عنوان و نام پديدآور : المعجم فی فقه لغه القرآن و سر بلاغته / اعداد قسم القرآن لمجمع البحوث الاسلامیه ؛ بارشاد و اشراف محمد واعظ زاده الخراسانی .
مشخصات نشر : مشهد: بنیاد پژوهشهای اسلامی ، 1419ق . = -1377.
مشخصات ظاهری : ج.
فروست : الموسوعة القرآنیة الکبری.
شابک : دوره 964-444-179-6 : ؛ دوره 978-964-444-179-0: ؛ 1430000 ریال (دوره، چاپ دوم) ؛ 25000 ریال : ج. 1 964-444-180-X : ؛ 30000 ریال : ج. 2 964-444-256-3 : ؛ 32000 ریال : ج. 3 964-444-371-3 : ؛ 67000 ریال (ج. 10) ؛ ج.12 978-964-971-136-2 : ؛ ج.19 978-600-06-0028-0 : ؛ ج.21 978-964-971-484-4 : ؛ ج.28 978-964-971-991-7 : ؛ ج.30 978-600-06-0059-4 : ؛ 1280000 ریال : ج.36 978-600-06-0267-3 : ؛ 950000 ریال : ج.37 978-600-06-0309-0 : ؛ 1050000 ریال : ج.39 978-600-06-0444-8 : ؛ 1000000 ریال : ج.40 978-600-06-0479-0 : ؛ ج.41 978-600-06-0496-7 : ؛ ج.43 978-600-06-0562-9 :
يادداشت : عربی .
يادداشت : جلد سی و ششم تا چهلم باشراف جعفر سبحانی است.
يادداشت : جلد سی و ششم با تنقیح ناصر النجفی است.
يادداشت : جلد سی و هفتم تا چهل و سوم با تنقیح علیرضا غفرانی و ناصر النجفی است.
يادداشت : مولفان جلد چهل و یکم ناصر نجفی، محمدحسن مومن زاده، سیدعبدالحمید عظیمی، سیدحسین رضویان، علی رضا غفرانی، محمدرضا نوری، ابوالقاسم حسن پور، سیدرضا سیادت، محمد مروی ...
يادداشت : ج . 2 (چاپ اول : 1420ق . = 1378).
يادداشت : ج . 3 (چاپ اول: 1421ق . = 1379).
يادداشت : ج.3 (چاپ دوم: 1429ق. = 1387).
يادداشت : ج. 10 (چاپ اول: 1426ق. = 1384).
يادداشت : ج.21 (چاپ اول: 1441ق.=1399) (فیپا).
يادداشت : ج.36 (چاپ دوم : 1440ق.=1398)(فیپا).
يادداشت : ج.37 (چاپ اول : 1440ق.=1397)(فیپا).
يادداشت : ج.39 (چاپ اول: 1441ق.=1399) ( فیپا).
يادداشت : ج.40 - 41(چاپ اول: 1442ق.= 1399) (فیپا).
يادداشت : جلد دوازدهم تا پانزدهم این کتاب در سال 1398 تجدید چاپ شده است.
يادداشت : ج.19 و 28 و 30 ( چاپ دوم: 1442ق = 1400 ) (فیپا).
يادداشت : ج.21 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.38 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.30 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.29 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.12 (چاپ چهارم: 1399).
يادداشت : ج.32 (چاپ دوم: 1399).
مندرجات : ج.3. ال و - ا ن س
موضوع : قرآن -- واژه نامه ها
Qur'an -- Dictionaries
موضوع : قرآن -- دایره المعارف ها
Qur'an -- Encyclopedias
شناسه افزوده : واعظ زاده خراسانی ، محمدِ، 1385-1304.
شناسه افزوده : سبحانی تبریزی ، جعفر، 1308 -
شناسه افزوده : Sobhani Tabrizi, Jafar
شناسه افزوده : نجفی ، ناصر، 1322 -
شناسه افزوده : غفرانی، علیرضا
شناسه افزوده : بنیاد پژوهشهای اسلامی. گروه قرآن
شناسه افزوده : بنیاد پژوهش های اسلامی
رده بندی کنگره : BP66/4 /م57 1377
رده بندی دیویی : 297/13
شماره کتابشناسی ملی : 582410
اطلاعات رکورد کتابشناسی : فیپا
ص: 1
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الموسوعة القرآنيّة الكبرى
المعجم فى فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته
المجلّد الرابع عشر
تأليف و تحقيق
قسم القرآن بمجمع البحوث الاسلاميّة
بإشراف مدير القسم الاستاذ محمّد واعظ زاده الخراسانىّ
ص: 2
المؤلّفون
الأستاذ محمّد واعظ زاده الخراسانيّ
ناصر النّجفيّ
قاسم النّوريّ
محمّد حسن مؤمن زاده
حسين خاك شور
السيّد عبد الحميد عظيمي
السيّد جواد سيّدي
السيّد حسين رضويان
علي رضا غفراني
محمّد رضا نوري
السيّد علي صبّاغ دارابي
أبو القاسم حسن پور
و قد فوّض عرض الآيات و ضبطها إلى أبي الحسن الملكيّ و مقابلة النّصوص
إلى خضر فيض اللّه و عبد الكريم الرّحيميّ و تنضيد الحروف إلى المؤلّفين
ص: 3
كتاب نخبة:
مؤتمر تكريم خدمة القرآن الكريم في ميدان الأدب المصنّف.1421 ق
الكتاب النّخبة في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة.1422 ق
مؤتمر الكتاب المنتخب الثّالث للحوزة العلميّة في قم.1422 ق
الدّورة الثّانية لانتخاب و عرض الكتب و المقالات الممتازة في حقل القرآن.1426 ق
الملتقى الثّاني للكتاب النّخبة الّذي يعقد كلّ سنتين في محافظة خراسان الرّضويّة.1426 ق
ص: 4
تصدير 7
ح م م 9
ح م ي 47
ح ن ث 79
ح ن ج ر 91
ح ن ذ 99
ح ن ف 109
ح ن ك 133
ح ن ن 145
ح و ب 165
ح و ت 175
ح و ج 185
ح و ذ 197
ح و ر 211
ح و ز 251
ح و ش 265
ح و ط 285
ح و ل 333
ح و ي 393
ح ي ث 413
ح ي د 423
ح ي ر 433
ح ي ص 449
ح ي ض 461
ح ي ف 477
ح اق 485
ح ي ن 495
ح ي ي 517
الأعلام المنقول عنهم بلا واسطة و أسماء كتبهم 849
الأعلام المنقول عنهم بالواسطة 857
ص: 5
ص: 6
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
نحمد اللّه تبارك و تعالى،و نصلّي و نسلّم على رسوله المصطفى،و على آله أعلام الهدى،و على صحبه و التّابعين لهم بإحسان أولي الكرامة و النّهى.
و بعد،نشكر اللّه تعالى شكرا كثيرا على أن وفّقنا لإتمام المجلّد الرّابع عشر من موسوعتنا القرآنيّة الكبرى:«المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته»،و إهدائه لطالبي فقه لغة القرآن و أسرار بلاغته و رموز إعجازه،و طرائف تفسيره،و نخب تأويله،و لكلّ الّذين يتابعون بشوق و جدّ مجلّدات هذا الكتاب،مستعجلين الوقوف عليها مجلّدا بعد مجلّد،و مفردة بعد مفردة،و مقدّرين ثماره الكبيرة و فوائده الكثيرة،مشكورين.
و قد احتوى هذا الجزء على سبع و عشرين مفردة قرآنيّة من حرف الحاء-و به ينتهي هذا الحرف-ابتداء من«ح م م»و انتهاء ب«ح ي ي».و قد استوعب حرف الحاء حوالي خمس مجلّدات من هذا الكتاب:(10-14)و أوسع مفرداته،لا بل أوسع المفردات الّتي مضت في المجلّدات السّابقة،هي«ح ي ي»فقد شغلت 331 صفحة،و هذا العدد يزيد على تعداد صفحات مفردة«أ ل ه»من حرف الألف فقد استوعبت (310)صفحة من المجلّد الثّاني،مع تضاعف آياتها إلى(2851)،و عدد آيات«ح ي ي»(167)فحسب.
و هذا يدلّل على نظم القرآن رعاية الأهمّ فالأهمّ من المسائل عددا،فقد سبق منّا في المجلّد الثّالث عشر أنّ أطول مفرداته«الحقّ و الحكم»لكونهما لبّ القرآن و جوهر
ص: 7
الإسلام.و لا ريب أنّ«الحياة»-بما أنّها فعل اللّه و أكبر مخلوقاته الشّامل للإنسان و الحيوان و النّبات و النّفوس و القلوب،و الإنس و الجنّ و الملك،و بما أنّها من الصّفات الذّاتيّة للّه تعالى-تتطلّب البحث الكثير،و لعلّها تكون أطول المفردات في هذا المعجم على الإطلاق،و المستقبل سيحكم في ذلك.
نسأله تعالى التّوفيق و السّداد إلى آخر العمل،فبه لا بغيره نستعين في إنجاز الأمل.
محمّد واعظزاده الخراسانيّ
مدير قسم القرآن بمجمع البحوث الإسلاميّة
بالآستانة المقدّسة الرّضويّة
ص: 8
4 ألفاظ،21 مرّة:18 مكّيّة،3 مدنيّة
في 15 سورة:12 مكّيّة،3 مدنيّة
حميم 12:11-1 حميما 3:2-1 الحميم 5:4-1 يحموم 1:1
الخليل :حمّ الأمر:قضي.و قدّروا:احتممت الأمر:
اهتممت،قال:كأنّه من اهتمام بحميم و قريب.
و الحمام:قضاء الموت.
و الحميم:الماء الحارّ.
و تقول:أحمّني الأمر.
و الحامّة:خاصّة الرّجل من أهله و ولده و ذوي قرابته.
و الحمّام:أخذ من«الحميم»تذكّره العرب.
و أحمّت الأرض،أي صارت ذات حمّى كثيرة.و حمّ الرّجل فهو محموم،و أحمّه اللّه.
و الحمّة:عين فيها ماء حارّ يستشفى فيه بالغسل.
و الحمّ:ما اصطهرت إهالته من الألية و الشّحم؛ الواحدة:حمّة.
و الحمم:المنايا؛واحدتها:حمّة.
و الحمم أيضا:الفحم البارد؛الواحدة:حممة.
و المحمّة:أرض ذات حمّى.
و جارية حمّة،أي سوداء كأنّها حممة.
و الأحمّ من كلّ شيء:الأسود؛و الجميع:الحمّ، و الحمّة:الاسم.
و الحمّة:ما رسب في أسفل النّحي من سواد ما احترق من السّمن.
و قوله تعالى: وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ هو الدّخان.
و الحمام:حمّى الإبل و الدّوابّ.
و تقول:حمّ هذا لذاك،أي قضي و قدّر و قصد.
و أحمّني فاحتممت.
و الحميم:الّذي يودّك و تودّه.
ص: 9
و الحمام:طائر،و العرب تقول:حمامة ذكر و حمامة أنثى؛و الجميع:حمام.
و الحميم:العرق.
و الحمّاء:الدّبر،لأنّه محمّم بالشّعر،و هو من قولك:
حمّ الفرخ،إذا نبت ريشه.
و اليحموم:من أسماء الفرس،على«يفعول»،يحتمل أن يكون بناؤه من الأحمّ الأسود،و من الحميم العرق.
و الحمحم:نبات.
و استحمّ الفرس،إذا عرق.
و الرّجل يطلّق المرأة فيحمّمها،أي يمتّعها تحميما.
و الحمحمة:صوت الفرس دون الصّوت العالي.
[و استشهد بالشّعر 6 مرّات](3:33)
الكسائيّ: أجمّ الأمر و أحمّ،إذا حان وقته.
(الأزهريّ 4:14)
الحمام هو البرّيّ الّذي لا يألف البيوت،و هذه الّتي تكون في البيوت هي اليمام.(الأزهريّ 4:16)
ابن عيينة: كان مسلمة بن عبد الملك عربيّا،و كان يقول في خطبته:«إنّ أقلّ النّاس في الدّنيا همّا أقلّهم حمّا».
أراد بقوله:أقلّهم حمّا،أي متعة،و منه تحميم المطلّقة.
(الأزهريّ 4:17)
الأمويّ: حاممته محامّة:طالبته.(الأزهريّ 4:18)
الدّواجن الّتي تستفرخ في البيوت حمام أيضا.[ثمّ استشهد بشعر](الجوهريّ 5:1906)
ابن شميّل: الإبل إذا أكلت النّدى أخذها الحمام و القماح.
فأمّا الحمام فيأخذها في جلدها حرّ حتّى يطلى جسدها بالطّين،فتدع الرّتعة و يذهب طرقها،يكون بها الشّهر ثمّ يذهب.
و أمّا القماح فإنّه يأخذها السّلاح و يذهب طرقها و رسلها و نسلها.يقال:قامح البعير فهو مقامح،و يقال:أخذ النّاس حمام قرّ.و هو الموم يأخذ النّاس.
(الأزهريّ 4:17)
الحمّة:حجارة سود تراها لازقة بالأرض،تقود في الأرض اللّيلة و اللّيلتين و الثّلاث،و الأرض تحت الحجارة تكون جلدا و سهولة،و الحجارة تكون متدانية و متفرّقة،تكون ملسا مثل الجمع و رءوس الرّجال؛ و جمعها:الحمام،و حجارتها متقلّع و لازق بالأرض، و تنبت نبتا كذلك ليس بالقليل و لا بالكثير.
(الأزهريّ 4:18)
الشّافعيّ: كلّ ما عبّ و هدر فهو حمام،يدخل فيه القماريّ و الدّباسيّ و الفواخت،سواء كانت مطوّقة أو غير مطوّقة،آلفة أو وحشيّة.(الأزهريّ 4:16)
أبو عمرو الشّيبانيّ: قال أبو زياد:حممت الخروج،أي أردت،تحمّ،و أزمع.(1:146)
طلّقتها فحمّمتها،أي زوّدتها.(1:147)
«خذ أخاك بحمّ استه»أي بحرّ ذاك،مثل.
(1:166)
الحمّ:القصد.[ثمّ استشهد بشعر](1:168)
الحامّة:مال الرّجل.(1:185)
و التّحميم:المتعة للمطلّقة.(1:208)
أحمّ و أجمّ:دنا.
ماء محموم و ممكول و مسمول و منقوص و مثمود،
ص: 10
بمعنى واحد.(الأزهريّ 4:14)
و حمحم الثّور،إذا نبّ و أراد السّفاد.
(الأزهريّ 4:20)
الفرّاء: أحمّ قدومهم:دنا،و يقال:أجمّ.
(الأزهريّ 4:14)
ما له حمّ و لا سمّ،و ماله حمّ و لا سمّ غيرك،أي ما له همّ غيرك.(الأزهريّ 4:18)
يقال:حممت ارتحال البعير،أي عجّلته.
(الجوهريّ 5:1904)
أبو عبيدة :الحمامة:حلقة الباب،و الحمامة من الفرس:القصّ.(الأزهريّ 4:21)
أبو زيد :الأحمّ:الأقرب.(121)
المحمومي:الشّديد الخضرة في سواد.و السّحاب إذا اشتدّ سواده فقد احمومى،و رأس الرّجل إذا اشتدّ سواده فقد احمومى.و إذا همز فهو من الحماء.(254)
أنا محامّ على هذا الأمر،أي ثابت عليه.
(الأزهريّ 4:18)
الأصمعيّ: أحمّ الأمر فهو يحمّ إحماما،و أمر محمّ؛ و ذلك إذا أخذك منه زمع و اهتمام.
و حمّ الأمر،إذا قدّر.و يقال:عجلت بنا و بكم حمّة الفراق،أي قدّر (1)الفراق،و نزل به حمامه،أي قدره و موته.
(الأزهريّ 4:14)
الحميم:العرق.و استحمّ الفرس،إذا عرق.[ثمّ استشهد بشعر]
استحمّ،إذا اغتسل بالماء الحميم.أحمّ نفسه،إذا غسلها بالماء الحارّ.
و شربت البارحة حميمة،أي ماء سخنا.
و يقال:جاء بمحمّ،أي بقمقم يسخّن فيه الماء.
(الأزهريّ 4:15)
اليمام:ضرب من الحمام برّيّ،و أمّا الحمام فكلّ ما كان ذا طوق،مثل القمريّ و الفاختة و أشباهها.
(الأزهريّ 4:16)
ما أذيب من الألية فهو حمّ إذا لم يبق فيه ودك؛ واحدته:حمّة،و ما أذيب من الشّحم فهو الصّهارة و الجميل.(الأزهريّ 4:17)
و يقال:حمّم الفرخ،إذا نبت ريشه.
و حمّمت وجه الرّجل،إذا سوّدته بالحمم،و حمّم رأسه بعد الحلق،إذا اسودّ.
الحمحم:الأسود،و الحمحم:نبات في البادية.
(الأزهريّ 4:20)
ما كان معناه قد حان وقوعه فهو أجمّ بالجيم،و إذا قلت:أحمّ بالحاء فهو قدّر.(الجوهريّ 5:1904)
[و كميت أحمّ:بيّن الحمّة]و في الكمتة لونان:يكون الفرس كميتا مدمّى،و يكون كميتا أحمّ.و أشدّ الخيل جلودا و حوافر الكمت الحمّ.(الجوهريّ 5:1905)
اللّحيانيّ: قال العامريّ:قلت لبعضهم:أ بقي عندكم شيء؟فقال:همهام،و حمحام،و محماح،و بحباح،أي لم يبق شيء.(الأزهريّ 4:21)
حممت حمّا؛و الاسم:الحمّى.(ابن سيده 2:553)
ابن الأعرابيّ: الحميم:القرابة،يقال:محمّ مقرب.
الحميم:الماء البارد.ق.
ص: 11
الحميم:إن شئت كان ماء حارّا،و إن شئت كان جمرا تتبخّر به.
الحمامة:المرأة،و الحمامة:خيار المال،و الحمامة:
سعدانة البعير،و الحمامة:ساحة القصر النّقيّة،و الحمامة:
بكرة الدّلو.[ثمّ استشهد بشعر]
و الحمامة:المرأة الجميلة.
يقال لسمّ العقرب:الحمّة و الحمة.
(الأزهريّ 4:14-19)
خذ أخاك بحمّ استه،أي خذه بأوّل ما يسقط به من الكلام.(ابن سيده 2:554)
حمومة:ملك من ملوك اليمن،و أظنّه أسود،يذهب إلى اشتقاقه من الحمّة الّتي هي السّواد.
(ابن سيده 2:557)
أبو عبيد: في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«أنّ رجلا أوصى بنيه،فقال:إذا أنا متّ فاحرقوني بالنّار حتّى إذا صرت حمما فاسحقوني،ثمّ ذروني في الرّيح لعلّي أضلّ اللّه».
الحمم:الفحم؛واحدتها:حممة،و به سمّي الرّجل:
حممة.(1:120)
في حديث عبد الرّحمن بن عوف رحمه اللّه:«أنّه طلّق امرأته فمتّعها بخادم سوداء حمّمها إيّاها»قوله:حمّمها إيّاها،يعني متّعها بها بعد الطّلاق،و كانت العرب تسمّيها:
التّحميم.
و حمّ الرّجل،و أحمّه اللّه فهو محموم.
يقال:حممت حمّه،أي قصدت قصده.
اليحموم:الأسود من كلّ شيء.
و حمّم رأسه بعد الحلق،إذا اسودّ.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](الأزهريّ 4:17-20)
ابن السّكّيت: السّامّة:الخاصّة،و الحامّة:العامّة.
(39)
يقال:لا حمّ من ذلك و لا رمّ،أي لا بدّ منه،و ما لي من ذاك بدّ و ما لي عنه وعي.[ثمّ استشهد بشعر](270)
و يقال:نزل به حمامه و قدره،و قد حمّ الأمر:قدّر، و عجلت بنا و بكم حمّة الفراق،أي قدر الفراق.[ثمّ استشهد بشعر](455)
و يقال:أنت من حبّة نفسي و حبّة نفسي،و من حمّة نفسي،أي ممّن تحبّه نفسي.(465)
الحميمة،و جمعها:حمائم:كرائم الإبل.يقال:أخذ المصدّق حمائم الإبل،أي كرائمها.
الحميمة:الماء يسخّن،يقال:أحمّوا لنا الماء،و هو من المحض إذا أسخن.(إصلاح المنطق:354 و 356)
أحمّت الحاجة و أجمّت،إذا دنت.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 4:14)
شمر:الحميم:المطر الّذي يكون في الصّيف حين تسخن الأرض.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 4:15)
ابن أبي اليمان :الحميم:العرق.(533)
الحربيّ: الاستحمام:العرق.(2:473)
المبرّد: الحمّ:السّود.(1:43)
كلّ مطوّقة عند العرب حمامة كالدّبسيّ،و القمريّ، و الورشان،و ما أشبه ذلك.(2:98)
يقال للواحد ذكرا كان أو أنثى:حمامة؛و الجمع:
الحمام و الحمامات.(2:99)
قوله:حمّت،معناه:قدرت.(2:151)
ص: 12
كراع النّمل:الحميمة:كرام الإبل،فعبّر بالجمع عن الواحد.(ابن سيده 2:557)
الزّجّاج: و حمّت الحاجة و أحمّت،إذا دنت.
(فعلت و أفعلت:11)
ابن دريد :حمّ اللّه له كذا و كذا،إذا قضاه له،و أحمّه أيضا.
و فرس أحمّ بيّن الحمّة،و هي بين الدّهمة و الكمتة.
و الحمّ:الشّحم المذاب،فما بقي منه فهو حمّة.
فأمّا الحمة فهي مخفّفة،و هي حدّة السّمّ،و ليس بإبرة العقرب،و ليست من هذا.
و حمّ الرّجل:من الحمّى،فهو محموم.و كلّ شيء سخّنته فقد حمّمته تحميما.
و يقال:حممت التّنّور،إذا سجرته.
و حمّم الفرخ،إذا نبت زغبه،و كذلك حمّم الرّأس،إذا حلق ثمّ نبت شعره.
و الحمّة:عين حارّة تنبع من الأرض،و لا يجوز أن تكون باردة.
و الحمام عرق الخيل إذا حمّت.(1:64)
المحمّم:الفرخ الّذي قد بدا ريشه.يقال:حمّم الفرخ تحميما.(1:91)
و يحموم و هو الدّخان،و كذلك فسّر في التّنزيل، و اللّه أعلم.
و كلّ أسود:يحموم.و كان للنّعمان فرس يسمّى اليحموم.[و استشهد بالشّعر مرّتين](3:384)
السّجستانيّ: و زعموا أنّ الأصمعيّ قال:الحميم:
الماء الحارّ و الماء البارد،و لا أعرفه.(الأضداد:152)
القاليّ: الحنش:الحيّة،و الحمّة:سمّه و ضرّه.
(2:245)
الأزهريّ: قالت الكلابيّة:أحمّ رحيلنا فنحن سائرون غدا،و أجمّ رحيلنا فنحن سائرون اليوم،إذا عزمنا أن نسير من يومنا.
الحميم عند ابن الأعرابيّ من الأضداد،يكون الماء الحارّ و يكون البارد.
و يقال:اشرب على ما تجد من الوجع حسا من ماء حميم،تريد جمع حسوة من ماء حارّ.
و يقال:طاب حميمك و حمّتك:للّذي يخرج من الحمّام،أي طاب عرقك.[و نقل كلام الشّافعيّ ثمّ قال:]
جعل الشّافعيّ اسم الحمام واقعا على ما عبّ و هدر لا على ما كان ذا طوق،فيدخل فيها الورق الأهليّة و المطوّقة الوحشيّة.
و معنى عبّ،أي شرب نفسا نفسا حتّى يروى،و لم ينقر الماء نقرا،كما يفعله سائر الطّير.و الهدير:صوت الحمام كلّه.
يقال:حمّ البعير حماما،و حمّ الرّجل حمّى شديدة.
و في الحديث:«مثل العالم مثل الحمّة يأتيها البعداء و يتركها القرباء،فبينا هي كذلك إذ غار ماؤها،و قد انتفع بها قوم و بقي أقوام يتفكّنون»أي يتندّمون.
[و نقل كلام اللّيث و الأصمعيّ في معنى الحمّ ثمّ قال:]
و الصّحيح ما قاله الأصمعيّ.
و سمعت العرب تقول:ما أذيب من سنام البعير حمّ، و كانوا يسمّون السّنام الشّحم.
و يقال:عجلت بنا حمّة الفراق و حمّة الموت،و فلان
ص: 13
حمّة نفسي و حبّة نفسي.
«قال ابن الأعرابيّ: يقال لسمّ العقرب:الحمّة و الحمة»و غيره لا يجيز التّشديد يجعل أصله:حموة.
اليحموم:اسم فرس كان للنّعمان بن المنذر،سمّي يحموما لشدّة سواده.و هو«يفعول»من الأحمّ الأسود.
و في حديث أنس:أنّه كان إذا حمّم رأسه بمكّة خرج فاعتمر.
[و نقل كلام اللّيث في معنى الحمحمة ثمّ قال:]
كأنّه حكاية صوته إذا طلب العلف،أو رأى صاحبه الّذي كان ألفه فاستأنس إليه.
هو[الحمحم]الشّقّارى،و له حبّ أسود،و قد يقال له:الخمخم بالخاء.
و حمومة:اسم جبل في البادية.
و ثياب التّحمّة:ما يلبس المطلّق امرأته إذا متّعها.
و نبت يحموم:أخضر ريّان أسود.
و الحمام:السّيّد الشّريف.أراه في الأصل:الهمام، فقلبت الهاء حاء.
و اليحاميم:الجبال السّود.[و استشهد بالشّعر 5 مرّات](4:14-21)
الصّاحب:حمّ هذا الأمر و أحمّ:مضى قضاؤه.
و الحمام:قضاء الموت؛الواحدة:حمّة.و لقي فلان حمّته،أي منيّته.
و أحمّني هذا الأمر،و احتممت له:في معنى اهتممت.
و حاجة محمّة و مهمّة.
و حمّة الغضب:معظمه.
و حمّت حاجتي و أحمّت،و حمّت و أحمّت.
و الحميم:القريب تودّه و يودّك.
و الحامّة:خاصّة الرّجل من ذوي قرابته،و خيار ماله.
و حوامّ المال:أعزّه،و حمائمه مثله.
و الحمّى:معروفة.و أحمّه اللّه فهو محموم.
و الحميم:الماء الحارّ.
و المحمّ:القمقم،و الحمّام مشتقّ منه،و هو العرق.
و الحميمة:الماء يسخّن على النّار.
و الحمام:حمّى الإبل و الدّوابّ.و حمّى الإنسان.
و المحمّة:أرض ذات حمّى،أو طعام يحمّ عنه.
و الحمّة:عين فيها ماء حارّ.
و الحمّ:الحرّ،و ما اصطهرت إهالته من الألية؛ الواحدة:حمّة.
و الحمم:الفحم البارد.
و جارية حممة:سوداء.
و حمّمت وجه الرّجل:سوّدته بالحمم.
و الحمم:مصدر الأحمّ-و الجميع:الحمّ-الأسود من كلّ شيء؛و الاسم:الحمّة.
و اليحموم:الدّخان،و فرس النّعمان.
و حمّم الفرخ:نبت ريشه.
و التّحمّم:التّمتّع.
و الحمحم:الأسود من كلّ شيء،و نبت معروف غير الخمخم.
و الحمحم-بضمّتين:شجرة خضراء.
و الحمحمة:صوت للبرذون دون الصّوت العالي، و كذلك للثّور.
ص: 14
و حمّان:حيّ من تميم.
و الحميم:المطر بين الخريف و الصّيف.
و الحمّ:القصد،لأحمّنّ حمّك.
و الحمّاء:الدّبر.
و الحميماء:الحمّرة.
و الحمام:معروف.و العرب تسمّي كلّ طير زرق حماما،و يقولون:أحمق من حمامة.
و الحمامة:اسم رملة،و اسم ماء أيضا،و المرآة.
و هو من حمّة نفسي،أي ممّن أحبّه.
و حمّة الشّيء:حدّته و بريقه.
و حمّة المال:خيرته.
و حممت ارتحال البعير:عجّلته.
و لا حمّ منه،أي لا بدّ.(2:324)
الخطّابيّ: في حديث:«إنّ وفد ثقيف لمّا انصرف كلّ رجل منهم إلى حامّته...»حامّة الرّجل:خاصّة أهله، و هي السّامّة أيضا.يقال:كيف السّامّة و العامّة؟
(1:579)
و في حديث:«...إنّا جئناك في غير محمّة و لا عدم».
المحمّة:الحاجة اللاّزمة للإنسان.يقال:أحمّت الحاجة.
(2:18)
و في حديث:«...و أن يتّقوا قتلهم إذا التقى الزّحفان و عند حمّة النّهضات».حمّة النّهضات:شدّتها و معظمها، و حمّة كلّ شيء معظمه.يقال:حمّة الحرّ،و يقال:حمّ له قضاء اللّه،بمعنى قدّر له،و حمّ الأمر:قدره.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](2:118)
الجوهريّ: الحمّ:ما يبقى من الألية بعد الذّوب؛ الواحدة:حمّة.و الحمّ:ما أذيب منها.
و حممت الألية،أي أذبتها.
و الحمّة:العين الحارّة يستشفي بها الأعلاّء و المرضى، و في الحديث:«العالم كالحمّة».
و حممت حمّك،أي قصدت قصدك.
و حممت الماء،أي سخّنته أحمّ،بالضّمّ في جميع ذلك.
و حمّ أيضا بمعنى قدّر.و حمّ الشّيء و أحمّ،أي قدّر، فهو محموم.
و حمّت الجمرة تحمّ بالفتح،إذا صارت حممة.
و يقال أيضا:حمّ الماء،أي صار حارّا.
و أحمّه أمر،أي أهمّه.
و أحمّ خروجنا،أي دنا.
و حمّ الرّجل:من الحمّى.و أحمّه اللّه عزّ و جلّ فهو محموم،و هو من الشّواذّ.
و أحمّت الأرض:صارت ذات حمّى.
و الحميم:الماء الحارّ،و الحميمة مثله.و قد استحممت،إذا اغتسلت به.هذا هو الأصل،ثمّ صار كلّ اغتسال استحماما بأيّ ماء كان.
و أحممت فلانا،إذا غسلته بالحميم.
و يقال:أحمّوا لنا من الماء،أي أسخنوا.
و الحميم:المطر الّذي يأتي في شدّة الحرّ.
و الحميم:العرق،و قد استحمّ،أي عرق.
و حميمك:قريبك الّذي تهتمّ لأمره.
و الحميم:القيظ.
و المحمّ بالكسر:القمقم الصّغير يسخّن فيه الماء.
و حمّم امرأته،أي متّعها بشيء بعد الطّلاق.
ص: 15
و حمّم الفرخ،أي طلع ريشه.
و حمّم رأسه،إذا اسودّ بعد الحلق.
و حممت الرّجل:سخّمت وجهه بالفحم.
و الحمحم بالكسر:الشّديد السّواد.
و الأحمّ:الأسود.تقول:رجل أحمّ بيّن الحمم.
و أحمّه اللّه سبحانه:جعله أحمّ.
و كميت أحمّ بيّن الحمّة.
و الحمم:الرّماد و الفحم و كلّ ما احترق من النّار؛ الواحدة:حممة.
و حمحم الفرس و تحمحم،و هو صوته إذا طلب العلف.
و اليحموم:اسم فرس النّعمان بن المنذر.
و اليحموم أيضا:الدّخان.
و الحمّاء،على«فعلاء»:سافلة الإنسان؛و الجمع:
حمّ.
و الحميمة:واحدة الحمائم،و هي كرائم المال.يقال:
أخذ المصدّق حمائم الإبل،أي كرائمها.
و يقال ما له سمّ و لا حمّ غيرك،أي ما له همّ غيرك.
و قد يضمّان أيضا.
و ما لي منه حمّ و حمّ،أي بدّ.
و احتممت،مثل اهتممت.
و الحمام بالكسر:قدر الموت.
و الحمّة بالضّمّ:السّواد.و حمّة الحرّ أيضا:معظمه.
و حمّة الفراق أيضا:ما قدّر و قضي.
و أمّا حمة العقرب:سمّها،فهي مخفّفة الميم،و الهاء عوض،و قد ذكرناه في المعتلّ.
و الحمام عند العرب:ذوات الأطواق،من نحو الفواخت،و القماريّ،و ساق حرّ،و القطا،و الوراشين و أشباه ذلك،يقع على الذّكر و الأنثى،لأنّ الهاء إنّما دخلته على أنّه واحد من جنس،لا للتّأنيث.و عند العامّة أنّها الدّواجن فقط؛الواحدة:حمامة.
و جمع الحمامة:حمام،و حمامات و حمائم.و ربّما قالوا:
حمام للواحد.
و الحمّام مشدّدا:واحد الحمّامات المبنيّة.
و الحمام بالضّمّ:حمّى الإبل.
و أرض محمّة:ذات حمّى.
و الحامّة:الخاصّة.يقال:كيف الحامّة و العامّة؟ و هؤلاء حامّة الرّجل،أي أقرباؤه.
و إبل حامّة،إذا كانت خيارا.[و استشهد بالشّعر 6 مرّات](5:1904)
ابن فارس: الحاء و الميم فيه تفاوت،لأنّه متشعّب الأبواب جدّا.فأحد أصوله اسوداد،و الآخر الحرارة، و الثّالث الدّنوّ و الحضور،و الرّابع جنس من الصّوت، و الخامس القصد.
فأمّا السّواد فالحمم:الفحم.و منه اليحموم،و هو الدّخان.
و الحمحم:نبت أسود،و كلّ أسود حمحم.
و يقال:حمّمته،إذا سخّمت وجهه بالسّخام،و هو الفحم.
و من هذا الباب:حمّم الفرخ،إذا طلع ريشه.
و أمّا الحرارة فالحميم:الماء الحارّ،و الاستحمام:
الاغتسال به.و منه الحمّ،و هي الألية تذاب،فالّذي يبقى
ص: 16
منها بعد الذّوب حمّ؛واحدته:حمّة.
و منه الحميم،و هو العرق.
و منه الحمام،و هو حمّى الإبل.و يقال:أحمّت الأرض، إذا صارت ذات حمّى.
و أمّا الدّنوّ و الحضور فيقولون:أحمّت الحاجة:
حضرت،و أحمّ الأمر:دنا.
و أمّا الصّوت فالحمحمة،حمحمة الفرس عند العلف.
و أمّا القصد فقولهم حممت حمّه،أي قصدت قصده.
و ممّا شذّ عن هذه الأبواب قولهم:طلّق الرّجل امرأته و حمّمها،إذا متّعها بثوب أو نحوه.
و أمّا قولهم:احتمّ الرّجل،فالحاء مبدلة من هاء،و إنّما هو من اهتمّ.[و استشهد بالشّعر 7 مرّات](2:23)
الثّعالبيّ: كلّ ما أذيب من الألية فهو حمّ و حمّة.
فإذا اسودّ[السّحاب]و تراكب فهو المحمومي.
(39 و 275)
ابن سيده: حمّ الأمر حمّا:قضي،و حمّ له ذلك:
قدّر.
و حمّ اللّه له كذا و أحمّه:قضاه.
و الحمام:قضاء الموت و قدره.و حمّة المنيّة و الفراق منه،و يقال:عجلت بنا و بكم حمّة الفراق؛و الجمع:حمم و حمام.
و هذا حمّ لذلك،أي:قدر.
و حمّ حمّه:قصد قصده.
و حامّه:قاربه.و أحمّ الشّيء:دنا و حضر.
و الحميم:القريب؛و الجمع:أحمّاء.و قد يكون الحميم للواحد و الجميع و المؤنّث بلفظ واحد.و المحمّ كالحميم.
و حمّني الأمر و أحمّني:أهمّني.و احتمّ له:اهتمّ.
و احتمّ الرّجل:لم ينمّ من الهمّ.
و احتمّت عيني:أرقت من غير وجع.
و ما له حمّ و لا سمّ غيرك،أي همّ،و فتحهما لغة، و كذلك ما له حمّ و لا رمّ و حمّ و لا رمّ،و ما لك عن ذلك حمّ و لا رمّ،و حمّ و لا رمّ،أي بدّ.
و ما له حمّ و لا رمّ،أي قليل و لا كثير.
و هو من حمّة نفسي،أي من حبّتها،و قيل:الميم بدل من الباء.
و الحامّة:العامّة،و هي أيضا خاصّة الرّجل من أهله و ولده.
و حمّ الشّيء:معظمه.
و أتيته حمّ الظّهيرة،أي في شدّة حرّها.
و الحميم و الحميمة جميعا:الماء الحارّ.
و الحميمة أيضا:المحض إذا سخّن،و قد أحمّه و حمّمه.
و كلّ ما سخّن فقد حمّم.
و الحمّام:الدّيماس مشتقّ من الحميم،مذكّر،و هو أحد ما جاء من الأسماء على«فعّال»نحو القذّاف و الجبّان؛و الجمع:حمّامات.قال سيبويه:جمعوه بالألف و التّاء و إن كان مذكّرا حين لم يكسّر،جعلوا ذلك عوضا عن التّكسير.
و الحمّة:عين فيها ماء حارّ يستشفى بالغسل منه.
و الاستحمام:الاغتسال بالماء الحارّ،و قيل:هو الاغتسال بأيّ ماء كان.
و حمّ التّنّور:سجره و أوقده.
و الحميم:المطر الّذي يأتي بعد أن يشتدّ الحرّ،لأنّه
ص: 17
حارّ.
و الحميم:العرق.
و استحمّ الرّجل:عرق،و كذلك الدّابّة.
فأمّا قولهم لداخل الحمّام إذا خرج:طاب حميمك،
فقد يعنى به الاستحمام،و هو مذهب أبي عبيد.و قد يعنى به العرق،أي طاب عرقك.و إذا دعي له بطيب العرق فقد دعي له بالصّحّة،لأنّ الصّحيح يطيب عرقه.
و الحمّى و الحمّة:علّة يستحرّ بها الجسم،من الحميم.و أمّا حمّى الإبل فبالألف خاصّة.
و حمّ الرّجل:أصابه ذلك،و أحمّه اللّه،و هو محموم.
و قال ابن دريد:«هو محموم به».و لست منها على ثقة، و هي أحد الحروف الّتي جاء فيها مفعول من«أفعل»، لقولهم:«فعل»،و كأنّ حمّ:وضعت فيه الحمّى،كما أن فتن:وضعت فيه الفتنة.و قد أنعمت شرح هذا الضّرب من المقاييس في كتاب المصادر و الأفعال من الكتاب «المخصّص».
و قال اللّحيانيّ: حممت حمّا؛و الاسم:الحمّى، و عندي أنّ الحمّى مصدر كالبشرى و الرّجعى.
و أرض محمّة:كثيرة الحمّى،و قيل:ذات حمّى.
و حكى الفارسيّ محمّة،و اللّغويّون لا يعرفون ذلك غير أنّهم قالوا:كان من القياس أن يقال.
و قالوا:أكل الرّطب محمّة،أي يحمّ عليه الآكل، و قيل:كلّ طعام حمّ عليه:محمّة.
و الحمام:حمّى جميع الدّوابّ،جاء على عامّة ما تجيء عليه الأدواء.
و الحمّ:ما أذبت إهالته من الألية و الشّحم؛واحدته:
حمّة.و قيل:الحمّ ما يبقى من الإهالة،أي الشّحم المذاب.
و حمّ الشّحمة يحمّها حمّا:أذابها.
و الحمّة:لون بين الدّهمة و الكمتة،يقال:فرس أحمّ بيّن الحمّة.
و الأحمّ:الأسود من كلّ شيء.
و قيل:الأحمّ:الأبيض-عن الهجريّ-ضدّ.
و قد حممت حمما و احموميت و تحمّمت و تحمحمت؛ و الاسم:الحمّة.
و الحمّاء:الاست لسوادها،صفة غالبة.
و الحمحم،و الحماحم جميعا:الأسود.
و الحمم:الفحم؛واحدته:حممة.
و حمّم الرّجل:سخّم وجهه بالحمم.
و جارية حممة:سوداء.
و اليحموم:الأسود من كلّ شيء«يفعول»من الأحمّ.
و اليحموم:الدّخان.
و الحمّة:دون الحوّة.و شفة حمّاء،و كذلك لثة حمّاء.
و حمّمت الأرض:بدا نباتها أخضر إلى السّواد.
و حمّم الفرخ:طلع ريشه،و قيل:نبت زغبه.
و حمّم الرّأس:نبت شعره بعد ما حلق.
و حمّم الغلام:بدت لحيته.
و حمّم المرأة:متّعها بعد الطّلاق.
و قوله في حديث عبد الرّحمن بن عوف:«أنّه طلّق امرأته فمتّعها بخادم سوداء حمّمها إيّاها».عدّاه إلى مفعولين،لأنّه في معنى أعطاها إيّاها.و يجوز أن يكون أراد:حمّمها بها،فحذف و أوصل.
ص: 18
و الحمام من الطّير:البرّيّ الّذي لا يألف البيوت.
و قيل:هو كلّ ما كان ذا طوق كالقمريّ و الفاختة و أشباههما؛واحدته:حمامة،و هي تقع على المذكّر و المؤنّث،كالحيّة و النّعامة و نحوهما؛و الجمع:حمائم،و لا يقال للذّكر:حمام.
و الحمامة:وسط الصّدر.
و الحمامة:المرأة.
و حمامة:موضع معروف.
و الحمائم:كرائم الإبل؛واحدتها:حميمة.
و حمّة و حمّة:موضع.
و الحمام:اسم رجل.
و حمّان:حيّ من تميم،أحد حيّي بني سعد بن زيد مناة بن تميم.
و حمومة:ملك من ملوك اليمن،حكاه ابن الأعرابيّ.
قال:«و أظنّه أسود،يذهب إلى اشتقاقه من الحمّة الّتي هي السّواد»،و ليس بشيء،و قالوا:جارا حمومة، فحمومة هو هذا الملك،و جاراه مالك ابن جعفر بن كلاب و معاوية بن قشير.
و الحمحمة:صوت البرذون عند الشّعير،و قد حمحم.
و قيل:الحمحمة و التّحمحم:عرّ الفرس حين يقصّر في الصّهيل و يستعين بنفسه.
و الحمحم:نبت؛واحدته حمحمة.قال أبو حنيفة:
الحمحم و الخمخم واحد.
و الحماحم:ريحانة معروفة؛الواحدة:حماحمة.و قال مرّة:الحماحم بأطراف اليمن كثيرة و ليست ببرّيّة،و تعظم عندهم.و قال مرّة:الحمحم:عشبة كثيرة الماء لها زغب أخشن،تكون أقلّ من الذّراع.
و الحماحم و الحمحم:الأسود،و شاة حمحم-بغير هاء-:سوداء.
و الحمحم و الحمحم،جميعا:طائر.
و اليحموم:موضع بالشّام.[و استشهد بالشّعر 23 مرّة](2:550)
الحمّام:المغتسل،و تأنيثه أغلب من تذكيره، فيقال:هو الحمّام و هي الحمّام؛الجمع:حمّامات.
(الإفصاح 1:564)
الحمام:هو عند العرب كلّ ذي طوق من الفواخت، و القماريّ،و ساق حرّ،و القطا،و الدّواجن،و الوراشين، و أشباه ذلك،و يقع على الذّكر و الأنثى،فيقال:حمامة ذكر،و حمامة أنثى.و العامّة تخصّ الحمام بالدّواجن.
و الحمحم و الحمحم:حمامة طويلة الذّنب أصغر من الدّبسيّ،و هو حمام الوحش.
اليمام:الحمام البرّيّ.و قيل:حمام الوحش؛الواحدة:
يمامة أو هي بعظم الحمامة كدراء اللّون،بين القصيرة و الطّويلة،ضخمة الرّأس،تكون في الشّجر و الصّحاري.
و الفرق بين الحمام الّذي عندنا و اليمام:أنّ أسفل ذنب الحمامة ممّا يلي ظهره إلى البياض،و كذلك حمام الأمصار، و أسفل ذنب اليمامة لا بياض به.(الإفصاح 2:886)
الرّاغب: الحميم:الماء الشّديد الحرارة.[ثمّ ذكر الآيات إلى أن قال:]
و قيل للماء الحارّ في خروجه من منبعه:حمّة، و روي:العالم كالحمّة يأتيها البعداء و يزهد فيها القرباء.
ص: 19
و سمّي العرق حميما على التّشبيه.
و استحمّ الفرس:عرق.
و سمّي الحمّام حمّاما إمّا لأنّه يعرّق،و إمّا لما فيه من الماء الحارّ.
و استحمّ فلان:دخل الحمّام.
فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ الشّعراء:100،101، وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً المعارج:10،فهو القريب المشفق،فكأنّه الّذي يحتدّ حماية لذويه.
و قيل لخاصّة الرّجل:حامّته،فقيل:الحامّة و العامّة، و ذلك لما قلنا،و يدلّ على ذلك أنّه قيل للمشفقين من أقارب الإنسان:حزانته،أي الّذين يحزنون له.
و احتمّ فلان لفلان:احتدّ؛و ذلك أبلغ من اهتمّ،لما فيه من معنى الاحتمام.
و أحمّ الشّحم أذابه و صار كالحميم وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ الواقعة:43،للحميم،فهو«يفعول»من ذلك.
و قيل:أصله الدّخان الشّديد السّواد،و تسميته إمّا لما فيه من فرط الحرارة،كما فسّره (1)في قوله:
لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ الواقعة:44،أو لما تصوّر فيه من الحممة.
فقد قيل للأسود:يحموم،و هو من لفظ الحممة،و إليه أشير بقوله: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ الزّمر:16.
و عبّر عن الموت:بالحمام،كقولهم:حمّ كذا،أي قدّر، و الحمّى سمّيت بذلك إمّا لما فيها من الحرارة المفرطة، و على ذلك قوله صلّى اللّه عليه و سلّم:«الحمّى من فيح جهنّم»و إمّا لما يعرض فيها من الحميم،أي العرق،و إمّا لكونها من أمارات الحمام،لقولهم:«الحمّى بريد الموت»،و قيل:
«باب الموت».
و سمّي حمّى البعير حماما بضمّة الحاء،فجعل لفظه من لفظ الحمام،لما قيل:إنّه قلّما يبرأ البعير من الحمّى.
و قيل:حمّم الفرخ،إذا اسودّ جلده من الرّيش،و حمّم وجهه:اسودّ بالشّعر،فهما من لفظ الحممة.
و أمّا حمحمة الفرس فحكاية لصوته،و ليس من الأوّل في شيء.(130)
نحوه الفيروزآباديّ.(بصائر ذوي التّمييز 2:497)
الزّمخشريّ: أسود أحمّ و يحموم.و هو أحمّ المقلتين.
و حمّم وجه الزّاني:سخّم،و في الحديث:«الزّاني يحمّم و يجبّه و يجلد».
و حمّم الفرخ:طلع زغبه.
و حمّم وجه فلان،إذا خرج وجهه و التحى.
و حمّم رأس المحلوق:نبت شعره بعد الحلق،و هو من الحمم و هو الفحم.
و طلّق امرأته و حمّمها،أي متّعها.
و توضّأ بالحميم و هو الماء الحارّ.
و استحمّ الرّجل:اغتسل،و استحمّ:دخل الحمّام.
و بضّ حميمه،أي عرقه.
و يقال للمستحمّ:طابت حمّتك و حميمك،و إنّما يطيب العرق على المعافى،و يخبث على المبتلى،فمعناه أصحّ اللّه جسمك،و هو من باب الكناية.).
ص: 20
و سخّن الماء بالمحمّ،و هو القمقم أو المرجل.
«و مثل العالم كمثل الحمّة»و هي العين الحارّة.
و ذابوا ذوب الحمّ،و هو ما اصطهرت إهالته من الألية.
و حمّ الرّجل حمّى شديدة،و هو محموم.
و خيبر أرض محمّة.
و هو حميمي،و هي حميمتي،أي وديدي و وديدتي، و هم أحمّائي.
و تقول المرأة:هم أحمائي و ليسوا بأحمّائي.
و عرف ذلك العامّة و الحامّة،أي الخاصّة.و هو مولاي الأحمّ،أي الأخصّ و الأحبّ.
و حمّ الأمر:قضي.و حمّ حمامه.و نزل به القدر المحموم،و القضاء المحتوم.
و تركت أرض بني فلان و كأنّ عضاهها سوق الحمام، يريد حمرة أغصانها.
و من المجاز:أخذ المصدّق حمائم أموالهم،أي كرائمها؛ الواحدة:حميمة.[و استشهد بالشّعر مرّتين]
(أساس البلاغة:96)
«ابن عمر كان يتوضّأ و يغتسل بالحميم»هو الماء الحارّ.
«أنس رضي اللّه عنه كان يقيم بمكّة فإذا حمّم رأسه خرج فاعتمر».هو أن ينبت بعد الحلق فيسودّ،من حمّم الفرخ، إذا اسودّ جلده من الرّيش،و حمّم وجه الغلام.
[مضى في حديث عبد الرّحمن]«حمّمها إيّاها»أي أعطاها الجارية على وجه التّحميم،و هو إعطاء متعة الطّلاق خاصّة.و كأنّهم كانوا يجعلونها من حامّة مالهم، أي من خياره.يقال:لفلان إبل حامّة،إذا كانت خيارا.
(الفائق 1:320 و 321 و 357)
[و في حديث الدّجّال]«و تنزع حمة كلّ دابّة».
الحمة:فوعة السّمّ،و هي حرارته و فورته،و«فعلة» من«حمى».(الفائق 3:60)
في حديث ابن سيرين رحمه اللّه:«أنّه نهى عن الرّقى إلاّ في ثلاث:رقية النّملة و الحمة و النّفس»الحمة:السّمّ،يريد:
لدغ العقرب،و أشباهها.
[و في حديث النّبيّ]«عند حمّة النّهضات»أي عند شدّتها و معظمها،من قول أبي زيد:حمّة الغضب:معظمه، يقال:جعلت به حمّتي و أكّتي.و هو أن يحتمّ الإنسان و يحتدم،و أصلها من الحمّ:الحرارة.أو عند فورتها و حدّتها،من قولهم:حمّة السّنان و حمته،بالتّخفيف:
لحدّته و شباته.أو عند قدر النّهضات من قول الأصمعيّ:
عجلت بنا و بكم حمّة الفراق.(الفائق 4:26 و 113)
الطّبرسيّ: اليحموم:الأسود الشّديد السّواد باحتراق النّار،و هو«يفعول»من الحمّ و هو الشّحم المسودّ باحتراق النّار.يقال:حمّمت الرّجل،إذا أسخمت وجهه بالفحم.(5:220)
المدينيّ: في الحديث:«لا أعرفنّ أحدا يجيء يوم القيامة بفرس له حمحمة».الحمحمة و التّحمحم:الصّوت دون الصّهيل.و قيل:هو صوت الفرس عند العلف و طلبه.و يقال للثّور أيضا:حمحمة.
في حديث عبد اللّه بن مغفّل رضي اللّه عنه،قال:«يكره البول في المستحمّ».المستحمّ:الموضع الّذي يغتسل فيه بالحميم،و هو الماء الحارّ.
ص: 21
و منه حديث ابن عبّاس،رضي اللّه عنهما:«أنّ امرأة استحمّت من جنابة،فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم يستحمّ من فضلها».
أصل الاستحمام:أن يكون بالحميم،ثمّ يقال للاغتسال:
الاستحمام،بأيّ ماء كان.
في حديث طلق:«كنّا بأرض و بيئة محمّة»أي ذات حمّى،كالمأسدة و المضبّة،و أحمّت الأرض:صارت ذات حمّى فهي محمّة،و أحمّه اللّه عزّ و جلّ.
و قيل:محمّة:ذات حمّى،و طعام محمّ:يجلب الحمّى، فعلى هذا يجوز محمّة،و محمّة،و محمّة.
في شعر عبد اللّه بن رواحة،رضي اللّه عنه:
*هذا حمام الموت قد صليت*
قيل:الحمام:قضاء الموت،من قولهم:حمّ كذا،أي قدّر.
في الحديث:«كان يعجبه النّظر إلى الأترجّ،و إلى الحمام الأحمر».قال أبو عمر هلال:الحمام يعني به التّفّاح،و هذا التّفسير لم أره لغيره.(1:500)
ابن برّيّ: حماحم:لون من الصّبغ أسود،و النّسب إليه حماحميّ.(ابن منظور 12:161)
ابن الأثير: في حديث الرّجم:«أنّه مرّ بيهوديّ محمّم مجلود»أي مسودّ الوجه،من الحممة:الفحمة؛و جمعها:حمم.
و حديث لقمان بن عاد:«خذي منّي أخي ذا الحممة»أراد سواد لونه.
و منه حديث ابن زمل:«كأنّما حمّم شعره بالماء»أي سوّد، لأنّ الشّعر إذا شعث اغبرّ،فإذا غسل بالماء ظهر سواده.
و يروى بالجيم،أي جعل جمّة.
و منه حديث قسّ:«الوافد في اللّيل الأحمّ»أي الأسود.
و منه خطبة مسلمة:«إنّ أقلّ النّاس في الدّنيا همّا أقلّهم حمّا»أي مالا و متاعا،و هو من التّحميم:المتعة.
و في حديث أبي بكر:«إنّ أبا الأعور السّلميّ قال له:إنّا جئناك في غير محمّة،يقال:أحمّت الحاجة،إذا أهمّت و لزمت.
و فيه:«مثل العالم مثل الحمّة».الحمّة:عين ماء حارّ يستشفي بها المرضى.
و منه حديث الدّجّال:«أخبروني عن حمّة زغر» أي عينها.
و زغر:موضع بالشّام.
و فيه:«لا يبولنّ أحدكم في مستحمّه».المستحمّ:
الموضع الّذي يغتسل فيه بالحميم،و هو في الأصل:الماء الحارّ،ثمّ قيل للاغتسال بأيّ ماء كان:استحمام.
و منه حديث ابن مغفّل:«أنّه كان يكره البول في المستحمّ».
و فيه:«اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي و حامّتي،أذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا».حامّة الإنسان:خاصّته و من يقرب منه.
و هو الحميم أيضا.[و قد تركنا كثيرا من كلامه حذرا من التّكرار](1:444)
عبد اللّطيف البغداديّ: يقال للخارج من الحمّام:
طاب حميمك،أي عرقك،لأنّ عرق الصّحيح طيّب، خلاف المريض.و لا يقال:طاب حمّامك.
(ذيل فصيح ثعلب:10)
الصّغانيّ: الحميم:الماء الحارّ و البارد.
(الأضداد:228)
ص: 22
الفيّوميّ: الحممة:وزان رطبة:ما أحرق من خشب و نحوه،و الجمع بحذف الهاء.
و حمّ الجمر يحمّ حمما،من باب«تعب»إذا اسودّ بعد خموده.و تطلق الحممة على الجمر مجازا باسم ما يؤول إليه.
و حمّ الشّيء حمّا،من باب«ضرب»:قرب و دنا؛ و أحمّ بالألف لغة.
و يستعمل الرّباعيّ متعدّيا،فيقال:أحمّه غيره.
و حمّمت وجهه تحميما،إذا سوّدته بالفحم.[و أدام الكلام نحو ما تقدّم].(1:152)
الفيروزآباديّ: حمّ الأمر بالضّمّ حمّا:قضي،و له ذلك:قدّر.
و حمّ حمّه:قصد قصده،و التّنّور:سجره،و الشّحمة:
أذابها،و الماء:سخّنه كأحمّه و حمّمه،و ارتحال البعير؛ عجّله،و اللّه له كذا:قضاه له كأحمّه.
و ككتاب:قضاء الموت و قدره.
و كغراب حمّى جميع الدّوابّ،و السّيّد الشّريف، و رجل،و ذو الحمام بن مالك حميريّ.
و كسحاب:طائر برّيّ لا يألف البيوت،معروف،أو كلّ ذي طوق،و تقع واحدته على الذّكر و الأنثى كالحيّة؛ و الجمع:حمائم.
و لا تقل للذّكر:حمام،مجاورتها أمان من الخدر و الفالج و السّكتة و الجمود و السّبات،و لحمه باهيّ تزيد الدّم و المنيّ،و وضعها مشقوقة و هي حيّة على نهشة العقرب مجرّب للبرء،و دمها يقطع الرّعاف.
و حمّة الفراق بالضّمّ:ما قدّر و قضي؛و الجمع:
كصرد و جبال.
و حامّه:قاربه،و أحمّ:دنا و حضر،و الأمر فلانا:
أهمّه كحمّه،و نفسه:غسلها بالماء البارد،و الأرض:
صارت ذات حمّى.
و الحميم كأمير:القريب كالمحمّ كالمهم؛و الجمع:
أحمّاء،و قد يكون الحميم للجمع و المؤنّث،و الماء الحارّ كالحميمة؛و الجمع:حمائم.و استحمّ:اغتسل به،و الماء البارد ضدّ،و القيظ،و المطر يأتي بعد اشتداد الحرّ، و العرق،و بهاء:اللّبن المسخّن،و الكريمة من الإبل؛ و الجمع:حمائم.
و احتمّ:اهتمّ باللّيل،أو لم ينم من الهمّ،و العين:أرقت من غير وجع.
و ما له حمّ و لا سمّ،و يضمّان:هم،أو لا قليل و لا كثير،و عنه ما له بدّ.
و الحامّة:العامّة،و خاصّة الرّجل من أهله و ولده، و خيار الإبل.
و حمّ الشّيء:معظمه،و من الظّهيرة:شدّة حرّها، و الكريمة من الإبل؛و الجمع:حمائم.
و الحمّام كشدّاد:الدّيماس مذكّر؛و الجمع:حمّامات.
و لا يقال:طاب حمّامك،و إنّما يقال:طابت حمّتك بالكسر،أي حميمك،أي طاب عرقك.
و ذات الحمّام:قرية بين الاسكندريّة و افريقيّة.
و الحمّة:كلّ عين فيها ماء حارّ ينبع يستشفي بها الأعلاّء،و واحدة الحمّ لما أذبت أهالته من الألية و الشّحم،أو ما يبقى من الشّحم المذاب،و واد باليمامة.
و حمّتا الثّوير:جبلان.
ص: 23
و بالكسر:المنيّة،و بالضّمّ:لون بين الدّهمة و الكمتة و دون الحوّة،و بلد،و لغة في الحمة المخفّفة،و موضع، و الحمّى.
و حمّ بالضّمّ:أصابته،و أحمّه اللّه تعالى فهو محموم،أو يقال:حممت حمّى؛و الاسم:الحمّى بالضّمّ.
و أرض محمّة محرّكة و بضمّ الميم و كسر الحاء:ذات حمّى،أو كثيرتها.
و كلّ ما حمّ عليه فمحمّة،و محمّة أيضا،قرية بالصّعيد،و كورة بالشّرقيّة،و قرية بضواحي الإسكندريّة.
و الأحمّ:القدح،و الأسود من كلّ شيء كاليحموم، و الحمحم كسمسم و هداهد،و الأبيض ضدّ،و قد حممت كفرحت حمما و احموميت و تحمّمت و تحمحمت؛ و الاسم:الحمّة بالضّمّ،و أحمّه اللّه تعالى.
و الحمّاء:الاست؛و الجمع:حمّ بالضّمّ.
و اليحموم:الدّخان،و طائر،و الجبل الأسود،و جبل بمصر،و ماء غربيّ المغيثة،و جبل بديار الضّباب.
و الحمم كصرد:الفحم،واحدته بهاء.
و حمّم:سخّم الوجه به،و الغلام:بدت لحيته، و الرّأس:نبت شعره بعد ما حلق،و المرأة:متّعها بالطّلاق، و الأرض:بدا نباتها أخضر إلى السّواد،و الفرخ:نبت ريشه.
و الحمامة كسحابة:وسط الصّدر،و المرأة أو الجميلة، و ماءة،و خيار المال،و سعدانة البعير،و ساحة القصر النّقيّة،و بكرة الدّلو،و حلقة الباب.و حمّان بالكسر:
حيّ من تميم و حمومة ملك يمنيّ.
و الحمحمة:صوت البرذون عند الشّعير،و عرّ الفرس حين يقصّر في الصّهيل و يستعين بنفسه كالتّحمحم،و نبيب الثّور للسّفاد،و بالكسر و يضمّ:نبات أو لسان الثّور؛و الجمع:حمحم.و الحماحم:الحبق البستانيّ العريض الورق،و يسمّى الحبق النّبطيّ،واحدته بهاء، جيّد للزّكام مفتّح لسدد الدّماغ مقوّ للقلب،و شرب مقلوّه يشفي من الإسهال المزمن بدهن ورد و ماء بارد.
و الحمحم كهدهد و سمسم:طائر.
و حمّت الجمرة تحمّ بالفتح:صارت حممة،و الماء:
سخن.
و حاممته محامّة:طالبته،و أنا محامّ على هذا:ثابت.
و حمحام مبنيّا على الكسر،أي لم يبق شيء.
و حميمة كجهينة:بليدة بالبلقاء.
و حمّ بالكسر:واد بديار طيّئ،و بالضّمّ:جبيلات سود بديار بني كلاب،و الحمائم باليمامة.
و سمّوا حمّا و بالضّمّ و كعمران و عثمان و نعامة و همزة و كغراب و كركرة و حمّى ممالة مضمومة و حمامى بالضّمّ.
و الحميمات:الجمرة.
و أحمّ نفسه:غسلها بالماء البارد.
و ثياب التّحمّة:ما يلبس المطلّق امرأته إذا متّعها.
و استحمّ:عرق.(4:101)
الحميم و الحميمة:الماء الحارّ و الماء البارد،من الأضداد.و قيل:شديد الحرارة.[ثمّ استشهد بشعر،و قال نحو الرّاغب و أضاف:]
و حمّم الفرخ،إذ اسودّ جلده من الرّيش.
و منه:الحمام لا زمام له،لا يدخل الشّيطان بيتا فيه
ص: 24
حمامة.
و فيه أيضا:الحمام حبيبي و حبيب اللّه.و تسبيحه أن يقول:سبحان المعبود بكلّ مكان،سبحان المذكور بكلّ لسان،ضعيف جدّا.(بصائر ذوي التّمييز 2:497)
الطّريحيّ: و الحميم:الماء الحارّ الشّديد الحرارة، يسقى منه أهل النّار،أو يصبّ على أبدانهم.و عن ابن عبّاس:«لو سقطت منه نقطة على جبال الدّنيا لأذابتها».
و الحمّات بالفتح و التّشديد:جمع حمّة:العيون الحارّة الّتي يستشفي به الأعلاّء و المرضى.
و ما ذكر في الحديث:«إنّ ماء الحمّامات نهى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يستشفى بها»فلا يبعد أن يراد بها «الحمّات»كما دلّ عليه قول الصّدوق:«و أمّا ماء الحمّات فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يستشفى بها»و يكون في الكلام تصحيف.
و حمة كلّ دابّة:سمّها.و تطلق الحمة على إبرة العقرب للمجاورة،لأنّ السّمّ يخرج منها.و أصله:حمو أو حمي بوزن«صرد»و الهاء فيه عوض عن الواو المحذوفة أو الياء.و منه:«إنّه كره أكل كلّ ذي حمة».
و في حديث الحسن عليه السّلام و قد قيل له:طاب استحمامك،فقال:و ما تصنع ب(الاست)هاهنا ؟فقال له:
طاب حمامك.فقال:إذا طاب الحمام فما راحة البدن؟ فقال له:طاب حميمك!قال:ويحك أ ما علمت أنّ الحميم العرق...[و قد تركنا كثيرا من كلامه حذرا من التّكرار]
(6:50)
مجمع اللّغة :الحميم:الماء الشّديد الحرارة،حمّ الماء يحمّ حمما:سخن،و اشتدّت حرارته.
و الحميم:القريب المشفق،لأنّ له في الإشفاق على قريبه حرارة و حدّة.
اليحموم:الدّخان الشّديد السّواد.(1:302)
نحوه محمّد إسماعيل إبراهيم.(147)
العدنانيّ: أحمّ الطّفل أو الرّجل و حمّمه.
يرى محيط المحيط أنّ قولنا:حمّمه بمعنى غسّله،-من أقوال العامّة-و يؤيّده في ذلك عدد كبير من المعجمات، لأنّها تهمل ذكر الفعل حمّم بهذا المعنى،و تقول:إنّ الصّواب هو:أحمّ الطّفل،أو أحمّ نفسه،كما قال ابن الأعرابيّ،و الصّحاح،و المختار،و اللّسان،و القاموس، و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن، و الوسيط.
فمن هؤلاء من قال:إنّ معنى أحمّه:غسّله بالماء البارد:ابن الأعرابيّ،و القاموس،و محيط المحيط،و أقرب الموارد.
و منهم من قال إنّ معناه:غسّله بالماء الحارّ:
الصّحاح،و المختار،و اللّسان،و الوسيط.
و منهم من قال:بالماء الحارّ أو البارد:التّاج،و المدّ، و المتن.
و لكن:
أجاز استعمال الفعل حمّمه بمعنى غسّله،كلّ من اللّسان،و التّاج،و المدّ،و المتن.
و في الحديث أنّه كان يغتسل بالحميم،و هو الماء الحارّ.و قال ابن دريد إنّه الماء الحارّ و البارد كليهما.
و هنا لك الفعل استحمّ،و معناه:اغتسل بالماء الحميم (الحارّ)،و هو الأصل،ثمّ صار كلّ اغتسال استحماما بأيّ
ص: 25
ماء كان.
و من معاني الفعل حمّم:
أ-حمّمت الأرض:بدا نباتها أخضر إلى السّواد.
ب-حمّم الغلام:بدت لحيته.
ج-حمّم الرّأس:نبت شعره بعد ما حلق.
د-حمّم الفرخ:نبت ريشه.
ه-حمّم الماء و نحوه:سخّنه.
و-حمّم الرّجل:سوّد وجهه بالفحم.
هذا الحمّام كبير،هذه الحمّام كبيرة
و يخطّئون من يقول:هذه الحمّام كبيرة،و يقولون إنّ الصّواب هو:هذا الحمّام كبير،اعتمادا على قول عبيد بن القرط الأسديّ،و كان له صاحبان دخلا الحمّام، و تنوّرا بنورة فأحرقتهما،و كان نهاهما عن دخولهما فلم يفعلا.[ثمّ استشهد بشعر]
و اعتمادا على ما قاله سيبويه،و الصّحاح،و ابن سيده، و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ،و المختار،و القاموس، و الوسيط.
و لكن:
قال آخرون:إنّ الحمّام مؤنّث،جاء في اللّسان:
«قال ابن برّيّ: و قد جاء الحمّام مؤنّثا في بيت،زعم الجوهريّ أنّه يصف حمّاما،و هو قوله:
فإذا دخلت سمعت فيها رجّة
لغط المعاول في بيوت هداد
و ذكر ابن الخبّاز أيضا أنّ الحمّام مؤنّث.
و الحقيقة هي أنّ الحمّام يذكّر و يؤنّث،كما قال المغرب،و اللّسان،و المصباح،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد.
و ذكر المصباح و أقرب الموارد أنّ التّأنيث أغلب.
و قال محيط المحيط:قد يؤنّث.
و يجمع الحمّام على:حمّامات.
الحميم:الماء الحارّ و البارد
و يخطّئون من يقول:إنّ معنى الحميم هو الماء البارد، و يقولون:إنّه الماء الحارّ،اعتمادا على ورود الحميم في القرآن الكريم بمعنى الماء الحارّ أربع عشرة مرّة،كقوله تعالى في الآيتين 24 و 25 من سورة النّبأ: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً* إِلاّ حَمِيماً وَ غَسّاقاً. الغسّاق:ما يسيل من صديد أهل النّار.و اعتمادا على ورودها أيضا في معجم ألفاظ القرآن الكريم،و الصّحاح،و معجم مقاييس اللّغة،و الأساس،و النّهاية،و المختار،و المصباح، و الوسيط.
و لكن:
قال أبو العبّاس ثعلب:سألت ابن الأعرابيّ عن الحميم في قول الشّاعر:
و ساغ لي الشّراب،و كنت قدما
أكاد أغصّ بالماء الحميم
فقال:الحميم:الماء البارد.و قال الأزهريّ:الحميم عند ابن الأعرابيّ من الأضداد،يكون الماء البارد و يكون الماء الحارّ.و كان ابن الأنباريّ قد سبق الأزهريّ بقوله في كتابه«الأضداد»إنّ الحميم من الأضداد.
و أيّدهم في ذلك كلّ من اللّسان استشهد بالبيت، و القاموس المحيط،و التّاج و المدّ استشهدا بالبيت،و محيط المحيط،و متن اللّغة،و التّضادّ استشهد بالبيت أيضا.
ص: 26
و ذكرت المعاجم الآتية:الصّحاح،و اللّسان، و المحيط،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و الوسيط أنّ الحميمة تعني الماء الحارّ أيضا.و لا أنصح باستعمالها لأنّ الماء مذكّر.
و من معاني الحميم:القريب الّذي تودّه و يودّك.
و يجمع الحميم على أحمّاء،و حميم،و حمائم.أنكره ابن سيده،و قال:إنّه جمع حميمة لا حميم.
و يرى اللّسان،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،أنّ الحميم يقال للمذكّر و المؤنّث،و المفرد و الجمع.
و أرى أن نستعمل الحميم بمعنى الماء الحارّ جدّا، و نهمل استعماله بمعنى الماء البارد:
أ-لأنّ ابن الأنباريّ،و هو من أشهر من ألّفوا في الأضداد،قال:«و قال بعض النّاس:الحميم من الأضداد».و قوله:«قال بعض النّاس»هنا،يدلّ على شكّه في صحّة ما قيل.
ب-و لأنّ جميع الّذين استشهدوا بالبيت:
و ساغ لي الشّراب،و كنت قدما
أكاد أغصّ بالماء الحميم
كان مصدرهم الوحيد ما أجاب به ابن الأعرابيّ.
ج-هذا البيت كان مصدر الاستشهاد الوحيد،و لو وجد بيت آخر مثله لاستشهد به اللّسان و التّاج.
د-لم يذكر أحد اسم الشّاعر صاحب البيت،لنرى إن كان جديرا بالاستشهاد بما ينظّمه أو غير جدير.
ه-لا يذكر الجوهريّ إلاّ الكلمات الّتي يرى أنّها ليس في صحّتها أدنى شكّ.و قد أهمل صاحب «الصّحاح»ذكر«الحميم»بمعنى الماء البارد.
و-المعروف في العالم العربيّ كلّه أنّ«الحميم»يعني الماء الحارّ جدّا،و لسنا في حاجة إلى زيادة إرهاق الذّاكرة.و تشويش الأفكار لغويّا.
ز-لا نستطيع-رغم كلّ هذه البراهين الدّامغة- تخطئة من يستعمل الحميم للماء البارد.
راجع مادّة«الأضداد»في هذا المعجم.
الحمّة لا الحمّة
و يسمّون العين النّابعة بالماء الحارّ،يستشفي بالغسل فيها المرضى و الأعلاّء:الحمّة،و يطلقون هذا الاسم على البلدة العربيّة السّوريّة الشّهيرة بمياهها المعدنيّة الحارّة.
و الصّواب هو:الحمّة،اعتمادا على ابن دريد،و الصّحاح، و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ،و الأساس،و النّهاية، و المغرب،و المختار،و اللّسان،و القاموس،و التّاج،و المدّ، و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن،و الوسيط.
و يستشهد الصّحاح،و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ، و الأساس،و النّهاية،و المختار،و اللّسان،و التّاج،و المدّ، و محيط المحيط،و أقرب الموارد بالحديث النّبويّ الشّريف:
«مثل العالم كمثل الحمّة يأتيها البعداء،و يتركها القرباء».
و جاء في النّهاية:«الحمّة:عين ماء حارّ يستشفي بها المرضى».
و جمع الحمّة:حمّ و حمام.
و من معاني الحمّة:
1-ما يبقى من الشّحم المذاب.
2-حجارة سود لازقة بالأرض،متدانية و متفرّقة؛ و جمعها:حمام.
و من معاني الحمّة:
ص: 27
1-المنيّة.
2-العرق.
و جمعها:حمم.
و من معاني الحمّة:
1-حمّة الشّفة:شدّة سوادها(كتاب خلق الإنسان «باب الفم»،و التّلخيص لأبي هلال العسكريّ)،فهي حمّاء بمعنى اللّمياء،و اللّعساء،و الحوّاء.
2-الحمّى.
3-كلّ ما قدّر و قضي.و منه:حمّة الفراق،أي قدر الفراق.
4-حمّة السّنان:حدّته.
5-الأسود من كلّ شيء.
6-حمّة العقرب:سمّها.ابن الأعرابيّ.(169)
حمام الزّاجل أو حمام الزّجّال.
و يقولون:الحمام الزّاجل.و الصّواب:حمام الزّاجل أو حمام الزّجّال،لأنّ الزّاجل أو الزّجّال هو الّذي يزجل الحمام الهادي،أو يرسله إلى بعد،و سمّي الزّجّال للمبالغة، و الحمام أضيف إليه.
حمة العقرب.
و يخطّئون من يقول:إنّ حمة العقرب هي إبرتها الّتي تلدغ بها.و يقولون إنّ حمة العقرب هي سمّها و ضرّها، كما قال الصّحاح و المختار.و قال الأساس:إنّها فوعة حدّة السّمّ و سورته.و لكنّ اللّسان قال:الحمة السّمّ عن اللّحيانيّ.
و قال بعضهم:هي الإبرة الّتي تضرب بها الحيّة و العقرب و الزّنبور و نحو ذلك،أو تلدغ بها؛و الجمع:
حمات و حمى.
و قال اللّيث:الحمة في أفواه العامّة إبرة العقرب و الزّنبور و نحوه.و قال ابن الأعرابيّ: يقال لسمّ العقرب:
الحمة و الحمّة.
و قال الأزهريّ: لم يسمع التّشديد في الحمة إلاّ لابن الأعرابيّ.و أضاف التّاج إلى ما ذكره اللّسان قوله:
«أطلق ابن الأثير كلمة الحمة على إبرة العقرب المجاورة، لأنّ السّمّ يخرج منها».
و أطلق المتن و الوسيط الحمة على:
1-سمّ كلّ ما يلدغ و يلسع.
2-على الإبرة الّتي يلدغ بها و يلسع.
(معجم الأخطاء الشّائعة:70)
المصطفويّ: التّحقيق:أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو الحرارة الشّديدة قريبة من الغليان.و هذا المعنى له آثار و علائم،و تختلف بالموضوعات،ففي كلّ شيء بحسبه.
فيقال:عين حميمة و حمّة،أي حارّة ماؤها، و الاستحمام طلب الماء السّاخن الحارّ،و الحمّام محلّ يسخّن فيها الماء.و يطلق الحميم على صديق أو قريب مشفق،باعتبار حرارة المحبّة و العلاقة الشّديدة.
و الفحم:باعتبار حصول الحرارة الشّديدة و الإحراق حتّى يكون الخشب فحما أسود،فإطلاق الحمّ و الأحمّ على الأسود بهذا الاعتبار.و لا يصحّ إطلاقه على كلّ أسود،بل ما حصل بالحرارة.
و أمّا الحضور و القرب:فباعتبار حصول الحرارة لهدف أو لعمل حتّى يتهيّأ،و قرب حصول النّتيجة
ص: 28
و الوصول إلى المقصد،و لا يطلق في كلّ مورد من القرب و الحضور.و كذلك القصد و القضاء:يطلقان في مورد حصول الحرارة حتّى يقصد أمرا أو يقضي على أمر.
و بها يظهر مرجع إطلاقها على الحمّى في أثر الحرارة الشّديدة للبدن،أو إطلاقها على الألية المذابة،أو العرق عند الحرارة.
و أمّا الصّوت:فهو حكاية لصوت أكل الفرس و مضغه.
و الظّاهر وجود اشتقاق أكبر بين الحمّ و الحمإ و الحمي،لوجود السّواد في الحمإ،و حصول الحرارة في الحماية.(2:311)
1- ...أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ. الأنعام:70
ابن عبّاس: ماء حارّ يغلي قد انتهى حرّه.(112)
نحوه الطّبرسيّ.(2:318)
الضّحّاك: الحميم هو الماء الّذي أحمي حتّى انتهى غليانه.(الطّوسيّ 4:181)
نحوه شبّر.(2:274)
ابن قتيبة :هو الماء الحارّ.و منه سمّي الحمّام.(155)
نحوه ابن عطيّة.(2:306)
الطّبريّ: الحميم هو الحارّ في كلام العرب،و إنّما هو محموم صرف إلى«فعيل»،و منه قيل للحمّام:حمّام، لإسخانه الجسم،[ثمّ استشهد بشعر]
و إنّما جعل تعالى ذكره لهؤلاء الّذين وصف صفتهم في هذه الآية شرابا من حميم،لأنّ الحارّ من الماء لا يروي من عطش،فأخبر أنّهم إذا عطشوا في جهنّم لم يغاثوا بماء يرويهم،و لكن بما يزيدون به عطشا على ما بهم من العطش.(7:234)
الواحديّ: هو الماء الحارّ.(2:286)
مثله ابن الجوزيّ(3:66)،و القرطبيّ(7:16).
البيضاويّ: و المعنى:ما بين ماء مغليّ يتجرجر في بطونهم و نار تشتعل بأبدانهم بسبب كفرهم.(1:316)
مثله الكاشانيّ(2:129)،و المشهديّ(3:306)، و نحوه الشّربينيّ(1:428).
أبو السّعود :استئناف آخر مبيّن لكيفيّة الإبسال المذكور و عاقبته،مبنيّ على سؤال نشأ من الكلام،كأنّه قيل:ما ذا لهم حين أبسلوا بما كسبوا؟
فقيل:لهم شراب من ماء مغليّ يتجرجر في بطونهم، و تتقطّع به أمعاؤهم.(2:399)
مثله الآلوسيّ(7:187)،و نحوه البروسويّ(3:
51)،و المراغيّ(7:163).
عبد الكريم الخطيب :الحميم هو الماء الحارّ الّذي اشتدّ غليانه،و منه الحمم،و هي القطع الملتهبة من النّار.(4:213)
مكارم الشّيرازيّ: إنّهم من الدّاخل يحترقون بالماء المحرق،و من الخارج بالنّار.(4:314)
و بهذا المعنى جاء كلمة«حميم»في يونس:4،و الحجّ:
ص: 29
19،و المؤمن:72،و الدّخان:46 و 48،و محمّد:15، و الواقعة:42،54،93.
2- يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ. الرّحمن:44
راجع«أ ن و»و«أ ن ي».
3- ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ. الصّافّات:67
ابن عبّاس: من ماء حارّ قد انتهى حرّه.(376)
يعني شرب الحميم على الزّقّوم.(الطّبريّ 23:65)
السّدّيّ: يشاب لهم الحميم بغسّاق أعينهم و صديد من قيحهم و دمائهم.(القرطبيّ 15:87)
ابن زيد :حميم يشاب لهم بغسّاق ممّا تغسق أعينهم،و صديد من قيحهم و دمائهم،ممّا يخرج من أجسادهم.(الطّبريّ 23:65)
نحوه البروسويّ.(7:465)
ابن قتيبة :أي خلطا من الماء الحارّ يشربونه عليها.(372)
الطّبريّ: الحميم:الماء المحموم،و هو الّذي أسخن فانتهى حرّه،و أصله:مفعول،صرف إلى فعيل.
(23:64)
النّحّاس: قيل:يراد به هاهنا شرب الحميم.(6:35)
الماورديّ: و الحميم الحارّ الدّاني من الإحراق.
و منه سمّي القريب حميما،لقربه من القلب،و سمّي المحموم لقرب حرارته من الإحراق.
فيمزج لهم الزّقّوم بالحميم ليجمع لهم بين مرارة الزّقّوم و حرارة الحميم،تغليظا لعذابهم،و تشديدا لبلائهم.[و استشهد بالشّعر مرّتين](5:52)
نحوه القرطبيّ.(15:87)
الطّوسيّ: الحميم إذا شاب الزّقّوم اجتمعت المكاره فيه،من المرارة و الخشونة و نتن الرّائحة،و الحرارة المحرقة،نعوذ باللّه منها.و الحميم:الحارّ الّذي له من الإحراق المهلك أدناه.[ثمّ استشهد بشعر]
و حمّم ريش الفرخ إذا نبت،حتّى يدنو من الطّيران، و المحموم:المقترب من حال الإحراق...و الحميم:الصّديق القريب،أي الدّاني من القلب.(8:503)
الواحديّ: لَشَوْباً لخلطا و مزاجا مِنْ حَمِيمٍ يعني أنّهم إذا أكلوا الزّقّوم شربوا عليها الحميم،و هو الماء الحارّ فيشوب الحميم في بطونهم الزّقّوم فيصير شوبا.(3:
526)
نحوه البغويّ(4:33)،و ابن الجوزيّ(7:64).
ابن عطيّة: الحميم:السّخن جدّا من الماء و نحوه، فيريد به هاهنا:شرابهم الّذي هو طينة الخبال صديدهم و ما ينماع منهم،هذا قول جماعة من المفسّرين.
(4:476)
نحوه أبو حيّان.(7:363)
الطّبرسيّ: أي خليطا و مزاجا من ماء حارّ يمزج ذلك الطّعام بهذا الشّراب.(4:446)
سيأتي بعض النّصوص في«ش و ب»فلاحظ.
4- هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسّاقٌ. ص:57
ابن مسعود:الحميم:الماء الحارّ،و الغسّاق:البارد الزّمهرير.
ص: 30
مثله ابن عبّاس.(الطّبرسيّ 4:483)
ابن عبّاس: ماء حارّ قد انتهى حرّه.(383)
نحوه الشّربينيّ(3:424)،و السّديّ(الطّبريّ 23:
176).
ابن زيد :الحميم:دموع أعينهم،تجمع في حياض النّار،فيسقونه.(الطّبريّ 23:176)
الفرّاء: رفعت الحميم و الغسّاق ب(هذا)مقدّما و مؤخّرا.و المعنى:هذا حميم و غسّاق فليذوقوه.و إن شئت جعلته مستأنفا،و جعلت الكلام قبله مكتفيا، كأنّك قلت:هذا فليذوقوه،ثمّ قلت:منه حميم و منه غسّاق.[ثمّ استشهد بشعر](2:410)
الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:هذا حميم،و هو الّذي قد أغلي حتّى انتهى حرّه.[ثمّ قال نحو الفرّاء]
(23:176)
نحوه الزّجّاج.(4:338)
الطّوسيّ: الحميم:الحارّ الشّديد الحرارة،و منه الحمّى لشدّة حرارتها،و حمّ الشّيء،إذا دنا،و أحمّه لهذا، أي أدناه.[ثمّ استشهد بشعر](8:575)
الزّمخشريّ: قيل:الحميم يحرق بحرّه،و الغسّاق يحرق ببرده.(3:379)
مثله النّسفيّ(4:45)،و أبو السّعود(5:368).
الطّبرسيّ: المعنى أنّهم يعذّبون بحارّ الشّراب الّذي انتهت حرارته،و ببارد الّذي انتهت برودته،فببرده يحرق كما يحرق النّار.(4:483)
عبد الكريم الخطيب :الحميم:اللّهب،و منه الحمم و هو قطع الجمر.(12:1104)
و بهذا المعنى جاء: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً* إِلاّ حَمِيماً وَ غَسّاقاً النّبأ:24،25.
5- ...ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ.
المؤمن:18
مجاهد :الشّفيق.(الماورديّ 5:149)
الحسن :القريب.(الماورديّ 5:149)
ابن عبّاس: من قريب ينفعهم.(394)
مثله الواحديّ(4:8)،و البغويّ(4:109)، و الطّبرسيّ(4:519)،و ابن الجوزيّ(7:213)، و المراغيّ(24:56).
السّدّيّ: من يعنيه أمرهم.(423)
الطّبريّ: ما للكافرين باللّه يومئذ من حميم يحمّ لهم، فيدفع عنهم عظيم ما نزل بهم من عذاب اللّه.(24:53)
الماورديّ: ما لهم من حميم ينفع.(5:149)
الزّمخشريّ: الحميم:المحبّ المشفق.(3:420)
مثله النّسفيّ(4:74)،و أبو حيّان(7:456).
ابن عطيّة: حميم،أي قريب يحتمّ لهم و يتعصّب.(4:552)
نحوه الآلوسيّ.(24:59)
البيضاويّ: قريب مشفق.(2:333)
مثله أبو السّعود(5:414)،و الكاشانيّ(4:338).
الشّربينيّ: أي قريب صادق في مودّتهم،مهتمّ بأمورهم،مزيل لكروبهم.(3:476)
عبد الكريم الخطيب :صاحب أو صديق يعين.(12:1217)
ص: 31
مغنيّة:صديق يتوجّع.(6:444)
الطّباطبائيّ: الحميم:القريب،أي ليس لهم قريب يقوم بنصرهم بحميّة القرابة،قال تعالى: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ المؤمنون:101.(17:320)
فضل اللّه :حيث لا صديق يشاركهم مشاعرهم.
(20:27)
و بهذا المعنى جاء:
6- فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ الحاقّة:35.
7- فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.
الشّعراء:100،101
ابن عبّاس: لا ذي قرابة يهمّه أمرنا.(310)
مجاهد :شفيق.(الطّبريّ 19:89)
قتادة :يعلمون و اللّه أنّ الصّديق إذا كان صالحا نفع، و أنّ الحميم إذا كان صالحا شفع.(الطّبريّ 19:89)
يذهب اللّه يومئذ مودّة الصّديق و رقّة الحميم.(الماورديّ 4:179)
ابن جريج: وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ من النّاس.(الطّبريّ 19:89)
الطّبريّ: وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ من الأقارب.
(19:89)
النّحّاس: أي خاصّ،و منه حامّة الرّجل.و أصل هذا من الحميم،و هو الماء الحارّ،و منه الحمّام،و الحمّى.
فحامّة الرّجل:الّذين يحرقهم ما أحرقه،كما يقال:
هم حزانتهم،أي يحزنهم ما يحزنه.(5:90)
نحوه القرطبيّ(13:117)،و البروسويّ(6:290).
الرّمّانيّ: إنّما سمّي القريب حميما،لأنّه يحمى بغضب صاحبه،فجعله مأخوذا من الحميّة.
(الماورديّ 4:178)
الماورديّ: وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فيه وجهان:
أحدهما:الشّفيق.
الثّاني:القريب النّسيب،يقال:حمّ الشّيء،إذا قرب.
و منه الحمّى لأنّه تقرّب الأجل.[ثمّ استشهد بشعر]
(4:178)
الطّوسيّ: و الحميم:القريب الّذي يحمى بغضب صاحبه،و الحميم هو الحامي،و منه الحمّى.و أحمّ اللّه ذلك من لقائه،أي أدناه،بمعنى جعله كالّذي بلغ بنصحه إيّاه، و حمّ كذا،أي قدر.(8:37)
الواحديّ: ذي قرابة يهمّه أمرنا.و الحميم:القريب الّذي تودّه و يودّك.(3:357)
نحوه ابن الجوزيّ.(6:132)
الزّمخشريّ: الحميم من الاحتمام و هو الاهتمام،و هو الّذي يهمّه ما يهمّك،أو من الحامّة بمعنى الخاصّة،و هو الصّديق الخاصّ.(3:119)
مثله الفخر الرّازيّ.(24:152)
ابن عطيّة: الحميم:الوليّ و القريب الّذي يخصّك أمره و يخصّه أمرك،و حامّة الرّجل:خاصّته.(4:236)
الطّبرسيّ: أي ذي قرابة يهمّه أمرنا.و المعنى ما لنا من شفيع من الأباعد و لا صديق من الأقارب.(4:194)
و بهذا المعنى جاء 8- كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ فصّلت:
34.
9- وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً. المعارج:10
ص: 32
ابن عبّاس: قرابة عن قرابة.(485)
[راجع س ء ل:«لا يسأل»]
فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ* وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ.
الواقعة:42-43
ابن عبّاس: من دخان جهنّم أسود.(454)
نحوه الفرّاء(3:126)،و النّسفيّ(4:217)، و الطّبريّ(19:124).
من دخان حميم.
مثله مجاهد و أبو مالك.(الطّبريّ 27:192)
ظلّ الدّخان.
نحوه قتادة و ابن زيد.(الطّبريّ 27:192) أنّها نار سوداء.(الماورديّ 5:456)
هو سرادق النّار المحيط بأهلها،فإنّه يرتفع من كلّ ناحية حتّى يظلّهم.(ابن عطيّة 5:246)
عكرمة :الدّخان.(الطّبريّ 27:192)
الضّحّاك: النّار سوداء و أهلها سود،و كلّ شيء فيها أسود.(البغويّ 5:16)
ابن زيد :هو جبل من نار أسود يفزع أهل النّار إلى ذراه فيجدونه أشدّ شيء و أمرّه.(ابن عطيّة 5:246)
أبو عبيدة :من شدّة سواده يقال:أسود يحموم.
(2:251)
ابن قتيبة :أي دخان أسود،و اليحموم:الأسود.
(449)
نحوه السّجستانيّ(186)،و النّيسابوريّ(27:79)، و ابن كثير(6:530)،و الكاشانيّ(5:125).
ابن كيسان :اليحموم:اسم من أسماء النّار.
(البغويّ 5:16)
نحوه النّقّاش.(ابن عطيّة 5:246)
الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:و ظلّ من دخان شديد السّواد،و العرب تقول لكلّ شيء وصفته بشدّة السّواد:
أسود يحموم.(27:191)
نحوه الواحديّ(4:236)،و البغويّ(5:16)، و البروسويّ(9:328).
الزّجّاج: اليحموم:الشّديد السّواد،و قيل:إنّه الدّخان الشّديد السّواد.
و قيل: وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ أي من نار يعذّبون بها، و دليل هذا لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ الزّمر:16،إلاّ أنّه موصوف في هذا الموضع بشدّة السّواد.(5:113)
الطّوسيّ: اليحموم:الأسود الشّديد السّواد باحتراق النّار،و هو«يفعول»من الحمّ،و هو الشّحم المسودّ باحتراق النّار،و أسود يحموم أي شديد السّواد.(9:499)
الزّمخشريّ: من دخان أسود بهيم.(4:55)
مثله أبو السّعود(6:190)،و نحوه أبو حيّان(8:208).
ابن عطيّة: اليحموم:الأسود،و هو بناء مبالغة.
(5:245)
الطّبرسيّ: قيل:اليحموم جبل في جهنّم يستغيث أهل النّار إلى ظلّه.(5:221)
الفخر الرّازيّ: فإن قيل:ما اليحموم؟نقول:فيه وجوه:
ص: 33
أوّلها:أنّه اسم من أسماء جهنّم.
ثانيها:أنّه الدّخان.
ثالثها:أنّه الظّلمة،و أصله من«الحمم»و هو الفحم، فكأنّه لسواده فحم،فسمّوه باسم مشتقّ منه،و زيادة الحرف فيه لزيادة ذلك المعنى فيه،و ربّما تكون الزّيادة فيه جاءت لمعنيين:الزّيادة في سواده و الزّيادة في حرارته.
و في الأمور الثّلاثة إشارة إلى كونهم في العذاب دائما، لأنّهم إن تعرّضوا لمهبّ الهواء أصابهم الهواء الّذي هو السّموم،و إن استكنّوا كما يفعله الّذي يدفع عن نفسه السّموم بالاستكنان في الكنّ يكونوا في ظلّ من يحموم، و إن أرادوا الرّدّ عن أنفسهم السّموم بالاستكنان في مكان من حميم،فلا انفكاك لهم من عذاب الحميم.
و يحتمل أن يقال فيه ترتيب،و هو أنّ السّموم يضرّ به فيعطش،و تلتهب نار السّموم في أحشائه فيشرب الماء فيقطع أمعاءه،و يريد الاستظلال بظلّ فيكون ذلك الظّلّ ظلّ اليحموم.
فإن قيل:كيف وجه استعمال(من)في مِنْ يَحْمُومٍ؟
فنقول:إن قلنا:إنّه اسم جهنّم فهو لابتداء الغاية،كما تقول:جاءني نسيم من الجنّة،و إن قلنا:إنّه دخان فهو كما في قولنا:خاتم من فضّة،و إن قلنا:إنّه الظّلمة فكذلك.
فإن قيل:كيف يصحّ تفسيره بجهنّم مع أنّه اسم منصرف منكّر،فكيف وضع لمكان معرّف،و لو كان اسما لها؟
قلنا:استعماله بالألف و اللاّم كالجحيم،أو كان غير منصرف كأسماء جهنّم يكون مثله،على ثلاثة مواضع كلّها يحموم.(29:168)
القرطبيّ: أي يفزعون من السّموم إلى الظّلّ،كما يفزع أهل الدّنيا فيجدونه ظلاّ من يحموم.[ثمّ قال نحو الطّوسيّ و أضاف:]
و قيل:هو مأخوذ من«الحمم»و هو الفحم.
(17:213)
الآلوسيّ: هي على وزن«يفعول»،و له نظائر قليلة من الحممة:القطعة من الفحم،و تسميته ظلاّ على التّشبيه التّهكّميّ.(27:143)
عبد الكريم الخطيب :أي هم يدخلون تحت ظلّ من سحاب هذا السّموم،الّذي ينعقد فوق رءوسهم.(14:719)
مغنيّة:يطلق«اليحموم»على الأسود البهيم من كلّ شيء،و على الدّخان الكثيف،و يصحّ المعنى على أحدهما و عليهما معا.(7:224)
(يحموم)من نفس المادّة[حميم]أيضا،و هنا بمناسبة الظّلّ فسّرت الكلمة بمعنى الظّلّ الغليظ الأسود و الحارّ.(17:433)
فضل اللّه :فليس هو الظّلّ الّذي يبعث الانتعاش في الجسم،بل هو ظلّ من الدّخان الأسود الّذي يخنق الأنفاس.(21:334)
هارون الأعور:تفسير«الحميم»على وجهين:
ص: 34
فوجه منهما:الحميم:القريب ذا الرّحم (1)،فذلك قوله: وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً المعارج:10،يعني قريبا.و قال: وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ الشّعراء:101،يعني قريبا.و قال: كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ فصّلت:34،أي قريب.
الوجه الثّاني:الحميم يعني الحارّ،فذلك قوله:
وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ محمّد:15،و يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ الحجّ:19،يعني الحارّ من الماء.نظيرها في الدّخان:48،و قال: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ الصّافّات:67،يعني الحارّ،و قال:
يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ الرّحمن:44،يعني حارّا.(364)
نحوه الحيريّ(219)،و الدّامغانيّ(237).
1-الأصل في هذه المادّة:الحميم،أي الماء الحارّ.
يقال:أحمّ الشّيء و حمّمه،أي غسله بالحميم،و استحمّ:
اغتسل بالماء الحميم،ثمّ أطلق الاستحمام على كلّ اغتسال بأيّ ماء كان،و المستحمّ:الموضع الّذي يغتسل فيه بالحميم،و طاب حميمك و حمّتك:طاب استحمامك.
و الحميمة:الحميم.يقال:شربت البارحة حميمة،أي ماء سخنا؛و الجمع:حمائم،مثل:قبيلة و قبائل.
و كلّ ما سخّن فقد حمّم.يقال:حممت الماء أحمّه،أي سخنته،و أحمّوا لنا الماء:أسخنوه،و المحمّ:القمقم الصّغير يسخّن فيه الماء،و الحمّام:الدّيماس،مشتقّ من الحميم؛و الجمع:حمّامات،و حمّ الماء:صار حارّا،و حمّ التّنّور:سجره و أوقده،و أحمّ نفسه:غسلها بالماء الحارّ.
و الحميم:المطر الّذي يأتي بعد أن يشتدّ الحرّ،لأنّه حارّ،و الحميم:القيظ،و العرق على التّشبيه،لأنّه يتصبّب من الجسم عند الحرّ.يقال:استحمّ الرّجل،أي عرق.
و الحمّة:عين ماء فيها ماء حارّ يستشفى بالغسل منه.
و الحمّى و الحمّة:علّة يستحرّ بها الجسم،من الحميم.
يقال:حمّ الرّجل،أي أصابه ذلك،و أحمّه اللّه،و هو محموم.
و المحمّة:أرض ذات حمّى.و أرض محمّة:كثيرة الحمّى،و طعام محمّة:يحمّ عليه الّذي يأكله.
و الحمام:حمّى الإبل و الدّوابّ.يقال:حمّ البعير حماما،و أخذ النّاس حمام قرّ،و هو الموم يأخذ النّاس.
و الحمّ:ما يبقى من الألية بعد الذّوب؛واحدته:حمّة.
يقال:حممت الألية،أي أذبتها،و حمّ الشّحمة يحمّها حمّا:أذابها.
و الحمم:الفحم؛واحدته:حممة.يقال:حمّت الجمرة تحمّ،أي صارت حممة،و حمّم الرّجل:سخّم وجهه بالحمم،و جارية حممة:سوداء،على التّشبيه.
و الحمم:مصدر الأحمّ؛و الجمع:حمّ،و هو الأسود من كلّ شيء.يقال:رجل أحمّ بيّن الحمم،و أحمّه اللّه:
جعله أحمّ،و الحمّة:حجارة سود تراها لازقة بالأرض؛ و الجمع:حمام.
و الحمّة:اسم من الحمم.يقال:به حمّة شديدة، و كميت أحمّ بيّن الحمّة،و شفة حمّاء،و لثة حمّاء، و الحمّاء:الاست،لسوادها؛و الجمع:حمّ.
و حمّة الحرّ:معظمه،و حمّة كلّ شيء:معظمه،من
ص: 35
الحمّ:الحرارة،و من حمّة السّنان:حدّته،و أتيته في حمّ الظّهيرة:في شدّة حرّها.
و اليحموم:«يفعول»من الأحمّ،و هو الدّخان، و الأسود من كلّ شيء،و الفرس؛لشدّة سواده،و طائر لسواد في جناحه،و نبت يحموم:أخضر ريّان أسود.
يقال:حمّمت الأرض،أي بدا نباتها أخضر إلى السّواد.
و حمّة المنيّة و الفراق منه:ما قدّر و قضي؛لأنّ فيه حرارة و حرقة؛يقال:عجلت بنا و بكم حمّة الفراق و حمّة الموت،أي قدر الفراق؛و الجمع:حمم و حمام،و حمّ هذا الأمر حمّا:قضي،و حمّ له ذلك:قدّر،و حمّ الشّيء و أحمّ:قدّر،فهو محموم،و حمّ كذا و أحمّه:قضاه.
و الحمام:قضاء الموت و قدره.يقال:نزل به حمامه، أي قدره و موته.
و الحمم:المنايا؛واحدتها:حمّة.
و الحميم:القرابة،و القريب الّذي تودّه و يودّك،و هو المحمّ أيضا.يقال:فلان محمّ مقرب،تشبيها بالماء الحارّ، لشدّة أواصر المودّة و استحرارها.
و الحميمة:كرام الإبل؛و الجمع:حمائم،يقال:أخذ المصدّق حمائم الإبل،أي كرائمها.
و الحامّة:خاصّة الرّجل من أهله و ولده.يقال:كيف حال الحامّة و العامّة؟و هؤلاء حامّته:أقرباؤه،و إبل حامّة:خيار.
و منه:الحمام:طائر؛واحدته:حمامة،يطلق على الذّكر و الأنثى؛و الجمع:حمام و حمائم و حمامات،سمّي بذلك إمّا لسواده،أو لشدّة حرارة جسمه.
2-و جاءت في هذه المادّة مفردات طرأ الإبدال على بعض حروفها،و الأصل فيها«الباء»أو«الجيم»أو «الهاء»،فمن إبدال«الباء»ميما قولهم:هو من حمّة نفسي،أي من حبّتها،و فلان حمّة نفسي و حبّة نفسي، و اختر حبّتك و محبّتك من النّاس و غيرهم،أي الّذي تحبّه،انظر«ح ب ب».
و من إبدال«الجيم»حاء قولهم:أحمّ الشّيء،أي دنا و حضر،و أحمّت الحاجة:دنت.قال الأصمعيّ:ما كان معناه قد حان وقوعه فهو أجمّ.
و من إبدال«الهاء»حاء قولهم:حمّني الأمر و أحمّني، أي أهمّني،و احتمّ له:اهتمّ.و الحمام:السّيّد الشّريف.قال الأزهريّ:في الأصل الهمام،فقلبت الهاء حاء.
جاء منها«حميم»أو«الحميم»19 مرّة،و«يحموم» مرّة،في 20 آية:
1- ...أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ الأنعام:70
2- ...وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ يونس:4
3- وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ* فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ* وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ* لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ
الواقعة:41-44
4- ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ* لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ* فَشارِبُونَ شُرْبَ
ص: 36
اَلْهِيمِ الواقعة:51-55
5- وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ الواقعة:92-94
6- ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ
الصّافّات:67
7- جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ* هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسّاقٌ ص:56،57
8- إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً* لِلطّاغِينَ مَآباً* لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً* لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً* إِلاّ حَمِيماً وَ غَسّاقاً النّبأ:21-25
9- اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ* إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ* فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ
المؤمن:70-72
10- كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ
الدّخان:45،46
11- ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ
الدّخان:48
12- قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ* يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ
الحجّ:19،20
13- مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ... كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ
محمّد:15
14- هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ* يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ الرّحمن:43،44
15- فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ
الشّعراء:100،101
16- ...ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ
المؤمن:18
17- فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ الحاقّة:35
18- وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً المعارج:10
19- ...اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ فصّلت:34
20- فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ* وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ
الواقعة:42،43
يلاحظ أوّلا:أنّ«حميم»جاء بمعنيين،فله محوران:
المحور الأوّل:جاء ذمّا و عقوبة في الآخرة للكافرين،في 14 آية(1-14):
الآية(1): لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ و فيها بحوث:
1-قالوا:حميم ماء حارّ يغلي قد انتهى حرّه،أو انتهى غليانه.و قال الطّبريّ:الحميم في كلام العرب هو الحارّ،و إنّما هو محموم صرف إلى«فعيل».و قال بعضهم:
و هو الماء الحارّ-بلا قيد-فيبدو أنّ له إطلاقين إلاّ أنّ المناسب لشدّة العذاب هنا و في سائر الآيات هو الأوّل.
2-قال الطّبريّ:«إنّما جعل لهؤلاء الّذين وصف صفتهم في هذه الآية شرابا من حميم،لأنّ الحارّ من الماء لا يروّي من عطش،فأخبر أنّهم إذا عطشوا في جهنّم لم يغاثوا بماء يروّيهم،و لكن بما يزيدون به عطشا على ما بهم من العطش».
ص: 37
3-قال أبو السّعود:«استئناف آخر مبيّن لكيفيّة الإبسال المذكور و عاقبته،مبنيّ على سؤال نشأ من الكلام،كأنّه قيل:ما ذا لهم حين أبسلوا بما كسبوا؟
فقيل:لهم شراب من ماء مغليّ يتجرجر في بطونهم، و تتقطّع به أمعاؤهم».
4-قد جمع اللّه فيها-و كذا في(2)-بين شراب حميم و عذاب أليم بسبب أنّهم كانوا يكفرون،أي دام كفرهم في الحياة الدّنيا إلى آخرها.
الآيات(3-5)و كلّها من سورة الواقعة،و جاء فيها (حميم)ثلاث مرّات:مرّتين نكرة،و مرّة معرفة،و فيها بحوث:
1-ذكر في(3)في وصف أصحاب الشّمال أوصافا ثلاثة: فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ، ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ، لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ:
أ-قال الطّبرسيّ(5:220 و 221):«السّموم:الرّيح الحارّة الّتي تدخل مسامّ البدن،و مسامّ البدن خروقه، و منه أخذ السّمّ الّذي يدخل في المسامّ.ثمّ قال: فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ، أي في ريح حارّة تدخل مسامّهم و خروقهم،و في ماء مغليّ حارّ انتهت حرارته».
و قال الفخر الرّازيّ(29:168):«ما الحكمة في ذكر السّموم و ترك ذكر النّار و أهوالها؟
نقول:فيه إشارة بالأدنى إلى الأعلى،فقال:هواؤهم الّذي يهبّ عليهم سموم،و ماؤهم الّذي يستغيثون به حميم،مع أنّ الهواء و الماء أبرد الأشياء.و هما أي السّموم و الهميم من أضرّ الأشياء بخلاف الهواء و الماء في الدّنيا، فإنّهما من أنفع الأشياء،فما ظنّك بنارهم الّتي هي عندنا أحرّ.
و لو قال:«هم في نار»كنّا نظنّ أنّ نارهم كنارنا،لأنّا ما رأينا شيئا أحرّ من النّار الّتي رأيناها،و لا أحرّ من السّموم،و لا أبرد من الزّلال،فقال:أبرد الأشياء لهم أحرّها،فكيف حالهم مع أحرّها».
ثمّ فسّر السّموم[لاحظ س م م]كما فسّر الحميم، و قال:«و هو الماء الحارّ،و هو«فعيل»بمعنى فاعل،من حمم الماء بكسر الميم،أو بمعنى«مفعول»من حمّ الماء إذا سخنه،و قد ذكرناه مرارا،إلاّ أنّ هاهنا لطيفة لغويّة،و هي أنّ«فعولا»لما تكرّر منه الشّيء و الرّيح لمّا كانت كثيرة الهبوب تهبّ شيئا بعد شيء خصّ(السّموم)بالفعول، و الماء الحارّ لمّا كان لا يفهم منه الورود شيئا بعد شيء لم يقل فيه(حموم)».
ب: وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ* لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ، و قد فسّره الطّبرسيّ كما يأتي،ثمّ قال في: لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ: «أي لا بارد المنزل و لا كريم المنظر»عن قتادة، و قيل:لا بارد يستراح إليه،لأنّه دخان جهنّم،و لا كريم فيشتهى مثله،و قيل:«لا منفعة فيه بوجه من الوجوه».
و العرب إذا أرادت نفي صفة الحمد عن شيء نفت عنه الكرم،لاحظ«س م م،و ك ر م».
ج:و قال الفخر الرّازيّ(29:168):«و في الأمور الثّلاثة إشارة إلى كونهم في العذاب دائما،لأنّهم إن تعرّضوا لمهبّ الهواء أصابهم الهواء الّذي هو السّموم،و إن استكنّوا كما يفعله الّذي يدفع عن نفسه السّموم بالاستكنان في الكنّ يكونوا في ظلّ من يحموم،و إن أرادوا الرّدّ عن أنفسهم السّموم بالاستكنان في مكان من
ص: 38
حميم،فلا انفكاك لهم من عذاب الحميم.
و يحتمل أن يقال فيه ترتيب،و هو أنّ السّموم يضرّ به فيعطش،و تلتهب نار السّموم في أحشائه فيشرب الماء،فيقطع أمعاءه،و يريد الاستظلال بظلّ فيكون ذلك الظّلّ ظلّ اليحموم».
2-و ذكر في(4 و 5)عقاب المكذّبين الضّالّين، تفصيلا في(4)،و إجمالا في(5):
أ-جمع اللّه في(4)للضّالّين المكذّبين بعد العذاب في الأكل و الشّرب مقدّما الأكل جريا على العادة،و مؤكّدا بأطوار من التّأكيد:ثمّ،إنّ،اللاّم،نداء البعيد(ايّها)، و الجمع بين وصفين:الضّالّون،المكذّبون.
ب-جعل أكلهم من شجر من زقّوم.و قد وصفها في الصّافّات(64-67): إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ* فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ.
ج-قد ركّز في السّورتين على الأكل من الزّقّوم حتّى يملئون البطون،تركيزا على مزيد حرصهم على الأكل من شدّة الجوع،غفلة عن طعم الزّقّوم.
د-و الأكل يستتبع العطش كما يشعر به فَشارِبُونَ عَلَيْهِ أي ترتّب الشّرب على إملاء البطون.و لهذا عقّبه في«الواقعة»بأنّهم الشّاربون مرّتين،كلاهما بصيغة الفاعل الدّالّ على الدّوام،و الحاكي عن شدّة العطش:
مرّة: فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ أي يديمون الشّرب من ماء حارّ مغليّ،حرصا على شرب الحميم، و غفلة عن أنّ الماء الحارّ يزيد في عطشهم.
و مرّة: فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ تشبيها بشرب الهيم،أي الإبل العطاش الّتي لا تروى من الماء لداء يصيبها.
كما عقّبه في الصّافّات ب ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ -و سنبحثها.-فنرى أنّه بالغ و أكّد توصيفا لأكلهم و شربهم بأنحاء من التّأكيد.
3-(5) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ:
أ-هي من آخر آيات هذه السّورة،اللاّتي أجملت و لخّصت أوصاف الأصناف الثّلاثة الّذين وصفهم قبلها تفصيلا،و هي 7 آيات من: فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ إلى تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ.
ب-(نزل)ما أعدّ للضّيف من الطّعام و الشّراب، فنزلهم من(حميم)أي من ماء حارّ مغليّ،و في كلمة(نزل) تحكّم،كأنّهم ضيوف.
ج-و تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي إدخال نار عظيمة،و هي تعبير عن مكان ضيافتهم.لاحظ«ص ل ي،و ج ح م، و ن ز ل».
د-تنكير(حميم)في الآيتين و غيرها من الآيات تعمية و تهويل ليذهب ذهن السّامع إلى كلّ مذهب ممكن،أمّا التّعريف في(4)فللعهد الذّكريّ،اعتمادا على ما في(3)فهو يجدّد تلك التّعمية و التّهويل،و يذكّر ما أفاد المنكّر،و لكنّه كرّر في آخر السّورة في(5)منكّرا لبعد العهد،فكأنّه بدأ بذكره من دون عهد،و سنبيّنه على سرّ التّعريف في الآيات(9-12).
الآية(6): ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ، و هذه آخر ما سبق من آيات الصّافّات في توصيف
ص: 39
شجرة الزّقّوم،و فيها بحوث:
1-و قد أكّد فيها أيضا مثل آيات الواقعة على أنّهم يأكلون الزّقّوم حتّى يملئون منها البطون ثمّ يتبعها بما يذكّر شربهم من دون تصريح به،و هو(أنّ لهم لشوبا من حميم).
2-قال الطّبرسيّ(4:445-447):«و الشّوب خلط الشّيء بما ليس منه،و هو شرّ منه...أي خليطا و مزاجا من ماء حارّ يمزج ذلك الطّعام بهذا الشّراب.
و قيل:إنّهم يكرهون على ذلك عقوبة لهم».
و قال الفخر الرّازيّ(26:143):«و اعلم أنّهم إذا شبعوا فحينئذ يشتدّ عطشهم و يحتاجون إلى الشّراب، فعند هذا وصف اللّه شرابهم-و ذكر الآية و قال نقلا عن الزّجّاج-:الشّوب اسم عامّ في كلّ ما خلط بغيره، و الحميم:الماء الحارّ المتناهي في الحرارة،و المعنى أنّه إذا غلبهم ذلك العطش الشّديد سقوا من ذلك الحميم، فحينئذ يشوب الزّقّوم بالحميم».
و عندنا أنّ ذكر«الشّوب»بدل«الشّرب»يشعر بأنّهم يشربون خلال الأكل فيخلط الحميم بالزّقّوم في بطونهم،و كلاهما يضاعف العطش،و لا يصبرون من شدّة العطش حتّى يشبعوا و ينتهوا من الأكل،بل يأكلون و يشربون معا،و هذا أبلغ في تصوير غلبة الجوع و العطش عليهم،و في حرصهم على الأكل و الشّرب معا.
3-كلمة(عليها)فيها أيضا-مثل ما سبق-مشعرة بأنّ الشّرب ناشئ عن الأكل،و ضمير التّأنيث راجع إلى شجرة الزّقّوم،كما في قبلها لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ أي إنّ لهم على أكلها خلطا من الحميم يشربه، لكنّه انصرف عن إرجاع الضّمير إلى«أكلها»و أرجعه إلى الشّجرة نفسها،كما انصرف عن ذكر الثّمرة إلى نفس الشّجرة مبالغة و تأكيدا.قال ابن عبّاس-و تبعه غيره-:«أي شرب الحميم على الزّقّوم».و قال السّدّيّ:
«يشاب لهم الحميم بغسّاق أعينهم،و صديد من قيحهم و دمائهم»و نحوه عن ابن زيد:و الظّاهر هو الأوّل،لعدم ذكر(الغسّاق)فيها،كما ذكر في(7 و 8)كما يأتي.
4-ذكر الفخر الرّازيّ هنا في كلمة(ثمّ)وجهين:
الأوّل:أنّ عطشهم يعظم بالأكل،و لكنّهم لا يسقون إلاّ بعد مدّة مديدة،و الغرض تكميل التّعذيب.
و الثّاني:أنّه تعالى ذكر الطّعام بتلك البشاعة و الكراهة،ثمّ وصف الشّراب بما هو أبشع منه،أي أنّ حال المشروب في البشاعة أعظم من حال المأكول.
و نقول:إنّه اتّخذ(ثمّ)في الوجه الأوّل للتّأخير في الزّمان،و في الثّاني للتّأخير في البشاعة،و كلاهما يجتمع مع ما قلناه في(الشّوب)من شراب الحميم خلال الأكل و الاختلاط بينهما،أي يغلب عليهم العطش خلال الأكل،لكنّهم يسقون بعد كلّ لقمة بفصل مدّة،أو بشرب أبشع منه.و على كلّ حال فتكرار(ثمّ)فيها: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ* ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ، يحكي عن صعوبة العمل و دوامه،ففيه تأخير بعد تأخير في الزّمان و المكان و البشاعة.
5-استفاد الفخر الرّازيّ عن ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ أنّهم حين شرب الحميم لم يكونوا في الجحيم؛ و ذلك بأن يكون الحميم من موضع خارج عن الجحيم، فهم يوردون الحميم لأجل الشّرب كما تورد الإبل إلى
ص: 40
الماء،ثمّ يوردون الجحيم.
و نقول:فأكلهم الزّقّوم أيضا و بناء على ذلك يكون قبل رجوعهم إلى الجحيم لا بعده،مع أنّ شجرة الزّقّوم تخرج من أصل الجحيم فكيف يأكلونها في خارجها مع أنّ باقي الآيات و لا سيّما الآيتان(7 و 8)و هما في وصف جهنّم مشعرة بأنّ شرب الحميم يكون في الجحيم.قال في (8): لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً* إِلاّ حَمِيماً وَ غَسّاقاً، و هذا دلّ على أنّ كلمة(ثمّ)لا تدلّ على التّأخير في الزّمان أو في المكان بل على صعوبة العمل، و الخلل فيه،فلاحظ.
الآيتان(7 و 8)و قد جاء فيهما حميم مع غسّاق، و فيهما بحوث:
1-قال الفرّاء في(7): هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسّاقٌ: «قد رفعت الحميم و الغسّاق ب(هذا)مقدّما و مؤخّرا،و المعنى:هذا حميم و غسّاق فليذوقوهما،و إن شئت جعلته مستأنفا،و جعلت الكلام قبله مكتفيا، كأنّك قلت:هذا فليذوقوه،ثمّ قلت:منه حميم،و منه غسّاق».
و قال الطّبرسيّ: «(هذا)مبتدأ و(حميم)خبره، و(غسّاق)معطوف عليه،و فَلْيَذُوقُوهُ خبر بعد خبر، و التّقدير:هذا حميم و غسّاق فليذوقوه،و يجوز أن يكون (هذا فليذوقوه)مبتدأ و خبر،و(حميم)خبر مبتدإ محذوف،أي هو حميم،و يجوز أن يكون(هذا)في موضع نصب بفعل مضمر يفسّره هذا الظّاهر»،و قال نحوهما الفخر الرّازيّ(26:221).
و نقول:لا شكّ أنّ حميما و غسّاقا مذوقان مهما كان إعراب الآية-مع ما في القولين من التّكلّف الخارج عن البلاغة-كما قال في(8) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً * إِلاّ حَمِيماً وَ غَسّاقاً أي يذوقونهما.
2-جاء فيهما يَذُوقُونَ بدل«يطعمون»،قال الطّبرسيّ:«لأنّ الذّائق يدرك الطّعم بعد طلبه،فهو أشدّ إحساسا به»،و نقول:أريد به تشديد العذاب بإحساس طعمه إحساسا بالغا.
3-الحميم فيهما:الماء الحارّ المغليّ-كما سبق-أمّا الغسّاق فاختلفوا فيه بين الماء البارد و القيح النّتن و غيرهما،كما اختلفوا في قراءته.قال الطّبرسيّ:(5:
424)نقلا عن ابن عبّاس و أبي عبيدة: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً، يريد النّوم و الماء،ثمّ قال:«و قيل:
لا يذوقون في جهنّم بردا ينفعهم من حرّها،و لا شرابا ينفعهم من عطشها عن مقاتل».لاحظ غ س ق:
«غسّاق»،و ب ر د:«بردا».
الآية(9) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ قالوا في إعراب الآية:(اذ)متعلّق ب(يعلمون)فيما قبلها فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ أي يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم.و يُسْحَبُونَ -و السّحب:الجرّ- و فيه وجهان:
الأوّل عن ابن جنّيّ،كما نقله الطّبرسيّ(4:532):
أنّه جملة فعليّة عطف على جملة اسميّة: اَلْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ أي و يسحبون السّلاسل.فجمع بين الأغلال في أعناقهم و بين السّلاسل يجرّونها على الأرض لطولها.
و الثّاني:ما قاله الطّبرسيّ أنّ يُسْحَبُونَ حال أي الأغلال في أعناقهم،و في نفس الوقت يسحبون
ص: 41
السّلاسل،فيظهر منه أيضا أنّ السّحب يكون في السّلاسل،لكنّه قال في تفسير الآية:«يسحبون في الحميم أي يجرّون في الماء الحارّ الّذي قد انتهت حرارته» فأرجع(يسحبون)-و قد ختمت به الآية رعاية للرّويّ -إلى ما بعدها،و عطف عليه ثُمَّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ.
و عليه فتكون السّلاسل عطفا على الأغلال،أي إذ الأغلال و السّلاسل في أعناقهم.
و يبدو أنّ هذا أقرب إلى الذّوق القرآنيّ؛حيث جمع بين المماثلات:بين«الأغلال و السّلاسل»و بين «يسحبون و يسجرون»أي بين السّحب في الماء و السّجر في النّار مضافا إلى أنّ الصّحيح على الوجه الأوّل أن يقرأ (يسحبون) معلوما و (السّلاسل) مفتوحا كما روي عن ابن مسعود.فاختلاف الإعراب ناشئ عن اختلاف القراءة.
و على الوجه الثّاني يوافق الفعلان(يسحبون) و(يسجرون)في البناء على المفعول.لاحظ«غ ل ل، و س ل س ل،و س ح ب،و س ج ر».
و الآيتان(10 و 11)و تمامهما: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعامُ الْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ* خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ* ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ* ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ و فيهما بحوث أيضا:
1-جاء في صدرها(الحميم)بعد شجرة الزّقّوم أيضا،كما في آيات«الصّافّات و الواقعة»بتفاوت:و هو أنّ المذكور في تلك الآيات:شرب الحميم على أكل الزّقّوم مالئون منها البطون،و في هذه الآيات بدل ذلك:
طَعامُ الْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ، فذكر الطّعام بدل الأكل،و الغلي في البطون بدل ملء البطون،فجعل الغلي مرّة للطّعام،و مرّة للحميم،أي كلّ من الطّعام و الشّراب يغلي في البطون.و بهذا يخطر بالبال الخلط و الشّوب بينهما المذكور في(6) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ.
2-جعل الطّعام فيها أيضا-كما في تلك-نفس شجرة الزّقّوم دون ثمرها مبالغة،لكنّه قيّدها ب اَلْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ، و(الاثيم)هنا صيغة مبالغة،و هو الّذي يصدر عنه الإثم كثيرا-و قالوا:أريد به أبو جهل- و(المهل):المذاب من النّحاس أو الرّصاص أو الذّهب و الفضّة أو درديّ الزّيت.لاحظ«أ ث م،و م ه ل».
3-جاء«الحميم»-و هو الماء الحارّ المغليّ-و كذا «الأكل»في الآيات السّابقة شرابا لهم بعد أن ملئوا بطونهم أكلا،من دون أن يكون لهما غليان في البطون،أمّا في هذه الآيات جعل للمأكول و المشروب الغليان في البطون،فهذا السّياق أشدّ و آكد في العذاب من تلك الآيات.
4-و جاء في ذيلها: صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ، و هذا يضاعف في عذابه؛حيث إنّه بعد أن ابتلي بغليان الزّقّوم و الحميم في بطنه زيد عذابه بصبّ الحميم فوق رأسه تعبيرا عنه ب(عذاب الحميم)كأنّهم يصبّون عليه العذاب رأسا دون الحميم،ليعذّب به.
و هذا السّياق أيضا فيه ألوان من المبالغة و التّشديد، مثل:أمر الملائكة بالصّبّ،فوق الرّأس،عذاب الحميم.
الآية(12)و تمامها: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ
ص: 42
ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ* يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ* وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ* كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ، و فيها بحوث أيضا:
1-ليس فيها ذكر عن الأكل و الشّرب و الطّعام و الغلي و غيرها سوى يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ، المذكور في(11)و لكن أضيف إليه هنا أمور كلّها يصوّر شدّة العذاب أيضا،و هي: قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ، وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ، كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها، وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ، و كلّها جديد في هذه سوى الأخيرة: ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ، فقد جاء بدلها في(11): ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ، فجاء فيهما«الذّوق»أيضا،كما جاء في(7)و(8).
2-و قد جاء في(11) عَذابِ الْحَمِيمِ و في(12) عَذابَ الْحَرِيقِ، و الحميم و الحريق متقاربان لفظا و معنى،فالأوّل:صفة للماء المغليّ،و الثّاني:صفة للنّار المشتعل.
3-و قد ذكر هنا بدل الغلي في البطون المذكور في (10) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ، قال الطّبرسيّ(4:28):«أي يذاب و ينضج بذلك الحميم ما فيها-أي في البطون-من الأمعاء و تذاب به الجلود».
لاحظ«ب ط ن،و ج ل د،و ص ه ر».
4-جاء الحميم معرّفا باللاّم في الآيات(9-12)، و ليس ذكر عنه فيما قبلها،فاللاّم فيها إمّا للعهد الذّهنيّ أو للجنس،أو للتّعظيم و التّهويل،كأنّه شيء مهيب،كما أنّ التّنكير فيه حيثما ذكر للتّعمية و التّهويل أيضا،كما سبق.
الآية(13): كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ و فيها بحوث أيضا:
1-جاء فيها لأهل النّار و هم خالدون فيها سُقُوا ماءً حَمِيماً بدل الشّرب في غيرها،كما جاء فيها:
فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ بدل يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ المذكور في(12).
2-جاء«حميم»دائما وصفا من دون ذكر الموصوف، إلاّ هنا فقد ذكرا معا ماءً حَمِيماً و هذا يفسّر سائر الآيات بأنّ المراد بها:الماء الحميم.
3-و جاء فيها ذكر(النّار)مكانا لهم،كما جاءت في (9): ثُمَّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ، و إنّما جاء في غيرهما بدل (النّار):(جهنّم)أو(جحيم)أو(الزّقّوم).نعم جاءت (النّار)في(12)جنسا للثّياب(ثياب فى النار،) لا مكانا للخالدين.
الآية(14): يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ، و فيها بحوث أيضا:
1-(ان)أصله«آنى»يقال:آن الماء،إذا انتهى في الحرّ نهايته.و هو وصف تأكيديّ ل(حميم)من غير لفظه، فإنّ«الحميم»-كما سبق-هو أيضا الماء الحارّ المغليّ البالغ نهايته.لاحظ«أ ن ي».
2- يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ دلّ على أنّهم في جهنّم لا يستقرّون في مكان واحد منها،بل يطوفون فيها من شدّة العذاب،و هم عطاشى فيفتّشون فيها عن الماء،إلاّ أنّهم في تطوافهم و تفتيشهم لا يجدون سوى ماء حميما آن،فكأنّهم يطيفون بين جهنّم و بين هذا الماء،
ص: 43
لا أنّهم يخرجون عنها و يطلبون الماء خارجها كما ربّما يستظهر من يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ.
قال الطّبرسيّ(5:206):«أي يطوفون مرّة بين الجحيم و مرّة بين الحميم،فالجحيم:النّار،و الحميم:
الشّراب،عن قتادة.و قيل:معناه أنّهم يعذّبون بالنّار مرّة و يجرعون من الحميم يصبّ عليهم،ليس لهم من العذاب أبدا فرج،عن ابن عبّاس».
و قال الفخر الرّازيّ: «قوله: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ، هو كقوله: وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ الكهف:29،و كقوله: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها السّجدة:20،لأنّهم يخرجون فيستغيثون فيظهر لهم من بعد مائع،هو صديدهم المغليّ،فيظنّونه ماء.فيردون عليه،كما يرد العطشان،فيقعون و يشربون منه شرب الهيم.فيجدونه أشدّ حرّا فيقطع أمعاءهم.كما أنّ العطشان إذا وصل إلى ماء مالح لا يبحث عنه و لا يذوقه،و إنّما يشربه عبّا فيحرق فؤاده،و لا يسكن عطشه.
و قوله:(حميم)إشارة إلى ما فعل فيه من الإغلاء، و قوله:(ان)إشارة إلى ما قبله،و هو كما يقال:قطعته فانقطع،فكأنّه حمته النّار فصار في غاية السّخونة».
و نقول:كلام هؤلاء دلّ على أنّ أهل النّار يخرجون عن الجحيم فيجدون الحميم خارجها،و ليس في الآيات ما يدلّ على خروجهم عنها،فلاحظ.
المحور الثّاني:جاء(حميم)بمعنى الصّديق 5 مرّات،في(15-19)و فيها بحوث:
1-قد سبق في الأصول اللّغويّة وجه المناسبة بين هذا المعنى و بين الماء الحارّ المغليّ،و هو شدّة القرب و الوصل.و هل هذا مجاز،أو توسعة في المعنى حتّى صار حقيقة؟و هذا هو الصّواب عندنا في تحوّل اللّغات من معنى إلى آخر لمناسبة بينهما،فلو كان مجازا ابتداء فهو حقيقة استدامة.
2-جاء(حميم)فيها منفيّا و عقوبة لأهل النّار في الآخرة،إلاّ في(19)فجاء فيها مثبتا توصية للنّبيّ عليه السّلام أو للمؤمنين عامّة على صعيد أدب العشرة مع الآخرين في المجتمع،مع تفاوت بينها من ناحية الموصوف بهذا الوصف:
أ-جاء في(15)نقلا عن أهل النّار قالُوا وَ هُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ* تَاللّهِ إِنْ كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ* وَ ما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ* فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ* فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فإنّهم يعترفون بضلالهم في عبادة الأصنام و تسويتهم إيّاها بربّ العالمين،و بأنّ المجرمين قد أضلّوهم،و في نفس الوقت يتمنّون الرّجوع إلى الدّنيا بغية للإيمان مع المؤمنين،و هم يشكون فقد الشّفيع و الصّديق هناك: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، أي صديق يهتمّ بأمرهم قريبا بهم، ليستأنسوا به و يخلصوا به عن النّار،فجاء فيها صَدِيقٍ حَمِيمٍ بعد(شافعين).
ب-و جاء في(16) ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ فجمع فيها بين(حميم)بلا موصوف و بين (شفيع)مع صفة.
ج-و جاء(حميم)في(17 و 18)بلا موصوف.
ص: 44
د-و جاء في(19): وَلِيٌّ حَمِيمٌ جمعا بين موصوف و هو(ولىّ)و صفة و هو(حميم).لاحظ«ص د ق،و ش ف ع ،و و ل ي».
و يلاحظ ثانيا:جاء منها(يحموم)أيضا(20):
وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ و فيه بحوث:
1-اختلف فيه على أقوال:هو الدّخان،أو النّار،أو سرادق النّار،أو جبل من نار،أو الشّحم المسودّ أو الظّلمة و الأسود الشّديد السّواد.قال الطّبريّ:«العرب تقول لكلّ شيء و صفته بشدّة السّواد:أسود يحموم».
و قال الفخر الرّازيّ:«و أصله من الحمم و هو الفحم، فكأنّه سواده فحم،فسمّوه باسم مشتقّ منه،و زيادة الحرف فيه لزيادة ذلك المعنى فيه،و ربّما تكون الزّيادة فيه جاءت لمعنيين:الزّيادة في سواده و الزّيادة في حرارته».
2-قال الفخر الرّازيّ: «فإن قيل:كيف وجه استعمال(من)في قوله تعالى: مِنْ يَحْمُومٍ؟
فنقول:إن قلنا:إنّه اسم جهنّم فهو لابتداء الغاية،كما تقول:جاءني نسيم من الجنّة.و إن قلنا:إنّه دخان فهو كما في قولنا:خاتم من فضّة.و إن قلنا:إنّه الظّلمة فكذلك».
3-جاء بشأن أصحاب الشّمال فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ فجمع فيها سموم و حميم و يحموم.
قال الفخر الرّازيّ: «و في الأمور الثّلاثة إشارة إلى كونهم في العذاب دائما»-و قد سبق في النّصوص ثمّ قال:
-«و يحتمل أن يقال فيه ترتيب،و هو أنّ السّموم يضرّ به فيعطش و تلتهب نار السّموم في أحشائه فيشرب الماء فيقطع أمعاءه،و يريد الاستظلال بظلّ فيكون ذلك الظّلّ ظلّ اليحموم».
و قال القرطبيّ: «أي يفزعون من السّموم إلى الظّلّ كما يفزع أهل الدّنيا فيجدونه ظلاّ من يحموم».
و قال فضل اللّه:«فليس هو الظّلّ الّذي يبعث الانتعاش في الجسم،بل هو ظلّ من الدّخان الأسود الّذي يخنق الأنفاس».
ص: 45
ص: 46
5 ألفاظ،6 مرّات:2 مكّيّتان،4 مدنيّة
في 5 سور:2 مكّيّتان،3 مدنيّة
يحمى 1:-1 حميّة 1:-1
حام 1:-1 الحميّة 1:-1
حامية 2:2
الخليل :الحمى مقصور:موضع فيه كلأ يحمى من النّاس أن يرعى.
و حميت القوم حماية و محمية.و كلّ شيء دفعت عنه فقد حميته.
و حميت من هذا الشّيء أحمى منه حميّة،أي أنفت أنفا و غضبا.
و مشى في حميّته،أي في حملته.
و إنّه لرجل حميّ:لا يحتمل الضّيم،و منه يقال:حميّ الأنف.
و حميت المريض حمية:منعته أكل ما يضرّه.
و احتمى المريض احتماء.و احتمى في الحرب،إذا حمى نفسه.
و حمي الفرس،إذا سخن و عرق،يحمى حميا،و حمى الشّدّ مثله.و الواحد منه:حمي؛و الجميع:أحماء.
و حمي الشّيء يحمى حميا،إذا سخن.
و الحامية:الحارّة.
و أحميت الحديد إحماء.و تقول:إنّ هذا الذّهب و الفضّة و نحوهما لحسن الحماء-ممدود-أي خرج من الحماء حسنا.
و الحامية:الرّجل يحمي أصحابه في الحرب.و تقول:
هو على حامية القوم،أي آخر من يحميهم في مضيّهم و انهزامهم.
و الحامية أيضا:جماعة يحمون أنفسهم.
و الحامية:الحجارة يطوى بها البئر.
و الحمّة عند العامّة:إبرة العقرب و الزّنبور و نحوهما.
ص: 47
و إنّما الحمة سمّ كلّ شيء يلدغ أو يلسع.
و الحميّا:بلوغ الخمر من شاربها.
و احمومى الشّيء فهو محموم،و احمومى اللّيل و السّحاب؛و ذلك من السّواد.و منهم من يهمز.
[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](3:312)
الكسائيّ: اشتدّ حمي الشّمس و حموها بمعنى.(الجوهريّ 6:2320)
ابن شميّل: الحوامي:عظام الحجارة و ثقالها، و الواحدة:حامية.و الحوامي:صخر عظام تجعل في مآخر الطّيّ أن ينقلع قدما،يحفرون له نقارا فيغمزونه فيها،فلا يدع ترابا و لا شيئا يدنو من الطّيّ فيدفعه.
حجارة الرّكيّة كلّها حوام،و كلّها على حذاء واحد، ليس بعضها بأعظم من بعض.(الأزهريّ 5:275)
الشّافعيّ: [في حديث]:«لا حمى إلاّ للّه و لرسوله».
كان الشّريف من العرب في الجاهليّة إذا نزل بلدا في عشيرته استعوى كلبا فحمى لخاصّته مدى عواء ذلك الكلب،فلم يرعه معه أحد،و كان شريك القوم في سائر المراتع حوله.فنهى النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أن يحمى على النّاس حمى، كما كانوا في الجاهليّة يحمون.
و قوله:«إلاّ للّه و لرسوله»،يقول:إلاّ ما يحمى لخيل المسلمين و ركابهم المرصدة لجهاد المشركين و الحمل عليها في سبيل اللّه-كما حمى عمر النّقيع لنعم الصّدقة و الخيل المعدّة في سبيل اللّه.(الأزهريّ 5:273)
أبو عمرو الشّيبانيّ: حميت لفلان:غضبت له.[ثمّ استشهد بشعر](1:167)
و الحميت:النّحي.[ثمّ استشهد بشعر](1:199)
و الحميّا:الغضب.[ثمّ استشهد بشعر](1:206)
الحوامي:ما يحميه من الصّخر؛واحدها:
حامية.(الأزهريّ 5:275)
الحميّا:شدّة الغضب.
و حميّا الكأس:سورتها.(تهذيب الألفاظ:84)
الفرّاء: اشتدّ حمو الشّمس،و حميه أكثر.
(الصّاحب 3:230)
إذا لقح ولد ولده فقد حمى ظهره،فلا يركب و لا يجزّ له وبر،و لا يمنع من مرعى.(الجوهريّ 6:2320)
أبو عبيدة :«الحميّة»يقال:حميت أنفي حميّة و محميّة،و حميت المريض حميّة،و حميت القوم العدو، و الحمى:منعتهم حماية.[ثمّ استشهد بشعر]
و أحميت الحمى:جعلته حماء لا يدخل،و أحميت الحديدة و أحميت النّار.و أحميت الرّجل:أغضبته عليّ إحماء.(2:217)
الحاميتان:ما عن يمين السّنبك و شماله.
(الأزهريّ 5:273)
أبو زيد :المحمومي:الشّديد الخضرة في سواد، و السّحاب إذا اشتدّ سواده فقد احمومى،و رأس الرّجل إذا اشتدّ سواده فقد احمومى.و إذا همز فهو من الحماء.(254)
حميت الحمى حميا:منعته،فإذا امتنع منه النّاس و عرفوا أنّه حمى قلت:أحميته.(ابن سيده 3:453)
الأصمعيّ: يقال:حمى فلان الأرض يحميها حمى، إذا منعها من أن تقرب.و يقال:أحماها إحماء،إذا جعلها حمى لا تقرب.
ص: 48
و أحميت الحديدة فأنا أحميها إحماء حتّى حميت تحمى،و كذلك حميت الشّمس تحمى حميا.
(الأزهريّ 5:274)
يقال:سارت فيه حميّا الكأس،يعني سورتها، و معنى سارت:ارتفعت إلى رأسه.(الأزهريّ 5:275)
إنّه لحامي الحميّا،أي يحمي حوزته و ما وليه.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:275)
المحمومي من السّحاب:الأسود المتراكم.
(الأزهريّ 5:276)
اللّحيانيّ: يقال:حميت في الغضب حميّا.و حميت الشّمس و النّار حميا و حميا و حموّا:اشتدّ حرّها، و أحماها اللّه.(ابن سيده 3:453)
ابن الأعرابيّ: يقال:بسمّ العقرب الحمة و الحمّة (1).
(الأزهريّ 5:276)
و الحميّ: المريض الممنوع من الطّعام و الشّراب.[ثمّ استشهد بشعر](ابن سيده 3:453)
أبو عبيد: الحميّا:دبيب الشّراب.
(الأزهريّ 5:275)
ابن السّكّيت: و يقال:الغضب الحميت:البيّن.
و الحميت:البيّن من كلّ شيء.
يقال للتّمرة إذا كانت أشدّ حلاوة من صاحبتها:هذه أحمت حلاوة من هذه.(84)
و سورة الخمر و حميّاها:شدّتها و أخذها بالرّأس.
و حميّا كلّ شيء:شدّته،و المسطار الّتي فيها حلاوة، و الحانيّة المنسوبة إلى الحانة.[و استشهد بالشّعر مرّتين](217)
أحميت المسمار إحماء فأنا أحميه.و هذا ذهب جيّد يخرج على الإحماء.و لا يقال:على الحمى،لأنّه من أحميت.
و يقال:حميت المريض و أنا أحميه من الطّعام، و حميت القوم حماية.
و حمي فلان أنفه يحميه حميّة و محمية،و فلان ذو حميّة منكرة،إذا كان ذا غضب و أنفة،و حمى أهله في القتال حماية.(الأزهريّ 5:274)
شمر:حميّا الخمر سورتها.و حميّا الشّيء:حدّته، و شدّته.و يقال:إنّه لشديد الحميّا،أي شديد النّفس.(الأزهريّ 5:275)
الحمة:السّمّ،و ناب الحيّة جوفاء،و كذلك إبرة العقرب و الزّنبور،و من وسطها يخرج السّمّ.
(الأزهريّ 5:276)
ابن قتيبة :الحام:الفحل الّذي ركب ولد ولده.
و يقال:إذا نتج من صلبه عشرة أبطن،قالوا:قد حمى ظهره،فلا يركب و لا يمنع من كلإ و لا ماء.(148)
نحوه محمّد إسماعيل إبراهيم.(147)
الحربيّ: [في حديث]:«...و موقع الغمامة المحماة...».[إلى أن قال:]
«و موقع الغمامة»:يعني السّحابة.و موقعها:مطرها، و حماه إيّاها لنعم الصّدقة و رأى أنّه جائز له.إذا رأى النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم حمى البقيع لخيل المسلمين،و حمى عمر الرّبذة لإبل الصّدقة،و كذا فعل عثمان.إنّما حمى الحمى لإبل الصّدقة،و إنّما فعل ذلك نظرا للمسلمين،لأنّ منفعة ذلكة.
ص: 49
عائد على جملة المسلمين.
و قد اعتذر عمر من حماه،و قال:لو لا ما أحمل عليه في سبيل اللّه ما حميت شبرا.و قد أمر ألاّ يمنع منه الضّعيف.
و يمنع منه القويّ،لأنّه يقدر على ما لا يقدر عليه الضّعيف.
فأمّا الحمى الّذي لا يناله النّاس و لا ينفعهم،فذلك جائز أن يحمى،لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم حمى لأبيض بن حمّال ما لا تناله أخفاف الإبل،فجعل ذلك قطيعة،إذا كانت إبل المسلمين لا تناله فيضرّ ذلك بهم،و حمى لأبي سيّارة نحلا له،لأنّها كانت له،فمنع غيره منها.
و قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«لا حمى إلاّ للّه و رسوله»فإنّما ذلك ليس بعامر إنّما هو موات،أو أرض كلإ أو ماء أو ملح،و ما النّاس فيه شركاء.فليس لأحد أن يحمي منه شيئا،و له أن يأخذ منه حاجته.فالحمى جائز للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، لأنّه لا يفعل في ذلك إلاّ ما يصلح للمسلمين و أنفع لهم.(2:358-361)
المبرّد: و قوله:يهاب حميّا،الألدّ المداعس.
فالأصل الحميّا إنّما هي صدمة الشّيء.يقال:فلان حامي الحميّا،و يقال:صدمته حميّا الكأس،يراد بذلك سورتها.(1:24)
ابن دريد :و حمى الرّجل يحميه حماية،إذا منع عنه.
و أحميت الحديد إحماء و حميت المكان،إذا منعت عنه.
و الحمى:الموضع الّذي تحميه،مقصور.
و أحميته،إذا أصبته حمى.(3:235)
و الحميّا:سورة الخمر.(3:448)
الأزهريّ: أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ؛يقال:بسمّ العقرب الحمة و الحمّة.
قلت:و لم أسمع التّشديد في الحمة لغير ابن الأعرابيّ، و لا أحسبه رواه إلاّ و قد حفظه عن العرب.(5:276)
الصّاحب:[نحو الخليل،إلاّ أنّه قال:]
و أحميت المكان:بمعنى حميته.
و تثنية الحمى:حميان و حموان.
و الحمايا:جمع الحميّة في الأنف.يقال:حمى أنفه محمية و محميّة.
و أتانا في«حمى الظّهيرة و حمّاها،أي في شدّة الحرّ.
و أتيته صكّة حمّى و عمّى،و أتيته حين اصطكّت الحميّا.
و حميت الشّمس فهي حامية،تحمى حميا و حموا و مشى في حميته،أي في حملته.
و حميّا الكأس:سورتها.
و انحمى الماء:طما؛فهو منحم.
و يقولون:حما و اللّه لا أفعل ذاك:بمعنى أما و اللّه.
و مضيت على حاميتي،أي وجهي.
و الحمى:الحمام.(3:230)
الجوهريّ: حميته حماية،إذا دفعت عنه.
و هذا شيء حمى،على«فعل»أي محظور لا يقرب.
و أحميت المكان:جعلته حمى.و في الحديث:«لا حمى إلاّ للّه و رسوله».
و سمع الكسائيّ في تثنية الحمى:حموان،قال:و الوجه حميان.
و قيل لعاصم بن ثابت الأنصاريّ: حميّ الدّبر،على «فعيل»بمعنى«مفعول».
ص: 50
و حماة المرأة:أمّ زوجها،لا لغة فيها غير هذه.
و الحامي:الفحل من الإبل الّذي طال مكثه عندهم، و منه قوله تعالى: وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ المائدة:103.
و فلان حامي الحقيقة،مثل حامي الذّمار؛و الجمع:
حماة و حامية.
و فلان حامي الحميّا،أي يحمي حوزته و ما وليه.
و حمة العقرب:سمّها و ضرّها،و أصله:حمو،أو حمي.و الهاء عوض.
و أمّا حمّة الحرّ،و هي معظمه،فبالتّشديد.
و حميّا الكأس:أوّل سورتها.
و حميت المريض الطّعام حمية و حموة.
و احتميت من الطّعام احتماء.
و حميت عن كذا حميّة بالتّشديد و محمية،إذا أنفت منه،و داخلك عار و أنفة أن تفعله.يقال:فلان أحمى أنفا و أمنع ذمارا من فلان.
و حاميت عنه محاماة و حماء.
يقال:الضّروس تحامي عن ولدها.
و حاميت على ضيفي،إذا احتفلت له.
و حمي النّهار بالكسر،و حمي التّنّور،حميا فيهما، أي اشتدّ حرّه.
و حميت عليه بالكسر:غضبت.و الأمويّ يهمزه.
و يقال:حماء لك بالمدّ،في معنى فداء لك.
و أحميت الحديد في النّار فهو محمى،و لا يقال:
حميته.
و تحاماه النّاس،أي توقّوه و اجتنبوه.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](6:2319)
أبو هلال:الفرق بين الحفظ و الحماية:أنّ الحماية تكون لما لا يمكن إحرازه و حصره مثل الأرض و البلد، تقول:هو يحمي البلد و الأرض،و إليه حماية البلد.
و الحفظ يكون لما يحرز و يحصر،و تقول:هو يحفظ دراهمه و متاعه،و لا تقول:يحمي دراهمه و متاعه،و لا يحفظ الأرض و البلد،إلاّ أن يقول ذلك عاميّ لا يعرف الكلام.(170)
الثّعالبيّ: الحميت:الزّقّ الصّغير.(58)
فصل في الحميّات،إذا أخذت الإنسان الحمّى بحرارة و إقلاق،فهي مليلة.و منها ما قيل:فلان يتململ على فراشه.
فإذا كانت مع حرّها قرّة،فهي العرواء.فإذا اشتدّت حرارتها و لم يكن معها برد،فهي صالب.إذا كانت الحمّى لا تدور بل تكون نوبة واحدة،فهي حمّى يوم.
فإذا كانت نائبة كلّ يوم،فهي الورد.
فإذا أعرقت،فهي الرّحضاء.
فإذا أرعدت،فهي النّافض.
فإذا كان معها برسام،فهي الموم فإذا لازمته الحمّى أيّاما و لم تفارقه،قيل:أردمت عليه و أغبطت.
فإذا كانت تنوب يوما و يوما لا،فهي الغبّ.فإذا كانت تنوب يوما و يومين لا،ثمّ تعود في الرّابع،فهي الرّبع.و هذه الأسماء مستعارة من أوراد الإبل.
فإذا دامت و أقلقت و لم تقلع،فهي المطبقة.فإذا قويت و اشتدّت حرارتها و لم تفارق البدن،فهي المحرقة.
فإذا دامت مع الصّداع أو الثّقل في الرّأس،و الحمرة
ص: 51
في الوجه،و كراهة الضّوء،فهي البرسام.
فإذا دامت و لم تقلع و لم تكن قويّة الحرارة و لا لها أعراض ظاهرة،مثل القلق و عظم الشّفتين،و يبس اللّسان و سواده،و انتهى الإنسان منها إلى ضنى و ذبول، فهي دقّ.(148)
الحامية:الحجارة تطوى بها البئر.(298)
ابن سيده: حمى الشّيء حميا و حمى و حماية و محمية:منعه.قال سيبويه:لا يجيء هذا الضّرب على «مفعل»إلاّ و فيه الهاء،لأنّه إن جاء على«مفعل»بغير هاء اعتلّ،فعدلوا إلى الأخفّ.و قال أبو حنيفة:حميت الأرض حميا و حميّة و حماية و حموة؛الأخيرة نادرة و إنّما هي من باب أشاوى.
و الحمية و الحمى:ما حمي من شيء،يمدّ و يقصر، و تثنيته:حميان على القياس،و حموان على غير قياس.
و كلأ حمى:محميّ.و حماه من الشّيء،و حماه إيّاه.
و حمى المريض ما يضرّه حمية:منعه إيّاه.و احتمى هو من ذلك و تحمّى،امتنع.
و حماه النّاس يحميه إيّاهم حمى و حماية:منعه.
و الحامية:الرّجل يحمي أصحابه،و هم أيضا الجماعة.
و فلان على حامية القوم،أي آخر من يحميهم في مضيّهم.
و أحمى المكان:جعله حمى لا يقرب.و أحماه:وجده حمى.
و عشب حميّ:محميّ.
و ذهب حسن الحماء:خرج من الحماء حسنا.
و حمي من الشّيء حميّة و محميّة:أنف؛و نظير المحمية المحسبة،من حسب،و المحمدة من حمد، و الموددة من ودّ،و المعصية من عصى.
و احتمى في الحرب:حميت نفسه.
و رجل حميّ:لا يحتمل الضّيم.و أنف حميّ،من ذلك.
و حمي الفرس حمى:سخن و عرق.
و حمي المسمار و غيره في النّار حميا و حموا:سخن.
و أحمى الحديدة و غيرها في النّار:أسخنها.
و الحمة:السّمّ،عن اللّحيانيّ.و قال بعضهم:هي الإبرة الّتي تضرب بها الحيّة و العقرب و الزّنبور و نحو ذلك،أو تلدغ بها؛و الجمع:حمات و حمى.
و حمة البرد:شدّته.
و الحميّا:شدّة الغضب و أوّله.
و حميّا الكأس:سورتها و شدّتها.و قيل:إسكارها و حدّتها،و أخذها بالرّأس.و حميّا كلّ شيء:شدّته.
و فعل ذلك في حميّا شبابه،أي في سورته و نشاطه.
و الحامية:الحجارة الّتي تطوى بها البئر.
و الحوامي:ميامن الحافر و مياسره.
و الحامي:الفحل من الإبل يضرب الضّراب المعدود،قيل:عشرة أبطن،فإذا بلغ ذلك قالوا:هذا حام، أي حمى ظهره،فيترك فلا ينتفع منه بشيء،و لا يمنع من ماء و لا مرعى.قال اللّه عزّ و جلّ: ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ المائدة:103، فأعلم أنّه لم يحرّم شيئا من ذلك.
و احمومى الشّيء:اسودّ كاللّيل،و السّحاب.
و قد تقدّم في الثّنائيّ إذ كان به أملك.
و حماة:موضع.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات]
ص: 52
(3:452)
الطّوسيّ: الحام:الفحل من الإبل الّذي قد حمي ظهره أن يركب بتتابع،أو لا تكون من صلبه.و كانت العرب إذا انتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا:
حمي ظهره،فلا يحمل عليه شيء،و لا يمنع من ماء و لا مرعى.(4:41)
الرّاغب: الحمي:الحرارة المتولّدة من الجواهر المحميّة،كالنّار و الشّمس،و من القوّة الحارّة في البدن قال تعالى: فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ الكهف:86،أي حارّة، و قرئ (حمئة) .و قال عزّ و جلّ: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ التّوبة:35.
و حمى النّهار،و أحميت الحديدة إحماء.
و حميّا الكأس:سورتها و حرارتها.
و عبّر عن القوّة الغضبيّة إذا ثارت و كثرت:بالحميّة، فقيل:حميت على فلان،أي غضبت عليه،قال تعالى:
حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ الفتح:26.
و عن ذلك استعير قولهم:حميت المكان حمى،و روي «لا حمى إلاّ للّه و رسوله».
و حميت أنفى محميّة و حميت المريض حميا.
و قوله عزّ و جلّ: وَ لا حامٍ المائدة:103،قيل:
هو الفحل إذا ضرب عشرة أبطن كان يقال:حمي ظهره فلا يركب...(132)
الحريريّ: يقولون:أجد حمى،و الصّواب أن يقال:
أجد حميا أو حموا،لأنّ العرب تقول لكلّ ما سخن:حمي يحمى حميا فهو حام.و منه قوله تعالى ذكره: فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ الكهف:86،و يقولون أيضا:اشتدّ حمي الشّمس و حموها،إذا عظم وهجها.[ثمّ استشهد بشعر]
(109)
الزّمخشريّ: حماه حماية،و حامى عليه،و هو يحمي أنفه و عرضه محمية و محميّة.
و فعل ذلك محميّة لعرضه.و هو حميّ الأنف،و له أنف حميّ.
و حميت المكان:منعته أن يقرب،فإذا امتنع و عزّ، قلت أحميته،أي صيّرته حمى،فلا يكون الإحماء إلاّ بعد الحماية،و لفلان حمى لا يقرب.و احتمى الرّجل من كذا:
اتّقاه.
يقال:احتميت منه و تحاميته،و هو يتحامى كما يتحامى الأجرب.
و حميت المريض الطّعام حمية.
و احتمى المريض،فهو حميّ و محتم.
و حميت القدر.
و حمي النّهار حمى شديدا و حميا.
و حمي بدن المحموم،و به حمي.و كأنّه حمي مرجل.
و أتاني في حمي الظّهيرة.
و أحميت الميسم.
و فيه حميّة و أنفة،و قد حمي من الأمر،و في بني فلان حمايا.
و قرعته حميّا الكأس،أي سورته.
و فلان يرى في النّصح حمة العقرب،و هي فوعة السّمّ و سورته.
و من المجاز:حميته أن يفعل كذا،إذا منعته.
و حمي عليه،إذا غضب،و لا تكلّمه في حميّا غضبه.
ص: 53
و أنّه لشديد الحميّا،إذا كان عزيز النّفس أبيّا.
[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](أساس البلاغة:96)
[و في حديث الدّجّال]:«و تنزع حمة كلّ دابّة».
الحمة:فوعة السّمّ،و هي حرارته و فورته،و«فعلة»من:
حمي.(الفائق 3:60)
و في حديث ابن سيرين:«أنّه نهى عن الرّقى إلاّ في ثلاث:رقية النّملة،و الحمة،و النّفس.
الحمة:السّمّ،يريد لدغ العقرب و أشباهها.
(الفائق 4:26)
الطّبرسيّ: الإحماء:جعل الشّيء حارّا في الإحساس،و هو فوق الإسخان،و ضدّه التّبريد.يقال:
حمى يحمي حمى،و أحماه غيره،و الكيّ:إلصاق الشّيء الحارّ بالعضو من البدن.(3:25)
المدينيّ: في حديث هند:«اقتلوا الحميت الأسود».الحميت:النّحي الّذي فيه السّمن و الرّبّ و نحوهما،ثمّ يستعمل في المتناهي في الخبث.
و منه حديث أبي بكر،رضى اللّه عنه:«فإذا حميت من سمن».
و قيل:هو وعاء لطيف كالعكّة و نحوها.
و الحميت في غير هذا:الصّلب من التّمر الشّديد الحلاوة.و غضب حميت:شديد.
و الحميت من كلّ شيء:البيّر المتبيّن،و إنّما سمّي النّحي حميتا،لأنّهم يربّونه بالرّبّ حتّى متن.(1:494)
ابن الأثير: في حديث أبيض بن حمّال:«لا حمى في الأراك».فقال أبيض:«أراكة في حظاري»أي في أرضي.
و في رواية أنّه سأله عمّا يحمى من الأراك،فقال:
«ما لم تنله أخفاف الإبل»معناه أنّ الإبل تأكل منتهى ما تصل إليه أخفافها،لأنّها إنّما تصل إليه بمشيها على أخوافها،فيحمى ما فوق ذلك.
و قيل:أراد أنّه يحمى من الأراك ما بعد عن العمارة، و لم تبلغه الإبل السّارحة إذا أرسلت في المرعى.
و يشبه أن تكون هذه الأراكة الّتي سأل عنها يوم إحياء الأرض و حظر عليها قائمة فيها،فملك الأرض بالإحياء،و لم يملك الأراكة.فأمّا الأراك إذا نبت في ملك رجل،فإنّه يحميه و يمنع غيره منه.
و في حديث عائشة و ذكرت عثمان:«عتبنا عليه موضع الغمامة المحماة»تريد:الحمى الّذي حماه،يقال:
أحميت المكان فهو محمى،إذا جعلته حمى.و هذا شيء حمى:أي محظور لا يقرب،و حميته حماية إذا دفعت عنه و منعت منه من يقربه.و جعلته عائشة موضعا للغمامة، لأنّها تسقيه بالمطر،و النّاس شركاء فيما سقته السّماء من الكلإ إذا لم يكن مملوكا،فلذلك عتبوا عليه.
و في حديث حنين«الآن حمي الوطيس»الوطيس:
التّنّور،و هو كناية عن شدّة الأمر و اضطرام الحرب.
و يقال:إنّ هذه الكلمة أوّل من قالها النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم لمّا اشتدّ البأس يومئذ،و لم تسمع قبله،و هي من أحسن الاستعارات.
و منه الحديث:«و قدر القوم حامية تفور»أي حارّة تغلي،يريد عزّة جانبهم و شدّة شوكتهم و حميّتهم.
و في حديث معقل بن يسار:«فحمي من ذلك أنفا، أي أخذته الحميّة،و هي الأنفة و الغيرة.و قد تكرّرت «الحميّة»في الحديث.
و في حديث الإفك:«أحمي سمعي و بصري»أي
ص: 54
أمنعهما من أن أنسب إليهما ما لم يدركاه،و من العذاب لو كذبت عليهما.(1:447)
الفيّوميّ: حميت المكان من النّاس حميا من باب «رمى»و حمية بالكسر:منعته عنهم؛و الحماية:اسم منه.
و أحميته بالألف:جعلته حمى لا يقرب و لا يجترئ عليه.[ثمّ استشهد بشعر]
و أحميته بالألف أيضا:وجدته حمى.
و تثنية الحمى:حميان بكسر الحاء على لفظ واحد و بالياء.و سمع بالواو،فيقال:حموان،قاله ابن السّكّيت.
و حميت المريض حمية و حميت القوم حماية:
نصرتهم.
و حميت الحديدة تحمى،من باب«تعب»فهي حامية،إذا اشتدّ حرّها بالنّار.و يعدّى بالهمزة،فيقال:
أحميتها فهي محماة،و لا يقال:حميتها بغير ألف.
و الحميّة:الأنفة.(1:153)
الفيروزآباديّ: حمى الشّيء يحميه حميا و حماية بالكسر،و محميّة:منعه.
و كلأ حمى كرضى:محميّ،و قد حماه حميا و حمية و حماية بالكسر،و حموة.
و حمى المريض ما يضرّه:منعه إيّاه فاحتمى، و تحمّى:امتنع.
و الحميّ كغنيّ:المريض الممنوع ممّا يضرّه،و كلّ محميّ،و من لا يحتمل الضّيم.
و الحمى ك إلى و يمدّ،و الحمية بالكسر:ما حمي من شيء.
و الحامية:الرّجل يحمي أصحابه،و الجماعة أيضا حامية.
و هو على حامية القوم،أي آخر من يحميهم في مضيّهم.
و أحمى المكان:جعله حمى لا يقرب،أو وجده حمى.
و حمي من الشّيء كرضي حميّة و محمية كمنزلة:أنف، و الشّمس و النّار حميا و حميّا و حموّا:اشتدّ حرّهما، و أحماه اللّه.و الفرس حمى:سخن و عرق،و المسمار حميا و حموّا:سخن،و أحميته.
و الحمة كثبة:السّمّ أو الإبرة يضرب بها الزّنبور و الحيّة و نحو ذلك،أو يلدغ بها؛الجمع:حماة و حمى، و شدّة البرد.
و أبو حمّة:محمّد بن يوسف الزّبيديّ معروف.
و حمة العقرب:سيف.
و الحميّا:شدّة الغضب و أوّله،و من الكأس:سورتها و شدّتها أو إسكارها أو أخذها بالرّأس،و من كلّ شيء:
شدّته،و من الشّباب:أوّله و نشاطه.
و الحامية:الأثفيّة،و الحجارة تطوى بها البئر.
و الحوامي:ميامن الحافر و مياسره.
و الحامي:الفحل من الإبل يضرب الضّراب المعدود أو عشرة أبطن.ثمّ هو حام حمى ظهره،فيترك فلا ينتفع منه بشيء،و لا يمنع من ماء و لا مرعى.
و احمومى الشّيء اسودّ كاللّيل،و السّحاب.
و هو حامي الحميّا:يحمي حوزته و ما وليه.
و حاميت عنه محاماة و حماء:منعت عنه،و على ضيفي احتفلت له،و مضيت على حاميتي وجهي.
و حميان محرّكة:جبل.و حماة:بلدة بالشّام.
ص: 55
و الحامي و المحميّ:الأسد.
و حمى و اللّه:أما و اللّه.
و تحاماه النّاس:توقّوه و اجتنبوه.
و أبو حميّة كغنيّة:محمّد بن أحمد،محدّث.
(4:321)
الطّريحيّ: في الحديث:«لم تدخل الجنّة حميّة غير حميّة حمزة»و ذلك حين أسلم غضبا للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حديث السّلى الّذي ألقي على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و حمزة هو عمّ النّبيّ.
[و الحمى ك إلى:المكان و الكلأ و الماء يحمى،أي يمنع.]
و منه«حمى السّلطان»و هو كالمرعى الّذي حماه فمنع منه،فإذا سيّب الإنسان ماشية هناك لم يؤمن عليها أن ترتع في حماه،فيصيبه من بطشه ما لا قبل له به...
و منه الحديث:«ألا و إنّ لكلّ ملك حمى ألا و إنّ حمى اللّه محارمه،فمن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه»أي قرب أن يدخله.
و مثله:«و المعاصي حمى اللّه عزّ و جلّ فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها».
و في قوله عليه السّلام:«إنّ حمى اللّه محارمه»إعلام بأنّ التّجنّب عن مقاربة حدود اللّه،و الحذر من الخوض في حماه أحقّ و أجدر من مجانبة كلّ ملك،فإنّ النّفس الأمّارة بالسّوء إذا أخطأتها السّياسة في ذلك الموطن كانت أسوء عاقبة من كلّ بهيمة خليع العذار.
و في الحديث:«جعل رسول اللّه اثني عشر ميلا حول المدينة حمى»أراد تحريم صيدها و قطع شجرها.و هذا شيء حمى على«فعل»بكسر الفاء و فتح العين،يعني محظور لا يقرب.
و قوله:«القرض حمى الزّكاة»أي حافظ لها،بمعنى إذا مات المقترض أو أعسر احتسبت عليه.
و احتمى من الطّعام:لم يقربه.و منه الحديث:
«عجبت لمن يحتمي من طعام مخافة الدّاء،كيف لا يحتمي من الذّنوب مخافة النّار؟».
و إطلاق الحمية على الذّنوب من باب المشاكلة.
(1:107)
مجمع اللّغة :حميت النّار تحمى حميا و حميّا و حموّا:اشتدّ حرّها فهي حامية.
حميت على كذا في النّار:أوقدتها له:
حماه يحميه حميا و حماية:منعه و دفع عنه،و منه سمّي الحامي.
و الحامي هو الفحل من الإبل لا يركب و لا يجزّ وبره، و كان من عادة الجاهليّة فأبطلها الإسلام.
الحميّة:الأنفة و الغيرة.(1:303)
محمود شيت:المحمّى:الأسد.
حمى الجيش الوطن:منعه و دافع عنه.
الحامي:المدافع.
الحامية:جماعة من الجيش تحمي بلدا.يقال:حامية عقرة.
الحمية:يقال:طعام الحمية:الطّعام الّذي يقدّم للمريض بمرض خاصّ في مستشفيات الجيش.
الحميّة:الأنفة.يقال:استثار حميّة رجاله.
الحماية:الدّفاع عن الجيش،و منع العدوّ من الحصول
ص: 56
على المعلومات عن العدوّ.يقال:قطعات الحماية:
المتقدّمة،و المؤخّرة،و الميمنة و الميسرة.(1:200)
المصطفويّ: التّحقيق أنّ هذه المادّة مأخوذة من مادّة حمّ مضاعفا،و قد يلحق المضاعف الإبدال،فيقال في أمللت:أمليت.
و الإبدال إلى حرف اللّين يوجب لينة في المعنى و رفعا للشّدّة.
فمعنى الحمى مطلق الحرارة،و أكثر استعماله في الحرارة و العطوفة الباطنيّة،للطافتها و لينتها.
و يدلّ على هذا الإبدال استعمال حمّ و حمى في معنى الحرارة،و في عرق الفرس،و في مفهوم الصّديق و الحامي، و غيرها.
و يرجع إلى هذا الأصل:الحمو بمعنى القرابة،لوجود العطوفة و الحماية و الحرارة بينهم.
و الحمى بمعنى موضع يحمى،لكونه مورد توجّه و علاقة مخصوصة.
و الحماية في مورد العلاقة و إعمال العطوفة و المحبّة و دفع المضرّة،و يلازمها مفهوم الغضب بالنّسبة إلى من يقابل مورد العطوفة.
و أمّا الحميّة فهي شدّة الحرارة و العلاقة و التّعصّب في الدّفاع عن نفسه،و التّأنّف و الرّفع إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ الفتح:26،فلهم التّأنّف الشّديد و الرّفع،و يقابل هذه الحالة ما يتراءى من الظّالمين في الآخرة مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ إبراهيم:43.
و أمّا الحامي فهو من قولهم:حمى التّنّور،و الفحل من الإبل إذا طالت خدمته بشرائط مخصوصة يطلقونه يأكل و يستريح فكأنّه قد انتهى في حدّة حرارة الفحولة،أو انتهى في الحماية لصاحبه،من قولهم:حميت المريض...
و تقول في الأنثى منه:حامية،أي المنتهى في الحرارة.[إلى أن قال:]
فظهر الفرق بين مادّة الحرارة العامّة و بين الحمّ و الحمى،و بين الإحراق الّذي هو فوق مرتبة الحمّ.
(2:313)
العدنانيّ: حمة العقرب:
و يخطّئون من يقول:إنّ حمة العقرب هي إبرتها الّتي تلدغ بها.و يقولون:إنّ حمة العقرب هي سمّها و ضرّها، كما قال الصّحاح و المختار.و قال الأساس:إنّها فوعة (حدّة)السّمّ و سورته.
و لكنّ«اللّسان»قال:الحمة:السّمّ،عن اللّحيانيّ.
و قال بعضهم:هي الإبرة الّتي تضرب بها الحيّة و العقرب و الزّنبور و نحو ذلك،أو تلدغ بها؛و الجمع:
حمات و حمى.
و قال اللّيث: الحمة في أفواه العامّة إبرة العقرب و الزّنبور و نحوه.
و قال ابن الأعرابيّ: يقال لسمّ العقرب:الحمة و الحمّة.و قال الأزهريّ:لم يسمع التّشديد في الحمّة إلاّ لابن الأعرابيّ.
و أضاف«التّاج»إلى ما ذكره«اللّسان»قوله:أطلق ابن الأثير كلمة الحمّة على إبرة العقرب المجاورة،لأنّ السّم يخرج منها.
و أطلق المتن و الوسيط:الحمة على:
ص: 57
سمّ كلّ ما يلدغ و يلسع.
و على الإبرة الّتي يلدغ بها و يلسع.
(معجم الأخطاء الشّائعة:70)
يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ...
التّوبة:35
ابن عبّاس: على الكنوز،و يقال:على النّار.
(157)
الطّبريّ: تدخل النّار فيوقد عليها،أي على الذّهب و الفضّة الّتي كنزوها في نار جهنّم،فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم،و كلّ شيء أدخل النّار،فقد أحمي إحماء،يقال منه:أحميت الحديدة في النّار أحميها إحماء.(10:123)
الثّعلبيّ: أي يدخل النّار مرتديا بعض الكنوز، و منه يقال:حميت الحديدة في النّار.(5:39)
الماورديّ: و إنّما غلّظه بهذا الوعيد لما في طباع النّفوس من الشّحّ بالأموال ليسهّل لهم تغليظ الوعيد إخراجها في الحقوق.(2:359)
الطّوسيّ: [نحو الطّبريّ و أضاف:]
فالهاء في قوله:(عليها)عائدة على الكنوز أو الفضّة.
و الإحماء:جعل الشّيء حارّا في الإحساس،و هو فوق الإسخان،و ضدّه التّبريد،تقول:حمي حميا و أحماه إحماء،إذا امتنع من حرّ النّار.(5:247)
الواحديّ: يقال:أحميت الحديدة في النّار إحماء، حتّى حميت حميا؛و ذلك إذا أوقدت عليها.(2:492)
البغويّ: أي:تدخل النّار فيوقد عليها،يعني الكنوز.(2:344)
الميبديّ: أي على الكنوز في نار جهنّم يوقد النّار عليها،يعني يدخل كنوزهم النّار حتّى تحمرّ و تشتدّ حرارتها.(4:127)
الزّمخشريّ: فإن قلت:ما معنى قوله: يُحْمى عَلَيْها؟ و هلاّ قيل:تحمى،من قولك:حمي الميسم و أحميته على الحديد؟
قلت:معناه أنّ النّار تحمى عليها،أي توقد ذات حمى و حرّ شديد،من قوله: نارٌ حامِيَةٌ القارعة:11،و لو قيل:يوم تحمى لم يعط هذا المعنى.
فإن قلت:فإذا كان الإحماء للنّار فلم ذكر الفعل؟
قلت:لأنّه مسند إلى الجارّ و المجرور،أصله:يوم تحمى النّار عليها،فلمّا حذفت النّار قيل: يُحْمى عَلَيْها لانتقال الإسناد عن النّار إلى(عليها)كما تقول:رفعت القصّة إلى الأمير،فإن لم تذكر«القصّة»قلت:رفع إلى الأمير.
و عن ابن عامر أنّه قرأ (تحمى) بالتّاء.(2:187)
نحوه الفخر الرّازيّ(16:48)،و النّيسابوريّ(10:
80)،و النّسفيّ(2:125)،و أبو حيّان(5:36)، و الشّوكانيّ(2:447).
ابن عطيّة: قرأ جمهور النّاس (يُحْمى) بالياء بمعنى يحمى الوقود.و قرأ الحسن بن أبي الحسن (تحمى) بالتّاء
ص: 58
من فوق،بمعنى تحمى النّار،و الضّمير في(عليها)عائد على الكنوز أو الأموال،حسبما تقدّم.(3:28)
ابن الجوزيّ: أي على الأموال.(3:430)
البيضاويّ: أي يوم توقد النّار ذات حمى شديد عليها.و أصله:«تحمى بالنّار»فجعل الإحماء للنّار مبالغة، ثمّ حذفت النّار و أسند الفعل إلى الجارّ و المجرور،تنبيها على المقصود،فانتقل من صيغة التّأنيث إلى صيغة التّذكير.
و إنّما قال:(عليها)و المذكور شيئان،لأنّ المراد بهما دنانير و دراهم كثيرة،كما قال عليّ رضى اللّه عنه:أربعة آلاف و ما دونها نفقة و ما فوقها كنز،و كذا قوله: وَ لا يُنْفِقُونَها التّوبة:34.
و قيل:الضّمير فيهما للكنوز أو للأموال،فإنّ الحكم عامّ،و تخصيصها بالذّكر لأنّهما قانون التّموّل،أو للفضّة و تخصيصها لقربها،و دلالة حكمها على أنّ الذّهب أولى بهذا الحكم.(1:414)
نحوه أبو السّعود(3:144)،و المشهديّ(4:179).
الطّبرسيّ: أي يوقد على الكنوز أو على الذّهب و الفضّة في نار جهنّم،حتّى تصير نارا.(3:26)
العكبريّ: (عليها)في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل.
و قيل:القائم مقام الفاعل مضمر،أي يحمى الوقود، أو الجمر.(2:642)
القرطبيّ: أي أوقدت عليها.و يقال:أحميته،و لا يقال:أحميت عليه.و هاهنا قال:(عليها)لأنّه جعل (على)من صلة معنى الإحماء،و معنى الإحماء:الإيقاد، أي يوقد عليها فتكوى.(8:129)
الخازن :(عليها)يعني الكنوز،فتدخل النّار فيوقد عليها حتّى تبيضّ من شدّة الحرارة.(3:72)
نحوه الشّربينيّ.(1:609)
الكاشانيّ: يوقد النّار ذات حمى شديدة على الكنوز في نار جهنّم،فتكوى بها تلك الكنوز المحماة.(2:339)
البروسويّ: يقال:حميت النّار،أي اشتدّت حرارتها،أي يوم توقد النّار الحامية،أي الشّديدة الحرارة،على تلك الدّنانير و الدّراهم.و(عليها)في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل.(3:418)
شبّر:يوقد على الكنوز أو الأموال.(3:71)
القاسميّ: أي يوقد عليها.(8:3133)
رشيد رضا :الظّرف هنا يتعلّق بقوله تعالى قبله:
بِعَذابٍ أَلِيمٍ التّوبة:34،و قد بيّنّا من قبل أنّ الأصل في البشارة الخبر المؤثّر،يظهر تأثيره في بشرة الوجه بالسّرور أو الكآبة،و لكن غلب في الأوّل،و لذلك يحمل في مثل هذا المقام على التّهكّم،و المراد به:الإنذار،أي أخبرهم بعذاب أليم يصيبهم في ذلك اليوم الّذي يحمى فيه على تلك الأموال المكنوزة في نار جهنّم،أي دار العذاب،بأن توضع و تضرم عليها النّار الحامية حتّى تصير مثلها،فهو كقوله تعالى: وَ مِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ الرّعد:17،و هو أبلغ من (يوم تحمى)،فتكون من الإحماء عليها كالميسم.
و ظاهر العبارة أنّه يحمى عليها بأعيانها،و اللّه قادر على إعادتها،و إن كان المعنى المراد من الإنذار يحصل
ص: 59
بالإحماء عليها و على مثلها،و ليس في أعيانها من المعنى و لا الحكمة ما في إعادة الأجساد.
و أمور الآخرة من عالم الغيب فلا ندرك كنهها و صفاتها من الألفاظ المعبّرة عنها،فمذهب السّلف الحقّ الإيمان بالنّصوص مع تفويض أمر الكنه و الصّفة إلى عالم الغيب سبحانه،و الواجب علينا مع الإيمان بالنّص العبرة المرادة منه في إصلاح النّفس.
و يردّ عليه أنّ هذه الأموال تفنى بخراب الدّنيا، و صيرورة الأرض بقيام السّاعة هباء منبثّا.
و يجاب عنه بما أجيب عن القول بإعادة الأجساد بأعيانها من قدرة اللّه تعالى على ذلك.(10:408)
نحوه المراغيّ.(10:111)
ابن عاشور :الحمي شدّة الحرارة.يقال:حمي الشّيء،إذا اشتدّ حرّه.
و الضّمير المجرور ب(على)عائد إلى(الذّهب و الفضّة) باعتبار أنّها دنانير أو دراهم،و هي متعدّدة.و بني الفعل للمجهول،لعدم تعلّق الغرض بالفاعل،فكأنّه قيل:يوم يحمي الحامون عليها.و أسند المبنيّ للمجهول إلى المجرور لعدم تعلّق الغرض بذكر المفعول المحميّ لظهوره؛إذ هو النّار الّتي تحمى،و لذلك لم يقرن بعلامة التّأنيث،و عدّي ب(على)الدّالّة على الاستعلاء المجازيّ،لإفادة أنّ الحمي تمكّن من الأموال،بحيث تكتسب حرارة المحميّ كلّها،ثمّ أكّد معنى التّمكّن بمعنى الظّرفيّة الّتي في قوله: فِي نارِ جَهَنَّمَ فصارت الأموال محميّة عليها النّار،و موضوعة في النّار.
و بإضافة النّار إلى(جهنّم)علم أنّ المحميّ هو نار جهنّم الّتي هي أشدّ نار في الحرارة،فجاء تركيبا بديعا من البلاغة و المبالغة في إيجاز.(10:78)
الطّباطبائيّ: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ إلى آخر الآية.إحماء الشّيء:جعله حارّا في الإحساس،و الإحماء عليه:الإيقاد ليتسخّن،و الإحماء فوق التّسخين...
و المعنى:أنّ ذلك العذاب المبشّر به في يوم يوقد على تلك الكنوز في نار جهنّم،فتكون محماة بالنّار.(9:252)
المصطفويّ: فالضّمير في(يحمى)راجع إلى العذاب المذكور قريبا منه و مفردا مذكّرا،فإنّ مادّة «حمي»قلنا:إنّ أكثر استعمالها في الحرارة المعنويّة،أي أنّ العذاب يشتدّ على هذه الذّهب و الفضّة،واقعة في نار جهنّم،أو الإحماء يقع في نار جهنّم،و الشّدّة و الحدّة في العذاب هي الإحماء.
و قد تحيّر المفسّرون في مرجع الضّمير،و أتوا بتأويلات غير صحيحة،و لا يرجع الضّمير إلى«اليوم» فإنّ المضاف لا بدّ أن يكون مغايرا بالمضاف إليه حتّى ينتسب إليه.(2:314)
مكارم الشّيرازيّ: و من نافلة القول أن نشير إلى لطيفة بلاغيّة في الآية،و هي التّعبير ب يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها أي يحمى على الذّهب و الفضّة.و التّعبير المطّرد أن يقال:يوم تحمى الفضّة أو يحمى الذّهب،لا أنّه يحمى عليه،كما يقال مثلا:يحمى الحديد في النّار.
و لعلّ هذا التّعبير يشير إلى إحراق الذّهب و الفضّة إلى درجة قصوى بحيث توضع النّار عليها؛إذ جعل الفضّة و الذّهب على النّار لا يكفي لأن تكون محرقة
ص: 60
للغاية.
فالقرآن لا يقول:يوم تحمى في نار جهنّم،بل يقول:
يُحْمى عَلَيْها أن توضع النّار عليها،لتكون في منتهى الاحتراق و الحرارة،و هذا التّعبير الحيّ يجسّد شدّة عذاب أولي الثّروة الّذين يكنزونها في يوم القيامة.
(6:42)
فضل اللّه :لتتحوّل كلّ تلك الكنوز الّتي ادّخروها و منعوها عن أهلها إلى نار تحرق الجباه و الظّهور و الجنوب.(11:102)
1- عامِلَةٌ ناصِبَةٌ* تَصْلى ناراً حامِيَةً* تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ. الغاشية:3-5
ابن مسعود:تخوض في النّار كما تخوض الإبل في الوحل.(الثّعلبيّ 10:188)
نحوه الزّمخشريّ.(4:246)
ابن عبّاس: حارّة قد انتهى حرّها.(509)
قد حميت فهي تتلظّى على أعداء اللّه.
(الواحديّ 4:474)
زيد بن عليّ: معناه حارّة.(478)
الإمام الصّادق عليه السّلام:تصلى نار الحرب في الدّنيا على عهد القائم،و في الآخرة نار جهنّم.
(العروسيّ 5:563)
الطّبريّ: ترد هذه الوجوه نارا حامية قد حميت و اشتدّ حرّها.(30:160)
الماورديّ: فإن قيل:فما معنى صفتها بالحماء و هي لا تكون إلاّ حامية و هو أقلّ أحوالها،فما وجه المبالغة بهذه الصّفة النّاقصة؟
قيل:قد اختلف في المراد بالحامية هاهنا على أربعة أوجه:
أحدها:أنّ المراد بذلك أنّها دائمة الحمى،و ليست كنار الدّنيا الّتي ينقطع حميها بانطفائها.
الثّاني:أنّ المراد بالحامية أنّها حمى يمنع من ارتكاب المحظورات و انتهاك المحارم.كما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«و إنّ لكلّ ملك حمى،و إنّ حمى اللّه محارمه،و من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه».
الثّالث:معناه أنّها تحمي نفسها عن أن تطاق ملامستها أو ترام مماسّتها كما يحمي الأسد عرينه.[ثمّ استشهد بشعر]
الرّابع:أنّها حامية ممّا غيظ و غضب،مبالغة في شدّة الانتقام،و قد بيّن اللّه ذلك بقوله: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ الملك:8.(6:258)
الطّوسيّ: أي تلزم الإحراق بالنّار الحامية الّتي في غاية الحرارة.(10:334)
نحوه القشيريّ(6:288)،و الطّبرسيّ(5:479)، و الطّباطبائيّ(20:273).
الرّاغب: أي حارّة و قرئ(حمئة).(132)
الميبديّ: أي متناهية في الحرارة.(10:469)
نحوه البيضاويّ(2:555)،و أبو السّعود(6:419)، و الكاشانيّ(5:320)،و شبّر(6:400)،و الآلوسيّ (30:112)،و المراغيّ(30:130).
ابن عطيّة: الحامية:المتوقّدة المتوهّجة.(5:473)
ص: 61
ابن عربيّ: مؤذية،مؤلمة بحسب ما تزاولها في الدّنيا من الأعمال.(2:800)
الفخر الرّازيّ: أي قد أوقدت،و أحميت المدّة الطّويلة فلا حرّ يعدل حرّها.(30:153)
نحوه القرطبيّ(20:28)،و النّسفيّ(14:351)، و الشّربينيّ(4:525)،و طنطاوي(25:144).
البروسويّ: أي متناهية في الحرّ و قد أوقدت ثلاثة آلاف سنة حتّى اسودّت،فهي سوداء مظلمة.و هو خبر آخر لوجوه.
قال السّجاونديّ: (حامية)أي دائمة الحمي،و إلاّ فالنّار لا تكون إلاّ حامية.(10:412)
ابن عاشور :وصف النّار ب(حامية)لإفادة تجاوز حرّها المقدار المعروف،لأنّ الحمي من لوازم ماهيّة النّار، فلمّا وصفت ب(حامية)كان دالاّ على شدّة الحمي،قال تعالى: نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ الهمزة:6.(30:263)
عبد الكريم الخطيب :أي تعذّب بنار حامية.و في وصف النّار بأنّها حامية إشارة إلى أنّها نار ذات صفة خاصّة،على خلاف المعهود من نار الدّنيا،فكلّ نار حامية.و هذا الوصف الوارد على النّار،يعطي وصفا جديدا لها.(15:1539)
فضل اللّه :فتلفحها بلهيبها الّذي يغشاها ليحوّلها إلى لون السّواد.(24:221)
2- وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ* نارٌ حامِيَةٌ. القارعة:11
النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:[في حديث]:«ناركم هذه الّتي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزء من حرّ جهنّم».قالوا:و اللّه إن كانت لكافية يا رسول اللّه.قال:«فإنّها فضّلت عليها بتسعة و ستّين جزء كلّها مثل حرّها».
(القرطبيّ 20:167)
ابن عبّاس: حارّة قد انتهى حرّها.(518)
نحوه الواحديّ(4:547)،و الميبديّ(10:592)، و ابن عربيّ(2:845)،و النّسفيّ(4:374)،و الخازن(7:
237)،و البروسويّ(10:501)،و طنطاوي(25:260).
الطّبريّ: يعني بالحامية:الّتي قد حميت من الوقود عليها.(30:283)
الطّوسيّ: أي هي نار حامية شديدة الحرارة.
(10:401)
نحوه الطّبرسيّ(5:532)،و القرطبيّ(20:167)، و شبّر(6:444).
الفخر الرّازيّ: و المعنى أنّ سائر النّيران بالنّسبة إليها كأنّها ليست حامية،و هذا القدر كاف في التّنبيه على قوّة سخونتها،نعوذ باللّه منها...(32:74)
نحوه النّيسابوريّ.(30:165)
البيضاويّ: أي ذات حمى.(2:573)
مثله المشهديّ.(11:501)
ابن كثير :أي حارّة شديدة الحرّ،قويّة اللّهب و السّعير.(7:357)
الشّربينيّ: خبر مبتدإ مضمر،أي الهاوية نار شديدة الحرارة.(4:580)
الآلوسيّ: و رفع(نار)على أنّها خبر مبتدإ محذوف، أي هي نار،و(حامية)نعت لها،و هو من الحمى اشتداد الحرّ.قال في القاموس:حمى الشّمس و النّار حميا و حميّا
ص: 62
و حموّا اشتدّ حرّهما.
و جعله بعضهم-على ما قيل-من حميت القدر فهي محميّة.ففسّره ب«ذات حمى»و هو كما ترى.
(30:222)
المراغيّ: أي هي نار ملتهبة يهوي فيها ليلقى جزاء ما قدّم من عمل،و ما اجترح من سيّئات.
و في هذا إيماء إلى أنّ جميع النّيران إذا قيست بها و وزنت حالها بحالها لم تكن حامية؛و ذلك دليل على قوّة حرارتها،و شدّة استعارها.(30:228)
ابن عاشور :و جملة نارٌ حامِيَةٌ بيان لجملة وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ، و المعنى:هي نار حامية.و هذا من حذف المسند إليه الّذي اتّبع في حذفه استعمال أهل اللّغة.
و وصف النّار ب(حامية)من قبيل التّوكيد اللّفظيّ، لأنّ(نار)لا تخلو عن الحمي فوصفها به وصف بما هو من معنى لفظ(نار)فكان كذكر المرادف،كقوله تعالى: نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ الهمزة:6.(30:453)
الطّباطبائيّ: أي حارّة شديدة الحرارة،و هو جواب الاستفهام في(ما هيه)و تفسير ل(هاوية).
(20:349)
فضل اللّه :أي شديدة الحرارة؛بحيث تحرق الّذين يدخلونها في كلّ ما يتحرّك فيها،أو ينطلق منها من اللّهيب المشتعل.(24:387)
ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ وَ لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ...
المائدة:103
النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:رأيت عمرو بن لحيّ بن قمعة بن خندف يجرّ قصبه في النّار،و إنّه كان أوّل من غيّر دين إسماعيل،و نصب الأوثان،و سيّب السّائبة،و بحر البحيرة،و وصل الوصيلة و حمى الحامي.
(الواحديّ 2:236)
ابن مسعود:إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا:قد حمى ظهره و سيّب لأصنامهم،فلا يحمل عليه.(الواحديّ 2:235)
نحوه ابن عبّاس(الطّبريّ 7:90)،و ابن المسيّب (الطّبريّ 7:91)،و الشّعبيّ(الطّبريّ 7:89)،و الضّحّاك (الطّبريّ 7:91)،و عطاء(أبو حيّان 4:29)،و قتادة (الطّبريّ 7:90)و السّدّيّ(236)،و ابن إسحاق(ابن العربيّ 2:702)،و ابن زيد(الطّبري 7:92)،و الشّافعيّ (أبو حيّان 4:29)،و أبو عبيدة(أبو حيّان 4:29)،و ابن قتيبة(148)،و السّجستانيّ(55)،و أبو مسلم الأصفهانيّ(الفخر الرّازيّ 12:110)،و الماورديّ(2:
74)،و الطّوسيّ(4:41)،و الثّعلبيّ(4:115)، و الزّمخشريّ(1:649)،و ابن عطيّة(2:248)،و ابن العربيّ(2:701)،و النّسفيّ(1:305)،و الخازن(2:
82)،و البيضاويّ(1:295)،و أبو السّعود(2:328)، و المشهديّ(3:210)،و البروسويّ(2:451)، و القاسميّ(6:2186)،و المراغيّ(7:43)،و عبد الكريم الخطيب(4:57).
ابن عبّاس: الحام:هو الفحل،إذا ركب ولد ولده قيل:حمى ظهره،فيترك و لا يحمل عليه شيء،و لا يركب،و لا يمنع من ماء و لا رعي،و أيّما إبل أتاها يضرب
ص: 63
فيها لم يخل بينه و بينها،فإذا أدركه الهرم أو مات أكله الرّجال و النّساء جميعا،فذاك قوله تعالى ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ (102)
الإمام الصّادق عليه السّلام:إنّ أهل الجاهليّة كانوا إذا ولدت النّاقة ولدين في بطن واحد قالوا:وصلت،فلا يستحلّون ذبحها و لا أكلها،و إذا ولدت عشرا جعلوها سائبة و لا يستحلّون ظهرها و لا أكلها.و الحام:فحل الإبل لم يكونوا يستحلّون،فأنزل اللّه عزّ و جلّ:أنّه لم يحرّم شيئا من ذاك.(الكاشانيّ 2:92)
نحوه القمّيّ من دون رواية عنه عليه السّلام.(1:188)
مالك:كان أهل الجاهليّة يعتقون الإبل و الغنم يسيّبونها،فأمّا الحامي فمن الإبل؛كان الفحل إذا انقضى ضرابه جعلوا عليه من ريش الطّواويس و سيّبوه.
(ابن العربيّ 2:701)
الفرّاء: أمّا الحامي:فالفحل من الإبل،كان إذا لقح ولد ولده حمى ظهره،فلا يركب،و لا يجزّ له وبر،و لا يمنع من مرعى،و أيّ إبل ضرب فيها لم يمنع.(1:322)
الفخر الرّازيّ: أمّا الحام فيقال:حماه يحميه،إذا حفظه.و فيه وجوه:أحدها:الفحل،إذا ركب ولد ولده قيل:حمى ظهره،أي حفظه عن الرّكوب،فلا يركب،و لا يحمل عليه،و لا يمنع من ماء و لا مرعى إلى أن يموت، فحينئذ تأكله الرّجال و النّساء.
ثانيها و ثالثها:[قول أبي مسلم و السّدّيّ و قد تقدّما]
فإن قيل:إذا جاز إعتاق العبيد و الإماء،فلم لا يجوز إعتاق هذه البهائم من الذّبح و الإتعاب و الإيلام؟
قلنا:الإنسان مخلوق لخدمة اللّه تعالى و عبوديّته،فإذا تمرّد عن طاعة اللّه تعالى عوقب بضرب الرّقّ عليه،فإذا أزيل الرّقّ عنه تفرّغ لعبادة اللّه تعالى،فكان ذلك عبادة مستحسنة.و أمّا هذه الحيوانات فإنّها مخلوقة لمنافع المكلّفين،فتركها و إهمالها يقتضي فوات منفعة على مالكها،من غير أن يحصل في مقابلتها فائدة،فظهر الفرق.
و أيضا الإنسان إذا كان عبدا فأعتق قدر على تحصيل مصالح نفسه،و أمّا البهيمة إذا أعتقت و تركت،لم تقدر على رعاية مصالح نفسها،فوقعت في أنواع من المحنة أشدّ و أشقّ ممّا كانت حال ما كانت مملوكة،فظهر الفرق.(12:
110)
نحوه النّيسابوريّ.(7:44)
أبو حيّان :الحامي:اسم فاعل من حمى،و هو الفحل من الإبل.[ثمّ ذكر الأقوال](4:29)
نحوه السّمين.(2:622)
الآلوسيّ: [نقل الأقوال ثمّ قال:]
و جمع بين الأقوال المتقدّمة في كلّ من تلك الأنواع بأنّ العرب كانت تختلف أفعالهم فيها.و المراد من هذه الجملة ردّ و إبطال لما ابتدعه أهل الجاهليّة.(7:43)
رشيد رضا :الحام:اسم فاعل من الحماية،و هو فحل الضّراب أي التّلقيح.[ثمّ ذكر بعض الأقوال و قال:]
و قد اختلفت الرّوايات في تفسير هذه الألفاظ كما ترى،و أقواها ما رواه البخاريّ و مسلم و غير واحد من رواة التّفسير المأثور عن سعيد بن المسيّب.[و قد تقدّم قوله](7:203)
عزّة دروزة :و الحام:فحل الإبل يضرب الضّراب
ص: 64
المعدود،فإذا قضاه و دعوه للطّواغيت و أعفوه من الحمل.
و في كتب التّفسير بيانات أوسع غير أنّها متغايرة، و ليس فيها ما يساعد ترجيح صورة على أخرى،فنكتفي بإيراد صورة من الصّور المرويّة عن كلّ تقليد من التّقاليد الأربعة.[ثمّ ذكر معنى البحيرة و السّائبة و قال:]
و كانوا إذا نتج من صلب فحل عشرة أبطن أو إذا ركب ولد ولده،أي صار جدّا أعفوه من الرّكوب و التّحميل،و قالوا:إنّه حمى ظهره.و هذا هو الحامي.
و كانوا يفعلون كلّ هذا بسائق فكرة دينيّة شكرا للّه أو تقرّبا إليه،لتحقيق مطالبهم و رغباتهم،فألغاه القرآن و لم يقرّه،لأنّه ليس من ورائه فائدة و مصلحة يقوم بهما أمر النّاس،كما هو الحال في التّقاليد الأخرى الّتي أبقى عليها،و علّل إبقاءها بذلك على ما مرّ شرحه في سياق الآية.93.(11:200)
ابن عاشور :[نحو ابن مسعود و مالك و أضاف:]
الظّاهر أنّه بمنزلة السّائبة لا يؤكل حتّى يموت، و ينتفع بوبره للأصنام.[ثمّ ذكر معنى السّائبة و الوصيلة](5:238)
مكارم الشّيرازيّ: «الحام»و اللّفظة اسم فاعل من مادّة«حمي»،و يطلق على الفحل الّذي يتّخذ للتّلقيح،فإذا استفيد منه في تلقيح الإناث عشر مرّات و ولدن منه،قالوا:لقد حمى ظهره،فلا يحقّ لأحد ركوبه، و من معاني«الحماية»المحافظة و الحيلولة و المنع.
هناك احتمالات أخرى وردت عند المفسّرين و في الأحاديث بشأن تحديد هذه المصطلحات الأربعة،لكن القاسم المشترك بين كلّ هذه المعاني هو أنّها تدلّ جميعا على حيوانات قدّمت خدمات كبيرة لأصحابها في «النّتاج»فكان هؤلاء يحترمونها و يطلقون سراحها لقاء ذلك.
صحيح أنّ عملهم هذا ضرب من العرفان بالجميل و مظهر من مظاهر الشّكر،حتّى نحو الحيوانات،و هو بهذا جدير بالتّقدير و الإجلال،و لكنّه كان تكريما لا معنى له لحيوانات لا تدرك ذلك.
كما كان-فضلا عن ذلك-مضيعة للمال و إتلافا لنعم اللّه و تعطيلها عن الاستثمار النّافع.ثمّ إنّ هذه الحيوانات، بسبب هذا الاحترام و التّكريم،كانت تعاني من العذاب و الجوع و العطش،لأنّه قلّما يقدم أحد على تغذيتها و العناية بها.
و لمّا كانت هذه الحيوانات كبيرة في السّنّ عادة،فقد كانت تقضي بقيّة أيّامها في كثير من الحرمان و الحاجة حتّى تموت ميتة محزنة،و لهذا كلّه وقف الإسلام بوجه هذه العادة.
إضافة إلى ذلك يستفاد من بعض الرّوايات و التّفاسير أنّهم كانوا يتقرّبون بذلك كلّه،أو بقسم منه، إلى أصنامهم،فكانوا في الواقع ينذرون تلك الحيوانات لتلك الأصنام،و لذلك كان إلغاء هذه العادات تأكيدا لمحاربة كلّ مخلّفات الشّرك.
و العجيب في الأمر،أنّهم كانوا يأكلون لحوم تلك الحيوانات إذا ما ماتت موتا طبيعيّا،و كأنّهم يتبرّكون بها،و كان هذا عملا قبيحا آخر.(4:159)
ص: 65
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ... الفتح:26
ابن عبّاس: بمنعهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه عن البيت.(434)
زيد بن عليّ عليهما السّلام:الحميّة معناه العصبيّة.(379)
الزّهريّ: كانت حميّتهم الّتي ذكر اللّه[الآية]أنّهم لم يقرّوا «بسم الله الرحمن الرحيم:» و حالوا بينهم و بين البيت.(الطّبريّ 26:103)
مقاتل:و ذلك أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قدم في ذي القعدة معتمرا و معه الهدى،فقال كفّار مكّة:قتل آباءنا و إخواننا تمّ أتانا يدخل علينا في منازلنا و نساءنا،و تقول العرب:
إنّه دخل على رغم آنافنا،و اللّه لا يدخلها أبدا علينا، فتلك الحميّة الّتي في قلوبهم.
نحوه مقاتل بن حيّان.(4:76)
الفرّاء: حموا أنفا أن يدخلوها عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فأنزل اللّه سكينته.يقول:أذهب اللّه عن المؤمنين أن يدخلهم ما دخل أولئك من الحميّة،فيعصوا اللّه و رسوله.
(3:68)
الطّبريّ: حين جعل سهيل بن عمرو في قلبه الحميّة،فامتنع أن يكتب في كتاب المقاضاة،الّذي كتب بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و المشركين: «بسم الله الرحمن الرحيم» و أن يكتب فيه:محمّد رسول اللّه،و امتنع هو و قومه من دخول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عامه ذلك.[إلى أن قال:]
و الحميّة«فعيلة»،من قول القائل:حمى فلان أنفه حميّة و محميّة.[ثمّ استشهد بشعر]
و قال: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ لأنّ الّذين فعلوا من ذلك، كان جميعه من أخلاق أهل الكفر،و لم يكن شيء منه ممّا أذن اللّه لهم به و لا أحد من رسله.(26:103)
نحوه الجصّاص(3:527)،و الثّعلبيّ(9:63)، و القشيريّ(5:430)،و البغويّ(4:242)،و الميبديّ (9:229)،و الزّمخشريّ(3:549)،و النّسفيّ(4:162)، و النّيسابوريّ(26:49)،و الخازن(6:177)،و ابن جزيّ(4:55).
السّجستانيّ: (حميّة)أنفة و غضب.(174)
أبو مسلم الأصفهانيّ: العصبيّة لآلهتهم الّتي كانوا يعبدونها من دون اللّه،و الأنفة من أن يعبدوا غيرها.(الماورديّ 5:320)
الماورديّ: [ذكر قول أبي مسلم الأصفهانيّ و الزّهريّ ثمّ أضاف:]
و يحتمل ثالثا:هو الاقتداء بآبائهم،و ألاّ يخالفوا لهم عادة،و لا يلتزموا لغيرهم طاعة،كما أخبر اللّه عنهم:
إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ الزّخرف:23.(5:320)
الطّوسيّ: فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ يعني الأنفة.ثمّ فسّر تلك الأنفة،فقال: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ، الأولى يعنى عصبيّتهم لآلهتهم من أن يعبدوا غيرها.(9:239)
الواحديّ: [ذكر قول مقاتل و أضاف:]و هي الأنفة و الإنكار،يقال:فلان ذو حميّة منكرة إذا كان ذا غضب و أنفة.(4:143)
ابن عطيّة: الحميّة:الّتي جعلوها هي حميّة أهل
ص: 66
مكّة في الصّدّ[ثمّ ذكر قول الزّهريّ و قال:]
و جعلها تعالى«حميّة جاهلية»لأنّها كانت بغير حجّة و في غير موضعها،لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لو جاءهم محاربا لعذرهم في حميّتهم،و إنّما جاء معظّما للبيت لا يريد حربا،فكانت حميّتهم جاهليّة صرفا.(5:138)
ابن الجوزيّ: الحميّة:الأنفة و الجبريّة.قال المفسّرون:و إنّما أخذتهم الحميّة حين أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم دخول مكّة،فقالوا:يدخلون علينا و قد قتلوا أبناءنا و إخواننا،فتتحدّث العرب بذلك!و اللّه لا يكون ذلك.(7:441)
الطّبرسيّ: (اذ)يتعلّق بقوله:(لعذّبنا)الفتح:25، أي لعذّبنا الّذين كفروا،و إذنا لك في قتالهم حين جعلوا في قلوبهم الأنفة الّتي تحمي الإنسان،أي حميت قلوبهم بالغصب،ثمّ فسّر تلك الحميّة فقال: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ أي عادة آبائهم في الجاهليّة أن لا يذعنوا لأحد و لا ينقادوا له؛و ذلك أنّ كفّار مكّة قالوا:قد قتل محمّد و أصحابه آباءنا و إخواننا و يدخلون علينا في منازلنا،فتتحدّث العرب أنّهم دخلوا علينا على رغم أنفنا،و اللاّت و العزّى لا يدخلونها علينا.فهذه الحميّة الجاهليّة الّتي دخلت قلوبهم.(5:126)
الفخر الرّازيّ: (اذ)يحتمل أن يكون ظرفا،فلا بدّ من فعل يقع فيه و يكون عاملا له،و يحتمل أن يكون مفعولا به.
فإن قلنا:إنّه ظرف فالعمل الواقع فيه يحتمل أن يقال:هو مذكور،و يحتمل أن يقال:هو مفهوم غير مذكور.
فإن قلنا:هو مذكور،ففيه وجهان:
أحدهما:هو قوله تعالى: وَ صَدُّوكُمْ أي و صدّوكم حين جعلوا في قلوبهم الحميّة.
و ثانيها:قوله تعالى: لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ الفتح:25،أي لعذّبناهم حين جعلوا في قلوبهم الحميّة.
و الثّاني أقرب لقربه لفظا و شدّة مناسبته معنى،لأنّهم إذا جعلوا في قلوبهم الحميّة لا يرجعون إلى الاستسلام و الانقياد،و المؤمنون لمّا أنزل اللّه عليهم السّكينة لا يتركون الاجتهاد في الجهاد،و اللّه مع المؤمنين فيعذّبونهم عذابا أليما أو غير المؤمنين.
و أمّا إن قلنا:إنّ ذلك مفهوم غير مذكور ففيه وجهان:
أحدهما:حفظ اللّه المؤمنين عن أن يطئوهم و هم الّذين كفروا الّذين جعل في قلوبهم الحميّة.
و ثانيهما:أحسن اللّه إليكم إذ جعل الّذين كفروا في قلوبهم الحميّة،و على هذا فقوله تعالى: فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ تفسير لذلك الإحسان.
و أمّا إن قلنا:إنّه مفعول به،فالعامل مقدّر تقديره:
اذكر،أي اذكر ذلك الوقت،كما تقول:أتذكر إذ قام زيد، أي أتذكر وقت قيامه كما تقول أتذكر زيدا.و على هذا يكون الظّرف للفعل المضاف إليه عاملا فيه.
و فيه لطائف معنويّة و لفظيّة:
الأولى:هو أنّ اللّه تعالى أبان غاية البون بين الكافر و المؤمن،فأشار إلى ثلاثة أشياء:
أحدها:جعل ما للكافرين بجعلهم،فقال: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا و جعل ما للمؤمنين بجعل اللّه،فقال:
ص: 67
فَأَنْزَلَ اللّهُ و بين الفاعلين ما لا يخفى.
ثانيها:جعل للكافرين الحميّة و للمؤمنين السّكينة، و بين المفعولين تفاوت،على ما سنذكره.
ثالثها:أضاف الحميّة إلى الجاهليّة و أضاف السّكينة إلى نفسه؛حيث قال:حميّة الجاهليّة،و قال:سكينته، و بين الإضافتين ما لا يذكر.
الثّانية:زاد المؤمنين خيرا بعد حصول مقابلة شيء بشيء:فعلهم بفعل اللّه و الحميّة بالسّكينة و الإضافة إلى الجاهليّة بالإضافة إلى اللّه تعالى،و ألزمهم كلمة التّقوى، و سنذكر معناه.
و أمّا اللّفظيّة فثلاث لطائف:
الأولى:قال في حقّ الكافر:(جعل)و قال في حقّ المؤمن:(انزل)،و لم يقل:خلق،و لا جعل سكينته إشارة إلى أنّ الحميّة كانت مجعولة في الحال في العرض الّذي لا يبقى،و أمّا السّكينة فكانت كالمحفوظة في خزانة الرّحمة معدّة لعباده فأنزلها.
الثّانية:قال الحميّة ثمّ أضافها بقوله: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ لأنّ الحميّة في نفسها صفة مذمومة، و بالإضافة إلى الجاهليّة تزداد قبحا،و للحميّة في القبح درجة لا يعتبر معها قبح القبائح كالمضاف إلى الجاهليّة.
الثّالثة:قوله: فَأَنْزَلْنا بالفاء لا بالواو إشارة إلى أنّ ذلك كالمقابلة...(28:101)
القرطبيّ: (الحميّة)فعيلة،و هي الأنفة.يقال:
حميت عن كذا حميّة بالتّشديد و محميّة،إذا أنفت منه و داخلك عار و أنفة أن تفعله.[ثمّ استشهد بشعر]
(16:288)
نحوه أبو حيّان.(8:99)
البيضاويّ: (الحميّة):الأنفة، حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ الّتي تمنع من الإذعان للحقّ.(2:404)
السّمين: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من(الحميّة)قبلها، و الحميّة:الأنفة من الشّيء.[ثمّ استشهد بشعر]
و هي المنع،و وزنها«فعيلة»و هو المصدر،يقال:
حميت عن كذا حميّة.(6:165)
الشّربينيّ: أي المنع الشّديد،و الإباء الّذي هو في شدّة حرّه،و نفوذه في أشدّ الأجسام كالسّمّ و النّار.[ثمّ استشهد بشعر إلى أن قال:]
حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من(الحميّة)قبلها.و وزنها «فعيلة»و هي مصدر،يقال:حميت من كذا حمية.
و حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ هي الّتي مدارها مطلق المنع،سواء كان بحقّ أم باطل،فتمنع من الإذعان للحقّ،و مبناها على التّشفّي على مقتضى الغضب لغير اللّه،فتوجب تخطّي حدود الشّرع،و لذلك أنفوا من دخول المسلمين مكّة المشرّفة لزيارة البيت العتيق الّذي النّاس فيه سواء.
(4:53)
أبو السّعود :أي الأنفة و التّكبّر متعلّق به أو بمعنى التّصيير،فهو متعلّق بمحذوف هو مفعول ثان له،أي جعلوها ثابتة راسخة في قلوبهم حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من الحميّة،أي حميّة الملّة الجاهليّة،أو الحميّة النّاشئة من الجاهليّة.(6:106)
البروسويّ: أي الأنفة و التّكبّر«فعيلة»من:حمى من كذا حميّة،إذا أنف منه.[ثمّ ذكر كلام الرّاغب و أضاف:]
ص: 68
و ذلك لأنّ في الغضب ثوران دم القلب و حرارته و غليانه.و الجارّ و المجرور إمّا متعلّق بالجعل،على أنّه بمعنى الإلقاء،أو بمحذوف و هو مفعول ثان،على أنّه بمعنى التّصيير،أي جعلوها ثابتة راسخة في قلوبهم، حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من(الحميّة)أي حميّة الملّة الجاهليّة، و هي ما كانت قبل البعثة،أو الحميّة النّاشئة من الجاهليّة الّتي تمنع إذعان الحقّ.(9:49)
المراغيّ: [نحو القرطبيّ ثمّ قال:]
و المراد بها:ثوران القوّة الغضبيّة،و حميّة الجاهليّة:
حميّة في غير موضعها،لا يؤيّدها دليل و لا برهان.
(26:108)
سيّد قطب :حميّة لا لعقيدة و لا لمنهج.إنّما هي حميّة الكبر و الفخر و البطر و التّعنّت.الحميّة الّتي جعلتهم يقفون في وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و من معه،يمنعونهم من المسجد الحرام،و يحبسون الهدي الّذي ساقوه،أن يبلغ محلّه الّذي ينحر فيه،مخالفين بذلك عن كلّ عرف،و عن كلّ عقيدة،كي لا تقول العرب:إنّه دخلها عليهم عنوة.
ففي سبيل هذه النّعرة الجاهليّة يرتكبون هذه الكبيرة الكريهة في كلّ عرف و دين،و ينتهكون حرمة البيت الحرام الّذي يعيشون على حساب قداسته، و ينتهكون حرمة الأشهر الحرم الّتي لم تنتهك في جاهليّة و لا إسلام!
و هي الحميّة الّتي بدت في تجبيههم لكلّ من أشار عليهم أوّل الأمر بخطّة مسالمة،و عاب عليهم صدّ محمّد و من معه عن بيت اللّه الحرام.
و هي كذلك الّتي تبدّت في ردّ سهيل بن عمرو لاسم الرّحمن الرّحيم،و لصفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في أثناء الكتابة.
و هي كلّها تنبع من تلك الجاهليّة المتعجرفة المتعنّتة بغير حقّ.
و قد جعل اللّه الحميّة في نفوسهم على هذا النّحو الجاهليّ،لما يعلمه في نفوسهم من جفوة عن الحقّ و الخضوع له.فأمّا المؤمنون فحماهم من هذه الحميّة، و أحلّ محلّها السّكينة،و التّقوى.(6:3329)
ابن عاشور :الحميّة:الأنفة،أي الاستنكاف من أمر،لأنّه يراه غضاضة عليه.و أكثر إطلاق ذلك على استكبار لا موجب له،فإن كان لموجب فهو إباء الضّيم.
و لمّا كان صدّهم النّاس عن زيارة البيت بلا حقّ.لأنّ البيت بيت اللّه لا بيتهم كان داعي المنع مجرّد الحميّة.قال تعالى: وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ الأنفال:34.و(جعل)بمعنى «وضع»،كقول الحريريّ في المقامة الأخيرة:«اجعل الموت نصب عينك».[ثمّ استشهد بشعر]
اَلَّذِينَ كَفَرُوا مفعول أوّل ل(جعل) و(الحميّة)بدل اشتمال من اَلَّذِينَ كَفَرُوا، و فِي قُلُوبِهِمُ في محلّ المفعول الثّاني ل(جعل)،أي تخلّقوا بالحميّة فهي دافعة بهم إلى أفعالهم،لا يراعون مصلحة و لا مفسدة،فكذلك حين صدّوكم عن المسجد الحرام.
و فِي قُلُوبِهِمُ متعلّق ب(جعل)،أي وضع الحميّة في قلوبهم.
و حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ عطف بيان للحميّة،قصد من إجماله ثمّ تفصيله تقرير مدلوله،و تأكيده ما يحصل لو قال: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ).
و إضافة الحميّة إلى الجاهليّة لقصد تحقيرها
ص: 69
و تشنيعها،فإنّها من خلق أهل الجاهليّة،فإنّ ذلك انتساب ذمّ في اصطلاح القرآن،كقوله: يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ آل عمران:154،و قوله:
أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ المائدة:50.
و يعكس ذلك إضافة السّكينة إلى ضمير اللّه تعالى إضافة تشريف،لأنّ السّكينة من الأخلاق الفاضلة فهي موهبة إلهيّة.(26:163)
الطّباطبائيّ: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بيان ل(الحميّة) و(الجاهليّة)وصف موضوع في موضع الموصوف، و التّقدير:الملّة الجاهليّة.(18:289)
مكارم الشّيرازيّ: التّعصّب،و حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ هما أكبر سدّ في طريق الكفّار.
هذه الآية تتحدّث مرّة أخرى عن مجريات الحديبيّة و تجسّم ميادين أخرى من قضيّتها العظمى.فتشير أوّلا إلى واحد من أهمّ العوامل الّتي تمنع الكفّار من الإيمان باللّه و رسوله و الإذعان و التّسليم للحقّ و العدالة،فتقول:
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ.
و لذلك منعوا النّبيّ و المؤمنين أن يدخلوا بيت اللّه و يؤدّوا مناسكهم،و ينحروا الهدي في مكّة.و قالوا لو دخل هؤلاء-الّذين قتلوا آباءنا و إخواننا في الحرب- أرضنا و ديارنا و عادوا سالمين فما عسى أن تقول العرب فينا؟!و أيّة حيثيّة و اعتبار لنا بعد؟
هذا الكبر و الغرور و الحميّة حميّة الجاهليّة منعتهم كلّها حتّى من كتابة بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بصورتها الصّحيحة،عند تنظيم معاهدة صلح الحديبيّة،مع أنّ عاداتهم و سننهم كانت تجيز العمرة و زيارة بيت اللّه للجميع،و كانت مكّة عندهم حرما آمنا حتّى لو وجد أحدهم قاتل أبيه فيها أو أثناء المناسك،فلا يناله منه سوء و أذى لحرمة البيت عنده،فهؤلاء-بهذا العمل- هتكوا حرمة بيت اللّه و الحرم الآمن و جعلوا سننهم و عاداتهم تحت أقدامهم،كما سدلوا ستارا حاجبا بينهم و بين الحقيقة أيضا،و هكذا هي آثار حميّة الجاهليّة المميتة.
و(الحميّة)في الأصل من مادّة«حمي»على وزن «حمد»و معناها الحرارة الّتي تقع من الشّمس أو النّار على جسم الإنسان و ما شاكله،و من هنا سمّيت الحمّى الّتي تصيب الإنسان،بهذا الاسم«حمّى»على وزن«كبرى».
و يقال لحالة الغضب أو النّخوة أو التّعصّب المقرون بالغضب:حميّة أيضا.
و هذه الحالة السّائدة في الأمم هي بسبب الجهل و قصور الفكر و الانحطاط الثّقافيّ خاصّة بين «الجاهليّين»و كانت مدعاة لكثير من الحروب و سفك الدّماء.
ثمّ تضيف الآية الكريمة،و في قبال ذلك فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
هذه السّكينة المولودة عن الإيمان و الاعتقاد باللّه و الاعتماد على لطفه،دعتهم إلى الاطمئنان و ضبط النّفس،و أطفأت لهب غضبهم،حتّى أنّهم قبلوا-و من أجل أن يحفظوا و يرعوا أهدافهم الكبرى-بحذف جملة بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الّتي هي رمز الإسلام في بداية الأعمال،و أن يثبتوا مكانها«بسمك اللّهمّ»الّتي هي من موروثات العرب السّابقين في أوّل المعاهدة،و حذفوا
ص: 70
حتّى لقب رسول اللّه الّتي يلي اسم محمّد صلّى اللّه عليه و آله الكريم.
و قبلوا بالعودة إلى المدينة من الحديبيّة دون أن يستجيبوا لهوى عشقهم بالبيت،و يؤدّوا مناسك العمرة.
و نحروا هديهم خلافا للسّنّة الّتي في الحجّ أو العمرة في المكان ذاته،و أحلّوا من إحرامهم دون أداء المناسك.
أجل لقد رضوا بأن يعضّوا على الأكباد،و أن يصبروا إزاء كلّ المشاكل الصّعبة،و لو كانت فيهم حميّة الجاهليّة لكان واحد من هذه الأمور الآنفة كفيلا أن يشعل الحرب بينهم في تلك الأرض.
أجل إنّ الثّقافة الجاهليّة تدعو إلى الحميّة و التّعصّب و الحفيظة الجاهليّة،غير أنّ الثّقافة الإسلاميّة تدعو إلى السّكينة و الاطمئنان و ضبط النّفس.
ثمّ يضيف القرآن في هذا الصّدد قائلا: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها.
كَلِمَةَ التَّقْوى هنا معناها روح التّقوى.و معنى الآية أنّ اللّه ألقى روح التّقوى في قلوب أولئك المؤمنين، و جعلها ملازمة لهم و معهم،كما نقرأ-في هذا المعنى-أيضا الآية:171،من سورة النّساء،في شأن عيسى بن مريم؛ إذ تقول الآية: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ.
و احتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من كَلِمَةَ التَّقْوى: ما أمر اللّه به المؤمنين في هذا الصّدد.
إلاّ أنّ المناسب هو«روح التّقوى»الّتي تحمل مفهوما تكوينيّا،و هي وليدة الإيمان و السّكينة و الالتزام القلبيّ بأوامر اللّه سبحانه،لذا ورد في بعض الرّوايات عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ المراد ب كَلِمَةَ التَّقْوى هو كلمة:لا إله إلاّ اللّه.و في رواية عن الإمام الصّادق عليه السّلام أنّه فسّرها بالإيمان.
و نقرأ في بعض خطب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قوله:«نحن كلمة التّقوى و سبيل الهدى».و شبيه بهذا التّعبير ما نقل عن الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام قوله:«و نحن كلمة التّقوى و العروة الوثقى».
و واضح أنّ الإيمان بالنّبوّة و الولاية مكمّل للإيمان بأصل التّوحيد و معرفة اللّه،لأنّهما جميعا داعيان إلى اللّه و مناديان للتّوحيد.
و على كلّ حال فإنّ المسلمين لم يبتلوا في هذه اللّحظات الحسّاسة بالحميّة و العصبيّة و النّخوة و الحفيظة، و ما كتب اللّه لهم من العاقبة المشرقة في الحديبيّة لم تمسسه نار الحميّة و الجهالة،لأنّ اللّه يقول: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها.
و بديهيّ أنّه لا ينتظر من حفنة«جماعة»خرافيّة و جاهليّة و عبدة أصنام سوى حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ غير أنّه لا ينتظر من المسلمين الموحّدين الّذين تربّوا سنين طويلة في مدرسة الإسلام مثل هذا الخلق و الطّباع الجاهليّة،و ما ينتظر منهم هو الاطمئنان و السّكينة و الوقار و التّقوى؛ و ذلك ما أظهروه في الحديبيّة،و إن كان متوقّعا من حادي الطّبع و المزاج أن يكسروا هذا السّدّ المنيع بما يحملوه من أنفسهم من ترسّبات الماضي،و أن يثيروا الضّوضاء،غير أنّ سكينة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و وقاره كانا كمثل الماء المسكوب على النّار فأطفأها.
و تختتم الآية بقوله سبحانه: وَ كانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً، فهو سبحانه يعرف نيّات الكفّار السّيّئة
ص: 71
و يعرف طهارة قلوب المؤمنين أيضا،فينزل السّكينة و التّقوى عليهم هنا و يترك أولئك في غيّهم و حميّتهم حميّة الجاهليّة،فاللّه يشمل كلّ قوم و أمّة بما تستحقّه من اللّطف و الرّحمة،أو الغضب و النّقمة.
ملاحظة:
ما هي حميّة الجاهليّة؟
قلنا:إنّ الحميّة في الأصل من مادّة«حمي»و معناها:
الحرارة،ثمّ صارت تستعمل في معنى الغضب،ثمّ استعملت في النّخوة و التّعصّب الممزوج بالغضب أيضا.
و هذه الكلمة قد تستعمل في هذا المعنى المذموم، مقرونة بالجاهليّة أو بدونها بعض الأحيان.و قد تستعمل في المدح حينا آخر،فتكون عندئذ بمعنى التّعصّب في الأمور الإيجابيّة البنّاءة.
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام حين انتقده بعض أصحابه الضّعاف المعاندين:«منيت بمن لا يطيع إذا أمرت و لا يجيب إذا دعوت أما دين يجمعكم و لا حميّة تحشمكم».
غير أنّ هذه الكلمة غالبا ما ترد في الذّمّ،كما ذكرها الإمام عليّ مرارا في خطبته القاصعة،ذامّا بها إبليس أمام المستكبرين:«صدّقه به أبناء الحميّة و إخوان العصبيّة فرسان الكبر و الجاهليّة».
و في مكان آخر من هذه الخطبة يقول محذّرا من العصبيّات الجاهليّة:«فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبيّة و أحقاد الجاهليّة.فإنّما تلك الحميّة تكون في المسلم من خطرات الشّيطان و نخواته...و نزعاته و نفثاته».
و على كلّ حال فلا شكّ أنّ وجود مثل هذه الحالة في الفرد أو المجتمع باعث على تخلّف ذلك المجتمع،و يلغي أستارا ثقيلة على العقل و الفكر الإنسانيّ،و تمنعه من الإدراك الصّحيح و التّشخيص السّالم.و ربّما تذر جميع مصالحه مع الرّياح.
و أساسا،فإنّ انتقال السّنن الخاطئة من جيل لآخر و من قوم لآخرين،هو في ظلّ هذه الحميّة المشئومة، و مقاومة الأمم للأنبياء و القادة غالبا ما تكون عن هذه السّبيل أيضا.
ينقل عن الإمام عليّ بن الحسين حين سئل عن العصبيّة أنّه قال عليه السّلام:العصبيّة الّتي يأثم عليها صاحبها أن يرى شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين،و ليس من العصبيّة أنّ يحبّ الرّجل قومه،و لكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظّلم.
إنّ خير سبيل لمقاومة هذه السّجيّة السّيّئة و النّجاة من هذه المهلكة العظمى:السّعي و الجدّ لرفع المستوى الثّقافيّ و الفكريّ،و إيمان كلّ قوم و جماعة.
و في الحقيقة إنّ القرآن عالج هذا المرض بالآية المتقدّمة،حيث يتحدّث عن المؤمنين ذوي السّكينة و التّقوى،فحيث توجد التّقوى فلا توجد حميّة الجاهليّة، و حيث توجد حميّة الجاهليّة فلا تقوى و لا سكينة.
(16:441)
فضل اللّه :(الحميّة):الأنفة و الاستكبار.[إلى أن قال:]
فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ الّتي يحرّكها الانفعال و العصبيّة و مشاعر الإخلاص للعشيرة،دون
ص: 72
أيّ وعي فكريّ يربط المشاعر الإنسانيّة و العلاقات بالقضايا الفكريّة و الرّوحيّة و المعاني الإنسانيّة...
و هذا ما جعلهم يصرّون على عدم التّنازل عن امتيازاتهم العصبيّة،و لا ينفتحون على منطق العقل و الحوار باعتباره سبيل الوصول إلى نتائج إيجابيّة في ما يختلف فيه النّاس،لكن هذه الحميّة الجاهليّة لم تخلق لدى المؤمنين ردّ فعل انفعاليّ لمراجعة الحميّة بحميّة مماثلة،بل حافظوا على هدوئهم النّفسيّ،و طمأنينتهم الرّوحيّة.(21:122)
1-الأصل في هذه المادّة:الحمى،و هو موضع فيه كلأ يمنع النّاس من الرّعي فيه،يقال:حمى فلان الأرض يحميها حميا و حمية و حموة و حماية،و أحمى المكان:
جعله حمى لا يقرب،و عشب حمى:محظور لا يقرب، يقال:حمى مكانه و أحماه.
و الحامية:حجر عظيم و ثقيل يطوى به البئر،فهو يحمي البئر من الانهيار،و الحاميتان:ما عن يمين السّنبك و شماله،فهما يحميانه من الأكال؛و الجمع:حوام.
و الحمة:السّمّ،و الإبرة الّتي تضرب بها الحيّة و العقرب و الزّنبور و نحو ذلك،أو تلدغ بها؛إذ بها تحمي نفسها،و الجمع حمات و حمى.
ثمّ توسّع فيه و استعمل في كلّ منع و شدّة،و منه قولهم:حمي النّهار و التّنّور حميّا،أي اشتدّ حرّه،و حمي المسمار و غيره في النّار حميا و حموّا:سخن،و أحميته إحماء فأنا أحميه،و أحميت الحديدة إحماء حتّى حميت تحمى،و حمي الفرس يحمى حميا و حمى:سخن و عرق.
و يقال مجازا:حمي الوطيس،أي اضطرمت الحرب، و اشتدّ الأمر.
و حمو الشّمس:حرّها؛حميت الشّمس و النّار تحمى حميا و حميّا و حموّا،أي اشتدّ حرّها،و أحماها اللّه،و اشتدّ حمي الشّمس و حموها.
و الحماية:المنع و الدّفع،يقال:حمى أهله في القتال حماية،و احتمى في الحرب:حميت نفسه،و تحاماه النّاس:
توقّوه و اجتنبوه،و حاميت عنه محاماة و حماء،يقال:
الضّروس تحامي عن ولدها.و حمى الشّيء حميا و حمى و حماية و محمية:منعه و دفع عنه.
و الحامية:الرّجل يحمي أصحابه في الحرب،يقال:
فلان على حامية القوم،أي آخر من يحميهم في انهزامهم، و فلان حامي الذّمار؛و الجمع:حماة و حامية.
و الحميّة:الأنفة و الغضب،يقال:فلان ذو حميّة منكرة،أي ذو غضب و أنفة،و حميت عليه:غضبت، و حميت عن كذا حميّة و محميّة:أنفت منه،و داخلني عار و أنفة أن أفعله،و إنّه لرجل حميّ،و حميّ الأنف:لا يحتمل الضّيم.
و الحميّا:شدّة الغضب و أوّله،يقال:إنّه لشديد الحميّا،أي شديد النّفس و الغضب،و حميّا كلّ شيء:
شدّته و حدّته؛يقال:فعل ذلك في حميّا شبابه،أي في سورته و نشاطه،و إنّه لحامي الحميّا:يحمي حوزته و ما وليه،و الحميّا:دبيب الشّراب،و حميّا الكأس:سورتها و شدّتها،يقال:سارت فيه حميّا الكأس،أي سورتها و شدّتها.
ص: 73
و الحمية:منع المريض من الطّعام،يقال:حمى المريض يحميه حمية و حموة من الطّعام،أي منعه إيّاه، و احتمى احتماء هو من ذلك،و تحمّى:امتنع،و الحميّ:
المريض الممنوع من الطّعام و الشّراب.
و منه:حمو المرأة و حموها و حماها:أبو زوجها و أخوه و من كان من قبله،لأنّهم ممّن يحمون و يدفع عنهم.يقال:
هذا حموها،و رأيت حماها،و مررت بحميها،و هذا حم،في الانفراد،و الجمع:أحماء،و الحماة:أمّ الزّوج.
2-و الحامي:الفحل من الإبل يضرب الضّراب المعدود،قيل:عشرة أبطن،فيترك فلا ينتفع منه بشيء، و لا يمنع من ماء و لا مرعى،و هي الحوامي.و نرى«الحاء» فيها مبدل من«الهاء»،فهي الهوامي،أي الإبل المهملة بلا راع.
3-و استعمل في القضاء اليوم لفظ المحامي،و هو المدافع عن أحد الخصمين،و مهنته المحاماة،يقال:
حامى المحامي عن فلان،أي دافع عنه أمام القضاء.
جاء منها«يحمى»مرّة،و«حامية»مرّتين،و«حام» مرّة،و«حميّة»مرّتين،في 5 آيات:
1-يحمى،حامية
1- يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ... التّوبة:35
2- تَصْلى ناراً حامِيَةً الغاشية:4
3- وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ* نارٌ حامِيَةٌ
القارعة:10،11
2-حام
4- ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ... المائدة:103
3-حميّة
5- إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ... الفتح:26
يلاحظ أوّلا:أنّ مشتقّات هذه المادّة جاءت على محاور ثلاثة:
المحور الأوّل:يحمى و حامية:
أ-يحمى في(1): (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها) ،و فيها بحوث:
1-قال الزّمخشريّ: «فإن قلت:فإذا كان الإحماء للنّار،فلم ذكر الفعل؟
قلت:لأنّه مسند إلى الجارّ و المجرور،أصله:يوم تحمى النّار عليها،فلمّا حذفت النّار،قيل: يُحْمى عَلَيْها لانتقال الإسناد عن النّار إلى(عليها)،كما تقول:
رفعت القصّة إلى الأمير،فإن لم تذكر القصّة،قلت:رفع إلى الأمير».
و قدّر بعضهم الوقود أو الجمر،أي يحمى الوقود أو الجمر عليها.
2-قال القرطبيّ:«يقال:أحميته،و لا يقال:أحميت عليه،و هاهنا قال:(عليها)،لأنّه جعل«على»من صلة معنى الإحماء و معنى الإحماء:الإيقاد،أي يوقد عليها فتكوى».
3-اختلف في ما يعود عليه ضمير(عليها)،أعلى الذّهب و الفضّة،أم على الأموال و الكنوز المذكوران قبلها وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ؟
ص: 74
3-اختلف في ما يعود عليه ضمير(عليها)،أعلى الذّهب و الفضّة،أم على الأموال و الكنوز المذكوران قبلها وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ؟
قيل:يعود على الذّهب و الفضّة لقربهما.قال البيضاويّ:«إنّما قال:(عليها)و المذكور شيئان،لأنّ المراد بهما دنانير و دراهم كثيرة،كما قال عليّ رضى اللّه عنه:أربعة آلاف و ما دونها نفقة،و ما فوقها كنز».
و قيل:يعود على الكنوز،قال الثّعلبيّ:«يدخل النّار مرتديا بعض الكنوز».و قال الخازن:«فيوقد عليها حتّى تبيضّ من شدّة الحرارة».
4-قرئ (تحمى) بالتّاء،أي تحمى النّار عليها،قال البيضاويّ:«أصله تحمى بالنّار،فجعل الإحماء للنّار مبالغة،ثمّ حذفت(النّار)و أسند المجرور تنبيها على المقصود،فانتقل من صيغة التّأنيث إلى صيغة التّذكير».
و نقول:يبدو أنّه قد أشكل عليهم يُحْمى عَلَيْها إذ جاء فيها(يحمى)مبنيّا للمفعول مذكّرا مع أنّ النّار مؤنّثة و(عليها)مع أنّه يقال:أحميت النّار و لا يقال:
أحميت عليها؟فعالجها كلّ منهم بطريقة لا يخلو شيء منها من تكلّف،فإنّ(النّار)ذكرت بعدها: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ و لا يصحّ(تحمى النّار عليها في نار جهنّم) فاكتفى عن ذكرها في(يحمى)ب نارِ جَهَنَّمَ بعدها، و المعنى يحمى حمى شديدا واقعا على الأموال و الذّهب و الفضّة في نار جهنّم أي تقع الحرارة عليها و تحيط بها من قبل نار جهنّم المحيطة بها.
ففيه معنى الإسخان و الإحماء أي إيجاد الحرارة دون الإيقاد.كما قال ابن عاشور:«الحمي:شدّة الحرارة يقال:
حمي الشّيء إذا اشتدّ حرّه...و عدّي ب(على)الدّالّة على الاستعلاء المجازيّ لإفادة أنّ الحمي تمكّن من الأموال بحيث تكتسب حرارة الحمّى كلّها،ثمّ أكّد معنى التّمكّن بمعنى الظّرفيّة فِي نارِ جَهَنَّمَ... أي شديدة الحرارة» و قريب منه كلام المصطفويّ و هذه نظير تَصْلى ناراً حامِيَةً. لاحظ ج ب ه،و ج ن ب.
ب-حامية في(2): تَصْلى ناراً حامِيَةً، و فيها بحوث:
1-قالوا في ناراً حامِيَةً في الآيتين(2 و 3):نارا حارّة قد انتهى حرّها،اشتدّ حرّها،دائمة الحمى،ليست كنار الدّنيا الّتي ينقطع حميها بانطفائها،الّتي هي في غاية الحرارة،المتوقّدة المتوهّجة،مؤذية مؤلمة،بحسب ما تزاولها في الدّنيا من الأعمال،قد أوقدت و أحميت المدّة الطّويلة،فلا حرّ يعدل حرّها،تجاوز حرّها المقدار المعروف،لأنّ«الحمي»من لوازم ماهيّة النّار،فلمّا وصفت ب(حامية)كان دالاّ على شدّة الحمى،قال تعالى:
نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ الهمزة:6،إشارة إلى أنّها نار ذات صفة خاصّة،على خلاف المعهود من نار الدّنيا.
و هذا الوصف يعطي وصفا جديدا لها،الّتي قد حميت من الوقود عليها،سائر النّيران بالنّسبة إليها،كأنّها ليست حامية.و هذا القدر كاف في التّنبيه على قوّة سخونتها،شديدة الحرارة قويّة اللّهب و السّعير،نار ملتهبة.
و فيه إيماء إلى أنّ جميع النّيران إذا قيست بها و وزنت و قارنت حالها بحالها لم تكن حامية،و ذلك دليل على قوّة حرارتها و شدّة إسعارها.
وصف النّار ب(حامية)من قبيل التّوكيد اللّفظيّ،لأنّ النّار لا تخلو عن الحمى فوصفها به وصف بما هو من معنى
ص: 75
لفظ«نار»فكان كذكر المرادف ك نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ، شديدة الحرارة بحيث تحرق الّذين يدخلونها في كلّ ما تتحرّك فيها أو ينطق منها من اللّهيب المشتعل.
و هذه كلّها تعبير عن شدّة حرارتها في تفسير «الحامية».
و ذكر الماورديّ وجوها أخرى كلّها تحكي عن أنّ «الحامية»مأخوذة عن«الحمى»بمعنى المنع،لأنّها تمنع من ارتكاب المحظورات و انتهاك المحارم،كما جاء في الحديث:«حمى اللّه محارمه».أو تحمي نفسها عن أن تطاق ملامستها،أو ترام مماسّتها،كما يحمي الأسد عرينه، أو أنّها حامية ممّا غيظ و غضب،مبالغة في شدّة الانتقام، كما قال تعالى: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ الملك:8.
و الظّاهر هو الأوّل،أي شدّة الحرارة دون الحمى.
و قال ابن عاشور:و جعله بعضهم على ما قيل:من حميت القدر فهي محميّة،ففسّره ب«ذات حمى»و هو كما ترى.
كما روى البروسويّ عن السّجاونديّ أنّه قال:
«دائمة الحمي،و إلاّ فالنّار لا تكون إلاّ حامية».
و صياغة اللّغة تنبئ بذلك،لأنّ اسم الفاعل مشتق من فعل الحال الّذي يدلّ على الدّوام و الاستمرار.
2-قال الرّاغب:«قرئ: (حمئة) ».و هي إمّا على لغة من يهمز الواو و الياء،و إمّا على أصلها من(ح م أ)،انظر قوله تعالى: تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ الكهف:86،من(ح م أ).
3-قالوا في(3) نارٌ حامِيَةٌ: خبر مبتدإ محذوف، و هي بيان ل وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ، و المعنى:هي نار حامية،و هذا من حذف المسند إليه الّذي اتّبع في حذفه استعمال أهل اللّغة.قاله ابن عاشور.
و قال الطّباطبائيّ: «و هو جواب الاستفهام في (ما هيه)و تفسير ل(هاوية)».
المحور الثّاني:الحامي
الآية(4): وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ و فيها بحوث:
1-اختلف فيه على أقوال،فقيل:هو الفحل إذا لقح ولد ولده،أو ينتج من صلبه عشرة أبطن،فيظهر من بين أولاده عشر إناث من بناته و بنات بناته،أو ينتج له سبع إناث متواليات،أو يضرب في الإبل عشر سنين.و قيل:
هي النّاقة إذا أنتجت عشرة أبطن.
و قال الآلوسيّ: «و جمع بين الأقوال المتقدّمة في كلّ من تلك الأنواع بأنّ العرب كانت تختلف أفعالهم فيها».
2-فقد اتّفقت كلمتهم على أنّ(حام)من«الحمي» بمعنى المنع،دون«الحمى»بمعنى شدّة الحرارة.
3-قال الفخر الرّازيّ: «فإن قيل:إذا جاز إعتاق العبيد و الإماء،فلم لا يجوز إعتاق هذه البهائم من الذّبح و الإتعاب و الإيلام؟
قلنا:الإنسان مخلوق لخدمة اللّه تعالى و عبوديّته،فإذا تمرّد عن طاعة اللّه تعالى،عوقب بضرب الرّقّ عليه،فإذا أزيل الرّقّ عنه،تفرّغ لعبادة اللّه تعالى،فكان ذلك عبادة مستحسنة.
و أمّا هذه الحيوانات فإنّها مخلوقة لمنافع المكلّفين، فتركها و إهمالها يقتضي فوات منفعة على مالكها،من غير أن يحصل في مقابلتها فائدة،فظهر الفرق.
و أيضا الإنسان إذا كان عبدا فأعتق،قدر على
ص: 76
تحصيل مصالح نفسه،و أمّا البهيمة إذا أعتقت و تركت،لم تقدر على رعاية مصالح نفسها،فوقعت في أنواع من المحنة،أشدّ و أشقّ ممّا كانت حال ما كانت مملوكة،فظهر الفرق».
4-إن قيل:لم ألغى الإسلام عادة أهل الجاهليّة في تسبيبهم الحامي من الإبل،و هو ضرب من الاعتراف بالجميل و رفق بالحيوان،كما تناوي به بعض الجمعيّات في عصرنا هذا؟
قلنا:إنّ تلك العادة تقضي بهدر الثّروة و الإضرار بالاقتصاد و تعطيل الأعمال.ثمّ إنّ هذا الإجلال و التّقدير لبهيمة لا تعي و لا تدرك،لضرب من الجهل و النّزق.و قد أقدمت البحريّة الدّنماركيّة في الآونة الأخيرة على هذا النّمط من العمل الجاهليّ،فأثار عجب شعوب العالم و سخريّتها بحكومة الدّنمارك و جيشها؛إذ كرّمت بطريقا، طائر القطب المعروف!فمنحته رتبة عقيد،و أحالته على التّقاعد خلال استعراض عسكريّ!فأصبح مسيّبا طليقا كالحامي عند الجاهليّة البائدة!
المحور الثّالث:الحميّة
الآية(5): فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ، و فيها بحوث أيضا:
1-الحميّة:الأنفة و الغضب-كما تقدّم في اللّغة و قال بعضهم:العصبيّة و الجبريّة و الإباء و ثوران القوّة الغضبيّة و نحوها،و كلّها لازم الأنف،و هي في«الحمي»بمعنى المنع-و أوّلت هنا بعدم إقرار المشركين قول: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، و«محمّد رسول اللّه».أو العصبيّة لآلهتهم دون عبادة غيرها،أو الاقتداء بآبائهم في عاداتهم و تقاليدهم.
2-قال الفخر الرّازيّ:«فيه لطائف معنويّة و لفظيّة، الأولى:هو أنّ اللّه تعالى أبان غاية البون بين الكافر و المؤمن،فأشار إلى ثلاثة أشياء:
أحدها:جعل ما للكافرين بجعلهم،فقال: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا، و جعل ما للمؤمنين بجعل اللّه،فقال:
فَأَنْزَلَ اللّهُ، و بين الفاعلين ما لا يخفى.
ثانيها:جعل للكافرين الحميّة و للمؤمنين السّكينة، و بين المفعولين تفاوت...
ثالثها:أضاف الحميّة إلى الجاهليّة،و أضاف السّكينة إلى نفسه؛حيث قال: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ، و قال:
(سكينته)،و بين الإضافتين ما لا يذكر.
الثّانية:زاد المؤمنين خيرا بعد حصول مقابلة شيء بشيء،فعلهم بفعل اللّه،و الحميّة بالسّكينة،و الإضافة إلى الجاهليّة بالإضافة إلى اللّه تعالى،و ألزمهم كلمة التّقوى...
و أمّا اللّفظيّة فثلاث لطائف:
الأولى:قال في حقّ الكافر:(جعل)،و قال في حقّ المؤمن:(انزل)،و لم يقل:خلق،و لا جعل سكينته،إشارة إلى أنّ الحميّة كانت مجعولة في الحال في العرض الّذي لا يبقى.و أمّا السّكينة فكانت كالمحفوظة في خزانة الرّحمة، معدّة لعباد،فأنزلها.
الثّانية:قال:(الحميّة)ثمّ أضافها بقوله: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ، لأنّ الحميّة في نفسها صفة مذمومة، و بالإضافة إلى الجاهليّة تزداد قبحا،و للحميّة في القبح درجة لا يعتبر معها قبح القبائح،كالمضاف إلى الجاهليّة.
3-هل الحميّة ممقوتة مطلقا؟يظهر من الأحاديث
ص: 77
و الأخبار أنّ الحميّة في الإسلام مستحبّة إن كانت غيرة على الدّين،و تقوم على دليل و حجّة.و لذا بيّن اللّه تعالى حميّة المشركين بقوله: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ، قال الشّربينيّ:
«هي الّتي مدارها مطلق المنع،سواء كان بحقّ أم باطل، فتمنع من الإذعان للحقّ،و مبناها على التّشفّي على مقتضى الغضب لغير اللّه،فتوجب تخطّي حدود الشّرع».
و يلاحظ ثانيا:استعملت مشتقّات هذه المادّة في الجانب السّلبيّ،فالفعل(يحمى)و اسم الفاعل(حامية) وصف بهما نار جهنّم و عذابها،و(حام)و(الحميّة)من عادات الجاهليّين،و هم أهل النّار و وقودها.
و جاءت من كلّ من المحاور الثّلاث آية مدنيّة، و اختصّت آيتان مكّيّتان بالمحور الأوّل فقط.
ص: 78
لفظان،مرّتان،في سورتين مكّيّتين
تحنث 1:1 الحنث 1:1
الخليل :الحنث:الذّنب العظيم،و يقال:بلغ الغلام الحنث،أي بلغ مبلغا جرى عليه القلم في المعصية و الطّاعة.و الحنث،إذا لم يبرّ بيمينه،و قد حنث يحنث.(3:206)
ابن شميّل: في الحديث:«من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث،دخل من أيّ أبواب الجنّة شاء».
معناه:قبل أن يبلغوا فيكتب عليهم الإثم،و الحنث:
الإثم،و حنث في يمينه،أي أثم.
على فلان يمين قد حنث فيها،و عليه أحناث كثيرة.(الأزهريّ 4:481)
ابن الأعرابيّ: في حديث:«إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان قبل أن يوحى إليه يأتي حراء،و هو جبل بمكّة فيه غار،فكان يتحنّث فيه اللّيالي».
قوله:«يتحنّث»،أي يفعل فعلا يخرج به من الحنث و هو الإثم.و يقال:هو يتحنّث،أي يتعبّد للّه.و للعرب أفعال تخالف معانيها ألفاظها،يقال:فلان يتنجّس،إذا فعل فعلا يخرج به من النّجاسة.
كما يقال:فلان يتأثّم و يتحرّج،إذا فعل فعلا يخرج به من الإثم و الحرج.
و قولهم:بلغ الغلام الحنث،أي الإدراك و البلوغ.
و الحنث في غير هذا:الرّجوع في اليمين.
الحنث:الحلم،و الحنث:الشّرك.قال اللّه تعالى:
وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ الواقعة:46.[ثمّ استشهد بشعر]
و الحنث:حنث اليمين،إذا لم تبرّ.
(الأزهريّ 4:480)
ابن دريد :الحنث من حنث اليمين،و يقال:حنث الرّجل يحنث حنثا،و أحنثته أنا إحناثا.و المحانث:مواقع الحنث.(2:35)
ص: 79
الأزهريّ: و في الحديث:«اليمين حنث أو مندمة».
يقول:إمّا أن يندم على ما حلف عليه،أو يحنث، فتلزمه الكفّارة...
و قال خالد بن جنبة:الحنث:أن يقول الإنسان غير الحقّ...
و الحنث:الميل من باطل إلى حقّ،و من حقّ إلى باطل.
يقال:قد حنثت،أي ملت إلى هواك عليّ،و قد حنثت مع الحقّ على هواك.
و روي عن حكيم بن حزام أنّه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«أ رأيت أمورا كنت أتحنّث بها في الجاهليّة من صلة رحم و صدقة،هل لي فيها من أجر؟فقال له عليه السّلام:أسلمت على ما سلف لك من خير».
يريد بقوله:«كنت أتحنّث»،أي أتعبّد و ألقي بها الحنث،و هو الإثم،عن نفسي.
و يقال للشّيء الّذي يختلف فيه النّاس فيحتمل وجهين:محلف،و محنث.(4:480)
الصّاحب:الحنث:ذنب عظيم.
و حنث في يمينه؛إذا لم يبررها.
و تحنّث الرّجل و تحنّف،أي تعبّد و اعتزل.
و التّحنّث:إلقاء الحنث عن النّفس.
و كلّ شيء يختلف فيه عند العرب فهو:محنث و محلف.(3:75)
الخطّابيّ: في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال:«لا تزال هذه الأمّة على شريعة ما لم يظهر فيهم ثلاث:ما لم يقبض منهم العلم،و يكثر فيهم أولاد الخبث،-أو قال:-ولد الحنث،و يظهر فيهم السّقّارون...»
و أمّا أولاد الحنث،فهم الّذين ولدوا لغير رشدة.
و أصل الحنث:الذّنب العظيم.و منه قيل:بلغ الغلام الحنث،أي صار إلى حدّ يجري عليه القلم و يؤاخذ بالذّنوب.
و ذكر ابن لنكك،عن بعض فصحاء الأعراب- و ذكر اسمه إلاّ أنّي نسيته-قال:سألته عن الحنث فقال:
هو العدل الثّقيل،قال:و الأحناث عندنا:الأعدال الثّقال، فشبّه الذّنب العظيم بالعدل الثّقيل،و الزّنا كبيرة فسمّي:
حنثا.(1:538)
الجوهريّ: الحنث:الإثم و الذّنب.و بلغ الغلام الحنث،أي المعصية و الطّاعة.
و الحنث:الخلف في اليمين.تقول:أحنثت الرّجل في يمينه فحنث،أي لم يبرّ فيها.و تحنّث،أي تعبّد و اعتزل الأصنام،مثل تحنّف.
و في الحديث:«أنّه كان يأتي غار حراء فيتحنّث فيه».و فلان يتحنّث من كذا،أي يتأثّم منه.(1:280)
نحوه الرّازيّ.(176)
ابن فارس: الحاء و النّون و الثّاء أصل واحد،و هو الإثم و الحرج.
يقال:حنث فلان في كذا،أي أثم.و من ذلك قولهم:
بلغ الغلام الحنث،أي بلغ مبلغا جرى عليه القلم بالطّاعة و المعصية،و أثبتت عليه ذنوبه.
و من ذلك:الحنث في اليمين،و هو الخلف فيه.فهذا وجه الإثم.
و أمّا قولهم:فلان يتحنّث من كذا،فمعناه يتأثّم.
ص: 80
و الفرق بين أثم و تأثّم،أنّ التّأثّم:التّنحّي عن الإثم، كما يقال:حرج و تحرّج؛فحرج:وقع في الحرج،و تحرّج:
تنحّى عن الحرج.و هذا في كلمات معلومة قياسها واحد.
و من ذلك:التّحنّث و هو التّعبّد.
و منه الحديث:«...كان يأتي غار حراء فيتحنّث فيه...».(2:108)
ابن سيده: حنث في يمينه حنثا و حنثا:لم يبرّ فيها.
و أحنثه هو.
و المحانث:مواقع الحنث.
و الحنث أيضا:الذّنب العظيم...
و بلغ الغلام الحنث:جرى عليه القلم بالطّاعة و المعصية.و قيل:الحنث:الحلم.و في حديث عائشة رضي اللّه عنها:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يخلو بغار حراء فيتحنّث فيه-و هو التّعبّد-اللّيالي ذوات العدد.
و هذا عندي على السّلب،كأنّه ينفي بذلك الحنث الّذي هو الإثم عن نفسه،كقوله عزّ و جلّ: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ الإسراء:79،أي انف الهجود عن عينيك.و نظيره:تأثّم و تحوّب،أي نفى الإثم و الحوب عن نفسه.و قد يجوز أن تكون ثاء يتحنّث بدلا من فاء يتحنّف.(3:298)
الحنث:الخلف في اليمين.حنث في يمينه يحنث حنثا:لم يف بموجبها فهو حانث.و حنّثه و أحنثه:جعله حانثا.
و تحنّث:فعل ما يخرج به من الحنث.
(الإفصاح 2:1287)
الرّاغب: قال اللّه تعالى: وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ أي الذّنب المؤثم،و سمّي اليمين الغموس حنثا لذلك،و قيل:حنث في يمينه إذا لم يف بها،و عبّر بالحنث عن البلوغ لما كان الإنسان عنده يؤخذ بما يرتكبه،خلافا لما كان قبله،فقيل:بلغ فلان الحنث.
و المتحنّث:النّافض عن نفسه الحنث،نحو المتحرّج و المتأثّم.(133)
الزّمخشريّ: حنث في يمينه حنثا:وقع في الحنث.
و من المجاز:بلغ الغلام الحنث، وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ الواقعة:46،و هو الذّنب،استعير من حنث الحانث الّذي هو نقيض برّه.
و هو يتحنّث من القبيح:يتحرّج و يتأثّم«و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يتحنّث بحراء»أي يتعبّد و يتأثّم.
و قالوا:تحنّث بصلتك و برّك،و يجوز أن تعاقب الثّاء الفاء من التّحنّف.(أساس البلاغة:96)
[في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:]...الذّنب العظيم،سمّي بالحنث،و هو العدل الكبير الثّقيل.و قيل للزّنا:حنث؛ لأنّه من العظائم.(الفائق 1:323)
المدينيّ: في الحديث:«فيتحنّث فيه»أي يتجنّب الحنث،و هو الإثم،و قد فسّره الرّاوي بقوله:و هو التّعبّد، يبيّن أنّ عبادتهم كانت قبل الوحي ترك مجامعة الكفّار على أفعالهم؛إذ لا وحي كان عندهم و لا كتاب،لأنّهم كانوا عبدة الأوثان.
و يدلّ على هذا حديث أبي ذرّ،رضى اللّه عنه:«حين عدّد خصال الخير قال:فإن لم تجده؟قال:تكفّ عن الشّرّ، فإنّ ذلك صدقة منك على نفسك».(1:510)
ابن الأثير: فيه:«اليمين حنث أو مندمة».
الحنث في اليمين:نقضها،و النّكث فيها.يقال:حنث
ص: 81
في يمينه يحنث،و كأنّه من الحنث:الإثم و المعصية.و قد تكرّر في الحديث.و المعنى أنّ الحالف إمّا أن يندم على ما حلف عليه،أو يحنث فتلزمه الكفّارة.
و فيه:«من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث» أي لم يبلغوا مبلغ الرّجال و يجري عليهم القلم،فيكتب عليهم الحنث و هو الإثم.
و منه حديث حكيم بن حزام:«أ رأيت أمورا كنت أتحنّث بها في الجاهليّة»أي أتقرّب بها إلى اللّه.
و منه حديث عائشة:«و لا أتحنّت إلى نذري»أي لا أكتسب الحنث و هو الذّنب،و هذا بعكس الأوّل.
و فيه:«يكثر فيهم أولاد الحنث»أي أولاد الزّنا،من الحنث:المعصية،و يروى بالخاء المعجمة و الباء الموحّدة.(1:449)
الصّغانيّ: المحانث:مواقع الإثم.
و الحنث:الميل من باطل إلى حقّ،أو من حقّ إلى باطل،يقال:قد حنثت عليّ،أي ملت إلى هواك عليّ، و قد حنثت مع الحقّ على هواك.(1:359)
تحنّث:إذا أتى الحنث،و إذا تجنّبه.
(الأضداد:228)
الفيّوميّ: حنث في يمينه يحنث حنثا،إذا لم يف بموجبها فهو حانث.
و حنّثته بالتّشديد:جعلته حانثا.
و الحنث:الذّنب.
و تحنّث،إذا فعل ما يخرج به من الحنث.(1:154)
الفيروزآباديّ: الحنث بالكسر:الإثم،و الخلف في اليمين،و الميل من باطل إلى حقّ،و عكسه.و قد حنث كعلم،و أحنثته أنا.
و المحانث:مواقع الإثم.
و تحنّث:تعبّد اللّيالي ذوات العدد،أو اعتزل الأصنام.و من كذا:تأثّم منه.(1:171)
الطّريحيّ: ...و الحنث:الخلف في اليمين،و منه الحديث:«إنّ عليّا عليه السّلام كره أن يطعم الرّجل في كفّارة اليمين قبل الحنث».و منه:«من حلف و حنث فعليه الكفّارة».و الحنث في اليمين:نقضها و النّكث فيها.يقال:
حنث في يمينه يحنث حنثا:إذا لم يف بموجبها،فهو حانث...
و«غلام لم يدرك الحنث»أي لم يجر عليه القلم.و منه الحديث:«من لم يدرك الحنث ما حكمه في الآخرة؟».(2:250)
الزّبيديّ: ...و المحانث:مواقع الحنث:الإثم.قيل:
لا واحد له.و قيل:واحده:محنث كمقعد.و هو الظّاهر، و القياس يقتضيه،قاله شيخنا.[إلى أن قال:]
و في«التّوشيح»:يتحنّث،أي يتعبّد،و معناه إلقاء الحنث عن نفسه كالتّأثّم و التّحوّب.قال الخطّابيّ:و ليس في الكلام تفعّل،ألقى الشّيء عن نفسه غير هذه الثّلاثة، و الباقي بمعنى تكسّب.قال شيخنا:و زاد غيره:تحرّج و تنجّس و تهجّد،كما نقله الأبيّ عن الثّعلبيّ،فصارت الألفاظ ستّة.قال شيخنا:قول المصنّف:اللّيالي ذوات العدد،وهم أوقعه فيه التّقليد في الألفاظ دون استعمال نظر،و لا إجراء لمتون اللّغة على حقائقها،فكأنّه أعمل قول الزّهريّ الّذي أدرجه في شرح قولهم في صفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«كان يأتي حراء فيتحنّث فيه»قال الزّهريّ:
و هو أي التّحنّث:التّعبّد اللّيالي ذوات العدد،فظنّ
ص: 82
المصنّف أنّ قوله:اللّيالي ذوات العدد،قيد في تفسير يتحنّث.و قد صرّح شرّاح البخاريّ و غيرهم من أهل الغريب بأنّ قول الزّهريّ:اللّيالي ذوات العدد،إنّما هو لبيان الواقعة ذكرها اتّفاقيّة،لا أنّ التّحنّث هو التّعبّد بقيد اللّيالي ذوات العدد،فإنّه لا قائل به،بل التّحنّث هو التّعبّد المجرّد صرّح به غير واحد،فلا معنى لتقييد المصنّف به.
قلت:و هو بحث قويّ...(1:615)
مجمع اللّغة :حنث في يمينه يحنث حنثا:لم يف بها.
و الحنث أيضا:الذّنب و الإثم.(1:304)
محمّد إسماعيل إبراهيم:حنث:مال من الحقّ إلى الباطل،و حنث في يمينه:لم يبرّ بقسمه.و وقع في الحنث،أي الذّنب لعدم الوفاء بما حلف عليه.
و تحنّث:تعبّد،و تجنّب الوقوع في الحنث،و الحنث:
الذّنب و الإثم.(1:148)
المصطفويّ: الظّاهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو التّخلّف بعد التّعهّد قسما أو بغيره.و هذا المعنى غير الخلاف المطلق أو النّقض أو الإثم المطلقين،مع أنّ النّقض يتحقّق في الخلاف في مورد.
فكلّ خلاف للتّعهّد يصدق عليه النّقض و الإثم و الذّنب و لا عكس.
و أمّا التّحنّث فكأنّه يخالف الاجتماع و يسلك خلاف مشيهم و يزهد طريقتهم،و هذا يقال فيمن انقطع عن النّاس و ترك ما يعملون،مشتغلا بالنّسك و مظهرا بالعبادة.(2:315)
وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ. ص:44
ابن عبّاس: لا تأثم في يمينك.و كان قبل ذلك حلف باللّه،لإن شفاه اللّه ليجلدنّها مائة جلدة،في سبب كلام تكلّمت به لم يرض اللّه به.(383)
و نحوه أكثر التّفاسير.
سعيد بن جبير: و لا تحنث في يمينك.
(الطّبريّ 23:169)
نحوه الطّبرسيّ.(4:478)
الماورديّ: يعني في اليمين،و فيه قولان:أحدهما:
أنّ ذلك لأيّوب خاصّة،قاله مجاهد.
الثّاني:عامّ في أيّوب و غيره من هذه الأمّة،قاله قتادة.
و الّذي نقوله في ذلك مذهبا:إن كان هذا في حدّ اللّه تعالى،جاز في المعذور بمرض أو زمانة و لم يجز في غيره، و إن كان في يمين،جاز في المعذور و غيره،إذا اقترن به ألم المضروب،فإنّ تجرّد عن ألم ففي برّه وجهان:
أحدهما:يبرّ لوجود العدد المحلوف عليه.
الثّاني:لا يبرّ لعدم المقصود من الألم.(5:104)
ابن العربيّ: قوله تعالى: فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ يدلّ على أحد وجهين:إمّا لأنّه لم يكن في شرعه كفّارة،و إنّما كان البرّ أو الحنث.
ص: 83
و الثّاني:أن يكون ما صدر منه نذرا لا يمينا،و إذا كان النّذر معيّنا فلا كفّارة فيه عند مالك و أبي حنيفة...
(4:1652)
النّسفيّ: و كان حلف في مرضه ليضربنّ امرأته مائة إذا برأ،فحلّل اللّه يمينه بأهون شيء عليه و عليها، لحسن خدمتها إيّاه،و هذه الرّخصة باقية...(4:43)
نحوه شبّر.(5:289)
القرطبيّ: كان أيّوب حلف في مرضه أن يضرب امرأته مائة جلدة.و في سبب ذلك أربعة أقوال.[ثمّ ذكرها إلى أن قال:]
قوله تعالى: وَ لا تَحْنَثْ دليل على أنّ الاستثناء في اليمين لا يرفع حكما إذا كان متراخيا.يقال:حنث في يمينه يحنث،إذا لم يبرّ بها.و عند الكوفيّين الواو مقحمة، أي فاضرب لا تحنث.[ثمّ ذكر قول ابن العربيّ و قال:]
قوله:«إنّه لم يكن في شرعهم كفّارة»،ليس بصحيح؛فإنّ أيّوب عليه السّلام لمّا بقي في البلاء ثمان عشرة سنة، كما في حديث ابن شهاب،قال له صاحباه:لقد أذنبت ذنبا ما أظنّ أحدا بلغه.فقال أيّوب عليه السّلام:ما أدري ما تقولان،غير أنّ ربّي عزّ و جلّ يعلم أنّي كنت أمّر على الرّجلين يتزاعمان فكلّ يحلف باللّه،أو على النّفر يتزاعمون فأنقلب إلى أهلي،فأكفّر عن أيمانهم إرادة ألاّ يأثم أحد يذكره،و لا يذكره إلاّ بحقّ،فنادى ربّه أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ و ذكر الحديث.فقد أفادك هذا الحديث أنّ الكفّارة كانت من شرع أيّوب، و أنّ من كفّر عن غيره بغير إذنه فقد قام بالواجب عنه، و سقطت عنه الكفّارة.(15:212)
السّمين:الحنث:الإثم،و أطلق على فعل ما حلف على تركه،أو ترك ما حلف على فعله لأنّهما سببان فيه غالبا.(5:537)
أبو السّعود :في يمينك فإنّ البرّ يتحقّق.(5:365)
البروسويّ: [نحو أبي السّعود و أضاف:]
فإن قيل:لم قال اللّه تعالى لأيّوب عليه السّلام: لا تَحْنَثْ و قال لمحمّد صلّى اللّه عليه و سلّم: قَدْ فَرَضَ اللّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ؟ قلنا:لأنّ كفّارة اليمين لم تكن لأحد قبلنا بل هي لنا،ممّا أكرم اللّه به هذه الأمّة،بدليل قوله تعالى:(لكم)كذا في أسئلة الحكم.
و في كلام بعض المفسّرين:لعلّ التّكفير لم يجز في شرعهم،أو أنّ الأفضل الوفاء به،انتهى.
قال الشّيخ نجم الدّين رحمه اللّه:أن يعصم نبيّه أيّوب عليه السّلام من الذّنبين اللاّزمين:أحدهما:إمّا الظّلم و إمّا الحنث،و أن لا يضيع أجر إحسان المرأة مع زوجها،و أن لا يكافئها بالخير شرّا،و تبقى ببركتها هذه الرّخصة في الأمم إلى يوم القيامة،انتهى...(8:43)
الآلوسيّ: بيمينك فإنّ البرّ يتحقّق به،و لقد شرّع اللّه تعالى ذلك رحمة عليه و عليها،لحسن خدمتها إيّاه و رضاه عنها،و هي رخصة باقية في الحدود في شريعتنا و في غيرها أيضا،لكن غير الحدود يعلم منها بالطّريق الأولى.[ثمّ ذكر روايات فراجع](23:208)
المصطفويّ: أي و لا تعمل خلاف تعهّدك،و لا تخالف ما أقسمت به.(2:316)
ص: 84
...وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ. الواقعة:46
ابن عبّاس: الذّنب العظيم،يعني الشّرك باللّه.(454)
نحوه الضّحّاك،و قتادة،و ابن زيد(الطّبريّ 27:
194)،و الحسن(الماورديّ 5:457)،و الفرّاء(3:
127)،و الطّبريّ(27:193)،و الثّعلبيّ(9:213)، و الميبديّ(9:452)،و أبو الفتوح(18:316)، و السّيوطيّ(الإتقان 2:66)،و شبّر(6:144).
الشّعبيّ: هو اليمين الغموس.(الماورديّ 5:457)
كانوا يقسمون:أن لا يبعث اللّه من يموت،و أنّ الأصنام أنداد اللّه.
مثله الأصمّ.(الطّبرسيّ 5:221)
مجاهد :الذّنب.
مثله قتادة.(الطّبريّ 27:194)
مثله القشيريّ.(6:89)
الذّنب العظيم الّذي لا يتوبون منه.
مثله قتادة.(الماورديّ 5:457)
ابن قتيبة :الشّرك،و هو الكبير من الذّنوب أيضا.(450)
الزّجّاج: قيل في التّفسير:الحنث:الشّرك،و قيل:
على الإثم العظيم،و هو-و اللّه أعلم-الشّرك و الكفر بالبعث،لأنّ في القرآن دليل ذلك و هو وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ... النّحل 38،فهذا -و اللّه أعلم-إصرارهم على الحنث العظيم.(5:113)
الطّوسيّ: و الحنث:نقض العهد المؤكّد بالحلف، فهؤلاء ينقضون العهود الّتي يلزمهم الوفاء بها،و يقيمون على ذلك غير تائبين منه،و وصف الذّنب بأنّه عظيم،أنّه أكبر من غيره ممّا هو أصغر منه من الذّنوب.(9:500)
الواحديّ: الذّنب الكبير[ذكر قول الشّعبيّ و قال:] و معنى هذا أنّهم كانوا يحلفون:أنّهم لا يبعثون،و كذبوا في ذلك،فهذا إصرارهم على الحنث العظيم،و يدلّ على هذا قوله: وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا الواقعة:47.
(4:236)
نحوه البغويّ(5:16)،و الخازن(7:18).
الزّمخشريّ: الذّنب العظيم،و منه قولهم:بلغ الغلام الحنث،أي الحلم،و وقت المؤاخذة بالمآثم،و منه حنث في يمينه خلاف برّ فيها.و يقال:تحنّث،إذا تأثّم و تحرّج.
(4:55)
نحوه البيضاويّ(2:448)،و أبو السّعود(6:190)
ابن عطيّة: (الحنث)الإثم...و اختلف المفسّرون في المراد بهذا الإثم هنا،فقال قتادة و الضّحّاك و ابن زيد:
هو الشّرك،و هذا هو الظّاهر،و قال قوم-في ما ذكر «مكّيّ»-:هو الحنث في قسمهم الّذي يتضمّنه قوله تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ الأنعام:109، النّحل:38،النّور:53،فاطر:42،في التّكذيب بالبعث، و هذا أيضا يتضمّن الكفر،فالقول به على عمومه أولى.(5:246)
نحوه أبو حيّان.(8:209)
ابن الجوزيّ: فيه أربعة أقوال:[فذكر قول ابن عبّاس و من تبعه،و مجاهد،و الشّعبيّ،و الزّجّاج]
(8:144)
ص: 85
الفخر الرّازيّ: ما الإصرار على الحنث العظيم؟ نقول:الشّرك،كما قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لقمان:13،و فيها لطيفة و هي أنّه أشار في الآيات الثّلاث إلى الأصول الثّلاثة،فقوله تعالى: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ الواقعة:45،من حيث الاستعمال يدلّ على ذمّهم بإنكار الرّسل؛إذ المترف متكبّر بسبب الغنى فينكر الرّسالة،و المترفون كانوا يقولون: أَ بَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ القمر:24،و قوله: يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ إشارة إلى الشّرك و مخالفة التّوحيد،و قوله تعالى: وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ كُنّا تُراباً إشارة إلى إنكار الحشر و النّشر،و قوله تعالى: وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ فيه مبالغات من وجوه:
أحدها:قوله تعالى: كانُوا يُصِرُّونَ و هو آكد من قول القائل:إنّهم قبل ذلك أصرّوا؛لأنّ اجتماع لفظي الماضي و المستقبل يدلّ على الاستمرار؛لأنّ قولنا:فلان كان يحسن إلى النّاس،يفيد كون ذلك عادة له.
ثانيها:لفظ الإصرار،فإنّ الإصرار مداومة المعصية و الغلول،و لا يقال في الخير:أصرّ.
ثالثها:الحنث،فإنّه فوق الذّنب،فإنّ الحنث لا يكاد في اللّغة يقع على الصّغيرة،و الذّنب يقع عليها،و أمّا الحنث في اليمين فاستعملوه،لأنّ نفس الكذب عند العقلاء قبيح،فإنّ مصلحة العالم منوطة بالصّدق،و إلاّ لم يحصل لأحد بقول أحد ثقة،فلا يبنى على كلامه مصالح، و لا يجتنب عن مفاسد،ثمّ إنّ الكذب لمّا وجد في كثير من النّاس لأغراض فاسدة،أرادوا توكيد الأمر بضمّ شيء إليه بدفع توهّمه،فضمّوا إليه الأيمان و لا شيء فوقها، فإذا حنث لم يبق أمر يفيد الثّقة،فيلزم منه فساد فوق فساد الزّنا و الشّرب،غير أنّ اليمين إذا كانت على أمر مستقبل و رأى الحالف غيره جوّز الشّرع الحنث،و لم يجوّزه في الكبيرة كالزّنا و القتل،لكثرة وقوع الأيمان و قلّة وقوع القتل.و الّذي يدلّ على أنّ الحنث هو الكبيرة قولهم للبالغ:بلغ الحنث،أي بلغ مبلغا بحيث يركب الكبيرة،و قبله ما كان ينفي عنه الصّغيرة؛لأنّ الوليّ مأمور بالمعاقبة على إساءة الأدب و ترك الصّلاة.
قوله تعالى:(العظيم)هذا يفيد أنّ المراد:الشّرك، فإنّ هذه الأمور لا تجتمع في غيره.(29:171)
نحوه الشّربينيّ.(4:189)
ابن عربيّ: من الأقاويل الباطلة،و العقائد الفاسدة،الّتي استحقّوا بها العذاب المخلّد،و العقاب المؤبّد.
(2:593)
نحوه القاسميّ.(16:5653)
النّسفيّ: أي على الذّنب العظيم،أو على الشّرك؛ لأنّه نقض عهد الميثاق،و الحنث:نقض العهد المؤكّد باليمين،أو الكفر بالبعث بدليل قوله: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ... النّحل:38.(4:217)
النّيسابوريّ: و هو الذّنب الكبير،و وصفه بالعظم مبالغة على مبالغة،...و خصّ جمع من المفسّرين فقالوا:
عنى به الشّرك.(27:80)
ابن كثير :و هو الكفر باللّه،و جعل الأوثان و الأنداد أربابا من دون اللّه.(6:530)
البروسويّ: [نحو ابن عبّاس،ثمّ قال:]
و قال بعضهم:الحنث هنا الكذب؛لأنّهم كانوا
ص: 86
يحلفون باللّه مع شركهم،لا يبعث اللّه من يموت.يدلّ على هذا ما يأتي من قوله: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ الواقعة:51.(9:328)
الآلوسيّ: أي الذّنب،و فسّر بعضهم(الحنث) بالذّنب العظيم لا بمطلق الذّنب،و أيّد بأنّه في الأصل العدل العظيم،فوصفه بالعظيم للمبالغة في وصفه بالعظم، كما وصف الطّود و هو الجبل العظيم به أيضا،و المراد به كما روي عن قتادة،و الضّحّاك،و ابن زيد:الشّرك،و هو الظّاهر.
و أخرج عبد بن حميد عن الشّعبيّ:أنّ المراد به الكبائر،و كأنّه جعل المعنى-و كانوا يصرّون على كلّ حنث عظيم-.و في رواية اخرى عنه أنّه اليمين الغموس، و ظاهره الإطلاق.
و قال التّاج السّبكيّ في طبقاته:سألت الشّيخ-يعني والده تقيّ الدّين-ما الحنث العظيم؟فقال:هو القسم على إنكار البعث المشار إليه بقوله تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ النّحل:38،و هو تفسير حسن؛لأنّ الحنث و إن فسّر بالذّنب مطلقا أو العظيم،فالمشهور استعماله في عدم البرّ في القسم، و تعقّب بأنّه يأباه قوله تعالى: وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا إلى آخره للزوم التّكرار،و أجيب بأنّ المراد بالأوّل وصفهم بالثّبات على القسم الكاذب،و بالثّاني وصفهم بالاستمرار على الإنكار و الرّمز إلى استدلال ظاهر الفساد،مع أنّه لا محذور في تكرار ما يدلّ على الإنكار،و هو توطئة و تمهيد لبيان فساده.(27:144)
سيّد قطب :[نحو ابن عبّاس و أضاف:]
و فيه إلماع إلى الحنث بالعهد الّذي أخذه اللّه على فطرة العباد أن يؤمنوا به و يوحّدوه...(6:3465)
المراغيّ: أي الذّنب العظيم،و هو الشّرك باللّه، و جعل الأوثان و الأنداد أربابا من دون اللّه.(27:140)
عزّة دروزة :الحنث العظيم:هو النّكث بالعهد، و الذّنب و الإثم،و المقصود من الحنث العظيم،الكفر و الشّرك.(3:106)
عبد الكريم الخطيب :الحنث العظيم:الذّنب الكبير،أو اليمين الفاجرة،أي أنّهم كانوا مصرّين و مقيمين على ما يأتون من كبائر الإثم و الفواحش فلا يراجعون أنفسهم و لا ينظرون إلى ما يفيض بين أيديهم من منكرات و آثام.(14:719)
الطّباطبائيّ: [نحو الطّوسيّ،ثمّ ذكر بعض الأقوال، و قال:]
و لفظ الآية مطلق.(19:125)
المصطفويّ: و كانوا يعملون على خلاف تعهّدهم، و على خلاف ما يجب لهم من السّلوك في صراط الحقّ و سبيل الهدى،و ما يقتضي من أيمانهم و عهودهم الإلهيّة.
(2:316)
مكارم الشّيرازيّ: و الحنث في الأصل يعني كلّ نوع من الذّنوب،و قد استعمل هذا المصطلح في كثير من الموارد بمعنى نقض العهد و مخالفة القسم،لكونه مصداقا واضحا للذّنب،و بناء على هذا،فإنّ خصوصيّة أصحاب الشّمال ليس فقط في ارتكاب الذّنوب،و لكن في الإصرار عليها؛لأنّ الذّنب يمكن صدوره من أصحاب اليمين أيضا،إلاّ أنّهم لا يصرّون عليه أبدا،و يستغفرون ربّهم و يعلنون التّوبة إليه عند تذكّره.
ص: 87
و فسّر البعض اَلْحِنْثِ الْعَظِيمِ بمعنى الشّرك؛لأنّه لا ذنب أعظم من الشّرك.قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ... النّساء:48.
و فسّر(الحنث)بالكذب،لأنّه أعظم الذّنوب، و مفتاح المعاصي،خصوصا حينما يكون الكذب تكذيبا للأنبياء عليهم السّلام و المعاد.
و الظّاهر أنّ هذه جميعا تعتبر مصاديق للحنث العظيم.(17:434)
1-الأصل في هذه المادّة الحنث،أي الإثم؛يقال:
فلان يتحنّث من كذا،أي يتأثّم منه،و بلغ الغلام الحنث:
الإدراك و البلوغ؛إذ تثبت عليه ذنوبه،و تحسب له طاعته.
و الحنث:الخلف في اليمين؛لأنّه ذنب؛يقال:حنث في يمينه حنثا و حنثا،أي لم يبرّ فيها،و أحنثه هو،و على فلان يمين قد حنث فيها،و عليه أحناث كثيرة،و المحانث:
مواقع الحنث.
2-و جاءت فيها ألفاظ من(ح ن ف)على الإبدال، كقولهم:قد حنثت،أي ملت إلى هواك عليّ،و قد حنثت مع الحقّ على هواك،و تحنّث:تعبّد و اعتزل الأصنام، و فلان يتحنّث:يتعبّد اللّه؛لأنّ الحنيف:المائل من خير إلى شرّ،أو من شرّ إلى خير،كما أنّ أصله الميل عند ابن فارس.
جاء منها كلمتان كلّ منهما مرّة:(تحنث)و(الحنث) في آيتين:
1- وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ...
ص:44
2- وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ
الواقعة:46
يلاحظ أوّلا:أنّ الحنث في(1)هو الإثم و الذّنب كما في اللّغة،و فيها بحوث:
1-قال ابن العربيّ: «يدلّ على أحد وجهين:إمّا لأنّه لم يكن في شرعه كفّارة،و إنّما كان البرّ أو الحنث.
و الثّاني:أن يكون ما صدر منه نذرا لا يمينا،و إذا كان النّذر معيّنا،فلا كفّارة فيه عند مالك و أبي حنيفة».
و ردّه القرطبيّ قائلا:«قوله:إنّه لم يكن في شرعهم كفّارة،ليس بصحيح،فإنّ أيّوب عليه السّلام لمّا بقي في البلاء ثماني عشرة سنة-كما في حديث ابن شهاب-قال له صاحباه:لقد أذنبت ذنبا ما أظنّ أحدا بلغه!
فقال أيّوب عليه السّلام:ما أدري ما تقولان؟غير أنّ ربّي عزّ و جلّ يعلم أنّي كنت أمرّ على الرّجلين يتزاعمان، فكلّ يحلف باللّه،أو على النّفر يتزاعمون،فأنقلب إلى أهلي،فأكفّر عن أيمانهم إرادة ألاّ يأثم أحد يذكره و لا يذكره إلاّ بحقّ،فنادى ربّه: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ و ذكر الحديث.
فقد أفادك هذا الحديث أنّ الكفّارة كانت من شرع أيّوب،و أنّ من كفّر عن غيره بغير إذنه،فقد قام بالواجب عنه،و سقطت عنه الكفّارة».
2-قال البروسويّ: «فإن قيل:لم قال اللّه تعالى لأيّوب عليه السّلام:(لا تحنث)و قال لمحمّد صلّى اللّه عليه و سلّم: قَدْ فَرَضَ اللّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ التّحريم:2؟
ص: 88
2-قال البروسويّ: «فإن قيل:لم قال اللّه تعالى لأيّوب عليه السّلام:(لا تحنث)و قال لمحمّد صلّى اللّه عليه و سلّم: قَدْ فَرَضَ اللّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ التّحريم:2؟
قلنا:لأنّ كفّارة اليمين لم تكن لأحد قبلنا،بل هي لنا ممّا أكرم اللّه به هذه الأمّة،بدليل قوله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ.
3-سوّغ الماورديّ للمريض و ذي الزّمانة الحنث في اليمين،و لم يسوّغ ذلك في غيره.غير أنّه قاس هذا الحكم على أيّوب عليه السّلام أيضا،كما يلوح من ظاهر كلامه،و هو باطل،لأنّ الحنث من وساوس الشّيطان،و الأنبياء لا تعتريهم الوساوس و الشّياطين.
ثانيا:جاء الحنث في(2)بمعنى الذّنب و الإثم أيضا كما في(1)،و فيها بحوث:
1-اختلف في المراد به،فقال ابن عبّاس:«الشّرك باللّه»،و قال الشّعبيّ:«اليمين الغموس»،و قال مجاهد:
«الذّنب العظيم الّذي لا يتوبون منه»،و قال الزّجّاج:
«الكفر بالبعث».
و استدلّ الفخر الرّازيّ على قول ابن عبّاس بقوله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لقمان:13.و استدلّ الواحديّ على قول الشّعبيّ بقوله: وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا الواقعة:47،و استدلّ النّسفيّ عليه بقوله:
وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ النّحل:38،و هو دليل على الكفر بالبعث أيضا،كما استدلّ بذلك الزّجّاج.
و روى البروسويّ عن بعض:أنّ المراد به الكذب، و استدلّ بقوله: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ الواقعة:51.
2-قال الفخر الرّازيّ: «فيه مبالغات من وجوه»:
أحدها:قوله تعالى: كانُوا يُصِرُّونَ و هو آكد من قول القائل:إنّهم قبل ذلك أصرّوا،لأنّ اجتماع لفظي الماضي و المستقبل يدلّ على الاستمرار،لأنّ قولنا:فلان كان يحسن إلى النّاس،يفيد كون ذلك عادة له.
ثانيها:لفظ الإصرار،فإنّ الإصرار مداومة المعصية و الغلول،و لا يقال في الخير:أصرّ.
ثالثها:الحنث،فإنّه فوق الذّنب،فإنّ الحنث لا يكاد في اللّغة يقع على الصّغيرة،و الذّنب يقع عليها.و أمّا الحنث في اليمين فاستعملوه،لأنّ نفس الكذب عند العقلاء قبيح،فإنّ مصلحة العالم منوطة بالصّدق،و إلاّ لم يحصل لأحد بقول أحد ثقة،فلا يبنى على كلامه مصالح، و لا يجتنب عن مفاسد...».
3-وصف الحنث هنا بأنّه عظيم،كما وصف الإثم به أيضا في قوله: وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً النّساء:48،و ما وصف لفظ آخر من نظائره بهذه الصّفة غيره،و هذا ينبئ بقرب الإثم منه معنى.
و من الملفت للنّظر أنّ الإثم وصف بأنّه كبير في قوله:
قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ البقرة:219، و وصف بأنّه مبين أيضا في مواضع،منها قوله:
أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً النّساء:20،كما وصف لفظان آخران من نظائر الحنث و الإثم بالكبر،و هما:
الحوب في قوله: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً النّساء:2، و الخطء في قوله: إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً الإسراء:
31.و هذا يعني أنّهما-إضافة إلى الإثم-أقرب الألفاظ بهذا المعنى إلى الحنث.و هناك ألفاظ أخرى نظير للحنث لم توصف بوصف ما،نحو:الذّنب،و الجرم،و الخطيئة، و الحرج،و الجناح،و الإصر.
ص: 89
ص: 90
الحناجر
لفظ واحدة،مرّتان:1 مكّيّة،1 مدنيّة
في سورتين:1 مكّيّة،1 مدنيّة
الخليل :الحنجرة:جوف الحلقوم،و الحنجور:
الحنجرة.[ثمّ استشهد بشعر](3:327)
أبو عمرو الشّيبانيّ: الصّبيّ تنقلب حنجرته فيقيء،فيقال له:محنجر.(1:151)
و المحنجر:داء في العنق،يرم منه.[ثمّ استشهد بشعر](1:211)
الحنجور:القارورة.(1:215)
أبو زيد :الحنجور:الحلقوم.(الحربيّ 1:238)
الأصمعيّ: و الحنجرة:رأس الغلصمة حيث ينحدر منه الطّعام.[ثمّ استشهد بشعر]
(الكنز اللّغويّ:197)
و في الجوف من الأدواء:الغاشية،و الحبن، و المحنجر،و القداد...(الكنز اللّغويّ:222)
ابن الأعرابيّ: الحنجورة بالضّمّ:شبه البرمة من زجاج يجعل فيه الطّيب.(الزّبيديّ 3:160)
الحربيّ: و الحنجور:الحنجرة.(1:238)
ابن دريد :حنجور اسم و هي الحنجرة على وزن «فنعلة».(3:319)
و الحنجر،و هو طرف المري.[ثمّ استشهد بشعر] و يقال للحنجرة:الحنجور أيضا،و الجمع:حناجر- و حنجرت الرّجل إذا ذبحته-و«المحنجر»زعم قوم من أهل اللّغة أنّه الوجع الّذي يصيب البطن يسمّى الفشيدق بالفارسيّة،و هو شبيه بالهيضة.(3:320)
الحنجور:الحنجرة من الإنسان و غيره.(3:379)
الصّاحب:الحنجود و الحنجور:الحنجرة.
و قارورة طويلة للذّريرة.(3:259)
ص: 91
و الحنجرة:حرف (1)الحلقوم،و الحنجور أيضا.
(3:260)
ابن سيده: و حنجور:اسم،و الحنجور:الحلق.
و الحنجرة:طبقان من أطباق الحلقوم ممّا يلي الغلصمة،و قيل:الحنجرة:رأس الغلصمة حيث تحدّد، و قيل:هي جوف الحلقوم،و الجمع:حنجر.
و حنجر الرّجل:ذبحه.
و المحنجر:داء يصيب في البطن.
و حنجرت عينه:غارت.[و استشهد بالشّعر مرّتين]
(4:52)
الرّاغب: الحناجر:جمع حنجرة،و هي رأس الغلصمة من خارج.(133)
الزّمخشريّ: الحنجرة:رأس الغلصمة،و هي منتهى الحلقوم،و الحلقوم:مدخل الطّعام و الشّراب.(3:253)
المدينيّ: (الحناجر)و هي جمع حنجور و حنجرة، و هي رأس الغلصمة حيث تراه حديدا من خارج الحلق، و حدّته طرف الحلقوم.
-و منه:«سئل القاسم عن رجل ضرب حنجرة رجل فذهب صوته،فقال:عليه الدّية.(1:510)
السّمين:[نحو الزّمخشريّ و أضاف:]و قيل:
الحلقوم مجر النّفس،و المريء:مجرى الطّعام و الشّراب، و هو تحت الحلقوم.(5:404)
الفيروزآباديّ: الحنجور:السّفط الصّغير، و قارورة للذّريرة.و الحلقوم كالحنجرة،و الحناجر:
جمعه.(2:5)
حنجره:ذبحه،و العين:غارت.و المحنجر:داء في البطن.(2:15)
مجمع اللّغة :الحنجرة:الحلقوم،و جمعها:حناجر.
(1:304)
نحوه محمّد إسماعيل إبراهيم.(1:148)
المصطفويّ: حنجر:هذه الكلمة مأخوذة من الحجر،و قد سبق أنّه عبارة عمّا يكون محفوظا و محدودا، فلعلّه بمناسبة محفوظيّة الصّوت في الحنجرة و تحوّله فيها.
و الحنجرة:مجرى النّفس بعد الحلق إلى الرّئة،و أوّل مدخل يحدّ و يحفظ الهواء حتّى يصل إلى مجاري الرّئة،ثمّ يخرج حتّى يصل سعة الحلق و الفم.(2:316)
الزّبيديّ: [نحو الفيروزآباديّ و أضاف:]
و قال غيره:هي قارورة طويلة تجعل فيها الذّريرة، و حنجر من أعمال الرّوم،أو هو بجيمين،و قد تقدّم.
(3:160)
1- ...وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا. الأحزاب:10
ابن عبّاس: انتفخت عند الحناجر من الخوف الرّئة.
(351)
ابن قتيبة :أي كادت تبلغ الحلوق من الخوف.
(348)
الثّعلبيّ: فزالت عن أماكنها حتّى بلغت الحلوق من الفزع.(8:18)
الماورديّ: أي زالت عن أماكنها حتّى بلغت
ص: 92
القلوب الحناجر و هي الحلاقيم،واحدها:حنجرة.و قيل:
إنّه مثل مضروب في شدّة الخوف ببلوغ القلوب الحناجر، و إن لم تزل عن أماكنها مع بقاء الحياة.(4:379)
الواحديّ: الحنجرة:جوف الحلقوم.(3:461)
الميبديّ: أي كادت تبلغ،فإنّ القلب إذا بلغ الحنجر مات الإنسان.الحنجر:جوف الحلقوم،و هذا على التّمثيل،عبّر به عن شدّة الخوف.(8:23)
نحوه البغويّ.(3:620)
ابن عطيّة: عبارة عمّا يجده الهلع من ثوران نفسه و تفرّقها شعاعا،و يجد كأنّ حشوته و قلبه يصعد علوّا لينفصل،فليس بلوغ القلوب الحناجر حقيقة بالنّقلة،بل يشير لذلك،و تجيش فيستعار لها بلوغ الحناجر.
(4:372)
البيضاويّ: بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ رعبا،فإنّ الرّئة تنتفخ من شدّة الرّوع،فيرتفع بارتفاعها إلى رأس الحنجرة و هو منتهى الحلقوم،مدخل الطّعام و الشّراب.
(2:240)
نحوه أبو السّعود(5:214)،و الكاشانيّ(4:168)، و المشهديّ(8:113)،و شبّر(5:135)،و القاسميّ(13:
4832).
الخازن :[نحو الميبديّ و أضاف:]
قيل:معناه أنّهم جبنوا،و سبيل الجبان إذا اشتدّ خوفه أن تنتفخ رئته،و إذا انتفخت رئته رفعت القلب إلى الحنجرة،فلهذا يقال للجبان:انتفخ سحره.(5:201)
ابن جزيّ: الحناجر:جمع حنجرة و هي الحلق، و بلوغ القلب إليها مجاز،و هو عبارة عن شدّة الخوف، و قيل:بل هي حقيقة.[ثمّ ذكر نحو البيضاويّ]
(3:134)
الشّربينيّ: الحناجر:جمع حنجرة و هي منتهى الحلقوم،كناية عن شدّة الرّعب و الخفقان.قال البقاعيّ:
و يجوز-و هو الأقرب-أن يكون ذلك حقيقة بجذب الطّحال و الرّئة لها عند ذلك بانتفاخهما إلى أعلى الصّدر، و لهذا يقال للجبان:انتفخ سحره،أي رئته.(3:225)
عزّة دروزة :الحناجر في الجملة وصف لشدّة الخوف.فالعيون من شدّة الخوف تتحرّك زائغة يمينا و شمالا،و القلوب يشتدّ خفقانها حتّى كأنّها ترتفع من مكانها إلى الحناجر.(8:248)
ابن عاشور :الحناجر:جمع حنجرة-بفتح الحاء المهملة و سكون النّون و فتح الجيم-منتهى الحلقوم، و هي رأس الغلصمة،و بلوغ القلوب الحناجر تمثيل،لشدّة اضطراب القلوب من الفزع و الهلع،حتّى كأنّها لاضطرابها تتجاوز مقارّها،و ترتفع طالبة الخروج من الصّدور،فإذا بلغت الحناجر لم تستطع تجاوزها من الضّيق؛فشبّهت هيئة قلب الهلوع المرعود بهيئة قلب تجاوز موضعه و ذهب متصاعدا طالبا الخروج،فالمشبّه القلب نفسه باعتبار اختلاف الهيئتين،و ليس الكلام على الحقيقة،فإنّ القلوب لا تتجاوز مكانها،و قريب منه قولهم:تنفّس الصّعداء،و بلغت الرّوح التّراقي.
(21:204)
عبد الكريم الخطيب :و بلوغ القلوب الحناجر، كناية أخرى عن هذا الكرب،و أنّه أزال القلوب عن مواضعها،بما أحدث فيها هذا الكرب من اضطراب
ص: 93
و خفقان.(11:662)
المصطفويّ: و أمّا بلوغه إلى الحنجرة:فهو كناية عن بلوغ الحياة إلى آخر مرحلة من مجراها،و ليس بعدها إلاّ الفضاء الواسع،و الخروج عن المحدوديّة و التّعلّق، و تخلّص النّفس عن مضيقتها.
و لا يخفى أنّ في بلوغ القلب إلى الحنجرة:حصول مضيقة،و شدّة تألّم،و احتباس نفس،مع كونها آخر مرحلة من جريان الحياة.(2:317)
مكارم الشّيرازيّ: بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ كناية جميلة عن حالة القلق و الاضطراب،و إلاّ فإنّ القلب الّذي هو العضو الخاصّ يضخّ الدّم،لا يتحرّك من مكانه مطلقا،و لا يصل في أيّ وقت إلى الحنجرة.
(13:166)
فضل اللّه : بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ من فرط اهتزازها و اضطرابها و هلعها،حتّى يحسّ الإنسان أنّها انخلعت من موقعها في الصّدر،لتبلغ الحلقوم من شدّة الخوف و الفزع تماما،كما هو حال المحتضر عند ما يزيغ بصره و تبلغ روحه الحلقوم.(18:272)
2- وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ.
المؤمن:18
عكرمة :وقفت القلوب في الحناجر من الخوف،فلا تخرج و لا تعود إلى أماكنها.(ابن كثير 6:131)
نحوه الحسن(الفخر الرّازيّ 27:50)،و قتادة (الطّبريّ 24:52)،و السّدّيّ(422)،و البغويّ(4:
109)،و الميبديّ(8:464)،و البروسويّ(9:168).
الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:إذ قلوب العباد من مخافة عقاب اللّه لدى حناجرهم،قد شخصت من صدورهم،فتعلّقت بحلوقهم كاظميها،يرومون ردّها إلى مواضعها من صدورهم،فلا ترجع،و لا هي تخرج من أبدانهم فيموتوا.(24:52)
السّجستانيّ: حناجر:جمع حنجرة و هما رأس الغلصمة،حيث تراه حديدا من خارج الحلق.(165)
الثّعالبيّ: معناه عند الحناجر،أي قد صعدت من شدّة الهول و الجزع.و الكاظم:الّذي يردّ غيظه و جزعه في صدره،فمعنى الآية أنّهم يطمعون في ردّ ما يجدونه في الحناجر و الحال تغالبهم.(3:93)
الماورديّ: فيه قولان:
أحدهما:أنّ القلوب هي النّفوس بلغت الحناجر عند حضور المنيّة،و هذا قول من تأوّل يوم الآزفة بحضور المنيّة،قاله قتادة.و وقفت في الحناجر من الخوف،فهي لا تخرج و لا تعود في أمكنتها.(5:149)
الطّوسيّ: أي في الوقت الّذي تنتزع فيه القلوب من أمكنتها،و هي الصّدور،فكظمت به الحناجر،فلم تستطيع أن تلفظها،و لم تعد إلى أماكنها...
و الحناجر:جمع حنجرة و هي الحلقوم.و قيل:إنّما خصّت الحناجر بذلك؛لأنّ الفزع ينتفخ منه سحره أي رئته،فيرتفع القلب من مكانه لشدّة انتفاخه حتّى يبلغ الحنجرة.(9:64)
الواحديّ: و ذلك أنّها تزول عن مواضعها من الخوف،حتّى تصير إلى الحنجرة،كقوله: وَ بَلَغَتِ
ص: 94
اَلْقُلُوبُ الْحَناجِرَ الأحزاب:10.(4:8)
مثله الطّبرسيّ(4:518)،و الشّوكانيّ(4:609).
و نحوه البغويّ(4:109)،و الخازن(6:77).
الزّمخشريّ: فعند ذلك[أي وقت مشارفة النّار] ترتفع قلوبهم عن مقارّها،فتلتصق بحناجرهم،فلا هي تخرج فيموتوا،و لا ترجع إلى مواضعها فيتنفّسوا و يتروّحوا،و لكنّها معترضة كالشّجا،كما قال تعالى:
فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا الملك:27.
(3:420)
نحوه البيضاويّ(2:333)،و النّسفيّ(4:74)، و المشهديّ(9:113)،و شبّر(5:339).
ابن عطيّة: معناه:عند الحناجر،أي قد صعدت من شدّة الهول و الجزع،و هذا أمر يحتمل أن يكون حقيقة يوم القيامة من انتقال قلوب البشر إلى حناجرهم،و تبقى حياتهم،بخلاف الدّنيا الّتي لا تبقى فيها لأحد مع تنقّل قلبه حياة.و يحتمل أن يكون تجوّزا،عبّر عمّا يجده الإنسان من الجزع،و صعود نفسه،و تضايق حنجرته، بصعود القلب،و هذا كما تقول العرب:كادت نفسي أن تخرج،و هذا المعنى يجده المفرط الجزع كالّذي يقرّب للقتل و نحوه.(4:552)
ابن الجوزيّ: و ذلك أنّها ترتقي إلى الحناجر فلا تخرج و لا تعود،هذا على القول الأوّل:[(الآزفة):يوم القيامة]،و على الثّاني:[(الآزفة):يوم حضور المنيّة] القلوب هي النّفوس تبلغ الحناجر عند حضور المنيّة.
(7:213)
الفخر الرّازيّ: اختلفوا في أنّ المراد من قوله: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ كناية عن شدّة الخوف أو هو محمول على ظاهره.قيل:المراد وصف ذلك اليوم بشدّة الخوف و الفزع،و نظيره قوله تعالى: وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا الأحزاب:
10،و قال: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ الواقعة:83،84.و قيل:بل هو محمول على ظاهره.(27:50)
ابن جزيّ: معناه أنّ القلوب قد صعدت من الصّدور لشدّة الخوف،حتّى بلغت الحناجر.فيحتمل أن يكون ذلك حقيقة،أو مجازا عبّر به عن شدّة الخوف.و الحناجر:
جمع حنجرة،و هي الحلق.(4:4)
أبو حيّان :قيل:يجوز أن يكون ذلك يوم القيامة حقيقة و يبقون أحياء مع ذلك،بخلاف حالة الدّنيا،فإنّ من انتقل قلبه إلى حنجرته مات.
و يجوز أن يكون ذلك كناية عن ما يبلغون إليه من شدّة الجزع،كما تقول:كادت نفسي أن تخرج.
(7:456)
الشّربينيّ: أي حناجر المجموعين فيه،و هو جمع:
حنجور و هو الحلقوم،يعني أنّها زالت عن أماكنها صاعدة من كثرة الرّعب حتّى كادت تخرج.(3:476)
أبو السّعود :قوله: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ بدل من يَوْمَ الْآزِفَةِ. [ثمّ ذكر نحو الزّمخشريّ]
(5:414)
الآلوسيّ: الحناجر:جمع حنجرة أو حنجور كحلقوم لفظا و معنى؛و هي كما قال الرّاغب:رأس الغلصمة من خارج،و هي لحمة بين الرّأس و العنق،
ص: 95
و الكلام كناية عن شدّة الخوف أو فرط التّألّم.
و جوّز أن يكون على حقيقته،و تبلغ قلوب الكفّار حناجرهم يوم القيامة و لا يموتون،كما لو كان ذلك في الدّنيا.(24:58)
نحوه الطّباطبائيّ.(17:319)
القاسميّ: أي من أهواله،ترفع القلوب عن مقارّها،فتصير لدى الحلوق.(14:5161)
عزّة دروزة :الكظم بمعنى الكتم و الإمساك،و معنى الجملة إذ القلوب ترتفع من شدّة الاضطراب إلى الحناجر،فتكتم حلوق أصحابها و أنفاسهم،فلا تستطيع خروجا و لا تستطيع العودة إلى أماكنها.و هي بسبيل تصوير حالة الهلع الشّديد الّتي تعتري الكفّار.
(5:110)
ابن عاشور :(أل)في(القلوب)و(الحناجر) عوض عن المضاف إليه.و أصله:إذ قلوبهم لدى حناجرهم،فبواسطة(أل)عوّض تعريف الإضافة بتعريف العهد،و هو رأي نحاة الكوفة،و البصريّون يقدّرون:إذ القلوب منهم و الحناجر منهم،و المعنى:إذ قلوب الّذين تنذرهم،يعني المشركون،فأمّا قلوب الصّالحين يومئذ فمطمئنّة.[ثمّ ذكر نحو الزّمخشريّ]
(24:172)
مكارم الشّيرازيّ: من شدّة الخوف.فعند ما تواجه الإنسان الصّعوبات يشعر و كأنّ قلبه يكاد يفرّ من مكانه،و كأنّه يريد أن يخرج من حنجرته،و العرب في ثقافتها اللّغويّة الّتي نزل بها القرآن،تطلق على هذه الحالة وصف«بلغت القلوب الحناجر».
و يمكن أن يكون«القلب»كناية عن«الرّوح»بمعنى أنّ روحه بلغت حنجرته هلعا و خوفا،كأنّما تريد أن تفارق بدنه تدريجيّا و لم يبق منها سوى القليل.
إنّ هول الخوف من الحساب الإلهيّ الرّبّانيّ الدّقيق، و الخشية من الافتضاح و انكشاف السّتر و الحجب أمام جميع الخلائق،و تحمّل العذاب الأليم الّذي لا يمكن الخلاص منه،كلّ هذه أمور سيواجهها الإنسان،و لا يمكن التّعبير عنها بأيّ بيان،بل يكفي فيها الصّراحة و الدّقّة و عمق البيان القرآنيّ.(15:211)
فضل اللّه :و ذلك كما لو كانت القلوب تقفز من مقرّها،و تبلغ الحناجر من شدّة الخوف،و هم يعيشون الغمّ الشّديد الّذي يحتبس في نفوسهم،فلا يملكون أن يخرجوه أو ينفّسوا عنه بالتّعبير عن أحاسيسهم و مشاعرهم الدّفينة.(20:27)
1-الأصل في هذه المادّة الحنجرة،و هي رأس الغلصمة حيث تحدّد،و الجمع:حناجر،و هي الحنجور أيضا؛يقال:حنجر الرّجل،أي ذبحه.
و الحنجور:قارورة طويلة يجعل فيها الذّريرة، تشبيها بجوف الحلقوم.
و المحنجر:داء يصيب البطن؛يقال:حنجر الرّجل فهو محنجر،و هو ممّا شذّ عن هذا الباب؛قال ابن دريد:
زعم قوم من أهل اللّغة أنّه الوجع الّذي يصيب البطن، يسمّى«الفشيدق»بالفارسيّة،و هو شبيه بالهيضة.
2-و عدّ بعض أرباب اللّغة«نون»الحنجرة زائدة،
ص: 96
فهو على هذا القول«فنعلة»من(ح ج ر)،و ممّن قال به الجوهريّ و الفيروزآباديّ،و عدّها الجمهور أصليّة،فهو على هذا القول«فعللة»من(ح ن ج ر)،أي رباعيّ، و ممّن قال به الخليل و ابن دريد.
جاء منها«الحناجر»مرّتين في آيتين:
1- وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ... الأحزاب:10
2- وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ... المؤمن:18
يلاحظ أوّلا:تصف الآية(1)حال المسلمين يوم الأحزاب،و فيها بحوث:
1-عدّ بعض بلوغ القلوب الحناجر حقيقة،و عدّه بعض آخر مجازا،فمن ذهب إلى الحقيقة علّل ذلك بانتفاخ الرّئة من شدّة الرّوع،فيرتفع القلب بارتفاعها إلى الحنجرة،أو انتفاخ الطّحال و الرّئة معا،و لهذا يقال للجبان:انتفخ سحره،أي رئته.
و من ذهب إلى المجاز علّل ذلك بأنّه كناية عن شدّة الرّعب و الخفقان،فاستعير بلوغ الحناجر للقلوب فمثّل به،قال القرطبيّ:«الأظهر أنّه أراد اضطراب القلب و ضربانه،أي كأنّه لشدّة اضطرابه بلغ الحنجرة».
و عدّه بعض ضربا من المبالغة بتقدير لفظ«كاد»، أي كادت القلوب تبلغ الحناجر من الخوف،قال عكرمة:
«إنّ القلوب لو تحرّكت و زالت خرجت نفسه،و لكن إنّما هو الفزع».
2-استعملت القلوب عند الخوف لأنّها مقرّه في الشّدّة،كما قال تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ آل عمران:151،و سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ الأنفال:12.و استعمل بلوغها الحناجر لمشارفة الأنفس الموت،أي كادت الأنفس تموت خوفا و فزعا من هول ما رأت يوم الأحزاب،كما في قوله:
كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ القيامة:26.
3-استعمل هنا زوغان الأبصار،و بلوغ القلوب الحناجر،و هما من أشدّ علامات الرّوع عند الشّدّة،حيث استعمل في غزوة أحد الغمّ،و هو قوله: إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ آل عمران:153.
و استعمل في غزوة حنين ضيق الأرض،فقال:
وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ التّوبة:25.
و استعمل في غزوة تبوك العسر و زوغان القلوب، فقال: لَقَدْ تابَ اللّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ التّوبة:117.
ثانيا:تصف الآية(2)حال العباد عند الموت أو يوم القيامة،و فيها بحوث:
1-قال ابن عطيّة: «معناه عند الحناجر،أي قد صعدت من شدّة الهول و الجزع،و هذا أمر يحتمل أن يكون حقيقة يوم القيامة من انتقال قلوب البشر إلى
ص: 97
حناجرهم و تبقى حياتهم،بخلاف الدّنيا الّتي لا تبقى فيها لأحد مع تنقّل قلبه حياة.و يحتمل أن يكون تجوّزا عبّر عمّا يجده الإنسان من الجزع و صعود نفسه و تضايق حنجرته بصعود القلب،و هذا كما تقول العرب:كادت نفسي أن تخرج،و هذا المعنى يجده المفرط الجزع كالّذي يقرّب للقتل و نحوه».
2-قال الفخر الرّازيّ: «اختلفوا في أنّ المراد من قوله: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ كناية عن شدّة الخوف،أو هو محمول على ظاهره.قيل:المراد وصف ذلك اليوم بشدّة الخوف و الفزع...و قيل:بل هو محمول على ظاهره».
3-قال في(1): وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ، و في (2): إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ، و كلاهما يفيد قرب القلوب من الحناجر،لأنّ الفعل(بلغت)في(1)يعني الوصول إليها،و(لدى)في(2)يعني عند،أي قرب.
سوى أنّ(1)جملة فعليّة،و الواو فيها عاطفة،و(2)جملة اسميّة،و الواو فيها استئنافيّة.
و جاءت أغلب الأفعال الّتي سبقت و تلت(1) ماضية،لأنّها تصف أمرا قد وقع،بينما جاءت الأفعال الّتي تلت(2)حاليّة،سوى فعل أمر واحد من نفس هذه الآية:(انذر)لأنّها تصف أمرا سوف يقع.
ص: 98
حنيذ
لفظ واحد،مرّة واحدة،في سورة مكّيّة
الخليل :الحنذ:اشتواء اللّحم المحنوذ بالحجارة المسخّنة،تقول:أنا أحنذه حنذا.[ثمّ استشهد بشعر]
الحنذ:مصدر،و الحنيذ و الحنذ اسمان للّحم،و قد يسمّى الشّيء بالمصدر،إلاّ أنّ هذا لم يرد به المصدر، و قوله تعالى: فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ هود:69، أي مشويّ.(3:201)
سيبويه :[في تعريف المعتلاّت]و يكون على «فعلوة»في الاسم،نحو:الحنذوة (1)،و العنصوة.
و يكون على«فعلوة»نحو:حنذوة،و هو اسم و هو قليل،و الهاء لا تفارقه،كما أنّ الهاء لا تفارق«حذرية» و أخواتها.(4:275)
الكسائيّ: الحنيذ:الّذي يشوى ثمّ يغمّ غمّا،فقد حنذه يحنذه حنذا.(الحربيّ 2:472)
الفرّاء: الحنيذ:ما حفرت له في الأرض ثمّ غممته، و هو من فعل أهل البادية معروف،و هو محنوذ في الأصل، قد حنذ فهو محنوذ،كما قيل:طبيخ و مطبوخ.
الخيل تحنّذ،إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعض لتعرق.
إذا سقيت فأحنذ،يعني أخفس،يريد أقلّ الماء و أكثر النّبيذ.
و«أعرق»في معنى أخفس.(الأزهريّ 4:465)
الحنيذ:ما حفرت له في الأرض ثمّ غممته،فهو محنوذ و حنذ فهو حنيذ.مثل طبيخ للمطبوخ،و قتيل للمقتول.
و حنذت الفرس أحنذه،إذا أحماه بالجري ليعرق،فإن لم يعرق قيل:كبا.(الحربيّ 2:471)
أبو عمرو الشّيبانيّ: الحنذ:تحفر بورة ثمّ توقد فيها،فإذا حميت ألقيت فيها اللّحم،ثمّ تسدّها عليه، فذاك الحنذ،حنذ يحنذ.(1:169)
ص: 99
إذا وجدنا الحنذة في الصّيف،و هي الحرّ الشّديد، قلنا:حنذة غيث قد دنا.(1:171)
أبو عبيد: الحنيذ:الشّواء الّذي لم يبالغ في نضجه، و يقال:هو الشّواء المغموم.(الأزهريّ 4:466)
ابن الأعرابيّ: شراب محنذ و مخفس و ممذى و ممهى،إذا أكثر مزاجه بالماء.(الأزهريّ 4:466)
الحانذ:المنتهى النّضج.[ثمّ استشهد بشعر]
(الحربيّ 2:472)
ابن السّكّيت: الحنيذ:أن يؤخذ اللّحم فيقطّع أعضاء و ينصب له صفيح الحجارة فيقابل،يكون ارتفاعه ذراعا و عرضه أكثر من ذراعين في مثلها،و يجعل لهما بابان،ثمّ يوقد في الصّفائح بالحطب،فإذا حميت و اشتدّ حرّها و ذهب كلّ دخان فيها و لهب،أدخل اللّحم و أغلق البابان بصفحتين قد كانا قدّرتا للبابين،ثمّ ضربتا بالطّين و بفرث الشّاة و أدفئت إدفاء شديدا بالتّراب، فيترك في النّار ساعة،ثمّ يخرج كأنّه البسر قد تبرّأ من اللّحم العظم من شدّة نضجه.
و الحنذ:أن يأخذ الرّجل الشّاة فيقطّعها،ثمّ يجعلها في كرشها،و يلقي مع كلّ قطعة من اللّحم في الكرش رضفة.
و ربّما جعل في الكرش قدح من لبن حامض أو ماء، ليكون أسلم للكرش من أن تنقدّ،ثمّ يخلّها بخلال و قد حفر لها بؤرة و أحماها،فيلقي الكرش في البؤرة و يغطّيها ساعة،ثمّ يخرجها،و قد أخذت من النّضج حاجتها.
و المصليّ:الّذي يشوى في التّنّور معلّقا في سفّود.و جاء في الحديث:أهديت إلى النّبيّ-صلّى اللّه عليه و آله-شاة مصليّة و قد انضجت اللّحم حتّى تذيّأ،أي تهرّأ و تهذّأ.(646)
و الحنذ:مصدر حنذت الجدي أحنذه،إذا شويته و جعلت فوقه حجارة محماة لتنضجه.قال اللّه جلّ و عزّ:
أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ هود:69،و يقال:حنذت الفرس أحنذه،إذا ألقيت عليه الجلال ليعرق.
و حنذ:موضع قريب من المدينة.[ثمّ استشهد بشعر](إصلاح المنطق:81)
مثله ابن أبي اليمان.(338)
شمر: الحنيذ من الشّواء:الحارّ الّذي يقطر ماؤه و قد شوي...
الحنيذ:الماء السّخن.[ثمّ استشهد بشعر]
الحنيذ من الشّواء:النّضيج،و هو أن تدسّه في النّار، و قد حنذه يحنذه حنذا.و يقال:أحنذ اللّحم،أي أنضجه.(الأزهريّ 4:466)
أبو الهيثم:أصل الحنيذ من حناذ الخيل،إذا ضمّرت.
و حناذها:أن يظاهر عليها جلّ فوق جلّ حتّى تجلّل بأجلال خمسة أو ستّة،ليعرق الفرس تحت تلك الجلال، و يخرج العرق شحمه كيلا يتنفّس تنفّسا شديدا إذا أجري.
و الشّواء المحنوذ:الّذي قد ألقيت فوقه الحجارة المرضوفة بالنّار حتّى ينشوي انشواء شديدا،فيتهرّى تحتها.(الأزهريّ 4:466)
و الحنّاذ:الطّبّاخ.[ثمّ استشهد بشعر]
و أصل الحنذ:الطّبخ.(341)
الحربيّ: [و في حديث]«فأتي بضبّ محنوذ»،قوله:
ص: 100
«محنوذ»:المشويّ بالحجارة.(2:471)
ابن دريد :و الحنذ من قولهم:حنذت اللّحم أحنذه حنذا،و هو أن تشويه على الحجارة حتّى ينضج،و هو حنيذ و محنوذ.و حنذت الفرس،إذا استحضرته شوطا أو شوطين،ثمّ ظاهرت عليه الجلال حتّى يعرق،فيذهب رهله.
و الفرس محنوذ و حنيذ،و قد سمّت العرب حنّاذا.
(2:129)
الأزهريّ: [نقل كلام الفرّاء ثمّ قال:]عن أبي الهيثم أنّه أنكر ما قاله الفرّاء في الإحناذ أنّه بمعنى أخفس و أعرق و عرف الإخفاس و الإعراق...
حنذنا الفرس نحنذه حنذا و حناذا،أي ظاهرنا عليه الجلال حتّى يعرق تحتها.
و قد رأيت بواد السّتارين من ديار بني سعد،عين ماء عليه نخل زين،عامر و قصور من قصور مياه العرب، يقال لذلك الماء:حنيذ...و في أعراض مدينة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قرية فيها نخل كثير،يقال لها:حنذ.[ثمّ استشهد بشعر](4:466)
الصّاحب: الحنيذ و الحنذ:اسمان للّحم المشويّ بالحجارة المحماة،حنذته،و أنا أحنذه حنذا.
و عجل حنيذ و محنوذ:مشويّ.
و المحنذي:الّذي يندّد بصاحبه و يشتمه،حنذى به و خنذى-بالحاء و الخاء-
و حنذت الفرس أحنذه،إذا أجريته ليعرق.
و الاسم:الحناذ.
و استحنذت في الشّمس استحناذا:اضطجعت فيها لأعرق.
و يقال:إذا سقيت الرّجل فأحنذ،أي أقلل من المزاج.
و الحنيذ:غسل مطيّب.(3:68)
الخطّابيّ: المرضوف،و الرّضيف من اللّحم:
المشويّ على الرّضاف،و هي الحجارة،توقد عليها النّار، حتّى إذا حميت ألقي عليها اللّحم لينشوي،و هو الحنيذ...
(1:686)
الجوهريّ: حنذت الشّاة أحنذها حنذا،أي شويتها،و جعلت فوقها حجارة محماة لتنضجها،فهي حنيذ.
و حنذت الفرس أحنذه حنذا،و هو أن تحضره شوطا أو شوطين،ثمّ تظاهر عليه الجلال في الشّمس ليعرق، فهو محنوذ و حنيذ.
فإن لم يعرق،قيل:كبا.
و منه قولهم:إذا سقيت فأحنذ،أي عرّق شرابك،أي صبّ فيه قليل ماء.
و الحنذ:شدّة الحرّ و إحراقه.[ثمّ استشهد بشعر]
يقال:حنذته الشّمس،أي أحرقته.(2:562)
نحوه الرّازيّ.(176)
ابن فارس: حنذ:الحاء و النّون و الذّال أصل واحد، و هو إنضاج الشّيء.يقال:شواء حنيذ،أي منضج؛و ذلك أن تحمى الحجارة و توضع عليه حتّى ينضج.
و يقال:حنذت الفرس،إذا استحضرته شوطا أو شوطين،ثمّ ظاهرت عليه الجلال حتّى يعرق.و هذا فرس محنوذ و حنيذ.
ص: 101
و أمّا قولهم:حنذ،فهو بلد.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقولون:«إذا سقيت فأحنذ»أي أقلّ الماء و أكثر النّبيذ.و هو من الباب أيضا؛لأنّها تبقى بحرارتها إذا لم تكسر بالماء.(2:109)
الثّعالبيّ: في أحوال اللّحم المشويّ.
فإذا شوي على الحجارة المحماة،فهو حنيذ.(267)
ابن سيده: حنذ الجدي و غيره يحنذه حنذا:شواه، و جعل فوقه حجارة محماة لتنضجه.و قيل:حنذه:شواه حتّى قطر.
و قيل:حنذه:شواه فقط.و قيل:سمطه.
و لحم حنذ:مشويّ على هذه الصّفة،وصف بالمصدر.
و كذلك محنوذ و حنيذ.
و في التّنزيل: أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ.
و قيل:الحنيذ من اللّحم:الّذي يؤخذ فيقطّع أعضاء.
[و ذكر نحو ابن السّكّيت في الحنيذ و الحنذ]
و قيل:الحنيذ:المشويّ عامّة.
و قيل:الحنيذ:الشّواء الّذي لم يبالغ في نضجه.
و الفعل كالفعل.
و يقال:هو الشّواء المغموم الّذي يختر،أي يتغيّر و هي أقلّها.
و الشّمس تحنذ،أي تحرق،و حناذ محنذ،على المبالغة، أي حرّ محرق.
و حنذ الفرس يحنذه حنذا و حناذا فهو محنوذ و حنيذ:
أجراه أو ألقى عليه الجلال ليعرق.
و حنذ الكرم:فرغ من بعضه.
و حنذ له يحنذ:أقلّ الماء و أكثر الشّراب كأخفس.
و حنذ:موضع قريب من المدينة.
و حنّاذ:اسم.[و استشهد بالشّعر مرّتين]
(3:289)
الطّوسيّ: الحنيذ:المشويّ،و معناه محنوذ،فجاء «فعيل»بمعنى«مفعول»كطبيخ و مطبوخ،و قتيل و مقتول.
تقول:حنذه حنذا و يحنذه.[ثمّ استشهد بشعر]
(6:27)
نحوه الطّبرسيّ.(3:177)
الزّمخشريّ: حنذ اللّحم،إذا شواه على الحجارة المحماة،و شواء حنيذ.
و من المجاز:حنذتنا الشّمس،كما يقال:شوتنا و طبختنا.
و استحنذت في الشّمس:استعرقت بأن ألقي فيها عليّ الثّياب حتّى أعرق.
و حنذت الفرس حناذا،إذا جلّلته بعد أن تستحضره ليعرق.و الفرس في حناذه،و فرس محنوذ و حنيذ.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:إذا سقيته فاحنذ له،أي اسقه صرفا قليل المزاج،يحنذ جوفه.(أساس البلاغة:97)
ابن الأثير: فيه«أنّه أتي بضبّ محنوذ»أي مشويّ.
و منه قوله تعالى: بِعِجْلٍ حَنِيذٍ و منه حديث الحسن:
«عجّلت قبل حنيذها بشوائها»أي عجّلت بالقرى و لم تنتظر المشويّ.(1:450)
الصّغانيّ: حناذ مثل قطام:اسم للشّمس.[ثمّ استشهد بشعر]
و في واد السّتارين،من ديار بني سعد،على ثلاث
ص: 102
ليال من الأحساء:عين ماء يقال لذلك الماء:حنيذ.
و الحنيذ أيضا:الماء المسخن.و الحنيذ:ضرب من الدّهن.
و قد سمّت العرب:حنّاذا،بالفتح و التّشديد.
المحنذي،و المخنذي،و المحنظي،و المخنظي، و المعنظي و المغنظي:الشّتّام.و الحنيذ:غسل مطيّب.
و الحنذيذ:الكثير العرق من الخيل و من النّاس.
(2:375)
الفيروزآباديّ: حنذ الشّاة يحنذها حنذا و تحناذا:
شواها.و جعل فوقها حجارة محماة لتنضجها،فهي حنيذ، أو هو الحارّ الّذي يقطر ماؤه بعد الشّيّ.
و الفرس:ركضه و أعداه شوطا أو شوطين،ثمّ ظاهر عليه الجلال في الشّمس،ليعرق فهو حنيذ و محنوذ.
و الشّمس المسافر:أحرقته و صهرته.
و حنذ محرّكة:قرية قرب المدينة،أو ماء لبني سليم.
و الحنيذ:الماء المسخّن،و دهن،و الغسل المطيّب، و ماء في ديار بني سعد.
و كقطام:الشّمس.
و الحنذة بالضّمّ:الحرّ الشّديد.
و الحنذوة:شعبة من الجبل.
و الحنذيان بالكسر:الكثير الشّرّ.
و الحنذيذ بالكسر:الكثير العرق.
و المحنذي:الشّتّام.
و الإحناذ:الإكثار من المزاج في الشّراب،و قيل:
الإقلال منه،ضدّ.
و استحنذ:اضطجع في الشّمس ليعرق.و ككتّان:
اسم.(1:365)
مجمع اللّغة :حنذ اللّحم يحنذه حنذا:شواه بين حجرين.
فاللّحم:حنيذ.(1:304)
محمود شيت: حنذ الحرّ:اشتدّ،و العجل:شواه، و الفرس:ركضه.
الحنيذ:الماء السّاخن،و الحنيذ:السّمين، و المشويّ.(2:803)
المصطفويّ: الظّاهر أنّ الحنذ هو الإنضاج بعد الشّواء،أي مرتبة شديدة من الشّواء و بعده.
أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ هود:69،أي أحضر إبراهيم عجلا مشويّا مطبوخا منضجا.(2:318)
...فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ. هود:69
ابن عبّاس: مشويّ.(188)
مثله الثّوريّ.(الطّبريّ 12:70)
نضيج.
مثله قتادة و الضّحّاك.(الطّبريّ 12:70)
ما يشوي بخدّ في الأرض بلغة العمالقة،و ما يشوى بالحجارة بلغة هذيل.(اللّغات في القرآن:30)
مجاهد :المشويّ النّضيج.
نضيج سخن،أنضج بالحجارة.(الطّبريّ 12:70)
الضّحّاك: الّذي أنضج بالحجارة.
ص: 103
(الطّبريّ 12:70)
الحسن :حنيذ بمعنى نضيج مشويّ.
(الطّوسيّ 6:27)
نحوه القمّيّ.(1:332)
وهب بن منبّه:حنيذ،يعني شويّ.
(الطّبريّ 12:70)
الإمام الباقر عليه السّلام:يعني زكيّا مشويّا نضيجا.(الكاشانيّ 2:459)
زيد بن عليّ: الحنيذ:الشّواء الّذي يقطر.(219)
السّدّيّ: ذبحه ثمّ شواه في الرّضف،فهو الحنيذ حين شواه.(302)
الكلبيّ: و الحنيذ:الّذي يحنذ في الأرض.
(الطّبريّ 12:70)
الإمام الصّادق عليه السّلام:يعني مشويّا نضيجا.(الكاشانيّ 2:459)
أبو عبيدة :(حنيذ)في موضع محنوذ و هو المشويّ، يقال:حنذت فرسي،أي سخّنته و عرّقته.[ثمّ استشهد بشعر](1:292)
ابن قتيبة :مشويّ،يقال:حنذت الجمل،إذا شويته في خدّ من الأرض بالرّضف،و هي الحجارة المحماة.(205)
نحوه السّجستانيّ(86)،و النّسفيّ(2:197)،و ابن كثير(3:562)،و الشّربينيّ(1:69).
الطّبريّ: و أصله محنوذ،صرف من«مفعول»إلى «فعيل».
و قد اختلف أهل العربيّة في معناه:فقال بعض أهل البصرة منهم:معنى المحنوذ:المشويّ،قال:و يقال منه:
حنذت فرسي بمعنى سخّنته و عرّقته.[ثمّ استشهد بشعر]
و قال آخر منهم:حنذ فرسه:أضمره.
قالوا:حنذه يحنذه حنذا،أي عرّقه.
و قال بعض أهل الكوفة:كلّ ما انشوى في الأرض إذا خددت له فيه فدفنته و غممته،فهو الحنيذ و المحنوذ.
و الخيل تحنذ،إذا ألقيت عليها الجلال،بعضها على بعض لتعرق،قال:و يقال:إذا سقيت فاحنذ،يعني اخفس،يريد:أقلّ الماء و أكثر النّبيذ.[ثمّ نقل أقوال المفسّرين و قال:]و هذه الأقوال الّتي ذكرناها عن أهل العربيّة و أهل التّفسير:متقاربات المعاني بعضها من بعض،و موضع(ان)في قوله: أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ نصب بقوله: فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ. (12:69)
نحوه القرطبيّ.(9:63)
الزّجّاج: أي ما أقام حتّى جاء بعجل حنيذ.
و الحنيذ:المشويّ بالحجارة.
و قيل:الحنيذ:المشويّ حتّى يقطر.و العرب تقول:
احنذ الفرس،أي اجعل عليها الجلّ حتّى يقطر عرقا.
و قيل:الحنيذ:المشويّ فقط.
و قيل:الحنيذ:السّميط،و يقال:حنذته الشّمس و النّار،إذا شوته.(3:161)
نحوه الميبديّ.(4:413)
الماورديّ: في الحنيذ قولان:
أحدهما:أنّه الحارّ،...الثّاني:هو المشويّ نضيجا و هو المحنوذ،مثل طبيخ و مطبوخ،و فيه قولان:أحدهما:هو الّذي حفر له في الأرض ثمّ غمّ فيها.
ص: 104
الثّاني:هو أن يوقد على الحجارة،فإذا اشتدّ حرّها ألقيت في جوفه ليسرع نضجه.[و استشهد بالشّعر مرّتين](2:482)
الرّاغب: قال تعالى: أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ أي مشويّ بين حجرين،و إنّما يفعل ذلك لتتصبّب عنه اللّزوجة الّتي فيه.و هو من قولهم:حنذت الفرس:
استحضرته شوطا أو شوطين،ثمّ ظاهرت عليه الجلال، ليعرق و هو محنوذ و حنيذ،و قد حنذتنا الشّمس.و لمّا كان ذلك خروج ماء قليل،قيل:إذا سقيت الخمر أحنذ،أي قلّل الماء فيها،كالماء الّذي يخرج من العرق و الحنيذ.(133)
الزّمخشريّ: حنيذ:مشويّ بالرّضف في أخدود.
و قيل:حنيذ:يقطر دسمه؛من حنذت الفرس،إذا ألقيت عليها الجلّ حتّى تقطر عرقا.و يدلّ عليه بِعِجْلٍ سَمِينٍ الذّاريات:26.(2:280)
نحوه الفخر الرّازيّ(18:24)،و البيضاويّ(1:
474)،و النّيسابوريّ(12:44)،و الخازن(3:197)، و الآلوسيّ(12:94)،و القاسميّ(9:3464)،و حجازي (12:34).
ابن العربيّ: أي مشويّ و وصفه بالطّيبين:طيب السّمن،و طيب العمل بالإشواء،و هو أطيب للمحاولة في تناوله؛فكان لإبراهيم فيه ثلاث خصال:الضّيافة، و المبادرة بها جيّدا،لسمن فيها وصفا.(3:1063)
أبو حيّان :حنذت الشّاة أحنذها حنذا:شويتها، و جعلت فوقها حجارة لتنضجها،فهي حنيذ.
و حنذت الفرس:أحضرته شوطا أو شوطين،ثمّ ظاهرت عليه الجلال في الشّمس ليعرق.(5:236)
البروسويّ: الحنيذ:هو المشويّ في حفرة من الأرض بالحجارة المحماة بغير تنّور،و من غير أن تمسّه النّار كفعل أهل البادية،فإنّهم يشوون في الأخدود بالحجارة المحماة.
و في«الكواشي»حنيذ:مشويّ في حفيرة يقطر دسما؛من حنذت الفرس،إذا وضعت إليه جلاله،ليسيل عرقه.(4:161)
نحوه حسنين مخلوف.(369)
الطّباطبائيّ: الحنيذ:«فعيل»بمعنى«المفعول»أي المحنوذ،و هو اللّحم المشويّ على حجارة محماة بالنّار،كما أنّ القديد هو المشويّ على حجارة محماة بالشّمس،على ما ذكره بعض اللّغويّين.
و ذكر بعضهم:أنّه المشويّ الّذي يقطر ماء و سمنا.
و قيل:هو مطلق المشويّ.
فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ الذّاريات:26، لا يخلو من تأييد ما للمعنى الثّاني.(10:319)
بنت الشّاطئ: الكلمة وحيدة في القرآن صيغة و مادّة.
و قد اقتصر«ابن الأثير»على المشويّ دون قيد بالحجارة على حين زاده«الرّاغب»-و ذكرت قوله إلى أن قالت-و كلّ هذا تذكرة المعاجم،و تذكر معه حناذ كقطام:للشّمس.و استحنذ:اضطجع في الشّمس ليعرق.
و الخنذيذ:الكثير العرق.و الحنيذ:الماء المسخّن و الدّهن.
و يبدو أنّ نضج العرق ملحوظ في الحنيذ،يكون من
ص: 105
شيّ اللّحم بحجارة محماة كما يكون في المستحنذ،يضطجع في الشّمس ليعرق.
و في الفرس تظاهر عليه الجلال في الشّمس بعد الرّكض ليعرق.
و منه قيل للدّهن و الماء المسخّن:حنيذ.
و في حديث الحسن:«عجّلت قبل حنيذها بشوائها»،قال ابن الأثير:أي عجّلت بالقرى و لم تنتظر المشويّ.
و لعلّ الأولى أن يفهم منه:عجّلت به قبل أن يطيب شواؤه بنضح عرقه و رطوبته.(الإعجاز البيانيّ:452)
1-الأصل في هذه المادّة الحنذ،و هو شيّ اللّحم و إنضاجه؛يقال:حنذ الجدي و غيره يحنذه حنذا،أي شواه،فهو محنوذ و حنيذ،و حنذت الشّاة أحنذها حنذا:
شويتها و جعلت فوقها حجارة محماة لأنضجها،و أحنذت اللّحم:أنضجته،و حنذته الشّمس و النّار:شوتاه، و الشّمس تحنذ:تحرق؛يقال:حنذته الشّمس،أي أحرقته.
و الحنيذ:ما يحفر له في الأرض ثمّ يغمّم،أو يدسّ في النّار،أو يلقى فوقه الحجارة المحماة.
و الحنذ:إحضار الفرس شوطا أو شوطين،ثمّ يلقى عليه الجلال في الشّمس ليعرق تحتها؛يقال:حنذ الفرس يحنذه حنذا و حناذا،فهو محنوذ و حنيذ،و الخيل تحنّذ،إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعض لتعرق.
و الحنذ:تعريق الشّراب،أي صبّ فيه قليل من الماء؛يقال:إذا سقيت فاحنذ،و حنذ له يحنذ:أقلّ الماء و أكثر الشّراب كأخفس،و شراب محنذ:أكثر مزجه بالماء.
2-و الحنذ:شدّة الحرّ و إحراقه؛يقال:حناذ محنذ، أي حرّ محرق،على المبالغة،و هو إمّا من هذا الباب،و إمّا من(ح م ذ)أو(ه م ذ)على الإبدال؛قال ابن سيده:
الحماذيّ:شدّة الحرّ كالهماذيّ.
جاء منها«حنيذ»مرّة في آية:
1- ...قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
هود:69
يلاحظ أوّلا:أنّ الحنيذ«فعيل»بمعنى«مفعول»،أي المشويّ،و فيه بحوث:
1-قال الماورديّ: «في الحنيذ قولان:
أحدهما:أنّه الحارّ...
الثّاني:هو المشويّ نضيجا و هو المحنوذ،مثل:طبيخ و مطبوخ،و فيه قولان:
أحدهما:هو الّذي حفر له في الأرض ثمّ غمّ فيها...
الثّاني:هو أن يوقد على الحجارة،فإذا اشتدّ حرّها ألقيت في جوفه ليسرع نضجه...».
و الأظهر أنّه المشويّ دون حفر أو حجارة،و يؤيّده قوله: فَما لَبِثَ الّذي يدلّ على المبادرة و السّرعة، و هو لا يناسب القولين الأخيرين،لما في ذلك من الإبطاء و التّأخير.
2-روي أنّ زيد بن عليّ فسّر الحنيذ بأنّه«الشّواء
ص: 106
الّذي يقطر»،من قولهم:احنذ الفرس،أي اجعل عليه الجلّ حتى يقطر عرقا،و حنذت فرسي:سخّنته و عرّقته.
فمن قال بقطر دسم الشّواء جعل حنذ الفرس أصلا برأسه،و من قال بمطلق الشّواء،جعل الشّيّ هو الأصل، و حنذ الفرس مشتقّا منه،و هو الأظهر كما فعلنا.
و لعلّه أخذ من قوله: فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ الذّاريات:26،نظرا إلى سمنه و شحمه.
3-لفظ«حنيذ»من الألفاظ الوحيدة الجذر في القرآن،و هو لفظ مكّيّ كسائر نظائره الوحيدة الجذر الّتي وردت على وزن«فعيل»،فكلّها من سور مكّيّة،سوى لفظ واحد في سورة الحجّ،و هو لفظ(عميق)في قوله:
يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ الحجّ:27.
و قد اختلف في هذه السّورة،أ هي مكّيّة أو مدنيّة أو مختلطة؟الأصحّ أنّ منها مكّيّا و منها مدنيّا،لأنّ فيها لفظ يا أَيُّهَا النّاسُ الّذي يختصّ بالسّور المكّيّة غالبا، و فيها لفظ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الّذي يختصّ بالسّور المدنيّة فحسب.[لاحظ المدخل فصل السّور المكّيّة و المدنيّة]
و جاء لفظ واحد من هذه الألفاظ على وزن «فعيلة»في سورة المائدة المدنيّة،و هو لفظ(النّطيحة)في قوله تعالى: وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ المائدة:3.
أمّا سائر الألفاظ فهي تسعة،و منها«حنيذ»:
الجبين: فَلَمّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ الصّافّات:
103.
الحثيث: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً الأعراف:54.
الرّحيق: يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ المطفّفين:
25.
الزّنيم: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ القلم:13.
الضّنين: وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ التّكوير:
24.
الكثيب: وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً المزّمّل:14.
النّميم: هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ القلم:11.
الوتين: ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ الحاقّة:46.
كما جاء منها لفظان على وزن«فعيل»في سورتين مكّيّتين أيضا:
العزين: عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ المعارج:37.
العضين: اَلَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ الحجر:
91.
ص: 107
ص: 108
لفظان،12 مرّة:6 مكّيّة،6 مدنيّة
في 9 سور:4 مكّيّة،5 مدنيّة
حنيفا 10:6-4 حنفاء 2:-2
الخليل :الحنف:ميل في صدر القدم،و رجل أحنف،و رجل حنفاء.و يقال:سمّي الأحنف بن قيس به لحنف كان في رجله.
و السّيوف الحنفيّة تنسب إليه،لأنّه أوّل من عملها، أي أمر باتّخاذها،و هو في القياس:سيف أحنفيّ.
و بنو حنيفة:حيّ من ربيعة.
و يقال:تحنّف فلان إلى الشّيء تحنّفا،إذا مال إليه.
و حسب حنيف،أي حديث إسلاميّ،لا قديم له.
و الحنيف في قول:المسلم الّذي يستقبل قبلة البيت الحرام،على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما.
و القول الآخر:الحنيف:كلّ من أسلم في أمر اللّه فلم يلتو في شيء منه.و أحبّ الأديان إلى اللّه:الحنيفيّة السّمحة،و هي ملّة النّبيّ-صلّى اللّه عليه و آله-لا ضيق فيها و لا حرج.
[و استشهد بالشّعر مرّتين](3:248)
الكسائيّ: الحنف من كلّ حيوان في اليدين،و من الإنسان في الرّجلين.و أنت ابن أمة حنفاء اليدين.[ثمّ استشهد بشعر](أساس البلاغة:97)
أبو عمرو الشّيبانيّ: الأحنف:أن يكون في قدمه انحناء إلى أمامها.(1:144)
الأحنف:أن يكون في رجليه تقابل،كلّ واحدة مائلة إلى الأخرى،تجانفان.(1:145)
الحنيف:المائل من خير إلى شرّ،و من شرّ إلى خير.(الأزهريّ 5:109)
الفرّاء: الحنيف:من سنّته الاختتان.
(الأزهريّ 5:110)
أبو عبيدة :الحنيف في الجاهليّة:من كان على دين إبراهيم،ثمّ سمّي من اختتن و حجّ البيت:حنيفا.لمّا
ص: 109
تناسخت السّنون،و بقي من يعبد الأوثان من العرب، قالوا:نحن حنفاء على دين إبراهيم،و لم يتمسّكوا منه إلاّ بحجّ البيت،و الختان.
و الحنيف اليوم:المسلم.(1:58)
الأخفش: الحنيف:المسلم،و كان في الجاهليّة يقال لمن اختتن و حجّ البيت:حنيف،لأنّ العرب لم تتمسّك في الجاهليّة بشيء من دين إبراهيم غير الختان و حجّ البيت، فكلّ من اختتن و حجّ قيل له:حنيف.فلمّا جاء الإسلام عادت الحنيفيّة،فالحنيف:المسلم.(الأزهريّ 5:110)
أبو زيد :الحنيف:المستقيم.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 5:110)
الأصمعيّ: الحنف في القدمين:أن تميل كلّ واحدة منهما بإبهامها على صاحبتها.
و الحنيف:العادل عن دين،و به سمّيت الحنيفيّة،لأنّها مالت عن اليهوديّة و النّصرانيّة.[ثمّ استشهد بشعر]
(ابن دريد 2:178)
الحنف:إقبال القدم بأصابعها على الأخرى هذه على هذه،و هذه على هذه.و سمّي الأحنف بن قيس،لحنف كان برجليه،و هو الّذي اتّخذ السّيوف الحنيفيّة.
(الحربيّ 1:293)
كلّ من حجّ البيت فهو حنيف.(الصّغانيّ 4:455)
ابن الأعرابيّ: الحنفاء:شجرة،و الحنفاء:القوس، و الحنفاء:الموسى،و الحنفاء:السّلحفاة،و الحنفاء:
الحرباءة،و الحنفاء:الأمة المتلوّنة تكسل مرّة و تنشط أخرى.(الأزهريّ 5:111)
[الأحنف:]هو الّذي يمشي على ظهر قدمه من شقّها الّذي يلي خنصرها.(الجوهريّ 4:1347)
أبو حاتم: قلت للأصمعيّ:من أين عرف في الجاهليّة الحنيف عندهم؟فقال:لأنّه[من]عدل عن دين النّصارى فهو حنيف عندهم.و قال مرّة أخرى:كلّ من حجّ البيت فهو حنيف.
قال ثابت قطنة عن أبيه:حدّثني شيخان منّا قالا:كنّا في الجاهليّة بعمان،إذا أردنا الحجّ قلنا:هلمّوا نتحنّف.(ابن دريد 2:178)
ابن قتيبة :الحنيف:المستقيم.و قيل للأعرج:
حنيف؛نظرا له إلى السّلامة.(64)
الحربيّ: «سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:أيّ الأديان أحبّ إلى اللّه؟قال:الحنيفيّة السّمحة».
قوله:«الحنيفيّة السّمحة»،يقال:هي شريعة إبراهيم عليه السّلام.و يقال:الحنيف:المسلم؛و الجمع:الحنفاء، لأنّه تحنّف عن الأديان،و مال إلى الحقّ.[ثمّ استشهد بآية الأنعام:79،و الحجّ:30،31](1:291)
ابن دريد :الحنف:انقلاب القدم حتّى يصير ظهرها بطنها،و حنف الرّجل يحنف حنفا،و الرّجل أحنف،و المرأة حنفاء.[إلى أن قال:]
و بنو حنيفة:بطن من العرب.و إنّما سمّي حنيفة،لأنّه لقي جذيمة أبا حيّ من عبد القيس من العرب فضربه جذيمة فحنّفه،و ضرب هو جذيمة فجذمه،أي قطع يده،فسمّي هذا حنيفة،و سمّي هذا جذيمة.
و قد سمّت العرب حنيفا.و بنو حنيف:بطن من العرب.
و حنيف الحناتم:أحد أدلاّء العرب في الجاهليّة،و هو
ص: 110
من بكر بن وائل،تزعم العرب أنّه خرج يريد وبار ليدلّ عليها،فسفعته الجنّ فعمي،و كان يشمّ تراب الأرض فيستدلّ به.(2:178)
الصّاحب: الحنف:ميل في صدر القدم،و الرّجل أحنف،و به سمّي الأحنف.و هو في كلّ ذي أربع:في اليدين؛و من الإنسان:في الرّجلين.و السّيوف الحنيفيّة تنسب إليه.
و بنو حنيفة:رهط مسيلمة.
و الحنيف:المسلم؛و الجميع:الحنفاء،سمّي بذلك، لأنّه تحنّف عن الأديان كلّها،أي مال.
و الحنيف:الحاجّ،و القصير من الرّجال.
و تحنّف:تعبّد.
و الحسب الحنيف:الخالص.
و الحنيف:الحذّاء.(3:123)
الجوهريّ: الحنف:الاعوجاج في الرّجل،و هو أن تقبل إحدى إبهامي رجليه على الأخرى.و الرّجل أحنف،و منه سمّي الأحنف بن قيس،و اسمه صخر.
يقال:ضربت فلانا على رجله فحنفتها.
و الحنيف:المسلم،و قد سمّي المستقيم بذلك،كما سمّي الغراب أعور.
و تحنّف الرّجل،أي عمل عمل الحنيفيّة،و يقال:
اختتن،و يقال:اعتزل الأصنام و تعبّد.[ثمّ استشهد بشعر]
...و حنيفة:أبو حيّ من العرب،و هو حنيفة بن لجيم ابن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل.(4:1347)
ابن فارس: الحاء و النّون و الفاء أصل:مستقيم، و هو الميل.يقال للّذي يمشي على ظهور قدميه:أحنف.
و قال قوم-و أراه الأصحّ-:إنّ الحنف اعوجاج في الرّجل إلى داخل.و رجل أحنف،أي مائل الرّجلين، و ذلك يكون بأن تتدانى صدور قدميه و يتباعد عقباه.
و الحنيف:المائل إلى الدّين المستقيم،قال اللّه تعالى:
وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً آل عمران:67.
و الأصل هذا،ثمّ يتّسع في تفسيره،فيقال:الحنيف:
النّاسك،و يقال:هو المختون،و يقال:هو المستقيم الطّريقة.و يقال:هو يتحنّف،أي يتحرّى أقوم الطّريق.
(2:110)
أبو هلال :الفرق بين الحنف و الحيف:أنّ الحنف هو العدول عن الحقّ.و الحيف:الحمل على الشّيء حتّى ينقصه،و أصله من قولك:تحيّفت الشّيء،إذا تنقّصته من حافاته.(177)
الثّعالبيّ: الحنيف:الكتّان الرّديء.(79)
القيسيّ: و الحنيف في اللّغة:المستقيم.
فإن قيل لك:لم سمّي المعوجّ الرّجل أحنف؟
فقل:تطيّروا من الاعوجاج إلى الاستقامة،كما يقال للّديغ:سليم،و للأعمى:أبو بصير،و للأسود:أبو البيضاء، و للمهلكة:مفازة.
هذا قول أكثر النّحويّين.فأمّا ابن الأعرابيّ فزعم أنّ المفازة ليست مقلوبة،لأنّ العرب تقول فوّز الرّجل،إذا مات.و مثله:«جنّص».[ثمّ استشهد بشعر]
و الحنيف ستّة أشياء:المستقيم،و المعوّج،و المسلم، و المخلص،و المختون،و الحاجّ إلى بيت اللّه.
و من عمل بسنّة إبراهيم صلوات اللّه عليه سمّي
ص: 111
حنيفا.(146)
ابن سيده: الحنف في القدمين:إقبال كلّ واحدة منهما على الأخرى بإبهامها،و كذلك هو في الحافر في اليد و الرّجل.
و قيل:هو ميل كلّ واحدة من الإبهامين على صاحبتها حتّى يرى شخص أصلها خارجا.
و قيل:هو انقلاب القدم حتّى يصير بطنها ظهرها.
و قيل:ميل في صدر القدم.و قد حنف حنفا.
و رجل أحنف،و به سمّي الأحنف،لحنف كان في رجله.و قدم حنفاء.
و حنف عن الشّيء و تحنّف:مال.
و الحنيف:المسلم الّذي يتحنّف عن الأديان،أي يميل إلى الحقّ.
و قيل:هو الّذي يستقبل قبلة البيت على ملّة إبراهيم.
و قيل:هو المخلص.
و قيل:هو من أسلم في أمر اللّه فلم يلتو في شيء.
و جمعه:حنفاء.و قد حنّف و تحنّف.
و الدّين الحنيف:الإسلام.و الحنيفيّة:ملّة الإسلام.
و في الحديث:«أحبّ الأديان إلى اللّه:الحنيفيّة السّمحة»و يوصف به فيقال:ملّة حنيفيّة.
و قال ثعلب:الحنيفيّة:الميل إلى الشّيء،و ليس هذا بشيء.
و الحنيفيّة:ضرب من السّيوف،منسوبة إلى أحنف، لأنّه أوّل من عملها،و هو من المعدول الّذي على غير قياس.(3:382)
الرّاغب:الحنف:هو ميل عن الضّلال إلى الاستقامة،و الجنف:ميل عن الاستقامة إلى الضّلال، و الحنيف:هو المائل إلى ذلك.[ثمّ ذكر آيات و قال:]
و تحنّف فلان،أي تحرّى طريق الاستقامة،و سمّت العرب كلّ من حجّ أو اختتن حنيفا،تنبيها أنّه على دين إبراهيم صلّى اللّه عليه و سلّم.
و الأحنف:من في رجله ميل.
قيل:سمّي بذلك على التّفاؤل.و قيل:بل استعير للميل المجرّد.(133)
الزّمخشريّ: رجل أحنف:يمشي على ظهر قدميه، و به حنف،و قد حنفت رجله،و هي حنفاء...
و قد تحنّف إلى الشّيء،إذا مال إليه،و منه قيل لمن مال عن كلّ دين أعوج:هو حنيف،و له دين حنيف.
و تحنّف فلان،إذا أسلم.
و لفلان حسب حنيف،أي إسلاميّ حديث لا قديم له.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](أساس البلاغة:97)
[في حديث الأحنف:]«...فما رأيت خصلة تذمّ إلاّ و قد رأيتها فيه،كان صعل الرّأس...أحنف الرّجل...»
الحنف:أن تقبل كلّ واحدة من الرّجلين بإبهامها على الأخرى.
و قيل:هو أن يمشي الإنسان على ظهر قدميه.[ثمّ استشهد بشعر](الفائق 2:300)
المدينيّ: ...في حديث عياض بن حمار:«خلقت عبادي حنفاء».
قيل:معناه:طاهري الأعضاء من المعاصي،لا أنّهم خلقهم كلّهم مسلمين،لقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ
ص: 112
فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ التّغابن:2،و قوله تعالى:
وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ الأعراف:
179،و قوله عليه الصّلاة و السّلام:«الغلام الّذي قتله الخضر طبع كافرا»،و قوله:«إنّ اللّه تعالى خلق النّار، و خلق لها أهلا،خلقهم لها و هم في أصلاب آبائهم».
و يحتمل أنّ معنى الحنيفيّة حين أخذ عليهم الميثاق أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ الأعراف:172،فليس يوجد أحد إلاّ و هو مقرّ بأنّ له ربّا،و إن أشرك به.قال اللّه تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ الزّخرف:87.
و لقوله عليه الصّلاة و السّلام:«فاجتالتهم الشّياطين عن دينهم»هو إضافة سبب،و هو أنّه تعالى جعل الشّيطان سببا لإظهار مشيئته فيهم.(1:512)
ابن الأثير: فيه:«خلقت عبادي حنفاء»[ثمّ ذكر نحو المدينيّ و أضاف:]
...فلا يوجد أحد إلاّ و هو مقرّ بأنّ له ربّا و إن أشرك به،و اختلفوا فيه.
و الحنفاء:جمع حنيف،و هو المائل إلى الإسلام الثّابت عليه.
و الحنيف عند العرب:من كان على دين إبراهيم عليه السّلام.
و أصل الحنف:الميل.
و فيه:«أنّه قال لرجل:ارفع إزارك،قال:إنّي أحنف» الحنف:إقبال القدم بأصابعها على القدم الأخرى.
(1:451)
الصّغانيّ: الحنفاء:القوس،و الموسى،و السّلحفاة، و الحرباءة،و الأطوم؛و هي سمكة في البحر كالملكة.
(4:456)
الفيّوميّ: الحنف:الاعوجاج في الرّجل إلى داخل، و هو مصدر من باب«تعب»،فالرّجل أحنف؛و به سمّي.
و يصغّر على:حنيف،تصغير التّرخيم؛و به سمّي أيضا،و هو الّذي يمشي على ظهور قدميه.
و الحنيف:المسلم،لأنّه مائل إلى الدّين المستقيم.
و الحنيف:النّاسك.(1:154)
الفيروزآباديّ: الحنف،محرّكة:الاستقامة و الاعوجاج في الرّجل،أو أن يقبل إحدى إبهامي رجليه على الأخرى،أو أن يمشي على ظهر قدميه من شقّ الخنصر،أو ميل في صدر القدم.
و قد حنف كفرح و كرم،فهو أحنف،و رجل حنفاء.
و كضرب:مال.
و صخر أبو بحر الأحنف بن قيس:تابعيّ كبير، و السّيوف الحنيفيّة تنسب له،لأنّه أوّل من أمر باتّخاذها، و القياس أحنفيّ.
و الحنفاء:القوس،و الموسى،و فرس حذيفة بن بدر،و ماء لبني معاوية،و شجرة،و الأمة المتلوّنة تكسل مرّة و تنشط أخرى،و الحرباء،و السّلحفاة،و الأطوم لسمكة بحريّة.
و الحنيف كأمير:الصّحيح الميل إلى الإسلام الثّابت عليه،و كلّ من حجّ،أو كان على دين إبراهيم صلّى اللّه عليه و سلّم، و القصير،و الحذّاء،و واد...
و حنفه تحنيفا:جعله أحنف.
و أبو حنيفة:كنية عشرين من الفقهاء،أشهرهم إمام الفقهاء النّعمان.
و تحنّف:عمل عمل الحنفيّة،أو اختتن،أو اعتزل
ص: 113
عبادة الأصنام،و إليه مال.(3:134)
الطّريحيّ: الحنيف:المسلم المائل إلى الدّين المستقيم.و الجمع:حنفاء.
و الحنيف:المسلم،لأنّه تحنّف،أي تحرّى الدّين المستقيم.
و الحنف،محرّكة:الاستقامة،و منه قوله:«دين محمّد حنيف»أي مستقيم لا عوج فيه.
و الحنيف عند العرب:من كان على دين إبراهيم عليه السّلام.
و أصل الحنف:الميل.و منه:«بعثت بالحنيفيّة السّمحة السّهلة»أي المستقيمة المائلة عن الباطل إلى الحقّ.
و مثله:«أحبّ دينكم إلى اللّه الحنيفيّة»أي الطّريقة الحنيفيّة الّتي لا ضيق فيها.
و في الحديث القدسيّ: «خلقت عبادي حنفاء»أي مستعدّين لقبول الحقّ،و هو في معنى:«كلّ مولود يولد على الفطرة»...
و في الحديث:«السّواك من الحنيفيّة»أي من السّنن الحنيفيّة،و هي عشر سنن-الحديث.
و تحنّف الرّجل:عمل بالحنيفيّة...
و أولاد الأحناف:هم الأخوة من أمّ واحدة و آباء متعدّدة.(5:40)
مجمع اللّغة :حنف يحنف حنفا:مال.
و الحنيف:المخلص الّذي أسلم لأمر اللّه،فلم يلتو في شيء من دينه،و جمعه:حنفاء.(1:304)
محمّد إسماعيل إبراهيم:حنف:مال،و تحنّف:
تحرّى طريق الاستقامة،و الحنيف:المسلم.و حنيفا:مائلا و مبتعدا عن الباطل و متّصلا بالحقّ.
و الحنيف المسلم:هو الخارج و كلّ من كان على دين إبراهيم؛و الجمع:حنفاء.(1:148)
الطّباطبائيّ: الحنف:الميل من الطّرفين إلى حاقّ الوسط و هو الاعتدال.(12:368)
المصطفويّ: التّحقيق أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو الاعتدال في المشي و التّأنّي و السّكون فيه، بحيث لا يلحقه تعدّى و لا تجاوز عن خطّ المشي،و هذا المعنى أعمّ من السّلوك الظّاهريّ أو المعنويّ.
و بمناسبة هذا الأصل يطلق على المستقيم،و المائل عن الضّلال،و النّاسك،و من كان على ملّة إبراهيم، و المتعبّد،و المعتزل عن الأصنام.
و أمّا الاعوجاج في الرّجل:فبمناسبة إيجابه السّكينة في المشي،و التّأنّي،و الاعتدال.و يمنع عن التّجاوز و العدو و الخروج عن الصّراط المستقيم،ففي التّعبير به في هذا المورد تأدّب و حفظ احترام و حسن تعبير،كما في كثير من الكلمات العربيّة المعبّر بها عن مفاهيم سيّئة،كالبول و الغائط و الفرج و غيرها.(2:319)
وَ قالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. البقرة:135
ابن عبّاس: مسلما مخلصا.(19)
حاجّا.
ص: 114
نحوه مجاهد،و الضّحّاك،و الحسن،و العوفيّ.
(الطّبريّ 1:565)
الحنيف:المائل عن الأديان كلّها إلى دين الإسلام.
(الثّعلبيّ 1:282)
نحوه الكاشانيّ(1:174)،و المراغيّ(1:223).
سعيد بن جبير: الحنيف:هو الحاجّ المختتن.
(البغويّ 1:172)
مجاهد :الحنيفيّة:اتّباع إبراهيم فيما أتى به من الشّريعة الّتي صار بها إماما للنّاس.(الواحديّ 1:218)
الحنيفيّة:اتّباع الحقّ.(الطّبرسيّ 1:216)
الضّحّاك: إذا كان مع الحنيف«المسلم»فهو الحاجّ، و إذا لم يكن فهو المسلم.(الثّعلبيّ 1:283)
الإمام الباقر عليه السّلام:ما أبقت الحنيفيّة شيئا حتّى إنّ منها قصّ الشّارب و قلم الأظفار و الختان.
(العيّاشيّ 1:158)
ابن كعب القرظيّ: كلّ من أسلم للّه و لم ينحرف عنه في شيء فهو حنيف.(الفخر الرّازيّ 4:90)
قتادة :الحنيفيّة:الختان،و تحريم الأمّهات و البنات و الأخوات و العمّات و الخالات،و إقامة المناسك.
(البغويّ 1:172)
زيد بن عليّ: الحنيف:المسلم،و كان الحنيف في الجاهليّة:من اختتن و حجّ البيت.(139)
السّدّيّ: مخلصا.(الطّبريّ 1:566)
مثله مقاتل.(الثّعلبيّ 1:283)
الإمام الصّادق عليه السّلام:الحنيفيّة:هي الإسلام.
(العيّاشيّ 1:158)
اليزيديّ: الحنيف:من كان على دين إبراهيم عليه السّلام.
(82)
الرّياشيّ: الحنيفيّة هي الاستقامة.و إنّما قيل للّذي يقبل بإحدى قدميه على الأخرى:أحنف،تفاؤلا بالسّلامة،كما قيل للمهلكة:مفازة،تفاؤلا بالفوز، و النّجاة.(الطّوسيّ 1:479)
نحوه ابن قتيبة.(64)
الطّبريّ: [ذكر في معنى الحنيف نحو الرّياشيّ و قال:]
فمعنى الكلام إذا:قل يا محمّد:بل نتّبع ملّة إبراهيم مستقيما،فيكون الحنيف حينئذ حالا من إبراهيم.
و أمّا أهل التّأويل،فإنّهم اختلفوا في تأويل ذلك، فقال بعضهم:الحنيف:الحاجّ.و قيل:إنّما سمّي دين إبراهيم الإسلام:الحنيفيّة،لأنّه أوّل إمام لزم العباد الّذين كانوا في عصره؛و الّذين جاءوا بعده إلى يوم القيامة اتّباعه في مناسك الحجّ،و الائتمام به فيه.قالوا:فكلّ من حجّ البيت فنسك مناسك إبراهيم على ملّته،فهو حنيف مسلم على دين إبراهيم.
و قال آخرون:الحنيف:المتّبع،كما وصفنا قبل،من قول الّذين قالوا:إنّ معناه الاستقامة.
و قال آخرون:إنّما سمّي دين إبراهيم الحنيفيّة،لأنّه أوّل إمام سنّ للعباد الختان،فاتّبعه من بعده عليه.قالوا:
فكلّ من اختتن على سبيل اختتان إبراهيم،فهو على ما كان عليه إبراهيم من الإسلام،فهو حنيف على ملّة إبراهيم.
و قال آخرون: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً، بل ملّة
ص: 115
إبراهيم مخلصا،فالحنيف على قولهم:المخلص دينه للّه وحده.
و قال آخرون:بل الحنيفيّة الإسلام،فكلّ من ائتمّ بإبراهيم في ملّته فاستقام عليها فهو حنيف.
الحنيف عندي هو الاستقامة على دين إبراهيم، و اتّباعه على ملّته؛و ذلك أنّ الحنيفيّة لو كانت حجّ البيت،لوجب أن يكون الّذين كانوا يحجّونه في الجاهليّة من أهل الشّرك كانوا حنفاء،و قد نفى اللّه أن يكون ذلك تحنّفا بقوله: وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فكذلك القول في الختان،لأنّ الحنيفيّة لو كانت هي الختان،لوجب أن يكون اليهود حنفاء،و قد أخرجهم اللّه من ذلك بقوله: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً فقد صحّ إذا أنّ الحنيفيّة ليست الختان وحده،و لا حجّ البيت وحده، و لكنّه هو ما وصفنا من الاستقامة على ملّة إبراهيم، و اتّباعه عليها،و الائتمام به فيها.
فإن قال قائل:أو ما كان من كان من قبل إبراهيم صلّى اللّه عليه و سلّم من الأنبياء و أتباعهم مستقيمين على ما أمروا به من طاعة اللّه استقامة إبراهيم و أتباعه؟قيل:بلى.
فإن قال قائل:فكيف أضيف الحنيفيّة إلى إبراهيم و أتباعه على ملّته خاصّة،دون سائر الأنبياء قبله و أتباعهم؟
قيل:إنّ كلّ من كان قبل إبراهيم من الأنبياء كان حنيفا،متّبعا طاعة اللّه،و لكنّ اللّه تعالى ذكره لم يجعل أحدا منهم إماما لمن بعده من عباده إلى قيام السّاعة، كالّذي فعل من ذلك بإبراهيم،فجعله إماما فيما بيّنه من مناسك الحجّ و الختان؛و غير ذلك من شرائع الإسلام، تعبّدا به أبدا إلى قيام السّاعة،و جعل ما سنّ من ذلك علما مميّزا بين مؤمني عباده و كفّارهم،و المطيع منهم له و العاصي،فسمّي الحنيف من النّاس حنيفا باتّباعه ملّته و استقامته،على هديه و منهاجه،و سمّي الضّال عن ملّته بسائر أسماء الملل،فقيل:يهوديّ و نصرانيّ و مجوسيّ، و غير ذلك من صنوف الملل.(1:564)
الزّجّاج: و نصب(حنيفا)على الحال،المعنى:بل نتّبع ملّة إبراهيم في حال حنيفيّته،و معنى الحنيفيّة في اللّغة:
الميل،فالمعنى:أنّ إبراهيم حنيف إلى دين اللّه،دين الإسلام،كما قال عزّ و جلّ: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ آل عمران:19،فلم يبعث نبيّ إلاّ به،و إن اختلفت شرائعهم.
فالعقد توحيد اللّه عزّ و جلّ،و الإيمان برسله و إن اختلفت الشّرائع،إلاّ أنّه لا يجوز أن تترك شريعة نبيّ أو يعمل بشريعة نبيّ قبله،تخالف شريعة نبيّ الأمّة الّتي يكون فيها.(1:213)
القمّيّ: الحنيفيّة،و هي الطّهارة،و هي عشرة أشياء:
خمسة في الرّأس،و خمسة في البدن.
فأمّا الّتي في الرّأس:فأخذ الشّارب،و إعفاء اللّحى، و طمّ الشّعر،و السّواك،و الخلال.
و أمّا الّتي في البدن:فحلق الشّعر من البدن،و الختان، و قلم الأظفار،و الغسل من الجنابة،و الطّهور بالماء.فهذه خمسة في البدن،و هو الحنيفيّة الطّهارة الّتي جاء بها إبراهيم،فلم تنسخ إلى يوم القيامة،و هو قوله: وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً النّساء:125.(1:59)
ص: 116
السّجستانيّ: [الحنيف:]من كان على دين إبراهيم عليه السّلام،ثمّ يسمّى من كان يختتن و يحجّ البيت في الجاهليّة حنيفا.و الحنيف اليوم:المسلم.
و يقال:إنّما سمّي إبراهيم حنيفا،لأنّه كان حنف عمّا يعبد أبوه و قومه من الآلهة إلى عبادة اللّه عزّ و جلّ،أي عدل عن ذلك و مال...(18)
الأصمّ:الحنيفيّة:إخلاص العمل.و تقديره:بل نتّبع ملّة إبراهيم الّتي هي التّوحيد.(الفخر الرّازيّ 4:90)
القفّال:و بالجملة فالحنيف:لقب لمن دان بالإسلام كسائر ألقاب الدّيانات،و أصله من إبراهيم عليه السّلام.
(الفخر الرّازيّ 4:90)
الثّعلبيّ: نصب على القطع.أراد بل ملّة إبراهيم الحنيف،فلمّا أسقطت الألف و اللاّم لم تتبع النّكرة المعرفة، فانقطع منه فنصب،قاله نحاة الكوفة.و قال أهل البصرة:
نصب على الحال.(1:282)
نحوه البغويّ.(1:172)
القيسيّ: انتصب(ملّة)على إضمار فعل،تقديره:بل نتّبع ملّة.و(حنيفا)حال من(ابراهيم)،لأنّ معنى«بل نتّبع ملّة إبراهيم»:بل نتّبع إبراهيم.و قيل:انتصبت على إضمار «أعني»؛إذ لا تقع الحال من المضاف إليه.(1:73)
نحوه أبو البركات.(1:125)
الماورديّ: فيه أربعة تأويلات:[ثمّ ذكر قول السّدّيّ و مجاهد و ابن عبّاس]
...و الرّابع:المستقيم.
و في أصل الحنيف في اللّغة وجهان:أحدهما:الميل، و المعنى أنّ إبراهيم حنف إلى دين اللّه،و هو الإسلام فسمّي حنيفا،و قيل للرّجل:أحنف،لميل كلّ واحدة من قدميه إلى أختها.
و الوجه الثّاني:[ذكر نحو الرّياشيّ.](1:194)
نحوه ابن الجوزيّ.(1:150)
الزّمخشريّ: (حنيفا)حال من المضاف إليه، كقولك:رأيت وجه هند قائمة.و الحنيف:المائل عن كلّ دين باطل إلى دين الحقّ.و الحنف:الميل في القدمين، و تحنّف،إذا مال.[ثمّ استشهد بشعر](2:314)
نحوه النّسفيّ.(1:77)
ابن عطيّة: (حنيفا)حال،و قيل:نصب بإضمار فعل،لأنّ الحال تعلّق من المضاف إليه.[إلى أن قال:]
و يجيء الحنيف في الدّين المستقيم على جميع طاعات اللّه عزّ و جلّ.و قد خصّص بعض المفسّرين، فقال قوم:الحنيف:الحاجّ،و قال آخرون:المختتن، و هذه أجزاء الحنف.(1:214)
الطّبرسيّ: مستقيما.و قيل:مائلا إلى دين الإسلام.و في الحنيفيّة أربعة أقوال:[ذكر قول ابن عبّاس الثّاني و قولي مجاهد،و قال:]
الرّابع:إنّها الإخلاص للّه وحده في الإقرار بالرّبوبيّة و الإذعان للعبوديّة.و كلّ هذه الأقوال ترجع إلى ما قلناه من معنى الاستقامة و الميل إلى ما أتى به إبراهيم عليه السّلام من الملّة.(1:216)
الفخر الرّازيّ: لأهل اللّغة في الحنيف قولان:
الأوّل:أنّ الحنيف هو المستقيم،و منه قيل للأعرج:
أحنف،تفاؤلا بالسّلامة،كما قالوا للّديغ:سليم.
و للمهلكة:مفازة.قالوا:فكلّ من أسلم للّه و لم ينحرف
ص: 117
عنه في شيء فهو حنيف،و هو مرويّ عن محمّد بن كعب القرظيّ.
الثّاني:أنّ الحنيف:المائل،لأنّ الأحنف هو الّذي يميل كلّ واحد من قدميه إلى الأخرى بأصابعها.و تحنّف،إذا مال،فالمعنى أنّ إبراهيم عليه السّلام حنف إلى دين اللّه،أي مال إليه.فقوله: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً أي مخالفا لليهود، و النّصارى منحرفا عنهما.[ثمّ ذكر بعض أقوال المفسّرين و قد سبقت](4:90)
العكبريّ: (حنيفا)حال من(ابراهيم)،و الحال من المضاف إليه ضعيف في القياس قليل في الاستعمال.
و سبب ذلك أنّ الحال لا بدّ لها من عامل فيها،و العامل فيها هو العامل في صاحبها،و لا يصحّ أن يعمل المضاف في مثل هذا في الحال.
و وجه قول من نصبه على الحال أنّه قدّر العامل معنى اللاّم أو معنى الإضافة،و هو المصاحبة و الملاصقة.
و قيل:حسن جعل(حنيفا)حالا،لأنّ المعنى:نتّبع إبراهيم حنيفا؛و هذا جيّد،لأنّ«الملّة»هي الدّين،و المتّبع إبراهيم.
و قيل:هو منصوب بإضمار:أعني.(1:120)
القرطبيّ: مائلا عن الأديان المكروهة إلى الحقّ دين إبراهيم.[ثمّ ذكر قول الزّجّاج و أضاف:]
و قال عليّ بن سليمان:هو(حنيفا)منصوب على «أعني»و الحال خطأ،لا يجوز:جاءني غلام هند مسرعة.
[ثمّ أدام نحو الزّمخشريّ](2:139)
البيضاويّ: مائلا عن الباطل إلى الحقّ،حال من المضاف أو المضاف إليه،كقوله: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً الحجر:47.(1:84)
نحوه أبو السّعود.(1:204)
النّيسابوريّ: (حنيفا)حال من المضاف إليه كقولك:رأيت وجه هند قائمة؛و ذلك أنّ المضاف إليه متضمّن للحرف فيقتضي متعلّقا هو الفعل أو شبهه؛ و حينئذ يشتمل على فاعل و مفعول،فالحال عن المضاف إليه ترجع في التّحقيق إلى الحال عن أحدهما...
(1:468)
الشّربينيّ: (حنيفا)حال من المضاف إليه،كقولك:
رأيت وجه هند قائمة،لكن هذا جزاء حقيقة،و(ملّة) كالجزء.(1:96)
البروسويّ: [نحو البيضاويّ إلاّ أنّه قال:]
أو من المضاف و هو الملّة،و تذكير(حنيفا)حينئذ، بتأويل الملّة بالدّين،لأنّهما متّحدان ذاتا و التّغاير بالاعتبار.(1:241)
الآلوسيّ: أي مستقيما أو مائلا عن الباطل إلى الحقّ،و يوصف به المتديّن و الدّين،و هو حال:إمّا من المضاف بتأويل الدّين،أو تشبيها له ب«فعيل»بمعنى «مفعول»كما في قوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ الأعراف:56،و هذا على قراءة النّصب، و تقدير(نتّبع)ظاهر،و إمّا على تقدير:(تكون عليها) فلأنّ(ملّة)فاعل الفعل المستفاد من الإضافة،أي تكون ملّة ثبتت لإبراهيم.
و على قراءة الرّفع تكون الحال مؤكّدة لوقوعها بعد جملة اسميّة،جزءاها جامدان معرفتان مقرّرة لمضمونها، لاشتهار ملّته عليه الصّلاة و السّلام بذلك.
ص: 118
فالنّظم على حدّ:أنا حاتم جوادا،أو من المضاف إليه بناء على ما ارتضوه:من أنّه يجوز مجيء الحال منه في ثلاث صور:إذا كان المضاف مشتقّا عاملا،أو جزء،أو بمنزلة الجزء في صحّة حذفه كما هنا،فإنّه يصحّ:اتّبعوا إبراهيم،بمعنى:اتّبعوا ملّته.
و قيل:إنّ الّذي سوّغ وقوع الحال من المضاف إليه، كونه مفعولا لمعنى الفعل المستفاد من الإضافة أو اللاّم- و إليه يشير كلام أبي البقاء-و لعلّه أولى لاطّراده في التّقدير الأوّل.
و قيل:هو منصوب بتقدير:أعني.(1:394)
القاسميّ: مستقيما،أو مائلا عن الباطل إلى الحقّ.
[ثمّ ذكر نحو الرّياشيّ و قال:]
و يطلق على ميل في صدر القدم،و اعوجاج في الرّجل،فالحنيف:المستقيم على إسلامه للّه تعالى،المائل عن الشّرك إلى دين اللّه سبحانه.(2:270)
رشيد رضا :أي بل نتّبع أو اتّبعوا ملّة إبراهيم الّذي لا نزاع في هداه و لا في هديه،فهي الملّة الحنيفيّة القائمة على الجادّة بلا انحراف و لا زيغ.العريقة في التّوحيد و الإخلاص بلا و ثنيّة و لا شرك.
و الحنيف في اللّغة:المائل.و إنّما أطلق على إبراهيم، لأنّ النّاس في عصره كانوا على طريقة واحدة و هي الكفر،فخالفهم كلّهم و تنكّب طريقتهم،و لا يسمّى المائل حنيفا إلاّ إذا كان الميل عن الجادّة المعبّدة.و في «الأساس»:من مال عن كلّ دين أعوج.و يطلق على المستقيم،و به فسّر الكلمة بعضهم و أورد له شاهدا من اللّغة،و هو أقرب.
و من التّأويلات البعيدة:ما روي من تفسير الحنيف بالحاجّ،و وجّه القول به أنّه ممّا حفظ من دين إبراهيم.(1:480)
ابن عاشور :و الحنيف«فعيل»بمعنى«فاعل» مشتق من«الحنف»بالتّحريك،و هو الميل في الرّجل.
[ثمّ استشهد بشعر]
و المراد-الميل في المذهب-:أنّ الّذي به حنف يميل في مشيه عن الطّريق المعتاد،و إنّما كان هذا مدحا للملّة، لأنّ النّاس يوم ظهور ملّة إبراهيم كانوا في ضلالة عمياء، فجاء دين إبراهيم مائلا عنهم فلقّب بالحنيف،ثمّ صار الحنيف لقب مدح بالغلبة.
و الوجه أن يجعل(حنيفا)حالا من(إبراهيم)،و هذا من مواضع الاتّفاق على صحّة مجيء الحال من المضاف إليه،و لك أن تجعله حالا ل(ملّة)إلاّ أنّ«فعيلا»بمعنى «فاعل»يطابق موصوفه،إلاّ أن تؤوّل(ملّة)ب«دين» على حدّ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ الأعراف:56،أي إحسانه،أو تشبيه«فعيل»إلخ بمعنى «فاعل»ب«فعيل»بمعنى«مفعول».
و قد دلّت هذه الآية على أنّ الدّين الإسلاميّ من إسلام إبراهيم.(1:717)
المصطفويّ: [ذكر عدّة آيات ثمّ قال:]
فالحنيف،هو ذو الوقار و الطّمأنينة و السّلامة،بعيدا عن الإفراط و التّفريط،و الشّدّة و الحدّة،و التّجاوز عن الاستقامة و الملائمة،و يلازم هذا المعنى مصونيّته عن الشّرك و عن ما يقوله اليهود و النّصارى من أقوال حادّة، خارجة عن الاعتدال و الحقيقة.
ص: 119
فظهر أنّ الإسلام في قبال الحقّ،و القنوت للّه،و إقامة الوجه للدّين،و العبادة بالإخلاص له في الدّين،و التّنزّه عمّا يقوله المبطلون:كلّها من آثار الحنيفيّة (1)و من لوازمها.
و يظهر من الآية الكريمة الأخيرة:أنّ كلّ فرد من أهل الكتاب يكلّف أن يكون مستقيما في برنامج دينه، سالما محفوظا عن الحدّة و الشّدّة،و الميل يمينا و شمالا،و عن الإفراط و التّفريط،و هذا الحكم يشمل أفراد المسلمين أيضا.(2:320)
الطّالقانيّ: الحنيف:المائل،و المستقيم،و المتمسّك بالإسلام،و التّابع لدين إبراهيم.(1:315)
سمّي إبراهيم حنيفا،لأنّه أعرض عن الكفر و الشّرك،و أقبل على التّوحيد الفطريّ،و استقام على طريقه؛إذ الحنيف:هو المائل عن الطّريق المعبّد العامّ، و لزم الطّريق الحقّ المستقيم.
و قيل:الحنيف هو الحاجّ،فالبيت الحرام و مناسكه مظهر لشريعة إبراهيم عليه السّلام،و حافظ لها.أو أنّ الحاجّ:
القاصد لسبيل اللّه.
و سمّي بعض العرب قبل الإسلام«الحنفاء»و دينهم «الحنيفيّة»لزعمهم أنّهم على ملّة إبراهيم عليه السّلام.
(1:316)
مكارم الشّيرازيّ: التّديّن الخالص هو اتّباع الخطّ التّوحيديّ،غير المشوب بالشّرك.و رعاية هذا الأساس أهمّ معيار للتّمييز بين الأديان الصّحيحة و الأديان المنحرفة.(1:343)
[و نصوص باقي الآيات قريبة من ذلك فلا نعيدها]
2- ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. آل عمران:67
ابن عبّاس: حاجّا،(مسلما)مخلصا.(49)
الإمام الصّادق عليه السّلام: حَنِيفاً مُسْلِماً خالصا مخلصا ليس فيه شيء من عبادة الأوثان.
(العروسيّ 1:352)
الطّبريّ: متّبعا أمر اللّه و طاعته،مستقيما على محجّة الهدى الّتي أمر بلزومها.(3:307)
الزّجّاج: ...معنى الحنيفيّة في الاسلام:الميل إليه و الإقامة على ذلك العقد.(1:427)
نحوه النّحّاس.(1:419)
الثّعلبيّ: فالحنيف:الّذي يوحّد و يحجّ و يضحّي و يختتن،و يستقبل الكعبة.و هو أسهل الأديان و أحبّها إلى اللّه،و أهله أكرم الخلق على اللّه.(3:88)
ابن عاشور :قوله: وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً... أفاد الاستدراك بعد نفي الضّدّ،حصرا لحال إبراهيم فيما يوافق أصول الإسلام،و لذلك بيّن(حنيفا)بقوله:(مسلما) لأنّهم يعرفون معنى الحنيفيّة و لا يؤمنون بالإسلام، فأعلمهم أنّ الإسلام هو الحنيفيّة.(3:122)
عبد الكريم الخطيب :قوله تعالى: وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً تعريض بما عليه أهل الكتاب-اليهود و النّصارى-من انحراف عن الدّين القويم،الدّين الّذي جاء به أنبياء اللّه إلى عباد اللّه!
و الحنيف،هو المتعبّد للّه،الرّاكع السّاجد لعزّته و جلاله،المائل عن طرق الهوى و الضّلال.و المسلم:هو!!
ص: 120
من أسلم وجهه للّه،و أقامه عليه وحده،دون أن يلتفت إلى سواه.
و اليهود و النّصارى،لم يسلموا وجههم لإله واحد، قائم على هذا الوجود،متفرّد به؛إذ جعل اليهود إلههم إلها فرديّا،هو ربّهم،و قائد جنودهم،و قائم على تدبير شئونهم،هم وحدهم.أمّا النّاس جميعا غيرهم،فلهم إلههم أو آلهتهم!و لا شأن لهذا الإله أو تلك الآلهة باليهود، كما لا شأن لليهود بها.هكذا يعتقدون.
أمّا النّصارى فإلههم هو ثلاثة:أب،و ابن،و روح قدس،تجتمع و تتفرّق،فإذا اجتمعت كانت إلها واحدا، و إذا تفرّقت كان كلّ منها إلها كاملا.
و هذا و ذاك،على غير الحقّ،و على غير ما يدين به إبراهيم،الّذي ينسبون دينهم إليه،لأنّ ذلك شرك،و اللّه تعالى يقول في إبراهيم: وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فكيف ينتسب إليه المشركون؟و كيف تصحّ تلك النّسبة، أو تستقيم على وجه؟(2:488)
3- إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. الأنعام:79 أبو العالية :الحنيف:الّذي يستقبل البيت في صلاته.(الفخر الرّازيّ 12:58)
عزّة دروزة :تعليق على وصف إبراهيم عليه السّلام بالحنيف:و هذه أوّل مرّة وصف بها إبراهيم عليه السّلام في القرآن بالحنيف،ثمّ تكرّر ذلك.و قد علّقنا على هذه الكلمة في سياق تفسير سورة يونس بما فيه الكفاية.غير أنّنا بمناسبة وصف إبراهيم بها نقول:إنّ بعض المستشرقين و منهم كايتاني الطّليانيّ،قالوا:إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم هو أوّل من أشار إلى ملّة إبراهيم و وصفه بالحنيف،و أنّ هذا كان مجهولا في أوساط العرب.
و هذا خطأ فيما نعتقد،فورود الكلمة مكرّرة في القرآن المكّيّ في صور وصف ملّة إبراهيم،و الرّوايات المرويّة عن وجود أشخاص كانوا على ملّة إبراهيم موحّدين غير مشركين،و كانوا يسمّونها بالحنيفيّة-على ما ذكرناه في سياق تفسير سورة يونس-دلائل قويّة على أنّ«وصف إبراهيم بالحنيف»كان مستعملا قبل نزول القرآن،و أنّ ملّة إبراهيم الحنيفيّة كان ممّا يذكر في أوساط العرب،و أنّ هذا الوصف كان يعني التّوحيد و عدم الشّرك،كما جاء في آيات عديدة،منها إحدى آيات الفصل الّذي نحن في صدده.و منها: حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ الحجّ:31.
و لا سيّما أنّ في القرآن إشارات عديدة-كما قلنا- تفيد تداول العرب صلتهم البنويّة بإبراهيم و ملّته.
و المماراة في هذا مكابرة لا شكّ فيها...(4:188)
4- قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
الأنعام:161
الواحديّ: (حنيفا)منصوب على الحال من (ابراهيم)،و المعنى:عرّفني ملّة إبراهيم في حال حنيفيّته.
(2:344)
نحوه الزّمخشريّ(2:64)،و ابن عطيّة(2:369)،
ص: 121
و الفخر الرّازيّ(14:10)،و أبو السّعود(2:469).
العكبريّ: (حنيفا)حال،أو على إضمار:أعني.
(1:553)
الآلوسيّ: أي مائلا عن الأديان الباطلة،أو مخلصا للّه تعالى في العبادة،و هو حال من إبراهيم،و قد أطبقوا على جواز مجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف جزء منه،أو بمنزلة الجزء؛حيث يصحّ قيامه مقامه.
و العامل في هذه الحال هو العامل في المضاف.
و قيل:معنى الإضافة لما فيه من معنى الفعل المشعر به حرف الجرّ،و قد تقوّى هذا المعنى هنا بما بين المتضايفين من الجزئيّة أو شبهها.و جوّز أن يكون مفعولا لفعل مقدّر، أي أعني حنيفا.(8:70)
مكارم الشّيرازيّ: و«الحنيف»يعني الشّخص أو الشّيء الّذي يميل إلى جهة ما،و أمّا في المصطلح القرآنيّ فيطلق هذا الوصف على من يعرض عن عقيدة عصره الباطلة و يولّي وجهه نحو الدّين الحقّ،و العقيدة الحقّة.
و كأنّ هذا التّعبير جواب و ردّ على مقالة المشركين الّذين كانوا يعيبون على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مخالفته للعقيدة الوثنيّة الّتي كانت دين أسلافهم من العرب،فقال النّبيّ في معرض الرّدّ على مقالتهم هذه:بأنّ نقض السّنن الجاهليّة و الإعراض عن العقائد الخرافيّة السّائدة في البيئة ليس هو من فعلي فقط،بل كان إبراهيم-الّذي نحترمه جميعا- كذلك أيضا...
إنّ تكرار جملة حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ في عدّة موارد من آيات القرآن الكريم مع قوله:
(مسلما)أو بدونها،إنّما هو للتّأكيد على هذه المسألة، و هي:أنّ إبراهيم الّذي يفتخر به العرب الجاهليّون مبرّأ و منزّه عن كلّ هذه العقائد و الأعمال الخاطئة.(4:497)
5- وَ أَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. يونس:105
عزّة دروزة :و بمناسبة ورود كلمة(حنيفا)لأوّل مرّة،نقول:إنّ هذه الكلمة قد تكرّرت كثيرا في القرآن، و بخاصّة في صدد وصف ملّة إبراهيم عليه السّلام،و وردت بدون ذكره أيضا،كما هو الأمر هنا.و قد قال المفسّرون:إنّها من «حنف»بمعنى مال،أو انحرف،و إنّها في القرآن بمعنى المنحرف عن الشّرك إلى التّوحيد،كما قالوا:إنّها من الأضداد،تجيء بمعنى استقام،كما تجيء بمعنى مال أو انحرف.و قد ورد في كتب اللّغة اشتقاق«تحنّف»مرادفا لكلمة تحنّث،أي تعبّد و تورّع كما ذكرت الكتب العربيّة كلمة«الحنيفيّة»وصفا لملّة إبراهيم عليه السّلام.
و لقد أعاد بعض المستشرقين و أبدوا في أصل الكلمة،و مدلولها و معناها.و منهم من ذهب إلى أنّها كانت تعني مذهبا دينيّا في عصر النّبيّ عليه السّلام و بيئته،و أنّه كان هناك طائفة أو فرقة تسمّى الحنفاء.
و منهم من قال:إنّ الكلمة أعجميّة دون أن يذكروا اسم اللّغة المقتبسة منها.
و منهم من قال:إنّها منحوتة من«بني حنيفة»الّتي ظهر فيها مسيلمة النّبيّ الكذّاب،و إنّها تعني الدّين الّذي دعا إليه.
بل و منهم من زعم أنّ معناها لم يكن مجلوّا تمام الجلاء في ذهن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم.
ص: 122
و ننبّه إلى أنّ روح و مضمون الآيات الّتي وردت فيها،و بخاصّة الّتي لم يرد ذكر إبراهيم عليه السّلام فيها،مثل الآية الّتي نحن في صددها،و مثل آية سورة الحجّ:31، هذه: حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ... يلهمان أنّ معناها الاستقامة على توحيد اللّه،و الاتّجاه إليه وحده،و عدم الشّرك به بصورة عامّة.
و القول:إنّ معناها لم يكن مجلوّا في ذهن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم وقاحة أكثر منها أيّ شيء آخر،و يظهر هذا في وضوح معنى الكلمة في آيات القرآن الّتي وردت فيها.
و القول:إنّها أعجميّة،غريب و بخاصّة إذا لاحظنا أنّ العرب كانوا يتسمّون باشتقاقها،و يعنون ما يريدون من التّسمية كالأحنف و الحنفاء.
و القول:إنّها منحوتة من«بني حنيفة»سخيف،لأنّ الكلمة استعملت في القرآن قبل ظهور مسيلمة بني حنيفة.
على أنّ استعمالها في وصف ملّة إبراهيم عليه السّلام،و في مقام التّعبير عن التّوحيد و الاستقامة عليه،أو الانحراف عن الشّرك و الدّين الباطل،و في مقام التّعبّد و التّورّع، يدلّ على أنّها كانت تستعمل قبل نزول القرآن في معنى دينيّ خاصّ،أو وصف دينيّ خاصّ.
و لا نستبعد أن تكون أطلقت أو أطلق جمعها على الّذين تخلّوا عن دين الجاهليّة و شركها و وثنيّتها، و اتّجهوا إلى اللّه و عبدوه على ملّة إبراهيم الحنيفيّة،أو ما ظنّوه كذلك موحّدين غير مشركين،على ما ذكرته الرّوايات.(4:53)
ابن عاشور:(حنيفا)حال من(الدّين)و هو دين التّوحيد،لأنّه حنف،أي مال عن الآلهة،و تمحّض للّه.(11:191)
عبد الكريم الخطيب :و الحنيف هو المائل عن طريق إلى طريق.و المستقيم على دين اللّه،قد مال باستقامته تلك عن كلّ طريق،و أخذ طريق اللّه طريقا.
و في التّعبير بلفظ«الحنيف»بمعنى المائل عن الضّلال إلى الحقّ،إشارة إلى أنّ أكثر الطّرق هي طرق الضّلال، و أكثر النّاس هم الضّالّون،القائمون على هذه الطّرق.
و خروج إنسان من النّاس عن هذه الطّرق،و ميله عن الجماعات الّتي تسلكها،هو أمر يحتاج إلى مكابدة و عناء، كما أنّه أمر ملفت للنّظر،جدير بالتّنويه،فهو أشبه بالخروج على الإجماع.(6:1094)
مكارم الشّيرازيّ: الحنيف-كما قلنا سابقا-تعني:
الشّخص الّذي يميل و يتحوّل عن طريق الانحراف إلى جادّة الصّواب و الاستقامة،و بتعبير آخر فإنّه يغضّ الطّرف عن المذاهب و الأفكار المنحرفة،يتوجّه إلى دين اللّه المستقيم،ذلك الدّين الموافق للفطرة موافقة صافية مستقيمة.
و بناء على هذا فإنّ نوعا من الإشارة إلى كون التّوحيد فطريّا في الأعماق قد أخفي في هذا التّعبير،لأنّ الانحراف شيء خلاف الفطرة.دقّقوا ذلك.(6:414)
6- ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. النّحل:123
ابن عطيّة: (حنيفا)حال،و العامل فيه الفعليّة الّتي
ص: 123
في قوله: مِلَّةَ إِبْراهِيمَ، و يجوز أن تكون حالا من الضّمير المرفوع في(اتّبع).
قال مكّيّ: و لا يكون حالا من(إبراهيم)،لأنّه مضاف إليه.
و ليس كما قال،لأنّ الحال قد تعمل فيه حروف الخفض،إذا عملت في ذي الحال،كقولك:مررت بزيد قائما.(3:431)
أبو البركات: (حنيفا)منصوب على الحال من الضّمير المرفوع في(اتّبع)،و لا يحسن أن يكون حالا من (إبراهيم)لأنّه مضاف إليه.(2:84)
ابن عربيّ: مائلا عن كلّ باطل،حتّى عن وجوده و وجود كلّ ما سواه تعالى،معرضا عن إثباته. وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بنسبة الوجود و التّأثير إلى الغير.
(1:697)
أبو حيّان :[ذكر قول ابن عطيّة و قال:]
أمّا ما حكى عن مكّيّ و تعليله امتناع ذلك،بكونه مضافا إليه،فليس على إطلاق هذا التّعليل،لأنّه إذا كان المضاف إليه في محلّ رفع أو نصب،جازت الحال منه،نحو:
يعجبني قيام زيد مسرعا،و شرب السّويق ملتوتا.
و قال بعض النّحاة:و يجوز أيضا ذلك،إذا كان المضاف جزء من المضاف إليه،كقوله: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً الحجر:47،أو كالجزء منه، كقوله: مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً.
و أمّا قول ابن عطيّة في ردّه على مكّيّ،بقوله:
«و ليس كما قال،لأنّ الحال...»إلى آخره.فقول بعيد عن قول أهل الصّنعة،لأنّ الباء في«بزيد»ليست هي العاملة في«قائما»،و إنّما العامل في الحال«مررت»،و الباء و إن عملت الجرّ في«زيد»فإنّ زيدا في موضع نصب ب«مررت»و كذلك إذا حذف حرف الجرّ-حيث يجوز حذفه-نصب الفعل ذلك الاسم الّذي كان مجرورا بالحرف.(5:548)
نحوه السّمين.(4:366)
الشّربينيّ: حال من النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،و يصحّ أن يكون حالا من(إبراهيم)عليه السّلام.(2:269)
أبو السّعود :حال من المضاف إليه،لما أنّ المضاف لشدّة اتّصاله به عليه السّلام جرى منه مجرى البعض فقيّد بذلك، من قبيل:رأيت وجه هند قائمة.(4:103)
مثله البروسويّ.(5:94)
الآلوسيّ: [نقل كلام أبي حيّان و قال:]
و منع أبو حيّان مجيء الحال من المضاف إليه في مثل هذه الصّورة أيضا،و زعم أنّ الجواز فيها ممّا تفرّد به ابن مالك،و التزم كون(حنيفا)حالا من(ملّة)لأنّها و الدّين بمعنى،أو من الضّمير في(اتّبع).و ليس بشيء،و لم يتفرّد بذلك ابن مالك بل سبقه إليه الأخفش و تبعه جماعة.(14:252)
7- فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها... الرّوم:30
راجع:ف ط ر:«فطرت اللّه».
1- حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ... الحجّ:31
ص: 124
الإمام الباقر عليه السّلام:هي[الحنيفيّة]الفطرة الّتي فطر اللّه النّاس عليها،لا تبديل لخلق اللّه...فطرهم على المعرفة.(العروسيّ 3:496)
الفخر الرّازيّ: إنّه الاستقامة على قول بعضهم، و الميل إلى الحقّ على قول البعض،و المراد في هذا الموضع -ما قيل-من أنّه الإخلاص.فكأنّه قال:تمسّكوا بهذه الأمور الّتي أمرت و نهيت على وجه العبادة للّه وحده، لا على وجه إشراك غير اللّه به؛و لذلك قال: غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ. و هذا يدلّ على أنّ الواجب على المكلّف أن ينوي بما يأتيه من العبادة:الإخلاص...(23:32)
النّيسابوريّ: قوله: حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ حالان مؤكّدان،و المراد:الإخلاص في التّوحيد،كقوله:
حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ النّحل:120.
و فائدة الحالين هي فائدة التّولّي و التّبرّي،و إنّما أخّر نفي الإشراك-و إن كان مقدّما في الرّتبة؛إذ التّخلية و التّبرئة مقدّمة على التّحلية و التّولية-ليرتّب عليه قوله: وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ. (17:96)
عزّة دروزة :ورود تعبير حُنَفاءَ لِلّهِ في هذه المناسبة قرينة قد تكون حاسمة،على أنّ تعبيري(حنيف) و(حنفاء)ليسا كما وهم المستشرقون بمعنى نحلة معيّنة خاصّة قبل البعثة،على ما ذكرناه في سياق تفسير سورة يونس،و إنّما هما تعبيران لغويّان بمعنى الميل عن الشّرك و الوثنيّة إلى اللّه،لأنّ(حنفاء)هنا أطلقت على المسلمين، أو حثّهم على التّمسّك بكلّ مظاهر التّوحيد،و عدم الانحراف عنها إلى أيّ مظهر من مظاهر الشّرك.
(7:97)
ابن عاشور: حُنَفاءَ لِلّهِ حال من ضمير (اجتنبوا)،أي تكونوا إن اجتنبتم ذلك حنفاء للّه،جمع:
حنيف،و هو المخلص للّه في العبادة،أي تكونوا على ملّة إبراهيم حقّا،و لذلك زاد معنى(حنفاء)بيانا بقوله: غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ، و هذا كقوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ النّحل:120.
(17:184)
الطّباطبائيّ: الحنفاء:جمع حنيف،و هو المائل من الأطراف إلى حاقّ الوسط.و كونهم حنفاء للّه:ميلهم عن الأغيار-و هي الآلهة من دون اللّه-إليه،فيتّحد مع قوله:
غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ معنى.و هما:أعني قوله: حُنَفاءَ لِلّهِ، و قوله: غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ حالان عن فاعل (فاجتنبوا)،أي اجتنبوا التّقرّب من الأوثان و الإهلال لها،حال كونكم مائلين إليه ممّن سواه،غير مشركين به في حجّكم؛فقد كان المشركون يلبّون في الحجّ بقولهم:
«لبّيك لا شريك لك إلاّ شريكا هو لك تملكه و ما ملك».
(14:373)
مكارم الشّيرازيّ: عقّبت الآية هنا المسألة الّتي أكّدها آخر الآيات السّابقة،و هي مسألة التّوحيد، و اجتناب أيّ صنم و عبادة الأوثان؛حيث تقول:
حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ، أي أقيموا مراسم الحجّ و التّلبية في حالة تخلصون فيها النّيّة للّه وحده،لا يخالطها أيّ شرك أبدا.
(حنفاء):جمع حنيف،أي الّذي استقام و ابتعد عن الضّلال و الانحراف،أو بتعبير آخر:هو الّذي سار على الصّراط المستقيم،لأنّ«حنف»على وزن«صدف»تعني
ص: 125
الرّغبة.و من رغب عن كلّ انحراف فقد سار على الصّراط المستقيم.
و على هذا فإنّ الآية السّابقة اعتبرت الإخلاص و قصد القربة إلى اللّه محرّكا أساسيّا في الحجّ و العبادات الأخرى،حيث ذكرت ذلك بشكل عامّ،فالإخلاص أصل العبادة.و المراد:الإخلاص الّذي لا يخالطه أيّ نوع من الشّرك و عبادة غير اللّه.[ثمّ ذكر حديث الإمام الباقر عليه السّلام و قال:]
إنّ التّفسير الّذي تضمّنه هذا الحديث،هو في الواقع إشارة إلى أساس الإخلاص،أي الفطرة التّوحيديّة الّتي تكون مصدرا لقصد القربة إلى اللّه،و تحريكا ذاتيّا من اللّه.
(10:305)
فضل اللّه :مستقيمين في الحقّ و مائلين عن الباطل، و ذلك بالالتزام بالتّوحيد الخالص الّذي يرفض الشّرك من موقع صفاء التّصوّر و الفكر و الشّعور،و حركة الحقّ في داخل الذّات...(16:63)
2- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ... البيّنة:5
عبد الجبّار:و ربّما قيل:ما الفائدة في قوله تعالى:
(حنفاء)،و إذا عبدوا اللّه و أخلصوا كفى ذلك؟
و جوابنا:أنّ المراد مستقيمي الطّريقة،لأنّهم أمروا بأن يعبدوا اللّه مخلصين له الدّين،على هذا الوجه.و قد قيل في الإخلاص:إنّ المراد به تخليص الطّاعات من الكبائر،فيشهد لما ذكرناه.
و يجوز أن يراد به:و ما أمروا إلاّ بذلك على هذا الوجه السّهل،كما قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«بعثت بالحنيفيّة السّمحاء».
و هذه الآية دالّة على أنّ كلّ عبادة من الدّين،و على أنّ ما يعبد اللّه به يجب أن يفعل على هذا الوجه،و فعله على هذا الوجه دون غيره لا يتمّ إلاّ و العبد متمكّن من فعله على غير هذا الوجه.و قوله تعالى: وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ الآية،يدلّ أيضا على ما ذكرنا.(472)
الفخر الرّازيّ: فيه أقوال:
[القول]الأوّل:قال مجاهد:متّبعين دين إبراهيم عليه السّلام،و لذلك قال: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ النّحل:123، و هذا التّفسير فيه لطيفة،كأنّه سبحانه لمّا علم أنّ التّقليد مستول على الطّباع لم يستجز منعه عن التّقليد بالكلّيّة، و لم يستجز التّعويل على التّقليد أيضا بالكلّيّة،فلا جرم ذكر قوما أجمع الخلق بالكلّيّة على تزكيتهم،و هو إبراهيم و من معه،فقال: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ الممتحنة:4،فكأنّه تعالى قال:إن كنت تقلّد أحدا في دينك،فكن مقلّدا إبراهيم؛حيث تبرّأ من الأصنام.
و هذا غير عجيب،فإنّه قد تبرّأ من نفسه حين سلّمها إلى النّيران،و من ماله حين بذله للضّيفان،و من ولده حين بذله للقربان.بل روي أنّه سمع:سبّوح قدّوس فاستطابه،و لم ير شخصا فاستعاده،فقال:أمّا بغير أجر فلا.فبذل كلّ ما ملكه فظهر له جبريل عليه السّلام،و قال:حقّ لك حيث سمّاك خليلا فخذ مالك،فإنّ القائل:كنت أنا، بل انقطع إلى اللّه حتّى عن جبريل حين قال له:أمّا إليك
ص: 126
فلا.
فالحقّ سبحانه كأنّه يقول:إن كنت عابدا فاعبد كعبادته،فإذا لم تترك الحلال و أبواب السّلاطين،أ ما تترك الحرام و موافقة الشّياطين؟فإن لم تقدر على متابعة إبراهيم،فاجتهد في متابعة ولده الصّبيّ،كيف انقاد لحكم ربّه مع صغره،فمدّ عنقه لحكم الرّؤيا.
و إن كنت دون الرّجل فاتّبع الموسوم بنقصان العقل، و هو أمّ الذّبيح،كيف تجرّعت تلك الغصّة.
ثمّ إنّ المرأة الحرّة نصف الرّجل،فإنّ الاثنتين يقومان مقام الرّجل الواحد في الشّهادة و الإرث،و الرّقيقة نصف الحرّة بدليل أنّ للحرّة ليلتين من القسم،فهاجر كانت ربع الرّجل،ثمّ انظر أنّها كيف أطاعت ربّها فتحمّلت المحنة في ولدها،ثمّ صبرت حين تركها الخليل وحيدة فريدة في جبال مكّة بلا ماء و لا زاد،و انصرف لا يكلّمها و لا يعطف عليها،قالت:آللّه أمرك بهذا؟فأومأ برأسه نعم،فرضيت بذلك و صبرت على تلك المشاقّ.
و القول الثّاني:المراد من قوله:(حنفاء)أي مستقيمين،و الحنف هو الاستقامة،و إنّما سمّي مائل القدم أحنف على سبيل التّفاؤل،كقولنا للأعمى:بصير، و للمهلكة مفازة.و نظيره قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فصّلت:30، اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ فاتحة الكتاب:5.
القول الثّالث:قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما:
حجّاجا؛و ذلك لأنّه ذكر العباد أوّلا ثمّ قال:(حنفاء)، و إنّما قدّم الحجّ على الصّلاة،لأنّ في الحجّ صلاة و إنفاق مال.
الرّابع:قال أبو قلابة:الحنيف:الّذي آمن بجميع الرّسل،و لم يستثن أحدا منهم،فمن لم يؤمن بأفضل الأنبياء كيف يكون حنيفا؟
الخامس:(حنفاء)أي جامعين لكلّ الدّين؛إذ الحنيفيّة كلّ الدّين.قال عليه السّلام:«بعثت بالحنيفيّة السّهلة السّمحة».
السّادس:قال قتادة:هي الختان،و تحريم نكاح المحارم،أي مختونين محرمين لنكاح الأمّ و المحارم.فقوله:
(حنفاء)إشارة إلى النّفي،ثمّ أردفه بالإثبات،و هو قوله:
(وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ).
السّابع:قال أبو مسلم:أصله من الحنف في الرّجل، و هو إدبار إبهامها عن أخواتها حتّى يقبل على إبهام الأخرى،فيكون الحنيف هو الّذي يعدل عن الأديان كلّها إلى الإسلام.
الثّامن:قال الرّبيع بن أنيس:الحنيف:الّذي يستقبل القبلة بصلاته،و إنّما قال ذلك لأنّه عند التّكبير يقول:
وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات و الأرض حنيفا.(32:46)
الخازن :[نقل بعض الأقوال ثمّ قال:]
و قيل:الحنيف:الّذي آمن بجميع الأنبياء و الرّسل، و لا يفرّق بين أحد منهم،فمن لم يؤمن بأشرف الأنبياء و هو محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم فليس بحنيف.(7:232)
الشّربينيّ: أي مائلين عن الأديان كلّها إلى دين الإسلام.و أصل الحنف في اللّغة:الميل،و خصّه العرف بالميل إلى الخير،و سمّوا الميل إلى الشّرّ:إلحادا.
و الحنيف:المطلق الّذي يكون متبرّئا عن أصول
ص: 127
الملل الخمسة:اليهود،و النّصارى،و الصّابئين،و المجوس، و المشركين،و عن فروعها من جميع النّحل إلى الاعتقادات،و عن توابعها من الخطأ و النّسيان إلى العمل الصّالح،و هو مقام التّقى،و عن المكروهات إلى المستحبّات،و هو المقام الأوّل من الورع،و عن الفضول شفقة على خلق اللّه،و هو ما لا يعني إلى ما يعني،و هو المقام الثّاني من الورع،و عمّا يجرّ إلى الفضول،و هو مقام الزّهد.
فالآية جامعة لمقامي الإخلاص النّاظر:أحدهما إلى الحقّ،و الثّاني إلى الخلق.(4:571)
الآلوسيّ: أي مائلين عن جميع العقائد الزّائفة إلى الإسلام.و فيه من تأكيد الإخلاص ما فيه،فالحنف:
الميل إلى الاستقامة.
و سمّي مائل الرّجل إلى الاعوجاج:أحنف،للتّفاؤل أو مجاز مرسل بمرتبتين...[ثمّ ذكر بعض الأقوال المتقدّمة عن الفخر الرّازيّ و قال:]
و حال الأقوال لا يخفى.(30:204)
ابن عاشور :(حنفاء):جمع حنيف،و هو لقب للّذي يؤمن باللّه وحده دون شريك،قال تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً... الأنعام:161.
و هذا الوصف تأكيد لمعنى مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ مع التّذكير بأنّ ذلك هو دين إبراهيم عليه السّلام الّذي ملئت التّوراة بتمجيده و اتّباع هديه.(30:424)
الطّباطبائيّ: حال من ضمير الجمع،و هو جمع:
حنيف من الحنف،و هو الميل عن جانبي الإفراط و التّفريط إلى حاقّ وسط الاعتدال.و قد سمّى اللّه تعالى الإسلام دينا حنيفا،لأنّه يأمر في جميع الأمور بلزوم الاعتدال و التّحرّز عن الإفراط و التّفريط.(20:339)
مكارم الشّيرازيّ: (حنفاء):جمع حنيف،من الفعل الثّلاثيّ«حنف»،أي عدل عن الضّلال إلى الطّريق المستقيم.كما يقول الرّاغب في«المفردات»:و العرب تسمّي كلّ من حجّ أو ختن حنيفا،إشارة إلى أنّه على دين إبراهيم.
و الأحنف:من كانت رجله عوجاء.و يبدو أنّ الكلمة كانت في الأصل تستعمل للانحراف و الاعوجاج، و النّصوص الإسلاميّة استعملتها بمعنى الانحراف عن الشّرك إلى التّوحيد و الهداية.
و من الممكن أن تكون المجتمعات الوثنيّة قد أطلقت على من يترك الأوثان،و يتّجه إلى التّوحيد اسم حنيف، أي منحرف.ثمّ أصبحت الكلمة بالتّدريج اسما لسالكي طريق التّوحيد.
و من مستلزمات الكلمة:الإخلاص في التّوحيد و الاعتدال التّامّ،و اجتناب أيّ إفراط أو تفريط،غير أنّ هذه معان ثانويّة للكلمة.(20:331)
لاحظ:د ي ن:«دين».
الحيريّ: الحنيف على ثلاثة أوجه:
أحدها:مخلصا،كقوله: حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ الحجّ:31.
و الثّاني:مستويا عن الاعوجاج،كقوله: وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ
ص: 128
إِبْراهِيمَ حَنِيفاً النّساء:125.
و الثّالث:مسلما،كقوله: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً البقرة:135،نظيرها في آل عمران:95،و الأنعام:161، و يونس:105،و النّحل:123.
و يقال:المائل عن الأديان،المتّكل على الإسلام، و يقال:الحنيف:المستقيم،و يقال:المحسن،و يقال:
الحاجّ.(202)
1-الأصل في هذه المادّة:الحنف،أي إقبال كلّ قدم على الأخرى بإبهامها،و كذلك هو في الحافر،أو انقلابها بطنا لظهر؛يقال:ضربت فلانا على رجله فحنّفتها،فهي حنفاء،و رجل أحنف،و امرأة حنفاء.
و يقال مجازا:تحنّف فلان إلى الشّيء تحنّفا،أي مال إليه،و حنف عن الشّيء:مال عنه،فهو حنيف.
و الحنيف:المائل من خير إلى شرّ،أو من شرّ إلى خير،و من كان قبل الإسلام على دين إبراهيم عليه السّلام، و يحجّ البيت و يختتن و يغتسل من الجنابة.
و الدّين الحنيف:الإسلام،و قيل للمسلم:حنيف، لعدوله عن الشّرك؛و الجمع:حنفاء.
و الحنيفيّة:الميل إلى الشّيء،و الحنيفيّة في الإسلام:
الميل إليه و الإقامة على عقده.يقال:تحنّف الرّجل،أي عمل عمل الحنيفيّة.
و الحنيفيّة:ضرب من السّيوف،تنسب إلى الأحنف ابن قيس؛لأنّه أوّل من عملها،أو أمر باتّخاذها.
و الحنفاء:القوس،و الموسى،و السّلحفاة،و الحرباء، و الأمة المتلوّنة؛تكسل مرّة و تنشط أخرى،و ذلك لميل فيها عن الاستقامة.
2-و زعم المسعوديّ أنّ كلمة«حنيف»معرّبة من السّريانيّة،و قال:إنّما هي«حنيفو»،قيل:جيء بحرف بين«الباء»و«الفاء»،و أنّه ليس للسّريانيّين فاء (1).
و لكنّ علماء اللّغات السّاميّة يعدّونها عربيّة؛إذ قال «نولد كه»:«إنّها من أصل عربيّ هو«تحنّف»،على وزن «تبرّر» (2)».
و ورد الحنيف في السّريانيّة بلفظ«حنپا (3)»بدون «ياء»،فالسّريان ينطقون الحرف الثّالث بباء مفخّمة، كحرف«پ»الفارسيّ،أي هو-كما قال المسعوديّ-بين «الباء»و«الفاء».
جاء منها«حنيف»10 مرّات،و«حنفاء»مرّتين،في 12 آية:
1-ملّة إبراهيم حنيفا
1- قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً... البقرة:135
2- قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً... آل عمران:95
3- وَ مَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً... النّساء:125
4- قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً
ص: 129
قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً... الأنعام:161
5- ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً...
النّحل:123
2-كان إبراهيم حنيفا
6- ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً... آل عمران:67
7- إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ النّحل:120
3-إقامة الوجه حنيفا
8- إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الأنعام:79
9- وَ أَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يونس:105
10- فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها... الرّوم:30
4-حنفاء
11- حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ... الحجّ:31
12- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ... البيّنة:5
يلاحظ أوّلا:أنّ الحنيف وصف به إبراهيم و ملّته و توجيه وجهه للّه في(1-8)،و إقامة وجه نبيّنا للدّين في (9 و 10)،و فيها بحوث:
1-جاءت الآيات(1-10)بمعان مختلفة،منها:
المسلم،و هو من أسلم للّه و لم ينحرف عنه و استقام عليه، و الحاجّ،و المخلص،و الطّهارة،و اتّباع إبراهيم.
و يستشفّ من هذه الأقوال أنّ بعضها يشمل عصر ما قبل الإسلام،اعتبارا من نبوّة إبراهيم الخليل عليه السّلام إلى ظهور الإسلام،و بعضها يشمل عصر ظهور الإسلام، اعتبارا من نبوّة النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله إلى يوم القيامة.
فمن قال:الحنيف:الّذي اتّبع إبراهيم أو اتّبع الحقّ، و من تطهّر بالماء من الجنابة و اختتن و قلّم أظفاره و أخذ شاربه و أعفى لحيته و طمّ شعره و استاك و تخلّل،و من حرّم وطء الأمّ و البنت و الأخت و العمّة و الخالة،و من حجّ البيت و أقام المناسك،فهو يريد عهد إبراهيم عليه السّلام، لأنّ الإسلام أقرّ هذه الأمور و استنّها.
و من قال:الحنيف:المائل عن الأديان كلّها إلى دين الإسلام،و الّذي يستقبل البيت في صلاته،فهو يريد عهد الإسلام،لأنّ فيه أحكاما و سننا جديدة،إضافة إلى ما أتى به إبراهيم عليه السّلام و بعض سنن سائر الأنبياء.
و اتّضح ممّا سبق أنّ الحنيف هو من اتّبع سنن إبراهيم عليه السّلام و سنن الإسلام معا،دون ترك شيء منها،أو العمل بسنّة منسوخة تخالف سنّة الإسلام.قال الطّبريّ:
«إنّ الحنيفيّة لو كانت حجّ البيت،لوجب أن يكون الّذين كانوا يحجّونه في الجاهليّة من أهل الشّرك كانوا حنفاء، و قد نفي اللّه أن يكون ذلك تحنّفا بقوله: وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
فكذلك القول في الختان،لأنّ الحنيفيّة لو كانت هي الختان،لوجب أن يكون اليهود حنفاء،و قد أخرجهم اللّه من ذلك بقوله: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً.
2-لم أسندت الحنيفيّة إلى النّبيّ إبراهيم و النّبيّ محمّد عليهما السّلام دون سائر الأنبياء؟لأمرين:
ص: 130
الأوّل:أنّ شريعتهما سهلة سمحة،ففي الحديث:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«لم يرسلني اللّه بالرّهبانيّة،و لكن بعثني بالحنيفيّة السّهلة السّمحة (1)».و عن ابن عبّاس قال:
قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:أيّ الأديان أحبّ إلى اللّه؟قال:
«الحنيفيّة السّمحة (2)».
و الثّاني:أنّ النّبيّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أبناء إبراهيم عليه السّلام،لأنّ ابنه إسماعيل عليه السّلام من زوجه هاجر تزوّج امرأة من جرهم،القبيلة العربيّة المنقرضة، فأنجب أولادا هم آباء العرب المستعربة،و كان نبيّنا من نسله،فهو ابن إبراهيم و وارث علمه و شريعته.
و ذكر الفخر الرّازيّ وجها آخر فقال:«لمّا ثبت أنّ إبراهيم كان قائلا بالتّوحيد،و ثبت أنّ النّصارى يقولون بالتّثليث،و اليهود يقولون بالتّشبيه،فثبت أنّهم ليسوا على دين إبراهيم عليه السّلام،و أنّ محمّدا عليه السّلام لمّا دعا إلى التّوحيد،كان هو على دين إبراهيم».و يؤيّده(8) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً.
3-أمر اللّه تعالى النّبيّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في(9)و(10)بإقامة وجهه للدّين حنيفا،دون ما ذكر في حال النّبيّ إبراهيم عليه السّلام.و هذا يدلّ على مرحليّة شريعة إبراهيم و خلود شريعة الإسلام،لأنّ لفظ الإقامة يفيد الاستمرار على الشّيء و الثّبات عليه.
ثانيا:جاء«حنفاء»في(11 و 12)جمعا لحنيف، و فيه بحوث:
1-أمر في(11)باجتناب الرّجس من الأوثان، و اجتناب قول الزّور،في حال كونهم حنفاء للّه،غير مشركين به.و فسّر الفخر الرّازيّ الحنفاء هنا بالمخلصين.أي ائتمروا و انتهوا بما ذكر على وجه العبادة للّه وحده،لا على وجه إشراك غير اللّه به.ثمّ خلص إلى القول:«و هذا يدلّ على أنّ الواجب على المكلّف أن ينوي بما يأتيه من العبادة:الإخلاص».
و عدّ النّيسابوريّ معنى الحالين حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ التّولّي و التّبرّي،و قال:«و إنّما أخّر نفي الإشراك-و إن كان مقدّما في الرّتبة؛إذ التّخلية و التّبرئة مقدّمة على التّحلية و التّولية-ليرتّب عليه قوله: وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ.
و نرى أنّ الكلام على أصله،و ليس ثمّة تأخير و لا تقديم خلافا للنّيسابوريّ،و أنّ معنى(حنفاء)مائلين إلى اللّه،أي إلى عبادته،و ليس كما ذهب إليه الفخر الرّازيّ من أنّ(حنفاء):مخلصين لأنّ(مخلصين)مذكور في(13) قبل حنفاء: وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ فهما متغايران.
و معنى اللاّم الدّاخلة على لفظ الجلالة على هذا القول هو«إلى»،و نظيره قوله تعالى: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها الزّلزلة:5،أي أوحى إليها.
2-ما أمر اللّه أهل الكتاب في(12)بأن يعبدوه و يخلصوا له الدّين فحسب،بل أمرهم أيضا أن يعبدوه حنفاء،فما فائدة ذلك؟قال القاضي عبد الجبّار:«المراد مستقيمي الطّريقة،لأنّهم أمروا بأن يعبدوا اللّه مخلصين).
ص: 131
له الدّين على هذا الوجه.و قد قيل في الإخلاص:إنّ المراد به تخليص الطّاعات من الكبائر،فيشهد لما ذكرنا.
و يجوز أن يراد به:و ما أمروا إلاّ بذلك على هذا الوجه السّهل،كما قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«بعثت بالحنيفيّة السّمحاء».
و هذه الآية دالّة على أنّ كلّ عبادة من الدّين،و على أنّ ما يعبد اللّه به يجب أن يفعل على هذا الوجه،و فعله على هذا الوجه دون غيره لا يتمّ إلاّ و العبد متمكّن من فعله على غير هذا الوجه.و قوله تعالى بعدها: وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ يدلّ أيضا على ما ذكرنا».
3-قال الفخر الرّازيّ معقّبا على قول ابن عبّاس:
حجّاجا،تفسيرا للفظ(حنفاء):«و ذلك لأنّه ذكر العبادة أوّلا،ثمّ قال:(حنفاء).و إنّما قدّم الحجّ على الصّلاة،لأنّ في الحجّ صلاة و إنفاق مال».
و لكن قول ابن عبّاس موضع نظر،فلا دليل على أنّ المراد ب«الحنفاء»الحجّاج،فهي كالّتي قبلها حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ أريد بها غير مشركين باللّه تعالى،أو مطيعين له.فكأنّ ما بعدها وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ تفسير لها.
ص: 132
لاحتنكنّ
لفظ واحد،مرّة واحدة،في سورة مكّيّة
الخليل :رجل محنّك:لا يستقلّ منه شيء ممّا عضّه الدّهر و المحتنك:الّذي تمّ عقله و سنّه.يقال:حنكته السّنّ حنكا و حنكا و حنّكته تحنيكا:إذا نبتت أسنانه الّتي تسمّى أسنان العقل.
و يقال:هم أهل الحنك،و منهم من يكسر الحاء، و منهم من يثقّل فيقول:أهل الحنك و الحنكة يعني أهل الشّرف و التّجارب.
و التّحنيك:أن تغرز عودا في الحنك الأعلى من الدّابّة أو في طرف قرن حتّى يدميه لحدث يحدث فيه.
و استحنك الرّجل:اشتدّ أكله بعد قلّة.و حنّكت الصّبيّ بالتّمر:دلّكته في حنكه.و الحنكان:الأعلى و الأسفل،فإذا فصلوهما لم يكادوا يقولون للأعلى:حنك.
و في الحديث:«إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان يحنّك أولاد الأنصار».و احتنكت الرّجل:أخذت ماله،و منه قوله تعالى: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً الإسراء:62.
[و استشهد بالشّعر مرّتين](3:64)
اليزيديّ: في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم«أنّه كان يحنّك أولاد الأنصار».
التّحنيك:أن يمضغ التّمر،ثمّ يدلكه بحنك الصّبيّ داخل فمه،يقال منه:حنكته و حنّكته بتخفيف و تشديد فهو محنوك و محنّك.(أبو عبيد 1:106)
نحوه شمر.(الأزهريّ 4:106)
ابن شميّل: الحنكة:تلّ غليظ،و طوله في السّماء على وجه الأرض مثل طول الرّزن و هما شيء واحد.(الأزهريّ 4:106)
أبو عمرو الشّيبانيّ: إنّ فلانا لحنيك،للبخيل.
حنك عليه يحنك،إذا منعه من أن يفسده.(1:150)
و الحنكة:حنكة السّنّ،تقول:قد أحنكته السّنّ.[ثمّ استشهد بشعر](1:195)
ص: 133
الفرّاء:رجل حنك و امرأة حنكة،إذا كانا لبيبين عاقلين.رجل محنّك و هو الّذي لا يستقلّ منه شيء ممّا قد عضّته الأمور.و المحتنك:الرّجل المتناهي عقله و سنّه.(الأزهريّ 4:105)
الأصمعيّ: يقال للقدّة الّتي تضمّ العراصيف:حنكة و حناك.(الأزهريّ 4:105)
ابن الأعرابيّ: الحنك:الأسفل،و الفقم:الأعلى من الفم.يقال:أخذ بفقمه.
الحنك:العقلاء.و الحنك:الأكلة من النّاس.
و الحنك:خشب الرّحل.
جرّذه الدّهر و دلكه و وعسه و حنّكه و عركه و نجّذه بمعنى واحد.(الأزهريّ 4:105)
ابن السّكّيت: و أسود حالك و حانك،و مثل حلك الغراب و حنكه،فحلكه:سواده،و حنكه:منقاره.
(234)
و الحنك:مصدر حنك الدّابّة يحنكها حنكا،إذا شدّ في حنكها الأسفل حبلا يقودها به،و قد احتنك دابّته مثل حنكها.و يقال:قد احتنك الجراد الأرض،إذا أتى على نبتها.و قول اللّه جلّ ذكره: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً الإسراء:62 مأخوذ من أحد هذين.و الحنك:حنك الإنسان و غيره،و يقال:أسود مثل حنك الغراب،يعني منقاره.(إصلاح المنطق:71)
أبو سعيد البغداديّ: يقال:أحنكهم عن هذا الأمر إحناكا،و أحكمهم،أي ردّهم.و الحنكة:الرّابية المشرفة من القفّ،يقال:أشرف على هاتيك الحنكة،و هي نحو الفلكة في الغلظ.(الأزهريّ 4:104)
ابن دريد:الحنك حنك الدّابّة و الإنسان،و هو أعلى باطن الفم حيث يحنّك البيطار الدّابّة،و الحناك:
حناك البيطار،و كذلك المحنك،و هو الخيط الّذي يحنّك به الدّابّة.
و حنّكت فلانا الأمور،إذا جرّبها و راوزها.و شيخ محنّك و ذو حنكة،إذا كان مجرّبا.و حنّكت المولود،إذا أدخلت إصبعك في أعلى فيه.و كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يحنّك أولاد الأنصار بالتّمر.(2:186)
الأزهريّ: يقال:أسود حانك و حالك،أي شديد السّواد.و حنك الغراب:منقاره.
و الحنك:الجماعة من النّاس ينتجعون بلدا يرعونه.
يقال:ما ترك الأحناك في أرضنا شيئا،يعنون الجماعات المارّة.[و حكى كلام ابن الأعرابيّ ثمّ قال:]
الحنك:العقلاء،جمع:حنيك.يقال:رجل محنوك و حنيك و محتنك.و محتنك،إذا كان عاقلا.و قوله:الحنك:
الأكلة من النّاس جمع حانك،و هو الآكل بحنكة.و أمّا الحنك:خشب الرّحل،فجمع:حناك.
و الحناك:وثاق يربط به الأسير،و هو غلّ كلّما جذب أصاب حنكه.
و قال أبو خيرة:الحنك:آكام صغار مرتفعة كرفعة الدّار المرتفعة و في حجارتها رخاوة و بياض كالكذّان.
[و استشهد بالشّعر مرّتين](4:104)
الصّاحب:الحنكان:الأعلى و الأسفل،فإذا أفرد فهو الحنك و الحناك.
و حنّكت الصّبيّ بالتّمر في حنكه.
و حنك الدّابّة يحنكها و يحنكها:جعل الرّسن في فيها.
ص: 134
و التّحنيك في الدّابّة:أن تغرز عودا في حنكها الأعلى حتّى تدميه لحدث فيه.
و الحناكة:خشبة تجعل تحت لحيي النّاقة تربط بخيط ثمّ يربط الخيط إلى عنق الفصيل فترامه،و يقال:حناك أيضا،و تجمع:حنائك.
و استحنك الرّجل:اشتدّ أكله بعد قلّة.
و احتنكت الرّجل:أخذت ماله و شيئه.
و المحتنك و المحنّك:الرّجل التّامّ العقل.حنّكته التّجارب و السّنّ،و أحنكته-بالألف-و هو من أهل الحنك و الحنكة،أي من أهل السّنّ،و الحنيك مثله.
و رجل حنك:مجرّبه،و حنكة مثله.
و الحنكة:القدّة الّتي تضمّ عراصيف الرّحل، و جمعها:حنك و حناك و حنك.
و الحنك:حجارة مثل الحكك في ضفّة نهر أو مسيل ماء.و هي أيضا:إكام صغار بيض،و هي الحناك.
و النّاقة الحنيكة:هي الجيّدة الأكل.و هذه أحنك من هذه،أي أشدّ أكلا.
و يقولون:هو مثل حنك الغراب و حلكه،أي لونه.
و أسود حالك و حانك.(2:383)
الجوهريّ: حنكت الفرس أحنكه و أحنكه حنكا، إذا جعلت فيه الرّسن.و كذلك احتنكته.
و احتنك الجراد الأرض،أي أكل ما عليها و أتى على نبتها...
و حنكت الشّيء:فهمته و أحكمته.
و احتنك الرّجل،أي استحكم و الاسم:الحنكة.
و الحنكة أيضا:القدّة الّتي تضمّ الغراضيف؛و الجمع:
حناك،مثل برمة و برام،حكاه أبو عبيد.
و الحنك:المنقار.يقال:أسود مثل حنك الغراب.
و أسود حانك،مثل حالك.
و الحنك:ما تحت الذّقن من الإنسان و غيره.
و حنكت الصّبيّ و حنّكته،إذا مضغت تمرا أو غيره ثمّ دلكته بحنكه.و الصّبيّ محنوك و محنّك.
و التّحنّك:التّلحّي،و هو أن تدير العمامة من تحت الحنك.
و يقال:حنّكته السّنّ و أحنكته،إذا أحكمته التّجارب و الأمور،فهو محنّك و محنك.
و قولهم:هذا البعير أحنك الإبل،مشتقّ من الحنك، يريدون أشدّها أكلا،و هو شاذّ لأنّ الخلقة لا يقال فيها ما أفعله.(4:1581)
ابن فارس: الحاء و النّون و الكاف أصل واحد، و هو عضو من الأعضاء ثمّ يحمل عليه ما يقاربه من طريقة الاشتقاق.فأصل الحنك حنك الإنسان:أقصى فمه.يقال حنّكت الصّبيّ،إذا مضغت التّمر ثمّ دلكته بحنكه،فهو محنّك؛و حنكته فهو محنوك.
و يقال:«هو أشدّ سوادا من حنك الغراب»و هو منقاره،و أمّا حلكه فهو سواده.
و يقال:احتنك الجراد الأرض،إذا أتى على نبتها؛ و ذلك قياس صحيح؛لأنّه يأكل فيبلغ حنكه.
و من المحمول عليه استئصال الشّيء،و هو احتناكه، و منه في كتاب اللّه تعالى: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً الإسراء:62،أي أغويهم كلّهم،كما يستأصل الشّيء،إلاّ قليلا.
ص: 135
فإن قال قائل:فنحن نقول:حنّكته التّجارب، و احتنكته السّنّ احتناكا،و رجل محتنك،فمن أيّ قياس هو؟قيل له:هو من الباب؛لأنّه التّناهي في الأمر و البلوغ إلى غايته،كما قلنا:احتنك الجراد النّبت،إذا استأصله، و ذلك بلوغ نهايته.فأمّا القدّ الّذي يجمع عراصيف الرّمل؛فهو حنكة.و هذا على التّشبّه بالحنك؛لأنّه منضمّ متجمّع.و يقال:حنكت الشّيء،إذا فهمته.و هو من الباب،لأنّك إذا فهمته فقد بلغت أقصاه.و اللّه أعلم.
(2:111)
ابن سيده: الحنك من الإنسان و الدّابّة،باطن أعلى الفم من داخل،و قيل:هو الأسفل في طرف مقدّم اللّحيين من أسفلهما.و الجمع:أحناك،لا يكسّر على غير ذلك.
و حنّك الدّابّة:دلك حنكها فأدماه.
و المحنك و الحناك:الخيط الّذي يحنّك به.و حنك الصّبيّ بالتّمر و حنّكه:دلك به حنكه.
و أخذ بحناك صاحبه:أخذ بحنكه و لبّبه ثمّ جرّه إليه.
و حنك الدّابة يحنكها و يحنكها حنكا و احتنكها:شدّ في حنكها الأسفل حبلا يقودها به.و حنكها يحنكها و يحنكها:جعل الرّسن في فيها،من غير أن يشتقّ من الحنك،رواه«أبو عبيد»،و الصّحيح عندي أنّه مشتقّ منه.
و قالوا:أحنك الشّاتين و أحنك البعيرين،أي آكلهما بالحنك،قال«سيبويه»:هو من صيغ التّعجّب و المفاضلة،و لا فعل له عنده.
و استحنك الرّجل،قوي أكله بعد ضعف،و هو منه.
و احتنك الجراد الأرض،أتى على نبتها،و قوله تعالى:
لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ الإسراء:62،مأخوذ من هذا.
و احتنك الرّجل،أخذ ماله كأنّه أكله بالحنك.
و أسود كحنك الغراب،يعني منقاره،و قيل:سواده، و قيل:«نونه»بدل من«لام حلك»،و قد تقدّم.
و أسود حانك:شديد السّواد.
و الحنكة:السّنّ و التّجربة و البصر بالأمور، و حنكته التّجارب و السّنّ حنكا و حنكا،و أحنكته و حنّكته و احتنكته:هذّبته.و قيل:ذاك أوان بنات (1)سنّ العقل،و الاسم:الحنكة و الحنك و الحنك.
و رجل محتنك و حنك و حنيك:مجرّب،كأنّه على حنك،و إن لم يستعمل.و الحنيك:الشّيخ-عن«ابن الأعرابيّ»-و هو قريب من الأوّل.[ثمّ استشهد بشعر]
و قد احتنكت السّنّ نفسها.
و الحنكة و الحناك:الخشبة الّتي تضمّ الغراضيف، و قيل:هي القدّة الّتي تضمّ غراضيف الرّحل.(3:44)
الرّاغب: الحنك:حنك الإنسان و الدّابّة،و قيل لمنقار الغراب:حنك،لكونه كالحنك من الإنسان.و قيل:
أسود مثل حنك الغراب و حلك الغراب،فحنكه:منقاره، و حلكه:سواد ريشه.
و قوله تعالى: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً يجوز أن يكون من قولهم حنكت الدّابّة:أصبت حنكها باللّجام و الرّسن،فيكون نحو قولك:«لألجمنّ فلانا و لأرسننّه».
و يجوز أن يكون من قولهم:«احتنك الجراد الأرض» أي استولى بحنكه عليها،فأكلها و استأصلها،فيكون معناه لأستولينّ عليهم استيلاءه على ذلك.ت.
ص: 136
و فلان حنّكه الدّهر كقولهم:نجره و فرع سنّه و افترّه و نحو ذلك من الاستعارات في التّجربة.(134)
الزّمخشريّ: [في حديث]«قد حنّكتك الأمور و جرّستك الدّهور...»حنّكته الأمور و أحنكته و حنّكته، إذا أدّبته و راضته.
و هو حنيك و محنّك و محنك،و احتنك فهو محتنك.
و أصله من قولهم:حنك الفرس يحنكه،إذا جعل في حنكه الأسفل حبلا يقوده به.(الفائق 1:324)
نحوه المدينيّ.(1:513)
قرع الفأس حنك الفرس،و هو سقف أعلى الفم.
و حنكت الصّبيّ و حنّكته،و هو محنّك و محنوك،إذا دلكت تمرة ممضوغة على حنكه.
و حنّكت الدّابّة:غرزت عودا في حنكه.و اسم العود:الحناك.
و حنك الدّابّة يحنكها:جعل الرّسن في فيها.و احتنك الطّعام:
أكله كلّه.و استحنك الرّجل:اشتدّ أكله بعد قلّته.و هذه الشّاة أحنك الشّاتين،أي آكلهما،و شاة حنيكة.
و من المجاز:حنكته السّنّ و حنّكته الأمور:فعلت ما يفعل بالفرس،إذا حنّك حتّى عاد مجرّبا مذلّلا،فاحتنك.
و رجل محتنك و محنّك و حنيك.
و فلان ذو حنكة.و احتنك الجراد ما على الأرض:
أتى عليه.
و احتنك مالي:أخذه كلّه لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ و ما ترك الأحناك في أرضنا شيئا،و هم المنتجعة.
و احتنك على النّاقة الجرب:غلب عليها.و هو مرّ على حنك العدوّ.[و استشهد بالشّعر مرّتين]
(أساس البلاغة:97)
الطّبرسيّ: الاحتناك:الاقتطاع من الأصل يقال:
احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم،إذا استقصاه فأخذه كلّه.و احتنك الجراد الزّرع،إذا أكله كلّه.[ثمّ استشهد بشعر](3:425)
ابن الأثير: [نقل بعض الأحاديث المتقدّمة و قال:] و في حديث خزيمة«و العضاه مستحنكا»أي منقلعا من أصله.(1:452)
الفيّوميّ: الحنك من الإنسان و غيره مذكّر، و جمعه:أحناك مثل سبب و أسباب.و حنّكت الصّبيّ تحنيكا:مضغت تمرا و نحوه،و دلكت به حنكه.و حنكته حنكا من بابي ضرب و قتل.كذلك فهو محنّك من المشدّد و محنوك من المخفّف.(1:154)
الفيروزآباديّ: الحنك:محرّكة:باطن أعلى الفم من داخل،أو الأسفل من طرف مقدّم اللّحيين جمعه:
أحناك،و جماعة ينتجعون بلدا يرعونه،و آكام صغار مرتفعة في حجارتها رخاوة و بياض كالكذّان،و واد باليمن للعوالق،و بلا«لام»لقب عامر الأصبهانيّ المحدّث، أو الحنكة«بهاء»الرّابية المشرفة من القفّ،و بضمّتين:
المرأة اللّبيبة،و هو حنك.
و حنّكه تحنيكا:دلك حنكه،و كمنبر و كتاب:الخيط الّذي يحنّك به.و حنك الفرس يحنكه و يحنّكه:جعل في فيه الرّسن كاحتنكه،و الشّيء:فهمه و أحكمه،و الصّبيّ:
مضغ تمرا أو غيره فدلكه بحنكه،كحنّكه،فهو محنوك و محنّك.و السّنّ الرّجل:أحكمته التّجارب حنكا، و يحرّك كحنّكته و أحنكته و احتنكته،فهو محنك و محنّك و محتنك و حنيك و حنك بضمّتين.و الاسم:الحنكة
ص: 137
و الحنك بضمّهما و يكسر الثّاني.
و أحنك البعيرين:أشدّهما أكلا نادر؛لأنّ الخلقة لا يقال فيها ما أفعله.و احتنكه:استولى عليه،و الجراد الأرض:أكل ما عليها،و فلانا:أخذ ماله.
و حنك الغراب محرّكة:منقاره أو سواده،و أسود حانك حالك.و الحنكة بالضّمّ و ككتاب:خشبة تضمّ الغراضيف،أو قدّة تضمّها خشبة تربط تحت لحيى النّاقة ثمّ يربط الحبل إلى عنق الفصيل فترامه.
و أحنكه:ردّه.و كسفينة:الجيّدة الأكل من الدّوابّ.
و كأمير:المجرّب.و تحنّك:أدار العمامة من تحت حنكه.
و استحنك:اشتدّ أكله بعد قلّة،و العضاه:انقلع من أصله.(3:309)
الطّريحيّ: و قد تكرّر في الحديث ذكر الحنك،و هو إدارة جزء من العمامة تحت الحنك.
و الحنك:ما تحت الذّقن من الإنسان و غيره.أو الأعلى داخل الفم،و الأسفل في طرف مقدّم اللّحيين من أسفلهما.و الجمع:أحناك.
و اتّفقوا على تحنيك المولود عند ولادته بتمر.فإن تعذّر فبما في معناه من الحلو،فيمضغ حتّى يصير مائعا فيوضع في فيه ليصل شيء إلى جوفه.
و يستحبّ كون المحنّك من الصّالحين،و أن يدعو للمولود بالبركة،و يستحبّ تحنيكه بالتّربة الحسينيّة و الماء،كأن يدخل ذلك إلى حنكه و هو أعلى داخل الفم.
و في الحديث«ما أظنّ أحدا يحنّك بماء الفرات إلاّ أحبّنا أهل البيت».
و يجمع الحنك من الإنسان على:أحناك،مثل سبب و أسباب.(5:263)
العدنانيّ: الحنكة،الحنك،الحنك،الحنك.
و يسمّون التّجربة و البصر بالأمور حنكة، و الصّواب:
أ-حنكة:اللّيث بن سعد،و الصّحاح،و معجم مقاييس اللّغة،و الأساس«مجاز»،و اللّسان،و القاموس، و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن، و الوسيط.
ب-و حنك:اللّيث بن سعد،و اللّسان،و القاموس، و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن، و الوسيط.
ج-و حنك:اللّسان،و القاموس،و التّاج،و المدّ، و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن.
د-و حنك:اللّيث بن سعد،و التّاج،و المدّ.
و فعله:حنكت التّجارب الرّجل حنكا و حنكا،مجاز:
أحكمته و هذّبته،فهو محنك،و محنّك و محتنك و حنيك و حنك.(173)
المصطفويّ: الظّاهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو العضو ما تحت الذّقن،و لعلّ الاشتقاق منها انتزاعيّ.و يستفاد من مفهومها معنى الاستيلاء و التّسلّط و الإحاطة،و جعل الشّيء تحت الاختيار.
و لا بدّ أن يلاحظ في موارد استعمالها معنى ذلك العضو،أو معنى التّسلّط و الاستيلاء،كما في مورد استعمالها في الفهم المخصوص.(2:321)
ص: 138
...لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً. الإسراء:62
ابن عبّاس: لأستنزلنّ و لأستملكنّ و لأستولينّ ذرّيّته.(239)
مجاهد :لأحتوينّهم.(الطّبريّ 15:117)
ابن زيد :لأضلّنّهم.(الطّبريّ 15:117)
نحوه المراغيّ.(15:70)
الفرّاء: لأستولينّ عليهم.(2:127)
أبو عبيدة :مجازه لأستميلنّهم و لأستأصلنّهم يقال:
حنك فلان ما عند فلان أجمع من مال أو علم أو حديث أو غيره،أخذ كلّه و استقصاه.[ثمّ استشهد بشعر]
(1:384)
الأخفش: لأستميلنّهم.(الماورديّ 3:254)
ابن قتيبة :لأستأصلنّهم،يقال:احتنك الجراد ما على الأرض كلّه،إذا أكله كلّه.و احتنك فلان ما عند فلان من العلم،إذا استقصاه.و يقال:هو من حنك دابّته يحنكها حنكا،إذا شدّ في حنكها الأسفل حبلا يقودها به، أي لأقودنّهم كيف شئت.(258)
نحوه السّجستانيّ(108)،و البغويّ(3:142)، و الميبديّ(5:577)،و السّمين(4:404)،و أبو السّعود (4:144).
الجبّائيّ: لأستأصلنّهم بالإغواء من احتناك الجراد الزّرع؛و هو أن يأكله و يستأصله،و إنّما طمع الملعون في ذلك؛لأنّ اللّه سبحانه أخبر الملائكة أنّه سيجعل في الأرض من يفسد فيها،فكأنّ العلم قد سبق له بذلك.(الطّبرسيّ 3:426)
الطّبريّ: يقول لأستولينّ عليهم و لأستأصلنّهم و لأستميلنّهم،يقال منه احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم أو غير ذلك.[ثمّ استشهد بشعر و نقل أقوال المفسّرين و قال:]
و هذه الألفاظ و إن اختلفت فإنّها متقاربات المعنى؛ لأنّ الاستيلاء و الاحتواء بمعنى واحد.و إذا استولى عليهم فقد أضلّهم.(15:116)
نحوه الثّعلبيّ(6:112)،و القرطبيّ(10:287)، و ابن كثير(4:325)،و الآلوسيّ(15:109).
الزّجّاج: لأستأصلنّهم بالإغواء لهم،و قيل:
لأستولينّ عليهم،و الّذي تقول العرب:قد احتنكت السّنة أموالنا،إذا استأصلتها.[ثمّ استشهد بشعر]
(3:249)
أبو مسلم الأصفهانيّ: لأغوينّ ذرّيّته،و أقودنّهم معي إلى المعاصي كما تقاد الدّابّة بحنكها،إذا شدّ فيها حبل تجرّبه.(الطّبرسيّ 3:426)
نحوه الشّربينيّ.(2:318)
الاحتناك:افتعال من الحنك،كأنّهم يملكهم كما يملك الفارس فرسه بلجامه.(الفخر الرّازيّ 21:4)
الماورديّ: فيه ستّة تأويلات.[و نقل الأقوال إلى أن قال:]
الخامس:لأقودنّهم إلى المعاصي كما تقاد الدّابّة بحنكها إذا شدّ فيه حبل يجذبها،و هو«افتعال»من
ص: 139
الحنك،إشارة إلى حنك الدّابّة.
السّادس:لأقطعنّهم إلى المعاصي.[ثمّ استشهد بشعر](3:254)
الطّوسيّ: معنى(لاحتنكنّ)لأقطعنّهم إلى المعاصي، يقال:منه:احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم أو غير ذلك.[ثمّ استشهد بشعر و نقل بعض الأقوال]
(6:497)
الواحديّ: لأستأصلنّهم و لأستولينّ عليهم بالإغواء و الإضلال.و أصله من احتناك الجراد الزّرع، و هو أن تأكله و تستأصله بأحناكها و تفسده.و هذا هو الأصل،ثمّ يسمّى الاستيلاء على الشّيء و أخذ كلّه:
احتناكا.(3:115)
الزّمخشريّ: لأستأصلنّهم بالإغواء؛من احتنك الجراد الأرض،إذا جرّد ما عليها أكلا،و هو من الحنك.
و منه ما ذكر سيبويه من قولهم:أحنك الشّاتين،أي آكلها.
فإن قلت:من أين علم أنّ ذلك يتسهّل له،و هو من الغيب؟قلت:إمّا أن سمعه من الملائكة و قد أخبرهم اللّه به،أو خرّجه من قولهم: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها البقرة:30،أو نظر إليه فتوسّم في مخايله أنّه خلق شهوانيّ.
و قيل:قال ذلك لما عملت وسوسة آدم.و الظّاهر أنّه قال:ذلك قبل أكل آدم من الشّجرة.(2:456)
نحوه البيضاويّ(1:590)،و النّيسابوريّ(15:
55)،و الكاشانيّ(3:202)،و شبّر(4:34).
ابن عطيّة: معناه لأميلنّ و لأجرّنّ،و هو مأخوذ من تحنيك الدّابّة،و هو أن يشدّ على حنكها بحبل أو غيره فتنقاد،و السّنة تحتنك المال،أي تجتره.[و استشهد بشعر، و نقل قول الطّبريّ و ابن عبّاس و ابن زيد ثمّ قال:]
و هذا بدل اللّفظ لا تفسيره و حكم إبليس بهذا الحكم على ذرّيّة آدم،من حيث رأى الخلقة مجوّفة مختلفة الأجزاء،و ما اقترن بها من الشّهوات و العوارض كالغضب و نحوه.ثمّ استثنى القليل لعلمه أنّه لا بدّ أن يكون في ذرّيّته من يصلب في طاعة اللّه.(3:470)
الفخر الرّازيّ: في الاحتناك قولان:أحدهما:أنّه عبارة عن الأخذ بالكلّيّة،يقال:احتنك فلان عند فلان من مال،إذا استقصاه،و أخذه بالكلّيّة.و احتنك الجراد الزّرع،إذا أكله بالكلّيّة.
و الثّاني:أنّه من قول العرب:حنك الدّابّة يحنكها،إذا جعل في حنكها الأسفل حبلا يقودها به.[إلى أن قال:]
فعلى القول الأوّل معنى الآية لأستأصلنّهم بالإغواء.
و على القول الثّاني:لأقودنّهم إلى المعاصي،كما تقاد الدّابّة بحبلها.(21:4)
القاسميّ: أي لأعمنّهم و لأهلكنّهم بالإغواء،إلاّ المخلصين.(10:3946)
سيّد قطب :فلأستولينّ،و أحتويهم،و أملك زمامهم،و أجعلهم في قبضة يدي أصرف أمرهم.
(4:2238)
ابن عاشور :هذا الكلام صدر من إبليس إعرابا عمّا في ضميره،و إنّما شرط التّأخير إلى يوم القيامة ليعمّ بإغوائه جميع أجيال ذرّيّة آدم،فلا يكون جيل آمنا من إغوائه.
و صدر ذلك من إبليس عن وجدان ألقي في نفسه،
ص: 140
صادف مراد اللّه منه،فإنّ اللّه لمّا خلقه قدّر له أن يكون عنصر إغواء إلى يوم القيامة،و أنّه يغوي كثيرا من البشر،و يسلم منه قليل منهم.
و إنّما اقتصر على إغواء ذرّيّة آدم،و لم يذكر إغواء آدم و هو أولى بالذّكر،إذ آدم هو أصل عداوة الشّيطان النّاشئة عن الحسد من تفضيله عليه،إمّا لأنّ هذا الكلام قاله بعد أن أغوى آدم و أخرج من الجنّة،فقد شفى غليله منه،و بقيت العداوة مسترسلة في ذرّيّة آدم،قال تعالى:
إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فاطر:6.
و الاحتناك:وضع الرّاكب اللّجام في حنك الفرس ليركبه و يسيّره،فهو هنا تمثيل لجلب ذرّيّة آدم إلى مراده من الإفساد و الإغواء بتسيير الفرس على حسب ما يريد راكبه.(14:120)
مغنيّة:إبليس يهدّد بالانتقام لنفسه من ذرّيّة آدم لا لشيء إلاّ لأنّ اللّه كرّمه عليه،ينتقم منهم بأن يقودهم معه إلى معصية اللّه كما تقاد الدّابّة بحنكها.(5:62)
الطّباطبائيّ: [نقل قول الطّبرسيّ المتقدّم في اللّغة و قال:]و الظّاهر أنّ المعنى الأخير هو الأصل في الباب، و الاحتناك:الإلجام.و المعنى:قال إبليس بعد ما عصى و أخذه الغضب الإلهيّ:ربّ أ رأيت هذا الّذي فضّلته بأمري بسجدته،و رجمي بمعصيته،أقسم لئن أخّرتني إلى يوم القيامة؛و هو مدّة مكث بني آدم في الأرض،لألجمنّ ذرّيّته إلاّ قليلا منهم و هم المخلصون.(13:145)
المصطفويّ: أي آخذ بالحنك،و أجعل الرّسن في الحنك،و أستولي عليهم،و أسوقهم إلى طرق الضّلال.
و الاحتناك إمّا بإضلالهم من جهة الأفكار و العقائد الفاسدة و الآراء المضلّة،أو من جهة رسوخ رذائل الأخلاق و خبائث الصّفات النّفسانيّة،و إمّا من ناحية الاعتياد بإتيان الأعمال المحرّمة و العادات المنهيّة.
فكلّ من هذه الأصناف الثّلاثة إذا ثبتت و أديمت في الإنسان،يجعله مقهورا مغلوبا،كالرّسن الملقى في الحنك، إلى أن ينتهي إلى مرحلة خَتَمَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ البقرة:7،نعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم و من احتناكه.(2:322)
مكارم الشّيرازيّ: (احتنكنّ)مشتقّة من «احتناك»و هي تعني قطع جذور شيء ما،لذا فعند ما يأكل الجراد المزروعات تقول العرب:احتنك الجراد الزّرع؛لذا فإنّ هذا القول يشير إلى أنّ إبليس سيحرّف كلّ بني آدم عن طريق اللّه و طاعته إلاّ القليل منهم.
و يحتمل أن تكون كلمة(احتنكنّ)مشتقة من«حنك»؛ و هي المنطقة الّتي تحت البلعوم،فعند ما يوضع الحبل في رقبة الحيوان تقول العرب:«احتنك الدّابّة».و في الواقع فإنّ الشّيطان يريد أن يقول:بأنّه سيضع حبل الوسوسة في أعناق النّاس،و يجرّهم إلى طريق الغواية و الضّلال.
و في هذا الأثناء أعطي الشّيطان إمكانيّة البقاء و الفعل،حتّى يتحقّق الاختبار للجمع،و يكون وجوده سببا لتمحيص و اختبار المؤمنين الحقيقيّين،حيث يقوى الإنسان عند ما تهاجمه الحوادث،و يقوى عوده في مواجهة الأعداء،لذلك قالت الآية: قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً الإسراء:
63.و هذا أسلوب الاختبار ينكشف فيه الفاشل من النّاجح في الامتحان الإلهيّ الكبير.(9:45)
ص: 141
فضل اللّه:لأستأصلنّهم بالإغواء،و بذلك أبعدهم عن رحمتك،و أنزلهم عن هذا المستوى الّذي رفعتهم إليه، و أردتهم أن يديروا به الأرض من خلال وحيك،و أن يخضعوها لإرادتك،و أن يرتفعوا إليك بالطّاعة.
(14:168)
1-الأصل في هذه المادّة الحنك،و هو الأسفل من طرف مقدّم اللّحيين للإنسان و غيره؛يقال:حنك الصّبيّ و حنّكه،أي دلك حنكه،و مضغ التّمر ثمّ أدلكه بحنكه داخل فمه،فهو محنوك و محنّك،و احتنك صاحبه:أخذ بحنكه.و حنك الدّابّة يحنكها و يحنكها:جعل الرّسن في فيها،و حنّكها:دلك حنكها فأدماه،و احتنكت دابّتي:
ألقيت في حنكها حبلا و قدتها.
و المحنك و الحناك:الخيط الّذي يحنّك به،و الحناك:
وثاق يربط به الأسير،و هو غلّ،كلّما جذب أصاب حنكه؛يقال:أخذ بحناك صاحبه،أي أخذ بحنكه و لبّته ثمّ جرّه إليه.
و الحنك:المنقار،على التّشبيه.
و التّحنّك:التّلحّي،و هو أن تدير العمامة من تحت الحنك،و اللّحية.
و أحنك الشّاتين و أحنك البعيرين:آكلها بالحنك، و استحنك الرّجل:قوي أكله و اشتدّ بعد ضعف و قلّة، و هو من ذلك؛لأنّه يأكل بالحنك،و احتنك فلان ما عند فلان،أخذه كلّه،كأنّه أكله بالحنك،و احتنك الجراد الأرض:أتى على نبتها و أكل ما عليها.
و الحنك:الجماعة من النّاس ينتجعون بلدا يرعونه؛ يقال:ما ترك الأحناك في أرضنا شيئا،يعني الجماعات المارّة.و الحنك:الأكلة من النّاس.
و حنّكته السّنّ:نبتت أسنانه الّتي تسمّى أسنان العقل،على المقاربة؛لأنّ الأسنان تنبت في اللّحي.
و الحنكة و الحنك و الحنك:السّنّ و التّجربة و البصر بالأمور،كأنّها تحتنك الإنسان و تقوده،كما تحتنك الدّابّة بالحبل؛يقال:حنكته التّجارب و السّنّ حنكا و حنكا، و أحنكته و حنّكته و احتنكته،أي هذّبته،فهو محنك و محنّك،و هم أهل الحنكة و الحنك و الحنك.
و رجل محنّك:هو الّذي لا يستقلّ منه شيء ممّا قد عضّته الأمور،و رجل حنيك و محتنك:مجرّب،و احتنك الرّجل:استحكم،و حنكت الشّيء:فهمته و أحكمته.
و الحنيك:الشّيخ،و العاقل،و الجمع:حنك،و رجل حنك،و امرأة حنكة:لبيبان عاقلان،و رجل حنيك و محنوك و محنّك و محتنك:عاقل،و المحتنك:الرّجل المتناهي عقله و سنّه.
2-و حنك الغراب:سواده،على البدل؛يقال:أسود حالك و حانك،و شيء حالك و محلولك و محلنكك و حلكوك.و قال أبو زيد:«الحلك:اللّون،و الحنك:
المنقار (1)».
و قولهم:استحنك الرّجل،أي قوي أكله و اشتدّ بعد ضعف و قلّة،لعلّه من باب إبدال«القاف»كافا؛يقال منه:
أحنق،أي سمن فجاء بشحم كثير،فهو محنق (2).
ص: 142
جاء منها«احتنكنّ»مرّة في آية:
1- ...لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً الإسراء:62
يلاحظ أوّلا:أنّ هذا اللّفظ وحيد الجذر في القرآن، و جاء في سورة مكّيّة فكأنّه تعبير مكّيّ:و فيه بحوث:
1-فسّر بمعان وردت صفات و أقوالا لإبليس أو الشّيطان،و منها:
الإغواء:أخذ من قوله تعالى حكاية عن لسان إبليس: قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ الأعراف:16.
الإضلال:من قوله حكاية عن الشّيطان:
وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ النّساء:119.
الأخذ:من قوله حكاية عن الشّيطان: وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً النّساء:118.
الاستيلاء:من قوله: اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ المجادلة:19.
الاستمالة:من قوله: اَلشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ محمّد:25.
الاستزلال: إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا آل عمران:155.
2-قالوا:لأستأصلنّهم من احتناك الجراد الزّرع أو احتناك السّنة الأموال،لأستولينّ عليهم و لاستميلنّهم، كأنّه عليكم،لأنّ ذلك لازم الاستئصال،لأقودنّهم إلى المعاصي كما تقاد الدّابّة بحنكها،إذا شدّ فيه حبل يجذبها، لأقطعنّهم إلى المعاصي،لأميلنّ و لأجرّنّ من تحنيك الدّابّة بحبل،لأعمنّهم و لأهلكنّهم بالإغواء و نحوها.و قد لخّصها الفخر الرّازيّ في وجهين:الأخذ بالكلّيّة من استئصال الجراد الأرض،و القيادة من قيادة الدّابّة.
و رجّح الطّباطبائيّ الثّاني أي لألجمنّهم.
3-طمع إبليس في احتناك آدم و ذرّيّته،قال الزّمخشريّ:«فإن قلت:من أين علم أنّ ذلك يتسهّل له و هو من الغيب؟
قلت:إمّا أن سمعه من الملائكة و قد أخبرهم اللّه به، أو خرّجه من قولهم: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها البقرة:30،أو نظر إليه فتوسّم في مخايله أنّه خلق شهوانيّ.
و قيل:قال ذلك لما عملت وسوسته في آدم.و الظّاهر أنّه قال ذلك قبل أكل آدم من الشّجرة».
4-استعصى إبليس على اللّه حينما أمره بالسّجود لآدم كسائر الملائكة،ثمّ تمادى في غيّه فتحدّى اللّه!و جاء هذا المعنى-أي العصيان و التّحدّي-في ثلاث سور مكّيّة أيضا،و هي«الأعراف:16،و الحجر:39،و ص:82» غير أنّه بدأ تحدّيه هنا بلفظ لَأَحْتَنِكَنَّ، و في الأعراف لَآتِيَنَّهُمْ، و في الحجر لَأُزَيِّنَنَّ، و في ص لَأُغْوِيَنَّهُمْ. و قد طلب من اللّه أن يؤجّله إلى يوم القيامة بلفظ التّأخير في الأولى،و الإنظار في سائر الآيات.
5-قال مغنيّة:«إبليس يهدّد بالانتقام لنفسه من ذرّيّة آدم لا لشيء إلاّ لأنّ اللّه كرّمه عليه فينتقم منهم...».
ص: 143
ثانيا:جاء لفظان آخران وحيد الجذر في هذه الآيات حول الشّيطان أيضا في سورتين:إحداهما مكّيّة، و الأخرى مدنيّة:
الأوّل:التّبتيك في قوله: فَلَيُبَتِّكُنَّ النّساء:
119،انظر(ب ت ك).
و الثّاني:الذّأم في قوله: قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً الأعراف:18،انظر(ذأم).
ص: 144
لفظان،مرّتان،في سورتين:1 مكّيّة،1 مدنيّة
حنانا 1:1 حنين 1:-1
الضّبّيّ: كانت العرب في الجاهليّة تقول لجمادى الآخرة:حنين،و صرف لأنّه عني به الشّهر.
مثله الفرّاء.(الأزهريّ 3:449)
الخليل: الحنّ:حيّ من الجنّ،يقال:منهم الكلاب السّود البهم.يقال:كلب حنّيّ.
و الحنان:الرّحمة،و الفعل:التّحنّن.و اللّه الحنّان المنّان الرّحيم بعباده.
وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا مريم:13،أي رحمة من عندنا.
و حنانيك يا فلان افعل كذا و لا تفعل كذا،تذكّره الرّحمة و البرّ.
و يقال:كانت أمّ مريم تسمّى حنّة.
و الاستحنان:الاستطراب.
و عود حنّان:مطرّب يحنّ.
و حنين النّاقة:صوتها إذا اشتاقت،و نزاعها إلى ولدها من غير صوت.[ثمّ استشهد بشعر]
و الحنّة:خرقة تلبسها المرأة،فتغطّي بها رأسها.
(3:29)
الأمويّ: ما نرى لك حنانا،أي هيبة.
(الأزهريّ 3:446)
أبو عمرو الشّيبانيّ: خرج فما تحانّ حتّى انتهى، أي ما عرّج.(1:141)
حنان اللّه أن تلقى فلانا،أي معاذ اللّه.
لا حنّك اللّه عن الشّرّ،يحنّ حنّا.(1:154)
طريق حنّان،أي بيّن.(1:166)
قل:ما حنّنت عنه،إذا أصاب مقتله.[ثمّ استشهد بشعر](1:168)
الحنان:الشّدّة.تقول:لقي فلان حنانا،أي شرّا طويلا.(1:169)
تقول:حنّ عنّي شرّك،أي كفّه.(1:188)
ص: 145
المحنون:الّذي يصرع ثمّ يفيق زمانا.
(الأزهريّ 3:445)
هي[امرأة الرّجل]:حنّته و كنينته،و نهضته، و حاصفته و حاضنته.(الأزهريّ 3:448)
الفرّاء: الحنّ:كلاب الجنّ.(الأزهريّ 3:445)
أبو زيد :يقال:«ما له حانّة و لا جارّة».فالحانّة:
الإبل الّتي تحنّ إلى أوطانها،و الجارّة:الحمولة تحمل المتاع و الطّعام.(الأزهريّ 3:448)
الأصمعيّ: حنّة الرّجل:امرأته،و هي طلّته.
(الأزهريّ 3:448)
يقال:ما تحنّني شيئا من شرّك،أي ما تردّه.
[بعير حنّان]أي له حنين من سرعته.
(الأزهريّ 3:449)
اللّحيانيّ: و تحنّنت النّاقة على والدها:تعطّفت، و كذلك الشّاة.(ابن سيده 2:536)
أبو عبيد: في حديث عروة بن الزّبير أنّه كان يقول في تلبيته:«لبّيك ربّنا و حنانيك».
قوله:حنانيك،يريد:رحمتك.و العرب تقول:حنانك يا ربّ،و حنانيك يا ربّ،بمعنى واحد.[ثمّ استشهد بشعر](2:405)
ابن الأعرابيّ: «الحنّان»من أسماء اللّه،بتشديد النّون،بمعنى الرّحيم.
و الحنان بالتّخفيف:الرّحمة،و الرّزق،و البركة، و الهيبة،و الوقار.(الأزهريّ 3:446)
قال رجل لابنه:«يا بنيّ إيّاك و الرّقوب الغضوب، الأنّانة الحنّانة و المنّانة».و الحنّانة:الّتي كان لها زوج قبله، فهي تذكره بالتّحزّن و الأنين،و الحنين إليه.
(الأزهريّ 3:448)
و ما حنّن عنّي،أي ما انثنى و لا قصّر.
(ابن سيده 2:536)
ابن السّكّيت: الحنون من النّساء:الّتي تتزوّج هي،رقّة على ولدها إذا كانوا صغارا،ليقوم الزّوج بأمرهم.
و قال بعضهم لولده:يا بنيّ لا تتّخذها حنّانة و لا أنّانة و لا منّانة،و لا عشبة الدّار،و لا كيّة القفا.
فالحنّانة:الّتي لها ولد من سواه،فهي تحنّ عليهم.(352)
و يقال:ما له حانّة و لا آنّة،أي ناقة و لا شاة.(إصلاح المنطق:383)
و قولهم:«رجع بخفّي حنين»عن أبي اليقظان:كان حنين رجلا شديدا،ادّعى إلى أسد بن هاشم بن عبد مناف،فأتى عبد المطّلب و عليه خفّان أحمران،فقال:يا عمّ،أنا ابن أسد بن هاشم.فقال عبد المطّلب:لا و ثياب هاشم،ما أعرف شمائل هاشم فيك،فارجع.فقالوا:
«رجع حنين بخفّيه»فصار مثلا.(الجوهريّ 5:2105)
شمر:الحنين بمعنيين،يكون بمعنى النّزاع و الشّوق من غير صوت،و يكون الصّوت مع النّزاع و الشّوق.
يقال:حنّ قلبي إليه،فهذا نزاع و اشتياق من غير صوت، و حنّت النّاقة إلى ألاّفها،فهذا صوت مع نزاع،و كذلك حنّت إلى ولدها.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 3:446)
[حكى قول الأصمعيّ في معنى«تحنّني»ثمّ قال:]
ص: 146
و لم أسمع«تحنّني»بهذا المعنى لغير الأصمعيّ.و يقال:
حنّ عنّا شرّك،أي اصرفه،و المحنون من الحقّ:المنقوص.
يقال:ما حننتك شيئا من حقّك،أي ما نقصتك.
و الحنين للنّاقة،و الأنين للشّاة.يقال:ما له حانّة و لا آنّة،أي ما له شاة و لا بعير.
و خمس حنّان،أي بائص.(الأزهريّ 3:449)
أبو الهيثم:يقال للسّهم الّذي يصوّت إذا نفّزته بين إصبعيك:حنّان.[ثمّ استشهد بشعر]
و الحنّان:الّذي يحنّ إلى الشّيء.
(الأزهريّ 3:446)
ثعلب :و الحنّان بكسر الحاء:لغة في الحنّاء.
(ابن سيده 2:536)
الطّبريّ: و للعرب في«حنانك»لغتان:حنانك يا ربّنا،و حنانيك.
و قد اختلف أهل العربيّة في«حنانيك»فقال بعضهم:هو تثنية«حنان».و قال آخرون:بل هي لغة ليست بتثنية،قالوا:و ذلك كقولهم:حواليك.
و قد سوّى بين جميع ذلك الّذين قالوا:حنانيك تثنية،في أنّ كلّ ذلك تثنية.و أصل ذلك-أعني الحنان- من قول القائل:حنّ فلان إلى كذا؛و ذلك إذا ارتاح إليه و اشتاق،ثمّ يقال:تحنّن فلان على فلان،إذا وصف بالتّعطّف عليه و الرّقة به،و الرّحمة له.
فالحنان:مصدر من قول القائل:حنّ فلان على فلان،يقال منه:حننت عليه،فأنا أحنّ عليه حنينا و حنانا.و من ذلك قيل لزوجة الرّجل:حنّته،لتحنّنه عليها و تعطّفه.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](16:57)
الزّجّاج:الحنّان في صفة اللّه:ذو الرّحمة و التّعطّف.
(الأزهريّ 3:447)
ابن دريد :حنّ يحنّ حنينا،إذا اشتاق.و حنّت النّاقة،إذا نزعت إلى وطنها أو ولدها،و البعير إلى وطنه كذلك.و يقال:حننت عن فلان،إذا حلمت عنه أو تكلّم فلم تجبه.
و بنو حنّ:بطن من بني عذرة.
و الحنّ:زعموا ضرب من الجنّ.[و استشهد بالشّعر مرّتين](1:64)
الخنين:تردّد البكاء في الأنف،و الحنين:من الصّدر.(3:450)
الأزهريّ: و الحنّان:من أسماء اللّه تعالى،جاء على «فعّال».بتشديد النّون صحيح.و كان بعض مشايخنا أنكر التّشديد فيه،لأنّه ذهب به إلى الحنين،فاستوحش أن يكون الحنين من صفات اللّه تعالى،و إنّما معنى الحنّان:
الرّحيم،من الحنان،و هو الرّحمة.
و قولهم:حنانيك،معناه:تحنّن عليّ مرّة بعد أخرى، و حنانا بعد حنان،و أذكّرك حنانا بعد حنان.
و يقال:حنّ عليه،أي عطف عليه،و حنّ إليه،أي نزع إليه.
قال اللّيث:الحنّة:خرقة تلبسها المرأة،فتغطّي رأسها.
قلت:هذا حاقّ التّصحيف الوحش،و الّذي أراد:
الخبّة بالخاء.
أمّا«الحنّة»بالحاء و النّون،فلا أصل له في باب الثّياب.
ص: 147
و من أمثال العرب:«لا تعدم أدماء من أمّها حنّة» يضرب مثلا للرّجل يشبه الرّجل.
قلت:و الحنّة في هذا المثل:العطفة و الشّفقة و الحيطة.
و من أمثال العرب:«حنّ قدح ليس منها»يضرب مثلا للرّجل ينتمي إلى نسب ليس منه،أو يدّعي ما ليس منه في شيء.
و حنين:اسم واد،به كانت وقعة أو طاس.و قد ذكره اللّه في كتابه. وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ... التّوبة:25.
و الحنّان:اسم فحل من فحول خيل العرب، معروف.
و يقال:حمل فحنّن،كقولك:حمل فهلّل،إذا جبن.(3:446)
الصّاحب:الحنّ:حيّ من الجنّ تنسب إليهم الكلاب السّود.
و رجل محنون:مجنون.
و حنين النّاقة:صوتها،و نزاعها إلى ولدها.
و الحنان:الرّحمة،و كذلك التّحنّن.و حنانيك يا ربّ و حنانك.
و حنّة:أمّ مريم.
و حنّة الرّجل:زوجته.
و الحنّة:خرقة تلبسها المرأة.
و الاستحنان:الاستطراب.
و المستحنّ:الّذي استحنّه الشّوق إلى ألاّفه فحنّ و عود حنّان:مضطرب.
و العرب تسمّي جمادى الآخرة:الحنين و الحنّين- مشدّدة-و جمعه:أحنّة.
و الحنن:الجعل؛و تصغيره:حنين.
و حنّ عنّا شرّك،أي ردّه.
و فلان لا يحنّ عنّي كلمة.
و طريق حنّان:واضح.
و إنّه ليأخذ في كلّ فنّ و حنّ.(2:317)
الجوهريّ: الحنين:الشّوق و توقان النّفس.تقول منه:حنّ إليه يحنّ حنينا،فهو حانّ.
و الحنان:الرّحمة.يقال منه:حنّ عليه يحنّ حنانا، و منه قوله تعالى: وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا مريم:13.
و الحنّان بالتّشديد:ذو الرّحمة.
و يقال أيضا:طريق حنّان،أي واضح.
و أبرق الحنّان:موضع.
و قوس حنّانة:تحنّ عند الإنباض.
و تحنّن عليه:ترحّم.
و العرب تقول:«حنانك يا ربّ و حنانيك يا ربّ» بمعنى واحد،أي رحمتك.
و حنين النّاقة:صوتها في نزاعها إلى ولدها.
و حنانة:اسم راع في طول طرفة.
و حنّة الرّجل:امرأته.
و حنّة البعير:رغاؤه.
و ما له حانّة و لا آنّة،أي ناقة و لا شاة.و المستحنّ مثله.
و حنّ عنّي يحنّ بالضّمّ،أي صدّ.
و يقال أيضا:ما تحنّني شيئا من شرّك،أي ما تصرفه عنّي.
و الحنون:ريح لها حنين كحنين الإبل.
ص: 148
و حنين:موضع يذكّر و يؤنّث،فإن قصدت به البلد و الموضع ذكّرته و صرفته،كقوله تعالى: وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ التّوبة:25،و إن قصدت به البلدة و البقعة أنّثته و لم تصرفه.
[ثمّ ذكر قول ابن السّكّيت و أضاف:]
و قال غيره:هو[حنين]اسم إسكاف من أهل الحيرة،ساومه أعرابيّ بخفّين و لم يشترهما،فغاظه ذلك، و علّق أحد الخفّين في طريقه،و تقدّم فطرح الآخر، و كمن له،و جاء الأعرابيّ فرأى أحد الخفّين،فقال:ما أشبه هذا بخفّ حنين!لو كان معه آخر لاشتريته،فتقدّم فرأى الخفّ الثّاني مطروحا في الطّريق،فنزل و عقل بعيره و رجع إلى الأوّل،فذهب الإسكاف براحلته، و جاء إلى الحيّ بخفّي حنين.
و الحنّ بالكسر:حيّ من الجنّ.
و رجل محنون،أي مجنون،و به حنّة،أي جنّة.
و يقال:الحنّ:خلق بين الجنّ و الإنس.
و حنّ بالضّمّ:اسم رجل.[و استشهد بالشّعر 8 مرّات](5:2104)
ابن فارس: الحاء و النّون أصل واحد،و هو الإشفاق و الرّقّة،و قد يكون ذلك مع صوت بتوجّع، فحنين النّاقة:نزاعها إلى وطنها.و قال قوم:قد يكون ذلك من غير صوت أيضا.
فأمّا الصّوت فكالحديث الّذي جاء في حنين الجذع الّذي كان يستند إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،لمّا عمل له المنبر فترك الاستناد إليه.
و الحنان:الرّحمة،قال اللّه تعالى: وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا مريم:13،و تقول:حنانك،أي رحمتك.
و حنانيك،أي حنانا بعد حنان،و رحمة بعد رحمة.
و الحنّة:امرأة الرّجل،و اشتقاقها من الحنين،لأنّ كلاّ منهما يحنّ إلى صاحبه.
و الحنون:ريح إذا هبّت كان لها كحنين الإبل.
و قوس حنّانة،لأنّها تحنّ عند الإنباض.
و ممّا شذّ عن الباب:طريق حنّان،أي واضح.
[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](2:24)
الثّعالبيّ: فإن زاد[المريض]في رفعه[الصّوت] فهو الحنين.(217)
إذا أخرجت النّاقة صوتا من حلقها و لم تفتح به فاها، قيل:أرزمت،و ذلك على ولدها حين ترأمه.
و الحنين:أشدّ من الرّزمة.(218)
فإذا كان لها[الرّيح]حنين كحنين الإبل،فهي الحنون.(273)
ابن سيده: الحنين:الشّديد من البكاء و الطّرب.
و قيل:هو صوت الطّرب كان ذلك عن حزن أو فرح.
و الحنين:التّشوّق،و المعنيان متقاربان.
حنّ يحنّ حنينا.
و استحنّ:استطرب.
و حنّت الإبل:نزعت إلى أوطانها و أولادها.
و النّاقة تحنّ في إثر ولدها حنينا:تطرب مع صوت.
و قيل:حنينها:نزاعها بصوت و بغير صوت.و الأكثر أنّ الحنين بالصّوت.
و تحانّت كحنّت،حكاه يعقوب في بعض شروحه.
و كذلك الحمامة و الرّجل.و سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بلالا ينشد:
ص: 149
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة
بواد و حولي إذخر و جليل
فقال له:حننت يا ابن السّوداء.
و الحنون من الرّياح:الّتي لها حنين كحنين الإبل، أي صوت يشبه صوتها عند الحنين.
و قد حنّت و استحنّت.
و سحاب حنّان،كذلك.
و امرأة حنّانة:تحنّ إلى زوجها الأوّل.و قيل:هي الّتي تحنّ على ولدها الّذي من زوجها المفارقها.
و الحنون من النّساء:الّتي تتزوّج رقّة على ولدها إذا كانوا صغارا،ليقوم الزّوج بأمرهم.
و حنّة الرّجل:امرأته.
«و ما له حانّة و لا آنّة».الحانّة:النّاقة،و الآنّة:الشّاة.
و قيل:هي الأمة،لأنّها تئنّ من التّعب.
و قالوا:«لا أفعل ذلك حتّى تحنّ الضّبّ في أثر الإبل الصّادرة».و ليس للضّبّ حنين،إنّما هو مثل؛و ذلك لأنّ الضّبّ لا يرد أبدا.
و الطّست تحنّ إذا نقرت،على التّشبيه.
و حنّت القوس حنينا:صوّتت،و أحنّها صاحبها، و قوس حنّانة.
قال أبو حنيفة:و كذلك سمّيت القوس حنّانة،اسم لها علم.هذا قول أبي حنيفة وحده،و نحن لا نعلم أنّ القوس تسمّى حنّانة،إنّما هو صفة تغلب عليها غلبة الاسم،فإن كان أبو حنيفة أراد هذا و إلاّ فقد أساء التّعبير.
و الحنّان من السّهام:الّذي إذا أدير بالأنامل على الأباهم حنّ لعتق عوده و التئامه.
و الحنّة بالكسر:رقّة القلب،عن كراع.
و الحنان:الرّحمة.
و قالوا:حنانيك،أي تحنّنا[منك]عليّ بعد تحنّن.
يقول:كلّما كنت في رحمة منك و خير فلا ينقطعنّ،و ليكن موصولا بآخر من رحمتك.هذا معنى التّثنية عند سيبويه في هذا الضّرب.
قال سيبويه:و لا يستعمل مثنّى إلاّ في حدّ الإضافة.
و قد قالوا:حنانا،فصلوه من الإضافة في حدّ الإفراد، و كلّ ذلك بدل من اللّفظ بالفعل،و الّذي ينتصب عليه غير مستعمل إظهاره،كما أنّ الّذي يرتفع عليه كذلك.
و قالوا:سبحان اللّه و حنانيه،أي و استرحامه،كما قالوا:سبحان اللّه و ريحانه،أي استرزاقه.
و التّحنّن كالحنان.
و طريق حنّان:بيّن واضح منبسط.
و طريق يحنّ فيه العود:ينبسط.
و الحنين و الحنّة:الشّبه.و في المثل«لا تعدم ناقة من أمّها حنينا و حنّة»أي شبها،يقال ذلك لكلّ من أشبه أباه و أمّه.
و الحنان:الهيبة.
و ما تحنّني شيئا من شرّك،أي ما تردّه عنّي.
و الحنّون:نور كلّ شجرة،و نبت؛واحدته:حنّونة.
و حنّن الشّجر و العشب:أخرج ذلك.
و زيت حنين:متغيّر الرّيح،و جوز حنين كذلك.
و بنو حنّ:حيّ.
و الحنّ:حيّ من الجنّ،منهم الكلاب البهم.يقال:
كلب حنّيّ.و قيل:الحنّ ضرب من الجنّ.
ص: 150
و الحنّ:سفلة الجنّ أيضا و ضعفاؤهم،عن ابن الأعرابى.
و ليس في هذا ما يدلّ على أنّ الحنّ سفلة الجنّ،و لا على أنّهم حيّ من الجنّ،إنّما يدلّ على أنّ الحنّ نوع آخر غير الجنّ.
و حنّة و حنّونة:اسم امرأة.
و حنين:اسم واد بين مكّة و الطّائف.
و حنين:اسم رجل.
و الحنّان:موضع إليه ينسب أبرق الحنّان.
و حنين و الحنين جميعا:جمادي الأولى،اسم له كالعلم.و جمعه:أحنّة و حنون و حنائن.[و استشهد بالشّعر 7 مرّات](2:533)
الرّاغب: الحنين:النّزاع المتضمّن للإشفاق.يقال:
حنّت المرأة و النّاقة لولدها.و قد يكون مع ذلك صوت، و لذلك يعبّر بالحنين عن الصّوت الدّالّ على النّزاع و الشّفقة،أو متصوّر بصورته،و على ذلك حنين الجذع.
و ريح حنون و قوس حنّانة،إذا رنّت عند الإنباض
و قيل:ما له حانّة و لا آنّة،أي لا ناقة و لا شاة سمينة، و وصفتا بذلك اعتبارا بصوتهما.
و لمّا كان الحنين متضمّنا للإشفاق،و الإشفاق لا ينفكّ من الرّحمة،عبّر عن الرّحمة به،في نحو قوله تعالى:
وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا مريم:13.
و منه قيل:الحنّان المنّان.و حنانيك:إشفاقا بعد إشفاق و تثنيته كتثنية:لبّيك و سعديك.
وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ التّوبة:25،منسوب إلى مكان معروف.(133)
الزّمخشريّ: حنّ إلى وطنه و حنّ عليه حنانا:
ترحّم عليه،و حنانيك.
و ما له حانّة و لا آنّة،أي ناقة و لا شاة.
و هذه حنّتي،أي امرأتي.
و رجل مجنون محنون:من الحنّ،و هم حيّ من الجنّ.
و من المجاز:قوس حنّانة.
و عود حنّان،و خمس حنّان:تحنّ فيه الإبل،من الجهد.
و طريق حنّان و نهّام:للإبل فيه حنين و نهيم.
و استحنّه الشّوق:استطربه،و جرحه جرحا لا يحنّ على عظم.[و استشهد بالشّعر 5 مرّات]
(أساس البلاغة:97)
[في حديث عمر]لمّا قال ابن أبي معيط:أ أقتل من بين قريش؟قال عمر:«حنّ قدح ليس منها».
ضربه مثلا لإدخاله نفسه في قريش،و ليس منهم.
و أصله أن يستعار قدح فيضرب مع القداح،فيصوّت صوتا يخالف أصواتها.(الفائق 1:323)
الحنّ:من حنّ عليه،إذا رقّ و أشفق.[ثمّ استشهد بشعر]
[في كلام و رقة في بلال رضى اللّه عنه:]«...و اللّه لئن قتلتموه لأتّخذنّه حنانا».
أراد لأجعلنّ قبره موضع حنان،أي مظنّة من رحمة اللّه فأتمسّح به متبرّكا،كما كان يتمسّح بقبور الصّالحين الّذين قتلوا في سبيل اللّه في الأمم الماضية،فيرجع ذلك عارا عليكم،و سبّة عند النّاس.(الفائق 1:325)
المدينيّ: في حديث عليّ رضى اللّه عنه:«إنّ هذه الكلاب
ص: 151
الّتي لها أربعة أعين من الحنّ».
الحنّ:حيّ من الجنّ،و هي ضعفة الجنّ.يقال:مجنون محنون،و هو الّذي يصرع ثمّ يفيق زمانا.
[قيل]:هي سفلة الجنّ،و قيل:الجنّ ثلاثة أصناف:
جنّ و حنّ و بنّ.
في الحديث:«أنّه دخل على أمّ سلمه رضي اللّه عنها، و عندها غلام يسمّى الوليد،فقال:اتّخذتم الوليد حنانا، غيّروا اسمه»،أي ترحمون و تحبّون هذا الاسم،و الحنان:
الرّحمة.
و في حديث آخر:«أنّه من أسماء الفراعنة»فكره أن يسمّى به،كما استحبّ أن يسمّى بأسماء الصّالحين،و اللّه أعلم.
في حديث زيد بن عمرو:«حنانيك»أي ارحمني رحمة بعد رحمة.
و قيل:الحنّ من«حنّ»إذا رقّ عليه قلبه،و الرّقّة و الضّعف من باب.
و يجوز أن يكون من أحنّ إحنانا،إذا أخطأ،لأنّ الأبصار تخطئها و لا تدركها،كما أنّ الجنّ من الاجتنان.(1:514)
ابن الأثير: [في حديث عمر]:«حنّ قدح ليس منها»هو مثل يضرب للرّجل ينتمي إلى نسب ليس منه، أو يدّعي ما ليس منه في شيء.
و القدح بالكسر:أحد سهام الميسر،فإذا كان من غير جوهر أخواته ثمّ حرّكها المفيض بها،خرج له صوت يخالف أصواتها،فعرف به.
و منه كتاب عليّ رضى اللّه عنه إلى معاوية:«و أمّا قولك:كيت و كيت،فقد حنّ قدح ليس منها».(1:452)
الفيّوميّ: حننت على الشّيء أحنّ،من باب «ضرب»حنّة بالفتح و حنانا:عطفت و ترحّمت.
و حنّت المرأة حنينا:اشتاقت إلى ولدها.
و حنين مصغّر:واد بين مكّة و الطّائف،هو مذكّر منصرف،و قد يؤنّث على معنى البقعة.(154)
الفيروزآباديّ: الحنين:الشّوق و شدّة البكاء و الطّرب،أو صوت الطّرب عن حزن أو فرح،حنّ يحنّ حنينا:استطرب،فهو حانّ كاستحنّ و تحانّ.
و الحانّة:النّاقة كالمستحنّ.
و الحنّانة:القوس،أو المصوّتة منها،و قد حنّت و أحنّها صاحبها،و الّتي كان لها زوج قبل فتذكره بالحنين و التّحزّن.
و الحنان كسحاب:الرّحمة و الرّزق و البركة و الهيبة و الوقار،و رقّة القلب،و الشّرّ الطّويل.
و حنان اللّه،أي معاذ اللّه.
و كشدّاد؛من يحنّ إلى الشّيء،و اسم اللّه تعالى، و معناه الرّحيم،أو الّذي يقبل على من أعرض عنه؛ و السّهم يصوّت إذا نقرته بين إصبعيك،و الواضح من الطّرق،و شاعر من جهينة،و فرس للعرب معروف.
و خمس حنّان،أي بائص له حنين من سرعته.
و أبرق الحنّان:موضع.
و الحنّان بالكسر:مشدّدة الحنّاء.
و الحنّ بالكسر:حيّ من الجنّ،منهم الكلاب السّود البهم،أو سفلة الجنّ و ضعفاؤهم أو كلابهم،أو خلق بين الجنّ و الإنس.
ص: 152
و بالفتح:الإشفاق أو الجنون،و مصدر حنّ عنّي شرّك:كفّه و اصرفه.
و بالضّمّ:بنو حنّ:حيّ من عذرة.
و الحنّة و يفتح:الجنّة.
و المحنون:المصروع،أو المجنون.
و تحنّن:ترحّم.
و حنانيك،أي تحنّن عليّ مرّة بعد مرّة و حنانا بعد حنان.
و حنّة:أمّ مريم عليها السّلام،و من الرّجل:زوجته،و من البعير:رغاؤه.
و حنّه:صدّه و صرفه.
و الحنون:الرّيح لها حنين كالإبل،و المتزوّجة رقّة على ولدها ليقوم الزّوج بهم،و كتنّور الفاغية (1)،أو نور كلّ شجر.
و حنّنت الشّجرة تحنينا:نوّرت.
و أحنّ:أخطأ.
و حنين كزبير:موضع بين الطّائف و مكّة،و اسم، و يمنع،و إسكاف ساومه أعرابيّ بخفّين؛فلم يشتره فغاظه،و علّق أحد الخفّين في طريقه،و تقدّم و طرح الآخر،و كمن له،فرأى الأوّل فقال:ما أشبهه بخفّ حنين و لو كان معه آخر لأخذته،فتقدّم و رأى الثّاني مطروحا فعقل بعيره و رجع إلى الأوّل،فذهب حنين ببعيره، و جاء الأعرابيّ إلى الحيّ بخفّي حنين،فذهب مثلا.
و حنين كأمير و سكّيت و باللاّم فيهما:اسمان لجمادى الأولى و الآخرة؛جمعه:أحنّة و حنون و حنائن.
و يحنّة بضمّ أوّله و فتح الباقي:ابن رؤبة،ملك أيلة، صالحه النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم على أهل جرباء و أذرح.
و حمل فحنّن،أي هلّل و كذّب.
و حنحن:أشفق.
و الحنن محرّكة:الجعل.
و حنّ بالضّمّ:أبو حيّ من عذرة.
و حنانة:اسم راع.
و حنيناء:موضع بالشّام.
و التّحوّن:الذّلّ و الهلاك.(4:218)
الطّريحيّ: يقال:حننت على الشّيء أحنّ،من باب «ضرب»حنّة بالفتح و حنانا:عطفت عليه و ترحّمت.
و قيل:الحنان:الرّزق و البركة.
و في الحديث:«سئل عليه السّلام ما عنى في يحيى وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا مريم:13؟قال:تحنّن اللّه عليه.قلت:فما بلغ من تحنّن اللّه عليه؟قال:كان إذا قال:يا ربّ،قال:لبّيك يا يحيى.[إلى أن قال:]
و الحنان بالتّخفيف:الرّحمة،و بالتّشديد:ذو الرّحمة.
و في حديث عليّ عليه السّلام،و قد سئل عن الحنّان و المنّان، فقال:«الحنّان هو الّذي يقبل على من أعرض عنه، و المنّان هو الّذي يبدأ بالنّوال قبل السّؤال».فالحنّان مشدّدا من صفاته تعالى.
و في الدّعاء:«سبحانك و حنانيك»أي أنزّهك عمّا لا يليق بك تنزيها،و الحال أنّي أسألك رحمة بعد رحمة.
و تحنّن عليهم:ترحّم.
و العرب تقول:حنانيك يا ربّ،أي ارحمني رحمة بعد رحمة،و هو كلبّيك.ء.
ص: 153
و في الحديث:«تحنّنوا على أيتام المسلمين»أي تعطّفوا عليهم و ارحموهم.
و فيه:«لا يحنّن أحدكم حنين الأمة»على ما روي عنه،و خصّ الأمة،لأنّ العادة أنّ الأمة تضرب و تؤذى، فيكثر حنينها،أو لأنّ الغالب عليها الغربة،فتحنّ إلى أهلها.[ثمّ ذكر حديث الجذع و قال:]
و في الحديث:«قلوب شيعتنا تحنّ إلينا»أي تشتاق.
و الحنّانة:موضع قرب النّجف،على مشرّفه السّلام.
(6:239)
مجمع اللّغة :الحنان:الرّحمة و العطف و الرّزق و البركة.(1:305)
محمّد إسماعيل إبراهيم:حنّ حنينا:اشتاق، و رفع صوته اشتياقا.
و حنّ حنانا:عطف و أشفق،و الحنان:الرّحمة و رقّة القلب.(149)
العدنانيّ: الحنّاء لا الحنّة
الشّجر الّذي يشبه ورقه و عيدانه ورق الرّمّان و عيدانه،و الّذي له زهر أبيض كالعناقيد،و يتّخذ من ورقه خضاب أحمر،يطلقون عليه اسم الحنّة.و الصّواب هو:الحنّاء:أبو زيد الأنصاريّ،و الأزهريّ،و الصّحاح، و معجم مقاييس اللّغة،و السّمعانيّ،و الأساس،و المختار، و اللّسان،و المصباح،و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و دوزي،و أقرب الموارد،و المتن،و الوسيط.
و همزة الحنّاء أصليّة؛و يجمع على:
أ-حنآن:أنشد أبو حنيفة الدّينوريّ في كتاب النّبات:
و لقد أروح بلمّة فينانة
سوداء لم تخضب من الحنآن
و ممّن ذكر الحنآن أيضا:أبو الطّيّب اللّغويّ، و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد، و المتن.
ب-و حنّان:الفرّاء،و أبو حنيفة الدّينوريّ،و اللّسان -الّذي يذكر أنّ الجمع في بيت كتاب النّبات المذكور آنفا هو:الحنّان بدلا من الحنآن-و التّاج،و المدّ،و المتن.
ج-و حنّان:السّهيليّ في الرّوض الأنف،و التّاج، و المدّ،و المتن.
و يسمّى بائع الحنّاء:الحنّائيّ.
و يقولون:إنّ واحدة الحنّاء هي:حنّاءة.
أمّا فعله فهو:حنّأ لحيته يحنّؤها تحنيئا و تحنئة:
خضبها بالحنّاء.
و هنالك الفعل تحنّأ،و معناه:تخضّب بالحنّاء.
فسد الجبن أو الطّعام لا حنّنا
و يقولون:حنّن الجبن أو الطّعام،و الصّواب:فسدا، أو تغيّر طعمهما.
و الفعل حنّن،بهذا المعنى،عامّيّ،كما قال؛محيط المحيط،و المتن.
و لم أجد في المعجمات سوى:الزّيت الحنين و الجوز الحنين،و هما اللّذان تغيّرت رائحتهما.
و من معاني حنّن:
أ-حنّنت الشّجرة:نوّرت.
ب-حنّن فلان:1-هلّل.2-جبن.
ج-ما حنّن عنّي:ما انثنى و ما قصّر.
ص: 154
التّحنان
و يخطّئون من يستعمل كلمة«التّحنان»بمعنى الحنين الشّديد أو الرّحمة،اعتمادا على أنّ عددا كبيرا من المعجمات قد أهملوا ذكرها:كالصّحاح،و معجم مقاييس اللّغة،و المختار،و اللّسان،و المصباح،و القاموس،و التّاج، و المدّ،و محيط المحيط،و المتن.
و لكن:
قالت الخنساء:
لا تسمن الدّهر في أرض،و إن ربعت
فإنّما هو تحنان و تسجار
و الخنساء يستشهد بشعرها.
و ذكر التّحنان أيضا:دوزي،و أقرب الموارد، و محمود سامي البارودي،و الوسيط.
و ممّا قاله محمود سامي البارودي:
سواي بتحنان الأغاريد يطرب
و غيري باللّذّات يلهو و يلعب
و جاء في قصيدتي الّتي رثيت بها أمّي:
و هيهات أنسى لحن قلبك عازفا
لي الحبّ،و التّحنان،و البرّ،و الحلما
الحنائن لا الحناين
و يقولون:رانية من أشهر الأمّهات الحناين.
و الصّواب:هي من أشهر الأمّهات الحنائن،لأنّ جمع التّكسير«فعائل»،مقيس في كلّ رباعيّ-اسم أو صفة- مؤنّث تأنيثا لفظيّا أو معنويّا،ثالثه مدّة،ألفا كانت،أو واوا،أو ياء.و يشمل عشرة أوزان،خمسة منها غير مختومة بالتّاء.
و من هذه الخمسة ما جاء على وزن«فعول»،مثل:
حنون و حنائن،و عجوز و عجائز.
و كلمة عجوز تقال للمرأة-غالبا-إذا كانت عجوزا، و قد تقال للرّجل المسنّ أيضا.
راجع«معجم الأخطاء الشّائعة»للمؤلّف.
الحنّة،الحنان لا الحنّيّة
و يقولون:حنّيّة الأمّ الشّديدة أفسدت وحيدها.
و الحنّيّة بكسر الحاء و فتحها:كلمة عامّيّة،كما جاء في مستدرك التّاج،و المدّ،و المتن.و الصّواب هو:الحنّة،أو الحنان،أو العطف،أو الرّأفة.
و ممّن ذكر الحنّة بمعنى رقّة القلب:كراع،و مستدرك التّاج،و المدّ،و ذيل أقرب الموارد،و المتن،و الوسيط.
حنانيك و حنانك
و يخطّئون من يقول:حنانك يا ربّي،أي امنحني حنانك و رحمتك،اعتمادا على قول طرفة بن العبد:
أبا منذر!أفنيت،فاستبق بعضنا
حنانيك،بعض الشّرّ أهون من بعض
و يعتمدون أيضا على قول السّيوطيّ في الجزء الثّاني من«المزهر»في باب ذكر المثنّى الّذي ليس له واحد:
حنانيك،و معناه:تحنين بعد تحنين.و هي مثل:لبّيك و سعديك.و زاد عليهما ابن دريد في«الجمهرة»:حواليك و دواليك.و أيّدهما في ذلك صاحب«أغلاط الكتّاب»، و انتقد شوقي لاستعماله حنان مفردة في قوله في مطلع قصيدته،في رثاء فوزي الغزّي:
رزء على رزء حنانك جلّق
حمّلت ما يوهي الجبال و يرهق
ص: 155
و قال الرّاغب الأصفهانيّ في«مفرداته»:حنانيك:
اشفاقا بعد إشفاق،و تثنيته كتثنية لبّيك و سعديك.
و جاء في«النّهاية»:و في حديث زيد بن عمرو بن نفيل:«حنانيك يا ربّ»أي ارحمني رحمة بعد رحمة.
و اكتفى«القاموس»بذكر«حنانيك»فقال:حنانيك:
تحنّن عليّ مرّة بعد مرّة و حنانا بعد حنان.
و لكن:جاء في«الصّحاح»:و العرب تقول:حنانك يا ربّ و حنانيك يا ربّ،بمعنى واحد،أي رحمتك.[ثمّ استشهد بشعر]
و جاء في«معجم مقاييس اللّغة»:تقول:حنانك،أي رحمتك،و حنانيك،و حنانيك،أي حنانا بعد حنان، و رحمة بعد رحمة.
و قال«التّاج»:قالوا:حنانك و حنانيك،أي:تحنّن عليّ مرّة بعد مرّة،و حنانا بعد حنان.[ثمّ استشهد بشعر] ببيتي امرئ القيس و طرفة.
و أورد حنانك و حنانيك،كلتيهما كلّ من المختار، و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن، و الوسيط.(173)
المصطفويّ: و التّحقيق أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو الرّقّة المخصوصة في القلب،المقتضية للإشفاق و الرّحمة،و ليس مفهومها الرّقّة المطلقة،و لا الرّحمة،و لا الإشفاق المطلق،و لا الاشتياق و غيره.
و هذه الصّفة من الصّفات الممتازة للإنسان الرّوحانيّ،و هو من صفات اللّه تعالى،فإنّ من أسمائه العليا الحنّان.
و يقابلها الغلظة و الخشونة في القلب.
و إذا اتّصف العبد بالحنّان من جانب اللّه و ايتائه، فيكون قلبه خاضعا خاضعا متذلّلا للّه،له خشية و رحمة و حبّ للّه و في اللّه.و هذا المقام إنّما يحصل بعد تزكية القلب و تهذيبها عن الأرجاس و السّيّئات من الأفكار و الأخلاق،ليكون طاهرا طيّبا،مستعدّا لنزول الرّحمة و البركة و الرّزق و السّكينة وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ الأعراف:58.(2:324)
وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِيًّا. مريم:12 و 13
ابن عبّاس: و أعطيناه رحمة من عندنا لأبويه.
(254)
نحوه قتادة و عكرمة(الطّبريّ 16:55)،و أبو عبيدة (2:2)،و ابن قتيبة(273)،و الثّعلبيّ(6:208).
ما أدري ما(حنانا)إلاّ أن يكون بعطف رحمة اللّه عزّ و جلّ على عباده.(الثّعلبيّ 6:208)
سعيد بن جبير: بركة.(الماورديّ 3:360)
مجاهد :تعطّفا من ربّه عليه.(الطّبريّ 16:56)
عكرمة :محبّة عليه.
نحوه ابن زيد.(الطّبريّ 16:56)
نحوه عوف.(الثّعلبيّ 6:208)
الضّحّاك: رحمة من عندنا،لا يملك عطاءها أحد غيرنا.(الطّبريّ 16:55)
ص: 156
نحوه البغويّ.(3:227)
عطاء:تعظيما من لدنّا.(الطّبريّ 16:56)
الفرّاء: الحنان:الرّحمة.و نصب(حنانا)أي و فعلنا ذلك رحمة لأبويه.(2:163)
الجبّائيّ: معناه تحنّنا على العباد،و رقّة قلب عليهم،ليدعوهم إلى طاعة اللّه تعالى.
(الطّبرسيّ 3:506)
الطّبريّ: و رحمة منّا و محبّة له،آتيناه الحكم صبيّا.(16:55)
الزّجّاج: و الحنان:العطف و الرّحمة.[ثمّ استشهد بشعر](3:322)
الماورديّ: فيه ستّة تأويلات[و ذكر قول ابن عبّاس و مجاهد و عكرمة و سعيد بن جبير و قال:]
السّادس:يعني آتينا تحنّنا على العباد.
و يحتمل سابعا:أن يكون معناه رفقا،ليستعطف به القلوب و تسرع إليه الإجابة.(3:360)
الميبديّ: و أعطيناه مع الحكمة رحمة و عطفا من عندنا.
و قيل:معناه:جعلناه رحيما على الخلق،يدعوهم إلى الهدى،و يعلّمهم العلم.
الحنان:العطف و الشّفقة،مشتقّ من:حنّ إليه حنينا، إذا مالت إليه نفسه حتّى أظهر الجزع،من انقطاع رؤيته عنه،و اشتياقه إليه.و الحنّان:المترحّم.(6:14)
الزّمخشريّ: رحمة لأبويه و غيرهما و تعطّفا و شفقة.[ثمّ استشهد بشعر]
و قيل:حنانا من اللّه عليه،و«حنّ»في معنى ارتاح و اشتاق،ثمّ استعمل في العطف و الرّأفة.و قيل للّه:حنّان، كما قيل:رحيم،على سبيل الاستعارة.(2:504)
نحوه البروسويّ(5:319)،و القاسميّ(11:
4130).
ابن عطيّة: أي و بحال حنان منّا و تزكية له.
و الحنان:الرّحمة و الشّفقة و المحبّة،قاله جمهور المفسّرين.
و هو تفسير اللّغة،و هو فعل من أفعال النّفس.و يقال:
حنانك و حنانيك،فقيل:هما لغتان بمعنى واحد.و قيل:
حنانيك تثنية الحنان.(4:7)
الطّبرسيّ: و الحنان:العطف و الرّحمة.[و ذكر بعض الأقوال السّابقة ثمّ قال:]
و قيل:معناه تحنّن اللّه عليه،كان إذا قال:يا ربّ،قال اللّه:لبّيك يا يحيى.(3:506)
الفخر الرّازيّ: و قد اختلف النّاس في وصف اللّه ب«الحنان»فأجازه بعضهم،و جعله بمعنى:الرّءوف الرّحيم،و منهم من أباه لما يرجع إليه أصل الكلمة،قالوا:
لم يصحّ الخبر بهذه اللّفظة في أسماء اللّه تعالى.إذا عرفت هذا فنقول:الحنان هنا فيه وجهان:أحدهما:أن يجعل صفة للّه،و ثانيهما:أن يجعل صفة ليحيى.
أمّا إذا جعلناه صفة للّه تعالى،فنقول:التّقدير:
و آتيناه الحكم حنانا،أي رحمة منّا،ثمّ هاهنا احتمالات:
الأوّل:أن يكون الحنان من اللّه ليحيى،المعنى آتيناه الحكم صبيّا،ثمّ قال: وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا أي إنّما آتيناه الحكم صبيّا حنانا من لدنّا عليه،أي رحمة عليه(و زكاة) أي و تزكية له و تشريفا له.
و الثّاني:أن يكون الحنان من اللّه تعالى لزكريّا عليه السّلام،
ص: 157
فكأنّه تعالى قال:إنّما استجبنا لزكريّا دعوته بأن أعطيناه ولدا،ثمّ آتيناه الحكم صبيّا،و حنانا من لدنّا عليه،أي على زكريّا فعلنا ذلك،(و زكاة)أي و تزكية له عن أن يصير مردود الدّعاء.
و الثّالث:أن يكون الحنان من اللّه تعالى لأمّة يحيى عليه السّلام،كأنّه تعالى قال: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا* وَ حَناناً منّا على أمّته،لعظيم انتفاعهم بهدايته و إرشاده.
أمّا إذا جعلناه صفة ليحيى عليه السّلام،ففيه وجوه:
الأوّل:آتيناه الحكم و الحنان على عبادنا،أي التّعطّف عليهم،و حسن النّظر على كافّتهم فيما أولّيه من الحكم عليهم،كما وصف نبيّه فقال: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ آل عمران:159،و قال: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ التّوبة:128،ثمّ أخبر تعالى أنّه آتاه زكاة،و معناه أن لا تكون شفقته داعية له إلى الإخلال بالواجب،لأنّ الرّأفة و اللّين ربما أورثا ترك الواجب.
أ لا ترى إلى قوله تعالى: وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ النّور:2،و قال: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً التّوبة:123،و قال:
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ المائدة:54،فالمعنى إنّما جعلنا له التّعطّف على عباد اللّه مع الطّهارة عن الإخلال بالواجبات.و يحتمل آتيناه التّعطّف على الخلق و الطّهارة عن المعاصي،فلم يعص و لم يهمّ بمعصية.
و في الآية وجه آخر،و هو المنقول عن عطاء بن أبي رباح وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا، و المعنى:آتيناه الحكم صبيّا تعظيما؛إذ جعلناه نبيّا و هو صبيّ،و لا تعظيم أكثر من هذا.
و الدّليل عليه ما روي أنّه مرّ ورقة بن نوفل على بلال و هو يعذّب،قد ألصق ظهره برمضاء البطحاء، و يقول:أحد أحد،فقال:و الّذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتّخذنّه حنانا،أي معظّما.(21:192)
القرطبيّ: [نحو ابن عطيّة إلى أن قال:]
أي تعطّفا منّا عليه أو منه على الخلق.[ثمّ استشهد بشعر](11:88)
البيضاويّ: و رحمة منّا عليه،أو رحمة و تعطّفا في قلبه على أبويه و غيرهما،عطفا على الحكم.(2:30)
نحوه النّسفيّ.(3:30)
النّيسابوريّ: و الحنان:أصله توقان النّفس،ثمّ استعمل في الرّحمة،و هو المراد هاهنا.و ما قيل:إنّه يحتمل أن يراد حنانا منّا على زكريّا أو على أمّة يحيى،لا يساعده وجود الواو.
و قيل:أراد آتيناه الحكم و الحنان على عبادنا،كقوله في نبيّنا: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ آل عمران:
159.
و أراد بقوله:(و زكاة)أنّه مع الإشفاق عليهم كان لا يخلّ بإقامة ما يجب عليهم،لأنّ الرّأفة و اللّين ربّما تورث ترك الواجب،و لهذا قال: وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ النّور:2،و لا يخفى أنّه لا يساعد هذا القول وجود لفظة مِنْ لَدُنّا (16:41)
ابن كثير :[ذكر بعض الأقوال و قال:]
و الظّاهر من السّياق أنّ قوله:(و حنانا)معطوف على
ص: 158
قوله: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا أي و آتيناه الحكم و حنانا و زكاة،أي و جعلناه ذا حنان و زكاة.فالحنان هو المحبّة في شفقة و ميل،كما تقول العرب:حنّت النّاقة على ولدها، و حنّت المرأة على زوجها.و منه سمّيت المرأة:حنّة،من الحنية،و حنّ الرّجل إلى وطنه،و منه التّعطّف و الرّحمة.
[ثمّ استشهد بشعر](4:442)
الشّربينيّ: أي و آتيناه رحمة و هيبة و وقارا،و رقّة قلب و رزقا و بركة.(2:416)
أبو السّعود : وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا عطف على (الحكم)و تنوينه للتّفخيم،و هو التّحنّن و الاشتياق.
و(من)متعلّقة بمحذوف وقع صفة مؤكّدة لما أفاده التّنوين من الفخامة الذّاتيّة بالفخامة الإضافيّة،أي و آتيناه رحمة عظيمة عليه،كائنة من جنابنا،أو رحمة في قلبه و شفقة على أبويه و غيرهما.(4:234)
الآلوسيّ: [نحو الزّمخشريّ و أبي السّعود إلى أن قال:]
أي و آتيناه رحمة عظيمة عليه،كائنة من جنابنا.
و هذا أبلغ من«و رحمناه»،و روي هذا التّفسير عن مجاهد.
و قيل:المراد و آتيناه رحمة في قلبه و شفقة على أبويه و غيرهما.و فائدة الوصف على هذا الإشارة إلى أنّ ذلك كان مرضيّا للّه عزّ و جلّ،فإنّ من الرّحمة و الشّفقة ما هو غير مقبول،كالّذي يؤدّي إلى ترك شيء من حقوق اللّه سبحانه،كالحدود مثلا،أو الإشارة إلى أنّ تلك الرّحمة زائدة على ما في جبلّة غيره عليه السّلام،لأنّ ما يهبه العظيم عظيم.
و أورد على هذا:أنّ الإفراط مذموم كالتّفريط، و خير الأمور أوسطها.
و ردّ بأنّ مقام المدح يقتضي ذلك،و ربّ إفراط يحمد من شخص و يذمّ من آخر،فإنّ السّلطان يهب الألوف، و لو وهبها غيره كان إسرافا مذموما.
و عن ابن زيد:أنّ الحنان هنا المحبّة،و هو رواية عن عكرمة،أي و آتيناه محبّة من لدنّا،و المراد-على ما قيل- جعلناه محبّبا عند النّاس،فكلّ من رآه أحبّه،نظير قوله تعالى: وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي طه:39.
و جوّز بعضهم أن يكون المعنى نحو ما تقدّم على القول السّابق.
و قيل:هو منصوب على المصدريّة،فيكون من باب زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَ حِفْظاً فصّلت:12.
و جوّز أن يجعل مفعولا لأجله،و أن يجعل عطفا على (صبيّا)؛و ذلك ظاهر على تقدير:أن يكون المعنى رحمة لأبويه و غيرهما،و على تقدير أن يكون:و حنانا من اللّه تعالى عليه،لا يجيء الحال و باقي الأوجه بحاله،و لا يخفى على المتأمّل الحال،على ما روي عن ابن زيد.
(16:72)
سيّد قطب :و آتاه الحنان هبة لدنّيّة،لا يتكلّفه و لا يتعلّمه،إنّما هو مطبوع عليه و مطبوع به،و الحنان صفة ضروريّة للنّبيّ المكلّف رعاية القلوب و النّفوس،و تألّفها و اجتذابها إلى الخير في رفق.(4:2304)
ابن عاشور :و جعل حنان يحيى من لدن اللّه،إشارة إلى أنّه متجاوز المعتاد بين النّاس.(16:18)
الطّباطبائيّ: و الحنان:العطف و الإشفاق.[ثمّ نقل
ص: 159
قول الرّاغب و أضاف:]
و فسّر«الحنان»في الآية بالرّحمة،و لعلّ المراد بها النّبوّة أو الولاية،كقول نوح عليه السّلام: وَ آتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ هود:28،و قول صالح: وَ آتانِي مِنْهُ رَحْمَةً هود:63.
و فسّر بالمحبّة،و لعلّ المراد بها:محبّة النّاس له،على حدّ قوله: وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي طه:39،أي كان لا يراه أحد إلاّ أحبّه.
و فسّر بتعطّفه على النّاس و رحمته و رقّته عليهم، فكان رءوفا بهم ناصحا لهم،يهديهم إلى اللّه و يأمرهم بالتّوبة،و لذا سمّي في العهد الجديد ب«يوحنّا المعمّد».
و فسّر بحنان اللّه عليه،كان إذا نادى ربّه لبّاه اللّه سبحانه-على ما في الخبر-فيدلّ على أنّه كان للّه سبحانه حنان خاصّ به،على ما يفيده تنكير الكلمة.
و الّذي يعطيه السّياق،و خاصّة بالنّظر إلى تقييد «الحنان»بقوله: مِنْ لَدُنّا -و الكلمة إنّما تستعمل فيما لا مجرى فيه للأسباب الطّبيعيّة العاديّة،أو لا نظر فيه إليها -أنّ المراد به:نوع عطف و انجذاب خاصّ إلهيّ بينه و بين ربّه غير مألوف،و بذلك يسقط التّفسير الثّاني و الثّالث.
ثمّ تعقّبه بقوله:(زكاة)،و الأصل في معناه:النّموّ الصّالح،و هو لا يلائم المعنى الأوّل كثير ملاءمة،فالمراد به:
إمّا حنان من اللّه سبحانه إليه بتولّي أمره،و العناية بشأنه، و هو ينمو عليه.و إمّا حنان و انجذاب منه إلى ربّه،فكان ينمو عليه،و النّموّ نموّ الرّوح...(14:19)
مكارم الشّيرازيّ: و الحنان في الأصل بمعنى الرّحمة و الشّفقة و المحبّة،و إظهار العلاقة و المودّة.
(9:370)
المصطفويّ: فالحكم هو العلم اليقينيّ و الفصل و المعرفة،و الزّكاة:عبارة عن التّزكية و تهذيب النّفس، و طهارة الباطن و الصّفاء،و الحنان:مصدر كسلام معطوف على(الحكم)أي و آتيناه حنانا.
و لا يخفى أنّ الحنان و تلك الرّقّة و اللّطف المخصوص في القلب لا تحصل إلاّ من عند اللّه،و من موهبته و إيتائه.(2:324)
فضل اللّه :بما أفاضه اللّه عليه من روحيّة الحنان الإلهيّ الّذي يغمر قلبه بالخير و الرّحمة،فينسكب على حياة النّاس رأفة و عطفا و رحمة و محبّة،فلا يعنف بهم، و لا يقسو عليهم،و لا يحملهم ما لا يطيقون:في ما يحملهم من مسئوليّات،و يدعوهم إليه من قضايا،و يقودهم إليه من مواقف.و لعلّ هذا أقرب إلى الفهم في موقعه الرّساليّ الّذي تلتقي فيه الرّسالة بالحكم.
و ربّما فسّره بعضهم بأنّه نوع عطف و انجذاب خاصّ إلهيّ بينه و بين ربّه غير مألوف،و ذلك نظرا إلى تقييد«الحنان»بقوله: مِنْ لَدُنّا إذ إنّها تستعمل في ما لا مجرى أو نظر فيه،بالنّسبة للأسباب الطّبيعيّة العاديّة.
و لكنّنا لا نجد في الكلمة مثل هذا الإيحاء،بل يكفي في صحّة النّسبة إلى اللّه أن يكون العمل صادرا منه بإرادته، بشكل أو بآخر،و ربّما تكون دلالتها على جانب الرّعاية منه أكثر من دلالتها على الجانب غير العادي من ذلك، و اللّه العالم.(15:24)
ص: 160
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ...
التّوبة:25
ابن عبّاس: و هو واد بين مكّة و الطّائف.(156)
عروة بن الزّبير:هو واد إلى جنب ذي المجاز و الحريّ.(الثّعلبيّ 5:22)
قتادة :حنين:اسم ماء بين مكّة و الطّائف،و كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في اثني عشر ألفا من المهاجرين و الأنصار، و ألفين من الطّلقاء،فقال رجل:لن تغلبوا اليوم،فتفرّق أكثرهم،ثمّ دعا النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،فأجيب و نصر،فأعلمهم اللّه جلّ و عزّ أنّهم لم يغلبوا من كثرة،و إنّما يغلبون بأن ينصرهم اللّه.(النّحّاس 3:194)
حنين:ماء بين مكّة و الطّائف،قاتل عليها نبيّ اللّه هوازن و ثقيف،و على هوازن مالك بن عوف أخو بني نصر،و على ثقيف عبد يا ليل بن عمرو الثّقفيّ.
ذكر لنا أنّه خرج يومئذ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم اثنا عشر ألفا،عشرة آلاف من المهاجرين و الأنصار،و ألفان من الطّلقاء،و ذكر لنا أنّ رجلا قال يومئذ لن نغلب اليوم بكثرة،و ذكر لنا أنّ الطّلقاء انجفلوا يومئذ بالنّاس،و جلوا عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،حتّى نزل عن بغلته الشّهباء،و ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه قال:«أي ربّ آتني ما وعدتني»و العبّاس آخذ بلجام بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم.
ناد يا معشر الأنصار،و يا معشر المهاجرين،فجعل ينادي الأنصار فخذا فخذا،ثمّ نادى:يا أصحاب سورة البقرة،فجاء النّاس عنقا واحدا،فالتفت نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،و إذا عصابة من الأنصار،فقال:هل معكم غيركم؟فقالوا:يا نبيّ اللّه،و اللّه لو عمدت إلى برك الغماد من ذي يمن،لكنّا معك،ثمّ أنزل اللّه نصره،و هزم عدوّهم و تراجع المسلمون،و أخذ رسول اللّه كفّا من تراب،أو قبضة من حصباء،فرمى بها وجوه الكفّار،شاهت الوجوه، فانهزموا،فلمّا جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الغنائم،و أتى الجعرانة، فقسّم بها مغانم حنين.(الطّبريّ 10:100)
نحوه الثّعلبيّ.(5:22)
الفرّاء: حنين:واد بين مكّة و الطّائف.و جرى (حنين)لأنّه اسم لمذكّر،و إذا سمّيت ماء أو واديا أو جبلا باسم مذكّر لا علّة فيه أجريته،من ذلك:حنين،و بدر، و أحد،و حراء،و ثبير،و دابق،و واسط.
و إنّما سمّي واسطا،بالقصر الّذي بناه الحجّاج بين الكوفة و البصرة،و لو أراد البلدة أو اسما مؤنّثا لقال:
واسطة.و ربّما جعلت العرب واسط و حنين و بدر،اسما لبلدته الّتي هو بها،فلا يجرونه.[ثمّ استشهد بشعر]
(1:429)
و هكذا جاء في أكثر التّفاسير مع تفاوت يسير.
الطّبريّ: (حنين)واد-فيما ذكر-بين مكّة و الطّائف،و أجري لأنّه مذكّر اسم لمذكّر،و قد يترك إجراؤه،و يراد به أن يجعل اسما للبلدة الّتي هو بها.[ثمّ استشهد بشعر](10:99)
1-الأصل في هذه المادّة:الحنان،أي العطف و الرّحمة،يقال:حنّ عليه يحنّ حنانا،و حنانك يا ربّ و حنانيك:رحمتك،أي تحنّن عليّ مرّة بعد أخرى و حنانا
ص: 161
بعد حنان،و حنانيك يا فلان افعل كذا و لا تفعل كذا، يذكّره الرّحمة و البرّ،و تحنّن عليه:ترحّم،و تحنّنت النّاقة على ولدها:تعطّفت،و كذلك الشّاة.
و الحنّان:«فعّال»من الرّحمة للمبالغة،و هو من أسماء اللّه تعالى،و امرأة حنّانة:الّتي تحنّ على ولدها الّذي من زوجها المفارقها.و الحنون:الّتي تتزوّج رقّة على ولدها إذا كانوا صغارا،ليقوم الزّوج بأمرهم.
و الحنّان أيضا:الّذي يحنّ إلى الشّيء،أي يشتاق إليه و ينزع،و الحنّانة:المرأة الّتي تحنّ إلى زوجها الأوّل، من الحنين،و هو الشّوق و توقان النّفس.يقال:حنّ إليه يحنّ حنينا،فهو حانّ،و حنّت الإبل:نزعت إلى أوطانها و أولادها،و المستحنّ:الّذي استحنّه الشّوق إلى وطنه، و طريق حنّان:بيّن واضح منبسط.يقال:طريق يحنّ فيه العود،أي ينبسط،من الحنين،أي الشّوق و النّزوع.
و الحنين و الحنّة:الشّبه،و في المثل:«لا تعدم ناقة من أمّها حنينا و حنّة»،أي شبها،و«لا تعدم أدماء من أمّها حنّة»،يضرب مثلا للرّجل يشبه الرّجل،و يقال ذلك لكلّ من أشبه أباه و أمّه،و الحنّة هنا:العطف و الشّفقة و الحيطة،و حنّة الرّجل:امرأته،لأنّها تحنّ عليه،أي تعطف،و الحنّة:رقّة القلب.
و الحنين:صوت النّاقة إذا اشتاقت إلى ولدها.يقال:
حنّت النّاقة تحنّ حنينا،أي رجّعت صوتها إثر ولدها، و هي حانّة،و تحانّت:حنّت،و الاستحنان:الاستطراب.
يقال:استحنّ،أي استطرب،و حنّة البعير:رغاؤه.
و يقال على التّشبيه:حنّت القوس حنينا،أي صوّتت،و أحنّها صاحبها،و قوس حنّانة:تحنّ عند الإنباض،و عود حنّان:مطرّب،و الحنّان من السّهام:
السّهم الّذي يصوّت إذا نفّزته بين إصبعيك.
و الحنون من الرّياح:الّتي لها حنين كحنين الإبل،أي صوت يشبه صوتها عند الحنين،و قد حنّت و استحنّت، و سحاب حنّان:له حنين،و الطّست تحنّ،إذا نقرت.
2-و جاءت بعض مشتقّات هذه المادّة ضدّ العطف و الرّحمة.يقال:حنّ عليه يحنّ،أي صدّ،و ما تحنّني شيئا من شرّك:ما تردّه و تصرفه عنّي،و حنّ عنّا شرّك:
اصرفه،و ما حنّن عنّي:ما انثنى و لا قصّر.
3-و حنين:موضع قريب من مكّة،و قيل:واد قبل الطّائف،أو بجنب ذي المجاز،و هو اليوم المذكور في القرآن.قال ياقوت:«يجوز أن يكون تصغير الحنان،و هو الرّحمة؛تصغير ترخيم،و يجوز أن يكون تصغير الحنّ، و هو حيّ من الجنّ» (1).
4-و وردت مشتقّات هذه المادّة في سائر اللّغات السّاميّة بمعنى العطف و الرّحمة أيضا،فأغرى ذلك بعض المستشرقين بالتّشكيك في عربيّة لفظ«حنان»،بل ادّعى بعضهم بأنّه سريانيّ المنشأ (2)،دون أن يدعم قوله بدليل يعتدّ به.
بيد أنّه يمكن أن يقال:إنّ لفظ«حنين»-أي تغيّر الرّيح-سريانيّ الأصل،لأنّه ورد بنفس اللّفظ و المعنى في هذه اللّغة (3)،و لكونه شاذّا عن هذا الباب،أي العطف و الرّحمة.».
ص: 162
جاء منها«حنان»و«حنين»كلّ منهما مرّة في آيتين:
1- وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا* وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِيًّا مريم:12 و 13
2- لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ... التّوبة:25
يلاحظ أوّلا:أنّ الحنان في(1)جاء موافقا للمعنى اللّغويّ،و فيه بحوث:
1-فسّر بالرّحمة و العطف و المحبّة و الرّفق و الرّأفة و الشّفقة و البركة و الرّقّة و التّعظيم.قال الميبديّ:
«مشتقّ من:حنّ إليه حنينا،إذا مالت إليه نفسه حتّى أظهر الجزع من انقطاع رؤيته عنه و اشتياقه إليه».
و قال الزّمخشريّ: «حنّ في معنى ارتاح و اشتاق،ثمّ استعمل في العطف و الرّأفة».
و قال ابن عطيّة:«الحنان:الرّحمة و الشّفقة و المحبّة، قاله جمهور المفسّرين،و هو تفسير اللّغة».
و قال النّيسابوريّ: «أصله توقان النّفس،ثمّ استعمل في الرّحمة،و هو المراد هاهنا».
و قال ابن كثير: «هو المحبّة في شفقة و ميل،كما تقول العرب:حنّت النّاقة على ولدها،و حنّت المرأة على زوجها».
2-اختلف في«الحنان»ممّن و على من يكون؟قيل:
من اللّه على العباد،أو على يحيى،أو على أبوي يحيى،أو على زكريّا.و قيل:من يحيى على العباد،أو على أبويه.
و على الأوّل قال الفخر الرّازيّ:«فأجازه بعضهم و جعله بمعنى الرّءوف الرّحيم،و منهم من أباه لما يرجع إليه أصل الكلمة،قالوا:لم يصحّ الخبر بهذه اللّفظة في أسماء اللّه تعالى».
و على الثّاني قال أيضا:«جعلنا له التّعطّف على عباد اللّه مع الطّهارة عن الإخلال بالواجبات.و يحتمل آتيناه التّعطّف على الخلق و الطّهارة عن المعاصي،فلم يعص و لم يهمّ بمعصية».
3-عطف(حنانا)على(الحكم)،أي آتيناه الحكم و حنانا،و علّة تنوينه التّفخيم،كما قال أبو السّعود، و أضاف«و(من)متعلّقة بمحذوف وقع صفة مؤكّدة لما أفاده التّنوين من الفخامة الذّاتيّة بالفخاميّة الإضافيّة».
و قيل:عطف على(صبيّا)،فهو عطف حال على حال،و يكون المعنى(حنانا)لأبوي يحيى و غيرهما.
و قيل:هو مفعول مطلق لفعل محذوف،و قيل:غير ذلك،و الأقرب أنّه معطوف على المفعول به(الحكم)كما تقدّم.
ثانيا:تناولت(2)اليوم المشهور«حنين»،و فيها بحوث:
1-اختلف في تعيين هذا الموضع،فبعض قال:بين مكّة و الطّائف،و آخر قال:قرب مكّة إلى جنب ذي المجاز.ثمّ اختلف أ هو اسم ماء أم واد؟
يبدو من بعض القرائن الواردة في أخبار غزوة حنين أنّه يقع بين مكّة و المدينة،و منها:أنّ ثقيفا و هوازن كانتا تقطنان الطّائف آنذاك،فخرجتا منها إلى مكّة لقتال المسلمين،و خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من مكّة إلى قتالهما.
و كان من عادته في الغزوات غالبا أن يخرج من موطنه إلى لقاء عدوّه على مبعدة منه،و لا يدعه يقرب منه
ص: 163
فيبغته،فكيف يترك جيش هوازن و ثقيف يتقدّم نحو مكّة و يقتحمها،و يلتقي معه جنب ذي المجاز،قرب عرفة؟!
و قد جاء في الخبر أنّه نزلت هوازن و ثقيف بأوطاس،و هو واد في ديار هوازن،و نزل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بحنين،و هو من أودية تهامة.
و منها:أنّه عليه السّلام قسّم غنائم هوازن في الجعرانة،و هي كما قال ياقوت:«ماء بين الطّائف و مكّة،و هي إلى مكّة أقرب (1)».
و أمّا اختلافهم في المسمّى أ هو ماء أم واد؟فليس ذا بال،فلعلّه واد يجتمع فيه ماء،فلا ضير في إطلاق هذا الاسم على أيّ منهما.
2-لفظ«حنين»معرب كبدر،لأنّه علم مذكّر،و لو كان فيه علّة أخرى كالتّأنيث،تريد به اسم بلدة كمكّة، لمنع من الصّرف.
3-لم يذكر في القرآن اسم لغزوة من الغزوات إلاّ بدر و حنين،و قد انتصر المسلمون في الغزوة الأولى رغم قلّة عددهم لثباتهم،و فرّوا في الثّانية في بداية المعركة رغم كثرة عددهم لإعجابهم بكثرتهم،ثم كرّوا و ثبتوا أمام عدوّهم فانتصروا،فسمّى اللّه تلك الواقعة يوما، لأنّها كانت شديدة على المسلمين و على الكافرين معا.
و لقد منّ اللّه على المسلمين بالنّصر في كلتا الغزوتين،فقال في الأولى: وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ آل عمران:
123،و قال في الثّانية: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ التّوبة:26.ن.
ص: 164
حوبا
لفظ واحد،مرّة واحدة،في سورة مدنيّة
الخليل :الحوب:زجر البعير ليمضي،و للنّاقة:حل، و العرب تجرّه،و لو رفع أو نصب لجاز؛لأنّ الزّجر و الأصوات و الحكايات تحرّك أواخرها على غير إعراب لازم،و كذلك الأدوات الّتي لا تتمكّن في التّصريف،فإذا حوّل منه شيء إلى الأسماء حمل عليه الألف و اللاّم و أجري مجرى الاسم.
و الحوبة و الحوب:الإيوان،و الحوبة أيضا:رقّة فؤاد الأمّ.
و الحوباء:روع القلب.و التّحوّب:شدّة الصّياح و التّضرّع.
و الحوب:الإثم الكبير،و حاب حوبة.
و الحوبة:الحاجة.و المحوّب:الّذي يذهب ماله ثمّ يعود،و حافر حوأب و أب:مقعّب.
و الحوأب:موضع بئر،و ذلك حيث نبحت الكلاب على عائشة مقبلها إلى البصرة.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](3:309)
اللّيث:الحوب:الضّخم من الجمال.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:267)
الحوب:الأب،و الحوبة:الأمّ،و المحوّب:الّذي يذهب ماله ثمّ يعود.(الصّغانيّ 1:109)
ابن شميّل: «إليك أرفع حوبتي»أي حاجتي، و الحوبة:الحاجة،و حوبة الأب على الولد:تحوّبها و رقّتها و توجّعها.(الأزهريّ 5:269)
أبو عمرو الشّيبانيّ: قال النّميريّ:الحويبية من الإبل:الخذول الشّديدة الأكل،إن بركت لم تثر في سريع.
(1:153)
إنّ به لحوبة؛أي:لحاجة،و هو يتحوّب:
يتضرّع.(1:169)
ص: 165
الحوبة من الإبل:الثّقيلة.(1:179)
التّحوّب:التّوجّع.[ثمّ استشهد بشعر](1:205)
و المحوّب:الّذي يقتر على أهله النّفقة،فيقال:
حوّب على أهله.(1:216)
في الحديث:«ما زال صفوان يتحوّب رحالنا منذ اللّيلة»التّحوّب،و النّحيط و النّشيج:صوت مع توجّع، و أراد به شدّة صياحه بالدّعاء.من قولهم:«اجعل حوبتي إليك»أي تضرّعي،و نصب رحالنا على الظّرف،أي في رحالنا.
مثله الأصمعيّ.(المدينيّ 1:520)
[الحوب و الحوب]هما لغتان:فالحوب لأهل الحجاز، و الحوب لتميم،و معناهما الإثم.(الأزهريّ 5:268)
أبو عبيدة :الحوبة:الهمّ و الحاجة،و كذلك الحيبة.
[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:269)
و يقال:نرفع حوبتنا إليك،أي حاجتنا.
يقال:لي في فلان حوبة،و بعضهم يقول:حبيبة، و هي الأمّ أو الأخت أو البنت،و هي في موضع آخر:الهمّ و الحاجة.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:270)
أبو زيد :الحوب:النّفس.(الأزهريّ 5:268)
لي فيهم حوبة،إذا كانت قرابة من قبل الأمّ، و كذلك كلّ رحم محرم.(الأزهريّ 5:269)
الحوبة:الرّجل الضّعيف،و الجمع:الحوب.
(الجوهريّ 1:117)
الأصمعيّ: يقال للبعير إذا زجرته:حوب و حوب و حوب،و للنّاقة حل جزم،و حل و حلي.
(الأزهريّ 5:267)
يقال:بات فلان بحيبة سوء،إذا بات بشدّة و حال سيّئة.(الأزهريّ 5:269)
الحوباء:روح القلب.(المدينيّ 1:520)
يقال:فلان يتحوّب من كذا و كذا،إذا كان يتغيّظ منه و يتوجّع.[ثمّ استشهد بشعر](أبو عبيد 1:221)
أبو عبيد: في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه كان يدعو في دعائه يقول:«ربّ تقبّل توبتي و اغسل حوبتي».قوله:
حوبتي يعني المأثم،و هو من قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً النّساء:2.و كلّ مأثم:حوب و حوبة.و منه الحديث الآخر:«أنّ رجلا أتى إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:إنّي أتيتك لأجاهد معك،فقال:«أ لك حوبة»؟فقال:نعم...» قوله:حوبة:يعني ما تأثّم فيه إن ضيّعته من حرمة.
و بعض أهل العلم يتأوّله على الأمّ خاصّة،و هي عندي كلّ حرمة تضيع إن تركتها من أمّ أو أخت أو بنت أو غير ذلك...
و قد يكون التّحوّب:التّعبّد و التّجنّب للمأثم،و منه الحديث الّذي يروى عن زيد بن عمرو بن نفيل:أنّه كان يخرج إلى هنالك للتّحوّب،و بعضهم يرويه:
التّحيّب.(1:220)
و الحوباء:النّفس ممدودة ساكنة الواو.و الحاب و الحوب:الإثم،مثل الجال و الجول.و يقال:تحوّب فلان، إذا تعبّد،كأنّه يلقي الحوب عن نفسه،كما يقال:تأثّم و تحنّث،إذا ألقى الحنث عن نفسه بالعبادة.[ثمّ استشهد بشعر]
يقال:ألحق اللّه بك الحوبة،و هي الحاجة و المسكنة و الفقر.(الأزهريّ 5:269)
ص: 166
ابن الأعرابيّ: الحوب:الغمّ و الهمّ و البلاء...
يقال:عيال ابن حوب،و الحوب:الجهد و الشّدّة.
و دعا النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«ربّ تقبّل توبتي و اغسل حوبتي».
(الأزهريّ 5:268)
ابن السّكّيت: يقال:ألحق به الحوبة و هي المسكنة و الحاجة.(574)
حوبة الرّجل:أمّه،و قال بعضهم:حوبة.
(إصلاح المنطق:114)
لي في بني فلان حوبة،و بعضهم يقوله حبيبة فتذهب الواو إذا انكسر ما قبلها.و هي كلّ حرمة تضيع من أمّ أو أخت أو بنت،أو غير ذلك من كلّ ذات رحم،و هي في موضع آخر:الهمّ و الحاجة.[ثمّ استشهد بشعر]
(الجوهريّ 1:116)
شمر:قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«الرّبا سبعون حوبا،أيسرها مثل وقوع الرّجل على أمّه.و أربى الرّبا عرض المسلم».
قوله:سبعون حوبا:كأنّه سبعون ضربا من الإثم.يقال:
سمعت من هذا حوبين،و رأيت منه حوبين،أي ثنّين (1)و ضربين.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:270)
الطّبريّ: الحوب:فإنّه الإثم يقال منه:حاب الرّجل يحوب حوبا و حوبا و حيابة،يقال منه:قد تحوّب الرّجل من كذا،إذا تأثّم منه.[ثمّ استشهد بشعر]
و منه قيل:نزلنا بحوبة من الأرض و بحيبة من الأرض،إذا نزلوا بموضع سوء منها.(4:230)
ابن دريد :و الحوب و الحوب:الإثم.و قد قرئ (حوبا كبيرا و حوبا كبيرا) و الحوبة:الحزن،يقال:بات بحوبة سوء و حيبة سوء.
و حوبة الرّجل:حريبته و أهله.و التّحوّب:الحنين و الشّكوى من حزن.و في دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«اللّهمّ اقبل توبتي و ارحم حوبتي».[ثمّ استشهد بشعر]
و تحوّب الرّجل من الشّيء،إذا تأثّم منه.و الحوباء:
النّفس.(1:231)
القفّال:كأنّ أصل الكلمة من التّحوّب و هو التّوجّع،فالحوب هو ارتكاب ما يتوجّع المرتكب منه.(الفخر الرّازيّ 9:170)
الأزهريّ: و قال غيره[الأصمعيّ]حوّبت بالإبل من الحوب.و حكى بعضهم:حب لا مشيت،و حب لا مشيت،و حاب لا مشيت،و حاب لا مشيت.[إلى أن قال:]
و قال غيره[اللّيث]سمّي الجمل حوبا بزجره،كما سمّي البغل عدسا بزجره.[إلى أن قال:]و قال خالد بن جنبة:الحوب:الوحشة.
يقال:فلان يتحوّب من كذا و كذا،أي يتغيّظ منه و يتوجّع.[ثمّ استشهد بشعر](5:267)
الصّاحب:حوب:زجر للبعير ليمضي.و الحوب:
البعير؛يسمّى بزجره.و يقولون للنّاقة:حاب لا حبت، كقولهم:جاه لا جهت.و حوّبت بالابل:زجرته بحوب.
و الحوبة و الحوب:الأبوان.
و لفلان في بني فلان حوبة و حيبة:و هي الأمّ و الأخت و البنت.
و الحوبة:رقّة فؤاد الأمّ.و كذلك الحاجة.و المسكنة.
و الحائب:المحتاج.و في الدّعاء:ألحق اللّه به الحوبة.ن.
ص: 167
و ارحموا الحوبات:أي النّساء المحتاجات.
و المحوّب:الّذي يذهب ماله و يهلك ثمّ يعود.
و الحيبة-أيضا-:الحاجة.
و الحوب:سوء الحال.و الحزن.
و هو يتحوّب في دعائه:أي يتضرّع.و كذلك إذا صاح الصّائح.
و تحوّب من كذا:توجّع.
و الحوباء:روح القلب.
و الحوب:الإثم الكبير،و الحوبة:مثلها.و أحوب الرّجل:جاء بالحوب.و حاب يحوب حيابة و حوبا و حوبا و حابا،أي أثم،و تحوّب تحوّبا.و تحوّب الرّجل:
ألقى الحوب عن نفسه.
و الحائب:القاتل.
و حافر حوأب:مقعّب ضخم.
و الحوأب:موضع،و الواسع من الأودية،و من السّقاء و الدّلاء و غيرها.
و الحوأبة:المزادة العظيمة الرّقيقة،و جمعها:حوائب.
و رجل حوأب البطن:عظيمه.
و نزلنا بحوبة من الأرض:أي بمكان واسع.
(3:226)
الجوهريّ: الحوب،بالضّمّ:الإثم؛و الحاب مثله.
و يقال:حبت بكذا،أي أتمت،تحوب حوبا و حوبة و حيابة.[ثمّ استشهد بشعر]و فلان أعقّ و أحوب.و إنّ لي حوبة أعولها،أي ضعفة و عيالا.[إلى أن قال:]
و يقال:ألحق اللّه به الحوبة أي المسكنة و الحاجة، و قولهم:إنّما فلان حوبة،أي ليس عنده خير و لا شرّ...
و الحوباء:النّفس،و الجمع:الحوباوات.
و حوب:زجر للإبل،فيه ثلاث لغات حوب و حوب و حوب،تقول منه:حوّبت بالإبل.
و فلان يتحوّب من كذا،أي يتأثّم،و التّحوّب أيضا:
التّوجّع و التّحزّن.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال لابن آوي:هو يتحوّب؛لأنّ صوته كذلك، كأنّه يتضوّر.(1:116)
ابن جنّيّ: تحوّب:ترك الحوب،من باب السّلب، و نظيره تأثّم،أي ترك الإثم،و إن كانت«تفعّل»للإثبات أكثر منها للسّلب،و ذلك نحو تقدّم و تأخّر و تعجّل و تأجّل.(ابن سيده 4:28)
ابن فارس: الحاء و الواو و الباء أصل واحد، يتشعّب إلى إثم،أو حاجة أو مسكنة،و كلّها متقاربة.
فالحوب و الحوب:الإثم.قال اللّه تعالى: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً و(حوبا كبيرا)النّساء:2.و الحوبة:ما يأثم الإنسان في عقوقه،كالأمّ و نحوها.و فلان يتحوّب من كذا،أي يتأثّم.و في الحديث:«ربّ تقبّل توبتي،و اغفر حوبتي».و يقال:التّحوّب:التّوجّع.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:ألحق اللّه به الحوبة،و هي الحاجة و المسكنة.
فإن قيل:فما قياس الحوباء،و هي النّفس؟قيل له:
هي الأصل بعينه؛لأنّ إشفاق الإنسان على نفسه أغلب و أكثر.
فأمّا قولهم في زجر الإبل:حوب،فقد قلنا إنّ هذه الأصوات و الحكايات ليست مأخوذة من أصل.و كلّ ذي لسان عربيّ فقد يمكنه اختراع مثل ذلك،ثمّ يكثر على ألسنة النّاس.(2:113)
ص: 168
أبو هلال:الفرق بين الحوب و الذّنب:أنّ الحوب يفيد أنّه مزجور عنه،و ذلك أنّ أصله في العربيّة الزّجر، و منه يقال في زجر الإبل:حوب حوب،و قد سمّي الجمل به؛لأنّه يزجر.و حاب الرّجل يحوب،و قيل للنّفس:
حوباء،لأنّها تزجر و تدعى.(193)
ابن سيده: الحوب و الحوبة:الأبوان و الأخت و البنت،و قيل:لي فيهم حوبة و حوبة و حيبة،أي قرابة من قبل الأمّ،و كذلك كلّ ذي رحم محرم.
و الحوبة:رقّة فؤاد الأمّ.
و الحوبة و الحيبة:الهمّ و الحاجة.
و في الدّعاء على الإنسان:ألحق اللّه به الحوبة،أي الحاجة و المسكنة.
و الحوب:الجهد و المسكنة و الحاجة.
و قال مرّة:ابن حوب:رجل مجهود محتاج،لا يعني في كلّ ذلك رجلا بعينه،إنّما يريد هذا النّوع.
و الحوب و الحوب:الحزن،و قيل:الوحشة،و به فسّر الهرويّ قوله صلّى اللّه عليه و سلّم لأبي أيّوب الأنصاريّ-و قد ذهب إلى طلاق أمّ أيّوب-:«إنّ طلاق أمّ أيّوب لحوب».
التّفسير عن شمر،و قيل:هو الوجع.
و التّحوّب:التّوجّع و الشّكوى.
و تحوّب في دعائه:تضرّع.
و التّحوّب أيضا:البكاء في جزع و صياح،و ربّما عمّ به الصّياح.
و في حديث النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام«اللّهمّ اقبل توبتي و ارحم حوبتي»فحوبتي يجوز أن يكون هنا توجّعي،و أن يكون تخشّعي و تمسكنى.
و الحوبة و الحوبة:الرّجل الضّعيف،و الجمع:
حوب،و كذلك المرأة إذا كانت ضعيفة زمنة.
و بات بحيبة سوء و حوبة سوء،أي بحال سوء، لا يقال إلاّ في الشّرّ،و قد استعمل منه فعل،قال:
*و إن قلّوا و حابوا*
و نزلنا بحيبة من الأرض و حوبة،أي بأرض سوء.
و الحوباء:النّفس.
و قيل:الحوباء:روح القلب.
و الحوب و الحوب و الحاب:الإثم.و الحوبة:المرّة الواحدة منه.و قد حاب حوبا و حوبة...
و تحوّب الرّجل:تأثّم...
و المحوّب و المتحوّب:الّذي يذهب ماله ثمّ يعود.
و الحوب:الجمل،ثمّ كثر حتّى صار زجرا له،يقال للجمل إذا زجر:حوب و حوب و حاب.
و حوّب بالإبل:قال لها حوب.
و قال بعضهم في كلام له:حوب حوب،إنّه يوم دعق و شوب لا لعا لبني الصّوب.الدّعق:الوطء الشّديد.
[و استشهد بالشّعر 8 مرّات](4:28)
الطّوسيّ: و الحوب:الإثم يقال:حاب يحوب حوبا و حباة،و الاسم:الحوب.
و يقال:تحوّب فلان من كذا إذا تحرّج منه.و يقال:
نزلنا بحوبة من الأرض،و بحيب من الأرض،يعني بموضع سوء.
و الحوبة:الحزن،و التّحوّب:التّحزّن،و التّحوّب:
التّأثّم،و التّحوّب:الصّياح الشّديد،و الحوباء:الرّوح و الكبير العظيم.(3:102)
ص: 169
نحوه الطّبرسيّ.(2:3)
الرّاغب: الحوب:الإثم قال عزّ و جلّ: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً النّساء:2،و الحوب المصدر منه،و روي «طلاق أمّ أيّوب حوب»و تسميته بذلك لكونه مزجورا عنه من قولهم:حاب حوبا و حوبا و حيابة.و الأصل فيه حوب لزجر الإبل،و فلان يتحوّب من كذا،أي يتأثّم.
و قولهم:ألحق اللّه به الحوبة،أي المسكنة و الحاجة، و حقيقتها هي الحاجة الّتي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم.و قيل:بات فلان بحيبة سوء.
و الحوباء قيل:هي النّفس،و حقيقتها هي النّفس المرتكبة للحوب،و هي الموصوفة بقوله تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ يوسف:53.(134)
الزّمخشريّ: كان صلّى اللّه عليه و سلّم إذا قدم من سفر قال:«آئبون تائبون لربّنا حامدون حوبا حوبا».
حوب:زجر للجمل،يقولون:حوب لا مشيت.و في كلام بعضهم:حوب حوب،إنّه يوم دعق و شوب،لا لعا لبني الصّوب.و قد سمّي به الجمل فقيل له:الحوب.
و يجوز فيه ما يجوز في أفّ من الحركات الثّلاث و التّنوين إذا نكّر،فقوله:حوبا حوبا بمنزلة قولك:سيرا سيرا،كأنّه فرغ من دعائه،ثمّ زجر جمله.
«كان صلّى اللّه عليه و آله إذا دخل إلى أهله قال:توبا توبا،لا يغادر علينا حوبا».
الحوب و الحوب و الحوبة:الإثم.
و منه:إنّ أبا أيّوب رضي اللّه عنه أراد أن يطلّق أمّ أيّوب،فقال له صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ طلاق أمّ أيوب لحوب».
و إنّما أثّمه بطلاقها؛لأنّها كانت مصلحة له في دينه.
و في دعائه صلّى اللّه عليه و آله:«اللّهمّ اقبل توبتي و اغسل حوبتي و روي:و ارحم حوبتي».
و فسّر بالحاجة و المسكنة،و إنّما سمّوا الحاجة حوبة، لكونها مذمومة غير مرضيّة،و كلّ ما لا يرتضونه هو عندهم غيّ و حطّية و سيّئة،و إذا ارتضوا شيئا سمّوه خيرا و رشدا و صوابا.
و عنه صلّى اللّه عليه و آله:«اللّهمّ إليك أرفع حوبتي».[و استشهد بالشّعر مرّتين](الفائق 1:328)
فيه حوب كبير،و اللّهمّ اغفر لي حوبتي و هو يتحوّب من القبيح:يتحرّج منه.و حرس اللّه حوباك، و فعلت كذا لحوبة فلان،أي لحرمته و حقّه،و ما يأثم الرّجل إن لم يراعه.[ثمّ استشهد بشعر]
(أساس البلاغة:98)
ابن الأثير: فيه«ربّ تقبّل توبتي و اغسل حوبتي» أي إثمي.
و منه الحديث:«إنّ الجفا و الحوب في أهل الوبر و الصّوف».[إلى أن قال:]
و منه الحديث:«اتّقوا اللّه في الحوبات»يريد النّساء المحتاجات اللاّتي لا يستغنين عمّن يقوم عليهنّ و يتعهّدهنّ.و لا بدّ في الكلام من حذف مضاف تقديره:
ذات حوبة و ذات حوبات.و الحوبة:الحاجة...
(1:455)
الفيّوميّ: حاب حوبا من باب قال،إذا اكتسب الإثم،و الإثم:الحوب بالضّمّ،و قيل:المضموم و المفتوح لغتان:فالضّمّ لغة الحجاز،و الفتح لغة تميم.و الحوبة بالفتح:الخطيئة.(1:155)
ص: 170
الفيروزآباديّ: الحوب و الحوبة:الأبوان و الأخت و البنت،و لي فيهم حوبة و حوبة و حيبة:قرابة من الأمّ،و الحوبة:رقّة فؤاد الأمّ،و الهمّ،و الحاجة، و الحالة كالحيبة بالكسر فيهما،و الرّجل الضّعيف.و يضمّ، و الأمّ،و امرأتك أو سرّيّتك،و الدّابّة،و وسط الدّار، و الإثم كالحابة و الحاب و الحوب و يضمّ.و حاب بكذا:أثم حوبا و يضمّ و حوبة و حيابة.و الحوب:الحزن و الوحشة و يضمّ فيهما،و الفنّ و الجهد و المسكنة،و النّوع،و الوجع، و موضع بديار ربيعة،و الجمل،ثمّ كثر حتّى صار زجرا له، فقالوا:حوب مثلّثة الباء و حاب بكسرها.
و الحوب بالضّمّ:الهلاك،و البلاء،و النّفس،و المرض.
و التّحوّب:التّوجّع،و ترك الحوب كالتّأثّم.
و المتحوّب و المحوّب كمحدّث:من يذهب ماله ثمّ يعود.و الحوباء:النّفس،جمعه:حوباوات.و حوبان:
موضع باليمن.و أحوب:صار إلى الإثم.و حوّب تحويبا:
زجر بالجمل.(1:60)
محمّد إسماعيل إبراهيم:حاب يحوب حوبا:
اكتسب إثما،و الحوب:الذّنب العظيم،و يطلق الحوب على الهلاك و البلاء.(1:149)
المصطفويّ: و التّحقيق أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو تضييع حقوق ممّن يعتمد إليه و هو تحت سلطته و يده،و هذا تضييع شديد مخصوص،و من أقوى مصاديق الإثم.
و الحوب بالفتح مصدر،و بالضّمّ اسم مصدر، كالغسل مصدرا،و الغسل اسم مصدر بمعنى ما تحصّل من المصدر.
و مبدأ لهذا العمل في الأغلب:هو الحاجة أو المسكنة في النّفس و ما يشابهها من نقاط الضّعف و الابتلاء.
و لا يخفى أنّ إطلاق الحوب على المسكنة أو الحاجة أو البلاء أو الأمّ و الأخت،إذا تحقّق هذا القيد و بلحاظه لا مطلقا.
فمعنى قوله صلّى اللّه عليه و آله:أ لك حوبة:أي عائلة هي في معرض التّضييع.و هكذا الإثم:فلا يصحّ إطلاقه على مطلق الإثم.
فقد ظهر لطف التّعبير به دون الإثم و غيره في الآية الكريمة: ...وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً النّساء:2،فإنّ تضييع أموال اليتامى من أعظم مصاديق الحوب،لكونهم تحت سلطته،و يتوقّع منه الحماية و التّأييد و الحفظ،و هم ضعفاء.
ثمّ إنّ التّحوّب:هو الحالة الحاصلة بعد الحوب،و هي التّأثّر الشّديد،و التّوجّع من عمله في التّضييع و الإثم.(2:327)
...وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً. النّساء:2
ابن عبّاس: ذنبا عظيما عند اللّه بالعقوبة.(64)
نحوه البروسويّ(2:161)،و شبّر(2:8).
إثما عظيما.(الطّبريّ 4:231)
نحوه مجاهد،و الحسن،و قتادة،و السّدّيّ،(الطّبريّ
ص: 171
4:231)،و نحوه أبو عبيدة(1:113)،و القمّيّ(1:
130)،و البغويّ(1:562)،و الطّبرسيّ(2:4)،و النّسفيّ (1:204)،و الخازن(1:397)،و الكاشانيّ(1:388)، و البحرانيّ(3:16)،و المراغيّ(4:179)،و الطّباطبائيّ (4:166).
قتادة :ظلما كبيرا.(الطّبريّ 4:231)
ابن زيد :ذنبا كبيرا،و هي لأهل الإسلام.
(الطّبريّ 4:231)
الفرّاء: الحوب:الإثم العظيم.و رأيت بني أسد يقولون:الحائب:القاتل،و قد حاب يحوب و قرأ الحسن (انّه كان حوبا كبيرا) .(1:253)
أهل الحجاز يقولون:حوب بالضّمّ،و تميم يقولون:
بالفتح.المضموم الاسم،و المفتوح المصدر.
(ابن الجوزيّ 2:5)
نحوه ابن عاشور.(4:14)
ابن قتيبة :و الحوب:الإثم و فيه ثلاث لغات:
حوب و حوب و حاب.(118)
نحوه الماورديّ(1:448)،و الواحديّ(2:7).
الطّبريّ: معنى ذلك:أنّ أكلكم أموال اليتامى مع أموالكم،إثم عند اللّه عظيم.(4:230)
الزّجّاج: و الحوب:الإثم العظيم،و الحوب فعل الرّجل،تقول:حاب حوبا كقولك:قد خان خونا.
(2:8)
نحوه البيضاويّ.(1:202)
الثّعلبيّ: أي إثما عظيما،و فيه ثلاث لغات:قرأه العامّة حوبا بالضّمّ و هي لغة النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و أهل الحجاز،يدلّ عليه ما روى أبو عبيد عن عبّاد بن عبّاد عن واصل مولى ابن عيينة قال:قلت لابن سيرين:كيف يقرأ هذا الحرف إنّه كان حوبا أو حوبا؟فقال:إنّ أبا أيّوب أراد أن يطلّق أمّ أيّوب،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم«إنّ طلاق أمّ أيّوب حوب».
و قرأ الحسن: (حوبا) بفتح الحاء،و هي لغة تميم.
و قال مقاتل:لغة الحبش.
و قرأ أبيّ بن كعب: (حابا) على المصدر مثل القال، و يجوز أن يكون اسما مثل الزّاد و النّار.و يقال للذّنب:
حوب و حوب و حاب،و للأذناب كذلك،يكون مصدرا و اسما فقال:حاب يحوب حوبا و حابا و حباية،إذا أثم.
قال أبو معاذ:نزلنا منزلا قريبا من مدينة،فرمى رجل غطاية صغيرة فقيل له:يا حاجّ لا تقتلها فتصيب حوبا إنّها لا تؤذي،و منه قيل للقاتل:حائب،حكاه الفرّاء عن بني أسد.[ثمّ استشهد بشعر](3:243)
نحوه الزّمخشريّ(1:496)،و ابن عطيّة(2:6)، و الفخر الرّازيّ(9:170)،و القرطبيّ(5:10)، و أبو السّعود(2:95).
أبو حيّان :قرأ الجمهور بضمّ الحاء،و الحسن بفتحها، و هي لغة بني تميم و غيرهم،و بعض القرّاء (انّه كان حابا كبيرا) ،و كلّها مصادر.
قال ابن عبّاس و الحسن و غيرهما:الحوب:الإثم، و قيل:الظّلم و قيل:الوحشة،و الضّمير في(انّه)عائد على الأكل.و قيل:على التّبدّل،و عوده على الأكل أقرب لقربه منه،و يجوز أن يعود عليهما،كأنّه قيل:إنّ ذلك.[ثمّ استشهد بشعر](3:161)
ص: 172
الآلوسيّ: أي إثما أو ظلما،و كلاهما عن ابن عبّاس و هما متقاربان.و أخرج الطّبرانيّ أنّ رافع بن الأزرق سأله رضى اللّه عنه عن الحوب.فقال:هو الإثم بلغة الحبشة،فقال:
فهل تعرف العرب ذلك؟فقال:نعم.[ثمّ استشهد بشعر] و خصّه بعضهم بالذّنب العظيم.[ثمّ نقل القراءات]
(4:189)
مكارم الشّيرازيّ: -ذكر أكل مال الايتام ثمّ قال:
-ثمّ إنّه سبحانه،لبيان أهمّيّة هذا الموضوع و التّأكيد عليه يختم الآية بقوله: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً.
يقول الرّاغب في مفرداته:«الحوبة حقيقتها هي الحاجة الّتي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم»و حيث إنّ العدوان على أموال اليتامى ينشأ-في الأغلب-من الحاجة،أو بحجّة الحاجة استعمل القرآن الكريم مكان لفظة الإثم في هذه الآية لفظة«الحوب»للإشارة إلى هذه الحقيقة.[ثمّ أدام البحث في أكل مال اليتيم](3:80)
فضل اللّه :أي إثما عظيما،و ربّما كان في كلمة «الحوب»الّتي هي على حقيقتها،كما قال الرّاغب:
«الحاجة الّتي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم»،ما يوحي بأنّ هذا السّلوك الخيانيّ ربّما كان منطلقا من حاجة الوليّ القائم على مال اليتيم إلى الأخذ منه،لأنّ ذلك هو الغالب في أمثال هذه الموارد،و ربّما كانت الكلمة في استعمالاتها العرفيّة مجرّدة عن خصوصيّة هذا المعنى، لتأخذ معنى الإثم بشكل مطلق،و اللّه العالم.(7:40)
1-الأصل في هذه المادّة الحوب و هو الإثم،و قد يطلق على النّفس الحوب و الحوباء-و الجمع:حوبات- لأنّها مصدر الحوب.قال الرّاغب:«قيل:الحوباء هي النّفس،و حقيقتها هي النّفس المرتكبة للحوب»و قيل:
بالعكس أي أنّ الأصل النّفس سمّي إثما.لأنّه يصدر عن النّفس!!،و هو الحوب و الحاب و الحيبة؛يقال:حاب يحوب حوبا و حيبة،و تحوّب الرّجل:تأثّم،و ترك الحوب، مثل:تأثّم،أي ترك الإثم،على السّلب.و فلان يتحوّب من الإثم:يتّقيه و يلقي الحوب عن نفسه،و تحوّب:تعبّد، كأنّه يلقي الحوب عن نفسه.و الحوب:الغمّ و الهمّ و البلاء، واحده:حوبة،و لعلّها لكونها يحمل صاحبها على الإثم.
و الحوب:الجهد و الشّدّة و الحزن و الحاجة،و الأبوان و الأخت و البنت،و كلّ ذي رحم محرم؛لأنّ الإنسان يأثم من عقوقهم.و الحوب:زجر البعير ليمضي،كما تزجر النّفس عن مقارفة الإثم؛يقال:حوّب بالإبل،أي قال لها:
حوب،ثمّ أطلق على الجمل نفسه،و واحده:حوبة.
و الحوبة و الحوبة و الحيبة:القرابة من قبل الأمّ؛يقال:
لي في بني فلان حوبة،و حوبة الأمّ على ولدها و تحوّبها:
رقّتها و توجّعها ذكر في كلّ ذي رحم.و الحوبة و الحيبة:
الحاجة و الهمّ و الحزن قال الرّاغب:«و حقيقتها هي الحاجة الّتي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم».
و الحوبة و الحوبة:الرّجل الضّعيف،و كذلك المرأة إذا كانت ضعيفة زمنة،تشبيها بضعف النّفس الّذي يحمل الإنسان على الإثم و الجمع حوب.
و التّحوّب:التّوجّع و الشّكوى و التّحزّن؛يقال:فلان يتحوّب من كذا،أي يتغيّظ منه و يتوجّع،و يقال لابن آوي:هو يتحوّب؛لأنّ صوته كذلك،كأنّه يتضوّر.
ص: 173
2-و يبدو من نصوص اللّغة العربيّة و بعض أخواتها أنّ«الحوب»كان مستعملا بكثرة في كلام السّاميّين، خلافا لهذا العصر؛إذ لا يلحظ له استعمال في اللّغات السّاميّة الحيّة حاليّا،كالعربيّة و العبريّة و السّريانيّة.
و لو لا استعمال لفظ«الحوبة»اليوم في العراق،لأميت ذكره،و اندرس أثره؛يقول العراقيّون عند الشّماتة و التّأنيب:هذه حوبة فلان،أي هذا جزاء إثمك و تفريطك في حقّه.
جاء منها«حوبا»مرّة في آية:
1- ...وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً النّساء:2
يلاحظ أوّلا:أنّ هذا اللّفظ وحيد الجذر في القرآن، لكنّه مدنيّ خلافا لأمثاله فإنّها مكّيّة.لاحظ المدخل:
بحث الألفاظ وحيدة الجذر في القرآن.و فيه بحوث:
1-فسّره ابن عبّاس تارة بالذّنب و أخرى بالإثم، و فسّره قتادة بالظّلم،و هي معاني متقاربة متلازمة.و قد استدلّ مكارم الشّيرازيّ و فضل اللّه بقول الرّاغب في معنى الحوبة:«هي الحاجة الّتي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم»على استعمال لفظ«الحوب»بدل«الإثم»، لسطوة القيّم على مال اليتيم للحاجة إليه،أو بذريعة الحاجة إليه.
و لعلّ الإثم أقرب من سائر نظائره إلى الحوب؛لأنّه وصف بالكبر أيضا في قوله تعالى: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما البقرة:
219.
2-قرئ«حوب»و«حاب»أيضا،فالأولى لغة تميم كما قال الفرّاء،و الثّانية على المصدريّة،و قال الثّعلبيّ:
«يجوز أن يكون اسما،مثل:الزّاد و النّار،و يقال للذّنب:
حوب و حوب و حاب».
3-جاء أكل أموال اليتامى في موضع آخر من نفس السّورة أيضا،و هو قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً النّساء:10،و كأنّه يفسّر الحوب بأكل النّار و صلي السّعير،لأنّه ينجرّ إليهما.و كأنّ قتادة أخذ تفسير«حوب»ب«ظلم»من هذه الآية.
4-استعمل أكل«أموال اليتامى»مرّتين في هذه السّورة المدنيّة،و استعمل قرب«مال اليتيم»مرّتين أيضا في سورتين مكّيّتين بلفظ واحد،و هو قوله: وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ الأنعام:
152،و الإسراء:34.ففي أكل أموال اليتامى نهي و تهديد،و في قربها نهي دون تهديد،فهل القرب أهون من الأكل؟؛أو لأنّه ذريعة إلى الأكل المحرّم و ليس محرّما في نفسه.انظر(أ ك ل)و(ق ر ب)و(ي ت م).
ص: 174
الخليل :الحوت:معروف.و الجميع:الحيتان و هو السّمك.و الحوت:برج من الاثني عشر،و هو آخرها.
و الحوت،و الحوتان:حومان الطّائر حول الماء، و حومان الوحشيّة حول شيء.[ثمّ استشهد بشعر]
(3:282)
ابن الأعرابيّ: المحاوتة:المراوغة،يقال:هو يحاوتني أي يراوغني.و الحائت:الكثير العذل.
(الأزهريّ 5:201)
ابن دريد :الحوت معروف؛و هو ما عظم من السّمك.و قال قوم:بل السّمك كلّه حيتان،و الجمع:
حيتان و أحوات.و بنو حوت:بطين من العرب.(2:5)
الصّاحب:الحوت:السّمك،و الجميع:حيتان و أحوات و حوتة،و هو آكل من حوت...
و الحوت و الحوتان:حومان الطّائر حول الشّيء.
و حاوته،إذا دافعه و عاسره.
و المحاوتة:المكالمة بمشاورة أو مواعدة.و هو في البيع:المداورة عليه،حاته يحوته.
و الحجفة الحوتيّة:ضرب من التّرسة.(3:185)
الجوهريّ: الحوت:السّمكة،و الجمع:الحيتان.
و الحوت:برج في السّماء.
و حات الطّائر على الشّيء يحوت،أي حام حوله.
و حاوتني فلان،إذا راوغك.[ثمّ استشهد بشعر]
(1:247)
ابن فارس: الحاء و الواو و التّاء أصل صحيح منقاس،و هو من الاضطراب و الرّوغان،فالحوت العظيم
ص: 175
من السّمك،و هو مضطرب أبدا غير مستقرّ.و العرب تقول:حاوتني فلان،إذا راوغني.[ثمّ استشهد بشعر](2:114)
ابن سيده: الحوت:السّمك،و قيل:هو ما عظم منه.
و الجمع:أحوات و حيتان.
و الحوت و الحوتان:حومان الطّائر،و الوحشيّ حول الشّيء و قد حات به يحوت.
و الحوتاء من النّساء:الضّخمة الخاصرتين المسترخية اللّحم و بنو حوت:بطن.[و استشهد بالشّعر مرّتين](3:493)
الحوت:برج في السّماء،و هو السّمكة...
الحوت:قلب الحوت:منزل من منازل برج الحوت.
(الإفصاح 2:910)
الحوت:السّمك كلّه.و قيل:ما عظم منه،الجمع:
أحوات و حوتة و حيتان.
البال:الحوت العظيم من حيتان البحر،و يدعى:
جمل البحر.و قيل:هي سمكة طولها خمسون ذراعا.
معرّب«وال».
البياح و البيّاح:ضرب من الحيتان.و قيل:ضرب من السّمك صغار،و هو أطيب السّمك،أمثال الشّبر.
الجواف و الجوفيّ: ضرب من حيتان البحر.و قيل:
سمك.
البهار:حوت أبيض.
الزّجر و الزّجر:ضرب من الحيتان عظام.
الدّخس:اسم بعض حيتان البحر.و قيل:دابّة في البحر تنجي الغريق،تمكّنه من ظهرها ليستعين على السّباحة،و تسمّى الدّلفين.الدّلفين:دابّة بحريّة تنجي الغريق.
الدّوع:قيل:ضرب من الحيتان(يمانيّة).
(الإفصاح 2:975)
الرّاغب: حوت:قال اللّه تعالى: نَسِيا حُوتَهُما الكهف:61. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ الصّافّات:142،و هو السّمك العظيم إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً الأعراف:163.و قيل:حاوتني فلان،أي راوغني مراوغة الحوت.(134)
الزّمخشريّ: آكل من حوت،و هو حوتيّ الالتقام، و تقول:التقمه الحوت و أكله الحيّوت؛و هو ذكر الحيّات.
و من المجاز:حاوتني فلان عن كذا،إذا خادعك عنه و راوغك.و ظلّ فلان يحاوتني بخدعه،و معناه يداورني فعل الحوت في الماء.[ثمّ استشهد بشعر]
(أساس البلاغة:98)
ابن الأثير: فيه«قال أنس:جئت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو يسم الظّهر و عليه خميصة حويتيّة»،هكذا جاء في بعض نسخ مسلم،و المشهور المحفوظ خميصة جونيّة، أي سوداء،و أمّا حويتيّة فلا أعرفها،و طالما بحثت عنها فلم أقف لها على معنى.
و جاء في رواية أخرى«خميصة حوتكيّة»،لعلّها منسوبة إلى القصر،فإنّ الحوتكيّ:الرّجل القصير الخطو، أو هي منسوبة إلى رجل يسمّى حوتكا.و اللّه أعلم.
(1:456)
الرّازيّ: الحوت:السّمكة؛و الجمع:الحيتان.قلت:
و هكذا قال الأزهريّ،و يؤيّد كونه مطلق السّمكة قوله
ص: 176
تعالى: نَسِيا حُوتَهُما الكهف:61.و المنقول في الحديث الصّحيح أنّها كانت سمكة في مكتل،و ما ظنّك بزوّادة اثنين خصوصا موسى و صاحبه،و أدلّ من هذا قوله تعالى: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ الأعراف:163.و أمّا قوله تعالى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ الصّافّات:142،فإنّه يدلّ على صحّة إطلاق الحوت على السّمكة الكبيرة، لا على حصر مسمّى الحوت فيها،كما يظنّه العامّة.
(178)
الفيّوميّ: الحوت:العظيم من السّمك،و هو مذكّر.
و في التّنزيل فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ الصّافّات:142.
و الجمع:حيتان.(1:155)
الفيروزآباديّ: الحوت:السّمك؛جمعه:أحوات و حوتة و حيتان،و برج في السّماء.
و الحوتاء:الضّخمة الخاصرة،و الحائت:الكثير العذل،و حاوته:راغمه و دافعه و شاوره و كالمه بمشاورة أو مواعدة،و هي في البيع.
و الحوت و الحوتان:حومان الطّير و الوحشيّ حول الشّيء.(1:152)
مجمع اللّغة :الحوت:السّمكة،صغيرة كانت أو كبيرة؛و جمعه:حيتان...(1:305)
نحوه محمّد إسماعيل إبراهيم.(1:149)
العدنانيّ: و يخطّئون استعمال الصّافيّ النّجفيّ كلمة «الحوت»جمعا في قوله:
جاءته حوت البحر ظامئة له
أو ما كفاها بحرها العجّاج؟
و يقولون:إنّ الحوت كلمة مفردة،اعتمادا على القرآن الكريم الّذي ورد الحوت فيه مذكّرا مرّتين:في الآية:63، من سورة الكهف،و في الآية:142،من سورة الصّافّات.
و اعتمدوا أيضا لإثبات أنّ كلمة الحوت مفردة على معجم ألفاظ القرآن الكريم،و الصّحاح،و معجم مقاييس اللّغة،و الأساس،و المختار،و اللّسان نقل أيضا قول المحكم:الحوت:السّمك،و المصباح،و التّاج ذكر أيضا قول المحكم،و المدّ يرجّح أنّه مفرد،و قد يكون جمعا،و المتن، و الوسيط.
و لكن ذكر أنّ الحوت جمع كلّ من:المحكم، و القاموس،و محيط المحيط،و أقرب الموارد.أمّا الرّاغب الأصفهانيّ في«مفرداته»فقد تذبذب بين الجمع و المفرد في قوله:الحوت هو السّمك العظيم،فلو كان الحوت جمعا لقال:هي،و لو كان مفردا لقال:هي السّمكة.فتركيب جملته هنا قلق،و المعنى غير واضح.
أمّا إذا ظنّ الشّاعر أنّ الحوت كلمة مؤنّثة،فقد أخطأ، لأنّ الحوت مذكّر،كما ظهر في الآيتين الشّريفتين،و كما قال معجم ألفاظ القرآن الكريم،و مفردات الرّاغب، و الأساس،و المختار،و اللّسان،و المصباح،و التّاج،و المدّ، و محيط المحيط.
و هنالك معاجم لم تقل شيئا عن تذكير كلمة الحوت، أو تأنيثها كالصّحاح،و القاموس،و المتن،و الوسيط.
أمّا جمع الحوت فهو:حيتان،و أحوات،و حوتة.لذا:
أ-استعمل الحوت مفردا مذكّرا دون تردّد.
ب-و استعمله جمعا على حذر،لأنّني أخشى أن يكون المحكم قد أخطأ،فنقل عنه القاموس،و حذا حذوهما محيط المحيط،الّذي اعتاد أقرب الموارد أن ينقل
ص: 177
عنه،و لأنّ الرّاغب الأصفهانيّ لا يثبت قوله أنّ الكلمة جمع،و لأنّ مدّ القاموس يرجّح أنّ الحوت مفرد.(175)
المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة:هو الرّوغان،يقال:راغ إليه،إذا مال نحوه يريد منه شيئا على سبيل الاحتيال.و لمّا كان السّمك يتحرّك و يجري و يميل في الماء يريد صيدا و غذاء و يحتال في تحصيل ذلك دائما، يرى منه هذا الميل و الحركة و الاحتيال،فسمّي بالحوت، فالحوت هو السّمك المتظاهر به،و يلاحظ فيه هذه الخصوصيّة،و هذا القيد يلازم إطلاقه على السّمك المتراءى و المتظاهر في قبال الأعين،و هو العظيم منه.
(2:328)
1- قالَ أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً. الكهف:63
راجع:ن س ي:«انسانيه».
2- فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ. الصّافّات:142
ابن عبّاس: أوحى اللّه تعالى إلى سمكة يقال لها:
اللّحم من البحر الأخضر:أن شقّي البحار حتّى تأخذي يونس،و ليس يونس لك رزقا،و لكن جعلت بطنك له سجنا،فلا تخدشي له جلدا،و لا تكسري له عظما، فالتقمه الحوت حين ألقي.(الماورديّ 5:67)
نحوه الطّبرسيّ.(4:458)
الطّريحيّ: قال بعض العارفين:و يكفي الحوت شرفا أن كان وعاء و مسكنا لنبيّه يونس بن متّى.
(2:198)
الآلوسيّ: و روي أنّه لمّا وقف على شفير السّفينة ليرمي بنفسه،رأى حوتا،و اسمه على ما أخرج ابن أبي حاتم و جماعة عن قتادة«نجم»،قد رفع رأسه من الماء قدر ثلاثة أذرع يرقبه و يترصّده،فذهب إلى ركن آخر فاستقبله الحوت،فانتقل إلى آخر فوجده،و هكذا حتّى استدار بالسّفينة.فلمّا رأى ذلك عرف أنّه أمر من اللّه تعالى فطرح نفسه،فأخذه قبل أن يصل إلى الماء.
(23:143)
لاحظ:ل ق م:«التقمه».
3- فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَ هُوَ مَكْظُومٌ. القلم:48
راجع:ص ح ب:«صاحب».
فَلَمّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً. الكهف:61
الزّجّاج: نَسِيا حُوتَهُما و كانت فيما روي سمكة مملوحة،و كانت آية لموسى في الموضع الّذي يلقى فيه الخضر.(3:299)
الماورديّ: قيل:إنّهما تزوّدا حوتا مملوحا.و تركاه حين جلسا.(3:323)
الواحديّ: قال المفسّرون:كانا فيما تزوّدا حوت
ص: 178
مملّح في زبيل،فكانا يصيبان منه الغداء و العشاء،فلمّا انتهيا إلى الصّخرة على ساحل البحر،وضع فتاه المكتل، فأصاب الحوت ندى البحر،فتحرّك في المكتل فانسرب في البحر،و قد كان قيل لموسى:تزوّد معك حوتا مالحا، فحيث تفقد الحوت ثمّ تجد الرّجل العالم،فلمّا انتهيا إلى الصّخرة قال لفتاه:امكث حتّى آتيك،و انطلق موسى لحاجته،فجرى الحوت حتّى وقع في البحر.(3:157)
نحوه الزّمخشريّ.(2:491)
ابن عربيّ: نَسِيا حُوتَهُما هو الحوت الّذي ابتلع ذا النّون عليه السّلام بالنّوع لا بالشّخص،لأنّ غذاءهما كان قبل الوصول إلى هذه الصّورة في الخارج من ذلك الحوت، الّذي أمر بتزوّده في السّفر وقت العزيمة.(1:766)
القرطبيّ: و جمهور المفسّرين:أنّ الحوت بقي موضع سلوكه فارغا،و أنّ موسى مشى عليه متبعا للحوت،حتى أفضى به الطّريق إلى جزيرة في البحر،و فيها وجد الخضر.و ظاهر الرّوايات و الكتاب أنّه إنّما وجد الخضر في ضفّة البحر.(11:12)
البيضاويّ: نسي موسى عليه الصّلاة و السّلام أن يطلبه و يتعرّف حاله،و يوشع أن يذكر له ما رأى من حياته و وقوعه في البحر...
روي أنّ موسى عليه السّلام رقد،فاضطرب الحوت المشويّ و وثب في البحر،معجزة لموسى أو الخضر،و قيل:توضّأ.
يوشع من عين الحياة،فانتضح الماء عليه فعاش و وثب الماء.(2:18)
النّيسابوريّ: نَسِيا حُوتَهُما لأنّه تعالى جعل انقلاب الحوت حيّا علامة على مسكن الخضر،قيل:إنّ الفتى كان يغسل السّمكة لأنّها كانت مملوحة،فطفرت و سارت.[إلى أن قال:]و قيل:انفجرت هناك عين من الجنّة،و وصلت قطرات من تلك العين إلى السّمكة فحييت،و طفرت إلى البحر.(16:8)
أبو حيّان :و كان من أمر الحوت و قصّته:أنّ موسى عليه السّلام حين أوحى إليه أنّ لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك،قال موسى:يا ربّ فكيف لي به؟قال:
تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل،فحيثما فقدت الحوت فهو ثمّ.فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثمّ انطلق،و انطلق معه فتاه يوشع بن نون حتّى أتيا الصّخرة،وضعا رءوسهما فنام موسى،و اضطرب الحوت في المكتل فخرج منه،فسقط في البحر سربا،و أمسك اللّه عن الحوت جرية الماء،فصار عليه مثل الطّاق.
قيل:و كان الحوت مالحا،و قيل:مشويّا،و قيل:
طريّا،و قيل:جمع يوشع الحوت و الخبز في مكتل،فنزلا ليلة على شاطئ عين تسمّى«عين الحياة»،و نام موسى، فلمّا أصاب السّمكة روح الماء و برده عاشت،و روي أنّهما أكلا منها.و قيل:توضّأ يوشع من تلك العين، فانتضح الماء على الحوت فعاش،و وقع في الماء.
(6:145)
نحوه البروسويّ(4:265)،و الآلوسيّ(15:314).
الطّباطبائيّ: الآيتان التّاليتان تدلاّن على أنّه كان حوتا مملوحا أو مشويّا،حملاه ليرتزقا به في المسير،و لم يكن حيّا و إنّما حيّ هناك.[إلى أن قال:]و اعلم أنّ الآيات غير صريحة في حياة الحوت بعد ما كان ميّتا،بل ظاهر قوله: نَسِيا حُوتَهُما، و كذا قوله: نَسِيتُ
ص: 179
اَلْحُوتَ أن يكونا وضعاه في مكان من الصّخرة مشرف على البحر،فيسقط في البحر،أو يأخذه البحر بمدّ و نحوه، فيغيب فيه،و يغور في أعماقه بنحو عجيب،كالدّخول في السّرب.و يؤيّده ما في بعض الرّوايات:أنّ العلامة كانت هي افتقاد الحوت لا حياته،و اللّه أعلم.(13:339)
المصطفويّ: السّمك المحتال يكون في هذا المورد غذاء و صيدا لموسى عليه السّلام؛إذ هو سائر إلى الكمال و مريد لأن يبلغ مجمع البحرين:بحر الظّاهر و بحر المعنى؛و هو مقام جمع الجمع،حتّى يستعدّ للرّسالة و الدّعوة،و لازم أن يكون البالغ إلى هذا المقام أن يحفظ وظائف الظّاهر و الباطن،و أن يتوجّه إلى كلا المقامين،و أن لا يفوت عنه شيء من الجانبين،و هذا المعنى من تأويلات الآية الكريمة،و بها يظهر لطف التّعبير بالحوت،و أمّا ظاهر الآية الشّريفة:فراجع مادّة«ب ح ر».(2:329)
مكارم الشّيرازيّ: و هناك كلام كثير بين المفسّرين عن نوعيّة هذا السّمك الّذي كان معدّا للغذاء ظاهرا،إلاّ أنّه سلك طريقه إلى البحر بشكل إعجازيّ.
و في بعض كتب التّفسير نرى أنّ هناك حديثا عن عين تهب الحياة،و أنّ السّمكة عند ما أصابها مقدار من ماء تلك العين عادت إليها الحياة.
و هناك احتمال آخر تكون فيه السّمكة حيّة،بمعنى أنّها لم تكن قد ماتت بالكامل،حيث يوجد بعض أنواع السّمك يبقى على قيد الحياة فترة بعد إخراجه من الماء، و هو يعود إلى الحياة الكاملة إذا أعيد في هذه الفترة إلى الماء.(9:280)
فضل اللّه : نَسِيا حُوتَهُما الّذي اصطحباه ليأكلاه-كما يبدو-أو ليكون علامة على تلك النّقطة، و لكن هل كان ميّتا،أو مشويّا؟ربّما يذكر المفسّرون ذلك،و ربّما يلاحظ البعض بأنّ الآية ليست ظاهرة في ذلك،فإنّ الوارد فيها هو نسيان الحوت من دون أيّة إشارة إلى طبيعة وضعه.و لكن قد تكون الفقرة التّالية فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً دليلا على حياته بعد الموت،لأنّها تتحدّث عنه،كما لو كان يتحرّك حركة اختياريّة في سلوكه الطّريق إلى البحر الّذي يدخل إليه ليغيب فيه.(14:359)
وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. الأعراف:163
الزّجّاج: حيتان:جمع حوت،و أكثر ما تسمّي العرب السّمك:الحيتان و النّينان.(2:384)
نحوه الطّوسيّ(5:14)،و الزّمخشريّ(2:125).
العكبريّ: (حيتانهم):جمع حوت،أبدلت الواو ياء لسكونها و انكسار ما قبلها.(1:600)
أبو حيّان :الحوت معروف،يجمع في القلّة على:
أحوات،و في الكثرة على:حيتان،و هو قياس مطّرد في فعل واويّ العين،نحو:عود و أعواد و عيدان.(4:403)
أبو السّعود :و الحيتان:جمع حوت،قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ك«نون و نينان»لفظا و معنى،و إضافتها إليهم للإشعار باختصاصها بهم،لاستقلالها بما لا يكاد
ص: 180
يوجد في سائر أفراد الجنس من الخواصّ الخارقة للعادة، أو لأنّ المراد بها الحيتان الكائنة في تلك النّاحية.
(3:43)
نحوه الآلوسيّ.(9:90)
البروسويّ: [نحو أبي السّعود إلاّ أنّه قال:]و كان عليّ بن أبي طالب يقول:«سبحان من يعلم اختلاف النّينان في البحار الغامرات».(3:264)
رشيد رضا :أي سمكهم.و لا يزال أهل الحجاز يسمّون السّمكة حوتا كبيرة كانت أو صغيرة،و أهل سوريّة يخصّون السّمكة الكبيرة باسم الحوت.و قد أضيفت الحيتان إليهم،لما كان من ابتلائهم بها و احتيالهم على صيدها.(9:375)
المصطفويّ: أي يوم هم ممنوعون عن صيد السّمك،و هم يعدون و يخالفون أمره تعالى.
و قد جعل اللّه تعالى الحيتان المحتالين في طلب الصّيد و الرّزق،أرزاقا و صيودا لهم ما داموا مطيعين مؤمنين، و جعل يوم السّبت يوم عيد لطلب الرّوحانيّة و المعنويّة لهم،و طلب الصّيد و الرّزق للحيتان.(2:329)
1-الأصل في هذه المادّة الحوت،أي السّمك،صغيرا كان أم كبيرا،و الجمع:حيتان و أحوات.و الحوتاء من النّساء:الضّخمة الخاصرتين،المسترخية اللّحم،تشبيها بالحوت الكبير.
و المحاوتة:المراوغة؛يقال:حاوتك فلان،أي راوغك،و يحاوتني:يراوغني،تشبيها بمراوغة الحوت في الماء.
و الحوت و الحوتان:حومان الطّائر حول الماء، و الوحشيّ حول الشّيء؛يقال:حات الطّائر على الشّيء يحوت حوتا و حوتانا،أي حام حوله.
و شذّ الحائت عن هذا الباب،و هو الكثير العذل،أي العدد.
2-و قد ذكر بعض اللّغويّين معنى الحوت بلفظ «السّمك»،كالصّاحب بن عبّاد و ابن سيده،و ذكره آخرون بلفظ«السّمكة»كالجوهريّ،إلاّ أنّه لم يصرّح أحد منهم بأنّ لفظ«حوتة»هو واحد الحوت،مثلما صرّحوا بأنّ السّمكة واحدة السّمك.و هذا ينبئ بأنّ «الحوت»مفرد لا واحد له،و ما يستعمل اليوم بالتّاء فهو من لحن العوامّ.
جاء منها«حوت»4 مرّات،و«حيتان»مرّة،في 5 آيات:
1- فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ الصّافّات:142
2- فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَ هُوَ مَكْظُومٌ القلم:48
3- فَلَمّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً الكهف:61
4- ...فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ... الكهف:63
5- ...إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ الأعراف:163
ص: 181
5- ...إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ الأعراف:163
يلاحظ أوّلا:أنّ الحوت جاء مفردا في(1-4)و جمعا في(5)،و أريد به في(1 و 2)كباره،و في(3 و 4)صغاره، و في(5)مجموعهما.
ثانيا:(1 و 2)جاءتا بشأن يونس عليه السّلام في سورتين:
الصّافّات و القلم،و فيهما بحوث:
1-جاءت(1)في الصّافّات،و قد حكى اللّه فيها لمحة من رسالات ستّة من الأنبياء عليهم السّلام:أوّلها رسالة نوح، و آخرها رسالة يونس.و قد ابتلي كلّ من هؤلاء الأنبياء ببلاء خلال تبليغ رسالته،فكان بلاء نوح و إبراهيم و إلياس و لوط قومهم،و بلاء موسى فرعون و أتباعه ثمّ بنو إسرائيل،و بلاء يونس الحوت.
2-و جاء في(1)الالتقام: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ، في التقام الحوت ليونس،و في(2)النّبذ في طرحه له لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ، غير أنّ «الالتقام»أسند إلى الحوت،و«النّبذ»أسند إلى اللّه في الصّافّات:145، فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ، و جاء بالبناء للمفعول في القلم:49 لَنُبِذَ بِالْعَراءِ، و كلاهما منّ من اللّه على يونس،كما منّ على نوح و لوط بقوله:
نَجَّيْناهُ، و على موسى و هارون بقوله: نَجَّيْناهُما.
3-و جاء توصيفا لحالة يونس في(1)وصفان:
«مليم»عند الالتقام،و«سقيم»عند النّبذ: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ، فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَ هُوَ سَقِيمٌ، كما جاء في(2)وصفان له أيضا:«مكظوم»عند الالتقام:
إِذْ نادى وَ هُوَ مَكْظُومٌ، و«مذموم»عند النّبذ: لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَ هُوَ مَذْمُومٌ.
4-جاء«العراء»مع«النّبذ»في الآيتين جميعا.
5-كنّى اللّه عن يونس في(2)بلفظ«صاحب الحوت»: وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ، كما كنّى عنه في آية أخرى بلفظ«ذا النّون»: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً الأنبياء:87.
ثالثا:(3 و 4)جاءتا في سورة الكهف حكاية عن موسى عليه السّلام و فتاه و نسيانهما الحوت.و فيهما بحوث أيضا:
1-عرّف«حوت»في(4)بلام العهد: فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، لأنّه كان معهودا لهما،و في(3)بالإضافة إلى ضميرهما تنسيقا لما قبله فَلَمّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما، حيث جاء فيها فعلان و ضميران مثنّى.
2-نسب النّسيان في(4)إلى فتاه،و أنّه لحقه من قبل الشّيطان: فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، و في(3)إليهما معا نَسِيا حُوتَهُما من دون ذكر الشّيطان،و كان من اللّه لا من الشّيطان؛لأنّ النّسيان عرض أوّلا فتاه،ثمّ تسرّى نتيجته إلى موسى عليه السّلام من دون عروضه له.
3-اختلفوا في صفة«الحوت»أ كان مملوحا،أو مشويّا،أو طريّا،و ليس شيء منها مذكورا في الآيات.
4-كما اختلفوا في أنّ فقدان الحوت كان علامة على موضع الخضر عليه السّلام،أو حياته و اتّخاذه سبيله في البحر فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً، أو كلّ ذلك مضافا إلى النّسيان،و هو الأقرب.
5-و هناك خلاف نادر في حياة الحوت فأكثرهم على أنّه كان ميّتا ثمّ عاش إعجازا،و بإزائه قولان نادران:
ص: 182
أحدهما:أنّه ما كان ميّتا،بل كان حيّا طريّا حكاه مكارم الشّيرازيّ.و لا يوافقه كونه غذاء لموسى و فتاه حيث قال موسى له في آية بعدها: آتِنا غَداءَنا.
ثانيهما:أنّه بقى ميّتا حتّى سقط في البحر.و احتمله الطّباطبائيّ بحجّة أنّ الآيات غير صريحة في حياة الحوت بعد ما كان ميّتا،بل ظاهر نَسِيا حُوتَهُما، و نَسِيتُ الْحُوتَ أنّهما وضعاه في مكان من الصّخرة مشرف على البحر،فسقط في البحر بمدّ و نحوه،فغاب فيه و غار في أعماقه بنحو عجيب.و أيّده بما جاء في بعض الرّوايات أنّ العلامة لالتقاء موسى بالخضر افتقاد الحوت لا حياته!!
و كأنّ فضل اللّه أراده بقوله:«و ربّما يلاحظ البعض بأنّ الآية ليست ظاهرة في ذلك»أي في حياته بعد موته.
ثمّ ردّه«بأنّ الآية: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً، قد تكون دليلا على حياته بعد موته،لأنّها تتحدّث عنه كما لو كان يتحرّك حركة اختياريّة في سلوكه الطّريق إلى البحر».
و هو الحقّ الموافق للرّوايات.لاحظ«يونس»، و موادّ الألفاظ الّتي جاءت في قصّته منها«مجمع البحرين».
6-و لعلّك تقول:أما كان الأوفق أن يقول:(نسيا حوتا لهما)،كما قال: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ الطّور:24،و لم يقل:(و يطوف عليهم غلمانهم)؟
نقول:كلاّ ليس من الأوفق ذلك،لأنّه جاء على أصله،و هو اختصاص الحوت بهما كما تفيده الإضافة، و لو قطع عنها لتعيّنت الملكيّة عليهما معا بلام الملك،و هو خلاف الحال،لأنّ الفتى كان تابعا لموسى،و الملكيّة تحقّقت لموسى دون فتاه،فتنتفي التّثنية.
و أمّا قوله: غِلْمانٌ لَهُمْ فهو ليس اختصاصا و لا ملكا،بل هؤلاء ملائكة من أجمل ما يكون كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ، جعلهم اللّه خدما و فرحا لأهل الجنّة،يطوفون عليهم و يهبونهم بجمالهم فرحا و بجهودهم حاجة،كما قال:
وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً الدّهر:19،فهذا من قبيل: وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً النّحل:72،و الجمع و التّنكير مع اللاّم أو بدونها غِلْمانٌ لَهُمْ، و(لكم ازواجا)، وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ في أمثال هذا السّياق تعظيم للنّعمة و تكبير للموهبة.
رابعا:جاءت(5)في سورة الأعراف بشأن حرمة الصّيد يوم السّبت على بني إسرائيل و احتيالهم في ذلك، و كانت الحيتان كسبت تجربة أو بإلهام اللّه إيّاهنّ-و هو الحقّ-أنّ القوم لا يصيدونها يوم السّبت،فتأتيهم في هذا اليوم،و لا تأتيهم في سائر الأيّام فاحتالوا في صيدها-كما حكى الطّبرسيّ(2:492)-بإلقاء السّمكة في الماء يوم السّبت،و لا يخرجونها في هذا اليوم بل في غيره من الأيّام،أو كانوا يتّخذون حياضا فيسوقون الحيتان إليها يوم السّبت،و يصيدونها في غيره.و فيها بحثان:
1-حيتان:جمع حوت.أبدلت الواو ياء لسكونها و انكسار ما قبلها،و هي جمع الكثرة،و جمع القلّة:
أحوات.
2-أضيفت«حيتان»إلى ضمير«هم»العائد على أهل القرية،و علّة الإضافة-كما قال أبو السّعود- «للإشعار باختصاصها بهم،لاستقلالها بما لا يكاد يوجد
ص: 183
في سائر أفراد الجنس من الخواصّ الخارقة لعادة،أو لأنّ المراد بها الحيتان الكائنة في تلك النّاحية».أو-كما قال رشيد رضا-:«لما كان من ابتلائهم بها و احتيالهم على صيدها»أو لمجموع ذلك.
ص: 184
حاجة
لفظ واحد،3 مرّات:2 مكّيّة،1 مدنيّة
في 3 سور:2 مكّيّة،1 مدنيّة
الخليل :الحوج من الحاجة،تقول:أحوجه اللّه، و أحوج هو،أي احتاج،و الحاج جمع:حاجة،و كذلك الحوائج و الحاجات.و التّحوّج:طلب الحاجة.
و الحوج:الحاجات.
و تقول:لقد جاءته إلينا حاجة حائجة.
و الحاج من الشّوك:ضرب منه.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](3:259)
الكسائيّ: تصغير الحاج الشّوك:حييجة، و أحيجت الأرض و أحاجت:إذا أنبتت الحاج.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:134)
أبو عمرو الشّيبانيّ: المحيج من الرّجال:
الغضبان.(1:174)
الفرّاء: هي الحوج،للحاجات.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:134)
أبو زيد :حج حجيّاك ما في يدي،و حاجيتك ما في يدي.(85)
اللّحيانيّ: حاج الرّجل يحوج و يحيج،و قد حجت و حجت،أي احتجت.يقال:كلّمت فلانا فما ردّ عليّ حوجاء و لا لوجاء على«فعلاء»ممدود،و معناه ما ردّ عليّ كلمة قبيحة و لا حسنة.
ما لي فيه حوجاء و لا لوجاء و لا حويجاء و لا لويجاء.
(الأزهريّ 5:135)
ابن الأعرابيّ: حاج يحوج حوجا،إذا احتاج.
و الحوج:الطّلب،و الحوج:الفقر.
(الأزهريّ 5:135)
ابن السّكّيت: يقال لي في هذا الشّيء حاجة.
و جمع حاجة:حاجات و حاج و حوائج و حوج.
ص: 185
و يقال:حجت أحوج،بمعنى احتجت.[ثمّ استشهد بشعر]
و هو رجل محتاج و محوج و حائج،و يقال:ما بقيت في صدري حوجاء و لا لوجاء إلاّ قضيتها.(566)
أبو حاتم: قالوا:حاجة و حوائج،لأنّها من بنات الواو،و لا يكاد أحد يقول حوائج،إنّما يقال:حاجات و حاج،و لم أسمع حوائج إلاّ في قول الطّهويّ.
و قال بعضهم:حوج.[و استشهد بالشّعر مرّتين](79)
حاجيتك:عاييتك،و المحاجات:المعاياة.
(أبو زيد:85)
شمر: و الحاج جمع:حاجة،و تحوّج:طلب حاجة.
(الأزهريّ 5:134)
أبو الهيثم: الحاجة في كلام العرب الأصل فيها حائجة حذفوا منها الياء،فلمّا جمعوها ردّوا إليها ما حذفوا منها فقالوا:حاجة و حوائج،فدلّ جمعهم إيّاها على«حوائج»أنّ الياء محذوفة من الواحدة.و قالوا:
حاجة حوجاء.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:135)
ثعلب :إنّما تجمع حاجة على:حاجات و حاج.فأمّا حوائج فهو جمع:حائجة.[ثمّ استشهد بشعر](566)
يقال:ما في الأمر حوجاء و لا لوجاء،أي شكّ.
(ابن سيده 3:461)
ابن دريد :و الحوج لغة يمانيّة،يقول الرّجل للرّجل عند العثرة و المصيبة:حوجا لك،أي سلامة لك.
و الحائجة و الحوجاء و الحاجة بمعنى واحد،و على هذه اللّغة قيل:حوائج في جمع:حائجة،هكذا قال عبد الرّحمن عن عمّه.و جمع حاجة:حاج،و يقال:حاجة و حاجات و حوائج،و الحاج جمع:حاجة و هو ضرب من الشّجرة.(2:60)
يقال:ما لي قبلك حاجة و لا حوجاء و لا حائجة، فجمع حاجة:حاجات،و جمع حائجة:حوائج،و لا تكون الحوائج جمع:حاجة.
و الحاجة:خرزة أو لؤلؤة تعلّق في شحمة الأذن، و ربّما سمّيت شحمة الأذن حاجة أيضا.(3:221)
الصّاحب: الحوج:من الحاجة،أحوجه اللّه.و أحوج الرّجل:احتاج.و جمع الحاجة:الحاج و الحوائج و الحاجات،و حاجة حائجة.و التّحوّج:طلب الحاجة بعد الحاجة.و الحوج:الحاجات.و كذلك الحوجاء:الحاجة.
و كلّمته فما ردّ عليّ حوجاء و لا لوجاء،أي كلمة.
و ليس في أمرك حوجاء و لا لوجاء و لا حويجاء و لا لويجاء،أي حاجة و عوج.
و حوّجت لفلان:إذا تركت طريقك في هواه.
و حوّج بنا الطّريق و لوّج،أي عوّج.
و خذ حويجاء من الأرض،أي طريقا مخالفا ملتويا.
و قولهم:احتاج الرّجل إلى كذا،أي انعاج إليه.
و حاجة حائجة:مهمّة.و حاجات حوّج و محتاج:
بيّن الحوج و الحوجاء،و هو يتحوّج،أي يطلب معيشته.
و الحاج من الشّوك:ضرب منه.و أحاجت الأرض و أحيجت:صارت ذات حاج و شوك.(3:142)
الخطّابيّ: في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«أنّه قال للرّجل الّذي باع له القدح و الحلس في من يزيد:انطلق إلى هذا الوادي،فلا تدع حاجا و لا حطبا،و لا تأتني خمسة عشر
ص: 186
يوما».
الحاج جمع:حاجة.
فأمّا الحوائج فهي جمع على غير قياس،إلاّ أنّ من العرب من يقول في الواحدة منها:حائجة،فمن قال ذلك أصاب القياس في جمعها على الحوائج.
فأمّا حديثه الآخر أنّه قال له رجل:«ما تركت حاجة و لا داجة إلاّ أتيتها»،هكذا رواه ابن قتيبة بالتّخفيف،و فسّره فقال:أراد أنّه لم يدع شيئا دعته نفسه إليه من المعاصي إلاّ ركبه.قال:و داجة إتباع، كقولهم:شيطان ليطان و أخواتها.
و قد روي هذا الحرف من غير هذا الطّريق مثقّلا، و فسّر على غير هذا المعنى.(1:253)
الجوهريّ: الحاجة معروفة،و الجمع:حاج و حاجات و حوج،و حوائج على غير قياس،كأنّهم جمعوا حائجة.و كان الأصمعيّ ينكره و يقول:هو مولّد.
و إنّما أنكره لخروجه عن القياس،و إلاّ فهو كثير في كلام العرب.
و الحوجاء:الحاجة.
يقال:ما في صدري به حوجاء و لا لوجاء،و لا شكّ و لا مرية بمعنى واحد.و يقال:ليس في أمرك حويجاء و لا لويجاء و لا رويغة.
[ثمّ ذكر قول اللّحيانيّ و أضاف:]و هذا كقولهم:فما ردّ عليّ سوداء و لا بيضاء،أي كلمة قبيحة و لا حسنة.
و حاج يحوج حوجا،أي احتاج.
و أحوج أيضا بمعنى احتاج.
و الحاج:ضرب من الشّوك.و الحاج جمع:حاجة.
[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](1:307)
ابن فارس: الحاء و الواو و الجيم أصل واحد،و هو الاضطرار إلى الشّيء.فالحاجة واحدة الحاجات.
و الحوجاء:الحاجة.و يقال:أحوج الرّجل:احتاج،و يقال أيضا:حاج يحوج بمعنى احتاج.[ثمّ استشهد بشعر]
فأمّا الحاج فضرب من الشّوك،و هو شاذّ عن الأصل.(2:114)
أبو هلال :الفرق بين الفقر و الحاجة:أنّ الحاجة هي النّقصان،و لهذا يقال:الثّوب يحتاج إلى خرمة،و فلان يحتاج إلى عقل؛و ذلك إذا كان ناقصا.و لهذا قال المتكلّمون:الظّلم لا يكون إلاّ من جهل أو حاجة،أي من جهل بقبحه أو نقصان زاد جبره بظلم الغير.و الفقير خلاف الغنيّ،فأمّا قولهم:فلان مفتقر إلى عقل فهو استعارة،و محتاج إلى عقل حقيقة.(146)
الفرق بين النّقص و الحاجة:أنّ النّقص سبب إلى الحاجة،فالمحتاج يحتاج لنقصه،و النّقص أعمّ من الحاجة؛لأنّه يستعمل فيما يحتاج و فيما لا يحتاج.(147)
ابن سيده: الحاجة و الحائجة:المأربة.
و جمع الحاجة:حاج و حوج.
و جمع الحائجة:حوائج؛و هي الحوجاء،و حاجة حائجة على المبالغة.
و حجت إليك أحوج حوجا.
و يروى:و حجت،و إنّما ذكرتها هنا؛لأنّها من الواو، و ذكرتها في الياء لقولهم:حجت حيجا.
و احتجت و أحوجت كحجت،و أحوجه اللّه.
و المحوج:المعدم،من قوم محاويج،و عندي أنّ
ص: 187
محاويج إنّما هو جمع:محواج،إن كان قيل،و إلاّ فلا وجه للواو.
و التّحوّج:طلب الحاجة بعد الحاجة.
و تحوّج إلى الشّيء:احتاج إليه و أراده.
و الحاجة:خرزة لا ثمن لها لقلّتها و نفاستها.
و يقال للعاثر:حوجا لك،أي سلامة.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](3:460)
الرّاغب: الحاجة إلى الشّيء:الفقر إليه مع محبّته، و جمعها:حاجات و حوائج.و حاج يحوج:احتاج.
و الحوجاء:الحاجة.(135)
الزّمخشريّ: ليس لي عنده حوجاء و لا لوجاء.
و هذه حاجتي،أي ما أحتاج إليه و أطلبه.و خذ حاجتك من الطّعام.و في نفسي حاجات.و إن كانت لك في نفسك حاجة فاقضها.و انج إلى منجاك من الأرض.و أحوجت إلى كذا و أحوجني إليكم زمان السّوء.و لا أحوجني اللّه إلى فلان.و خرج فلان يتحوّج:يتطلّب ما يحتاج إليه من معيشته.(أساس البلاغة:98)
[في حديث]قتادة رحمه اللّه:«أن تسجد بالآخرة منهما أحرى ألاّ يكون في نفسك حوجاء.هي الرّيبة الّتي يحتاج إلى إزالتها.الفائق(1:338)
المدينيّ: في الحديث:«...لا أدع في نفسي حوجاء من أسعد».
الحوجاء:الحاجة،أي لا أدع شيئا أرى فيه برأه و أؤمّل في معالجته صلاحه إلاّ فعلته.
و قيل:هي الرّيبة الّتي يحتاج إلى إزالتها.[ثمّ استشهد بشعر]
و في حديث أبى سفيان:«قلت:ما جاء به؟قال:هو محوج»،أي شكا منه.(1:520)
ابن الأثير: [في حديث قتادة المتقدّم عن المدينيّ:] أي لا يكون في نفسك منه شيء.
و منه الحديث«أنّه قال لرجل شكا إليه الحاجة:
انطلق إلى هذا الوادي فلا تدع حاجة و لا حطبا،و لا تأتني خمسة عشر يوما»الحاج:ضرب من الشّوك، الواحدة:حاجة.(1:456)
الفيّوميّ: الحاجة:جمعها حاج بحذف الهاء، و حاجات و حوائج.و حاج الرّجل يحوج،إذا احتاج.
و أحوج و زان أكرم من الحاجة،فهو محوج.و قياس جمعه بالواو و النّون؛لأنّه صفة عاقل،و النّاس يقولون في الجمع:محاويج:مثل مفاطير و مفاليس،و بعضهم ينكره و يقول:غير مسموع.و يستعمل الرّباعيّ أيضا متعدّيا فيقال:أحوجه اللّه إلى كذا.(155)
الفيروزآباديّ: الحوج:السّلامة،حوجا لك،أي سلامة.و الاحتياج و قد حاج و احتاج و أحوج و أحوجته و بالضّمّ:الفقر.و الحاجة معروفة كالحوجاء.
و تحوّج:طلبها،جمعه:حاج و حاجات و حوج،و حوائج غير قياسيّ أو مولّدة،أو كأنّهم جمعوا حائجة.و الحاج:
شوك.
و حوّج به عن الطّريق تحويجا:عوّج.و ما في صدري حوجاء و لا لوجاء:لا مرية و لا شكّ.و ما لي فيه حوجاء و لا لوجاء و لا حويجاء و لا لويجاء،أي حاجة.و كلّمته فما ردّ حوجاء و لا لوجاء،أي كلمة قبيحة و لا حسنة.
و خذ حويجاء من الأرض،أي طريقا مخالفا ملتويا.
ص: 188
و حوّجت له:تركت طريقي في هواه.و احتاج إليه:انعاج.
حاج يحيج كحاج يحوج.و أحيجت الأرض و أحاجت:أنبتت الحاج،أي الشّوك،و تصغيره:حييج فهو يائيّ.(1:190)
الطّريحيّ: [نحو الفيّوميّ و أضاف:]
و في الحديث«كان إذا أراد قضاء الحاجة فعل كذا» كنّى بذلك المضيّ إلى الخلاء للتّغوّط.
و قد تكرّر في الحديث«من لم يفعل كذا فليس للّه فيه حاجة»،و هو كناية عن التّخلّي منه،و عدم الالتفات إليه بالرّأفة و الرّحمة.(2:290)
مجمع اللّغة :الحاجة:الرّغبة،أو المرغوب فيه نفسه.(1:305)
محمّد إسماعيل إبراهيم:حاج حوجا:افتقر، و الحاجة:ما يحتاج إليه.(149)
المصطفويّ: [نقل قول أبي هلال و أضاف:]فظهر الفرق بين الحاجة و الفقر و النّقص.فالفقر في مقابل الغنى، و الغنى هو كون الإنسان ذا مال أو قوّة أو معونة،مادّيّة أو معنويّة؛بحيث يرتفع عنه الاحتياج.و الفقر على خلاف ذلك؛و هو أن لا يكون ذا مال و ثروة و قوّة مادّيّة أو معنويّة،و هو مرتبة مخصوصة دون الغنى،و حالة ملحوظة في نفسها،بخلاف الحاجة،فهي ملحوظة باعتبار النّظر إلى التّكميل و تتميم النّقص و جبران الفائت،مادّيّا أو معنويّا.
و قد يكون الاحتياج من آثار الفقر،إذا لوحظ فيه نقص.
و أشدّ من الفقر المسكنة،و أشدّ منها المعدم.
فالحاجة هي المنبعثة من رؤية النّقص في أمر مادّيّ أو نظر أو صفة.(2:331)
1- وَ لَمّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها... يوسف:68
ابن عبّاس: حزازة.(200)
مجاهد :خيفة العين على بنيه.(الطّبريّ 13:14)
ابن إسحاق :ما تخوّف على بنيه من أعين النّاس، لهيبتهم و عدّتهم.(الطّبريّ 13:14)
الطّبريّ: إلاّ أنّهم قضوا وطرا ليعقوب بدخولهم، لا من طريق واحد،خوفا من العين عليهم،فاطمأنّت نفسه أن يكونوا أتوا من قبل ذلك،أو نالهم من أجله مكروه.(13:14)
الزّجّاج: أي إلاّ خوف العين،و تأويل ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ لو قدّر أن تصيبهم لأصابتهم و هم متفرّقون كما تصيبهم مجتمعين،و جائز أن يكون(لا يغنى)مع قضاء اللّه شيء.(3:119)
إِلاّ حاجَةً استثناء ليس من الأوّل،و المعنى:لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها.(ابن الجوزيّ 4:254)
النّحّاس: قيل:المعنى:أنّه لو قضي عليهم شيء لأصابهم،دخلوا مجتمعين أو متفرّقين.
و قيل:المعنى:لو قضي أن تصيبهم العين،لأصابتهم متفرّقين كما تصيبهم مجتمعين.(3:443)
ص: 189
الثّعلبيّ: حزازة و همّة.(5:237)
الماورديّ: هو حذر المشفق و سكون نفسه بالوصيّة أن يتفرّقوا خشية العين.(3:60)
الطّوسيّ: لم يكن يعقوب يغني عنهم من اللّه شيئا إلاّ حاجة في[نفسه]قضاها من خوف العين عليهم،أو الحسد على اختلاف القولين،و(الاّ)بمعنى«لكن»،لأنّ ما بعدها ليس من جنس ما قبلها.(6:168)
الواحديّ: يعني أنّ ذلك الدّخول من الأبواب المتفرّقة قضى حاجة في نفس يعقوب؛و هي إرادته أن يكون دخولهم كذلك شفقة عليهم و خوفا من العين.
(2:622)
نحوه البروسويّ.(4:296)
البغويّ: مرادا.(2:503)
الزّمخشريّ: إِلاّ حاجَةً استثناء منقطع على معنى و لكن حاجة فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها، و هي شفقته عليهم و إظهارها بما قاله لهم و وصّاهم به.
(2:333)
نحوه البيضاويّ(1:502)،و النّسفيّ(2:231)، و الكاشانيّ(3:32).
ابن عطيّة: و إِلاّ حاجَةً استثناء ليس من الأوّل.
و الحاجة هي أن يكون طيّب النّفس بدخولهم من أبواب متفرّقة خوف العين.قال مجاهد:الحاجة:خيفة العين،و قاله ابن إسحاق،و في عبارتهما تجوّز.و نظير هذا الفعل أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سدّ كوّة في قبر بحجر و قال:إنّ هذا لا يغني شيئا،و لكنّه تطيّب (1)لنفس الحيّ.
(3:262)
الطّبرسيّ: أي لم يكن دخولهم مصر كذلك يغني عنهم،أو يدفع عنهم شيئا أراد اللّه تعالى إيقاعه بهم من حسد أو إصابة عين،و هو عليه السّلام كان عالما أنّه لا ينفع حذر من قدر،و لكن كان ما قاله لبنيه حاجة في قلبه،فقضى يعقوب تلك الحاجة،أي أزال به اضطراب قلبه؛لأن لا يحال على العين مكروه يصيبهم.(3:249)
الفخر الرّازيّ: ذكروا في تفسير تلك الحاجة وجوها:أحدها:خوفه عليهم من إصابة العين.
و ثانيها:خوفه عليهم من حسد أهل مصر.
و ثالثها:خوفه عليهم من أن يقصدهم ملك مصر بشرّ.
و رابعها:خوفه عليهم من أن لا يرجعوا إليه.و كلّ هذه الوجوه متقاربة.(18:176)
القرطبيّ: و دلّت هذه الآية على أنّ المسلم يجب عليه أن يحذّر أخاه ممّا يخاف عليه،و يرشده إلى ما فيه طريق السّلامة و النّجاة،فإنّ الدّين النّصيحة،و المسلم أخو المسلم.(9:229)
أبو السّعود :[نحو الزّمخشريّ إلاّ أنّه قال:]أي أظهرها و وصّاهم بها دفعا للخاطرة،غير معتقد أنّ للتّدبير تأثيرا في تغيير التّقدير.و قد جعل ضمير الفاعل في(قضاها)للدّخول على معنى أنّ ذلك الدّخول قضى حاجة في نفس يعقوب،و هي إرادته أن يكون دخولهم من أبواب متفرّقة،فالمعنى ما كان ذلك الدّخول يغني عنهم من جهة اللّه تعالى شيئا،و لكن قضى حاجة حاصلة في نفس يعقوب بوقوعه حسب إرادته.ب.
ص: 190
فالاستثناء منقطع أيضا.و على التّقديرين لم يكن للتّدبير فائدة سوى دفع الخاطرة.و أمّا إصابة العين فإنّما لم تقع لكونها غير مقدّرة عليهم،لا لأنّها اندفعت بذلك مع كونها مقضيّة عليهم.(3:413)
نحوه البروسويّ(4:296)،و الآلوسيّ(13:21).
مغنيّة:اختلف المفسّرون في تحديد هذه الحاجة الّتي قضاها اللّه ليعقوب،فمن قائل:أن لا يصاب أولاده بالعين عند دخولهم إلى مصر.و قائل:أن لا ينالهم العزيز بسوء إلخ...
و الّذي نراه استنادا إلى طبيعة الحال،و إلى الآيات الدّالّة على حرصه و لهفته على يوسف و أخيه:أنّ الحاجة الأولى و الأخيرة ليعقوب من هذه الحياة كانت سلامة يوسف و أخيه،و اجتماعه بهما قرير العين،و قد أتمّ اللّه له ما أراد على أحسن حال.(4:338)
ابن عاشور :و الاستثناء في قوله إِلاّ حاجَةً منقطع،لأنّ الحاجة الّتي في نفس يعقوب عليه السّلام ليست بعضا من الشّيء المنفيّ إغناؤه عنهم من اللّه،فالتّقدير:
لكن حاجة في نفس يعقوب عليه السّلام قضاها...
و الحاجة:الأمر المرغوب فيه.سمّي حاجة؛لأنّه محتاج إليه،فهي من التّسمية باسم المصدر.و الحاجة الّتي في نفس يعقوب عليه السّلام هي حرصه على تنبيههم للأخطار الّتي تعرض لأمثالهم في مثل هذه الرّحلة،إذا دخلوا من باب واحد،و تعليمهم الأخذ بالأسباب مع التّوكّل على اللّه.(12:94)
الطّباطبائيّ: قيل:إنّ(إلاّ)بمعنى(لكن)،أي لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها اللّه،فردّ إليه ولده الّذي فقده و هو يوسف.
و لا يبعد أن يكون«الاّ»استثنائيّة،فإنّ قوله: ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ في معنى قولنا:لم ينفع هذا السّبب يعقوب شيئا،أو لم ينفعهم جميعا شيئا،و لم يفض اللّه لهم جميعا به حاجة إلاّ حاجة في نفس يعقوب.
و قوله:(قضاها)استئناف و جواب سؤال،كأنّ سائلا يسأل فيقول:ما ذا فعل بها؟فأجيب بقوله:
(قضاها).(11:220)
مكارم الشّيرازيّ: إنّ الفائدة و الثّمرة الوحيدة الّتي ترتّبت على تلك النّصيحة ليس إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها، و هذه إشارة إلى أنّ أثرها لم يكن سوى الهدوء و الطّمأنينة الّتي استولت على قلب الأب الحنون الّذي بعد عنه أولاده،و بقي ذهنه و فكره مشغولا بهم و بسلامتهم،و خائفا عليهم من كيد الحاسدين و شرور الطّامعين،فما كان يتسلّى به في تلك الأيّام لم يكن سوى يقينه القلبيّ بأنّ أولاده سوف يعملون بنصيحته.
(7:233)
فضل اللّه :حاجة في نفس يعقوب!
و بذلك استطاع أن يوحي لنفسه بالثّقة،فارتاحت مشاعره من الشّكّ و القلق،و انسابت عاطفته،لتحتوي أولاده كلّهم من جديد،عند ما أراد أن يودّعهم،فقد خاف عليهم من حسد الحاسدين،لما يمكن أن يثيره دخولهم دفعة واحدة إلى المجلس الّذي يجتمع إليه النّاس من الدّهشة و الإعجاب بهذه المجموعة،من الإخوة الرّجال الّذين يملكون القوّة في الجسد و التّوافق في الرّأي، و الوحدة في الموقف،فأراد أن ينصحهم بنصيحة أبويّة
ص: 191
تبعدهم عن أجواء الحسد الّذي يبعث على الكيد و التّآمر من قبل الحاسدين.
وَ قالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ فإنّ ذلك قد يشكل إثارة في نفوس الحاضرين،فيؤدّي إلى ما لا تحمد عقباه، وَ ادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ كي تضيع الصّورة الحقيقيّة القويّة بذلك،و لا تلفتوا الأنظار إليكم.
و ليس في هذا ما يمنع القضاء إذا أراد اللّه له أن يحدث، و لكنّه قلق الوالد على أولاده الّذي يبحث عن أيّة وسيلة لحمايتهم،عبر رعايته المباشرة لهم أو عبر تزويدهم بوصايا و نصائح تكفل لهم ذلك، وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ إن أراد بكم سوءا فهو المالك لكلّ شيء، إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ في كلّ أمور عباده، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في جميع أموري، وَ عَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ يوسف:67،في إرجاع كلّ القضايا إليه، فهو المعوّل عليه في الشّدّة و الرّخاء.
وَ لَمّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ لأنّ مثل هذه الوسائل لا تمنع الخطّة المرسومة الّتي يريد اللّه للنّاس أن يخضعوا لها في قضائه و قدره في علاقة المسبّبات بالأسباب،فإذا أراد اللّه شيئا هيّأ أسبابه.و هكذا لم يرد يعقوب أن يغيّر القضاء، أو يعطّل الأسباب إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها في ما كان يريده لهم من تحفّظ يبعدهم عن المشاكل من بعض النّواحي.و لم نعرف-من خلال القرآن-نوعيّة هذه الحاجة بالتّحديد،لكن ربّما كانت حالة من الطّمأنينة الدّاخليّة الّتي أراد أن يعيشها في نفسه،و ربّما كانت حاجته الملحّة إلى رجوع يوسف إليه،الّتي هيّأ اللّه له أسباب تحقيقها في سفر إخوته مع أخيهم غير الشّقيق إليه،الّذي انتهى بلقاء يوسف و أخيه لأبيه و أمّه،و بذلك يكون الضّمير في(قضاها)راجعا إلى اللّه،لا إلى يعقوب- كما يذهب إلى ذلك بعض المفسّرين-و ربّما كانت تلك الحاجة شيئا لا نعلمه،ممّا قد يكون معلوما لدى يعقوب ممّا علّمه اللّه إيّاه من أسرار الغيب في ما يمكن أن نستوحيه من قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ.
و لعلّ المراد به العلم الخاصّ الّذي يلهم اللّه به الأنبياء أو يوحي به إليهم من علمه،الّذي لا يريد أن يبيّنوه،بل يريد لهم أن يعيشوه،و يكتفوا في تبيانه على طريقة الإشعار أو الإيحاء لمصلحة ما هناك. وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ لأنّهم يتعاملون في أمورهم من خلال الرّؤية المحدودة للأشياء،ممّا يحجب عنهم الكثير من الأسرار الّتي تختفي في غيب المستقبل،أو في خلفيّات الحاضر.
(12:241)
2- ...وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمّا أُوتُوا... الحشر:9
ابن عبّاس: حسدا.(464)
نحوه الحسن و الطّبريّ.(الطّبريّ 28:41،42)
أي حسدا و حزازة و غيظا ممّا أوتي المهاجرون من دونهم.(الفخر الرّازيّ 29:287)
نحوه الواحديّ(4:273)،و البغويّ(5:58)، و الطّبرسيّ(5:262)،و ابن الجوزيّ(8:212).
السّجستانيّ: فقر،و محنة أيضا.(190)
الماورديّ: فيه وجهان:
ص: 192
أحدهما:غيرة و حسدا على ما قدّموا به من تفضيل و تقريب،و هو محتمل.
الثّاني:يعني حسدا على ما خصّوا به من مال الفيء و غيره،فلا يحسدونهم عليه.(5:505)
القشيريّ: وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً ممّا خصّص به المهاجرون من الفيء،و لا يحسدونهم على ذلك،و لا يعترضون بقلوبهم على حكم اللّه بتخصيص المهاجرين،حتّى لو كانت بهم حاجة أو اختلال أحوال.(6:129)
الزّمخشريّ: أي طلب محتاج إليه ممّا أوتي المهاجرون من الفيء و غيره،و المحتاج إليه يسمّى:حاجة، يقال:خذ منه حاجتك،و أعطاه من ماله حاجته:يعني أنّ نفوسهم لم تتبع ما أعطوا،و لم تطمح إلى شيء منه يحتاج إليه.(4:84)
نحوه النّسفيّ(4:241)،و الآلوسيّ(28:52).
الفخر الرّازيّ: [نقل كلام الحسن ثمّ قال:]و أطلق لفظ الحاجة على الحسد و الغيظ و الحزازة؛لأنّ هذه الأشياء لا تنفكّ عن الحاجة،فأطلق اسم اللاّزم على الملزوم على سبيل الكناية.(29:287)
نحوه الشّربينيّ.(4:247)
العكبريّ: مسّ حاجة.(2:1216)
القرطبيّ: فيه تقدير حذف مضافين،المعنى:مسّ حاجة من فقد ما أوتوا.و كلّ ما يجد الإنسان في صدره ممّا يحتاج إلى إزالته فهو حاجة.(18:23)
البيضاويّ: ما تحمل عليه الحاجة كالطّلب و الحزازة و الحسد و الغيظ.(2:466)
أبو السّعود:أي شيئا محتاجا إليه،يقال:خذ منه حاجتك،أي ما تحتاج إليه.و قيل:إثر حاجة،كالطّلب و الحزازة و الحسد و الغيظ.(6:228)
نحوه البروسويّ.(9:433)
الآلوسيّ: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]و(من) تبعيضيّة،و جوّز كونها بيانيّة،و الكلام على حذف مضاف و هو طلب،و فيه فائدة جليلة،كأنّهم لم يتصوّروا ذلك،و لا مرّ في خاطرهم أنّ ذلك محتاج إليه حتّى تطمح إليه النّفس.
و يجوز أن يكون المعنى:لا يجدون في أنفسهم ما يحمل عليه الحاجة،كالحزازة و الغيظ و الحسد و الغبطة، لأجل ما أعطي المهاجرون على أنّ الحاجة مجاز عمّا يتسبّب عنها،و قيل:على أنّها كناية عمّا ذكر؛لأنّه لا ينفكّ عن الحاجة فأطلق اسم اللاّزم على الملزوم،و ما تقدّم أولى.و قول بعضهم:أي أثر حاجة تقدير معنى لا إعراب،و(من)في قوله تعالى:(ممّا اوتوا)تعليليّة.
(28:52)
ابن عاشور :و الحاجة في الأصل:اسم مصدر الحوج و هو الاحتياج،أي الافتقار إلى شيء،و تطلق على الأمر المحتاج إليه من إطلاق المصدر على اسم المفعول،و هي هنا مجاز في المأرب و المراد،و إطلاق الحاجة إلى المأرب مجاز مشهور ساوى الحقيقة،كقوله تعالى: وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ المؤمن:
80،أي لتبلغوا في السّفر عليها المأرب الّذي تسافرون لأجله،و كقوله تعالى: إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها يوسف:68،أي مأربا مهمّا.[ثمّ استشهد بشعر]
ص: 193
و عليه فتكون(من)في قوله: مِمّا أُوتُوا ابتدائيّة،أي مأربا أو رغبة ناشئة من فيء أعطيه المهاجرون.[إلى أن قال:]
و المعنى:أنّهم لا يخامر نفوسهم تشوّف إلى أخذ شيء ممّا أوتيه المهاجرون من فيء بني النّضير.
و يجوز وجه آخر بأن يحمل لفظ حاجة على استعماله الحقيقيّ اسم مصدر الاحتياج،فإنّ الحاجة بهذا المعنى يصحّ وقوعها في الصّدور،لأنّها من الوجدانيّات و الانفعالات.و معنى نفي وجدان الاحتياج في صدورهم أنّهم لفرط حبّهم للمهاجرين،صاروا لا يخامر نفوسهم أنّهم مفتقرون إلى شيء ممّا يؤتاه المهاجرون،أي فهم أغنياء عمّا يؤتاه المهاجرون،فلا تستشرف نفوسهم إلى شيء ممّا يؤتاه المهاجرون بله أن يتطلّبوه،و تكون(من) في قوله تعالى: مِمّا أُوتُوا للتّعليل،أي حاجة لأجل ما أوتيه المهاجرون،أو ابتدائيّة،أي حاجة ناشئة عمّا أوتيه المهاجرون،فيفيد انتفاء وجدان الحاجة في نفوسهم،و انتفاء أسباب ذلك الوجدان و مناشئه المعتادة في النّاس تبعا للمنافسة و الغبطة،و قد دلّ انتفاء أسباب الحاجة على متعلّق حاجة المحذوف؛إذ التّقدير:و لا يجدون في نفوسهم حاجة لشيء أوتيه المهاجرون.(28:
82)
الطّباطبائيّ: و المراد بالحاجة:ما يحتاج إليه، و(من)تبعيضيّة و قيل:بيانيّة.و المعنى:لا يخطر ببالهم شيء ممّا أعطيه المهاجرون.فلا يضيق نفوسهم من تقسيم الفيء بين المهاجرين دونهم و لا يحسدون.
و قيل:المراد بالحاجة:ما يؤدّي إليه الحاجة و هو الغيظ.(19:206)
عبد الكريم الخطيب :أي و لا يجد الأنصار في صدورهم شيئا من الضّيق،أو الألم أو الغيرة،لما أخذ المهاجرون من غنائم بني النّضير،فقد جعل الرّسول صلوات اللّه و سلامه عليه ما أفاءه اللّه عليه من تلك الغنائم جعلها في فقراء الهاجرين،و لم يعط الأنصار منها شيئا إلاّ ثلاثة نفر منهم كانوا على حال ظاهرة من الفقر...
و بهذا العطاء الّذي ناله المهاجرون خفّ العبء:عن الأنصار،الّذين كانوا يقاسمون إخوانهم المهاجرين ديارهم و أموالهم.(14:861)
مكارم الشّيرازيّ: فهم لا يطمعون بالغنائم الّتي أعطيت لهم،و لا يحسدون الآخرين عليها،و لا حتّى يحسّون بحاجة إلى ما أعطي لهم منها،و في الأساس فإنّ هذه الأمور لا تخطر على بالهم.و هذه الصّورة تعكس لنا منتهى السّموّ الرّوحيّ للأنصار.(18:182)
فضل اللّه :في ما قد يجده الإنسان من الضّيق النّفسيّ عند ما يأتي إليه شخص يشاركه مسكنه،أو ماله،أو يضيق عليه بعض مواقعه،حتّى قيل:إنّه لم ينزل مهاجر في دار أنصاريّ إلاّ بالقرعة،لأنّ عدد الرّاغبين في الإيواء المتزاحمين عليه كان أكثر من عدد المهاجرين.
و هكذا كانت هذه المحبّة تمثّل العمق الإيمانيّ الّذي يتحوّل إلى عمق في الإحساس و الشّعور،بحيث إنّ الحبّ يمثّل الصّورة الحقيقيّة للإيمان.(22:114)
1-الأصل في هذه المادّة الحاجة:المأربة،و الجمع:
ص: 194
حاج و حوائج و حاجات،و هي الحائجة؛يقال على المبالغة:حاجة حائجة،و حاجة حوجاء،و تحوّج:طلب الحاجة.
و الحوج:الافتقار،و كذلك الحوج؛يقال:حاج الرّجل يحوج،و حاج إليه حوجا،أي افتقر،و احتاج و أحوج أيضا؛يقال:أحوجه اللّه،أي أفقره،و المحوج:
المعدم،من قوم محاويج،و تحوّج إلى الشّيء:افتقر إليه و أراده.
و الحوجاء:الحاجة،و هي الرّيبة الّتي يحتاج إلى إزالتها؛يقال:ما في صدري حوجاء و لا لوجاء،و لا حويجاء و لا لويجاء،أي شكّ و مرية،و ما في الأمر حوجاء و لا لوجاء:شكّ،و كلّمه فما ردّ عليه حوجاء و لا لوجاء:ما ردّ عليه كلمة قبيحة و لا حسنة.
2-و الحاجة:قيل:هي الخرزة الّتي لا ثمن لها و لا قيمة،و أصلها الجاجة،و جمعها جاج،من(ج و ج)، و الأظهر أنّه تصحيف،و ليس بلغة فيه.
3-و تستعمل جميع أفعال هذه المادّة لازمة،إلاّ «أفعل»فإنّه متعدّ؛يقال منه:أحوجه إلى غيره،أي أفقره و جعله محتاجا إليه.و لكنّ الزّبيديّ عدّى الفعل «احتاج»بنفسه،فقال:«خرج يتحوّج:يتطلّب ما يحتاجه من معيشته»،و الصّواب ما يحتاج إليه من معيشته.
جاء منها«حاجة»3 مرّات،في 3 آيات:
1- ...إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها...
يوسف:68
2- وَ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ... المؤمن:80
3- وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمّا أُوتُوا...
الحشر:9
يلاحظ أوّلا:أنّ الحاجة في(1)مقرّها النّفس: إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها، و فيها بحوث:
1-فسّرت الحاجة هنا بالحزازة و الهمّة و الوطر و المراد،و ذكر الفخر الرّازيّ لها وجوها:«أحدها:خوفه عليهم من إصابة العين.و ثانيها:خوفه عليهم من حسد أهل مصر.و ثالثها:خوفه عليهم من أن يقصدهم ملك مصر بشرّ.و رابعها:خوفه عليهم من أن لا يرجعوا إليه.
و كلّ هذه الوجوه متقاربة».
2-قوله: إِلاّ حاجَةً استثناء منقطع،و المعنى على قول الزّجّاج:«لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها».
و قال الطّباطبائيّ: «لا يبعد أن يكون«الاّ»استثنائيّة، فإنّ قوله: ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ في معنى قولنا:لم ينفع هذا السّبب يعقوب شيئا،أو لم ينفعهم جميعا شيئا،و لم يقض اللّه لهم جميعا به حاجة إلاّ حاجة في نفس يعقوب.و قوله:(قضاها)استئناف و جواب سؤال،كأنّ سائلا يسأل فيقول:ما ذا فعل بها؟فأجيب بقوله:(قضاها).
3-إن قيل:لما ذا أصرّ يعقوب على أولاده بدخول مصر من أبواب متفرّقة،و هو يعلم أنّ ذلك لا يحول دون قضاء اللّه عند حلوله؟
يقال:قال لهم ذلك لإزالة اضطراب قلبه،كما ذهب إليه الطّبرسيّ،أو لتطييب نفسه،فقد روي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله سدّ كوّة في قبر بحجر،و قال:«إنّ هذا لا يغني شيئا،و لكنّه
ص: 195
تطييب لنفس الحيّ».
و قال آدم الرّمتيّ: «أن لا تبقى في نفسه حسرة،إذا حدث لولده بنيامين ممّا يخشاه،كما بقيت في نفسه حسرة في حادثة يوسف،حينما و حيثما استرسل مع أولاده استرسالا،و سلّمه دون قيد و لا شرط،دون عهد و ميثاق،دون وصيّة و إرشاد (1)».
ثانيا:أنّ الحاجة في(2): وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ و(3): وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مقرّها الصّدور،و المراد بها النّفوس و القلوب،فهما مثل (1)مع تفاوت يأتي،و فيهما بحوث:
1-يراد بالحاجة في(2)الوطر و المراد،أي منافع غير ما ذكر في هذه الآية و الآية السّابقة-عليها من أكل لحومها و الانتفاع بها و الحمل عليها-و منها:
التّذليل: وَ ذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَ مِنْها يَأْكُلُونَ يس:72
المشارب: وَ لَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَ مَشارِبُ أَ فَلا يَشْكُرُونَ يس:73
إسقاء اللّبن: وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشّارِبِينَ النّحل:66
الفرش: وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً
الأنعام:142
الدّفء: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ النّحل:5
الجمال: وَ لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ النّحل:6
البيوت: وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَ يَوْمَ إِقامَتِكُمْ النّحل:80
الأثاث و المتاع: وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ النّحل:80
2-يراد بالحاجة في(3)ملزومها على الكناية، كالحسد و الغيظ و الحزازة،قال الزّمخشريّ:«أي طلب محتاج إليه ممّا أوتي المهاجرون من الفيء و غيره.و المحتاج إليه يسمّى حاجة،يقال:خذ منه حاجتك،و أعطاه من ماله حاجته.يعني أنّ نفوسهم لم تتبع ما أعطوا،و لم تطمح إلى شيء منه يحتاج إليه».
3-جعلت الحاجة في(1)في النّفس،و في(2)و(3) في الصّدور،و هما بمعنى فإنّ الصّدر كناية عن النّفس، و فيه نوع مبالغة،كأنّ الحاجة تجاوزت النّفس إلى الصّدر كلّه،و مثلهما القلب و الرّوح.
و ممّا جاء في الصّدر و النّفس:الحرج،و الرّهبة و الخوف،و الكبر و الاستكبار،و الآيات.و جاء في الصّدر و القلب:الغلّ.و لم تجعل الرّوح مقرّا لشيء أبدا.لاحظ ص د ر،ن ف س،ق ل ب.
4-و اختلفوا في مِمّا أُوتُوا هل(من)فيه تعليليّة؛أي حاجة لأجل ما أوتيه المهاجرون،أو ابتدائيّة:أي حاجة ناشئة عمّا أوتيه المهاجرون،أو بيانيّة:
أي حاجة هي عبارة عمّا أتوا،أو تبعيضيّة-و اختاره الطّباطبائيّ-أي شيء ممّا أوتوا.لاحظ نصّ(ابن عاشور) ففيه تفصيل ليس في غيره من النّصوص.).
ص: 196
لفظان،مرّتان،في سورتين مدنيّتين
استحوذ 1:-1 نستحوذ 1:-1
الخليل :حاذ يحوذ حوذا،أي حاط يحوط حوطا.
و الحاذ:شجر عظام،الواحدة:حاذة.
و استحوذ عليه الشّيطان،و استحاذ-لغة-أي غلب عليه.
و رجل أحوذيّ،و أحوزيّ،أي نسيج وحده.
و أحوذ ثوبه إليه،أي ضمّه.[ثمّ استشهد بشعر]
(3:284)
ابن المبارك:الأحوذيّ: الّذي يغلب،و استحوذ:
غلب.(الأزهريّ 5:206)
أبو عمرو الشّيبانيّ: الحاذ:من الحمض.
(1:158)
و الحاذ:نبت.(1:199)
الأحوذيّ: الخفيف،و الأحوزيّ مثله.
(أبو عبيد 2:12)
الأحوذيّ: الخفيف في الشّيء لحذقه.[و استشهد بالشّعر في كلّ نصّ مرّة](الجوهريّ 2:563)
أبو زيد :و يقال:أحوذ القوم السّير إحواذا،إذا أسرعوا السّير و أرادوا خروجا أو أمرا،ثمّ أخبطوا عنه إخباطا،إذا تركوه.و لم يعرف المازنيّ أخبطوا عنه إخباطا.
و يقال:جاد،ما أحوذ قصيدته!أي جاد،ما أحكمها!
(191)
الحوذ و الإحواذ:السّير الشّديد،يقال:حذت الإبل أحوذها.و رجل أحوذيّ:مشمّر في الأمور.
(الأزهريّ 5:206)
العرب تقول:أنفع اللّبن ما ولي حاذي النّاقة،أي ساعة يحلب،من غير أن يكون رضعها حوار قبل ذلك.
و الحاذ:ما وقع عليه الذّنب من أدبار الفخذين.
و جمع الحاذ:أحواذ.و فلان خفيف الحاذ،أي خفيف الحال من المال.
ص: 197
و أصل الحاذ:طريقة المتن.(الأزهريّ 5:208)
هذا الباب كلّه يجوز أن يتكلّم به على الأصل.تقول العرب:استصاب و استصوب،و استجاب و استجوب؛ و هو قياس مطّرد عندهم.(الجوهريّ 2:563)
نحوه الطّريحيّ.(3:180)
الأصمعيّ: الأحوذيّ:المشمّر في الأمور،القاهر لها، الّذي لا يشذّ عليه منها شيء.
أحوذ جانبيها،أي ضمّها فلم يفته منها شيء.
و أمّا الأحوزيّ،فإنّه السّائق الحسن السّياق،و فيه مع سياقه بعض النّفار.(أبو عبيد 2:12)
[في حديث]«يأتي على النّاس زمان يغبط الرّجل بخفّة حاذه».
الحاذان:ما يقع الذّنب عليه من دبر الفخذين،و«إنّه لخفيف الحاذ»يريد المال.و الحاذان:ما بطن من دبر الفخذين.(الحربيّ 3:1186،1189)
الحاذ:شجر،و الواحدة:حاذة من شجر الجنبة.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 5:207)
أبو عبيد: الحاذ:نبت،واحدته:حاذة.
(الجوهريّ 2:563)
ابن الأعرابيّ: حوذيّ،و حوزيّ:شديد الخلق، حاذ يحوذ حوذا.(الحربيّ 3:1192)
أبو نصر الباهليّ: و أحوذ ثوبه،إذا ضمّه إليه.[ثمّ استشهد بشعر](الحربيّ 3:1192)
ابن السّكّيت: الأحوذيّ:هو السّريع في جميع ما أخذ فيه المجزئ له،و أصله في السّفر.(166)
و مرّوا يخوتونهم،أي يطردونهم.و يقال للعقاب إذا انقضّت:قد انخاتت،و ذاح يذوح،و ذحى يذحى،و حاذ يحوذ،كلّه في معنى طرد و ساق.(288)
و الأحوذيّ،و الأحوزيّ:الخفيف[في المشي](299)
شمر:الحويذ من الرّجال:المشمّر.
(الأزهريّ 5:206)
في الحديث:«ليأتينّ على النّاس زمان يغبط الرّجل فيه بخفّة الحاذ،كما يغبط اليوم أبو العشرة».
يقال:كيف حالك و حاذك؟
و في حديث آخر:«المؤمن خفيف الحاذ».
الحال و الحاذ:ما وقع عليه اللّبد من ظهر الفرس.
و ضرب النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:«المؤمن خفيف الحاذ»:قلّة اللّحم،مثلا لقلّة ماله و قلّة عياله،كما يقال:هو خفيف الظّهر و رجل خفيف الحاذ،أي قليل المال.
(الأزهريّ 5:208)
الرّياشيّ: الحاذ:الّذي يقع عليه الذّنب من الفخذين،من ذا الجانب و ذا الجانب.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 5:208)
الدّينوريّ: الحاذ:من شجر الحمض،يعظم، و منابته السّهل و الرّمل،و هو ناجع في الإبل تخصب عليه رطبا و يابسا.[ثمّ استشهد بشعر](ابن سيده 3:498)
ابن أبي اليمان :و الحوذ:مصدر حاذ،أي استولى عليه.(338)
و الاستحواذ:الاستيلاء.(339)
و المستحوذ:المستولي.(343)
الحربيّ: [في حديث:]«يأتي على النّاس زمان
ص: 198
يغبط الرّجل بخفّة حاذه».
أخبرني أبو عدنان:الحاذان من النّاقة:مواخر فخذيها،و كذلك من الإنسان.فإذا كان الإنسان خفيف لحم ذلك الموضع كان أخفّ له في القيام،و إذا كان الرّجل ليس له عيال قيل له:خفيف الحاذين:ليس له عيال يقعدونه عن المسير و الرّحلة.[ثمّ استشهد بشعر]
(3:1186،1189)
المبرّد: استحوذ على الشّيء:حواه و أحاط به.(الواحديّ 4:267)
ابن دريد :الحاذ:حاذ الإنسان و الفرس؛و هو ما حاذاك من لحم فخذيه إذا استدبرته.و الحاذ:الحال.
و الحاذ:ضرب من الشّجر.و حذت الدّابّة أحوذها حوذا،إذا سقتها سوقا شديدا.[و استشهد بالشّعر مرّتين](3:231)
الأزهريّ: [قيل:]الأحوذيّ الّذي يسير مسيرة عشر في ثلاث ليال.(5:206)
و قال أبو طالب:يقال:أحوذ الشّيء،أي جمعه و ضمّه،و منه يقال:استحوذ على كذا،إذا حواه.
و يقال:أحوذ الصّانع القدح،إذا أخفّه.و من هذا أخذ الأحوذيّ المنكمش:الحادّ،الخفيف في أموره.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](5:207)
و قيل:الحاذة:شجرة يألفها بقر الوحش.(5:208)
الصّاحب: الحاذ:شجر عظام،الواحدة:حاذة.
و الحاذان:أدبار الفخذين؛و الجميع:الأحواذ.و قيل:
هو الظّهر.
و فلان خفيف الحاذ،أي الحال و المئونة.
و هما بحاذة واحدة،أي بحالة واحدة.
و حاذ يحوذ حوذا:في معنى حاط يحوط.
و استحوذ عليه الشّيطان:غلب عليه،و استحاذ مثله.
و هو يستحوذ في الشّيء:يعمله بعجلة.
و رجل أحوذيّ: نسيج وحده.
و الأحوذ:الخفيف الماضي.
و أحوذ الرّجل ثوبه،إذا ضمّه إليه.
و الحوذ و الإحواذ:السّير الشّديد.(3:189)
الخطّابيّ: [في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:]«علم الإيمان الصّلاة،فمن فرّغ لها قلبه،و حاذ عليها بحدودها فهو مؤمن».
المشهور من هذا«حافظ عليها».فإن صحّ قوله:
حاذ،فمعناه و معنى الأوّل سواء.يقال:حاذ على الشّيء، إذا حافظ عليه،و منه قوله تعالى: اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ المجادلة:19،أي غلب عليهم،و من هذا قيل:
رجل أحوذيّ؛و هو النّافذ في الأمور.[ثمّ استشهد بشعر]
و قد وصفت عائشة عمر بذلك فقالت:«كان أحوذيّا نسيج وحده»و يروى:أحوزيّا.قال بعض أهل اللّغة:الأحوذيّ:القطّاع للأمور.و الأحوزيّ:الجامع لما شذّ.(1:269)
ابن جنّيّ: امتنعوا من استعمال«استحوذ»معتلاّ، و إن كان القياس داعيا إلى ذلك مؤذنا به،لكن عارض فيه إجماعهم على إخراجه مصحّحا،ليكون دليلا على أصول ما غيّر من نحوه،كاستقام و استعان.
(ابن سيده 3:497)
ص: 199
الجوهريّ: الحوذ:السّوق السّريع.تقول:حذت الإبل أحوذها حوذا،و أحوذتها مثله.
و حاذ متنه،و حال متنه واحد؛و هو موضع اللّبد من ظهر الفرس.
و الحاذان:ما وقع عليه الذّنب من أدبار الفخذين.
و الحوذان:نبت نوره أصفر.
و استحوذ عليه الشّيطان،أي غلب.و هذا جاء بالواو على أصله،كما جاء استروح و استصوب.
(2:563)
ابن فارس: الحاء و الواو و الذّال أصل واحد،و هو من الخفّة و السّرعة و انكماش في الأمر.فالإحواذ:السّير السّريع.و يقال:حاذ الحمار أتنه يحوذها،إذا ساقها بعنف.
و الأحوذيّ: الخفيف في الأمور،الّذي حذق الأشياء و أتقنها...و الأحوذيّان:جناحا القطاة.
و من الباب:استحوذ عليه الشّيطان.و ذلك إذا غلبه، و ساقه إلى ما يريد من غيّه.
و من الشّاذّ عن الباب أيضا:أنّهم يقولون:هو خفيف الحاذ.
و من الشّاذّ عن الباب:الحاذ،و هو شجر.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](2:115)
الثّعالبيّ: الكاذ:لحم ظاهر الفخذ.الحاذ:لحم باطنها.(135)
ابن سيده: حاذ حوذا،كحاط حوطا.و الحوذ:
الطّلق.و حاذ إبله يحوذها حوذا:ساقها سوقا شديدا، كحازها حوزا.
و طرد أحوذ:سريع.
و أحوذ السّير:سار سيرا شديدا.
و الأحوذيّ: السّريع في كلّ ما أخذ فيه،و أصله في السّفر.
و أحوذ ثوبه:ضمّه إليه.
و أمر محوذ:مضموم محكم،كمحوز.
و جاد،ما أحوذ قصيدته!أي أحكمها.
و حاذه يحوذه حوذا:غلبه.
و استحوذ عليه الشّيطان و استحاذ:غلب.
و الحاذ:الحال،و منه قوله:«المؤمن خفيف الحاذ».
و الحاذ:طريقة المتن،و اللاّم أعلى من الذّال.
و الحاذان:ما استقبلك من فخذي الدّابّة إذا استدبرتها.
و الحاذان:لحمتان في ظاهر الفخذين،يكون في الإنسان و غيره.
و الحاذ:نبت،و قيل:شجر عظام ينبت نبتة الرّمث، لها غصنة كثيرة الشّوك.
و إنّما قضينا على أنّ ألف الحاذ واو،لما قدّمنا:من أنّ العين واو أكثر منها ياء.
و الحوذان:نبت يرتفع قدر الذّراع،له زهرة حمراء في أصلها صفرة،و ورقته مدوّرة،و الحافر يسمن عليه،و هو من نبات السّهل،حلو طيّب الطّعم.
و الحوذان:نبات مثل الهندباء،ينبت متسطّحا في جلد الأرض و ليانها لازقا بها،و قلّما ينبت في السّهل، و له زهرة صفراء،واحدتها:حوذانة.
و حوذانة و حوذان و أبو حوذان:أسماء رجال.
[و استشهد بالشّعر 7 مرّات](3:496)
ص: 200
الطّوسيّ: الاستحواذ:الاستيلاء على الشّيء بالاقتطاع،و أصله من حاذه حوذا،مثل جازه يجوزه جوزا.(9:555)
مثله الطّبرسيّ.(5:254)
الرّاغب: الحوذ:أن يتبع السّائق حاذي البعير،أي أدبار فخذيه،فيعنّف في سوقه.يقال:حاذ الإبل يحوذها، أي ساقها سوقا عنيفا،و قوله: اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ المجادلة:19،استاقهم مستوليا عليهم،أو من قولهم:استحوذ العير على الأتان،أي استولى على حاذيها،أي جانبي ظهرها.و يقال:استحاذ؛و هو القياس،و استعارة ذلك كقولهم:اقتعده الشّيطان و ارتكبه.
و الأحوذيّ: الخفيف الحاذق بالشّيء،من الحوذ،أي السّوق.(134)
الزّمخشريّ: حاذ الإبل إلى الماء يحوذها:ساقها، و حاد أحوذيّ.
و بعير ضخم الحاذين؛و هما موقعا الذّنب من الفخذين.
و زلّ عن حال الفرس و حاذه،و هو موضع اللّبد.
و استحوذ عليه:غلبه.
و من المجاز:رجل خفيف الحاذ،كما يقال:خفيف الظّهر،استعير من حاذ الفرس.و كذلك:خفيف الحال، مستعار من حاله.[ثمّ استشهد بشعر]
و رجل أحوذيّ: يسوق الأمور أحسن مساق،لعلمه بها.(أساس البلاغة:98)
[في حديث]«علم الإيمان الصّلاة،فمن فرّغ لها قلبه و حاذ عليها بحدودها فهو مؤمن»
أي حافظ عليها بجدّ و انكماش،من الأحوذيّ؛و هو الجادّ الحسن،السّبّاق للأمور.(الفائق 1:333)
ابن الأثير: و فيه«ما من ثلاثة في قرية و لا بدو لا تقام فيهم الصّلاة إلاّ قد استحوذ عليهم الشّيطان»،أي استولى عليهم و حواهم إليه.و هذه اللّفظة أحد ما جاء على الأصل من غير إعلال،خارجة عن أخواتها،نحو استقال و استقام.
و في حديث قسّ:«غمير ذات حوذان».
الحوذان:بقلة لها قضب و ورق و نور أصفر.
(1:457)
الفخر الرّازيّ: [في حديث عائشة:«...كان أحوذيّا»]أي سائسا،ضابطا للأمور.(29:275)
الصّغانيّ: الحوذيّ:الطّارد المستحثّ على السّير.
و الحواذ:البعد.
و الحويذ،من الرّجال-على«فعيل»-:المشمّر.
[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](2:375)
الفيّوميّ: الحاذ،و زان الباب:موضع اللّبد من ظهر الفرس؛و هو وسطه،و منه قيل:رجل خفيف الحاذ،كما يقال:خفيف الظّهر على الاستعارة.و استحوذ عليه الشّيطان:غلبه و استماله إلى ما يريده منه.و الأحوذيّ:
الّذي حذق الأشياء و أتقنها.(1:155)
الفيروزآباديّ: الحوذ:الحوط،و السّوق السّريع كالإحواذ،و المحافظة على الشّيء.و حاذ المتن:موضع اللّبد منه.و الحاذان:ما وقع عليه الذّنب من أدبار الفخذين.و الحاذ:الظّهر،و شجر.و خفيف الحاذ:قليل
ص: 201
المال و العيال.و الأحوذيّ:الخفيف الحاذق،و المشمّر للأمور القاهر لها،لا يشذّ عليه شيء كالحويذ.
و الحوذان:نبت.و الحوذيّ بالضّمّ:الطّارد المستحثّ على السّير.و أحوذ ثوبه:جمعه،و الصّانع القدح (1):أخفّه.
و الحواذ بالكسر:البعد.و استحوذ:غلب و استولى.
و هما بحاذة واحدة:بحالة.الحيذوان:الورشان.
(1:366)
ابن عاشور :و الاستحواذ:الاستيلاء و الغلب،و هو «استفعال»من حاذ حوذا،إذا حاط شيئا و صرّفه كيف يريد.يقال:حاذ العير،إذا جمعها و ساقها غالبا لها.
فاشتقّوا منه«استفعل»للّذي يستولي بتدبير و معالجة، و لذلك لا يقال:«استحوذ»إلاّ في استيلاء العاقل،لأنّه يتطلّب وسائل استيلاء.و مثله استولى.و«السّين و التّاء» للمبالغة في الغلب،مثلها في:استجاب.
و الأحوذيّ: القاهر للأمور الصّعبة.و قالت عائشة:
«كان عمر أحوذيّا نسيج وحده».
و كان حقّ(استحوذ)أن يقلب عينه ألفا،لأنّ أصلها واو متحرّكة إثر ساكن صحيح،و هو غير اسم تعجّب، و لا مضاعف اللاّم،و لا معتلّ اللاّم،فحقّها أن تنقل حركتها إلى السّاكن الصّحيح قبلها،فرارا من ثقل الحركة على حرف العلّة،مع إمكان الاحتفاظ بتلك الحركة بنقلها إلى الحرف قبلها الخالي من الحركة،فيبقى حرف العلّة ساكنا سكونا ميّتا إثر حركة.فيقلب مدّة مجانسة للحركة الّتي قبلها،مثل:يقوم و يبين و أقام.فحقّ (استحوذ)أن يقال فيه:«استحاذ»،و لكن الفصيح فيه تصحيحه على خلاف غالب بابه،و هو تصحيح سماعيّ.
و له نظائر قليلة منها:استنوق الجمل،و أعول،إذ رفع صوته.و أغيمت السّماء،و استغيل الصّبيّ،إذا شرب الغيل؛و هو لبن الحامل.
و قال أبو زيد:التّصحيح هو لغة لبعض العرب مطّردة في هذا الباب كلّه.
و حكى المفسّرون أنّ عمر بن الخطّاب قرأ (استحاذ عليهم الشّيطان).
و قال الجوهريّ: تصحيح هذا الباب كلّه مطّرد.
و قال في«التّسهيل»:يطّرد تصحيح هذا الباب في كلّ فعل أهمل ثلاثيه،مثل:استنوق الجمل و استتيست الشّاة، إذا صارت كالتّيس.(28:48)
مجمع اللّغة :حاذه يحوذه حوذا:حاطه و استولى عليه.
و استحوذ عليه:استولى عليه.(1:306)
محمّد إسماعيل إبراهيم:استحوذ عليه:غلبه على أمره و استولى عليه.(1:150)
مكارم الشّيرازيّ: «استحوذ»من«حوذ»على وزن«كتب»،و هي في الأصل بمعنى القسم الخلفيّ لفخذ البعير،و لأنّ أصحاب الإبل عند ما يسوقون جمالهم يضربونها على أفخاذها،فقد جاء هذا المصطلح بمعنى التّسلّط أو السّوق بسرعة.(18:137)
اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ...
المجادلة:19
ص: 202
النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:[في حديث تكلّم موسى مع إبليس]
«...فقال له موسى:فأخبرني بالذّنب الّذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟قال:إذا أعجبته نفسه، و استكثر عمله و صغر في عينه ذنبه...».
(الكلينيّ 2:314)
الإمام عليّ عليه السّلام: أيّها النّاس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع،و أحكام تبتدع،يخالف فيها كتاب اللّه،يتولّى فيها رجال رجالا،فلو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى؛و لو أنّ الحقّ خلص لم يكن اختلاف،و لكن يؤخذ من هذا ضغث،و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا،فهنالك استحوذ الشّيطان على أوليائه، و نجّي الّذين سبقت لهم من اللّه الحسنى.
(الكلينيّ 1:54)
الإمام الحسين عليه السّلام: [عند ما شاهد صفوف أهل الكوفة بكربلاء كاللّيل المظلم و السّيل العارم أمامه:]
فنعم الرّبّ ربّنا،و بئس العباد أنتم،أقررتم بالطّاعة، و آمنتم بالرّسول محمّد صلّى اللّه عليه و آله،ثمّ إنّكم رجعتم إلى ذرّيّته و عترته تريدون قتلهم،لقد استحوذ عليكم الشّيطان، فأنساكم ذكر اللّه العظيم...(العروسيّ 5:266)
ابن عبّاس: غلب عليهم الشّيطان،فأمرهم بطاعته فأطاعوه.(462)
زيد بن عليّ: غلب عليهم و حاد بهم.(411)
المفضّل الضّبّيّ: أحاط بهم.(الماورديّ 5:494)
أبو عبيدة :غلب عليهم و حازهم.(2:255)
مثله اليزيديّ.(372)
ابن قتيبة :أي غلب عليهم و استولى.(458)
مثله الثّعلبيّ(9:263)،و نحوه الطّوسيّ(9:555)، و الطّبرسيّ(5:254)،و النّسفيّ(4:236)،و الطّباطبائيّ (19:195).
الزّجّاج: معنى(استحوذ)في اللّغة:استولى،يقال:
حذت الإبل و حزتها،إذا استوليت عليها و جمعتها،و هذا ممّا خرج على أصله.و مثله في الكلام«أجودت و أطيبت»،و الأكثر«أجدت و أطبت»إلاّ أنّ(استحوذ) جاء على الأصل،لأنّه لم يقل على(حاذ)،لأنّه إنّما بني على«استفعل»في أوّل وهلة،كما بني«افتقر»على «افتعل»،و هو من الفقر.و لم يقل منه:فقر،و لا استعمل بغير زيادة،و لم يقل:(حاذ عليهم الشّيطان).و لو جاء «استحاذ»كان صوابا،لكن(استحوذ)هاهنا أجود،لأنّ الفعل في ذا المعنى لم يستعمل إلاّ بزيادة.(5:140)
القيسيّ: هذا ممّا جاء على أصله،و شذّ عن القياس،و كان قياسه:استحاذ عليهم،كما يقال:استقام الأمر،و استجاب الدّاعي.(2:365)
نحوه العكبريّ.(2:1214)
الماورديّ: فيه قولان:أحدهما:قويّ عليهم.
الثّاني:أحاط بهم،قاله المفضّل.
و فيه ثالث:أنّه غلب و استولى عليهم في الدّنيا.
(5:494)
الواحديّ: غلب و استولى.[إلى أن قال:]و معناه:
استدار عليهم الشّيطان و أحاط بهم.(4:267)
الزّمخشريّ: استولى عليهم،من حاز الحمار العانة، إذا جمعها و ساقها غالبا لها،و منه«كان أحوذيّا نسيج وحده»،و هو أحد ما جاء على الأصل،نحو:استصوب
ص: 203
و استنوق،أي ملكهم(الشّيطان)لطاعتهم له في كلّ ما يريده منهم،حتّى جعلهم رعيّته و حزبه.(4:78)
نحوه ملخّصا الفخر الرّازيّ(29:275)،و البيضاويّ (2:462)،و النّيسابوريّ(28:20)،و أبو السّعود(6:220).
ابن عطيّة: معناه:تملّكهم من كلّ جهة،و غلب على نفوسهم،و هذا الفعل ممّا استعمل على الأصل،فإنّ قياس التّعليل يقتضي أن يقال:استحاذ.و حكى الفرّاء في كتاب«اللّغات»أنّ عمر رضى اللّه عنه قرأ: (استحاذ). (5:281)
القرطبيّ: [نحو الماورديّ و أضاف:]
و يحتمل رابعا،أي جمعهم و ضمّهم،يقال:أحوذ الشّيء،أي جمعه و ضمّ بعضه إلى بعض.و إذا جمعهم فقد غلبهم و قوي عليهم و أحاط بهم.(17:305)
الخازن :أي غلب و استولى عليهم و ملكهم.
(7:45)
نحوه ابن جزيّ.(4:105)
أبو حيّان :أي أحاط بهم من كلّ جهة،و غلب على نفوسهم و استولى عليها.[إلى أن قال:]
و قرأ عمر (استحاذ) ،أخرجه على الأصل و القياس.
و (استحوذ) شاذّ في القياس،فصيح في الاستعمال.
(8:238)
نحوه السّمين(6:290)،و البروسويّ(9:409).
ابن كثير :أي استحوذ على قلوبهم.(6:590)
نحوه حجازي.(28:12)
الشّربينيّ: أي استولى عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ مع أنّه طريد و محترق.و وصل منهم إلى ما يريده و ملكهم ملكا لم يبق لهم معه اختيار،فصاروا رعيّته،و صار هو محيطا بهم من كلّ جهة،غالبا عليهم ظاهرا و باطنا،من قولهم:
حذت الإبل و حذذتها،إذا استوليت عليها...(4:234)
الآلوسيّ: أي غلب على عقولهم بوسوسته و تزيينه حتّى اتّبعوه،فكان مستوليا عليهم.[إلى أن قال:]
و في«استفعل»هنا من المبالغة ما ليس في«فعل».
(28:33)
ابن عاشور :استئناف بيانيّ،لأنّ ما سبق من وصفهم بانحصار صفة الكذب فيهم،يثير سؤال السّامع أن يطلب السّبب الّذي بلغ بهم إلى هذا الحال الفظيع، فيجاب:بأنّه استحواذ الشّيطان عليهم و امتلاكه زمام أنفسهم،يصرّفها كيف يريد،و هل يرضى الشّيطان إلاّ بأشدّ الفساد و الغواية.(28:48)
عبد الكريم الخطيب :الاستحواذ على الشّيء:
الغلبة عليه،و التّملّك له،و الاستبداد به.[أي]ملك أمرهم،و ضمّهم إلى حوزته.(14:843)
مكارم الشّيرازيّ: إنّ المنافقين المغرورين بأموالهم و مقامهم،ليس لهم مصير سوى أن يكونوا تحت سيطرة الشّيطان و اختياره و وساوسه بصورة تامّة، و ينسون اللّه بصورة كلّيّة،إنّهم ليسوا منحرفين فحسب، بل إنّهم في زمرة الشّيطان،و هم أنصاره و حزبه،و جيشه في إضلال الآخرين.[ثمّ استشهد بكلام الإمام عليّ و الإمام الحسين عليهما السّلام](18:138)
فضل اللّه :فأحاط بكلّ أفكارهم،فلم ينفتحوا على فكر الحقّ،و نفذ إلى قلوبهم،و تمكّن منها،و تحرّك في كلّ نبضاتها و خفقاتها،و امتدّ إلى كلّ آفاقها،فلم يطّلعوا على آفاق اللّه،و رحاب الخير و مواقع الإيمان،و انطلق إلى
ص: 204
مواقع خطواتهم فبعثرها،و انحرف بها عن الصّراط المستقيم،و أثار فيها الكثير من أجواء الشّرّ و الفساد، فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ في الكلمة،فلا تنطلق به ألسنتهم، و في الموقف فلا تعي حضوره ذهنيّاتهم،فاستغرقوا في الباطل كلّه،يقدّسون رموزه،و يتحرّكون في مخطّطاته.(22:83)
...قالُوا أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَ نَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ... النّساء:141
ابن عبّاس: أ لم نفش سرّ محمّد إليكم و نخبركم به؟
(83)
أ لم نحط من ورائكم؟(أبو حيّان 3:375)
مجاهد :أ لم نبيّن لكم أنّا على ما أنتم عليه قد كنّا نثبّطهم عنكم.(1:178)
نحوه ابن جريج.(الطّبريّ 5:332)
السّدّيّ: نغلب عليكم.(الطّبريّ 5:332)
نحوه أبو عبيدة(1:141)،و ابن قتيبة(136)، و الواحديّ(2:130).
المبرّد: أ لم نغلبكم على رأيكم،و نصرفكم عن الدّخول في جملة المؤمنين.(الواحديّ 2:130)
الطّبريّ: أ لم نغلب عليكم،حتّى قهرتم المؤمنين، (و نمنعكم)منهم،بتخذيلنا إيّاهم،حتّى امتنعوا منكم، فانصرفوا.[إلى أن قال:]
و اختلف أهل التّأويل...فقال بعضهم:معناه:أ لم نغلب عليكم.
و قال آخرون:معنى ذلك:أ لم نبيّن لكم أنّا معكم، على ما أنتم عليه؟
و هذان القولان متقاربا المعنى،و ذلك أنّ من تأوّله بمعنى:أ لم نبيّن لكم،إنّما أراد-إن شاء اللّه-أ لم نغلب عليكم بما كان منّا من البيان لكم أنّا معكم؟
و أصل الاستحواذ في كلام العرب-فيما بلغنا-الغلبة، و منه قول اللّه جلّ ثناؤه: اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ... المجادلة:
19،بمعنى غلب عليهم،يقال منه:حاذ عليه،و استحاذ، يحيذ،و يستحيذ،و أحاذ يحيذ.[ثمّ استشهد بشعر]
و كان القياس في قوله: اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ... أن يأتي«استحاذ»عليهم،لأنّ الواو إذا كانت عين الفعل، و كانت متحرّكة بالفتح،و ما قبلها ساكن،جعلت العرب حركتها في فاء الفعل قبلها،و حوّلوها ألفا متّبعة حركة ما قبلها،كقولهم:استحال هذا الشّيء عمّا كان عليه،من حال يحول،و استنار فلان بنور اللّه،من النّور،و استعاذ باللّه،من عاذ يعوذ.و ربّما تركوا ذلك على أصله،و بهذه اللّغة جاء القرآن في قوله: اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ.
(5:331)
نحوه الطّوسيّ(3:363)،و الطّبرسيّ(2:128)، و أبو الفتوح(6:157)،و ملخّصا السّمين(2:445).
الزّجّاج: هذا يقوله المنافقون إذا كان للكافرين نصيب،قالوا: أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ، أي أ لم نغلب عليكم بالموالات لكم،و نمنعكم من المؤمنين بما كنّا نعلمكم من أخبارهم.[ثمّ أدام نحو الطّبريّ ملخّصا]
(2:122)
نحوه النّحّاس(2:219)،و البغويّ(1:714).
ص: 205
الثّعلبيّ: أ لم نخبركم بعزيمة محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه، و نطّلعكم على سرّهم؟[ثمّ أدام نحو الطّبريّ ملخّصا]
(3:403)
الماورديّ: فيه ثلاثة تأويلات:أحدها:معناه أ لم نستول عليكم بالمعونة و النّصرة،و نمنعكم من المؤمنين بالتّخذيل عنكم.
و الثّاني:...[هو قول ابن جريج]
و الثّالث:[قول السّدّيّ](1:537)
الميبديّ: أي أ لم نغلب عليكم،أ لم نحط بكم من جوانبكم.(2:735)
الزّمخشريّ: أ لم نغلبكم و نتمكّن من قتلكم و أسركم،فأبقينا عليكم.(1:573)
نحوه البيضاويّ(1:251)،و النّسفيّ(1:258)، و الخازن(1:509)،و أبو حيّان(3:375)،و الشّربينيّ (1:339)،و أبو السّعود(2:210)،و الكاشانيّ(1:
474)،و البروسويّ(2:306)،و القاسميّ(5:1616)، و طنطاوي(3:101)،و فريد وجدي(127)،و حسنين مخلوف(1:175).
ابن عطيّة: معناه:نغلب على أمركم،و نحطكم و نحسم أمركم.[ثمّ استشهد بشعر،و قال نحو الطّبريّ ملخّصا](2:126)
الفخر الرّازيّ: في تفسير هذه الآية وجهان:
الأوّل:أن يكون بمعنى أ لم نغلبكم و نتمكّن من قتلكم و أسركم،ثمّ لم نفعل شيئا من ذلك،و نمنعكم من المسلمين بأن ثبّطناهم عنكم،و خيّلنا لهم ما ضعفت به قلوبهم، و توانينا في مظاهرتهم عليكم،فهاتوا لنا نصيبا ممّا أصبتم.
الثّاني:أن يكون المعنى أنّ أولئك الكفّار و اليهود كانوا قد همّوا بالدّخول في الإسلام،ثمّ إنّ المنافقين حذّروهم عن ذلك،و بالغوا في تنفيرهم عنه،و أطمعوهم أنّه سيضعف أمر محمّد،و سيقوى أمركم.فإذا اتّفقت لهم صولة على المسلمين قال المنافقون:ألسنا غلبناكم على رأيكم في الدّخول في الإسلام،و منعناكم منه،و قلنا لكم:
بأنّه سيضعف أمره و يقوى أمركم؟
فلمّا شاهدتم صدق قولنا،فادفعوا إلينا نصيبا ممّا وجدتم.
و الحاصل:أنّ المنافقين يمنّون على الكافرين بأنّا نحن الّذين أرشدناكم إلى هذه المصالح،فادفعوا إلينا نصيبا ممّا وجدتم.(11:82)
نحوه النّيسابوريّ.(5:168)
العكبريّ: (نستحوذ):هو شاذّ في القياس؛ و القياس«نستحذ».(1:400)
القرطبيّ: أي أ لم نغلب عليكم حتّى هابكم المسلمون،و خذلناهم عنكم؟[ثمّ قال نحو الطّبريّ ملخّصا](5:419)
ابن كثير :أي ساعدناكم في الباطن،و ما ألوناهم خبالا و تخذيلا حتّى انتصرتم عليهم...و هذا أيضا تودّد منهم إليهم،فإنّهم كانوا يصانعون هؤلاء و هؤلاء،ليحظوا عندهم و يأمنوا كيدهم،و ما ذاك إلاّ لضعف إيمانهم و قلّة إيقانهم.(2:416)
الآلوسيّ: [نقل كلام بعض المفسّرين و أضاف:] و قيل:المعنى أ لم نغلبكم على رأيكم بالموالاة لكم، وَ نَمْنَعْكُمْ مِنَ الدّخول في جملة(المؤمنين)؟و هو
ص: 206
خلاف الظّاهر،و أصل الاستحواذ:الاستيلاء،و كان القياس فيه:استحاذ يستحيذ استحاذة بالقلب،لكن صحّت فيه الواو و كثر ذلك فيه،و في نظائر له حتّى ألحق بالمقيس و عدّ فصيحا.و قال أبو زيد:إنّه قياسيّ،و على كلّ حال لا يرد على فصاحة القرآن كما حقّق في موضعه.
(5:174)
المراغيّ: الاستحواذ:الاستيلاء على الشّيء و التّمكّن من تسخيره،أو التّصرّف فيه،أي و إن كان للكافرين نصيب من الظّفر،منّوا عليهم بأنّهم كانوا عونا لهم على المؤمنين،بتخذيلهم و التّواني في الحرب معهم، و إلقاء الكلام الّذي تخور به عزائمهم عن قتالكم،فاعرفوا لنا هذا الفضل،و هاتوا نصيبنا ممّا أصبتم.(5:184)
نحوه عبد الكريم الخطيب(3:940)،و ابن عاشور (4:286).
سيّد قطب :يعنون أنّهم آذروهم و ناصروهم، و حموا ظهورهم و خذّلوا عنهم،و خلخلوا الصّفوف.
(2:781)
عزّة دروزة :الاستحواذ بمعنى الإحاطة و الحيازة.
و ممّا يرد في البال أن يكون معنى الجملة أ لم نحل دونكم و دون المسلمين الّذين كانوا قادرين عليكم، و نمنعكم بذلك منهم.(9:182)
1-الأصل في هذه المادّة الحاذ،و هو ما يقع عليه الذّنب من فخذي الدّابّة إذا استدبرتها،و هما حاذان، و الجمع:أحواذ.و الحاذ:طريقة المتن من الحيوان و الإنسان،حملا على ظاهر الفخذين،و هو الحال أيضا؛ يقال:كيف حالك و حاذك؟و أنفع اللّبن ما ولي حاذي النّاقة،أي ساعة تحلب من غير أن يكون رضعها حوار قبل ذلك.و رجل خفيف الحاذ:قليل المال،أو قليل العيال.
و الحوذ و الإحواذ:السّير الشّديد،لأنّ سائق الدّابّة يتبع حاذيها،فيعنف بها؛يقال:حاذ إبله يحوذها حوذا، أي ساقها سوقا شديدا،و حذت الإبل أحوذها حوذا و أحوذتها:سقتها بسرعة،و أحوذ السّير:سار سيرا شديدا.
و الحوذيّ و الأحوذيّ:السّريع في السّير الشّديد فيه،ثمّ أطلق على المشمّر في الأمور القاهر لها،الّذي لا يشذّ عليه منها شيء،و هو الحويذ أيضا؛يقال:أحوذ الصّانع القدح،أي أخفّه.
و منه:الحوذ و الاستحواذ:الغلبة؛يقال:حاذه يحوذه حوذا،و استحوذ عليه الشّيطان و استحاذ:غلبه و ساقه إلى ما يريد من غيّه.
2-و جاءت بعض الألفاظ من(ح و ذ)بمعنى الجمع و الضّمّ،و الظّاهر أنّها من(ح و ز)،لأنّ الإبدال بين الذّال و الزّاي شائع في اللّغة،مثل:زبرت الكتاب و ذبرته،أي كتبته،و زرق الطّائر و ذرقه،أي سلحه.
و من هذه الألفاظ:الحوذ،أي الجمع؛يقال:حاذ الإبل يحوذها حوذا،إذا حازها و جمعها ليسوقها،و أحوذ ثوبه:جمعه،و حاذ الحمار أتنه:استولى عليها و جمعها، و كذلك حازها.و لعلّه مأخوذ من المعنى الأصليّ؛حيث اشتمل على الجمع بين الفخذ من تحت الذّنب.
ص: 207
جاءت منها كلمتان:«استحوذ»و«نستحوذ»كلّ منهما مرّة في آيتين:
1- اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ... المجادلة:19
2- ...قالُوا أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَ نَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ النّساء:141
يلاحظ أوّلا أنّ الآيتين جاءتا إدانة للمنافقين،إلاّ أنّ الاستحواذ في(1)وقع بينهم و بين الشّيطان حيث استحوذ عليهم الشّيطان،و في(2)وقع بينهم و بين الكفّار حيث استحوذوا في الحروب على الكفّار و منعوهم من المؤمنين.
ثانيا في(1)بحوث:
1-فسّر بالاستيلاء و الغلبة و القوّة و الإحاطة و الحوز و الجمع و الضّمّ و التّملّك،و هي معان متقاربة:
فالاستيلاء من قولهم:حذت الإبل و حزتها،إذا استوليت عليها و جمعتها،و الغلبة من:حاذ الحمار العانة،إذا جمعها و ساقها غالبا لها،و الجمع و الضّمّ من:أحوذ الشّيء،أي جمعه و ضمّ بعضه إلى بعض.
2-قرئ «استحاذ» وفقا للقياس،لأنّ حركة(الواو) في(استحوذ)فتحة،و هي عين الفعل،و(الحاء)قبلها ساكنة،فنقلت فتحة الواو إلى الحاء،فانقلبت الواو ألفا، لسكونها و انفتاح ما قبلها،نحو:استعاذ و استحال.
و أمّا(استحوذ)فهو عمّا جاء على أصله و شذّ عن القياس،مثل:أجودت و أجدت،و أطيبت و أطبت.قال الزّجّاج:«لكن(استحوذ)هاهنا أجود،لأنّ الفعل في ذا المعنى لم يستعمل إلاّ بزيادة».
3-عقّبت الآية استحواذ الشّيطان عليهم بإنسائهم ذكر اللّه فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ، تفريعا له على الاستحواذ ب«الفاء»،و بيانا لكيفيّة الاستحواذ،فلم يكن استحواذه عليهم بالغلبة على أبدانهم و أجسامهم،بل بالغلبة على قلوبهم-و هي موضع ذكر اللّه-
و قد جاء إنساء الشّيطان في آيات أخرى،كما جاء فيها إضلاله،و إيقاع العداوة و البغضاء بينهم،و تزيين الأعمال لهم،و عمليّة الوعد و التّنمية و التّخبّط و الوسوسة و الإغواء و النّزغ و أمثالها فيهم،و كلّها من وساوس الشّيطان في القلوب،و كلّها خطوات الشّيطان الّتي نهى اللّه المؤمنين في آيات عن اتّباعها،فلاحظ ش طن:
«شيطان».
4-كما عقّبته: أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ، فكلّ من استحوذ الشّيطان على قلبه-بنحو من تلك الأنحاء-فهو من حزب الشّيطان.و قد جاء في ختام الآية: أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ.
5-جاء لفظ«سلطان»نظيرا لاستحواذ الشّيطان و إبليس على أوليائه،و بدلا منه في آيات:
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ الحجر:42.
و إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ النّحل:99 و 100.
و إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً الإسراء:65.
ص: 208
و ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ سبأ:20.لاحظ س ل ط:«سلطان».
ثالثا:أنّ الاستحواذ في(2): قالُوا أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ -كما قلنا-بين المنافقين و الكافرين،و فيه بحوث:
1-هذا من قول المنافقين لليهود و المشركين،أي أ لم نغلب عليكم بموالاتكم حتّى انتصرتم على المسلمين؟أو أ لم نغلبكم و نتمكّن من قتلكم و أسركم فأبقينا عليكم؟
أو أ لم نبيّن لكم أنّا معكم،قال الطّبريّ:«و هذان القولان متقاربا المعنى،و ذلك أنّ من تأوّله بمعنى أ لم نبيّن لكم،إنّما أراد-إن شاء اللّه-أ لم نغلب عليكم بما كان منّا من البيان لكم أنّا معكم»؟
أو أ لم نستول عليكم بالمعونة و النّصرة؟و سياق ا