوله «يستحبّان» و «يجوزان» هما مستتران راجعان الى الأذان و الإقامة.

(5)الأجانب - بفتح الأول و كسر النون -: جمع مفرده «أجنب». الأجنب و الأجنبيّ : الغريب، و المراد هنا من لا يجوز له سماع صوتها من الرجال غير المحارم.

(6)بصيغة المجهول. يعني لو أذّن النساء للنساء أو لمحارمهنّ من الرجال جاز لهم الاكتفاء بأذانهنّ ، مثل أذان الرجال لصلاة غيرهم الذي يجوز لهم الاكتفاء به.

و الحاصل: يجوز اختيار المرأة المؤذّنة في الجماعات و غيرها.

(7)يعني لو نسي المصلّي الأذان و الإقامة فدخل في الصلاة جاز له قطع الصلاة و تداركهما ما لم يدخل في الركوع، لكن لو دخل في الركوع لا يجوز له قطع الصلاة. و قيل: في صورة جواز القطع يسلّم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يقطع.

(8)مقابل «الأصحّ » هو القولان الآخران اللذان يشير إليهما بقوله «و قيل... الخ».

ص: 195

يرجع العامد (1) دون الناسي، و يرجع (2) أيضا للإقامة لو نسيها، لا للأذان وحده،(و يسقطان عن الجماعة الثانية) إذا حضرت (3) لتصلّي في مكان فوجدت جماعة اخرى قد أذّنت و أقامت و أتمّت الصلاة (ما لم تتفرّق الاولى) بأن يبقى منها و لو واحد معقّبا، فلو لم يبق منها أحد كذلك و إن (4) لم يتفرّق بالأبدان لم يسقطا عن الثانية، و كذا يسقطان عن المنفرد بطريق أولى (5)، و لو كان السابق (6) منفردا لم يسقطا عن الثانية مطلقا.

و يشترط (7) اتّحاد الصلاتين

**********

شرح:

(1)فهذا القول يجوّز القطع عند تعمّد الترك لا في النسيان.

(2)هذا قول آخر لجواز قطع الصلاة، و هو في صورة نسيان الإقامة لا في صورة نسيان الأذان وحده.

(3)بمعنى أنّ الجماعة الثانية حضرت لتقيم الصلاة جماعة في مكان إقامة الجماعة الأولى، و الحال أنهم أذّنوا و أقاموا و أتمّوا صلاتهم لكن لم يتفرّقوا كلّهم حتى لو بقي منهم شخص واحد في حال تعقيبه الصلاة يكفي في سقوطهما عن الجماعة الثانية.

(4)قوله «إن» وصلية. و المراد من عدم التفرّق بالأبدان كون أفراد الجماعة الاولى حاضرين في الصفوف و باقين فيها لكن لم يشتغلوا بتعقيب صلاتهم بل مشغولون بالتكلّم أو لعمل غير التعقيب و الدعاء، ففي هذه الحالة لا يسقطان عن الثانية.

(5)يعني كما أنّ الأذان و الإقامة يسقطان عن الجماعة الثانية الحاضرين في مكانهم لإقامة الجماعة و الحال أنهم أذّنوا و أقاموا و صلّوا و لم يتفرّقوا فكذلك يسقطان عن الشخص المنفرد بالشرائط المذكورة. و دليل الأولوية أنهما مؤكّدان في الجماعة، بل قيل بوجوبهما فيها؛ فإذا سقطا فيها فيسقطان في المنفرد بطريق أولى.

(6)قوله «السابق» صفة لموصوف مقدّر و هو المصلّي. يعني لو كان المصلّي سابقا منفردا لم يسقط الأذان و الإقامة عن الثاني؛ جماعة كان أو منفردا.

(7)هذا بيان لشرائط سقوط الأذان و الإقامة عن الجماعة الثانية أو المصلّي المنفرد،

ص: 196

أو الوقت (1) و المكان (2) عرفا، و في اشتراط كونه (3) مسجدا و جهان، و ظاهر الإطلاق (4) عدم الاشتراط ،

**********

شرح:

و أولها هو كون الصلاة السابقة و اللاحقة متّحدتين من حيث نفس الصلاة و لو لم تكونا متّحدتين من حيث الوقت.

مثلا: تصلّي الجماعة الاولى صلاة العصر في آخر وقتها، فإذا أذّنوا و أقاموا و أتمّوا حضرت الثانية بعد الغروب ليصلّوا صلاة العصر خارج الوقت قضاء، فهنا يسقط الأذان و الإقامة عنهم، لاتّحاد صلاتي الجماعة الاولى و الثانية ذاتا و إن اختلفتا وقتا.

(1)هذا هو الشرط الثاني في سقوطهما عن الثانية، و هو اتّحاد صلاتي الجماعة الاولى و الثانية من حيث الوقت و إن اختلفتا من حيث الذات.

مثال لإيضاح المعنى: كانت الجماعة الاولى قد صلّت صلاة العصر بعد أن أذّنوا و أقاموا و أتمّوا و لم يتفرّقوا كما مرّ، فحضر المصلّي اللاحق لإقامة صلاة الظهر، فهنا يسقط الأذان و الإقامة عن اللاحق، لاتّحاد الصلاتين وقتا و إن اختلفتا ذاتا، لكون إحداهما صلاة الظهر و الاخرى صلاة العصر.

(2)هذا هو الشرط الثالث في سقوطهما عن اللاحق بإتيانهما السابق، و هو اتّحاد مكان الصلاتين بتشخيص أهل العرف. فلو صلّت الجماعة الاولى في سطح المسجد و الاخرى في داخله لم يسقطا عن اللاحق.

(3)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى المكان. يعني هل يشترط في سقوطهما عن الاخرى كون مكان الصلاتين مسجدا أم لا؟ فيه و جهان:

* من حواشي الكتاب (في بيان الوجهين): أحدهما عدم الفرق بين المسجد و غيره، لعدم تعقّل الفرق بين المسجد و غيره، و هو ظاهر إطلاقه. و ثانيهما نعم، لاختصاص المسجد بالنصّ فلا يتعدّاه الحكم المخالف، للأصل. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

(4)أي ظاهر إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه هنا، و هو قوله «و يسقطان عن الجماعة الثانية ما لم تتفرّق الاولى».

ص: 197

و هو (1) الذي اختاره المصنّف في الذكرى، و يظهر من فحوى (2) الأخبار أنّ الحكمة في ذلك (3) مراعاة جانب الإمام السابق في عدم تصوير الثانية بصورة الجماعة و مزاياها (4)، و لا يشترط العلم بأذان الأولى و إقامتها، بل عدم العلم بإهمالها (5) لهما مع احتمال السقوط عن الثانية (6) مطلقا عملا بإطلاق (7) النصّ ، و مراعاة الحكمة.

يسقط الأذان في مواضع

(و يسقط الأذان في عصري (8) عرفة) لمن كان بها (و الجمعة،)

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى عدم الاشتراط . يعني عدم اشتراط المسجد و هو مختار المصنّف في الذكرى.

(2)الفحوى هنا بمعنى مدلول الأخبار، لا الأولوية كما في بعض الموارد.

(3)يعني أنّ الحكمة في سقوط الأذان و الإقامة إنما هي رعاية احترام إمام الجماعة الاولى، فإنّ عدم قراءة الأذان و الإقامة لعدم تصوير الثانية بحال الجماعة، و لا يتصوّر احترام إمام الجماعة السابقة إلاّ في الجماعة التي اقيمت في المسجد، لكون الإمام في أغلب المساجد راتبا.

(4)الواو هنا بمعنى «مع». و المراد من المزايا هو الأذان و الإقامة.

(5)بأن لم تعلم الجماعة الثانية إهمال الجماعة الاولى للأذان و الإقامة، فحينئذ يكفي في سقوطهما عن الثانية.

الضمير في قوله «إهمالها» يرجع الى الجماعة الاولى، و الضمير في قوله «لهما» يرجع الى الأذان و الإقامة.

(6)يعني يحتمل سقوطهما عن الجماعة الثانية مطلقا حتى مع العلم بعدم قراءة الأذان و الإقامة من الاولى.

(7)هذا و ما بعده تعليل لسقوطهما عن الثانية مطلقا. فالأول هو إطلاق النصّ بالسقوط ، و الثاني وجود حكمة السقوط و هي مراعاة حال الإمام السابق.

(8) «عصري» مثنّى سقط نونه بالإضافة الى لفظتي «عرفة» و «الجمعة». يعني يسقط الأذان في صلاتين عصرين و هما: صلاة عصر عرفة لمن كان فيها، و صلاة عصر الجمعة مطلقا.

ص: 198

(و عشاء (1)) ليلة (المزدلفة) (2) و هي المشعر (3)، و الحكمة فيه (4) مع النصّ (5) استحباب الجمع بين الصلاتين، و الأصل (6) في الأذان الإعلام، فمن حضر

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «عصري عرفة». يعني و يسقط الأذان في صلاة العشاء التي يقيمها المصلّي في ليلة المزدلفة.

(2)المزدلفة - بضمّ الميم و سكون الزاي و فتح الدال و كسر اللام و فتح الفاء -: اسم فاعل من باب افتعال، و أصله، زلف يزلف زلفا و زلفا. و تزلّف و ازدلف: تقدّم و تقرّب. (المنجد). فأضيف إليه الألف و التاء فكان ازتلف يزتلف و قلب التاء دالا فكان ازدلف، و المضارع يزدلف، و اسم الفاعل مزدلفة، و المفعول مزدلفة. و هي اسم لأرض تعرف بالمشعر، سمّيت لتقدّم الناس منها الى منى، كما ورد في وجه تسميتها بأنّ جبرئيل عليه السّلام انتهى بإبراهيم عليه السّلام الى الموقف، فأقام به حتى غربت الشمس، ثمّ أفاض به فقال: يا إبراهيم ازدلف الى المشعر الحرام، فسمّيت مزدلفة.

(علل الشرائع: ج 2 ص 143 ب 175 ح 1).

و ورد في وجه تسميتها بالمزدلفة جمعا لأنّ آدم جمع فيها بين الصلاتين المغرب و العشاء، و لأنّه فيها المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين. (علل الشرائع: ج 2 ص 143 ب 176 ح 1 و 2).

(3)يعني انّ المراد من المزدلفة هو المشعر، و هو اسم جبل بين منى و عرفات. فإنّ الوقوف في وقت معيّن - كما فصّل في باب الحجّ - في ذلك المكان من أركان الحجّ .

(4)أي الحكمة في سقوط الأذان في صلاة العشاء ليلة المزدلفة أمران: الأول هو النصّ ، و الثاني هو استحباب الجمع بين صلاتي المغرب و العشاء فيهما.

(5)المراد من النصّ هي الروايات الواردة في السقوط منها ما روي في كتاب الوسائل:

عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: السنّة في الأذان يوم عرفة أن يؤذّن و يقيم للظهر، ثمّ يصلّي، ثمّ يقوم فيقيم للعصر بغير أذان، و كذلك في المغرب و العشاء بمزدلفة. (الوسائل: ج 4 ص 665 ب 36 من أبواب الأذان و الإقامة ح 1).

(6)هذا تعليل لسقوط الأذان عند الجمع بين الصلاتين المغرب و العشاء. فإنّ

ص: 199

الاولى صلّى الثانية فكانتا (1) كالصلاة الواحدة، و كذا (2) يسقط في الثانية عن كل جامع و لو جوازا (3). و الأذان لصاحبة الوقت (4)، فإن جمع في وقت الاولى أذّن لها و أقام ثمّ أقام للثانية (5)، و إن جمع في وقت الثانية (6) أذّن أولا بنيّة الثانية، ثمّ أقام للأولى ثمّ للثانية (7).

و هل سقوطه (8) في هذه

**********

شرح:

الأصل في الأذان هو الإعلام كما يقتضيه معناه اللغويّ ، فإذا جمع بين الصلاتين في إتيانهما بلا فصل سقط الإعلام الثاني لحضور المصلّين.

(1)أي فكانت صلاتا المغرب و العشاء في حكم صلاة واحدة.

(2)يعني كما أنّ الأذان يسقط في الموارد المذكورة فكذلك يسقط في الصلاة الثانية عن كلّ من صلّى الصلاتين بلا فصل بينهما، أعمّ من كونهما صلاتي الظهر و العصر، أو المغرب و العشاء، في عرفة أو المشعر أو في غيرهما.

(3)يعني و لو كان الجمع بين الصلاتين من حيث الجواز، كما في كلّ صلاتي الظهر و العصر أو المغرب و العشاء من دون أن يكون في المشعر، لا الجامع بين الصلاتين استحبابا كالجمع بين المغرب و العشاء في عرفة.

(4)يعني أنّ الأذان يكون للصلاة التي يصلّيها في وقت فضيلتها، مثل أن يصلّي الظهرين في أوّل الظهر فإنّ الأذان يكون للظهر، لكن لو أخّرهما الى وقت فضيلة العصر كان الأذان لصلاة العصر. ففي كلّ من الوقتين ينوي الأذان لصلاته الخاصّة.

(5)يعني يقيم للصلاة الثانية من دون أن يؤذّن لها.

(6)المراد من وقت الثانية هو وقت فضيلتها، مثلا لو أتى بصلاتي الظهر و العصر بعد كون الظلّ الشاخص بمقداره أذّن بنية صلاة العصر.

(7)أي أقام أيضا للصلاة الثانية.

(8)الضمير في قوله «سقوطه» يرجع الى الأذان. يعني هل سقوط الأذان في الموارد المذكورة - مثل صلاة عصري عرفة و الجمعة، و صلاة العشاء، و كلّ صلاة ثانية إذا جمع بين الصلاتين - رخصة أم عزيمة ؟

ص: 200

المواضع (1) رخصة (2) فيجوز الأذان، أم عزيمة فلا يشرع، و جهان (3)، من أنّه (4) عبادة توقيفية، و لا نصّ عليه هنا بخصوصه، و العموم (5) مخصّص بفعل النبي صلّى اللّه عليه و آله فإنّه (6) جمع بين الظهرين و العشاءين لغير مانع بأذان و إقامتين، و كذا (7) في تلك المواضع. و الظاهر أنّه لمكان (8) الجمع لا لخصوصية البقعة (9)، و من أنّه (10) ذكر اللّه تعالى فلا وجه لسقوطه أصلا،

**********

شرح:

(1)قد أشرنا الى المواضع في الهامش السابق.

(2)الرخصة هنا بمعنى جواز الترك، و العزيمة بمعنى وجوب الترك.

(3)جواب عن السؤال المذكور بكون سقوط الأذان في المواضع المذكورة رخصة أو عزيمة.

(4)هذا وجه كون السقوط في تلك المواضع عزيمة، لأنّ الأذان عبادة توقيفية، بمعنى احتياجه الى تعيين الشارع، و الحال لم يرد النصّ في خصوص الأذان في المواضع المذكورة، فلا يجوز الأذان فيها.

(5)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو القول بأنّ الأدلّة العامّة على استحباب الأذان للفرائض اليومية مطلقا لم لا تكفي في الجواز؟ فأجاب رحمه اللّه بأنّ الأدلّة العامّة قد خصّصت بفعل النبي صلّى اللّه عليه و آله بترك الأذان في تلك المواضع.

(6)الضمير في قوله «فإنه» يرجع الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإنه ترك الأذان عند الجمع بين الظهرين.

(7)يعني و كذا فإنّه صلّى اللّه عليه و آله ترك الأذان في المواضع المذكورة.

(8)أي بسبب وجود الجمع. بمعنى أنّ الجمع بين الصلاتين بلا فصل كان موجبا لترك الأذان، لا لخصوصية في المكان الذي صلّى فيه صلّى اللّه عليه و آله.

(9)المراد من البقعة هو عرفة و المشعر. يعني أنّ المكان لا دخل له في سقوط الأذان، بل الموجب إنما هو الجمع بين الصلاتين فيه. ففي كلّ مكان جمع بين الصلاتين وجب ترك الأذان عزيمة.

(10)هذا دليل كون سقوط الأذان في المواضع المذكورة رخصة و تجويزا و عدم كون

ص: 201

بل تخفيفا و رخصة، و يشكل (1) بمنع كونه بجميع فصوله ذكرا، و بأنّ الكلام في خصوصية العبادة لا في مطلق الذكر، و قد صرّح جماعة من الأصحاب منهم العلاّمة بتحريمه في الثلاثة الاول (2)، و أطلق (3) الباقون سقوطه مع مطلق الجمع.

و اختلف كلام المصنّف رحمه اللّه ففي الذكرى توقّف في كراهته في الثلاثة استنادا إلى عدم وقوفه (4) فيه على نصّ و لا فتوى، ثمّ حكم (5) بنفي الكراهة و جزم بانتفاء التحريم فيها (6)، و ببقاء (7) الاستحباب في الجمع

**********

شرح:

الترك لازما. لأنّ الأذان ذكر اللّه تعالى، فسقوط الذكر لا معنى له إلاّ بعنوان التخفيف و الإجازة في الترك.

(1)هذا إشكال ورد على دليل كون السقوط في المواضع المذكورة رخصة.

توضيحه: أنّ فصول الأذان لا تكون كلّها ذكرا أولا، و أنّ الكلام يدور حول كون الأذان في المواضع المذكورة هل هو عبادة أم لا.

(2)المراد من الثلاثة الاول هي: عصري عرفة و الجمعة و عشاء المزدلفة.

(3)يعني قال باقي العلماء بالسقوط في مطلق الجمع بين الصلاتين، بلا فرق بين الموارد المذكورة و غيرها.

(4)الضمير في قوله «وقوفه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، بأنه صرّح في الذكرى بعدم اطّلاعه على نصّ في المقام بالكراهة و لا على فتوى في ذلك.

و الحاصل: أنّ المصنّف رحمه اللّه أفتى في كتابه الذكرى بعدم حرمة ذكر الأذان في الموارد المذكورة، بل السقوط فيها رخصة، لكن توقّف في كراهة الأذان فيها أو إباحته بعد قطعه بعدم العزيمة، فصرّح بعدم وقوفه في الكراهة على نصّ و لا فتوى، ثمّ أفتى فيها بعدم الكراهة.

(5)فاعل مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

(6)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى المواضع الثلاثة المذكورة.

(7)يعني حكم المصنّف ببقاء استحباب الأذان في صورة الجمع بين الصلاتين في

ص: 202

بغيرها مؤوّلا الساقط بأنّه أذان الإعلام، و أنّ الباقي أذان الذكر و الإعظام، و في الدروس قريب (1) من ذلك، فإنّه (2) قال: ربّما قيل بكراهته في الثلاثة، و بالغ (3) من قال بالتحريم، و في البيان: الأقرب أنّ الأذان في الثلاثة حرام مع اعتقاد شرعيّته، و توقّف في غيرها (4)، و الظاهر (5) التحريم فيما لا إجماع على استحبابه منها، لما ذكرناه.

و أمّا تقسيم الأذان إلى القسمين فأضعف (6) لأنّه عبادة خاصّة أصلها (7) الإعلام، و بعضها (8) ذكر، و بعضها غير ذكر،

**********

شرح:

غير المواضع الثلاثة. فلو جمع بينهما في كلّ مكان غير الثلاثة استحبّ الأذان للصلاة الثانية أيضا.

(1)يعني أنّ نظر المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس قريب ممّا أفتى به في كتابه الذكرى.

(2)يعني أن المصنّف رحمه اللّه قال «ربما قيل... الخ».

(3)أي ارتكب المبالغة من قال بحرمة الأذان فيها.

(4)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى الكتب الثلاثة: الذكرى، و الدروس، و البيان.

(5)هذا نظر الشارح في خصوص المسألة، فإنه يقوّي كون سقوط الأذان في الموارد المذكورة عزيمة لا رخصة، بدليل ظهور الروايات و الأدلّة في حرمة الأذان للصلاة الثانية إلاّ في الموارد التي قام الإجماع فيها على الجواز، و لأنّ الأذان عبادة توقيفية، فما لم يثبت الجواز من الشارع لا يجوز إلاّ في مورد الإجماع.

(6)يعني أنّ تقسيم الأذان الى قسمين: أذان إعلام، و أذان ذكر - كما في الذكرى - هو أضعف من دليله.

(7)الضمير في قوله «أصلها» يرجع الى العبادة. يعني أنّ الأذان عبادة أصلها الإعلام.

(8)أي بعض فصول الأذان هو من قبيل الذكر مثل «لا إله إلاّ اللّه» و بعضها غير ذكر مثل «حيّ على الصلاة».

ص: 203

و تأدّي (1) وظيفته بإيقاعه سرّا ينافي اعتبار أصله، و الحيعلات تنافي ذكريّته (2)، بل هو قسم ثالث (3)، و سنّة متّبعة، و لم (4) يوقعها الشارع في هذه المواضع فيكون (5) بدعة. نعم (6) قد يقال: إنّ مطلق البدعة ليس بمحرّم، بل ربّما قسّمها (7) بعضهم إلى الأحكام الخمسة (8)،

**********

شرح:

(1)فاعله مستتر يرجع الى المصلّي. يعني أنه يؤدّي الوظيفة بالأذان و لو سرّا، فهو ينافي الأصل الذي هو الإعلام.

(2)يعني أنّ فصول الحيعلات تنافي كون الأذان من قبيل الذكر.

(3)بمعنى أنّ الأذان ليس بإعلام محض لجوازه سرّا، و لم يكن ذكرا محضا لكون بعض فصوله غير ذكر كما علم، فهو قسم ثالث و سنّة يتّبع بها في الموارد التي أجازها.

(4)هذا نتيجة لتعليل كون الأذان قسما ثالثا، فيكتفي بالموارد التي أوقعه الشارع فيها، و الحال لم يرد النصّ بإيقاع الأذان في المواضع المذكورة.

(5)اسم «فيكون» مستتر يرجع الى الأذان. و معنى البدعة: إدخال ما ليس من الدين في الدين.

(6)هذا استدراك للاستدلال بحرمة الأذان في تلك المواضع بكونه بدعة و حراما بالنتيجة.

(7)الضمير في قوله «قسّمها» يرجع الى البدعة. يعني أنّ بعض العلماء قسّم البدعة الى الأحكام الخمسة.

(8)الأحكام الخمسة هي: الحرمة، و الوجوب، و الكراهة، و الاستحباب، و الإباحة. فاستدلّ القائل بعدم حرمة الأذان في المواضع المذكورة بهذا التقسيم، و استدلّ بعدم انحصار البدعة في القسم الحرام منها.

* من حواشي الكتاب (حول تقسيم البدعة إلى الأحكام الخمسة): البدعة خمسة أقسام: 1 - واجبة كعلم النحو و حفظ إعراب القرآن و الحديث و تدوين اصول الفقه. 2 - محرّمة كالمذاهب القدرية و الجبرية و غيرها. 3 - مندوبة كإحداث المدارس و كلّ إحسان لم يعهد في العصر الأول. 4 - مكروهة كتزيين المساجد

ص: 204

و مع ذلك (1) لا يثبت الجواز.

يستحبّ رفع الصوت بهما للرجل

(و يستحبّ رفع الصوت بهما (2) للرجل) بل لمطلق الذّكر (3)، أمّا الانثى فتسرّ بهما كما تقدّم (4)، و كذا (5) الخنثى،(و الترتيل (6) فيه) ببيان حروفه و إطالة وقوفه (7) من غير استعجال،(و الحدر) (8) هو الإسراع (فيها) (9) بتقصير الوقوف على كل فصل،

**********

شرح:

و تزويق المصاحف. 5 - مباحة كالمضاجعة عقيب الصبح و العصر و التوسّع في المآكل و المشارب و الملابس و المساكن المباحة. (حاشية المشكاة).

(1)هذا ردّ من الشارح على القول بعدم حرمة الأذان لكونه بدعة، بدليل تقسيم البدعة الى خمسة أقسام، و لم يسلّم كون الأذان من القسم المحرّم.

فأجاب الشارح: و مع ذلك التقسيم لا يثبت جواز الأذان بدليل ما سبق. و هو كونه من قبيل العبادات، و هي توقيفية فلا يجوز إلاّ في مورد أمر الشارع فيه.

(2)أي يستحبّ للرجل أنّ يرفع صوته في الأذان و الإقامة.

(3)المراد من مطلق الذّكر هو الشامل للصبيّ غير البالغ.

(4)أي تقدّم الحكم آنفا بإخفات النساء بالأذان و الإقامة عند سماع الأجنبيّ ، و بجواز الجهر عند عدم سماع الأجنبيّ .

(5)يعني و كذا الخنثى يخفت صوته بالأذان و الإقامة.

(6)بالرفع، عطفا على قوله «رفع الصوت بهما». يعني يستحبّ الترتيل في الأذان.

و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الأذان بقرينة التذكير و المقام.

الترتيل - مصدر من رتل يرتّل وزان علم يعلم -: تحسين الصوت، تناسق و انتظم انتظاما حسنا. و رتّل القرآن: تأنّق في تلاوته. (المنجد).

و المراد من الترتيل هنا قوله «ببيان حروفه و إطالة وقوفه من غير استعجال».

(7)بمعنى أن يطيل المؤذّن الوقوف في فصول الأذان بلا استعجال فيها.

(8)الحدر - من حدر بضمّ الدال و فتحها - حدر في المشي أو القراءة: أسرع فيهما.

(المنجد).

(9)ضمير التأنيث يرجع الى الإقامة. يعني و يستحبّ في الإقامة الاستعجال في قراءة فصولها بأن يقصّر الوقوف عليها.

ص: 205

لا تركه (1) لكراهة إعرابهما (2) حتى لو ترك الوقف أصلا فالتسكين أولى من الإعراب، فإنّه (3) لغة عربية، و الإعراب مرغوب عنه (4) شرعا، و لو أعرب (5) حينئذ ترك الأفضل و لم تبطل، أمّا اللحن (6) ففي بطلانهما به و جهان.

و يتّجه البطلان لو غيّر (7) المعنى كنصب (8) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعدم تمامية

**********

شرح:

(1)يعني ليس الاستحباب في الإقامة هو ترك الوقف في فصولها أصلا.

(2)أي أنّ إعراب فصول الأذان و الإقامة مكروه حتى في صورة ترك الوقف أيضا، فالأولى هو تسكين الفصول.

(3)الضمير في قوله «فإنه» يرجع الى التسكين. يعني أنّ تسكين فصول الأذان و الإقامة هو ثابت في لسان العرب و اللغة العربية.

(4)لفظ «رغب» إذا تعدّى ب «عن» يفيد معنى الإعراض. يعني أنّ إعراب فصولهما معرض عنه.

(5)يعني لو أعرب المؤذّن و المقيم فصولهما - و الحال يستحبّ التسكين - كان تاركا الأفضل، و لم تبطل فصولهما. و فاعل «تبطل» مستتر يرجع الى الفصول.

(6)اللحن: من لحن يلحن لحنا و لحانة و لحنا في كلامه: أخطأ في الإعراب و خالف وجه الصواب.

و المراد هنا هو الخطأ في إعراب فصول الأذان و الإقامة، فإذا لحن المؤذّن و المقيم في الفصول ففي بطلان الأذان و الإقامة و جهان.

(7)فاعله مستتر يرجع الى اللحن. يعني يتّجه الحكم بالبطلان لو غيّر اللحن في فصول الأذان و الإقامة المعنى المقصود منها.

(8)مثال تغيير المعنى في لحن فصول الأذان و الإقامة هو أن ينصب لفظ «رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» بدل رفعه، فإنّ المعنى المقصود منه لا يتمّ ، لأنّه إذا نصب «رسول اللّه» يكون صفة لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و لم يحصل المشهود به. فيكون المعنى: إنّي أشهد بأنّ محمّدا الموصوف بالرسالة من اللّه، فلا يحصل المطلوب.

ص: 206

الجملة به بفوات المشهود به لغة و إن قصده (1)، إذ لا يكفي قصد العبادة اللفظية عن لفظها (2)(و) المؤذّن (الراتب (3) يقف على مرتفع) ليكون (4) أبلغ في رفع الصوت، و إبلاغه المصلّين، و غيره (5) يقتصر عنه مراعاة لجانبه حتى يكره سبقه به (6) ما لم يفرط بالتأخّر.(و استقبال (7) القبلة) في جميع الفصول خصوصا الإقامة، و يكره الالتفات (8) ببعض فصوله يمينا

**********

شرح:

(1)أي و إن لم يفت المشهود به في قصده و نيّته لكنه يفوت نظرا الى اللغة.

(2)فإنّ العبادات اللفظية لا تكفي النية و القصد فيها بلا تلفّظ ، مثل أن يقصد المصلّي كلمات الحمد و السورة دون أن يتلفّظ ألفاظها.

(3)المؤذّن الراتب هو الذي يؤذّن دائما في الأمصار و القرى أو في صلوات الجماعات للإعلام بحلول الوقت أو بقيام صلاة الجماعة.

(4)أي ليكون الوقوف على المرتفع أكمل في رفع صوته و إبلاغه للمصلّين.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الراتب. يعني أنّ المؤذّن غير الراتب يقف في مقتصر عن مكان الراتب، أو يقصر صوته عن صوت الراتب. و الأولى مراعاة كلا الأمرين.

* من حواشي الكتاب: أي يقف في مكان أسفل من مكان الراتب أو يجعل صوته أخفض منه، و يحتمل أن يكون المراد مجموع الأمرين. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(6)أي يكره أن يسبق غير الراتب بالأذان ما لم يكثر التأخير. و الضمير في قوله «سبقه» يرجع الى غير الراتب. و الضمير في «به» يرجع الى الراتب.

(7)بالرفع، عطفا على قوله «يستحبّ رفع الصوت بهما».

(8)يعني يكره أن يلتفت المؤذّن الى يمينه و الى شماله عند التلفّظ ببعض فصول الأذان و لو أذّن على المنارة، و هذه الكراهة عند علماء الشيعة، لكنّ العامّة يقولون باستحباب الالتفات الى اليمين و الشمال في بعض فصول الأذان مثل «حيّ على الصلاة» و «حيّ على الفلاح».

ص: 207

و شمالا و إن كان على المنارة (1) عندنا.

الفصل بينهما بركعتين

(و الفصل بينهما بركعتين (2)) و لو من الراتبة،(أو سجدة (3)، أو جلسة (4)) و النصّ (5) ورد بالجلوس، و يمكن دخول السجدة فيه فإنّها (6) جلوس و زيادة مع اشتمالها على مزيّة زائدة،(أو خطوة (7)) و لم يجد بها المصنّف في الذكرى حديثا، لكنّها مشهورة،(أو سكتة (8)) و هي مرويّة في المغرب خاصّة، و نسبها (9) في الذكرى إلى كلام الأصحاب مع السجدة و الخطوة، و قد ورد النصّ (10) في الفصل بتسبيحة، فلو ذكرها كان حسنا.

**********

شرح:

(1)المنارة - بفتح الأول - التي يؤذّن عليها، و جمعها: مناور و منائر. (المصباح المنير).

(2)يعني يستحبّ الفصل بين الأذان و الإقامة بركعتين من الصلاة، و لو كانتا من النوافل الراتبة.

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «بركعتين». يعني يستحبّ أن يفصل بينهما بسجدة أو جلسة.

(4)جلسة - بفتح الجيم و سكون اللام -: بمعنى الجلوس مرّة.

(5)و المراد من النصّ هو المنقول من كتاب الوسائل:

عن سيف بن عمير عن بعض الأصحاب عن مولانا أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بين كلّ أذانين قعدة إلاّ المغرب فإنّ بينهما نفسا. (الوسائل: ج 4 ص 632 ب 11 من أبواب الأذان و الإقامة ح 7).

(6)يعني أنّ السجدة نوع جلوس مع إضافة مزيّة اخرى فيها.

(7)خطوة - بضمّ الخاء و سكون الطاء -: ما بين القدمين عند المشي. (المنجد).

(8)يعني يستحبّ الفصل بينهما بسكتة و هي السكوت فقط ، و قد ورد النصّ بها.

(9)الضمير في قوله «نسبها» يرجع الى السكتة. يعني نسب السكوت في كتاب الذكرى الى كلام الأصحاب و كذلك السجدة و الخطوة.

(10)المراد من النصّ هو الذي نقل من كتاب الوسائل:

ص: 208

(و يختصّ المغرب بالأخيرتين) الخطوة و السكتة، أمّا السكتة فمرويّة فيه (1)، و أمّا الخطوة فكما تقدّم (2)، و روي فيه (3) الجلسة، و أنّه (4) إذا فعلها كان كالمتشحّط (5) بدمه في سبيل اللّه فكان ذكرها (6) أولى.

**********

شرح:

عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: سألته عن الرجل ينسى أن يفصل بين الأذان و الإقامة بشيء حتّى أخذ في الصلاة أو أقام للصلاة، قال: ليس عليه شيء، ليس له أن يدع ذلك عمدا، سئل: ما الذي يجزي من التسبيح بين الأذان و الإقامة ؟ قال: يقول: الحمد للّه. (الوسائل: ج 4 ص 631 ب 11 من أبواب الأذان و الإقامة ح 5).

(1)الضمير في قوله «مرويّة فيه» يرجع الى المغرب، و المراد من الرواية هو قوله عليه السّلام: «بين كلّ أذانين قعدة إلاّ المغرب فإنّ فيهما نفسا» (و قد سبق ذكرهما قبل قليل)، فإنّ المراد من النفس هو السكوت مقدارا ما، و النفس بفتح النون و الفاء.

(2)أي تقدّم أنّ الخطوة مشهور لكن المصنّف رحمه اللّه لم يجد في خصوصها حديثا.

(3)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى المغرب. يعني روي الجلسة في خصوص الفصل بين أذان المغرب و إقامته، و من جلس بينهما كان له ثواب من تشحّط بدمه في سبيل اللّه. و الرواية منقولة في كتاب الوسائل:

عن إسحاق الجريري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من جلس فيما بين أذان المغرب و الإقامة كان كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه. (الوسائل: ج 4 ص 632 ب 11 من أبواب الأذان و الإقامة ح 10). و رواه البرقي في المحاسن عن أبيه عن سعدان مثله.

(4)الضمير في قوله «انّه» يرجع الى المصلّي، و الضمير في قوله «فعلها» يرجع الى الجلسة. يعني لو جلس المصلّي بين الأذان و الإقامة كان له ثواب المتشحّط بدمه في سبيل اللّه.

(5)بصيغة اسم فاعل من تشحّط بالدم، أي تضرّج بدمه. (المنجد).

(6)أي كان ذكر الجلسة مع الخطوة و السكتة بين أذان المغرب و إقامته أولى، و لم يذكر المصنّف الجلسة في قوله «و يختصّ المغرب بالأخيرتين».

ص: 209

يكره الكلام في خلالهما

(و يكره الكلام في خلالهما) (1) خصوصا الإقامة، و لا يعيده (2) به، ما لم يخرج به عن الموالاة، و يعيدها (3) به مطلقا (4) على ما أفتى به المصنّف و غيره (5)، و النصّ ورد بإعادتها بالكلام بعدها (6).

(و يستحبّ الطهارة) حالتهما، و في الإقامة آكد (7)، و ليست شرطا فيهما (8) عندنا من الحدثين. نعم، لو أوقعه في المسجد بالأكبر (9) لغى، للنهي

**********

شرح:

(1)يعني يكره التكلّم في وسط فصول الأذان و الإقامة.

(2)الضمير في قوله «و لا يعيده» يرجع الى الأذان، و في قوله «به» يرجع الى التكلّم. يعني لو تكلّم المصلّي في خلال فصول الأذان لا يلزم إعادة الأذان بشرط عدم خروجه بالتكلّم عن موالاة الأذان.

(3)الضمير في قوله «يعيدها» يرجع الى الإقامة، و في قوله «به» يرجع الى التكلّم.

يعني لو تكلّم في وسط الإقامة يلزم إعادتها بلا فرق بين إخلاله بالموالاة أم لا.

(4)قوله «مطلقا» إشارة بالخروج عن الموالاة و عدمه.

(5)يعني أنّ الحكم بالإعادة في الإقامة مطلقا و الحكم بعدم الإعادة في الأذان هو ما أفتى به المصنّف رحمه اللّه و غيره.

(6)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى الإقامة. يعني لو تكلّم المصلّي بعد ذكر الإقامة يلزم الإعادة لا بالتكلّم في خلالها. و النصّ الوارد في ذلك هو المنقول من كتاب الوسائل:

عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تتكلّم اذا أقمت الصلاة، فإنّك إذا تكلّمت أعدت الإقامة. (الوسائل: ج 4 ص 629 ب 10 من أبواب الأذان و الإقامة ح 3).

(7)أي الطهارة في الإقامة آكد من استحباب الطهارة في حال الأذان.

(8)يعني ليست الطهارة شرطا في صحّة الأذان و الإقامة عند علماء الشيعة، لا من الحدث الأصغر و لا من الحدث الأكبر.

(9)استدراك من الحكم بعدم بطلانهما مع الحدثين بأنّ المؤذّن و المقيم لو كانا في المسجد مع الحدث الأكبر و هو الجنابة يبطلان، لأنّ النهي عن اللبث يلزم النهي عن الأذان، لأنّ الأذان في المسجد يستلزم اللبث فيه لأنه المفروض، و قد

ص: 210

المفسد للعبادة (و الحكاية (1) لغير المؤذّن) إذا سمع كما (2) يقول المؤذّن و إن كان (3) في الصلاة، إلاّ الحيعلات فيها (4) فيبدلها بالحولقة (5)، و لو حكاها (6)

**********

شرح:

صرّحوا بأنّ تحريم اللازم يقتضي تحريم الملزوم اذا كان الملزوم علّة للاّزم، و الفرض هنا أنّ الأذان علّة للّبث و مستلزم له.

* من حواشي الكتاب (في الايراد على الاستدلال ببطلان الأذان بحرمة لبث المجنب في المسجد): لأنّ النهي لا يتوجّه الى ذات العبادة بل الى لبث المجنب في المسجد، و أحدهما غير الآخر لجواز الأذان منه و إن حرم لبثه فيه، و مع الجواز لا يستوي طرفاه لأنّه عبادة، فلا بدّ من الرجحان، فيمكن أن يثاب بفعله و أن يعاقب بسبب اللبث، على أنّ الأذان لا يستلزم اللبث فيه، فتدبّر. (حاشية ديلماج رحمه اللّه).

و لا يخفى ما في إيراد المرحوم ديلماج بأنّ الفرض في المقام هو لزوم اللبث بسبب الأذان، فلو فرض الأذان في المسجد مارّا أو خارجا مع دخوله نسيانا فلا بحث فيه.

(1)يعني يستحبّ حكاية الأذان لمن سمع الأذان من المؤذّن.

(2)الجارّ يتعلّق بالحكاية. يعني يستحبّ الحكاية على نحو يسمع من المؤذّن فصول الأذان.

(3)يعني و إن كان المستمع في حال الصلاة.

(4)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الصلاة. يعني يحكي الأذان كما يسمعه من فصوله حتى حال اشتغاله بالصلاة، لكن فصول الحيعلات اذا سمعها في حال الصلاة لا يحكيها بألفاظ الحيعلات بل يبدلها بالحولقة.

(5)الحولقة: مصدر جعليّ معناه: لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه.

* من حواشي الكتاب: هذا الحكم ذكره الشيخ رحمه اللّه و تبعه الجماعة. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

(6)الضمير في قوله «حكاها» يرجع الى الحيعلات. يعني لو حكى الألفاظ يحكم ببطلان صلاته لأنّها لا تعدّ ذكرا.

ص: 211

بطلت، لأنّها ليست ذكرا، و كذا يجوز إبدالها في غيرها (1)، و وقت حكاية الفصل بعد فراغ المؤذّن منه أو معه (2). و ليقطع الكلام إذا سمعه غير (3) الحكاية و إن كان قرآنا، و لو دخل المسجد أخّر التحية إلى الفراغ منه (4).

القيام

(ثمّ يجب (5) القيام) حالة النية و التكبير و القراءة، و إنّما قدّمه على النية و التكبير مع أنّه (6) لا يجب قبلهما (7) لكونه شرطا فيهما، و الشرط مقدّم على المشروط ، و قد أخّره (8) المصنّف عنهما في الذكرى و الدروس نظرا (9)

**********

شرح:

(1)يعني يجوز إبدال الحيعلات بالحولقة في غير حالة الصلاة أيضا.

(2)بأن يحكي الفصول مع المؤذّن.

(3)قوله «غير» صفة للكلام. يعني يلزم قطع الكلام الذي هو غير الحكاية، حتى لو كان مشغولا بقراءة القرآن و سمع الأذان يقطع القرآن و يحكي الأذان.

(4)يعني لو دخل الشخص المسجد أثناء الأذان يؤخّر صلاة تحية المسجد الى أن يفرغ المؤذّن من أذانه.

القيام (5)هذا شروع في بيان سائر الأجزاء من الصلاة، أوّلها القيام.

(6)يعني أنّ القيام و لو لم يجب قبل النية و التكبيرة لكن تقديم وجوبه عليهما لكون القيام شرطا فيهما، و الشرط مقدّم على المشروط .

(7)الضميران في قوله «قبلهما» و «فيهما» يرجعان الى النية و التكبير، و الضمير في قوله «كونه» يرجع الى القيام.

(8)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابيه الذكرى و الدروس أخّر القيام عن النية و التكبير.

(9)أي علّة تأخير المصنّف رحمه اللّه ذكر القيام في كتابيه الذكرى و الدروس عن النية و التكبير نظرا الى أنّ القيام لا يجب قبلهما.

ص: 212

إلى ذلك، و ليتمحّض (1) جزء من الصلاة، و في الألفية أخّره (2) عن القراءة ليجعله واجبا في الثلاثة، و لكلّ وجه (3)(مستقلاّ (4) به) غير مستند إلى شيء بحيث لو أزيل السناد (5) سقط (مع المكنة (6)، فإن عجز) عن الاستقلال في الجميع (7)(ففي البعض).

و يستند (8) فيما يعجز عنه،(فإن عجز) عن الاستقلال أصلا (اعتمد) على شيء مقدّما على القعود، فيجب (9) تحصيل ما يعتمد عليه و لو باجرة مع الإمكان،(فإن عجز)

**********

شرح:

(1)هذا دليل ثان لتأخير المصنّف رحمه اللّه في كتابيه ذكر القيام عن النية و التكبير لأنّه يوجب لتشخّص القيام بكونه من أجزاء الصلاة.

(2)أي أخّر المصنّف رحمه اللّه في كتابه الألفية القيام عن القراءة أيضا، نظرا الى أنّ القيام من واجبات النية و التكبير و القراءة، فإنها مشترطة بالقيام عند الإمكان.

(3)أي لكلّ من تقديم القيام عن الثلاثة و تأخيره عن الاثنين و الثلاثة وجه.

(4)استقلّ : أي تفرّد به و لم يشرك فيه غيره. (المنجد). و المراد كون المصلّي منفردا بالقيام بلا تشريك شيء في قيامه من الاتكاء بالجدار و العصا و غيرها.

(5)السناد - بكسر السين -: ما يتّكأ عليه.

(6)المكنة - بضمّ الميم و سكون الكاف، أو بفتح الميم و كسر الكاف -: التمكّن.

(المنجد).

(7)يعني لو عجز عن القيام في جميع حالات الصلاة فيجب حينئذ القيام في بعضها التي يقدر على القيام فيها.

(8)أي يتّكئ المصلّي في بعض حالات صلاته اذا عجز عن القيام فيه، مثل أن لا يقدر على القيام حال القراءة كلّها لكن يقدر عليه في حالة النيّة و التكبيرة و مقدار من القراءة.

(9)أي يجب على المصلّي تحصيل شيء يتّكئ عليه حال الصلاة مثل العصا أو أمثاله للاتّكاء فيما لو لم يقدر على القيام.

ص: 213

عنه (1) و لو بالاعتماد، أو قدر عليه (2) و لكن عجز عن تحصيله (قعد) مستقلاّ كما مرّ، فإن عجز اعتمد، (3)(فإن عجز اضطجع) (4) على جانبه الأيمن، فإن عجز فعلى الأيسر (5)، هذا (6) هو الأقوى و مختاره في كتبه الثلاثة، و يفهم منه (7) هنا التخيير و هو قول.

و يجب الاستقبال حينئذ (8) بوجهه،(فإن عجز) عنهما (9)(استلقى) على ظهره، و جعل باطن قدميه إلى القبلة (10) و وجه بحيث لو جلس كان

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى القيام. يعني إذا لم يقدر على القيام و لو بالاتّكاء على شيء فيجوز له الجلوس حال الصلاة.

(2)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الاعتماد، و الضمير في قوله «تحصيله» يرجع الى ما يعتمد عليه.

(3)أي اعتمد في حال جلوسه على شيء.

(4)اضطجع - من ضجع يضجع ضجعا و ضجوعا وزان منع يمنع -: وضع جنبه على الأرض. (المنجد). و هو من باب افتعال قلب تاؤه المنقوطة بالتاء المؤلفة، كما هو مذكور في الصرف، و يستعمل اللفظ في معنى القبر. و يقال للمكان الذي يدفن فيه الإنسان «المضجع» جمعه مضاجع.

(5)أي يضطجع على جانبه الأيسر.

(6)أي التفصيل بين الجانب الأيمن و الأيسر، و هو مختار المصنّف رحمه اللّه في كتبه الثلاثة، و هو الأقوى عند الشارح رحمه اللّه.

(7)الضمير في قوله «منه» يرجع الى المصنّف، و «هنا» إشارة الى هذا الكتاب.

يعني يفهم من عبارة المصنّف في هذا الكتاب بقوله: «فإن عجز اضطجع» التخيير بين الحالات في الاضطجاع بلا فرق بين الأيمن و الأيسر.

(8)يعني حين الاضطجاع يجب أن يقبل وجهه و تمام قدّام بدنه كلّه الى طرف القبلة.

(9)الضمير في قوله «عنهما» يرجع الى الاضطجاع على اليمين و اليسار.

(10)يعني يستلقي على ظهره بطريق يجعل باطن قدميه و وجهه الى القبلة، كما في حال الاحتضار، و هو النزع و الإشراف على الموت.

ص: 214

مستقبلا كالمحتضر.

و المراد بالعجز في هذه المراتب حصول مشقّة كثيرة لا تتحمّل (1) عادة، سواء نشأ منها (2) زيادة مرض، أو حدوثه، أو بط ء (3) برئه، أو مجرّد (4) المشقّة البالغة، لا العجز الكلّي.

(و يومئ للركوع و السجود بالرأس) إن عجز عنهما (5). و يجب تقريب الجبهة إلى ما يصحّ (6) السجود عليه، أو تقريبه إليها، و الاعتماد بها (7) عليه، و وضع باقي المساجد معتمدا، و بدونه لو تعذّر الاعتماد، و هذه الأحكام (8) آتية في جميع المراتب السابقة، و حيث يومئ لهما برأسه يزيد

**********

شرح:

(1)أي المشقّة الغير قابلة للتحمّل، فلو كانت قابلة للتحمّل لا يسقط تكليفه حينئذ.

(2)الضمير في قوله «منها» يرجع الى المشقّة.

(3)يعني يحصل من القيام للصلاة تأخير شفائه من المرض. البط ء - بضمّ الباء و سكون الطاء - كون المرض بطيئا و غير سريع في شفائه.

(4)بالرفع، عطفا على قوله «زيادة مرض». يعني سواء نشأ من القيام في الصلاة مجرّد المشقّة الكثيرة و لو لم يؤثر في زيادة المرض أو بط ء شفائه.

(5)الضمير في قوله «عنهما» يرجع الى الركوع و السجود. يعني لو عجز عنهما يومئ.

(6)بأنّ يقرّب الجبهة الى ما يصحّ السجود عليه أو يقرّب التربة أو غيرها ممّا يصحّ السجود عليه الى جبهته حال السجود. و الضميران في قوله «عليه» و «تقريبه» يرجعان الى «ما» الموصول، و المراد منه ما يصحّ السجود عليه، و الضمير في قوله «إليها» يرجع الى الجبهة.

(7)أي يجب أن يعتمد بالجبهة الى ما يصحّ السجود عليه، و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الجبهة.

(8)أي أحكام وجوب الإيماء للركوع و السجود، و تقريب الجبهة الى ما يصحّ السجود عليه، و تأتي في جميع المراتب المذكورة من القيام و القعود و الاضطجاع.

ص: 215

السجود انخفاضا مع الإمكان.(فإن عجز) الإيماء به (غمّض عينيه لهما) (1) مزيدا للسجود تغميضا (و فتحهما) (2) بالفتح (لرفعهما) (3) و إن لم يكن (4) مبصرا مع إمكان الفتح قاصدا بالأبدال (5) تلك الأفعال، و إلاّ (6) أجرى الأفعال على قلبه كلّ واحد في محلّه، و الأذكار (7) على لسانه، و إلاّ (8) أخطرها بالبال، و يلحق (9) البدل حكم المبدل في الركنية، زيادة

**********

شرح:

(1)أي غمّض عينيه للركوع و السجود، و يزيد الغمض للسجود.

(2)بصيغة الماضي المعلوم، فاعله مستتر يعود على المصلّي، و ضمير التثنية المفعولي يرجع الى عينيه. قوله «بالفتح» يعني بفتح التاء لا بسكونه ليكون فعلا لا مصدرا.

(3)أي للرفع عن الركوع و السجود.

(4)اسم كان مستتر يرجع الى المصلّي. يعني أنّ الحكم يغمض العينين للركوع و السجود و فتحهما للرفع عنهما لا فرق فيه بين كون المصلّي ذا بصر أم كان أعمى، لكن يقدر على غمض العينين و فتحهما.

(5)الأبدال هنا جمع مفرده بدل، و المعنى: أنّه يجب أن يقصد بالأبدال بصيغة الجمع؛ لأنّ فتح العينين و غمضهما متعدّ دون هذه الأفعال التي يكون فتح العين و غمضها بدلا عنها.

(6)أي و إن لم يقدر على غمض العينين و فتحهما بدل الأفعال المذكورة، لعدم حركة أطراف العينين، فيقصد الأفعال المذكورة بالقلب.

(7)بالنصب لكونها مفعولا لقوله «أجرى». يعني أجرى الأفعال بالقلب، و أجرى الأذكار باللسان عند التمكّن.

(8)أي و إن لم يقدر على إجراء الأذكار باللسان يخطر الأذكار أيضا بالقلب.

(9)بصيغة المعلوم، فاعله «حكم المبدل» و مفعوله «البدل». يعني يكون البدل بحكم المبدل في الركنية من حيث الزيادة و النقصان، فكما أنّ الركوع و السجود ركنان من أجزاء الصلاة - بمعنى أنّ الصلاة تبطل بزيادتهما و نقصانهما عمدا أو سهوا - فكذلك غمض العينين بقصدهما لو زادهما أو نقصهما تبطل الصلاة بهما.

ص: 216

و نقصانا مع القصد، و قيل: مطلقا (1).

النية

(و النية) (2) و هي القصد (3) إلى الصلاة المعيّنة، و لمّا (4) كان القصد متوقّفا على تعيين المقصود بوجه (5) ليمكن توجّه القصد إليه اعتبر (6) فيها إحضار ذات الصلاة و صفاتها (7) المميّزة لها حيث تكون مشتركة،

**********

شرح:

(1) * من حواشي الكتاب (في خصوص قوله «مطلقا»): سواء قصد البدلية أو لا، فلو زاد تغميضا بطلت صلاته و إن لم يقصد أنّه بدل من الركوع و السجود، و الحاصل: أنّه على هذا القول يكون التغميض مطلقا بمنزلة الركوع و السجود في هذه الصلاة، فلو زاد أو نقص بطلت الصلاة مطلقا كسائر الأركان في الصلاة.

(حاشية سلطان رحمه اللّه).

النيّة (2)بالرفع، عطفا على قوله «ثمّ يجب القيام» و هو الثاني من أجزاء الصلاة.

النيّة - لغة - من نوى الشيء ينويه نواة و نيّة و نية: القصد و عزم القلب و انبعاثه نحو ما يراه موافقا. (المنجد، أقرب الموارد).

(3)هذا معنى النيّة في الاصطلاح، و لا يخفى من أخذ معناه اللغويّ في معناه الاصطلاحي أيضا.

(4)يأتي جواب «لمّا» في قوله «اعتبر... الخ». يعني أنّ القصد موقوف على تعيين المقصود بنحو يمكن توجّه القلب الى المقصود، ففي نيّة الصلاة يلزم إحضار الصلاة و صفاتها المميّزة لها عن غيرها.

(5)الجارّ يتعلّق بقوله «تعيين المقصود». يعني يكون التعيين على نحو يمكن توجّه القلب إليه.

(6)قوله «اعتبر» جواب «لمّا»، و الضمير في قوله «فيها» يرجع الى النيّة.

(7)بالجرّ، لإضافة لفظ «إحضار» إليه أيضا، و ضميرا التأنيث يرجعان الى الصلاة. و الحاصل: أنّه يجب في تحقّق النيّة قصد ذات الصلاة أوّلا، ثمّ قصد صفاتها المشتركة بينها و بين غيرها، مثلا يقصد أولا ذات الجنسي منها، بمعنى أن

ص: 217

و القصد إلى هذا المعيّن متقرّبا (1)، و يلزم من ذلك كونها (معيّنة (2) الفرض) من ظهر، أو عصر، أو غيرهما (و الأداء) إن كان فعلها في وقتها، (أو القضاء (3)) إن كان في غير وقتها (و الوجوب). و الظاهر أنّ المراد به (4) المجعول غاية،

**********

شرح:

يقول في ذهنه: إنّ العمل المقصود الذي اريده صلاة ليست بزكاة، ثمّ يريد صفاتها المشخّصة و المميّزة لها من كونها أداء أو قضاء، تماما أو قصرا.

(1)حال من قوله «و القصد الى هذا»، و هو عطف على قوله «إحضار ذات الصلاة». فحاصل معنى العبارة: اعتبار في النيّة إحضار ذات الصلاة و صفاتها، و القصد إليها متقرّبا الى اللّه تعالى.

(2)بصيغة اسم المفعول، و إعرابها النصب، لكونها حالا من النية. يعني تجب النية معيّنة الفرض و الأداء... الخ. كما قالوا في خصوص النية بأنّ المصلّي يقول في قلبه أو لسانه: أصلّي فرض الظهر أداء لوجوبه قربة الى اللّه تعالى. و الفرض بمعنى الواجب.

(3)بالجرّ، عطفا على الفرض في قوله «معيّنة الفرض». يعني تجب النية معيّنة الأداء أو القضاء في كون الصلاة في غير وقتها.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى الوجوب. يعني أنّ المراد من الوجوب هنا هو الذي يجعله غاية لإتيانه الصلاة.

توضيح: لو قيل بحصول التكرار من كلام المصنّف رحمه اللّه؛ لأنّه قال «معيّنة الفرض» و الفرض بمعنى الوجوب، فلا احتياج لقوله «و الوجوب» و هذا تكرار. أجاب عنه الشارح بجوابين:

الأول: كون المقصود من قول «معيّنة الفرض» هو الصلاة الواجبة لا المندوبة، و المقصود من «الوجوب» أخيرا كونه غاية و علّة لإقدامه عليها. يعني: اصلّي الصلاة الواجبة لوجوبه، فلا تكرار في ذلك.

الثاني: كون المراد من «معيّنة الفرض» هو نوع الصلاة بلا نظر الى وجوبها أو ندبها، و المقصود من «الوجوب» أخيرا هو تميّزها بالوجوب، فلا تكرار إذا.

ص: 218

لأنّ (1) قصد الفرض يستدعي تميّز الواجب، مع احتمال (2) أن يريد به الواجب المميّز (3)، و يكون الفرض (4) إشارة إلى نوع الصلاة، لأنّ الفرض قد يراد به ذلك إلاّ أنّه (5) غير مصطلح شرعا، و لقد كان أولى (6) بناء على أنّ الوجوب إلغائيّ لا دليل على وجوبه كما نبّه عليه (7) المصنّف في الذكرى، و لكنّه (8) مشهور، فجرى (9) عليه هنا (أو الندب (10)) إن كان

**********

شرح:

(1)هذا إشارة لما أوضحناه بأنّ «معيّنة الفرض» يقتضي كونها واجبة. فأجاب أولا بأنّ المراد من الوجوب هو الغاية الباعثة لإتيانه الصلاة.

(2)هذا هو الجواب الثاني كما أوضحناه قبل قليل. و الضمير في قوله «به» يرجع الى الوجوب المذكور أخيرا.

(3)المميّز بصفة اسم مفعول صفة الواجب.

(4)المراد هو الفرض الذي في قوله «معيّنة الفرض».

(5)هذا ردّ من الشارح بإرادة نوع الصلاة من لفظ «معيّنة الفرض» بأنّه غير مصطلح في الشرع.

(6)يعني و لقد كانت إرادة نوع الصلاة من لفظ «معيّنة الفرض» أولى، لأنّ الوجوب إلغائيّ لا دليل على وجوبه في النية.

(7)أي نبّه المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى على عدم الدليل، لوجوب قصد الوجوب إلغائيّ في النية.

(8)الضمير في قوله «لكنه» يرجع الى وجوب قصد الوجوب إلغائيّ في النية. يعني و إن لم يوجد له دليل إلاّ أنّه مشهور بين الفقهاء.

(9)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه عمل على ما جرى عليه المشهور في هذا الكتاب، و قال بوجوب قصد الوجوب الذي هو غاية.

(10)بالجرّ، عطفا على قوله «الوجوب»، و كلّ من الوجوب و الندب مضاف إليه لقوله «معيّنة».

و العبارة هكذا: تجب النية معيّنة الفرض و الأداء أو القضاء، و الوجوب أو الندب، كلّ من المذكورات من أضيف إليها لفظ «معيّنة».

ص: 219

مندوبا، إمّا بالعارض (1) كالمعادة (2) لئلاّ (3) ينافي الفرض الأول، إذ يكفي في إطلاق الفرض عليه (4) حينئذ كونه كذلك (5) بالأصل، أو ما هو (6) أعمّ ، بأن يراد بالفرض أولا ما هو أعمّ من الواجب، كما ذكر في

**********

شرح:

(1)يعني كون الصلاة ندبا إمّا بالعرض مثل صلاة الفريضة التي يعرضها الندب، مثلا يصلّي الصلاة منفردا فحضرت الجماعة و أراد أن يستفيض من فيضها فيعيد الصلاة جماعة، ففي هذه الصلاة المعادة ينوي ندبها. و كونها مندوبة إنّما هو بالعرض لأنّ ذات الصلاة فريضة.

(2)صفة للموصوف المقدّر و هو الصلاة. يعني كونها ندبا إمّا بالعارض كما أوضحنا.

(3)هذا تعليل لقوله «إمّا بالعارض». يعني إذا اريد من الندب العارض منه فلا يلزم الإشكال بأن قصد الندب فإنّه ينافي قوله «معيّنة الفرض» إذ كون الصلاة معيّنة الفرض لا يتصوّر إلاّ إذا قصد المصلّي وجوبها فلا يلائم قوله أخيرا «معيّنة الندب».

و الجواب بأنّ المراد من لفظ «معيّنة الفرض» هو الواجب بالذات و المراد بقوله «معيّنة الندب» المندوب بالعارض كالصلاة المعادة.

(4)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الندب بالعارض. يعني يكفي أن يطلق على ذلك الندب بالعارض الفرض بالذات.

(5)المشار إليه في «كذلك» هو معيّنة الفرض بالذات.

(6)عطف على قوله «إمّا بالعارض». يعني أو يراد من الندب الأعمّ من الندب بالعارض أو بالذات. فإذا يراد من قوله «معيّنة الفرض» نوع الصلاة التي أعمّ من المندوب و الفرض، بمعنى كون النية عبارة عن قصد الصلاة لا غيرها من الأكل و الشرب و سائر الأفعال. و يراد من قوله «معيّنة الندب» هو القسم المندوب من الصلاة لا الواجب، كما يراد من قوله قبل ذلك «معيّنة الوجوب» القسم الواجب من الصلاة.

ص: 220

الاحتمال (1)، و هذا (2) قرينة اخرى عليه، و هذه الأمور (3) كلّها مميّزات للفعل المنويّ ، لا أجزاء للنية، لأنّها (4) أمر واحد بسيط و هو القصد، و إنّما التركيب في متعلّقة و معروضه و هو (5) الصلاة الواجبة، أو المندوبة المؤدّاة أو المقضاة، و على اعتبار الوجوب المعلّل (6) يكون آخر المميّزات ما قبل الوجوب، (7) و يكون

**********

شرح:

(1)المراد من الاحتمال هو الثاني من الاحتمالين اللذين أوضحناهما في هامش 4 من ص 218 فراجع.

(2)يعني: أنّ ذكر الندب أخيرا قرينة اخرى على الاحتمال المذكور، و هو كون المراد من معيّنة الفرض هو نوع الصلاة أعمّ من المندوب و الواجب، و القرينة الاخرى هي التي ذكرناها في هامش 6 من ص 219 بقولنا: لأنّ الوجوب إلغائيّ لا دليل على وجوبه في النية. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الاحتمال المذكور.

(3)أي الامور المذكورة - و هي كون النيّة معيّنة الفرض أو الأداء و القضاء و الوجوب أو الندب - مميّزات للصلاة التي يقصدها المصلّي، لأنّ النية مركّبة من هذه الأمور لأنّ النية هي قصد المنويّ ، و القصد لا يكون مركّب، بل هو أمر بسيط . و الحاصل: التركيب إنّما هو في متعلّق النية لا في نفسها.

(4)الضمير في قوله «لأنّها» يرجع الى النية، و الضمير في قوله «و هو القصد» يرجع الى الأمر البسيط .

(5)أي المتعلّق هو الصلاة الواجبة أو المندوبة... الخ.

(6)يعني لو اعتبرنا في النية قصد الوجوب إلغائيّ - و هو إتيان الصلاة لوجوبه، كما أوضحناه في هامش 4 من ص 218 - يكون لفظ «معيّنة الفرض» على معنيين، فراجع.

(7)قوله «ما قبل الوجوب» يعني لو قلنا بكون المراد من الوجوب هو الوجوب المعلّل الذي هو العلّة لإتيان الفعل فيكون آخر المميّزات ما قبل هذا الوجوب

ص: 221

قصده (1) لوجوبه إشارة إلى ما يقوله المتكلّمون من أنّه (2) يجب فعل الواجب لوجوبه أو ندبه، أو لوجههما (3) من (4) الشكر أو اللطف أو الأمر، أو المركّب منهما أو من بعضها (5) على اختلاف الآراء،

**********

شرح:

و هو القضاء؛ لأن هذا الوجوب المعلّل خارج عن أجزاء المنويّ ، بل هو علّة و سبب لإقدام المصلّي على فعل الصلاة.

(1)الضمير في قوله «قصده» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني و يكون قصد المصنّف من إتيان لفظ «لوجوبه» في بيان النية إشارة الى ما يقول المتكلّمون.

و الحاصل: بناء على ذلك تكون النية عبارة عن قصد الصلاة أداء أو قضاء، و يكون وجوبها أو ندبها داعيا و محرّكا للمصلّي أن يؤتيها، فلا دخل لهما في تحقّق النية.

(2)هذا بيان لما يقوله المتكلّمون.

و اعلم أنّ المراد من المتكلّمين هو: علماء علم الكلام الذين يبحثون في اصول العقائد، فإنّهم ذكروا في مباحثهم بأنّ شرط النيل بالثواب من الأعمال إنّما هو كون المحرّك و الباعث للإقدام على عمل من الأعمال هو الوجوب أو الندب، أو وجههما، و المراد من الوجه هو المصلحة الواقعية الموجبة للوجوب أو الندب، من الشكر أو اللطف أو الأمر، كما يشير إليه الشارح رحمه اللّه.

(3)الضمير في «لوجههما» يرجع الى الوجوب و الندب. يعني يجب إتيان العمل لوجهه الذي كان علّة لوجوب الفعل أو ندبه.

(4)هذا بيان من وجه الوجوب و الندب، و هو أحد من الشكر و اللطف و الأمر، أو مركّب من الثلاثة، أو مركّب من بعض الثلاثة على خلاف بينهم.

(5)أي: المركّب من بعض الثلاثة، لا من مجموعها كما يقوله بعض منهم.

توضيح: إنّ المتكلّمين يقولون بلزوم قصد الغاية من العمل، و هي: الوجوب أو الندب، أو وجه الوجوب و الندب، و اختلفوا في وجه الوجوب و الندب، فقال بعضهم: إنّ المصلحة الموجبة لكون العمل واجبا أو ندبا هو شكر المنعم، فيقول

ص: 222

و وجوب (1) ذلك أمر مرغوب عنه، إذ لم يحقّقه المحقّقون فكيف يكلّف به غيرهم ؟

(و القربة) (2) و هي غاية الفعل المتعبّد به، و هو (3) قرب الشرف لا

**********

شرح:

المصلّي: اصلّي لشكر المنعم و هو اللّه تعالى، بمعنى كون الداعي له لإتيان الصلاة إنّما هو شكر المنعم.

و قال بعض منهم: إنّ المراد من الوجه هو اللطف، و هو في الاصطلاح ما يقرّب الإنسان الى الجنّة و يبعده عن النار و إنّ اللّه تعالى رغّب المكلّفين لإتيان الفرائض و المندوبات و أوعدهم الثواب و الجنّة، فيقصد المكلّف النيل بهذه المقامات الإلهية، و هو الوجه لإتيان الأعمال.

و قال بعض أيضا: المراد من الوجه هو قصد أمر اللّه تعالى و الإطاعة له.

و قال الآخر: الوجه هو قصد الشكر و اللطف، أو قصد الأمر و اللطف.

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في خصوص قصد الغاية في إتيان الفرائض و المندوبات، بأنّ ذلك مرغوب عنه عند العلماء، و لا دليل على وجوب إلغائيّ ، و لم يتحقّق بأنّ المراد منه ما هو، فكيف يحكم بتكليف ما لم يتحقّق منهم ؟!

و قال الفقهاء بوجوب الوجه، و أرادوا منه الوجوب و الندب، فلو أراد المصلحة الموجبة لهما يكون قصدا لوجه الوجه. و أخيرا إذا أراد المصلّي من صلاته الدخول الى الجنّة و النجاة من العذاب، و كذلك العامل لأداء الزكاة إذا أراد منه النيل بالثروة، و كذا قارئ دعاء كميل اذا أراد منه كفاية شرّ الأعداء و فتح باب الرزق و غفران المعاصي كما ذكروا في خصوصه يكون ذلك داعيا لداعي القراءة و العمل.

(2)بالجرّ، عطفا على الندب و معطوفة ممّا تقدّم، فتكون العبارة هكذا: و النية المعيّنة القربة. يعني و من أجزاء الصلاة النية في حال كونها معيّنة القرب لا الرياء و السمعة و غير ذلك.

(3)قوله «و هو» يرجع الى لفظ «القربة». يعني أنّ المراد من القرب الذي جعل

ص: 223

الزمان و المكان، لتنزّهه تعالى عنهما (1)، و آثرها لورودها (2) كثيرا في الكتاب و السنّة و لو جعلها (3) للّه تعالى كفى.

و قد تلخّص من ذلك (4): أنّ المعتبر في النية أن يحضر بباله مثلا صلاة الظهر الواجبة المؤدّاة، و يقصد فعلها للّه تعالى، و هذا أمر (5) سهل،

**********

شرح:

غاية لإتيان فعل المتعبّد به هو القرب من حيث الشرف و المنزلة، لا القرب زمانا أو مكانا، لأنّ اللّه تعالى منزّه من اختيار الزمان و المكان.

(1)أي عن الزمان و المكان.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر لفظ «القربة» بعد الأجزاء المذكورة في المنويّ ، لأنّها وردت كثيرا في الكتاب و السنّة.

أمّا الكتاب فقوله تعالى: وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ وَ صَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) . (التوبة: 99).

و أمّا السنة فقد ورد في كتاب الوسائل:

عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أقرب ما يكون العبد من ربّه إذا دعا ربّه و هو ساجد، فأيّ شيء تقول إذا سجدت ؟ قلت: علّمني جعلت فداك ما أقول ؟ قال: قل: يا ربّ الأرباب، و يا ملك الملوك، و يا سيّد السادات، و يا جبّار الجبابرة، و يا إله الآلهة، صلّ على محمّد و آل محمّد، و أفعل بي كذا و كذا... الخ.

(الوسائل: ج 4 ص 952 ب 2 من أبواب السجود ح 3).

(3)الضمير في قوله «لو جعلها» يرجع الى القربة. يعني لو جعل المصلّي القربة كون العمل للّه تعالى كفى، بمعنى: أن يصلّي أو يصوم أو يزكّي ماله لعظمته تعالى تعظيما له، و لا يخطر بباله غير ذلك.

(4)أي: خلاصة ما ذكرنا في خصوص النية هو: أنّ المعتبر فيها أن يقول العامل بالواجب و هو الصلاة في لسانه أو يخطر بباله: اصلّي صلاة الظهر - مثلا - الواجبة المؤدّاة قربة الى اللّه تعالى.

(5)فإنّ النية بهذا الطريق سهلة لا تعب فيها.

ص: 224


1- سوره 9 - آیه 99

و تكليف يسير، قلّ أن ينفكّ (1) عن ذهن المكلّف عند إرادته الصلاة، و كذا غيرها (2) و تجشّمها (3) زيادة على ذلك وسواس شيطاني، قد امرنا بالاستعاذة منه و البعد عنه.

تكبيرة الإحرام

(و تكبيرة (4) الإحرام) نسبت إليه (5)، لأنّ بها يحصل الدخول في الصلاة و يحرم ما كان محلّلا قبلها من الكلام و غيره، و يجب التلفّظ بها باللفظ المشهور (6)(بالعربية) تأسّيا

**********

شرح:

(1)فإنّ النية كذلك لا تنفكّ عن ذهن المكلّف عند إتيانه بالواجب. و عن السيّد ابن طاوس رحمه اللّه: إنّه لو كلّفنا بالعبادة بغير نية لكان ذلك تكليفا بما لا يطاق.

فالمقدار الذي يحصل في قلب المكلّف - كما أوضحناه - يكون كافيا في تحقّق النية.

(2)يعني و كذلك تكفي النية بهذا المقدار في غير الصلاة من سائر العبادات، مثل:

الصوم و الزكاة و غيرهما.

(3)أي التكلّف بالنية - زيادة على ما ذكرنا - وسواس شيطاني، و قد أمرنا اللّه تعالى بالاستعاذة من شرّه إليه سبحانه في قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلهِ النّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ * اَلَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ (1) (الناس: 1-5). فما ترونه من بعض المؤمنين في صفوف الجماعات و غيره من الوسوسة في نيّته بتكرارها في اللسان و رفع اليد و ردّها و تغيير القيافة و غير ذلك ليس إلاّ وسوسة شيطانية لو لم تكن رياء، أعاذنا اللّه تعالى من الشيطان.

تكبيرة الإحرام (4)بالرفع، عطفا على قوله «النية» و معطوفة. يعني أنّ الثالث من واجبات الصلاة - بعد القيام و النيّة - تكبيرة الإحرام.

(5)أي نسبت التكبيرة الى الإحرام لأنّ بتلك التكبيرة يدخل المصلّي حريم الصلاة، فيحرم عليه ما كان محلّلا قبلها من التكلّم و الشرب و الأكل و غيرها.

و الضميران في قوله «قبلها» و «بها» يرجعان الى تكبيرة الإحرام.

(6)و المشهور من التكبيرة هو لفظ «اللّه أكبر».

ص: 225


1- سوره 114 - آیه 1

بصاحب الشرع (1) عليه الصلاة و السلام حيث فعل كذلك و امرنا بالتأسّي به (2)(و) كذا تعتبر العربية في (سائر الأذكار الواجبة)، أمّا المندوبة (3) فيصحّ بها و بغيرها في أشهر (4) القولين، هذا مع القدرة عليها (5). أمّا مع العجز و ضيق الوقت عن التعلّم فيأتي بها حسب ما يعرفه من اللغات (6)، فإن تعدّد (7) تخيّر مراعيا ما اشتملت

**********

شرح:

(1)فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام كبّروا لها بهذا اللفظ .

(2)كما في قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (1) (الأحزاب: 21). و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: صلّوا كما رأيتموني اصلّي. (بحار الأنوار: ج 85 ص 279 باب التشهّد و أحكامه).

(3)أي: الأذكار المندوبة في الصلاة، مثل ذكر القنوت و الدعاء بعد ذكر السجدة و أمثالهما يجوز بالعربية و غيرها.

(4)في مقابل الأشهر هو القول المشهور بعدم جواز الأذكار المندوبة بغير العربية.

* من حواشي الكتاب: قال العلاّمة في التذكرة: يجوز الدعاء بغير العربية على قول أكثر علمائنا للأصل، و عند بعضهم لا يجوز لأنّ المنقول عن النبي صلّى اللّه عليه و آله هو الدعاء بالعربية، و قال صلّى اللّه عليه و آله: صلّوا كما رأيتموني اصلّي. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

و لا يخفى دليل الثاني في بيان بعض الأحكام؛ لأنّ لسانه صلّى اللّه عليه و آله كان عربيا، و لا يتصوّر في حقّه أن يدعو بغير العربية، فكلّ مورد ثبت فيه نصّ أو إجماع بلزوم العربية يتّبع، و كلّ مورد لم يثبت فيه ذلك فالأصل هو الجواز.

(5)أي: الحكم بالعربية إنّما هو في صورة التمكّن منها.

(6)يعني لو لم يقدر المصلّي على تكبيرة الإحرام بالعربية و لم يسع الوقت لتعلّمها فيكبّر بأيّ لسان يقدر به.

(7)أي: إن تعدّدت اللغة بأن يقدر على التكبيرة بلغتين مثل الفارسي و التركي إذا يتخيّر في أداء التكبيرة بأيّ منهما شاء.

ص: 226


1- سوره 33 - آیه 21

عليه (1) من المعنى و منه (2) الأفضلية.

(و تجب المقارنة للنية) بحيث يكبّر عند حضور القصد المذكور (3) بالبال (4) من غير أن يتخلّل بينهما (5) زمان و إن قلّ على المشهور، و المعتبر حضور القصد (6) عند أول جزء من التكبير، و هو (7) المفهوم من المقارنة بينهما في عبارة المصنّف (8)، لكنّه (9) في غيره اعتبر استمراره إلى آخره إلاّ

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى «ما» الموصولة، و فاعل اشتملت مستتر يرجع الى التكبيرة. يعني يجب رعاية المعنى الذي تشتمله التكبيرة.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى المعنى، فيكون معنى العبارة: أنّه يجب على المصلّي أن يراعي من معنى «اللّه أكبر» المعنى الذي فيه الأفضلية، ففي لغة الفارسي مثلا يتلفّظ بلفظ «خدا بزرگتر است» لا لفظ «خدا بزرگ است».

(3)المراد من القصد المذكور هو قصد الصلاة بالمميّزات المذكورة من الأداء و القضاء و الوجوب أو الندب و القربة.

(4)الجار و المجرور يتعلّق بالحضور، و الباء في قوله «بالبال» بمعنى «في».

(5)أي: بين القصد و التكبيرة. يعني لا يجوز الفصل بينهما و لو بزمان قليل.

و قال الشهيد في الذكرى: و من الأصحاب من جعل النية بأسرها بين الألف و الراء أي: ألف «اللّه» و راء «أكبر»، و ما نقله عن العامّة من جواز تقديم النيّة على التكبيرة بشيء يسير كنية الصوم فهو غير مستقيم.

(6)أي قصد الصلاة عند أول جزء من التكبير.

(7)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى حضور القصد عند أوّل جزء التكبيرة. يعني أنّ النية و القصد عند التكبيرة في البال هو مقتضى لفظ المقارنة بينهما، فإنّهما لا يقارنان الى ما بالقصد في أول التكبيرة.

(8)عبارة المصنّف رحمه اللّه هي قوله «تجب المقارنة للنية».

(9)أي لكنّ المصنّف رحمه اللّه في غير هذا الكتاب اعتبر استمرار القصد من أول التكبيرة الى آخرها، إلاّ أن يحصل العسر و المشقّة للمصلّي في ذلك.

ص: 227

مع العسر، و الأول (1) أقوى.

(و استدامة (2) حكمها) بمعنى أن لا يحدث نية تنافيها (3)، و لو في بعض مميّزات المنويّ (إلى الفراغ) من الصلاة، فلو نوى الخروج منها و لو في ثاني الحال (4) قبله، أو فعل (5) بعض المنافيات كذلك، أو الرياء (6) و لو ببعض الأفعال، و نحو (7) ذلك بطلت.

**********

شرح:

(1)أي الحكم بالحضور من القصد عند أوّل جزء من التكبير في قلب المصلّي هو الأقوى، فلا يجب استمرار القصد الى آخر التكبيرة.

(2)عطف على المقارنة، أي تجب المقارنة في النية و استدامة حكم النية الى آخر الصلاة.

(3)يعني أن يحدث نية على خلاف النية الأولى و لو في بعض المميّزات المنظورة في النية الاولى، مثلا قصد في الاولى صلاة القضاء فيحدث النية على خلافه، و هكذا.

(4)بأن ينوي في الركعة الاولى الخروج من الصلاة المنوية في الركعة الثانية، فهذا القصد - و لو كان قبل الركعة المنظورة - يوجب البطلان أيضا. و قوله «في ثاني الحال» ظرف للخروج، و الضمير في قوله «قبله» يرجع الى ثاني الحال.

(5)بالنصب، لكونه مفعولا على قوله «نوى». و المراد من قوله «كذلك» هو نية الفعل المنافي في حال قبل حال الفعل، مثل نيته في الركعة الاولى و في الركعة الثانية.

(6)بالنصب، عطفا على «فعل» و معطوفه، و الكلّ مفعول لقوله «نوى».

و الحاصل: لو نوى الرياء في صلاته و لو في بعض أفعال الصلاة - مثل أن ينوي من قنوتها مطوّلا الرياء، أو نوى من السجدة المطوّلة الرياء - فهذا يوجب بطلان الصلاة، لعدم استمرار النية فيها.

(7)أي لو نوى أمثال ذلك في خلال الصلاة - مثل قصد إيجاد الحدث و قصد التعليم للغير و هكذا - بطلت الصلاة في كلّ ذلك.

ص: 228

القراءة

الحمد و سورة كاملة

(و قراءة (1) الحمد، و سورة كاملة) في أشهر القولين (2)(إلاّ (3) مع الضرورة) كضيق وقت، و حاجة يضرّ فوتها (4)، و جهالة لها مع العجز عن التعلّم، فتسقط السورة من غير تعويض (5) عنها، هذا (6)(في) الركعتين (الأوليين) سواء لم يكن غيرهما (7) كالثنائية، أم كان كغيرها (و يجزي في غيرهما) من الركعات (الحمد وحدها أو التسبيح) بالأربع المشهورة (8)(أربعا) بأن

**********

شرح:

القراءة (1)يعني أنّ الرابع من واجبات الصلاة هو قراءة فاتحة الكتاب و قراءة سورة كاملة من السور التي تأتي الإشارة إليها.

(2)في مقابل ذلك القول الغير الأشهر خالف فيه ابن الجنيد و سلاّر و الشيخ رحمه اللّه في النهاية و المحقّق في المعتبر، فإنّهم ذهبوا الى استحبابها، فعندهم يجوز التبعيض كما يجوز تركها بالكلّية.

و لا يخفى أنّ التعبير بالأشهر دون الأصحّ إشارة الى قوة الاستحباب.

(3)استثناء من وجوب القراءة، فإنّها لا تجب عند الضرورة و هو ضيق الوقت و غيره ممّا يذكر.

(4)يعني و من الضرورة وجود حاجة لو اشتغل بقراءة السورة لتفوت تلك الحاجة، و فوتها يوجب الضرر.

(5)يعني في صورة سقوط السورة في موارد الضرورة لا يحتاج الى بدلها، و الحال لو لم يتمكّن من قراءة الحمد كلّها بالعربية و يقدر على قراءة آية واحدة - مثلا - يجب التعويض عمّا لا يقدر بما يقدر.

(6)المشار إليه هو وجوب الحمد و السورة، فإنّهما تجبان في الركعتين الاوليين.

(7)يعني لا فرق في وجوبهما في الاوليين بين ما إذا لم يكن غيرهما مثل صلاة الصبح، أو كان معهما غيرهما مثل صلاة المغرب و العشاء.

(8)و هو: سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر.

ص: 229

يقولها (1) مرّة (أو تسعا) بإسقاط التكبير من الثلاث على ما دلّت عليه (2)

**********

شرح:

(1)أي يقول التسبيح المعروف بالأربعة مرّة، أو تسعة يقولها ثلاث مرّات مع إسقاط التكبير.

(2)يعني أنّ ذكر التسبيح تسعا من دون التكبير بدل الحمد في غير الاوليين هو مدلول رواية حريز.

و اعلم أنّ في ذكر التسبيحات بدل الحمد أربعة أوجه:

الأول: هو ذكر التسبيحات الأربعة مرّة واحدة.

الثاني: هو ذكر التسبيحات المذكورة ثلاث مرّات بحذف التكبيرة، فيكون المجموع تسعا.

الثالث: تكرار الفقرات الثلاث الاول ثلاث مرّات مع إضافة التكبيرة في المرّة الأخيرة، فيكون المجموع عشرا.

الرابع: تكرار الفقرات الأربع ثلاث مرّات، فيكون المجموع اثنتي عشرة مرّة.

أمّا دليل الاكتفاء بالمرّة الواحدة من قول «سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر» هو رواية زرارة المنقولة في كتاب الوسائل:

عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: ما يجزئ من القول في الركعتين الأخيرتين ؟ قال: أن تقول «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» و تكبّر و تركع. (الوسائل: ج 4 ص 782 ب 42 من أبواب القراءة ح 5).

و الدليل على الاكتفاء بالوجه الثاني هو الخبر المروي في كتاب الوسائل أيضا:

عن حريز السجستاني عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين من الأربع ركعات المفروضات شيئا، إماما كنت أو غير إمام، قلت:

ما أقول فيها؟ قال: إن كنت إماما أو وحدك فقل «سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه» ثلاث مرّات تكمله تسع تسبيحات، ثمّ تكبّر و تركع. (الوسائل: ج 4 ص 791 ب 51 من أبواب القراءة ح 1).

و لم نعثر على خبر يدلّ على الوجه الثالث و لكنه اختيار الشيخ في الجمل و المبسوط و ابن ادريس و سلاّر و ابن البرّاج. (راجع مختلف الشيعة: ج 2 ص 146).

ص: 230

رواية حريز (أو عشرا) (1) بإثباته في الأخيرة (أو اثنا عشر) بتكرير الأربع (2) ثلاثا، و وجه الاجتزاء بالجميع (3) ورود النصّ الصحيح بها (4)، و لا يقدح إسقاط التكبير في الثاني لذلك (5)

**********

شرح:

و أمّا دليل الاكتفاء بالوجه الرابع فهو الخبر المروي في كتاب الوسائل:

عن السرائر نقلا من كتاب حريز مثله، إلاّ أنّه قال: فقل «سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر» ثلاث مرّات، ثمّ تكبّر و تركع. (الوسائل: ج 4 ص 792 ب 51 من أبواب القراءة ح 2).

و أمّا الدليل بالاكتفاء بقراءة الحمد بدل التسبيحات هو الرواية التي ذكرت في الوسائل:

عن علي بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال: إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب، و إن شئت فاذكر اللّه، فهو سواء.

قال: قلت: فأيّ من ذلك أفضل ؟ فقال: هما و اللّه سواء، إن شئت سبّحت، و إن شئت قرأت. (الوسائل: ج 4 ص 781 ب 42 من أبواب القراءة ح 3).

قال صاحب الوسائل بعد ذكره الرواية: المراد التساوي في الأجزاء، و قد ذكر بابا خاصّا في استحباب اختيار التسبيح على القراءة في الأخيرتين. (راجع الوسائل: ج 4 ص 791 ب 51 من أبواب القراءة).

(1)عطف على قوله «تسعا» و معطوفه.

(2)يعني أنّ اثنتي عشرة تحصل بتكرار الفقرات الأربع ثلاث مرّات.

(3)المراد من الجمع هو الوجوه الأربعة التي أوضحناها و ذكرنا أدلّتها بالتفصيل فراجعها.

(4)يعني أنّ الوجوه المذكورة قد ورد في خصوصها النصّ الصحيح. لكنّا ما وجدنا نصّا في خصوص الوجه الثالث، إلاّ أنّه نقل عن الشيخ و السيد رحمهما اللّه و غيرهما القول به.

(5)المشار إليه هو النصّ الصحيح. يعني لا يقدح إسقاط التكبير في الوجه الثاني، و هو كون تكرار الفقرات الثلاث الاول ثلاثا بحذف التكبير لوجود النصّ .

ص: 231

و لقيام (1) غيره مقامه و زيادة (2)، و حيث يؤدي الواجب بالأربع (3) جاز ترك الزائد، فيحتمل كونه (4) مستحبّا، نظرا إلى ذلك (5)، و واجبا (6) مخيّرا، التفاتا إلى أنّه (7) أحد أفراد الواجب، و جواز (8) تركه إلى بدل، و هو (9) الأربع و إن كان جزأه (10) كالركعتين، و الأربع في مواضع التخيير، و ظاهر (11) النصّ و الفتوى: الوجوب،

**********

شرح:

(1)هذا دليل آخر على عدم القدح بإسقاط التكبير؛ لأنّ غيره - و هو تكرار الفقرات الاخرى - يقوم مقام التكبير.

(2)الواو هنا بمعنى «مع». يعني يقوم غيره مقامه مع زيادة.

(3)يعني حيث يكتفي في أداء الواجب بذكر التسبيحات الأربع مرّة واحدة فيجوز حينئذ ترك الزائد، فلو أتى بالزائد يحتمل كونه مستحبّا، و كذلك يحتمل كونه واجبا مخيّرا.

(4)الضمير في «كونه» يرجع الى الزائد.

(5)المشار إليه في «ذلك» هو جواز ترك الزائد. يعني أنّ جواز الترك يدلّ على عدم وجوب الزائد، لأنّ الواجب لا يجوز تركه، فيستفاد منه استحباب الزائد.

(6)خبر بعد خبر لقوله «فيحتمل كونه». يعني كما يحتمل كون الزائد مستحبّا كذلك يحتمل كونه واجبا مخيّرا، لأنّه أحد أفراد الواجب.

(7)الضمير في «أنّه» يرجع الى الزائد. يعني أنّ كون الزائد واجبا مخيّرا للالتفات الى أنّه أيضا أحد أفراد الواجب؛ لجواز تركه مع البدل.

(8)بالجرّ، لكونه عطفا على قوله «أنّه أحد أفراد الواجب» فيكون معنى العبارة هكذا: التفاتا الى جواز ترك الزائد مع إتيان بدله، و هذا دليل آخر على كون الزائد واجبا مخيّرا.

(9)الضمير في قوله «و هو الأربع» يرجع الى البدل.

(10)أي و إن كان الأربع جزء من الزائد، لأنّ الزائد - مثلا - هو اثنتي عشرة مرّة، و الحال أنّ الأقلّ جزء منه. كما أنّ الركعتين جزء من أربع ركعات في الموارد التي يتخيّر المكلّف بين القصر و التمام.

(11)يعني و يستفاد من ظاهر النصّ و الفتوى أنّ الزائد هو الواجب المخيّر.

ص: 232

و به (1) صرّح المصنّف في الذكرى، و هو ظاهر العبارة هنا (2)، و عليه الفتوى.

فلو شرع (3) في الزائد عن مرتبة فهل يجب عليه البلوغ إلى اخرى ؟ يحتمله (4) قضية للوجوب و إن جاز تركه قبل الشروع. و التخيير (5) ثابت قبل الشروع فيوقعه على وجهه (6)، أو يتركه حذرا من تغيير الهيئة الواجبة، و وجه العدم (7): أصالة عدم وجوب الإكمال، فينصرف (8) إلى

**********

شرح:

(1)أي و بالوجوب التخييري صرّح المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى.

(2)يعني و ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب أيضا يدلّ على الوجوب التخييري، لأنّه قال «أو التسبيح أربعا أو تسعا أو عشرا» فيظهر من ذلك الوجوب التخييري.

(3)هذا متفرّع على القول بالواجب التخييري، فإذا شرع في الزائد عن مرتبة واحدة هل يجب على المصلّي أن يكرّره الى مرتبة الواجب الآخر أم لا؟

(4)أي يحتمل وجوب البلوغ الى الاخرى لاقتضاء الوجوب التخييري ذلك و إن كان ترك الزائد جائزا قبل الشروع فيه.

(5)يعني أنّ كون المصلّي مخيّرا بينهما إنّما هو قبل الشروع، فاذا اختار الفرد الآخر يجب عليه أن يتمّه بعد الشروع فيه.

(6)الضميران في «يوقعه» و «على وجهه» يرجعان الى الزائد. يعني يجب على المصلّي أن يوقع الزائد بعنوانه الواجب المخيّر، أو يتركه من الأول لئلاّ تتغير الهيئة الواجبة، لأنّ الواجب إمّا أربع مرّات أو اثنا عشر مرّة، فلا يتصوّر غير ذلك.

(7)أي وجه عدم وجوب البلوغ الى اخرى هو أصالة عدم الوجوب، و المراد من هذا الأصل هو أصالة البراءة في موارد الشكّ في التكليف.

(8)هذا متفرّع بالحكم بعدم وجوب الإكمال. يعني إذا حكمنا بعدم وجوب الإكمال فبأيّ قاعدة ينطبق ذكر الزائد؟ فقال الشارح رحمه اللّه: منصرف الزائد الى كونه ذكرا للّه تعالى فإنّه ممدوح بأيّ طريق جعل.

ص: 233

كونه ذكر اللّه تعالى إن لم يبلغ فردا آخر.

(و الحمد) في غير الأوليين (أولى) من التسبيح مطلقا (1) لرواية محمّد بن حكيم عن أبي الحسن عليه السّلام، و روي أفضلية التسبيح مطلقا، و لغير (2) الإمام، و تساويهما (3)،

**********

شرح:

فالحاصل: ينظر الى عمل المكلّف، فلو أبلغ الزائد من الواجب الأول من التخييري الى الآخر يحكم بوجوب الزائد، و إلاّ يحكم بكونه مستحبّا، كما اذا قرأ المصلّي التسبيحة أزيد من مرّة و لم يبلغها الى عدد اثني عشر.

(1)هذا فتوى المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب، و هو أولوية الحمد من التسبيحات مطلقا، بلا فرق بين الإمام و المأموم، و الدليل على ذلك هو الرواية المنقولة في كتاب الوسائل:

عن محمّد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام: أيّما أفضل القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح ؟ فقال: القراءة أفضل. (الوسائل: ج 4 ص 794 ب 51 من أبواب القراءة ح 10).

و في قبال ذلك الرواية الدالّة على أفضلية التسبيح من قراءة الحمد و هي المروية في كتاب الوسائل:

عن محمّد بن عمران في حديث أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: لأيّ علّة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة ؟ قال: إنّما صار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله لمّا كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة اللّه عزّ و جلّ و دهش فقال: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر، فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة. (الوسائل: ج 4 ص 792 ب 51 من أبواب القراءة ح 3).

فيستفاد من هذه الرواية أفضلية التسبيحة مطلقا إماما كان أو مأموما أو منفردا.

(2)يعني و روي أفضلية التسبيح لغير الإمام.

(3)عطف على «أفضلية التسبيح». يعني روي تساوي الحمد و التسبيحة في

ص: 234

و بحسبها (1) اختلفت الأقوال و اختلف اختيار المصنّف، فهنا رجّح القراءة مطلقا (2)، و في الدروس للإمام (3) و التسبيح للمنفرد، و في البيان جعلهما له (4) سواء، و تردّد في الذكرى، و الجمع بين الأخبار هنا لا يخلو من تعسّف (5).

الجهر بالقراءة و الإخفات بها

(و يجب الجهر) بالقراءة على المشهور (6)(في الصبح)

**********

شرح:

الثواب، و هي المروية في كتاب الوسائل. (راجع: ج 4 ص 781 ب 42 من أبواب القراءة ح 3 و قد ذكرناها آنفا).

(1)أي بحسب الأخبار المختلفة في المسألة اختلفت أقوال العلماء و فتاواهم.

(2)كما في قوله: «و الحمد أولى».

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه رجّح قراءة الحمد للإمام، و رجّح التسبيحة للمنفرد.

(4)الضمير في «له» يرجع الى المنفرد. يعني في كتاب البيان جعل الحمد و التسبيحة للمنفرد متساويا. و في كتاب الذكرى تردّد في أفضلية أحد منهما. فللمصنّف أربعة أقوال كلّ في كتابه الذي اشير إليه.

(5)تعسّف في القول: أخذه على غير هداية، حمله على معنى لا تكون دلالته عليه ظاهرة، و اعتسف عن الطريق: مال عنه و عدل. (المنجد). يعني أنّ الجمع بين الأخبار المختلفة في المقام لا يخلو عن العدول عن الطريق المستقيم، لأنّ الجمع بحيث يتقبّله العقل و العرف لا يمكن.

* من حواشي الكتاب: أنّ الجمع ممكن بجعل التساوي للمنفرد، و التسبيح للمأموم بقرينة المقابلة، و الحمد للإمام. (حاشية صاحب الحديقة رحمه اللّه).

(6)مقابل المشهور قول السيد المرتضى و ابن الجنيد.

* من حواشي الكتاب: ذهب المرتضى رحمه اللّه في المصباح و ابن الجنيد الى أنّ الجهر و الإخفات في مواضعهما من السنن الأكيدة لصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يصلّي من الفرائض ما يجهر فيه بالقراءة، هل عليه أن لا يجهر؟ قال: إن شاء جهر، و إن شاء لم يفعل. (الوسائل: ج 4 ص 765

ص: 235

(و اوليي (1) العشاءين، و الإخفات (2) في البواقي) للرجل.

و الحقّ أنّ الجهر و الإخفات كيفيّتان متضادّتان مطلقا (3)، لا يجتمعان في مادة (4)، فأقلّ الجهر (5): أن يسمعه من قرب منه صحيحا، مع اشتمالها على الصوت الموجب لتسميته جهرا عرفا، و أكثره: أن لا يبلغ العلوّ المفرط ، و أقلّ السرّ (6): أن يسمع نفسه خاصّة صحيحا أو تقديرا، و أكثره: أن لا يبلغ أقلّ الجهر.

(و لا جهر على المرأة)

**********

شرح:

ب 25 من أبواب القراءة ح 6). و حملها الشيخ رحمه اللّه على التقية لموافقتها لمذهب العامّة أجمع و لابن ليلى. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

(1)بالمثناتين من تحت، و قد نقل طاب ثراه في تمهيد القواعد عن أبي حيّان أنّه يقال: أوّله و آخرة.

(2)بالرفع، عطفا على قوله «الجهر». أي يجب الإخفات في الباقي من الاوليين.

(3)أي في جميع المراتب، شديدة كانت أو ضعيفة.

(4)المراد من المادة هي المرتّبة. يعني أنّهما لا يجتمعان في مرتبة من المراتب، و هذا على خلاف من قال: إنّ أقلّ الجهر يجتمع مع أكثر الإخفات فيجتمعان، فيحصل بينهما العموم و الخصوص من وجه، بل النسبة بينهما من النسب هو التباين الكلّي.

(5)هذا بيان للتبيان بينهما، فإنّ أقلّ الجهر أن يسمع صوت المصلّي من قرب منه و لا ثقل في سمعه، و أكثر الصوت في الجهر أن لا يبلغ العلوّ المفرط .

(6)و هذا بيان للإخفات من حيث الشدّة و الضعف، فإنّ المرتبة الضعيفة من السرّ أن يسمع نفس المصلّي لو كان السامع منه سالما، أو تقديرا، و أعلى مرتبة من السرّ أن لا يبلغ أقلّ الجهر عرفا.

و الحاصل: أنّ في الجهر يظهر جوهر الصوت ضعيفا و شديدا، لكن في الإخفات لا يظهر جوهر الصوت.

ص: 236

وجوبا (1)، بل تتخيّر بينه و بين السرّ في مواضعه إذا لم يسمعها (2) من يحرم استماعه (3) صوتها، و السرّ أفضل لها مطلقا (4)،(و يتخيّر الخنثى (5) بينهما) في موضع الجهر إن لم يسمعها الأجنبي، و إلاّ تعيّن (6) الإخفات، و ربّما قيل:

بوجوب الجهر عليها (7)، مراعية (8) عدم سماع الأجنبي مع الإمكان (9)، و إلاّ (10) وجب الإخفات، و هو أحوط (11).

**********

شرح:

(1)أي لا يجب على المرأة أن تجهر في قراءة الاوليين في مواضع الجهر، بل تتخيّر بين الجهر و الإخفات.

(2)الضمير المؤنّث يرجع الى القراءة المعلومة بالقرائن، أو يرجع الى نفس المرأة، و المراد منه هو قراءتها.

(3)الضمير في «استماعه» يرجع الى «من» الموصولة، و في «صوتها» الى المرأة.

(4)أي بلا فرق بين أن يسمع الأجنبي صوتها أم لا.

(5)المراد من الخنثى هو المشكل الذي لا يلحق لا بالرجل و لا بالمرأة بسبب العلائم التي ذكروها في تشخيص الخنثى، و الضمير في «بينهما» يرجع الى الجهر و السرّ.

(6)يعني لو سمع صوتها الأجنبيّ يجب الإخفات عليها، و لو لم يسمع فالخنثى مخيّر بين الجهر و الإخفات.

(7)الضمير في «عليها» يرجع الى الخنثى. يعني قيل بتعيّن وجوب الجهر للخنثى في مواضع الجهر.

(8)حال من الخنثى. يعني يجب الجهر لها في حال كونها مراعية عدم سماع الأجنبي صوتها.

(9)هذا يتعلّق بقوله «مراعية». يعني يجب الجهر على الخنثى مع إمكان رعاية عدم سماع الأجنبي صوتها، بأن يمكن لها أن تختار مكانا لا يسمع الأجنبي صوتها، فلو لم يمكن اختيار المكان كذلك يجب الإخفات.

(10)استثناء عن إمكان الرعاية. يعني لو لم يمكن الرعاية فيجب حينئذ عليها الإخفات.

(11)يعني القول بوجوب الجهر للخنثى يطابق الاحتياط ، لأنّها اذا لم يسمع صوتها

ص: 237

الترتيل للقراءة

(ثمّ الترتيل (1)) للقراءة، و هو لغة: الترسّل فيها (2)، و التبيين بغير بغي (3)، و شرعا - قال في الذكرى -: هو حفظ الوقوف (4) و أداء الحروف (5)

**********

شرح:

الأجنبي و كانت في الواقع امرأة فيتخيّر بين الجهر و الإخفات، لكن لو كانت في الواقع رجلا لا يجوز له الإخفات، فالحكم بوجوب الجهر للخنثى يطابق الاحتياط ، فكذلك عند سماع الأجنبي صوتها الحكم بوجوب الإخفات للخنثى يطابق الاحتياط .

(1)إنّ هذا اللفظ و ما بعده من الوقوف و تعمّد الإعراب و سؤال الرحمة و التعوّذ من النقمة مبتدأ و خبره هو قوله «مستحبّ ».

و الترتيل: من رتل يرتل رتلا الشيء: تناسق و انتظم انتظاما حسنا. ترتّل في القول: ترسّل محسنا. (المنجد).

(2)الترسّل: القراءة بالتأنّي و بيان الحروف و الكلمات عند القراءة.

و اعلم أنّ للترتيل معنيان: لغويّ و اصطلاحي، و هذا معناه في اللغة، و سيشير الى معناه الشرعي عند قوله «هو حفظ الوقوف... الخ».

(3)البغي: هو العدل عن الحقّ ، الاستطالة، العصيان، الظلم، الخيانة. (المنجد).

و المراد هنا: هو الإفراط في تبيّن الحروف بحدّ الاستطالة.

و ادّعى بعض الفضلاء بأنّ في نسخة خطّية عنده كانت «تغنّ » بدل «البغي» و استشهد بنقل المسالك عن الصحاح بكلمة «تغنّ » و العهدة عليه.

فلو كان المدّعى منه صحيحا فالمعنى هكذا: الترتيل هو تبيّن الحروف بغير التغنّي.

و قد ورد عن الصادق عليه السّلام أنه سئل عن هذه الآية [وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (1) (المزّمّل: 4)] فقال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بيّنه تبيانا و لا تهذّه هذّ الشعر و لا تنثره نثر الرمل، و لكن أفزعوا قلوبكم القاسية. (تفسير الصافي: ج 5 ص 240 و نقله عن الكافي).

(4)هذا هو المعنى الشرعي من الترتيل، فإنّه عبارة عن حفظ الوقوف في الموارد التي يلاحظ فيها الوقف كما سيشير إليها قريبا.

(5)أي أداء الحروف من مخارجها التي بيّنها علماء التجويد.

ص: 238


1- سوره 73 - آیه 4

و هو (1) المرويّ عن ابن عبّاس، و قريب منه (2) عن علي عليه السّلام إلاّ أنّه قال:

و بيان الحروف، بدل أدائها (3).

(و الوقوف (4)) على مواضعه، و هي ما تمّ لفظه

**********

شرح:

(1)الضمير يرجع الى «أداء الحروف». يعني أنّ أداء الحروف ذكر في رواية ابن عبّاس في معنى الترتيل.

(2)أي يقرب من المرويّ عن ابن عبّاس ما روي عن عليّ عليه السّلام، إلاّ أنّه عليه السّلام قال:

«الترتيل بيان الحروف» بدل «أداء الحروف»، و الفرق بينهما: أنّ بيان الحروف هو إظهارها، و أداء الحروف هو إتيانها من مخارجها. و عن الشيخ البهائي رحمه اللّه:

يحصل بيان الحروف برعاية صفات الحروف و هي التي بيّنها علماء التجويد.

(3)الضمير في «أدائها» يرجع الى الحروف.

(4)عطف على قوله «ثمّ الترتيل». يعني ثمّ الوقوف في مواضع الوقف، يأتي خبره بقوله «مستحبّ ».

و اعلم أنّ الوقف قسّموه الى أربعة أقسام: التام، الحسن، الكافي، القبيح.

أمّا الأول - و هو الوقف التامّ -: و هو الّذي يتمّ الكلام فيه لفظا و معنى بحيث لا يرتبط بكلام بعده، لا في اللفظ و لا في المعنى، كالوقوف على البسملة، و يوم الدين، و هذا يوجد كثيرا في آخر الآيات.

الثاني - و هو الوقف الحسن -: و هو الوقف على كلام له تعلّق بما بعده لفظا لا معنى، مثل: اَلْحَمْدُ لِلّهِ (1) ، فإنّ المعنى تمّ ، لكن له تعلّق بما بعده، و هو رَبِّ الْعالَمِينَ (2) من حيث كونه نعتا و صفة.

الثالث - و هو الوقف الكافي -: في صورة كون الكلام تامّا من حيث اللفظ لا المعنى، مثل قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ (3) فإنّ اللفظ فيه كامل، لكنّ المعنى لم يتمّ لاحتياجه الى قوله تعالى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (4) .

الرابع - هو الوقف القبيح -: و هذا على عكس القسم الأول، الوقف في صورة عدم تمامية الكلام لا لفظا و لا معنى، مثل الوقف في لفظ «الحمد» أو الوقف على لفظ «مالك» و قد يسمّى ذلك بالوقف الاضطراري. يعني لو اضطرّ لذلك الوقف بعدم تمكّن أداء ما بعده بعلّة قطع نفسه يلزم إعادة الكلام مجدّدا.

ص: 239


1- سوره 1 - آیه 2
2- سوره 1 - آیه 2
3- سوره 2 - آیه 2
4- سوره 2 - آیه 2

و معناه (1)، أو أحدهما (2)، و الأفضل: التامّ ، ثمّ الحسن، ثمّ الكافي، على ما هو مقرّر في محلّه (3)، و لقد كان يغني عنه (4) ذكر الترتيل على ما فسّره به المصنّف (5)، فالجمع بينهما (6) تأكيد. نعم (7)، يحسن الجمع بينهما (8) لو فسّر الترتيل بأنّه تبيين الحروف من غير مبالغة (9) كما فسّره به في المعتبر و المنتهى (10)، أو بيان (11) الحروف و إظهارها (12) من غير مدّ يشبه الغناء

**********

شرح:

(1)هذا هو الوقف التامّ كما مثّلناه.

(2)ثمّ المعنى لا اللفظ و هو الوقف الحسن، ثمّ اللفظ لا المعنى و هو الوقف الكافي.

(3)المراد من محلّ هذه الوقوف هو علم التجويد الذي ابتدعه القرّاء و علماء التجويد، و لا يخفى أنّه لا دليل لرعاية هذه الاصطلاحات الواردة من أهل التجويد سوى المرويّ عن عليّ عليه السّلام الذي ذكرناه، و ثبوته مخدوش عند الأعلام.

(4)يعني و كان يغني عن ذكر الوقوف ذكر الترتيل بالمعنى الّذي فسّره المصنّف رحمه اللّه في الذكرى، فإنه قال: الترتيل حفظ الوقوف و أداء الحروف، فإذا لا يحتاج الى ذكر الوقوف بعد ذكر الترتيل، فهذا تكرار في عبارة المصنّف.

(5)أي على ما فسّره المصنّف في الذكرى - كما أوضحناه -.

(6)بين ذكر الترتيل و ذكر الوقوف تأكيد، هذا جواب عن إيراد لزوم التكرار في عبارة المصنّف رحمه اللّه في المتن.

(7)هذا استدراك عن لزوم التكرار بين الجمع بينهما، فلو فسّر الترتيل بأنّه تبيين الحروف كما فسّره المحقّق رحمه اللّه في المعتبر فلا يلزم التكرار، بل يحسن الجمع بينهما.

(8)الضمير في «بينهما» يرجع الى الترتيل و الوقوف.

(9)لفظ «مبالغة» بصيغة المصدر من باب مفاعلة. يعني فسّر المحقّق و العلاّمة رحمهما اللّه الترتيل بأنّه تبيين الحروف بدون أن يبالغ فيها، و الاحتمالان المتقدّمان في معنى البغي يأتيان هنا أيضا.

(10)كتاب المعتبر للمحقّق رحمه اللّه، و كتاب المنتهى للعلاّمة رحمه اللّه.

(11)عطف على قوله «تبيين الحروف».

(12)عطف على قوله «بيان الحروف» و المعطوف و المعطوف عليه مرفوعان لكونهما

ص: 240

كما فسّره به في النهاية، و هو (1) الموافق لتعريف أهل اللغة.

(و تعمّد (2) الإعراب) إمّا بإظهار حركاته (3) و بيانها بيانا شافيا بحيث (4) لا يندمج بعضها في بعض إلى (5) حدّ لا يبلغ حدّ المنع، أو بأن لا يكثر الوقوف الموجب للسكون خصوصا في الموضع المرجوح (6)،

**********

شرح:

معطوفين على خبر قوله «بأنّه... الى آخره».

و قول العلاّمة رحمه اللّه «من غير مدّ يشبه الغناء» في النهاية يؤيّد الاحتمال الذي ذكرناه من كون اللفظ في المتن في بعض النسخ «تغنّ » بدل «بغي». (راجع هامش 3 من ص 238).

(1)مرجع الضمير الى التفسير من الأخيرين في خصوص الترتيل. يعني فهذان التفسيران - و هما كون الترتيل تبيين الحروف أو بيان الحروف... الى آخره - يوافقان معناه اللغوي.

(2)بالرفع، عطفا على الوقوف، و معطوفه خبره أيضا «مستحبّ ». هذا هو الثالث من مستحبّات القراءة، كما أنّ الترتيل و الوقوف من مستحبّاتها.

(3)الضمير في «حركاته» يرجع الى الإعراب، فإنّ الإعراب إمّا بالحروف أو بالحركات، و الضمير في «بيانها» يرجع الى الحركات. يعني أنّ تعمّد الإعراب هو إظهار حركات الإعراب من النصب و الضمّ و الجرّ.

(4)يعني أنّ شرط البيان الشافي في الإعراب هو على حدّ لا يدخل بعض الإعراب في بعض آخر يوجب إيجاد حرف، مثل أن يشبع الضمّ في «اللّه أكبر».

فتظهر الضمّة واوا، كما رئي من بعض المؤمنين في أدائهم تكبيرة الإحرام، فقوله:

«بحيث لا يندمج بعضها في بعض» بيان لغاية البيان الشافي.

(5)هذا يتعلّق بقوله «إمّا بإظهار حركاته» و غاية لإظهار الإعراب و بيانها. يعني يستحبّ إظهار الإعراب الى حدّ لا يبلغ حدّ المنع، و المراد من حدّ المنع - كما أشرنا إليه - هو شدة إظهار الإعراب على حدّ يوجد منه الحروف المجانسة، مثل:

الياء في الكسرة، و الواو في الضمّة، و الألف في الفتحة.

(6)أي في الموضع الذي يكون الوقف فيه مرجوحا، كما فصّلناه آنفا عند ذكر أقسام الوقف.

ص: 241

و مثله (1) حركة البناء.

سؤال الرحمة و التعوّذ من النقمة

(و سؤال (2) الرحمة و التعوّذ من النقمة) عند آيتيهما (مستحبّ ) خبر الترتيل و ما عطف عليه. و عطفها (3) بثمّ الدالّ على التراخي لما بين الواجب و الندب من التغاير (و كذا) يستحبّ (تطويل السورة في الصبح (4)) كهل أتى و عمّ ، لا مطلق التطويل (5)،(و توسّطها (6) في الظهر و العشاء) كهل أتاك و الأعلى كذلك (7)،(و قصرها (8) في العصر و المغرب)

**********

شرح:

(1)أي و مثل تعمّد الإعراب في الاستحباب بيان حركة المبنيّ ، لأنّ بعض ألفاظ المبنيّ مبنيّ بالحركة، مثل: حيث، قبل، بعد، فيستحبّ تحسين حركات المبنيّ أيضا كما ذكرنا في إعراب المعرب.

(2)عطف على «تعمّد الإعراب». أي الرابع من مستحبّات القراءة سؤال الرحمة من اللّه تعالى عند آية الرحمة، و الاستعاذة عند آية العذاب.

(3)الضمير في «عطفها» يرجع الى المذكورات، و التأنيث باعتبار الجمع. يعني عطف المصنّف المذكورات ب «ثمّ » الّذي يدلّ على التراخي لوجود التغاير بين المعطوف و هو استحباب ما ذكر، و المعطوف إليه و هو الواجبات من أجزاء الصلاة.

(4)يعني يستحبّ أن يقرأ السور الطوال في صلاة الصبح، كسورة الإنسان هَلْ أَتى (1) و سورة النبأ عَمَّ (2) .

(5)أي لا يستحبّ مطلق السور الطوال، مثل سورة البقرة و سورة آل عمران و سورة النساء و غيرها.

(6)أي يستحبّ قراءة سورة متوسطة في صلاة الظهر و العشاء، كسورتي هَلْ أَتاكَ (3) و سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (4) .

(7)إشارة الى ما ذكر بأنّه لا يستحبّ مطلق السورة المتوسطة، مثل سورة يوسف و سورة مريم بالنسبة الى البقرة و أمثالها.

(8)عطف على قوله «توسّطها». يعني يستحبّ اختيار السورة القصيرة في صلاة العصر و المغرب.

ص: 242


1- سوره 76 - آیه 1
2- سوره 78 - آیه 1
3- سوره 88 - آیه 1
4- سوره 87 - آیه 1

بما دون ذلك (1). و إنّما أطلق (2) و لم يخصّ التفصيل بسور المفصّل (3) لعدم النصّ على تعيينه (4) بخصوصه عندنا (5)، و إنّما الوارد في نصوصنا هذه السور (6) و أمثالها، لكنّ المصنّف و غيره قيّدوا الأقسام (7) بالمفصّل،

**********

شرح:

(1)المشار في ذلك هو الطويلة و المتوسطة المذكورتان.

(2)الفاعل في «أطلق» و «يخصّ » مستتران عائدان الى المصنّف، و المراد من التفصيل هو التفصيل بين السورة الطويلة و المتوسطة و القصيرة.

(3)اعلم أنّهم اختلفوا في السور المفصّلة التي سمّيت بها بعض سور القرآن، و وجه التسمية بها ما سنشير إليه.

قال بعض و هو المشهور بأنها من سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله الى آخر القرآن، و قسّموها الى ثلاثة:

المطوّلة: و هي من سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله الى سورة عمّ .

و المتوسطة: و هي من سورة عمّ الى سورة و الضحى.

و القصيرة: و هي من سورة و الضحى الى آخر القرآن.

و قال الفقهاء بأنّ التفصيل المذكور إنّما هو في هذه السور، لكنّ المصنّف هنا أطلق التفصيل و لم يعيّنها في خصوص السور المفصّلة لعدم النصّ .

فالحاصل في التفصيل المذكور بناء على إطلاق المصنّف في هذا الكتاب هو اختيار الطويلة و المتوسطة و القصيرة بلا تقييد بالمفصّلة.

(4)أي بعدم النصّ على تعيين التفصيل المذكور بسور المفصّل أطلق المصنّف و لم يقيّده بها.

(5)أي عند فقهاء الشيعة لم يوجد النصّ للتقييد، لكن ذكر بعض المحشين (و هو جمال الدين رحمه اللّه) بوجود النصّ عند العامّة بقوله: و إنّما رواه الجمهور عن عمر بن الخطّاب كما ذكر في المدارك.

(6)المراد من هذه السور هي التي ذكرناها قبل قليل.

(7)فإنّ المصنّف قيّد التفصيل بالسور المفصّلة في غير هذا الكتاب، فإنّه في متن هذا الكتاب أطلق، لكن في الدروس قيّده.

ص: 243

و المراد به (1) ما بعد محمّد أو الفتح أو الحجرات أو الصفّ أو الصافّات إلى آخر القرآن. و في مبدأه أقوال اخر (2) أشهرها الأول، سمّي مفصّلا لكثرة فواصله (3) بالبسملة بالإضافة إلى باقي القرآن، أو لما (4) فيه من الحكم المفصّل لعدم المنسوخ منه.

(و كذا يستحبّ قصر (5) السورة مع خوف الضيق) بل قد يجب

**********

شرح:

(1)الضمير في «به» يرجع الى المفصّل. يعني أنّ في تعيين السور المفصّلة أقوال ذكر الشارح رحمه اللّه منها خمسة:

1 - من سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

2 - من سورة الفتح.

3 - من سورة الحجرات.

4 - من سورة الصف.

5 - من سورة الصافّات الى آخر القرآن.

و ذهب شيخ الطائفة رحمه اللّه الى القول الأول و هو مذهب أكثر العلماء.

(2)من جملة الأقوال الاخر ابتداؤه من سورة الجاثية الى آخر القرآن، و من سورة القتال أو سورة ق أو سورة تبارك أو سورة الشمس أو سورة الرحمن أو سورة الإنسان، ذكر هذه الأقوال ثقة من رفقائي و أنّي ما أصبتها بمدارك عن حسّ و العهدة عليه.

(3)و التسمية بالمفصّلة إمّا لكثرة البسملة فيها بالنسبة الى باقي القرآن، أو...

(4)هذا دليل ثان لتسمية السور بالمفصّلة، و هو كون الأحكام الواردة في هذه السور غير منسوخة، بل الأحكام المذكورة فيها مفصّلة.

(5)أي يستحبّ اختيار السور القصار في صورة خوف ضيق الوقت، كما أنه لو قرأ سورة مفصّلة في صلاة الظهر و خاف فوت وقت صلاة العصر، أو خاف وقوع آخر الركعة من صلاته الحاضرة في خارج وقتها، بل قد يجب قراءة سورة قصيرة في ذلك المورد.

ص: 244

(و اختيار (1) هل أتى و هل أتاك في صبح الاثنين)، و صبح (الخميس) فمن قرأهما في اليومين وقاه اللّه شرّهما (2)،(و) سورة (الجمعة (3) و المنافقين في ظهريها (4) و جمعتها) على طريق (5) الاستخدام، و روي أنّ من تركهما فيها (6) متعمّدا فلا صلاة له، حتى قيل بوجوب قراءتهما في الجمعة

**********

شرح:

(1)أي يستحبّ اختيار هذين السورتين في صلاة الصبح من يوم الاثنين.

(2)هذا مقدار من الحديث الوارد، و هو المرويّ في الوسائل:

محمّد بن علي بن الحسين قال: حكى من صحب الرضا عليه السّلام الى خراسان أنه كان يقرأ في صلاة الغداة من يوم الاثنين و يوم الخميس في الركعة الاولى الحمد و هل أتى على الإنسان، و في الثانية الحمد و هل أتاك حديث الغاشية، فإنّ من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس وقاه اللّه شرّ اليومين. (الوسائل: ج 4 ص 791 ب 50 من أبواب القراءة ح 1).

(3)بالجرّ، عطفا على قوله: «هل أتى». يعني يستحبّ اختيار سورتي الجمعة و المنافقين في صلاتي الظهر و العصر، و صلاة الجمعة من يوم الجمعة.

(4)الضميران في «ظهريها» و «جمعتها» يرجعان الى يوم الجمعة.

(5)يعني رجوع الضميرين الى يوم الجمعة، و الحال لم يذكر يوم الجمعة، بل المذكور سورة الجمعة إنّما هو بالاستخدام.

و الاستخدام كما ذكرناه سابقا هو إرجاع الضمير بلفظ مذكور اريد منه معنى غير ما يراد من مرجع الضمير من معناه الآخر، كما فيما نحن فيه، فالمراد من معنى الجمعة هنا هو سورة الجمعة، و المراد من مرجع الضمير من معناه هو يوم الجمعة.

(6)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الجمعة، و الضمير في قوله «تركهما» يرجع الى سورتي الجمعة و المنافقين، فالمراد من الرواية هو تركهما في يوم الجمعة الشامل لصلاة الجمعة و الظهرين فيها، و يحتمل رجوع الضمير الى صلاة الجمعة، فلذا أفتى الفقهاء باستحباب سورة الجمعة في الركعة الاولى في صلاة الجمعة، و المنافقين في الركعة الثانية منها.

ص: 245

و ظهرها لذلك (1)، و حملت الرواية على تأكّد الاستحباب جمعا (2)،(و الجمعة و التوحيد في صبحها (3)) و قيل: (4) الجمعة و المنافقين، و هو مرويّ أيضا،(و الجمعة و الأعلى في عشاءيها): المغرب و العشاء، و روي في المغرب (5): الجمعة و التوحيد، و لا مشاحّة في

**********

شرح:

(1)يعني قال بعض الفقهاء بوجوب قراءتهما في صلاة الجمعة و صلاة الظهر من يوم الجمعة.

(2)أي للجمع بين هذه الرواية و بين الروايات الدالّة على الجواز، و المراد من الرواية المذكورة هي المنقولة في كتاب الكافي:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه أكرم بالجمعة المؤمنين، فسنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بشارة لهم، و المنافقين توبيخا للمنافقين، و لا ينبغي تركها، فمن تركها متعمّدا فلا صلاة له. (الكافي: ج 3 ص 425 ح 4).

لكن دلالتها بالعبارة المذكورة من الشارح قابل للتأمّل.

(3)يعني يستحبّ اختيار سورتي الجمعة و التوحيد في صلاة الصبح من يوم الجمعة.

(4)هذا القول منسوب الى الصدوق و السيد المرتضى رحمهما اللّه باستحباب قراءة سورتي الجمعة و المنافقين في صلاة صبح الجمعة. و المراد من المرويّ هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن حريز و ربعي رفعاه الى أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا كانت ليلة الجمعة يستحبّ أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة و إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ (1) ، و في صلاة الصبح مثل ذلك، و في صلاة الجمعة مثل ذلك، و في صلاة العصر مثل ذلك. (الوسائل: ج 4 ص 789 ب 49 من أبواب القراءة ح 3).

(5)يعني روي استحباب سورة الجمعة و سورة التوحيد في صلاة المغرب من يوم الجمعة، و المراد من المرويّ هو الخبر المذكور في الوسائل:

عن أبي الصباح الكناني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في

ص: 246


1- سوره 63 - آیه 1

ذلك (1)، لأنّه مقام استحباب.

تحرم قراءة العزيمة في الفريضة

(و تحرم) قراءة (العزيمة (2) في الفريضة) على أشهر (3) القولين. فتبطل (4) بمجرّد الشروع فيها عمدا للنهي (5)، و لو شرع فيها (6) ساهيا عدل عنها

**********

شرح:

المغرب سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد، و إذا كان في العشاء الآخرة فاقرأ سورة الجمعة و سبّح اسم ربّك الأعلى، فاذا كان صلاة الغداة يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد، فاذا كان صلاة الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و المنافقين، و إذا كان صلاة العصر يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد. (الوسائل:

ج 4 ص 789 ب 49 من أبواب القراءة ح 4).

(1)يعني لا نزاع في اختلاف الروايات في المسألة، لكون البحث في الاستحباب.

(2)المراد من العزيمة هي إحدى السور الأربعة التي فيها السجدة الواجبة، و تسمّى بالعزائم، و هي: سورة السجدة، و فصّلت، و النجم، و العلق.

العزيمة: مصدر الإرادة المؤكّدة. (المنجد). و سمّيت السور المذكورة بها لتأكّد إرادة السجدة فيها.

(3)و في تعبيره بأشهر القولين لا بأصحّ القولين إشعار بضعف دليل القول بذلك لاستناده برواية ضعيفة.

(4)و استدلّ بالبطلان على أنّ المصلّي إذا قرأ سورة العزيمة تكون السجدة واجبة فورا، و زيادة السجدة عمدا في الصلاة يوجب البطلان، فلو قرأ سورة العزيمة في الصلاة يستلزم إمّا الزيادة الممنوع منها على تقدير السجود، أو ترك الواجب الفوري لو أخّر السجدة الى آخر الصلاة، و كلاهما محرّم، و لو فرض ترك قراءة آية السجدة لزم الاقتصار على أقلّ من السورة، و هو غير كاف في الصلاة، لوجوب قراءة سورة كاملة في الصلاة.

(5)النهي الوارد في رواية منقولة من الوسائل:

عن زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال: لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم، فإنّ السجود زيادة في المكتوبة. (الوسائل: ج 4 ص 779 ب 40 من أبواب القراءة ح 1).

(6)يعني لو شرع المصلّي في سورة العزيمة بلا عمد بل ساهيا عدل عنها الى سورة اخرى.

ص: 247

و إن تجاوز نصفها (1)، ما لم يتجاوز موضع السجود، و معه (2) ففي العدول، أو إكمالها و الاجتزاء بها (3)، مع قضاء السجود بعدها، و جهان في الثاني (4) منهما قوة، و مال المصنّف في الذكرى إلى الأول (5)، و احترز بالفريضة عن النافلة، فيجوز قراءتها (6) فيها، و يسجد لها (7) في محلّه، و كذا (8) لو استمع فيها إلى قارئ أو سمع (9) على أجود القولين (10).

و يحرم استماعها (11) في الفريضة، فإن فعل (12)

**********

شرح:

(1)حتى لو تجاوز نصف سورة العزيمة سهوا يجب العدول عنها.

(2)أي مع تجاوز محلّ السجود، ففي جواز العدول أو وجوب إكمالها و الاكتفاء بسورة العزيمة و إتيان السجدة بعد إتمام الصلاة و جهان.

(3)الضميران في «بها» و «إكمالها» يرجعان الى سورة العزيمة.

(4)المراد من الثاني هو الحكم بوجوب إكمال سورة العزيمة و إتيان السجدة بعد إتمام الصلاة، فهذا الوجه قوّاه الشارح رحمه اللّه.

(5)المراد من الأول هو وجوب العدول من العزيمة الى غيرها.

(6)أي يجوز قراءة العزائم في صلاة النافلة.

(7)يعني يجب أن يسجد في خلال الصلاة للعزيمة في محلّ السجود، و الضمير في «محلّه» يرجع الى السجود.

(8)يعني و كذا تجب السجدة في وسط صلاة النافلة لو استمع في حال الصلاة قراءة قارئ، و الضمير في قوله «فيها» يرجع الى صلاة النافلة.

(9)المراد من السماع هو الذي يسمعه اتّفاقا بدون أن تتوجّه نفسه لاستماع القراءة.

(10)و القول الآخر عن جماعة، بل قيل بكونه مشهورا هو عدم وجوب السجدة اذا سمع اتّفاقا، بل عن ظاهر الخلاف و التذكرة الإجماع على عدم وجوب السجدة حين السماع وسط صلاة النافلة.

(11)يعني يحرم استماع العزائم للمصلّي أثناء الصلاة الواجبة.

(12)فاعله مستتر يرجع الى المصلّي، و مفعوله الاستماع. يعني لو استمع الى قراءة

ص: 248

أو سمع اتفاقا و قلنا (1) بوجوبه له أومأ لها و قضاها بعد الصلاة، و لو صلّى (2) مع مخالف تقية فقرأها تابعه في السجود و لم يعتد بها على الأقوى، و القائل بجوازها (3) منّا لا يقول بالسجود لها في الصلاة، فلا منع من الاقتداء به من هذه الجهة (4)، بل من حيث فعله (5) ما يعتقد المأموم الإبطال به.

**********

شرح:

العزيمة أو سمع القراءة بلا قصد بل اتّفاقا يومئ بنية السجدة و يعيد السجدة بعد إكمال الصلاة.

(1)هذا قيد لقوله «أو سمع». يعني لو سمع قراءة العزائم بلا قصد بل اتّفاقا و قلنا بوجوب السجدة عند السماع أومأ بنية السجدة ثمّ يعيد السجدة بعد إكمال الصلاة، لكن بناء على القول الآخر - الذي و هو عن الخلاف و التذكرة - بعدم الوجوب عند السماع فلا بحث فيه. و الضمير في «بوجوبه» يرجع الى السجود، و «له» يرجع الى السماع اتّفاقا.

(2)يعني لو صلّى المصلّي خلف المخالف تقية فقرأ المخالف سورة العزيمة و سجد لها تابع المصلّي للمخالف في السجود لها، لكن لا يعتني بهذه الصلاة، بل يعيد الصلاة لوجود الزيادة، كما دلّت عليه رواية زرارة المذكورة آنفا.

(3)يعني و القائل بجواز قراءة العزائم في الصلاة من الإمامية - مثل ابن الجنيد - لا يقول بوجوب السجود لها حال الصلاة، بل يقول بجواز تأخير السجود الى ما بعد الصلاة، فعلى ذلك لا مانع من الاقتداء به في الصلاة من هذه الجهة، بل عدم جواز الاقتداء بهذا الشخص من حيث بطلان صلاته باعتقاد المأموم بقراءته العزائم.

(4)و المراد من الجهة المشار إليها هو لزوم زيادة السجدة عمدا، فإنّ ابن الجنيد رحمه اللّه و من تبعه في هذه الفتوى لا يسجدون للعزيمة حال الصلاة، بل بعدها، فلا مانع من الاقتداء بهم من هذه الجهة.

(5)يعني أنّ عدم جواز الاقتداء به من جهة فعل القائل بجواز قراءة العزيمة عمدا يوجب بطلان صلاته بناء على اعتقاد المأموم، و الضمير في قوله «به» يرجع الى «ما» الموصولة.

ص: 249

يستحبّ الجهر بالقراءة في نوافل الليل و السرّ في نوافل النهار

(و يستحبّ الجهر بالقراءة في نوافل الليل (1)، و السرّ في) نوافل (النهار) و كذا قيل في غيرها (2) من الفرائض، بمعنى استحباب الجهر بالليلية منها، و السرّ في نظيرها نهارا كالكسوفين، أمّا ما لا نظير له فالجهر مطلقا (3) كالجمعة و العيدين و الزلزلة، و الأقوى في الكسوفين (4) ذلك لعدم اختصاص الخسوف بالليل.

جاهل الحمد يجب عليه التعلّم

(و جاهل الحمد يجب عليه التعلّم) مع إمكان وسعة الوقت (5)(فإن ضاق الوقت قرأ ما يحسن (6) منها) أي من الحمد، هذا (7) إذا سمّي قرآنا، فإن لم يسمّ لقلّته فهو كالجاهل بها أجمع.

**********

شرح:

(1)مثل نافلة صلاة المغرب و العشاء، و نوافل الليل، و صلاة الشفع و الوتر، و غير ذلك من النوافل التي ورد فعلها ليلا.

(2)يعني و كذا قيل باستحباب الجهر في الفرائض الليلية غير الصلاة اليومية مثل صلاة الآيات بسبب خسوف القمر، و باستحباب الإخفات في الفرائض اليومية مثل صلاة الآيات الواجبة بسبب كسوف الشمس.

(3)بمعنى أنّ الصلاة التي لا نظير لها مثل صلاة الجمعة فإنّها لا تصير في الليل، و كذلك صلاة العيدين فيستحبّ في جميع ذلك الجهر.

(4)المراد من الكسوفين هو الخسوف و الكسوف. يعني أنّ الأقوى استحباب الجهر في الخسوف أيضا، لأنّ ذلك لا يختصّ بالليل فقط لأنّه يمكن تشخيص خسوف القمر في آخر لحظات اليوم، أو قبل طلوع الشمس.

(5)أي اذا وسع الوقت لتعلّم الحمد.

(6)يعني يجب قراءة الحمد بمقدار ما يمكن. و المعنى في قوله «يحسن» أي يمكن، و الضمير في «منها» يرجع الى الحمد، و التأنيث باعتبار السورة.

(7)أي الاكتفاء بقراءة المقدار الممكن إنّما هو في صورة صدق القرآن عليه، فلو لم يصدق عليه القرآن مثل علمه بكلمة من كلمات الحمد - مثلا - فيكون حكمه حكم الجاهل بالحمد كلاّ، و ستأتي الإشارة الى حكم جاهل الحمد.

ص: 250

و هل يقتصر (1) عليه أو يعوّض عن الفائت ؟ ظاهر العبارة الأول (2)، و في الدروس الثاني (3) و هو الأشهر. ثمّ إن (4) لم يعلم غيرها من القرآن كرّر ما يعلمه بقدر الفائت، و إن علم (5). ففي التعويض منها (6) أو منه (7) قولان مأخذهما كون الأبعاض (8) أقرب إليها، و أنّ الشيء (9) الواحد لا يكون أصلا و بدلا، و على التقديرين (10) فيجب المساواة له (11) في

**********

شرح:

(1)أي القادر بمقدار من الحمد هل يكتفي بقراءة هذا المقدار، أو يكرّره عوض الذي لا يعلمه ؟ مثلا اذا قدر على قراءة «مالك يوم الدين» فقط هل يكتفي بهذه الآية، أو يكرّرها بتعداد سائر الآيات التي لا يقدرها؟

(2)يعني ظاهر عبارة المتن هو الاكتفاء بالآية الواحدة الّتي يمكن له قراءتها، لأنّ المصنّف رحمه اللّه قال «قرأ ما يحسن منها».

(3)يعني و قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بالثاني، و هو تعويض الآية من جهة الآيات التي لا يقدرها.

(4)هذا الكلام متفرّع على وجوب التعويض، فإن لم يعلم غير آية من آيات الحمد عوّض الباقي بها، أي يكرّرها بتعداد باقي آيات الحمد.

(5)بأن علم آية من الحمد و آية من سائر آيات القرآن.

(6)أي ففي التعويض بآية من آيات الحمد، و الضمير في «منها» يرجع الى سورة الحمد.

(7)يعني ففي التعويض بآية من القرآن، و الضمير في «منه» يرجع الى القرآن.

(8)هذا دليل لتعويض الآيات المجهولة من الحمد بآية من الحمد يعلمها، لأنّ بعض آيات الحمد أقرب لبعضها التي لا يعلمها.

(9)هذا دليل للتعويض بآية من القرآن لا من الحمد؛ لأنّ الآية التي يعرفها يقرأها أصالة، فلا يتصوّر قراءتها أيضا بدلا و عوضا عن غيرها.

(10)المراد من التقديرين: جواز التعويض بآية من الحمد أو بآية من القرآن.

(11)الضمير في «له» يرجع الى الأصل. يعني يجب مساواة حروف العوض و المعوّض.

ص: 251

الحروف، و قيل في (1) الآيات، و الأول أشهر.

و يجب مراعاة الترتيب بين البدل و المبدل، فإن علم الأول (2) أخّر البدل، أو الآخر (3) قدّمه، أو الطرفين (4) وسّطه، أو الوسط (5) حفّه به، و هكذا، و لو أمكنه (6) الائتمام قدّم على ذلك، لأنّه (7) في حكم القراءة التامّة، و مثله (8) ما لو أمكن متابعة قارئ، أو القراءة من المصحف، بل

**********

شرح:

(1)يعني قيل بوجوب المساواة في الآية لا الحروف، فلو علم آية من الحمد كرّرها بتعداد الآيات، بلا فرق بين أن يتساوى البدل و المبدل في الحروف أو لا.

(2)بأن علم آيات من أول الحمد فيقرأها أصالة ثمّ يبدلها بدل الآيات التي لا يقدر عليها.

(3)أي علم آيات من آخر الحمد فيقرأها بدلا من أوائل آيات الحمد التي لا يعرفها ثمّ يقرأها أصالة.

(4)عطف على قوله: «الأول». يعني لو علم الطرفين من أوّل الحمد و آخره و لم يعلم الوسط منه جعل البدل في وسط الحمد. و الضمير في «وسطه» يرجع الى البدل.

(5)أي علم وسط الحمد و لم يعلم أوّله و آخره حفّ الوسط بالبدل. و الضميران في «حقّه» و «به» يرجعان الى الوسط ، فتكون العبارة هكذا: حفّ الوسط بالوسط .

يعني يقرأ آية الوسط التي يعرفها بقصد البدل أولا، ثمّ يقرأها بقصد الأصل ثانيا، ثمّ يقرأها بقصد البدل ثالثا... و هكذا لو علم مقدارا من الأول و مقدارا من الوسط .

(6)يعني لو تمكّن الجاهل بالحمد من الاقتداء بشخص يعرفه فيقدّم من التعويض بتفصيل ذكرناه.

(7)الضمير في «لأنّه» يرجع الى الائتمام. يعني أنّ الاقتداء بالإمام في حكم قراءة الحمد، فكأنّه يقدر عليه.

(8)أي و مثل الائتمام لو تمكّن من متابعة قارئ بأن قام قرب شخص يقرأ الحمد و هو أيضا يتبعه في القراءة، أو يمكن له أن يقرأ الحمد من المصحف.

ص: 252

قيل بإجزائه (1) اختيارا، و الأولى اختصاصه (2) بالنافلة،(فإن لم يحسن (3)) شيئا منها (قرأ من غيرها (4) بقدرها) أي بقدر الحمد حروفا، و حروفها مائة و خمسة و خمسون حرفا بالبسملة (5) إلاّ لمن قرأ «مالك» فإنّها تزيد حرفا، و يجوز الاقتصار (6) على الأقلّ ، ثمّ قرأ السورة إن كان يحسن سورة تامّة و لو بتكرارها عنهما (7) مراعيا في البدل المساواة،(فإن تعذّر) ذلك (8) كلّه و لم يحسن (9) شيئا من القراءة (ذكر (10) اللّه تعالى بقدرها) أي بقدر الحمد خاصّة،

**********

شرح:

(1)يعني قيل بإجزاء الحمد الذي يقرأه من المصحف و لو في حال الاختيار.

(2)أي اختصاص الحمد بالقراءة من المصحف في صلاة النوافل.

(3)من باب الإفعال بمعنى يمكن.

(4)أي قرأ من غير سورة الحمد بمقدارها، مثلا اذا عرف سبع آيات من القرآن يقرأها بدل الحمد اذا وافق الحمد من حيث تعداد الحروف.

(5)يعني أنّ حروف الحمد مع آية البسملة تكون (155) حرفا، إلاّ لمن قرأ آية مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (1) بألف فيزيد حرفا، فيكون (156) حرفا.

(6)يعني يجوز الاقتصار في التساوي من حيث الحروف بأقلّها.

(7)يعني اذا علم سورة من سور القرآن يكرّرها بدلا من سورة الحمد، و أصالة من حيث السورة بشرط أن يراعي في البدل و الحمد المساواة في الحروف.

(8)المشار إليه في «ذلك» هو ما ذكر من عدم إمكان التعلّم و الائتمام و التتابع للقارئ و القراءة من المصحف، و هكذا عدم معرفته لا جزء من الحمد و لا جزء من آيات القرآن.

(9)و الظاهر أنّ هذا تكرار لشمول المشار إليه في «ذلك» على صورة عدم إمكان القراءة أيضا.

(10)فاعله مستتر يرجع الى المصلّي. يعني في صورة عدم إمكان ما فصّل يقول ذكرا من أذكار اللّه تعالى بمقدار الحمد فقط .

ص: 253


1- سوره 1 - آیه 4

أمّا السورة فساقطة (1) كما مرّ.

و هل يجزي مطلق الذكر (2) أم يعتبر الواجب في الأخيرتين (3)، قولان اختار ثانيهما (4) المصنّف في الذكرى لثبوت بدليته (5) عنها في الجملة.

و قيل: يجزي مطلق الذكر (6)، و إن لم يكن بقدرها (7) عملا بمطلق الأمر، و الأول أولى (8)، و لو لم يحسن الذكر (9) قيل: وقف بقدرها لأنّه (10) كان

**********

شرح:

(1)يعني أنّ السورة تسقط عند الجهل و عدم التمكّن من التعلّم. قوله «كما مرّ» إشارة الى قول المصنّف رحمه اللّه «إلاّ مع الضرورة» في بداية المسألة.

(2)المراد من «مطلق الذكر» هو الشامل للتسبيحات الأربع و غيرها.

(3)أي الذكر الذي يجب في الركعتين الأخيرتين من الرباعيات.

(4)المراد من الثاني هو ذكر التسبيحات الأربع التي تجب في غير الركعتين الأوليين. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختار ذلك في الذكرى.

(5)الضمير في «بدليته» يرجع الى الواجب في الأخيرتين، و الضمير في «عنها» يرجع الى سورة الحمد، و المراد من قوله «في الجملة» يعني و لو كانت البدلية بينهما في بعض الموارد و هو الركعتين الأخيرتين.

(6)فبناء على هذا القول يكتفي مطلق الذكر بدل الحمد عند الجهل به، بلا فرق بين التسبيحات الأربع أو غيرها، مثل: لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه.

(7)أي و إن لم يكن الذكر بمقدار الحمد، و الضمير في «بقدرها» يرجع الى سورة الحمد، و دليل هذا القول بالإطلاق هو العمل بإطلاق الأمر الوارد في خصوص من لا يتمكّن من قراءة الحمد و لا شيئا من القرآن.

(8)أي القول الأول، و هو وجوب ذكر التسبيحات الواجبة في الأخيرتين.

(9)بأن لا يقدر على الذكر بأيّ من الأذكار، ففي هذه الصورة قول بوجوب الوقف ساكتا بمقدار سورة الحمد.

(10)أي القيام كان واجبا للمصلّي عند علمه بالقراءة حالتها، فإذا لم يقدر على القراءة فلا يسقط القيام. و الضمير في «لأنّه» يرجع الى الشأن، و الضمير في «يلزمه» يرجع الى المصلّي.

ص: 254

يلزمه عند القدرة على القراءة قيام و قراءة، فإذا فات أحدهما (1) بقي الآخر، و هو حسن.

(و الضحى و أ لم نشرح سورة) واحدة (و الفيل و الإيلاف سورة) في المشهور (2) فلو قرأ إحداهما في ركعة وجبت الاخرى على الترتيب (3)، و الأخبار خالية من الدلالة على وحدتهما (4) و إنّما دلّت على عدم إجزاء إحداهما (5)، و في بعضها تصريح بالتعدّد مع الحكم المذكور (6)، و الحكم من

**********

شرح:

(1)الضمير في «أحدهما» يرجع الى القيام و القراءة. يعني إذا لم يقدر على أحد من الواجبين فيبقى الآخر في وجوبه و هو القيام.

(2)و القول الغير المشهور هو كونهما سورتين، كما يشهد عليه بعض الأخبار أيضا، و هو المنقول في الوسائل:

عن زيد الشحّام قال: صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام فقرأ في الاولى الضحى، و في الثانية أ لم نشرح لك صدرك. (الوسائل: ج 4 ص 743 ب 10 من أبواب القراءة ح 3).

قال صاحب الوسائل: حمله الشيخ على النافلة، قال: لأنّ هاتين السورتين سورة واحدة عند آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله انتهى.

(3)اللام في «على الترتيب» للعهد الذكري. يعني على الترتيب الذي ذكر في المتن بأن يقرأ سورة الضحى ثمّ أ لم نشرح، و هكذا الفيل و الإيلاف.

(4)لكن في بعض الأخبار تصريح بكونهما سورة واحدة كما في الوسائل:

الفضل بن الحسن الطبري في مجمع البيان قال: روى أصحابنا: أنّ الضحى و أ لم نشرح سورة واحدة، و كذا سورة أ لم تر كيف و لإيلاف قريش. (نفس المصدر السابق: ح 4).

(5)يعني أنّ المستفاد من الأخبار إنّما هو عدم كون قراءة إحداهما مجزيا في الصلاة.

(6)بمعنى أنّ في بعض الأخبار تصريح بكونهما متعدّدا، لكن لا يكفي قراءة إحداهما.

ص: 255

حيث الصلاة واحد (1)، و إنّما تظهر الفائدة في غيرها (2)(و تجب البسملة بينهما) على التقديرين في الأصحّ لثبوتها بينهما تواترا، و كتبها (3) في المصحف المجرّد عن غير القرآن حتى النقط و الإعراب، و لا ينافي ذلك (4) الوحدة لو سلّمت كما في سورة النمل.

الركوع

حدّ الركوع

(ثم يجب الركوع (5) منحنيا إلى أن (6) تصل كفّاه) معا (ركبتيه) فلا يكفي وصولهما بغير انحناء كالانخناس (7) مع إخراج الركبتين،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الحكم في عدم كفاية قراءة إحداهما لا فرق فيه بين القول بكونهما سورة واحدة، أو القول بكونهما سورتين.

(2)الضمير في قوله «في غيرها» يرجع الى الصلاة. يعني تظهر الثمرة بين القول بكونهما واحدا أو متعدّدا في خصوص غير الصلاة مثل النذر و العهد، مثل أن نذر قراءة سورة واحدة في كلّ يوم، أو تعهّد تعليم سورة واحدة لشخص.

(3)كتبها - بصيغة المصدر - من كتب يكتب، و لام التعليل يأتي عليه أيضا، و هذا دليل ثان على وجوب قراءة البسملة بينهما بأنّها كتبت في المصحف الخالي من الإعراب حتى النقط .

(4)يعني لا منافاة بين وجوب البسملة بينهما و كونهما سورة واحدة، كما في سورة النمل في قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) . (النمل: 30).

الركوع (5)أي الخامس من واجبات الصلاة هو الركوع.

الركوع: مصدر من ركع يركع ركعا و ركوعا من باب منع، أي انحنى و طأطأ رأسه.

و منه الركوع في الصلاة الى اللّه: اطمأنّ إليه، افتقر و انحطّت حاله. (المنجد).

(6)أي حدّ الانحناء وصول الكفّين الى الركبتين، لكن لا يجب وضعهما على الركبتين.

(7)الانخناس: من خنس يخنس خنسا و خنوسا و خناسا: تنحّى و انقبض. (المنجد).

ص: 256


1- سوره 27 - آیه 30

أو بهما (1)، و المراد بوصولهما (2) بلوغهما قدرا لو أراد إيصالهما وصلتا، إذ لا يجب الملاصقة (3)، و المعتبر وصول جزء من باطنه (4) لا جميعه، و لا رءوس (5) الأصابع (مطمئنا) (6) فيه بحيث تستقرّ الأعضاء (بقدر واجب الذكر) مع الإمكان (7).

الذكر الواجب في الركوع

(و) الذكر الواجب (هو (8) سبحان ربّي العظيم و بحمده، أو سبحان اللّه ثلاثا) للمختار،(أو مطلق الذكر للمضطرّ)، و قيل: يكفي المطلق مطلقا (9)

**********

شرح:

يعني يشترط في صحّة الركوع الانحناء الى حدّ تبلغ كفّاه الى الركبتين، و لا يكفي فيه الانخناس الموجب لوصول الكفّين الى الركبتين بأن ينقبض بدنه و يقدّم ركبتيه بحدّ وصول الكفّين إليهما.

(1)الضمير في قوله «بهما» يرجع الى الانحناء و الانخناس. يعني و لا يكفي وصول الكفّين الى الركبتين بالاستعانة من الانحناء و الانخناس كليهما، بأن ينحني قليلا و ينقبض و يخرج ركبته الى حدّ وصول الكفّين إليهما.

(2)أي المراد من وصول الكفّين الى الركبتين ليس إيصالهما إليهما، بل الانحناء الى حدّ لو أراد أن يوصلهما إليهما لوصلتا.

(3)يعني لا يجب إلصاق الكفّين على الركبتين.

(4)الضميران في «باطنه» و «جميعه» يرجعان الى الكفّ ، و المراد من باطن الكفّ هنا الشامل الى باطن الأصابع أيضا. يعني أنّ المعتبر في ذلك وصول جزء من كلّ باطن الكفّ و لو من باطن الأصابع الى الركبتين، لا كلّ الباطن.

(5)أي لا يكفي وصول رءوس الأصابع الى الركبتين.

(6)و من واجبات الركوع هو الاطمئنان حال الركوع بمقدار الذكر الواجب.

(7)يعني لزوم الاطمئنان حال الركوع إنّما هو في صورة الإمكان، لكن لو لم يتمكّن منه بسبب المرض الموجب لارتعاش بدنه فلا يجب حينئذ.

(8)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الذكر. يعني أنّ الذكر أحد الثلاثة المذكورة، و هي: سبحان ربّي العظيم و بحمده، سبحان اللّه، أو مطلق الذكر.

(9)يعني يكفي مطلق الذكر في الركوع، مختارا كان أو مضطرّا.

ص: 257

و هو أقوى، لدلالة الأخبار الصحيحة عليه (1)، و ما ورد في غيرها (2) معيّنا غير مناف له، لأنّه (3) بعض أفراد الواجب الكلّي تخييرا، و به (4) يحصل الجمع بينهما، بخلاف ما لو قيّدناه (5)، و على تقدير تعيّنه فلفظ «و بحمده» واجب أيضا تخييرا (6) لا عينا، لخلوّ كثير من الأخبار عنه،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى مطلق الذكر. و من الأخبار الدالّة عليه ما هو المنقول في الوسائل:

عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: يجزي أن أقول مكان التسبيح في الركوع و السجود: لا إله إلاّ اللّه، و الحمد للّه، و اللّه أكبر؟ فقال: نعم، كلّ هذا ذكر اللّه. (الوسائل: ج 4 ص 929 ب 7 من أبواب الركوع ح 1).

و رواه ابن إدريس في آخر السرائر. (راجع: ج 3 ص 603).

(2)يعني و ما ورد في غير الأخبار الصحيحة في تعيين بعض الأذكار - مثل:

سبحان ربّي العظيم و بحمده، أو: سبحان اللّه ثلاثا - لا ينافي الأخبار المذكورة، لأنّ الأذكار المعيّنة أيضا من قبيل مطلق الذكر.

فمن الأخبار الدالّة على ذلك ما هو المنقول في الوسائل:

عن أبي بكر الحضرميّ قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أيّ شيء حدّ الركوع و السجود؟ قال: تقول: سبحان ربّي العظيم و بحمده ثلاثا في الركوع، و سبحان ربّي الأعلى و بحمده ثلاثا في السجود، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته، و من نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته، و من لم يسبّح فلا صلاة له. (الوسائل: ج 4 ص 924 ب 4 من أبواب الركوع ح 5).

(3)أي لأنّ المعيّن من الأذكار فرد من أفراد الكلّي الذي يتخيّر من بينها.

(4)الضمير في «به» يرجع الى القول بجواز مطلق الذكر مطلقا. يعني و بالقول بجواز مطلق الذكر مطلقا يحصل الجمع بين الروايتين.

(5)أي لو قيّدنا مطلق الذكر بحال الاضطرار فلا يحصل وجه الجمع بين الروايات.

(6)يكون المصلّي مخيّرا بين ذكر «و بحمده» و عدمه، لأنّ الأخبار الدالّة على تعيين الذكر المذكور لم يذكر بعضها ذلك، فيحصل التخيير بين فعله و تركه.

ص: 258

و مثله (1) القول في التسبيحة الكبرى مع كون بعضها (2) ذكرا تامّا.

و معنى سبحان ربّي تنزيها (3) له عن النقائص، و هو (4) منصوب على المصدر بمحذوف (5) من جنسه،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «مثله» يرجع الى القول السابق في خصوص لفظ «و بحمده».

يعني و مثل القول بالوجوب التخييري بين لفظ «و بحمده» و عدمه القول في خصوص التسبيحة الكبرى «سبحان ربّي العظيم و بحمده» في صورة كون بعضها ذكرا تامّا، مثل: «سبحان ربّي» فإنّه تامّ ، فيختار المصلّي بين ذكر لفظ «العظيم» و عدم ذكره.

* من حواشي الكتاب في خصوص العبارة: قال سلطان العلماء: أي مثل القول المذكور في التخيير بين الكلّ و الجزء القول في التسبيحة الكبرى، أي «سبحان ربّي العظيم و بحمده» مع كون بعضها ذكرا تامّا، و هذا في صورة كفاية الإطلاق فإنّها حينئذ مخيّرة بين «سبحان ربّي» و «سبحان العظيم»؛ لكون كلّ منهما حينئذ حكما تامّا كافيا، و الفرض دفع الاستبعاد - مثلا - من التخيير بين الجزء و الكلّ ، انتهى. و الأظهر أن يفسّر التسبيحة الكبرى هنا «سبحان ربّي العظيم و بحمده» فقط و إن كان خلاف المصطلح حتّى الممثل و الممثل به، و مع ذلك لا يخفى ما في العبارة من الركاكة، و كان الظاهر أن يقول: و مثله القول في سبحان ربّي العظيم، و كذا في التسبيحة المكرّرة على القول بعدم التعيين. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(2)الضمير في «بعضها» يرجع الى التسبيحة الكبرى. يعني أنّ القول بالتخيير في أجزاء ذلك إنّما هو في صورة كون بعض أجزائها تامّا، مثل سبحان ربّي، أو سبحان العظيم.

(3)يعني: أنّ «سبحان» في التسبيحة المذكورة بمعنى «تنزيها» و هو مفعول مطلق، و المعنى في الواقع كذلك: نزّهت اللّه تنزيها.

(4)يعني أنّ «سبحان» منصوب لكونه مصدرا، أي مفعولا مطلقا.

(5)الباء للسببية. يعني أنّ كون «سبحان» منصوبا بسبب فعل محذوف من جنسه و هو «سبّحت اللّه».

ص: 259

و متعلّق الجار (1) في «و بحمده» هو العامل المحذوف، و التقدير: سبّحت اللّه تسبيحا و سبحانا و سبّحته بحمده. أو بمعنى و الحمد (2) له، نظير «ما أنت بنعمة ربّك بمجنون» أي و النعمة له (3).

(و رفع الرأس منه (4))، فلو هوى من غير رفع بطل مع التعمّد،

**********

شرح:

(1)أي الجارّ و المجرور في «و بحمده» يتعلّق بفعل مقدّر محذوف و هو «سبّحت».

فالتقدير: سبّحت اللّه سبحانا و سبّحته بحمده.

* من حواشي الكتاب: نقل عن سيبويه أنّ «سبحان» ليس بمصدر، بل هو واقع موقع المصدر الذي هو التسبيح، و الإضافة الى المفعول لأنّه المسبّح بالفتح. و نقل عن روض الجنان جواز أن تكون الإضافة الى الفاعل، قال: و المعروف هو الأول، و المعنى على الأول أسبّح تسبيح ربّي، أي: تسبيحا يليق بعظمته، و على الثاني اسبّح مثل ما سبّح اللّه به نفسه، و كذا الكلام في الإضافة في «و بحمده».

(حاشية الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه اللّه).

(2)اعلم أنّ في معنى «و بحمده» في التسبيحة المذكورة احتمالان:

الأول: كون التسبيح للّه تعالى هو بنفس التحميد، فيكون المعنى: اسبّح اللّه تعالى بسبب حمدي له. يعني أنّ حمدي هو التسبيح له تعالى.

و الثاني: كون الحمد للّه تعالى لحصول التوفيق له للتسبيح. يعني أنّ الحمد له بأنه وفّقني للتسبيح كما ورد في القرآن ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (1) (القلم: 2).

و المعنى هكذا: ما أنت بمجنون و النعمة كلّها لربّك، و هكذا المعنى في الذكر: سبّحت اللّه تعالى و الحمد كلّه للّه تعالى.

الباء على الوجه الأول و هو تعلّق «و بحمده» الى فعل محذوف و هو «سبّحت» للاستعانة أو السببية. أمّا على الوجه الثاني فيكون الباء بمعنى «مع». يعني تسبيحي له تعالى مع حمدي له تعالى.

(3)أي النعمة للّه تعالى، و قد ذكرنا معنى الآية بناء على ذلك التفسير.

(4)هذا أيضا من الواجبات في الركوع، فإنّ المصلّي يجب له أن يرفع رأسه من الركوع بعده، بتوضيح من الشارح رحمه اللّه بقوله: فلو لم يرفع الرأس بل مال الى السجدة من حال الركوع عمدا تبطل صلاته.

ص: 260


1- سوره 68 - آیه 2

و استدركه (1) مع النسيان،(مطمئنا) (2) و لا حدّ لها (3)، بل مسمّاها فما زاد (4) بحيث لا يخرج بها عن كونه مصلّيا.

(و يستحبّ التثليث (5) في الذكر) الأكبر (فصاعدا) (6) إلى ما لا يبلغ السأم (7)، فقد عدّ على (8) الصادق عليه السّلام ستّون تسبيحة كبرى إلاّ أن يكون (9) إماما فلا يزيد على الثلاث إلاّ مع حبّ المأمومين الإطالة.

**********

شرح:

(1)أي يجب استدراك رفع الرأس لو هوى من حال الركوع الى السجدة نسيانا بلا عمد، بمعنى أن يرفع رأسه بقصد جبران الرفع، ثمّ يهوي الى السجدة.

(2)هذا حال من رفع الرأس عن الركوع، كما أنّ قوله قبلا «مطمئنّا» كان حالا من نفس الركوع.

(3)الضميران في «لها» و «مسمّاها» يرجعان الى الطمأنينة المفهوم من لفظ «مطمئنا».

(4)يعني بل يكفي في حصول الطمأنينة مسمّاها، أو بمقدار يزيد عن المسمّى بشرط أن لا يزيد الاطمئنان و التأخير على حدّ يخرج عن كونه مصلّيا عرفا.

(5)بأن يكرّر التسبيحة ثلاث مرّات، و المراد من الذكر الأكبر هو «سبحان ربّي العظيم و بحمده».

(6)يعني يستحبّ الذكر الأكبر أزيد من ثلاث مرّات بشرط أن لا يزيد الى حدّ الملالة.

(7)السأم مصدر من سئم يسأم سأمة و سأما و سآمة الشيء: ملّه. (المنجد).

(8)يعني كان الصادق عليه السّلام يصلّي فعدّوا في ركوعه يقول التسبيحة الكبرى ستّين مرّة، و هو المروي في الوسائل:

عن أبان بن تغلب قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو يصلّي فعددت له في الركوع و السجود ستّين تسبيحة. (الوسائل: ج 4 ص 927 ب 6 من أبواب الركوع ح 1).

و لا يخفي بأنّه لم يذكر في الرواية هذه التسبيحة الكبرى التي ذكرها الشارح رحمه اللّه.

(9)أي إلاّ أن يكون المصلّي إماما فلا يستحبّ له تكثير التسبيحة على ثلاث مرّات، إلاّ أن يحبّ المأمومين تكثيرها و الإطالة.

ص: 261

و في كون الواجب مع الزيادة على مرّة الجميع، أو الأولى ما مرّ (1) في تسبيح الأخيرتين (2).

و أن يكون العدد (وترا) خمسا أو سبعا أو ما زاد منه، و عدّ (3) الستّين لا ينافيه، لجواز الزيادة من غير عدّ، أو بيان جواز المزدوج (و الدعاء (4) أمامه) أي أمام الذكر بالمنقول و هو: اللّهمّ لك ركعت... إلى آخره (و تسوية الظهر (5) حتى لو صبّ عليه ماء لم يزل لاستوائه)(و مدّ العنق) مستحضرا (6) فيه: آمنت بك و لو ضربت عنقي (و التجنيح) بالعضدين و المرفقين بأن يخرجهما عن ملاصقة جنبيه (7)، فاتحا إبطيه كالجناحين.

وضع اليدين على عيني الركبتين

(و وضع اليدين (8) على) عيني (الركبتين) حالة الذكر أجمع، مالئا كفّيه

**********

شرح:

(1)يعني إذا زاد التسبيحة على مرّة واحدة هل الواجب هو الأولى و غيرها تحمل على الاستحباب أم يحكم بالوجوب التخييري بين المرّة و المرّات ؟ ففيه ما مرّ في خصوص التسبيحات الأربعة.

(2)المراد هو تسبيح الركعتين الأخيرتين، و هو «سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر».

(3)هذا جواب عن سؤال هو أنّ في الرواية المذكورة عدوّا للإمام الصادق عليه السّلام ستّين تسبيحة في الركوع و السجود، و هي ليست وترا، فأجاب بجوابين، الأول:

عدم عدّ الراوي واحد من الأذكار الوتر منه عليه السّلام، و الثاني: كون المراد منه بيان جواز عدد الزوج أيضا.

(4)يعني يستحبّ الدعاء قبل ذكر الركوع بما نقل من الشارع.

(5)أي من المستحبّات في الركوع أن يسوّي ظهره عند الركوع.

(6)يعني يستحبّ في الركوع مدّ العنق و يحضر في قلبه: آمنت بك... الى آخره.

(7)بأن يبعّد العضدين و المرفقين عن جنبيه و يفتح إبطيه مثل فتح الجناح.

(8)هذا هو السابع من مستحبّات الركوع بأن يملأ كفّيه من ركبتيه. قوله «أجمع» إشارة باستحباب وضع جميع باطن اليد على الركبتين.

ص: 262

منهما (و البدأة) في الوضع (باليمنى) حالة كونهما (1)(مفرّجتين) (2) غير مضمومتي الأصابع (و التكبير له) (3) قائما قبل الهوي (رافعا (4) يديه إلى حذاء شحمتي اذنيه) كغيره (5) من التكبيرات (و قول: (6) سمع اللّه لمن حمده، و الحمد للّه ربّ العالمين) إلى آخره (7)(في) حال (رفعه) منه (مطمئنّا) (8)، و معنى سمع هنا:

**********

شرح:

(1)الضمير في «كونهما» يرجع الى اليدين.

(2)بأن يفرّج أصابع اليدين في حال وضعهما على الركبتين.

(3)يعني يستحبّ أن يكبّر بقصد تكبير الركوع و هو قائم قبل الميل الى الركوع.

(4)حال من فاعله من قوله «و التكبير له». يعني يستحبّ أن يرفع المصلّي يديه بمحاذاة شحمتي الاذنين حال التكبير.

(5)يعني يستحبّ رفع اليدين بالكيفية المذكورة في سائر التكبيرات أيضا.

(6)أي يستحبّ أن يقول «سمع اللّه لمن حمده» بعد رفع المصلّي رأسه من الركوع مطمئنّا، و هذا هو العاشر من مستحبّات الركوع.

(7)إنّي ما وجدت عبارة «الى آخره» في النسخ التي بأيدينا.

* من حواشي الكتاب على عبارة المصنّف «و الحمد للّه ربّ العالمين»: و تمامه:

أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه ربّ العالمين، و هو في رواية زرارة، و الظاهر الرفع في لفظ «العظمة» على أنّه مبتدأ و خبره ما بعده. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

و في كتاب الوسائل: عن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام أنّه كان يقول بعد رفع رأسه:

سمع اللّه لمن حمده، الحمد للّه ربّ العالمين، الرحمن الرحيم، بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد، أهل الكبرياء و العظمة و الجبروت. (الوسائل: ج 4 ص 940 ب 17 من أبواب الركوع ح 3).

(8)حال من قول: سمع اللّه لمن حمده، في حال الرفع من الركوع.

و اعلم أنّ لفظ «مطمئنّا» ذكره المصنّف في المتن في ثلاثة مقامات، الأوّل: في حال

ص: 263

استجاب تضمينا (1). و من ثمّ عدّاه (2) باللام كما عدّاه (3) بإلى في قوله تعالى: «لا يسّمّعون إلى الملأ الأعلى» لما ضمّنه (4) معنى يصغون، و إلاّ فأصل السماع متعدّ بنفسه و هو (5) خبر معناه: الدعاء، لإثناء على الحامد (6)(و يكره أن)

**********

شرح:

الانحناء الى الركوع. الثاني: في حال رفع الرأس من الركوع. و الثالث: في حال قول «سمع اللّه لمن حمده»، فلتلاحظ الطمأنينة في هذه الحالات.

(1)يعني أنّ معنى سمع من باب علم في المقام هو «استجاب» للتضمين، و هو كما في كتاب مغني اللبيب لابن هشام النحوي: إدخال معنى لفظ في لفظ آخر، و إجراء حكم اللفظ الداخل في خصوص اللفظ المدخول عليه. ففي ما نحن فيه: أنّ لفظ «سمع» متعدّ بنفسه كما تقول: سمعت خبرا، أو سمعت فلانا يقول كذا، لكن في جملة «سمع اللّه لمن حمده» كان متعدّيا بلام التعدّي لتضمين معنى استجاب فيه، و إجراء حكم استجاب أيضا فيه، فإنّه يتعدّى باللام، كما يقال: استجاب اللّه لي، فكان «سمع» متعدّيا باللام.

(2)أي و من جهة تضمين معنى استجاب في «سمع» كان متعدّيا باللام.

(3)يعني كما كان التضمين موجبا لتعدية هذه المادة بحرف «الى» في قوله تعالى:

لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى (1) (الصافات: 8) أي: لا يصغون إليها، فإنّ معنى الإصغاء أدخل في هذا اللفظ و أجرى حكمه فيه أيضا بكونه متعدّيا بحرف «الى».

و أمّا أصل لفظ «يسّمّعون» في الآية المذكورة بالتشديدين في حرف السين و الميم من باب التفعّل ماضية، تسمّع وزان تصرّف، و المضارع يتسمّع وزان يتصرّف، فأدغمت التاء في السين لجهة قاعدة صرفية، فكان اسّمّع يسّمّع، و الجمع:

يسّمّعون، و اسم الفاعل: مسّمّع.

(4)أي لجهة تضمين معنى «يصغون» في لفظ «يسّمّعون».

(5)الضمير يرجع الى لفظ «سمع» بمعنى: اللّهمّ استجب لمن حمدك.

(6)بأنّ «سمع اللّه لمن حمده» كان في توصيف الحامد و ثنائه. يعني أنّ الذي يحمده

ص: 264


1- سوره 37 - آیه 8

(يركع (1) و يداه تحت ثيابه)، بل تكونان بارزتين (2)، أو في كمّيه (3)، نسبه (4) المصنّف في الذكرى إلى الأصحاب لعدم وقوفه على نصّ فيه.

السجود

السجود على الأعضاء السبعة

ثمّ تجب (5) سجدتان (على الأعضاء السبعة) الجبهة (6) و الكفّين و الركبتين (7) و إبهامي (8) الرجلين، و يكفي من كلّ منها مسمّاه حتى الجبهة (9) على الأقوى، و لا بدّ

**********

شرح:

فهو تعالى يسمع حمده، فيكون ذلك ثناء لمن حمده، و الحال ليس كذلك، بل هو خبر أريد به إنشاء الدعاء.

(1)يركع وزان منع يمنع.

(2)بمعنى كون اليدين ظاهرتين من تحت الثياب.

(3)الكمّ : هو مدخل اليد و مخرجها من الثوب، و جمعه أكمام و كممة. (المنجد). و في الفارسية «آستين».

(4)أي نسب الحكم بالكراهة في الذكرى الى الأصحاب و لم يختره لعدم وقوفه على رواية في الكراهة.

السجود (5)أي السادس من واجبات الصلاة السجدتان على الأعضاء السبعة.

(6)بالجرّ، بيان للأعضاء السبعة، و هي بفتح الجيم و سكون الباء.

(7)الركبتين: تثنية مفرده الركبة - بضمّ الراء و سكون الكاف -: الموصل ما بين الفخذ و الساق، جمعه ركب و ركبات. (المنجد).

(8)بصيغة التثنية، و حالة جرّه بالياء لكونه بيانا للأعضاء السبعة، و أصله إبهامان اسقط النون بالإضافة، و هما الإصبعان في الرجلين.

(9)يعني في كلّ من الأعضاء المذكورة يجب وضعها في حال السجدة بمقدارها المسمّى، حتّى في وضع الجبهة أيضا يكفي المسمّى على الأقوى، و الدليل على كفاية المسمّى في الجبهة روايات:

منها: عن زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال: قلت: الرجل يسجد و عليه قلنسوة أو

ص: 265

مع ذلك (1) من الانحناء إلى ما يساوي موقفه، أو يزيد عليه، أو ينقص عنه بما لا يزيد عن مقدار أربع أصابع مضمومة (قائلا (2) فيهما: سبحان ربّي الأعلى و بحمده، أو ما مرّ) من الثلاثة الصغرى (3) اختيارا، أو مطلق الذكر اضطرارا، أو مطلقا (4) على المختار (مطمئنّا بقدره (5)) اختيارا (ثمّ رفع رأسه) (6) بحيث يصير جالسا، لا مطلق رفعه (مطمئنّا) حال الرفع بمسمّاه (7).

**********

شرح:

عمامة، فقال: اذا مسّ جبهته الأرض فيما بين حاجبه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه. (الوسائل: ج 4 ص 962 ب 9 من أبواب السجود ح 1).

و في رواية اخرى عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن حدّ السجود، قال: ما بين قصاص الشعر الى موضع الحاجب ما وضعت عنه أجزأك. (المصدر السابق: ح 2).

(1)المشار إليه هو وضع الأعضاء السبعة على الأرض. يعني يجب - علاوة على السجدة بالأعضاء - الانحناء بمقدار يستوي موضع جبهته مع موقفه، أو بمقدار لا يزيد و لا ينقص عن محلّ الوقوف عن مقدار أربع أصابع مضمومة.

و الحاصل: أنّه لا يكفي في صحّة السجود وضع الأعضاء المذكورة بدون الانحناء بهذا المقدار، كأن وضع جبهته بمقدار قليل من الأرض عن الحدّ المذكور.

(2)حال من قوله «تجب سجدتان على الأعضاء السبعة».

(3)و هو قول «سبحان اللّه» ثلاث مرّات.

(4)أي قائلا مطلق الذكر في حال الاختيار و الاضطرار على ما اخترناه في ذكر الركوع، و ذكرنا فيه الرواية الدالّة على كفاية مطلق الذكر. (راجع هامش 1 من ص 258).

(5)أي تجب الطمأنينة بمقدار الذكر في السجدة في حال الاختيار، و إلاّ فلا.

(6)يعني من واجبات السجدة رفع الرأس منها الى حدّ الجلوس لا مطلقا.

(7)الضمير في «بمسمّاه» يرجع الى الاطمئنان.

ص: 266

جلسة الاستراحة و باقي مستحباتها

(و يستحبّ الطمأنينة (1)) بضمّ الطاء (عقيب) السجدة (الثانية) و هي المسمّاة بجلسة الاستراحة استحبابا مؤكّدا، بل قيل بوجوبها (2).

(و الزيادة (3) على) الذكر (الواجب) بعدد وتر و دونه (4) غيره (و الدعاء) أمام الذكر: اللّهمّ لك سجدت... الى آخره (5)(و التكبيرات الأربع) للسجدتين، إحداهما: بعد رفعه من الركوع مطمئنّا فيه، و ثانيتها: بعد رفعه من السجدة الاولى جالسا مطمئنّا، و ثالثتها: قبل الهويّ (6) إلى الثانية كذلك (7)، و رابعتها: (8)

**********

شرح:

(1)الطمأنينة - بضمّ الطاء و فتح الميم بعده الألف المسكونة -: مصدر من اطمأنّ يطمئنّ اطمئنانا و طمأنينة: سكن، و آمن له، و لا يخفى أنّ أصله رباعي، و هو طمأن يطمئن وزان دحرج يدحرج، و المزيد فيه اطمأنّ وزان اقشعرّ يقشعرّ اقشعرارا.

(2)أي قال بعض الفقهاء بوجوب الطمأنينة.

(3)أي يستحبّ في السجدة الزيادة على الذكر الواجب من الأذكار المستحبّة.

(4)أي و دون العدد الوتر في الفضل عدد زوج من الأذكار.

(5)كما في الوسائل:

عن الحلبي عن الصادق عليه السّلام: اذا سجدت فكبّر و قل: اللّهمّ لك سجدت، و بك آمنت، و لك أسلمت، و عليك توكّلت و أنت ربّي، سجد وجهي للّذي خلقه و شقّ سمعه و بصره، الحمد للّه ربّ العالمين، تبارك اللّه أحسن الخالقين. (الوسائل: ج 4 ص 951 ب 2 من أبواب السجود ح 1).

(6)الهويّ - بفتح الهاء و ضمّه و كسر الواو و آخره الياء المشدّد -: سقط من علوّ الى أسفل، و قيل: الهويّ - بفتح الهاء -: الارتفاع، و الهويّ - بضمّ الهاء -:

الانحدار، و هو من هوي يهوي هويّا هويا هويانا. (المنجد).

(7)كذلك إشارة الى كونه مطمئنّا حال التكبير كما في الجلوس.

(8)أي التكبير الرابع بعد الرفع من السجدة الثانية مطمئنّا.

و الحاصل: أنّ التكبيرات الأربع التي تستحبّ في السجود اثنتان منها للسجدة الاولى قبلها و بعدها، و اثنتان منها للسجدة الثانية قبلها و بعدها.

ص: 267

بعد رفعه منه معتدلا (1)،(و التخوية (2) للرجل) بل مطلق الذكر إمّا في الهويّ إليه (3) بأن يسبق بيديه ثمّ يهوي بركبتيه لما روي (4) أنّ عليا عليه السّلام كان إذا سجد يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر (5) يعني بروكه، أو

**********

شرح:

(1)لفظ «معتدلا» هنا بمعنى مطمئنّا. يعني يكبّر المصلّي بعد الرفع من السجدة الثانية في حال السكون و الاطمئنان.

(2)التخوية - بفتح التاء و سكون الخاء - من خوّى يخوّي تخوية البعير: بعّد بطنه عن الأرض في بروكه. (المنجد).

يعني يستحبّ في السجود للصلاة التخوية للرجل، هذا هو الخامس من مستحبّات السجود، كما أنّ الأول منها: الطمأنينة بينهما، و الثاني: الزيادة في الذكر، و الثالث: الدعاء قبل الذكر، و الرابع: التكبيرات الأربع. و للتخوية المستحبّة في السجود معنيان:

أحدهما: في حال الهوي الى السجود من حال القيام، بأن يسبق بيديه في الوضع الى الأرض، ثمّ وضع ركبتيه عليها كما يصنع كذلك البعير الضامر.

الثاني: في حال السجدة بأن يبعّد مرفقيه عن الأرض و لا يفترشهما فيها، مثل تجنّح الطير عند الطيران، و سيشير رحمه اللّه الى كلا المعنيين.

(3)أي حين الهوي الى السجود.

(4)هذا دليل استحباب التخوية في السجود.

(5)نقل هذا الخبر صاحب الوسائل:

عن حفص الأعور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ عليه السّلام اذا سجد يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر. يعني بروكه. (الوسائل: ج 4 ص 953 ب 3 من أبواب السجود ح 1).

استشهد بهذه الرواية رحمه اللّه باستحباب التخوّي في السجود بمعناه الأول، و هو في حال الهويّ من حال القيام الى السجود، بأن يستقبل الأرض بيديه أولا، ثمّ يضع الركبتين عليها ثانيا، كما يفعل البعير الضامر.

لكن من المناسب أن يستشهد بها بكيفية التخوية بمعناها الثاني، و هو تجافي البطن

ص: 268

بمعنى (1) تجافي الأعضاء حالة السجود، بأن يجنح (2) بمرفقيه و يرفعهما عن الأرض، و لا يفترشهما كافتراش (3) الأسد، و يسمّى هذا (4) تخوية لأنّه إلقاء الخوى (5) بين الأعضاء، و كلاهما مستحبّ للرجل، دون المرأة، بل تسبق في هويّها (6) بركبتيها، و تبدأ بالقعود، و تفترش ذراعيها حالته لأنّه (7) أستر، و كذا الخنثى

**********

شرح:

و المرفقين من الأرض حين السجدة، لأنّ البعير الضامر تتجافى بطنه عن الأرض حال القعود، بخلاف غير الضامر فإنّه يلصق بطنه على الأرض. و لا يخفى أنّ كلّ بعير - ضامرا كان أو غيره - يضع رجليه الإمامية على الأرض أولا، ثمّ المؤخّر منها، فلا فرق بينهما، فالتشبيه يناسب بعد قعود البعير الضامر و غيره.

و يؤيّد ما ذكر لفظ «بروكه» في الرواية، قال فيها: يعني بروكه، بمعنى أنّه يقصد من التشبيه بروك البعير، و هو حال قعود البعير بأنّه يلصق صدره على الأرض، فإنّ البعير الضامر يلصق صدره على الأرض، لكن يتجافى بطنه منها، بخلاف البعير السمين فإنّ بطنه أيضا تلصق على الأرض، انظر معنى البروك في اللغة.

برك يبرك بروكا و تبراكا البعير: استناخ، و هو أن يلصق صدره بالأرض. (المنجد).

(1)هذا هو المعنى الثاني الذي ذكرناه آنفا.

(2)يجنّح: من باب التفعيل، أي يبعّد مرفقيه و يرفعهما عن الأرض.

(3)يعني لا يلصق مرفقيه على الأرض كما يفعله الأسد.

(4)أي يسمّى هذا الحال في السجود تخوية، لأنّه إيجاد الفسحة و البعد بين الأعضاء.

(5)الخوى - بفتح الخاء و الواو و بعده الياء، و أيضا بفتح الخاء و الواو و بعده الألف الممدودة -: المسافة بين الشيئين. خواء الفرس: ما بين يديه و رجليه. (المنجد).

(6)يعني أنّ المرأة يستحبّ لها بدل التخوية أن تضع ركبتيها على الأرض أوّلا بأن تجلس عليهما، ثمّ تسجد في حالة افتراش ذراعيها على الأرض.

(7)الضمير في «لأنّه» يرجع الى السبق في هويّها. يعني أنّ هذه الحال تناسب كون المرأة حافظة لسترها.

ص: 269

لأنّه أحوط (1)، و في الذكرى سمّاهما (2) تخوية كما ذكرناه (و التورّك (3) بين السجدتين) بأن يجلس على وركه الأيسر، و يخرج رجليه جميعا (4) من تحته، جاعلا رجله اليسرى على الأرض و ظاهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى و يفضي بمقعدته إلى الأرض، هذا (5) في الذكر، أمّا الانثى فترفع ركبتيها (6)، و تضع باطن كفّيها على فخذيها مضمومتي الأصابع.

**********

شرح:

(1)يعني الخنثى أيضا تراعي الحالة المذكورة للمرأة لرعاية الاحتياط .

(2)ضمير التثنية في «سمّاهما» يرجع الى سبق اليدين بالوضع على الأرض في حال الهوي الى السجود، و هو المعنى الأول، و الى التجافي الّذي شرحناه في المعنى الثاني. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في الذكرى سمّى كلا الحالين بلفظ التخوية، و هذا اعتضاد لتفسير المعنيين للتخوية من الشارح، فإنّه ليس منفردا في هذا التفسير، بل المصنّف أيضا فسّرها بهذين المعنيين.

(3)أي السادس من مستحبّات السجود: التورّك بين السجدتين.

التورّك في اللغة من ورك يرك وركا: اعتمد على وركه، و التورّك هو الاعتماد على الورك. (المنجد). و في الاصطلاح: هو الذي ذكره الشارح رحمه اللّه.

(4)أي يخرج كلاّ من رجليه من تحته، فلا يجلس على عقبيه كما في الجلوس المتعارف، و أن يجعل رجله اليسرى على الأرض، و يجعل ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى.

و الحاصل: أنّ التورّك المصطلح عليه يتحقّق برعاية حالات:

الأول: الجلوس على الورك الأيسر.

الثاني: إخراج جميع الرجلين من تحت.

الثالث: جعل الرجل اليسرى على الأرض.

الرابع: جعل ظاهر القدم اليمنى على باطن القدم اليسرى.

(5)يعني استحباب هذه الحال للسجود إنّما هو في خصوص الذكور.

(6)أي الانثى تراعي حالتين، الاولى: رفع ركبتيها من الأرض. الثانية: وضع باطن كفّيها على فخذيها مضمومتي الأصابع، لا منفرجات.

ص: 270

التشهّد

(ثمّ يجب التشهّد (1) عقب) الركعة (الثانية) التي تمامها (2) القيام من السجدة الثانية،(و كذا) يجب (آخر الصلاة) إذا كانت ثلاثية أو رباعية (و هو أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد)، و إطلاق التشهّد (3) على ما يشمل الصلاة على محمّد و آله إمّا تغليب، أو حقيقة شرعية، و ما اختاره من صيغته اكملها، و هي مجزية بالإجماع، إلاّ أنّه غير متعيّن عند المصنّف، بل يجوز عنده (4) حذف «وحده لا شريك له» و لفظة (5) «عبده» مطلقا، أو مع إضافة الرسول إلى المظهر، و على هذا (6) فما ذكر هنا «هاهنا - خ ل» يجب تخييرا كزيادة التسبيح، و يمكن أن يريد (7) انحصاره فيه لدلالة النصّ الصحيح (8) عليه، و في البيان تردّد في وجوب

**********

شرح:

التشهّد (1)أي السابع من واجبات الصلاة: هو التشهّد.

(2)يعني أنّ البعديّة تتحقّق بالرجوع عن سجدتها الثانية.

(3)يعني أنّ التشهّد الواجب في الصلاة هو الذي يشمل الصلاة على محمّد و آله أيضا. و الحال ليس ذلك معناه لغة، فالإطلاق: إمّا للتغليب فإنّ التشهّد يشمل الشهادتين و الصلاة فيغلب الشهادة فيطلق عليه ذلك، أو لجهة إطلاق الشرع ذلك اللفظ عليه.

(4)أي يجوز عند المصنّف حذف ألفاظ «وحده لا شريك له».

(5)بالكسر، أي يجوز حذف لفظ «عبده» مع إضافة الرسول الى اسم الظاهر بأن يقال «رسول اللّه»، أو مطلقا فإنّ فيه قولان.

(6)أي و على جواز حذف ما ذكر في التشهّد المذكور يكون هو واجبا تخييريا كما قلنا في خصوص زيادة التسبيح بالوجوب التخييري بين الكثير و القليل منه.

(7)بأن يريد المصنّف انحصار التشهّد فيما ذكر لدلالة النصّ الصحيح على ما ذكر.

(8)و المراد من النصّ هو المنقول في الوسائل:

ص: 271

ما حذفناه (1)، ثمّ اختار وجوبه تخييرا.

و يجب التشهّد (جالسا مطمئنّا بقدره (2)، و يستحبّ التورّك) حالته (3) كما مرّ (و الزيادة في الثناء و الدعاء) قبله (4)، و في أثنائه و بعده بالمنقول (5).

**********

شرح:

عن عبد الملك بن عمرو الأحول عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التشهّد في الركعتين الأولتين: الحمد للّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و تقبّل شفاعته و ارفع درجته.

(الوسائل: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهّد ح 1).

(1)المراد ممّا حذفناه هو «وحده لا شريك له» من الشهادة الاولى، و لفظة «عبده» من الشهادة الثانية. يعني أنّ المصنّف تردّد في جواز حذف ذلك، ثمّ أفتى بالوجوب التخييري بين ذكره و عدمه.

(2)أي في حال السكون و الطمأنينة بمقدار التشهّد.

(3)يعني أنّ التورّك المتقدّم مستحبّ في حال التشهّد أيضا.

(4)الضمائر في «قبله» و «أثنائه» و «بعده» ترجع الى التشهّد.

(5)أي الثناء و الدعاء بما نقل عن الشارع و من الروايات الشاملة لجميع المستحبّات قبل التشهّد و حاله و بعده هو المنقول في الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: اذا جلست في الركعة الثانية فقل: بسم اللّه و باللّه، و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنك نعم الربّ ، و أنّ محمّدا نعم الرسول، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و تقبّل شفاعته في امّته و ارفع درجته. ثمّ تحمد اللّه مرّتين أو ثلاثا، ثمّ تقوم. فاذا جلست في الرابعة قلت: بسم اللّه و باللّه، و الحمد للّه، و خير الأسماء للّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنك نعم الربّ ، و أنّ محمّدا نعم الرسول، التحيّات للّه و الصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات للّه ما طاب و زكا و طهر و خلص و صفا فللّه، و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،

ص: 272

التسليم

(ثمّ يجب (1) التسليم) على أجود القولين عنده (2)، و أحوطهما

**********

شرح:

و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنّ ربّي نعم الربّ ، و أنّ محمّدا نعم الرسول، و أشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها و أنّ اللّه يبعث من في القبور، الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه، الحمد للّه ربّ العالمين، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و بارك على محمّد و آل محمّد، و سلّم على محمّد و آل محمّد، و ترحّم على محمّد و آل محمّد، كما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، اللّهمّ صلّ على محمّد و على آل محمّد، و اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للّذين آمنوا، ربّنا إنّك رءوف رحيم، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و امنن عليّ بالجنّة، و عافني من النار، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و لمن دخل بيتي مؤمنا، و لا تزد الظالمين إلاّ تبارا. ثمّ قل: السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، السلام على أنبياء اللّه و رسله، السلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين، السلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النبيّين لا نبيّ بعده، و السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين. ثمّ تسلّم.

(الوسائل: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهّد ح 2).

التسليم (1)أي الثامن من واجبات الصلاة هو التسليم.

(2)يعني أنّ التسليم يجب على أجود القولين عند المصنّف، فإنّه اختلفت الأقوال في وجوب السلام و استحبابه، قال عدّة من العلماء بعدم وجوب التسليم، بمعنى أنّ المصلّي لو تشهّد و لم يسلّم يخرج من صلاته، لكنّ المشهور عن الفقهاء أنّ التسليم من واجبات الصلاة، فلو لم يسلّم المصلّي في آخرها حكموا ببطلان الصلاة، و أنّ المصنّف و الشارح رحمهما اللّه كلاهما قائلان بوجوب التسليم، لكنّ المصنّف يقبل دليل القول بالوجوب فيقول بأجود القولين، و الشارح لا يقبل دليل القول بالوجوب، لكن يختار القول به بحكم العمل بالاحتياط ، فلاحتمال كونه واجبا لاختلاف الفقهاء فيه يقول بوجوبه، فالفرق بين الأجود و الأحوط علم ممّا ذكرنا.

ص: 273

عندنا (1)(و له عبارتان: السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين، و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته) مخيّرا فيهما (2)(و بأيّهما بدأ (3) كان هو الواجب) و خرج به من الصلاة (و استحبّ الآخر)، أمّا العبارة (4) الاولى فعلى الاجتزاء بها (5) و الخروج بها من الصلاة دلّت الأخبار (6) الكثيرة، و أمّا الثانية فمخرجة بالإجماع، نقله (7) المصنّف و غيره.

و في بعض الأخبار تقديم الأول مع التسليم المستحبّ ، و الخروج بالثاني (8)، و عليه

**********

شرح:

(1)أي يجب التسليم بناء على أحوط القولين عند الشارح و من يقول به.

(2)يعني أنّ المصلّي يتخيّر أيّ الصيغتين المذكورتين شاء.

(3)يعني أنّ المصلّي بأيّ من الصيغتين شرع خرج من الصلاة، و يكون الثاني مستحبّا.

(4)هذا استدلال من الشارح لقول المصنّف بالوجوب التخييري بين الصيغتين، أمّا الدليل على وجوب الصيغة الاولى هو الأخبار، و الدليل على الثاني هو الإجماع.

(5)و الضميران في «بها» مرّتين يرجعان الى الصيغة الاولى.

(6)و من الأخبار الدالّة على كون الصيغة الاولى مجزية و مخرجة من الصلاة ما روي في الوسائل:

عن الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ ما ذكرت اللّه عزّ و جلّ به و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهو من الصلاة، و إن قلت: السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين فقد انصرفت.

(الوسائل: ج 4 ص 1012 ب 4 من أبواب التسليم ح 1).

(7)الضمير في قوله «نقله» يرجع الى المصنّف. يعني نقل الإجماع المصنّف كما في الذكرى، و غيره و هو المنقول عن المحقّق رحمه اللّه.

(8)يعني أنّ ما دلّ عليه بعض الأخبار هو أن يقدّم الصيغة الاولى مع التسليم

ص: 274

المصنّف (1) في الذكرى و البيان، و أمّا جعل الثاني مستحبّا كيف كان (2) كما اختاره المصنّف هنا (3) فليس عليه دليل واضح. و قد اختلف فيه (4) كلام المصنّف، فاختاره هنا و هو (5) من آخر ما صنّفه، و في الرسالة الألفية و هي من أوله (6)، و في البيان أنكره (7) غاية الإنكار فقال بعد البحث عن الصيغة الاولى:

و أوجبها (8) بعض المتأخّرين، و خيّر بينها و بين السلام عليكم، و جعل

**********

شرح:

المستحبّ ، و هو «السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته». و يخرج من الصلاة بالصيغة الثانية.

و من الأخبار الدالّة على ذلك رواية أبي بصير الآنفة الذكر و هو قوله في آخر الرواية: «ثمّ قل: السلام عليك أيّها النبيّ ...» الى قوله «و السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، ثمّ تسلّم».

(1)يعني أنّ المصنّف في كتابيه الذكرى و البيان عمل على ما دلّت عليه الرواية المذكورة.

(2)المراد من قوله «كيف كان» هو تقديم أيّ من الصيغتين و تأخيرها.

(3)بقوله «بأيّهما بدأ كان هو الواجب و استحبّ الآخر» فذلك القول من المصنّف لا دليل عليه.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى استحباب الصيغة الثانية. يعني أنّ كلام المصنّف كان في استحباب الثانية مختلفا فيه كما اختاره في هذا الكتاب، و في كتابيه الألفية و البيان أنكر استحباب ذلك، و في كتابه الذكرى قال بالوجوب التخييري، و لم يختر استحباب الثانية.

(5)الضمير يرجع الى كتاب اللمعة فإنّه آخر تصنيفات المصنّف.

(6)أي أوّل ما صنّف المصنّف هو كتابه الألفية.

(7)أي أنكر استحباب الصيغة الثانية إنكارا شديدا.

(8)أي الصيغة الثانية.

ص: 275

الثانية منهما مستحبّة، و ارتكب (1) جواز السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين بعد السلام عليكم، و لم يذكر ذلك (2) في خبر، و لا مصنّف (3)، بل القائلون بوجوب التسليم (4) و استحبابه يجعلونها مقدّمة عليه.

و في الذكرى نقل وجوب الصيغتين تخييرا عن بعض المتأخّرين، و قال:

إنّه (5) قويّ متين، إلاّ أنّه لا قائل به من القدماء، و كيف يخفى (6) عليهم مثله لو كان حقّا؟!

ثمّ قال: إنّ الاحتياط للدين الإتيان بالصيغتين جميعا بادئا بالسلام علينا، لا بالعكس (7)، فإنّه لم يأت به خبر منقول، و لا مصنّف مشهور سوى ما في بعض كتب المحقق، و يعتقد (8) ندبية السلام علينا، و وجوب

**********

شرح:

(1)فاعله الضمير الراجع الى بعض المتأخّرين. يعني أنّه ارتكب بجواز تأخير «السلام علينا... الى آخره».

(2)المشار اليه هو تأخير «السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين». يعني لم يذكر ذلك في خبر و لا في كتاب.

(3) «مصنّف» بصيغة اسم المفعول بمعنى كتاب.

(4)يعني أنّ القائلين بوجوب التسليم أو استحبابه يقولون بتقديم السلام علينا... الى آخره على الصيغة الاخرى.

(5)يعني قال المصنّف في كتابه الذكرى بالوجوب التخييري بكون دليله قويا، إلاّ أنه لم يقل به أحد من القدماء.

(6)هذا في مقام استبعاد القول بالوجوب التخييري بأنّ ذلك لو كان حقّا كيف خفي على القدماء حيث لم يقل به أحد منهم.

(7)أي لا يجوز أن يبدأ بصيغة «السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته» لأنّ الابتداء به لم يرد به خبر و لا دليل و لا في كتاب مشهور عدا ما في بعض كتب المحقّق رحمه اللّه.

(8)هذا عطف على قوله «الإتيان بالصيغتين». يعني يأتيهما و يعتقد كون «السلام علينا... الى آخره» مستحبّا و كون الاخرى واجبا.

ص: 276

الصيغة الاخرى. و ما جعله (1) احتياطا قد أبطله في الرسالة الألفية فقال فيها (2): إنّ من الواجب جعل المخرج ما يقدّمه من إحدى العبارتين، فلو جعله (3) الثانية لم تجز.

و بعد ذلك (4) كلّه فالأقوى الاجتزاء في الخروج بكلّ واحدة منهما، و المشهور في الأخبار تقديم (5) السلام علينا و على عباد اللّه مع التسليم المستحبّ ، إلاّ أنّه ليس احتياطا كما ذكره (6) في الذكرى لما قد عرفت من

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الحكم الذي جعله المصنّف في كتابه الذكرى احتياطا أبطله في كتاب الألفية.

(2)أي قال المصنّف في كتابه الألفية: إنّه يجب أن يعتقد المصلّي بكون المخرج من الصلاة هو التسليم الذي يقدّمه بأيّ صيغة كانت.

(3)أي فلو جعل المخرج هو الثانية لا يجزئ.

(4)هذا نظر الشارح في المسألة. يعني بعد ذكر الأقوال المختلفة عن المصنّف رحمه اللّه فالأقوى هو الاكتفاء في الخروج عن الصلاة بكلّ من الصيغتين. يعني هو الوجوب التخييري بينهما، و هذا في صورة الاكتفاء بالواحدة منهما، بأن يخرج من الصلاة بإحدى الصيغتين.

(5)هذا في صورة ذكر الصيغتين أو الأكثر في الصلاة بأنّه يستحبّ «السلام علينا و على... السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته».

و المراد من الأخبار المشهورة هو الرواية التي قدّمناها عند قوله «في بعض الأخبار» و لم يعلم وجه تعبيره هنا بالشهرة.

(6)فإنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر في كتابه الذكرى: أنّ الاحتياط للدين الإتيان بالصيغتين بادئا بالسلام علينا، فقال الشارح رحمه اللّه: إنّ ذلك ليس احتياطا؛ لأنّ الاحتياط هو الذي يوافق جميع الأقوال المختلفة في المسألة، و الحال في المقام أنّ تقديم السلام علينا لا يوافق حكم شخص المصنّف في كتاب الألفية و هذا الكتاب، فضلا عن غيره الّذي خيّر فيه بين تقديم هذه و غيرها، فكيف يكون الحكم

ص: 277

حكمه بخلافه، فضلا عن غيره (و يستحبّ (1) فيه التورّك) كما مرّ (و إيماء المنفرد) (2) بالتسليم (إلى القبلة ثمّ يومئ بمؤخّر (3) عينه عن يمينه).

أمّا الأول (4) فلم نقف على مستنده، و إنّما النصّ و الفتوى

**********

شرح:

بتقديم هذه الصيغة مطابقا للاحتياط؟

و المراد من قوله «مع التسليم المستحبّ » هو: السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته.

و الحاصل: أنّ نظر الشارح في صورة ذكر الصيغ الواردة في السلام هكذا: السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، السلام عليكم و رحمة و بركاته.

(1)أي يستحبّ في السلام أيضا التورّك بشرح قدّمناه في التشهّد و بين السجدتين.

(2)يعني يستحبّ أن يشير المصلّي بالرأس أو بالإصبع كما عن بعض كتب المصنّف عند صلاته منفردا الى القبلة عند قوله «السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته».

(3)المؤخّر - بضمّ الميم و فتح الهمزة و الخاء و آخره الراء -: خلاف المقدّم و المؤخّرة من العين: طرفها الذي يلي الصدغ. (المنجد).

يعني بعد أن أشار الى القبلة عند السلام المذكور فيشير بطرف عينه اليمنى الى يمينه. و في بعض النسخ «عينيه» بصيغة التثنية، فلو كان كذلك لا يمكن تصوّر الإيماء بطرف المؤخّر من عينيه الى يمينه، لأنّ الإيماء بمؤخّر عينه اليمنى الى اليمين يلازم الإيماء بمقدّم عينه اليسرى. (انظر حاشية المحقّق جمال الدين رحمه اللّه).

* من حواشي الكتاب: و لا يخفى أنّ في تثنية العين هاهنا في عبارة المصنّف و أكثر الأصحاب نظر، و ذلك لأنّ الإيماء الى اليمين بمؤخّر العين اليمنى و اليسرى لا يمكن و لا يتصوّر. نعم، يمكن بمؤخّر اليمنى و مقدّم اليسرى، فلعلّ في الكلام إطلاق المؤخّر على مقدّم اليسرى تبعا لمؤخّري اليمنى لشرفها على سبيل التغليب، أو وقع سهوا، و الصواب عينه كما وقع في عبارة الذكرى، فتبصّر. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(4)المراد من الأول هو إيماء المنفرد الى القبلة عند التسليم. يعني أنّ الشارح رحمه اللّه لم يطّلع على استحباب الإيماء الى القبلة من الأخبار بشيء.

ص: 278

على كونه (1) إلى القبلة بغير إيماء، و في الذكرى ادّعى الإجماع على نفي الإيماء إلى القبلة بالصيغتين (2) و قد أثبته هنا و في الرسالة النفلية.

و أمّا الثاني (3) فذكره الشيخ و تبعه عليه الجماعة و استدلّوا عليه بما لا يفيده (4)(و الإمام) يومئ (بصفحة وجهه يمينا) بمعنى أنّه يبتدئ به (5) إلى

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى التسليم. يعني أنّ النصّ و كذا فتوى الفقهاء على كون التسليم الى القبلة بدون الإيماء و الإشارة.

و المراد من النصّ الدالّ على كون التسليم الى القبلة هو المنقول في الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كنت إماما فإنّما التسليم أن تسلّم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تقول: السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، فاذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة، ثمّ تؤذن القوم، فتقول و أنت مستقبل القبلة: السلام عليكم.

و كذلك اذا كنت وحدك تقول: السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، مثل ما سلّمت و أنت إمام، فاذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت، و سلّم على من يمينك و شمالك، فإن لم يكن على شمالك أحد فسلّم على الذين على يمينك، و لا تدع التسليم على يمينك إن لم يكن على شمالك أحد.

(2)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ادّعى في كتابه الذكرى الإجماع على عدم الإيماء الى القبلة في الصيغتين من السلام، لكن أثبت الإيماء في هذا الكتاب و النفلية، و هذا عجيب.

(3)المراد من الثاني هو الإيماء بمؤخّر عينه الى اليمين، فالشيخ و من تبعه ذكروه و استدلّوا به بما لا يقبله الشارح رحمه اللّه.

(4)و المستند الّذي لا يفيد الإيماء بما ادّعوا هو الرواية المنقولة في الوسائل:

عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك. (الوسائل: ج 4 ص 1009 ب 2 من أبواب التسليم ح 12).

و الرواية التي بعدها عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: اذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن يمينك. (المصدر السابق: ح 13).

(5)يعني أنّ الإمام يشرع بالسلام الى القبلة، ثمّ يشير بباقي السلام الى طرفه الأيمن بتمام وجهه.

ص: 279

القبلة ثمّ يشير بباقيه إلى اليمين بوجهه (و المأموم كذلك (1)) أي يومئ إلى يمينه بصفحة وجهه كالإمام مقتصرا (2) على تسليمة واحدة إن لم يكن على يساره أحد،(و إن كان على يساره (3) أحد سلّم اخرى) بصيغة:

السلام عليكم (موميا) بوجهه (4)(إلى يساره) أيضا.

و جعل ابنا بابويه (5) الحائط (6) كافيا في استحباب التسليمتين للمأموم، و الكلام فيه (7) و في الإيماء بالصفحة كالإيماء بمؤخّر العين من عدم الدلالة عليه ظاهرا، لكنّه مشهور (8) بين الأصحاب لا رادّ له.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المأموم أيضا يبتدئ بالسلام الى القبلة، ثمّ يشير بباقي السلام بوجهه الى اليمين.

(2)فإنّ المأموم يكون مثل الإمام في التسليم الى القبلة و الإيماء الى يمينه بتسليم واحد لو لم يكن على طرف يساره أحد.

(3)الضمير في «يساره» يرجع الى المأموم. يعني لو كان على يسار المأموم أحد يسلّم مرّة اخرى و يقول: السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته، و يومئ بوجهه الى يساره أيضا.

(4)الضمير في «بوجهه» يرجع الى المأموم، و كذلك ضمير «يساره».

(5)قوله «ابنا بابويه» فإنّ الابنان تثنية و سقطت النون بالإضافة، و المراد منهما:

عليّ بن بابويه رحمه اللّه، و هو من الفقهاء المعروفين، و مرقده الشريف معروف في بلدة قم، و محمّد بن عليّ بن بابويه ولده المعروف صاحب كتاب «من لا يحضره الفقيه» من الكتب الأربعة المستندة عند الفقهاء في استنباطهم الأحكام، و قبره الشريف معروف في بلدة الري بطهران.

(6)يعني أنّهما جعلا الحائط كافيا للتسليم الثاني إليه، كأن جعلا الحائط مثل المصلّي في طرف اليسار.

(7)أي الكلام في استحباب الإيماء الى اليمين و اليسار و كذلك الإيماء الى الحائط مثل الكلام في استحباب الإيماء بمؤخّر العين الى اليمين لا دليل عليه.

(8)لكنّ الحكم بذلك مشهور بين الأصحاب، و لم يردّه أحد من العلماء.

ص: 280

(و ليقصد المصلّي) بصيغة الخطاب في تسليمه (1)(الأنبياء و الملائكة و الأئمة عليهم السّلام و المسلمين من الإنس و الجنّ (2)) بأن يحضرهم بباله، و يخاطبهم به، و إلاّ كان (3) تسليمه بصيغة الخطاب لغوا و إن كان (4) مخرجا عن العهدة.(و يقصد المأموم به) مع ما ذكر (5)(الردّ على الإمام) لأنّه (6) داخل فيمن حيّاه، بل يستحبّ للإمام قصد المأمومين به على (7) الخصوص، مضافا إلى غيرهم، و لو كانت وظيفة المأموم التسليم مرّتين (8) فليقصد بالاولى الردّ على الإمام، و بالثانية مقصده.

**********

شرح:

(1)في قوله «السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته».

(2)فإنّ من طائفة الجنّ أيضا، فيقصد في خطابه في تسليم المسلمين من الإنس و الجنّ . و لا يخفى أنّ المراد من المسلمين هم المؤمنون القائلون بالولاية.

(3)أي المصلّي إن كان لم يقصد المذكورين و لم يحضرهم في قلبه بأن يسلّم عليهم فيكون تسليمه لغوا.

(4)أي و إن كان التسليم بلا قصد المذكورين مخرجا للمصلّي عن الصلاة، لأنّ العبادة اللفظية لا يشترط فيها قصد المعنى ليبطل عند عدم قصد المعنى، و العوامّ لا يفهمون كثيرا معاني العبادات، لكن يسقط عنهم التكليف لو جهلوا بما قالوا من الألفاظ .

(5)المراد من قوله «ما ذكر» هو قصد الأنبياء و الملائكة و المسلمين. يعني أنّ المأموم يقصدهم عند السلام مضافا الى قصده الجواب عن سلام إمامه.

(6)الضمير في «أنّه» يرجع الى المأموم، و فاعل «حيّاه» هو الإمام. يعني أنّ المأموم داخل في أفراد من حيّاه الإمام، فعليه جواب سلام إمامه.

(7)يعني يستحبّ للإمام قصد المأمومين بالخصوص غير ما ذكر من الأنبياء و الملائكة... الى آخره.

(8)كما كان في أحد طرفي المأموم شخص آخر فعليه التسليم مرّتين، فيقصد بأحدهما الإمام و بالآخر الذين يقصدهم الإمام في تسليمه، و هم الأنبياء... الى آخره، و ضمير «مقصده» يرجع الى الإمام.

ص: 281

(و يستحبّ السلام المشهور) قبل الواجب (1) و هو: السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته، السّلام على أنبياء اللّه و رسله، السّلام على جبرائيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين، السّلام على محمّد بن عبد اللّه خاتم النّبيّين لا نبيّ بعده.

**********

شرح:

(1)يعني يستحبّ السلام المشهور المذكور قبل أن يسلّم الواجب، و هو «السلام عليكم... الى آخره».

ص: 282

الفصل الرابع في باقي مستحبّات الصلاة

اشارة

(الفصل الرابع) (1) (في باقي مستحبّاتها)قد ذكر في تضاعيفها (2) و قبلها (3) جملة منها، و بقي (4) جملة اخرى

مستحبات التكبير

(و هي (5) ترتيل (6) التكبير) بتبيين حروفه، و إظهارها إظهارا شافيا (و رفع (7) اليدين به) إلى حذاء

**********

شرح:

باقي مستحبّاتها (1)أي الفصل الرابع من الفصول التي قال عنها في أول كتاب الصلاة: «فصوله أحد عشر» في باقي مستحبّات الصلاة، غير ما ذكر قسما منها.

(2)التضاعيف: الأثناء و الأوساط ، تضاعيف الكتاب: أوساطه. (أقرب الموارد).

(3)بالجرّ. يعني قد ذكر في أوساط الكتاب و قبل تضاعيف الكتاب قسم من المستحبّات.

(4)أي بقيت جملة اخرى من مستحبّات الصلاة.

(5)الضمير يرجع الى المستحبّات.

(6)قد مرّ التفصيل و التوضيح في معنى الترتيل عند شرحنا على الرابع من واجبات الصلاة و هو القراءة، لكنّ المراد هنا هو بيان حروف التكبير و إظهارها بوجه أحسن.

(7)بالرفع، عطفا على «ترتيل التكبير». يعني و من مستحبّات الصلاة رفع اليدين حال أداء التكبير محاذاة شحمتي اذنيه.

ص: 283

شحمتي (1) اذنيه (كما مرّ) في تكبير الركوع. و لقد كان بيانه (2) في تكبير الإحرام أولى منه (3) فيه لأنّه أولها (4) و القول (5) بوجوبه فيه زيادة (6) (مستقبل (7) القبلة ببطون اليدين) حالة الرفع،(مجموعة الأصابع مبسوطة الإبهامين) على أشهر القولين، و قيل: يضمّهما (8) إليها مبتدئا به (9) عند ابتداء الرفع،

**********

شرح:

(1)و هو تثنية، مفرده «شحمة». و شحمة الاذن: ما لان من أسفلها.

(2)الضمير في «بيانه» يرجع الى رفع اليد. يعني كان بيان رفع اليدين في تكبيرة الإحرام مناسبا، لأنّها أول التكبيرات.

(3)الضمير في «منه» يرجع الى البيان، و الضمير في «فيه» يرجع الى تكبير الركوع. يعني كان استحباب بيان رفع اليدين في بحث تكبيرة الإحرام أولى من بيانه في بحث تكبيرة الركوع.

(4)أي لأنّ تكبيرة الإحرام أول التكبيرات، فلذا كان مناسبا له.

(5)القول - بالكسر - عطفا على قوله «لأنّه» فإنّ لام التعليل يأتي عليه أيضا.

يعني أنّ وجه الأولوية اثنان، كونه أول التكبيرات، و للقول بالوجوب في تكبيرة الإحرام زيادة على سائر التكبيرات.

(6)بالنصب لكونها حالا من القول بالوجوب. و حاصل معنى العبارة هكذا:

و الدليل على أولوية رفع اليدين في تكبيرة الإحرام القول بوجوبها علاوة على سائر التكبيرات.

* من حواشي الكتاب: هو بالرفع لكونه خبرا للمبتدإ و هو القول. يعني أنّ القول بوجوب تكبيرة الإحرام زيادة عمّا يستفاد من الأدلّة.

(7)حال من قوله: «رفع اليدين». يعني أنّ رفع اليدين في حال كون باطني الكفّين الى جهة القبلة.

(8)الضمير في «يضمّهما» يرجع الى الإبهامين، و الضمير في «إليها» يرجع الى الأصابع. يعني يضمّ الإبهامين أيضا الى الأصابع.

(9)أي مبتدئا بالتكبير عند ابتداء الرفع، بمعنى شروع التكبير بشروع رفع اليدين، و وضع اليدين بانتهاء التكبير.

ص: 284

و بالوضع (1) عند انتهائه على أصحّ الأقوال (2).(و التوجّه (3) بستّ تكبيرات) أول الصلاة قبل تكبيرة الإحرام و هو (4) الأفضل، أو بعدها، أو بالتفريق في كلّ صلاة فرض و نفل على الأقوى، سرّا (5) مطلقا.(يكبّر ثلاثا) منها (و يدعو) بقوله: «اللّهمّ أنت الملك الحقّ لا إله إلاّ أنت» إلى آخره (6)،(و اثنتين و يدعو) بقوله: «لبّيك و سعديك» إلى آخره،

**********

شرح:

(1)عطف على ضمير «به». يعني مبتدئا بالوضع عند انتهاء التكبير.

(2) * من حواشي الكتاب: نقل المصنّف في الذكرى قولين آخرين، أحدهما: جعل الانتهاء حال قرار اليدين مرفوعتين. ثانيهما: أنّه حال إرسالهما.

و قال العلاّمة في المنتهى: المستحبّ أن يبدأ برفع يديه عند ابتدائه بالتكبير، و منتهى الرفع عند انتهائه. و مثله قال المحقّق في المعتبر: و لعلّ المصنّف اطّلع على المخالف دونهما. (حاشية الفاضل التوني رحمه اللّه).

(3)يعني و من المستحبّات في الصلاة أن يتوجّه الى الصلاة بالتكبيرات الستّ قبل تكبيرة الإحرام.

(4)أي التكبيرات الستّ قبل تكبيرة الإحرام أفضل. و يجوز أيضا أن يكبّر التكبيرات الستّ بعد تكبيرة الإحرام، أو يفرّق بأن يقول مرّات منها قبل تكبيرة الإحرام و مرّات أيضا بعدها.

(5)بالنصب، حال من توجّه التكبيرات. و قوله «مطلقا» إشارة الى أنّه لا فرق في استحباب التكبيرات سرّا بينها قبلا و بعدا و بالتفريق.

(6)ورد هذا الدعاء في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا افتتحت الصلاة فارفع كفّيك، ثمّ ابسطهما بسطا، ثمّ كبّر ثلاث تكبيرات، ثمّ قل: اللّهمّ أنت الملك الحقّ ، لا إله إلاّ أنت، سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت. ثمّ تكبّر تكبيرتين، ثمّ قل: لبّيك و سعديك، و الخير في يديك، و الشرّ ليس إليك، و المهديّ من هديت، لا ملجأ منك إلاّ إليك، سبحانك و حنانيك، تباركت و تعاليت،

ص: 285

(و واحدة (1) و يدعو) بقوله: «يا محسن قد أتاك المسيء» إلى آخره.

و روي أنّه يجعل هذا الدعاء (2) قبل التكبيرات، و لا يدعو بعد السادسة، و عليه (3) المصنّف في الذكرى، مع نقله ما هنا و الدروس (4) و النقلية

**********

شرح:

سبحانك ربّ البيت. ثمّ تكبّر تكبيرتين، ثمّ تقول: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ (1) ، عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ (2) ، حَنِيفاً مُسْلِماً (3) وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (4) ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا (5) من اَلْمُسْلِمِينَ (6) ثمّ تعوّذ من الشيطان الرجيم، ثمّ اقرأ فاتحة الكتاب. (الوسائل: ج 4 ص 723 ب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام ح 1).

(1)يعني يكبّر تكبيرة واحدة في آخر التكبيرات الستّ و يدعو بعدها بما رواه بكر بن محمّد الأزدي عن الصادق عليه السّلام بقوله:

يا محسن، قد أتاك المسيء، و قد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء، و أنت المحسن و أنا المسيء، فبحقّ محمّد و آل محمّد صلّ على محمّد و آل محمّد، و تجاوز عن قبيح ما تعلم منّي. (مستدرك الوسائل: ج 4 ص 123 ب 9 من أبواب القيام ح 2).

(2)يعني روي أنّ المصلّي يجعل هذا الدعاء «يا محسن قد أتاك... الى آخره» قبل التكبيرات الستّ ، و لا يدعو بعد التكبيرة الأخيرة منها، و الرواية نقلت في مستدرك الوسائل:

عن بكر بن محمّد الأزدي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول لأصحابه: من أقام الصلاة و قال قبل أن يحرم و يكبّر: يا محسن، قد أتاك المسيء، و قد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء، أنت المحسن و أنا المسيء، فبحقّ محمّد و آل محمد صلّ على محمّد و آل محمّد، و تجاوز عن قبيح ما تعلم منّي، فيقول اللّه تعالى: يا ملائكتي، اشهدوا أنّي قد عفوت عنه و أرضيت عنه أهل تبعاته.

(مستدرك الوسائل: ج 4 ص 123 ب 9 من أبواب القيام ح 2).

(3)يعني قال المصنّف في الذكرى بمضمون الرواية المذكورة و نقل ما قال في هذا الكتاب بالقول.

(4)بالجرّ عطفا على قوله «في الذكرى»، و كذلك النفلية عطف عليه.

ص: 286


1- سوره 6 - آیه 79
2- سوره 9 - آیه 94
3- سوره 3 - آیه 67
4- سوره 6 - آیه 79
5- سوره 6 - آیه 162
6- سوره 6 - آیه 163

و في البيان (1) كما هنا، و الكلّ حسن. و روي جعلها ولاء (2) من غير دعاء بينها، و الاقتصار (3) على خمس، و ثلاث (و يتوجّه) أي يدعو بدعاء التوجّه و هو: «وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات و الأرض» إلى آخره (4)(بعد التحريمة) حيث ما فعلها (5).

تربّع المصلّي قاعدا

(و تربّع (6) المصلّي قاعدا)

**********

شرح:

و الحاصل: أنّ المصنّف قال بمضمون الرواية في ثلاثة من كتبه، و هي: الذكرى، و الدروس، و النفلية، لكن ما أفتى في هذا الكتاب (اللمعة) نقله في كتابه الدروس (قولا).

(1)يعني و قال المصنّف في كتابه «البيان» بما قال في كتابه هذا (اللمعة).

(2)و الرواية المستدلّة بها بكون التكبيرات ولاء بلا فصل بينها بالدعاء المذكور مروية في تهذيب الشيخ الطوسيّ رحمه اللّه:

عن زرارة قال: رأيت أبا جعفر عليه السّلام - أو قال: سمعته - استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء. (تهذيب الأحكام: ج 2 ص 287 ب 15 من أبواب الزيادات ح 8).

(3)أي روي الاقتصار على خمس تكبيرات و ثلاث.

روى ذلك صاحب الوسائل عن الخصال:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أدنى ما يجزئ من التكبير في التوجّه الى الصلاة تكبيرة واحدة، و ثلاث تكبيرات، و خمس، و سبع أفضل. (الوسائل: ج 4 ص 723 ب 7 من أبواب تكبيرة الإحرام ح 9).

(4)و آخره: عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ (1) ، حَنِيفاً (2) مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (3) ، إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا (4) من اَلْمُسْلِمِينَ (5) . و قد ذكرناه آنفا ضمن حديث الحلبي من الوسائل.

(5)يعني يقرأ هذا الدعاء بعد تكبيرة الإحرام في أيّ حال قالها، بمعنى أنّه كبّر تكبيرة الإحرام قبل التكبيرات المستحبّة أو بعدها أو وسطها.

(6)أي و من مستحبّات الصلاة أن يجلس المصلّي في حال الصلاة قاعدا بهيئة المتربّع. يعني أنّه يجلس على ألييه و ينصب ساقيه و ركبتيه.

ص: 287


1- سوره 9 - آیه 94
2- سوره 6 - آیه 79
3- سوره 6 - آیه 79
4- سوره 6 - آیه 162
5- سوره 6 - آیه 163

لعجز (1)، أو لكونها نافلة، بأن يجلس على ألييه (2) و ينصب ساقيه و وركيه كما تجلس المرأة متشهّدة (حال قراءته (3)، و تثنّي (4) رجليه حال ركوعه جالسا) بأن يمدّهما، و يخرجهما من ورائه، رافعا ألييه «أليتيه - خ ل» عن عقبيه (5)، مجافيا (6) «جافيا - خ ل» فخذيه عن طيّة (7) ركبتيه، منحنيا قدر (8) ما يحاذي وجهه ما قدام ركبتيه،(و تورّكه حال تشهّده) بأن يجلس على وركه الأيسر كما تقدّم (9)، فإنّه (10) مشترك بين المصلّي قائما و جالسا،(و النظر (11) قائما)

**********

شرح:

(1)هذا تعليل للصلاة جالسا. يعني علّة صلاته جالسا، إمّا لكون المصلّي عاجزا عن القيام، أو كون الصلاة نافلة، فإنّ النوافل يجوز إتيانها بالجلوس.

(2)ألييه. مثنى، مفرده ألية: بفتح الأول و سكون اللام و فتح الياء آخره التاء، و يجوز تثنيته بالتاء أيضا «أليتين». و الورك وزان الكتف ما فوق الفخذ.

(3)يعني أنّ استحباب التربّع في حال قراءة المصلّي جالسا.

(4)تثنّي: مصدر من باب تفعّل، عطف على قوله: تربّع المصلّي. و المراد منه حالة ليشيرها بقوله «بأن يمدّهما». و الضميران في «يمدّهما» و «يخرجهما» يرجعان الى الرجلين.

(5)عقبيه: تثنية عقب بفتح العين و كسر القاف آخره باء.

(6)أي متبعّدا فخذيه عن باطن ركبتيه.

(7)الطيّة - بكسر الطاء و فتح الياء المشدّدة -: الحاجة و الوطر و الضمير و النيّة، و المراد هنا هو باطن الركبة، بأن يبعّد باطن الركبة عن الفخذ.

(8)يعني يستحبّ في ركوع الصلاة جالسا أن ينحّي بمقدار يحاذي وجهه مقدّم ركبتيه.

(9)أي تقدّم توضيح التورّك في بحث التشهّد.

(10)يعني أنّ استحباب التورّك حال التشهّد مشترك بين المصلّي قائما و قاعدا.

(11)بالرفع، عطفا على «تورّكه» و معطوفه.

ص: 288

(الى مسجده (1)) بغير تحديق، بل خاشعا به (2)،(و راكعا (3) إلى ما بين رجليه و ساجدا إلى) طرف (4)(أنفه، و متشهّدا إلى حجره)، كلّ ذلك مرويّ إلاّ الأخير (5) فذكره الأصحاب و لم نقف على مستنده.

نعم، هو (6) مانع من النظر إلى ما يشغل القلب ففيه مناسبة كغيره.

(و وضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه (7)، مضمومة الأصابع) و منها الإبهام،(و راكعا على عيني ركبتيه الأصابع و الإبهام مبسوطة) هنا (8)(جمع) (9) تأكيد لبسط الإبهام و الأصابع و هي مؤنثة سماعية فلذلك

**********

شرح:

(1)يعني و من المستحبّات نظر المصلّي قائما الى محلّ السجدة من دون أن يحدق في النظر، بل يكون نظره بحال الخشوع و التواضع.

(2)الضمير في «به» يرجع الى النظر.

(3)يعني يستحبّ أن ينظر في حال الركوع الى ما بين رجليه.

(4)المراد من طرف الأنف هو آخر الأنف.

(5)المراد من «الأخير» هو النظر في حال التشهّد الى حجره، و المراد من الرواية المتضمّنة لذلك هو المرويّ في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا قمت في الصلاة... و ليكن نظرك الى موضع سجودك... الى آخره (الوسائل: ج 4 ص 675 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 3). لكن لم يرو فيها النظر الى آخر الأنف حين السجود.

(6)أي الأخير، و لو لم يرد في رواية إلاّ أنّه مانع عن النظر الى ما يوجب إشغال القلب.

(7)يعني و من المستحبّات أن يضع يديه عند القيام على فخذيه بمحاذاة الركبتين.

(8)بمعنى أنّ في وضع اليدين على الركبتين في حال الركوع يستحبّ كون الأصابع منفرجات حتى الإبهام.

(9)جمع - بضمّ الجيم و فتح الميم و سكون العين -: لفظه جمع مفرده: جمعاء، و هو

ص: 289

أكّدها بما يؤكّد (1) به جمع المؤنث. و ذكر الإبهام لرفع الإيهام (2) و هو تخصيص بعد التعميم لأنّها إحدى الأصابع،(و ساجدا بحذاء اذنيه، و متشهّدا و جالسا) لغيره (3)(على فخذيه كهيئة القيام) في كونها مضمومة الأصابع بحذاء الركبتين.

القنوت

(و يستحبّ القنوت) استحبابا مؤكّدا، بل قيل بوجوبه (4)(عقيب قراءة الثانية (5)) في اليومية مطلقا (6)، و في غيرها (7) عدا الجمعة ففيها قنوتان أحدهما في الاولى قبل الركوع، و الآخر في الثانية بعده، و الوتر (8) ففيها

**********

شرح:

مؤنّث أجمع فعلّة تأكيد الأصابع بلفظ المؤنّث - و هو جمع - كون الأصابع مؤنّثا سماعيا.

(1)و المراد من «ما يؤكّد به جمع المؤنّث» هو لفظ «جمع».

(2)بأن لا يوهم العبارة خروج الإبهام عن حكم ضمّها في المقام.

(3)الضمير في «لغيره» يرجع الى التشهّد. يعني جلس لغير التشهّد مثل الجلوس بين السجدتين.

(4)و القائل بوجوب القنوت هو الصدوق رحمه اللّه في كتابه الفقيه، فقال: إنّه سنّة واجبة من تركه في كلّ صلاة لا صلاة له. و كذلك في الهداية و المقنع: من تركه فلا صلاة له.

القنوت - مصدر من باب قعد -: الدعاء، و يطلق على القيام في الصلاة.

(المصباح المنير: ص 517). و المراد منه هنا هو الدعاء بعد رفع اليدين حذاء الوجه.

(5)يعني يستحبّ القنوت بعد إتمام الحمد و السورة في الركعة الثانية من الصلاة.

(6)أي بلا فرق بين الجهرية و الإخفاتية. و فيه ردّ على ابن أبي عقيل رحمه اللّه، حيث أوجبه في الصلاة الجهرية. و أيضا ردّ على الصدوق حيث أوجبه مطلقا.

(7)يعني القنوت في غير الصلاة اليومية أيضا إلاّ في صلاة الجمعة ففيها قنوتان كما أوضحه الشارح رحمه اللّه.

(8)الوتر - بفتح الواو و سكون التاء - بمعنى الفرد. و في الاصطلاح هو عبارة عن

ص: 290

قنوتان قبل الركوع و بعده (1)، و قيل: يجوز فعل القنوت مطلقا (2) قبل الركوع و بعده، و هو (3) حسن للخبر، و حمله على التقية ضعيف (4) لأنّ العامّة لا يقولون بالتخيير، و ليكن القنوت (بالمرسوم) (5) على الأفضل، و يجوز بغيره (6)

**********

شرح:

صلاة ركعة واحدة في صلاة الليل بطريق خاصّ ذكرناه في ص 18 من هذا الجزء.

(1)أي القنوت في صلاة الوتر اثنان: أحدهما قبل الركوع، و ثانيهما بعد الركوع.

(2)بلا فرق بين صلاة الوتر و صلاة الجمعة و غيرهما بأنّ القنوت يجوز بعد الركوع و قبل الركوع.

(3)أي القول بجواز القنوت قبل الركوع و بعده حسن، و الدليل عليه خبر مرويّ في الوسائل:

عن إسماعيل الجعفيّ و معمّر بن يحيى عن أبي جعفر عليه السّلام قال: القنوت قبل الركوع، و إن شئت فبعده. (الوسائل: ج 4 ص 900 ب 3 من أبواب القنوت ح 4).

قال الشيخ رحمه اللّه: هذا محمول على حال القضاء، أو التقية على مذهب بعض العامّة في الغداة.

(4)هذا ردّ على قول الشيخ رحمه اللّه كما ذكره عنه صاحب الوسائل رحمه اللّه.

(5)أي المنقول عن الأئمة عليهم السّلام، و الأدعية الواردة في القنوت كثيرة جدّا، منها ما في الوسائل:

عن سعد بن أبي خلف عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يجزيك في القنوت: اللّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنّا في الدنيا و الآخرة إنّك على كلّ شيء قدير.

(الوسائل: ج 4 ص 906 ب 7 ب من أبواب القنوت ح 1).

(6)يعني يجوز القنوت بغير المأثور أيضا، و الدليل عليه الرواية المنقولة في الوسائل:

عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القنوت و ما يقال فيه،

ص: 291

(و أفضله كلمات الفرج (1)) و بعدها «اللّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنّا في الدّنيا و الآخرة إنّك على كلّ شيء قدير» (2)،(و أقلّه: سبحان اللّه ثلاثا، أو خمسا).

و يستحبّ رفع اليدين به (3) موازيا لوجهه، بطونهما (4) إلى السماء، مضمومتي الأصابع إلاّ الإبهامين، و الجهر (5) به للإمام و المنفرد، و السرّ (6) للمأموم، و يفعله الناسي قبل الركوع بعده (7) و إن قلنا بتعيّنه قبله اختيارا،

**********

شرح:

قال: ما قضى اللّه على لسانك، و لا أعلم فيه شيئا موقّتا. (الوسائل: ج 4 ص 908 ب 9 من أبواب القنوت ح 1).

(1)و المراد من كلمات الفرج على ما اشتهر - في خصوص قنوت يوم الجمعة في الركعة الاولى بعد القراءة - في الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القنوت يوم الجمعة في الركعة الاولى بعد القراءة، تقول في القنوت: لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم، لا إله إلاّ اللّه العليّ العظيم، لا إله إلاّ اللّه ربّ السماوات السبع و ربّ الأرضين السبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ و ربّ العرش العظيم، و الحمد للّه ربّ العالمين... الخ. (الوسائل: ج 4 ص 906 ب 7 من أبواب القنوت ح 4).

(2)و قد رواه سعد بن أبي خلف عن الصادق عليه السّلام كما مرّ آنفا.

(3)الضمير في «به» يرجع الى القنوت. يعني يستحبّ أن يرفع المصلّي يديه حال القنوت بمحاذاة وجهه.

(4)بالنصب، لكونه مفعولا لقوله «يرفع». يعني يستحبّ أن يرفع باطني الكفّين الى السماء و يضمّ جميع الأصابع إلاّ الإبهامين.

(5)بالرفع، عطفا على «رفع اليدين». يعني يستحبّ الجهر في القنوت للإمام و المنفرد.

(6)لكن يستحبّ للمأموم أن يقرأ دعاء القنوت سرّا.

(7)يعني لو نسي القنوت قبل الركوع يأتي به بعد الركوع و لو قلنا بوجوبه التعيينيّ قبل الركوع في حال الاختيار.

ص: 292

فإن لم يذكره حتى تجاوز (1) قضاه بعد الصلاة جالسا، ثمّ في الطريق (2) مستقبلا (و يتابع المأموم إمامه فيه) (3) و إن كان مسبوقا.

(و ليدع فيه و في أحوال الصلاة لدينه و دنياه من المباح)، و المراد به (4) هنا مطلق الجائز و هو غير الحرام،(و تبطل) الصلاة (لو سأل المحرّم) مع علمه (5) بتحريمه، و إن جهل الحكم الوضعي (6) و هو البطلان، أمّا جاهل تحريمه (7) ففي عذره و جهان (8) أجودهما العدم، صرّح به (9) في الذكرى و هو ظاهر الإطلاق هنا.

**********

شرح:

(1)هذه مسألة اخرى في القنوت، فإنّه لو نسي القنوت قبل الركوع و لم يتذكّر بعد الركوع حتّى تجاوزه يقضي بعد إتمام صلاته في حال الجلوس.

(2)فلو لم يتذكّر بعد الصلاة أيضا و شرع بالذهاب في الطريق فتذكّر نسيانه القنوت يستقبل القبلة و يأتي بالقنوت.

(3)يعني أنّ المأموم يتابع إمامه في القنوت، فيكون المأموم مسبوقا و الإمام سابقا عليه، كما إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية في حال قنوته فتبعه فيه.

(4)أي المراد من المباح في قوله المصنّف: «من المباح» في دعاء القنوت مطلق الجائز، أي الجائز بمعنى الأعمّ الذي يوجد في ضمن المباح المتساوي الطرفين و المستحبّ و الواجب و المكروه، فعلى هذا لا مانع من الدعاء المكروه في القنوت.

(5)فلو دعا المصلّي بالمحرّم الذي يعلم بتحريم ذلك مثل أن يدعو بتوفيقه الى الزنا أو القمار أو الشراب و غير ذلك تبطل الصلاة.

(6)المراد من الحكم الوضعيّ هو الحاصل من الأحكام التكليفية.

(7)بأن يدعو بالحرام و لا يعلم بتحريمه كذلك ففيه و جهان.

(8)وجه كونه معذورا عموم حديث «الرفع» و غيره مثل «الناس في سعة ما لا يعلمون». و وجه عدم كونه معذورا هو عدم كون الجاهل المقصّر فيما يرجع الى الأحكام معذورا، و اختصاص العذر بالجاهل القاصر.

(9)أي صرّح المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى بعدم العذر، كما أنّ عدم العذر ظاهر عبارة المصنّف في هذا الكتاب بقوله «تبطل لو سأل المحرّم».

ص: 293

التعقيب

(و التعقيب) (1) و هو: الاشتغال عقيب الصلاة بدعاء أو ذكر، و هو غير (2) منحصر، لكثرة ما ورد منه عن أهل البيت عليهم السّلام (و أفضله (3) التكبير ثلاثا) رافعا بها (4) يديه إلى حذاء اذنيه، واضعا لهما على ركبتيه (5) أو قريبا منهما مستقبلا بباطنهما القبلة،(ثمّ التهليل بالمرسوم) و هو: «لا إله

**********

شرح:

(1)بالرفع، عطفا على القنوت و معطوفه.

(2)أي الذكر بعد الصلاة بعنوان التعقيب لم ينحصر، بل الأخبار الواردة في خصوص الأدعية الخاصّة عند التعقيب كثيرة.

نبذة من الروايات الواردة في التعقيب للصلاة عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد. يعني التعقيب بالدعاء بعقب الصلاة. (الوسائل: ج 4 ص 1013 ب 1 من أبواب التعقيب ح 1).

عن عبد اللّه بن محمّد عنه عليه السّلام قال: ما عالج الناس شيئا أشدّ من التعقيب. (المصدر السابق: ح 2).

عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ : يا ابن آدم، اذكرني بعد الفجر ساعة و اذكرني بعد العصر ساعة أكفك ما أهمّك. (المصدر السابق: ح 3).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مؤمن يؤدّي فريضة من فرائض اللّه إلاّ كان له عند أدائها دعوة مستجابة. (المصدر السابق: ح 12).

(3)هذا مبتدأ و خبره «التكبير ثلاثا، ثمّ التهليل، ثمّ تسبيح الزهراء عليها السّلام». يعني أنّ أفضل التعقيبات هذه الثلاث بهذا الترتيب، لكنّ تقديم بعضها لا يدلّ على أفضلية الآخر كما يشير إليه.

(4)يعني في حال رفع اليدين حين التكبيرات الثلاث الى محاذاة اذنيه.

(5)يعني يضع يديه على ركبتيه بعد الرفع، أو يضع يديه قريبا من الركبتين، و الحال يوجّه باطني يديه الى القبلة عند الرفع.

ص: 294

إلاّ اللّه إلها واحدا و نحن له مسلمون... الخ» (1)

(ثمّ تسبيح الزهراء عليها السّلام)، و تعقيبها (2) بثمّ من حيث الرتبة لا الفضيلة، و إلاّ فهي (3) أفضله مطلقا، بل روي أنّها أفضل من ألف ركعة لا تسبيح عقبها (4)(و كيفيّتها أن يكبّر أربعا و ثلاثين) مرّة (5)(و يحمد (6) ثلاثا و ثلاثين و يسبّح (7) ثلاثا و ثلاثين ثمّ الدعاء) بعدها (8) بالمنقول،

**********

شرح:

(1)و آخره: لا إله إلاّ اللّه و لا نعبد إلاّ إيّاه مخلصين له الدين و لو كره المشركون، لا إله إلاّ اللّه ربّنا و ربّ آبائنا الأوّلين، لا إله إلاّ اللّه وحده وحده وحده، أنجز وعده، و نصر عبده، و أعزّ جنده، و هزم الأحزاب وحده، فله الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو حيّ لا يموت، بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير، أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم و أتوب إليه، اللّهمّ اهدني من عندك و أفض عليّ من فضلك، و انشر عليّ من رحمتك و أنزل عليّ من بركاتك...

الى آخره. (راجع مفاتيح الجنان المعرّب ص 12 و 13، و البحار: كتاب الصلاة باب التعقيب).

(2)يعني أنّ المصنّف أتى بتسبيح الزهراء عليها السّلام بثمّ من حيث الرتبة. يعني يذكر ذلك التسبيح بعد التكبيرات الثلاث و بعد التهليل، لكنّ ذلك لا يدلّ على أفضليّتهما من تلك.

(3)أي تسبيح الزهراء عليها السّلام أفضل التعقيبات حتى من التّكبير و التهليل.

(4)يعني أفضل من ألف ركعة لم يذكر عقيبها تسبيح الزهراء عليها السّلام.

و قد روي عن أبي خالد القمّاط قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: تسبيح فاطمة عليها السّلام في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم. (الوسائل: ج 9 ص 1024 ب 9 من أبواب التعقيب ح 2).

(5)بأن يقول: اللّه أكبر (34) مرّة.

(6)من باب علم يعلم، أي يقول المصلّي: الحمد للّه (33) مرّة.

(7)بأن يقول: سبحان اللّه (33) مرّة.

(8)ثمّ يدعو بالأدعية المنقولة. (راجع الوسائل: ج 4 ص 1021-1023 ب 7 و 8 من أبواب التعقيب).

ص: 295

(ثمّ بما سنح (1)، ثمّ سجدتا (2) الشكر، و يعفّر (3) بينهما) جبينيه و خدّيه الأيمن منهما ثمّ الأيسر مفترشا ذراعيه (4) و صدره و بطنه، واضعا جبهته مكانها (5) حال الصلاة قائلا فيهما (6): «الحمد للّه شكرا شكرا» مائة مرّة، و في كلّ عاشرة: (7) شكرا للمجيب، و دونه (8) شكرا مائة، و أقلّه شكرا ثلاثا.(و يدعو) فيهما (9) و بعدهما (بالمرسوم).

**********

شرح:

(1)يعني بعد التكبير و التهليل و تسبيح الزهراء عليها السّلام و الدعاء بالمنقول يدعو بما شاء و يطلب حوائجه من اللّه تعالى.

(2)عطف على الدعاء و معطوفه. يعني و يستحبّ بعد الذكر و الدعاء سجدتان و تسمّيان بسجدتي الشكر.

(3)التعفير في التراب: التمريغ فيه و التترّب. (المنجد). و المراد هنا وضع الخدّين و الجبينين يمينا و يسارا على التراب.

(4)هذا هو الفرق بين حالة السجدة للصلاة للرجل و حالة السجدة المستحبّة في تعقيب الصلاة، و قد فصّلنا استحباب التخوية في بحث السجود، و هي حالة غير حالة الافتراض هنا.

(5)بأن يضع جبهته في حال السجدة المستحبّة كما يضعها في سجدة الصلاة.

(6)بمعنى أن يقول في السجدتين المذكورتين «الحمد للّه، شكرا شكرا» مائة مرّة.

(7)فيقول في المرّة العاشرة «شكرا للمجيب».

(8)أي لأقلّ ممّا ذكر قول «شكرا» في مائة مرّة في السجدتين و أقلّ منه قول «شكرا» ثلاث مرّات.

(9)الضميران في «فيهما» و «بعدهما» يرجعان الى السجدتين. يعني يدعو في السجدتين و بعدهما بما ورد في خصوصهما.

ص: 296

الفصل الخامس في التروك

اشارة

(الفصل الخامس) (1) (في التروك)

المراد بالتروك

يمكن (2) أن يريد بها (3) ما يجب تركه، فيكون الالتفات (4) إلى آخر

**********

شرح:

التروك (1)أي الفصل الخامس من الفصول التي قال عنها رحمه اللّه في أول كتاب الصلاة:

«فصوله أحد عشر».

(2)اعلم أنّ المصنّف ذكر في هذا الفصل قسمين من تروك الصلاة: التروك الواجبة بقوله «و هي ما سلف، و التأمين... الى آخره» و التروك المستحبّة التي يوجب مخالفتها الكراهة بقوله في آخر الفصل «و يكره الالتفات يمينا و شمالا... الى آخره».

فيلزم توجيه قوله «في التروك» بنحو يشمل القسمين. فوجّه الشارح عبارة المصنّف بأنّه يمكن أن يريد المصنّف من لفظ «التروك» القسم الأول و هو التروك الواجبة فذكر القسم الثاني و هو التروك غير الواجبة بالتبع، أو يريد من التروك ما يطلب تركه أعمّ من المنع من النقيض و هو التروك الواجبة، أو ما لم يمنع من النقيض و هو التروك غير الواجبة.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى التروك، و الضمير في «تركه» يرجع الى «ما» الموصولة.

(4)المراد من «الالتفات» هو قول المصنّف في آخر الفصل «و يكره الالتفات...

الى آخره».

ص: 297

الفصل مذكورا بالتبع (1)، و أن (2) يريد بها ما يطلب تركه أعمّ من كون الطلب مانعا من النقيض (3)(و هي (4) ما سلف) في الشرط السادس (5)، (6) في جميع أحوال الصلاة، و إن كان (7) عقيب الحمد أو دعاء (إلاّ لتقية) فيجوز حينئذ، بل قد يجب،(و تبطل الصلاة بفعله (8) لغيرها) للنهي عنه (9) في الأخبار المقتضي للفساد في العبادة، و لا تبطل بقوله: «اللّهمّ استجب» و إن كان بمعناه (10)، و بالغ (11) من أبطل به

**********

شرح:

(1)هذا هو التوجيه الأول من الشارح لكلام المصنّف كما أوضحناه آنفا.

(2)هذا هو التوجيه الثاني من الشارح رحمه اللّه.

(3)أو غير مانع من النقيض و هو المكروه، فإنّ حكم الكراهة لا يمنع من نقيضه.

(4)شروع في بيان التروك. و الضمير في «هي» مبتدأ يرجع الى التروك و خبره «ما» الموصولة، و التأمين... الى آخره.

(5)أي أنّ التروك أوّلها ما أسلفناها في الشرط السادس بقولنا «ترك الكلام و الفعل الكثير عادة و السكوت الطويل... الى آخره» من الفصل الثاني.

(6)بالرفع، عطفا على «ما» الموصولة، و التأمين من أمّن، قال: آمين. (المنجد).

(7)قوله «و إن كان... الى آخره» وصليّة لدفع توهّم أنّ في الحمد آيات بمعنى الدعاء مثل اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (1) فلا مانع من قول: آمين في آخر الحمد، فقال الشارح: لا يجوز حتى فيه أيضا.

(8)الضمير في «فعله» يرجع الى التأمين، و في «غيرها» يرجع الى التقية.

(9)يعني ورد النهي عن قول «آمين» في الروايات المنقولة في الوسائل:

عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل أنت: الحمد للّه ربّ العالمين، و لا تقل: آمين. (الوسائل: ج 4 ص 752 ب 17 من أبواب القراءة ح 1).

(10)يعني أنّ قول «اللّهمّ استجب» لا يبطل الصلاة و لو كان بمعنى قول «آمين».

(11)أي ارتكب المبالغة من قال بالبطلان بقول «اللّهمّ استجب».

ص: 298


1- سوره 1 - آیه 6

كما ضعف قول من كرّه التأمين (1) بناء على أنّه دعاء باستجابة ما يدعو به، و أنّ الفاتحة تشتمل على الدعاء لا (2) لأنّ (3) قصد الدعاء بها يوجب استعمال المشترك في معنييه على تقدير قصد الدعاء بالقرآن، و عدم فائدة التأمين مع انتفاء الأول (4)، و انتفاء القرآن مع انتفاء الثاني (5)، لأنّ (6)

**********

شرح:

(1)فالّذي قال بكراهة «آمين» بعد الحمد لكونه مشتملا على الدعاء ضعف قوله.

(2)هذا ردّ من الشارح رحمه اللّه لقول من ضعّف القول بالكراهة بالاستدلال، بأنّ قصد الدعاء يوجب استعمال اللفظ المشترك في معنييه... الى آخره. فقال الشارح رحمه اللّه: إنّ وجه ضعف هذا القول هو النهي عن قول «آمين» في عدّة من الأخبار، و هو يوجب البطلان في العبادة.

(3)هذا بيان دليل من ضعّف القول بكراهة التأمين بتوضيح أنّ المصلّي لو قصد من اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (1) الدعاء يلزم استعمال المشترك - و هو كونه دعاء من جهة و قرآنا من اخرى - في معنييه، و لو لم يقصد منها الدعاء بل قرأها من حيث كونها قرآنا فلا تحصل الفائدة بقوله «آمين».

(4)المراد من الأوّل هو قصد الدعاء. يعني لو لم يقصد الدعاء فينتفي التأمين حينئذ.

(5)المراد من الثاني هو قصد القرآن، يعني لو لم يقصده فينتفي القرآن حينئذ.

(6)من هنا يردّ الشارح رحمه اللّه استدلال القول المذكور بأنّ قصد الدعاء بما نزل قرآنا لا ينافى بالقرآنية، و لا يوجب استعمال المشترك في معنييه، بل المصلّي يقصد القرآنية من اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (2) و لو كان في معناه الدعاء.

و الحاصل: أنّ المصلّي لا ينشئ الدعاء من عنده بل يقرأه في صلاته لأمره تعالى بذلك، و لو كان فيه اشتمال الدعاء، كما ورد في خصوص الحمد فإنّ الحمد قسّم بين اللّه تعالى و بين العبد، فأمّا الذي كان للّه تعالى فهو الآيات التي وردت في تحميده و تعظيمه، و أمّا الذي كان للعبد فهو الآيات التي تشمل الدعاء في حقّه. (راجع مجمع البيان: ج 1 ص 87).

و عن الشارح رحمه اللّه في كتابه روض الجنان: فليس هنا إلاّ معنى واحد و هو الدعاء،

ص: 299


1- سوره 1 - آیه 6
2- سوره 1 - آیه 6

قصد الدعاء بالمنزّل منه قرينا لا ينافيه (1)، و لا يوجب الاشتراك (2) لاتّحاد المعنى، و لاشتماله (3) على طلب الاستجابة لما يدعو به أعمّ (4) من الحاضر. و إنّما (5) الوجه النهي، و لا تبطل بتركه (6) في موضع التقية لأنّه خارج عنها (7). و الإبطال (8)

**********

شرح:

و كون ذلك قرآنا إنّما هو صفة من صفات تلك الألفاظ ، و ليس كونها قرآنا معنى آخر ليلزم استعمال اللفظ المشترك في المعنيين.

(1)الضمير في «لا ينافيه» يرجع الى القرآن.

(2)يعني أنّ قصد الدعاء لا يوجب اشتراك الآية بين الدعاء و القرآن، بل المعنى هو الدعاء، و كونه قرآنا منزلا من جانب اللّه صفة من أوصافه.

(3)هذا ردّ على الاستدلال المذكور بأنّ المصلّي لو لم يقصد الدعاء من الآيات فقول «آمين» يكون لغوا. فأجاب الشارح رحمه اللّه بأنّ آمين يشتمل على استجابة الدعاء الذي هو أعمّ من الدعاء الحاضر في سورة الحمد و غيره من الأدعية المتقدّمة من الحمد.

(4)بالنصب، لكونه مفعولا لقوله «لاشتماله».

(5)هذا بيان من الشارح رحمه اللّه لوجه ضعف القول بكراهة التأمين بعد الحمد، بعد ردّ استدلال من ضعّفه بالدليل المذكور، بأنّ وجه ضعف القول بالكراهة هو ورود النهي عن التأمين في الصلاة.

(6)الضمير في «تركه» يرجع الى التأمين. يعني و لا تبطل الصلاة بترك التأمين، و المخالفة في مواضع التقية. يعني اذا كان قول «آمين» واجبا من جهة التقية فلو تركه و لم يقله لا يحكم ببطلان الصلاة، لأنّ ذلك الوجوب خارج عن ماهية الصلاة، فكذلك تركه.

(7)يعني أنّ النهي من ترك التأمين عند التقية خارج عن ماهية الصلاة، و ذلك مثل المخالفة للنهي عن النظر للأجنبية، فكما أنه لا يبطل الصلاة فكذلك ما نحن فيه.

(8)هذا جواب عن إشكال مقدّر، و هو: أنّه اذا كان النهي عن ترك التأمين عند التقية ففعل التأمين عند عدم التقية أيضا يكون مخالفة للنهي عمّا هو خارج عن

ص: 300

في الفعل مع كونه (1) كذلك لاشتماله (2) على الكلام المنهيّ عنه.

ترك الواجب عمدا

(و كذا (3) ترك الواجب عمدا) ركنا كان أم غيره، و في إطلاق الترك على ترك الترك - الذي هو فعل الضدّ و هو الواجب نوع - من التجوّز (4) (أو) ترك (أحد (5) الأركان الخمسة و لو سهوا، و هي: (6) النية و القيام و التحريمة و الركوع و السجدتان معا)، أمّا إحداهما فليست ركنا على المشهور (7)، مع (8) أنّ الركن بهما يكون مركّبا، و هو يستدعي

**********

شرح:

ماهية الصلاة.

فأجاب عنه الشارح رحمه اللّه بأنّ الحكم بإبطال التأمين إنّما هو لكونه كلاما خارجا عن الصلاة، و هو كلام آدميّ ، فهو من مبطلات الصلاة كما ذكرنا في الشرط السادس من شرائط الصلاة.

(1)الضمير في «كونه» يرجع الى فعل التأمين، و قوله: «كذلك» إشارة الى كونه خارجا عن الصلاة.

(2)أي البطلان، لاشتمال التأمين على كلام منهيّ عنه في الصلاة.

(3)عطف على التأمين. يعني و من التروك أيضا ترك الواجبات في الصلاة عمدا، بمعنى أنّه يجب ترك ترك الواجب في الصلاة، يعني يجب فعله. و لا فرق في بطلان الصلاة بترك الواجب عمدا سواء كان الواجب من الأركان أو غيرها.

(4)فإنّ التعبير عن فعل الواجب بترك ترك الواجب نوع من التجوّز، لعلاقة السببية و المسبّبية، فإنّ ترك الواجب سبب لفعل الواجب.

(5)يعني و من تروك الصلاة ترك أحد الأركان الخمسة فيها و لو سهوا، بمعنى أنّ ترك الأركان يوجب بطلان الصلاة و لو عند السهو.

(6)الضمير يرجع الى الأركان. يعني أنّ أركان الصلاة عبارة عن النية... الى آخره.

(7)فإنّ المشهور كون السجدتين معا ركنا، فلو تركهما عمدا أو سهوا تبطل الصلاة.

(8)هذا إشكال من الشارح رحمه اللّه على المشهور بأنّه اذا قلنا بكون كلتيهما ركنا فلو أخلّ بإحداهما يصدق عدم تحقّق الركن، لأنّه مركّب منهما، ففوت أحد الجزءين من المركّب يوجب فوت المركّب.

ص: 301

فواته بفواتها.

و اعتذار المصنّف (1) في الذكرى بأنّ الركن مسمّى السجود و لا يتحقّق الإخلال به إلاّ بتركهما معا خروج (2) عن المتنازع فيه لموافقته (3) على كونهما معا هو الركن و هو (4) يستلزم الفوات بإحداهما، فكيف يدّعي (5) أنّه مسمّاه، و مع ذلك (6) يستلزم بطلانها بزيادة واحدة لتحقّق المسمّى، و لا قائل به (7)، و بأنّ انتفاء الماهية هنا غير مؤثّر مطلقا (8)، و إلاّ لكان

**********

شرح:

(1)هذا اعتذار من المصنّف في كتابه الذكرى حول الإشكال المذكور، بأنّ الركن إنّما هو مسمّى السجدة، ففي إتيان إحداهما يتحقّق الركن، و لا يصدق الإخلال إلاّ بترك كلتيهما، لا بإحداهما.

(2)خبر لقوله «و اعتذار المصنّف» فإنّ ذلك الاعتذار خروج عمّا نحن فيه، و هو كون كلتيهما ركنا، لا المسمّى من السجود.

(3)الضمير في «موافقته» يرجع الى المصنّف، فإنّه وافق المشهور بكون كلا السجدتين معا ركنا، لا المسمّى من السجدة.

(4)أي كونهما معا هو الركن يستلزم فوت الركن بترك أحدهما.

(5)هذا استبعاد من ادّعاء المصنّف في «الذكرى» بكون المسمّى ركنا، و الضمير في «مسمّاه» يرجع الى السجود.

(6)هذا إيراد ثان لكلام المصنّف في الذكرى بأنه لو كان الركن هو المسمّى من السجود ذلك يستلزم الحكم بالبطلان عند زيادة سجدة واحدة عمدا أو سهوا، و الحال لا يحكم المصنّف بالبطلان بزيادة سجدة واحدة سهوا.

(7)أي لا قائل ببطلان الصلاة بزيادة سجدة واحدة.

(8)قوله: «و بأنّ انتفاء الماهية هنا غير مؤثّر مطلقا» عطف على قوله: «بأنّ الركن مسمّى السجود». يعني و اعتذار المصنّف عن الإشكال الوارد بعذر ثان، و هو: أنّ انتفاء الماهية في المركّب بأيّ نحو كان غير مؤثّر في فوت المركّب، بل المؤثّر هو

ص: 302

الإخلال بعضو من أعضاء السجود مبطلا بل المؤثّر انتفاؤها (1) رأسا، فيه (2) ما مرّ. و الفرق (3) بين الأعضاء غير الجبهة و بينها (4) بأنّها واجبات خارجة عن حقيقته كالذكر (5) و الطمأنينة دونها.

و لم يذكر المصنّف حكم زيادة

**********

شرح:

فوت المركّب كلاّ، فلو كان انتفاؤه - و لو بانتفاء بعض أجزاء المركّب - مؤثّرا فيحكم ببطلان الصلاة عند الإخلال بوضع عضو واحد من أعضاء السجدة سهوا على الأرض، و الحال لا يحكم ببطلانها عند ذلك، فأجاب الشارح عن اعتذار المصنّف الثاني بما يأتي قريبا.

(1)الضمير في «انتفاؤها» يرجع الى الماهية.

(2)هذا جواب عن اعتذار المصنّف الثاني عن الإشكال في كتابه «الذكرى»، فقال الشارح رحمه اللّه في هذا الاعتذار ما مرّ في ردّ اعتذاره الأول، بأنه خروج عمّا نحن فيه، لأنّا اذا قلنا بكون الركن هو المركّب من السجدتين فاذا فاتت سجدة واحدة يحكم بفوت المركّب، و أمّا قوله في مقام النقض: فلم لا يحكم بالبطلان عند فقد وضع بعض أعضاء السجدة ؟ فجوابه: أنّ الواجب هو نفس السجدة، و هي تتحقّق بوضع الجبهة على الأرض، و أمّا وضع سائر الأعضاء إنما هو من واجبات السجود، فإنّ الماهية تتحقّق بوضع الجبهة على الأرض و لو لم يوضع أحد من الأعضاء على الأرض.

(3)هذا بيان ما أوضحناه، بأنّ السجدة تتحقّق بوضع الجبهة على الأرض، فلو لم يحصل لا تتحقّق، بخلاف سائر الأعضاء، فقال الشارح رحمه اللّه: إنّ وضع سائر الأعضاء على الأرض من واجبات السجدة، لا من موجبات تحقّق وضع الجبهة على الأرض.

(4)الضمير في «بينها» يرجع الى الجبهة، و الضمير في «بأنّها» يرجع الى سائر الأعضاء.

(5)التمثيل بالذكر و الطمأنينة لكونهما أيضا خارجة عن حقيقة السجدة، مثل وضع سائر الأعضاء على الأرض. و الضمير في «دونها» يرجع الى الجبهة.

ص: 303

الركن (1) مع كون المشهور أنّ زيادته (2) على حدّ نقيصته، تنبيها (3) على فساد الكلّية في طرف الزيادة، لتخلّفه (4) في مواضع كثيرة لا تبطل بزيادته (5) سهوا كالنية، فإنّ زيادتها مؤكّدة لنيابة (6) الاستدامة الحكمية عنها تخفيفا، فإذا حصلت كان أولى، و هي (7) مع التكبير فيما لو تبيّن للمحتاط (8) الحاجة إليه، أو سلّم (9) على نقص، و شرع في صلاة اخرى

**********

شرح:

(1)فإنّ المصنّف قال في المتن «و من التروك ترك أحد الأركان الخمسة» و لم يقل ترك زيادة أحد الأركان الخمسة سهوا، و الحال أنّ المشهور هو بطلان الصلاة بزيادة الأركان و نقصانها عمدا أو سهوا.

(2)الضميران في «زيادته» و «نقيصته» يرجعان الى الركن.

(3)مفعول له، تعليل لعدم ذكر المصنّف حكم البطلان بزيادة أحد من الأركان؛ لأنّه لا يحكم بالبطلان في كلّ مورد حصلت الزيادة فيه كما يفصّله الشارح رحمه اللّه.

(4)الضمير في «تخلّفه» يرجع الى الحكم بالبطلان، فإنّه لا يحكم بالبطلان في المواضع الكثيرة التي سيذكر بعضها الشارح رحمه اللّه قريبا.

(5)أي بزيادة الركن عند السهو.

(6)هذا تعليل لعدم بطلان الصلاة بزيادة النية، و الحال هي من جملة الأركان، بأنّ النيّة تجب آنا، لكلّ من أجزاء الصلاة، لكنّ الشارح رحمه اللّه اكتفى باستدامة النية الواقعة في أوّلها الى آخرها، فتقع الاستدامة نائبة عن النية، فاذا كرّرت نفس النية أكّدت. و الضمير في «عنها» يرجع الى النية. قوله «تخفيفا» علّة نيابة الاستدامة عن النية.

(7)عطف على قوله «كالنية» فهذا مورد ثان في عدم كون الزيادة الركنية مبطلة.

(8)المراد من المحتاط هو الذي يأتي بصلاة الاحتياط عند الشكّ . و الضمير في «إليه» يرجع الى الاحتياط .

(9)هذا هو المورد الثالث من الموارد الكثيرة. قوله «سلّم» فعل ماض وزان صرّف فاعله المصلّي. يعني اذا توهّم تمام صلاته فسلّم و فرغ و شرع في صلاة اخرى ففهم نقصان السابق فيعدل إليها.

ص: 304

قبل فعل المنافي مطلقا، و القيام (1) إن جعلناه مطلقا ركنا كما أطلقه (2)، و الركوع (3) فيما لو سبق به المأموم (4) إمامه سهوا ثمّ عاد إلى المتابعة، و السجود (5) فيما لو زاد واحدة إن جعلنا الركن مسمّاه، و زيادة (6) جملة الأركان غير النية، و التحريمة فيما إذا زاد ركعة آخر الصلاة و قد جلس بقدر واجب التشهد، أو أتمّ المسافر (7) ناسيا إلى أن خرج الوقت.

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «كالنية». و هذا هو المورد الرابع من الموارد الكثيرة التي لا تبطل الصلاة بزيادة الركن، و هو زيادة القيام اذا نسي المصلّي التشهّد في الركعة الثانية و قام الى الثالثة فذكر نسيانه التشهّد و جلس للتشهّد، فزيادة القيام لو جعلناه ركنا مطلقا لا توجب البطلان.

(2)أي كما أطلق المصنّف القيام في كونه ركنا في قوله «و هي النية و القيام و التحريمة و الركوع و السجدتان معا».

(3)بالجرّ أيضا، لكونه عطفا على القيام و معطوفه. يعني و الخامس من الموارد الكثيرة هو زيادة الركوع في صورة سبق المأموم على إمامه نسيانا، ثمّ علم بعدم رجوع الإمام عن ركوعه فيرجع الى الركوع ليتبع إمامه فزاد الركوع و هو من الأركان، و الحال لا يحكم ببطلان صلاته بالزيادة.

(4)هذا فاعل «سبق»، و مفعوله «إمامه»، و فاعل «عاد» مستتر يرجع الى المأموم.

(5)هذا هو السادس من الموارد الكثيرة، و هو زيادة سجدة واحدة نسيانا لو جعل المسمّى للسجود ركنا كما قاله البعض.

(6)هذا هو السابع من الموارد المذكورة و هو اذا زاد ركعة في صلاته التي جلس بها بمقدار التشهّد و لم يدر فقام للركعة الاخرى و أتمّها، فعلم زيادتها بعد أن يتمّ صلاته، فبناء على صحّة صلاة ذلك الشخص كما أفتى بها بعض الفقهاء يزيد فيها الركوع و السجود و القيام، فلم يبق من الأركان إلاّ النية و التحريمة.

(7)المورد الثامن من الموارد الكثيرة التي لا تبطل الصلاة بزيادة الركن و هو ما اذا صلّى المسافر صلاة تامّة بدل القصر نسيانا و خرج الوقت فعلم بالزيادة، فحكموا بصحّة صلاته مع زيادة الركعتين فيها.

ص: 305

في الأركان

و اعلم أنّ (1) الحكم بركنية النية هو أحد الأقوال فيها، و إن كان التحقيق يقتضي كونها بالشرط أشبه (2).

و أمّا القيام فهو ركن في الجملة إجماعا (3) على ما نقله العلاّمة، و لولاه لأمكن القدح (4) في ركنيّته، لأنّ زيادته و نقصانه لا يبطلان إلاّ مع اقترانه (5) بالركوع،

**********

شرح:

(1)هذا تحقيق من الشارح رحمه اللّه في خصوص الأركان التي أشار إليها المصنّف بلا تفصيل، فيقول: إنّ الحكم بركنية النية هو أحد الأقوال في الصلاة.

فقال بعض الفقهاء: إنّها جزء للصلاة و من أركانها، و اختاره المصنّف رحمه اللّه بدليل وجوب مقارنة النية بتكبيرة الإحرام، و هي من أجزاء الصلاة، فالمقارن بها أيضا - و هو النية - جزء لها.

و قال الآخر: إنّ النية شرط من شرائط الصلاة، مثل الطهارة و الستر و غيرهما، لأنّه قيل في تعريف الشرط بأنّه الذي يتوقّف تأثير المشروط عليه، و النية كذلك، لأنّ الصلاة بدون النية لا أثر لها.

و القول الآخر: كون النية مردّدا من كونها شرطا أو جزء، لأنّ النية فيها حالة الشرطية و الجزئية. أمّا الشرطية فلكونها قبل تمام أفعال الصلاة، حتّى النية متقدمة على نفس تكبيرة الإحرام. و أما الجزئية فإنّ كلّ ما يشترط في سائر أجزاء الصلاة من الطهارة و القبلة و الستر و غيرها يشترط في النية أيضا فيستشمّ منها الجزئية.

(2)و قد رجّح الشارح رحمه اللّه القول الثاني، و هو كونها من الشروط .

(3)يعني أنّ كون القيام إجمالا ركنا في الصلاة إجماعيّ بين الفقهاء على ما نقل الإجماع العلاّمة الحلّي رحمه اللّه، لكنّ الخلاف في أنّ الركن أيّ منه، و هذا ما يأتي شرحه قريبا إن شاء اللّه تعالى.

(4)يعني لو لم يكن الإجماع في كون القيام في الجملة ركنا لأمكن الإشكال في كونه ركنا.

(5)كما مثّلنا سابقا بأنه اذا نسي التشهّد و قام فذكر نسيانه له فعليه أن يقعد

ص: 306

و معه (1) يستغنى عن القيام، لأنّ الركوع كاف في البطلان. و حينئذ (2)

**********

شرح:

و يتشهّد و لا تبطل صلاته، لكن لو دخل في الركوع و ذكر نسيانه التشهّد فلو جلس بإتيان التشهّد زاد فيه القيام و الركوع و ذلك يوجب البطلان.

(1)الضمير في «معه» يرجع الى الركوع. يعني و مع زيادة الركوع لا يحتاج الى زيادة القيام في الحكم ببطلان الصلاة.

(2)هذا تحقيق في كون أيّ حالة من حالات القيام ركنا، فيذكر في ثلاث أوجه:

الأوّل: القيام المتّصل بالركوع، فالبطلان يستند الى زيادة القيام و الركوع كليهما.

فلو قيل: كيف يمكن اجتماع علّتين تامّتين على معلول واحد؟ فيقال: إنّ ذلك إنّما هو في العلل الحقيقية و الفلسفية ففيها يستحيل توارد علّتين تامّتين على معلول واحد، لكن في الأحكام الشرعية لا يستحيل ذلك، لأنّ العلل و الأسباب الشرعية من قبيل العلائم و المعرّفات للأحكام الشرعية، ففي مورد البحث يكون القيام و الركوع الزائدان كاشفين عن بطلان الصلاة، ففي هذه الصورة كلّما وجدت الزيادة في القيام و الركوع يحكم ببطلان الصلاة و لا استثناء فيها.

الثاني: كون القيام مطلقا، ركنا كان معه الركوع أو لم يكن. و الموارد التي لا يكون فيها زيادة القيام موجبا لبطلان الصلاة مستثناة، مثل الموارد التي استثنيت في عدم بطلان الصلاة بزيادة سائر الأركان كما قدّمناه سابقا، مثل زيادة النية أو زيادة الركوع في خصوص المأموم، أو زيادة ركعة في آخر الصلاة اذا جلس بمقدار التشهّد و غيرها، فزيادة القيام نسيانا في الموضع الذي يجب الجلوس فيه استثنيت، و لم يحكم فيها ببطلان الصلاة.

الثالث: كون القيام - المشتمل على ركن - ركنا، مثل القيام حال النية و تكبيرة الإحرام، و الإشكال السابق بتوارد العلّتين على معلول واحد، و كفاية زيادة الركن في بطلان الصلاة، و عدم الاحتياج بزيادة القيام قد أجيب عنه بأنّ استحالة اجتماع العلّتين إنّما هو في العلل الحقيقية و الفلسفية، و الحال أنّ العلل الشرعية من قبيل المعرّفات، فلا مانع من كون الأمرين موجبا لحصول حكم شرعيّ ، مثل زيادة القيام و الركن معه موجبا لحصول بطلان الصلاة، فكلاهما معرّفان و كاشفان عن بطلان الصلاة.

ص: 307

فالركن منه (1) إمّا ما اتّصل بالركوع و يكون إسناد الإبطال إليه (2) بسبب كونه أحد المعرّفين (3) له، أو يجعل (4) ركنا كيف اتّفق، و في موضع لا تبطل بزيادته و نقصانه يكون مستثنى كغيره، و على الأول (5) ليس مجموع (6) القيام المتّصل بالركوع ركنا، بل الأمر الكلّي منه (7)، و من ثمّ لو نسي القراءة أو أبعاضها لم تبطل الصلاة، أو يجعل (8) الركن منه ما اشتمل على ركن كالتحريمة (9)،

**********

شرح:

(1)الضمير في «منه» يرجع الى القيام. و هذا هو الوجه الأوّل من الوجوه الثلاثة المتقدّمة.

(2)الضميران في «إليه» و «كونه» يرجعان الى القيام.

(3)المعرّفين بصيغة اسم الفاعل المثنّى بمعنى العلامة و الكاشف. و الضمير في «له» يرجع الى البطلان.

(4)هذا هو الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة المذكورة، و هو كون القيام ركنا، بلا فرق بين كون الركن الآخر معه أم لم يكن.

(5)المراد من الأول: هو كون القيام المتّصل بالركوع ركنا.

(6)المراد من مجموع القيام المتّصل بالركوع هو القيام حال النية و التكبيرة و القراءة الى أن يتّصل بالركوع، فالركن ليس المجموع من هذه، بل القيام الكلّي الحاصل من المجموع، بحيث لو حصل القيام المتّصل بالركوع و لو بلا قراءة يتحقّق الركن حينئذ.

(7)فالركن هو القيام الحاصل باتّصاله بالركوع أعمّ من القيام بعد القراءة أو قبلها، حتّى القيام بعد النية، فعلى ذلك لو نسي المصلّي القراءة أو بعضا منها لا تبطل صلاته، لحصول القيام الركني و هو المتّصل بالركوع و لو قبل القراءة أو قبل بعض منها.

(8)هذا هو الوجه الثالث من الوجوه الثلاثة الماضية.

(9)بأن يقال: إنّ القيام الركني هو الشامل لركن من الأركان، مثل القيام المشتمل على تكبيرة الإحرام.

ص: 308

و يجعل من قبيل المعرّفات (1) السابقة.

و أمّا التحريمة (2) فهي التكبير المنويّ به الدخول في الصلاة، فمرجع ركنيّتها إلى القصد، لأنّها ذكر لا تبطل بمجرّده.

و أمّا الركوع (3) فلا إشكال في ركنيّته، و يتحقّق بالانحناء إلى حدّه، و ما زاد عليه (4) - من الطمأنينة و الذكر و الرفع منه - واجبات زائدة عليه، و يتفرّع عليه (5) بطلانها بزيادته كذلك و إن لم يصحبه غيره، و فيه (6) بحث.

و أمّا السجود (7) ففي تحقّق ركنيّته ما عرفته.

**********

شرح:

(1)قدّمنا التوضيح في خصوص المعرّفات بأنّها الأسباب و العلل الشرعية التي جعلها الشارع علائم و كاشفات للأحكام الشرعية.

(2)هذا هو الركن الثالث ممّا عدّها المصنّف رحمه اللّه من الأركان الخمسة بقوله:

«و هي النية و القيام و التحريمة... الى آخره» فالمراد منه هو التكبير الذي قصد المصلّي كونه تكبيرة الإحرام، لا التكبيرة مطلقا؛ لأنّ نفس التكبيرة من قبيل الأذكار. و الضمير في «لأنّها» يرجع الى التكبيرة.

(3)هذا هو الركن الرابع من الأركان الخمسة المتقدّمة في عبارة المصنّف، فيقول الشارح بأنّ كونه ركنا لا إشكال فيه، و تحقّقه بالانحناء بمقدار الركوع.

(4)الضمير في «عليه» يرجع الى الانحناء الى حدّ الركوع. و «ما» الموصولة مبتدأ و خبره قوله «واجبات زائدة». و الضمير في قوله «و الرفع منه» يرجع الى الانحناء.

(5)أي يتفرّع على القول بتحقّق الركوع بالانحناء الحكم ببطلان الصلاة بزيادة الانحناء كذلك و لو لم يحصل معه الذكر و الطمأنينة و الرفع.

(6)يعني في هذا التفريع بحث سيشير إليه.

* من حواشي الكتاب: إنّ الحكم ببطلان الصلاة بمطلق الانحناء مثل الانحناء لقتل الحيّة و غير ذلك لا يعدّ ركنا.

(7)هذا هو الخامس من الأركان التي ذكرها المصنّف في المتن، فقال الشارح: إنّ في تحقّق الركنية من السجود ما عرفت بأنّ الركن مطلق السجدة، أو المركّب من

ص: 309

الحدث المبطل للطهارة

(و كذا الحدث) (1) المبطل للطهارة من جملة التروك التي يجب اجتنابها، و لا فرق في بطلان الصلاة به (2) بين وقوعه عمدا و سهوا على أشهر (3) القولين.

يحرم قطع الصلاة الواجبة

(و يحرم (4) قطعها) أي قطع الصلاة الواجبة (اختيارا) للنهي (5) عن إبطال العمل المقتضي (6) له، إلاّ ما أخرجه الدليل. و احترز بالاختيار عن قطعها لضرورة كقبض غريم (7)،

**********

شرح:

السجدتين، أو التفصيل بين الزيادة و النقصان، ففي الأول هو مطلق السجود، و في النقصان هو نقصان كلتيهما.

(1)عطف على قوله «و كذا ترك الواجب... إلى آخره». يعني و من تروك الصلاة هو ترك الحدث، و المراد من الحدث هو المبطل، لا الحدث الغير المبطل مثل الحدث من المبطون و سلس البول و المستحاضة، فإنّ ذلك لا يعدّ من التروك الواجبة في الصلاة.

(2)الضميران في «به» و «وقوعه» يرجعان الى الحدث.

(3)يعني أنّ أشهر القولين بطلان الصلاة بوقع الحدث، بلا فرق بين وقوعه عمدا أو سهوا، و مقابل قول الأشهر هو القول بعدم بطلان الصلاة عند حصول الحدث سهوا، فإنّه لو حصل الحدث المبطل يبني على الصحّة و يسعى في التطهير حين الصلاة لو لم يناف الصلاة.

(4)هذه مسألة أخرى، و هي حرمة قطع الصلاة في حال الاختيار، بأنه لم يوجد السبب الشرعي لجواز القطع، كما يشير فيه الى سبب شرعي في جواز القطع.

(5)المراد من النهي هو قوله تعالى: لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (1) (محمّد: 33). فإنّ المفسّرين ذكروا في تفسيره حرمة قطع الصلاة بلا عذر شرعي.

(6)قوله «المقتضي» صفة للنهي، و الضمير في «له» يرجع الى التحريم. يعني أنّ النهي الوارد هو مقتض للتحريم، إلاّ الموارد التي دلّت الأدلة على خروجها.

(7)مثاله: لو شاهد الدائن المديون حال صلاته، فإن لم يبطل صلاته بقطعها و لم

ص: 310


1- سوره 47 - آیه 33

و حفظ (1) نفس محترمة من تلف أو ضرر، و قتل (2) حيّة يخافها على نفس محترمة، و إحراز (3) مال يخاف ضياعه، أو لحدث (4) يخاف ضرر إمساكه و لو بسريان النجاسة إلى ثوبه أو بدنه، فيجوز (5) القطع في جميع ذلك.

و قد يجب لكثير من هذه الأسباب (6). و يباح لبعضها كحفظ المال

**********

شرح:

يقبض حقّه من الغريم فإنه سيفرّ و لم تصل يده إليه، فاذا لا مانع من قطع الصلاة هنا.

(1)هذا مثال آخر لجواز قطع الصلاة، و هو قطع الصلاة لحفظ نفس محترمة، مثل إنقاذ غريق، أو منع الصبيّ من النار و الآفة.

(2)هذا مثال ثالث للعذر الموجب لجواز قطع الصلاة، و هو قطع الصلاة لقتل حيّة أو عقرب يخاف من ضررهما على نفس محترمة.

(3)هذا مثال رابع من الأعذار الموجبة لقطع الصلاة، و هو حفظ مال يخاف أن يضيع، مثل الخوف من السيل و الماء على جدار داره.

(4)عطف على قوله «لضرورة». و بعد ذكر الأمثلة للضرورة قال: و احترز بالاختيار عن قطعها لحدث يخاف من ضرر إمساكه كما اذا خاف سراية الحدث بعد صلاته على أثوابه الموجب للضرر أو خاف من ضرر الإمساك على جسمه.

(5)أي يجوز قطع الصلاة في جميع الوارد المذكورة. و المراد من الجواز هنا هو الجواز بمعنى الأعمّ . يعني غير حرام، فإنّ الجواز بمعنى الأعمّ إمّا في ضمن الواجب و مثاله وجوب قطع الصلاة لحفظ نفس محترمة أو مال كثير، أو الجواز في ضمن المباح و هو قطع الصلاة لحفظ مال قليل، أو الجواز في ضمن مكروه و هو قطع الصلاة لمال يسير لا يعتنى بفوته، أو الجواز في ضمن مستحبّ و هو قطع الصلاة لاستدراك الأذان المنسيّ ، أو لقراءة سورة الجمعة و المنافقين في صلاة الظهر من يوم الجمعة.

و الحاصل: أنّ قطع الصلاة ينقسم بانقسام الأحكام الخمسة: أحدها قطعها بلا أعذار، و الباقي ما ذكرناه.

(6)كما مثّلناه في الهامش السابق من الخوف بتلف النفس المحترمة و المال الكثير.

ص: 311

اليسير الذي يضرّ فوته و قتل الحية التي لا يخاف أذاها. و يكره لإحراز يسير المال الذي لا يبالي بفواته. و قد يستحبّ لاستدراك الأذان المنسيّ ، و قراءة الجمعتين (1) في ظهريها (2) و نحوهما (3)، فهو ينقسم بانقسام الأحكام الخمسة.

يجوز قتل الحيّة

(و يجوز قتل الحيّة) و العقرب في أثناء الصلاة من غير إبطال (4) إذا لم يستلزم فعلا كثيرا للإذن (5) فيه نصّا،(و عدّ (6) الركعات بالحصى (7))

**********

شرح:

(1)المراد من الجمعتين هو سورة الجمعة و المنافقين.

(2)و المراد من ظهريها هو صلاة الظهر و صلاة الجمعة من يوم الجمعة، لكنّ الظهرين في سائر الموارد يطلق على صلاتي الظهر و العصر، و القرينة بكون المراد صلاة الظهر و الجمعة هنا ما قدّمناه باستحباب السورتين في الظهر و الجمعة.

(3)و الضمير المثنيّ في «نحوهما» يرجع الى المثالين المذكورين من الأذان المنسيّ و قراءة السورتين.

(4)يعني يجوز قتل الحيّة و العقرب في حال اشتغال المصلّي بالصلاة و لو استلزم الجلوس أو الانحناء من حال القيام، لأنّ زيادة الانحناء بقصد قتل الحيّة لا تبطل الصلاة كما قدّمناه، لكن يشترط في الجواز عدم استلزام القتل بالفعل الكثير المبطل، و إلاّ تبطل الصلاة بسبب الفعل الكثير.

(5)هذا تعليل للجواز، و هو الإذن الحاصل من النصّ ، و المراد من النصّ هو الخبر المنقول في الوسائل:

عن عمّار بن موسى قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون في الصلاة فيقرأ فيرى حيّة بحياله يجوز له أن يتناولها فيقتلها؟ فقال: إن كان بينه و بينها خطوة واحدة فليخط و ليقتلها، و إلاّ فلا. (الوسائل: ج 4 ص 1269 ب 19 من أبواب قواطع الصلاة ح 4).

(6)عطف على قوله «قتل الحيّة». يعني يجوز للمصلّي أن يعدّ عدد الركعات بوسيلة الأحجار الصغيرة، أو بوسيلة الأصابع و غيرهما.

(7)الحصى - بفتح الحاء و الصاد و آخره الألف - الواحدة حصاة، جمعه حصيات

ص: 312

و شبهها خصوصا لكثير السهو (و التبسّم) و هو ما لا صوت فيه من الضحك على كراهية.

يكره الالتفات يمينا و شمالا

(و يكره (1) الالتفات يمينا و شمالا) بالبصر أو الوجه، ففي الخبر (2): «أنّه لا صلاة لملتفت»، و حمل على نفي الكمال جمعا (3)، و في خبر آخر (4)

**********

شرح:

و حصيّ و حصيّ : صغار الحجارة. (المنجد). و الضمير في «شبهها» يرجع الى الحصى، و المثال في شبهها هو الأصابع.

(1)و من هنا شرع المصنّف في بيان التروك التي لا تجب بل تكره، لشمول التروك على التروك المطلوب تركها مع المنع من النقيض، أو عدمه كما قدّمناه في أوّل بحث التروك (راجع ص 298 هامش رقم 2). يعني يكره أن يتوجّه المصلّي عند الصلاة الى طرف يمينه و شماله بالبصر أو الوجه.

(2)هذا دليل الكراهة، و هو قوله صلّى اللّه عليه و آله في الخبر: «إنّه لا صلاة لملتفت»، و الخبر هذا منسوب الى العامّة (راجع عمدة القاري: ج 3 ص 53) لكنّ الشارح رحمه اللّه قال بحمله على نفي الكمال لا البطلان.

(3)أي للجمع بين هذه الرواية و الرواية التي تدلّ على جواز الالتفات بشرط عدم كونه على حدّ الاستدبار. و المراد من الرواية الدالّة على جواز الالتفات هو المنقول في الوسائل:

عن عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الالتفات في الصلاة أ يقطع الصلاة ؟ قال: لا، و ما أحبّ أن يفعل. قال صاحب الوسائل: و حمله الشيخ على من لم يلتفت الى ما وراءه، بل التفت يمينا و شمالا. (الوسائل: ج 4 ص 1249 ب 3 من أبواب قواطع الصلاة ح 5).

* من حواشي الكتاب: و يكره الالتفات يمينا و شمالا بحيث لا يخرج الوجه الى حدّ الاستدبار، و كان بعض المعاصرين يرى أنّ الالتفات بالوجه يقطع الصلاة كما يقول به بعض الحنفية. (حاشية نقلا عن كتاب الذكرى).

(4)و هذا أيضا في الاستدلال بالكراهة و الرواية عن بحار الأنوار. (ج 18 ص 201 باب آداب الصلاة طبع الكمپاني عن كتاب أسرار الصلاة).

ص: 313

عنه صلّى اللّه عليه و آله: «أما يخاف الذي يحوّل وجهه في الصلاة أن يحوّل اللّه وجهه وجه (1) حمار» و المراد تحويل وجه قلبه (2) كوجه قلب الحمار في عدم اطّلاعه على الامور العلوية (3)، و عدم إكرامه بالكمالات العلية.

(و التثاؤب (4)) بالهمز، يقال: تثاءبت، و لا يقال: تثاوبت، قاله الجوهري.

(و التمطّي) (5) و هو: مدّ اليدين، فعن الصادق عليه السّلام

**********

شرح:

(1)قوله «وجه حمار» مفعول ثان لقوله صلّى اللّه عليه و آله «يحوّل اللّه». و الظاهر من معناه بأن يجعل اللّه وجه ذلك المصلّي مثل وجه الحمار بأن يمسخه على صورة الحمار، لكنّ المراد ليس معناه الظاهري، لأنّ المسخ و تغيير الصورة إنما هو في صورة ارتكاب المعاصي الشديدة و الكبيرة، و الحال أنّ الالتفات ليس من المعاصي الموجبة للمسخ، بل المراد من تغييره إنّما هو تغيير صورة قلبه و باطنه كقلب الحمار بالنسبة الى عدم دركه المعارف و الأسرار الإلهية، و كونه في حال الجمود و الشقاوة و عدم نيله الكمالات المعنوية كما فسّره الشارح رحمه اللّه بذلك المعنى.

(2)الضمائر في «قلبه» و «اطّلاعه» و «إكرامه» يرجع الى المصلّي الملتفت.

(3)العلوية - بفتح العين و ضمّها و كسرها - أي المنسوب الى العلو، مثلّث الأول و هو نقيض السفل و السفالة. (المنجد)، لكنّ المراد هنا هو التبصّر في أسرار السماوات.

(4)عطف على قوله «الالتفات». و التثاؤب أصله ثئب يثأب وزان علم يعلم، و هو مهموز العين، و المزيد فيه من باب تفاعل، تثاءب: استرخى ففتح فاه واسعا من غير قصد. (المنجد). و ليس أصله أجوف واويّ فيكون المزيد فيه التثاؤب: لأنّه بمعنى طلب الثواب كما قالوا: استثأب الرجل: سأله أن يجازيه الثواب. و المراد هنا كراهة المقدّمات الاختيارية من التثاؤب، و إلاّ فهو خارج عن الاختيار، و لا يمكن أن يكون متعلّقا و موضوعا للحكم بالكراهة، و معناه بالفارسية «دهن دره».

(5)التمطّي: مصدر باب تفعّل وزان «تولّى» أصله. مطي يمطى مطّا وزان علم يعلم:

امتدّ و طال. تمطّى: امتدّ و طال. (المنجد). و في الفارسية «خميازه».

ص: 314

أنهما (1) من الشيطان.(و العبث) بشيء من أعضائه لمنافاته الخشوع المأمور به، و قد رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله رجلا يعبث في الصلاة، فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»،(و التنخّم) (2)، و مثله البصاق (3) و خصوصا إلى القبلة (4) و اليمين و بين يديه (5)،(و الفرقعة) (6) بالأصابع،(و التأوّه (7) بحرف واحد) و أصله

**********

شرح:

(1)الضمير المثنّى في قوله «إنّهما» يرجع الى التثاؤب و التمطّي، و الرواية الدالّة عليه هي المنقولة في الوسائل:

عن الفضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال في الرجل يتثاءب و يتمطّى في الصلاة، قال: هو من الشيطان، و لا يملكه. (الوسائل: ج 4 ص 1259 ب 11 من أبواب قواطع الصلاة ح 3).

(2)عطف على قوله «التمطّي» التنخّم مصدر من تنخّم: دفع شيء من صدره أو أنفه. (المنجد).

(3)البصاق - بضمّ الباء -: البزاق، و معناه بالفارسية «آب دهن».

(4)يكره التنخّم و البصاق في حال الصلاة، خصوصا إلقاء ما دفع من الصدر أو الأنف الى القبلة أو اليمين أو قدّامه، لكن لو ألقاه الى اليسار أو الى ما بين الرجلين فلا كراهة فيه.

(5)يعني يكره إلقاء ما دفع من الصدر و الأنف الى ما بين يديه، بخلاف إلقائه الى ما بين رجليه فلا مانع منه.

(6)بالرفع، عطفا على التنخّم و معطوفه، و هو وزان دحرجة، رباعيّ الأصل يقال:

فرقع الأصابع فرقعة و فرقاعا: انقضها. (المنجد).

(7)التأوّه مصدر مزيد فيه، أصله: آه يؤه أوها، وزان قال يقول، و المزيد فيه: أوّه تأوّه: شكا و توجّع، قال: آه أو آها أو اوه. (المنجد). يعني و يكره التأوّه في الصلاة، و المراد هنا ليس التكلّم بلفظ «آه» بحيث يولد منه حرفان، لأنّه يبطل الصلاة كما مرّ في خصوص ترك الكلام، بل المراد منه النطق به على نحو لا يظهر منه حرفان و أكثر.

ص: 315

قول: «أوه» (1) عند الشكاية و التوجّع، و المراد هنا النطق به على وجه لا يظهر منه حرفان،(و الأنين (2) به) أي بالحرف الواحد، و هو مثل التأوّه، و قد يخصّ الأنين بالمريض،(و مدافعة الأخبثين) البول (3) و الغائط (و الريح) (4)، لما فيه (5) من سلب الخشوع و الإقبال بالقلب الذي هو روح العبادة، و كذا مدافعة النوم، و إنّما يكره إذا وقع ذلك (6) قبل التلبّس بها مع سعة الوقت (7)، و إلاّ حرم القطع إلاّ أن يخاف ضررا.

قال المصنّف في البيان: و لا يجبره (8) فضيلة الائتمام،

**********

شرح:

(1)أوه - بفتح الأوّل و سكون الواو و آخره الهاء - و هو الذي ذكرناه في معاني التأوّه، و هو قول: أوه.

(2)الأنين: مصدر من أنّ يئنّ أنينا و أنّا و أنانا: صوّت لألم. (المنجد). و الضمير في «الأنين به» يرجع الى حرف واحد، و هو أيضا يكره، و لعلّ ذلك يختصّ لتأوّه المريض عند شدّة الألم و المرض، و في الفارسية «ناليدن مريض».

(3)بيان للأخبثين. يعني أنّ المراد من الأخبثين هو البول و الغائط .

(4)بالكسر، عطفا على قوله «الأخبثين». يعني يكره للمصلّي مدافعة الريح قبل الصلاة و الدخول فيها.

(5)و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الدفع المفهوم من لفظ «مدافعة». يعني أنّ سبب الكراهة في دفع ما ذكر هو سلب الخشوع و التوجّه بالقلب الذي يكون مطلوبا الى اللّه تعالى كما في قوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (1) . (المؤمنون: 1 و 2).

(6)يعني أنّ دفع المذكورين يحكم بكراهته قبل التلبّس بالصلاة، لكنّه اذا دخل بالصلاة بدون عروض ذلك فحصل حال اشتغاله بالصلاة فلا يحكم بكراهة المنع الى أن يتمّ صلاته.

(7)فلو لم يسع الوقت الى أن ينقض طهارته و يجدّدها فلا يكره المنع.

(8)أي لا يجبر النقض الموجب لكراهة الصلاة مع دفع المذكورين درك فضيلة الاقتداء في الصلاة بأن يحبس المذكورين لدرك فيض الجماعة.

ص: 316


1- سوره 23 - آیه 1

أو شرف البقعة (1)، و في نفي الكراهة باحتياجه إلى التيمّم نظر (2).

تتمّة المرأة كالرجل في جميع ما سلف إلاّ ما استثني

(تتمّة) (3) المرأة كالرجل في جميع ما سلف إلاّ ما استثني (4)، و تختصّ عنه أنّه (يستحبّ للمرأة) حرّة كانت أم أمة (أن تجمع بين قدميها في القيام، و الرجل يفرّق بينهما بشبر (5) إلى فتر (6))، و دونه (7) قدر ثلاث أصابع منفرجات،(و تضمّ ثدييها (8) إلى صدرها) بيديها

**********

شرح:

(1)بأن يحبس المذكورين للصلاة عند المسجد الحرام أو مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أو المساجد مطلقا أو المشاهد المشرّفة.

(2)فلو لم يحبس المذكورين و نقض طهارته ليحتاج الى التيمّم ففي نفي الكراهة فيها نظر.

(3)التتمّة في اللغة: ما يتمّ به الشيء، و المراد هنا ما يتمّ البحث في أحكام خصوص الصلاة اليومية من الواجبات و المكروهات و المستحبّات المشتركة بين الإناث و الذكور، فالتتمّة في أحكام الصلاة اليومية هي في خصوص المستحبّات المختصّة بالنساء.

(4)مثل وجوب ستر جميع البدن إلاّ ما استثنى للمرأة و مثل جواز لبس الحرير و الذهب لها، و مثل عدم استحباب الجهر في الأذان و الإقامة لها، و عدم وجوب التعيّن بالجهر في القراءة، و غير ذلك.

(5)الشبر - بكسر الشين و سكون الباء -: هو ما بين طرف الإبهام و طرف الخنصر، و جمعه: أشبار. (المنجد).

(6)الفتر - بكسر الفاء و سكون التاء -: هو ما بين طرف الإبهام و طرف السبّابة اذا فتحها. (المنجد).

(7)أي الأقلّ ممّا ذكر استحبابا في خصوص الرجل في الصلاة أن يفرّق بين القدمين بمقدار ثلاث أصابع منفرجات.

(8)هذا هو الثاني من المستحبّات المختصّة بالنساء بأن تضمّ - أي تجمع - ثدييها في صدرها بيديها عند الصلاة.

ص: 317

(و تضع يديها (1) فوق ركبتيها راكعة) ظاهره (2) أنّها تنحني قدر انحناء الرجل، و تخالفه في الوضع، و ظاهر الرواية أنّه (3) يجزيها من الانحناء أن تبلغ كفّاها ما فوق ركبتيها، لأنه (4) علّله فيها بقوله: «لئلاّ تطأطئ (5) كثيرا فترتفع عجيزتها (6)»، و ذلك (7) لا يختلف باختلاف وضعهما، بل باختلاف

**********

شرح:

(1)هذا هو الثالث من المستحبّات المختصّة بالمرأة بأن تضع يديها فوق ركبتيها عند الركوع.

(2)الضمير في «ظاهره» يرجع الى قول المصنّف. يعني أن ظاهر عبارة المصنّف رحمه اللّه أن المرء و المرأة متساويان في الانحناء بالركوع من حيث الانحناء، لكنّ المرأة تضع يديها فوق الركبتين، و الرجل يضع يديه على نفس الركبتين.

(3)الضمير في «أنّه» يرجع الى الشأن. و الضمير في «يجزيها» يرجع الى المرأة، و كذلك الضميرين في «كفّاها» و «ركبتيها».

(4)أي لأنّ الإمام عليه السّلام علّل استحباب وضع كفّي المرأة فوق الركبتين أن لا تظهر عجيزتها كثيرا.

(5)طأطأ - رباعيّ وزان دحرج -: خفض. يقال: طأطأ الرأس و غيره، أي خفضه. (المنجد).

(6)العجيزة: هو آخر الشيء، و المراد هنا أليتي المرأة.

و الرواية الدالّة على ذلك هي المنقولة في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: اذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها، و لا تفرّج بينهما، و تضمّ يديها الى صدرها لمكان ثدييها، فاذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلاّ تطأطئ كثيرا فترتفع عجيزتها، فاذا جلست فعلى أليتيها ليس كما يجلس الرجل، و اذا سقطت للسجود بدأت بالقعود و بالركبتين قبل اليدين، ثمّ تسجد لاطئة بالأرض، فاذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها و رفعت ركبتيها من الأرض، و إذا نهضت انسلّت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا. (الوسائل: ج 4 ص 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 4).

(7)المشار إليه في «ذلك» هو ارتفاع العجيزة الحاصل من الخفض الكثير. يعني ذلك الارتفاع لا يختلف باختلاف وضع اليدين، بل يختلف باختلاف الانحناء.

ص: 318

الانحناء،(و تجلس) حال تشهّدها و غيره (1)(على ألييها) بالياءين من دون تاء بينهما على غير قياس، تثنية ألية بفتح الهمزة فيهما (2)، و التاء في الواحدة.

(و تبدأ بالقعود) (3) على تلك الحالة (قبل السجود)، ثمّ تسجد (فإذا تشهّدت (4) ضمّت فخذيها، و رفعت ركبتيها من الأرض، و إذا نهضت انسلّت) انسلالا (5) معتمدة على جنبيها بيديها، من غير أن ترفع عجيزتها. و يتخيّر الخنثى بين هيئة الرجل و المرأة.

**********

شرح:

(1)المراد من غير حال التشهّد هو حال الجلوس بين السجدتين و بعدهما، و حال التسليم.

(2)ضمير التثنية في قوله «فيهما» يرجع الى تثنية و مفرد ألية. يعني مع كون كليهما بفتح الهمزة. مضافا الى أنّ التاء تزيد في واحدته، أي مفردة.

(3)يعني و من المستحبّات للمرأة أن تجلس على الأرض بهذه الحالة ثمّ تسجد.

(4)قد أشار الى هذه الحالة عند ذكر مستحبّات التشهّد. (راجع هامش 6 من صفحة 270).

(5)الانسلال: هو القيام بحال عمودي، بمعنى أن تعتمد على يديها في جانبيها و تقوم عموديا.

ص: 319

الفصل السادس في بقية الصلوات

اشارة

(الفصل السادس) (1) (في بقية الصلوات) الواجبة و ما يختاره من المندوبة (2)

صلاة الجمعة و كيفيّتها

اشارة

(فمنها: الجمعة)

كيفيّة الجمعة

(و هي ركعتان كالصبح عوض الظهر) (3) فلا يجمع بينهما، فحيث تقع الجمعة صحيحة تجزي عنها، و ربّما (4) استفيد

**********

شرح:

بقية الصلوات (1)أي الفصل السادس من الفصول الأحد عشر التي قالها رحمه اللّه في أول كتاب الصلاة.

(2)قوله «الواجبة و ما يختاره من المندوبة» صفتان للصلوات.

(3)يعني أنّ صلاة الجمعة بدل عن صلاة الظهر، و هي مثل صلاة الصبح من حيث عدد الركعات، و لأنّ العوض و المعوّض لا يجمع بينهما، فلا يجمع بين صلاتي الظهر و الجمعة. و الضمير في «بينهما» يرجع الى الظهر و الجمعة. و الضمير في «عنها» يرجع الى صلاة الظهر.

(4)هذه مقدّمة للاعتذار عن عدم بيان وقت صلاة الجمعة، بأنّ وقتها يستفاد من بدليتها عن الظهر، فكما أنّ وقت الظهر يمتدّ من الزوال الى بقاء مقدار أربع ركعات من صلاة العصر فكذلك يمتدّ وقت صلاة الجمعة الى ذلك المقدار.

ص: 320

من حكمه (1) بكونها عوضها مع عدم تعرّضه لوقتها: أنّ وقتها وقت الظهر فضيلة (2) و إجزاء (3)، و به قطع في الدروس و البيان، و ظاهر النصوص يدلّ عليه (4)، و ذهب جماعة إلى امتداد وقتها إلى المثل (5) خاصّة، و مال إليه المصنّف في الألفية، و لا شاهد له (6)،

**********

شرح:

(1)الضميران في «حكمه» و «عدم تعرّضه» يرجعان الى المصنّف، فإنّ المصنّف اكتفى في بيان وقت صلاة الجمعة الى ذكر كونها بدلا عن الظهر.

(2)وقت فضيلة صلاة الجمعة هو وقت فضيلة الظهر، و هو مصير الظلّ الحادث للمقياس مثله، كما تقدّم في بيان أوقات الصلاة اليومية.

(3)وقت الإجزاء لصلاة الجمعة من الزوال الى أن يبقى مقدار زمان أربع ركعات الى الغروب. و الضمير في قوله «به» يرجع الى كون وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر.

(4)قوله «و ظاهر النصوص يدلّ عليه» أي على اتّحاد وقتي الجمعة و الظهر، و لم يقل بدلالة النصوص لأنّها لم تصرّح بذلك، بل الروايات كانت في بيان وقتيهما عند الزوال، و لم تصرّح بدوام الوقت الى الغروب، لكن من دوام وقت الظهر الى الغروب يستظهر أنّ وقت الجمعة أيضا كذلك، و الروايات التي يستظهر ذلك منها منقولة في كتاب الوسائل:

منها عن سماعة عن الصادق عليه السّلام قال: قال: وقت الظهر يوم الجمعة حين تزول الشمس. (الوسائل: ج 5 ص 18 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ح 8 و 14).

و منها: عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: وقت الجمعة زوال الشمس، و وقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس. (المصدر السابق: ح 11).

ففي كلا الروايتين بيّن وقتي الظهر و الجمعة أول الزوال، لكن من ثبوت امتداد وقت الظهر الى الغروب بمقدار أربع ركعات يستفاد امتداد وقت الجمعة كذلك.

(5)يعني أنّ القول الآخر في خصوص وقت صلاة الجمعة هو الزوال الى أن يصير الظلّ بمقدار مثله، و مال الى هذا القول المصنّف في كتابه الألفية.

(6)يعني أنّ القول المذكور و هو اختصاص وقت الجمعة الى المثل لا شاهد له، لا من الأخبار و لا من المؤيّدات.

ص: 321

إلاّ أن يقال بأنه (1) وقت للظهر أيضا.

الخطبتين

(و يجب فيها تقديم الخطبتين (2) المشتملتين على حمد اللّه تعالى) بصيغة (3) «الحمد للّه»(و الثناء (4) عليه) بما سنح. و في وجوب الثناء (5) زيادة على الحمد نظر، و عبارة كثير - و منهم المصنّف في الذكرى - خالية عنه (6). نعم، هو (7) موجود في الخطب المنقولة عن النبي و آله عليه

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بأنه» يرجع الى كون الوقت الى المثل، بمعنى أنه لو قيل: إنّ وقت صلاة الظهر من الزوال الى المثل فيمكن القول بكون وقت صلاة الجمعة أيضا كذلك، لكن أنّى إثبات ذلك للظهر.

(2)قوله «الخطبتين» تثنية، مفرده الخطبة، بضمّ الخاء و سكون الطاء و نصب الباء من خطب يخطب خطبة و خطبا و خطابة: وعظ ، قرأ الخطبة على الحاضرين، و هو من باب كتب يكتب. (المنجد).

(3)يعني ينحصر حمد اللّه تعالى بصيغة «الحمد للّه» فلا يكتفي: الحمد للباري تعالى، أو الحمد للخالق، و غير ذلك.

(4)بالجر، عطفا على «حمد اللّه». يعني يجب شمول الخطبتين على خمسة أمور، الأول: الحمد للّه. الثاني: الثناء له تعالى بلا تعيين في لفظ خاصّ . الثالث: الصلاة على النبيّ و آله الطاهرين عليهم السّلام. الرابع: الوعظ و توصية الحاضرين بالتقوى و طاعة اللّه. الخامس: قراءة سورة غير مطوّلة من سور القرآن، أو آية نافعة، كما سيأتي تفصيل ذلك كلّه.

(5)هذا ترديد من الشارح رحمه اللّه في وجوب الثناء، مضافا الى الحمد للّه تعالى.

(6)فإنّ كثيرا من الفقهاء و كذلك المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى لم يذكروا وجوب الثناء بعد الحمد.

(7)أي الثناء بعد الحمد موجود في الخطب التي نقلوها عن النبيّ و آله عليهم السّلام، و من الروايات الدّالة على شمول خطبهم عليهم السّلام على الثناء بعد الحمد و المنقولة في الوسائل:

ص: 322

و عليهم السلام، إلاّ أنّها تشتمل على زيادة (1) على أقلّ الواجب.

(و الصلاة (2) على النبيّ و آله) بلفظ الصلاة أيضا (3)، و يقرنها بما شاء من النسب (4)

**********

شرح:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في خطبة يوم الجمعة... و ذكر خطبة مشتملة على حمد اللّه و الثناء عليه و الوصية بتقوى اللّه و الوعظ (الى أن قال:) و اقرأ سورة من القرآن وادع ربّك، و صلّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وادع للمؤمنين و المؤمنات، ثمّ تجلس قدر ما يمكن هنيئة، ثمّ تقوم و تقول. و ذكر الخطبة الثانية، و هي مشتملة على حمد اللّه و الثناء عليه، و الوصية بتقوى اللّه و الصلاة على محمّد و آله و الأمر بتسمية الأئمة عليهم السّلام الى آخرهم، و الدعاء بتعجيل الفرج (الى أن قال:) و يكون آخر كلامه: إنّ اللّه يأمر بالعدل و الإحسان... الآية (الوسائل: ج 5 ص 38 ب 25 من أبواب صلاة الجمعة ح 1). قال صاحب الوسائل: و أكثر الخطب المأثورة شاملة على المعاني المذكورة.

(1)قال الشارح رحمه اللّه بعد اعترافه بوجود الثناء في أكثر الخطب المنقولة عن المعصومين عليهم السّلام بأنّ وجود الثناء فيها لا يدلّ على وجوب الثناء في خطبة الجمعة؛ لأنّ الخطب المنقولة مشتملة على أزيد ممّا يجب فيها، و الحال وجود الزائد على أقلّ الواجب لا يدلّ على الحكم بوجوبه في خطب الجمعات.

(2)بالجرّ، عطفا على الثناء عليه. يعني يجب اشتمال الخطبتين على الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام، و هذا هو الثالث من واجبات الخطبة.

(3)قوله «أيضا» إشارة الى أنّ الحمد كما ينحصر في صيغة خاصّة و هي «الحمد للّه» فكذلك الصلاة على النبيّ و آله عليهم السّلام تنحصر في صيغة خاصّة، و هي لفظ الصلاة، بأن يقول الخطيب: اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، أو صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد، و لو قال: اللّهمّ أنزل تحيّتك على محمّد و آله أو أشمل رحمتك على محمّد و آل محمّد لا يكفي ذلك في خطبة الجمعة.

(4)النسب - بكسر النون و فتح السين - جمع مفرده النسبة. يعني يقرن الصلاة بالنعوت و الأوصاف و النسب التي يريدها الخطيب.

ص: 323

(و الوعظ (1)) من الوصية بتقوى اللّه و الحثّ (2) على الطاعة، و التحذير (3) من المعصية، و الاغترار (4) بالدنيا، و ما شاكل ذلك.

و لا يتعيّن له لفظ (5)، و يجزي مسمّاه فيكفي: أطيعوا اللّه أو اتّقوا اللّه و نحوه، و يحتمل (6) وجوب الحثّ على الطاعة و الزجر عن المعصية للتأسّي (7)(و قراءة (8) سورة خفيفة) قصيرة، أو آية (9) تامّة الفائدة بأن

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على الصلاة. يعني أنّ الرابع من واجبات الخطبة هو شمولها على الوعظ ، و المراد من الوعظ هو الوصية بتقوى اللّه.

(2)أي الوعظ بالترغيب على طاعة اللّه.

(3)أي التخويف عن ارتكاب المعاصي.

(4)بالجرّ، عطفا على المعصية. يعني و يحذّر الخطيب المصلّين أن لا يغترّوا بالدنيا الزائلة.

(5)يعني أنّ الوعظ الّذي هو من واجبات الخطبة لا يتعيّن له لفظ خاصّ ، مثل:

الحمد و الصلاة اللذان ذكر فيهما اللفظ الخاصّ كما تقدّم، بل يؤدّي الواجب بأيّ لفظ كان، و أيضا يكفي في الوعظ مسمّاه و لو يقول: أطيعوا اللّه، أو: اتّقوا اللّه.

(6)هذا هو الاحتمال الثاني بأنه لا يكفي في الوعظ الواجب في الخطبة قول: أطيعوا اللّه، أو: اتّقوا اللّه، بل يجب على الخطيب أن يشوّق الحاضرين الى الطاعة، و يخوّفهم من ارتكاب المعصية بذكر آيات العذاب و الرحمة و بيان معانيهما على حدّ فهم الحاضرين.

(7)تعليل لوجوب الحثّ و التشويق أزيد من مسمّى الوعظ .

(8)بالجرّ، عطفا على الوعظ ، هذا أيضا من واجبات الخطبة، و هو الخامس منها، و لفظ «قصيرة» في عبارة الشارح عطف بيان للفظ «خفيفة». و الحاصل: أنّ الخطبتين يجب كونهما مشتملتين على قراءة سورة خفيفة غير مطوّلة.

(9)بالجرّ، عطفا على «سورة خفيفة». بمعنى كون الخطبتين مشتملتين على آية تامّة أو سورة خفيفة، و معنى كون الآية تامّة يبيّنه الشارح بقوله: «بأن تجمع معنى مستقلاّ» بلا حاجة الى ما قبلها أو الى ما بعدها.

ص: 324

تجمع معنى مستقلاّ يعتدّ به من وعد (1)، أو وعيد (2)، أو حكم (3)، أو قصّة (4) تدخل في مقتضى الحال، فلا يجزي مثل «مدهامّتان» (5)، «ألقي السّحرة ساجدين» و يجب فيهما (6): النية، و العربية، و الترتيب بين الأجزاء كما ذكر (7)، و الموالاة، و قيام الخطيب مع القدرة، و الجلوس

**********

شرح:

(1)قوله «من» بيانيّة من المعنى المستقلّ ، فالآية التامّة الدالّة مستقلاّ على معنى الوعد في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (1) . (الكهف: 107).

(2)و الآية التامّة المشتملة على الوعيد مثل قوله تعالى: سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (2) . (النساء: 56).

و الوعد: من وعد يعد وعدا وعدة و موعدا و موعدة و موعودا و موعودة فلانا الأمر و بالأمر: قال له: إنّه يجريه له، أو ينيله إيّاه. وعد وعيدا الرجل: وعده شرّا و تهدّده. (المنجد).

(3)و الآية التامّة الشاملة على حكم مثل قوله تعالى: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (3) . (النور: 2).

(4)بالجرّ، عطفا على «حكم» و معطوفه. يعني كون الآية مشتملة على قصّة من قصص الأنبياء المتناسبة لحال الحاضرين، مثلا نقل قصّة حضرة يوسف عليه السّلام في خصوص حفظ الشهوة النفسانية عن ارتكاب المعاصي، أو نقل قصّة إبراهيم عليه السّلام في إتمام كلمات اللّه تعالى و امتحانه... و هكذا.

(5)يعني لا يكفي قراءة قوله سبحانه: مُدْهامَّتانِ (4) . (الرحمن: 64). فإنّها لا تفيد فائدة إلاّ أن يقرأ ما قبلها، و كذلك لا يكفي قراءة آية فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (5) .

(الشعراء: 46).

(6)أي يجب في الخطبتين النية، و قد أوضحنا معناها بأنها القصد مع القربة.

(7)و الترتيب المذكور هو: الحمد للّه، الثناء عليه، الصلاة على محمّد و آل محمّد، الوعظ ، و قراءة سورة خفيفة أو آية تامّة.

ص: 325


1- سوره 18 - آیه 107
2- سوره 4 - آیه 56
3- سوره 24 - آیه 2
4- سوره 55 - آیه 64
5- سوره 26 - آیه 46

بينهما (1)، و إسماع العدد المعتبر (2)، و الطهارة من الحدث (3) و الخبث في أصحّ القولين (4)، و الستر، كلّ ذلك (5) للاتّباع، و إصغاء (6) من يمكن سماعه من المأمومين، و ترك الكلام مطلقا (7)

**********

شرح:

(1)بأن يجلس الخطيب بين الخطبتين.

(2)و العدد المعتبر في صلاة الجمعة هو السبعة أو الخمسة كما سيأتي الإشارة إليه.

(3)يعني يجب على الخطيب الطهارة من الحدث بأن لا يكون محدثا، لا بالأكبر و لا بالأصغر، و الخبث بأن لا يكون نجسا من حيث البدن و اللباس كما في الصلاة.

(4)و الجار يتعلّق بالطهارة. يعني أنها شرط في الخطبتين بناء على أصحّ القولين، نظرا الى كون الخطبتين بدلا عن الركعتين، كلّما تشترط الطهارة في المبدل تشترط في البدل أيضا. و يستفاد في كون الخطبتين بدلا عن الركعتين من الروايات، منها المنقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: إنّما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين، فهي صلاة حتّى ينزل الإمام. (الوسائل: ج 5 ص 15 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 4).

و اختلف الأصحاب في اشتراط طهارة الخطيب من الحدث بعد اتّفاقهم على الرجحان المتناول للوجوب و الندب. فقال الشيخ رحمه اللّه في الخلاف و المبسوط بالاشتراط ، و منعه ابن إدريس و المحقّق و العلاّمة. (نقلا عن كتاب مدارك الأحكام).

(5)و الدليل على وجوب ما ذكر هو التأسّي بأنّ المعصومين عليهم السّلام كانوا كذلك.

(6)بالرفع، عطفا على الستر و معطوفه. يعني يجب على الحاضرين أن يستمعوا الخطبتين مع الإمكان.

(7)أي يجب ترك الكلام حال الخطبتين مطلقا، و هو إشارة بوجوب ترك الكلام لشخص الإمام حال الخطبتين و بينهما و كذلك للحاضرين.

و الحاصل: أنّ الخطبتين لصلاة الجمعة - غير وجوب اشتمالهما على الأمور الخمسة المذكورة آنفا - تجب فيهما أحد عشر أمرا:

الأول: وجوب النية، بأن يقصد منهما خطبتي الجمعة قربة الى اللّه تعالى.

ص: 326

(و يستحبّ بلاغة الخطيب) (1) بمعنى جمعه (2) بين الفصاحة (3) - التي هي

**********

شرح:

الثاني: العربية، بأن تكون الخطبتان باللغة العربية إلاّ أن لا يقدر عليها أو لا يعرف الحاضرون اللغة العربية.

الثالث: تأديتهما بالترتيب المذكور، و هو: الحمد، و الثناء، و الصلاة، و الوعظ ، و قراءة سورة خفيفة أو آية تامّة.

الرابع: الموالاة بين الخطبتين إلاّ بمقدار قليل من الجلوس و بين أجزائها المذكورة.

الخامس: قيام الخطيب مع القدرة، و إلاّ يجوز له الجلوس.

السادس: جلوس الخطيب بين الخطبتين قليلا.

السابع: إسماع الخطيب الخطبتين المأمومين و لو بعدد معتبر في الجمعة، و هو الخمسة أو السبعة كما ستأتي الإشارة الى بيانه.

الثامن: طهارة الإمام من الحدث و الخبث في أصحّ القولين.

التاسع: الستر، بأن يستر الخطيب بدنه.

العاشر: ترك الكلام من الخطيب بغير الخطبتين، بأن لا يتكلّم غير كلمات الخطبتين.

الحادي عشر: و الواجب على المأمومين أيضا الإصغاء الى الخطبتين، بأن لا يشتغلوا بكلام و لا فعل يوجب عدم التفاتهم الى خطبتي الخطيب.

(1)يعني و من مستحبّات خطبة صلاة الجمعة أن يكون الخطيب ذا إلمام بالبلاغة، و قد أوضحها الشارح رحمه اللّه بكونه جامعا بين البلاغة و الفصاحة.

(2)الضمير في قوله «جمعه» يرجع الى الخطيب.

(3)الفصاحة: من فصح، وزان شرف يشرف: جادت لغته و حسن منطقه. و علماء المعاني قالوا في علم المعاني بأنّ الفصاحة إمّا في الكلمة أو في الكلام أو في المتكلّم.

(المنجد).

و الفصاحة في الكلمة: هي خلوّها من تنافر الحروف، مثل: مستشزرات بمعنى النظر المعترض، و هكع بمعنى سكن، و أمثالهما. و غرابة الاستعمال بأن يكون استعمالها نادرا و غير مأنوس للناس، مثل: تكأكأ، و افرنقعوا، و الأول بمعنى جبن

ص: 327

.....................................................

**********

شرح:

و نكص، و الثاني بمعنى ابتعدوا. و من كونها على خلاف القياس و القاعدة، مثل أجلل، و الحال أنّ القاعدة إدغام اللامين.

و الفصاحة في الكلام: هي خلوّها من ضعف التأليف، و هو تركيب الكلام على خلاف القاعدة المشهورة بين النحاة، مثل إتيان الكلام بضمير يمتنع إرجاعه بمرجع لم يذكر لفظا و لا معنى، مثل قوله: ضرب غلامه زيدا، فإنّ الضمير في غلامه يرجع الى زيد و هو لم يذكر لا لفظا و لا معنى؛ لكون مرتبة المفعول متأخّرة لفظا و معنى. و من تنافر الكلمات، مثل الشعر المذكور في كتب المعاني:

و قبر حرب بمكان قفر*** و ليس قرب قبر حرب قبر

و من التعقيد، و هو إمّا لفظيّ أو معنويّ ، و الأول: إتيان الكلام على خلاف نظمه بنحو لا يفهم مقصود المتكلّم للمخاطب بوجه أسهل. و الثاني: استعمال كلمات غير مفيدة بالصراحة، مثل إرادة المتكلّم من الكلمات غير معانيها الحقيقية، مثل أن يقول: قد غربت شمسي، و أراد من لفظ «الشمس» معشوقته، أو قال: قد مات فلانا، و أراد موته من حيث الاعتقاد

و الفصاحة في المتكلّم: هي وجود ملكة و قوّة باطنية في المتكلّم يقدّر بها أن يجعل كلامه فصيحا بنحو يؤدّي مقاصده و مطالبه بكلام فصيح.

و أمّا البلاغة: فعلى قسمين:

الأول: البلاغة في الكلام، و هي عبارة عن إتيان المتكلّم بكلام مطابق بمقتضى الحال و المقام، مضافا الى كونه فصيحا، مثل إتيان الكلام بأداة التأكيد اذا كان المخاطب منكرا، مثل إنكار المخاطب علم زيد فيقول: إنّ زيدا لعالم، و لو لم يكن كذلك فلا يأتيه بأداة التأكيد، مثل أن يقول: زيد عالم.

الثاني: البلاغة في المتكلّم، و هي أيضا ملكة و قوّة باطنية يقدر المتكلّم بها تأليف كلامه بنحو بليغ.

اذا علمت هذه المقدّمة المختصرة فاعلم أيضا أنّ اصطلاح المتقدّمين من علماء البلاغة غير اصطلاح المتأخّرين منهم، فإنّ تفسير المتقدّمين للبلاغة لا يشمل

ص: 328

ملكة يقتدر بها على التعبير عن مقصوده بلفظ فصيح (1)، أي خال عن ضعف التأليف (2) و تنافر (3) الكلمات و التعقيد (4)، و عن كونها غريبة (5) وحشية - و بين البلاغة (6) التي هي ملكة يقتدر بها على التعبير عن الكلام الفصيح، المطابق لمقتضى (7) الحال بحسب

**********

شرح:

الفصاحة، لكنّ تفسير المتأخّرين منهم لها يشملها، كما علمت من كون البلاغة في الكلام إتيانه بكلام مطابق للحال و المقام مع كونه فصيحا.

ففي المقام قال المصنّف: «يستحبّ بلاغة الخطيب»، ففسّره الشارح بأنّ المراد من البلاغة هو جمع الخطيب بين الفصاحة و البلاغة باصطلاح المتأخّرين، لا اختصاصه بالبلاغة و لا بالفصاحة، بناء على اصطلاح المتقدّمين الفارق بينهما.

(1)و المراد من اللفظ الفصيح ما يفسّره بقوله «أي خال... الى آخره».

(2)قد أوضحنا ضعف التأليف في تعريف الفصاحة في الكلام بأنّه عبارة عن إتيان الكلام بتركيب مخالف للقاعدة المشهورة بين النحاة، مثل إرجاع الضمير بما لم يذكر لفظا و لا مقاما.

(3)قد ذكرنا تنافر الكلمات في تعريف الفصاحة في الكلمة، مثل استعمال ألفاظ «متشزرات» و «هكع».

(4)قد ذكرنا أيضا التعقيد في تعريف الفصاحة في الكلام بكونه خاليا عن التعقيد اللفظيّ و المعنويّ ، و هو إتيانه بألفاظ مغلقة لا يفهم المخاطب المقصود من الكلام فيها بسهولة.

(5)قد أوضحنا في تعريف الفصاحة في الكلمة بكونها خالية عن الغرابة، و هي إتيان الكلمات الغير المأنوسة للأذهان، مثل: افرنقعوا.

(6)عطف على قوله «بين الفصاحة». و المراد من البلاغة هي الملكة التي فسّرها باقتدار المتكلّم على إتيان الكلام الفصيح المناسب للحال... الى آخره.

(7)فإنّ مقتضى الحال إمّا من حيث الزمان و هو مراعاة المتكلّم حال الزمان الذي يتكلّم فيه، مثلا اذا اتّفق الجمعة يوم عاشوراء فأقام الجمعة فيها فخطب الخطبتين

ص: 329

الزمان و المكان و السامع (1) و الحال (2)،(و نزاهته) (3) عن الرذائل الخلقية (4)، و الذنوب الشرعية بحيث يكون مؤتمرا بما يأمر به، منزجرا عمّا ينهى عنه، لتقع موعظته في القلوب، فإنّ الموعظة إذا خرجت من القلب دخلت في القلب، و إذا خرجت من مجرّد اللسان لم تتجاوز الآذان (5)

**********

شرح:

و لم يذكر في أحد منهما شيئا عن ذكرى الطفّ .

قد اتّفق لي قضيّة لا يخلو نقلها من فائدة للطلاّب الأعزّاء، أدركنا ليلة عاشوراء في محلّ اجتمع الناس فيه كثيرا و من جميع الطبقات، حتّى الذين ليست عادتهم المشاركة في المجالس و المحافل، لكن من آثار النهضة الحسينية و من عظمة ليلة عاشوراء ينجذب هؤلاء في المحافل و المجالس و كلّنا شاهد، ففي هذا المجلس المملوء بالحاضرين المنتظرين لاستماع مصيبة سيّدنا الحسين عليه السّلام و نهضته و إيثاره يستعدّ الكلّ لاستماع المصيبة الواردة على أهل بيت العصمة و الطهارة عليهم السّلام، صعد الواعظ المنبر فخطب خطبة مختصرة، فشرع في ذمّ الناس بأنهم لا يعرفون مسائلهم الشرعية و لم يقتل الحسين عليه السّلام إلاّ لأجل الدين و أحكامه، فشرع في شرح مسألة الاستبراء ببيان مطوّل و أشار بأعضائه تشبيها للعورتين، فأشغل ثلاثة أرباع منبره بذلك. فمثل هذا الخطيب ينبغي عليه أن يراعي الحال من حيث الزمان، و كذلك الحال من حيث المكان.

(1)أي يجب مراعاة حال المستمع بأن يدرك حالهم من حيث فهم المطالب.

(2)هذا غير الحال الذي فصّله بحسب الزمان و المكان و المستمع، و المراد منه حال نفس الخطيب بأن يراعي مقتضى الحال بحسب حال نفسه.

(3)بالرفع، عطفا على البلاغة.

(4)المراد من الرذائل الخلقية هو البخل و الكبر و النفاق و غيرها من الصفات الخبيثة الباطنية، و المراد من الذنوب الشرعية عدم ابتلائه بالمعاصي. و لا يخفى أنّ كون ذلك مستحبّا إنّما هو في خصوص الخطيب الذي لم يكن إماما لصلاة الجمعة، و إلاّ يجب اشتراط ذلك في حقّه.

(5)جمع أذن، و المراد منه: أنّ المستمعين لا يتوجّهون لوعظه و كلامه.

ص: 330

(و محافظته (1) على أوائل الأوقات) ليكون أوفق لقبول موعظته (و التعمّم) (2) شتاء و صيفا للتأسّي مضيفا إليها (3) الحنك، و الرداء، و لبس أفضل الثياب، و التطيّب،(و الاعتماد (4) على شيء) حال الخطبة من سيف أو قوس أو عصا للاتّباع.

لا تنعقد الجمعة إلاّ بالإمام العادل عليه السّلام، أو نائبه

(و لا تنعقد) (5) الجمعة (إلاّ بالإمام (6)) العادل عليه السّلام،(أو نائبه (7)) خصوصا، أو عموما (و لو (8) كان) النائب (فقيها) جامعا لشرائط

**********

شرح:

(1)بالرفع، عطفا على نزاهته و معطوفه، بمعنى أنّ الخطيب يحافظ على الصلاة في أول وقتها.

(2)بأن يكون معمّما حال الخطبة في الشتاء و الصيف.

(3)الضمير في «إليها» يرجع الى العمامة، و المراد من الحنك - بفتح الحاء و النون - تحت الحنك: هو عبارة عن جعل مقدار من العمامة تحت حنكه عند الخطبة.

(4)يعني يستحبّ للخطيب أن يتّكئ على شيء من العصا أو السلاح، لما ذكر من سيرة النبي و الأئمة عليهم السّلام، كما ورد ذلك في الوسائل:

عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلّوا في جماعة، و ليلبس البرد و العمامة، و يتوكّأ على قوس أو عصا... الحديث.

(الوسائل: ج 5 ص 15 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 5).

(5)أي لا تصحّ صلاة الجمعة إلاّ بحضور الإمام المعصوم عليه السّلام أو نائبه الخاصّ :

و هو الذي أجازه الإمام في خصوص إقامة الجمعة، و العامّ : و هو الذي كان نائبا بنحو عام.

(6)و المراد منه هو الإمام المعصوم عليه السّلام.

(7)بالجرّ، لكونه عطفا على الإمام عليه السّلام.

(8)إنّ لفظ «لو» وصلية. يعني و لو كان النائب فقيها، بمعنى أنّه يجوز إقامة الجمعة بشخص الإمام عليه السّلام أو نائبه الخاصّ أو نائبه العامّ ، و هو الفقيه في زمان الغيبة مع إمكان اجتماع العدد اللازم.

ص: 331

الفتوى (1)(مع إمكان (2) الاجتماع في الغيبة (3)). هذا قيد في الاجتزاء (4) بالفقيه حال الغيبة، لأنّه منصوب من الإمام عليه السّلام عموما بقوله: «انظروا إلى رجل قد روى حديثنا... إلى آخره» (5) و غيره (6).

و الحاصل: أنه مع حضور الإمام عليه السّلام لا تنعقد الجمعة إلاّ به، أو بنائبه

**********

شرح:

(1)و المراد من «شرائط الفتوى» هو ما ذكره في باب القضاء بقوله «و في الغيبة ينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء». و قول الشارح رحمه اللّه «و هي: البلوغ و العقل و الذكورة و الإيمان و العدالة و طهارة المولد إجماعا و الكتابة و الحرّية، و البصر على الأشهر، و النطق، و غلبة الذكر، و الاجتهاد في الأحكام الشرعية و أصولها، و يتحقّق بمعرفة المقدّمات الستّ : و هي الكلام و الاصول و النحو و التصريف و لغة العرب و شرائط الأدلّة و الاصول الأربعة و هي: الكتاب، و السنّة، و الإجماع، و دليل العقل».

(2)بأن لا يمنع سلطان العصر من الاجتماع لإقامة صلاة الجمعة، أو لا توجد الموانع الاخر من اجتماع العدد اللازم في الجمعة.

(3)هذا ظرف لجواز إقامة الفقيه لصلاة الجمعة. يعني لو كان النائب العامّ فقيها في عصر الغيبة فيجوز له إقامة الجمعة.

(4)أي في الاكتفاء بإمامة الفقيه للجمعة. و الضمير في «لأنه» يرجع الى الفقيه، و المراد من العموم هو كون الفقيه منصوبا بنصب عامّ بلا تعيين شخص من الفقهاء.

(5)و هو مروي في الوسائل:

عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام - و قد سأله عن رجلين من أصحابه بينهما منازعة في دين أو ميراث كيف يصنعان - قال عليه السّلام: ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم اللّه و علينا ردّ، و الرادّ علينا الرادّ على اللّه. (الوسائل: ج 18 ص 99 ب 11 من أبواب صفات القاضي ح 1).

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى الخبر. يعني و يدلّ على المطلب غير هذا الخبر.

ص: 332

الخاصّ و هو المنصوب للجمعة، أو لما هو أعمّ منها (1)، و بدونه (2) تسقط ، و هو موضع وفاق.

و أمّا في حال الغيبة (3) - كهذا الزمان - فقد اختلف الأصحاب في وجوب الجمعة و تحريمها، فالمصنّف هنا أوجبها مع كون الإمام فقيها (4) لتحقّق الشرط و هو إذن الإمام الذي هو شرط في الجملة إجماعا (5)، و بهذا

**********

شرح:

(1)أي النائب المنصوب من جانب الإمام عليه السّلام لما هو أعمّ من الجمعة بأن كان نائبا عنه لكلّ الأمور الشرعية في البلاد أو الصقع المعيّن.

(2)الضمير في «بدونه» يرجع الى النائب الخاصّ . يعني اذا لم يتمكّن من النائب الخاصّ في عصر الإمام عليه السّلام فيسقط وجوب صلاة الجمعة، و السقوط كذلك إجماعيّ لا خلاف فيه.

(3)أي و أمّا حكم صلاة الجمعة في زمان غيبة الإمام عليه السّلام كهذا الزمان ففيه أقوال:

منها: القول بالوجوب التخييري، و هو قول المصنّف في هذا الكتاب «اللمعة» بشرط كون الامام من الفقهاء الواجدين لشرائط الفتوى كما أوضحناه، و صرّح المصنّف بهذا القول في كتابه «الدروس» أيضا.

و منها: القول بوجوبه التخييري و لو لم يكن الإمام فقيها، عملا بإطلاق الأدلّة، و هذا القول ظاهر كلام الأكثر من الفقهاء، و منهم المصنّف في كتابه «البيان».

و منها: القول في زمان الغيبة بالجواز لا باستحبابها.

و منها: القول في زمان الغيبة باستحباب صلاة الجمعة مع كونها واجبا تخييريّا.

و منها: القول بعدم مشروعية صلاة الجمعة؛ لأنّ الشرط فيها وجود الإمام عليه السّلام أو نائبه، و الحال لم يحصل الشرط في الغيبة، فلا يجوز المشروط .

(4)بقوله «و لو كان فقيها مع إمكان الاجتماع في الغيبة» فقال: إنّ الشرط - و هو وجوب النائب العامّ للإمام عليه السّلام - موجود فيجب، و مراده من الوجوب هو التخييري لا العيني، كما تأتي الإشارة إليه.

(5)قوله «في الجملة إجماعا» يتعلّق على الشرط . يعني أنّ إذن الإمام عليه السّلام شرط

ص: 333

القول (1) صرّح في الدروس أيضا، و ربّما قيل بوجوبها حينئذ (2) و إن لم يجمعها (3) فقيه، عملا بإطلاق الأدلّة (4). و اشتراط (5) الإمام عليه السّلام أو من نصبه إن سلّم (6) فهو مختصّ بحالة الحضور أو بإمكانه (7)، فمع عدمه (8)

**********

شرح:

إجماعا بلا تعيين أنه في حضور الإمام عليه السّلام أو حتّى في زمان الغيبة، و أيضا هل الإذن الذي شرط في صلاة الجمعة هو الإذن الخاصّ أو يكفي الإذن العامّ كما في خصوص الفقيه الجامع ؟

(1)أي القول بالوجوب التخييري.

(2)و هذا هو القول الثاني من الأقوال التي ذكرناها آنفا بأنّ صلاة الجمعة تجب بالوجوب التخييري و لو لم يقمها الفقيه.

(3)قوله «و إن لم يجمعها فقيه» أي و إن يقيمها فقيه، فإنّ الجمع هنا بمعنى الإقامة، كما يقال: جمعت الجمعة، أي أقيمت صلاة الجمعة. (المنجد).

(4)و المراد من «إطلاق الأدلّة» هو دلالة الكتاب و السنّة على وجوب الجمعة مطلقا، كما سيشير الشارح رحمه اللّه الى الأدلّة عن قريب.

(5)هذا مبتدأ يأتي خبره بقوله «مختصّ بحالة الحضور». يعني أنّ الأدلّة التي يستفاد منها شرطية صحّة الجمعة بوجود الإمام عليه السّلام أو نائبه إنّما هو في زمان الحضور لا الغيبة.

(6)أي إن كان اشتراط الإمام عليه السّلام أو من نصبه مسلّما فيفهم من ذلك عدم تسلّم الشارح رحمه اللّه استفادة الاشتراط عن الأدلّة.

(7)الضمير في «إمكانه» يرجع الى الحضور. يعني إذا أمكن حضور الإمام مثل زمان الغيبة الصغرى، أو في زمان حضوره عليه السّلام مع إمكان درك حضوره للمسلمين بأن جعل لهم مقدّمات التشرّف.

و يحتمل رجوعه الى «من نصبه». يعني مع إمكان من نصبه الإمام عليه السّلام، كما أنّه يمكن النصب للإمام عليه السّلام في زمان حضوره، لكن لو لم يمكن النصب مثل زمان الغيبة فلا يحكم باشتراط من نصب الإمام في صحّة الجمعة.

(8)و الضمير في «عدمه» يرجع الى كلّ من الحضور و الإمكان.

ص: 334

يبقى عموم الأدلّة من الكتاب (1) و السنّة (2) خاليا عن المعارض، و هو (3) ظاهر الأكثر و منهم المصنّف في البيان، فإنّهم (4) يكتفون بإمكان الاجتماع مع باقي الشرائط .

و ربّما عبّروا عن حكمها حال الغيبة بالجواز تارة (5) و بالاستحباب (6) اخرى، نظرا (7) إلى إجماعهم على عدم وجوبها حينئذ عينا، و إنّما تجب

**********

شرح:

(1)المراد من الكتاب قوله تعالى في سورة الجمعة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (1) . (الجمعة: 10).

(2)و الروايات الدالّة على وجوب الجمعة مطلقا كثيرة منها المنقولة في الوسائل:

عن الفضل بن عبد الملك قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات، فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر، و إنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين. (الوسائل: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 6).

(3)أي القول بالوجوب التخييري لصلاة الجمعة مع عدم الفقيه ظاهر كلام الأكثر من الفقهاء و منهم المصنّف في كتابه البيان.

(4)يعني أنّ الأكثر من العلماء و منهم المصنّف في البيان يكتفون بحصول الشرطين:

الأول: إمكان اجتماع العدد اللازم بأن لا يمنعهم السلطان و الظلمة.

و الثاني: وجود باقي شرائط الجمعة من قراءة الخطبتين المذكورتين، و كون الإمام عادلا و غير ذلك، فلا يشترطون الإمام و نائبه الخاصّ أو العامّ مثل الفقيه.

(5)هذا هو القول الثالث من الأقوال التي ذكرناها آنفا.

(6)و هذا هو القول الرابع.

(7)تعليل للقول باستحباب صلاة الجمعة بعد القول بوجوبها التخييري، بأنّ الإجماع قام على عدم وجوبها عينا، فيبقى في وجوبها التخييري، فاذا يحكم باستحبابها عينا.

ص: 335


1- سوره 62 - آیه 9

على تقديره (1) تخييرا بينها و بين الظهر، لكنّها عندهم (2) أفضل من الظهر و هو معنى الاستحباب، بمعنى أنّها واجبة تخييرا مستحبّة عينا كما في جميع أفراد الواجب المخيّر (3) إذا كان بعضها راجحا على الباقي، و على هذا (4) ينوي بها الوجوب و تجزي عن الظهر، و كثيرا ما يحصل الالتباس (5) في كلامهم بسبب ذلك (6) حيث يشترطون الإمام أو نائبه في الوجوب إجماعا، ثمّ يذكرون حال الغيبة، و يختلفون في حكمها فيها (7)، فيوهم أنّ

**********

شرح:

(1)الضمير في «تقديره» يرجع الى الوجوب، و في «بينها» يرجع الى الجمعة.

(2)أي الجمعة عند الفقهاء أفضل من الظهر في صورة الوجوب التخييري منهما.

(3)مثل الوجوب التخييري بين قراءة الحمد و التسبيحة مع كون التسبيحة مستحبّة عند البعض، و مثل التخيير بين الكفّارات الثلاث مع استحباب بعضها.

(4)يعني فعلى القول بالوجوب التخييري فالمصلّي لصلاة الجمعة ينوي الجمعة واجبة و يكفي عن وجوب الظهر، كما أنه لو صلّى الظهر ينويها واجبا و يكفي عن الجمعة.

(5)أي يحصل الاشتباه في فهم مقصود الفقهاء من عباراتهم و كلماتهم، لعدم تصريحهم بالوجوب التخييري في زمان الغيبة، بل أنهم يبحثون في وجوبها العيني في زمان الحضور، و يشترطون حضور الإمام أو نائبه الخاصّ أو العامّ في صحّتها، ثمّ يذكرون حكمها في زمان الغيبة، و يختلفون في حكمها في زمان الغيبة، فيجوّزها البعض و لم يجوّزها الآخر، فذلك يوهم أنها في زمان الغيبة لا تجوز لعدم تحقّق شرطها و هو وجود الإمام و من نصبه، و الحال أنّ هذا الشرط إنّما هو في خصوص وجوبها العيني، و الإجماع لوجوب الشرط إنّما هو أيضا في خصوص وجوبها العيني لا التخييري، فبالنسبة الى التخييري لم يحصل الإجماع المخصّص لإطلاق الأدلّة.

(6)المشار إليه عدم تصريحهم بوجوبها تخييرا و استحبابها تعيينا.

(7)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الغيبة، و في «حكمها» يرجع الى الجمعة.

ص: 336

الإجماع المذكور يقتضي عدم جوازها حينئذ (1) بدون الفقيه، و الحال أنها (2) في حال الغيبة لا تجب عندهم عينا، و ذلك (3) شرط الواجب العيني خاصّة. و من هنا (4) ذهب جماعة من الأصحاب إلى عدم جوازها حال الغيبة لفقد الشرط المذكور.

و يضعّف (5) بمنع عدم حصول الشرط أولا لإمكانه بحضور الفقيه، و منع اشتراطه (6) ثانيا، لعدم الدليل عليه من جهة النصّ فيما علمناه.

**********

شرح:

(1)أي حين الغيبة. بمعنى أنّ الإجماع المدّعى بعدم انعقاد الجمعة في زمان الحضور بدون الإمام و من نصبه هو دالّ على عدم صحّة الجمعة في زمان الغيبة أيضا، و الحال أنّ الإجماع المدّعى إنّما هو في خصوص وجوبها العيني لا التخييري.

(2)الضمير في قوله «أنها» يرجع الى الجمعة، و الضمير في «عندهم» يرجع الى الفقهاء.

(3)المشار إليه هو حضور الإمام و من نصبه. يعني أنّ اشتراطه إنّما هو في خصوص الواجب العيني لا التخييري بينها و بين الظهر.

(4)أي و من اشتباه قيام الإجماع بعدم الوجوب عند عدم حضور الإمام و من نصبه قال بعض الفقهاء بعدم جواز صلاة الجمعة في زمان الغيبة لعدم تحقّق شرطها، و هو حضور الإمام و من نصبه.

(5)أي يضعّف القول بعدم جواز صلاة الجمعة في زمان الغيبة بدليلين:

الأول: منع عدم الشرط ، لأنّ حضور الفقيه هو مثل حضور الإمام لكونه نائبا عامّا له عليه السّلام.

و الثاني: هو عدم الدليل بلزوم حضور الإمام عليه السّلام و من نصبه في وجوبها التخييري.

(6)الضمير في «اشتراطه» يرجع الى الإمام عليه السّلام و من نصبه. يعني و الدليل الثاني لصحّة القول بوجوبها التخييري في المقام هو عدم وجود دليل باشتراط الإمام عليه السّلام و من نصبه في الأخبار التي اطّلعنا عليها و وصلت إلينا.

ص: 337

و ما يظهر (1) من جعل مستنده الإجماع فإنّما هو على تقدير الحضور، أمّا في حال الغيبة فهو (2) محلّ النزاع فلا يجعل (3) دليلا فيه مع إطلاق القرآن الكريم بالحثّ العظيم (4) المؤكّد بوجوه كثيرة مضافا إلى النصوص

**********

شرح:

(1)قوله «ما» الموصلة مبتدأ خبره قوله «فإنّما هو على تقدير الحضور».

(2)الضمير يرجع الى الاشتراط . يعني أنّ ذلك في زمان الغيبة محلّ خلاف لا إجماع فيه.

(3)قوله «فلا يجعل دليلا» بصيغة المجهول، و نائب الفاعل مستتر يرجع الى الإجماع، و الضمير في «فيه» يرجع الى حال الغيبة. يعني أنّ الإجماع المدّعى باشتراط الإمام عليه السّلام و نائبه في حال الحضور لا يستند إليه في حال الغيبة.

(4)يعني أنّ الإجماع المخصوص باشتراط الإمام عليه السّلام و من نصبه في حال الحضور لا يستند إليه في حال الغيبة مع إطلاق القرآن في قوله تعالى: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ ... (1) الى آخره، و المراد بالحثّ العظيم المؤكّد هو التأكيدات العديدة في الآية الشريفة من جهات:

الاولى: كون الخطاب الى المؤمنين بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (2) ، و الحال أنّ غير المؤمنين أيضا مكلّفون بالفروع كما أنّهم مكلّفون بالاصول، فالاختصاص يفهم بأنّ المخاطب به هو أمر مهمّ لا يليق بالكفّار العمل به.

و الثانية: استفادة التعجيل و السرعة من قوله: فَاسْعَوْا (3) فإنّ الفاء يدلّ على التعجيل بعد النداء الى صلاة الجمعة بقوله: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ (4) ، و أيضا لفظ فَاسْعَوْا (5) من السعي، و هو السرعة في العمل. فالحاصل: اذا نودي للصلاة فاسرعوا بالذهاب الى صلاة الجمعة.

و الثالثة: التعبير عن صلاة الجمعة بذكر اللّه، فالتارك للجمعة كتارك ذكر اللّه تعالى.

و الرابعة: ترك كلّ ما ينافي إقامة الجمعة من التجارة بقوله: وَ ذَرُوا الْبَيْعَ (6) .

و الخامسة: وعد الخير للّذين يقيمون الجمعة بقوله تعالى: ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ (7) .

و السادسة: قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (8) حيث فسّر بأنه إن كنتم من أهل

ص: 338


1- سوره 62 - آیه 9
2- سوره 62 - آیه 9
3- سوره 62 - آیه 9
4- سوره 62 - آیه 9
5- سوره 62 - آیه 9
6- سوره 62 - آیه 9
7- سوره 62 - آیه 9
8- سوره 62 - آیه 9

المتضافرة على وجوبها (1) بغير الشرط المذكور (2)، بل في بعضها ما يدلّ على عدمه (3). نعم (4) يعتبر اجتماع باقي الشرائط و منه الصلاة على الأئمة و لو إجمالا (5)، و لا ينافيه (6) ذكر غيرهم.

**********

شرح:

العلم فافعلوا ما امرتم به، و انتهوا عمّا نهيتم عنه، و هو أيضا مزيد تأكيد للسابق منه.

هذه خلاصة ما استفيد من الحثّ و التأكيد من الآية الشريفة كما ذكره المرحوم الملاّ جمال و هو من المحشّين العظام رضوان اللّه تعالى عليهم.

(1)يعني علاوة على الحثّ العظيم المؤكّد في الآية فإنّ الأخبار المتضافرة تدلّ على وجوب الجمعة بلا شرط حضور الإمام عليه السّلام و من نصبه.

(2)راجع خبر الفضل بن عبد الملك الذي ذكرناه في ص 335 هامش 10.

(3)و المراد من الروايات الدالّة على عدم اشتراط الإمام و من نصبه هو المنقول في الوسائل:

عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: على من تجب الجمعة ؟ قال: تجب على سبعة نفر من المسلمين، و لا جمعة لأقلّ من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام، فاذا اجتمع سبعة و لم يخافوا أمّهم بعضهم و خطبهم. (الوسائل: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 5).

و عن منصور - يعني ابن حازم - عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يجمع القوم يوم الجمعة اذا كانوا خمسة فما زادوا، فإن كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم، و الجمعة واجبة على كلّ أحد... الحديث. (المصدر السابق: ح 7).

(4)هذا استدراك من إثبات عدم اشتراط الإمام عليه السّلام و من نصبه في وجوب صلاة الجمعة، بأنه يشترط سائر الشرائط ، منها الصلاة على الأئمة المعصومين عليهم السّلام.

(5)بأن يصلّي على الأئمة عليهم السّلام إجمالا بقوله: على أئمّة الحقّ ، و الراشدين، و الهادين، و المهديّين و غير ذلك من الألفاظ الدالّة عليهم إجمالا.

(6)الضمير في «لا ينافيه» يرجع الى وجوب الجمعة. يعني لا ينافي وجوبها ذكر أسامي سائر الأئمة خوفا من الأعداء.

ص: 339

و لو لا دعواهم الإجماع على عدم الوجوب العيني لكان القول به (1) في غاية القوّة فلا أقلّ من التخييري مع رجحان الجمعة، و تعبير (2) المصنّف و غيره بإمكان الاجتماع يريد به الاجتماع على إمام عدل (3)، لأنّ ذلك (4) لم يتفق في زمن ظهور الأئمة غالبا (5)، و هو السرّ في عدم اجتزائهم بها (6) عن الظهر مع ما نقل من تمام محافظتهم عليها (7)، و من ذلك (8) سرى الوهم.

**********

شرح:

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في خصوص صلاة الجمعة في زمان الغيبة. يعني لو لا وجود الإجماع على عدم الوجوب العيني للجمعة في الغيبة لكان القول به في غاية القوّة، فاذا تنزّلنا عن وجوبها العيني فلا أقلّ من الوجوب التخييري مع استحباب الجمعة لأنه اذا لم يحكم بالوجوب التخييري يلزم طرح الروايات الدالّة على الوجوب مطلقا.

(2)هذا مبتدأ و يأتي خبره بقوله «يريد به الاجتماع على إمام عدل».

(3)بأن أمكن الاجتماع لإمامة الإمام العادل، و المراد منه هو الإمام الأصل عليه السّلام أو نائبه الخاصّ أو العامّ .

(4)المشار إليه هو الاجتماع، بأنّه لم يتّفق أن يأتمّ الإمام العادل في زمن الأئمة عليهم السّلام.

(5)إلاّ قليلا مثل زمان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في مدّة حكومته الظاهرية.

(6)الضمير في «بها» يرجع الى الجمعة. يعني و من جهة كون الإمام للجمعة غير عادل لم يكتف الأئمة بصلاة الجمعة، بل أقاموا صلاة الظهر.

(7)يعني أنّ الأئمة عليهم السّلام اهتمّوا بصلاة الجمعة و رغّبوا بها.

(8)يعني و من عدم إقامتهم الجمعة وجدت الشبهة للبعض في وجوبها.

* من حواشي الكتاب: أي سرى الوهم أنّ في حال الغيبة لا تصحّ مطلقا و إن أمكن الاجتماع مع الفقيه الجامع للشرائط . و الحاصل: أنّهم تركوا الجمعة مع غاية اهتمامهم بها و إن كان الفقيه موجودا لأجل أنه لا يمكن الاجتماع عليه فسرى الوهم، إلاّ أنّ تركهم الجمعة لعدم كفاية الفقيه لإمامة الجمعة، و لم يكن كذلك، بل لعدم إمكان الاجتماع عليه. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

ص: 340

اجتماع خمسة فصاعدا

(و اجتماع (1) خمسة فصاعدا أحدهم الإمام) في الأصحّ (2)، و هذا (3) يشمل شرطين:

أحدهما: العدد و هو الخمسة في أصحّ القولين لصحّة مستنده (4)، و قيل: (5) سبعة، و يشترط كونهم: ذكورا، أحرارا (6)، مكلّفين، مقيمين، سالمين عن المرض و البعد (7) المسقطين،

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «بالإمام» من قوله «و لا تنعقد إلاّ بالإمام أو نائبه... الى آخره» و هذا هو الشرط الثالث لصحّة الجمعة. كما أنّ الشرط الأوّل هو تقديم الخطبتين كما ذكره رحمه اللّه بقوله «و تجب فيها تقديم الخطبتين المشتملتين... الى آخره». و الشرط الثاني هو إمامة المعصوم عليه السّلام أو من نصبه. و الشرط الثالث اجتماع خمسة فصاعدا أحدهم الإمام.

(2)قوله «في الأصحّ » يتعلّق بقوله «اجتماع خمسة» في مقابله الغير الأصحّ عنده، و هو اشتراط اجتماع سبعة.

(3)المشار إليه هو اشتراط اجتماع العدد المذكور، فإنّه يستفاد من ذلك وجود شرطين: أحدهما العدد، و الثاني الجماعة بأن تقام صلاة الجمعة جماعة فلا تصحّ فرادا.

(4)و المستند هو الرواية الواردة في الوسائل:

عن زرارة قال: كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: لا تكون الخطبة و الجمعة و صلاة ركعتين على أوّل من خمسة رهط : الإمام و أربعة. (الوسائل: ج 5 ص 7 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 2).

(5)القول منسوب الى الشيخ رحمه اللّه و ابن البرّاج و ابن زهرة، فإنّهم قالوا بلزوم سبعة في انعقاد الجمعة.

(6)أي من شرائط العدد المذكور كونهم ذكورا و أحرارا.

(7)بالجرّ، عطفا على المرض في قوله «سالمين عن المرض». يعني يشترط في العدد المذكور كونهم سالمين عن الأمراض المسقطة للجمعة و سالمين عن البعد المسقط لها، فلو كان أحد منهم كذلك لا تنعقد الجمعة.

ص: 341

و سيأتي (1) ما يدلّ عليه.

و ثانيهما: (2) الجماعة بأن يأتمّوا بإمام منهم، فلا تصحّ فرادى. و إنّما يشترطان (3) في الابتداء لا في الاستدامة، فلو انفضّ (4) العدد بعد تحريم الإمام أتمّ الباقون و لو فرادى (5)، مع عدم حضور من ينعقد به (6) الجماعة، و قبله (7) تسقط ، و مع العود (8) في أثناء الخطبة يعاد ما فات من أركانها.

**********

شرح:

(1)أي سيأتي قول المصنّف - الدالّ على اشتراط ما ذكره الشارح رحمه اللّه - في قوله «و تسقط عن المرأة، و العبد، و المسافر» فإنّه يفهم منها عدم انعقاد الجمعة بالعدد الذي يوجد بوجود المرأة و العبد و المسافر.

(2)أي الثاني من الشرطين في قوله «هذا يشمل شرطين».

(3)يعني أنّ الشرطين المذكورين - و هو العدد و الجماعة - إنّما هما في الشروع للجمعة و ابتدائها، لكن لو انعقدت بالشرطين و فقد أحدهما أو كلاهما فلا يؤثّر في البطلان.

(4)أي لو تفرّق العدد بعد النية و تكبيرة الإمام فلا يمنع من الصحّة فيتمّ الباقون صلاتهم الجمعة جماعة. هذا في صورة عدم كون الإمام من جملة المتفرّقين، فلو كان هو أيضا منهم ينصبون حينئذ من كان عادلا و جامعا مقام الإمام، و يقتدون بقيّة صلاة الجمعة للبدل من الإمام الأول، فإن لم يمكن ذلك أيضا فيتمّ الباقون الجمعة فرادى بلا جماعة.

(5)قد أوضحنا إتمامهم الجمعة فرادى في الهامش السابق بأنّه في صورة تفرّق الإمام أيضا مع المتفرّقين و عدم وجود الإمام الواجد لشرائط الإمامة من الباقين.

(6)و هو وجود الإمام الواجد لشرائط الإمامة.

(7)الضمير في «قبله» يرجع الى تكبيرة الإمام.

(8)يعني لو تفرّق العدد حال الخطبة و رجعوا في حال الخطبة و الحال لم يستمعوا الأركان منها مثل: الحمد أو الصلاة أو غيرهما يلزم الإمام إعادة الأركان و تصحّ الجمعة.

ص: 342

تسقط ) الجمعة عن طوائف

(و تسقط ) الجمعة (عن المرأة) (1) و الخنثى للشكّ في ذكوريّته التي هي شرط الوجوب،(و العبد) و إن كان مبعّضا، و اتّفقت (2) في نوبته مهايا (3)، أم مدبّرا (4)، أم مكاتبا لم يؤد جميع مال الكتابة،(و المسافر) (5) الذي يلزمه القصر في سفره، فالعاصي به (6) و كثيره، و ناوي إقامة عشرة كالمقيم (7)، (و الهمّ ) (8) و هو الشيخ الكبير الذي يعجز عن حضورها (9)، أو يشقّ عليه

**********

شرح:

(1)بمعنى أنّ المرأة لا تجب عليها صلاة الجمعة كما ذكرنا بعدم انعقاد الجمعة بوجود العدد المذكور بالمرأة، لكن لو تمّ العدد بوجود الرجال و حضرت المرأة للجمعة فلا مانع من حضورها و كون الجمعة مسقطة لوجوب صلاة الظهر في حقّها أيضا.

(2)أي اتّفقت صلاة جمعة العبد في يوم توافقا مع مولاه بكونه للعبد المبعّض مثلا كان نصفه حرّا و نصفه مملوكا توافقا بكون يوم لمولاه و يوم لنفسه فاتّفقت الجمعة في يومه.

(3)مهايا - بصيغة اسم المفعول من هايا يهايّ مهاياة، و زان ضارب يضارب، و اسم المفعول مهايا و زان مضاربا - بمعنى التوافق و التسالم على شيء بين الشخصين.

(4)عطف على «مبعّضا». يعني لا تجب الجمعة على العبد المدبّر، و هو الذي قال المولى في حقّه: هو حرّ دبر وفاتي.

(5)يعني و تسقط الجمعة عن المسافر الذي تكون صلاته قصرا.

(6)الضميران في «به» و «كثيره» يرجعان الى السفر. يعني المسافر الذي كان سفره معصية أو كان كثير السفر فلا تسقط الجمعة عنهما.

(7)هذا خبر للمبتدءات المذكورة، و هو قوله «فالعاصي به، و كثيرة، و ناوي إقامة عشرة». يعني أنّ هؤلاء من المسافرين تجب عليهم الجمعة.

(8)بالجرّ، عطفا على المسافر. يعني و تسقط الجمعة عن شخص همّ ، و الهمّ - بكسر الهاء و سكون الميم المشدّدة -: النحيف الرقيق، الشيخ الفاني كأنّه قد ذاب من الكبر، جمعه أهمام. (المنجد).

(9)أي الجمعة. يعني تسقط الجمعة عن الشيخ الذي لا يقدر على الحضور للجمعة أو يوجب حضوره مشقّة له.

ص: 343

مشقّة لا تتحمل عادة،(و الأعمى) و إن وجد قائدا، أو كان قريبا من المسجد (و الأعرج) البالغ عرجه (1) حدّ الإقعاد، أو الموجب لمشقّة الحضور كالهمّ ،(و من (2) بعد منزله) عن موضع تقام فيه الجمعة

**********

شرح:

(1)العرج: من عرج يعرج: أصابه شيء في رجله فمشى مشية غير متساوية، فكان يميل جسده خطوة الى اليمين و خطوة الى الشمال، فهو أعرج، جمعه عرج. (المنجد).

و المراد من حدّ الإقعاد هو كون الأعرج لا يقدر على المشي، بل يكون قاعدا دائما.

(2)قوله «من» الموصول مجرور محلاّ، لعطفه على الأعرج و معطوفه. يعني تسقط الجمعة عمّن بعد منزله عن مكان تقام فيه الجمعة بأزيد من فرسخين بشرط أن لا يمكنه إقامة صلاة الجمعة في منزله أو في مكان أقلّ من فرسخ، فلو أمكن إقامة الجمعة في منزله بأن يمكنه الاجتماع و حضور الإمام الجامع لا تسقط عنه الجمعة، و كذلك لو أمكنه إقامة الجمعة في مكان أقلّ من فرسخ، لكن لو أمكنه ذلك في موضع أزيد من فرسخ لا تجب إقامة الجمعة، للزوم المسافة بين الجمعتين بفرسخ، و الحال في هذه الصورة تكون المسافة أقلّ من مقدار لازم فلا تصحّ إقامة الجمعة في هذا الموضع. هذا آخر ما في عبارة الشارح.

لكن يبقى الإيراد بأنّه لو أمكنه إقامة الجمعة في بداية الفرسخ فإنّ الجمعة تصحّ منه كما ستأتي الإشارة إليه، فالعبارة من هذه الناحية ناقصة، و لذا قالوا: إنّ هذه العبارة من جملة ما اشتهر به الإشكال.

و يمكن دفع الإشكال الوارد على العبارة بوجوه:

الأوّل: أن يراد من لفظ «دون» معنى «عند» فيقال: إنّ معنى العبارة: عدم إمكان إقامة الجمعة عند فرسخ فاصل من موضع إقامة الجمعة الاخرى، فلو أمكن ذلك في رأس الفرسخ الذي بينه و بين الجمعة الاخرى فلا تسقط حينئذ.

و الثاني: أن يقال: إنّ فرض إقامة الصلاة في رأس الفرسخ الذي لا يزيد على أقلّ منه بعيد، فلذا عبّر عنه ب «دون فرسخ».

و الثالث: أن يراد من لفظ «دون» بمعنى الغير، فتكون العبارة هكذا: و يتعذّر

ص: 344

كالمسجد (بأزيد (1) من فرسخين) و الحال (2) أنّه يتعذّر عليه إقامتها عنده، أو فيما (3) دون فرسخ،(و لا ينعقد جمعتان في أقلّ من فرسخ) بل يجب على من يشتمل عليه الفرسخ الاجتماع على جمعة واحدة كفاية (4).

و لا يختصّ (5) الحضور بقوم إلاّ أن يكون الإمام فيهم، فمتى أخلّوا (6) به أثموا جميعا. و محصّل هذا الشرط (7)

**********

شرح:

إقامتها في غير الفرسخ الفاصل بين الجمعتين.

فتأمّل في معنى العبارة و الوجوه التي ذكرناها في دفع الإشكال الوارد على ظاهر العبارة.

(1)الجار متعلّق بقوله «و من بعد منزله».

(2)أي في حال تسقط الجمعة إذا لم يتمكّن من إقامتها في منزله.

(3)يعني أو تعذّر عند فرسخ، أو غير فرسخ كما فصّلناه آنفا.

(4)يعني أنّ الوجوب كفائيّ لا عينيّ ، فلو اجتمع قوم و أقاموا صلاة الجمعة فيجب على سائر الأقوام من أيّ طائفة كانوا أن يحضروا الجمعة، و لا يجب عليهم إقامة جمعة اخرى، فإنّ الحضور واجب كفاية على ذمّة كلّ قوم، فأيّهم أقدم وجب على غيرهم الى فرسخين أن يجتمعوا معهم، إلاّ أن يقيموا صلاة جمعة اخرى في أبعد من فرسخ. هذا معنى العبارة، لا أنّ وجوب الحضور للجمعة واجب كفائيّ اذا حضر قوم يسقط الوجوب عن ذمّة السائرين، و الحال عند حضور الامام عليه السّلام تجب الجمعة لكلّ فرد من المؤمنين، و في زمان الغيبة تجب وجوبا تخييريّا لا كفائيّا.

(5)هذا متفرّع على قوله «كفاية». يعني اذا كان إقامة الجمعة واجبا كفائيا بين الأقوام و الطبقات فلا يختصّ وجوب الإقامة بقوم خاصّ إلاّ أن يكون الإمام معهم.

(6)و هذا أيضا من متفرّعات الوجوب الكفائي، فلو أخلّ بإقامة الجمعة جميع الأقوام الموجودين في الفرسخ يأتمّون جميعا.

(7)المراد من هذا الشرط هو قوله «و لا تنعقد جمعتان في أقلّ من فرسخ».

ص: 345

و ما قبله (1) أنّ من بعد عنها بدون فرسخ يتعيّن عليه الحضور (2)، و من زاد عنه (3) إلى فرسخين يتخيّر بينه و بين إقامتها عنده، و من زاد عنهما (4) يجب إقامتها عنده، أو فيما دون الفرسخ مع الإمكان، و إلاّ سقطت (5).

و لو (6) صلّوا أزيد من جمعة فيما دون الفرسخ صحّت السابقة (7) خاصّة، و يعيد اللاحقة (8) ظهرا،

**********

شرح:

(1)و المراد من «ما قبله» قوله «و من بعد منزله بأزيد من فرسخين» فإنّ المفهوم منه وجوب حضور الذين كانوا أقرب من ذلك في الجمعة المنعقدة، إلاّ أن يعقدوا جمعة اخرى في ما دون فرسخ كما مرّ.

(2)المراد من «الحضور» هنا هو الاشتراك في الجمعة المنعقدة، كما أنّ المراد من لفظ «الحضور» في قوله «و لا يختصّ الحضور» هو إقامة الجمعة.

(3)الضمير في «عنه» يرجع الى فرسخ. يعني و من زاد بعده عن موضع إقامة الجمعة من فرسخ الى فرسخين يتخيّر بين الاشتراك في الجمعة المنعقدة و بين تشكيل جمعة اخرى من دون فرسخ.

(4)أي و من زاد بعده عن موضع الجمعة بفرسخين تجب عليه إقامة الجمعة في محلّه، أو فيما دون الفرسخ اذا أمكن حضور الاجتماع و الإمام الواجد للشرائط .

(5)يعني لو لم يمكن للذين بعدوا عن موضع الجمعة بفرسخين إقامة الجمعة في محلّهم أو بأقلّ من فرسخ فتسقط الجمعة عن ذمّتهم.

(6)قوله «لو» شرطية يأتي جوابها بقوله «صحّت السابقة خاصّة و يعيد اللاحقة ظهرا». و حاصله: أنه لو اقيمت الجمعتان في أقلّ من فرسخ فكلّ من سبق بالإقامة تصحّ منه، و أمّا اللاحق فيجب عليه إعادة صلاة الظهر، أي يأتيها.

(7)قوله «السابقة» صفة للموصوف المقدّر و هو «الجمعة». يعني صحّت صلاة الجمعة السابقة.

(8)هذا أيضا صفة لموصوف مقدّر و هو «الطائفة». يعني تعيد الطائفة اللاحقة، و ليس المراد من الإعادة معناه إتيان عمل مرّة اخرى، بل المراد إتيان صلاة الظهر، و التعبير بالإعادة لعلّه بإتيان البدل المحكوم بإعادة المبدل.

ص: 346

و كذا المشتبه (1) مع العلم به (2) في الجملة، أمّا لو اشتبه (3) السبق و الاقتران وجب إعادة الجمعة مع بقاء وقتها خاصّة على الأصحّ مجتمعين، أو متفرّقين بالمعتبر (4)، و الظهر (5) مع خروجه (و يحرم السفر)

**********

شرح:

(1)عطف على اللاحقة في قوله «و تعيد اللاحقة». يعني و كذا يجب على الطائفة المشتبهة إعادة الظهر، و المراد من الطائفة المشتبهة كلا الطائفتين؛ لأنّ كليهما مشتبهة في اللحوق فيأتيان ظهرا، و لا يجوز لهما إقامة الجمعة لوقوعها صحيحة، لكن لا يعلم بأنها من الاولى أو الثانية.

* من حواشي الكتاب: اذا لم تتعيّن السابقة ففيه قولان، أحدهما: قول الشيخ رحمه اللّه: إنّهم يصلّون الجمعة مع السعة (بمعنى أنّهم يقيمون جمعة واحدة جميعا) لأنّه مع الحكم بإعادة الظهر كأن لم تصلّ فيهم جمعة، و لأنّ الصحّة مشروطة بعلم السبق و هو مفقود فانتفت بصحّة الثاني. و قول الفاضل بأنهم يصلّون الظهر، لأنهم قاطعون بجمعة صحيحة فكيف تعاد؟. (حاشية سلطان العلماء رحمه اللّه).

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى اللحوق. يعني اذا حصل العلم إجمالا بلحوق أحدهما و سبق الآخر يعيدان الظهر.

(3)هذا فرع آخر في المسألة، و هو اشتباه اقتران الجمعتين و سبق أحدهما الآخر، ففي هذه الصورة تجب إعادة صلاة الجمعة لو كان الوقت باقيا بنحو الاجتماع بأن يقيموا جميعا صلاة واحدة، أو أن تكون مسافة بينهما أزيد من فرسخ، و يقيم كلّ منهما جمعة واحدة مستقلّة.

(4)بأن يتفرّقا بمقدار معتبر في إقامة الجمعتين، و هو فرسخ بينهما.

(5)عطف على الجمعة في قوله «وجب إعادة الجمعة». يعني لو خرج وقت الجمعة وجب إعادة الظهر لكليهما.

و الحاصل: أنّ في المقام أربع مسائل:

الاولى: هو الذي لم يشر إليه الشارح رحمه اللّه، و هو اقتران الجمعتين في فرسخ واحد، ففيه يحكم ببطلان كليهما لعدم العلم بالسبق و استحالة الترجيح بلا مرجّح.

الثانية: اذا علم سبق إحداهما و لحوق الاخرى فيحكم بصحّة الاولى و إعادة

ص: 347

إلى مسافة (1)، أو الموجب (2) تقويتها (بعد الزوال على المكلّف بها) (3) اختيارا لتفويته الواجب (4) و إن أمكنه إقامتها (5) في طريقه، لأنّ تجويزه (6) على تقديره

**********

شرح:

الظهر للطائفة الثانية.

الثالثة: اذا اشتبه اللحوق بين الجمعتين مع العلم بسبق إحداهما و لحوق الاخرى إجمالا ففيه قولان: قول الشارح و الفاضل و جمع من الفقهاء بلزوم إعادة الظهر، و قول منسوب للشيخ رحمه اللّه بجواز الجمعة، كما أشار إليها سلطان العلماء في حاشيته المذكورة آنفا.

الرابعة: اشتباه الاقتران من الجمعتين و السبق لإحداهما الاخرى، ففيه يحكم بإقامة الجمعة لو لم يخرج وقتها، و يحكم بإعادة الظهر لو خرج وقت الجمعة، كما أوضحنا كلّ واحد من أقوال الشارح الثلاثة.

(1)يعني اذا زال الظهر يوم الجمعة لا يجوز السفر لمن تجب عليه صلاة الجمعة بلا عذر شرعي، لأنّه اذا دخل وقت الجمعة تلزم على ذمّته صلاة الجمعة، فكلّ ما ينافيها يحرم عليه، لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه، و لا فرق في حرمة السفر حراما بين كونه بمقدار أربعة فراسخ بقصد الرجوع، أو أقلّ منه اذا كان السفر أقلّ من المقدار مانعا عن صلاة الجمعة، فكلاهما منافيان للجمعة، فالأول لكونه مسافرا لا تصحّ الجمعة منه، و الثاني لكونه مانعا منها.

(2)قوله «الموجب» صفة للموصوف المقدّر و هو السفر. يعني أو السفر الموجب لتفويت الجمعة و لو لم يكن بمقدار المسافة.

(3)يعني يحرم السفر بعد زوال الجمعة على الذي تجب عليه الجمعة، بخلاف غير المكلّف بها بالأعذار المذكورة: من الهمّ و المرض أو كونه امرأة، فلا يحرم السفر لهم.

(4)هذا تعليل لحرمة سفره، و الضمير في «تفويته» يرجع الى المسافر، و المراد من الواجب هو صلاة الجمعة.

(5)يعني و إن أمكن لذلك الشخص إقامة الجمعة مأموما أو إماما في الطريق.

(6)الضمير في قوله «تجويزه» يرجع الى السفر، و الضمير في «تقديره» يرجع الى إمكان إقامة الجمعة.

ص: 348

دوريّ (1). نعم يكفي ذلك (2) في سفر قصير لا يقصر فيه، مع احتمال (3) الجواز فيما لا قصر فيه مطلقا لعدم الفوات. و على تقدير المنع في السفر الطويل (4) يكون عاصيا به (5) إلى محلّ لا يمكنه فيه العود إليها، فتعتبر (6)

**********

شرح:

(1)قوله: «دوريّ » خبر «لأنّ » في قوله: «لأنّ تجويزه... الى آخره».

توضيح في خصوص الدور: و هو الذي يلزم من وجوده عدمه، لأنّ السفر كان حراما، لفراره عن الواجب و هو الجمعة، فإذا أجزنا سفره لإقامة الجمعة في السفر فيكون سفره جائزا غير حرام، ففي السفر الجائز يكون مسافرا بسفر غير حرام، الذي يجب عليه قصر الصلاة، و من كان يقصّر في صلاته لا يجوز له صلاة الجمعة، فيلزم من وجود جواز الجمعة عدم جواز الجمعة، و هذا ما يقال: لزم من وجوده عدمه.

(2)المشار إليه في «ذلك» هو إمكان إقامة الجمعة في السفر. يعني إذا كان السفر أقلّ من المسافة و أمكنه إقامة الجمعة فلا مانع من سفره لعدم فوت الجمعة.

(3)يعني يحتمل حكم الجواز في السفر الذي لا يجوز قصر الصلاة فيه مطلقا، بلا فرق بين عدم القصر لعذر كونه معصية، أو لكثير السفر، أو لسائر الأعذار، لأنّ في أمثال تلك الأسفار التي لا تقصر الصلاة فيها لا تفوت منه الصلاة لغرض إقامتها في الطريق.

(4)يعني أنّ المسافر الذي يمنع من سفره الى المحلّ البعيد الذي لا يمكن له الرجوع الى صلاة الجمعة يكون سفره معصية، فاذا بلغ ذلك المحلّ فلا يكون سفره بعده معصية، فيلاحظ المسافة بعده، فلو كان بالمقدار الشرعي يجوز له القصر، مثلا اذا سافر من بلدة قم بعد زوال الجمعة الى بلدة طهران و وصل الى منطقة «المنظرية» فلو شاء أن يرجع الى صلاة الجمعة المنعقدة في قم لا يدركها، فبعد ذلك المكان لا يعدّ سفره معصية، فيلاحظ المسافة بعده.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى السفر، و في قوله «لا يمكنه» يرجع الى المسافر، و في قوله «إليها» يرجع الى الجمعة.

(6)و في بعض النسخ «يعتبر». يعني فاعتبار المسافة الشرعية بعد ذلك المكان كما مرّ.

ص: 349

المسافة حينئذ، و لو اضطرّ إليه شرعا كالحجّ حيث يفوت الرفقة (1)، أو الجهاد (2) حيث لا يحتمل الحال (3) تأخيره، أو عقلا (4) بأداء التخلّف إلى فوات غرض يضرّ به فواته لم يحرم (5)، و التحريم على تقديره مؤكّد. و قد روي أنّ قوما سافروا كذلك (6) فخسف (7) بهم، و آخرون اضطرم (8) عليهم خباؤهم (9) من غير أن يروا نارا.

**********

شرح:

(1)الرفقة. مثلث الأول و بسكون الفاء: جماعة المرافقين، جمعها: رفق و رفاق.

(المنجد).

(2)قوله «أو الجهاد» عطف على الحجّ ، و مثال ثان للاضطرار الشرعي.

(3)يعني أنّ أمر الجهاد يكون على حال لا يجوز تأخيره، و الحال فاعل «يحتمل»، كما أنّ «تأخيره» مفعول له. و الضمير في «تأخيره» يرجع الى الجهاد.

(4)عطف على قوله «شرعا». يعني أنّ الاضطرار للسفر بعد زوال يوم الجمعة إمّا لعذر شرعيّ و قد مثّل له مثالين، أو عقليّ مثل فوت غرض من أغراضه التي يضرّ فوتها. و الضمير في قوله «به» يرجع الى السفر، و الضمير في «فواته» يرجع الى الغرض.

(5)هذا جواب ل «لو» الشرطية في قوله «و لو اضطرّ إليه... الى آخره». يعني لو اضطرّ للسفر لعذر شرعيّ أو عقليّ لا يحرم عليه السفر.

(6)المشار إليه في قوله «كذلك» هو بعد الزوال من يوم الجمعة.

(7)خسف بهم: أي ابتلعتهم الأرض. يقال: (خسف فلان في الأرض) أي غاب فيها. (المنجد).

(8)اضطرم النار: اشتعل. (المنجد).

(9)الخباء: بكسر الخاء بعده الباء المفتوحة و بعدها الألف الممدودة آخره الهمزة.

جمعه: أخبية إمّا يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن. (المنجد). و الروايتان منقولتان من كتاب البحار للمجلسي رحمه اللّه.

1 - روي: أنّ صيّادا كان يخرج في الجمعة لا يحرّجه مكان الجمعة من الخروج فخسف به و ببغلته، فخرج الناس و قد ذهبت بغلته في الأرض، فلم يبق منها إلاّ أذناها و ذنبها. (البحار: ج 89 ص 214).

2 - و روي: أنّ قوما خرجوا الى سفر حين حضرت الجمعة، فاضطرم عليهم خباؤهم نارا من غير نار يرونها. (نفس المصدر السابق).

ص: 350

يزاد في نافلة الجمعة أربع ركعات

(و يزاد في نافلتها) عن غيرها من الأيّام (أربع ركعات) مضافة إلى نافلة الظهرين، يصير الجميع عشرين كلّها للجمعة (1) فيها،(و الأفضل جعلها) أي العشرين (سداس) (2) مفرّقة ستا ستا (في الأوقات (3) الثلاثة المعهودة) و هي: انبساط الشمس بمقدار ما يذهب شعاعها (4)، و ارتفاعها (5)، و قيامها (6) وسط النهار قبل الزوال،(و ركعتان) و هما الباقيتان من العشرين عن الأوقات (7) الثلاثة

**********

شرح:

أذناها و ذنبها. (البحار: ج 89 ص 214).

2 - و روي: أنّ قوما خرجوا الى سفر حين حضرت الجمعة، فاضطرم عليهم خباؤهم نارا من غير نار يرونها. (نفس المصدر السابق).

(1)يعني كلّ الركعات العشرين للجمعة في يوم الجمعة، فلا فرق بين المصلّي صلاة الجمعة و غيره، و تجوز في النية أن ينوي كلّها للجمعة، أو أن ينوي ثمان للظهر و ثمان للعصر و أربعا للجمعة. لكنّ التقسيم الآتي يدلّ على كون العشرين كلّها نافلة للجمعة، فلا نافلة للظهرين في يوم الجمعة.

(2)المراد من السداس تفريق العشرين ستة ستة.

(3)ظرف لجعل العشرين سداسا، بأن يجعل كلّ ستة منها في وقت من الأوقات المعهودة التي سيشير إليها الشارح رحمه اللّه قريبا.

(4)الشعاع - بضمّ الشين -: ضوء الشمس الذي تراه كأنّه حبال ممتدّة، جمعه أشعّة. (المنجد). هذا أوّل الأوقات الثلاثة التي يستحبّ إتيان ستّ ركعات من العشرين فيها.

(5)و هذا هو الثاني من الأوقات المعهودة، فاذا ارتفع شمس يوم الجمعة يأتي بستّ ركعات ثانية.

(6)بالرفع، عطفا على ارتفاعها، و هذا هو الثالث من الأوقات، و هو قيام الشمس في وسط النهار، لكن قبل أن تزول، فيأتي بستّ ركعات ثالثة، فذلك ثماني عشرة، و سيشير الى الركعتين الأخيرتين بقوله «و ركعتان».

(7)يعني و الركعتان الباقيتان من الركعات المنقسمة الى الأوقات الثلاثة يأتي بهما عند الزوال.

ص: 351

تفعل (1)(عند الزوال) بعده (2) على الأفضل، أو قبله بيسير (3) على رواية، و دون (4) بسطها كذلك جعل ستّ الانبساط بين الفريضتين، و دونه (5) فعلها أجمع يوم الجمعة كيف اتفق،(و المزاحم) (6) في الجمعة

**********

شرح:

(1)قوله «تفعل» بصيغة المجهول، و نائب الفاعل مستتر يرجع الى الركعتين، و الأجود التعبير عنه بصيغة التثنية، لكن أفردهما باعتبارهما صلاة واحدة.

(2)أي بعد الزوال أفضل، و في مقابله المرويّ : إتيانهما قبل الزوال آنا، كما سيشير إليه.

(3)أي قبل الزوال بقليل من الآنات، استنادا الى رواية منقولة في الوسائل:

عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: سألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده ؟ قال: قبل الأذان. (الوسائل: ج 5 ص 22 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 2).

(4)أي الأقلّ من حيث الفضيلة بالنسبة الى البسط المذكور إتيان الستّ التي جعلت في وقت انبساط شمس يوم الجمعة بين فريضة الظهر أو الجمعة و فريضة العصر.

(5)الضمير في «دونه» يرجع الى قوله «جعل ستّ الانبساط ». يعني أنّ الأقلّ فضيلة من القسمين المذكورين فعل الركعات العشر في يوم الجمعة كيف اتفق.

(6)قوله «المزاحم» بصيغة اسم المفعول، و هو الذي يمنع من أن يسجد على الأرض بسبب كثرة الحاضرين و ضيق المكان، أو عدم رعاية الذين كانوا في الصفّ المقدّم له، فحينئذ يصبر الى أن يقوموا فيتمكّن من السجود على الأرض، ثمّ يقوم و يدرك الجماعة عند القيام أو عند الركوع، و لو لم يدركهم الى بعد قيامهم من الركوع فهو يركع بنفسه و يلتحق بالجماعة و لو عند سجودهم، و تصحّ صلاة ذلك الشخص، و لو لم يمكن له أن يسجد السجدتين حتّى قاموا و ركعوا و سجدوا فاذا تمكّن هو أيضا من السجدتين معهم فلا مانع أيضا من أن ينوي السجدتين للركعة الاولى، أو يطلق و يقوم و يأتي بالركعة الباقية، لأنه إذا أدرك الركعة تصحّ صلاته، لكن لو لم يدرك السجدتين مع الركعة الثانية للإمام تبطل صلاته.

ص: 352

(عن السجود) (1) في الركعة الاولى (يسجد) بعد قيامهم عنه (2)، (و يلتحق) و لو (3) بعد الركوع،(فإن لم يتمكّن منه (4)) إلى أن سجد الإمام في الثانية، و (سجد مع ثانية الإمام نوى بهما) (5) الركعة (الاولى) لأنّه لم يسجد لها بعد، أو يطلق (6) فتنصرفان إلى ما في ذمّته.

و لو نوى بهما الثانية بطلت الصلاة لزيادة الركن في غير محلّه (7)، و كذا لو زوحم (8) عن ركوع الاولى و سجودها،

**********

شرح:

(1)الجارّ يتعلّق بالمزاحم، أي الذي لا يمكنه إتيان السجدتين في الركعة الاولى.

(2)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى السجود. و الضمير في «قيامهم» يرجع الى الجماعة الحاضرة.

(3)قوله «و لو» وصلية. يعني يلتحق المزاحم بالجماعة و لو بعد قيامهم من ركوع الركعة الثانية، فإنّه يركع بنفسه و يلحقهم عند السجود و تصحّ صلاته.

(4)الضمير في قوله «منه» يرجع الى السجود، و فاعل «يتمكّن» مستتر يرجع الى المزاحم. يعني لم يمكنه إتيان السجدتين الاولتين الى أن يسجد الإمام السجدتين الأخيرتين.

(5)أي نوى المزاحم السجدتين المأتيّتين للركعة الاولى.

(6)بمعنى أنه يطلق السجدتين بدون أن ينوي للأولى أو للثانية فتنصرفان للأولى.

(7)لأنّ ذلك الشخص نوى السجدتين للركعة الثانية و حصلت الزيادة الركنية المبطلة؛ لأنه لم يسجد للركعة الاولى، فنيّتهما للثانية هي الزيادة للسجدتين.

(8)هذه مسألة اخرى، و هي كون المزاحم غير متمكّن من إتيان الركوع أيضا، مثل السجود للركعة الاولى، فحكم ذلك مثل السابق، بأنه يركع و يسجد السجدتين للركعة الاولى ثمّ يلتحق بالجماعة في الركعة الثانية.

و اعلم أنّ الحكم في مسألة الجمعة غير الحكم في مسائل الصلاة جماعة، فإنّ المأموم لو كان غير متمكّن من الركوع في الاولى فأدركه في الثانية فإنّها تحسب له الركعة الاولى لا الثانية.

ص: 353

فإن لم يدركهما (1) مع ثانية الإمام فاتت الجمعة لاشتراط إدراك ركعة منها (2) معه، و استأنف الظهر مع احتمال العدول (3) لانعقادها صحيحة، و النهي عن قطعها مع إمكان صحّتها.

صلاة العيدين

اشارة

(و منها: (4) صلاة العيدين) واحدهما (5) عيد مشتقّ من العود لكثرة (6) عوائد اللّه تعالى فيه

**********

شرح:

(1)الضمير المثنّى في قوله «فإن لم يدركهما» يرجع الى السجدتين، و هذا الكلام يرتبط بالمسألة الاولى، و هي عدم التمكّن من إتيان السجدتين مع الإمام، فإنّ المأموم المزاحم اذا لم يدرك السجدتين مع سجدتي الإمام للثانية فيحكم ببطلان صلاة الجمعة منه، لأنه يشترط في صحّة الجمعة إدراك الركعة كاملة مع الجماعة، لأنّ الجماعة شرط في صحّة الجمعة، و لا تقاس مع سائر الصلوات بأنّه اذا أدرك الإمام في الركوع يكفي في صحّة صلاته.

(2)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الجمعة، و في «معه» يرجع الى الإمام.

(3)يعني يحتمل أن يحكم بجواز عدوله قلبا الى الظهر، للنهي عن قطع الصلاة مع إمكان صحّتها، و الضميران في «قطعها» و «صحّتها» يرجعان الى الصلاة.

صلاة العيدين (4)الضمير في قوله «و منها» يرجع الى الصلوات في قوله في أول الفصل السادس «في بقية الصلوات». و الجملة عطف على قوله «فمنها الجمعة».

(5)يعني أنّ العيدين تثنية مفردهما العيد، و هو مأخوذ من العود، من عاد يعود عودا، وزان قال يقول قولا، أي صار الى كذا. و العيد أصله العود: الموسم، كلّ يوم فيه جمع و تذكار لذي فضل أو حادثة مهمّة، قيل: إنّه سمّي عيدا لأنّه يعود كلّ سنة بفرح مجدّد. (المنجد).

(6)قال الشّارح رحمه اللّه في وجه تسمية اليومين بالعيدين بأنّه إمّا لكثرة الفوائد النازلة من جانب اللّه تعالى على عباده من الرحمة و البركة و تكرارها، أو لعود

ص: 354

على عباده، و عود السرور (1) و الرحمة بعوده، و ياؤه (2) منقلبة عن واو، و جمعه على أعياد غير قياس، لأنّ الجمع يردّ إلى الأصل (3)، و التزموه (4) كذلك للزوم (5) الياء في مفرده و تميّزه (6) عن جمع العود.

تجب بشروط الجمعة

(و تجب) صلاة العيدين وجوبا عينيا (7)(بشروط الجمعة) العينية، أمّا التخييرية (8) فكاختلال الشرائط لعدم إمكان التخيير هنا،(و الخطبتان)

**********

شرح:

السرور و الفرح الحاصلين في هذا اليوم في السنة الماضية، و «العوائد» جمع عائدة بمعنى العطيّة.

(1)بالجرّ، عطفا على الكثرة في قوله «لكثرة عوائد اللّه».

(2)يعني أنّ الياء في لفظ العيد منقلبة من الواو، لأنّ أصله أجوف واويّ .

(3)يعني أنّ كون جمع عيد «أعياد» على خلاف القاعدة المعروفة في اللغة، لأنّها تقتضي أن يكون جمع العيد «أعواد» لأنّهم قالوا: الجمع يردّ الأشياء الى اصولها، كما أنّ جمع ميزان «موازين».

(4)الضمير في قوله «التزموه» يرجع الى الجمع «أعياد»، و فاعله مستتر يرجع الى علماء اللغة، و «كذلك» إشارة الى كونه بهذه الصورة.

(5)هذا تعليل أوّل بكون الجمع فيه كذلك، و هو لزوم الياء في مفرده.

(6)بالجرّ، عطفا على اللزوم في قوله «للزوم الياء» و هذا تعليل ثان بأنه كان جمعه كذلك ليتمنّى من جمع لفظ «عود» الذي بمعنى الخشب، لأنّ جمعه «أعواد» فلو جمع كلاهما بلفظ «أعواد» اشتبه.

(7)يعني اذا اجتمعت شرائط صلاة الجمعة التي تجب عينا - و هي حضور الإمام عليه السّلام أو من نصبه في حال الحضور - تجب صلاة العيدين بالوجوب العيني، و إلاّ فلا.

(8)بمعنى أنّ الوجوب التخييريّ لا يتصوّر فيها، فاذا لم تحصل شرائط الوجوب العيني فيكون مثل الاختلال بسائر شرائط الوجوب فلا تجب تخييرا لعدم البدل لها، مثل كون الظهر بدلا عن الجمعة.

ص: 355

(بعدها) بخلاف الجمعة، و لم يذكر (1) وقتها و هو ما بين طلوع الشمس و الزوال، و هي: ركعتان كالجمعة (و يجب فيها التكبير زائدا عن المعتاد (2)) من تكبيرة الإحرام و تكبير الركوع و السجود (خمسا (3) في) الركعة (الاولى و أربعا في الثانية) بعد القراءة فيهما في المشهور (4)(و القنوت (5) بينها) على وجه التجوّز (6)، و إلاّ فهو بعد كلّ تكبيرة، و هذا التكبير

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المصنّف لم يذكر وقت صلاة العيدين، فقال الشارح «هو ما بين طلوع الشمس... الى آخره».

(2)قوله «المعتاد» صفة لموصوف مقدّر و هو التكبير. يعني يجب فيها زائدا عن التكبير المتعارف في سائر الصلاة، مثل تكبيرة الإحرام، و التكبير قبل الركوع و بعده خمسا في الاولى و أربعا في الثانية.

(3)أي يجب خمس تكبيرات في الركعة الاولى من صلاة العيدين، و أربع تكبيرات في الركعة الثانية.

(4)يعني أنّ التكبيرات بعد القراءة أو وجوبها على المشهور، لأنّ في مقابله من يقول بالتكبيرات في الركعة الاولى قبل القراءة، و في الثانية بعدها، و هذا القول منقول عن ابن الجنيد، و كذلك في مقابل المشهور في وجوب التكبيرات فيمن يقول باستحبابها، و هو منسوب للشيخ رحمه اللّه.

* من حواشي الكتاب: الظاهر أنّ المشهور فيه في مقابل قول ابن الجنيد رحمه اللّه أنّه ذهب الى أنّ التكبيرات في الاولى قبل القراءة، و في الثانية بعدها. و يحتمل أن يكون قيدا للوجوب، لأنّ الشيخ رحمه اللّه قال في التهذيب: من أخلّ بالتكبيرات لم يكن آثما، إلاّ أنه يكون تاركا للسنّة و مهملا للفضل. قال في المختلف: و هو يعطي الاستحباب. (حاشية ديلماج رحمه اللّه).

(5)قوله «و القنوت» بالرفع، عطفا على قوله «التكبير». يعني يجب فيها القنوت بين التكبيرات.

(6)يعني أنّ إتيان لفظ «بينها» على وجه المجاز، لأنه لو حمل بمعناه الحقيقي يلزم

ص: 356

و القنوت جزءان منها (1)، فيجب حيث تجب (2)، و يسنّ (3) حيث تسنّ ، فتبطل بالإخلال بهما عمدا على التقديرين (4).

يستحبّ القنوت بالمرسوم

(و يستحبّ ) القنوت (بالمرسوم (5)) و هو: «اللّهمّ أهل الكبرياء و

**********

شرح:

أربع قنوتات للركعة الاولى، و ثلاث قنوتات للركعة الثانية، لأنّ القنوت بين التكبيرات لا يقع إلاّ كذلك، و لأنّ القنوت الآخر لا يكون بين التكبيرات، فعلى ظاهر العبارة لا يجب هو.

فعلى ذلك يحمل قوله «و القنوت بينها» على المجاز بأن يراد من لفظ (بينها) يعني بعدها، فعلى ذلك يجب القنوت بعد كلّ تكبيرة من التكبيرات الخمس في الركعة الاولى، و التكبيرات الأربع في الركعة الثانية، فتكون إقامة صلاة العيدين هكذا:

اذا أتمّ قراءة الحمد و السورة الواردة في الركعة الاولى - و هي سورة الأعلى - كبّر التكبير الأول، و يأتي بالقنوت، و يقرأ فيها «اللّهمّ أهل الكبرياء و العظمة... الى آخره» ثمّ يكبّر التكبير الثاني، و يقنت كما في الأول، ثمّ يكبر الثالث، و الرابع، و الخامس بالطريق المذكور، ثمّ يكبّر التكبير السادس و هو المستحبّ ، فيركع، فالمجموع في الركعة الاولى خمس تكبيرات و خمس قنوتات بعد كلّ تكبير، و التكبير السادس يستحبّ قبل الركوع.

ثمّ يقوم و يقرأ الحمد و السورة الواردة في الركعة الثانية - و هي سورة الشمس - و يكبّر التكبير الأول و يأتي بعده القنوت كما مرّ، ثمّ يكبّر و يأتي بالقنوت أربع مرّات، فيكبّر التكبير الخامس المستحبّ ، و يركع، فالمجموع في الركعة الثانية أربع تكبيرات و أربع قنوتات بعد كلّ تكبير، و التكبير الخامس مستحبّ .

(1)الضمير في قوله «منها» يرجع الى صلاة العيدين. يعني أنّ التكبيرات و القنوتات المذكورة من أجزاء هذه الصلاة لا يتحقّق إلاّ بهما.

(2)قد أشرنا الى وجوب هذه الصلاة عند اجتماع شرائط وجوب الجمعة، فراجع.

(3)أي تستحبّ هذه الكيفية لها اذا حكم باستحبابها.

(4)أي تقدير الوجوب و الاستحباب.

(5)يعني يستحبّ القنوت بالوارد في الروايات، فإنّ الأدعية الواردة فيها مختلفة

ص: 357

العظمة...» إلى آخره، و يجوز بغيره (1)، و بما سنح (2)،(و مع اختلال الشروط ) الموجبة (3)

تصلّى جماعة، و فرادى

(تصلّى جماعة، و فرادى مستحبّا)، و لا يعتبر حينئذ (4) تباعد العيدين بفرسخ. و قيل مع استحبابها (5) تصلّى فرادى

**********

شرح:

العبارات، و أكتفي بنقل رواية متضمّنة للدعاء الوارد في قنوت صلاة العيد كما في الوسائل:

عن محمّد بن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تقول بين كلّ تكبيرتين في صلاة العيدين:

«اللّهمّ أهل الكبرياء و العظمة، و أهل الجود و الجبروت، و أهل العفو و الرحمة، و أهل التقوى و المغفرة، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله ذخرا و مزيدا، أن تصلّي على محمّد و آل محمّد، كأفضل ما صلّيت على عبد من عبادك، و صلّ على ملائكتك و رسلك، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات، و المسلمين و المسلمات، الأحياء منهم و الأموات، اللّهمّ إنّي أسألك خير ما سألك عبادك المرسلون، و أعوذ بك من شرّ ما عاذ بك منه عبادك المرسلون». (الوسائل:

ج 5 ص 131 ب 26 من أبواب صلاة العيد ح 2).

(1)أي بغير هذا الدعاء المنصوص، و كذلك يجوز القنوت بما شاء.

(2)بما سنح، أي بما شاء من الأدعية الواردة أم غيرها.

(3)يعني اذا اختلّت الشرائط الموجبة لصلاة العيد مثل عدم حضور الإمام عليه السّلام أو نائبه الخاصّ - مثل زماننا هذا - تصلّى بصورة الجماعة، أو فرادى بنية الاستحباب لا الواجب، بخلاف صلاة الجمعة فإنّها اذا اختلّت شرائط وجوبها عينا تصلّى بنية الواجب التخييري.

(4)يعني اذا صلّيت العيدين بنية الاستحباب لا يجب رعاية التباعد بين الصلاتين اللتين اقيمت جماعة، لأنّ ذلك يراعى عند الوجوب.

(5)ففي صورة استحباب صلاة العيدين تؤتى فرادى لا جماعة، و اذا صلّيت فرادى فلا معنى لقراءة الخطبة بعدها، و هذا القول منسوب الى الصدوق و الشيخ رحمهما اللّه.

ص: 358

خاصّة، و تسقط الخطبة في الفرادى،(و لو فاتت) في وقتها (1) لعذر و غيره (لم تقض) في أشهر القولين للنصّ ، و قيل: تقضى كما فاتت (2)، و قيل:

أربعا (3) مفصولة، و قيل: (4) موصولة، و هو (5) ضعيف المأخذ.

يستحبّ الإصحار بها

(و يستحبّ الإصحار (6) بها،)

**********

شرح:

(1)قد أشير الى وقت صلاة العيدين من الشارح رحمه اللّه بقوله «ما بين طلوع الشمس و الزوال» فلو فاتت لعذر مثل البرد أو الحرّ أو لاشتباه برؤية الهلال في وقتها لا يجب قضاؤها عند وجوبها، و كذا لا يستحبّ عند استحبابها، هذا هو أشهر الأقوال، و مستنده النصّ الوارد في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من لم يصلّ مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له و لا قضاء عليه. (الوسائل: ج 5 ص 96 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 3).

(2)يعني تقضى ركعتين، و هذا القول منسوب الى الشيخ و ابن إدريس رحمهما اللّه.

(3)بمعنى أنّها تقضى أربع ركعات، و القائل به على ما نقل أبو علي الطبرسي رحمه اللّه، فإنّه قال بإتيان أربع ركعات بنية قضاء صلاة العيدين منفصلة. يعني يأتيها ركعتين ركعتين بسلامين.

و قال عليّ بن بابويه والد الصدوق رحمهما اللّه: يأتي بالركعات الأربع بنية قضاء صلاة العيدين متّصلة بسلام واحد.

و قال الشارح رحمه اللّه: إنّ مدرك قول الصدوق رحمه اللّه ضعيف.

(4)و القائل به - كما ذكرنا - هو ابن بابويه، فإنّه نسب إليه بأنه قال: يقضيها أربع ركعات متّصلة.

(5)أي القول بأربع ركعات متّصلة ضعيف السند، لأنه رواية مرسلة كما في الوسائل:

عن أبي البختري عن أبيه عن علي عليه السّلام قال: من فاتته صلاة العيدين فليصلّ أربعا. (الوسائل: ج 5 ص 99 ب 5 من أبواب صلاة العيد ح 2).

(6)الإصحار - من صحر - خرج الى الصحراء، و الصحراء: الفضاء الواسع لا نبات فيه. جمعه صحاري و صحار و صحراوات. (المنجد).

ص: 359

مع الاختيار للاتّباع (1)(إلاّ بمكّة) فمسجدها أفضل (و أن يطعم) بفتح حرف المضارعة فسكون الطاء ففتح العين، مضارع طعم (2) بكسرها كعلم أي يأكل (في) عيد (الفطر قبل خروجه) إلى الصلاة،(و في الأضحى بعد عوده من أضحيّته (3)) بضمّ الهمزة و تشديد الياء، للاتّباع (4)، و الفرق لائح (5) و ليكن الفطر (6) في الفطر (7)، على الحلو (8) للاتّباع، و ما روي شاذّا من

**********

شرح:

(1)تعليل لاستحباب الإصحار و هو التأسّي و الاتّباع للرسول صلّى اللّه عليه و آله، كما في الروايات الواردة فيه، منها في الوسائل:

عن أبي بصير - يعني ليث المرادي - عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا ينبغي أن تصلّى صلاة العيدين في مسجد مسقّف، و لا في بيت، إنّما تصلّى في الصحراء أو في مكان بارز. (الوسائل: ج 5 ص 117 ب 17 من أبواب صلاة العيد ح 2).

(2)طعم يطعم طعما و طعما الشيء: ذاقه. (المنجد).

(3)الاضحيّة: بضمّ الأول و كسره و سكون الضاد بعدها الحاء. الضحيّة و هي شاة يضحّى بها، جمعها أضاحي. (المنجد).

(4)لأنّ المعصومين عليهم السّلام كانوا كذلك، كما في الروايات المنقولة (راجع الوسائل: ج 5 ص 113 ب 12 من أبواب صلاة العيد).

(5)أي الفرق الاعتباريّ مضافا الى النصّ ظاهر، لأنّ عيد الفطر ظاهر في الإفطار قبل الخروج الى صلاة الفطر، بخلاف الأضحى فإنّ ذبح الضحيّة يكون بعد صلاة العيد عند أكثر الناس.

(6)الفطر - بفتح الفاء - مصدر من فطر يفطر فطرا و فطرا و فطورا الصائم: أكل أو شرب، و هو يأتي من بابي ضرب و كتب. (المنجد).

(7)الفطر - بكسر الفاء و سكون الطاء -: عيد الفطر، و هو عيد المسلمين بعد صوم رمضان. (المنجد).

(8)الحلو - بضمّ الحاء و سكون اللام -: ضدّ المرّ. و المراد هنا: استحباب الإفطار بشيء حلو، مثل الرطب أو الزبيب أو الأغذية الحلوة، للتأسّي بالنبيّ و الأئمة عليهم السّلام، فإنّهم كانوا يفطرون بأشياء حلو.

ص: 360

الإفطار فيه على التربة (1) المشرّفة محمول على العلّة (2) جمعا.

يكره التنفّل قبلها

(و يكره التنفّل قبلها) (3) بخصوص القبلية (4)،(و بعدها) إلى الزوال بخصوصه (5) للإمام و المأموم (إلاّ بمسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله) فإنّه يستحبّ أن يقصده (6) الخارج إليها و يصلّي به ركعتين قبل خروجه للاتّباع.

**********

شرح:

(1)و المراد من الرواية الشاذّة هي المنقولة في الوسائل:

عن عليّ بن محمّد النوفلي قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: إنّي أفطرت يوم الفطر على طين و تمر، فقال لي: جمعت بركة و سنّة. (الوسائل: ج 5 ص 114 ب 13 من أبواب صلاة العيد ح 1).

و المراد من الطين: هو التربة الحسينية، و إلاّ فأكل الطين حرام. و قال الشارح رحمه اللّه:

إنّ هذه الرواية تحمل على الذي فيه مرض فاستشفى بالتربة.

(2)الجارّ و المجرور يتعلّق بقوله: «محمول»، و العلّة بمعنى السقم و المرض.

قوله «جمعا» مفعول له، و تعليل لهذا الحمل، و هذا هو الجمع التبرّعي في اصطلاح العلماء، فاستحباب الإفطار بالحلو يختصّ بالأشخاص السالمين، و استحباب الإفطار بالتربة الحسينية يختصّ بالمريض.

(3)يعني يكره إقامة صلاة النافلة قبل صلاة العيد و بعدها الى الظهر.

(4)يعني أنّ الكراهة هنا بعنوان كونها قبل صلاة العيد، و لا ينافي كونها مكروهة بعنوان آخر أيضا، مثل صلاة النافلة قبل ذهاب شعاع الشمس، كما قدّمنا كراهة النافلة بعد طلوع الشمس الى ذهاب شعاعها، فاذا صلّى في زمان كذا قبل صلاة العيد اجتمعت فيها كراهتان.

(5)الضمير في قوله «بخصوصه» يرجع الى البعد. يعني تكره النافلة خصوصا للإمام و المأموم بعد صلاة العيد، و يظهر ذلك من القرائن.

(6)الضمير في قوله «يقصده» يرجع الى المسجد، و في «إليها» يرجع الى الصلاة.

و المعنى هكذا: يستحبّ للّذي يخرج الى الصلاة في مكان آخر أن يقصد مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يدخل و يصلّي الركعتين فيه، ثمّ يتوجه الى صلاة العيد، فالنافلة

ص: 361

نعم لو صلّيت في المساجد لعذر أو غيره استحبّ صلاة التحية للداخل و إن كان (1) مسبوقا و الإمام يخطب لفوات الصلاة المسقط (2) للمتابعة

يستحبّ التكبير عقيب أربع

(و يستحبّ التكبير) (3) في المشهور، و قيل: يجب (4) للأمر به (في الفطر (5) عقيب أربع) صلوات (أولها المغرب (6) ليلته، و في الأضحى (7) عقيب خمس عشرة) صلاة للناسك (بمنى، و) عقيب (عشر بغيرها (8))، و بها لغيره (9)

**********

شرح:

هكذا قبل الصلاة لا كراهة فيها، للاتّباع برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإنّه فعل ذلك كما روي. (راجع الوسائل: ج 5 ص 102 ب 7 من أبواب صلاة العيد ح 10).

(1)بأن تأخّر و تمّ صلاة الإمام فدخل المسجد و الإمام يخطب تستحبّ له نافلة التحية للمسجد.

(2)قوله «المسقط » صفة للفوات، فإنّ الصلاة فاتت فلا تجب المتابعة فتجوز صلاة التحية.

(3)أي تستحبّ التكبيرات عقيب أربع صلوات واجبة كما سيأتي، و هي: صلاة المغرب و العشاء في ليلة الفطر، و صلاة الصبح و صلاة العيد.

(4)و القول بالوجوب عن السيّد المرتضى في الانتصار و أبي عليّ و ابن حمزة و سلاّر. و المراد من الأمر قوله تعالى: وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ (1) (البقرة: 203) فسّروها بالتكبير و الأمر للوجوب.

(5)أي في عيد الفطر.

(6)يعني اولى الصلوات الأربع صلاة المغرب، و الثانية هي العشاء، و الثالثة صلاة الصبح، و الرابعة صلاة العيد.

(7)يعني و يستحبّ التكبير في عيد الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة لمن كان ناسكا في منى، و عقيب عشر صلوات لمن كان في غير منى، أو كان في منى لكن غير ناسك فيها، مثل الأشخاص الذين يسكنون فيها بغير نسك.

(8)الضمير في قوله «بغيرها» يرجع الى منى. يعني لمن كان في غير منى.

(9)قوله «و بها لغيره». يعني لمن كان في منى و هو غير ناسك، فالضمير في «بها» يرجع الى منى، و الضمير في «لغيره» يرجع الى الناسك.

ص: 362


1- سوره 2 - آیه 203

(أولها (1) ظهر يوم النحر (2)) و آخرها صبح آخر التشريق (3)، أو ثانيه (4)، و لو فات بعض هذه الصلوات كبّر مع قضائها، و لو نسي التكبير خاصّة أتى به (5) حيث ذكر (و صورته: «اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر، اللّه أكبر على ما هدانا» و يزيد في) تكبير (الأضحى) على ذلك (اللّه أكبر)

**********

شرح:

(1)يعني أول التكبيرات من صلاة الظهر في يوم عيد الأضحى، و آخرها بعد صلاة الصبح من آخر أيّام التشريق من كان بمنى ناسكا.

فالخمسة عشر تتحقّق كذلك بصلاتي الظهرين في يوم العيد، و خمس صلوات يومية في الحادي عشر، و خمس صلوات يومية في الثاني عشر، فالمجموع اثنا عشر، و الصلوات الثلاث في العشاءين و الصبح من اليوم الثالث عشر، فذلك خمس عشرة.

و أمّا من لم يكن في منى مثل الساكنين في سائر البلدان و النقاط ، أو كان بمنى لكن لم يشتغل بالنسك، بل كان ساكنا فيها، فاستحباب التكبيرات بعد عشر صلوات تبدأ من ظهر يوم عيد الأضحى و تنتهي بعد صلاة الصبح من اليوم الثاني عشر.

(2)المراد من «يوم النحر» هو يوم العيد، لوقوع النحر و الذبح فيه، و سمّي يوم النحر مجازا.

(3)أي أيام التشريق، و هي: الحادي عشر، و الثاني عشر، و الثالث عشر من شهر ذي الحجّة، و سيأتي وجه التسمية بذلك في باب الحجّ إن شاء اللّه تعالى.

قوله «آخرها صبح آخر التشريق» يعني آخر التكبيرات الخمس عشرة للناسك بمنى صلاة الصبح لليوم الثالث عشر.

(4)أي آخر التكبيرات بعد صلاة عشر لمن لم يكن بمنى، أو كان فيها غير ناسك هو صلاة الصبح من اليوم الثاني من أيام التشريق. و الضمير في قوله «ثانيه» يرجع الى التشريق، و قد أوضحنا ذلك آنفا.

(5)يعني لو نسي التكبيرات فقط لا الصلاة فمتى تذكّر يكبّر بدون أن يكون عقيب الصلاة.

ص: 363

(على ما رزقنا من بهيمة الأنعام) و روي فيهما (1) غير ذلك بزيادة و نقصان، و في الدروس اختار: «اللّه أكبر» ثلاثا (2)، لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر الحمد للّه على ما هدانا، و له الشكر على ما أولانا» و الكلّ جائز، و ذكر اللّه حسن على كلّ حال.(و لو اتفق عيد و جمعة تخيّر القرويّ (3)) الذي حضرها (4) في البلد من قرية قريبة كانت أم بعيدة (بعد حضور العيد في حضور (5) الجمعة) فيصلّيها واجبا و عدمه (6)، فتسقط و يصلّي الظهر، فيكون وجوبها (7) عليه تخييريا، و الأقوى عموم (8) التخيير لغير الإمام،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى العيدين. يعني وردت التكبيرات في العيدين على غير ما ذكره المصنّف هنا، ففي بعض الروايات أقل ممّا ذكر، و في بعضها أزيد ممّا ذكر. (راجع الوسائل: ج 5 ص 122-124 ب 20 و 21 من أبواب صلاة العيد).

(2)يعني قال المصنّف في كتابه الدروس بأنّه يقول: اللّه أكبر ثلاث مرّات، ثمّ يقول:

لا إله إلاّ اللّه... الى آخره.

(3)القرويّ : أي المنسوب الى القرية، و هي بفتح القاف و سكون الراء. (المنجد).

و المراد منه هنا الذي حضر من أطراف البلد للشركة في صلاة العيد.

(4)الضمير في قوله «حضرها» يرجع الى الصلاة.

(5)الجارّ يتعلّق بقوله «تخيّر». يعني أنّ القرويّ الذي حضر في البلد لصلاة العيد و هو المصادف ليوم الجمعة يتخيّر في حضوره لصلاة الجمعة و عدمه.

(6)الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى الحضور، و فاعل «تسقط » مستتر يرجع الى الجمعة. يعني فتسقط الجمعة عنه اذا حضر لصلاة العيد.

(7)أي فيكون وجوب صلاة الجمعة على القرويّ واجبا تخييريا لا عينيا.

(8)يعني أنّ الأقوى كون الناس مخيّرين في الحضور لصلاة الجمعة و عدمه، بلا فرق بين الحضريّ و القرويّ لغير الإمام، فإنّه يجب عليه الحضور لإقامة الجمعة، فلو حضر الناس بمقدار النصاب اقيمت صلاة الجمعة، و إلاّ فلا.

ص: 364

و هو (1) الذي اختاره المصنّف في غيره، أمّا هو (2) فيجب عليه الحضور، فإن تمّت الشرائط صلاّها، و إلاّ سقطت عنه، و يستحبّ له إعلام الناس بذلك (3) في خطبة العيد.

صلاة الآيات

اشارة

(و منها: (4) صلاة الآيات)

سببها

جمع آية و هي العلامة، سمّيت بذلك الأسباب المذكورة (5) لأنّها علامات على أهوال الساعة (6)، و أخاويفها، و زلازلها، و تكوير (7)

**********

شرح:

(1)أي الحكم بالتخيير للعموم هو مختار المصنّف في غير هذا الكتاب، و الضمير في «غيره» يرجع الى هذا الكتاب.

(2)يعني أمّا الإمام فيجب عليه الحضور، فلو تمّت الشرائط صلّى الجمعة.

(3)المشار إليه في قوله «بذلك» هو التخيير. يعني يجب على الإمام أن يعلم الناس أنهم مخيّرون في الحضور للجمعة و عدمه.

صلاة الآيات (4)الضمير في قوله «و منها» يرجع الى الصلوات في قوله في أول الفصل السادس «في بقية الصلوات».

(5)قوله «الأسباب المذكورة» نائب فاعل لقوله «سمّيت» و المراد منها الآيات التي سيذكرها المصنّف بقوله «و هي الكسوفان... الى آخره». يعني أنّ الأسباب التي توجب إتيان صلاة الآيات سمّيت بها، لأنّ الآيات جمع آية، و هي بمعنى العلامة، و الأسباب الموجبة للصلاة هي علامات و آيات من علائم القيامة و أخاويفها و زلازلها.

(6)الهول - من هال يهول هولا - الفزع. (المنجد). و قوله «الساعة» يعني يوم القيامة. (المنجد). فإنّ من أساميها الساعة في قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ (1) (النازعات: 42) يعني عن القيامة.

(7)فإنّ من علائم القيامة تكوير الشمس كما في قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) (التكوير: 1 و 2).

ص: 365


1- سوره 79 - آیه 42
2- سوره 81 - آیه 1

الشمس، و القمر،(و) الآيات التي تجب لها الصلاة (هي الكسوفان) كسوف الشمس، و خسوف القمر، ثنّاهما (1) باسم أحدهما تغليبا، أو لإطلاق الكسوف عليهما حقيقة (2)، كما يطلق الخسوف على الشمس أيضا، و اللام للعهد الذهني و هو الشائع من كسوف النيّرين (3)، دون باقي الكواكب، و انكساف الشمس (4) بها (و الزلزلة (5)) و هي رجفة الأرض (و الريح السوداء أو الصفراء، و كلّ مخوّف سماويّ ) كالظلمة السوداء أو الصفراء المنفكّة (6) عن الريح،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المصنّف أتاهما بلفظ التثنية بقوله «كسوفان» إمّا للتغليب و هو الذي تغلّب أحد الأمرين باسم أحدهما، كما في الظهرين يطلق لصلاة الظهر و العصر، و كما في الجمعتين يطلق لصلاة الظهر و الجمعة، فكذلك هنا أتى بالكسوفين و أراد كسوف الشمس و خسوف القمر للتغليب.

(2)يعني يطلق اسم الكسوف بالخسوف و بالعكس حقيقة و لو اشتهر الكسوف في الشمس و بالعكس.

(3)المراد بالنيّرين هو الشمس و القمر. يعني أنّ اللام في الكسوفين للعهد، و المعروف كسوف الشمس و القمر، لا الكسوف من سائر الكواكب و لو صدق عليها أيضا.

(4)أي و دون كسوف الشمس بسبب حيلولة سائر الكواكب، فالكسوف كذلك لا يوجب الصلاة، كما قيل في تعريف الكسوف: هو حيلولة القمر بين الأرض و الشمس، و في تعريف الخسوف: هو حيلولة الأرض بين الشمس و القمر.

و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الكواكب.

(5)هذا هو الثالث من الآيات الموجبة للصلاة. و الزلزلة مصدر رباعيّ وزان دحرج من زلزل يزلزل زلزلة زلزالا و زلزالا و زلزالا اللّه الأرض: أرجفها.

(المنجد).

(6)قوله «المنفكّة» صفة لقوله «و الظلمة السوداء أو الصفراء». يعني تحصل الظلمة كذلك عن الريح، بمعنى أنّ الظلمة من أثر الريح.

ص: 366

و الريح (1) العاصفة زيادة على المعهود و إن انفكّت (2) عن اللونين، أو اتصفت بلون ثالث.

و ضابطه: ما أخاف معظم (3) الناس، و نسبة الأخاويف (4) إلى السماء باعتبار كون بعضها فيها، أو أراد بالسماء مطلق العلوّ، أو المنسوبة إلى خالق السماء و نحوه (5)، لإطلاق (6) نسبته إلى اللّه تعالى كثيرا. و وجه

**********

شرح:

(1)بالجرّ، عطفا على قوله «كالظلمة». يعني و كالريح الشديدة المخوّفة الخارقة للعادة.

(2)يعني أنّ الريح العاصفة الخارقة للعادة توجب الصلاة و لو لم يحصل منها الصفراء و السوداء.

(3)أي الضابط الموجب للصلاة هو المخوّف لأكثر الناس، و لا اعتبار للمخوّف القليل.

(4)جواب عن سؤال مقدّر و هو أنّ الأسباب الموجبة للصلاة ليست سماوية مثل الزلزلة فكيف قال المصنّف «كلّ مخوّف سماوي»؟ فأجاب الشارح رحمه اللّه بثلاثة أجوبة:

الأول: كون بعض المخوّف سماويا فغلب غيره بالسماوي تغليبا.

الثاني: أنّ المراد من السماء ليس هو الفلك، بل مطلق العلوّ الشامل فوق رأس الإنسان، مثل: الظلمة و الريح السوداء و الصفراء و غير ذلك، فتبقى الزلزلة فيغلبها غيرها.

الثالث: المراد من المخوّف السماوي هو المنسوب الى خالق السماء، كما هو الشائع من نسبة ما يستند الى خالق السماء بالسماوي، مثل آفة سماوية، و بلاء سماوي، و هكذا في المقام، فالمراد من المخوّف السماوي هو المخوّف الإلهي.

(5)أي و نحو خالق السماء، مثل: مالك السماء، جاعل السماء، فاطر السماء... الخ.

(6)هذا تعليل لنسبة المخوّف السماوي الى خالق السماء. بأنّ كثيرا ما ينسب السماوي الى الخالق، مثلا اذا قيل: آفة سماوية يفهم منها الناس الآفة التي من جانب اللّه تعالى. و الضمير في «نسبته» يرجع الى السماوي.

ص: 367

وجوبها (1) للجميع صحيحة زرارة عن الباقر عليه السّلام المفيدة (2) للكلّ ، و بها (3) يضعّف قول من خصّها بالكسوفين، أو أضاف إليهما شيئا مخصوصا كالمصنّف في الألفية.

هذه الصلاة ركعتان

و هذه الصلاة (4) ركعتان في كلّ ركعة سجدتان، و خمس ركوعات، و قيامات، و قراءات،(و يجب فيها: (5) النية، و التحريمة، و قراءة الحمد)

**********

شرح:

(1)يعني و الدليل على وجوب صلاة الآيات لجميع الأسباب المذكورة هو صحيحة زرارة عن الباقر عليه السّلام، و هي المنقولة في الوسائل:

عن زرارة و محمّد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السّلام: هذه الرياح و الظلم التي تكون هل يصلّى لها؟ فقال: كلّ أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن». (الوسائل: ج 5 ص 144 ب 2 من أبواب صلاة الكسوف ح 1).

(2)قوله «المفيدة» صفة ل «صحيحة» و هي بالرفع. يعني أنّها أفادت وجوب الصلاة للجميع.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الصحيحة. يعني و بسببها يضعّف قول من خصّ الصلاة بالكسوفين مثل أبي الصلاح الحلبي، و كذلك قول من أضاف إليهما شيئا مثل الزلزلة، و الريح الصفراء و السوداء مثل المصنّف في الألفية.

(4)أي أنّ صلاة الآيات ركعتان، يجوز إتيانهما على نحوين: الأول - و هو الأفضل - في كلّ ركعة سجدتان و خمسة ركوعات، و خمسة قيامات و خمسة قراءات، و سورة الحمد و سورة في كلّ ركعة منها، بأن ينوي و يكبّر تكبيرة الإحرام و يقرأ الحمد و سورة كاملة و يركع ثمّ يقوم و يقرأ الحمد و سورة و يركع و يقوم الى خمس مرّات ثمّ يسجد، و يفعل كذلك في الركعة الثانية و يتشهّد في الثانية و يسلّم. فيجمع في الركعتين عشر قراءات حمد و سورة و عشرة ركوعات و عشرة قيامات و أربع سجدات و تشهّد و سلام.

(5)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى صلاة الآيات، فيجب فيها النية و التكبيرة مثل سائر الصلوات.

ص: 368

(و سورة، ثمّ الركوع، ثمّ يرفع) رأسه منه (1) إلى أن يصير قائما مطمئنّا، (و يقرأهما) هكذا (خمسا ثمّ يسجد سجدتين (2))، ثمّ يقوم (إلى الثانية و يصنع كما صنع أولا) هذا هو الأفضل.(و يجوز) له الاقتصار على (قراءة بعض السورة) (3) و لو آية (لكلّ ركوع، و لا يحتاج إلى) قراءة (الفاتحة إلاّ في القيام الأول) (4) و متى اختار التبعيض (فيجب إكمال سورة في كلّ ركعة مع الحمد مرّة (5)) بأن يقرأ في الأول الحمد و آية، ثمّ يفرّق الآيات على باقي القيامات بحيث يكملها (6) في آخرها،(و لو أتمّ (7) مع الحمد في ركعة سورة) أي قرأ في كلّ قيام منها الحمد و سورة تامّة (و بعّض في) الركعة (الاخرى) كما ذكر (جاز، بل لو أتمّ السورة (8) في بعض الركوعات،)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الركوع، و المراد منه هو الركوع الأول.

(2)أي سجدتي الركعة الاولى.

(3)و هذا هو القسم الثاني من نحوي إتيان صلاة الآيات، و هو أن يقرأ الحمد و يقسّم سورة كاملة على خمس أجزاء، و يركع لكلّ جزء من السورة، و يشترط إتمام سورة كاملة في مجموع الركوعات، أو إتمام سورة كاملة في بعض الركوعات و التقسيم في البعض الآخر، لكن لو أتمّ سورة في الركوع تجب قراءة الحمد بعد القيام من الركوع كما ستأتي الإشارة إليه.

(4)فلا يقرأ الحمد إلاّ بعد النية و تكبيرة الإحرام.

(5)قوله «مرّة» قيد للحمد. يعني فليس في هذه الكيفية إلاّ حمد واحد.

(6)الضمير في قوله «يكملها» يرجع الى السورة، و في «آخرها» يرجع الى الركوعات.

(7)هذه كيفية خاصّة من نحوي إتيان صلاة الآيات، و هي قراءة خمس مرّات الحمد و خمس سور و خمس ركوعات في الركعة الاولى مثلا، و قراءة الحمد و تقسيم السورة الى خمس ركوعات في الركعة الثانية، أو بالعكس.

(8)و هذه أيضا كيفية اخرى في إتيان صلاة الآيات، بأن يقرأ الحمد و السورة

ص: 369

(و بعّض في آخر جاز).

و الضابط : أنه (1) متى ركع عن سورة تامّة، وجب في القيام عنه الحمد، و يتخيّر بين إكمال سورة معها (2) و تبعيضها، و متى ركع عن بعض سورة تخيّر في القيام بعده بين القراءة من موضع القطع و من غيره (3) من السورة متقدّما و متأخّرا، و من غيرها (4)، و تجب إعادة الحمد فيما عدا الأول (5) مع

**********

شرح:

كاملة، ثمّ يركع و يقوم، و يقرأ الحمد و يقسّم السورة الى باقي الركوعات، أو يقرأ سورة كاملة في أحد من الركوعات و يقسّم السورة الى الباقي، لكن في أيّ ركوع قرأ سورة كاملة تجب قراءة الحمد بعد القيام عنه.

(1)أي اذا قرأ المصلّي سورة كاملة في أيّ ركعة كانت يجب عليه أن يقرأ الحمد بعد القيام من ركوعها.

(2)الضمير في قوله «معها» يرجع الى قراءة الحمد، و في «تبعيضها» يرجع الى السورة.

(3)أي من غير موضع القطع بأن قرأ في الركوع الأول أول آية من سورة، ثمّ قرأ في الركوع الثاني آخر آية من السورة، و اللام في قوله «من السورة» للعهد. يعني يجوز قراءة آية من هذه السورة من غير موضع القطع.

(4)و كذا يجوز قراءة آية من غير السورة التي قرأها.

(5)المراد من الأول هو قراءة آية من موضع القطع من سورة، ففيه لا يجب إعادة الحمد، لكن فيما عداه و هو قراءة آية من غير موضع القطع من السورة متقدّما أو متأخّرا، أو قراءة آية من غير السورة التي قطعها، ففي كلّ تلك الأقسام يجب إعادة الحمد.

توضيح: إنّ في المقام صور:

الاولى: أن يقرأ الحمد و آية من سورة، مثل آية «قل هو اللّه أحد» من سورة التوحيد، فركع و قام، فلو أراد أن يقرأ من موضع القطع من سورة التوحيد و هو «اللّه الصمد» فلا يجب قراءة الحمد ثانية.

و الثانية: أن يقرأ الحمد و مقدار من السورة، مثل «قل هو اللّه أحد * اللّه الصمد»

ص: 370

احتمال عدم الوجوب في الجميع (1). و يجب مراعاة سورة فصاعدا في الخمس (2)، و متى سجد (3) وجب إعادة الحمد سواء كان سجوده عن سورة تامّة أم بعض سورة كما لو (4) كان قد أتمّ سورة قبلها (5) في الركعة، ثمّ (6) له أن يبني على ما مضى، أو يشرع في غيرها (7)، فإن بنى عليها

**********

شرح:

فقطع و ركع و قام و أراد أن يقرأ آية من التوحيد متقدّمة من موضع القطع مثل «قل هو اللّه أحد» فيجب عليه حينئذ قراءة سورة الحمد ثانية.

و الثالثة: أن يقرأ الحمد و مقدارا من التوحيد، مثل «قل هو اللّه أحد * اللّه الصمد» فقطع و ركع و قام فأراد أن يقرأ آية متأخّرة من موضع القطع مثل «كفوا أحد» ففيها أيضا يجب قراءة الحمد ثانية.

و الرابعة: أن يقرأ الحمد و مقدارا من التوحيد مثل «قل هو اللّه أحد * اللّه الصمد» فقطع و ركع و قام فأراد أن يقرأ آية من سورة القدر، ففي هذه الصورة أيضا تكون قراءة سورة الحمد واجبة.

(1)هذا احتمال من الشارح رحمه اللّه بعدم وجوب قراءة الحمد في جميع الصور المذكورة.

(2)يعني يجب مراعاة قراءة سورة كاملة في الركوعات الخمس.

(3)يعني و متى سجد للركعة الاولى و قام للركعة الثانية يجب عليه أن يقرأ سورة الحمد، بلا فرق بين أن يقطع السورة في آخر ركوع الركعة الاولى أم لا.

(4)هذا توضيح بأنه كيف يمكن أن يبعّض سورة و يركع و يسجد؟ فأجاب بأنه يمكن اذا أتمّ سورة كاملة قبل الآية التي قرأ بها و ركع.

(5)و الضمير في قوله «قبلها» يرجع الى السورة التي بعّضها في قوله «أم بعض سورة». قوله «في الركعة» يتعلّق ب «أتمّ »، و المراد هو الركعة الاولى.

(6)قوله «ثمّ » عطف على قوله «وجب إعادة الحمد». يعني إذا سجد للركعة الاولى و قام للركعة الثانية وجب إعادة الحمد، ثمّ له أن يبني على ما مضى، بمعنى أن يقرأ باقي الآيات من السورة التي قرأ آيات منها في الركعة الاولى، أو يشرع في سورة اخرى.

(7)الضمير في قوله «في غيرها» يرجع الى السورة الماضية في الركعة الاولى.

ص: 371

وجب سورة غيرها كاملة في جملة الخمس (1).

يستحبّ القنوت عقيب كلّ زوج

(و يستحبّ القنوت عقيب كلّ زوج) من القيامات (2) تنزيلا لها منزلة الركعات، فيقنت قبل الركوع الثاني و الرابع (3) و هكذا،(و التكبير (4) للرفع من الركوع) في الجميع عدا الخامس و العاشر من غير (5) تسميع، و هو (6) قرينة كونها غير ركعات (و التسميع) و هو قول: «سمع اللّه لمن حمده»(في الخامس (7) و العاشر خاصّة) تنزيلا (8) للصلاة منزلة ركعتين.

هكذا (9) ورد

**********

شرح:

(1)يعني فلو قرأ باقي الآيات من السورة الماضية في الركعة الثانية يجب عليه قراءة سورة كاملة في ضمن الركعات الخمس لأنه كما مرّ يجب قراءة سورة كاملة في كلّ من الركعتين بأيّ نحو كان.

(2)المراد من «القيامات» هو المجموع من القيامات العشرة في الركعتين، فإذا يوجد في الركعة الاولى قنوتان، و في الركعة الثانية ثلاث قنوتات.

(3)و هذان يوجدان في الركعة الاولى، فيبقى للثانية ثلاثا منها.

(4)بالرفع، عطفا على القنوت في قوله «و يستحبّ القنوت». يعني و يستحبّ القنوت كما مرّ، و كذا التكبير حين الرجوع من الركوع، لكن لا يقول «سمع اللّه لمن حمده» عند التكبيرات إلاّ عند التكبير الخامس و العاشر.

(5)الجارّ متعلّق بالتكبير. يعني يستحبّ التكبير بدون التسميع.

(6)الضمير في قوله «هو» يرجع الى غير التسميع، و الضمير في «كونها» يرجع الى الركوعات. يعني عدم استحباب قول التسميع به في التكبيرات قرينة على أنّ الركوعات لا تعدّ ركعات.

(7)أي في الركوع الخامس و الركوع العاشر.

(8)يعني أنّ قول التسميع في الركوع الخامس و الركوع العاشر كأنّ هذه الصلاة بمنزلة الركعتين.

(9)يعني كما ذكرنا في استحباب القنوت في كلّ زوج من الركوعات، و استحباب

ص: 372

النصّ (1) بما يوجب اشتباه حالها، و من ثمّ حصل (2) الاشتباه لو شكّ في

**********

شرح:

التسميع في الركوع الخامس و العاشر ورد النصّ بهما، و هو يوجب اشتباه حال هذه الصلاة بأنّها لو كانت ركعتين فلم يقرأ القنوت في الزوج من الركوعات ؟ و لو لم تكن ركعتين فلم لا يجوز التسميع بعد كلّ من الركوعات ؟

(1)و المراد من النصّ هو المنقول في الوسائل:

عن زرارة و محمّد بن مسلم قالا: سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن صلاة الكسوف كم هي ركعة أو كيف نصلّيهما؟ فقال: هي عشر ركعات، و أربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة، و تركع بتكبيرة، و ترفع رأسك بتكبيرة، إلاّ في الخامسة التي تسجد فيها، و تقول: سمع اللّه لمن حمده، و تقنت في كلّ ركعتين قبل الركوع، فتطيل القنوت و الركوع على قدر القراءة و الركوع و السجود، فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعد (فأعد - خ ل) و ادع اللّه حتّى ينجلي، فإن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتمّ ما بقي، و تجهر بالقراءة. قال: قلت: كيف القراءة فيها؟ فقال: إن قرأت سورة في كلّ ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب، فإن نقصت من السور شيئا فاقرأ من حيث نقصت، و لا تقرأ فاتحة الكتاب. قال: و كان يستحبّ أن يقرأ فيها بالكهف و الحجر، إلاّ أن يكون إماما يشقّ على من خلفه، و إن استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنّك بيت فافعل، و صلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر، و هما سواء في القراءة و الركوع و السجود. (الوسائل: ج 5 ص 150 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف ح 6).

فإنّ الملاحظة في قوله «عشر ركعات» تفيد كونها عشر ركعات، و في قوله «إلاّ في الخامسة التي تسجد فيها و تقول: سمع اللّه لمن حمده» تفيد كونها ركعتين، فلذلك قال الشارح رحمه اللّه «بما يوجب اشتباه حالها».

(2)أي و من حصول الاشتباه في كونه ركعتين أو أزيد حصل الاشتباه في حكم الشكّ في عدد الركوعات، بأنه لو كان عشر ركعات فلا يبطل الشكّ فيها، و لو كان ركعتين فيحكم ببطلان الشكّ في عدد الركعتين فقط و البناء على الأقلّ .

و بعبارة اخرى: لو قيل بأنّ الصلاة أزيد من الركعتين فاذا لو شكّ في عدد

ص: 373

عددها (1) نظرا (2) إلى أنها ثنائية (3) أو أزيد (4).

و الأقوى أنها في ذلك (5) ثنائية، و أنّ

**********

شرح:

الركوعات فليبني على الأكثر عملا بالعامّ الذي قال عليه السّلام «متى ما شككت فخذ على الأكثر»، و لو قيل بكونها ركعتين فعند الشكّ في الركوعات و بقاء محلّها يأتيها و لا يبني على الأكثر. فتأمّل في معنى العبارة فإنّها غير مستوفاة في المراد، و أنّي قد رجعت الى الحواشي فما وجدت شرحا في خصوص العبارة، فإنّه لو قلنا بكونها أزيد من الركعتين و شكّ في الركوعات فما وظيفة الشاكّ ؟ فإنّ الشارح رحمه اللّه يبيّن نظره بقوله «و الأقوى أنّها في ذلك ثنائية... الى آخره». و أمّا غير الأقوى بأنها أزيد من الثنائية فبأيّ حكم من الشكوك يعمل ؟ فقد سكت عن ذلك رحمه اللّه.

* من حواشي الكتاب: يمكن أن يقال: لو كانت ركوعات لم تدلّ على أنّ الصلاة عشر ركعات، إذ الركعة لا تتمّ بالركوع وحده، فيقوى حينئذ وجه الأقوى.

و أيضا شمول أحاديث الشكّ الدالّة على البناء على الأكثر، و الاحتياط للركوعات بعيد كلّ البعد. (حاشية الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «في عددها» يرجع الى الركوعات.

(2)قوله «نظرا» مفعول له، و تعليل لحصول الاشتباه في حكم الشكّ .

(3)فلو كانت ثنائية و شكّ في عدد الركوعات و لم يتجاوز المحلّ يبني على الاقلّ و يأتي بالركوع المشكوك لأنّه من الأفعال.

(4)و لو كانت صلاة الآيات أزيد من الركعتين بل كان كلّ ركوع فيها محسوبا بركعة فعند الشكّ يبني على الأكثر، و يعمل بما يقتضيه الشكّ كما في شكوك سائر الصلوات، للأحاديث الواردة بأنه اذا شككت فابني على الأكثر. (راجع الوسائل:

ج 5 ص 317-319 ب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة).

(5)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في حكم الشكّ في ركوعات صلاة الآيات بأنها بالنسبة الى حكم الشكّ من الصلاة الثنائية و الركوعات أفعال، فلو لم يتجاوز المحلّ يبني على الأقل و يأتيها، و بالنسبة الى عدد الركعات يحكم ببطلان الصلاة عند الشكّ

ص: 374

الركوعات (1) أفعال، فالشكّ فيها (2) في محلّها يوجب فعلها، و في عددها (3) يوجب البناء على الأقلّ ، و في عدد (4) الركعات مبطل.

(و قراءة) السور (الطوال) (5) كالأنبياء و الكهف (مع السعة) (6)، و يعلم ذلك (7)

**********

شرح:

في عددها، كما هو في سائر الصلوات الثنائية. و الضمير في قوله «إنّها» يرجع الى صلاة الآيات. و المشار إليه في «ذلك» هو الشكّ .

(1)يعني و بعد الحكم بكونها ثنائية فالركوعات العشر فيهما من أفعال الركعة، مثل أفعال الركعات في سائر الصلوات.

(2)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى الأفعال، و كذلك الضميران في «محلّها» و «فعلها» يرجعان الى الأفعال.

(3)عطف على «فيها»، و الضمير في «عددها» يرجع الى الركوعات. يعني فلو شكّ في عدد الركوعات فيبني على الأقلّ .

(4)يعني لو شكّ في عدد الركعات فيحكم بالبطلان، فعلى هذا لو شكّ في الركوع الذي ينتهي الى الشكّ في الركعة، مثل الشكّ في الركوع الخامس و السادس، بمعنى أنه يسجد بعد الركوع الخامس و هذا ركوع سادس، أو لم يسجد بعده و هو ركوع خامس، فالشكّ في الركوع كذلك يوجب بطلان صلاته.

(5)قوله «قراءة الطوال» عطف على التسميع و معطوفه. يعني يستحبّ قراءة السور الطوال، كسورة الأنبياء و سورة الكهف.

و الطوال - بكسر الطاء و بعده الواو الخفيفة - جمع، مفرده طويل، و كذلك يأتي جمعه «طيال» بكسر الطاء أيضا. يعني يستحبّ قراءة السور الطوال، فهو صفة لموصوف مقدّر و هو السور.

(6)يعني يستحبّ قراءة الطوال في صورة سعة وقت صلاة الآيات، بأن علم الكسوف في مدّة زمان وسيع.

(7)المشار إليه هو سعة الوقت. يعني يعلم سعته بثلاث طرق، الأول: الإرصاد، و الثاني: إخبار من يفيد قوله الظنّ ، و الثالث: إخبار العدلين.

ص: 375

بالإرصاد (1)، و إخبار من يفيد قوله الظنّ الغالب من أهله (2)، أو العدلين (3)، و إلاّ (4) فالتخفيف أولى، حذرا من خروج الوقت خصوصا على القول بأنّه (5) الأخذ في الانجلاء. نعم لو جعلناه (6) إلى تمامه اتّجه التطويل، نظرا إلى المحسوس،(و الجهر (7) فيها) و إن كانت نهارية على الأصحّ .

يجهر في الجمعة و العيدين

(و كذا يجهر في الجمعة و العيدين) استحبابا (8) إجماعا.

**********

شرح:

(1)الإرصاد مصدر من باب الإفعال: الانتظار في مكان الرصد لأوضاع الشمس و القمر و الكواكب.

(2)الضمير في قوله «من أهله» يرجع الى الإرصاد، فهذا هو الطريق الثاني لتشخيص سعة زمان الكسوف، و هو إخبار أهل الرصد الذي يفيد قوله الظنّ .

(3)أي إخبار العدلين و لو لم يكونا من أهل الرصد، و هذا هو الطريق الثالث كما ذكرنا.

(4)أي و إن لم يحصل العلم بسعة زمان الكسوف الى قراءة السور الطوال فقراءة السور الخفيفة أولى.

(5)اختلفوا في خروج وقت صلاة الكسوف على قولين:

الأول: دخول وقت الصلاة بشروع الكسوف و خروجه بالانجلاء.

الثاني: خروج الوقت بالشروع بالانجلاء، لا الانجلاء كاملا، فعلى القول بالثاني فالتخفيف عند عدم العلم أولى.

(6)يعني لو اخترنا الوقت الى تمام الانجلاء اتّجه قراءة السورة الطويلة لكونه مشاهدا و محسوسا، فلا يتّفق قبل تمام الصلاة.

(7)بالرفع، عطفا على قراءة الطوال و معطوفه. يعني يستحبّ الجهر في صلاة الآيات و لو كانت في النهار. و مقابل الأصحّ القول بالإخفات في صلاة الكسوف الواقع في النهار، و الجهر في صلاة الخسوف الواقع في الليل.

(8)يعني و كذا يستحبّ الإجهار في صلاة الجمعة و العيدين، و هو إجماعي.

ص: 376

لو جامعت صلاة الآيات الحاضرة

(و لو جامعت) صلاة الآيات (الحاضرة) (1) اليومية (قدّم ما شاء) منهما مع سعة وقتهما،(و لو تضيّقت إحداهما) خاصّة (قدّمها) أي المضيّقة، جمعا بين الحقّين (2)(و لو تضيّقتا) (3) معا (فالحاضرة) مقدّمة، لأنّ الوقت لها بالأصالة، ثمّ إن بقي وقت الآيات صلاّها أداء، و إلاّ (4) سقطت إن لم يكن فرّط في تأخير إحداهما (5)، و إلاّ فالأقوى وجوب القضاء،(و لا تصلّى) هذه الصلاة (على الراحلة) (6) و إن كانت معقولة (إلاّ لعذر) (7) كمرض و زمن (8) يشقّ معهما النزول

**********

شرح:

(1)بالنصب لكونه مفعولا لقوله «و لو جامعت» فاعله «صلاة الآيات». يعني لو حصل كلاهما في الذمّة بأن وقع الكسوف بعد الزوال فعليه صلاتان: الكسوف و الظهر، إذا يتخيّر في تأدية أيّهما شاء مع سعة وقتهما.

(2)أي حقّ الصلاة الحضارة و حقّ صلاة الآيات.

(3)بأن وقع الكسوف في آخر وقت الظهرين من اليوم، فإذا لو أتى بصلاة الآيات يخرج وقت الظهرين، و لو أتى بالظهرين يخرج وقت الكسوف، فالتقدّم لصلاة الظهرين، لأنّ الوقت للحاضرة بالأصالة.

(4)فإن لم يبق وقت لإتيان صلاة الآيات، بل انجلى الكسوف في مدّة إتيان الظهرين تسقط صلاة الآيات عن ذمّته.

(5)الضمير في قوله «إحداهما» يرجع الى الحاضرة و الآيات. يعني لو فرّط في تأخير الحاضرة أو تأخير صلاة الآيات فخرج وقت الآيات يجب قضاؤها على الأقوى، و مقابله عدم القضاء لاحتياج القضاء بأمر جديد و هو لم يسلّم.

(6)الراحلة هو المركوب، وزان عاقلة، و ليست التاء للتأنيث، بل للمبالغة، فإنّه يطلق على المذكّر و المؤنّث. يعني لا يجوز إتيان صلاة الآيات على المركب و لو كانت رجلاه مشدودتان بالعقال.

(7)لكن لو كان مريضا أو غير قادر من أن ينزل من المركب فيصلّي عليه.

(8)زمن - بفتح الزاء و الميم - وزان مرض مصدر من زمن يزمن زمنا و زمنة:

أصابته العاهة، تعطيل القوى. (المنجد).

ص: 377

مشقّة لا تتحمّل عادة فتصلّى (1) على الراحلة حينئذ (كغيرها (2) من الفرائض، و تقضى) هذه الصلاة (3)(مع الفوات وجوبا مع تعمّد الترك (4)، أو نسيانه) بعد العلم بالسبب مطلقا (5)،(أو مع استيعاب الاحتراق (6)) للقرص أجمع (مطلقا) (7) سواء علم به أم لم يعلم حتى خرج الوقت.

أمّا لو لم يعلم به و لا استوعب الاحتراق فلا قضاء و إن ثبت بعد ذلك وقوعه بالبيّنة أو التواتر (8) في المشهور. و قيل: يجب القضاء مطلقا،

**********

شرح:

(1)فيصلّي ذوو الأعذار على الراحلة.

(2)الضمير في قوله «كغيرها» يرجع الى صلاة الآيات. يعني أنّه يصلّي على الراحلة كسائر الفرائض.

(3)أي تقضى صلاة الآيات وجوبا لا استحبابا لو فاتت.

(4)أي يجب قضاء صلاة الآيات لو تركها عمدا، أو نسيانا اذا علم سبب الوجوب و نسي و فاتت.

(5)قوله «مطلقا» إشارة بكون السبب لصلاة الآيات للكسوف التامّ بأن استوعب القرص أم حصل الانكساف بمقدار منه و لو قليلا، فعند النسيان يجب مطلقا.

(6)الاحتراق: من حرق يحرق حرقا بالمبرد: برده، و حرق الشيء حكّ بعضه ببعض. (المنجد). و المراد هنا تبريد الشمس. و ليس معناه اشتعال النار كما هو أيضا أحد معاني الاحتراق في اللغة.

(7)و هذا الإطلاق من حيث العلم بالاحتراق و عدمه اذا احترق مستوعبا. بمعنى أنه اذا استوعب الاحتراق و لم يعلم به حتّى انكشف و حصل العلم له بإخبار الناس أو بإخبار العدلين تجب عليه صلاة الآيات.

(8)يعني اذا لم يستوعب الاحتراق بل حصل الجزئي منه و انكشف و علم به بإخبار العدلين أو بالتواتر لا يجب عليه قضاء صلاة الآيات على القول المشهور، و مقابله القول بوجوب القضاء استوعب أم لا.

ص: 378

و قيل: (1) لا يجب مطلقا، و إن تعمّد ما لم (2) يستوعب، و قيل: (3) لا يقضي الناسي ما لم يستوعب، و لو قيل (4) بالوجوب مطلقا في غير الكسوفين و فيهما مع الاستيعاب كان (5) قويا، عملا بالنصّ (6) في الكسوفين،

**********

شرح:

(1)هذا هو القول الثالث في المسألة. قوله «مطلقا» في كلا القولين إشارة الى استيعاب الاحتراق و عدمه.

(2)قوله «ما لم يستوعب» قيد لقوله «و إن تعمّد». يعني لا يجب القضاء في التعمّد إلاّ في صورة الاستيعاب، فلو تعمّد بترك الصلاة في صورة عدم الاستيعاب حتى انجلى فلا قضاء.

(3)هذا قول آخر في المسألة بأنّ الناس لا يجب عليهم القضاء ما لم يستوعب الاحتراق.

(4)هذا نظر الشارح رحمه اللّه في خصوص جميع الأسباب و الآيات للصلاة، حتى غير الكسوفين الذي لم يذكره المصنّف، مثل: الزلزلة و الظلمة و الريح في خصوص القضاء للفائتة، و هو وجوب القضاء مطلقا، علم بالآيات الموجبة أم لا، ترك الصلاة عمدا أو نسيانا أو جهلا، إلاّ في الكسوفين ففيهما أيضا لا يجب القضاء مطلقا، إلاّ في صورة استيعاب الاحتراق.

مثلا: لو لم يعمل بوقوع الزلزلة أو الظلمة أو الآثار المخوّفة أو الاستيعاب في الكسوفين ثمّ علم بها بالبيّنة أو التواتر يجب إتيان صلاة الآيات في الزلزلة، و الذي لا مجال فيه الأداء بنية الأداء، و في غيرها بنية القضاء.

(5)جواب لقوله «و لو قيل». و الدليل بالتفصيل هو وجود النصّ في الكسوفين، و الأدلّة العامّة في غيرهما.

(6)و المراد من النصّ هو المنقول في الوسائل:

عن الفضل بن يسار و محمّد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السّلام: أ تقضى صلاة الكسوف من اذا أصبح فعلم، و اذا أمسى فعلم ؟ قال: إن كان القرصان احترقا كلاهما قضيت، و إن كان إنّما احترق بعضهما فليس عليك قضاؤه.

(الوسائل: ج 5 ص 154 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف ح 1).

ص: 379

و بالعمومات في غيرهما (1).

يستحبّ الغسل للقضاء

(و يستحبّ الغسل) للقضاء (مع التعمّد و الاستيعاب) و إن تركها جهلا (2)، بل قيل بوجوبه،

الأغسال المستحبة

(و كذا يستحبّ الغسل للجمعة) استطرد (3) هنا ذكر الأغسال المسنونة لمناسبة ما (4). و وقته ما بين طلوع الفجر يومها إلى الزوال، و أفضله (5) ما قرب إلى الآخر، و يقضى بعده إلى آخر السبت كما يعجّله (6) خائف عدم التمكّن منه في وقته من الخميس،(و) يومي

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «غيرهما» يرجع الى الكسوفين. يعني و الدليل على وجوب القضاء في غير الكسوفين مطلقا هو العمل بالعمومات من الأدلّة.

و من الروايات الدالّة على وجوب قضاء صلاة الآيات أيضا مطلقا هو المنقول في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام أنه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلّها أو نام عنها، قال: يقضيها اذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار... الحديث. (الوسائل: ج 5 ص 348 ب 10 من أبواب قضاء الصلوات ح 1).

الأغسال المستحبّة (2)يستحبّ أن يغسل عند قضاء صلاة الآيات عند التعمّد و الاستيعاب و إن كان تركه عمدا لجهة الجهل بالوجوب. و قال بعض بوجوب الغسل.

(3)قوله «استطرد» أي ساق المصنّف كلامه و انتقل الى ذكر الأغسال المندوبة للتناسب، و هي ثلاثة أقسام، أحدها: التناسب الزماني مثل غسل الجمعة و نحوها، و الثاني: مكاني، مثل الأغسال عند الدخول الى الأمكنة مثل المشاهد المشرّفة. و الثالث: لمناسبة الأفعال يأتي مثاله.

(4)المراد من «مناسبة ما» هو تناسب الأغسال المندوبة بالغسل المندوب في قضاء صلاة الآيات.

(5)الضمير في «أفضله» يرجع الى الغسل، أو الوقت.

(6)أي كما يجوز تقديم غسل الجمعة لمن يخاف عدم التمكّن في وقته في يوم الخميس.

ص: 380

(العيدين، و ليالي فرادى (1) شهر رمضان) الخمس عشرة، و هي العدد الفرد من أوله إلى آخره،(و ليلة الفطر) أولها،(و ليلتي نصف رجب و شعبان (2)) على المشهور في الأول، و المرويّ في الثاني (3)،(و يوم المبعث) و هو السابع و العشرون من رجب على المشهور (4)،(و الغدير) و هو الثامن عشر من ذي الحجّة،(و) يوم (المباهلة) و هو الرابع و العشرون من ذي الحجّة على الأصحّ . و قيل: الخامس و العشرون (5)،(و) يوم (عرفة) و إن لم يكن بها (6)،(و نيروز الفرس) (7). و المشهور الآن (8) أنّه يوم

**********

شرح:

(1)قوله «ليالي فرادى» في مقابل ليالي الزوج، و هي خمس عشرة ليلة، حتى في صورة كون الشهر ناقصا، لأنّ العدد المذكور يحصل في ليلة التاسع و العشرين.

(2)بفتح النون، فإنّ لفظ «شعبان» غير منصرف، لوجود علامتي غير الانصراف فيه، كما أنّ لفظ «رمضان» كذلك. قوله «على المشهور في الأول» يعني لم يحصل لنا رواية في خصوص استحباب الغسل في نصف رجب، لكنه مشهور.

(3)وردت الرواية في استحباب غسل ليلة النصف من شعبان، و هي المنقولة في الوسائل:

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صوموا شعبان، و اغتسلوا ليلة النصف منه، ذلك تخفيف من ربّكم و رحمة. (الوسائل: ج 2 ص 959 ب 23 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1).

(4)قوله «على المشهور» قيد لاستحباب الغسل في يوم المبعث لعدم الرواية فيه، لا لكون المبعث هو السابع و العشرين من رجب.

(5)و في بعض النسخ «الخامس عشر». و المباهلة من بهل: لعن.

(6)يعني يستحبّ غسل يوم عرفة و إن لم يكن في عرفة.

(7)النيروز عند الفرس: أول يوم من أيام السنة الشمسية، يوم الفرح عموما، فارسية. (المنجد). و الفرس: جيل من الناس، و النسبة (فارسيّ ).

(8)يعني أنّ المشهور في زماننا هو أول يوم نزول الشمس في برج الحمل، فإنّ للشمس بروجا كما ذكرها أهل الفنّ ، مثل: الحمل، الثور، الجوزاء، السرطان،

ص: 381

نزول الشمس في الحمل و هو الاعتدال الربيعي (1)،(و الإحرام) للحجّ أو العمرة (2)(و الطواف) (3) واجبا كان أم ندبا،(و زيارة) (4) أحد (المعصومين). و لو اجتمعوا في مكان واحد تداخل (5) كما يتداخل باجتماع أسبابه مطلقا.

(و للسعي إلى رؤية المصلوب (6) بعد ثلاثة) أيام من صلبه

**********

شرح:

و غير ذلك، و من أراد المزيد فليراجع الكتب الفلكية، فقالوا: إنّ الشمس تكون في أحد البروج، و في أول فصل الربيع الذي يتساوى فيه الليل و النهار، و فيه تنزل الشمس في برج الحمل.

و قد اختلف في يوم النيروز هل هو أول الاعتدال الربيعي، أو قبله بمقدار خمسة عشر يوما، أو أول الصيف، أو غير ذلك ؟ فلذا قال الشارح: و المشهور الآن أنه يوم نزول الشمس في الحمل.

(1)أي تساوي الليل و النهار المنسوب بالربيع.

(2)يعني يستحبّ الغسل للإحرام سواء كان الإحرام للحجّ أو للعمرة.

(3)يعني يستحبّ الغسل للطواف سواء كان الطواف واجبا للحجّ أو العمرة، أو مستحبّا كالنيابة عن شخص طلب منه تبرّعا أو لنفسه. كما أنّ الطواف مطلقا من العبادات فيستحبّ الغسل له.

(4)أي يستحبّ الغسل اذا أراد زيارة أحد المعصومين عليهم السّلام.

(5)يعني لو حصل أسباب استحباب الأغسال المتعدّدة - مثل اتفاق يوم المبعث في يوم الجمعة - و هو يريد الزيارة فيغسل غسلا واحدا بنية الجميع، كما أنّ الغسل يتداخل في سائر الموارد اذا وجب، مثل غسل الحيض و الجنابة الحاصلة للمرأة قبل ابتلائها بالحيض.

(6)يعني يستحبّ الغسل أيضا لمن يذهب الى رؤية المقتول مصلوبا بعد ثلاثة أيّام من صلبه. فلو سعى الى رؤيته قبل ثلاثة أيّام لا يستحبّ الغسل، كما اذا ذهب إليه حين الصلب أو بعد يوم الصلب.

ص: 382

مع الرؤية (1)، سواء في ذلك مصلوب الشرع (2) و غيره.(و التوبة عن فسق (3) أو كفر) بل عن مطلق الذنب و إن لم يوجب الفسق كالصغيرة النادرة (4). و نبّه (5) بالتسوية على خلاف المفيد حيث خصّه بالكبائر.

(و صلاة الحاجة، و) صلاة (الاستخارة) لا مطلقهما (6)، بل في موارد مخصوصة من أصنافهما، فإنّ منهما (7) ما يفعل بغسل، و ما يفعل بغيره على ما فصّل في محلّه (8).

**********

شرح:

(1)فذلك يستحبّ اذا سعى و رأى المصلوب، فلو لم يره فلا يشرّع أيضا، و لا يؤمر الأمر الاستحبابي له بالغسل.

(2)أي لا فرق في استحباب الغسل له في السعي الى رؤية المصلوب سواء كان مصلوبا بحكم الشرع مثل أن يرتكب عملا يوجب قتله صلبا، أم كان مصلوبا من جانب غير الشرع كأن صلبه شخص ظالم.

(3)اذا تاب شخص من ارتكاب الفسق أو من ارتكاب الكفر يستحبّ له الغسل.

(4)المراد من الصغيرة النادرة التي يرتكبها اتّفاقا بحيث لا يصرّ عليها.

(5)فاعل قوله «نبّه» مستتر يرجع الى المصنّف، فإنّه نبّه على التسوية في قوله «و التوبة عن فسق أو كفر» فجعل التسوية بين الفسق و الكفر، على خلاف الشيخ المفيد رحمه اللّه حيث جعل استحباب الغسل بالتوبة لمن ارتكب الكبائر.

* من حواشي الكتاب: نبّه المصنّف على التسوية بين الفسق و الكفر على خلاف المفيد رحمه اللّه في المقنعة حيث قال فيها: و غسل التوبة من الكبائر، و المتعارف عدم دخول الكفر الأصلي و الارتداد في إطلاق الكبائر. (حاشية الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه اللّه).

(6)الضمير في قوله «مطلقهما» يرجع الى الحاجة و الاستخارة. يعني لا يستحبّ الغسل لمطلق صلاة الحاجة و الاستخارة، بل في بعض مواردهما التي وردت مع الغسل، لأنّ مطلق صلاة الحاجة و الاستخارة لم يشترط بالغسل الاستحبابي.

(7)أي بعض منهما يؤتى بالغسل و بعض لا يؤتى به.

(8)أي في موارد استحباب الغسل و عدمه. من أراد المزيد فليراجع كتاب البحار للمجلسي رحمه اللّه في باب صلاة الحاجة و باب الاستخارة من كتاب الصلاة.

ص: 383

(و دخول (1) الحرم) بمكّة مطلقا،(و) لدخول (مكّة (2) و المدينة) مطلقا (3) شرّفهما اللّه تعالى. و قيّد المفيد (4) دخول المدينة بأداء فرض أو نفل،(و) دخول (المسجدين) الحرمين (5)،(و كذا) لدخول (الكعبة) أعزّها اللّه تعالى، و إن كانت (6) جزء من المسجد إلاّ أنه يستحبّ «مستحبّ - خ ل» بخصوص دخولها، و تظهر الفائدة فيما لو لم ينو دخولها عند الغسل السابق (7)، فإنّه (8) لا يدخل فيه، كما لا يدخل غسل المسجد في غسل

**********

شرح:

(1)المراد من الحرم هو الحدّ المعيّن في أطراف بلدة مكّة المعظّمة كما فصّل في كتاب الحجّ بقوله «مطلقا» أي سواء كان الداخل للحرم ناسكا أو غير ناسك.

(2)و أيضا يستحبّ الغسل لدخول نفس مكّة غير الغسل المستحبّ في دخول الحرم.

(3)قوله «مطلقا» إشارة لعدم الفرق بين الداخل فيهما للنسك و الزيارة أم لا.

(4)يعني قال المفيد رحمه اللّه باستحباب الغسل في المدينة اذا دخل فيها لأداء فرض مثل أن نذر زيارة قبر الرسول صلّى اللّه عليه و آله أو قبور الأئمة عليهم السّلام في البقيع، أو لأداء نفل مثل الزيارات المندوبة.

(5)أي المسجد الحرام في مكّة المعظّمة و المسجد النبوي في المدينة المنوّرة.

(6)يعني و إن كانت الكعبة جزء من المسجد الحرام لكن يستحبّ الغسل لخصوص دخولها، و هذا غير الغسل المستحبّ لدخول المسجد الحرام. و لا يخفى أنّ من وفّق لدخول الكعبة من الخارج عن الحرم عليه ثلاثة أغسال مستحبّة: الأوّل لدخول الحرم، و الثاني لدخول المسجد الحرام، و الثالث لدخول الكعبة أعزّها اللّه تعالى، و لكن لو نوى قبل الورود في الحرم الدخول للكعبة فتتداخل حينئذ الأغسال الثلاثة.

(7)المراد من «الغسل السابق» هو الغسل لدخول المسجد الحرام.

(8)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى غسل الدخول الى الكعبة، و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الغسل لدخول المسجد.

ص: 384

دخول مكّة إلاّ بنيّته (1) عنده، و هكذا (2)، و لو جمع المقاصد (3) تداخلت.

الصلاة المنذورة و شبهها

(و منها: (4) الصلاة المنذورة (5) و شبهها (6)) من المعاهد، و المحلوف عليه.(و هي (7) تابعة للنذر المشروع و شبهه)

**********

شرح:

(1)الضمير في «بنيّته» يرجع الى الدخول، و في «عنده» يرجع الى الغسل.

(2)يعني و هكذا الغسل عند الدخول للحرم يدخل فيه غسل الدخول للمسجد اذا نوى عند الغسل.

(3)هذا حاصل التوضيحات المذكورة، بأنّه لو نوى المقاصد تداخلت الأغسال.

و المراد من المقاصد: هو المقاصد الثلاثة من الدخول الى الحرم، و الدخول الى المسجد الحرام، و الدخول الى الكعبة المشرّفة. و اللام في المقاصد للعهد الذكري، و الفاعل في قوله «تداخلت» يرجع الى الأغسال المذكورة في المقاصد الثلاثة، فيكفي غسل واحد بدل الثلاثة.

الصلاة المنذورة و شبهها (4)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الصلوات المذكورة في قوله «الفصل السادس: في بقية الصلوات الواجبة... الى آخره».

(5)المراد من «الصلاة المنذورة» هي التي تجب بسبب النذر، كما اذا نذر أن يصلّي صلاة جعفر الطيّار لو قضى اللّه حاجته فقضيت.

(6)الضمير في «شبهها» يرجع الى المنذورة، و المراد من شبه المنذور كما يبيّنه ب «من» البيانية الصلاة الواجبة بالعهد و الحلف، كما اذا عهد للّه أن يصلّي صلاة كذا، أو حلف على ذلك.

(7)أي الصلاة المنذورة و المعهودة و المحلوفة تابعة لنذره و شبهه، فأيّ صلاة مشروعة من نذر أو تعهد أو حلف فإتيانها في وقتها يجب بالكيفية الواردة من الشرع، فلا تشرّع كيفية غير واردة فيها بنذر و شبهه، مثل أن ينذر صلاة جعفر بركعتين، أو أن ينذر ركعتين من الصلاة بركوع واحد، أو ينذر صلاة العيدين في وقت لم يشرّع فيه، فلا ينعقد حينئذ نذره.

ص: 385

فمتى نذر هيئة مشروعة في وقت إيقاعها (1) أو عددا مشروعا انعقدت (2). و احترز (3) بالمشروع عمّا لو نذرها عند ترك واجب، أو فعل (4) محرّم شكرا، أو عكسه (5) زجرا، أو ركعتين (6) بركوع واحد، أو سجدتين، و نحو ذلك، و منه (7) نذر صلاة العيد في غيره، و نحوها (8).

و ضابط (9) المشروع ما كان فعله جائزا قبل النذر في ذلك الوقت،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «إيقاعها» يرجع الى هيئة مشروعة. يعني تكون الصلاة المنذورة على هيئة مشروعة في وقت إتيانها، لا في وقت النذر، مثل نذر صلاة العيدين المشروعة في العيدين، لا في زمان النذر، و كذلك العدد المشروع كما مثّلنا إليه في الهامش السابق.

(2)قوله «انعقدت» جواب لقوله «فمتى نذر هيئة... الى آخره».

(3)فاعل قوله «احترز» مستتر يرجع الى المصنّف. يعني أنّ المصنّف احترز بقوله «و هي تابعة للنذر المشروع» عن نذر غير مشروع كما مثّل إليه بقوله «عند ترك واجب» كما اذا نذر أن يصلّي صلاة العيدين لو ترك الحجّ الواجب، فإنّ النذر كذلك غير مشروع.

(4)بالجرّ، عطفا على «ترك واجب». هذا مثال ثان للنذر الغير مشروع، و هو أن ينذر صلاة جعفر لو ارتكب الزنا أو شرب الخمر شكرا على فعله المعصية.

(5)المراد من العكس هو ترك المحرّم بأن نذر لو ترك الزنا يصلّي عشر ركعات صلاة مستحبّة، أو صوم شهر للزجر على الترك.

(6)هذان المثالان للهيئة الغير المشروعة و عدد غير مشروع.

(7)أي و من أقسام الغير المشروع نذر صلاة العيد في غير يوم العيد.

(8)و الضمير في قوله «نحوها» يرجع الى صلاة العيد. يعني و أمثال ذلك، مثل نذر صلاة الجمعة في غير يوم الجمعة.

(9)أي ضابط المشروع كون الفعل المنذور من حيث الهيئة و العدد جائزا قبل

ص: 386

فلو نذر ركعتين جالسا أو ماشيا أو بغير سورة أو إلى غير القبلة ماشيا أو راكبا (1) و نحو ذلك (2) انعقد، و لو أطلق (3) فشرطها شرط الواجبة في أجود القولين (4).

صلاة النيابة

(و منها: (5) صلاة النيابة) (بإجارة) (6) عن الميّت

**********

شرح:

زمان النذر، و المراد من الوقت في قوله «ذلك الوقت» هو وقت الإتيان، لا وقت النذر.

و الحاصل: أنّ النذر بنفسه لا يكون مشرّعا، بل يكون متعلّقه مشروعا.

(1)قوله «ماشيا أو راكبا» قيدان لقوله «الى غير القبلة». يعني أنّ الصلاة الى غير القبلة لا تكون مشروعة إلاّ في حال المشي أو الركوب فلا تشرّع في غيرهما.

(2)المشار إليه في «ذلك» هو المذكورات من الصلاة المشروعة، مثل نذر صلاة مشروعة في حال الاضطجاع أو الاستلقاء و هو مريض.

(3)يعني لو أطلق الناذر صلاة مستحبّة بلا تعيين الهيئة المشروعة فيها مثل نذر صلاة مستحبّة بلا تقييد كونها جلوسا أو قياما، فإذا يحكم بإتيانها بشرائط الواجب من كونها قياما عند التمكّن.

(4)مقابله القول الآخر بأنه لا يجب مراعاة شرائط الصلاة الواجبة، بل المندوبة التي كانت قبل تعلّق النذر بها.

صلاة النيابة (5)و الضمير في قوله «منها» أيضا يرجع الى الصلوات المذكورة في قوله «الفصل السادس في الصلوات الواجبة... الى آخره».

(6)الجارّ يتعلّق ب «النيابة». يعني صلاة النيابة لا تحقّق إلاّ بسبب كونه أجيرا، أو بالتحمّل الشرعي، مثل وجوب صلاة الأب الميّت على ولده الأكبر الحيّ .

ص: 387

تبرّعا (1)، أو بوصيّته النافذة (2)،(أو تحمّل) (3) من الوليّ و هو أكبر الولد (4) الذكور (عن الأب) لما فاته (5) من الصلاة في مرضه أو سهوا أو مطلقا، و سيأتي تحريره.(و هي (6) بحسب ما يلتزم به) كيفية و كمية.

**********

شرح:

(1)يعني يكون أجيرا عن الميّت تبرّعا بدون أن يوصي الميّت بإتيان الصلاة من جانبه، كما اذا استأجر ورثة الميّت إتيان صلاة من جانبه تبرّعا بلا وظيفة منهم لاستئجار الصلاة.

(2)عطف على قوله «تبرّعا». يعني كون صلاة النيابة بالإجارة بسبب وصيّة نافذة من جانب شخص الميّت، و المراد من الوصيّة النافذة هو أن يوصي بمقدار من الصلاة التي تكون اجرتها بمقدار ثلث ما يتركه من الأموال، أو أجازها الورّاث لو كانت زائدة، كأن أوصى الميّت بإتيان ألف ركعة صلاة جعفر الطيّار و كانت اجرتها ألفين و كان ثلث ما يتركه من الأموال ألفين فتكون الوصية نافذة، أو كانت الاجرة ثلاثة آلاف، و كان زائدا عن الثلث و أجازها الورّاث، فتكون الوصيّة أيضا نافذة، و لو لم تجز الورثة فتنفذ الوصيّة بمقدار الثلث، و لا تنفذ في أزيد منه.

(3)عطف على قوله «بإجارة». يعني تتحقّق صلاة النيابة بسبب تحمّل من الولي.

(4)جمع الولد. يعني أنّ الوليّ المتحمّل لصلاة النيابة عن جانب الميّت هو أكبر أولاده الذكور، فلا تجب على الصغير و الإناث من الأولاد.

(5)هذا يتعلّق ب «تحمّل». يعني يتحمّل الولد الأكبر الصلاة التي فاتت من والده الميّت في زمان مرضه، أو فاتت سهوا، أو فاتت منه عمدا أو سهوا أو في المرض.

فلكلّ منها قول كما يأتي التحقيق فيه.

(6)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى صلاة النيابة بإجارة. يعني أنها تجب على نحو التزام الأجير بها من حيث الكيفية و الكمية، مثلا اذا التزم بالصلاة مع الإقامة أو أن يقرأ السورة الفلانية و هكذا من حيث المقدار فيأتي بمقدار ما التزم به.

ص: 388

صلاة الاستسقاء

(و من (1) المندوبات:)

(صلاة الاستسقاء (2)) و هو: طلب السقيا، و هو (3) أنواع، أدناه الدعاء بلا صلاة (4)، و لا خلف صلاة، و أوسطه الدعاء خلف الصلاة، و أفضله الاستسق اء بركعتين و خطبتين (و هي كالعيدين) في الوقت (5)، و التكبيرات الزائدة في الركعتين (6)، و الجهر، و القراءة (7)، و الخروج إلى الصحراء (8)، و غير

**********

شرح:

صلاة الاستسقاء (1)و من هنا شرع في بيان الصلاة المندوبة الّتي اختار المصنّف بيانها، كما قال الشارح في أول الفصل السادس «و ما يختاره من المندوبة».

(2)الاستسقاء: من سقى يسقي سقيا الرجل: أعطاه ماء ليشرب، و السقيا: اسم مصدر من السقي و الاستسقاء.

و الاستسقاء لغة طلب السقي، و شرعا: هو أن يطلب الإنسان من اللّه تعالى على وجه مخصوص إنزال المطر عند شدّة الحاجة إليه. (المنجد).

(3)الضمير في قوله «هو» يرجع الى الاستسقاء. فإنّه ثلاثة أقسام:

الأول: هو الدعاء و طلب السقي من دون صلاة بعده أو قبله، و هو أقلّ فضيلة ممّا يأتي.

الثاني: هو طلب السقيا بعد إتيان ركعتين من الصلاة بلا كيفية خاصّة.

الثالث: هو الدعاء للسقيا بعد الصلاة بركعتين مع خطبتين كما يأتي تفصيلها.

(4)أي بلا صلاة قبله و لا صلاة خلفه.

(5)فإنّ وقتها من طلوع الشمس الى الزوال.

(6)بأن يكبّر خمسا في الركعة الاولى، و أربعا في الركعة الثانية، و القنوت بعد كلّ تكبيرة.

(7)بأن يقرأ الحمد و السورة جهرا، كما فصّل في صلاة العيدين.

(8)و كذا في الخروج الى الصحراء.

ص: 389

ذلك (1)، إلاّ (2) أن القنوت هنا بطلب الغيث و توفير المياه و الرحمة (و يحوّل) الإمام و غيره (الرداء (3) يمينا و يسارا) بعد الفراغ من الصلاة فيجعل يمينه يساره، و بالعكس، للاتّباع (4) و التفاؤل (5)، و لو جعل مع ذلك (6) أعلاه

**********

شرح:

(1)مثل قراءة سورة الأعلى في الركعة الاولى و سورة الشمس في الركعة الثانية.

(2)هذا استثناء من تشبيه صلاة الاستسقاء بصلاة العيدين بأنهما متساويتان إلاّ في القنوت، فيدعو في القنوت بطلب المطر و السقيا.

(3)الرداء - بكسر الراء بعده الدال -: ما يلبس فوق الثياب، كالعباءة و الجبّة.

(المنجد). يعني يقلّب يمين الرداء يساره و بالعكس.

(4)يعني يستحبّ قلب الرداء كذلك بعد الصلاة تأسّيا بما فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كما ورد ذلك في الوسائل:

عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن صلاة الاستسقاء فقال:

مثل صلاة العيدين يقرأ فيها و يكبّر (الى أن قال عليه السّلام:) فإذا سلّم الامام قلّب ثوبه و جعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر، و الذي على الأيسر على الأيمن، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كذلك صنع. (الوسائل: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 1).

و كذلك رواية عبد اللّه بن بكير و رواية محمّد بن سفيان عن رجل، و غيرهما، كلّهم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام. (راجع الوسائل: ج 5 ص 165 ب 3 من أبواب صلاة الاستسقاء).

(5)و هو جعل قلب الرداء تفاؤلا بقلب الجوّ السماوي أيضا، بأن يقلّب اللّه الجوّ السماوي من القحط و عدم المطر بالرحمة و نزول المطر.

(6)المشار إليه هو تحويل الرداء يمينا و يسارا. يعني أن يجعل يمينه يساره، و بالعكس مع جعل أسفله أعلاه، و أيضا أن يجعل ظاهر الرداء باطنه.

توضيح: أنّ جعل يمين الرداء يساره و بالعكس لا يمكن إلاّ أن يلبسه من طرف الوجه، على خلاف المتعارف الذي يلبس الرداء من طرف الظهر.

و بعبارة اخرى: اذا أراد أن يجعل يمينه يساره و بالعكس بدون أن يقلب باطنه ظاهره لا يمكن إلاّ باللبس من طرف القدّام.

ص: 390

أسفله و ظاهره باطنه كان (1) حسنا، و يترك (2) محوّلا حتى ينزع.

(و لتكن الصلاة بعد صوم (3) ثلاثة) أيام، أطلق بعديّتها (4) عليها تغليبا، لأنّها تكون في أول (5) الثالث

**********

شرح:

فقال الشارح رحمه اللّه: لو جعل مضافا الى تلك الحالة أعلاه أسفله لا يتصوّر في هذه الصورة جعل اليمين باليسار إلاّ أن يقلب الثوب أيضا و يلبس من طرف الوجه، فإذا يكون جعل ظاهره باطنه قيدا توضيحيا، لأنه لو لم يذكره أيضا كان اللازم قلب ظاهره باطنا.

و الحاصل: أنّ الهيئة المطلوبة لا تحصل إلاّ بثلاث حالات:

الاولى: بقلب يمين الرداء يسارا و بالعكس.

الثانية: بقلب أعلاه أسفله و بالعكس.

الثالثة: بقلب ظاهره باطنه.

فتجمع هذه الهيئات الثلاث في لبس الرداء من طرف الوجه، فالإيرادات التي ذكرها المحشّون لا ترد بعبارة الشارح رحمه اللّه: فقم أيها الطالب و قلّب ظاهر رداءك باطنه، و اجعل أعلاه أسفله، و البسها من طرف وجهك فشاهد بأنّه حصلت التقليبات الثلاث في هذه الهيئة، ثمّ تأمّل في إيرادات المحشّين.

و قد عملنا بهذه في جلسة تدريسنا في منظر جمع كثير يقرب من ستمائة بل أزيد من الطلاّب المشتغلين و صدّقوا تصوير الهيئة المطلوبة من الشارح رحمه اللّه و لم تبق شبهة فيها.

(1)جواب لقوله «و لو جعل مع ذلك... الى آخره».

(2)نائب الفاعل في كلا الفعلين المجهولين «يترك» و «ينزع» يرجع الى الرداء.

(3)و المراد كون الصلاة في اليوم الثالث من أيّام صومه.

(4)الضمير في قوله «بعديّتها» يرجع الى صلاة الاستسقاء، و في «عليها» يرجع الى الثلاثة. يعني غلبت البعدية الى القبلية، لأنّ الصوم يكون بعد يومين و قبل يوم، أي في ظرفه، فغلّب و قال بعد الثلاثة.

(5)أي في أول يوم الثالث، و هو من الطلوع الى الزوال كما مرّ.

ص: 391

(آخرها (1) الاثنين) و هو منصوص، فلذا قدّمه،(أو الجمعة) لأنّها (2) وقت لإجابة الدعاء، حتى روي (3) أنّ العبد ليسأل الحاجة فيؤخّر قضاؤها إلى الجمعة،(و) بعد (التوبة) (4) إلى اللّه تعالى من الذنوب، و تطهير الأخلاق من الرذائل،(و ردّ (5) المظالم) لأنّ ذلك (6) أرجى

**********

شرح:

(1)أي آخر الأيام الثلاثة هو يوم الاثنين، فعلى هذا فليشرع في الصوم من يوم السبت. لأنّ ذلك ورد في النصّ المنقول في الوسائل:

عن يوسف بن محمّد بن زياد و علي بن محمّد بن سيّار عن أبويهما عن الحسن بن عليّ العسكري عن آبائه عن الرضا عليه السّلام في حديث: أنّ المطر احتبس فقال له المأمون: لو دعوت اللّه عزّ و جلّ ، فقال له الرضا عليه السّلام: نعم، قال: فمتى تفعل ذلك ؟ و كان يوم الجمعة، فقال: يوم الاثنين فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتاني البارحة في منامي و معه أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا بنيّ ، انتظر يوم الاثنين و ابرز الى الصحراء و استسق فإنّ اللّه عزّ و جلّ سيسقيهم (الى أن قال:) فلمّا كان يوم الاثنين خرج الى الصحراء و معه الخلائق... الحديث. (الوسائل: ج 5 ص 164 ب 2 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 2).

(2)الضمير في قوله «إنّها» يرجع الى الجمعة، فإنّها وقت يستجاب الدعاء فيه.

(3)و المراد من الرواية هو المنقول في الوسائل:

عن ابن محبوب رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمن ليدعو في الحاجة فيؤخّر إليه حاجته التي سأل الى يوم الجمعة ليخصّه بفضل يوم الجمعة. (الوسائل:

ج 5 ص 68 ب 41 من أبواب صلاة الجمعة ح 1).

(4)عطف على قوله «الجمعة». يعني و لكنّ صلاة الاستسقاء بعد التوبة.

(5)عطف على «التوبة» و معطوفه. المظلمة: ما احتمل من الظلم جمعها المظالم.

(المنجد).

(6)المشار إليه في قوله «ذلك أرجى» هو ردّ المظالم. يعني أنّ ردّ ما احتمل أو تيقّن من حقوق الناس على ذمّته يوجب الرجاء الكثير لاستجابة دعائه.

ص: 392

للإجابة، و قد يكون القحط بسبب هذه (1) كما روي (2)، و الخروج من المظالم من جملة التوبة جزء (3) أو شرطا (4)، و خصّها (5) اهتماما بشأنها، و ليخرجوا حفاة (6) و نعالهم (7) بأيديهم،

**********

شرح:

(1)المشار إليه هو المظالم. يعني قد يتّفق القحط و عدم المطر و الرحمة بسبب ارتكاب المظالم بين الناس.

(2)و المراد منه هو المرويّ في البحار:

قال الصادق عليه السّلام: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى يبتلي عباده عند ظهور الأعمال السيّئة بنقص الثمرات و حبس البركات و إغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب و يقلع مقلع و يتذكّر متذكّر و يزدجر مزدجر، و قد جعل اللّه تعالى الاستغفار سببا لدرور الأرزاق، و رحمة الخلق، فقال سبحانه: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً * وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (1) . الحديث. (البحار: ج 91 ص 336 ح 20 نقلا عن أعلام الدين، و الآيات المذكورة 10-12 من سورة نوح).

(3)يعني بناء على ما قالوا في معنى التوبة: إنّها الندم على ما مضى و العزم على ترك ما ارتكب في المستقبل و أداء حقوق الناس عليهم، فيكون ردّ المظالم جزء للتوبة و تحقّقها.

(4)و هذا بناء على كون التوبة هي الندم على ما ارتكب من المعاصي و شرطه أداء حقوق الناس و التصميم على ترك ما ارتكب، فيكون ردّ المظالم من الشرائط التي هي خارجة عن حقيقة التوبة لأنها الندم فقط .

(5)فاعل قوله «خصّها» يرجع الى المصنّف، و الضمير المتّصل به يرجع الى المظالم.

يعني أنّ المصنّف ذكر المظالم خاصّة و لم يذكر سائر أجزاء التوبة أو شرائطها - كما في بعض النصوص و العبارات هي ستّة أو أقلّ - لأهميّة شأن المظالم بين سائر الأجزاء و الشرائط ، و الضمير في قوله «بشأنها» أيضا يرجع الى المظالم.

(6)حفاة: جمع مفرده حافي، و هو الماشي بلا خفّ و لا نعل. (المنجد).

(7)نعال - بكسر النون - جمع مفرده نعل - بفتح النون و سكون العين - أو ما وقيت به القدم من الأرض، و جمعه الآخر: أنعل. (المنجد).

ص: 393


1- سوره 71 - آیه 10

في ثياب بذلة (1) و تخشّع (2)، و يخرجون الصبيان و الشيوخ (3) و البهائم، لأنّهم مظنّة الرحمة على المذنبين، فإن سقوا و إلاّ (4) عادوا ثانيا و ثالثا من غير قنوط (5)، بانين (6) على الصوم الأول إن لم يفطروا بعده (7)، و إلاّ فبصوم مستأنف.

نافلة شهر رمضان

(و منها: (8) نافلة (9) شهر رمضان) (و هي) في أشهر الروايات (ألف ركعة) موزّعة (10) على الشهر

**********

شرح:

(1)البذلة - بكسر الباء و سكون الذال - من الثياب: ما يلبس كلّ يوم. (المنجد).

(2)قوله «تخشّع» صفة للموصوف المقدّر و هو الحال. يعني و ليخرجوا في حال الخشوع.

(3)يعني و ليخرجوا الأطفال و المعمّرين و الحيوانات معهم، و الضمير في قوله «لأنهم» يرجع الى الصبيان و الشيوخ و البهائم. يعني أنهم مورد الظنّ بنزول الرحمة لأن ينزل اللّه رحمته على المذنبين.

(4)أي و إن لم ينزل المطر عادوا في يوم ثان و ثالث.

(5)يعني و لا يقنطون من رحمة اللّه تعالى، بل يخرجون أيّاما لتحصل حوائجهم.

(6)يعني لا يحتاجون الى الصوم ثلاثا غير الأول في الخروج الثاني.

(7)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الصوم الأول. يعني أفطروا الصوم الأول في يوم بعد الثلاثة، فيصومون ثلاثا و يخرجون في اليوم الثالث مثل الأول.

نافلة شهر رمضان (8)أي و من الصلوات المندوبة التي اختارها المصنّف رحمه اللّه نافلة شهر رمضان.

(9)النافلة: ما تفعله ممّا لم يفرض، جمعه: نوافل. (المنجد). و رمضان غير منصرف، و هو الشهر التاسع من القمرية، جمعه رمضانات. (المنجد).

(10)قوله «موزّعة» منصوب لكونها حالا من استحباب ألف ركعة.

ص: 394

(غير الرواتب (1) في) الليالي (العشرين) الأول (2)(عشرون: (3) كلّ ليلة ثمان بعد المغرب، و اثنتا (4) عشرة بعد العشاء)، و يجوز العكس (5)،(و في) كلّ ليلة من (العشر (6) الأخيرة ثلاثون) ركعة: ثمان منها بعد المغرب، و الباقي (7) بعد العشاء، و يجوز اثنتا عشرة بعد المغرب، و الباقي (8) بعد العشاء (و في ليالي الأفراد (9)) الثلاث، و هي (10) التاسعة عشرة، و الحادية و العشرون، و الثالثة و العشرون،(كلّ ليلة مائة) مضافة إلى ما عيّن لها (11)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ ألف ركعة غير النوافل اليومية و الليلة.

(2)الأول - بضمّ الأول و فتح الواو - جمع مفرده الاولى، و هو مؤنّث الأول الذي يأتي جمعه: أوائل و أوّلون و أوال. و الجمع الآخر اول و اوليات. (المنجد).

(3)عشرون: مبتدأ مؤخّر خبره قوله «عشرين». يعني عشرون ركعة كائنة في الليالي العشرين.

(4)عطف على قوله «ثمان بعد المغرب». يعني بيان ألف ركعة في الشهر هكذا: بأنّ عشرين منها يكون في الليالي العشرين كلّ ليلة ثمان بعد المغرب و اثنتا عشرة ركعة بعد صلاة العشاء.

(5)بأن تصلّى اثنتا عشرة ركعة بعد المغرب و ثمان ركعات بعد العشاء.

(6)قوله «العشر» محرّكا فلا يشتبه كونه بضمّ الأول. يعني في الليالي العشر الأخيرة ثلاثون ركعة.

(7)و هو اثنتان و عشرون.

(8)الباقي هو ثمان عشرة ركعة.

(9)قوله «الأفراد» جمع مفرده فرد، و المراد من الليالي الأفراد هو المعروف بليالي القدر، و هي تسعة عشر، و إحدى و عشرون، و ثلاث و عشرون كما أوضحها الشارح رحمه اللّه.

(10)الضمير يرجع الى ليالي الأفراد.

(11)قد عيّن لليلة التاسعة عشر عشرين ركعة في قوله «في العشرين عشرون

ص: 395

سابقا، و ذلك تمام الألف، خمسمائة في العشرين (1)، و خمسمائة في العشر.

(و يجوز الاقتصار عليها (2) فيفرّق الثمانين) المتخلّفة و هي العشرون في التاسعة عشر، و الستون في الليلتين بعدها (على الجمع (3)) الأربع. فيصلّي في يوم كلّ جمعة عشرا بصلاة عليّ (4) و فاطمة (5)

**********

شرح:

ركعة» و لليلتي إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين ثلاثين ركعة في قوله: «و في العشر الأخيرة ثلاثون».

(1)قوله «في العشرين» بصيغة التثنية مفردة عشر. يعني أنّ خمسمائة ركعة من المجموع تقع في العشرين الأولين، و خمسمائة ركعة تبقى للعشر الاخر، و ذلك هو ألف ركعة.

(2)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى مائة ركعة. يعني يجوز أن يكتفي إتيان مائة ركعة في كلّ ليلة من الليالي الثلاث. و يأتي ما مرّ من الصلاة في مجموع الجمعات في شهر رمضان، و هي ثمانون ركعة، لأنّ في التاسعة عشرة عشرين ركعة، و في الحادية و العشرين ثلاثين، و في الثالثة و العشرين ثلاثين أيضا، فالمجموع هو ثمانون ركعة.

(3)الجمع - بضمّ الجيم و فتح الميم - جمع مفرده جمعة بضمّ الجيم و الميم، و هو اسم لليوم السادس من الاسبوع. قيل: سمّي بذلك لأنه يوم اجتماع المسلمين في المسجد، و جمعه الآخر جمعات، (و الجمعة) - بضمّ الجيم و سكون الميم - هو الاجتماع، الالفة المجموعة، الاسبوع. (المنجد).

(4)صلاة عليّ عليه السّلام أربع ركعات بسلامين، في كلّ ركعة قراءة خمسين قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (1) بعد الحمد، و قد روي في خصوصها عن الصادق عليه السّلام لمن صلاّها يخرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه و قضيت حوائجه. (الوسائل: ج 5 ص 245 ب 13 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 2).

(5)صلاة فاطمة عليها السّلام ركعتان، في الركعة الاولى منها يقرأ بعد الحمد مائة مرّة سورة القدر، و في الركعة الثانية بعد الحمد مائة مرّة سورة قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (2) كما

ص: 396


1- سوره 112 - آیه 1
2- سوره 112 - آیه 1

و جعفر (1) عليهم السّلام. و لو اتفق فيه

**********

شرح:

قاله الشيخ في المصباح. (راجع الوسائل: ج 5 ص 244 ب 10 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 6).

(1)صلاة جعفر عليه السّلام: أربع ركعات بسلامين، يقرأ في الركعة الاولى بعد الحمد سورة الزلزال، و في الركعة الثانية سورة و العاديات، و في الركعة الاولى من الركعتين الأخيرتين سورة إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ (1) ، و في الركعة الأخيرة منهما سورة قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (2) على ما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن الكاظم عليه السّلام.

(راجع الوسائل: ج 5 ص 198 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 3). و يقول في كلّ ركعة بعد القراءة «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» خمس عشرة مرّة، و في الركوع عشر مرّات، و في الرفع من الركوع عشر مرّات، و في السجود عشر مرّات، و في الرفع من السجود عشرا، و في السجدة الثانية كذلك، و في الرفع منه أيضا عشر مرّات، و كذلك في الركعات الأربع. فيحصل المجموع من الركعات الأربع ثلاثمائة مرّة، و الحاصل منها ألف و مائتا تسبيحة. و من أراد فليراجع كتاب «زاد المعاد» للمجلسي رحمه اللّه، و «مفاتيح الجنان» للشيخ عبّاس القمي رحمه اللّه.

قال المجلسي: إنّ صلاة جعفر الطيار من المتواترات بين العامّة و الخاصّة بأسانيد مختلفة.

و قال رحمه اللّه: ما من صلاة مستحبّة بعد النوافل من حيث اعتبار السند و الثواب مثل صلاة جعفر.

وجه نسبة هذه الصلاة الى جعفر - كما ذكرها صاحب «المسالك» -: نسبة هذه الصلاة الى جعفر بن أبي طالب عليهما السّلام لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حباه إيّاه حين قدم عليه من الحبشة، و كان ذلك يوم فتح خيبر، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله حين بشّر بقدومه: و اللّه ما أدري بأيّهما أنا أشدّ سرورا، أ بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟ فلمّا قدم و بعث إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فالتزمه و قبّل بين عينيه، فقال: يا جعفر، ألا أمنحك، ألا أعطيك، أو أحبوك، فقال: بلى يا رسول اللّه، فظنّ الناس أنه يعطيه ذهبا أو فضّة، و تشرّفوا لذلك، فقال: ألا أعلّمك صلاة اذا أنت صلّيتها و كنت فررت من الزحف و كان عليك مثل زبد البحر و رمل عالج ذنوبا غفرت لك... الحديث. (مسالك الأفهام).

ص: 397


1- سوره 110 - آیه 1
2- سوره 112 - آیه 1

خامسة (1) تخيّر في الساقطة، و يجوز (2) أن يجعل لها (3) قسطا يتخيّر في كميّته (4)، و في ليلة (5) آخر جمعة عشرون بصلاة عليّ عليه السّلام، و في ليلة آخر سبت عشرون بصلاة فاطمة (6) عليها السّلام. و أطلق تفريق الثمانين على الجمع مع وقوع عشرين منها ليلة السبت تغليبا (7)، و لأنّها عشية جمعة تنسب إليها في الجملة (8). و لو نقص الشهر (9) سقطت وظيفة (10) ليلة الثلاثين، و لو

**********

شرح:

(1)قوله «خامسة» فاعل قوله «اتّفق» و التأنيث في الفاعل و التذكير في فعله لكونه مؤنّثا غير حقيقي، و الحال كان بينهما الفاصل بلفظ «فيه». و الضمير في قوله «فيه» يرجع الى شهر رمضان. يعني لو اتّفقت الجمعة الخامسة في شهر رمضان و لا يتّفق ذلك إلاّ اذا كان أول الشهر في يوم الجمعة، فاذا سقط التقسيط من إحدى الجمعات فهو مخيّر في اختيار الساقطة.

(2)و هكذا يجوز للمكلّف أن يجعل للجمعة الساقطة مقدارا من الصلاة المقسّطة.

(3)الضمير في قوله «لها» يرجع الى الساقطة.

(4)الضمير في «كمّيته» يرجع الى القسط . يعني يجعل لها أيّ مقدار منها شاء.

(5)عطف على قوله «في كلّ يوم جمعة». يعني فتصلّى أيضا في ليلة آخر جمعة من الشهر عشرون ركعة، لكنّ الجملة اسمية. قوله «عشرون» مبتدأ مؤخّر خبره قوله «في ليلة آخر جمعة».

(6)أي تصلّى العشرون ركعة بصورة صلاة فاطمة عليها السّلام و قد ذكرناها آنفا.

(7)يعني أنّ المصنّف أطلق تقسيم الركعات الثمان على الجمع، و الحال تقع العشرون منها في ليلة السبت من آخر الشهر للتغليب، لأنّ الستّين تقع في الجمعات و العشرين في ليلة السبت.

(8)بمعنى أنّ ليلة السبت أيضا تنسب الى الجمعة لكونها عشيّته.

(9)بأن كان شهر رمضان تسعة و عشرين يوما و نقص يوما واحدا.

(10)المراد من الوظيفة الساقطة هو الركعات الثلاثون التي قال في تقسيم ألف ركعة:

«و في العشر الأخيرة ثلاثون» فتسقط الثلاثون ركعة و لا قضاء لها.

ص: 398

فات شيء منها (1) استحبّ قضاؤه و لو نهارا و في غيره (2)، و الأفضل قبل خروجه (3).

نافلة الزيارة

(و منها: (4) نافلة الزيارة) للأنبياء و الأئمة عليهم السّلام (5)، و أقلّها ركعتان تهدى (6) للمزور، و وقتها بعد الدخول (7) و السلام، و مكانها مشهده و ما قاربه. و أفضله (8) عند الرأس بحيث يجعل القبر على يساره، و لا يستقبل شيئا منه.

صلاة الاستخارة بالرقاع

(و) صلاة (الاستخارة) بالرقاع (9)

**********

شرح:

(1)يعني لو فات شيء من النوافل المذكورة في ليالي شهر رمضان يقضيها و لو في يوم رمضان.

(2)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى شهر رمضان. يعني يجوز قضاء ما فات من النوافل في غير شهر رمضان.

(3)يعني و الأفضل أن يؤتى ما فات من النوافل قبل خروج الشهر.

نافلة الزيارة (4)أيّ و من الصلوات المندوبة التي اختارها المصنّف رحمه اللّه نافلة الزيارة.

(5)يعني اذا زار أحدا من الأنبياء و الأئمة المعصومين عليهم السّلام يستحبّ الصلاة.

(6)قوله «تهدى» بصيغة المجهول. يعني اذا صلّى الزائر يهدي ثوابها للمزور.

(7)هذا اذا كان الزائر في المشاهد، فلو كان خارجا و أراد زيارتهم فصلاة النافلة للزيارة هي قبل الزيارة، مثل صلاة زيارة عاشوراء من بعد.

(8)أي أفضل مكان هو مقابل رأس القبر بحيث لا يجعل جزء من القبر في طرف القبلة.

صلاة الاستخارة (9)الرقاع - بكسر الراء - جمع مفرده رقعة، و هي قطعة من الورق التي يكتب

ص: 399

الستّ و غيرها (1).

صلاة الشكر

(و) صلاة (الشكر) عند تجدّد نعمة أو دفع نقمة على ما رسم (2) في كتب مطوّلة، أو مختصّة به (3).

(و غير ذلك) من الصلوات المسنونة (4) كصلاة (5) النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم

**********

شرح:

فيها، و أمّا كيفية الاستخارة بذات الرقاع فتأخذ ستّ قطع من الأوراق و تكتب في ثلاث منه: بسم اللّه الرحمن الرحيم، خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة، افعل. و تكتب في ثلاث أوراق منها: بسم اللّه الرحمن الرحيم، خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة، لا تفعل. ثمّ تجعل الرقاع تحت سجادة الصلاة و تصلّي ركعتين بهذه النية، و اذا فرغت منها تسجد و تقول في السجدة مائة مرّة:

أستخير اللّه برحمته خيرة في عافية، ثمّ ترفع رأسك من السجدة و تجلس و تقول:

اللّهمّ خر لي و اختر لي في جميع امورى في يسر منك و عافية، ثمّ تشوّش الرقعات و تأخذ واحدة منها، فلو كتب فيها «افعل» و خذ الثانية و الثالثة فكذلك رأيتهما «افعل» فافعل الأمر الذي قصدته، و إن خرجت ثلاثا منها «لا تفعل» فلا تفعل، و لو خرجت الاولى «افعل» و الثانية «لا تفعل» فتخرج خمسا من الرقاع، فلو كانت «افعل» اثنين و «لا تفعل» ثلاثا فافعل، و لو كان العكس فلا تفعل.

عن السيد ابن طاوس رحمه اللّه قال: إنّ استخارة ذات الرقاع من الطرق التي يحصل بها العلم بالمغيّبات. و عن الشهيد الثاني في شرح النفلية: إنّا جربناها و وجدناها كما يقوله السيد رحمه اللّه.

(1)الضمير في قوله «و غيرها» يرجع الى ذات الرقاع.

(2)قوله «رسم» بصيغة المجهول، أي على ما كان منقولا و مرسوما.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى الشكر.

(4)أي غير ذلك المذكور من الصلوات المستحبّة.

(5)صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في يوم الجمعة ركعتان، في كلّ ركعة يقرأ الحمد و بعده خمس عشرة مرّة سورة إِنّا أَنْزَلْناهُ (1) ، و كذلك يقرأ القدر خمس عشرة مرّة في الركوع،

ص: 400


1- سوره 97 - آیه 1

الجمعة، و عليّ (1)، و فاطمة، و جعفر و غيرهم عليهم السّلام.

(و أمّا النوافل المطلقة فلا حصر لها) فإنّها قربان كلّ تقي (2)، و خير موضوع (3) فمن شاء استقلّ و من شاء استكثر.

**********

شرح:

و بعد الرفع منها، و في السجدة الاولى، و بعد الرفع منها، و في السجدة الثانية، و بعد الرفع منها كذلك يفعل في الركعتين، ثمّ يتمّ صلاته، و يقرأ الدعاء الوارد و هو «لا إله إلاّ اللّه ربّنا و ربّ آبائنا... الى آخره». (راجع مفاتيح الجنان: ص 38 و غيره من كتب الأدعية).

(1)قد ذكرنا كيفية هذه الصلوات الثلاث آنفا.

(2)يعني أنّ الصلاة المندوبة لا حصر لها، فإنّ الصلاة وسيلة للتقرّب الى اللّه تعالى، كما في قول أمير المؤمنين عليه السّلام: الصلاة قربان كلّ تقي. (البحار: ج 10 ص 99 عن الخصال).

(3)و هي الرواية المنقولة في البحار:

عن أبي ذرّ قال:... قلت: يا رسول اللّه، أمرتني بالصلاة فما الصلاة ؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أقلّ و من شاء أكثر. (البحار: ج 77 ص 70 عن معاني الأخبار و الخصال).

ص: 401

الفصل السابع في الخلل في الصلاة

اشارة

(الفصل السابع) (في) بيان أحكام (الخلل) (1) الواقع (في الصلاة) الواجبة

هو إمّا عن عمد أو سهو

(و هو) أي الخلل (إمّا) أن يكون صادرا (عن عمد) و قصد إلى الخلل سواء كان عالما بحكمه (2) أم لا،(أو سهو) (3) بعزوب (4) المعنى عن

**********

شرح:

الخلل في الصلاة (1)الخلل - محرّكا - وزان جبل، و هو النقص الواقع بين الشيئين. و الجارّ يتعلّق بالفعل الناقص و هو كان و خبر للمبتدإ و هو «الفصل السابع». يعني يكون البحث في هذا الفصل في خصوص النقصان الذي يتّفق و يرتكب في حال الصلاة. فالخلل الحاصل في الصلاة إمّا يكون بالعمد أو بالسهو أو بحصول الشكّ و عدمه.

(2)مثل أن يعلم حكم بطلان الصلاة بإخلاله بالسورة أو السجدة أو التشهّد و لم يأت به، أو لا يعلم ببطلان الصلاة بنقصانها.

(3)عطف على قوله «عن عمد». يعني أنّ الخلل حصل عن سهو و نسيان، و الفرق بين السهو و النسيان هو أنّ الأول بقاء الشيء في الذهن و تركه لعدم الذكر، و الثاني عدم بقاء الشيء لا في الذهن و لا في الذاكرة، فعلى ذلك قال الشارح رحمه اللّه بعزوب المعنى حتى يشمل لكليهما.

(4)قوله «عزوب» - بضمّ العين و الزاء المنقوطة -: مصدر من عزب يعزب، أي غاب. و في بعض النسخ: «بغروب» و كلاهما بمعنى واحد.

ص: 402

الذهن حتّى حصل بسببه (1) إهمال بعض الأفعال،(أو شكّ ) و هو تردّد الذهن بين طرفي النقيض (2)، حيث لا رجحان (3) لأحدهما على الآخر. و المراد بالخلل الواقع عن عمد و سهو ترك شيء من أفعالها، و بالواقع (4) عن شكّ النقص (5) الحاصل للصلاة بنفس الشكّ ، لا أنّه (6) كان سببا للترك كقسيميه.

(ففي (7) العمد تبطل) الصلاة (للإخلال) أي بسبب الإخلال (بالشرط ) كالطهارة و الستر،(أو الجزء) (8) و إن لم يكن ركنا كالقراءة (9) و أجزائها حتّى الحرف الواحد.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بسببه» يرجع الى العزوب. يعني أنه كان سببا في عدم إتيان جزء أو شرط من الأجزاء أو الشرائط للصلاة.

(2)المراد من «طرفي النقيض» هو إتيان الجزء و عدمه.

(3)فلو حصل الرجحان في أحد طرفي الشكّ فلا يصدق الشكّ ، بل يكون ظنّا أو علما.

(4)قوله «و بالواقع» صفة لموصوف مقدّر و هو الخلل. يعني و المراد من الخلل الواقع بالشكّ هو النقص الحاصل بسبب نفس الشكّ ، فإنّه يوجب نقصا في الصلاة.

(5)قوله «النقص الحاصل... الى آخره» خبر للمبتدإ، و هو قوله «و المراد».

(6)يعني ليس الشكّ موجبا لترك الشيء مثل العمد و السهو، لأنه يمكن اتّفاق المشكوك، بخلاف العمد و السهو ففيهما حصل النقص قطعا.

(7)هذا شروع في بيان أحكام الخلل الحاصل بالعمد أو السهو أو الشكّ .

(8)عطف على قوله «بالشرط ». و المراد من «الجزء» هو الداخل، و من «الشرط » هو الخارج من الصلاة.

(9)فإنّ الصلاة تبطل بالنقص الحاصل من ترك القراءة لكونها جزء من الصلاة، و كذا تبطل بالنقص الحاصل بترك حرف واحد من القراءة.

ص: 403

و من الجزء الكيفية (1) لأنّها جزء صوري (و لو (2) كان) المخلّ (جاهلا) بالحكم الشرعي كالوجوب، أو الوضعي كالبطلان (إلاّ الجهر (3) و الإخفات) في مواضعهما فيعذر الجاهل بحكمهما (4)، و إن علم به في محلّه (5)، كما لو ذكر الناسي (6)(و في السهو يبطل (7) ما سلف) من السهو

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الكيفية في القراءة مثل الجهر و الإخفات يكون من أجزاء القراءة، لكونها من الأجزاء الصورية للصلاة، فإنّ لها أجزاء مادّية مثل السجدة و الركوع و نفس القراءة، و أجزاء صورية مثل الطمأنينة و الجهر و الإخفات.

(2)قوله «لو» وصلية. يعني تبطل الصلاة بترك الأجزاء في الصلاة مادّية و صورية عند العمد و لو كان جاهلا بالحكم التكليفي مثل وجوب قراءة السورة، أو الوضعي مثل بطلان الصلاة عند ترك القراءة.

(3)استثناء عن قوله «تبطل... و لو كان جاهلا». يعني لو ترك الجهر عند الإخفات مع الجهل بوجوبه أو بطلان الصلاة بتركه لا تبطل الصلاة، بل البطلان عند عدم رعاية الجهر و الإخفات عمدا لا جهلا.

(4)الضميران في قوله «مواضعهما» و «بحكمهما» يرجعان الى الجهر و الإخفات.

(5)الضمير في «محلّه» يرجع لكلّ فرد من الجهر و الإخفات، و كذلك الضمير في قوله «به» يرجع الى كلّ فرد منهما. يعني أنّ الصلاة لا تبطل بعدم رعاية الجهر و الإخفات عند الجهل و إن علم الحكم في محلّ الجهر أو الإخفات، مثلا اذا قرأ جهلا إخفاتا فعلم بوجوب الجهر في الحال لا يجب إعادة ما قرأه إخفاتا، و هكذا بالعكس.

و الجهر هو في صلاة الصبح و ركعتي المغرب و العشاء، و الإخفات هو في صلاة الظهر و العصر، و آخر ركعة من المغرب و آخر ركعتي العشاء.

(6)بأن قرأ جهرا في مقام الإخفات نسيانا ثمّ علم بنسيانه.

(7)قوله «يبطل» بصيغة المعلوم وزان يكرم، و فاعله «ما سلف»، و المراد منه هو الأركان المذكورة.

ص: 404

عن أحد الأركان الخمسة (1) إذا لم يذكره (2) حتّى تجاوز محلّه،(و في الشكّ ) في شيء من ذلك (3)(لا يلتفت إذا تجاوز محلّه).

و المراد بتجاوز محلّ الجزء المشكوك فيه الانتقال (4) إلى جزء آخر بعده (5)، بأن شكّ في النية بعد أن كبّر (6)، أو في التكبير بعد أن قرأ (7) أو شرع فيهما (8)، أو في القراءة و أبعاضها بعد الركوع (9)،

**********

شرح:

(1)و المراد من الأركان الخمسة هو النية و القيام و التكبيرة و الركوع و السجدتان.

(2)الضمير في قوله «لم يذكره» يرجع الى «ما» الموصولة، و كذلك الضمير في قوله «تجاوز محلّه». و المراد من المحلّ هو الذي يمكنه إدراك الجزء الفائت، مثل كونه غير داخل في الركن الآخر، كما اذا نسي الركوع و التفت قبل أن يدخل في السجود.

(3)المشار إليه في قوله «من ذلك» هو الأجزاء المشكوكة، سواء أ كانت من الأركان أم لا.

(4)بالرفع، لكونه خبرا لقوله «و المراد». يعني أنّ المراد من تجاوز المحلّ هو الدخول في جزء آخر بعد الجزء المشكوك، و مثّل الشارح له خمسة أمثلة:

الأول: اذا شكّ في النيّة بعد تكبيرة الإحرام أو حينه.

الثاني: اذا شكّ في التكبيرة بعد الدخول في القراءة.

الثالث: اذا شكّ في القراءة أو بعض أجزائها اذا دخل في الركوع.

الرابع: اذا شكّ في الركوع بعد السجدة أو فيها.

الخامس: اذا شكّ في خصوص السجدة أو التشهّد بعد القيام. ففي الموارد المذكورة لا اعتبار للشكّ .

(5)الضمير في قوله «بعده» يرجع الى الجزء المشكوك.

(6)هذا هو المثال الأول من الأمثلة الخمسة.

(7)و هذا مثال ثان من الأمثلة الخمسة.

(8)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى التكبيرة و القراءة.

(9)و هذا مثال ثالث من الأمثلة الخمسة للتجاوز عن المحلّ المشكوك.

ص: 405

أو فيه (1) بعد السجود، أو فيه (2)، أو في التشهّد بعد القيام. و لو كان الشكّ في السجود بعد التشهّد أو في أثنائه و لمّا يقم ففي العود إليه (3) قولان، أجودهما العدم (4)، أمّا مقدّمات (5) الجزء - كالهويّ (6) و الأخذ في القيام قبل الإكمال (7) - فلا يعدّ انتقالا إلى جزء، و كذا الفعل المندوب كالقنوت (8).

لو كان الشكّ في محلّه أتى به

(و لو كان) الشكّ (فيه) (9) أي في محلّه

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الركوع، و هو المثال الرابع.

(2)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى السجود. يعني اذا شكّ في السجود أو التشهّد بعد القيام، و هو المثال الخامس من الأمثلة.

(3)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى السجود. يعني اذا شكّ في إتيان السجود في حال التشهّد أو بعده هل يجب إتيان السجود بمعنى عدم تجاوز المحلّ ، أو لا يجب بمعنى تجاوز المحلّ ؟ ففيه قولان.

(4)أي أجود القولين هو عدم وجوب العود الى السجود لأنه تجاوز محلّ السجود.

(5)هو مبتدأ خبره قوله «فلا يعدّ انتقالا... الى آخره». يعني اذا شكّ في جزء و لم يدخل في الجزء الآخر بل دخل في مقدّماته - مثل الدخول في الهويّ الى الركوع لا نفسه و شكّ في القراءة أو دخل في الهويّ الى السجود لا في نفسه و شكّ في الركوع - ففي ذلك يجب إتيان الجزء المشكوك.

(6)الهويّ - بضمّ الهاء و كسر الواو و تشديد الياء -: الانحدار، يقال: هوى الرجل هويّا: صعد، و هوى هويّا: انحدر. (أقرب الموارد). هذا و ما بعده مثالان للمقدّمات.

(7)أي قبل إكمال القيام، فإنّ المصلّي اذا شكّ في فعل التشهّد عند القيام لا يصدق عليه الانتقال الى جزء ما لم يكمل القيام.

(8)مثال للفعل المندوب الذي دخل فيه و شكّ في الجزء السابق عليه، كما اذا دخل في قنوت الصلاة و شكّ في فعل القراءة فلا يصدق عليه الانتقال الى الجزء الآخر، بل عليه إتيان القراءة المشكوكة.

(9)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى محلّه. يعني لو حصل الشكّ في حال لم يتجاوز

ص: 406

(أتى به) لأصالة (1) عدم فعله،(فلو ذكر فعله) (2) سابقا بعد أن فعله ثانيا (بطلت) الصلاة (إن كان ركنا) لتحقّق زيادة الركن المبطلة و إن (3) كان سهوا، و منه (4) ما لو شكّ في الركوع و هو قائم فركع، ثمّ ذكر فعله قبل رفعه في أصحّ القولين، لأنّ (5) ذلك هو الركوع، و الرفع منه أمر زائد عليه، كزيادة (6) الذكر و الطمأنينة (و إلاّ (7) يكن) ركنا (فلا) إبطال لوقوع الزيادة سهوا،(و لو نسي غير الركن) من الأفعال (8) و لم يذكر حتّى تجاوز محلّه

**********

شرح:

المحلّ المشكوك - كما اذا شكّ في الركوع قبل الدخول في السجود، أو شكّ في السجدة قبل الدخول في التشهّد، أو شكّ في التشهّد قبل إكمال القيام - يجب عليه إتيان المشكوك فيه. و الضمير في قوله «به» يرجع الى المشكوك.

(1)تعليل وجوب الإتيان عند الشكّ في المحلّ ، و هو جريان أصالة عدم إتيان المشكوك.

(2)بمعنى أنّ الشاكّ اذا أتى بالمشكوك في المحلّ ثمّ تذكّر إتيانه سابقا يحكم بالبطلان لو كان المشكوك المأتيّ به سابقا ركنا، لأنّ زيادته توجب البطلان، بخلاف ما اذا لم يكن ركنا، فإنّ الزيادة سهوا في غير الركن لا توجب البطلان.

(3)الجملة وصلية. يعني أنّ زيادة الركن توجب البطلان و لو سهوا.

(4)أي من أمثلة باب الشكّ في المحلّ و الذكر بعد الإتيان لو شكّ في الركوع حال القيام... الى آخره. و الضمير في قوله «فعله» يرجع الى الركوع. و قوله «قبل رفعه» ظرف لقوله «ذكر فعله».

(5)تعليل صحّة القول بالبطلان اذا تذكّر إتيان الركوع في حال الركوع قبل الرفع، بأنّ الركوع عبارة عن الحالة الخاصّة، و الرفع منه أمر زائد عليه.

(6)كما أنّ ذكر الركوع و الطمأنينة أمران واجبان في الركوع، لكن لا دخل لهما في تحقّق الركوع.

(7)عطف على قوله «إن كان ركنا». يعني و لو لم يكن المأتيّ به ثانيا ركنا لا يحكم ببطلان الصلاة بزيادته سهوا.

(8)كما اذا نسي التشهّد و القراءة و تجاوز محلّهما فلا يحكم ببطلان الصلاة، لكن يجب عليه إتيان المنسيّ و إتيان سجدتي السهو بعد الصلاة.

ص: 407

(فلا التفات) بمعنى أنّ الصلاة لا تبطل بذلك (1)، و لكن قد يجب له شيء آخر من سجود (2) أو قضاء (3) أو هما (4) كما سيأتي (5)(و لو لم يتجاوز محلّه أتى به) (6).

و المراد بمحلّ المنسيّ ما بينه (7) و بين أن يصير في ركن، أو يستلزم (8) العود إلى المنسيّ زيادة ركن، فمحلّ السجود و التشهّد المنسيّين ما لم يركع في الركعة اللاحقة له (9) و إن قام،

**********

شرح:

(1)المشار إليه في قوله «بذلك» هو ترك غير الركن. يعني لو نسي المصلّي غير الركن من أجزاء الصلاة لا يحكم ببطلان صلاته.

(2)كما اذا نسي الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله فقط ، بأن يقول: اللّهمّ صلّ على آله، فعند ذلك لا يجب الإتيان به بعد الصلاة و لو وجب عليه سجدتا السهو.

(3)كما اذا نسي جزء غير ما يجب عليه سجدتا السهو، و هو نسيان السجدة أو التشهّد، فإنّ في نسيان غيرهما لا يجب سجدتا السهو و لو حكم بإتيانه بعد إتمام الصلاة.

(4)ضمير التثنية في قوله «أو هما» يرجع الى السجدة و القضاء، و مثال وجوبهما معا نسيان السجدة الواحدة أو التشهّد، ففيه يحكم بالقضاء و سجدتي السهو.

(5)أي سيأتي عند قوله رحمه اللّه «و يقضى بعد الصلاة السجدة... الى آخره».

(6)الضميران في قوله «محلّه» و «أتى به» يرجعان الى غير الركن. يعني لو تذكّر نسيان جزء غير الركن في محلّه يجب عليه الإتيان به في المحلّ .

(7)الضمير في قوله «ما بينه» يرجع الى المنسيّ . يعني أنّ المراد من المحلّ الذي تقدّم الكلام فيه ما بين المنسيّ و بين صيرورته في ركن آخر، مثل: نسيان التشهّد و صيرورته في ركوع الركعة الثالثة.

(8)و هذا تصوير آخر في بيان المحلّ المذكور، بأن نسي جزء و صار في آخر بحيث لو عاد لإتيان المنسيّ يلزم زيادة الركن، مثل نسيان ذكر الركوع بعد الرفع منه، فإنّ الرجوع إليه لإتيان المنسيّ يوجب زيادة الركن، فيقال فيه بتجاوز المحلّ .

(9)الضمير في قوله «له» يرجع الى محلّ السجود و التشهّد، فإنّ ركوع الركعة الثالثة لاحقة لمحلّ التشهّد و السجدة المنسيّتين.

ص: 408

لأنّ القيام (1) لا يتمحّض للركنية إلى أن يركع كما مرّ. و كذا القراءة (2) و أبعاضها و صفاتها بطريق أولى. و أمّا ذكر السجود و واجباته (3) غير وضع الجبهة فلا يعود إليها (4) متى رفع رأسه و إن لم يدخل في ركن.

و واجبات (5) الركوع كذلك لأنّ العود إليها يستلزم زيادة الركن و إن (6) لم يدخل في ركن.(و كذا الركن) المنسيّ يأتي به ما لم يدخل في ركن آخر،

**********

شرح:

(1)هذا جواب عن إشكال مقدّر، و هو أنّه اذا قام من التشهّد يحكم فيه بانتقاله الى الركن، فإنّ القيام أحد الأركان المذكورة في الصلاة كما تقدّم.

فأجاب عنه بأنّ الركن هو القيام المتّصل بالركوع لا مطلقا، فما دام لم يركع لا يتشخّص القيام الركني.

(2)يعني و كذا يحكم بعدم تجاوز المحلّ اذا نسي القراءة أو بعضا منهما و تذكّر قبل الركوع بطريق أولى، لأنّ القيام الركني لا يتمحّض إلاّ اذا ركع.

و الأولوية هنا عدم الفاصل بين القيام حال القراءة و الانحناء للركوع، بخلاف ما بين التشهّد و ركوع الركعة الثالثة، فإنّ الفاصل بينهما القيام قبل الانحناء.

و الضميران في قوليه «أبعاضها» و «صفاتها» يرجعان الى القراءة، بأن نسي بعضا من القراءة، أو نسي مخارج حروف القراءة.

(3)المراد من واجبات السجود: هو الطمأنينة و وضع الأعضاء السبعة على الأرض، فلو نسي أحدا منها و رفع رأسه من السجدة لا يجب الرجوع لإتيان المنسيّ . للزوم زيادة الركن، إلاّ اذا نسي وضع الجبهة فيجب العود لعدم تحقّق السجدة إلاّ به.

(4)الضمير في قوله «إليها» يرجع الى الواجبات.

(5)بمعنى أنه لو نسي أحدا من واجبات الركوع مثل الذكر و الطمأنينة فيه و رفع رأسه منه و تذكّر لا يجب العود الى الركوع لإتيان المنسيّ للزوم زيادة الركن.

(6)الجملة وصلية تتعلّق بالصورتين المذكورتين. يعني لا يجب إتيان المنسيّ فيهما و إن لم يتجاوز محلّهما بالدخول في ركن آخر.

ص: 409

فيرجع إلى الركوع ما لم يصر ساجدا (1)، و إلى السجود ما لم يبلغ حدّ الركوع (2). و أمّا نسيان التحريمة (3) إلى أن شرع في القراءة فإنّه (4) و إن كان مبطلا مع أنّه لم يدخل في ركن إلاّ أنّ البطلان مستند إلى عدم انعقاد الصلاة من حيث فوات المقارنة بينها (5) و بين النية، و من ثمّ (6) جعل بعض الأصحاب المقارنة ركنا، فلا يحتاج (7) إلى الاحتراز عنه لأنّ الكلام في

**********

شرح:

(1)هذا مبنيّ على القول بكون مسمّى السجدة ركنا، فلو قيل بكون السجدتين ركنا فهو لم يدخل في ركن ما دام لم يسجد السجدة الثانية، بل يجب عليه الرجوع لإتيان الركوع المنسيّ لعدم تجاوز المحلّ و عدم لزوم زيادة الركن.

(2)كما اذا نسي السجدة يجب عليه الرجوع إليها ما دام لم ينحن الى حدّ الركوع.

(3)كما اذا نسي تكبيرة الإحرام و تذكّر قبل الشروع في القراءة ففيه يحكم ببطلان الصلاة و يجب عليه الإعادة، لكن لا من حيث نسيان الركن و الدخول في ركن آخر لأنه لم يتجاوز المحلّ المنسيّ ، بل البطلان بسبب عدم مقارنة التحريمة بالنية.

(4)الضمير في قوله «فإنه» يرجع الى نسيان التحريمة.

(5)الضمير في قوله «بينها» يرجع الى التحريمة. يعني أنّ الحكم ببطلان الصلاة في المقام بسبب فوت المقارنة بين التحريمة و النية.

(6)يعني أنّ الحكم ببطلان الصلاة عند فقدان مقارنة التكبيرة بالنية كان موجبا لجعل بعض الفقهاء المقارنة المذكورة من أركان الصلاة.

(7)كأنّ هذا جواب عن إيراد مقدّر، و هو لزوم استثناء عدم مقارنة تكبيرة الإحرام بالنية عند قوله «و كذا الركن» فإنّ المصنّف رحمه اللّه قال بصحّة الصلاة عند نسيان غير الركن، و كذا نسيان الركن اذا تذكّر قبل تجاوز محلّه و أتاه فيه، و هذه القاعدة تشمل نسيان التكبيرة و تذكّرها قبل الشروع بالقراءة أو الشروع فيها، فبناء على هذه القاعدة يلزم عليه إتيان تكبيرة الإحرام و الحكم بصحّة الصلاة، و الحال أنّ الفقهاء يحكمون ببطلانها في المسألة.

فأجاب بقوله «لأنّ الكلام في الصلاة الصحيحة». يعني الكلام في الحكم بإتيان

ص: 410

الصلاة الصحيحة.

تقضى السجدة و التشهّد

(و يقضى) (1) من الأجزاء المنسيّة التي فات محلّها (بعد) إكمال (الصلاة السجدة (2)) الواحدة (و التشهّد) (3) أجمع، و منه الصلاة على محمّد و آله، (و الصلاة (4) على النبيّ و آله) لو نسيها منفردة، و مثله (5) ما لو نسي أحد التشهّدين فإنّه (6) أولى بإطلاق التشهّد عليه، أمّا لو نسي الصلاة على

**********

شرح:

المنسيّ قبل تجاوز المحلّ و صحّة الصلاة انّما هو في خصوص الصلاة التي انعقدت صحيحة، أمّا التي لم تقترن التكبيرة فيها بالنية فليست بصحيحة من أول انعقادها، فلا يحتاج الى الاحتراز عنها.

(1)بصيغة المجهول. يعني يجب قضاء عدّة من الأجزاء المنسيّة الغير الركنية بعد إتمام الصلاة، و هي أربعة منها:

الأول: السجدة الواحدة المنسيّة.

الثاني: التشهّد المنسيّ جميعه و من أجزائه الصلاة على محمّد و آله.

الثالث: نسيان الصلاة على النبيّ و آله أجمعين.

الرابع: نسيان إحدى الشهادتين، مثل: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه» أو «أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله». ففي هذه المواضع الأربعة يجب القضاء و سجدتا السهو.

و الضمير في قوله «محلّها» يرجع الى الأجزاء.

(2)بالرفع، نائب فاعل لقوله «و يقضى».

(3)عطف على السجدة، و هذا الثاني من الموارد الأربعة المذكورة. قوله «أجمع» تأكيد لشمول التشهّد بالصلاة على النبيّ و آله أيضا.

(4)عطف على التشهّد، و هذا الثالث من الموارد الأربعة المذكورة في الحكم بوجوب القضاء فيها.

(5)الضمير في قوله «و مثله» يرجع الى نسيان الصلاة على النبيّ و آله. يعني نسيان الصلاة على النبيّ و آله مثل نسيان أحد الشهادتين في الحكم بوجوب قضائه، و هذا الرابع من الموارد الأربعة المذكورة في الحكم بوجوب القضاء.

(6)يعني أنّ أحد التشهّدين أولى بإطلاق التشهّد عليه من إطلاقه على الصلاة على

ص: 411

النبيّ خاصّة (1)، أو على آله (2) خاصّة، فالأجود أنّه لا يقضى، كما لا يقضى غيرها (3) من أجزاء التشهّد على أصحّ القولين (4)، بل أنكر بعضهم (5) قضاء الصلاة على النبيّ و آله لعدم النصّ ، و ردّه (6) المصنّف في الذكرى بأنّ التشهّد يقضى بالنصّ (7) فكذا

**********

شرح:

النبيّ و آله.

و الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى أحد التشهّدين، و كذلك ضمير قوله «عليه».

(1)يعني لو نسي الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقط - كما اذا قال: «اللّهمّ صلّ على آل محمّد - لا يجب عليه قضاؤه على الأجود.

(2)عطف على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. يعني لو نسي الصلاة على آله - بأن يقول: اللّهمّ صلّ على محمّد - ففي هذه الصورة أيضا لا يحكم بوجوب قضاء المنسيّ بعد إتمام الصلاة على الأجود.

(3)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خاصّة و معطوفه.

يعني كما لا يحكم بوجوب القضاء اذا نسي سائر أجزاء التشهّد مثل «وحده لا شريك له» و غيره.

(4)في مقابل القول بوجوب قضاء ما نسي من أجزاء التشهّد و الصلاة على النبيّ و آله كلّها.

(5)هذا ترقّ من القول بعدم قضاء الأجزاء المنسيّة من التشهّد، بأنّ بعض الفقهاء أنكر قضاء الصلاة على النبيّ و آله المنسيّة بدليل عدم النصّ على ذلك.

(6)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ردّ قول من أنكر وجوب قضاء الصلاة المنسيّة على النبي و آله في كتابه الذكرى، بأنّ النصّ الدالّ على وجوب قضاء التشهّد المنسيّ يشمل الصلوات المنسيّة أيضا، لكونها من أبعاض التشهّد.

(7)و النصّ المستند مذكور في الوسائل:

عن عليّ بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذا قمت في الركعتين الأولتين و لم تتشهّد فذكرت قبل أن تركع فاقعد فتشهّد، و إن لم تذكر حتّى تركع فامض في صلاتك كما أنت، فاذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما، ثمّ تشهّد

ص: 412

أبعاضه تسوية بينهما (1). و فيه (2) نظر لمنع كلّية الكبرى و بدونها (3) لا يفيد.

و سند المنع (4) أنّ الصلاة ممّا تقضى، و لا يقضى أكثر أجزائها (5)، و غير (6)

**********

شرح:

التشهّد الذي فاتك. (الوسائل: ج 5 ص 341 ب 26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2).

(1)ضمير التثنية في قوله «بينهما» يرجع الى التشهّد و أبعاضها، كأنّ المطلب يستفاد من صغرى و كبرى، و الأول وجود النصّ بوجوب قضاء التشهّد المنسيّ ، و الثاني كلّما يحكم بوجوب القضاء اذا ترك كلاّ يحكم بوجوب القضاء من أجزائها اذا ترك التسوية بين الجميع و الأبعاض.

(2)أي في ردّ المصنّف رحمه اللّه إشكال للمنع عن كلّية الكبرى، فاذا منعت فلا تفيد.

صورة القياس: التشهّد المنسيّ يقضى كلّه، و كلّما يقضى كلّه تقضى أجزاؤه، فالتشهّد تقضى أجزاؤه.

فالإشكال في كلّية الكبرى بأنّها ليست بصادقة، فإنّ نفس الصلاة اذا فاتت يجب قضاؤها، و الحال لا يجب قضاء أجزائها الفائتة إلاّ في الموارد الثلاثة كما ذكرها المصنّف، و هي: السجدة، و التشهّد، و الصلاة على النبيّ و آله.

(3)الضمير في قوله «بدونها» يرجع الى كلّية الكبرى.

(4)أي الدليل على منع كلّية الكبرى هو عدم وجوب قضاء الأجزاء المنسيّة في الصلاة في بعض منها.

(5)أي لا يحكم بوجوب قضاء أكثر الأجزاء المنسيّة من الصلاة. و هذا إشارة الى وجوب قضاء بعض أجزائها التي ذكرناها.

(6)و لا يخفى أنّ ذلك ليس معطوفا على قوله «أنّ الصلاة ممّا تقضى» ليكون سندا آخر لمنع الكبرى، بل هذا إيراد ثان على كلام المصنّف رحمه اللّه، بأنّ غير الصلاة من الأجزاء المنسيّة من التشهّد لا يقول المصنّف رحمه اللّه بوجوب القضاء فيه، و الحال أنّ دليله يشمل وجوب قضاء جميع الأجزاء المنسيّة من التشهّد، لأنّ التشهّد المنسيّ يجب قضاؤه، فكلّما يجب قضاؤه يجب قضاء أجزائه المنسيّة، و الحال أنّ المصنّف رحمه اللّه لا يقول به في المقام.

و المراد من الصلاة هنا هو الصلاة على النبيّ و آله.

ص: 413

الصلاة من أجزاء التشهّد لا يقول هو بقضائه، مع ورود دليله فيه (1). نعم قضاء أحد التشهّدين قويّ (2) لصدق اسم التشهّد عليه لا لكونه جزء. إلاّ أن يحمل التشهّد على المعهود (3)، و المراد بقضاء هذه الأجزاء الإتيان (4) بها بعدها من باب «فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ (1) » (5) لا القضاء المعهود، إلاّ مع خروج الوقت قبله (6).

**********

شرح:

(1)أي مع ورود دليل المصنّف رحمه اللّه في خصوص غير الصلاة من أجزاء التشهّد أيضا.

(2)قوله «قويّ » خبر لقوله «قضاء أحد التشهّدين» كأنّ هذا جواب عن الإيراد الوارد على المصنّف رحمه اللّه، بأنه لم يؤيّد وجوب قضاء الأجزاء المنسيّة من التشهّد بردّه القياس المذكور، فكيف يقول بوجوب قضاء أحد التشهّدين اذا نسي ؟

فأجاب بقوله «لصدق اسم التشهّد عليه» فإنّ قضاء إحدى الشهادتين يكون بعنوان قضاء نفس الشهادة، لا بعنوان قضاء جزء التشهّد، لكن لو أطلق التشهّد على المجموع كان قضاء إحدى الشهادتين من باب قضاء أجزائها.

(3)و هو مجموع الشهادتين، و الصلاة على النبيّ و آله.

(4)قوله «الإتيان» خبر لقوله «و المراد». يعني أنّ المراد من قضاء الأجزاء المنسيّة بعد الصلاة ليس القضاء بمعناه المتعارف و هو إتيان الواجب بعد فوت وقته، بل المراد هو الإتيان. و الضمير في قوله «بها» يرجع الى الأجزاء، و في «بعدها» يرجع الى الصلاة.

(5)هو قوله تعالى في سورة الجمعة في خصوص صلاة الجمعة: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّهِ ... (2) الى آخره. و معناه: إتيان صلاة الجمعة لا قضائها، ففي المقام أيضا أنّ المراد من لفظ «القضاء» هو الإتيان.

(6)الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الإتيان. يعني الإيراد من لفظ «القضاء» معناه المعهود إلاّ في صورة خروج وقت الصلاة قبل إتيان الأجزاء المنسيّة، كما اذا نسي السجدة أو التشهّد ثمّ تذكّر، و الحال خرج وقت الصلاة فيقضي الأجزاء المنسيّة، بمعنى القضاء المتعارف، و هو إتيان الفعل في خارج الوقت.

ص: 414


1- سوره 62 - آیه 10
2- سوره 62 - آیه 10

سجدتي السهو و احكامها

(و يسجد لهما) كذا في النسخ (1) بتثنية الضمير جعلا للتشهّد و الصلاة بمنزلة واحد، لأنّها جزؤه و لو جمعه (2) كان أجود (سجدتي (3) السهو).

و الأولى تقديم الأجزاء على السجود لها كتقديمها (4) عليه بسبب غيرها و إن تقدّم، و تقديم سجودها (5) على غيره و إن تقدّم سببه أيضا. و أوجب المصنّف ذلك كلّه (6) في الذكرى،

**********

شرح:

(1)لا يخفى بأنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر في عبارته السابقة ثلاثة أجزاء، و هي: السجدة و التشهّد و الصلاة، و أتى بضمير التثنية بقوله «و يسجد لهما» و المناسب أن يأتي بضمير الجمع، فاعتذر الشارح رحمه اللّه عن ذلك بجعل التشهّد و الصلاة بمنزلة واحدة لأنّ الصلاة جزء من التشهّد.

(2)أي لو أتى المصنّف رحمه اللّه الضمير بالجمع كان أجود، لكون مرجعه جمعا.

(3)مفعول لقوله «و يسجد». يعني أنّ المصلّي اذا نسي الأجزاء الثلاثة المذكورة يجب عليه قضاؤها أولا، ثمّ يسجد سجدتي السهو لها.

(4)الضمير في قوله «كتقديمها» يرجع الى الأجزاء، و في قوله «عليه» يرجع الى السجود. يعني كما يقدّم إتيان الأجزاء المنسيّة قبل السجود الواجب بسبب غير الأجزاء المنسيّة، كما اذا تكلّم سهوا فوجب عليه سجدتي السهو، ثمّ نسي التشهّد فوجب عليه القضاء و السجود أيضا، فالأولى تقديم قضاء التشهّد على السجود الواجب بسبب التشهّد المنسيّ ، و السجود الواجب بسبب الكلام الصادر عنه سهوا و إن تقدّم الكلام السهويّ .

(5)أي يجب تقديم سجود الأجزاء المنسيّة على سجود الكلام السهويّ مثلا و إن تقدّم بسبب السجود الكلام السهويّ .

(6)بالنصب، تأكيد لقوله «ذلك» و هو منصوب لقوله «أوجب المصنّف رحمه اللّه». يعني أنّ الشارح قال بأولوية تقديم الأجزاء المنسيّة على السجود لها، و على السجود بسبب غير الأجزاء، لكن المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى أوجب تقديم قضاء الأجزاء، و على سجودها و تقديم سجودها على سجود المسبّب من زيادة الكلام سهوا.

ص: 415

لارتباط (1) الأجزاء بالصلاة، و سجودها (2) بها.

(و يجبان (3) أيضا) مضافا إلى ما ذكر (4)(للتكلّم ناسيا (5)، و للتسليم في الأوليين (6) ناسيا) بل للتسليم في غير محلّه مطلقا (7)،(و) الضابط وجوبهما (للزيادة، أو النقيصة غير المبطلة (8)) للصلاة، لرواية سفيان بن السمط

**********

شرح:

(1)تعليل وجوب تقديم الأجزاء على السجود، فإنّ الأجزاء ترتبط بالصلاة فيجب إتيانهما بعد الصلاة.

(2)الضمير في قوله «و سجودها» يرجع الى الأجزاء، و كذلك الضمير في قوله «بها». و هذا تعليل تقديم سجود الأجزاء المنسيّة على سجود غيرها، بأنّ سجدة السهو الواجبة للأجزاء المنسيّة ترتبط بنفس الأجزاء المرتبطة بالصلاة.

(3)فاعل قوله «يجبان» ضمير التثنية الراجع الى سجدتي السهو. يعني أنهما تجبان علاوة على الموارد الثلاثة المذكورة و هي خمسة موارد:

الأول: عند التكلّم سهوا.

الثاني: عند السلام سهوا في أيّ ركعة كان.

الثالث: كلّما زاد جزء من الأجزاء أو نقص.

الرابع: اذا زاد القيام أو أنقصه.

الخامس: عند الشكّ بين أربع ركعات أو خمس بعد السجدتين.

(4)هو نسيان السجدة، و التشهّد، و الصلاة على النبيّ و آله صلّى اللّه عليه و آله.

(5)فلو تكلّم عمدا يحكم ببطلان الصلاة، هذا الأوّل من الموارد الخمسة المذكورة لوجوب سجدتي السهو فيها.

(6)أي الركعتين الأوليين، كما اذا سلّم في الركعة الاولى أو الثانية فيجب عليه السجدتان.

(7)أي بلا فرق بين الركعتين الاوليين أو الثالثة أيضا في الصلاة الرباعية.

(8)صفة للزيادة و النقيصة احترز بها عن المبطلة، مثل الزيادة أو النقيصة العمديّتان، أو الزيادة و النقيصة من أركان الصلاة.

ص: 416

عن الصادق عليه السّلام (1). و يتناول ذلك (2) زيادة المندوب ناسيا، و نقصانه حيث (3) يكون قد عزم على فعله كالقنوت، و الأجود خروج الثاني (4) إذ لا يسمّى ذلك نقصانا، و في دخول الأول (5) نظر، لأنّ السهو لا يزيد على العمد.

و في الدروس أنّ القول بوجوبهما لكلّ زيادة و نقصان لم نظفر بقائله (6) و لا بمأخذه (7)، و المأخذ (8) ما ذكرناه،

**********

شرح:

(1)الرواية منقولة في الوسائل:

عن سفيان بن السمط عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تسجد سجدتي السهو في كلّ زيادة تدخل عليك أو نقصان. (الوسائل: ج 5 ص 346 ب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 3).

(2)المشار إليه في قوله «ذلك» هو عبارة المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ عبارته تشمل زيادة المندوب و نقصانه سهوا أيضا.

(3)هذه العبارة ترتبط بقوله «نقصانه». يعني أنّ تصوير نقصان المندوب بأن كان عزم إتيانه فنسي و لم يأته، كما اذا عزم القنوت المندوب فنسي و لم يفعل، فعلى إطلاق عبارة المصنّف رحمه اللّه وجوب سجدتي السهو في ذلك أيضا.

(4)المراد من «الثاني» هو نقصان المندوب. يعني أنّ الأجود الحكم بخروج نقصان المندوب عن عموم الحكم بوجوب سجدتي السهو، لعدم عدّ ذلك نقصانا للصلاة.

(5)المراد من «الأول» هو زيادة المندوب سهوا. يعني و في الحكم بوجوب السجدة عند زيادة المندوب سهوا إشكال، لأنّ زيادة السهويّ في المندوب لا تزيد على الزيادة العمديّة التي لا تجب فيها السجدة.

(6)فإنّ المصنّف رحمه اللّه قال في كتابه الدروس: إنّ القائل بوجوب السجود لكلّ زيادة و نقيصة في الصلاة بلا فرق بين الأجزاء المندوبة و الواجبة لم نعرفه.

(7)أي لم نظفر بمدرك القول بوجوب السجود لكلّ زيادة و نقيصة.

(8)هذا جواب عن اعتراض المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس بعدم وجود المدرك في المسألة، فإنّ الرواية المذكورة تعتبر مدركا للقول المذكور.

ص: 417

و هو (1) من جملة القائلين به، و قبله (2) الفاضل، و قبلهما الصدوق.

(و للقيام في (3) موضع قعود و عكسه) ناسيا، و قد كانا داخلين في الزيادة و النقصان، و إنّما خصّهما (4) تأكيدا لأنّه قد قال بوجوبه لهما من (5) لم يقل بوجوبه (6) لهما مطلقا،(و للشكّ (7) بين الأربع و الخمس) حيث تصحّ معه (8) الصلاة،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ نفس المصنّف رحمه اللّه قائل به في قوله «و للزيادة أو النقيصة... الى آخره».

(2)أي القائل بوجوب السجود لكلّ زيادة و نقيصة قبل زمان المصنّف رحمه اللّه هو الفاضل، و المراد من الفاضلين المحقّق و العلاّمة، و المراد منه هنا العلاّمة الحلّي رحمه اللّه، و أيضا القائل به قبل المصنّف رحمه اللّه و العلاّمة هو الشيخ الصدوق رحمه اللّه.

(3)أي يجب السجود لزيادة القيام و نقصانه سهوا، و هذا الرابع من الموارد الخمسة المذكورة.

(4)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه ذكرهما بالخصوص، و الحال أنّ الزيادة و النقيصة المذكورتين تشملهما للتأكيد بوجوب السجود لهما.

(5)قوله «من» موصولة، و هي فاعل قوله «قال».

(6)الضمير في قوله «بوجوبه» يرجع الى السجود، و في قوله «لهما» يرجع الى الزيادة و النقيصة. يعني أنّ من الفقهاء من يقول بوجوب السجدتين عند زيادة القيام و نقصانه، و الحال أنه لا يقول بوجوب السجود لكلّ زيادة و نقيصة حاصلتين في الصلاة مطلقا، فالقول بوجوب السجود فيهما آكد من الآخر.

(7)هذا المورد الخامس من الموارد الخمسة المذكورة في وجوب سجدتي السهو فيها.

(8)الضمير في قوله «معه» يرجع الى الشكّ . يعني أنّ الحكم بوجوب السجود عند الشكّ بين الأربع و الخمس إنّما هو في صورة الحكم بصحّة الصلاة مع الشكّ فيها، و هو الشكّ المذكور بعد إكمال السجدتين، فلو حصل الشكّ قبل السجدتين بل بعد

ص: 418

(و تجب فيهما (1) النية) المشتملة على قصدهما، و تعيين السبب إن تعدّد، و إلاّ فلا (2)، و استقرب المصنّف في الذكرى اعتباره مطلقا (3)، و في غيرها (4) عدمه مطلقا، و اختلف أيضا اختياره (5) في اعتبار نية الأداء أو القضاء فيهما (6)، و في الوجه (7)،

**********

شرح:

الركوع قيل ببطلان الصلاة فيه، لخروجه عن المنصوص، و تردّده بين المحذورين الإكمال المعرّض للزيادة و الهدم المعرّض للنقصان، و نظر المصنّف رحمه اللّه في المسألة قوله «و الأصحّ الصحّة»، كما سيأتي في ص 430.

(1)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى سجدتي السهو. يعني تجب النية فيهما، و كذا يجب تعيين سبب السجدة لو تعدّد. مثل ما لو تكلّم سهوا، و كان موجبا للسجدة و شكّ في الأربع و الخمس و كان ذلك أيضا سببا له، فيجب تعيين سبب السجود عند الإتيان.

(2)فإن لم يكن سبب السجود متعدّدا فلا يجب تعيين السبب.

(3)سواء تعدّد سبب السجود أم اتحد.

(4)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى الذكرى. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال في غير الكتاب المذكور بعدم وجوب تعيين سبب السجدة، سواء تعدّد السبب أم اتّحد.

و الضمير في قوله «عدمه» يرجع الى التبعيض.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه اختلف كلامه في كتبه في وجوب اعتبار نية الأداء و القضاء في السجدتين، فقال في بعض كتبه بالاعتبار، و في بعض آخر بعدم الاعتبار.

(6)يحتمل رجوع الضمير في قوله «فيهما» الى الذكرى و غيره فيتعلّق الجارّ و المجرور بقوله «اختياره» أو رجوع الضمير الى السجدتين فيتعلّق الجارّ و المجرور بقوله «في اعتبار نية الأداء و القضاء».

(7)عطف على الأداء. يعني اختلف كلام المصنّف رحمه اللّه في اعتبار نية الوجه في السجدتين. بمعنى أنهما اذا كانتا واجبتين مثل الموارد الخمسة الموجبة للسجود لها

ص: 419

و اعتبارهما (1) أولى. و النية مقارنة (2) لوضع الجبهة على ما يصحّ (3) السجود عليه، أو بعد الوضع على الأقوى (4).

(و ما (5) يجب في سجود الصلاة)

**********

شرح:

فيجب قصد الوجوب في نيّتهما، و اذا كانتا مندوبتين في مثل غير الموارد المذكورة فيجب قصد الندب في نيّتهما.

(1)التثنية في قوله «اعتبارهما» يرجع الى قصد الأداء أو القضاء و قصد الوجه.

(2)يعني تجب النية في سجدتي السهو مقارنة لوضع الجبهة على الأرض.

و اعلم أنه يتحصّل من العبارة وجوب رعاية امور في نية سجدتي السهو:

الأول: قصد فعل السجود.

الثاني: قصد تعيين سبب وجوب السجود، بأن ينوي السبب الذي أوجب السجدة عليه من كلام منهيّ عنه، أو نقصان سجدة واحدة، أو غيرها كما مرّ.

الثالث: لزوم النية مقارنة لوضع الجبهة على الأرض، أو بعد الوضع.

الرابع: قصد الأداء أو القضاء.

الخامس: قصد الوجوب أو الندب.

(3)يعني لا يكفي في سجدتي السهو وضع الجبهة على ما لا يصحّ السجود عليه، مثل المأكول و الملبوس و الخبائث.

(4)قوله «على الأقوى» يتعلّق بقوله «أو بعد الوضع». يعني أنّ الأقوى كفاية النية بعد وضع الجبهة على الأرض.

(5)عطف على قوله «النية». يعني يجب في سجدتي السهو ما يجب في سجود الصلاة، و هو امور:

الأول: الطهارة و ستر العورة و استقبال القبلة.

الثاني: وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه.

الثالث: وضع الأعضاء السبعة على الأرض، و هي الجبهة و الركبتان و الكفّان و إبهاما الرجلين.

الرابع: ذكر السجود الذي هو ذكر خاصّ في سجدتي السهو، و سيأتي توضيح الذكر فيهما.

ص: 420

من الطهارة و غيرها (1) من الشرائط ، و وضع (2) الجبهة على ما يصحّ السجود عليه، و السجود على الأعضاء السبعة و غيرهما (3) من الواجبات، و الذكر، إلاّ أنّه هنا مخصوص بما رواه الحلبي عن الصادق عليه السّلام (4).(و ذكرهما: بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد). و في بعض النسخ (5): و على آل محمّد، و في الدروس: اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد (أو: بسم اللّه و باللّه و السّلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته)، أو بحذف واو العطف من السلام (6)، و الجميع مرويّ مجزي.

(ثمّ يتشهّد) بعد رفع رأسه معتدلا (7)(و يسلّم). هذا (8) هو المشهور بين

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى الطهارة، و المراد منه ستر العورة و استقبال القبلة.

(2)عطف على الطهارة، أي و من وضع الجبهة الذي هو من واجبات السجود.

(3)ضمير التثنية في قوله «و غيرهما» يرجع الى وضع الجبهة و السجود. يعني يجب رعاية غيرهما ممّا يجب في سجدة الصلاة، مثل الطمأنينة و الرفع من السجدة و الجلوس بين السجدتين.

(4)الرواية منقولة في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: تقول في سجدتي السهو: بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه (اللّهمّ صلّ ) على محمّد و آل محمّد. قال: و سمعته مرّة اخرى يقول: بسم اللّه و باللّه، السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته. (الوسائل: ج 5 ص 334 ب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1).

(5)أي في بعض نسخ اللمعة.

(6)من قوله «و السلام عليك» بأن يقال «السلام عليك... الى آخره».

(7)بمعنى أنه يجلس بعد رفع الرأس من السجود في حال الطمأنينة و الاعتدال.

(8)المشار إليه في قوله «هذا» هو ما فصّل في السجود من النية و الرفع و التشهّد و السلام.

ص: 421

الأصحاب، و الرواية الصحيحة دالّة (1) عليه. و فيه أقوال اخر (2) ضعيفة المستند.

الشك في الركعات

أحكام الشك في الركعات

(و الشاكّ (3) في عدد)

**********

شرح:

(1)قوله «دالّة» خبر لقوله «و الرواية الصحيحة». يعني ما ذكرنا من الواجبات و التشهّد و السلام في إتيان سجدتي السهو هو مدلول الرواية الصحيحة أيضا.

و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى ما ذكر من المشهور بين الفقهاء.

و الدليل على وجوب التشهّد في سجدتي السهو هو الرواية المنقولة في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا لم تدر أربعا صلّيت أو خمسا أم نقصت أم زدت فتشهّد و سلّم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة، فتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا. (الوسائل: ج 5 ص 334 ب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2).

و الدليل على وجوب السلام في سجدتي السهو الرواية المنقولة في الوسائل:

عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كنت لا تدري أربعا صلّيت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك، ثمّ سلّم بعدهما. (الوسائل: ج 5 ص 326 ب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1).

(2)و من الاقوال في المسألة:

الأول: عدم وجوب ما يجب في سجود الصلاة.

الثاني: عدم وجوب ذكر السجود و غيره في سجدتي السهو.

الثالث: عدم وجوب التشهّد في سجدتي السهو.

(3)قوله «و الشاكّ » مبتدأ خبره قوله «يعيد».

و من هنا شرع في بيان الشكوك التي توجب بطلان الصلاة، و هي خمسة على ما يذكرها المصنّف رحمه اللّه.

الأول: الشكّ في الصلوات الثنائية، مثل: صلاة الصبح، و صلاة المسافر، و صلاة عيد الفطر و الأضحى، و الجمعة، و الآيات.

الثاني: الشكّ في الصلاة الثلاثية.

الثالث: الشكّ بين الاولى و الثانية في الصلاة الرباعية أيضا.

ص: 422

(الثنائية (1)، أو الثلاثية (2)، أو في الأوليين (3) من الرباعية أو في عدد (4) غير محصور) بأن لم يدر كم صلّى ركعة،(أو قبل (5) إكمال السجدتين) المتحقّق (6) بإتمام ذكر السجدة الثانية (فيما يتعلّق بالاوليين) (7) و إن أدخل معهما غيرهما و به (8) يمتاز عن الثالث (يعيد) (9) الصلاة لا بمجرّد الشكّ ، بل بعد استقراره بالتروّي (10) عند عروضه و لم يحصل ظنّ بطرف من

**********

شرح:

الرابع: الشكّ في أعداد الركعات التي لا يدري مقدار الذي أتاه.

الخامس: الشكّ في الرباعية قبل إكمال السجدة الثانية.

(1)هذا الأول من الموارد الخمسة المذكورة.

(2)هذا الثاني من الموارد الخمسة المذكورة.

(3)هذا الثالث من الموارد المذكورة.

(4)هذا الرابع من الموارد المذكورة.

(5)هذا الخامس من الموارد المذكورة.

(6)بالكسر، صفة لإكمال. يعني أنّ إكمال السجدتين يتحقّق بإتمام ذكر السجدة الثانية، فلو حصل الشكّ و لو بعد وضع الجبهة على الأرض قبل الذكر يحكم ببطلان الصلاة.

(7)أي الشكّ الذي يرتبط بالركعة الاولى و الثانية و لو دخل في الشكّ غيرهما أيضا، كما اذا شكّ قبل إكمال ذكر السجدة الثانية بين الركعتين الاولى و الثانية، أو بين إحداهما و بين الثالثة أو الرابعة، ففي جميع ذلك يحكم ببطلان الصلاة.

و الضمير في قوليه «معهما» و «غيرهما» يرجعان الى الركعة الاولى و الثانية.

(8)الضمير في قوله «و به» يرجع الى التعميم المفهوم من قوله «و إن أدخل معهما غيرهما». يعني و بهذا التعميم يحصل الفرق بين هذه الصورة و الصورة الثالثة التي كان الشكّ بين الاوليين من الرباعية.

و الحاصل: أنّ هذه الصورة أعمّ من الشكّ بين الاوليين أو هما مع غيرهما، لكنّ الثالث مختصّ بالشكّ بين الاولى و الثانية خاصّة.

(9)قوله «يعيد» خبر لقوله «و الشاكّ » كما تقدّم.

(10)قوله «بالتروّي» من الرويّة، بمعنى النظر و التفكّر في الامور. (أقرب الموارد).

ص: 423

متعلّقه (1)، و إلاّ بني عليه في الجميع (2)، و كذا في غيره من أقسام الشكّ .

(و إن أكمل) (3) الركعتين (الاوليين) بما ذكرناه من (4) ذكر الثانية و إن لم يرفع رأسه منها (5)(و شكّ في الزائد) (6) بعد التروّي (فهنا خمس)

**********

شرح:

يعني أنّ الشاكّ في الموارد المذكورة لا يحكم ببطلان صلاته بمجرّد عروض الشكّ ، بل اذا استقرّ الشكّ بعد التفكّر و الدقّة يحكم بالبطلان.

(1)أي متعلّق الشكّ .

(2)يعني لو حصل الظنّ بأحد طرفي الشكّ في الموارد المذكورة يبني بما يظنّه.

(3)من هنا يبدأ المصنّف رحمه اللّه ببيان الشكوك التي يحكم فيها بصحّة الصلاة، و هي خمسة، و لا يخفى أنّ كلّها في الصلوات الرباعية بعد إكمال السجدتين، و بعد استقرار الشكّ بعد التأمّل و التفكّر.

الأول: الشكّ بين الاثنتين و الثلاث. بمعنى أنّه يشكّ بين إتيانه الركعتين أو الثلاث.

الثاني: الشكّ بين الثلاث و الأربع بعد إكمال السجدتين في أيّ موضع كان.

فالشاكّ في الموضعين المذكورين يبني على الثلاث و يأتي بالركعة الرابعة و يتمّ صلاته، ثمّ يصلّي الركعتين بنيّة صلاة الاحتياط جالسا، أو ركعة واحدة قائما، فيحكم بصحّة الصلاة فيهما.

الثالث: الشكّ بين الثلاث و الأربع، فيبني على الأكثر، و يتمّ صلاته، ثمّ يصلّي ركعتي الاحتياط قائما.

الرابع: الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، فيبني على الأربع، و يتمّ الصلاة، ثمّ يأتي بركعتين قائما و ركعتين جالسا على المشهور، كما سيأتي.

الخامس: الشكّ بين الأربع و الخمس، فيبني على الأقلّ ، و يتشهّد و يسلّم، ثمّ يسجد سجدتي السهو فيحكم بصحّة الصلاة.

(4)بيان لما ذكرناه. يعني أنّ إكمال الركعتين يتحقّق بذكر السجدة الثانية.

(5)الضمير في قوله «منها» يرجع الى السجدة. يعني اذا تلفّظ ذكر السجدة الثانية فعند ذلك يتحقّق الإكمال و لو لم يرفع رأسه عن السجدة.

(6)أي الزائد عن الركعتين. يعني أنه اذا تيقّن بفعل الركعتين و شكّ في إتيان الزائد عنهما بعد التفكّر...

ص: 424

(صور) تعمّ بها البلوى (1)، أو أنها منصوصة، و إلاّ فصور الشكّ أزيد من ذلك (2) كما حرّره (3) في رسالة الصلاة، و سيأتي أنّ الاولى (4) غير منصوصة.

(الشكّ (5) بين الاثنتين و الثلاث) بعد الإكمال.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الاكتفاء ببيان الصور الخمس إمّا لكونها عموم البلوى، أو لكونها موردا للنصّ .

أمّا الأول فمعلوم، و أمّا الثاني فلورود الروايات. (راجع الوسائل: ج 5 ص 319-327 ب 9 و 10 و 11 و 13 و 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة).

(2)يعني أنّ أقسام الشكوك تتصوّر أزيد من الخمس المذكورة.

وجه الزيادة: إنّ الشكّ إنّما يكون بين اثنتين و أكثر، و أعداد الركعات مع الشكّ فيها تترقّى صاعدة، و يقع الشكّ بين الصور الثنائية و الثلاثية، و الرباعية و الخماسية و السداسية، و هكذا، مثلا لو فرضت غاية الشكّ الى عدد الخمسة فالصور الثنائية ستّ ، إذ الشكّ إمّا بين الاثنتين و الثلاث، أو الاثنتين و الأربع، أو الاثنتين و الخمس، أو الثلاث و الأربع، أو الثلاث و الخمس، أو الأربع و الخمس... الخ. (حاشية الكتاب).

(3)فاعله الضمير الراجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف حرّر الأزيد من الخمس في رسالته المخصوصة، و هي «الألفية».

و نقل بعض الأفاضل من المعاصرين بأنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر في رسالته المذكورة اثني عشر صورة و بيّن أحكامها كلاّ.

(4)المراد من «الاولى» هو الشكّ بين الاثنتين و الثلاث. يعني أنّ هذه الصورة من الصور الخمس غير منصوص عليها.

(5)هذا الأول من الشكوك الخمس التي يحكم فيها بصحّة الصلاة، و هو الشكّ من الاثنتين و الثلاث بعد إكمال الركعة التي وقع الشكّ فيها و غيره. كما اذا شكّ بعد السجدتين بأنّ الركعة الكاملة هل الثانية أو الثالثة ؟

فلو حصل الشكّ قبل إكمال السجدتين يرجع الشكّ الى الواحدة و الاثنتين، و هو من الشكوك المحكومة بالبطلان.

ص: 425

(و الشكّ (1) بين الثلاث و الأربع) مطلقا،(و يبني على الأكثر فيهما (2) ثمّ يحتاط ) بعد التسليم (بركعتين جالسا، أو ركعة قائما. و الشكّ (3) بين الاثنتين و الأربع يبني على الأربع و يحتاط بركعتين قائما. و الشكّ (4) بين الاثنين و الثلاث و الأربع يبني على الأربع و يحتاط بركعتين قائما ثمّ بركعتين جالسا على المشهور) و رواه ابن أبي عمير عن الصادق عليهما السّلام (5)،

**********

شرح:

(1)هذا الثاني من الشكوك الخمسة التي يحكم فيها بصحّة الصلاة، و هو الشكّ بين الثلاث و الأربع.

قوله «مطلقا» إشارة بعدم الفرق في هذا الشكّ بين حصوله بعد إكمال الركعة التي هو فيها أو قبلها، مثل الشكّ حال القيام أو القعود، لأنه يتيقّن من إتيان الركعة الاولى و الثانية، و إنّما الشكّ في الثالثة و الرابعة.

(2)ضمير التثنية في قوله «فيهما» يرجع الى الشكّ بين الاثنتين و الثلاث، و بين الثلاث و الأربع. يعني في كليهما يبني على الأكثر، ففي الأول يبني على الثلاث، و في الثاني يبني على الأربع، ثمّ يأتي بصلاة الاحتياط ركعتين جالسا أو واحدة قائما.

(3)هذا الثالث من الشكوك الخمسة، و هو الشكّ بين الاثنتين و الأربع، فيبني على الأربع، و يأتي بركعتي الاحتياط قائما.

(4)هذا الرابع من الشكوك الخمسة، بأن يشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، فيبني على الأربع، ثمّ يأتي بالاحتياط ركعتين قائما و ركعتين جالسا على قول المشهور من الفقهاء.

(5)الرواية منقولة في الوسائل:

عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: في رجل صلّى فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا أم أربعا، قال: يقوم فيصلّي ركعتين من قيام و يسلّم، ثمّ يصلّى ركعتين من جلوس و يسلّم. فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة، و إلاّ تمّت الأربع. (الوسائل: ج 5 ص 326 ب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 4).

ص: 426

عاطفا لركعتي الجلوس ب «ثمّ » (1) كما ذكرنا هنا، فيجب (2) الترتيب بينهما.

و في الدروس جعله (3) أولى، و قيل: يجوز إبدال الركعتين جالسا بركعة قائما، لأنها (4) أقرب إلى المحتمل فواته، و هو حسن،(و قيل: يصلّي ركعة قائما، و ركعتين جالسا ذكره) الصدوق (ابن بابويه) و أبوه (5) و ابن الجنيد (و هو قريب) من حيث الاعتبار (6)، لأنّهما (7) ينضمّان حيث تكون

**********

شرح:

(1)كما قال عليه السّلام في الرواية «ثمّ يصلّي ركعتين من جلوس» كما ذكر المصنّف رحمه اللّه بقوله «ثمّ بركعتين جالسا».

(2)يعني أنّ العطف بلفظ «ثمّ » يدلّ على الترتيب بينهما كما قال ابن مالك في كتابه السيوطي.

و الفاء للترتيب باتصال*** و ثمّ للترتيب بانفصال

فعلى هذا يجب إتيان الركعتين قائما أولا، ثمّ إتيان الركعتين جالسا ثانيا.

(3)الضمير في قوله «جعله» يرجع الى الترتيب. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس جعل الترتيب المذكور بين صلاتي الاحتياط أولى، فعلى ذلك لو قدّم ركعتي الجلوس لا يمنع منه.

(4)الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى الركعة قائما. يعني أنّ الإتيان بالركعة الواحدة قائما بعد إتيان الركعتين يكون أقرب بما يحتمل فواته، فإنّ صلاة الاحتياط لجبران محتمل الفوت، ففي المقام لو كانت الركعة الفائتة ركعة واحدة فإنها تجبر بهذه الركعة قائما.

(5)يعني ذكر هذا القول والد الصدوق و هو عليّ بن الحسين بن بابويه رحمه اللّه.

(6)يعني أنّ هذا القول يقرب من الاعتبار العقلي لو صرف النظر عن دلالة النصوص و الروايات.

(7)أي الركعتان جالسا و الركعة قائما تنضمّان و تكونان ركعتين، لأنّ الركعتين جالسا في حكم ركعة واحدة قائما.

فلو كانت الفائتة ركعتين يجبر بهما ذلك. و لو كانت الفائتة ركعة واحدة يجبر

ص: 427

الصلاة اثنتين، و يجتزي بإحداهما حيث تكون ثلاثا، إلاّ أنّ الأخبار تدفعه (1).(و الشكّ (2) بين الأربع و الخمس، و حكمه قبل الركوع كالشكّ بين الثلاث و الأربع) فيهدم (3) الركعة و يتشهّد و يسلّم، و يصير بذلك شاكّا بين الثلاث و الأربع فيلزمه حكمه، و يزيد عنه (4) سجدتي السهو لما هدمه من القيام، و صاحبه (5) من الذكر.

(و بعده) أي بعد الركوع سواء كان قد سجد أم لا (يجب سجدتا السهو) لإطلاق النصّ (6) بأنّ من لم يدر أربعا صلّى أم خمسا يتشهّد

**********

شرح:

بإتيان الركعة الواحدة قائما، و تجب الركعتان جالسا نافلة، و لو كانت الصلاة المشكوكة أربع ركعات فتحسب كلا الصلاتين قائما و جالسا نافلة.

(1)كما في رواية ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن الصادق عليه السّلام المذكورة آنفا.

(2)هذا الخامس من الشكوك الخمسة، بأن يشكّ بين الأربع و الخمس، و هذا إمّا قبل الركوع فيهدم الركعة و يتشهّد، فيرجع الى الشكّ بين الثلاث و الأربع و يجري حكم هذا الشكّ كما تقدّم مع إضافة سجدتي السهو. أو بعد الركوع فيجب عليه سجدتا السهو خاصّة.

(3)لأنّه اذا شكّ حال القيام بين الأربع و الخمس و بنى على الأربع يهدم القيام و يرجع الى الشكّ بين الثلاث و الأربع.

(4)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الحكم. يعني أنّ الشاكّ المذكور يعمل بحكم الشاكّ بين الثلاث و الأربع بإتيان ركعتي الاحتياط قائما، و أضاف إليه إتيان السجدتين.

(5)قوله «و صاحبه» بصيغة فعل الماضي عطف على قوله «هدمه». يعني أنّ سجدتي السهو لزيادة الذكر الذي صاحبه بحالة القيام.

(6)النصّ منقول في الوسائل:

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا أم نقصت أم

ص: 428

و يسلّم و يسجد سجدتي السهو.(و قيل: تبطل الصلاة لو شكّ و لمّا يكمل السجود إذا كان قد ركع) (1) لخروجه عن المنصوص (2)، فإنّه لم يكمل الركعة (3) حتّى يصدق عليه أنّه شكّ بينهما (4)، و تردّده (5) بين المحذورين:

**********

شرح:

زدت فتشهّد و سلّم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا. (الوسائل: ج 5 ص 327 ب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 4).

(1)يعني قال بعض الفقهاء: اذا حصل الشكّ بين الأربع و الخمس قبل إكمال السجدتين و بعد الركوع يحكم ببطلان الصلاة، لكونه خارجا عن مدلول المنصوص.

(2)فإنّ الشكّ المذكور خارج عن مورد النصّ الدالّ بالصحّة.

(3)فإنّ إكمال الركعة لا يتحقّق إلاّ بإكمال ذكر السجدة الثانية كما تقدّم.

(4)الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى الشكّ بين الأربع و الخمس.

(5)هذا دليل ثان على القول بالبطلان في الشكّ المذكور.

إيضاح: اعلم أنّ القائل ببطلان الشكّ بين الأربع و الخمس بعد الركوع و قبل إكمال السجدتين أقام دليلين:

الأول: خروج الشكّ المذكور عن مورد النصّ ، لأنّ مضمونه حصول الشكّ بين الأربع و الخمس، و الظاهر منه الشكّ العارض بعد إكمال الركعة المتحقّق بعد السجدتين، فلو حصل الشكّ قبل ذلك لا يصدقه الشكّ بين الأربع و الخمس.

و بعبارة اخرى: أنّ المصلّي اذا أكمل السجدة الثانية و شكّ بأنّ ما أتى به هل هو أربع ركعات أو خمس، و لا يصدق ذلك قبل السجدتين.

الثاني: لزوم المحذورين عند الشكّ قبل السجدتين و بعد الركوع:

ألف - لو بنى على الأربع و أتمّ صلاته يحتمل كون الركعة خامسة، فيلزم زيادة الركن و هو السجود الموجب للبطلان.

ب - لو لم يسجد بل تشهّد و سلّم يلزم من ذلك احتمال كون الصلاة أربع ركعات، و الحال أنه لم يتمّ بل أنقص الركن منها و هو السجدتين، فيكون النقصان عمدا

ص: 429

الإكمال المعرّض (1) للزيادة، و الهدم المعرّض للنقصان (و الأصحّ (2) الصحّة) لقولهم عليهم السّلام: «ما أعاد (3) الصلاة فقيه يحتال (4) فيها و يدبّرها حتّى لا يعيدها» و لأصالة عدم الزيادة. و احتمالها (5) لو أثّر لأثّر في جميع صورها، و المحذور (6) إنّما هو زيادة الركن، لا الركن المحتمل زيادته.

**********

شرح:

و موجبا للحكم بالبطلان.

الثالث: قوله «تردّده» بالجرّ عطفا على قوله «لخروجه عن المنصوص».

(1)قوله «المعرّض» يحتمل كونه بصيغة اسم المكان فيكون صفة للإكمال فإنّه معرّض للزيادة، و يحتمل كونه بصيغة اسم الفاعل من باب التفعيل على وزن مفعّل. يعني أنّ أحد المحذورين الإكمال المعرّض للزيادة. و كذلك لفظ «المعرض» الثاني في قوله «المعرّض للنقصان».

(2)أي القول الأصحّ في الشكّ بين الأربع و الخمس الحكم بالصحّة بدليلين:

الأول: لقول المعصومين عليهم السّلام بأنّ الفقيه لا يلتزم بإعادة الصلاة بل يجتهد و يجد طريق الصحّة.

الثاني: بإجراء أصالة عدم الزيادة عند احتمالها، ففي المقام أيضا يتوسّل بأصل عدم الزيادة.

(3)الرواية الدالّة عليه منقولة في الوسائل:

عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أعاد الصلاة فقيه قطّ يحتال لها و يدبّرها حتّى لا يعيدها. (الوسائل: ج 5 ص 344 ب 29 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1).

(4)أي يجد الحيلة فيها لئلاّ يعيد الصلاة.

(5)هذا دفع لما يقال بأنّ في المقام يحتمل الزيادة، و هو موجب للبطلان فكيف يحكم بالصحّة ؟ فقال: إنّ تأثير احتمال الزيادة لو أثّر في بطلان الصلاة لما اختصّ بهذا المورد فقط ، بل يعمّ جميع الصور، و منها الحكم بالصحّة اذا حصل الشكّ بين الأربع و الخمس بعد إكمال السجدتين، و الحال أنّ من توهّم الإشكال قائل بالصحّة فيها مع احتمال كون الصلاة خمس ركعات.

(6)يعني أنّ المانع من صحّة الصلاة إنّما هو زيادة الركن متعمّدا، لا الزيادة احتمالا.

ص: 430

مسائل سبع
اشارة

(مسائل سبع)

الاولى: لو غلب على ظنّه بعد التروّي أحد طرفي

الاولى: (1)(لو غلب على ظنّه) بعد التروّي (أحد طرفي (2) ما شكّ فيه أو أطرافه (3) بنى عليه) أي على الطرف الذي غلب عليه ظنّه، و المراد (4) أنه غلب ظنّه عليه ثانيا، بعد أن شكّ فيه أولا، لأن الشكّ لا يجامع غلبة الظنّ ، لما عرفت (5) من اقتضاء الشكّ تساوي الطرفين، و الظنّ (6) رجحان أحدهما. و لا فرق في البناء على الطرف الراجح بين الاوليين (7) و غيرهما، و لا بين الرباعية و غيرها (8). و معنى البناء عليه فرضه واقعا، و التزام حكمه من صحّة (9) و بطلان، و زيادة و نقصان، فإن كان في الأفعال

**********

شرح:

مسائل سبع (1)صفة لموصوف مقدّر و هو المسألة.

(2)كما اذا كان الشكّ بين أمرين، مثل الشكّ بين الثلاث و الأربع، فلو حصل الظنّ بأحد طرفي الشكّ يبني عليه و يعمل بظنّه.

(3)هذا في صورة كون الشكّ بين امور أزيد من أمرين، مثل الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، ففيه أيضا يبني على ما يظنّ من أطراف الشكّ .

(4)هذا دفع إشكال عدم إمكان الجمع بين الشكّ و الظنّ ، فإنّ الأول هو تساوي الطرفين، و الثاني رجحان أحد الطرفين فكيف يجمع ؟ فقال: إنّ المراد هو حصول الظنّ بعد عروض الشكّ لا الجمع بينهما في حال.

(5)أي عرفت كون الشكّ هو تساوي الطرفين بقوله «أو شكّ » فقال الشارح رحمه اللّه:

و هو تردّد الذهن بين طرفي النقيض، حيث لا رجحان لأحدهما على الآخر.

(6)بالجرّ، عطفا على الشكّ . يعني و من اقتضاء الظنّ رجحان أحد الطرفين.

(7)يعني لا فرق في الحكم بصحّة البناء على ما يظنّ بين الركعتين الاوليين و غيرهما.

(8)فلو حصل الظنّ عند الشكّ في غير الصلاة الرباعية التي تقدّم الحكم ببطلان الشكّ في غير الرباعية يحكم بالصحّة أيضا.

(9)هذا بيان لقوله «و التزام حكمه» فلو شكّ في زيادة الركن ثمّ حصل الظنّ بعدمها يحكم بالصحّة، و لو حصل الظنّ بالزيادة فيحكم بالبطلان.

ص: 431

و غلب (1) الفعل بنى على وقوعه، أو عدمه (2) فعله إن كان في محلّه، و في عدد الركعات يجعل الواقع (3) ما ظنّه من غير احتياط ، فإن غلب (4) الأقلّ بنى عليه و أكمل، و إن غلب الأكثر (5) من غير زيادة في عدد الصلاة كالأربع تشهّد و سلّم، و إن كان (6) زيادة كما لو غلب ظنّه على الخمس صار كأنّه زاد ركعة آخر الصلاة، فتبطل إن لم يكن (7) جلس عقيب الرابعة بقدر التشهّد، و هكذا.

(و لو أحدث (8) قبل الاحتياط (9) أو الأجزاء المنسيّة) التي

**********

شرح:

(1)يعني لو حصل الشكّ في أفعال الصلاة ثمّ غلب على ظنّه فعلها بنى على وقوعه.

(2)بالرفع، عطفا على فاعل قوله «و غلب». يعني لو غلب على ظنّه عدم فعل المشكوك فيجب عليه إتيانه لو لم يتجاوز المحلّ .

(3)يعني لو كان الشكّ في عدد ركعات الصلاة ثمّ حصل الظنّ يجعل المظنون واقعا، و لا يحتاج الى صلاة الاحتياط .

(4)أي غلب الظنّ على الأقل، كما اذا شكّ بين الثلاث و الأربع ثمّ حصل الظنّ بالثلاث بنى عليه، و يأتي ما بقي من الصلاة.

(5)أي لو غلب ظنّه الأكثر ممّا شكّ فيه فيبني عليه لو لم يكن المظنون موجبا للبطلان، كما اذا شكّ بين الأربع و الخمس و غلب الظنّ على الخمس فيحكم فيه بالبطلان.

(6)أي لو كان المظنون زيادة على الركعات الصحيحة فيحكم بالبطلان.

(7)يعني أنّ الحكم بالبطلان في صورة عدم جلوسه عقيب الركعة الرابعة بمقدار التشهّد، و إلاّ فيحكم بالصحّة.

(8)يحتمل كون المراد من الحدث ما يوجب بطلان الوضوء من البول و الغائط و النوم. و يحتمل كون المراد منه ما يوجب بطلان الصلاة من التكلّم و استدبار القبلة و غير ذلك.

(9)أي قبل صلاة الاحتياط .

ص: 432

تتلافى (1) بعد الصلاة (تطهّر (2) و أتى بها) من غير أن تبطل الصلاة (على الأقوى) لأنه (3) صلاة منفردة، و من ثمّ وجب فيها النية و التحريمة و الفاتحة، و لا صلاة إلاّ بها (4)، و كونها (5) جبرا لما يحتمل نقصه من الفريضة، و من ثمّ وجبت المطابقة بينهما (6) لا يقتضي الجزئية، بل يحتمل ذلك (7) و البدلية، إذ لا يقتضي المساواة من كلّ وجه (8)، و لأصالة الصحّة. و عليه (9)

**********

شرح:

(1)مثل التشهّد و السجدة و الصلاة، الّتي قد تقدّم وجوب تلافيها و قضائها بعد إتمام الصلاة.

(2)هذه قرينة على كون المراد من الحدث ما يبطل الوضوء، فيجب تحصيل الطهارة و إتيان ما يجب عليه من صلاة الاحتياط أو الأجزاء المنسيّة أو سجدة السهو.

(3)هذا تعليل عدم بطلان أصل الصلاة، بأنّ صلاة الاحتياط إنّما هي صلاة مستقلّة لا ربط لها بأصل الصلاة المشكوكة، لوجوب النية و تكبيرة الإحرام و قراءة فاتحة الكتاب، و كلّ ذلك يدلّ على كونها صلاة منفردة.

(4)فكلّما اشتمل على هذه المذكورات تعدّ صلاة.

(5)هذا مبتدأ و خبره قوله «لا يقتضي الجزئية». يعني أنّ كون صلاة الاحتياط لجبران ما يحتمل النقص لا يوجب كونه جزء من أصل الصلاة.

(6)كما أنه تجب المطابقة بين محتمل النقص و صلاة الاحتياط . بمعنى أنّ الناقص لو احتمل ركعة تجب الركعة قائما، أو ما في حكمه، أو كونه ركعتين أو ثلاث ركعات يجب التطابق أيضا.

(7)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الجزئية. يعني أنّ لزوم المطابقة يحتمل فيه الجزئية و البدلية، فاذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

(8)كما أنه لا يجب إتيان الاحتياط قائما، بل يجوز ركعتين جالسا بدل ركعة واحدة محتملة.

(9)أي ذهب على الحكم بالصحّة المصنّف رحمه اللّه في كتبه المختصرة، و هي: البيان، و الدروس، و الألفية.

ص: 433

المصنّف في مختصراته، و استضعفه في الذكرى، بناء على أنّ شرعيته (1) ليكون استدراكا للفائت منها (2). فهو (3) على تقدير وجوبه جزء فيكون الحدث واقعا في الصلاة، و لدلالة (4) ظاهر الأخبار عليه.

و قد عرفت (5) دلالة البدلية، و الأخبار (6) إنّما دلّت على الفورية و لا نزاع فيها، و إنّما الكلام في أنه بمخالفتها (7) هل يأثم خاصّة - كما هو مقتضى كلّ واجب - أم يبطلها (8)؟

**********

شرح:

(1)هذا استدلال عدم الحكم بالصحّة، بأنّ صلاة الاحتياط لاستدراك ما فات، فالحدث بينهما يوجب البطلان.

(2)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الصلاة. يعني أنّ صلاة الاحتياط لجبران ما يحتمل فوته من ركعات الصلاة، فعلى الحكم بوجوبها يكون جزء من الصلاة، فالحدث الحاصل بينهما يوجب بطلان أصل الصلاة.

(3)الضمير في قوله «فهو» يرجع الى الاحتياط ، و كذلك ضمير «وجوبه».

(4)هذا دليل ثان من المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى على كون الحدث الحاصل بين الصلاتين المشكوكة و الاحتياط مبطلا لأصل الصلاة. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الجزء.

(5)هذا ردّ الدليل الأول من المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى بأنك قد عرفت كون الاستدراك دالاّ على البدليّة في قوله «يحتمل ذلك و البدلية، إذ لا يقتضي المساواة من كلّ وجه».

و لا يخفى أنّ العبارة إضافة المصدر الى المفعول، و الفاعل هو الاستدراك، و المعنى هكذا: و قد عرفت دلالة الاستدراك البدلية.

(6)و هذا أيضا ردّ الدليل الثاني من المصنّف رحمه اللّه، بأنّ الأخبار الواردة في المقام إنّما تدلّ على وجوب فورية صلاة الاحتياط ، و لا خلاف فيه، و إنّما الخلاف في أنّ ترك الفورية هل يوجب البطلان أم يوجب الإثم ؟

(7)الضمير في قوله «بمخالفتها» يرجع الى الفورية.

(8)أي يبطل أصل الصلاة المشكوكة.

ص: 434

و أمّا الأجزاء (1) المنسيّة فقد خرجت عن كونها جزء محضا، و تلافيها بعد الصلاة فعل آخر. و لو بقيت (2) على محض الجزئية كما كانت لبطلت بتخلّل الأركان بين محلّها (3) و تلافيها.

(و لو ذكر ما (4) فعل فلا إعادة إلاّ أن يكون قد أحدث) أي ذكر نقصان الصلاة بحيث يحتاج إلى إكمالها بمثل ما فعل صحّت الصلاة و كان الاحتياط متمّما لها (5)، و إن اشتمل على زيادة الأركان من النية و التكبير، و نقصان بعض كالقيام (6) لو احتاط جالسا و زيادة (7) الركوع و السجود في الركعات

**********

شرح:

(1)هذا استدلال عدم بطلان الصلاة الّتي حصل الحدث بينها و بين إتيان الأجزاء المنسيّة منها، فإنّ الأجزاء المأتية بعد النسيان ليست من أجزائها المحضة، بل التلافي فعل آخر.

(2)فاعل قوله «بقيت» هو الضمير المؤنث الراجع الى الأجزاء. يعني لو كانت باقية على جزئيّتها محضا لحكم ببطلان الصلاة بنسيانها و إتيانها بعدها لحصول الفاصل بين الصلاة و أجزائها بالأركان المأتية، و عدم وقوع الأجزاء في محلّها.

(3)الضميران في قوليه «محلّها» و «تلافيها» يرجعان الى الأجزاء.

(4)يعني لو تذكّر المصلّي نقصان الركعة الّتي فعلها بنية صلاة الاحتياط - كما اذا شكّ بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع و أتى بركعة قائما بنية صلاة الاحتياط ثمّ تذكّر بأنّ صلاته المشكوكة كانت ثلاث ركعات - فلا يجب عليه إعادة أصل الصلاة، للامتثال الحاصل الموجب للأجزاء، إلاّ أن يحصل الحدث بين أصل الصلاة و صلاة الاحتياط ، فحينئذ يحكم بالبطلان.

و «ما» الموصولة في قوله «ما فعل» مفعول لقوله «و لو ذكر».

(5)صلاة الاحتياط المأتيّ بها تكون مكمّلة للنقص الحاصل في صلاته المشكوكة.

(6)مثال للنقصان الحاصل، فاذا صلّى الاحتياط جالسا يكون فاقدا للقيام الّذي قالوا بكونه من أركان الصلاة.

(7)أي كزيادة الركوع و السجود اذا أتى بالاحتياط جالسا، مثل الشكّ بين

ص: 435

المتعدّدة للامتثال (1) المقتضي للإجزاء، و لو اعتبرت (2) المطابقة محضا لم يسلم احتياط ذكر فاعله الحاجة إليه، لتحقّق الزيادة و إن لم تحصل المخالفة (3)، و يشمل ذلك ما لو أوجب الشكّ احتياطين (4)، و هو ظاهر مع المطابقة، كما لو تذكّر أنها (5) اثنتان بعد أن قدّم ركعتي القيام، و لو ذكر (6) أنها ثلاث احتمل كونه كذلك (7)، و هو ظاهر الفتوى لما ذكر. و إلحاقه (8) بمن زاد

**********

شرح:

الثلاث و الأربع و الإتيان بصلاة الاحتياط ركعتين جالسا، فتحصل الزيادة بالركوع و السجود فيها.

(1)هذا تعليل لصحّة الصلاة.

(2)هذا دليل ثان بالصحّة في المقام، بأنه لو اعتبرت المطابقة و المساواة بين الصلاة الناقصة و صلاة الاحتياط لا يسلم أحد من صلاة الاحتياط الّتي ذكر صاحبها نقصان صلاته، للزيادة الحاصلة فيها و لو بالنية و تكبيرة الإحرام.

(3)أي لم تحصل المخالفة من حيث أعداد الركعات.

(4)أي الحكم بصحّة الصلاة المشكوكة يشمل الموارد الّتي وجب فيها احتياطان، مثل الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع و هو واضح مع مطابقة صلاة الاحتياط بما نقص.

(5)هذا مثال صورة مطابقة صلاة الاحتياط مع النقصان الحاصل في الصلاة المشكوكة. مثلا اذا شكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع و بنى على الأربع و أتى بالركعتين بنية الاحتياط قائما ثمّ أتى بركعة واحدة هكذا فانكشف كون الصلاة المشكوكة ركعتين، فإذا تحصل المطابقة بين الناقص و الاحتياط .

(6)أي تذكّر بعد إتيان صلاة الاحتياط كون صلاته المشكوكة ثلاث ركعات، ففيه احتمالان.

(7)هذا هو الاحتمال الأول، بأن يحكم بصحّة الصلاة فيه أيضا، و هو ظاهر فتوى الفقهاء بدليل حصول الامتثال المقتضي للإجزاء.

(8)بالرفع، عطفا على قوله «كونه كذلك». و هذا احتمال آخر، بأن تلحق المسألة بحكم من زاد ركعة في آخر صلاته. بمعنى أنه اذا جلس بعد الركعة الاولى بمقدار التشهّد يحكم بصحّة الصلاة، و إلاّ فلا كما تقدّم.

ص: 436

ركعة آخر الصلاة سهوا، و كذا لو ظهر الأول (1) بعد تقديم صلاة الجلوس، أو الركعة (2) قائما إن جوّزناه. و لعلّه السرّ في تقديم ركعتي القيام (3). و على ما اخترناه (4) لا تظهر المخالفة إلاّ في الفرض الأول من فروضها (5)،

**********

شرح:

(1)يعني و كذا الاحتمالان: البطلان و الصحّة اذا أتى بركعتي الجلوس قبل ركعتي القيام، ثمّ تذكّر كون صلاته المشكوكة ركعتين. و المراد من الأول ظهور صلاته ركعتين.

(2)بالجر، عطفا على قوله «صلاة الجلوس». أي لو ظهر كون صلاته ركعتين بعد إتيان ركعة الاحتياط قائما مقدّما على الركعتين قائما لو جوّزنا تقديم ركعة واحدة على الركعتين.

(3)فإنّ السرّ في تقديم الركعتين قائما حصول المطابقة، أو زيادة ركعة سهوا في آخر الصلاة، بخلاف تقديم الركعتين جالسا أو الركعة الواحدة قائما، فلا تحصل المطابقة للواقع في أغلب الموارد، و هو واضح.

(4)المراد من (ما اخترناه) هو تقديم ركعتي الاحتياط قائما على الركعة الواحدة قائما أو الركعتين جالسا.

و لا يخفى اختيار الشارح رحمه اللّه الترتيب بين الاحتياطين بقوله في صفحة 427 «عاطفا لركعتي الجلوس بثمّ ، فيجب الترتيب بينهما، و في الدروس جعله أولى».

و حاصل معنى العبارة أنه على ما اخترناه من تقديم ركعتي القيام لا تظهر المخالفة إلاّ في الفرض الأول، و هو ظهور كون الصلاة ثلاث ركعات عند الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع اذا بنى على الأربع و صلّى الركعتين قائما، ثمّ الركعتين جالسا أو ركعة واحدة قائما.

(5)الضمير في قوله «فروضها» يرجع الى المخالفة.

إيضاح: اعلم أنّ الشارح رحمه اللّه ذكر المطابقة بين الاحتياط و الناقص في صورة واحدة، و المخالفة في ثلاث صور.

أمّا المطابقة: فهي اذا قدّم ركعتي الاحتياط قائما عند الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع فظهر كون المشكوك اثنتين.

ص: 437

و أمره (1) سهل مع إطلاق النصّ ، و تحقّق الامتثال الموجب للإجزاء. و كيف كان فهو أسهل (2) من قيام ركعتين من جلوس مقام ركعة من قيام إذا ظهرت الحاجة إليه في جميع الصور (3).

**********

شرح:

أمّا صور المخالفة الّتي ذكرها فهي:

الاولى: اذا قدّم الركعتين قائما في الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع فظهر كون الصلاة المشكوكة ثلاث ركعات فالناقص ركعة واحدة، فإتيان الركعتين يخالف الناقص الذي هو ركعة واحدة.

الثانية: اذا قدّم ركعتي الجلوس في الشكّ المذكور فظهر كون الصلاة المشكوكة ركعتين.

الثالثة: اذا قدّم ركعة قائما بدل الركعتين جالسا كما حسن التبديل بقوله في صفحة 427 «و هو حسن» عند نقل القول بجواز إبدال الركعتين جالسا بركعة قائما، لأنها أقرب الى المحتمل فواته.

و الحاصل: أنه بناء على تقديم الركعتين قائما لا تحصل المخالفة إلاّ في الفرض الأول من الصور الثلاثة المذكورة، و هي تقديم ركعتي الاحتياط قائما، و ظهور الصلاة ثلاث ركعات، فإنّ الناقص ركعة واحدة، و الاحتياط المأتيّ به ركعتين قائما، فخالف للاحتياط على الناقص.

(1)الضمير في قوله «أمره» يرجع الى الفرض الأول. و هذا اعتذار من الشارح رحمه اللّه عن المخالفة المذكورة، بأنّ إطلاق النصّ و تحقّق الامتثال لأمر الشارع في المقام يجزي.

(2)هذا تأكيد لسهولة الأمر في المخالفة المذكورة، بأنه لو قدّم الركعتين جالسا في الفرض المذكور تحصل المخالفة أيضا، بأنّ الناقص ركعة واحدة و الاحتياط ركعتان جالسا، فهذه أيضا مخالفة بين الاحتياط و الناقص لقيام ركعتين جالسا مقام الناقص قائما.

(3)أي في جميع صور صلاة الاحتياط جالسا، بلا فرق بين كون الاحتياط واحدا أو أكثر لمخالفة الجلوس بما يجب من القيام.

ص: 438

هذا إذا ذكر بعد تمامه (1)، و لو كان في أثنائه فكذلك مع المطابقة (2)، أو لم يتجاوز (3) القدر المطابق فليسلّم عليه. و يشكل مع المخالفة (4) - خصوصا مع الجلوس (5) - إذا كان قد ركع للأولى، لاختلال نظم الصلاة، أمّا قبله (6) فيكمل الركعة قائما، و يغتفر (7) ما زاده من النية و التحريمة كالسابق (8)، و ظاهر الفتوى اغتفار (9) الجميع.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «تمامه» يرجع الى الاحتياط . يعني أنّ الحكم بالصحّة اذا طابق الاحتياط بالناقص في صورة التذكّر بعد تمام الاحتياط .

(2)كما اذا قدّم ركعتي الاحتياط قائما فذكر كون الناقص اثنتين في أثناء الاحتياط .

(3)أي مع عدم تجاوز مقدار الاحتياط عن الناقص، كما اذا قدّم الركعتين قائما فذكر في الاثناء أنّ الصلاة كانت ثلاثا قبل الركعة الثانية ففيه يسلّم، فيطابق الاحتياط الناقص.

(4)أي يشكل الحكم بعدم الإعادة اذا تذكّر في الأثناء عند المخالفة.

(5)كما اذا أتى بالاحتياط جالسا و ركع للركعة الاولى فتذكّر كون الصلاة ركعتين فيشكل الحكم بالصحّة لاختلال نظم الصلاة، فإنّ مقتضى نظم الصلاة إتيانها قائما لا جالسا، بخلاف ما اذا تلبّس بركعة من قيام فإنّه يتمكّن من إلحاق ركعة اخرى عند ما تظهر الحاجة إليها.

(6)الضمير في قوله «قبله» يرجع الى الركوع. يعني لو لم يركع في الركعة الاولى جالسا و تذكّر الحاجة الى الاحتياط يجب عليه إكمال الركعة في حال القيام و لو شرعها جالسا.

(7)يعني عند الحكم بتطبيق الاحتياط بالناقص عند ذكر الحاجة إليه في الأثناء يلزم زيادة النية و التكبيرة لعدم إمكان التطبيق كاملا، لكنّ هذا المقدار من الزيادة يغتفر في المقام، كما تغتفر الزيادة كذلك في الفرض السابق.

(8)المراد من قوله «كالسابق» هو ذكر الحاجة الى الاحتياط بعد تمام الصلاة كما تقدّم.

(9)فإنّ ظاهر فتوى الفقهاء اغتفار زيادة النية و التكبيرة و القيام في جميع صور المخالفة، بلا فرق بين التذكّر في أثناء الصلاة أو بعدها.

ص: 439

أمّا لو كان قد أحدث (1) أعاد لظهوره في أثناء الصلاة، مع احتمال (2) الصحّة، و لو ذكر بعد الفراغ تمام الصلاة (3) فأولى بالصحّة، و لكنّ (4) العبارة لا تتناوله و إن دخل (5) في ذكر ما فعل. إلاّ أنّ استثناء الحدث ينافيه (6)، إذ لا (7) فرق في الصحّة بين الحالين (8). و لو ذكر التمام في الأثناء (9) تخيّر بين

**********

شرح:

(1)كما اذا حصل الحدث قبل صلاة الاحتياط ففيه يحكم ببطلان أصل الصلاة أيضا لظهور كون المحدث في أثناء الصلاة.

(2)هذا بناء على القول بانفراد صلاة الاحتياط و استقلالها.

(3)أي لو تذكّر المصلّي بعد إتيان صلاة الاحتياط بكون الصلاة المشكوكة تامّة بلا حاجة إلى الاحتياط فيحكم بالصحّة بطريق أولى.

(4)هذا استدراك من الحكم بالصحّة في صورة التذكّر بعد الفراغ من صلاة الاحتياط ، بأنّ عبارة المصنّف رحمه اللّه لا تشمل ذلك، لأنه قال: «و لو ذكر ما فعل فلا إعادة إلاّ أن يكون قد أحدث». لأنّ استثناء الحدث يدلّ بكون المراد من قوله «ما فعل» هو الاحتياط ، لا أصل الصلاة، لأنه اذا تذكّر كون الصلاة تامّة و كان المراد من «ما فعل» هو أصل الصلاة يكون استثناء الحدث لغوا و بلا فائدة، كما هو واضح.

و الضمير في قوله «لا تتناوله» يرجع الى الذكر بعد الفراغ.

(5)أي و إن دخل الفرض المذكور في قوله «ما فعل» لأنه أعمّ و شامل لأصل الصلاة المشكوكة و صلاة الاحتياط .

(6)الضمير في قوله «ينافيه» يرجع الى الدخول.

(7)تعليل لتنافي الاستثناء على شمول «ما فعل» لحال كشف تمام أصل الصلاة، بأنه لا فرق فيه بين وقوع الحدث و عدمه، لأنّ الصلاة بعد كمالها و تمامها لا يضرّها الحدث بعدها، فحال الحدث و عدمه مساويان.

(8)المراد من قوله «بين الحالين» هو حال الحدث و عدمه.

(9)يعني لو علم تمام الصلاة المشكوكة في أثناء صلاة الاحتياط يحكم بصحّة أصل الصلاة، و يتخيّر بين قطع صلاة الاحتياط و إتمامها.

ص: 440

قطعه و إتمامه، و هو (1) الأفضل.

الثانية: حكم الصدوق بالبطلان في صورة الشكّ بين الاثنتين و الأربع

(الثانية: (2) حكم الصدوق) أبو جعفر (محمّد بن بابويه بالبطلان) أي بطلان الصلاة (في) صورة (الشكّ بين الاثنتين و الأربع) استنادا (3) الى مقطوعة محمّد بن مسلم قال: سألته عن الرجل لا يدري أ صلّى ركعتين أم أربعا؟ قال: يعيد الصلاة،(و الرواية مجهولة المسؤول) (4) فيحتمل كونه (5) غير إمام، مع معارضتها (6) بصحيحة محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «هو» يرجع الى إتمامه. يعني أنّ إتمامه صلاة الاحتياط في الفرض مستحبّ .

و لا يخفى أنّ المراد من قوله «و هو أفضل» هو الاستحباب، و لا يراد منه معنى التفضيل، لأنه لا فضل في قطع الصلاة ليكون الإتمام أفضل من القطع.

(2)صفة لموصوف مقدّر، و هو المسألة.

(3)فإنّ الصدوق رحمه اللّه استند في الحكم ببطلان الصلاة عند الشكّ بين الاثنتين و الأربع برواية مقطوعة عن محمّد بن مسلم، و هي منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن الرجل لا يدري أ صلّى ركعتين أم أربعا، قال:

يعيد الصلاة. (الوسائل: ج 5 ص 324 ب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ج 7).

(4)يعني أنّ الرواية ضعيفة، لكون المسؤول مجهولا في قوله «سألته».

و اعلم أنّ الروايات الضعاف على أقسام:

منها: المضمرة، و هي التي لا يذكر فيها اسم الإمام المعصوم عليه السّلام.

و منها: المجهولة، و هي التي يذكر المسؤول بالضمير الشامل للإمام عليه السّلام و أصحابه.

(5)الضمير في قوله «كونه» يرجع الى المسؤول. يعني أنّ الضمير في قوله «سألته» يمكن رجوعه الى أحد من أصحاب الإمام عليه السّلام.

(6)هذا جواب ثان عن قول الصدوق رحمه اللّه بالبطلان استنادا الى الرواية المذكورة بأنها معارضة بالرواية الصحيحة عن محمّد بن مسلم، و هي أيضا منقولة في الوسائل:

ص: 441

فيمن لا يدري أ ركعتان صلاته أم أربع ؟ قال: يسلّم و يصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب، و يتشهّد و ينصرف. و في معناها غيرها (1). و يمكن حمل المقطوعة (2) على من شكّ قبل إكمال السجود، أو على الشكّ في غير الرباعية.

الثالثة: أوجب الاحتياط بركعتين جالسا لو شكّ في المغرب بين الاثنتين و الثلاث

(الثالثة: أوجب) الصدوق (أيضا الاحتياط بركعتين جالسا لو شكّ في المغرب (3) بين الاثنتين و الثلاث، و ذهب و همه) أي ظنّه (إلى الثالثة عملا برواية عمّار) (4) بن موسى

**********

شرح:

عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلّى ركعتين فلا يدري ركعتين هي أو أربع، قال: يسلّم ثمّ يقوم فيصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب، و يتشهّد و ينصرف و ليس عليه شيء. (الوسائل: ج 5 ص 324 ب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 6).

(1)و المراد من قوله «غيرها» الرواية المنقولة في الوسائل أيضا:

عن بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: رجل شكّ فلم يدر أربعا صلّى أم اثنتين و هو قاعد؟ قال: يركع ركعتين و أربع سجدات و يسلّم، ثمّ يسجد سجدتين و هو جالس. (المصدر السابق: ح 9).

قال صاحب الوسائل: حمل الرواية الدالّة على وجوب إعادة الصلاة الشيخ الطوسي رحمه اللّه على المغرب و الغداة، و يمكن حمله على الشكّ قبل إكمال السجدتين.

(2)أي الرواية التي استندها الصدوق في الحكم ببطلان الصلاة عند الشكّ المذكور.

(3)قد تقدّم حكم المشهور من الفقهاء لبطلان الشكّ في الثنائية و الثلاثية من الصلاة، لكنّ الصدوق رحمه اللّه حكم بصلاة الاحتياط بركعتين جالسا، و الحكم بالصحّة اذا ذهب و همه الى الثالثة.

(4)و هي منقولة في الوسائل:

عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لم يدر صلّى الفجر ركعتين أو ركعة ؟ قال: يتشهّد و ينصرف، ثمّ يقوم فيصلّي ركعة، فإن كان قد صلّى

ص: 442

(الساباطي عن الصادق عليه السّلام و هو) (1) أي عمّار (فطحيّ ) المذهب منسوب إلى الفطحية، و هم القائلون بإمامة عبد اللّه بن جعفر الأفطح، فلا يعتدّ بروايته، مع كونها (2) شاذّة، و القول بها نادر، و الحكم (3) ما تقدّم من أنه مع ظنّ أحد الطرفين يبني عليه من غير أن يلزمه شيء،(و أوجب) الصدوق (أيضا ركعتين (4) جلوسا للشاكّ بين الأربع و الخمس، و هو) قول (متروك)، و إنّما الحقّ فيه ما سبق من

**********

شرح:

ركعتين كانت هذه تطوّعا، و إن كان قد صلّى ركعة كانت هذه تمام الصلاة. قلت:

فصلّى المغرب فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا، قال: يتشهّد و ينصرف، ثمّ يقوم فيصلّي ركعة، فإن كان صلّى ثلاثا كانت هذه تطوّعا، و إن كان صلّى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة، و هذا و اللّه ممّا لا يقضى أبدا. (الوسائل: ج 5 ص 306 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 12).

(1)و قد أجاب المصنّف رحمه اللّه عن قول الصدوق جوابين:

ألف: ضعف سند الرواية المستندة إليها بعمّار الذي هو فطحيّ .

الفطحيّون: هم القائلون بإمامة عبد اللّه الأفطح ابن الامام الصادق عليه السّلام، و لا يقولون بإمامة موسى الكاظم عليه السّلام بعد جعفر الصادق عليه السّلام، فهم الضالّون و المنحرفون عن طريق الحقّ . و وجه تسميته بالأفطح كونه أفطح الرجل أو الرأس على خلاف المتعارف.

ب: كون القائل بمضمون الرواية الشاذّ من الفقهاء، فلا يجبر ضعف السند بعمل المشهور.

(2)هذا جواب ثان من الجوابين المذكورين آنفا عن المصنّف رحمه اللّه.

(3)يعني أنّ الحق في المسألة ما تقدّم من أنّ الشاكّ مع ظنّه لأحد طرفي الشكّ يبني عليه، و لا يجب عليه شيء من الاحتياط و غيره.

(4)و هذا القول من الصدوق على خلاف المشهور بين الفقهاء، و قد تقدم الحكم في الشكّ بين الأربع و الخمس بالصحّة و وجوب سجدتي السهو لا غير.

ص: 443

التفصيل (1)، من غير احتياط ، و لأنّ (2) الاحتياط جبر لما يحتمل نقصه، و هو (3) هنا منفيّ قطعا. و ربّما حمل على الشكّ فيهما (4) قبل الركوع، فإنّه يوجب الاحتياط بهما (5) كما مرّ.

الرابعة: خيّر ابن الجنيد الشاكّ بين الثلاث و الأربع بين البناء على الأقلّ و...

(الرابعة: خيّر ابن الجنيد) (6) رحمه اللّه (الشاكّ بين الثلاث و الأربع بين البناء على الأقلّ و لا احتياط ، أو على الأكثر و يحتاط بركعة) قائما (أو ركعتين) جالسا (و هو خيرة (7) الصدوق) ابن بابويه (8)، جمعا (9) بين الأخبار الدالّة على الاحتياط المذكور،

**********

شرح:

(1)أي التفصيل بين الشكّ قبل إكمال السجدتين و بعده، بأنه اذا حصل الشكّ المذكور بعد إكمال السجدتين لا يجب فيه إلاّ سجدتا السهو خاصّة.

(2)هذا ردّ آخر لقول الصدوق رحمه اللّه، بأنّ لزوم صلاة الاحتياط إنّما هو لجبران ما يحتمل نقصه، و الحال أنّ احتمال النقص في الشكّ بين الأربع و الخمس منفيّ .

(3)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى احتمال النقص في الشكّ المذكور.

(4)ضمير التثنية في قوله «فيهما» يرجع الى الشكّ بين الأربع و الخمس.

(5)يعني أنّ الشكّ المذكور قبل الركوع يوجب الاحتياط المذكور.

(6)إنّ ابن الجنيد و الصدوق رحمهما اللّه قالا بالتخيير اذا شكّ المصلّي بين الثلاث و الأربع بالبناء على الأقلّ ، و لا يجب الاحتياط فيه، بالبناء على الأكثر الموجب لصلاة الاحتياط . و لا يخفى أنّ هذا القول على خلاف المشهور القائلين بالبناء على الأكثر و إتيان صلاة الاحتياط كما تقدّم.

(7)الخيرة: اسم الخيرة و الخيرة من اختاره اختيارا: اصطفاه. (أقرب الموارد).

(8)المراد هو محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه المعروف بالصدوق رحمه اللّه.

(9)دليل القول بالخيار المذكور الجمع بين الأخبار الدالّة على البناء على الأكثر و إتيان صلاة الاحتياط و رواية سهل بن اليسع، كما قال الفقهاء عند تعارض الروايتين و عدم ترجيح أحدهما بالتخيير بالعمل بأحدهما، لا إسقاط كليهما و طرحهما.

ص: 444

و رواية سهل بن اليسع (1) عن الرضا عليه السّلام أنه قال: «يبني على يقينه، و يسجد للسهو» بحملها (2) على التخيير، و لتساويهما (3) في تحصيل الغرض من فعل ما يحتمل فواته، و لأصالة (4) عدم فعله، فيتخيّر بين فعله (5) و بدله.

(و تردّه) (6) أي هذا القول (الروايات المشهورة) الدالّة على البناء

**********

شرح:

(1)الرواية منقولة في الوسائل:

عن سهل بن اليسع عن الرضا عليه السّلام في ذلك أنه قال: يبني على يقينه و يسجد سجدتي السهو بعد التسليم، و يتشهّد تشهّدا خفيفا. (الوسائل: ج 5 ص 325 ب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2).

أقول: و لا يخفى أنّ الرواية في خصوص الشكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، لا في خصوص الشكّ بين الثلاث و الأربع كما استشهد فيه بهما، لأنّ قوله في الرواية «في ذلك» إشارة الى ما ذكر في الرواية السابقة و هي:

عن أبي إبراهيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل لا يدري اثنتين صلّى أم ثلاثا أم أربعا، فقال: يصلّي ركعة (ركعتين) من قيام ثمّ يسلّم، ثمّ يصلّي ركعتين و هو جالس. (المصدر السابق: ح 1).

و لا يخفى أنّ الرواية الثانية إشارة لقوله في ذلك الى الشكّ المذكور بين الاثنتين و الثلاث و الأربع.

(2)الضمير في قوله «بحملها» يرجع الى الأخبار في المسألة التي تدخل فيها رواية سهل بن اليسع أيضا.

(3)هذا دليل ثان على القول بالتخيير في المسألة، بأنّ البناء على الأقلّ و الأكثر يتساويان في تحصيل الغرض الذي هو استدراك ما يحتمل فوته.

(4)و هذا دليل ثالث على القول بالتخيير، بأنه اذا شكّ في إتيان الركعة فالأصل عدم إتيانها. و الضمير في قوله «عدم فعله» يرجع الى ما يحتمل فوته.

(5)يعني يحكم بالتخيير بين إتيان نفس ما يحتمل فوته بأن يبني على الأقلّ و يأتي بأصل المحتمل، و بين أن يبني على الأكثر و يأتي بدله و هو صلاة الاحتياط .

(6)هذا ردّ لقول ابن الجنيد و الصدوق رحمهما اللّه، بأنّ الروايات المشهورة تدلّ على البناء على الأكثر إمّا مطلقا أو في خصوص المسألة.

ص: 445

على الأكثر، إمّا مطلقا (1) كرواية عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا سهوت فابن على الأكثر، فإذا فرغت و سلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنك نقّصت، فإن كنت أتممت لم يكن عليك شيء، و إن ذكرت أنك كنت نقّصت كان ما صلّيت تمام ما نقّصت»، و غيرها. و إمّا بخصوص (2) المسألة كرواية عبد الرحمن بن سيابة و أبي العبّاس عنه عليه السّلام: «إذا لم تدر ثلاثا صلّيت أو أربعا و وقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث، و إن وقع رأيك على الأربع فسلّم و انصرف، و إن اعتدل وهمك فانصرف و صلّ ركعتين و أنت

**********

شرح:

(1)يعني أنّ الروايات الدالّة على البناء على الأكثر إمّا مطلقة تشمل المسألة و غيرها من الشكوك، مثل رواية عمّار المنقولة في الوسائل:

عن عمّار بن موسى الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شيء من السهو في الصلاة، فقال: ألا أعلّمك شيئا اذا فعلته ثمّ ذكرت أنك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شيء؟ قلت: بلى، قال: اذا سهوت فابن على الأكثر، فاذا فرغت و سلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنك نقصت، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شيء، و إن ذكرت أنك نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت. (الوسائل: ج 5 ص 318 ب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 3).

(2)عطف على قوله «مطلقا». يعني أنّ بعض الروايات تدلّ على البناء على الأكثر في خصوص مسألة الشكّ بين الثلاث و الأربع، مثل رواية عبد الرحمن بن سيّابة و أبي العباس المنقولة في الوسائل:

عن عبد الرحمن بن سيّابة و أبي العباس جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا لم تدر ثلاثا صلّيت أو أربعا (الى أن قال:) و إن اعتدل وهمك فانصرف و صلّ ركعتين و أنت جالس. (الوسائل: ج 5 ص 320 ب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1).

فالمستفاد من هذه الرواية اذا لم يحصل الظنّ بأحد الطرفين من الشكّ بين الثلاث و الأربع بل اعتدل الوهم فهو البناء على الأكثر و إتمام الصلاة، و الإتيان بركعتي الاحتياط جالسا.

ص: 446

جالس». و في خبر آخر (1) عنه عليه السّلام: «هو بالخيار إن شاء صلّى ركعة قائما أو ركعتين جالسا». و رواية (2) ابن اليسع مطرحة (3) لموافقتها لمذهب العامّة (4)، أو محمولة على غلبة الظنّ بالنقيصة.

الخامسة: قال عليّ بن بابويه: إن ذهب الوهم إلى الثالثة

(الخامسة: قال عليّ بن بابويه (5) رحمه اللّه في الشكّ بين الاثنتين و الثلاث: إن ذهب الوهم) و هو الظنّ (6)(إلى الثالثة أتمّها رابعة (7) ثمّ احتاط بركعة، و إن ذهب الوهم إلى الاثنتين بنى عليه (8))

**********

شرح:

(1)و الخبر الآخر أيضا منقول في الوسائل:

عن جميل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال فيمن لا يدري أثلاثا صلّى أم أربعا و همه في ذلك سواء، قال: فقال: اذا اعتدل الوهم في الثلاث و الأربع فهو بالخيار، إن شاء صلّى ركعة و هو قائم، و إن شاء صلّى ركعتين و أربع سجدات و هو جالس... الحديث. (المصدر السابق: ح 2).

و هذه الرواية أيضا دالّة على البناء على الأكثر في قوله «إن شاء صلّى ركعة و هو قائم، و إن شاء صلّى ركعتين... الى آخره».

(2)هذا جواب عن الاستدلال برواية ابن اليسع كما استند عليها ابن الجنيد و الصدوق رحمهما اللّه في البناء على الأقلّ ، فإنّها لا تعمل مع التعارض بالروايتين المذكورتين مع موافقتها لمذهب العامّة، فإنّه ذكر في الأخبار العلاجية من المرجّحات كون الرواية مخالفا للعامّة بقوله «خذ بما خالف العامّة».

(3)أي مطروحة، و الضمير في قوله «لموافقتها» يرجع الى رواية ابن اليسع.

(4)هذا يوجّه لو لم يكن في الخبر قوله عليه السّلام «و يسجد سجدتي السهو».

(5)هو والد الشيخ الصدوق رحمه اللّه.

(6)يعني أنّ المراد من الوهم هنا ليس الاحتمال المرجوح، بل الاحتمال الراجح الذي يعبّر عنه بالظنّ .

(7)قوله «رابعة» منصوب بنزع الخافض. يعني أتمّ الصلاة بركعة رابعة.

(8)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الاثنين. يعني لو غلب على ظنّه بأنّ صلاته كانت ركعتين فيبني عليه.

ص: 447

(و تشهّد في كلّ ركعة تبقى (1) عليه) أي بعدها (2)، أمّا (3) على الثانية فظاهر، و أمّا على الثالثة فلجواز (4) أن تكون رابعة، بأن تكون صلاته عند شكّه ثلاثا، و على الرابعة ظاهر،(و سجد للسهو (5)، و إن اعتدل (6) الوهم تخيّر بين البناء على الأقلّ و التشهّد في كلّ ركعة و بين البناء على الأكثر و الاحتياط ). و هذا القول (7) مع ندوره لم نقف على مستنده (و الشهرة) بين

**********

شرح:

(1)هذه صفة للركعة. يعني اذا بنى على الاثنتين و أتى بالركعتين الباقيتين بعدهما، فيجب عليه أن يتشهّد بعد كلّ ركعة باقية غير التشهّد بالركعة الّتي بنى عليها.

يعني يجب عليه التشهّدات الثلاث كما سيوضحه.

(2)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى الركعة، و هذا تفسير لقوله «في كلّ ركعة تبقى عليه». يعني أنّ المراد وجوب التشهّد بعد كلّ ركعة باقية غير التشهّد بما بنى عليها.

(3)هذا بيان وجوب التشهّدات الثلاث:

ألف: التشهّد للركعة الّتي بنى عليها، لكونها ركعة ثانية من صلاته، و يجب التشهّد لكلّ ركعة ثانية في الصلاة.

ب: التشهّد للركعة الثالثة، لجواز كونها ركعة رابعة، لأنه كان شاكّا بين الاثنتين و الثلاث، فاذا بنى على الاثنتين و أتى بالركعة الثالثة يحتمل كونها ركعة رابعة من صلاته، فيجب التشهّد لها.

ج: التشهّد للركعة الرابعة، و هو واضح.

(4)تعليل لوجوب التشهّد للركعة الثانية كما أوضحناه.

(5)يعني أنّ الشاكّ كذلك يجب عليه غير ما ذكر لسجدة السهو.

(6)بأن يبقى على الشكّ و لم يترجّح أحد طرفي الشكّ ، فحينئذ يتخيّر بين البناء على الأقلّ و التشهّدات الثلاث المذكورة لكلّ ركعة، و بين البناء على الأكثر و صلاة الاحتياط .

(7)أي القول المذكور من عليّ بن بابويه نادر أوّلا، و لم يوجد مستنده ثانيا، و تدفعه الشهرة على خلافه ثالثا.

ص: 448

الأصحاب في أنّ حكم هذا الشاكّ مع اعتدال و همه البناء على الأكثر (1)، و الاحتياط المذكور (تدفعه) (2).

و التحقيق: أنه لا نصّ من الجانبين (3) على الخصوص، و العموم (4) يدلّ على المشهور، و الشكّ (5) بين الثلاث و الأربع منصوص و هو يناسبه.

و اعلم أنّ هذه المسائل (6) مع السابعة خارجة عن موضوع الكتاب، لالتزامه فيه أن لا يذكر إلاّ المشهور بين الأصحاب، لأنها (7) من شواذّ الأقوال، و لكنّه (8) أعلم بما قال.

**********

شرح:

(1)قد تقدّم المشهور من الفقهاء البناء على الأكثر في هذا الشكّ من الشكوك و الإتيان بصلاة الاحتياط ركعة قائما.

(2)خبر قوله «و الشهرة».

(3)يعني أنّ التحقيق في المسألة بأنه لا نصّ يدلّ على ما قاله المشهور، و لا على ما قاله عليّ بن بابويه بالخصوص.

(4)هذا مبتدأ و خبره قوله «يدل على المشهور». يعني أنّ الأخبار الدالّة على البناء على الأكثر بعمومها تدلّ على قول المشهور في المسألة.

(5)قوله «و الشكّ بين الثلاث... الخ» مبتدأ و خبره قوله «منصوص». يعني أنّ النصّ الوارد في خصوص الشكّ بين الثلاث و الأربع و البناء على الأكثر قد يناسب القول المشهور، و ليس هذا استدلالا ثانيا للمشهور، بل تأييد له بالمقايسة بين الموردين.

(6)المشار إليه في قوله «هذه المسائل» هو المسألة الثانية الى الخامسة، و المراد من قوله «مع السابعة» هو الذي يأتي في آخر المسائل بقوله «السابعة أوجب ابنا بابويه... الخ» فإنّ المسائل المذكورة خارجة عن وضع الكتاب الذي التزم به الشهيد الأول لبيان فتاوى المشهور فيه.

(7)أي الأقوال المذكورة في المسائل الماضية من نوادر الأقوال.

(8)هذا رجوع من الشارح رحمه اللّه عن الاعتراض للمصنّف رحمه اللّه، بأنه أعلم بما قال.

و الضمير في «لكنّه» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

ص: 449

السادسة: لا حكم للسهو مع الكثرة

(السادسة: لا حكم للسهو مع الكثرة) (1) للنصّ الصحيح الدالّ عليه معلّلا بأنه إذا لم يلتفت (2) تركه الشيطان، فإنّما يريد أن يطاع، فإذا عصي لم يعد (3). و المرجع في الكثرة (4) إلى العرف و هي (5) تحصل بالتوالي ثلاثا و إن كان في فرائض. و المراد بالسهو ما يشمل الشكّ (6)، فإنّ كلاّ منهما (7) يطلق

**********

شرح:

(1)يعني لا يعتبر الشكّ ممّن يكون كثير الشكّ .

(2)يعني أنّ كثير الشكّ إذا لم يعتني بشكّه سوف يتركه الشيطان الذي يلقي الشكّ في قلبه.

(3)فاعل قوله «يعد» يرجع الى الشيطان، و قوله «عصي» بصيغة المجهول. يعني أنّ الشيطان اذا لم يكن مورد الطاعة و الاعتناء لا يرجع الى طرف الشاكّ ، فيتخلّص الشاكّ حينئذ من شرّه، و هذه مضمون الرواية المنقولة في الوسائل:

عن زرارة و أبي بصير جميعا قالا: قلنا له: الرجل يشكّ كثيرا في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى و لا ما بقي عليه، قال: يعيد، قلنا: فإنّه يكثر عليه ذلك كلّما أعاد شكّ ، قال: يمضي في شكّه، ثمّ قال: لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد، فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرنّ نقض الصلاة، فإنّه اذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ . قال زرارة: ثمّ قال: إنّما يريد الخبيث أن يطاع، فاذا عصي لم يعد الى أحدكم. (الوسائل: ج 5 ص 329 ب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2).

(4)فاذا لم تتعيّن الكثرة من حيث العدد فيراجع فيها العرف.

(5)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى الكثرة. يعني أنها تحصل بموالاة الشكّ ثلاثا في صلاة واحدة، أو في صلوات متعدّدة، كما اذا شكّ في صلاة الظهر و العصر و المغرب فيحكم بكونه كثير السهو فلا يعتني به.

(6)إنّ المراد بالسهو ليس معناه الخاصّ في مقابل النسيان و الشكّ ، بل المراد منه هو المعنى الأعمّ الشامل بالشكّ و النسيان، و هو ذهول الشيء عن الذهن و غيبوبته عنه.

(7)الضمير في قوله «منهما» يرجع الى السهو و الشكّ . يعني كلاّ منهما يطلق

ص: 450

على الآخر استعمالا شرعيا، أو تجوّزا لتقارب المعنيين (1) و معنى عدم الحكم معها عدم (2) الالتفات إلى ما شكّ فيه من فعل أو ركعة، بل يبني على وقوعه و إن كان في محلّه (3) حتى لو فعله بطلت (4).

نعم (5) لو كان المتروك ركنا لم تؤثر الكثرة في عدم البطلان، كما أنه لو ذكر ترك الفعل في محلّه، استدركه و يبني على الأكثر في الركعات (6) ما لم

**********

شرح:

و يستعمل بمعنى الآخر، إمّا بالاستعمال الشرعي بمعنى الحقيقة الشرعية، أو بالمجاز بالعلاقة المجاورة أو المشابهة في المعنى، لأنّ كليهما بمعنى ذهول الشيء عن الذهن.

(1)فإنّ السهو هو الذهول و الغفلة، و الشكّ هو الالتفات مع التردّد، و كلاهما مشتركان في عدم العلم بالواقع.

(2)خبر لقوله «معنى عدم الحكم». و الضمير في قوله «معها» يرجع الى الكثرة.

يعني أنّ المراد من عدم الاعتناء بالشكّ عند الكثرة هو البناء على وقوع الفعل المشكوك، بمعنى أنه اذا شكّ في الركعة الثانية و الثالثة يبني على الثلاث، و هكذا اذا شكّ في فعل القراءة يبني على وقوعه، و هكذا.

(3)يعني أنّ الحكم بالبناء على وقوع الفعل في جميع الموارد حتى اذا حصل الشكّ عند عدم تجاوز محلّ الفعل المشكوك لا يعتني بشكّه.

(4)فاعل قوله «بطلت» مستتر يرجع الى الصلاة. يعني لو أعاد كثير الشكّ الفعل المشكوك عند محلّه يحكم ببطلان صلاته.

(5)هذا استدراك عن الحكم بعدم الاعتناء عند الكثرة، فإنّه اذا حكم بوقوع الفعل عند الشكّ فيه ثمّ حصل اليقين بعدم إتيانه فإذا يحكم ببطلان الصلاة اذا كان الفعل المبنيّ على وقوعه ركنا. و كذلك اذا بنى على وقوع الفعل لكن حصل اليقين بتركه و لم يتجاوز المحلّ فيجب عليه الإتيان.

(6)يعني أنّ كثير الشكّ يبني على الأكثر اذا شكّ في عدد ركعات الصلاة، مثل الشكّ بين الثلاث و الأربع فيبني على الأربع، لكن لو شكّ بين الأربع و الخمس فلا يجوز له البناء على الأكثر و هو الأربع، لاستلزامه الزيادة على المطلوب.

ص: 451

يستلزم الزيادة على المطلوب منها (1) فيبني على المصحّح، و سقوط (2) سجود السهو لو فعل ما يوجبه بعدها أو ترك و إن وجب تلافي المتروك بعد الصلاة تلافيا من غير سجود (3). و يتحقّق الكثرة في الصلاة الواحدة بتخلّل الذكر (4)، لا بالسهو (5) عن أفعال متعدّدة مع استمرار الغفلة، و متى ثبتت (6) بالثلاث سقط الحكم في الرابع،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الركعات.

(2)بالرفع، عطفا على قوله «عدم الالتفات». يعني أنّ معنى عدم الحكم مع كثرة الشكّ عدم الالتفات، و سقوط سجود السهو في الموارد التي تجب فيها سجدة السهو، مثل أنه اذا سها و لم يأت بالتشهّد أو السجدة الواحدة أو تكلّم بكلام فلا يجب عليه سجدة السهو، لكن يجب عليه إتيان الفعل المنسيّ بعد الصلاة.

(3)فإنّ من نسي فعلا من أفعال الصلاة يجب عليه إتيان الفعل و السجود في الموارد الخاصّة، بخلاف كثير السهو الذي لا يجب عليه السجود.

(4)قوله «الذكر» بضمّ الأول: التذكّر، يقال: هو منّي على ذكر. قيل: المضموم مخصوص بالقلب و المكسور باللسان. (أقرب الموارد).

و لا يخفى أنّ الشارح رحمه اللّه يبيّن معنى الكثرة و تحقّقها في صلاة واحدة بعد قوله:

«و هي تحصل بالتوالي ثلاثا و إن كان في فرائض». ببيان أنّ السهو ثلاث مرّات في صلاة واحدة لا يتحقّق إلاّ بالتذكّر، كما اذا سها فعلا في الركعة الاولى ثمّ تذكّر و سها فعلا آخر في الركعة الثانية ثمّ تذكّر و سها في الثالثة و تذكّر، فحينئذ تتحقّق الكثرة، فاذا سها في الركعة الرابعة أيضا فلا حكم في سهوه هذا.

(5)أي لا تتحقّق الكثرة بالسهو عن أفعال متعدّدة في صلاة واحدة، كما اذا سها في فعل من الركعة الاولى و الثانية و الثالثة و لم يلتفت حتّى دخل في الركعة الرابعة و التفت بسهوه في أفعال متعدّدة في الركعات المتعدّدة فهذا لا يجب إلاّ سهوا واحدا في أفعال متعدّدة.

(6)فاعله الضمير المؤنّث الراجع الى الكثرة. يعني اذا ثبتت الكثرة بالسهو ثلاث مرّات يحكم بسقوط الحكم في سهوه رابعا.

ص: 452

و يستمرّ (1) إلى أن تخلو من السهو و الشكّ فرائض (2) يتحقّق (3) فيها الوصف، فيتعلّق به حكم السهو الطارئ، و هكذا (4).

(و لا للسهو (5) في السهو) أي في موجبه (6) من صلاة و سجود، كنسيان ذكر (7) أو قراءة، فإنّه لا سجود عليه. نعم لو كان ممّا يتلافى تلافاه من غير

**********

شرح:

(1)يعني يستمرّ الحكم بالسقوط الى أن يزول عنه السهو الشكّ كثيرا.

(2)فاعل قوله «تخلو». يعني استمرار الحكم في كثير الشكّ الى زمان إتيان الفرائض خاليا من الشكّ و السهو، فاذا تجري في حقّه أحكام الشكّ و السهو.

(3)الجملة صفة لقوله «فرائض». يعني يستمرّ الحكم الى خلوّ الفرائض الثلاث التي كانت موجبة لتحقّق وصف الكثرة.

و بعبارة اخرى: لا يزول الحكم حتّى يأتي بالفرائض الثلاث خاليا من الشكّ .

و المراد من قوله «الوصف» هو صفة الكثرة.

(4)يعني كلّما تحقّقت الكثرة يرتفع عنه حكم الشكّ ، و كلّما ارتفعت الكثرة تعيّن عليه الحكم بالسقوط .

(5)عطف على قوله «للسهو مع الكثرة». يعني أنّ المورد الثاني من الموارد التي لا حكم للشكّ و السهو فيه هو الشكّ و السهو في ما أوجبه السهو، مثل صلاة الاحتياط و سجدتي السهو، فإنّ موجبهما نفس السهو فلا يجري حكم السهو فيهما.

(6)بصيغة اسم المفعول، فإنّ السهو موجب، و صلاة الاحتياط و سجدة السهو موجب بفتح الجيم.

(7)فاذا سها الذكر في صلاة الاحتياط أو سجدة السهو فلا حكم فيه إلاّ تلافي ما نقص.

و لا يخفى أنّ لفظ «السهو» استعمل هنا بمعناه الحقيقي، و هو نسيان الفعل. و خلاصة معنى العبارة على ذلك هو عدم الحكم للسهو الذي يحصل في موجب السهو كما تقدّم.

إيضاح: اعلم: أنّ قوله «و لا للسهو في السهو» فيه احتمالات أربع:

ص: 453

سجود. و يمكن أن يريد بالسهو في كلّ منهما الشكّ ، أو ما يشمله (1) على وجه الاشتراك، و لو بين حقيقة الشيء و مجازه، فإنّ حكمه هنا صحيح، فإنّ استعمل (2) في الأول فالمراد به الشكّ في موجب السهو من فعل أو

**********

شرح:

الأول: كون لفظ «السهو» في كليهما بمعناه الحقيقي، و حاصله: عدم الحكم في السهو الذي حصل في صلاة الاحتياط أو سجدة السهو، كما اذا نسي السجدة الواحدة في صلاة الاحتياط ، فلا يجري فيه حكم السهو من وجوب سجدة السهو، بل يتلافى الناقص كما أوضحناه، و هكذا اذا نسي الذكر في سجدة السهو.

الثاني: استعمال لفظ «السهو» في الأول بمعنى الشكّ ، و في الثاني بمعناه الحقيقي.

يعني لا حكم للشكّ فيما يوجبه السهو، فإنّ سجدة السهو هي التي كان موجبها السهو، فلو حصل الشكّ فيها - بأنها هل كانت واحدة أو اثنتين ؟ - فلا حكم لذلك الشكّ الحاصل في موجب السهو بالفتح.

الثالث: أن يستعمل لفظ «السهو» في الأول بمعناه الحقيقي، و في الثاني بمعنى الشكّ ، عكس الاحتمال الثاني، فيكون المعنى: لا حكم للسهو الحاصل فيما يوجبه الشكّ ، فإنّ الشكّ بين الثلاث و الأربع كان موجبا لإتيان صلاة الاحتياط ، فلو سها و لم يأت بسجدة واحدة منها فذلك لا يوجب سجدة السهو.

الرابع: أن يستعمل «السهو» في كليهما بمعنى الشكّ ، فيكون معنى العبارة: لا حكم للشكّ الذي حصل في خصوص شكّه، كما اذا شكّ في أنه هل شكّ أم لا؟ فلا يعتني بذلك الشكّ .

(1)الضمير في قوله «يشمله» يرجع الى الشكّ . يعني يمكن أن يراد من لفظ «السهو» في كلّ منهما معنى الذي يشمل الشكّ أيضا و لو بنحو الاشتراك بين معناه الحقيقي و المجازي من اللفظ ، و قد يسمّى بذلك عموم المجاز، كما أنه يراد من لفظ «الأمر» الطلب الشامل لمعناه الحقيقي و المجازي، ففي المقام يراد من لفظ السهو هو الذهول و الغفلة عن الواقع الشامل للشكّ و السهو الحقيقي.

(2)يعني فإن استعمل لفظ «السهو» في معنى الشكّ في لفظه الأول في قوله «لا للسهو في السهو» فيكون المراد من العبارة أنه لا حكم للشكّ الحاصل في موجب

ص: 454

عدد كركعتي الاحتياط فإنّه يبني (1) على وقوعه، إلاّ أن يستلزم الزيادة كما مرّ، أو في الثاني (2) فالمراد به موجب الشكّ كما مرّ، و إن استعمل فيهما (3) فالمراد به الشكّ في موجب الشكّ ، و قد ذكر أيضا (4)، أو الشكّ في حصوله، و على كلّ حال لا التفات، و إن كان إطلاق اللفظ (5) على جميع ذلك يحتاج إلى تكلّف،(و لا لسهو (6) الإمام) أي شكّه و هو قرينة

**********

شرح:

السهو. و المراد من «موجب السهو» هو صلاة الاحتياط و سجدة السهو، فلا اعتبار في الشكّ الحاصل فيهما بلا فرق بين أن يشكّ في فعل من أفعالهما - كما اذا شكّ في فعل قراءة صلاة الاحتياط - أو ذكر سجدة السهو، أو شكّ في عددهما.

(1)فالمراد من عدم الحكم في الشكّ المذكور هو البناء على وقوع الفعل المشكوك، إلاّ أن يكون البناء بوقوع الفعل الزيادة الموجبة للبطلان، ففيه يبنى على ما يصحّ كما تقدّم في حكم كثير الشكّ . فهذه هي الصورة الثانية من الصور المفصّلة.

(2)بأن يستعمل لفظ «السهو» بمعنى الشكّ في اللفظ الثاني، فيكون المعنى: لا حكم في السهو الذي حصل في موجب الشكّ ، كما اذا كان الشكّ موجبا لصلاة الاحتياط و حصل السهو و لم يأت بالتشهّد فيها فلا تجب فيه سجدة السهو.

و هذه هي الصورة الثالثة من الصور المفصّلة.

(3)بأن استعمل لفظ «السهو» في معنى الشكّ في كليهما، فيكون معنى العبارة:

لا حكم في الشكّ الحاصل في موجب الشكّ ، مثلا اذا كان الشكّ موجبا لصلاة الاحتياط أو سجدة السهو فالشكّ الحاصل فيهما لا اعتبار به.

(4)يعني و قد ذكروا معنى آخر في ذلك و هو عدم الاعتناء بالشكّ الذي حصل في نفس الشكّ بأن يشكّ في شكّه. و الضمير في قوله «في حصوله» يرجع الى الشكّ .

(5)يعني أنّ استعمال لفظ «السهو» بالمعاني المذكورة جمعا يحتاج الى التكلّف، لأنّ استعمال السهو في الشكّ مجاز، و كذلك التقدير بلفظ «الموجب» بصيغة اسم المفعول يحتاج الى التكلّف.

(6)عطف على قوله «لا حكم للسهو مع الكثرة» و هذا هو المورد الثالث من الموارد التي لا اعتبار للشكّ فيها، و هو شكّ الإمام مع حفظ المأموم.

ص: 455

لما تقدّم (1)(مع حفظ المأموم و بالعكس) (2) فإنّ الشاكّ من كلّ منهما يرجع إلى حفظ الآخر و لو بالظنّ (3)، و كذا يرجع الظانّ إلى المتيقّن (4)، و لو اتّفقا (5) على الظنّ و اختلف محلّه تعيّن الانفراد، و يكفي في رجوعه (6) تنبيهه بتسبيح و نحوه.

و لا يشترط عدالة المأموم (7)، و لا يتعدّى (8) إلى غيره و إن كان عدلا.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ ذلك قرينة على كون المراد من لفظ «السهو» في العبارة الماضية هو الشكّ لا معناه الحقيقي.

(2)يعني لا شكّ للمأموم مع حفظ الإمام، فاذا شكّ المأموم في عدد ركعات الصلاة يتبع الإمام اذا حفظ .

(3)يعني و لو كان حفظ الآخر بالظنّ فإنّه هنا حجّة بالتعبّد.

(4)فاذا تيقّن الإمام مثلا بكون الركعات ثلاثا و ظنّ المأموم بكونها أربعا فيجب على المأموم التبعية على يقين إمامه، و كذلك العكس.

(5)هذا فرع آخر، و هو اذا حصل الظنّ لكلّ من الإمام و المأموم يجب لكلّ منهما العمل بظنّه اذا اختلف محلّ الظنّ منهما، كما اذا ظنّ الإمام بكون الركعة الثالثة و ظنّ المأموم بكونها ثانية فيجب لكلّ منهما العمل بما يظنّه، لعدم إمكان الجمع، و لعدم جواز التبعية.

(6)الضمير في قوله «في رجوعه» يرجع الى الإمام، لا لكلّ منهما، لأنّ المأموم يتبع الإمام في أفعاله التي يشاهدها، بخلاف رجوع الإمام الى المأموم. يعني يكفي في رجوع الإمام الى المأموم تنبيهه بالأذكار، مثل التسبيحة و التكبيرة التي لا تنافي الصلاة.

(7)يعني أنّ في صحّة رجوع الإمام الى المأموم لا يشترط عدالة المأموم، بل يجوز و لو كان فاسقا أو مجهولا، لإطلاق دليل الرجوع الشامل لهما.

(8)فاعل قوله «يتعدّى» مستتر يرجع الى الحكم. يعني أنّ حكم رجوع الشاكّ في الإمام و المأموم لا يتعدّى الى غيرهما، فلو حصل الشكّ للمصلّي لا يجوز رجوعه

ص: 456

نعم لو أفاده الظنّ رجع إليه لذلك (1)، لا لكونه مخبرا. و لو اشتركا في الشكّ و اتّحد (2) لزمهما حكمه، و إن اختلفا رجعا إلى ما اتّفقا (3) عليه، و تركا ما انفرد كلّ به (4)، فإن لم يجمعهما رابطة تعيّن الانفراد (5)، كما لو شكّ (6) أحدهما بين الاثنين و الثلاث، و الآخر بين الأربع و الخمس. و لو تعدّد المأمومون و اختلفوا مع الإمام (7) فالحكم كالأول في رجوع الجميع إلى الرابطة (8)،

**********

شرح:

الى الغير إلاّ أن يحصل الظنّ له بما يعلمه.

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى كلّ واحد من الإمام و المأموم.

(1)المشار إليه في قوله «لذلك» هو الظنّ . يعني أنّ جواز رجوع الشاكّ الى غيره إنّما هو لحصول الظنّ الذي يجوز العمل به في الصلاة، لا لكون قول المخبر حجّة له.

(2)يعني لو حصل الشكّ لكلّ من الإمام و المأموم و اتّحد مورد الشكّ منهما يلزمهما حكم الشكّ الحاصل، كما اذا شكّا بين الثلاث و الأربع فيبنيان على الأربع و يأتيان بركعة واحدة لصلاة الاحتياط .

(3)كما اذا شكّ الإمام بين الثلاث و الأربع و شكّ المأموم بين الاثنتين و الثلاث فيتفقان في الثلاث و يختلفان في الاثنتين و الأربع فيبنيان على الثلاث و يتمّان صلاتهما.

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى «ما» الموصولة في قوله «ما انفرد».

(5)كما اذا شكّ المأموم بين الاثنتين و الثلاث و شكّ الإمام بين الأربع و الخمس فينفرد المأموم و يبني على الثلاث، و يعمل بما تقدّم حكمه من إتيان ما بقى من الركعة، و إتيان صلاة الاحتياط ركعة قائما، و أمّا الإمام فيبني على الأربع و يتمّ صلاته و يأتي بسجدتي السهو.

(6)مثال عدم الاتّفاق في شكّ الإمام و المأموم.

(7)بأن كان اختلاف المأمومين مع الإمام و بينهم فالحكم مثل اختلاف مأموم واحد مع إمامه في الرجوع الى ما يتّفقون، و الانفراد اذا لم توجد الرابطة بينهم.

(8)مثال الرابطة بين شكّ الإمام و المأمومين، بأن شكّ الإمام بين الاثنتين و الأربع

ص: 457

و الانفراد بدونها (1)، و لو اشترك بين الإمام و بعض المأمومين رجع الإمام إلى الذاكر منهم (2) و إن اتّحد، و باقي المأمومين إلى الإمام (3)، و لو استعمل (4) السهو في معناه أمكن في العكس لا الطرد (5)، بناء (6) على ما اختاره جماعة منهم المصنّف في الذكرى، من أنه لا حكم لسهو المأموم مع سلامة الإمام عنه،

**********

شرح:

و شكّ أحد من المأمومين بين الثلاث و الأربع و أحد منهم بين الاثنتين و الثلاث و الأربع فيتّفقون في الأربع و يبنون عليها.

(1)الضمير في قوله «بدونها» يرجع الى الرابطة.

(2)يعني لو حصل الشكّ بين الإمام و بعض المأمومين لكن حصل اليقين لأحد منهم، فيرجع الإمام للذاكر منهم، و يرجع سائر المأمومين الى الإمام.

(3)يعني أنّ سائر المأمومين الذين حصل لهم الشكّ يرجعون الى الإمام بعد رجوعه الى المأموم الذاكر، لئلاّ يكون اتّباع سائر المأمومين لشخص المأموم الذاكر، لأنه لا وجه لرجوعهم إليه، فإنّ الدليل في جواز الرجوع الى الغير إنّما هو في خصوص الإمام و المأموم، لا في خصوص المأموم الى مأموم آخر.

(4)الى هنا أراد من لفظ «السهو» في قوله: «لا لسهو الإمام مع حفظ المأموم و بالعكس» الشكّ ، و استفاد منه بأنّ الشكّ الحاصل للإمام أو المأموم لا حكم له مع حفظ الآخر، فقال هنا: لو اريد من لفظ «السهو» معناه الحقيقي لا الشكّ يمكن القول به في عكس العبارة المذكورة، و هي حفظ الإمام مع سهو المأموم، فيكون المراد من العبارة بأنه لا اعتبار لسهو المأموم مع حفظ الإمام، بخلاف العكس، كما اذا سها المأموم بفعل من أفعال الصلاة مثل السجدة الواحدة أو التشهّد فيجب عليه إتيان الناقص بعد الصلاة، لكن لا يجب عليه السجود، بخلاف الامام فإنّه يجب عليه التلافي و السجود.

(5)المراد من الطرد هو القول بأنه لا حكم لسهو الإمام مع حفظ المأموم.

(6)تعليل لإمكان عدم الحكم لسهو المأموم مع حفظ الإمام. يعني هذا للبناء على ما اختاره الجماعة بعدم الحكم لسهو المأموم مع حفظ الإمام.

ص: 458

فلا يجب عليه (1) سجود السهو لو فعل ما يوجبه لو كان منفردا. نعم لو ترك ما يتلافى مع السجود سقط السجود خاصّة (2)، و لو كان الساهي الإمام فلا ريب في الوجوب عليه (3)، إنّما الخلاف في وجوب متابعة المأموم له (4) و إن كان (5) أحوط .

السابعة: أوجب ابنا بابويه سجدتي السهو على من شكّ بين الثلاث و الأربع و ظنّ الأكثر

(السابعة: أوجب ابنا بابويه) عليّ و ابنه محمّد الصدوقان (6)(رحمهما اللّه سجدتي السهو على من شكّ بين الثلاث و الأربع و ظنّ الأكثر) و لا نصّ عليهما (7) في هذا الشكّ بخصوصه، و أخبار الاحتياط خالية منهما (8)، و الأصل (9) يقتضي العدم،(و في رواية إسحاق بن عمّار عن)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المأموم. يعني لو ارتكب المأموم بما وجب عليه سجدة السهو مثل نسيان التشهّد أو السجدة الواحدة في صلاته منفردا فلا يوجب ذلك في صلاته جماعة.

(2)فاذا نسي التشهّد مثلا يجب عليه التلافي لا السجود.

(3)فلو نسي الإمام ما يوجب سجدة السهو فلا خلاف في وجوب ذلك عليه.

(4)وجه الخلاف عدم صدور ما يوجب السجود على المأموم.

(5)فاعل قوله «كان» مستتر يرجع الى الوجوب. يعني و إن لم يجب على المأموم المتابعة في سجود الإمام لكنّ الاحتياط هو وجوب التبعية.

(6)قوله «الصدوقان» من ألقاب كليهما. يعني أنّ الصدوقين أوجبا في الشكّ بين الثلاث و الأربع و الظنّ بالأربع سجدتي السهو، و الحال أنّ المشهور لا يقول بالحكم المذكور، بل الظنّ الحاصل يجوز العمل به في الصلاة مطلقا.

(7)الضمير في قوله «عليهما» يرجع الى السجدتين.

هذا ردّ الشارح رحمه اللّه على قول الصدوقين بأنّ وجوب السجدتين في المسألة لم يدلّ عليه النصّ بالخصوص، و لا الأخبار الدالّة على صلاة الاحتياط فيها.

(8)ضمير التثنية في قوله «منهما» أيضا يرجع الى السجدتين.

(9)المراد من الأصل هو أصالة البراءة، لأنه شكّ في التكليف و من الشبهات الوجوبية، و لا خلاف في حرمان الأصل فيه.

ص: 459

(الصادق عليه السّلام: «إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كلّ صلاة فاسجد سجدتي السهو»)، فتصلح (1) دليلا لهما، لتضمّنهما مطلوبهما،(و حملت هذه) الرواية (2)(على الندب).

و فيه (3) نظر، لأنّ الأمر (4) حقيقة في الوجوب، و غيرها (5) من الأخبار لم يتعرّض لنفي السجود، فلا منافاة بينهما (6) إذا اشتملت على زيادة، مع

**********

شرح:

(1)يعني أنّ رواية إسحاق بن عمّار صالحة للدلالة على وجوب السجدتين بقوله «فاسجد سجدتي السهو» في الشكّ المذكور أيضا، لكنّها حملت على الاستحباب.

و الضمير في قوله «مطلوبهما» يرجع الى الصدوقين.

(2)الرواية منقولة في الوسائل:

عن إسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام اذا ذهب وهمك الى التمام ابدأ في كلّ صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع، أ فهمت ؟ قلت: نعم. (الوسائل: ج 5 ص 317 ب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2).

(3)الضمير في قوله «و فيه» يرجع الى الحمل المفهوم من قوله «و حملت هذه على الندب». يعني في هذا الحمل يرد الإشكال من جهات:

الاولى: أنّ حقيقة الأمر في الوجوب، فلا يجوز حمل الأمر في قوله «فاسجد سجدتي السهو» على الندب.

الثانية: إنّما يصحّ الحمل المذكور اذا تعارض خبر إسحاق بن عمّار بالروايات الاخرى الدالّة على نفي وجوب السجود في المقام، و الحال أنّ سائر الروايات ساكتة عن وجوبه و عدمه، فلا تعارض بينهما.

الثالثة: أنّ وجوب السجود الذي ذهب الصدوقان به لجبران ما يحتمل نقصه، ففي المقام أيضا و لو حصل الوهم بالأكثر إلاّ أنّ احتمال النقص باق فيه، فوجوب السجدتين إنّما هو لجبران ما يحتمل نقصه.

(4)هذا الإشكال الأول من الإشكالات الثلاث المذكورة آنفا.

(5)هذا هو الإشكال الثاني من الإشكالات المذكورة.

(6)الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى رواية ابن عمّار و سائر الأخبار. يعني اذا

ص: 460

أنها (1) غير منافية لجبر الصلاة لاحتمال النقص، فإنّ الظنّ (2) بالتمام لا يمنع النقص، بخلاف ظنّ النقصان، فإنّ الحكم بالإكمال جائز (3). نعم (4) يمكن ردّها من حيث السند.

**********

شرح:

اشتملت رواية ابن عمّار على وجوب الزيادة - و هو السجود - فلا تنافي بينها و بين سائر الأخبار الساكتة عنه.

(1)هذا هو الإشكال الثالث من الإشكالات المذكورة، و الضمير في قوله «مع أنها» يرجع الى الزيادة. يعني أنها لا تنافي بجبران ما يحتمل نقصه في الصلاة كما تقدّم.

(2)هذا تعليل احتمال النقص في المقام. يعني أنّ المصلّي اذا ظنّ التمام و بنى عليه فإنّه لا ينافي باحتمال بقاء النقص، بخلاف الظنّ على النقص فاذا بنى عليه و أكمله فلا يبقى فيه احتمال النقص.

(3)قوله «جائز» في بعض النسخ «جابر» و هذا صحيح. يعني أنّ الحكم بالإكمال في صورة الظنّ بالنقص يجبر ما يحتمل نقصه.

(4)استدراك من الإشكالات المذكورة في حمل رواية ابن عمّار على الندب بأنها تضعّف من حيث السند، لأنّ إسحاق بن عمّار فطحيّ المذهب فلا يستند بها في الحكم بوجوب السجدتين، فتحمل على الندب كما حملها المصنّف رحمه اللّه.

ص: 461

الفصل الثامن في القضاء

اشارة

(الفصل الثامن) (1) (في القضاء) (2)

يجب قضاء الفرائض اليومية مع الفوات

(يجب قضاء الفرائض اليومية مع الفوات، حال البلوغ، و العقل، و الخلوّ (3) عن الحيض، و النفاس، و الكفر الأصلي) احترز به عن العارضي

**********

شرح:

صلاة القضاء (1)أي الفصل الثامن من الفصول الأحد عشر التي قالها رحمه اللّه في أول كتاب الصلاة.

(2)المراد من القضاء: هو إتيان الفعل الواجب في الخارج من وقته.

اعلم أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة بشرائط :

الأول: اذا فاتت في حال البلوغ فلا يجب قضاء ما فات في زمان الصغر و لو كان مميّزا.

الثاني: اذا فاتت في حال العقل فلا يجب قضاء ما فات في حال الجنون، إلاّ أن يكون هو السبب بعروض الجنون، مثل أن يشرب الخمر فحصل الجنون فحينئذ يجب عليه قضاء ما فات.

الثالث: اذا فاتت الصلاة عن المرأة في حال حيضها أو نفاسها.

الرابع: اذا فاتت في زمان كفره الأصلي، لا الارتداد، فلو أسلم الكافر الأصلي لا يجب عليه قضاء الصلوات الفائتة في زمان كفره، لكنّ المرتدّ اذا رجع الى الإسلام يجب عليه ما فات حال الارتداد.

(3)أي حال الخلوّ من الحيض و النفاس.

ص: 462

بالارتداد، فإنّه (1) لا يسقطه كما سيأتي، و خرج بالعقل المجنون فلا قضاء عليه، إلاّ أن يكون سببه بفعله كالسكران مع القصد و الاختيار و عدم (2) الحاجة. و ربّما دخل فيه (3) المغمى عليه، فإنّ الأشهر عدم القضاء عليه و إن كان بتناول الغذاء المؤدّي إليه (4)، مع الجهل بحاله، أو الإكراه عليه، أو الحاجة إليه كما قيّده (5) به المصنّف في الذكرى، بخلاف الحائض و النفساء، فإنّهما لا تقضيان مطلقا (6)، و إن كان السبب من قبلهما (7). و الفرق (8) أنه فيهما

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى الكفر، و في قوله «لا يسقطه» يرجع الى القضاء.

(2)أي مع عدم الحاجة الى شرب الخمر، فلو شربه عند الاضطرار و حصل الجنون يكون عذرا.

(3)يعني أنّ الأشهر القول بدخول المغمى عليه في الجنون من حيث عدم القضاء عليه أيضا.

(4)يعني و إن كان الإغماء بسبب أكل الغذاء المنجرّ الى الإغماء بشرط جهله بالحال أو الإخبار أو الاحتياج إليه، و إلاّ فلا يدخل في حكم الجنون.

(5)يعني كما قيّد المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس تناول الغذاء الموجب للإغماء بالشرائط المذكورة.

و الضمير في قوله «قيّده» يرجع الى التناول، و في «به» يرجع الى الشروط .

(6)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق بين الحائض و النفساء في عدم وجوب القضاء عليهما، بين كونهما سببا للحيض و النفاس و عدمه.

(7)الضمير في قوله «من قبلهما» يرجع الى الحائض و النفساء، و هو بكسر القاف و فتح الباء بمعنى الجانب.

(8)أي الفرق بين الحائض و النفساء في عدم وجوب القضاء عليهما و لو كان السبب من قبلهما، و بين الجنون و الإغماء في وجوب القضاء عليهما اذا كان السبب من قبلهما.

إنّ القضاء في حقّ الحائض و النفساء غريمة و حرام، و في غيرهما رخصة و جائزة،

ص: 463

عزيمة، و في غيرهما رخصة، و هي (1) لا تناط بالمعصية. و المراد بالكفر الأصلي هنا ما خرج عن فرق المسلمين منه (2)، فالمسلم يقضي ما تركه و إن حكم بكفره كالناصبي و إن استبصر (3)، و كذا ما صلاّه فاسدا عنده (4).

يراعى في القضاء الترتيب بحسب الفوات

(و يراعى فيه) أي في القضاء (الترتيب (5) بحسب الفوات) فيقدّم الأول

**********

شرح:

فالمعصية لا ترتبط بالمعصية، بل القضاء عليهما يعدّ معصية منهما، بلا فرق بارتكابهما المعصية في كونهما سببا للحيض و النفاس أو بغيره.

بخلاف الرخصة فإنّها ترتبط بالمعصية، بمعنى أنّ المكلّف اذا ارتكب المعصية و كان سببا للجنون و الإغماء فلا يكون القضاء عليهما رخصة، بل يجب القضاء.

و الضمير في قوله «إنّه» يرجع الى القضاء، و في قوله «فيهما» يرجع الى الحائض و النفساء.

(1)أي المعصية لا ترتبط بحصول المعصية.

(2)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الكفر، و الجار يتعلّق بقوله «خرج». يعني أنّ المراد من الكفر الأصلي هو ما خرج عن فرق المسلمين و لو كان محكوما بالكفر في الواقع، مثل الناصبيّ و المجسّمي و غيرهما من الذين يدعون الإسلام على الظاهر. فلو فات عن أمثالهم الصلاة عند اعتقادهم بما يدّعون ثمّ حصل لهم توفيق الاستبصار يجب عليهم قضاء ما فات. حتّى لو صلّوا على خلاف ما اعتقدوا في مذهبهم و صلّوا وفق صلاة أهل الحقّ فيجب القضاء أيضا.

و لفظ «من» في العبارة للتبعيض. يعني أنّ المراد من الكفر هذا القسم منه.

(3)أي اختار مذهب الحقّ و صار بصيرا.

(4)يعني و كذا يجب على الناصبيّ بعد الاستبصار قضاء الصلاة التي أتاها صحيحا عند الإمامية و فاسدة على اعتقاده، لأنه خالف وظيفته باعتقاده فلم يحصل منه القربة.

(5)قوله «الترتيب» نائب فاعل قوله «و يراعى». يعني يجب رعاية الترتيب في إتيان صلوات القضاء، بمعنى أنه اذا فاتت صلاة الصبح من يومي الخميس

ص: 464

منه (1) فالأول مع العلم (2). هذا في اليومية، أمّا غيرها (3) ففي ترتّبه، في نفسه (4) و على اليومية (5)، و هي عليه قولان (6)، و مال (7) في الذكرى إلى الترتيب، و استقرب في البيان عدمه و هو (8) أقرب.(و لا يجب الترتيب بينه و بين الحاضرة) (9) فيجوز

**********

شرح:

و الجمعة فيجب عليه قضاء ما فات من يوم الخميس أولا، ثمّ قضاء ما فات من يوم الجمعة، و هكذا سائر الأيام.

(1)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الفائت.

(2)يعني أنّ في وجوب الترتيب بين ما فات منه يشترط العلم، فلو لم يعلم يأتي الكلام فيه.

(3)أي غير اليومية من الصلاة، مثل صلاة الآيات و ما وجب بالنذر و العهد و غيرها.

(4)الضمير في قوله «في نفسه» يرجع الى غير اليومية. يعني في وجوب الترتيب في نفس الصلاة الغير اليومية قولان.

كما اذا فاتت صلاة آيات في يوم الخميس و صلاة آيات اخرى في يوم الجمعة فهل يجب قضاء ما فات في الخميس أولا ثمّ ما فات يوم الجمعة أم لا؟

(5)أي في لزوم الترتيب بين غير اليومية و اليومية أيضا قولان.

كما اذا فاتت صلاة الآيات في يوم الخميس و صلاة الصبح في يوم الجمعة هل يجب قضاء صلاة الآيات قبل قضاء صلاة الصبح أم لا؟ فيه قولان.

(6)مبتدأ مؤخّر خبره قوله «ففي ترتّبه».

(7)إنّ المصنّف رحمه اللّه مال في كتابه الذكرى الى وجوب الترتيب بين غير الصلاة اليومية، و كذا مع اليومية.

(8)أي عدم وجوب الترتيب أقرب.

(9)هذه مسألة اخرى، و هي عدم وجوب الترتيب بين صلاة القضاء و بين الحاضرة، و المراد منها الصلاة التي يأتيها في وقتها، كما اذا فاتت صلاة الصبح

ص: 465

تقديمها (1) عليه مع سعة وقتها (2) و إن كان الفائت متّحدا (3)، أو ليوميه (4) على الأقوى.

(نعم يستحبّ ) ترتيبها (5) عليه ما دام وقتها واسعا، جمعا (6) بين الأخبار

**********

شرح:

و أراد إتيان صلاة الظهر عنده فلا يجب تقديم القضاء على الأداء.

إيضاح: اعلم أنّ في وجوب الترتيب بين صلاة القضاء و الأداء أقوالا:

الأول: عدم الوجوب كما عن الشارح و المصنّف رحمهما اللّه.

الثاني: وجوب الترتيب بينهما، بلا فرق بين كون الفائت واحدا أم صاعدا.

الثالث: وجوب الترتيب بينهما اذا كان الفائت واحدا، و إلاّ فلا.

الرابع: وجوب الترتيب اذا أراد المكلّف أن يقضي ما فات في يوم صلاة الحاضرة، مثل قضاء صلاة الصبح التي فاتت في اليوم الذي يأتي صلاة الظهر، لا الفائتة في ما قبل يوم الحاضرة.

(1)الضمير في قوله «تقديمها» يرجع الى الحاضرة، و في قوله «عليه» يرجع الى الفائتة.

(2)يعني جواز تقديم الحاضرة على الفائتة إنّما هو مع سعة وقت الحاضرة، فلو ضاق الوقت يجب التقديم.

(3)هذا إشارة الى القول بعدم الترتيب عند كون الفائت أكثر، و إلاّ يجب.

(4)و هذا أيضا إشارة الى القول بعدم الترتيب بين الفائتة في غير يوم الحاضرة، و إلاّ يجب الترتيب كما أوضحناه في بيان الأقوال.

(5)يعني يستحبّ ترتيب صلاة الحاضرة على الفائتة، بمعنى أنه يستحبّ أن تقدّم الفائتة على الحاضرة اذا كان وقت الحاضرة موسّعا، فلو ضاق وقتها لا يجوز تأخير الحاضرة.

(6)أي الحكم باستحباب تأخير الحاضرة و تقديم الفائتة، للجمع بين الأخبار الدالّة على المضايقة و المواسعة.

أمّا الأخبار الدالّة على كون أوقات الفوائت على الموسعة فمنها المنقول في الوسائل:

ص: 466

التي دلّ بعضها على المضايقة و بعضها على غيرها، بحمل الاولى على الاستحباب. و متى تضيّق وقت الحضارة قدّمت إجماعا، و لأنّ (1) الوقت لها بالأصالة.(و لو جهل (2) الترتيب سقط ) في الأجود (3) لأنّ الناس في

**********

شرح:

عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: سألته عن رجل نسي المغرب حتّى دخل وقت العشاء الآخرة ؟ قال: يصلّي العشاء ثمّ المغرب. (الوسائل:

ج 5 ص 349 ب 1 من أبواب قضاء الصلوات ح 7).

و أمّا الأخبار الدالّة على المضايقة فمنها المنقول في الوسائل:

عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: سألته عن رجل نسي العشاء فذكر بعد طلوع الفجر كيف يصنع ؟ قال: يصلّي العشاء ثمّ الفجر.

(المصدر السابق: ح 8).

فالجمع بينهما يحمل على ما دلّ على المضايقة باستحبابها.

(1)هذا دليل ثان بعد الإجماع على وجوب إتيان الحاضرة قبل الفائتة اذا كانت مضيّقة، بأنّ الوقت للحاضرة أولا و بالذات، و للفائتة ثانيا و بالعرض فتقدّم عليها.

و الضمير في قوله «لها» يرجع الى الحاضرة.

(2)فاعل قوله «جهل» يرجع الى المصلّي. يعني لو جهل من أراد قضاء ما فات منه بالترتيب يسقط ذلك عنه.

(3)بناء على أجود الأقوال فإنّ في المسألة أقوالا:

الأول: سقوط الترتيب عند الجهل لا العلم، و هذا قول المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب، و الأجود عند الشارح رحمه اللّه، و الدليل عليه:

ألف: قوله عليه السّلام: «الناس في سعة ما لا يعلمون» فالمكلّف اذا جهل الترتيب لا يكلّف به، فيقضي ما فات بأيّ نحو شاء.

ب: لزوم الحرج على القول بالترتيب بتكرار الصلاة الى أن يحصل الترتيب في بعض الموارد، و في القرآن ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (1) (الحج: 78).

و القول بوجوب الترتيب في غير موارد لزوم الحرج خرق للإجماع المركّب، كما

ص: 467


1- سوره 22 - آیه 78

سعة (1) ممّا لم يعلموا، و لاستلزام فعله (2) بتكرير الفرائض على وجه يحصله

**********

شرح:

يأتي تفصيله.

الثاني: عن المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى: لزوم الترتيب عند الظنّ بالتقدّم و التأخّر، و سقوطه عند عدم الظنّ كذلك.

الثالث: عن المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس: لزوم الترتيب عند الظنّ القوي للتقدّم و التأخّر، ثمّ العمل به عند الظنّ الضعيف بهما، و السقوط عند عدمهما.

الرابع: لزوم الترتيب و لو بتكرار الصلاة الى أن يحصل الترتيب، و ذلك بإتيان جميع المحتملات الى أن يحصل الترتيب الواقعي.

(1) «سعة» - بفتح السين و كسرها - من وسع يسع، أو وسع يسع، سعة و سعة: ضدّ ضاق عليه. (أقرب الموارد).

* من حواشي الكتاب: المعروف في قراءة الحديث «الناس في سعة ما لا يعلمون». و أفاد الشيخ الأنصاري قدّس سرّه في قراءته وجهين:

ألف: تنوين «سعة» و جعل «ما» مصدرية زمانية.

ب: إضافة «سعة» الى لفظ «ما» بعد جعلها موصولة و حذف التنوين، فتكون عبارة الشهيد رحمه اللّه [في كتابه روض الجنان] الذي ذكر بمضمون الحديث على القراءة الثانية. (حاشية السيد كلانتر).

قال بعض المعاصرين: عدم وجود السند لهذا الحديث في الكتب المعتبرة، إلاّ أنّ الموجود فيها هكذا:

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثر لحمها و خبزها و جبنها و بيضها و فيها سكّين، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: يقوّم ما فيها ثمّ يوكل، لأنه يفسده و ليس له بقاء، فإذا جاء طالبها غرّموا له الثمن، قيل له: يا أمير المؤمنين، لا يدرى سفرة مسلم أو سفرة مجوسي، فقال عليه السّلام: هم في سعة حتّى يعلموا. (الوسائل: ج 2 ص 1073 ب 50 من أبواب النجاسات ح 11).

(2)الضمير في قوله «فعله» يمكن رجوعه الى الترتيب أو القضاء أو المكلّف، و قوله «الحرج» مفعول لقوله: «و لاستلزام فعله».

ص: 468

الحرج و العسر المنفيّين (1) في كثير من موارده (2)، و سهولته (3) في بعض يستلزم إيجابه فيه إحداث (4) قول ثالث.

و للمصنّف قول ثان (5) و هو تقديم ما ظنّ سبقه، ثمّ السقوط (6)، اختاره في الذكرى. و ثالث و هو العمل بالظنّ أو الوهم (7)، فإن انتفيا (8) سقط ،

**********

شرح:

(1)فإنّ العسر و الحرج كلاهما منفيّان في الشرع المقدّس.

(2)قوله «من موارده» يتعلّق ب «استلزام فعله»، و الضمير فيه يرجع الى القضاء.

يعني أنّ التكرار لتحصيل الترتيب يوجب العسر و الحرج في أكثر موارد القضاء.

(3)هذا جواب عن سؤال مقدّر و هو: أنّ في بعض الموارد التي لا يلزم العسر و الحرج يلزم القول بتحصيل الترتيب.

فأجاب عنه بأنّ ذلك يستلزم إحداث القول الثالث الذي هو خرق للإجماع المركّب.

(4)قوله «إحداث» مفعول لقوله «يستلزم».

أقول: لا يخفى أنّ الاصوليّين قسّموا الإجماع الى المحصل و المنقول، و أيضا قسّموا الإجماع المحصل الى البسيط و المركّب.

أمّا الإجماع البسيط : فهو الذي اتّفق علماء عصر واحد أو جميع الأعصار على فتوى واحدة.

و أمّا الإجماع المركّب: فهو اتّفاق جمع من العلماء على وجوب شيء، و الجمع الآخر على حرمة ذلك الشيء، فيحصل الإجماع المركّب على عدم كونه مستحبّا و مكروها و غيرهما.

(5)هذا هو القول الثاني من الأقوال الأربعة المذكورة آنفا.

(6)يعني لو لم يحصل الظنّ على السبق يسقط الترتيب بين الفوائت.

(7)المراد من «الوهم» هو الظنّ الضعيف في مقابل الظنّ القوي المتاخم للعلم، لا الوهم بمعنى الطرف المرجوح في مقابل الظنّ على خلافه، فإنّه لا يجوز تقديم هذا الوهم على الظنّ الراجح.

(8)فعند انتفاء الظنّ و الوهم بالسبق يسقط الترتيب بين الفوائت، و إلاّ يجب كما تقدّم في القول الثالث من الأقوال الأربعة في خصوص الترتيب.

ص: 469

اختاره في الدروس. و لبعض الأصحاب رابع و هو وجوب تكرير الفرائض حتّى يحصله (1). فيصلّي من فاته الظهران (2) من يومين

**********

شرح:

(1)هذا هو القول الرابع من الأقوال الأربعة، و هو وجوب تكرار الفرائض حتّى يحصل الترتيب بين الفوائت.

و قد بيّن الشارح رحمه اللّه لتحصيل الترتيب بين الفوائت بتكرارها طرقا ثلاثة:

الأول: قوله «فيصلّي من فاته الظهران من يومين (الى أن قال:) و الضابط تكريرها على وجه يحصل الترتيب على جميع الاحتمالات» و سنوضح الاحتمالات قريبا إن شاء اللّه تعالى.

الثاني: قوله رحمه اللّه بعد أسطر «و يمكن صحّتها من دون ذلك، بأن يصلّي الفرائض جمع كيف شاء مكرّرة... الخ» و سيأتي التوضيح و التفصيل فيه أيضا إن شاء اللّه تعالى.

الثالث: قوله رحمه اللّه بعد ذلك «و يمكن فيه بخمسة أيّام ولاء، و الختم بالفريضة الزائدة» و التوضيح فيه أيضا سيجيء إن شاء اللّه تعالى.

(2)كما اذا فاتت صلاة الظهر و العصر كلّ منهما عن يوم، مثل الخميس و الجمعة و لا يعلم السابق منهما.

و اعلم أنّ الشارح رحمه اللّه قد ذكر في المقام فروضا خمسة و بيّن كيفية التكرار في كلّ منها:

الأول: اذا فاتته صلاة الظهر و العصر من يومين و لا يعلم السابق منهما.

الثاني: اذا فاتته المغرب مع الظهرين من ثلاثة أيّام و لا يعلم السابق منها.

الثالث: اذا فاتته العشاء مع الثلاثة المذكورة من أربعة أيّام و لا يعلم السابق منها أيضا.

الرابع: اذا فاتته صلاة الصبح مع الأربع المذكورة من الأيّام الخمسة و لا يعلم السابق كما ذكر.

الخامس: اذا فاتته السادسة مع الصلوات الخمس المذكورة من ستة أيّام، كما اذا فاتته صلاة الفجر مرّتين.

ص: 470

ظهرا (1) بين العصرين، أو بالعكس، لحصول الترتيب بينهما (2) على تقدير سبق كلّ واحدة.

و لو جامعهما (3) مغرب من ثالث صلّى الثلاث (4) قبل المغرب و بعدها، أو عشاء (5) معها فعل

**********

شرح:

(1)قوله «ظهرا» مفعول قوله «فيصلّي». هذا طريق التكرار لتحصيل الترتيب في الفرض الأول، بأن يصلّي العصر ثمّ الظهر ثمّ العصر، أو بالعكس، بأن يصلّي الظهر أوّلا ثمّ يصلّي العصر ثمّ يصلّي الظهر ثانيا.

(2)الضمير في قوله «بينهما» يرجع الى الظهر و العصر. يعني اذا أتى بالصلوات الثلاث بالطريق المذكور يحصل الترتيب بجميع الاحتمالات.

و لا يخفى أنّ الاحتمال في الفرض المذكور اثنان: تقدّم العصر و الظهر.

(3)هذا الفرض الثاني من الفروض الخمسة المذكورة، و هو فوت ثلاث صلوات من ثلاثة أيّام: الظهر من يوم، العصر من يوم آخر، المغرب من يوم ثالث، و لا يعلم السابق من الفائت و اللاحق منه.

(4)يعني أنّ المكلّف صلّى الصلوات الثلاث المذكورة في الفرض الأوّل قبل صلاة المغرب و بعدها، فيكون المجموع سبع صلوات: صلاة الظهر، و العصر، و الظهر، و صلاة المغرب، و صلاة الظهر، و العصر، و الظهر.

(5)عطف على قوله «مغرب». يعني لو جامع الصلوات الثلاث المذكورة صلاة العشاء صلّى السبع المذكورة قبل العشاء و بعدها، فيكون المجموع خمس عشرة صلوات، و هذا هو الفرض الثالث من الفروض الخمسة المذكورة.

و لا يخفى أنّ الاحتمالات و الفرض السابق على ذلك ستة، و في هذا الفرض أربعة و عشرون.

إيضاح: أمّا الاحتمالات الستة في الفرض الثاني فتنشأ من ضرب الاحتمال في الفرض الأول، و هو اثنان في عدد الفوائت و هي ثلاث.

توضيح الاحتمالات الستة:

ص: 471

السبع (1) قبلها و بعدها، أو صبح (2) معها فعل الخمس عشرة قبلها و بعدها، و هكذا (3).

و الضابط : تكريرها على وجه يحصل الترتيب على جميع الاحتمالات، و هي (4) اثنان في الأول،

**********

شرح:

1-مغرب، ظهر، عصر.

2 - مغرب، عصر، ظهر.

3 - ظهر، مغرب، عصر.

4 - ظهر، عصر، مغرب.

5 - عصر، مغرب، ظهر.

6 - عصر، ظهر، مغرب.

و الاحتمالات الأربعة و العشرون في الفرض الثالث تحصل بضرب الاحتمالات الستة في الفرض الثاني في عدد الفوائت في الفرض الثالث و هي أربعة.

(1)يعني يصلّي الصلوات السبع المذكورة في الفرض الثاني قبل صلاة المغرب و بعدها.

و الضميران في قوليه «قبلها و بعدها» يرجعان الى صلاة المغرب.

(2)بالرفع، عطفا على قوله «مغرب». يعني لو فاتت مع الصلوات الأربع المذكورة (ظهر، عصر، مغرب، عشاء) صلاة الصبح، فهذا هو الفرض الرابع من الفروض الخمسة المذكورة يأتي بالصلوات الخمس عشرة في الفرض الثالث قبل صلاة الصبح و بعدها، فيكون المجموع إحدى و ثلاثون صلاة.

و الاحتمالات في هذا الفرض تتصاعد الى مائة و عشرين بضرب عدد الفوائت و هي خمس في الاحتمالات المذكورة في الفرض الثالث و هي أربعة و عشرون.

و الضميران في قوليه «قبلها و بعدها» يرجعان الى صلاة الصبح.

(3)بأن جامع الفرائض المذكورة فائت آخر.

(4)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى الاحتمالات، و قد أوضحنا وجه كون الاحتمال اثنين في الفرض الأول.

ص: 472

و ستة في الثاني (1)، و أربعة و عشرون في الثالث (2)، و مائة و عشرون في الرابع، حاصلة من ضرب ما اجتمع سابقا (3) في عدد الفرائض المطلوبة، و لو أضيف إليها (4) سادسة صارت الاحتمالات سبعمائة و عشرين (5).

و صحّته (6) على الأول (7) من ثلاث و ستين (8) فريضة،

**********

شرح:

(1)الحاصل من ضرب اثنين في ثلاثة كما تقدّم.

(2)بضرب عدد الفرائض و هو في الاحتمالات الحاصلة في الفرض السابق، و هي ستة كما أوضحناها آنفا.

(3)و ما اجتمع في الفرض السابق هو أربعة و عشرون، و عدد الفرائض هو خمسة، فيتصاعد المضروب بمائة و عشرين صلاة.

(4)يعني لو اضيفت الى الفوائت السابقة (ظهر، عصر، مغرب، عشاء، صبح) فائتة سادسة، كما اذا فاتت صلاة الصبح من يومين و لا يعلم السابق و اللاحق، و كذا الصلاة المذكورة كلّ منها من يوم، ففي هذا الفرض تزيد الاحتمالات عن الفروض السابقة.

(5)قوله «سبعمائة و عشرين» حاصلة من ضرب عدد الفوائت الستة في عدد الاحتمالات السابقة و هو مائة و عشرون.

(6)أي صحّة الترتيب على هذا الطريق من التكرار.

(7)المراد من الأول مقابل الطريقين اللذين سيشير إليهما بعد قليل.

(8)قد فصّلنا الطرق الثلاثة - التي يشير الشارح رحمه اللّه إليها - في هامش 1 من ص 470، و الى هنا أشار الى الطريق الأول من طرق التكرار، و سيشير الى الطريقين الآخرين قريبا، و بناء على الطريق الأول المذكور تكون صحّة تحصيل الترتيب في الفرض الخامس - و هو فوت الصلوات الستّ من أيام ستة - من ثلاث و ستين فريضة، لأنّ الصحّة في الفرض الرابع تكون من واحد و ثلاثين فريضة بترتيب خمس عشرة فريضة قبل صلاة الصبح، و خمس عشرة فريضة بعدها، و كان المجموع واحدا و ثلاثين فريضة، فاذا فاتت صلاة الصبح الاخرى

ص: 473

و هكذا (1) و يمكن صحّتها (2) من دون ذلك، بأن يصلّي الفرائض جمع كيف شاء مكرّرة عددا ينقص عنها بواحد، ثمّ يختمه بما بدأ به منها فيصحّ فيما عدا الأولين (3) من ثلاث عشرة في

**********

شرح:

و هو الفرض الخامس فيأتي واحدا و ثلاثين فريضة قبل صلاة الصبح و واحدا و ثلاثين فريضة بعدها، فيكون المجموع ثلاثا و ستين فريضة.

(1)فلو فاتت الصلاة السابعة من اليوم السابع مع الصلوات الستّ المذكورة في الفروض المذكورة تكون صحّة تحصيل الترتيب بإتيان ثلاث و ستين فريضة قبل السابعة، و ثلاث و ستين فريضة بعدها، فيكون المجموع منها و من الفائتة السابعة مائة و سبعة و عشرين فريضة.

(2)و هذا الطريق الثاني من الطرق التي يصحّ بها الترتيب بين الفوائت، بأن يصلّي الفرائض الفائتة مكررة بمقدار عدد ينقص من أعداد الفوائت بواحدة كيف شاء، ثمّ يختم بالصلاة التي ابتدأ التكرار بها.

و لا يخفى أنّ هذا الطريق يختصّ بالفرض الثالث من الفروض المذكورة - و هو فوت أربع صلوات: ظهر، عصر، مغرب، عشاء - فيكرّر الصلوات المذكورة ثلاث مرّات، و لا فرق في أن يبتدئ بصلاة الظهر أو غيرها.

مثلا اذا صلّى الظهر ثمّ العصر ثمّ المغرب ثمّ العشاء و كرّرها ثلاثا فعليه أن يأتي بعد ذلك بصلاة الظهر التي ابتدأ بها، و كذا اذا ابتدأ بغيرها من الصلوات المذكورة.

(3)المراد من قوله «الأولين» فوت الظهرين و فوت المغرب معهما.

وجه استثناء الأولين: عدم إمكان إجراء القاعدة على الفرض الأول، و هو ما كانت الفائتة اثنتين، حيث لا تكرار مع نقص الواحد.

و أمّا على الفرض الثاني فلأنّ النتيجة لا تختلف عن الطريق الأول و الثاني، حيث إنّ عدد الفرائض الفائتة ثلاث، فاذا تكرّرت مرّتين و أضاف إليها ما بدأ به صارت سبعا، و هي نفس النتيجة على الطريق الأول، لأنه تقدّم في الفرض الثاني - و هو فوت ثلاث صلوات: ظهر، عصر، مغرب - وجوب سبع فرائض ليحصل الترتيب: ثلاث صلوات قبل المغرب و ثلاث صلوات بعدها.

ص: 474

الثالث (1)، و إحدى و عشرين في الرابع (2)، و إحدى و ثلاثين في الخامس (3)، و يمكن فيه (4) بخمسة أيام ولاء، و الختم لفريضة الزائدة (5).

**********

شرح:

(1)أي في الفرض الثالث - و هو فوت أربع صلوات من أربعة أيّام: ظهر، عصر، مغرب، عشاء - يكرّر الصلوات ثلاث مرّات ثمّ يختم بالصلاة التي ابتدأ بها، فيصير مجموع الصلوات المكرّرة ثلاث عشرة فريضة.

و الحال كانت الفرائض المكرّرة في هذا الفرض على الطريق الأول خمس عشرة فريضة فنقص منها اثنتان.

(2)يعني فيصحّ في الفرض الرابع - و هو فوت خمس صلوات من خمسة أيّام:

ظهر، عصر، مغرب، عشاء، صبح - من إحدى و عشرين صلاة.

و الحال كانت الفوائت المكرّرة في هذا الفرض بناء على الطريق الأول من إحدى و ثلاثين فريضة، فينقص عن الأولى عشر فرائض.

وجه حصول العدد: اذا فاتت عنه خمس صلوات و كرّرها أربع مرّات ينقص عدد واحد من عدد ما فات و ختمها بما ابتدأ، فيكون الحاصل واحدا و ثلاثين فريضة.

(3)يعني يصحّ في الفرض الخامس - و هو فوت ستّ صلوات: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، صبح، صبح - من إحدى و ثلاثين فريضة، الحاصل من ضرب خمسة في ستة و إضافة السادسة، و الحال كانت الفوائت المكرّرة في الفرض الخامس ثلاثا و ستين فريضة، فينقص عنها اثنتان و ثلاثون فريضة.

(4)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الخامس. يعني و يمكن في الفرض الخامس الذي فاتت الصلوات الستة - ظهر، عصر، مغرب، عشاء، صبح، صبح - طريق آخر، و هو الطريق الثالث من الطرق المذكورة بأن يصلّي صلوات خمسة أيّام متوالية ثمّ يختم الخامسة بالفريضة السادسة فيكون المجموع ستة و عشرين فريضة، و هو الحاصل من ضرب خمس في خمس و إضافة الزائدة على المضروب.

(5)المراد من «الزائدة» هو الفريضة السادسة في الفرض الخامس.

ص: 475

لو جهل عين الفائتة

(و لو جهل عين الفائتة) (1) من الخمس (صلّى صبحا و مغربا) معيّنين (2)، (و أربعا (3) مطلقة) بين الرباعيات الثلاث و يتخيّر فيها (4) بين الجهر و الإخفات. و في تقديم (5) ما شاء من الثلاث و لو كان (6) في وقت العشاء ردّد بين الأداء و القضاء.(و المسافر يصلّي مغربا و ثنائية مطلقة) (7) بين

**********

شرح:

(1)هذه مسألة اخرى، و هي اذا فاتت صلاة واحدة من الصلوات الخمس اليومية و لم يعلم الفائتة منها بعينها يأتي بركعتين لقضاء صلاة الصبح، و ثلاث ركعات بقصد صلاة المغرب، و أربع ركعات بقصد إحدى الصلوات الرباعية الثلاث و هي الظهر و العصر و العشاء.

(2)صفة للصبح و المغرب. يعني يصلّي الصلاتين بقصد التعيين.

(3)قوله «و أربعا» مفعول لقوله «صلّى». يعني يصلّي الواحدة رباعية بقصد المشترك بين الرباعيات الثلاث.

(4)يعني يتخيّر المكلّف في الصلاة الرباعية المطلقة بين الجهر و الإخفات، لأنها إمّا قضاء الظهرين اللذين يجب فيهما الإخفات أو قضاء العشاء الذي يجب فيه الإجهار.

(5)عطف على قوله «فيها». يعني و يتخيّر في تقديم الصلوات الثلاث المذكورة.

(6)فاعل قوله «كان» مستتر يرجع الى الجهل. يعني لو كان الجهل بالفائت من الصلاة في وقت صلاة العشاء.

بمعنى أنه اذا تيقّن من عدم إتيان صلاة واحدة من الخمس اليومية بحيث لو كانت الصلاة المتروكة إحدى الصلوات الأربع - الصبح، و الظهرين، و المغرب - يجب إتيانها بنية القضاء، و لو كانت صلاة العشاء يجب إتيانها بنية الأداء، ففي هذه الصورة يصلّي الرباعية المطلقة مردّدا بين الأداء و القضاء.

و بعبارة اخرى: يأتيها بنية ما في الذمّة من الأداء أو القضاء.

(7)يعني أنّ المسافر الذي يقصّر في الرباعيات لو فاتت عنه صلاة واحدة مجهولة بين الخمس يأتي بصلاة ثلاثية بقصد المغرب و بثنائية مردّدة بين الصبح و الظهرين و العشاء.

ص: 476

الثنائيات الأربع مخيّرا (1) كما سبق، و لو اشتبه فيها القصر و التمام فرباعية مطلقة ثلاثيا (2) و ثنائية (3) مطلقة رباعيا، و مغرب (4) يحصل (5) الترتيب عليهما.

يقضي المرتدّ زمان ردّته

(و يقضي المرتدّ) فطريا (6) كان أو ملّيا إذا أسلم (زمان ردّته) للأمر بقضاء الفائت (7)، خرج عنه الكافر الأصلي، و ما في حكمه (8)، فيبقى الباقي.

**********

شرح:

(1)مخيّرا بين الجهر و الإخفات و التقديم و التأخير.

(2)أي مطلقة بين ثلاث صلوات: ظهرين و عشاء.

(3)يعني يأتي بصلاة ثنائية مطلقة بين أربع صلوات: صبح، و ظهرين و عشاء قصرين.

(4)بالرفع، عطفا على قوله «رباعية و ثنائية». يعني أنّ المسافر الذي حضر و تيقّن بفوت صلاة واحدة من الخمس اليومية مجهولة بينها صلاة رباعية مردّدة بين ثلاث صلوات، و صلاة ثنائية مردّدة بين أربع صلوات، و صلاة ثلاثية بقصد صلاة المغرب.

(5)قوله «يحصّل» بصيغة المعلوم من باب التفعيل فاعله مستتر يرجع الى المصلّي، و لفظ «ترتيب» مفعول له، و ضمير التثنية في قوله «عليهما» يرجع الى القصر و الإتمام، أو الى السفر و الحضر. يعني لو احتاج الى الترتيب يلزم على المصلّي أن يرتّب الفوائت الّتي يقال بالترتيب فيها على السفر و الحضر.

(6)المرتدّ الفطريّ : هو الذي انعقد و أحد أبويه مسلم، و الملّي: هو الذي ولد في ملّة الكفر ثمّ أسلم ثمّ ارتدّ.

(7)قد ورد الأمر في الروايات بقضاء الصلاة الفائتة، منها ما في الوسائل:

عن زرارة قال: قلت له: رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر، قال: يقضي ما فاته كما فاته، إن كانت صلاة السفر أدّاها في الحضر مثلها، و إن كانت الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته. (الوسائل: ج 5 ص 359 ب 6 من أبواب قضاء الصلوات ح 1).

(8)المراد من «ما في حكمه» أي الذي في حكم الكافر بالنسبة الى عدم وجوب القضاء كالحائض و النفساء و المحكومين بالكفر من فرق المسلمين.

ص: 477

ثمّ إن قبلت توبته كالمرأة (1) و الملّي قضى (2)، و إن لم تقبل ظاهرا كالفطري على المشهور (3) فإن أمهل بما يمكنه القضاء قبل قتله قضى (4)، و إلاّ بقي في ذمّته. و الأقوى قبول توبته مطلقا (5).

يقضي فاقد الطهور

(و كذا) (6) يقضي (فاقد) جنس (الطهور) من ماء و تراب عند التمكّن (على الأقوى) (7) لما مرّ (8)، و لرواية زرارة (9) عن الباقر عليه السّلام فيمن صلّى

**********

شرح:

(1)فإنّ المرأة المرتدّة فطريا كانت أو ملّيا تقبل توبتها، لكن تحبس الى أن تتوب أو تموت.

(2)جواب قوله «إن قبلت».

(3)يتعلّق بقوله «لم تقبل» فإنّ المشهور عدم قبول توبة المرتدّ الفطري في الظاهر و قبولها في الواقع.

(4)جواب قوله «فإن أمهل». يعني أنّ المرتدّ الفطريّ لو اخّر قتله الى أن يقضي ما فاته من الصلاة يجب عليه قضاء الفوائت، و إلاّ تبقى في ذمّته و يعاقب يوم القيامة.

(5)قوله «مطلقا» إشارة الى عدم الفرق في المرتدّ الفطريّ بالنسبة الى قبول توبته بين المرأة و الرجل، و بين الظاهر و الباطن.

(6)يعني مثل المرتدّ في وجوب قضاء الصلاة فاقد الطهورين، و هو من لم يتمكّن من الوضوء و الغسل لفقد الماء و من التيمّم لفقد ما يصحّ التيمّم عليه، لدلالة الرواية المتقدّمة بوجوب القضاء لمن ترك الفريضة و لروايات دالّة عليه في خصوص المسألة كما ستذكر قريبا.

(7)في مقابل القول بعدم وجوب القضاء كما سيذكر دليله.

(8)قوله «لما مرّ» إشارة الى رواية زرارة الدالّة على وجوب قضاء ما فات و قد تقدّمت آنفا.

(9)الرواية منقولة في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام أنه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلّها أو نام عنها، قال: يقضيها اذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار... الحديث. (الوسائل: ج 5 ص 348 ب 1 من أبواب قضاء الصلوات ح 1).

ص: 478

بغير طهور، أو نسي صلوات، أو نام عنها، قال: «يصلّيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها، ليلا أو نهارا». و غيرها من الأخبار الدالّة عليه (1) صريحا.

و قيل: (2) لا يجب لعدم (3) وجوب الأداء، و أصالة (4) البراءة، و توقّف (5) القضاء على أمر جديد.

و دفع الأول (6) واضح لانفكاك كلّ منهما عن الآخر وجودا و عدما، و الآخرين (7) بما ذكر.

صلاة العاري

(و أوجب ابن الجنيد (8) الإعادة على العاري إذا صلّى كذلك) لعدم

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى القضاء. يعني أنّ الرواية المذكورة و غيرها تدلّ على وجوب القضاء في المسألة صراحة. (كما في حديث 4 من الباب المذكور).

(2)في مقابل القول المشهور قول عن العلاّمة رحمه اللّه في كتابيه القواعد و المختلف بعدم وجوب القضاء بأدلّة ثلاثة.

(3)هذا هو الدليل الأول لعدم القضاء، و هو عدم وجوب الأداء، فإنّ القضاء فرع الأداء.

(4)الدليل الثاني: هو أصالة البراءة، لأنه شكّ في التكليف.

(5)الدليل الثالث: عدم إحراز الأمر بوجوب القضاء.

(6)دفع الدليل الأول لعدم الملازمة بين الأداء و القضاء، كما في الكافر الأصلي الذي يكلّف بالصلاة، لكن بعد الإسلام يسقط ، و كما في النائم فإنّه غير مكلّف في الوقت لكن يجب عليه القضاء.

(7)عطف على قوله «الأول». يعني و دفع الدليلين الآخرين - و هما: أصالة البراءة و توقّف القضاء على أمر جديد - بالأخبار الدالّة على وجوب القضاء عموما و خصوصا، كما تقدّم.

(8)يعني أنّ ابن الجنيد الإسكافي قال بوجوب إعادة الصلاة لمن صلّى عاريا ثمّ وجد الساتر قبل خروج وقت الصلاة.

ص: 479

الساتر (ثمّ وجد الساتر في الوقت (1)) لا في خارجه، محتجّا (2) بفوات شرط الصلاة - و هو الستر - فتجب الإعادة كالمتيمّم (3)(و هو بعيد) (4) لوقوع (5) الصلاة مجزية بامتثال الأمر فلا يستعقب القضاء، و الستر شرط (6) مع القدرة لا بدونها.

نعم (7) روى عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ليس عليه إلاّ ثوب و لا تحلّ الصلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله كيف يصنع ؟ قال: يتيمّم و يصلّي، و إذا أصاب ماء غسله و أعاد الصلاة (8).

**********

شرح:

(1)قوله «الوقت» ظرف لقوله «ثمّ وجد الساتر». يعني لو لم يجد الساتر حتّى خرج وقت الصلاة لا يجب عليه القضاء.

(2)استدلّ ابن الجنيد على وجوب الإعادة عند وجدان الساتر في الوقت بأنه اذا فات شرط الصلاة كأنه فاتت الصلاة فتجب عند التمكّن من الشرط و هو الساتر.

(3)اعتضد باحتجاجه بالحكم بوجوب إعادة التيمّم الذي صلّى به في أول الوقت ثمّ وجد الماء قبل خروج الوقت، فالمسألة هذه كالسابقة.

(4)هذا جواب المصنّف رحمه اللّه عن قول ابن الجنيد رحمه اللّه بوجوب الإعادة. و الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الوجوب.

(5)هذا هو الدليل الأول بعدم وجوب القضاء، بأنّ الصلاة عاريا يجزي فلا يحتاج الى القضاء.

(6)هذا هو الدليل الثاني، و هو أنّ الستر شرط مع التمكّن عنه، فلو عجز عنه فلا يشترط شيء. و الضمير في قوله «لا بدونها» يرجع الى القدرة.

(7)هذا استدراك عن استدلاله بعدم وجوب القضاء، بأنّ رواية عمّار تدلّ على وجوب الإعادة، لكنّ الشارح رحمه اللّه ضعّفه بضعف سند الرواية و عدم دلالتها على المطلوب.

(8)الرواية منقولة في الوسائل:

عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن رجل ليس عليه إلاّ

ص: 480

و هو (1) - مع ضعف سنده - لا يدلّ على مطلوبه (2)، لجواز استناد الحكم إلى التيمّم (3).

يستحبّ قضاء النوافل الراتبة

(و يستحبّ قضاء النوافل الراتبة) (4) اليومية استحبابا مؤكّدا، و قد روي (5) أنّ من يتركه تشاغلا بالدنيا لقي اللّه مستخفّا متهاونا مضيّعا لسنّة

**********

شرح:

ثوب و لا تحلّ الصلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله كيف يصنع ؟ قال: يتيمّم و يصلّي، فاذا أصاب ماء غسله و أعاد الصلاة. (الوسائل: ج 2 ص 1000 ب 30 من أبواب التيمّم ح 1).

(1)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى المرويّ عن عمّار. يعني أنّ الرواية المذكورة مع ضعف سندها بعمّار لا تدلّ على مطلوب المستدلّ .

(2)الضمير في قوله «مطلوبه» يرجع الى ابن الجنيد، فإنّ مطلوبه عدم سقوط الإعادة اذا تمكّن من الساتر، و الحال أنّ المرويّ لا يدلّ على المطلوب، لأنه في خصوص المتيمّم، و الفرق بينه و بين المصلّي عاريا واضح.

(3)يعني يحتمل كون حكم إعادة الصلاة في الرواية مستندا الى التيمّم. بمعنى أنّ المتيمّم اذا وجد الماء قبل الوقت تجب عليه إعادة الصلاة، لا الذي صلّى بثوب لا تصحّ الصلاة معه، و الحال أنّ مطلوب ابن الجنيد وجوب إعادة الصلاة اذا صلّى عاريا ثمّ وجد الساتر في الوقت.

(4)المراد من «الراتبة اليومية» هو النوافل للصلاة اليومية، مثل نافلة الصبح و الظهرين و هكذا. يعني يستحبّ لمن ترك النوافل في أوقاتها المذكورة في فضل أوقات الصلاة أن يقضيها، و الاستحباب هنا مؤكّد.

(5)الرواية منقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها كيف يصنع ؟ قال: فليصلّ حتّى لا يدري كم صلّى من كثرتها، فيكون قد قضى بقدر علمه (ما علمه) من ذلك.

ثمّ قال: قلت له: فإنّه لا يقدر على القضاء، فقال: إن كان شغله في طلب معيشة

ص: 481

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.(فإن عجز عن القضاء تصدّق) عن كل ركعتين بمدّ، فإن عجز فعن كلّ أربع، فإن عجز فعن صلاة الليل بمدّ، و عن صلاة النهار بمدّ، فإن عجز فعن كلّ يوم بمدّ، و القضاء (1) أفضل من الصدقة.

**********

شرح:

لا بدّ منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شيء عليه، و إن كان شغله لجمع الدنيا و التشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء، و إلاّ لقي اللّه و هو مستخفّ متهاون مضيّع لحرمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. قلت: فإنّه لا يقدر على القضاء فهل يجزي أن يتصدّق ؟ فسكت مليّا ثمّ قال: لكم، فليتصدّق بصدقة، قلت: فما يتصدّق ؟ قال: بقدر طوله، و أدنى ذلك مدّ لكلّ مسكين مكان كلّ صلاة، قلت: و كم الصلاة التي يجب فيها مدّ، لكلّ مسكين ؟ قال: لكلّ ركعتين من صلاة الليل مدّ، و لكلّ ركعتين من صلاة النهار مدّ. قلت: لا يقدر، قال: مدّ لكلّ أربع ركعات من صلاة النهار، و أربع ركعات من صلاة الليل، قلت: لا يقدر، قال: فمدّ إذا لصلاة الليل، و مدّ لصلاة النهار، و الصلاة أفضل، و الصلاة أفضل، و الصلاة أفضل. (الوسائل: ج 3 ص 55 ب 18 من أبواب أعداد الفرائض ح 2).

(1)لو قيل: إنّ الصدقة في صورة العجز عن القضاء فكيف يقال: الصلاة أفضل من الصدقة ؟

يقال: ليس المراد من أفضلية الصلاة على الصدقة ممّن هو عاجز عن الصلاة، بل المراد: أنّ الصلاة ممّن قدر عليها أفضل من صدقة من عجز عن الصلاة.

أو يقال: إنّ المراد من العجز هو المشقّة الحاصلة من الصلاة، فلو تحمّل المشقّة و صلّى تكون الصلاة أفضل من الصدقة بدلها.

* من حواشي الكتاب: هذه الأفضلية منافية لما روى ابن مسكان عن إبراهيم ابن المثنّى قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي قد اشتدّ عليّ صوم ثلاثة أيّام في كلّ شهر فما يجزي أن أتصدّق مكان كلّ يوم بدرهم ؟ فقال: صدقة درهم أفضل من صيام يوم. (الوسائل: ج 7 ص 318 ب 11 من أبواب الصوم المندوب ح 5).

و يمكن حمل أفضلية القضاء عن الصدقة في الراتبة و أفضليتها من غيرها من التطوّعات و السنّة. (حاشية محمود رحمه اللّه).

ص: 482

يجب على الوليّ هو الولد الذكر الأكبر ما فات أباه

(و يجب على الوليّ (1)) و هو الولد الذكر الأكبر و قيل: كلّ وارث مع فقده (قضاء (2) ما فات أباه) من (3) الصلاة (في مرضه) الذي مات فيه (4).

(و قيل): ما فاته (مطلقا (5) و هو أحوط )، و في الدروس قطع بقضاء

**********

شرح:

(1)المراد من الوليّ هنا من هو أولى بالميّت من حيث الإرث و الإقدام على تجهيزاته، و فيه قولان:

الأول: القول بأنّ الوليّ هو الولد الذكر الأكبر، و هو المقصود من كلام المصنّف رحمه اللّه، فلا يجب على سائر الورّاث من غير الولد الذكر الأكبر.

الثاني: القول بوجوب القضاء على كلّ وارث اذا لم يكن للميّت الولد الذكر الأكبر. ذهب إليه جماعة من القدماء، و اختاره الشهيد رحمه اللّه في كتابه الدروس.

و ذهب بعض المتأخرين الى وجوب القضاء عند عدم الولد الذكر على كلّ وارث حتّى المعتق و ضامن الجريرة و الزوج و الزوجة، و يقدّم الذكور، ثمّ الإناث.

و الضمير في قوله «فقده» يرجع الى الولد الذكر الأكبر.

(2)قوله «قضاء» فاعل لقوله «يجب». و الضمير في «أباه» يرجع الى الوليّ الذي هو الولد الذكر الأكبر.

(3)بيان لقوله «ما فاته».

(4)يعني أنّ ما فات عن الميّت من الصلوات في مرضه الذي مات فيه، لا ما فاته في سائر حالاته و أمراضه.

(5)قوله «مطلقا» إشارة لعدم الفرق بين ما فاته في مرضه و غيره، فقال المصنّف رحمه اللّه بكون ذلك القول مطابقا للاحتياط .

و لا يخفى أنّ للمصنّف رحمه اللّه في المسألة ثلاثة أقوال:

الأول: وجوب ما فات من الصلاة في مرض الموت، و اختاره في هذا الكتاب.

الثاني: وجوب قضاء ما فاته من الصلاة، بلا فرق بين ما فاته في مرض الموت أو غيره من الحالات، و بين ما فاته مع العذر أو بلا عذر، و بين العمد و بين غيره.

و اختاره في كتابه الدروس.

الثالث: وجوب قضاء ما فات بسبب العذر، مثل السفر و المرض، و هذا القول اختاره في كتابه الذكرى.

ص: 483

مطلق (1) ما فاته، و في الذكرى نقل عن المحقّق وجوب قضاء ما فاته لعذر كالمرض و السفر و الحيض (2)، لا ما تركه عمدا مع قدرته عليه، و نفى عنه البأس. و نقل (3) عن شيخه عميد الدين نصرته. فصار للمصنّف في المسألة ثلاثة أقوال (4)، و الروايات تدلّ بإطلاقها على الوسط (5)، و الموافق للأصل ما اختاره هنا (6).

فعل الصلاة على غير الوجه المجزي شرعا كتركها عمدا

و فعل (7) الصلاة على غير الوجه المجزي شرعا كتركها عمدا (8)

**********

شرح:

(1)بلا فرق بين ما فاته في مرض الموت أو غيره من الحالات.

(2)و لا يخفى أنّ المراد من التمثيل بالحيض هو وجوب قضاء ما فات من الأمّ أيضا في حال حيضها. و ليس المراد ممّا فاتها هو الصلاة في الحيض، لأنها لم تجب و لم تجز في حال الحيض، بل المراد ممّا فات الامّ حال الحيض هو الصوم الذي يجب عليها قضاؤه، فاذا ماتت و لم تقضه يجب على ذمّة ولدها بناء على ما اختاره المحقّق رحمه اللّه، فعلى ذلك فالضمير في قوله «فاته» يرجع الى الميّت.

(3)فاعل قوله «و نقل» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني نقل عن استاذه بعد نقل قول المحقّق رحمه اللّه تأييده، و استاذه هو السيد عبد المطّلب بن أبي الفوارس محمّد بن علي الحسيني ابن اخت العلاّمة قدّس اللّه نفسه. (حاشية السيد كلانتر).

(4)قد أوضحناها قبل قليل.

(5)المراد من «الوسط » هنا هو القول بوجوب قضاء ما فات مطلقا.

(6)و المراد من «ما اختاره» في هذا الكتاب هو القول بوجوب قضاء ما فاته حال مرض الموت. و هذا القول يوافق الأصل، و هو أصالة براءة ذمّة الولي عن الوجوب الذي لم يثبت، لأنه شكّ في التكليف فتجزي البراءة، إلاّ ما ثبت بالدليل، و المتيقّن وجوب ما فاته في مرض الموت، لا الغير.

(7)هذا مبتدأ و خبره قوله «كتركها». و هذه مسألة اخرى بأنّ فعل الصلاة بدون رعاية شرائط صحّتها كتركها عمدا، فلا يجب قضاء الصلوات الّتي فعلها بلا ملاحظة شرائطها، لأنها كالمتروك عمدا فلا يجب على الولد.

(8)تعليل لكون فعل الصلاة على غير وجه الصحّة، مثل الترك بالعهد.

ص: 484

للتفريط ، و احترز المصنّف بالأب (1) عن الام و نحوها من الأقارب، فلا يجب القضاء عنهم على الوارث في المشهور، و الروايات مختلفة، ففي بعضها ذكر «الرجل» (2) و في بعض «الميّت» (3). و يمكن حمل المطلق (4) على المقيّد (5) خصوصا في الحكم المخالف للأصل (6)، و نقل في الذكرى عن المحقّق وجوب القضاء عن المرأة (7) و نفى عنه البأس، أخذا بظاهر الروايات (8)،

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه احترز بقوله «ما فات أباه» عن الامّ و غيرها من الأقرباء، مثل الأخ و العمّ و الخالة و غيرها، فلا يجب قضاء ما فات عنهم على غير الولد من الورّاث على المشهور.

(2)يعني في بعض الروايات ذكر لفظ «الرجل» و هو المنقول في الوسائل:

عن الشيخ بإسناده الى عمّار بن موسى من كتاب أصله المرويّ عن الصادق عليه السّلام: في الرجل يكون عليه صلاة أو صوم هل يجوز له أن يقضيه غير عارف ؟ قال: لا يقضيه إلاّ مسلم عارف. (الوسائل: ج 5 ص 366 ب 12 من أبواب قضاء الصلوات ح 5).

(3)يعني و في بعض الروايات ذكر لفظ «الميّت» و هو المنقول في الوسائل:

عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميّت يقضي عنه أولى الناس به. (الوسائل: ج 5 ص 368 ب 12 من أبواب قضاء الصلوات ح 18).

(4)جمع الشارح رحمه اللّه بين الروايات التي ذكر في بعضها «الميّت» و في بعضها «الرجل» بحمل «المطلق» على المقيّد، و المراد من «المطلق» هو لفظ «الميّت».

(5)المراد من «المقيّد» هو لفظ «الرجل»، فتحمل الروايات الدالّة على مطلق الميّت على المقيّد، و هي الرواية الدالّة على الرجل، فلا تشمل الروايات على الأمّ .

(6)فإنّ الأصل يدلّ على عدم وجوب ما في ذمّة الغير على الغير.

(7)يعني نقل المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى عن المحقّق رحمه اللّه وجوب القضاء عن المرأة الشاملة للأمّ ، و قال: لا بأس بالقول به.

(8)فإنّ لفظ «الميّت» المذكور في بعض الروايات يعمّ المرأة.

ص: 485

و حملا (1) للفظ «الرجل» على التمثيل.

و لا فرق - على القولين - بين الحرّ (2) و العبد على الأقوى، و هل يشترط كمال الوليّ عند موته ؟ قولان، و استقرب (3) في الذكرى اشتراطه لرفع القلم عن الصبيّ و المجنون (4)، و أصالة البراءة بعد ذلك (5).

و وجه الوجوب عند بلوغه إطلاق النصّ (6)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه حمل لفظ «الرجل» المذكور في بعض الروايات على التمثيل، فلا خصوصية لهذا اللفظ سوى أنه مثال و ذكر لأحد المصاديق، فلا يحمل المطلق على المقيّد.

(2)فعلى القولين لو كان الأب أو الأمّ أيضا مملوكا للغير يجب قضاء ما فات منه على الولي.

(3)يعني قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى بأنّ الأقرب في وجوب القضاء على الولي اشتراط كماله، لعدم التكليف على غير الكامل.

(4)كما ورد في الخبر المنقول في الوسائل:

عن ابن ظبيان قال: اتى عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال علي عليه السّلام:

أما علمت أنّ القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبيّ حتّى يحتلم، و عن المجنون حتّى يفيق، و عن النائم حتّى يستيقظ . (الوسائل: ج 1 ص 32 ب 4 من أبواب مقدّمة العبادات ح 10).

(5)قوله «ذلك» هو حال الجنون و الصبا. يعني أنّ الدليل على عدم الوجوب في حال كونهما صبيّا و مجنونا هو الرواية، و الدليل على عدم الوجوب بعد البلوغ و الإفاقة هو أصالة البراءة، لأنه شكّ في التكليف، و هو مورد إجراء أصالة البراءة.

(6)فإنّ النصّ الدالّ على وجوب ما فات في ذمّة الوليّ مطلق و ليس بمقيّد، لكونه كاملا، و هو منقول في الوسائل:

عن الشيخ بإسناده الى محمّد ابن أبي عمير عن رجاله عن الصادق عليه السّلام في

ص: 486

و كونه (1) في مقابلة الحبوة (2) و لا يشترط خلوّ ذمّته (3) من صلاة واجبة، لتغاير السبب فيلزمان معا.

و هل يجب تقديم ما سبق سببه (4)؟ و جهان، اختار في الذكرى

**********

شرح:

الرجل يموت و عليه صلاة أو صوم، قال: يقضيه أولى الناس به. (الوسائل: ج 5 ص 366 ب 12 من أبواب القضاء ح 6).

و عن عبد اللّه بن سنان، عن الصادق عليه السّلام قال: الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميّت يقضي عنه أولى الناس به. (المصدر السابق: ح 18).

(1)بالرفع، عطفا على قوله «إطلاق النصّ » و هو دليل ثان على وجوب القضاء على الولي الغير الكامل. فإنّ قضاء ما فات على الولي هو كونه في مقابل الحبوة.

فكما أنّ الحبوة تختصّ بالولد الذكر الأكبر بلا فرق بين كونه كاملا أو غير كامل فكذلك وجوب القضاء عليه.

(2)الحبوة - بالفتح و الضمّ - الاسم من الاحتباء، و هو ما يحتبي به الرجل من عمامة أو ثوب، و جمعه: حبى بالضمّ و حبى بالكسر. (أقرب الموارد).

و المراد بها في الإرث هو الأشياء المخصوصة المذكورة فيه.

قال المصنّف رحمه اللّه في كتاب الإرث: يحبي الولد الأكبر بثيابه و خاتمه و سيفه و مصحفه. و قال أيضا: و عليه قضاء ما فاته من صلاة و صيام.

(3)الضمير في قوله «ذمّته» يرجع الى الولي. يعني أنه يجب عليه قضاء ما فات عن الميّت، و لا يشترط خلوّ ذمّة الولي عن الصلاة الواجبة، لأنّ سبب الوجوب متغايران، فإنّ سبب وجوب قضاء ما فات عن نفسه هو فوت الفرائض المأمور بإتيانها، و سبب الوجوب عن الأب هو فوته الموجب لقضاء ما فات عنه.

(4)هذه المسألة تتفرّع - بما ذكر - عن عدم اشتراط خلوّ ذمّة الولي عن الصلاة الواجبة. فاذا قلنا بوجوب ما فات عن الأب و ما فات عن نفسه فهل يشترط تقديم ما تقدّم سببه كما اذا وجب عليه ما فات عن الأب ثمّ فات عن نفسه أيضا الصلاة الواجبة فيجب عليه قضاء ما فات عن الأب ثمّ قضاء ما فات عن نفسه أم لا يشترط؟ فقال: فيه و جهان، و اختار المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى وجوب الترتيب.

ص: 487

الترتيب، و هل له (1) استئجار غيره ؟ يحتمله، لأنّ (2) المطلوب القضاء، و هو ممّا يقبل النيابة بعد الموت، و من (3) تعلّقها بحيّ ، و استنابته (4) ممتنعة. و اختار (5) في الذكرى المنع، و في صوم الدروس الجواز، و عليه (6) يتفرّع تبرّع غيره به، و الأقرب اختصاص الحكم (7) بالوليّ فلا يتحمّلها (8) وليّه و إن تحمّل (9) ما فاته عن نفسه. و لو أوصى الميّت بقضائها

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «له» يرجع الى الولي. يعني هل يجوز للولي أن يستأجر الغير لإتيان ما فات عن أبيه أم لا؟

(2)هذا وجه احتمال جواز الاستنابة لما فات عن الأب، بأنّ المطلوب هو القضاء، و هو يقبل النيابة بعد الموت، كما يجوز الاستنابة في الصلوات الفائتة عن الميّت.

(3)هذا وجه احتمال عدم القضاء بالاستئجار، بل يجب على الولي مباشرته، لأنّ الوجوب تعلّق بذمّة المكلّف الحي، و لا يجوز الاستنابة في الواجب عن ذمّته. كما لا يجوز الاستنابة لقضاء الصلاة الفائتة عند الحياة، بل تجوز بعد الوفاة.

(4)الضمير في قوله «استنابته» يرجع الى الحي. يعني أنّ المكلّف الحيّ لا يجوز له استنابة الغير عمّا وجب على ذمّته من الصلاة.

(5)فاعل قوله «اختار» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه، فإنّه قال في كتابه الذكرى بعدم جواز استنابة ما فات عن الأب. و قال في كتابه الدروس بالجواز.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الجواز. يعني لو قيل بجواز الاستنابة فيقال بجواز تبرّع الغير، و هو إتيان الغير ما فات عن أب الولي مجّانا و بلا عوض، و إلاّ فلا.

(7)يعني أنّ الحكم بوجوب ما فات عن الأب يختصّ بالصلاة الفائتة عن نفسه، لا ما تعلّق على ذمّة الأب ممّا فات عن أبيه أيضا.

(8)يعني فلا يجب تحمّل الصلاة الفائتة عن أب أب الولي. و الضمير في قوله «تحمّلها» يرجع الى الصلاة الفائتة، و في قوله «وليّه» يرجع الى الولي.

(9)أي و إن تحمّل الولي ما فات عن نفس الولي فلا يجب عليه ما فات عن وليّ الولي.

ص: 488

على وجه (1) تنفذ سقطت عن الوليّ ، و بالبعض (2) وجب الباقي.

لو فات المكلّف من الصلاة ما لم يحصه

(و لو فات (3) المكلّف) من الصلاة (ما لم يحصه) لكثرته (تحرّى) (4) أي اجتهد في تحصيل ظنّ بقدر (و يبنى على ظنّه) (5)، و قضى ذلك القدر سواء كان الفائت متعدّدا كأيام كثيرة (6)، أم متّحدا كفريضة مخصوصة متعدّدة (7). و لو اشتبه الفائت في عدد منحصر (8) عادة وجب قضاء ما تيقّن به البراءة، كالشكّ بين عشر و عشرين، و فيه (9) وجه بالبناء على

**********

شرح:

(1)قوله «وجه» يتعلّق بقوله «أوصى». يعني لو كانت وصيته على وجه تنفذ بأن لم تكن أزيد من الثلث، و إلاّ لا تنفذ.

(2)فلو أوصى بقضاء مقدار ما فات و بقي مقدار منها يجب قضاء الباقي على الولي.

(3)فاعل قوله «فات» هو «ما» الموصولة في قوله «ما لم يحصه». يعني لو لم يعلم المكلّف مقدار ما فاته من الصلاة يجب عليه إتيانه بمقدار يحصل الظنّ بالقضاء.

(4)جواب «لو» الشرطية في قوله «لو فات».

(5)يعني يبني في مقدار قضاء ما فات على ما ظنّ بمقداره، و لا يجب تحصيل اليقين.

(6)كما اذا فاتت صلوات أيّام كثيرة لا يعلم مقدارها فيقضي بمقدار ظنّه على ما فات منه

(7)كما اذا لم يعلم مقدار فوت فريضة واحدة من الفرائض، مثل صلاة الصبح الفائتة عنه فيقضي بمقدار ما ظنّ على فوتها.

(8)بأن اشتبه الفائتة بين العددين في الشبهة المحصورة، كما اذا علم بفوت أحد العددين (10) أو (20) فيجب عليه قضاء ما يتيقّن ببراءة ذمّته.

أمّا لو كان الاشتباه في عدد غير محصور عرفا مثل الشبهة في ألف أو ألفين فلا يجب تحصيل اليقين بالبراءة، كما أنه هو الفرق بين حكمي الشبهة المحصورة و غير المحصورة.

(9)الضمير في قوله «و فيه» يرجع الى الفرض المذكور. يعني و في هذا الفرض - الذي هو الشبهة المحصورة عرفا - وجه على البناء على الأقلّ ، لأنّ مرجع الشكّ

ص: 489

الأقل، و هو ضعيف.

يعدل إلى السابقة لو شرع في قضاء اللاحقة

(و يعدل إلى) الفريضة (السابقة (1) لو شرع في) قضاء (اللاحقة) ناسيا مع إمكانه (2)، بأن لا يزيد عدد ما فعل عن عدد السابقة، أو تجاوزه و لمّا يركع في الزائدة، مراعاة (3) للترتيب حيث يمكن. و المراد بالعدول:

أن ينوي بقلبه تحويل هذه الصلاة (4) إلى السابقة - إلى آخر مميّزاتها (5) - متقرّبا. و يحتمل (6) عدم اعتبار باقي المميّزات، بل في بعض الأخبار

**********

شرح:

بين الأقلّ و الأكثر الغير الارتباطيّين البراءة عن الأكبر عند المشهور بين المتأخّرين، نظير ما اذا شكّ بين كون الدين في الذمّة هل هو عشرون أم أقلّ ؟ فالزائد على ما تيقّن هو مورد البراءة، لكنّ الشارح رحمه اللّه ضعّف هذا الوجه، لأنّ في المقام يحكم باقتضاء اشتغال الذمّة على البراءة اليقين.

(1)هذه مسألة اخرى في خصوص الاشتباه في نيّة الصلاة الفائتة المتعلّقة بما قال سابقا بأنّ المكلّف اذا علم الترتيب في الفوائت يجب عليه رعاية الترتيب في قضائها، فقال هنا بأنه لو شرع في قضاء اللاحقة بدل الفائتة اشتباها و تذكّر في أثناء الصلاة يجب عليه العدول الى قضاء الصلاة الفائتة سابقا.

(2)الضمير في قوله «إمكانه» يرجع الى العدول. يعني أنّ وجوب العدول في صورة عدم تجاوز محلّ العدول. مثلا اذا كانت الفائتة سابقا هي صلاة الصبح و الفائتة لاحقا صلاة المغرب و شرع في صلاة المغرب، فلو تذكّر قبل ركوع الركعة الثالثة يجب عليه العدول لصلاة الصبح. أمّا لو تذكّر بعد ركوع الثالثة فلا يمكن العدول، بل يأتي بالسابقة بعد إتمام قضاء اللاحقة.

(3)تعليل وجوب العدول للسابقة.

(4)بأن يحوّل هذه الصلاة المشروعة فيها الى الصلاة السابقة عنها في قلبه.

(5)المراد من مميّزات الصلاة كونها صلاة قضاء، و كونها واجبة، و كونها تماما، و غير ذلك.

(6)هذا احتمال آخر. يعني يمكن القول بعدم لزوم قصد المميّزات الاخرى المذكورة، لعدم الدليل بذلك.

ص: 490

دلالة عليه (1).

(و لو تجاوز محلّ العدول) بأن ركع في زائدة عن عدد السابقة (2)(أتمّها ثمّ تدارك السابقة لا غير) لاغتفار الترتيب مع النسيان (3). و كذا لو شرع في اللاحقة ثمّ علم أنّ عليه فائتة (4). و لو عدل إلى السابقة ثمّ ذكر سابقة اخرى عدل إليها، و هكذا (5). و لو ذكر بعد العدول براءته من المعدول إليها عدل إلى اللاحقة المنوية أولا (6)، أو فيما بعده، فعلى هذا يمكن ترامي (7) العدول و دوره (8).

**********

شرح:

(1)يعني في بعض الأخبار دلالة على هذا الاحتمال، كما في خبر الحلبي المنقول في الوسائل:

عن الحلبي قال: سألته عن رجل نسي أن يصلّي الاولى حتّى صلّى العصر؟ قال:

فليجعل صلاته التي صلّى الاولى، ثمّ ليستأنف العصر... الحديث. (الوسائل: ج 3 ص 213 ب 63 من أبواب المواقيت ح 4).

(2)كما مثلنا لصلاتي الصبح الاولى و المغرب اللاحقة، فلو دخل في المغرب و ركع الثالثة ثمّ تذكّر قضاء الصبح ففيه يتمّ المغرب ثمّ يأتي بصلاة الصبح السابقة بعدها.

(3)فإنّ الترتيب بين الصلوات من الشرائط الذكرية، فيسقط عند النسيان.

(4)كما اذا شرع لقضاء صلاة المغرب ثمّ تذكّر قضاء صلاة الصبح في الأثناء فيجب عليه رعاية الترتيب أيضا، و العدول الى السابقة.

(5)كما اذا صلّى قضاء المغرب فتذكّر قضاء صلاة الصبح فعدل إليها ثمّ تذكّر ثانية قضاء صلاة الظهر قبلها فيعدل إليها، و هكذا.

(6)هذا نزول في العدول بعد العدول الى السابقة اذا علم عدم قضائها، و هكذا فيما بعده.

(7)كأنّ التذكّر يرمي الإنسان الى ما قبل المأتيّ به.

(8)الدور هو الرجوع الى ما نوى أولا.

ص: 491

و كما يعدل من فائتة (1) إلى مثلها فكذا من حاضرة إلى مثلها كالظهرين لمن شرع في الثانية (2) ناسيا، و إلى فائتة استحبابا (3) على ما تقدّم، أو وجوبا على القول الآخر، و من الفائتة (4) إلى الأداء لو ذكر براءته منهما (5)، و منهما (6) إلى النافلة في موارد، و من النافلة إلى مثلها (7)، لا إلى

**********

شرح:

(1)هذه مسألة اخرى، بأنه كما يجوز العدول من الصلاة اللاحقة الى السابقة في الصلاة الفائتة كذلك يجوز العدول من اللاحقة الى السابقة في الصلاة الحاضرة.

(2)كما اذا شرع في الصلاة الثانية، و هي العصر قبل إتيان الظهر نسيانا فيجب عليه العدول الى صلاة الظهر.

(3)يعني كذلك العدول من صلاة حاضرة الى فائتة سابقة، لكن لا يجب ذلك العدول بل يستحبّ ، كما تقدم قوله «و لا يجب الترتيب بينها و بين الحاضرة». هذا بناء على قول.

و على القول الآخر يجب العدول من الحاضرة الى الفائتة السابقة أيضا.

(4)عطف على قوله «من حاضرة الى مثلها». يعني و كذا العدول من الصلاة الفائتة اذا دخلها الى الحاضرة اذا تذكّر البراءة من الفائتة في أثنائها.

(5)الضمير في قوله «منها» يرجع الى النافلة. يعني لو نوى صلاة القضاء ثمّ تذكّر في أثنائها براءته منها يعدل الى صلاة الأداء.

(6)الضمير في قوله «منهما» يرجع الى الصلاة الواجبة: القضاء و الأداء. يعني يجوز العدول منهما الى النافلة في موارد، و منها الموردان:

الأول: من شرع في الصلاة الواجبة أداء أو قضاء منفردا ثمّ التفت الى انعقاد الجماعة في أثناء صلاته يجوز له العدول الى النافلة لإدراك ثواب الجماعة.

الثاني: من نسي الأذان و الإقامة أو الإقامة فقط و دخل في الصلاة ثمّ تذكّر في الأثناء يجوز له العدول الى النافلة لإدراك الأذان و الإقامة في صلاته الواجبة.

(7)و يجوز العدول من نافلة الى نافلة اخرى أيضا، كما اذا دخل في صلاة نافلة مثل صلاة أول الشهر ثمّ بدا له أن يصلّي نافلة الجمعة قبلها.

ص: 492

فريضة (1)، و جملة صوره ست عشرة، و هي (2) الحاصلة من ضرب صور المعدول عنه و إليه - و هي (3) أربع: نفل، و فرض، أداء، و قضاء - في الآخر (4).

مسائل

اشارة

(مسائل) (5)

الاولى: ذهب المرتضى و ابن الجنيد و سلاّر إلى وجوب تأخير اولي

الأعذار إلى آخر الوقت]

(الاولى: ذهب المرتضى و ابن الجنيد و سلاّر إلى وجوب تأخير اولي الأعذار إلى آخر الوقت) (6)

**********

شرح:

(1)فلا يجوز العدول من نافلة الى فريضة، كما اذا شرع في نافلة الصبح ثمّ أراد أن يعدل الى صلاة الصبح مثلا.

(2)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى العدد المذكور، فإنّه يحصل من ضرب أقسام المعدول عنه الى أقسام المعدول إليه، فإنّ المعدول عنه له أربع صور:

1 - كونه واجبا أداء.

2 - كونه واجبا قضاء.

3 - كونه مندوبا أداء.

4 - كونه مندوبا قضاء.

و هكذا صور المعدول إليه أربع:

ففي أربع صور منها لا يجوز العدول، و هي العدول من المستحبّ أداء و قضاء الى الواجب أداء و قضاء، و في باقي الصور منها يجوز العدول.

(3)الضمير في قوله «هي» يرجع الى صور المعدول عنه و إليه.

(4)الجار و المجرور متعلّق بقوله «من ضرب».

مسائل (5)خبر لمبتدإ مقدّر و هو «هذه».

(6)فمن كان معذورا عن الصلاة لا يجوز له إقامتها في أوّل الوقت، بل يؤخّرها الى آخر وقت الصلاة.

ص: 493

محتجّين (1) بإمكان إيقاع الصلاة تامّة بزوال العذر، فيجب كما يؤخّر المتيمّم بالنصّ (2)، و بالإجماع على ما ادّعاه المرتضى،(و جوّزه الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه اللّه أول الوقت) (3) و إن كان التأخير أفضل.

(و هو الأقرب) لمخاطبتهم بالصلاة من أول الوقت بإطلاق الأمر (4)، فتكون

**********

شرح:

(1)و قد ذكروا للتأخير ثلاثة أدلّة:

الأول: احتمال زوال العذر الى آخر الوقت و إتيانها تامّة.

الثاني: استنادا الى رواية دالّة على تأخير المتيمّم الى آخر وقت الصلاة.

الثالث: الإجماع المنقول عن السيد رحمه اللّه.

(2)النصّ منقول في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: اذا لم تجد ماء و أردت التيمّم فأخّر التيمّم الى آخر الوقت، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض. (الوسائل:

ج 2 ص 993 ب 22 من أبواب التيمّم ح 1).

(3)فإنّ الشيخ الطوسي رحمه اللّه جوّز لذوي الأعذار الصلاة في أول الوقت. استنادا الى إطلاق الأمر بالصلاة.

و هذا البحث عنونه صاحب الكفاية رحمه اللّه بعبارة «لا يجوز البدار لذوي الأعذار».

و معنى البدار هو المبادرة و إتيان الصلاة في أول الوقت.

(4)و المراد من الأمر هو الكتاب و السنّة، أمّا الكتاب فقوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (1) . (الإسراء: 78).

و أمّا السنّة فالرواية المنقولة في الوسائل:

عن عبد اللّه بن جبلّة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى جبرئيل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأعلمه مواقيت الصلاة فقال: صلّ الفجر حين ينشقّ الفجر، و صلّ الاولى اذا زالت الشمس، و صلّ العصر بعيدها، و صلّ المغرب اذا سقط القرص، و صلّ العتمة اذا غاب الشفق، ثمّ أتاه من الغد فقال: أسفر بالفجر فأسفر، ثمّ أخّر الظهر حين كان الوقت الذي صلّى فيه العصر، و صلّى العصر بعيدها، و صلّى المغرب قبل

ص: 494


1- سوره 17 - آیه 78

مجزئة للامتثال (1).

و ما ذكروه (2) من الإمكان معارض بالأمر، و استحباب المبادرة إليها (3) في أول الوقت. و مجرّد الاحتمال لا يوجب القدرة على الشرط (4)، و يمكن فواتها بموت و غيره، فضلا عنه (5)، و التيمّم خرج بالنصّ (6)، و إلاّ لكان من جملتها (7). نعم يستحبّ التأخير مع الرجاء خروجا (8) من خلافهم،

**********

شرح:

سقوط الشفق، و صلّى العتمة حين ذهب ثلث الليل، ثمّ قال: ما بين هذين الوقتين وقت... الحديث. (الوسائل: ج 3 ص 116 ب 10 من أبواب المواقيت ح 8).

(1)فإنّ المكلّف اذا أتى بالصلاة في أول الوقت تكون مجزئة لامتثال الأمر في المقام.

(2)هذا جواب عن الدليل الأول من المحتجّين بوجوب التأخير، لإمكان إيقاع الصلاة تامّة بزوال العذر، بأنه يعارض بالأمر المستفاد من الآية و الرواية.

(3)يعني أنّ الإمكان المذكور يعارض بالأمر الاستحبابي بالمبادرة الى الصلاة في أول الوقت.

(4)يعني مجرّد احتمال زوال المانع لا يوجب التمكّن من الشرط ، بل يمكن فوات أصل الصلاة بموت المكلّف أو عروض الموانع الاخر.

(5)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الشرط . يعني أنّ مجرّد احتمال رفع العذر لا يوجب القدرة على الشرط ، بل يمكن عروض المانع عن الصلاة، مثل الموت و الجنون و غير ذلك.

(6)هذا جواب عن الاستدلال بلزوم تأخير المتيمّم بأنه خرج بالنصّ .

(7)يعني لو لا خروج التيمّم بالنصّ لكان التيمّم من جملة الأعذار.

و لا يخفي بأنّ نسخة الكتاب لو كانت بلفظ «التيمّم» لكان الضمير في قوله «من جملتها» راجعا الى الأعذار، و لو كانت بلفظ «المتيمّم» لرجع الى ذوى الأعذار.

(8)أي الحكم باستحباب التأخير للفرار عن مخالفة الذين يوجبون التأخير.

و الضمير في قوله «خلافهم» يرجع الى الفقهاء.

ص: 495

و لولاه (1) لكان فيه نظر.

الثانية: المرويّ في المبطون

(الثانية: (2) المرويّ في المبطون) و هو من به داء (3) البطن - بالتحريك - من ريح (4) أو غائط ، على وجه لا يمكنه منعه مقدار الصلاة (الوضوء) (5) لكلّ صلاة،(و البناء) على ما مضى منها (6)(إذا فجأه (7) الحدث) في

**********

شرح:

(1)يعني لو لم يكن في المسألة خلاف الفقهاء لكان في الحكم باستحباب التأخير إشكال، لعدم الدليل بذلك الاستحباب، و لاحتمال عدم زوال العذر مع احتمال عروض المانع من أصل الصلاة بالموت و الجنون و أمثالهما كما تقدّم.

و الضمير في قوله «لولاه» يرجع الى الخلاف، و في قوله «فيه» يرجع الى الاستحباب.

صلاة المبطون (2)المسألة الثانية من المسائل تكون في حكم المبطون.

(3)إضافة الداء الى البطن بيانية. يعني أنّ المبطون هو الذي فيه داء البطن.

البطن - بالتحريك - داء البطن بسكون الطاء. المبطون: العليل البطن، أو من به إسهال يمتدّ أشهرا لضعف المعدة. (أقرب الموارد).

(4)بيان لداء البطن بأنه إمّا بسبب الريح أو الغائط بحيث لا يمكنه الممانعة عنه بمقدار فعل الصلاة.

(5)خبر قوله «المرويّ ». يعني أنّ الرواية في حقّ المبطون تدلّ على وجوب الوضوء لكلّ حدث من الصلوات اذا فاجأه في أثناء الصلاة و البناء على ما مضى من أفعال الصلاة.

(6)الضمير في قوله «منها» يرجع الى الصلاة.

أمّا المرويّ فهو منقول في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: صاحب البطن الغالب يتوضّأ ثمّ يرجع في صلاته فيتمّ ما بقي. (الوسائل: ج 1 ص 210 ب 19 من أبواب نواقض الوضوء ح 4).

(7)فجأه: هجم عليه أو طرقه بغتة من غير أن يشعر به. (المنجد). و في بعض النسخ «فاجأه» و المعنى واحد.

ص: 496

أثنائها (1) بعد الوضوء، و اغتفار (2) هذا الفعل و إن كثر، و عليه (3) جماعة من المتقدّمين،(و أنكره بعض الأصحاب) المتأخّرين، و حكموا (4) باغتفار ما يتجدّد من الحدث بعد الوضوء، سواء وقع في الصلاة أم قبلها (5)، إن لم يتمكّن من حفظ نفسه مقدار الصلاة، و إلاّ استأنفها (6)، محتجّين (7) بأنّ الحدث المتجدّد لو نقض الطهارة لأبطل الصلاة، لأنّ المشروط (8) عدم

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «في أثنائها» يرجع الى الصلاة.

و الحاصل: أنّ المبطون اذا توضّأ و دخل في الصلاة ثمّ عرض له الحدث في أثناء صلاته يجب عليه الوضوء للحدث الحاصل في أثناء الصلاة و البناء على ما مضى، و كذلك اذا حدث مرّة اخرى يجب عليه الوضوء للثاني و يرجع الى صلاته و يبني على ما مضى.

(2)هذا جواب عن إشكال كون الفعل الكثير في أثناء الصلاة مبطلا لها، بأنّ في المقام حكم باغتفار ذلك الفعل الكثير.

(3)يعني ذهب على القول بالوضوء في أثناء الصلاة جماعة من المتقدّمين.

(4)هذا القول في مقابل القول بوجوب الوضوء في أثناء الصلاة و اغتفار ما مضى من أفعال الصلاة، بأنه لا يجب الوضوء للحدث الحاصل في الأثناء، بل يحكم باغتفار ما يحصل من الحدث بعد الوضوء قبل الصلاة.

(5)فلو توضّأ المبطون للصلاة و حصل الحدث قبلها بحيث لا يقدر على حفظ نفسه بمقدار الصلاة يحكم بالاغتفار عن الحدث المتجدّد بناء على القول الأخير.

(6)يعني لو تمكّن من حفظ نفسه بمقدار الصلاة بأن أمكنه الصلاة متوضّأ يجب عليه الحفظ و الصلاة بالوضوء، فلو حدث في أثنائها تجب عليه إعادة الصلاة.

(7)فإنّ القائلين بالأخير استدلّوا بدليلين:

الأول: بأنّ الحدث المتجدّد لو كان مبطلا و ناقضا للطهارة يكون ناقضا للوضوء الذي دخل به الصلاة فيحكم ببطلانها، لا البناء على ما مضى منها.

الثاني: بالأخبار الدالّة على كون الحدث قاطعا للصلاة، لا البناء على ما مضى.

(8)المراد من «المشروط » هو الصلاة.

ص: 497

عند عدم شرطه (1)، و بالأخبار الدالّة على أنّ الحدث يقطع الصلاة.

(و الأقرب الأول (2) لتوثيق رجال الخبر) الدالّ على البناء على ما مضى من الصلاة بعد الطهارة (عن الباقر عليه السّلام) (3)، و المراد (4) توثيق رجاله على وجه يستلزم صحّة الخبر، فإنّ التوثيق أعمّ منه (5) عندنا (6)، و الحال أنّ الخبر الوارد في ذلك (7) صحيح باعتراف الخصم (8)، فيتعيّن العمل به لذلك (9)

**********

شرح:

(1)المراد من «الشرط » هو الوضوء، فاذا فقد الوضوء فقدت الصلاة.

(2)المراد من «الأول» هو القول بوجوب الوضوء في أثناء الصلاة للحدث الحاصل فيه و البناء على ما مضى منها. فقرّب المصنّف رحمه اللّه ذلك القول بالاستناد الى وثاقة الرواة في الرواية الدالّة عليه.

(3)و قد مرّت الرواية آنفا عن محمّد بن مسلم، فراجع.

(4)يعني أنّ مراد المصنّف رحمه اللّه من لفظ «التوثيق» ليس بمعنى الوثاقة الشاملة للعدل الإمامي و الموثّق الغير الإمامي، بل مراده الصحيح المختصّ بالإمامي.

(5)يعني أنّ التوثيق عند المتأخّرين من الفقهاء أعمّ ممّا يقوله المتقدّمون، فإنّ المتقدّمين قائلون بكون الصحيح ما نقله العدول عن الإمامية، و المتأخّرين قائلون بكون الصحيح أعمّ ممّا نقله العدول من الإمامية أو الموثّق من غيرهم.

(6)أي عند المتأخّرين من الفقهاء.

(7)يعني أنّ الخبر الدالّ على القول الأول من الأخبار الصحيحة بإقرار الخصم، و هو القائل بالقول الثاني.

(8)لأنّ راوي خبر محمّد بن مسلم المذكور هو عبد اللّه بن بكير، و هو ممّن قام الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه.

و الحاصل: أنّ الخبر الدالّ على القول الأول صحيح عند القائلين به، و عند المخالفين القائلين بالقول الثاني فيجب العمل به لذلك.

(9)المشار إليه في قوله «لذلك» هو الصحيح.

ص: 498

(و شهرته (1) بين الأصحاب) خصوصا المتقدّمين، و من خالف حكمه (2) أوّله بأنّ المراد بالبناء الاستئناف.

و فيه: (3) أنّ البناء على الشيء يستلزم سبق شيء منه يبنى عليه ليكون الماضي بمنزلة الأساس لغة و عرفا، مع أنّهم (4) لا يوجبون الاستئناف، فلا وجه لحملهم (5) عليه. و الاحتجاج بالاستلزام مصادرة (6)، و كيف يتحقّق

**********

شرح:

(1)قوله «و شهرته» عطف على قوله «لتوثيق رجال الخبر». يعني وجه كون القول الأول أقرب هو شهرة الخبر الدالّ عليه بين الأصحاب.

(2)يعني أنّ من خالف الحكم المستفاد من الخبر قد أوّله بأنّ المراد بالبناء فيه هو استئناف الصلاة و إعادتها من الأول، لا البناء على ما مضى من أفعال الصلاة.

(3)الضمير في قوله «و فيه» يرجع الى التأويل المذكور. فقد أورد الشارح رحمه اللّه بتأويل البناء على الاستئناف باستلزام البناء على الشيء سبق شيء عليه.

و بعبارة اخرى: البناء على الشيء جعله أساسا على الشيء الآخر في اللغة و العرف، و ذلك لا يلائم الاستئناف و الإعادة.

(4)و هذا إيراد آخر للتأويل المذكور بأنّ المخالفين لا يقولون بوجوب الاستئناف عند حصول الحدث في أثناء الصلاة، بل يقولون باغتفار الحدث الحاصل في الأثناء.

(5)أي لا وجه لحمل المخالفين الخبر المذكور على الاستئناف إلاّ أن يريدوا من الحمل على الاستئناف في حالة يمكنه حفظ نفسه حال الصلاة، فيتمّ حملهم من هذه الحيثية.

(6)قوله «مصادرة» خبر لقوله «و الاحتجاج». و هذا ردّ لاستدلال المخالفين بأنّ الحدث المتجدّد لو كان مبطلا للطهارة لأبطل الصلاة أيضا، و إلاّ فلا يبطل الطهارة و الصلاة كليهما.

فأجاب بأنّ استنادكم بذلك مصادرة، لأنّ الاستناد في هذه الدعوى على النصّ و هو دالّ على انتقاض الطهارة بالحدث الحاصل في أثناء الصلاة، لا على بطلان الصلاة، فلا ملازمة بينهما.

ص: 499

التلازم مع ورود النصّ الصحيح بخلافه (1)، و الأخبار (2) الدالّة على قطع مطلق الحدث لها مخصوصة بالمستحاضة و السلس اتّفاقا، و هذا الفرد (3) يشاركهما بالنصّ الصحيح، و مصير (4) جمع إليه، و هو (5) كاف في التخصيص. نعم هو (6) غريب لكنّه ليس بعادم للنظير (7)، فقد ورد صحيحا

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «بخلافه» يرجع الى التلازم. يعني أنّ وجود النصّ يرفع التلازم بين نقض الطهارة و بطلان الصلاة.

(2)هذا جواب عن الإشكال بأنّ الأخبار تدلّ على كون الحدث قاطعا للصلاة في أيّ فعل من أفعال الصلاة حصل، حتّى اذا كان الحدث في آخر جزء من أجزاء الصلاة. فأجاب بأنّ الأخبار المذكورة عامّة تخصّص بالمرأة المستحاضة و سلس البول إجماعا، و بالمبطون بالنصّ الصحيح.

(3)المشار إليه في قوله «و هذا الفرد» هو المبطون. و الضمير في قوله «يشاركهما» يرجع الى المستحاضة و سلس البول. يعني أنّ المبطون يشاركهما في تخصيص العامّ بهما بسبب النصّ .

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «بالنصّ ». يعني أنّ المبطون يشارك المستحاضة و السلس بتخصيص العامّ به، و عدم بطلان الصلاة به بسبب فتوى جماعة بالاشتراك.

و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى الاشتراك الحاصل من قوله «يشاركهما».

(5)الضمير في قوله «و هو كاف» يرجع الى النصّ و مصير جمع. يعني أنّ وجود النصّ و فتوى الجماعة كاف في تخصيص العامّ بهما.

(6)يعني أنّ الحكم بعدم بطلان الصلاة بالحدث الحاصل في أثناء الصلاة غير مأنوس على الأذهان.

(7)فالحكم المذكور ليس بلا نظير و بلا مثل في أحكام الفقه، بل ورد النصّ في بعض الموارد بقطع الصلاة، ثمّ البناء على ما مضى منها، و هو منقول في الوسائل:

عن محمّد بن علي بن محبوب عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهما السّلام أنه قال في رجل

ص: 500

قطع الصلاة و البناء عليها في غيره، مع أنّ الاستبعاد غير مسموع (1).

الثالثة: يستحبّ تعجيل القضاء

(الثالثة: (2) يستحبّ تعجيل القضاء) استحبابا مؤكّدا، سواء الفرض (3) و النفل، بل الأكثر (4) على فورية قضاء الفرض، و أنه لا يجوز الاشتغال عنه بغير الضروري من (5) أكل ما يمسك الرمق (6)، و نوم (7) يضطرّ إليه، و شغل (8) يتوقّف عليه، و نحو ذلك (9)،

**********

شرح:

يصلّي و يرى الصبي يحبو الى النار أو الشاة تدخل البيت لتفسد الشيء قال:

فلينصرف و ليحرز ما يتخوّف، و يبني على صلاته ما لم يتكلّم. (الوسائل: ج 4 ص 1272 ب 21 من أبواب قواطع الصلاة ح 3).

و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المبطون.

(1)يعني أنّ عدم بطلان الصلاة بالحدث الحاصل من المبطون في أثنائها ليس بلا نظير، و مع ذلك أنّ الاستبعاد - بأنه كيف يحكم بعدم البطلان مع كون الحدث من قواطع الصلاة ؟ - غير مسموع، لوجود النصّ الصحيح المتقدّم.

(2)صفة لموصوف مقدّر و هو المسألة. يعني المسألة الثالثة من المسائل في استحباب تعجيل قضاء الصلوات الفائتة.

(3)لا فرق في تأكيد استحباب قضاء ما فات بين الفرائض مثل قضاء صلاة واجبة و بين المستحبّات مثل قضاء صلاة الليل.

(4)أي أكثر الفقهاء قائلون بوجوب الفورية في قضاء الصلاة الفائتة، و يعبّر عن ذلك في اصطلاح الفقهاء ب «المضايقة».

(5)بيان ما كان ضروريا، و هو أكل مقدار يمسك الرمق.

(6)الرمق - محرّكة - بقية الحياة، الجمع أرماق. (أقرب الموارد).

(7)و من الضروري النوم المضطرّ إليه.

(8)أي الاشتغال بفعل يتوقّف القضاء إليه من تحصيل شرائط القضاء، مثل التطهير و تحصيل الساتر، و أمثالهما من أمثال الضروري. و فاعل قوله «يتوقّف» مستتر يرجع الى القضاء.

(9)مثل شرب الماء و رفع الموانع من الصلاة.

ص: 501

و أفرده (1)، بالتصنيف جماعة، و في كثير من الأخبار دلالة عليه (2)، إلاّ أنّ حملها على الاستحباب المؤكّد طريق (3) الجمع بينها و بين ما دلّ (4) على التوسعة (5).

(و لو كان) (6) الفائت (نافلة لم ينتظر بقضائها مثل زمان فواتها) من ليل أو نهار، بل يقضي نافلة الليل نهارا

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «أفرده» يرجع الى القضاء. يعني أنّ جماعة من الفقهاء صنّفوا في خصوص تعجيل قضاء الصلوات الفائتة رسالة مستقلّة.

(2)فإنّ أكثر أخبار الباب تدلّ على وجوب تعجيل القضاء، منها المنقول في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام أنه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلوات لم يصلّها أو نام عنها، قال: يقضيها اذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار... الحديث. (الوسائل: ج 5 ص 348 ب 1 من أبواب قضاء الصلوات ح 1).

(3)خبر أنّ . يعني تلك الرواية الدالّة على التعجيل تحمل على الاستحباب، للجمع بينها و بين ما دلّ على عدم التعجيل.

(4)و ما دلّ على عدم وجوب التعجيل منقول في الوسائل أيضا:

عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: سألته عن رجل نسي المغرب حتّى دخل وقت العشاء الآخرة ؟ قال: يصلّي العشاء ثمّ المغرب. (الوسائل:

ج 5 ص 349 ب 1 من أبواب قضاء الصلوات ح 7).

(5)المراد من التوسعة هو عدم التعجيل في القضاء.

(6)هذه المسألة متفرّعة على قوله «يستحبّ تعجيل القضاء». يعني اذا حكم بتعجيل القضاء فلا ينتظر بمثل زمان النافلة من الليل أو النهار، فاذا فاتت النافلة الليلية يقضيها نهارا. و بالعكس، و يتمسّك في ذلك بالأدلّة الثلاثة:

الأول: قوله تعالى في الآية: خِلْفَةً ... (1) الى آخره.

الثاني: قوله تعالى: سارِعُوا... (2) الى آخره.

الثالث: الأخبار الدالّة على قضاء نوافل الليل بالنهار، و بالعكس.

ص: 502


1- سوره 25 - آیه 62
2- سوره 3 - آیه 133

و بالعكس (1)، لأنّ اللّه تعالى جعل كلاّ منهما خلفة للآخر (2)، و للأمر (3) بالمسارعة إلى أسباب المغفرة، و للأخبار (4).

**********

شرح:

(1)يعني يقضي نافلة النهار في الليل، مثلا اذا فاتته نافلة العصر أو الظهر يجوز له أن يقضيها في الليل.

(2)كما في قوله تعالى وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (1) . (الفرقان: 62). يعني يخلف كلّ واحد منهما صاحبه فيما يحتاج أن يعمل فيه، فمن فاته عمل الليل استدركه بالنهار، و من فاته عمل النهار استدركه بالليل، و روي ذلك عن الامام الصادق عليه السّلام أنه قال: تقضي صلاة النهار بالليل و صلاة الليل بالنهار. (راجع مجمع البيان: ج 7 ص 279).

(3)كما في قوله تعالى: وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (2) (آل عمران: 133)، و المراد من الأمر بالسرعة الى المغفرة: هو سبب المغفرة، و قضاء ما فات من الصلوات هو من أسباب المغفرة المأمور بها.

(4)الدليل الثالث من الأدلّة المتقدّمة بكون قضاء الصلوات بالمضايقة و جواز إتيان ما فات بالليل في النهار هو الأخبار الواردة في المقام و المنقولة في الوسائل:

(منها) عن عنبسة العابد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (3) قال:

قضاء صلاة الليل بالنهار و صلاة النهار بالليل. (الوسائل: ج 3 ص 200 ب 57 من أبواب المواقيت ح 2).

(و منها) عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال: أفضل قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك آخر الليل، و ليس بأس أن تقضيها بالنهار و قبل أن تزول الشمس. (المصدر السابق: ح 3).

(و منها) عن بريد بن معاوية العجلي أيضا قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه ليباهي ملائكته بالعبد يقضي صلاة الليل بالنهار، فيقول: يا ملائكتي انظروا الى عبدي يقضي ما لم أفترضه عليه، اشهدكم أنّي قد غفرت له. (المصدر السابق: ح 5).

ص: 503


1- سوره 25 - آیه 62
2- سوره 3 - آیه 133
3- سوره 25 - آیه 62

و ذهب جماعة من الأصحاب إلى استحباب (1) المماثلة استنادا إلى رواية إسماعيل الجعفي (2) عن الباقر عليه السّلام: «أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة الليل بالليل، و صلاة النهار بالنهار»، و غيرها (3). و جمع بينهما (4) بالحمل على الأفضل و الفضيلة، إذ عدم (5) انتظار مثل الوقت فيه مسارعة إلى الخير و هو فضل. كذا أجاب (6) في الذكرى، و هو يؤذن بأفضلية المماثلة، إذ لم يذكر الأفضل إلاّ في

**********

شرح:

(1)قال جماعة من الفقهاء باستحباب المماثلة بين وقت الأداء و القضاء في مقابل القول المتقدّم، فاذا فاتت النوافل الليلية يستحبّ إتيانها في الليل و بالعكس، و استدلّوا في ذلك بما نقل عن الباقر عليه السّلام.

(2)الرواية منقولة في الوسائل:

عن إسماعيل الجعفي قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة الليل بالليل و صلاة النهار بالنهار، قلت: و يكون وتران في ليلة ؟ قال: لا. قلت:

و لم تأمرني أن أوتر وترين في ليلة ؟ فقال: إحداهما قضاء. (المصدر السابق: ح 7).

(3)الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى رواية الجعفي. يعني و تدلّ على المماثلة غير رواية الجعفي، منها المنقولة في الوسائل.

عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اقض ما فاتك من صلاة النهار بالنهار و ما فاتك من صلاة الليل بالليل، قلت: أقضي وترين في ليلة ؟ قال: نعم، اقض وترا أبدا. (المصدر السابق: ح 6).

(4)يعني قد جمع بين الروايات الدالّة بعدم المماثلة و رواية الجعفي و غيرها بحمل الاولى بالفضيلة و الثانية بالأفضلية.

(5)تعليل حمل رواية الجعفي بالأفضلية و الروايات المتقدّمة بالفضيلة بأنّ عدم انتظار الوقت و التسريع في القضاء مسارعة للخير و فيه فضل.

(6)فإنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى أجاب عن التنافي بين الروايات بحمل الدالّة على عدم المماثلة على الفضل فيه، و حمل الدالّة على المماثلة على الأفضلية فيه.

ص: 504

دليلها (1). و أطلق (2) في باقي كتبه استحباب التعجيل، و الأخبار به (3) كثيرة إلاّ أنها خالية عن الأفضلية.

(و في جواز النافلة لمن عليه فريضة (4) قولان، أقربهما الجواز) للأخبار الكثيرة الدالّة عليه (5)(و قد بيّنا مأخذه (6) في كتاب الذكرى) بإيراد

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «في دليلها» يرجع الى المماثلة. يعني لفظ «أفضل» ذكر في رواية الجعفي.

(2)أي المصنّف رحمه اللّه أطلق العبارة في سائر كتبه بالحكم على استحباب التعجيل بلا تعيين الأفضل.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى الاستحباب. يعني أنّ الأخبار الدالّة على استحباب التعجيل كثيرة لكن لم يبيّن فيها الأفضلية.

(4)هذه مسألة اخرى بأنه اختلف الفقهاء بأنّ من عليه صلاة واجبة مثل صلاة القضاء هل يجوز له إتيان الصلاة المستحبّة أم لا؟ فقال الشهيد الأول رحمه اللّه بأنّ أقرب القولين عنده الجواز.

(5)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الجواز.

و اعلم أنّ الفقهاء اختلفوا في جواز النافلة لمن عليه فريضة على قولين:

ألف: الجواز، كما قرّبه المصنّف رحمه اللّه للأخبار الواردة.

ب: عدم الجواز، للنهي الوارد في بعض الأخبار، و قد جمع الشارح رحمه اللّه بينهما بحمل الثاني على الكراهة.

و لا يخفى أنّ المراد في مورد النزاع ليس النوافل اليومية الّتي يجوز فعلها قبل الفريضة مثل نافلة الصبح قبلها و نافلة العصرين قبلهما، بل المراد سائر الصلوات المندوبة.

(6)الضمير في قوله «مأخذه» يرجع الى الجواز. يعني ذكر المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى دليل جواز إتيان النافلة لمن عليه الفريضة من الأخبار، لكنّ الشارح رحمه اللّه حرّر في كتابه شرح الإرشاد الموسوم ب «روض الجنان» الإيرادات الواردة في سند الأخبار المذكورة و دلالتها على المطلب.

ص: 505

ما ورد فيه من الأخبار (1)، و حرّرنا

**********

شرح:

(1)من الأخبار التي استندها المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى الخبر المنقول في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتّى يبدأ بالمكتوبة، قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم ابن عتيبة و أصحابه فقبلوا ذلك منّي، فلمّا كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السّلام فحدّثني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عرس في بعض أسفاره و قال: من يكلأنا؟ فقال بلال: أنا، فنام بلال و ناموا حتّى طلعت الشمس، فقال: يا بلال ما أرقدك ؟ فقال:

يا رسول اللّه، أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قوموا فحوّلوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة، و قال: يا بلال أذّن، فأذّن فصلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركعتي الفجر، و أمر أصحابه فصلّوا ركعتي الفجر، ثمّ قام فصلّى بهم الصبح. و قال: من نسي شيئا من الصلاة فليصلّها اذا ذكرها فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (1) . (طه: 14).

قال زرارة: فحملت الحديث الى الحكم و أصحابه فقالوا: نقضت حديثك الأول، فقدمت على أبي جعفر عليه السّلام فأخبرته بما قال القوم، فقال: يا زرارة، ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا، و أنّ ذلك كان قضاء من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (الوسائل:

ج 3 ص 207 ب 61 من أبواب المواقيت ح 6).

و رواه المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى بسنده الصحيح و قال:

في الحديث المذكور فوائد:

منها: استحباب أن يكون للقوم حافظ اذا ناموا صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه.

و منها: ما تقدّم من أنّ اللّه تعالى أنام نبيّه لتعليم أمّته، و لئلاّ يعيّر بعض الأمّة بذلك، و لم أقف على رادّ لهذا الخبر من حيث توهّم القدح في العصمة به.

و منها: أنّ العبد ينبغي أن يتفأل بالمكان و الزمان بحسب ما يصيبه فيهما من خير و غيره، و لهذا تحوّل النبي صلّى اللّه عليه و آله الى مكان آخر.

ص: 506


1- سوره 20 - آیه 14

نحن (1) ما فيه في شرح الإرشاد.

و استند المانع (2) أيضا إلى أخبار دلّت على النهي،

**********

شرح:

و منها: استحباب الأذان للفائتة كما يستحبّ للحاضرة. و قد روى العامّة عن أبي قتادة و جماعة من الصحابة في هذه الصورة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بلالا فأذّن فصلّى ركعتي الفجر، ثمّ أمره فأقام فصلّى صلاة الفجر.

و منها: استحباب قضاء السنن.

و منها: جواز فعلها لمن عليه قضاء و إن كان قد منع منه أكثر المتأخّرين، و قد تقدّم حديث آخر فيه.

و منها: شرعية الجماعة في القضاء كالأداء.

و منها: وجوب قضاء الفائتة لفعله صلّى اللّه عليه و آله، و وجوب التأسّي به، و قوله «فليصلّها».

و منها: أنّ وقت قضائها ذكرها.

و منها: أنّ المراد من الآية ذلك.

و منها: الإشارة الى المواسعة في القضاء، لقول الباقر عليه السّلام «ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان... الى آخره». (الذكرى: ص 134).

(1)هذا من الشارح رحمه اللّه بأنه قد ذكر الإيرادات في سند الرواية و دلالتها و معارضتها بالروايات الاخرى في كتابه شرح الإرشاد المعروف ب «روض الجنان».

(2)فإنّ المانعين من إتيان النافلة قبل الفريضة أيضا استندوا الى أخبار منقولة في الوسائل:

(منها) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام أنه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلوات لم يصلّها أو نام عنها، قال يقضيها اذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها (الى أن قال:) و لا يتطوّع بركعة حتّى يقضي الفريضة كلّها. (الوسائل: ج 3 ص 206 ب 61 من أبواب المواقيت ح 3).

(و منها) عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل ينام عن الغداة حتى تبزغ الشمس أ يصلّي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط

ص: 507

و حمله (1) على الكراهة طريق الجمع. نعم يعتبر عدم إضرارها (2) بالفريضة، و لا فرق بين ذوات الأسباب (3) و غيرها.

**********

شرح:

الشمس ؟ فقال: يصلّي حين يستيقظ ، قلت: يوتر أو يصلّي الركعتين ؟ قال: بل يبدأ بالفريضة. (المصدر السابق: ح 4).

(1)الضمير في قوله «حمله» يرجع الى النهي. يعني أنّ حمل النهي الوارد في الأخبار على الكراهة طريق الجمع بين الطائفتين من الروايتين.

أقول: و الرواية الاخرى الدالّة على قضاء صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منقولة في الوسائل أيضا:

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتّى آذاه حرّ الشمس، ثمّ استيقظ فعاد ناديه ساعة و ركع ركعتين، ثمّ صلّى الصبح و قال: يا بلال مالك ؟! فقال بلال: أرقدني الّذي أرقدك يا رسول اللّه، قال: و كره المقام، و قال: نمتم بوادي الشيطان. (المصدر السابق: ح 1).

(2)يعني على القول بجواز النافلة قبل الفريضة يشترط عدم إضرارها بالفريضة، فلو منع الاشتغال بالنافلة على إتيان الفريضة من حيث الوقت أو القدرة بالشرائط فيها فلا يجوز.

(3)المراد من «النوافل ذوات الأسباب» ما ذكره الشارح رحمه اللّه في الفصل الثاني من كتاب الصلاة بأنّ نافلة ذات السبب مثل: صلاة الطواف، و صلاة الإحرام، و صلاة التحية عند الدخول في المسجد، و صلاة الزيارة عن الأئمّة عليهم السّلام، و صلاة الحاجة، و صلاة الاستخارة، و صلاة الشكر، و غير ذلك. (راجع صفحة 54 من هذا الجزء).

و في مقابلها صلاة النافلة المبتدأة التي يأتيها المكلّف قربة الى اللّه، فإنّ الصلاة خير موضوع كما ورد ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

و الضمير في قوله «غيرها» يرجع الى ذوات الأسباب.

ص: 508

الفصل التاسع في صلاة الخوف

اشارة

(الفصل التاسع) (1) (في صلاة الخوف)

هي مقصورة سفرا

(و هي (2) مقصورة سفرا) إجماعا،(و حضرا) (3) على الأصحّ للنصّ (4)، و حجة (5) مشترط السفر بظاهر الآية حيث اقتضت

**********

شرح:

صلاة الخوف (1)أي الفصل التاسع من الفصول الأحد عشر التي قالها رحمه اللّه في أول كتاب الصلاة.

(2)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى صلاة الخوف، فإنّها مقصورة في حال السفر بالإجماع، كما اذا وقعت المقاتلة بين الإسلام و الكفر في السفر بالمسافة الشرعية.

(3)يعني أنّ صلاة الخوف مقصورة أيضا اذا لم تقع في السفر بالمسافة الشرعية، بل في الحضر بناء على القول الأصحّ .

(4)أي القول الأصحّ بالنصّ الشامل لكلا الصورتين، و هو منقول في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: صلاة الخوف و صلاة السفر تقصّران جميعا؟ قال: نعم، و صلاة الخوف أحقّ أن تقصّر من صلاة السفر، لأنّ فيها خوفا.

(الوسائل: ج 5 ص 478 ب 1 من أبواب صلاة الخوف ح 1).

(5)قوله «حجّة» مبتدأ مضاف الى «مشترط السفر». خبره قوله «مندفعة». يعني أنّ الذي اشترط السفر في جواز قصر صلاة الخوف استند بظاهر الآية في قوله تعالى: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ (1)

ص: 509


1- سوره 4 - آیه 101

الجمع (1) مندفعة بالقصر (2) للسفر المجرّد عن الخوف، و النصّ محكّم (3) فيهما (جماعة) إجماعا (4)،(و فرادى) على الأشهر لإطلاق النصّ (5). و استناد مشترطها (6) إلى فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله لها جماعة لا يدلّ (7) على الشرطية، فيبقى (8)

**********

شرح:

خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (1) (النساء: 101) فالظاهر من الآية هو اشتراط الخوف و السفر كليهما في تقصير الصلاة، فالخوف بلا سفر لا يوجب القصر.

فأجاب الشارح رحمه اللّه عن دليل مشترط السفر بأنه لو استند الى مفهوم الآية فليحكم بعدم القصر عند السفر الخالي من الخوف، و الحال لا يقوله نفس المشترط ، لأنّ السفر بلا خوف من موجبات القصر.

(1)يعني أنّ ظاهر الآية اقتضى الجمع بين الخوف و السفر.

(2)أي الدفع بسبب القول بالقصر عند السفر و لو لم يجمع الخوف عند المانع أيضا.

(3)قوله «محكّم» بصيغة اسم المفعول من باب التفعيل. يعني أنّ النصّ يكون مستندا للحكم بالقصر في الخوف بلا سفر، و السفر بلا خوف. و ضمير التثنية في قوله «فيهما» يرجع الى الخوف و السفر.

(4)يعني أنّ صلاة الخوف مقصورة عند إتيانها بالجماعة بالإجماع، و عند إتيانها فرادى على الأشهر بين الفقهاء، لأنّ النصّ الدالّ على ذلك مطلق شامل لكلا الصورتين.

(5)المراد من «النصّ المطلق» هو المنقول آنفا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله «و صلاة الخوف أحقّ أن يقصّر من صلاة السفر».

(6)الضمير في قوله «مشترطها» يرجع الى الجماعة. يعني أنّ الذي اشترط الجماعة في قصر صلاة الخوف بفعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بأنه صلّى الخوف بحالة الجماعة لا يدلّ على الشرطية.

(7)خبر لقوله «استناد مشترطها» فإنّ إتيان النبيّ بالجماعة لا يدلّ على كونه واجبا أو شرطا، بل هو أعمّ من ذلك.

(8)فاذا لم يدلّ فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله شرطا فتبقى الأخبار الدالّة على الإطلاق سالمة عن المعارض.

ص: 510


1- سوره 4 - آیه 101

ما دلّ على الإطلاق سالما، و هي (1) أنواع كثيرة تبلغ العشرة (2)، أشهرها صلاة ذات الرّقاع (3)، فلذا لم يذكر غيرها، و لها شروط أشار إليها بقوله:

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «و هي» يرجع الى صلاة الخوف. يعني أنها ذو أنواع كثيرة تبلغ أعدادها الى العشرة.

(2)قد ذكر صاحب الوسائل أخبارا تدلّ على بعض الأنواع من صلاة الخوف.

منها: عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلاة الخوف المغرب يصلّي بالاولين ركعة و يقضون ركعتين، و يصلّي بالآخرين ركعتين و يقضون ركعة. (الوسائل: ج 5 ص 480 ب 3 من أبواب صلاة الخوف ح 3).

و منها: عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: و سألته عن صلاة المغرب في الخوف، فقال: يقوم الإمام ببعض أصحابه فيصلّي بهم ركعة، ثمّ يقوم في الثانية و يقومون فيصلّون لأنفسهم ركعتين و يخفّفون و ينصرفون، و يأتي أصحابه الباقون فيصلّون معه الثانية، ثمّ يقوم بهم في (الى) الثالثة فيصلّي بهم، فتكون للإمام الثالثة و للقوم الثانية، ثمّ يقعدون فيتشهّد و يتشهّدون معه، ثمّ يقوم أصحابه و الإمام قاعد فيصلّون الثالثة، و يتشهّدون معه، ثمّ يسلّم و يسلّمون.

(المصدر السابق: ح 6).

(3)يعني أشهر أنواع صلاة الخوف هو صلاة ذات الرقاع، و سيأتي وجه تسميتها بها.

الرقاع - بكسر الراء - جمع رقعة بالضمّ كبقعة و بقاع.

و سيأتي النوعان الآخران من صلاة الخوف المشهوران المسمّيان بصلاة (بطن النخل). و (صلاة عسفان) و زان عثمان.

* من حواشي الكتاب: قوله «و هي أنواع كثيرة... الى آخره» الذي اشتهر في الكتب أربعة:

أحدها: صلاة ذات الرقاع.

ثانيها: صلاة عسفان.

و ثالثها: صلاة بطن النخل.

ص: 511

كيفية صلاة ذات الرقاع

(و مع إمكان (1) الافتراق فرقتين) لكثرة المسلمين أو قوّتهم، بحيث يقاوم كلّ فرقة العدوّ حالة اشتغال الاخرى بالصلاة، و إن لم يتساويا (2) عددا.(و) كون (العدوّ (3) في خلاف) جهة (القبلة) إمّا في دبرها أو عن أحد جانبيها، بحيث لا يمكنهم القتال مصلّين إلاّ بالانحراف عنها، أو في جهتها (4) مع وجود حائل يمنع من قتالهم. و اشترط ثالث (5) و هو كون العدوّ ذا قوّة

**********

شرح:

و رابعها: صلاة شدّة الخوف. نعم، قد تتعدّد كيفية بعضها. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

كيفية صلاة ذات الرقاع تقسيم الجيش فرقتين، و إتيان الإمام ركعة مع الفرقة الاولى جماعة، و إتيانه الركعة الثانية جماعة مع الفرقة الثانية، و يشترط فيها أربعة شرائط :

الأول: إمكان تقسيم الجيش الى فرقتين لكثرتهم أو قوّتهم.

الثاني: كون العدوّ في خلاف جهة القبلة، بأن يكون في خلفها أو أحد جانبي اليمين و الشمال.

الثالث: كون العدوّ ذا قوّة يخاف من هجومه حال الصلاة.

الرابع: كما اشترطه البعض بعدم احتياج تقسيم الجيش الى أزيد من فرقتين، و إلاّ لا يجوز صلاة الخوف، بل يصلّون بكيفية اخرى، لاختصاص صلاة الخوف بالفرقتين.

(1)هذا هو الشرط الأول من الشرائط الأربعة المذكورة، فلو لم يمكن التقسيم الى فرقتين لا تصحّ الصلاة بالرقاع.

(2)لا يحتاج تساوي عدد الفرقتين، بل تصحّ و لو كثر عدد إحداهما على الاخرى.

(3)هذا هو الشرط الثاني، و هو كون العدوّ في خلاف جهة القبلة، أو أحد جانبيها بحيث لا يمكنهم القتال إلاّ بالانحراف عن القبلة.

(4)أي كون العدوّ في جهة القبلة، لكن مع وجود مانع عن المقابلة معهم.

(5)هذا هو الشرط الثالث، بأن يكون العدوّ صاحب قوة يخاف من هجومه على المسلمين حال صلاتهم.

ص: 512

يخاف هجومه عليهم حال الصلاة، فلو أمن (1) صلّوا بغير تغيير يذكر هنا، و تركه (2) اختصارا و إشعارا به من الخوف. و رابع (3) و هو عدم الاحتياج إلى الزيادة على فرقتين، لاختصاص هذه الكيفية (4) بإدراك كلّ فرقة ركعة، و يمكن الغناء عنه (5) في المغرب.

و مع اجتماع الشروط (6)(يصلّون (7) صلاة ذات الرّقاع) سمّيت بذلك لأنّ القتال كان في سفح (8) جبل فيه جدد (9) حمر و صفر

**********

شرح:

(1)يعني فلو حصل الأمن من خطر الخصم يصلّون بغير كيفية ذات الرقاع المذكورة في المقام.

(2)الضمير في قوله «تركه» يرجع الى الشرط الثالث، و فاعل الفعل مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف تركه لاختصار منه أو أنّ لفظ «الخوف» يدلّ على الخوف من الهجوم.

(3)هذا هو الشرط الرابع من الشرائط الأربعة المذكورة، و هو عدم احتياج التقسيم الى أزيد من فرقتين.

(4)أي الكيفية المذكورة في الكتاب تختصّ بحالة كون إدراك كلّ فرقة ركعة من الصلاة جماعة.

(5)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الشرط الرابع. يعني لا يشترط التقسيم الى فرقتين في صلاة المغرب، لأنها ثلاث ركعات فيمكن افتراقهم ثلاث فرق كلّ فرقة تصلّي مع الإمام ركعة واحدة.

(6)اللام في قوله «الشروط » للعهد الذكري إشارة الى الشروط الأربعة المذكورة.

(7)يعني عند إمكان التقسيم الى فرقتين مع الشرائط المذكورة يصلّون بصلاة ذات الرقاع.

(8)السفح - بالفتح -: عرض الجبل المضطجع، و قيل: أصله، و قيل: أسفله.

(أقرب الموارد).

(9)الجدد - جمع الجدّة بالضمّ - الطريقة و العلامة.

ص: 513

و سود كالرّقاع (1)، أو لأنّ (2) الصحابة كانوا حفاة فلفّوا على أرجلهم الرّقاع من جلود و خرق لشدّة الحرّ، أو لأنّ الرّقاع (3) كانت في ألويتهم، أو لمرور (4) قوم به حفاة فتشقّقت أرجلهم فكانوا يلفّون عليها الخرق، أو لأنها (5) اسم شجرة كانت في موضع الغزوة (6)، و هي على ثلاثة أميال (7) من المدينة عند بئر أروما (8). و قيل: موضع من نجد، و هي (9) أرض غطفان.

**********

شرح:

(1)يعني أنّ القتال وقع في عرض جبل أو أسفله، و كان الجبل ذو خطوط بألوان الحمر و الصفر و السود، مثل الرقاع الّتي تكون فيها الخطوط المتلوّنة تخالف أصل لون الرقعة.

و لا يخفى أنّ الشارح رحمه اللّه يذكر وجوها خمسة لتسمية الصلاة المذكورة بذات الرقاع، و هذا هو أوّل الوجوه.

الحمر: جمع أحمر، و الصفر: جمع أصفر، و السود: جمع أسود.

(2)هذا هو الوجه الثاني لتسمية الصلاة بذات الرقاع، بأنّ الصحابة كانوا في القتال حفاة بلا نعل في أرجلهم و لفّوا أرجلهم برقاع من جلود الحيوانات أو خرق لشدّة الحرّ.

(3)هذا هو الوجه الثالث، بأنّ ألويتهم كانت ذات رقاع. الألوية: جمع لواء.

(4)هذا هو الوجه الرابع، بأنّ الأصحاب قاتلوا في المكان الذي مرّ به قوم كانت أرجلهم متشقّقة و كانت ملفوفة بالخرق. و الضمير في قوله «به» يرجع الى المكان.

(5)هذا هو الوجه الرابع، بأنّ ذات الرقاع كانت اسم شجرة في موضع القتال و كان العابرون قد ألصقوا بها الخرق.

(6)الغزوة: القتال الذي حضره الرسول صلّى اللّه عليه و آله مع المقاتلين.

(7)الأميال: جمع ميل، و كلّ ميل 2 كيلومتر، و ثلاثة أميال فرسخ واحد.

و كانت الغزوة المذكورة قرب المدينة بمقدار فرسخ.

(8)أروما: بفتح الهمزة و ضمّ الراء مقصور الآخر، و ضبطها بعض اللغويّين «رومة».

(9)الضمير في قوله «هي» يرجع الى نجد، و هي مؤنث باعتبار المضاف. يعني

ص: 514

(بأن (1) يصلّي الإمام بفرقة ركعة) في مكان لا يبلغهم سهام العدوّ، ثمّ ينفردون (2) بعد قيامه (ثمّ يتمّون) ركعة اخرى مخفّفة (3) و يسلّمون و يأخذون موقف الفرقة المقاتلة،(ثمّ تأتي) الفرقة (الاخرى) و الإمام في قراءة الثانية،(فيصلّي (4) بهم ركعة) إلى أن يرفعوا من سجود الثانية فينفردون (5)، و يتمّون صلاتهم،(ثمّ ينتظرهم) الإمام (حتى يتمّوا و يسلّم بهم).

و إنّما حكمنا (6) بانفرادهم مع أنّ العبارة لا تقتضيه،

**********

شرح:

أرض نجد، و هي أرض لطائفة غطفان.

* من حواشي الكتاب: غطفان أبو قبيلة، و هو غطفان بن سعد بن قيس، و المراد هنا آل غطفان. (حاشية السيد كلانتر).

(1)هذا شرح صلاة ذات الرّقاع، بأنّ يقسّم الجيش الى فرقتين، و تصلّي الفرقة الاولى مع الإمام في ركعته الاولى في مكان بعيد عن بلوغ سهام العدوّ.

(2)فاذا قام الإمام للركعة الثانية ينفردون و يتمّون صلاتهم في الركعة الباقية خفيفة، و يسرعون الى موضع الفرقة الثانية المقاتلة، و تأتي الفرقة المذكورة في حال قراءة الإمام في الركعة الثانية و يقتدون به.

(3)بصيغة اسم المفعول. يعني أنهم يخفّفون الركعة الثانية بإسراع غير مخلّ بالطمأنينة الواجبة، مثل ترك المستحبّات من القنوت، أو ترك السورة المطوّلة مثلا.

(4)فيصلّي الإمام الركعة الثانية مع الفرقة الثانية الى أن يرفعوا رءوسهم من السجدة الثانية.

(5)فاذا فرغوا من السجدة الثانية في الركعة الاولى مع الإمام ينفردون و يؤدّون الركعة الثانية، لكنّ الإمام اذا أتمّ التشهّد يؤخّر التسليم الى أن يصل المصلّون إليه، فيسلّم الامام معهم.

و الضمائر في «صلاتهم» و «ينتظرهم» و «بهم» ترجع الى الفرقة الثانية.

(6)يعني أنّ الشارح رحمه اللّه حكم بانفرادهم عن الجماعة بقوله «فينفردون»، و الحال

ص: 515

بل ربّما دلّ سلامه (1) بهم على بقاء القدوة (2)، تبعا للمصنّف حيث ذهب في كتبه إلى انفرادهم، و ظاهر (3) الأصحاب، و به صرّح كثير منهم بقاء القدوة. و يتفرّع عليه تحمّل (4) الإمام أوهامهم على القول به (5). و ما اختاره المصنّف (6) لا يخلو من قوّة (7).

**********

شرح:

أنّ عبارة المصنّف رحمه اللّه في قوله «ثمّ ينتظرهم حتى يتمّوا» لا تقتضي الانفراد، بل تدلّ على بقاء الإمامة و الاقتداء للتتبّع من المصنّف رحمه اللّه في سائر كتبه، فإنّه أفتى فيها بانفراد الفرقة الثانية بالنسبة الى الركعة الثانية.

(1)الضمير في قوله «سلامه» يرجع الى الإمام.

(2)القدوة - بضمّ القاف -: اسم مصدر من الاقتداء بمعنى المتابعة.

(3)هذا مبتدأ و خبره قوله «بقاء القدوة». يعني أنّ الظاهر من الأصحاب و التصريح من كثير منهم هو بقاء الاقتداء لا الانفراد.

(4)بالرفع، فاعل قوله «يتفرّع عليه». يعني لو قيل ببقاء الاقتداء فإنّه يتفرّع عليه بأنّ الإمام يتحمّل أوهامهم في الصلاة، بمعنى عدم الاعتبار للسهو الحاصل من المأمومين، و قد مرّ قوله «لا سهو للمأموم مع حفظ الإمام، و بالعكس».

أوهام: جمع وهم، و المراد منه السهو. و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى بقاء القدوة.

(5)الضمير في قوله «به» يرجع الى التحمّل. أي بناء على القول بتحمّل الإمام لأوهام المأمومين، كما في الخبر المذكور في الوسائل:

عن محمّد بن سهل عن الرضا عليه السّلام قال: الامام يحمل أوهام من خلفه، إلاّ تكبيرة الافتتاح. (الوسائل: ج 5 ص 338 ب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2).

(6)المراد من «ما اختاره المصنّف» في سائر كتبه هو عدم بقاء القدوة، لا ما يظهر من عبارته في هذا الكتاب من بقائها.

(7)وجه القوّة بأنّه اذا قام المأمومون و الإمام جالس في حال التشهّد كيف يتصوّر البقاء للتبعية ؟

ص: 516

(و في المغرب يصلّي بإحداهما (1) ركعتين) و بالاخرى ركعة مخيّرا في ذلك. و الأفضل تخصيص الاولى بالاولى (2)، و الثانية (3) بالباقي، تأسّيا (4) بعليّ عليه السّلام ليلة الهرير (5)، و ليتقاربا (6) في إدراك

**********

شرح:

(1)يعني في صلاة المغرب الّتي هي ثلاثية. يصلّي الإمام بإحدى الفرقتين ركعتين منها، و بالاخرى ركعة واحدة، سواء في ذلك الفرقة الاولى أو الثانية.

(2)أي الأفضل أنّ تختصّ الركعة الاولى بالفرقة الاولى، و الركعتين الباقيتين بالفرقة الثانية.

(3)قوله «و الثانية» صفة لموصوف مقدّر و هو الفرقة، و المراد بالباقي هو الركعة الثانية و الثالثة.

(4)تعليل تخصيص المذكور بأنّ عليا عليه السّلام فعل ذلك في ليلة الهرير عند القتال مع معاوية عليه اللعنة في واقعة صفّين، فإنّه عليه السّلام صلّى الركعة الاولى من المغرب مع الفرقة الاولى، و الركعتين الباقيتين مع الفرقة الثانية.

(5)الهرير - كقتيل -: صوت الكلب و هو دون النباح. و ليلة الهرير و هي وقعة كانت بين عليّ و معاوية بظاهر الكوفة. (المصباح المنير).

عن منتخب التواريخ لملاّ هاشم رحمه اللّه: وقع القتال بين معاوية و أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في أواخر شهر ذي القعدة سنة 36 ه الى آخر شهر صفر سنة 38 ه ، و سمّي ذلك بقتال القاسطين، و كان خاتمة القتال ليلة الهرير، و هي في ليلة الجمعة في الحادي عشر من صفر سنة 38 ه ، و كان جيش معاوية في الليلة المذكورة يظهر منهم صوت الكلب من شدّة البرد، فعلى ذلك سمّيت بليلة الهرير.

(6)هذا دليل ثان على أفضلية تخصيص الاولى بالاولى، فإنّ فيه يتقارب الفريقان في إدراك الأركان، و ذلك لأنّ في كلّ ركعة ثلاثة أركان: القيام، و الركوع، و السجود، ما عدا الركعة الأولى فإنّ فيها خمسة أركان بإضافة النية و التكبيرة، ففي التخصيص المذكور تدرك الفرقة الاولى خمسة أركان، و الثانية ستة أركان، أمّا لو أدركت الاولى ركعتين و الثانية ركعة واحدة فتكون للأولى ثمانية أركان، و للثانية ثلاثة أركان.

ص: 517

الأركان و القراءة المتعيّنة (1).

و تكليف الثانية (2) بالجلوس للتشهّد الأول مع بنائها (3) على التخفيف يندفع باستدعائه (4) زمانا على التقديرين (5)، فلا يحصل بإيثار الاولى (6) تخفيف، و لتكليف (7) الثانية بالجلوس

**********

شرح:

(1)المراد من «القراءة المتعيّنة» هو قراءة الحمد التي تتعيّن في الركعتين الاولتين، و في الركعة الثالثة يتخيّر بين قراءة الحمد و التسبيحة.

(2)هذا مبتدأ و خبره قوله «يندفع». يعني أنّ بعض الفقهاء مثل العلاّمة الحلّي رحمه اللّه يقول بأفضلية صلاة الإمام الركعتين الاولتين مع الفرقة الاولى، و الركعة الثالثة مع الفرقة الثانية، لأنّ في كيفية الاولى يلزم للفرقة الثانية الجلوس للتشهّد الأول للتبعية، و هذا يوجب تطويل صلاة الخوف، و الحال أنّ الحكمة من تشريعها هو التخفيف و التسريع.

فأجاب الشارح عنه بأنّ التشهّد الأول يستدعي زمانا على التقديرين، لعدم سقوطه عن الإمام على وجه.

(3)الضمير في قوله «بنائها» يرجع الى صلاة الخوف.

(4)الضمير في قوله «استدعائه» يرجع الى التشهّد.

(5)أي القول بأفضلية صلاة الإمام الركعة الاولى مع الاولى كما اختاره الشارح رحمه اللّه، أو الركعتين معها كما اختاره العلاّمة الحلّي.

(6)يعني فلا يحصل بإتيان الإمام الركعتين الاولتين مع الفرقة الاولى تخفيف في صلاة الخوف.

قوله «تخفيف» فاعل قوله «فلا يحصل».

(7)و هذا جواب ثان عن كلام العلاّمة بأنّ الفرقة الثانية تلتزم بالتشهّد الأول لصلاة أنفسهم على تقدير صلاة الإمام الركعة الاولى فقط مع الاولى.

* من حواشي الكتاب: إليك الإشكال و جوابه:

الإشكال: لو قلنا بإدراك الفرقة الثانية للركعتين الأخيرتين فقد أضعنا عليها من

ص: 518

للتشهّد الأول (1) على التقدير الآخر (2).

**********

شرح:

الوقت مقدار انتظارها للتشهّد الأول للإمام، لكونها حينئذ في الركعة الاولى، و لم يجب عليها التشهّد، و بما أنّ أوقاتهم ضيّقة فالأولى أن تخصّ الفرقة الاولى بالركعتين الاولتين كي تتشهّد مع الإمام، و لا يضيع هذا المقدار من الوقت.

الجواب: أنّ الإمام لا بدّ له أن يجلس مقدار التشهّد الأول، سواء أ كانت الاولى متابعة له أم الثانية، فلا تفويت على الجند.

و اورد على هذا الجواب بما لا يسع المقام ذكره. (حاشية السيد كلانتر).

أقول: لا يخفى ضعف جواب الأوّل من الشارح رحمه اللّه بعدم حصول التخفيف على قول العلاّمة رحمه اللّه، لأن الإمام يطوّل صلاته بمقدار ستّ ركعات للفرقتين.

فعلى قول العلاّمة رحمه اللّه: اذا صلّى الركعة الثالثة مع الفرقة الثانية يلزم له أن يطوّل الى أن تأتي الفرقة الثانية الركعة الثانية، و تتشهّد ثمّ تقوم للثالثة، و تركع حتّى تلحق بالإمام في تشهّده الأخير.

أمّا على قول الشارح رحمه اللّه: اذا صلّى الركعتين مع الفرقة الثانية يلزم لهم الانتظار للتشهّد الأول من الإمام حتّى يقوم للركعة الثالثة، و هذا المقدار تطويل بلا طائل.

و الحاصل: أنّ الإمام في الصورة التي قالها الشارح رحمه اللّه ينتظر و يؤخّر الصلاة بمقدار ثلاث تشهّدات، لأنّ في التشهّد الأول يلزم المأمومين انتظاره، و في التشهّد الثاني يلزم الإمام انتظارهم، بخلاف الصورة التي قالها العلاّمة رحمه اللّه، فيحصل التخفيف بمقدار تشهّد واحد.

و بعبارة اخرى: فعلى قول العلاّمة يطوّل الإمام صلاته بمقدار ركعتين و تشهّدين للفرقة الثانية، و على قول الشارح رحمه اللّه يطوّل بمقدار ركعتين و ثلاث تشهّدات لها، فالإطالة الزائدة تكون بمقدار التشهّد.

(1)المراد من «التشهّد الأول» هو التشهّد في الركعة الثانية، فإنّ الفرقة الثانية لا بدّ لها أن تجلس الى التشهّد الثاني و للإمام أن ينتظر لتشهّدهم، و كذا للركعتين الثانية و الثالثة منهم حتّى يلحقوا بالإمام و يتشهّد التشهّد الثاني، و هو تشهّد الركعة الثالثة معهم، فلا فرق في التأخير بمقدار تشهّدهم بين التقديرين.

(2)أي على قول الشارح رحمه اللّه بإدراك الفرقة الثانية الركعة الأخيرة فقط .

ص: 519

يجب على المصلّين أخذ السلاح

(و يجب على المصلّين (1) أخذ السلاح) للأمر به (2) المقتضي له (3)، و هو (4) آلة القتال و الدفع، من السيف و السكّين و الرمح و غيرها و إن كان نجسا، إلاّ (5) أن يمنع شيئا من الواجبات، أو يؤذي غيره فلا يجوز اختيارا.

(و مع الشدّة) المانعة من الافتراق كذلك (6)، و الصلاة جميعا (7) بأحد الوجوه المقرّرة في هذا الباب (8)(يصلّون بحسب المكنة (9))

**********

شرح:

(1)يعني يجب على المصلّين إماما أو مأمومين أخذ السلاح حال صلاتهم للأمر به، و هو يفيد الوجوب.

السلاح - بكسر السين - اسم جامع لآلة الحرب يذكّر و يؤنّث. (أقرب الموارد).

(2)في قوله تعالى وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ ... (1) الى آخره. (النساء: 102).

(3)الضمير في قوله «له» يرجع الى الوجوب.

(4)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى السلاح. يعني أنّ المراد منه آلة القتل و الدفع مثل السيف و السكّين.

(5)استثناء من قوله «يجب». يعني لا يجب الأخذ في مقامين:

ألف: اذا منع شيئا من واجبات الصلاة، كما اذا منع أخذ السلاح عن إتيان السجدة.

ب: اذا كان أخذ السلاح موجبا لأذية الغير.

فلا يجوز فيهما الأخذ في حال الاختيار، فلو اضطرّوا لأخذ السلاح فيهما أيضا فيجوز.

(6)فاذا كانت الحرب شديدة بين الكفّار و المسلمين بحيث لا يمكنهم التفريق المذكور و لا يمكنهم الصلاة جماعة بأحد الوجوه المقرّرة من الفقهاء يجب عليهم الصلاة بما يقتضيه التمكّن.

(7)أي الصلاة جماعة.

(8)أي في باب صلاة الخوف. فإنّ الفقهاء قرّروا وجوها كثيرة في صلاة الخوف، فاذا لم يمكن الجماعة يصلّون بما يمكنهم من الصلاة.

(9)المكنة - بفتح الميم و النون و كسر الكاف -: التمكّن. (لسان العرب).

ص: 520


1- سوره 4 - آیه 102

ركبانا و مشاة (1) جماعة و فرادى، و يغتفر اختلاف الجهة هنا (2) بخلاف المختلفين في الاجتهاد (3) لأنّ (4) الجهات قبلة في حقّهم هنا. نعم يشترط

**********

شرح:

(1)ركبانا: جمع راكب، و مشاة: جمع ماشي.

(2)قوله «و يغتفر اختلاف الجهة هنا» يرتبط بقوله «جماعة». يعني لو صلّوا جماعة يجوز اقتداء المأموم الذي ظنّ القبلة الى جهة بالإمام الذي يظنّ القبلة الى جهة اخرى، لاغتفار اختلاف جهتهما هنا. و الحال أنّ المأموم اذا خالف اعتقاده من حيث الجهة مع الإمام في غير مقام الحرب لا يجوز له الصلاة جماعة مع الإمام المذكور، لعدم الاغتفار إلاّ في زمان الحرب. لكن يشترط في المقام شرط واحد، و هو عدم تقدّم المأموم نحو مقصد الإمام، بمعنى اذا صلّى الإمام الى طرف الجنوب و كانت جهة القبلة عند المأموم طرف الجنوب الشرقي أو الغربي لا يجوز تقدّمه على الإمام، بل يصلّي الى الجنوب الشرقي أو الغربي خلف الإمام المصلّي الى الجنوب مستقيما، و الحال لا يصحّ الاقتداء كذلك في غير مقام الحرب و شدّته.

و لا يخفى جواز إقامة صلاة الجماعة في المقام بنحو الدائرة مثل الجماعة حول الكعبة، فإنّ الإمام يتقدّم على المأمومين بشكل الدائرة.

(3)أي بخلاف الذين يختلفون في تشخيص جهة القبلة من حيث الاجتهاد في العلائم التي ذكروها لتشخيص القبلة، فإنّ المأموم المخالف اعتقاده للإمام لا يجوز له الاقتداء.

أقول: قد حصل الاختلاف في قبلة المسجد المجاور للحرم المطهّر لفاطمة المعصومة عليها السّلام ببلدة قم بين جمع من الفقهاء و العلماء، فإنّ بعضا يعتقد كونها مستقيمة الى الجنوب و بعضا بانحرافها الى طرف المشرق، فالمأموم الذي يعتقد تيامن القبلة في المسجد المذكور لا يجوز له الاقتداء بالإمام الذي يعتقد كونها مستقيمة. و كذلك في سائر الأمكنة التي يحصل الخلاف بين معتقد المأموم مع الإمام. لكن هذا الخلاف بل الاختلاف الكثير يغتفر في صلاة الجماعة عند قيام الحرب و شدّتها.

(4)تعليل الاغتفار في صلاة الخوف، بأنّ كلّ جهة في صلاة الخوف قبلة لمن يعتقدها قبلة. قوله «هنا» في كلا الموضعين إشارة لصلاة الخوف.

ص: 521

عدم تقدّم المأموم على الإمام نحو مقصده (1)، و الأفعال الكثيرة (2) المفتقرة إليها مغتفرة هنا.

(و يومئون (3) إيماء مع تعذّر الركوع و السجود) و لو على القربوس (4) بالرأس (5)، ثمّ بالعينين فتحا و غمضا كما مرّ، و يجب الاستقبال (6) بما أمكن و لو بالتحريمة، فإن عجز سقط (7).

(و مع عدم الإمكان) أي إمكان الصلاة بالقراءة و الإيماء للركوع و السجود (يجزيهم (8) عن كلّ ركعة) بدل القراءة و الركوع و السجود،

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «مقصده» يرجع الى الإمام.

(2)يعني و تغتفر هنا أيضا الأفعال الكثيرة المحتاج إليها في مقام الحرب، و الحال أنّ الأفعال الكثيرة الصادرة من المصلّي تعدّ من مبطلات الصلاة.

(3)قوله «يومئون» فعل مضارع ومأ يمأ ومأ، و ومّأ تومئة و إيماء بحاجبه أو بيده أو غير ذلك: أشار. (المنجد). يعني أنّ المسلمين الذين لا يقدرون على الصلاة الكاملة يصلّون بحسب التمكّن، فلو لم يقدروا على الركوع و السجود يشيرون بقصد الركوع و السجود.

(4)يعني يصحّ سجودهم بالإيماء و لو على القربوس.

القربوس - بفتح القاف و الراء - قسم السرج المقوّس المرتفع من قدّام المقعد و من مؤخّره، جمعه: القرابيس. (المنجد).

(5)الجار متعلّق بقوله «يومئون». يعني أنّ الّذين لا يتمكّنون من الصلاة كاملة يشيرون برؤوسهم، ثمّ بأعينهم بفتحها و إغماضها، كما تقدّم في بحث السجود.

(6)يعني يجب عليهم أن يتوجّهوا الى القبلة عند التمكّن و لو عند تكبيرة الإحرام، فلو عجزوا عن التوجّه الى القبلة يسقط ذلك عنهم.

(7)فاعل قوله «سقط » يرجع الى الاستقبال.

(8)أي يجزي الذين لا يقدرون على الصلاة مع القراءة و الإيماء بالركوع و السجود كما مرّ قول «سبحان اللّه و الحمد للّه... الى آخره» بدل كلّ ركعة.

ص: 522

و واجباتهما (1)(سبحان (2) اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر) مقدّما عليهما (3) النية و التكبير، خاتما بالتشهّد و التسليم. قيل: (4) و هكذا صلّى علي عليه السّلام و أصحابه ليلة الهرير الظهرين و العشاءين (5).

و لا فرق (6) في الخوف الموجب

**********

شرح:

(1)المراد من واجبات الركوع و السجود هو الذكر و الطمأنينة و الانحناء و غيرها.

(2)بالرفع محلاّ، فاعل قوله «يجزيهم».

(3)يحتمل رجوع الضمير في قوله «عليهما» الى الإيماء و التسبيحات المذكورة.

و يحتمل رجوعه الى التسبيحات و التثنية باعتبار كونها مرّتين بدلا عن الركعتين مقصورا. و في بعض النسخ «عليها» فيرجع الى التسبيحات المذكورة.

و على أيّ حال، فعند الإيماء أو ذكر التسبيحات المذكورة بدل كلّ ركعة يلزم على المصلّي النية و تكبيرة الإحرام قبلهما، و التشهّد و السلام بعدهما.

(4)قال بعض: إنّه نقل عن عليّ عليه السّلام أنه و أصحابه صلّوا ليلة الهرير الظهرين و العشاءين.

(5)الرواية الدالّة على صلاة عليّ عليه السّلام و أصحابه بالكيفية المذكورة منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: في صلاة الخوف عند المطاردة و المناوشة و تلاحم القتال فإنّه كان يصلّي كلّ إنسان منهم بالإيماء حيث كان وجهه، فاذا كانت المسايفة و المعانقة و تلاحم القتال فإنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ليلة صفّين - و هي ليلة الهرير - لم تكن صلاتهم الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كلّ صلاة إلاّ التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء، فكانت تلك صلاتهم، و لم يأمرهم بإعادة الصلاة. (الوسائل: ج 5 ص 486 ب 4 من أبواب صلاة الخوف ح 8).

(6)الى هنا بيّن كيفية الصلاة عند الخوف من العدوّ، و في المقام يصرّح بعدم الفرق بين كون الخوف من العدوّ أو من اللصّ أو من السبع من حيث الكميّة و الكيفية في

ص: 523

لقصر الكمّية (1)، و تغيّر الكيفية (2) بين كونه من عدوّ و لصّ و سبع (3)، لا من وحل (4) و غرق بالنسبة إلى الكمّية (5)، أمّا الكيفية (6) فجائز حيث لا يمكن غيرها مطلقا (7). و جوّز في الذكرى لهما (8) قصر الكمّية مع خوف التلف بدونه و رجاء (9) السلامة به، و ضيق (10) الوقت، و هو (11) يقتضي جواز الترك

**********

شرح:

الصلاة. بمعنى أنه يقصّر الرباعيات و يومئ للركوع و السجود عند العجز، و يذكر التسبيحات الأربع بدل كلّ ركعة عند العجز عن غيره.

(1)في كون الصلاة الرباعية ركعتين.

(2)بأن يصلّي بالإيماء أو يذكر التسبيحات.

(3)كما اذا خاف من خطر السبع لو صلّى تماما من حيث الكمّية و الكيفية.

(4)الوحل محرّكة، و الوحل بالتسكين، و هذه لغة رديئة: الطين الرقيق ترطم فيه الدوابّ ، جمعه: أوحال و و حول. (أقرب الموارد).

(5)يعني أنّ الخوف من الوحل، و الغرق لا يوجب كون الصلاة قصرا.

(6)أمّا من حيث الكيفية بأن يصلّي بالإيماء فيجوز عند الخوف من الوحل و الغرق.

(7)يعني أنّ تغيير كيفية الصلاة جائز عند الاضطرار، سواء كان بالخوف من الوحل و الغرق أو من غيرهما اذا لم تندفع الضرورة إلاّ بذلك.

(8)الضمير في قوله «لهما» يرجع الى من خاف الوحل و الغرق. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى جوّز القصر في كمّية الصلوات أيضا اذا خاف التلف بدون قصر الصلاة.

(9)عطف على قوله «مع خوف التلف». يعني مع رجاء السلامة عند قصر الصلاة.

و الضمير في قوله «به» يرجع الى قصر الكمّية.

(10)قوله «و ضيق» عطف على قوله «مع خوف التلف».

(11)أي خوف التلف يقتضي جواز ترك الصلاة لو توقّف رجاء السلامة على الترك. فاعل قوله «توقّف» مستتر يرجع الى «رجاء السلامة». و الضمير في قوله «عليه» يرجع الى الترك.

ص: 524

لو توقّف عليه. أمّا سقوط القضاء بذلك (1) فلا، لعدم الدليل.

**********

شرح:

(1)المشار إليه بقوله «بذلك» هو خوف التلف. يعني أنّ خوف التلف يقتضي جواز ترك الصلاة، لكن لا يقتضي سقوط قضائها بعدم الدليل على سقوط القضاء عند الترك بخوف التلف.

ص: 525

الفصل العاشر في صلاة المسافر

اشارة

(الفصل العاشر) (1) (في صلاة المسافر)

شروطها

قصد المسافة

التي (2) يجب قصرها كمّية (و شرطها (3) قصد المسافة) و هي: ثمانية

**********

شرح:

صلاة المسافر (1)أي الفصل العاشر من الفصول الأحد عشر التي قالها رحمه اللّه في أول كتاب الصلاة.

(2)أي الصلاة التي يجب كونها قصرا من المسافر من حيث الكمّية، مثل الصلاة الرباعية التي يجب قصرها الى ثنائية في السفر.

و اعلم أنّ المسافر يقصّر صلاته في السفر بشرائط خمسة:

الأوّل: قصد المسافة الشرعية، و هي ثمانية فراسخ.

الثاني: أن لا يقطع السفر بمروره على منزله في المسافة المذكورة، أو نية الإقامة عشرة أيّام، أو بمضيّ ثلاثين يوما في مصر.

الثالث: أن لا يكون المسافر من أفراد كثيري السفر.

الرابع: أن لا يكون سفره معصية.

الخامس: أن يتوارى عن جدران بلده أو يخفى عليه أذانه. و بعبارة اخرى: أن يخرج عن حدّ الترخّص. و سيأتي التفصيل في كلّ واحد من الشروط المذكورة.

(3)الضمير في قوله «و شرطها» يرجع الى صلاة المسافر. و هذا هو الشرط الأول من الشرائط المذكورة، و هو قصد المسافر المسافة المعيّنة، فلو لم يقصدها لا يجوز له القصر.

ص: 526

فراسخ كلّ فرسخ ثلاثة أميال، كلّ ميل أربع آلاف ذراع (1)، فتكون المسافة (ستة و تسعين ألف ذراع) حاصلة من ضرب ثلاثة (2) في ثمانية، ثمّ المرتفع (3) في أربعة (4)، و كلّ ذراع أربع و عشرون إصبعا (5)، كلّ إصبع سبع شعيرات متلاصقات (6) بالسطح الأكبر - و قيل: ست - عرض كلّ شعيرة سبع (7) شعرات من شعر البرذون (8)، و يجمعها (9) مسير يوم معتدل الوقت و المكان (10)

**********

شرح:

(1)فاذا كان كلّ فرسخ ثلاثة أميال و كان كلّ ميل أربعة آلاف ذراع، فتكون المسافة 96000 ذراعا.

(2)قوله «ثلاثة» هو عدد الأميال، و «ثمانية» عدد الفراسخ.

(3)العدد المرتفع الحاصل من ضرب ثلاثة في ثمانية هو أربعة و عشرون.

(4)أي في أربعة آلاف ذراع و هي عدد كلّ ميل.

(5)يعني أنّ مقدار كلّ ذراع هو مقدار أربعة و عشرون ذراعا و هو ستّ قبضات كلّ قبضة أربعة أصابع متّصلة.

(6)يعني أنّ مقدار كلّ إصبع عبارة عن مقدار سبع شعيرات في حال التصاق كلّ شعرة بالاخرى بالسطح الأكبر، و على قول: ستّ شعيرات، فاذا ضربت عدد الأذرع 96000 في عدد الأصابع 24 يصير المجموع 2304000 إصبعا.

(7)فاذا كان عرض كلّ شعيرة سبع شعرات من شعر البرذون و ضربت المجموع المرتفع من الأصابع في عدد الشعرات يصير المرتفع 16128000 شعيرة.

(8)البرذون - بكسر الباء و فتح الذال -: الخيل التركي أو التاتاري، و في اللغة الفارسية «يابو».

(9)أي يجمع المقادير المذكورة بالأميال و الأذرع و الأصابع و الشعيرات و الشعرات مقدار سير إبل محمّلة بالأثقال في زمان يوم من الأيّام المعتدلة من السنة، لا أطول أيّام السنة و لا أقصرها.

(10)أي المكان المستوي بأن لا يكون المسير في مكان كثير الانخفاض و الارتفاع، و إلاّ لا يطابق المقدار المذكور.

ص: 527

و السير (1) لأثقال (2) الإبل، و مبدأ التقدير (3) من آخر خطّة البلد المعتدل، و آخر (4) محلّته في المتّسع عرفا.

(أو نصفها (5) لمريد الرجوع ليومه) (6) أو ليلته أو الملفّق منهما (7)، مع اتّصال السير عرفا، دون الذهاب في أول أحدهما (8)، و العود في آخر الآخر، و نحوه (9)

**********

شرح:

(1)و أن يكون السير أيضا معتدلا و لا يكون سريعا و لا بطيئا غير متعارفين.

(2)الأثقال: جمع ثقل: المتاع المحمول، و إضافة الأثقال الى الإبل من إضافة الصفة الى موصوفه، و الجار و المجرور متعلق بقوله «مسير».

و حاصل المعنى: أنّ المسافة الشرعية للقصر هي مقدار سير الإبل الحاصل للأمتعة الثقيلة في اليوم و المكان و السير المتعارفين.

(3)يعني أوّل المسافة يلاحظ من آخر البلد المعتدل، و هو الجدار الآخر من البيوت لا البساتين. الخطّة - بكسر الخاء - حدّ البلد و نهايته.

(4)بالجرّ، عطفا على قوله «آخر خطّة». يعني مبتدأ المسافة في البلاد المتّسعة التي تسمّى بالبلاد الكبيرة تلاحظ من آخر المحلّ الذي يسكن الشخص فيه.

(5)الضمير في قوله «أو نصفها» يرجع الى ستة و تسعين. يعني من أراد الرجوع الى بلده تكون المسافة في حقّه نصف ما ذكر، فاذا كان المقدار في حقّ غير مريد الرجوع ثمانية فراسخ يلاحظ في حقّ مريد الرجوع أربعة فراسخ، فيكون مجموع الذهاب و الإياب بذلك المقدار أيضا.

(6)يشترط كون الرجوع في اليوم الذي سافر فيه أو ليلته مع اتّصال السفر.

(7)الضمير في قوله «منهما» يرجع الى اليوم و الليل. بمعنى كون السفر في الملفّق من اليوم و الليلة بالذهاب في بعض منهما و الرجوع في البعض الآخر.

(8)بأن يذهب في أوّل اليوم و يرجع في آخر الليل، ففيه لا يتّصل السير في العرف.

(9)أي لا يتّصل السير عرفا في أمثال ما ذكر، كما اذا ذهب في آخر اليوم و رجع في أول اليوم الآخر.

ص: 528

في المشهور (1)، و في الأخبار الصحيحة الاكتفاء به (2) مطلقا، و عليه (3)

**********

شرح:

(1)يعني أنّ شرط قصد الرجوع بيومه، أو ليلته أو الملفّق منهما إنّما هو على فتوى المشهور بين الفقهاء. لكن في الأخبار لم يقيّد بالشرط المذكور، بل قصد أربعة فراسخ يكون كافيا في قصر الصلاة.

(2)الضمير في قوله «به» يرجع الى النصف، و قوله «مطلقا» إشارة الى عدم التقييد بقصد الرجوع بيومه.

و من الأخبار الدالّة على كفاية أربعة فراسخ مطلقا الخبر المنقول في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: التقصير في بريد، و البريد أربع فراسخ.

(الوسائل: ج 5 ص 494 ب 2 من أبواب صلاة المسافر ح 1).

و عن إسماعيل بن الفضيل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التقصير فقال: في أربعة فراسخ. (المصدر السابق: ح 5).

و من الأخبار الدالّة على كفاية أربعة فراسخ ذهابا و إيابا بلا تقييد إرادة الرجوع الخبر المنقول في الوسائل:

عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أدنى ما يقصّر فيه المسافر الصلاة ؟ قال: بريد ذاهبا و بريد جائيا. (المصدر السابق: ح 2).

(3)أي على القول بكفاية النصف مطلقا في القصر عن جماعة من الفقهاء، مخيّرين في القصر و الإتمام، للجمع بين الأخبار الدالّة على النصف و الأخبار الدالّة على ثمانية فراسخ.

و من الأخبار الدالّة على اشتراط ثمانية فراسخ الخبر المنقول في الوسائل:

عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام أنه سمعه يقول: إنّما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقلّ من ذلك و لا أكثر، لأنّ ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامّة و القوافل و الأثقال، فوجب التقصير في مسيرة يوم، و لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة، و ذلك لأنّ كلّ يوم يكون بعد هذا اليوم فإنّما هو نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم فما وجب في نظيره اذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما. (الوسائل: ج 5 ص 490 ب 1 من أبواب صلاة المسافر ح 1).

ص: 529

جماعة مخيّرين في القصر و الإتمام جمعا، و آخرون (1) في الصلاة خاصّة، و حملها (2) الأكثر على مريد الرجوع ليومه فيتحتّم القصر أو يتخيّر، و عليه (3) المصنّف في الذكرى. و في الأخبار ما يدفع هذا الجمع بمعنييه (4).

و خرج بقصد (5) المقدّر السفر إلى

**********

شرح:

(1)يعني و جماعة اخر من الفقهاء يقولون بكفاية أربعة فراسخ في قصر الصلاة خاصّة. أمّا الصوم فلا يقولون بسقوطه عمّن ذهب أربعا و عاد كذلك.

(2)الضمير في قوله «حملها» يرجع الى الأخبار الصحيحة الدالّة على الاكتفاء بالنصف مطلقا. يعني أنّ أكثر الفقهاء حملوها على مريد الرجوع ليومه، و هو القول المشهور، فإذا يحكم بالقصر قطعا أو بالتخيير.

أقول: الحكم بالتحتّم عملا بالظاهر منها الآمرة بالقصر، و التخيير للجمع بينها و بين غيرها.

(3)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في الذكرى قال بالتخيير بين القصر و الإتمام في الصلاة، و الإمساك و الإفطار في الصوم اذا ذهب أربعة فراسخ و أراد الرجوع ليومه.

و الفرق بين التخيير القائل به المصنّف رحمه اللّه في الذكرى و بين التخيير القائل به الجماعة كما تقدّم هو قصد الرجوع ليومه عند المصنّف، و الإطلاق عند الجماعة.

(4)المراد من «الجمع بمعنييه» هو الجمع بين الأخبار بالتخيير بين القصر و الإتمام و الجمع بينهما بقصد الرجوع ليومه، فيندفع الجمعان المذكوران بالخبر الوارد في الوسائل:

عن معاوية بن عمّار أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أهل مكّة يتمّون الصلاة بعرفات، فقال: ويلهم - أو ويحهم - و أيّ سفر أشدّ منه لا تتمّ . (الوسائل: ج 5 ص 499 ب 3 من أبواب صلاة المسافر ح 1).

و لا يخفى أنّ الفاصلة بين مكّة و عرفات أربعة فراسخ، فحكم بالقصر بلا تقييد قصد الرجوع بالحتم لا بالتخيير، فهي تدفع الجمعين المذكورين.

(5)أي خرج بقوله «و شرطها قصد المسافة» السفر الذي لم يقصد فيه المسافة،

ص: 530

المسافة بغيره (1)، كطالب حاجة يرجع متى وجدها (2) إلاّ أن يعلم عادة توقّفه (3) على المسافة، و في إلحاق الظنّ القويّ به (4) وجه قويّ ، و تابع (5) متغلّب يفارقه متى قدر مع إمكانه (6) عادة، و مثله الزوجة و العبد يجوّزان (7) الطلاق و العتق مع ظهور أمارتهما (8). و لو ظنّ التابع بقاء

**********

شرح:

و ذكر لذلك أمثلة:

الأول: طالب حاجة يرجع متى وجدها.

الثاني: الأسير الذي في يد ظالم يرجع متى استخلص من يده.

الثالث: الزوجة التي تحتمل الطّلاق من زوجها.

الرابع: المملوك الذي يحتمل العتق من مولاه فلا يقصد المسافة.

(1)الضمير في قوله «بغيره» يرجع الى المقدّر. يعني خرج باشتراط قصد المسافة السفر بغير المقدّر المذكور.

(2)الضمير في قوله «وجدها» يرجع الى الحاجة، و هذا المثال الأول من الأمثلة المذكورة آنفا.

(3)الضمير في قوله «توقّفه» يرجع الى الوجدان المعلوم من قوله «وجدها».

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى العلم. يعني اذا لم يحصل العلم بمسير المسافة لكن يحصل له الظنّ به ففي إلحاق الظنّ بالعلم في المقام وجه قويّ ، بالنظر الى إلحاق الظنّ بالعلم في كثير من المسائل، مثل القبلة للصلاة إليها، و مثل ظنّ الخطر الموجب كون السفر حراما الموجب لإتمام الصلاة، و غير ذلك.

(5)هذا المثال الثاني من الأمثلة المذكورة قوله «تابع» يضاف الى المتغلّب.

و المتغلّب: هو القاهر على الغير بحيث يسلب الإرادة عنه.

(6)أي مع احتمال القدرة على الفرار، فلو لم يحتمل ذلك فلا يجوز له القصر.

(7)بصيغة التثنية من باب التفعيل، و فاعله ضمير التثنية العائد الى الزوجة و العبد.

قوله «الطلاق و العتق» على نحو اللفّ و النشر المرتّب، فإنّ الأول يتعلّق بالزوجة، و الثاني يتعلّق بالعبد.

(8)أي القصر من الزوجة و العبد اذا احتملا الطلاق و العتق إنّما هو عند ظهور

ص: 531

الصحبة قصّر مع قصد المسافة و لو تبعا (1)، و حيث يبلغ المسافة يقصّر (2) في الرجوع مطلقا (3)، و لا يضمّ إليه ما بقي من الذهاب (4) بعد القصد متّصلا (5) به ممّا يقصر عن المسافة.

لا يقطع السفر بمروره على منزله

(و أن لا يقطع (6) السفر بمروره على منزله)

**********

شرح:

علائمهما، كما اذا نذر المولى عتق مملوك عند السفر، أو ظهر الإكراه من الزوج بالنسبة الى دوام الزوجية من الزوجة.

(1)يعني أنّ قصد التابع المسافة الشرعية يتحقّق بالقصد التبعي، لا بالاستقلال.

(2)فاعل قوله «يقصّر» و قوله «يبلغ المسافة» مستتر يرجع الى التابع. يعني اذا بلغ التابع مقدار المسافة الشرعية يجب عليه القصر عند الرجوع.

(3)سواء قصد المسافة أو ظنّها أم لا.

(4)قوله «من الذهاب» بيان ل «ما» الموصولة، كما أنّ قوله «ممّا يقصر» بيان له.

و حاصل معنى العبارة: أنّ التابع اذا بلغ المسافة بلا قصد لا يجوز له القصر، أمّا اذا بلغ المسافة - و هي ثمانية فراسخ - و أراد الرجوع فيجب عليه حينئذ القصر، لقصده المسافة عند الرجوع. لكنّ التابع اذا سافر ستة فراسخ بلا قصد ثمّ قصد فرسخين ثمّ أراد الرجوع لا يجوز له ضمّ الفرسخين المذكورين الى الفراسخ التي سافرها بلا قصد ليكون المجموع ثمانية فراسخ و لو كان سفرا لفرسخين متّصلا بالرجوع.

قوله «لا يضمّ » بصيغة المعلوم، فاعله مستتر يرجع الى التابع، و الضمير في قوله «إليه» يرجع الى «الرجوع». و قوله «ما بقي» مفعول «لا يضمّ ».

(5)قوله «متّصلا» حال لقوله «ما بقي». و الضمير في قوله «به» يرجع الى الرجوع.

يعني في حال كون ما بقي متّصلا بالرجوع، و هذا الاحتراز اذا لم يتّصل بل حصل الفاصل بينه و بين المسافة المذكور إقامة عشرة أيام فإنّه حينئذ لا يكون متّصلا.

(6)هذا هو الشرط الثاني من شرائط القصر التي تقدّمت، و هو عدم مرور قاصد المسافة على منزله.

إيضاح: لا يخفى أنّ المراد من المنزل الذي يقطع السفر ليس معناه العرفي

ص: 532

و هو (1) ملكه من العقار الذي قد استوطنه، أو بلده (2)، الذي لا يخرج عن

**********

شرح:

و الظاهري المتعارف، بل المراد منه معنيان:

الأول: الدار السكنية أو الملك و العقار التي اختارها وطنا بشرط إقامته فيها ستة أشهر بقصد التوطّن.

الثاني: المحلّ الذي اختاره للإقامة الدائمية بشرط إقامته فيه ستة أشهر و لو لم يكن له فيه ملك و لا دار، و ذلك مثل البلدة أو القرية التي ولد و نشأ فيها مثل بلدة أو قرية لوالديه.

(1)الضمير في قوله «هو» يرجع الى المنزل.

العقار - بفتح العين -: المنزل و الضيعة. (أقرب الموارد).

يعني أنّ المراد من المنزل هو مملوكه من الدار أو الضيعة التي اختارها وطنا بشرط إقامته فيها ستة أشهر بقصد التوطّن. كما اذا أخذ ملكا في محلّ و جعل الزراعة و الغرس فيه و استوطنه، فلو لم يستوطن في ذلك المكان ستة أشهر فالمرور به لا يقطع السفر.

(2)الضمير في قوله «أو بلده» يرجع الى العقار. يعني أنّ المراد من المنزل البلد الذي اختار فيه العقار، كما اذا كان له زراعة و ملك في بلدة أو قرية و أقام فيها و لم يخرج عن حدودها الشرعية، و هو المسمّى بحدّ الترخّص ستة أشهر أو أزيد بقصد التوطّن فيها.

و لا يخفى الفرق بين كون المنزل في قوله «و هو ملكه من العقار» هو نفس الملك و المزرعة و الحديقة، و بين قوله «أو بلده الذي... الى آخره» بأنّ المنزل هو بلده الذي فيه العقار و الضيعة.

و بعبارة اخرى: أنّ المنزل يطلق تارة على الضيعة و العقار التي سكن فيها، و اخرى على البلدة أو القرية التي كان له فيها الملك و المزرعة و الحديقة و لو لم يقم فيها، بل أقام في البلد الذي فيه ذلك. هذا ما فهمت من العبارة لكنّ المحشّين قد ذكروا للعبارة معان اخر:

* من حواشي الكتاب: قوله «أو بلده الذي... الى آخره» عطف على مفعول

ص: 533

حدودها (1) الشرعية ستة أشهر فصاعدا، بنية الإقامة (2) الموجبة للإتمام، متوالية (3) أو متفرّقة (4)، أو منويّ (5) الإقامة على الدوام مع استيطانه المدّة (6) و إن لم يكن له (7) به ملك.

**********

شرح:

«استوطنه»، كما قال سلطان العلماء، أو على قوله «ملكه»، لكن حينئذ يفوت التعرّض للتعميم في الاستيطان. و على الأول يفوت التعرّض للتعميم في المرور على المنزل الظاهر في المرور على المنزل نفسه، و لا يشمل المرور على موضع لا يكون في محلّ الترخّص بالنسبة إليه، فافهم.

ثمّ الظاهر على الوجه الأول عود الضمير في «بلده» على العقار. و على الثاني يحتمل عوده عليه و على التأخّر أيضا، و لترجيح كلّ منهما وجه يظهر بالتأمّل، فتأمّل. (حاشية جمال الدين رحمه اللّه).

(1)الضمير في قوله «حدودها» يرجع الى البلد، و التأنيث باعتبار التأويل الى المدينة، و في قوله «الذي» باعتبار اللفظ المذكّر.

(2)فلو لم يكن عدم الخروج عن الحدود بقصد الإقامة الموجبة للإتمام لا يكون قاطعا للسفر.

(3)بأن لا يخرج عن الحدود ستة أشهر متوالية بحيث يجدّد النية عند ختام عشرة سابقة، و هكذا.

(4)بأن نوى عشرة أيام و بعدها قصد الخروج، ثمّ جدّد نية الإقامة، و هكذا. و هذا إشارة الى الخلاف بين الفقهاء، فإنّ بعضهم اشترط في الإقامة المذكورة الموالاة، و بعضهم رخّص التفريق، كما اذا أقام ستة أشهر و لو في مدّة سنة أو سنين متعدّدة.

(5)بالرفع، عطفا على قوله «ملكه». يعني أنّ المراد من المنزل المكان الذي نوى الإقامة الدائمية فيه بشرط استيطانه فيه مدّة ستة أشهر متوالية أو متفرّقة و إن لم يكن له فيه ملك و لا عقار. و هذا المعنى الثاني من المعنيين المذكورين في المراد من المنزل.

(6)اللام في «المدّة» للعهد الذكري، و هي ستة أشهر.

(7)الضمير في قوله «له» يرجع الى الناوي، و في قوله «به» يرجع الى منويّ الإقامة.

ص: 534

و لو خرج (1) الملك عنه أو رجع (2) عن نية الإقامة ساوى غيره،(أو نية (3) مقام عشرة أيام) تامّة (4) بلياليها متتالية و لو (5) بتعليق السفر على ما لا يحصل عادة في أقلّ منها،(أو مضيّ (6) ثلاثين يوما) بغير نية الإقامة و إن

**********

شرح:

(1)هذا متعلّق بالمعنى الأول، بمعنى أنه لو خرج الملك و الضيعة من يده بالبيع أو غيره فيساوي المكان المذكور بغيره في عدم كونه قاطعا للسفر.

(2)و هذا متعلّق بالمعنى الثاني، بأنه لو انصرف من نية الإقامة الدائمية في المكان المذكور يصير هو مثل غيره في عدم كونه قاطعا للسفر، لعدم ملك له في البلد، و عدم قصد الإقامة الدائمية فيها.

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «بمروره على منزله»، و هو من توابع الشرط الثاني من شروط القصر عند قصد المسافة. يعني و أن لا يقطع السفر بنية إقامة عشرة أيام في أثناء المسافة المذكورة، فلو قصد الإقامة كذلك بين المسافة لا يجوز له القصر في هذا السفر.

(4)يعني يشترط في مقام عشرة أيام كونها كاملة، فلو نقص منها و لو ساعة لا يقطع السفر.

قوله «بلياليها» إشارة الى عدم جواز الخروج حتّى في الليالي التي بين عشرة أيام. و لا يخفى أنه لا يشترط في الإقامة المذكورة عشر ليال، بل لو أقام أول اليوم منها و خرج آخر اليوم العاشر منها يصدق عليها إقامة عشرة أيام، و الحال يكون المجموع عشرة أيام و تسع ليال.

(5)أي و لو كانت نية إقامة العشرة حكما لا حقيقة كما اذا علّق السفر بحاجة لا تحصل عادة إلاّ في عشرة أيام أو أزيد منها، كتجارة تطول معاملتها أكثر من عشرة أيام أو اشتغل بمعالجة مريض لا يبرأ في أقلّ منها ففي المقام و لو لم ينو العشرة حقيقة إلاّ أنه ينويها حكما.

و الضمير في قوله «منها» يرجع الى عشرة أيام.

(6)بالجرّ، عطفا على قوله «بمروره» و هو من توابع الشرط الثاني من شروط القصر عند قصد المسافة، و عطف على قوله «بمروره». يعني أن لا يقطع السفر بمضيّ ثلاثين يوما في مكان بدون نية الإقامة.

ص: 535

جزم (1) بالسفر (في مصر) أي في مكان (2) معيّن. أمّا المصر بمعنى المدينة أو البلد فليس بشرط . و متى كملت الثلاثون أتمّ بعدها (3) ما يصلّيه قبل السفر و لو فريضة (4).

و متى انقطع السفر بأحد هذه (5) افتقر العود إلى القصر إلى قصد مسافة جديدة، فلو خرج بعدها (6) بقي على التمام إلى أن يقصد المسافة، سواء عزم على العود (7) إلى موضع الإقامة أم لا. و لو نوى الإقامة في عدّة مواطن (8) في ابتداء السفر أو كان له منازل (9) اعتبرت المسافة بين كلّ

**********

شرح:

(1)هذا بيان لما سبق. يعني حتّى لو جزم بالسفر في المدّة المذكورة أيضا يكون الثلاثين يوما قاطعا للسفر.

(2)بلا فرق بين كون المكان بلدة أو قرية أو ضيعة أو غيرها.

(3)يعني اذا أكمل ثلاثين يوما مردّدا و بلا قصد يجب عليه إتمام الصلاة قبل السفر.

(4)أي و لو كانت الصلاة فريضة واحدة. بمعنى أنه اذا أتمّ المدّة المذكورة مردّدا ثمّ أراد السفر لكن أراد أن يصلّي صلاة واحدة قبل السفر فيجب عليه إتيانها تماما، لا قصرا.

(5)يعني اذا انقطع سفره قاصدا المسافة بأحد الأمور الثلاثة يجب عليه إتمام الصلاة الى أن يقصد المسافة الشرعية مجدّدا.

(6)أي لو خرج من الأمكنة الثلاثة بعد الإقامة و تحقّقها بقي المسافر على حكم التمام. يعني يجب عليه إتمام صلاته الى أن يقصد المسافة مجدّدا.

(7)فاذا عزم المسافة الشرعية من محلّ الإقامة يجب عليه القصر، سواء عزم الرجوع الى محلّ الإقامة في اليوم أو الليلة أم لا.

(8)كما اذا أراد أن يقيم في كلّ بلدة في سفره عشرة أيام في ابتداء سفره تعتبر المسافة الشرعية بين البلاد المذكورة، فلو كانت المسافة أقلّ منها لا يجوز له القصر.

(9)جمع منزل، كما اذا كان له مواطن و أراد السفر لكلّ منها تعتبر المسافة بينها، و إلاّ لا يجوز له القصر.

ص: 536

منزلين و بين الأخير (1) و غاية السفر فيقصّر فيما بلغه (2)، و يتمّ في الباقي و إن تمادى السفر.

لا يكثر سفره

(و أن لا يكثر (3) سفره) بأن يسافر ثلاث سفرات إلى مسافة، و لا يقيم بين سفرتين منها (4) عشرة أيام في بلده، أو غيره (5) مع النية، أو يصدق (6) عليه اسم المكاري و إخوته (7)،

**********

شرح:

(1)يعني تعتبر المسافة بين المقصد و المنزل الأخير.

(2)الضمير في قوله «بلغه» يرجع الى حدّ المسافة.

(3)و هذا هو الشرط الثالث من الشرائط ، بأن لا يكون قاصد المسافة كثير السفر، و إلاّ لا يجوز له القصر، بل يجب الإتمام، و هو على قسمين:

الأول: اذا سافر من بلده ثلاث سفرات الى حدّ المسافة الشرعية و لا يقيم بين السفرات المذكورة عشرة أيام في بلدة، و إلاّ لا يصدق عليه كثير السفر.

و هكذا أن لا يقيم في بلدة اخرى، فلو أقام فيها ثمّ سافر ثلاث مرّات بدون الإقامة بينها يكون كثير السفر، و اذا أقام فيه ثمّ سافر لا يصدق عليه كثير السفر.

الثاني: اذا صدق عليه اسم المكاري و الملاّح و الأجير و البريد، كما سيأتي تفصيل كلّ منها.

(4)الضمير في قوله «منها» يرجع الى السفرات، فلو سافر المسافة الشرعية و رجع بعد عشرة أيام الى بلده ثمّ سافر كذلك لا يصدق عليه كثير السفر.

(5)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى بلده. يعني اذا أقام في بلد غير بلده الأصلي و سافر عنه ثلاث سفرات و رجع الى بلد الإقامة و لم يقم فيه عشرة أيام يصدق عليه كثير السفر، لكن لو أقام عشرة أيام بينها لا يصدق كونه كثير السفر.

قوله «مع النية» قيد لغيره. يعني لا يقيم في غيره مع نية إقامة العشرة، فلا مانع من الإقامة بغير نية العشرة.

(6)عطف على قوله «بأن يسافر ثلاث سفرات»، و هذا هو القسم الثاني من قسمي كثير السفر.

(7)و هم: الملاّح و الأجير و غيرهما ممّا سيأتي التفصيل فيهم.

ص: 537

و حينئذ فيتمّ في الثالثة (1)، و مع صدق الاسم (2) يستمرّ متمّا إلى أن يزول الاسم (3)، أو يقيم (4) عشرة أيام متوالية، أو مفصولة بغير مسافة في بلده، أو مع (5) نية الإقامة، أو يمضي عليه (6) أربعون يوما متردّدا في الإقامة، أو جازما (7) بالسفر من دونه.

و من (8) يكثر سفره (كالمكاري) (9) بضمّ الميم و تخفيف الياء، و هو (10) من يكري دابّته لغيره و يذهب معها (11)،

**********

شرح:

(1)هذا متفرّع على القسم الأول من قسمي كثير السفر. يعني اذا صدق عليه كثير السفر في سفره الثالث فيتمّ صلاته فيه.

(2)هذا متفرّع على القسم الثاني، و هو صدق اسم أحد من المكاري و إخوته عليه.

(3)يعني اذا صدق عليه اسم أحد ممّن سيذكر يجب عليه الإتمام الى أن يزول عنه الاسم، مثلا يتمّ ما دام يصدق عليه المكاري، فاذا زال عنه هذا الاسم يقصّر.

(4)و هذا متعلّق بالقسم الأول من قسمي كثير السفر. يعني يستمرّ في الإتمام الى أن يقيم عشرة أيام متوالية أو مفصولة بالسفر الذي لا يبلغ حدّ المسافة في بلده.

(5)يعني اذا نوى الإقامة الشرعية في مكان خاصّ يزول أيضا عنوان كثير السفر.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى كثير السفر. يعني اذا مضى على كثير السفر أربعون يوما و هو متردّد في الإقامة فقد زال عنه عنوان كثير السفر.

(7)بأن عزم السفر جزما لكن لم يسافر، كما تقدّم آنفا في قواطع السفر.

و الضمير في قوله «من دونه» يرجع الى السفر.

(8)هذا مبتدأ و خبره قوله «كالمكاري». و قد ذكر المصنّف رحمه اللّه لكثير السفر بالمعنى الثاني أربعة أمثلة:

الأول: المكاري. الثاني: الملاّح. الثالث: البريد. الرابع: الأجير.

(9)المكاري بصيغة اسم فاعل، من كرى يكري كريا، كاراه الدابّة و الدار: آجره فهو مكاري. (أقرب الموارد).

(10)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى المكاري.

(11)الضمير في قوله «معها» يرجع الى الدابّة. يعني أنّ المكاري هو الذي يؤجر دابّته و يذهب مع الدابّة.

ص: 538

فلا يقيم ببلده غالبا لإعداه (1) نفسه لذلك،(و الملاّح) (2) و هو صاحب السفينة (و الأجير) (3) الذي يؤجّر نفسه للأسفار (و البريد) (4) المعدّ (5) نفسه للرسالة، أو أمين (6) البيدر (7)، أو الاشتقان (8). و ضابطه (9) من

**********

شرح:

(1)فإنّ المكاري يعدّ نفسه للسفر غالبا.

(2)الملاّح - بفتح الميم و تشديد اللاّم -: صاحب السفينة. و هو الثاني من الأمثلة التي ذكرها لكثير السفر.

(3)هذا الثالث من أمثلة كثير السفر، و الأسفار: جمع سفر.

(4)البريد: الرسول، و منه قوله: «الحمّى بريد الموت». أي رسوله، ثمّ استعمل في المسافة التي يقطعها، و جمعه: برد. (أقرب الموارد).

و هو الرابع من أمثلة كثير السفر التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه.

(5)صفة للبريد. يعني هو الذي يعدّ نفسه للرسالة و إيصال ما يلتزمه من الكتب و غيرها.

(6)و قد ذكر الشارح رحمه اللّه معان ثلاثة للبريد:

الأول: من يعدّ نفسه للرسالة.

الثاني: أمين البيدر.

الثالث: الاشتقان.

(7)البيدر - كحيدر -: الموضع الذي يداس فيه الطعام (الحنطة و الشعير).

(أقرب الموارد).

و أمين البيدر: من يبعثه السلطان أو ينتخبه الناس لحراسة البيادر.

(8)الاشتقان: معرّب (دشتبان) كلمة فارسية: حافظ المزرعة.

و لا يخفى أنّ المعاني الثلاثة المذكورة للبريد ليس معناها اللغوي.

(9)الضمير في قوله «و ضابطه» يرجع الى كثير السفر. يعني أنّ المراد منه من يسافر بمقدار المسافة الشرعية و لا يقيم عشرة أيام بين أسفاره، كما مرّ آنفا من التفاصيل في المسافة، و الإقامة بين بلده أو البلد الذي أقام فيه.

أقول: فعلى ذلك المحصّل: الذي يسافر من بلده الى بلد آخر في الاسبوع مرّتين أو

ص: 539

يسافر إلى المسافة و لا يقيم العشرة كما مرّ.

لا يكون سفره معصية

(و أن لا يكون (1) سفره معصية) بأن يكون غايته (2) معصية، أو مشتركة بينها و بين الطاعة، أو مستلزمة لها (3) كالتاجر (4) في المحرّم، و الآبق (5) و الناشز (6)

**********

شرح:

أزيد يقصّر في سفره الأول و الثاني، و يتمّ في سفره الثالث، و كذلك المعلّم و ذو الحرفة و بائع المتاع في بعض فصول السنة، مثل صاحبي الحدائق و المزارع، فكلّ أولئك يقصّرون في أسفارهم الاولى و الثانية، و يتمّون في الثالثة.

(1)هذا هو الشرط الرابع للقصر لمن سافر المسافة، و هو أن لا يكون سفره للمعصية، بأن تكون الغاية من سفره المعصية، أو المشتركة بين المعصية و الطاعة.

كأن يسافر لشرب الخمر أو القمار أو القتل أو إعانة الظالم، أو الغيبة مع الزيارة، لكن لو كانت الغاية للمباح أو الطاعة و ارتكب في حال السفر معصية من المعاصي فذلك لا يعدّ سفره معصية، كما اذا سافر لزيارة الأئمّة عليهم السّلام و اتّفق فيه الغيبة أو إعانة الظالم أو غيرهما.

(2)الضمير في «غايته» يرجع الى السفر، و المراد من الغاية هو المقصود من السفر.

(3)أي كانت الغاية من السفر مستلزمة للمعصية، كما اذا استلزم سفر الزيارة ارتكاب الكذب و الغيبة و إعانة الظالم و غير ذلك.

نقل أحد المحشّين المعاصرين في حقّ العلمين الفاضلين صاحب المعالم و صاحب المدارك أنهما تركا زيارة ثامن الحجج صلوات اللّه عليه لاستلزام سفرهم ملاقاة ملك إيران يومذاك، و توقّفا في النجف الأشرف للاحتراز عن معاشرة سلطان الجور.

(4)هذا المثال و الأمثلة الثلاثة - الآبق و الناشز و الساعي - تتعلّق بقوله «بأن يكون غايته معصية». و المراد منه هو الذي يسافر لتجارة المحرّمات، مثل معاملة الخمر و الميتة و غيرهما.

(5)أي العبد الذي يسافر فرارا عن مولاه فإنّه يتمّ في هذا السفر.

(6)أي المرأة التي تسافر بقصد النشوز و الخروج عن طاعة زوجها.

الناشز جمعه نواشز، و هو من نشوز المرأة، و أصله الارتفاع. (أقرب الموارد).

ص: 540

و الساعي (1) على ضرر محترم، و سالك (2) طريق يغلب فيه العطب (3) و لو على المال. و الحق به (4) تارك كلّ واجب به بحيث ينافيه، و هي مانعة ابتداء و استدامة. فلو عرض قصدها في أثنائه انقطع الترخّص (5) حينئذ و بالعكس. و يشترط حينئذ (6) كون الباقي مسافة و لو بالعود، و لا يضمّ باقي الذهاب إليه (7).

**********

شرح:

(1)و هذا رابع الأمثلة للسفر الذي تكون غايته معصية، بأن يكون السفر للسعي الى ضرر شخص يكون ماله و نفسه محترما. فالسفر لا لإضرار نفس و مال محترم لا يكون معصية.

(2)بالجرّ، عطفا على قوله «كالتاجر». و لا يخفى أنّ هذا المثال يحتمل كونه مثالا للقسم الثالث، و هو قوله «أو مستلزمة لها». يعني أنّ السفر الذي يغلب الظنّ فيه هلاك النفس أو المال من الأسفار التي تستلزم المعصية و لو لم تكن الغاية فيه معصية.

(3)العطب: الهلاك، أعطبه: أهلكه. (أقرب الموارد).

(4)الضمير في قوله «به» يرجع الى سفر المعصية. يعني ألحق بعض الفقهاء بسفر المعصية السفر الذي يوجب ترك واجب من الواجبات الإلهية كما اذا احتاج الأب الى معالجة ولده لكنّ الولد يختار السفر الذي يوجب ترك الواجب.

و كذلك اذا وجبت صلاة الجمعة لكنّه اختار السفر الذي يوجب تركها.

(5)بمعنى أنّ المسافر لو قصد المعصية في أثناء السفر يحكم بقطع إجازة القصر، و هكذا اذا سافر للمعصية لكن عرضه قصد الطاعة يحكم بقصره الصلاة.

(6)يعني اذا تبدّل سفر المعصية الى الطاعة يشترط كون الباقي من السفر بمقدار المسافة و لو بانضمام مسافة الرجوع.

(7)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى العود. يعني اذا سافر ستة فراسخ بقصد المعصية ثمّ انصرف عنها و أراد سفر فرسخين فلا يضمّ ذلك الى الستة ليكون المجموع ثمانية فراسخ كما مرّ مثاله في خصوص التابع.

ص: 541

أن يتوارى عن جدران بلده

(و أن يتوارى (1) عن جدران بلده) بالضرب (2) في الأرض لا مطلق المواراة،(أو يخفى عليه (3) أذانه) و لو تقديرا (4) كالبلد المنخفض و المرتفع، و مختلف الأرض (5)، و عادم (6) الجدار و الأذان، و السمع (7) و البصر. و المعتبر آخر البلد المتوسّط فما دون (8)

**********

شرح:

(1)هذا هو الشرط الخامس من شرائط القصر الذي يقصد المسافة به، و هو أن يخرج عن محلّه بمقدار تواري الجدران و خفاء الأذان.

قوله «يتوارى»: فعل مضارع من باب تفاعل. واره مواراة: أخفاه.

(أقرب الموارد). و الجدران: جمع جدار.

(2)الباء للسببية. يعني أن تتوارى و تخفى جدران البلد بسترها في الأرض، فلا يكفي خفاؤها بسبب سائر الموانع مثل وجود تلّ بينه و بين الجدران.

(3)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى المسافر. يعني أنّ المسافر يضرب في الأرض بمقدار يخفى عليه أذان البلد بأن لا يسمع من جهة البعد منه.

(4)هذا يرتبط بكلا الشرطين. يعني أنّ خفاء الجدران و الأذان اذا لم يمكن حقيقة بل كان تقديرا يكفي في المقام أيضا، بمعنى أنه لو كان البلد مرتفعا لا يخفى الأذان و الجدار و لو ذهب مقدارا كثيرا، أو خفي الأذان و الجدران في بلد واقع في منخفض بمقدار قليل التباعد عنه، ففي كلا التقديرين لا يلزم الخفاء حقيقة، بل يلاحظ البعد بمقدار لو كان غير مرتفع و لا منخفض ليخفيان بهذا المقدار من البعد فيكفي في حقّه هذا.

(5)و هذا أيضا مثال للخفاء التقديري، و هو إمّا صفة للبلد بمعنى كون أرض البلد و عرة بحيث يقع البعض منها في المنخفض و الآخر في المرتفع، و إمّا أن يحتمل كونه صفة للطريق. يعني لو كان الطريق في مختلف الأرض بأن يكون في الأرض المرتفعة و المنخفضة.

(6)مثال آخر للخفاء التقديري بأن يكون البلد بلا جدار و بلا أذان.

(7)أي كعادم السمع و البصر، فاذا كان المسافر لا يسمع الأذان و لا يبصر الجدران فالخفاء في حقّه يكون تقديريا لا حقيقيا.

(8)يعني أنّ الاعتبار في البلاد المتوسّطة أو الصغيرة بآخرها.

ص: 542

و محلّته (1) في المتّسع، و صورة (2) الجدار و الصوت لا الشبح (3) و الكلام.

و الاكتفاء بأحد الأمرين (4) مذهب جماعة، و الأقوى اعتبار خفائهما معا ذهابا (5) و عودا، و عليه (6) المصنّف في سائر كتبه.

**********

شرح:

(1)خبر ثان لقوله «و المعتبر»، بمعنى أنّ المعتبر في خفاء الجدران في البلاد الواسعة المعبّر عنها بالبلاد الكبيرة هو جدران محلّته و كذلك الأذان.

(2)عطف على قوله «آخر البلد». يعني أنّ المعتبر في تشخيص حدّ الترخّص هو رؤية شكل الجدار بأن تتشخّص جزئياته فلا يكفي رواية شبحها، فاذا لم تتشخّص صورة الجدار يحكم بخروجه عن حدّ الترخّص، و يجوز له القصر و لو رأى شبح الجدران. لكن في خصوص خفاء الأذان يعتبر خفاء صوته لا كلماته، فلو بعد عن البلد بمقدار لا يسمع كلمات الأذان لكن يسمع صوته فلا يحكم حينئذ بخروجه عن حدّ الترخّص.

و لا يخفى عدم التوافق في العبارة بين الشبح و الكلام، فإنّ المعتبر خفاء الصورة و الشكل في الجدران، لا الشبح فيه. أمّا في الأذان فخفاء نفس الصوت لا الكلمات.

(3)الشبح - محرّكا -: لغة في الشبح للباب العالي البناء و الشخص، جمعه: أشباح و شبوح، و منه يقال: هم أشباح بلا أرواح. (أقرب الموارد).

(4)المراد من «الأمرين» خفاء الجدران و خفاء الأذان. يعني فتوى جماعة من الفقهاء الاكتفاء بأحدهما، و لا يعتبر خفاء كليهما، فلو خفيت الجدران و لم يخفى الأذان يحكم بالخروج عن حدّ الترخّص. لكنّ المعتبر بفتوى الشارح رحمه اللّه هو خفاء كليهما.

(5)أي المعتبر خفاء كليهما في ذهاب المسافر و الخروج عن حدّ الترخّص، و كذلك في رجوع المسافر و دخوله حدّ الترخّص، فلا يقصّر في الذهاب إلاّ مع خفائهما، و يجب الإتمام في الرجوع بظهور أحدهما.

(6)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى اعتبار خفائهما. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه قال باعتبار كليهما في غير كتاب اللمعة، لكنّه عبّر فيها بقوله «أو يخفى عليه أذانه»، و هو يدلّ على كفاية أحدهما.

ص: 543

التخيير بين و القصر و الإتمام في اربعة امكنة

و مع اجتماع الشرائط (1)(فيتعيّن القصر) بحذف (2) الأخير في الرباعية (إلاّ (3) في) أربعة مواطن (مسجدي مكّة و المدينة) المعهودين (4)، (و مسجد الكوفة و الحائر (5)) الحسيني (على مشرّفه السلام) و هو ما دار

**********

شرح:

(1)اللام للعهد الذكري. يعني اذا اجتمعت الشرائط الخمسة المذكورة يجب على المسافر القصر.

(2)أي المراد من قصر الصلاة هو إتيان الصلاة الرباعية ركعتين بحذف الركعتين الأخيرتين.

(3)استثناء من قوله «فيتعيّن». يعني أنّ القصر للمسافر مع الشرائط المذكورة واجب عينيّ إلاّ في المواطن التي ذكرها، فإنّ القصر فيها واجب تخييريّ ، أمّا المواطن فهي:

الأول: المسجد الحرام في مكّة المكرّمة.

الثاني: المسجد النبويّ الشريف في المدينة المنوّرة.

الثالث: مسجد الكوفة في مدينة الكوفة القريبة من النجف الأشرف.

الرابع: الحائر الحسيني و هو حرم أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام في كربلاء المقدّسة.

(4)صفة للمسجدين المعروفين في مكّة و المدينة، و هما: المسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله، و ليس التخيير في سائر المساجد فيهما.

(5)الحائر: مجتمع الماء، و حوض يسيّب إليه مسيل ماء المطر. (أقرب الموارد). و قيل:

سمّي بذلك لأنّ الماء يحار فيه أي يتردّد. (المصباح المنير).

و المراد من «الحائر» هو ما دار عليه سور حرم أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام.

أقول: لا يخفى لطافة تسمية حرم الحسين عليه السّلام بالحائر، بأنّ القلوب تطمئنّ فيه، لأنه موضع ذكر اللّه تعالى أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (1) (الرعد: 28). رزقنا اللّه تعالى الاطمئنان الحاصل من زيارته قبل تمام عمرنا إن شاء اللّه تعالى. و كان كتابة هذا الشرح قرب حلول أيام عاشوراء الحسيني عليه السّلام سنة 1413 ه ، و كان عشّاقه من الشيعة الايرانيين ممنوعي الزيارة لحرمه الشريف، لكن موضع قبره الشريف واقع في قلوب المحبّين، أينما كانوا زاروه. و أزوره بكتابة هذا الكلام

ص: 544


1- سوره 13 - آیه 28

عليه سور حضرته الشريفة،(فيتخيّر فيها (1)) بين الإتمام و القصر، (و الإتمام أفضل) (2)، و مستند الحكم (3) أخبار كثيرة، و في بعضها أنه من مخزون (4) علم اللّه.

(و منعه) أي التخيير (أبو جعفر) محمّد بن (بابويه) و حتّم القصر فيها (5)

**********

شرح:

أرجو أن يردّ جوابي إن شاء اللّه تعالى: السلام عليك يا أبا عبد اللّه، السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته.

(1)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى المواطن المذكورة، فإنّ المسافر الذي يقصّر صلاته يتخيّر في الأمكنة المذكورة بين القصر و الإتمام.

(2)يعني أنّ الإتمام في المواضع المذكورة أفضل من القصر.

و لا يخفى اختلاف الفقهاء في الحائر الذي يتخيّر المسافر فيه:

فاحتمل البعض بكون المراد من الحائر هو ما أحاطه سور بلدة كربلاء، فيتخيّر المسافر في جميع نقاط بلدة كربلاء.

و احتمل البعض بكون المراد من الحائر هو ما أحاطه جدار الصحن المطهّر.

و احتمل الآخر بكون المراد منه هو ما أحاطه جدار الحرم، فيشمل المدفن و المقتل و المسجد و ما فيها. و هذا ظاهر عبارة السرائر في قوله «و المراد بالحائر ما دار سور المشهد و المسجد عليه دون ما دار سور البلد عليه، لأنّ ذلك هو الحائر حقيقة». (السرائر: ج 1 ص 342). و كذلك الشارح رحمه اللّه في قوله «ما دار عليه سور حضرته الشريفة».

(3)يعني مستند الحكم بالتخيير في المواضع الأربعة المذكورة أخبار كثيرة.

(4)يعني في بعض الأخبار ذكر بأنّ حكمة حكم التخيير في المواطن المذكورة من أسرار علمه تعالى. يعني لا يعلم السرّ إلاّ اللّه. و الخبر المتضمّن لذلك منقول في الوسائل:

عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: من مخزون علم اللّه الإتمام في أربعة مواطن: حرم اللّه، و حرم رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و حرم أمير المؤمنين عليه السّلام، و حرم الحسين بن علي عليهما السّلام. (الوسائل: ج 5 ص 543 ب 25 من أبواب صلاة المسافر ح 1).

(5)فإنّ الصدوق رحمه اللّه أوجب القصر في المواطن المذكورة كغيرها.

ص: 545

كغيرها. و الأخبار الصحيحة حجّة عليه (1)(و طرّد المرتضى (2) و ابن الجنيد الحكم في مشاهد الأئمة عليهم السّلام) و لم نقف على مأخذه (3)، و طرّد آخرون الحكم في البلدان الأربع (4)، و ثالث في بلدي المسجدين الحرمين دون الآخرين (5)، و رابع في (6) البلدان الثلاثة غير الحائر، و مال إليه (7) المصنّف في الذكرى. و الاقتصار عليها (8) موضع اليقين فيما خالف الأصل.

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عليه» يرجع الى أبي جعفر. يعني أنّ الأخبار الصحيحة الدالّة على التخيير على خلاف ما قاله الشيخ الصدوق رحمه اللّه، و منها المنقول في الوسائل:

عن أبي إبراهيم قال: قلت له: إنّا اذا دخلنا مكّة و المدينة نتمّ أو نقصّر؟ قال: إن قصّرت فذلك، و إن أتممت فهو خير تزداد. (الوسائل: ج 5 ص 547 ب 25 من أبواب صلاة المسافر ح 16).

(2)يعني أنّ السيّد المرتضى رحمه اللّه و ابن الجنيد عمّما حكم التخيير بالنسبة الى مشاهد سائر الأئمّة عليهم السّلام.

(3)فإنّ الشارح رحمه اللّه لم يقف على سند تعميم حكم التخيير.

(4)قال جمع من الفقهاء بالتخيير في جميع المواطن الأربعة: مكّة، و المدينة، و الكوفة، و كربلاء.

(5)قال بعض الفقهاء بالتخيير في بلدتي مكّة و المدينة دون غيرهما.

(6)أي القول الرابع التخيير في البلدان الثلاثة مكّة، و المدينة، و الكوفة، فلا يتخيّر في بلدة كربلاء.

(7)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى القول الرابع. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه مال الى ذلك القول في كتابه الذكرى.

(8)الضمير في قوله «عليها» يرجع الى المواطن المذكورة: المساجد الثلاثة و الحائر الحسيني. يعني أنّ الحكم بالتخيير في المواطن المذكورة موضع اليقين في ما خالف الأصل، فإنّ الأصل هو القصر في السفر فالخروج عنه يحتاج الى دليل، فنفس الأمكنة المذكورة هي المتعيّنة بالخروج عن الأصل. أمّا ما عداها من البلاد و غيرها فباقية تحت الأصل.

قوله «الاقتصار» مبتدأ و خبره قوله «موضع اليقين».

ص: 546

لو دخل عليه الوقت حاضرا

(و لو دخل عليه الوقت حاضرا) (1) بحيث مضى منه قدر الصلاة بشرائطها المفقودة (2) قبل مجاوزة الحدّين (3)،(أو أدركه (4) بعد) انتهاء (سفره) بحيث أدرك منه (5) ركعة فصاعدا (أتمّ ) الصلاة فيهما (6)(في الأقوى) عملا (7) بالأصل، و لدلالة بعض الأخبار عليه،

**********

شرح:

(1)هذه مسألة اخرى بأنّ المسافر الذي دخل عليه الوقت للصلاة قبل خروجه للسفر بحيث مضى من وقت الصلاة بمقدار فعلها بشرائطها اللازمة ثمّ بدأ بالسفر فهل يجب عليه إتمام الصلاة المذكورة أو قصرها؟ و هكذا اذا رجع المسافر من سفره و أدرك وقت الصلاة بمقدار ركعة واحدة في بلده، ففيهما أقوال:

الأول: قول المصنّف رحمه اللّه بأنّ الأقوى في كلا الموضعين إتمام الصلاة.

الثاني: القول بالقصر في كليهما.

الثالث: التخيير في كليهما.

الرابع: القصر في الأول و التمام في الثاني.

(2)المراد من الشرائط المفقودة هو الذي يجب تحصيلها للصلاة، مثل عدم كونه متطهّرا بالوضوء أو بالغسل، و عدم كون بدنه أو لباسه طاهرا بحيث يحتاج تحصيل الشرائط المفقودة له للصلاة مقدارا من الوقت.

(3)خفاء الجدران و الأذان.

(4)الضمير في قوله «أدركه» يرجع الى الوقت، و هذا عند الرجوع من سفره، كما اذا ورد حدّ الترخّص من بلده، و الحال أنّ وقت الصلاة بمقدار الركعة باقية.

(5)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الوقت.

(6)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى المسألتين و قوله «أتمّ » جواب لقوله «لو دخل... الى آخره».

(7)قد استدلّ الشارح بقول المصنّف على دليلين:

ألف - العمل بالأصل، و المراد منه العمومات التي تدلّ على الإتمام في الصلاة، إلاّ أن يدلّ الخاصّ على القصر.

ص: 547

و القول الآخر (1) القصر فيهما، و في ثالث التخيير (2)، و رابع القصر في الأول (3)، و الإتمام في الثاني (4)، و الأخبار متعارضة (5)،

**********

شرح:

ب - دلالة بعض الأخبار على التمام في الفرضين.

أمّا الخبر الدالّ على التمام في الفرض الأول فهو منقول في الوسائل:

عن الحسن بن عليّ الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: اذا زالت الشمس و أنت في المصر و أنت تريد السفر فأتمّ ، فاذا (خرج) خرجت بعد الزوال قصّر العصر. (الوسائل: ج 5 ص 537 ب 21 من أبواب صلاة المسافر ح 12).

و الخبر الدالّ على التمام في الفرض الثاني منقول في الوسائل:

عن إسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في السفر فلا أصلّي حتّى أدخل أهلي، فقال: صلّ و أتمّ الصلاة، قلت: فدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في أهلي أريد السفر فلا اصلّي حتّى أخرج، فقال: فصلّ و قصّر، فإن لم تفعل فقد خالفت و اللّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (الوسائل: ج 5 ص 535 ب 21 من أبواب صلاة المسافر ح 2).

(1)هذا هو القول الثاني من الأقوال، و هو مقابل قول المصنّف رحمه اللّه وجوب القصر في كلا الفرضين.

(2)يتخيّر المكلّف بين القصر و التمام في كلا الفرضين.

(3)المراد من الأول دخول الوقت حاضرا، فاذا لم يصلّ و خرج الى السفر فيجب عليه القصر على هذا القول.

(4)اذا أدرك الوقت بمقدار ركعة واحدة عند الرجوع الى بلده يجب عليه إتمام الصلاة على القول الرابع من الأقوال.

(5)كما أنّ في مقابل الرواية المنقولة الدالّة على التمام في الفرض الأول رواية دالّة على القصر في الفرض المذكور، و هي أيضا منقولة في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس، فقال: اذا خرجت فصلّ ركعتين. (الوسائل: ج 5 ص 534 ب 21 من أبواب صلاة المسافر ح 1).

ص: 548

و المحصّل (1) ما اختاره هنا.

يستحبّ جبر كلّ مقصورة

(و يستحبّ جبر (2) كلّ مقصورة)، و قيل: كل صلاة تصلّى سفرا (3) (بالتسبيحات الأربع (4) ثلاثين مرّة)

**********

شرح:

و كذا في مقابل الرواية المنقولة الدالّة على وجوب التمام عند الرجوع و إدراك وقت الصلاة و لو بركعة رواية دالّة على وجوب القصر عند الفرض المذكور كما في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: أنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة و هو في السفر فأخّر الصلاة حتّى قدم و هو يريد يصلّيها اذا قدم الى أهله فنسي حين قدم الى أهله أن يصلّيها حتّى ذهب وقتها، قال: يصلّيها ركعتين صلاة المسافر، لأنّ الوقت دخل و هو مسافر، كان ينبغي له أن يصلّي عند ذلك. (الوسائل: ج 5 ص 535 ب 21 من أبواب صلاة المسافر ح 3).

و الرواية الدالّة على التخيير منقولة في الوسائل أيضا:

عن منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله فسار حتّى يدخل أهله فإن شاء قصّر، و إن شاء أتمّ ، و الإتمام أحبّ إليّ . (الوسائل: ج 5 ص 536 ب 21 من أبواب صلاة المسافر ح 9).

قال صاحب الوسائل: يحتمل أن يكون المراد: إن شاء صلّى في السفر قصّر، و إن شاء صبر حتّى يدخل أهله و صلّى تماما. ذكره العلاّمة في المنتهى، و حمل الحديث عليه، و يحتمل الحمل على التقية.

(1)أي المحصّل من الأخبار القول الذي اختاره المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب، و هو القول بالإتمام في الفرضين.

(2)يعني يستحبّ جبران كلّ صلاة مقصورة بذكر التسبيحات الأربع ثلاثين مرّة.

(3)القول الآخر استحباب الذكر المذكور عقيب كلّ صلاة حال السفر و لو لم تكن مقصورة.

(4)التسبيحات الأربع: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر.

ص: 549

عقبها (1) و المرويّ التقييد (2)، و قد روي (3) استحباب فعلها عقيب كلّ فريضة في جملة التعقيب، فاستحبابها عقيب المقصورة يكون آكد، و هل يتداخل (4) الجبر و التعقيب أم يستحبّ تكرارها (5)؟ و جهان، أجودهما

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «عقيبها» يرجع الى المقصورة.

(2)الجملة مبتدأ و خبر. يعني أنّ ما روي هو التسبيحات المذكورة عقيب المقصورة لا مطلقا.

و الأخبار الدالّة على التقييد منقولة في الوسائل:

منها: عن سليمان بن حفص المروزي قال: قال الفقيه العسكري عليه السّلام: يجب على المسافر أن يقول في دبر كلّ صلاة يقصّر فيها: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» ثلاثين مرّة لتمام الصلاة. (الوسائل: ج 5 ص 542 ب 24 من أبواب صلاة المسافر ح 1).

و منها: عن رجاء بن أبي الضحّاك عن الرضا عليه السّلام أنه صحبه في سفر فكان يقول في دبر كلّ صلاة يقصّرها: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» ثلاثين مرّة. (المصدر السابق: ح 2).

(3)الرواية الدالّة على استحباب الذكر المذكور عقيب كلّ صلاة منقولة أيضا في الوسائل:

عن ابن بكير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قول اللّه عزّ و جلّ اُذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً (1) ما ذا الذكر الكثير؟

قال: أن تسبّح في دبر المكتوبة ثلاثين مرّة. (الوسائل: ج 4 ص 1032 من أبواب التعقيب ح 3).

(4)فلو قال التسبيحات المذكورة فهل يجب الجبر و التعقيب أم يلزم التكرار مرّتين ؟.

(5)الضمير في قوله «تكرارها» يرجع الى التسبيحات المذكورة.

إيضاح: بعد بيان ذكر التسبيحات بعنوان جبران المقصورة و بعنوان التعقيب للصلاة فهل يتداخل العنوانان بتكرارها ثلاثين مرّة أم يلزم الثلاثين مرّة بقصد الجبر و ثلاثين مرّة أيضا بقصد التعقيب ؟ فيه و جهان.

ص: 550


1- سوره 33 - آیه 41

الأول (1) لتحقّق الامتثال فيهما.

**********

شرح:

(1)أي أجود الوجهين هو التداخل لحصول امتثال الجبر و التعقيب بذكرها ثلاثين مرّة، لأنه اذا لم يتقيّد استحباب العدد المذكور في السفر بكونها غير ما يذكر بعنوان التعقيب، و لم يتقيّد أيضا استحباب العدد المذكور بقصد التعقيب غير ما يذكر بقصد الجبران، فحينئذ لا مانع من التداخل و حصول الامتثال بالأمر بالتعقيب و بالأمر بالجبران.

ص: 551

الفصل الحادي عشر في الجماعة

اشارة

(الفصل الحادي عشر) (1) (في الجماعة) (2)

هي مستحبّة في الفريضة

(و هي مستحبّة في الفريضة) مطلقا (3)،(متأكّدة في اليومية) حتى أنّ الصلاة الواحدة منها تعدل خمسا (4) أو سبعا و عشرين صلاة مع غير العالم، و معه ألفا (5). و لو وقعت في مسجد تضاعف بمضروب عدده (6) في

**********

شرح:

الفصل الحادي عشر في الجماعة (1)هذا آخر الفصول من قوله رحمه اللّه في أول كتاب الصلاة «فصوله أحد عشر».

(2)أي في صلاة الجماعة.

(3)يعني أنّ الجماعة مستحبّة في الصلاة الواجبة، يومية كانت أو غير يومية، إلاّ في صلاة الجمعة و صلاتي الفطر و الأضحى بناء على وجوبهما فالجماعة واجبة.

(4)يعني أنّ ثواب صلاة الجماعة في الفريضة مع غير العالم يعادل ثواب خمسا و عشرين أو سبعا و عشرين صلاة.

(5)فلو كانت صلاة الجماعة اقتداء بإمام عادل عالم فإنّها تعادل ألف صلاة فرادى.

(6)الضمير في قوله «عدده» يرجع الى المسجد. يعني أنّ ثواب صلاة الجماعة تضاعف بمقدار مضروب عدد ثواب المسجد في عدد صلاة الجماعة. و الضمير في قوله «عددها» يرجع الى الجماعة.

ص: 552

عددها، ففي الجامع (1) مع غير العالم ألفان و سبعمائة، و معه (2) مائة ألف.

و روي أنّ ذلك (3) مع اتّحاد المأموم، فلو تعدّد تضاعف في كلّ واحد بقدر المجموع في سابقه إلى العشرة (4) ثمّ لا يحصيه إلاّ اللّه تعالى.

هي واجبة في الجمعة و العيدين مع وجوبهما

(و واجبة (5) في الجمعة و العيدين مع وجوبهما (6)، و بدعة (7) في النافلة مطلقا (8) إلاّ في)

**********

شرح:

(1)هذا توضيح تضاعف ثواب الجماعة بثواب المساجد. و قد تقدّم ثواب مسجد الجامع بأنه مائة ركعة، فاذا اقيمت الجماعة مع غير العالم التي تكون سبعة و عشرين فمضروب العددين يكون ألفين و سبعمائة.

(2)الضمير في قوله «معه» يرجع الى العالم. يعني اذا اقيمت الجماعة في مسجد الجامع مع الإمام العالم التي تكون ألفا فمضروب العددين يكون مائة ألف.

(3)يعني ورد في الخبر أنّ ذلك المقدار من فضيلة الجماعة إنّما هو مع كون المأموم واحدا. أمّا اذا تعدّد المأموم فإنّ الفضيلة تضاعف لكلّ واحد بقدر ما في سابقة، بمعنى اذا كان المأموم اثنين و اقيمت الجماعة في مسجد الجامع مع غير العالم فإنّ الفضيلة تكون ضعف ما تقدّم.

(4)يعني تضاعف فضيلة الجماعة لكلّ لاحق بمقدار فضيلة ما في سابقه من حيث تعداد المأمومين إنّما هو الى وصول عددهم الى العشرة، فاذا بلغت إليها فتزيد فضيلة الجماعة بمقدار لا يحصيها إلاّ اللّه تعالى.

(5)عطف على قوله «مستحبّة». يعني أنّ الجماعة واجبة في صلاة الجمعة و صلاتي العيدين.

(6)الضمير في قوله «وجوبهما» يرجع الى العيدين. يعني وجوب الجماعة إنّما هو في صورة وجوب صلاة العيد.

(7)البدعة - بكسر الباء و سكون الدال -: و هي اسم من الابتداع، ثمّ غلبت استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة. (المصباح المنير). و المراد هنا إدخال ما ليس من الدين فيه.

(8)سواء كانت يومية أو غيرها.

ص: 553

(الاستسقاء (1) و العيدين المندوبة (2) و الغدير) في قول (3) لم يجزم به المصنّف إلاّ هنا، و نسبه في غيره إلى التقيّ ، و لعلّ مأخذه (4) شرعيّتها في صلاة (5)

**********

شرح:

(1)و هو طلب السقيا، و قد تقدّمت كيفية صلاة الاستسقاء في ص 389.

(2)قوله «المندوبة» صفة للصلاة المقدّرة في العيدين. يعني أنّ الجماعة جائزة في صلاة العيدين اذا كانت مندوبة و هي في صورة عدم حضور الامام عليه السّلام كما تقدّم.

(3)يعني استثني من عدم جواز الجماعة في المندوبات صلاة عيد الغدير بناء على قول لم يكن المصنّف رحمه اللّه جازما بالجواز إلاّ في هذا الكتاب، و نسب الجواز في غير هذا الكتاب الى أبي الصلاح التقيّ الحلبي رحمه اللّه.

(4)أي لعلّ مدرك الجواز في صلاة الغدير هو شرعية الجماعة في صلاة العيد و هو من أفراده.

* من حواشي الكتاب: أي مأخذ الحكم أو مأخذ الغدير أو مأخذ استثناء الغدير شرعية الجماعة في صلاة العيد، و أنه عيد، أي جزئيّ من جزئيّات صلاة العيد، فتكون الجماعة فيه مشروعة. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(5)ظرف لقوله «شرعيّتها». يعني أنّ الحكم بجواز الجماعة في صلاة الغدير كون الجماعة شرعية في العيد، و الغدير أيضا عيد.

أقول: الرواية الدالّة على شرعية الجماعة في صلاة العيد فهي منقولة في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من لم يصلّ مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له، و لا قضاء عليه. (الوسائل: ج 5 ص 96 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 3). و قد تقدّمت في ص 359.

أمّا الرواية الدالّة على كون الغدير عيدا فسنذكرها قريبا.

فاذا ثبت جواز الجماعة في العيد و كان الغدير عيدا بالخبرين المذكورين فيتحصّل الصغرى و الكبرى لإثبات الجواز، أمّا الصغرى فهو «الغدير عيد» و أمّا الكبرى فهو «كلّ عيد تشرع الجماعة فيه». اذا «فالغدير تشرع الجماعة فيه».

أمّا كيفية صلاة الغدير و تعظيمه فيستفاد من الرواية المنقولة في الوسائل:

عن عليّ بن الحسين العبدي قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام يقول: صيام

ص: 554

العيد و أنه عيد.

(و الإعادة) (1) من الإمام أو المأموم أو هما

**********

شرح:

يوم غدير خمّ يعدل صيام عمر الدنيا (الى أن قال): و هو عيد اللّه الأكبر، و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ و تعيّد في هذا اليوم و عرف حرمته، و اسمه في السماء يوم العهد المعهود و في الأرض يوم الميثاق المأخوذ و الجمع المشهود. و من صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل اللّه عزّ و جلّ ، يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد مرّة، و عشر مرّات قل هو اللّه أحد، و عشر مرّات آية الكرسي، و عشر مرّات إنّا أنزلناه عدلت عند اللّه عزّ و جلّ مائة ألف حجّة، و مائة ألف عمرة، و ما سأل اللّه عزّ و جلّ حاجة من حوائج الدنيا و حوائج الآخرة إلاّ قضيت كائنا ما كانت الحاجة، و إن فاتتك الركعتان و الدعاء قضيتها بعد ذلك. و من فطّر فيه مؤمنا كان كمن أطعم فياما و فياما و فياما، فلم يزل يعدّ الى أن عقد بيده عشرا. ثمّ قال: و تدري كم الفيام ؟ قلت: لا، قال: مائة ألف كلّ فيام، و كان له ثواب من أطعم بعددها من النبيّين و الصدّيقين و الشهداء في حرم اللّه عزّ و جلّ ، و سقاهم في يوم ذي مسغبة، و الدرهم فيه بألف ألف درهم.

قال: لعلّك ترى أنّ اللّه عزّ و جلّ خلق يوما أعظم حرمة منه! لا و اللّه، لا و اللّه، لا و اللّه. ثمّ قال: و ليكن من قولكم اذا التقيتم أن تقولوا: الحمد للّه الذي أكرمنا بهذا اليوم، و جعلنا من الموقنين بعهده إلينا و ميثاقنا الذي واثقنا به من ولاية ولاة أمره، و القوّام بقسطه، و لم يجعلنا من الجاحدين و المكذّبين بيوم الدين. ثمّ قال:

و ليكن من دعائك في دبر هذين الركعتين أن تقول، و ذكر الدعاء طويلا.

(الوسائل: ج 5 ص 224 ب 3 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 1).

و عن أبي هارون العبدي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: و من صلّى فيه ركعتين أيّ وقت شاء، و أفضله قرب الزوال، و هي الساعة التي اقيم فيها أمير المؤمنين بغدير خمّ علما للناس (الى أن قال:)، ثمّ يسجد و يقول: شكرا للّه مائة مرّة، و يعقّب الصلاة بالدعاء الذي جاء به. (المصدر السابق: ح 2).

(1)عطف على الصلوات الثلاث المذكورة. يعني يجوز الجماعة في الصلاة المعادة

ص: 555

و إن ترامت (1) على الأقوى (2)(و يدركها) (3) أي الركعة (بإدراك الركوع) بأن يجتمعا في حدّ الراكع و لو قبل ذكر المأموم، أمّا إدراك الجماعة (4) فسيأتي أنه يحصل بدون الركوع، و لو شكّ في إدراك حدّ الإجزاء (5) لم يحتسب ركعة لأصالة عدمه، فيتبعه (6) في السجود، ثمّ يستأنف.

يشترط بلوغ الإمام

(و يشترط بلوغ الإمام) (7) إلاّ أن يؤمّ مثله،

**********

شرح:

من الإمام أو المأموم. كما اذا صلّى الإمام صلاة الظهر ثمّ دعاه المأموم بإعادة صلاته ليقتدي به و ينال ثواب الجماعة، فتكون الصلاة المعادة مندوبة منه و تجوز الجماعة.

و كذلك المأموم يجوز له إعادة صلاته مستحبّا بالجماعة.

(1)أي اعيدت مرّة بعد اخرى و ثالثة و رابعة و خامسة، و هكذا.

(2)قوله «على الأقوى» إشارة الى القول بعدم جواز الترامي، بل قال بالإعادة مرّة واحدة أو مرّتين لا أزيد.

(3)هذه مسألة اخرى في إدراك المأموم الإمام في الركعة، بأنه يكفي اجتماعهما في حال لم يرفع الإمام عن الركوع و لو لحظة بعد ذكر الركوع عن الإمام رأسه فلا يشترط اجتماعهما حال الذكر.

فاعل قوله «يدركها» مستتر يرجع الى المأموم.

(4)أمّا إدراك ثواب الجماعة فيحصل و لو لم يدرك المأموم الإمام في الركوع، كما سيأتي تفصيله.

(5)كما اذا ركع المأموم لكن شكّ في أنه هل أدرك الإمام في حال الركوع و لو بعد ذكره بلحظة أم لا.

(6)فاعل قوله «فيتبعه» يرجع الى المأموم، و ضمير المفعول يرجع الى الإمام.

يعني أنّ المأموم اذا لم يدرك الإمام في الركوع يتبع الإمام في السجود و غيره، ثمّ يتبعه في القيام، لكن لم تحتسب له الركعة التي لم يدرك الإمام في ركوعها. فعلى ذلك يجب على المأموم أن يستأنف النية و التكبيرة في الركعة اللاحقة.

(7)فلا تصحّ إمامة غير البالغ للبالغ. و هذا هو الشرط الأول في الإمام.

ص: 556

أو في نافلة (1) عند المصنّف في الدروس، و هو (2) يتمّ مع كون صلاته شرعية لا تمرينية،(و عقله) (3) حالة الإمامة، و إن عرض له الجنون في غيرها، كذي الأدوار على كراهة.(و عدالته) (4) و هي: ملكة نفسانية (5) باعثة على ملازمة التقوى التي هي (6) القيام بالواجبات، و ترك المنهيّات

**********

شرح:

(1)أي في النوافل التي تشرع فيها الجماعة مثل صلاة الاستسقاء و العيدين و الغدير كما تقدّم. فتجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ فيها عند المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس.

(2)أي جواز إمامة غير البالغ للبالغ في النوافل تصحّ عند القول بشرعية صلاة غير البالغ، فلو قيل بكونها تمرينا فلا تصحّ إمامته.

و لا يخفى القولان في خصوص صلاة الصبي:

الأول: أنها مشروعة بالاستناد الى الأمر الوارد للولي بدعوته الصبي الى الصلاة، فتكون مشروعة و يترتّب عليها الثواب.

الثاني: كونها للتمرين و العادة لتكون سهلة عليه بعد البلوغ، فلا يكلّف الصبي بها، لعدم شرط التكليف و هو البلوغ. فعلى ذلك لو لم تكن صلاة الصبي شرعية فلا تجوز إمامته في النافلة لغير البالغ.

(3)الشرط الثاني في الإمام هو العقل، فلا تجوز إمامة المجنون إلاّ أن يكون أدواريا، فتصحّ حال عقله على كراهة.

(4)عطف على الشرطين المذكورين، فالشرط الثالث في الإمام هو العدالة.

(5)أي حالة روحية في الإنسان توجب ملازمة التقوى و المروءة و الاجتناب عن الكبائر و عدم الإصرار على الصغائر.

(6)الضمير في قوله «هي القيام... الى آخره» يرجع الى التقوى.

التقوى: اسم من الاتّقاء، و أصله تقيا، و قيل: وقوا، قلبوه للفرق بين الاسم و الصفة، و في القرآن: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (1) (المدّثر: 56). أي أهل أن تتقى عقابه، و أهل أن يعمل بما يؤدّي الى المغفرة. (أقرب الموارد).

ص: 557


1- سوره 74 - آیه 56

الكبيرة مطلقا (1)، و الصغيرة مع الإصرار عليها (2)، و ملازمة (3) المروءة التي هي اتّباع محاسن (4) العادات، و اجتناب مساوئها (5)، و ما ينفر عنه من المباحات (6)، و يؤذن (7) بخسّة النفس و دناءة الهمّة، و تعلم (8)

**********

شرح:

(1)بلا فرق بين الإصرار على الكبيرة و عدمه.

(2)أي عدم الإصرار على المعاصي الصغيرة.

(3)بالجرّ، عطفا على قوله «ملازمة التقوى». يعني أنّ العدالة ملكة نفسانية باعثة على ملازمة المروءة. و هو الطريق الثاني من طرق تحصيل عدالة الإمام.

المروءة - كسهولة مصدر مرأ -: النخوة و كمال الرجولية. و في المصباح: المروءة:

آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل الآداب، و قد تقلب الهمزة واوا و تدغم فيقال: مروّة. (أقرب الموارد).

(4)المحاسن: جمع مفرده حسن، الجمال على غير القياس، و مثله: الملامح جمع لمحة، و المشابه جمع شبه، و الحوائج جمع حاجة. (أقرب الموارد). و المراد: هو العادات الحسنة بإضافة الصفة الى موصوفها.

(5)المساوئ: جمع مفرده السوء، الاسم من ساء، تقول: وقاك اللّه من السوء و من الأسواء، جمعه: أسواء و مساوئ على غير قياس كحسن و محاسن، و قيل: لا مفرد لها، و قيل: مفردها مساءة. (أقرب الموارد).

(6)يعني أنّ المروءة هو اجتناب ما يكون منفورا من الأمور المباحة.

(7)عطف على قوله «ينفر». يعني اجتناب ما يكشف عن خسّة طبيعة صاحبه و قلّة همّته.

(8)فعل مضارع مبنيّ للمجهول، و الضمير فيه مستتر يرجع الى العدالة. يعني يمكن تحصيل عدالة الإمام من وجوه أربعة:

الأول: بالامتحان و الاختبار المستفاد من التكرار.

الثاني: بشهادة عدلين.

الثالث: بالشياع بين الناس.

الرابع: باقتداء العدلين به مع العلم بكون اقتدائهما ركونا لعدالته.

ص: 558

بالاختبار المستفاد من التكرار المطلع (1) على الخلق من التخلّق، و الطبع (2) من التكلّف غالبا (3)، و بشهادة عدلين بها (4)، و شياعها (5)، و اقتداء العدلين به في الصلاة، بحيث يعلم ركونهما (6) إليه تزكية، و لا يقدح المخالفة في الفروع (7)، إلاّ أن تكون صلاته (8) باطلة عند المأموم.

و كان عليه (9) أن يذكر اشتراط طهارة

**********

شرح:

(1)بصيغة اسم الفاعل صفة للتكرار. يعني أنّ التكرار يوجب الاطّلاع على الخلق الذي هو مقتضى الطبيعة من التخلّق الذي هو الظاهر.

(2)عطف على قوله «خلق». يعني أنّ التكرار يوجب الاطّلاع على الطبيعة من التكلّف. فإنّ الفاسق يمكن أن يتكلّف بإظهار صفة العدالة في نفسه.

(3)قوله «غالبا» قيد للمطّلع. يعني أنّ الامتحان و الاختبار يوجب الاطّلاع في الأغلب و لو أخطأ قليلا.

(4)الضمير في قوله «بها» يرجع الى العدالة.

(5)هذا هو الطريق الثالث من طرق تحصيل عدالة الإمام.

(6)يعني اذا علم بثقة العدلين بالإمام من حيث التزكية لا من الجهات الاخرى، مثل التقية و جلب المنافع الدنيوية.

(7)يعني لا يضرّ مخالفة المأموم الإمام في بعض المسائل الفرعية، مثل اعتقاد الإمام بوجوب القنوت، و المأموم باستحبابه.

(8)إلاّ أن يعتقد المأموم ببطلان صلاة الإمام، كما اذا لم يعتقد بوجوب السورة في الصلاة، و الحال أنّ المأموم يعتقد ببطلان الصلاة بدونها.

و كذا اذا اعتقد الإمام بعدم بطلان الصلاة بثوب فيه أجزاء غير مأكول اللحم و المأموم يعتقد بطلانها معه.

(9)إنّ الشارح رحمه اللّه يعتقد بكون طهارة المولد من شرائط الإمامة في الصلاة استنادا الى الإجماع الذي ادّعاه المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى. لكن المصنّف رحمه اللّه لم يذكره من الشرائط هنا، فعلى ذلك اعترض بقوله «و كان عليه»، و الضمير فيه يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

ص: 559

مولد الإمام (1)، فإنّه شرط إجماعا كما ادّعاه في الذكرى، فلا تصحّ إمامة ولد الزنا (2)، و إن كان (3) عدلا. أمّا ولد (4) الشبهة و من (5) تناله الألسن من غير تحقيق فلا (6).

يشترط ذكوريّة الإمام

(و ذكوريّته) (7)

**********

شرح:

(1)المراد منه ولادته من الحلال.

(2)المراد منه المتولّد من نطفة حرام من الرجل و المرأة، فلو كانت النطفة مشتبهة من أحد الطرفين لا يعدّ ولد الزنا، بل ولد الشبهة.

(3)اسم كان يرجع الى ولد الزنا. يعني و إن كانت فيه ملكة العدالة.

(4)يعني أمّا إمامة ولد الشبهة فلا مانع منها.

إيضاح: اعلم أنّ الشبهة إمّا حكمية مثل أن لا يعلم الرجل و المرأة عدم كفاية الرضا القلبي في حلّيتهما عليهما، فاذا جامعا و تولّد منهما الولد يعدّ ولد الشبهة. و إمّا موضوعية، و هي مثل أن يتزوّجا قبل تمام عدّة المرأة و لا يعلمان به، فالمتولّد منهما أيضا ولد شبهة.

و الشبهة إمّا من الطرفين كالمثالين المذكورين، و إمّا من طرف، مثل علم الزوجة بعدم تمام عدّتها، و علم الزوج بتمامها، فحينئذ المتولّد منهما ولد شبهة بالنسبة الى العالم، و ولد زنا بالنسبة الى الجاهل.

و لا يخفى الفرق في بعض الأحكام بين ولد الزنا و الشبهة، فإنّ ولد الزنا لا يرث من أبويه العالمين، و ولد الشبهة يرث منهما اذا حصلت الشبهة من كليهما.

(5)عطف على قوله «ولد الشبهة». يعني و أمّا من تناله الألسن - و هو الذي يقول الناس فيه أنه ولد زنا - و الحال لم يثبت ما يقولون في حقّه فإمامة ذلك أيضا لا مانع منها.

(6)جواب قوله «أمّا». أي فلا مانع من إمامة ولد الشبهة و من تناله الألسن.

الألسن - بضمّ السين و سكون النون -: جمع اللسان، جارحة في فم الإنسان، يذكّر و يؤنّث، و التذكير أكثر، الجمع: لسن و لسانات و ألسنة على التذكير، و ألسن على التأنيث. (أقرب الموارد).

(7)الشرط الرابع في الإمام هو ذكوريّته إن كان المأموم ذكرا أو خنثى. لكن اذا كان المأموم امرأة فلا يشترط .

ص: 560

إن كان المأموم ذكرا أو خنثى (1).

(و تؤمّ المرأة مثلها، و لا) تؤمّ (ذكرا و لا خنثى) لاحتمال ذكوريّته (2).

(و لا تؤمّ الخنثى غير المرأة) لاحتمال (3) انوثيّته و ذكورية المأموم لو كان خنثى،(و لا تصحّ ) (4) مع جسم (حائل بين الإمام و المأموم) يمنع المشاهدة أجمع في سائر (5) الأحوال للإمام، أو من يشاهده (6) من المأمومين و لو بوسائط منهم، فلو شاهد (7) بعضه في بعضها

**********

شرح:

(1)و المراد منه الخنثى المشكل بحيث لم يتشخّص بالعلامات المذكورة للتشخيص من تقدّم البول من أحد المخرجين أو ختمه أو سرعته أو غير ذلك، فلو كان الخنثى واضحا فيلحق بما أوضحه.

(2)عدم إمامة المرأة للخنثى لاحتمال الذكورية فيه.

(3)يعني أنّ الخنثى لا تؤمّ الرجل و هو واضح لاحتمال كونه امرأة فلا تجوز إمامتها للرجل، و لا تؤمّ الخنثى الاخرى أيضا لاحتمال كون الخنثى المأموم رجلا و الخنثى الإمام امرأة فيحتمل البطلان، فعلى ذلك استدلّ بقوله «لاحتمال انوثيّته... الى آخره».

(4)فاعل قوله «لا تصحّ » الضمير المؤنّث الراجع الى الجماعة. يعني أنّ صلاة الجماعة لا تصحّ اذا كان الحائل بين الإمام و المأموم جسما مانعا من مشاهدة المأموم إمامة كلاّ في جميع حالاته.

(5)السائر له معنيان: الباقي، و الجميع، و المراد هنا الثاني. يعني أنّ المانع من مشاهدة المأموم إمامه في جميع حالات الصلاة قياما أو قعودا أو سجودا و غيرها يوجب عدم صحّة الجماعة.

(6)و كذا المانع عن مشاهدة المأموم الذي يشاهد الإمام يمنع من صحّة الجماعة.

و بعبارة اخرى: يجب عدم وجود المانع عن مشاهدة الإمام أو المأموم الذي هو يشاهد الإمام، كالصفوف الممتدّة، فيجب عدم المانع بين المأمومين كذلك

(7)فاعل قوله «شاهد» يرجع الى المأموم. و الضمير في قوله «بعضه» يرجع الى

ص: 561

كفى (1)، كما لا تمنع حيلولة الظلمة (2) و العمى (3)(إلاّ في المرأة خلف الرجل) فلا يمنع الحائل مطلقا (4) مع علمها بأفعاله التي يجب فيها (5) المتابعة،(و لا مع كون الإمام أعلى) من المأموم (بالمعتدّ به) عرفا في المشهور، و قدّره في الدروس بما لا يتخطّى (6)، و قيل بشبر، و لا يضرّ علوّ المأموم مطلقا (7) ما لم يؤدّ إلى البعد المفرط (8)، و لو كانت الأرض منحدرة اغتفر فيهما (9). و لم يذكر (10) اشتراط عدم تقدّم المأموم، و لا بدّ منه (11)،

**********

شرح:

الإمام. و في قوله «بعضها» يرجع الى الأحوال. يعني فلو شاهد المأموم بعض أعضاء الإمام في بعض حالات الصلاة - كما اذا رآه حال القيام في المحراب لكن لا يراه عند الجلوس و هكذا من وراء جدار قاصر - فلا يمنع ذلك من صحّة الجماعة.

(1)جواب قوله «فلو شاهد».

(2)اذا كان المانع من مشاهدة الإمام هو الظلمة فلا يمنع من الصحّة.

(3)كما اذا كان المأموم أعمى لا يرى الإمام في الجماعة فذلك أيضا لا يمنع.

(4)سواء أ كانت المرأة ترى شيئا من الإمام أم لا.

(5)بشرط علم المرأة أفعال الصلاة من الإمام.

(6)قال في الدروس بعدم تجاوز الخطوة.

(7)سواء كان العلوّ بخطوة أو أزيد منها.

(8)بحيث لا يعدّ الاجتماع بين الإمام و المأموم.

(9)الضمير في قوله «فيهما» يرجع الى الإمام و المأموم. يعني في صورة انحدار الأرض لا يمنع علوّ الإمام أيضا، كما لا يمنع علوّ المأموم.

(10)أي الشرط الثالث من شرائط صحّة الجماعة: عدم تقدّم المأموم على إمامه، لكن لم يذكره المصنّف رحمه اللّه، و الحال كان اللازم منه ذكره.

فاعل قوله «و لم يذكر» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه.

(11)الضمير في قوله «منه» يرجع الى الاشتراط .

ص: 562

و المعتبر فيه العقب (1) قائما، و المقعد (2) - و هو الألية - جالسا، و الجنب (3) نائما.

تكره القراءة خلفه في الجهرية

(و تكره القراءة) (4) من المأموم (خلفه في الجهرية) التي يسمعها و لو همهمة (لا في السرّية (5)، و لو (6) لم يسمع و لو همهمة) و هي الصوت الخفيّ من غير تفصيل الحروف (7)(في الجهرية قرأ (8)) المأموم الحمد سرّا

**********

شرح:

(1)أي المعتبر في التقدّم هو عقب الرجل حال قيامهما. بمعنى أنّ التقدّم يلاحظ بعقبهما، فيلزم تأخّر المأموم من عضوه العقب عن عقب الإمام.

العقب - بفتح العين و كسر القاف - مؤخّر الرجل.

(2)عطف على قوله «العقب». أي المعتبر في التقدّم هو مقعدهما حال القعود، بأن لا يتقدّم مقعد المأموم عن الإمام لو صلّيا جالسا.

(3)عطف على قوله «المقعد». يعني أنّ المعتبر جنبهما لو صلّيا نائما، بأن لا يتقدّم جنب المأموم عن جنب الإمام حال الصلاة كذلك.

الجنب - بفتح الجيم و سكون النون -: ما تحت إبط الإنسان الى كشحه، و الكشح ما بين الخاصرة الى الضلع الخلف، و الجمع جنوب، و الجانب الناحية و يكون بمعنى الجنب أيضا لأنه ناحية من الشخص. (المصباح المنير).

(4)يعني تكره قراءة المأموم خلف الإمام في الصلاة التي تكون جهرية، مثل صلاة الصبح و ركعتي المغرب و العشاء في صورة سماعه قراءة الإمام و لو لم يسمع كلماته بل يسمع همهمته.

الهمهمة من همهم الرجل همهمة: تكلّم كلاما خفيّا. (أقرب الموارد).

(5)يعني لا تكره القراءة من المأموم في الصلوات الإخفاتية، مثل الظهرين و لو لم يسمع المأموم صوت الإمام و لو همهمته.

(6)و اذا لم يسمع حروف كلمات القراءة من الإمام و لا همهمته في الصلوات الجهرية يستحبّ قراءة المأموم الحمد سرّا.

(7)بأن لا يفهم تفصيلات حروف القراءة.

(8)جواب قوله «لو لم يسمع».

ص: 563

(مستحبّا). هذا (1) هو أحد الأقوال في المسألة، أمّا ترك القراءة في الجهرية المسموعة فعليه الكلّ (2)، لكن على وجه الكراهة عند الأكثر، و التحريم عند بعض، للأمر (3) بالإنصات لسامع القرآن، و أمّا مع عدم سماعها (4) و إن قلّ (5) فالمشهور الاستحباب في أولييها، و الأجود (6) إلحاق اخرييها

**********

شرح:

(1)المشار إليه هو الحكم الذي ذكره المصنّف رحمه اللّه في المتن، و هو كراهة قراءة المأموم خلف الإمام في الصلوات الجهرية اذا سمع قراءته و لو همهمة، و استحباب القراءة اذا لم يسمعها، و سيذكر الشارح رحمه اللّه بعض الأقوال في المسألة مع الإشارة لدليل بعضها.

(2)يعني أنّ جميع الفقهاء قائلون بترك قراءة المأموم اذا سمع قراءة الإمام في الجهرية، لكنّ الأكثر قائلون بكراهة فعلها، و البعض منهم قائلون بحرمة القراءة في المسألة.

(3)هذا دليل القول بحرمة القراءة بأنّ اللّه تعالى أمر بالإنصات و السكوت لمن سمع القرآن من الغير في قوله تعالى: وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (1) . (الأعراف: 204).

و قد ورد الخبر في خصوص تفسير الآية في الوسائل:

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إن كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئا في الاوليتن وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ (2) . يعني في الفريضة خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (3) فالأخيرتان تبعا للأولتين. (الوسائل: ج 5 ص 422 ب 31 من أبواب صلاة الجماعة ح 3).

(4)يعني أنّ المأموم اذا لم يسمع قراءة الإمام و لو قليلا بحيث لا يسمع همهمته أيضا. قال المشهور باستحباب القراءة في الركعتين الاولتين كما ذكر المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب.

(5)أي و إن قلّ السماع بأن لا يسمع حتّى همهمة قراءة الإمام.

قوله «فالمشهور» جواب لقوله «و أمّا».

(6)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنّ الأجود أن يلحق الركعتين الأخيرتين بالاولتين بأن يقرأ الحمد فقط فيهما و لا يقرأ التسبيحات.

ص: 564


1- سوره 7 - آیه 204
2- سوره 7 - آیه 204
3- سوره 7 - آیه 204

بهما. و قيل: (1) تلحقان بالسرّية. و أمّا السرّية فالمشهور كراهة القراءة فيها، و هو اختيار المصنّف في سائر كتبه (2)، و لكنّه هنا (3) ذهب إلى عدم الكراهة، و الأجود (4) المشهور.

و من الأصحاب من أسقط القراءة وجوبا (5)، أو استحبابا (6) مطلقا، و هو (7) أحوط .

**********

شرح:

(1)هذا قول ثالث في المسألة: بأنّ الركعتين الأخيرتين تلحقان بالصلاة السرّية في عدم كراهة الحمد فيهما فقط .

و الحاصل: أنّ في جواز قراءة المأموم في الصلاة الجهرية خلف الإمام ثلاثة أقوال:

الأول: الكراهة اذا سمع و لو همهمة الإمام، و الاستحباب اذا لم يسمع و لو قليلا.

الثاني: استحباب القراءة اذا لم يسمعها في الاولتين، و استحباب قراءة الحمد في الركعتين الأخيرتين أيضا.

الثالث: إلحاق الركعتين الأخيرتين بالصلاة السرّية، و سيوضّح حكم السرّية بقوله «و أمّا السرّية».

(2)فإنّ المصنّف رحمه اللّه اختار في سائر كتبه كراهة قراءة المأموم الحمد و السورة في الركعتين الاولتين خلف الإمام.

(3)و لكنّ المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب قال بعدم كراهة قراءة المأموم خلف الإمام في الصلاة السرّية، لأنه استثنى بقوله «لا في السرّية». يعني ليست الكراهة في السرّية.

(4)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنّ الأجود قول المشهور، و هو عدم كراهة قراءة المأموم في السرّية خلف الإمام.

(5)قال بعض الأصحاب بسقوط قراءة المأموم وجوبا، بمعنى عدم وجوبها فتحرم عليه القراءة.

(6)و قال البعض باستحباب السقوط فتكره القراءة في الجهرية و السرّية.

(7)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى الإسقاط المفهوم من قوله «أسقط ». يعني أنّ

ص: 565

و قد روى (1) زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: من قرأ خلف إمام يأتمّ به بعث على غير الفطرة (2).

يجب على المأموم نية الائتمام

(و يجب) على المأموم (نية الائتمام) (3) بالإمام (المعيّن) بالاسم أو الصفة أو القصد الذهني، فلو أخلّ بها (4) أو اقتدى بأحد هذين أو بهما (5) و إن اتفقا فعلا لم يصحّ ، و لو أخطأ تعيينه (6) بطلت و إن كان أهلا لها (7). أمّا

**********

شرح:

الحكم بسقوط القراءة وجوبا الدالّ على حرمتها، أو استحبابا الدالّ على كراهتها مطلقا يطابق الاحتياط .

(1)هذا هو دليل الاحتياط المذكور، و الرواية منقولة في الوسائل:

عن زرارة و محمّد بن مسلم قالا: قال أبو جعفر عليه السّلام: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بعث على غير الفطرة. (الوسائل: ج 5 ص 422 ب 3 من أبواب صلاة الجماعة ح 4).

(2)المراد من «الفطرة» هو الإسلام، لأنه دين الفطرة.

(3)يعني من أحكام الجماعة وجوب نية اقتداء المأموم بالإمام المعيّن بالاسم، أو الصفة، أو القصد الذهني و لو لم يعرفه باسمه و صفته. فلو لم ينو الاقتداء بل دخل الصلاة و قرأ القراءة لا تحصل له فضيلة الجماعة، و لا تبطل صلاته من الأصل. و لو ترك القراءة تبطل صلاته كما تبطل الجماعة أيضا.

(4)الضمير في قوله «بها» يرجع الى النية. يعني لو أخلّ بالنية في الاقتداء لا تصحّ الجماعة.

(5)بأن اقتدى بالشخصين بلا تعيين أحدهما تبطل و لو كان الإمامان متّحدين في جميع أحوال الصلاة.

(6)كما اذا اقتدى بإمام معيّن بالاسم أو الصفة فبان خلافه بطلت الصلاة أو الجماعة كما تقدّم.

(7)الضمير في قوله «لها» يرجع الى الإمامة. يعني اذا حسب المأموم أن الإمام زيد مثلا فبان أنه عمرو تبطل و لو كان عمرو أهلا للإمامة.

ص: 566

الإمام فلا تجب عليه نية الإمامة (1)، إلاّ أن تجب الجماعة كالجمعة في قول (2). نعم يستحبّ ، و لو حضر المأموم في أثناء صلاته (3) نواها بقلبه متقرّبا.

يقطع النافلة إذا أحرم الإمام بالفريضة

(و يقطع (4) النافلة) إذا أحرم الإمام بالفريضة. و في بعض الأخبار قطعها متى أقيمت (5) الجماعة و لمّا يكملها (6)، ليفوز بفضيلتها أجمع.(و قيل:)

**********

شرح:

(1)أي فلا تجب على الإمام نية الإمامة بأن يقصد كونه إماما في الصلاة إلاّ في الصلاة التي تجب الجماعة فيها، مثل صلاة الجمعة أو العيدين اذا اجتمعت الشرائط فيها كما تقدّم.

(2)أي وجوب نية الإمامة للإمام في الصلاة التي تجب فيها الجماعة على قول البعض. و هذا القول ليس بمشهور، لكنّ النية المذكورة مستحبّة و ليست واجبة.

(3)الضمير في قوله «صلاته» يرجع الى الإمام. يعني اذا حضر المأموم في حال صلاة الإمام نوى الجماعة في قلبه بقصد القربة.

(4)فاعل قوله «يقطع» يرجع الى المأموم. يعني يستحبّ للمأموم أن يقطع صلاته النافلة اذا كبّر الإمام تكبيرة الإحرام لصلاة الفريضة لنيل فضيلة الجماعة.

(5)يعني ورد في بعض الأخبار استحباب قطع المأموم النافلة قبل تكبيرة الإحرام اذا اقيمت الجماعة.

* من حواشي الكتاب: المراد بإقامة الجماعة وقت قيام الناس على أرجلهم، و هي عند قول المؤذّن: قد قامت الصلاة. (حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(6)أي لم يكمل المأموم صلاة النافلة. فاعل قوله «لم يكملها» يرجع الى المأموم، و الضمير يرجع الى النافلة.

وجه استحباب قطع النافلة في المقام لنيل فضيلة الجماعة من أوّلها الرواية المنقولة في المستدرك عن فقه الرضا عليه السّلام:

و إن كنت في صلاة نافلة و اقيمت الصلاة فاقطعها و صلّ الفريضة مع الإمام.

(المستدرك: ج 1 ص 496 ب 44 من أبواب الصلاة ح 1).

ص: 567

و يقطع (1)(الفريضة) أيضا (لو خاف الفوت) أي فوات الجماعة في مجموع الصلاة، و هو قويّ ، و اختاره (2) المصنّف في غير الكتاب، و في البيان جعلها (3) كالنافلة،(و إتمامها (4) ركعتين) ندبا (حسن) ليجمع بين فضيلة الجماعة و ترك إبطال (5) العمل. هذا (6) إذا لم يخف الفوت، و إلاّ قطعها بعد النقل إلى النفل. و لو كان (7) قد تجاوز ركعتين من الفريضة، ففي الاستمرار،

**********

شرح:

(1)قال بعض الفقهاء باستحباب قطع الفريضة من المأموم اذا خاف فوت فضيلة الجماعة كلاّ، بأن خاف أن لا يدرك فضيلة الجماعة و لو في ركعة منها.

(2)اختار المصنّف رحمه اللّه القول بقطع صلاة الفريضة أيضا في غير كتاب اللمعة.

(3)الضمير في قوله «جعلها» يرجع الى الفريضة. يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه البيان جعل الفريضة مثل النافلة في استحباب قطعها لإدراك فضل الجماعة.

(4)الضمير في قوله «إتمامها» يرجع الى الفريضة. يعني أنّ تبديل المأموم الفريضة بركعتي النافلة و عدم قطع الفريضة حسن.

(5)ففي تبديل الفريضة الى ركعتي الندب جمع بين فضيلة الجماعة و بين ترك إبطال الصلاة، لأنه ورد النهي عن إبطال العمل في قوله تعالى: لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (1) (محمّد: 33). فإنّ الفقهاء اتّفقوا على حرمة قطع الصلاة إلاّ في موارد، و لم يسلّم كون المقام منها فالأحسن تبديلها بالنافلة.

(6)أي القول بتبديل الفريضة بالنافلة و إتمام النافلة في صورة عدم الخوف من إدراك فضيلة الجماعة و لو في ركعة واحدة.

لكن لو خاف فوت الجماعة بإتمام ركعتي النافلة المبدّلة من الفريضة فحينئذ يستحبّ قطع ركعتي النافلة التي قصدها عن الفريضة، كما مرّ استحباب قطع النافلة اذا خاف فوت الجماعة مع إتمامها و إكمالها.

(7)يعني أنّ قول المصنّف رحمه اللّه بتبديل الفريضة الى ركعتي الندب إنّما هو في صورة عدم تجاوز المأموم ركعتي الفريضة. فلو تجاوزهما بأن دخل في ركعة ثالثة من الفريضة ففيه و جهان:

ص: 568


1- سوره 47 - آیه 33

أو العدول إلى النفل، خصوصا قبل ركوع الثالثة و جهان، و في القطع قوّة (1).(نعم يقطعها) (2) أي الفريضة (لإمام الأصل) مطلقا استحبابا (3) في الجميع.

لو أدركه بعد الركوع

(و لو أدركه بعد الركوع) (4) بأن لم (5) يجتمع معه بعد التحريمة في حدّه (سجد) (6) معه بغير ركوع إن لم يكن ركع،

**********

شرح:

الأول: وجوب استمرار الفريضة و لو فاتت عنه فضيلة الجماعة.

الثاني: العدول الى النافلة خصوصا قبل ركوع الركعة الثالثة، فينتقل الى النافلة و يتمّها اذا أدرك فضيلة الجماعة، و يقطعها اذا خاف فضيلة الجماعة كما في سائر النوافل.

(1)هذا نظر الشارح رحمه اللّه بأنّ الحكم بالوجه الثاني - و هو قطع النافلة بعد الانتقال عن الفريضة إليها - قويّ .

(2)يعني يستحبّ قطع الفريضة للاقتداء بالإمام المعصوم عليه السّلام اذا اقيمت الجماعة، سواء خاف فوت فضيلة الجماعة أم لا.

(3)يعني أنّ قطع الصلاة لإدراك فضيلة الجماعة في الموارد المذكورة مستحبّ و ليس بواجب، فلو ترك القطع واجبا كان أو ندبا يجوز ذلك.

(4)هذه مسألة اخرى، و هي اذا أدرك المأموم الإمام بعد الركوع يستحبّ له التبعية للإمام في السجود، ثمّ يقوم مع الإمام لو بقي له ركعة و يستأنف نيته جماعة، أو يقوم لوحده لو تمّ الإمام و يستأنف نيّته فرادى.

(5)هذا توضيح عدم إدراك المأموم الإمام في الركوع، فذكر له وجهين:

الأول: عدم اجتماع المأموم مع الإمام بعد تكبيرة الإحرام، و عدم الانحناء للركوع.

الثاني: انحناء المأموم للركوع بعد النية و تكبيرة الإحرام، لكن لم يدرك ركوع الإمام.

(6)جواب قوله «و لو». و الضمير في قوله «معه» يرجع الى الإمام. يعني أنّ المأموم يسجد بلا ركوع في صورة عدم انحنائه للركوع.

ص: 569

أو ركع (1) طلبا لإدراكه فلم يدركه،(ثمّ استأنف النية) مؤتمّا (2) إن بقي للإمام ركعة اخرى، و منفردا (3) بعد تسليم الإمام إن أدركه (4) في الأخيرة.(بخلاف إدراكه بعد السجود) (5) فإنّه (6) يجلس معه و يتشهّد مستحبّا (7) إن كان يتشهّد، و يكمل (8) صلاته

**********

شرح:

(1)هذا هو الوجه الثاني من وجهي عدم إدراكه الإمام في الركوع، و الضميران في قوليه «إدراكه» و «يدركه» يرجعان الى الإمام.

(2)بصيغة اسم الفاعل حال من المأموم. يعني يكون في حال كونه مقتديا بالإمام في صورة بقاء ركعة من صلاة الإمام.

(3)يعني يكون المأموم في حال الانفراد من صلاته لو تمّت صلاة الإمام. قوله «منفردا» عطف على قوله «مؤتمّا».

(4)بأن يدرك المأموم الإمام في الركعة الأخيرة بعد الركوع، فتكون صلاته فرادى بعد تسليم الإمام.

(5)أي الحكم باستئناف النية اذا أدرك الإمام بعد الركوع، بخلاف الحكم اذا أدركه بعد السجود، ففيه لا يحتاج الى تجديد النية كما سيوضّحه.

(6)الضمير في قوله «فإنّه» يرجع الى مدرك الإمام بعد السجود. يعني أنّ المدرك كذلك يستحبّ له أن يجلس مع الإمام.

و بعبارة اخرى: اذا حضر المأموم في حال انتهاء الإمام السجدة الأخيرة ينوي قائما و يكبّر تكبيرة الإحرام و يجلس في حال اشتغال الإمام بتشهّد الصلاة و يتبعه حتّى يتمّ التشهّد، و لا يسلّم مع الإمام بل يقوم و يكمل صلاته و ينال فضيلة الجماعة، هذا اذا كان آخر تشهّد الإمام.

أمّا لو كان أول تشهّد الإمام فينوي قائما و يكبّر تكبيرة الإحرام و يجلس مع تشهّد الإمام و يقوم مع الإمام، فيقرأ لأول ركعة من صلاته، و الحال أنّ الإمام في الركعة الثالثة، فيتبعه كذلك الى أن ينفرد في الركعة الأخيرة الباقية.

(7)يعني أنّ المأموم يستحبّ له أن يتشهّد مع تشهّد الإمام.

(8)فاعل قوله «يكمل» يرجع الى المأموم. يعني أنه يكمل بقية صلاته.

ص: 570

(فإنّها (1) تجزيه و يدرك فضيلة الجماعة) في الجملة (في الموضعين) و هما (2) إدراكه بعد الركوع و بعد السجود، للأمر بها (3) و ليس إلاّ لإدراكها. و أمّا كونها (4) كفضيلة من أدركها (5) من أولها فغير معلوم، و لو استمرّ في الصورتين قائما إلى أن فرغ الإمام (6)، أو قام (7) أو جلس (8) معه و لم يسجد صحّ أيضا من غير استئناف (9).

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «فإنّها» يرجع الى النية. يعني إذا أدرك الإمام بعد سجوده يجلس المأموم و يتشهّد مع الإمام، ثمّ يقوم لإكمال صلاته، فإنّ النية بذلك تجزيه و لا يحتاج لاستئناف النية و تكبيرة الإحرام. و الحال قد تقدّم الحكم باستئناف النية و التكبيرة في صورة إدراكه الإمام بعد الركوع.

(2)ضمير التثنية يرجع الى الموضعين. يعني أنّ المأموم يدرك فضيلة الجماعة في صورة إدراكه الإمام بعد الركوع و بعد السجود.

(3)الضمير في قوله «بها» يرجع الى الجماعة. يعني أنّ الدليل على إدراك فضيلة الجماعة في الموضعين هو الأمر بالجماعة و الاقتداء في الموضعين، و ليس الأمر بها إلاّ لإدراك فضيلة الجماعة، و الضمير في قوله «إدراكها» يرجع الى فضيلة الجماعة.

(4)يعني لا شكّ في تحصيل فضيلة الجماعة في الموضعين. أمّا كون فضيلتهما مثل فضيلة الجماعة اذا أدركها من أول الصلاة فذلك غير معلوم.

(5)الضميران في قوليه «إدراكها» و «من أوّلها» يرجعان الى الجماعة.

(6)هذا في صورة إدراك الإمام الى آخر الصلاة.

(7)و هذا في صورة إدراك الإمام مع بقاء ركعة أو ركعات من صلاته.

ففي الصورتين المذكورتين - اذا استمرّ المأموم حتّى يفرغ الإمام من صلاته اذا كانت الركعة الأخيرة، أو قام الإمام و قد بقيت من صلاته ركعة أو ركعات - يحكم بالصحّة.

(8)عطف على قوله «لو استمرّ». يعني لو لم يقم بل جلس بعد النية و التكبيرة و لم يسجد يحكم بالصحّة أيضا، كما حكم بالصحّة في الفرض الأول.

(9)يعني في صورتي استمرار قيامه حتّى يتمّ الإمام صلاته أو يلحقه في قيامه

ص: 571

و الضابط : (1) أنه (2) يدخل معه في سائر الأحوال، فإن زاد معه (3) ركنا استأنف النية و إلاّ (4) فلا، و في زيادة سجدة واحدة (5)، و جهان، أحوطهما الاستئناف. و ليس لمن (6) لم يدرك الركعة قطع الصلاة بغير

**********

شرح:

و الجلوس مع الإمام بدون أن يسجد تصحّ الصلاة و الجماعة، و لا يحتاج الى تجديد النية و التكبيرة.

(1)هذا بيان الضابط الكلّي لاستئناف النية و التكبيرة في الموارد التي يأتمّ في غير حال الركوع.

(2)الضمير في قوله «أنه» يرجع الى المأموم، و في قوله «معه» يرجع الى الإمام.

يعني أنّ الضابطة في استئناف النية و تجديدها هو أنّ المأموم يدخل مع الإمام في بقية حالات الصلاة في صورة عدم إدراكه الركوع بأن لم يلتحق مع الإمام في حال الركوع كما تقدّم، فلو زاد مع دخوله و تبعيّته للإمام ركنا من أركان الصلاة، مثل أن يتبع الإمام في السجدتين فيجب عليه تجديد النية و التكبيرة اذا قام، و لو لم يزد ركنا بل تبع الإمام في التشهّد أو جلس مع الإمام و لم يسجد فلا يحتاج الى تجديد النية.

(3)الضمير في قوله «معه» يرجع الى الدخول.

(4)فإن لم يزد ركنا في تبعيّته للإمام - كما تقدّم مثاله - فلا يجب على المأموم تجديد النية.

(5)كما اذا أدرك المأموم سجدة واحدة من صلاة الإمام، ففي وجوب استئناف النية و عدمه و جهان. و الأحوط في نظر الشارح رحمه اللّه هو لزوم الاستئناف.

(6)هذا دفع لتوهّم أنه اذا جاز للمأموم في صورة عدم إدراكه الإمام في الركوع و التبعية له في السجود و تجديد النية و تكبيرة الإحرام في القيام فكذلك يجوز له قطع الصلاة اذا لم يدرك الإمام في الركوع.

فأجاب عن هذا التوهّم بأنه لا يجوز لمن لم يدرك الإمام في الركوع أن يقطع صلاته و لا يتبعه في حال الاختيار، لكن عند الاضطرار مثل خوف تلف النفس أو المال يجوز له القطع.

ص: 572

المتابعة اختيارا.

يجب على المأموم المتابعة

(و يجب) على المأموم (المتابعة) (1) لإمامه في الأفعال إجماعا (2)، بمعنى أن لا يتقدّمه فيها، بل إمّا أن يتأخّر عنه و هو الأفضل، أو يقارنه (3)، لكن مع المقارنة تفوت فضيلة الجماعة و إن صحّت الصلاة (4)، و إنّما فضلها مع المتابعة.

أمّا الأقوال (5) فقد قطع المصنّف بوجوب المتابعة فيها أيضا في غيره (6)، و أطلق (7) هنا بما يشمله،

**********

شرح:

أقول: لكن من المؤسف أنّ بعض المؤمنين بل أكثر الذين يحضرون صلاة الجماعة أنهم اذا لم يدركوا الإمام في الركوع قطعوا صلاتهم و لا يتبعونه في السجود، أو لا يستمرّون في القيام حتّى يتمّ الإمام صلاته لو كانت الركعة الأخيرة، أو يقوم الإمام لو بقيت ركعة أو ركعات. فالأولى أن يدركوا فضيلة الجماعة على الأقلّ و يلتحقوا بها.

أرجو من الطلاّب و الأفاضل أن يدقّقوا في هذه المسألة و يعملوا بوظيفتهم فيها و يرشدوا المؤمنين الغافلين عنها.

(1)هذه مسألة في أحكام الجماعة، بأنه يجب على المأموم أن لا يتقدّم الإمام في فعل من أفعال الصلاة بالإجماع. أمّا في الأقوال و الأذكار فلم يقم الإجماع عليه.

(2)في مقابل التأخّر في الأقوال التي لم يقم الإجماع عليه.

(3)بأن يقارن المأموم الإمام في أقوال الصلاة.

(4)فلو قارن المأموم الإمام في أقوال الصلاة تصحّ الصلاة، لكن تفوت عنه فضيلة الجماعة، لأنها في صورة المتابعة لا التقارن.

(5)أي الأقوال في وجوب متابعة المأموم الإمام في الأقوال. فقال المصنّف رحمه اللّه في هذا الكتاب بوجوب المتابعة في الأقوال أيضا مثل الأفعال.

(6)الضمير في قوله «غيره» يرجع الى كتاب اللمعة.

(7)فاعل قوله «أطلق» يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنه أطلق في هذا الكتاب

ص: 573

و عدم الوجوب (1) أوضح إلاّ في تكبيرة الإحرام، فيعتبر تأخّره (2) بها، فلو قارنه أو سبقه لم تنعقد (3)، و كيف تجب (4) المتابعة فيما لا يجب سماعه (5) و لا إسماعه إجماعا مع إيجابهم (6) علمه بأفعاله ؟! و ما ذاك إلاّ لوجوب المتابعة فيها.

(فلو تقدّم) المأموم على الإمام فيما (7) يجب فيه المتابعة (ناسيا تدارك (8)) ما فعل مع الإمام،

**********

شرح:

بقوله: «و يجب المتابعة». فإنّ عبارته في هذا الكتاب مطلقة تشمل الأقوال أيضا.

و الضمير في قوله «يشمله» يرجع الى الأقوال باعتبار أنّ اللفظ يذكّر.

(1)أي عدم وجوب المتابعة في الأقوال أوضح، إلاّ في تكبيرة الإحرام. فإنّ الواجب فيها التأخّر عن تكبيرة إحرام الإمام، و لا تكفي المقارنة.

(2)الضمير في قوله «تأخّره» يرجع الى المأموم، و في قوله «بها» يرجع الى تكبيرة الإحرام.

(3)فاعل قوله «لم تنعقد» يرجع الى الجماعة. يعني لو سبق المأموم الإمام في تكبيرة الإحرام أو قارنها لا تنعقد الجماعة.

(4)هذا استدلال الشارح رحمه اللّه على عدم وجوب المتابعة في الأقوال، بأنه لا يجب على المأموم سماع أذكار الإمام و أقواله، و لا يجب على الإمام أيضا إسماع المأموم الأقوال، فكيف تجب المتابعة ؟!

(5)الضميران في قوليه «سماعه» و «إسماعه» يرجعان الى «ما» الموصولة، و المراد منه الأقوال.

(6)أي مع فتوى الفقهاء بوجوب علم المأموم أفعال الإمام في الجماعة، و ذلك أيضا دليل عدم وجوب المتابعة في الأقوال.

(7)كما اذا تقدّم في الأفعال أو الأقوال بناء على وجوب المتابعة فيها.

(8)جواب لقوله «لو تقدّم». يعني اذا تقدّم المأموم على الإمام في الأفعال بأن ركع قبل الإمام و هو في القيام أو سجد و هو لم يسجد فيجب عليه التدارك مع الإمام.

ص: 574

(و عامدا (1) يأثم و يستمرّ) على حاله حتّى يلحقه (2) الإمام، و النهي (3) لاحق لترك المتابعة، لا لذات الصلاة أو جزئها، و من ثمّ لم تبطل (4)، و لو عاد (5) بطلت للزيادة. و في بطلان (6) صلاة الناسي لو لم يعد قولان،

**********

شرح:

قوله «مع الإمام» يتعلّق بقوله «تدارك»، حتّى لو كان الزائد نسيان ركن مثل الركوع كما أفاده الشهيد الثاني في تروك الصلاة، و لا تضرّ زيادة الركن في المقام.

(1)يعني لو تقدّم المأموم على الإمام في أفعال الصلاة عمدا لا يجب عليه التدارك مثل النسيان، بل يستمرّ في فعله حتّى يلحقه الإمام، لكن يكون في فعله و تقدّمه عاصيا و آثما.

(2)الضمير في قوله «يلحقه» يرجع الى المأموم.

(3)هذا جواب إيراد، و هو أنه اذا تقدّم المأموم يكون مرتكبا بما نهي عنه، فيلزم الحكم ببطلان الصلاة. فأجاب عنه بأنّ النهي عن التقدّم يتعلّق بترك المتابعة، و لا يتعلّق بذات الصلاة أو أجزائها، فلا يحكم ببطلان الصلاة من أصلها.

* من حواشي الكتاب: هذا جواب إشكال مقدّر، و هو اذا أثم بالتقدّم كان منهيّا عنه، و النهي عن العبادة يوجب فسادها. فأجاب رحمه اللّه بأنّ النهي لم يتعلّق بذات العبادة أو بجزئها، و إنّما تعلّق بأمر خارجي، و هو ترك المتابعة، و لذلك لم تبطل الصلاة. (حاشية السيد كلانتر).

(4)كما نهي عن النظر الى الأجنبية، فاذا ارتكب المصلّي بما نهي عنه لا يحكم ببطلان صلاته و لو كان آثما.

(5)هذا متفرّع على قوله «و يستمرّ». يعني لو لم يستمرّ على حاله الى أن يلحقه الإمام، بل عاد ثمّ كرّر الفعل المأتيّ بالتبع للإمام يحكم بالبطلان، للزيادة العمدية في أفعال الصلاة، ركنا كان أو غيره.

(6)و هذا متفرّع على قوله «لو تقدّم ناسيا تدارك». يعني فلو لم يتدارك و لم يعد الناسي للتدارك ففي بطلان صلاته قولان، و الأجود في نظر الشارح رحمه اللّه عدم البطلان.

ص: 575

أجودهما العدم، و الظانّ (1) كالناسي، و الجاهل (2) عامد.

يستحبّ إسماع الإمام من خلفه

(و يستحبّ إسماع الإمام من خلفه) (3) أذكاره ليتابعه فيها و إن كان (4) مسبوقا، ما لم يؤدّ إلى العلوّ المفرط (5) فيسقط الإسماع المؤدّي إليه (6) (و يكره العكس) (7) بل يستحبّ للمأموم

**********

شرح:

(1)فمن تقدّم على الإمام في فعل من أفعال الصلاة لظنّه بأنّ الإمام مشغول به فأخطأ في ظنّه فهو في حكم الناسي، و يجب عليه أن يعود لتدارك ما فعل، لأنّ الظانّ اذا أخطأ فهو في حكم الناسي.

(2)يعني أنّ المأموم الذي تقدّم على الإمام جهلا بالحكم فهو في حكم العامد، و يجب عليه الاستمرار حتّى يلحقه الإمام.

(3)هذه من مستحبّات الجماعة. يعني يستحبّ للإمام أن يسمع المأمومين أذكاره في الصلاة، مثل ذكر الركوع و السجود و القنوت و غيرها ليتابع من خلفه في الأذكار.

قوله «أذكاره» مفعول ثان ل «إسماع». كما أنّ «من» الموصولة مفعول أول له.

(4)اسم «كان» يعود على المأموم. يعني أنّ استحباب إسماع الإمام أذكاره لمن خلفه حتّى في خصوص المأموم المسبوق، كما اذا سبق الإمام المأموم في ركعات الصلاة.

قوله «مسبوقا» اسم مفعول، و المراد منه المأموم، و السابق هو الإمام.

(5)يعني أنّ استحباب إسماع المأمومين في صورة عدم احتياج الإسماع الى رفع الصوت الخارج عن الحدّ المتعارف، و إلاّ يسقط الاستحباب.

(6)الضمير في قوله «إليه» يرجع الى العلوّ. يعني يسقط استحباب الإسماع الذي ينجرّ الى العلوّ المفرط .

(7)و هو إسماع المأموم أذكاره للإمام، فالمستحبّ في حقّ المأموم ترك إسماع أذكاره للإمام إلاّ في موارد:

الأول: إسماع تكبيرة الإحرام اذا كان الإمام منتظرا في الركوع، كما اذا كان

ص: 576

ترك إسماع الإمام مطلقا (1)، عدا تكبيرة الإحرام لو كان الإمام منتظرا له في الركوع و نحوه (2)، و ما يفتح (3) به على الإمام، و القنوت على قول.

يكره أن يأتمّ كلّ من الحاضر و المسافر بصاحبه

(و أن (4) يأتمّ كلّ من الحاضر و المسافر بصاحبه) مطلقا (5)، و قيل: في فريضة مقصورة (6)، و هو مذهبه في البيان،(بل (7) بالمساوي) في الحضر

**********

شرح:

الإمام في حال الركوع و أعلمه المأموم بقصده الاقتداء به و أطال الإمام ذكر الركوع ليلحق به المأموم فلا يكره إسماعه ذكر تكبيرة الإحرام.

الثاني: اذا نسي الإمام كلمة من أذكار الصلاة فينبّهه المأموم بإسماع الذكر.

الثالث: إسماع ذكر القنوت على قول.

(1)سواء كانت الصلاة جهرية أو إخفاتية.

(2)كما اذا كان الإمام منتظرا للفرقة الثانية في صلاة الخوف فلا يكره إسماعهم للإمام أذكار الصلاة.

(3)و هذا هو المورد الثاني من الموارد المذكورة. يعني عدا ما يذكّر و ينبّه المأموم الإمام بسبب إسماع الذكر ما نسيه، كما اذا نسي الإمام التشهّد فينبّهه المأموم بإسماع ذكر التشهّد.

و التعبير بلفظ «الفتح» كأنّ المأموم بفتح على الإمام ما كان مسدودا عليه بالنسيان.

(4)عطف على قوله «و يكره العكس». يعني و من مكروهات الجماعة اقتداء الحاضر بالمسافر و بالعكس.

(5)أي بلا فرق بين الفريضة المقصورة مثل الظهرين و العشاء، أو غير المقصورة مثل صلاة المغرب و الصبح.

(6)و القول الآخر كراهة ائتمام الحاضر بالمسافر و بالعكس إنّما هو في الفرائض المقصورة، فلا يكره في غير المقصورة. و هذا القول فتوى المصنّف رحمه اللّه في كتابه البيان. و الضمير في قوله «و هو» يرجع الى القول الآخر.

(7)يعني بل يأتمّ الحاضر و المسافر بالمساوي، بمعنى أنّ الحاضر يقتدي بالحاضر، و هكذا المسافر.

ص: 577

و السفر، أو في الفريضة (1) غير المقصورة.(و أن يؤمّ (2) الأجذم و الأبرص الصحيح) للنهي عنه (3) و عمّا قبله في الأخبار (4) المحمول على الكراهة جمعا (5).

**********

شرح:

(1)يعني يأتمّ الحاضر بالمسافر، و العكس في الفريضة التي لا تقصّر مثل المغرب و الصبح، و هذا بناء على قول المصنّف رحمه اللّه في كتابه البيان.

(2)و هذا هو الثالث من مكروهات الجماعة، و هو اقتداء الصحيح بالأجذم و الأبرص، كما اذا كان الإمام مبتلى بالجذام أو البرص و المأموم صحيحا، لكن لا يكره اقتداء المأموم الأجذم و الأبرص بالإمام الصحيح.

(3)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى ائتمام الأجذم و الأبرص للصحيح.

و المراد من قوله «عمّا قبله» اقتداء الحاضر بالمسافر، و بالعكس. يعني أنّ دليل الكراهة في المقامين ورود النهي في الأخبار، لكن يحمل النهي على الكراهة لا الحرمة، للجمع بين الطائفتين من الأخبار.

الجذام: علّة رديئة تنتشر في البدن كلّه تنتهي الى تآكل الأعضاء و سقوطها عن تفرّح، و هو من الجذم بمعنى القطع.

الأجذم: المقطوع اليد، و قيل: الذاهب الأنامل، جمعه: جذما على حدّ أحمق و حمقى. و الأجذم: المبتلى بداء الجذام. (أقرب الموارد).

الأبرص: هو المبتلى بداء البرص - بالتحريك -: داء معروف أبرص برصاء، جمعه: برص. (أقرب الموارد).

(4)و من الأخبار الناهية هو المنقول في الوسائل:

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال: خمسة لا يؤمّون الناس و لا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة: الأبرص، و المجذوم، و ولد الزنا، و الأعرابيّ حتّى يهاجر، و المحدود. (الوسائل: ج 5 ص 399 ب 15 من أبواب صلاة الجماعة ح 3).

قال صاحب الوسائل رحمه اللّه: هذا محمول على الكراهة.

(5)أي الحمل المنهيّ الوارد في الأخبار على الكراهة، للجمع بينها و بين

ص: 578

(و المحدود بعد توبته) (1) للنهي (2) كذلك، و سقوط محلّه من القلوب.

(و الأعرابيّ ) (3) و هو المنسوب إلى الأعراب و هم سكّان البادية (بالمهاجر) (4) و هو المدنيّ المقابل للأعرابيّ ، أو المهاجر (5) حقيقة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.

و وجه الكراهة في الأول (6) مع النصّ بعده عن مكارم الأخلاق

**********

شرح:

الأخبار المجوّزة.

منها المنقول في الوسائل أيضا:

عن عبد اللّه بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المجذوم و الأبرص يؤمّان المسلمين ؟ قال: نعم، قلت: هل يبتلي اللّه بهما المؤمن ؟ قال: نعم، و هل كتب اللّه البلاء إلاّ على المؤمنين. (المصدر السابق: ح 1).

(1)الرابع من مكروهات الجماعة هو الائتمام بالشخص الذي أجري عليه حدّ من حدود اللّه، مثل حدّ الزنا و الخمر و غيرهما بعد توبته.

(2)و الدليل على كراهة إمامة المحدود بعد توبته النهي الوارد في خبر محمّد بن مسلم المذكور آنفا، و لسقوط محلّه من قلوب الناس و عدم احترامهم له.

(3)عطف على قوله «الأجذم». و هذا هو الخامس من مكروهات الجماعة بأن يؤمّ الأعرابيّ غيره. و المراد من الأعرابيّ أحد معنيين:

الأول: الذي يسكن البوادي.

الثاني: الذي يسكن في بلاد الكفر.

(4)الجارّ و المجرور متعلّقان بقوله «أن يؤمّ ». يعني تكره إمامة الساكن في البادية الساكن في المدينة، و هكذا إمامة الساكن في بلاد الكفر للمهاجر عنها.

(5)عطف على قوله «المدني». يعني أنّ المهاجر إمّا المدنيّ الذي هاجر من البادية و سكن المدينة، أو الذي هاجر من بلاد الكفر و سكن بلاد المسلمين. و هذا المعنى هو الحقيقة في لفظ «المهاجر» عند العرف.

(6)المراد من الأول هو الساكن في البادية. يعني أنّ دليل الكراهة فيه النصّ المذكور أولا، و بعده عن مكارم الأخلاق ثانيا.

ص: 579

و محاسن الشيم (1) المستفادة من الحضر، و حرّم (2) بعض الأصحاب إمامة الأعرابيّ عملا بظاهر النهي، و يمكن أن يريد به (3) من لا يعرف محاسن الإسلام و تفاصيل الأحكام، منهم (4) المعنيّ (5) بقوله تعالى: اَلْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً (1) أو على (6) من عرف ذلك و ترك المهاجرة مع وجوبها (7)

**********

شرح:

(1)الشيم - بكسر الشين و فتح الياء - جمع شيمة: العادة و الأخلاق. يعني أنّ الساكن في البوادي يبعد عن محسنات الأخلاق و العادات المستفادة من المدن و الأمصار.

(2)و قد قال بعض الأصحاب من الفقهاء بحرمة إمامة الأعرابيّ للساكن في المدينة، فتبطل صلاة المدنيّ خلف الأعرابيّ ، للعمل بظاهر النهي الوارد في خبر محمّد بن مسلم المتقدّم ذكره آنفا.

(3)الضمير في قوله «به» يرجع الى الأعرابيّ . يعني يمكن أن يراد من الأعرابيّ من لا يعرف محاسن الأخلاق و تفاصيل أحكام الإسلام، فلا منافاة بين القولين المذكورين في معنى الأعرابيّ ، و هو الساكن في البادية و الساكن في بلاد الكفر، لأنّ كليهما لا يعرفان تفاصيل أحكام الإسلام في الأغلب.

(4)الضمير في قوله «منهم» يرجع الى الأعراب. يعني أنّ المراد من الأعرابيّ هو الذي لا يعرف تفاصيل الأحكام، لا الأعرابيّ مطلقا.

(5)أي الأعرابيّ بذلك المعنى المقصود من قوله تعالى: اَلْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً وَ أَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (2) .

(التوبة: 96).

قوله «المعنيّ » بصيغة اسم المفعول من عني يعني: قصد يقصد.

(6)أي يمكن أن يحمل الأعرابيّ على الذي عرف تفاصيل الأحكام لكن ترك المهاجرة عن بلاد الكفر مع وجوبها عليه، فإنّه لا تجوز إمامته، لتركه الواجب الموجب لفسقه.

(7)الضمير في قوله «وجوبها» يرجع الى المهاجرة، و في قوله «عليه» يرجع الى الأعرابيّ .

ص: 580


1- سوره 9 - آیه 97
2- سوره 9 - آیه 97

عليه، فإنّه حينئذ تمتنع إمامته، لإخلاله (1) بالواجب من التعلّم و المهاجرة (و المتيمّم بالمتطهّر (2) بالماء) للنهي عنه و نقصه (3) لا بمثله (4).

(و أن يستناب المسبوق بركعة) (5)،

**********

شرح:

(1)فإنّ الأعرابيّ الذي يعلم تفاصيل الأحكام لكن لا يهاجر من بلاد الكفر الى بلاد الإسلام يرتكب بترك الواجب، و يحكم بفسقه، فلا يجوز الصلاة خلفه.

الأعراب: من العرب، سكّان البادية خاصّة، لا واحد له. و قيل: واحده أعرابيّ .

(أقرب الموارد).

فعلى ذلك ليس الأعرابيّ مختصّا بجيل العرب، بل هو الساكن في البادية من العرب و العجم.

العرب و العرب: جيل من الناس، خلاف العجم. و المراد من العجم كلّ من ليس من العرب من الفرس و الترك و الافرنج و غيرهم، و لفظ «العرب» مؤنّث، يقال:

العرب العاربة، و العرب العرباء، جمعه: أعرب، و عروب.

قيل: العرب سكّان الأمصار، و قيل: عامّ في سكّان الأمصار و سكّان البادية.

(أقرب الموارد).

(2)السادس من مكروهات الجماعة إمامة المتيمّم بمن تطهّر بالماء. و الدليل على الكراهة المذكورة هو النهي الوارد في الوسائل:

عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يؤمّ صاحب التيمّم المتوضّئين، و لا يؤمّ صاحب الفالج الاصحّاء.

(3)الدليل الثاني على الكراهة المذكورة هو نقص المتيمّم بالنسبة الى المتطهّر، فإنّ التيمّم طهارة عذرية و ليست بكاملة.

(4)أي لا يكره ائتمام المتيمّم بالمتيمّم.

(5)السابع من مكروهات الجماعة إمامة المأموم الذي كان متأخّرا بركعة عن الإمام اذا عرض للإمام مانع من إتمام الصلاة، كما اذا عرض له الحدث أو الإغماء أو غير ذلك، فيجوز التبديل بأحد من المأمومين لإدامة الصلاة. فاذا تكره إمامة المتأخّر بركعة، بل يأتمّ من حضر الجماعة من أول الصلاة.

ص: 581

أو مطلقا (1) إذا عرض للإمام مانع من الإتمام، بل ينبغي (2) استنابة من شهد الإقامة. و متى بطلت صلاة الإمام فإن بقي مكلّفا (3) فالاستنابة له، و إلاّ فللمأمومين، و في الثاني يفتقرون (4) إلى نية الائتمام بالثاني، و لا يعتبر فيها (5) سوى القصد إلى ذلك، و الأقوى في الأول (6) ذلك، و قيل: (7) لا، لأنه خليفة الإمام فيكون بحكمه.

ثمّ إن حصل (8) قبل القراءة قرأ المستخلف أو المنفرد، و إن كان في

**********

شرح:

(1)يعني يمكن القول بكراهة إمامة المتأخّر عن الجماعة بلا فرق بين المتأخّر بركعة أو أزيد أو أقلّ منها.

(2)يعني اذا عرض للإمام مانع من الصلاة يؤمّ المصلّين مقامه من حضر الجماعة من إقامة الصلاة.

(3)يعني لو عرض للإمام مانع من الإتمام فإن بقي مكلّفا بأن لا يعرضه الإغماء أو الجنون أو الموت فهو الذي يعيّن النائب عنه، و لو لم يكن كذلك فعلى المأمومين تعيين النائب.

(4)يعني اذا عرض للإمام ما يسقطه عن التكليف كما ذكر و كان تعيين النائب على عهدة المأمومين فيحتاجون حينئذ الى تجديد نيّة الاقتداء بالنائب، و بعبارة اخرى: بالإمام الثاني.

(5)الضمير في قوله «فيها» يرجع الى النية. يعني لا يعتبر في نيتهم الاقتداء بالثاني أزيد من القصد الباطني.

(6)فإنّ الأقوى في نظر الشارح رحمه اللّه في صورة بقاء التكليف على الإمام و تعيينه النائب أيضا افتقار المأمومين الى نية الاقتداء بالثاني.

(7)و قول آخر هو عدم الاحتياج الى نية الاقتداء بالامام الثاني، لأنه يكون خليفة للإمام الأول، فيكون هو بحكمه، فلا يفتقرون الى نية الاقتداء.

(8)فاعل قوله «حصل» يرجع الى المانع. يعني لو عرض للإمام المانع من إتمام الصلاة قبل قراءته الحمد و السورة فيجب على خليفته و نائبه حينئذ قراءتهما.

و كذلك الذي انفرد عن صلاته اذا عرض للإمام المانع و لم يمكن النائب مقامه.

ص: 582

أثنائها (1) ففي البناء (2) على ما وقع من الأول، أو الاستئناف (3)، أو الاكتفاء (4) بإعادة السورة التي فارق فيها، أوجه أجودها الأخير (5). و لو كان بعدها (6)، ففي إعادتها و جهان، أجودهما العدم.

لو تبيّن للمأموم عدم الأهلية

(و لو تبيّن) للمأموم (عدم الأهلية) (7) من الإمام للإمامة بحدث أو فسق (8) أو كفر (في الأثناء انفرد) حين العلم. و القول (9) في القراءة كما تقدّم (10)،

**********

شرح:

(1)أي إن كان المانع العارض للإمام في أثناء القراءة ففي البناء على ما قرأه الإمام من القراءة، أو لزوم استئناف ما قرأ، أو لزوم إعادة السورة لا الحمد اذا فارق الإمام في أثناء السورة. وجوه ثلاثة، أجود الوجوه في نظر الشارح رحمه اللّه هو الأخير.

(2)هذا هو الوجه الأول من الوجوه الثلاثة، فيبني الإمام الثاني و المنفرد بما قرأه الإمام الأول، فيقرأ من الموضع الذي عرض المانع له.

(3)هذا هو الوجه الثاني بأن يقرأ الثاني و المنفرد من أول الحمد و السورة و لا يبني على ما وقع.

(4)هذا هو الوجه الثالث، فاذا عرض المانع في أثناء السورة يعيدها الإمام الثاني و المنفرد، بخلاف عروض المانع في أثناء الحمد، فيبني على ما وقع.

(5)المراد من الأخير هو البناء على ما وقع اذا عرض المانع في أثناء الحمد للإمام و استئناف السورة اذا عرض المانع في أثنائها.

(6)الضمير في قوله «بعدها» يرجع الى القراءة. يعني اذا عرض المانع بعد قراءة الحمد و السورة فالأجود عدم إعادة القراءة من النائب و المنفرد.

(7)فاذا علم المأموم عدم أهلية الإمام للإمامة في أثناء الصلاة. فيجب عليه الانفراد من الموضع الذي علم.

(8)كما اذا تيقّن المأموم بفسق الإمام.

(9)هذا مبتدأ و خبره قوله «كما تقدّم».

(10)أي تقدّم في مسألة الانقطاع عن صلاة الإمام بعروض المانع له من إتمام الصلاة

ص: 583

(و بعد (1) الفراغ لا إعادة) على الأصحّ (2) مطلقا (3) للامتثال، و قيل: يعيد في الوقت لفوات الشرط (4)، و هو (5) ممنوع مع عدم إفضائه (6) إلى المدعى.

لو عرض للإمام مخرج

(و لو عرض للإمام مخرج (7)) من الصلاة لا يخرج (8) عن الأهلية

**********

شرح:

الوجوه الثلاثة: البناء على ما وقع من الأول، و لزوم استئناف ما قرأه، و استئناف السورة لا الحمد.

(1)عطف على قوله «في الأثناء». يعني لو تبيّن عدم أهلية الإمام بعد الفراغ من الصلاة فلا يجب على المأموم إعادة صلاته بناء على القول الأصحّ مطلقا.

(2)في مقابل القول بوجوب الإعادة قبل خروج الوقت.

(3)أي بلا فرق بين خروج الوقت أو عدمه. و الدليل على عدم وجوب الإعادة هو الامتثال، فإنّ المأموم أطاع الأمر بإقامة الصلاة جماعة فيسقط التكليف.

(4)و المراد من الشرط هو أهلية الإمام، فاذا فقد الشرط فقد المشروط ، فتجب إعادة الصلاة للمأموم في الوقت.

(5)قوله «و هو» يرجع الى فوات الشرط و هو مبتدأ، و قوله «ممنوع» خير له.

و ذلك جواب الشارح رحمه اللّه عن القول بوجوب الإعادة في الوقت، بأنّ الشرط هو تشخيصه أهلية الإمام للجماعة، و قد حصل و امتثل الأمر بالجماعة فلا تجب الإعادة.

(6)هذا جواب آخر عن دليل القول المذكور بأن المدّعى هو الإعادة في الوقت فقط .

و الدليل الذي أقامه على هذه الدعوى - و هو فوات الشرط الموجب لفوات المشروط - يقتضي الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه معا، فلا يختصّ الدليل بالإعادة في الوقت فقط .

(7)بصيغة اسم الفاعل. يعني لو عرض للإمام ما يخرجه عن الصلاة كالحدث فعليه أن يختار أحد المأمومين نائبا و تستمرّ الصلاة.

(8)قوله «لا يخرج» يحتمل كونه من باب الافعال، فيكون صفة ل «مخرج». يعني لو

ص: 584

كالحدث (استناب) (1) هو، و كذا لو تبيّن (2) كونه خارجا ابتداء لعدم الطهارة، و يمكن شمول (3) المخرج في العبارة لهما،(و يكره الكلام) (4) للمأموم و الإمام (بعد) قول المؤذّن (قد قامت الصلاة) لما روي (5) أنهم بعدها كالمصلّين.

**********

شرح:

عرض للإمام مخرج من الصلاة بصفة كونه لا يخرجه عن الأهلية بالذات كالفسق و غيره. و يحتمل كونه بفتح الياء بصيغة المضارع من المجرّد، فيكون المعنى: لو عرض للإمام مخرج عن الصلاة بحيث لا يوجب خروجه عن الأهلية بالذات.

(1)هذا جواب لقوله «لو عرض». و الضمير في قوله «هو» يرجع الى الإمام. ففي المسألة هذه تشخيص الاستنابة بشخص الإمام، لا المأمومين.

(2)هذه المسألة متفرّعة على ما ذكره، و هي: اذا تبيّن للإمام كونه خارجا عن الأهلية من أول الصلاة، كما اذا تبيّن كونه غير متطهّر بالغسل أو الوضوء فيستنيب الغير مقامه.

(3)إنّ المصنّف رحمه اللّه ذكر مسألة ثمّ فرّع عليها الشارح رحمه اللّه مسألة اخرى بقوله:

«و كذا لو تبيّن... الى آخره».

لكنّ الشارح يحتمل شمول عبارة المصنّف رحمه اللّه لكلا المسألتين، بأنّ المراد من لفظ «المخرج» هو الأعمّ ممّا كان من أول الصلاة أو أثنائها، لأنّ ما لم يعلم وجوده فليس بمخرج، فاذا علم الإمام في الأثناء يصدق عليه المخرج، فالعبارة تشمل الصورتين.

(4)المراد من الكلام المكروه للإمام و المأموم بعد قول المؤذّن «قد قامت الصلاة» هو التكلّم بكلام غير الذكر، و لا تكره الأذكار بعده.

(5)هذا دليل كراهة الكلام المذكور، بأنه ورد في الرواية: أنّ الإمام و المأمومين بعد قول المؤذّن «قد قامت الصلاة» في حكم المصلّين، و الرواية منقولة في الوسائل:

عن أبي هارون المكفوف قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا هارون، الإقامة من الصلاة، فاذا أقمت فلا تتكلّم، و لا تومئ بيدك». (الوسائل: ج 4 ص 630 ب 10 من أبواب الأذان و الإقامة ح 12).

ص: 585

المصلّي خلف من لا يقتدى به

(و المصلّي خلف من لا يقتدى به) (1) لكونه (2) مخالفا (يؤذّن لنفسه و يقيم) إن لم يكن وقع منهما (3) ما يجزئ عن فعله كالأذان للبلد إذا سمعه، أو مطلقا (4)،(فإن تعذّر) الأذان (5) لخوف فوت واجب القراءة (اقتصر) (6) على قوله:(قد قامت الصلاة) مرّتين (إلى آخر الإقامة) (7)، ثمّ يدخل (8) في الصلاة منفردا بصورة الاقتداء،

**********

شرح:

(1)أي المصلّي خلف الإمام الذي لا يجوز الاقتداء به لكونه من أهل السنّة لا يكتفي بأذان الإمام و إقامته، بل يؤذّن و يقيم لنفسه.

(2)الضمير في قوله «لكونه» يرجع الى «من» الموصولة، أي العلّة لعدم اقتدائه هي كون الإمام من أهل السنّة و الخلاف.

(3)الضمير في قوله «منهما» يرجع الى الأذان و الإقامة. يعني لزوم الأذان و الإقامة للمأموم خلف المخالف إنّما هو اذا لم يقع أحدهما من شخص يجزئ في حقّه، كما اذا سمع الأذان من مؤذّن بلد الشيعة ففيه لا يحتاج الى الأذان في نفسه.

(4)يحتمل كونه إشارة الى عدم الفرق بين سماعه أذان البلد و عدم سماعه، و يحتمل كونه إشارة الى عدم الفرق بين أذان البلد اذا سمعه أو مطلق الأذان من أيّ شخص وقع.

(5)المراد من الأذان في المقام هو الشامل للإقامة أيضا، كما تدلّ عليه عبارة المصنّف الآتية.

(6)جواب قوله «فإن تعذّر». يعني أنّ المصلّي خلف من لا يقتدى به - لو خاف فوات القراءة - لو اشتغل بالأذان و الإقامة لنفسه يقتصر على قوله: «قد قامت الصلاة» الى آخر الإقامة.

و لا يخفى أنّ المصلّي خلف المخالف تجب عليه قراءة الحمد و السورة لنفسه. فاذا خاف فواتهما بالأذان و الإقامة بنفسه - لأنّ المخالف يسرع للركوع و لا يمكنه القراءة الواجبة - يكتفي بما وضّحه.

(7)قوله «الى آخر الإقامة» هو «اللّه أكبر» مرّتين «و لا إله إلاّ اللّه» مرّة واحدة.

(8)أي المصلّي خلف المخالف يدخل في الصلاة بصورة المقتدي و المأموم في الظاهر، و لكن يقصد الانفراد في الباطن.

ص: 586

فإن سبقه (1) الإمام بقراءة السورة سقطت، و إن سبقه (2) بالفاتحة أو بعضها قرأ إلى حدّ الراكع و سقط عنه ما بقي (3)، و إن سبق (4) الامام سبّح اللّه استحبابا إلى أن يركع، فإذا فعل ذلك (5) غفر له بعدد من خالفه و خرج بحسناتهم، روي (6) ذلك عن الصادق عليه السّلام.

لا يؤمّ القاعد القائم و...

(و لا يؤمّ القاعد القائم) (7) و كذا جميع المراتب (8)، لا يؤمّ الناقص فيها

**********

شرح:

(1)بأن سبق الإمام المخالف المصلّي المنفرد في قراءة السورة و ركع فتسقط حينئذ عنه قراءة السورة، بل يتبع المخالف في الركوع.

(2)و اذا سبق المخالف المصلّي المنفرد بقراءة الحمد أو مقدار من الحمد يجب على المصلّي قراءة الحمد الى انحنائه حدّ الركوع. بمعنى أنه يقرأ في حال الانحناء بمقدار ما يمكنه من قراءة سورة الفاتحة.

(3)أي سقط عن المصلّي خلف المخالف مقدار ما بقي من الحمد.

(4)يعني و إن سبق المصلّي المنفرد الإمام المخالف في القراءة لا يركع، بل يذكر التسبيح استحبابا الى أن يركع و يتبعه في الركوع.

(5)المشار إليه في قوله «ذلك» هو الأذان و الإقامة من المصلّي خلف المخالف لنفسه و قراءته و تبعيّته للمخالف بتظاهر الاقتداء به في الصلاة منفردا، و ذكر التسبيح لو سبقه، و سقوط الحمد و السورة بالتفصيل المذكور. يعني اذا فعل المصلّي ذلك غفر اللّه تعالى له بتعداد المخالفين، و خرج من الصلاة بحسناتهم الصادرة عنهم.

(6)الرواية الدالّة على خروج المصلّي بحسنات المخالفين منقولة في الوسائل:

عن الحسين (الحسن) بن عبد اللّه الأرجاني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صلّى في منزله ثمّ أتى مسجدا من مساجدهم فصلّى فيه خرج بحسناتهم. (الوسائل: ج 5 ص 385 ب 6 من أبواب صلاة الجماعة ح 9).

(7)أي لا يجوز إمامة القاعد القائم، لكن تجوز إمامة القائم القاعد.

(8)يعني لا تجوز إمامة الناقص على الكامل عنه في جميع المراتب من حالات المصلّي. فلا تجوز إمامة النائم على القاعد، و هكذا.

ص: 587

الكامل للنهي (1)، و النقص. و لو عرض العجز (2) في الأثناء انفرد المأموم الكامل حينئذ إن لم يكن استخلاف (3) بعضهم.

(و لا الأمّيّ ) (4) و هو من لا يحسن قراءة الحمد و السورة، أو أبعاضهما (5) و لو حرفا أو تشديدا أو صفة واجبة (6)

**********

شرح:

(1)ذكر الشارح رحمه اللّه عدم جواز إمامة الناقص على الكامل بدليلين:

الأول: النهي الوارد في المقام.

الثاني: النقص الحاصل من غير الكامل.

* من حواشي الكتاب: المراد من النهي الوارد في النبويّ المشهور: «لا يؤمّنّ أحد بعدي جالسا». و إطلاقه و إن اقتضى المنع عن إمامة القاعد بمثله أيضا إلاّ أنه مقيّد بما اذا أمّ قائما كما ذكره الأصحاب... الخ.

و النبويّ الذي ذكره المحشّي رحمه اللّه منقول في الوسائل:

عن الصادق عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى بأصحابه جالسا، فلمّا فرغ قال:

لا يؤمّن أحدكم بعدي جالسا. (الوسائل: ج 5 ص 415 ب 25 من أبواب صلاة الجماعة ح 1).

(2)كما اذا صلّى قائما ثمّ عرض له العجز عن القيام في أثناء الصلاة فيلزم المأموم الكامل أن ينفرد في صلاته عندئذ.

(3)يعني انفراد المأموم الكامل في صورة عدم استخلاف الإمام العاجز بعض المأمومين، فلو أمكن أن يستنيب بعض المأمومين مقامه عند عروض العجز فيستخلفه و يقتدي سائر المأمومين بالإمام الثاني فعل.

(4)هذا الثاني ممّن لا تجوز إمامته على الغير، و هو الأمّيّ بالنسبة الى القارئ.

الأمّيّ : من لا يعرف الكتابة و لا القراءة نسبة الى الأمّ ، لأنّ الكتابة مكتسبة فهو على ما ولدته أمّه من الجهل بالكتابة. (أقرب الموارد).

(5)أي المراد من الأمّي هنا من لا يحسن قراءة الحمد و السورة، أو قراءة بعض الآيات منهما، و لو كان البعض حرفا أو تشديدا بأن لا يحسن تشديدا في بعض الكلمات منهما، كما اذا لم يحسن تشديد قوله تعالى وَ لاَ الضّالِّينَ (1) .

(6)كالمدّ الواجب في «و لا الضالّين».

ص: 588


1- سوره 1 - آیه 7

(القارئ) (1) و هو من يحسن ذلك كلّه (2)، و يجوز بمثله مع تساويهما في شخص (3) المجهول، أو نقصان المأموم (4)، و عجزهما (5) عن التعليم لضيق الوقت، و عن الائتمام (6) بقارئ، أو أتمّ منهما (7)، و لو اختلفا فيه (8) لم يجز و إن (9) نقص قدر مجهول الإمام، إلاّ أن يقتدي جاهل الأول (10) بجاهل الآخر، ثمّ ينفرد عنه (11) بعد تمام معلومه كاقتداء (12) محسن السورة خاصّة

**********

شرح:

(1)قوله «القارئ» مفعول به.

(2)المراد من القارئ هنا من يحسن قراءة الحمد و السورة و أبعاضهما و لو حرفا... الى آخره.

(3)يعني يجوز ائتمام الأمّي بمثله اذا تساويا في شخص الكلمة المجهولة، كما اذا جهلا كلاهما بكلمة معيّنة أو في حرف أو تشديد أو صفة واجبة.

(4)أي بكون عجز المأموم أكثر من عجز الإمام.

(5)أي جواز ائتمام الأمّي بمثله في صورة عجز كليهما عن التعليم لضيق الوقت.

(6)عطف على قوله «التعليم». يعني جواز ائتمام أحدهما بالآخر في صورة العجز عن الاقتداء بالقارئ، و إلاّ يجب على كليهما أن يقتدي بالقارئ العالم.

(7)أي العجز عن الاقتداء بمن يكون أتمّ و أكمل بالنسبة إليهما.

(8)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى شخص المجهول. يعني لو اختلفا في الكلمة المجهولة كما اذا عرف الإمام الحمد و جهل السورة و المأموم بالعكس لا يجوز الائتمام.

(9)الجملة وصلية. يعني لا يجوز الائتمام عند اختلافهما في الكلمة المجهولة و لو كان قدر المجهول من الإمام قليلا بالنسبة الى المأموم.

(10)كما اذا اقتدى جاهل الحمد بالكامل فيه ثمّ قصد الانفراد في السورة التي يكون الإمام جاهلا بها.

(11)الضمير في قوله «عنه» يرجع الى الجاهل الآخر.

(12)مثال اقتداء الجاهل الأول بالجاهل الثاني.

ص: 589

بجاهلها (1)، و لا يتعاكسان (2).

(و لا المئوف اللسان) (3) كالألثغ بالمثلّثة (4) و هو الذي يبدّل حرفا بغيره، و بالمثنّاة من تحت (5) و هو الذي لا يبيّن الكلام، و التمتام (6) و الفأفاء (7) و هو (8) الذي لا يحسن تأدية الحرفين (بالصحيح) (9). أمّا من لم تبلغ آفته إسقاط (10) الحرف و لا إبداله (11)

**********

شرح:

(1)الضمير في قوله «جاهلها» يرجع الى السورة.

(2)أي لا يجوز اقتداء العالم بالحمد و جاهل السورة بالجاهل بالحمد و العالم بالسورة.

(3)عطف على قوله «لا يؤمّ القاعد القائم». يعني و من الموارد التي لا تجوز إمامته على الغير هو اقتداء الصحيح بالمئوف اللسان.

المئوف: اسم مفعول من آفه أوفا: أضرّه و أفسده. أوف الزرع: أصابته الآفة.

و الآفة: العاهة، أو عرض مفسد لما أصابه، جمعها: آفات. (أقرب الموارد).

(4)أي بالثاء المثلّثة التي لها ثلاث نقاط ، و هو الذي يبدّل حرفا بغيره، مثل قوله «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه» بالسين.

(5)المراد منه الأليغ، و هو الذي لا يفهم كلامه من جهة التلفّظ .

(6)عطف على قوله «الألثغ»، و هذا مثال آخر للمؤلف.

التمتام - من تمتم الكلام تمتمة -: ردّه الى التاء و الميم، أو سبقت كلمته الى حنكه الأعلى، فهو تمتام، و هي تمتامة. (أقرب الموارد).

(7)الفأفاء - من فأفأ الرجل -: أكثر الفاء و تردّد فيها في كلامه، فهو فأفاء.

(أقرب الموارد).

(8)الضمير في قوله «و هو» يرجع الى التمتام و الفأفاء. يعني أنهما اللذان يعجّلان في الكلام و يردّدان التاء أو الفاء في كلامهما و لا يحسنان تأدية الحرفين.

(9)يتعلّق بقوله «لا يؤمّ ». يعني لا يجوز إمامة المئوف بالصحيح.

(10)هذا في مقابل قوله «ألثغ». يعني و الذي لا تبلغ عاهته حدّ إسقاط الحرف.

(11)و هذا في مقابل قوله «أليغ».

ص: 590

أو يكرّره (1) فتكره (2) إمامته بالمتقن خاصّة (3).

مرجحات الإمامة

(و يقدّم الأقرأ) (4) من الأئمة لو تشاحّوا (5) أو تشاحّ المأمومون، و هو الأجود أداء و إتقانا للقراءة و معرفة (6) أحكامها و محاسنها (7)

**********

شرح:

(1)و هذا في مقابل قوليه «تمتام و فأفاء» أي لا تبلغ آفة لسانه حدّ تكرار الحرف.

يعني و الذي لا تبلغ عاهته حدّ إبدال الحرف.

(2)جواب قوله «أمّا من لم تبلغ... الى آخره». يعني أنّ المذكورين تكره إمامتهم على الشخص الصحيح الذي يحسن أداء الكلمات و يتقن الألفاظ فقط .

المتقن - بصيغة اسم الفاعل -: هو الذي صحّ لسانه و يؤدّي الألفاظ و الكلمات بالإتقان.

(3)هذا قيد لقوله «بالمتقن». يعني إمامة هؤلاء تكره لمن أتقن و أحسن، فلا تكره إمامتهم لأمثالهم.

مرجّحات الإمامة (4)قد ذكر الفقهاء مرجّحات في الإمامة في صورة التشاحّ و الاختلاف، فيذكر المصنّف رحمه اللّه بعض هذه المرجّحات.

منها: كون الإمام أقرأ من غيره، و هو الذي يحسن أداء الكلمات و يتقن القراءة.

(5)تشاحّوا في الأمر و عليه: تسابقوا إليه و تنافسوا فيه. (المعجم الوسيط ). و فاعله يرجع الى الأئمة. و قوله «و هو» يرجع الى الأقرأ.

و لا يخفى أنّ التشاحّ بينهم في صورة إصرار كلّ منهم بإمامة الآخر، أو إصرار كلّ بإمامة نفسه لتحصيل فضيلة الإمامة على نحو لا يخلّ الخلوص و عدالته، أو كان بين المأمومين.

(6)عطف على «القراءة» بأن يكون ذو إتقان للقراءة و معرفة أحكام القراءة، و الأحسن في العبارة أن يقول «معرفة لأحكامها» ليكون عطفا على قوله «أداء».

(7)الضميران المؤنّثان يرجعان الى القراءة. يعني يكون أعرف بأحكام القراءة و محاسنها من تجويد الحروف و إشباعها و غيرها.

ص: 591

و إن كان (1) أقلّ حفظا، فإن تساووا فالأحفظ (2)، فإن تساووا فيهما (فالأفقه) (3) في أحكام الصلاة، فإن تساووا فيها فالأفقه (4) في غيرها.

و أسقط المصنّف في الذكرى اعتبار الزائد (5) لخروجه عن كمال الصلاة. و فيه (6) أنّ المرجّح لا ينحصر فيها، بل كثير منها (7) كمال في نفسه، و هذا (8) منها مع شمول (9) النصّ له، فإن تساووا في الفقه

**********

شرح:

(1)اسم «كان» مستتر يرجع الى الأقرأ. يعني و إن كان الأقرأ أقلّ حفظا للقرآن.

(2)الثاني من المرجّحات: كون الإمام أحفظ لآيات القرآن بالنسبة الى غيره، كما اذا كان حافظا لنصف القرآن و الآخر حافظا لثلثه، فيقدّم الأول في الإمامة.

(3)الثالث من مرجّحات الإمامة: كون الإمام أفقه و أعلم بأحكام الصلاة بالنسبة الى غيره.

(4)الرابع من المرجّحات: كون الإمام أعلم بأحكام الفقه في غير الصلاة بالنسبة الى غيره، كما اذا علم بباب المتاجر و النكاح و الحدود و الديات، و الحال لا يعلمها المشاحّ له.

و الضمير في «غيرها» يرجع الى الصلاة.

(5)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذكرى لم يعدّ الأفقه في غير أحكام الصلاة مرجّحا في الإمامة، لأنه لا ربط له في كمال الصلاة.

(6)الضمير في قوله «فيه» يرجع الى الإسقاط . هذا جواب من الشارح رحمه اللّه في إسقاطه اعتبار الزائد عن أحكام الصلاة، بأنّ المرجّح لا ينحصر في خصوص كمال الصلاة، بل الكمال في نفس الإمام يكون مرجّحا لإمامته. و كون الإمام عالما بأحكام غير الصلاة يكون كمالا في نفسه، فيكون مرجّحا بالنسبة الى غيره.

(7)الضمير في قوله «منها» يرجع الى المرجّحات المذكورة في الإمامة، و في قوله «في نفسه» يرجع الى الإمام.

(8)المشار إليه في قوله «هذا» كون الإمام أفقه في غير أحكام الصلاة أيضا.

(9)هذا دليل آخر على كون الأفقه في غير أحكام الصلاة أيضا مرجّحا في

ص: 592

و القراءة (فالأقدم هجرة) (1) من دار الحرب إلى دار الإسلام، هذا (2) هو الأصل، و في زماننا قيل: هو السبق إلى طلب العلم (3)، و قيل: إلى سكنى الأمصار (4)، مجازا (5) عن الهجرة الحقيقية، لأنها (6) مظنّة الاتّصاف

**********

شرح:

الإمامة، بأنّ مضمون النصّ يشمل ذلك، و النصّ منقول في الوسائل:

عن العرزمي عن أبيه رفع الحديث الى النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: من أمّ قوما و فيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم الى السفال الى يوم القيامة. (الوسائل: ج 5 ص 415 ب 26 من أبواب صلاة الجماعة ح 1).

السفال - من سفل سفولا و سفالا -: نقيض علا، و هو سافل، و الجمع: سافلون.

(أقرب الموارد).

(1)الخامس من المرجّحات: كون الإمام أقدم هجرة بالنسبة الى غيره. و في المراد منه ثلاث احتمالات:

الأول: كون الهجرة من بلاد الكفر الى بلاد الإسلام. كما أنّ في صدر الإسلام كان المسلمون مهاجرين من دار الكفر الى دار الإسلام لتقوية المسلمين. و قد قال الشارح رحمه اللّه بأن هذا الاحتمال هو الأصل.

الثاني: كون الهجرة الى البلاد التي يطلب العلم فيها، مثل البلاد التي تكون الحوزات العلمية فيها مثل بلدة قم في زماننا هذا، فالمرجّح هو الهجرة إليها لتحصيل العلم.

الثالث: الهجرة من البوادي و القرى الى السكن في الأمصار.

(2)يعني أنّ هذا المعنى في الهجرة هو الحقيقي و الأصل. و هو الأول من الاحتمالات الثلاثة المذكورة في معنى الهجرة.

(3)هذا هو الاحتمال الثاني من الاحتمالات الثلاثة المذكورة.

(4)هذا هو الاحتمال الثالث من الاحتمالات المذكورة.

(5)أي إطلاق الهجرة بالمعنى الثالث هو مجاز و ليس بحقيقة، لأنّ معناه الحقيقي هو الهجرة من بلاد الكفر الى بلاد الإسلام كما تقدّم.

(6)الضمير في قوله «لأنها» يرجع الى الأمصار. يعني أنّ السكن في الأمصار

ص: 593

بالأخلاق الفاضلة و الكمالات النفسية، بخلاف القرى و البادية. و قد قيل:

إنّ الجفاء و القسوة في الفدّادين (1) بالتشديد، أو حذف المضاف (2)، و قيل: يقدّم أولاد من تقدّمت هجرته (3) على غيره، فإن تساووا في ذلك (فالأسنّ ) (4)

**********

شرح:

يكون موجبا لاتّصاف المهاجر بالأخلاق الفاضلة و الكمالات النفسانية، بخلاف السكن في البوادي و القرى.

(1)الفدّادون - جمع فدّاد كشدّاد -: الشديد الصوت.

الفدّادون أيضا: الجمّالون و الرعيان و البقّارون و التّمارون و الفلاّحون أصحاب الوبر و الذين تعلوا أصواتهم في حروثهم و مواشيهم، و المكثرون من الإبل. و في الحديث: إنّ الجفاء و القسوة في الفدّادين. (أقرب الموارد). و المراد منه هو المعنى الثاني.

* من حواشي الكتاب: و في الحديث: إنّ الجفاء و القسوة في الفدّادين - بالتشديد - و هم الذين تعلوا أصواتهم في حروثهم و مواشيهم. و أمّا الفدادين - بالتخفيف - فهي البقر التي تحرث، واحدها فدّان بالتشديد، و منه يعلم أنّ الفدّادين في الحديث مشدّد و لا معنى لقولنا: إنّ الجفاء و القسوة في صاحب البقرة، و ليس حينئذ كناية عن سكّان القرى و البوادي كما هو المطلوب.

(حاشية الملاّ أحمد رحمه اللّه).

(2)و المراد من المضاف هو الأهل، و ذلك في صورة عدم التشديد بأن يقرأ «فدادين». و هو جمع فدّان بمعنى بقر الحرث. فعلى ذلك يقدّر المضاف، و يكون المعنى هكذا: إنّ الجفاء و القسوة في صاحب بقر الحرث.

و بعبارة اخرى يقال «إنّ الجفاء و القسوة في الفدّادين» لو قرئ مشدّدا، و «في أهل الفدادين» لو قرئ مخفّفا.

(3)يعني قال بعض الفقهاء بأنّ من كان آباؤه مهاجرا بالمعاني الثلاثة يكون مقدّما على غيره في الإمامة.

(4)السادس من المرجّحات: كون الإمام أطول سنّا، بمعنى أنّ المعمّر يقدّم على من

ص: 594

مطلقا (1)، أو في الإسلام (2) كما قيّده (3) في غيره.

فإن تساووا فيه (فالأصبح) (4) وجها لدلالته (5) على مزيد عناية اللّه تعالى، أو ذكرا (6) بين الناس لأنه (7) يستدلّ على الصالحين بما يجري اللّه لهم على ألسنة عباده، و لم يذكر (8) هنا ترجيح الهاشمي لعدم دليل صالح

**********

شرح:

هو أقلّ منه، كما اذا كان سنّ أحدهم خمسين عاما و غيره أربعين، فهو من المرجّحات أيضا.

(1)أي الرجحان بالسنّ ، بلا فرق بين كونه في الإسلام أو لا.

(2)يعني أو المراد من طول السنّ هو السنّ في الإسلام. فكلّ من يطول سنّه في الإسلام يقدّم على من يقصر عنه، كما اذا كان سنّ أحدهما في الإسلام عشرين و الآخر عشرا و لو كان عمره أطول من صاحب العشرين في الإسلام.

(3)الضمير في قوله «قيّده» يرجع الى الإسلام، و فاعله مستتر يرجع الى المصنّف، و المراد من قوله «غيره» غير هذا الكتاب.

(4)السابع من المرجّحات: كون الإمام أصبح وجها بالنسبة الى غيره. و قد ذكر الشارح لذلك معنيين:

ألف: كونه حسن الجمال و الصورة.

ب: كونه حسن الذكر بين الناس.

(5)أي لدلالة حسن الوجه على أنّ اللّه تعالى زاد عناياته الخاصّة، كما في الرواية المنقولة عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: حسن وجه المؤمن من حسن عناية اللّه به. (غرر الحكم: 4848).

(6)هذا هو المعنى الثاني للأصبح، و هو عطف على قوله «وجها»، أي الأصبح ذكرا.

(7)دليل كون الأصبح ذكرا بين الناس هو من كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام لمالك الأشتر: إنّما يستدلّ على الصالحين بما يجري اللّه لهم على ألسن عباده.

(نهج البلاغة: الكتاب 53).

(8)فاعل قوله «يذكر» مستتر يرجع الى المصنّف رحمه اللّه. يعني أنّ المصنّف لم يذكر في هذا الكتاب كون الهاشميّ من مرجّحات الإمامة لعدم دليل صالح عليه.

ص: 595

لترجيحه، و جعله (1) في الدروس بعد الأفقه. و زاد بعضهم في المرجّحات بعد ذلك (2) الأتقى و الأورع، ثمّ القرعة (3). و في الدروس جعل القرعة بعد الأصبح (4). و بعض هذه المرجّحات ضعيف (5) المستند لكنّه مشهور.

**********

شرح:

(1)و جعل المصنّف الهاشميّ في كتاب الدروس من المرجّحات بعد ذكر الأفقه.

(2)قوله «ذلك» إشارة الى المرجّحات المذكورة. يعني و زاد بعض الفقهاء علاوة على المذكورات: الأتقى و الأورع بالنسبة الى غيره.

(3)فإذا تساوى الأئمّة للجماعة من حيث جميع المرجّحات المذكورة يقرع، و يؤمّ من أصابته القرعة، لأنّ كلّ مجهول ففيه القرعة كما ورد عنهم عليهم السّلام.

(الوسائل: ج 18 ص 191 ب 13 من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى ح 18).

و لا يخفى أنّ التقوى هو الاجتناب عن المحرّمات، و الورع فوق التقوى، و هو الاجتناب عن المكروهات و المشتبهات.

(4)يعني أنّ المصنّف رحمه اللّه في كتابه الدروس جعل القرعة بعد ذكر الأصبح، و الحال أنّ الشارح رحمه اللّه ذكر القرعة هنا بعد قوله «الأتقى و الأورع».

(5)خبر لقوله «بعض». يعني أنّ بعض المرجّحات المذكورة ضعيفة السند، بل لم نجده في بعضها.

أقول: الرواية المتضمّنة لبعض المرجّحات المذكورة منقولة في الوسائل:

عن أبي عبيدة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصلاة فيقول بعض لبعض: تقدّم يا فلان، فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: يتقدّم القوم أقرأهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنّا، فإن كانوا في السنّ سواء فليؤمّهم أعلمهم بالسنّة و أفقهم في الدين، و لا يتقدّمن أحدكم الرجل في منزله، و لا صاحب سلطان في سلطانه. (الوسائل: ج 5 ص 419 ب 28 من أبواب صلاة الجماعة ح 1).

و في حديث آخر عنه عليه السّلام فإن كانوا في السنّ سواء فأصبحهم وجها.

(المصدر السابق: ح 2).

ص: 596

(و) الإمام (الراتب) (1) في مسجد مخصوص (أولى من الجميع) لو اجتمعوا،(و كذا صاحب المنزل) (2) أولى منهم و من الراتب،(و) صاحب (الإمارة) (3) في إمارته أولى من جميع من ذكر أيضا. و أولوية هذه الثلاثة (4) سياسة أدبية لا فضيلة ذاتية، و لو أذنوا لغيرهم (5) انتفت الكراهة.

و لا يتوقّف أولوية الراتب على حضوره (6)، بل ينتظر لو تأخّر (7)،

**********

شرح:

(1)هذا مبتدأ و خبره قوله «أولى». و هذا هو المرجّح الثامن في الإمامة. يعني إذا اجتمع الأئمّة للجماعة في مكان أو مسجد و تساووا في المرجّحات المذكورة يقدّم الإمام الراتب على الجميع، و هو الذي يقيم الجماعة في الأيّام و الليالي فيه أو في بعض الأوقات، مثل الراتب في جماعة الظهرين، أو الراتب في العشاءين، أو الصبح. فيكون الامام الراتب مرجّحا بالنسبة الى غير الراتب.

(2)التاسع من المرجّحات: كون الإمام صاحب المنزل، فيرجّح بغيره، و لو تساووا في المرجّحات المذكورة حتّى من الراتب، كما اذا كان الشخص إمام الراتب في منزل الغير فعند التشاحّ بينهما يقدّم صاحب المنزل على الراتب أيضا.

(3)عطف على قوله «صاحب المنزل». و هو العاشر من المرجّحات، كون الإمام صاحب إمارة و رئاسة في محلّ الإمارة و الرئاسة، فيقدّم على الغير في الإمامة للجماعة و لو كانوا متساوين في المرجّحات المذكورة.

(4)المشار إليه في قوله «هذه الثلاثة» هي: الراتب، و صاحب المنزل، و صاحب الإمارة. فإنّ الأولوية لهم ليست ذاتية، بل الشارع اعتبر السياسة و الأدب في حقّهم. فاذا أذنوا للغير في إمامة الجماعة فترتفع حينئذ الكراهة، بخلاف الأولوية الذاتية، فإنّ الكراهة فيها لا ترتفع بالإذن.

(5)الضمير في قوله «لغيرهم» يرجع الى الثلاثة المذكورة.

(6)هذه مسألة في خصوص الراتب، بأنّ الأولوية لا تتوقّف على حضوره، بل إذا تأخّر يلزم الانتظار الى أن يحضر و يقيم الجماعة.

(7)فاعل قوله «تأخّر» يرجع الى الراتب. و قوله «ينتظر» بصيغة المجهول.

ص: 597

و يراجع (1) إلى أن يضيق وقت الفضيلة (2) فيسقط اعتباره. و لا فرق في صاحب المنزل بين المالك للعين (3) و المنفعة (4) و غيره كالمستعير (5)، و لو اجتمعا (6) فالمالك أولى، و لو اجتمع مالك الأصل و المنفعة فالثاني (7) أولى.

(و يكره إمامة الأبرص و الأجذم و الأعمى بغيرهم (8)) ممّن لا يتّصف بصفتهم للنهي عنه (9) المحمول على الكراهة

**********

شرح:

(1)قوله «يراجع» أيضا بصيغة المجهول عطف على قوله «ينتظر». يعني يلزم الانتظار للراتب، فاذا حضر يرجع إليه في الإمامة، و لا تجوز إمامة الغير و لو كان ذا المرجّحات المذكورة.

(2)فاذا لم يحضر الراتب و ضاق وقت فضيلة الصلاة تسقط الأولوية، فيختار المأمومون أحدا ممّن فيه المرجّحات المذكورة و يقيم الجماعة.

(3)كمن ملك المنزل عينا و منفعة.

(4)كمن ملك منفعة المنزل بالإجارة.

(5)هذا مثال لغير المالك، و الضمير في قوله «غيره» يرجع الى المالك، فإنّ من استعار منزلا لا يملك عينه و لا منفعته، بل يباح له التصرّف فيه متزلزلا.

(6)يعني لو اجتمع مالك العين و المستعير فمالك العين أولى من غيره.

قوله «اجتمعا» فاعله ضمير التثنية يرجع الى المالك و غيره.

و الحاصل: اذا اجتمع صاحب المنزل سواء كان مالكا للعين أو المنفعة أو مستعيرا للمنزل فيقدّمون على الغير. لكن لو اجتمع المالك و المستعير فيقدّم المالك عليه.

(7)يعني اذا اجتمع صاحب العين و المنفعة يقدّم صاحب المنفعة، لأنّ المستأجر هو المالك فعلا للمنفعة في زمان مدّة الإجارة، فهو المسلّط على مورد الإجارة.

(8)يعني يكره إمامة المذكورين للمأموم السالم منها. لكن لا تكره إمامتهم لأمثالهم. و الضمير في قوله «لصفتهم» يرجع الى الأبرص و الأجذم و الأعمى، و قد تقدّم ذلك.

(9)أمّا دليل كراهة إمامة الأعمى بغيره فهو الخبر المنقول في الوسائل:

عن الشعبي قال: قال علي عليه السّلام لا يؤمّ الأعمى في البرية... الحديث. (الوسائل: ج 5

ص: 598

جمعا (1)، و قد تقدّم (2).

**********

شرح:

ص 409 ب 21 من أبواب صلاة الجماعة ح 2).

قال صاحب الوسائل: هذا محمول على عدم معرفته القبلة، و عدم تسديده من المأمومين، أو على عدم أهليّته، أو الكراهة.

و كذلك الخبر الذي رواه الشيخ الصدوق و المنقول في الوسائل أيضا:

قال: قال الباقر و الصادق عليهما السّلام: لا بأس أن يؤمّ الأعمى اذا رضوا به و كان أكثرهم قراءة و أفقهم. (المصدر السابق: ح 3).

و أمّا النهي الوارد في إمامة الأجذم و الأبرص فهو خبر محمّد بن مسلم المذكور في هامش 4 من ص 578 من هذا الجزء، فراجع.

و لكن في مقابلها رواية دالّة على جواز إمامتهما و هي المذكورة في هامش 5 من ص 578 من هذا الجزء، فراجع.

(1)أي العلّة من حمل النهي على الكراهة هو الجمع بين الطائفتين، من الأخبار التي قد ورد فيها المنع من إمامة الأبرص و الأجذم و الأعمى، و المجوّز لإمامتهم، فيحمل المنع على الكراهة.

(2)أي تقدّم الحكم بكراهة إمامة الأجذم و الأبرص في ص 578 بقوله رحمه اللّه: «و أن يؤمّ الأجذم و الأبرص الصحيح».

لكن يمكن أن يقال بأنّ وجه تكرارهما لاستثنائهما عن المرجّحات المذكورة في خصوص الأئمّة للجماعة. بمعنى أنّ المرجّحات المذكورة توجب تقدّم صاحبها اذا لم يكن أجذم و أبرص.

الى هنا تمّ الجزء الثاني من كتاب «الجواهر الفخرية»

و يليه إن شاء اللّه تعالى الجزء الثالث منه و أوّله كتاب الزكاة

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا

ص: 599

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.