عنوان و نام پديدآور : المعجم فی فقه لغه القرآن و سر بلاغته/ اعداد قسم القرآن لمجمع البحوث الاسلامیه؛ بارشاد و اشراف محمد واعظ زاده الخراسانی.
مشخصات نشر : مشهد: بنیاد پژوهشهای اسلامی، 1419ق. = -1377.
مشخصات ظاهری : ج.
فروست : الموسوعة القرآنیة الکبری.
شابک : دوره 964-444-179-6 : ؛ دوره 978-964-444-179-0: ؛ 1430000 ریال (دوره، چاپ دوم) ؛ 25000 ریال: ج. 1 964-444-180-X : ؛ 30000 ریال: ج. 2 964-444-256-3 : ؛ 32000 ریال: ج. 3 964-444-371-3 : ؛ 67000 ریال (ج. 10) ؛ ج.12 978-964-971-136-2 : ؛ ج.19 978-600-06-0028-0 : ؛ ج.21 978-964-971-484-4 : ؛ ج.28 978-964-971-991-7 : ؛ ج.30 978-600-06-0059-4 : ؛ 1280000 ریال: ج.36 978-600-06-0267-3 : ؛ 950000 ریال: ج.37 978-600-06-0309-0 : ؛ 1050000 ریال: ج.39 978-600-06-0444-8 : ؛ 1000000 ریال: ج.40 978-600-06-0479-0 : ؛ ج.41 978-600-06-0496-7 : ؛ ج.43 978-600-06-0562-9 :
يادداشت : عربی.
يادداشت : جلد سی و ششم تا چهلم باشراف جعفر سبحانی است.
يادداشت : جلد سی و ششم با تنقیح ناصر النجفی است.
يادداشت : جلد سی و هفتم تا چهل و سوم با تنقیح علیرضا غفرانی و ناصر النجفی است.
يادداشت : مولفان جلد چهل و یکم ناصر نجفی، محمدحسن مومن زاده، سیدعبدالحمید عظیمی، سیدحسین رضویان، علی رضا غفرانی، محمدرضا نوری، ابوالقاسم حسن پور، سیدرضا سیادت، محمد مروی ...
يادداشت : ج. 2 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : ج. 3 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).
يادداشت : ج.3 (چاپ دوم: 1429ق. = 1387).
يادداشت : ج. 10 (چاپ اول: 1426ق. = 1384).
يادداشت : ج.21 (چاپ اول: 1441ق.=1399) (فیپا).
يادداشت : ج.36 (چاپ دوم : 1440ق.=1398)(فیپا).
يادداشت : ج.37 (چاپ اول : 1440ق.=1397)(فیپا).
يادداشت : ج.39 (چاپ اول: 1441ق.=1399) ( فیپا).
يادداشت : ج.40 - 41(چاپ اول: 1442ق.= 1399) (فیپا).
يادداشت : جلد دوازدهم تا پانزدهم این کتاب در سال 1398 تجدید چاپ شده است.
يادداشت : ج.19 و 28 و 30 ( چاپ دوم: 1442ق = 1400 ) (فیپا).
يادداشت : ج.21 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.38 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.30 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.29 (چاپ دوم: 1399).
يادداشت : ج.12 (چاپ چهارم: 1399).
يادداشت : ج.32 (چاپ دوم: 1399).
مندرجات : ج.3. ال و - ا ن س
موضوع : قرآن -- واژه نامه ها
Qur'an -- Dictionaries
موضوع : قرآن -- دایره المعارف ها
Qur'an -- Encyclopedias
شناسه افزوده : واعظ زاده خراسانی، محمدِ، 1385-1304.
شناسه افزوده : سبحانی تبریزی، جعفر، 1308 -
شناسه افزوده : Sobhani Tabrizi, Jafar
شناسه افزوده : نجفی، ناصر، 1322 -
شناسه افزوده : غفرانی، علیرضا
شناسه افزوده : بنیاد پژوهشهای اسلامی. گروه قرآن
شناسه افزوده : بنیاد پژوهش های اسلامی
رده بندی کنگره : BP66/4/م57 1377
رده بندی دیویی : 297/13
شماره کتابشناسی ملی : 582410
اطلاعات رکورد کتابشناسی : فیپا
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
المؤلّفون
الأستاذ محمّد واعظ زاده الخراسانيّ
ناصر النّجفيّ
قاسم النّوريّ
محمّد حسن مؤمن زاده
حسين خاك شور
السيّد عبد الحميد عظيمي
السيّد جواد سيّدي
السيّد حسين رضويان
علي رضا غفراني
محمّد رضا نوري
السيّد علي صبّاغ دارابي
أبو القاسم حسن پور
و قد فوّض عرض الآيات و ضبطها إلى أبي الحسن الملكيّ و مقابلة النّصوص
إلى خضر فيض اللّه و عبد الكريم الرّحيميّ و تنضيد الحروف إلى المؤلّفين
ص: 5
ص: 6
المقدّمة 9
ج م م 11
ج ن ب 25
ج ن ح 69
ج ن د 101
ج ن ف 115
ج ن ن 125
ج ن ي 195
ج ه د 203
ج ه ر 253
ج ه ز 285
ج ه ل 293
ج ه ن م 347
ج و ب 363
ج و د 395
ج و ر 413
ج و ز 445
ج و س 461
ج و ع 467
ج و ف 483
ج و و 491
ج ي أ 497
ج ي ب 515
ج ي د 525
حرف الحاء 529
ح ب ب 531
ح ب ر 625
ح ب س 645
ح ب ط 657
ح ب ك 703
ح ب ل 713
ح ت م 751
ح ث ث 759
ح ج ب 767
ح ج ج 803
الأعلام المنقول عنهم بلا واسطة و أسماء كتبهم 873
الأعلام المنقول عنهم بالواسطة 880
ص: 7
ص: 8
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
نحمد اللّه تعالى على نعمائه كلّها،و نصلّي و نسلّم على نبيّنا محمّد المصطفى و على آله الأطهار أعلام الهدى،و صحبه المنتجبين ذوي الكرامة و النّهى.
ثمّ نشكره تعالى على أن وفّقنا لإتمام المجلّد العاشر من الموسوعة القرآنيّة الكبيرة«المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته»،و تقديمه إلى روّاد العلوم القرآنيّة،و لا سيّما الّذين وقفوا على المجلّدات السّابقة و يتعطّشون إلى اقتناء المجلّدات اللاّحقة،شاكرين لهم شكرا جميلا.
و قد حوى هذا الجزء على(33)مفردة قرآنيّة:23 من حرف الجيم و 10 من حرف الحاء،ابتداء من(ج م م)،و انتهاء ب(ح ج ج)،و أوسع الموادّ فيه بحثا و تنقيبا هي(ح ب ب)و قد أدخل في هذا المجلّد و ما يليه تعديلان:
الأوّل:كان دأبنا في نقل النّصوص اللّغويّة حذف الأشعار الّتي استشهد بها رعاية للاختصار و اكتفاء بالإشارة إليها في موضع الشّعر بقولنا:[ثمّ استشهد بشعر]ليرجع من يهتمّ بالشّعر في معرفة اللّغة إلى المصدر،ثمّ لاحظنا تكرار هذه الجملة في نصّ واحد مرّات عديدة فبدّلناها بقولنا في آخر النّصّ:[و استشهد بالشّعر 10 مرّات]مثلا،علما بأنّ الطّالب للشّعر سوف يراجع المصدر،و يقف على النّصّ بكامله.
ص: 9
الثّاني:ممّن اهتمّ بأمر هذا المعجم و بملاحظة مزاياه و متابعة خفاياه هو قائد الثّورة الإسلاميّة الإمام الخامنئيّ-حفظه اللّه تعالى-بماله من يد طولى و خبرة قصوى بالقرآن و تفسيره و أسرار بلاغته،فأطراه إطراء بما يأتي نصّه،و قد نبّه خلال ما تفضّل به على أنّ اسم«المعجم في...»لا يعكس عظم الكتاب و ضخامته تنويها بأنّ الكتاب أعظم من هذا الاسم.
و بعد ذلك اتّفقنا مع الإخوة أعضاء قسم القرآن على إضافة عنوان قبل هذا الاسم، و هو«الموسوعة القرآنيّة الكبرى»مع الإبقاء على اسم«المعجم»،علما بأنّ هذا العنوان يرمز في الحقيقة إلى أنّ الكتاب ليس معجما لغويّا للقرآن فحسب،بل هو في نفس الوقت تفسير موضوعيّ جمع بين شتاته أقوال اللّغويّين و المفسّرين في تفسير المفردات و الآيات.إضافة إلى ما أفادوه أو ما وصلنا إليه بما بذلناه من سعي بالغ، و جهد حثيث في فقه اللّغة و سرّ البلاغة،و ما لا يحصى من اللّطائف و الأسرار القرآنيّة، عند ملاحظة الآيات في مادّة واحدة،أو في موضوع واحد و مقارنة بعضها ببعض، و ما فيها من اختلاف في الصّيغة و تفاوت في التّعبير بتعريف و تنكير،و تقديم و تأخير، و إجمال و تفصيل،و تعميم و تخصيص،و إبهام و تبيين،و غيرها من الأحوال.
و في الختام نبتهل إلى اللّه تعالى بأن يتمّ علينا نعمته و يديم علينا رحمته،و يأخذ بأيدينا،و يسدّد خطانا و يحقّق أمانينا في هذا العمل إلى أن يتمّ ما تعلّق به الأمل إنّه خبير بصير،و بالإجابة جدير.
محمّد واعظ زاده الخراسانيّ مدير قسم القرآن بمجمع البحوث الإسلاميّة
ص: 10
ص: 11
ص: 12
جمّا
لفظ واحد،مرّة واحدة،في سورة مكّيّة
الخليل :جمّ الشّيء و استجمّ،أي كثر.
و الجموم:مصدر الجامّ من الدّوابّ و كلّ شيء، و جمّ يجمّ.
و الجمام:الكيل إلى رأس المكيال،و تقول:جممت المكيال جمّا.
و الجمّة:بئر واسعة كثيرة الماء.
قال زائدة:جمّمته تجميما لا غير.
و قال أبو سعيد:الجمّة:البئر الّتي قد جمّ ماؤها بعد تنكيز،أي قلّة.
و جمّمت المكيال،أي لم أوف،تجميما.
و الجمّة:الشّعر،و الجميع:الجمم.
و الجميم:النّبات إذا تخطّى الأرض.
و الجمم:مصدر الشّاة الجمّاء،و هي الّتي لا قرن لها.
و الجمّاء الغفير:الجماعة من النّاس.
قال أبو سعيد:الجمّاء:استواء النّاس حتّى لا ترى لبعضهم على بعض فضلا،ليس فيهم متقدّم لصاحبه، كأنّهم حزمة؛و الغفير:الّذي غفر:غطّى بعضهم بعضا، فلست ترى من تعرفه من التفاف بعضهم ببعض، و تقول:جاء القوم جمّاء الغفير و جمّا غفيرا.
و الجمجمة:ألاّ تبين كلامك من غير عيّ.[ثمّ استشهد بشعر]
قال زائدة:الجمام بكسر الجيم،أي الموضع الّذي عليه اللّحام،و هي الحديدة الّتي يلحم بها المكيال.
و الجمجمة:القحف،و ما تعلّق به من العظام.
و الجمام:كثرة الماء.و الجمام:الرّاحة.
و الجمّة:الجماعة من النّاس،لا واحد لها.
و الأجمّ:الّذي لا رمح له.و الأجمّ:الذّكر من الشّاة الجمّاء.و الأجمّ:البناء الّذي لا شرف له.
و أجمّت الحاجة،أي دنت و حاجت.(6:27)
ص: 13
نحوه الصّاحب.(6:419)
سيبويه: رجل جمّانيّ:عظيم الجمّة،و هو من نادر النّسب.فإن سمّيت بجمّة ثمّ أضفت إليها،لم تقل إلاّ:
جمّيّ.(ابن سيده 7:231)
الجمّاء الغفير:من الأسماء الّتي وضعت موضع الحال،و دخلتها الألف و اللاّم،كما دخلت في«العراك» من قولهم:أرسلها العراك.(ابن سيده 7:232)
الكسائيّ: إناء جمّان:إذا بلغ الكيل جمامه،و قد أجممت الإناء بالألف.(الأزهريّ 10:518)
الجمّاء الغفير:البيضة،يعني بيضة الحديد الّتي تجمع الشّعر.
مثله ابن الأعرابيّ.(الهرويّ 1:400)
ابن شميّل: جمّمت الأرض تجميما،إذا وفى جميمها.
(الأزهريّ 10:519)
أبو عمرو الشّيبانيّ: الجميم:السّخبر،و الغرز إذا جلح،تأكله الماشية،فإذا جمّم و نبت فهو الجميم.
(1:133)
أبو زيد :و أجمّ بالجيم معجمة:حان.(29)
في الإناء جمامه و جممه.(الأزهريّ 10:518)
و يقال للرّجل الّذي لا رمح له:أجمّ.
(الأزهريّ 10:519)
الفرّاء: عندي جمام القدح ماء بالكسر،أي ملؤه، و جمام المكّوك دقيقا بالضّمّ،و جمام الفرس بالفتح لا غير.
و لا تقل:جمام بالضّمّ إلاّ في الدّقيق و أشباهه،و هو ما على رأسه بعد الامتلاء،يقال:أعطني جمام المكّوك، إذا حطّ ما يحمله رأسه فأعطاه.(الجوهريّ 5:1891)
الأصمعيّ: جمّت البئر،فهي تجمّ جموما،إذا كثر ماؤها و اجتمع..(الأزهريّ 10:517)
[أجمّ الأمر]:ما كان معناه قد حان وقوعه:فقد أجمّ،بالجيم،و لم يعرف أحمّ.[ثمّ استشهد بشعر]
(ابن سيده 7:232)
ابن الأعرابيّ: هم الجمّة و البركة.[ثمّ استشهد بشعر]
و جمّ،إذا ملئ.
و جمّ،إذا علا.
و الجمّ:الشّياطين.و الجمّ:الغوغاء و السّفل.
جمام الإناء و جمامه و طفافه.(الأزهريّ 10:518)
فلان واسع المجمّ،إذا كان واسع الصّدر رحب الذّراع.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 10:519)
الجمّاء الغفير:الجماعة الجمّاء:بيضة الرّأس، سمّيت بذلك،لأنّها جمّاء،أي ملساء،و وصفت بالغفير، لأنّها تغفر،أى تغطّي الرّأس.(ابن سيده 7:232)
أبو عبيد: فرس جموم،و هو الّذي كلّما ذهب منه إحضار جاءه إحضار.[أي وثب في عدوه]
(الأزهريّ 10:518)
ابن السّكّيت: و الجمّة:الجماعة يسألون في الحمالة، أي الدّية.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:جاءوا جمّاء غفيرا،أي بجماعتهم.(40)
و الجمّ:الكثير،يقال:عدد جمّ،و مال جمّ.و يقال:
اسقني من جمّ بئرك و من جمّة بئرك.
و الجمم:مصدر.
كبش أجمّ،إذا لم يكن له قرنان.(إصلاح المنطق:61)
ص: 14
و يقال:قد أجمّ الأمر،إذا دنا و حضر.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:قد جمّ الماء يجمّ جموما،إذا كثر في البئر و اجتمع،بعد ما استقي ما فيها.
و قد جمّ الفرس يجمّ جماما،إذا ترك من الرّكوب أيّاما.(إصلاح المنطق:264)
يقال:جمام في الدّقيق و أشباهه،يقال:أعطاني جمام القدح دقيقا.(الفيّوميّ:110)
شمر: قال أنس:«توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و الوحي أجمّ ما كان،لم يفتر عنه».أجمّ ما كان:أكثر ما كان.
جمّ الشّيء يجمّ جموما،يقال ذلك في الماء و السّير.
[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 10:520)
و في الحديث:«كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم جمّة جعدة».
الجمّة:اكثر من الوفرة،و هي الجمّة إذا سقطت على المنكبين،و الوفرة إلى شحمة الأذنين،و اللّمّة:الّتي ألمّت بالمنكبين.(الهرويّ 1:401)
الدّينوريّ: الجميم:هو أن ينهض[النّبت] و ينتشر.(ابن سيده 7:230)
و الجمّى،مقصور:الباقلاّء.(ابن سيده 7:223)
ثعلب :و الجمّة بالضّمّ من الشّعر،و هو الكثير المجتمع منه على الرّأس.و الجمّة أيضا:القوم يسألون في الدّية.
و جمّة الماء بالفتح:اجتماعه في العين أو البئر، و كثرته فيهما.(64)
عنده جمام القدح ماء،و جمام المكّوك بالرّفع،دقيقا.
(الأزهريّ 10:518)
الزّجّاج:جمّت الحاجة،إذا حضرت،و جمّ الفرس و أجمّ،و المعنى واحد.(فعلت و أفعلت:8)
ابن دريد :جمام الماء،واحدها:جمّة،و هي مجتمع الماء و معظمه.(1:24)
جمّ الفرس يجمّ جماما و يجمّ،إذا عفي من التّعب،و لم يركب،و كذلك جمامه،إذا ترك الضّراب.و يقال:
أعطني جمام فرسك.
و جمّت البئر تجمّ جمّا و جموما،إذا تراجع ماؤها، و ضمّ الجيم في البئر أكثر من كسرها.
و جمة الرّكيّ:معظم مائها إذا ثاب،و الجمع:جمام.
و كذلك جمّة المركب البحريّ،عربيّة صحيحة محضة،و هو الموضع الّذي يجتمع فيه الماء الرّاشح من خروزه.
و الجمّة:الشّعر الكثير،و هي أكثر من اللّمّة، و الجمع:جمم و جمام.
و الجمّة:القوم يسألون في الدّيات.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمّ:الكثير من كلّ شيء.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمّ:زعموا صدف من صدف البحر،لا أعرف حقيقته.
و أجمّت الحاجة:حانت.[ثمّ استشهد بشعر](1:54)
و الجميم:ما تجمّم من البقل إذا أراد أن يثمر،و قد استقصي هذا في الثّنائيّ.
و أعطيته جمام المكّوك و جمامه،إذا قارب أن يمتلئ.
و رجل رحب المجمّ،أي رحب الصّدر.و جمّاء الشّيء:شخصه.و جاء القوم الجمّاء الغفير،إذا جاءوا
ص: 15
عن آخرهم.(2:115)
الأزهريّ: يقال:جئتها و قد اجتمعت جمّتها و جمّها،أي ما جمّ و ارتفع.
و جمّ الفرس يجمّ جماما،إذا ذهب إعياؤه.
و شاة جمّاء،إذا لم تكن ذات قرن.
و يقال:أعطه جمام المكّوك،أي مكّوكا بغير رأس، و اشتقّ ذلك من الشّاة الجمّاء.
و يقال:جاءوا جمّا غفيرا،و جمّاء،أي بجماعتهم.
و قيل:جاءوا بجمّاء الغفير أيضا.
و يقال:في الأرض جميم حسن،لنبت قد غطّى الأرض و لم يتمّ بعد.
و يقال:أجمّت الحاجة،إذا دنت و حانت تجمّ إجماما.
و يقال:أجمم نفسك يوما أو يومين،أي أرحها.
و يقال:جاء فلان في جمّة عظيمة،أي في جماعة يسألون في حمالة.
و مال جمّ،أي كثير.
و في حديث ابن عبّاس:«أمرنا أن نبني المدائن شرفا،و المساجد جمّا»فالشّرف:الّتي لها شرفات، و الجمّ:الّتي لا شرف لها.
و جمّم النّصيّ و الصّلّيان،إذا صار لهما جمّة.
و الأجمّ:الكعثب.[ثمّ استشهد بشعر،و ذكر الجماجم]
جمّ الشّيء يجمّ جموما،يقال ذلك في الماء و السّير.
[ثمّ استشهد بشعر]
و مجمّ البئر:حيث يبلغ الماء و ينتهي إليه.
و رجل رحب المجمّ:واسع الصّدر.(10:517)
الخطّابيّ: [في الحديث]«جمّا غفيرا»:كلمة معناها الوفور و الكثرة،و فيها ثلاث لغات؛يقال:جاء القوم جمّا غفيرا،و جمّاء الغفير،و الجمّاء الغفير.
و قال البصريّون:و من يقول بالاشتقاق:الجمّاء، مشتقّة من قولهم:بئر جمّة،أي كثيرة الماء.و الغفير:
مأخوذ من«الغفر»و هو السّتر...(2:159)
الجوهريّ: جمّ المال و غيره،إذا كثر،و الجمّ:
الكثير،قال تعالى: وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا الفجر:
20.
و جمّ:ملك من الملوك الأوّلين.
و الجمّ:ما اجتمع من ماء البئر.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمّة:المكان الّذي يجتمع فيه ماؤه،و الجمع:
الجمام.
و الجموم:البئر الكثيرة الماء.و الجموم بالضّمّ:
المصدر،يقال:جمّ الماء يجمّ جموما،إذا كثر في البئر و اجتمع بعد ما استقي ما فيها.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجموم بالفتح من الأفراس:الّذي كلّما ذهب منه جري جاءه جري آخر.
و يقال:جاء في جمّة عظيمة و جمّة عظيمة،أي في جماعة يسألون الدّية.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمّة بالضّمّ:مجتمع شعر الرّأس،و هي أكثر من الوفرة.
و يقال للرّجل الطّويل الجمّة:جمّانيّ بالنّون،على غير قياس.و لو سمّيت بها رجلا ثمّ نسبت إليه،قلت:
جمّيّ.
و جمام المكّوك،و جمامه،و جمامه،و جممه
ص: 16
بالتّحريك،و هو ما على رأسه فوق طفافه.
و جممت المكيال و أجممته،فهو جمّان،إذا بلغ الكيل جمامه.
و الجمام بالفتح:الرّاحة،يقال:جمّ الفرس جمّا و جماما،إذا ذهب إعياؤه،و كذلك إذا ترك الضّراب، يجمّ و يجمّ.
و أجمّ الفرس،إذا ترك أن يركب،على ما لم يسمّ فاعله،و جمّ.و يقال:أجمم نفسك يوما أو يومين.
و أجمّ الأمر،إذا دنا و حضر،و يقال:أجمّ الفراق، إذا حان.[ثمّ استشهد بشعر]
و جمّ قدوم فلان جموما،أي دنا و حان.
و بنيان أجمّ:لا شرف له.
و امرأة جمّاء المرافق.
و رجل أجمّ:لا رمح معه في الحرب.[ثمّ استشهد بشعر]
و شاة جمّاء:لا قرن لها،بيّنة الجمم.
و استجمّ الفرس و البئر،أي جمّ؛و يقال:إنّي لأستجمّ قلبي بشيء من اللّهو،لأقوى به على الحقّ.
[ثمّ ذكر جمجم و معانيها]
و الجميم:النّبت الّذي طال بعض الطّول،و لم يتمّ.
[ثمّ استشهد بشعر](5:1889)
ابن فارس: الجيم و الميم في المضاعف له أصلان:
الأوّل:كثرة الشّيء و اجتماعه،و الثّاني:عدم السّلاح.
فالأوّل:الجمّ،و هو الكثير،قال اللّه جلّ ثناؤه:
وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا الفجر:20.
و الجمام:الملء،يقال:إناء جمّان،إذا بلغ جمامه.
[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:الفرس في جمامه،و الجمام:الرّاحة،لأنّه يكون مجتمعا غير مضطرب الأعضاء،فهو قياس الباب.
و الجميم:مجتمع من البهمى.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمّة من الإنسان:مجتمع شعر ناصيته.و الجمّة من البئر:المكان الّذي يجتمع فيه ماؤها.و الجموم:البئر الكثيرة الماء،و قد جمّت جموما.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجموم من الأفراس:الّذي كلّما ذهب منه إحضار جاءه إحضار آخر،فهذا يدلّ على الكثرة و الاجتماع.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمّاء الغفير:الجماعة من النّاس،قال بعضهم:
هي البيضة بيضة الحديد،لأنّها تجمع شعر الرّأس.
و من هذا الباب أجمّ الشّيء:دنا.
و الأصل الثّاني:الأجمّ،و هو الّذي لا رمح معه في الحرب.و الشّاة الجمّاء:الّتي لا قرن لها.و جاء في الحديث:«أمرنا أن نبني المساجد جمّا»يعني أن لا يكون لجدرانها شرف.(1:419)
الهرويّ: و الجمّاء:من الجمام،و الجمّة،و هو اجتماع الشّيء.
و في الحديث: «لعن اللّه المجمّمات من النّساء».قال الأزهريّ:أراد:المترجّلات يتّخذن شعورهنّ جمّة.
فعل الرّجال،لا يرسلنها إرسال النّساء شعورهنّ.
و يحتمل أن يكون مأخوذا من«الأجمّ»و هو الّذي لا رمح معه،و قد جمّ يجمّ فهو أجمّ.
و في حديث طلحة:«رمى إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بسفرجلة،و قال:دونكها فإنّها تجمّ الفؤاد»قال ابن
ص: 17
عائشة:معناه تريحه.
و قال غيره:تجمعه و تكمل صلاحه و نشاطه،يقال:
جمّ الماء يجمّ،إذا زاد.و جمّ الفرس:زاد جريه.
(1:401)
ابن سيده: الجمّ،و الجمم:الكثير من كلّ شيء، و في التّنزيل: وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا الفجر:20، أي كثيرا.[ثمّ استشهد بشعر]
و قيل:الجمّ:الكثير المجتمع.
جمّ يجمّ و يجمّ-و الضّمّ أعلى-جموما،و استجمّ، كلاهما:كثر.
جمّ الظّهيرة:معظمها،[ثمّ استشهد بشعر]
و جمّ الماء:معظمه إذا ثاب.[ثمّ استشهد بشعر]
و كذلك:جمّته.
و جمعها:جمام،و جموم.[ثمّ استشهد بشعر]
و جمّة المركب البحريّ:الموضع الّذي يجتمع فيه الماء الرّاشح من خروزه،عربيّة صحيحة.
و ماء جمّ:كثير،و جمعه:جمام.
و جمّت تجمّ و تجمّ،و الضّمّ أكثر:تراجع ماؤها.
و أجمّ الماء و جمّه:تركه يجتمع.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمّة:الماء نفسه.
و استجمّت جمّة الماء:شربت و استقاها النّاس.
و المجمّ:مستقرّ الماء.
و أجمّه:أعطاه جمّة الرّكيّة.
قال ثعلب:و العرب تقول:منّا من يحير و يجمّ،فلم يفسّر«يجمّ»إلاّ أن يكون من قولك:أجمّه:أعطاه جمّة الماء.
و جمّ الفرس يجمّ و يجمّ جمّا،و جماما و أجمّ:ترك فلم يركب،فعفا من تعبه.و أجمّه هو.
و جمّ الفرس يجمّ و يجمّ جماما:ترك الضّراب، فتجمّع ماؤه.و جمام الفرس،و جمامه:ما اجتمع من مائه.
و فرس جموم،إذا ذهب منه إحضار جاءه إحضار، و كذلك:الأنثى.[ثمّ استشهد بشعر]
و المجمّ:الصّدر،لأنّه مجتمع لما وعاه من علم و غيره.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمام.و الجمام و الجمام،و الجمم:الكيل إلى رأس المكيال.
و قيل:جمامه:طفافه.
و إناء جمّان:بلغ الكيل جمامه.
و جمجمة جمّى.
و قد جمّ الإناء،و أجمّه.
و الجميم:النّبت الكثير.
و قيل:إذا ارتفعت البهمى عن البارض قليلا فهو حميم.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمع من كلّ ذلك:أجمّاء.
و الجميمة:النّصيّة إذا بلغت نصف شهر،فملأت الفم.
و استجمّت الأرض:خرج نبتها.
و الجمّة من الشّعر:أكثر من اللّمّة،و الجمع:جمم، و جمام.
و غلام مجمّم:ذو جمّة.
و الجمّة:القوم يسألون في الحمالة و الدّيات.[ثمّ استشهد بشعر]
ص: 18
و كبش أجمّ:لا قرني له.
و قد جمّ جمما،و مثله في البقر:الجلح.
و رجل أجمّ:لا رمح له.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجمم:أن تسكّن اللاّم من«مفاعلتن»فيصير «مفاعيلن»ثمّ تسقط،فيبقى«مفاعلن»ثمّ تخرمه،فيبقى «فاعلن».[ثمّ استشهد بشعر]
و الأجمّ:متاع المرأة،أعني قبلها.[ثمّ استشهد بشعر]
و جمّ العظم،فهو أجمّ:كثر لحمه.
و مرأة جمّاء العظام:كثيرة اللّحم عليها.[ثمّ استشهد بشعر]
و جاءوا جمّاء غفيرا؛و الجمّاء الغفير،أي بجماعتهم.
[و نقل قول ابن الأعرابيّ في الجمّاء الغفير...
و أضاف:]و لا أعرف الجمّاء في بيضة السّلاح عن غيره.
و أجمّ الأمر:دنا،لغة في أحمّ.
و الجمّ:ضرب من صدف البحر.(7:228)
الجمّ:أن يقطع الكرم من وجه الأرض ثمّ ينبت، يقطعونه عامين ثمّ يتركونه في الثّالثة،حتّى يكبر شجره فيحمل.
و الإجمام:قطع جميع ما على الأرض منه،و قد أجممت العنب.
و جمّم النّبت و تجمّم و استجمّ:تجمّع و كثر.
(الإفصاح 2:1127)
الرّاغب: و أصل الكلمة:من الجمام،أي الرّاحة للإقامة،و ترك تحمّل التّعب.
و جمام المكّوك دقيقا،إذا امتلأ حتّى عجز عن تحمّل الزّيادة.
و لاعتبار معنى الكثرة قيل:الجمّة،لقوم يجتمعون في تحمّل مكروه،و لما اجتمع من شعر النّاصية.
و جمّة البئر:مكان يجتمع فيه الماء،كأنّه أجمّ أيّاما.
و قيل للفرس:جموم الشّدّ،تشبيها به.
و الجمّاء الغفير و الجمّ الغفير:الجماعة من النّاس.
و شاة جمّاء:لا قرن لها،اعتبارا بجمّة النّاصية.
(96)
الزّمخشريّ: عدد جمّ،و أحبّك حبّا جمّا،و جاءوا جمّا غفيرا،و الجمّاء الغفير.
و جمّ المال و ماء البئر جموما،و جمّت الرّكيّة:
اجتمع ماؤها.
و استق من جمّة البئر و مجمّها،و مستجمّها،و هي مجتمع مائها،و هذه بئر واسعة المجمّ.
و أعطاه جمام المكّوك و جمام القدح،بالثّلاث.و قال يعقوب:لا يكون الضّمّ إلاّ في المكيال وحده.
و وردت الماء زرقا جمامه،جمع:جمّة.
و الفرس في جمامه بالفتح لا غير،و جمّ الفرس و أجمّه صاحبه.
و أجمّ لسانه من الكلام.و إناء جمّان.و حلق جمّته.
و جمّمت الجارية و لمّمت:صارت لها جمّة و لمّة، و جارية مجمّمة و ملمّمة.
و جمّمت المكيال:ملأته.و بئر جموم:كثيرة الماء.
و رعت الماشية الجميم،و هو ما غطّى الأرض،من النّبات.
ص: 19
و ثور أجمّ:لا قرن له،و شاة جمّاء.
و جمجم في صدره شيئا:أخفاه.
و التقوا يضربون الجماجم.
و من المجاز:فرس جموم الشّدّ.[ثمّ استشهد بشعر]
و فلان واسع المجمّ و ضيّق المجمّ،كما يقال:واسع العطن و ضيّقه،و أصله:مجمّ البئر.[ثمّ استشهد بشعر]
و رجل أجمّ:لا رمح معه.و بيت أجمّ:لا رمح فيه.[ثمّ استشهد بشعر]
و سطح أجمّ:لا سترة له.و حصن أجمّ:لا شرف له،و قرية جمّاء.(أساس البلاغة:64)
المدينيّ: في حديث الحديبيّة:«و إلاّ فقد جمّوا» من الجمام،أي استراحوا و كثروا.
في حديث عائشة: «حين بنى بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قالت:و قد وفت لي جميمة»و هي تصغير:جمّة من الشّعر،و هي الشّعر المجتمع.
و في حديث سلمان: «إنّ اللّه تعالى ليدينّ الجمّاء من ذات القرن».الجمّاء:الّتي لا قرن لها،يمكن أن يكون مأخوذا من الجمام،أي لا تنطح و تنطح،و يدينّ، أي يجزي.
في الحديث: «من أحبّ أن يستجمّ له بنو آدم قياما، فليتبوّأ مقعده من النّار»أي يجتمعوا له في القيام عنده، و يحبسوا أنفسهم عليه.يقال:جمّ الشّيء،و استجمّ:
كثر.(1:355)
ابن الأثير: في حديث أبي ذرّ:«قلت:يا رسول اللّه كم الرّسل؟قال:ثلاثمائة و خمسة عشر».
و في رواية«ثلاثة عشر،جمّ الغفير»هكذا جاءت الرّواية،قالوا:و الصّواب«جمّاء غفيرا».يقال:جاء القوم جمّا غفيرا،و الجمّاء الغفير،و جمّاء غفيرا،أي مجتمعين كثيرين.
و الّذي أنكر من الرّواية صحيح،فإنّه يقال:جاءوا الجمّ الغفير،ثمّ حذف الألف و اللاّم،و أضاف،من باب صلاة الأولى،و مسجد الجامع.
و أصل الكلمة:من الجموم و الجمّة،و هو الاجتماع و الكثرة،و الغفير:من الغفر،و هو التّغطية و السّتر، فجعلت الكلمتان في موضع الشّمول و الإحاطة.
و لم تقل العرب:الجمّاء إلاّ موصوفا،و هو منصوب على المصدر،كطرّا،و قاطبة،فإنّها أسماء وضعت موضع المصدر.
و منه حديث عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه:«أمّا أبو بكر بن حزم فلو كتبت إليه:اذبح لأهل المدينة شاة، لراجعني فيها:أ قرناء أم جمّاء؟».و قد تكرّر في الحديث ذكر«الجمّاء»و هي بالفتح و التّشديد و المدّ:موضع على ثلاثة أميال من المدينة.
و حديث خزيمة: «اجتاحت جميم اليبيس»الجميم:
نبت يطول حتّى يصير مثل جمّة الشّعر.
و منه حديث عائشة رضي اللّه عنها في التّلبينة:
«فإنّها تجمّ فؤاد المريض».و حديثها الآخر:«فإنّها مجمّة لها»أي مظنّة للاستراحة.
و حديث أبي قتادة رضي اللّه عنه: «فأتى النّاس الماء جامّين رواء»أي مستريحين قد رووا من الماء.
و حديث ابن عبّاس: «لأصبحنا غدا حين ندخل على القوم و بنا جمامة»أي راحة و شبع و ريّ.
ص: 20
و حديث عائشة رضي اللّه عنها: «بلغها أنّ الأحنف قال شعرا يلومها فيه،فقالت:سبحان اللّه:لقد استفرغ حلم الأحنف هجاؤه إيّاي،أ لي كان يستجمّ مثابة سفهه؟»أرادت أنّه كان حليما عن النّاس،فلمّا صار إليها سفه،فكأنّه كان يجمّ سفهه لها،أي يريحه و يجمعه.
و في حديث أمّ زرع: مال أبي زرع:«على الجمم محبوس»الجمم:جمع جمّة،و هم القوم يسألون في الدّية.يقال:أجمّ يجمّ،إذا أعطى الجمّة.(1:299)
الفيّوميّ: جمّ الشّيء جمّا،من باب«ضرب»:
كثر،فهو جمّ،تسمية بالمصدر.
و مال جمّ،أي كثير.
و جاءوا الجمّاء الغفير،و جمّاء الغفير،أي بجملتهم.
و الجمّة من الإنسان:مجتمع شعر ناصيته،يقال:
هي الّتي تبلغ المنكبين،و الجمع:جمم،مثل غرفة و غرف.
و جممت الشّاة جمما،من باب«تعب»إذا لم يكن لها قرن،فالذّكر أجمّ،و الأنثى جمّاء،و الجمع:جمّ، مثل:أحمر و حمراء و حمر.
و جمام القدح:ملؤه بغير رأس،مثلّث الجيم.
و جمام الفرس،بالفتح لا غير:راحته.(110)
الفيروزآباديّ: الجمّ:الكثير من كلّ شيء كالجميم،و من الظّهيرة و الماء:معظمه كجمّته،الجمع:
جمام و جموم،و الكيل إلى رأس المكيال كالجمام مثلّثة.
و بالكسر.الشّيطان أو الشّياطين،و بالضّمّ:صدف.
و جمّ ماؤه يجمّ و يجمّ جموما:كثر و اجتمع كاستجمّ، و البئر:تراجع ماؤها.
و الفرس جماما:ترك الضّراب فتجمّع ماؤه،و جمّا و جماما:ترك فلم يركب،فعفا من تعبه كأجمّ و أجمّه هو، و العظم:كثر لحمه فهو أجمّ،و الماء:تركه يجتمع كأجمّه، و الأمر:دنا كأجمّ.
و جمّة السّفينة:الموضع الّذي يجتمع فيه الرّشح من حزوزه،و بالضّمّ:مجتمع شعر الرّأس.
و كمعظّم:ذو الجمّة،و الجمّانيّ:طويلها.
و كسحاب:الرّاحة،و كغراب و كتاب:ما اجتمع من ماء الفرس،و بالتّثليث،و كجبل:ما على رأس المكّوك فوق طفافه،و قد جمّمته و جممته و أجممته،فهو جمّان و جمّام.
و جمجمة جمّاء:ملأى،و كصبور،البئر الكثيرة الماء كالجمّة،و فرس كلّما ذهب منه جري جاءه جري آخر.
و جاء في جمّة عظيمة و يضمّ،أي جماعة يسألون الدّية.
و الجميم:النّبت الكثير،أو النّاهض المنتشر،و قد جمّم و تجمّم:الجمع:أجمّاء.
و الجميمة:النّصيّة بلغت نصف شهر فملأت الفم.
و استجمّت الأرض:خرج نبتها.
و المجمّ:الصّدر،و هو واسع المجمّ،أي رحب الذّراع واسع الصّدر.
و الأجمّ:الرّجل بلا رمح،و الكبش بلا قرن،و قبل المرأة،و القدح.
و امرأة جمّاء العظام:كثيرة اللّحم.
و جاءوا جمّا غفيرا و الجمّاء الغفير:بأجمعهم،
ص: 21
و ذكر في«غ ف ر».
و الجمّاء:الملساء،و بيضة الرّأس.
و الجمّى كربّى:الباقلاء.(4:92)
المصطفويّ: و الظّاهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة،هو الكثرة بقيد الملاءة،و الامتلاء يكون محسوسا،و قد يكون معنويّا أو اعتباريّا،يقال:مال جمّ، إذا كثر و ملأ ظرفيّة مالكه،و الجمّة:إذا ملأ الشّعر رأسه و ناصيته،و جمام القدح:ملاءته،و الجمام،هو الرّاحة بعد أن امتلأ من الاضطراب و العمل،و الجمّة،إذا امتلأ البئر ماء إلى حدّه،و جمّ الفرس،هو راحته بعد الحركة الكثيرة.
و أمّا عدم السّلاح:فهو يكشف عن الامتلاء قوّة و قدرة و طمأنينة؛بحيث لا يحتاج إلى حمل الأسلحة،فهو يدفع عن نفسه بقدرته.
و الجمجمة:رباعيّ و لعلّه من الجمّ،و التّناسب محفوظ.(2:119)
وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا. الفجر:20
ابن عبّاس: كثيرا.(511)
نحوه مجاهد.(الطّبريّ 30:185)
شديدا.
نحوه ابن زيد.(الطّبريّ 30:184)
فيحبّون كثرة المال.(الطّبريّ 30:185)
الحسن: فاحشا،تجمعون حلاله إلى حرامه.
(الماورديّ 6:271)
أبو عبيدة :كثيرا شديدا.(2:298)
الطّبريّ: و تحبّون جمع المال أيّها النّاس و اقتناءه حبّا كثيرا شديدا،من قولهم:قد جمّ الماء في الحوض،إذا اجتمع.(30:184)
ابن خالويه :و الجمّ:الكثير الشّديد.(82)
السّجستانيّ: مجتمعا كثيرا،و منه جمّة الماء:
اجتماعه.(218)
الماورديّ: أنّه يحبّ المال حبّ إجمام له و استبقاء،فلا ينتفع به في دين و لا دنيا،و هو أسوأ أحوال ذي المال.(6:271)
الميبديّ: أي كثيرا مفرطا فيه.يقال:جمّ الماء في الحوض،إذا اجتمع فيه و كثر.(10:488)
الزّمخشريّ: كثيرا شديدا مع الحرص و الشّره و منع الحقوق.(4:253)
مثله النّسفيّ(4:356)،و الشّربينيّ(4:535)، و نحوه البيضاويّ(2:558)،و أبو السّعود(6:427).
الطّبرسيّ: تحبّون جمع المال و تولعون به، فلا تنفقونه في خير.
و قيل:يحبّون كثرة المال من فرط حرصهم، فيجمعونه من غير وجهه،و يصرفونه في غير وجهه، و لا يتفكّرون في العاقبة.(5:488)
الفخر الرّازيّ: يحبّون المال حبّا كثيرا شديدا، فبيّن أنّ حرصهم على الدّنيا فقط،و أنّهم عادلون عن أمر الآخرة.(31:173)
ص: 22
القرطبيّ: أي كثيرا،حلاله و حرامه.(20:54)
البروسويّ: [نحو الفخر الرّازيّ و أضاف:]
و فيه إشارة إلى أنّ حبّ المال طبيعيّ،فلا يتخلّص منه المرء بالكلّيّة،إلاّ أن يكون من الأقوياء،فكأنّه أشار إلى أنّ حبّه إذا لم يشتدّ لا يكون مذموما.
و قال بعض الكبار:و تحبّون مال الأعمال السّيّئة النّفسانيّة،و الأحوال القبيحة الهوائيّة حبّا كثيرا.
(10:429)
المراغيّ: أي و تميلون إلى جمع المال ميلا شديدا، ميراثا كان أو غيره.(30:150)
1-الأصل في هذه المادّة:الجمّة،أي مجتمع شعر الرّأس،و هي أكثر من الوفرة و اللّمّة،و الجمع:جمم و جمام،يقال:غلام مجمّم،أي ذو جمّة،و رجل جمّانيّ:
عظيم الجمّة طويلها،ثمّ استعمل في الكثرة،حملا على كثرة شعر الجمّة،يقال:جمّ العظم،أي كثر لحمه فهو أجمّ.
و الجمّاء:بيضة الرّأس،سمّيت بذلك لمقاربتها الجمّة،أو لأنّها تجمع شعر الرّأس،كما قال ابن فارس.
و الجمّة:القوم يسألون في الحمالة و الدّيات،يقال:
جاء فلان في جمّة عظيمة و جمّة عظيمة،أي في جماعة يسألون الدّية؛و أجمّ يجمّ:أعطى الجمّة.
و الجمّ الغفير،و الجمّاء الغفير:جماعة النّاس؛ يقال:جاءوا جمّا غفيرا،و جمّاء الغفير،و بجمّاء الغفير،و الجمّاء الغفير،أي مجتمعين كثيرين.
و جمّ الماء:معظمه إذا ثاب،و الجمع جمام و جموم، و هو الجمّة أيضا،تشبيها بها،و هو ما اجتمع من ماء البئر؛يقال:جمّ يجمّ و يجمّ جموما،و جئتها و قد اجتمعت جمّتها و جمّها،أي ما جمّ منها و ارتفع.و بئر جمّة و جموم:كثيرة الماء؛يقال:جمّت البئر فهي تجمّ و تجمّ جموما،أي كثر ماؤها و اجتمع.و أجمّ الماء و جمّه:تركه يجتمع،و أجمّه:أعطاه جمّة الرّكيّة.
و الجمّة:المكان الّذي يجتمع فيه ماؤه،و الجمع:
جمام.و جمّة المركب البحريّ:الموضع الّذي يجتمع فيه الماء الرّاشح من حزوزه،أي شقّه.
و المجمّ:مستقرّ الماء،و مجمّ البئر:حيث يبلغ الماء و ينتهي إليه.
و الجميم:النّبت الكثير،تشبيها بالجمّة،و قد جمّم و تجمّم،يقال:في الأرض جميم حسن النّبت قد غطّى الأرض و لم يتمّ بعد،و جمّم النّصيّ و الصّلّيان:صار لهما جمّة،و الجميمة:النّصيّة إذا بلغت نصف شهر فملأت الفم،و جمّمت الأرض تجميما:و في جميمها،و استجمّت الأرض:خرج نبتها.
و الجمام و الجمام و الجمام و الجمم:الكيل إلى رأس المكيال،يقال:جممت المكيال جمّا و أجممته فهو جمّان.
و إناء جمّام:بلغ الكيل جمامه،يقال:أجممت الإناء، و في الإناء جمامه و جمّه.و جمام المكّوك دقيقا:ما علا رأسه بعد الامتلاء،يقال:أعطني جمام المكّوك،أي حطّ ما يحمل رأسه فأعطاه،و عندي جمام القدح ماء:ملؤه.
و جمام الفرس و جمامه و جمامه:ما اجتمع من مائه، يقال:جمّ الفرس يجمّ و يجمّ جماما،أي ترك الضّراب
ص: 23
فتجمّع ماؤه،و استجمّ الفرس جمما،أي تجمّع ماؤه.
و الجمام:الرّاحة؛يقال:جمّ الفرس يجمّ و يجمّ جمّا و جماما،و أجمّه هو،كأنّ الرّاحة تجمع القوى من جديد، أو يكون الفرس مجتمعا غير مضطرب الأعضاء،كما قال ابن فارس.و جمّ و أجمّ الفرس:ترك أن يركب،و أجمّ نفسك و أجممها يوما أو يومين،أي أرحها،و إنّي لأستجمّ قلبي بشيء من اللّهو لأقوى به على الحقّ.و فرس جموم:
إذا ذهب منه إحضار جاءه إحضار،فهو يجمع قواه و يكثر جريه،و كذلك حجر جموم.
و المجمّ:الصّدر،لأنّه مجتمع لما وعاه من علم و غيره،يقال:فلان واسع المجمّ،أي واسع الصّدر، رحب الذّراع،و إنّه لضيّق المجمّ:ضيّق الصّدر بالأمور.
و الجمم:الصّدر أيضا،يقال:رجل رحب الجمم.
أي واسع الصّدر.
2-و يبدو أنّ في هذه المادّة ألفاظا تضادّ معنى الجمّة،أي مجتمع شعر الرّأس و ما يدلّ على الكثرة و الجمع،و جعل منها ابن فارس أصلا آخر إضافة إلى الكثرة و الاجتماع،سمّاه«عدم السّلاح»،و لم يتعرّض لها من تكلّم في الأضداد مطلقا.
و منه:كبش أجمّ:لا قرني له،و قد جمّ جمما،و شاة جمّاء:لا قرني لها،يقال:شاة جمّاء بيّنة الجمم،و قد شبّه به سائر ما اشتقّ منه،مثل:الأجمّ،أي القصر الّذي لا شرف له؛يقال:بنيان أجمّ،و رجل أجمّ:لا رمح معه في الحرب،و الأجمّ:قبل المرأة،و لا يقال ذلك لقبل الرّجل،لوضوح علّته.و قولهم:أجمّ العنب،أي قطع كلّ ما فوق الأرض من أغصانه.و الجمم في الشّعر:أي يسكّن اللاّم من(مفاعلتن)فيصير(مفاعيلن)،ثمّ تسقط الياء فيبقي(مفاعلن)،ثمّ تخرمه فيبقى(فاعلن).
و ربّما الجمّاء:بيضة الرّأس،من هذا الباب أيضا، لأنّها ملساء،كما قال ابن الأعرابيّ،و لعلّ شبّه بها الجمّ، و هو ضرب من صدف البحر.
3-كما أنّ فيها حروفا من مادّة«ح م م»،و هي لا تطّرد و لا تتناسق مع أصل هذه المادّة،و من ذلك قولهم:جمّ قدوم فلان جموما،أي دنا و حان،و أجمّ الأمر و الفراق:دنا و حضر،و أجمّت الحاجة:دنت و حانت،و كذا جمّ الظّهيرة:معظمها،لاحظ«ح م م».
و الجمّى:الباقلّى،و هو معرّب من اللّفظ السّريانيّ «جوما».
جاء منها لفظ واحد:(جمّا)في سورة مكّيّة:
وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا الفجر:20
يلاحظ أوّلا:أنّهم فسّروا(جمّا):كثيرا،شديدا، فاحشا،تجمعون حلاله و حرامه،مجتمعا كثيرا،كثيرا مفرطا فيه،كثيرا شديدا مع الحرص و الشّدّة و منع الحقوق،تحبّون جمع المال و تولعون به فلا تنفقونه في خير، تميلون إلى المال ميلا شديدا-ميراثا كان أو غيره-يحبّون كثرة المال من فرط حرصهم و نحوها.
فجعل أكثرهم(جمّا)وصفا ل«حبّا»أي يحبّون المال حبّا كثيرا،إلاّ أنّه يستشمّ من بعضهم جعله وصفا للمال، كمن قال:«تحبّون جمع المال»أو كثرته،فإن أراد أنّ (جمّا)وصف للمال فقد أخطأ،و إن أراد أنّ حبّه للمال
ص: 24
و جمعه كثير و شديد-كما هو ظاهره-فقد أصاب.و كأنّ الماورديّ جمع بين الأمرين؛حيث قال:«يحبّ المال حبّ إجمام له و استبقاء،فلا ينتفع به في دين و لا دنيا،و هو أسوأ أحوال ذي المال».
ثانيا:سياق الآية و ما قبلها أوّلا ذمّ جمع المال و أكله من أيّ طريق حصل،و عدم إنفاقه في سبيل الخير،ثمّ ذمّ حبّه حبّا كثيرا،لأنّه يمنع من بذله و يدفع إلى جمعه كَلاّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ* وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا* وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا الفجر 17-20.
قال الآلوسيّ: «فيه إشارة إلى أنّ حبّ المال طبيعيّ، فلا يتخلّص منه المرء بالكلّيّة...فكأنّه أشار إلى أنّ حبّه إذا لم يشتدّ لا يكون مذموما»و يؤيّده: وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ العاديات:8،و إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ ص:32،فقد فسّر(الخير)فيهما بالمال.
ثالثا:أوّلها بعضهم-و للتّأويل باب واسع- بالأعمال السّيّئة النّفسانيّة و الأحوال القبيحة الحيوانيّة،لكنّه تأويل للمال لا للحبّ الجمّ،لاحظ:
«م و ل»،«ح ب ب»،«ح ر ص»،«ش ره».
ص: 25
ص: 26
19 لفظا،33 مرّة:19 مكّيّة،14 مدنيّة
في 21 سورة:15 مكّيّة،6 مدنيّة.
جانب 7:/7جنبا 2:-2
بجانبه 2:/2اجنبني 1:1
جنب 1:/1يجنّبها 1:1
الجنب 1:-/1اجتنبوا 1:1
لجنبه 1:/1يجتنبون 2:1-1
جنوبها 1:-/1تجتنبوا 1:-1
جنوبهم 3:-/3اجتنبوا 4:1-3
جنوبكم 1:-/1فاجتنبوه 1:1
جنب 1:/1يتجنّبها 1:1
الجنب 1:-1
الخليل :الجنوب:جمع الجنب.
و الجانب و الجوانب معروفة.
و رجل ليّن الجانب و الجنب،أي سهل القرب.
و يجيء«الجنب»في موضع الجانب.[ثمّ استشهد بشعر]
و قوله عزّ و جلّ مخبرا عن دعاء إبراهيم إيّاه:
وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ إبراهيم:35،أي نجّني (1).
و الجنابان:النّاحيتان.
و الجنبتان:ناحيتا كلّ شيء كجنبتي العسكر و النّهر و نحوهما،و الجميع:الجنبات.
و الجنيبة:كلّ دابّة تقاد.
و جنّبته عن كذا فاجتنب،أي تجنّبه.
و جنّبته،أي دفعت عنه مكروها.
و الجنبة:مصدر الاجتناب.
و الجنبة:النّاحية من كلّ شيء،كأنّه شبه الخلوة من النّاس.
و رجل ذو جنبة،أي ذو اعتزال عن النّاس،مجتنب
ص: 27
لهم.
و المجانب:الّذي قاطعك،و قد اجتنب قربك.
و الجانب:المجتنب الضّعيف المحقور.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنابى:لعبة لهم،يتجانب الغلامان،فيعتصم كلّ واحد من الآخر.
و رجل أجنبيّ،و قد أجنب،و الذّكر و الأنثى فيه سواء،و قد يجمع في لغة على:الأجناب.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجار الجنب:الّذي جاورك من قوم آخرين ذو جنابة،لا قرابة له في الدّار،و لا في النّسب،قال عزّ و جلّ:
وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ النّساء:36.
و الجنوب:ريح تجيء عن يمين القبلة،و الجميع:
الجنائب،و قد جنبت الرّيح تجنب جنوبا.
و الجنب في الدّابّة:شبه ظلع،و ليس بظلع.
و الجنيب:الأسير مشدود إلى جنب الدّابّة.
و جناب الدّار:ساحتها،و جناب القوم:ما قرب من محلّتهم.
و أخصب جناب القوم.
و الجنبة،مجزوم:اسم يقع على عامّة الشّجر يترك في الصّيف.
و يقال:«لا جنب في الإسلام»،و هو أن يجنب خلف الفرس الّذي يسابق عليه فرس آخر عري،فإذا بلغ قريبا من الغاية يركب ذلك ليغلب الآخرين.
و الجنيب:الغريب،و الجانب أيضا.و الجنيب:
المجنوب.و الجنيب:الّذي يشتكي جنبه.و الجنيب:الّذي يجتنبك،فلا يختلط بك.
و أجنبنا منذ ثلاث،أي دخلنا في الجنوب.
و جنبنا منذ أيّام:أصابتنا ريح الجنوب.
و يقال:أجنب فلان،إذا أخذته ذات الجنب،كأنّها قرحة الجنب.
و جنب فلان في حيّ فلان،إذا نزل فيه غريبا،يجنب و يجنب.
و جنّب بنو فلان فهم مجنّبون،إذا لم يكن في إبلهم لبن.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:إنّ عند بني فلان لشرّا مجنبا و خيرا مجنبا، أي كثيرا.
و المجنب:التّرس.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:هذا رجل جنابيّ:منسوب لأهل جناب بأرض نجد.
و يقال:لجّ فلان في جناب قبيح،أي في مجانفة و جنف.
و أجنب الرّجل،إذا أصابته الجنابة.
و يقال:اتّق اللّه في جنب أخيك،و لا تقدح في شأنه.
و ضربه فجنبه،إذا أصاب جنبه.
و يقال:مرّوا يسيرون جنابيه،و جنابتيه،أي ناحيتيه.
و قعد فلان إلى جنب فلان،و إلى جانب فلان.
و الجأنب،بالهمز:الرّجل القصير الجافي الخلقة، و رجل جأنب،إذا كان كزّا قبيحا.[ثمّ استشهد بشعر]
و رجل أجنب،و هو البعيد منك في القرابة.[ثمّ استشهد بشعر](6:147)
ص: 28
ابن شميّل: ذات الجنب،هي الدّبيلة،و هي قرحة قبيحة تثقب البطن،و ربّما كنوا عنها،فقالوا:ذات الجنب.
و جنبت الدّلو تجنب جنبا،إذا انقطعت منها و ذمة أو و ذمتان،فمالت.(الأزهريّ 11:122)
أبو عمرو الشّيبانيّ: المجنب:الكثير.
التّجنيب:الرّوح في الرّجلين من الدّابّة.[ثمّ استشهد بشعر](1:113)
الجانب:الغريب،و هو الجنب.(1:117)
الجنب،من الإبل:الّذي يوجع جنبه،إمّا مكسورا و إمّا غير مكسور،فهو مجنب عنه يده.(1:125)
المجنب:الخير الكثير،يقال:خير مجنب.
المجنّب من الخيل:البعيد ما بين الرّجلين من غير فجج،و هو مدح.(الأزهريّ 11:121)
الجنب:الّذي يمشي في شقّ من نشاطه.
(ابن سيده 7:463)
الفرّاء: الجنب:القرب.و الجنب:معظم الشّيء و أكثره،و منه قولهم:هذا قليل في جنب مودّتك.
(الأزهريّ 11:117)
يقال من الجنابة:أجنب الرّجل و جنب و جنّب و تجنّب.
أجنبت المرأة الرّجل،إذا ألزمها الجنابة،و كذلك كلّ شيء يجنب شيئا.(الأزهريّ 11:118)
الجناب:الجانب،و جمعه:أجنبة.
جنبته الشّرّ،و أجنبته،و جنّبته،بمعنى واحد.
(الأزهريّ 11:122)
الأصمعيّ: جنب البعير يجنب جنبا،هو إذا التصقت رئته بجنبه من العطش.(إصلاح المنطق:206)
يقال:نزل فلان جنبة يا هذا،أي ناحية.
يقال:أعطني جنبة،فيعطيه جلدا،فيتّخذه علبة.
(الأزهريّ 11:119)
سحابة مجنوبة:هبّت بها الجنوب،و أجنبنا منذ أيّام، أي دخلنا في الجنوب،و جنبنا،أي أصابتنا الجنوب.
مجيء الجنوب:ما بين مطلع سهيل إلى مطلع الشّمس في الشّتاء.(الأزهريّ 11:120)
التّجنيب بالجيم:في الرّجلين،و التّحنيب بالحاء:
في الصّلب و اليدين.(الأزهريّ 11:121)
في حديث الحارث بن عوف،أنّه جاء إلى نجبة بن الحارث،فقال:«إنّ الإبل جنّبت قبلنا العام».
جنّب بنو فلان فهم مجنّبون،إذا لم يكن في إبلهم لبن، و هو عام تجنيب.و جنّب النّخل:لم يحمل.
(المدينيّ 1:357)
ابن الأعرابيّ: أجنب:تباعد.(الأزهريّ 11:118)
في حديث أبي هريرة: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بعث خالد بن الوليد يوم الفتح على المجنّبة اليمنى،و الزّبير على المجنّبة اليسرى.
يقال:أرسلوها مجنّبين-أي كتيبتين-أخذتا ناحيتي الطّريق.(الأزهريّ 11:119)
جنبت إلى لقائك،و غرضت إلى لقائك جنبا، و غرضا،أي قلقت من شدّة الشّوق إليك.
و ذات الجنب:علّة صعبة،تأخذ في الجنب.
(الأزهريّ 11:122)
ص: 29
و رجل جنيب:كأنّه يمشي في جانب متعقّفا (1).
(ابن سيده 7:460)
أبو عبيد: في حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«لا جلب و لا جنب و لا شغار في الإسلام».
و أمّا«الجنب»فأن يجنب الرّجل خلف فرسه الّذي سابق عليها فرسا عريا ليس عليه أحد،فإذا بلغ قريبا من الغاية ركب فرسه العري فسبق عليه،لأنّه أقلّ إعياء و كلالا من الّذي عليه الرّاكب.(1:434)
في حديث عمر:«عليكم بالجنبة فإنّها عفاف،إنّما النّساء لحم على و ضم إلاّ ما ذبّ عنه».
قوله:الجنبة،يعني النّاحية،يقول:تنحّوا عنهنّ و كلّموهنّ من خارج الدّار،و لا تدخلوا عليهنّ؛و كذلك كلّ من كان خارجا قيل:جنبه.(2:84)
ابن السّكّيت: يقال:خير مجنب و شرّ مجنب،أي كثير،و يقال:أتونا بطعام مجنب و بطعام طيس،أي كثير.
(7)
و قد جنبت الرّيح تجنب جنوبا.و قد جنب البعير يجنب جنبا.(إصلاح المنطق:206)
الجنيبة:صوف الثّنيّ،و العقيقة:صوف الجذع.
و الجنيبة من الصّوف أفضل من العقيقة و أكثر.
و الجنيبة:النّاقة يعطيها الرّجل القوم يمتارون عليها له،و هي العليقة.(الأزهريّ 11:121)
أبو حاتم: جنوب دبور.
و أمّا الجنوب و الدّبور فمن باب الفاعل على جهته، تقول:جنبت الرّيح و دبرت و صبت.
(ثلاثة كتب في الأضداد:113)
شمر:جنبتا الوادي:ناحيتاه،و كذلك جناباه و ضيفاه.
و يقال:أصابنا مطر نبتت عنه الجنبة.
(الأزهريّ 11:119)
و المجنب،يقال في الشّرّ إذا كثر.[ثمّ استشهد بشعر]
و المجنب:التّرس.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 11:121)
المبرّد: قوله (2):«عن جنابة»يقول:عن غربة و بعد،يقال:هم نعم الحيّ لجارهم جار الجنابة،أي الغربة.يقال:رجل جنب و رجل جانب،أي غريب، قال اللّه جلّ و عزّ: وَ الْجارِ الْجُنُبِ النّساء:36.[ثمّ استشهد بشعرين]
من قال للواحد:جانب،قال للجميع:جنّاب، كقولك:راكب و ركّاب،و ضارب و ضرّاب.[ثمّ استشهد بشعر]
و إن كان من الجنابة الّتي تصيب الرّجل،قلت:رجل جنب و رجلان جنب،و كذلك المرأة و الجميع و قد يجوز و ليس بالوجه:رجلان جنبان،و امرأة جنبة،و قوم أجناب.(2:30)
يقال:جنبت الرّيح جنوبا و شملت شمولا و دبرت دبورا و صبت صبوّا و سمّت سموما و حرّت حرورا، مضمومات الأوائل.فإذا أردت الأسماء فتحت أوائلهاة*
ص: 30
فقلت:جنوب و شمول و سموم و دبور و حرور.
(1:58)
الزّجّاج: يقال للواحد:رجل جنب،و رجلان جنب،و قوم جنب و امرأة جنب،كما يقال:رجل رضى و قوم رضى.و إنّما هو على تأويل ذوو أجنب،لأنّه مصدر،و المصدر يقوم مقام ما أضيف إليه.
و من العرب من يثنّي و يجمع،و يجعل المصدر بمنزلة اسم الفاعل،و إذا جمع جنب،قلت:في الرّجال:جنبون، و في النّساء:جنبات،و للاثنين:جنبان.(2:154)
نحوه الطّبرسيّ.(2:163)
جنب الرّجل من الجنابة،و أجنب.
(فعلت و أفعلت:8)
جنبت الرّيح،إذا هبّت جنوبا،و أجنب الرّجل،إذا دخل في الجنوب.(فعلت و أفعلت:10)
ابن دريد :تقول:رجل جنب من قوم أجناب،إذا كان غريبا،و كذلك فسّر في التّنزيل وَ الْجارِ الْجُنُبِ النّساء:36،و رجل جانب،غير مهموز:غريب.
فأمّا الجأنب بالهمز:فالقصير المجتمع الخلق.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:جار أجنب،و جنب،و أجنبيّ،و رجل جنب،و امرأة جنب من قوم جنب-و هذا أعلى اللّغات:
المذكّر و المؤنّث و الجمع و الواحد فيه سواء-إذا أصابته جنابة.و قد أجنب الرّجل،إذا أصابته الجنابة.
و جنبت الدّابّة أجنبها جنبا و جنبا،إذا قدتها إلى جانبك،و كذلك جنبت الأسير.
و جنّب الرّجل،إذا قلّت ألبان إبله،فهو مجنّب و القوم مجنّبون.
و الجناب:مصدر:جانبته مجانبة و جنابا،و هو من المباعدة؛و كذلك تجنّبته تجنّبا.
و الجناب:موضع معروف،فلان من أهل الجناب.
و رجل رحب الجناب،إذا كان واسع الرّحل.
و الجنبة:ضرب من النّبت.
و المجنب:التّرس،و يقال:المجنب.
و المجنب:السّتر أيضا.[ثمّ استشهد بشعر]
يقول الرّجل للرّجل:أعطني جنبة،فيعطيه جلد جنب بعير،فيتّخذ منه علبة.
و جنب:بطن من العرب،و ليس بأب و لا أمّ،و إنّما هو لقب لهم.
و جنب الإنسان و الدّابّة معروف.
و جنب الرّجل،إذا اشتكى جنبه.
و جنّب الخير تجنيبا،إذا حرمه.
و الجنوب:ريح معروفة.
و جنّاب الرّجل:قرينه إذا سار إلى جانبه.
و جنبتا البعير:ما حمل على جنبيه من حمل.
(1:214)
القاليّ: و يقال:جنبت الرّيح تجنب جنوبا،إذا هبّت جنوبا.و جنبنا منذ أيّام،أي أصابتنا الجنوب.و أجنبنا منذ أيّام:دخلنا في الجنوب.و سحابة مجنوبة:جاءت بها الجنوب.
و جنب فلان في بني فلان،إذا نزل فيهم غريبا،و منه قيل:جانب للغريب،و جمعه:جنّاب.[ثمّ استشهد بشعر]
ص: 31
و رجل جنب:غريب،و جمعه:أجناب،قال اللّه عزّ و جلّ: وَ الْجارِ الْجُنُبِ أي الجار الغريب.و قال:
نعم القوم هم لجار الجنابة،أي الغربة.
و يقال:جنبت فلانا الخير،أي نحّيته عنه و جنّبته أيضا بالتّثقيل.قال أبو نصر:و التّخفيف أجود،قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ إبراهيم:
35.
و جلس فلان جنبة،أي ناحية.[ثمّ استشهد بشعر]
و أصابنا مطر تنبت عنه الجنبة،و هو نبت.
و يقال:أعطني جنبة،فيعطيه جلد جنب بعير فيتّخذ منه علبة.و العلبة:قدح من جلود يحلب فيه.و يقال:
فلان من أهل الجناب بكسر الجيم،لموضع بنجد.
و فرس طوع الجناب،إذا كان سهل القياد.
و لجّ فلان في جناب قبيح،إذا لجّ في مجانبة أهله.
فأمّا الجناب بفتح الجيم:فما حول الرّجل و ناحيته و فناء داره.
و جلس فلان بجنب فلان و جانبه.
و يقال:مرّوا يسيرون جنابيه و جنابتيه و جنبتيه، إذا مرّوا يسيرون إلى جانبه.
و جنبت الدّابّة أجنبها،إذا قدتها.
و الجنيبة:الدّابّة تقاد فتسير إلى جنبك.
و الجنب مفتوحة النّون:أن تجنب الدّابّة.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:جنب البعير يجنب جنبا،إذا طلع من جنبه.
و يقال:الجنب لصوق الرّئة بالجنب من شدّة العطش.[ثمّ استشهد بشعر](1:263)
الأزهريّ: يقال:جنبت الفرس أجنبه جنبا،إذا قدته.[ذكر حديث أبي هريرة و قول ابن الأعرابيّ يقال:
أرسلوها،ثمّ أضاف:] و قال غيره:المجنّبة اليمنى هي ميمنة العسكر، و المجنّبة اليسرى هي الميسرة.
[قال شمر:]و يقال:أصابنا مطر نبتت عنه الجنبة.
قلت:و الجنبة:اسم واحد لنبوت كثيرة،هي كلّها عروة،سمّيت جنبة،لأنّها صغرت عن الشّجر الكبار، و ارتفعت عن الّتي لا أرومة لها في الأرض،فمن الجنبة:
النّصيّ،و الصّلّيان،و العرفج،و الشّيح،و المكر، و الجدر،و ما أشبهها ممّا له أرومة تبقى في المحلّ،و تعصم المال.
و الجنوب من الرّياح:حارّة،و هي تهبّ في كلّ وقت،و مهبّها ما بين مهبّي الصّبا و الدّبور (1)،على صوب مطلع سهيل،و جمع الجنوب:أجنب،و قد جنبت الرّيح تجنب جنوبا.
قال ابن بزرج: و يقال:أجنبت أيضا.
و يقال:جنب فلان؛و ذلك إذا ما جنب إلى دابّة؛ و الجنبية:الدّابّة تقاد،و قد جنبت الدّابّة جنبا.
و فرس طوع الجنب و الجناب،و هو الّذي إذا جنب كان سهلا منقادا.
و جنب فلان في بني فلان،إذا نزل فيهم غريبا، يجنب و يجنب.
و من ثمّ قيل:رجل جانب،أي غريب،و الجميع:
جنّاب،و رجل جنب:غريب،و الجميع:أجناب.ر.
ص: 32
و يقال:نعم القوم هم لجار الجنابة،أي لجار الغربة.
و جنّب بنو فلان،فهم مجنّبون،إذا لم يكن في إبلهم لبن.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجناب:أرض معروفة بنجد.
و يقال:لجّ فلان في جناب قبيح،أي في مجانبة أهله.
و ضربه فجنبه،إذا أصاب جنبه.
و أخصب جناب القوم بفتح الجيم،و هو ما حولهم.
و يقال:مرّوا يسيرون جنابيه،و جنابتيه،و جنبتيه، أي ناحيتيه.و قعد فلان إلى جنب فلان،و إلى جانب فلان.
و الجنابة:ضدّ القرابة.
و في الحديث:«المجنوب في سبيل اللّه شهيد»قيل:
المجنوب:الّذي به ذات الجنب.
يقال:جنب فهو مجنوب،و صدر فهو مصدور.
و يقال:جنب جنبا،إذا اشتكى جنبه،فهو جنب، كما يقال:رجل فقر و ظهر،إذا اشتكى ظهره و فقاره.
(11:118-123)
الصّاحب: الجنب:معروف،و الجميع:الجنوب.
و جانبت الصّيد:سرت بجنبه أختله.
و الجناب:الجنب.و جناب الصّبيّ،أي إلى جنبه؛ و يقال:جناب بالفتح.
و مرّوا يسيرون جنابيه و جنبتيه و جنابتيه،أي ناحيتيه.
و الجوانب:معروفة.
و هو ليّن الجانب،أي سهل القرب.
و الجنب:الجانب،و في الحديث:«ذو الجنب شهيد»و هو الّذي يطول مرضه.
و الجنابان:النّاحيتان،و كذلك الجنبتان،كجنبتي العسكر و النّهر.
و جنّبت فلانا عن هذا الأمر،أي نحّيته؛فاجتنب.
و جنّبته:دفعت عنه مكروها.
و الجنبة:الاجتناب،و النّاحية من كلّ شيء؛شبيه بالخلوة من النّاس.و رجل ذو جنبة،أي ذو اعتزال عن النّاس.
و مجانبك:الّذي قاطعك.
و الجانب:المجتنب الضّعيف المحقور،و القصير أيضا،و كذلك الجنب.
و الجنّابى (1):لعبة لهم يتجانبان فيعتصم كلّ واحد من الآخر.
و الجنّاب:مثل الصّنوان،و هو أن تخرج شجرتان من أصل واحد.
و رجل أجنبيّ و أجنب و جنب و جنيب،و هو البعيد منك في القرابة و الدّار.
و رجل جنب:ذو جنابة،و قد أجنب،الواحد و الجميع:فيه سواء،و يجمع على الأجناب.
و جناب القوم:ما قرب من محلّتهم.
و الجنّاب:الغرباء.و القرباء،و هو من الأضداد.
و اجتنبت القوم:تألّفتهم و اقتديت بهم،و الاسم:
الجنيبة.
و الجار الجنب:الّذي جاورك من قوم آخرين،ذون.
ص: 33
جنابة،أي لا قرابة له في الدّار،و لا في النّسب.
و الجانب:الغريب،من قوم جنّاب و أجناب.
و لجّ في جناب قبيح بالكسر،أي في مجانبة أهله.
و الجنابيّ: المجانب المتنحّي.
و رجل مجنب:يعطي الأجانب و الأباعد.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال للأسير الّذي يجنب إلى جنب الدّابّة:
جنيب.
و في الحديث:«لا جنب في الإسلام»هو أن يجنب خلف الفرس الّذي يسابق عليه فرس عري،فإذا بلغ الغاية يركب ليغلب الآخرين.
و رجل طوع الجناب،و هو الّذي إذا جنب كان سهلا.
و جنب الرّجل:من الجنابة.و جنب و جنب و أجنب و اجتنب و تجنّب،و قوم أجناب.
و الجنب في الدّابّة:شبه ظلع و ليس به،يقال:حمار جنب.
و المجنّب:البعير الّذي يتدافع عن ضاغط بدفّه يتمايل عنه.
و المجنّب من الخيل:البعيد ما بين الرّجلين من غير فحج،و هو مدح.و قيل:هو انحناء و توتير.و هو أيضا:
الفرس الّذي ينحّي اليد و الرّجل في شقّ عن موقعها؛ و الاسم:الجنب.
و الجنوب:ريح تخالف الشّمال،و الجمع:الجنائب؛ و جنبت الرّيح تجنب جنوبا.
و المجنوب و المجنّب:الّذي أصابته ريح الجنوب،من قولهم:جنب القوم و شملوا.
و سحابة مجنوبة:هبّت بها الجنوب.
و الجنبة،مجزومة:اسم يقع على عامّة الشّجر الّتي تتربّل في الصّيف،و لبن حامض يصبّ على حليب، و علبة تتّخذ من جلد جنب البعير،و ما سلخ من جلد البعير فاتّخذ مرودا.
و المجنب:الخير الكثير،إنّ عنده لشرّا مجنبا و خيرا مجنبا.
و الجنيبة:صوف الشّاة الثّنيّة؛و هي بعد العقيقة.
و هي العليقة أيضا للبعير الّذي يعلّقه الرّجل مع إبل أصحاب الميرة،و هي الجنائب و العلائق.و تراب المعدن.و النّظير،يقال:لا نظير له و لا جنيبة.و الدّابّة تجنب.و التّابع،و القرين.
و الجنيب:ضرب من التّمر الكثير المكبوس.
و التّجنيب:صدودك عن الرّجل،أعرض عنّي مجنّبا.و هو أيضا:ذهاب ألبان الإبل،جنّبت الإبل تجنيبا.
و جنّب بنو فلان فهم مجنّبون و جناب،إذا لم يكن في إبلهم لبن،و هو عام تجنيب.
و جنّب النّخل،إذا لم يحمل.
و المجنب:التّرس.
و المجنّب من الشّراب:الّذي يبيت ليلته في الباطية،و قيل:هو الّذي اجتنب فلم يشرب،و قيل:
أبرز للجنوب لتصفّيه.و هو أيضا:الطّعام القفر الّذي لا أدم فيه.
و الجنابان:بناءان يبنيان متحاذيين.
ص: 34
و الجناب:سمة كالكشاح،جمل مجنوب و إبل مجنّبة.
و السّماك الجأنب:هو الأعزل،مهموز.(7:127)
الجوهريّ: الجنب:معروف،تقول:قعدت إلى جنب فلان و إلى جانب فلان،بمعنى.
و جنب:حيّ من اليمن.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنب:النّاحية.[ثمّ استشهد بشعر]
و الصّاحب بالجنب:صاحبك في السّفر.
و أمّا الجار الجنب،فهو جارك من قوم آخرين.
و الجانب:النّاحية،كذلك الجنبة،تقول:فلان لا يطور بجنبتنا.
و جانبه و تجانبه و تجنّبه و اجتنبه،كلّه بمعنى.
و رجل أجنبيّ،و أجنب و جنب و جانب،كلّه بمعنى.
و ضربه فجنبه،أي كسر جنبه.
و جنبت الدّابّة،إذا قدتها إلى جنبك.و كذلك جنبت الأسير جنبا بالتّحريك،و منه قولهم:خيل مجنّبة،شدّد للكثرة.و جنبته الشّيء و جنّبته بمعنى،أي نحّيته عنه، قال اللّه تعالى: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ إبراهيم:35.
و الجناب،بالفتح:الفناء،و ما قرب من محلّة القوم، و الجمع:أجنبة.يقال:أخصب جناب القوم،و فلان خصيب الجناب،و جديب الجناب.
و تقول:مرّوا يسيرون جنابيه،أي ناحيتيه.
و فرس طوع الجناب بكسر الجيم،إذا كان سلس القياد.
و يقال أيضا:لجّ فلان في جناب قبيح،إذا لجّ في مجانبة أهله.
و جنّب القوم،إذا قلّت ألبان إبلهم.[ثمّ استشهد بشعر]
و التّجنيب أيضا:انحناء و توتير في رجل الفرس، و هو مستحبّ.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنيبة:بالدّابّة تقاد.و كلّ طائع منقاد جنيب.
و الأجنب:الّذي لا ينقاد.
و الجنيبة:العليقة،و هي النّاقة تعطيها القوم ليمتاروا لك عليها.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنيب:الغريب.و جنب فلان في بني فلان يجنب جنابة،إذا نزل فيهم غريبا،فهو جانب،و الجمع:
جنّاب.يقال:نعم القوم هم لجار الجنابة،أي لجار الغربة.
و الجنبة:جلدة من جنب البعير،يقال:أعطني جنبة أتّخذ منها علبة.
و نزل فلان جنبة،أي ناحية و اعتزل النّاس.
و الجنبة:اسم لكلّ نبت يتربّل في الصّيف،يقال:
مطرنا مطرا كثرت منه الجنبة.
و رجل جنب من الجنابة،يستوي فيه الواحد و الجمع و المؤنّث،و ربّما قالوا في جمعه:أجناب و جنبون، تقول منه:أجنب الرّجل و جنب أيضا بالضّمّ.
و الجنوب:الرّيح الّتي تقابل الشّمال،تقول:جنبت الرّيح،إذا تحوّلت جنوبا.
و سحابة مجنوبة،إذا هبّت بها الجنوب.
و المجنوب:الّذي به ذات الجنب،و هي قرحة تصيب الإنسان داخل جنبه.
و قد جنب و أجنب القوم،إذا دخلوا في ريح الجنوب.
و جنبوا أيضا،إذا أصابهم الجنوب فهم مجنوبون.و كذلك
ص: 35
القول في الصّبا و الدّبور و الشّمال.
و المجنب بالكسر:التّرس.[ثمّ استشهد بشعر]
و المجنب أيضا:أقصى أرض العجم إلى أرض العرب،و أدنى أرض العرب إلى أرض العجم.[ثمّ استشهد بشعر]
و المجنب،بالفتح:الشّيء الكثير،يقال:إنّ عندنا لخيرا مجنبا و شرّا مجنبا،أي كثيرا.
و الجنب بالتّحريك الّذي نهي عنه:أن يجنب الرّجل مع فرسه عند الرّهان فرسا آخر،لكي يتحوّل عليه إن خاف أن يسبق على الأوّل.
و الجنب أيضا:مصدر قولك:جنب البعير بالكسر يجنب جنبا،إذا ظلع من جنبه.(1:101)
ابن فارس: الجيم و النّون و الباء أصلان متقاربان؛ أحدهما:النّاحية،و الآخر:البعد.
فأمّا النّاحية فالجناب،يقال:هذا من ذلك الجناب، أي النّاحية.و قعد فلان جنبة،إذا اعتزل النّاس،و في الحديث:«عليكم بالجنبة فإنّه عفاف».
و من الباب«الجنب»للإنسان و غيره.و من هذا «الجنب»الّذي نهي عنه في الحديث:أن يجنب الرّجل مع فرسه عند الرّهان فرسا آخر،مخافة أن يسبق فيتحوّل عليه.
و الجنب:أن يشتدّ عطش البعير حتّى تلتصق رئته بجنبه،و يقال:جنب يجنب.[ثمّ استشهد بشعر]
و المجنب:الخير الكثير،كأنّه إلى جنب الإنسان.
و جنبت الدّابّة،إذا قدتها إلى جنبك،و كذلك جنبت الأسير.
و سمّي التّرس مجنبا،لأنّه إلى جنب الإنسان.
و أمّا البعد فالجنابة.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:إنّ«الجنب»الّذي يجامع أهله مشتقّ من هذا،لأنّه يبعد عمّا يقرب منه غيره،من الصّلاة و المسجد و غير ذلك.
و ممّا شذّ عن الباب:ريح الجنوب،يقال جنب القوم:أصابتهم ريح الجنوب؛و أجنبوا،إذا دخلوا في الجنوب.
و قولهم:جنّب القوم،إذا قلّت ألبان إبلهم.و هذا عندي ليس من الباب،و إن قال قائل:إنّه من«البعد» كأنّ ألبانها قلّت فذهبت،كان مذهبا.
و جنب:قبيلة،و النّسبة إليها جنبيّ،و هو مشتقّ من بعض ما ذكرناه.(1:483)
أبو هلال :الفرق بين الجانب و النّاحية و الجهة،قال المتكلّمون:إنّ جانب الشّيء غيره،و جهته ليست غيره،أ لا ترى أنّ اللّه تعالى لو خلق الجزء الّذي لا يتجزّأ منفردا لكانت له جهات ستّ،بدلالة أنّه يجوز أن تجاوره ستّة أجزاء،من كلّ جهة جزء،و لا يجوز أن يقال:إنّ له جوانب،لأنّ جانب الشّيء:ما قرب من بعض جهاته، أ لا ترى أنّك تقول للرّجل:خذ على جانبك اليمين،تريد ما يقرب من هذه الجهة،لو كان جانبك اليمين أو الشّمال منك لم يمكنك الأخذ فيه.
و قال بعضهم:ناحية الشّيء:كلّه،و جهته:بعضه، أو ما هو في حكم البعض.
يقال:ناحية العراق،أي العراق كلّها،و جهة العراق يراد بها بعض أطرافها.
ص: 36
و عند أهل العربيّة:أنّ الوجه مستقبل كلّ شيء، و الجهة:النّحو،يقال:كذا على جهة كذا،قاله الخليل، قال:و يقال:رجل أحمر من جهة الحمرة،و أسود من جهة السّواد.و الوجهة:القبلة،قال تعالى: وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ البقرة:148،أي في كلّ وجه استقبلته و أخذت فيه.
و تجاه الشّيء:ما استقبلته،يقال:توجّهوا إليك و وجّهوا إليك،كلّ يقال،غير أنّ قولك:وجّهوا إليك، على معنى ولّوا وجوههم،و التّوجّه الفعل اللاّزم، و النّاحية«فاعلة»بمعنى«مفعولة»و ذلك أنّها منحوّة،أي مقصودة،كما تقول:راحلة،و إنّما هي مرحولة،و عيشة راضية،أي مرضيّة.
الفرق بين الجانب و الكنف:أنّ الكنف هو ما يسدّ الشّيء من أحد جانبيه،و لهذا يستعمل في المعونة، فيقال:أكنف الرّجل،إذا أعانه،و كنفته إذا حطته، و كنفت الإبل،إذا حطتها في حظيرة من الشّجر.
و يجوز أن يقال الفرق بين الجانب و الكنف:أنّ الكنف هو الجانب المعتمد عليه،و ليس كذلك الجانب.
(243)
الثّعالبيّ: فإذا كان[الفرس]بعيد ما بين الرّجلين من غير فحج،فهو مجنّب.(171)
الجنبة:هي تقدّ من جنب البعير.(261)
قد جنب البعير يجنب جنبا،هو إذا التصقت رئته بجنبه من العطش.(إصلاح المنطق:206)
ابن سيده: الجنب،و الجنبة،و الجانب:شقّ الإنسان و غيره،و الجمع:جنوب،و جوانب،و جنائب، الأخير نادرة.
و جنب الرّجل:شكا جانبه.
و جانبه مجانبة،و جنابا:صار إلى جنبه،و قوله:
«اتّق اللّه في جنب أخيك و لا تقدح في ساقه»معناه لا تقتله و لا تفتنه،و هو على المثل،و قد فسّر«الجنب» هنا بالوقيعة و الشّتم.[ثمّ استشهد بشعر]
و قوله تعالى: وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ النّساء:36، يعني الّذي يقرب منك و يكون إلى جنبك.
و كذلك:«جار الجنب»أي اللاّزق بك إلى جنبك.
و المجنّبتان من الجيش:الميمنة،و الميسرة.
و المجنّبة بالفتح:المقدّمة.
و جنب الفرس و الأسير يجنبه جنبا،فهو مجنوب، و جنيب:قاده إلى جنبه.
المجنّب:المجنوب،أي المقود.
و جنّاب الرّجل:الّذي يسير معه إلى جنبه.
و جنيبتا البعير:ما حمل على جنبيه.
و جنبته:طائفة من جنبه
و الجنبة:العلبة،تعمل من جنب البعير،و هي فوق المعلق من العلاب و دون الحوأبة.
و الجنب:أن يجنب خلف الفرس فرس فإذا بلغ قرب الغاية ركب.
و جنب الرّجل:دفعه.
و رجل جانب،و جنب:غريب.و الجمع:أجناب.
و قد يفرد في الجمع و لا يؤنّث،و كذلك:الجانب، و الأجنبيّ،و الأجنب.[ثمّ استشهد بشعر]
و الاسم:الجنبة،و الجنابة.[ثمّ استشهد بشعر]
ص: 37
و جنّب الشّيء،و تجنّبه،و اجتنبه:بعد عنه،و جنّبه إيّاه،و جنبه يجنبه-فسّره[ثعلب]فقال:يعني الأجنبيّ- و أجنبه،و في التّنزيل: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ إبراهيم:35،و قد قرئ: (و أجنبني و بنىّ) بالقطع.
و رجل جنب:يتجنّب قارعة الطّريق مخافة الأضياف.
و رجل ذو جنبة،أي اعتزال.
و قعد جنبة،أي ناحية.
و الجانب:المجتنب:المحقور.
و جار جنب ذو جنابة:من قوم لا قرابة لهم، و يضاف فيقال:جار الجنب.
و المجانب:المباعد.[ثمّ استشهد بشعر]
و فرس مجنّب:بعبد ما بين الرّجلين.
و الجنابة:المنيّ،و قد أجنب الرّجل،و هو جنب، و كذلك:الاثنان و الجميع و المؤنّث.
و قد قالوا:جنبان و أجناب.
قال سيبويه:كسّر على«أفعال»كما كسّر«بطل» عليه حين قالوا:أبطال،كما اتّفقا في الاسم عليه،يعني نحو جبل و أجبال و طنب و أطناب،و لم يقولوا:جنبة.
و الجناب:النّاحية و الفناء.
و فلان رحب الجناب،أي الرّحل.
و كنّا عنهم جنابين،و جنابا،أي متنحّين.
و الجنيبة:النّاقة يعطيها الرّجل القوم و يعطيهم دراهم ليميروه عليها.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنيبة:صوف الثّنيّ،عن كراع وحده،و الّذي حكاه يعقوب و غيره من أهل اللّغة:«الخبيبة».ثمّ قال في موضع آخر:الخبيبة:صوف الثّنيّ مثل الجنيبة،فثبت بهذا أنّهما لغتان صحيحتان.
و المجنب:الكثير من الخير و الشّرّ،و خصّ أبو عبيد به الكثير من الخير،قال الفارسيّ:و هو ممّا وصفوا به،فقالوا:خير مجنب،قال الفارسيّ:و هذا يقال بكسر الميم و فتحها.
و طعام مجنب:كثير.
و المجنب:شبحة مثل المشط إلاّ أنّها ليست لها أسنان،و طرفها الأسفل مرهف يرفع بها التّراب على الأعضاد و الفلجان.و قد جنب الأرض بالمجنب.
و الجنب في الدّابّة:شبه الظّلع و ليس بظلع.
و حمار جنب.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنب:الذّئب لتظالعه كيدا أو مكرا،من ذلك.
و الجنب:أن يشتدّ عطش الإبل حتّى تلزق الرّئة بالجنب؛و قد جنب.
و الجناب:ذات الجنب،في أيّ الشّقّين كان،عن الهجريّ.و زعم أنّه إذا كان في الشّقّ الأيسر أذهب صاحبه.[ثمّ استشهد بشعر]
و قد جنب.
و المجنب،و المجنب:التّرس،و ليست واحدة منهما على الفعل.
و الجنبة:عامّة الشّجر الّذي يتربّل في الصّيف.
و قال أبو حنيفة:الجنبة:ما كان في نبتته بين البقل و الشّجر،و هما ممّا يبقى أصله في الشّتاء و يبيد فرعه.
و الجنوب:ريح تخالف الشّمال تأتي عن يمين القبلة.
ص: 38
[إلى أن قال:]
و جنّب القوم،إذا لم يكن في إبلهم لبن.
و جنّب الرّجل،إذا لم يكن في إبله و لا غنمه درّ.
و جنّب النّاس:انقطعت ألبانهم.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنّبها هو،بشدّ النّون أيضا.
و جنّب إبله و غنمه:لم يرسل فيها فحلا.
و الجنب:القصير.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجناباء،و الجنابى:لعبة للصّبيان.
و جنوب:اسم امرأة.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنب:بطن من العرب ليس بأب و لا حيّ،و لكنّه لقب.و قيل:هي قبيلة من قبائل اليمن.
و الجناب:موضع.(7:460)
الجناب و ذات الجنب:وجع تحت الأضلاع ناخس،مع سعال و حمّى.و قيل:علّة صعبة،و هي ورم حارّ يعرض للحجاب المستبطن للأضلاع،يقال منها:
جنب الإنسان فهو مجنوب.(الإفصاح 1:503)
الجناب:الفناء.(الإفصاح 1:565)
الجناب:سمة على الجنب(الإفصاح 2:738)
الطّوسيّ: يقال:رجل جنب،إذا أجنب،و رجل جنب،أي غريب،و لا يثنّى و لا يجمع.و يجمع أجنابا،أي غرباء.(3:206)
الرّاغب: أصل الجنب:الجارحة،و جمعه:جنوب.
[ثمّ ذكر الآيات]
ثمّ يستعار في النّاحية الّتي تليها،كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك،نحو:اليمين و الشّمال.[ثمّ استشهد بشعر]
و قيل:جنب الحائط و جانبه، وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ النّساء:36،أي:القريب.
قال تعالى: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ الزّمر:56،أي في أمره و حدّه الّذي حدّه لنا.
و سار جنيبه و جنيبته،و جنابيه و جنابيته.
و جنبته:أصبت جنبه،نحو:كبدته و فأدته.و جنب:
شكا جنبه،نحو:كبد و فئد.
و بني من«الجنب»الفعل على وجهين:
أحدهما:الذّهاب على ناحيته.
و الثّاني:الذّهاب إليه.
فالأوّل:نحو:جنبته،و أجنبته،و منه: وَ الْجارِ الْجُنُبِ النّساء:36،أي البعيد.[ثمّ استشهد بشعر]
و رجل جنب و جانب.[ثمّ ذكر الآيات الّتي جاء فيها(اجتنبوا)إلى أن قال:]
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ المائدة:90،و ذلك أبلغ من قولهم:اتركوه.
و جنّب بنو فلان،إذا لم يكن في إبلهم اللّبن،و جنب فلان خيرا،و جنب شرّا،قال تعالى في النّار:
وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى* اَلَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكّى الليل:
17،18،و ذلك إذا أطلق فقيل:جنب فلان،فمعناه:
أبعد عن الخير،و كذلك يقال في الدّعاء في الخير،و قوله عزّ و جلّ: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ إبراهيم:
35،من:جنبته عن كذا،أي أبعدته،و قيل:هو من جنبت الفرس،كأنّما سأله أن يقوده عن جانب الشّرك بألطاف منه و أسباب خفيّة.و الجنب:الرّوح في الرّجلين، و ذلك إبعاد إحدى الرّجلين عن الأخرى خلقة.
ص: 39
و قوله تعالى: وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا المائدة:6،أي إن أصابتكم الجنابة،و ذلك بإنزال الماء أو بالتقاء الختانين،و قد جنب و أجنب و اجتنب و تجنّب.
و سمّيت«الجنابة»بذلك،لكونها سببا لتجنّب الصّلاة في حكم الشّرع.
و الجنوب يصحّ أن يعتبر فيها معنى المجيء من جانب الكعبة،و أن يعتبر فيها معنى الذّهاب عنه،لأنّ المعنيين فيها موجودان.
و اشتقّ من«الجنوب»جنبت الرّيح:هبّت جنوبا، فأجنبنا:دخلنا فيها،و جنبنا:أصابتنا،و سحابة مجنوبة:
هبّت عليها.(99)
الزّمخشريّ: رجل جنب و قوم جنب وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا المائدة:6،و أجنب و تجنّب و اجتنب.
و جار جنب،و هو الّذي جاورك من قوم آخرين، ليس من أهل الدّار و لا من أهل النّسب،و هؤلاء قوم أجناب.[ثمّ استشهد بشعر]
و لا تحرمني عن جنابة،أي من أجل بعد نسب و غربة،و معناه لا يصدر حرمانك عنها،كقوله تعالى:
وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي الكهف:82.
و أنا في جناب فلان،أي في فنائه و محلّته.و مشوا جانبيه و جنابيه و جنابتيه و جنبتيه.[ثمّ استشهد بشعر]
و نزلوا في جنبات الوادي.و قعد جنبة،إذا اعتزل القوم.و تقول:طانب الكرام،و جانب اللّئام.و لجّ فلان في جناب قبيح،أي في مجانبة أهله.
و جنبت الدّابّة أجنبها جنبا بالتّحريك،و هو أن يجنب المسابق فرسا،فإذا دنا من الغاية انتقل عليه ليسبق.
و أعطاه الجنب:انقاد له.و فلان تقاد الجنائب بين يديه،و هو يركب نجيبه،و يقود جنيبه.
و جانبه:مشى إلى جنبه،و هو جنيبه.
و فرس طوع الجناب:سلس القياد.و أصحب جنيبه،إذا طاوعه.و هو أجنبيّ منّي و أجنب.
و جنبته الشّرّ فاجتنبه،و جنّبته إيّاه فتجنّبه.
و قيل للتّرس:المجنب،لأنّه يجنب صاحبه،أي يقيه ما يكره،كأنّه آلة لذلك.و كان في إحدى المجنّبتين،و هما جناحا العسكر.
و جنبت الرّيح:هبّت جنوبا.و جنب القوم:
أصابتهم،و سحابة مجنوبة.و أجنبوا:دخلوا فيها.
و المجنوب في سبيل اللّه شهيد،و ذات الجنب:داء الصّناديد.
و من المجاز:اتّق اللّه الّذي لا جنيبة له،أي لا عديل له.و أطاعت جنيبته،إذا انقاد.[ثمّ استشهد بشعر]
و فرّطت في جنب اللّه،أي في جانبه و في حقّه.
و رجل ليّن الجانب:سهل المعاملة،سلس.[ثمّ استشهد بشعر]
و تقول:المسلمون جانب،و الكفّار جانب.
و هو أجنبيّ من هذا الأمر،أي لا تعلق له به و لا معرفة.
و فلان رحب الجناب و خصيب الجناب:سخيّ.
(أساس البلاغة:65)
[في الحديث]:«لا جلب و لا جنب و لا شغار في
ص: 40
الإسلام»و الجنب:مصدر جنب الفرس،إذا اتّخذه جنيبة.(الفائق 1:224)
«بع الجمع بالدّراهم ثمّ ابتع بالدّراهم جنيبا»الجمع:صنوف من التّمر تجمع.
و الجنيب:نوع منه جيّد،و كانوا يبيعون صاعين من الجمع بصاع من الجنيب.(الفائق 1:234)
[في حديث عمر]:«فأصبحت بجنبتي النّاس» بجنبتي،أي بجانبي.و الجنب و الجنبة و الجنبة و الجنابة واحد،يقولون:أنا بجنبة هذا البيت،و مرّوا يسيرون بجنبتيه و جنابتيه.(الفائق 2:331)
[في حديث]«...و استكفّوا جنابيه»يقال:مرّوا يسيرون جنابيه و جنابتيه،أي ناحيتيه.
(الفائق 3:162)
و الجنب يستوي فيه الواحد و الجمع و المذكّر و المؤنّث،لأنّه اسم جرى مجرى المصدر الّذي هو الإجناب.(الكشّاف 1:528)
نحوه البيضاويّ(1:221)،و النّسفيّ(1:227)، و النّيسابوريّ(5:48).
ابن الشّجريّ: يقال اجتنبت الشّيء،أي اعتزلته جانبا.و إن شئت أخذته من«الجنابة»و هي البعد.[ثمّ استشهد بشعر]
و كلا القولين يرجع إلى أصل واحد.(1:149)
الطّبرسيّ: الاجتناب:المباعدة عن الشّيء و تركه جانبا،و منه الأجنبيّ.و يقال:ما يأتينا فلان إلاّ عن جنابة،أي بعد.[ثمّ استشهد بشعر](2:38)
المدينيّ: في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه،في الرّجل الّذي أصابته الفاقة:«فخرج إلى البريّة فدعا، فإذا الرّحا تطحن،و التّنّور مملوء جنوب شواء».
الجنوب:جمع جنب،و قد جرت العادة بأن يشوى الجنب،و كان القياس أن يقال:«جنب شواء»لأنّه نصب على التّمييز،و التّمييز يكون موحّد اللّفظ،قلّ ما يجمع.
على أنّه قد جاء بلفظ الجمع،في قوله تعالى:
بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الكهف:103،و أراد أنّه كان في التّنّور جنوب كثيرة،لا جنب واحد،فلهذا جمعه مع كونه تمييزا.
[في الحديث]:«إنّ الإبل جنّبت قبلنا العام»أي لم تلقح فيكون لها ألبان.
في الحديث:«ذو الجنب شهيد»أي الّذي يطول مرضه و اضطجاعه.
في حديث الشّعبيّ: «أنّ الحجّاج سأل رجلا:هل كان وراءك غيث؟قال:كثر الإعصار،و أكل ما أشرف من الجنبة».
الجنبة:رطب الصّلّيان،فإذا يبس فهو الصّلّيان.
و قيل:الجنبة يقع على عامّة الشّجر المتربّلة في الصّيف، و قيل:هي ما فوق البقل و دون الشّجر.
و في حديث الضّحّاك:«قال لجارية:هل من مغرّبة خبر؟قالت:على الجانب الخبر»أي على الغريب القادم.
يقال:جنب فلان في بني فلان،إذا نزل فيهم غريبا، و رجل جانب،و قوم جنّاب.و قال بعضهم:رجل جنب:غريب،و الجمع:أجناب،و جار الجنابة:جار الغربة.
ص: 41
في حديث جبير رضي اللّه عنه:«أتاه بتمر جنيب» هو نوع من أجود التّمور.و قيل:الجنيب:التّمر المكبوس،و قيل:هو التّين.
في حديث الشّعبيّ: «أجدب بنا الجناب»الجناب:
ما حول القوم،و جناب الشّيء:ناحيته،و جناب الدّار:
فناؤها.
في الحديث:«لا تدخل الملائكة بيتا فيه جنب، و لا كلب و لا صورة»الجنب قيل:هو الّذي يترك الاغتسال من الجنابة عادة،فيكون أكثر أوقاته جنبا.
و قيل:هو للجنب الّذي لم يتوضّأ بعد الجنابة.(1:357)
ابن الأثير: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه جنب» الجنب:الّذي يجب عليه الغسل بالجماع و خروج المنيّ.
و يقع على الواحد،و الاثنين،و الجميع،و المؤنّث،بلفظ واحد.و قد يجمع على:أجناب و جنبين.و أجنب يجنب إجنابا؛و الجنابة:الاسم،و هي في الأصل:البعد.
و سمّي الإنسان جنبا،لأنّه نهي أن يقرب مواضع الصّلاة ما لم يتطهّر.و قيل:لمجانبته النّاس حتّى يغتسل.
و أراد ب«الجنب»في هذا الحديث:الّذي يترك الاغتسال من الجنابة عادة،فيكون أكثر أوقاته جنبا، و هذا يدلّ على قلّة دينه و خبث باطنه.
و قيل:أراد ب«الملائكة»هاهنا غير الحفظة،و قيل:
أراد لا تحضره الملائكة بخير.و قد جاء في بعض الرّوايات كذلك.
و في[حديث]آخر:«المجنوب شهيد».
ذات الجنب:هي الدّبيلة و الدّمل الكبيرة الّتي تظهر في باطن الجنب و تنفجر إلى داخل،و قلّما يسلم صاحبها.
و ذو الجنب:الّذي يشتكي جنبه بسبب الدّبيلة إلاّ أنّ«ذو»للمذكّر و«ذات»للمؤنّث،و صارت«ذات الجنب»علما لها و إن كانت في الأصل صفة مضافة.
و المجنوب:الّذي أخذته ذات الجنب.و قيل:أراد بالمجنوب:الّذي يشتكي جنبه مطلقا.
و في حديث الحديبيّة:«كأنّ اللّه قد قطع جنبا من المشركين»أراد بالجنب:الأمر،أو القطعة،يقال:
ما فعلت في جنب حاجتي؟أي في أمرها.و الجنب:
القطعة من الشّيء تكون معظمه أو شيئا كثيرا منه.
[و هناك أحاديث أخرى](1:302)
العكبريّ: الجنب:يفرد مع التّثنية و الجمع في اللّغة الفصحى،يذهب به مذهب الوصف بالمصادر.و من العرب من يثنّيه و يجمعه،فيقول:جنبان و أجناب.
و اشتقاقه من:المجانبة،و هي المباعدة.(1:361)
الفيّوميّ: جنب الإنسان:ما تحت إبطه إلى كشحه، و الجمع:جنوب،مثل فلس و فلوس.
و الجانب:النّاحية،و يكون بمعنى الجنب أيضا،لأنّه ناحية من الشّخص،و الجنوب أيضا،لأنّه ناحية من الشّخص.
و الجنوب هي الرّيح القبليّة.
و ذات الجنب:علّة صعبة،و هي ورم حارّ يعرض للحجاب المستبطن للأضلاع،يقال منها:جنب الإنسان بالبناء للمفعول،فهو مجنوب.
و الجنابة معروفة،يقال منها:أجنب بالألف و جنب وزان«قرب»فهو جنب.و يطلق على الذّكر و الأنثى،
ص: 42
و المفرد و التّثنية و الجمع،و ربّما طابق على قلّة،فيقال:
أجناب و جنبون،و نساء جنبات،و رجل جنب:بعيد.
و الجار الجنب،قيل:رفيقك في السّفر،و قيل:
جارك من قوم آخرين،و لا تكاد العرب تقول:أجنبيّ.
قاله الأزهريّ في(روح)،و قال في بابه:رجل(أجنب):
بعيد منك في القرابة،و(أجنبيّ)مثله.و قال الفارابيّ:
قولهم:رجل(أجنبيّ)و(جنب)و(جانب)بمعنى.و زاد الجوهريّ و(أجنب)،و الجمع(الأجانب).
و جنبت الرّجل الشّرّ جنوبا،من باب«قعد»:
أبعدته عنه؛و جنّبته بالتّثقيل مبالغة.
و الجنيب:من أجود التّمر.
و الجنيبة:الفرس تقاد و لا تركب«فعيلة»بمعنى «مفعولة»يقال:جنبته أجنبه من باب«قتل»إذا قدته إلى جنبك.
و الجناب بالفتح:الفناء،و الجانب أيضا.(1:110)
الفيروزآباديّ: الجنب و الجانب و الجنبة محرّكة:شقّ الإنسان و غيره،الجمع:جنوب و جوانب و جنائب.
و جنب كعني:شكا جنبه،و رجل جنيب:كأنّه يمشي في جانب متعقّبا.
و جانبه مجانبة و جنابا:صار إلى جنبه و باعده،ضدّ.
و اتّق اللّه في جنبه و لا تقدح في ساقه:لا تقتله و لا تفتنه،و قد فسّر«الجنب»بالوقيعة و الشّتم.
و جار الجنب:اللاّزق بك إلى جنبك،و الصّاحب بالجنب:صاحبك في السّفر،و الجار الجنب بضمّتين:
جارك من غير قومك.
و جنابتا الأنف و جنبتاه و يحرّك:جنباه.
و المجنّبة بفتح النّون:المقدّمة.و المجنّبتان بالكسر:الميمنة و الميسرة.
و جنبه جنبا محرّكة و مجنبا:قاده إلى جنبه،فهو جنيب و مجنوب و مجنّب،و خيل جنائب و جنب محرّكة، و دفعه،و كسر جنبه،و أبعده،و اشتقاق،و نزل غريبا.
و جنّابك كرمّان:مسايرك إلى جنبك.
و جنيبتا البعير:ما حمل على جنبيه.
و الجانب و الجنب بضمّتين و الأجنبيّ و الأجنب:
الّذي لا ينقاد،و الغريب؛و الاسم:الجنبة و الجنابة.
و جنّبه و تجنّبه و اجتنبه و جانبه و تجانبه:بعد عنه، و جنّبه إيّاه،و جنبه كنصره،و أجنبه.
و رجل جنب ككتف:يتجنّب قارعة الطّريق مخافة الأضياف.
و الجنبة:الاعتزال و النّاحية،و جلد للبعير، و عامّة الشّجر الّتي تتربّل في الصّيف،أو ما كان بين الشّجر و البقل.
و الجانب:المجتنب المحقور،و فرس بعيد ما بين الرّجلين.
و الجنابة:المنيّ،و قد أجنب و جنب و جنب و أجنب و استجنب و هو جنب،يستوي للواحد و الجميع،أو يقال:جنبان و أجناب،لا جنبة.
و الجناب:الفناء،و الرّحل،و النّاحية،و جبل، و علم،و موضع،و بالضّمّ:ذات الجنب،و بالكسر:
فرس طوع الجناب:سلس القياد.
و لجّ في جناب قبيح بالكسر،أي مجانبة أهله.
ص: 43
و الجنابة كسحابة:النّاقة تعطيها القوم مع دراهم ليميروك عليها.
و الجنيبة:صوف الثّنيّ.
و المجنب كمنبر و مقعد:الكثير من الخير و الشّرّ، و كمنبر:السّتر،و مثل الباب يقوم عليه مشتار العسل، و أقصى أرض العجم إلى أرض العرب،و التّرس و تضمّ ميمه،و شبح كالمشط بلا أسنان يرفع به التّراب على الأعضاد و الفلجان.
و الجنب محرّكة:شبه الظّلع،و أن يشتدّ عطش الإبل حتّى تلزق الرّئة بالجنب،و القصير،و أن يجنب فرسا إلى فرسه في السّباق فإذا فتر المركوب تحوّل إلى المجنوب، و في الزّكاة أن ينزل العامل بأقصى مواضع الصّدقة ثمّ يأمر بالأموال أن تجنب إليه،أو أن يجنب ربّ المال بماله، أي يبعده عن موضعه حتّى يحتاج العامل إلى الإبعاد في طلبه.
و الجنوب:ريح تخالف الشّمال،مهبّها من مطلع سهيل إلى مطلع الثّريّا،الجمع:جنائب،جنبت جنوبا، أو جنبوا بالضّمّ:أصابتهم،و أجنبوا:دخلوا فيها.
و جنب إليه كنصر و سمع:قلق.
و الجنب:معظم الشّيء و أكثره،و حيّ باليمن أو لقب لهم لا أب،و محدّث كوفيّ.
و جنّب تجنيبا:لم يرسل الفحل في إبله و غنمه، و القوم:انقطعت ألبانهم.
و جنوب:امرأة.
و الجناباء و كسمانى:لعبة للصّبيان.
و الجوانب:بلاد،و كقبّر:ناحية بالبصرة،و كهمزة:
ما يجتنب،و جنّابة مشدّدة:بلدة تحاذي خارك منه القرامطة.
و سحابة مجنوبة:هبّت بها الجنوب.
و التّجنيب:انحناء و توتير في رجل الفرس مستحبّ.
و الجنيب:تمر جيّد.
و جنباء:موضع ببلاد تميم.(1:50)
الطّريحيّ: و في الدّعاء:«و جنّبني الحرام»أي بعّدني عنه و نحّني.
و«جنّبوا مساجدكم النّجاسة»أي نحّوا عن مساجدكم و أبعدوها عنها،و كأنّه من باب القلب.
و في الحديث:«توضّئوا من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة»يريد:المرأة الجنب،و هذا اللّفظ ممّا يستوي فيه الواحد و الاثنان و الجماعة،و المذكّر و المؤنّث.
و فيه:«لا يجنب الثّوب الرّجل و لا يجنب الرّجل الثّوب»يريد أنّ هذين و نحوهما لا يضرّ ملامسة شيء منهما؛بحيث يوجب الغسل أو الغسل.[إلى أن قال:]
و قوله:«أوذي في جنبك»جنب اللّه:طاعته عن الصّدوق،و أمره عن ابن عرفة،و قربه و جواره عن الفرّاء.
و قول عليّ عليه السّلام:«أنا جنب اللّه»يأتي على المعاني كلّها،و مثله قول أهل البيت عليهم السّلام:«نحن جنب اللّه»، «نحن يد اللّه».
و«في جنب اللّه»أي ذات اللّه.[إلى أن قال:]
و الجنب:النّاحية،و كذا الجانب،و هو أحد نواحي الشّيء.
و فلان ليّن الجانب،أي سهل القرب.
ص: 44
و المجانبة:ضدّ المخالطة.
و أجنبيّ: غريب ليس بقريب.
و«عاصفة جنابيّة»في حديث الاستسقاء،كأنّه يريد الرّياح الجنوبيّة،فإنّها تكسر السّحاب و تلحقه روادفه،بخلاف الشّماليّة فإنّها تمزّقه.
و الجنيبة:الدّابّة تقاد،و منه جنّبت الدّابّة،إذا قدتها إلى جنبك،و الجمع:الجنائب.
و كلّ طائع منقاد:جنيب،و منه حديث الأذان:
«يقودون جنائب من نور».
و الجناب بالفتح:الفناء،و ما قرب من محلّة القوم، و الجمع:أجنبة.
و فرس طوع الجناب بالكسر،إذا كان سلس القياد.
(2:26)
العدنانيّ: الجنوب،الجنوب.
و يقولون:تقع صيدا جنوب بيروت،و الصّواب:
جنوب بيروت،أي الجهة المقابلة لشمال بيروت.
أمّا الجنوب فهي جمع جنب،الّذي من معانيه:
1-الجنب من كلّ شيء:أ-ناحيته.ب-شقّه.ج- معادله.
2-هذا قليل في جنب مودّتك:بالنّسبة إليها.
3-ما ذا فعلت في جنب حاجتي؟في أمرها،قال تعالى في الآية 56 من سورة الزّمر: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ: في جانبه و في حقّه.
4-جار الجنب:اللاّزق إلى جنبك.
5-الصّاحب بالجنب:القريب منك،و صاحبك في السّفر.
6-أعطاه الجنب:انقاد له.
7-ذو الجنب:الّذي يشتكي جنبه.
8-ذات الجنب:التهاب في الغشاء المحيط بالرّئة.
أمّا كلمة الجنوب فقد تعني الرّيح الّتي تهبّ من الجنوب.
و يقال:ريحهما جنوب،إذا كانا متصافيين.
و تجمع الجنوب على:جنائب.
و الجنب على:جنوب و أجناب.(129)
محمود شيت:[ذكر نحو السّابقين و أضاف:]
المجنب:الكثير.و آلة كالمسحاة ليس لها أسنان، و طرفها الأسفل مرهف تسوّى بها الأرض،و يرفع بها التّراب لتقوية ما حول مجاري المياه و غيرها.و التّرس.
و السّتر.و الحدّ بين مملكتين.الجمع:مجانب.
المجنّبة من الجيش:المقدّمة.
المجنّبة من الجيش:جناحه،و هما مجنّبتان:ميمنة و ميسرة.
تجنّب الألغام:اجتنبها.
جنبك سلاح:أخذ السّلاح إلى الجنب،و هو إيعاز عسكريّ.
المجنّبة:الميمنة أو الميسرة.(1:155)
المصطفويّ: و التّحقيق:أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة،هو الميل و التّنحية،بمعنى جعل الشّيء في جنبه و انصرافه عنه،و الجنب:هو ما يلي الشّيء من غير انفصال،أي الخارج الملاصق،كما أنّ الطّرف،هو منتهى الشّيء داخلا فيه.
و هذا المعنى غير البعد و الإزالة.و قريب من مفهوم:
ص: 45
النّحى و الصّرف و الميل.فالجانب هو المستقرّ في جنب شيء أو ما وقع في الجنب،و الجنب:صفة و كذلك الجنب،و الجنب و الجنيب بمعنى المتّصف بوقوعه في جنب شيء.و الأجنب:صيغة تفضيل.
و تفسيرها بالنّاحية،و من أصابته الجنابة،و الفناء، و من بعدت صحبته و غيرها:كلّها معان مجازيّة،إلاّ إذا كان قيد القرار في الجنب ملحوظا فيها.
و هكذا سائر مشتقّاتها الاسميّة و الفعليّة؛فمعنى جنبه و جانبه و تجنّبه و تجانبه و اجتنبه:جعله في جنبه و صرفه عن نفسه و نحّاه،مضافا إلى ما لوحظ في الصّيغ من الخصوصيّات المختصّة بكلّ منها.
و الفرق بين التّجنيب و التّنحية:أنّ التّنحية مطلق إمالة شيء و صرفه عن شيء،و أمّا التّجنيب فهو التّنحية،و الجعل في الجنب،أي جانبه.[ثمّ ذكر الآيات و تفسيرها،لاحظ النّصوص التّفسيريّة](2:121)
1- أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ...
الإسراء:68
الطّبريّ: يعنى ناحية البرّ.(15:123)
الماورديّ: يحتمل وجهين:
أحدهما:يريد بعض البرّ،و هو موضع حلولهم منه، فسمّاه جانبه لأنّه يصير بعد الخسف جانبا.
الثّاني:أنّهم كانوا على ساحل البحر،و ساحله جانب البرّ،و كانوا فيه آمنين من أهوال البحر،فحذّرهم ما أمنوه من البرّ كما حذّرهم ما خافوه من البحر.
(3:257)
البغويّ: ناحية البرّ،و هي الأرض.(3:144)
الميبديّ: ناحيته من الأرض.و قيل:(جانب البرّ):ساحل البحر.(5:580)
الزّمخشريّ: فإن قلت:بم انتصب(جانب البرّ)؟
قلت:ب(يخسف)مفعولا به ك(الأرض)في قوله:
فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ القصص:81،و(بكم) حال.
و المعنى أن يخسف جانب البرّ،أي يقلبه و أنتم عليه.
فإن قلت:فما معنى ذكر الجانب؟
قلت:معناه أنّ الجوانب و الجهات كلّها في قدرته سواء،و له في كلّ جانب-برّا كان أو بحرا-سبب مرصد من أسباب الهلكة،ليس جانب البحر وحده مختصّا بذلك،بل إن كان الغرق في جانب البحر ففي جانب البرّ ما هو مثله و هو الخسف،لأنّه تغييب تحت التّراب،كما أنّ الغرق تغييب تحت الماء،فالبرّ و البحر عنده سيّان يقدر في البرّ على نحو ما يقدر عليه في البحر،فعلى العاقل أن يستوي خوفه من اللّه في جميع الجوانب،و حيث كان.
(2:457)
نحوه الفخر الرّازيّ(21:11)،و النّسفيّ(2:321)، و النّيسابوريّ(15:57).
الطّبرسيّ: معناه أنّ فعلكم هذا فعل من يتوهّم أنّه إذا صار إلى البرّ أمن المكاره حتّى أعرضتم عن شكر اللّه و طاعته،فهل أمنتم أن يخسف بكم؟!أي يغيبكم
ص: 46
و يذهبكم في جانب البرّ و هو الأرض،يقال:خسف اللّه به الأرض،أي غاب به فيها.و أراد به بعض البرّ،و هو موضع حلولهم فيه فسمّاه جانبا،لأنّه يصير بعد الخسف جانبا.
[ثمّ نقل الوجه الثّاني للماورديّ](3:427)
نحوه شبّر.(4:37)
القرطبيّ: و(جانب البرّ):ناحية الأرض،و سمّاه جانبا لأنّه يصير بعد الخسف جانبا،و أيضا فإنّ البحر جانب و البرّ جانب.
[و نقل الوجه الثّاني عند الماورديّ](10:292)
البيضاويّ: في ذكر الجانب تنبيه على أنّهم كما وصلوا السّاحل كفروا و أعرضوا،و أنّ الجوانب و الجهات في قدرته سواء،لا معقل يؤمن فيه من أسباب الهلاك.
(1:592)
نحوه أبو السّعود(4:145)،و الكاشانيّ(3:205).
البروسويّ: إنّ جميع الجوانب و الجهات متساوية بالنّسبة إلى قدرته تعالى و قهره و سلطانه،لا ملجأ و لا منجى منه إلاّ إليه،فعلى العبد أن يستوي خوفه من اللّه في جميع الجوانب حيث كان،فإنّ اللّه كان متحلّيا بجماله و جلاله في جميع الأينيّات،و لذا كان أهل اليقظة و الحضور لا يفرّقون بين أين و أين،و بين حال و حال، لمشاهدتهم إحاطة اللّه تعالى،فإنّ اللّه تعالى لو شاء لأهلك من حيث لا يخطر بالبال.
أ لا ترى أنّه أهلك نمرود بالبعوض،فكان البعوض بالنّسبة إلى قدرته كالأسد و نحوه في الإهلاك،و ربّما رأيت من غصّ بلقمة فمات.فانظر في أنّ تلك اللّقمة مع أنّها من أسباب الحياة كانت من مبادئ الممات،فأماته اللّه من حيث يدري حياته فيه.و لو أمعنت النّظر لوجدت شئون اللّه تعالى في هذا العالم عجيبة.
(5:184)
الآلوسيّ: الّذي هو مأمنكم،أي أن يغيّبه اللّه تعالى و يذهب به في أعماق الأرض مصاحبا بكم،أي و أنتم عليه،على أنّ«الباء»للمصاحبة،و الجارّ و المجرور في موضع الحال.و جوّز أن تكون«الباء»للسّببيّة و الجارّ و المجرور متعلّق بما عنده،أي أن يغيّبه سبحانه بسببكم.
و تعقّب بأنّه لا يلزم من قلبه بسببهم أن يكونوا مهلكين مخسوفا بهم.
و أجيب بأنّه حيث كان المراد من جانب البرّ جانبه الّذي هم فيه،استلزم خسفه هلاكهم،و لو لا هذا لم يكن في التّوعّد به فائدة.
و نصب(جانب)في الوجهين على أنّه مفعول به ل(يخسف).و في«الدّرّ المصون»أنّه منصوب على الظّرفيّة،و حينئذ يجوز كون الباء للتّعدية،على معنى أ فأنتم أن يغيّبكم في ذلك.
و في«القاموس»خسف اللّه تعالى بفلان الأرض:
غيّبه فيها،و الظّاهر أنّه بيان للمعنى اللّغويّ للّفظ.
و في ذكر«الجانب»تنبيه على أنّهم عند ما وصلوا السّاحل أعرضوا.
أو ليكون المعنى أنّ الجوانب و الجهات متساوية بالنّسبة إلى قدرته سبحانه و قهره و سلطانه،فله في كلّ جانب-برّا كان أو بحرا-سبب مرصد من أسباب الهلكة،فليس جانب البحر وحده مختصّا بذلك،بل إن
ص: 47
كان الغرق في جانب البحر ففي جانب البرّ ما هو مثله و هو الخسف،لأنّه تغييب تحت التّراب،كما أنّ الغرق تغييب تحت الماء،فعلى العاقل أن يخاف من اللّه تعالى في جميع الجوانب و حيث كان.
و الأوّل على تقدير أن يراد بجانب البرّ:طرفه ممّا يلي البحر،و هو السّاحل.و هذا على احتمال أن يراد به:
ما يشتمل جميع جوانبه.(15:116)
عبد الكريم الخطيب :و لكن أين تذهبون،إذا أنتم أمنتم جانب البرّ،أو تخرجون من ملك اللّه؟ثمّ أ تدفعون بأس اللّه عنكم إذا جاءكم؟فهل تأمنون و أنتم في البرّ أن يرسل اللّه عليكم ريحا عاصفة،محمّلة بالهلاك و الدّمار،فتغرقكم في الأرض،و تدفنكم في بطنها؟فإذا كنتم قد سلمتم من الغرق في البحر،فهل تعجز قدرة اللّه من أن تنالكم بالبلاء و أنتم على ظهر اليابسة؟و هل إذا وقع بكم هذا البلاء،هل هناك من يتولّى دفعه عنكم؟
و في قوله تعالى:(جانب البرّ)إشارة إلى هذا الحمى، و ذلك الجناب الّذي يجد فيه الإنسان طمأنينة و أمنا حين يضع قدمه على اليابسة،بعد أن يترك البحر و مخاطره.
فهذا الجانب لا يعصم من أمر اللّه،و لا يردّ بأسه.
(8:523)
2- لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. الصّافات:8
مجاهد :من كلّ مكان.(الطّبريّ 23:39)
قتادة :من جوانب السّماء.(الطّبريّ 23:39)
الواحديّ: و يرمون من كلّ ناحية بالشّهب.
(3:522)
البغويّ: من كلّ آفاق السّماء بالشّهب.(4:27)
الزّمخشريّ: من جميع جوانب السّماء،من أيّ جهة صعدوا للاستراق.(3:336)
نحوه الطّبرسيّ(4:438)،و البيضاويّ(2:289)، و النّسفيّ(4:17)،و أبو السّعود(5:321).
النّيسابوريّ: أي مرّة من هذا الجانب و مرّة من هذا الجانب.و قيل:من كلّ الجوانب.(23:43)
الشّربينيّ: أي من آفاق السّماء.(3:371)
الآلوسيّ: من جوانب السّماء إذا قصدوا الصّعود إليها،و ليس المراد أنّ كلّ واحد يرمى من كلّ جانب بل هو على التّوزيع،أي كلّ من صعد من جانب رمي منه.
(23:70)
الطّباطبائيّ: الجانب:الجهة.(17:123)
فضل اللّه :فيتعرّضون لما ترميهم به الشّهب.
(19:178)
وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً. الإسراء:83
راجع«ن أي»
أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ. الزّمر:56
ص: 48
ابن عبّاس: ضيّعت في ثواب اللّه.
(الواحديّ 3:589)
مجاهد :في أمر اللّه.(الطّبريّ 24:19)
في مجانبة أمر اللّه.
مثله السّدّيّ.(الماورديّ 5:132)
الحسن :في ذات اللّه.(الماورديّ 5:132)
السّدّيّ: ما تركت من أمر اللّه.(419)
في ذكر اللّه.(الماورديّ 5:133)
الفرّاء: أي في قرب اللّه و جواره.
(الأزهريّ 11:117)
أبو عبيدة : فِي جَنْبِ اللّهِ و في ذات اللّه واحد.
(2:190)
الطّبريّ: على ما ضيّعت من العمل بما أمرني اللّه به، و قصّرت في الدّنيا في طاعة اللّه.(24:19)
الزّجّاج: في أمر اللّه،أي فرّطت في الطّريق الّذي هو طريق اللّه الّذي دعاني إليه،و هو توحيده و الإقرار بنبوّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.(4:359)
السّجستانيّ: ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ و في ذات اللّه:واحد،و يقال:ما فعلت في جنب حاجتي،أي في حاجتي.[ثمّ استشهد بشعر](163)
النّقّاش:في ثواب اللّه من الجنّة.
(الماورديّ 5:133)
الشّريف الرّضيّ: و هذه استعارة.و قد اختلف في المراد بالجنب هاهنا،فقال قوم:معناه في ذات اللّه.و قال قوم:معناه في طاعة اللّه و في أمر اللّه،إلاّ أنّه ذكر «الجنب»على مجرى العادة في قولهم:هذا الأمر صغار في جنب ذلك الأمر،أي في جهته،لأنّه إذا عبّر عنه بهذه العبارة و دلّ على اختصاصه به من وجه قريب من معنى صفته.
و قال بعضهم:معنى(فى جنب اللّه)أي في سبيل اللّه، أو في الجانب الأقرب إلى مرضاته بالأوصل إلى طاعاته.
فلمّا كان الأمر كلّه يتشعّب إلى طريقين:أحدهما هدى و رشاد،و الأخرى غيّ و ضلال،و كلّ واحد منهما مجانب لصاحبه،أي هو في جانب و الآخر في جانب،و كان الجنب و الجانب بمعنى واحد،حسنت العبارة هاهنا عن سبيل اللّه بجنب اللّه،على النّحو الّذي ذكرناه.(165)
الماورديّ: فيه ستّة تأويلات:[مضت أربعة منها]
الخامس:في الجانب المؤدّي إلى رضا اللّه،و الجنب و الجانب سواء.
السّادس:في طلب القرب من اللّه،و منه قوله تعالى:
وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ أي بالقرب.(5:133)
الطّوسيّ: معناه فرّطت في طاعة اللّه أو في أمر اللّه، إلاّ أنّه ذكر الجنب،كما يقال:هذا صغير في جنب ذلك الماضي في أمره،و في جهته،فإذا ذكر هذا دلّ على الاختصاص به من وجه قريب من معنى جنبه.(9:39)
الواحديّ: و الجنب بمعنى القرب كثير في الكلام، يقال:فلان يعيش في جنب فلان،أي في قربه و جواره، و منه قوله تعالى: وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ النّساء:36، و المعنى على هذا القول:على ما فرّطت في طلب جنب اللّه،أي في طلب جواره و قربه و هو الجنّة.(3:589)
البغويّ: و قيل:معناه قصّرت في الجانب الّذي يؤدّي إلى رضاء اللّه.و العرب تسمّي«الجنب»
ص: 49
جانبا.(4:98)
الميبديّ: أي قصّرت في طاعة اللّه و إقامة حقّه.
(8:433)
الزّمخشريّ: و الجنب:الجانب،يقال:أنا فى جنب فلان و جانبه و ناحيته،و فلان ليّن الجنب و الجانب،ثمّ قالوا:فرّط في جنبه و في جانبه:يريدون في حقّه.[إلى أن قال:]
قيل: ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ على معنى فرّطت في ذات اللّه.
فإن قلت:فمرجع كلامك إلى أنّ ذكر الجنب كلا ذكر،سوى ما يعطي من حسن الكناية و بلاغتها،فكأنّه قيل:فرّطت في اللّه،فما معنى فرّطت في اللّه؟
قلت:لا بدّ من تقدير مضاف محذوف سواء ذكر الجنب أو لم يذكر،و المعنى فرّطت في طاعة اللّه و ما أشبه ذلك.و في حرف عبد اللّه و حفصة:في ذكر اللّه.
(3:404)
ابن عطيّة: معناه:في مقاصدي إلى اللّه و في جهة طاعته،أي في تضييع شريعته و الإيمان به.و الجنب:
يعبّر به عن هذا و نحوه.[ثمّ استشهد بشعر](4:538)
الفخر الرّازيّ: القائلون بإثبات الأعضاء للّه تعالى استدلّوا على إثبات الجنب بهذه الآية،و اعلم أنّ دلائلنا على نفي الأعضاء قد كثرت،فلا فائدة في الإعادة.
و نقول:بتقدير أن يكون المراد من هذا الجنب عضوا مخصوصا للّه تعالى،فإنّه يمتنع وقوع التّفريط فيه، فثبت أنّه لا بدّ من المصير إلى التّأويل،و للمفسّرين فيه عبارات.[و نقل قول المفسّرين ثمّ قال:]
و اعلم أنّ الإكثار من هذه العبارات لا يفيد شرح الصّدور و شفاء الغليل،فنقول:الجنب سمّي جنبا لأنّه جانب من جوانب ذلك الشّيء،و الشّيء الّذي يكون من لوازم الشّيء و توابعه يكون كأنّه جند من جنوده و جانب من جوانبه،فلمّا حصلت هذه المشابهة بين الجنب الّذي هو العضو و بين ما يكون لازما للشّيء و تابعا له،لا جرم حسن إطلاق لفظ الجنب على الحقّ و الأمر و الطّاعة.[ثمّ استشهد بشعر](27:6)
نحوه النّيسابوريّ.(24:13)
البيضاويّ: في جانبه،أي في حقّه،و هو طاعته.
[ثمّ استشهد بشعر](2:326)
النّسفيّ: في أمر اللّه أو في طاعة اللّه أو في ذاته،و في حرف عبد اللّه:في ذكر اللّه.و الجنب:الجانب،يقال:أنا في جنب فلان و جانبه و ناحيته،و فلان ليّن الجانب و الجنب،ثمّ قالوا:فرّط في جنبه و في جانبه،يريدون في حقّه.و هذا من باب الكناية،لأنّك إذا أثبتّ الأمر في مكان الرّجل و حيّزه فقد أثبتّه فيه.(4:62)
الخازن :يعني على ما قصّرت في طاعة اللّه.
(6:69)
أبو حيّان :و الجنب:الجانب،و مستحيل على اللّه الجارحة،فإضافة«الجنب»إليه مجاز.و قيل:في جهة طاعته،و الجنب:الجهة.[ثمّ استشهد بشعر]
(7:435)
أبو السّعود :أي جانبه و في حقّه و طاعته.[ثمّ استشهد بشعر]
و قيل:في ذات اللّه،على تقدير المضاف
ص: 50
كالطّاعة.(5:400)
البروسويّ: في جانبه و هو طاعته و إقامة حقّه و سلوك طريقه.(8:129)
نحوه شبّر.(5:323)
الآلوسيّ: [نقل قول بعض المفسّرين ثمّ قال:] قيل:الجنب مجاز عن الذّات كالجانب أو المجلس، يستعمل مجازا لربّه،فيكون المعنى:على ما فرّطت في ذات اللّه.و ضعّف بأنّ الجنب لا يليق إطلاقه عليه تعالى و لو مجازا،و ركاكته ظاهرة أيضا.
و قيل:هو مجاز عن القرب،أي على ما فرّطت في قرب اللّه.و ضعّف بأنّه محتاج إلى تجوّز آخر،و يرجع الأمر في الآخرة إلى:طاعة اللّه تعالى و نحوها.و بالجملة لا يمكن إبقاء الكلام على حقيقته لتنزّهه عزّ و جلّ من الجنب بالمعنى الحقيقيّ.(24:17)
الطّباطبائيّ: [ذكر قول الرّاغب ثمّ قال:]
فجنب اللّه:جانبه و ناحيته،و هي ما يرجع إليه تعالى ممّا يجب على العبد أن يعامله،و مصداق ذلك أن يعبده وحده و لا يعصيه،و التّفريط في جنب اللّه:التّقصير في ذلك.(17:282)
مكارم الشّيرازيّ: إنّ(جنب اللّه)الّتي وردت في آيات بحثنا لها معان واسعة،تشمل كلّ ما يرتبط باللّه سبحانه و تعالى،و بهذا الشّكل فإنّ التّفريط في جنب اللّه يشمل كلّ أنواع التّفريط في طاعة أوامر اللّه،و اتّباع ما جاء في الكتب السّماويّة،و التّأسّي بالأنبياء و الأولياء.
(15:123)
وَ اعْبُدُوا اللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ... النّساء:36
ابن مسعود:الرّفيق الصّالح.
مثله سعيد بن جبير.(الطّبريّ 5:81)
هي المرأة.
مثله عبد الرّحمن بن أبي ليلى.(الطّبريّ 5:81)
ابن عبّاس: الرّفيق.(الطّبري 5:80)
نحوه الفرّاء.(1:267)
يعني الّذي معك في منزلك.(الطّبريّ 5:81)
الملازم.(الطّبريّ 5:82)
سعيد بن جبير: الرّفيق في السّفر.(الطّبريّ 5:80)
مثله قتادة،و عكرمة،و مجاهد،و الضّحّاك.
(الطّبريّ 5:80،81)
مجاهد :صاحبك في السّفر.(الطّبريّ 5:80)
الرّفيق في السّفر،منزله منزلك،و طعامه طعامك و مسيره مسيرك.(الطّبريّ 5:81)
السّدّيّ: الصّاحب في السّفر.(203)
نحوه السّجستانيّ.(43)
ابن زيد :الّذي يلصق بك،و هو إلى جنبك، و يكون معك إلى جنبك،رجاء خيرك و نفعك.
(الطّبريّ 5:82)
أبو عبيدة :أي يصاحبك في سفرك و يلزمك فينزل إلى جنبك.(1:126)
ص: 51
الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم:هو رفيق الرّجل في سفره.
و قال آخرون:بل هو امرأة الرّجل،الّتي تكون معه إلى جنبه.
و قال آخرون:هو الّذي يلزمك و يصحبك،رجاء نفعك.
و الصّواب من القول في تأويل ذلك عندي:أنّ معنى اَلصّاحِبِ بِالْجَنْبِ الصّاحب إلى الجنب،كما يقال:
فلان بجنب فلان،و إلى جنبه،و هو من قولهم:جنب فلان فلانا،فهو يجنبه جنبا،إذا كان لجنبه،و من ذلك جنب الخيل،إذا قاد بعضها إلى جنب بعض.و قد يدخل في هذا الرّفيق في السّفر،و المرأة،و المنقطع إلى الرّجل، الّذي يلازمه رجاء نفعه،لأنّ كلّهم بجنب الّذي هو معه، و قريب منه،و قد أوصى اللّه تعالى بجميعهم،لوجوب حقّ الصّاحب على المصحوب.(5:80)
الطّوسيّ: [نقل قول ابن مسعود و ابن عبّاس و ابن زيد ثمّ قال:] و قيل:إنّه في جميع هؤلاء،و هو أعمّ فائدة.
(3:194)
الزّمخشريّ: هو الّذي صحبك بأن حصل بجنبك، إمّا رفيقا في سفر،و إمّا جارا ملاصقا،و إمّا شريكا في تعلّم علم أو حرفة،و إمّا قاعدا إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك،من أدنى صحبة التأمت بينك و بينه، فعليك أن ترعى ذلك الحقّ و لا تنساه،و تجعله ذريعة إلى الإحسان.(1:526)
نحوه الفخر الرّازيّ(10:97)،و النّسفيّ(1:225)، و النّيسابوريّ(5:39)،و الطّبرسيّ(2:46)، و البيضاويّ(1:219)،و أبو السّعود(2:135)، و الكاشانيّ(1:416)،و البروسويّ(2:206)، و الطّباطبائيّ(4:354)،و عبد الكريم الخطيب(3:788).
مكارم الشّيرازيّ: ثمّ أوصت[الآية]بالرّفيق و الصّاحب،غير أنّه لا بدّ من الانتباه إلى أنّ ل اَلصّاحِبِ بِالْجَنْبِ معنى أوسع من الرّفيق و الصّديق المتعارف.
و في الحقيقة تشمل كلّ من رافق أو صاحب الإنسان مرافقة ما،سواء كان صديقا دائميّا أو صديقا موقّتا، كالّذي يرافق الإنسان في السّفر بعض الوقت.
و تفسير لفظة اَلصّاحِبِ بِالْجَنْبِ في بعض الرّوايات:بالرّفيق-مثل رفيقك في السّفر،أو الّذي يقصد الإنسان رجاء نفعه،مثل المنقطع إليك يرجو نفعك- ليس المراد هو اختصاص هذا العنوان بهم،بل هو نوع من التّوسعة في مفهوم هذه اللّفظة؛بحيث تشمل هذه الموارد أيضا،و بهذا الطّريق تكون هذه الآية أمرا كلّيّا و جامعا بحسن معاشرة كلّ من يرتبط بالمرء،سواء كان صديقا واقعيّا،أو زميلا،أو رفيق سفر،أو مراجعا،أو تلميذا،أو مشاورا،أو خادما.(3:205)
المصطفويّ: وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ، أي إحسانا بالجار ذي القربى ظاهرا؛و باطنا من جهة الحسب أو النّسب أو الإيمان، و بالجار الواقع بجنبك و له جوار ظاهريّ فقط،و بمن يصاحبك و هو في جنبك.
و ذكر(الجنب)في مقابل(ذى القربى)إشارة إلى أنّ حقّ الجوار كاف في الإحسان،سواء أضيف إليه حقّ
ص: 52
القرابة أم لا.و المراد من(الجنب):من كان متّصفا بكونه خارجا عن برنامج المحسن معنى.
فحقّ الجوار المطلق يقتضي الإحسان سواء كان له قربى معنويّا أو لم يكن،و سواء كان مسكينا أم لا،كما أنّ حقّ المصاحبة المطلقة كذلك.
و اختلاف التّعبير في جملتي(الجار الجنب) (الصّاحب بالجنب):يدلّ على اختلاف المعنى المراد، فإنّ(الجنب)صفة للجار.أي الجار الّذي نحّى و ليس بذي قرب،و أمّا الجنب فهو اسم مكان،أي مصاحب هو في محلّ قريب منك.
و قد يطلق(الجنب)على الطّرف اليمين أو اليسار من البدن:و هذا الإطلاق إمّا مجاز بعلاقة المجاورة،أو بلحاظ فرض البدن عبارة عن الرّوح و النّفس،أو قسمة ممتازة مركزيّة منه،حتّى يطلق على طرفيها الجنب، و هذا كإطلاق اليمين و التّحت،يقال:جنّة تجري من تحتها الأنهار،و كتبت بيميني،و كذلك الفوق،يقال:
كشجرة اجتثّت من فوق الأرض.
فيراد من الجنّة:محيط الأشجار الملتفّة،و من الأرض:الجهة الدّاخليّة المركزيّة منها،و من الإنسان:
نفسه القائم بمركز البدن.
فقد استعمل بهذا المعنى في الآيات الكريمة قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ النّساء:103، تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ السّجدة:16،(دعانا لجنبه) يونس:12،(وجبت جنوبها)الحجّ:36.
و لا يخفى ما في التّعبير و التّبيين بهذه الكلمة في هذه الموارد من اللّطف؛حيث أشير بها إلى حالة تنحّيهم و ميلهم إلى الطّبيعة و الاستراحة البدنيّة.و أمّا ثبوت «الجنوب»فإنّ الجنوب آخر ما يزول عنها الحركة و الجريان.(2:122)
وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً... يونس:12
راجع«د ع و».
1- وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ. القصص:11
ابن عبّاس: عن بعد.(324)
مثله مجاهد(الطّبريّ 20:39)،و أبو عبيدة(2:
98)،و الزّجّاج(4:124).
و الجنب:أن يسمو بصر الإنسان إلى الشّيء البعيد،و هو إلى جنبه لا يشعر به.(الطّبريّ 20:39)
قتادة :تنظر إليه كأنّها لا تريده.(الطّبريّ 20:40)
نحوه البغويّ.(3:525)
يقول:بصرت به،و هي محاذيته لم تأته.
(الطّبريّ 20:39)
ابن جريج: هي على الحدّ في الأرض،و موسى يجري به النّيل،و هما متحاذيان،كذلك تنظر إليه نظرة، و إلى النّاس نظرة،و قد جعل في تابوت مقيّر ظهره و بطنه،و أقفلته عليه.(الطّبريّ 20:39)
ص: 53
أبو عمرو ابن العلاء: قال بعض المفسّرين:أي عن شوق،و هي لغة لجذام،يقولون:جنبت إلى لقائك، أي اشتقت.(النّحّاس 5:163)
ابن قتيبة :أي بعد منها عنه و إعراض،لئلاّ يفطنوا لها.(329)
الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:فقصّت أخت موسى أثره،فبصرت به عن جنب.يقول:فبصرت بموسى عن بعد.لم تدن منه و لم تقرب،لئلاّ يعلم أنّها منه بسبيل، يقال منه:بصرت به و أبصرته،لغتان مشهورتان، و أبصرت عن جنب،و عن جنابة.[ثمّ استشهد بشعر]
(20:39)
الزّجّاج: معناه فأتبعته،فبصرت به عن جنب،أي عن بعد تبصر و لا توهم أنّها تراه،يقال:بصرت به عن جنب و عن جنابة،إذا نظرت إليه عن بعد.[ثمّ استشهد بشعر](4:134)
الطّوسيّ: قيل:معنى(عن جنب)عن مكان جنب،و هو الجانب لأنّ الجنب صفة وقعت موقع الموصوف لظهور معناه،و كان ذلك أحسن و أوجز.
(8:134)
نحوه الكرمانيّ.(أبو حيّان 7:107)
الزّمخشريّ: [نحو الزّجّاج و قال:]
و قرئ (عن جانب) و (عن جنب) و الجنب:
الجانب،يقال:قعد إلى جنبه و إلى جانبه،أي إليه نظرت مزورّة متجانفة مخاتلة.(3:167)
نحوه الفخر الرّازيّ(24:230)،و البيضاويّ(2:
188)،و أبو السّعود(5:115).
ابن عطيّة: أي عن ناحية من غير قصد و لا قرب يشعر لها به،يقال:فيه جنب و جناب و جنابة.[ثمّ استشهد بشعر]
و كأنّ معنى هذه الألفاظ:عن مكان جنب،أي عن بعد،و معنى الآية عن بعد لم تدن منه فيشعر لها.[ثمّ استشهد بشعر]
و قرأ قتادة (عن جنب) بفتح الجيم و سكون النّون، و هي قراءة الحسن و الأعرج،و قرأ (عن جانب) النّعمان ابن سالم،و قرأ الجمهور (عَنْ جُنُبٍ) بضمّ الجيم و النّون.
(4:278)
أبو حيّان :و قيل:عن جانب،لأنّها كانت تمشي على الشّطّ.(7:107)
أبو السّعود :عن بعد.و قرئ بسكون النّون،و (عن جانب) و الكلّ بمعنى.(5:115)
البروسويّ: عن بعد تبصره،و لا توهم أنّها تراه.(6:386)
...وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ...
النّساء:36
راجع:«ج و ر».
وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. إبراهيم:35
ص: 54
وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. إبراهيم:35
الفرّاء: أهل الحجاز يقولون:جنبني،هي خفيفة.
و أهل نجد يقولون:أجنبني شرّه و جنّبني شرّه.فلو قرأ قارئ(و اجنبني و بنىّ)لأصاب،و لم أسمعه من قارئ.
(2:78)
أبو عبيدة :جنبت الرّجل الأمر،و هو يجنب أخاه الشّرّ و جنّبته واحد.[ثمّ استشهد بشعر](1:342)
الطّبريّ: يقال منه:جنبته الشّرّ فأنا أجنبه جنبا، و جنّبته الشّرّ،فأنا أجنّبه تجنيبا،و أجنبته ذلك،فأنا أجنبه إجنابا.[ثمّ استشهد بشعر]
و معنى ذلك أبعدني و بنيّ من عبادة الأصنام.
(13:228)
الزّجّاج: و تقرأ (و أجنبنى و بنىّ) على أجنبته كذا و كذا،إذا جعلته ناحية منه،و كذلك جنبته كذا و كذا.
و معنى الدّعاء من إبراهيم عليه السّلام أن يجنّب عبادة الأصنام،و هو غير عابد لها،على معنى:ثبّتني على اجتناب عبادتها.(3:164)
السّجستانيّ: (اجنبنى)و جنّبني بمعنى واحد،أي أبعدني.(99)
نحوه البغويّ(3:42)
النّحّاس: قرأ الجحدريّ،و عيسى (و اجنبنى) بقطع الألف و معناه اجعلني جانبا.
و كذلك معنى«اجنبنى»و«جنّبني»معناه:ثبّتني على توحيدك،كما قال تعالى: وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ البقرة:128،و هما مسلمان.(3:535)
عبد الجبّار: قالوا:ثمّ ذكر تعالى ما يدلّ على أنّه يفعل في العبد مجانبة عبادة الأصنام،فقال: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ فدعا اللّه تعالى أن يجعله بهذه الصّفة.
و الجواب عن ذلك:أنّ ظاهر الدّعاء إنّما يقتضي أنّ الدّاعي أراد منه تعالى ذلك الأمر الّذي سأل،و هل ذلك ممّا يفعله أم لا،و هل يفعله مع بقاء التّكليف أم لا، و كيف الحال فيه إذا فعله؟لا يعلم بهذا الظّاهر،فمن أين أنّ الأمر على ما قالوه؟
و يجب أن يكون المراد بذلك:أنّه سأل اللّه تعالى أن يلطف له بما عنده يجتنب عبادة الأصنام،و دعا مثل ذلك لبعض ولده.(2:419)
الطّوسيّ: أي اصرفني عنه،جنبته أو جنبه،جنبا، و جنّبته الشّرّ تجنيبا،و أجنبته إجنابا.[ثمّ استشهد بشعر]
(و اجنبني)أي و اصرفني وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ أي جنّبنا عبادة الأصنام بلطف من ألطافك الّذي نختار عنده الامتناع من عبادتها.
و دعاء الأنبياء لا يكون إلاّ مستجابا،فعلى هذا يكون سؤاله أن يجنب بنيه عبادة الأصنام،مخصوصا بمن علم اللّه من حاله أن يكون مؤمنا،لا يعبد إلاّ اللّه،و يكون اللّه تعالى أذن له في الدّعاء لهم،فيجيب اللّه تعالى ذلك لهم.(6:298)
نحوه الطّبرسيّ.(3:317)
الواحديّ: يقال:جنبته كذا،و أجنبته و جنّبته،أي باعدته عنه و جعلته ناحية منه،و المعنى:ثبّتني على اجتناب عبادتها،لأنّه غير عابد لها،و هذه الدّعوة
ص: 55
مخصوصة بأبنائه من صلبه،فقد كان من نسله من عبد الصّنم.(3:33)
الميبديّ: أي جنّبني و ولدي عبادة الأصنام، يقال:جنبه اللّه السّوء و أجنبه و جنّبه بمعنى واحد (و اجنبنى)أي ثبّتني على اجتناب عبادتها.(5:267)
الزّمخشريّ: [نحو الفرّاء و أضاف:] و المعنى ثبّتنا و أدمنا على اجتناب عبادتها.
(2:379)
نحوه النّسفيّ.(2:263)
ابن عطيّة: معناه و امنعني،يقال:جنبه كذا و جنّبه و أجنبه،إذا منعه من الأمر،و حماه منه.
و قرأ الجحدريّ و الثّقفيّ (و اجنبنى) بقطع الألف و كسر النّون.(3:341)
نحوه القرطبيّ.(9:368)
الفخر الرّازيّ: و فيه مسائل:
المسألة الأولى:قرئ (و اجنبنى) و فيه ثلاث لغات:
جنّبه و أجنبه و جنبه،قال الفرّاء:أهل الحجاز يقولون:
جنبني يجنبني بالتّخفيف،و أهل نجد يقولون:جنّبني شرّه و أجنبني شرّه،و أصله:جعل الشّيء عن غيره على جانب و ناحية.
المسألة الثّانية:لقائل أن يقول:الإشكال على هذه الآية من وجوه:
أحدها:[أنّه لم يقبل دعائه في جعل مكّة بلدا آمنا و أجاب عنها بوجهين لاحظ«أ م ن»(هذا البلد آمنا)]
و ثانيها:أنّ الأنبياء عليهم السّلام لا يعبدون الوثن البتّة،و إذا كان كذلك فما الفائدة في قوله:(اجنبنى)عن عبادة الأصنام.
و ثالثها:أنّه طلب من اللّه تعالى أن لا يجعل أبناءه من عبدة الأصنام،و اللّه تعالى لم يقبل دعاءه،لأنّ كفّار قريش كانوا من أولاده،مع أنّهم كانوا يعبدون الأصنام.
فإن قالوا:إنّهم ما كانوا أبناء إبراهيم و إنّما كانوا أبناء أبنائه،و الدّعاء مخصوص بالأبناء.
فنقول:فإذا كان المراد من أولئك الأبناء أبناءه من صلبه و هم ما كانوا إلاّ إسماعيل و إسحاق،و هما كانا من أكابر الأنبياء،و قد علم أنّ الأنبياء لا يعبدون الصّنم،فقد عاد السّؤال في أنّه ما الفائدة في ذلك الدّعاء؟
و الجواب عن السّؤال الأوّل...لاحظ«أ م ن».
و الجواب عن السّؤال الثّاني قال الزّجّاج:معناه ثبّتني على اجتناب عبادتها،كما قال: وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ البقرة:128،أي ثبّتنا على الإسلام.و لقائل أن يقول:السّؤال باق،لأنّه لمّا كان من المعلوم أنّه تعالى يثبّت الأنبياء عليهم السّلام على الاجتناب من عبادة الأصنام، فما الفائدة في هذا السّؤال؟
و الصّحيح عندي في الجواب وجهان:
الأوّل:أنّه عليه السّلام و إن كان يعلم أنّه تعالى يعصمه من عبادة الأصنام،إلاّ أنّه ذكر ذلك هضما للنّفس،و إظهارا للحاجة و الفاقة إلى فضل اللّه في كلّ المطالب.
و الثّاني:أنّ الصّوفيّة يقولون:إنّ الشّرك نوعان:
شرك جليّ و هو الّذي يقول به المشركون،و شرك خفيّ و هو تعليق القلب بالوسائط و بالأسباب الظّاهرة.
و التّوحيد المحض هو أن ينقطع نظره عن الوسائط، و لا يرى متصرّفا سوى الحقّ سبحانه و تعالى.فيحتمل
ص: 56
أن يكون قوله: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ المراد منه أن يعصمه عن هذا الشّرك الخفيّ،و اللّه أعلم بمراده.
و الجواب عن السّؤال الثّالث من وجوه:
الأوّل:قال صاحب«الكشّاف»:قوله:(و بنىّ)أراد بنيه من صلبه،و الفائدة في هذا الدّعاء عين الفائدة الّتي ذكرناها في قوله:(و اجنبنى).
الثّاني:قال بعضهم:أراد من أولاده و أولاد أولاده:
كلّ من كانوا موجودين حال الدّعاء،و لا شبهة أنّ دعوته مجابة فيهم.
الثّالث:قال مجاهد:لم يعبد أحد من ولد إبراهيم عليه السّلام صنما،و الصّنم هو التّمثال المصوّر،و ما ليس بمصوّر فهو وثن.و كفّار قريش ما عبدوا التّمثال و إنّما كانوا يعبدون أحجارا مخصوصة و أشجارا مخصوصة.و هذا الجواب ليس بقويّ،لأنّه عليه السّلام لا يجوز أن يريد بهذا الدّعاء إلاّ عبادة غير اللّه تعالى،و الحجر كالصّنم في ذلك.
الرّابع:أنّ هذا الدّعاء مختصّ بالمؤمنين من أولاده، و الدّليل عليه أنّه قال في آخر الآية: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي إبراهيم:36،و ذلك يفيد أنّ من لم يتبعه على دينه فإنّه ليس منه،و نظيره قوله تعالى لنوح: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ هود:46.
الخامس:لعلّه و إن كان عمّم في الدّعاء إلاّ أنّ اللّه تعالى أجاب دعاءه في حقّ البعض دون البعض؛و ذلك لا يوجب تحقير الأنبياء عليهم السّلام،و نظيره قوله تعالى في حقّ إبراهيم عليه السّلام: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ البقرة:124.
(19:131)
نحوه النّيسابوريّ.(13:134)
البيضاويّ: بعّدني و إيّاهم.[إلى أن قال:]
و فيه دليل على أنّ عصمة الأنبياء بتوفيق اللّه و حفظه إيّاهم-و هو بظاهره-لا يتناول أحفاده و جميع ذرّيّته.(1:532)
نحوه البروسويّ.(4:424)
أبو حيّان :جنب مخفّفا و أجنب رباعيّا لغة نجد، و جنّب مشدّدا لغة الحجاز،و المعنى منع،و أصله:من الجانب.(5:429)
أبو السّعود :[نحو البيضاويّ و أضاف:]
و ليت شعري كيف ذهب عليه ما في القرآن العظيم من قوارع تنعي على قريش عبادة الأصنام،على أنّ فيما ذكره كرّا على ما فرّ منه.(3:492)
الآلوسيّ: [نحو الزّجّاج إلى أن ذكر قول الفخر الرّازيّ ثمّ قال:]
و يرد على الأخير أنّه يعود السّؤال عليه فيما أظنّ، لأنّ النّظر إلى السّويّ يحاكي الشّرك الّذي يقول به المشركون عند الصّوفيّة.[ثمّ استشهد بشعر]
و لا أظنّ أنّهم يجوّزون ذلك للأنبياء عليهم السّلام،و حيث بني الكلام على ما قرّروه،يقال:ما فائدة سؤال العصمة عن ذلك و الأنبياء عليهم السّلام معصومون عنه؟
و الجواب الصّحيح عندي ما قيل:إنّ عصمة الأنبياء عليهم السّلام ليست لأمر طبيعيّ فيهم بل بمحض توفيق اللّه تعالى إيّاهم و تفضّله عليهم،و لذلك صحّ طلبها.و في بعض الآثار أنّ اللّه سبحانه قال لموسى عليه السّلام:يا موسى لا تأمن مكري حتّى تجوز الصّراط.
ص: 57
و أنت تعلم أنّ المبشّرين بالجنّة على لسان الصّادق المصدوق،عليه الصّلاة و السّلام،كانوا كثيرا ما يسألون اللّه تعالى الجنّة مع أنّهم مقطوع لهم بها،و لعلّ منشأ ذلك ما قيل لموسى عليه السّلام،فتدبّر.
و المتبادر من(بنيه)عليه السّلام من كان من صلبه، فلا يتوهّم أنّ اللّه تعالى لم يستجب دعاءه لعبادة قريش الأصنام،و هم من ذرّيّته عليه السّلام،حتّى يجاب بما قاله بعضهم:من أنّ المراد كلّ من كان موجودا حال الدّعاء من أبنائه،و لا شكّ أنّ دعوته عليه السّلام مجابة فيهم،أو بأنّ دعاءه استجيب في بعض دون بعض،و لا نقص فيه كما قال الإمام.[إلى أن قال:]
و استدلّ بعض أصحابنا بالآية على أنّ التّبعيد من الكفر و التّقريب من الإيمان ليس إلاّ من اللّه تعالى، لأنّه عليه السّلام إنّما طلب التّبعيد عن عبادة الأصنام منه تعالى، و حمل ذلك على الألطاف،و فيه ما فيه.(13:234)
المراغيّ: [نحو الزّجّاج و قال:]
و قد استجيب دعاؤه في بعض بنيه دون بعض، و لا ضير في ذلك.(13:159)
الطّباطبائيّ: يقال:جنبه و أجنبه،أي أبعده، و سؤاله عليه السّلام أن يجنبه اللّه و يبعده و بنيه من عبادة الأصنام لواذ،و التجاء إليه تعالى من الإضلال الّذي نسبه إليهنّ في قوله: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ إبراهيم:36.
و من المعلوم أنّ هذا الإبعاد و الإجناب منه تعالى -كيفما كان و أيّا ما كان-تصرّف ما،و تأثير منه تعالى في عبده بنحو،غير أنّه ليس بنحو يؤدّي إلى الإلجاء و الاضطرار،و لا ينجرّ إلى القهر و الإجبار،بسلب صفة الاختيار منه؛إذ لا مزيّة لمثل هذا الابتعاد حتّى يسأل ذلك مثل إبراهيم خليل اللّه.
فرجع بالحقيقة إلى ما تقدّم في قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ إبراهيم:27 الآية،أنّ كلّ خير من فعل أو ترك فإنّه منسوب إليه تعالى أوّلا،ثمّ إلى العبد ثانيا،بخلاف الشّرّ من فعل أو ترك فإنّه منسوب إلى العبد ابتداء،و لو نسب إليه تعالى فإنّما ينسب إذا كان على سبيل المجازاة،و قد أوضحنا ذلك.
فالاجتناب من عبادة الأصنام إنّما يتحقّق عن إجناب من اللّه،رحمة منه لعبده و عناية،و ليس في الحقيقة إلاّ أمرا تلبّس،و اتّصف به العبد،غير أنّه إنّما يملكه بتمليك اللّه سبحانه،فهو المالك له بذاته،و العبد يملكه بأمر منه و إذن،كما أنّ العبد إنّما يهتدي عن هداية من اللّه،و ليس هناك إلاّ هدى واحد،لكنّه مملوك للّه سبحانه لذاته،و العبد إنّما يملكه بتمليك منه سبحانه.
و أبسط كلمة في هذا المعنى ما وقع في أخبار آل العصمة:
أنّ اللّه يوفّق عبده لفعل الخير و ترك الشّرّ هذا.
فتلخّص أنّ المراد بقوله عليه السّلام:(و اجنبنى)سؤال ما للّه سبحانه من الصّنع في ترك العبد عبادة الأصنام،و بعبارة أخرى هو يسأل ربّه أن يحفظه و بنيه من عبادة الأصنام و يهديهم إلى الحقّ،إن هم عرضوا أنفسهم لذلك،و أن يفيض عليهم إن استفاضوا لا أن يحفظهم منها،سواء عرضوا لذلك أنفسهم أو لم يعرضوا،و أن يفيض عليهم سواء استفاضوا أو امتنعوا،فهذا معنى دعائه عليه السّلام.
و منه يعلم أنّ نتيجة الدّعاء لبعض المدعوّين لهم و إن كان بلفظ يستوعب الجميع،و هذا البعض هم
ص: 58
المستعدّون لذلك دون المعاندين و المستكبرين منهم، و سنزيده بيانا.
ثمّ هو عليه السّلام يدعو بهذا الدّعاء لنفسه و بنيه وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ و بنوه جميع من جاء من نسله بعده،و هم بنو إسماعيل و بنو إسحاق.فإنّ الابن كما يطلق على الولد من غير واسطة،كذلك يطلق على غيره،و يصدّق ذلك القرآن الكريم،قال تعالى: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ الحجّ:78،و قد تكرّر إطلاق بني إسرائيل على اليهود في نيّف و أربعين موضعا،من كلامه تعالى.
فهو عليه السّلام يسأل البعد عن عبادة الأصنام لنفسه و لجميع من بعده من بنيه،بالمعنى الّذي تقدّم،اللّهمّ إلاّ أن يقال:إنّ قرائن الحال و المقال تدلّ على اختصاص الدّعاء بآل إسماعيل القاطنين بالحجاز،فلا يعمّ بني إسحاق.(12:69)
المصطفويّ: أي اجعلنا خارجين عن مسير عبادة الأصنام.(2:121)
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً. النّساء:31
الطّبرسيّ: أي تتركوا جانبا.(2:38)
مثله الآلوسيّ.(5:17)
البروسويّ: الاجتناب:التّباعد،و منه الأجنبيّ.
(2:196)
رشيد رضا :الاجتناب:ترك الشّيء جانبا.(5:47)
مثله المراغيّ.(5:20)
الطّباطبائيّ: الاجتناب أصله:من الجنب و هو الجارحة،بني منها الفعل على الاستعارة،فإنّ الإنسان إذا أراد شيئا استقبله بوجهه و مقاديم بدنه،و إذا أعرض عنه و تركه وليه بجنبه فاجتنبه؛فالاجتناب هو التّرك.
قال الرّاغب:و هو أبلغ من التّرك،انتهى.و ليس إلاّ لأنّه مبنيّ على الاستعارة،و من هذا الباب:الجانب، و الجنيبة،و الأجنبيّ.(4:323)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. المائدة:90
الطّبريّ: فاتركوه و ارفضوه،و لا تعملوه.(7:32)
النّحّاس: أي كونوا في جانب غير جانبه.
(2:356)
نحوه الواحديّ.(2:226)
الطّوسيّ: و في الآية دلالة على تحريم الخمر،و هذه الأشياء الأربعة من أربعة أوجه:
أحدها:أنّه وصفها بأنّها رجس و هي النّجس، و النّجس محرّم بلا خلاف.
الثّاني:نسبها إلى عمل الشّيطان،و ذلك لا يكون إلاّ محرّما.
الثّالث:أنّه أمرنا باجتنابه،و الأمر يقتضي الإيجاب.
الرّابع:أنّه جعل الفوز و الفلاح باجتنابه.
و«الهاء»في قوله: فَاجْتَنِبُوهُ راجعة إلى عمل
ص: 59
الشّيطان،و تقديره:اجتنبوا عمل الشّيطان.(4:19)
نحوه الطّبرسيّ.(2:239)
ابن عطيّة: و أمر اللّه تعالى باجتناب هذه الأمور، و اقترنت بصيغة الأمر في قوله: فَاجْتَنِبُوهُ نصوص الأحاديث و إجماع الأمّة،فحصل الاجتناب في رتبة التّحريم،فبهذا حرّمت الخمر بظاهر القرآن و نصّ الحديث و إجماع الأمّة.(2:233)
القرطبيّ: يريد أبعدوه و اجعلوه ناحية.فأمر اللّه تعالى باجتناب هذه الأمور.[إلى أن قال:]
فَاجْتَنِبُوهُ يقتضي الاجتناب المطلق الّذي لا ينتفع معه شيء بوجه من الوجوه،لا بشرب و لا بيع و لا تخليل و لا مداواة،و لا غير ذلك.[ثمّ استدلّ بأحاديث،فراجع](6:289)
الصّابونيّ: [نحو القرطبيّ و قال:]
التّعبير بقوله تعالى: فَاجْتَنِبُوهُ أبلغ في النّهي و التّحريم من لفظ«حرّم»لأنّ معناه البعد عنه بالكلّيّة، فهو مثل قوله تعالى: وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى الإسراء:32، لأنّ القرب منه إذا كان حراما،فيكون الفعل محرّما من باب أولى،فقوله: فَاجْتَنِبُوهُ معناه كونوا في جانب آخر منه.و كلّما كانت الحرمة شديدة،جاء التّعبير بلفظ الاجتناب.(1:562)
مكارم الشّيرازيّ: إنّ لتعبير فَاجْتَنِبُوهُ مفهوما أبعد؛إذ أنّ الاجتناب يعني الابتعاد و الانفصال و عدم الاقتراب،ممّا يكون أشدّ و أقطع من مجرّد النّهي عن شرب الخمر.(4:134)
وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى. الأعلى:11
قتادة :فلا و اللّه لا يتنكّب عبد هذا الذّكر زهدا فيه و بغضا لأهله،إلاّ شقيّ بيّن الشّقاء.(الطّبريّ 30:155)
الطّوسيّ: فالتّجنّب:المصير في جانب عن الشّيء بما ينافي كونه،فهذا الشّقيّ تجنّب الذّكرى بأن صار بمعزل عنها،بما ينافي كونها.(10:332)
الزّمخشريّ: و يتجنّب الذّكرى و يتحاماها.
(4:244)
نحوه القرطبيّ(20:20)،و النّسفيّ(4:350)، و الخازن(7:196)،و الشّربينيّ(4:522)، و البروسويّ(10:408)،و الآلوسيّ(30:108).
الطّباطبائيّ: و تجنّب الشّيء:التّباعد عنه، و المعنى و سيتباعد عن الذّكرى من لا يخشى اللّه.
(20:269)
المصطفويّ: أي يجعل الأشقى الذّكرى المواجهة له في جنب مسيره و خارجا عن محيط فكره و عمله، يقال:جنّبته فتجنّب.(2:122)
وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى. الليل:17
الطّبريّ: و سيوقّى صليّ النّار الّتي تلظّى التّقيّ.
(30:227)
الطّوسيّ: معناه سيبعّد من هذه النّار من كان اتّقى
ص: 60
اللّه باجتناب معاصيه.فالتّجنّب:تصيير الشّيء في جانب عن غيره،فالأتقى يصير في جانب الجنّة عن جانب النّار.[ثمّ ذكر المعنى اللّغويّ و قد سبق](10:366)
الواحديّ: سنبعّدها،و يجعل منها على جانب.
(4:505)
نحوه الطّبرسيّ(5:503)،و الفخر الرّازيّ(31:
205)
القرطبيّ: أي يكون بعيدا منها.(20:88)
البروسويّ: أي سيبعّد عنها؛بحيث لا يسمع حسيسها.و الفاعل المجنّب المبعّد هو اللّه.(10:450)
الآلوسيّ: أي سيبعّد عنها...
«جنّب»يتعدّى إلى مفعولين،فالضّمير هاهنا المفعول الثّاني،و(الاتقى)المفعول الأوّل،و هو النّائب عن الفاعل.و يقال:جنّب فلان خيرا و جنّب شرّا،و إذا أطلق فقيل:جنّب فلان،فمعناه-على ما قال الرّاغب- أبعد عن الخير.و أصل جنّبته-كما قيل-:جعلته على جانب منه،و كثيرا ما يراد منه التّبعيد،و منه ما هنا،و لذا قلنا:أي سيبعّد عنها الأتقى.(30:151)
المصطفويّ: أي يجعل الأتقى خارجا عن النّار و ينحّى عنها،عوضا عن وقايته لنفسه في الدّنيا.
(2:122)
الحيريّ: «الجنب»على وجهين:
أحدهما:الّذي أصابته الجنابة،كقوله: وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ النّساء:43،و قوله: وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا المائدة:6.
و الثّاني:الغريب،كقوله: وَ الْجارِ الْجُنُبِ النّساء:36.
«الجنب»على ثلاثة أوجه:
أحدها:الرّفيق في السّفر،كقوله: وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ النّساء:36.
و الثّاني:الجنب بعينه،كقوله: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها الحجّ:36.
و الثّالث:الطّاعة،كقوله: عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ الزّمر:56.
الدّامغانيّ: الجنب على ستّة أوجه:الطّاعة، السّفر،القلب،البعد،الجنب بعينه،الجانب:الجهة.
فوجه منها،الجنب:الطّاعة،قوله: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ الزّمر:56،أي في طاعة اللّه.
و الوجه الثّاني:الجنب:السّفر،قوله: وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ النّساء:36،يعني الرّفيق في السّفر،و قيل:
المرأة في البيت.
و الوجه الثّالث:الجانب:القلب،قوله: وَ نَأى بِجانِبِهِ الإسراء:83،أي تباعد بقلبه عن الإيمان.
و الوجه الرّابع:الجنب:[البعد]،قوله: فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ القصص:11،يعني عن بعد،قوله:
وَ الْجارِ الْجُنُبِ النّساء:36،و منه الجنابة.
و الوجه الخامس:الجنب:هو الجنب بعينه،قوله:
تَتَجافى جُنُوبُهُمْ السّجدة:16،يعني الجنوب بعينها، و يقال:إنّها الخدود.
ص: 61
و الوجه السّادس:الجانب:الجهة،قوله:
وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ القصص:44، بِجانِبِ الطُّورِ القصص:46،أي جهته.(225)
1-الأصل في هذه المادّة:الجنب،أي شقّ الإنسان و غيره،و الجمع:جنوب،و هو الجانب،و جمعه:
جوانب،و الجنبة أيضا،يقال:قعدت إلى جنب فلان و إلى جانبه.و جانبه مجانبة و جنابا:صار إلى جنبه.
و جنب الفرس و الأسير يجنبه جنبا فهو مجنوب و جنيب،أي قاده إلى جنبه،و خيل جنائب و جنب و مجنّبة.و جنّاب الرّجل:الّذي يسير معه إلى جنبه.
و جنبة البعير:طائفة من جنبه،و جلدة من جنبة يعمل منها علبة،يقال:أعطني جنبة أتّخذ منها علبة.
و جنيبتاه:ما حمل على جنبيه.
و جنبة الوادي:جانبه و ناحيته،و جنبتاه:ناحيتاه، و كذلك جانباه.
و المجنب و المجنب:التّرس،سمّي بذلك لأنّه إلى جنب الإنسان.
و المجنّبة:المقدّمة؛و المجنّبتان من الجيش:الميمنة و الميسرة،و هما المجنّبة اليمنى،و المجنّبة اليسرى.
و الجنب:الّذي نهي عنه،و هو أن يجنب خلف الفرس فرس،فإذا بلغ قرب الغاية ركب.
و فرس طوع الجناب و طوع الجنب:سلس القياد، أي إذا جنب كان سهلا منقادا،و المجنّب:المجنوب،أي المقود؛يقال:جنب فلان،و ذلك إذا ما جنب إلى دابّة، و الجنيبة:الدّابّة تقاد،و الجمع:جنائب،و كلّ طائع منقاد:جنيب،و الأجنب:الّذي لا ينقاد.
و جنب البعير يجنب جنبا:عطش عطشا شديدا حتّى لصقت رئته بجنبه من شدّة العطش.
و جنب الرّجل يجنب جنبا:اشتكى جنبه فهو جنب،و جنب الرّجل:شكا جانبه،و ضربه فجنبه،أي كسر جنبه أو أصاب جنبه،و رجل جنيب:كأنّه يمشي في جانب متعقّفا.
و جنب البعير يجنب جنبا:ظلع من جنبه،و الجنب:
الذّئب،لتظالعه كيدا و مكرا.
و الجناب:ذات الجنب،و هي قرحة تصيب الإنسان داخل جنبه،يقال:جنب الرّجل،أي أصابه ذات الجنب فهو مجنوب.
و الجنوب:ريح تخالف الشّمال،تأتي عن يمين القبلة، يقال:جنبت الرّيح،أي تحوّلت جنوبا،و سحابة مجنوبة:
هبّت بها الجنوب،و الجمع:جنائب،و قد جنبت الرّيح تجنب جنوبا و أجنبت،و جنب القوم:أصابتهم الجنوب، أي أصابتهم في أموالهم.و أجنبوا:دخلوا في الجنوب، و جنبوا:أصابهم الجنوب فهم مجنوبون.
و الجنب و الجناب و الجانب:النّاحية و الفناء و ما قرب من محلّة القوم،و الجمع:أجنبة،يقال:أخصب جناب القوم،و هو ما حولهم،و فلان خصيب الجناب و جديب الجناب،و فلان رحب الجناب:الرّحل.
و الجنب:معظم الشّيء و أكثره،من ذلك،إذ كأنّه إلى جنب الإنسان،يقال:هذا قليل في جنب مودّتك.
و المجنب:الكثير من الخير و الشّرّ،يقال:إنّ عندنا
ص: 62
لخيرا مجنبا،أي كثيرا.و طعام مجنب:كثير.
و الجنبة:عامّة الشّجر الّذي يتربّل في الصّيف، يقال:مطرنا مطرا كثرت منه الجنبة،سمّيت جنبة لأنّها صغرت عن الشّجر الكبار و ارتفعت عن الّتي لا أرومة لها في الأرض.
2-و وردت بعض ألفاظ هذه المادّة ضدّا و نقيضا لما تقدّم ذكره من القرب و الكثرة،و منه قولهم:جانبه مجانبة و جنابا،أي صار إلى جنبه،و جانبه:باعده،أي صار في جانب غير جانبه.
و جنّب القوم:قلّت ألبان إبلهم فهم مجنّبون،و جنّب الرّجل،إذا لم يكن في إبله و لا غنمه درّ،و جنّب النّاس:
انقطعت ألبانهم،و هو عام تجنيب،و كلّ ذلك من البعد، كأنّ ألبانها قلّت فذهبت.
و الجنبة و الجنابة:ضدّ القرابة،يقال:نعم القوم هم لجار الجنابة،أي لجار الغربة.و جار جنب و جار الجنب:
ذو جنابة من قوم آخرين لا قرابة لهم.و رجل جانب و جنب:غريب،و الجمع:أجناب،و رجل أجنب و أجنبيّ:البعيد منك في القرابة.و الجنيب:الغريب، و رجل جنب:يتجنّب قارعة الطّريق مخافة الأضياف.
و رجل ذو جنبة:ذو اعتزال عن النّاس متجنّب لهم، يقال:قعد جنبة،أي ناحية و اعتزل النّاس،و نزل فلان جنبة:ناحية.و المجانب:المباعد،يقال:أجنب الرّجل، أي تباعد،و لجّ فلان في جناب قبيح:لجّ في مجانبة أهله.و جنبه الشّيء يجنبه و أجنبه و جنّبه إيّاه:نحّاه عنه،و جنب الرّجل:دفعه.و جنّب إبله و غنمه:لم يرسل فيها فحلا.
و منه أيضا:الجنابة:المنيّ،لأنّ أصله البعد،قال علقمة بن عبدة:
فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة
فإنّي امرؤ وسط القباب غريب
3-و لا وجه لقول من قال في وجه تسمية الجنب بأنّه يبعد عمّا يقرب منه غيره من الصّلاة و غيرها؛إذ أنّه كان متداولا بين العرب قبل الإسلام،و لا صلاة-بما اصطلح عليه الشّرع-حينذاك.و قد ورد في الأخبار أنّ أبا سفيان آلى على نفسه أن لا يغتسل من جنابة حتّى يستأصل محمّدا و أتباعه.
و قال السّهيليّ: «في الحديث:أنّ الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهليّة،بقيّة من دين إبراهيم و إسماعيل،كما بقي فيهم الحجّ و النّكاح،و كذلك سمّوها جنابة،و قالوا:رجل جنب و قوم جنب،لمجانبتهم في تلك الحال البيت الحرام و مواضع قرباتهم (1)».
4-و قيل:الجنيبة:العليقة،و هي النّاقة يعطيها الرّجل القوم يمتارون عليها له،و لا نحسبها من هذا الباب،بل هي مقلوبة النّجيبة،أي العتيقة،و هي النّاقة الخفيفة السّريعة.
و قيل أيضا:الجنيبة:صوف الثّنيّ،و هي الخبيبة بالخاء.
و كذلك التّجنيب:انحناء و توتير في رجل الفرس، أو أنّه ينحّي يديه في الرّفع و الوضع،و قيل:فرس مجنّب،أي بعيد ما بين الرّجلين من غير فحج،و هو من التّحنيب بالحاء.ف.
ص: 63
جاء منها الفعل المجرّد أمرا مرّة،و المزيد من أبواب مختلفة:ماضيا و مضارعا و أمرا(11)مرّة،و الاسم بصيغ و معان مختلفة(22)مرّة،في(31)آية مكّيّة و مدنيّة:
الأفعال:
1- وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ إبراهيم:35
2- وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَ أَنابُوا إِلَى اللّهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ الزّمر:17
3- وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللّهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ... النّحل:36
4- ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ أُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ الحجّ:30
5- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ... إِنَّ اللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ الحجرات:12
6- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ المائدة:90
7- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً النّساء:31
8- وَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ وَ إِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ الشّورى:37
9- اَلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ... النّجم:32
10- اَلَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلّى* وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى
الليل:16،17
11- سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى* وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى
الأعلى:10،11
الجنب:
12- وَ اعْبُدُوا اللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً النّساء:36
13- أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ الزّمر:56
14- وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ يونس:12
الجنوب:
15- فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً النّساء:
103
16- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ
آل عمران:191
ص: 64
17- تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ السّجدة:16
18- يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ التّوبة:35
19- وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ الحجّ:36
جنب:
20- وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ القصص:11
21- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا... النّساء:43
22- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا... المائدة:6
جانب:
23- وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشّاهِدِينَ القصص:44
24- وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ القصص:46
25- وَ نادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا مريم:52
26- يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى طه:80
27- فَلَمّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ القصص:29
28- لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ الصّافّات:8
29- أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً الإسراء:68
30- وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً الإسراء:83
31- وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ فصّلت:51
يلاحظ أوّلا:أنّ في(1)بحوثا:
1-أنّها وحيدة في اشتمالها على فعل مجرّد،و عند الفرّاء أنّها لغة أهل الحجاز،و أهل نجد يقولون:أجنبني و جنّبني،من بابي:الإفعال و التّفعيل،ثمّ قال:«و لو قرأ قارئ(و اجنبنى و بنىّ)لأصاب،و لم أسمعه من قارئ»، لكنّ الزّجّاج قال:«و تقرأ(و اجنبني)».و حكاها النّحّاس عن الجحدريّ و عيسى،و كأنّها قراءة شاذّة قرأ بها بعض أهل نجد،و لم يذكرها الطّبريّ.
2-نصّ الطّبريّ و غيره من أهل اللّغة و التّفسير أنّ «جنب و أجنب و جنّب»بمعنى،و أنّ كلّها متعدّ بمفعولين،
ص: 65
كما جاء في الآية أي:اصرفني و باعدني عن عبادة الأوثان.قال الفخر الرّازيّ: «و أصله:جعل الشّيء عن غيره على جانب و ناحية»فيبدو أنّه أرجع الفعل إلى معنى«جانب»فيكون مفهوم الصّرف و البعد و نحوهما لازم المعنى لا عينه،و سنبحثه.
-أشكل أمر هذا الدّعاء على المعتزلة و الشّيعة؛ حيث إنّ إبراهيم عليه السّلام سأل اللّه أن يصرفه عن عبادة الأوثان،فدلّت على أنّ أفعال العباد هي فعل اللّه،كما قالت الأشاعرة،و قد احتجّ بها بعضهم،قال الآلوسيّ:
«و استدلّ بعض أصحابنا بالآية على أنّ التّبعيد من الكفر و التّقريب من الإيمان ليس إلاّ من اللّه تعالى...».
لكن مخالفيهم حملوها تارة على أنّه لطف من اللّه يقرّبهم إلى التّوحيد،و هو فعلهم و ليس فعل اللّه، و أخرى على أنّ معناه:ثبّتني و أدمني على اجتناب عبادتها.لكن الوجه الأخير لا يرفع الإشكال.و أجاب عنها الطّباطبائيّ بأنّ العبد يملك الاجتناب من عبادة الأوثان بتمليك اللّه إيّاه،و أنّ معناه التّوفيق دون إيجاد الفعل.و للبحث مجال واسع،فلاحظ النّصوص هنا و في نظائرها من الآيات،و هي كثيرة.
4-قال البيضاويّ: «فيه دليل على أنّ عصمة الأنبياء بتوفيق اللّه و حفظه إيّاهم»و كأنّه أراد أنّ العصمة ليست في ذواتهم بكونهم طورا وراء غيرهم من البشر، و هذا معنى ما روي عن بعض الأئمّة من أهل البيت عليهم السّلام:«المعصوم من عصمه اللّه».
5-و أورد الفخر الرّازيّ بأنّ دعاءه تخلّف من جهات،و أجاب عنها بوجه أو وجوه،فلاحظ.
ثانيا:جاء منها فعل الاجتناب«9»مرّات في(2-9) و فيها بحوث:
1-الاجتناب«افتعال»من«جنب»،و المناسب من معاني باب الافتعال هنا المبالغة في المعنى نحو اكتسب،أي بالغ في الكسب،أو المطاوعة إيماء إلى نهاية طاعة اللّه في تجنيبه العبد عن عبادة الأوثان.و على الوجهين فهو متعدّ إلى مفعولين،فمعنى اجتنب عملا:بعد عنه و تركه بجدّ،أو تبعا لمن جنّبه،و جاء دائما في ترك المحرّمات العظام كالشّرك في(2-4)،و قول الزّور في(4)،و ظنّ السّوء في(5)،و الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام في(6)، و الرّجس و الإثم و عمل الشّيطان في(4-6)،و الكبائر في(7-9).
و هناك وجه آخر للمبالغة فيه،و هو أنّه-كما سبق- مأخوذ من«جانب»:اجتنب عملا:تركه جانبا،و صار أجنبيّا عنه،و هو عند الطّباطبائيّ مأخوذ من«الجنب» بني منه الفعل على الاستعارة،فإنّ الإنسان يستقبل الشّيء بوجهه و يعرض عنه بجنبه،و لكونه استعارة،فهو -كما قال الرّاغب-أبلغ من التّرك،لأنّ ترك شيء لا يستلزم البعد عنه.
و عند القرطبيّ و الصّابونيّ: معناه البعد عن الشّيء بالكلّيّة،مثل وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى الإسراء:32،لأنّه إذا حرّم قرب الشّيء فقد حرّم كلاّ و رأسا،فالاجتناب عن الخمر مثلا يقتضي تركه مطلقا،فلا ينتفع به بوجه من الوجوه:لا بشرب،و لا بيع،و لا تخليل،و لا مداواة، و لا غير ذلك.و بالجملة كلّما كانت الحرمة فيه شديدة
ص: 66
بالغة نهايتها جاء فيه«الاجتناب».
2-دلّت الآية(6)كما قال الطّوسيّ على تحريم ما ذكر فيها بوجوه:اجتنبوه،و رجس،و من عمل الشّيطان،و أنّ الفلاح في تركه.
3-و يضاف إليها أنّ ضمير المفعول في(اجتنبوه) راجع إلى:عمل،أو الشّيطان،أو الرّجس،أو كلّ واحد منها.و في إبهام المرجع تعظيم و إكبار لحرمتها كما لا يخفى على من مسّ رمز البلاغة القرآنيّة.
4-و أيضا إرجاء الفلاح ب(لعلّ)دون الوعد به جزما ينبئ عن صعوبة الموقف،و شدّة العذاب فيها.
5-و أيضا لقد قورن الأمر بالاجتناب في الآيات جميعا بشيء من الخير و الرّحمة و التّبشير،و هذا يؤكّد الاجتناب عمّا ذكر فيها.
6-في إرداف ما ذكر فيها من المحرّمات الكبار للشّرك و عبادة الطّاغوت،و الأمر بالاجتناب عنها جميعا دلالة أيضا على كبرها و شدّة العذاب عليها كالشّرك،و إيماء إلى أنّ اللّه لا يغفرها كما لا يغفر الشّرك، و لا سيّما في(4)حيث قال: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ فكرّر الفعل و عطفه على الأوّل،فكأنّ قول الزّور يساوي و يعادل الشّرك،أو أنّ الشّرك في الحقيقة هو قول الزّور.
ثالثا:جاء في(10)(يجنّبها)و في(11)يتجنّبها) من:التّفعيل و التّفعّل،في سياقين،فالسّياق في(10) الذّمّ أوّلا،و المدح أخيرا؛حيث قال: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى* لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى* اَلَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلّى* وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى و ضمير المفعول فيها راجع إلى(النّار).
أمّا السّياق في(11)فعكسها:قدّم المدح فيها و أخّر الذّمّ؛حيث قال: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى* سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى* وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى* اَلَّذِي يَصْلَى النّارَ الْكُبْرى و ضمير المفعول فيها راجع إلى(الذّكرى).
و كما اختلف السّياقان بتقديم الذّمّ و المدح و تأخيرهما متعاكسين،كذلك قورنا بالوعيد ب(النّار الكبرى)الّتي يصلاها الكافر،و يبعّد عنها المؤمن متعاكسين،فقدّمت النّار و صلاها في(10)،و أخّرت في (11).
و هناك افتراق بينهما من جهات أخرى:
1-اختصاص الوعيد الصّارم بالكافر الّذي يصلى النّار،و الوعد القريب المرجأ بالمؤمن: وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى و سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى كلاهما جاء بالسّين الّتي فيها الرّجاء و التّبشير و التّيسير.
2-جاء(الاتقى)بإزاء(الاشقى)كلاهما بصيغة التّفضيل الدّالّ على بلوغهما الغاية،كابتعاد التّقوى عن الشّقاء تماما،فإنّ(الاتقى)يحاكي كمال الإيمان و(الاشقى)نهاية الكفر،و معلوم أنّهما أصل الفلاح و الخسران.
3-جاء الفعل في ناحية الفلاح من باب«التّفعيل» و في طرف الشّقاء من باب«التّفعّل»؛و ذلك أنّ(يجنّبها) فعل مجهول،فاعله(اللّه)حذف تعظيما و تفخيما له، و لفعله،كما في نظائره،و(الاتقى)نائب الفاعل،أي إنّ اللّه يجنّبه النّار،فهو مجنّب عنها تماما بعناية اللّه الخاصّة بالمقرّبين،فلا يتخلّف و لا ينحرف عنها.
و(يتجنّبها)من التّجنّب،و من معاني باب«التّفعّل»
ص: 67
المطاوعة،و التّكلّف،و التّكرار،و الدّوام،و الطّلب، و كلّها مناسب هنا،أي إنّ الأشقى يطاوع الشّيطان و جنده،أو يتأثّر بأيّ عامل شرّ و يتبع كلّ ضالّ مضلّ في الاجتناب عن(الذّكرى)أو يتكلّفه و يتحمّل المشقّة فيه على خلاف فطرته،أو يرتكبه مرّة بعد أخرى دوما،أو يطلبه و يبتغيه بحرص و ولع،و كلّها تحكي نهاية الشّقاء.
و الإبهام في معناه بتردّده بين هذه المعاني يضاعف و يشدّد معناه،فهو الأشقى تماما.
4-كرّر(الاشقى)فيهما تكثيرا و مزيدا في فضاحته، و لم يكرّر(الاتقى)و جاء بدله في(11) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى مع أنّه ساغ أن يقول:(سيذّكّر الأتقى)إشعارا بقلّته و نفاسته،و أنّه قلّ ما يتكرّر،و إعلاما بأنّ(الاتقى) هو الّذي يخشى،و هذا كتفسير له.
5-وصف(الاشقى)في(1)بوصفين: اَلَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلّى و في(16)بوصفين أيضا اَلَّذِي يَصْلَى النّارَ الْكُبْرى* ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى و هذان يعتبران كجزاء للأوّلين بصورة أو فى،و وصف(الاتقى) بأوصاف تعريفا به،ثمّ تبشيرا له بالجزاء الّذي يرضاه؛ حيث قال: وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى* اَلَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكّى* وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى* إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى* وَ لَسَوْفَ يَرْضى.
6-أطلق الفعل في كلّ من سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى و كَذَّبَ وَ تَوَلّى من الجانبين،فلم يذكر له متعلّق تعظيما و تعميما و تعمية،ليذهب ذهن السّامع و القارئ إلى كلّ مذهب ممكن،مع ذكر متعلّق الفعلين في (يجنّبها)و(سيجنّبها)من الطّرفين أيضا؛حيث يرجع ضمير المفعول في الأولى إلى(النّار)،و في الثّانية إلى (الذّكرى)،و هما طرفي الضّدّ كالأوصاف المذكورة فيهما.
7-و لرعاية الرّويّ دخل فيما ذكر من النّكات، و لا سيّما في:(الاتقى و الاشقى)بدل التّقيّ و الشّقيّ،و لذا قيل:إنّهما بمعنى النّقيّ و الشّقيّ-الطّبرسيّ(5:502).
رابعا:جاء(الجنب)3 مرّات في(12-14)و فيها بحوث:
1-أنّه بمعناه اللّغويّ،و هو العضو الخاصّ في(14) دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً أي دعانا و هو مستريح متبطّح على جنبه أو قاعد أو قائم،و اللاّم بمعنى (على).قال الطّبرسيّ:«و يجوز أن يكون تقديره:إذا مسّ الإنسان الضّرّ لجنبه...»و عليه فهو متعلّق ب(مسّ)،و كيف كان فهما بمعنى(15 و 16)حيث جاء فيهما(الجنوب)بإزاء القائم و القاعد.
2-جاء الجنب في(12)(و الجار الجنب و الصّاحب بالجنب)بمعنى القريب-دون العضو-بإزاء (الجنب)أي البعيد مجازا،لأنّ الجنب عضو قريب من الإنسان.
3-و جاء في(13) ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ و هو أيضا بمعنى القريب و الجانب و ليس بمعنى العضو حتّى يتّسع المجال لما جاء في ذيلها من التّأويل،باعتبار نسبة العضو إلى اللّه.و معلوم أنّ القريب هنا ليس مكانيّا أيضا، بل أطلق هنا مجازا بشأن من فرّط و أساء عملا أمام اللّه، على علم منه به.
خامسا:جاء(جنوب)-جمع جنب-«5»مرّات في (15-19)و كلّها بمعنى العضو بقرينة مجيئه مع(القيام
ص: 68
و القعود)في(15-16)و مع(المضاجع)في(17)و مع (الظّهور)في(18)و مع(وجبت)أي سقطت في(19).
قال الطّبرسيّ(4:86)في فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها: «أي سقطت إلى الأرض،و عبّر بذلك عن تمام خروج الرّوح منها»فالجنوب هنا بمعناها اللّغويّ.لكنّ الجملة كناية عن موتها و خروج الرّوح منها تماما،إذ اسقطت جنوبها إلى الأرض.
سادسا:جاء(جنب)«4»مرّات بمعنيين:
الأوّل:البعيد في(12) وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ و(20) فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ أي عن مكان بعيد،و في هذه الآية بحوث:
1-جاء عن ابن عبّاس و غيره(عن بعد)و المراد به (البعيد)لا المصدر.قال الطّوسيّ:«عن مكان جنب، و هو الجانب،لأنّ الجنب صفة وقعت موقع الموصوف لظهور معناه،و كان ذلك أحسن و أوجز».
2-حكى أبو عمرو عن بعضهم:«عن شوق»و هي لغة جذام يقولون:جنبت إلى لقائك،أي اشتقت.و لو صحّ فهو كناية لطيفة،فإنّ البعد عن الصّديق يستتبع الشّوق و المحبّة،كما قال الشّاعر:
سأطلب بعد الدّار عنكم لتقربوا
و تسكب عيناي الدّموع لتجمدا (1)
و لكن سياق الآية يأباه،فإنّ أخت موسى بصرت به عن مكان بعيد و هم لا يشعرون بها و إن كانت نفسها تشتاق إليه،إلاّ أنّ ثقل التّعبير هنا على البعد دون الشّوق.
3-قالوا في تفسيرها:«أن يسمو بصر الإنسان إلى الشّيء البعيد و هو إلى جنبه لا يشعر به»أو«تنظر إليه كأنّها لا تريده»أو«تنظر إلى موسى نظرة و إلى النّاس نظرة»أو«عن بعد عنه،و إعراض لئلاّ يفطنون لها»أو «عن بعد تبصر و توهم أنّها لا تراه»أو«عن ناحية من غير قصد و لا قرب يشعر لها به»أو«عن بعد لم تدن منه فيشعر لها»أو«عن بعد تبصره و لا توهم أنّها تراه»أو «نظرت إليه مزورّة متجانفة مخاتلة»و نحوها ممّا يستفاد من السّياق بلطف،لا من لفظ(جنب)و مرجعها جميعا إلى أنّها كانت تسرق نظرها إليه كي لا يشعر بها.
4-قال بعضهم:معناه عن جانب،لأنّها كانت تمشي على الشّطّ إلى جانب التّابوت،و هو محتمل.
5-قرئ (على جانب) و (على جنب) و هو بمعنى جانب.و هما قراءتان شاذّتان أشبه بالتّفسير من القراءة،و لم يذكرهما الطّبريّ.
الثّاني:من أصابته«الجنابة»جاء مرّتين أيضا في (21 و 22)قالوا:أصل الجنابة:هي البعد،كأنّ العرب كانوا يجتنبون الجنب،أو أنّ الإسلام سمّاه جنبا،لأنّه مبعّد عن الصّلاة،و عليه فهو في هذا المعنى حقيقة شرعيّة لا لغويّة،و لكن سياق الآيتين يشعر بأنّ الجنب بهذا المعنى كان معروفا عند النّاس،و يؤيّده ما تقدّم في النّصوص،و في الأصول اللّغويّة،و تمام البحث في «و ض ء:الوضوء».
سابعا:جاء(جانب)«9»مرّات في(23-31) بمعنيين أيضا:
الأوّل:الجنب في(30 و 31)بسياق واحد: وَ إِذا5.
ص: 69
أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ. قال الطّبرسيّ (5:19):«أي بعد بجانبه تكبّرا و تجبّرا...».و في الموسوعة القرآنيّة(8:41)«و نأى بجانبه تصوير لحاله، و هو يتنكّر و يزوّر فيبتعد لجنبه إشارة إلى رفضه».
و جاء في كثير من النّصوص أنّ معناه«العطف و الجنب»،و جاء في بعضها:«الجانب:المكان و الجهة» أي ابتعد عن مكانه و تولّى.و هو بعيد عن السّياق،لأنّه بصدد تصوير تكبّره و تجبّره و هو بتحويل العطف و الجنب،و معلوم أنّ السّياق تمثيل و كناية عن تكبّره، لكنّه لا يمنع كون(الجانب)بمعنى(الجنب)دون الجهة، و الباء في(بجانبه)قرينة عليه.قال الزّمخشريّ (2:464):«النّائي بالجانب أن يلوي عنه عطفه و يولّي ظهره».لاحظ«ن و ي».
الثّاني:النّاحية و الجهة في(7)آيات:
خمس منها(23-27)فجاء بشأن موسى عليه السّلام بلفظ «جانب الغربيّ»في(24)و المراد به:جانب الطّور،كما في غيرها.فقد خصّ اللّه(جانب)و شرّفه بذلك و كلّها مدح.
و اثنتان منها(28 و 29)ذمّ:إحداهما وعيد للكفّار أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أي طرفه، و الأخرى إخبار عن طرد الشّياطين عن الملأ الأعلى:
لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ.
ص: 70
7 ألفاظ،34 مرّة:7 مكّيّة،27 مدنيّة
في 14 سورة:7 مكّيّة،7 مدنيّة
جنحوا 1:-/1جناحك 4:4
فاجنح 1:-/1بجناحيه 1:-1
جناح 1:/1أجنحة 1:1
جناح 25:-25
الخليل :جنح الطّائر جنوحا،أي كسر من جناحيه ثمّ أقبل كالواقع اللاّجئ إلى موضع.و الرّجل يجنح،إذا أقبل على الشّيء يعمله بيديه،و قد حنى إليه صدره.[ثمّ استشهد بشعر]
و السّفينة تجنح جنوحا،إذا انتهت إلى الماء القليل فلزقت بالأرض فلم تمض.
و اجتنح الرّجل على رجله (1)في مقعده،إذا انكبّ على يديه كالمتّكئ على يد واحدة.
و جنح الظّلام جنوحا،إذا أقبل اللّيل؛و الاسم:
الجنح و الجنح،لغتان،يقال:كأنّه جنح اللّيل،يشبّه به العسكر الجرّار.
و جناحا الطّائر:يداه.و يدا الإنسان:جناحاه.
و جناحا العسكر:جانباه.و جناحا الوادي:أن يكون له مجرى عن يمينه و عن شماله.
و جنحت النّاقة،إذا كانت باركة فمالت عن أحد شقّيها.
و جنحت الإبل في السّير:أسرعت.[ثمّ استشهد بشعر]
و ناقة مجنّحة الجنبين،أي واسعتهما.و جنحته عن وجهه جنحا فاجتنح،أي أملته فمال.و أجنحته فجنح:
أملته فمال.[ثمّ استشهد بشعر]
و جوانح الصّدر:الأضلاع المتّصلة رءوسها في وسط
ص: 71
الزّور؛الواحدة:جانحة.(3:83)
ابن شميّل: جنح الرّجل إلى الحروريّة،و جنح لهم،إذا تابعهم و خضع لهم.جنح الرّجل على مرفقيه، إذا اعتمد عليهما،و قد وضعهما بالأرض أو على الوسادة،يجنح جنوحا و جنحا.
الاجتناح في النّاقة:كأنّ مؤخّرها يسند إلى مقدّمها من شدّة اندفاعها،يحفزها رجلاها إلى صدرها.
(الأزهريّ 4:155)
أبو عمرو الشّيبانيّ: قال مدرك:إنّي لعلى جناح سفر أو رحيل،إذا أفد،و أزمع به.(الجيم 1:124)
كلّ شيء جعلته في نظام فهو جناح.و للعرب في الجناح أمثال،منها قولهم للرّجل إذا جدّ في الأمر و احتفل:«ركب فلان جناحي نعامة».[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 4:157)
أبو عبيدة :المجتنح من الخيل:الّذي يكون حضره واحدا لأحد شقّيه يجتنح عليه،أي يعتمده في حضره.(الأزهريّ 4:155)
الجناحان:النّاحيتان.(الطّوسيّ 7:168)
أبو زيد :جنح يجنح جنوحا،إذا أعطى بيده أو عدل إلى ما يحبّ القوم،و جنح العدوّ و الخيل،و جنحت الإبل،إذا أخفضت في السّير.(الطّوسيّ 5:175)
الفرّاء: جنح يجنح بالكسر،لغة في:يجنح،و يجنح.
(الصّغانيّ 2:19)
الأصمعيّ: جنّاح:دانية من الأرض.
(الأزهريّ 4:158)
ابن الأعرابيّ: العرب تقول:أنا إليك بجناح،أي متشوّق.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 4:157)
شمر: [في حديث]:«أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أمر بالتّجنّح في الصّلاة».
التّجنّح و الاجتناح كأنّه الاعتماد في السّجود على الكفّين،و الادّعام على الرّاحتين،و ترك الافتراش للذّراعين.[و بعد كلام ابن شميّل قال:]
و ممّا يصدّق ذلك حديث النّعمان بن أبي عيّاش، قال:شكا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إليه الاعتماد في السّجود،فرخّص لهم أن يستعينوا بمرافقهم على ركبهم.
اجتنحت النّاقة في سيرها،إذا أسرعت.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 4:155)
الطّبريّ: يقال منه:جنح الرّجل إلى كذا يجنح إليه جنوحا،و هي لتميم.و قيس فيما ذكر عنها،تقول:يجنح، بضمّ النّون.(10:33)
الزّجّاج: جنح اللّيل و أجنح،إذا مال.
(فعلت و أفعلت:8)
ابن دريد :و جنح الرّجل،إذا مال،و جنحت السّفينة،إذا مالت في أحد شقّيها،و كلّ مائل إلى الشّيء فقد جنح إليه،و في التّنزيل: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها الأنفال:61،و جناح الطّائر من هذا اشتقاقه،لأنّه في أحد شقيّه،و كلّ ناحية جناح.
و الجناح من قوله جلّ ثناؤه: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ البقرة:198،أي ميل إلى مأثم،و اللّه أعلم.
و قد سمّت العرب جنّاحا و جناحا.
و مرّ جنح من اللّيل بكسر الجيم و ضمّها،و هي القطعة منه،نحو نصفه،كأنّ اللّيل مال بها.
ص: 72
و المجنحة:قطعة من أدم تطرح على مقدّم الرّحل يجتنح عليها الرّاكب،أي يميل عليها.(2:60)
الأزهريّ: و جناح الشّيء:نفسه.[ثمّ استشهد بشعر]
و قيل:جناح الدّرّ:نظم منه يعرّض.
و يقال:ركب القوم جناحي الطّائر،إذا فارقوا أوطانهم.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:فلان في جناحي طائر،إذا كان قلقا دهشا، كما يقال:كأنّه على قرن أعفر.
و يقال:نحن على جناح سفر،أي نريد السّفر.
و فلان في جناح فلان،أي في ذراه (1)و كنفه.
(4:157)
الصّاحب: [نحو الخليل و أضاف:]
و أجنحته فاجتنح:أملته فمال،و منه قوله عزّ و جلّ:
وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها الأنفال:61،و الجناح:
الإثم،و التّضييق،و الميل عن الحقّ.
و جناحا الطّائر و الإنسان:يداه.
و الأجنح:جمع الجناح.
و جناحا الوادي:يمينه و شماله.
و الجناح:الجوار،و هو الإبط في قوله تعالى:
وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ القصص:32.
و أجنحت فلانا في مالي:أشركته.
و أجنحت الشّيء:وثّقته.
و النّعجة إذا أشليت للحلب يقال لها:جناح جناح.
و الجناح:هي السّوداء.(2:410)
الجوهريّ: جنح،أي مال،يجنح و يجنح جنوحا؛ و اجتنح مثله.و أجنحه غيره.
و جنوح اللّيل:إقباله.
و الجوانح:الأضلاع الّتي تحت التّرائب،و هي ممّا يلي الصّدر كالضّلوع ممّا يلي الظّهر؛الواحدة:جانحة.
و جنح البعير:انكسرت جوانحه من الحمل الثّقيل.
و جناح الطّائر:يده،و الجمع:أجنحة.
و جنحته:أصبت جناحه.
و الجناح،بالضّمّ:الإثم.
و جنح اللّيل و جنحه:طائفة منه.
و جنح الطّريق:جانبه.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنح القوم:ناحيتهم و كنفهم.[ثمّ استشهد بشعر]
(1:360)
ابن فارس: الجيم و النّون و الحاء أصل واحد،يدلّ على الميل و العدوان،و يقال:جنح إلى كذا،أي مال إليه.
و سمّي الجناحان جناحين لميلهما في الشّقّين.و الجناح:
الإثم،سمّي بذلك لميله عن طريق الحقّ.
و هذا هو الأصل ثمّ يشتقّ منه،فيقال للطّائفة من اللّيل:جنح و جنح،كأنّه شبّه بالجناح،و هو طائفة من جسم الطّائر.
و الجوانح:الأضلاع لأنّها مائلة.و جنح البعير،إذا انكسرت جوانحه من حمل ثقيل.و جنحت الإبل في السّير:أسرعت.فهذا من الجناح،كأنّها أعملت الأجنحة.(1:484)
الهرويّ: و قال أبو بكر:و العرب تستعير«الجناح» فتسمّي به ما بين الإبط و العضد من الإنسان.و تسمّي عصا الإنسان:جناحا،لأنّه ينتفع بها كما ينتفع بالجناح.ه.
ص: 73
[إلى أن قال:]
و العرب تكني بالجناح عن القوّة و المنّة،يقولون:
قصّ جناح فلان،إذا أخذ ماله،أو أوقعت به جائحة تمنعه عن التّصرّف.(1:408)
ابن سيده: جنح إليه يجنح و يجنح جنوحا، و اجتنح:مال.و أجنحه هو.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنح الرّجل و اجتنح:مال على أحد شقّيه و انحنى في قوسه.
و جنح اللّيل يجنح جنوحا:أقبل.
و جنح اللّيل و جنحه:جانبه،و قيل:قطعة منه نحو النّصف.
و جناح الطّائر:ما يخفق به في الطّيران،و الجمع:
أجنحة و أجنح.
و جنح الطّائر يجنح جنوحا،إذا كسر من جناحيه و وقع إلى الأرض،كاللاّجئ إلى شيء.
و جناح الطّائر:يده،و جناح الإنسان:عضده و يده،و في التّنزيل: وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ القصص:32،و جمعه:أجنحة و أجنح.حكى الأخيرة ابن جنّيّ و قال:كسّروا الجناح،و هو مذكّر، على«أفعل»و هو من تكسير المؤنّث،لأنّهم ذهبوا بالتّأنيث إلى الرّيشة.و كلّه راجع إلى الميل،لأنّ جناح الإنسان و الطّائر في أحد شقيّه.
و جنحه يجنحه جنحا:أصاب جناحه.
و جناحا العسكر:جانباه.
و جناحا الوادي:مجريان عن يمينه و شماله.
و جناح الرّحى:ناعورها.
و جناحا النّصل:شفرتاه.
و الجوانح:أوائل الضّلوع ممّا يلي الصّدر،سمّيت بذلك لجنوحها على القلب.و قيل:الجوانح:الضّلوع القصار الّتي في مقدّم الصّدر؛الواحدة:جانحة.
و قيل:الجوانح من البعير و الدّابّة:ما وقعت عليه الكتف،و هي من الإنسان الدّأي،و هنّ ما كان من قبل الظّهر،و هنّ ستّ:ثلاث عن يمينك و ثلاث عن شمالك.
و جنح البعير:انكسرت جوانحه من الحمل الثّقيل.
و جنح البعير يجنح جنوحا:انكسر أوّل ضلوعه ممّا يلي الصّدر.
و ناقة مجنّحة الجنبين:واسعتهما.
و جنحت الإبل:خفضت سوالفها في السّير،و قيل:
أسرعت.
و جنحت السّفينة تجنح جنوحا:انتهت إلى الماء القليل فلزقت بالأرض فلم تمض.
و اجتنح الرّجل في مقعده على رحله،إذا انكبّ على يديه كالمتّكئ على يد واحدة.
و المجنحة:قطعة أدم تطرح على مقدّم الرّحل يجتنح عليها الرّاكب.
و الجناح:الميل إلى الإثم،و قيل:هو الإثم عامّة.
و الجناح:ما تحمل من الهمّ و الأذى.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:أنا إليك بجناح،أي متشوّق.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنح الرّجل يجنح جنوحا:أعطى بيده.
و جناح:اسم رجل،و اسم ذئب.[ثمّ استشهد
ص: 74
بشعر](3:86)
جنح اللّيل:ظلامه و اختلاطه؛و ذلك حين تغيب الشّمس و تذهب معارف الأرض.
جنح اللّيل يجنح جنوحا:مال و أقبل بظلمته،يقال:
أتيته جنح اللّيل.(الإفصاح 2:920)
الطّوسيّ: تقول:جنح يجنح جنوحا و جنحت السّفينة،إذا مالت إلى الوقوف،و منه جناح الطّائر،لأنّه يميل به في أحد شقيّه.
و لا جناح عليه في كذا،أي لا ميل إلى مأثم.
(5:175)
نحوه الطّبرسيّ.(2:554)
أصل الجنوح:الميل،و منه:جناح الطّائر،لأنّه يميل به في طيرانه حيث شاء،و الجنب فيه جنوح الأضلاع، و أصل العضد من جهته تميل اليد حيث شاء صاحبها.
(7:168)
نحوه الطّبرسيّ.(4:7)
الرّاغب: الجناح:جناح الطّائر،يقال:جنح الطّائر،أي كسر جناحه،قال تعالى: وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ الأنعام:38.
و سمّي جانبا الشّيء جناحيه،فقيل:جناحا السّفينة،و جناحا العسكر،و جناحا الوادي،و جناحا الإنسان لجانبيه،قال عزّ و جلّ: وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ طه:22،أي جانبك، وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ القصص:32،عبارة عن اليد،لكون الجناح كاليد،و لذلك قيل لجناحي الطّائر:يداه.و قوله عزّ و جلّ: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ الإسراء:24،فاستعارة؛و ذلك أنّه لمّا كان الذّلّ ضربين:ضرب يضع الإنسان،و ضرب يرفعه-و قصد في هذا المكان إلى ما يرفعه لا إلى ما يضعه-فاستعار لفظ الجناح له،فكأنّه قيل:استعمل الذّلّ الّذي يرفعك عند اللّه من أجل اكتسابك الرّحمة،أو من أجل رحمتك لهما وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ القصص:32.
و جنحت العير في سيرها:أسرعت،كأنّها استعانت بجناح.
و جنح اللّيل:أظلّ بظلامه،و الجنح:قطعة من اللّيل مظلمة،قال تعالى: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها الأنفال:61،أي مالوا،من قولهم:جنحت السّفينة،أي مالت إلى أحد جانبيها.
و سمّي الإثم المائل بالإنسان عن الحقّ جناحا،ثمّ سمّي كلّ إثم جناحا،نحو قوله تعالى: فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ في غير موضع.
و جوانح الصّدر:الأضلاع المتّصلة رءوسها في وسط الزّور؛الواحدة:جانحة،و ذلك لما فيها من الميل.
(100)
الزّمخشريّ: جنحوا للسّلم،و جنحوا إليه، و جنحت الشّمس للغروب،و جنح اللّيل:مال للذّهاب أو المجيء.و يقال:جنح الأصيل.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنحت السّفينة:بلغت ماء رقيقا فلصقت بالأرض لا تمضي.
و جنح الطّائر:كسر جناحيه للوقوع.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجبال جنوح على الأرض.[ثمّ استشهد بشعر]
ص: 75
و هذا أمر تنقضّ منه الجوانح،و هي أضلاع الصّدر.
و اجتنح على الشّيء:انكبّ عليه و مال.[ثمّ استشهد بشعر]
و أتيته عند مجتنح الأصيل.و ما عليك جناح.
و من المجاز:خفض له جناحيه،و هو مقصوص الجناح:للعاجز.و سال جناحا الوادي،أي جانباه.
و كسروا جناحي العسكر.و ركب جناحي نعامة،إذا جدّ في الأمر و عجّل.و أنا في جناح فلان،أي في ذراه و ظلّه.
و هو في جناح طائر،إذا وصف بالقلق و الدّهش.و قدّم إلينا ثريدة لها جناحان من عراق،و مجنّحة بالعراق.(أساس البلاغة:65)
المدينيّ: في الحديث:«إذا استجنح،أو كان جنح اللّيل فكفّوا صبيانكم».
جنح اللّيل،بكسر الجيم و ضمّها:قطعة منه نحو النّصف،كأنّ اللّيل مال بها،يعني إذا أقبلت الظّلمة، و قيل:جنح اللّيل:أوّل ما يظلم.و هذا المعنى أليق بالحديث،لما ورد فيه من ألفاظ أخر تدلّ عليه.
في حديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما:«إنّي لأجنح أن آكل منه»،أي أرى أكله جناحا و إثما،و الجناح أيضا كأنّه ميل إلى المآثم.
في الحديث:«إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم»،قيل:إنّما وضعتها لتكون وطاء له إذا مشى.
و قيل:إنّه بمعنى التّواضع تعظيما لحقّه،فتضمّ أجنحتها له،كما قال سبحانه و تعالى: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ الإسراء:24.
و قيل:وضع الجناح،يراد به النّزول عند مجالس العلم و ترك الطّيران،كما روي:«ما من قوم يذكرون اللّه تعالى إلاّ حفّت بهم الملائكة».
و يحتمل أن يكون المراد به:وضع الأجنحة بعضها بجنب بعض إظلالا لهم،كما يحكى عن فعل الطّير بداود النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم.و كما روي في حديث آخر:«تظلّهم الطّير بأجنحتها».
و في رواية أخرى:«فرشت له الملائكة أكنافها» فيكون دليلا للقول الأوّل.
و في رواية أخرى:«يركب بعضهم بعضا حتّى يبلغوا السّماء»،و هو دليل القول الآخر.
و في رواية:«تخفض أجنحتها»و هو دليل القول الآخر.
[و قال مالك:]معنى قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«تضع» -يعني الملائكة أجنحتها-تبسطها بالدّعاء لطالب العلم بدلا من الأيدي،و يؤيّد هذا القول ما في الحديث الآخر:
من«أنّه تصلّي عليه الملائكة»،أي تدعو له و تستغفر.
و الجناحان،قيل سمّيا به،لأنّه يميل على إحداهما مرّة، و على الأخرى[مرّة]أخرى.
في حديث مرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«فوجد خفّة فاجتنح على أسامة حتّى دخل المسجد»أي مال.
(1:362)
الفخر الرّازيّ: أصل الجناح في اللّغة هو الثّقل، يقال:أجنحت السّفينة،إذا مالت لثقلها؛و الذّنب يسمّى جناحا لما فيه من الثّقل..(6:146)
ابن الأثير: في حديث عائشة رضي اللّه عنها:
«و كان و قيذ الجوانح»الجوانح:الأضلاع ممّا يلي الصّدر؛
ص: 76
الواحدة:جانحة.(1:305)
الفيّوميّ: جنح إلى الشّيء يجنح بفتحتين،و جنح جنوحا من باب«قعد»لغة:مال.
و جنح اللّيل،بضمّ الجيم و كسرها:ظلامه و اختلاطه.و جنح اللّيل يجنح،بفتحتين:أقبل.
و جنح الطّريق،بالكسر:جانبه.
و جناح الطّائر:بمنزلة اليد من الإنسان،و الجمع:
أجنحة.
و الجناح،بالضّمّ:الإثم.(1:111)
الجرجانيّ: «الجناحيّة»هم أصحاب عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر ذي الجناحين.قالوا:
الأرواح تتناسخ،فكان روح اللّه في آدم،ثمّ في شيث،ثمّ في الأنبياء و الأئمّة،حتّى انتهت إلى عليّ و أولاده الثّلاثة،ثمّ إلى عبد اللّه هذا.(35)
الفيروزآباديّ: جنح يجنح و يجنح و يجنح جنوحا:مال كاجتنح و أجنح،و فلانا:أصاب جناحه.
و أجنحه:أماله.
و جنوح اللّيل:إقباله.
و الجوانح:الضّلوع تحت التّرائب ممّا يلي الصّدر؛ واحدته:جانحة.
و جنح البعير كعني:انكسرت جوانحه لثقل حمله.
و الجناح:اليد؛جمعه:أجنحة و أجنح،و العضد، و الإبط،و الجانب،و نفس الشّيء،و من الدّرّ:نظم يعرّض،أو كلّ ما جعلته في نظام،و الكنف،و النّاحية، و الطّائفة من الشّيء و يضمّ،و الرّوشن (1)،و المنظر، و اسم.
و جناح:جناح إشلاء العنز للحلب.
و الجناح هي السّوداء.
و ذو الجناحين:جعفر بن أبي طالب،قاتل يوم مؤتة حتّى قطعت يداه فقتل،فقال النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ اللّه قد أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنّة حيث يشاء».
و ركبوا جناحي الطّائر:فارقوا أوطانهم.
و ركب جناحي النّعامة:جدّ في الأمر و احتفل.
و نحن على جناح السّفر،أي نريده،و بالضّمّ:الإثم.
و الجنح بالكسر:الجانب،و الكنف،و النّاحية، و من اللّيل:الطّائفة،و يضمّ،و اسم.
و الاجتناح في السّجود:أن يعتمد على راحتيه مجافيا لذراعيه غير مفترشهما كالتّجنّح،و في النّاقة:
الإسراع،أو أن يكون مؤخّرها يسند إلى مقدّمها لشدّة اندفاعها،و في الخيل:أن يكون حضره واحدا لأحد شقّيه يجتنح عليه،أي يعتمده في حضره.
(1:226)
العدنانيّ: و يجيزون تذكير الجناح و تأنيثه، فيقولون:كسر جناح العصفور و كسرت جناحه،اعتمادا على محمّد بن الطّيب الفاسيّ،الّذي نقل عنه مدّ القاموس ذلك.و لم أعثر على معجم آخر يؤيّد تذكير الجناح و تأنيثه معا،و المصادر الآتية تكتفي بتذكيره:معجم ألفاظ القرآن الكريم،و ابن جنّيّ،و معجم مقاييس اللّغة،و المختار،و اللّسان،و التّاج،و محيط المحيط، و أقرب الموارد،و المتن،و الوسيط.
و يجمع الجناح على:أجنحة و أجنح،قال تعالى:ة.
ص: 77
اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ فاطر:1.
و من معاني الجناح:
1-العضد.
2-الإبط.
3-الجانب،و منه جناح القصر و نحوه.
4-الطّائفة من الشّيء.
5-كلّ ما ينظم عريضا كالجناح من درّ و غيره.
6-جناحا الرّحى:شقّاها.
7-جناحا النّصل:شفرتاه.
8-جناحا العسكر:جانباه«مجاز».
9-جناحا الوادي:مجريان عن يمينه و عن شماله «مجاز».
10-فلان في جناح الحاكم:في كنفه و رعايته «مجاز».
11-هو على جناح سفر:يريد السّفر«مجاز».
12-ركب جناحي طائر:فارق وطنه.
13-ركب جناحي نعامة:جدّ في الأمر و احتفل به «مجاز».
14-هو في جناحي طائر،إذا كان قلقا دهشا «مجاز».
15-خفض له جناحه:خضع و ذلّ«مجاز».قال تعالى: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً الإسراء:24.
16-فلان مقصوص الجناح،إذا كان عاجزا«مجاز».
17-وصلت جناحه:ساعدته«الحريريّ في المقامة الكوفيّة».(129)
محمود شيت: الجناح:شارة الجناح:شارة يحملها الطّيّارون على القسم الأيسر من صدرهم، للدّلالة على تخرّجهم من كلّيّة الطّيران.
جناح مدرسة التّعبئة الصّغرى:مدرسة التّعبئة الصّغرى من مدرسة المشاة.
جناح الأسلحة:قسم الأسلحة من مدرسة الأسلحة.
الجناح:الإثم الّذي يقترفه العسكريّ.(1:157)
المصطفويّ: ظهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو الميل و الرّغبة إلى شيء أو عمل أو جانب، و خصوصيّاته تختلف باختلاف الموارد و الموضوعات، يقال:جنح إلى الشّيء:مال إليه.جنح اللّيل:مال إلى الانقضاء و وصل إلى قوس نزوله.و جنح الرّجل:انحنى و مال بدنه عن الاستقامة.و جنح اللّيل:ميله و مقدار من قوسه و انحنائه.و الجانحة:الضّلع المنحني المائل.
و الجوانح:الأضلاع.و الجناح:مصدر في الأصل كالسّؤال أو اسم مصدر،بمعنى الانحراف و الميل عن العدل و الاستقامة،أو ما يحصل منه.
و أمّا الجناح:فالظّاهر أنّه كان في الأصل صفة كالجبان،و غلب استعماله في ما به يميل الطّائر،و هو بمنزلة اليد للإنسان؛حيث إنّ الإنسان يميل إلى شيء أو عن شيء عملا باليد،و الجناح في الطّائر مظهر إرادته و ميله و رغبته و حركته إلى ما يريد،و هو مصداق الميل و الرّغبة في الظّاهر.
و على هذا:فإطلاق«الجناح»على يد الإنسان ليس
ص: 78
بمجاز،بل هو من الحقيقة،إذا استعمل في مورد يلاحظ فيه مفهوم الجناحيّة،حتّى يكون من مصاديق الجناح، أي ما به يميل و يرغب إلى شيء أو عنه.
و لا يبعد أن يكون إطلاق الجناح فيما به يحصل الميل و الحركة في عالم الملائكة و أمثالها أيضا حقيقة،فإنّ خصوصيّات المصاديق غير ملحوظة في وضع الألفاظ و تصوّر المفهوم الّذي يوضع له اللّفظ.[ثمّ ذكر الآيات إلى أن قال:]
فظهر أنّ تفسير هذه الكلمات بمعان مختلفة تجاوز و جناح عن الحقّ.
و أمّا الفرق بين الميل و الجنح و الرّغبة:أنّ الرّغبة عبارة عن الميل مع العلاقة الباطنيّة و المحبّة.و الجنوح هو الميل مع العمل.و الميل مطلق.(2:124)
جنحوا-فاجنح
وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. الأنفال:61
ابن عبّاس: إن مال بنو قريظة إلى الصّلح فأرادوا الصّلح فَاجْنَحْ لَها مل إليها أو ردّها.(151)
نحوه الواحديّ(2:469)،و البغويّ(2:307).
عكرمة :نسختها الآية الّتي في براءة قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله:
وَ هُمْ صاغِرُونَ التّوبة:29.
مثله الحسن،و نحوه قتادة.(الطّبريّ 10:34)
السّدّيّ: و إن أرادوا الصّلح فأرده.(284)
مثله السّجستانيّ(75)و نحوه ابن قتيبة(180)، و الزّجّاج(2:422)،و النّحّاس(3:167)،و الطّبرسيّ (2:555).
ابن إسحاق :أي إن دعوك إلى السّلم،إلى الإسلام،فصالحهم عليه.(الطّبريّ 10:34)
ابن زيد :فصالحهم.(الطّبريّ 10:34)
أبو عبيدة :أي رجعوا إلى المسالمة و طلبوا الصّلح.
(1:250)
الطّبريّ: و إن مالوا إلى مسالمتك و متاركتك الحرب،إمّا بالدّخول في الإسلام،و إمّا بإعطاء الجزية، و إمّا بموادعة،و نحو ذلك من أسباب السّلم و الصّلح فَاجْنَحْ لَها، يقول:فمل إليها،و ابذل لهم ما مالوا إليه من ذلك و سألوكه.[إلى أن قال:]
فأمّا ما قاله قتادة و من قال مثل قوله:من أنّ هذه الآية منسوخة،فقول لا دلالة عليه من كتاب و لا سنّة، و لا فطرة عقل.(10:33)
الماورديّ: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها:و إن مالوا إلى الموادعة فمل إليها.
و الثّاني:و إن توقّفوا عن الحرب مسالمة لك فتوقّف عنهم مسالمة لهم.
و الثّالث:و إن أظهروا الإسلام فاقبل منهم ظاهر إسلامهم،و إن تخلّف باطن اعتقادهم.(2:330)
الطّوسيّ: و ليس في الآية ما يدلّ على أنّ الكفّار إذا مالوا إلى الهدنة،وجب إجابتهم إليها على كلّ حال،لأنّ الأحوال تختلف في ذلك،فتارة تقتضي الإجابة،و تارة
ص: 79
لا تقتضي؛و ذلك إذا وتروا المسلمين بأمر يقتضي الغلظة مع حصول العدّة و القوّة.
فإن قيل:إذا جازت الهدنة مع الكفّار فهلاّ جاز المكافة في أمر الإمامة حتّى يجوز تسليمها إلى من لا يستحقّها؟
قلنا:تسليم الإمامة إلى من لا يستحقّها فساد في الدّين كفساد تسليم النّبوّة إلى مثله.(5:175)
الزّمخشريّ: [حكى القول بالنّسخ ثمّ قال:]
و الصّحيح أنّ الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام و أهله،من حرب أو سلم،و ليس بحتم أن يقاتلوا أبدا أو يجابوا إلى الهدنة أبدا.و قرأ الأشهب العقيليّ (فاجنح) بضمّ النّون.(2:166)
نحوه الآلوسيّ.(10:27)
الطّبرسيّ: أي مل إليها و أقبلها منهم...[إلى أن قال:]و قيل:إنّها ليست بمنسوخة،لأنّها في الموادعة لأهل الكتاب،و الأخرى[التّوبة:29]لعبّاد الأوثان، و هذا هو الصّحيح،لأنّ قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، و الآية الأخرى نزلتا في سنة تسع في سورة براءة، و صالح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وفد نجران بعدها.(2:555)
ابن الجوزيّ: [نحو ابن عبّاس ثمّ قال:]
فإن قيل:لم قال:(لها)و لم يقل:«إليها»؟
فالجواب:أنّ«اللاّم»و«إلى»تنوب كلّ واحدة منهما عن الأخرى.
و فيمن أريد بهذه الآية قولان:
أحدهما:المشركون،و أنّها نسخت بآية السّيف، و الثّاني:أهل الكتاب.
فإن قيل:إنّها نزلت في ترك حربهم إذا بذلوا الجزية و قاموا بشرط الذّمّة،فهي محكمة.و إن قيل:نزلت في موادعتهم على غير جزية،توجّه النّسخ بآية الجزية.
(3:376)
الفخر الرّازيّ: أي مالوا إلى الصّلح،فالحكم قبول الصّلح.[ثمّ نقل الأقوال في النّسخ و عدمه فراجع]
(15:187)
وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً. الإسراء:24
ابن عبّاس: ليّن جانبك لهما.(235)
نحوه البغويّ(3:127)،و ابن الجوزيّ(5:25).
كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذّليل الضّعيف للسّيّد الفظّ الغليظ،أي في التّواضع و التّملّق.
(البروسويّ 5:147)
نحوه ابن المسيّب.(الطّبريّ 15:66)
عروة بن الزّبير:هو أن تلين لهما،حتّى لا تمنع من شيء أحبّاه.(الطّبريّ 15:66)
نحوه الخازن.(4:126)
عطاء:لا ترفع يدك عليهما.(النّحّاس 4:141)
الإمام الصّادق عليه السّلام: لا تملأ عينيك من النّظر إليهما إلاّ برحمة و رقّة،و لا ترفع صوتك فوق أصواتهما، و لا يديك فوق أيديهما،و لا تتقدّم قدّامهما.
(العيّاشيّ 3:43)
الطّبريّ: و كن لهما ذليلا رحمة منك بهما،تطيعهما
ص: 80
فيما أمراك به ممّا لم يكن للّه معصية،و لا تخالفهما فيما أحبّا.(15:66)
الزّجّاج: أي ألن لهما جانبك متذلّلا لهما،من مبالغتك في الرّحمة لهما.(3:235)
القمّيّ: تذلّل لهما و لا تتجبّر عليهما.(2:18)
القفّال: في تقريره وجهان:
الأوّل:أنّ الطّائر إذا أراد ضمّ فرخه إليه للتّربية خفض له جناح،و لهذا السّبب صار خفض الجناح كناية عن حسن التّربية،فكأنّه قال للولد:اكفل والديك بأن تضمّهما إلى نفسك،كما فعلا ذلك بك حال صغرك.
و الثّاني:أنّ الطّائر إذا أراد الطّيران و الارتفاع نشر جناحه،و إذا أراد ترك الطّيران و ترك الارتفاع خفض جناحه،فصار خفض الجناح كناية عن فعل التّواضع من هذا الوجه.(الفخر الرّازيّ 20:191)
الطّوسيّ: أي تواضع لهما و اخضع لهما.
(6:467)
نحوه ابن كثير.(4:298)
القشيريّ: اخفض لهما جناح الذّلّ بحسن المداراة و لين المنطق،و البدار إلى الخدمة،و سرعة الإجابة، و ترك البرم بمطالبهما،و الصّبر على أمرهما،و ألاّ تدّخر عنهما ميسورا.(4:16)
الواحديّ: [نحو الزّجّاج و أضاف:]
و خفض الجناح من السّكون و ترك التّعصّب و الإباء عليهما.(3:104)
الزّمخشريّ: فإن قلت:ما معنى قوله: جَناحَ الذُّلِّ؟
قلت:فيه وجهان:
أحدهما:أن يكون المعنى و اخفض لهما جناحك،كما قال: وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ الحجر:88، فأضافه إلى(الذّلّ)أو(الذّلّ)كما أضيف«حاتم»إلى الجود،على معنى و اخفض لهما جناحك الذّليل أو الذّلول.
و الثّاني:أن تجعل لذلّه أو لذلّه لهما جناحا خفيضا، كما جعل لبيد (1)للشّمال يدا و للقرّة (2)زماما،مبالغة في التّذلّل و التّواضع لهما.(2:445)
نحوه البيضاويّ(1:582)،و المشهديّ(5:495)، و القاسميّ(10:3919)،و المراغيّ(15:35).
ابن عطيّة: استعارة،أي اقطعهما جانب الذّلّ منك،و دمّث لهما نفسك و خلقك.و بولغ بذكر اَلذُّلِّ هنا و لم يذكر في قوله: وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الشّعراء:215،و ذلك بحسب عظم الحقّ هنا.(3:449)
الطّبرسيّ: أي و بالغ في التّواضع و الخضوع لهما قولا و فعلا،برّا بهما و شفقة عليهما.و المراد ب(الذّلّ) هاهنا:اللّين و التّواضع دون الهوان،من خفض الطّائر جناحه إذا ضمّ فرخه إليه،فكأنّه سبحانه قال:ضمّ أبويك إلى نفسك كما كانا يفعلان بك و أنت صغير.و إذا وصفت العرب إنسانا بالسّهولة و ترك الإباء قالوا:هو خافض الجناح.(3:409)
الفخر الرّازيّ: المقصود منه المبالغة في التّواضع.ع.
ص: 81
[و أدام نحو الزّمخشريّ](20:190)
نحوه الشّربينيّ.(2:297)
القرطبيّ: هذه استعارة في الشّفقة و الرّحمة بهما و التّذلّل لهما تذلّل الرّعيّة للأمير و العبيد للسّادة،كما أشار إليه سعيد بن المسيّب،و ضرب خفض الجناح و نصبه مثلا لجناح الطّائر حين ينتصب بجناحه لولده.
(10:243)
أبو السّعود :عبارة عن إلانة الجانب و التّواضع و التّذلّل لهما،فإنّ إعزازهما لا يكون إلاّ بذلك.[ثمّ أدام نحو الزّمخشريّ ملخّصا و أضاف:]
و أمّا جعل خفض الجناح عبارة عن ترك الطّيران -كما فعله القفّال-فلا يناسب المقام.(4:123)
البروسويّ: (جناح الذّلّ)استعارة بالكناية.[ثمّ ذكر نحو الوجه الثّاني للزّمخشريّ](5:147)
شبّر:الإضافة بيانيّة،أي جناحك الذّليل.[ثمّ ذكر نحو الوجه الأوّل للقفّال](4:17)
الآلوسيّ: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]
و قيل:المراد بخفضهما:ما يفعله[الطّائر]إذا ضمّ فراخه للتّربية،و أنّه أنسب بالمقام.
و في«الكشف»أنّ في الكلام استعارة بالكناية ناشئة من جعل الجناح الذّلّ ثمّ المجموع،كما هو مثل في غاية التّواضع.و لمّا أثبت لذلّه جناحا أمره بخفضه تكميلا.
و ما عسى يختلج في بعض الخواطر من أنّه لمّا أثبت لذلّه جناحا،فالأمر برفع ذلك الجناح أبلغ في تقوية الذّلّ من خفضه،لأنّ كمال الطّائر عند رفعه،فهو ظاهر السّقوط إذا جعل المجموع تمثيلا،لأنّ الغرض تصوير الذّلّ،كأنّه مشاهد محسوس.
و أمّا على التّرشيح فهو وهم،لأنّ جعل الجناح المخفوض للذّلّ يدلّ على التّواضع.و أمّا جعل الجناح وحده فليس بشيء،و لهذا جعل تمثيلا فيما سلف.
(15:56)
الطّباطبائيّ: خفض الجناح كناية عن المبالغة في التّواضع و الخضوع قولا و فعلا،مأخوذ من خفض فرخ الطّائر جناحه ليستعطف أمّه لتغذيته،و لذا قيّده ب(الذّلّ) فهو دأب أفراخ الطّيور إذا أرادت الغذاء من أمّهاتها، فالمعنى واجههما في معاشرتك و محاورتك مواجهة يلوح منها تواضعك و خضوعك لهما،و تذلّلك قبالهما رحمة بهما.
هذا إن كان الذّلّ بمعنى المسكنة،و إن كان بمعنى المطاوعة فهو مأخوذ من خفض الطّائر جناحه ليجمع تحته أفراخه،رحمة بها و حفظا لها.(13:80)
عبد الكريم الخطيب :و خفض الجناح كناية عن لين الجانب،و لطف المعاشرة،و رقّة الحديث.و الإنسان فيه جانبان من كلّ شيء:جانب الخير،و جانب الشّرّ؛ جانب القوّة،و جانب الضّعف؛جانب الشّدّة،و جانب اللّين،و هكذا.
و بين جانبي الإنسان إرادة،هي الّتي تنزع به إلى أيّ الجانبين،فهو في هذا أشبه بالطّائر،حين يريد الاتّجاه إلى أيّة جهة،يخفض جناحه لها،على حين يفرد الجناح الآخر.
فكأنّ الإنسان حين دعي إلى أن يلين لأبويه،و أن يرقّ لهما،قد مثّل بطائر أراد أن يأخذ هذا الجانب من جانبيه،و هو جانب الرّحمة و العطف،فخفض جناحه و مال إليه.(8:473)
ص: 82
المصطفويّ: الجناح هو عامل الميل و الحركة، و مظهر القدرة و العمل،و مصداق للقوّة الفعّالة،و خفضه يكون إشارة إلى كسر تلك القوّة و وضعها،حتّى لا يتراءى منه قدرة و تفوّق في مقابل المؤمنين،بل يتواضع لهم و يؤانس معهم و يرفق بهم.و يؤكّد ذلك بالنّسبة إلى الوالدين،فينتهي التّواضع معهما إلى حدّ يكون الجناح عامل التّذلّل،فيتذلّل و يتحقّر لهما، و يعامل معهما معاملة المتذلّل،فكأنّ جناحه قوّة فعّالة للتّذلّل.
و في هذه الآية الكريمة لطائف:
1-الخفض للجناح و كسر صولة القدرة العمّالة.
2-تقديم كلمة(لهما)إشارة إلى اختصاص في ذلك الحكم للوالدين.
3-إضافة الجناح إلى الذّلّ و توصيفه به،إشارة إلى تبديل جناح القدرة و العظمة و العزّة إلى جناح الذّلّ،ثمّ خفض ذلك الجناح ثانيا،ففيه مبالغة في مبالغة.
4-أن يكون ذلك العمل من جهة الرّحمة و العطوفة لا بعناوين أخر.
5-ثمّ بعد إظهار تلك الرّحمة أن يسترحم اللّه في حقّهما و يدعو اللّه لهما.(2:125)
راجع«ذ ل ل».
1- لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ. الحجر:88
ابن عبّاس: ليّن جانبك للمؤمنين،يقول:كن رحيما عليهم.(220)
نحوه الزّجّاج(3:186)،و الماورديّ(3:171)، و القشيريّ(3:281)،و البغويّ(3:66)،و أبو السّعود (4:33)،و الشّربينيّ(2:212)،و المراغيّ(14:46).
أرفق بهم،و لا تغلظ عليهم.(الواحديّ 3:52)
سعيد بن جبير: اخضع لهم.(الماورديّ 3:171)
الطّبريّ: و ألن لمن آمن بك،و اتّبعك و اتّبع كلامك و قرّبهم منك،و لا تجف بهم،و لا تغلظ عليهم.
(14:61)
الطّوسيّ: هو أن يلين لهم جانبه و يتواضع لهم، و يحسن خلقه معهم.(6:353)
الواحديّ: [نقل قول ابن عبّاس و قال:]
و العرب تقول:فلان خافض الجناح،إذا كان وقورا ساكنا.(3:52)
نحوه ابن الجوزيّ.(4:416)
الزّمخشريّ: و تواضع لمن معك من فقراء المؤمنين و ضعفائهم،و طب نفسا عن إيمان الأغنياء و الأقوياء.
(2:398)
مثله القاسميّ(10:3770)،و نحوه البيضاويّ (1:546)،و النّسفيّ(2:278)،و أبو السّعود(4:33)، و الكاشانيّ(3:121).
ابن عطيّة: و هذه استعارة بمعنى ليّن جناحك و وطّئ أكنافك.
و الجناح:الجانب و الجنب،و منه وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ طه:22،فهو أمر بالميل إليهم،و الجنوح:
الميل.(3:374)
ص: 83
الطّبرسيّ: [نحو الواحديّ و أضاف:]
و أصله:أنّ الطّائر إذا ضمّ فرخه إلى نفسه بسط جناحه ثمّ خفضه،فالمعنى تواضع للمؤمنين لكي يتّبعك النّاس في دينك.(3:345)
نحوه القرطبيّ(10:57)،و أبو حيّان(5:466)، و الآلوسيّ(14:80).
الفخر الرّازيّ: جناح الإنسان:يده،و خفض الجناح كناية عن اللّين و الرّفق و التّواضع،و المقصود أنّه تعالى لمّا نهاه عن الالتفات إلى أولئك الأغنياء من الكفّار أمره بالتّواضع لفقراء المسلمين،و نظيره قوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ المائدة:54،و قال في صفة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ الفتح:29.(19:211)
النّيسابوريّ: وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بهذا المقام ليصلوا بجناح همّتك إليه.(14:39)
مغنيّة:تواضع للطّيّبين المخلصين،لأنّ التّواضع لهؤلاء تواضع للّه،و التّكبّر على الخونة المفسدين جهاد في سبيل اللّه.(4:490)
الطّباطبائيّ: هو كناية عن التّواضع و لين الجانب،و الأصل فيه:أنّ الطّائر إذا أراد أن يضمّ إليه أفراخه بسط جناحه عليها ثمّ خفضه لها،هذا و الّذي ذكروه و إن أمكن أن يتأيّد بآيات أخر،كقوله: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ آل عمران:159،و قوله في صفة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ التّوبة:
128،لكنّ الّذي وقع في نظير الآية ممّا يمكن أن يفسّر به«خفض الجناح»هو صبر النّفس مع المؤمنين،و هو يناسب أن يكون كناية عن ضمّ المؤمنين إليه و قصر الهمّ على معاشرتهم و تربيتهم و تأديبهم بأدب اللّه،أو كناية عن ملازمتهم و الاحتباس فيهم من غير مفارقة،كما أنّ الطّائر إذا خفض الجناح لم يطر و لم يفارق،قال تعالى:
وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا الكهف:28.(12:192)
عبد الكريم الخطيب :احتفاء بشأن المؤمنين و رفع لمنزلتهم،و أنّ على النّبيّ أن يلقاهم حفيّا بهم، مكرما لهم،متجاوزا عن هناتهم.(7:262)
طه الدّرّة:أي ألن جانبك لمن آمن بك،و تواضع لهم،و في هذه الجملة استعارة مكنيّة،و هي ما حذف فيها المشبّه به،و رمز إليه بشيء من لوازمه،فقد استعير الطّائر للذّلّ ثمّ حذفه،و دلّ عليه بشيء من لوازمه،و هو الجناح،و إثبات الجناح للذّلّ يسمّونه استعارة تخييليّة.
(7:352)
مكارم الشّيرازيّ: إنّ هذا التّعبير كناية جميلة عن التّواضع و المحبّة و الملاطفة،فالطّيور حينما تريد إظهار حنانها لفراخها تجعلها تحت أجنحتها بعد خفضها، فتجسّم بذلك أعلى صور العاطفة و الحنان،و تحفظهم من الحوادث و الأعداء،و تحميهم من التّشتّت.
و التّعبير المذكور عبارة عن كناية مختصرة بليغة ذات مغزى و معان كثيرة جدّا.و يمكن أن يحمل ذكر هذه الجملة بعد الأوامر الثّلاثة المتقدّمة إشارة تحذير بعدم إظهار التّواضع و الانكسار أمام الكفّار المتنعّمين بزهو الحياة الدّنيا،بل لا بدّ للتّواضع و الحبّ و العاطفة الفيّاضة
ص: 84
لمن آمن،و إن كان محروما من مال الدّنيا.(8:101)
2-و بهذا المعنى جاءت: وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الشّعراء:215.
3- وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى. طه:22
ابن عبّاس: أدخل يدك في إبطك.(261)
مجاهد :كفّه تحت عضده.(الطّبريّ 16:157)
نحوه الكلبيّ.(الطّبرسيّ 4:8)
مقاتل: (إلى)بمعنى«مع»أي مع جناحك.
(القرطبيّ 11:191)
قطرب: إلى جيبك.[ثمّ استشهد بشعر]
(القرطبيّ 11:191)
مثله ابن قتيبة.(378)
الفرّاء: «الجناح»في هذا الموضع من أسفل العضد إلى الإبط.(2:178)
أبو عبيدة :مجازه:إلى ناحية جنبك،و الجناحان هنا النّاحيتان.(2:18)
الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:و اضمم يا موسى يدك،فضعها تحت عضدك،و الجناحان هنا اليدان،كذلك روي الخبر عن أبي هريرة و كعب الأحبار.و أمّا أهل العربيّة فإنّهم يقولون:هما الجنبان.(16:157)
الزّجّاج: جناح الإنسان:عضده إلى أصل إبطه.
(3:355)
نحوه البغويّ.(3:260)
السّجستانيّ: اجمع يدك إلى جيبك،و الجناح:
ما بين أسفل العضد إلى الإبط.(120)
الشّريف الرّضيّ: هذه استعارة،و المراد بها-و اللّه أعلم-:و أدخل يدك في قميصك ممّا يلي إحدى جهتي يديك.و سمّيت تلك الجهتان جناحين لأنّهما في موضع الجناحين من الطّائر،و يوضّح عمّا ذكرنا قوله سبحانه في مكان آخر: وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ النّمل:12،و الجيب في جهة إحدى اليدين.
(109)
الماورديّ: فيه ثلاثة أوجه:[ذكر قول مجاهد و قطرب،ثمّ قال:]
الثّالث:إلى جنبك،فعبّر عن الجنب بالجناح،لأنّه مائل في محلّ الجناح.(3:400)
الزّمخشريّ: قيل:لكلّ ناحيتين:جناحان، كجناحي العسكر لمجنّبتيه.و جناحا الإنسان:جنباه، و الأصل المستعار منه:جناحا الطّائر،سمّيا جناحين، لأنّه يجنحهما (1)عند الطّيران،و المراد:إلى جنبك تحت العضد،دلّ على ذلك قوله:(تخرج).(2:534)
نحوه البيضاويّ(2:48)،و أبو السّعود(4:275)، و المشهديّ(6:266)،و البروسويّ(5:376).
ابن عطيّة: أمره اللّه عزّ و جلّ أن يضمّ يده إلى جنبه و هو الجناح،استعارة و مجازا.[ثمّ استشهد بشعر]
و بعض النّاس يقولون:الجناح:اليد،و هذا كلّه صحيح على طريق الاستعارة،أ لا ترى أنّ جعفر بن أبي طالب يسمّى ذا الجناحين بسبب يديه،حين أقيمت له الجناحان مقام اليدين،شبّه بجناح الطّائر،و كلّ مرعوبا.
ص: 85
من ظلمة أو نحوها فإنّه إذا ضمّ يده إلى جناحه فتر رعبه و ربط جأشه،فجمع اللّه لموسى عليه السّلام تفتير الرّعب مع الآية في اليد.(4:42)
القرطبيّ: [ذكر أقوالا و أضاف:]و قيل:إلى عندك.(11:191)
النّيسابوريّ: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]
و عن ابن عبّاس معناه إلى صدرك،و ضعّف بأنّه لا يطابقه قوله:(تخرج).
قلت:لا شكّ أنّ الصّدر مستور بالقميص،فيظهر عند ذلك معنى الخروج،و يفسّره قوله في موضع آخر:
وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ النّمل:12.(16:105)
أبو حيّان :الجناح حقيقة في الطّائر و الملك،ثمّ توسّع فيه فأطلق على اليد و على العضد و على جنب الرّجل.و قيل لمجنّبتي العسكر:جناحان،على سبيل الاستعارة،و سمّي جناح الطّائر،لأنّه يجنح به عند الطّيران.و لمّا كان المرعوب من ظلمة أو غيرها إذا ضمّ يده إلى جناحه فتر رعبه و ربط جأشه،أمره تعالى أن يضمّ يده إلى جناحه ليقوّي جأشه و لتظهر له هذه الآية العظيمة في اليد.
و المراد:إلى جنبك تحت العضد،و لهذا قال:(تخرج) فلو لم يكن دخول،لم يكن خروج،كما قال في الآية الأخرى: وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ النّمل:12.
و في الكلام حذف إذ لا يترتّب الخروج على الضّمّ و إنّما يترتّب على الإخراج،و التّقدير:و اضمم يدك إلى جناحك تنضمّ و أخرجها تخرج،فحذف من الأوّل و أبقى مقابله و من الثّاني و أبقى مقابله و هو اضمم،لأنّه بمعنى «أدخل»كما يبين في الآية الأخرى.(6:236)
الشّربينيّ: أي يدك اليمين إِلى جَناحِكَ أي جنبك الأيسر تحت العضد في الإبط.(2:457)
الآلوسيّ: [نحو أبي حيّان ثمّ قال:]
و المراد:أدخل يدك اليمنى من طوق مدرعتك و اجعلها تحت إبط اليسرى أو تحت عضدها عند الإبط أو تحتها عنده،فلا منافاة بين ما هنا و قوله تعالى: أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ. (16:179)
مغنيّة: في هذه الآية قال سبحانه: وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ و في الآية(12)من سورة النّمل قال:
وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ، فالمراد-إذن-من الجناح:
الجيب،و هو القميص أو طوقه،كما في كتب اللّغة.
(5:211)
نحوه الطّباطبائيّ(14:144)،و مكارم الشّيرازيّ (9:479).
المصطفويّ: أي أسلك يدك إلى جناحك وضع تحتها،و هذا هو المنصرف إليه عند إطلاق ضمّ اليد إلى الجناح،و في هذا العمل لطف و إشارة إلى جمع اليد و الجناح،و ضمّ إحداهما إلى الأخرى و كسر صولتهما، و خفض قدرتهما حتّى تخرج بيضاء.(2:126)
4- ..وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ...
القصص:32
ابن عبّاس: أدخل يدك في إبطك.(326)
نحوه أبو عبيدة(2:104)،و الطّبريّ(20:72).
اضمم يدك إلى صدرك.(الواحديّ 3:398)
ص: 86
مثله مجاهد.(الطّبرسيّ 4:252)
مجاهد :جناحاه:الذّراع،و العضد:هو الجناح، و الكفّ:اليد،اضمم يدك إلى جناحك.(الطّبريّ 20:72)
نحوه ابن زيد.(ابن الجوزيّ 6:219)
الفرّاء: يريد عصاه في هذا الموضع،و الجناح في الموضع الآخر:ما بين أسفل العضد إلى الرّفغ،و هو الإبط.
(2:306)
ابن قتيبة :الجناح:الإبط،و الجناح:اليد أيضا.
(333)
الزّجّاج: و المعنى في(جناحك)هاهنا هو العضد، و يقال:اليد كلّها جناح.(4:143)
نحوه الواحديّ(3:398)،و ابن جزيّ(3:106).
الماورديّ: فيه وجهان:
أحدهما:أنّ الجناح:الجيب:جيب القميص،و كان عليه مدرعة صوف.
الثّاني:أنّ الجيب:جنب البدن.(4:252)
البغويّ: معنى الآية:إذا هالك أمر يدك و ما ترى من شعاعها،فأدخلها في جيبك تعد إلى حالتها الأولى، و الجناح:اليد كلّها،و قيل:هو العضد.[إلى أن قال:]
و قيل:المراد من ضمّ الجناح السّكون،أي سكّن روعك و اخفض عليك جأشك،لأنّ من شأن الخائف أن يضطرب قلبه و يرتعد بدنه.(3:534)
نحوه الخازن.(5:143)
الزّمخشريّ: فإن قلت:ما معنى قوله: وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ؟
قلت:فيه معنيان:
أحدهما:أنّ موسى عليه السّلام لمّا قلب اللّه العصا حيّة فزع و اضطرب فاتّقاها بيده،كما يفعل الخائف من الشّيء، فقيل له:إنّ اتّقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء،فإذا ألقيتها فكما تنقلب حيّة فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتّقائك بها ثمّ أخرجها بيضاء،ليحصل الأمران:
اجتناب ما هو غضاضة عليك،و إظهار معجزة أخرى.
و المراد بالجناح:اليد،لأنّ يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطّائر،و إذا أدخل يده اليمنى تحت عضد يده اليسرى فقد ضمّ جناحه إليه.
و الثّاني:أن يراد بضمّ جناحه إليه تجلّده و ضبطه نفسه،و تشدّده عند انقلاب العصا حيّة حتّى لا يضطرب و لا يرهب،استعارة من فعل الطّائر،لأنّه إذا خوّف نشر جناحيه و أرخاهما،و إلاّ فجناحاه مضمومان إليه مشمّران.[إلى أن قال:]
و معنى وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ و قوله: اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ على أحد التّفسيرين واحد،و لكن خولف بين العبارتين،و إنّما كرّر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين؛و ذلك أنّ الغرض في أحدهما:خروج اليد بيضاء،و في الثّاني:إخفاء الرّهب.
فإن قلت:قد جعل الجناح و هو اليد في أحد الموضعين مضموما و في الآخر مضموما إليه،و ذلك قوله:
وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ و قوله: وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ فما التوفيق بينهما؟
قلت:المراد بالجناح المضموم:هو اليد اليمنى، و بالمضموم إليه:اليد اليسرى،و كلّ واحدة من يمنى اليدين و يسراهما جناح.(3:175)
ص: 87
نحوه البيضاويّ(2:193)،و الشّربينيّ(3:97)، و أبو السّعود(5:122)،و طه الدّرّة(10:492).
الطّبرسيّ: قال أبو عبيدة:جناحا الرّجل:يداه، و قال غيره:الجناح هنا العضد،و يدلّ على قوله أنّ العضد قد تقام مقام الجملة،في مثل قوله: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ القصص:35،و قد جاء المفرد و يراد به التّثنية.[ثمّ استشهد بشعر]
فعلى هذا يجوز أن يراد بالإفراد في قوله: وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ التّثنية،و قيل:إنّه لمّا ألقى العصا و صارت حيّة بسط يديه كالمتّقي و هما جناحاه،فقيل له:اضمم إليك جناحك،أي ما بسطته من يديك،و المعنى لا تبسط يديك خوف الحيّة فإنّك آمن من ضررها.
و يجوز أن يكون معناه اسكن و لا تخف.فإنّ من هاله أمر أزعجه حتّى كأنّه يطيّره،و آلة الطّيران:الجناح، فكأنّه عليه السّلام قد بلغ نهاية الخوف،فقيل له:ضمّ منشور جناحك من الخوف و اسكن.و قيل:معناه إذا هالك أمر يدك لما تبصر من شعاعها فاضممها إليك لتسكن.
(4:252)
ابن الأنباريّ: الجناح للإنسان مشبّه بالجناح للطّائر،ففي حال تشبّه العرب رجلي الإنسان بجناحي الطّائر،فيقولون:قد مضى فلان طائرا في جناحيه، يعنون ساعيا على قدميه،و في حال يجعلون العضد منه بمنزلة جناحي الطّائر،كقوله: وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ، و في حال يجعلون العصا بمنزلة الجناح،لأنّ الإنسان يدفع بها عن نفسه كدفع الطّائر عن نفسه بجناحه،كقوله: وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ و إنّما يوقع الجناح على هذه الأشياء تشبيها و استعارة، كما يقال:قد قصّ جناح الإنسان،و قد قطعت يده و رجله،إذا وقعت به جائحة أبطلت تصرّفه،و يقول الرّجل للرّجل:أنت يدي و رجلي،أي أنت من به أصل إلى محابّي.(ابن الجوزيّ 6:219)
الرّازيّ: [نحو ما تقدّم في ذيل كلام الزّمخشريّ]
(262)
القرطبيّ: و ما فسّروه من ضمّ اليد إلى الصّدر يدلّ على أنّ الجيب موضعه الصّدر.(13:285)
الطّباطبائيّ: قيل:المراد بضمّ الجناح إليه من الرّهب:أن يجمع يديه على صدره إذا عرضه الخوف عند مشاهدة انقلاب العصا حيّة،ليذهب ما في قلبه من الخوف.
و قيل:إنّه لمّا ألقى العصا و صارت حيّة بسط يديه كالمتّقي و هما جناحاه،فقيل له: وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ أي لا تبسط يديك خوف الحيّة،فإنّك آمن من ضررها.
و الوجهان-كما ترى-مبنيّان على كون الجملة،أعني قوله:(و اضمم)إلخ،من تتمّة قوله: أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ القصص:31،و هذا لا يلائم تخلّل قوله: اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ إلخ،بين الجملتين بالفصل من غير عطف.
و قيل:الجملة كناية عن الأمر بالعزم على ما أراده اللّه سبحانه منه،و الحثّ على الجدّ في أمر الرّسالة،لئلاّ يمنعه ما يغشاه من الخوف في بعض الأحوال.
و لا يبعد أن يكون المراد بالجملة:الأمر بأن يأخذ
ص: 88
لنفسه سيماء الخاشع المتواضع،فإنّ من دأب المتكبّر المعجب بنفسه أن يفرّج بين عضديه و جنبيه كالمتمطّي في مشيته،فيكون في معنى ما أمر اللّه به النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من التّواضع للمؤمنين بقوله: وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ على بعض المعاني.(16:33)
عبد الكريم الخطيب :الجناح:اليد كلّها،بالكفّ و السّاعد،و العضد و المراد بضمّ الجناح:إلصاقه بالجنب،كما يفعل الخائف فيشدّ من عزمه،و يمسك نفسه،و المراد بهذا أن يأخذ موسى هذا الوضع حين يخرج يده من جيبه في موقفه مع فرعون،و في هذا ما يدفع الخوف عن موسى،و هو يواجه فرعون في هذا الموقف الرّهيب.(10:343)
المصطفويّ: أي ليتوقّف عن الحركة و العمل.
(2:126)
مكارم الشّيرازيّ: و التّعبير بالجناح،الّذي هو للطّائر مكان اليد للإنسان،هذا التّعبير هنا بدلا عن اليد في غاية الجمال و الرّوعة؛إذ لعلّ المراد منه تشبيه هذه الحالة بحالة الطّائر حين يدافع عن نفسه و هو أمام عدوّه المهاجم،و لكنّه يعود إلى حالته الأولى و يضمّ جناحه إليه عند ما يزول عنه العدوّ،و لا يجد ما يرهبه.(12:208)
اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ... فاطر:1
الزّمخشريّ: المعنى أنّ الملائكة خلقا أجنحتهم اثنان اثنان،أي لكلّ واحد منهم جناحان،و خلقا أجنحتهم ثلاثة ثلاثة،و خلقا أجنحتهم أربعة أربعة.
(3:298)
الفخر الرّازيّ: أقلّ ما يكون لذي الجناح أن يكون له جناحان،و ما بعدهما زيادة.
و قال قوم فيه:إنّ الجناح إشارة إلى الجهة،و بيانه هو أنّ اللّه تعالى ليس فوقه شيء،و كلّ شيء فهو تحت قدرته و نعمته،و الملائكة لهم وجه إلى اللّه يأخذون منه نعمه و يعطون من دونهم ممّا أخذوه بإذن اللّه،كما قال: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ الشّعراء:193،194، و عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى النّجم:5، فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً النّازعات:5،فهما جناحان،و فيهم من يفعل ما يفعل من الخير بواسطة،و فيهم من يفعله لا بواسطة، فالفاعل بواسطة فيه ثلاثة جهات،و منهم من له أربع جهات و أكثر،و الظّاهر ما ذكرناه أوّلا،و هو الّذي عليه إطباق المفسّرين.(26:3)
أبو حيّان :أجنحة:جمع جناح،صيغة جمع القلّة، و قياس جمع الكثرة فيه«جنح»على وزن«فعل»فإن كان لم يسمع كان أجنحة،مستعملا في القليل و الكثير.
(7:298)
أبو السّعود : أُولِي أَجْنِحَةٍ صفة ل(رسلا) و أولو:اسم جمع لذو،كما أنّ أولاء اسم جمع لذا.
و نظيرهما في الأسماء المتمكّنة المخاض و الخلفة.و قوله تعالى: مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ صفات لأجنحة،أي ذوي أجنحة متعدّدة متفاوتة في العدد،حسب تفاوت ما لهم من المراتب،ينزلون بها و يعرجون أو يسرعون بها.
[ثمّ ذكر نحو الزّمخشريّ و أضاف:]
ص: 89
و يروى أن صنفا من الملائكة لهم ستّة أجنحة:
بجناحين منها يلقون أجسادهم،و بآخرين منها يطيرون فيما أمروا به من جهته تعالى،و جناحان منها مرخيّان على وجوههم حياء من اللّه عزّ و جلّ.
و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه رأى جبريل عليه السّلام ليلة المعراج و له ستّمائة جناح.
و روي أنّه سأله عليهما السّلام أن يتراءى له في صورته، فقال:إنّك لن تطيق ذلك،قال:إنّي أحبّ أن تفعل، فخرج عليه الصّلاة و السّلام في ليلة مقمرة،فأتاه جبريل عليهما السّلام في صورته،فغشي عليه عليه الصّلاة و السّلام ثمّ أفاق،و جبريل مسنده و إحدى يديه على صدره و الأخرى بين كتفيه،فقال:سبحان اللّه ما كنت أرى أنّ شيئا من الخلق هكذا،فقال جبريل عليه السّلام:فكيف لو رأيت إسرافيل له اثنا عشر جناحا:جناح منها بالمشرق،و جناح منها بالمغرب،و إنّ العرش على كاهله،و إنّه ليتضاءل الأحايين لعظمة اللّه عزّ و جلّ حتّى يعود مثل الوصع،و هو العصفور الصّغير.(5:270)
الآلوسيّ: أجنحة:جمع جناح،صيغة جمع القلّة.
و مقتضي المقام أنّ المراد به الكثرة.[ثمّ نقل كلام أبي حيّان و أضاف]
و الظّاهر أنّ الجناح بالمعنى المعروف عند العرب بيد أنّا لا نعرف حقيقته و كيفيّته،و لا نقول:إنّه من ريش كريش الطّائر.[إلى أن قال:]
قوله تعالى: مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ الظّاهر أنّه صفة لأجنحة،و المنع من الصّرف على المشهور للصّفة و العدل عن اثنين و ثلاثة ثلاثة و أربعة أربعة.[ثمّ نقل كلام الزّمخشريّ و قال:]
و البحث عن كيفيّة وضع الأجنحة شفعا كان أو وترا فيما أرى،ممّا لا طائل تحته،و لم يصحّ عندي في ذلك شيء،و لقياس الغائب على الشّاهد،قال بعضهم:إنّ المعنى إنّ في كلّ جانب لبعض الملائكة عليهم السّلام جناحين و لبعضهم ثلاثة و لبعضهم أربعة،و إلاّ فلو كانت ثلاثة لواحد لما اعتدلت،و هو كما ترى.
[ثمّ نقل ما جاء به الفخر الرّازيّ في قوله الثّاني-و قال قوم فيه-و أضاف:]
و هذا خلاف الظّاهر جدّا،و لا يحتاج إليه السّنيّ القائل:بأنّ الملائكة عليهم السّلام أجسام لطيفة نوريّة يقدرون على التّشكّل بالصّور المختلفة و على الأفعال الشّاقّة،و إنّما يحتاج إليه أو إلى نحوه الفلاسفة و أتباعهم،فإنّ الملائكة عندهم هي العقول المجرّدة،و يسمّيها أهل الإشراق:
بالأنوار الظّاهرة،و بعض المتصوّفة:بالسّرادقات النّوريّة،و قد ذكر بعض متأخّريهم أنّ لها ذوات حقيقيّة و ذوات إضافيّة،مضافة إلى ما دونها إضافة النّفس إلى البدن.فأمّا ذواتها الحقيقيّة فإنّما هي أمريّة قضائيّة قوليّة،و أمّا ذواتها الإضافيّة فإنّما هي خلقيّة قدريّة تنشأ منها الملائكة اللّوحيّة،و أعظمهم إسرافيل عليه السّلام، و تطلق الملائكة عندهم على غير العقول كالمدبّرات العلويّة و السّفليّة من النّفوس و الطّبائع،و أطالوا الكلام في ذلك،و ظواهر الآيات و الأخبار تكذّبهم،و اللّه تعالى الموفّق للصّواب.(22:162-164)
ص: 90
1- إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما...
البقرة:158
عائشة:إنّ ذلك في الأنصار،و ذلك أنّهم كانوا يهلّون لمناة الّتي كانت بالمشلل حذو قديد،و يعظّمونهما فكانوا لا يطوفون بين إساف و نائلة إجلالا لتلك،فلمّا جاء الإسلام تحرّجوا،فنزلت هذه الآية.
(ابن عطيّة 1:230)
ابن عبّاس: لا مأثم عليه.(22)
نحوه ابن قتيبة(66)،و الزّجّاج(1:234)، و البغويّ(1:191).
إنّه كان في الجاهليّة شياطين تعزف اللّيل أجمع بين الصّفا و المروة،و كانت بينهما آلهة،فلمّا جاء الإسلام و ظهر،قال المسلمون:يا رسول اللّه لا نطوف بين الصّفا و المروة،فإنّه شرك كنّا نفعله في الجاهليّة،فأنزل اللّه فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما. (الطّبريّ 2:47)
نحوه أنس بن مالك(الواحديّ 1:242)،و الشّعبيّ (الطّبريّ 2:46).
السّدّيّ: ليس عليه إثم بل له أجر.(136)
الإمام الصّادق عليه السّلام:كان المسلمون يرون أنّ الصّفا و المروة ممّا ابتدع أهل الجاهليّة،فأنزل اللّه هذه الآية.
إنّه كان في عمرة القضاء؛و ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام،فتشاغل رجل من أصحابه حتّى أعيدت الأصنام،فجاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل له:إنّ فلانا لم يطف و قد أعيدت الأصنام، فنزلت هذه الآية فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما، أي و الأصنام عليهما،فكان النّاس يسعون و الأصنام على حالها،فلمّا حجّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله رمى بها.
(الطّبرسيّ 1:240)
الأخفش: و إنّما قال: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ لأنّ ذلك كان مكروها في الجاهليّة،فأخبر أنّه ليس بمكروه عنده.
(1:345)
الطّبريّ: فلا حرج عليه،و لا مأثم في طوافه بهما.
[ثمّ قال نحو ما تقدّم عن ابن عبّاس](2:45)
الطّوسيّ: [نقل كلام الشّعبيّ ثمّ قال:]
و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام و كان ذلك في عمرة القضاء و لم يكن فتح مكّة بعد،و كانت الأصنام على حالها حول الكعبة.
و قال قوم:سبب ذلك أنّ أهل الجاهليّة كانوا يطوفون بينهما،فكره المسلمون ذلك خوفا أن يكون من أفعال الجاهليّة،فأنزل اللّه تعالى الآية.
و قال قوم عكس ذلك:أنّ أهل الجاهليّة كانوا يكرهون السّعي بينهما،فظنّ قوم أنّ في الإسلام مثل ذلك،فأنزل اللّه تعالى الآية.
و جملته أنّ في الآية ردّا على جميع من كرهه، لاختلاف أسبابه.(2:44)
نحوه الطّبرسيّ.(1:240)
الواحديّ: أي لا إثم عليه و لا حرج و لا ذنب.[إلى
ص: 91
أن قال:]
و الآية بظاهرها تدلّ على إباحة ما كرهوه،و لكنّ السّنّة أوجبت الطّواف بينهما و السّعي.(1:242)
ابن عطيّة: الجناح:الإثم و الميل عن الحقّ و الطّاعة،و من اللّفظة الجناح،لأنّه في شقّ،و منه قيل للخبا:جناح لتمايله و كونه كذي أجنحة.[إلى أن قال:]
و قوله:(فلا جناح)ليس المقصد منه إباحة الطّواف لمن شاء،لأنّ ذلك بعد الأمر لا يستقيم،و إنّما المقصد منه رفع ما وقع في نفوس قوم من العرب،من أنّ الطّواف بينهما فيه حرج،و إعلامهم أنّ ما وقع في نفوسهم غير صواب.(1:229)
الآلوسيّ: أي لا إثم عليه في أن يطوف.و أصل الجناح:الميل،و منه وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ الأنفال:61، و سمّي الإثم به،لأنّه ميل من الحقّ إلى الباطل.[ثمّ نقل كلام ابن عبّاس و أضاف:]
و منه يعلم دفع ما يتراءى إنّه لا يتصوّر فائدة في نفي الجناح بعد إثبات أنّهما من الشّعائر،بل ربّما لا يتلازمان؛ إذ أدنى مراتب الأوّل النّدب و غاية الثّاني الإباحة،و قد وقع الإجماع على مشروعيّة الطّواف بينهما في الحجّ و العمرة،لدلالة نفي الجناح عليه قطعا،لكنّهم اختلفوا في الوجوب.[ثمّ ذكر أدلّة الوجوب و عدمه فراجع]
(2:25)
الطّباطبائيّ: و تفريع قوله: فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ... إنّما هو للإيذان بأصل تشريع السّعي بين الصّفا و المروة،لا لإفادة النّدب.و لو كان المراد إفادة النّدب كان الأنسب بسياق الكلام أن يمدح التّطوّف،لا أن ينفي ذمّه،فإنّ حاصل المعنى أنّه لو كان الصّفا و المروة معبدين و منسكين من معابد اللّه فلا يضرّكم أن تعبدوه فيهما،و هذا لسان التّشريع.
و لو كان المراد إفادة النّدب كان الأنسب أن يفاد أنّ الصّفا و المروة لمّا كانا من شعائر اللّه،فإنّ اللّه يحبّ السّعي بينهما-و هو ظاهر-و التّعبير بأمثال هذا القول الّذي لا يفيد وحده الإلزام في مقام التّشريع،شائع في القرآن، كقوله تعالى في الجهاد: ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ الصّف:11، و في الصّوم: وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ البقرة:184، و في القصر: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ النّساء:101.(1:386)
نحوه مكارم الشّيرازيّ.(1:399)
2- ..إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاّ تَكْتُبُوها... البقرة:282
ابن عبّاس: حرج.(41)
مثله الطّبريّ.(3:132)
الزّمخشريّ: لا بأس أن لا تكتبوه،لأنّه لا يتوهّم فيه ما يتوهّم في التّداين.(1:404)
نحوه ابن كثير.(1:597)
الطّبرسيّ: أي حرج و ضيق،و معناه:فليس عليكم إثم في ترك كتابتها،لأنّ الكتابة للوثيقة،و لا يحتاج إلى الوثيقة إلاّ في النّسيئة دون النّقد.(1:399)
الآلوسيّ: أي فلا مضرّة عليكم أو لا إثم في عدم كتابتكم لها،لبعد ذلك عن التّنازع و النّسيان،أو لأنّ في تكليفكم الكتابة حينئذ مشقّة جدّا.و إدخال الفاء للإيذان بتعلّق ما بعدها بما قبلها.(3:61)
ص: 92
ابن عاشور: تصريح بمفهوم الاستثناء،مع ما في زيادة قوله: جُناحٌ من الإشارة إلى أنّ هذا الحكم رخصة،لأنّ رفع الجناح مؤذن بأنّ الكتابة أولى و أحسن.(2:580)
مكارم الشّيرازيّ: يعني ليس هناك ما يمنع من كتابة العقود النّقديّة أيضا،و هو خير،لأنّه يزيل كلّ خطإ أو اعتراض محتملين فيما بعد.(2:256)
الفيروزآباديّ: [نحو الرّاغب و أضاف:]
و أمّا الجناح بالضّمّ فورد بمعنيين:
بمعنى الحرج وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ البقرة:235، لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ البقرة:236.
و بمعنى الإثم في العقبى لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ الأحزاب:55،و لكلّ نظائر...
(بصائر ذوي التّمييز 2:400)
1-الأصل في هذه المادّة:الجناح،أي ما يخفق به الطّائر في الطّيران،و الجمع:أجنحة و أجنح؛يقال:جنح الطّائر يجنح جنوحا،أي كسر من جناحيه ثمّ أقبل كالواقع اللاّجئ إلى موضع،و جنحه يجنحه جنحا:
أصاب جناحه.
و جناح الشّيء:نفسه،و جناح الإنسان:يده، و جناح الرّحى:ناعورها،و جناحا النّصل:شفرتاه، و جناحا الوادي:مجريان عن يمينه و شماله،و جناحا العسكر:جانباه،على التّوسّع.
و في المثل:«ركب فلان جناحي نعامة»،أي جدّ في الأمر و احتفل به،و يقال:ركب القوم جناحي الطّائر، أي فارقوا أوطانهم،و نحن على جناح سفر:نريد السّفر، و فلان في جناحي طائر،إذا كان قلقا دهشا،و فلان في جناح فلان:في داره و كنفه.
و الجوانح:أوائل الضّلوع تحت التّرائب ممّا يلي الصّدر،كالضّلوع ممّا يلي الظّهر،و مفردها:جانحة،على التّشبيه بالأجنحة؛يقال:جنح البعير،أي انكسرت جوانحه من الحمل الثّقيل،و جنح يجنح جنوحا:انكسر أوّل ضلوعه ممّا يلي الصّدر.
و جنح الرّجل و اجتنح:مال على أحد شقيّه و انحنى على قوسه،كما يجنح الطّائر،و جنح إليه يجنح و يجنح و اجتنح:مال،و أجنحه هو،و اجتنح الشّيء فجنح:
أماله فمال.و جنحت النّاقة:مالت على أحد شقّيها و هي باركة،و جنحت السّفينة تجنح جنوحا:انتهت إلى الماء القليل فلزقت بالأرض فلم تمض.و اجتنح الرّجل في مقعده على رحله:انكبّ على يديه كالمتّكئ على يد واحدة،و جنح الرّجل على مرفقيه يجنح جنوحا و جنحا:اعتمد عليهما و قد وضعهما بالأرض أو على الوسادة،و جنح الرّجل يجنح:أقبل على الشّيء يعمله بيديه و قد حنى عليه صدره.و المجنحة:قطعة أدم تطرح على مقدّم الرّحل يجتنح الرّاكب عليها.
و جنحت الإبل:خفضت سوالفها في السّير،
ص: 93
و اجتنحت النّاقة في سيرها:كأنّها تسند مؤخّرها إلى مقدّمها من شدّة اندفاعها،فتحفز رجليها إلى صدرها.
و المجتنح من الخيل:الّذي يكون حضرا واحدا لأحد شقيّه يجنح عليه،أي يعتمده في حضره،و كلّ ذلك يحكي سرعتها،تشبيها بطيران الطّائر حين يطير بجناحيه.
و جنح الطّريق:جانبه،و جنح القوم:ناحيتهم و كنفهم،و جنح اللّيل و جنحه:جانبه،يقال:جنح اللّيل يجنح جنوحا،أي أقبل،و يشبّه به العسكر الجرّار؛يقال:
كأنّه جنح ليل،و جنح الظّلام جنوحا:أقبل اللّيل.
و الجناح:الميل إلى الإثم،أو هو الإثم عامّة،لميله عن طريق الحقّ،يقال:جنح الرّجل إلى الحروريّة،أي تابعهم و خضع لهم،و جنح الرّجل يجنح جنوحا:أعطى بيده.
2-و زعم بعض المستشرقين أنّ لفظ«الجناح» معرّب من اللّفظ الفارسيّ«گناه»،و اشتقّ هذا الأخير من اللّفظ الفهلويّ«ويناس»!
و لكنّ هذا اللّفظ يردّ بوجوه:
أ-أغلب ألفاظ اللّغة الفارسيّة في الحقبة الإسلاميّة إمّا فهلويّة أو عربيّة،و من المستيقن أنّ لفظ«گناه» ليس فهلويّا.
ب-انتقلت الألفاظ الفارسيّة إلى العربيّة قديما بواسطة اللّغة السّريانيّة و لم يعرف لفظ«گناه»في هذه اللّغة قطّ.
ج-ليس هناك توافق لفظيّ بين«گناه»و«ويناس»، خلافا لما نراه في أغلب المعرّبات.
و ما دام لفظ«گناه»ليس فهلويّا،فهو«مفرّس»من اللّفظ العربيّ«جناح»؛إذ ليس في الفارسيّة القديمة آنذاك«جيم»،فكان الفرس يفخّمون هذا الحرف،كما يفعل المصريّون حاليّا،نحو:«گزيت»أي جزية،لاحظ «ج ز ي».
كما لم يكن فيها«حاء»،فكانوا و لا زالوا يقلبونه «هاء»في التّلفّظ،نحو:زهمت،أي زحمة.
جاء منها فعلان بمعنى واحد مرّة،و اسمان 32 مرّة بأربعة معان في 32 آية:
جنحوا و اجنح:
1- وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الأنفال:61
جناحين و أجنحة:
2- وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ الأنعام:38
3- اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فاطر:1
خفض الجناح:
4- وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً الإسراء:24
ص: 94
5- لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ
الحجر:88
6- وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
الشّعراء:215
ضمّ الجناح:
7- اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ القصص:32
8- وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى طه:22
لا جناح و ليس جناح:
9 و 10- وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ... وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ... النّساء:101،102
11- إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ البقرة:158
12- لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ... البقرة:198
13- لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَكْتُمُونَ النّور:29
14- لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَ لا أَبْنائِهِنَّ وَ لا إِخْوانِهِنَّ وَ لا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَ لا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَ لا نِسائِهِنَّ وَ لا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَ اتَّقِينَ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً الأحزاب:55
15- ...لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَ لا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ النّور:58
16 و 17- وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَ... لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً... النّور:60،61
18- اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَ مَوالِيكُمْ وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَ لكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماً الأحزاب:5
19 و 20- حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ... فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَ... وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ... وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ... النّساء:23،24
21- تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَ مَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ...
الأحزاب:51
22- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ... وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ... الممتحنة:10
23- وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً
ص: 95
فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ وَ... النّساء:128
24 و 25- اَلطَّلاقُ مَرَّتانِ... فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ... فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ... البقرة:229،230
26-29- فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَ تَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ... فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ... وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ... لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ... البقرة:233-236
30- ...فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاّ تَكْتُبُوها وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ... البقرة:282
31- وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَ اللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ البقرة:240
32- لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ... المائدة:93
يلاحظ أوّلا:أنّه جاء في(1) وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها و فيها بحوث:
1-اختلفوا في نزولها في يهود بني قريظة-عن ابن عبّاس-أو في أهل الكتاب عامّة،أو المشركين- حكاهما ابن الجوزيّ-و الصّواب نزولها في المشركين، لأنّها من سورة الأنفال النّازلة في بدء الهجرة بعد البقرة بشأن«غزوة بدر»و لمّا يبدأ يومئذ حرب بين المسلمين و اليهود القاطنين بالمدينة،و لا مع أهل الكتاب من غير أهل المدينة،لكن لا بأس بإجرائها فيهم.
2-قال بعضهم:إنّها نسخت ب قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ... التّوبة:29، و فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ... التّوبة:5، و فيه أنّ الآية الأولى في أهل الكتاب دون المشركين، مع أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم صالح نصارى نجران،و الثّانية لا تمنع من الصّلح إن جنحوا للسّلم مع أنّه يختلف أمر الصّلح و الحرب حسب ما يراه الإمام-كما قال الزّمخشريّ-.
3-قالوا:معنى(جنحوا،و اجنح):إن مالوا إلى الصّلح فمل إليه،و إنّ منه جناح الطّائر لأنّه يميل به في أحد شقّيه.
و يخطر بالبال أنّ التّعبير ب(الجنوح)هنا فيه نوع خفض للجناح من الطّرفين عند المصالحة و المسالمة.فهناك علاقة ماسّة بين هذه الآية و ما بعدها من الآيات(4-6).
4-أريد ب(السّلم)الصّلح و المسالمة و ترك الحرب، و قيل:إن أسلموا و أظهروا الإسلام،و هو بعيد لاحظ «س ل م:السّلم»و لا يساوق(فاجنح لها)إذ ليس معناه فاجنح إلى الإسلام قطعا مع أنّ سياقهما واحد.
5-في(فاجنح لها)سؤالان:لم قال:(لها)دون (اليها)و هذا يجري في جَنَحُوا لِلسَّلْمِ أيضا؟
و لم قال:(لها)دون(له)لأنّ الضّمير راجع إلى السّلم؟
و الجواب عن الأوّل،كما قال ابن الجوزيّ: أنّ«اللاّم»
ص: 96
و«إلى»قريبان يأتي كلّ منهما بدلا من الأخرى، و يضاف إليه أنّه من أجل إشراب(الجنوح)هنا معنى خفض الجناح-كما سبق-و هذا يتعدّى ب«اللاّم»مثل وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ.
و عن الثّاني:أنّ(السّلم)هنا-كما قال الطّوسيّ و الطّبرسيّ.و يقتضيه السّياق أيضا-بمعنى المسالمة الملازمة للصّلح،فإنّ الصّلح يكون دائما بين الطّرفين أو الأطراف،و قد ذكر الطّرفان في الآية وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها، و الثّانية كالإجابة للأولى،و هذا معنى المسالمة.
6-أثار الطّوسيّ هنا سؤالا:إذا جازت الهدنة مع الكفّار فهلاّ جازت المكافّة في أمر الإمامة حتّى يجوز تسليمها إلى من لا يستحقّها؟و أجاب بأنّ تسليم الإمامة إلى غير أهلها فساد في الدّين كفساد تسليم النّبوّة إلى غير أهلها.
قلنا:تسليم منصب الإمامة مثل النّبوّة إلى غير أهلهما مستحيل،لأنّ الإمامة لطف وهبة من اللّه كالنّبوّة، لا تنتقلان إلى غير من اختاره اللّه لهما.
أمّا لو سئل هل يجوز للإمام أن يوكل إدارة أمور النّاس في دنياهم إلى غيره لضرورة تقتضيه،كما جاز إيكالها في كلّ ناحية إلى حاكم ينوب عنه،فلا يرد عليه ما ذكر،و له أمثلة في سيرة عليّ و ابنه الحسن عليهما السّلام من وجهة نظر بعض فرق المعتزلة،و هذا بحث جديد في الحكومة الإسلاميّة من وجهة نظر الشّيعة.و لنا فيه مقال باللّغة الفارسيّة بعنوان«إمام عليّ و وحدت إسلاميّ»و الظّاهر أنّها جائزة إذا حكم غيره نيابة عنه بإذنه،لا غصبا و جبرا أو سيطر عليها و رأى الإمام المصلحة في إبقائه و تأييده كما جاء في بعض الآثار.
لاحظ كتاب عليّ عليه السّلام إلى أهل الكوفة قبل حرب صفّين في كتاب«الغارات»لأبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ ج 1:307،و كتابه إلى معاوية في كتاب«الصّفّين» لنصر بن مزاحم،و يوجد مثلهما في مصادر أخرى و نظريّة«الولاية العامّة للفقيه»في عصر غيبة الإمام عليه السّلام الّتي آثارها الإمام الخمينيّ و حقّقها بالفعل باسم الجمهوريّة الإسلاميّة تعدّ كنموذج ممّا ذكر أوّلا.
ثانيا:جاء(جناح)تثنية و جمعا مرّتين بمعناه اللّغويّ الّذي هو الأصل لسائر المعاني،ففي(2) وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ نسبة إلى الطّائر،و في(3) جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ نسبة إلى الملائكة.
و البحث فى كيفيّة أجنحتهم-كما جاء في النّصوص- موكول إلى البحث في حقيقة الملك،لاحظ«م ل ك:
ملائكة»
ثالثا:أمر اللّه النّاس في(4-6)بخفض الجناح للوالدين،و أمر النّبيّ عليه السّلام بخفض جناحه للمؤمنين، و فيها بحوث:
1-معظمهم قالوا:إنّه مبالغة في التّواضع و لين الجانب و ترك التّجبّر،و إنّه كناية لطيفة ممّا يقع بين الطّائر و فرخه من الملاطفة و التّرحّم بوجهين:
الأوّل:أنّ الطّائر إذا أراد ضمّ فرخه إليه للتّربية خفض له جناحه و أخذ فرخه تحت جناحه،و أنّه كناية عن حسن التّربية،فالولد يكفل والديه حال كبرهما، كما كفلاه حال صغره.و كذا يكفل النّبيّ المؤمنين.
ص: 97
الثّاني:أنّ فرخ الطّائر يخفض جناحه لأمّه ليستعطفها لتغذيته،فخفض الجناح يكون بين الطّرفين.
و المناسب هنا الأوّل،لأنّ الولد لا يقصد استعطاف والديه عليه و لا النّبيّ استعطاف المؤمنين.بل العطف من جانب الولد و النّبيّ ابتداء لتكفّل الوالدين و المؤمنين،إلاّ أن يراد مطلق التّواضع لهم،جلبا لعواطفهم دون التّربية أو التّكفّل،و هذا لا يبعد.و المعنى تواضعوا للوالدين و للمؤمنين جدّا كما بين الطّائر و فرخه من الطّرفين.
و القفّال بعد أن ذكر الوجه الأوّل للتّشبيه بالطّائر و فرخه ثنّاه بوجه آخر،و هو أنّ الطّائر إذا أراد الطّيران و الارتفاع نشر جناحه،و إذا ترك الطّيران خفض جناحه،فصار خفض الجناح كناية عن فعل التّواضع من هذا الوجه.
و فيه أوّلا:أنّه-كما قال البروسويّ-لا يناسب المقام فإنّ خفض الجناح صار كناية عن التّواضع دون ترك الطّيران،و ثانيا:أنّ ترك الطّيران ليس فيه تواضع، و ثالثا:لا علاقة بينه و بين الذّلّ الّذي جاء في(2) و سنتدارسه.
2-جاء في(4) وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ و في (5،6) وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ -أو لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ -فما هو الفارق بينهما؟
و الجواب،كما يخطر بالبال:أنّ(جناح الذّلّ)جاء بشأن النّاس للوالدين،و لا مانع من تذلّل الإنسان لوالديه عند تواضعه لهما،فإن حقّهما عليه تالي حقّ اللّه تعالى،فقد جاء الأمر بالإحسان إليهما عقيب النّهي عن الشّرك في آيات،مثل: أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً الأنعام:151،أمّا اِخْفِضْ جَناحَكَ فهي خطاب للنّبيّ بشأن المؤمنين،و المناسب فيه التّواضع دون الذّلّ،فإنّ التّواضع منه عليه السّلام للمؤمنين خصلة حسنة تجلب النّاس إليه،أمّا الذّلّ فلا يحسن لأحد إلاّ للّه و للوالدين.
و نحن لا نوافق الطّبرسيّ في قوله:«و المراد بالذّلّ هاهنا اللّين و التّواضع دون الهوان...»أخذه من قول العرب لمن وصفه بالسّهولة و ترك الإباء:«هو خافض الجناح»و على قوله لا يبقى بين التّعبيرين فرق إلاّ شدّة المبالغة في«جناح الذّلّ»دون«خفض الجناح»؛بل الصّواب قول القرطبيّ:«التّذلّل لهما تذلّل الرّعيّة للأمير و العبيد للسّادة،كما أشار إليه سعيد بن المسيّب، و ضرب:خفض الجناح و نصبه،مثلا لجناح الطّائر حين ينتصب بجناحه لولده».
3-قدّم(لهما)في(4)و أخّر(للمؤمنين)و(لمن تبعك)في(5 و 6)تخصيصا للوالدين،و مبالغة في خفض الجناح لهما.
4-إضافة(جناح)إلى(الذّلّ)فيها مبالغة في مبالغة؛ إذ خفض الجناح-و الجناح رمز القوّة-كسر للقدرة و العزّة،و إضافته إلى الذّلّ كسر له ثانيا،فهنا اختصاص آخر للوالدين،ذكرهما المصطفويّ.
5-هذه الإضافة بيانيّة على قول شبّر،أي جناحك الذّليل،و بيانه ما جاء في كلام الآلوسيّ نقلا عن الكشف:«أنّ في الكلام استعارة بالكناية ناشئة من جعل الجناح الذّلّ ثمّ المجموع-كما هو مثل-غاية التّواضع،و لمّا أثبت لذلّه جناحا أمره بخفضه تكميلا...».
ص: 98
و عند الزّمخشريّ فيه وجهان:
الأوّل:أنّ إضافة الجناح إلى الذّلّ أو الذّلّ كإضافة حاتم إلى الجود،أي اخفض لهما جناحك الذّليل أو الذّلول.
و الثّاني:أن تجعل لذلّه أو لذلّه جناحا خفيفا،كما جعل لبيد للشّمال يدا و للقرّة زماما،مبالغة في التّذلّل و التّواضع لهما.
و ذهب الطّباطبائيّ إلى أنّ الذّلّ لو كان بمعنى المسكنة فخفض الجناح كناية عن المبالغة في الخضوع قولا و فعلا، كما يخفض فرخ الطّائر جناحه ليستعطف أمّه لتغذيته، و إن كان بمعنى المطاوعة فهو مأخوذ من خفض الطّائر جناحه ليجمع تحته أفراخه رحمة بها و حفظا لها.
و عندنا أنّ الذّلّ بمعناه اللّغويّ و إضافة الجناح إليه كالإضافة في«يد الإحسان»و بهذا الوجه فرّقنا بين هذه و بين(3 و 4).و عليه فليست الإضافة بيانيّة بل وصفيّة، أي جناحك الذّليل.
6-و في ذيل الآية وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً إشعار أيضا بأنّ الذّلّ بمعنى المسكنة، فإنّ الطّفل ذليل لأبويه و هو تحت تربيتهما،و فيه علاقة بصدر الآية جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ فالابن خاضع لهما و ذليل بين أيديهما-و هو كبير-رحمة لهما كما كانا يرحمانه و هو صغير ذليل عندهما.و فيه تذكير له بحالة الطّفولة ترغيبا له في الذّلّ و الرّحمة،و هو كبير..
7-قالوا في(5)نظرا إلى صدرها: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ اخفض جناحك لفقراء المؤمنين و ضعافهم و لا تلتفت إلى الأغنياء من الكفّار و المتنعّمين.قال مغنيّة:«تواضع للطّيّبين المخلصين،لأنّ التّواضع لهؤلاء تواضع للّه،و التّكبّر على الخونة المفسدين جهاد في سبيل اللّه»و على هذا فالآية ترغّب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالتّواضع للمؤمنين الفقراء المخلصين و عدم التّكبّر عليهم فهي نظير: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ آل عمران:159،و قال في صفته:
بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ التّوبة:128،و في صفة المؤمنين: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ المائدة:54،و في وصف الأصحاب: أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ الفتح:29.
لكن الطّباطبائيّ لم يخصّها بالفقراء،و رجّح أنّها نظير: وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا الكهف:28،تأمره بالصّبر مع المؤمنين و ضمّهم إليه و معاشرتهم،أو الاحتباس فيهم من غير مفارقة.و لا ريب أنّ قوله أوفق لسياق الآية.
8-ما تقدّم في(5)يأتي في(6)تماما إلاّ أنّها خصّت خفض جناحه عليه السّلام بمن اتّبعه من المؤمنين،و هو مراد في(5)أيضا فهذه تفسير لذاك،إذ من لم يتبعه فهو ليس بمؤمن حقّا.
رابعا:جاء في(7 و 8)(جناحك)بشأن موسى عليه السّلام بمعنى واحد في سياقين:
الأوّل:جاء في(8):ضمّ يده إلى جناحه،و المراد به جنبه و شقّه الأيمن لتخرج بيضاء.و فسّروا الجناح بأسفل العضد إلى الإبط،و الجناحان هما الجهتان و سمّيتا جناحين لأنّهما في موضع الجناحين من الطّائر فهذا-على
ص: 99
قول الرّضيّ و غيره-استعارة،و الأصل المستعار منه جناحا الطّائر.
و قيل:الجناح هنا هو الجيب،و المراد إدخال يده في جيبه،كما جاء في صدر(7) اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ.
و قيل:الجناحان:اليدان،لأنّ اليدين في الإنسان بمنزلة الجناحين للطّائر.كما قيل:(إلى)بمعنى«مع»أي مع جناحك كما جاء في ذيل(7) وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ.
و نحن قد بيّنّا الفرق اللّطيف البليغ بين الآيات الثّلاث: وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ و اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ و أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ النّمل:12،في «ب ي ض:البيضاء»فلاحظ.و على كلّ حال فالمراد إدخال يده اليمنى إلى جناحه الأيسر كما جاء في النّصوص.فليس المراد بالجناح هنا اليد و لا(إلى)بمعنى «مع».
الثّاني:و جاء في(7)ضمّ جناحه إليه من الرّهب، و قد اختلفوا في تفسيرها على وجوه:
1-اضمم يدك إلى جناحك أو أدخل يدك إلى إبطك.
2-اضمم يدك إلى صدرك.
3-أدخل يدك في جيبك،فهو بمعنى أسلك يدك في جيبك.
4-المراد بالجناح:العصا،لأنّه بمنزلة الجناح يدفع بها عن نفسه،كدفع الطّائر عن نفسه بجناحيه.
5-المراد بالجناح-و هو مفرد-جناحاه و هما يداه، كما أريد ب(عضدك)في سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ القصص:35،عضداه،لأنّ موسى لمّا ألقى عصاه و صارت حيّة بسط يديه كالمتّقي،و هما جناحاه فقيل له:اضمم إليك ما بسطته من يديك،و المعنى لا تبسط يديك خوف الحيّة فإنّك آمن من ضررها.
6-اسكن و لا تخف،فإنّ من هاله أمر أزعجه كأنّه يطير و آلة الطّيران الجناح،فكأنّه بلغ نهاية الخوف، فقيل له:ضمّ منشور جناحك من الخوف و اسكن و ضمّهما إلى نفسك،قاله الطّبرسيّ.و هذا موافق لما قيل:
المراد أن يجمع يديه على صدره إذا عرضه الخوف عند مشاهدة انقلاب العصا حيّة ليزول خوفه.
و ردّ الطّباطبائيّ هذين الوجهين«بأنّهما مبنيّان على جعل وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ من تتمّة يا مُوسى أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ القصص:31،و هذا لا يلائم تخلّل اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ بين الجملتين بالفصل من غير عطف،ثمّ احتمل وجهين للآيتين».
7-هذه الجملة كناية عن الأمر بالعزم على ما أراده اللّه منه،و الجدّ في أمر الرّسالة،لئلاّ يمنعه ما يغشاه من الخوف.
8-المراد بها أن يأخذ لنفسه سيماء الخاشع للتّواضع، فإنّ من دأب المتكبّر المعجب بنفسه أن يفرّج بين عضديه و جنبيه كالمتمطّي في مشيته،فيكون في معنى(5) وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ.
و نقول:تفسير هذه الجملة موقوف على عرض الآيات تماما يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ* وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ* اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ
ص: 100
جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلاَئِهِ... القصص:30-32.
فإنّ موسى لمّا رأى عصاه انقلبت حيّة خاف و ولّى، فقال له:أقبل و لا تخف فإنّك آمن،هذه إحدى الآيتين ثمّ بدأ بالآية الثّانية وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ...
كبرهان آخر منفصل عن الآية الأولى،كما صرّح به في (8) تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى و في وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ النّمل:12.
و ذكر الزّمخشريّ في أحد وجهين ذكرهما ما يربط بين البرهانين«بأنّه لمّا رأى عصاه حيّة خاف و اضطرب،فاتّقاها بيده كما يفعل الخائف من الشّيء، فقيل له:إنّ اتّقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء،فإذا ألقيتها حينا تنقلب حيّة،فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتّقائك بها،ثمّ أخرجها بيضاء ليحصل الأمران:
اجتناب ما هو غضاضة عليك.و إظهار معجزة أخرى» فإذا كانت آية اليد البيضاء من تتمّة آية العصا لإزالة الخوف فلتكن وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ من تتمّة الآية الثّانية لإزالة الخوف الحاصل منها،كما قال البغويّ:«إذا هالك أمر يدك و ما تراه من شعاعها فأدخلها في جيبك تعد إلى حالتها الأولى.و الجناح:
اليد...».
و على ما ذكرنا فلا يرد ما قاله الطّباطبائيّ من أنّ وساطة اُسْلُكْ يَدَكَ يمنع من اتّصال وَ اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ إلى ما قبلها بكونها استمرارا للخوف الحاصل من انقلاب العصا حيّة،لعدم وساطتها في الآيتين الأخريين،فإنّه لا ينافي استقلال آية اليد البيضاء،اتّصالها بالآية الأولى،فلاحظ و تأمّل.
خامسا:جاء(جناح)«25»مرّة منفيّا دائما ب(لا) أو(ليس)و فيها بحوث:
1-إنّه اسم من(جنح)جاء بمعنى«الإثم»و المراد به في جميع الآيات نفي الإثم،قالوا:و إنّما سمّي(الاثم) جناحا لأنّ فيه ميل عن الحقّ إلى الباطل،فهو نظير (لا باس)و فائدته الإباحة دائما.
2-جاء(لا جناح)«17»مرّة لنفي الجنس،فتفيد الاستغراق،مؤكّدا أو مؤبّدا،و جاء(ليس جناح)«8» مرّات،و هي لنفي شيء من الإثم بلا تأكيد،دون نفي الجنس،فتفيد نفيا محدّدا دون الاستغراق المؤكّد،فجاء في(9)لإباحة قصر الصّلاة للمسافر إذا خاف الفتنة، و في(11)لإباحة التّجارة خلال أيّام الحجّ،و في(12) لإباحة دخول بيوت غير مسكونة فيها متاع لهم،و في (14)لإباحة دخول الأطفال و المماليك على أهل البيت في غير الأوقات المذكورة فيها،و في(15)لإباحة وضع الثّياب للقواعد من النّساء و لإباحة الأكل جميعا أو أشتاتا من البيوت المذكورة فيها،و في(16)لإباحة دعاء الأدعياء خطأ،و في(23)لإباحة أن لا يكتبوا الشّهادة للدّين إذا كانت تجارة حاضرة يديرونها بينهم،و في (25)لإباحة الطّعام إذا اتّقوا و آمنوا.و هذه كلّها أمور بسيطة غير مهمّة في بعض العبادات و التّجارات و الحياة العادية،فلا حاجة إلى نفي الإثم فيها نفيا مؤكّدا و مؤبّدا.
أمّا(لا جناح)فجاءت أيضا بشأن الطّواف بالصّفا و المروة-و كانت العرب ترفضها رفضا باتّا-كما
ص: 101
سنتداوله بالبحث-فاحتاج إلى نفي الجناح عنه نفيا باتّا، و هكذا الأمر في بقيّة آيات(لا جناح)فلاحظ.
3-كلّ منهما جاء مع(على)الدّالّة على الاستعلاء المعنويّ بتفاوت،و هو أنّ(لا جناح)حرف نفي و(جناح) اسمها،و(على)و مدخولها خبرها متأخّر عنه بلا فصل، فالتّركيز فيها لنفي«الجناح»و هذا ما يجهّزها للنّفي الأكيد الشّامل مثل فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما و لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ.
أمّا«ليس عليك جناح»و نحوها،ففعل ناقص مع خبر مقدّم و اسم مؤخّر فالتّركيز فيها ل(عليك)و نحوها، و هذا ما يسلب عنها الاستغراق و التّأكيد.
4-قالوا في(9):إنّها تدلّ على إباحة قصر الصّلاة في السّفر مع خوف الفتنة،دون وجوب القصر،كما التزمت به الشّيعة الإماميّة حتّى مع عدم الخوف.
و الجواب:أنّها تدلّ على إباحة القصر رفضا لمزاعم النّاس،و الوجوب ثبت بالسّنّة من طريق العترة«لاحظ ق ص ر:اقتصروا».
5-هذه الشّبهة بعينها توجد في(10)لظهورها في إباحة الطّواف بالصّفا و المروة فحسب مع أنّه واجب، و دفعها بأنّ الآية نزلت في عمرة القضاء ردّا للأنصار الّذين كانوا لا يطوفون في الجاهليّة بينها،لوجود صنمين:إساف و نائلة عليهما،فكرهوا الطّواف بهما بعد الإسلام،و الصّنمان على الجبلين.أو هي ردّ على مزاعم الّذين كانوا يطوفون بهما في الجاهليّة،و كانت بينهما آلهة،فكرهوا الطّواف بينهما بعد الإسلام.و في رواية:
كان المسلمون يرون أنّ الصّفا و المروة ممّا ابتدع أهل الجاهليّة،فأنزل اللّه هذه الآية ردّا عليهم.
و كيف كان فوجوب الطّواف بهما ثبت بالسّنّة لا بهذه الآية،بل هي تمهيد للحكم بالوجوب،و لهذا بدأت ب إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ البقرة:158.
6-و البحث في سائر الآيات موكول إلى مواضعها من النّكاح و الطّلاق و النّظر و الطّعام،فراجع.
ص: 102
8 ألفاظ،29 مرّة:20 مكّيّة،9 مدنيّة
في 18 سورة:14 مكّيّة،4 مدنيّة
جند 5:5 الجنود 2:1-1
جندا 1:1 جنودا 2:-2
جندنا 1:1 جنوده 9:7-2
جنود 7:3-4 جنودهما 2:2
الخليل :كلّ صنف من الخلق يقال لهم:جند على حدة.
و في الحديث:«الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف».
و يقال:هذا جند قد أقبل،و هؤلاء جند قد أقبلوا، يخرّج على الواحد و الجميع،و كذلك العسكر و الجيش.
و جند:موضع باليمن.و الجند:حجارة شبه الطّين.
و جنادة:حيّ من اليمن.(6:86)
اللّيث:الجند:معروف.
و فلان الجنديّ.(الأزهريّ 10:659)
ابن دريد :و الجند:موضع باليمن،و الجند:الأرض الغليظة.
و الجند:معروف،جند و أجناد و جنود.
و أجنادين (1):موضع بالشّام.
و قد سمّت العرب جنّادا و جنادة و جنيدا.
و قالوا:جند مجنّد،أي مجموع.(2:69)
الأزهريّ: «الأرواح جنود مجنّدة...»و المجنّدة:
المجموعة،و هذا كما يقال:ألف مؤلّفة،و قناطير مقنطرة، أي مضعّفة.
و يقال:هذا جند قد أقبل،و هؤلاء جند قد أقبلوا، قال اللّه: جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ ص:
11،فوحّد النّعت لأن لفظ الجند واحد،و كذلك الجيش
ص: 103
و الحزب.
و فلان الجنديّ.
و يوم أجنادين:يوم معروف كان بالشّام أيّام عمر.
و أجناد الشّام:خمس كور،و منها:دمشق، و فلسطين،و حمص،و الأردنّ،و قنّسرين.(10:660)
الصّاحب: الجند:معروف.و كلّ صنف من الخلق:جند.و أجناد الشّام:خمس مدائن[و ذكرها]
و تجنّد الرّجل:اتّخذ جندا.
و الجند:موضع.و هي حجارة تشبه الطّين.و قيل:
أرض غليظة.
و جنادة:حيّ من اليمن.(7:50)
الجوهريّ: الجند:الأعوان و الأنصار.و فلان جنّد الجنود،و في الحديث:«الأرواح جنود مجنّدة».
(2:460)
ابن فارس: الجيم و النّون و الدّال يدلّ على التّجمّع و النّصرة،يقال:هم جنده،أي أعوانه و نصّاره.[إلى أن قال:]
و الجند:الأرض الغليظة فيها حجارة بيض.فهذا محتمل أن يكون من الباب،و يجوز أن يكون من الإبدال، و الأصل:الجلد.(1:485)
ابن سيده: و جند مجنّدة:مجموع.
و كلّ صنف من الخلق على حدة:جند،و الجمع كالجمع،و في الحديث:«الأرواح جنود مجنّدة».
و الجند:المدينة؛و جمعها:أجناد.
و خصّ أبو عبيد به:مدن الشّأم،فقال:الشّأم خمسة أجناد.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجند:الأرض الغليظة،و قيل:هي حجارة تشبه الطّين.
و الجند:موضع باليمن،و هو أجود كورها.
و جنيد،و جنّاد،و جنادة:أسماء.
و جنادة،أيضا:حيّ.
و جنديسابور:موضع،و لفظه في الرّفع و النّصب سواء لعجمته.
و أجنادان،و أجنادين:موضع:النّون معربة بالرّفع، و أرى البناء قد حكي فيها.(7:333)
الرّاغب: يقال للعسكر:الجند،اعتبارا بالغلظة من الجند (1)،أي الأرض الغليظة الّتي فيها حجارة،ثمّ يقال لكلّ مجتمع:جند،نحو«الأرواح جنود مجنّدة».[ثمّ ذكر الآيات](100)
نحوه الفيروزآباديّ.(بصائر ذوي التّمييز 2:401)
الزّمخشريّ: جنّد الجنود:جمعها،و«الأرواح جنود مجنّدة»،و الرّيح من جنود اللّه تعالى.و هو من أجناد الشّام،و هي خمس كور[و ذكرها]كانت الأجناد تحشد منها فسمّيت بذلك.و النّسبة تردّ إلى الواحد،فيقال:
جنديّ.و أمّا«الجنديّ»فمنسوب إلى«الجند»باليمن.
[ثمّ استشهد بشعر]
و تجنّد فلان:اتّخذ جندا.(أساس البلاغة:66)
المدينيّ: في حديث سالم بن عبد اللّه بن عمر أنّه حين بنى بأهله قال:«سترنا البيت بجناديّ أخضر، فدخل أبو أيّوب،رضي اللّه عنه،فلمّا رآه خرج إنكارا له».م.
ص: 104
و هذا أظنّه جنسا من النّمط أو الثّياب يستر بها الجدران،و لا أعرف حقيقته.(1:364)
ابن الأثير: [ذكر حديث الأرواح...و أضاف:]
و معناه الإخبار عن مبدإ كون الأرواح و تقدّمها الأجساد،أي أنّها خلقت أوّل خلقها على قسمين:من ائتلاف و اختلاف،كالجنود المجموعة إذا تقابلت و تواجهت.و معنى تقابل الأرواح:ما جعلها اللّه عليه من السّعادة،و الشّقاوة،و الأخلاق في مبدإ الخلق.يقول:إنّ الأجساد الّتي فيها الأرواح تلتقي في الدّنيا فتأتلف و تختلف على حسب ما خلقت عليه،و لهذا ترى الخيّر يحبّ الأخيار و يميل إليهم،و الشّرّير يحبّ الأشرار و يميل إليهم.[ثمّ ذكر حديث عمر،و حديث سالم،و أضاف:]
و فيه:«كان ذلك يوم أجنادين»بفتح الدّال:موضع بالشّام،و كانت به وقعة عظيمة بين المسلمين و الرّوم في خلافة عمر و هو يوم مشهور.
و فيه ذكر:«الجند»هو بفتح الجيم و النّون:أحد مخاليف اليمن،و قيل:هي مدينة معروفة بها.
(1:305)
الصّغانيّ: ...و جند،بالفتح:بلد كبير على شطّ سيحون.(2:215)
الفيّوميّ: الجند:الأنصار و الأعوان؛و الجمع:
أجناد و جنود.الواحد:جنديّ،فالياء للوحدة،مثل روم و روميّ.
و جند بفتحتين:بلد باليمن.(1:111)
الفيروزآباديّ: الجند بالضّمّ:العسكر، و الأعوان،و المدينة،و صنف من الخلق على حدة.و في المثل:«إنّ للّه جنودا منها العسل».
و بالتّحريك:الأرض الغليظة،و حجارة تشبه الطّين،و بلد باليمن،و ابن شهران:بطن من المعافر.
و كنجم:بلد على سيحون...
و أجنادين:موضع.و جنديسابور آخر.(1:295)
الطّريحيّ: [ذكر حديث الأرواح و معناه نحو ابن الأثير و أضاف:]
و عن الشّيخ المفيد: المعنى أنّ الأرواح الّتي هي البسائط تتناظر بالجنس،و تتجادل بالعوارض،فما تعارف منها باتّفاق الرّأي و الهوى ائتلف،و ما تناكر منها بمباينة في الرّأي و الهوى اختلف.و هذا موجود حسّا و مشاهدة،و ليس يعني بذلك ما تعارف منها في الذّرّ ائتلف،كما يذهب إليه الحشويّة،لما بيّنّاه من أنّه لا علم للإنسان بحال كان يعلمها قبل ظهوره في هذا العالم،انتهى كلامه،و فيه نظر.(3:28)
محمود شيت: 1-أ-جنّد الجنود:جمعها.و فلانا:
صيّره جنديّا.
ب-تجنّد:اتّخذ جندا.
ج-الجند:العسكر،و الأنصار و الأعوان؛جمعه:
أجناد و جنود.
د-الجنديّ: واحد الجنود.
ه-الجنديّة:مؤنّث الجنديّ،و عمل الجند.
2-أ-جنّد الجنود:أدخلهم مسلك الجنديّة.
ب-تجنّد:أصبحت الجنديّة له حرفة،دخل مسلك الجنديّة.
ج-الجند:العسكريّون من مختلف المناصب
ص: 105
و الرّتب،يقال:استعرض الجند:استعرض الجيش.و-:الجيش.
د-الجنديّ: الجنديّ المكلّف:الّذي يخدم فترة معيّنة خدمة العلم،ثمّ يتسرّح.و الجنديّ المتطوّع:
الّذي اتّخذ الجنديّة له مهنة.و الجنديّ:الّذي لا رتبة له.
ه-الجنديّة:مسلك الجيش.و:الجيش.
(1:157)
المصطفويّ: و التّحقيق أنّ حقيقة مفهوم الجند:
هي الجمعيّة المتشكّلة بعنوان الدّفاع عن مرام أو شخص،و النّصرة و المظاهرة و التّقوية،و ذلك التّشكّل و التّحزّب إمّا بالتّدبير و التّجنيد أو بالتّشكّل القهريّ، كالجمعيّة المتابعة الموافقة.
و هذا المفهوم كلّيّ و ليس مخصوصا بمعنى العسكر المحارب أو غيره.
و أمّا الأرض الغليظة:فباعتبار كونها قطعة مخصوصة معيّنة صلبة،فيها أحجار متصلّبة مختلفة، فكأنّها متشكّلة تحت برنامج مخصوص.[ثمّ ذكر الآيات استشهادا لهذا المفهوم الكلّيّ](2:127)
1- وَ ما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَ ما كُنّا مُنْزِلِينَ. يس:28
ابن مسعود: ما كاثرناهم بالجموع.
(الطّبريّ 23:2)
ابن عبّاس: بملائكة من السّماء.(370)
نحوه أكثر المفسّرين.
مجاهد :رسالة.(الطّبريّ 23:1)
نحوه قتادة و الحسن.(القرطبيّ 15:20)
الحسن :الجند:الملائكة الّذين ينزّلون الوحي على الأنبياء.(الماورديّ 5:15)
قتادة :و اللّه ما عاتب اللّه تعالى قومه بعد قتله حتّى أهلكهم.(ابن عطيّة 4:452)
الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في معنى«الجند» الّذي أخبر اللّه أنّه لم ينزّل إلى قوم هذا المؤمن بعد قتلهموه،فقال بعضهم:عني بذلك أنّه لم ينزّل اللّه بعد ذلك إليهم رسالة،و لا بعث إليهم نبيّا.
و قال آخرون:بل عني بذلك أنّ اللّه تعالى ذكره لم يبعث لهم جنودا يقاتلهم بها،و لكنّه أهلكهم بصيحة واحدة.
و هذا القول الثّاني أولى القولين بتأويل الآية؛و ذلك أنّ الرّسالة لا يقال لها:جند،إلاّ أن يكون أراد«مجاهد» بذلك:الرّسل،فيكون وجها،و إن كان أيضا من المفهوم بظاهر الآية بعيدا؛و ذلك أنّ الرّسل من بني آدم لا ينزّلون من السّماء.و الخبر في ظاهر هذه الآية عن أنّه لم ينزّل من السّماء بعد مهلك هذا المؤمن على قومه جندا؛ و ذلك بالملائكة أشبه منه ببني آدم.(23:1)
الزّجّاج: المعنى لم ننزل عليهم جندا،لم ننتصر للرّسول الّذي كذّبوه بجند.(4:283)
الماورديّ: فيه قولان:أحدهما:معنى جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ أي رسالة،قاله مجاهد؛لأنّ اللّه تعالى قطع
ص: 106
عنهم الرّسل حين قتلوا رسله.
الثّاني:[و هو قول الحسن](5:15)
الزّمخشريّ: و لم ينزّل لإهلاكهم جندا من جنود السّماء،كما فعل يوم بدر و الخندق.(3:320)
نحوه البيضاويّ(2:279)،و الشّربينيّ(3:347)، و أبو السّعود(5:296)،و الكاشانيّ(4:251).
ابن عطيّة: ...قال ابن مسعود:أراد لم يحتج في تعذيبهم إلى جند من جنود اللّه تعالى كالحجارة و الغرق و الرّيح و غير ذلك،بل كانت صيحة واحدة،لأنّهم كانوا أيسر و أهون من ذلك.(4:452)
نحوه القرطبيّ(15:20)،و أبو حيّان(7:331).
شبّر: ملائكة لإهلاكهم كما أنزلناهم لنصرك،و فيه تعظيم للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.(5:225)
الآلوسيّ: أي جندا ف(من)مزيدة لتأكيد النّفي، و قيل:يجوز أن تكون للتّبعيض،و هو خلاف الظّاهر.
و الجند:العسكر؛لما فيه من الغلظة،كأنّه من«الجند»أي الأرض الغليظة الّتي فيها حجارة،و الظّاهر أنّ المراد بهذا الجند:جند الملائكة،أي ما أنزلنا لإهلاكهم ملائكة.
(23:2)
راجع«ن ز ل».
2- لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ.
يس:75
ابن عبّاس: (و هم)يعني كفّار مكّة(لهم)بالباطل الأصنام جُنْدٌ مُحْضَرُونَ كالعبيد قيام بين أيديهم.(373)
الحسن:(جند)في الدّنيا(محضرون)في النّار.
(ابن الجوزيّ 7:39)
قتادة :المشركون جند للأصنام،يغضبون لها في الدّنيا،و هي لا تسوق إليهم خيرا و لا تدفع عنهم شرّا.
نحوه مقاتل و الزّجّاج.(ابن الجوزيّ 7:39)
ابن جريج:شيعة.(الماورديّ 5:32)
الماورديّ: يعني أنّ المشركين لأوثانهم جند.و في (الجند)هاهنا وجهان:أحدهما:شيعة،قاله ابن جريج، الثّاني:أعوان.(5:32)
ابن عطيّة: يحتمل أن يكون الضّمير الأوّل للكفّار و الثّاني للأصنام،على معنى:و هؤلاء الكفّار،متجنّدون متحزّبون لهذه الأصنام في الدّنيا،لكنّهم لا يستطيعون التّناصر مع ذلك.
و يحتمل أن يكون الضّمير الأوّل للأصنام و الثّاني للكفّار،أي يحضرون لهم في الآخرة عند الحساب،على معنى التّوبيخ و النّقمة.و سمّاهم«جندا»في هذا التّأويل؛ إذ هم عدة للنّقمة منهم و توبيخهم،و جرت ضمائر الأصنام في هذه الآية مجرى من يعقل؛إذ نزّلت في عبادتها منزل ذي عقل،فعملت في العبارة بذلك.
(4:463)
الفخر الرّازيّ: و قوله تعالى: لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ إشارة إلى الحشر بعد تقرير التّوحيد،و هذا كقوله تعالى: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ الأنبياء:98،و قوله: اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ* مِنْ دُونِ اللّهِ فَاهْدُوهُمْ
ص: 107
إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ الصّافّات:22،23،و قوله:
أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ سبأ:38،و هو يحتمل معنيين:
أحدهما:أن يكون العابدون جندا لما اتّخذوه آلهة، كما ذكرنا.
الثّاني:أن يكون الأصنام جندا للعابدين،و على هذا ففيه معنى لطيف،و هو أنّه تعالى لمّا قال: لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ أكّدها بأنّهم لا يستطيعون نصرهم حال ما يكونون جندا لهم و محضرون لنصرتهم،فإنّ ذلك دالّ على عدم الاستطاعة،فإنّ من حضر و اجتمع ثمّ عجز عن النّصرة يكون في غاية الضّعف،بخلاف من لم يكن متأهّبا و لم يجمع أنصاره.(26:107)
أبو حيّان :و الظّاهر أنّ الضّمير في(وهم)عائد على ما هو الظّاهر في(لا يستطيعون)،أي و الآلهة للكفّار جُنْدٌ مُحْضَرُونَ في الآخرة عند الحساب،على جهة التّوبيخ و النّقمة.و سمّاهم جندا؛إذ هم معدّون للنّقمة من عابديهم و للتّوبيخ،أو محضرون لعذابهم لأنّهم يجعلون وقودا للنّار.(7:347)
الآلوسيّ: (و هم)أي أولئك المتّخذون المشركون (لهم)أي لآلهتهم جُنْدٌ مُحْضَرُونَ أي معدّون لحفظهم و الذّبّ عنهم في الدّنيا،عن الحسن و قتادة...
و اختار بعض الأجلّة أنّ المعنى و المشركون لآلهتهم جند محضرون يوم القيامة إثرهم في النّار،و جعلهم جندا من باب التّهكّم و الاستهزاء.
و كذلك لام(لهم)الدّالّة على النّفع،و قيل:(هم) للآلهة و ضمير(لهم)للمشركين،أي و إنّ الآلهة محضرون لعذاب أولئك المشركين يوم القيامة،لأنّهم يجعلون وقود النّار،أو محضرون عند حساب الكفرة إظهارا لعجزهم و إقناطا للمشركين عن شفاعتهم و جعلهم جندا.
و التّعبير باللاّم في الوجهين على ما مرّ آنفا، و اختلاف مراجع الضّمائر في الآية ليس من التّفكيك المحظور،و الواو في قوله سبحانه:(و هم)إلخ على جميع ما مرّ إمّا عاطفة أو حاليّة،إلاّ أنّ الحال مقدّرة في بعض الأوجه كما لا يخفى.(23:51)
الطّباطبائيّ: الظّاهر أنّ أوّل الضّميرين[و هم] للمشركين و ثانيهما[لهم]للآلهة من دون اللّه.و المراد أنّ المشركين جند للآلهة؛و ذلك أنّ من لوازم معنى الجنديّة التّبعيّة و الملازمة،و المشركون هم المعدودون أتباعا لآلهتهم،مطيعين لهم دون العكس.[ثمّ ذكر خلاصة الوجوه الّتي جاءت في الآلوسيّ و قال:]
و هي معان رديئة.(17:110)
نحوه مكارم الشّيرازيّ.(14:217)
3- جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ. ص:11
راجع«ه ز م».
4- ...إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ... الدّخان:24
راجع«غ ر ق».
5- أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ... الملك:20
ابن عبّاس: حزب و منعة لكم.(القرطبيّ 18:218)
القرطبيّ: و لفظ الجند يوحّد،و لهذا قال: هذَا
ص: 108
اَلَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ و هو استفهام إنكار،أي لا جند لكم يدفع عنكم عذاب اللّه.(28:218)
الطّباطبائيّ: أَمَّنْ هذَا... توبيخ و تقريع لهم في اتّخاذهم آلهة من دون اللّه لينصرونهم،و لذا التفت عن الغيبة إلى الخطاب،فخاطبهم ليشتدّ عليهم التّقريع.
(19:360)
مكارم الشّيرازيّ: (جند)في الأصل بمعنى الأرض غير المستوية و القويّة،و الّتي تتجمّع فيها الصّخور الكثيرة،و لهذا السّبب فإنّ هذه الكلمة تطلق أيضا على العدد الكثير من الجيش.
و قد اعتبر بعض المفسّرين أنّ كلمة(جند)في الآية إشارة إلى الأصنام،الّتي لا تستطيع مطلقا تقديم العون للمشركين في يوم القيامة،إلاّ أنّ للآية في الظّاهر مفهوما واسعا،و الأصنام أحد مصاديقها.(18:454)
6- ..فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً.
مريم:75
راجع«ض ع ف».
وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ. الصّافّات:173
ابن عبّاس: الرّسل و المؤمنين.(380)
الطّبريّ: و إنّ حزبنا و أهل ولايتنا لهم الغالبون.
(23:114)
نحوه الزّجّاج(4:316)،و ابن الجوزيّ(7:93)، و الشّربينيّ(3:397).
الطّبرسيّ: أضاف«المؤمنين»إلى نفسه،و وصفهم بأنّهم جنده،تشريفا و تنويها بذكرهم حيث قاموا بنصرة دينه.
و قيل:معناه إنّ رسلنا هم المنصورون،لأنّهم جندنا،و إنّ جندنا هم الغالبون،يقهرون الكفّار بالحجّة تارة و بالفعل أخرى.(4:462)
البروسويّ: أي من المرسلين و أتباعهم المؤمنين، و الجند:العسكر.(7:497)
الآلوسيّ: و المراد بالجند:أتباع المرسلين، و أضافهم إليه تعالى تشريفا لهم و تنويها بهم.و قال بعض الأجلّة:هو تعميم بعد تخصيص،و فيه من التّأكيد ما فيه.(23:155)
الطّباطبائيّ: الجند هو المجتمع الغليظ،و لذا يقال للعسكر:جند،فهو قريب المعنى من الحزب.و قد قال تعالى في موضع آخر من كلامه: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ المائدة:56.
و المراد بقوله: جُنْدَنا هو المجتمع المؤتمر بأمره المجاهد في سبيله،و هم المؤمنون خاصّة أو الأنبياء و من تبعهم من المؤمنين.
و في الكلام على التّقدير الثّاني تعميم بعد التّخصيص.(17:177)
فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ... قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ
ص: 109
وَ جُنُودِهِ... وَ لَمّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً...
البقرة:249،250
راجع«داود».
1- ..فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها... التّوبة:40
ابن عبّاس: بالملائكة.(الواحديّ 2:499)
و هكذا أكثر المفسّرين.
2- فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ* وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ. الشّعراء:94،95
ابن عبّاس: ذرّيّة إبليس.(310)
نحوه الواحديّ(3:356)،و القرطبيّ(13:116).
الإمام الباقر عليه السّلام: ذرّيّته من الشّياطين.
(العروسيّ 4:58)
الطّبريّ: و«جنوده»كلّ من كان من تباعه،من ذرّيّته كان،أو من ذرّيّة آدم.(19:88)
نحوه الطّوسيّ(8:36)،و ابن الجوزيّ(6:132).
الماورديّ: فيهم قولان:أحدهما:أنّهم أعوانه من الجنّ،الثّاني:أتباعه من الإنس.(4:178)
الزّمخشريّ: شياطينه أو متّبعوه من عصاة الجنّ و الإنس.(3:119)
نحوه النّسفيّ.(3:189)
ابن عطيّة: نسله و كلّ من يتّبعه،لأنّهم جند له و أعوان.(4:236)
نحوه أبو حيّان.(7:27)
أبو السّعود :أي شياطينه الّذين كانوا يغوونهم و يوسوسون إليهم،و يسوّلون لهم ما هم عليه من عبادة الأصنام و سائر فنون الكفر و المعاصي،ليجتمعوا في العذاب حسبما كانوا مجتمعين فيما يوجبه.
و قيل:متّبعوه من عصاة الثّقلين،و الأوّل هو الوجه.
(5:49)
نحوه البروسويّ.(6:289)
الآلوسيّ: الظّاهر أنّ المراد منه الشّياطين،و أنّه عطف على ما قبله،و العطف يقتضي المغايرة بالذّات في الأغلب،و لا حاجة إلى تخريجه على الأقلّ[أي على المشركين]و جعله من باب:
*إلى الملك النّدب و ابن الهمام*
و قيل:المراد ب(جنود ابليس)متّبعوه من عصاة الثّقلين،و اختار بعض الأجلّة الأوّل و ادّعى أنّه الوجه، لأنّ السّياق و السّباق في بيان سوء حال المشركين في الجحيم،و قد قال ذلك إبراهيم عليه السّلام لقومه المشركين، فلا وجاهة لذكر حال قوم آخرين في هذه الحال بل لا وجود لهم في القصّة،و ذكر الشّياطين مع المشركين لكونهم المسوّلين لهم عبادة الأصنام،و لا يخفى أنّ للتّعميم وجها أيضا؛من حيث أنّ فيه مزيد تهويل لذلك اليوم.
(19:103)
الطّباطبائيّ: هم قرناء الشّياطين الّذين يذكر القرآن أنّهم لا يفارقون أهل الغواية حتّى يدخلوا النّار، قال تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ
ص: 110
شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ إلى أن قال: وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ الزّخرف:36-39.(15:290)
3- اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها... النّمل:37
راجع«ق ب ل».
4- اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها... الأحزاب:9
الزّجّاج: هؤلاء الجنود هم الأحزاب.و الجنود الّذين كانوا:هم قريش مع أبي سفيان،و غطفان و بنو قريظة...
و الجنود الّتي لم يروها:الملائكة.(4:217)
5،6- وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً الفتح:4،7
راجع«أ ر ض (1)».
7- ..وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ... المدّثّر:31
ابن عبّاس: جُنُودَ رَبِّكَ من الملائكة.(492)
عطاء:يعني من الملائكة الّذين خلقهم لتعذيب أهل النّار.(الواحديّ 4:385)
الطّريحيّ: أي خلق ربّك الّذي خلقهم.[ثمّ نقل عن الفخر الرّازيّ عن كتاب جواهر القرآن في تعداد الخلق شيئا،فراجع](3:27)
راجع«ع ل م».
8- هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ. البروج:17
ابن عبّاس: خبر جموع (فِرْعَوْنَ وَ ثَمُودَ) .
(507)
الطّبريّ: الّذين تجنّدوا على اللّه و رسوله بأذاهم و مكروهم.ثمّ بيّن من هم؟فقال:(فرعون و ثمود).
(30:139)
نحوه أكثر التّفاسير.
1- ..وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها... التّوبة:26
2- ..فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها.
الأحزاب:9
قال أكثر المفسّرين:يعني بالجنود:الملائكة.
ابن سيده: الجند:العسكر؛و الجمع:أجناد، و جنود،و قوله تعالى: إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها
الجنود الّتي جاءتهم:هم الأحزاب،و كانوا قريشا و غطفان و بني قريظة،تحزّبوا و تظاهروا على حرب النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،فأرسل اللّه تعالى عليهم ريحا كفأت قدورهم و قلعت فساطيطهم و أظعنتهم من مكانهم،و الجنود الّتي لم يروها:الملائكة.(7:333)
ص: 111
1- ..فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ. طه:78
ابن الأنباريّ: الجارّ و المجرور في موضع نصب على الحال،و المفعول الثّاني محذوف،و تقديره:فأتبعهم فرعون عقوبته بجنوده،أي معه جنوده.(2:151)
2- وَ حُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ. النّمل:17
الميبديّ: الجند لا يجمع و إنّما قال:(جنوده)، لاختلاف أجناس عساكره.(7:191)
3- ..لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ.
النّمل:18
الزّمخشريّ: أراد لا يحطمنّكم جنود سليمان،فجاء بما هو أبلغ،و نحوه:عجبت من نفسي و من إشفاقها.
(3:142)
1،2- ..وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ*... إِنَّ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ. القصص:6،8
أبو حيّان :و أضيف«الجند»هنا و فيما قبل إلى (فرعون و هامان)و إن كان(هامان)لا جنود له،لأنّ أمر الجنود لا يستقيم إلاّ بالملك و الوزير؛إذ بالوزير تحصل الأموال و بالملك و قهره يتوصّل إلى تحصيلها،و لا يكون قوام الجند إلاّ بالأموال.(7:106)
1-الأصل في هذه المادّة:الجند،أي الأرض الغليظة،أو حجارة تشبه الطّين،و من ثمّ قيل للعسكر:
جند،تشبيها بها،لغلظة قلوبهم،و فظاظة طباعهم.
و الجند:الأعوان و الأنصار،و كلّ صنف و حزب من الخلق أيضا،و الجمع:أجناد و جنود،يقال:فلان جنّد الجنود،أي جمعهم،و هذا جند قد أقبل،و هؤلاء جنود قد أقبلوا،و جند مجنّد:مجموع،و كذا جند مجنّدة، و في الحديث:«الأرواح جنود مجنّدة،فما تعارف منها ائتلف،و ما تناكر منها اختلف».
و الجند:المدينة،و الجمع:أجناد،سمّيت بذلك لإقامة المسلمين المقاتلين بها.
2-و ذهب بعض المحقّقين المتأخّرين إلى أنّ لفظ «الجند»-أي الجيش-فارسيّ المنشأ،إذ ورد في اللّغة الفهلويّة بلفظ«گند».
و لا يبعد ذلك،فلعلّه دخل العربيّة بواسطة اللّغة السّريانيّة أو الآراميّة أو كليهما،لأنّه جاء بلفظ «جندا»فيهما.و منه(جندي شابور)للمدينة الّتي كانت معسكر(شابور)أحد الملوك السّاسانيّين.
3-و ممّا ولّد في عصرنا قولهم:جنّد فلانا،أي صيّره جنديّا،و من ذلك:دائرة التّجنيد.
و الجنديّة:نظام الجند و مسلكهم،و تطلق على خدمة العلم-أي الخدمة العسكريّة-أحيانا،يقال:
ذهب فلان إلى الجنديّة.
ص: 112
جاء منها(جند)«7»مرّات و كلّها مكّيّة،و(جنود) «22»مرّة،منها«9»مرّات مدنيّة،في 27 آية:
جند:
1- وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ الصّافّات:173
2- وَ ما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَ ما كُنّا مُنْزِلِينَ يس:28
3- لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ يس:75
4- جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ ص:11
5- وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ
الدّخان:24
6- أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلاّ فِي غُرُورٍ الملك:20
7- قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً مريم:75
جنود:
8- ...لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها... التّوبة:40
9- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ كانَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً الأحزاب:9
10- ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ التّوبة:26
11- ...وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ وَ ما هِيَ إِلاّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ المدّثّر:31
12- ...وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً الفتح:4
13- وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً الفتح:7
14- وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ بَغْياً وَ عَدْواً حَتّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ...
يونس:90
15- فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ طه:78
16 و 17- وَ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ* فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ
القصص:39،40
18- فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَ هُوَ مُلِيمٌ الذّاريات:40
19- وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ القصص:6
20- فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ
القصص:8
21- هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ* فِرْعَوْنَ وَ ثَمُودَ
البروج:17،18
22- فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ* وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ
ص: 113
أَجْمَعُونَ الشّعراء:94،95
23 و 24- فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ... قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ... وَ لَمّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً... البقرة:249،250
25 و 26- وَ حُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ النّمل:
17،18
27- اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها... النّمل:37
يلاحظ أوّلا:أنّ في آيات«جند»بحوثا:
1-كلّها مكّيّة-كما سبق-و ليس فيها مدنيّ،و معنى هذا أنّ القرآن فيها مدنيّ اهتمّ في مكّة بجندين متقابلين:
جند اللّه،و هو جند التّوحيد،و جند إبليس و هو جند الشّرك،و الجند الأوّل متّحد دائما و يعدّ واحدا.
أمّا المعنى الثّاني و إن اختلفوا مسلكا إلاّ أنّه يجمعهم الشّرك،و باقي الآيات المكّيّة و المدنيّة الّتي جاءت فيها (جنود)فهي بمثابة تفصيل لهذين الجندين كما يأتي.
فالإفراد و الجمع فيها باعتبارين:وحدة العقيدة و اختلاف المسلك،أو تنوّع العقيدة و وحدتها حقّا و باطلا.
2-و يأتي نظير هذا البحث في«حزب و أحزاب» إفرادا و جمعا،و حقّا و باطلا،إلاّ أنّ الحزب الحقّ جاء دائما مفردا،و الباطل جاء مفردا و جمعا باعتبارين.
و هناك فرق آخر بين(جند و حزب)و هو أنّه لم يأت (جند اللّه)بل(جندنا)مرّة واحدة،و جاء(حزب اللّه) مرّتين: أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ المجادلة:
22، فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ المائدة:56.
و هناك فرق ثالث بينهما:فقد جاء مرّة(22)(جنود إبليس)مع أنّه جاء حزب الشّيطان مرّتين: أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ المجادلة:19.
و فرق رابع بين(الجند)و(الحزب):أنّ الجند يقال للعسكر و إطلاقه على غير العسكر من الملائكة و الأسباب في مثل(12 و 13) وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مجاز باعتبار أنّ الملائكة الأسباب بمثابة جند اللّه لتمشية الأمور،و في مثل(7)(و اضعف جندا)و(22) (جنود ابليس)باعتبار أنّ أصحاب الحقّ و الباطل و المؤمنين و الكافرين كأنّهم في اختلافهم بمثابة جنود متقاتلة،و بهذا الاعتبار يقال:لهم«جنود».
و أمّا(الحزب)فيقال لجماعة ملتزمة بمسلك و طريقة خاصّة عقيدة و عملا،في قبال جماعة أخرى ملتزمة بطريقة أخرى،و قد ينتهى اختلافهم إلى التّقاتل فينقلبون جنودا،و إليه يؤول ما اشتهر«إنّ الحياة عقيدة و جهاد»في حقوق الإنسان.
و قد جمع اللّه بين اللّفظين في(4) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ. [ لاحظ:ح ز ب]
3-في«آيتين(1 و 2)أضيف«جند»إلى اللّه أو السّماء وَ إِنَّ جُنْدَنا و مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ، و في (7)-كما سبق-مقابلة بين جند اللّه و جند المشركين،
ص: 114
و الغلبة فيهما لجند اللّه كما صرّح به في(1) وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ و هو مفهوم من(7).و أمّا«جند»في باقي الآيات(3-6)فهو جند أعداء اللّه و كلّهم مغلوبون أمام جند اللّه،فجاء في(3) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ، و في (4) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ، و في(5) جُنْدٌ مُغْرَقُونَ، و في(6)بلسان الإنكار أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ.
4-لا ريب أنّ جند اللّه حقّ في نضاله ضدّ أعداء اللّه، فهو ممدوح،و جنود أعدائه يحاربون الرّسل و المؤمنين فهم مذمومون،ففي هذه الآيات تقابل بين جند اللّه و جند أعدائه،كما جاء التّقابل بين المؤمنين و الكافرين في آيات من سورة محمّد:3 و 11 مثل ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ و ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ، و نظيرها: اَلَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُوتِ النّساء:76.
و نظيرها أيضا:المقابلة بين حزب اللّه و حزب الشّيطان أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ و أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ المجادلة:19 و 22.
و نظيرها:المقابلة بين الحقّ و الباطل في آيات،مثل وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ الشّورى:24، وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً الإسراء:81،و هذه سنّة قرآنيّة في مقابلة المؤمنين بالكافرين،و أهل الفلاح بأهل الخسران،و العالمين بالجاهلين،مثل: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ الزّمر:9.
5-جاء في(2)بشأن مؤمن آل فرعون وَ ما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ و اختلفوا في كلمتين منها:
الأولى:(من)في(من جند)هل هي زائدة لتأكيد النّفي،أو للتّبعيض،و الأوّل يفيد استغراق النّفي،أي ما أنزلنا عليهم أيّ جند،فلا معنى لزيادة(من)و هو الموافق للسّياق،و التّبعيض إنّما ينفي جندا ما.
الثّانية:ما المراد ب(جند)أهم رسل اللّه و الأنبياء، و هذا باطل،لأنّ الأنبياء لا ينزلون من السّماء بل يرسلون في الأرض من بين النّاس،أو هم الملائكة رسلا إلى الأنبياء،أي لم ينزل ملك إلى أيّ نبيّ أرسل إليهم،أو هم الملائكة الّذين ينزّلهم اللّه من السّماء نصرة للأنبياء و خذلانا لأعدائهم،أو مطلق جنود اللّه ضدّ الأمم كالحجارة و الغرق و الرّيح و نحوها؟و معناها-حينئذ-أنّنا لم ننزّل عليهم شيئا من ذلك،بل اكتفينا بصيحة واحدة، كما جاء بعدها إِنْ كانَتْ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ يس:29،لأنّهم كانوا أيسر و أهون من ذلك.
ثانيا:في آيات«الجنود»-و هي(20)آية-بحوث أيضا:
1-جاء في الآيات(8-10)تأييدا للنّبيّ عليه السّلام جُنُوداً لَمْ تَرَوْها و هم الملائكة الّذين لا يراهم النّاس، و رآهم النّبيّ عليه السّلام،إشعارا بأنّهم جنود غيبيّة جاءوا لنصرته على أعدائه،كما أنّ الوحي نزل عليه دعما لنبوّته برسل الوحي و هم ملائكة أيضا.أمّا الجنود في(11-
ص: 115
13)فهم جنود اللّه أيضا،و هم كثيرون لا يعلمهم إلاّ اللّه، و ليسوا ملائكة،بل هم جنود السّماوات و الأرض من الأسباب و الآفات و لا حصر لها،أو هذه تشمل الملائكة و غيرهم.
2-قيل في الثّلاث الأولى:أنّها تعظيم للنّبيّ عليه السّلام؛ حيث أنزل عليه جنودا لم يروها مرّات.
3-أمّا الجنود في(9) إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ و في (14-24)فهم جنود الطّواغيت و إبليس،و كلّهم مغلوبون كما جاء فيها،و لا سيّما في(16)حيث كرّر (الجنود)فيها وَ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ و فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ مرّة لاستكبارهم و مرّة لأخذهم.
4-و جاء في(23)«جنود طالوت»مدحا و في 25 و 26 جنود سليمان من الإنس و الجنّ و الطّير مرّتين:
مرّة بلسان اللّه مدحا و تعظيما،و مرّة بلسان نملة تخويفا:
لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ و جاء في(27)بلسان سليمان مرّة واحدة، فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها تهديدا للحكم القائم في اليمن.
5-جاء فيها(جنود)منسوبة إلى اللّه في سبع منها:
(8-14)و وصف ثلاث منها(8-10)ب(لم تروها)و قد فسّروها-كما سبق-بالملائكة لأنّها غير مرئيّة،أمّا سائر آيات العذاب-كما فسّر بعضها خطأ-فهي مرئيّة،فالملائكة كأنّها جنود و آيات غيبيّة لا ترى و تدرك آثارها،و هذه الجنود كلّها غالبة على أعداء اللّه، فهم ممدوحون.
و جاء(جنود)في خمس آيات منسوبة إلى طالوت و سليمان(23-27)-و هي جنود حقّ غالبة-بإزاء جنود جالوت و ملكة اليمن،و هي جنود مغلوبة،ففيها تقابل أيضا بين جنود الحقّ و جنود الباطل.
و جاء(جنود)منسوبة إلى فرعون،أو فرعون و هامان،أو فرعون و ثمود،أو إبليس في(9)آيات:
(14-22)مشعرة بأنّها كلّها خاطئة ظالمة و مغلوبة أمام جنود اللّه.
6-قد ذكر هؤلاء الطّغاة بأسمائهم أوّلا،ثمّ أضيف إليهم جنودهم،مثل(23) لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ وَ لَمّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ و(18) و(19) فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما و(14 و 15) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ و(16 و 17) وَ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ إشعارا بأنّ جنودهم تبع لهم في الإفساد و الطّغيان،و أنّهم أصل لكلّ ما صدر عن جنودهم من الفساد.كما نشاهد اليوم في جنود أمريكا في العراق و غيرها.
ص: 116
لفظان،مرّتان،في سورتين مدنيّتين
جنفا 1:-1 متجانف 1:-1
الخليل :الجنف:الميل في الكلام،و في الأمور كلّها، تقول:جنف فلان علينا،و أجنف في حكمه،و هو شبيه ب«الجيف»إلاّ أنّ الحيف من الحاكم خاصّة،و الجنف عامّ،و منه: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً البقرة:182، و غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ المائدة:3،أي متمايل متعمّد.
(6:143)
أبو عمرو الشّيبانيّ: قال السّعديّ:أتاهم فلان فأجنف أموالهم:ذهب بها.(1:125)
الأصمعيّ: لجّ في جناف قبيح،و جناب قبيح،إذا لجّ في مجانبة أهله.(الأزهريّ 11:112)
أبو عبيد: في حديث عمر رضي اللّه عنه أنّه أفطر في رمضان،و هو يرى أنّ الشّمس قد غربت،ثمّ نظر فإذا الشّمس طالعة،فقال عمر:«لا نقضيه ما تجانفنا فيه لإثم».
قوله:ما تجانفنا فيه لإثم،يقول:ما ملنا إليه و لا تعمّدناه و نحن نعلمه.و كلّ مائل فهو«متجانف و جنف»،و منه: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً قال:ميلا.[ثمّ استشهد بشعر](2:61)
نحوه القرطبيّ.(6:64)
ابن السّكّيت: و امرأة جنفاء بيّنة الجنف،و هو أن يكون فيها ميل في أحد الشّقّين؛رجل أجنف و امرأة جنفاء.(375)
يقال:لأقيمنّ ميلك و جنفك و درأك و صغاك و صدغك و قذلك و ضلعك،كلّ هذا بمعنى واحد.
(515)
يقال:درؤك مع فلان،أي ميلك،و يقال:ماط عليه يميط ميطا،و جنف يجنف جنفا،قال اللّه عزّ و جلّ:
فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً و قد زاخ يزيخ زيخا،إذا مال و جار.(569)
ص: 117
جنفى على«فعلى»بضمّ الفاء و فتح العين:اسم موضع.(الجوهريّ 4:1339)
شمر:يقال:رجل جنافيّ،بضمّ الجيم،مختال فيه ميل،و لم أسمع جنافيّ إلاّ في بيت الأغلب (1).
(الأزهريّ 11:111)
ابن دريد :و الجنف:الميل،جنف يجنف جنفا، و هو الصّدود عن الحقّ،و في التّنزيل: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً.
و رجل أجنف،إذا كان في خلقه ميل.
و قال آخرون:الأجنف:الّذي ينخفض أحد جانبي صدره و يرتفع الآخر.
و جنفاء:موضع،يمدّ و يقصر.[ثمّ استشهد بشعر]
(2:108)
الأزهريّ: رجل أجنف:في أحد شقّيه ميل على الآخر.[ثمّ نقل كلام الخليل في الفرق بين الجنف و الحيف و أضاف:]
قلت:أمّا قوله:«الحيف من الحاكم خاصّة»فهو خطأ،و الحيف يكون من كلّ من حاف،أي جار.و منه قول بعض الفقهاء:«يردّ من حيف النّاحل ما يردّ من جنف الموصي».و النّاحل إذا فضّل بعض أولاده على بعض بنحل فقد حاف،و ليس بحاكم.[ثمّ استشهد بشعر]
(11:111)
الصّاحب: الجنف:الميل في الكلام و غيره،جنف علينا و أجنف في حكمه،أي حاف،و غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ أي متمايل متعمّد.
و رجل أجنف:في أحد شقّيه ميل في الآخر،و امرأة جنفاء.
و لجّ في جناف،أي مجانفة و ميل.
و الجنافيّ: الصّعب المجانفة.(7:123)
الخطّابيّ: في حديث عروة أنّه قال:«يردّ من صدقة الجانف في مرضه ما يردّ من وصيّة المجنف عند موته».
الجنف:العدول عن الحقّ فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً.
و يقال:أجنف القاضي في حكمه و جنف أيضا.
و الأولى أفصح،و قد جاء في هذا الحديث باللّغتين معا.
(3:45)
الجوهريّ: الجنف:الميل،و قد جنف بالكسر يجنف جنفا،و منه: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً.
[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:أجنف الرّجل،أي جاء بالجنف،كما يقال:
ألام،أي أتى بما يلام عليه،و أخسّ،أي أتى بخسيس.
[ثمّ استشهد بشعر]
و تجانف لإثم،أي مال.
و رجل أجنف،أي منحني الظّهر.(4:1339)
الهرويّ: يقال للمائل:أجنف،و قد جنف عليّ يجنف،إذا مال بالظّلم.
و في بعض الحديث:«إنّا نردّ من جنف الظّالم مثل ما نردّ من جنف الموصي».(1:411)
نحوه المدينيّ.(1:364)
ابن سيده: الجنف في الزّور:دخول أحد شقّيهّ*
ص: 118
و انهضامه مع اعتدال الآخر؛جنف جنفا،فهو جنف، و أجنف،و الأنثى:جنفاء.
و جنف عليه جنفا،و أجنف:مال عليه في الحكم و الخصومة و القول و غيرها،و هو من ذلك.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنف عن طريقه،و جنف،و تجانف:عدل.
و تجانف إلى الشّيء:كذلك،و في التّنزيل: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ. [ثمّ استشهد بشعر]
و ذكر أجنف،و هو كالسّدل.
و قدح أجنف:ضخم.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنفى،مقصور:موضع،حكاه يعقوب.
و جنفاء:موضع أيضا،حكاه سيبويه.(7:455)
الجنف:عوج في أحد الشّقّين،رجل أجنف و امرأة جنفاء،و قد جنف يجنف جنفا.(الإفصاح 1:83)
الجنف:الميل و الجور،جنف عن الطّريق-كفرح و ضرب-جنفا و جنوفا.و جنف في وصيّته يجنف جنفا فهو جنيف،و أجنف:جار.
و قيل:جنف مختصّ بالوصيّة،و جنف في مطلق الميل عن الحقّ.
و تجانف:تمايل،و تجانف عنه:عدل،و له و إليه:
مال.
و أجنف فلانا:صادفه جنيفا في حكمه.
(الإفصاح 1:174)
الجنف:الظّلم و الجور،و الميل في الكلام و الأمور كلّها؛جنف يجنف جنفا و جنف يجنف جنوفا و أجنف.
و قيل:أجنف مختصّ بالوصيّة،و جنف في مطلق الميل عن الحقّ.(الإفصاح 1:252)
الطّوسيّ: [نقل كلام الخليل و ابن دريد ثمّ قال:]
و أصل الباب:الميل عن الاستواء.[ثمّ استشهد بشعر](2:112)
الرّاغب: أصل الجنف:ميل في الحكم،فقوله:
فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أي ميلا ظاهرا،و على هذا غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ أي مائل إليه.(101)
الزّمخشريّ: جنف في الوصيّة،و جنف علينا في الحكم،و هو من أهل الحيف و الجنف.
و رجل أجنف:متزاور مائل في أحد شقّيه،و في خلقه جنف.
و تجانف لكذا و تجانف عنه،قال اللّه تعالى: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ. [ثمّ استشهد بشعر]
(أساس البلاغة:66)
الفخر الرّازيّ: الجنف:الميل في الأمور،و أصله:
العدول عن الاستواء،يقال:جنف يجنف-بكسر النّون في الماضي.و فتحها في المستقبل-جنفا،و كذلك تجانف، و منه قوله تعالى: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ.
و الفرق بين الجنف و الإثم:أنّ الجنف هو الخطأ من حيث لا يعلم به،و الإثم هو العمد.(5:72)
ابن الأثير: [ذكر حديث عروة المتقدّم و أضاف:]
يقال:جنف و أجنف،إذا مال و جار،فجمع فيه بين اللّغتين.
و قيل:الجانف:يختصّ بالوصيّة،و المجنف:المائل عن الحقّ.[ثمّ ذكر حديث عمر]
ص: 119
و في غزوة خيبر ذكر«جنفاء»هي بفتح الجيم و سكون النّون و المدّ:ماء من مياه بني فزارة.(1:307)
الفيّوميّ: جنف جنفا من باب«تعب»:ظلم، و أجنف بالألف مثله،و قوله: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ أي غير متمايل متعمّد.(1:111)
الفيروزآباديّ: الجنف محرّكة،و الجنوف بالضّمّ:
الميل و الجور.
و قد جنف في وصيّته كفرح و أجنف فهو أجنف.
أو أجنف مختصّ بالوصيّة،و جنف في مطلق الميل عن الحقّ.و جنف عن طريقه كفرح و ضرب جنفا و جنوفا.
أو الجنف في الزّور:دخول أحد شقّيه و انهضامه مع اعتدال الآخر.
و خصم مجنف كمنبر:مائل.
و الأجنف:المنحني الظّهر.
و الجنافيّ بالضّمّ:المختال فيه ميل.
و لجّ في جناف قبيح ككتاب،أي في مجانبة أهله، و كحمزى و أربى و يمدّان و كحمراء:ماء لفزارة لا موضع، و وهم الجوهريّ.
و أجنف:عدل عن الحقّ،و فلانا:صادفه جنفا في حكمه.
و تجانف:تمايل.(3:128)
مجمع اللّغة :جنف يجنف جنفا:مال و جار،و هو شبيه بالحيف.يقال:جنف عليه جنفا،و حاف عليه حيفا.
تجانف لإثم:تمايل إليه،فهو متجانف.(1:213)
محمّد إسماعيل إبراهيم: جنف عن الحقّ:مال عنه،و الجنف:الجور و الميل عن الحقّ و العدل، و المتجانف:مائل لعمل ذنب.(1:113)
المصطفويّ: يظهر من موارد استعمال هذه المادّة أنّ الأصل الواحد فيها:هو الميل إذا كان عن حقّ.كما أنّ الجمح كان الخروج و الميل عن سلطة من بيده أمره، و الجنح كان عبارة عن الميل إذا كان مع حركة و عمل.
(2:128)
فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ البقرة:182
ابن عبّاس: الجنف:الخطأ.
مثله الضّحّاك،و السّدّيّ،و الرّبيع،و النّخعيّ، و العوفيّ.(الطّبريّ 2:127)
و مثله مجاهد(الدّرّ المنثور 1:175)،و رشيد رضا (2:142)،و المراغيّ(2:65).
الجنف:الجور و الميل في الوصيّة.
(الدّرّ المنثور 1:175) أبو العالية :الجنف:الجهالة بموضع الوصيّة، و الإثم:العدول عن موضعها.(أبو حيّان 2:24)
مجاهد :إثما.(الطّبريّ 2:127)
طاوس:جنفه و إثمه:أن يوصي الرّجل لبني ابنه، ليكون المال لأبيهم،و توصي المرأة لزوج ابنتها،ليكون
ص: 120
المال لابنتها،و ذو الوارث الكثير و المال قليل فيوصي بثلث ماله كلّه،فيصلح بينهم الموصى إليه أو الأمير.
(الطّبريّ 2:125)
ميلا.(الطّبريّ 2:128)
مثله عطاء(الطّبريّ 2:127)،و الزّجّاج(1:251).
الحسن :هو أن يوصي من غير القرابة،فمن أوصى لغير قرابته ردّ إلى أن يجعل للقرابة«الثّلثان»و لمن أوصى له الثّلث.(الطّوسيّ 2:112)
عطاء: الرّجل يحيف أو يأثم عند موته،فيعطي ورثته بعضهم دون بعض.(الطّبريّ 2:124)
الجنف:الميل،و الإثم:أن يكون قد أثم في أثرة بعضهم على بعض.
مثله ابن زيد.(الماورديّ 1:234)
قتادة :الرّجل يوصي فيحيف في وصيّته،فيردّها الوالي إلى الحقّ و العدل.(الطّبريّ 2:124)
ابن زيد :حيفا.و الإثم:ميله لبعض على بعض، و كلّه يصير إلى واحد،كما يكون عفوّا غفورا و غفورا رحيما.(الطّبريّ 2:128)
الفرّاء: الجنف:الجور.(1:111)
نحوه أبو عبيدة.(1:66)
تحيّف:مال،أي نقصه من حافاته.و روي:«من حاف في وصيّته ألقي في ألوى»و ألوى:واد في جهنّم.
(أبو حيّان 2:24)
أبو سليمان الدّمشقيّ: الخروج عن الحقّ.
(ابن الجوزيّ 1:183)
ابن قتيبة :الميل عن الحقّ،يقال:جنف يجنف جنفا.يقول:إن خاف،أي علم من الرّجل في وصيّته ميلا عن الحقّ،فأصلح بينه و بين الورثة و كفّه عن الجنف،فلا إثم عليه،أي على الموصي.(73)
الطّبريّ: أمّا الجنف فهو الجور،و العدول عن الحقّ في كلام العرب.[ثمّ استشهد بشعر]
يقال منه:جنف الرّجل على صاحبه يجنف،إذا مال عليه و جار جنفا.
فمعنى الكلام:من خاف من موص جنفا له بموضع الوصيّة،و ميلا عن الصّواب فيها،و جورا عن القصد، أو إثما بتعمّده ذلك،على علم منه بخطإ ما يأتي من ذلك، فأصلح بينهم،فلا إثم عليه.(2:127)
نحوه الماورديّ(1:234)،و البغويّ(1:213).
النّحّاس: (جنفا)من جنف يجنف،إذا جار، و الاسم منه:جنف و جانف.(القرطبيّ 2:269)
الطّوسيّ: و إنّما يريد بالجنف:الميل عن الحقّ عن جهة الخطإ،لأنّه لا يدري أنّه لا يجوز،و الإثم:أن يتعمّد ذلك.[إلى أن قال:]
و الجنف في الوصيّة:أن يوصي الرّجل لابن ابنته و له أولاد،أو يوصي لزوج بنته و له أولاد،فلا يجوز ردّه على وجه عندنا،و خالف فيه ابن طاوس.و كذلك إن وصّى للبعيد دون القريب لا تردّ وصيّته،و خالف فيه الحسن.(2:114)
نحوه الرّاونديّ(فقه القرآن 2:304)،و الطّبرسيّ (1:269).
الزّمخشريّ: ميلا عن الحقّ بالخطإ في الوصيّة.
(1:334)
ص: 121
مثله البيضاويّ(1:100)،و النّسفيّ(1:93)، و الشّربينيّ(1:118)،و البروسويّ(1:287)، و أبو السّعود(1:240)،و حسنين مخلوف(1:60).
ابن عطيّة: الجنف:الميل.[ثمّ استشهد بشعر]
و معنى الآية على ما قال مجاهد:من خشي أن يحيف الموصي و يقطع ميراث طائفة،و يتعمّد الإذاية أو يأتيها دون تعمّد،و ذلك هو الجنف دون إثم،و إذا تعمّد فهو الجنف في إثم.(1:249)
ابن الجوزيّ: [ذكر بعض أقوال المفسّرين ثمّ قال:]
و قد يسمّى به المخطئ و العامد،إلاّ أنّ المفسّرين علّقوا الجنف على المخطئ،و الإثم على العامد.
(1:183)
الفخر الرّازيّ: الجنف هو الخطأ،و الإثم هو العمد.
و معلوم أنّ الخطأ في حقّ الغير في أنّه يجب إبطاله بمنزلة العمد،فلا فصل بين الخطإ و العمد في ذلك،فمن هذا الوجه سوّى عزّ و جلّ بين الأمرين.(5:73)
القرطبيّ: الجنف:الميل.[إلى أن قال:]
و روي عن عليّ[عليه السّلام]أنّه قرأ (حيفا) بالحاء و الياء،أي ظلما.(2:269)
الطّريحيّ: أي ميلا و ظلما.و الجنف هو الميل و العدول عن الحقّ.(5:33)
الآلوسيّ: الجنف:مصدر جنف،كفرح،مطلق الميل و الجور،و المراد به:الميل في الوصيّة من غير قصد، بقرينة مقابلته بالإثم،فإنّه إنّما يكون بالقصد.(2:55)
الطّباطبائيّ: الجنف هو الميل و الانحراف،و قيل:
هو ميل القدمين إلى الخارج،كما أنّ الحنف-بالحاء المهملة-انحرافهما إلى الدّاخل،و المراد على أيّ حال:
الميل إلى الإثم بقرينة الإثم،و الآية تفريع على الآية السّابقة عليها.(1:439)
بنت الشّاطئ: الكلمة في آية البقرة:182،في الوصيّة[و ذكرت الآية ثمّ قالت:]
وحيدة الصّيغة،و ليس معها من مادّتها في القرآن إلاّ اسم الفاعل،من التّجانف في آية المائدة:3،فيما حرّم من طعام فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
و تفسير«الجنف»بالميل و الجور في الوصيّة،واضح القرب.و قال الرّاغب:أصل الجنف:ميل في الحكم، و ذكر الكلمتين من آيتي البقرة و المائدة«المفردات».
و في حديث:«إنّا نردّ من جنف الظّالم مثل ما نردّ من جنف الموصي».
قال ابن الأثير:الجنف:الميل و الجور،و منه حديث عروة:«يردّ من صدقة الجانف في مرضه ما يردّ في وصيّة المجنف عند موته»يقال:جنف و أجنف،إذا مال و جار.
و قيل:الجانف يختصّ بالوصيّة،و المجنف:المائل عن الحقّ،و منه حديث عمر.«النّهاية».
و قول ابن الأثير: الجانف يختصّ بالوصيّة،أقرب من قول الفيروزآباديّ:أجنف مختصّ بالوصيّة،و جنف كفرح،في مطلق الميل عن الحقّ.
إذ يردّ عليه،أنّ القرآن استعمل الجنف،لا الإجناف في الوصيّة.و في«الأساس»أنّ العرب تقول:جنف في الوصيّة،و جنف علينا في الحكم.
ص: 122
و يبدو أنّ الميل أصل في الدّلالة،نقلا من قولهم:
رجل أجنف:مائل في أحد شقّيه.ثمّ تخالف العربيّة بين الألفاظ المشتركة في معنى الميل،لفروق في الدّلالات، فتجعل الازورار للإعراض،و الصّدّ نقيض الإقبال، و الزّور للباطل و الميل عن الهدى،و الجور للميل عن العدل على وجه القهر و الغلبة،و الجنف للميل عن الحقّ الواجب؛فيكون منه الجور في الوصيّة،و الميل عن الإنصاف في الحكم.
و الجنف في آية البقرة،متعلّق بالوصيّة بصريح اللّفظ.و عطف(اثما)عليه بحرف«أو» فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً من حيث يميل الموصي عمّا ينبغي له من إنصاف لأهله،أو يأثم بالميل عن حدود اللّه في الوصيّة.(الإعجاز البيانيّ للقرآن:337)
المصطفويّ: أي خاف الميل و العدول عن الحقّ، و خوفه ناشئ عن الموصي من جهة إيصائه و خصوصيّات الوصيّة،في أيّ زمان خيف منه،فلا جناح في التّبديل.
فتبديل موادّ الوصيّة جائز في صورة الخوف المتآخم بالعلم إذا خاف وقوع جنف أو إثم،فأصلح بينهم حتّى يرتفع الخوف،أي بذلك المقدار.(2:129)
و قد سبق بعض نصوص الآية في«أ ث م»:إثما فلاحظ
...فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. المائدة:3
ابن عبّاس: غير متعمّد لإثم.(الطّبريّ 6:86)
مثله مجاهد و قتادة و الحسن(الماورديّ 2:13)، و هو المرويّ عن الإمام الباقر عليه السّلام(القمّيّ 1:162)، و السّدّيّ(الجصّاص 2:312).
غير مائل و منحرف إليه و مختار له،بأن يأكل منها زائدا على ما يمسك رمقه،فإنّ ذلك حرام.
مثله مجاهد و قتادة.(الآلوسيّ 6:61)
نحوه ابن قتيبة(141)،و البيضاويّ(1:262).
قتادة :غير متعرّض لمعصية.
مثله السّدّيّ.(الطّبريّ 6:86)
غير عاص بأن يكون باغيا أو محاربا أو خارجا في معصية.(الطّوسيّ 3:437)
ابن زيد :لا يأكل ذلك ابتغاء الإثم،و لا جراءة عليه.(الطّبريّ 6:86)
أبو عبيدة :أي غير متعوّج مائل إليه،و كلّ منحرف،و كلّ أعوج فهو أجنف.(1:153)
الطّبريّ: يقول:إلاّ متجانفا لإثم،فلذلك نصب (غير)لخروجها من الاسم الّذي في قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ و هي بمعنى«إلاّ»فنصب بالمعنى الّذي كان به منصوبا المتجانف لو جاء الكلام:إلاّ متجانفا.
و أمّا المتجانف للإثم فإنّه المتمايل له،المنحرف إليه، و هو في هذا الموضع مراد به:المتعمّد له،القاصد إليه، من:جنف القوم عليّ،إذا مالوا،و كلّ أعوج فهو أجنف عند العرب.
و أمّا تجانف آكل الميتة في أكلها،و في غيرها،ممّا حرّم اللّه أكله على المؤمنين بهذه الآية للإثم في حال أكله،
ص: 123
فهو تعمّده الأكل لغير دفع الضّرورة النّازلة به،و لكن لمعصية اللّه،و خلاف أمره فيما أمره به من ترك أكل ذلك.
(6:85)
نحوه الطّوسيّ.(3:437)
القمّيّ: غير مائل في الإثم،فلا يأكل الميتة إلاّ إذا اضطرّ إليها.(1:162)
نحوه الهرويّ(1:411)،و البغويّ(2:13).
الماورديّ: غير مائل إلى إثم،و أصله من:جنف القوم،إذا مالوا،و كلّ أعوج عند العرب أجنف.(2:13)
الزّمخشريّ: غير منحرف إليه،كقوله: غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ البقرة:173.(1:594)
ابن عطيّة: هو بمعنى غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ و الجنف:الميل،و قرأ أبو عبد الرّحمن و يحيى بن وثّاب و إبراهيم النّخعيّ (غير متجنّف) دون ألف،و هي أبلغ في المعنى من(متجانف)لأنّ شدّ العين يقتضي مبالغة و توغّلا في المعنى و ثبوتا لحكمه،و«تفاعل»إنّما هي محاكاة الشّيء و التّقرّب منه.أ لا ترى إذا قلت:تمايل الغصن، فإنّ ذلك يقتضي تأوّدا،و مقاربة ميل،و إذا قلت:تميّل، فقد ثبت حكم الميل،و كذلك تصاون و تصوّن و تغافل و تغفّل.(2:155)
نحوه القرطبيّ(6:64)،و أبو حيّان(3:427).
الفخر الرّازيّ: أي غير متعمّد،و أصله في اللّغة من «الجنف»الّذي هو الميل،قال تعالى: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً أي ميلا،فقوله: غَيْرَ مُتَجانِفٍ أي غير مائل و غير منحرف.
و يجوز أن ينتصب(غير)بمحذوف مقدّر على معنى فتناول غير متجانف،و يجوز أن ينصب بقوله:(اضطرّ) و يكون المقدّر متأخّرا،على معنى فمن اضطرّ غير متجانف لإثم فتناول...(11:140)
أبو السّعود :غير مائل و منحرف إليه،بأن يأكلها تلذّذا أو مجاوز حدّ الرّخصة،أو ينتزعها من مضطرّ آخر،كقوله تعالى: غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ (2:238)
مثله البروسويّ.(2:343)
الطّباطبائيّ: و التّجانف هو التّمايل من«الجنف» بالجيم،و هو ميل القدمين إلى الخارج مقابل«الحنف» بالحاء الّذي هو ميلهما إلى الدّاخل.(5:182)
المصطفويّ: أي غير متمايل عن الحقّ و الحكم حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ المائدة:3،بمنظور ارتكاب عصيان و العمل بإثم،و الصّيغة تدلّ على قبول جانف،و هو للمداومة،أي أن لا يكون ذلك سببا للمداومة في العمل بالإثم.(2:129)
و قد سبق بعض نصوص الآية في«أ ث م»:لإثم.
1-الأصل في هذه المادّة:الجنف،و هو الميل في أحد شقيّ الإنسان،يقال:جنف يجنف جنفا،فهو جنف و أجنف،و هي جنفاء.و رجل أجنف:منحني الظّهر، و ذكر أجنف:و هو كالسّدل،أي الميل،و رجل جنافيّ:
مختال فيه ميل.
و الجنف أيضا:الميل و الجور،يقال:جنف عليه جنفا،أي مال عليه في الحكم و الخصومة و القول و غيرها،و رجل أجنف:في حلقه ميل،و أجنف الرّجل:
ص: 124
جاء بالجنف فهو مجنف.و جنف عن طريقه و جنف و تجانف:عدل،و تجانف إلى الشّيء:عدل،و تجانف لإثم:مال.و لجّ فلان في جناف قبيح و جناب قبيح:
لجّ في مجانبة أهله.
2-و بين«الجنف»و«الحنف»و«الخنف»اشتقاق أكبر،و هو الميل،إلاّ أنّ الجنف-كما تقدّم-ميل في الجانب و الظّهر،و الحنف-كما سيأتي في«ح ن ف»-ميل في الرّجل،مثل:الخنف و الصّدف و السّقف و الفجج و الفحج و الفدع و الوكع و الرّوح و القفد و غيرها.و يبدو أنّ الحنف رأسها و رئيسها،لأنّه معروف في سائر اللّغات السّاميّة دونها.
كما أنّ كلّ هذه الألفاظ جاءت على وزن«فعل»، و هذا ما اختصّ بعيوب الرّجل،و منها:العرج و الخفج و الزّكك و الحرد و الظّلع.
1- فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ البقرة:182
2- اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ المائدة:3
و يلاحظ أوّلا:أنّ الجنف و المتجانف كلاهما جاء مع الإثم،فيبدو أنّ بين اللّفظين علاقة مع فارق بين الجنف و المتجانف،و هو أنّ(اثما)في(1)معطوف على(جنفا) فيبدو أنّه شيء يغايره و يقابله.أمّا(المتجانف)في(2) فقد تعلّق ب(اثم)فيبدو أنّهما متّصلان غير متقابلين،فهل اختلف معنى الجنف و المتجانف؟
و الجواب:يظهر من ملاحظ تفسير الآيتين،فالقدر المشترك بين اللّفظين من مادّة«ج ن ف»هو الانحراف و الميل عن الحقّ إلى غيره عمدا أو خطأ-كما قال الطّوسيّ:«أصل الباب الميل عن الاستواء»-إلاّ أنّ عطف(اثما)على(جنفا)في(1)ألزم كبار المفسّرين -كالطّبريّ و الطّوسيّ و الفخر الرّازيّ و غيرهم-أن يخصّوا(جنفا)بالميل خطأ و(اثما)بالميل عمدا.أمّا (المتجانف)حيث تعلّق ب(اثم)فخصّوه بالمتعهّد.قال الطّبريّ:«و هو في هذا الموضع مراد به المتعهّد له القاصد إليه».
ثانيا:فقد ظهر بذلك أنّ اللّفظين كلاهما بمعنى الانحراف و الميل،و أنّ من فسّر الجنف بالميل خطأ و المتجانف بالمتعهّد فقد أخطأ.قال الفخر الرّازيّ:
«و الفرق بين الجنف و الإثم:أنّ الجنف هو الخطأ من حيث لا يعلم به،و الإثم هو العمد»إذ لا دخل للخطإ و العمد في معنى اللّفظين،و إنّما حملا على ذلك بقرينة ما ضمّ إليهما ممّا ذكر.و لعلّه أراد تفسيرهما بملاحظة تلك القرائن،و بذلك ظهر أيضا أنّ ذكر الجور في معنى«جنف»هو بمعنى الميل و العدول،دون الظّلم و التّجاوز،و إن لازمه أحيانا.
و أيضا لا وجه لاختصاص الجنف بالوصيّة و المتجانف بأكل الطّعام الحرام،فإنّ ذلك كلّه مستفاد من سياق الآيتين.
ثالثا:قال الطّباطبائيّ في(1):«المراد الميل إلى الإثم
ص: 125
بقرينة الإثم،و الآية تفريع على الآية السّابقة عليها».
و نقول:لا ريب في أنّ الآية فرع على ما قبلها فرع استثناء،و ما قبلها فرع أيضا على سابقتها فرع نتيجة؛ حيث قال-بعد التّوصية بالوصيّة للوالدين و الأقربين بالمعروف-: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ... لكن لا نسلّم أنّ المراد بالجنف:الميل إلى الإثم بقرينة الإثم،بل هو قرينة على خلافه،و هو الخطأ،كما سبق.
رابعا:عن ابن عطيّة:قرأ من ذكرهم (غير متجنّف) دون ألف،ثمّ قال:«و هي أبلغ في المعنى من(متجانف) لأنّ شدّ العين يقتضي مبالغة و توغّلا في المعنى،و ثبوتا لحكمه،و«تفاعل»إنّما هي محاكاة الشّيء و التّقريب منه، إلى آخره»و هذا مردود بوجوه:
1-أنّها قراءة شاذّة لم يذكرها الطّبريّ،فلا وجه لرجحانها على القراءة المشهورة بالاجتهاد.
2-مجرّد شدّ عين الفعل لا يقتضي المبالغة دائما،فإنّ باب التّفعيل له معان أخرى غير التّكثير و المبالغة، كالتّعدية و التّدرّج و السّلب و النّسبة و غيرها،مع أنّ المبالغة هنا في نفي أدنى الجنف و أخفّه،دون أشدّه،فإنّ نفي الأشدّ يسمح ارتكاب الأخفّ،و نفي الأخفّ نفي للأشدّ بالأولى مثل فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ الإسراء:
23،و سياق الآية يقتضي الخفّة أيضا،حيث قال: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ أي من اضطرّ إلى حالة حرجة غير متمايل أدنى ميل إلى إثم أيّ إثم،و لو كان قليلا تافها.و هذا يناسب المتجانف بمعنى المحاكاة و التّقريب-كما قال-دون التّشديد و المبالغة.
3-باب«التّفاعل»له معان،أشهرها:المشاركة، و لا تناسب السّياق؛و منها المطاوعة،و التّدرّج،و إظهار ما ليس في الباطن مثل تمارض،و كلّها-و لا سيّما التّدرّج-مناسب لسياق الآية،أي غير متمايل تمايلا شيئا فشيئا،أو غير متطوّع لغيره،أو غير ظاهر بمظهر المائل، و إن لم يكن مائلا واقعا.
و كلّ هذه المعاني يناسب نفي الأخفّ الّذي يتماشى مع السّياق،و لهذا جاء كلّ من(مخمصة)و(متجانف) و(اثم)نكرة،و(من اضطرّ)مبهمة؛و بذلك تبيّن أيضا بطلان قول المصطفويّ:«إنّ صيغة«التّفاعل»هنا للمداومة،أي أن لا يكون ذلك سببا للمداومة في العمل» فإنّه لا يناسب السّياق،مع أنّه لم يأت«التّفاعل» للمداومة.
خامسا:ما جاء في بعض التّفاسير في معنى«الجنف» أن يوصي الرّجل لبني ابنه،أو المرأة لزوج ابنتها،أو يوصي لغير القرابة و نحوها،بيان لمصاديق«الجنف» دون معناه،لكنّها مناسبة للأمر بالوصيّة للوالدين و الأقربين قبلها،و لما كان شائعا بين النّاس يوم ذاك.
سادسا:جملة فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ... تفريع على ما قبل هذه الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ...
دون صدرها: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ... كما هو ظاهر،و يبدو أنّ صدرها جملة معترضة ممهّدة لذيلها.[لاحظ«ك م ل» (اكملت)]
ص: 126
19 لفظا،201 مرّة:133 مكّيّة،68 مدنيّة
في 69 سورة:49 مكّيّة،20 مدنيّة
جنّ 1:1 جنّتك 2:2
مجنون 11:11 جنّتي 1:1
الجنّ 22:21-1 جنّتان 3:1-2
اجنّة 1:-1 جنّتين 4:3-1
جنّة 5:5 بجنّتيهم 1:1
الجنّة 5:5 جنّات 68:33-35
جنّة 2:-2 الجنّات 1:1
جنّة 14:9-5 جانّ 5:2-3
الجنّة 52:35-17 الجانّ 2:1-1
جنّته 1:1
الخليل :الجنّ:جماعة ولد الجانّ،و جمعهم:الجنّة و الجنّان،سمّوا به لاستجنانهم من النّاس فلا يرون.
و الجانّ:أبو الجنّ،خلق من نار ثمّ خلق نسله.
و الجانّ:حيّة بيضاء،قال اللّه عزّ و جلّ: تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً النّمل:10.
و المجنّة:الجنون،و جنّ الرّجل،و أجنّه اللّه فهو مجنون و هم مجانين.
و يقال:به جنّة و جنون و مجنّة.[ثمّ استشهد بشعر]
و أرض مجنّة:كثيرة الجنّ.
و الجنان:روع القلب،يقال:ما يستقرّ جنانه من الفزع.
و أجنّت الحامل الجنين،أي الولد في بطنها،و جمعه:
أجنّة.و قد جنّ الولد يجنّ فيه جنّا.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:أجنّه اللّيل و جنّ عليه اللّيل،إذا أظلم حتّى يستره بظلمته.و استجنّ فلان،إذا استتر بشيء.
و المجنّ:التّرس.
و الجنّة:الحديقة،و هي بستان ذات شجر و نزهة، و جمعه:جنّات.
ص: 127
و الجنّة:الدّرع،و كلّ ما وقاك فهو جنّتك.
و الجنن:القبر،و قيل للكفن أيضا،لأنّه يجنّ فيه الميّت،أي يكفّن.(6:20)
سيبويه :باب ما جاء فعل منه على غير فعلته و ذلك نحو:جنّ و سلّ و زكم و ورد،و على ذلك قالوا:
مجنون و مسلول و مزكوم و محموم و مورود.
و إنّما جاءت هذه الحروف على جننته و سللته و إن لم يستعمل في الكلام،كما أنّ يدع على ودعت،و يذر على و ذرت و إن لم يستعملا،استغني عنهما ب«تركت» و استغني عن قطع ل«قطع».و كذلك استغني عن جننت و نحوها ب«أفعلت».
فإذا قالوا:جنّ و سلّ فإنّما يقولون:جعل فيه الجنون و السّلّ.كما قالوا:حزن و فسل و رذل.و إذا قالوا:
جننت،فكأنّهم قالوا:جعل فيك جنون،كما أنّه إذا قال:أقبرته فإنّما يقول:وهبت له قبرا،و جعلت له قبرا.
(4:67)
الكسائيّ: و قالت امرأة عبد اللّه بن مسعود له:
«أجنّك من أصحاب رسول اللّه»معنى قولها له:أجنّك:
من أجل أنّك،فتركت«من»كما يقال:فعلت ذاك أجلك،بمعنى من أجلك،و قولها:«أجنّك»فحذفت الألف و اللاّم.(الأزهريّ 10:502)
أبو خيرة:الأرض المجنونة:المعشبة الّتي لم يرعها أحد.و أتيت على أرض هادرة متجنّنة،و هي الّتي تهال من عشبها،و قد ذهب عشبها كلّ مذهب.
(الأزهريّ 10:499)
أبو عمرو الشّيبانيّ: أتيتهم بجنّ أمرهم،أي بحدثان أمرهم،ما كان من خير أو شرّ.[ثمّ استشهد بشعر](1:130)
يقال:أجنّك أن تفعل كذا و كذا.كما تقول:
أ جدّك.(1:135)
الجانّ:الحيّة،و جمعها:جوانّ.
(الأزهري 10:496)
الجانّ:من الجنّ،و جمعه:جنّان.
(الأزهريّ 10:497)
الجنن:الكفن.(الأزهري 10:502)
الفرّاء: الجنّة:ما فيه النّخيل،و الفردوس:ما فيه الكرم.(البغويّ 1:94)
الجنن:الجنون.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهري 10:497)
جنّت الأرض،إذا قاءت بشيء معجب من النّبت.
[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 10:499)
أبو عبيدة :السّلاح:ما قوتل به،و الجنّة:ما اتّقي به.[ثمّ استشهد بشعر](ابن فارس 1:422)
جننته في القبر و أجننته.(الأزهريّ 10:501)
و[الجنّة]لا تسمّى جنّة حتّى يجنّها الشّجر،أي يسترها.(ابن دريد 1:56)
أبو زيد :يقال:ما عليّ جنن إلاّ ما ترى،أي ما عليّ شيء يواريني.(الأزهريّ 10:499)
ابن الأعرابيّ: يقال للنّخل المرتفع طولا:مجنون، و للنّبت الملتفّ الكثيف الّذي قد تأزّر بعضه في بعض:
مجنون.(الأزهريّ 10:499)
بات فلان ضيف جنّ،أي بمكان خال لا أنيس به.
ص: 128
[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 10:503)
في حديث:«اللّهمّ إنّي أعوذ بك من صناديد القدر و جنون العمل»جنون العمل:الإعجاب به حتّى يبطل عمله.[ثمّ استشهد بشعر](الخطّابيّ 3:210)
ابن السّكّيت: الجنّة و الخبّة أيضا:خرقة تلبسها المرأة فتغطّي بها رأسها ما قبل منه و ما دبر،غير وسط رأسها،و تغطّي الوجه و حلي الصّدر،و فيها عينان مجوبتان مثل عيني البرقع.(664)
شمر: المجنّ:التّرس،و المجنّ:الوشاح.
و سمّي القلب جنانا،لأنّ الصّدر أجنّه.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 10:499)
الجنان:الأمر الخفيّ.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 10:500)
الدّينوريّ: نخلة مجنونة،إذا طالت.[ثمّ استشهد بشعر](ابن سيده 7:217)
ثعلب :الجنّة بالكسر:الجنّ و الجنون أيضا،و الجنّة بالفتح.(57)
الجنان:اللّيل.(ابن سيده 7:212)
جنّ الرّجل و ما أجنّه!فجاء بالتّعجّب من صيغة فعل المفعول،و إنّما التّعجّب من صيغة فعل الفاعل.
(ابن سيده 7:215)
الزّجّاج: جنّة اللّيل،و الاختيار:جنّ عليه اللّيل، و أجنّه اللّيل.(الأزهريّ 10:501)
ابن دريد :جنّ الرّجل جنونا و جنّ النّبت،إذا غلظ و اكتهل.
و الجنّ:خلاف الإنس.
و جنّ الشّباب:حدّته و نشاطه،و يقال:فلان في جنّ شبابه.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنّ اللّيل:اختلاط ظلامه.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:جنون اللّيل و جنانه.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:جنّه اللّيل و أجنّه و جنّ عليه،إذا ستره و غطّاه،في معنى واحد،و كلّ شيء استتر عنك فقد جنّ عنك.
و يقال:جنان الرّجل،و به سمّيت الجنّ.
و كان أهل الجاهليّة يسمّون الملائكة:جنّة لاستتارهم عن العيون،و الجنّ و الجنّة واحد.
و الجنّة:ما واراك من السّلاح.
و الجنّة:الأرض ذات الشّجر و النّخل.
و سمّي التّرس:مجنّا،لستره صاحبه.و سمّي القبر:
جننا من هذا.
و ما دام في بطن أمّه فهو جنين.و الجنين:المدفون.
[ثمّ استشهد بشعر]
و منه كلام ابن الحنفيّة:«رحمك اللّه من مجنّ في جنن و مدرج في كفن»يقوله للحسن رحمة اللّه عليه.
و جنان النّاس:معظمهم.[ثمّ استشهد بشعر]
و ربّما سمّيت الرّوح جنانا،لأنّ الجسم يجنّها،هكذا قال بعضهم.(1:55)
القاليّ: يقال:«جنّ قدح ليس منها»يضرب مثلا للرّجل يدخل نفسه في القوم ليس منهم.(1:203)
الأزهريّ: و يقال لكلّ ما ستر:قد جنّ،و قد أجنّ.
(10:501)
و يقال:كان ذلك في جنّ صباه،أي في حداثته،
ص: 129
و كذلك جنّ كلّ شيء:أوّل ابتدائه.
و يقال:خذ الأمر بجنّه.و اتّق النّاقة فإنّها بجنّ ضراسها،أي بحدثان نتاجها.
و يقال:جنّت الرّياض جنونا،إذا اعتمّ نبتها.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنّيّة:ثياب معروفة.(10:502)
أبو عليّ الفارسيّ: لا تكون الجنّة في كلام العرب إلاّ و فيها نخيل و عنب.فإن لم يكن فيها ذلك و كانت ذات شجر،فهي حديقة و ليست بجنّة.[ثمّ استشهد بشعر](ابن سيده 7:218)
الصّاحب: [نحو الخليل و أضاف:]يقال للجنون:
جنن.و الأجانين:جمع الجنّ.
و الجنان:روع القلب،و هو الحريم أيضا،و جماعة النّاس،و الجناب،و السّاحة.
و جنّ اللّيل يجنّ جنونا،و أجنّ يجنّ إجنانا،و جنّ الرّجل يجنّ جنّا و مجنّة.و أجنّه اللّيل،و جنّ عليه اللّيل جنونا و جنانا.
و جنّ اللّيل:ما وارى من ظلمته.
و يقال:جننته في القبر و أجننته،و الجنين:الدّفين.
و نخلة مجنونة،أي سحوق في غاية الطّول،و نخل مجانين.
و جنّت الأرض و تجنّنت:بلغت المدى في النّبات.
و جنّ النّبت جنونا:خرج زهره.[ثمّ استشهد بشعر]
و هذه النّاقة بجنّ ضراسها،أي بحدثان نتاجها،و هو بجنّ نشاطه.
و لا جنّ بكذا،أي لا خفاء به.
و جنّ العين:كلّ ما استجنّ عن بصرك،أو ستر عنك شيئا.و قيل:هي المنيّة،أي منيّته مستورة عنه.و ما يرى فلان لي جنانا و لا حنانا،أي ما يجنّني منه.
و لا يجنّ عنّي كلمة،أي ما يصرف.
و يقولون:أجنّي من أصحاب فلان،أي من أجل أنّي.و في الحديث:«أجنّك من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم».
(6:409)
الخطّابيّ: في حديث عبد اللّه:«الشّباب شعبة من الجنون...»إنّما جعل الشّباب شعبة من الجنون...لأنّ الجنون آفة تنال العقل فتزيله،و كذلك الشّباب قد يسرع إلى غلبة العقل بماله من قوّة الميل إلى الشّهوات، و شدّة النّزاع إليها،و هذا كقولهم:«الغضب جنون ساعة».و إنّما سمّي المجنون مجنونا،لأنّه قد أطبق على عقله،و أصله من الجنّ،و هو السّتر،و لذلك سمّي التّرس مجنّا،و القبر جننا.[ثمّ استشهد بشعر](2:266)
في حديث القاسم:«أنّه سئل عن قتل الجانّ،فقال:
أمر بقتل الأيم منهنّ»الجانّ:حيّة بيضاء كبيرة.
(3:47)
ابن جنّيّ: تحتمل«مجنّة»وزنين:أحدهما:أن تكون«مفعلة»من الجنون،كأنّها سمّيت بذلك لشيء يتّصل بالجنّ أو بالجنّة،أعني البستان أو ما هذه سبيله.
و الآخر:أن تكون«فعلّة»من مجن يمجن،كأنّها سمّيت بذلك لأنّ ضربا من المجون كان بها،هذا ما توجبه صنعة علم العرب.فأمّا لأيّ الأمرين وقعت التّسمية، فذاك أمر طريقه الخبر.و كذلك:الجنينة.[ثمّ استشهد
ص: 130
بشعر](ابن سيده 7:219)
الجوهريّ: جنّ عليه اللّيل يجنّ بالضّمّ جنونا، و يقال أيضا:جنّة اللّيل و أجنّه اللّيل،بمعنى.
و الجنّ:خلاف الإنس،و الواحد:جنّيّ.يقال:
سمّيت بذلك لأنّها تتّقى و لا ترى.
و جنّ الرجل جنونا،و أجنّه اللّه فهو مجنون.و لا تقل:
مجنّ.
و قولهم في المجنون:ما أجنّه!شاذّ لا يقاس عليه، لأنّه لا يقال في المضروب:ما أضربه،و لا في المسلول:
ما أسلّه![ثمّ استشهد بشعر]
و نخلة مجنونة،أي طويلة.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنّ النّبت جنونا،أي طال و التفّ،و خرج زهره.
و جنّ الذّباب،أي كثر صوته.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:كان ذلك في جنّ شبابه،أي في أوّل شبابه.
و تقول:افعل ذلك الأمر بجنّ ذلك و بحدثانه (1).[ثمّ استشهد بشعر]
و جننت الميّت و أجننته،أي واريته.و أجننت الشّيء في صدري:أكننته.و أجنّت المرأة ولدا.
و الجنين:الولد ما دام في البطن،و الجمع:الأجنّة.
و الجنين:المقبور.
و الجنّة بالضّمّ:ما استترت به من سلاح.
و الجنّة:السّترة،و الجمع:الجنن.يقال:استجنّ بجنّة،أي استتر بسترة.
و المجنّ:التّرس،و الجمع:المجانّ بالفتح.
و الجنّة:البستان،و منه الجنّات.و العرب تسمّي النّخيل:جنّة.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنان بالفتح:القلب.
و يقال أيضا:ما عليّ جنان إلاّ ما ترى،أي ثوب يواريني.
و جنان اللّيل أيضا:سواده و ادلهمامه.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنان النّاس:دهماؤهم.
الجنّة:الجنّ،و منه قوله تعالى: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ أَجْمَعِينَ، السّجدة:13.
و الجنّة:الجنون،و منه قوله تعالى: أَمْ بِهِ جِنَّةٌ، سبأ:8،و الاسم و المصدر على صورة واحدة.
و الجنن بالفتح:القبر.
و الجنن بالضّمّ:الجنون،محذوف منه الواو.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجانّ:أبو الجنّ،و الجمع:جنّان،مثل حائط و حيطان.
و الجانّ أيضا:حيّة بيضاء.
و تجنّن عليه و تجانن و تجانّ:أرى من نفسه أنّه مجنون.
و أرض مجنّة:ذات جنّ.
و المجنّة أيضا:الجنون.
و المجنّة أيضا:اسم موضع على أميال من مكّة.
[ثمّ استشهد بشعر]
و المجنّة أيضا:الموضع الّذي يستتر فيه.
و الاجتنان:الاستتار.و الاستجنان:الاستطراب.ة.
ص: 131
و قولهم:أجنّك كذا،أي من أجل أنّك،فحذفوا اللاّم و الألف اختصارا،و نقلوا كسرة اللاّم إلى الجيم.
(5:2093)
ابن فارس: الجيم و النّون أصل واحد،و هو السّتر و التّستّر.فالجنّة:ما يصير إليه المسلمون في الآخرة،و هو ثواب مستور عنهم اليوم.و الجنّة:البستان،و هو ذاك لأنّ الشّجر بورقه يستر.و ناس يقولون:الجنّة عند العرب:النّخل الطّوال.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنين:الولد في بطن أمّه،و الجنين:المقبور.
و الجنان:القلب.و المجنّ:التّرس.و كلّ ما استتر به من السّلاح فهو جنّة.
و الجنّة:الجنون؛و ذلك أنّه يغطّي العقل.و جنان اللّيل:سواده و ستره الأشياء.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال:جنون اللّيل،و المعنى واحد.
و يقال:جنّ النّبت جنونا،إذا اشتدّ و خرج زهره.
فهذا يمكن أن يكون من الجنون استعارة،كما يجنّ الإنسان فيهيج،ثمّ يكون أصل الجنون ما ذكرناه من السّتر،و القياس صحيح.
و جنان النّاس:معظمهم،و يسمّى السّواد.و المجنّة:
الجنون.
فأمّا الحيّة الّذي يسمّى الجانّ فهو تشبيه له بالواحد من الجانّ.
و الجنّ سمّوا بذلك لأنّهم متستّرون عن أعين الخلق، قال اللّه تعالى: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ. الأعراف:27.(1:421)
الهرويّ: و في حديث عليّ:«أنّه كتب إلى ابن عبّاس:قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ»هذه كلمة تضرب مثلا لمن كان لصاحبه على مودّة أو رعاية ثم حال عن ذلك.
و سمّي القلب جنانا لأنّ الصّدر يواريه.
و سمّي المجنون مجنونا،لأنّه مستور الفهم،مغلوب العقل.
و الجنّة بالضّمّ:التّرس،و السّترة.و منه الحديث:
«الإمام جنّة»لأنّه يقي المأموم الزّلل و السّهو،أو النّار، كما يقي التّرس صاحبه من وقع السّلاح.
و في الحديث في كسح زمزم:«قال العبّاس:يا رسول اللّه إنّ فيها جنّانا كثيرة»يعني حيّات،و هي جمع الجانّ.
و في حديث آخر:«أنّه نهى عن قتل الجنّان الّتي تكون في البيوت».(1:412)
ابن سيده: جنّ الشّيء يجنّه جنّا:ستره.
و كلّ شيء ستر عنك:فقد جنّ عنك.
و جنّه اللّيل يجنّه جنّا،و جنونا،و جنّ عليه و أجنّه:
ستره.
و جنّ اللّيل،و جنونه،و جنانه:شدّة ظلمته.و قيل:
اختلاط ظلامه،لأنّ ذلك كلّه ساتر.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنن الميّت جنّا،و أجنّه:ستره.
و الجنن:القبر لستره الميّت.
و الجنن أيضا:الكفن لذلك.
و أجنّه:كفّنه.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنان:القلب،لاستتاره في الصّدر،و قيل:لوعيه الأشياء و ضمّه لها.و قيل:الجنان:روع القلب،و ذلك أذهب في الخفاء.
ص: 132
و ربّما سمّي الرّوح جنانا؛لأنّ الجسم يجنّه.
و أجنّ عنه،و استجنّ:استتر.
و الجنين:الولد ما دام في بطن امّه،لاستتاره فيه.و جمعه:أجنّة،و أجنن؛بإظهار التّضعيف.و قد جنّ الجنين في الرّحم يجنّ جنّا،و أجنّته الحامل.[ثمّ استشهد بشعر]
و المجنّ:التّرس،و أرى اللّحيانيّ قد حكى فيه «المجنّة»،و جعله سيبويه«فعلا»و سيأتي ذكره.
و قلب فلان مجنّه،أي أسقط الحياء و فعل ما شاء.
و قلب أيضا مجنّه:ملك أمره و استبدّ به.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنّة:ما واراك من السّلاح.
و قيل:كلّ مستور:جنين،حتّى إنّهم ليقولون:حقد جنين،و ضغن جنين.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنين:المستور في نفوسهم.يقول:فهم يجتهدون في ستره و ليس ينستر،و قوله:الضّغن أسود،يقول:هو بين ظاهر في وجوههم.
و الجنّة:الدّرع،و كلّ ما وقاك:جنّة.
و جنّ النّاس،و جنانهم:معظمهم،لأنّ الدّاخل فيهم يستتر بهم.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنّ:نوع من العالم،سمّوا بذلك لاجتنانهم عن الأبصار.و الجمع:جنّان،و هم الجنّة،و في التّنزيل:
وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ الصّافّات:158.
و الجنّيّ: منسوب إلى الجنّ أو الجنّة.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنّة:طائفة الجنّ.
و قد جنّ جنّا،و جنونا،و استجنّ.[ثمّ استشهد بشعر]
و تجنّن،و تجانّ،و أجنّه اللّه فهو مجنون،على غير قياس؛و ذلك لأنّهم يقولون:جنّ،فبني المفعول من أجنّه اللّه على هذا،و قالوا:ما أجنّه!
قال سيبويه: وقع التّعجّب منه ب«ما أفعله»و إن كان كالخلق،لأنّه ليس بلون في الجسد و لا بخلقة فيه، و إنّما هو من نقصان العقل.
[ثمّ حكى قول ثعلب قد جنّ الرّجل...و أضاف:]
و قد قدّمت أنّ هذا و نحوه شاذّ.
و المجنّة:الجنّ.
و أرض مجنّة:كثيرة الجنّ.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجانّ:أبو الجنّ،و الجانّ:الجنّ،و هو اسم جمع كالجامل و الباقر.
و الجانّ:ضرب من الحيّات أكحل العينين يضرب إلى الصّفرة لا يؤذي،و هو كثير في بيوت النّاس.
و كان أهل الجاهليّة يسمّون الملائكة عليهم السّلام جنّا، لاستتارهم عن العيون.[ثمّ استشهد بشعر]
و لا جنّ بهذا الأمر:أي لا خفاء.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنّ الشّباب:أوّله،و قيل:جدّته و نشاطه.و جنّ المرح:كذلك.[ثمّ استشهد بشعر]
و خذه بجنّه،أي بحدثانه.
و جنّ النّبت:زهره و نوره،و قد تجنّنت الأرض، و جنّت جنونا.[ثمّ استشهد بشعر]
و قيل:جنّ النّبت جنونا:غلظ و اكتهل.
و الجنّة:الحديقة ذات الشّجر و النّخل.و جمعها:
ص: 133
جنان،و فيها تخصيص،و قد أبنته في الكتاب «المخصّص».
و الجنّيّة:مطرف مدوّر على خلقة الطّيلسان يلبسها النّساء.
و مجنّة:موضع.[ثمّ استشهد بشعر]
و كذلك مجنّة،و هي على أميال من مكّة.[ثمّ استشهد بشعر](7:212)
الرّاغب: أصل الجنّ:ستر الشّيء عن الحاسّة، يقال:جنّه اللّيل و أجنّه و جنّ عليه فجنّه:ستره.
و أجنّه:جعل له ما يجنّه،كقولك:قبرته و أقبرته، و سقيته و أسقيته.
و جنّ عليه كذا:ستر عليه،قال عزّ و جلّ: فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً الأنعام:76.
و الجنان:القلب،لكونه مستورا عن الحاسّة.
و المجنّ و المجنّة:التّرس الّذي يجنّ صاحبه،قال عزّ و جلّ: اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً المجادلة:16،و في الحديث:«الصوم جنّة».
و الجنّة:كلّ بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض.[ثمّ ذكر بعض الآيات و قال:]
قيل:و قد تسمّى الأشجار السّاترة جنّة.[ثمّ استشهد بشعر]
و سمّيت الجنّة:إمّا تشبيها بالجنّة في الأرض و إن كان بينهما بون،و إمّا لستره نعمها عنّا،المشار إليها بقوله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ السّجدة:17.
و الجنين:الولد ما دام في بطن أمّه،و جمعه:أجنّة، قال تعالى: وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ النّجم:
32،و ذلك«فعيل»في معنى«مفعول».
و الجنين:القبر،و ذلك«فعيل»في معنى«فاعل».
و الجنّ يقال على وجهين:أحدهما للرّوحانيّين المستترة عن الحواسّ كلّها بإزاء الإنس،فعلى هذا تدخل فيه الملائكة و الشّياطين.فكلّ ملائكة جنّ و ليس كلّ جنّ ملائكة،و على هذا قال أبو صالح:الملائكة كلّها جنّ.
و قيل:بل الجنّ بعض الرّوحانيّين؛و ذلك أنّ الرّوحانيّين ثلاثة:أخيار و هم الملائكة،و أشرار و هم الشّياطين،و أوساط،فيهم أخيار و أشرار،و هم الجنّ، و يدلّ على ذلك قوله تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ -إلى قوله - وَ أَنّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ الجنّ:1-14.
و الجنّة:جماعة الجنّ،قال تعالى: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ النّاس:6،و قال تعالى: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً الصّافّات:158.
و الجنّة:الجنون،و قال تعالى: ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ الأعراف:184،أي جنون،و الجنون:حائل بين النّفس و العقل.
و جنّ فلان قيل:أصابه الجنّ،و بني فعله على«فعل» كبناء الأدواء،نحو:زكم و لقي و حمّ،و قيل:أصيب جنانه،و قيل:حيل بين نفسه و عقله فجنّ عقله بذلك.
و قوله تعالى: مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ الدّخان:14،أي ضامّه من يعلّمه من الجنّ،و كذلك قوله تعالى: أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ الصّافّات:36.
و قيل:جنّ التّلاع و الآفاق،أي كثر عشبها حتّى
ص: 134
صارت كأنّها مجنونة.
و قوله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ الحجر:27،فنوع من الجنّ،و قوله تعالى:
كَأَنَّها جَانٌّ النّمل:10،قيل:ضرب من الحيّات.
(98)
الزّمخشريّ: جنّه:ستره فاجتنّ.و استجنّ بجنّة:
استتر بها،و اجتنّ الولد في البطن،و أجنّته الحامل.
و تقول:كأنّهم الجانّ،و كأنّ وجوههم المجانّ،و جنّ عليه اللّيل،و واراه جنان اللّيل،أي ظلمته.
و فلان ضعيف الجنان و هو القلب،و أعوذ باللّه من خور الجبان،و من ضعف الجنان.
و هو يتجنّن عليّ و يتجانّ.
و من المجاز:جنّت الأرض بالنّبات،و جنّ الذّباب بالرّوض:ترنّم سرورا به.[ثمّ استشهد بشعر]
و نخلة مجنونة:شديدة الطّول،و نخل مجانين.[ثمّ استشهد بشعر]و بقل مجنون.[ثمّ استشهد بشعر]
و كان ذلك في جنّ صباه و جنّ شبابه،و لقيته بجنّ نشاطه،كأنّ ثمّ جنّا تسوّل له النّزغات.
و اتّق النّاقة في جنّ ضراسها،و هو سوء خلقها عند النّتاج.[ثمّ استشهد بشعر]
و لا جنّ بكذا،أي لا خفاء به.[ثمّ استشهد بشعر]
و جنّ جنونه.[ثمّ استشهد بشعر]
(أساس البلاغة:66)
عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه:«الجانّ مسيخ الجنّ،كما مسخت القردة من بني إسرائيل»هو العظيم من الحيّات.
و منه حديث القاسم رحمه اللّه:«إنّه سئل عن قتل الجانّ،فقال:أمر بقتل الأيم منهنّ».و يجمع على جنّان، و نظيره غائط و غيطان،و حائط و حيطان.
(الفائق 1:239)
المدينيّ: منه الحديث:«ولي دفن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و إجنانه عليّ و العبّاس»أي دفنه و ستره.
في الحديث:«نهى عن ذبائح الجنّ»و هو أن يبني الرّجل الدّار،فإذا فرغ من بنائها ذبح ذبيحة،كان يقال:
إذا فعل ذلك لا يضرّ أهلها الجنّ.[ثمّ استشهد بشعر]
في حديث الحسن:«لو أصاب ابن آدم في كلّ شيء جنّ»أي أعجب بنفسه حتّى يصير كالمجنون من شدّة إعجابه.
و منه الحديث:«اللّهمّ إنّي أعوذ بك من جنون العمل»أي من الإعجاب به.
و يؤكّد هذا ما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«رأى قوما مجتمعين على إنسان،فقال:ما هذا؟قالوا:مجنون،قال:
هذا مصاب،إنّما المجنون،الّذي يضرب بمنكبيه،و ينظر في عطفيه،و يتمطّى في مشيته».
في حديث زيد بن نفيل:«جنّان الجبال»أي الّذين يأمرون بالفساد من الجنّ،يقال:جانّ و جنّان،كحائط و حيطان،و غائط و غيطان.(1:365)
ابن الأثير: فيه ذكر«الجنّة»في غير موضع.
الجنّة هي دار النّعيم في الدّار الآخرة،من الاجتنان و هو السّتر،لتكاثف أشجارها و تظليلها بالتفاف أغصانها.
و سمّيت بالجنّة و هي المرّة الواحدة من مصدر جنّه جنّا، إذا ستره،فكأنّها سترة واحدة،لشدّة التفافها و إظلالها.
و في حديث زيد بن نفيل:«جنّان الجبال»أي الّذين
ص: 135
يأمرون بالفساد من شياطين الإنس أو من الجنّ.و الجنّة بالكسر:اسم للجنّ.
و في حديث السّرقة:«القطع في ثمن المجنّ»هو التّرس،لأنّه يواري حامله،أي يستره،و الميم زائدة.
و منه حديث أشراط السّاعة:«وجوههم كالمجانّ المطرقة»يعني التّرك.
و فيه«الصّوم جنّة»أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشّهوات.و الجنّة:الوقاية.
و منه حديث الصّدقة:«كمثل رجلين عليهما جنّتان من حديد»أي وقايتان.و يروى بالباء الموحّدة،تثنية جبّة اللّباس.
و فيه أيضا:«تجنّ بنانه»أي تغطّيه و تستره.
و في حديث فضالة:«كان يخرّ رجال من قامتهم في الصّلاة من الخصاصة،حتّى يقول الأعراب:مجانين أو مجانون».المجانين:جمع تكسير لمجنون،و أمّا مجانون فشاذّ،كما شذّ شياطون في شياطين.و قرئ (و اتّبعوا ما تتلوا الشّياطون) .(1:307)
الفيّوميّ: الجنين:وصف له ما دام في بطن أمّه، و الجمع:أجنّة،مثل دليل و أدلّة.قيل:سمّي بذلك لاستتاره،فإذا ولد فهو منفوس.
و الجنّ و الجنّة:خلاف الإنسان،و الجانّ:الواحد من الجنّ،و هو الحيّة البيضاء أيضا.
و الجنّة:الجنون،و أجنّه اللّه بالألف فجنّ،هو للبناء للمفعول،فهو مجنون.
و الجنّة بالفتح:الحديقة ذات الشّجر،و قيل:ذات النّخل،و الجمع:جنّات على لفظها،و جنان أيضا.
و الجنان:القلب.
و أجنّه اللّيل بالألف و جنّ عليه،من باب«قتل»:
ستره.
و قيل للتّرس:مجنّ بكسر الميم،لأنّ صاحبه يتستّر به،و الجمع:المجانّ،وزان دوابّ.(1:111)
الجرجانيّ: الجنون هو اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأقوال و الأفعال على نهج العقل إلاّ نادرا،و هو عند أبي يوسف إن كان حاصلا في أكثر السّنة فمطبق، و ما دونها فغير مطبق.(35)
الفيروزآباديّ: جنّه اللّيل و عليه جنّا و جنونا و أجنّه:ستره،و كلّ ما ستر عنك فقد جنّ عنك.
و جنّ اللّيل بالكسر و جنونه و جنانه:ظلمته و اختلاط ظلامه.
و الجنن محرّكة:القبر،و الميّت،و الكفن.و أجنّه:
كفّنه.
و الجنان:الثّوب،و اللّيل أو ادلهمامه،و جوف ما لم تر، و جبل،و الحريم،و القلب أو روعه،و الرّوح،جمعه:
أجنان.
و أجنّ عنه و استجنّ:استتر.
و الجنين:الولد في البطن،جمعه:أجنّة و أجنن،و كلّ مستور.
و جنّ في الرّحم يجنّ جنّا:استتر،و أجنّته الحامل.
و المجنّ و المجنّة بكسرهما و الجنان و الجنانة بضمّهما:التّرس.
و قلب مجنّة:أسقط الحياء و فعل ما شاء،أو ملك أمره و استبدّ به.
ص: 136
و الجنّة بالضّمّ:كلّ ما وقى،و خرقة تلبسها المرأة تغطّي من رأسها ما قبل و دبر غير وسطه و تغطّي الوجه و جنبي الصّدر،و فيه عينان مجوبتان كالبرقع.
و جنّ النّاس بالكسر و جنانهم بالفتح:معظمهم.
و الجنّيّ بالكسر نسبة إلى الجنّ أو إلى الجنّة.
و الجنّة بالكسر:طائفة من الجنّ.
و جنّ بالضّمّ جنّا و جنونا و استجنّ مبنيّان للمفعول، و تجنّن و تجانّ و أجنّه اللّه فهو مجنون.
و المجنّة:الأرض الكثيرة الجنّ،و موضع قرب مكّة،و قد تكسر ميمها.
و الجنون و الجانّ:اسم جمع للجنّ،و حيّة أكحل العين لا تؤذي،كثيرة في الدّور.
و الجنّ بالكسر:الملائكة كالجنّة،و من الشّباب و غيره:أوّله و حدثانه،و من النّبت:زهره و نوره،و قد جنّت الأرض بالضّمّ و تجنّنت جنونا،و نخلة مجنونة:
طويلة،و الجنّة:الحديقة ذات النّخل و الشّجر،جمعها:
ككتاب.
و الجنينة:مطرف كالطّيلسان.
و الجنن بضمّتين:الجنون،حذف منه الواو.
و تجنّن عليه و تجانن:أرى من نفسه الجنون.
و الاستجنان:الاستطراب.
و أجنّك كذا،أي من أجل أنّك.(4:212)
العدنانيّ: جنّ عليه اللّيل،أجنّه،جنّه.
و يخطّئون من يقول:أجنّه اللّيل،بمعنى ستره، و يقولون:إنّ الصّواب هو:جنّ عليه اللّيل،اعتمادا على قوله تعالى في الآية(76)من سورة الأنعام: فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي
و جاء في«النّهاية»و في الحديث:«جنّ عليه اللّيل» أي ستره.و روى«اللّسان»أيضا هذا الحديث.
و لكن:
أجاز استعمال جملتي:جنّ عليه اللّيل،و أجنّه اللّيل كلتيهما:معجم ألفاظ القرآن الكريم،و أدب الكاتب، و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ،و الأساس،و المختار، و اللّسان،و المصباح،و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن،و الوسيط.
و تحمل جملة:جنّه اللّيل معنى الجملتين:جنّ عليه اللّيل،و أجنّه اللّيل،أي ستره.و فعله:جنّه يجنّه جنّا و جنونا،و جنّ عليه يجنّ جنونا.
أجنّ اللّه فلانا و جنّنه.
و يخطّئون من يقول:أجنّ اللّه فلانا،أي أذهب عقله،و يقولون:إنّ الصّواب هو:جنّنه،كلا الفعلين المتعدّيين صواب.
و الفعل«أجنّ»يأتي لازما و متعدّيا،و من معانيه:
أجنّ فلان:فقد عقله.
أجنّ الشّيء عنه:استتر.
أجنّت المرأة جنينا:حملته.
أجنّ الشّيء:ستره.
أجنّ الميّت:كفّنه.و في الحديث:«ولي دفن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و إجنانه عليّ و العبّاس».
أجنّ الشّيء صدره:أكنّه.
و نقول عمّن أصيب بالجنون:جنّ يجنّ جنّا،و جنّة و مجنّة و جنونا.
ص: 137
أمّا جنّ فلان بمعنى فقد عقله،فهي من أقوال العامّة.
(131)
المصطفويّ: و الظّاهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة:هو التّغطية و المواراة،و بمناسبة هذا المعنى استعملت في موارد:فالجنين«فعيل»و هو ما يغطّى و يوارى في بطن أو قبر أو غيرهما.
و الجنّة«فعلة»كاللّقمة بمعنى ما يجنّ به،أي ما يغطّى به من ترس أو سلاح آخر.
و الجنّة«فعلة»مصدر للنّوع كالجلسة،و هو يدلّ على نوع من المواراة و التّغطية،و يستعمل في ضعف و اختلال يغطّي العقل و هو الجنون.
و الجنّة«فعلة»مصدر للمرّة،يطلق على حديقة مغطّاة بالأشجار الملتفّة،فكأنّها قد غطّيت مرتبة واحدة،و دامت تغطيتها.[ثمّ ذكر الآيات و قال:]
و ليعلم أنّ ما في هذه الدّنيا المادّيّة من الأكل و النّعم و الثّمرات و اللّذائذ و المشتهيات،كلّها في مراتب نازلة عن النّعم الأخرويّة المتقدّمة مرتبة و المتأخّرة زمانا، و هي متشابهة بهذه النّعم الدّنيويّة في الصّور،المتفاوتة المختلفة معها في الموادّ خشونة و لطافة،و شيئيّة الشّيء بصورته لا بمادّته.
و الألفاظ موضوعة في مقابلة المعاني الموجودة في هذا العالم لأنّها،هي المتصوّرة المعقولة في الأذهان.و أمّا الموضوعات و مفاهيم عالم الآخرة فلم توضع لها ألفاظ و كلمات،لأنّها غير مدركة لنا،نعم تطلق عليها هذه الألفاظ و الكلمات بلحاظ التّشابه و التّماثل صورة.
و من هذه الكلمات:الجنّة،النّهر،اللّبن،العسل، الماء،النّار،و غيرها.
فجنّة الآخرة:هي جنّة عالية،و جنّة الخلد،و خير مستقرّ،و عرضها كعرض السّماوات و الأرض،و جنّة النّعيم،تجري من تحتها الأنهار،جنّة عدن،جنّة فردوس، الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى.
و أمّا«الجنان»فباعتبار كون القلب متواريا و مغطّى في بدن الإنسان.
و أمّا«الجنّ»فهو مخلوق في مقابل الإنس،أي من كان غير مأنوس مع أفراد الإنسان،و متواريا عن أنظارهم و مغطّى عنهم،و هم مكلّفون و ذوو عقول، موحّدون و كافرون.
و مبدأ تكوّن الجنّ من النّار،كما أنّ مبدأ تكوّن الإنس من التّراب،فإنّ التّراب يكون طينا و صلصالا و حمأ،كما أنّ النّار يتفرّع منها التّوقّد و الحرارة و النّور و الإضاءة.
فإنّ النّار هي جهة الحرارة الحاصلة من شدّة التّحرّك في الأجزاء،و النّور،هو جهة الإضاءة الحاصلة من الحرارة؛ففي النّار نور و إضاءة و لطافة و جريان و نفوذ و قوّة.و إذا سكنت تلك الحرارة و القوّة:فهو التّراب و ما يتفرّع منه.
فمادّة النّار هي المناسبة و المقتضية،لأن تكون مغطّاة و متوارية،بخلاف مادّة التّراب المقتضية للسّكون و الممدوديّة و المحجوبيّة و الغلظة و الكثافة.
وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ الحجر:27، وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ الرّحمن:15،و الجانّ:فاعل من الجنون،و هو من كان
ص: 138
متواريا و مغطّى،و يطلق على الواحد النّوعيّ من الجنّ، كالنّاطق و العاقل،و الجنّ يطلق على عموم الجانّ و نوعه؛ فالجانّ يستعمل في مقابل الإنسان و الإنس،و الجنّ يستعمل في مقابل الإنس فقط.(2:130)
فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ الأنعام:76
الفرّاء: يقال:جنّ عليه اللّيل و أجنّ،و أجنّه اللّيل و جنّه اللّيل،و بالألف أجود إذا ألقيت«على»و هي أكثر من جنّه اللّيل.(1:341)
نحوه الطّبريّ(7:247)،و الزّجّاج(2:266)، و الواحديّ(2:290).
أبو عبيدة :أي غطّى عليه و أظلم عليه.
(1:198)
نحوه ابن قتيبة(156)،و الطّوسيّ(4:195)، و البغويّ(2:138)،و ابن عطيّة(2:312)،و الخازن(2:
123).
الطّبرسيّ: أي أظلم عليه و ستر بظلامه كلّ ضياء.(2:323)
نحوه القرطبيّ(7:25)،و البيضاويّ(1:317)، و أبو حيّان(4:162)،و أبو السّعود(2:405)،و البروسويّ(3:56)،و المراغيّ(7:169).
الفخر الرّازي: جنّ:ستر،و منه الجنّة و الجنّ و الجنون و الجانّ و الجنين و المجنّ و الجنن،و المجنّن و هو المقبور،و المجنّة،كلّ هذا يعود أصله إلى السّتر و الاستتار.
و قال بعض النّحويّين: جنّ عليه اللّيل،إذا أظلم عليه اللّيل،و لهذا أدخلت«على»عليه،كما تقول في أظلم.فأمّا جنّة:فستره،من غير تضمين معنى«أظلم».
(13:47)
نحوه النّيسابوريّ.(7:141)
الآلوسيّ: أي أظلم عليه ليل عالم الطّبيعة الجسمانيّة-و ذلك عند الصّوفيّة-في صباه و أوّل شبابه.
(7:210)
الطّباطبائيّ: [نقل قول الرّاغب قال:]
فجنّ اللّيل:إسداله الظّلام،لا مجرّد ما يحصل بغروب الشّمس.(7:173)
مخلوف:ستره اللّيل و تغشّاه بظلمته.(1:229)
1- وَ قالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ. الحجر:6
ابن عبّاس: تختلق.(216)
الطّبريّ: إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ في دعائك إيّانا إلى أن نتّبعك و نذر آلهتنا.(14:6)
نحوه الطّوسيّ(6:318)،و الطّبرسيّ(3:330).
الزّمخشريّ: كأنّ هذا النّداء منهم على وجه الاستهزاء،كما قال فرعون: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ الشّعراء:27،و كيف يقرّون بنزول
ص: 139
الذّكر عليه و ينسبونه إلى الجنون،و التّعكيس في كلامهم للاستهزاء و التّهكّم مذهب واسع،و قد جاء في كتاب اللّه في مواضع منها: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ الانشقاق:
24 إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ هود:87،و قد يوجد كثير في كلام العجم.
و المعنى:إنّك لتقول قول المجانين حين تدّعي أنّ اللّه نزّل عليك الذّكر.(2:378)
نحوه النّسفيّ(2:269)،و الخازن(4:47)،و أبو حيّان(5:446)،و الشّربينيّ(2:194)،و أبو السّعود (4:8)،و القاسميّ(10:3747)،و المراغيّ(14:8).
الفخر الرّازيّ: اعلم أنّه تعالى لمّا بالغ في تهديد الكفّار،ذكر بعده شبههم في إنكار نبوّته:فالشّبهة الأولى:
أنّهم كانوا يحكمون عليه بالجنون،و فيه احتمالات:
الأوّل:أنّه عليه السّلام كان يظهر عليه عند نزول الوحي حالة شبيهة بالغشي فظنّوا أنّها جنون،و الدّليل عليه قوله: وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ* وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ القلم:51،52،و أيضا قوله: أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ الأعراف:184.
و الثّاني:أنّهم كانوا يستبعدون كونه رسولا حقّا من عند اللّه تعالى،فالرّجل إذا سمع كلاما مستبعدا من غيره، فربّما قال له:هذا جنون و أنت مجنون،لبعد ما يذكره من طريقة العقل،و قوله: إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ في هذه الآية يحتمل الوجهين.
أمّا قوله: يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ الحجر:6،ففيه وجهان:
الأوّل:أنّهم ذكروه على سبيل الاستهزاء،كما قال فرعون: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ الشّعراء:27،و كما قال قوم شعيب: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ هود:87،و كما قال تعالى:
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ آل عمران:21،لأنّ البشارة بالعذاب ممتنعة.
و الثّاني: يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ في زعمه و اعتقاده،و عند أصحابه و أتباعه.(19:158)
البروسويّ: نادوا به النّبيّ عليه السّلام على وجه التّهكّم،و لذا جنّنوه بقولهم: إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ إذ لا يجتمع اعتقاد نزول الذّكر عليه و نسبة الجنون إليه،و المعنى:إنّك لتقول قول المجانين،حين تدّعي أنّ اللّه نزّل عليك الذّكر، أي القرآن.و جواب هذه الآية قوله تعالى في سورة القلم:2 ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ أي ما أنت بمجنون حال كونك منعما عليك بالنّبوّة و كمال العقل.
يقول الفقير: الجنون من أوصاف النّقصان،يجب تبرئة ساحة الأنبياء و كمّل الأولياء منه،و عدّ نسبته إليهم من الجنون؛إذ لا سفه أشدّ من نسبة النّقصان و سخافة العقل،و الإذعان إلى المراجيح الرّزان،و لا عقل من العقول إلاّ و هو مستفيض من العقل الأوّل الّذي هو الرّوح المحمّديّ،و العاقل بالعقل المعادي مجنون عند العاقل بالعقل المعاشي،و بالعكس.و لا يكون مجنونا بالجنون المقبول إلاّ بعد دخول دائرة العشق.(4:442)
الآلوسيّ: يعنون يا من يدّعي مثل هذا الأمر العظيم الخارق للعادة،إنّك بسبب تلك الدّعوى متحقّق جنونك على أتمّ وجه،و هذا كما يقول الرّجل لمن يسمع منه كلاما يستبعده:أنت مجنون.و قيل:حكمهم هذا لما
ص: 140
يظهر عليه-عليه الصّلاة و السّلام-من شبه الغشي حين ينزل عليه الوحي بالقرآن،و الأوّل-على ما قيل-هو الأنسب بالمقام.
و ذهب بعضهم إلى أنّ المقول الجملة المؤكّدة دون النّداء،أمّا هو فمن كلام اللّه تعالى تبرئة له عليه الصّلاة و السّلام عمّا نسبوه إليه من أوّل الأمر.و تعقّب بأنّه لا يناسب قوله تعالى: إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ إلخ،الحجر:
9،فإنّه كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى ردّ لإنكارهم و استهزائهم.
و قد يجاب بأنّ ذلك على هذا ردّ لما عنوه في ضمن قولهم المذكور،لكن الظّاهر كون الكلّ كلامهم،و قد سبقهم إلى نظيره فرعون عليه اللّعنة بقوله في حقّ موسى عليه السّلام: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ الشّعراء:27،تقديم الجارّ و المجرور على نائب الفاعل- كما قيل-لأنّ إنكارهم متوجّه إلى كون النّازل ذكرا من اللّه تعالى،لا إلى كون المنزل عليه رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم،بعد تسليم كون النّازل منه تعالى،كما في قوله سبحانه: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ الزّخرف:31،فإنّ الإنكار هناك متوجّه إلى كون المنزل عليه رسول اللّه عليه الصّلاة و السّلام.(14:12)
مغنيّة: ضمير(قالوا)يعود إلى مشركي قريش، و قد خاطبوا محمّدا بالّذي نزّل عليه الذّكر تهكّما و استخفافا،لأنّه في منطقهم و مقاييسهم مجنون يهذي بغير المعقول،و إن كان رحمة للعالمين،و تقدّمت به الإنسانيّة مئات السّنين.و القرآن أيضا من وحي الجنون،و إن كان معجزة المعاجز بعلومه و تعاليمه.
و هذا المنطق لا يختصّ بعبدة الأصنام،و لا بالزّنادقة و الملاحدة،فإنّه يشمل كلّ من اتّخذ من ذاته و منفعته مقياسا للحقّ و ميزانا للعدل،حتّى و لو قال:لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه..أبدا لا فرق بين هذا المسلم النّفعيّ الّذي اعترف لمحمّد بالنّبوّة،و بين المشرك الّذي أنكر نبوّة محمّد.لا فرق إلاّ أنّ هذا المسلم آمن بمحمّد نظريّا،و كفر به عمليّا.و المشرك أنكره قولا و عملا،فالنّتيجة من حيث العمل واحدة.(4:468)
2- قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ.
الشّعراء:27
الطّبريّ: يقول:إنّ رسولكم هذا الّذي يزعم أنّه أرسل إليكم،لمغلوب على عقله،لأنّه يقول قولا لا نعرفه و لا نفهمه.و إنّما قال ذلك،و نسب موسى -عدوّ اللّه-إلى الجنّة،لأنّه كان عنده و عند قومه أنّه لا ربّ غيره يعبد،و أنّ الّذي يدعوه إليه موسى باطل، ليست له حقيقة.فقال موسى عند ذلك محتجّا عليهم، و معرّفهم ربّهم بصفته و أدلّته.
إذ كان عند قوم فرعون أنّ الّذي يعرفونه ربّا لهم في ذلك الوقت،هو فرعون،و أنّ الّذي يعرفونه لآبائهم أربابا ملوك أخر،كانوا قبل فرعون قد مضوا،فلم يكن عندهم أنّ موسى أخبرهم بشيء له معنى يفهمونه و لا يعقلونه،و لذلك قال لهم فرعون:إنّه مجنون،لأنّ كلامه كان عندهم كلاما لا يعقلون معناه:الّذي أدعوكم و فرعون إلى عبادته ربّ المشرق و المغرب و ما بينهما،
ص: 141
يعني ملك مشرق الشّمس و مغربها،و ما بينهما من شيء،لا إلى عبادة ملوك مصر الّذين كانوا ملوكها قبل فرعون لآبائكم فمضوا،و لا إلى عبادة فرعون الّذي هو ملكها.(19:70)
الطّوسيّ: يموّه عليهم،إنّي أسأله عن ماهيّة ربّ العالمين فيجيبني عن غير ذلك،كما يفعل المجنون.
و الجنون:داء يعتري النّفس،يغطّي على العقل...
(8:15)
نحوه الطّبرسيّ.(4:187)
الواحديّ: أي ما هذا بكلام صحيح؛إذ يزعم أنّ له إلها غيري،فلم يشتغل موسى بالجواب عمّا نسبه إليه من الجنون،و لكنّه اشتغل بتأكيد الحجّة و الزّيادة في الإبانة.(3:352)
البغويّ: يتكلّم بكلام لا نعقله و لا نعرف صحّته، و كان عندهم أنّ من لا يعتقد ما يعتقدون ليس بعاقل.
(3:465)
الفخر الرّازيّ: يعني المقصود من سؤال ما طلب الماهيّة و خصوصيّة الحقيقة،و التّعريف بهذه الآثار الخارجيّة لا يفيد البتّة تلك الخصوصيّة،فهذا الّذي يدّعي الرّسالة مجنون لا يفهم السّؤال،فضلا عن أن يجيب عنه.(24:129)
نحوه الشّربينيّ.(3:8)
البيضاويّ: أسأله عن شيء و يجيبني عن آخر، و سمّاه رسولا على السّخريّة.(2:156)
الخازن :يعني المقصود من السّؤال طلب الماهيّة، و هو يجيب بالآثار الخارجة،و هذا لا يفيد البتّة.
فهذا الّذي يدّعي الرّسالة مجنون لا يفهم السّؤال، فضلا عن أن يجيب عنه،و يتكلّم بكلام لا نقبله و لا نعرف صحّته،و كان عندهم أنّ من لا يعتقد ما يعتقدون ليس بعاقل.(5:96).
نحوه ابن كثير(5:179)،و القاسميّ(13:4610)، و المراغيّ(19:54).
البروسويّ: لا يصدر ما قاله عن العقلاء،و سمّاه رسولا على السّخريّة،و أضافه إلى مخاطبيه ترفّعا من أن يكون مرسلا إلى نفسه.و الجنون حائل بين النّفس و العقل،كما في«المفردات».(6:269)
نحوه الآلوسيّ.(19:72)
مغنيّة: موسى مجنون في منطق فرعون و لما ذا؟ لأنّه يقول:فرعون مربوب و ليس بربّ،و مخلوق لا خالق،و على هذا المنطق الفرعونيّ:كلّ من ادّعى شيئا ليس فيه-فمن يدّعي العلم و هو جاهل،أو الإخلاص و هو خائن،أو الصّدق و هو كاذب-فإنّه على ملّة فرعون و سنّته.و لو وجد هذا الدّعيّ من يصدّقه لقال:
أنا ربّكم الأعلى ما علمت لكم من إله غيري،تماما كما قال فرعون.(5:493)
الطّباطبائيّ: و قوله: قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قول فرعون ثانيا،و قد سمّى موسى رسولا تهكّما و استهزاء،و أضافه إلى من حوله ترفّعا من أن يكون رسولا إليه،و قد رماه بالجنون مستندا إلى قوله عليه السّلام: رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الشّعراء:26،إلخ.
كأنّه يقول:إنّه لمجنون لما في كلامه من الاختلال
ص: 142
الكاشف عن الاختلال في تعقّله،يدّعي رسالة ربّ العالمين،فأسأله ما ربّ العالمين؟فيكرّر اللّفظ تقريبا أوّلا،ثمّ يفسّره بأنّه ربّكم و ربّ آبائكم الأوّلين.
(15:271)
مكارم الشّيرازيّ: إنّ فرعون تمادى في حماقته، و تجاوز مرحلة الاستهزاء إلى اتّهام موسى بالجنون، ف قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ و ذلك ما اعتاده الجبابرة و المستكبرون على مدى التّاريخ،من نسبة الجنون إلى المصلحين الرّبّانيّين.
و ممّا يستجلب النّظر أنّ هذا الضّالّ المغرور لم يكن مستعدّا حتّى لأن يقول:إنّ رسولنا الّذي أرسل إلينا،بل قال: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لأنّ التّعبير ب (رسولكم)أيضا كان ذا جانب استهزائيّ،استهزاء و سخريّة مقرونان بالنّظرة الاستعلائيّة،أي إنّ فرعون يقول:إنّني أكبر من أن يدعوني رسول.و كان الهدف من اتّهامه موسى بالجنون هو الإحباط،و إفشال منطقه القويّ المتين،لئلاّ يترك أثرا في أفكار الحاضرين.
(11:319)
3- وَ فِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ وَ قالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ.
الذّاريات:38،39
مؤرّج السّدوسيّ: (او)بمعنى الواو،لأنّهم قالوهما جميعا.(القرطبيّ 17:50)
مثله الفرّاء(القرطبيّ 17:50)،و أبو عبيدة(2:
227)،و الزّجّاج(الطّوسي 9:392).
الطّبريّ: يقول:و قال لموسى:هو ساحر يسحر عيون النّاس،أو مجنون به جنّة.(27:3)
الزّجّاج: المعنى:و قال:هذا ساحر أو مجنون.
(5:56)
الطّوسيّ: المجنون:الّذي أصابته جنّة،فذهب عقله.و قال الزّجّاج:(او)هاهنا بمعنى الواو،و التّقدير:
ساحر و مجنون.
و قال غيره: في ذلك دلالة على عظم جهل فرعون، لأنّ السّاحر هو اللّطيف الحيلة؛و ذلك ينافي صفة المجنون المختلط العقل،فكيف يوصف شخص واحد بهاتين الصّفتين!(9:392)
نحوه الطّبرسيّ.(5:159)
ابن عطيّة: ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ هو تقسيم ظنّ أنّ موسى لا بدّ أن يكون أحد هذين.(5:180)
الفخر الرّازيّ: أي هذا ساحر أو مجنون.و قوله:
(ساحر)أي يأتي الجنّ بسحره أو يقرب منهم،و الجنّ يقربون منه و يقصدونه إن كان هو لا يقصدهم.فالسّاحر و المجنون كلاهما أمره مع الجنّ.غير أنّ السّاحر يأتيهم باختياره،و المجنون يأتونه من غير اختياره،فكأنّه أراد صيانة كلامه عن الكذب،فقال:هو يسحر الجنّ أو يسحر،فإن كان ليس عنده منه خبر،و لا يقصد ذلك فالجنّ يأتونه.(28:220)
البيضاويّ: (او مجنون)كأنّه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوبا إلى الجنّ،و تردّد في أنّه حصل ذلك باختياره و سعيه أو بغيرهما.(2:422)
نحوه أبو السّعود(6:139)،و البروسويّ(9:166).
ص: 143
الشّربينيّ: (او مجنون)أي لاجترائه عليّ مع ما لي من عظيم الملك،بمثل هذا الّذي يدعو إليه.(او)هنا على بابها من الإبهام على السّامع أو للشّكّ،نزّل نفسه-مع أنّه يعرفه نبيّا حقّا-منزلة الشّاكّ في أمره،تمويها على قومه.و قال أبو عبيدة:(او)بمعنى«الواو»قال:لأنّه قد قالهما،قال تعالى: إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ الشّعراء:34، و قال في موضع آخر: قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ الشّعراء:27.
و ردّ النّاس عليه هذا،و قالوا:لا ضرورة تدعو إلى ذلك،و أمّا الآيتان فلا تدلاّن على أنّه قالهما معا في آن واحد،و إنّما يفيدان أنّه قالهما أعمّ من أن يكونا معا،أو هذه في وقت و هذه في آخر.(4:104)
الآلوسيّ: (او مجنون)كأنّ اللّعين جعل ما ظهر على يديه عليه السّلام من الخوارق العجيبة منسوبة إلى الجنّ، و تردّد في أنّه حصل باختياره فيكون سحرا،أو بغير اختياره فيكون جنونا.و هذا مبنيّ على زعمه الفاسد و إلاّ فالسّحر ليس من الجنّ كما بيّن في محلّه.ف(او)للشّكّ، و قيل:للإبهام.(27:15)
مغنيّة: و لما ذا موسى ساحر أو مجنون في منطق فرعون؟لأنّه قال له:لست إلها يعبد،و حذّره مغبّة البغي و الطّغيان.(7:154)
الطّباطبائيّ: أي قال تارة:هو مجنون،كقوله:
إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ الشّعراء:
27،و قال أخرى:هو ساحر،كقوله: إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ الشّعراء:34.(18:379)
مكارم الشّيرازيّ: و الطّريف أنّ الجبابرة أولي الزّور حين كانوا يتّهمون الأنبياء بالكذب و الافتراء كانوا يتناقضون تناقضا عجيبا،فتارة يتّهمونهم بأنّهم سحرة و أخرى بأنّهم مجانين،مع أنّ السّاحر ينبغي أن يكون ذكيّا و أن يعوّل على مسائل دقيقة و يعرف نفوس النّاس،حتّى يسحرهم و يخدعهم بها،و المجنون بخلافه تماما.(17:109)
4- فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ. الطّور:29
ابن عبّاس: (و لا مجنون)لا تختنق.(444)
الطّبريّ: (و لا مجنون)له رئيّ يخبر عنه قومه ما أخبره به.(27:31)
نحوه القاسميّ.(15:5546)
الزّجّاج: أي لست تقول ما تقوله كهانة،و لا تنطق إلاّ بوحي من اللّه عزّ و جلّ.(5:64)
الحوفيّ: (بنعمت ربّك)متعلّق بما دلّ عليه الكلام، و هو اعتراض بين اسم(ما)و خبرها،و التّقدير:ما أنت في حال إذكارك بنعمة ربّك بكاهن و لا مجنون.
(أبو حيّان 8:151)
الماورديّ: (و لا مجنون)تكذيبا لعقبة بن معيط؛ حيث قال:إنّه مجنون.(5:384)
الطّوسيّ: المجنون:المئوف بما يغطّى على عقله حتّى لا يدرك به في حال يقظة.(9:412)
نحوه الزّمخشريّ(4:25)،و الطّبرسيّ(5:167).
العكبريّ: بِنِعْمَةِ رَبِّكَ الباء في موضع الحال، و العامل فيه(بكاهن)،أو(مجنون).و التّقدير:ما أنت
ص: 144
كاهنا و لا مجنونا متلبّسا بنعمة ربّك.(2:1184)
نحوه النّسفيّ.(4:192)
أبو حيّان :[نقل قول الحوفيّ و العكبريّ ثمّ قال:]
و تكون حالا لازمة لا منتقلة،لأنّه عليه الصّلاة و السّلام ما زال ملتبسا بنعمة ربّه.و قيل:«بنعمت ربك»مقسم بها،كأنّه قيل:و نعمة ربّك ما أنت كاهن و لا مجنون،فتوسّط المقسم به بين الاسم و الخبر،كما تقول:ما زيد و اللّه بقائم.(8:151)
الشّربينيّ: (و لا مجنون)أي تقول كلاما لا نظام له مع الإخبار ببعض المغيبات،فلا يفترك قولهم هذا عن التّذكير،فإنّه قول باطل لا تلحقك به معرّة أصلا،و عمّا قليل يكون عيبا لهم،لا يغسله عنهم إلاّ اتّباعهم لك، فمن اتّبعك منهم غسل عاره،و من استمرّ على عناده استمرّ تبابه و خساره.
نزلت هذه الآية في الّذين اقتسموا عقاب مكّة، يرمون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالكهانة و السّحر و الجنون و الشّعر.(4:116)
البروسويّ: (و لا مجنون)و هو من به جنون،و هو زوال العقل أو فساده.[إلى أن قال:]
و في«التّأويلات النّجميّة»يشير إلى أنّ طبيعة الإنسان متنفّرة من حقيقة الدّين،مجبولة على حبّ الدّنيا و زينتها و شهواتها و زخارفها.و الجوهر الرّوحانيّ الّذي جبل على فطرة الإسلام في الإنسان مودع بالقوّة كالجوهر في المعدن،فلا يستخرج إلى الفعل إلاّ بجهد جهيد و سعي تامّ على قانون الشّريعة،و متابعة النّبيّ عليه السّلام و إرشاده،و بعده بإرشاد ورثة علمه و هم العلماء الرّبّانيّون الرّاسخون في العلم من المشايخ المسلكين،و في زمان كلّ واحد منهم و الخلق-مع دعوى إسلامهم-ينكرون على سيرهم في الأغلب، و يستبعدون ترك الدّنيا و العزلة و الانقطاع عن الخلق، و التّبتّل إلى اللّه و طلب الحقّ،إلاّ من كتب اللّه في قلوبهم الإيمان،و أيّدهم بروح منه و هو الصّدق في الطّلب، و حسن الإرادة المنتجة من بذر«يحبّهم و يحبّونه»و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.
و إلاّ فمن خصوصيّة طبيعة الإنسان أن يمرق من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية و إن كانوا يصلّون و يصومون و يزعمون أنّهم مسلمون،و لكن بالتّقليد لا بالتّحقيق،اللّهمّ إلاّ من شرح اللّه صدره للإسلام،فهو على نور من ربّه،انتهى.(9:199)
الآلوسيّ: و اختلف في باء(بنعمت)فقال أبو البقاء:
للملابسة،و الجارّ و المجرور في موضع الحال،و العامل فيه (كاهن او مجنون)و التّقدير:ما أنت كاهن و لا مجنون ملتبسا بنعمة ربّك.و هي حال لازمة،لأنّه عليه الصّلاة و السّلام ما زال ملتبسا بنعمة ربّه عزّ و جلّ.
و قيل:للقسم،فنعمة ربّك مقسم به،و جواب القسم ما علم من الكلام،و هو:ما أنت بكاهن و لا مجنون،و هذا كما تقول:ما زيد و اللّه بقائم.
و هو بعيد،و الأقرب عندي أنّ الباء للسّببيّة و هو متعلّق بمضمون الكلام،و المعنى انتفى عنك الكهانة و الجنون بسبب نعمة اللّه تعالى عليك،و هذا كما تقول:ما أنا معسر بحمد اللّه تعالى و إغنائه.و المراد الرّدّ على قائل ذلك،و إبطال مقالتهم فيه عليه الصّلاة و السّلام،و إلاّ فلا
ص: 145
امتنان عليه صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم بانتفاء ما ذكر مع انتفائه عن أكثر النّاس.
و قيل:الامتنان بانتفاء ذلك بسبب النّعمة المراد بها ما أوتيه صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم،من صدق النّبوّة و رجاحة العقل الّتي لم يؤتها أحد قبله،و القائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم اللّه تعالى أنّى يؤفكون.
و ممّن قال:كاهن:شيبة بن ربيعة،و ممّن قال:
مجنون:عقبة بن أبي معيط.(27:35)
مكارم الشّيرازيّ: إنّ قريشا و من أجل أن تشتّت النّاس و تصرفهم من حول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،كانت تتّهمه ببعض التّهم،فتارة تتّهمه بأنّه كاهن،و تارة تتّهمه بأنّه مجنون.و العجب أنّها لم تقف على تضادّ الوصفين،لأنّ الكهنة أناس أذكياء و المجانين على خلافهم!و لعلّ الجمع بين الافتراءين في الآية إشارة إلى هذا التّناقض في الكلام من قبل القائلين.
(17:166)
1- وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يَصِفُونَ.
الأنعام:100
ابن عبّاس: قالوا:إنّ اللّه تعالى و إبليس أخوان شريكان،اللّه خالق النّاس و الدّوابّ و الأنعام،و إبليس خالق الحيّات و العقارب و السّباع،و هي مقالة المجوس.
(116)
الحسن :إنّهم أطاعوا الشّيطان في عبادة الأوثان، حتّى جعلوها شركاء للّه في العبادة.
(الماورديّ 2:150)
قتادة :إنّ مشركي العرب جعلوا الملائكة بنات اللّه و شركاء له،كقوله تعالى: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ الصّافّات:
158،فسمّي الملائكة لاختفائهم عن العيون:جنّة.
(الماوردي 2:150)
مثله السّدّيّ.(الطّبرسيّ 2:342)
الفرّاء: إن شئت جعلت(الجنّ)تفسيرا للشّركاء،و إن شئت جعلت نصبه على:جعلوا الجنّ شركاء للّه تبارك و تعالى.(1:348)
الطّبريّ: يعني بذلك جلّ ثناؤه:و جعل هؤلاء العادلون بربّهم الآلهة و الأنداد للّه شركاء الجنّ،كما قال جلّ ثناؤه: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً الصّافّات:
158.
و في(الجنّ)وجهان من النّصب:أحدهما:أن يكون تفسيرا للشّركاء.و الآخر:أن يكون معنى الكلام:
و جعلوا للّه الجنّ شركاء،و هو خالقهم.(7:296)
نحوه العكبريّ.(1:526)
الزّجّاج: المعنى أنّهم أطاعوا الجنّ فيما سوّلت لهم من شركهم،فجعلوهم شركاء للّه عزّ و جلّ.و كان بعضهم ينسب إلى الجنّ الأفعال الّتي لا تكون إلاّ للّه عزّ و جلّ، فقال: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ.
فالهاء و الميم إن شئت كانت عائدة عليهم،أي فجعلوا للّه الّذي خلقهم شركاء لا يخلقون.و جائز أن تكون الهاء و الميم تعودان على(الجنّ)فيكون المعنى:
ص: 146
و جعلوا للّه شركاء الجنّ،و اللّه خلق الجنّ،و كيف يكون الشّريك للّه المحدث الّذي لم يكن ثمّ كان.
فأمّا نصب(الجنّ فمن وجهين:
أحدهما أن يكون(الجنّ)مفعولا،فيكون المعنى:
و جعلوا للّه الجنّ شركاء،و يكون«الشّركاء»مفعولا ثانيا،كما قال: وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً الزّخرف:19.
و جائز أن يكون(الجنّ)بدلا من(شركاء)و مفسّرا للشّركاء.(2:277)
الماورديّ: إنّ المجوس نسبت الشّرّ إلى إبليس، و تجعله بذلك شريكا للّه.(2:150)
الطّوسيّ: أخبر اللّه تعالى أنّ هؤلاء الكفّار العادلين عن الحقّ المتّخذين معه آلهة،جعلوا له أندادا و شركاء الجنّ،كما قال: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً الصّافّات:158،و قال: وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً الزّخرف:19، وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ النّحل:57،و وصفهم بالجنّ لخفائهم عن الأبصار.
و قوله: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ أراد به الكفّار الّذين جعلوا الملائكة بنات اللّه،و النّصارى الّذين جعلوا المسيح ابن اللّه،و اليهود الّذين جعلوا عزيرا ابن اللّه و لذلك قال: وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ ففصل أقوالهم.
و قيل:إنّ معنى(شركاء الجنّ)في استعاذتهم بهم.
و قيل:إنّ المعنى أنّ المجوس تنسب الشّرّ إلى إبليس، و تجعله بذلك شريكا.(4:236)
الزّمخشريّ: و قرئ (الجنّ) بالرّفع،كأنّه قيل:
من هم؟فقيل:الجنّ،و بالجرّ على الإضافة الّتي للتّبيين، و المعنى أشركوهم في عبادته،لأنّهم أطاعوهم كما يطاع اللّه.
و قيل:هم الّذين زعموا أنّ اللّه خالق الخير و كلّ نافع،و إبليس خالق الشّرّ و كلّ ضارّ.(2:40)
نحوه الشّربينيّ.(1:44)
ابن عطية: (جعلوا)بمعنى صيّروا،و(الجنّ) مفعول،و(شركاء)مفعولا ثان مقدّم،و يصحّ أن يكون قوله:(شركاء)مفعول أوّلا،و(للّه)في موضع المفعول الثّاني،و(الجنّ)بدل من قوله:(شركاء).و هذه الآية مشيرة إلى العادلين باللّه و القائلين:إنّ الجنّ تعلّم الغيب العابدين للجنّ.و كانت طوائف من العرب تفعل ذلك و تستجير بجنّ الأودية في أسفارها و نحو هذا.
أمّا الّذين خرقوا البنين فاليهود في ذكر عزير و النّصارى في ذكر المسيح،و أمّا ذاكر و البنات فالعرب الّذين قالوا للملائكة:بنات اللّه،فكان الضّمير في (جعلوا)و(خرقوا)لجميع الكفّار؛إذ فعل بعضهم هذا، و بنحو هذا فسّر السّدّيّ و ابن زيد.
و قرأ شعيب بن أبي حمزة (شركاء الجنّ) بخفض النّون،و قرأ يزيد بن قطيب و أبو حيوة(الجنّ و الجنّ) بالخفض و الرّفع على تقديرهم الجنّ.(2:329)
الطّبرسيّ: أخبر اللّه سبحانه أنّهم اتّخذوا معه آلهة جعلوهم له أندادا،كما قال:و جعلوا بينه و بين الجنّة نسبا،و أراد بالجنّ:الملائكة،و إنّما سمّاهم جنّا لاستتارهم عن الأعين و...
ص: 147
و قيل:إنّ قريشا كانوا يقولون:إنّ اللّه تعالى قد صاهر الجنّ فحدث بينهما الملائكة،فيكون على هذا القول المراد به الجنّ المعروف.(2:342)
الفخر الرّازيّ: و اعلم أنّ هذا القول الّذي ذكره ابن عبّاس أحسن الوجوه المذكورة في هذه الآية؛و ذلك لأنّ بهذا الوجه يحصل لهذه الآية مزيد فائدة،مغايرة لما سبق ذكره في الآيات المتقدّمة.
قال ابن عبّاس: و الّذي يقوّي هذا الوجه قوله تعالى: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً الصّافّات:
158،و إنّما وصف بكونه من الجنّ،لأنّ لفظ الجنّ مشتقّ من الاستتار،و الملائكة و الرّوحانيّون لا يرون بالعيون، فصارت كأنّها مستترة من العيون،فبهذا التّأويل أطلق لفظ الجنّ عليها.
و أقول:هذا مذهب المجوس،و إنّما قال ابن عبّاس:
هذا قول الزّنادقة،لأنّ المجوس يلقّبون بالزّنادقة،لأنّ الكتاب الّذي زعم زرادشت أنّه نزل عليه من عند اللّه مسمّى ب«الزّند»و المنسوب إليه يسمّى زنديّ.ثمّ عرّب فقيل:«زنديق»،ثمّ جمع فقيل:زنادقة.
و اعلم أنّ المجوس قالوا:كلّ ما في هذا العالم من الخيرات فهو من«يزدان»و جميع ما فيه من الشّرور فهو من«أهرمن»،و هو المسمّى بإبليس في شرعنا.ثمّ اختلفوا،فالأكثرون منهم على أنّ«أهرمن»محدث، و لهم في كيفيّة حدوثه أقوال عجيبة،و الأقلّون منهم قالوا:إنّه قديم أزليّ،و على القولين فقد اتّفقوا على أنّه شريك للّه في تدبير هذا العالم،فخيرات هذا العالم من اللّه تعالى و شروره من إبليس،فهذا شرح ما قاله ابن عبّاس رضي اللّه عنهما.
فإنّ قيل:فعلى هذا التّقدير:القوم أثبتوا للّه شريكا واحدا و هو إبليس،فكيف حكى اللّه عنهم أنّهم أثبتوا للّه شركاء؟
و الجواب:أنّهم يقولون:عسكر اللّه هم الملائكة، و عسكر إبليس هم الشّياطين،و الملائكة فيهم كثرة عظيمة،و هم أرواح طاهرة مقدّسة،و هم يلهمون تلك الأرواح البشريّة بالخيرات و الطّاعات.و الشّياطين أيضا فيهم كثرة عظيمة،و هي تلقي الوساوس الخبيثة إلى الأرواح البشريّة،و اللّه مع عسكره من الملائكة يحاربون إبليس مع عسكره من الشّياطين،فلهذا السّبب حكى اللّه تعالى عنهم أنّهم أثبتوا للّه شركاء من الجنّ، فهذا تفصيل هذا القول.[إلى أن قال:]
المسألة الثّانية: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ معناه:
و جعلوا الجنّ شركاء للّه.
فإن قيل:فما الفائدة في التّقديم؟
قلنا:قال سيبويه:إنّهم يقدّمون الأهمّ الّذي هم بشأنه أعنى،فالفائدة في هذا التّقديم استعظام أن يتّخذ للّه شريك،سواء كان ملكا أو جنّيّا أو إنسيّا أو غير ذلك، فهذا هو السّبب في تقديم اسم اللّه على الشّركاء.[ثمّ ذكر القراءات](13:113)
البيضاويّ: أي الملائكة بأن عبدوهم،و قالوا:
الملائكة بنات اللّه.و سمّاهم جنّا لاجتنانهم تحقيرا لشأنهم،أو الشّياطين لأنّهم أطاعوهم كما يطاع اللّه تعالى،أو عبدوا الأوثان بتسويلهم و تحريضهم،أو قالوا:
اللّه خالق الخير و كلّ نافع،و الشّيطان خالق الشّرّ و كلّ
ص: 148
ضارّ،كما هو رأي الثّنويّة،و مفعولا(جعلوا)(للّه شركاء)،و(الجنّ)بدل من(شركاء)أو(شركاء الجنّ)،و(للّه)متعلّق ب(شركاء)أو حال منه.
و قرئ (الجنّ) بالرّفع،كأنّه قيل:من هم؟فقيل:
الجنّ،و بالجرّ على الإضافة للتّبيين.(1:324)
النّسفيّ: إن جعلت(للّه شركاء)مفعولي(جعلوا) كان(الجنّ)بدلا من(شركاء)،و إلاّ كان شُرَكاءَ الْجِنَّ مفعولين قدّم ثانيهما على الأوّل.و فائدة التّقديم استعظام أن يتّخذ للّه شريك من كان ملكا أو جنّيّا أو غير ذلك.و المعنى:أنّهم أطاعوا الجنّ فيما سوّلت لهم من شركهم،فجعلوهم شركاء للّه.(2:26)
أبو حيّان :و الضّمير في(و جعلوا)عائد على الكفّار،لأنّهم مشركون و أهل كتاب.
و قيل:هو عائد على عبدة الأوثان،و النّصارى قالت:المسيح ابن اللّه،و اليهود قالوا:عزير ابن اللّه، و طوائف من العرب جعلوا للّه تعالى بنات الملائكة،و بنو مدلج زعموا أنّ اللّه تعالى صاهر الجنّ فولدت له الملائكة، و قد قيل:إنّ من الملائكة طائفة يسمّون الجنّ و إبليس منهم و هم خدم الجنّة.
و قال الحسن: هذه الطّوائف كلّها أطاعوا الشّيطان في عبادة الأوثان و اعتقدوا الإلهيّة فيمن ليست له، فجعلوهم شركاء للّه في العبادة.
و ظاهر الكلام أنّهم جعلوا للّه شركاء الجنّ أنفسهم، و ما قاله الحسن مخالف لهذا الظّاهر؛إذ ظاهر كلامه أنّ الشّركاء هي الأوثان و أنّه جعلت طاعة الشّيطان، تشريكا له مع اللّه تعالى،إذا كان التّشريك ناشئا عن أمره و إغوائه،و كذا قال إسماعيل الضّرير:أراد ب(الجنّ) إبليس أمرهم فأطاعوه.
و ظاهر لفظ(الجنّ)أنّهم الّذين يتبادر إليهم الذّهن من أنّهم قسيم الإنس،في قوله تعالى: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ الرّحمن:34،و أنّهم ليسوا الملائكة،لقوله:
ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ* قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ سبأ:40،41،فالآية مشيرة إلى الّذين جعلوا(الجنّ) شركاء للّه في عبادتهم إيّاهم،و أنّهم يعلمون الغيب، و كانت طوائف من العرب تفعل ذلك و تستجير بجنّ الأودية في أسفارها.[إلى أن ذكر قول الحوفيّ و العكبريّ و أضاف:]
و ما أجازاه لا يجوز،لأنه يصحّ للبدل أن يحلّ محلّ المبدل منه،فيكون الكلام منتظما لو قلت:و جعلوا للّه الجنّ،لم يصحّ،و شرط البدل أن يكون على نيّة تكرار العامل على أشهر القولين،أو معمولا للعامل في المبدل منه على قول،و هذا لا يصحّ هنا البتّة،كما ذكرنا.
و أجاز الحوفيّ أن يكون(شركاء)المفعول الأوّل و (الجنّ)المفعول الثّاني،كما هو ترتيب النّظم،و أجاز أبو البقاء أن يكون(للّه شركاء)حالا،و كان لو تأخّر للشّركاء.
و أحسن ممّا أعربوه ما سمعت من أستاذنا العلاّمة أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزّبير الثّقفيّ يقول فيه،قال:
انتصب(الجنّ)على إضمار فعل جواب سؤال مقدّر، كأنّه قيل:من جعلوا للّه شركاء؟قيل:الجنّ،أي جعلوا الجنّ،و يؤيّد هذا المعنى قراءة أبي حيوة و يزيد بن قطيب(الجنّ)بالرّفع،على تقدير:هم الجنّ،جوابا لمن
ص: 149
قال:من الّذي جعلوه شريكا؟فقيل له:هم الجنّ، و يكون ذلك على سبيل الاستعظام لما فعلوه،و الانتقاص لمن جعلوه شريكا للّه.
و قرأ شعيب بن أبي حمزة (الجنّ) بخفض النّون، و رويت هذه عن أبي حيوة و ابن قطيب أيضا.
قال الزّمخشريّ: و قرئ على الإضافة الّتي للتّبيين، و المعنى أشركوهم في عبادته،لأنّهم أطاعوهم كما يطاع اللّه،انتهى.
و لا يتّضح معنى هذه القراءة،إذ التّقدير:و جعلوا شركاء الجنّ للّه،و هذا معنى لا يظهر،و الضّمير في (و خلقهم)عائد على الجاعلين؛إذ هم المحدّث عنهم، و هي جملة حاليّة،أي و قد خلقهم و انفرد بإيجادهم دون من اتّخذه شريكا له و هم الجنّ.فجعلوا من لم يخلقهم شريكا لخالقهم،و هذه غاية الجهالة.
و قيل:الضّمير يعود على(الجنّ)أي و اللّه خلق من اتّخذوه شريكا له،فهم متساوون في أنّ الجاعل و المجعول مخلوقون للّه،فكيف يناسب أن يجعل بعض المخلوق شريكا للّه تعالى.
و قرأ يحيى بن يعمر (و خلقهم) بإسكان اللاّم،و كذا في مصحف عبد اللّه،و الظّاهر أنّه عطف على(الجنّ)أي و جعلوا خلقهم الّذي ينحتونه أصناما شركاء للّه،كما قال تعالى: أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ* وَ اللّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ الصّافّات:95،96،فالخلق هنا واقع على المعمول المصنوع بمعنى المخلوق.(4:193)
نحوه أبو السّعود(2:422)،و الآلوسيّ(7:241)
رشيد رضا : وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ أي و جعل هؤلاء المشركون للّه سبحانه شركاء-و فسّر هؤلاء الشّركاء بالجنّ على طريق البدل النّحويّ-و لم يقل:و جعلوا الجنّ شركاء للّه،بل قدّم و أخّر في النّظم، لإفادة أنّ محلّ الغرابة و النّكارة أن يكون للّه شركاء لا مطلق وجود الشّركاء،ثمّ كون الشّركاء من الجنّ،فقدّم الأهمّ فالأهمّ.و لو قال:«و جعلوا الجنّ شركاء للّه»لأفاد أنّ موضع الإنكار أن يكون الجنّ شركاء للّه لكونهم جنّا، و ليس الأمر كذلك،بل المنكر أن يكون للّه شريك من أيّ جنس كان.
و في المراد ب«الجنّ»هنا أقوال:
أحدها:أنّهم الملائكة فقد عبدوهم،روي هذا عن قتادة و السّدّيّ.
و الثّاني:أنّهم الشّياطين،فقد أطاعوهم في أمور الشّرك و المعاصي،روي عن الحسن،و سنشير إلى شاهد يأتي له بعد عشرين آية.
و الثّالث:أنّ المراد ب«الجنّ»إبليس،فقد عبده أقوام و سمّوه ربّا،و منهم من سمّاه إله الشّرّ و الظّلمة، و خصّ الباري بألوهيّة الخير و النّور.
و روي عن ابن عبّاس أنّه قال: إنّها نزلت في الزّنادقة الّذين يقولون:[و ذكر ما تقدّم عنه]
و رجّحه الرّازيّ و ضعّف ما سواه،و قال:إنّ المراد بالزّنادقة:المجوس الّذين قالوا:إنّ كلّ خير في العالم فهو من«يزدان»و كلّ شرّ فهو من«أهرمن»أي إبليس.
فأمّا كون إبليس و الشّياطين من الجنّ فقطعيّ،و أمّا كون الملائكة منهم فقيل:إنّه حقيقيّ،لأنّهم من العوالم الخفيّة،فتصدق عليهم كلمة الجنّ،و قيل:إنّه مجازيّ،
ص: 150
و فسّروا الجنّة في قوله تعالى: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً الصّافّات:158،بالملائكة.
و قال بعض العرب:إنّه تعالى صاهر الجنّ فولدت سرواتهم له الملائكة.
و قد يقابل الجنّ بالملائكة،كقوله تعالى في موضوع عبادة المشركين لهم وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ* قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ سبأ:40،41،فهذا مع آية الأنعام:121، وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ممّا يردّ إنكار الرّازيّ لتسمية طاعة الشّياطين عبادة.(7:645)
نحوه المراغيّ(7:204)،و مغنيّة(3:237).
الطّباطبائيّ: و المراد ب(الجنّ)الشّياطين،كما ينسب إلى المجوس القول:ب«أهرمن»و«يزدان».
و نظيره ما عليه اليزيديّة الّذين يقولون بألوهيّة إبليس(الملك طاوس-شاه بريان)أو الجنّ المعروف، بناء على ما نسب إلى قريش أنّهم كانوا يقولون:إنّ اللّه قد صاهر الجنّ فحدث بينهما الملائكة،و هذا أنسب بسياق قوله: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ الأنعام:100،و على هذا فالبنون و البنات هم جميعا من الملائكة خرقوهم، أي اختلقوهم و نسبوهم إليه افتراء عليه،سبحانه و تعالى عمّا يشركون.
و لو كان المراد من هو أعمّ من الملائكة،لم يبعد أن يكون المراد بهم ما يوجد في سائر الملل غير الإسلام، فالبرهمنيّة و البوذيّة يقولون بنظير ما قالته النّصارى من بنوّة المسيح-كما تقدّم في الجزء الثّالث من الكتاب- و سائر الوثنيّين القدماء كانوا يثبتون للّه سبحانه بنين و بنات من الآلهة-على ما تدلّ عليه الآثار المكتشفة-و مشركو العرب كانوا يقولون:إنّ الملائكة بنات اللّه.
(7:290)
2- وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً...
الأنعام:112
راجع«ش طن».
3- وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ...
الأنعام:128
4- يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ... الأنعام:130
راجع فيهما«ع ش ر».
5- وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً. الكهف:50
ابن عبّاس: كانَ مِنَ الْجِنِّ من قبيلة الجنّ.
(248)
كان اسمه قبل أن يركب المعصية عزازيل،و كان من
ص: 151
سكّان الأرض،و كان من أشدّ الملائكة اجتهادا و أكثرهم علما،فلذلك هو الّذي دعاه إلى الكبر،و كان من حيّ يسمّى جنّا.(الطّبريّ 15:259)
كان إبليس من حيّ من أحياء الملائكة يقال لهم:
الجنّ،خلقوا من نار السّموم من بين الملائكة،و كان اسمه الحارث،و كان خازنا من خزّان الجنّة.و خلقت الملائكة من نور غير هذا الحيّ،و خلقت الجنّ الّذين ذكروا في القرآن من مارج من نار،و هو لسان النّار الّذي يكون في طرفها إذا التهبت.
كان إبليس من خزّان الجنّة،و كان يدبّر أمر سماء الدّنيا.(الطّبريّ 15:259)
كان إبليس من أشراف الملائكة و أكرمهم قبيلة، و كان خازنا على الجنان،و كان له سلطان السّماء الدّنيا، و كان له سلطان الأرض،و كان فيما قضى اللّه،أنّه رأى أنّ له بذلك شرفا و عظمة على أهل السّماء،فوقع من ذلك في قلبه كبر لا يعلمه إلاّ هو،فلمّا كان عند السّجود،حين أمره أن يسجد لآدم،استخرج اللّه كبره عند السّجود، فلعنه و أخّره إلى يوم الدّين.و قوله: كانَ مِنَ الْجِنِّ إنّما سمّي بالجنان أنّه كان خازنا عليها...
إنّ من الملائكة قبيلة من الجنّ،و كان إبليس منها، و كان يسوس ما بين السّماء و الأرض فعصى،فسخط اللّه عليه،فمسخه شيطانا رجيما،لعنه اللّه ممسوخا.و إذا كانت خطيئة الرّجل في كبر فلا ترجه،و إذا كان خطيئته في معصية فارجه،و كانت خطيئة آدم في معصية، و خطيئة إبليس في كبر.
لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسّجود،و كان على خزانة السّماء الدّنيا.(الطّبريّ 15:260)
سعيد بن جبير: إنّ الجنّ سبط من الملائكة، خلقوا من نار و إبليس منهم،و خلق سائر الملائكة من نور.(الماورديّ 3:314)
من الجنّانين الّذين يعملون في الجنان.
كان إبليس من خزنة الجنّة.(الطّبريّ 15:261)
شهر بن حوشب: كان إبليس من الجنّ الّذين طردتهم الملائكة،فأسره بعض الملائكة،فذهب به إلى السّماء.(الطّبري 15:261)
الضّحّاك: كان إبليس على السّماء الدّنيا،و على الأرض،و خازن الجنان.(الطّبريّ 15:260)
الحسن :ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قطّ،و إنّه لأصل الجنّ،كما أنّ آدم عليه السّلام أصل الإنس.(الطّبريّ 15:260)
هو[إبليس]أوّل الجنّ و بداءتهم،كآدم في الإنس.(أبو حيّان 6:136)
خلق إبليس من نار و إلى النّار يعود.
(الماورديّ 3:314)
سعيد بن المسيّب: كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدّنيا.(الطّبريّ 15:260)
قتادة :كان من قبيل من الملائكة يقال لهم:
الجنّ.(الطّبريّ 15:260)
إنّه كان من أفضل صنف من الملائكة،يقال لهم:
الجنّ.(الماورديّ 3:314)
الجنّ حيّ من الملائكة،خلقوا من نار السّموم.
(أبو حيّان 6:136)
ص: 152
الإمام الصّادق عليه السّلام:إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم،و كان في علم اللّه أنّه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة و الغضب،فقال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ الأعراف:12.
(العروسيّ 3:267)
[عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:]
سألته عن إبليس كان من الملائكة،و هل كان يلي من أمر السّماء شيئا؟
قال:لم يكن من الملائكة،و لم يكن يلي من السّماء شيئا،كان من الجنّ و كان مع الملائكة،و كانت الملائكة تراه أنّه منها،و كان اللّه يعلم أنّه ليس منها،فلمّا أمر بالسّجود كان منه الّذي كان.(العروسيّ 3:267)
الزّجّاج: قوله: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ الكهف:
50،دليل على أنّه أمر بالسّجود مع الملائكة،و أكثر ما في التّفسير أنّ إبليس من غير الملائكة،و قد ذكره اللّه عزّ و جلّ أنّه كان من الجنّ بمنزلة آدم من الإنس.و قد قيل:إنّ الجنّ ضرب من الملائكة،كانوا خزّان الأرض، و قيل:خزّان الجنان.
فإن قال قائل:فكيف استثني مع ذكر الملائكة، فقال: فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ طه:116،فكيف وقع الاستثناء،و ليس هو من الأوّل؟
فالجواب في هذا أنّه أمر معهم بالسجود،فاستثني من أنّه لم يسجد،و الدّليل على ذلك أنّك تقول:أمرت عبدي و إخوتي فأطاعوني إلاّ عبدي،و كذلك قوله عزّ و جلّ:
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ الشّعراء:77،و ربّ العالمين ليس كمثله شيء،و قد جرى ذكره في الاستثناء،و هو استثناء ليس من الأوّل،و لا يقدر أحد أن يعرف معنى الكلام غير هذا.(3:293)
الماورديّ: إنّ إبليس لم يكن من الإنس و لا من الجنّ،و لكن كان من الجانّ،و قد مضى من ذكره و اشتقاق اسمه ما أغنى.(3:293)
الطّوسيّ: قيل:معناه صار من الجنّ المخالفين لأمر اللّه.و قال قوم:ذلك يدلّ على أنّه لم يكن من الملائكة، لأنّ الجنّ جنس غير الملائكة،كما أنّ الإنس غير جنس الملائكة و الجنّ.
و من زعم أنّه كان من الملائكة يقول:معنى كانَ مِنَ الْجِنِّ يعني من الّذين يستترون عن الأبصار، لأنّه مأخوذ من الجنّ و هو السّتر،و منه الجنّ لأنّه يستر الإنسان.(7:56)
نحوه الطّبرسيّ.(3:475)
الزّمخشريّ: كانَ مِنَ الْجِنِّ كلام مستأنف جار مجرى التّعليل،بعد استثناء إبليس من السّاجدين،كأنّ قائلا قال:ما له لم يسجد؟فقيل: كانَ مِنَ الْجِنِّ
(2:487)
نحوه أبو السّعود.(4:196)
ابن عطيّة: قول: إِلاّ إِبْلِيسَ قالت فرقة:هو استثناء منقطع،لأنّ إبليس ليس من الملائكة،بل هو من الجنّ،و هم الشّياطين المخلوقون من مارج من نار،و جميع الملائكة إنّما خلقوا من نور.
و اختلفت هذه الفرقة،فقال بعضها:إبليس من الجنّ،و هو أوّلهم و بدأتهم كآدم من الإنس.
و قالت فرقة:بل كان إبليس و قبيله جنّا،لكن جميع
ص: 153
الشّياطين اليوم من ذرّيّته،فهو كنوح في الإنس،احتجّوا بهذه الآية،و تعنيف إبليس على عصيانه يقتضي أنّه أمر مع الملائكة.
و قالت فرقة:إنّ الاستثناء متّصل،و إبليس من قبيل الملائكة خلقوا من نار،فإبليس من الملائكة،و عبّر عن الملائكة بالجنّ من حيث هم مستترون،فهي صفة تعمّ الملائكة و الشّياطين.
و قال بعض هذه الفرقة:كان في الملائكة صنف يسمّى الجنّ،و كانوا في السّماء الدّنيا و في الأرض،و كان إبليس مدبّر أمرهم.و لا خلاف أنّ إبليس كان من الملائكة في المعنى؛إذ كان متصرّفا بالأمر و النّهي، مرسلا.(3:521)
العكبريّ: (كان من الجنّ)في موضع الحال،و «قد»معه مرادة.(2:851)
البيضاويّ: كانَ مِنَ الْجِنِّ حال بإضمار«قد» أو استئناف للتّعليل،كأنّه قيل:ما له لم يسجد؟فقيل:
كانَ مِنَ الْجِنِّ. (2:16)
أبو حيّان :قالت فرقة:كان إبليس و قبيله جنّا، لكن الشّياطين اليوم من ذرّيّته،فهو كنوح في الإنس.(6:136)
الشّربينيّ: قيل:هم نوع من الملائكة،فالاستثناء متّصل.و قيل:هو منقطع و إبليس أبو الجنّ،فله ذرّيّة ذكرت معه بعد،و الملائكة لا ذرّيّة لهم.(2:384)
الآلوسيّ: [نقل الأقوال الماضية و أضاف:]
قيل:هو من الملائكة،و معنى(كان من الجنّ)صار منهم بالمسخ.و قيل:معنى ذلك أنّه عدّ منهم لموافقته إيّاهم في المعصية؛حيث إنّهم كانوا من قبل عاصين، فبعثت طائفة من الملائكة عليهم السّلام لقتالهم.
و أنت تعلم أنّه يشقّ الجواب على من ادّعى أنّ إبليس من الملائكة مع دعواه عصمتهم،و لا بدّ أن يرتكب خلاف الظّاهر في هذه الآية،نعم مسألة عصمتهم عليهم السّلام خلافيّة و لا قاطع في العصمة، كما قال العلاّمة التّفتازانيّ.
و قد ذكر القاضي عياض أن طائفة ذهبوا الى عصمة الرّسل منهم و المقرّبين عليهم السّلام،و لم يقولوا بعصمة غيرهم.و إذا ذهب مدّعي كون إبليس من الملائكة إلى هذا لم يتخلّص من الاعتراض إلاّ بزعم أنه لم يكن من المقرّبين،و لا تساعده الآثار على ذلك.و يبقى عليه أيضا أنّ الآية تأبى مدّعاه،و كذا لو ذهب إلى ما نقل عن بعض الصّوفيّة:من أنّ ملائكة الأرض لم يكونوا معصومين، و كان إبليس عليه اللّعنة منهم.(15:293)
المراغيّ: أي إنّ الّذي منعه من السّجود أنّه كان جنّيّا واحدا بين أظهر الألوف من الملائكة،مغمورا بينهم،متّصفا بصفاتهم،بدليل أنّه قال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ الأعراف:12، و لأنّه تعالى أثبت له في هذه الآية ذرّيّة و نسلا، و الملائكة لا ينسلون،و لأنّ الملائكة لا يستكبرون، و هو قد استكبر.
و يرى قوم أنّه كان من الملائكة،بدليل أنّ خطاب السّجود كان معهم،و لأنّ وصف الملائكة بأنّهم لا يعصون اللّه ما أمرهم،دليل على أنّه يتصوّر منهم العصيان،و لو لا ذلك ما مدحوا به،لكن طاعتهم طبع،
ص: 154
و عصيانهم تكلّف،و طاعة البشر تكلّف،و متابعة الهوى منهم طبع،و لأنّه تعالى ذكر من هاروت و ماروت ما ذكر،و هما ملكان.
على أنّه لا دليل على أنّ هناك فروقا جوهريّة بين الملائكة و الجنّ،بها يمتاز أحدهما من الآخر،بل هي فروق في الصّفات فحسب،و الجميع من عالم الغيب،لا نعلم حقيقتهم و لا نضيف إليها شيئا،إلاّ إذا ورد به نصّ عن المعصوم.(15:162)
مكارم الشّيرازيّ: كما نعلم أنّ الملائكة أطهار و معصومون،كما صرّح بذلك القرآن الكريم بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ الأنبياء:26،27.
و يعود سبب عدم وجود التّكبّر و الغرور و دوافع ارتكاب الذّنوب لدى الملائكة،إلى أنّ العقل لا الشّهوة يتحكّم في أعماقهم.
من ناحية ثانية،يتداعى إلى الذّهن من خلال استثناء إبليس في الآيات المذكورة أعلاه-و آيات أخرى في القرآن الكريم-أنّه من صنف الملائكة،بأنّه كان منهم.و هنا يرد على عصيانه و تمرّده الإشكال التّالي:كيف تصدر ذنوب كبيرة عن ملك من الملائكة؟ و قد جاء في نهج البلاغة«ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا».
الآيات المذكورة تحلّ لنا رموز هذه المشكلة،حينما تقول:(كان من الجنّ)،و الجنّ كائنات خفيّة عن أنظارنا،لها عقل و إحساس و غضب و شهوة،و متى ما وردت في القرآن كلمة«الجنّ»فإنّها تعني هذه الكائنات.لكن من يعتقد من المفسّرين بأنّ إبليس كان من الملائكة،فإنّما يفسّر الآية المذكورة آنفا بمفهومها اللّغويّ،و يقول:إنّه يفهم من عبارة كانَ مِنَ الْجِنِّ أنّه كان خفيّا عن الأنظار كسائر الملائكة،و هذا المعنى خلاف الظّاهر تماما.
و من الدّلائل الواضحة الّتي تؤكّد ما ذهبنا إليه من المعنى،أنّ القرآن الكريم يقول في الآية(15)من سورة الرّحمن: وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ و من جانب آخر كان منطق إبليس عند ما امتنع عن السّجود لآدم خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ الأعراف:12.
هذا بالإضافة إلى أنّ الآيات الشّريفة أعلاه قد أشارت إلى أنّ لإبليس ذرّيّة في حين أنّ الملائكة لا ذرّيّة لهم.
إنّ ما ذكرناه آنفا،مضافا إليه التّركيبة الجوهريّة للملائكة تثبت أنّ إبليس لم يكن ملكا،لكن آية السّجود لآدم شملته-أيضا-لانضمامه إلى صفوف الملائكة،و كثرة عبادته للّه،و طموحه للوصول إلى منزلة الملائكة المقرّبين.
و إنّما بيّن القرآن امتناع إبليس عن السّجود بشكل استثنائيّ،و أطلق عليه عليّ عليه السّلام في الخطبة القاصعة في«نهج البلاغة»كلمة«الملك»كتعبير مجازيّ.
جاء في كتاب«عيون الأخبار»عن الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام ما معناه:«إنّ الملائكة معصومون و محفوظون من الكفر بلطف اللّه».يقول الرّاوي:قلت للإمام:أ لم يكن إبليس ملكا؟،فقال:
«كلاّ،إنّه كان من الجنّ».(9:266)
ص: 155
[لاحظ«إبليس»في تفسير هذه الآية]
6- قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. النّمل:39
راجع«عفريت».
7- وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ. فصّلت:29
راجع«أ ن س»(انس).
8- وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ. الأحقاف:29
راجع«ن ف ر»(نفرا).
مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ. النّاس:6
ابن عبّاس: يقول:يوسوس في صدور الجنّ كما يوسوس في صدور النّاس.نزلت هاتان السّورتان (1)في شأن لبيد بن الأعصم اليهوديّ الّذي سحر النّبيّ،فقرأ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم على سحره ففرّج اللّه عنه،فكأنّما نشط من عقال.(522)
الفرّاء: (النّاس)هاهنا قد وقعت على الجنّة و على النّاس،كقولك:يوسوس في صدور النّاس:جنّتهم و ناسهم،و قد قال بعض العرب و هو يحدّث:جاء قوم من الجنّ فوقفوا،فقيل:من أنتم؟فقالوا:أناس من الجنّ، و قد قال اللّه جلّ و عزّ: أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ الجنّ:1،فجعل النّفر من الجنّ كما جعلهم من النّاس، فقال جلّ و عزّ: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ الجنّ:6،فسمّى الرّجال من الجنّ و الإنس،و اللّه أعلم.(3:302)
الطّبريّ: يعني بذلك الشّيطان الوسواس،الّذي يوسوس في صدور النّاس:جنّهم و إنسهم.
فإن قال قائل:فالجنّ ناس،فيقال:الّذي يوسوس في صدور النّاس:من الجنّة و النّاس.
قيل:سمّاهم اللّه في هذا الموضع ناسا،كما سمّاهم في موضع آخر رجالا،فقال: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ، فجعل الجنّ رجالا،و كذلك جعل منهم ناسا.
و قد ذكر عن بعض العرب أنّه قال و هو يحدّث:إذ جاء قوم من الجنّ فوقفوا،فقيل:من أنتم؟فقالوا:ناس من الجنّ،فجعل منهم ناسا،فكذلك ما في التّنزيل من ذلك.(30:356)
الزّجّاج: و ذكر(الجنّة و النّاس)للاستعاذة بكلّ ما يوسوس بسوء،سواء كان من الشّياطين أو الأناسيّ.
(5:381)
الزّمخشريّ: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ بيان للّذي يوسوس،على أنّ الشّيطان ضربان:جنّيّ و إنسيّ،كما قال: شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ الأنعام:112،و عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه أنّه قال لرجل:هل تعوّذت باللّه من شيطان الإنس؟
ص: 156
و يجوز أن يكون(من)متعلّقا ب(يوسوس)و معناه ابتداء الغاية،أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنّ و من جهة النّاس.
و قيل: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ بيان للنّاس،و أنّ اسم النّاس ينطلق على الجنّة،و استدلّوا ب(نفر)و(رجال)في سورة الجنّ،و ما أحقّه،لأنّ الجنّ سمّوا جنّا لاجتنانهم، و النّاس ناسا لظهورهم من الإيناس و هو الإبصار،كما سمّوا بشرا.و لو كان يقع(النّاس)على القبيلين و صحّ ذلك و ثبت لم يكن مناسبا،لفصاحة القرآن و بعده من التّصنّع.
و أجود منه أن يراد ب(النّاس)النّاسي،كقوله:
يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ القمر:6،و كما قرئ: مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ البقرة:199،ثمّ يبين بالجنّة و النّاس، لأنّ الثّقلين هما النّوعان الموصوفان بنسيان حقّ اللّه عزّ و جلّ.(4:303)
نحوه القرطبيّ(20:263)،و البيضاويّ(2:584)، و النّسفيّ(4:387)،و النّيسابوريّ(30:232)، و الخازن(7:270)و أبو حيّان(8:232)،و أبو السّعود (6:493).
الطّبرسيّ: قيل:إنّ قوله:(من الجنّة)بدل من قوله: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ فكأنّه قال:أعوذ باللّه من شرّ الجنّة و النّاس.
و قيل:إنّ(من)تبيين للوسواس،و التّقدير:من شرّ ذي الوسواس الخنّاس من الجنّة و النّاس،أي صاحب الوسواس الّذي من الجنّة و النّاس،فيكون(النّاس) معطوفا على(الوسواس)الّذي هو في معنى ذي الوسواس.
و إن شئت لم تحذف المضاف،فيكون التّقدير:من شرّ الوسواس الواقع من الجنّة الّتي توسوسه في صدور النّاس،فيكون فاعل(يوسوس)ضمير(الجنّة).
و إنّما ذكر لأنّ الجنّة و الجنّ واحد،و جازت الكناية عنه و إن كان متأخّرا،لأنّه في نيّة التّقديم،فجرى مجرى قوله: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى طه:67، و حذف العائد من الصّلة إلى الموصوف،كما في قوله:
أَ هذَا الَّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً الفرقان:41،أي بعثه اللّه رسولا.(5:570)
نحوه ابن الجوزيّ.(9:279)
العكبريّ: قوله تعالى: (مِنَ الْجِنَّةِ) هو بدل(من شرّ)بإعادة العامل،أي من شرّ الجنّة.
و قيل:هو بدل من ذي الوسواس،لأنّ الموسوس من الجنّ.
و قيل:هو حال من الضّمير في(يوسوس)أي يوسوس و هو من الجنّ.
و قيل:هو بدل من(النّاس)أي في صدور الجنّة.
و جعل(من)تبيينا،و أطلق على الجنّ اسم النّاس، لأنّهم يتحرّكون في مراداتهم.و الجنّ و الجنّة بمعنى.
و قيل:(من الجنّة)حال من(النّاس)أي كائنين من القبيلين.(2:1311)
البروسويّ: في(الجنّة)إشارة إلى القوّة الباطنة المستجنّة المستورة؛إذ سمّي الجنّ بالجنّ لاستجنانه.
(10:550)
عزّة دروزة :الجنّة:مرادفة لكلمة الجنّ،و معناها
ص: 157
في الأصل:الخفيّ المستتر غير الظّاهر.(1:201)
أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ. الأعراف:184
ابن عبّاس: ما مسّه من جنون،أيّ جنون.
(142)
مثله البيضاويّ(1:379)،و النّسفيّ(2:88).
قتادة :ذكر لنا أن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان على الصّفا،فدعا قريشا،فجعل يفخّذهم فخذا فخذا:يا بني فلان يا بني فلان،فحذّرهم بأس اللّه،و وقائع اللّه،فقال قائلهم:إنّ صاحبكم هذا لمجنون بات يصوّت إلى الصّباح،أو حتّى صبح،فأنزل اللّه تبارك و تعالى[الآية].
(الطّبريّ 9:136)
الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:أو لم يتفكّر هؤلاء الّذين كذّبوا بآياتنا،فيتدبّروا بعقولهم،و يعلموا أنّ رسولنا الّذي أرسلناه إليهم لا جنّة به و لا خبل،و أنّ الّذي دعاهم إليه هو الدّين الصّحيح القويم،و الحقّ المبين،و لذا نزلت هذه الآية فيما قيل.(9:136)
الطّوسيّ: هذا خطاب من اللّه تعالى للكفّار الّذين كانوا ينسبون النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم إلى الجنون،على وجه التّوبيخ لهم و التّقريع أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ أي و ليس بالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله جنّة و هي الجنون،فإنّه لا يأتي بمثل ما يأتي به المجنون،و هم يرون الأصحّاء منقطعين دونه، و يرون صحّة تدبيره و استقامة أعماله،و ذلك ينافي أعمال المجانين.(5:51)
نحوه الطّبرسيّ.(2:504)
الزّمخشريّ: من جنون،و كانوا يقولون:شاعر مجنون.(2:133)
الفخر الرّازيّ: و الجنّة:حالة من الجنون،كالجلسة و الرّكبة.و دخول(من)في قوله:(من جنّة)يوجب أن لا يكون به نوع من أنواع الجنون.
و اعلم أنّ بعض الجهّال من أهل مكّة كانوا ينسبونه إلى الجنون لوجهين:
الأوّل:أنّ فعله عليه السّلام كان مخالفا لفعلهم؛و ذلك لأنّه عليه السّلام كان معرضا عن الدّنيا مقبلا على الآخرة، مشتغلا بالدّعوة إلى اللّه،فكان العمل مخالفا لطريقتهم، فاعتقدوا فيه أنّه مجنون.[ثمّ ذكر قول قتادة]
الثّاني:أنّه عليه السّلام كان يغشاه حالة عجيبة عند نزول الوحي،فيتغيّر وجهه و يصفرّ لونه،و تعرض له حالة شبيهة بالغشيّ،فالجهّال كانوا يقولون:إنّه جنون،فاللّه تعالى بيّن في هذه الآية أنّه ليس به نوع من أنواع الجنون؛ و ذلك لأنّه عليه السّلام كان يدعوهم الى اللّه،و يقيم الدّلائل القاطعة و البيّنات الباهرة بألفاظ فصيحة،بلغت في الفصاحة إلى حيث عجز الأوّلون و الآخرون عن معارضتها،و كان حسن الخلق،طيّب العشرة،مرضيّ الطّريقة،نقيّ السّيرة،مواظبا على أعمال حسنة،صار بسببها قدوة للعقلاء العالمين.و من المعلوم بالضّرورة أنّ مثل هذا الإنسان لا يمكن وصفه بالجنون،و إذا ثبت هذا ظهر أنّ اجتهاده على الدّعوة إلى الدّين إنّما كان لأنّه نذير مبين،أرسله ربّ العالمين لترهيب الكافرين،و ترغيب المؤمنين،و لمّا كان النّظر في أمر النّبوّة مفرّعا على تقرير
ص: 158
دلائل التّوحيد،لا جرم ذكر عقيبه ما يدلّ على التّوحيد.
(15:75)
نحوه الخازن(2:264)،و الشّربينيّ(1:541).
البروسويّ: الجنّة بناء:نوع من الجنون،و دخول (من)يدلّ على أنّه ليس به نوع من أنواع الجنون.
و المعنى أكذبوا بالآيات،و لم يتفكّروا في أيّ شيء من جنون ما كائن بصاحبهم،أو في أنّه ليس بصاحبهم شيء من جنّة،حتّى يؤدّيهم التّفكّر في ذلك إلى الوقوف على صدقه و صحّة نبوّته،فيؤمنوا به و بما أنزل عليه من الآيات.
فالتّصريح بنفي الجنون للرّدّ على عظيمتهم الشّنعاء، و التّعبير عنه عليه الصّلاة و السّلام«بصاحبهم»وارد على شاكلة كلامهم،مع ما فيه من الإيذان بأنّ طول مصاحبتهم له عليه السّلام ممّا يطلعهم على نزاهته عليه السّلام عن شائبة الجنّة،و قد كانوا يسمّونه قبل إظهار النّبوّة محمّدا الأمين صلّى اللّه عليه و آله.(3:289)
الآلوسيّ: الجنّة:مصدر كالجلسة بمعنى الجنون، و ليس المراد به الجنّ،كما في قوله تعالى: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ النّاس:6،لأنّه يحتاج إلى تقدير مضاف،أي مسّ جنّة أو تخبّطها.[ثمّ ذكر مثل ما تقدّم](9:127) نحوه القاسميّ.(7:2915)
رشيد رضا :الجنّة بالكسر:النّوع الخاصّ من الجنون،فهو اسم هيئة،و اسم للجنّ أيضا،و لا يصحّ هنا إلاّ بتقدير مضاف،أي من مسّ جنّة.و قد حكى اللّه تعالى عن قوم نوح أوّل رسله إلى قوم مشركين أنّهم اتّهموه بالجنون،فقالوا بعد قولهم:إنّه بشر مثلهم،يريد أن يتفضّل عليهم،المؤمنون:25 إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتّى حِينٍ و في سورة القمر:9 كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ و في سورة الشّعراء:27،حكاية عن فرعون لعنه اللّه في موسى صلّى اللّه على نبيّنا و عليه و سلّم قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ، و قال تعالى عنه في سورة الذّاريات:39 فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ وَ قالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ. ثمّ بيّن تعالى في هذه السّورة أنّ جميع الكفّار كانوا يقولون هذا القول في رسلهم،فقال:
كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ* أَ تَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ الذّاريات:52،53.
و في معنى آية الأعراف في خاتم النّبيّين و المرسلين عدّة آيات[و ذكرها ثمّ قال:]
روى أبناء حميد و جرير و المنذر و أبي حاتم و أبو الشّيخ عن قتادة قال:ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قام على الصّفا فدعا قريشا فخذا فخذا...[إلى آخر ما سبق عن قتادة]
قد علمنا بما سبق أنّ جميع الكفّار كانوا يرمون رسلهم بالجنون،لأنّهم ادّعوا أنّ اللّه تعالى خصّهم برسالته و وحيه،على كونهم بشرا كغيرهم لا يمتازون على سائر النّاس بما يفوق أفق الإنسانيّة،كما علم من نشأتهم و معيشتهم،و لأنّهم ادّعوا مالا يعهد له عندهم نظير،و ليس ممّا تصل إليه عقولهم بالتّفكير،و هو أنّ النّاس يبعثون بعد الموت و البلى خلقا جديدا،و لأنّ كلاّ منهم كان يدّعي أنّ النّاس مخطئون و هو المصيب،
ص: 159
و ضالّون و هو المهتدي،و خاسرون و هو المفلح،إلاّ من اتّبعه منهم.
و لأنّهم نهوا عن عبادة الآلهة،و أنكروا أنّها بالدّعاء و التّعظيم و النّذور لها تقرّب المتوسّلين بها إلى اللّه زلفى و تشفع لهم عنده،و أثبتوا أنّ الشّفاعة للّه وحده لا يشفع أحد عنده إلاّ بإذنه،من رضي له لمن رضي عنه،فلا استقلال لهؤلاء الآلهة بالشّفاعة عنده لمن توسّل بهم.
و شرعوا أنّه لا يدّعي مع اللّه أحد من ملك كريم، و لا صالح عظيم،فضلا عن صورهم و تماثيلهم المذكّرة بهم،و قبورهم المشرفة برفاتهم،مع أنّ المذنب العاصي لا يليق به في رأي المشركين أن يدعو اللّه تعالى بغير واسطة و لا وسيلة لتدنّسه بالذّنوب،فيحتاج إلى من يقرّبه إليه من أولئك الطّاهرين.
و شبهتهم أنّ الملوك العظام في الدّنيا لا يدخل أحد عليهم إلاّ بإذن وزرائهم و حجّابهم،و من الغريب أنّ هذه الشّبهة الشّركيّة لا يزال متسلسلة في جميع المشركين،حتّى من أشرك من أهل الكتاب و المسلمين، الّذين خالفوا نصوص الكتب الإلهيّة و سنّة الرّسل إلى أعمال الوثنيّين!و لا يرون بأسا في تشبيه ربّ العالمين و أرحم الرّاحمين،بالملوك الظّالمين المستبدّين.
و أمّا معنى الآية:فالاستفهام فيه للإنكار و التّوبيخ، و هو داخل على فعل حذف للعلم به من سياق القول،كما تقدّم في أمثاله،و التّقدير:أكذبوا الرّسول و لم يتفكّروا في حاله من أوّل نشأته،و في حقيقة دعوته،و دلائل رسالته،و آيات وحدانيّة ربّه،و قدرته على إعادة الخلق كما بدأهم و حكمته في ذلك.فإنّ حذف معمول التّفكّر يؤذن بعموم ما يدلّ عليه المقام ممّا تقتضيه الحال، كما هي القاعدة المعروفة في علم المعاني.
ألا فليتفكّروا فالمقام مقام تفكّر و تأمّل،أنّهم إن تفكّروا أوشك أن يعرفوا الحقّ،و ما الحقّ؟ ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ الأعراف:184،جملة مستأنفة لبيان الحقّ في أمر الرّسول نفيا و إثباتا،فهي نافية لما رموه به من الجنون،كقوله تعالى: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ القلم:2،و قوله: وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ التّكوير:
22،و مثلها آية سبأ:46، ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ، و لذلك ختمتا بنفي كلّ صفة عنه في موضوع رسالته،إلاّ كونه منذرا مبلّغا عن ربّه.(9:453)
1- وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ. البقرة:35
الإمام الصّادق عليه السّلام:عن الحسين بن ميسر قال:
سألت أبا عبد اللّه عن جنّة آدم،فقال:جنّة من جنّات الدّنيا يطلع فيها الشّمس و القمر،و لو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا.(العروسيّ 1:62)
أبو هاشم المعتزليّ: هي جنّة من جنان السّماء غير جنّة الخلد،لأنّ جنّة الخلد أكلها دائم و لا تكليف فيها.(الطّبرسيّ 1:85)
أبو مسلم الأصفهانيّ: هي جنّة من جنان الدّنيا في الأرض،و إنّ قوله: اِهْبِطُوا مِنْها البقرة:38،لا يقتضي كونها في السّماء،لأنّه مثل قوله: اِهْبِطُوا
ص: 160
مِصْراً البقرة:61.(الطّبرسيّ 1:85)
الماورديّ: و اختلف في الجنّة الّتي أسكناها على قولين:أحدهما:أنّها جنّة الخلد،و الثّاني:أنّها جنّة أعدّها اللّه لهما،و اللّه أعلم.(1:104)
الطّوسيّ: و الجنّة الّتي أسكن فيها آدم،قال قوم:
هي بستان من بساتين الدّنيا،لانّ جنّة الخلد لا يصل إليها إبليس و وسوسته.و استدلّ البلخيّ على أنّها لم تكن جنّة الخلد بقوله تعالى حكاية عن إبليس لمّا أغوى آدم،قال له: هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ طه:
120،فلو كانت جنّة الخلد لكان عالما بها،فلم يحتج إلى دلالة.
و قال الحسن البصريّ و عمرو بن عبيد و واصل بن عطاء،و أكثر المعتزلة كأبي عليّ و الرّمّانيّ و أبي بكر ابن الأخشيد،و عليه أكثر المفسّرين:إنّها كانت جنّة الخلد،لأنّ الألف و اللاّم للتّعريف و صار كالعلم عليها.
قالوا:و يجوز أن يكون وسوسة إبليس من خارج الجنّة، فيسمعان خطابه و يفهمان كلامه،قالوا:و قول من يقول:
إنّ جنّة الخلد من يدخلها لا يخرج منها لا يصحّ،لأنّ معنى ذلك إذا استقرّ أهل الجنّة في الجنّة للثّواب،و أهل النّار فيها للعقاب لا يخرجون منها،و أمّا قبل ذلك فإنّها تفنى لقوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ القصص:88.(1:156)
نحوه الطّبرسيّ.(1:85)
ابن عطيّة: (الجنّة)البستان عليه حظيرة، و اختلف في الجنّة الّتي أسكنها آدم،هل هي جنّة الخلد أو جنّة أعدّت لهما؟و ذهب من لم يجعلها جنّة الخلد إلى أنّ من دخل جنّة الخلد لا يخرج منها،و هذا لا يمتنع،إلاّ أنّ السّمع ورد أنّ من دخلها مثابا لا يخرج منها،و أمّا من دخلها ابتداء كآدم فغير مستحيل،و لا ورد سمع بأنّه لا يخرج منها.(1:126)
الفخر الرّازيّ: اختلفوا في الجنّة المذكورة في هذه الآية،هل كانت في الأرض أو في السّماء؟و بتقدير أنّها كانت في السّماء فهل هي الجنّة الّتي هي دار الثّواب أو جنّة الخلد أو جنّة أخرى؟[على أقوال:]
فقال أبو القاسم البلخيّ و أبو مسلم الأصفهانيّ:
هذه الجنّة كانت في الأرض،و حملا الإهباط على الانتقال من بقعة إلى بقعة،كما في قوله تعالى: اِهْبِطُوا مِصْراً البقرة:61،و احتجّا عليه بوجوه:
أحدها:أنّ هذه الجنّة لو كانت هي دار الثّواب لكانت جنّة الخلد،و لو كان آدم في جنّة الخلد لما لحقه الغرور من إبليس بقوله: هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى طه:120،و لما صحّ قوله: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ الأعراف:20.
و ثانيها:أنّ من دخل هذه الجنّة لا يخرج منها،لقوله تعالى: وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ الحجر:48.
و ثالثها:أنّ إبليس لمّا امتنع من السّجود لعن،فما كان يقدر مع غضب اللّه على أن يصل إلى جنّة الخلد.
و رابعها:أنّ الجنّة الّتي هي دار الثّواب لا يفنى نعيمها،لقوله تعالى: أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها الرّعد:35، و لقوله تعالى: وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها هود:108،إلى أن قال: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
ص: 161
أي غير مقطوع،فهذه الجنّة لو كانت هي الّتي دخلها آدم عليه السّلام لما فنيت،لكنّها تفنى لقوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ القصص:88،و لما خرج منها آدم عليه السّلام،لكنّه خرج منها و انقطعت تلك الرّاحات.
و خامسها:أنّه لا يجوز في حكمته تعالى أن يبتدئ الخلق في جنّة يخلدهم فيها و لا تكليف،لأنّه تعالى لا يعطي جزاء العاملين من ليس بعامل،و لأنّه لا يهمل عباده بل لا بدّ من ترغيب و ترهيب و وعد و وعيد.
و سادسها:لا نزاع في أنّ اللّه تعالى خلق آدم عليه السّلام في الأرض و لم يذكر في هذه القصّة أنّه نقله إلى السّماء،و لو كان تعالى قد نقله إلى السّماء لكان ذلك أولى بالذّكر،لأنّ نقله من الأرض إلى السّماء من أعظم النّعم،فدلّ ذلك على أنّه لم يحصل؛و ذلك يوجب أنّ المراد من الجنّة الّتي قال اللّه تعالى له: اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ، جنّة أخرى غير جنّة الخلد.
القول الثّاني:و هو قول الجبّائيّ:أنّ تلك الجنّة كانت في السّماء السّابعة،و الدّليل عليه قوله تعالى: اِهْبِطُوا مِنْها، ثمّ إنّ الإهباط الأوّل كان من السّماء السّابعة إلى السّماء الأولى،و الإهباط الثّاني كان من السّماء إلى الأرض.
القول الثّالث،و هو قول جمهور أصحابنا:إنّ هذه الجنّة هي دار الثّواب،و الدّليل عليه أنّ الألف و اللاّم في لفظ(الجنّة)لا يفيدان العموم،لأنّ سكنى جميع الجنان محال،فلا بدّ من صرفها إلى المعهود السّابق،و الجنّة الّتي هي المعهودة المعلومة بين المسلمين هي دار الثّواب، فوجب صرف اللّفظ إليها.
و القول الرّابع:أنّ الكلّ ممكن،و الأدلّة النّقليّة ضعيفة و متعارضة،فوجب التّوقّف و ترك القطع،و اللّه أعلم.(3:3)
القرطبيّ: (الجنّة):البستان،و قد تقدّم القول فيها.و لا التفات لما ذهبت إليه المعتزلة و القدريّة؛من أنّه لم يكن في جنّة الخلد،و إنّما كان في جنّة بأرض عدن.و استدلّوا على بدعتهم بأنّها لو كانت جنّة الخلد لما وصل إليه إبليس،فإنّ اللّه يقول: لا لَغْوٌ فِيها وَ لا تَأْثِيمٌ الطّور:23،و قال: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا كِذّاباً النّبأ:35،و قال: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا تَأْثِيماً* إِلاّ قِيلاً سَلاماً الواقعة:25،26،و أنّه لا يخرج منها أهلها لقوله: وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ الحجر:48.
و أيضا فإنّ جنّة الخلد هي دار القدس،قدّست عن الخطايا و المعاصي تطهيرا لها.و قد لغا فيها إبليس و كذب،و أخرج منها آدم و حوّاء بمعصيتهما.
قالوا:و كيف يجوز على آدم مع مكانه من اللّه و كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد،و هو في دار الخلد و الملك الّذي لا يبلى؟
فالجواب:أن اللّه تعالى عرّف(الجنّة)بالألف و اللاّم، و من قال:أسأل اللّه الجنّة،لم يفهم منه في تعارف الخلق إلاّ طلب جنّة الخلد.و لا يستحيل في العقل دخول إبليس الجنّة لتغرير آدم،و قد لقى موسى آدم عليهما السّلام، فقال له موسى:أنت أشقيت ذرّيّتك و أخرجتهم من الجنّة،فأدخل الألف و اللاّم ليدلّ على أنّها«جنّة الخلد» المعروفة،فلم ينكر ذلك آدم،و لو كانت غيرها لردّ على موسى؛فلمّا سكت آدم على ما قرّره موسى،صحّ أنّ
ص: 162
الدّار الّتي أخرجهم اللّه عزّ و جلّ منها بخلاف الدّار الّتي أخرجوا إليها.
و أمّا ما احتجّوا به من الآي فذلك إنّما جعله اللّه فيها بعد دخول أهلها فيها يوم القيامة،و لا يمتنع أن تكون دار الخلد لمن أراد اللّه تخليده فيها،و قد يخرج منها من قضي عليه بالفناء.
و قد أجمع أهل التّأويل على أنّ الملائكة يدخلون الجنّة على أهل الجنّة و يخرجون منها،و قد كان مفاتيحها بيد إبليس ثم انتزعت منه بعد المعصية،و قد دخلها النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم ليلة الإسراء ثمّ خرج منها،و أخبر بما فيها و أنّها هي جنّة الخلد حقّا.
و أما قولهم:إنّ الجنّة دار القدس و قد طهّرها اللّه تعالى من الخطايا فجهل منهم؛و ذلك أنّ اللّه تعالى أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدّسة و هي الشّام.
و أجمع أهل الشّرائع على أنّ اللّه تعالى قدّسها،و قد شوهد فيها المعاصي و الكفر و الكذب،و لم يكن تقديسها ممّا يمنع فيها المعاصي،و كذلك دار القدس.قال أبو الحسن ابن بطّال:و قد حكى بعض المشايخ أنّ أهل السّنّة مجمعون على أنّ«جنّة الخلد»هي الّتي أهبط منها آدم عليه السّلام،فلا معنى لقول من خالفهم.
و قولهم:كيف يجوز على آدم في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد و هو في دار الخلد؟!فيعكس عليهم و يقال:
كيف يجوز على آدم و هو في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد في دار الفناء؟!هذا ما لا يجوز على من له أدنى مسكة من عقل،فكيف بآدم الّذي هو أرجح الخلق عقلا،على ما قال أبو أمامة.(1:302)
نحوه أبو حيّان.(1:157)
الشّربينيّ: (الجنّة)دار الثّواب،لأنّ اللاّم للعهد و لا معهود غيرها.و من زعم أنّها لم تخلق بعد قال:إنّ (الجنّة)بستان كان بأرض فلسطين أو بين فارس و كرمان،خلقه اللّه تعالى امتحانا لآدم،و حمل الإهباط على الانتقال منه إلى أرض الهند،كما في قوله تعالى:
اِهْبِطُوا مِصْراً البقرة:61.(1:49)
صدر المتألهين :و اختلفوا في أنّ الجنّة الّتي خرج منها آدم و زوجته هي بعينها الجنّة الموعودة و دار الثّواب و جنّة الخلد؟أم هي جنّة أخرى غيرها؟
قال بعض العرفاء:الجنّة الّتي تكون الأرواح فيها بعد المفارقة من النّشأة الدّنياويّة غير الّتي بين الأرواح المجرّدة و بين الأجسام،لأنّ تنزّلات الوجود و معارجه دوريّة.و المرتبة الّتي قبل النّشأة الدّنياويّة هي من مراتب التّنزّلات و لها الأولويّة،و الّتي بعدها من مراتب المعارج و لها الأقربيّة.
و أيضا الصّور الّتي تلحق الأرواح في البرزخ الأخير إنّما هي صور الأعمال و نتيجة الأفعال السّابقة في النّشأة الدّنياويّة،بخلاف صور الجنّة الأولى،فلا يكون كلّ منهما عين الآخر.لكنّهما تشتركان في كونهما عالما حيوانيّا و جوهرا نورانيّا،غير متعلّق الوجود بالمادّة الظّلمانيّة، مشتملا على أمثلة ما في العالم.
و قد صرّح صاحب«الفتوحات المكّيّة»في الباب الحادي و العشرين و ثلاثمائة من كتابه،بأنّ هذا البرزخ غير الأوّل؛و يسمّى الأوّل بالغيب الإمكانيّ،و الثّاني بالغيب المحاليّ،لإمكان ظهور ما في الأوّل في الشّهادة،
ص: 163
و امتناع رجوع ما في الثّاني إليها إلاّ في الآخرة و قليل من يكاشفه بخلاف الأوّل،و لذلك يشاهد كبراؤنا و يكاشف البرزخ الأوّل،فيعلم ما يريد أن يقع في العالم الدّنياويّ من الحوادث،و لا يقدر على مكاشفة أحوال الموتى،انتهى.
و احتجّوا على المغايرة بينهما أيضا بوجوه:
أحدها:إنّ هذه الجنّة لو كانت هي دار الثّواب لكانت جنّة الخلد،و كان من دخلها لم يخرج منها،لقوله تعالى: وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ الحجر:48،و قد خرج آدم و زوجته منها،فليست هي بجنّة الخلد.
أقول:هذا ضعيف،لأنّ ذلك إنّما يكون إذا استقرّ أهل الجنّة فيها للجزاء و الثّواب،و الوصول إلى الغاية و النّهاية،فأمّا قبل ذلك فإنّ كلّ شيء هالك إلاّ وجهه.
الثّاني:إنّ آدم لو كان في جنّة الخلد لما لحقه الغرور من إبليس بقوله: هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى طه:120،و لما سمع قوله: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ الأعراف:20.
أقول:استحالة ذلك في بداية الأمر و قبل خروج النّفس من القوّة إلى الفعل ممنوع،فإنّ الإنسان ما لم يقع في دار التّكليف و الابتلاء،فهو بعد سريع القبول للوقائع.
الثّالث:إنّ إبليس لمّا امتنع من السّجود لعن،فما كان يقدر مع غضب اللّه عليه على أن يصل إلى جنّة الخلد.
أقول:كما استحال عقلا أن يدخل إبليس-بعد طرده و لعنه-الجنّة الآخرة،كذلك استحال دخوله في الجنّة السّابقة،إلاّ أنّ العلماء ذكروا كيفيّة دخوله:أنّه على سبيل الاختلاس و الاجتياز في أوقات قليلة نادرة، كسارق يريد أن يدخل دار السّلاطين و يختطف منها شيئا،و لذا قالوا:و يجوز أن يكون وسوسة إبليس من خارج الجنّة،من حيث يستمعان كلامه.
الرّابع:إنّ الجنّة الّتي هي دار الثّواب لا يفنى نعيمها، لقوله تعالى: أُكُلُها دائِمٌ الرّعد:35،و قوله: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ هود:108،أي غير مقطوع.فهذه الجنّة لو كانت هي الّتي دخلها آدم فلم يخرج منها آدم و زوجته،لكنّهما قد خرجا منها.
أقول:هذا كالوجه الأوّل و يرد عليه شبه ما مرّ، و التّحقيق الّذي عليه التّعويل أنّ الدّارين واحدة بالذّات،متغايرة بالاعتبار،و كذا جميع بدايات المقامات،بالقياس إلى نظائرها من النّهايات،فعليه يحمل أقوال أهل المعرفة و اختلافهم.
و أمّا أهل النّكرة و الحجاب،فمنهم من قال:إنّ هذه الجنّة الّتي خرج منها آدم كانت في الأرض لا في السّماء، و هو قول أبي القاسم البلخيّ،و أبي مسلم الأصفهانيّ، و به قال بعض أصحابنا،فحملوا الإهباط على الانتقال من بقعة إلى بقعة،كما في قوله: اِهْبِطُوا مِصْراً.
و ربّما عيّن و قيل:«إنّه بستان كان بأرض فلسطين، أو بين فارس و كرمان،خلقها اللّه امتحانا لآدم»و حمل الإهباط على الانتقال منه الى أرض الهند.
و استدلّ على ذلك بأنّه لا نزاع في أنّ اللّه خلق آدم عليه السّلام في الأرض،و لم يذكر في هذه القصّة أنّه نقله إلى السّماء،و لو كان تعالى قد نقله إلى السّماء،لكان ذلك
ص: 164
أولى بالذّكر،لأنّ نقله من الأرض إلى السّماء من أعظم النّعم،فدلّ على أنّ ذلك لم يحصل؛و ذلك يوجب أنّ المراد من(الجنّة)الّتي قال اللّه: اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ ليست في غير الدّنيا.
و منهم من قال:إنّ تلك الجنّة كانت في السّماء السّابعة،و الدّليل عليه قوله: اِهْبِطُوا و هو قول الجبّائيّ.قالوا:«إنّ الإهباط الأوّل كان من السّماء السّابعة إلى السّماء الأولى،و الإهباط الثّاني كان من السّماء إلى الأرض».
و منهم من قال:إنّ هذه الجنّة هي دار الثّواب،بدليل أنّ الألف و اللاّم في لفظ(الجنّة)لا يفيدان العموم،لأنّ سكون جميع الجنان محال،فلا بدّ من صرفهما إلى المعهود السّابق إلى الفهم.و الجنّة الّتي هي المعهود المعلوم بين المسلمين هي دار الثّواب،فوجب صرف اللّفظ إليها و هو قول المفسّرين،و الحسن البصريّ،و عمرو بن عبيدة،و واصل بن عطاء و كثير من المعتزلة،و أصحاب أبي الحسن الأشعريّ.و هو المختار عند الإمام الرّازيّ في تفسيره«الكبير».
و منهم من قال:إنّ الكلّ ممكن،و الأدلّة النّقليّة ضعيفة،و مع ضعفها متعارضة،فوجب التّوقّف و ترك القطع.(3:81)
البروسويّ: [نحو الشّربينيّ و أضاف:]
و فيه نظر،لأنّ الهبوط قد يستعار للانتقال إذا ظهر امتناع حقيقته و استبعادها،و هناك ليس كذلك.
(1:106)
رشيد رضا :قد اختلف علماء المسلمين من أهل السّنّة و غيرهم في(الجنّة)هل هي البستان أو المكان الّذي تظلّله الأشجار بحيث يستتر الدّاخل فيه،كما يفهمه أهل اللّغة؟أم هي الدّار الموعود بها في الآخرة؟ و المحقّقون من أهل السّنّة على الأوّل.قال الإمام أبو منصور الماتريديّ في تفسيره المسمّى ب«التّأويلات»:
نعتقد أن هذه(الجنّة)بستان من البساتين أو غيضة من الغياض،كان آدم و زوجه منعّمين فيها،و ليس علينا تعيينها و لا البحث عن مكانها،و هذا هو مذهب السّلف، و لا دليل لمن خاض في تعيين مكانها من أهل السّنّة و غيرهم.(1:276)
مكارم الشّيرازيّ: يبدو أنّ الجنّة الّتي مكث فيها آدم قبل هبوطه إلى الأرض،لم تكن الجنّة الّتي وعد بها المتّقون،بل كانت من جنان الدّنيا،و صقعا منعّما خلاّبا من أصقاع الأرض،و دليلنا على ذلك:
أوّلا:الجنّة الموعودة في القيامة نعمة خالدة، و القرآن ذكر مرارا خلودها،فلا يمكن إذن الخروج منها.
ثانيا:إبليس الملعون ليس له طريق للجنّة،و ليس لوسوسته مكان هناك.
ثالثا:وردت عن أهل البيت عليهم السّلام روايات تصرّح بذلك،منها:ما روي عن الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليهما السّلام أنّه سئل عن جنّة آدم،فقال:«جنّة من جنّات الدّنيا،يطلع فيها الشّمس و القمر،و لو كان من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا».
من هذا يتّضح أنّ هبوط آدم و نزوله إلى الأرض لم يكن مكانيّا بل مقاميّا،أي أنّه هبط من مكانته السّامية، و من تلك الجنّة المزدانة.
ص: 165
من المحتمل أيضا أن تكون هذه الجنّة غير الخالدة في إحدى الكواكب السّماويّة،و في بعض الرّوايات الإسلاميّة إشارة إلى أنّ هذه الجنّة في السّماء.غير أنّ من الممكن أن يكون المقصود بالسّماء في هذه الرّوايات «المقام الرّفيع»لا«المكان المرتفع».
على كلّ حال،توجد شواهد كثيرة على أنّ هذه الجنّة هي غير جنّة الخلد الموعودة،لأنّ جنّة آدم بداية مسير الإنسان و جنّة الخلد نهايتها.و هذه مقدّمة لأعمال الإنسان و مراحل حياته،و تلك نتيجة أعمال الإنسان و مسيرته.(1:146)
2- عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى. النّجم:15
راجع«أوي»(المأوى)
وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَ هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً. الكهف:35
ابن عبّاس: بستانه.(247)
و بهذا المعنى آيتا(39 و 40)من هذه السّورة.
فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَ ادْخُلِي جَنَّتِي الفجر 29،30
ابن عبّاس: (جنّتى)الّتي أعدّت لك.(511)
الضّحّاك: في رحمتي.(الطّبريّ 30:192)
الكلبيّ: يعني الرّوح ترجع في الجسد.
(الطّبريّ 30:192)
الزّجّاج: ادخلي إلى صاحبك الّذي خرجت منه فادخلي فيه.(5:325)
الماورديّ: الجنّة الّتي هي دار الخلود و مسكن الأبرار.(6:272)
الطّوسيّ: (جنّتى)الّتي وعدتكم بها و أعددت نعيمكم فيها.(10:348)
مثله الطّبرسيّ.(5:490)
الطّباطبائيّ: تعيين لمستقرّها،و في إضافة «الجنّة»إلى ضمير التّكلّم تشريف خاصّ،و لا يوجد في كلامه تعالى إضافة الجنّة إلى نفسه تعالى و تقدّس إلاّ في هذه الآية.(20:286)
في هذه الآية مسائل أخرى راجع«د خ ل».
لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ. سبأ:15
ابن عبّاس: بستانان.(360)
مثله البغويّ(3:676)،و الخازن(5:236).
ابن زيد :و لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قطّ، و لا ذباب،و لا برغوث،و لا عقرب،و لا حيّة،و إن كان الرّكب ليأتون و في ثيابهم القمل و الدّوابّ،فما هم إلاّ أن ينظروا إلى بيوتهم،فتموت الدّوابّ،و إن كان الإنسان ليدخل الجنّتين،فيمسك القفّة على رأسه،فيخرج حين يخرج،و قد امتلأت تلك مقفّة من أنواع الفاكهة،و لم يتناول منها شيئا بيده،و السّدّ يسقيها.
(الطّبريّ 22:77)
ص: 166
ابن عيينة: وجد فيهما قصران،مكتوب على أحدهما:نحن بنينا سالمين،في سبعين خريفا دائبين، و على الآخر:نحن بنينا صرواح:مقيل و مراح.و كانت إحدى الجنّتين عن يمين الوادي،و الأخرى عن شماله.
(الماورديّ 4:443)
الفرّاء: الجنّتان مرفوعتان،لأنّهما تفسير للآية، و لو كان أحد الحرفين (1)منصوبا ب(كان)لكان صوابا.
(2:358)
الطّبريّ: يعني:بستانان كانا بين جبلين،عن يمين من أتاهما و شماله.[ثمّ قال نحو الفرّاء](22:77)
الزّجّاج: (آية)رفع اسم(كان)،و(جنّتان)رفع على نوعين:على أنّه بدل من آية،و على إضمار،كأنّه لمّا قيل:(آية)قيل:الآية جنّتان،و الجنّتان:البستانان، فكان لهم بستانان:بستان يمنة،و بستان يسرة.
(4:248)
نحوه النّسفيّ.(3:321)
الزّمخشريّ: إن قلت:كيف عظّم اللّه جنّتي أهل سبإ و جعلهما آية،و ربّ قرية من قريات العراق يتحف بها من الجنان ما شئت؟
قلت:لم يرد بساتين اثنين فحسب،و إنّما أراد جماعتين من البساتين:جماعة عن يمين بلدهم،و أخرى عن شمالها.و كلّ واحدة من الجماعتين في تقاربها و تضامنها كأنّها جنّة واحدة،كما تكون بلاد الرّيف العامرة و بساتينها،أو أراد بستاني كلّ رجل منهم عن يمين مسكنه و شماله،كما قال: جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ الكهف:32.(3:284)
ابن عطيّة: (جنّتان)ابتداء،و خبره في قوله:
عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ أو خبر ابتداء،تقديره:هي جنّتان،و هي جملة بمعنى هذه حالهم،و البدل من(آية) ضعيف،و قد قاله مكّيّ و غيره.و قرأ ابن أبي عبلة (آية جنّتين) بالنّصب.
و روي أنّه كان في ناحية اليمن واد عظيم بين جبلين، و كانت جنّتا الوادي منبت فواكه و زروع،و كان قد بني في رأس الوادي عند أوّل الجبلين جسر عظيم من حجارة،من الجبل إلى الجبل،فارتدع الماء فيه و صار بحيرة عظيمة،و أخذ الماء من جنبتيها،فمشى مرتفعا يسقي جنّات جنّتي الوادي-قيل:بنته بلقيس،و قيل:
بناه حمير أبو القبائل اليمنيّة كلّها-و كانوا بهذه الحال في أرغد نعم،و كانت لهم بعد ذلك قرى ظاهرة متّصلة من اليمن إلى الشّام،و كانوا أرباب تلك البلاد في ذلك الزّمان.
(4:413)
الطّبرسيّ: أي بستانان عن يمين من أتاهما و شماله،و قيل:عن يمين البلد و شماله.
و قيل:إنّه لم يرد جنّتين اثنتين،و المراد كانت ديارهم على وتيرة واحدة؛إذ كانت البساتين عن يمينهم و شمالهم،متّصلة بعضها ببعض،و كان من كثرة النّعم أنّ المرأة كانت تمشي و المكتل على رأسها فيمتلئ بالفواكه، من غير أن تمسّ بيدها شيئا.(4:386)
البيضاويّ: بدل من(آية)أو خبر محذوف، تقديره:الآية جنّتان.و قرئ بالنّصب على المدح،و المراد جماعتان من البساتين.[ثمّ قال نحو الزّمخشريّ]
(2:258)ن.
ص: 167
نحوه أبو السّعود.(5:253)
البروسويّ: (جنّتان)بدل من(آية)و المراد بهما جماعتان من البساتين لا بستانان اثنان فقط.(7:281)
الآلوسيّ: المراد بالجنتين على ما روي عن قتادة:
جماعتان من البساتين:جماعة عن يمين بلدهم و جماعة عن شماله.و إطلاق الجنّة على كلّ جماعة،لأنّها لتقارب أفرادها و تضامّها كأنّها جنّة واحدة،كما تكون بلاد الرّيف العامرة و بساتينها.
و قيل:أريد بستانا كلّ رجل منهم عن يمين مسكنه و شماله،كما قال سبحانه: جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ الكهف:32.
قيل:و لم تجمع لئلاّ يلزم أنّ لكلّ مسكن رجل جنّة واحدة،لمقابلة الجمع بالجمع.و ردّ بأنّ قوله تعالى:
عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ يدفع ذلك،لأنّه بالنّظر إلى كلّ مسكن،إلاّ أنّه لو جمعت أوهم أنّ لكلّ مسكن جنّات عن يمين و جنّات عن شمال،و هذا لا محذور فيه إلاّ أن يدّعى أنّه مخالف للواقع.
ثمّ إنّه قيل:إنّ(في)فيما سبق بمعنى«عند»فإنّ المساكن محفوفة بالجنّتين لا ظرف لهما.و قيل:لا حاجة إلى هذا،فإنّ القريب من الشّيء قد يجعل فيه مبالغة في شدّة القرب و لكلّ جهة،لكن أنت تعلم أنّه إذا أريد بالمساكن أو المسكن ما يصلح أن يكون ظرفا لبلدهم المحفوفة بالجنّتين أو لمحلّ كلّ منهم المحفوفة بهما،لم يحتج إلى التّأويل أصلا،فلا تغفل.(22:125)
فضل اللّه :و الجنّة هي البستان المشتمل على الخضرة و الفاكهة و الورود المتنوّعة،بأشكالها و ألوانها و خصائصها و عناصرها الذّاتيّة،في طعمها و ريحها و منظرها،بما يملأ العين و القلب و الحياة.و هكذا كان على اليمين بستان ممتدّ يشمل المنطقة كلّها،و بستان ممتدّ على الشّمال بالمستوى نفسه،و قد تنوّعت كلمات المفسّرين...
(19:31)
1- وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَ أُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
البقرة:25
النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:لم سمّيت الجنّة جنّة؟لأنّها جنينة خيّرة نقيّة،و عند اللّه تعالى ذكره مرضيّة.(العروسيّ 1:44)
مسروق:نخل الجنّة نضيد من أصلها إلى فرعها، و ثمرها أمثال القلال،كلّما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى،و ماؤها يجري في غير أخدود.
(الطّبريّ 1:170)
ابن عبّاس: إنّ الجنان سبع:جنّة الفردوس، و جنّة عدن،و جنّة النّعيم،و دار الخلد،و جنّة المأوى، و دار السّلام،و علّيّون.و في كلّ واحدة من هذه السّبع مراتب و درجات متفاوتة،على حسب تفاوت الأعمال و العمّال.(الشّربينيّ 1:37)
المفضّل الضّبّيّ: الجنّة:كلّ بستان فيه نخل،و إن لم يكن فيه شجر غيره،فإن كان فيه كرم فهو فردوس، كان فيه شجر غير الكرم أو لم يكن.(الماورديّ 1:85)
ص: 168
نحوه الخازن.(1:34)
أبو عبيدة :إذا كان الأمر كذلك في أنّ أنهارها جارية في غير أخاديد،فلا شكّ أنّ الّذي أريد بالجنّات:
أشجار الجنّات و غروسها و ثمارها دون أرضها؛إذ كانت أنهارها تجري فوق أرضها و تحت غروسها و أشجارها، على ما ذكره مسروق؛و ذلك أولى بصفة«الجنّة»من أن تكون أنهارها جارية تحت أرضها.
و إنّما رغّب اللّه جلّ ثناؤه بهذه الآية عباده في الإيمان،و حضّهم على عبادته بما أخبرهم أنّه أعدّه لأهل طاعته،و الإيمان به عنده،كما حذّرهم في الآية الّتي قبلها بما أخبر من إعداده ما أعدّ لأهل الكفر به،الجاعلين معه الآلهة و الأنداد من عقابه،عن إشراك غيره معه، و التّعرّض لعقوبته بركوب معصيته،و ترك طاعته.
(الطّبريّ 1:170)
الطّبريّ: إنّما عنى جلّ ذكره بذكر الجنّة ما في الجنّة من أشجارها و ثمارها و غروسها،دون أرضها،فلذلك قال عزّ ذكره: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لأنّه معلوم أنّه إنّما أراد جلّ ثناؤه الخبر عن ماء أنهارها،أنّه جار تحت أشجارها و غروسها و ثمارها،لا أنّه جار تحت أرضها،لأنّ الماء إذا كان جاريا تحت الأرض،فلا حظّ فيها لعيون من فوقها إلاّ بكشف السّاتر بينها و بينه،على أنّ الّذي توصف به أنهار الجنّة أنّها جارية في غير أخاديد.(1:170)
الزّجّاج: (جنّات)في موضع نصب ب(انّ)،إلاّ أنّ التّاء تاء جماعة المؤنّث،هي في الخفض و النّصب على صورة واحدة،كما أنّ ياء الجمع في النّصب و الخفض على صورة واحدة،تقول:رأيت الزّيدين و مررت بالزّيدين،و رأيت الهندات،و رغبت في الهندات.
و الجنّة في لغة العرب:البستان،و الجنّات:البساتين، و هي الّتي وعد اللّه بها المتّقين،و فيها ما تشتهي الأنفس و تلذّ الأعين.(1:101)
نحوه القرطبيّ.(1:239)
الزّمخشريّ: الجنّة:البستان من النّخل و الشّجر المتكاثف المظلّل بالتفاف أغصانه.[ثمّ استشهد بشعر]
و التّركيب دائر على معنى السّتر،و كأنّها لتكاثفها و تظليلها سمّيت بالجنّة الّتي هي المرّة من مصدر:جنّه،إذا ستره،كأنّها سترة واحدة لفرط التفافها،و سمّيت دار الثّواب جنّة لما فيها من الجنان.
فإن قلت:الجنّة مخلوقة أم لا؟
قلت:قد اختلف في ذلك،و الّذي يقول:إنّها مخلوقة،يستدلّ بسكنى آدم و حوّاء الجنّة،و بمجيئها في القرآن على نهج الأسماء الغالبة اللاّحقة بالأعلام،كالنّبيّ و الرّسول و الكتاب و نحوها.
فإن قلت:ما معنى جمع الجنّة و تنكيرها؟
قلت:الجنّة اسم لدار الثّواب كلّها،و هي مشتملة على جنان كثيرة،مرتّبة مراتب على حسب استحقاقات العاملين،لكلّ طبقة منهم جنّات من تلك الجنان.[إلى أن قال:]
فإن قلت:كيف صورة جري الأنهار من تحتها؟
قلت:كما ترى الأشجار النّابتة على شواطئ الأنهار الجارية.(1:257)
نحوه الفخر الرّازيّ(2:128)،و البيضاويّ(1:
ص: 169
37)،و القاسميّ(2:83).
النّسفيّ: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]
و الجنّة مخلوقة لقوله تعالى: اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ البقرة:35،خلافا لبعض المعتزلة.[ثمّ ذكر معنى جمع الجنّة و تنكيرها كالزّمخشريّ](1:33)
أبو حيّان :روي عن ابن عبّاس:أنّها سبع جنّات، و قال قوم:هي ثمان جنّات.
و زعم بعض المفسّرين: أنّ في تضاعيف الكتاب و السّنّة ما يدلّ على أنّها أكثر من العدد الّذي أشار إليه ابن عبّاس و غيره.قال:فإنّه قال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ نَهَرٍ، وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى، جَنّاتِ عَدْنٍ.
و عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال: جنّتان من فضّة آنيتهما و ما فيهما،و جنّتان من ذهب آنيتهما و ما فيهما،و ما بين القوم و بين أن ينظروا إلى ربّهم إلاّ رداء الكبرياء،على وجهه في جنّة عدن.و هذا الّذي أورده هذا المفسّر لا يدلّ على أنّها أكثر ممّا روي عن ابن عبّاس.[ثمّ نقل كلام الزّمخشريّ في معنى الجنّة و أضاف:]
و قد جاء في القرآن ذكر«الجنّة»مفردة و مجموعة، فإذا كانت مفردة فالمراد الجنس،و اللاّم في«لهم» للاختصاص،و تقديم الخبر هنا آكد من تقديم المخبر عنه،لقرب عود الضّمير على(الّذين آمنوا)،فهو أسرّ للسّامع،و الشّائع أنّه إذا كان الاسم نكرة تعيّن تقديمه أَ إِنَّ لَنا لَأَجْراً الشّعراء:41.(1:112)
البروسويّ: [ذكر معنى الجنّة و تنكيرها كالزّمخشريّ و أضاف:]
ثمّ الجنان ثمان:دار الجلال كلّها من نور مدائنها و قصورها و بيوتها و أوانيها و شرفها و أبوابها و درجها و غرفها و أعاليها و أسافلها و خيامها و حليّها و كلّ ما فيها.
و دار القرار كلّها من المرجان.
و دار السّلام كلّها من الياقوت الأحمر.
و جنّة عدن من الزّبرجد كلّها،و هي قصبة الجنّة، و هي مشرفة على الجنان كلّها،و باب جنّة عدن مصراعان من زمرّد و ياقوت ما بين المصراعين،كما بين المشرق و المغرب.
و جنّة المأوى من الذّهب الأحمر كلّها.
و جنّة الخلد من الفضّة كلّها.
و جنّة الفردوس من اللّؤلؤ كلّها،و حيطانها لبنة من ذهب و لبنة من فضّة و لبنة من ياقوت و لبنة من زبرجد، و ملاطها و ما يجعل بين اللّبنتين مكان الطّين،المسك، و قصورها الياقوت،و غرفها اللّؤلؤ،و مصاريعها الذّهب، و أرضها الفضّة،و حصباؤها المرجان،و ترابها المسك، و نباتها الزّعفران و العنبر.
و جنّة النّعيم من الزّمرّد كلّها.
و في الخبر:«إنّ المؤمن إذا دخل الجنّة رأى سبعين ألف حديقة،في كلّ حديقة سبعون ألف شجرة،على كلّ شجرة سبعون ألف ورقة،و على كلّ ورقة:لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه أمّة مذنبة و ربّ غفور،كلّ ورقة عرضها من مشرق الشّمس إلى مغربها».(1:82)
رشيد رضا :ورد لفظ الجنّة و الجنّات كثيرا في
ص: 170
مقابلة النّار،و الجنّة في اللّغة:البستان،و الجنّات جمعها، و ليس المراد بهما مفهومهما اللّغويّ فقط،و إنّما هما دار الخلود في النّشأة الآخرة؛فالجنّة:دار الأبرار و المتّقين، و النّار:دار الفجّار و الفاسقين،فنؤمن بهما بالغيب و لا نبحث في حقيقة أمرهما،و لا نزيد على النّصوص القطعيّة فيهما شيئا،لأنّ عالم الغيب لا يجري فيه القياس.
(1:231)
نحو المراغيّ.(1:68)
مكارم الشّيرازيّ: ذكر القرآن الكريم أنواع النّعم المادّيّة في الجنّة،مثل:جنّات تجري من تحتها الأنهار،و مساكن طيّبة،و أزواج مطهّرة،و ثمار متنوّعة، و خلاّن متحابّين.و لكنّه ذكر إلى جانب هذه النّعم المادّيّة نعما أهمّ منها هي النّعم المعنويّة الّتي لا نستطيع أن نفهم عظمتها بمقاييسنا،كقوله: وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التّوبة:72.
و في آية أخرى يقول سبحانه بعد ذكر النّعم المادّيّة:
رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ البيّنة:8.
لو بلغ الإنسان هذه المرتبة حيث يرضى اللّه عنه و يرضى عن اللّه،لأحسّ بلذّة لا ترقى إليها لذّة،و لهانت في نظر هذا الإنسان سائر اللّذّات،عندها يرتبط هذا الإنسان باللّه و لا يفكّر بما سواه،و هي مرتبة يعجز القلم و اللّسان عن وصف سموّها و أبعادها.
بعبارة موجزة:كما أنّ للمعاد جانبا روحيّا و جانبا جسميّا،كذلك نعم الجنّة ذات جانبين أيضا،كي تكون جامعة و قابلة لاستفادة أهل الجنّة جميعا،كلّ على قدر كفاءته و لياقته.(1:118)
2- وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَ مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَ جَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَ الزَّيْتُونَ وَ الرُّمّانَ مُشْتَبِهاً وَ غَيْرَ مُتَشابِهٍ...
الأنعام:99
ابن عبّاس: بساتين.(116)
مثله الماورديّ.(2:149)
الفرّاء: قوله: وَ جَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ نصب،إلاّ أنّ جمع المؤنّث بالتّاء يخفض في موضع النّصب،و لو رفعت«الجنّات»تتبع«القنوان»كان صوابا.(1:347)
الطّبريّ: بساتين من أعناب.
و اختلف القرّاء في قراءة ذلك،فقرأه عامّة القرّاء (و جنّات) نصبا،غير أنّ التّاء كسرت لأنّها تاء جمع المؤنّث،و هي تخفض موضع النّصب.
و عن الأعمش أنّه قرأ (و جنّات من اعناب) بالرّفع،فرفع(جنّات)على اتباعها«القنوان»في الإعراب،و إن لم تكن من جنسها.[ثمّ استشهد بشعر]
و القراءة الّتي لا أستجيز أن يقرأ ذلك إلاّ بها:
النّصب وَ جَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ لإجماع الحجّة من القرّاء على تصويبها و القراءة بها،و رفضهم ما عداها،و بعد معنى ذلك من الصّواب إذا قرئ رفعا.(7:294)
نحوه الطّوسيّ(4:233)،و البغويّ(2:147)
أبو زرعة:[نقل قول الفرّاء«لو رفعت الجنّات...»ثمّ قال:]
ص: 171
و قرأ الباقون (جنّات) نصبا،نسق على قوله:
(خضرا)أي فأخرجنا من الماء خضرا و جنّات من أعناب.(264)
الزّمخشريّ: قوله: وَ جَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ فيه وجهان:
أحدهما أن يراد:و ثمّ جنّات من أعناب،أي مع النّخل.
و الثّاني:أن يعطف على(قنوان)على معنى:و حاصلة أو و مخرجة من النّخل قنوان(و جنّات من اعناب)أي من نبات أعناب.
و قرئ (و جنّات) بالنّصب عطفا على نبات كلّ شيء،أي و أخرجنا به جنّات من أعناب.(2:39)
نحوه الفخر الرّازيّ.(3:109)
ابن عطيّة: [نقل قراءة النّصب كما تقدّم عن الزّمخشريّ و أضاف:]
(و جنّات)بالرّفع على تقدير:و لكم جنّات،أو نحو هذا.(2:328)
الطّبرسيّ: يعني و أخرجنا به أيضا جنّات من أعناب،أي بساتين من أعناب.و من رفعه فتقديره:و نخرج به جنّات من أعناب.(2:341)
العكبريّ: [نحو ابن عطيّة ثمّ قال:]
و لا يجوز أن يكون معطوفا على(قنوان)،لأنّ العنب لا يخرج من النّخل،و(من اعناب)صفة ل (جنّات).(11:525)
الطّيّبيّ: الأظهر أن يكون عطفا على(حبّا)لأنّ قوله:(نبات كلّ شىء)مفصّل لاشتماله على كلّ صنف من أصناف النّامي،كأنّه قال:فأخرجنا بالنّامي نبات كلّ شيء ينبت كلّ صنف من أصناف النّامي.و النّامي:الحبّ و النّوى و شبههما.(القاسميّ 6:2438)
أبو حيّان :قراءة الجمهور بكسر التّاء،عطفا على قوله:(نبات)و هو من عطف الخاصّ على العامّ لشرفه، و لمّا جرّد النّخل جرّدت:جنّات الأعناب،لشرفهما،كما قال: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ البقرة:266.
و قرأ محمّد بن أبي ليلى و الأعمش و أبو بكر،في رواية عنه عن عاصم: (و جنّات) بالرّفع.و أنكر أبو عبيد و أبو حاتم هذه القراءة حتّى قال أبو حاتم:هي محال،لأنّ الجنّات من الأعناب لا تكون من النّخل.
و لا يسوغ إنكار هذه القراءة،و لها التّوجيه الجيّد في العربيّة،وجّهت على أنّه مبتدأ محذوف الخبر،فقدّره النّحّاس،(و لهم جنّات)،و قدّره ابن عطيّة(و لكم جنّات)،و قدّره أبو البقاء(و من الكرم جنّات)،و قدّره (و من الكرم)لقوله:(و من النّخل)،و قدّره الزّمخشريّ (و ثمّ جنّات)أي مع النّخل.و نظيره قراءة من قرأ:
(و حور عين)بالرّفع بعد قوله: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ الصّافّات:45،و تقديره:(و لهم حور)، و أجاز مثل هذا سيبويه و الكسائيّ و الفرّاء،و مثله كثير.
و قدّر الخبر أيضا مؤخّرا تقديره:و جنّات من أعناب أخرجناها،و دلّ على تقديره قوله قبل:
(فاخرجنا)كما تقول:أكرمت عبد اللّه و أخوه،التّقدير:
و أخوه أكرمته،فحذف أكرمته لدلالة أكرمت عليه.
و وجّهها الطّبريّ على أنّ(و جنّات)عطف على
ص: 172
(قنوان).[إلى أن قال:]
و هذا العطف هو على أن لا يلاحظ فيه قيد من النّخل،فكأنّه قال:من النّخل قنوان دانية و جنّات من أعناب حاصلة،كما تقول:من بني تميم رجل عاقل و رجل من قريش منطلقان.(4:190)
3- جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيّاتِهِمْ وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. الرّعد:23
راجع«ع د ن»(عدن).
4- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً. الكهف:107
راجع«الفردوس».
اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. المنافقون:2
ابن عبّاس: (جنّة)من القتل.(472)
قتادة :من السّبي و القتل ليعصموا بها دماءهم و أموالهم.(الماورديّ 6:14)
السّدّيّ: من الموت ألاّ يصلّى عليهم،فيظهر على جميع المسلمين نفاقهم.(الماورديّ 6:14)
الطّبريّ: سترة يستترون بها،كما يستتر المستجنّ بجنّته في حرب و قتال،فيمنعون بها أنفسهم و ذراريهم و أموالهم،و يدفعون بها عنها.(28:106)
نحوه الزّجّاج(5:175)،و الطّبرسيّ(5:291)، و الفخر الرّازيّ(30:13)،و القرطبيّ(18:123).
الماورديّ: الغطاء المانع من الأذى.[إلى أن قال:]
جنّة تدفع عنهم فضيحة النّفاق.(6:14)
ابن عطيّة: ما يستتر به في الأجرام و المعاني.
(5:311)
البيضاويّ: وقاية من القتل و السّبي.(2:478)
مثله النّسفيّ.(4:257)
أبو السّعود :أي وقاية عمّا يتوجّه إليهم من المؤاخذة بالقتل و السّبي أو غير ذلك.و اتّخاذها جنّة:
عبارة عن إعدادهم و تهيئتهم لها إلى وقت الحاجة، ليحلفوا بها و يتخلّصوا عن المؤاخذة،لا عن استعمالها بالفعل،فإنّ ذلك متأخّر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية.و اتّخاذ الجنّة لا بدّ أن يكون قبل المؤاخذة و عن سببها أيضا،كما يفصح عنه«الفاء»في قوله تعالى:
فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ (6:251)
نحوه البروسويّ(9:531)،و الآلوسيّ(28:109)، و القاسميّ(16:5807)،و المراغيّ(28:105)، و مغنيّة(7:331).
الطّباطبائيّ: الجنّة:التّرس و المراد بها ما يتّقى به،من باب الاستعارة.(19:279)
الحيريّ: باب«الجنّة»على ستّة أوجه:
أحدها:موعد المؤمنين في الآخرة،كقوله: اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ البقرة:35،و فيها: جَنّاتٍ
ص: 173
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ البقرة:25،و قوله: وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ آل عمران:133، و قوله: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ الرّعد:
35.
و الثّاني:الممثّل بها كقوله: كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ البقرة:265،و فيها: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ البقرة:266.
و الثّالث:جنّة الأخوين يهوذا و قطروس،كقوله:و جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ الكهف:32،و فيها: وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ الكهف:35، وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ الكهف:
39.
و الرّابع:جنّة سبأ،كقوله: آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ سبأ:15،و قوله: بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ سبأ:16.
و الخامس:جنّة صاحب الصّدقة بصنعاء اليمن، كقوله: إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ القلم:17.
و السّادس:جنّة الدّنيا،كقوله: لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَ نَباتاً* وَ جَنّاتٍ أَلْفافاً النّبأ:15 و 16.(171)
باب«جنّ»على وجهين:
أحدهما:الدّخول،كقوله: فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً الأنعام:76.
و الثّاني:الصّغير،كقوله: وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ النّجم:32.(176)
باب«الجانّ»على وجهين:
أحدهما:أبو الجنّ،كقوله: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ الحجر:27،و قوله: وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ الرّحمن:15.
و الثّاني:الحيّة الصّغيرة،كقوله: كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً النّمل:10،و يقال:لمّا ألقى موسى عصاه صار جانّا في الابتداء،ثمّ صار ثعبانا في الانتهاء،و يقال:
وصف اللّه تعالى العصا في ثلاثة أوصاف:الحيّة، و الجانّ،و الثّعبان،لأنّه كالحيّة بعدوه،و كالجانّ لتحرّكه،و كالثّعبان لابتلاعه،و يقال:كان حيّة لموسى، و ثعبانا لفرعون،و جانّا للسّحرة.
باب«الجنّة»على ثلاثة أوجه
أحدها:الجنون،كقوله: إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ المؤمنون:25،و قوله: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ المؤمنون:
70،و قوله: أَفْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ سبأ:8.
و الثّاني:الملائكة،كقوله: بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ سبأ:41،و قوله: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ الصّافّات 158.
و الثّالث:الجنّ،كقوله: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ النّاس:6.(179)
الدّامغانيّ: الجنّة على تسعة أوجه:التّوحيد، البستان في الدّنيا،دار الثّواب،الجنّ بكسر الجيم، الجنون،الجنين،السّتر،الجانّ:الحيّة،جنى.
فوجه منها؛الجنّة يعني التّوحيد،قوله تعالى: وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ البقرة:221،يعني إلى التّوحيد.
و الوجه الثّاني:الجنّة:البستان في الدّنيا،قوله: إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ القلم:17،يعني
ص: 174
أصحاب البستان،كقوله: جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ الكهف:32،يعني بستانين.
و الوجه الثّالث:الجنّة:دار الثّواب،قوله: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ق:31،و كقوله: وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ آل عمران:133،و نظائرها كثير.
و الوجه الرّابع:الجنّة بكسر الجيم،يعني الجنّ،قوله:
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ السّجدة:13،يعني من الجنّ، نظيرها في هود:119،و نحوه كثير.
و الوجه الخامس:الجنّة:الجنون،قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ المؤمنون:70،يعني الجنون.
و الوجه السّادس:الجنين،قوله: وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ النّجم:32.
و الوجه السّابع:جنّ أي ستر،قوله: فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أي ستر عليه اللّيل رَأى كَوْكَباً الأنعام:
76.
و الوجه الثّامن:الجانّ:الحيّة،قوله: كَأَنَّها جَانٌّ القصص:31،يعني حيّة.
و الوجه التّاسع:جنى،أي قطف،قوله: وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الرّحمن:54،و قوله: رُطَباً جَنِيًّا مريم:25.(210)
الفيروزآباديّ: و هي[الجنّة]و ما يشتقّ من مادّتها،ترد على اثني عشر وجها.
الأوّل:بمعنى التّوحيد وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَ الْمَغْفِرَةِ البقرة:221،قال المفسّرون:أي إلى الإيمان.
الثّاني:بمعنى بستان كان باليمن إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ القلم:17.
الثّالث:بمعنى أخوين من بني إسرائيل وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ الكهف:32.
الرّابع:بمعنى البساتين المحفوفة بالأشجار و المياه الجاريات وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً نوح 12.
الخامس:بمعنى رياض الرّوح و الرّضوان،و بساتين الأحباب و الإخوان وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ آل عمران:133،و هي أربع جنان:ثنتان للخواصّ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ الرّحمن:46، و ثنتان لعامّة المؤمنين وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ الرّحمن:62،و إحدى هذه الأربع:جنّة النّعيم إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتِ النَّعِيمِ القلم:34، أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ المعارج:38.و الأخرى جنّة المأوى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى النّجم:15.
و الثّالثة:جنّة عدن فِي جَنّاتِ عَدْنٍ التّوبة:72، جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍ البيّنة:8.و الرّابعة:
جنّة الفردوس كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً الكهف:107.
و من جملة الجنان:دار السّلام،و دار الخلد، و علّيّون،تكملة السّبع.
السّادس:الجنّة-بكسر الجيم-بمعنى الجنّ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ النّاس:6، لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ هود:119.
السّابع:الجنّة بمعنى الجنون أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ المؤمنون:70، ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ سبأ:46.
ص: 175
الثّامن:الجنّ بمعنى السّتر عن الحاسّة،يقال:جنّه اللّيل و أجنّه،و جنّ عليه فجنّ:ستره،و أجنّه:جعل له ما يجنّه، و جنّ عليه كذا:ستره.و الجنان:القلب لكونه مستورا عن الحاسّة،و الجنّ و الجنّة:التّرس الّذي يجنّ صاحبه.
التّاسع:الجنين،بمعنى الطّفل في بطن أمّه وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ النّجم:32،و الجنين أيضا:
القبر«فعيل»بمعنى«فاعل»،و الأوّل بمعنى مفعول.
العاشر:الجنّ،و يقال:على وجهين:
أحدهما:للرّوحانيّين المستترة عن الحواسّ كلّها بإزاء الإنس،فيدخل فيه الملائكة و الشّياطين.و كلّ ملائكة جنّ،و ليس كلّ جنّ ملائكة.
و قيل:بل الجنّ بعض الرّوحانيّين،و ذلك أنّ الرّوحانيّين ثلاثة:أخيار و هم الملائكة،و أشرار و هم الشّياطين،و أوساط فيهم خيار و شرار،و هم الجنّ،و يدلّ على ذلك قوله تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ إلى قوله: وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ الجنّ:1-14.
«و الجنون (1)أمر حائل بين النّفس و العقل».
الحادي عشر:الجانّ بمعنى الحيّة الصّغيرة كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً النّمل:10.
الثّاني عشر:الجانّ بمعنى أب الجنّ وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ الرّحمن:15،و قيل:هو نوع من الجنّ.
الثّالث عشر (2):الجنّة:الترس العريض الوسيع الّذي يختفي الرّاجل وراءه اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً المجادلة:16.البصائر(2:352)
1-الأصل في هذه المادّة:الجنّ،خلاف الإنس، و الواحد:جنّيّ،و الجمع:جنان،و الاسم:الجنّة.و الجانّ:
الجنّ،و يطلق على الشّيطان و الملك،و على ضرب من الحيّات،و الجمع:جنّان.و أرض مجنّة:كثيرة الجنّ؛ يقال:أجنّ،أي وقع في مجنّة،و بات فلان ضيف جنّ:
بات بمكان خال لا أنيس به.و لمّا كان السّتر صفة لازمة للجنّ اشتقّ منه سائر المعاني-كما سترى-و أكثرهم جعله أصلا لها.
و جنّ فلان جنّا و جنونا و استجنّ،أي مسّه طائف من الجنّ،و أجنّه اللّه:رماه بالجنون،فهو مجنون، و الجمع:مجانين.و يقال في التّعجّب:ما أجنّه!و الجنّة:
الجنون،يقال:به جنّة و جنون و مجنّة،و تجنّن عليه و تجانّ و تجانن:أرى من نفسه أنّه مجنون.
و الجنّة:الحديقة ذات الشّجر و النّخل،و دار النّعيم في الآخرة،و الجمع:جنان و جنّات،و سمّيت بذلك لاتّصافها بصفة الجنّ،أي السّتر و التّواري،فهي متكاثفة الأشجار،متشابكة الأغصان.أو أنّ سبب التّسمية يرجع إلى تعجّبهم من روعتها و جمالها،فسمّوها باسم الجنّ،كما نسبوا إلى«عبقر»كلّ ما كان فائقا،يقال:
رجل عبقريّ،و ثوب عبقريّ.و عبقر:موضع تزعم العرب أنّه موطن للجنّ.
ص: 176
و جنّ النّبت:زهره و نوره،و جنونه:التفافه،و هو كالجنون،يقال:جنّ النّبت جنونا،أي طال و التفّ و خرج زهره.و يقال للنّخل المرتفع طولا:مجنون،و للنّبت الملتفّ الكثيف الّذي قد تأزّر بعضه في بعض:مجنون،و جنّت الأرض جنونا:اعتمّ نبتها،و قد تجنّنت الأرض و جنّت جنونا.
و الجنين:الولد ما دام في بطن أمّه لاستتاره فيه،و قد جنّ الجنين في الرّحم يجنّ جنا،و أجنّته الحامل،و الجمع:
أجنّة و أجنن.و الجنين:كلّ مستور،يقال:حقد جنين، و ضغن جنين.
و الجنّة:ما واراك من السّلاح و استترت به منه، و خرقة تلبسها المرأة،فتغطّي رأسها ما قبل منه و ما دبر غير وسطه،يقال:استجنّ بجنّة،أي استتر بسترة، و الجمع:جنن.
و الجنن:القبر،لستره الميّت؛يقال:جننته في القبر و أجننته،أي واريته.و هو الكفن أيضا،يقال:جنّ الميّت جنّا و أجنّه،أي كفّنه و ستره،و ما عليّ جنن و جنان إلاّ ما ترى،أي ما عليّ شيء يواريني.و الجنن:الميّت، و الجمع:أجنان،و هو الجنين أيضا.
و الجنان:القلب،لاستتاره في الصّدر،أو لأنّ الصّدر أجنّه،و الجمع:أجنان،يقال:ما يستقرّ جنانه من الفزع.
و المجنّ:الوشاح و التّرس،لأنّه يواري حامله، أي يستره،و الجمع:مجانّ،يقال:قلب فلان مجنّه،أي أسقط الحياء و فعل ما شاء.
و المجنّة:الموضع الّذي يستتر فيه،يقال:أجنّ عنه و اجتنن و استجنّ،أي استتر.و جنّ النّاس و جنانهم:
معظمهم،لأنّ الدّاخل فيهم يستتر بهم.
و جنّ الشّيء يجنّه جنّا و أجنّه:ستره،يقال:
أجننت الشّيء في صدري،أي أكننته.
و جنّ اللّيل و جنونه و جنانه:شدّة ظلمته و ادلهمامه،لأنّ ذلك كلّه ساتر،يقال:جنّه اللّيل يجنّه جنّا و جنونا و أجنّه،أي ستره.
2-و احتمل بعض المستشرقين أن يكون لفظ «الجنّ»مأخوذا من اللّفظ اللاّتينيّ«جينييس»،و استبعد أن يكون مشتقا من«الاجتنان»أي الاستتار (1).
و احتمل آخرون بقوّة أن يكون لفظ«الجنّة» سريانيّ المنشأ،و جزموا بأنّ العرب أخذوه من اللّفظ الآراميّ.و زعموا أنّ معناه في الشّعر العربيّ القديم:
الحديقة و البستان،و في شعر ما بعد ظهور الإسلام:دار النّعيم في الآخرة،و هذا المعنى قد أخذ من اليهود أو النّصارى (2)!
و لا تخلو هذه الأقوال من أن تكون ضربا من الاحتمال أو الاعتساف،فهي لا ترتكز على ركن شديد، فلفظ«الجنّة»مثلا ورد في أغلب اللّغات السّاميّة بمعنى الحديقة،قال آرثر جفري:يحتمل أن يكون تراثا عربيّا أصيلا،من بقايا اللّغة السّاميّة البدائيّة،لأنّه كان متداولا تماما في مناطق اللّغة السّاميّة،فجاء في اللّغة الأكديّة بلفظ«جنّتو»،و في العبريّة«جناه»،و في الآراميّة«جنا»و«جنتا»،و في السّريانيّة).
ص: 177
«جنتا»... (1).
3-و جنّيّ:اسم والد أبي الفتح عثمان،اللّغويّ المعروف،و صاحب كتاب«الخصائص»،و كان أبوه مملوكا روميّا لسليمان بن فهد الأزديّ الموصليّ.
و ضبطه السّيوطيّ في«البغية»بسكون الياء،و عدّه «معرّب كني (2)»،و لعلّه نسبة إلى اللّفظ التّركيّ«كن»، أي الوراء،لأنّ العرب يطلقون لفظ الرّوم على الأتراك غالبا.و شدّدوا«النّون»كما شدّدوا«الميم»في«قمّ»، و ألحقوا به«الياء»كما في«الجودي»بتخفيف«الياء»على قراءة الأعمش،و يجوز أيضا تشديد«الياء»إلحاقا بالجوديّ بتشديد«الياء».و على كلا الفرضين فياؤه زائدة،و إذا قال قائل بأصالتها فيلحق بالرّباعيّ، و يكون وزنه حينئذ على«فعلل»مثل:درهم.
و ما كان الرّجل-كما ترى-يعتزي إلى الجنّ،و ليس بينه و بينهم أيّ آصرة أو وشيجة،فهو بريء ممّا نسب إليه و ألصق به.و يبدو أنّه لم يكن يأنس باسم أبيه،فقد ذكر في باب«تدافع الظّاهر»من الخصائص:«الحرف المشدّد إذا وقع رويّا في الشّعر المقيّد خفّف،كما يسكّن المتحرّك إذا وقع رويّا فيه،فالمشدّد نحو قوله:
أ صحوت اليوم أم شاقتك هرّ
و من الحبّ جنون مستعر (3)
و كان الأحرى به أن يستشهد بقول الأعشى لشهرته:
و هالك أهل يجنّونه كآخر في أهله لم يجنّ
بيد أنّه غضّ طرفه عنه فرارا من الجنّ،كأنّه يمتعض من هذا اللّفظ و لا يروقه سماعه.
4-و شاع في عصرنا هذا مرض فاتك يصيب البقر خاصّة،يسمّى«جنون البقر»،و هو في الحقيقة اصطلاح طبّيّ،لأنّ الجنون عند الأطبّاء مرض يصيب القسم السّنجابيّ للمراكز الدّماغيّة الرّئيسة لدى الإنسان و الحيوان على السّواء.
و هذا الاصطلاح غير سديد،فهو ترجمة لاصطلاح أعجميّ،و فصيحه«داء البقر»،مثل:داء الكلب،و هو في الأصل جنون الكلاب،و يطلق عليه الأطبّاء«الجنون السّبعيّ».و بذلك يختصّ لفظ الجنون بالإنسان دون سائر الحيوان،لأنّه اختلال في العقل،و لا عقل لدى الحيوان.
و قد جاء منها(جنّ)فعلا مرّة واحدة،و(جانّ) اسما بمعنيين 7 مرّات،و(جنّ)اسم جنس بإزاء(إنس) 22 مرّة،و(جنّة)بمعنيين 10 مرّات،و(مجنون)وصفا 11 مرّة،و(جنّة)و هي أكثرها عددا:اسما مفردا 70 مرّة،و مثنّى 8 مرّات،و جمعا 69 مرّة،و(أجنّة)جمع جنين مرّة واحدة،و(جنّة)مرّتين في(196)آية:
جنّ
1- فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ الأنعام:76
ص: 178
جانّ
2- وَ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ النّمل:10
3- وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ القصص:31
4- وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ الحجر:27
5- وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ الرّحمن:15
6- فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ
الرّحمن:39
7- فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ الرّحمن:56
8- لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ الرّحمن:74 جنّ
9- وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ... الكهف:50
10- قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ النّمل:39
11- وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ وَ أَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ مَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ سبأ:12
12- فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ
سبأ:14
13- قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ سبأ:41
14- وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يَصِفُونَ
الأنعام:100
15- وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ الأحقاف:29
16- قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً الجنّ:1
الجنّ و الإنس
17-29-الجنّ و الإنس قد مضى بحثهما في«أ ن س (ج 3):إنس».
جنّة
30- ...وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ أَجْمَعِينَ هود:119
31- وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَ لكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ أَجْمَعِينَ
السّجدة:13
32- اَلَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ النّاس:5،6
33- وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ الصّافّات:158
ص: 179
34- أَفْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَ الضَّلالِ الْبَعِيدِ سبأ:8
35- إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتّى حِينٍ المؤمنون:25
36- أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ المؤمنون:70
37- قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَ فُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ سبأ:46
38- أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ الأعراف:184
مجنون
39- ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ القلم:1،2
40- وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ القلم:51
41- مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ* وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ
التّكوير:21،22
42- كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ القمر:9
43- قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ الشّعراء:27
44- وَ قالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ الحجر:6
45- وَ يَقُولُونَ أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ الصّافّات:36
46- ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ الدّخان:14
47- فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ وَ قالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
الذّاريات:39
48- كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ الذّاريات:52
49- فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ* أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ الطّور:29،30
جنّة:جنّة آدم
50- وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ البقرة:35
51- وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ الأعراف:19
52- فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى طه:117
53- فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى طه:121
54- فَدَلاّهُما بِغُرُورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ
الأعراف:22
55- يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ
ص: 180
أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ... الأعراف:27
جنّة الخلد
56- وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ البقرة:82
57- ...وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَ الْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَ يُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
البقرة:221
58- وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ البقرة:111
59- أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ البقرة:214
60- أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصّابِرِينَ آل عمران:142
61- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ
آل عمران:185
62- إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ... التّوبة:111
63- لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يونس:26
64- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ
هود:23
65- وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ هود:108
66- مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النّارُ الرّعد:35
67- اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
النّحل:32
68- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا* إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً مريم:59،60
69- تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا مريم:63
70- قُلْ أَ ذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَ مَصِيراً الفرقان:15
71- أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً الفرقان:24
72- وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ* وَ اجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ الشّعراء:84،85
ص: 181
73- يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ* إِلاّ مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ* وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
الشّعراء:88-90
74- وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ العنكبوت:58
75- قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ يس:26
76- إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ
يس:55
77 و 78- وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ* وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الزّمر:73،74
79- مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاّ مِثْلَها وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ المؤمن:40
80- إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فصّلت:30
81- وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها وَ تُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ الشّورى:7
82- اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ
الزّخرف:70
83- وَ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الزّخرف:72
84- أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ الأحقاف:14
85- أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ الأحقاف:16
86- وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ محمّد:6
87- مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ... محمّد:15
88- وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ق:31
89- فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ الواقعة:89
90- سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ... الحديد:21
91- لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ الحشر:20
92- فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ* فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ
الحاقّة:21،22
93- أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ المعارج:38
94- وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً
الدّهر:12
95- وَ أَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى النّازعات:40،41
96- وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ التّكوير:13
ص: 182
97- لِسَعْيِها راضِيَةٌ* فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ
الغاشية:9،10
98- فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَ ادْخُلِي جَنَّتِي
الفجر:29،30
99- وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى* عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى النّجم:13-15
100- وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ...
التّحريم:11
101- وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
آل عمران:133
102- ...وَ قالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَ مَأْواهُ النّارُ وَ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ
المائدة:72
103- وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ الأعراف:46
104 و 105- أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ* وَ نادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قالُوا إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ الأعراف:49،50
106- وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً
النّساء:124
107- إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
الأعراف:40
108 و 109 و 110- وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ*... لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا... الأعراف:42-44
جنّة الأرض
111 و 112- وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَ تَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ... أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ... البقرة:265،266
113- أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَ قالَ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً الفرقان:8
114- وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً الإسراء:90،91
115 و 116- وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَ وَلَداً* فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ يُرْسِلَ عَلَيْها
ص: 183
حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً
الكهف:39،40
117- وَ دَخَلَ جَنَّتَهُ وَ هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً الكهف:35
118- إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ القلم:17
جنّتان و جنّتين:في الدّنيا
119 و 120- لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ سبأ:15،16
121 و 122- وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً* كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَ فَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً الكهف:32،33
في الآخرة:
123- وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ الرّحمن:
46
124- مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الرّحمن:54
125- وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ الرّحمن:62
جنّات:جنّات الآخرة:
126- وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأَدْخَلْناهُمْ جَنّاتِ النَّعِيمِ المائدة:65
127- اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ الحجّ:56
128- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ جَنّاتُ النَّعِيمِ لقمان:8
129- إِلاّ عِبادَ اللّهِ الْمُخْلَصِينَ* أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ* فَواكِهُ وَ هُمْ مُكْرَمُونَ* فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ
الصّافّات:40-43
130- وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ الواقعة:10-12
131- إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتِ النَّعِيمِ
القلم:34
132- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ نَعِيمٍ
الطّور:17
133- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا...
يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ وَ جَنّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ التّوبة:20،21
134 و 135- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ
الذّاريات:51 و الحجر:45
136- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ* فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ الدّخان:51،52
137- إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً... جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا مريم:60،61
138- جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ
فاطر:33
139- هذا ذِكْرٌ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ
ص: 184
جَنّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ ص:49،50
140- ...فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ* رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ المؤمن:7-8
141- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً الكهف:107
142- أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ السّجدة:19
143- ...وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ الشّورى:22
144- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ نَهَرٍ القمر:54
145- كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ* فِي جَنّاتٍ يَتَساءَلُونَ المدّثّر:38-40
146- وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ* أُولئِكَ فِي جَنّاتٍ مُكْرَمُونَ المعارج:34،35
جنّات الدّنيا
147- أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَ بَنِينَ* وَ جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ
الشّعراء:133-134
148- فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِيعُونِ... أَ تُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ* فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ الشّعراء:144-147
149- فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ
الشّعراء:57
150- كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ
الدّخان:25
151- ...نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَ مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَ جَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَ الزَّيْتُونَ وَ الرُّمّانَ مُشْتَبِهاً وَ غَيْرَ مُتَشابِهٍ... الأنعام:99
152- وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ... الرّعد:4
153- فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ المؤمنون:19
154- وَ جَعَلْنا فِيها جَنّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ وَ فَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ يس:34
155- وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنّاتٍ وَ حَبَّ الْحَصِيدِ ق:9
156- وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً نوح:12
157- وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَ النَّخْلَ وَ الزَّرْعَ... الأنعام:141
158- لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَ نَباتاً* وَ جَنّاتٍ أَلْفافاً
النّبأ:15،16
159-193-قد مضت جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ في(ت ح ت).
جنّة
194- اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ المنافقون:2
195- اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ المجادلة:16
ص: 185
اجنّة
196- اَلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى النّجم:32
و يلاحظ أوّلا:(1) فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً فيها بحوث:
1-هناك فرق بين(جنّه اللّيل و أجنّه)و بين جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ كما في الآية،فإنّ هذا يفيد الإحاطة كالمظلّة، خلافا لابن دريد حيث قال:«جنّه اللّيل و أجنّه و جنّ عليه،إذا ستره و غطّاه في معنى واحد»فالآية تمثّل و ترسم لنا حالة إحاطة الظّلمة على الجوّ،و كأنّ الطّبرسيّ أشار إليه؛حيث قال:«أي أظلم عليه و ستر بظلامه كلّ ضياء».
2-و يترتّب على هذه الحالة تنوير و إضاءة الكوكب بكماله و جلاءه أزيد من غيره،فهذا أيضا تمثيل آخر متمّم لتلك الحالة.
3-جاء بدل(نجم)(كوكب)و هو اسم للكبير من النّجوم.و كوكب كلّ شيء:معظمه،و لهذا جاء في قصّة يوسف:4 إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً، و في آية النّور:35 كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ.
4-و كأنّ تنكير(كوكب)للتّعظيم و التّشخيص، تتميما لرسم تلك الحالة.
5-أهل التّأويل أوّلوا الآية بما يناسب مسلكهم، فقال الآلوسيّ:«أي أظلم عليه ليل عالم الطّبيعة الجسمانيّة في صباه و أوّل شبابه».و نظيره عن الغزاليّ في قصّة يوسف:«أنّه حمل الكوكب على النّفس الحيوانيّة، و القمر على النّفس النّاطقة الفلكيّة،و الشّمس على العقل المجرّد لكلّ فلك.و عن بعضهم أنّه حمل الكوكب على الحسّ،و القمر على الخيال و الوهم،و الشّمس على العقل المجرّد».هذه تأويلات لو صحّت لما ناقضت التّنزيل،لاحظ«كوكب».
6-و في الآية بحث طويل في وجه اعتراف إبراهيم عليه السّلام بأنّ الكوكب و القمر و الشّمس ربّا له.و في احتجاجه بأفولها على نفي ربوبيّتها تسجيل للتّوحيد، لاحظ«إبراهيم»و«ر ب ب»و«ح ج ج».
ثانيا:جاء(جانّ)في(2 و 3)و كلاهما في عصا موسى عليه السّلام بمعنى الحيّة،تشبيها بالجنّ في هيئته السّرّيّة المخيفة،و في(4-8)بمعنى الجنّ عدلا للإنس،و فيها بحوث:
1-جاء بالمعنى الأوّل نكرة تهويلا و تخويفا بسياق واحد،تمهيدا لبيان خوف موسى؛بحيث ولّى مدبرا و لم يعقّب حتّى آمن اللّه خيفته و طمأنه بقوله: يا مُوسى أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ القصص:31، و يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ النّمل:10.
2-قد جاء في القرآن ذكر عصا موسى بعد انقلابها حيّة بثلاثة ألفاظ:
أحدها:(جانّ)في الآيتين.
ثانيها:(ثعبان)في آيتين أيضا: فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ الأعراف:107،و الشّعراء:32.
ثالثها:(حيّة)مرّة في فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ
ص: 186
تَسْعى طه:20،قيل:(جانّ)حيّة صغيرة و(ثعبان) حيّة كبيرة،و(حيّة)تعمّهما،لاحظ«ثعبان».
3-و جاء بالمعنى الثّاني معرفة و نكرة:ففي(4 و 5) معرفة للجنس،لأنّهما بصدد بيان مادّة خلق الإنسان و الجنّ؛حيث قال(4): وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ و(5): خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ* وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ و قد روعي فيهما توازن(الجانّ)و(الانسان)إلى حدّ،و في غيرهما توازن(الإنس)و(الجنّ)تماما.
و في(6-8)نكرة في سياق النّفي تعميما لنفي السّؤال و الطّمث عنهما تماما،و جاء فيهما(الجانّ)دون (الجنّ)مع(الإنس)رعاية للرّويّ،و كلّها في سورة الرّحمن.
ثالثا:جاء الجنّ منفردا عن الإنس 8 مرّات:(9-16) خلال قصص سليمان و نبيّنا محمّد عليهما السّلام،معرّفا بلام الجنس أو العهد،و مقارنا بالإنس معرّفا بلام الجنس أيضا في 14 آية مضت في«أ ن س(ج 3)-إنس»مع بحوثها فلاحظ.
رابعا:جاءت(الجنّة)في(30-38)بمعنيين أيضا:
الجنّ و الجنون،و فيها بحوث:
1-جاء في(30-33)(الجنّة)أي الجنّ مع(النّاس) (من الجنّة و النّاس).رعاية للرّويّ،دون الإنس أو الإنسان،كما جاء في غيرها،و يبدو أنّهما اسم جمع و ليسا اسم جنس،و لم نقف على من ذكره،فأريد بهما جماعة الجنّ و الإنس دون فرد أو جنس منهما،لاحظ «ن و س:النّاس».
2-اختلفوا في(32) اَلَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ هل المراد ب مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ شياطين الإنس و الجنّ،كما جاء في الأنعام:
112،فهي بيان ل اَلَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ و عليه:ف(الجنّة و النّاس)بمعناها.
و جوّز الزّمخشريّ أن يكون(من)متعلّقا ب(يوسوس)و معناه ابتداء الغاية،أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنّ و من جهة الإنس.
أو أنّ(من)بيان ل(النّاس)في صُدُورِ النّاسِ و أنّ اسم(النّاس)يطلق على(الجنّة)كما أطلق عليها (نفر)و(رجال)في سورة الجنّ،و كرّر(النّاس)رعاية للرّويّ.و عليه فهما شيء واحد،و الوجه الأوّل أولى، استنادا إلى(30)و(31).
3-«الجنّة»في خمس آيات(34-38)مصدر بمعنى الجنون،جاءت بسياق واحد حكاية عن المشركين و قوم نوح(35)بشأن النّبيّ و نوح عليهما السّلام في ثلاث سور مكّيّة،تفنيدا لزعمهم الباطل في الرّسولين في الثّلاث الأولى،و ترغيبا في التّفكّر في شأنه عليه السّلام حتّى يعلموا أنّه ليست به جنّة في الأخيرتين.
و قد عبّر فيهما عنه عليه السّلام ب(صاحبكم)و(صاحبهم) تنبيها على أنّه عاش بينهم عمرا طويلا عاقلا أمينا، فكيف تتّهمونه بالجنون!ثمّ ذيّلهما تخويفا بأنّه نذير لهم بالعذاب.فصدرهما حجاج و ذيلهما عتاب،و مثلهما:
(41) وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ لاحظ«ص ح ب:
صاحب».
ص: 187
و يبدو أنّ في التّعبير ب(جنّة)دون(جنون)نوعا من التّحقير،أو التّعمية و التّحذير،أي إنّ به جنونا ما مجهولا و خطيرا،لم يكن له سابقة عندنا،فإنّ الجنون فنون، و إليه أشار الفخر الرّازيّ ب«الجنّة:حالة من الجنون كالجلسة و الرّكبة و(من)في(من جنّة)أي ليس به نوع من أنواع الجنون»و مثله البروسويّ و الآلوسيّ و رشيد رضا،فلاحظ.
و أيضا(الجنّة)مشتركة بين الجنّ و الجنون،ففيه إشعار بإصابة الجنّ إيّاه أو تلقّيه القرآن من الجنّ، و لا أقلّ من تداعيه ذهنا،و هذا مزيد في التّحقير و التّوهين به عليه السّلام.
4-جاءت(جنّة)بمعنى(الجنّ)معرفة تعريفا للجنس،و بمعنى(الجنون)نكرة توهينا للشّخص، و بمعناها(مجنون)كما يأتي.
خامسا:جاء(مجنون)في 11 آية(39-49)من 7 سور مكّيّات تحمل أسوء و أقبح مواجهة من قبل الكفّار لدعوة الأنبياء و الرّسل عليهم السّلام عامّة،و النّبيّ عليه السّلام خاصّة، و لم يأت هذا اللّفظ في غيرهم في القرآن،و فيها بحوث:
1-سبع منها جاءت بشأن النّبيّ ممّا دلّت على تأكيد المشركين في نسبة الجنون إليه دوما:ابتداء بسورة «القلم»ثانية السّور نزولا بعد سورة«العلق»-و هي أوّلها إطلاقا على القول المشهور-فواجهوه فيها بالتّكذيب و التّولّي عنه أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلّى -لو نزلت مع الآيات الخمس الأولى،و هو بعيد لأنّ النّبيّ لم يبلّغها حينذاك-ثمّ باتّهامه بالجنون في«القلم»ثمّ «التّكوير»و غيرها ممّا رتّبناها حسب النّزول ليعلم سير هذه الدّعوى في القرآن.فتلهمنا الآيات:
أوّلا:أنّ هذه التّهمة قديمة بدأت من قوم نوح،ثمّ عمّت سائر الأقوام الكافرة حيال رسلهم؛حيث قال (48): كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ.
ثانيا:أنّ ذكر تلك الأمم جاء تفنيدا للمشركين؛ حيث استنّوا بسنّة الأمم السّالفة،و أنّ هذه التّهمة ليست جديدة،إشعارا بأنّها ناشئة عن جهل و تعصّب،و شاهدة على التّأخّر و الأمّيّة،فكلّها يرتبط بدعوة النّبيّ مآلا، و أنّها هي المقصودة بالذّات،كما أنّ مغزى القصص القرآنيّة للأقوام و الرّسل جميعا تدعيم لدعوة النّبيّ عليه السّلام و تفنيد لمنكريه.
2-إذا كانت سورة«القلم»أوّل ما نفى الجنون عنه عليه السّلام،فقد جاءت فيها صدرا و ذيلا آيتان بسياقين:
أولاهما:خطاب من اللّه إلى النّبيّ تأمينا له من تهمة الجنون،مؤكّدا بيمينين،و مقارنا بنعمتين و مبشّرا بالمستقبل القريب مرّتين،فقال: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ* وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ* وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ* فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ فأقسم أوّلا بالقلم و بما يسطرون،ثمّ بنعمة ربّه-لو كانت قسما كما احتمله بعضهم-ثمّ أعلن ثانيا بأنّه مأجور عند اللّه بأجر غير منقطع،و بأنّه على خلق عظيم،ثمّ بشّره ثالثا بأنّه سيبصر،و أنّهم يبصرون أيّهم مفتون برذيلة الجنون.
فهذا السّياق المحكم المستدلّ يرفع عنه الجنون بتاتا،تكذيبا لزعمهم،و تثبيتا لقلبه عن التّأثّر به.
ص: 188
و ممّا يلفت النّظر أنّ زوجته خديجة عليهما السّلام بعد عودته عن حراء متأثّرا بحدث الوحي و ثقله-كما تشهد به سورة المدّثّر-قالت تسكينا و تطمينا له حتّى ذهب عنه الرّوع،ما هو مؤدّى هذه الآية.كما جاء في تفسير الطّبريّ ج 30 ص:251:«أبشر فو اللّه لا يخزيك اللّه أبدا،و و اللّه إنّك لتصل الرّحم و تصدق الحديث و تؤدّي الأمانة،و تحمل الكلّ،و تقري الضّيف،و تعين على نوائب الحقّ...»
و من الطّريف أنّ آخر آية منها نزولا جاءت بهذا السّياق أيضا(49): فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ كلّ ذلك تسلية له عمّا كانوا يرمونه به،لا عن شكّ منه في مصدر الوحي،كما جاء في بعض الرّوايات الدّخيلة،لاحظ«و ح ي،و القرآن».
و ثانيتهما:خطاب منه إليه أيضا مبشّرا بأنّ القرآن ذكر للعالمين و ليس كلام مجنون: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ.
فيبدو من الآيتين أنّهما دفع شبهة عن القرآن، أثاروها بتهمة الجنون إلى النّبيّ عليه السّلام:
ابتداء بإبطال الشّبهة بتّا بالقسم و البرهان،و ختما بحكاية ما يشعر بابتداء رميهم بها،كما يبدو من توالي هاتين السّورتين أنّه عليه السّلام لم يبدأ بتلاوة القرآن إلاّ و قد واجهوه بالتّكذيب أوّلا،ثمّ برميه إلى الجنون ثانيا.
3-إذا افترقت سورة العلق عن سورة القلم باختصاص الأولى بتكذيبهم النّبيّ و الثّانية برميه بالجنون فهناك اشتراك بينهما بذكر القراءة و العلم و القلم و الكتابة فيهما،ممّا ينبغي أن نعتبرها«براعة الاستهلال»للقرآن -كما في علم البلاغة-و إعلاما بأنّه مثار العلم و مزيل الجهل،و قد صدّقته الثّقافة الإسلاميّة الواسعة العجيبة في شتّى العلوم،لاحظ«القرآن».
4-ثالثة الآيات نزولا لدفع شبهة الجنون عنه عليه السّلام جاءت بشأن القرآن مؤكّدة بعدّة أقسام،و متفائلة بمستقبل هذا الكتاب أيضا: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ* وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ* وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ* وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ* وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ* وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ* وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ* فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ* إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ* لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ* وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ التّكوير:15-29.
فأكّد بعد أقسام مؤكّدة أنّ القرآن قول رسول كريم مكين عند اللّه،ذي قوّة مطاع أمين عنده-و هو جبرئيل -ثمّ قال: وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ... وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ. و فيه إشارة إلى أنّهم أرادوا برميه بالجنون أنّه قول الجنّ،فإنّ الشّيطان كان من الجنّ،و تمام البحث في هذه الآيات موكول إلى«القرآن»و«القسم»و غيرهما.
5-في الآيات رقم(44-46 و 49)جاء اتّهامه بالجنون أيضا،و ليست بعيدة عن علاقتها بالقرآن بل قريبة بها،فقد خاطبه المشركون في(44)ب يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ أي أنّ الذّكر-و هو القرآن-مصدره الجنون،فردّ اللّه عليهم بسياق مؤكّد بعد آيات: إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ الحجر:9.
ص: 189
و في(45): وَ يَقُولُونَ أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ و بعدها بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ فقد وصفوه بشاعر مجنون،أي أنّ القرآن شعر،فردّ اللّه عليهم بأنّه جاء بالحقّ،أي القرآن حقّ،بدليل أنّه صدّق الأنبياء قبله،و ليس بشعر.
و مثله(49): فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ و بعدها: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ و هي آخرها نزولا.
و في(46): ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ أي إنّه تعلّم القرآن من غيره،كما قال: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ النّحل:103.
6-و أمّا الآيات رقم(42 و 43 و 47)فجاءت رميا لنوح و موسى عليهما السّلام بالجنون في دعوتهما إلى ربّ العالمين و رفض الآلهة،و نفي ربوبيّة فرعون من دون علاقة لها بالقرآن تصريحا،إلاّ أنّ قصص القرآن عموما-كما سبق- لها علاقة بالنّبيّ عليه السّلام و بالقرآن،و أنّه من عند اللّه.
إضافة إلى أنّ(42): كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ جاءت قبلها و بعدها آيات بشأن القرآن: وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ* حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ القمر:4، 5، وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ القمر:
15،17 و 22 و 32 و 40،إضافة إلى 25 و 26: أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ* سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ فكأنّ هذه السّورة غلبت عليها صبغة قرآنيّة رفضا لأيّ ريب فيه.
و كذلك(43): قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ حيث رمى فيها فرعون موسى بأنّه مجنون،إلاّ أنّ قبلها و بعدها آيات بشأن القرآن،فقد بدأت سورة الشّعراء ب طسم* تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ*... وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ* فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ 1-6.و جاءت في أواخرها: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ إلى وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ* فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ* كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ 192-200،و أيضا هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ* تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ... وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ... 221-227، ففيها تأكيد أنّ القرآن وحي من اللّه و ليس قول شيطان و لا شعر شاعر.
إضافة إلى أنّه جاء في خلال هذه السّورة مرارا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8 و 67 و 103 و 121 و 139 و 159 و 174 و 190)و ذلك بعد كلّ قصّة فيها تسجيلا على أنّها آية لصدق القرآن.
و مثلها(47 و 48)بشأن موسى و الرّسل عليهم السّلام فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ وَ قالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ و كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فلهما علاقة بالقرآن أيضا،فقد جاء قبلهما: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ و بعدهما: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
ص: 190
الذّاريات:23 و 55.
7-لقد قورنت في هذه الآيات تهمة الجنون بتهم الكهانة و الشّعر و السّحر،فجاء في(47)قول فرعون لموسى عليه السّلام:(ساحر او مجنون)و في(48)قول أعداء الرّسل لهم: قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ و ذلك لأنّهم كانوا ينكرون عبادة الآلهة،و يصرّون على عبادة اللّه، فرموهم بالجنون،و كانت لهم معجزات فرموهم بالسّحر.
أمّا النّبيّ عليه السّلام فأتى بالقرآن مع نظمه المعجز فرموه في(45)بأنّه شاعر مجنون،و في(48)بأنّه كاهن أو مجنون تشبيها للقرآن بأوراد الكهنة،كما اتّهموه في(46) بأنّه مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ أي تعلّم القرآن من غيره.فقد جمعوا له بين الجنون و أربع تهم أخرى يتردّدون بينها شكّا منهم أو جهلا بحقيقة الأمر،أو تنويعا في الافتراء عليه بأنّه نبيّ مرسل،لاحظ«س ح ر»،و«ش ع ر»، و«ك ه ن»،و«ع ل م».
8-لا تخلو تهمة الجنون في بعض هذه الآيات عن استهزاء و سخريّة له أو لموسى عليهما السّلام،مثل(44):
يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ، و(43):
إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ و(40):
وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ، فلاحظ النّصوص التّفسيريّة.
9-احتمل بعضهم أنّ رميه بالجنون نشأ عما كان يظهر عليه من شبه الغشي،حين ينزل عليه الوحي.
و يردّه أنّ هذه الحالة كانت تغلبه أحيانا،و لم يكن المشركون يعلمون بها،مع أنّهم رموه به في بدو نزول الوحي،كما دلّت عليه سورة القلم،و سياق أوّلها(39) يأباه،فلاحظ،مع أنّ فرعون رمى موسى عليه السّلام بالجنون، و لم يكن يرى منه هذه الحالة،بل قال الطّوسيّ:«يموّه عليهم أنّي أسأله عن ماهيّة(ربّ العالمين)فيجيبني عن غير ذلك،كما يفعل المجنون»،و نحوه الفخر الرّازيّ و غيره،فلاحظ.
10-ثلاث من هذه الآيات،و هي(39 و 41 و 49) نفي للجنون عنه عليه السّلام بلسان عاطفيّ من اللّه: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ و الباقي تهمة له أو لغيره من الأنبياء،نقلا عن أعدائهم.
11-قال الطّبرسيّ في(47)قول فرعون لموسى:
ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ: «و في ذلك دلالة على جهل فرعون،لأنّ السّاحر هو اللّطيف الحيلة؛و ذلك ينافي صفة المجنون المختلط العقل،فكيف يوصف شخص واحد بهاتين الصّفتين؟!».
و نقول:وصفه موسى بالسّاحر لما صدرت عنه من الآيات،و لا سيّما آيتي العصا و اليد البيضاء،أمّا وصفه بالجنون لما مرّ من تمويهه على النّاس،و كان ذلك في مواطن مختلفة،فقال في موطن: إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ الأعراف:109،و الشّعراء:34،و قال في موضع آخر:
(43) إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ، أمّا قوله فيه(47): (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) فكلمة(او)للإبهام على السّامع أو تمويه عليه،كأنّه شاكّ في ذلك،لاحظ نصّ البروسويّ.
و قال البيضاويّ فيها:«كأنّه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوبا إلى الجنّ،و تردّد في أنّه حصل ذلك
ص: 191
باختياره و سعيه أو بغيرهما،و مراده أنّه لا ينافي الجنون السّحر،لأنّ المجنون إذا أصابه الجنّ تظهر منه الخوارق، و هي من أعمال الجنّ دون المجنون».
سادسا:جاءت(جنّة)78 مرّة و(جنّتان و جنّتين) 7 مرّات،و(جنّات)69 مرّة،و لها في الآيات ثلاثة مسمّيات:جنّة آدم،و جنّة الأرض،و جنّة الخلد،ففيها ثلاثة محاور:
المحور الأوّل:جنّة آدم:6 آيات(50-55)خمس مكّيّة في الأعراف و طه،و واحدة مدنيّة في البقرة.
و نحن نورد الآيات كاملة حسب ترتيب النّزول، لتعطينا صورة واضحة عن تلك القصّة في القرآن.
وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ* فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ* وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ* فَدَلاّهُما بِغُرُورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ* قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ* قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ* قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَ فِيها تَمُوتُونَ وَ مِنْها تُخْرَجُونَ* يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ الأعراف:19-27
وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى* فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى* إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيها وَ لا تَعْرى* وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَ لا تَضْحى* فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى* فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى* ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى طه:
116-122
وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ* فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ وَ قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ* فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ* قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ البقرة:35-39
و فيها بحوث:
1-آيات الأعراف فيها تفصيل القصّة،ابتداء بخطاب اللّه لآدم بأن يسكن هو مع زوجه الجنّة،و أن
ص: 192
يأكلا منها من حيث شاءا،و أن لا يقربا من الشّجرة ليكونا من الظّالمين.و هذا تكرّر في البقرة دون طه،بل فيها خاطب آدم أنّ الشّيطان عدوّ له و لزوجه فلا يخرجنّهما من الجنّة ليشقى،ثمّ وصف الجنّة بما ذكر فيها و ليس فيها ذكر الشّجرة.
ثمّ حكى في«الأعراف»وسوسة الشّيطان لهما ليبدي لهما ما وري عنها بحجّة أنّ ربّهما نهاهما عن الشّجرة، كراهة أن يكونا ملكين أو يكونا من الخالدين،و قاسمهما أنّه لهما من النّاصحين فدلاّهما بغرور.و في«طه» وسوس الشّيطان إلى آدم و قال له:هل أدلّك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى،و ليس فيها احتجاج و لا قسم.أمّا في«البقرة»فاكتفى بأنّه أزلّهما عنها و أخرجهما منها من دون ذكر الوسوسة و الاحتجاج و القسم.
و جاء في«الأعراف»أنّهما ذاقا الشّجرة،فبدت لهما سوآتهما و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة.و قريب منها ما في«طه»و سكت عنها في«البقرة».
ثمّ في الأعراف وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ* قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ و في طه: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى* ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى. و في البقرة:
فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ ثمّ في الأعراف: قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلى آخر الآيات،و في«البقرة»قريب منها و ليس في«طه».
2-و مع أنّها تختلف تفصيلا و إجمالا،تشترك في أنّ المخاطب فيها جميعا،هو آدم و تبعته زوجته في الخطاب.
و في العنصر الأصليّ للقصّة:و هو إغواء الشّيطان لهما، و إخراجهما من الجنّة بالعصيان ثمّ غفران اللّه لهما.
3-اختلف المفسّرون قديما و حديثا في«جنّة آدم» أ هي جنّة الخلد،أو جنّة في السّماء،أو جنّة في الأرض، و تمسّكوا بأشياء لا تنتهي إلى القطع و اليقين،فلاحظ النّصوص.و لا يهمّنا العلم بها بقدر ما يهمّنا الاتّعاظ بها، حذرا من إغواء الشّيطان و اعترافا بأنّه عدوّ للإنسان، و لهذا ذيّلها في الأعراف بخطاب يا بني آدم مرّتين كنتيجة للقصّة.
4-كما اختلفوا في الشّجرة أ هي حنطة أو غيرها، لاحظ:«إبليس،شيطان،شجرة،آدم»فقد أحصينا في «آدم»ما جاء في القرآن من شئونه و أعماله.
5-جاءت هذه القصّة في التّوراة بتفاوت عمّا في القرآن،و يظهر منها أنّ الجنّة كانت في«عدن»و أنّ الشّجرة هي شجرة الحياة و معرفة الخير و الشّرّ،لاحظ الفصل الثّاني من«سفر التّكوين».
المحور الثّاني:جنّة الأرض 12 آية(111- 122)و فيها بحوث:
1-ثمان منها جاءت مفردة(111-118)و أربع منها جاءت تثنية:اثنتان لجنّتين كانتا لقوم سبأ (119،120)،كرّرت فيهما ثلاث مرّات و اثنتان في قصّة جنّتين كانتا لرجل اغترّ بهما(121 و 122)و كرّرت فيهما مرّتين و الجميع خمس مرّات لاحظ النّصوص، و لاحظ«أ ث ل:أثل».
2-و اثنتا عشرة(147-158)جاءت جمعا:
ص: 193
جنّات،جعلها اللّه للنّاس في الأرض،و هي أصناف:
أ-في الأربع الأولى(147-150)جاءت (جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ) أولاهما منّة على النّاس بإعطائها،و مثلها (154): وَ فَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ و الباقي إنذار بأنّهم سيخرجون منها و يتركوها لغيرهم،و ليسوا بآمنين فيها أبد الدّهر.
ب-و جاء في(156): وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً.
ج-فنرى أنّ اللّه أكّد في هذه الآيات العيون و الأنهار في جنّات الدّنيا،كما أكّدها في جنّات الآخرة مرارا حيث قال: جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لاحظ «ت ح ت».و معلوم أنّ الجنّة إذا خلت من المياه الجارية سواء كانت عيونا أو أنهارا،و سواء كانت الجنّة من جنّات الدّنيا أو الآخرة،لا لطف فيها،لاحظ«عين و نهر».
د-و الآيات الباقية كلّها منّة على النّاس بجنّات فيها أصناف من الثّمار:كالنّخيل و الأعناب و الزّيتون و الرّمّان و الفواكه،فجاءت فيها الأعناب أربعا و النّخيل ثلاثا،و غيرها مرّة واحدة فالتّأكيد للأعناب و النّخيل كان أشدّ لكثرتها يوم ذاك في جزيرة العرب،و دخلها البالغ في معيشة أهلها،لاحظ«عنب و نخل».
ه-ألحق الحبّ و الزّرع و النّبات بالثّمار في عدّة منها،لاحظ هذه الموادّ.
المحور الثّالث:جنّة الخلد،جاءت مفردة و تثنية و جمعا 91 مرّة(56-146)،و مع هذه الكثرة فهي من أحلى و أحبّ و أقوى آمال المؤمنين رجاء،و آكد وعد اللّه لهم صدقا،و فيها بحوث:
1-وصفت الجنّة بصفات:
جنّة عرضها كعرض السّماء و الأرض:(102).
جنّة النّعيم:(72)،(89)،(93)،(132).
جنّة عالية:(92)،(97).
جنّة مزلفة:(73)،(96).
جنّة المأوى:(95)،(99)،(142).
الجنّة الموعودة:(66)،(80)،(85)،(87)،(102).
جنّة الخلود:(56)،(63)،(64)،(65)،(70)، (77)،(84)،(109).
خير مستقرا:(71).
جنّة الفوز:(61)،(91).
جنّة عدن:(137-140).
جنّات النّعيم:(126-133).
جنّتي:(98).
جنّة تجري من تحتها الأنهار:(74).
جنّات الفردوس:(141).
جنّات و عيون:(134-136)،(147-150).
روضات الجنّات:(143).
جنّات يتساءلون:(145).
جنّات مكرمون:(146).
2-الأصناف الّذين يدخلون الجنّة:
أصحاب الجنّة:(71)،(76)،(91)،(103)، (104)،(108)،(110).
أصحاب اليمين:(145).
الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات:(56)،(64)، (74)،(109)،(141-143).
التّائبون:(68).
الّذين آمنوا باللّه و اليوم الآخر:(30).
ص: 194
السّابقون:(130).
الصّالحون:(79)،(107).
السّعداء:(65).
المتّقون:(66)،(69)،(73)،(77)،(78)، (131)،(134،135)،(139)،(144).
المجاهدون:(133).
المخلصون:(129).
المصلّون:(146).
الّذين ينهون النّفس عن الهوى:(95).
الصّابرون:(60).
المستغفرون:(101).
الّذين استقاموا:(80).
الّذين تتوفّاهم الملائكة:(67).
و قد سبق في(أ م ن)و(ت ح ت)شطر من ذلك، فلاحظ.
3-جاء الخلود في الجنّة لأهلها في 23 آية كما جاء لأهل النّار في 10 آيات،لاحظ«خ ل د».
4-جاءت الجنّة و الجنّات مع العيون في 8 آيات و مع الأنهار في 38 آية،اعترافا-كما سبق-بأنّ الجنّة ينبغي أن يكون فيها ماء جار،و في الآيات أوصاف أخرى للجنّة تبشيرا و ترغيبا للنّاس.
سابعا:جاءت(جنّة)مرّتين:(194 و 195)بسياق واحد ذمّا للمنافقين في سورتين مدنيّتين متواليتين نزولا:(المنافقون)و(المجادلة) اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ لكن يختلف ذيلهما:فالأولى إدانة لهم بسوء أعمالهم: إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ، و الثّانية إنذار لهم بعذاب الآخرة: فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ، فقد لوحظ فيهما ترتيب العتاب حسب ترتيب الدّنيا و الآخرة،لاحظ(ن ف ق):المنافق.
ثامنا:جاءت(أجنّة)جمع(جنين)مرّة واحدة (196): هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ و فيها بحوث:
1-فيها تذكار بأوّل مراحل خلق الإنسان من التّراب،و آخر مراحله و هو كمال خلقته في الرّحم قبل خروجه إلى هذا العالم،إعلاما بإحاطة علمه تعالى على جميع مراحل خلق الإنسان.
2-و فيها-إضافة إلى كمال علمه تعالى-تذكار بمنّه على الإنسان،حيث أنشأه من تراب،و هذا إشارة إلى خلق أبيهم«آدم»من تراب،فاستمرّ نسله إلى خلق أيّ إنسان في بطن أمّه،فدلّت على مراحل لا تعدّ و لا تحصى من أصلاب الآباء و بطون الأمّهات،فهو كالمسافر الّذي طوى مسافة بعيدة حتّى وصل إلى منزله الأخير.
3-يتداعى من(الأرض)و بطون الأمّهات أنّ الإنسان خرج من بطن الأرض أوّلا و بطن الأمّهات آخرا فله أمّان أوّلا و آخرا:أمّ الأرض و أمّ الولادة،أو أمّ الإنشاء و أمّ الخلق.
4-و لعلّ(البطون)بصيغة الجمع إشارة إلى بطون الأمّهات من آدم إلى بطن كلّ إنسان،أي أنّ لكلّ إنسان كانت بطون أمّهات.و لكنّ الظّاهر أنّ الجمع بلحاظ كثرة النّاس،و أريد بها بطن أمّ كلّ منهم.[لاحظ بطن]
5-و قد أحاط خلقة الإنسان بدوا و ختما في الآية ذكر مساوئ أعماله وسعة غفران اللّه و أنّه أعلم بمن اتّقى، فلا ينبغي أن يزكّي الإنسان نفسه و ينسى ما منّ به اللّه عليه من رحمته الواسعة.
ص: 195
ص: 196
لفظان مرّتان:1 مكّيّة،1 مدنيّة
في سورتين:1 مكّيّة،1 مدنيّة
جنى 1:-1 جنيّا 1:1
الخليل :جنى فلان جناية،أي جرّ جريرة على نفسه،أو على قومه،يجني.[ثمّ استشهد بشعر]
و تجنّى فلان عليّ ذنبا،إذا تقوّله عليّ و أنا بريء.
و فلان يجاني على فلان،أي يتجنّى عليه.
و الجنى:الرّطب و العسل،و كلّ ثمرة تجتنى فهو جنى، مقصور.
و الاجتناء:أخذك إيّاه،و هو جنى ما دام طريّا.[ثمّ استشهد بشعر](6:184)
ابن الأعرابيّ: جنأ في عدوه،إذا ألحّ و أكبّ.[ثمّ استشهد بشعر]
الجاني:اللّقاح.(الأزهريّ 11:196)
أبو عبيد: [في حديث عليّ عليه السّلام]
هذا جناي و خياره فيه
إذ كلّ جان يده إلى فيه
يضرب هذا مثلا للرّجل يؤثر صاحبه بخيار ما عنده.
يقال:جنيت فلانا جنى،أي جنيته له.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ:11:195)
قولهم:«جانيك من يجني عليك»يضرب مثلا للرّجل يعاقب بجنايته،و لا يؤخذ غيره بذنبه.
و من أمثالهم:«أجناؤها أبناؤها».الأجناء:جمع الجاني،و الأبناء:جمع الباني،مثل:شاهد و أشهاد، و ناصر و أنصار.
و المعنى أنّ الّذي جنى فهدم هو الّذي بنى بغير تدبير، فاحتاج إلى نقض ما عمل و إفساده.(الأزهريّ 11:196)
ابن السّكّيت: و تقول:قد جنأت،إذا انحنيت على الشّيء.و قد جنيت الثّمرة أجنيها.
(إصلاح المنطق:152)
ص: 197
و يقال:أجنى الشّجر،إذا أدرك ثمره للاجتناء،و قد جنى الثّمرة يجنيها جنيا.(إصلاح المنطق:270)
شمر:جنيتك،جنيت لك و عليك.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 11:196)
أبو الهيثم: في قوله:«جانيك من يجني عليك» يراد به:الجاني لك الخير من يجني عليك الشّرّ.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 11:196)
الزّجّاج: و أجنت الأرض:كثر جناها.
(فعلت و أفعلت:46)
ابن دريد :و الجنى:كلّ ما جنيته من الثّمر،غير مهموز.(3:229)
نحوه مجمع اللّغة.(1:216)
الأزهريّ: يقال للعسل إذا اشتير:جنى...و يقال لكلّ شيء أخذ من شجره:قد جني و اجتني.[ثمّ استشهد بشعر]
و يقال للثّمر إذا صرم:جنيّ.
[بعد بيان معنى قولهم:«جانيك من يجني عليك» قال:]
و قيل:معناه إنّما يجنيك من جنايته راجعة إليك، و ذلك أنّ الإخوة يجنون على الرّجل.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجاني:الكاسب.
و يقال:أجنت الشّجرة،إذا صار لها جنى يجنى فيؤكل.[ثمّ استشهد بشعر](11:195)
الصّاحب:جنى الرّجل جناية.و تجنّى عليّ ذنبا، إذا نسبه إليه و لعلّه بريء.
و جمع الجاني:أجناء،و في المثل:«أجناؤها أبناؤها» معناه هادموها بانوها،و له حديث.
و في المثل أيضا في البعث على تخيّر ذوي الصّلاح:
«ما كفى حربا جانيها».
و الجنى:الرّطب و العسل،و كلّ ثمرة تجتنى.
و الاجتناء:القطف.[ثمّ استشهد بشعر]
و أجنى الشّجر:أدرك جناه.و أجنت الأرض و أجنى الجنى،أي نبت.
و الجنى:القبل و نحوها
و الأجنى:الّذي في كاهله انحناء على صدره، و الاسم:الجنى،و نعامة جنواء،و قد جنى و هذا يهمز أيضا،و قد ذكر في بابه.
و الجنيّة:رداء مدوّر من خزّ.
و الجواني:الجوانب،كالأراني و الثّعالي.(7:186)
الجوهريّ: يقال:أتانا بجناة طيّبة:لكلّ ما يجتنى.
و ثمر جنيّ،على«فعيل»:حين جني.
و جنى عليه جناية.
و التّجنّي مثل التّجرّم،و هو أن يدّعي عليك ذنبا لم تفعله.
و في المثل:«أجناؤها أبناؤها».و أنا أظنّ أنّ أصل هذا المثل«جناتها بناتها»لأنّ«فاعلا»لا يجمع على «أفعال»و أمّا الأشهاد و الأصحاب فإنّما هما جمع شهد و صحب،إلاّ أن يكون هذا من النّوادر،لأنّه يجيء.في الأمثال ما لا يجيء في غيرها.
و أجنى الشّجر،أي أدرك ثمره.و أجنت الأرض،أي
ص: 198
كثر جناها،و هو الكلأ و الكمأة،و نحو ذلك.
(6:2305)
الهرويّ و يقال لكلّ ما نيل من الثّمر:جنيّ و جنى.
و في حديث عليّ عليه السّلام:
*هذا جناي و خياره فيه*
أراد عليّ عليه السّلام أنّه لم يتلطّخ بشيء من فيء المسلمين، بل وضعها موضعها.[إلى أن قال:]
صارت مثلا لكلّ من آثر صاحبه بخير ما عنده.
و في بعض الرّوايات:«أهدي له أجن زغب»، فالأجناء:جمع الجنى،و سمّى (1)القثّاء الرّطب الغضّ:
جنى،ثمّ جمعه أجنيا،كما يقال:عصا و أعص،و رسن و أرسن،و جبل و أجبل.و الرّواية المشهورة-المحفوظة- «و أجر زغب»بالرّاء،و قد كتبناه في موضعه.(214)
ابن سيده: جنى الذّنب عليه جناية:جرّه.[ثمّ استشهد بشعر]
و رجل جان،من قوم جناة،و جنّاء،الأخيرة عن سيبويه.فأمّا قولهم:أبناؤها أجناؤها،فزعم أبو عبيد أنّ أبناء:جمع بان،و أجناء:جمع جان،كشاهد و أشهاد، و صاحب و أصحاب،و أراهم لم يكسّروا بانيا على أبناء و لا جانيا على أجناء إلاّ في هذا المثل.
و تجنّى عليه،و جانى:ادّعى عليه جناية.
و جنى الثّمرة و نحوها جنيا،فهو جان من قوم جناة،و جنّاء.[ثمّ استشهد بشعر]
و اجتناها،و تجنّاها،كلّ ذلك:تناولها من شجرتها.
[ثمّ استشهد بشعر]
و جناها له،و جناه إيّاها.[ثمّ استشهد بشعر]
و الجنيّ: كلّ ما جني حتّى الفطر و الكمأة،واحدته:
جناة.
و قيل:الجناة:كالجنى،فهو على هذا من باب حقّ و حقّة.
و قد يجمع الجنى على أجناء و جناء.[ثمّ استشهد بشعر]
و قد يجمع:على أجن،كجبل و أجبل،و روي في الحديث:«أهدي إليه أجن زغب».و الأكثر:أجر، حكى ذلك أبو عبيد الهرويّ في«الغريبين».
و الجنى:الكلأ.
و الجنى:الكمأة.
و أجنت الأرض:كثر جناها.
و الجنيّ: الثّمر المجتنى ما دام طريّا،و في التّنزيل:
تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا مريم:25.
و الجنى:الرّطب و العسل.
و اجتنينا ماء مطر،حكاه ابن الأعرابيّ،قال:و هو من جيّد كلام العرب،و لم يفسّره.و عندي:أنّه أراد:
وردناه فشربناه أو سقيناه ركابنا،و وجه استجادة ابن الأعرابيّ له أنّه من فصيح كلام العرب.
و الجنى:الودع،كأنّه جني من البحر.
و الجنى:الذّهب،و قد جناه،قال في صفة ذهب:
*صبيحة ديمة يجنيه جان*
أي يجمعه من معدنه.(7:508)
الرّاغب: جنيت الثّمرة و اجتنيتها،و الجنيّ:ل.
ص: 199
المجتنى من الثّمر و العسل،و أكثر ما يستعمل«الجنيّ» فيما كان غضّا،قال تعالى: تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا، و قال تعالى: وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الرّحمن:54.
و أجنى الشّجر:أدرك ثمره،و الأرض:كثر جناها، و استعير من ذلك:جنى فلان جناية،كما استعير «اجترم».(101)
الزّمخشريّ: هات جناة من جناك،و هذه شجرة طيّبة الجناة.و ثمر جنيّ:جني آنفا.
و أجنى الشّجر:حان أن يجنى ثمره.و أجنيته الثّمر:
مكّنته من اجتنائه.
و أجنت الأرض و أخلت:صار فيها الجنى و الخلى (1).
و أجنى اللّه الماشية:أنبت لها الجنى.
و جنى على أهله:جرّ عليهم.و تجنّى على أخيه ما لم يجن.
و من المجاز:اجتنى العسل.و تقول العرب:جنيت الجراد و صدت ماء المطر.(أساس البلاغة:66)
ابن الأثير: فيه:«لا يجني جان إلاّ على نفسه» الجناية:الذّنب و الجرم،و ما يفعله الإنسان ممّا يوجب عليه العذاب،أو القصاص في الدّنيا و الآخرة.
المعنى:أنّه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه و أباعده:فإذا جنى أحدهما جناية لا يعاقب بها الآخر، كقوله تعالى: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فاطر:18.
[ثمّ ذكر نحو الهرويّ،إلى أن قال:]
و في حديث أبي بكر:«أنّه رأى أبا ذرّ رضي اللّه عنهما،فدعاه،فجنا عليه،فسارّه»جنا على الشّيء يجنو،إذا أكبّ عليه.
و قيل:هو مهموز،و قيل:الأصل فيه الهمز،من:
جنأ يجنأ،إذا مال عليه و عطف،ثمّ خفّف،و هو لغة في «أجنأ».و لو رويت بالحاء المهملة بمعنى أكبّ عليه،لكان أشبه.(1:309)
الفيّوميّ: [نحو السّابقين و أضاف:]
و أجنى النّخل بالألف:حان له أن يجنى.[إلى أن قال:] و غلبت الجناية في ألسنة الفقهاء،على الجرح و القطع.و الجمع:جنايات،و جنايا مثل عطايا قليل فيه.
(1:112)
الفيروزآباديّ: جنى الذّنب عليه يجنيه جناية:
جرّه إليه،و الثّمرة:اجتناها كتجنّاها،و هو جان.
جمعه:جناة و جنّاء،و أجناء نادر،و جناها له،و جنّاه إيّاها.و كلّ ما يجنى،فهو جنى و جناة.
و الجنى:الذّهب و الودع و الرّطب و العسل؛جمعه:
أجناء.
و اجتنينا ماء مطر:وردناه فشربناه.
و أجنى الشّجر:أدرك،و الأرض:كثر جناها.
و ثمر جنيّ: جني من ساعته.
و تجنّى عليه:ادّعى ذنبا لم يفعله.
و الجنيّة كغنيّة:رداء من خزّ.
و تجنى:بلدة.
و الجواني:الجوانب.(4:315)
عبد الكريم الخطيب :الجنى:الثّمر النّاضج، و هو ما يجنى من شجره،و منه الجنين،و هو ثمرة الحيوان، و يسمّى بيض الطّير جنى لهذا المعنى.(14:693)ب.
ص: 200
محمّد إسماعيل إبراهيم: جنى الثّمر:أخذه من شجره،و الجنى:ما يقطف و يجمع من الثّمر،و جنيّا:
ناضجا صالحا للاجتناء،أو ما جني لساعته من كلّ ثمر.
(1:114)
المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة:هو الأخذ لثمر أو غيره،من شجر أو ممّا يكون الأخذ منه.
و أمّا الجناية:فهو اكتساب الإثم و أخذه و اقتطافه، تشبيها باقتطاف الثّمرة،فارتكاب الإثم يستفاد من المادّة،و الإثم المخصوص و هو الجناية يستفاد من كلمة «على»ظاهرة أو مقدّرة.
و أمّا كون الثّمر غضّا؛فيستفاد من مفهوم المادّة، فإنّ أخذ الثّمرة من الشّجرة منصرف إلى حين اقتطافها.
[إلى أن قال:]
و لا يبعد حينئذ أن نقول:إنّ«الجنى»مصدر و بمعنى المصدر،أو كان في الأصل مصدرا،ثمّ يطلق على الثّمر المجنيّ مبالغة،إذا لوحظ فيه هذه الجهة،و على أيّ حال فقيد الاجتناء ملحوظ فيه.
و الفرق بين الجنى و القطف:أنّ النّظر في الجنى إلى جهة الآخذ،و في القطف إلى جانب المأخوذ،و على هذا قد أتى«القطف»بصيغة الجمع في قوله تعالى: قُطُوفُها دانِيَةٌ الحاقّة:23،بخلاف وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الرّحمن:54.(2:133)
...وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ. الرّحمن:54
ابن عبّاس: اجتناء البساتين.(452)
ثمارها.(الطّبريّ 27:150)
مثله قتادة(الطّبريّ 27:149)،و الماورديّ(5:
439)،و النّسفيّ(4:212)،و النّيسابوريّ(27:69)، و ابن كثير(6:499)،و الشّربينيّ(4:172).
أبو عبيدة :ما يجتنى.(2:245)
مثله السّجستانيّ(184)،و الزّجّاج(5:104)، و القشيريّ(6:80)،و الواحديّ(4:227)،و البغويّ (4:341)،و ابن عطيّة(5:233)،و الطّبرسيّ(5:
208)،و أبو السّعود(6:181)،و البروسويّ(9:
307)،و الطّباطبائيّ(19:110).
الطّبريّ: ثمر الجنّتين الّذي يجتنى.(27:149)
الثّعالبيّ: [ذكر فصلا في التّجنيس و قال:هو أن يجانس اللّفظ اللّفظ و المعنى مختلف،و جاء له بأمثلة من القرآن،منها]
قوله تعالى: وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الرّحمن:54.
(384)
الطّوسيّ: فالجنى:الثّمرة الّتي قد أدركت في الشّجرة و صلح أن تجنى غضّة.(9:480)
الزّمخشريّ: و قرئ (جنى) بكسر الجيم.(4:49)
البيضاويّ: و(جنى)اسم بمعنى مجنيّ.
(2:444)
مثله المشهديّ.(10:171)
الآلوسيّ: أي ما يجنى و يؤخذ من أشجارهما من الثّمار،(فجنى)اسم أو صفة مشبّهة بمعنى المجنيّ.[إلى أن قال:]
ص: 201
و قرأ عيسى (و جنى) بفتح الجيم و كسر النّون،كأنّه أمال النّون و إن كانت الألف قد حذفت في اللّفظ،كما أمال أبو عمرو حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً البقرة:55، و قرئ و (جنى) بكسر الجيم،و هو لغة فيه.
(27:118)
المصطفويّ: أي ما يجنى منهما قريب يناله الأيدي.و التّعبير بهذه الكلمة دون الثّمر،أو الجنيّ إشارة إلى جهة سهولة الاجتناء و قرب التّناول،فإنّ قرب الثّمر يمكن أن يكون بعد مدّة من الاجتناء، و لا يكون حينئذ طريّا.(2:133)
وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا.
مريم:25
ابن عبّاس: غضّا طريّا.(255)
نحوه السّجستانيّ(117)،و النّسفيّ(3:33)، و الشّربينيّ(2:421).
مقاتل: المترطّب البسر.(الماورديّ 3:367)
أبو عمرو ابن العلاء:البلح لم يتغيّر.
(الماورديّ 3:367)
مالك: الجنيّ من التّمر:ما طاب من غير نقش و لا إفساد.(القرطبيّ 11:96)
الفرّاء: الجنيّ و المجنيّ واحد،و هو مفعول به.
(2:166)
الطّبريّ: يعني مجنيّا،و إنّما كان أصله مفعولا، فصرف إلى«فعيل»و المجنيّ المأخوذ طريّا،و كلّ ما أخذ من ثمرة،أو نقل من موضعه بطراوته،فقد أجتني، و لذلك قيل:يجتني الكمأة.[ثمّ استشهد بشعر]
(16:73)
نحوه الطّوسيّ(7:119)،و الواحديّ(3:181).
القمّيّ: أي طيّبا.(2:49)
الماورديّ: فيه ثلاثة أقاويل:[فذكر قول مقاتل، و أبي عمرو و قال:]
الثّالث:أنّه الطّريّ بغباره.(3:367)
البغويّ: مجنيّا،و قيل:الجنيّ هو الّذي بلغ الغاية، و جاء أوان اجتنائه.(3:230)
الزّمخشريّ: عن طلحة بن سليمان(جنيّا)بكسر الجيم للإتباع.(2:507)
ابن عطيّة: معناه:قد طابت و صلحت للاجتناء، و هو من:جنيت الثّمرة.(4:12)
أبو السّعود : جَنِيًّا صفة له[رطبا]و هو ما قطع قبل يبسه،«فعل»بمعنى«مفعول»،أي رطبا مجنيّا،أي صالحا للاجتناء،و قيل:بمعنى«فاعل»أي طريّا طيّبا.
(4:237)
نحوه البروسويّ(5:327)،و الآلوسيّ(16:85).
المصطفويّ: أي قد جني من حينه.(2:133)
1-الأصل في هذه المادّة:الجنى،و هو ما يجنى من الشّجر،واحدته:جناة،و جمعه:أجن و أجناء،يقال:
اجتنى الجنى،أي أخذه رطبا،و قد جني و اجتني، و جنيت فلانا جنى:جنيت له.و أجنت الشّجرة:صار لها
ص: 202
جنى يجنى فيؤكل،و أجنت الأرض:كثر جناها.و جنيت الثّمرة أجنيها جنى و اجتنيتها و تجنّيتها:تناولتها من شجرتها،و أجنى الثّمر:أدرك.
و الجنى:الرّطب،و الكمأة،و الكلأ،و العسل،لأنّها تجنى كما تجنى الثّمرة من الشّجرة،و هو الودع أيضا، و هي خرز تستخرج من البحر للزّينة،و كأنّه جني من البحر.
و الجنيّ:الثّمر المجتنى ما دام طريّا،و التّمر المصروم،يقال:تمر جنيّ.
و قولهم:اجتنينا ماء المطر،أي وردناه فشربناه،أو سقيناه ركابنا،مجازيّ.
و الجناية:الذّنب و الجرم،و هو محمول على ذلك، و كأنّ صاحب الذّنب يجني سوء فعله،فيكون وبالا عليه،و لذا عدّي بحرف الجرّ«على»،و هو يفيد الفوقيّة المعنويّة،يقال:جنى فلان على نفسه يجني جناية،أي جرّ جريرة،و جنى الذّنب عليه جناية:جرّه،فهو جان و هم جناة و جنّاء،و جنيت لك و عليك و تجنّى عليه و جانى:ادّعى عليه جناية،و تجنّى فلان على فلان ذنبا:
تقوّله عليه و هو بريء.
قال الرّاغب:«و أجنى الشّجر:أدرك ثمره،و الأرض:
كثر جناها،و استعير من ذلك:جنى فلان جناية،كما استعير اجترم».
2-و رجل أجنى بيّن الجنى:أحدب،و هي جنوى:
حدباء،و المشهور:أجنأ و جنواء،فلمّا سهّلت الهمزة في «أجنأ»أصبح«أجنا»،ثمّ قصرت الألف فحسبه بعض من(ج ن ي).و كذلك«جنواء»،حذفت الهمزة منه و قصرت ألفه،فصار«جنوى».كما قالوا:رجل أحنى و امرأة حنياء و حنواء،أي في ظهرهما احد يداب،و هو على أصله من«الحني»،فبينه و بين لغة الهمز اشتقاق أكبر.
جاء منها اسمان في سورتين مكّيّة و مدنيّة،بالمعنى الأصليّ لها:و هو أخذ الثّمرة من الشّجرة.
1- مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الرّحمن:54
2- وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا مريم:25
يلاحظ أوّلا:أنّ المعنى المستعار من هذه المادّة،أي الجناية-و هي قبيحة معرض عنها-لم يأت في القرآن، بل اكتفى بالمعنى الأصليّ أي أخذ الثّمرة من الشّجر-و هو حسن مرغوب فيه-بلفظين:جنى و جنيّ.
ثانيا:«الجنى»و هو ما يجنى من الشّجر،جاء وصفا لما يتمتّع به أهل الجنّة؛حيث يتّكئون على فرش بطائنها من استبرق في جنّتين لهم،ثمرتها دانية منهم،يجنونها مهما يحبّون،و في كلّ الأحوال قاعدين أو قائمين أو مسترخين.
أمّا«الجنيّ»-و هو ما يجنى من الشّجر أيضا-كأنّه أبلغ و آكد في معناه من«جنى»فجاء وصفا لرطب تساقطه جذع النّخلة على مريم،كأنّها لا تحتاج إلى جنيه و أخذه،بل الرّطب مجنيّ بجذع النّخل،فتساقطه عليها بمجرّد هزّها النّخلة.و كأنّ هذا التّعبير يوهم أنّه من ثمار
ص: 203
الجنّة و من قبيلها،و فيه ما لا يخفى من اللّطف.
و لكن فرق بين الرّطب و بين حملها:حيث لم يسقط اللّه عليها الرّطب دون هزّ الجذع،و قد حملت بقدرته دون زوج.فنفى هنا الواسطة،و أمر هناك بها،فرقا بين عملها و بين عمل اللّه تعالى.
ص: 204
17 لفظا،41 مرّة:8 مكّيّة،33 مدنيّة
في 19 سورة:6 مكّيّة،13 مدنيّة
جهد 5:3-2 تجاهدون 1:-1
جهدهم 1:-1 جاهد 2:-2
جاهد 2:-2 جاهدهم 1:1
جاهداك 2:1-1 جاهدوا 4:-4
جاهدوا 11:2-9 المجاهدون 1:-1
يجاهد 1:-1 المجاهدين 3:-3
يجاهدون 1:-1 جهاد 1:-1
يجاهدوا 2:-2 جهادا 2:1-1
جهاده 1:-1
الشّعبيّ: الجهد:الطّاقة،تقول:هذا جهدي،أي طاقتي.
الجهد في القيتة (1)و الجهد في العمل.
(الأزهريّ 6:38)
أبو عمرو ابن العلاء: حلف باللّه فأجهد و سار فأجهد،و لا يكون فجهد.(الأزهريّ 6:39)
الخليل: الجهد:ما جهد الإنسان من مرض،أو أمر شاقّ،فهو مجهود.و الجهد لغة بهذا المعنى.
و الجهد:شيء قليل يعيش به المقلّ على جهد العيش.
و الجهد:بلوغك غاية الأمر الّذي لا تألو عن الجهد فيه،تقول:جهدت جهدي،و اجتهدت رأيي و نفسي حتّى بلغت مجهودي.
و جهدت فلانا:بلغت مشقّته،و أجهدته على أن يفعل كذا،و أجهد القوم علينا في العداوة.
و جاهدت العدوّ مجاهدة،و هو قتالك إيّاه.
(3:386)
سيبويه :قالوا:«طلبته جهدك»أضافوا المصدر
ص: 205
و إن كان في موضع الحال،كما أدخلوا فيه الألف و اللاّم حين قالوا:أرسلها العراك.و ليس كلّ مصدر يضاف،كما أنّه ليس كلّ مصدر تدخله الألف و اللاّم.
و تقول:جهد رأيي أنّك ذاهب،تجعل«جهد»ظرفا و ترفع«أنّ»به،على ما ذهبوا إليه في قولهم:حقّا أنّك ذاهب.(ابن سيده 4:153)
ابن شميّل: الجهاد:أظهر الأرض و أسواها،أي أشدّها استواء،أنبتت أو لم تنبت،ليس قربه جبل و لا أكمة،و الصّحراء:جهاد.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 6:38)
أبو عمرو الشّيبانيّ: أجهد في حاجتي،و جهد لي سواء.(1:117)
يقال:هذه بقلة لا يجهدها المال،أي لا يكثر منها، و هذا كلأ يجهده المال،إذا كان يلجّ عليه و يرعاه.
(الأزهريّ 6:37)
الجماد و الجهاد:الأرض الجدبة الّتي لا شيء فيها، و الجماعة:جمد و جهد.(الأزهريّ 6:38)
أجهد القوم لي،أي أشرفوا.[ثمّ استشهد بشعر]
(الأزهريّ 6:39)
الفرّاء: بلغت به الجهد،أي الغاية،و اجهد جهدك في هذا الأمر،أي ابلغ فيه غايتك.
و أمّا الجهد فالطّاقة،يقال:أجهد جهدك.
و جهدت فلانا:بلغت مشقّته،و أجهدته على أن يفعل كذا و كذا،و أجهد القوم علينا في العداوة، و جاهدت العدوّ مجاهدة.(الأزهريّ 6:37)
أرض فضاء و جهاد و براز،بمعنى واحد.
(الأزهريّ 6:39)
أبو زيد :يقال:إنّ فلانا لمجهد لك،و قد أجهد،إذا اختلط.(الأزهريّ 6:39)
أبو عبيد: جهدته و أجهدته بمعنى واحد.
(الأزهريّ 6:37)
ابن الأعرابيّ: الجهاض و الجهاد:ثمر الأراك،و نحو ذلك.(الأزهريّ 6:39)
ابن السّكّيت: الجهد:الغاية.(الأزهريّ 6:37)
أبو سعيد البغداديّ: أجهد لك هذا الأمر فاركبه، أي أمكنك و أعرض لك.(الأزهريّ 6:39)
الزّجّاج: و جهدت الفرس و أجهدته،إذا استخرجت جهده،و كذلك جهدت في الأمر،و أجهدت، إذا بلغت جهدي فيه.(فعلت و أفعلت:192)
ابن دريد :و الجهد و الجهد:لغتان فصيحتان بمعنى واحد،بلغ الرّجل جهده و جهده و مجهوده،إذا بلغ أقصى قوّته و طوقه.و جهدت الرّجل،إذا حملته على أن يبلغ مجهوده.
و بنو جهادة:حيّ من العرب.
و الرّجل جاهد في أمره:جادّ فيه،و رجل مجهود،إذا جهد،و جهده غيره.(2:71)
و جهد فلان في كذا و كذا و أجهد.(3:435)
نفطويه: الجهد بضمّ الجيم:الوسع و الطّاقة، و الجهد:المبالغة و الغاية،و منه قوله: جَهْدَ أَيْمانِهِمْ المائدة:53،أي بالغوا في اليمين و اجتهدوا فيها.
(الهرويّ 1:426)
الأزهريّ: [قيل:]أجهد فيه الشّيب إجهادا،إذا بدا
ص: 206
فيه و كثر.(6:39)
الصّاحب: الجهد:ما جهد الإنسان من مرض أو أمر شاقّ،و هو مجهود؛و الجهد لغة.جهدت نفسي و أجهدتها.و يقولون:لأبلغنّ جهداي في الأمر و جهيداي.
و جهاداك أن تفعل ذاك،أي قصاراك.
و الجهد:شيء قليل يعيش به الرّجل المقلّ.
و كلّ من بالغ في شيء فقد جهد و اجتهد.و أجهدته:
حملته على ذاك.
و جاهدت العدوّ مجاهدة و جهادا:قاتلتهم.
و الإجهاد:الإشراف،و الظّهور.أجهدنا:أصحرنا و برزنا.
و المجهود:المشتهى من الطّعام و اللّبن.و الجاهد:
الشّهوان،و جمعه:أجهاد.
و المجهد:الغضبان.
و أجهد الشّيء:تكشّف.
و الجهاد:الأرض الصّلبة،و قيل:المستوية الملساء ليس بها أكمة.و أجهد القوم:أخذوا في الأرض الجهاد.
و كلأ جهيد و أرض جهيدة،إذا كانت تجهدهما الماشية بالرّعي.
و أتاني بجهد له،أي لبن ممزوج،و كلّ شيء مزجته فقد جهدته.
و إنّه لمجهد بك،أي مختلط.(3:369)
الجوهريّ: الجهد و الجهد:الطّاقة.
و الجهد:المشقّة،يقال:جهد دابّته و أجهدها،إذا حمل عليها في السّير فوق طاقتها.
و جهد الرّجل في كذا،أي جدّ فيه و بالغ.
و جهدت اللّبن فهو مجهود،أي أخرجت زبده كلّه.
و جهدت الطّعام:اشتهيته.و الجاهد:الشّهوان.
و جهد الطّعام و أجهد،أي اشتهي.و جهدت الطّعام، إذا أكثرت من أكله.
و مرعى جهيد:جهده المال.
و جهد الرّجل فهو مجهود:من المشقّة،يقال:أصابهم قحوط من المطر فجهدوا جهدا شديدا.
و جهد عيشهم بالكسر،أي نكد و اشتدّ.
و الجهاد بالفتح:الأرض الصّلبة.
و جاهد في سبيل اللّه مجاهدة و جهادا.
و الاجتهاد و التّجاهد:بذل الوسع و المجهود.
(2:460)
ابن فارس: الجيم و الهاء و الدّال أصله:المشقّة،ثمّ يحمل عليها ما يقاربه،يقال:جهدت نفسي و أجهدت.
و الجهد:الطّاقة.قال اللّه تعالى: وَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ التّوبة:79.
و يقال:إنّ المجهود:اللّبن الّذي أخرج زبده، و لا يكاد ذلك يكون إلاّ بمشقّة و نصب.[ثمّ استشهد بشعر]
و ممّا يقارب الباب«الجهاد»و هي الأرض الصّلبة.
و فلان يجهد الطّعام،إذا حمل عليه بالأكل الكثير الشّديد.و الجاهد:الشّهوان.
و مرعى جهيد:جهده المال لطيبه فأكله.(1:486)
أبو هلال :الفرق بين القياس و بين الاجتهاد:أنّ «القياس»حمل الشّيء على الشّيء في بعض أحكامه
ص: 207
لوجه من الشّبه،و قيل:حمل الشّيء على الشّيء و إجراء حكمه عليه لشبه بينهما عند الحامل.
و قال أبو هاشم رحمه اللّه:«حمل شيء على شيء و إجراء حكمه عليه»،و لذلك سمّي المكيال مقياسا،من حيث كان يحمل عليه ما يراد كيله،و كذلك يسمّون ما يقدر به النّعّال مقياسا أيضا،و لذلك لا يستعمل «القياس»في شيء من غير اعتبار له بغيره،و إنّما يقال:
قست الشّيء بالشّيء،فلا يقال لمن شبّه شيئا بشيء من غير أن يحمل أحدهما على الآخر و يجري حكمه عليه:
قايس،و لو جاز ذلك لجاز أن يسمّى اللّه تعالى قايسا، لتشبيهه الكافر بالميّت،و المؤمن بالحيّ،و الكفر بالظّلمة، و الإيمان بالنّور.
و من قال:«القياس»:استخراج الحقّ من الباطل