المعجم فی فقه لغه القرآن و سر بلاغته المجلد 2

اشارة

عنوان و نام پديدآور : المعجم فی فقه لغه القرآن و سر بلاغته/ اعداد قسم القرآن لمجمع البحوث الاسلامیه؛ بارشاد و اشراف محمد واعظ زاده الخراسانی.

مشخصات نشر : مشهد: بنیاد پژوهشهای اسلامی، 1419ق. = -1377.

مشخصات ظاهری : ج.

فروست : الموسوعة القرآنیة الکبری.

شابک : دوره 964-444-179-6 : ؛ دوره 978-964-444-179-0: ؛ 1430000 ریال (دوره، چاپ دوم) ؛ 25000 ریال: ج. 1 964-444-180-X : ؛ 30000 ریال: ج. 2 964-444-256-3 : ؛ 32000 ریال: ج. 3 964-444-371-3 : ؛ 67000 ریال (ج. 10) ؛ ج.12 978-964-971-136-2 : ؛ ج.19 978-600-06-0028-0 : ؛ ج.21 978-964-971-484-4 : ؛ ج.28 978-964-971-991-7 : ؛ ج.30 978-600-06-0059-4 : ؛ 1280000 ریال: ج.36 978-600-06-0267-3 : ؛ 950000 ریال: ج.37 978-600-06-0309-0 : ؛ 1050000 ریال: ج.39 978-600-06-0444-8 : ؛ 1000000 ریال: ج.40 978-600-06-0479-0 : ؛ ج.41 978-600-06-0496-7 : ؛ ج.43 978-600-06-0562-9 :

يادداشت : عربی.

يادداشت : جلد سی و ششم تا چهلم باشراف جعفر سبحانی است.

يادداشت : جلد سی و ششم با تنقیح ناصر النجفی است.

يادداشت : جلد سی و هفتم تا چهل و سوم با تنقیح علیرضا غفرانی و ناصر النجفی است.

يادداشت : مولفان جلد چهل و یکم ناصر نجفی، محمدحسن مومن زاده، سیدعبدالحمید عظیمی، سیدحسین رضویان، علی رضا غفرانی، محمدرضا نوری، ابوالقاسم حسن پور، سیدرضا سیادت، محمد مروی ...

يادداشت : ج. 2 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).

يادداشت : ج. 3 (چاپ اول: 1421ق. = 1379).

يادداشت : ج.3 (چاپ دوم: 1429ق. = 1387).

يادداشت : ج. 10 (چاپ اول: 1426ق. = 1384).

يادداشت : ج.21 (چاپ اول: 1441ق.=1399) (فیپا).

يادداشت : ج.36 (چاپ دوم : 1440ق.=1398)(فیپا).

يادداشت : ج.37 (چاپ اول : 1440ق.=1397)(فیپا).

يادداشت : ج.39 (چاپ اول: 1441ق.=1399) ( فیپا).

يادداشت : ج.40 - 41(چاپ اول: 1442ق.= 1399) (فیپا).

يادداشت : جلد دوازدهم تا پانزدهم این کتاب در سال 1398 تجدید چاپ شده است.

يادداشت : ج.19 و 28 و 30 ( چاپ دوم: 1442ق = 1400 ) (فیپا).

يادداشت : ج.21 (چاپ دوم: 1399).

يادداشت : ج.38 (چاپ دوم: 1399).

يادداشت : ج.30 (چاپ دوم: 1399).

يادداشت : ج.29 (چاپ دوم: 1399).

يادداشت : ج.12 (چاپ چهارم: 1399).

يادداشت : ج.32 (چاپ دوم: 1399).

مندرجات : ج.3. ال و - ا ن س

موضوع : قرآن -- واژه نامه ها

Qur'an -- Dictionaries

موضوع : قرآن -- دایره المعارف ها

Qur'an -- Encyclopedias

شناسه افزوده : واعظ زاده خراسانی، محمدِ، 1385-1304.

شناسه افزوده : سبحانی تبریزی، جعفر، 1308 -

شناسه افزوده : Sobhani Tabrizi, Jafar

شناسه افزوده : نجفی، ناصر، 1322 -

شناسه افزوده : غفرانی، علیرضا

شناسه افزوده : بنیاد پژوهشهای اسلامی. گروه قرآن

شناسه افزوده : بنیاد پژوهش های اسلامی

رده بندی کنگره : BP66/4/م57 1377

رده بندی دیویی : 297/13

شماره کتابشناسی ملی : 582410

اطلاعات رکورد کتابشناسی : فیپا

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

المؤلفون

الأستاذ محمّد واعظزاده الخراسانيّ

الدّكتور هادي حسن حمّودي

ناصر النّجفيّ

قاسم النّوريّ

محمّد حسن مؤمن زاده

حسين خاك شور

السيّد عبد الحميد عظيمي

السيّد جواد سيّدي

السيّد حسين رضويان

علي رضا غفرانى

و قد فوّض عرض الآيات و ضبطها إلى أبي الحسن الملكيّ و محمّد الملكوتيّ، و مقابلة النّصوص إلى محمّد جواد الحويزيّ و عبد الكريم الرّحيميّ في هذه الطّبعة،و تنظيم الجداول في لفظ الجلالة إلى أبي الفضل خوشمنش.و تنضيد الحروف إلى حسين الطّائيّ.

ص: 5

ص: 6

المحتويات

مقدّمة الطّبعة الثّانية 9

المقدّمة 11

أذي 13

أرب 45

أرض 61

أرك 201

أرم 211

أزر 227

أزز 239

أزف 247

إستبرق 257

إسحاق 269

أ س ر 279

إسرائيل 299

أ س س 313

أ س ف 321

إسماعيل 337

أ س ن 359

أ س و 367

أ س ي 381

أش ر 391

أ ص د 401

أ ص ر 411

أ ص ل 427

أف ف 445

أ ف ق 461

أ ف ك 475

أ ف ل 503

أ ق ت 515

أ ك ل 517

أ ل ت 595

أ ل ف 605

أ ل ل 655

أ ل م 671

أ ل ه 683

الأعلام المنقول عنهم بلا واسطة و أسماء كتبهم 999

الأعلام المنقول عنهم بالواسطة 1005

ص: 7

ص: 8

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

مقدّمة الطّبعة الثّانية

الحمد للّه على ما هدانا و الشّكر له على ما أولانا بنعمائه،و وفّقنا للخوض في أسرار كتابه بتقديم هذا المعجم و هذه الموسوعة القرآنيّة الكبرى الّتي لا نظير لها بين المؤلّفات القرآنيّة.و هذا ما اعترف به كلّ من نظر فيها و تتبّع مزاياها.

و ها نحن بدأنا بتجديد طبع المجلّد الأوّل و الثّاني من المعجم-و لم يتمّ تأليفه و نحن في وسط الطّريق-مع إكمال و تصحيح و تبديل فيهما.و من جملتها في هذا المجلّد و ما يتلوه من المجلّدات إضافة نصوص السّيّد فضل اللّه،و إيراد نصوص ابن سيده من كتابه«المحكم»بعد أن كنّا نحكيها عن غيره.

نسأل اللّه تبارك و تعالى مزيد التّوفيق و دوام التّسديد.و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم.

محمّد واعظزاده الخراسانيّ

مدير قسم القرآن في مجمع البحوث الإسلاميّة

بالآستانة المقدّسة الرّضويّة

ص: 9

ص: 10

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

المقدّمة

نحمد اللّه تعالى و نشكره على أن وفّقنا لتقديم المجلّد الثّاني من الموسوعة القرآنيّة الكبرى«المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته»إلى عشّاق علوم القرآن و المختصّين بمعرفة لغاته و أسرار بلاغته.و اشتمل هذا الجزء على شرح(33)كلمة قرآنيّة ابتداء من«أذي»و انتهاء ب«أ ل ه»الّتي ضمّت نصوصا و بحوثا و إحصاءات وافية حول لفظ الجلالة الّذي هو أكثر الأعلام بل الألفاظ القرآنيّة عددا سوى الضّمائر و الحروف فنسأل اللّه عزّ و جلّ أن يدوم و يستمرّ العمل إلى آخر المطاف و أن يكمل و يتمّ نعمته علينا و على الباحثين إنّه خير معين و بالإجابة جدير.

محمّد واعظزاده الخراسانيّ

مدير قسم القرآن في مجمع البحوث الإسلاميّة

بالآستانة المقدّسة الرّضويّة

ص: 11

ص: 12

ادامة حرف(أ)

أذي

اشارة

14 لفظا،24 مرّة:3 مكّيّة،21 مدنيّة

في 10 سور:4 مكّيّة،6 مدنيّة

الأذى 1:-1

أذى 7:-7

أذاهم 1:1

آذوا 1:-1

آذيتمونا 1:1

أوذي 1:-1

أوذوا 2:1-1

أوذينا 1:1

يؤذي 1:-1

يؤذون 4:-4

يؤذين 1:-1

تؤذوا 1:-1

تؤذونني 1:-1

آذوهما 1:-1

.....

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأذى:كلّ ما تأذّيت به،و رجل أذيّ، أي شديد التّأذّي،و أذي يأذى أذى.(8:206)

ابن شميّل: أذيّ الماء:الأطباق الّتي تراها ترفعها من متنه الرّيح دون الموج.(الأزهريّ 15:54)

الأمويّ: بعير أذ،و ناقة أذية،إذا كانا لا يقرّان في مكان واحد،عن غير وجع و لكن خلقة.

(الأزهريّ 15:51)

ابن السّكّيت: آذاني و أذيت أنا منه،و هي الأذيّة.(269)

ابن دريد: الآذيّ:الموج.و الأذى مقصور، و أذيت بالشّيء آذى أذى شديدا.(1:175)

يقال:أذيت آذى،و أذي فلان بالشّيء يأذى به.(2:281)

الأزهريّ: في الحديث:«أميطوا عنه الأذى»يعني الشّعر الّذي يكون على رأس المولود حين يولد.

يقال:آذيته إيذاء و أذيّة.و قد تأذّيت به تأذّيا.

و أذيت آذى أذى.(15:51،52)

الخطّابيّ: الأذى:الشّرّ الخفيف،فإن زاد فهو ضرر.(الزّبيديّ 10:13)

الجوهريّ: آذاه يؤذيه إيذاء،فأذي هو أذى و أذاة و أذيّة.و تأذّيت به.

و الآذيّ:موج البحر،و الجمع:الأواذيّ.

(6:2266)

ص: 13

مثله الرّازيّ.(12)

ابن فارس: الهمزة و الذّال و الياء أصل واحد، و هو الشّيء تتكرّهه و لا تقرّ عليه،تقول:آذيت فلانا أوذيه.و يقال:بعير أذ و ناقة أذية،إذا كان لا يقرّ في مكان من غير وجع،و كأنّه يأذى بمكانه.(1:78)

الهرويّ: في حديث الإيمان:«و أدناها إماطة الأذى عن الطّريق»أي تنحيته،يعني الشّوك و الحجر،و ما أشبه ذلك ممّا يتأذّى به المارّ فيه.(1:34)

ابن سيده: أذي به أذى،و تأذّى؛و الاسم:

الأذيّة،و الأذاة.

و رجل أذيّ:شديد التّأذّي.

و بعير أذ،و ناقة أذية:لا تستقرّ في مكان،من غير وجع،و لكن خلقة،كأنّها تشكو الأذى.

و الأذيّ-من النّاس و غيرهم-كالأذي، بالتّخفيف.

و قد يكون الأذيّ:المؤذي.

و قد آذيته.و آذى الرّجل:فعل الأذى.و في حديث النّبيّ-صلى اللّه عليه و سلم-للّذي تخطّى رقاب النّاس يوم الجمعة:

«رأيتك آذيت،و آنيت».

و الآذيّ:الموج.

و إذا،و إذ:ظرفان من الزّمان.فإذا:لما يأتي،و إذ:لما مضى،و هي محذوفة من إذا.

و إنّما قضينا على هذا بالياء،لأنّها لام،على ما تقدّم.[و استشهد بالشّعر ثلاث مرّات](10:121)

الطّوسيّ: الأذى:كلّما تأذّيت به.و رجل آذ،إذا كان شديد التّأذّي،تقول:آذى يؤاذي أذى،و أصله:

الضّرر بالشّيء.(2:158)

مثله الطّبرسيّ.(1:290)

الأذى:ضرر يجده صاحبه في حاله،يقال:آذاه يؤذيه أذى،و تأذّى به تأذّيا،و أكثر ما يقال في الضّرر القليل،و يقال أيضا:آذاه أذى عظيما.(6:280)

الرّاغب: الأذى:ما يصل إلى الحيوان من الضّرر إمّا في نفسه أو في جسمه أو تبعاته،دنيويّا كان أو أخرويّا،قال تعالى: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى البقرة:264،قوله تعالى: فَآذُوهُما...

النّساء:16،إشارة إلى الضّرب،و نحو ذلك في سورة التّوبة:61،يقال:آذيته أوذيه إيذاء و أذيّة و أذى، و منه الآذيّ،و هو الموج المؤذي لركّاب البحر.(15)

الزّمخشريّ: أعوذ باللّه من جارة بذيّة،تغادي و تراوح بأذيّة.و تقول:اركب الآذيّ،تشرب الماذيّ.

(أساس البلاغة:4)

في الحديث:«كلّ مؤذ في النّار»يريد أنّ كلّ ما يؤذي من الحشرات و السّباع و غيرها يكون في نار جهنّم عقوبة لأهلها.و قيل:هو وعيد لمن يؤذي النّاس.(الفائق 1:32)

الطّبرسيّ: الأذى:ضرر يتعجّل وصوله إلى المضرور.(1:374)

أذى مقصور،يقال:أذي فلان يأذى أذى،مثل:

فزع يفزع فزعا.(2:102)

ابن برّيّ: [قال الجوهريّ:]«آذاه يؤذيه أذى و أذاة و أذيّة،و تأذّيت به»صوابه آذاني إيذاء.فأمّا

ص: 14

أذى فمصدر أذي أذى.و كذلك أذاة و أذيّة،يقال:

أذيت بالشّيء آذى أذى و أذاة و أذيّة.

(ابن منظور 14:27)

ابن الأثير: في حديث ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ الأعراف:172،قال:كأنّهم الذّرّ في آذيّ الماء.الآذيّ،بالمدّ و التّشديد:الموج الشّديد،و يجمع على أواذيّ.و منه خطبة عليّ:«تلتطم أواذيّ أمواجها».

(1:34)

ابن منظور: الأذيّ من النّاس و غيرهم كالأذي، و قد يكون الأذي المؤذيّ.و قوله عزّ و جلّ: وَ دَعْ أَذاهُمْ الأحزاب:48،تأويله أذى المنافقين لا تجازهم عليه إلى أن تؤمر فيهم بأمر.

و آذى الرّجل:فعل الأذى.و منه قوله صلى اللّه عليه و سلم للّذي تخطّى رقاب النّاس يوم الجمعة:«رأيتك آذيت و آتيت».(14:27)

الفيّوميّ: أذي الشّيء أذى من باب تعب،بمعنى قذر.قال اللّه تعالى: قُلْ هُوَ أَذىً البقرة:222،أي مستقذر.

و أذي الرّجل أذى:وصل إليه المكروه،فهو أذ مثل عم.و يعدّى بالهمزة،فيقال:آذيته إيذاء.و الأذيّة اسم منه،فتأذّى هو.(1:10)

مثله الطّريحيّ.(1:24)

الفيروزآباديّ: أذي به-كبقي بالكسر-أذى، و تأذّى.و الاسم الأذيّة و الأذاة،و هي المكروه اليسير.

و الأذيّ كغنيّ:الشّديد التّأذّي،و يخفّف،و الشّديد الإيذاء،ضدّ.

و الآذيّ:الموج.

و آذى:فعل الأذى،و صاحبه أذى و أذاة و أذيّة، و لا تقل:إيذاء.

و ناقة أذية مخفّفة،و بعير أذ:لا يقرّ في مكان،بلا وجع و لا مرض،بل خلقة.(4:300)

رشيد رضا: الأذى:ما يؤلم الحيّ المدرك في بدنه أو في نفسه و لو ألما خفيفا،يقال:أذي الإنسان كرضي بكذا أذى،و تأذّى تأذّيا،إذا أصابه مكروه يسير،كذا قالوا.

و آذى غيره إيذاء،و أنكر الفيروزآباديّ لفظ الإيذاء و إن كان هو القياس،لأنّه لم يسمع من العرب إلاّ الأذى و الأذاة و الأذيّة،و ربّما يشهد له قوله تعالى:

لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً. آل عمران:111،لأنّه من آذى المتعدّي بنفسه لا من أذي اللاّزم،إلاّ أن يقال:إنّه اسم مصدر.

و تقييدهم للأذى بالمكروه اليسير غير مسلّم على إطلاقه،فالظّاهر أنّه يطلق على اليسير و الخفيف و على الشّديد.و قوله تعالى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً من الأوّل،لأنّه مستثنى من الضّرر،و مثله ما ورد في الأذى من المطر،و أذى الرّأس من القمل.و من الثّاني قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا... الأحزاب:57، وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ... الأحزاب:58.(10:516)

مجمع اللّغة:1-الأذى:ما يصل إلى الكائن الحيّ من الضّرر حسّا أو معنى.

ص: 15

2-و آذيته إيذاء و أذيّة:ألحقت به أذى.(1:34)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أذي أذاة:أصابه أذى، و آذى الرّجل إيذاء:أوصل إليه الأذى،و تأذّى:أثّر فيه الأذى.و الأذى:الضّرر حسّا و معنى.(35)

حجازيّ: الأذى:ما يؤلم الإنسان في نفسه أو ماله أو بدنه،قليلا كان أو كثيرا.(10:57)

محمود شيت: 1-أذي أذى،و أذاة،و أذيّة:

قذر.و أذي:أصابه أذى.و يقال:أذي بكذا:تضرّر به و تألّم منه،فهو أذ.

ب-آذاه إيذاء:أصابه بأذى.

ج-تأذّى به:أذي.

د-الآذيّ:الموج الشّديد،جمعه:أواذيّ.

ه-الأذى:الضّرر غير الجسيم،قال تعالى:

لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً... آل عمران:111، و الأذى:العيب.

و-الأذاة:الأذى.

ز-الأذي:شديد التّأذّي.

ح-الأذيّ:الشّديد التّأذّي.

ط-الأذيّة:الأذى.

2-أ-الآذيّ:الموج الشّديد،يقال:أصيب الأسطول بالآذيّ.

ب-أذي الجيش في المعركة:تضرّر و أصيب بالخسائر.(1:41)

العدنانيّ: أذي أذى،و أذاة،و أذيّة،آذاه إيذاء.

و يخطّئون من يقول:آذاه إيذاء،و يقولون:إنّ الصّواب هو:آذاه أذى و أذاة و أذيّة،اعتمادا على المختار، و القاموس،و محيط المحيط.

و لكن:

1-ذكر التّاج،و المعجم الكبير أنّ أذى و أذاة و أذيّة هي مصادر للفعل اللاّزم«أذي بالشّيء»لا للفعل المتعدّي «آذاه».

2-أجاز آذاه إيذاء:

أ-معجم ألفاظ القرآن الكريم:آذيته إيذاء و أذيّة.

ب-و التّهذيب.

ج-و الصّحاح:آذاه يؤذيه إيذاء،فأذي هو أذى و أذاة و أذيّة.

د-و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ:آذاه إيذاء و أذيّة و أذى.

ه-و ابن برّيّ،و اللّسان،و المدّ:الصّواب:آذاني إيذاء.فأمّا أذى فمصدر أذي أذى،و كذلك أذاة و أذيّة،يقال:أذيت بالشّيء آذى أذى و أذاة و أذيّة،فأنا أذ.

و-و المصباح.

ز-و شفاء الغليل:وقعت في كلام الثّقات،و هي صحيحة قياسا.

ح-و محمّد الفاسيّ:القياس يقتضي:آذاه إيذاء.

ط-و التّاج.

ي-و أقرب الموارد.

ك-و المتن:لا تقل إيذاء أو يقال.

ل-و المعجم الكبير«لازم و متعدّ»:1-آذى فلان:

فعل الأذى.2-أذى فلانا:أوصل إليه الأذى.

ص: 16

م-و المعجم الوسيط:1-أذي فلان يأذى أذى و أذاة و أذيّة:أصابه أذى.و يقال:أذي بكذا:

تضرّر به و تألّم منه،فهو أذ.2-آذاه إيذاء:

أصابه بأذى.(10)

المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة هو ما يتكرّه و ما لا يلائم،فالإيذاء إيصال ما يكرهه.

و التّأذّي الحالة الحاصلة من وصول المكروه،و كذلك الأذى مصدرا كالتّعب.ثمّ استعملت هذه الكلمة فيما يتأذّى به.

وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ...

الأحزاب:48،مصدرا،أي أن يتأذّوا؛و اسما،أي دع ما يتكرّهوه. يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً... البقرة:222،أي أنّه أمر يتكرّه فاعتزلوهنّ.

لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى البقرة:

264،بما يؤذيهم و يتكرّهون.

أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ الأحزاب:59،حتّى لا يصل إليهنّ ما يكرهنه.

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ الأحزاب 57،يوجبون التّأذّي و التّكرّه.(1:53)

النّصوص التّفسيريّة

الاذى

لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى...

البقرة:264

ابن عبّاس: بالمنّ على اللّه و الأذى للفقير.

(النّيسابوريّ 3:45)

الهرويّ :الأذى هو ما يسمعه من المكروه.

(1:33)

الغزاليّ: اختلفوا في حقيقة المنّ و الأذى،فقيل:

المنّ أن يذكرها،و الأذى أن يظهرها.

و قيل:المنّ أن يستخدمه بالعطاء،و الأذى أن يعيّره بالفقر.

و قيل:المنّ أن يتكبّر عليه لأجل عطائه،و الأذى أن ينتهره أو يوبّخه بالمسألة.(القاسميّ 3:698)

شوقي ضيف: الأذى:التّقريع و التّنديد و التّعرّض للمسكين بمثل:ما أكثر إلحاحك،و متى لا نراك،و نحو ذلك.(سورة الرّحمن و سور قصار:360)

اذى

1- فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ... البقرة:196

عطاء:القمل و غيره،و الصّداع،و ما كان في رأسه.(الطّبريّ 2:228)

الطّبريّ: أمّا الأذى الّذي يكون إذا كان برأس الإنسان خاصّة له حلقه،فنحو الصّداع و الشّقيقة و ما أشبه ذلك،و أن يكثر صئبان الرّأس،و كلّ ما كان للرّأس مؤذيا ممّا في حلقه صلاحه،و رفع المضرّة الحالّة به،فيكون ذلك له بعموم قول اللّه جلّ و عزّ:

أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ. (2:230)

الزّمخشريّ: هو القمل أو الجراحة،فعليه إذا احتلق فدية.(1:344)

مثله الطّريحيّ(1:24)،و الآلوسيّ(2:82)،

ص: 17

و رشيد رضا(2:222).

البروسويّ: أيّ ألم كائن من رأسه،كجراحة أو قمل أو صداع أو شقيقة.(1:311)

الطّباطبائيّ: الإتيان بقوله: أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ، بلفظة(أو)التّرديد،يدلّ على أنّ المراد بالأذى ما كان من غير طريق المرض كالهوامّ،فهو كناية عن التّأذّي من الهوامّ،كالقمل على الرّأس.(2:76)

2- وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً...

البقرة:222

مجاهد: الأذى:الدّم.(الطّبريّ 2:382)

عطاء: أي قذر.

مثله قتادة،و السّدّيّ.(الفخر الرّازيّ 6:68)

قتادة: معناه هو قذر و نجس.

مثله السّدّيّ.(الطّبرسيّ 1:319)

الطّبريّ: يعني تعالى ذكره بذلك،قل لمن سألك من أصحابك يا محمّد عن المحيض:هو أذى،و الأذى هو ما يؤذى به من مكروه فيه،و هو في هذا الموضع يسمّى أذى،لنتن ريحه و قذره و نجاسته،و هو جامع لمعان شتّى من خلال الأذى غير واحدة.(2:381)

الجصّاص: يعني أنّه نجس و قذر،و وصفه له بذلك قد أفاد لزوم اجتنابه،لأنّهم كانوا عالمين قبل ذلك بلزوم اجتناب النّجاسات،فأطلق فيه لفظا عقلوا منه الأمر بتجنّبه.و يدّل على أنّ الأذى اسم يقع على النّجاسات،قول النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«إذا أصاب نعل أحدكم أذى فليمسّها بالأرض و ليصلّ فيها فإنّه لها طهور»فسمّى النّجاسة أذى.و أيضا لمّا كان معلوما أنّه لم يرد بقوله:

قُلْ هُوَ أَذىً الإخبار عن حاله في تأذّي الإنسان به، لأنّ ذلك لا فائدة فيه،علمنا أنّه أراد الإخبار بنجاسته و لزوم اجتنابه.

و ليس كلّ أذى نجاسة،قال اللّه تعالى: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ النّساء:102، و المطر ليس بنجس.و قال: وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً... آل عمران:186.

و إنّما كان الأذى المذكور في الآية عبارة عن النّجاسة،و مفيدا لكونه قذرا يجب اجتنابه،لدلالة الخطاب عليه،و مقتضى سؤال السّائلين عنه.

(1:336)

عبد الجبّار: قيل:هو أذى لهنّ و عليهنّ لما فيه من المشقّة.(الطّبرسيّ 1:319)

الرّاغب: فسمّي ذلك أذى باعتبار الشّرع و باعتبار الطّبّ،على حسب ما يذكره أصحاب هذه الصّناعة.

(15)

الزّمخشريّ: أي الحيض شيء يستقذر يؤذي من يقربه نفرة منه و كراهة له.(1:361)

مثله النّيسابوريّ(2:246)،و البروسويّ(1:

347).

الرّاونديّ: معناه قذر و نجاسة.و قيل:معنى أذى، أي ذو أذى،أي يتأذّى به المجامع بنفور طبعه عمّا يشاهد.(1:53)

القرطبيّ:أي هو شيء تتأذّى به المرأة و غيرها،

ص: 18

أي برائحة دم الحيض.

و الأذى:كناية عن القذر على الجملة.و يطلق على القول المكروه،و منه قوله تعالى: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى البقرة:264،أي بما تسمعه من المكروه.و منه قوله تعالى: وَ دَعْ أَذاهُمْ الأحزاب:

48،أي دع أذى المنافقين لا تجازهم إلاّ أن تؤمر فيه.(3:85)

الطّريحيّ: أي الحيض مستقذر يؤذي من يقربه نفرة منه؛إذ الأذى هو ما يكره و يغتمّ به.(1:24)

الآلوسيّ: الأذى:مصدر من آذاه يؤذيه أذى و إذاء،و لا يقال في المشهور:إيذاء.و حمله على المحيض للمبالغة،و المعنى المقصود منه المستقذر،و استعمل فيه بطريق الكناية.(2:121)

عزّة دروزة: (اذى)يمكن أن تكون الكلمة بمعنى عارض مرضيّ مؤذ،و يمكن أن تكون بمعنى القذارة و النّجاسة.(7:337)

الطّباطبائيّ: الأذى هو الضّرر على ما قيل،لكنّه لا يخلو عن نظر،فإنّه لو كان هو الضّرر بعينه لصحّ مقابلته مع النّفع،كما أنّ الضّرر مقابل النّفع،و ليس بصحيح.يقال:دواء مضرّ و ضارّ،و لو قيل:دواء مؤذ، أفاد معنى آخر.و أيضا قال تعالى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً آل عمران:111،و لو قيل:لن يضرّوكم الاّ ضررا،لفسد الكلام.

و أيضا كونه بمعنى الضّرر غير ظاهر في أمثال قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ... الأحزاب:

57،و قوله تعالى: لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ... الصّفّ:5.

فالظّاهر أنّ الأذى هو الطّارئ على الشّيء غير الملائم لطبعه،فينطبق عليه معنى الضّرر بوجه.

و تسمية المحيض أذى على هذا المعنى،لكون هذا الدّم المستند إلى عادة النّساء حاصلا من عمل خاصّ، من طبعها يؤثّر به في مزاج الدّم الطّبيعيّ الّذي يحصله جهاز التّغذية،فيفسد مقدارا منه عن الحال الطّبيعيّ، و ينزله إلى الرّحم لتطهيره أو لتغذية الجنين أو لتهيئة اللّبن للإرضاع.

و أمّا على قولهم:إنّ الأذى هو الضّرر،فقد قيل:إنّ المراد بالمحيض إتيان النّساء في حال الحيض،و المعنى يسألونك عن إتيانهنّ في هذه الحال،فأجيب بأنّه ضرر،و هو كذلك.فقد ذكر الأطبّاء أنّ الطّبيعة مشتغلة في حال الطّمث بتطهير الرّحم و إعداده للحمل،و الوقاع يختلّ به نظام هذا العمل فيضرّ بنتائج هذا العمل الطّبيعيّ من الحمل و غيره.(2:207)

المراغيّ: أي أجبهم و قل لهم:هو ضرر و أذى.(2:156)

حسنين مخلوف: أي قذر أو موضع قذر،يقال:

أذي الشّيء يأذى أذى،أي قذر.و يطلق الأذى على الضّرر،و الحيض ضرر شرعا و طبّا.(1:74)

فضل اللّه: الأذى:الضّرر النّفسيّ أو الجسديّ، الدّنيويّ أو الأخرويّ.قال الرّاغب:«فسمّي المحيض أذى باعتبار الشّرع و باعتبار الطّبّ،و ربّما كان ذلك باعتبار القذارة و الرّائحة الكريهة».

و قد ناقش العلاّمة الطّباطبائيّ في إطلاق الضّرر

ص: 19

على الأذى،قال:«فإنّه لو كان هو الضّرر بعينه،لصحّ مقابلته بالنّفع.[إلى أن قال:]

و قد يخطر في البال أنّ التّرادف بين الألفاظ لا يوجب استعمال أحد اللّفظين في مقابل الآخر،لأنّ من الممكن أن يكون للمعنى الواحد في لفظ بعض الخصوصيّات الّتي لم تلاحظ في اللّفظ الآخر الّذي يختزن خصوصيّة أخرى، كما في كلمة إنسان الّتي تقال في مقابل الحيوان أو الجنّ، و كلمة بشر الّتي تقال في مقابل الملك،مع ملاحظة أنّ «الأذى»يمثّل جانبا من الضّرر؛و ذلك من خلال النّتائج النّفسيّة و الجسديّة.(4:243)

3- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ...

البقرة:262

الطّبريّ: الأذى هو شكايته إيّاهم بسبب ما أعطاهم و قوّاهم من النّفقة في سبيل اللّه؛أنّهم لم يقوموا بالواجب عليهم في الجهاد،و ما أشبه ذلك من القول الّذي يؤذي به من أنفق عليه.(3:62)

الطّوسيّ: قوله:(و لا اذى)فهو نحو قولهم:أنت أبدا فقير،و من أبلاني بك،و أراحني اللّه منك،و ما أشبه ذلك،ممّا يؤذي قلب المعطى.(2:334)

نحوه الخازن.(1:239)

البغويّ: هو أن يعيّره فيقول:إلى كم تسأل،و كم تؤذيني.

و قيل:من الأذى،هو أن يذكر إنفاقه عليه عند من لا يحبّ وقوفه عليه.(1:239)

2Lالزّمخشريّ: الأذى:أن يتطاول عليه بسبب ما أزال[خ أسدى]إليه.(1:394)

نحوه البيضاويّ.(1:138)

الطّبرسيّ: الأذى أن يقول:أراحني اللّه منك، و من ابتلائي بك.

و يحتمل أن يكون معنى الأذى أن يعبس وجهه عليه أو يتعبه أو يؤذيه فيما يدفعه إليه،أو يصرفه في بعض أشغاله بسبب إنفاقه عليه.(1:374)

الفخر الرّازيّ: المنّ هو إظهار الاصطناع إليهم، و الأذى:شكايته منهم بسبب ما أعطاهم.[إلى أن قال:]

أمّا الأذى فقد اختلفوا فيه،منهم من حمله على الإطلاق في أذى المؤمنين،و ليس ذلك بالمنّ،بل يجب أن يكون مختصّا بما تقدّم ذكره.و هو مثل أن يقول للفقير:أنت أبدا تجيئني بالإيلام،و فرّج اللّه عنّي منك، و باعد ما بيني و بينك.فبيّن سبحانه و تعالى أنّ من أنفق ماله ثمّ إنّه لا يتبعه المنّ و الأذى فله الأجر العظيم و الثّواب الجزيل.

فإن قيل:ظاهر اللّفظ أنّهما بمجموعهما يبطلان الأجر،فيلزم أنّه لو وجد أحدهما دون الثّاني لا يبطل الأجر.

قلنا:بل الشّرط أن لا يوجد واحد منهما،لأنّ قوله:

لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً يقتضي أن لا يقع منه لا هذا و لا ذاك.(7:49،50)

القرطبيّ: الأذى:السّبّ و التّشكّي،و هو أعمّ من المنّ،لأنّ المنّ جزء من الأذى،لكنّه نصّ عليه لكثرة وقوعه.(3:308)

ص: 20

أبو حيّان: الأذى:يشمل المنّ و غيره،و نصّ على المنّ و قدّم لكثرة وقوعه من المتصدّق.

فمن المنّ أن يقول:قد أحسنت إليك و نعشتك و شبهه،أو يتحدّث بما أعطى فيبلغ ذلك المعطى فيؤذيه.

و من الأذى أن يسبّ المعطى أو يشتكي منه أو يقول:ما أشدّ إلحاحك،و خلّصنا اللّه منك،و أنت أبدا تجيئني،أو يكلّفه الاعتراف بما أسدى إليه.

و قيل:الأذى أن يذكر إنفاقه عليه عند من لا يحبّ وقوفه عليه.(2:306)

الأذى:ما يكره و يغتمّ به.(تحفة الأريب:40)

أبو السّعود: المنّ:أن يعتدّ على من أحسن إليه بإحسانه،و يريه أنّه أوجب بذلك عليه حقّا.و الأذى:

أن يتطاول عليه بسبب إنعامه عليه.

و إنّما قدّم المنّ لكثرة وقوعه،و توسيط كلمة(لا) للدّلالة على شمول النّفي لاتباع كلّ واحد منهما.

(1:195)

محمّد عبده: فأمّا المنّ فهو أن يذكر المحسن إحسانه لمن أحسن هو إليه،يظهر به تفضّله عليه،و أمّا الأذى فهو أعمّ،و منه أن يذكر المحسن إحسانه لغير من أحسن عليه بما-ربّما-يكون أشدّ عليه ممّا لو ذكره له.

و قد يشكل على بعض النّاس التّعبير ب«ثمّ»الّتي تفيد التّراخي،مع العلم بأنّ المنّ أو الأذى العاجل أضرّ، و أجدر بأن يجعل تركه شرطا لتحصيل الأجر و جوابه أنّ من يقرن النّفقة بالمنّ و الأذى أو يتبعها أحدهما أو كليهما عاجلا لا يستحقّ أن يدخل في الّذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه،أو يوصف بالسّخاء المحمود عند اللّه.و إذا كان من يمنّ أو يؤذي بعد الإنفاق بزمن بعيد لا يعتدّ اللّه بإنفاقه و لا يأجره عليه و لا يقيه الخوف و الحزن،أ فلا يكون المتعجّل به أجدر بذلك؟بلى.

و إنّما الكلام في السّخيّ الّذي ينفق في سبيل اللّه مخلصا متحرّيا للمصلحة و المنفعة،لا باغيا جزاء ممّن ينفق عليه و لا مكافأة،و لكنّه قد يعرض له بعد ذلك ما يحمله على المنّ و الأذى المحبطين للأجر،كأن يرى ممّن كان أنفق عليه غمطا لحقّه أو إعراضا عنه و تركا لما كان من احترامه إيّاه،فيثير ذلك غضبه حتّى يمنّ أو يؤذي.و مثل هذا قد يقع من المخلصين فحذّرهم اللّه تعالى منه.(رشيد رضا 3:61)

عزّة دروزة: الأذى هنا،بمعنى أيّ عمل أو قول أو إشارة فيها جرح نفس المتصدّق عليه و أذيّتها.

(7:391)

أبو رزق:كلّ ما يكره من اليد و اللّسان و يغتمّ به.

(1:36)

4- لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً وَ إِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ. آل عمران:111

الحسن: تسمعون منهم كذبا على اللّه،يدعونكم إلى الضّلال.(الطّبريّ 4:47)

يعني كذبهم و تحريفهم و بهتهم،لا أنّه تكون لهم الغلبة.

مثله قتادة.(القرطبيّ 4:173)

قتادة: لن يضرّوكم إلاّ أذى تسمعونه منهم.(الطّبريّ 4:46)

ص: 21

مثله الرّبيع.(الطّبريّ 4:47)

ابن جريج: إشراكهم في عزير و عيسى و الصّليب.

(الطّبريّ 4:47)

الفرّاء: هو استثناء منقطع،و التّقدير لن يضرّوكم، لكن أذى باللّسان.

مثله الزّجّاج.(أبو حيّان 3:30)

الطّبريّ: يعني بذلك جلّ ثناؤه لن يضرّكم يا أهل الإيمان باللّه و رسوله هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم و تكذيبهم نبيّكم محمّدا صلى اللّه عليه و سلم شيئا إلاّ أذى،يعني بذلك و لكنّهم يؤذونكم بشركهم،و إسماعكم كفرهم، و قولهم في عيسى و أمّه و عزير،و دعائهم إيّاكم إلى الضّلالة،و لا يضرّونكم بذلك.

و هذا من الاستثناء المنقطع الّذي هو مخالف معنى ما قبله،كما قيل:«ما اشتكى شيئا إلاّ خيرا»،و هذه كلمة محكيّة عن العرب سماعا.(4:46)

الطّوسيّ: الأذى المذكور في الآية هو أن يسمعوا منهم كذبا على اللّه يدعونهم به إلى الضّلالة.يقول أهل الحجاز:آذيتني،إذا أسمعته كلاما يثقل عليه.

و قال البلخيّ و الطّبريّ:الاستثناء منقطع هاهنا، لأنّ الأذى ليس من الضّرر في شيء.و هذا ليس بصحيح،لأنّه إذا أمكن حمله على الاستثناء الحقيقيّ لم يجز حمله على المنقطع.و المعنى في الآية لن يضرّوكم إلاّ ضررا يسيرا.فالأذى وقع موقع المصدر الأوّل.و إذا كان الأذى ضررا فالاستثناء متّصل،و المنقطع لا يكون فيه الثّاني مخصّصا للأوّل،كقولك:ما في الدّار أحد إلاّ حمارا،و كقولك:ما زاد إلاّ ما نقص،و ما نفع إلاّ ما ضرّ.

(2:559)

نحوه الطّبرسيّ.(1:487)

الميبديّ: أي إلاّ ضررا يسيرا باللّسان،مثل الوعيد و البهت.(2:246)

الزّمخشريّ: إلاّ ضررا مقتصرا على أذى بقول، من طعن في الدّين أو تهديد أو نحو ذلك.(1:455)

الفخر الرّازيّ: معناه أنّه ليس على المسلمين من كفّار أهل الكتاب ضرر،و إنّما منتهى أمرهم أن يؤذوكم باللّسان،إمّا بالطّعن في محمّد و عيسى عليهما السّلام، و إمّا بإظهار كلمة الكفر،كقولهم: عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ، و اَلْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ التّوبة:30،و إِنَّ اللّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ المائدة:73،و إمّا بتحريف نصوص التّوراة و الإنجيل،و إمّا بإلقاء الشّبه في الأسماع،و إمّا بتخويف الضّعفة من المسلمين.

و من النّاس من قال:إنّ قوله:(الاّ اذى)استثناء منقطع،و هو بعيد،لأنّ كلّ الوجوه المذكورة يوجب وقوع الغمّ في قلوب المسلمين،و الغمّ ضرر،فالتّقدير:

لا يضرّوكم إلاّ الضّرر الّذي هو الأذى،فهو استثناء صحيح،و المعنى لن يضرّوكم إلاّ ضررا يسيرا.و الأذى وقع موقع الضّرر،و الأذى مصدر أذيت الشّيء أذى.

(8:193)

القرطبيّ: الاستثناء متّصل،و المعنى لن يضرّوكم إلاّ ضررا يسيرا،فوقع الأذى موقع المصدر،فالآية وعد من اللّه لرسوله صلى اللّه عليه و سلم و للمؤمنين،أنّ أهل الكتاب لا يغلبونهم،و أنّهم منصورون عليهم،لا ينالهم منهم اصطلام إلاّ إيذاء بالبهت و التّحريف.و أمّا العاقبة فتكون

ص: 22

للمؤمنين.

و قيل:منقطع،و المعنى لن يضرّوكم البتّة،لكن يؤذونكم بما يسمعونكم.(4:173)

أبو حيّان: هاتان الجملتان تضمّنتا الإخبار بمغيبين مستقبلين،و هو أنّ ضررهم إيّاكم لا يكون إلاّ أذى،أي شيئا تتأذّون به لا ضررا يكون فيه غلبة و استئصال، و لذلك إن قاتلوكم خذلوا و نصرتم.و كلا هذين الأمرين وقع لأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما ضرّهم أحد من أهل الكتاب ضررا يبالون به،و لا قصدوا جهة كافر إلاّ كان لهم النّصر عليهم و الغلبة لهم.

و الظّاهر أنّ قوله:(الاّ اذى)استثناء متّصل،و هو استثناء مفرّغ من المصدر المحذوف،التّقدير:لن يضرّوكم ضررا إلاّ ضررا يسيرا لا نكاية فيه و لا إجحاف لكم.(3:30)

البروسويّ: استثناء مفرّغ من المصدر العامّ،أي لن يضرّوكم أبدا ضررا ما إلاّ ضرر أذى لا يبالى به،من طعن و تهديد،لا أثر له.(2:79)

الآلوسيّ: استثناء متّصل،لأنّ الأذى بمعنى الضّرر اليسير كما يشهد به مواقع الاستعمال،فكأنّه قيل:لن يضرّوكم ضررا ما إلاّ ضررا يسيرا.و قيل:إنّه منقطع، لأنّ الأذى ليس بضرر،و فيه نظر.(4:28)

حجازي: الأذى:الضّرر البسيط.(4:12)

فضل اللّه: اذى:ضرر في النّفس أو الجسم،و جاء نكرة تصويرا لتفاهته و حقارته،و عدم ضرره على المسيرة الإسلاميّة الصّاعدة،لأنّه يقتصر كما في «الكشّاف».[ثمّ نقل كلام الزّمخشريّ](6:222)

اذاهم

وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ...

الأحزاب:48

الهرويّ: أي دع أذى المنافقين،لا تجازهم إلى أن يؤمر فيهم.(1:33)

الزّمخشريّ: يحتمل إضافته إلى الفاعل و المفعول، يعني(ودع)أن تؤذيهم بضرر أو قتل،و خذ بظاهرهم، و حسابهم على اللّه في باطنهم،أو(ودع)ما يؤذونك به و لا تجازهم عليه حتّى تؤمر.(3:266)

مثله النّيسابوريّ.(22:23)

آذوا

لا تكونوا كالّذين آذوا موسى فبرّأه اللّه ممّا قالوا و كان عند اللّه وجيها.الأحزاب:69

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّ موسى كان رجلا حييّا ستّيرا، لا يكاد يرى من جلده شيء استحياء منه،فآذاه من آذاه من بني إسرائيل،و قالوا:ما تستّر هذا التّستّر إلاّ من عيب في جلده،إمّا برص و إمّا أدرة (1)و إمّا آفة،و إنّ اللّه أراد أن يبرّئه ممّا قالوا...

نحوه ابن عبّاس،و ابن زيد،و سعيد بن جبير.(الطّبريّ 22:52)

الإمام عليّ عليه السّلام: صعد موسى و هارون الجبل، فمات هارون،فقالت بنو إسرائيل:أنت قتلته،و كان أشدّ حبّا لنا منك،و ألين لنا منك،فآذوه بذلك.فأمر اللّه

ص: 23


1- الأدرة،بالضّمّ:نفخة في الخصية.

الملائكة فحملته،حتّى مرّوا به على بني إسرائيل و تكلّمت الملائكة بموته،حتّى عرف بنو إسرائيل أنّه قد مات،فبرّأه اللّه من ذلك،فانطلقوا به فدفنوه.

(الطّبريّ 22:52)

نحوه ابن عبّاس،و الجبّائيّ.(الطّبرسيّ 4:372)

أبو العالية: إنّ قارون استأجر مومسة لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمه اللّه تعالى من ذلك.

(الطّبرسيّ 4:372)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في الأذى الّذي أوذي به موسى الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع،فقال بعضهم:رموه بأنّه آدر.و روى بذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم خبرا.

و قال آخرون:بل وصفوه بأنّه أبرص.

و قال آخرون:بل كان أذاهم إيّاه ادّعاؤهم على قتل هارون أخيه.

و أولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال:إنّ بني إسرائيل آذوا نبيّ اللّه ببعض ما كان يكره أن يؤذى به، فبرّأه اللّه ممّا آذوه به.و جائز أن يكون ذلك كان قيلهم:

إنّه أبرص،و جائز أن يكون كان ادّعاؤهم عليه قتل أخيه هارون،و جائز أن يكون كلّ ذلك،لأنّه قد ذكر كلّ ذلك،أنّهم قد آذوه به.و لا قول في ذلك أولى بالحقّ ممّا قال اللّه:إنّهم آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ مِمّا قالُوا. (22:50-52)

نحوه الطّوسيّ.(8:365)

أبو مسلم الأصفهانيّ: إنّهم آذوه من حيث إنّهم نسبوه إلى السّحر و الجنون و الكذب بعد ما رأوا الآيات.

(الطّبرسيّ 4:372)

الزّمخشريّ: قيل في أذى موسى عليه السّلام،هو حديث المومسة الّتي أرادها قارون على قذفه بنفسها.

و قيل:اتّهامهم إيّاه بقتل هارون،و كان قد خرج معه إلى الجبل فمات هناك،فحملته الملائكة و مرّوا به عليهم ميّتا،فأبصروه حتّى عرفوا أنّه غير مقتول.

و قيل:أحياه اللّه فأخبرهم ببراءة موسى عليه السّلام.

و قيل:قرفوه بعيب في جسده من برص أو أدرة، فاطّلعهم اللّه على أنّه بريء منه.(3:276)

نحوه أبو حيّان(7:252)،و الطّريحيّ(1:24).

الفخر الرّازيّ: حديث إيذاء موسى مختلف فيه، قال بعضهم:هو إيذاؤهم إيّاه بنسبته إلى عيب في بدنه.

و قال بعضهم:إنّ قارون قرّر مع امرأة فاحشة حتّى تقول عند بني إسرائيل:إنّ موسى زنى بي،فلمّا جمع قارون القوم و المرأة حاضرة ألقى اللّه في قلبها أنّها صدقت و لم تقل ما لقّنت.

و بالجملة الإيذاء المذكور في القرآن كاف،و هو أنّهم قالوا له: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا المائدة:24، و قولهم: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً.. البقرة:

55،و قولهم: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ.. البقرة:

61،إلى غير ذلك.(25:233)

الطّباطبائيّ: نهى عن أن يكونوا كبعض بني إسرائيل،فيعاملوا نبيّهم بمثل ما عامل به بنو إسرائيل من الإيذاء،و ليس المراد مطلق الايذاء بقول أو فعل و إن كان منهيّا عنه،بل قوله: فَبَرَّأَهُ اللّهُ... يشهد بأنّه كان إيذاء من قبيل التّهمة و الافتراء المحوج في رفعه إلى

ص: 24

التّبرئة و التّنزيه.

و لعلّ السّكوت عن ذكر ما آذوا به موسى عليه السّلام، يؤيّد ما ورد في الحديث أنّهم قالوا:ليس لموسى ما للرّجال فبرّأه اللّه من قولهم،و سيوافيك.

و أوجه ما قيل في إيذائهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنّه إشارة إلى قصّة زيد و زينب،و إن يكن كذلك فمن إيذائه صلّى اللّه عليه و آله ما في كثير من روايات القصّة من سردها على نحو لا يناسب ساحة قدسه.(16:347)

فضل اللّه: هذه الآية خطاب للصّحابة الّذين كان بعضهم يثير الأقاويل الباطلة حول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما ذكر في السّيرة ممّا أثاروه في قصّة زواج النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بزينب بنت جحش بعد طلاقها من مولاه زيد.

و قد ذكر المفسّرون في تفسير إيذاء بني إسرائيل بعض الأحاديث المرويّة في هذا الشّأن الّتي لا تثبت بها حجّة،و لا تتماسك أمام النّقد،فليرجع إليها من أحبّ، و لنجمل المسألة في ما أجمله اللّه منها،ليكون الحديث حديث المبدإ لا التّفاصيل.(18:357)

آذيتمونا

و لنصبرنّ على ما آذيتمونا و على اللّه فليتوكّل المتوكّلون.إبراهيم:12

الطّبريّ: على ما نلقى منكم من المكروه فيه،بسبب دعائنا إليكم إلى ما ندعوكم إليه،من البراءة من الأوثان و الأصنام،و إخلاص العبادة له.(13:191)

الطّوسيّ: من تكذيبنا و شتمنا في جنب طاعته و ابتغاء مرضاته و طلب ثوابه.(6:280)

القرطبيّ: أي من الإهانة و الضّرب،و التّكذيب و القتل،ثقة باللّه أنّه يكفينا و يثيبنا.(9:348)

البروسويّ: في أبداننا و أعراضنا،أو بالتّكذيب و ردّ الدّعوة و الإعراض عن اللّه و العناد و اقتراح الآيات،و غير ذلك ممّا لا خير فيه.(4:404)

الآلوسيّ: (ما)مصدريّة،أي إيذاؤكم إيّانا بالعناد و اقتراح الآيات و غير ذلك ممّا لا خير فيه.و جوّزوا أن تكون موصولة بمعنى«الّذي»،و العائد محذوف،أي الّذي آذيتموناه،و كان الأصل آذيتمونا به،فهل حذف «به»أو«الباء»،و وصل الفعل إلى الضّمير؟قولان.

(13:199)

اوذى

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللّهِ... العنكبوت:10

الطّوسيّ: أي إذا لحقه شدّة في جنب اللّه.

(8:190)

الميبديّ: أي إذا أصيب بمكروه في سبب إظهار دين اللّه.(7:370)

الفخر الرّازيّ: قوله: فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ... هو في معنى قوله: وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي... آل عمران:195،غير أنّ المراد بتلك الآية الصّابرون على أذيّة الكافرين،و المراد هاهنا الّذين لم يصبروا عليها،فقال هناك: وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي...

و قال هاهنا: أُوذِيَ فِي اللّهِ، و لم يقل:في سبيل اللّه.

و اللّطيفة فيه أنّ اللّه أراد بيان شرف المؤمن الصّابر و خسّة المنافق الكافر،فقال هناك:أوذي المؤمن في سبيل اللّه ليترك سبيله و لم يتركه،و أوذي المنافق الكافر

ص: 25

فترك اللّه بنفسه،و كان يمكنه أن يظهر موافقتهم إن بلغ الإيذاء إلى حدّ الإكراه،و يكون قلبه مطمئنّا بالإيمان فلا يترك اللّه،و مع هذا لم يفعله بل ترك اللّه بالكلّيّة.

و المؤمن أوذي و لم يترك سبيل اللّه بل أظهر كلمتي الشّهادة،و صبر على الطّاعة و العبادة.(25:38)

الطّباطبائيّ: أي أوذي لأجل الإيمان باللّه بناء على أنّ(في)للسّببيّة كما قيل.و فيه عناية كلاميّة لطيفة بجعله تعالى،أي جعل الإيمان باللّه ظرفا للإيذاء و لمن يقع عليه الإيذاء،ليفيد أنّ الإيذاء منتسب إليه تعالى انتساب المظروف إلى ظرفه،و ينطبق على معنى السّببيّة و الغرضيّة.و نظيره قوله: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ... الزّمر:56،و قوله: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا... العنكبوت:69.

و قيل:معنى الإيذاء في اللّه هو الإيذاء في سبيل اللّه.

و كأنّه مبنيّ على تقدير مضاف محذوف.

و فيه أنّ العناية الكلاميّة مختلفة،فالإيذاء في اللّه ما كان السّبب فيه محض الإيمان باللّه،و هو قولهم: رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا... فصّلت:30.

و الإيذاء في سبيل اللّه ما كان سببه سلوك السّبيل الّتي هي الدّين،قال تعالى: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي آل عمران:195،و من الشّاهد على تغاير الاعتبارين قوله في آخر السّورة:

وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا... العنكبوت:

69،حيث جعل الجهاد في اللّه طريقا إلى الاهتداء إلى سبله،و لو كانا بمعنى واحد لم يصحّ ذلك.(16:105)

فضل اللّه: إنّهم المنافقون الّذين يعلم اللّه خفاياهم، فلا يغيب عن علمه شيء من ذلك كلّه وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ العنكبوت:10، أي كان الإيذاء متوجّها إليه بسبب إيمانه باللّه و علاقته به،من خلال تعرّض مصالحه للخطر،و علاقاته بمواقع القوّة في الحياة للتّعقيد،أو تعرّض جسده للتّعذيب و التّنكيل.و قد فسّر البعض الكلمة على أساس الحذف، أي أوذي في سبيل اللّه،في ما يفرضه ذلك من ضريبة المواجهة في خطّ الجهاد.

و لكنّ الظّاهر أنّ الكلمة ليست واردة في هذا السّياق،لأنّ هؤلاء الجماعة لم يتحرّكوا في خطّ الجهاد ليلحقهم أذاه،لا سيّما أنّ السّورة مكّيّة،في ما تقول بعض الرّوايات،ممّا يعني أنّها دائرة في سياق الأذى المترتّب على الالتزام العقائديّ-الإيمانيّ.

و لكنّها يمكن أن تختزن بعض المعاني الّتي تشمل ذلك،على أساس أنّ الإيذاء المترتّب على الالتزام العقائديّ للشّخص،إنّما يناله من جهة كونه موقفا في مواجهة موقف الكفر،و موقعا من مواقع القوّة للّه،فإذا حدث ذلك للإنسان منهم جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللّهِ العنكبوت:10،فكما يهرب الإنسان من عذاب اللّه فيترك كلّ شيء يؤدّي إليه،لأنّه لا يستطيع تحمّله لخطورته و قسوته،فإنّه يهرب من فتنة النّاس فيما تحتويه من ضغوط و تهاويل،و في ما تثيره من مشاكل في داخل حياته.(18:23)

اوذوا

فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي

ص: 26

سَبِيلِي... آل عمران:195

أبو حيّان: ذكر الإذاية في سبيل اللّه،و المعنى في دين اللّه.و بدأ أوّلا بالخاصّ و هي الهجرة،و كانت تطلق على الهجرة إلى المدينة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم.

و ثنّى بما ينشأ عنه ما هو أعمّ من الهجرة و هو الإخراج من الدّيار،فقد يخرج إلى الهجرة إلى المدينة أو إلى غيرها،كخروج من خرج إلى الحبشة و كخروج أبي جندل؛إذ لم يترك يقيم بالمدينة.

و أتى ثالثا بذكر الإذاية،و هي أعمّ من أن تكون بإخراج من الدّيار،أو غير ذلك من أنواع الأذى.

و ارتقى بعد هذه الأوصاف السّنيّة إلى رتبة جهاد من أخرجه،و مقاومته و استشهاده في دين اللّه.فجمع بين رتب هذه الأعمال من تنقيص أحواله في الحياة لأجل دين اللّه بالمهاجرة،و إخراجه من داره و إذايته في اللّه، و مآله أخيرا إلى إفنائه بالقتل في سبيل اللّه.و الظّاهر الإخبار عن من جمع هذه الأوصاف كلّها بالخبر الّذي بعد.

و يجوز أن يكون ذلك من عطف الصّلات،و المعنى اختلاف الموصول لا اتّحاده،فكأنّه قيل:فالّذين هاجروا،و الّذين أخرجوا،و الّذين أوذوا،و الّذين قاتلوا،و الّذين قتلوا،و يكون الخبر عن كلّ من هؤلاء.

(3:145)

الآلوسيّ: المراد من الإيذاء ما هو أعمّ من أن يكون بالإخراج من الدّيار،أو غير ذلك ممّا كان يصيب المؤمنين من قبل المشركين.(4:169)

اوذينا

قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا...

الأعراف:129

ابن عبّاس: قالوا ذلك حين أتبعهم و اضطرّهم إلى البحر فضاقت صدورهم،و رأوا بحرا أمامهم و عدوّا كثيفا وراءهم لمّا أسرى بهم موسى،حتّى هجموا على البحر التفتوا فإذا هم برهج دوابّ فرعون،فقالوا هذه المقالة،و قالوا:هذا البحر أمامنا و هذا فرعون وراءنا قد رهقنا بمن معه.

مثله السّدّيّ.(أبو حيّان 4:368)

عكرمة: (من قبل)بالاستعباد و قتل الأولاد(و من بعد)بالتّهديد و الإبعاد.

مثله الرّمّانيّ.(أبو حيّان 4:368)

الحسن: الأذى من قبل و من بعد واحد،و هو أخذ الجزية.(القرطبيّ 7:263)

الكلبيّ: كانوا يضربون له اللّبن و يعطيهم التّبن، فلمّا جاء موسى غرّمهم التّبن،و كان النّساء يغزلن له الكتّان و ينسجنه.(أبو حيّان 4:368)

الفرّاء: أمّا الأذى الأوّل فقتله الأبناء و استحياؤه النّساء.ثمّ لمّا قالوا له: أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ الأعراف:127،قال:أعيد على أبنائهم القتل و استحيى النّساء،كما كان فعل.و هو أذى بعد مجيء موسى.(1:391)

الطّوسيّ: هذا إخبار من اللّه تعالى عمّا قال قوم موسى لموسى:بأنّا أوذينا من قبل أن تأتينا بالرّسالة.

ص: 27

و الأذى:ضرر لا يبلغ بصاحبه أن يأتي على نفسه، تقول:آذاه يؤذيه أذى و تأذّى به تأذّيا،و مثله آلمه يؤلمه إيلاما،و تألّم به تألّما.

و الأذى الّذي كان بهم قيل:هو استعباد فرعون إيّاهم،و قتل أبنائهم و استحياء نسائهم للاستخدام.

و الّذي كان بعد مجيء موسى الوعيد لهم بتجديد ذلك العذاب من فرعون و التّوعيد عليه.و كان هذا على سبيل الاستبطاء منهم لما وعدهم،فجدّد الوعد لهم، و حقّقه.(4:547)

الميبديّ: أوذينا بالقتل الأوّل من قبل أن تأتينا بالرّسالة و من بعد ما جئتنا بالرّسالة،بإعادة القتل و بالإتعاب في العمل و أخذ المال.(3:708)

نحوه الزّمخشريّ(2:105)،و الطّبرسيّ(2:

465).

ابن عطيّة: الّذي من بعد مجيئه يعنون به وعيد فرعون،و سائر ما كان خلال تلك المدّة من الإخافة لهم.

(أبو حيّان 4:368)

القرطبيّ: أي في ابتداء ولادتك بقتل الأبناء و استرقاق النّساء،و من بعد ما جئتنا،أي و الآن أعيد علينا ذلك،يعنون الوعيد الّذي كان من فرعون.

و قيل:الأذى من قبل:تسخيرهم لبني إسرائيل في أعمالهم إلى نصف النّهار،و إرسالهم بقيّته ليكتسبوا لأنفسهم.و الأذى من بعد:تسخيرهم جميع النّهار كلّه بلا طعام و لا شراب.(7:263)

نحوه النّسفيّ(2:71)،و النّيسابوريّ(9:33)، و البروسويّ(3:216).

أبو حيّان: أي بابتلائنا بذبح أبنائنا،مخافة ما كان يتوقّع فرعون من هلاك ملكه على يد المولود الّذي يولد منّا،من قبل أن تأتينا.

و قيل:من قبل أن تأتينا بعهد اللّه بالخلاص،و من بعد ما جئتنا به،قالوه في معرض الشّكوى من فرعون و استعانة عليه بموسى.[ثمّ ذكر قول ابن عبّاس و أضاف:]

و هذا القول فيه بعد،و سياق الآيات يدلّ على التّرتيب،و قد جاء بعد هذه وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ الأعراف:130.(4:368)

الآلوسيّ: يعنون بذلك قتل الجبّار أولادهم قبل مولده و بعده،إذ قيل له:يولد لبني إسرائيل غلام يسلبك ملكك،و يكون هلاكك على يديه وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا، أي رسولا يعنون به ما توعّدهم به من إعادة قتل الأبناء،و سائر ما كان يفعل لهم لعداوة موسى عليه السّلام من فنون الجور و العذاب.

و قيل:إنّ نفس ذلك الإيعاد إيذاء.

و قيل:أرادوا الإيذاء بقتل الأبناء قبل مولد موسى عليه السّلام و بعد مولده.

و قيل:المراد ما كانوا يستعبدون به و يمتهنون فيه من أنواع الخدم و المهن.(9:30)

رشيد رضا: يعنون أنّهم لم يستفيدوا من إرساله لإنقاذهم من ظلم فرعون شيئا،فهو يؤذيهم و يظلمهم بعد إرساله،كما كان يؤذيهم من قبله أو أشدّ.

(9:81)

فضل اللّه: إنّه منطق الضّعفاء الّذين لا يعرفون

ص: 28

معنى حركة القوّة في الدّاخل،من أجل تنمية روح التّحدّي في الواقع،فهم لا يتعاملون مع القضايا الّتي يعيشونها من موقع العلاقة بالأهداف البعيدة للحياة،بل يتعاملون معها من موقع المشاعر و الانفعالات في ما تختزنه من هموم و آلام.إنّهم يعيشون في جوّ الإحساس دون التّفكير في مضمون المشكلة؛إذ يجب أن يعرفوا أنّ هناك فرقا بين الإيذاء الّذي يتعرّض له الإنسان،و هو لا يحمل قضيّة،فيزيده الأذى شعورا بالانسحاق،لأنّه يحجز احساسه بالألم الّذي لحق به في اللّحظة الحاضرة، و بين الإيذاء الّذي يتعرّض له و هو يحمل قضيّة و يتحرّك من أجل رسالة فيزيده الأذى شعورا بالقوّة،لأنّه يضاعف معنى التّحدّي في مشاعره و أحاسيسه في عمليّة إيمان،بالقضيّة الكبيرة الّتي لا بدّ لها أن تستمرّ،لتحلّ المشكلة من جذورها،بعيدا عن كلّ عوامل التّخدير.

(10:217)

يؤذون

1- وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ... التّوبة:61

الطّوسيّ: أخبر اللّه تعالى في هذه الآية أنّ من جملة هؤلاء المنافقين الّذين وصفهم و ذكرهم من يؤذي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله-و الأذى هو ضرر ربّما تنفر منه النّفس في عاجل الأمر-و أنّهم يقولون:(هو اذن)،يعنون النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.(5:287)

الزّمخشريّ: إيذاؤهم له هو قولهم فيه:(هو اذن).

(2:199)

نحوه الفخر الرّازيّ.(16:116)

الطّبرسيّ: الأذى قد يكون بالفعل و قد يكون بالقول،و هو هنا بالقول.(3:44)

النّيسابوريّ: فسّر إيذاؤهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلم بأنّهم يقولون له:(هو اذن)؛و ذلك أنّهم قصدوا به المذمّة، و أنّه ليس ذا ذكاء و لا بعيد غور،بل هو سليم القلب سريع الاغترار بكلّ ما يسمع.

و يجوز أن يراد بالإيذاء أنواع أخر سوى هذا القول، أي يؤذونه بالغيبة و النّميمة و سائر أنواع الأذيّة، و يقولون في وجه الاعتذار عن ذلك:(هو اذن)،يقبل كلّ ما يسمع،فنحن نأتيه فنعتذر إليه،فيسمع عذرنا فيرضى.(10:120)

البروسويّ: بأن يقولوا في حقّه ما يتأذّى به الإنسان.(3:456)

الآلوسيّ: ما تأذّى به النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلم يحتمل أن يكون ما قالوه في حقّه عليه الصّلاة و السّلام من سائر الأقوال الباطلة،فيكون قوله سبحانه:(و يقولون)إلخ،غير ما تأذّى به.

و يحتمل أن يكون نفس قولهم:(هو اذن)،فيكون عطف تفسير،و(يؤذون)مضارع آذاه.و المشهور في مصدره أذى و أذاة و أذيّة،و جاء أيضا الإيذاء،كما أثبته الرّاغب.و قول«صاحب القاموس»:و لا تقل إيذاء ،خطأ منه.(10:126)

2- وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. التّوبة:61

أبو حيّان: أبرز اسم الرّسول و لم يأت به ضميرا

ص: 29

على نسق(يؤمن)بلفظ الرّسول،تعظيما لشأنه، و جمعا له في الآية بين الرّتبتين العظيمتين من النّبوّة و الرّسالة،و إضافته إليه زيادة في تشريفه،و حتم على من أذاه بالعذاب الأليم،و حقّ لهم ذلك(و الّذين يؤذون) عامّ يندرج فيه هؤلاء الّذين أذوا هذا الإيذاء الخاصّ و غيرهم.(5:63)

الآلوسيّ: أي بأيّ نوع من الإيذاء كان،و في صيغة الاستقبال المشعرة بترتّب الوعيد على الاستمرار على ما هم عليه،إشعار بقبول توبتهم.(لهم عذاب اليم)،أي بسبب ذلك كما ينبئ عنه بناء الحكم على الموصول.و جملة الموصول و خبره مسوق من قبله عزّ و جلّ على نهج الوعيد غير داخل تحت الخطاب،و في تكرير الإسناد بإثبات العذاب الأليم لهم،ثمّ جعل الجملة خبرا،ما لا يخفى من المبالغة.و إيراده عليه الصّلاة و السّلام بعنوان الرّسالة مع الإضافة إلى الاسم الجليل لغاية التّعظيم و التّنبيه على أنّ أذيّته عليه الصّلاة و السّلام راجعة إلى جنابه عزّ و جلّ،موجبة لكمال السّخط و الغضب منه سبحانه.

و ذكر بعضهم أنّ الإيذاء لا يختصّ بحال حياته صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم بل يكون بعد وفاته صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم أيضا،و عدّوا من ذلك التّكلّم في أبويه صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم بما لا يليق،و كذا إيذاء أهل بيته رضي اللّه تعالى عنهم.(10:127)

رشيد رضا: في إضافة الرّسول إلى اسم اللّه عزّ و جلّ إيذان بأنّ إيذاءه إيذاء لمرسله،أي سبب لعقابه،كما أنّ طاعته طاعة له و سبب لثوابه مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ النّساء:80،و قوله: لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ جملة مستقلّة هي خبر لما قبلها،و في هذا تأكيد لمضمونها.

الآية و ما في معناها دليل على أنّ إيذاء الرّسول صلّى اللّه عليه و سلم كفر إذا كان فيما يتعلّق بصفة الرّسالة،فإنّ إيذاءه في رسالته ينافي صدق الإيمان بطبيعته.

و أمّا الإيذاء الخفيف فيما يتعلّق بالعادات و الشّئون البشريّة فهو حرام،لا كفر،كإيذاء الّذين كانوا يطيلون المكث في بيوته عند نسائه بعد الطّعام،فنزل فيهم: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ إلى قوله:

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً... الأحزاب:53.

و قال في الأعراب الّذين كانوا يرفعون أصواتهم في ندائه و يسمّونه باسمه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ... الحجرات:2،فهذه آداب المؤمنين الّتي فرضها عليهم ربّهم مع رسوله صلّى اللّه عليه و سلم و في التّقصير فيها خطر حبوط الأعمال بدون شعور من المقصّر.

و صرّح بعض العلماء بأنّ إيذاءه صلّى اللّه عليه و سلم بعد انتقاله إلى الرّفيق الأعلى كإيذائه في حال حياته الدّنيا،و منه نكاح أزواجه من بعده،قال بعضهم:و منه الخوض في أبويه و آل بيته بما يعلم أنّه يؤذيه لو كان حيّا،و لكنّهم جعلوه ذنبا لا كفرا.

و لا شكّ أنّ الإيمان به صلّى اللّه عليه و سلم مانع من تصدّي المؤمن لما يعلم أو يظنّ أنّه يؤذيه صلوات اللّه و سلامه عليه إيذاء ما.و لكن لا يدخل في هذا كلّ ما يؤذي أحدا من سلائل

ص: 30

آله و عترته،بأيّ سبب من أسباب التّنازع بين النّاس، في الحقوق الماليّة و الجنائيّة و المخاصمات الشّخصيّة،لأنّ منها ما يكون فيها المنسوب إلى الآل الكرام جانيا آثما و متعدّيا ظالما،و قد قال اللّه تعالى: لا يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ النّساء:148، و قال صلّى اللّه عليه و سلم:«إنّ لصاحب الحقّ مقالا...إلخ»(10:521)

3- إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً. الأحزاب:57

ابن عبّاس: إيذاء الرّسول هو أنّه شجّ في وجهه و كسرت رباعيته.(البغويّ 5:227)

عكرمة:معناه بالتّصوير و التّعرّض لفعل ما لا يفعله إلاّ اللّه بنحت الصّور و غيرها.

(القرطبيّ 14:238)

قتادة: يا سبحان اللّه ما زال أناس من جهلة بني آدم حتّى تعاطوا أذى ربّهم.و أمّا أذاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فهو طعنهم عليه في نكاحه صفيّة بنت حييّ فيما ذكر.

(الطّبريّ 22:44)

الطّبريّ: يؤذون ربّهم بمعصيتهم إيّاه،و ركوبهم ما حرّم عليهم.و قد قيل:إنّه عني بذلك أصحاب التّصاوير،و ذلك أنّهم يرومون تكوين خلق مثل خلق اللّه.(22:44)

الجصّاص: يعني يؤذون أولياء اللّه و رسوله، و ذلك لأنّ اللّه لا يجوز أن يلحقه الأذى،فأطلق ذلك مجازا؛لأنّ المعنى مفهوم عند المخاطبين،كما قال:

وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ يوسف:82،و المعنى أهل القرية.

و قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. الأحزاب:58،قد قيل:إنّه أراد من أضمر ذكره في الآية الأولى من أولياء اللّه،فأظهر ذكرهم بعد الضّمير،و بيّن أنّهم المرادون بالضّمير،و أخبر عن احتمالهم البهتان و الإثم اللّذين بهما يستحقّون ما ذكر في الآية الأولى من اللّعن و العذاب.

(3:371)

الطّوسيّ: أذى اللّه،يقال:هو أذى أوليائه،و إنّما أضافه إلى نفسه تعظيما لأوليائه،و مبالغة في عظم المعصية به.(8:360)

البغويّ: قيل:معنى يُؤْذُونَ اللّهَ، أي يلحدون في أسمائه و صفاته.

و قال بعضهم:يؤذون أولياء اللّه،كقوله تعالى:

وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ... يوسف:82،أي أهل القرية.

و روينا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلم قال:«قال اللّه تعالى:من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب»،و قال:«من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة».

و معنى الأذى هو مخالفة أمر اللّه تعالى و ارتكاب معاصيه،ذكره على ما يتعارفه النّاس بينهم،و اللّه عزّ و جلّ منزّه عن أن يلحقه أذى من أحد.(5:227)

نحوه الميبديّ.(8:87)

الزّمخشريّ: فيه وجهان:

أحدهما:أن يعبّر بإيذائهما عن فعل ما يكرهانه و لا يرضيانه من الكفر و المعاصي،و إنكار النّبوّة و مخالفة الشّريعة،و ما كانوا يصيبون به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من أنواع المكروه على سبيل المجاز،و إنّما جعلته مجازا فيهما جميعا

ص: 31

-و حقيقة الإيذاء صحيحة في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم-لئلاّ أجعل العبارة الواحدة معطية معنى المجاز و الحقيقة.

و الثّاني:أن يراد يؤذون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم.

و قيل في أذى اللّه:هو قول اليهود و النّصارى و المشركين: يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ... المائدة:64، و ثالِثُ ثَلاثَةٍ... المائدة:73،و اَلْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ التّوبة:30،و الملائكة بنات اللّه،و الأصنام شركاؤه.

و قيل:قول الّذين يلحدون في أسمائه و صفاته.

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فيما حكى عن ربّه:«شتمني ابن آدم و لم ينبغ له أن يشتمني،و آذاني و لم ينبغ له أن يؤذيني.فأمّا شتمه إيّاي فقوله:إنّي اتّخذت ولدا،و أمّا أذاه فقوله:إنّ اللّه لا يعيدني بعد أن بدأني».

و قيل في أذى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قولهم:ساحر،شاعر، كاهن،مجنون.

و قيل:كسر رباعيته،و شجّ وجهه يوم أحد.

و قيل:طعنهم عليه في نكاح صفيّة بنت حييّ.

و أطلق إيذاء اللّه و رسوله[هنا]و قيّد إيذاء المؤمنين و المؤمنات[في الأحزاب:58]لأنّ أذى اللّه و رسوله لا يكون إلاّ غير حقّ أبدا،و أمّا أذى المؤمنين و المؤمنات فمنه و منه.(3:273)

نحوه القرطبيّ(14:237،238)،و النّسفيّ(3:

312)،و أبو حيّان(7:249)،و البروسويّ(7:237) و الآلوسيّ(22:87).

الطّبرسيّ: قيل:هم المنافقون و الكافرون و الّذين وصفوا اللّه بما لا يليق به،و كذّبوا رسله و كذبوا عليه.

فعلى هذا يكون معنى يُؤْذُونَ اللّهَ يخالفون أمره و يصفونه بما هو منزّه عنه و يشبّهونه بغيره،فإنّ اللّه عزّ اسمه لا يلحقه أذى،و لكن لمّا كانت مخالفة الأمر فيما بيننا تسمّى إيذاء خوطبنا بما نتعارفه.

و قيل: يُؤْذُونَ اللّهَ يلحدون في أسمائه و صفاته.

و قيل:معناه يؤذون رسول اللّه فقدّم ذكر اللّه على وجه التّعظيم؛إذ جعل أذى رسوله أذى له تشريفا له و تكريما،فكأنّه يقول:لو جاز أن يناله أذى من شيء لكان ينالني من هذا.

و اتّصاله بما قبله أنّه كأنّه يقول:صلّوا عليه و لا تؤذوا،فإنّ من آذاه فهو كافر.(4:370)

البيضاويّ: يرتكبون ما يكرهانه من الكفر و المعاصي،أو يؤذون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بكسر رباعيته، و قولهم:شاعر مجنون و نحو ذلك،و ذكر اللّه للتّعظيم له.

و من جوّز إطلاق اللّفظ الواحد على معنيين فسّره بالمعنيين،باعتبار المعمولين.(2:252)

النّيسابوريّ: رتّب الوعيد على إيذاء اللّه و رسوله،فيجوز أن يكون ذكر اللّه توطئة و تشريفا و إعلاما بأنّ إيذاء رسول اللّه هو إيذاء اللّه،كقوله تعالى:

فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ آل عمران:31.و يجوز أن يراد بإيذاء اللّه الشّرك به و نسبته إلى ما لا يجوز عليه.

و قيل:أذى رسول اللّه قولهم:إنّه ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون.

و قيل:طعنهم عليه في نكاح صفيّة بنت حييّ.

و الأظهر التّعميم.

و عن بعضهم أنّ اللّعن في الدّارين هو جزاء من يؤذي اللّه،و إعداد العذاب المهين هو جزاء من يؤذي

ص: 32

رسول اللّه،و لعلّ الفرق لاغ.(22:29)

القاسميّ: أي ينالون فيه الهوان و الخزي.

و المقصود من الآية الرّسول صلّى اللّه عليه و سلم،و ذكر اللّه تعالى إنّما هو لتعظيمه،ببيان قربه و كونه حبيبه،حتّى كأنّ ما يؤذيه يؤذيه،كما أنّ من يطيعه يطيع اللّه[إلى أن قال:]

و بالجملة،فاللّفظ عامّ في كلّ ما يصاب به صلّى اللّه عليه و سلم من أنواع المكروه،فيدخل المقصود من التّنزيل دخولا أوّليّا،و على هذا فالأذيّة على حقيقتها.

و قيل:المراد بأذيّة اللّه و رسوله ارتكاب ما لا يرضيانه مجازا مرسلا،لأنّه سبب أو لازم له،و إن كان بالنّسبة إلى غيره،فإنّه كان في العلاقة و ذكر اللّه و الرّسول على ظاهره.

و من جوّز إطلاق اللّفظ الواحد على معنيين -كاستعمال اللّفظ المشترك في معنييه،أو في حقيقته و مجازه-فسّر الأذيّة بالمعنيين باعتبار المعمولين،فتكون بالنّسبة إليه تعالى ارتكاب ما يكره مجازا،و إلى الرّسول على ظاهره.فإنّ تعدّد المعمول بمنزلة تكرّر لفظ العامل، فيجيء فيه الجمع بين المعنيين.(13:4906)

الطّباطبائيّ: إنّ اللّه سبحانه منزّه من أن يناله الأذى،و كلّ ما فيه وصمة النّقص و الهوان؛فذكره مع الرّسول و تشريكه في إيذائه تشريف للرّسول،و إشارة إلى أنّ من قصد رسوله بسوء فقد قصده أيضا بالسّوء؛ إذ ليس للرّسول بما أنّه رسول إلاّ ربّه،فمن قصده فقد قصد ربّه.(16:338)

نحوه فضل اللّه.(18:346)

4- وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً.

الأحزاب:58

مجاهد: يقفون.(الطّبريّ 22:45)

الطّبريّ: فمعنى الكلام على ما قال مجاهد:و الّذين يقفون المؤمنين و المؤمنات،و يعيبونهم طلبا لشينهم.

(22:45)

القرطبيّ: أذيّة المؤمنين و المؤمنات هي أيضا بالأفعال و الأقوال القبيحة،كالبهتان و التّكذيب الفاحش المختلق.و هذه الآية نظير الآية الّتي في النّساء:

112، وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً كما قال هنا.

و قد قيل:إنّ من الأذيّة تعييره بحسب مذموم،أو حرفة مذمومة،أو شيء يثقل عليه إذا سمعه،لأنّ أذاه في الجملة حرام.

و قد ميّز اللّه تعالى بين أذاه و أذى الرّسول و أذى المؤمنين،فجعل الأوّل كفرا و الثّاني كبيرة.فقال في أذى المؤمنين: فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً....

(14:240)

النّيسابوريّ: رتّب الوعيد على إيذاء المؤمنين و المؤمنات،و لكن قيّده بقوله: بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا، لأنّه إذا صدر عن أحدهم ذنب،جاز إيذاؤه على الوجه المحدود في الشّرع،و لعلّ المراد هو الإيذاء القوليّ،لقوله:

فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً...

و يحتمل أن يقال:احتمال البهتان سببه الإيذاء القوليّ،و احتمال الإثم المبين سببه الإيذاء الفعليّ.و يحتمل

ص: 33

أن يكون كلاهما وعيدا لإيذاء القوليّ،و إنّما وقع الاكتفاء به لأنّه أجرح للقلب،و لإمكان الاستدلال به على الفعليّ،و لأنّ إيذاء اللّه لا يكون إلاّ بالقول،إلاّ إذا جعل السّجود للصّنم إيذاء.(22:29)

الطّباطبائيّ: تقييد إيذائهم بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا، لأنّ إيذاءهم بما اكتسبوا-كما في القصاص و الحدّ و التّعزير-لا إثم فيه.و أمّا إيذاؤهم بغير ما اكتسبوا و من دون استحقاق فيعدّه سبحانه احتمالا للبهتان و الإثم المبين.و البهتان هو الكذب على الغير يواجهه به.

و وجه كون الإيذاء من غير اكتساب بهتانا أنّ المؤذي إنّما يؤذيه لسبب عنده يعدّه جرما له،يقول:لم قال كذا؟لم فعل كذا؟و ليس بجرم فيبهته عند الإيذاء بنسبة الجرم إليه مواجهة،و ليس بجرم.(16:339)

فضل اللّه: فلم يصدر منهم أيّ عمل يستحقّون به الإيذاء،من قتل أو جراحة أو سباب أو إيذاء،في أهل أو مال أو ولد،بل كان سلوكهم معهم سلوكا طبيعيّا،لا يصدر عنه أيّة ردّة فعل في أيّ أمر من أمور النّاس فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً الأحزاب:58،في ما يعنيه البهتان من الافتراء و الكذب على الغير،الّذي يواجهه به،فكأنّ المؤذي يدّعي وجود سبب للإيذاء صادر عن الشّخص الآخر من موقع موقفه،فينسب إليه جرما بغير حقّ وَ إِثْماً مُبِيناً لأنّه ظلم واضح لا مجال للاعتذار عنه من قريب أو من بعيد.(18:347)

فلا يؤذين

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ اَلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ... الأحزاب:59

الطّبريّ: ...لئلاّ يعرض لهنّ فاسق-إذا علم أنّهنّ حرائر-بأذى من قول.(22:46)

الميبديّ:لا يتعرّض لهنّ.(8:89)

الزّمخشريّ: أي أولى و أجدر بأن يعرفن، فلا يتعرّض لهنّ و لا يلقين ما يكرهن.(3:274)

الفخر الرّازيّ: قيل:يعرفن أنّهنّ حرائر فلا يتبعن.و يمكن أن يقال:المراد يعرفن أنّهنّ لا يزنين،لأنّ من تستر وجهها مع أنّه ليس بعورة لا يطمع فيها أنّها تكشف عورتها،فيعرفن أنّهنّ مستورات لا يمكن طلب الزّنى منهنّ.(25:230)

القرطبيّ: أي الحرائر،حتّى لا يختلطن بالإماء، فإذا عرفن لم يقابلن بأدنى من المعارضة مراقبة لرتبة الحرّيّة؛فتنقطع الأطماع عنهنّ.(14:244)

الطّباطبائيّ: أي ستر جميع البدن أقرب إلى أن يعرفن أنّهنّ أهل السّتر و الصّلاح فلا يؤذين،أي لا يؤذيهنّ أهل الفسق بالتّعرّض لهنّ.

و قيل:المعنى ذلك أقرب من أن يعرفن أنّهنّ مسلمات حرائر،فلا يتعرّض لهنّ بحسبان أنّهنّ إماء أو من غير المسلمات من الكتابيّات أو غيرهنّ.و الأوّل أقرب.(16:339)

تؤذوا

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً... الأحزاب:53

ص: 34

الطّوسيّ: المعنى ليس لكم أن تؤذوا رسول اللّه بطول الجلوس عنده و مكالمة نسائه.(8:357)

نحوه الطّبرسيّ.(3:368)

البيضاويّ: أن تفعلوا ما يكرهه.(2:251)

نحوه البروسويّ.(7:216)

أبو حيّان: عامّ في كلّ ما يتأذّى به وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا خاصّ بعد عامّ،لأنّ ذلك يكون أعظم الأذى، فحرّم اللّه نكاح أزواجه بعد وفاته.(7:247)

الآلوسيّ: أي تفعلوا في حياته فعلا يكرهه و يتأذّى به،كاللّبث و الاستئناس بالحديث الّذي كنتم تفعلونه و غير ذلك.و التّعبير عنه عليه الصّلاة و السّلام بعنوان الرّسالة لتقبيح ذلك الفعل،و الإشارة إلى أنّه بمراحل عمّا يقتضيه شأنه صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم؛ إذ في الرّسالة من نفعهم المقتضي للمقابلة بالمثل،دون الإيذاء ما فيها.(22:72)

فضل اللّه: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ، في نفسه و أهله بالكلمة و النّظرة و الحركة.(18:340)

تؤذوننى

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ... الصّفّ:5

الطّوسيّ: كانوا يؤذونه،فيقولون:هذا ساحر كذّاب،و يرمونه بالبرص و غير ذلك.(9:592)

الميبديّ: ذلك أنّهم كانوا يقولون:إنّ به عيبا و إنّه آدر،أي لم لا توقّرونني مع علمكم أنّي رسول اللّه إليكم.(10:86)

الزّمخشريّ: كانوا يؤذونه بأنواع الأذى من انتقاصه و عيبه في نفسه،و جحود آياته و عصيانه-فيما تعود إليهم منافعه-و عبادتهم البقر،و طلبهم رؤية اللّه جهرة،و التّكذيب الّذي هو تضييع حقّ اللّه و حقّه.

(4:98)

الطّبرسيّ: هذا إنكار عليهم،إيذائه بعد ما علموا أنّه رسول اللّه و الرّسول يعظّم و يبجّل و لا يؤذى،و كان قومه آذوه بأنواع من الأذى و هو قولهم: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً الأعراف:138، فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا.

المائدة:24،و ما روي في قصّة قارون أنّه دسّ إليه امرأة و زعم أنّه زنى بها،و رموه بقتل هارون.و قيل:إنّ ذلك حين رموه بالأدرة.(5:278)

الفخر الرّازيّ: كانوا يؤذونه بأنواع الأذى قولا و فعلا،فقالوا: أَرِنَا اللّهَ جَهْرَةً النّساء:153، لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ... البقرة:61.

و قيل:قد رموه بالأدرة.(29:312)

القرطبيّ: ذلك حين رموه بالأدرة.

و من الأذى ما ذكر في قصّة قارون:إنّه دسّ إلى امرأة تدّعي على موسى الفجور.

و من الأذى قولهم: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ الأعراف:138،و قولهم: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا. المائدة:24،و قولهم:إنّك قتلت هارون.

(18:82)

البروسويّ: أي بالمخالفة و العصيان فيما أمرتكم به.

و الأذى:ما يصل إلى الإنسان من ضرر،إمّا في نفسه أو في جسمه أو قنياته،دنيويّا كان أو أخرويّا.(9:496)

ص: 35

فضل اللّه: موسى يواجه الأذى من قومه

و ليس هذا الوضع المنحرف الّذي يختلف فيه الفعل عن القول،ببدع في المجتمع الدّينيّ،في ما كان يمارسه بعض المسلمين في زمان الدّعوة ممّا كان يؤذي النّبيّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله،بل كانت المشكلة سابقة مع موسى عليه السّلام الّذي عمل على إنقاذ قومه من ظلم فرعون،حتّى أخرجهم من العبوديّة إلى الحرّيّة،على أساس الدّعوة التّوحيديّة الّتي تجعل النّاس خاضعين للّه وحده في السّير،وفق أوامره و نواهيه،و لكنّهم كانوا خاضعين لرواسب العبوديّة الّتي تمنعهم من التّطلّع إلى آفاق الحرّيّة في آفاق اللّه.

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ، بعد أن قطع معهم شوطا طويلا عانى فيه الكثير الكثير من المشاكل و التّحدّيات، من أجل أن يخرجهم من الظّلمات إلى النّور،و تألّم أشدّ الألم من أجلهم،حتّى كان إرسال بني إسرائيل معه المطلب البارز الّذي قدّمه إلى فرعون،لأنّه كان يريد أن يجعل من مجتمع الاستضعاف،الّذي عاشوا فيه القهر و الذّلّ،مجتمعا إيمانيّا قويّا،يحرّك كلّ ذكريات الماضي من أجل أن تتحوّل إلى ثورة عاصفة في وجه الاستكبار، على أساس شريعة اللّه القائمة على العدل و الحرّيّة.

و بدأ بالدّعوة في أوساطهم،و وضعهم في قلب التّجربة،و أعطاهم الحرّيّة في التّعبير عن أفكارهم، انطلاقا من إنسانيّة الدّين،في احترام إنسانيّة الإنسان.

و لكنّهم كانوا معتادين على الخضوع المطلق للجبّار الّذي يفرض عليهم إرادته بالقهر،فلم يحترموا الشّخص الّذي يكلّمهم بمنطق الإنسان،حتّى قالوا له: أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا، الأعراف 129.

و هكذا استمرّوا في إيذائه و في مطالبهم الّتي لا تنتهي،و في مشاكلهم الّتي لا تعدّ،و في تمرّدهم على أوامره و نواهيه حتّى ضاق بهم ذرعا،فقال لهم-من موقع المستنكر المتألّم لا من موقع اليائس المنهزم-:

يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ، فليست صفتي بينكم صفة الشّخص العادي الّذي ينتمي إليكم،لتعاملوني كما يعامل بعضكم بعضا،بل إنّ صفتي هي صفة الرّسول الّذي أرسله اللّه إليكم ليهديكم و ينقذكم من ظلم المستكبرين وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ القصص:5،و ليحقّق لكم النّتائج الكبيرة في ما هو الخير و السّعادة في الدّنيا و الآخرة.

و لو كنتم تجهلون هذه الصّفة الرّساليّة في موقعي،فقد يكون لكم عذر في ذلك،و لكنّكم تعلمون أنّي رسول اللّه إليكم،فلا عذر لكم في ما تفعلونه،لأنّكم لا تتمرّدون عليّ بما تفعلونه،بل تتمرّدون على اللّه،ممّا يجعل الألم الّذي أحسّ به ألما رساليّا،لا ألما ذاتيّا.(22:183)

آذوهما

وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما... النّساء:16

الإمام عليّ عليه السّلام: الأذى المأمور به هو الجمع بين الحدّين:الجلد و الرّجم.(أبو حيّان 3:196)

ابن عبّاس: النّيل باللّسان و الضّرب بالنّعال.

(القرطبيّ 5:86)

ص: 36

بالتّعيير و الضّرب بالنّعال.

(رشيد رضا 4:437)

مجاهد: هو التّعيير و التّوبيخ.

مثله قتادة،و السّدّيّ.(الطّوسيّ 3:144)

يعني:سبّا.(الطّبريّ 4:296)

ابن قتيبة: أي عزّروهما.و يقال:حدّوهما.

(122)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في الأذى الّذي كان اللّه تعالى ذكره جعله عقوبة للّذين يأتيان الفاحشة من قبل أن يجعل لهما سبيلا منه،فقال بعضهم:ذلك الأذى أذى بالقول و اللّسان،كالتّعيير و التّوبيخ على ما أتيا من الفاحشة.

و قال آخرون: كان ذلك الأذى أذى باللّسان غير أنّه كان سبّا.

و قال آخرون: بل كان ذلك الأذى باللّسان و اليد.

و أولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال:إنّ اللّه تعالى ذكره كان أمر المؤمنين بأذى الزّانيين المذكورين إذا أتيا ذلك،و هما من أهل الإسلام.

و الأذى قد يقع بكلّ مكروه نال الإنسان من قول سيّئ باللّسان أو فعل،و ليس في الآية بيان أنّ ذلك كان أمر به المؤمنون يومئذ،و لا خبر به عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من نقل الواحد و لا نقل الجماعة،الموجب مجيئها قطع العذر.

و أهل التّأويل في ذلك مختلفون،و جائز أن يكون ذلك أذى باللّسان و اليد،و جائز أن يكون كان أذى بأيّهما،و ليس في العلم بأنّ ذلك كان من أيّ نفع في دين و لا دنيا،و لا في الجهل به مضرّة؛إذ كان اللّه جلّ ثناؤه قد نسخ ذلك من محكمه،بما أوجب من الحكم على عباده فيهما،و في اللاّتي قبلهما.

فأمّا الّذي أوجب من الحكم عليهم فيهما،فما أوجب في سورة النّور:2،بقوله: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما... و أمّا الّذي أوجب في اللاّتي قبلهما فالرّجم الّذي قضى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فيهما.

و أجمع أهل التّأويل جميعا على أنّ اللّه تعالى ذكره قد جعل لأهل الفاحشة من الزّناة و الزّواني سبيلا، بالحدود الّتي حكم بها فيهم.

و قال جماعة من أهل التّأويل:إنّ اللّه سبحانه نسخ بقوله: اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ قوله: وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما...

النّساء:16.(4:296)

الطّوسيّ: فإن قيل:كيف ذكر الأذى بعد الحبس؟

قلنا:فيه ثلاثة أوجه:

أحدها:قال الحسن:إنّ هذه الآية نزلت أوّلا،ثمّ أمر بأن توضع في التّلاوة بعد،فكان الأذى أوّلا،ثمّ الحبس بعد ذلك،ثمّ نسخ الحبس بالجلد أو الرّجم.

الثّاني:قال السّدّيّ:إنّه في البكرين خاصّة دون الثّيّبين،و الأولى في الثّيّبين دون البكرين.

الثّالث:قال الفرّاء:هذه الآية نسخت الأولى.قال أبو عليّ الجبّائيّ:في الآية دلالة على نسخ القرآن بالسّنّة،لأنّها نسخت بالرّجم أو الجلد،و الرّجم ثبت بالسّنّة.و من خالف في ذلك يقول:هذه الآية نسخت بالجلد في الزّنى،و أضيف إليه الرّجم زيادة لا نسخا، فلم يثبت نسخ القرآن بالسّنّة.فأمّا الأذى المذكور في

ص: 37

الآية فليس بمنسوخ،فإنّ الزّاني يؤذى و يعنّف،و يوبّخ على فعله،و يذمّ.و إنّما لا يقتصر عليه،فزيد في الأذى إقامة الحدّ عليه،و إنّما نسخ الاقتصار عليه.(3:144)

نحوه الطّبرسيّ.(2:21)

الزّمخشريّ: فوبّخوهما و ذمّوهما،و قولوا لهما:أ ما استحييتما؟أ ما خفتما اللّه؟

و يحتمل أن يكون خطابا للشّهود العاثرين على سرّهما،و يراد بالإيذاء ذمّهما و تعنيفهما و تهديدهما بالرّفع إلى الإمام و الحدّ.(1:511)

نحوه النّيسابوريّ(4:203)،و البروسويّ(2:

177)،و الآلوسيّ(4:436).

الفخر الرّازيّ: اتّفقوا على أنّه لا بدّ في تحقيق هذا الإيذاء من الإيذاء باللّسان،و هو التّوبيخ و التّعيير،مثل أن يقال:بئس ما فعلتما،و قد تعرّضتما لعقاب اللّه و سخطه،و أخرجتما أنفسكما عن اسم العدالة،و أبطلتما عن أنفسكما أهليّة الشّهادة.

و اختلفوا في أنّه هل يدخل فيه الضّرب؟فعن ابن عبّاس:أنّه يضرب بالنّعال.

و الأوّل أولى،لأنّ مدلول النّصّ إنّما هو الإيذاء، و ذلك حاصل بمجرّد الإيذاء باللّسان،و لا يكون في النّصّ دلالة على الضّرب،فلا يجوز المصير إليه.

(9:235)

القرطبيّ: قال النّحّاس:و زعم قوم أنّه منسوخ.

و قيل-و هو أولى-:إنّه ليس بمنسوخ،و أنّه واجب أن يؤدّبا بالتّوبيخ،فيقال لهما:فجرتما و فسقتما و خالفتما أمر اللّه عزّ و جلّ.(5:86)

البيضاويّ: بالتّوبيخ و التّقريع،و قيل:بالتّغريب و الجلد.(1:209)

أبو حيّان: الأمر بالأذى يدلّ على مطلق الأذى بقول أو فعل أو بهما.

و قال قوم: بالفعل دون القول.

و قالت فرقة: هو السّبّ و الجفاء دون تعيير.

(3:196)

الطّريحيّ: قيل:المراد اللّواط،لإتيانه بلفظ التّذكير.و أكثر المفسّرين على إرادة الزّنى.و التّثنية للفاعل و المرأة،و غلب التّذكير.

و المراد بالإيذاء قيل:التّعيير و التّوبيخ و الاستخفاف.فعلى هذا لا يكون منسوخا،لأنّه حكم ثابت مطلقا،بل المنسوخ الاقتصار عليه،و على الأوّل يعني اللّواط،فالإيذاء هو القتل،و هو أبلغ مراتبه.

(1:24)

رشيد رضا: إذا كانت هذه الآية قد نزلت قبل آية سورة النّور،و كان المراد بها الزّنى،كما هو قول الجمهور، فالعقاب كان تعزيرا مفوّضا إلى الأمّة،و إلاّ جاز أن يراد بالإيذاء الحدّ المشروع نفسه.

و الظّاهر أنّ آية النّور نزلت بعد هذه،و هي مبيّنة و محدّدة للإيذاء هنا على القول بأنّ ماهنا في الزّنى،و إلاّ فتلك خاصّة بحكم الزّنى لأنّها صريحة فيه،و هذه خاصّة باللّواط.و لذلك اختلف الصّحابة و من بعدهم في عقاب من يأتيه،و هذا ما اختاره أبو مسلم.

و تخصيصه الفاحشة في هذه الآية باللّواط الّذي هو استمتاع الرّجل بالرّجل،و الفاحشة فيما قبلها بالسّحاق

ص: 38

الّذي هو استمتاع المرأة بالمرأة هو المناسب لجعل تلك خاصّة بالنّساء و هذه خاصّة بالذّكور.فهذا مرجّح لفظيّ يدعمه مرجّح معنويّ،و هو كون القرآن عليه ناطقا بعقوبة الفواحش الثّلاث،و كون هاتين الآيتين محكمتين.و الإحكام أولى من النّسخ حتّى عند الجمهور القائلين به.(4:437)

فضل اللّه: قيل:المراد به:التّوبيخ و الاستخفاف،و بهذا لا يكون منسوخا،لأنّه حكم ثابت مطلق بل المنسوخ الاقتصار عليه.و قيل:إنّه عنوان للحدّ الواجب في هذه المعصية.(7:138)

الوجوه و النّظائر

الدّامغانيّ: الأذى،على عشرة أوجه:

الحرام،القمل،الشّدّة،الشّتم،البهتان،العصيان، التّخلّف،شغل القلب،المنّ،العذاب.

فوجه منها:الأذى يعني الحرام،قوله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً البقرة:222، يعني حراما.

الثّاني:يعني القمل،قوله تعالى: أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ البقرة:196،يعنى القمل.

الثّالث:الشّدّة،قوله تعالى: إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ النّساء:102،أي شدّة من مطر.

الرّابع:الشّتم،قوله تعالى: وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما... النّساء:16،يعني سبّوهما و عزّروهما،و قد نسخ السّبّ بجلد مائة،كقوله تعالى:

وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً... آل عمران:186.

الخامس:البهتان،قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ مِمّا قالُوا...

الأحزاب:69،و قد قالوا:إنّه آدر،كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ [إلى قوله:] وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا الأحزاب:57،58.

السّادس:العصيان،قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ...

الأحزاب:57،و هم اليهود يعصون اللّه تعالى.

السّابع:التّخلّف،قوله تعالى: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ... التّوبة:61،أي الّذين تخلّفوا عن غزوة تبوك.

الثّامن:شغل القلب،قوله تعالى: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ... الأحزاب:53،أي يشغل قلبه، فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أن يأمركم بالخروج،كقوله تعالى:

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ الأحزاب:53، يعني بالدّخول في بيته بغير إذنه،و هو أذى به.

التّاسع:المنّ،قوله عزّ و جلّ: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً... البقرة:263، أي المنّ.

العاشر:العذاب،قوله تعالى: فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ العنكبوت:10،أي عذّب،نظيره: قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا... الأعراف:129، أي عذّبنا.(26)

الفيروزآباديّ:[مثل الدّامغانيّ،إلاّ أنّه أضاف:]

ص: 39

الحادي عشر:بمعنى غيبة المؤمنين: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ الأحزاب:58.

(بصائر ذوي التّمييز 2:72)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة هو الأذى بمعنى المكروه،أو الأذى في الجسم فقط،ثمّ تجاوز إلى غيرها،و اشتقّ منها الفعل،يقال:أذيت و تأذّيت بالشّيء أذى و تأذّيا،أي وقع مكروه منه عليّ.و آذيته أنا إيذاء و أذاة و أذيّة:

أوصلت إليه المكروه.

2-و هذا يطّرد في سائر التّقاليب المشتقّة منها بالاشتقاق الكبير،ف«الذّأي»يعني السّير العنيف، و طرد الحمار للأتان.و«الذّيأ»يعني فساد القرحة و تقطّعها،و انفصال اللّحم عن العظم بفساد أو طبخ.

و«اليذأ»أو«الوذأ»الزّجر و الحقارة و العلّة.

3-و الأذى و الضّرر مترادفان،إلاّ أنّ الأوّل يفترق عن الثّاني بكونه خفيفا،كأذى الرّأس بالقمل في قوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ البقرة:196، و أذى المطر في قوله تعالى: وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى النّساء:102.

أمّا الضّرر فهو يتعدّى حدود الأذى و يزيد عليه، كالضّرر الّذي أصاب أيّوب في قوله تعالى: وَ أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ الأنبياء:83،و لذا استعمل القرآن الضّرر دون الأذى عند الضّجيج إلى اللّه وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ الزّمر:8.

4-و الأصل في الأذى-كما هو سنّة التّدرّج في اللّغة -هو الأذى المادّيّ،و الألم البدنيّ الحسّيّ ممّا يمسّ الجسم،ثمّ توسّع إلى ما يستكرهه الإنسان ممّا يراه أو يسمعه أو يشعر به من الأمور الّتي لا ترضيه و لا تلائمه، و الّتي لا قرار له معها و لا راحة لنفسه من أجلها، و لا يستساغ العيش في جنبها.

الاستعمال القرآنيّ

1-جاء الأذى في القرآن بقسميه المادّيّ و المعنويّ، و هو يحمل إمّا معنى منفردا أو معنى مشتركا بينهما.

الأذى المادّيّ:

وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى النّساء:102

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ البقرة:222

و باقي الآيات كما سترى بين ما يختصّ بالأذى المعنويّ،و ما يحتمل الاشتراك بينه و بين المادّيّ.

2-و كثيرا ما يشير القرآن إلى ما أصاب الأنبياء و المؤمنون من الأذى بقسميه:

إيذاء الأنبياء عليهم السّلام:

1- وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتّى أَتاهُمْ نَصْرُنا الأنعام:34

2- وَ ما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا إبراهيم:12

إيذاء النّبيّ موسى عليه السّلام:

ص: 40

3- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ مِمّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللّهِ وَجِيهاً

الأحزاب:69

4- وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ الصّفّ:5

إيذاء النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله:

5- وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ التّوبة:61

6- إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً الأحزاب:57

7- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَ لكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ.... .وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللّهِ عَظِيماً الأحزاب:53

إيذاء المؤمنين:

8- وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً

الأحزاب:58

9- فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ

آل عمران:195

10- لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً وَ إِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ اَلْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ آل عمران:111

11- وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللّهِ العنكبوت:10

12- قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا الأعراف:129

يلاحظ أوّلا:أنّ إيذاء الأنبياء و منهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان معنويّا و نفسيّا أكثر منه مادّيّا و جسمانيّا،كالافتراء عليهم و إيصال الضّرر إليهم بالقول أو الفعل.

و ثانيا:أنّ الأذى كما يصيبهم من قبل أعدائهم قد يصيبهم من قبل المؤمنين بهم،و هو الغالب في القرآن بشأن موسى و النّبيّ عليهما السّلام.و هذا ممّا يثير الأسف و يبعث العجب أن يؤذى الأنبياء بأيدي المؤمنين بهم فضلا عن ما أوذوا من قبل الكافرين.

و ثالثا:أنّ الأنبياء و كذا المؤمنين إنّما تحمّلوا الأذى في سبيل الدّعوة إلى اللّه،و بهذا يستساغ لهم الأذى،لأنّ كلّ ما يصيب الإنسان في سبيل اللّه فهو خير و ليس بشرّ، و هذا ما يستحلي الصّبر عندهم: فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا، وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا.

و رابعا:جاء أذى الأنبياء من قبل أممهم مرّة، و أذى موسى من بني إسرائيل مرّتين،و أذى المؤمنين أربعا فيما مرّ من الآيات.في حين أنّ أذى النّبيّ في أمّته جاء من قبل المنافقين أو من بعض المؤمنين خمس أو ستّ مرّات،نظرا إلى أنّ قوله تعالى: لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فيه إيماء إلى إيذاء النّبيّ أيضا.و عليه فيكاد يكون تحمّله الأذى ضعفا لما تحمّله غيره من الأنبياء من أممهم،فيعدّ هذا تصديقا لما روي عنه صلّى اللّه عليه و آله

ص: 41

-و لم يثبت إسناده-«ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت».

و خامسا:تعقيبا لهذا و إكبارا لإيذائه تكرّر «الإيذاء»في آية التّوبة:61،و الأحزاب:53.

و سادسا:لعلّ التّعبير في الآيتين عن نبيّنا مرّة بلفظ «النّبيّ»و أخرى بلفظ«رسول اللّه»فيه أيضا نوع من الإكبار لإيذاء النّبيّ و التّشديد في اللّوم على من ارتكبه.

و سابعا:بنفس السّبب جاء إيذاء النّبيّ مقرونا باللّه و تلوا له: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ أي أنّ إيذاءه سوف يكون إيذاء اللّه تعالى قبل أن يكون إيذاء الرّسول،و هذا غاية التّعظيم له،كما أنّ حبّه حبّ اللّه و عداوته عداوة اللّه،و طاعته طاعة اللّه و مبايعته مبايعة اللّه.

و ثامنا:أنّ الآيات الّتي جاءت بشأن إيذاء النّبيّ و المؤمنين كلّها مدنيّة،و حازت سورة الأحزاب السّهم الأوفى من ذلك،فقد ذكر الإيذاء أربع مرّات في ثلاث آيات منها.و هذا إن دلّ على شيء يدلّ على شدّة آلام النّبيّ و محنه في المدينة،و لا سيّما في الآونة الّتي نزلت فيها سورة الأحزاب،و كانت غزوة الأحزاب آخر حرب أثارتها قريش على النّبيّ،و قد بلغت عداوتهم له و إيذاؤهم إيّاه أوجها.

و تاسعا:في الآيات إيماء إلى أنواع الإيذاء الّتي تحمّلها النّبيّ و المؤمنون من البهتان و الإهانة و الإخراج من الدّيار و القتل و إثارة الفتن و غيرها.

و عاشرا:في آيتي العنكبوت،و الأعراف:(11 و 12)،-و هما مكّيّتان-عتاب للمؤمنين الّذين يشكون من الأذى،فقوم موسى منّوا على موسى بأنّهم أوذوا من قبل أن يأتيهم موسى و من بعد ما جاءهم:و من المؤمنين بالنّبيّ من جعل عذاب النّاس كعذاب اللّه.و هذه آية النّفاق أو دليل على نقص في الإيمان.

و أمّا المؤمنون حقّا فبدل أن يشكوا من الأذى و يمنّوا بذلك على الأنبياء،يستقبلون الأذى و يعالجونه بالالتجاء إلى الصّبر و التّوكّل،و يقفون في وجه الأعداء معلنين إيّاهم بقولهم: وَ ما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا تلك عشرة كاملة و هناك مزيد لمن تدبّر.

3-الأذى بعد الإنفاق:

1- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَ لا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ...

البقرة:262

2- قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَ اللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ البقرة:263

3- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَ لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ البقرة:264

يلاحظ أوّلا:أنّ الإنفاق و الصّدقة لا أجر لهما مع الأذى بل الأذى يبطلهما،و أنّ قولا معروفا خير من صدقة يتبعها أذى مهما كان الأذى و الصّدقة.

و ثانيا:أنّ الأذى في الآيات يعمّ الأذى المادّيّ و المعنويّ للإطلاق و العموم و فقد الموجب للاختصاص، إلاّ أن تعدّ مقارنته بالمنّ في آيتين،و مقابلته بقول معروف و المغفرة في آية،شاهدا على أنّه أريد به الأذى المعنويّ.

ص: 42

و ثالثا:كما يعمّ الكثير و القليل،فقليل الأذى يبطل الكثير من الصّدقة،و قليل من قول معروف و مغفرة خير من كثير من الصّدقة يتبعها أذى.

و رابعا:ضمّ الأذى بالمنّ في آيتين و جاء تاليا له، علما بأنّ المنّ نوع من الأذى النّفسيّ،و فيه إشعار بأنّ المنّ قبل كلّ شيء إيذاء لمن أنفقت عليه،و أنّه يضادّ تلك النّفسيّة الطّيّبة الّتي بعثتك على الإنفاق،فالإنفاق نشأ عن حبّ الخير و حبّ الغير،و إيثاره على النّفس و التّخلّي عن التّعلّق بالمال،و أمّا المنّ و الأذى فمنبعثان عن حبّ النّفس و شدّة علاقتها بالمال و تأسّفها على إنفاقه،فإتباع الصّدقة بالمنّ و الأذى يعتبر رجوعا في الصّدقة و استمرارا لتلك العلاقة المادّيّة،و تخلّيا عن تلك الرّوح الطّيّبة الّتي تظاهر بها من وراء الصّدقة رياء.

و خامسا:للتّأكّد من ذلك عقّبه بقوله: كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَ لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ...

فالمرائي الّذي توسّل إلى مطامعه بالعمل الصّالح يكاد يكون فاقدا للإيمان باللّه و اليوم الآخر.

و سادسا:بذلك ننتهي إلى أنّ الّذي أبطل صدقته بالمنّ و الأذى يكاد يخرج و ينخلع عن ربقة الإيمان.

4-الأذى في مجال الأحكام:

1- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماً

الأحزاب:59

2- وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللّهَ كانَ تَوّاباً رَحِيماً

النّساء:16

3- وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً الأحزاب:48

4- فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ... البقرة:196

5- وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ... البقرة:222

6- وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ... النّساء:102

يلاحظ أوّلا:أنّ الحذر و التّحفّظ عن أذى الآخرين مطلوب مرغوب فيه،و قد جعل في«1»إدناء النّساء عليهنّ الجلابيب كوسيلة للوصول إليه،و كعلامة على أنّهنّ مؤمنات،حرائر،عفيفات،فلا يؤذين،و تشملهنّ رحمة اللّه و غفرانه.

و ثانيا:الإيذاء فى«2»جاء مأمورا به تعزيرا و تأديبا على الفاحشة بالشّتم و السّبّ كما في التّفاسير، و ذلك قبل نزول آية الجلد في سورة النّور.

و ثالثا:في«3»منع النّبيّ عن أذى المنافقين و الكافرين في مرحلة محدّدة إمهالا لهم ليتوبوا أو ليظهروا بواطنهم فيعرفوا فيؤخذوا بأشقّ الأحوال،و ذلك مرفوع بآيات الجهاد،و بالتّشديد على المنافقين في مثل سورة التّوبة النّازلة في غزوة تبوك،و قد ميّز اللّه فيها المؤمنين عن المنافقين تماما.

و رابعا:في الثّلاث الأخيرة جاء الأذى إمّا علّة للحكم كما في«5»: قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي

ص: 43

اَلْمَحِيضِ أو عذرا لرفع الحكم كالمرض،ففي«4» وضع اللّه الحلق عن المحرم-إن كان مريضا أو به أذى من رأسه-بفدية من صيام أو صدقة،و في«6»رخّص وضع السّلاح في الصّلاة إن كان الرّجل مريضا أو به اذى من مطر.

و خامسا:قد عرفنا أن الأذى جاء في«4 و 5» بمعنى الجرح،و في«6»بمعنى التّحرّج.و للبحث عن كون المحيض أذى،فمجال واسع في الطّبّ،فلاحظ تفسير المراغيّ.

ص: 44

أرب

اشارة

لفظان مرّتان:1 مكّيّة،1 مدنيّة

في سورتين:1 مكّيّة،1 مدنيّة

الإربة 1:-1 مآرب 1:1

النّصوص اللّغويّة

الخليل: قطعت اللّحم آرابا،و الواحد:إرب،أي قطعا.و يقال في الدّعاء:أربت يده،أي قطعت يده، و أربت من يديك،أي سقطت آرابك.

و الإرب:الحاجة المهمّة،يقال:ما إربك إلى هذا الأمر،أي ما حاجتك إليه.و الإربة و الأرب و المأربة أيضا.

و الأرب،مصدر الأريب:العاقل،و أرب الرّجل يأرب إربا.

و المؤاربة:مداهاة الرّجل و مخاتلته،و في الحديث:

«مؤاربة الأريب جهل و عناء»،لأنّ الأريب لا يخدع عن عقله.

و التّأريب:التّحريش،و تأرّب فلان علينا،أي تعسّر و خالف و التوى.

و المستأرب من الأوتار:الجيّد الشّديد.[ثمّ استشهد بشعر](8:289)

الأربة:نصيب اليسر من الجزور.

(ابن فارس 1:90)

ابن شميّل: أرب في ذلك الأمر،أي بلغ فيه جهده و طاقته و فطن له.

و قد تأرّب في أمره،سواء.(الأزهريّ 15:256)

أبو عمرو الشّيبانيّ: المؤرّبة:الموفّرة الّتي لم ينقص منها شيء.و قد أرّبته تأريبا،إذا وفّرته؛مأخوذ من«الإرب»و هو العضو.يقال:قطّعته إربا إربا،أي عضوا عضوا.[ثمّ استشهد بشعر]

(الأزهريّ 15:256)

الفرّاء: المستأرب:الّذي قد أحاط الدّين،أو غيره من النّوائب بآرابه،من كلّ ناحية.[ثمّ استشهد

ص: 45

بشعر](الأزهريّ 15:255)

أبو زيد: رجل أريب،من قوم أرباء.و قد أرب يأرب:أحسن الإرب في العقل.و أرب يأرب أ ربّا،في الحاجة.و الاسم:الإربة.(الأزهريّ 15:257)

أرب الرّجل يأرب،إذا تشدّد و ضنّ و تحكّر.

(ابن فارس 1:90)

الأصمعيّ: تأرّبت في حاجتي:تشدّدت.و أرّبت العقدة:شددتها،و هي الّتي لا تنحلّ حتّى تحلّ.

(الأزهريّ 15:255)

أرب الرّجل يأرب إربا،إذا صار ذا دهي.أربت بالشّيء:صرت فيه ماهرا بصيرا،و منه الرّجل الأريب، أي ذو دهي و بصر.[ثمّ استشهد بشعر]

(الأزهريّ 15:256،257)

أبو عبيد: عضو مؤرّب،أي موفّر،و في حديث:

«إنّه أتي بكتف مؤرّبة فأكلها و صلّى و لم يتوّضأ».

آربت على القوم،مثال«أفعلت»،إذا فزت عليهم و فلجت.

و الإربة،و الإرب:الحاجة،و هي المأربة،و جمعها:

مآرب.قال تعالى: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى طه:18، و قال تعالى: غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ النّور:31.

و في حديث عمر:«أربت عن ذي يديك»هو عندي مأخوذ من«الآراب»،و هي أعضاء الجسد.

فكأنّه أراد بقوله:«أربت عن ذي يديك»أي سقطت آرابك،من اليدين خاصّة.

و هو في حديث آخر:«سقطت عن ذي يديك،أ لا كنت حدّثتنا به؟»

الأربى:من أسماء الدّاهية.[و استشهد بشعر مرّتين](الأزهريّ:15:256-259)

ابن الأعرابيّ: في حديث:«أربت عن ذي يديك»معناه:ذهب ما في يديك حتّى تحتاج.و قد أرب الرّجل،إذا احتاج إلى الشّيء و طلبه،يأرب أ ربّا.

و يقال:أرب الدّهر:اشتدّ.

و أربت به:بصرت به.

أربت بالشّيء،أي كلفت به.

الرّبة:العقدة.

و في خبر ابن مسعود أنّ رجلا اعترض النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم ليسأله،فصاح به النّاس،فقال:«دعوا الرّجل أرب ماله»أي احتاج فسأل ماله.

(الأزهريّ 15:257-260)

يقال للعقل أيضا:إرب و إربة،كما يقال للحاجة:

إربة و إرب.

أرب الرّجل يأرب إربا.

الأربة:خلاف الأنشوطة.

رجل أرب،إذا كان محكم الأمر.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](ابن فارس 1:89،91،92)

قولهم:«أرب الدّهر»كأنّ له أ ربّا يطلبه عندنا فيلحّ لذلك.(ابن سيده 10:288)

ابن السّكّيت: جاء فلان في أربيّة من قومه،يعني في أهل بيته و بني عمّه.و لا تكون الأربيّة من غيرهم.

(39)

جاء بالأربى مقصورا،أي بالدّاهية المستنكرة.

(429)

ص: 46

يقال:قطّعه إربا إربا،أي قطعا قطعا.(508)

لي في هذا الشّيء إربة،و أرب و مأربة و مأربة، و قد أربت إلى الشّيء آرب أ ربّا.و منه قولهم:ما أربك إلى كذا و كذا،أي ما حاجتك.قال اللّه تعالى: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى طه:18،أي حوائج.و قال أيضا: أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ النّور:31،يعني الّذين لا حاجة لهم في النّساء.(567)

إذا كان العضو تامّا لم يكسر منه شيء فهو جدل و إرب،يقال:قطّعه جدولا و آرابا،و قطّعه إربا إربا، و جدلا جدلا،و عضوا عضوا.و يقال:أعطه عضوا مؤرّبا،أي تامّا.(607)

ابن قتيبة: في قوله[صلّى اللّه عليه و آله و قد سبق في قول ابن الأعرابيّ:]«أرب ماله»أي سقطت أعضاؤه و أصيبت.و هي كلمة يقولها العرب لا يراد بها إذا قيلت وقوع الأمر،كما يقال:عقرى حلقى،و قولهم:

تربت يداه.(الأزهريّ 15:260)

ابن أبي اليمان: الإربة:الحاجة.(202)

ثعلب: الإرب:العقل و الدّين.

(ابن سيده 10:288)

الأربة:العقدة،و لم يخصّ بها الّتي لا تنحلّ و أرّبها:

عقدها[ثمّ استشهد بشعر].ابن سيده(10:289)

الطّبريّ: الإربة:الفعلة من الأرب،مثل الجلسة من الجلوس،و المشية من المشي،و هي الحاجة.يقال:

لا أرب لي فيك:لا حاجة لي فيك،و كذا أربت لكذا و كذا،إذا احتجت إليه،فأنا آرب له أ ربّا.

فأمّا الأربة،بضمّ الألف:فالعقدة.(18:123)

ابن دريد: الإرب:العضو بكماله،و الجمع:

آراب.و الإربة:الحاجة،و الجمع:إرب و آراب،و هي المأربة،و تجمع:مآرب.

و أرّبت العقدة تأريبا،إذا أحكمت عقدها،و تأرّب الرّجل في الأمر،إذا تشدّد فيه تأرّبا.

و إراب:موضع أو جبل،و مأرب:بلاد الأزد الّتي أخرجهم منها سيل العرم.

و الأرب:العقل،و قالوا:الإرب.

و يقال:لا أرب لي في كذا و كذا،أي لا حاجة لي فيه.

و رجل أريب:عاقل.(3:203)

يقال:أعطيته عضوا مؤرّبا،أي تامّا لم يؤخذ من لحمه شيء،مثل اليد و الجنب و ما يليهما.(3:204)

عبد الرّحمن الهمذانيّ: يقال:قد قضى فلان من الشّيء وطره،و قضى أربه،و قضى نهمته،و قضى حاجته.(272)

ابن الأنباريّ: في قول عمر:«أربت عن ذي يديك»أي ذهب ما في يديك حتّى تحتاج.

(الأزهريّ 15:259)

قوله صلّى اللّه عليه و آله:«أرب ماله»أي اشتكت آرابه و سقطت.(الهرويّ 1:35)

القاليّ: أرب:شدّ،يقال:أربت العقد،إذا شددته.

و الأربة:العقدة.(2:316)

الأزهريّ: قول ابن الأعرابيّ:الرّبة:العقدة،أظنّ الأصل كان«الأربة»فحذفت الهمزة و قيل:ربة.

و في الحديث إنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم ذكر الحيّات،فقال:«من

ص: 47

خشي خبثهنّ و شرّهنّ و إربهنّ فليس منّا»،أصل «الإرب»:الدّهاء و النّكر،و المعنى من توقّى قتلهنّ خشية شرّهنّ فليس من سنّتنا.

و قال اللّيث: التّأريب:التّحريش.

قلت:هذا تصحيف،و الصّواب:التّأريث،بالثّاء.

و جاء رجل إلى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم فقال:دلّني على عمل يدخلني الجنّة،فقال:«أرب ماله؟»معناه:أنّه ذو أرب و خبرة و علم.

و أرب عضده،إذا سقط.

و أرب،إذا سجد على آرابه متمكّنا.

و في حديث رواه معمر عن أبي إسحاق،عن المغيرة،عن عبد اللّه،عن أبيه:أنّه أتى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم بمنى فدنا منه،فنحّي،فقال النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«دعوه فأرب ما له».قال فدنوت منه.قلت:و«ما»صلة.

و يجوز أن يكون أراد:فأرب من الآراب جاء به فدعوه.(15:259)

الجوهريّ: الإرب:العضو.يقال:السّجود على سبعة آراب،و أرآب أيضا.

و رجل مستأرب بفتح الرّاء،أي مديون،كأنّ الدّين أخذ بآرابه.

و الإرب أيضا:الدّهاء،و هو من العقل.

يقال:ذو إرب.و قد أرب يأرب إربا،مثل:صغر صغرا،و أرابة أيضا بالفتح.

و فلان يؤارب صاحبه،إذا داهاه.و الأريب:

العاقل.

و الإرب أيضا:الحاجة،و فيه لغات:إرب،و إربة، و أرب،و مأربة،و مأربة.و في المثل:«مأربة لا حفاوة».

تقول منه:أرب الرّجل بالكسر،يأرب أ ربّا.

و أرب الدّهر أيضا،إذا اشتدّ.

و يقال أيضا:أرب الرّجل،إذا تساقطت أعضاؤه.

و يقال:أربت من يديك،أي سقطت آرابك من اليدين خاصّة.

و أرب بالشّيء أيضا:درب به و صار بصيرا فيه، فهو أرب.

و الأربة بالضّمّ:العقدة.و تأريب العقدة:

إحكامها،يقال:أرّب عقدتك،و هي الّتي لا تنحلّ حتّى تحلّ حلاّ.

و تأريب الشّيء أيضا:توفيره،و كلّ موفّر مؤرّب.

يقال:أعطاه عضوا مؤرّبا،أي تامّا لم يكسر.

و آربت على القوم،أي فزت عليهم و فلجت.

و مأرب:موضع،و منه ملح مأرب.و الأربى:الدّاهية، بضمّ الهمزة.[و استشهد بالشعر 4 مرّات](1:86)

ابن فارس: الهمزة و الرّاء و الياء لها أربعة أصول، إليه ترجع الفروع،و هي:الحاجة،و العقل،و النّصيب، و العقد.

فأمّا الحاجة فقال الخليل: الأرب:الحاجة، و ما أربك إلى هذا،أي ما حاجتك؟[إلى أن قال:]

و الإرب:العقل.و النّعت من الإرب أريب،و الفعل أرب،بضمّ الرّاء.

و قال ابن الأعرابيّ:أرب الرّجل يأرب إربا.و من هذا الباب الفوز و المهارة بالشّيء،يقال:أربت بالشّيء، أي صرت به ماهرا.

ص: 48

و من هذا الباب المؤاربة،و هي المداهاة.و كذلك الّذي جاء في الحديث:«مؤاربة الأريب جهل».

و أمّا النّصيب فهو و العضو من باب واحد،لأنّهما جزء الشّيء.[إلى أن قال:]

و أمّا العقد و التّشديد فقال أبو زيد:أرب الرّجل يأرب،إذا تشدّد و ضنّ و تحكّر.و من هذا الباب التّأريب،و هو التّحريش،يقال:أرّبت عليهم،و تأرّب فلان علينا،إذا التوى و تعسّر و خالف.[إلى أن قال:]

و إنّما سمّيت قلادة الفرس و الكلب أربة،لأنّها عقدت في عنقهما.[و استشهد بالشّعر مرّتين](1:89)

أبو هلال:الفرق بين العقل و الإرب،أنّ قولنا:

الإرب،يفيد وفور العقل من قولهم:عظم مؤرّب،إذا كان عليه لحم كثير وافر،و قدح أريب،و هو المعلّى؛ و ذلك أنّه يأخذ النّصيب المؤرّب،أي الوافر.(66)

الفرق بين الإبرام و التّأريب،أنّ التّأريب شدّة العقد،يقال:أرّب العقد،إذا جعل عقدا فوق عقد،و هو خلاف النّشط،يقال:نشطه،إذا عقده بأنشوطة،و هو عقد ضعيف،و أرّبه،إذا أحكم عقده،و أنشطه،إذا حلّ الأنشوطة.(175)

الهرويّ: في حديث عائشة:«كان أملككم لإربه» أرادت:لحاجته،تعني أنّه كان غالبا لهواه.و الأرب، و الإربة،و المأربة و المأربة:الحاجة.

و في الحديث:«أنّ رجلا اعترض النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم ليسأله فصاح به النّاس،فقال النّبيّ عليه السّلام:«دعوا الرّجل،أرب ماله؟».

قال ابن الأعرابيّ:أي احتاج فسأل فماله؟

و في حديث آخر:«فدعوه،فأرب ما له»قال الأزهريّ:معناه فحاجة جاءت به فدعوه.و«ما»صلة.

قال ابن الأنباريّ:قوله:«أرب ماله»أي اشتكت آرابه و سقطت.

و الآراب:الأعضاء،واحدها:إرب.و هذا الدّعاء من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيه قولان:

أحدهما:أنّه لمّا رأى الرّجل يزاحم و يدافع،غلبه طبع البشريّة،فدعا عليه دعاء لا يستجاب في المدعوّ عليه؛إذ كان قال:«اللّهمّ إنّما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي رحمة له».

و الثّاني:أنّ ظاهر الكلام الدّعاء،و المعنى التّعجّب من حرص السّائل،فكأنّ قوله:«أرب»يجري مجرى قوله:«للّه درّه»،كما قال:«عليك بذات الدّين تربت يداك»و هو يريد:للّه درّك.

قال:و في غير هذه الرّواية:«أرب ماله»بضمّ الباء و تنوينها،و معناه:الرّجل أرب،أي حاذق كامل.

و أرب الرّجل:صار ذا فطنة.

و في حديث سعيد بن العاص أنّه قال لابنه عمرو:

«لا تتأرّب على بناتي»أي لا تتشدّد.

و في الحديث«مؤاربة الأريب جهل و عناء»أي إنّ الأريب لا يختل عن عقله.(1:34)

الشّريف المرتضى: الإربة:الدّهاء.و الأربة:

العقدة.(2:60)

الإرب:الخديعة عند الحاجة.(2:210)

ابن سيده: الإرب:الحاجة.و في الحديث:«كان أملككم لإربه»،أي أغلبكم لهواه و حاجته.

ص: 49

و قال السّلميّ: الإرب:الفرج هاهنا،و هو غير معروف.

و الإربة،و الأرب،و المأرب-كلّه-كالإرب.تقول العرب:«مأرب لا حفاوة»،أي إنّما بك حاجتك لا تحفّيا بي.

و هي الآراب،و الإرب.

و المأربة،و المأربة مثله.

و أرب إليه أ ربّا:احتاج.

و الإرب،و الإربة،و الأربة،و الأرب:الدّهاء.

و البصر بالأمور.

أرب أرابة،فهو أريب،من قوم أرباء.

و أرب بالشّيء:درب به،و صار فيه ماهرا بصيرا.

قال أبو عبيد:و منه الأريب،أي ذو دهي و بصر.

و الأربى:الدّاهية.

و المؤاربة:المداهاة.

و أرب الرّجل أ ربّا:أيس.

و أرب بالشّيء:ضنّ به.

و الإرب:العضو الموفّر الكامل الّذي لم ينقص منه شيء،و في الحديث أنّه«أتي بكتف مؤرّبة فأكلها،و صلّى و لم يتوضّأ»؛و الجمع:آراب.

و الآراب:قطع اللّحم.

و أرب الرّجل:قطع إربه،و قد غلب في اليد.

فأمّا قولهم في الدّعاء:ما له!أربت يده؟فقيل:

قطعت.و قيل:افتقر،فاحتاج إلى ما في أيدي النّاس.

و أرّب العضو:قطعه موفّرا.

و قيل:كلّ ما وفّر فقد أرّب.

و الأربيّة:أصل الفخذ،تكون«فعليّة»و تكون «أفعولة»و سيأتي بابها.

و الأربة:العقدة الّتي لا تنحلّ حتّى تحلّ حلاّ.

و استأرب الوتر:اشتدّ.

و تأرّب في حاجته:تشدّد.

و تأرّب علينا:تعسّر.

و التّأريب:التّحريش،و التّفطين.

و الأربة:آخيّة الدّابّة.

و الأربة:قلادة الكلب الّتي يقاد بها،و كذلك الدّابّة، في لغة طيّئ.

و آرب على القوم:فاز،و فلح.

و أرب عليه:قوي.

و الأربان:لغة في العربان.

و إراب:موضع،أو جبل معروف.و قيل:هو ماء لبني رياح بن يربوع.[و استشهد بالشّعر ثلاث مرّات]

(10:288)

الإرب:العقل و الدّهاء و الفطنة.و الأرب:الدّهاء و الفطنة و البصر بالأمور.أرب إربا و أرابة:عقل،و كان ذا دهاء و فطنة،فهو أرب و أريب.و أربت الشّيء و به و فيه:صرت فيه ماهرا بصيرا.و تأرّب:تكلّف الدّهاء.

(الإفصاح 1:140)

الأرب و الإرب و الإربة و المأرب و المأربة:الحاجة أو الحاجة الشّديدة.أرب إلى الشّيء يأرب أ ربّا:احتاج و افتقر،و في المثل:«أرب لا حفاوة»يضرب للرّجل يتملّقك،أي إنّ ما جاء بك هو حاجة لا حفاوة.

(الإفصاح 2:1342)

ص: 50

1Lالطّوسيّ: الإربة:الحاجة،و هي فعلة من الأرب، كالمشية من المشي،و الجلسة من الجلوس.و قد أربت لكذا آرب له أ ربّا،إذا احتجت إليه.و منه الأربة بضمّ الألف:العقدة،لأنّ ما يحتاج إليه من الأمور يقتضي العقدة عليه،و لأنّ الحاجة كالعقدة حتّى تنحلّ بسدّ الخلّة،و لأنّ العقدة الّتي تمنع من المنفعة يحتاج إلى حلّها، و لأنّ العقدة عمدة الحاجة.(7:430)

الرّاغب: الأرب:فرط الحاجة المقتضي للاحتيال في دفعه،فكلّ أرب حاجة و ليس كلّ حاجة أ ربّا،ثمّ يستعمل تارة في الحاجة المفردة و تارة في الاحتيال،و إن لم يكن حاجة كقولهم:فلان ذو أرب و أريب،أي ذو احتيال،و قد أرب إلى كذا،أي احتاج إليه حاجة شديدة،و قد أرب إلى كذا أ ربّا و أربة و إربة و مأربة.

قال تعالى: وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى طه:18،و لا أرب لي في كذا،أي ليس بي شدّة حاجة إليه.

و قوله: أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ النّور:31، كناية عن الحاجة إلى النّكاح،و هي الأربى للدّاهية المقتضية للاحتيال،و تسمّى الأعضاء الّتي تشتدّ الحاجة إليها آرابا،الواحد:أرب،و ذلك أنّ الأعضاء ضربان:

ضرب أوجد لحاجة الحيوان إليه كاليد و الرّجل و العين، و ضرب للزّينة كالحاجب و اللّحية.

ثمّ الّتي للحاجة ضربان:ضرب لا تشتدّ إليه الحاجة،و ضرب تشتدّ إليه الحاجة،حتّى لو توهّم مرتفعا لاختلّ البدن به اختلالا عظيما،و هي الّتي تسمّى«آرابا».

و روي أنّه عليه السّلام قال:«إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب:وجهه و كفّاه و ركبتاه و قدماه».

و يقال:أرّب نصيبه،أي عظّمه؛و ذلك إذا جعله قدرا يكون له فيه أرب.و منه أرّب ماله،أي كثّر، و أرّبت العقدة:أحكمتها.(15)

الميبديّ: المآرب:الحوائج،واحدتها:مأربة و مأربة.و الإرب و الإربة أيضا:الحاجة.

و إرب الإنسان:عضوه،و جمعه:آراب،و صحّ في الحديث:«أمرت أن أسجد على سبعة آراب».

و الأريب:لهو العاقل الّذي يقوم لحوائجه.

(6:106)

الزّمخشريّ: في مثل:«مأربة لا حفاوة».

و يقولون:ألحق بمآربك من الأرض،أي اذهب إلى حيث شئت.[ثمّ استشهد بشعر]

و ما أربك إلى هذا الأمر؟و ما لي فيه أرب.و فلان مالك لإربه.و هو من غير أولى الإربة من الرّجال.

و فلان أرب و ذو إرب:و هو الدّهاء،و منه الأربى:

الدّاهية.و هو آرب من صاحبه.و هو يؤارب أخاه.

و يقال:مؤاربة الأريب جهل و عناء.

و أرّب الشّاة:عضّها و قطّعها إربا إربا.

و جذم فتساقطت آرابه.و تأرّبت العقدة:توثّقت، و أرّبتها:وثّقتها.

و من المجاز:تأرّب علينا فلان:تعسّر.

(أساس البلاغة:4)

قال له أبو أيّوب:يا رسول اللّه،دلّني على عمل يدخلني الجنّة،فقال:«أرب ماله؟تعبد اللّه،و لا تشرك به شيئا،و تقيم الصّلاة،و تؤتي الزّكاة،و تصل الرّحم»

ص: 51

و روي«أرب ماله!».

قيل في«أرب»:هو دعاء بالافتقار من الأرب، و هو الحاجة.و قيل:هو دعاء بتساقط الآراب،و هي الأعضاء.

و«ما له»:بمعنى ما خطبه؟و فيه وجه آخر لطيف، و هو أن يكون«أرب»ممّا حكاه أبو زيد من قولهم:

أرب الرّجل،إذا تشدّد و تحكّر،من تأريب العقدة،ثمّ يتأوّل بمنع،لأنّ البخل منع،فيعدّى تعديته،فيصير المعنى منع.

حديث عمر:«إنّ الحارث بن أوس سأله عن المرأة تطوف بالبيت،ثمّ تنفر من غير أن أزف طواف الصّدر إذا كانت حائضا،فأفتاه أن يفعل ذلك.فقال الحارث:

كذلك أفتاني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.فقال عمر:أربت عن ذي يديك.و روي:أربت من ذي يديك،أ تسألني و قد سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كي أخالفه؟»و معناه منعت عمّا يصحب يديك و هو«ماله».

و معنى«أربت من يديك»:نشأ بخلك من يديك، و الأصل فيما جاء في كلامهم من هذه الأدعية الّتي هي:

قاتلك اللّه،و أخزاك اللّه،و لا درّ درّك،و تربت يداك و أشباهها،و هم يريدون المدح المفرط و التّعجّب للإشعار بأنّ فعل الرّجل أو قوله بالغ من النّدرة و الغرابة المبلغ الّذي لسامعه أن يحسده و ينافسه حتّى يدعوا عليه تضجّرا أو تحسّرا،ثمّ كثر ذلك حتّى استعمل في كلّ موضع استعجاب،و ما نحن فيه متمحّض للتّعجّب فقط.

و يجوز أن يكون على قول من فسّر«أرب»بافتقر، و أن يجرى مجرى عدم،فيعدّى إلى المال.

و أمّا أرب فهو الرّجل ذو الخبرة و الفطنة.[ثمّ استشهد بشعر](الفائق 1:34)

الفخر الرّازيّ: الإربة:الفعلة من الأرب كالمشية و الجلسة من المشي و الجلوس،و الأرب:الحاجة، و الولوع بالشّيء،و الشّهوة له.و الإربة:الحاجة في النّساء.و الإربة:العقل،و منه الأريب.(23:208)

ابن الأثير: في الحديث:«أنّ رجلا اعترض النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم ليسأله،فصاح به النّاس،فقال:دعوا الرّجل أرب ماله».

في هذه اللّفظة ثلاث روايات:

إحداها:«أرب»بوزن علم،و معناها الدّعاء عليه، أي أصيبت آرابه و سقطت،و هي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر،كما يقال:تربت يداك،و قاتلك اللّه،و إنّما تذكر في معرض التّعجّب.[إلى أن قال:]

و الرّواية الثّانية:«أرب ماله»بوزن جمل،أي حاجة له،و«ما»زائدة للتّقليل،أي له حاجة يسيرة.

و قيل:معناه حاجة جاءت به،فحذف،ثمّ سأل،فقال:

ماله.

و الرّواية الثّالثة:«أرب»بوزن كتف،و الأرب:

الحاذق الكامل،أي هو أرب،فحذف المبتدأ.ثمّ سأل، فقال:ما له،أي ما شأنه.

و في حديث عمر:«أنّه نقم على رجل قولا قاله، فقال:أربت عن ذي يديك»أي سقطت آرابك من اليدين خاصّة.

و قال الهرويّ:معناه ذهب ما في يديك حتّى تحتاج.

و في هذا نظر،لأنّه قد جاء في رواية أخرى لهذا الحديث:

ص: 52

«خررت عن يديك»و هي عبارة عن الخجل مشهورة، كأنّه أراد أصابك خجل أو ذمّ.و معنى خررت:سقطت.

و منه حديث عائشة:«كان أملككم لأربه»أي لحاجته،تعني أنّه كان غالبا لهواه.و أكثر المحدّثين يروونه بفتح الهمزة و الرّاء،يعنون الحاجة.و بعضهم يرويه بكسر الهمزة و سكون الرّاء،و له تأويلان:

أحدهما:أنّه الحاجة،يقال فيها:الأرب،و الإرب و الإربة و المأربة.

و الثّاني:أرادت به العضو،و عنت به من الأعضاء الذّكر خاصّة.

و في حديث المخنّث:«كانوا يعدّونه من غير أولي الإربة»أي النّكاح.

و في حديث عمرو بن العاص:«قال:فأربت بأبي هريرة و لم تضرر بي إربة أربتها قطّ قبل يومئذ»أربت به،أي احتلت عليه،و هو من الإرب:الدّهاء و النّكر.

[و في الحديث:]«قالت قريش:لا تعجلوا في الفداء، لا يأرب عليكم محمّد و أصحابه»أي يتشدّدون عليكم فيه.

يقال:أرب الدّهر يأرب،إذا اشتدّ.و تأرّب عليّ، إذا تعدّى.و كأنّه من الأربة:العقدة.

و في حديث جندب:«خرج برجل آراب».قيل:

هي القرحة،و كأنّها من آفات الآراب:الأعضاء.

(1:35)

الفيّوميّ: الأرب بفتحتين،و الإربة بالكسر، و المأربة بفتح الرّاء و ضمّها:الحاجة،و الجمع:المآرب.

و الأرب في الأصل مصدر من باب تعب.يقال:أرب الرّجل إلى الشّيء،إذا احتاج إليه،فهو آرب على «فاعل».و الإرب بالكسر يستعمل في الحاجة و في العضو،و الجمع:آراب،مثل حمل و أحمال.

و في الحديث:«أنّه أقطع أبيض بن حمّال ملح مأرب»،يقال:إنّ مأرب مدينة باليمن من بلاد الأزد في آخر جبال حضرموت،و كانت في الزّمان الأوّل قاعدة التّبابعة،و إنّها مدينة بلقيس،و بينها و بين صنعاء نحو أربع مراحل،و تسمّى سبأ باسم بانيها،و هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

و مأرب بهمزة ساكنة وزان مسجد،و لا تنصرف في السّعة للتّأنيث و العلميّة.و يجوز إبدال الهمزة ألفا، و ربّما التزم هذا التّخفيف للتّخفيف.و من هنا يوجد في «البارع»و تبعه في«المحكم»أنّ الألف زائدة و الميم أصليّة،و المشهور زيادة الميم.و الأربون:بفتح الهمزة و الرّاء،و الأربان:وزان عسفان،لغتان في العربون.

(1:11)

الفيروزآباديّ: الإرب،بالكسر:الدّهاء كالإربة و يضمّ،و النّكر،و الخبث،و الغائلة،و العضو، و العقل،و الدّين،و الفرج،و الحاجة،كالإربة بالكسر و الضّمّ،و الأرب محرّكة،و المأربة مثلّثة الرّاء.

و أرب إربا كصغر صغرا،و أرابة ككرامة:عقل، فهو أريب،و أرب.و كفرح:درب و احتاج،و الدّهر:

اشتدّ،و به:كلف،و معدته:فسدت،و الرّجل:

تساقطت أعضاؤه،و قطع إربه.و أربت من يديك:

سقطت آرابك من اليدين خاصّة،و يده:قطعت،أو افتقر فاحتاج إلى ما بأيدي النّاس.

ص: 53

و الأربة،بالضّمّ:العقدة،أو الّتي لا تنحلّ حتّى تحلّ،و القلادة،و حلقة الأخيّة،و بالكسر:الحيلة.

و الأربيّة بالضّمّ:أصل الفخذ.

و الأرب،بالفتح:ما بين السّبّابة و الوسطى، و بالضّمّ:صغار البهم ساعة تولد.

و الإربيان،بالكسر:سمك و بقلة.

و آرب عليهم إيرابا:فاز و فلج.

و أرب العقد كضرب:أحكمه،و فلانا:ضربه على إرب له.

و الأربى،بفتح الرّاء:الدّاهية.

و التّأريب:الإحكام و التّحديد و التّوفير، و التّكميل،و كلّ موفّر مؤرّب.

و تأرّب:تأبّى و تشدّد و تكلّف الدّهاء.

و المستأرب:المديون.

و المؤارب:المداهي.

و قدر أريبة:واسعة(1:37)

الطّريحيّ: الأرب:مصدر من باب تعب،يقال:

أرب الرّجل إلى شيء،إذا احتاج إليه،فهو آرب على «فاعل».

و الإرب-بالكسر-مستعمل في العضو،و الجمع:

أرآب،مثل حمل و أحمال،و منه«السّجود على سبعة أرآب»أي أعضاء،و أرآب أيضا.

و الأريب:العاقل لا يختل عن عقله،و منه قولهم:

يحرص عليه الأديب الأريب.(2:6)

العامليّ: الإربة:هي بمعنى الحاجة،كما أنّ المآرب جمع المأربة بمعنى الحاجة.و قيل:الإربة:العقل،و جودة الفهم.(69)

مثله الصّابونيّ.(2:146)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أرب بالشّيء و إليه:

كلف به و لازمه،و الإرب و الإربة و المأرب:الحاجة الملحّة و البغية.(35)

المصطفويّ:الّذي يقوى في النّظر أنّ الأصل في هذه المادّة هو الحاجة الشّديدة،و أغلب ما تكون تلك الحاجة في الاحتياجات الدّاخليّة و الذّاتيّة و الأصليّة دون العرضيّة.و هذا هو الفارق بين المادّتين الإربة و الحاجة.

و بلحاظ هذه الخصوصيّة تطلق على مصاديق ذلك المفهوم و متعلّقاتها،كالعقل و الأعضاء البدنيّة، و ما يضاهيها كالنّصيب المخصوص به،و العقد الّذي يلتزم عليه،و أمثالهما.(1:54)

النّصوص التّفسيريّة

مآرب

قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَ أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى. طه:18

ابن عبّاس: حوائج أخرى قد علمتها.

(الطّبريّ 16:155)

نحوه الضّحّاك،و ابن زيد(الطّبريّ 16:155)، و البيضاويّ(2:47)،و القاسميّ(11:4175).

مجاهد: حاجات و منافع.(1:395)

نحوه قتادة،و ابن أبي نجيح.(الطّبريّ 16:155)

وهب بن منبّه:منافع أخرى.

ص: 54

(الطّبريّ 16:155)

السّدّيّ: حوائج أخرى،أحمل عليها المزود و السّقاء.(الطّبريّ 16:155)

الطّبريّ: و لي في عصاي هذه حوائج أخرى،و هي جمع مأربة.و فيها للعرب لغات ثلاث:مأربة بضمّ الرّاء، و مأربة بفتحها،و مأربة بكسرها،و هي«مفعلة»من قولهم:لا أرب لي في هذا الأمر،أي لا حاجة لي فيه.

و قيل:(أخرى)و هنّ مآرب جمع،و لم يقل:أخر، كما قيل: لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى طه:8،و قد بيّنت العلّة في توجيه ذلك هنالك.(16:155)

الرّمّانيّ: المآرب:الحوائج،واحدتها:مأربة، بضمّ الرّاء و فتحها و كسرها.(الطّبرسيّ 4:7)

مثله الهرويّ(1:34)،و ابن الشّجريّ(2:184)، و الفخر الرّازيّ(22:27)،و القرطبيّ(11:187)، و النّسفيّ(3:50)،و الطّريحيّ(2:6)،و الطّباطبائيّ (14:143).

الطّوسيّ: أي حوائج أخر،من قولهم:لا أرب لي في هذا،أي لا حاجة.و للعرب في واحدها ثلاث لغات:

مأربة،بضمّ الرّاء و فتحها و كسرها.(7:167)

الميبديّ: الحوائج،واحدتها:مأربة و مأربة.

و الإرب و الإربة أيضا:الحاجة.(6:106)

الطّبرسيّ: لم يقل:أخر،ليوافق رءوس الآي، أي حاجات أخرى،فنصّ على اللاّزم،و كنّى عن العارض.(4:8)

النّيسابوريّ: هي جمع المأربة،بضمّ الرّاء:

الحاجة،و قد تفتح الرّاء.و حكى ابن الأعرابيّ، و قطرب بكسر الرّاء أيضا.و مثله الأرب بفتحتين، و الإربة بكسر الهمزة و سكون الرّاء.(16:103)

نحوه البروسويّ(5:373)،و العامليّ(69)، و حجازيّ(16:45)،و عزّة دروزة(3:72).

أبو حيّان: ذكر المفسّرون أنّها كانت ذات شعبتين و محجن،فإذا طال الغصن حناه بالمحجن،و إذا طلب كسره لواه بالشّعبتين،و إذا سار ألقاها على عاتقه فعلّق بها أدواته من القوس و الكنانة و الحلاب،و إذا كان في البرّيّة ركزها و عرض الزّندين على شعبتها و ألقى عليها الكساء و استظلّ،و إذا قصر رشاؤه وصله بها،و كان يقاتل بها السّباع عن غنمه.

و المآرب:الحاجات،و عامل المآرب-و إن كانت جمعا-معاملة الواحدة المؤنّثة،فأتبعها صفتها في قوله:

(أخرى).(6:228)

المصطفويّ: التّعبير بهذه المادّة إشارة إلى شدّة الحاجة إليها،فكأنّها عضو من الأعضاء البدنيّة،يتوسّل إليها في رفع الحوائج المخصوصة.(1:55)

فضل اللّه: مثل الدّفاع بها عن النّفس أو عن الآخرين الّذين تتّصل مسئوليّتي بحياتهم العامّة و الخاصّة،أو غير ذلك.(15:102)

الاربة

...أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ...

النّور:31

ابن عبّاس: هو الأحمق الّذي لا حاجة له في النّساء.

ص: 55

هو الّذي لا تستحيي منه النّساء.

هو مغفّل في عقله،لا يكترث للنّساء، و لا يشتهيهنّ.(الطّبريّ 18:122)

الأبله المولّى عليه.(الطّبرسيّ 4:138)

سعيد بن جبير: المعتوه.(الطّبريّ 18:123)

الشّعبيّ: من تبع الرّجل و حشمه.الّذي لم يبلغ أربه أن يطّلع على عورة النّساء.

الّذي لا أرب له في النّساء.(الطّبريّ 18:122)

مجاهد: الّذي يريد الطّعام و لا يريد النّساء.

الّذين لا يهمّهم إلاّ بطونهم،و لا يخافون على النّساء.

هو الأبله الّذي لا يعرف شيئا من النّساء.

(الطّبريّ 18:123)

عكرمة: هو المخنّث الّذي لا يقوم زبّه.

(الطّبريّ 18:123)

هو العنّين الّذي لا إرب له في النّساء لعجزه.(الطّبرسيّ 4:138)

طاوس: الأحمق الّذي ليست له همّة في النّساء.

نحوه الزّهريّ.(الطّبريّ 18:122)

الإمام الصّادق عليه السّلام: الأبله المولّى عليه الّذي لا يأتي النّساء.(البحرانيّ 3:131)

أبو حنيفة: هو العبد الصّغير.

(الطّبرسيّ 4:138)

الشّافعيّ: إنّه الخصيّ المجبوب الّذي لا رغبة له في النّساء.(الطّبرسيّ 4:138)

القمّيّ: الشّيخ الكبير الفاني الّذي لا حاجة له في النّساء.(2:102)

الزّمخشريّ: الإربة:الحاجة،قيل:هم الّذين يتّبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم،و لا حاجة لهم إلى النّساء لأنّهم بله،لا يعرفون شيئا من أمرهنّ،أو شيوخ صلحاء إذا كانوا معهنّ غضّوا أبصارهم،أو بهم عنانة.

(3:62)

نحوه النّيسابوريّ.(18:94)

ابن عطيّة: [لاحظ قوله في أبي حيّان(6:448)]

الطّبرسيّ: قيل:إنّه الشّيخ الهمّ لذهاب إربه.عن يزيد بن أبي حبيب.(4:138)

القرطبيّ: اختلف النّاس في معنى قوله: أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ فقيل:هو الأحمق الّذي لا حاجة به إلى النّساء.

و قيل:الأبله.

و قيل:الرّجل يتبع القوم فيأكل معهم و يرتفق بهم، و هو ضعيف لا يكترث للنّساء و لا يشتهيهنّ.

و قيل:العنّين.

و قيل:الخصيّ.

و قيل:المخنّث.

و قيل:الشّيخ الكبير.

و هذا الاختلاف كلّه متقارب المعنى،و يجتمع فيمن لا فهم له،و لا همّة ينتبه بها الى أمر النّساء.

(12:234)

البيضاويّ: أي أولي الحاجة إلى النّساء،و هم الشّيوخ الأهمام و الممسوخون،و في المجبوب و الخصيّ خلاف.

و قيل:البله الّذين يتبعون النّاس لفضل طعامهم

ص: 56

و لا يعرفون شيئا من أمور النّساء.(2:125)

أبو حيّان: الإربة:الحاجة الى الوطء،لأنّهم بله لا يعرفون شيئا من أمر النّساء.

قال ابن عطيّة: و يدخل في هذه الصّفة المجنون و المعتوه و المخنّث و الشّيخ الفاني و الزّمن الموقوذ بزمانته.(6:448)

السّيوطيّ: أصحاب الحاجة إلى النّساء.

(الجلالين 2:124)

نحوه القاسميّ(12:4514)،و المراغيّ(18:97)، و مجمع اللّغة(1:35).

البروسويّ: أي الرّجال الّذين هم أتباع أهل البيت لا حاجة لهم في النّساء،و هم الشّيوخ الأهمام و الممسوخون،بالخاء المعجمة:و هم الّذين حوّلت قوّتهم و أعضاؤهم عن سلامتها الأصليّة إلى الحالة المنافية لها المانعة من أن تكون لهم حاجة في النّساء،و أن يكون لهنّ حاجة فيهم.(6:144)

الآلوسيّ: غير أصحاب الحاجة إلى النّساء،و هم الشّيوخ الطّاعنون في السّنّ الّذين قنت شهواتهم، و الممسوخون الّذين قطعت ذكورهم و خصاهم.

و في المجبوب و هو الّذي قطع ذكره،و الخصيّ و هو من قطع خصاه،خلاف.و اختير أنّهما في حرمة النّظر كغيرهما من الأجانب.(18:144)

الطّباطبائيّ: الإربة هي الحاجة،و المراد به الشّهوة الّتي تحوج إلى الازدواج.(15:112)

الصّابونيّ: غير أولي الميل و الشّهوة أو الحاجة إلى النّساء،كالبله و الحمقى و المغفّلين الّذين لا يدركون من أمور الجنس شيئا.(2:146)

المصطفويّ: إشارة إلى الحاجة إلى النّكاح،و أنّها من الحاجات الأصليّة الذّاتيّة البدنيّة،و ليست بعرضيّة.

(1:55)

فضل اللّه: هم الأشخاص الّذين لا يشتهون النّساء،من الخدم و الأجراء،ممّن تقدّم بهم السّنّ،أو كان لديهم عجز جسديّ يعطّل قدرتهم على الجنس،أو كان لديهم ضعف عقليّ يجعلهم في حالة اللاّوعي المتوازن، فإنّ إبداء الزّينة لهم لا يسبّب أيّة إثارة،و لا يسيء إلى عفّة المرأة.(17:306)

الأصول اللّغويّة

1-الأرب:الحاجة و العضو و العقل و الإدراك و الرّغبة،إلى غير ذلك من معان عدّها اللّغويّون و المفسّرون.و هذه المعاني جميعا تدور في فلك واحد، حول محور دلاليّ واحد هو الحاجة،لا مطلقا بل إذا نشأت عن شعور و إدراك و عقل دون الحاجات القهريّة الطّبيعيّة الّتي تسيطر على الإنسان بلا إدراك و شعور.

ففي الأرب معنى التّعقّل و الإدراك،كما أنّ فيه معنى الرّغبة،باعتبار أنّ الحاجة إلى شيء ترغّب الإنسان فيه.

فلنا أن نستنبط أنّ الحاجة و هي جوهر المعنى في مادّة «أرب».تلازم الإدراك و الرّغبة،و الأوّل بمنزلة العلّة، و الثّاني بمنزلة المعلول لها.

ثمّ تتلوّن هذه الحاجة المطلقة من سياق إلى آخر؛ ففلان ذو إربة و له أرب،دالّ على الحاجة و الرّغبة مطلقا،فإذا قلت:فلان ذو إربة في النّساء،و له أرب

ص: 57

فيهنّ.علم المقصود بهذا التّحديد،و أنّها حاجة لاصقة بعضو خاصّ،فيحاكي لفظ الإربة الرّغبة الجنسيّة،كما يحاكي العضو الخاصّ،حتّى أنّها قد تطلق على هذا العضو نفسه،لأنّه هو كلّ شيء في تلك الحاجة،فهو رأس الدّاء و الدّواء.

2-و من جهة أخرى فإنّ مادّة«أرب»من الأضداد الّتي تطلق على الشّيء و نقيضه،في سيرها اللّغويّ و تقلّبها الجذريّ حسب نظريّة الاشتقاق الأكبر.فمن تقلّباتها«أبر-ربأ-برأ»و كلّها دالّ على الخروج من الشّيء و الانقطاع عنه و العلوّ عليه.

و بضدّها«رأب-أرب-بأر»الدّالّة على الدّخول في الشّيء و وصل بعضه ببعض،و ادّخاره أيضا و المحافظة عليه.و من هذا الضّدّ يظهر أنّ«أرب»دالّ على الرّغبة في الشّيء و الحرص عليه و محاولة امتلاكه.و منه يؤخذ «الأرب»و هو العقل.

و بالنّظر لكون أجلّ الرّغبات في البيئة الصّحراويّة تتمثّل في غريزة المحافظة على النّوع،أطلق على العضو الخاصّ«الإرب»على ما ورد في الحديث:«أملككم لإربه»كما فسّره ابن فارس و غيره.

3-و من الأرب بمعنى الحاجة و الرّغبة تظهر المأربة، فالمآرب،مثلّثة الرّاء،و أصلها على زنة«مفاعل»بفتح الميم و كسر العين،لأنّه مصدر ميميّ.و إنّما ثلّثت الرّاء في مأربة-سماعا و بحسب لغات القبائل-لكونها ناشئة عن تلوّن الحاجات و اختلافها،و بذلك تلتقي لفظة مآرب بلفظة الأرب و الإربة؛من حيث دلالتها جميعا على الحاجة و الرّغبة.

الاستعمال القرآنيّ

ورد منه في القرآن لفظان(مآرب)في سورة مكّيّة، و(الاربة)في سورة مدنيّة:

1- قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَ أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى طه:18

2- وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ... أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ النّور:31

يلاحظ أوّلا:أنّه جاء بلفظ الجمع في المكّيّة؛حيث التّفرّق و الفوضى في المجتمع،و الفساد في العقيدة و الأخلاق،و التّعدّد في الآلهة.و جاء بلفظ المفرد في المدنيّة،حيث الوحدة و الانتظام في المجتمع،و التّوحيد في العقيدة.

مضافا إلى أنّ موسى عليه السّلام-و هو صاحب العصا- كانت له مآرب شتّى في عصاه،فهي موجّهة إلى أغراض مختلفة.و أمّا الرّجل ذو الإربة إلى النّساء،الّذي طغى عليه سلطان الشّهوة فلا همّ له إلاّ النّساء،فهمومه صارت همّا واحدا تركّز فيهنّ.

و ثانيا:تلاؤما و تلاحما مع ما ذكر تماما جاءت (مآرب)نكرة؛حيث تعدّدت الحاجات و الرّغبات، فتشتّت و اختلطت و تنكّرت،فلم يعرف بعضها من بعض،فضعفت الهموم و صغرت في نفس موسى،فليس له اهتمام بالغ لها.

و أمّا الإربة إلى النّساء فإنّها حاجة معروفة،مطلوب تنفيذها بأيّ حال مهما كلّف صاحبها،فلا يغفل عنها الرّجل،و هو في عنفوان الشّباب و غليان الباه و الشّهوة،

ص: 58

بل هي في هذا الحال أعرف الأشياء لديه،فلا بلاغة في تنكيرها.

على أنّ تنكير(مآرب)يفيد التّعميم و الإطلاق، فيشمل كلّ حاجة،و يذهب بذهن السّامع إلى كلّ مذهب ممكن،في حال أنّ الإربة بثبوتها و صمودها كأنّها شخّصت في واحد بعينه،لا تتجاوزه فجاءت معرفة.

و ثالثا:تعتيم المقصود من(مآرب)باستعمال لفظة (أخرى)و هي لفظة تجريديّة غير دالّة على شيء محدّد وجه من بلاغة التّعبير،و دعم لفائدة التّعميم،و لمّا كانت (مآرب)بغية مجهولة مبهمة يسعى إليها للحصول عليها من دون تحديدها في الذّهن،فهو سعي إلى واحد بين أرقام،و رمية من غير رام.فلهذه النّكتة عوملت معاملة المفرد،فوصفت بما هو في الأصل دالّ على الفرد المؤنّث و هو(أخرى)في مثل قولك:مسألة أخرى،و مسائل أخر.فإذا وحّدت تلك المسائل و حجّمتها و أنزلتها منزلة مفرد مجهول ضئيل،كان لك أن تصفها بلفظة «أخرى»بدل«أخر»و عند الطّبرسيّ-كما سبق-ليوافق رءوس الآي،قال:«فنصّ على اللاّزم،و كنّي عن العارض»و اللاّزم هو الموصوف:«المآرب»و العارض هو الصّفة:(اخرى).

و رابعا:اختيار لفظة(مآرب)على(إربة)و نحوها، و هي كما قلنا جمع مأرب،بمعنى الحاجة لعلّه-و اللّه أعلم-أنّها شبيهة بمآريب جمع مأروب-لو كان مستعملا عند العرب-أي ما يحتاج إليه الإنسان،و هو المقصود في الآية.و لهذا فسّرها بعضهم بالمنافع،فوضع مآرب مكان مآريب،أو هو مخفّف عنه،أو أنّ المصدر الميميّ جاء بمعنى اسم المفعول؛فالمأرب بمعنى ما يرغب فيه و يحتاج إليه،كما أنّ«المأثم»ما يأثم به الإنسان.

و خامسا:اختيار القرآن لفظ(اولى الاربة)على غيره،فيه عناية إلى أنّ رغبة الرّجل إلى المرأة شديدة، فتبدّلت إلى شعور و حاجة غريزيّة لا يتحاشى الرّجل عن إظهارها أمام المرأة،بما في ذلك من ذلّة و حقارة له توجب الرّيبة،و من هنا ففي(الاربة)معنى«الرّيبة»كما جاء في الفقه:«نظر الرّيبة».

و بين اللّفظين اشتراك جذريّ«أرب،ريب»بما بين الهمزة و الياء من علاقة تأصيل و تأثيل في لغة العرب قياسها و سماعها،و بخاصّة في باب الإعلال الصّرفيّ.

و إذا ما أفدنا من نظريّة التّقاليب،أي الاشتقاق الأكبر، عند ابن جنّيّ،و لاحظنا أنّ(اولى الاربة)يمكن أن يقع في دائرة الرّيب إن كشفت المرأة عن زينتها أمام الرّجل، أدركنا جمال اختيار(الإربة)على غيره.

و لا سيّما إذا لاحظنا أنّ في هذا التّعبير استثارة دخيلة الإنسان لأن ينفّذ الحكم الشّرعيّ،لأنّ ذوي الإربة هم ذوو ريب غالبا،و خصوصا في تلك الحال،أي حين تعرض أمامهم محاسن المرأة و زينتها؛فمثل هذا الرّجل إذا سمع لفظة«الإربة»استيقظ له معنى«الرّيب» للتّشابه اللّفظيّ و التّلازم المعنويّ.و فيه إيقاظ له و تنبّه بطريق غير مباشر،ليرغب عن الإثم و المعصية،و يتّجه بشطر التّقوى و الطّاعة.

ص: 59

ص: 60

أرض

اشارة

7 ألفاظ،461 مرّة:316 مكّيّة،145 مدنيّة

في 80 سورة:57 مكّيّة،23 مدنيّة

أرض 3:1-2

أرض 3:3

الأرض 31:22-9

الأرض 86:72-14

الأرض 328:210-118

أرضا 2:1-1

أرضهم 1:-1

أرضكم 3:3

أرضى 1:1

أرضنا 3:3

.....

.....

النّصوص اللّغويّة

الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما سمّيت الأرض أرضا لأنّها تتأرّض ما في بطنها،يعني تأكل ما فيها.(البروسويّ 1:75)

الخليل: أرض،و جمعها:أرضون،و الأرض أيضا جماعة.

و أرض أريضة،أي ليّنة طيّبة المقعد.

و روضة أريضة:ليّنة الموطئ،واسعة.

و الأرضة:دويبّة بيضاء تشبه النّمل تأكل الخشب ،و تظهر أيّام الرّبيع.

و شحمة الأرض معروفة.

و الأرض:الرّعدة.

و الأرض:حافر الدّابّة.[ثمّ استشهد بشعر]

و الأرض:الزّكام.و أرض فهو مأروض.(7:55)

سيبويه: سألت الخليل عن قول العرب:أرض و أرضات؟فقال:لمّا كانت مؤنّثة و جمعت بالتّاء ثقّلت كما ثقّلت طلحات و صحفات.

قلت:فلم جمعت بالواو و النّون؟

قال:شبّهت بالسّنين و نحوها من بنات الحرفين، لأنّها مؤنّثة كما أنّ سنة مؤنّثة،و لأنّ الجمع بالتّاء أقلّ و الجمع بالواو و النّون أعمّ،و لم يقولوا:آراض و لا آرض،فيجمعونه كما جمعوا«فعل».

قلت:فهلاّ قالوا:أرضون كما قالوا:أهلون؟

قال:إنّها لمّا كانت تدخلها التّاء أرادوا أن يجمعوها بالواو و النّون كما جمعوها بالتّاء.(3:599)

ص: 61

1Lالأخفش: يقولون:أرض و آراض،مثل أهل و آهال.(الجوهريّ 3:1063)

ابن شميّل: الأريضة:الأرض السّهلة لا تميل إلاّ على سهل و منبت،و هي ليّنة كثيرة النّبات.و إنّها لأريضة للنّبت و إنّها لذات أراضة،أي خليقة للنّبت.

(الأزهريّ 12:62)

أبو عمرو الشّيبانيّ: الإراض:العراض،يقال:

أرض أريضة،أي عريضة.

أرض أريضة،أي مخيّلة للنّبت.

(الأزهريّ 12:63)

نزلنا أرضا أريضة،أي معجبة للعين.

(الجوهريّ 3:1064)

الفرّاء: يقال:ما آرض هذا المكان!أي ما أكثر عشبه.(الأزهريّ 12:63)

أبو زيد: يقال ما آرض الضّمان[:موضع]يا فتى! و ما آرض بلادكم!أي ما أشدّ اختلاط نباتها و أكثره.

(94)

التّأرّض و التّأيّي،و هو الانتظار.و يقال:تأرّضت له و تأيّيت له.(169)

سمعت العرب تقول في جمع الأرض:الأراضي و الأروض،مثل فلوس،و جمع«فعل»فعالي في أرض و أراضي و أهل و أهالي و ليل و ليالي،بزيادة الياء على غير قياس.(الفيّوميّ 1:12)

الأصمعيّ: إذا فسدت القرحة و تقطّعت قيل:

أرضت تأرض أرضا.

و الإراض:بساط ضخم من وبر أو صوف.

و تأرّض فلان بالمكان،إذا ثبت فلم يبرح.

(الأزهريّ 12:62،63)

يقال:هو آرضهم أن يفعل ذلك،أي أخلقهم.

و يقال:فلان أريض بكذا،أي خليق به.

و روضة أريضة:ليّنة الموطئ.

و قد أرضت أراضة و استأرضت.

و امرأة عريضة أريضة:ولود كاملة،على التّشبيه بالأرض.

و أرض مأروضة:أريضة.[و استشهد بالشّعر مرّتين](ابن منظور 7:114)

اللّحيانيّ: ما آرض هذه الأرض أي ما أسهلها و أنبتها و أطيبها.(ابن سيده 8:221)

ابن الأعرابيّ: أرضت الأرض تأرض أرضا،إذا أخصبت و زكا نباتها.

و أرض أريضة بيّنة الأراضة،إذا كانت كريمة.[ثمّ استشهد بشعر]

في قول أمّ معبد الخزاعيّة:«فشربوا حتّى أراضوا»، أي ناموا على الإراض،و هو البساط.

(الأزهريّ 12:63،64)

و الأرضة من النّبات:ما يكفي المال سنة.

و في حديث النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«لا صيام إلاّ لمن أرّض الصّيام»أي تقدّم فيه.(ابن سيده 8:222)

التّأرّض:التّثاقل إلى الأرض.(الزّبيديّ 5:5)

ابن السّكّيت: يقال:زكم فهو مزكوم،و أرض فهو مأروض،و الاسم:الأرض.(677)

الأرض:الّتي عليها النّاس.

ص: 62

و الأرض:سفلة البعير و الدّابّة،يقال:بعير شديد الأرض،إذا كان شديد القوائم.

و الأرض:الرّعدة.

و الأرض:الزّكام.يقال:رجل مأروض.

و الأرض:مصدر أرضت الخشبة تؤرض فهي مأروضة أرضا،إذا وقعت فيها الأرضة.

و الأرض:مصدر أرضت القرحة تأرض،إذا تمشّت و مجلت.و معنى تمشّت:اتّسعت.(إصلاح المنطق:73)

نزلنا أرضا أريضة،أي معجبة للعين.

يقال:تركتهم يتأرّضون للمنزل،أي يتخيّرون.

[و استشهد بالشّعر مرّتين](إصلاح المنطق:349)

الدّينوريّ: الأرضة ضربان:ضرب صغار مثل كبار الذّرّ،و هي آفة الخشب خاصّة.و ضرب مثل كبار النّمل ذوات أجنحة،و هي آفة كلّ شيء من خشب و نبات،غير أنّها لا تعرض للرّطب،و هي ذات قوائم.

و الجمع:أرض؛و الأرض اسم للجمع.

(ابن سيده 8:221)

ابن دريد: الأرض:الرّعدة،و الأرض:الزّكام أيضا.(3:198)

الأرض معروفة،و الجمع:أرضون.و لا يقول عربيّ:أرض.و يقال:مكان أريض بيّن الأراضة؛ و الإراضة،إذا كان خليقا للنّبت.[ثمّ استشهد بشعر]

و الإراض:البساط الّذي يلقى على الأرض، و الجمع:أرض.

و الأرضة هذه الدّابّة المعروفة،و الجمع:أرض، وزن«فعل».

و أرض العود فهو مأروض،إذا أكل.

و الأرض:النّفضة و الرّعدة.(3:249)

القاليّ:يقولون:عريض أريض،فالأريض:

الخليق للخير الجيّد النّبات،و يقال:أرض أريضة.[ثمّ استشهد بشعر](2:212)

أرضه[الفرس:]قوائمه.(2:255)

الأزهريّ: بي أرض فآرضوني،أي داووني.

أرض و أروض،و ما أكثر أروض بني فلان!

و يقال:أرض و أرضون و أرضات.و أرض أريضة للنّبات:خليقة،و إنّها لذات إراض.

المؤرّض:الّذي يرعى كلأ الأرض.

يقال:ما آرض هذا المكان!أي ما أحسنه و أطيبه.

التّأرّض:التّأنّي و الانتظار.

و يقال:تركت الحيّ يتأرّضون المنزل،أي يرتادون بلدا ينزلونه للنّجعة.«فشربوا حتّى أراضوا»بمعنى نقعوا و رووا.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات]

(12:62-64)

الصّاحب: التّأريض:التّثقيل.و التّأريض:

التّلبيث،و قد أرّضه فتأرّض.(الزّبيديّ 5:5)

الجوهريّ: الأرض مؤنّثة،و هي اسم جنس، و كان حقّ الواحدة أن يقال:أرضة،و لكنّهم لم يقولوا.

و الجمع:أرضات.لأنّهم قد يجمعون المؤنّث الّذي ليس فيه هاء التّأنيث بالألف و التّاء،كقولهم:عرسات.

ثمّ قالوا:أرضون،فجمعوا بالواو و النّون،و المؤنّث لا يجمع بالواو و النّون إلاّ أن يكون منقوصا كثبة و ظبة، و لكنّهم جعلوا الواو و النّون عوضا من حذفهم الألف

ص: 63

و التّاء،و تركوا فتحة الرّاء على حالها،و ربّما سكّنت.

و قد تجمع على أروض.

و زعم أبو الخطّاب أنّهم يقولون:أرض و آراض، مثل أهل و آهال.

و الأراضيّ أيضا على غير قياس،كأنّهم جمعوا آرضا.

و كلّ ما سفل فهو أرض.

و أرض أريضة،أي زكيّة بيّنة الأراضة.

و قد أرضت بالضّمّ،أي زكت.

و يقال:لا أرض لك،كما يقال:لا أمّ لك.

و الأرض:أسفل قوائم الدّابّة:

و الأرض:النّفضة و الرّعدة.

و الأرض:الزّكام،و قد آرضهم اللّه إيراضا،أي أزكمه،فهو مأروض.

و فسيل مستأرض،و وديّة مستأرضة،بكسر الرّاء،و هو أن يكون له عرق في الأرض.فأمّا إذا نبت على جذع النّخل فهو الرّاكب.

و الإراض بالكسر:بساط ضخم من صوف أو وبر.

و رجل أريض،أي متواضع خليق للخير.و شيء عريض أريض،إتباع له.و بعضهم يفرده،و يقول:

جدي أريض،أي سمين.

و الأرضة بالتّحريك:دويبّة تأكل الخشب،يقال:

أرضت الخشبة تؤرض أرضا-بالتّسكين-فهي مأروضة،إذا أكلتها.

و المأروض:الّذي به خبل من الجنّ و أهل الأرض، و هو الّذي يحرّك رأسه و جسده على غير عمد.

و أرضت القرحة تأرض أرضا،مثال تعب يتعب تعبا،أي مجلت و فسدت بالمدّة.

و تأرّض النّبت،إذا أمكن أن يجزّ.

و جاء فلان يتأرّض إليّ،أي يتصدّى و يتعرّض.

و التّأرّض أيضا:التّثاقل إلى الأرض.[و استشهد بالشّعر مرّتين](3:1063)

ابن فارس: الهمزة و الرّاء و الضّاد ثلاثة أصول، أصل يتفرّع و تكثر مسائله،و أصلان لا ينقاسان بل كلّ واحد موضوع حيث وضعته العرب.

فأمّا هذان الأصلان فالأرض:الزّكمة،رجل مأروض،أي مزكوم؛و هو أحدهما.

و الآخر:الرّعدة،يقال:بفلان أرض،أي رعدة.

و أمّا الأصل الأوّل فكلّ شيء يسفل و يقابل السّماء، يقال لأعلى الفرس:سماء،و لقوائمه:أرض.

و الأرض:الّتي نحن عليها،و تجمع أرضين.و لم تجئ في كتاب اللّه مجموعة،فهذا هو الأصل.

ثمّ يتفرّع منه،قولهم:أرض أريضة؛و ذلك إذا كانت ليّنة طيّبة.

و منه:رجل أريض للخير،أي خليق له،شبّه بالأرض الأريضة.

و منه:تأرّض النّبت،إذا أمكن أن يجزّ،و جدي أريض،إذا أمكنه أن يتأرّض النّبت.

و الإراض:بساط ضخم من وبر أو صوف.

و يقال:فلان ابن أرض،أي غريب.

و يقال:تأرّض فلان،إذا لزم الأرض.[و استشهد بالشّعر 6 مرّات](1:79)

ص: 64

الهرويّ:في حديث ابن عبّاس:«أ زلزلت الأرض أم بي أرض»أي رعدة.

و الأرض أيضا:الزّكام.

و في الحديث:«لا صيام لمن لم يؤرّضه من اللّيل»أي لم يهيّئه من اللّيل،و لم ينوه.يقال:أرّضت الكلام،إذا سدّيته و هيّأته.

و مكان أريض،أي خليق للخير.(1:39)

ابن سيده: الأرض:الّتي عليها النّاس،أنثى...، و الجمع:آرض،و أروض،و أرضون،الواو عوض من الهاء المحذوفة المقدّرة.و فتحوا الرّاء في الكلمة،ليدخل الكلمة ضرب من التّكسير استيحاشا من أن يوفّروا لفظ التّصحيح،ليعلموا أنّ أرضا ممّا كان سبيله لو جمع بالتّاء أن تفتح راؤه،فيقال:أرضات.

و الأرض:سفلة البعير و الدّابّة،و ما ولي الأرض منه.

و أرض الإنسان:ركبتاه فما بعدهما.

و أرض النّعل:ما أصاب الأرض منها.

و تأرّض الرّجل:قام على الأرض.

و تأرّض و استأرض بالمكان:أقام به و لبث،و قيل:

تمكّن.

و تأرّض لي:تضرّع و تعرّض.

و الأرض:الزّكام،مذكّر.و قال كراع:هو مؤنّث.

و قد أرض أرضا.

و الأرض:دوار يأخذ في الرّأس عن اللّبن،فتهراق له الأنف و العينان.

و الأرض:الرّعدة،و منه قول ابن عبّاس:أ زلزلت الأرض أم بي أرض،يعني الرّعدة،و قيل:يعني الدّوار.

[ذكر قول الدّينوريّ و قال:]

و الجمع:أرض؛و الأرض:اسم للجمع.

و أرضت الخشبة أرضا،و أرضت أرضا كلاهما:

أكلتها الأرضة.

و أرض أرضة و أريضة:كريمة مخيّلة للنّبت و الخير، و قال أبو حنيفة:هي الّتي تربّ الثّرى و تمرح بالنّبات، و كذلك مكان عريض.

و رجل أريض بيّن الأراضة:خليق للخير،و قد أرض.

و روضة أريضة:واسعة ليّنة الموطئ.

و قد أرضت أراضة و استأرضت.

و امرأة عريضة أريضة:ولود كاملة،على التّشبيه بالأرض.

و أرض مأروضة:أريضة.

و الإراض:البساط،لأنّه يلي الأرض.

و آرض الرّجل:أقام على الإراض،و في حديث أمّ معبد:«فشربوا حتّى آرضوا»،و التّفسير لابن الأعرابيّ، حكاه الهرويّ في«الغريبين».

و تأرّض المنزل:ارتاده و تخيّره للنّزول.

و استأرض السّحاب:انبسط،و قيل:ثبت و تمكّن و أرسى.

و الأراضة:الخصب و حسن الحال.

القرحة أرضت:نفشت و مجلت ففسدت و تقطّعت.

[و استشهد بالشّعر 6 مرّات](8:219)

أرض النّعل:ما أصاب الأرض منها.

(الإفصاح 1:394)

ص: 65

الأرض:فراسن البعير.(الإفصاح 2:713)

الأرضة:دويبّة تأكل الخشب،الجمع:أرض و أرضات.يقال:أرضت الخشبة فهي مأروضة،إذا أكلتها الأرضة.(الإفصاح 2:861)

الأرض:الّتي عليها النّاس،مؤنّثة،اسم جنس،أو جمع بلا واحد.و لم يسمع:أرضة.

جمع الأرض:أرضات و أرضات و أروض و أرضون و أرضون و أراض.

و أراض غير قياسيّ.(الإفصاح 2:1020)

أرض الجذع يأرض أرضا:وقعت فيه الأرضة.(الإفصاح 2:1183)

الطّوسيّ: الأرض:هي المستقرّ للحيوان.و يقال لقوائم البعير:أرض،و كذلك الفرس إن قوي.(1:76)

الأرض:الطّبقة السّافلة،يقال:أرض البيت و أرض الغرفة،فهو سماء لما تحته من الطّبقة،و أرض لما فوقه.و قد صار الاسم كالعلم على الأرض المعروفة، و إنّما يقع على غيرها بالإضافة.(2:58)

نحوه الطّبرسيّ.(1:246)

الأرض:المستقرّ الّذي يمكن الحيوان التّصرّف فيه [و]عليه،و جملة الأرض الّتي جعلها اللّه قرارا للعباد فإذا أضيفت فقيل:أرض بني فلان،فمعناه مستقرّهم خاصّة.(4:525)

الرّاغب: الأرض:الجرم المقابل للسّماء،و جمعه:

أرضون.و لا تجيء مجموعة في القرآن،و يعبّر بها عن أسفل الشّيء كما يعبّر بالسّماء عن أعلاه.[ثمّ استشهد بشعر]

و يقال:أرض أريضة،أي حسنة النّبت،و تأرّض النّبت:تمكّن على الأرض فكثر،و تأرّض الجدي،إذا تناول نبت الأرض.

و الأرضة:الدّودة الّتي تقع في الخشب من الأرض، يقال:أرضت الخشبة فهي مأروضة.(16)

الحريريّ: يقولون في جمع أرض:أراض، فيخطئون فيه،لأنّ الأرض ثلاثيّة و الثّلاثيّ لا يجمع على أفاعل.و الصّواب أن يقال في جمعها:أرضون بفتح الرّاء؛ و ذلك أنّ الهاء مقدّرة في أرض،فكان أصلها:أرضة، و إن لم ينطق بها،و لأجل تقدير هذه الهاء جمعت بالواو و النّون على وجه التّعويض لها عمّا حذف منها،كما قيل في جمع عضة:عضون،و في جمع عزة:عزون.و فتحت الرّاء في الجمع لتؤذن الفتحة بأنّ أصل جمعها أرضات، كما يقال:نخلة و نخلات،و قيل:بل فتحت ليدخلها ضرب من التّغيير،كما كسرت السّين في جمع سنة، فقيل:سنون.(50)

الزّمخشريّ: هو آمن من الأرض،و أشدّ من الأرض.

و تأرّض فلان:لزم الأرض فلم يبرح.

و تقول:فلان إن رأى مطمعا تعرّض،و إن أصاب مطعما تأرّض.

و أتانا ابن أرض،أي غريبا.

و نزلنا بعروض عريضة،و أرض أريضة.و هو أريض للخير:خليق له.[ثمّ استشهد بشعر]

و هو أفسد من الأرضة.و خشبة مأروضة،و قد أرضت أرضا،دابّة الأرض تأكل منسأته.

ص: 66

و من المجاز:فرس بعيد ما بين سمائه و أرضه،إذا كان نهدا.[مرتفعا]

و يقال:من أطاعني كنت له أرضا،يراد التّواضع.

و فلان إن ضرب فأرض،أي لا يبالي بالضّرب.

(أساس البلاغة:4)

«لا صيام لمن لم يؤرّضه من اللّيل»أي لم يهيّئه بالنّيّة،من أرّضت المكان،إذا سوّيته،و هو من الأرض.

(الفائق 1:35)

أراضوا:من أراض الحوض،إذا استنقع فيه الماء، أي نقعوا بالرّيّ مرّة بعد أخرى.(الفائق 1:97)

ابن برّيّ: الصّحيح عند المحقّقين فيما حكي عن أبي الخطّاب:أرض و أراض و أهل و أهال،كأنّه جمع أرضاة و أهلاة،كما قالوا:ليلة و ليال،كأنّه جمع ليلاة.

[ثمّ نقل قول الجوهريّ:«و الأراضيّ على غير قياس، كأنّهم جمعوا آرضا»و قال:]صوابه أن يقول:جمع الأرض أرضى،مثل أرطى.و أمّا آرض فقياسه جمع أوارض.(ابن منظور 7:112)

قد يجيء المستأرض بمعنى المتأرّض،و هو المتثاقل إلى الأرض.

و تأرّض المنزل:ارتاده و تخيّره للنّزول.

[و استشهد بالشّعر مرّتين](ابن منظور 7:114)

ابن الأثير: في حديث أمّ معبد:«فشربوا حتّى أراضوا»أي شربوا عللا بعد نهل حتّى رووا؛من أراض الوادي،إذا استنقع فيه الماء.

و قيل:أراضوا،أي ناموا على الإراض،و هو البساط.

و قيل:حتّى صبّوا اللّبن على الأرض.

و في حديث الجنازة:«من أهل الأرض أم من أهل الذّمّة»أي الّذين أقرّوا بأرضهم.(1:39)

ابن منظور :الأرض،و الجمع:آراض و أروض و أرضون.الواو عوض من الهاء المحذوفة المقدّرة، و فتحوا الرّاء في الجمع،ليدخل الكلمة ضرب من التّكسير،استيحاشا من أن يوفّروا لفظ التّصحيح، ليعلموا أنّ أرضا ممّا كان سبيله لو جمع بالتّاء أن تفتح راؤه،فيقال:أرضات.

و أرض الإنسان ركبتاه فما بعدهما.

و أرض النّعل:ما أصاب الأرض منها.

و تأرّض الرّجل:قام على الأرض.و تأرّض و استأرض بالمكان:أقام به و لبث،و قيل:تمكّن.

و تأرّض لي:تضرّع و تعرّض،و جاء فلان يتأرّض لي،أي يتصدّى و يتعرّض.

و الأرض:دوار يأخذ في الرّأس عن اللّبن،فيهراق له الأنف و العينان.

و استأرض السّحاب:انبسط،و قيل:ثبت و تمكّن و أرضى.

و الأراضة:الخصب و حسن الحال.[و استشهد بالشّعر مرّتين](7:112-115)

أبو حيّان: الأرض مؤنّثة،و تجمع على أرض و أراض،و بالواو و النّون رفعا و بالياء و النّون نصبا و جرّا،شذوذا فتفتح العين.و بالألف و التّاء قالوا:

أرضات.و الأراضي جمع كأواظب.(1:61)

الفيّوميّ: الأرض مؤنّثة،و الجمع:أرضون،بفتح

ص: 67

الرّاء.

و ربّما ذكّرت الأرض في الشّعر على معنى البساط.

و الأرضة:دويبّة تأكل الخشب،يقال:أرضت الخشبة-بالبناء للمفعول-فهي مأروضة.و جمع الأرضة:أرض و أرضات،مثل قصبة و قصب و قصبات.(1:12)

الفيروزآباديّ: الأرض مؤنّثة اسم جنس أو جمع بلا واحد،و لم يسمع أرضة.و الجمع:أرضات و أروض و أرضون و آراض.و الأراضي غير قياسيّ.

و أسفل قوائم الدّابّة،و كلّ ما سفل،و الزّكام، و النّفضة،و الرّعدة.

و لا أرض لك كلا أمّ لك.

و هو ابن أرض:غريب،و ابن الأرض:نبت كأنّه شعر و يؤكل.

و المأروض:المزكوم-أرض كعني-و من به خبل من أهل الأرض و الجنّ،و المحرّك رأسه و جسده بلا عمد، و الخشب أكلته الأرضة-محرّكة-لدويبّة.

و أرضت القرحة،كفرح:مجلت و فسدت، كاستأرضت.

و أرضت الأرض ككرم،فهي أرض أريضة زكيّة معجبة للعين خليقة للخير.

و الأرضة،بالكسر و الضّمّ و كعنبة:الكلأ الكثير.

و أرضت الأرض:كثر فيها.و أرضتها:وجدتها.

كذلك و هو آرضهم به:أجدرهم.

و عريض أريض:اتباع أو سمين،و أريض أو يريض:بلد أو واد.

و الإراض ككتاب:العراض الوساع،و بساط ضخم من صوف أو وبر.

و آرضه اللّه:أزكمه.

و التّأريض:أن ترعى كلأ الأرض و ترتاده،و نيّة.

الصّوم و تهيئته،و تشذيب الكلام و تهذيبه،و التّثقيل و الإصلاح و التّلبيث،و أن تجعل في السّقاء لبنا أو ماء أو سمنا أو ربّا لإصلاحه.

و التّأرّض:التّثاقل إلى الأرض،و التّعرّض، و التّصدّي،و تمكّن النّبت من أن يجزّ.

و فسيل مستأرض:له عرق في الأرض،فإذا نبت على جذع أمّه فهو الرّاكب.و وديّة[:فسيل النّخل و صغيره]مستأرضة.(2:335)

البروسويّ: الأرض:جسم غليظ أغلظ ما يكون من الأجسام،واقف على مركز العالم مبيّن لكيفيّة الجهات السّتّ،فالشّرق حيث تطلع الشّمس و القمر، و الغرب حيث تغيب،و الشّمال حيث مدار الجدي، و الجنوب حيث مدار سهيل،و الفوق ما يلي المحيط، و الأسفل ما يلي مركز الأرض.(5:472)

الأرض:الجرم المقابل للسّماء.(6:486)

مجمع اللّغة: الأرض:تطلق على الكوكب الّذي يعيش عليه الإنسان،و هو ما يقابل السّماء.و قد تطلق على جزء من هذا الكوكب.

و أطلقت في القرآن على أرض الجنّة.

و جميع ما ورد في القرآن معرّفا بالألف و اللاّم في «450»موضعا،لا يخرج عن أحد هذه المعاني الثّلاثة.

و دابّة الأرض:هي الأرضة،و هي دويبّة تأكل

ص: 68

الخشب و نحوه.(1:35،36)

محمّد إسماعيل إبراهيم: الأرض:الكوكب السّيّار الّذي يعيش عليه الإنسان.

و أرض المكان:كثر عشبه و ازدهى،و حسن في العين،فهو أريض.(35)

المصطفويّ: إنّ المعنى الحقيقيّ للأرض ما سفل و ما يقابل السّماء،و هو اسم جنس يصحّ إطلاقه على كلّ ما يقابل السّماء،فإذا أطلقت في مقابل السّماء تشمل جميع ما سفل من الجماد و النّبات و الحيوان:

لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ البقرة:107، رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الرّعد:16، لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الزّمر:63.

و إذا أطلقت مطلقة و من حيث هي،تدلّ على الكرة الأرضيّة:

وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ الحجر:

19، وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ الطّارق:12، أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً المرسلات:25.

و قد تطلق و يراد منها العالم الجسمانيّ في قبال العالم الرّوحانيّ:

اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ النّور:35، يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ النّور:41، أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ الحجّ:70، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ السّجدة:5، وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الرّوم:

27.

و قد يراد منها قطعة محدودة معيّنة من الأرض من بلد أو محلّ:

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ المائدة:21، وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا الأنبياء:

71، أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ السّجدة:27، وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ لقمان:34، أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يوسف:9، وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ الأحزاب:27، يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ الأعراف:110.

فانكشف أنّ لكلمة الأرض إطلاقات،بعضها أوسع من بعض من جهة المفهوم:المسكن،المحلّ،القرية، البلدة،المملكة،القارّة،الكرة الأرضيّة،كلّ ما سفل و وقع تحت السّماء،كلّ ما في عالم الجسم و دون عالم الرّوح.

و في كلّ من هذه المفاهيم قد أخذ قيدان:السّفل، و النّسبة إلى العلوّ.

و بهذا اللّحاظ لا يصحّ إطلاقها على الإنسان أو الحيوان أو سائر ما فيه الرّوح و الحياة،فإنّ مفهوم «النّسبة إلى العلوّ»ففيها غير منظورة،و كأنّها بواسطة حياتها موجودات مستقلّة.

و أمّا جمعها على أرضون و أراض فغير فصيحة، و ما وردت في القرآن المجيد،و على تقدير ورودها في كلمات الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام،فلعلّ المراد القطعات و المصاديق و الجزئيّات من مطلق مفهوم الأرض.

و أمّا الآية الكريمة اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ، فتدلّ على أنّ اللّه سبحانه خلق سبع سماوات عاليات منظومات،أو

ص: 69

طبقات أو ممدودات بحدود معلومة عند اللّه تعالى،و لا بدّ أن تكون لكلّ سماء بالنّسبة إليها أرض سافلة.

و يمكن أن يكون كلّ سماء بالنّسبة إلى ما فوقها أرضا، و بالنّسبة إلى ما تحتها سماء.

و يمكن أن يراد من السّماوات:السّماوات العلويّة الرّوحانيّة،و من الأرض في وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الطّلاق:12،السّماوات السّبع الجسمانيّة المادّيّة.فكلّ منظومة بالنّسبة إلى عالمها الرّوحانيّ أرض،و كلّ عالم روحانيّ يتعلّق بمنظومة ممدودة مشهودة سماء،و اللّه العالم بحقائق الأمور.

و روي هذا المضمون عن الإمام ثامن الأئمّة الرّضا عليه السّلام.(1:56-58)

النّصوص التّفسيريّة

خلق الأرض

1- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ... البقرة:22

ابن عبّاس: إنّ الأرض خلقت قبل خلق السّماء غير مدحوّة،فدحيت بعد خلقها و مدّت.

(الآلوسيّ 1:187)

الشّريف المرتضى: استدلّ أبو عليّ الجبّائيّ بقوله تعالى: اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً البقرة:

22،و في آية أخرى بِساطاً نوح:19،على بطلان ما يقوله المنجّمون:من أنّ الأرض كريّة الشّكل.

و هذا القدر لا يدلّ،لأنّه يكفي في النّعمة علينا أن يكون في الأرض بسائط و مواضع مفروشة و مسطوحة، و ليس يجب أن يكون جميعها كذلك.و معلوم ضرورة أنّ جميع الأرض ليس مسطوحا مبسوطا و إن كان مواضع التّصرّف فيها بهذه الصّفة،و المنجّمون لا يدفعون أن يكون في الأرض سطوح يتصرّف فيها و يستقرّ عليها، و إنّما يذهبون إلى أنّ جملتها كريّة الشّكل.

(الطّبرسيّ 1:61)

الميبديّ: قالوا:الأرض هنا:البدن،و السّماء:

العقل،و الماء الّذي ينزل من السّماء:العلم الّذي يحصل بالعقل،و الثّمرات:الأعمال الصّالحة الّتي يعملها العبد بمقتضى العلم.

و تشير الآية إلى أنّ اللّه هو الّذي خلقكم نفسا و صورة و بدنا،و زيّن البدن بجمال العقل،ثمّ أعطى بالعقل العلم و الذّكاء فنشأ منه الثّمرات العظام،و تلك الثّمرات هي الأعمال الحسنة الّتي تكون غذاء للرّوح، و فيها الحياة الطّيّبة.(1:114)

الزّمخشريّ: معنى جعلها فراشا و بساطا و مهادا للنّاس:أنّهم يقعدون عليها و ينامون و يتقلّبون كما يتقلّب أحدهم على فراشه و بساطه و مهاده.

فإن قلت:هل فيه دليل على أنّ الأرض مسطّحة و ليست بكريّة؟

قلت:ليس فيه إلاّ أنّ النّاس يفترشونها كما يفعلون بالمفارش،و سواء كانت على شكل السّطح أو شكل الكرة.فالافتراش غير مستنكر و لا مدفوع لعظم حجمها و اتّساع جرمها و تباعد أطرافها،و إذا كان متسهّلا في الجبل و هو وتد من أوتاد الأرض،فهو في

ص: 70

الأرض ذات الطّول و العرض أسهل.(1:234)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّه سبحانه و تعالى ذكر هاهنا أنّه جعل الأرض فراشا،و نظيره قوله: أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً النّمل:61، و قوله: اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً طه:53.

و اعلم أنّ كون الأرض فراشا مشروط بأمور:

الشّرط الأوّل:كونها ساكنة؛و ذلك لأنّها لو كانت متحرّكة لكانت حركتها إمّا بالاستقامة أو بالاستدارة.

فإن كانت بالاستقامة لما كانت فراشا لنا على الإطلاق، لأنّ من طفر من موضع عال كان يجب أن لا يصل إلى الأرض،لأنّ الأرض هاوية،و ذلك الإنسان هاو، و الأرض أثقل من الإنسان،و الثّقيلان إذا نزلا كان أثقلهما أسرعهما،و الأبطأ لا يلحق الأسرع؛فكان يجب أن لا يصل الإنسان إلى الأرض،فثبت أنّها لو كانت هاوية لما كانت فراشا.

أمّا لو كانت حركتها بالاستدارة لم يكمل انتفاعنا بها،لأنّ حركة الأرض مثلا إذا كانت إلى المشرق و الإنسان يريد أن يتحرّك إلى جانب المغرب،-و لا شكّ أنّ حركة الأرض أسرع-فكان يجب أن يبقى الإنسان على مكانه،و أنّه لا يمكنه الوصول إلى حيث يريد،فلمّا أمكنه ذلك علمنا أنّ الأرض غير متحرّكة لا بالاستدارة و لا بالاستقامة فهي ساكنة.ثمّ اختلفوا في سبب ذلك السّكون على وجوه.[ثمّ ذكر الوجوه إلى أن قال:]

الشّرط الثّاني:في كون الأرض فراشا لنا أن لا تكون في غاية الصّلابة كالحجر،فإنّ النّوم و المشي عليه ممّا يؤلم البدن،و أيضا فلو كانت الأرض من الذّهب مثلا لتعذّرت الزّراعة عليها،و لا يمكن اتّخاذ الأبنية منه لتعذّر حفرها و تركيبها كما يراد،و أن لا تكون في غاية اللّين كالماء الّذي تغوص فيه الرّجل.

الشّرط الثّالث:أن لا تكون في غاية اللّطافة و الشّفّافيّة،فإنّ الشّفّاف لا يستقرّ النّور عليه،و ما كان كذلك فإنّه لا يتسخّن من الكواكب و الشّمس،فكان يبرد جدّا،فجعل اللّه كونه أغبر،ليستقرّ النّور عليه فيتسخّن؛فيصلح أن يكون فراشا للحيوانات.

الشّرط الرّابع:أن تكون بارزة من الماء،لأنّ طبع الأرض أن يكون غائصا في الماء،فكان يجب أن تكون البحار محيطة بالأرض،و لو كانت كذلك لما كانت فراشا لنا،فقلب اللّه طبيعة الأرض،و أخرج بعض جوانبها من الماء-كالجزيرة البارزة-حتّى صلحت لأن تكون فراشا لنا.

و من النّاس من زعم أنّ الشّرط في كون الأرض فراشا أن لا تكون كرة،و استدلّ بهذه الآية على أنّ الأرض ليست كرة.و هذا بعيد جدّا،لأنّ الكرة إذا عظمت جدّا كانت القطعة منها كالسّطح في إمكان الاستقرار عليه،و الّذي يزيده تقريرا أنّ الجبال أوتاد الأرض،ثمّ يمكن الاستقرار عليها،فهذا أولى،و اللّه أعلم.(2:102)

النّيسابوريّ: هاهنا مسائل:

الأولى:في منافع الأرض؛الفراش:اسم لما يفرش، كالمهاد لما يمهد و البساط لما يبسط،و ليس من ضرورات الافتراش أن يكون سطحها مستويا كالفراش على ما ظنّ،فسواء كانت كذلك أو على شكل الكرة،

ص: 71

فالافتراش غير مستنكر و لا مدفوع لعظم جرمها و تباعد أطرافها،و لكنّه لا يتمّ الافتراش عليها ما لم تكن ساكنة في حيّزها الطّبيعيّ و هو وسط الأفلاك،لأنّ الثّقال بالطّبع تميل إلى تحت،كما أنّ الخفاف بالطّبع تميل إلى فوق؛و الفوق من جميع الجوانب ما يلي السّماء،و التّحت ما يلي المركز.فكما أنّه يستبعد صعود الأرض فيما يلينا إلى جهة السّماء،فليستبعد هبوطها في مقابلة ذلك،لأنّ ذلك الهبوط صعود أيضا إلى السّماء،فإذن لا حاجة في سكون الأرض و قرارها في حيّزها إلى علاقة من فوقها و لا إلى دعامة من تحتها،بل يكفي في ذلك ما أعطاها خالقها و ركز فيها من الميل الطّبيعيّ إلى الوسط الحقيقيّ بقدرته و اختياره إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا فاطر:41.

و ممّا منّ اللّه تعالى به على عباده في خلق الأرض، أنّها لم تجعل في غاية الصّلابة كالحجر،و لا في غاية اللّين و الانغمار كالماء،ليسهل النّوم و المشي عليها،و أمكنت الزّراعة و اتّخاذ الأبنية منها،و يتأتّى حفر الآبار و إجراء الأنهار.

و منها أنّها لم تخلق في نهاية اللّطافة و الشّفيف، لتستقرّ الأنوار عليها و تسخّن منها،فيمكن جوارها.

و منها أن جعلت بارزة بعضها من الماء-مع أنّ طبعها الغوص فيه-لتصلح لتعيش الحيوانات البرّيّة عليها؛ و سبب انكشاف ما برز منها و هو قريب من ربعها أنّها لم تخلق صحيحة الاستدارة،بل خلقت هي و الماء بحيث إذا انجذب الماء بطبعه إلى المواضع الغائرة و المنخفضة منها بقي شيء منها مكشوفا،و صار مجموع الأرض و الماء بمنزلة كرة واحدة،يدلّ على ذلك فيما بين الخافقين تقدّم طلوع الكواكب و غروبها للمشرقين على طلوعها و غروبها للمغربين،و فيما بين الشّمال و الجنوب ازدياد ارتفاع القطب الظّاهر و انحطاط الخفيّ للواغلين في الشّمال،و بالعكس للواغلين في الجنوب،و تركّب الاختلافين لمن يسير على سمت بين السّمتين،إلى غير ذلك من الأعراض الخاصّة بالاستدارة،يستوي في ذلك راكب البرّ و راكب البحر.و نتوء الجبال و إن شمخت لا يخرجها عن أصل الاستدارة،لأنّها بمنزلة الخشونة القادحة في ملاسة الكرة،لا في استدارتها.

و منها الأشياء المتولّدة فيها من المعادن و النّبات و الحيوان و الآثار العلويّة و السّفليّة،و لا يعلم تفاصيلها إلاّ موجدها.

و منها أن يتخمّر الرّطب به،فيحصل التّماسك في أبدان المركّبات.

و منها اختلاف بقاعها في الرّخاوة و الصّلابة و الدّماثة و الوعورة،بحسب اختلاف الأعراض و الحاجات وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ الرّعد:4.

و منها اختلاف ألوانها وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌ فاطر:27.

و منها انصداعها بالنّبات وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ الطّارق:12.

و منها جذبها للماء المنزل من السّماء وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ المؤمنون:18.

و منها العيون و الأنهار العظام الّتي فيها. وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها الحجر:19.

ص: 72

و منها أنّ لها طبع الكرم و السّماحة تأخذ واحدة و تردّ سبعمائة كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ البقرة:261.

و منها حياتها و موتها وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها يس:33.

و منها الدّوابّ المختلفة وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ البقرة:164.

و منها النّباتات المتنوّعة وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ق:7.

فاختلاف ألوانها دلالة،و اختلاف طعومها دلالة، و اختلاف روائحها دلالة،فمنها قوت البشر،و منها قوت البهائم كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ طه:54،و منها الطّعام،و منها الإدام،و منها الدّواء،و منها الفواكه، و منها كسوة البشر:نباتيّة كالقطن و الكتّان،و حيوانيّة كالشّعر و الصّوف،و الإبريسم و الجلود.

و منها الأحجار المختلفة،بعضها للزّينة و بعضها للأبنية.فانظر إلى الحجر الّذي يستخرج منه النّار مع كثرته.و انظر إلى الياقوت الأحمر مع عزّته،و انظر إلى كثرة النّفع بذلك الحقير،و قلّة النّفع بهذا الخطير.

و منها ما أودع اللّه تعالى فيها من المعادن الشّريفة كالذّهب و الفضّة.

ثمّ تأمّل أنّ البشر استنبطوا الحرف الدّقيقة و الصّنائع الجليلة،و استخرجوا السّمك من قعر البحر،و استنزلوا الطّير من أوج الهواء،لكن عجزوا عن اتّخاذ الذّهب و الفضّة،و السّبب فيه أنّ معظم فائدتهما ترجع إلى الثّمنيّة،و هذه الفائدة لا تحصل إلاّ عند العزّة.و القدرة على اتّخاذهما تبطل هذه الحكمة،فلذلك ضرب اللّه دونهما بابا مسدودا،و من هاهنا اشتهر في الألسنة:من طلب المال بالكيمياء أفلس.

و منها ما يوجد على الجبال و الأراضي من الأشجار الصّالحة للبناء و السّقف،ثمّ الحطب و ما أشدّ الحاجة إليه في الخبز و الطّبخ؛و لعلّ ما تركنا من المنافع أكثر ممّا عدّدنا.

فإذا تأمّل العاقل في هذه الغرائب و العجائب اعترف بمدبّر حكيم و مقدّر عليم،إن كان ممّن يسمع و يعي و يبصر و يعتبر.(1:192)

أبو حيّان: قدّم ذكر(الأرض)على(السّماء)-و إن كانت أعظم في القدرة و أمكن في الحكمة و أتمّ في النّعمة و أكبر في المقدار-لأنّ السّقف و البنيان فيما يعهد لا بدّ له من أساس و عمد مستقرّ على الأرض،فبدأ بذكرها؛إذ على متنها يوضع الأساس و تستقرّ القواعد؛إذ لا ينبغي ذكر السّقف أوّلا قبل ذكر الأرض الّتي تستقرّ عليها قواعده،أو لأنّ الأرض خلقها متقدّم على خلق السّماء، فإنّه تعالى خلق الأرض و مهّد رواسيها قبل خلق السّماء، قال تعالى: قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ فصّلت:9،إلى آخر الآيات.أو لأنّ ذلك من باب التّرقّي بذكر الأدنى إلى ذكر الأعلى.

و قد تضمّنت هاتان الآيتان[البقرة:21 و 22]من بدائع الصّنعة و دقائق الحكمة و ظهور البراهين ما اقتضى تعالى أنّه المنفرد بالإيجاد المتكفّل للعباد،دون غيره من الأنداد الّتي لا تخلق و لا ترزق و لا لها نفع و لا ضرّ،ألا للّه الخلق و الأمر.

ص: 73

1Lقال بعض أصحاب الإشارات: لمّا امتنّ تعالى عليهم بأنّه خلقهم و الّذين من قبلهم،ضرب لهم مثلا يرشدهم إلى معرفة كيفيّة خلقهم،و أنّهم و إن كانوا متوالدين بين ذكر و أنثى مخلوقين من نطفة إذا تمنى،هو تعالى خالقهم على الحقيقة و مصوّرهم في الأرحام كيف يشاء، و مخرجهم طفلا و مربّيهم بما يصلحهم من غذاء و شراب و لباس،إلى غير ذلك من المنافع الّتي تدعو حاجتهم إليهم.

فجعل الأرض الّتي هي فراش مثل الأمّ الّتي يفترشها الزّوج،و هي أيضا تسمّى فراشا،و شبّه السّماء الّتي علت على الأرض بالأب الّذي يعلو على الأمّ و يغشاها،و ضرب الماء النّازل من السّماء مثلا للنّطفة الّتي تنزل من صلب الأب،و ضرب ما يخرج من الأرض من الثّمرات بالولد الّذي يخرج من بطن الأمّ؛يؤنس تعالى بذلك عقولهم و يرشدها إلى معرفة كيفيّة التّخليق، و يعرّفها أنّه الخالق لهذا الولد،و المخرج له من بطن أمّه، كما أنّه الخالق للثّمرات و مخرجها من بطون أشجارها و مخرج أشجارها من بطن الأرض،فإذا أوضح ذلك لهم أفردوه بالإلهيّة و خصّوه بالعبادة،و حصلت لهم الهداية.

(1:101)

البروسويّ: قال أهل اللّغة:الأرض بساط العالم و بسيطها؛من حيث يحيط بها البحر الّذي هو البحر المحيط أربعة و عشرون ألف فرسخ،كلّ فرسخ ثلاثة أميال و هو اثنا عشر ألف ذراع بالذّراع المرسلة،و كلّ ذراع ستّ و ثلاثون إصبعا،كلّ إصبع ستّ حبّات شعير مصفوفة بطون بعضها إلى بعض.فللسّودان اثنا عشر ألف فرسخ،و للبيضان ثمانية،و للفرس ثلاثة،و للعرب ألف،كذا في كتاب الملكوت.و سمت وسط الأرض المسكونة حضرة الكعبة،و أمّا وسط الأرض كلّها -عامرها و خرابها-فهو الموضوع الّذي يسمّى قبّة الأرض،و هو مكان يعتدل فيه الأزمان في الحرّ و البرد، و يستوي اللّيل و النّهار أبدا لا يزيد أحدهما على الآخر، كما في الملكوت.

و روي عن عليّ كرّم اللّه وجهه أنّه قال:إنّما سمّيت الأرض أرضا لأنّها تتأرّض ما في بطنها يعني تأكل ما فيها.

و قال بعضهم: لأنّها تتأرّض بالحوافر و الأقدام.

(1:75)

الآلوسيّ: قدّم سبحانه حال الأرض لما أنّ احتياجهم إليها و انتفاعهم بها أكثر و أظهر،أو لأنّه تعالى لمّا ذكر خلقهم ناسب أن يعقّبه بذكر أوّل ما يحتاجونه بعده و هو المستقرّ،أو ليحصل العروج من الأدنى إلى الأعلى، أو لأنّ خلق الأرض متقدّم على خلق السّماء،كما يدلّ عليه ظواهر كثير من الآيات،أو لأنّ الأرض لكونها مسكن النّبيّين و منها خلقوا أفضل من السّماء.

(1:188)

2- هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً...

البقرة:29

الطّبريّ: أخبرهم جلّ ذكره أنّه خلق لهم ما في الأرض جميعا،لأنّ الأرض و جميع ما فيها لبني آدم منافع،أمّا في الدّين فدليل على وحدانيّة ربّهم،و أمّا في الدّنيا فمعاش و بلاغ لهم إلى طاعته،و أداء فرائضه؛

ص: 74

فلذلك قال جلّ ذكره: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً. (1:190)

مثله الطّوسيّ(1:124)،و الطّبرسيّ(1:71).

الزّمخشريّ: لأجلكم و لانتفاعكم به في دنياكم و دينكم،أمّا الانتفاع الدّنيويّ فظاهر،و أمّا الانتفاع الدّينيّ فالنّظر فيه و ما فيه من عجائب الصّنع الدّالّة على الصّانع القادر الحكيم،و ما فيه من التّذكير بالآخرة و بثوابها و عقابها،لاشتماله على أسباب الأنس و اللّذّة، من فنون المطاعم و المشارب و الفواكه و المناكح و المراكب و المناظر الحسنة البهيّة،و على أسباب الوحشة و المشقّة من أنواع المكاره كالنّيران و الصّواعق و السّباع و الأحناش و السّموم و الغموم و المخاوف.

و قد استدلّ بقوله: خَلَقَ لَكُمْ على أنّ الأشياء الّتي يصحّ أن ينتفع بها و لم تجر مجرى المحظورات في العقل خلقت في الأصل مباحة مطلقا،لكلّ أحد أن يتناولها و يستنفع بها.

فإن قلت:هل لقول من زعم أنّ المعنى خلق لكم الأرض و ما فيها وجه صحّة؟

قلت:إن أراد بالأرض الجهات السّفليّة دون الغبراء -كما تذكر السّماء و تراد الجهات العلويّة-جاز ذلك،فإنّ الغبراء و ما فيها واقعة في الجهات السّفليّة.(1:270)

الميبديّ: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً أي خلق كلّ ما في الأرض من جبال و بحار،مع ما فيها من جواهر و معادن و عيون و أنهار و نبات و حيوان و طير، و خلق الحرّ و البرد و النّور و الظّلمة و السّكون و الحركة.

و أنّه خلق كلّ هذه النّعم لأجلكم،و هي على كثرتها لا تقدرون على إحصائها؛لقوله تعالى: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لا تُحْصُوها إبراهيم:34.

و خلق لكم هذه النّعم لأمرين:

الأوّل:التّمتّع بنعيم الدّنيا،و الثّاني:معرفة المنعم و الدّلالة على وحدانيّة خالقها.(1:124)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ هذا هو النّعمة الثّانية الّتي عمّت المكلّفين بأسرهم،و ما أحسن ما رعى اللّه سبحانه و تعالى هذا التّرتيب،فإنّ الانتفاع بالأرض و السّماء إنّما يكون بعد حصول الحياة،فلهذا ذكر اللّه أمر الحياة أوّلا ثمّ أتبعه بذكر السّماء و الأرض.

أمّا قوله:(خلق)فقد مرّ تفسيره في قوله: اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ البقرة:21.

و أمّا قوله:(لكم)فهو يدلّ على أنّ المذكور بعد قوله:(خلق)لأجل انتفاعنا في الدّين و الدّنيا.

أمّا في الدّنيا فليصلح أبداننا و لنتقوّى به على الطّاعات.

و أمّا في الدّين فللاستدلال بهذه الأشياء و الاعتبار بها.

و جمع بقوله: ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً جميع المنافع، فمنها ما يتّصل بالحيوان و النّبات و المعادن و الجبال،و منها ما يتّصل بضروب الحرف و الأمور الّتي استنبطها العقلاء.

و بيّن تعالى أنّ كلّ ذلك إنّما خلقها كي ينتفع بها،كما قال: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ الجاثية:13،فكأنّه سبحانه و تعالى قال:كيف تكفرون باللّه و كنتم أمواتا فأحياكم،و كيف تكفرون باللّه و قد خلق لكم ما في السّماوات و ما في الأرض جميعا،أو يقال:

ص: 75

كيف تكفرون بقدرة اللّه على الإعادة و قد أحياكم بعد موتكم،و لأنّه خلق لكم ما في الأرض جميعا فكيف يعجز عن إعادتكم.

ثمّ إنّه تعالى ذكر تفاصيل هذه المنافع في سور مختلفة،كما قال: أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا عبس:25، و قال في أوّل سورة أتى أمر اللّه: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ النّحل:5،إلى آخره.

و هاهنا مسائل[إلى أن قال:]

المسألة الثّانية:احتجّ أهل الإباحة بقوله تعالى:

خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً البقرة:29،على أنّه تعالى خلق الكلّ للكلّ فلا يكون لأحد اختصاص بشيء أصلا.و هو ضعيف،لأنّه تعالى قابل الكلّ بالكلّ، فيقتضي مقابلة الفرد بالفرد،و التّعيين يستفاد من دليل منفصل،و الفقهاء رحمهم اللّه استدلّوا به على أنّ الأصل في المنافع الإباحة.و قد بيّنّاه في أصول الفقه.

المسألة الثّالثة:قيل:إنّها تدلّ على حرمة أكل الطّين،لأنّه تعالى خلق لنا ما في الأرض دون نفس الأرض،و لقائل أن يقول:في جملة الأرض ما يطلق عليه أنّه في الأرض،فيكون جمعا للموضعين،و لا شكّ أنّ المعادن داخلة في ذلك،و كذلك عروق الأرض و ما يجري مجرى بعض لها،و لأنّ تخصيص الشّيء بالذّكر لا يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه.[إلى أن قال:]

قال بعض الملحدة:هذه الآية تدلّ على أنّ خلق الأرض قبل خلق السّماء،و كذا قوله: أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ فصّلت:9،إلى قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فصّلت:11،و قال في سورة النّازعات: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها* وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها * وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها 27-30،و هذا يقتضي أن يكون خلق الأرض بعد السّماء.و ذكر العلماء في الجواب عنه وجوها:

أحدها:يجوز أن يكون خلق الأرض قبل خلق السّماء إلاّ أنّه ما دحاها حتّى خلق السّماء،لأنّ التّدحية هي البسط.

و لقائل أن يقول:هذا أمر مشكل من وجهين:

الأوّل:أنّ الأرض جسم عظيم فامتنع انفكاك خلقها عن التّدحية،و إذا كانت التّدحية متأخّرة عن خلق السّماء كان خلقها أيضا-لا محالة-متأخّرا عن خلق السّماء.

الثّاني:أنّ قوله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ البقرة:29،يدلّ على أنّ خلق الأرض و خلق كلّ ما فيها متقدّم على خلق السّماء، لكن خلق الأشياء في الأرض لا يمكن إلاّ إذا كانت مدحوّة،فهذه الآية تقتضي تقدّم كونها مدحوّة قبل خلق السّماء،و حينئذ يتحقّق التّناقض.

و الجواب:أنّ قوله تعالى: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها النّازعات:30،يقتضي تقديم خلق السّماء على الأرض و لا يقتضي أن تكون تسوية السّماء مقدّمة على خلق الأرض،و على هذا التّقدير يزول التّناقض.

و لقائل أن يقول:قوله تعالى: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها النّازعات:27، 28،يقتضي أن يكون خلق السّماء و تسويتها مقدّم على

ص: 76

تدحية الأرض،و لكن تدحية الأرض ملازمة لخلق ذات الأرض،فإنّ ذات السّماء و تسويتها متقدّمة على ذات الأرض،و حينئذ يعود السّؤال.

و ثالثها:و هو الجواب الصّحيح أنّ قوله:(ثمّ)ليس للتّرتيب هاهنا،و إنّما هو على جهة تعديد النّعم،مثاله قول الرّجل لغيره:أ ليس قد أعطيتك النّعم العظيمة ثمّ رفعت قدرك ثمّ دفعت الخصوم عنك.و لعلّ بعض ما أخّره في الذّكر قد تقدّم،فكذا هاهنا،و اللّه أعلم.

(2:153)

سيّد قطب: يكثر المفسّرون و المتكلّمون هنا من الكلام عن خلق الأرض و السّماء،يتحدّثون عن القبليّة و البعديّة،و يتحدّثون عن الاستواء و التّسوية...

و ينسون أنّ«قبل و بعد»اصطلاحان بشريّان لا مدلول لهما بالقياس إلى اللّه تعالى،و ينسون أنّ«الاستواء و التّسوية»اصطلاحان لغويّان يقرّبان إلى التّصوّر البشريّ المحدود صورة غير المحدود،و لا يزيدان.

و ما كان الجدل الكلاميّ الّذي ثار بين علماء المسلمين حول هذه التّعبيرات القرآنيّة،إلاّ آفة من آفات الفلسفة الإغريقيّة و المباحث اللاّهوتيّة عند اليهود و النّصارى،عند مخالطتها للعقليّة العربيّة الصّافية، و للعقليّة الإسلاميّة النّاصعة،و ما كان لنا نحن اليوم أن نقع في هذه الآفة،فنفسد جمال العقيدة و جمال القرآن بقضايا علم الكلام.

فلنخلص إذن إلى ما وراء هذه التّعبيرات من حقائق موحية عن خلق ما في الأرض جميعا للإنسان،و دلالة هذه الحقيقة على غاية الوجود الإنسانيّ،و على دوره العظيم في الأرض،و على قيمته في ميزان اللّه،و ما وراء هذا كلّه من تقرير قيمة الإنسان في التّصوّر الإسلاميّ؛ و في نظام المجتمع الإسلاميّ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً البقرة:29،إنّ كلمة(لكم)هنا ذات مدلول عميق و ذات إيحاء كذلك عميق،إنّها قاطعة في أنّ اللّه خلق هذا الإنسان لأمر عظيم،خلقه ليكون مستخلفا في الأرض،مالكا لما فيها فاعلا مؤثّرا فيها،إنّه الكائن الأعلى في هذا الملك العريض،و السّيّد الأوّل في هذا الميراث الواسع.

و دوره في الأرض إذن و في أحداثها و تطوّراتها هو الدّور الأوّل،إنّه سيّد الأرض و سيّد الآلة،إنّه ليس عبدا للآلة كما هو في العالم المادّيّ اليوم،و ليس تابعا للتّطوّرات الّتي تحدثها الآلة في علاقات البشر و أوضاعهم كما يدّعي أنصار المادّيّة المطموسون،الّذين يحقّرون دور الإنسان و وضعه،فيجعلونه تابعا للآلة الصّمّاء و هو السّيّد الكريم.

و كلّ قيمة من القيم المادّيّة لا يجوز أن تطغى على قيمة الإنسان،و لا أن تستذلّه أو تخضعه أو تستعلي عليه،و كلّ هدف ينطوي على تصغير قيمة الإنسان مهما يحقّق من مزايا مادّيّة،و هو هدف مخالف لغاية الوجود الإنسانيّ.فكرامة الإنسان أوّلا،و استعلاء الإنسان أوّلا،ثمّ تجيء القيم المادّيّة تابعة مسخّرة.

و النّعمة الّتي يمتنّ اللّه بها على النّاس هنا-و هو يستنكر كفرهم به-ليست مجرّد الإنعام عليهم بما في الأرض جميعا،و لكنّها-إلى ذلك-سيادتهم على ما في الأرض جميعا،و منحهم قيمة أعلى من قيم المادّيّات الّتي

ص: 77

تحويها الأرض جميعا،هي نعمة الاستخلاف و التّكريم فوق نعمة الملك و الانتفاع العظيم.(1:53)

3- قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ... فصّلت:9

البيضاويّ: في مقدار يومين أو نوبتين،و خلق في كلّ نوبة ما خلق في أسرع ما يكون.و لعلّ المراد من (الأرض)ما في جهة السّفل من الأجرام البسيطة،و من «خلقها في يومين»أنّه خلق لها أصلا مشتركا ثمّ خلق لها صورا بها صارت أنواعا،و كفرهم به إلحادهم في ذاته و صفاته.(2:344)

الآلوسيّ: الظّاهر أنّ المراد ب(الأرض)الجسم المعروف،و قيل:لعلّ المراد منها ما في جهة السّفل من الأجرام الكثيفة و اللّطيفة من التّراب و الماء و الهواء، تجوّزا باستعمالها في لازم المعنى،على ما قيل بقرينة المقابلة.و حملت على ذلك لئلاّ يخلو الكلام عن التّعرّض لمدّة خلق ما عدا التّراب؛و من«خلقها في يومين»أنّه سبحانه خلق لها أصلا مشتركا،ثمّ خلق لها صورا بها تنوّعت إلى أنواع.(24:99)

فضل اللّه: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً في الآية لفتة إلى جانب النّعمة الّتي لا تجعل عظمة الخلق بعيدة عن حياة الإنسان و حاجاته،و ذلك من خلال ما توحيه كلمة(لكم)من تسخير الأرض للإنسان بكلّ ما فيها من طاقات ظاهرة أو باطنة،ممّا يجعل من توجيهه إليها و إلى التّفكير فيها عند التّفكير في طبيعة الخلق،حافزا للارتباط باللّه،من خلال شعوره بحاجته المطلقة إليه،إلى جانب الشّعور بعظمته المبدعة.

و قد يكون في هذا الأسلوب القرآنيّ الرّائع لفتة قرآنيّة تعطي قضيّة الإيمان باللّه حيويّة نابضة تتفجّر بالحياة الإنسانيّة في كلّ مظاهرها و حاجاتها،الأمر الّذي يبعدها عن الجفاف و الجمود الّذي يتمثّل في أساليب البحث في العقيدة كشيء تجريديّ خارج نطاق الحياة العمليّة للإنسان.

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فقد أراد اللّه للإنسان أن يعيش على هذه الأرض،و هيّأ له الوسائل المتنوّعة الّتي تتّصل بحاجاته الخاصّة و العامّة في أعماق الأرض و سطوحها و آفاق الفضاء المحيط بها، ليستطيع الإنسان الحياة عليها من خلال قدرته على إدارته لها في تسخير كلّ طاقاتها له،و في تسخير الكون المطلّ عليها و المحيط بها،لرعاية كلّ أوضاعه.و هكذا، يؤكّد اللّه أنّه أبدع ما في الأرض لأجل الإنسان؛تكريما له،و تأكيدا لقيمته المميّزة لديه من بين مخلوقاته.

(1:208)

[و هنا أبحاث أخر راجع«ي و م»].

تفجير الأرض

وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ. القمر:12

الزّمخشريّ: و جعلنا الأرض كلّها كأنّها عيون تتفجّر،و هو أبلغ من قولك:و فجّرنا عيون الأرض.

و نظيره في النّظم[القرآنيّ:] وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً مريم:4.(4:37)

الفخر الرّازيّ: قال: وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً، و لم يقل:ففتحنا السّماء أبوابا،لأنّ السّماء أعظم من

ص: 78

الأرض و هي للمبالغة،و لهذا قال: أَبْوابَ السَّماءِ القمر:11،و لم يقل:أنابيب و لا منافذ و لا مجاري،أو غيرها.

و أمّا قوله تعالى: وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فهو أبلغ من قوله:و فجّرنا عيون الأرض،لأنّه يكون حقيقة لا مبالغة فيه،و يكفي في صحّة ذلك القول أن يجعل في الأرض عيونا ثلاثة،و لا يصلح مع هذا في السّماء إلاّ قول القائل:فأنزلنا من السّماء ماء أو مياها.و مثل هذا الّذي ذكرناه في المعنى لا في المعجز،و الحكمة قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ الزّمر:21،حيث لا مبالغة فيه،و كلامه لا يماثل كلام اللّه و لا يقرب منه،غير أنّي ذكرته مثلا وَ لِلّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى النّحل:60.(29:37)

القرطبيّ: قال عبيد بن عمير:أوحى اللّه إلى الأرض أن تخرج ماءها؛فتفجّرت بالعيون،و إنّ عينا تأخّرت فغضب عليها،فجعل ماءها مرّا أجاجا إلى يوم القيامة.(17:132)

البروسويّ: أي جعلنا الأرض كلّها كأنّها عيون منفجرة،أي جارية،و كان ماء الأرض مثل الحميم حرارة.و أصله:و فجّرنا عيون الأرض،فغيّر عن المفعوليّة إلى التّمييز قضاء لحقّ المقام من المبالغة،لأنّ قولنا:فجّرنا عيون الأرض،يكفي في صحّة تفجّر ما فيها من العيون،و لا مبالغة فيه،بخلاف:فجّرنا الأرض عيونا،فإنّ معناه فجّرنا أجزاء الأرض كلّها،بجعلها عيون الماء.و لا شكّ في أنّه أبلغ.(9:272)

سيّد قطب: هو تعبير يرسم مشهد التّفجّر،و كأنّه ينبثق من الأرض كلّها،و كأنّما الأرض كلّها قد استحالت عيونا.(6:3430)

مدّ الأرض

وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَ أَنْهاراً... الرّعد:3

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّه تعالى لمّا قرّر الدّلائل السّماويّة أردفها بتقرير الدّلائل الأرضيّة،فقال: وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ.

و اعلم أنّ الاستدلال بخلقة الأرض و أحوالها من وجوه:

الأوّل:أنّ الشّيء إذا تزايد حجمه و مقداره صار كأنّ ذلك الحجم و ذلك المقدار يمتدّ،فقوله: وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ إشارة إلى أنّ اللّه سبحانه هو الّذي جعل الأرض مختصّة بذلك المقدار المعيّن الحاصل له لا أزيد و لا أنقص،و الدّليل عليه أنّ كون الأرض أزيد مقدارا ممّا هو الآن و أنقص منه،أمر جائز ممكن في نفسه، فاختصاصه بذلك المقدار المعيّن لا بدّ أن يكون بتخصيص و تقدير مقدّر.

الثّاني:قال أبو بكر الأصمّ:المدّ هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه،فقوله: وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ يشعر بأنّه تعالى جعل حجم الأرض حجما عظيما لا يقع البصر على منتهاه،لأنّ الأرض لو كانت أصغر حجما ممّا هي الآن عليه لما كمل الانتفاع به.

و الثّالث:قال قوم:كانت الأرض مدوّرة فمدّها و دحاها من مكّة من تحت البيت فذهبت كذا و كذا.

و قال آخرون:كانت مجتمعة عند البيت المقدّس،

ص: 79

فقال لها:اذهبي كذا و كذا.

اعلم أنّ هذا القول إنّما يتمّ إذا قلنا:الأرض مسطّحة لا كرة،و أصحاب هذا القول احتجّوا عليه بقوله:

وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها النّازعات:30،و هذا القول مشكل من وجهين:

الأوّل:أنّه ثبت بالدّلائل أنّ الأرض كرة فكيف يمكن المكابرة فيه؟

فإن قالوا:و قوله: مَدَّ الْأَرْضَ ينافي كونها كرة فكيف يمكن مدّها؟

قلنا:لا نسلّم أنّ الأرض جسم عظيم،و الكرة إذا كانت في غاية الكبر كان كلّ قطعة منها تشاهد كالسّطح، و التّفاوت الحاصل بينه و بين السّطح لا يحصل إلاّ في علم اللّه،أ لا ترى أنّه قال: وَ الْجِبالَ أَوْتاداً النّبأ:7،مع أنّ العالم من النّاس يستقرّون عليها،فكذلك هاهنا.

و الثّاني:أنّ هذه الآية إنّما ذكرت ليستدلّ بها على وجود الصّانع،و الشّرط فيه أن يكون ذلك أمرا مشاهدا معلوما حتّى يصحّ الاستدلال به على وجود الصّانع، و كونها مجتمعة تحت البيت أمر غير مشاهد و لا محسوس، فلا يمكن الاستدلال به على وجود الصّانع،فثبت أنّ التّأويل الحقّ هو ما ذكرناه.(19:2)

البروسويّ: بسطها طولا و عرضا،و وسّعها لتثبت عليها الأقدام و يتقلّب الحيوان،أي أنشأها ممدودة لا أنّها كانت مجموعة في مكان فبسطها،و كونها بسيطة لا ينافي كريّتها،لأنّ جميع الأرض جسم عظيم،و الكرة إذا كانت في غاية الكبر كان كلّ قطعة منها يشاهد كالسّطح.

و في تفسير أبي اللّيث:بسطها من تحت الكعبة على الماء،و كانت تكفأ بأهلها كما تكفأ السّفينة بأهلها، فأرساها بالجبال الثّقال.

و في بعض الآثار: أنّ اللّه تعالى قبل أن يخلق السّماوات و الأرض أرسل على الماء ريحا هفّافة فصفقت الرّيح الماء،أي ضرب بعضه بعضا،فأبرز منه خشفة -بالخاء المعجمة و هي حجارة يبست بالأرض في موضع البيت كأنّها قبّة-و بسط الحقّ سبحانه من ذلك الموضع جميع الأرض طولها و العرض؛فهي أصل الأرض،و سرّتها في الكعبة وسط الأرض المسكونة.

و أمّا وسط الأرض كلّها عامرها و خرابها فهي قبّة الأرض،و هو مكان تعتدل فيه الأزمان في الحرّ و البرد، و يستوي اللّيل و النّهار فيه أبدا،لا يزيد أحدهما على الآخر و لا ينقص.و أصل طينة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من سرّة الأرض بمكّة،و لمّا تموّج الماء رمى بتلك الطّينة إلى محلّ مدفنه بالمدينة،فلذلك دفن عليه السّلام فيها.

قال بعضهم:الأرض مضجعنا و كانت أمّنا،فيها معايشنا و فيها نقبر.(4:337)

الآلوسيّ: أي أرض قلوب أوليائه ببسط أنوار المحبّة.(13:135)

سيّد قطب: الخطوط العريضة في لوحة الأرض هي مدّ الأرض و بسطها أمام النّظر و انفساحها على مداه، لا يهمّ ما يكون شكلها الكلّيّ في حقيقته،إنّما هي مع هذا ممدودة مبسوطة فسيحة.

هذه هي اللّمسة الأولى في اللّوحة،ثمّ يرسم خطّ الرّواسي الثّوابت من الجبال،و خطّ الأنهار الجارية في

ص: 80

الأرض،فتتمّ الخطوط العريضة الأولى في المشهد الأرضيّ متناسقة متقابلة.(4:2045)

الطّباطبائيّ: أي بسطها بسطا صالحا،لأن يعيش فيه الحيوان و ينبت فيه الزّرع و الشّجر.و الكلام في نسبة مدّ الأرض إليه تعالى و كونه كالتّوطئة،و التّمهيد لما يلحق به من قوله: وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَ أَنْهاراً الرّعد:3،إلخ،نظير الكلام في قوله في الآية السّابقة:

اَللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها الرّعد:2.

(11:291)

نحوه فضل اللّه(13:17)

خلق السّماوات و الأرض

1- اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ... الأنعام:1

الفخر الرّازيّ: لم ذكر السّماء بصيغة الجمع، و الأرض بصيغة الواحد مع أنّ الأرضين أيضا كثيرة، بدليل قوله تعالى: وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ؟الطّلاق:

12.

و الجواب:أنّ السّماء جارية مجرى الفاعل، و الأرض مجرى القابل.فلو كانت السّماء واحدة لتشابه الأثر؛و ذلك يخلّ بمصالح هذا العالم.أمّا لو كانت كثيرة اختلفت الاتّصالات الكوكبيّة،فحصل بسببها الفصول الأربعة،و سائر الأحوال المختلفة،و حصل بسبب تلك الاختلافات مصالح هذا العالم.أمّا الأرض فهي قابلة للأثر،و القابل الواحد كاف في القبول،و أمّا دلالة الآية المذكورة على تعدّد الأرضين،فقد بيّنّا في تفسير تلك الآية كيفيّة الحال فيها،و اللّه أعلم.(12:148)

القرطبيّ: (الأرض)هنا اسم للجنس،فإفرادها في اللّفظ بمنزلة جمعها.(6:386)

البروسويّ: اَلَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ بما فيها...

(و الارض)بما فيها من البرّ و البحر و السّهل و الجبل و النّبات و الشّجر،خلق السّماوات و ما فيها في يومين يوم الأحد و يوم الاثنين،و خلق الأرض و ما فيها في يومين يوم الثّلاثاء و يوم الأربعاء.

و تخصيص«خلق السّماوات و الأرض»بالذّكر لأنّهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد،و فيهما العبرة، و المنافع لهم.

و جمع(السّماوات)دون(الأرض)و هي مثلهنّ،لأنّ طبقاتها مختلفة بالذّات متفاوتة الآثار و الحركات،قالوا:

ما بين كلّ سماءين مسيرة خمسمائة عام.السّماء الدّنيا موج مكفوف،أي متصادم بعضه على بعض يمنع بعضه بعضا،أي ممنوع من السّيلان.و الثّانية مرمرة بيضاء.

و الثّالثة حديدة.و الرّابعة نحاس أو صفر.و الخامسة فضّة.و السّادسة ذهب.و السّابعة ياقوتة حمراء.و أمّا الأرض فهي تراب لا غير.

و الأكثرون على تفضيل الأرض على السّماء،لأنّ الأنبياء خلقوا من الأرض و عبدوا فيها و دفنوا فيها،و أنّ الأرض دار الخلافة و مزرعة الآخرة.و أفضل البقاع على وجه الأرض البقعة الّتي ضمّت جسم الحبيب صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم في المدينة المنوّرة،لأنّ الجزء الأصليّ من التّراب محلّ قبره صلى اللّه عليه و سلم.

ثمّ بقعة الحرم المكّيّ،ثمّ بيت المقدّس و الشّام منه،ثمّ الكوفة و هي حرم رابع،و بغداد منه.(3:3)

ص: 81

الآلوسيّ: جمع سبحانه(السّماوات)و أفرد (الأرض)مع أنّها على ما تقتضيه النّصوص المتعدّدة متعدّدة أيضا،و المؤاخاة بين الألفاظ من محسّنات الكلام،فإذا جمع أحد المتقابلين أو نحوهما ينبغي أن يجمع الآخر عندهم؛و لذا عيب على أبي نؤاس قوله:

و مالك فاعلمن فينا مقالا

إذا استكملت آجالا و رزقا

حيث جمع و أفرد؛إذ جمع لنكتة سوّغت العدول عن ذلك الأصل،و هي الإشارة إلى تفاوتهما في الشّرف، فجمع الأشرف اعتناء بسائر أفراده،و أفرد غير الأشرف.

و أشرفيّة السّماء،لأنّها محلّ الملائكة المقدّسين على تفاوت مراتبهم،و قبلة الدّعاء و معراج الأرواح الطّاهرة،و لعظمها و إحاطتها بالأرض على القول بكريّتها الذّاهب إلى بعض منّا و عظم آيات اللّه فيها، و لأنّها لم يعص اللّه تعالى فيها أصلا،و فيها الجنّة الّتي هي مقرّ الأحباب،و لغير ذلك.

و الأرض و إن كانت دار تكليف و محلّ الأنبياء عليهم الصّلاة و السّلام،فليس ذلك إلاّ للتّبليغ و كسب ما يجعلهم متأهّلين للإقامة في حضيرة القدس،لأنّها ليست بدار قرار،و خلق أبدان الأنبياء عليهم الصّلاة و السّلام منها و دفنهم فيها-مع كون أرواحهم الّتي هي منشأ الشّرف ليست منها و لا تدفن فيها-لا يدلّ على أكثر من شرفها،و أمّا أنّه يدلّ على أشرفيّتها فلا يكاد يسلم لأحد،و كذا كون اللّه تعالى وصف بقاعا منها بالبركة لا يدلّ على أكثر ممّا ذكرنا،و لهذا الشّرف أيضا قدّمت على الأرض في الذّكر.

و قيل: إنّ جمع(السّماوات)و إفراد(الأرض)،لأنّ السّماء جارية مجرى الفاعل و الأرض جارية مجرى القابل،فلو كانت السّماء واحدة لتشابه الأثر و هو يخلّ بمصالح هذا العالم،و أمّا الأرض فهي قابلة و القابل الواحد كاف في القبول.

و حاصله أنّ اختلاف الآثار دلّ على تعدّد السّماء دلالة عقليّة،و الأرض و إن كانت متعدّدة لكن لا دليل عليه من جهة العقل،فلذلك جمعها دون الأرض.

و اعترض بأنّه على ما فيه ربّما يقتضي العكس.

و قال بعضهم: إنّه لا تعدّد حقيقيّا في الأرض،و لهذا لم تجمع.[إلى أن قال:]

و قوله تعالى: اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الطّلاق:12،محمول على المماثلة في السّبعة الموجودة في الأقاليم لا على التّعدّد الحقيقيّ.

و لا يخفى أنّ هذا من التّكلّف الّذي لم يدع إليه سوى اتّهام قدرة اللّه تعالى و عجزه سبحانه عن أن يخلق سبع أرضين،طبق ما نطق به ظاهر النّصّ الوارد عن حضرة أفصح من نطق بالضّاد،و أزال بزلال كلامه الكريم أوام كلّ صاد،و حمل المماثلة في الآية أيضا على المماثلة الّتي زعمها صاحب القيل خلاف الظّاهر.(7:81)

رشيد رضا :السّماوات و الأرض يطلقان في مثل هذا المقام على كلّ موجود مخلوق،أو ما يعبّر عنه بعض النّاس بالعالم العلويّ و العالم السّفليّ،و إن كان العلوّ و السّفل فيهما من الأمور الإضافيّة.(8:445)

ص: 82

2- تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ الْعُلى.

طه:4

الطّبرسيّ: بدأ بالأرض ليستقيم رءوس الآي.

(4:2)

البروسويّ: تخصيص خلقهما لأنّهما قوام العالم و أصوله،و تقديم(الأرض)لكونها أقرب إلى الحسّ و أظهر عنده من(السّماوات)،و وصف(السّماوات) ب(العلى)-و هو جمع العليا،تأنيث الأعلى-للدّلالة على عظم قدرة خالقها بعلوّها،و عطف(السّماوات)على (الأرض)من عطف الجنس على الجنس،لأنّ التّعريف مصروف إلى الجنس،لا من عطف الجمع على المفرد، حتّى يلزم ترك الأولى من رعاية التّطابق بين المعطوف و المعطوف عليه.(5:363)

الآلوسي: تخصيص «خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ» بالذّكر مع أنّ المراد خلقهما بجميع ما يتعلّق بهما،كما يؤذن به قوله تعالى: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ طه:6،لإصالتهما و استتباعهما لما عداهما،و قيل:المراد بهما ما في جهة السّفل و ما في جهة العلوّ.

و تقديم «خَلَقَ الْأَرْضَ» قيل:لأنّه مقدّم في الوجود على خلق السّماوات السّبع كما هو ظاهر آية: أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ فصّلت:9، و كذا ظاهر آية: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ البقرة:29.

و نقل الواحديّ عن مقاتل أنّ خلق السّماوات مقدّم.

و اختاره كثير من المحقّقين لتقديم(السّماوات)على (الأرض)في معظم الآيات الّتي ذكرا فيها.و اقتضاء الحكمة تقديم خلق الأشرف،و السّماء أشرف من الأرض ذاتا و صفة،مع ظاهر آية: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها النّازعات:27.

و اختار بعض المحقّقين أنّ خلق السّماوات بمعنى إيجادها بمادّتها قبل خلق الأرض،و خلقها بمعنى إظهارها بآثارها بعد خلق الأرض،و بذلك يجمع بين الآيات الّتي يتوهّم تعارضها،و تقديم(السّماوات)في الذّكر على (الأرض)تارة و العكس أخرى بحسب اقتضاء المقام، و هو أقرب إلى التّحقيق،و عليه و على ما قبله فتقديم خلق الأرض هنا قيل:لأنّه أوفق بالتّنزيل الّذي هو من أحكام رحمته تعالى،كما ينبئ عنه ما بعد و قوله تعالى:

اَلرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ الرّحمن:1،2،و يرمز إليه ما قبل،فإنّ الإنعام على النّاس بخلق الأرض أظهر و أتمّ، و هي أقرب إلى الحسّ.

و قيل:لأنّه أوفق بمفتتح السّورة بناء على جعل (طه)جملة فعليّة،أي طأ الأرض بقدميك،أو لقوله تعالى: ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى طه:2،بناء على أنّه جملة مستأنفة لصرفه صلى اللّه عليه و سلم عمّا كان عليه من رفع إحدى رجليه عن الأرض في الصّلاة،كما جاء في سبب النّزول.(16:152)

الطّباطبائيّ: اختيار خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ صلة للموصول و بيانا لإبهام المنزّل،لمناسبته معنى التّنزيل الّذي لا يتمّ إلاّ بعلوّ و سفل يكونان مبدأ و منتهى لهذا التّسيير،و قد خصّصا بالذّكر دون ما بينهما؛إذ لا غرض يتعلّق بما بينهما،و إنّما الغرض بيان مبدأ التّنزيل و منتهاه،بخلاف قوله: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي

ص: 83

اَلْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما طه:6؛إذ الغرض بيان شمول الملك للجميع.(14:120)

3- اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ... الطّلاق:12

ابن مسعود: خلق اللّه سبع سماوات غلظ كلّ واحدة مسيرة خمسمائة عام،و بين كلّ واحدة منهنّ خمسمائة عام،و فوق السّبع السّماوات الماء،و اللّه جلّ ثناؤه فوق الماء لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم، و الأرض سبع،بين كلّ أرضين خمسمائة عام،و غلظ كلّ أرض خمسمائة عام.(الطّبريّ 28:153)

ابن عبّاس: لو حدّثتكم بتفسيرها لكفرتم،و كفركم تكذيبكم بها.(الطّبريّ 28:153)

إنّها سبع أرضين ليس بعضها فوق بعض،يفرق بينهنّ البحار،و يظلّ جميعهنّ السّماء،و اللّه سبحانه أعلم بصحّة ما استأثر بعلمه و اشتبه على خلقه.

(الطّبرسيّ 5:311)

الإمام الرّضا عليه السّلام: [روى العيّاشيّ بإسناده عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السّلام قال:بسط كفّه ثمّ وضع اليمنى عليها،فقال:]

هذه الأرض الدّنيا و السّماء الدّنيا عليها قبّة، و الأرض الثّانية فوق السّماء الدّنيا،و السّماء الثّانية فوقها قبّة،و الأرض الثّالثة فوق السّماء الثّانية،و السّماء الثّالثة فوقها قبّة-حتّى ذكر الرّابعة و الخامسة و السّادسة- فقال:و الأرض السّابعة فوق السّماء السّادسة،و السّماء السّابعة فوقها قبّة،و عرش الرّحمن فوق السّماء السّابعة،و هو قوله: سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ. (الطّبرسيّ 5:311)

الطّوسيّ: إخبار من اللّه تعالى أنّه الّذي أنشأ سبع سماوات وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ، أي و خلق من الأرض مثلهنّ في العدد لا في الكيفيّة،لأنّ كيفيّة السّماء مخالفة لكيفيّة الأرض.و المثل ما سدّ مسدّ غيره فيما يرجع إلى ذاته.(10:41)

مثله البيضاويّ.(2:485)

البغويّ: (مثلهنّ)في العدد.(7:95)

الميبديّ: اختلفوا في الأرض على أقوال:

أحدها:أنّ الأرض واحدة،و قوله: مِثْلَهُنَّ أي في الخلق لا في العدد،و ليس في القرآن ما يدلّ على أنّها سبع.

و الثّاني:أنّ المراد بها الأقاليم السّبعة،و الدّعوة شاملة جميعها.

و الثّالث:أنّها سبع أرضين متّصلة بعضها ببعض، و الحائل بين كلّ أرض و أرض بحار لا يمكن قطعها،و لا الوصول إلى الأرض الأخرى،و لا تصل الدّعوة إليه.

و الرّابع:أنّها سبع أرضين بعضها فوق بعض متّصلة لا فرجة بينها.

و الخامس:أنّ بين كلّ واحدة منها إلى الأخرى مسيرة خمسمائة عام،كما جاء في ذكر السّماء.و في كلّ أرض منها خلق،حتّى قالوا:في كلّ أرض آدم و حوّاء و نوح و إبراهيم،و هم يشاهدون السّماء من جانب أرضهم و يستهدون الضّياء.

و قيل:جعل اللّه لهم نورا يستضيئون به.

و قوله: وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أي و خلق من

ص: 84

الأرض مثلهنّ.(10:147)

الزّمخشريّ: اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ مبتدأ و خبر و قرئ(مثلهنّ)بالنّصب،عطف على(سبع سماوات)؛ و الرّفع على الابتداء،و خبره(من الارض).

قيل:ما في القرآن آية تدلّ على أنّ الأرضين سبع إلاّ هذه.

و قيل:بين كلّ سماءين مسيرة خمسمائة عام،و غلظ كلّ سماء كذلك،و الأرضون مثل السّماوات.(4:124)

مثله النّسفيّ.(4:268)

الطّبرسيّ: أي و خلق من الأرض مثلهنّ في العدد لا في الكيفيّة،لأنّ كيفيّة السّماء مخالفة لكيفيّة الأرض.

و ليس في القرآن آية تدلّ على أنّ الأرضين سبع مثل السّماوات إلاّ هذه الآية،و لا خلاف في السّماوات أنّها سماء فوق سماء.

و أمّا الأرضون فقال قوم:إنّها سبع أرضين طباقا بعضها فوق بعض كالسّماوات-لأنّها لو كانت مصمتة لكانت أرضا واحدة-و في كلّ أرض خلق خلقهم اللّه كما شاء.(5:310)

الفخر الرّازيّ: وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ في كونها طباقا متلاصقة،كما هو المشهور أنّ للأرض ثلاث طبقات:طبقة أرضيّة محضة،و طبقة طينيّة و هي غير محضة،و طبقة منكشفة بعضها في البحر و بعضها في البرّ، و هي المعمورة.و لا بعد في قوله: وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ من كونها سبعة أقاليم على حسب سبع سماوات و سبع كواكب فيها،و هي السّيّارة،فإنّ لكلّ واحد من هذه الكواكب خواصّ تظهر آثار تلك الخواصّ في كلّ إقليم من أقاليم الأرض،فتصير سبعة بهذا الاعتبار، فهذه هي الوجوه الّتي لا يأباها العقل.

و ما عداها من الوجوه المنقولة عن أهل التّفسير، فذلك من جملة ما يأباها العقل،مثل ما يقال:السّماوات السّبع أوّلها موج مكفوف،و ثانيها صخر،و ثالثها حديد،و رابعها نحاس،و خامسها فضّة،و سادسها ذهب،و سابعها ياقوت.

و قول من قال:بين كلّ واحدة منها مسيرة خمسمائة سنة،و غلظ كلّ واحدة منها كذلك،فذلك غير معتبر عند أهل التّحقيق،اللّهمّ إلاّ أن يكون نقل متواترا، و يمكن أن يكون أكثر من ذلك.و اللّه أعلم بأنّه ما هو، و كيف هو.(30:39)

القرطبيّ: يعني سبعا.و اختلف فيهنّ على قولين:

أحدهما:و هو قول الجمهور،أنّها سبع أرضين طباقا بعضها فوق بعض،بين كلّ أرض و أرض مسافة كما بين السّماء و السّماء،و في كلّ أرض سكّان من خلق اللّه.[ثمّ نقل قول الضّحّاك و أضاف:]

و الأوّل أصحّ،لأنّ الأخبار دالّة عليه في التّرمذيّ و النّسائيّ و غيرهما،و قد مضى ذلك مبيّنا في«البقرة».

[إلى أن قال:]

و القول الثّاني:أنّهم لا يشاهدون السّماء،و أنّ اللّه تعالى خلق لهم ضياء يستمدّونه،و هذا قول من جعل الأرض كالكرة.

و في الآية قول ثالث حكاه الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس:أنّها سبع أرضين منبسطة،ليس بعضها فوق بعض تفرّق بينها البحار و تظلّ جميعها السّماء.

ص: 85

فعلى هذا إن لم يكن لأحد من أهل الأرض وصول إلى أرض أخرى اختصّت دعوة الإسلام بأهل هذه الأرض،و إن كان لقوم منهم وصول إلى أرض أخرى، احتمل أن تلزمهم دعوة الإسلام عند إمكان الوصول إليهم،لأنّ فصل البحار إذا أمكن سلوكها لا يمنع من لزوم ما عمّ حكمه،و احتمل ألاّ تلزمهم دعوة الإسلام لأنّها لو لزمتهم لكان النّصّ بها واردا،و لكان صلى اللّه عليه و سلم بها مأمورا.

و اللّه أعلم ما استأثر بعلمه،و صواب ما اشتبه على خلقه.

(18:174)

نحوه الشّربينيّ(4:321)،و أبو السّعود(5:172).

النّيسابوريّ: ظاهر هذه الآية يدلّ على أنّ الأرض متعدّدة،و أنّها سبع كالسّماوات.فذهب بعضهم إلى أنّ قوله: مِثْلَهُنَّ أي في الخلق لا في العدد.

و قيل:إنّها سبع طبقات بعضها فوق بعض لا فرجة بينها.و هذا يشبه قول الحكماء:

منها طبقة هي أرض صرفة تجاور المركز،و منها طبقة طينيّة تخالط سطح الماء من جانب التّقعير،و منها طبقة معدنيّة يتولّد منها المعادن،و منها طبقة تركّبت بغيرها و قد انكشف بعضها،و منها طبقة الأدخنة و الأبخرة على اختلاف أحوالها،أي طبقة الزّمهرير،و قد تعدّ هذه الطّبقة من الهواء.(28:75)

أبو حيّان: قرأ الجمهور مِثْلَهُنَّ بالنّصب و المفضّل عن عاصم،و عصمة عن أبي بكر مِثْلَهُنَّ بالرّفع.فالنّصب قال الزّمخشريّ:عطفا على(سبع سماوات)انتهى.

و فيه الفصل بالجارّ و المجرور بين حرف العطف و هو الواو و المعطوف،و هو مختصّ بالضّرورة عند أبي عليّ الفارسيّ.و أضمر بعضهم العامل بعد الواو لدلالة ما قبله عليه،أي و خلق من الأرض مثلهنّ،ف(مثلهنّ)مفعول للفعل المضمر لا معطوف،و صار ذلك من عطف الجمل و الرّفع على الابتداء(و من الارض)الخبر،و المثليّة تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف.

فقال الجمهور: المثليّة في العدد،أي مثلهنّ في كونها سبع أرضين.

و في الحديث:«طوّقه من سبع أرضين و ربّ الأرضين السّبع و ما أقللن».

فقيل:سبع طباق من غير فتوق.

و قيل:بين كلّ طبقة و طبقة مسافة.

و قيل:و فيها سكّان من خلق اللّه.قيل:ملائكة و جنّ.

و عن ابن عبّاس من رواية الواقديّ الكذّاب،قال:

في كلّ أرض آدم كآدم و نوح كنوح و نبيّ كنبيّكم و إبراهيم كإبراهيمكم و عيسى كعيسى،و هذا حديث لا شكّ في وضعه.(8:287)

البروسويّ: [ذكر مثل القرطبيّ و أضاف:]

قال سعدي المفتيّ: و قد تؤول الآية تارة بالأقاليم السّبعة،أي فتكون الدّعوة شاملة لجميعها،و تارة بطبقات العناصر القوابل بالنّسبة إلى الأثيريّات،فهي أرضها الّتي ينزل عليها منها الصّور الكائنة،و هي النّار الصّرفة،و الطّبقة الممتزجة من النّار و الهواء المسمّاة كرة الأثير الّتي فيها الشّهب و ذوات الأذناب و غيرها.

و طبقة الزّمهرير،و طبقة النّسيم،و طبقة الصّعيد،و الماء

ص: 86

المشحونة بالنّسيم الشّاملة للطّبقة الطّينيّة الّتي هي السّادسة،و طبقة الأرض الصّرفة عند المركز.و إن حملناها على مراتب الغيوب السّبعة المذكورة من غيب القوى و النّفس و العقل و السّرّ و الرّوح و الخفيّ و غيب الغيوب،أي عين جمع الذّات،فالأرضون هي الأعضاء السّبعة المشهورة.و في«التّأويلات النّجميّة»هي طبقات القلوب من الصّدر و القلب و الفؤاد و الرّوع و الشّغاف و المهجة و الرّوح.و أراضي النّفوس و هي النّفس الأمّارة و اللّوّامة و الملهمة و المطمئنّة،و النّفس المعدنيّة و النّباتيّة و الحيوانيّة.(10:45)

الآلوسيّ: [ذكر مثل أبي حيّان ثمّ نقل روايات كثيرة فراجع 28:142]

المراغيّ: أي اللّه هو الّذي خلق السّماوات السّبع، و خلق مثلهنّ في العدد من الأرضين.

و هذا الأسلوب في اللّغة لا يفيد الانحصار في السّبعة، و إنّما يفيد الكثرة،فالعرب تعني في كلامها بذكر السّبعة و السّبعين و السّبعمائة الكثرة فحسب،و يؤيّد هذا أنّ علماء الفلك في العصر الحاضر قالوا:إنّ أقلّ عدد ممكن من الأرضين الدّائرة حول الشّموس العظيمة الّتي نسمّيها نجوما لا يقلّ عن ثلاثمائة مليون أرض،و لا شكّ أنّ هذا قول هو بالظّنّ أشبه منه باليقين.

و روى ابن مسعود أنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال:«ما السّماوات السّبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ،و الأرضون السّبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ في الكرسيّ إلاّ كحلقة ملقاة بأرض فلاة».

و روي عن ابن عبّاس في قوله تعالى: سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الآية،قوله:لو حدّثتكم بتفسيرها لكفرتم بتكذيبكم بها.

و هذا من الحبر (1)دليل على أنّ هناك عوالم كثيرة لا يجدر بالعلماء أن يحدّثوا عنها العامّة،فإنّ عقولهم تضلّ في فهمها،فلتبق في صدور العلماء و أهل الذّكر حتّى لا يفتنوا بها.(28:151)

طنطاوي: أي و خلق مثلهنّ في العدد من الأرض، و هذا العدد ليس يقتضي الحصر،فإذا قلت:عندي جوادان تركب عليها أنت و أخوك،فليس يمنع أن يكون عندك ألف جواد و جواد،هكذا هنا،فقد قال علماء الفلك كما تقدّم:«إنّ أقلّ عدد ممكن من الأرضين الدّائرة حول الشّموس العظيمة الّتي نسمّيها نجوما لا يقلّ عن ثلاثمائة مليون أرض»،هذا فيما عرفه النّاس،و هذا القول من هؤلاء ظنّيّ،فلم يدع أحد أنّه رأى أو قطع بشيء من ذلك،اللّهمّ إلاّ علماء الأرواح،فإنّهم لمّا سألوها قالت:

«عندنا كواكب آهلة بالسّكّان لا يحصى عددها و فيها سكّان أنتم بالنّسبة لهم كالنّمل للإنسان...»

(24:195)

الطّباطبائيّ: ظاهره المثليّة في العدد،و عليه فالمعنى:و خلق من الأرض سبعا كما خلق من السّماء سبعا،فهل الأرضون السّبع سبع كرات من نوع الأرض الّتي نحن عليها،و الّتي نحن عليها إحداها؟أو الأرض الّتي نحن عليها سبع طبقات محيطة بعضها ببعض، و الطّبقة العليا بسيطها الّذي نحن عليه؟أو المراد الأقاليم السّبعة الّتي قسّموا إليها المعمور من سطح الكرة وجوه:

ذهب إلى كلّ منها جمع،و ربّما لاح بالرّجوع إلى ما تقدّمس.

ص: 87


1- الحبر هنا لقب لابن عبّاس.

في تفسير سورة«حم السّجدة»محتمل آخر غيرها.

و ربّما قيل:إنّ المراد بقوله: وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أنّه خلق من الأرض شيئا هو مثل السّماوات السّبع،و هو الإنسان المركّب من المادّة الأرضيّة،و الرّوح السّماويّة الّتي فيها نماذج سماويّة ملكوتيّة.

(19:326)

عبد الكريم الخطيب: هو عرض لقدرة اللّه و بسطة سلطانه على هذا الوجود،و أنّه سبحانه خلق سبع سماوات و خلق من الأرض سبع أرضين و ليست المثليّة الّتي بين السّماوات و الأرض مثليّة في القدر و الحجم،و إنّما هي مثليّة في التّنوّع و الاختلاف،فكما أنّ لكلّ سماء نظاما مختلفا عن الأخريات كمّا و كيفا،كذلك لكلّ إقليم من أقاليم الأرض أو كلّ طبقة من طبقاتها نظام،يختلف عمّا سواه قدرا و كيفا.

و من النّظر في خلق السّماوات و الأرض،يتبيّن ما للّه سبحانه و تعالى من قدرة،و ما له سبحانه من علم قائم على هذه العوالم،يضبطها و يدبّر أمرها...(14:1020)

فضل اللّه: اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ، فهناك أرضون سبع،لم يتحدّث عن عددها إلاّ في هذه الآية،بينما تحدّث في أكثر من آية عن السّماوات السّبع،و لكن لم يعرف ما هو المراد بالأرضين السّبع،فهل هناك سبع كرات من نوع الأرض الّتي نحن عليها،و الّتي نحن عليها إحداها،أو الأرض الّتي نحن عليها سبع طبقات محيطة ببعضها البعض.و الطّبقة العليا بسيطها الّذي نحن عليه،أو المراد الأقاليم السّبعة الّتي قسّموا إليها المعمور من سطح الكرة؟وجوه،ذهب إلى كلّ منها جمع،و لكن لا طريق لنا إلى معرفة ذلك،لأنّ اللّه أجمل لنا ذلك،و لم تفصّله لنا السّنّة في ما صحّ منها.

(22:301)

ما دامت السّماوات و الأرض

خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ...

هود:107

الميبديّ: قالوا: اَلسَّماواتُ هنا إطباق جهنّم وَ الْأَرْضُ إدراكها.

و في الآية الأخرى،هود:108 اَلسَّماواتُ إطباق الجنّة وَ الْأَرْضُ تربتها.

و الأصحّ:أنّهما كناية عن التّأبيد،كما يقال:

لا أكلّمك و لا أفعل ذلك ما ذرّ شارق،و طلع كوكب، و هبّت ريح،و حتّى يعود اللّبن في الضّرع،و حتّى يعود أمس،و يبيض الغراب،و حتّى يرجع السّهم على فوقه.

(4:448)

النّيسابوريّ: ما دامت سماوات الأرواح و القلوب و أرض النّفوس البشريّة.(12:74)

و فيه أبحاث أخر راجع«دوم»

جنود السّماوات و الأرض

1- وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً. الفتح:4

ابن عبّاس: يعني الملائكة و الجنّ و الإنس و الشّياطين.(الطّبرسيّ 5:111)

الإمام الباقر عليه السّلام: كان كلّ شيء ماء و كان عرشه على الماء،فأمر اللّه عزّ ذكره الماء فاضطرم نارا،ثمّ أمر

ص: 88

النّار فخمدت،فارتفع من خمودها دخان،فخلق اللّه عزّ و جلّ السّماوات من ذلك الدّخان و خلق الأرض من الرّماد،ثمّ اختصم الماء و النّار و الرّيح،فقال الماء:أنا جند اللّه الأكبر،و قالت النّار:أنا جند اللّه الأكبر،و قالت الرّيح:أنا جند اللّه الأكبر،فأوحى اللّه عزّ و جلّ إلى الرّيح:

أنت جندي الأكبر.(البحرانيّ 4:196)

الطّبريّ: وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أنصار،ينتقم بهم ممّن يشاء من أعدائه.(26:72)

الطّوسيّ: قيل:معناه إنّ جميع الجنود عبيده.

(9:316)

الميبديّ: جُنُودُ السَّماواتِ: الملائكة،و جنود الأرض:الإنس و الجنّ.

و قيل:كلّ ما في السّماوات و الأرض بمنزلة الجند له، لو شاء لانتصر به كما ينتصر بالجند.(9:208)

الفخر الرّازيّ: في جنود السّماوات و الأرض وجوه:

أحدها:ملائكة السّماوات و الأرض.

ثانيها:من في السّماوات من الملائكة و من في الأرض من الحيوانات و الجنّ.

و ثالثها:الأسباب السّماويّة و الأرضيّة،حتّى يكون سقوط كسف من السّماء و الخسف من جنوده.

(28:81)

مثله النّيسابوريّ.(26:42)

البيضاويّ: يدّبر أمرها فيسلّط بعضها على بعض تارة،و يوقع فيما بينهم السّلم أخرى،كما تقتضيه حكمته.(2:399)

مثله الكاشانيّ.(5:39)

أبو حيّان: إشارة إلى تسليم الأشياء إليه تعالى، ينصر من شاء و على أيّ وجه شاء،و من جنده السّكينة ثبّتت قلوب المؤمنين.(8:90)

البروسويّ: قال بعضهم:هم سماوات أرواح العارفين و قصور أرض قلوب المحبّين،و أنفاسهم جنوده ينتقم بنفس منهم من جميع أعدائه فيقهرهم.[إلى أن قال:]

و قال بعض الكبار: و للّه جنود السّماوات من الأنوار القدسيّة و الإمدادات الرّوحانيّة،و جنود الأرض من الصّفات النّفسانيّة و القوى الطّبيعيّة،فيغلب بعضها على بعض،فإذا غلب الأولى على الأخرى حصلت السّكينة و كمال اليقين،و إذا عكس وقع الشّكّ و الرّيب.

(9:13)

الطّباطبائيّ: السّياق يشهد أنّ المراد ب جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الأسباب الموجودة في العالم ممّا يرى و لا يرى من الخلق،فهي وسائط متخلّلة بينه تعالى،و بين ما يريده من شيء تطيعه و لا تعصيه.

(18:262)

فضل اللّه: وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، سواء أ تمثّلوا في الأمور المعنويّة من أسباب و قوانين طبيعيّة أودعها اللّه في الأرض و السّماء،و حرّكها من أجل إقامة نظام الحياة كلّها،أم بمخلوقات حيّة متحرّكة في السّماوات و الأرض،الّتي جعلها اللّه خليفة عنه في مباشرة الأمور بأسبابها العاديّة،و بذلك كان إنزال السّكينة في قلوب المؤمنين متأتّيا عن تحريك جنوده

ص: 89

للموضع بشكل دقيق.(21:100)

2- وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً. الفتح:7

الطّبريّ: و للّه جنود السّماوات و الأرض أنصارا على أعدائه،إن أمرهم بإهلاكهم أهلكوهم،و سارعوا إلى ذلك بالطّاعة منهم له.(26:73)

الطّوسيّ: إنّما أعيد ذكر وَ لِلّهِ جُنُودُ... لأنّه متّصل بذكر المنافقين،أي و له الجنود الّتي يقدر على الانتقام منكم بها،و ذكر أوّلا لأنّه متّصل بذكر المؤمنين، أي له الجنود الّتي يقدر أن يغنيكم بها.(9:318)

نحوه الطّبرسيّ(5:112)،و البروسويّ(9:16).

ابن كثير: أي و لو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم،و لكنّه تعالى شرّع لعباده المؤمنين الجهاد و القتال.(6:330)

الآلوسيّ: ذكر سابقا على أنّ المراد أنّه عزّ و جلّ المدبّر لأمر المخلوقات بمقتضى حكمته،فلذلك ذيّل بقوله تعالى: عَلِيماً حَكِيماً الفتح:4،و هاهنا أريد به التّهديد،بأنّهم في قبضة قدرة المنتقم؛و لذا ذيّل بقوله تعالى: وَ كانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً فلا تكرار،كما قال الشّهاب.

و قيل:إنّ الجنود جنود رحمة و جنود عذاب،و المراد به هنا الثّاني كما ينبئ عنه التّعرّض لوصف العزّة.

(26:95)

المراغيّ: من الملائكة و الإنس و الجنّ و الصّيحة و الرّجفة و الحجارة و الزّلازل و الخسف و الغرق و نحو ذلك،أنصارا على أعدائه إن أمرهم بإهلاكهم أهلكوهم و سارعوا مطيعين لذلك.(26:87)

مقاليد السّماوات و الأرض

1- لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. الزّمر:63

ابن عبّاس: واحدها مقليد و مقلاد،يريد مفاتيح السّماوات و الأرض بالرّزق و الرّحمة.

مثله قتادة.(الطّبرسيّ 4:507)

الضّحّاك: خزائن السّماوات و الأرض،يفتح الرّزق على من يشاء و يغلقه عمّن يشاء.

(الطّبرسيّ 4:507)

نحوه الطّبريّ(24:23)،و الطّوسيّ(9:43).

السّدّيّ:خزائن السّماوات و الأرض.

(الطّبريّ 24:23)

ابن زيد:له مفاتيح خزائن السّماوات و الأرض.

(الطّبريّ 24:23)

الرّاغب: أي ما يحيط بها.و قيل:خزائنها،و قيل:

مفاتحها.و الإشارة بكلّها إلى معنى واحد،و هو قدرته تعالى عليها و حفظه لها.(411)

الميبديّ: قيل:مقاليد السّماوات:الأمطار، و مقاليد الأرض:النّبات.و معنى الآية:لا ينزل من السّماء ملك و لا قطرة،و لا ينبت من الأرض نبات إلاّ بإذنه.(8:434)

الزّمخشريّ: أي هو مالك أمرها و حافظها.و هو من باب الكناية،لأنّ حافظ الخزائن و مدبّر أمرها هو الّذي يملك مقاليدها.(3:406)

مثله الفخر الرّازي.(27:11)

ص: 90

النّيسابوريّ: قال أهل العرفان:بيده مفاتيح خزائن اللّطف و القهر،فيفتح على من يشاء أبواب خزائن لطفه في قلبه،فتخرج ينابيع الحكمة و جواهر الأخلاق الحسنة،و للآخر بالضّدّ.(24:16)

أبو حيّان: مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال ابن عبّاس:مفاتيح،و هذه استعارة،كما تقول:بيد فلان مفتاح هذا الأمر.(7:437)

الكاشانيّ: مفاتيحها،لا يملك أمرها و لا يتمكّن من التّصرّف فيها غيره،و هو كناية عن قدرته و حفظه لها.(4:328)

البروسويّ: في«التّأويلات النّجميّة»يشير إلى أنّ له مفاتيح خزائن لطفه،و هي مكنونة في سماوات القلوب،و له مفاتيح خزائن قهره و هي مودعة في أرض النّفوس،يعني لا يملك أحد مفاتيح خزائن لطفه و قهره إلاّ هو.(8:132)

الآلوسيّ: قيل:مجاز عن كونه مالك أمره و متصرّفا فيه بعلاقة اللّزوم،و يكنّى به عن معنى القدرة و الحفظ،و جوّز كون المعنى الأوّل كنائيّا،لكن قد اشتهر فنزل منزلة المدلول الحقيقيّ فكنّي به عن المعنى الآخر، فيكون هناك كناية على كناية.و قد يقتصر على المعنى الأوّل في الإرادة،و عليه قيل هنا:المعنى لا يملك أمر السّماوات و الأرض،و لا يتمكّن من التّصرّف فيها غيره عزّ و جلّ.

و البيضاويّ بعد ذكر ذلك قال:هو كناية عن قدرته تعالى و حفظه لها،و فيه مزيد دلالة على الاستقلال و الاستبداد لمكان اللاّم و التّقديم.[ثمّ نقل قول الرّاغب و قال:]

و جوّز أن يكون المعنى لا يملك التّصرّف في خزائن السّماوات و الأرض-أي ما أودع فيها و استعدّت له من المنافع-غيره تعالى.

و لا يخفى أنّ هذه الجملة إن كانت في موضع التّعليل؛ لقوله سبحانه: وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ الزّمر:62، على المعنى الأوّل،فالأظهر الاقتصار في معناها على أنّه لا يملك أمر السّماوات و الأرض،-أي العالم بأمره-غيره تعالى،فكأنّه قيل:هو تعالى يتولّى التّصرّف في كلّ شيء،لأنّه لا يملك أمره سواه عزّ و جلّ؛و إن كانت تعليلا له على المعنى الثّاني فالأظهر الاقتصار في معناها على أنّه لا قدرة عليها لأحد غيره جلّ شأنه،فكأنّه قيل:هو تعالى يتولّى حفظ كلّ شيء،لأنّه لا قدرة لأحد عليه غيره تعالى.

و جوّز أن تكون عطف بيان للجملة قبلها،و أن تكون صفة(وكيل)و أن تكون خبرا بعد خبر،فأمعن النّظر في ذلك و تدبّر.[ثمّ ذكر روايات متعدّدة و قال:]

و المعنى عليها أنّ للّه تعالى هذه الكلمات يوحّد بها سبحانه و يمجّد،و هي مفاتيح خير السّماوات و الأرض، من تكلّم بها من المؤمنين أصابه.فوجه إطلاق المقاليد عليها أنّها موصلة إلى الخير كما توصل المفاتيح إلى ما في الخزائن.(24:21،22)

الطّباطبائيّ: مفاتيح السّماوات و الأرض:مفاتيح خزائنها.قال تعالى: وَ لِلّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ المنافقون:7،و خزائنها غيبها الّذي يظهر منه الأشياء و النّظام الجاري فيها،فتخرج إلى الشّهادة.

ص: 91

قال تعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ الحجر:21.

و ملك مقاليد السّماوات و الأرض كناية عن ملك خزائنها الّتي منها وجودات الأشياء،و أرزاقها و أعمارها و آجالها و سائر ما يواجهها في مسيرها،من حين تبتدئ منه تعالى إلى حين ترجع إليه.(17:289)

نحوه فضل اللّه(19:357)

عبد الكريم الخطيب: أزمّتها الّتي تقاد منها،كما يقاد الحيوان من عنقه،و هو موضع القلادة و هذا تشبيه و تمثيل،يراد به خضوع السّماوات و الأرض للّه، و انقيادهما لقدرته.(12:1188)

2- لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. الشّورى:12

مجاهد: أي مفاتيح أرزاق السّماوات و الأرض و أسبابها،فتمطر السّماء بأمره و تنبت الأرض بإذنه.

(الطّبرسيّ 5:24)

السّدّيّ: معناه،خزائن السّماوات و الأرض.

(الطّبرسيّ 5:24)

الطّبريّ: له مفاتيح خزائن السّماوات و الأرض، و بيده مغاليق الخير و الشّرّ و مفاتيحها،فما يفتح من رحمة فلا ممسك لها،و ما يمسك فلا مرسل له من بعده.

(25:13)

الطّوسيّ: معناه له مفاتيح الرّزق،منها بإنزال المطر من السّماء و استقامة الهواء فيها و إنبات الثّمار و الأقوات من الأرض.(9:150)

الميبديّ: أي مفاتيح السّماوات و الأرض.و من ملك المفتاح ملك الخزانة.

و قيل:خزانة السّماوات:الغيوب،و خزانة الأرض:

الآيات.(9:9)

الفخر الرّازيّ: يريد مفاتيح الرّزق من السّماوات و الأرض؛فمقاليد السّماوات:الأمطار،و مقاليد الأرض:

النّبات.(27:154)

البروسويّ: المقاليد:المفاتيح،و هي كناية عن الخزائن و قدرته عليها و حفظه لها،و فيه مزيد دلالة على الاختصاص،لأنّ الخزائن لا يدخلها و لا يتصرّف فيها إلاّ من بيده مفاتيحها.(8:295)

الطّباطبائيّ: في إثبات المقاليد للسّماوات و الأرض دلالة على أنّها خزائن لما يظهر في الكون من الحوادث و الآثار الوجوديّة.

(18:26)

عبد الكريم الخطيب: أي أنّ اللّه سبحانه و تعالى له السّلطان القائم على السّماوات و الأرض،و بيده سبحانه تصريفهما،لا يملك أحد معه من الأمر شيئا.

(13:26)

عرض الأمانة على السّماوات و الأرض

إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ... الأحزاب:72

الطّوسيّ: قيل في قوله: عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ -مع أنّ هذه الأشياء جمادات لا يصحّ تكليفها-أقوال:

أحدها:أنّ المراد عرضنا على أهل السّماوات و أهل الأرض و أهل الجبال.

و ثانيها:أنّ المعنى في ذلك تفخيم شأن الأمانة

ص: 92

و تعظيم حقّها،و أنّ من عظم منزلتها أنّها لو عرضت على الجبال و السّماوات و الأرض مع عظمها،و كانت تعلم بأمرها لأشفقت منها،غير أنّه خرج مخرج الواقع،لأنّه أبلغ من المقدّر.(8:367)

البغويّ: قال بعض أهل العلم:ركّب اللّه عزّ و جلّ فيهنّ العقل و الفهم حين عرض الأمانة عليهنّ حتّى عقلن الخطاب و أجبن بما أجبن.(5:229)

و هناك أبحاث أخر راجع«ع ر ض»و«أ م ن»

خزائن الأرض

1- قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ.

يوسف:55

ابن زيد: كان لفرعون خزائن كثيرة غير الطّعام، فأسلم سلطانه كلّه إليه،و جعل القضاء إليه،أمره و قضاؤه نافذ.(الطّبريّ 13:5)

شيبة الضّبّيّ:على حفظ الطّعام.

(الطّبريّ 13:5)

الطّبريّ: يقول جلّ ثناؤه:قال يوسف للملك:

اجعلني على خزائن أرضك،و هي جمع خزانة،و الألف و اللاّم دخلتا في(الأرض)خلفا من الإضافة.[ثمّ استشهد بشعر](13:5)

الطّوسيّ: يعني أرضك،الألف و اللاّم يعاقبان حرف الكناية،و أراد بذلك الأرض الّتي هي ملكه، و يجمع فيها ماله و طعامه.طلب إليه ذلك ليحفظ ذلك عمّن لا يستحقّه و يوصله إلى الوجوه الّتي يجب صرف الأموال لها،فلذلك رغب إلى الملك فيه.لأنّ الأنبياء لا يجوز أن يرغبوا في جمع أموال الدّنيا إلاّ لما قلناه.

(6:157)

نحوه الطّبرسيّ.(3:243)

الفخر الرّازيّ: أي على خزائن أرض مصر، و أدخل الألف و اللاّم على(الأرض)،و المراد منه:

المعهود السّابق.

روى ابن عبّاس رضي اللّه عنهما عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم في هذه الآية أنّه قال:«رحم اللّه أخي يوسف لو لم يقل:

اِجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ لاستعمله من ساعته، لكنّه لمّا قال ذلك أخّره عنه سنة».

و أقول:هذا من العجائب لأنّه لمّا تأبّى عن الخروج من السّجن سهّل اللّه عليه ذلك على أحسن الوجوه،و لمّا تسارع في ذكر الالتماس أخّر اللّه تعالى ذلك المطلوب عنه.و هذا يدلّ على أنّ ترك التّصرّف و التّفويض بالكلّيّة إلى اللّه تعالى أولى.(18:160)

البروسويّ: أرض الجسد،فإنّ للّه تعالى في كلّ شيء و عضو من أعضاء ظاهر الجسد و باطنه خزانة من القهر و اللّطف،فيها نعمة أخرى كالعين فيها نعمة البصر،فإن استعملها في رؤية العين و رؤية الآيات و الصّنائع فيجد اللّطف و ينتفع به،و إن استعملها في مستلذّاتها و شهوات النّفس و لم يحفظ نفسه منها فيجد القهر و يضرّه ذلك،فقس الباقي على هذا المثال.و لهذا قال يوسف: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (4:282)

الآلوسيّ: أي أرض مصر،و في معناه قول بعضهم:أي أرضك الّتي تحت تصرّفك.

و قيل:أراد بالأرض الجنس،و بخزائنها الطّعام الّذي يخرج منها.(13:5)

ص: 93

2- وَ لِلّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ...

المنافقون:7

مقاتل: يعني مفاتيح الرّزق و المطر و النّبات.

(الفخر الرّازيّ 30:17)

الطّبريّ: يقول:و للّه جميع ما في السّماوات و الأرض من شيء،و بيده مفاتيح خزائن ذلك،لا يقدر أحد أن يعطي أحدا شيئا إلاّ بمشيئته.(28:11)

الطّوسيّ: بمعنى له مقدوراته في السّماوات و الأرض،لأنّ فيها كلّ ما يشاء إخراجه،و له خزائن السّماوات و الأرض يخرج منهما ما يشاء،و هي داخلة في مقدوراته،و الخزانة-بكسر الخاء-،موضع يخبأ فيه الأمتعة،و إذا كان للّه خزائن السّماوات و الأرض،فلا يضرّك يا محمّد-صلّى اللّه عليه و آله-ترك إنفاقهم،بل لا يضرّون إلاّ أنفسهم دون أولياء اللّه و المؤمنين الّذين يسبّب اللّه قوّتهم،و لو شاء اللّه تعالى لأغنى المؤمنين، و لكن فعل ما هو أصلح لهم،و تعبّدهم بالصّبر على ذلك لينالوا منزلة الثّواب وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ذلك على الحقيقة،لجهلهم بعقاب اللّه تعالى.(10:14)

مثله الطّبرسيّ.(5:295)

الفخر الرّازيّ: قال أهل المعاني:خزائن اللّه تعالى مقدوراته،لأنّ فيها كلّ ما يشاء ممّا يريد إخراجه.

و قال الجنيد: خزائن اللّه تعالى في السّماوات الغيوب،و في الأرض القلوب،و هو علاّم الغيوب و مقلّب القلوب.(30:17)

الآلوسيّ: ردّ و إبطال لما زعموا من أنّ عدم إنفاقهم على من عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يؤدّي إلى انفضاضهم عنه عليه الصّلاة و السّلام،ببيان أنّ خزائن الأرزاق بيد اللّه تعالى خاصّة،يعطي منها من يشاء و يمنع من يشاء.

(28:115)

الطّباطبائيّ: جواب عن قولهم:(لا تنفقوا)إلخ، أي إنّ الدّين دين اللّه و لا حاجة له إلى إنفاقهم،فله خزائن السّماوات و الأرض،ينفق منها و يرزق من يشاء كيف يشاء،فلو شاء لأغنى الفقراء من المؤمنين،لكنّه تعالى يختار ما هو الأصلح،فيمتحنهم بالفقر و يتعبّدهم بالصّبر،ليؤجرهم أجرا كريما و يهديهم صراطا مستقيما،و المنافقون في جهل من ذلك.(19:282)

إحياء الأرض و عمارتها

1- ...وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها... البقرة:164

الطّبريّ: إحياؤها:عمارتها و إخراج نباتها،و الهاء الّتي في(به)عائدة على الماء،و الهاء و الألف في قوله:

بَعْدَ مَوْتِها على الأرض.و موت الأرض:خرابها و دثور عمارتها،و انقطاع نباتها الّذي هو للعباد أقوات، و للأنام أرزاق.(2:64)

نحوه الطّوسيّ.(2:55)

الماورديّ: إحياؤها بذلك قد يكون من وجهين:

أحدهما:ما تجري به أنهارها،و عيونها.

و الثّاني:ما ينبت به من أشجارها و زروعها،و كلا هذين سبب لحياة الخلق من ناطق و بهم.(1:217)

الطّبرسيّ:أي فعمّر به الأرض بعد خرابها لأنّ الأرض إذا وقع عليها المطر أنبتت،و إذا لم يصبها مطر لم تنبت و لم يتمّ نباتها،فكانت من هذا الوجه كالميّت.

ص: 94

و قيل:أراد به إحياء أهل الأرض بإحياء الأقوات و غيرها،ممّا تحيا به نفوسهم.(1:246)

الخازن: فَأَحْيا بِهِ أي بالماء الأرض بعد موتها، أي يبسها و جدبها،سمّاه موتا مجازا،لأنّها إذا لم تنبت شيئا و لم يصبها المطر فهي كالميتة.و الآية في إنزال المطر و إحياء الأرض به أنّ اللّه تعالى جعله سببا لإحياء الجميع من حيوان و نبات،و نزوله عند وقت الحاجة إليه بمقدار المنفعة،و عند الاستسقاء و الدّعاء،و نزّله بمكان دون مكان.(1:115)

أبو حيّان: (فاحيا به)عطف على صلة(ما)الّذي هو(انزل)بالفاء المقتضية للتّعقيب و سرعة النّبات،و (به)عائد على الموصول،و كنّى بالإحياء عن ظهور ما أودع فيها من النّبات،و بالموت عن استقرار ذلك فيها و عدم ظهوره.و هما كنايتان غريبتان،لأنّ ما برز منها بالمطر جعل تعالى فيه القوّة الغاذية و النّامية و المحرّكة، و ما لم يظهر فهو كامن فيها كأنّه دفين فيها،و هي له قبر.

(1:465)

البروسويّ: (فاحيا به)عطف على(ما انزل)أي نضر بالماء النّازل(الأرض)بأنواع النّبات و الأزهار و ما عليها من الأشجار(بعد موتها)،أي بعد ذهاب زرعها و تناثر أوراقها باستيلاء اليبوسة عليها،حسبما تقتضيه طبيعتها.

قال ابن الشّيخ في حواشيه: لمّا حصل للأرض بسبب ما نبت فيها من أنواع النّبات حسن و كمال،شبّه ذلك بحياة الحيوان من حيث أنّ الجسم إذا صار حيّا حصل فيه أنواع من الحسن و النّضارة و البهاء و النّماء، فكذلك الأرض إذا تزيّنت بالقوّة المنبتة و ما يترتّب عليها من أنواع النّبات.(1:268)

نحوه الآلوسيّ.(2:32)

رشيد رضا: أي أوجد بسببه الحياة في الأرض الميتة بخلوّها من صفات الإحياء كالنّموّ و التّغذّي و النّتاج،(و بثّ)أي نشر و فرّق في أرجائها من جميع أنواع الأحياء الّتي تدبّ عليها،و هي لا تعدّ و لا تحصى؛ فبالماء حدثت حياة الأرض بالنّبات،و به استعدّت لظهور أنواع الحيوان فيها.

و هل المراد الإحياء الأوّل و ما تلاه من تولّد الحيوانات المعبّر عنها بكلّ دابّة؟أو هو ما يشاهد من آحاد الأحياء الّتي تتولّد دائما في جميع بقاع الأرض؟

الظّاهر أنّ المراد أوّلا و بالذّات:الإحياء الأوّل المشار إليه بقوله تعالى في آية أخرى: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ الأنبياء:30،فهو يذكر جعل كلّ شيء حيّا بالماء،في إثر ذكر انفصال الأرض من السّماء؛و ذلك أنّ مجموع السّماوات و الأرض كان رتقا،أي مادّة واحدة متّصلا بعض أجزائها ببعض، على كونه ذرّات غازيّة كالدّخان،كما قال في آية التّكوين: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً فصّلت:11.

و لمّا كان ذلك الفتق في الأجرام،انفصل جرم الأرض عن جرم الشّمس،و صارت الأرض قطعة مستقلّة مائرة ملتهبة،و كانت مادّة الماء-و هي ما يسمّيه علماء التّحليل و التّركيب«علم الكيمياء»بالأكسجين

ص: 95

و الهدروجين-تتبخّر من الأرض بما فيها من الحرارة، فتلاقي في الجوّ برودة تجعلها ماء فينزل على الأرض كما وصفنا آنفا،فيبرد من حرارتها،و ما زال كذلك حتّى صارت الأرض كلّها ماء،و تكوّنت بعد ذلك اليابسة فيه،و خرج النّبات و الحيوان و كلّ شيء حيّ من الماء، فهذا هو الإحياء الأوّل.

و أمّا الإحياء المستمرّ المشاهد في كلّ بقاع الأرض دائما فهو المشار إليه بمثل قوله تعالى: وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ الحجّ:5،و ذلك إنّنا نرى كلّ أرض لا ينزل فيها المطر و لا تجري فيها المياه من الأراضي الممطورة لا في ظاهرها و لا في باطنها خالية من النّبات و الحيوان،إلاّ أن يدخلها من أرض مجاورة لها ثمّ يعود منها.

فحياة الأحياء في الأرض إنّما هي بالماء سواء في ذلك الإحياء الأوّل عند تكوين العوالم الحيّة و إيجاد أصول الأنواع،أو الإحياء المتجدّد في أشخاص هذه الأنواع،و جزئيّاتها الّتي تتولّد و تنمي كلّ يوم.

و هذه المياه الّتي يتغذّى بها النّبات و الحيوان على سطح هذه اليابسة كلّها من المطر،و لا يستثنى من ذلك أرض مصر،فيقال:إنّ حياتها بماء النّيل دون المطر،فإنّ مياه الأنهار و العيون الّتي تنبع من الأرض كلّها من المطر، فهو يتخلّل الأرض فيجتمع فيندفع.و قد امتنّ اللّه تعالى بذلك علينا و أرشدنا إلى آيته فيه،بقوله: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ الزّمر:21.فالبحيرات الّتي هي ينابيع النّيل من ماء المطر،و الزّيادة الّتي تكون فيه أيّام الفيضان هي من المطر الّذي يمدّ هذه الينابيع،و يمدّ النّهر نفسه في مجراه من بلاد السّودان.و كثرة الفيضان و قلّته تابعة لكثرة المطر السّنويّ و قلّته هناك.

هذا هو الماء في كونه مطرا،و في كونه سببا للحياة، و هو آية في كيفيّة وجوده و تكوّنه،فإنّه يجري في ذلك على سنّة إلهيّة حكيمة تدلّ على الوحدة و الرّحمة،ثمّ إنّه آية في تأثيره في العوالم الحيّة أيضا.

فإنّ هذا النّبات يسقى بماء واحد هو مصدر حياته، ثمّ هو مختلف في ألوانه و طعومه و روائحه،فتجد في الأرض الواحدة نبتة الحنظل مع نبتة البطّيخ، متشابهتين في الصّورة متضادّتين في الطّعم،و تجد النّخلة و تمرها ما تذوق حلاوة و لذّة،و تجد في جانبها شجرة اللّيمون الحامض و النّارنج و ثمرها ما تعرف حموضة و ملوحة،و تجد بالقرب منهما شجرة الورد لها من الرّائحة ما ليس للنّخلة،و ما يخالف في أريجه زهر النّارنج بل يوجد في الشّجر ما له زهر ذكيّ الرّائحة،فإذا قطعت الغصن الّذي فيه هذا الزّهر تنبعث منه رائحة خبيثة.

فتلك السّنن الّتي يتكوّن بها المطر و ينزل جارية بنظام واحد دقيق،و كذلك طرق تغذّي النّبات بالماء هي جارية بنظام واحد،فوحدة النّظام و عدم الخلل فيه تدلّ على أنّ مصدره واحد،فهو من هذه الجهة يدلّ على الوحدانيّة الكاملة،و من جهة ما للخلق فيه من المنافع و المرافق يدلّ على الرّحمة الإلهيّة الشّاملة.و قل مثل هذا فيما بثّ اللّه تعالى في الأرض من كلّ دابّة،فإنّها آيات على الوحدة،و دلائل وجوديّة على عموم

ص: 96

الرّحمة.(2:61)

2- وَ اللّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ... النّحل:65

الفخر الرّازيّ: المعنى:أنّه تعالى خلق السّماء على وجه ينزل منه الماء و يصير ذلك الماء سببا لحياة الأرض، و المراد بحياة الأرض نبات الزّرع و الشّجر و النّور و الثّمر،بعد أن كان لا يثمر،و ينفع بعد أن كان لا ينفع.

(20:63)

الآلوسيّ: بما أنبت به فيها من أنواع النّباتات(بعد موتها):بعد يبسها؛فالإحياء و الموت استعارة للإنبات و اليبس،و ليس المراد إعادة اليابس بل إنبات مثله، و الفاء للتّعقيب العادي،فلا ينافيه ما بين المتعاطفين من المهلة،و نظير ذلك:تزوّج فولد له ولد و الآية دليل لمن قال:إنّ المسبّبات بالأسباب لا عندها،و من قال به أوّل (انّ فى ذلك)أي في إنزال الماء من السّماء و إحياء الأرض الميتة(لآية).(14:175)

3- ...فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها...

العنكبوت:63

الطّبريّ: يقول:فأحيا بالماء الّذي نزل من السّماء الأرض،و إحياؤها:إنباته النّبات فيها.(21:12)

الميبديّ: بإخراج الزّرع و الأشجار عنها.

و الأرض الّتي ليست بمنبتة سمّيت ميتة،لأنّه لا ينتفع بها كما لا ينتفع بالميتة.(7:412)

نحوه فضل اللّه.(18:82)

4- ...كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ أَثارُوا الْأَرْضَ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها... الرّوم:9

البغويّ:حرثوها و قلبوها للزّراعة و عمروها أكثر ممّا عمرها أهل مكّة.قيل:قال ذلك لأنّه لم يكن لأهل مكّة حرث.(5:169)

الزّمخشريّ: يعني أولئك المدمّرون أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها، من عمارة أهل مكّة،و أهل مكّة أهل واد غير ذي زرع،ما لهم إثارة الأرض أصلا و لا عمارة لها رأسا.فما هو إلاّ تهكّم بهم و بضعف حالهم في دنياهم، لأنّ معظم ما يستظهر به أهل الدّنيا و يتباهون به أمر الدّهقنة،و هم أيضا ضعاف القوى.(3:216)

أبو حيّان: (عمروها)من العمارة،أي بقاؤهم فيها أكثر من بقاء هؤلاء،أو من العمران،أي سكنوا فيها،أو من العمارة.(7:164)

الآلوسيّ: أي و عمرها أولئك الّذين كانوا قبلهم بفنون العمارات من الزّراعة و الغرس و البناء و غيرها.

و قيل:أي أقاموا بها.يقال:عمرت بمكان كذا و عمرته، أي أقمت به أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها، أي عمارة أكثر من عمارة هؤلاء إيّاها.

و الظّاهر أنّ الأكثريّة باعتبار الكمّ،و عمّمه بعضهم فقال:أكثر كمّا و كيفا و زمانا.و إذا أريد العمارة بمعنى الإقامة فالمعنى أقاموا بها إقامة أكثر زمانا من إقامة هؤلاء بها.

و في ذكر«أفعل»تهكّم بهم؛إذ لا مناسبة بين كفّار مكّة و أولئك الأمم المهلكة فإنّهم كانوا معروفين بالنّهاية في القوّة و كثرة العمارة،و أهل مكّة ضعفاء ملجئون إلى واد غير ذي زرع يخافون أن يتخطّفهم النّاس.

ص: 97

و نحو هذا يقال إذا فسّرت العمارة بالإقامة،فإنّ أولئك كانوا مشهورين بطول الأعمار جدّا،و أعمار أهل مكّة قليلة بحيث لا مناسبة يعتدّ بها بينها و بين أعمار أولئك المهلكين.(21:23)

5- ...يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها... الرّوم:19

الإمام الكاظم عليه السّلام:ليس يحييها بالقطر و لكن يبعث اللّه رجالا فيحيون العدل فتحيا الأرض لإحياء العدل،و لإقامة العدل فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.(العروسيّ 4:173)

الطّوسيّ: أي يحييها بالنّبات بعد جدوبها.

و لا يجوز أن يكون المراد إحياء الأرض حقيقة،كما لا يكون الإنسان أسدا حقيقة،إذا قيل:فلان أسد،لأنّه يراد بذلك التّشبيه و الاستعارة،فكذلك إحياء الأرض بعد موتها كأنّها تحيا بالنّبات الّذي فيها.(8:238)

6- اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها...

الحديد:17

الإمام الحسين عليه السّلام: منّا اثنا عشر مهديّا أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و آخرهم التّاسع من ولدي هو القائم بالحقّ به يحيي اللّه الأرض بعد موتها و يظهر به الدّين الحقّ على الدّين كلّه و لو كره المشركون.(العروسيّ 5:242)

ابن عبّاس: يلين القلوب بعد قسوتها فيجعلها مخبتة منيبة،و كذلك يحيي القلوب الميتة بالعلم و الحكمة، و إلاّ فقد علم إحياء الأرض بالمطر مشاهدة.

(الخازن 7:30)

الإمام الباقر عليه السّلام: يحييها اللّه تعالى بالقائم عليه السّلام (بعد موتها)،يعني بموتها كفر أهلها و الكافر ميّت.

(الكاشانيّ 5:135)

الإمام الصّادق عليه السّلام: العدل بعد الجور.

(الكاشانيّ 5:135)

الطّوسيّ: بعد موتها بالجدب و القحط،فكذلك يحيي الكافر بالهدى إلى الإيمان بعد موته بالضّلال،بأن يلطف له ما يؤمن عنده.(9:529)

مثله الطّبرسيّ.(5:238)

الرّاغب: عبارة عن كلّ تكوين بعد إفساد،و عود بعد بدء،و لذلك قال بعض المفسّرين يعني به تليين القلوب بعد قساوتها.(16)

الميبديّ: أي كما أحيا الأرض بعد موتها كذلك يحيي الموتى.

و قيل:كما أحيا الأرض يحيي الكافر بالإيمان.

و قيل:كما أحيا الأرض يلين القلوب القاسية ليتفكّروا في الآيات.(9:495)

الزّمخشريّ: قيل:هذا تمثيل لأثر الذّكر في القلوب،و أنّه يحييها كما يحيي الغيث الأرض.

(4:64)

نحوه الكاشانيّ.(5:135)

الفخر الرّازيّ: فيه وجهان:

الأوّل:أنّه تمثيل،و المعنى أنّ القلوب الّتي ماتت بسبب القساوة،فالمواظبة على الذّكر سبب لعود حياة الخشوع إليها،كما يحيي اللّه الأرض بالغيث.

و الثّاني:أنّ المراد من قوله: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ

ص: 98

مَوْتِها بعث الأموات،فذكر ذلك ترغيبا في الخشوع و الخضوع و زجرا عن القساوة.(29:230)

القرطبيّ: أي(يحيى الارض)الجدبة(بعد موتها) بالمطر.

و قال صالح المريّ: المعنى يلين القلوب بعد قساوتها.

و قال جعفر بن محمّد[عليهما السّلام]: يحييها بالعدل بعد الجور.

و قيل:المعنى فكذلك يحيي الكافر بالهدى إلى الإيمان بعد موته بالكفر و الضّلالة.

و قيل:كذلك يحيي اللّه الموتى من الأمم،و يميّز بين الخاشع قلبه و بين القاسي قلبه. قَدْ بَيَّنّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ الحديد:17،أي إحياء اللّه الأرض بعد موتها دليل على قدرة اللّه،و أنّه لمحيي الموتى.

(17:252)

الشّربينيّ: أي على سبيل التّجديد و الاستمرار، كما تشاهدونه(الارض)،أي بالنّبات(بعد موتها)،أي يبسها،تمثيل لإحياء الأموات بجميع أجسادهم و إضافة الأرواح عليها،كما فعل بالنّبات و كما فعل بالأجسام أوّل مرّة،و لإحياء القلوب القاسية بالذّكر و التّلاوة، فاحذروا سطوته و اخشوا غضبه و ارجوا رحمته لإحياء القلوب،فإنّه قادر على إحيائها بروح الوحي كما أحيا الأرض بروح الماء،لتصير بإحيائها بالذّكر خاشعة بعد قسوتها،كما صارت الأرض رابية بعد خشوعها و موتها.

(4:209)

الطّباطبائيّ: قوله تعالى:«اعلموا ان الله»إلخ، في تعقيب عتاب المؤمنين على قسوة قلوبهم بهذا التّمثيل تقوية لرجائهم و ترغيب لهم في الخشوع.

و يمكن أن يكون من تمام العتاب السّابق،و يكون تنبيها على أنّ اللّه لا يخلّي هذا الدّين على ما هو عليه من الحال،بل كلّما قست قلوب و حرموا الخشوع لأمر اللّه جاء بقلوب حيّة خاشعة له،يعبد بها كما يريد.

(19:161)

7- وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. يس:33

الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:و دلالة لهؤلاء المشركين على قدرة اللّه على ما يشاء،و على إحيائه من مات من خلقه،و إعادته بعد فنائه،كهيئته قبل مماته، إحياؤه الأرض الميتة الّتي لانبت فيها و لا زرع،بالغيث الّذي ينزله من السّماء حتّى يخرج زرعها،ثمّ إخراجه منها الحبّ.(23:4)

الطّوسيّ: يعني هي الأرض(الميتة)القحطة المجدبة،و هي الّتي لا تنبت(احييناها)بالنّبات.

(8:457)

مثله الطّبرسيّ.(4:423)

الميبديّ: أي اليابسة(احييناها)بالمطر.

(8:225)

الزّمخشريّ: (احييناها)استئناف بيان لكون الأرض الميتة آية،و كذلك نَسْلَخُ يس:37.

و يجوز أن توصف الأرض و اللّيل بالفعل،لأنّه أريد بهما الجنسان مطلقين لا أرض و ليل بأعيانهما،فعوملا معاملة النّكرات في وصفهما بالأفعال،و نحوه:

ص: 99

*و لقد أمرّ على اللّئيم يسبّني*

(3:321)

الفخر الرّازيّ: فيه مسائل:

المسألة الأولى:ما وجه تعلّق هذا بما قبله؟

نقول:مناسب لما قبله من وجهين.

أحدهما:أنّه لمّا قال: وَ إِنْ كُلٌّ لَمّا جَمِيعٌ يس:

32،كان ذلك إشارة إلى الحشر،فذكر ما يدلّ على إمكانه قطعا لإنكارهم و استبعادهم و إصرارهم و عنادهم،فقال: وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها كذلك نحيي الموتى.

و ثانيهما:أنّه لمّا ذكر حال المرسلين و إهلاك المكذّبين،و كان شغلهم التّوحيد ذكر ما يدلّ عليه،و بدأ بالأرض لكونها مكانهم لا مفارقة لهم منها عند الحركة و السّكون.

المسألة الثّانية:الأرض آية مطلقا فلم خصّصها بهم حيث قال: وَ آيَةٌ لَهُمُ ؟

نقول:الآية تعدّد و تسرد لمن لم يعرف الشّيء بأبلغ الوجوه،و أمّا من عرف الشّيء بطريق الرّؤية لا يذكر له دليل،فإنّ النّبيّ و عباد اللّه المخلصين عرفوا اللّه قبل الأرض و السّماء،فليست الأرض معرفة لهم،و هذا كما قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فصّلت:53،و قال: أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ فصّلت:53،يعني أنت كفاك ربّك معرّفا،به عرفت كلّ شيء فهو شهيد لك على كلّ شيء،و أمّا هؤلاء تبيّن لهم الحقّ بالآفاق و الأنفس، و كذلك هاهنا آية لهم.

المسألة الثّالثة:إن قلنا:إنّ الآية مذكورة للاستدلال على جواز إحياء الموتى فيكفي قوله: أَحْيَيْناها و لا حاجة إلى قوله: وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا، و غير ذلك، و إن قلنا:إنّها للاستدلال على وجود الإله و وحدته فلا فائدة في قوله: اَلْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها، لأنّ نفس الأرض دليل ظاهر و برهان باهر،ثمّ هب أنّها غير كافية فقوله: اَلْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها كاف في التّوحيد فما فائدة قوله: وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا ؟يس:33.

نقول:مذكورة للاستدلال عليها،و لكلّ ما ذكره اللّه تعالى فائدة.أمّا قوله: وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فله فائدة بالنّسبة إلى بيان إحياء الموتى؛و ذلك لأنّه لمّا أحيا الأرض و أخرج منها حبّا كان ذلك إحياء تامّا،لأنّ الأرض المخضرّة الّتي لا تنبت الزّرع و لا تخرج الحبّ دون ما تنبته في الحياة،فكأنّه قال تعالى:الّذي أحيا الأرض إحياء كاملا منبتا للزّرع يحيى الموتى إحياء كاملا بحيث تدرك الأمور.

و أمّا بالنّسبة إلى التّوحيد فلأنّ فيه تعديد النّعم، كأنّه يقول:آية لهم الأرض فإنّها مكانهم و مهدهم الّذي فيها تحريكهم و إسكانهم،و الأمر الضّروريّ الّذي عنده وجودهم و إمكانهم،و سواء كانت ميتة أو لم تكن فهي مكان لهم لا بدّ لهم منها فهي نعمة،ثمّ إحياؤها بحيث تخضرّ نعمة ثانية،فإنّها تصير أحسن و أنزه،ثمّ إخراج الحبّ منها نعمة ثالثة،فإنّ قوتهم يصير في مكانهم، و كان يمكن أن يجعل اللّه رزقهم في السّماء أو في الهواء فلا يحصل لهم الوثوق،ثمّ جعل الجنّات فيها نعمة رابعة، لأنّ الأرض تنبت الحبّ في كلّ سنة،و أمّا الأشجار بحيث

ص: 100

تؤخذ منها الثّمار فتكون بعد الحبّ وجودا،ثمّ فجّرنا فيها العيون ليحصل لهم الاعتماد بالحصول،و لو كان ماؤها من السّماء لحصل،و لكن لم يعلم أنّها أين تغرس و أين يقع المطر و ينزل القطر.

و بالنّسبة إلى بيان إحياء الموتى كلّ ذلك مفيد؛و ذلك لأنّ قوله: وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا، كالإشارة إلى الأمر الضّروريّ الّذي لا بدّ منه،و قوله: وَ جَعَلْنا فِيها جَنّاتٍ يس:34،كالأمر المحتاج إليه الّذي إن لم يكن لا يغني الإنسان لكنّه يبقى مختلّ الحال.

و قوله: وَ فَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ يس:34، إشارة إلى الزّينة الّتي إن لم تكن لا تغني الإنسان،و لا يبقى في ورطة الحاجة،لكنّه لا يكون على أحسن ما ينبغي و كأنّ حال الإنسان بالحبّ كحال الفقير الّذي له ما يسدّ خلّته من بعض الوجوه،و لا يدفع حاجته من كلّ الوجوه و بالثّمار،و يعتبر حاله كحال المكتفي بالعيون الجارية الّتي يعتمد عليها الإنسان و يقوّي بها قلبه،كالمستغني الغنيّ المدّخر لقوت سنين.

فيقول اللّه عزّ و جلّ:كما فعلنا في موات الأرض كذلك نفعل في الأموات في الأرض،فنحييهم و نعطيهم ما لا بدّ لهم منه في بقائهم و تكوينهم،من الأعضاء المحتاج إليها و قواها،كالعين و القوّة الباصرة،و الأذن و القوّة السّامعة و غيرهما،و نزيد له ما هو زينة كالعقل الكامل، و الإدراك الشّامل،فيكون كأنّه قال:يحيي الموتى إحياء تامّا كما أحيينا الأرض إحياء تامّا.(26:65)

البيضاويّ: أَحْيَيْناها خبر للأرض،و الجملة خبر(آية)أو صفة لها؛إذ لم يرد بها معيّنة،و هي الخبر أو المبتدأ،و«الآية»خبرها أو استئناف لبيان كونها آية.

(2:280)

أبو حيّان: بدأ ب(الأرض)لأنّها مستقرّهم حركة و سكونا حياة و موتا.و موت الأرض:جدبها و إحياؤها بالغيث،و الضّمير في(لهم)عائد على كفّار قريش و من يجري مجراهم،في إنكار الحشر،(و احييناها) استئناف بيان لكون(الارض الميتة)آية،و كذلك (نسلخ).

و قيل:(احييناها)في موضع الحال،و العامل فيها (آية)بما فيها من معنى الإعلام،و تكون(آية)خبرا مقدّما و(الارض الميتة)مبتدأ.فالنّيّة ي(آية) التّأخير و التّقدير:و الأرض الميتة آية لهم محياة، كقولك:قائم زيد مسرعا،أي زيد قائم مسرعا، و(لهم)متعلّق ب(آية)لا صفة.[بعد نقل قول الزّمخشريّ ثمّ قال:]

و هذا هدم لما استقرّ عند أئمّة النّحو من أنّ النّكرة لا تنعت إلاّ بالنّكرة و المعرفة لا تنعت إلاّ بالمعرفة،و لا دليل لمن ذهب إلى ذلك.

و قد تبع الزّمخشريّ ابن مالك على ذلك في«التّسهيل» من تأليفه.و في هذه الجمل تعدّد نعم إحيائها بحيث تصير مخضرّة تبهج النّفس و العين،و إخراج الحبّ منها حيث صار ما يعيشون به في المكان الّذي هم فيه مستقرّون لا في السّماء و لا في الهواء،و جعل الحبّات لأنّهم أكلوا من الحبّ،و ربّما تاقت النّفس إلى النّقلة،فالأرض يوجد منها الحبّ،و الشّجر يوجد منه الثّمر،و تفجير العيون يحصل به الاعتماد على تحصيل الزّرع و الثّمر،و لو كان

ص: 101

من السّماء لم يدر أين يغرس و لا أين يقع المطر.

(7:334)

البروسويّ: اليابسة الجامدة،(احييناها)استئناف مبيّن لكيفيّة كون الأرض الميتة آية،كأنّ قائلا قال:

كيف تكون آية؟فقال:أحييناها.

و الإحياء في الحقيقة إعطاء الحياة،و هي صفة تقتضي الحسّ و الحركة،و المعنى هاهنا هيّجنا القوى النّامية فيها و أحدثنا نضارتها بأنواع النّباتات في وقت الرّبيع،بإنزال الماء من بحر الحياة،و كذلك النّشور،فإنّا نحيي الأبدان البالية المتلاشية في الأجداث بإنزال رشحات من بحر الجود،فنعيدهم أحياء كما أبدعناهم أوّلا من العدم.(7:391)

الطّباطبائيّ: وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها، و إن كان ظاهره أنّ«الآية»هي الأرض إلاّ أنّ الجملتين توطئتان لقوله: وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا إلخ، و مسوقتان للإشارة إلى أنّ هذه الأغذية النّباتيّة من آثار نفخ الحياة في الأرض الميتة،و تبديلها حبّا و ثمرا يأكلون من ذلك،فالآية بنظر هي الأرض الميتة من حيث ظهور هذه الخواصّ فيها،و تمام تدبير أرزاق النّاس بها.(17:85)

دابّة الأرض

فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ... سبأ:14

ابن عبّاس: الأرضة تأكل عصاه.

(الطّبريّ 22:73)

مثله مجاهد(2:524)،و الطّبريّ(22:73)، و الطّوسيّ(8:384)،و البغويّ(5:235)،و الطّباطبائيّ (16:363).

ابن السّكّيت: إنّها دويبّة سوداء الرّأس و سائرها أحمر،تتّخذ لنفسها بيتا مربّعا من دقاق العيدان،تضمّ بعضها إلى بعض بلعابها،ثمّ تدخل فيه و تموت.

(الآلوسيّ 22:121)

الزّمخشريّ: (دابّة الارض):الأرضة،و هي الدّويبّة الّتي يقال لها:السّرفة،و(الارض)فعلها فأضيف إليه،يقال:أرضت الخشبة أرضا،إذا أكلتها الأرضة.

و قرئ بفتح الرّاء من:أرضت الخشبة أرضا،و هو من باب:فعلته ففعل،كقولك:أكلت القوادح الأسنان أكلا فأكلت أكلا.(3:283)

نحوه البيضاويّ(2:257)،و النّسفيّ(3:321).

القرطبيّ: و في(دابّة الارض)قولان:

أحدهما:أنّها الأرضة،قاله ابن عبّاس،و مجاهد و غيرهما.

و قد قرئ(دابّة الأرض)بفتح الرّاء،و هو جمع الأرضة،ذكره الماورديّ.

الثّاني:أنّها دابّة تأكل العيدان.(14:280)

النّيسابوريّ: الأرض:مصدر أرضت الخشبة أرضا،إذا أكلتها الأرضة.(22:45)

أبو حيّان: دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ هي سوسة الخشب،و هي الأرضة.

و قيل:ليست سوسة الخشب،لأنّ السّوسة ليست من دوابّ الأرض بل هذه حيوان من الأرض،شأنه أن

ص: 102

يأكل الخشب،و ذلك موجود.

و قالت فرقة منها أبو حاتم:(الأرض)هنا مصدر أرضت الأبواب و الخشب:أكلتها الأرضة،فكأنّه قال:

دابّة الأكل الّذي هو بتلك الصّورة.و إذا كان(الأرض) مصدرا كان فعله أرضت الدّابّة الخشب تأرضه أرضا فأرض،بكسر الرّاء،نحو جدعت أنفه فجدع.

و يقال:إنّه مصدر لفعل مفتوح العين،قراءة ابن عبّاس.و العبّاس بن الفضل:(الأرض)بفتح الرّاء،لأنّ مصدر«فعل»المطاوع لفعل يكون على«فعل»نحو:

جدع أنفه جدعا،و أكلت الأسنان أكلا مطاوع«أكلت».

و قيل:(الأرض)بفتح الرّاء،جمع أرضة،و هو من إضافة العامّ إلى الخاصّ،لأنّ الدّابّة أعمّ من الأرض.

و قراءة الجمهور بسكون الرّاء،فالمتبادر أنّها الأرض المعروفة.و تقدّم أنّها مصدر لأرضت الدّابّة الخشب.

(7:266)

الطّريحيّ: الأرضة،بالتّحريك:دويبّة صغيرة كنصف العدسة تأكل الخشب،و هي الّتي ذكرها اللّه في كتابه العزيز،و لمّا كان فعلها في الأرض أضيفت إليها.

و نقل عن القزوينيّ في«الأشكال»:أنّه إذا أتى على الأرضة سنة نبت لها جناحان طويلان تطير بهما،و هي الدّابّة الّتي دلّت الجنّ على موت سليمان بن داود، و النّملة عدوّها و هي أصغر منها فتأتي من خلفها.

(4:193)

البروسويّ: أي الأرضة:و هي دويبّة تأكل الخشب،أضيفت إلى فعلها،و هو الأرض بمعنى الأكل، و لذا سمّيت الأرض مقابل السّماء أرضا لأنّها تأكل أجساد بني آدم،يقال:أرضت الأرضة الخشبة أرضا:

أكلتها فأرضت أرضا،على ما لم يسمّ فاعله،فهي مأروضة.(7:278)

الآلوسيّ:المراد ب«دابّة الأرض»:الأرضة -بفتحات-و هي دويبّة تأكل الخشب و نحوه،و تسمّى «سرفة»بضمّ السّين و إسكان الرّاء المهملة و بالفاء[إلى أن قال:]

و في المثل«أصنع من سرفة»و سمّاها في«البحر» ب«سوسة الخشب».

و(الأرض)على ما ذهب إليه أبو حاتم و جماعة:

مصدر أرضت الدّابّة الخشب تأرضه،إذا أكلته،من باب «ضرب يضرب»فإضافة دابّة إليه من إضافة الشّيء إلى فعله،و يؤيّد ذلك قراءة ابن عبّاس،و العبّاس بن الفضل:(الأرض)بفتح الرّاء،لأنّه مصدر«أرض»من باب«علم»المطاوع«لأرض»من باب«ضرب»،يقال:

أرضت الدّابّة الخشب بالفتح،فأرض بالكسر.كما يقال:

أكلت القوادح الأسنان أكلا فأكلت أكلا.فالأرض بالسّكون:الأكل،و الأرض بالفتح:التّأثّر من ذلك الفعل.

و قد يفسّر الأوّل بالتّأثّر الّذي هو الحاصل بالمصدر لتتوافق القراءتان.

و قيل:الأرض بالفتح جمع أرضة،و إضافة دابّة إليه من إضافة العامّ إلى الخاصّ.

و قيل:إنّ الأرض بالسّكون بمعناها المعروف، و إضافة دابّة إليها قيل:لأنّ فعلها في الأكثر فيها،و قيل:

لأنّها تؤثّر في الخشب و نحوه،كما تؤثّر الأرض فيه إذا

ص: 103

دفن فيها،و قيل غير ذلك.

و الأولى التّفسير الأوّل،و إن لم تجئ الأرض في القرآن بذلك المعنى في غير هذا الموضع.(22:121)

المراغيّ: هي الأرضة-بفتحات-الّتي تأكل الخشب و نحوها.(22:68)

نحوه فضل اللّه.(19:28)

مشارق الأرض و مغاربها

وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها... الأعراف:137

الحسن: الشّام.

مثله قتادة.(الطّبريّ 9:43)

(مشارق الأرض):الشّام،(و مغاربها):ديار مصر، ملّكهم اللّه إيّاها بإهلاك الفراعنة و العمالقة.

(أبو حيّان 4:376)

زيد بن أسلم:هي قرى الشّام.

(رشيد رضا 9:97)

الجبّائيّ: هي أرض مصر.(الطّبرسيّ 2:470)

الطّبريّ: و كان بعض أهل العربيّة يزعم أنّ مشارق الأرض و مغاربها نصب على المحلّ يعني:و أورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون في مشارق الأرض و مغاربها،و أنّ قوله:(و اورثنا)إنّما وقع على قوله:(الّتى باركنا)و ذلك قول لا معنى له،لأنّ بني إسرائيل لم يكن يستضعفهم أيّام فرعون غير فرعون و قومه،و لم يكن له سلطان إلاّ بمصر،فغير جائز و الأمر كذلك أن يقال:

الّذين يستضعفون في مشارق الأرض و مغاربها.فإن قال قائل:فإنّ معناه:في مشارق أرض مصر و مغاربها، فإنّ ذلك بعيد من المفهوم في الخطاب مع خروجه عن أقوال أهل التّأويل،و العلماء بالتّفسير.(9:43)

الطّوسيّ: مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا يريد جهات المشرق بها و المغرب.(4:559)

الميبديّ:(مشارق الأرض):نواحي فلسطين و أرض القدس و عرانين الشّام،و(مغارب):أخريات الغرب و منخفضات أرض مصر.(3:721)

الزّمخشريّ: (الأرض):أرض مصر و الشّام، ملكها بنو إسرائيل بعد الفراعنة و العمالقة،و تصرّفوا كيف شاءوا في أطرافها و نواحيها الشّرقيّة و الغربيّة.

(2:109)

الطّبرسيّ:يعني جهات الأرض الشّرق و الغرب منها،يريد به ملك فرعون من أدناه إلى أقصاه.

(2:470)

أبو البركات: مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا في نصبه وجهان:

أحدهما:أن يكون منصوبا على أنّه مفعول،و العامل فيه(اورثنا)،أي جعلناهم ملوك الشّام و مصر.

و الثّاني:أن يكون منصوبا على الظّرف،و العامل (يستضعفون).(1:372)

الفخر الرّازيّ: اختلفوا في معنى(مشارق الارض و مغاربها)فبعضهم حمله على مشارق أرض الشّام و مصر و مغاربها،لأنّها هي الّتي كانت تحت تصرّف فرعون لعنه اللّه،و أيضا قوله: اَلَّتِي بارَكْنا فِيها المراد باركنا فيها بالخصب وسعة الأرزاق؛و ذلك لا يليق إلاّ بأرض الشّام.

ص: 104

و القول الثّاني:المراد جملة الأرض؛و ذلك لأنّه خرج من جملة بني إسرائيل داود و سليمان،و قد ملك الأرض،و هذا يدلّ على أنّ الأرض هاهنا اسم الجنس.

(14:221)

القرطبيّ: زعم الكسائيّ و الفرّاء أنّ الأصل:في مشارق الأرض و مغاربها،ثمّ حذفت«في»فنصب.

و الظّاهر أنّهم ورثوا أرض القبط.فهما نصب على المفعول الصّريح.

الأرض هي أرض الشّام و مصر،و مشارقها و مغاربها:جهات الشّرق و الغرب بها،فالأرض مخصوصة،عن الحسن و قتادة و غيرهما.

و قيل:أراد جميع الأرض،لأنّ من بني إسرائيل داود و سليمان،و ملكا الأرض.(7:272)

نحوه النّيسابوريّ.(9:37)

الخازن:يعني أرض الشّام و مصر،و أراد بمشارقها و مغاربها جميع جهاتها و نواحيها.

و قيل:أراد بمشارق الأرض و مغاربها الأرض المقدّسة،و هو بيت المقدس و ما يليه من الشّرق و الغرب.

و قيل:أراد جميع جهات الأرض،و هو اختيار الزّجّاج،قال:لأنّ داود و سليمان عليهما السّلام كانا من بني إسرائيل و قد ملكا الأرض.(2:239)

أبو حيّان: مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا قالت فرقة:هي الأرض كلّها.

قال ابن عطيّة:ذلك على سبيل المجاز،لأنّه تعالى ملّكهم بلادا كثيرة،و أمّا على الحقيقة فإنّه ملّك ذرّيّتهم و هو سليمان بن داود.(4:376)

الآلوسيّ: أي جميع جهاتها و نواحيها،و المراد بها على ما روي عن الحسن و قتادة و زيد بن أسلم أرض الشّام.

و ذكر محي السّنّة البغويّ:أنّها أرض الشّام و مصر.

و في رواية أنّها أرض مصر الّتي كانت بأيدي المستضعفين،و إلى ذلك ذهب الجبّائيّ،و رواه أبو الشّيخ عن اللّيث بن سعد،أي و أورثنا المستضعفين أرض مستضعفيهم و ملكهم.[إلى أن قال:]

قد يقال:المراد بالأرض-هنا و فيما تقدّم من قوله سبحانه: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ الأعراف:129-الأرض المقدّسة الّتي طلب موسى عليه السّلام من فرعون بني إسرائيل ليذهب بهم إليها فإنّها موطن آبائهم،فيكون موسى عليه السّلام قد وعدهم هلاك عدوّهم المانع لهم من الذّهاب إليها،و جعل اللّه تعالى إيّاهم خلفاء فيها بعد آبائهم و أسلافهم،أو بعد من هي في يده إذ ذاك من العمالقة.ثمّ أخبر سبحانه هنا أنّ الوعد قد نجز،و قد أهلكنا أعداء أولئك الموعودين، و أورثناهم الأرض الّتي منعوهم عنها و مكّنّاهم،و فيها حصول بغية موسى عليه السّلام و ما ألطف توريث الأبناء مساكن الآباء.(9:37)

رشيد رضا :عن عبد اللّه بن شوذب:فلسطين، و عن كعب الأحبار قال:إنّ اللّه بارك في الشّام من الفرات إلى العريش.

و يؤيّد هذه الرّوايات قوله تعالى في إبراهيم عليه السّلام:

وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ

ص: 105

الأنبياء:71،و قوله تعالى: وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها الأنبياء:81، و قوله عزّ و جلّ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ الإسراء:1.

و روي عن اللّيث بن سعد أنّها أرض مصر الّتي كان فيها بنو إسرائيل،و أطلق بعض المفسّرين القول بأنّها أرض مصر و فلسطين جميعا.

و ربّما يتراءى أنّ إرادة أرض مصر هي الظّاهر المتبادر من قوله تعالى في قوم فرعون: فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ* وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ* كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ الشّعراء:57-59،و قوله فيهم: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ* وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ* وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ* كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ الدّخان:25-28،لأنّ فرعون خرج بمن معه من الملأ و الجند من مصر،و تركوا ما كانوا فيه من النّعيم إلى الغرق المؤدّي إلى الجحيم،و لكن هذا الوصف أظهر في بلاد الشّام ذات الجنّات الكثيرة و العيون الجارية.و معنى إخراج المصريّين منها إزالة سيادتهم و سلطانهم عنها و حرمانهم من التّفكّه بنعيمها،فقد كانت بلاد فلسطين إلى الشّام تابعة لمصر،و كان من عادة فراعنة مصر كغيرهم من الأمم المستعمرة أن يقيموا في البلاد الّتي يستولون عليها حكّاما و جنودا لئلاّ تنتقض عليهم،و أن يسكنها كثيرون منهم يتمتّعون بخيراتها.

و قد ذكرنا في تفسير قوله تعالى: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ الأعراف:129، جملة من الأثر المصريّ القديم الوحيد الّذي وجد فيه ذكر لبني إسرائيل تنطق بأنّ هذه البلاد كانت تابعة لمصر.(9:97)

الطّباطبائيّ: الظّاهر أنّ المراد ب(الأرض)أرض الشّام و فلسطين،و يؤيّده أو يدلّ عليه قوله بعد: اَلَّتِي بارَكْنا فِيها فإنّ اللّه سبحانه لم يذكر بالبركة غير الأرض المقدّسة الّتي هي نواحي فلسطين إلاّ ما وصف به الكعبة المباركة،و المعنى:أورثنا بني إسرائيل و هم المستضعفون الأرض المقدّسة بمشارقها و مغاربها.و إنّما ذكرهم بوصفهم فقال:القوم الّذين كانوا يستضعفون، ليدلّ على عجيب صنعه تعالى في رفع الوضيع و تقوية المستضعف،و تمليكه من الأرض ما لا يقدر على مثله عادة إلاّ كلّ قويّ ذو أعضاد و أنصار.(8:228)

عبد الكريم الخطيب: المراد ب(مشارق الأرض و مغاربها)سعة هذه الأرض،و قدرتهم على التّحرّك فيها،و التّنقّل بين شرقها و غربها،غير مضيّق عليهم من أحد.فهي أرض ذات آفاق متعدّدة،كلّ أفق منها مشرق و مغرب،فهي بهذا الاتّساع مشارق و مغارب.

و المراد بالأرض الّتي بارك اللّه فيها،هي الأرض المقدّسة الّتي دعاهم موسى بعد ذلك إلى دخولها،و ذلك ما يشير إليه قوله تعالى على لسان موسى: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ المائدة:

21.(5:469)

أرض اللّه

1- ...أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها

ص: 106

فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً. النّساء:97

سعيد بن جبير: إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها،و تلا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً. (القرطبيّ 5:347)

الطّبريّ: فتخرجوا من أرضكم و دوركم، و تفارقوا من يمنعكم بها،من الإيمان باللّه و اتّباع رسوله صلى اللّه عليه و سلم إلى الأرض الّتي يمنعكم أهلها من سلطان أهل الشّرك باللّه،فتوحّدوا اللّه فيها و تعبدوه،و تتّبعوا نبيّه.(5:233)

مثله الطّوسيّ(3:303)،و الطّبرسيّ(2:99).

القمّيّ:أي دين اللّه و كتاب اللّه واسع فتنظروا فيه.

(1:149)

البغويّ:يعني إلى المدينة،و تخرجوا من مكّة من بين أهل الشّرك،فأكذبهم اللّه تعالى و أعلمنا بكذبهم.(1:485)

الزّمخشريّ: أرادوا إنّكم كنتم قادرين على الخروج من مكّة إلى بعض البلاد الّتي لا تمنعون فيها من إظهار دينكم،و من الهجرة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم،كما فعل المهاجرون إلى أرض الحبشة.

و هذا دليل على أنّ الرّجل إذا كان في بلد لا يتمكّن فيه من إقامة أمر دينه كما يجب-لبعض الأسباب و العوائق عن إقامة الدّين لا تنحصر-أو علم أنّه في غير بلده أقوم بحقّ اللّه و أدوم على العبادة حقّت عليه المهاجرة.(1:556)

نحوه الفخر الرّازيّ(11:12)،و النّسفيّ(1:

246)،و رشيد رضا(5:355).

القرطبيّ: المراد بقوله: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ...

المدينة،أي أ لم تكونوا متمكّنين قادرين على الهجرة و التّباعد ممّن كان يستضعفكم.

و في هذه الآية دليل على هجران الأرض الّتي يعمل فيها بالمعاصي.(5:346)

أبو حيّان: قيل:(أرض اللّه)أي المدينة واسعة، آمنة لكم من العدوّ فتخرجوا إليها.(3:334)

الآلوسيّ: أي أ لم تكن سعة استعدادكم بحيث تهاجروا فيها من مبدإ فطرتكم إلى نهاية كمالكم،و ذلك مجال واسع،فلو تحرّكتم و سرتم بنور فطرتكم خطوات يسيرة بحيث ارتفعت عنكم بعض الحجب انطلقتم عن أسر القوى،و تخلّصتم عن قيود الهوى،و خرجتم عن القرية الظّالم أهلها الّتي هي مكّة النّفس الأمّارة،إلى البلدة الطّيّبة الّتي هي مدينة القلب.(5:130)

الطّباطبائيّ: قد أضافت الملائكة«الأرض»إلى اللّه،و لا يخلو من إيماء إلى أنّ اللّه سبحانه هيّأ في أرضه سعة أوّلا ثمّ دعاهم إلى الإيمان و العمل،كما يشعر به أيضا قوله بعد آيتين: وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً النّساء:100.

و وصف«الأرض»بالسّعة هو الموجب للتّعبير عن الهجرة بقوله: فَتُهاجِرُوا فِيها... أي تهاجروا من بعضها إلى بعضها،و لو لا فرض السّعة لكان يقال:

فتهاجروا منها.(5:50)

2- يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ. العنكبوت:56

ص: 107

ابن الشّخّير:إنّ رزقي لكم واسع.

(الطّبريّ 21:9)

إنّ رحمتي واسعة.(القرطبيّ 13:358)

سعيد بن جبير: إذا عمل فيها بالمعاصي،فاخرج منها.(الطّبريّ 21:9)

إنّ الأرض الّتي فيها الظّلم و المنكر تترتّب فيها هذه الآية،و تلزم الهجرة عنها إلى بلد حقّ.

مثله عطاء،و مالك.(القرطبيّ 13:357)

مجاهد: إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فهاجروا و جاهدوا.(الطّبريّ 21:9)

عطاء: إذا أمرتم بالمعاصي فاهربوا،فإنّ أرضي واسعة.(الطّبريّ 21:9)

مجانبة أهل المعاصي.(الطّبريّ 21:9)

الثّوريّ: إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزا بدرهم.(القرطبيّ 13:358)

الإمام الصّادق عليه السّلام: إذا عصي اللّه في أرض أنت فيها فاخرج منها إلى غيرها.(الطّبرسيّ 4:291)

الفرّاء: يعني المدينة،أي فلا تجاوروا أهل الكفر.(2:318)

الجبّائيّ: إنّ أرض الجنّة واسعة.

(الطّوسيّ 8:221)

إنّ الآية عدة منه عزّ و جلّ بإدخال الجنّة لمن أخلص له سبحانه العبادة.(الآلوسيّ 21:10)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي أريد من الخبر عن«سعة الأرض»،فقال بعضهم:أريد بذلك أنّها لم تضق عليكم،فتقيموا بموضع منها لا يحلّ لكم المقام فيه،و لكن إذا عمل بمكان منها بمعاصي اللّه،فلم تقدروا على تغييره،فاهربوا منه.

و قال آخرون: معنى ذلك؛إنّ ما أخرج من أرضي لكم من الرّزق واسع لكم.

و أولى القولين بتأويل الآية قول من قال:معنى ذلك إنّ أرضي واسعة،فاهربوا ممّن منعكم من العمل بطاعتي، لدلالة قوله: فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ على ذلك،و أنّ ذلك هو أظهر معنييه؛و ذلك أنّ الأرض إذا وصفها بسعة فالغالب من وصفه إيّاها بذلك أنّها لا تضيق جميعها على من ضاق عليه منها موضع،لا أنّه وصفها بكثرة الخير و الخصب.(21:9،10)

الفخر الرّازيّ: إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ إشارة إلى عدم المانع من عبادته،فكأنّه قال:إذا كان لا مانع من عبادتي فاعبدوني.(25:84)

القرطبيّ: أخبرهم اللّه تعالى بسعة أرضه،و أنّ البقاء في بقعة على أذى الكفّار ليس بصواب،بل الصّواب أن يتلمّس عبادة اللّه في أرضه مع صالحي عباده،أي إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنّها واسعة،لإظهار التّوحيد بها.

(13:357)

البروسويّ: الأرض:الجرم المقابل للسّماء،أي بلاد المواضع الّتي خلقتها واسعة.(6:486)

الآلوسيّ: نزلت على ما روي عن مقاتل و الكلبيّ، في المستضعفين من المؤمنين بمكّة أمروا بالهجرة عنها، و على هذا أكثر المفسّرين.و عمّم بعضهم الحكم في كلّ من لا يتمكّن من إقامة أمور الدّين كما ينبغي في أرض

ص: 108

لممانعة من جهة الكفرة أو غيرهم،فقال:تلزمه الهجرة إلى أرض يتمكّن فيها من ذلك.

و قال مطرّف بن الشّخّير: إنّ الآية عدة منه تعالى بسعة الرّزق في جميع الأرض.

و على القولين فالمراد ب«الأرض»الأرض المعروفة.

و عن الجبّائيّ: أنّ الآية عدة منه عزّ و جلّ بإدخال الجنّة لمن أخلص له سبحانه العبادة،و فسّر«الأرض» بأرض الجنّة و المعوّل عليه ما تقدّم.(21:9)

الطّباطبائيّ: الّذي يظهر من السّياق أنّ المراد ب«الأرض»هذه الأرض الّتي نعيش عليها،و إضافتها إلى ضمير التّكلّم للإشارة إلى أنّ جميع الأرض لا فرق عنده في أن يعبد في أيّ قطعة منها كانت،و وسعة الأرض كناية عن أنّه إن امتنع في ناحية من نواحيها أخذ الدّين الحقّ و العمل به،فهناك نواح غيرها لا يمتنع فيها ذلك،فعبادته تعالى وحده ليست بممتنعة على أيّ حال.(16:144)

نحوه فضل اللّه.(18:75)

3- قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ...

الزّمر:10

ابن عبّاس: هذا حثّ لهم على الهجرة من مكّة.(الطّبرسيّ 4:492)

مجاهد: فهاجروا و اعتزلوا الأوثان.

(الطّبرسيّ 23:203)

فتهاجروا عن دار الشّرك.(الطّوسيّ 9:13)

نحوه الطّبريّ.(23:203)

مقاتل: قيل:معناه(و أرض اللّه)الجنّة(واسعة) فاطلبوها بالأعمال الصّالحة.(الطّبرسيّ 4:492)

أبو مسلم الأصفهانيّ: لا يمتنع أن يكون المراد من«الأرض»أرض الجنّة؛و ذلك لأنّه تعالى أمر المؤمنين بالتّقوى و هي خشية اللّه،ثمّ بيّن أنّ من اتّقى فله في الآخرة الحسنة و هي الخلود في الجنّة،ثمّ بيّن أنّ (أرض اللّه)،أي جنّته واسعة،لقوله تعالى: نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ... الزّمر:74،و قوله تعالى:

وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ آل عمران:133.(الفخر الرّازيّ 26:253)

الماورديّ: يحتمل أن يريد ب«سعة الأرض»سعة الرّزق،لأنّه يرزقهم من الأرض،فيكون معناه و رزق اللّه واسع.(القرطبيّ 15:241)

الطّوسيّ: قيل:(أرض اللّه)يعني أرض الجنّة واسعة.(9:13)

الزّمخشريّ: معنى وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ أن لا عذر للمفرّطين في الإحسان البتّة،حتّى إن اعتلّوا بأوطانهم و بلادهم،و أنّهم لا يتمكّنون فيها من التّوفّر على الإحسان و صرف الهمم إليه.

قيل لهم:فإنّ أرض اللّه واسعة و بلاده كثيرة، فلا تجتمعوا مع العجز،و تحوّلوا إلى بلاد أخر،و اقتدوا بالأنبياء و الصّالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم، ليزدادوا إحسانا إلى إحسانهم و طاعة إلى طاعتهم.

و قيل:هو للّذين كانوا في بلد المشركين فأمروا بالمهاجرة عنه؛كقوله تعالى: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها... النّساء:97.

و قيل:هي أرض الجنّة.(3:391)

ص: 109

نحوه الفخر الرّازيّ(26:253)،و النّسفيّ(4:

52)،و البروسويّ(8:85)،و المراغيّ(23:153).

القرطبيّ: فهاجروا فيها و لا تقيموا مع من يعمل بالمعاصي.

و قيل:المراد أرض الجنّة،رغّبهم في سعتها وسعة نعيمها،كما قال: وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ آل عمران:133،و الجنّة قد تسمّى أرضا،قال اللّه تعالى: وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ الزّمر:

74.

و الأوّل أظهر،فهو أمر بالهجرة،أي ارحلوا من مكّة إلى حيث تأمنوا.(15:240)

النّيسابوريّ: في قوله: أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً إشارة إلى أسباب التّقوى إن لم تتيسّر في أرض،وجبت الهجرة إلى أرض يتيسّر ذلك فيها،فيكون كقوله: أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها... النّساء:

97.(23:119)

أبو حيّان: [مثل الزّمخشريّ و أضاف:]

و قال عطاء: (و ارض اللّه)المدينة للهجرة،قيل:

فعلى هذا يكون(احسنوا)هاجروا،و(حسنة)راحة من الأعداء.

قال قوم:(ارض اللّه)هنا الجنّة.

قال ابن عطيّة: و هذا القول تحكّم لا دليل عليه.

(7:419)

الطّباطبائيّ: حثّ و ترغيب لهم في الهجرة من مكّة؛إذ كان التّوقّف فيها صعبا على المؤمنين بالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و المشركون يزيدون كلّ يوم في التّشديد عليهم و فتنتهم،و الآية بحسب لفظها عامّة.

و قيل:المراد ب(أرض اللّه)الجنّة،أي إنّ الجنّة واسعة لا تزاحم فيها،فاكتسبوها بالطّاعة و العبادة،و هو بعيد.(17:244)

فضل اللّه: وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ، فيمكن لكم أن تهاجروا فيها إذا اشتدّ الحصار عليكم،و أطبقت الضّغوطات من حولكم،ليمنعكم هؤلاء المشركون من القيام بالتزاماتكم الإيمانيّة،و أعمالكم الصّالحة،فاللّه لا يريد للمؤمن أن يستسلم لضعفه أمام القوى الطّاغية المستكبرة أو يستضعف نفسه في ساحاتهم،بل يريد له أن يأخذ بأسباب القوّة في مواقع أخرى،ليرجع إلى مواقعه الأولى من قاعدة القوّة الجديدة المكتسبة،حتّى تظلّ إرادة القوّة في عمليّة تكوين الشّخصيّة للإنسان المؤمن.

و قد يعتبر البعض هذا التّوجيه القرآنيّ بالهجرة من أرض الوطن إلى أرض أخرى،للتّخفّف من الضّغوط، نوعا من أنواع الهروب من السّاحة،لأنّ المفروض للمؤمنين أن يصمدوا في مواقع الصّراع.

و لكنّنا نلاحظ على هذه الفكرة،أنّ الآية واردة في مقام الرّخصة للّذين يخافون أن يسقطوا أمام الضّغوط،و يضعفوا في ساحة التّحدّيات،لأنّهم لا يملكون الظّروف الّتي تسمح لهم بالصّمود،و لا يملكون القوّة الّتي تمنحهم الاستمرار على الثّبات،فهم يخافون من نقاط ضعفهم أن تستيقظ لتسقطهم من حيث لا يشعرون،و ليست الآية واردة في الأشخاص الّذين يملكون إمكانات الصّمود و

ص: 110

الاستمرار؛إذ هؤلاء عليهم أن يصمدوا ليحقّقوا للموقف الإسلاميّ القوّة من خلال مواقعهم و مواقفهم، بالمستوى الّذي قد لا يجوز فيه لهم الخروج إلى أرض أخرى،و موقع آخر.و هذا ما نستوحيه من الحديث عن سعة الأرض،فإنّها إشارة لمن تضيق به أرضه،لا لمن تتّسع لحركته،و لو كان ذلك بطريقة صعبة.(19:313)

الأرض المقدّسة

1- يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ...

المائدة:21

معاذ بن جبل:هي ما بين الفرات و عريش مصر.

(الآلوسيّ 6:106)

ابن عبّاس: الطّور و ما حوله.

(الطّبريّ 6:171)

مثله مجاهد.(1:197)

هي أريحاء.

مثله السّدّيّ،و ابن زيد.(الطّبريّ 6:172)

هي بيت المقدس.

مثله ابن زيد،و السّدّيّ،و أبو عليّ الفارسيّ.

(الطّوسيّ 3:483)

الضّحّاك: إيليا و بيت المقدس.(البغويّ 2:26)

قتادة: هي الشّام.(الطّبريّ 6:172)

الكلبيّ: صعد إبراهيم عليه السّلام جبل لبنان،فقال له جبريل:انظر فما أدركه بصرك فهو مقدّس،و هو ميراث لذرّيّتك.(أبو حيّان 3:454)

هي دمشق و فلسطين و بعض الأردن.

(البغويّ 2:26)

مثله الزّجّاج،و الفرّاء.(الطّوسيّ 3:483)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في الأرض الّتي عناها ب(الأرض المقدّسة)،فقال بعضهم:عنى بذلك الطّور و ما حوله.

و قال آخرون:هو الشّأم.

و قال آخرون:هي أرض أريحاء.

و قيل:إنّ(الأرض المقدّسة)دمشق و فلسطين و بعض الأردن.

و أولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال:هي الأرض المقدّسة،كما قال نبيّ اللّه موسى صلّى اللّه عليه و سلم،لأنّ القول في ذلك بأنّها أرض دون أرض،لا تدرك حقيقة صحّته إلاّ بالخبر،و لا خبر بذلك يجوز قطع الشّهادة به،غير أنّها لن تخرج من أن تكون من الأرض،الّتي ما بين الفرات و عريش مصر،لإجماع جميع أهل التّأويل و السّير و العلماء بالإخبار على ذلك.(6:172)

الزّمخشريّ: يعني أرض بيت المقدس.

و قيل:الطّور و ما حوله.

و قيل:الشّام.

و قيل:فلسطين و دمشق و بعض الأردن.

و قيل:سمّاها اللّه لإبراهيم ميراثا لولده حين رفع على الجبل،فقيل له:انظر فلك ما أدرك بصرك.و كان بيت المقدس قرار الأنبياء و مسكن المؤمنين.(1:603)

الآلوسيّ:التّقديس:التّطهير،و صفت تلك الأرض بذلك إمّا لأنّها مطهّرة من الشّرك؛حيث جعلت مسكن الأنبياء عليهم الصّلاة و السّلام،أو لأنّها مطهّرة

ص: 111

من الآفات.و غلبة الجبّارين عليها لا يخرجها عن أن تكون مقدّسة،أو لأنّها طهّرت من القحط و الجوع.

و قيل:سمّيت مقدّسة لأنّ فيها المكان الّذي يتقدّس فيه من الذّنوب.(6:106)

رشيد رضا: عن معاذ بن جبل:أنّ(الأرض المقدّسة)ما بين العريش إلى الفرات.و روى عبد الرّزّاق و عبد بن حميد عن قتادة:أنّها الشّام.

و المعنى واحد،فالمراد بالقولين القطر السّوريّ في عرفنا.و هذا يدلّ على أنّ هذا التّحديد لسوريّة قديم، و حسبنا أنّه من عرف سلفنا الصّالح.

و قالوا:إنّه هو مراد اللّه تعالى،و لا أحقّ و لا أعدل من قسمة اللّه تعالى و تحديده.

و في اصطلاح بعض المتأخّرين أنّ سوريّة هي القسم الشّماليّ الشّرقيّ من هذا القطر،و الباقي يسمّونه فلسطين أو بلاد المقدس،و المشهور عند النّاس أنّها هي الأرض المقدّسة.

و القول الأوّل هو الصّحيح،فإنّ بني إسرائيل ملكوا سوريّة؛فسوريّة و فلسطين شيء واحد في هذا المقام.

و يسمّون البلاد المقدّسة:أرض الميعاد،فإنّ اللّه تعالى وعد بها ذرّيّة إبراهيم.

و يدخل فيما وعد اللّه به إبراهيم الحجاز و ما جاوره من بلاد العرب،و قد خرج موسى ببني إسرائيل من مصر ليسكنهم الأرض المقدّسة الّتي وعدوا بها من عهد أبيهم إبراهيم صلّى اللّه عليه و على آله و سلّم.

و إنّما كان يريد موسى عليه السّلام بأرض الموعد و البلاد المقدّسة ما عدا بلاد الحجاز الّتي هي أرض أولاد عمّهم العرب.

قال الدّكتور بوست في«قاموس الكتاب المقدّس»:

اختصّ اسم فلسطين أوّلا بأرض الفلسطينيّين،ثمّ أطلق على كلّ أرض الإسرائيليّين غربيّ الأردن،فكان يطلق عليها في الأصل اسم كنعان.

و كانت فلسطين معروفة أيضا بالأرض المقدّسة، و أرض إسرائيل و أرض الموعد و اليهوديّة.و هي واقعة على الشّاطئ الشّرقيّ للبحر المتوسّط بين سهول النّهرين:الدّجلة و الفرات و البحر المذكور،و بين ملتقى قارّتي آسية و إفريقيّة،و هي متوسّطة بين آشور و مصر و بلاد اليونان و الفرس-إلى أن قال-و يعسر علينا معرفة حدود فلسطين،فإنّه مع دقّة الشّرح عن التّخوم الّتي تفصل بين سبط و آخر،لم يشرح لنا في الكتاب المقدّس شرحا مستوفى،تتميّز به تخوم فلسطين عن تخوم الأمم المجاورة لها.و يظهر أنّ هذه التّخوم كانت تتغيّر من جيل إلى جيل.

أمّا الأرض الموعود بها لإبراهيم و الموصوفة في كتابات موسى،فكانت تمتدّ من جبل هور إلى مدخل حماة،و من نهر مصر:العريش إلى النّهر الكبير نهر الفرات(تك 15:18،وعد 34:2-12،و تث 1:17) و أكثر هذه الأراضي كانت تحت سلطة سليمان.

فكان التّخم الشّماليّ حينئذ سوريّة،و الشّرقيّ الفرات،و البرّيّة السّوريّة،و الجنوبيّ برّيّة التّيه و أدوم،و الغربيّ البحر المتوسّط.بنصّه مع اختصار حذف به أكثر الشّواهد،و لا حاجة لنا بغير الأخيرة منها،و هي الّتي ذكرناها.(6:325)

ص: 112

الطّباطبائيّ: قد وصف الأرض بالمقدّسة،و قد فسّروه بالمطهّرة من الشّرك لسكون الأنبياء و المؤمنين فيها،و لم يرد في القرآن الكريم ما يفسّر هذه الكلمة.

و الّذي يمكن أن يستفاد منه ما يقرب من هذا المعنى قوله تعالى: إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ الإسراء:1،و قوله: وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها الأعراف:137.

و ليست المباركة في الأرض إلاّ جعل الخير الكثير فيها،و من الخير الكثير إقامة الدّين و إذهاب قذارة الشّرك.(5:288)

2- وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ... الإسراء:104

الطّبريّ: أرض الشّام.(15:176)

مثله الطّوسيّ(6:529)،و أبو حيّان(6:86).

البغويّ:يعني أرض مصر و الشّام.(4:153)

مثله الميبديّ(5:630)،و الطّبرسيّ(3:444)، و القرطبيّ(10:338)،و الخازن(4:153).

الزّمخشريّ: فأراد فرعون أن يستخفّ موسى و قومه من أرض مصر و يخرجهم منها،أو ينفيهم عن ظهر الأرض بالقتل و الاستئصال،فحاق به مكره بأن استفزّه اللّه بإغراقه مع قبطه(اسكنوا الارض)الّتى أراد فرعون أن يستفزّكم منها.(2:469)

نحوه الفخر الرّازيّ.(21:66)

البروسويّ: الّتي أراد أن يستفزّكم منها،و هي أرض مصر إن صحّ أنّهم دخلوها بعده،أو الأرض مطلقا.(5:209)

مثله الآلوسيّ.(15:186)

الطّباطبائيّ: المراد بالأرض الّتي أمروا أن يسكنوها،هي الأرض المقدّسة الّتي كتبها اللّه لهم بشهادة قوله: اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ المائدة:21،و غير ذلك.كما أنّ المراد ب(الأرض)في الآية السّابقة مطلق الأرض،أو أرض مصر بشهادة السّياق.(13:219)

عبد الكريم الخطيب: الّتي دعي بنو إسرائيل إلى سكناها،و أكثر الآراء على أنّها الأرض المقدّسة الّتي أشار إليها قوله تعالى على لسان موسى: يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ المائدة:21.

(15:563)

3- وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ. الأنبياء:71

أبيّ بن كعب: الشّام.

مثله الحسن،و ابن جريج،و ابن زيد.

(الطّبريّ 17:46)

ابن عبّاس: يعني مكّة،و نزول إسماعيل البيت.

(الطّبريّ 17:47)

قتادة: كانا بأرض العراق،فأنجيا إلى أرض الشّام، و كان يقال للشّام:عماد دار الهجرة،و ما نقص من الأرض زيد في الشّام،و ما نقص من الشّام زيد في فلسطين،و كان يقال:هي أرض المحشر و المنشر،و بها مجمع النّاس،و بها ينزل عيسى بن مريم،و بها يهلك اللّه شيخ الضّلالة الكذّاب الدّجّال.(الطّبريّ 17:46)

ص: 113

الطّبريّ:هي أرض الشّام.

و قد اختلف أهل التّأويل في الأرض الّتي ذكر اللّه أنّه نجّى إبراهيم و لوطا إليها،و وصفه أنّه بارك فيها للعالمين.فقال بعضهم بنحو الّذي قلنا في ذلك.

و قال آخرون:بل يعني مكّة،و هي الأرض الّتي قال اللّه تعالى: اَلَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ....

و إنّما اخترنا ما اخترنا من القول في ذلك،لأنّه لا خلاف بين جميع أهل العلم،أنّ هجرة إبراهيم من العراق كانت إلى الشّام،و بها كان مقامه أيّام حياته،و إن كان قد كان قدم مكّة،و بنى بها البيت و أسكنها إسماعيل ابنه مع أمّه هاجر،غير أنّه لم يقم بها و لم يتّخذها وطنا لنفسه،و لا لوط،و اللّه إنّما أخبر عن إبراهيم و لوط أنّهما أنجاهما إلى الأرض الّتي بارك فيها للعالمين.(17:46)

القرطبيّ:قيل:بيت المقدس.و قيل:الأرض المباركة:مصر.(11:305)

الآلوسيّ:المراد بهذه الأرض أرض الشّام.و قيل:

أرض مكّة،و قيل:مصر.و الصّحيح الأوّل.

(17:70)

فضل اللّه:هي الأرض المقدّسة،و هي أرض الشّام الّتي هاجر إليها إبراهيم عليه السّلام،الّتي جعل اللّه فيها من البركة الرّوحيّة الّتي تمثّلت بالأنبياء الّذين قادوا المسيرة الرّساليّة،بكلّ وعي و إيمان و إخلاص،و انفتاح على النّاس،و تلك هي البركة في العمق الرّوحيّ الّذي يحتوي الفكر و الضّمير و الشّعور و الوجدان،و يهيّئ الحياة لموسم إيمان متحرّك جديد.(15:241)

4- وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَ كُنّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ. الأنبياء:81

الطّوسيّ: يعني الشّام،لأنّها كانت مأواه،فأيّ مكان شاء مضى إليه،و عاد إليها بالعشيّ.(7:270)

نحوه فضل اللّه(15:252)

أبو حيّان:(الأرض):أرض الشّام،و كانت مسكنه و مقرّ ملكه.و قيل:أرض فلسطين،و قيل:بيت المقدس.

قيل:و يحتمل أن تكون الأرض الّتي يسير إليها سليمان كائنة ما كانت.(6:332)

نحوه فضل اللّه.(15:252)

أرض التّيه

قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ... المائدة:26

الإمام الباقر عليه السّلام:[في حديث]في مصر وفيا فيها.(الكاشانيّ 2:26)

الرّبيع:كان مقداره ستّة فراسخ.

(الطّوسيّ 3:490)

مقاتل:كان مسافة الأرض الّتي تاهوا فيها ثلاثين فرسخا في عرض تسعة فراسخ.(الآلوسيّ 6:109)

الطّبريّ: كان تيههم،ذلك أنّهم كانوا يصبحون أربعين سنة كلّ يوم جادّين،في قدر ستّة فراسخ للخروج منه،فيمسون في الموضع الّذي ابتدءوا السّير منه.(6:185)

نحوه الطّبرسيّ(2:181)،و البغويّ(2:30)، و الزّمخشريّ(1:605).

ص: 114

الطّوسيّ:التّيهاء من الأرض،هي الّتي لا يهتدى فيها،يقال:أرض تيه و تيهاء.[ثمّ استشهد بشعر]

(3:490)

مثله القرطبيّ.(6:129)

أبو حيّان:الأرض الّتي تاهوا فيها على ما حكي، طولها ثلاثون ميلا،في عرض ستّة فراسخ،و هو ما بين مصر و الشّام.

و قال ابن عبّاس:تسعة فراسخ.

قال مقاتل:هذا عرضها،و طولها ثلاثون فرسخا.

و قيل:ستّة فراسخ في طول اثني عشر فرسخا.

و قيل:تسعة فراسخ.(3:458)

نحوه الآلوسيّ.(6:109)

أبو السّعود:أي يتحيّرون في البرّيّة.و كان طول البرّيّة تسعين فرسخا.[ثمّ ذكر نحو أبي حيّان]

(2:19)

الآلوسيّ:[التّأويل]أي أرض الطّبيعة،و ذلك بقائهم في مقام النّفس،و كان ينزل عليهم من سماء الرّوح نور عقد المعاش فينتفعون بضوئه.(6:123)

أدنى الأرض

الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. الرّوم:1-3

ابن عبّاس: في طرف الشّام.(الطّبريّ 21:21)

بالأردن و فلسطين.

مثله السّدّيّ.(الآلوسيّ 21:17)

مثله مقاتل.(القرطبيّ 14:4).

مجاهد: فِي أَدْنَى الْأَرْضِ: من أرض الشّام إلى أرض فارس،يريد الجزيرة،و هي أقرب أرض الرّوم إلى فارس.(الطّبرسيّ 4:294)

عكرمة:بأذرعات،و هي ما بين بلاد العرب و الشّام.(القرطبيّ 14:4)

يريد أذرعات و كسكر.(الطّبرسيّ 4:294)

الإمام الباقر عليه السّلام:يعني غلبتها فارس فِي أَدْنَى الْأَرْضِ و هي الشّامات و ما حولها،و فارس من بعد غلبهم الرّوم سيغلبون في بضع سنين.(القمّيّ 2:152)

ابن زيد:(ادنى الارض):الشّام.

(الطّبريّ 21:20)

الطّبريّ: إنّما معناه فِي أَدْنَى الْأَرْضِ من فارس، فترك ذكر فارس استغناء بدلالة ما ظهر من قوله: فِي أَدْنَى الْأَرْضِ عليه منه.(21:21)

الزّجّاج: فِي أَدْنَى الْأَرْضِ: من أرض العرب.

(الطّبرسيّ 4:294)

نحوه فضل اللّه.(18:99)

الطّوسيّ: المراد ادنى الارض إلى جهة عدوّهم.

(8:229)

الميبديّ:يعني في أقرب أرض الحجاز منهم، و هي أذرعات و بصرى،فهي أدنى الشّام إلى أرض العرب.(7:425)

الزّمخشريّ: (الأرض):أرض العرب،لأنّ الأرض المعهودة عند العرب أرضهم،و المعنى:غلبوا في أدنى أرض العرب منهم و هي أطراف الشّام،أو أراد أرضهم على إنابة اللاّم مناب المضاف إليه،أي في أدنى أرضهم إلى عدوّهم.(3:213)

ص: 115

ابن عطيّة:إن كانت الواقعة بأذرعات فهي من أدنى الأرض بالقياس إلى مكّة،و هي الّتي ذكرها امرؤ القيس في قوله:*تنوّرتها من أذرعات و أهلها*

و إن كانت الواقعة بالجزيرة فهي أدنى بالقياس إلى أرض كسرى،و إن كانت بالأردن فهي أدنى إلى أرض الرّوم.(القرطبيّ 14:4)

النّيسابوريّ:أي انتهى ضعفهم إلى أن وصل عدوّهم إلى طريق الحجاز و كسروهم،و هم في بلادهم.

(21:23)

السّيوطيّ:أي أقرب أرض الرّوم إلى فارس بالجزيرة التقى فيها الجيشان،و البادي بالغزو الفرس.(الجلالين 2:215)

الآلوسيّ:المراد ب(الأرض)أرض الرّوم،على أنّ «أل»نائبة مناب الضّمير المضاف إليه،و الأقربيّة بالنّظر إلى أهل مكّة،لأنّ الكلام معهم،أو المراد بها أرض مكّة و نواحيها لأنّها الأرض المعهودة عندهم،و الأقربيّة بالنّظر إلى الرّوم،أو المراد بالأرض أرض الرّوم لذكرهم،و الأقربيّة بالنّظر إلى عدوّهم،أعني فارس لحديث المغلوبيّة.و قد جاء من طرق عديدة أنّ الحرب وقع بين أذرعات و بصرى.(21:17)

عزّة دروزة:المتبادر أنّها كناية عن البلاد المتآخمة للحجاز.و بعض المفسّرين قالوا:إنّها بلاد الشّام، و بعضهم قالوا:إنّها جزيرة الفرات.

و كلا القولين وجيه،لأنّ الرّوم انكسروا أمام الفرس في بلاد جزيرة الفرات،ثمّ في بلاد الشّام في زمن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلّم.(6:283)

الضّرب في الأرض

1- وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ...

النّساء:101

الطّبريّ: و إذا سرتم أيّها المؤمنون في الأرض.

(5:242)

مثله الطّوسيّ(3:307)،و الميبديّ(2:653)، و الطّبرسيّ(2:100)،و الزّمخشريّ(1:558)، و الخازن(1:486)،و البروسويّ(2:273)، و الآلوسيّ(5:131)،و الطّباطبائيّ(5:61).

رشيد رضا :الضّرب في الأرض عبارة عن السّفر فيها،لأنّ المسافر يضرب الأرض برجليه و عصاه أو بقوائم راحلته،كما يقال:طرق الأرض إذا مرّ بها،كأنّه ضربها بالمطرقة.و منه الطّريق،أي السّبيل المطروق.

و قال هاهنا: ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ و لم يقل:

ضربتم في سبيل اللّه،كما قال في الآية«93»من هذه السّورة الواردة في حكم إلقاء السّلام في الحرب،لأنّ هذه أعمّ فهي رخصة لكلّ مسافر،و لو لم يكن سفره في سبيل اللّه للدّفاع عن الحقّ و إقامة الدّين،بأن كان للتّجارة أو لمجرّد السّياحة مثلا.و إذا كان السّفر في سبيل اللّه فالمسافر أحقّ بالرّخصة و هي له أوّلا و بالذّات بقرينة السّياق و ما جاء في الآية بعد هذه.(5:363)

و بهذا المعنى جاءت:

2- ...إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ...

المائدة:106

3- ...إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ... آل عمران:156

4- ...وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ... المزّمّل:20

ص: 116

5- ...لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ...

البقرة:273

الخلود إلى الأرض

...وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ... الأعراف:176

ابن عبّاس: كان في بني إسرائيل بلعام بن باعر، أوتي كتابا،فأخلد إلى شهوات الأرض،و لذّتها و أموالها،لم ينتفع بما جاء به الكتاب.

(الطّبريّ 9:127)

يريد مال إلى الدّنيا.

مثله مقاتل(الفخر الرّازيّ 15:56)

و مثله الطّبرسيّ(2:500)

سعيد بن جبير: يعني ركن إلى الأرض.

نزع إلى الأرض.(الطّبريّ 9:127)

السّدّيّ:فاتّبع الدّنيا،و ركن إليها.

(الطّبريّ 9:128)

الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:و لو شئنا لرفعنا هذا الّذي آتيناه آياتنا،بآياتنا الّتي آتيناه وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ يقول:سكن إلى الحياة الدّنيا في الأرض، و مال إليها،و آثر لذّتها و شهواتها على الآخرة،و اتّبع هواه،و رفض طاعة اللّه،و خالف أمره.

و أصل الإخلاد في كلام العرب:الإبطاء و الإقامة، يقال منه:أخلد فلان بالمكان،إذا أقام به،و أخلد نفسه إلى المكان،إذا أتاه من مكان آخر.[ثمّ استشهد بشعر]

و كان بعض البصريّين يقول:معنى قوله: أَخْلَدَ لزم و تقاعس و أبطأ،و المخلد أيضا هو الّذي يبطئ شيبه من الرّجال،و هو من الدّوابّ الّذي تبقى ثناياه حتّى تخرج رباعيتاه.(9:124-129)

الطّوسيّ: معناه:سكن إلى الدّنيا،و ركن إليها،و لم يسم إلى الغرض الأعلى.(5:39)

الطّبرسيّ:معناه،و لكنّه مال إلى الدّنيا بإيثار الرّاحة و الدّعة في لذّته.(2:500)

الفخر الرّازيّ:قال أصحاب العربيّة:أصل الإخلاد اللّزوم على الدّوام،و كأنّه قيل:لزم الميل إلى الأرض،و منه يقال:أخلد فلان بالمكان،إذا لزم الإقامة به.[ثمّ استشهد بشعر]

قال ابن عبّاس: وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ يريد مال إلى الدّنيا،و قال مقاتل:بالدّنيا،و قال الزّجّاج:

سكن إلى الدّنيا.

قال الواحديّ:فهؤلاء فسّروا(الأرض)في هذه الآية بالدّنيا؛و ذلك لأنّ الدّنيا هي الأرض،لأنّ ما فيها من العقار و الضّياع و سائر أمتعتها من المعادن و النّبات و الحيوان مستخرج من الأرض،و إنّما يقوى و يكمل بها، فالدّنيا كلّها هي الأرض،فصحّ أن يعبّر عن الدّنيا بالأرض.

و نقول:لو جاء الكلام على ظاهره لقيل: لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ... و لكنّا لم نشأ،إلاّ أنّ قوله: وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ لما دلّ على هذا المعنى،لا جرم أقيم مقامه.

(15:55)

البروسويّ:أي مال إلى الدّنيا فلم نشأ رفعه، لمباشرته لسبب نقيضه.

و الإخلاد إلى الشّيء:الميل إليه مع الاطمئنان، و عبّر عن الدّنيا بالأرض،لأنّ ما فيها من العقار و الرّباع

ص: 117

كلّها أرض،و سائر متاعها مستخرج من الأرض.

و الإخلاد إلى الأرض كناية عن الإعراض عن ملازمة الآيات و العمل بمقتضاها،و الكناية أبلغ من التّصريح.(3:278)

رشيد رضا :أي و لكنّه اختار لنفسه التّسفّل المنافي لتلك الرّفعة،بأن أخلد و مال إلى الأرض و زينتها، و جعل كلّ حظّه من حياته التّمتّع بما فيها من اللّذائذ الجسديّة،فلم يرفع إلى العالم العلويّ رأسا،و لم يوجّه إلى الحياة الرّوحيّة الخالدة عزما،و اتّبع هواه في ذلك، فلم يراع فيه الاهتداء بشيء ممّا آتيناه من آياتنا.

و قد مضت سنّتنا في خلق نوع الإنسان،بأن يكون مختارا في عمله المستعدّ له في أصل فطرته،ليكون الجزاء عليه بحسبه،و أن نبتليه و نمتحنه بما خلقنا في هذه الأرض من الزّينة و المستلذّات إِنّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً الكهف:7، و نولّي كلّ إنسان منهم ما تولّى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً* وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعى لَها سَعْيَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً* كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً* اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلاً الإسراء 18-21.

و قد مضت سنّتنا أيضا بأنّ اتّباع الإنسان لهواه بتحرّيه و تشهّيه،ما تميل إليه نفسه في كلّ عمل من أعماله،دون ما فيه المصلحة و الفائدة له؛من حيث هو جسد و روح،يضلّه عن سبيل اللّه الموصلة إلى سعادة الدّنيا و الآخرة،و يتعسّف به في سبل الشّيطان المردية المهلكة.قال تعالى لخليفته داود عليه السّلام: وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ ص:26،و قال تعالى في أوّل ما أوحاه إلى كليمه موسى عليه السّلام بعد ذكر السّاعة:

فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى طه:16،و قال جلّ جلاله لخاتم أنبيائه عليه صلواته و سلامه: أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً الفرقان:43.

و الآيات في ذمّ الهوى و النّهي عنه كثيرة.و حسبك منها قوله: وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ المؤمنون:71.

و حاصل معنى الشّرط و الاستدراك أنّ من شأن من أوتي آيات اللّه تعالى أن ترتقي نفسه،و ترتفع في مراقي الكمال درجته،لما فيها من الهداية و الإرشاد و الذّكرى، و إنّما يكون ذلك لمن أخذ هذه الآيات و تلقّاها بهذه النّيّة «و إنّما لكلّ امرئ مانوى».

و أمّا من لم ينو ذلك و لم تتوجّه إليه نفسه،و إنّما تلقّى الآيات الإلهيّة اتّفاقا بغير قصد،أو بنيّة كسب المال و الجاه،و وجد مع ذلك في نفسه ما يصرفه عن الاهتداء بها فلن يستفيد منها،و أسرع به أن ينسلخ منها،فهو يقول: لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها الأعراف:176،لأنّها في نفسها هدى و نور،و لكن تعارض المقتضي و المانع، و هو إخلاده إلى الأرض و اتّباع هواه.(9:406)

فضل اللّه:مثل الّذي أخلد إلى الأرض كمثل الكلب

و هذا حديث عن شخص من بني إسرائيل،قيل:إنّ

ص: 118

اسمه بلعم بن باعورا كان يملك الاسم الأعظم،و قيل:إنّه شخص معاصر للدّعوة الإسلاميّة،كان يعرف الكثير من آيات اللّه و تعاليمه،و لكن هذا الشّخص انحرف عن الخطّ المستقيم،فلم ينتفع بما يملك من المعرفة،و لم ينفتح على الآفاق الرّحبة العالية الّتي ترفعه إلى اللّه في عمليّة سموّ و طهر و إيمان،بل هوى إلى الأرض في حالة انحطاط روحيّ و فكريّ،فلم يتطلّع إلاّ إلى الأجواء السّفلى الّتي تربط مطامحه بالتّراب و لا شيء إلاّ التراب...و هذا ما نريد أن نتابعه مع هاتين الآيتين:

وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا في ما رزقناه من وسائل المعرفة،في ما يهدي إليه العقل أو الوحي، فَانْسَلَخَ مِنْها و ابتعد عنها في عمليّة رفض و انحراف، فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ* وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها الأعراف:175،176،لأنّ الفكر الّذي تمثّله هو فكر الذّرى الشّمّاء الّذي ينظر إلى أعالي الأمور،و لا يتطلّع إلى أسافلها؛حيث الرّوحيّة المنفتحة على اللّه في آفاق المطلق.

وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ و التصق بها،و أقبل عليها في عبادة و خضوع و نهم إلى التّراب.و الالتصاق بالأرض،يعني الانغماس في القيم المادّيّة الّتي لا تنبض فيها خفقة من قلب،و لهفة من روح،و نبضة من وحي، بل تتجمّع فيها كلّ أنانيّة النّفس الأمّارة بالسّوء، و شهوات الجسد الباحث أبدا عن المتعة الحسّيّة و أطماع الذّات الّتي لا تفكّر إلاّ بمطامعها و لو على حساب الآخرين،و بذلك يسترخي الإنسان مع أجواء السّعادة الحسّيّة المادّيّة.و يستريح للخطوات اللاّهثة وراء الرّغبة، و يبتعد رويدا رويدا عن كلّ آفاق الرّوح الباحثة أبدا عن المطلق في رحاب اللّه؛حيث يعيش الإنسان إنسانيّته في أريحيّة القيم وَ اتَّبَعَ هَواهُ. ... فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ الأعراف:176(10:286)

الاستخلاف في الأرض

1- ...إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً... البقرة:30

الطّوسيّ: قيل:إنّ(الأرض)أراد بها مكّة،روي ذلك عن ابن سارط (1)،أنّ النّبيّ قال:«دحيت الأرض من مكّة»و لذلك سمّيت أمّ القرى.قال:«دفن نوح و هود،و صالح،و شعيب بين زمزم و المقام».

و قال قوم: إنّها الأرض المعروفة،و هو الظّاهر.

(1:131)

مثله الطّبرسيّ(1:74)،و القرطبيّ(1:263).

الفخر الرّازيّ: الظّاهر أنّ(الأرض)الّتي في الآية جميع الأرض من المشرق إلى المغرب.و روى عبد الرّحمن بن سابط عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم أنّه قال:«دحيت الأرض من مكّة و كانت الملائكة تطوف بالبيت،و هم أوّل من طاف به،و هو في الأرض الّتي قال اللّه تعالى:

إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...» .

و الأوّل أقرب إلى الظّاهر.(2:165)

النّيسابوريّ: الظّاهر أنّ(الأرض)يراد بها ما بين الخافقين.و قد روي عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم«أنّ الأرض هاهنا أرض مكّة الّتي دحيت الأرض من تحتها».(1:231)

أبو حيّان: قوله:(فى الارض)ظاهره الأرض

ص: 119


1- كذا،و الصّواب(سابط).كما عن الفخر الرّازيّ.

كلّها،و هو قول الجمهور.و قيل:أرض مكّة.و روى ابن سابط هذا التّفسير بأنّها أرض مكّة مرفوعا إلى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم،فإن صحّ ذلك لم يعدل عنه.

قيل:و لذلك سمّي وسطها بكّة،لأنّ الأرض بكّت من تحتها،و اختصّت بالذّكر لأنّها مقرّ من هلك قومه من الأنبياء،و دفن بها نوح و هود و صالح بين المقام و الرّكن.

و تكون الألف و اللاّم فيها للعهد نحو: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ يوسف:80، وَ كَذلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ... يوسف:56، اُسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ القصص:5.[ثمّ استشهد بشعر](1:140)

الآلوسيّ: [ذكر مثل أبي حيّان و أضاف:]

و خصّ سبحانه الأرض،لأنّها من عالم التّغيير و الاستحالات،فيظهر بحكم الخلافة فيها حكم جميع الأسماء الإلهيّة الّتي طلب الحقّ ظهوره بها،بخلاف العالم الأعلى.(1:220)

2- وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ... النّور:55

النّقّاش: يريد ب(الأرض)أرض مكّة،لأنّ المهاجرين سألوا ذلك.(الطّوسيّ 7:455)

الطّوسيّ: معناه:يورّثهم أرض المشركين من العرب و العجم.(7:455)

مثله البغويّ(5:71)،و الطّبرسيّ(4:152).

القرطبيّ: فيه قولان:

أحدهما:يعني أرض مكّة،لأنّ المهاجرين سألوا اللّه تعالى ذلك فوعدوا كما وعدت بنو إسرائيل،قال معناه النّقّاش.

الثّاني:بلاد العرب و العجم.قال ابن العربيّ:و هو الصّحيح،لأنّ أرض مكّة محرّمة على المهاجرين.

(12:299)

النّسفيّ: أي أرض الكفّار،و قيل:أرض المدينة.

و الصّحيح أنّه عامّ لقوله عليه الصّلاة و السّلام:

«ليدخلنّ هذا الدّين على ما دخل عليه اللّيل».

(3:152)

الآلوسيّ: المراد ب(الأرض)على ما قيل:جزيرة العرب.

و قيل:مأواه عليه السّلام من مشارق الأرض و مغاربها، ففي الصّحيح«زويت لي الأرض فأريت مشارقها و مغاربها،و سيبلغ ملك أمّتي ما زوي لي منها».

(18:203)

العلوّ و الفساد و الإسراف في الأرض

و إجلاء أهلها منها

1- إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً... القصص:4

قتادة: أي بغى في الأرض.(الطّبريّ 20:27)

السّدّيّ:تجبّر في الأرض.(الطّبريّ 20:27)

الطّبريّ: إنّ فرعون تجبّر في أرض مصر و تكبّر، و علا أهلها و قهرهم،حتّى أقرّوا له بالعبودة.

(20:27)

مثله الطّبرسيّ(4:239)،و أبو حيّان(7:104).

الطّوسيّ: ببغيه و استعباده بني إسرائيل،و قتل أولادهم.

ص: 120

و قيل:بقهره و ادّعائه الرّبوبيّة.

و قيل:بشدّة سلطانه.(8:128)

الزّمخشريّ: يعني أرض مملكته قد طغى فيها و جاوز الحدّ في الظّلم و العسف.(3:164)

الميبديّ: تجبّر و استكبر و طغى و بغى.

و قيل:عظم أمره بكثرة من أطاعه.(7:274)

البروسويّ:فهو استئناف مبيّن لذلك البعض، و تصديره بحرف التّأكيد للاعتناء بتحقيق مضمون ما بعده.و العلوّ:الارتفاع،أي تجبّر و طغى في أرض مصر و جاوز الحدود المعهودة في الظّلم و العدوان.

و قال الجنيد: ادّعى ما ليس له.(6:381)

مثله الآلوسيّ.(20:42)

الطّباطبائيّ: العلوّ في الأرض:كناية عن التّجبّر و الاستكبار.(16:7)

2- ...وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ. يونس:83

الطّبريّ: و إنّ فرعون لجبّار مستكبر على اللّه في أرضه.(11:151)

الطّوسيّ: العلوّ في الامر:عظم الشّأن فيه،و كلّ معنى لا يخلو من أن يكون في صفة عالية،أو دانية،أو فيما بينهما من الجلالة و الضّعة.(5:481)

الزّمخشريّ: لغالب فيها قاهر.(2:249)

مثله الفخر الرّازيّ.(17:145)

الطّبرسيّ: أي مستكبر باغ طاغ في أرض مصر و نواحيها.(3:127)

مثله البروسويّ.(4:71)

الآلوسيّ :أي لغالب قاهر في أرض مصر.

و استعمال العلوّ بالغلبة و القهر مجاز معروف.

(11:169)

3- ...لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً...

القصص:83

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أوصيكم بتقوى اللّه،و أوصى اللّه بكم انّى لكم نذير مبين ألاّ تعلوا على اللّه في عباده و بلاده، فإنّ اللّه تعالى قال لي و لكم: تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ القصص:83.(العروسيّ 4:143)

الإمام عليّ عليه السّلام: فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة و مرقت أخرى و فسق آخرون،كأنّهم لم يسمعوا اللّه سبحانه؛إذ يقول: تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ القصص:83،بلى و اللّه لقد سمعوها و وعوها، و لكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم و راقهم زبرجها.

(العروسيّ 4:143)

إنّ الرّجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه،فيدخل تحتها.(العروسيّ 4:144)

سعيد بن جبير: البغي.(الطّبريّ 20:122)

عكرمة: العلوّ:التّجبّر.(الطّبريّ 20:122)

العلوّ في الأرض:التّكبّر و طلب الشّرف و المنزلة عند سلاطينها و ملوكها.و الفساد:العمل بالمعاصي و أخذ المال بغير حقّه.(الآلوسيّ 20:125)

الحسن: العلوّ:العزّ و الشّرف إن جرّ البغي.

(أبو حيّان 7:136)

ص: 121

الإمام الصّادق عليه السّلام: العلوّ:الشّرف،و الفساد:

النّساء.(القمّيّ 2:147)

ابن جريج: تعظّما و تجبّرا،(و لا فسادا):عملا بالمعاصي.(الطّبريّ 20:122)

الطّبريّ: تلك الدّار الآخرة نجعل نعيمها للّذين لا يريدون تكبّرا عن الحقّ في الأرض و تجبّرا عنه (و لا فسادا)يقول:و لا ظلم النّاس بغير حقّ،و عملا بمعاصي اللّه فيها.(20:122)

الطّوسيّ: إنّما قبّح طلب العلوّ في الأرض،لأنّه ركون إليها،و ترك لطلب العلوّ في الآخرة،و معاملة لها بخلاف ما أراده اللّه بها من أن تكون دار ارتحال لا دار مقام فيها.(و لا فسادا)أي و لا يريدون فسادا في الأرض بفعل المعاصي.(8:182)

الآلوسيّ: أي غلبة و تسلّطا.(و لا فسادا)أي ظلما و عدوانا على العباد كدأب فرعون و قارون.

و ليس الموصول مخصوصا بهما،و في إعادة(لا) إشارة إلى أنّ كلاّ من العلوّ و الفساد مقصود بالنّفي،و في تعليق الموعد بترك إرادتهما لا بترك أنفسهما مزيد تحذير منهما.(20:125)

الطّباطبائيّ: أي نختصّها بهم،و إرادة العلوّ هو الاستعلاء و الاستكبار على عباد اللّه،و إرادة الفساد فيها ابتغاء معاصي اللّه تعالى،فإنّ اللّه بنى شرائعه الّتي هي تكاليف للإنسان على مقتضيات فطرته و خلقته،و لا تقتضي فطرته إلاّ ما يوافق النّظام الأحسن الجاري في الحياة الإنسانيّة الأرضيّة،فكلّ معصية تقضي إلى فساد في الأرض بلا واسطة أو بواسطة.قال تعالى:

ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ الرّوم:41.

و من هنا ظهر أنّ إرادة العلوّ من مصاديق إرادة الفساد،و إنّما أفردت و خصّت بالذّكر اعتناء بأمرها.

و محصّل المعنى:تلك الدّار الآخرة السّعيدة نخصّها بالّذين لا يريدون فسادا في الأرض بالعلوّ على عباد اللّه و لا بأيّ معصية أخرى.(16:81)

4- وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ. البقرة:11

ابن عبّاس: إظهار معصية اللّه تعالى.

مثله الحسن،و السّدّيّ،و قتادة.

(الفخر الرّازيّ 2:66)

و مثله أبو العالية،و مقاتل.(أبو حيّان 1:64)

إفسادهم في الأرض بالكفر.(أبو حيّان 1:64)

مجاهد: بترك امتثال الأمر و اجتناب النّهي.

(أبو حيان 1:64)

الضّحّاك: بقصدهم تغيير الملّة.

(أبو حيّان 1:65)

السّدّيّ: إفسادهم في الأرض بالكفر و المعصية.

(أبو حيّان 1:65)

الرّبيع: كان فسادهم على أنفسهم ذلك معصية اللّه جلّ ثناؤه،لأنّ من عصى اللّه في الأرض أو أمر بمعصيته، فقد أفسد في الأرض،لأنّ إصلاح الأرض و السّماء بالطّاعة.(الطّبريّ 1:125)

الطّبريّ: الإفساد في الأرض:العمل فيها بما نهى اللّه جلّ ثناؤه عنه،و تضييع ما أمر اللّه بحفظه،فذلك جملة

ص: 122

الإفساد.كما قال جلّ ثناؤه في كتابه مخبرا عن قيل ملائكته: قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ البقرة:30،يعنون بذلك أ تجعل في الأرض من يعصيك و يخالف أمرك.فكذلك صفة أهل النّفاق مفسدون في الأرض بمعصيتهم فيها ربّهم،و ركوبهم فيها ما نهاهم عن ركوبه،و تضييعهم فرائضه،و شكّهم في دين اللّه الّذي لا يقبل من أحد عملا إلاّ بالتّصديق به، و الإيقان بحقّيّته،و كذبهم المؤمنين بدعواهم،غير ما هم عليه مقيمون من الشّكّ و الرّيب،و بمظاهرتهم أهل التّكذيب باللّه و كتبه و رسله على أولياء اللّه،إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا.(1:126)

نحوه الطّوسيّ.(1:74)

الزّمخشريّ: الفساد في الأرض:هيج الحروب و الفتن،لأنّ في ذلك فساد ما في الأرض،و انتفاء الاستقامة عن أحوال النّاس و الزّروع و المنافع الدّينيّة و الدّنيويّة قال اللّه: وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ البقرة:205، أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ البقرة:30.

و منه قيل لحرب كانت بين طيّئ:حرب الفساد.(1:179)

الفخر الرّازيّ: الفساد:خروج الشّيء عن كونه منتفعا به،و نقيضه الصّلاح فأمّا كونه فسادا في الأرض، فإنّه يفيد أمرا زائدا،و فيه ثلاثة أقوال:

أحدها:قول ابن عبّاس،و الحسن،و قتادة، و السّدّيّ:إنّ المراد بالفساد في الأرض إظهار معصية اللّه تعالى،و تقريره ما ذكره القفّال رحمه اللّه،و هو أنّ إظهار معصية اللّه تعالى إنّما كان إفسادا في الأرض،لأنّ الشّرائع سنن موضوعة بين العباد،فإذا تمسّك الخلق بها زال العدوان و لزم كلّ أحد شأنه،فحقنت الدّماء و سكنت الفتن،و كان فيه صلاح الأرض و صلاح أهلها.

أمّا إذا تركوا التّمسّك بالشّرائع و أقدم كلّ أحد على ما يهواه لزم الهرج و المرج و الاضطراب،و لذلك قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ محمّد:22،نبّههم على أنّهم إذا أعرضوا عن الطّاعة لم يحصلوا إلاّ على الإفساد في الأرض به.

و ثانيها:أن يقال:ذلك الفساد هو مداراة المنافقين للكافرين و مخالطتهم معهم،لأنّهم لمّا مالوا إلى الكفر -مع أنّهم في الظّاهر مؤمنون-أوهم ذلك ضعف الرّسول صلى اللّه عليه و سلم و ضعف أنصاره،فكان ذلك يجرّئ الكفرة على إظهار عداوة الرّسول،و نصب الحرب له و طمعهم في الغلبة؛و فيه فساد عظيم في الأرض.

و ثالثها:قال الأصمّ:كانوا يدعون في السّرّ إلى تكذيبه،و جحد الإسلام،و إلقاء الشّبه.(2:66)

أبو حيّان: إفسادهم في الأرض بالكفر قاله ابن عبّاس،أو المعاصي قاله أبو العالية و مقاتل،أو بهما قاله السّدّيّ عن أشياخه،أو بترك امتثال الأمر و اجتناب النّهي قاله مجاهد،أو بالنّفاق الّذي صافوا به الكفّار و أطلعوهم على أسرار المؤمنين ذكره عليّ بن عبيد اللّه، أو بإعراضهم عن الإيمان برسول اللّه-صلى اللّه عليه و سلم-و القرآن،أو بقصدهم تغيير الملّة قاله الضّحّاك،أو باتّباعهم هواهم، و تركهم الحقّ مع وضوحه قاله بعضهم.[ثمّ ذكر قول الزّمخشريّ و أضاف:]

ص: 123

و وجه الفساد بهذه الأقوال الّتي قيلت،إنّها كلّها كبائر عظيمة و معاص جسيمة،و زادها تغليظا إصرارهم عليها.و الأرض متى كثرت معاصي أهلها و تواترت،قلّت خيراتها و نزعت بركاتها و منع عنها الغيث الّذي هو سبب الحياة،فكان فعلهم الموصوف أقوى الأسباب لفساد الأرض و خرابها،كما أنّ الطّاعة و الاستغفار سبب لكثرة الخيرات و نزول البركات و نزول الغيث،أ لا ترى قوله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ نوح:10، وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ الجنّ:16، وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا الأعراف:96 وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ المائدة:66،الآيات.

و قد قيل في تفسيره ما روي في الحديث:من أنّ الفاجر (1)يستريح منه العباد و البلاد و الشّجر و الدّوابّ، أنّ معاصيه يمنع اللّه بها الغيث فيهلك البلاد و العباد لعدم النّبات و انقطاع الأقوات.

و النّهي عن الإفساد في الأرض من باب النّهي عن المسبّب و المراد النّهي عن السّبب،فمتعلّق النّهي حقيقة هو مصافاة الكفّار و ممالأتهم[معاونتهم]على المؤمنين بإفشاء السّرّ إليهم،و تسليطهم عليهم لإفضاء ذلك إلى هيج الفتن المؤدّي إلى الإفساد في الأرض،فجعل ما رتّب على المنهيّ عنه حقيقة منهيّا عنه لفظا،و النّهي عن الإفساد في الأرض كالنّهي في قوله تعالى: وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ البقرة:60،و ليس ذكر الأرض لمجرّد التّوكيد بل في ذلك تنبيه على أنّ هذا المحلّ الّذي فيه نشأتكم و تصرّفكم،و منه مادّة حياتكم و هو سترة أمواتكم،جدير أن لا يفسد فيه؛إذ محلّ الإصلاح لا ينبغي أن يجعل محلّ الإفساد،أ لا ترى إلى قوله تعالى:

وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها الأعراف:

56،و قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ الملك:15،و قال تعالى: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها* وَ الْجِبالَ أَرْساها* مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ النّازعات:30-33،و قوله تعالى: أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا عبس:25،إلى غير ذلك من الآيات المنبّهة على الامتنان علينا بالأرض،و ما أودع اللّه فيها من المنافع الّتي لا تكاد تحصى.(1:64)

الآلوسيّ:الفساد:التّغيّر عن حالة الاعتدال و الاستقامة،و نقيضه الصّلاح،و المعنى لا تفعلوا ما يؤدّي إلى الفساد،و هو هنا الكفر،كما قاله ابن عبّاس،أو المعاصي،كما قاله أبو العالية،أو النّفاق الّذي صافوا به الكفّار فأطلعوهم على أسرار المؤمنين،فإنّ كلّ ذلك يؤدّي-و لو بالوسائط-إلى خراب الأرض و قلّة الخير و نزع البركة و تعطّل المنافع.

و إذا كان القائل بعض من كانوا يلقون إليه الفساد فلا يقبله ممّن شاركهم في الكفر،يحمل الفساد على هيج الحروب و الفتن الموجب لانتفاء الاستقامة،و مشغوليّة النّاس بعضهم ببعض،فيهلك الحرث و النّسل.

و لعلّ النّهي عن ذلك لخور أو تأمّل في العاقبة، و إراحة النّفس عمّا ضرره أكبر من نفعه،ممّا يميل إليه الحذّاق.على أنّ في أذهان كثير من الكفّار إذ ذاك توقّعح.

ص: 124


1- كذا،و الظّاهر لا يستريح.

ما يغني عن القتال،من وقوع مكروه بالمؤمنين وَ يَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ... التّوبة:32.

و لا يخفى ما في هذا الوجه من التّكلّف،و المراد من (الأرض)جنسها،أو المدينة المنوّرة.و الحمل على جميع الأرض ليس بشيء؛إذ تعريف المفرد يفيد استيعاب الأفراد لا الأجزاء،اللّهمّ إلاّ أن يعتبر كلّ بقعة أرضا، لكن يبقى أنّه لا معنى للحمل على الاستغراق،باعتبار تحقّق الحكم في فرد واحد.و ليس ذكر(الأرض)لمجرّد التّأكيد بل في ذلك تنبيه على أنّ الفساد واقع في دار مملوكة لمنعم أسكنكم بها و خوّلكم بنعمها.

و أقبح خلق اللّه من بات عاصيا

لمن بات في نعمائه يتقلّب

(1:153)

5- ...وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. البقرة:27

الطّوسيّ: قال قوم:استدعاؤهم إلى الكفر.

و قال قوم:إخافتهم السّبيل و قطعهم الطّريق.

و قال قوم:أراد كلّ معصية تعدّى ضررها إلى غير فاعلها.(1:121)

نحوه الطّبرسيّ(1:70)،و أبو حيّان(1:128).

الفخر الرّازيّ: فالأظهر أن يراد به الفساد الّذي يتعدّى دون ما يقف عليهم.و الأظهر أنّ المراد منه الصّدّ عن طاعة الرّسول عليه الصّلاة و السّلام،لأنّ تمام الصّلاح في الأرض بالطّاعة،لأنّ بالتزام الشّرائع يلتزم الإنسان كلّ ما لزمه،و يترك التّعدّي إلى الغير.و منه زوال التّظالم،و في زواله العدل الّذي قامت به السّماوات و الأرض،قال تعالى فيما حكى عن فرعون أنّه قال:

إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ... المؤمن:26.(1:148)

القرطبيّ: أي يعبدون غير اللّه تعالى،و يجورون في الأفعال؛إذ هي بحسب شهواتهم،و هذا غاية الفساد.

(1:247)

البيضاويّ: بالمنع عن الإيمان و الاستهزاء بالحقّ، و قطع الوصل الّتي بها نظام العالم و صلاحه.(1:42)

النّيسابوريّ: الإفساد في الأرض إمّا إظهار المعاصي،و إمّا التّنازع و إثارة الفتن.(1:221)

البروسويّ: أي يفسدون بذر التّوحيد الفطريّ في أرض طينتهم بالشّرك،و الإعراض عن قبول دعوة الأنبياء،و سقي بذر التّوحيد بالإيمان و العمل الصّالح.

(1:89)

الآلوسيّ: [مثل الطّوسيّ و أضاف:]

و ذكر فِي الْأَرْضِ إشارة إلى أنّ المراد فساد يتعدّى دون ما يقف عليهم.(1:212)

فضل اللّه: في نسيانهم للّه و ابتعادهم عن خطّه المستقيم الّذي يؤدّي إلى السّير في دروب الفساد،بما يثيرونه في أقوالهم و أفعالهم و علاقاتهم و مواقفهم،من عوامل الفساد في الأرض،على مستوى الواقع الاقتصاديّ الّذي يفسدون به حركة المال في الإنسان.و الواقع الاجتماعيّ الّذي يتحرّك فسادهم فيه،ليؤدّي إلى تمزيق المجتمع و تحلّله الأخلاقيّ،و انهياره،و الواقع السّياسيّ الّذي يسقط تحت تأثير الظّلم و العدوان الّذي يعيش فيه النّاس ظلم الحاكم و الحكم و القانون.و

ص: 125

الواقع الأمنيّ الّذي يفتقد فيه النّاس من خلال هؤلاء الأمن في حياتهم الخاصّة و العامّة فتدبّ الفوضى عندهم، و يسود الاضطراب وجودهم،و هكذا ينطلق هؤلاء ليتحوّلوا إلى جهة مفسدة للحياة كلّها،و للإنسان كلّه أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ، الّذين خسروا أنفسهم في الدّنيا،عند ما أبعدوها عن خطّ الاستقامة،فعاشوا التّخبّط في خطواتهم العمليّة في السّير على غير هدى، و واجهوا المتاعب المتنوّعة في ذلك،و خسروا مصيرهم في الآخرة،في عصيانهم للّه و تمرّدهم عليه،ممّا يستوجب دخولهم في النّار و بئس القرار.(1:103)

6- ...وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ... البقرة:251

مجاهد: و لو لا دفع اللّه بالبارّ عن الفاجر،و دفعه ببقيّة أخلاف النّاس بعضهم عن بعض،لفسدت الأرض بهلاك أهلها.

مثله الرّبيع.(الطّبريّ 2:633)

الزّمخشريّ: و لو لا أنّ اللّه يدفع بعض النّاس ببعض و يكفّ بهم فسادهم،لغلب المفسدون و فسدت الأرض و بطلت منافعها و تعطّلت مصالحها من الحرث و النّسل،و سائر ما يعمر الأرض.

و قيل:و لو لا أنّ اللّه ينصر المسلمين على الكفّار لفسدت الأرض بعبث الكفّار فيها و قتل المسلمين،أو لو لم يدفعهم بهم لعمّ الكفر و نزلت السّخطة،فاستوصل أهل الأرض.(1:382)

نحوه البروسويّ.(1:392)

أبو حيّان :أسند الفساد إلى الأرض حقيقة بالخراب و تعطيل المنافع،أو مجازا و المراد أهلها.

(2:270)

الآلوسيّ: بطلت منافعها و تعطّلت مصالحها من الحرث و النّسل،و سائر ما يصلح الأرض و يعمرها.

و قيل:هو كناية عن فساد أهلها و عموم الشّرّ فيهم.

و في هذا تنبيه على فضيلة الملك،و أنّه لولاه ما استتبّ أمر العالم،و لهذا قيل:الدّين و الملك توأمان، ففي ارتفاع أحدهما ارتفاع الآخر،لأنّ الدّين أسّ و الملك حارس،و ما لا أسّ له فمهدوم و ما لا حارس له فضائع.(2:174)

الطّباطبائيّ: من المعلوم أنّ المراد بفساد الأرض فساد من على الأرض،أي فساد الاجتماع الإنسانيّ،و لو استتبع فساد الاجتماع فسادا في أديم الأرض فإنّما هو داخل في الغرض بالتّبع لا بالذّات،و هذه حقيقة من الحقائق العلميّة ينبّه لها القرآن.[ثمّ بيّن كيفيّة الفساد في الاجتماع الإنسانيّ فراجع و لاحظ(ف س د) «فساد»](2:293)

7- وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً. الإسراء:4

البغويّ:المراد ب(الأرض)أرض الشّام و بيت المقدس.(4:117)

مثله البروسويّ(5:131)،و القرطبيّ(10:

214)،و الخازن(4:117).

الفخر الرّازيّ: يعني أرض مصر.(20:155)

ص: 126

الآلوسيّ: المراد ب(الأرض)الجنس،أو أرض الشّام و بيت المقدس.(15:16)

الطّباطبائيّ: هي أرض فلسطين.(13:39)

8- وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ. النّمل:48

البروسويّ: في أرض الحجر بالمعاصي.

و في«الإرشاد»[لأبي السّعود]في الأرض لا في المدينة فقط،و هو بعيد لأنّ(الأرض)في نظائر هذه القصّة إنّما حملت على أرض معهودة هي أرض كلّ قبيلة و قوم،لا على الأرض مطلقا.(6:356)

نحوه الآلوسيّ.(19:212)

9- ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ.

المائدة:32

الآلوسيّ: ذكر(الأرض)مع أنّ الإسراف لا يكون إلاّ فيها للإيذان بأنّ إسراف ذلك الكثير ليس أمرا مخصوصا بهم،بل انتشر شرّه في الأرض و سرى إلى غيرهم.(6:118)

10- ...وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ.

التّوبة:74

الرّازيّ: فإن قيل:قوله تعالى: وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ... لم خصّ الأرض بالنّفي مع أنّ المنافقين ليس لهم وليّ و لا نصير من عذاب اللّه في الأرض و لا في السّماء،في الدّنيا و لا في الآخرة؟

قلنا:لمّا كان المنافقون لا يعتقدون الوحدانيّة و لا يصدّقون بالآخرة،كان اعتقادهم وجود الوليّ و النّصير مقصورا على الدّنيا،فعبّر عن الدّنيا بالأرض و خصّها بالذّكر لذلك.

الثّاني:أنّه أراد ب(الأرض)أرض الدّنيا و الآخرة فكأنّه قال:و ما لهم في الدّنيا و الآخرة من وليّ و لا نصير.

(121)

الآلوسيّ: أي في الدّنيا،و التّعبير بذلك للتّعميم، أي ما لهم في جميع بقاعها و سائر أقطارها من وليّ و لا نصير.(10:140)

11- أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ...

هود:20

الشّريف المرتضى: إن سأل سائل،فقال:أيّ معنى الاختصاص (1)(الارض)بالذّكر،و هم لا يفوتون اللّه تعالى و لا يعجزونه،و لا يخرجون عن قبضته على كلّ حال و في كلّ مكان؟

و لم نفى الأولياء عنهم،و قد نجد أهل الكفر يتولّى بعضهم بعضا و ينصرونهم و يحمونهم من المكاره؟و كيف نفى استطاعتهم للسّمع و الإبصار،و أكثرهم قد كان يسمع بأذنه و يرى بعينه؟

الجواب:قلنا:أمّا الوجه في اختصاص الذّكر ب(الأرض)،فلأنّ عادة العرب جارية بقولهم للمتوعّد:

لا مهرب لك منّي،و لا وزر،و لا نفق-و الوزر:الجبل، و النّفق:السّرب-و كلّ ذلك ممّا يلجأ إليه الخائف المطلوب،فكأنّه تعالى نفى أن يكون لهؤلاء الكفّار عاصم منه،و مانع من عذابه،و أنّ جبال الأرضص.

ص: 127


1- كذا و الصّحيح لاختصاص.

و سهولها لا تحجز بينهم و بين ما يريد إيقاعه بهم،كما أنّها تحجز عن كثير من أفعال البشر،لأنّ معاقل الأرض هي الّتي يهرب إليها البشر من المكاره،و يلجئون إلى الاعتصام بها عند المخاوف.فإذا نفى تعالى أن يكون لهم في الأرض معقل فقد نفى المعقل من كلّ وجه.

(1:550)

12- قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. الحجر:39

الآلوسيّ: أي هذا الجرم المدحوّ،و كأنّ اللّعين أشار بذلك إلى أنّي أقدر على الاحتيال لآدم،و التّزيين له الأكل من الشّجرة في السّماء،فأنا على التّزيين لذرّيّته في الأرض أقدر.

و يجوز أنّه أراد ب(الأرض)الدّنيا،لأنّها محلّ متاعها و دارها.و ذكر بعضهم أنّ هذا المعنى عرفيّ للأرض، و أنّها إنّما ذكرت بهذا اللّفظ تحقيرا لها.و لعلّ التّقييد على ما قيل للإشارة إلى أنّ للتّزيين محلاّ يقوى قبوله،أي لأزيّننّ لهم المعاصي في الدّنيا الّتي هي دار الغرور.و جوّز أن يكون يراد بها هذا المعنى و ينزّل الفعل منزلة اللاّزم ثمّ يعدّى ب«في»و في ذلك دلالة على أنّها مستقرّ التّزيين و أنّه تمكّن المظروف في ظرفه.[ثمّ استشهد بشعر]

(14:49)

13- وَ أَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللّهَ فِي الْأَرْضِ وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً. الجنّ:12

الآلوسيّ: فائدة ذكر(الارض)تصوير أنّها مع هذه البسطة و العراضة ليس فيها منجى منه تعالى و لا مهرب،لشدّة قدرته سبحانه،و زيادة تمكّنه جلّ و علا.

و قيل:فائدة ذكر(الأرض)تصوير تمكّنهم عليها و غاية بعدها عن محلّ استوائه سبحانه و تعالى،و ليس بذاك.(29:88)

14- وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ...

الإسراء:76

مجاهد: هي مكّة.

مثله قتادة.(الطّوسيّ 6:508)

مثله البروسويّ(5:190)،و الآلوسيّ(15:

129)،و الطّباطبائيّ(13:174).

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في الّذين كادوا أن يستفزّوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليخرجوه من الأرض و في الأرض الّتي أرادوا أن يخرجوه منها،فقال بعضهم:

الّذين كادوا أن يستفزّوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ذلك اليهود، و الأرض الّتي أرادوا أن يخرجوه منها المدينة.

و قال آخرون:بل كان القوم الّذين فعلوا ذلك قريشا،و الأرض مكّة.

و أولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قول قتادة و مجاهد،و ذلك أنّ قوله: وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ...

في سياق خبر اللّه عزّ و جلّ عن قريش،و ذكره إيّاهم و لم يجر لليهود قبل ذلك ذكر،فيوجّه قوله: وَ إِنْ كادُوا إلى أنّه خبر عنهم،فهو بأن يكون خبرا عمّن جرى له ذكر أولى من غيره.(15:132)

الفارسيّ: همّوا بأن يخرجوه من أرض العرب لا من مكّة فقط؛إذ قد أخرجوه من مكّة.

(الطّوسي 6:508)

ص: 128

الطّوسيّ: قال المعتمر بن أبي سليمان عن أبيه:

الأرض الّتي أرادوا استزلاله منها،هي أرض المدينة، لأنّ اليهود قالت له:هذه الأرض ليست أرض الأنبياء و إنّما أرض الأنبياء الشّام.(6:508)

الفخر الرّازيّ: في هذه الآية قولان:

الأوّل:قال قتادة:هم أهل مكّة،همّوا بإخراج النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم من مكّة،و لو فعلوا ذلك ما أمهلوا،و لكنّ اللّه منعهم من إخراجه،حتّى أمره اللّه بالخروج.

و القول الثّاني:قال ابن عبّاس:إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لمّا هاجر إلى المدينة حسدته اليهود و كرهوا قربه منهم، فقالوا:يا أبا القاسم،إنّ الأنبياء إنّما بعثوا بالشّام و هي بلاد مقدّسة و كانت مسكن إبراهيم،فلو خرجت إلى الشّام آمنّا بك و اتّبعناك.

فالقول الأوّل اختيار الزّجّاج و هو الوجه،لأنّ السّورة مكّيّة،فإن صحّ القول الثّاني كانت الآية مدنيّة.

و الأرض في قوله: لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ على القول الأوّل مكّة،و على القول الثّاني المدينة.و كثر في التّنزيل ذكر(الأرض)و المراد منها مكان مخصوص، كقوله: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ... المائدة:33،يعني من مواضعهم،و قوله: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ يوسف:

80،يعني الأرض الّتي كان قصدها لطلب الميرة.

فإن قيل:قال اللّه تعالى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ... محمّد:13، يعني مكّة و المراد أهلها،فذكر أنّهم أخرجوه،و قال في هذه الآية: وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها... الإسراء:76،فكيف الجمع بينهما على قول من قال:(الأرض)في هذه الآية مكّة؟

قلنا:إنّهم همّوا بإخراجه،و هو عليه السّلام ما خرج بسبب إخراجهم و إنّما خرج بأمر اللّه تعالى،فزال التّناقض.

(21:23)

القرطبيّ: يريد أرض مكّة،كقوله: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ يوسف:80،أي أرض مصر،دليله:

وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ... محمّد:13،يعني مكّة.(10:301)

15- يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ.

الأعراف:110

الطّبريّ: أرض مصر.(9:16)

مثله الآلوسيّ.(9:21)

الطّوسيّ: بإزالة ملككم بتقوية أعدائكم عليكم.

و قوله تعالى: مِنْ أَرْضِكُمْ فالأرض:المستقرّ الّذي يمكن الحيوان التّصرّف فيه عليه،و جملة الأرض الّتي جعلها اللّه قرارا للعباد،فإذا أضيفت فقيل:أرض بني فلان،فمعناه مستقرّهم خاصّة.(4:525)

الطّبرسيّ: يخرجكم من بلدتكم.(2:460)

16- اُقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ... يوسف:9

الطّبريّ: اقتلوا يوسف أو اطرحوه في أرض من الأرض،يعنون:مكانا من الأرض.(12:155)

الميبديّ:يعني أبعدوه عن أرض أبيه إلى أرض بعيدة عنه،و تقديره:في أرض،فحذف الجارّ،و تعدّى

ص: 129

الفعل إليه.(5:16)

الزّمخشريّ: أرضا منكورة مجهولة بعيدة من العمران،و هو معنى تنكيرها و إخلائها من الوصف، و لإبهامها من هذا الوجه نصبت نصب الظّروف المبهمة.

(2:305)

الطّبرسيّ: أي اطرحوه في أرض بعيدة عن أبيه فلا يهتدي إليه.

و قيل:معناه في أرض تأكله السّباع،أو يهلك بغير ذلك.(3:212)

القرطبيّ: أي في أرض،فأسقط الخافض و انتصب الأرض.[ثمّ استشهد بشعر]

و المعنى أرضا تبعد عن أبيه،فلا بدّ من هذا الإضمار، لأنّه كان عند أبيه في أرض.(9:131)

أبو حيّان: انتصب(أرضا)على إسقاط حرف الجرّ،قاله الحوفيّ و ابن عطيّة،أي في أرض بعيدة من الأرض الّتي هو فيها،قريب من أرض يعقوب.

و قيل:مفعول ثان على تضمين(اطرحوه)معنى أنزلوه،كما تقول:أنزلت زيدا الدّار.

و قالت فرقة:ظرف.و اختاره الزّمخشريّ،و تبعه أبو البقاء.[ثمّ ذكر قول الزّمخشريّ:]

و قال ابن عطيّة: و ذلك خطأ بمعنى كونها منصوبة على الظّرف،قال:لأنّ الظّرف ينبغي أن يكون مبهما، و هذه ليست كذلك بل هي أرض مقيّدة،بأنّها بعيدة أو قاصية و نحو ذلك،فزال بذلك إبهامها.و معلوم أنّ يوسف لم يخل من الكون في أرض،فتبيّن أنّهم أرادوا أرضا بعيدة غير الّتي هو فيها،قريب من أبيه،انتهى.

و هذا الرّدّ صحيح،لو قلت:جلست دارا بعيدة،أو قعدت مكانا بعيدا،لم يصحّ إلاّ بوساطة«في»،و لا يجوز حذفها إلاّ في ضرورة شعر،أو مع«دخلت»،على الخلاف في«دخلت»أ هي لازمة أو متعدّية؟(5:283)

مثله الآلوسيّ.(12:191)

البروسويّ: منكورة مجهولة بعيدة من العمران، ليهلك فيها أو يأكله السّباع،و هو معنى تنكيرها و إبهامها،لا أنّ معناه أيّ أرض كانت،لذلك نصبت نصب الظّروف المبهمة،و هي ما ليس له حدود تحصره و لا أقطار تحويه.

و فيه إشارة إلى أنّ التّغريب يساوي القتل،كما في قوله تعالى: وَ لَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا الحشر:3،فسلاطين الزّمان كأنّهم قاتلون العلماء لا سيّما المشايخ منهم،بتغريبهم و إقصائهم إلى البلاد البعيدة،و تفريقهم من أولادهم و اتباعهم؛و ذلك لكونه من غير سبب موجب غالبا.أصلحنا اللّه تعالى و إيّاهم.(4:219)

القاسميّ: تنكير(أرضا)،و إخلاؤها من الوصف للإبهام،أي في أرض مجهولة لا يعرفها الأب،و لا يمكن ليوسف أن يعرف طريق الوصول إليه.(9:3514)

رشيد رضا :أي اقتلوه قتلا لا مطمع بعده و لا أمل في لقائه،أو انبذوه كالشّيء اللّقى الّذي لا قيمة له في أرض مجهولة،بعيدة عن مساكننا أو عن العمران،بحيث لا يهتدي إلى العودة إلى أبيه سبيلا،إن هو سلم فيها من الهلاك.(12:261)

الطّباطبائيّ: حكاية رأيهم الثّاني فيه،و المعنى

ص: 130

صيّروه أو غيّبوه في أرض لا يقدر معه على العود إلى بيت أبيه،فيكون كالمقتول ينقطع أثره و يستراح من خطره،كإلقائه في بئر أو تغريبه إلى مكان ناء،و نظير ذلك.

و الدّليل عليه تنكير«أرض»و لفظ«الطّرح»الّذي يستعمل في إلقاء الإنسان المتاع أو الأثاث الّذي يستغني عنه و لا ينتفع به،للإعراض عنه.(11:95)

فساد السّماوات و الأرض

1- وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ. البقرة:251

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا عباد للّه ركّع و صبيان رضّع و بهائم رتّع،لصبّ عليكم العذاب صبّا.(العروسيّ 1:253)

الإمام عليّ عليه السّلام: يدفع اللّه بالبرّ عن الفاجر، الهلاك.(الطّبرسيّ 1:357)

مثله الإمام الباقر(الطّوسيّ 1:301)،و قتادة (الطّبرسيّ 1:357).

ابن عبّاس: لو لا دفع اللّه بجنود المسلمين الكفّار و معرّتهم لغلبوا و خرّبوا البلاد.

مثله مجاهد.(الطّبرسيّ 1:357)

و نحوه مقاتل.(ابن الجوزيّ 1:300).

مجاهد:لو لا دفع اللّه بالبارّ عن الفاجر،و دفعه ببقيّة أخلاف النّاس بعضهم عن بعض،لفسدت الأرض بهلاك أهلها.(الطّبريّ 2:633)

لو لا أن يدفع اللّه بمن أطاعه عمّن عصاه،كما دفع عن المتخلّفين عن طالوت بمن أطاعه،لهلك العصاة بسرعة العقوبة.(ابن الجوزيّ 1:300)

الحسن:ما يزع اللّه بالسّلطان أكثر ممّا يزع بالقرآن؛ لأنّ من يمتنع عن الفساد لخوف السّلطان أكثر ممّن يمتنع منه،لأجل الوعد و الوعيد الّذي في القرآن.

(الطّبرسيّ 1:357)

مثله البلخيّ.(الطّوسيّ 1:301)

الرّبيع: لهلك من في الأرض.(الطّبريّ 2:633)

نحوه ابن الجوزيّ.(1:300)

الإمام الصّادق عليه السّلام: إنّ اللّه ليدفع بمن يصلّي من شيعتنا عمّن لا يصلّي من شيعتنا،و لو أجمعوا على ترك الصّلاة لهلكوا،و إنّ اللّه ليدفع بمن يزكّي من شيعتنا عمّن لا يزكّي،و لو أجمعوا على ترك الزّكاة،لهلكوا،و إنّ اللّه ليدفع بمن يحجّ من شيعتنا عمّن لا يحجّ،و لو أجمعوا على ترك الحجّ لهلكوا،و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ فو اللّه ما نزلت إلاّ فيكم و لا عنى بها غيركم(الكلينيّ 2:451)

الماورديّ: فيه وجهان:أحدهما:لفسد أهل الأرض،و الثّاني:لعمّ الفساد في الأرض.

و في هذا الفساد وجهان:أحدهما الكفر.و الثّاني:

القتل.(1:321)

الطّوسيّ: يدفع باللّطف للمؤمن و الرّعب في قلب الفاجر،أن يعمّ الأرض الفساد.(1:301)

القشيريّ: لو تظاهر الخلق و توافقوا بأجمعهم لهلك المستضعفون لغلبة الأقوياء،و لكن شغل بعضهم ببعض، ليدفع بتشاغلهم شرّهم عن قوم.(1:270)

الزّمخشريّ: و لو لا أن يدفع بعض النّاس ببعض

ص: 131

و يكفّ بهم فسادهم،لغلب المفسدون و فسدت الأرض و بطلت منافعها و تعطّلت مصالحها،من الحرث و النّسل و سائر ما يعمر الأرض.

و قيل:لو لا أنّ اللّه ينصر المسلمين على الكفّار، لفسدت الأرض بعبث الكفّار فيها و قتل المسلمين،أو لم يدفع بهم لعمّ الكفر و نزلت السّخطة فاستؤصل أهل الأرض.(1:382)

نحوه البروسويّ(2:392)

ابن عطيّة: أخبر اللّه تعالى في هذه الآية،لو لا دفعه بالمؤمنين في صدور الكفرة على مرّ الدّهر لفسدت الأرض،لأنّ الكفر كان يطبقها و يتمادى في جميع أقطارها،و لكنّه تعالى لا يخلي الزّمان من قائم بحقّ وداع إلى اللّه و مقاتل عليه،إلى أن جعل ذلك في أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم إلى قيام السّاعة،له الحمد كثيرا.

قال مكّيّ:و أكثر المفسّرين على أنّ المعنى:لو لا أن يدفع بمن يصلّي عمّن لا يصلّي و بمن يتّقي عمّن لا يتّقي لأهلك النّاس بذنوبهم.

و ليس هذا معنى الآية و لا هي منه في ورد و لا صدر، و الحديث الّذي رواه ابن عمر صحيح و ما ذكر مكّيّ من احتجاج ابن عمر عليه بالآية لا يصحّ عندي لأنّ ابن عمر من الفصحاء.(1:337)

الفخر الرّازيّ[لاحظ«د ف ع»](6: 204)

النّيسابوريّ: يعني أرباب الطّلب بالمشايخ البالغين الواصلين الهادين المهتدين،كما قال: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ الرّعد:7،لفسدت أرض استعداداتهم،المخلوقة في أحسن التّقويم،عن استيلاء جالوت النّفس بتبديل أخلاقها و تكدير صفائها.(2:322)

أبو حيّان: بقتل المؤمنين و تخريب البلاد و المساجد، قال معناه ابن عبّاس و جماعة من المفسّرين

و الّذي يظهر أنّ المدفوع بهم،هم المؤمنون و لو لا ذلك لفسدت الأرض،لأنّ الكفر كان يطبقها و يتمادى في جميع أقطارها و لكنّه تعالى لا يخلي زمانا من قائم يقوم بالحقّ و يدعو إلى اللّه تعالى إلى أن جعل ذلك في أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم.(2:269)

الآلوسيّ: لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ و بطلت منافعها و تعطّلت مصالحها من الحرث و النّسل و سائر ما يصلح الأرض و يعمرها،و قيل:هو كناية عن فساد أهلها و عموم الشّرّ فيهم.

و في هذا تنبيه على فضيلة الملك و أنّه لولاه لما استتبّ أمر العالم،و لهذا قيل:الدّين و الملك توأمان،ففي ارتفاع أحدهما ارتفاع الآخر لأنّ الدّين أسّ و الملك حارس،و ما لا اسّ له فمهدوم و ما لا حارس له فضائع.(2:174)

الطّباطبائيّ:[ لاحظ«د ف ع»](295)

2- لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا...

الأنبياء:22

راجع أل ه:«آلهة»

3- وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ. المؤمنون:71

القمّيّ:فساد السّماء إذا لم تمطر،و فساد الأرض إذا لم تنبت،و فساد النّاس في ذلك.(2:92)

ص: 132

الطّوسيّ:إنّ الحقّ لمّا كان يدعو إلى الأفعال الحسنة،و الأهواء تدعوا إلى الأفعال القبيحة،فلو اتّبع الحقّ داعي الهوى لدعاه إلى قبيح الأعمال و إلى ما فيه الفساد و الاختلاط،و لو جرى الأمر على ذلك لفسدت السّماوات و الأرض و من فيهنّ.

و وجه فساد العالم بذلك:أنّه يوجب بطلان الأدلّة و امتناع الثّقة بالمدلول عليه،و أنّه لا يؤمن وقوع الظّلم، الّذي لا ينصف منه،و تختلط الأمور أقبح الاختلاط، و لا يوثق بوعد و لا وعيد،و لا يؤمن انقلاب عدل الحكيم، و هذا معنى عجيب.

و قال قوم من المفسّرين:إنّ الحقّ-في الآية-هو اللّه،و التّقدير:لو اتّبع الحقّ،أعني اللّه أهواء هؤلاء الكفّار، و فعل ما يريدونه لفسدت السّماوات و الأرض.

و قال الجبّائيّ:المعنى لو اتّبع الحقّ-الّذي هو التّوحيد-أهواءهم في الإشراك معه معبودا سواه،لوجب أن يكون ذلك المعبود مثلا له،و لصحّ بينهما الممانعة، فيؤدّي ذلك إلى الفساد كما قال تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا (7:382)

نحوه الطّبرسيّ(4:112)،و الميبديّ(6:454).

الزّمخشريّ: دلّ بهذا على عظم شأن الحقّ و أنّ السّماوات و الأرض ما قامت و لا من فيهنّ إلاّ به،فلو اتّبع أهواءهم لانقلب باطلا،و لذهب ما يقوم به العالم،فلا يبقى بعده له قوام.أو أراد أنّ الحقّ الّذي جاء به محمّد صلى اللّه عليه و سلم هو الإسلام،و لو اتّبع أهواءهم و انقلب شركا لجاء اللّه بالقيامة،و لأهلك العالم و لم يؤخّر.(3:37)

الفخر الرّازيّ: في تفسيره وجوه:

الأوّل:أنّ القوم كانوا يرون أنّ الحقّ في اتّخاذ آلهة مع اللّه تعالى.لكن لو صحّ ذلك لوقع الفساد في السّماوات و الأرض على ما قرّرنا في قوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا الأنبياء:22.

الثّاني:أنّ أهواءهم في عبادة الأوثان و تكذيب محمّد صلى اللّه عليه و سلم،هما منشأ المفسدة،و الحقّ هو الإسلام،فلو اتّبع الإسلام قولهم لعلم اللّه حصول المفاسد عند بقاء هذا العالم و ذلك يقتضي تخريب العالم و إفناءه.

الثّالث:أنّ آراءهم كانت متناقضة فلو اتّبع الحقّ أهواءهم لوقع التّناقض و لاختلّ نظام العالم.

(23:112)

نحوه النّيسابوريّ.(18:30)

أبو السّعود: خرجت عن الصّلاح و النّظام بالكلّيّة،لأنّ مناط النّظام ليس إلاّ ذلك،و فيه تنويه شأن الحقّ و التّنبيه على سموّ مكانه ما لا يخفى و أمّا ما قيل:

لو اتّبع الحقّ الّذي جاء به عليه السّلام أهواءهم و انقلب شركا لجاء اللّه تعالى بالقيامة و لأهلك العالم و لم يؤخّر،ففيه أنّه لا يلائم فرض مجيئه عليه السّلام به.و كذا ما قيل:لو كان في الواقع،إلهان لا يناسب المقام.

و أمّا ما قيل:لو اتّبع الحقّ أهواءهم،لخرج عن الإلهيّة،فممّا لا احتمال فيه أصلا.(4:38)

البروسويّ: [قال نحو أبي السّعود و أضاف:]

قال بعضهم:لو لا أنّ اللّه أمر بمخالفة النّفوس و مباينتها لاتّبع الخلق أهواءهم و شهواتهم،و لو فعلوا ذلك لضلّوا عن طريق العبوديّة و تركوا أوامر اللّه تعالى و أعرضوا عن طاعته و لزموا مخالفته،و الهوى يهوي

ص: 133

بمتابعيه إلى الهاوية.(6:95)

الآلوسيّ: أي لخرّب اللّه تعالى العالم و قامت القيامة،لفرط غضبه سبحانه و هو فرض محال من تبديله عليه الصّلاة و السّلام ما أرسل به من عنده.

و جوّز أن يكون المراد بالحقّ الأمر المطابق للواقع في شأن الألوهيّة،و الاتّباع مجاز عن الموافقة أي لو وافق الأمر المطابق للواقع أهواءهم بأن كان الشّرك حقّا، لفسدت السّماوات و الأرض حسبما قرّر في قوله تعالى:

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا الأنبياء:22، و لعلّ الكلام عليه اعتراض للإشارة إلى أنّهم كرهوا شيئا لا يمكن خلافه أصلا،فلا فائدة لهم في هذه الكراهة.

و اعترض عليه بأنّه لا يناسب المقام،و فيه بحث، و كذا ما قيل:إنّ ما يوافق أهواءهم هو الشّرك في الألوهيّة لأنّ قريشا كانوا و ثنيّة،و هو لا يستلزم الفساد،و الّذي يستلزمه إنّما هو الشّرك في الرّبوبيّة،كما تزعمه الثّنويّة،و هم لم يكونوا كذلك كما ينبئ عنه قوله تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ الزّمر:38.

و جوّز أن يكون المعنى:لو وافق الحقّ مطلقا أهواءهم لخرجت السّماوات و الأرض عن الصّلاح و الانتظام بالكلّيّة،و الكلام استطراد لتعظيم شأن الحقّ بأنّ السّماوات و الأرض ما قامت و لا من فيهنّ إلاّ به، و لا يخلو عن حسن.(18:52)

الطّباطبائيّ:[ لاحظ«ه و ي»](15:46)

الانتشار في الأرض

فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ...

الجمعة:10

العامليّ: يعني ب(الأرض)الأوصياء،أمر اللّه بطاعتهم و ولايتهم كما أمر بطاعة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام.كنّى اللّه في ذلك عن أسمائهم فسمّاهم بالأرض.(75)

الميلانيّ: وجه التّصريح بقوله: فِي الْأَرْضِ -مع أنّه لازم الانتشار-تأكيدا للكلام بالمطابقة بعد الالتزام،و أنّ الغرض ليس تفرّق بعضهم عن بعض كما في قوله تعالى: فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا... الأحزاب:

53،فإنّ الغرض في هذا المقام تفرّق بعضهم عن بعض بالخروج من عند النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،بل الغرض فيما نحن فيه اكتساب المعيشة.(تفسير سورتي الجمعة و التّغابن:85)

نقص الأرض

1- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها... الرّعد:41

ابن عبّاس: أ و لم يروا أنّا نفتح لمحمّد الأرض بعد الأرض.(الطّبريّ 13:172)

يعني بذلك ما فتح اللّه على محمّد فذلك نقصانها.(الطّبريّ 13:172)

قال:أ و لم يروا إلى القرية تخرب حتّى يكون العمران في ناحية.(الطّبريّ 13:173)

نقصان أهلها و بركتها.(الطّبريّ 13:172)

ذهاب علمائها و فقهائها و خيار أهلها.

(الطّبريّ 13:174)

مثله عطاء.(أبو حيّان 5:400)

ص: 134

أ و لم ير هؤلاء الكفّار أنّا ننقص أطراف الأرض بإماتة أهلها.(الطّبرسيّ 3:300)

الشّعبيّ: لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشّك،و لكن تنقص الأنفس و الثّمرات.

(الطّبريّ 13:173)

مجاهد: خرابها.(الطّبريّ 13:173)

في الأنفس و في الثّمرات،و في خراب الأرض.

(الطّبريّ 13:173)

موت أهلها.(الطّبريّ 13:174)

موت العلماء.(الطّبريّ 13:174)

عكرمة:نخرب من أطرافها.(الطّبريّ 13:173)

هو الموت،لو كانت الأرض تنقص لم نجد مكانا نجلس فيه.(الطّبريّ 13:174)

هو قبض النّاس.(الطّبريّ 13:174)

لو كان كما يقولون لما وجد أحدكم جبّا يخرأ فيه.

(الطّبريّ 13:174)

الضّحّاك: ما تغلّبت عليه من أرض العدوّ.

(الطّبريّ 13:173)

يعني أنّ نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان ينتقص له ما حوله من الأرضين،ينظرون إلى ذلك فلا يعتبرون،قال اللّه في سورة الأنبياء: نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ الأنبياء:44،بل نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه هم الغالبون.(الطّبريّ 13:173)

الحسن: هو ظهور المسلمين على المشركين.

(الطّبريّ 13:173)

إنّ المراد نقصد الأرض نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بالفتوح على المسلمين.

مثله الضّحّاك،و مقاتل.(الطّبرسيّ 3:300)

ابن جريج: خرابها و هلاك النّاس.

(الطّبريّ 13:173)

الجبّائيّ: إنّ معناه أ و لم يروا ما يحدث في الدّنيا من الخراب بعد العمارة،و الموت بعد الحياة،و النّقصان بعد الزّيادة؟!(الطّبرسيّ 3:300)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم:معناه أ و لم ير هؤلاء المشركون من أهل مكّة،الّذين يسألون محمّدا الآيات أنّا نأتي الأرض، فنفتحها له أرضا بعد أرض حوالي أرضهم،أ فلا يخافون أن نفتح له أرضهم كما فتحنا له غيرها؟!

و قال آخرون:بل معناه أ و لم يروا أنّا نأتي الأرض فنخربها،أو لا يخافون أن نفعل بهم و بأرضهم مثل ذلك، فنهلكهم،و نخرب أرضهم؟!

و قال آخرون:بل معناه:ننقص من بركتها و ثمرتها و أهلها،بالموت.

و قال آخرون:معناه أنّا نأتي الأرض ننقصها من أهلها،فنتطرّفهم بأخذهم بالموت.

و قال آخرون: نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بذهاب فقهائها و خيارها.

و أولى الأقوال في تأويل ذلك بالصّواب قول من قال: نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بظهور المسلمين من أصحاب محمّد صلى اللّه عليه و سلم عليها،و قهرهم أهلها،أ فلا يعتبرون بذلك،فيخافون ظهورهم على أرضهم و قهرهم إيّاهم؟!

و ذلك أنّ اللّه توعّد الّذين سألوا رسوله الآيات من

ص: 135

مشركي قومه بقوله: وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ الرّعد:40،ثمّ وبّخهم تعالى ذكره بسوء اعتبارهم،بما يعاينون من فعل اللّه بضربائهم من الكفّار، و هم مع ذلك يسألون الآيات،فقال: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بقهر أهلها،و الغلبة عليها،من أطرافها و جوانبها،و هم لا يعتبرون بما يرون من ذلك.(13:174،175)

الطّوسيّ: يقول اللّه تعالى لهؤلاء الكفّار على وجه التّنبيه لهم على الاعتبار بأفعال اللّه:أ و ما يرون أنّا ننقص الأرض من أطرافها؟!

و قيل في معناه أربعة أقوال:

[فحكى قول ابن عبّاس،و الحسن،و الضّحّاك، و مجاهد إلى أن قال:]

و النّقص أخذ الشّيء من الجملة،و في فلان نقص، أي نقص منزلة عن منزلة عظيمة في المقدور أو المعلوم، و الثّاني للأمور.(6:265)

الزّمخشريّ: أرض الكفر نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بما نفتح على المسلمين من بلادهم،فننقص دار الحرب و نزيد في دار الإسلام؛و ذلك من آيات النّصرة و الغلبة،و نحوه: أَ فَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ الأنبياء:44، سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ فصّلت:53.(2:363)

الطّبرسيّ: أي نقصدها.

و اختلف في معناه على أقوال:

أحدها:أو لم ير هؤلاء الكفّار أنّا ننقص أطراف الأرض بإماتة أهلها،و مجازه:ننقص أهلها من أطرافها، كقوله: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ أي أ فلا يخافون أن نفعل مثل ذلك بهم،عن ابن عبّاس،و قتادة،و عكرمة.

و ثانيها:ننقصها بذهاب علمائها و فقهائها و خيار أهلها،عن عطاء،و مجاهد،و البلخيّ.و روي نحو ذلك عن ابن عبّاس،و سعيد بن جبير.و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال عبد اللّه بن مسعود:موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدّها شيء ما اختلف اللّيل و النّهار.

و ثالثها:أنّ المراد نقصد الأرض نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بالفتوح على المسلمين،معناه فننقص من أهل الكفر و نزيد في المسلمين،يعني ما دخل في الإسلام من بلاد الشّرك،عن الحسن،و الضّحّاك،و مقاتل.قال الضّحّاك:أ و لم ير أهل مكّة أنّا نفتح لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله ما حولها من القرى.و قال الزّجّاج:علم اللّه تعالى أنّ بيان ما وعد المشركون من قهرهم قد ظهر،أي أ فلا يخافون أن نفتح لمحمّد أرضهم كما فتحنا له غيرها.و قد روي ذلك أيضا عن ابن عبّاس.قال القاضيّ:و هذا القول أصحّ،لأنّه يتّصل بما وعده من إظهار دينه و نصرته.

و رابعها:أنّ معناه أ و لم يروا ما يحدث في الدّنيا من الخراب بعد العمارة،و الموت بعد الحياة،و النّقصان بعد الزّيادة؟!عن الجبّائيّ.(3:300)

الفخر الرّازيّ: فيه أقوال:

القول الأوّل:المراد أنّا نأتي أرض الكفرة ننقصها من أطرافها؛و ذلك لأنّ المسلمين يستولون على أطراف مكّة و يأخذونها من الكفرة قهرا و جبرا،فانتقاص أحوال الكفرة و ازدياد قوّة المسلمين من أقوى العلامات

ص: 136

و الأمارات،على أنّ اللّه تعالى ينجز وعده.و نظيره قوله تعالى: أَ فَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ الأنبياء:44،و قوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فصّلت:53.

و القول الثّاني:عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما أنّ قوله: نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها المراد موت أشرافها و كبرائها و علمائها و ذهاب الصّلحاء و الأخيار.

و قال الواحديّ:و هذا القول و إن احتمله اللّفظ إلاّ أنّ اللاّئق بهذا الموضع هو الوجه الأوّل.

و يمكن أن يقال:هذا الوجه أيضا لا يليق بهذا الموضع،و تقريره أن يقال:أ و لم يروا ما يحدث في الدّنيا من الاختلافات خراب بعد عمارة،و موت بعد حياة، و ذلّ بعد عزّ،و نقص بعد كمال.و إذا كانت هذه التّغييرات مشاهدة محسوسة فما الّذي يؤمنهم من أن يقلب اللّه الأمر على هؤلاء الكفرة،فيجعلهم ذليلين بعد أن كانوا عزيزين،و يجعلهم مقهورين بعد أن كانوا قاهرين.و على هذا الوجه فيحسن اتّصال هذا الكلام بما قبله.

و قيل: نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بموت أهلها و تخريب ديارهم و بلادهم.

فهؤلاء الكفرة كيف أمنوا من أن يحدث فيهم أمثال هذه الوقائع؟(19:67)

القرطبيّ: قيل:المراد به هلاك من هلك من الأمم قبل قريش،و هلاك أرضهم بعدهم،و المعنى أ و لم تر قريش هلاك من قبلهم و خراب أرضهم بعدهم،أ فلا يخافون أن يحلّ بهم مثل ذلك؟!

و قيل:نقصها بجور ولاتها.

قلت:و هذا صحيح معنى؛فإنّ الجور و الظّلم يخرب البلاد بقتل أهلها و انجلائهم عنها،و ترفع من الأرض البركة،و اللّه أعلم.(9:334)

أبو حيّان: (الارض):أرض الكفّار المذكورين، و يعني بنقصها من أطرافها:للمسلمين من جوانبها.كان المسلمون يغزون من حوالي أرض الكفّار ممّا يلي المدينة،و يغلبون على جوانب أرض مكّة.

و الأطراف:الجوانب.و قيل:الطّرف من كلّ شيء خياره،و منه قول عليّ بن أبي طالب:«العلوم أودية،في أيّ واد أخذت منها خسرت،فخذوا من كلّ شيء طرفا»يعني خيارا،قاله ابن عطيّة.و الّذي يظهر أنّ معنى«طرفا»جانبا و بعضا،كأنّه أشار إلى أنّ الإنسان يكون مشاركا في أطراف من العلوم،لأنّه لا يمكنه استيعاب جميعها.و لم يشر إلى أنّه يستغرق زمانه في علم واحد.

و قال ابن عبّاس،و الضّحّاك: نأتي أرض هؤلاء بالفتح عليك،فننقصها بما يدخل في دينك من القبائل و البلاد المجاورة لهم،فما يؤمنهم أن يمكّنه منهم.و هذا التّفسير لا يتأتّى إلاّ أن قدّر نزول هذه الآية بالمدينة.

و قيل:(الارض)اسم جنس،و الانتقاص من الأطراف:بتخريب العمران الّذي يحلّه اللّه بالكفرة.

و روي هذا عن ابن عبّاس أيضا و مجاهد.

و عنهما أيضا:الانتقاص هو بموت البشر و هلاك الثّمرات و نقص البركة.و عن ابن عبّاس أيضا:موت

ص: 137

أشرافها و كبرائها و ذهاب الصّلحاء و الأخيار،فعلى هذا الأطراف هنا:الأشراف.

و قال ابن الأعرابيّ: الطّرف و الطّرف:الرّجل الكريم.

و عن عطاء بن أبي رباح: ذهاب فقهائها و خيار أهلها.

و عن مجاهد: موت الفقهاء و العلماء.

و قال عكرمة و الشّعبيّ: هو نقص الأنفس.

و قيل: هلاك من أهلك من الأمم قبل قريش، و هلاك أرضهم بعدهم.

و المناسب من هذه الأقوال هو الأوّل.

و لم يذكر الزّمخشريّ إلاّ ما هو قريب منه،قال:

(نأتي الارض):أرض الكفر نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها:

بما يفتح على المسلمين من بلادهم،فينقص دار الحرب و يزيد في دار الإسلام؛و ذلك من آيات الغلبة و النّصرة، و نحوه: أَ فَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ الأنبياء:44، سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ فصّلت:53.

و المعنى عليك بالبلاغ الّذي حملته و لا تهتمّ بما وراء ذلك،فنحن نكفيكه،و نتمّ ما وعدناك من الظّفر، و لا يضجرك تأخّره،فإنّ ذلك لما نعلم من المصالح الّتي لا تعلمها،ثمّ طيّب نفسه و نفّس عنها بما ذكر من طلوع تباشير الظّفر.

و يتّجه قول من قال:النّقص بموت الأشراف و العلماء و الخيار،و تقريره:أ و لم يروا أنّا نحدث في الدّنيا من الاختلافات خرابا بعد عمارة و موتا بعد حياة،و ذلاّ بعد عزّ و نقصا بعد كمال،و هذه تغييرات مدركة بالحسّ، فما الّذي يؤمنهم أن يقلب اللّه الأمر عليهم و يصيرون ذليلين بعد أن كانوا قاهرين.

و قرأ الضّحّاك(ننقّصها)مثقّلا من نقّص،عدّاه بالتّضعيف من نقص اللاّزم.(5:400)

البروسويّ: الإشارة: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ البشريّة نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها من أوصافها بالازدياد في أوصاف الرّوحانيّة،و أرض الرّوحانيّة ننقصها من أخلاقها بالتّبديل بالأخلاق الرّبّانيّة،و أرض العبوديّة ننقصها من آثار الخلقيّة بإظهار أنوار الرّبوبيّة.(4:389)

الطّباطبائيّ: كلام مسوق للعبرة بعد ما قدّم إليهم الوعيد بالهلاك،و منه يعلم أنّ إتيان الأرض و نقصها من أطرافها كناية عن نقص أهلها بالإماتة و الإهلاك،فالآية نظيرة قوله: بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَ آباءَهُمْ حَتّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَ فَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ الأنبياء:44.

و قول بعضهم: إنّ المراد به أ و لم ير أهل مكّة أنّا نأتي أرضهم فننقصها من أطرافها بفتح القرى واحدة بعد واحدة للمسلمين،فليخافوا أن نفتح بلدتهم و ننتقم منهم.يدفعه أن السّورة مكّيّة و تلك الفتوحات إنّما كانت تقع بعد الهجرة،على أنّ الآيات بوعيدها ناظرة إلى هلاكهم بغزوة بدر و غيرها لا إلى فتح مكّة.

(11:378)

2- ...أَ فَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ

ص: 138

أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ. الأنبياء:44

ابن عبّاس: ننقصها بفتح البلدان.

مثله مقاتل،و الكلبيّ.(الفخر الرّازيّ 22:175)

يريد نقصان أهلها و بركتها.

(الفخر الرّازيّ 22:175)

نقصانها:موت العلماء و الفقهاء و خيار النّاس،لأنّ عمارة الأرض بحياة العلماء و الخيار.(الميبديّ 6:251)

عكرمة: تخريب القرى عند موت أهلها.

(الفخر الرّازيّ 22:175)

مثله الطّبرسيّ.(4:49)

الحسن: أي بالظّهور عليها لك يا محمّد صلى اللّه عليه و سلم أرضا بعد أرض،و فتحها بلدا بعد بلد،ممّا حول مكّة.

(القرطبيّ 11:292)

الكلبيّ: بالقتل و السّبي.(القرطبيّ 11:292)

الإمام الصّادق عليه السّلام: نقصانها:ذهاب عالمها.

(الطّبرسيّ 4:49)

الطّبريّ: أ فلا يرى هؤلاء المشركون باللّه،السّائلو محمّد صلى اللّه عليه و سلم الآيات،المستعجلوه بالعذاب،أنّا نأتي الأرض نخرّبها من نواحيها؛بقهرنا أهلها و غلبتناهم، و إجلائهم عنها،و قتلهم بالسّيوف؛فيعتبروا بذلك و يتّعظوا به،و يحذروا منّا أن ننزل من بأسنا بهم،نحو الّذي قد أنزلنا بمن فعلنا ذلك به من أهل الأطراف.

و قد تقدّم ذكر القائلين بقولنا هذا و مخالفيه بالرّوايات عنهم في سورة«الرّعد»،بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.(17:31)

الطّوسيّ: قيل:بخرابها.

و قيل:بموت أهلها.

و قيل:بموت العلماء.(7:252)

الميبديّ: نفتحها لمحمّد صلى اللّه عليه و سلم و نخرجها من أيدي المشركين،و نزيدها في أرض المسلمين.

و قيل: نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها: نميت الواحد بعد الواحد،و القرن بعد القرن.

قال ابن عبّاس: نقصانها:موت العلماء و الفقهاء و خيار النّاس،لأنّ عمارة الأرض بحياة العلماء و الخيار، و المعنى إذا لم يبق الخيار و العلماء لم يبق الأشرار و الكفّار.

و قيل:نقصانها:جور ولاتها،و قيل:نقصانها:

ذهاب البركة عن ثمارها و نباتها.(6:251)

الزّمخشريّ: ننقص أرض الكفر و دار الحرب، و نحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها،و إظهارهم على أهلها و ردّها دار إسلام.

فإن قلت:أيّ فائدة في قوله: نَأْتِي الْأَرْضَ ؟

قلت:الفائدة فيه تصوير ما كان اللّه يجريه على أيدي المسلمين،و أنّ عساكرهم و سراياهم كانت تغزو أرض المشركين،و تأتيها غالبة عليها،ناقصة من أطرافها.(2:574)

الفخر الرّازيّ: المعنى:أ فلا يرى هؤلاء المشركون باللّه المستعجلون بالعذاب آثار قدرتنا في إتيان الأرض من جوانبها،نأخذ الواحد بعد الواحد،و نفتح البلاد و القرى ممّا حول مكّة،و نزيدها في ملك محمّد صلى اللّه عليه و سلم، و نميت رؤساء المشركين الممتّعين بالدّنيا،و ننقص من الشّرك بإهلاك أهله.أما كان لهم في ذلك عبرة،فيؤمنوا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و يعلموا أنّهم لا يقدرون على الامتناع

ص: 139

من اللّه و إرادته فيهم،و لا يقدرون على مغالبته.

في تفسير النّقصان وجوه:الأوّل و الثّاني:قولا ابن عبّاس.و ثالثها:قول عكرمة.

و رابعها:بموت العلماء،و هذه الرّواية إن صحّت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلا يعدل عنها،و إلاّ فالأظهر من الأقاويل ما يتعلّق بالغلبة،فلذلك قال: أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ و الّذي يليق بذلك أنّه ينقصها عنهم و يزيدها في بلاد الإسلام.

قال القفّال: نزلت هذه الآية في كفّار مكّة،فكيف يدخل فيها العلماء و الفقهاء؟فبيّن تعالى أنّ كلّ ذلك من العبر الّتي لو استعملوا عقلهم فيها لأعرضوا عن جهلهم.

(22:174)

أبو حيّان: (هؤلاء)إشارة إلى المخاطبين قبل،و هم كفّار قريش،و من اتّخذ آلهة من دون اللّه،أخبر تعالى أنّه متّع هؤلاء الكفّار و آباءهم من قبلهم بما رزقهم من حطام الدّنيا،حتّى طالت أعمارهم في رخاء و نعمة،و قد عسوا في الضّلالة بإمهاله تعالى إيّاهم و تأخيرهم إلى الوقت الّذي يأخذهم فيه أَ فَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ تقدّم تفسير هذه الجملة في آخر الرّعد.[و نقل قول الزّمخشريّ ثم قال:]

في ذلك تبشير للمؤمنين بما يفتح اللّه عليهم،و أكثر المفسّرين على أنّها نزلت في كفّار مكّة.و في قولهم:

أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ دليل على ذلك؛إذ المعنى أنّهم هم الغالبون،فهو استفهام فيه تقريع و توبيخ حيث لم يعتبروا بما يجري عليهم.(6:315)

البروسويّ:أرض الكفرة الّتي هي دار الحرب، نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بتسليط المؤمنين عليها، فكيف يتوهّمون أنّهم ناجون من بأسنا؟و الجملة خبر بعد خبر أو حال أو بدل.و الأطراف جمع طرف بالتّحريك،و هو ناحية من النّواحي،و طائفة من الشّيء.

قالوا:هذا تمثيل و تصوير لما يخرّبه اللّه من ديارهم على أيدي المسلمين،و يضيفه إلى دار الإسلام؛و ذلك أنّ اللّه لا يأتي بل العساكر تغزو أرض الكفرة،و تأتي غالبة عليها ناقصة من نواحيها.(5:483)

الآلوسيّ: أي أرض الكفرة أو أرضهم، نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بتسليط المسلمين عليها و حوز ما يحوزونه منها،و نظمه في سلك ملكهم.

و العدول عن أنّا ننقص الأرض من أطرافها،إلى ما في النّظم الجليل لتصوير كيفيّة نقصها و انتزاعها من أيديهم،فإنّه بإتيان جيوش المسلمين و استيلائهم.و كان الأصل،يأتي جيوش المسلمين،لكنّه أسند الإتيان إليه عزّ و جلّ تعظيما لهم،و إشارة إلى أنّه بقدرته تعالى و رضاه.و فيه تعظيم للجهاد و المجاهدين.

و الآية-كما قدّمنا أوّل السّورة-،مدنيّة،و هي نازلة بعد فرض الجهاد،فلا يرد أنّ السّورة مكّيّة، و الجهاد فرض بعدها حتّى يقال:إنّ ذلك إخبار عن المستقبل،أو يقال:إنّ المراد ننقصها بإذهاب بركتها،كما جاء في رواية عن ابن عبّاس،أو بتخريب قراها و موت أهلها،كما روي عن عكرمة،و قيل:ننقصها بموت العلماء.و هذا إن صحّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلا معدل عنه، و إلاّ فالأظهر نظرا إلى المقام ما تقدّم،و يؤيّده قوله تعالى:

ص: 140

أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ. (17:53)

الطّباطبائيّ: الأنسب للسّياق أن يكون المراد من نقص الأرض من أطرافها،هو انقراض بعض الأمم الّتي تسكنها،فإنّ لكلّ أمّة أجلا ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَ ما يَسْتَأْخِرُونَ الحجر:5،و قد تقدّمت الإشارة إلى أنّ المراد بطول العمر عليهم:طول عمر مجتمعهم.

و المعنى:أ فلا يرون أنّ الأرض تنقص منها أمّة بعد أمّة بالانقراض بأمر اللّه،فما ذا يمنعه أن يهلكهم، أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ إن أرادهم اللّه سبحانه بضرّ أو هلاك و انقراض؟

و قد مرّ بعض الكلام في الآية في نظيرتها من سورة الرّعد فراجع.

و اعلم أنّ في هذه الآيات وجوها من الالتفات لم نتعرّض لها لظهورها.(14:291)

خسف الأرض

فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ... القصص:81

ابن عبّاس: قيل للأرض:خذيهم[قارون و من معه]فأخذتهم إلى أعقابهم،ثمّ قيل لها:خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم،ثمّ قيل لها:خذيهم،فأخذتهم إلى أحقابهم،ثمّ قيل لها:خذيهم،فأخذتهم إلى أعناقهم،ثمّ قيل لها:خذيهم،فخسف بهم،فذلك قوله: فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ. (الطّبريّ 20:117)

خسف بهم إلى الأرض السّابعة.

(ابن كثير 5:302)

خسف به إلى الأرض السّفلى.

(الطّباطبائيّ 16:84)

قتادة: ذكر لنا أنّه يخسف به كلّ يوم قامة،و أنّه يتجلجل فيها،لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.

نحوه ابن جريج(الطّبريّ 20:119)

السّدّيّ: دعا قارون امرأة من بني إسرائيل بغيّا، فقال لها:إنّي أعطيك ألفين على أن تجيئي غدا إذا اجتمعت بنو إسرائيل عندي،فتقولي:يا معشر بني إسرائيل ما لي و لموسى قد آذاني.قالت:نعم،فأعطاها خريطتين عليهما خاتمه،فلمّا جاءت بيتها ندمت، و قالت:يا ويلتى قد عملت كلّ فاحشة فما بقي إلاّ أن أفتري على نبيّ اللّه،فلمّا أصبحت أقبلت و معها الخريطتان حتّى قامت بين بني إسرائيل،فقالت،إنّ قارون قد أعطاني هاتين الخريطتين على أن آتي جماعتكم،فأزعم أنّ موسى يراودني عن نفسي و معاذ اللّه أن أفتري على نبيّ اللّه،و هذه دراهمه،عليها خاتمه.

فعرف بنو إسرائيل خاتم قارون،فغضب موسى، فدعا اللّه عليه،فأوحى اللّه إليه:إنّي أمرت الأرض أن تطيعك و سلّطتها عليه فمرها،فقال موسى:يا أرض خذيه،و هو على سريره و فرشه،فأخذته حتّى غيّبت سريره،فلمّا رأى قارون ذلك ناشده الرّحم،فقال:

خذيه،فأخذته حتّى غيّبت قدميه،ثمّ أخذته حتّى غيّبت ركبتيه،ثمّ أخذته حتّى غيّبت حقويه،و هو يناشده الرّحم فأخذته حتّى غيّبته.فأوحى اللّه إليه:

يا موسى ناشدك الرّحم و استغاثك فأبيت أن تغيثه،لو إيّاي دعا و استغاثني لأغثته.(الطّبرسيّ 4:267)

مقاتل:لمّا أمر موسى الأرض فابتلعته،قال بنو إسرائيل:إنّما فعل ذلك موسى ليرث ماله،لأنّه كان ابن

ص: 141

عمّه،فخسف بداره و بجميع أمواله بعده بثلاثة أيّام،فلم يقدر على ماله بعده أبدا.(الطّبرسيّ 4:267)

الطّوسيّ: الخسف:ذهاب في الأرض في جهة السّفل.(8:180)

القرطبيّ: يقال:خسف المكان يخسف خسوفا:

ذهب في الأرض،و خسف اللّه به الأرض خسفا،أي غاب به فيها،و منه قوله تعالى: فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ و خسف هو في الأرض و خسف به.

(13:318)

الطّباطبائيّ: قيل:انشقّت الأرض الّتي تحتهم، و فتحت الأرض فاها و ابتلعتهم و بيوتهم،و كلّ من كان لقارون مع كلّ الأموال،فنزلوا هم و كلّ ما كان لهم أحياء إلى الهاوية،فانطبقت عليهم الأرض،فبادوا من بين الجماعة.(16:85)

2- أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ. الملك:16

الطّبريّ: فإذا الأرض تذهب بكم و تجيء و تضطرب.(29:7)

مثله ابن كثير.(7:72)

الطّبرسيّ: يعني أن يشقّ الأرض فيغيّبكم فيها إذا عصيتموه.(5:327)

الطّباطبائيّ: خسف الأرض بقوم كذا،شقّها و تغييبهم في بطنها.(19:358)

فضل اللّه: بما يوحي به ذلك من زوال الأمم و انقراضها الّذي هو وجه من وجوه انتقاص الأرض من ساكنيها،أ فلا يفكّرون بأنّ من الممكن أن ينقرضوا كما انقرض أولئك،و يزولوا كما زالوا من دون أن يملكوا أيّة قوّة مضادّة للدّفاع و الحماية.(15:227).

الطّوفان في الأرض

...وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ. هود:44

الطّوسيّ: حكى اللّه تعالى في هذه الآية قصّة نوح و قومه بأوجز لفظ و أبلغه،و بلوغ الغاية الّتي لا تدانيها بلاغة و لا تقاربها فصاحة،لأنّ قوله: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ إخبار منه عن إذهاب الماء عن وجه الأرض في أوجز مدّة،فجرى ذلك مجرى أن قال لها:ابلعي فبلعت.

و قيل:في هذه الآية وجوه كثيرة من عجيب البلاغة:

منها أنّه خرج مخرج الأمر على جهة التّعظيم من نحو كُنْ فَيَكُونُ البقرة:117،لأنّه من غير معاناة و لا لغوب.

و منها حسن تقابل المعنى.

و منها حسن ائتلاف الألفاظ،و من ذلك حسن البيان في تصوير الحال.

و منها الإيجاز من غير إخلال.

و منها تقبّل الفهم على أتمّ الكمال،إلى غير ذلك ممّا عليه هذا الكلام في الحسن العجيب و اللّطف البديع.

(5:562)

الزّمخشريّ: نداء الأرض و السّماء بما ينادي به الحيوان المميّز على لفظ التّخصيص،و الإقبال عليهما بالخطاب من بين سائر المخلوقات،و هو قوله:

ص: 142

يا أَرْضُ وَ يا سَماءُ، ثمّ أمرهما بما يؤمر به أهل التّمييز و العقل من قوله: اِبْلَعِي ماءَكِ و أَقْلِعِي من الدّلالة على الاقتدار العظيم.و أنّ السّماوات و الأرض و هذه الأجرام العظام منقادة لتكوينه،فيها ما يشاء غير ممتنعة عليه،كأنّها عقلاء مميّزون،قد عرفوا عظمته و جلالته و ثوابه و عقابه و قدرته على كلّ مقدور،و تبيّنوا تحتّم طاعته عليهم و انقيادهم له،و هم يهابونه و يفزعون من التّوقّف دون الامتثال له،و النّزول على مشيئته على الفور من غير ريب،فكما يرد عليهم أمره،كان المأمور به مفعولا لا حبس و لا إبطاء.

(2:271)

مثله الفخر الرّازيّ.(17:234)

السّكّاكيّ: النّظر في هذه الآية من أربع جهات:

من جهة علم البيان،و من جهة علم المعاني،و هما مرجع البلاغة.و من جهة الفصاحة المعنويّة،و من جهة الفصاحة اللّفظيّة.

أمّا النّظر فيها من جهة علم البيان-و هو النّظر فيما فيها من المجاز و الاستعارة و الكناية و ما يتّصل بها- فنقول:إنّه عزّ سلطانه لمّا أراد أن يبيّن معنى أردنا أن نردّ ما انفجر من الأرض إلى بطنها،فارتدّ،و أن نقطع طوفان السّماء فانقطع،و أن نغيض الماء النّازل من السّماء فغاض، و أن نقضي أمر نوح-و هو إنجاز ما كنّا وعدنا من إغراق قومه-فقضي،و أن نسوّي السّفينة على الجوديّ فاستوت،و أبقينا الظّلمة غرقى؛بني الكلام على تشبيه المراد بالمأمور،الّذي لا يتأتّى منه لكمال هيبته العصيان.

و تشبيه تكوين المراد بالأمر الجزم النّافذ في تكوّن المقصود،تصويرا لاقتداره العظيم،و أنّ السّماوات و الأرض و هذه الأجرام العظام تابعة لإرادته إيجادا و إعداما،و لمشيئته فيها تغييرا و تبديلا،كأنّهما عقلاء مميّزون قد عرفوه حقّ معرفته،و أحاطوا علما بوجوب الانقياد لأمره،و الإذعان لحكمه،و تحتّم بذل المجهود عليهم في تحصيل مراده،و تصوّروا مزيد اقتداره، فعظمت مهابته في نفوسهم،و ضربت سرادقها في أفنية ضمائرهم،فكما يلوح لهم إشارته كان المشار إليه مقدّما، و كما يرد عليهم أمره كان المأمور به متمّما لا تلقى لإشارته بغير الإمضاء و الانقياد،و لا لأمره بغير الإذعان و الامتثال.

ثمّ بنى على تشبيهه هذا نظم الكلام،فقال جلّ و علا:(قيل)على سبيل المجاز عن الإرادة الواقع بسببها قول القائل،و جعل قرينة المجاز الخطاب للجماد و هو (يا ارض)(و يا سماء)،ثمّ قال كما ترى:(يا ارض) (و يا سماء)مخاطبا لهما على سبيل الاستعارة للشّبه المذكور،ثمّ استعار لغور الماء في الأرض«البلع»الّذي هو أعمال الجاذبة في المطعوم للشّبه بينهما،و هو الذّهاب إلى مقرّ خفيّ،ثمّ استعار الماء للغذاء استعارة بالكناية تشبيها له بالغذاء،لتقوى الأرض بالماء في الإنبات للزّروع و الأشجار تقوّي الآكل بالطّعام،و جعل قرينة الاستعارة لفظة(ابلعى)لكونها موضوعة للاستعمال في الغذاء دون الماء،ثمّ أمر على سبيل الاستعارة للشّبه المقدّم ذكره، و خاطب في الأمر ترشّحا لاستعارة النّداء.

ثمّ قال:(ماءك)بإضافة الماء إلى الأرض على سبيل المجاز،تشبيها لاتّصال الماء بالأرض باتّصال الملك

ص: 143

بالمالك،و اختار ضمير الخطاب لأجل التّرشيح.

ثمّ اختار لاحتباس المطر«الإقلاع»الّذي هو ترك الفاعل الفعل للشّبه بينهما في عدم ما كان،ثمّ أمر على سبيل الاستعارة و خاطب في الأمر قائلا(اقلعى)لمثل ما تقدّم في(ابلعى).

ثمّ قال: وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً فلم يصرّح بمن غاض الماء، لا بمن قضى الأمر،و سوّى السّفينة،و قال:بعدا،كما لم يصرّح بقائل:(يا ارض و يا سماء)في صدر الآية، سلوكا في كلّ واحد من ذلك لسبيل الكناية،أنّ تلك الأمور العظام لا تتأتّى إلاّ من ذي قدرة لا يكتنه قهّار لا يغالب.

فلا مجال لذهاب الوهم إلى أن يكون غيره جلّت عظمته قائل:(يا ارض و يا سماء)و لا غائض مثل ما غاض و لا قاضي مثل ذلك الأمر الهائل،أو أن تكون تسوية السّفينة و إقرارها بتسوية غيره و إقراره.

ثمّ ختم الكلام بالتّعريض تنبيها لسالكي مسلكهم في تكذيب الرّسل ظلما لأنفسهم لا غير،ختم إظهار لمكان السّخط و لجهة استحقاقهم إيّاه،و أنّ قيمة الطّوفان و تلك الصّورة الهائلة ما كانت إلاّ لظلمهم.

و أمّا النّظر فيها من حيث علم المعاني،و هو النّظر في فائدة كلّ كلمة منها،وجهة كلّ تقديم و تأخير فيما بين جملها؛فذلك أنّه اختير(يا)دون سائر أخواتها لكونها أكثر في الاستعمال،و أنّها دالّة على بعد المنادى الّذي يستدعيه مقام إظهار العظمة و إبداء شأن العزّة و الجبروت،و هو تبعيد المنادى المؤذن بالتّهاون به.و لم يقل:(يا ارض)بالكسر،لإمداد التّهاون.و لم يقل:

يا أيّتها الأرض،لقصد الاختصار مع الاحتراز عمّا في «أيّتها»من تكلّف التّنبيه غير المناسب بالمقام.

و اختير لفظ«الأرض»دون سائر أسمائها لكونه أخفّ و أدور،و اختير لفظ«السّماء»لمثل ما تقدّم في «الأرض»مع قصد المطابقة و ستعرفها.و اختير لفظ (ابلعى)على ابتلعي لكونه أخصر،و لمجيء خطّ التّجانس بينه و بين(اقلعى)أوفر.

و قيل:(ماءك)بالإفراد دون الجمع،لما كان في الجمع من صورة الاستكثار المتأبّى عنها مقام إظهار الكبرياء و الجبروت،و هو الوجه في إفراد«الأرض» و«السّماء»،و إنّما لم يقل:(ابلعى)بدون المفعول لأن لا يستلزم تركه،ما ليس بمراد من تعميم الابتلاع للجبال و التّلال و البحار و ساكنات الماء بأسرهنّ،نظرا إلى مقام ورود الأمر الّذي هو مقام عظمة و كبرياء،ثمّ إذا بيّن المراد اختصر الكلام مع(اقلعى)احترازا عن الحشو المستغنى عنه،و هو الوجه في أن لم يقل:قيل يا ارض ابلعي ماءك فبلعت و يا سماء اقلعي فأقلعت.

و اختير(غيض)على غيّض المشدّد،لكونه أخصر و قيل:(الماء)دون أن يقال:ماء طوفان السّماء،و كذا (الأمر)دون أن يقال أمر نوح،و هو إنجاز ما كان اللّه وعد نوحا من إهلاك قومه،لقصد الاختصار و الاستغناء بحرف التّعريف عن ذلك،و لم يقل:سوّيت على الجوديّ،بمعنى أقرّت،على نحو(قيل،و غيض،و قضي) في البناء للمفعول،اعتبارا لبناء الفعل للفاعل مع السّفينة في قوله: وَ هِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ هود:42،مع

ص: 144

قصد الاختصار في اللّفظ.

ثمّ قيل: بُعْداً لِلْقَوْمِ دون أن يقال:ليبعد القوم، طلبا للتّأكيد مع الاختصار،و هو نزول(بعدا)منزلة ليبعدوا بعدا،مع فائدة أخرى و هو استعمال اللاّم مع (بعدا)الدّالّ على معنى أنّ البعد حقّ لهم،ثمّ أطلق «الظّلم»ليتناول كلّ نوع حتّى يدخل فيه ظلمهم أنفسهم،لزيادة التّنبيه على فظاعة سوء اختيارهم في تكذيب الرّسل.هذا من حيث النّظر إلى تركيب الكلم.

و أمّا من حيث النّظر إلى ترتيب الجمل فذلك أنّه قد قدّم النّداء على الأمر،فقيل: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي دون أن يقال:ابلعي يا أرض و أقلعي يا سماء،جريا على مقتضى اللاّزم فيمن كان مأمورا حقيقة من تقديم التّنبيه،ليتمكّن الأمر الوارد عقيبه في نفس المنادى،قصدا بذلك لمعنى التّرشيح.ثمّ قدّم أمر الأرض على أمر السّماء،و ابتدئ به لابتداء الطّوفان منها،و نزولها لذلك في القصّة منزلة الأصل-و الأصل بالتّقديم أولى-ثمّ أتبعهما قوله: وَ غِيضَ الْماءُ لاتّصاله بقصّة الماء و أخذه بحجزتها.أ لا ترى أصل الكلام قيل:يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ماءها،و يا سماء أقلعي عن إرسال الماء فأقلعت عن إرساله،و غيض الماء النّازل من السّماء فغاض،ثمّ أتبعه ما هو المقصود من القصّة،و هو قوله: وَ قُضِيَ الْأَمْرُ أي أنجز الموعود من إهلاك الكفرة و إنجاء نوح و من معه في السّفينة.ثمّ أتبعه حديث السّفينة،و هو قول: وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ، ثمّ ختمت القصّة بما ختمت،هذا كلّه نظر في الآية من جانبي البلاغة.

و أمّا النّظر فيها من جانب الفصاحة المعنويّة فهي كما ترى،نظم للمعاني لطيف،و تأدية لها ملخّصة مبيّنة، لا تعقيد يعثر الفكر في طلب المراد،و لا التواء يشيك الطّريق إلى المرتاد،بل إذا جرّبت نفسك عند استماعها وجدت ألفاظها تسابق معانيها،و معانيها تسابق ألفاظها،فما من لفظة في تركيب الآية و نظمها تسبق إلى أذنك إلاّ و معناها أسبق إلى قلبك.

و أمّا النّظر فيها من جانب الفصاحة اللّفظيّة، فألفاظها على ما ترى عربيّة مستعملة جارية على قوانين اللّغة،سليمة عن التّنافر بعيدة عن البشاعة، عذبة على العذبات سليسة على الأسلات،كلّ منها كالماء في السّلاسة،و كالعسل في الحلاوة،و كالنّسيم في الرّقّة...(176-178)

القرطبيّ: هذا مجاز لأنّها موات.

و قيل:جعل فيها ما تميّز به.

و الّذي قال إنّه مجاز قال:لو فتّش كلام العرب و العجم ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها، و بلاغة رصفها،و اشتمال المعاني فيها.(9:40)

أبو حيّان: هذا النّداء و الخطاب بالأمر هو استعارة مجازيّة،و على هذا جمهور الحذّاق.

و قيل:إنّ اللّه تعالى أحدث فيهما إدراكا و فهما لمعاني الخطاب.(5:228)

البروسويّ: قدّم أمر الأرض على أمر السّماء لابتداء الطّوفان منها.(4:134)

الآلوسيّ: قال سبحانه كما ترى:(يا ارض) (و يا سماء)مخاطبا لهما على سبيل الاستعارة.و الظّاهر

ص: 145

أنّه أراد أنّ هناك استعارة بالكناية حيث ذكر المشبّه، أعني السّماء و الأرض المراد منهما حصول أمر،و أريد المشبّه به،أعني المأمور الموصوف بأنّه لا يتأتّى منه العصيان ادّعاء بقرينة نسبة الخطاب إليه،و دخول حرف النّداء عليه-و هما من خواصّ المأمور المطيع-و يكون هذا تخييلا.

و قد يقال:أراد أنّ الاستعارة هاهنا تصريحيّة تبعيّة في حرف النّداء،بناء على تشبيه تعلّق الإرادة بالمراد منه بتعلّق النّداء و الخطاب بالمنادى المخاطب، و ليس بشيء؛إذ لا يحسن هذا التّشبيه ابتداء بل تبعا للتّشبيه الأوّل،فكيف يجعل أصلا لمتبوعه؟!على أنّ قوله للشّبه المذكور يدفع هذا الحمل.ثمّ استعار لغور الماء في الأرض«البلع»الّذي هو أعمال الجاذبة في المطعوم للشّبه بينهما،و هو الذّهاب إلى مقرّ خفيّ.

و في الكشّاف جعل«البلع»مستعارا لنشف الأرض الماء،و هو أولى،فإنّ النّشف دالّ على جذب من أجزاء الأرض لما عليها كالبلع بالنّسبة إلى الحيوان،و لأنّ النّشف فعل الأرض،و الغور فعل الماء مع الطّباق بين الفعلين تعدّيا.

ثمّ استعار الماء للغذاء استعارة بالكناية تشبيها له بالغذاء لتقوى الأرض بالماء في الإنبات للزّروع و الأشجار،تقوى الآكل بالطّعام،و جعل قرينة الاستعارة لفظة(ابلعى)لكونها موضوعة للاستعمال في الغذاء دون الماء.

و لا يخفى عليك أنّه إذا اعتبر مذهب السّلف في الاستعارة يكون(ابلعى)استعارة تصريحيّة،و مع ذلك يكون بحسب اللّفظ قرينة للاستعارة بالكناية في الماء على حدّ ما قالوا:في يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ. و أمّا إذا اعتبر مذهبه فينبغي أن يكون«البلع»باقيا على حقيقته كالإنبات في«أنبت الرّبيع البقل»و هو بعيد،أو يجعل مستعارا لأمر متوهّم كما في«نطقت الحال»فيلزمه القول:بالاستعارة التّبعيّة كما هو المشهور،ثمّ إنّه تعالى أمر على سبيل الاستعارة للتّشبيه الثّاني،و خاطب في الأمر ترشيحا لاستعارة النّداء.

و الحاصل أنّ في لفظ(ابلعى)باعتبار جوهره استعارة لغور الماء،و باعتبار صورته،أعني كونه صورة أمر استعارة أخرى لتكوين المراد،و باعتبار كونه أمر خطاب ترشيح للاستعارة المكنيّة الّتي في المنادى،فإنّ قرينتها النّداء،و ما زاد على قرينة المكنيّة يكون ترشيحا لها.و أمّا جعل النّداء استعارة تصريحيّة تبعيّة حتّى يكون خطاب الآمر ترشيحا لها فقد عرفت ما فيه.

[ثمّ نقل كلام السّكّاكيّ المتقدّم في«ماءك»إلى أن قال:]

و زعم بعضهم أنّ الأرض و السّماء أعطيتا ما يعقلان به الأمر،فقيل لهما حقيقة ما قيل،و أنّ القائل(بعدا) نوح عليه السّلام و من معه من المؤمنين.و لا يخفى أنّ هذا خلاف الظّاهر و لا أثر فيه يعوّل عليه،و الكلام على الأوّل أبلغ.

(12:63-65)

رشيد رضا :أي و صدر من عالم الغيب الأعلى نداء خاطب الأرض و السّماء بأمر التّكوين،الّذي يسجد له العقلاء و غير العقلاء:يا أرض ابلعي ماءك كلّه الّذي عليك،أو الّذي تفجّر من باطنك إن صحّ أنّ ماء السّماء

ص: 146

صار بحرا.[إلى أن قال:]

قرّر علماء البلاغة الفنّيّة أنّ هذه الآية أبلغ آية في الكتاب العزيز،أحاطت بالبلاغة من جميع جوانبها و أرجائها اللّفظيّة و المعنويّة،الّتي وضعت لفلسفتها الفنون الثّلاثة:المعاني و البيان و البديع،و إنّ مثل هذا التّفاضل بين الآيات الّذي يقتضيه الحال و المقام،لا ينافي بلوغ كلّ آية في موضعها و موضوعها درجة الإعجاز، و لا يعدّ من التّفاوت المعهود في كلام أشهر البلغاء كأبي تمّام و المتنبّيّ،و كذا غيرهما من شعراء الجاهليّة،و من بعدهم في الدّرجات الثّلاث العليا و السّفلى و ما بينهما، فآياته كلّها في الدّرجة العليا المعجزة للبشر،و إن كان لبعضها مزيّة على بعض،كما تراه في تكرار القصّة الواحدة من هذه القصص،و قد بسطناه في تفسير آية التّحدّي بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ هود:13،من هذه السّورة.(12:80)

الطّباطبائيّ: نداء صادر من ساحة العظمة و الكبرياء،لم يصرّح باسم قائله و هو اللّه عزّ اسمه للتّعظيم،و الأمر تكوينيّ تحمله كلمة(كن)الصّادرة من ذي العرش تعالى،يترتّب عليه من غير فصل أن تبتلع الأرض ما على وجهها من الماء المتفجّر من عيونها،و أن تكفّ السّماء عن أمطارها.

و فيه دلالة على أنّ الأرض و السّماء كانتا مشتركتين في إطغاء الماء بأمر اللّه كما يبيّنه قوله تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ* وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ القمر:11،12.

(10:230)

حفني محمّد شرف:تلك آية عدد ألفاظها سبع عشرة لفظة،بلغ حسن نظمها الدّرجة العليا،و انسجام ألفاظها و ائتلاف معانيها أدّيا إلى وجود عشرين لونا من ألوان البلاغة.

ففيها المناسبة التّامّة في(اقلعى)و(ابلعى).

و المطابقة اللّفظيّة في ذكر السّماء و الأرض.

و المجاز في قوله:(يا سماء)فإنّ الحقيقة يا مطر السّماء.

و الإشارة في قوله تعالى: وَ غِيضَ الْماءُ، فإنّه سبحانه و تعالى عبّر بهاتين اللّفظتين عن معان كثيرة، لأنّ الماء لا يغيض حتّى يقطع مطر السّماء،و تبلع الأرض ما يخرج من عيون الماء،فينقص الحاصل على وجه الأرض من الماء.

و الإرداف في قوله: وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ فإنّه عبّر عن استقرار السّفينة على هذا المكان، و جلوسها جلوسا متمكّنا لا زيغ فيه و لا ميل،لطمأنينة أهل السّفينة بلفظ قريب من لفظ الحقيقة.

و التّمثيل في قوله: وَ قُضِيَ الْأَمْرُ فإنّه عبّر بذلك عن هلاك الهالكين و نجاة النّاجين،بلفظ فيه بعد ما من لفظ الحقيقة بالنّسبة إلى لفظ الإرداف.

و التّعليل لأنّ غيض الماء علّة الاستواء.

و صحّة التّقسيم حين استوعب سبحانه أقسام أحوال الماء حالة نقصه؛إذ ليس إلاّ احتباس ماء السّماء، و احتقان الماء الّذي ينبع من الأرض،و غيض الماء الحاصل على ظهر الأرض.

و الاحتراس في قوله: وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ محترسا من توهّم من يتوهّم أنّ الهلاك ربّما عمّ من

ص: 147

لا يستحقّ الهلاك،فجاء سبحانه بالدّعاء على الهالكين، ليعلم أنّهم مستحقّو الهلاك،فإنّ عدله منع أن يدعو على غير مستحقّ للدّعاء عليه.

و الانفصال فإنّ لقائل أن يقول:إنّ لفظة(القوم) مستغنى عنها،فإنّه لو قيل:«و قيل بعدا للظالمين»لتمّ الكلام،و الانفصال عن ذلك أن يقال:لمّا سبق في صدر الكلام قبل الآية قوله تعالى: وَ كُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ، و قال سبحانه قبل ذلك مخاطبا لنوح عليه السّلام: وَ لا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ هود:37،فاقتضت البلاغة أن يؤتى بلفظة (القوم)الّتي آلة التّعريف فيها للعهد،ليتبيّن أنّهم القوم الّذين تقدّم ذكرهم في قوله تعالى: وَ كُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ، و وصفهم بالظّلم،و أخبر بسابق علمه أنّهم هالكون بقوله: وَ لا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ، فحصل الانفصال عن الإشكال،و علم أنّ لفظة(القوم)ليست فضلة في الكلام.

و المساواة لأنّ لفظ الآية لا يزيد على معناه و لا ينقص عنه.

و حسن النّسق في عطف القضايا بعضها على بعض بأحسن ترتيب،حسبما وقعت أوّلا فأوّلا؛فإنّه سبحانه أمر الأرض بالابتلاع،ثمّ عطف على ذلك أمر السّماء بالإقلاع،ثمّ عطف غيض الماء على ذلك،ثمّ عطف على ذلك قضاء الأمر بهلاك الهالكين و نجاة النّاجين،ثمّ عطف على ذلك استواء السّفينة على الجوديّ،ثمّ عطف على ذلك الدّعاء على الهالكين،فجاء عطف الجمل على ترتيب وقوعها في الوجود،و ائتلاف اللّفظ مع المعنى، لكون كلّ لفظة لا يصلح في موضعها غيرها.

و الإيجاز لأنّه سبحانه اقتصّ القصّة بلفظها مستوعبة؛بحيث لم يخلّ منها بشيء في أخصر عبارة، بألفاظ غير مطوّلة.

و التّسهيم لأنّ من أوّل الآية إلى قوله تعالى:

(اقلعى)يقتضي آخرها.

و التّهذيب لأنّ مفردات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن،كلّ لفظة سهلة مخارج الحروف،عليها رونق الفصاحة،مع الخلوّ من البشاعة،و التّركيب سليم من التّعقيد و أسبابه.

و حسن البيان من جهة أنّ السّامع لا يتوقّف في فهم معنى الكلام،و لا يشكل عليه شيء منه.

و التّمكين لأنّ الفاصلة مستقرّة في قرارها،مطمئنّة في مكانها،غير قلقة و لا مستدعاة.

و الانسجام في تحدّر الكلام بسهولة و عذوبة سبك، مع جزالة لفظ،كما ينسجم الماء العليل من الهواء.

فانظر إلى عظمة هذا الكلام،و ما انطوى عليه نظمه و ما تضمّنه لفظه لتقدّره قدره.(366-368)

علم اللّه بما في الأرض

1- ...وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ... يونس:61

الزّمخشريّ: فإن قلت:لم قدّمت(الأرض)على (السماء)بخلاف قوله: عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ ؟سبأ:3.

قلت:حقّ(السّماء)أن تقدّم على(الأرض)،و لكنّه لمّا ذكر شهادته على شئون أهل الأرض و أحوالهم

ص: 148

و أعمالهم،و وصل بذلك قوله: لا يَعْزُبُ عَنْهُ لاءم ذلك أن قدّم(الأرض)على(السّماء)على أنّ العطف بالواو حكمه حكم التّثنية.(2:243)

مثله الفخر الرّازيّ(17:123)،و نحوه النّسفيّ(2:

169)،و الرّازيّ(129)،و النّيسابوريّ(11:97).

البيضاويّ: أي في الوجود و الإمكان،فإنّ العامّة لا تعرف ممكنا غيرهما ليس فيهما،و لا متعلّقا بهما.

و تقديم(الأرض)لأنّ الكلام في حال أهلها،و المقصود منه البرهان على إحاطة علمه بهما.(1:452)

مثله الآلوسيّ.(11:145)

أبو حيّان: لمّا ذكر شهادته تعالى على أعمال الخلق ناسب تقديم(الأرض)الّتي هي محلّ المخاطبين على السّماء،بخلاف ما في سورة«سبأ»،و إن كان الأكثر تقديمها على(الأرض).(5:174)

رشيد رضا: أي في الوجود سفليّة و علويّة، و قدّم ذكر(الأرض)لأنّ الكلام مع أهلها،و أخّره في «سبأ».و قدّم(السّماء)،لأنّها في سياق ثنائه تعالى على نفسه و وصفه بإحاطة علمه؛فناسب تقديم السّماء لأنّها أعظم،فإنّ فيها من الشّموس و عوالمها ما يبعد بعضه عن بعض مسافة ألوف الألوف من السّنين الّتي تقدّر أبعادها بسرعة النّور،كما ثبت في علم هذا العصر.

(11:414)

2- إِنَّ اللّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ. آل عمران:5

الطّوسيّ: فإن قيل:لم قال: لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ و لم يقل:لا يخفى عليه شيء على وجه من الوجوه؛إذ كان أشدّ مبالغة؟

قيل:ليعلمنا أنّ الغرض علم ما يستسرّ به في الأرض أو في السّماء،و لأنّ الإفصاح بذكر ذلك أعظم في النّفس و أهول في الصّدر،مع الدّلالة على أنّه عالم بكلّ شيء،إلاّ أنّه على وجه التّصرّف في العبارة عن وجوه الدّلالة.(2:393)

نحوه الطّبرسيّ.(1:406)

الفخر الرّازيّ: فإن قيل:ما الفائدة في قوله: فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ مع أنّه لو أطلق كان أبلغ؟

قلنا:الغرض بذلك إفهام العباد كمال علمه،و فهم هذا المعنى عند ذكر السّماوات و الأرض أقوى؛و ذلك لأنّ الحسّ يرى عظمة السّماوات و الأرض فيعين العقل على معرفة عظمة علم اللّه عزّ و جلّ،و الحسّ متى أعان العقل على المطلوب كان الفهم أتمّ و الإدراك أكمل، و لذلك فإنّ المعاني الدّقيقة إذا أريد إيضاحها ذكر لها مثال،فإنّ المثال يعين على الفهم.(7:178)

البيضاويّ: أيّ شيء كائن في العالم،كلّيّا كان أو جزئيّا أو كفرا،فعبّر عنه بالسّماء و الأرض؛إذ الحسّ لا يتجاوزهما.و إنّما قدّم(الأرض)ترقّيا من الأدنى إلى الأعلى،و لأنّ المقصود بالذّكر ما اقترف فيها،و هو كالدّليل على كونه حيّا.(1:148)

نحوه أبو حيّان.(2:379)

3- ...وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ...

لقمان:34

الرّازيّ: فإن قيل:كيف قال تعالى: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ و لم يقل:بأيّ وقت تموت،

ص: 149

و كلاهما غير معلوم؟بل نفي العلم بالزّمان أولى،لأنّ من النّاس من يدّعي علمه و هم المنجّمون،بخلاف المكان فإنّ أحدا لا يدّعي علمه؟

قلنا:إنّما خصّ المكان بنفي علمه لوجهين:

أحدهما:أنّ الكون في مكان دون مكان في وسع الإنسان و اختياره،فيكون اعتقاده علم مكان الموت أقرب بخلاف الزّمان.

الثّاني:أنّ للمكان تأثيرا في جلب الصّحّة و السّقم بخلاف الزّمان،أو تأثير المكان في ذلك أكثر.(274)

4- رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَ ما نُعْلِنُ وَ ما يَخْفى عَلَى اللّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ. إبراهيم:38

الآلوسيّ: تقديم(الأرض)على(السّماء)مع توسيط(لا)بينهما،باعتبار القرب و البعد منّا المستعدّين للتّفاوت بالنّسبة إلى علومنا.

و المراد من(السّماء)ما يشمل السّماوات كلّها.و لو أريد من(الأرض)جهة السّفل و من السّماء جهة العلو -كما قيل-جاز.(13:241)

وراثة الأرض

1- ...وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. آل عمران:180

الطّبريّ: إن قال قائل فما معنى قوله:«له ميراث السّماوات و الارض»و الميراث المعروف هو ما انتقل من ملك مالك إلى وارثه بموته،و للّه الدّنيا قبل فناء خلقه و بعده؟

قيل:إنّ معنى ذلك ما وصفنا من وصفه نفسه بالبقاء،و إعلام خلقه أنّه كتب عليهم الفناء؛و ذلك أنّ ملك المالك إنّما يصير ميراثا بعد وفاته،فإنّما قال جلّ ثناؤه: وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إعلاما بذلك منه عباده،أنّ أملاك جميع خلقه منتقلة عنهم بموتهم،و أنّه لا أحد إلاّ و هو فان سواه،فإنّه الّذي إذا هلك جميع خلقه،فزالت أملاكهم عنهم،لم يبق أحد يكون له ما كانوا يملكونه غيره.(4:193)

الطّوسيّ: معناه:أنّه يبطل ملك كلّ شيء إلاّ ملك اللّه؛فيصير كالميراث لصحّة الملك الثّاني بعد زوال الأوّل،و إن لم يكن في صفات اللّه على جهة الانتقال، لأنّه لم يزل مالكا عزّ و جلّ.(3:64)

نحوه الطّبرسيّ.(1:546)

الميبديّ: [قوله:] وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كقوله تعالى: إِنّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْها مريم:40،يعني يفنى أهلها،و تبقى الأموال و الأملاك،و لا مالك إلاّ اللّه عزّ و جلّ.(2:364)

الفخر الرّازيّ: فيه وجهان:

الأوّل:و له ما فيهما ممّا يتوارثه أهلهما من مال و غيره.فما لهم يبخلون عليه بملكه و لا ينفقونه في سبيله؟!و نظيره قوله تعالى: وَ أَنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ الحديد:7.

و الثّاني:و هو قول الأكثرين:المراد أنّه يفنى أهل السّماوات و الأرض،و تبقى الأملاك و لا مالك لها إلاّ اللّه، فجرى هذا مجرى الوراثة؛إذ كان الخلق يدعون الأملاك،فلمّا ماتوا عنها و لم يخلفوا أحدا كان هو الوارث لها،و المقصود من الآية أنّه يبطل ملك جميع المالكين إلاّ

ص: 150

ملك اللّه سبحانه و تعالى،فيصير كالميراث.

قال ابن الأنباريّ: يقال ورث فلان علم فلان،إذا انفرد به بعد أن كان مشاركا فيه.و قال تعالى: وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ النّمل:16،و كان المعنى انفراده بذلك الأمر،بعد أن كان داود مشاركا له فيه و غالبا عليه.

(9:115)

نحوه النّيسابوريّ(4:137)،و أبو حيّان(3:129).

الآلوسيّ: أي للّه تعالى وحده لا لأحد غيره استقلالا أو اشتراكا ما في السّماوات و الأرض،ممّا يتوارث من مال و غيره،كالأحوال الّتي تنتقل من واحد إلى آخر،كالرّسالات الّتي يتوارثها أهل السّماء مثلا،فما لهؤلاء القوم يبخلون عليه بملكه و لا ينفقونه في سبيله و ابتغاء مرضاته:فالميراث مصدر كالميعاد و أصله:

موراث،فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها،و المراد به ما يتوارث.و الكلام جار على حقيقته و لا مجاز فيه.

و يجوز أنّه تعالى يرث من هؤلاء ما في أيديهم ممّا بخلوا به،و ينتقل منهم إليه حين يهلكهم و يفنيهم،و تبقى الحسرة و النّدامة عليهم.ففي الكلام على هذا مجاز.

قال الزّجّاج: أي إنّ اللّه تعالى يفني أهلهما فيبقيان بما فيهما،ليس لأحد فيهما ملك،فخوطبوا بما يعلمون، لأنّهم يجعلون ما يرجع إلى الإنسان ميراثا ملكا له.

(4:140)

2- ...إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ...

الأعراف:128

الطّبريّ: يقول:إنّ الأرض للّه،لعلّ اللّه أن يورثكم إن صبرتم على ما نالكم من مكروه في أنفسكم و أولادكم من فرعون،و احتسبتم ذلك و استقمتم على السّداد،أرض فرعون و قومه،بأن يهلكهم و يستخلفكم فيها،فإن اللّه يورث أرضه من يشاء من عباده.

(9:27)

الطّوسيّ: إخبار عمّا قال موسى لقومه:من أنّ الأرض كلّها ملك للّه يورثها من يشاء من عباده.

و الإرث:جعل الشّيء للخلف بعد السّلف،و الأغلب أن يكون ذلك في الأموال.و قد يستعمل في غيرها مجازا كقولهم:«العلماء ورثة الأنبياء»،و قولهم:«ما ورّث والد ولدا أجلّ من أدب حسن».

و معنى يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ قيل في معناه قولان:

أحدهما:التّسلية لهم بأنّها لا تبقى على أحد،لأنّها تنقل من قوم إلى قوم إمّا محنة أو عقوبة.

الثّاني:الإطماع في أن يورثهم اللّه أرض فرعون و قومه.(4:546)

الزّمخشريّ: يجوز أن تكون اللاّم للعهد،و يراد أرض مصر خاصّة،كقوله: وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ الزّمر:

74،و أن تكون للجنس فيتناول أرض مصر،لأنّها من جنس الأرض،كما قال ضمرة:«إنّما المرء بأصغريه»، فأراد بالمرء الجنس،و غرضه أن يتناوله تناولا أوّليّا.

(2:105)

نحوه النّيسابوريّ.(9:33)

الطّبرسيّ: أي ينقلها إلى من يشاء نقل المواريث، فيورثكم بعد إهلاك فرعون كما أورثها فرعون،و هذا وعد لهم بحسن العاقبة،ليكون داعيا لهم إلى

ص: 151

الصّبر.(2:465)

أبو حيّان: أي أرض مصر،و«أل»فيه للعهد، و هي الأرض الّتي كانوا فيها.

و قيل:(الأرض):أرض الدّنيا،فهي على العموم.

و قيل:المراد أرض الجنّة،لقوله: وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ الزّمر:74.(4:368)

البروسويّ: أي أرض البشريّة لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يورث أرض بشريّة السّعداء الرّوح و صفاته فيتّصف بصفاته،و يورث أرض بشريّة الأشقياء النّفس و صفاتها فتتّصف بصفاتها.(3:216)

الآلوسيّ: أي أرض مصر،أو الأرض مطلقا، و هي داخلة فيها دخولا أوّليّا.(9:29)

رشيد رضا: جنسها،أو الأرض الّتي وعدكم ربّكم إيّاها و هي فلسطين،للّه تعالى الّذي بيده ملكوت كلّ شيء يورثها من يشاء من عباده لا لفرعون،فهي بحسب سنّته تعالى دول،و العاقبة الحسنة الّتي ينتهي التّنازع بين الأمم للمتّقين،أي الّذين يتّقون اللّه بمراعاة سننه في أسباب إرث الأرض،كالاتّحاد و جمع الكلمة و الاعتصام بالحقّ و إقامة العدل و الصّبر على المكاره و الاستعانة باللّه،و لا سيّما عند الشّدائد،و نحو ذلك ممّا هدى إليه وحيه و أيّدته التّجارب.

و مراده عليه السّلام أنّ العاقبة ستكون لكم بإرث الأرض، و لكن بشرط أن تكونوا من المتّقين له تعالى بإقامة شرعه،و السّير على سننه في نظام خلقه،و ليس الأمر كما تتوهّمون و يتوهّم فرعون و قومه،من بقاء القويّ على قوّته و الضّعيف على ضعفه،أو أنّ الآلهة الباطلة ضمنت لفرعون بقاء ملكه،على عظمته و جبروته و ظلمه.(9:80)

3- وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ. الأنبياء:105

ابن عبّاس: أرض الجنّة.

مثله مجاهد،و سعيد بن جبير،و ابن زيد،و أبو العالية.(الطّبريّ 17:104)

إنّها أرض الأمم الكافرة،ترثها أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم.

(الطّبريّ 17:105)

المراد من(الأرض)أرض الدّنيا،فإنّه سبحانه و تعالى سيورثها المؤمنين في الدّنيا.

مثله الكلبيّ.(الفخر الرّازيّ 22:230)

الكلبيّ: يعنى أرض الشّام،يرثها الصّالحون من بني إسرائيل.(الطّوسيّ 7:284)

الإمام الباقر عليه السّلام:إنّ ذلك وعد للمؤمنين بأنّهم يرثون جميع الأرض.(الطّوسيّ 7:284)

الفرّاء: يقال:أرض الجنّة.

و يقال:إنّها الأرض الّتي وعدها بنو إسرائيل،مثل قوله: وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الأعراف:137.

(2:213)

ابن قتيبة: يقال:الأرض المقدّسة،ترثها أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم.(289)

مثله الزّمخشريّ.(2:586)

عامر بن عبد اللّه: هي الأرض الّتي تجتمع إليها أرواح المؤمنين حتّى يكون البعث.(الطّبريّ 17:105)

ص: 152

الطّبريّ:إنّ أرض الجنّة يرثها عبادي العاملون بطاعته،المنتهون إلى أمره و نهيه من عباده،دون العاملين بمعصيته منهم المؤثرين طاعة الشّيطان على طاعته.

و قال آخرون: هي الأرض يورثها اللّه المؤمنين في الدّنيا.

و قال آخرون:عني بذلك بنو إسرائيل؛و ذلك أنّ اللّه وعدهم ذلك فوفّى لهم به،و استشهد لقوله ذلك بقول اللّه: وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها الأعراف:137.

(17:105)

الميبديّ: يعني أرض الجنّة. يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ: المؤمنون،دليله قوله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* اَلَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ المؤمنون:10 ،11،و قال تعالى: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ الزّمر:74،يعني أرض الجنّة.

و قالوا:(الأرض)هنا أرض الدّنيا،ثمّ اختلفوا، فقال قوم:الأرض المقدّسة،و(عبادى الصّالحون)هم بنو إسرائيل الّذين ورثوا من الجبّارين.

و قال بعضهم: أرض مصر ورثوا من القبط.

و قال آخرون:أرض الدّنيا كلّها الّتي يرثها أمّة محمّد،و هذا حكم من اللّه سبحانه بإظهار الدّين و إعزاز المسلمين و قهر الكافرين.قال اللّه تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ التّوبة:33،و قال وهب:قرأت في عدّة كتب من كتب اللّه سبحانه،قال اللّه عزّ و جلّ:«إنّي لأورث الأرض عبادي الصّالحين»من أمّة محمّد.(6:318)

الطّبرسيّ: قيل:يعني أرض الجنّة،يرثها عبادي المطيعون،عن ابن عبّاس،و سعيد بن جبير،و ابن زيد، فهو مثل قوله: وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ الزّمر:74،و قوله:

اَلَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ.

و قيل:هي الأرض المعروفة يرثها أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله بالفتوح بعد إجلاء الكفّار،كما قال صلّى اللّه عليه و آله:«زويت لي الأرض فأريت مشارقها و مغاربها و سيبلغ ملك أمّتي ما زوي لي منها».عن ابن عبّاس في رواية أخرى.

(4:66)

الفخر الرّازيّ: فيه وجوه:

أحدها:(الأرض):أرض الجنّة،و«العباد الصّالحون»هم المؤمنون العاملون بطاعة اللّه تعالى، فالمعنى أنّ اللّه تعالى كتب في كتب الأنبياء عليه السّلام و في اللّوح المحفوظ أنّه سيورث الجنّة من كان صالحا من عباده،و هو قول ابن عبّاس،و مجاهد،و سعيد بن جبير،و عكرمة،و السّدّيّ،و أبي العالية.و هؤلاء أكّدوا هذا القول بأمور:

أمّا أوّلا:فقوله تعالى: وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الزّمر:74.

و أمّا ثانيا:فلأنّها الأرض الّتي يختصّ بها الصّالحون لأنّها لهم خلقت،و غيرهم إذا حصل معهم في الجنّة فعلى وجه التّبع،فأمّا أرض الدّنيا فلأنّها للصّالح و غير الصّالح.

و أمّا ثالثا:فلأنّ هذه الأرض مذكورة عقيب الإعادة و بعد الإعادة،الأرض الّتي هذا وصفها لا تكون

ص: 153

إلاّ الجنّة.

و أمّا رابعا:فقد روي في الخبر أنّها أرض الجنّة، فإنّها بيضاء نقيّة.

و ثانيها:أنّ المراد من(الأرض)أرض الدّنيا،فإنّه سبحانه و تعالى سيورثها المؤمنين في الدّنيا،و هو قول الكلبيّ،و ابن عبّاس في بعض الرّوايات.

و دليل هذا القول قوله سبحانه: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا النّور:55،إلى قوله: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ، و قوله تعالى: قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ الأعراف:128.

و ثالثها:هي الأرض المقدّسة يرثها الصّالحون، و دليله قوله تعالى: وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها الأعراف:137،ثمّ بالآخرة يورثها أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله عند نزول عيسى بن مريم عليه السّلام.

(22:229،230)

نحوه الآلوسيّ.(17:103)

البروسويّ: قال في عرائس البقلي:كان في علم الأزليّة أنّ أرض الجنان ميراث عباده الصّالحين من الزّهّاد و العبّاد و الأبرار و الأخيار،لأنّهم أهل الأعواض و الثّواب و الدّرجات و أنّ مشاهدة جلال أزليّته ميراث أهل معرفته و محبّته و شوقه و عشقه،لأنّهم في مشاهدة الرّبوبيّة و أهل الجنّة في مشاهدة العبوديّة.

قال سهل:أضافهم إلى نفسه و حلاّهم بحلية الصّلاح،معناه:لا يصلح لي إلاّ ما كان لي خالصا لا يكون لغيري فيه أثر،و هم الّذين أصلحوا سريرتهم مع اللّه و انقطعوا بالكلّيّة عن جميع ما دونه.(5:527)

الطّباطبائيّ: المراد من«وراثة الأرض»انتقال التّسلّط على منافعها إليهم،و استقرار بركات الحياة بها فيهم.و هذه البركات إمّا دنيويّة راجعة إلى الحياة الدّنيا كالتّمتّع الصّالح بأمتعتها و زيناتها؛فيكون مؤدّى الآية أنّ(الأرض)ستتطهّر من الشّرك و المعصية،و يسكنها مجتمع بشري صالح،يعبدون اللّه و لا يشركون به شيئا، كما يشير إليه قوله تعالى: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ إلى قوله يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً النّور:55.و إمّا أخرويّة و هي مقامات القرب الّتي اكتسبوها في حياتهم الدّنيا،فإنّها من بركات الحياة الأرضيّة،و هي نعيم الآخرة،كما يشير إليه قوله تعالى حكاية عن أهل الجنّة:

وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ الزّمر:74، و قوله: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* اَلَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ المؤمنون:10،11.

و من هنا يظهر أنّ الآية مطلقة،و لا موجب لتخصيصها بإحدى الوراثتين كما فعلوه،فهم بين من يخصّها بالوراثة الأخرويّة تمسّكا بما يناسبها من الآيات،و ربّما استدلّوا لتعيّنه بأنّ الآية السّابقة تذكر الإعادة،و لا أرض بعد الإعادة حتّى يرثها الصّالحون.

و يردّه أنّ كون الآية معطوفة على سابقتها غير متعيّن، فمن الممكن أن تكون معطوفة على قوله السّابق: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ الأنبياء:94،كما سنشير إليه.

ص: 154

و بين من يخصّها بالوراثة الدّنيويّة،و يحملها على زمان ظهور الإسلام أو ظهور المهديّ عليه السّلام الّذي أخبر به النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الأخبار المتواترة المرويّة من طرق الفريقين،و يتمسّك لذلك بالآيات المناسبة له الّتي أومأنا إلى بعضها.

و بالجملة الآية مطلقة تعمّ الوراثتين جميعا،غير أنّ الّذي يقتضيه الاعتبار بالسّياق أن تكون معطوفة على قوله السّابق: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ الأنبياء:94،إلخ المشير إلى تفصيل حال المختلفين في أمر الدّين من حيث الجزاء الأخرويّ،و تكون هذه الآية مشيرة إلى تفصيلها من حيث الجزاء الدّنيويّ،و يكون المحصّل أنّا أمرناهم بدين واحد،لكنّهم تقطّعوا و اختلفوا فاختلف مجازاتنا لهم،أمّا في الآخرة فللمؤمنين سعي مشكور و عمل مكتوب و للكافرين خلاف ذلك،و أمّا في الدّنيا فللصّالحين وراثة الأرض بخلاف غيرهم.

(14:330)

فضل اللّه:الأرض يرثها عبادي الصّالحون

كيف يجب أن يفكر أتباع الرّسالات الّذين يعيشون الإيمان فكرا و موقفا و منهج حياة؟هل يواجهون المستقبل،الّذي يتحرّك من حاضر مليء بالصّعوبات و التّحدّيات الّتي يمثّلها الكافرون و المنافقون و المشركون و الضّالّون و قوى الشّرّ و الظّلم و الطّغيان؟هل يتساقطون في وهدة اليأس أمام ذلك كلّه،أو يتماسكون في مواقفهم،ليتطلّعوا إلى الأمل الكبير القادم من وعد اللّه لعباده الصّالحين بالنّصر الرّساليّ في نهاية المطاف؟

إنّ اللّه يوحي إلى المؤمنين الصّالحين بأنّ المسألة لا تحتمل الشّكّ،بل هي في حجم الحقيقة الكونيّة الّتي يمثّلها التّكوين الإلهيّ،في نهاية الحياة.

و لهذا فإنّ عليهم أن يتابعوا الجهاد في كلّ المواقع، و يؤكّدوا الرّسالة في جميع المواقف،ليثيروا قضايا الحقّ في كلّ مجالات الحياة،و كلّ مواقع الإنسان،و يتحمّلوا الكثير الكثير من المشاكل و الآلام و التّضحيات،لأنّ ذلك هو الّذي يحقّق للمستقبل ثباته و قوّته،و يدفع به إلى الآفاق الرّحبة في موعد الشّروق.

وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ الّذي أنزله اللّه على داود عليه السّلام مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ و هو التّوراة-كما قيل-لأنّ اللّه سمّاها به في قوله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ النّحل:43.

و قيل:هو القرآن لأنّ اللّه أطلق عليه ذلك في أكثر من آية أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ، فيسيطرون عليها سيطرة حكم و قيادة و رسالة، فينفّذون برنامج الرّسالات الّذي يحوّل الأرض إلى ساحة للإيمان باللّه و إطاعة أوامره،و ربّما يضاف إلى ذلك وراثة الأرض،في ما وعد اللّه عباده المتّقين،في وراثة الأرض الّتي تطلّ على الجنّة الّتي يتبوّءون فيها مواقعهم كما يشاءون.

فهم الّذين يرثون الحياة كلّها في الدّنيا و الآخرة، ليشعروا بالثّقة،بأنّ الأرض ليست مجرّد فرصة للأشرار، في حكمهم و عبثهم و فسادهم،بل قد تكون-و لو في نهاية المطاف-فرصة للأخيار من أتباع الرّسالات، لينطلقوا بالحركة الرّساليّة،لتشمل الحياة كلّها في مواردها و مصادرها و أوضاعها و أشخاصها...،ليكونوا

ص: 155

هم الجيل الأخير للبشريّة الّذين يسلّمون الحياة إلى اللّه في الأرض على خطّ الأمانة الّتي حمّلها للإنسان،ليؤدّيها إلى أهلها كاملة غير منقوصة،و ليتسلّموا من اللّه مواقعهم من رضوانه و من جنّته.

و قد كثرت الأحاديث المرويّة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عن أهل بيته و أصحابه،بأنّ الإمام المهديّ عليه السّلام،هو الّذي يرث الأرض مع أصحابه الصّالحين،ليملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.(15:276)

4- وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ... الزّمر:74

أبو العالية:إنّهم ورثوا الأرض الّتي كانت تكون لأهل النّار لو كانوا مؤمنين.(القرطبيّ 15:287)

مثله الطّبريّ.(24:37)

قتادة: أرض الجنّة.

مثله السّدّيّ،و ابن زيد.(الطّبريّ 24:37)

و مثله الميبديّ.(8:438)،و فضل اللّه.

(19:364)

أرض الدّنيا.

مثله ابن زيد،و السّدّيّ.(الآلوسيّ 24:35)

الطّوسيّ: يعنون أرض الجنّة.

و قيل:ورثوها عن أهل النّار.

و قيل:لمّا صارت الجنّة عاقبة أمرهم كما يصير الميراث،عبّر ذلك بأنّه أورثهم.(9:50)

مثله الطّبرسيّ.(4:511)

الزّمخشريّ: عبارة عن المكان الّذي أقاموا فيه و اتّخذوه مقرّا و متبوّأ.(3:411)

الفخر الرّازيّ:المراد ب(الأرض)أرض الجنّة،و إنّما عبّر عنه بالإرث لوجوه:

الأوّل:أنّ الجنّة كانت في أوّل الأمر لآدم عليه السّلام،لأنّه تعالى قال: وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما البقرة:

35،فلمّا عادت الجنّة إلى أولاد آدم كان ذلك سببا لتسميتها بالإرث.

الثّاني:أنّ هذا اللّفظ مأخوذ من قول القائل:هذا أورث كذا و هذا العمل أورث كذا،فلمّا كانت طاعتهم قد أفادتهم الجنّة،لا جرم قالوا: وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ و المعنى أنّ اللّه تعالى أورثنا الجنّة بأن وفّقنا للإتيان بأعمال أورثت الجنّة.

الثّالث:أنّ الوارث يتصرّف فيما يرثه كما يشاء من غير منازع و لا مدافع،فكذلك المؤمنون المتّقون يتصرّفون في الجنّة كيف شاءوا و أرادوا،و المشابهة علّة حسن المجاز.(27:23)

البيضاويّ: يريدون المكان الّذي استقرّوا فيه على الاستعارة.و إيراثها تمليكها مخلّفة عليهم من أعمالهم،أو تمكينهم من التّصرّف فيها تمكين الوارث فيما يرثه.(2:329)

مثله البروسويّ.(8:146)

القرطبيّ: أي أرض الجنّة.

و قيل:إنّها أرض الدّنيا على التّقديم و التّأخير.

(15:287)

الآلوسيّ:يريدون المكان الّذى استقرّوا فيه،فإن كانت أرض الآخرة الّتي يمشي عليها تسمّى أرضا حقيقة

ص: 156

فذاك،و إلاّ فإطلاقهم(الأرض)على ذلك من باب الاستعارة تشبيها له بأرض الدّنيا،و الظّاهر الأوّل.

و حكي عن قتادة،و ابن زيد،و السّدّيّ:أنّ المراد أرض الدّنيا،و ليس بشيء.

و إيراثها تمليكها مخلّفة عليهم من أعمالهم،أو تمكينهم من التّصرّف فيها تمكين الوارث فيما يرثه،بناء على أنّه لا ملك في الآخرة لغيره عزّ و جلّ،و إنّما هو إباحة التّصرّف و التّمكين ممّا هو ملكه جلّ شأنه.

و قيل:ورثوها من أهل النّار،فإنّ لكلّ منهم مكانا في الجنّة كتب له بشرط الإيمان.(24:35)

الطّباطبائيّ: المراد ب(الأرض)-على ما قالوا- أرض الجنّة،و هي الّتي عليها الاستقرار فيها.و قد تقدّم في أوّل سورة المؤمنون أنّ المراد بوراثتهم الجنّة بقاؤها لهم بعد ما كانت في معرض أن يشاركها غيرهم،أو يملكها دونهم،لكنّهم زالوا عنها فانتقلت إليهم.

و قوله: نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ بيان لإيراثهم الأرض،و تبديل ضمير(الأرض)بالجنّة للإشارة إلى أنّها المراد بالأرض.

و قيل:المراد ب(الأرض)هي أرض الدّنيا،و هو سخيف إلاّ أن يوجّه بأن الجنّة هي عقبى هذه الدّار.قال تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدّارِ الرّعد:22.

(17:298)

5- وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِيارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها... الأحزاب:27

عكرمة: كلّ أرض تفتح إلى يوم القيامة.

(الزّمخشريّ 3:258)

الحسن:هي الرّوم و فارس،و ما فتح اللّه عليهم.

(الطّبريّ 21:155)

قتادة: هي مكّة.(الطّوسيّ 8:333)

مقاتل: هي خيبر.(الزّمخشريّ 3:258)

مثله يزيد بن رومان،و ابن زيد.

(الطّوسيّ 8:333)

يعني حنين،و لم يكونوا نالوها،فوعدهم اللّه إيّاها.

(القرطبيّ 14:161)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل فيها،أيّ أرض هي؟فقال بعضهم:هي الرّوم و فارس،و نحوها من البلاد الّتي فتحها اللّه بعد ذلك على المسلمين.

و قال آخرون:هي مكّة.و قال آخرون:بل هي خيبر.

و الصّواب من القول في ذلك أن يقال:إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر أنّه أورث المؤمنين من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرض بني قريظة و ديارهم و أموالهم،و أرضا لم يطئوها يومئذ،و لم تكن مكّة و لا خيبر،و لا أرض فارس و الرّوم و لا اليمن،ممّا كان وطئوه يومئذ،ثمّ وطئوا ذلك بعد،و أورثهموه اللّه،و ذلك كلّه داخل في قوله: وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها لأنّه تعالى ذكره لم يخصص من ذلك بعضا دون بعض.(21:155)

الزّمخشريّ: من بدع التّفاسير أنّه أراد نساءهم.

(3:258)

الفخر الرّازيّ: قيل:المراد القلاع.

و قيل:المراد الرّوم و أرض فارس.

و قيل:كلّ ما يؤخذ إلى يوم القيامة، وَ كانَ اللّهُ عَلى

ص: 157

كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً الأحزاب:27،هذا يؤكّد قول من قال:إنّ المراد من قولهم: وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها هو ما سيؤخذ بعد بني قريظة.و وجهه هو أنّ اللّه تعالى لمّا ملّكهم تلك البلاد و وعدهم بغيرها،دفع استبعاد من لا يكون قويّ الاتّكال على اللّه تعالى،و قال:أ ليس اللّه ملّككم هذه فهو على كلّ شيء قدير يملّككم غيرها.(25:204)

الآلوسيّ: قيل:اليمن.و قال عروة:لا أحسبها إلاّ كلّ أرض فتحها اللّه تعالى على المسلمين،أو هو عزّ و جلّ فاتحها إلى يوم القيامة.و الظّاهر أنّ العطف على (أرضهم).

و استشكل بأنّ«الإرث»ماض حقيقة بالنّسبة إلى المعطوف عليه،و مجازا بالنّسبة إلى هذا المعطوف، و أجيب بأنّه يراد ب(أورثكم)أورثكم في علمه و تقديره؛ و ذلك متحقّق فيما وقع من الإرث كأرضهم و ديارهم و أموالهم،و فيما لم يقع بعد كإرث ما لم يكن مفتوحا وقت نزول الآية.

و قدّر بعضهم أورثكم في جانب المعطوف مرادا به يورثكم،إلاّ أنّه عبّر بالماضي لتحقّق الوقوع،و الدّليل المذكور،و استبعد دلالة المذكور عليه لتخالفهما حقيقة و مجازا.

و قيل:الدّليل،ما بعد من قوله تعالى: وَ كانَ اللّهُ إلخ،ثمّ إذا جعلت«الأرض»شاملة لما فتح على أيدي الحاضرين،و لما فتح على أيدي غيرهم ممّن جاء بعدهم،لا يخصّ الخطاب الحاضرين كما لا يخفى.

و من بدع التّفاسير أنّه أريد بهذه الأرض نساؤهم، و عليه لا يتوهّم إشكال في العطف.(21:180)

الطّباطبائيّ: هي أرض خيبر أو الأرض الّتي أفاء اللّه ممّا لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.

و أمّا تفسيرها بأنّها كلّ أرض ستفتح إلى يوم القيامة،أو أرض مكّة أو أرض الرّوم و فارس،فلا يلائمه سياق الآيتين.(18:291)

نحوه فضل اللّه.(16:291)

تبدّل الأرض

يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ...

إبراهيم:48

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:يبدّل اللّه(الأرض)غير الأرض، (و السّماوات)فيبسطها و يمدّها مدّ الأديم العكاظيّ لا ترى فيها عوجا و لا أمتا،ثمّ يزجر اللّه الخلق زجرة،فإذا هم في هذه المبدّلة مثل مواضعهم من الأولى،ما كان في بطنها كان في بطنها،و ما كان على ظهرها كان على ظهرها.

يحشر النّاس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النّقيّ ليس فيها معلم لأحد.

(الطّبرسيّ 3:324)

المتحابّون في اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء،في ظلّ عرشه عن يمينه،و كلتا يديه يمين.(الكاشانيّ 3:97)

أبيّ بن كعب: إنّ الأرض تصير نيرانا.

(المراغيّ 13:169)

ابن مسعود: تبدّل أرضا بيضاء نقيّة كأنّها فضّة، لم يسفك فيها دم حرام،و لم يعمل فيها خطيئة.

ص: 158

نحوه أنس بن مالك،و مجاهد،و عمرو بن ميمون.

(الطّبريّ 13:250)

الأرض كلّها يوم القيامة نار و الجنّة من ورائها،ترى كواعبها و أكوابها و يلجم (1)النّاس العرق،أو يبلغ منهم العرق،و لم يبلغوا الحساب.(الطّبريّ 13:251)

الإمام عليّ عليه السّلام:الأرض من فضّة،و الجنّة من ذهب.و في رواية:و السّماء من ذهب.

نحوه أنس بن مالك،و ابن عبّاس.

(الطّبريّ 13:251)

ابن عبّاس: هي تلك الأرض،و إنّما تغيّر.[ثمّ استشهد يشعر](أبو حيّان 5:439)

تمدّ كما يمدّ الأديم،و تزال عنها جبالها و آكامها و شجرها و جميع ما فيها،حتّى تصير مستوية لا ترى فيها عوجا و لا أمتا.

و تبدّل(السّماوات)بتكوير شمسها و انتثار كواكبها و انشقاقها،و خسوف قمرها.(أبو حيّان 5:439)

الإمام السّجّاد عليه السّلام: تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ يعني بأرض لم تكسب عليها الذّنوب،بارزة ليس عليها جبال و لا نبات،كما دحاها أوّل مرّة.

(الكاشانيّ 3:97)

سعيد بن جبير: هي أرض من خبز يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم.

مثله محمّد بن كعب.(أبو حيّان 5:439)

الضّحّاك: أرضا من فضّة بيضاء كالصّحائف.

(أبو حيّان 5:439)

الحسن: يحشرون على الأرض السّاهرة،و هي أرض غير هذه،و هي أرض الآخرة،و فيها تكون جهنّم.(الطّبرسيّ 3:325)

الإمام الباقر عليه السّلام: (تبدّل الارض)خبزة نقيّة يأكل النّاس منها حتّى يفرغوا من الحساب.

(الكاشانيّ 3:96)

مثله عن الإمام الصّادق عليه السّلام.(الطّبرسيّ 3:325)

الطّبريّ: اختلف في معنى قوله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ فقال بعضهم:معنى ذلك يوم تبدّل الأرض الّتي عليها النّاس اليوم،في دار الدّنيا غير هذه الأرض،فتصير أرضا بيضاء كالفضّة.

و قال آخرون:بل تبدّل الأرض أرضا من فضّة.

و أولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال:معناه يوم تبدّل الأرض الّتي نحن عليها اليوم يوم القيامة غيرها،و كذلك السّماوات اليوم تبدّل غيرها،كما قال جلّ ثناؤه.

و جائز أن تكون المبدّلة أرضا أخرى من فضّة، و جاز أن تكون نارا،و جائز أن تكون خبزا،و جائز أن تكون غير ذلك.و لا خبر في ذلك عندنا من الوجه الّذي يجب التّسليم له،أيّ ذلك يكون،فلا قول في ذلك يصحّ إلاّ ما دلّ عليه ظاهر التّنزيل.(13:249)

ابن الأنباريّ: مرّة كالمهل،و مرّة وردة كالدّهان.

(أبو حيّان 5:439)

ابن عطيّة: سمعت من أبي رضي اللّه عنه،روى أنّ التّبديل يقع في(الأرض)و لكن تبدّل لكلّ فريق بما يقتضيه حاله،فالمؤمن يكون على خبز يأكل منه بحسبم.

ص: 159


1- يبلغ أفواههم.

حاجته إليه،و فريق يكونون على فضّة إن صحّ السّند بها،و فريق الكفرة يكونون على نار و نحو هذا،و كلّه واقع تحت قدرة اللّه تعالى.

و في الحديث:المؤمنون وقت التّبديل في ظلّ العرش،و فيه أنّهم ذلك الوقت على الصّراط.

(أبو حيّان 5:439)

الطّبرسيّ: قيل:تبدّل الأرض لقوم بأرض الجنّة و لقوم بأرض النّار.(3:325)

النّيسابوريّ: التّأويل:يوم تبدّل أرض البشريّة بأرض القلوب،فتضمحلّ ظلماتها بأنوار القلوب، و تبدّل سماوات الأسرار بسماوات الأرواح،فإنّ شموس الأرواح إذا تجلّت لكواكب الأسرار انمحت أنوار كواكبها بسطوة أشعّة شموسها،بل تبدّل أرض الوجود المجازيّ عند إشراق تجلّي أنوار هويّته بحقائق أنوار الوجود الحقيقيّ،كما قال: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها الزّمر:69،و حينئذ بَرَزُوا لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ إبراهيم:48،فإنّ شموس الأرواح تصير مقهورة في تجلّي نور الألوهيّة.(13:142)

البروسويّ: نقل القرطبيّ عن صاحب الإفصاح أنّ«الأرض و السّماء»تبدّلان مرّتين:

المرّة الأولى تبدّل صفتهما فقط،و ذلك قبل نفخة الصّعق،فتتناثر كواكبها و تخسف الشّمس و القمر،أي يذهب نورهما،و يكون مرّة كالدّهان و مرّة كالمهل، و تكشف الأرض و تسير جبالها في الجوّ كالسّحاب، و تسوّى أوديتها و تقطّع أشجارها و تجعل قاعا صفصفا، أي بقعة مستوية.

و المرّة الثّانية تبدّل ذاتهما،و ذلك إذا وقفوا في المحشر فتبدّل الأرض بأرض من فضّة لم يقع عليها معصية، و هي السّاهرة،و السّماء تكون من ذهب،كما جاء عن عليّ رضي اللّه عنه.(4:436)

نحوه الآلوسيّ.(13:154)

المراغيّ: أي إنّه تعالى ذو انتقام يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ بأن تتطاير هذه الأرض كالهباء و تصير كالدّخان المنتشر،ثمّ ترجع أرضا أخرى بعد ذلك،و تبدّل السّماوات بانتشار كواكبها و انفطارها و تكوير شمسها و خسوف قمرها.[إلى أن قال:]

و هذه الآية الكريمة من معجزات القرآن الّتي أيّدها العلم الحديث و انطبقت عليه أشدّ الانطباق،فعلماء الفلك الآن يقولون:إنّ الأرض و الشّمس و سائر الكواكب السّيّارة كانت فيما مضى كرة ناريّة حارّة طائرة في الفضاء،و دارت على محورها ملايين السّنين، ثمّ تكوّنت منها الشّمس،و بعد ملايين أخرى فصلت منها السّيّارات و منها الأرض،و بعد مئات الألوف انفصلت عنها الأقمار.

و لا شكّ أنّ هذه الحال بعينها ستعاد كرّة أخرى،أي أنّ الأرض و الكواكب و الشّمس بعد ملايين السّنين ستنحلّ مرّة أخرى،و يذوب ذلك الموجود كلّه، و يتطاير في الفضاء حقبة من الزّمن،ثمّ تعاد كرّة أخرى و تكون شمس غير هذه الشّمس و أرض غير هذه الأرض و سماوات غير هذه السّماوات.[إلى أن قال:]

و على الجملة فقد اتّفق العلم الحديث مع الآيات و الأحاديث على أنّ الأرض تصير نارا،و أنّ النّاس

ص: 160

لا يكونون عليها،بل هناك ما هو أعجب،و هو ما روي عن ابن مسعود و أنس رضي اللّه عنهما،من قولهما:

يحشر النّاس على أرض بيضاء لم يخطئ عليها أحد خطيئة و لا بدع في أن تكون أرضا جديدة لم يسكنها أحد،بل تخلق خلقا جديدا.(13:168)

الطّباطبائيّ: للمفسّرين في معنى«تبدّل الأرض و السّماوات»أقوال مختلفة:

فقيل:تبدّل الأرض فضّة و السّماوات ذهبا،و ربّما قيل:إنّ الأرض تبدّل من أرض نقيّة كالفضّة، و السّماوات كذلك.

و قيل:تبدّل الأرض نارا و السّماوات جنانا.

و قيل:تبدّل الأرض خبزة نقيّة،تأكل النّاس منها طول يوم القيامة.

و قيل:تبدّل الأرض لكلّ فريق ممّا يقتضيه حاله، فتبدّل لبعض المؤمنين خبزة يأكل منها ما دام في العرصات،و لبعض آخر فضّة.و تبدّل للكافر نارا.

و قيل:«التّبديل»هو أنّه يزاد في الأرض و ينقص منها،و تذهب آكامها و جبالها و أوديتها و شجرها، و تمدّ مدّ الأديم،و تصير مستوية لا ترى فيها عوجا و لا أمتا،و تتغيّر السّماوات بذهاب الشّمس و القمر و النّجوم ،و بالجملة يتغيّر كلّ من الأرض و السّماوات عمّا هو عليه في الدّنيا من الصّفات و الأشكال.

و منشأ اختلافهم في تفسير«التّبديل»اختلاف الرّوايات الواردة في تفسير الآية،مع أنّ الرّوايات لو صحّت و اتّصلت كان اختلافها أقوى شاهد على أنّ ظاهرها غير مراد،و أنّ بياناتها واقعة موقع التّمثيل للتّقريب.

و التّدبّر الكافي في الآيات الّتي تحوم حول«تبديل الأرض و السّماء»يفيد أنّ أمر«التّبديل»أعظم ممّا تتصوّره من بسط الجبل على السّهل،أو تبديل التّراب فضّة أو خبزا نقيّا مثلا،كقوله تعالى: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها الزّمر:69،و قوله: وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً النّبأ:20،و قوله: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ النّمل:88،إن كانت الآية ناظرة إلى يوم القيامة،إلى غير ذلك من الآيات.

فالآيات تنبئ عن نظام غير هذا النّظام الّذي نعهده، و شئون دون ما نتصوّره،فإشراق الأرض يومئذ بنور ربّها غير إشراق بسيطها بنور الشّمس أو الكواكب أو غيرها،و سير الجبال ينتهي عادة إلى زوالها عن مكانها، و تلاشيها مثلا،لا إلى كونها سرابا.(12:88)

فضل اللّه: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ، و هو أمر حدّثنا اللّه عنه في أكثر من آية، تصويرا لفناء الأرض عبر تحوّلها إلى غبار منتشر،أو إلى قاع صفصف،و تحوّل السّماء إلى كون تتناثر فيه الكواكب و تتساقط،و غير ذلك ممّا لم يوضح لنا تفاصيله،و ممّا لا نستطيع تصوّره بشكل واضح،لأنّنا لا نملك النّموذج الّذي نستطيع وعي الصّورة من خلا،في وقفة مواجهة حاسمة لنتائج أعمالهم في الدّنيا،من خير و شرّ؛حيث يعذّب اللّه الكافر بكفره،و يثيب المؤمن بإيمانه.

(13:130)

و ستأتي نصوص اخرى مرتبطة بالبحث في مادّة

ص: 161

«ب د ل»،فراجع.

إشراق الأرض بنور ربّها

وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها... الزّمر:69

الفخر الرّازيّ:(الأرض)المراد منه الأرضون السّبع،و يدلّ عليه وجوه:

الأوّل:قوله: جَمِيعاً الزّمر:67،فإنّ هذا التّأكيد لا يحسن إدخاله إلاّ على الجمع،و نظيره قوله:

كُلُّ الطَّعامِ آل عمران:93،و قوله تعالى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ النّور:

31،و قوله تعالى: وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ ق:10،و قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ العصر:2،3.

فإنّ هذه الألفاظ الملحقة باللّفظ المفرد تدلّ على أنّ المراد منه الجمع،فكذا هاهنا.

و الثّاني:أنّه قال بعد: وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ الزّمر:67،فوجب أن يكون المراد بالأرض:الأرضون.

الثّالث:أنّ الموضع موضع تعظيم و تفخيم،فهذا مقتضى المبالغة.(27:16)

أبو حيّان: (الأرض)في هذه الآية:الأرض المبدّلة من الأرض المعروفة.(7:441)

البروسويّ: أرض الوجود بنور ربّها إذا تجلّى.

(8:140)

الآلوسيّ: أي أرض المحشر،و هي الأرض المبدّلة من الأرض المعروفة.

و في الصّحيح:يحشر النّاس على أرض بيضاء عفراء كقرصة النّقيّ ليس فيها علم لأحد و هي أوسع بكثير من الأرض المعروفة.

و في بعض الرّوايات:أنّها يومئذ من فضّة، و لا يصحّ.(24:29)

الطّباطبائيّ: هذا الإشراق و إن كان عامّا لكلّ شيء يسعه النّور،لكن لمّا كان الغرض بيان ما للأرض و أهلها يومئذ من الشّأن خصّها بالبيان،فقال:

وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها. و ذكره تعالى بعنوان ربوبيّة الأرض،تعريضا للمشركين المنكرين لربوبيّته تعالى للأرض و ما فيها.

و المراد ب(الأرض)مع ذلك:الأرض و ما فيها و ما يتعلّق بها،كما تقدّم أنّ المراد ب(الأرض)في قوله:

وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ... الزّمر:67،ذلك.

(17:295)

فضل اللّه: وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها، و انفتحت كلّ السّاحات أمام النّاظرين،فلا شيء يحجب شيئا منها عن شيء،و لا مجال للحواجز المنتصبة في الآفاق ممّا يمنع عن الرّؤية،و قد يكون المقصود من «النّور»هنا:المعنى الحسّيّ الّذي يوحي بالإضاءة الطّبيعيّة،بما يخلقه اللّه من الوسائل الّتي تحقّق ذلك،أو بالتّجلّي الإلهيّ للأرض،كما يتجلّى لفصل القضاء.و قد يكون المقصود منه العدل الّذي تضيء به الحياة أو الحقّ و البرهان،بما يقيمه اللّه فيها من الحقّ و العدل،و يبسطه من القسط في الحساب و وزن الحسنات و السّيّئات،أو انكشاف الغاء و ظهور الأشياء بحقائقها و بروز الأعمال من خير أو شرّ أو طاعة و معصية،أو حقّ أو باطل للنّاظرين.و لمّا كان إشراق الشّيء هو ظهوره بالنّور،فلا

ص: 162

ريب أنّ مظهره يومئذ هو اللّه سبحانه؛إذ الأسباب ساقطة دونه،فلأشياء مشرقة بنور مكتسب منه.

و ربّما لا يكون الأمر بحاجة إلى كلّ هذه التّوجيهات، لأنّ المسألة المطروحة هي أنّ اللّه سبحانه هو الّذي يصلّ بنوره الّذي تشرق به الأرض،لتكون الكلمة كلمة الّتي يشعر الجميع هناك في أرض المحشر بأنّ اللّه هو-وحده- الّذي يملك الأمر كلّه،و يشرق نوره على السّاحة كلّها.

(19:362)

[و ستأتي مباحث دكّ الأرض و حملها و خرقها و...

لاحظ موادّها]

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في«الأرض»هو الجرم الّذي يعيش عليه الإنسان المقابل للسّماء،و به جاء في السّماع عن العرب و في القرآن،و منه تفرّعت سائر المعاني و المشتقّات في استعمالات تذكر فيما يلي:

أ-أرض الفرس:قوائمه،لأنّها تمسّ الأرض و تؤثّر فيها،أو لأنّها مقابلة لأعلاه.

ب-الأرض:سفلة البعير و الدّابّة لما ذكر،و قد يعبّر بها عن أسفل كلّ شيء كما يعبّر بالسّماء عن أعلاه،و منه أرض الإنسان:ركبتاه فما أدناهما،و أرض النّعل:

ما أصاب الأرض منها.

ج-فلان ابن أرض،أي غريب لا يعلم أنّه من أيّ أرض.

د-الأرض:الرّعدة و النّفضة-و هي مرض-تشبيها برعدة الأرض و زلزالها،و جعله ابن فارس أصلا،و كذا الزّكام إلى جانب معناها الأصليّ.

ه-الأرض:دوار يأخذ في الرّأس عن اللّبن فيهراق له الأنف و العينان،فيتخيّل أنّ الأرض تدور حوله.

و-الأرض:الزّكام؛لأنّ المزكوم يهراق له الأنف و العينان،و يعرض له الصّداع،و قد يتخيّل دوران الأرض حوله.و يحسن فيه و فيما قبله التّشبيه بالأنهار الجارية من أعالي الأرض إلى أسافلها،كما يقال:جرت عيني كالسّيل.

ز-روضة أريضة:واسعة الوطء،و هو من قبيل شعر شاعر،فإنّ الأرض واسعة.و الأريضة:الأرض السّهلة و الخضرة المعجبة للعين،و منه:ما آرض هذا المكان!أي ما أحسن أرضه و أطيبها و أكثر عشبها! و منه:أرض أريضة:كثيرة النّبات خصبة حسنة النّبات، و منه:امرأة أريضة:الولود،تشبيها لها بالأرض الكثيرة الخيرات.

ح-الأرضة:دويبّة تأكل الخشب،و أصلها من الأرض،و منه:أرض العود فهو مأروض،أي أصابته الأرضة.

ط-و أرضت القرحة:فسدت حتّى اتّسعت مثل الأرض،أو جعلت صاحبها حليف الأرض.

ي-أراضوا،أي روّوا،حتّى تثاقلوا إلى الأرض من كثرة شرب الماء.

ك-بي أرض فآرضوني،أي داووني،لأنّ المرض أثقله إلى الأرض.

ل-المؤرّض:الّذي يرعى كلأ الأرض.

م-الإراض:البساط،و لا تطلق إلاّ على البساط

ص: 163

الملقى على الأرض،و منه:أراض،أي نام على الإراض أو الأرض،و استأرض،أي انبسط و استلقى كالبساط، و أرض،أي تفشّى و اتّسع مثل الأرض،و منه:

استأرض السّحاب،أي انبسط مثل الأرض.

ن-جدي أريض:سمين،كأنّه كتلة من التّراب و ذرورة من الأرض،أو كالأرض المثمرة،مثل امرأة أريضة.

س-يتأرّضون المنزل:يرتادون أرضا نزلوا فيها لرعي النّعاج.

ع-التّأرّض:التّثاقل إلى الأرض،و كذا التّأريض و التّثقيل و التّلبيث،و منه:قد أرّضه فتأرّض.

ف-فسيل مستأرض:له عرق في الأرض،و لعلّ منه:استأرض السّحاب،أي ثبت و تمكّن مثل الأرض، و منه:لا أرض لك،كما يقال:لا أمّ لك،أي ليس لك أصل و عرق متجذّر.

ص-التّأرّض و التّألّي:الانتظار،لأنّ صاحبه يجلس على الأرض من شدّة التّعب و طول الانتظار، و منه:تأرّضت له و تأنّيت له.

ق-ما تأرّض:لم يلزم الأرض.

ر-و رجل أريض:متواضع مثل الأرض،أو جلس على تراب الأرض.

ش-و في الحديث:«لا صيام لمن لم يؤرّضه من اللّيل»أي لم يهيّئه بالنّيّة؛من أرضت المكان،إذا سوّيته و هيّأته.

2-الأرض:اسم جنس مؤنّث سماعيّ،يشعر بالسّفل في مقابل العلوّ،و لها استعمالات مجازيّة كما تقدّم،و لها مفاهيم متعدّدة بحسب ما ضمّ إليها،كما يأتي في الاستعمال القرآنيّ.

3-جمعت كلمة«أرض»على عشر صيغ:أرضات، أرضات،أرضون،أرضون،أروض،آراض،أرض، آرض،أراض،أرض.

و لعلّ الحريريّ قد اشتبه عليه الأمر إذ رأى أنّ أراضي على وزن«أفاعل»و الحال أنّ الهمزة أصليّة،إذ هي على وزن«فعالي»و هو من جمع الجمع.

و لم يستعمل الجمع لكلمة«الأرض»في الجاهليّة إلاّ قليلا،مثال ذلك قول قسّ بن ساعدة الأياديّ:

«اللّهمّ ربّ السّماوات الأرفعة،و الأرضين الممرعة»ثمّ كثر استعماله فيما بعد كما نجد ذلك في الحديث النّبويّ الشّريف و الأدعية المرويّة عن البيت النّبويّ،إضافة إلى«نهج البلاغة».

و من هنا نستدلّ على فصاحة جمع«أرضون»مع فصاحة كلمة«أرض»بمنزلة الجمع،أو بمعنى الجمع بلا واحد.و لعلّ الجمع جاء لحاجة مستجدّة،كجمع المعاني المشتقّة من الأرض،مثال ذلك:أرضون و أرضات، مرادا بها بعض قطع الأرض و أجزاؤها،أو أرضات، جمع أرضة:الدّويبّة البيضاء.فالأرض كلّ الأرض، و الأرضون أجزاء منها.و أروض و آراض و غيرهما جمع لما اشتقّ من«الأرض»من كلمات.

أمّا في القرآن فلم تأت إلاّ مفردة كما سترى.

ص: 164

الاستعمال القرآنيّ

اشارة

و فيه مباحث:

المبحث الأوّل:جاءت الأرض و السّماوات في مجالات شتّى،و الأرض مؤخّرة«187»مرّة:

1-خلقهما:

وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ الأنعام:73

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ

إبراهيم:19

خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ

الزّمر:5،النّحل:3

خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ

العنكبوت:44،الجاثية:22

ما خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ الرّوم:8

وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

آل عمران:191

خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ التّغابن:3

ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ الحجر:85،الأحقاف:3

وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ الدّخان:38

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ الأعراف:54،يونس:3

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ

هود:7،الحديد:4

اَلَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ الفرقان:59،السّجدة:4

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ق:38

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ الإسراء:99

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى

الأحقاف:33

أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ يس:81

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ التّوبة:36

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ... العنكبوت:61

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ الزّمر:38،لقمان:25

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الزّخرف:9

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ الأنعام:1

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً إبراهيم:32

أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً النّمل:60

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الطّلاق:12

ص: 165

أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ الطّور:36

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ.. .لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ البقرة:164

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ آل عمران:190

إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ... يونس:6

وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ الرّوم:22

وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ الشّورى:29

ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ الكهف:51

لَخَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ المؤمن:57

2-فطرهما:

قُلْ أَ غَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الأنعام:14

فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ يوسف:101

أَ فِي اللّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

إبراهيم:10

اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فاطر:1

قُلِ اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الزّمر:46

فاطِرُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً الشّورى:11

قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ الأنبياء:56

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ الأنعام:79

3-بدعهما:

بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذا قَضى أَمْراً

البقرة:117

بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ الأنعام:101

4-له ما فيهما:

وَ قالُوا اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ البقرة:116

وَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً

النّحل:52

لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

البقرة:255،النّساء:171،يونس:68،إبراهيم:

2،طه:6،الحجّ:64،سبأ:1،الشّورى:4،53.

وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الأنبياء:19،الرّوم:26

لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

يونس:55،النّور:64،لقمان:26

لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

البقرة:284،آل عمران:109،129،النّساء:

126،131،132،النّجم:31.

أَلا إِنَّ لِلّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ

ص: 166

اَلْأَرْضِ يونس:66

قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلْ لِلّهِ

الأنعام:12

وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ النّساء:131

5-له ملكهما:

أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ البقرة:107،المائدة:40

أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما

ص:10

لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الأعراف:158،التّوبة:116،الزّمر:44، الحديد:2،5،البروج:9.

اَلَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً الفرقان:2

وَ تَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما الزّخرف:85

لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

آل عمران:189،المائدة:17،18،120،النّور:

42،الشّورى:49،الجاثية:27،الفتح:14.

6-خضوعهما له:

وَ كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها يوسف:105

وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ شَيْئاً النّحل:73

إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً مريم:93

وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

الجاثية:13

وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ الأنعام:3

وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

آل عمران:83

يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الرّحمن:29

وَ لَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الجاثية:37

فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللّهُ لقمان:16

أَ لَمْ تَرَوْا أَنَّ اللّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ لقمان:20

لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ سبأ:22

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

سبأ:24

إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا

فاطر:41

لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الزّمر:63،الشّورى:12

وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ آل عمران:180

وَ ما لَكُمْ أَلاّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الحديد:10

ص: 167

وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ فاطر:44

وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الفتح:4،7

وَ لِلّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ المنافقون:7

يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الرّحمن:33

وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ البقرة:255

7-إنّه ربّهما:

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الرّعد:16

ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاّ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الإسراء:102

فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الكهف:14

رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ مريم:65

قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ الأنبياء:56

فَلِلّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَ رَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ الجاثية:36

قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ الشّعراء:24

رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما

الصّافّات:5،ص:66،الدّخان:7،النّبأ:37

سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ الزّخرف:82

8-تسبيحهما فيهما للّه:

سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الحديد:1

سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

الحشر:1،الصّفّ:1

تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ

الإسراء:44

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ النّور:41

يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الحشر:24

يُسَبِّحُ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

الجمعة:1،التّغابن:1

9-سجود ما فيهما للّه:

وَ لِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الرّعد:15

وَ لِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

النّحل:49

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ الحجّ:18

أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ النّمل:25

10-علمه تعالى بما فيهما:

قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ البقرة:33

وَ لِلّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

النّحل:77،هود:123

ص: 168

وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

الحجرات:16

إِنَّ اللّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

فاطر:38

إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الحجرات:18

قُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الكهف:26

قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللّهُ النّمل:65

قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ يونس:18

قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الفرقان:6

وَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

آل عمران:29

ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ المائدة:97

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ المجادلة:7

يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَ ما تُعْلِنُونَ التّغابن:4

وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الإسراء:55

فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللّهُ لقمان:16

لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ سبأ:3

قُلْ كَفى بِاللّهِ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ العنكبوت:52

11-إنّه نور السّماوات و الأرض:

اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ النّور:35

12-عرض الأمانة عليهما:

إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الأحزاب:72

13-سعتهما:

عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ آل عمران:133

عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ

الحديد:21

14-انفطارهما:
اشارة

تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ

مريم:90

و يلاحظ أوّلا:أنّ المراد ب(الأرض)في هذه الآيات كلّها الكرة الأرضيّة في قبال غيرها من الأجرام السّماويّة.

و ثانيا:أنّ المراد ب اَلسَّماواتُ وَ الْأَرْضُ -كما يستأنس من التّدبّر في هذه القائمة القرآنيّة-العالم بأجمعه،أي ما سوى اللّه،و كلّها مخلوق له تعالى،فهذا السّياق اَلسَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أينما جاء في القرآن، أريد به كلّ ما خلق اللّه؛لأنّ ما خلق اللّه إمّا هذه الكرة الأرضيّة أو ما فوقها،و ليس وراء السّماوات و الأرض

ص: 169

و ما بينهما مخلوق للّه،و هذا ما يوقف عليه بعد أن يعهد الإنسان القرآن أمدا طويلا.و يؤيّده أنّه لا يوجد في القرآن التّعبير ب«ما فوقها»او«ما تحتها»مع وجود «ما فيهما».

و ثالثا:لعلّ سرّ تقديم(السّماوات)على(الأرض)في تلك الآيات هو الإشارة إلى سعة السّماوات و عظمها و صغر الأرض في جنبها.ثمّ الاهتمام بتوجيه الإنسان إلى الانسلاخ عن هذه الأرض و الابتعاد عنها،و الالتفات إلى جهة العلوّ.ثمّ إنفاذ همّته و توسيع فكره نحو الآفاق الرّحبة،و الإحاطة بها،و كشف أسرارها أوّلا،ثمّ لفت نظره إلى الأرض ثانيا.و بتعبير آخر،الهدف من ذلك هو تفضيل الجانب المعنويّ على الجانب المادّيّ.لكنّ القرآن أتى بكلمة(الأرض)و أضافها إلى(السّماوات)حذرا من أن يهمل الإنسان الأرض الّتي فيها و منها خلقه،و إليها معاده،و فيها معاشه.

و رابعا:جاءت السّماوات و الأرض«166»مرّة مجرّدة-و هي أكثرها-و«20»مرّة مع قوله:(و ما بينهما) و مرّة مع قوله: وَ ما خَلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ الأعراف:

185،و هذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ المراد بالجميع-كما قلنا-هو العالم بأجمعه،إلاّ أنّ السّياق قد يقتضي تفصيلا و توضيحا أكثر،فأضيف إلى اَلسَّماواتُ وَ الْأَرْضُ قوله: وَ ما بَيْنَهُما أو وَ ما خَلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ أو ما يجري مجراه،فلنلاحظ نموذجا من الآيات:

1- أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ الأعراف:185

2- اَلَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ الفرقان:59

3- وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ق:38

4- ما خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ الرّوم:8

5- ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ الحجر:85،الأحقاف:3

6- وَ تَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما الزّخرف:85

فالآية«1»فيها ترغيب للنّاس أن ينظروا في واقع السّماوات و الأرض،و كلّ ما خلق اللّه من شيء،فالنّظر يستدعي الاستيعاب لكلّ ما خلق اللّه واحدا بعد آخر.

و هناك وجه آخر في الآية،و هو أنّ النّظر قسمان:نظر إلى ملكوت السّماوات و الأرض إجمالا على النّحو الكلّيّ، و نظر إلى ما فيهما تفصيلا.و صدر الآية يدعو إلى الأوّل، و ذيلها إلى الثّاني.

و الآيتان«2 و 3»بصدد بيان أنّ السّماوات و الأرض بما فيهما من المخلوقات إنّما خلقهما اللّه في ستّة أيّام فقط.و هذا أبلغ في تجسيم سعة قدرة اللّه،و أوقع في النّفوس.

و الآيتان«4 و 5»بصدد بيان أنّ اللّه لم يخلق شيئا إلاّ بالحقّ،و ذلك يعلم بالنّظر إلى السّماوات و الأرض إجمالا،و إلى ما بينهما تفصيلا.

و كذلك الآية«6»بصدد إثبات عظمة ملك اللّه، و أنّه مبارك كثير الخيرات،فينبغي النّظر إليه إجمالا

ص: 170

و تفصيلا.

و خامسا:أضيفت إلى خلق السّماوات و الأرض في بعض الآيات أمور أخرى من صنيع فعله تعالى:

1- وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ التّغابن:3

2- وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ العنكبوت:61

3- وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ الأنعام:1

4- وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً إبراهيم:32

5- وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً النّمل:60

6- وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ

البقرة:164،آل عمران:190

7- وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ الرّوم:22

8- وَ ما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ الشّورى:29

9- وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ الكهف:51

10- أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ المؤمن:57

11- يُحْيِي وَ يُمِيتُ التّوبة:116

12- وَ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً الفرقان:2

و نحو ذلك،و في ذلك تعميم لقدرته،و بسط لسلطانه،و ضرب للأمثال،و تفصيل للآيات بعد الإجمال.

و سادسا:تهدف هذه القائمة من الآيات جميعا-مع ما فيها من اختلاف السّياق-إلى توصيفه تعالى بإحدى صفات الجمال و الجلال كما يأتي:

أ-عظم قدرته و ربوبيّته و سعة ملكه و سلطانه

في صيغ مختلفة:

1- خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

2-فاطر السّماوات و الأرض أو فطرهنّ.

3- بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

و يلفت النّظر هنا أمران:

أحدهما:الفرق بين الثّلاث مع اشتراكها في إفادة معنى الإيجاد،أنّ الخلق بمعنى الإيجاد،أو كما قيل:إيجاد الشّيء من شيء،و لهذا قال: خُلِقَ الْإِنْسانُ دون «بديع الإنسان»،لأنّ الإنسان خلق من مادّة سبقته، فالخلق صريح فيه لا في الابتداء و الاختراع،و لكنّ الفطر و البدع بالعكس،إذ هما صريحان في الابتداء يفهم الإيجاد منهما مع الفرق فيما بينهما،و هو أنّ الفطر مجاز فيه، لأنّه في الأصل بمعنى الشّقّ،فكأنّه شقّ العدم و أخرج منه الموجودات،و البدع حقيقة فيه،لأنّه كما قيل:إيجاد الشّيء من لا شيء،أو بتعبير أصحّ إيجاد الشّيء لا من شيء.و قيل:العناية في البدع بنفي المثال السّابق،و في الفطر بطرد العدم.لاحظ«خ ل ق،ب د ع،ف ط ر».

و ثانيهما:هناك فرق بين الثّلاث في الصّيغ الّتي جاءت في الآيات:

ففي الخلق جاء دائما خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بصيغة الفعل الماضي،و لم يأت حتّى مرّة واحدة«خالق السّماوات و الأرض»نعم جاء خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ أربع مرّات:

لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ الأنعام:102

ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ

المؤمن:62

اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

الزّمر:62

قُلِ اللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ

ص: 171

اَلْقَهّارُ الرّعد:16

و في الفطر جاء«5»مرّات فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و مرّتين(فطر)،و في البدع جاء مرّتين بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ دون بدع أو أبدع السّماوات و الأرض،فما هو السّرّ في ذلك؟نترك الباب مفتوحا للتّفكّر و النّظر و إبداء الرّأي لمن يتدبّر.[ لاحظ:

«ب د ع»،و«ف ط ر»]

4- لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

5- لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

6- لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

7- رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

8-«يسجد لله ما في السماوات و الأرض.»

9-«يسبح لله ما في السماوات و الأرض.»

10- وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

11-«ففزع من في السماوات و الأرض.»

12-«فصعق من في السماوات و الأرض.»

13- وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ.

و الجدير بالذّكر أنّ هذه الصّيغ تعبير عن قدرته و ربوبيّته إيماء أو تصريحا:

فقوله: رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ صريح في ربوبيّته تعالى و إيماء إلى ملكه و سلطانه.

و قوله: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ صريح في سعة ملكه و سلطانه و إيماء إلى ربوبيّته.

و كذلك(له ما)أو(من)في السّماوات و الأرض.

أمّا السّجود و التّسبيح و التّسليم للّه فتكشف عن شمول رحمته الملازمة لبسط سلطانه إذا كانت صادرة عن شعور و اختيار،و إن صدرت قهرا و تكوينا فتكشف عن سعة سلطانه و ملكه.

و أمّا فزع من في السّماوات و الأرض و صعقهم،فهو تعبير عن شعور منهم عند قيام السّاعة.

و أمّا سعة كرسيّه السّماوات و الأرض فتعبير بليغ عن بسط قدرته و عظم تدبيره.

ب-إحاطة علمه في صور شتّى:

1-علمه غيب السّماوات و الأرض،أو له غيب السّماوات و الأرض.

2-علمه بالسّرّ في السّماوات و الأرض.

3-علمه بما في السّماوات و الأرض.

4-لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّماوات و الأرض.

5-إتيانه بكلّ ما في السّماوات و الأرض.

و معلوم أنّها متفاوتة ظهورا و خفاء و شمولا و عموما.

فالعلم بغيب السّماوات و الأرض أظهر و أشمل من:

له غيب السّماوات و الأرض،و كذلك العلم بسرّ السّماوات و الأرض أوضح و أدقّ من:العلم بما في السّماوات و الأرض.و إتيانه بكلّ ما في السّماوات و الأرض صريح في عموم قدرته؛و إيماء إلى شمول علمه لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ سبأ:3،صريح في أنّه لا يخفى عليه شيء،و هو كالصّريح في شمول علمه لها.

[لاحظ:«ع ل م»و«غ ى ب»و«ع ز ب»]

ج-شمول رحمته في صيغتين:

1-خلقه ما خلق للإنسان.

2-تسخيره السّماوات و الأرض للإنسان.

ص: 172

و اللاّم في الموضعين للنّفع و الرّحمة،و يلزمها شمول ربوبيّته و بسط سلطانه.

و سابعا:جاء الخلق محدودا بستّة أيّام،«6»مرّات، و هو إمّا لبيان نفاذ القدرة؛حيث خلقهما مع عظمتهما في ستّة أيّام لا أكثر،أو لبيان أنّه تعالى يراعي الحكمة و المصلحة في خلقه،فقد كان قادرا على خلقهما في لحظة، و لكنّه لم يستعجل؛فخلقهما في ستّة أيّام.

و ثامنا:جاء الخلق مقيّدا بالحقّ في«7»آيات، و هذا يزيد على بسط قدرته و وصفه بالحكمة،و أنّ كلّ ما صدر منه فهو واقع في محلّه،و لأجل غاية معقولة،فهي بمثابة قوله تعالى: وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ الدّخان:38.

و تاسعا:أضيفت إلى السّماوات و الأرض كلمات غير ما ذكر:

1- اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ النّور:35

2- مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الأنعام:75

3- خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ المنافقون:7

4- مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

آل عمران:180،الحديد:10

5- مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الشّورى:12،الزّمر:63

6- جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الفتح:4 و 7

7- أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الرّحمن:33

و هذه كلّها تعابير بليغة عن نفاذ قدرته وسعة ملكه.

و قد تقدّم البحث عن بعضها في النّصوص التّفسيريّة، و التّفصيل موكول إلى موادّها.

المبحث الثّاني:جاءت الأرض متقدّمة على السّماوات«6»مرّات:

1- تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ الْعُلى

طه:4

2 و 3- ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ الأحقاف:4،فاطر:40

4- يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ

إبراهيم:48

5- وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ الزّمر:67

6- قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ...

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ المؤمنون:84-86

و يلاحظ أنّ تقديم(السّماوات)فيما سبق من الآيات كان في محلّه،لأنّها أهمّ و أعظم من(الأرض)،لا لأنّها خلقت أوّلا،و إنّما أخّرت في هذه الآيات لنكتة:

و النّكتة في الآية«1»تناسب رءوس الآيات،كما يعلم من ملاحظة الآيات في سورة طه.

و في«2 و 3»نفي لشركة الشّركاء في الخلق،ابتداء من الأرض الّتي هي قريبة إلينا و انتهاء بالسّماوات،و هي بعيدة عنّا.

و في«4 و 5»ذكر لتبدّل الأرض و السّماوات أو طيّهما عند قيام السّاعة،ابتداء من الأرض و انتهاء إلى السّماوات،و هي أعظم.

و في«6»احتجاج على المشركين،ابتداء من الأرض القريبة إليهم إلى السّماوات،و هي بعيدة عنهم.

ص: 173

المبحث الثّالث:جاءت الأرض متأخّرة عن السّماء«36»مرّة:

1- وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها البقرة:164

2- إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ

يونس:24

3- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً الحجّ:63

4- وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ المؤمنون:18

5- وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها العنكبوت:63

6- أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً... وَ أَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ الرّعد:17

7- وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ الرّوم:25

8- ...وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ البقرة:164

9- أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ* وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها

ق:6،7

10- قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ الأنبياء:4

11- وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنّا لَمُوسِعُونَ* وَ الْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ

الذّاريات:47،48

12- أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ الحجّ:70

13- أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها...

وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها النّازعات:27-30

14- وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ النّمل:75

15- إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ* وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ * وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ الانشقاق:1-3

16- وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ* وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ الطّارق:11،12

17- وَ السَّماءِ وَ ما بَناها* وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها الشّمس:5،6

18- وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها الرّوم:24

19- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ الزّمر:21

20- وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها الجاثية:5

21- وَ اللّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها النّحل:65

22- كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ الكهف:45

23- وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ الأعراف:96

24- قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَمَّنْ

ص: 174

يَمْلِكُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ يونس:31

25- وَ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ النّمل:64

26- هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ فاطر:3

27- فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ الذّاريات:23

28- وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ الأنبياء:16

29- وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما باطِلاً ص:27

30- وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ الحجّ:65

31- أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ الملك:16

32- وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا الحديد:21

33- وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ

الزّخرف:84

34- فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ الدّخان:29

35- أَ فَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ سبأ:9

36- يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ السّجدة:5

و يلاحظ أنّ المراد ب(السّماء)في الجميع جهة العلوّ،و ب(الأرض)جنس الأرض دون الكرة الأرضيّة جميعها؛ حيث إنّ موضوعها:

1-نزول الماء من السّماء إلى الأرض لإحيائها،و هو أكثر.

2-فتح بركات السّماء و الأرض عليهم،و هي نازلة طبعا من السّماء إلى الأرض.

3-رزقهم من السّماء و الأرض،و الرّزق ينزل من السّماء.

4-إنّه لم يخلق السّماء و الأرض عبثا،و السّماء مبدأ الخيرات و موطن أمر اللّه.

5-إنّه يمسك السّماء أن تقع على الأرض.

6-إنّه يدبّر الأمر من السّماء إلى الأرض.

7-قيام السّماء و الأرض بأمره،و أمره ينزل من السّماء بطبيعة الحال.

8-السّحاب المسخّر بين السّماء و الأرض،و هو في جهة العلوّ،فيعدّ من السّماء لمجاورته إيّاها.

9-إنّ اللّه يخسف الأرض بأمر من السّماء.

10-إنّ الجنّة-و هي في السّماء-عرضها كعرض السّماء و الأرض.

11-النّظر إلى ما في السّماء أوّلا ثمّ ما في الأرض.

12-عدم بكاء السّماء و الأرض عليهم كناية عن خسرانهم،و هو بأمر اللّه من السّماء.

13-إنّه يعلم القول و كلّ شيء في السّماء و الأرض، و العلم موطنه موطن الأمر و التّدبير،و هو السّماء.

14-كلّ غائبة في السّماء و الأرض في كتاب،و هو اللّوح المحفوظ.

ص: 175

و بذلك كلّه يعلم وجه إفراد السّماء و تقديمها على الأرض في هذه الآيات.

المبحث الرّابع:جاءت الأرض مع السّماء و هي متقدّمة«20»مرّة:

1- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً البقرة:22

2- اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَ السَّماءَ بِناءً المؤمن:64

3- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً طه:53

4- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ* وَ الَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ الزّخرف:10،11

5- وَ جَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ* وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً الأنبياء:31،32

6- هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ البقرة:29

7- قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ... ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ

فصّلت:9-11

8- فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ الأنعام:35

9- وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي

هود:44

10- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ الحجّ:65

11- وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ العنكبوت:22

12- إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ سبأ:9

13- قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً

الإسراء:95

14- إِنَّ اللّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ آل عمران:5

15- وَ ما يَخْفى عَلَى اللّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ إبراهيم:38

16- وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ يونس:61

17 و 18- يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ سبأ:2،الحديد:4

19- مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَ أَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً الأنعام:6

20- وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً... وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ الحاقّة:14-16

و موضوعها أمور:

1-جعل الأرض فراشا و السّماء بناء.

2-جعل الأرض مهدا للإنسان و إنزال الماء من السّماء.

3-جعل السّبل و الرّواسي و الفجاج فجّا للأرض

ص: 176

و جعل السّماء سقفا محفوظا فوق الأرض.

4-خلق الأرض أوّلا ثمّ استوى إلى السّماء.

5-لا يستطيع الإنسان أن يبتغي نفقا في الأرض أو سلّما في السّماء.

6-ليس النّاس بمعجزين في الأرض و لا في السّماء.

7-إنّه يخسف بهم الأرض أو يسقط عليهم كسفا من السّماء.

8-لو كان في الأرض ملائكة لنزّل عليهم من السّماء ملكا رسولا.

9-إنّه يعلم ما يلج في الأرض و ما ينزل من السّماء.

10-لا يخفى عليه شيء في الأرض-و هي قريبة إلينا-و لا في السّماء.

11-إنّه مكّنهم في الأرض ثمّ أرسل عليهم من السّماء ماء مدرارا.

فمن لاحظ ذلك لا يرتاب في وجه تقديم الأرض على السّماء.

المبحث الخامس:جاءت الأرض مجرّدة عن السّماء في مجالات شتّى:

أ-مضافة إلى اللّه:

1- قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها النّساء:97

2- وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ الزّمر:10

3- يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ العنكبوت:56

4 و 5- ...هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ هود:64،الأعراف:73

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات كلّها أريد بها إشعال الرّحمة و إثارة العاطفة؛حيث أمر اللّه عباده بالهجرة و التّقوى و الصّبر،و إطلاق ناقة اللّه و عدم مسّها بسوء.

و يساوقها تصدير الخطاب في الزّمر و العنكبوت،بقوله:

يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا و في آيتي ناقة ثمود بقوله:

يا قَوْمِ فإنّه خطاب عاطفيّ أيضا مشعر بالاستعطاف.

و ثانيا:أنّ(الأرض)في الثّلاث الأولى وصفت بأنّها واسعة،مشعرة بأنّها حيث كانت أرض اللّه فلا بدّ أن تكون واسعة؛لأنّها مضافة إلى القدرة غير المتناهية، و يعادله قوله في(2): إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ

و ثالثا:أنّه نسب(الأرض)إلى نفسه في(3)بعد أن نسب(العباد)إلى نفسه،بقوله: يا عِبادِيَ مباشرة تشريفا لها و لهم،و تناسقا بين أجزاء الخطاب.

و رابعا:هناك تجانس بين صدر الآية(3)و خاتمتها:

يا عِبادِيَ... فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ فالأرض أرض اللّه و هي محلّ عبادة اللّه،كما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا».

و خامسا:أنّها موصوفة بالسّعة و منسوبة إلى اللّه الواسع،فلا حرج على العبد أن يعبد اللّه في أيّ أرض يستطيع،فكلّها أرض اللّه وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ البقرة:

115.

و سادسا:في آيتي النّاقة،أضيفت(الأرض)إلى (اللّه)كما أضيفت(النّاقة)إلى(اللّه)،و فيه من التّناسق

ص: 177

و التّعاطف ما لا يخفى،أي إنّ النّاقة ناقة اللّه و الأرض أرض اللّه فلا ينبغي منعها من أن تأكل في أرض اللّه.

و سابعا:في الآيتين جميعا توسّط قوله: لَكُمْ آيَةٌ و هذا بمثابة الدّليل على الحكم،أي إذا كانت آية لكم فلا ينبغي الإساءة إليها و منعها من الأكل،بل الجدير بكم الاعتبار و الاهتداء بها إلى معرفة اللّه،و صدق الرّسول.

ب-مضافة إلى ضمير المخاطبين ثلاث مرّات:

1- قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ* يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ الشّعراء:34،35

2- قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ* يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ

الأعراف:109،110

3- قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَ يَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى* فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا... طه:63،64

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات الثّلاث حسب ترتيبها خطاب من فرعون إلى ملئه،أو من ملئه إلى المصريّين، أو محاورة بين السّحرة.

و ثانيا:أنّ فرعون و ملأه تشبّثوا في خطابهم دائما بالعاطفة القوميّة و العلاقة الأرضيّة،و أثاروها بأنّ موسى يريد ان يخرجكم من أرضكم أي إنّ الأرض لكم لا لموسى و لقومه من بني إسرائيل،و هو الآن عازم على أن يخرجكم من أرضكم.

و ثالثا:أنّهم في الآيات الثّلاث مصرّون على إفهام القوم بأنّ موسى-و معه هارون في(3)-ساحر،ليزيلوا من نفوسهم أثر تلك الآيات البيّنات الّتي أتى بها،و تمام الكلام في«س ح ر».

و رابعا:يعلم منها أنّ هذه الحيلة في إضلال القوم نشأت أوّلا من فرعون إلى ملئه و السّحرة و أنّهم،إنّما اهتدوا إليها و تعلّموها منه،ثمّ خاطبوا بها القوم أو تحاوروها بينهم،و أنّه رأس الحيلة و الضّلالة.

و خامسا:أنّ فرعون و ملأه أرادوا أن يستأمروا القوم حتّى يشعروا الخطر بأنفسهم،فيقوموا جميعا ضدّ موسى صفّا واحدا،ففي«الأعراف و الشّعراء» فَما ذا تَأْمُرُونَ و في طه:64، فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَ قَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى أي تشاوروا فيما بينكم لكي تجتمع كلمتكم و يركّز كيدكم.

و سادسا:جاء الإنذار في آيتي«الأعراف و الشّعراء»بشأن موسى منفردا،و في«طه»بشأنه مع أخيه هارون،و فيه من الدّلالة على تكرير الخطاب منهم،و أنّهم مرّة وجّهوا التّهمة إلى موسى و أخرى إليهما جميعا،لتهويل الخطر على القوم.

ج-مضافة إلى ضمير المتكلّمين ثلاث مرّات:

1- وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا إبراهيم:13

2- قالَ أَ جِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى طه:57

3- وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا القصص:57

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآية الأولى-و هي قول الأمم الماضية لرسلهم-مشعرة بأنّ تخويف الرّسل بإخراجهم

ص: 178

من أرضهم كان حيلة قديمة بين الأمم،و قد توسّلوا بها في شأن موسى عليه السّلام و محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فنسبوا الأرض إلى أنفسهم ليبرّروا تهديدهم بإخراج الرّسل عن بلدتهم.

و الثّانية:خطاب من فرعون لموسى متّهما إيّاه بأمرين:أنّه ساحر،و أنّه يريد أن يخرجهم أي القوم جميعا من أرضهم بسحره.فنرى أن قول هذا انعكس في كلام السّحرة،الّذين جمعهم لمقابلة موسى: فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَ أَسَرُّوا النَّجْوى* قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَ يَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى طه:62،63.

و الثّالثة:خطاب موجّه من كفّار قريش إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.و هو مشعر بأنّ فريقا من الكفّار إنّما لم يؤمنوا خوفا من أن يتخطّفوا من أرضهم،و هذا الخوف نشأ من تهديد الرّؤساء و الملأ إيّاهم أن لو آمنوا بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله لأخرجوهم من بلدتهم.

و ثانيا:كلّها تدلّ على أنّ علاقة الأمم بأرضهم و خوفهم من أن يخرجوا منها كان عمدة ما تشبّث به الجبابرة و ملؤهم،لإثارة العاطفة القوميّة و الوطنيّة بين الأمم،و تحريضهم على الرّسل.

د-مضافة إلى ضمير الغائبين مرّة واحدة:

وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِيارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ

الأحزاب:27

و يلاحظ أوّلا:أنّ(ارضهم)وردت مرّة واحدة بشأن أموال بني قريظة؛إذ منّ اللّه بها على المسلمين بعد غزوة الخندق،و قد انتهت الآية بأحسن خاتمة وَ كانَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً تأكيدا بأنّ اللّه قادر على توريثكم أيّ أرض،فالّتي كانت«أرضهم»صارت «أرضكم».

و ثانيا:أنّها هي الآية الوحيدة الّتي نسبت فيها الأرض إلى القوم على لسان اللّه تعالى،و أمّا في غيرها من الآيات فقد رأينا أنّ(أرضكم)و(أرضنا)في القرآن جاءت بلسان الكفّار دائما،و صدر من اللّه مرّة(أرضي) و أضيفت إلى(اللّه)على لسان الملائكة مرّة،و على لسان اللّه مرّة،و على لسان النّبيّ صالح مرّتين.و هذا إن دلّ على شيء فيدلّ أنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده،و ليست ملكا للنّاس.

و ثالثا:أنّ نسبة الأرض إلى بني قريظة من باب الاستخلاف،لورودها على لسان اللّه تعالى،و للتّفريق بينها و بين الأرض الّتي أورثها اللّه للمسلمين،و لم يكونوا قد وطئوها بأقدامهم،و سيفتحها اللّه عليهم،و هي خيبر.و قيل:هي مكّة،أو أرض الرّوم أو فارس.أو كلّ أرض يفتحها اللّه للمسلمين إلى يوم القيامة على خلاف بينهم،و خصّها الطّباطبائيّ بأرض خيبر، وَ ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ الحشر:6،و هي أرض بني النّظير بحجّة أنّ ما قالوه من التّعميم خلاف سياق الآيتين،فلاحظ.

ه-و جاءت نكرة مرّتين:

اُقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ يوسف:9

وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِيارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها الأحزاب:27

و يلاحظ:أنّ التّنكير في الأولى للتّحقير و التّبعيد،

ص: 179

أي اطرحوه أرضا بعيدة مجهولة خالية من النّاس،كي لا يستطيع أن يعود منها و لا يصل منها خبره.

و في الثّانية إمّا للتّعظيم،أي أرضا لا توصف خيراتها،أو لكونها مجهولة على المخاطبين بدليل توصيفها بقوله: لَمْ تَطَؤُها. و قد تكلّمنا فيها في(د).

المبحث السّادس:و جاءت مفردة دائما مع ورودها«461»مرّة،منها«178»مرّة مردفة بالسّماوات و«73»مردفة بالسّماء و«210»مجرّدة عنهما.و ليس السّرّ أنّه لم يجىء لها جمع في اللّغة،أو جاء في غير الفصيح،كما تقدّم في الأصول اللّغويّة،بل الأمر كما يأتي:

أوّلا:إذا كانت الأرض مقرونة مع السّماوات،فلأنّ الأرض-و هي الّتي نحن عليها-إحدى الكرات السّماويّة الّتي لا تحصى،فهي بالنّسبة إليها واحدة، و تلك كثيرة،فلا تستحقّ الجمع.

و ثانيا:إذا جاءت مع السّماء فقد اعتبر كلّ منهما واحدا،فالأرض هي هذا البسيط و السّماء ما وراءها، فالأرض و السّماء هنا بمنزلة الفوق و التّحت،فلا تستحقّ الجمع أيضا.

و ثالثا:إذا جاءت مجرّدة عن السّماء و السّماوات، فإمّا أريد بها أرض خاصّة أو جميع الأرض،و في كلتا الحالتين لا مسوّغ لأن تجمع،و مثالهما:

وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ يونس:83

إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ العنكبوت:56

فإنّ المراد بالأرض في الأولى أرض مصر،و بالثّانية جميع الأرض.

و رابعا:هناك آيتان وردت(الأرض)فيهما بمعنى الجمع مفهوما من السّياق:

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ

الطّلاق:12

وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ الزّمر:67

أمّا الأولى ففيها وجهان:الأوّل:-و عليه الأكثر- و هو المثليّة في العدد،أي إنّه خلق سبع سماوات و سبع أرضين،لأنّ النّصّ جاء بكلمة(مثلهنّ)لا بصيغة«سبع أرضين»لأنّ المماثلة-كما عن الطّوسيّ و غيره-في أصل العدد دون الكيفيّة،لاختلاف كيفيّة خلق السّماوات عن الأرضين،فهذا كما نقول-و هو الأبلغ-:لاقيت سبعا من العلماء و مثلهم من الطّلبة،رعاية لشأن العلماء و تمييزا لهم عن الطّلبة.فالأرض أرض و لو كانت سبعا لا ينبغي عدّها سبعا في عرض السّماوات السّبع،و عليه فالوجه في اختلاف التّعبير هو صغر الأرض،في جنب السّماوات، و اختلاف خلقهما.

و الثّاني:-عن الفخر الرّازيّ-أنّ المثليّة في الكيفيّة لا في العدد،أي هي مثلهنّ في كونها طباقا لا في العدد،و ليس في القرآن ما يدلّ على أنّها سبع.

ثمّ الّذين جعلوا المثليّة في العدد اختلفوا في تعيين الأرضين السّبع،فلاحظ النّصوص التّفسيريّة.

و أمّا الآية الثّانية-و ربّما لها نظير-فإنّ السّياق مع كلمة(جميعا)يدلاّن على وجود جمع للأرض،لكن ليست لها دلالة صريحة على تعدّد الأرض،بل تحتمل كلّ الأرض،لا بعضها فقط،و لعلّه الأظهر.

ص: 180

المبحث السّابع:العلوّ و الاستكبار و الاستضعاف في الأرض،و في ذلك«18»آية:

1- إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً [إلى قوله:] وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ القصص:4،5

2- وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ يونس:83

3- لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً الإسراء:4

4- تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً القصص:83

5- سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ الأعراف:146

6- وَ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ القصص:39

7- وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ العنكبوت:39

8- فَأَمّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فصّلت:15

9- فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ الأحقاف:20

10- اِسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَ مَكْرَ السَّيِّئِ

فاطر:43

11- وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ

يونس:78

12- وَ لَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

الجاثية:37

13- وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً

الإسراء:37،لقمان:18

14- وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الأعراف:137

15- وَ اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ الأنفال:26

16- قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ النّساء:97

و يلاحظ أوّلا:أنّ العلوّ و الاستكبار في الأرض مذمومان و مرفوضان دائما،و أنّ الدّار الآخرة جعلها اللّه للّذين لا يريدونهما،حتّى أنّه نهى عن المشي في الأرض مرحا،كما ذمّ كلّ مختال فخور في آيتي الإسراء و لقمان.

و ثانيا:قيّد الاستكبار في الأرض أربع مرّات بقوله:

بِغَيْرِ الْحَقِّ إعلاما بأنّ الاستكبار لا يصدر من النّاس إلاّ بغير الحقّ،و ليس يعني أنّ هناك استكبار بحقّ،فهذا القيد إنّما جاء مبرّرا لما أخذه اللّه على المستكبرين، و أنذرهم به إنذارا عنيفا.

و ثالثا:يعلم من سياق الآيات أنّ للاستكبار و العلوّ في الأرض أسبابا و تبعات،و هي الإسراف،و الفساد، و الفسق،و العثوّ،و الختل،و الفخر،و المكر السّيّئ، و الكفر باللّه و اليوم الآخر،و تكذيب الرّسل،و الغفلة عن الحقّ،و الانحراف عن سبيل الرّشد و التزام سبيل الغيّ،و ما إلى ذلك.فهما جماع الشّرّ،كما أنّ التّقوى و الإيمان جماع الخير،و بهما ينجو و يبتعد النّاس عن الاستكبار و الاستعلاء.

ص: 181

و رابعا:أدان القرآن فرعون و هامان و جنودهما، و قارون و قوم عاد من الغابرين بالعلوّ و الاستكبار،كما أدان الكفّار عامّة و كفّار قريش خاصّة بذلك،إشعارا بأنّ الكفر ملّة واحدة،و أنّ الكافرين و المستكبرين بعضهم من بعض.

و خامسا:أنّ قوم موسى قاسوا موسى و هارون بأنفسهم و نسبوا إليهما الاستكبار وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ يونس:78،و هذا شأن المستكبرين و الّذين لا يؤمنون،كما يقال في الفارسيّة:

«كافر همه را به كيش خود پندارد»أي«إنّ الكافر يحسب النّاس جميعا أنّهم على دينه».

و سادسا:أنّ اللّه كما رفض الاستكبار في الأرض رفض الاستضعاف أيضا و أنّه ذنب يؤاخذ به المستضعفون إلاّ من لا حيلة له،فحتّم عليهم التّخلّي عن الاستضعاف بالهجرة،و التّوكّل على اللّه و مواجهة الطّاغية،كما ضمّ إليه البشرى للمؤمنين بأنّ أمر المستعلي و المستكبر سيئول إلى الانهيار،و أنّ الأرض للّه سيورثها للمستضعفين الصّالحين،و يجعلهم أئمّة، و يجعلهم الوارثين.

و سابعا:أنّه لم يكلّف المستضعفين أنفسهم بأن ينسلخوا و يتجرّدوا من جلباب الاستضعاف فحسب بل كلّف به المؤمنين،فأمرهم بأن يقاتلوا في سبيل هؤلاء المستضعفين بقوله: وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ...

النّساء:75،إشعارا بأنّ ذلك قتال في سبيل اللّه.

و ثامنا:قد جمع القرآن في غير آية بين الاستكبار و الاستضعاف،مشعرا بأنّهما لا يفترقان؛فمهما وجد في الأرض استكبار فسيوجد بجانبه استضعاف،و كما قال الإمام عليّ عليه السّلام:«ما رأيت نعمة موفورة إلاّ و بجانبها حقّ مضيّع».و أنّ النّضال بين المستكبرين و المستضعفين شيء مستمرّ.و تمام الكلام في«ك ب ر»و«ض ع ف».

و تاسعا:جاء الاستضعاف في«4»آيات،و العلوّ و الاستكبار و المرح في«12»آية،أي ثلاثة أضعافه، و هذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ هذه الأمور تصدر في الأرض من الطّغاة أضعاف ما يصدر الاستضعاف من المستضعفين،و أنّه رأس الإثم،و لهم الحظّ الأوفى من هذه الجرثومة الاجتماعيّة،من دون أن نعذر الّذين تحمّلوا الاستضعاف بسبب هؤلاء الطّغاة.

المبحث الثّامن:العثوّ في الأرض«5»مرّات:

1 و 2- وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ

البقرة:60،الأعراف:74

3 و 4- وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ هود:85،الشّعراء:183

5- وَ ارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ العنكبوت:36

و يلاحظ أوّلا:أنّ العثوّ-و هو بمعنى أشدّ الإفساد- جاء دائما مع الإفساد في سياق واحد و هو وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ أي بتوجيه النّهي إليهم مباشرة مع تقييد العثوّ بقوله: فِي الْأَرْضِ و بقوله:

مُفْسِدِينَ مشعرا بأنّ تلك الأقوام-و هم قوم موسى و صالح و شعيب-بلغوا في الفساد أوجه،و أنّه لم يكن فسادهم خاصّا بموطنهم فحسب،بل كان يسري إلى

ص: 182

الأرض-و هذا شأن الفساد و مقتضى طبيعته-و لا خاصّا بزمان أو حدثا عرضيّا بل اشتدّ الفساد منهم حتّى وصفوا بأنّهم مفسدون،و صار ذلك طبيعة ثابتة لهم.

و ثانيا:أنّ الخطاب بذلك مسبوق بدعوات إلى الخير و المعروف و نواه عن الشّرّ و المنكر،فقد دعوا إلى الأكل من رزق اللّه،لا من رزق الشّيطان،و إلى ذكر اللّه و عدم نسيانه،و إلى الإنصاف مع النّاس و عدم الإجحاف بحقّهم،و إلى تذكّر الآخرة و عدم الغفلة عنها.و هذا دليل على أنّ العثوّ و الفساد في الأرض لا يجتنب عنهما إلاّ بمثل هذه الدّعوات و العمل بها.

و ثالثا:أنّ الفساد في الأرض تكرّر النّهي عنه و الإدانة له في غير هذا السّياق كما سترى.

المبحث التّاسع:الفساد في الأرض«23»مرّة:

1- وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ الإسراء:4

2- وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ البقرة:11،12

3 و 4- وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها الأعراف:56-85.

5- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ محمّد:22

6- قالُوا تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ يوسف:73

7- قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ البقرة:30

8- وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها

البقرة:205

9- أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ

الأعراف:127

10 و 11- وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ البقرة:27،الرّعد:25

12- اَلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ

الشّعراء:152

13- وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ النّمل:48

14- مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ المائدة:32

15- إِلاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ الأنفال:73

16- يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ

هود:116

17- وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ

القصص:77

18- إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ المؤمن:26

19- إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ

المائدة:33

20- كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً المائدة:64

ص: 183

21- تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً القصص:83

22- إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ

الكهف:94

23- أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ ص:28

و يلاحظ أوّلا:أنّ الفساد في الأرض له أسباب و ملابسات:

1-التّولّي عن أمر اللّه.الآية(5)و(8)

2-قطع ما أمر اللّه بوصله.الآية(10)و(11)

3-وقوع الفتنة.الآية(15)

4-محاربة اللّه و رسوله.الآية(19)

5-حبّ العلوّ في الأرض.الآية(21)

6-الإسراف في الأرض.الآية(12)

و ثانيا:أنّ قوما من المنافقين يفسدون في الأرض، و هم يدّعون الإصلاح.الآية(2)

و ثالثا:أنّ بعضا من الطّغاة نسبوا الفساد في الأرض إلى أنبياء اللّه قياسا بأنفسهم و تخفيفا في جريمتهم بمشاركة هؤلاء إيّاهم.الآية(18)

و رابعا:أنّ المنهيّ عنه ليس الإفساد في الأرض فحسب بل السّعي فيه و طلبه.الآية(17)و(19)

و خامسا:أنّ بعض النّاس يفسدون في الأرض بعد إصلاحها.الآية(3)و(4)

و سادسا:أنّ الّذي يفسد في الأرض لا يكون مصلحا و لا محسنا و لا ممّن آمن و عمل الصّالحات.

الآية(12)و(17)و(23)

و سابعا:أنّ الفساد في الأرض بمثابة قتل النّاس بغير حقّ.الآية(14)

و ثامنا:أنّ من أوصاف المؤمن النّهي عن الفساد في الأرض.الآية(16)

و تاسعا:أنّ بني إسرائيل و كثيرا ممّن ذمّهم القرآن كانوا من المفسدين.الآية(1)و(13)و(22)،و كثير من الآيات المتقدّمة.

و عاشرا:أنّ السّرقة إفساد في الأرض.الآية(6)

و الحادي عشر:جاء الفساد في الأرض«31»مرّة، منها«7»مرّات اسم فاعل في«22 و 23»،و«5» مرّات مع العثوّ،و«10»مرّات فعلا مضارعا في«1 و 5 و 13»،و ثلاث مرّات فعلا مضارعا مع لاء النّاهية في «2 و 3 و 4»،و«8»مرّات مصدرا أو اسم مصدر:

(فساد)في«14 إلى 21».

و كلّها دالّ على استمرار الفساد في الأرض في المستقبل،و أنّ الإنسان سوف يرتكب الفساد على وجه هذه البسيطة فيما يستقبل أكثر بكثير ممّا مضى،و للّه الأمر من قبل و من بعد.

و الثّالث عشر:الفساد في الأرض كما هو المفهوم منه يشمل كلّ عمل سيّئ و ذي نزعة إجراميّة يسري أثره إلى المجتمع و يتجاوز من تصدّى له و ليس مطلق السّوء.

و يظهر من استقصاء الآيات أنّه لا يختصّ بمن شهر السّلاح و قطع الطّريق على السّالكين-كما عند بعض الفقهاء-فهذا تفسير للمحارب في قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً المائدة:33،و أمّا المفسد في الأرض فيعمّ كلّ

ص: 184

من يخلّ بالنّظام و ينشر الفساد.

و عليه فلو قلنا:إنّ الفساد في الأرض بمفرده يستحقّ العقوبات المنصوص عليها في الآية،لصحّ إجراؤها على المفسد و لو لم يكن محاربا.و يشمل كلّ عمل يخلّ بالنّظام و يفسد المجتمع،كبيع المخدّرات و طبع الصّور المنافية للحياء و الحشمة و ما يسيء إلى الأخلاق أو يضرّ بالاقتصاد أو الأمن أو غيرهما.و لو قيل:إنّ حاكم الشّرع يكون له الخيار في تعيين نوع العقوبة بما جاء في الآية بحسب ما يراه مناسبا للفساد-كما جاء في بعض الرّوايات-لم يكن بعيدا عن الصّواب.لاحظ الطّبرسيّ(2:188).

المبحث العاشر:فساد الأرض و السّماوات«3» مرّات:

1- وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ. البقرة:251

2- وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ. المؤمنون:71

3- لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا...

الأنبياء:22

يلاحظ أوّلا:أنّ الفساد في الجميع مشروط بشرط لم يقع،كما هو مفاد(لو)الشّرطيّة،ففي الأولى كان الشّرط عدم دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض،و في الثّانية اتّباع الحقّ أهواءهم،و في الثّالثة وجود آلهة إلاّ اللّه،و كلّها منفيّة،فالفساد فيها منفيّ.

و ثانيا:أنّ فسادهما يغاير الفساد في الأرض،فإنّ الفساد في الأرض-كما سبق في النّصوص-هو الإخلال بنظم المجتمع،و إهلاك الحرث و النّسل،و إثارة الحروب، و قتل النّفوس،و الإضرار بالنّاس،و ضياع الأموال،و نحو ذلك ممّا يصدر عن النّاس.

و أمّا فساد الأرض و السّماء،فهو عبارة عن زوال نظامهما المحكم الّذي فطره اللّه تعالى،و دبّر أمره بحكمة بالغة،فبزواله ينهدم العالم من أساسه،و هذا لو وقع،فهو فعل اللّه،و ليس فعل النّاس.

و ثالثا:أنّ الأخيرتين ظاهرتان في المعنى الثّاني، و الأولى في الأوّل.و هناك وجوه في الجميع،و هي إلى المعنى الثّاني أقرب،فلاحظ النّصوص.

المبحث الحادي عشر:الإسراف في الأرض ثلاث مرّات:

ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ المائدة:32

وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ يونس:83

وَ لا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* اَلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ الشّعراء:151،152

و يلاحظ أوّلا:أنّ الإسراف تبع للعلوّ في الأرض.

و ثانيا:أنّ الإسراف و العلوّ و الإفساد في الأرض لا ينفكّ بعضها عن بعض.

و ثالثا:أنّ القرآن وصف فرعون و غيره من الطّغاة بالأوصاف الثّلاثة.

المبحث الثاني عشر:الأرض و اختصاصاتها:

ا-خلقها،تقدّم في خلق السّماوات و الأرض.

ب-مدّها و تثبيتها بالرّواسي،تسع مرّات:

ص: 185

1- وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَ أَنْهاراً الرّعد:3

2 و 3- وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ الحجر:19،ق:7

4 و 5- وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ

النّحل:15،لقمان:10

6- وَ جَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً الأنبياء:31

7- أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَ جَعَلَ لَها رَواسِيَ النّمل:61

8- خَلَقَ الْأَرْضَ... وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ

فصّلت:9،10

9- أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً... وَ جَعَلْنا فِيها رَواسِيَ... المرسلات:25-27

و يلاحظ أوّلا:أنّ الرّواسي لها علاقة بمدّ الأرض؛ لئلاّ تميد بهم،فلو كان مدّ بلا رواسي لهلك النّاس.

و ثانيا:أنّ مدّ الأرض و قرارها و الأنهار و السّبل اقترنت مع بعضها بعضا في كثير من الآيات،و كأنّها تعبير عن كيفيّة المدّ،و أنّ مدّ الأرض يشمل هذه الأشياء و يلازم قرارها.

و ثالثا:أنّه عبّر عن الجبال بالرّواسي تنبيها على خاصيّتها،كما قال:

أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً* وَ الْجِبالَ أَوْتاداً

النّبأ:6،7

وَ الْجِبالَ أَرْساها* مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ

النّازعات:32،33

و الجدير بالذّكر أنّ القرآن تحدّث عن الجبال،و لم يتعرّض لخلقها و جعلها في غير آية إلاّ بوصف الإرساء و الإيتاد،لاحظ«ج ب ل».

ج-سبلها و فجاجها و مناكبها،ستّ مرّات:

1- وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَ أَنْهاراً وَ سُبُلاً النّحل:15

2- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً طه:53

3- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً الزّخرف:10

4- وَ جَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً الأنبياء:31

5- وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً* لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً نوح:19،20

6- هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها الملك:15

و يلاحظ أوّلا:أنّ التّعبير عن طرق الأرض جاء بلفظ(سبلا)ثلاث مرّات،و بألفاظ: سُبُلاً فِجاجاً و فِجاجاً سُبُلاً و مَناكِبِها كلّ واحد مرّة واحدة.

و ثانيا:أنّ السّبل جمع السّبيل اسم و هو مطلق السّبيل،و قد كرّر تعميما لأقسام الطّرق،و الفجاج جمع فجّ وصف في الأصل بمعنى الواسع،و يطلق على الطّريق الواسع و على السّبيل الواقع بين الجبلين أو السّبيل الواسع بينهما و سُبُلاً فِجاجاً أي طرقا واسعة أو طرقا واسعة بين الجبلين،و هذا الأخير أنسب بقوله:

وَ جَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنا فِيها

ص: 186

فِجاجاً سُبُلاً في(4)،حيث جاء فِجاجاً بعد «الرّواسي»:و هي الجبال.

و أمّا ما قيل:«سبلا في الصّحاري و فجاجا في الجبال»فلا يصحّ لعدم عطف أحدهما على الآخر حتّى يكونا متغايرين بل هما متّحدان.

و ثالثا:الفرق بين سُبُلاً فِجاجاً و فِجاجاً سُبُلاً على ما قيل:أنّ الأوّل إعلام بأنّه جعل فيها طرقا واسعة ليسلك النّاس فيها،و الثّاني إعلام بأنّه خلقها حين خلقها على تلك الصّفة،فهو بيان لما أبهم أوّلا.

و عندنا أنّ التّقديم و التّأخير في الكلمتين دليل على أنّ المراد ب«الفجاج»فيهما،أو في فِجاجاً سُبُلاً المعنى الاسميّ دون الوصفيّ.و إنّهما عطف بيان أو بدل و ليسا بصفة و موصوف،و ليس(فجاجا)في الأخير حالا،على ما التزم به صاحب«الكشّاف»حذرا من وقوع الصّفة موصوفا،لاحظ«ف ج ج».

و رابعا:المناكب:جمع منكب،و هو مجتمع ما بين العضد و الكتف،و استعير هنا لسطح الأرض كاستعارة الظّهر للأرض ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ فاطر:

45،و فيه تشبيه الأرض بالمركب الذّلول المنقاد يركبها الرّاكب آمنا من السّقوط،فإنّ الذّلول وصف للدّابّة، و فيه إشارة إلى حركة الأرض حركة هادئة،لاحظ «ن ك ب و ذ ل ل».

و خامسا:قد ظهر ممّا مرّ أنّ في كلّ من السّبل و الفجاج و المناكب توصيفا لشأن الأرض مغايرا للآخر.

د-أنهارها و مياهها و عيونها،عشر مرّات:

1- مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ... وَ جَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأنعام:6

2- وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَ أَنْهاراً الرّعد:3

3- وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَ أَنْهاراً وَ سُبُلاً النّحل:15

4- أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً النّمل:61

5- وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ هود:44

6- وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها النّازعات:30،31

7- وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها... وَ فَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ يس:33،34

8- وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ القمر:12

9- وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً الإسراء:90

10- أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ الزّمر:21

و يلاحظ أوّلا:أنّ(الأنهار)جاءت بعد«الرّواسي» في«2 و 3»إشعارا بأنّ الرّواسي تجعل الأرض مرتفعة و منخفضة فتجري فيها الأنهار،و لو كانت الأرض مسطّحة تماما لم تجر الأنهار فيها،و إليه إيماء في قوله:

وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها* وَ الْجِبالَ أَرْساها* مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ النّازعات:30-33

و ثانيا:أنّه كلّما ذكر«العيون»ذكر معها«التّفجير»،

ص: 187

و فيه إشعار بادّخار الماء في جوف الأرض،و له قدرة على الخروج منها بقوّة من دون آلة،و للإنسان أن يستفيد من تلك المياه المدّخرة بسهولة.و مثل العيون (الينبوع)في(9)

و ثالثا:قوله: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ، فيه تصريح بأنّ ماء الأرض من السّماء و بادّخار المياه فيها،و هذا ما أومأ إليه في آيات التّفجير،لاحظ«ف ج ر»و«ن ب ع».

ه-نباتها و حياتها،تسع و عشرون مرّة:

1- وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ الحجّ:5

2- وَ اللّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً نوح:17

3- وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ الحجر:19

4- أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ الشّعراء:7

5- وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ... وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ

لقمان:10

6- وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها... وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ق:7

7- ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا* فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا* وَ عِنَباً وَ قَضْباً* وَ زَيْتُوناً وَ نَخْلاً* وَ حَدائِقَ غُلْباً* وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا عبس:26-31

8- يُخْرِجْ لَنا مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها البقرة:61

9- سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ يس:36

10- فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَ الْأَنْعامُ يونس:24

11- فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً

الكهف:45

12- وَ فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ الرّعد:4

13- وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ إبراهيم:26

14- إِنّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها

الكهف:7

15- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً الحجّ:63

16- وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ* فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ* وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّيْحانُ الرّحمن:10-12

17- اَلْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها... وَ جَعَلْنا فِيها جَنّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ يس:33،34

18- وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا يس:33

19- تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى فصّلت:39

20- وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ

ص: 188

اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها البقرة:164

21- وَ اللّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها النّحل:65

22- مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها العنكبوت:63

23- فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها الجاثية:5

24- فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها فاطر:9

25- يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها الرّوم:19

26- وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها الرّوم:24

27- كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها الرّوم:50

28- اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها

الحديد:17

29- أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً* أَحْياءً وَ أَمْواتاً

المرسلات:25،26

و جاء في ثلاث آيات بدل«الأرض»«البلد» و«بلدة»

1- وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ الأعراف:58

2- وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ق:11

3- وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً* لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً الفرقان:48 و 49

و يلاحظ أوّلا:أنّ القرآن جعل حياة الأرض بالنّبات و موتها بالجدب،و أنّ ماء السّماء هو سبب حياتها،و تشابهها حياة الإنسان بوحي من السّماء، و بذلك أوّلوا بعض الآيات تماشيا مع السّياق.و قد عبّر القرآن عن المؤمن و الكافر بالحيّ و الميّت في غير آية.

فالمؤمن يتلقّى من وحي السّماء روح الإيمان فيحيا، و الكافر حرم منه فبقي ميّتا.لاحظ«ح ي ي»و«م و ت».

و ثانيا:أنّ الإحياء و إنزال الماء كلاهما من فعل اللّه، و الثّاني وسيلة للأوّل و ليس فاعلا له،و هذا يوافق تماما لما قاله علماء البلاغة:إنّ قولنا:«أنبت الرّبيع البقل»مجاز في الإسناد،لأنّ الّذي ينبت البقل في واقع الأمر هو اللّه تعالى،و الرّبيع سبب من الأسباب.

و ثالثا:وصف(الأرض)بأنّها ميتة من دون نسبتها إلى اللّه،مع أنّه جعل إحياءها و خسفها و زلزالها و نقصانها من فعله تعالى،و في هذا أدب منه تعالى لنفسه،و هذا مثل الحسنة و السّيّئة و الخير و الشّرّ فكلّها مخلوقة للّه،إلاّ أنّه لا ينسب إلى اللّه ما لا يليق بجلاله و جماله.

و رابعا:خصّ القرآن بحياة الأرض و نباتها و مياهها هذه الكمّيّة الكبيرة من الآيات،تماشيا مع ما هو الواقع و المعلوم ضرورة من أنّ عنصر الحياة في الأرض-سواء للإنسان أو الحيوان أو النّبات-بالماء كما قال تعالى:

وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ الأنبياء:30.

و-سعتها و سطحها و دحوها،ثمان مرّات:

1- قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها النّساء:97

2- وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً النّساء:100

3- إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ

العنكبوت:56

ص: 189

4- وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ الزّمر:10

5- وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ

التّوبة:25

6- حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ التّوبة:118

7- أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ*... وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ الغاشية:17-20

8- وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها النّازعات:30

و يلاحظ أوّلا:أنّ(الأرض)حينما توصف بالسّعة تضاف إلى(اللّه)لسعة رحمته و قدرته،في حين أنّها لم تأت مضافة إليه تعالى في كثير من خصالها،و هذا من جزالة القرآن و بلاغته.

كما لم تأت مضافة في قوله: وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ و يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً لاختلاف أسلوبهما عن سائر الآيات،و لقيام قوله: فِي سَبِيلِ اللّهِ في الآية الأخيرة مقامها،أي من يهاجر في سبيل اللّه يجد في أرض اللّه مراغما كثيرا وسعة،و لسبق قوله: أَرْضُ اللّهِ في الآية الأولى:

أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فتكفي عنها.

و ثانيا:أنّ آيات«سعة الأرض»وردت كلّها- سوى آيتى التّوبة-بشأن الهجرة إمّا نصّا كما في آيتي النّساء،أو سياقا كما في آيتي العنكبوت و الزّمر النّازلتين قبيل الهجرة؛توطينا للمؤمنين و ترغيبا لهم إلى الهجرة.

و أنّ أرض اللّه واسعة لا تنحصر في موطنهم مكّة،فأينما حلّوا و نزلوا فهم في أرض اللّه و في كنف حمايته و ظلّ رحمته.

أمّا الآيتان(5 و 6)فجاء التّعبير فيهما(ضاقت-بما رحبت)كناية عن شدّة الضّغط على المؤمنين يوم حنين في موطنهم الأوّل مكّة،و على الثّلاثة الّذين خلّفوا عن غزوة تبوك،فسياقها خلاف سياق سائر الآيات، فلاحظ.

و ثالثا:قوله في(7):(كيف سطحت)أي بسطت و سوّيت فصلحت لسكنى الإنسان،و مهّدت لتقلّبه عليها،فهي بمعنى البساط و الفراش و المهاد،و تشهد به ملاحظة ما قبلها: أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ* وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ الغاشية:17-19،فالإبل خلقت لتحمل الأثقال و الأشخاص على ظهورها،فظهرها يناسب هذا الغرض إلى كثير من أوصافها،و السّماء رفعت لينزل منها الماء إلى كثير من آثارها،و الجبال نصبت على الأرض لئلاّ تميد بهم و لانحدار المياه منها على الأرض،و الأرض سطحت،أي سوّيت و بسطت ليستقرّ عليها الإنسان و يتقلّب فيها.و بذلك ظهر أنّ الآية لا تدلّ على أنّ الأرض مسطّحة و ليست بكرويّة،و لو سلّم بأنّ (سطحت)بمعنى كونها مسطّحا،فمعناها أنّها كذلك بحسب النّظر و بحسب مقدار ما يتمكّن منه الإنسان،فإنّ كلّ قطعة منها مسطّحة فلا تنفي كرويّة الأرض.

و رابعا:قوله:(دحاها)عند المفسّرين،أي بسطها و مدّها لسكنى أهلها،فهي و(سطحت)كلاهما بمعنى

ص: 190

بسطت و فرشت و مهّدت كما سبق،و شذّ بعض المتأخّرين حيث فسّرها بأنّه تعالى حرّكها حول نفسها كحركة الجوز،و قد سمّي اللاّعب بالجوز داحيا،و منه الأدحيّ على وزان«أفعول»يقال لموضع بيض النّعامة، لأنّها تحرّك البيض و تقلّبها بيدها.و قد بنوا على هذا أنّ الآية تشير إلى كرويّة الأرض أوّلا،و إلى حركتها الوضعيّة و الانتقاليّة ثانيا كحركة الجوز تماما،لاحظ «د ح و».

ز-شقّها و صدعها،أربع مرّات:

1- تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا مريم:90

2- يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ق:44

3- ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا* فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا

عبس:26،27

4- وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ* وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ الطّارق:11،12

و يلاحظ أوّلا:أنّه قد جاء توصيف الأرض في هذه الآيات بالشّقّ و الانشقاق و التّشقّق و الصّدع متناسقا مع الواقع تماما.

و ثانيا:أنّ الشّقّ يفيد الفكّ من دون شدّة،فيناسب شقّ الأرض بالنّبات في الآية«3»و يكون(شقّا)فيها للتّنويع لا للتّأكيد،و الانشقاق فيه شدّة و عنف فجاء تمثيلا لفضاعة قولهم: اِتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً مريم:88، متناسقا لآيات قبلها و بعدها: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا* تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا مريم:89،90،و«التّفطّر»هو الفطور بشدّة.و«الهد»هو السّقوط أو الكسر بشدّة.

و مثل الانشقاق التّشقّق حيث جاء في الآية«2» تعبيرا عن انشقاق الأرض عن الأموات يوم القيامة سراعا،لاحظ«ش ق ق».

و ثالثا:أنّ(الصّدع)وصفت به(الأرض)مقابلة ل(السّماء ذات الرّجع)-أى ترجع شمسها و قمرها في وجهه لاحظ ر ج ع-تعبيرا عن حالة الأرض عند قيام السّاعة و انشقاقها بشدّة.و(الصّدع):الشّقّ في الأجسام الصّلبة كالزّجاج و الحديد و نحوهما،و لا يقع إلاّ بعنف، لاحظ«ص د ع».

ح-رتقها و فتقها،مرّة واحدة:

أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما الأنبياء:30

و يلاحظ أنّ المفسّرين اختلفوا في رتق الأرض و فتقها.فلاحظ النّصوص التّفسيريّة،و لاحظ «ر ت ق»و«ف ت ق».

ط-إمساكها،مرّة واحدة:

إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا

فاطر:41

و يلاحظ أنّ القرآن وصف اللّه بأنّه يمسك السّماوات و الأرض كما نسب الإنبات إليه،مع أنّ وجود الأسباب و المسبّبات شيء لا ينكر و اعترف بها القرآن.و جميعها من صنع اللّه فآثارها منسوبة إليه،لاحظ«م س ك».

ي-جعلها قرارا و مهدا و مهادا للإنسان، خمس مرّات:

1- أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً النّمل:61

ص: 191

2- اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً

المؤمن:64

3 و 4- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً

طه:53،الزّخرف:10

5- أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً النّبأ:6

و يلاحظ:أنّ(قرارا)و(مهدا)و(مهادا)كلّها مصادر بمعنى ما مهّد للقرار عليه،إلاّ أنّ المهد ما مهّد للصّبيّ،و كذا المهاد كما قيل،ففيهما معنى زائد على القرار،و هو أنّ الأرض للإنسان كالمهد للصّبيّ فيستريح فيها كالطّفل في المهد.و فيه إشارة إلى أنّ الإنسان لا يزال طفلا في عقله و جسمه فيحتاج إلى الحضانة،و إلى أنّ الأرض لها حركة هادئة كالمهد.

ك-جعلها فراشا و بساطا،ثلاث مرّات:

1- اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً البقرة:22

2- وَ الْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ

الذّاريات:48

3- وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً نوح:19

و يلاحظ أوّلا:أنّ الفراش و البساط مصدران بمعنى ما يبسط و ما يفرش كالكتاب بمعنى ما يكتب،و قد يتّصف الفراش بالبساط فيقال:فراش مبسوط،و المعنى أنّه جعلها فراشا لهم و أنّهم يقعدون عليها و ينامون و يتقلّبون كما يتقلّب أحدهم على فراشه و بساطه، ففيهما معنى الرّاحة تماما كما في المهد و المهاد.و عن الطّبرسيّ:«و الفراش و المهاد و البساط نظائر»إلاّ أنّ في المهد و المهاد-كما قلنا-لطفا ليس في البساط و الفراش، لاحظ«ف ر ش»و«ب س ط».

و ثانيا:أنّ البساط من البسط بمعنى السّعة دون السّطح،على أنّه أيضا بمعنى البسط كما سبق،و ليس فيه دلالة على كون الأرض مسطّحة كما قيل،لاحظ «ف ر ش»و«ب س ط».

ل-خسفها و نقصها،سبع مرّات:

1- أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ النّحل:45

2- فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ القصص:81

3- وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ

العنكبوت:40

4- إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ سبأ:9

5- أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ الملك:16

6 و 7- أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها

الرّعد:41،الأنبياء:44

و يلاحظ أوّلا:أنّ الأرض الّتي جعلها اللّه قرارا و مهدا و فراشا و راحة للإنسان يبدّلها بالخسف عذابا و دمارا له بذنبه و جريرته،و الفاعل في الحالتين هو اللّه، و في هذا عبرة لمن اعتبر.

و ثانيا:في قوله: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ مقابلة و معادلة من جهتين:من في السّماء و من في الأرض،و الأمن في السّماء و الخسف في الأرض.

و ثالثا:هناك خلاف بين المفسّرين في تفسير قوله:

نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها و الآيتان مسوقتان للإنذار بالعذاب،لقوله فيها: أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ و لأن ما قبلهما إنذار،فلاحظ،و راجع النّصوص و مادّتي.«ن ق ص»

ص: 192

و«أ ت ي».

م-إنشاء الإنسان منها مرّتين،و استعماره فيها،مرّة واحدة:

1- هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها

هود:61

2- هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ

النّجم:32

و يلاحظ أنّ اللّه أنشأ الإنسان من الأرض ثمّ استعمره فيها،و كأنّ بين الأمرين علاقة وطيدة كعلاقة الابن بأمّه،فالإنسان ابن الأرض،فحقّ عليه عمارتها، و إسداء الخدمة إليها،كما أنّه يجب على الابن الإحسان إلى أبويه،و هذا أمر في غاية اللّطف.

ن-بركاتها و أرزاقها للإنسان،اثنتا عشرة مرّة:

1- خَلَقَ الْأَرْضَ... وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها فصّلت:9،10

2- وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها

الأعراف:137

3- وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ الأنبياء:71

4- تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها

الأنبياء:81

5- لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ

الأعراف:96

6- قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ

يونس:31

7- وَ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ

النّمل:64

8- قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

سبأ:24

9- هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ فاطر:3

10- وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ شَيْئاً وَ لا يَسْتَطِيعُونَ

النّحل:73

11- وَ لَقَدْ مَكَّنّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ الأعراف:10

12- وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها... وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ الحجر:19،20

و يلاحظ أوّلا:أنّه كلّما قال: بارَكْنا فِيها في«2 و 3 و 4»فقد أراد بالأرض أرضا معيّنة،و كلّما قال:

بارَكَ فِيها أو لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ في«1 و 5» أراد بها الأرض في مقابل السّماء لا أرضا معيّنة.

و ثانيا:أنّه كلّما عبّر بالرّزق أتى بالسّماء و الأرض معا،كما في«6-10»،لأنّ الأرزاق حصيلة السّماء و الأرض كليهما.و كان الفلاسفة يعبّرون عنها قديما بالآباء و الأمّهات،كما عبّر في أربع منها بقوله:

يرزقكم بلفظ الاستفهام ب(من)و(هل).و أمّا العاشرة فهي نفي لغير اللّه أن يرزقهم بقوله:

ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، و ليس إثباتا لرزق اللّه،فلهذا تغيّر السّياق.

ص: 193

و ثالثا:حينما ذكر المعايش جاء بالأرض وحدها، كما في«11 و 12»،لأنّ المعيشة ما يكسبها الإنسان بسعيه،بخلاف الرّزق فهو محصول السّماء و الأرض-كما سبق-

15-إسكان الإنسان و تمكينه فيها،إحدى عشرة مرّة:

1 و 2- وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ البقرة:36،الأعراف:24

3- لَقَدْ مَكَّنّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ الأعراف:10

4- وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ الإسراء:104

5 و 6- وَ كَذلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ

يوسف:21،56

7- إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الْأَرْضِ الكهف:84

8- اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ الحجّ:41

9- وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ القصص:5،6

10- أَ لَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ الأنعام:6

11- فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظّالِمِينَ* وَ لَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ إبراهيم:13،14

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات«1-3»خطاب إلى نوع الإنسان بأنّ اللّه بلطفه و منّه أسكنه و مكّنه في الأرض، و جعل له فيها متاعا و معايش إلى حين ليشكره،و قليلا ما يشكرون.

و الآيات«4-6»حكاية حال بني إسرائيل و يوسف عليه السّلام حيث أسكنهم الأرض المقدّسة،و مكّن يوسف من أرض مصر.فأريد بالأرض فيها أرض معيّنة،و في الباقي جنس الأرض.و الآية«7»حكاية تمكين ذي القرنين في الأرض.

و الآيتان«8 و 9»تحكيان حال الصّالحين و المستضعفين بأنّهم إن مكّنوا في الأرض لآمنوا و أصلحوا.

و الآيتان«10 و 11»إنذار و تهديد للكافرين و الظّالمين بأنّه سوف تدور عليهم الدّوائر كما دارت على من كانت قبلهم.

و ثانيا:أنّ الآيات جميعا امتنان على النّاس عامّة و على بني إسرائيل و يوسف خاصّة ليسكنوا الأرض شاكرين للّه و محسنين إلى عباده.

و ثالثا:أنّ الإسكان أعمّ من التّمكين أو مغاير له، لأنّ التّمكين إسكان مع القدرة و السّلطة في الأرض، و ليس الإسكان كذلك بل هو من السّكون،و فيه معنى الأمن و الاطمئنان،كما قال: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ يونس:67،و يبدو أنّ ما جاء غاية للإسكان-من المتاع و المعيشة-و الاستقرار،بيان لتلك القدرة و السّلطة الّتي وهبها اللّه الإنسان بتمكينه في الأرض.

و رابعا:تقارن المادّتين«س ك ن»و«م ك ن»مع تفاوت ما بينهما،تعبير عن تقاربهما و تفاوتهما في المعنى.

و لم يغفل عنه القرآن فجاء بهما جميعا،فلاحظ المادّتين.

ص: 194

ع-السّير و النّظر في الأرض و الاعتبار بما فيها و السّياحة فيها،ثلاث عشرة مرّة:

1 و 2- فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ آل عمران:137،النّحل:36

3- قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ الأنعام:11

4- قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ النّمل:69

5- قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ العنكبوت:20

6- قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

يونس:101

7-9- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ...

يوسف:109،المؤمن:82،محمّد:10

10- أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ المؤمن:21

11 و 12- أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الرّوم:9،فاطر:44

13- أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها الحجّ:46

14- فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ التّوبة:2

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات بحسب السّياق ثلاثة أقسام:

1-أمر بالسّير أو النّظر في الأرض«6»مرّات.

2-توبيخ على أنّهم لا يسيرون ليعتبروا بما في الأرض«7»مرّات.

3-أمر بالسّياحة في الأرض،مرّة واحدة.

و ثانيا:أنّ آيات السّير من حيث الغاية الّتي ترتّبت عليها ثلاثة أقسام أيضا:

1-لاعتبار المؤمنين بعاقبة الّذين من قبلهم من الظّالمين و المجرمين و المكذّبين،حيث ينفعهم في عملهم و خلقهم،بل و في عقيدتهم.و هي أكثرها.

2-ليتعقّلوا بما في الأرض فتنفعهم في عقيدتهم و في معيشتهم.

3-ليعلموا كيف بدأ اللّه الخلق فتنفعهم في علمهم و خبرتهم في الحياة.و في عقيدتهم بالنّشأة الأخرى.

و ثالثا:ممّا يلفت النّظر أنّ هذه الآيات جمعاء لم تتناول السّير الّذي اعتاد عليه النّاس في هذا العصر للتّنزّه و السّياحة و المرح،و في هذا عبرة لمن اعتبر.

و رابعا:جاء عن الإمام عليّ و الإمام الصّادق عليهما السّلام في تفسير الآيات:«أ و لم ينظروا في القرآن أو في أخبار الأمم الماضية»و فيه تعميم و توسعة في مفهوم الآيات بأنّهم يسيرون في الأرض ليشاهدوا عاقبة من قبلهم رأي العين،و يسيرون في ثنايا التّاريخ أو في القرآن ليعلموا أخبارهم،لاحظ«س ي ر».

و خامسا:لا يراد بقوله:(14) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ السّياحة فيها للتّنزّه كما شاع في هذا العصر، و لا للاعتبار بما فيها،بل هي ترخيص و تأمين للمشركين بحرّيّة الانتقال في الأرض مع الأمان بل الأمر في القرآن على العكس،فإنّ السّائحين فسّروا بالصّائمين؛لأنّ السّائح في الأمم الماضية كان هو النّاسك

ص: 195

الّذي يطوف البلاد من غير زاد و لا راحلة،يجانب اللّذّات،فلمّا جاء الإسلام أتى بالصّوم بدل السّياحة.

و قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:«سياحة أمّتي الصّوم»و عن بعضهم:

«ليس في أمّة محمّد سياحة إلاّ الهجرة»،لاحظ «س ى ح».

ف-الضّرب في الأرض،خمس مرّات:

1- وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ النّساء:101

2- أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ المائدة:106

3- وَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى آل عمران:156

4- وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ المزّمّل:20

5- لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ البقرة:273

و يلاحظ أوّلا:أنّ أصل الضّرب إيقاع شيء على شيء،ثمّ استعمل الضّرب في الأرض في السّفر لما فيه ضرب على الأرض بالأرجل أو العصا للماشي،و بقوائم الدّابّة للرّاكب،أو لأنّ المسافر الرّاكب يضرب دابّته بالسّوط و العصا للسّير،أو لأنّ في السّفر و حاجاته تضاربا مع النّاس و تشاغلا بالصّعوبات،حتّى قيل:

«السّفر قطعة من السّقر».

و ثانيا:ملاحظة سياق الآيات و آراء المفسّرين تقنعنا بأنّ«الضّرب في الأرض»في القرآن يغلب عليه السّفر للتّجارة و كسب المعيشة.و هذا المعنى متعيّن في الآيات«3-5»بقرينة عطف أَوْ كانُوا غُزًّى في«3» على الضّرب في الأرض؛و لقوله: يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ في«4»و(الفقراء)في«5»،كما أنّ الآية الأولى بقرينة ذيلها وردت في الغزو في سبيل اللّه،و الثّانية محتملة أو شاملة لهما.

و ثالثا:أنّ الآيات كلّها مدنيّة حتّى آية المزّمّل-مع أنّ السّورة نفسها مكّيّة-لكونها مدنيّة سياقا، و تغايرها عمّا قبلها أسلوبا،و لأنّها نزلت متأخّرة عن آيات أوائل السّورة،ناسخة لها و لأنّ المسلمين إنّما تشاغلوا بالسّفر لكسب المعاش أو للقتال في سبيل اللّه في المدينة دون مكّة؛حيث أنّ الظّروف فيها لم تسمح لهم بذلك،لاحظ«ض ر ب».

ص-آثار الأمم في الأرض،تسع عشر مرّة:

1- ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ الأنفال:67

2- لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا

إبراهيم:13

3- وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ هود:85

4- الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ الرّوم:1-3

5- اُقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ يوسف:9

6- فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي

يوسف:80

7- ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَ ما كُنّا سارِقِينَ

ص: 196

يوسف:73

8- يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ

المائدة:21

9- قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ المائدة:26

10- إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ

البقرة:71

11- وَ لَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ

إبراهيم:14

12- اُسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً الإسراء:104

13- أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ

الأعراف:127

14- وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ الأعراف:137

15- وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ يونس:83

16- يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ المؤمن:29

17- فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ

البقرة:61

18- وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِيارَهُمْ

الأحزاب:27

19- يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ

الأعراف:110

و يلاحظ أوّلا:أنّ القرآن تعرّض لأحوال الأمم بالإجمال و التّفصيل كليهما،و ما من أمّة إلاّ و لها تعلّق بأرض،فجميع قصص القرآن لها علاقة بالأرض إلاّ أنّ لفظ(الأرض)إنّما جاءت في هذه الآيات خاصّة لنكتة نذكرها.

و ثانيا:أنّ أكثرها،أي سوى أربع آيات منها جاءت في بني إسرائيل عامّة أو أشخاص منهم خاصّة، إشعارا بشدّة علاقتهم بالأرض؛حتّى أنّ أحدهم يودّ لو يعمّر ألف سنة.

و ثالثا:أنّ قسما من هذه الآيات بشارة بحلول السّكينة و الأمن و الدّخول في الأرض المقدّسة،و قسما منها آيات تنذر بسوء المصير و العاقبة.ففي ذكر الأرض إنذار و تبشير و ترغيب و ترهيب معا لهداية هؤلاء القوم و ما كادوا ليهتدوا لو لا أن هداهم اللّه.

و رابعا:و أمّا الّتي وردت في غير بني إسرائيل،أي الأربع الأول:

فالأولى منها:جاءت بشأن الأسرى و إنّه لا ينبغي لنبيّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض.و هذا تعريض للنّبيّ و المسلمين،حيث أسروا أفرادا من قريش في غزوة بدر.

و الثّانية:جاءت بشأن الأمم و الأنبياء؛حيث كانوا يهدّدون أنبياءهم بإخراجهم من أرضهم.

و الثّالثة:جاءت بشأن قوم شعيب،و أنّه منعهم من العثوّ و الفساد في الأرض.

و ليس في الثّلاثة سوى التّشاؤم و الإنذار دون التّبشير و الوعد الحسن.

و الرّابعة:فيها تبشير بالنّصر بعد الإخبار بأنّ الرّوم

ص: 197

غلبت في واقعة حدثت بينهم و بين الفرس في أرض فلسطين،و هي(أدنى الأرض).

المبحث الثّالث عشر:الأرض و القيامة،و قد جاءت في مجالات شتّى:

أ-الأرض و اختصاصاتها في القيامة:

1-زلزالها و رجّها و دكّها و شقّها:

1- إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها الزّلزال:1

2- يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ المزّمّل:14

3- إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا الواقعة:4

4- كَلاّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا الفجر:21

5- وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً الحاقّة:14

6- يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ق:44

و يلاحظ أوّلا:أنّ فيها خمسة تعابير عن اهتزاز الأرض:الزّلزلة،و الرّجف،و الرّجّ و الدّكّ،و الانشقاق.

و معلوم أنّ بينها فرقا:فالزّلزلة:الحركة العنيفة-و هي الباعثة على البقيّة-و الرّجف:الزّلزلة العظيمة و الاضطراب الشّديد.و الرّجّ:التّحريك الشّديد للشّيء بحيث ينهدم ما فوقه.و الدّكّ:ضرب بعض الشّيء ببعضه حتّى يندقّ.و الشّقّ هنا خاصّ بشقّ القبور لا كلّ الأرض؛و هو صدع الأرض عن قبور الموتى فيخرجون.فليلاحظ موادّها.و منها يعلم أنّ اهتزاز الأرض في القيامة يقع بكلّ أنواعها.

و ثانيا:أنّها جميعا وردت بشأن الأرض عند قيام السّاعة و خراب الأرض كعلم من أعلامها،و ليس فيها ذكر عن الزّلازل الطّبيعيّة كأنّها لا تقاس بتلك الزّلازل.

2-سيرها و مدّها:

1- وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ الانشقاق:3

2- وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ الحاقّة:14

3- وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً الطّور:10

4- وَ يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ الكهف:47

5- وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً النّبأ:20

6- وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ التّكوير:3

و يلاحظ أنّ فيها ثلاثة تعابير:المدّ،و الحمل و السّير و هو أكثرها،فلا بدّ من إبداء الفرق بينها في موادّها.

و هي جميعا راجعة إلى القيامة أيضا.

3-إخراج ما فيها:

1- وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ* وَ أَلْقَتْ ما فِيها وَ تَخَلَّتْ الانشقاق:3،4

2- وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها الزّلزال:2

4-بروزها:

1- وَ يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَ تَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً

الكهف:47

5-إشراقها:

1- وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها الزّمر:69

6-قبضها:

1- وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ

الزّمر:67

7-تبديلها:

1- يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ

إبراهيم:48

ب-الأرض و أحوال أهلها يوم القيامة:

ص: 198

1- يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ... ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً الأعراف:187

2- وَ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ النّمل:87

3- وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ الزّمر:68

4- يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ النّساء:42

5- لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ المائدة:36

6- يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ...وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ المعارج:11-14

7- وَ لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ يونس:54

8- لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ الرّعد:18

9- فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَ لَوِ افْتَدى بِهِ آل عمران:91

10- وَ لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ الزّمر:47

11- خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ هود:107،108

و يلاحظ أوّلا:أنّ كثيرا من هذه الآيات تبيّن علاقة القيامة بالأرض،و أنّها عند قيام السّاعة تغاير حالها قبل قيامها،و هي أوّل ما يحدث للأرض لدى السّاعة مباشرة.و هذا ما يهمّ النّاس الّذين عاشوا في هذه الأرض و آنسوا بها و تعلّقت قلوبهم بما فيها من الخيرات.

و ثانيا:أنّ ما يحدث للأرض كلّها أمور مفزعة و مخيفة،كالزّلزال و الرّجف و الرّجّ و الدّكّ و التّشقّق و المدّ و سير الجبال-على ثقلها و كبرها-و غيرها،فقراءة هذه الآيات و العلم بما فيها من الأهوال يبعثان القلوب على الخوف و الخشية و الاعتبار و الحذر من سوء العاقبة.

و ثالثا:أنّ احتواء الآيات على إخراج الأرض لأثقالها و إشراق الأرض بنور ربّها و إبراز ما فيها،أو أنّها تبدّل غير الأرض،أو أنّها جميعا قبضته يوم القيامة، تجعل الإنسان يراجع نفسه حيث ستتجلّى أعماله أمامه و تمثّل قباله،فيقال له: كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً الإسراء:14.

و رابعا:أنّ احتواء الآيات على أحوال النّاس يوم القيامة استمرار لما قبلها من الآيات،فتمثّل فزع النّاس من شدّة العذاب؛بحيث يودّ الكافرون لو تسوّى بهم الأرض،أو يفتدوا بما في الأرض و مثله معه-لو كان لهم- و أنّه لا يقبل الفداء منهم،و لو كان ملء الأرض ذهبا.

و خامسا:أنّهم بعد استقبال و تحمّل تلك الأهوال و الصّعوبات،مخلّدون في النّار ما دامت السّماوات و الأرض،و معلوم أنّها كناية عن دوام العذاب؛إذ ليس حين ذاك سماء و لا أرض،فالسّماوات مطويّات بيمينه، و الأرض تبدّلت بأرض غيرها.

ج-الأرض و الجنّة:

1- وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ آل عمران:133

ص: 199

2- سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ الحديد:21

3- وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ

الزّمر:74

و يلاحظ أوّلا:أنّ سياق الآيات الثّلاث واحد، و هي الإعلام بسعة الجنّة،و أنّها لا حدّ لها.

و ثانيا:أنّ ذكر السّماء و الأرض في الآيتين الأوليين تمثيل لسعة الجنّة للنّاس الّذين عاشوا في الدّنيا تحت مظلّة السّماء و فوق بسيط الأرض،و استأنسوا بهما،و ليس شيء عندهم أعظم منهما،و إلاّ فلا يوجد يوم ذاك سماء و لا أرض.

و ثالثا:الآية الثّالثة تبيّن لنا أنّ أهل الجنّة لا يزال لهم علاقة بالأرض؛حيث يسمّون الجنّة أرضا.

و رابعا:قوله: نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ يحكي لنا أنّ أهل الجنّة سوف يكونون أحرارا في مسكنهم كما أنّهم-حسب آيات أخرى-أحرار في مأكلهم و مشربهم تماما،فيأكلون و يشربون منها رغدا ما شاءوا و حيث شاءوا.

و خامسا:هذه الآيات و أمثالها على طرف نقيض تماما لآيات العذاب الّتي ذكر بعضها،فالكفّار مخلّدون في النّار و المؤمنون مخلّدون في الجنّة،لا حدّ لعذاب هؤلاء و لا للذّات أولئك.و هذا من بلاغة القرآن؛حيث يقابل دائما أحوال المؤمنين و الكافرين إنذارا و تبشيرا لهم.

ص: 200

أرك

اشارة

الأرائك

لفظ واحد،5 مرّات:4 مكّيّة،1 مدنيّة

في 4 سور:3 مكّيّة،1 مدنيّة

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأراك:شجر السّواك.

و إبل أوارك:اعتادت أكل الأراك.و قد أركت تأرك أركا و أروكا،و هي أوارك،إذا لزمت مكانها فلم تبرح.

و أرك الرّجل بالمكان يأرك أروكا:أقام به.

الأريكة:سرير في حجلة،فالحجلة و السّرير:

أريكة.

و أرك و أريك:جبلان بين النّقرة و العسيلة.[ثمّ استشهد بشعر](5:404)

الكسائيّ: أرك فلان بالمكان يأرك،إذا أقام به.

و أركت الإبل أركا،إذا اشتكت من أكل الأراك، و هي إبل أراكى،و أركة،و كذلك:طلاحى و طلحة و قتادى و قتدة.(الأزهريّ 10:353)

ابن شميّل: الأراك:شجرة طويلة خضراء ناعمة،كثيرة الورق و الأغصان،خوّارة العود،تنبت بالغور،يتّخذ منها المساويك.(الأزهريّ 10:354)

أبو عمرو الشّيبانيّ: يقال للإبل الّتي تأكل الأرك (1):أراكيّة و أوارك.(ابن فارس 1:83)

أبو زيد: إذا صلح الجرح و تماثل قيل:أرك يأرك أروكا.(الأزهريّ 10:354)

نحوه أبو عبيد.(ابن فارس 1:84)

الأصمعيّ: هو آرضهم أن يفعل ذاك،و آركهم أن يفعله:أي أخلقهم.(الأزهريّ 10:354)

أركت الإبل بمكان كذا،إذا لزمته

ص: 201


1- هكذا في الأصل،و الظّاهر«الأراك».

فلم تبرح.(الجوهريّ 4:1572)

مثله ابن السّكّيت.(إصلاح المنطق:425)

ابن السّكّيت: نعر الجرح بالدّم ينعر،إذا ارتفع دمه؛و إذا سكن ورم الجرح قيل:قد حمص يحمص، و انحمص انحماصا،و اسخأتّ اسخئتاتا؛فإذا صلح و تماثل قيل:أرك يأرك،أروكا.(107،108)

و أرك يأرك أروكا و هو آرك.و يقال:إبل آركة في الحمض،إذا أقامت فيه،و إبل أوارك.(445)

نحوه الزّمخشريّ.(الفائق 3:33)

و يقال:قد ظهرت أريكته،إذا ذهبت غثيثته و ظهر اللّحم صحيحا أحمر و لم يعله الجلد،و ليس بعد ذلك إلاّ علوّ الجلد و الجفوف.(إصلاح المنطق:356)

الإبل الأوارك:المقيمات في الحمض و إذا كان البعير يأكل الأراك قيل:آرك.(الأزهريّ 10:353)

شمر: يأرك[بالكسر]لغة.

(الأزهريّ 10:354)

الدّينوريّ: الواحد من الأراك:أراكة،و بها سمّيت المرأة أراكة.

و يقال:ائترك الأراك،إذا استحكم.

و جعل الكسائيّ:«الإبل الأراكيّة»من«الأروك» و هو الإقامة.و ليس هذا مأخوذا من لفظ«الأراك»،و لا دالاّ على أنّها مقيمة في الأراك خاصّة،بل هذا لكلّ شيء،حتّى في مقام الرّجل في بيته يقال منه:أرك يأرك و يأرك أروكا.[و استشهد بالشّعر مرّتين]

(ابن فارس 1:83)

ابن دريد: ورك بالمكان يرك وروكا،إذا أقام به، فهو وارك.و أرك يأرك أروكا؛هي اللّغة الفصيحة.

(2:414)

أرك:موضع،و أريك:موضع.و الأريكة واحدة الأرائك،و هي-[فيما]زعموا-الفرش في الحجال و الوسائد.و لا يسمّى شيء منها أرائك إلاّ أن تكون كذلك.

و أرك بالمكان يأرك أروكا و أرك يأرك،إذا أقام به؛ فهو آرك.

و الأراك:نبت معروف،و إذا رعته الإبل فهي أوارك،و أهلها موركون.(3:251)

القاليّ: الأرائك:السّرر،واحدها:أريكة.و قال قوم:الفرش.(1:44)

الجوهريّ: الأراك:شجر من الحمض،الواحدة:

أراكة.

و أركت الإبل تأرك و تأرك أروكا،إذا رعت الأراك.

و أرك الرّجل بالمكان،أي أقام به.و أرك الجرح أروكا:سكن ورمه و تماثل.

و أركت الإبل بالكسر،تأرك أركا،أي اشتكت بطونها عن أكل الأراك؛فهي أركة و أراكى،مثل طلحة و طلاحى.و رمثة و رماثى.

و الأريكة:سرير منجّد مزيّن في قبّة أو بيت،فإذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة،و الجمع:الأرائك.

و الأريك:اسم واد.و أرك،بالضّمّ:مكان.(4:1572)

ابن فارس: الهمزة و الرّاء و الكاف أصلان،عنهما يتفرّع المسائل،أحدهما:شجر،و الآخر:الإقامة.

ص: 202

فالأوّل:الأراك و هو شجر معروف.و أرض أركة:كثيرة الأراك.و يقال للإبل الّتي ترعى الأراك:أركة أيضا، كقولك:حامض من الحمض.

و الأصل الثّاني:الإقامة.[ثمّ نقل قول أبي حنيفة الدّينوريّ و قال:]

و الدّليل على صحّة ما قاله أبو حنيفة:تسميتهم السّرير في الحجلة أريكة،و الجمع:أرائك.

فإن قال قائل:فإنّ أبا عبيد زعم أنّه يقال للجرح إذا صلح و تماثل:أرك يأرك أروكا،قيل له:هذا من الثّاني،لأنّه إذا اندمل،سكن بغيه و ارتفاعه عن جلدة الجريح.

و من هذا الباب اشتقاق اسم أريك،و هو موضع.

[و استشهد بالشّعر مرّتين](1:83،84)

الثّعالبيّ: لا يقال:أريكة،إلاّ إذا كان عليها حجلة،و إلاّ فهي سرير.(50)

مثله الجزائريّ.(228)

ابن سيده: الأراك:شجر يستاك بفروعه.

قال أبو حنيفة:هو أفضل ما استيك بفرعه من الشّجر،و أطيب ما رعته الماشية رائحة لبن.قال:و قال أبو زياد:منه تتّخذ هذه المساويك من الفروع و العروق، و أجوده عند النّاس:العروق،و هي تكون واسعة محلالا.

واحدته:أراكة.

الأراكة،أيضا:القطعة من الأراك،كما قيل للقطعة من القصب:أباءة.و قد جمعوا أراكا،فقالوا:أرك.

و إبل أراكيّة:ترعى الأراك.

و أراك أرك،و مؤترك:كثير ملتفّ.

و أركت الإبل أركا،و أركت أركا:اشتكت من أكل الأراك.و هي أراكى،و أركة.

و أركت تأرك أروكا:رعت الأراك.

و أركت تأرك و تأرك أروكا:لزمت الأراك و أقامت فيه تأكله.

و قيل:هو أن تصيب أيّ شجر كان فتقيم فيه.

قال أبو حنيفة:الأراك:الحمض نفسه.

قال:و قال بعض الرّواة:أركت النّاقة أركا،فهي أركة،مقصور،من إبل أرك و أوارك:أكلت الأراك.و جمع «فعلة»على«فعل و فواعل»شاذّ.

و قوم مؤركون:رعت إبلهم الأراك.

و أرك بالمكان يأرك،و يأرك أروكا،و أرك أركا كلاهما:أقام.

و أرك الرّجل:لجّ.

أرك الأمر في عنقه:ألزمه إيّاه.

و أرك الجرح يأرك أروكا:تماثل و برأ.

و الأريكة:سرير في حجلة؛و الجمع:أريك و أرائك، و في التّنزيل: عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ يس:56.

و أرّك المرأة:سترها بالأريكة.

و أرك،و أريك:موضع.

و أرك:أرض قريبة من تدمر.[و استشهد بالشّعر 5 مرّات](7:82)

الأريكة:سرير منجّد مزيّن في قبّة،و كلّ ما يتّكأ عليه من سرير و منصّة و فراش.الجمع:أريك و أرائك.

(الإفصاح 1:317)

أرك الجرح يأرك أروكا:سكن ورمه و تماثل.

ص: 203

و يقال:ظهرت أريكة الجرح،إذا ذهبت غثيثته و ظهر اللّحم صحيحا أحمر و لم يعله الجلد،و ليس بعد ذلك إلاّ علوّ الجلد و الجفوف.و قيل:هو أن تسقط جلبته و ينبت لحما.(الإفصاح 1:539)

الأريكة:سرير في حجلة.

و أرّك الجارية:سترها بها.(الإفصاح 1:578)

أركت الإبل،كفرح و نصر و عني:اشتكت من أكل الأراك،و هي أركة و أراكى.(الإفصاح 2:764)

الرّاغب: الأريكة:حجلة على سرير،جمعها:

أرائك.و تسميتها بذلك إمّا لكونها في الأرض متّخذة من أراك و هو شجرة،أو لكونها مكانا للإقامة،من قولهم:

أرك بالمكان أروكا.و أصل الأروك:الإقامة على رعي الأراك،ثمّ تجوّز به في غيره من الإقامات.(16)

الحريريّ:في كلام العرب أشياء تختلف أسماؤها باختلاف أوصافها.فمن ذلك أنّهم لا يقولون للسّرير:

أريكة،إلاّ إذا كانت عليه حجلة.(19)

الزّمخشريّ: أفديك من مستاكه،بعود أراكه.

و كأنّهنّ ظباء أوارك.و تقول:هم متّكئون على الأرائك، مع بيض كالتّرائك.(أساس البلاغة:5)

ابن الأثير: في الحديث:«ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عنّي و هو متّكئ على أريكته،فيقول:بيننا و بينكم كتاب اللّه»الأريكة:السّرير في الحجلة من دونه ستر،و لا يسمّى منفردا أريكة.و قيل:هو كلّ ما اتّكئ عليه من سرير أو فراش أو منصّة،و قد تكرّر في الحديث.

و في حديث الزّهريّ عن بني إسرائيل:«و عنبهم الأراك»هو شجر معروف له حمل كعناقيد العنب،و اسمه الكباث بفتح الكاف،و إذا نضج يسمّى المرد.

و منه الحديث:«أتي بلبن إبل أوارك»أي قد أكلت الأراك.يقال:أركت تأرك و تأرك فهي أركة،إذا أقامت في الأراك و رعته.و الأوارك:جمع أركة.(1:40)

القرطبيّ: جاءت عن العرب أسماء تحتوي على صفات؛أحدها:الأريكة،لا تكون إلاّ في حجلة على سرير.(19:137)

الفيّوميّ: أرك بالمكان أروكا،من باب«قعد» و كسر المضارع لغة:أقام.

و أركت الإبل:رعت الأراك،فهي آركة،و الجمع:

الأوارك.و الأراك شجر من الحمض يستاك بقضبانه، الواحدة:أراكة.

و يقال:هي شجرة طويلة ناعمة،كثيرة الورق و الأغصان خوّارة العود،و لها ثمر في عناقيد يسمّى البرير،يملأ العنقود الكفّ.(12)

الفيروزآباديّ: الأراك كسحاب:القطعة من الأرض،و الحمض كالإرك بالكسر،و شجر من الحمض يستاك به.الجمع:أرك بضمّتين،و أرائك.

و إبل أراكيّة:ترعاه.و أرض أركة كفرحة:كثيرته.

و أراك آرك و مؤترك:كثير ملتفّ.

و أركت الإبل،كفرح و نصر و عني:اشتكت من أكله،فهي أركة و أراكى.

و أركت تأرك و تأرك أروكا:رعته أو لزمته و أقامت فيه تأكله،أو هو أن تصيب أيّ شجر كان فتقيم فيه.

و أركتها أنا أركا:فعلت بها ذلك،و الرّجل:لجّ،

ص: 204

و في الأمر:تأخّر،و الجرح:سكن ورمه و تماثل، و بالمكان:أقام،كأرك و فرح،و الأمر في عنقه:ألزمه إيّاه.

و قوم مؤركون:نازلون بالأراك يرعونها.

و الأريكة،كسفينة:سرير في حجلة،أو كلّ ما يتّكأ عليه من سرير و منصّة و فراش،أو سرير منجّد مزيّن في قبّة أو بيت،فإذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة.جمعه:

أريك و أرائك.

و أرّكها تأريكا:سترها بها.

و ظهرت أريكة الجرح،أي ذهبت غثيثته،و ظهر لحمه الصّحيح الأحمر.

و المأروك:الأصل،و هو آركهم بكذا:أخلقهم.

و ائترك الأراك:استحكم و ضخم،أو أدرك.

و عشب له إرك بالكسر،أي تقيم فيه الإبل.

(3:301)

الطّريحيّ: في الحديث:«إنّ أصحاب الأراك لا حجّ لهم»الأراك،كسحاب:شجر يستاك بقضبانه،له حمل كعناقيد العنب يملأ العنقود الكفّ.

و المراد به هنا موضع بعرفة من ناحية الشّام قرب نمرة.

و كأنّه حدّ من حدود عرفة،فالوقوف به ليس بوقوف،فلا يكون مبرأ للذّمّة.

و أركت الإبل،إذا رعت الأراك.(5:253)

المصطفويّ: الّذي يظهر من موارد استعمال هذه المادّة أنّ الأصل الواحد فيها هو الإقامة و السّكون.

و الأريكة«فعيلة»:ما يقام و يهيّأ،كالفريضة لما يفرض من الحكم و الصّدقة،و السّكينة لما يسكن من الوقار و الطّمأنينة،و الحديقة لما يطاف و يحاط.

و من هذا المعنى ما يقام و يهيّأ و يزيّن للعروس حتّى تقوم فيها ما كانت عروسا.فهذا المعنى يشمل مجموع ما يهيّأ بهذا المنظور من السّرير و الفرش و الكرسيّ و البساط و السّتر،و يعبّر عنها بالحجلة.فتخصيص الأريكة بالسّرير أو بالبساط أو الفراش أو غيرها،غير وجيه.

و لا يبعد أن يكون«الأراك»-و هو الشّجر الّذي يستاك بفروعه و أطيب ما رعته الماشية-أيضا مأخوذا من هذا المعنى.فاللّفظ في الأصل كان صفة على وزان «جبان»أو مصدرا،و معناه المقيم السّاكن باعتبار كون الشّجرة خضراء ناعمة كثيرة الورق و الأغصان،أو باعتبار إقامة النّاس عندها لاتّخاذ المساويك،و الماشية للرّعي؛فهو بمعنى المفعول.

مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ الدّهر:13، عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ يس:56.

و الاتّكاء:اعتماد الظّهر أو الجنب إلى شيء،أو التّمكّن في الجلوس.و إذا عرفت حقيقة الأريكة فيصحّ كلّ من المعنيين و التّعبيرين.(1:59)

النّصوص التّفسيريّة

ارائك

1 و 2- ...مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ.

الكهف:31،و الدّهر:13

3- ...عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ. يس:56

ص: 205

4 و 5- ...عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ.

المطفّفين:23 و 35

ابن عبّاس: الأرائك:هي السّرر في الحجال.

مثله مجاهد،و عكرمة.(الطّبريّ 23:20)

و مثله قتادة(الطّبرسيّ 5:410)،و أبو عبيدة(1:

401)،و الطّوسيّ(10:306)،و الميبديّ(5:682)، و الطّبرسيّ(3:467)،و القرطبيّ(10:398)،و أبو السّعود(5:217)،و الكاشانيّ(5:301).

الأريكة:هي السّرر تحت الحجال.

مثله مجاهد،و عكرمة،و ابن كعب القرظيّ، و الحسن،و قتادة،و السّدّيّ،و خصيف.

(ابن كثير 5:621)

الحجال فيها الأسرّة.

مثله مجاهد،و قتادة.(الطّوسيّ 10:213)

السّرر المرفوعة عليها الحجال.

(الطّبريّ 30:111)

هي الأسرّة من ذهب،و هي مكلّلة بالدّرّ و الياقوت،عليها الحجال.الأريكة:ما بين صنعاء إلى أيلة،و ما بين عدن إلى الجابية.(القرطبيّ 10:398)

مجاهد: من لؤلؤ و ياقوت.(2:536)

سرر عليها الحجال.(الطّبريّ 23:20)

القول الأخير هو المرويّ عن الإمام الباقر عليه السّلام.

(الكاشانيّ 3:242)

عكرمة: الحجال على السّرر.(الطّبريّ 23:21)

مثله قتادة.(الطّوسيّ 8:468)

الحسن: الحجال.(الطّبري 23:20)

مثله قتادة.(ابن كثير 4:385)

الزّهريّ: كلّما اتّكئ عليه فهو أريكة.

(الآلوسيّ 23:36)

مقاتل:السّرر في الحجال من الدّرّ و الياقوت موضونة بقضبان الذّهب و الفضّة و ألوان الجواهر.

(الميبديّ 10:322)

أبو عبيدة:واحدتها:أريكة،و هي الفرش في الحجال.(2:164)

مثله الزّجّاج.(الطّوسيّ 7:40)

ابن قتيبة:السّرر في الحجال،واحدها:أريكة.

(267)

مثله:الطّبريّ(15:243)،و الأزهريّ(10:

354)،و البغويّ(4:171)،و الطّبرسي(5:457)، و الخازن(4:171)،و أبو حيّان(تحفة الأريب:33).

ثعلب: الأريكة لا تكون إلاّ سريرا متّخذا في قبّة عليه شوارة و نجدة.(الصّاحبيّ:98)

لا تكون أريكة حتّى تكون عليها حجال.

(الميبديّ 8:240)

الأريكة:السّرير في الحجلة،و لا يسمّى منفردا أريكة.(الهرويّ 1:40)

مثله البغويّ(7:160)،و الزّمخشريّ(3:327)، و الفخر الرّازيّ(21:122)،و الخازن(7:160)، و البروسويّ(5:244).

الطّبريّ: هي الحجال فيها السّرر و الفرش، واحدتها:أريكة.و كان بعضهم يزعم أنّ كلّ فراش أريكة.[ثمّ استشهد بشعر](23:20)

ص: 206

على السّرر في الحجال من اللّؤلؤ و الياقوت.

(30:104)

الزّجّاج: كلّ ما يتّكأ عليه من مسورة أو غيرها.(الطّوسيّ 10:213)

نحوه الأزهريّ(الهرويّ 1:40)،و الطّباطبائيّ (17:101).

الفرش في الحجال.(الطّوسيّ 7:40)

أبو مسلم الأصفهانيّ: الفرش فوق الأسرّة.

(الطّبرسيّ 5:410)

القفّال: الأسرّة في الحجال،و لا تسمّى أريكة-فيما زعموا-إلاّ إذا كانت كذلك.(الفخر الرّازيّ 31:98)

السّجستانيّ: أسرّة في الحجال،واحدها:

أريكة.(113)

مثله الميبديّ(10:418)،و المراغيّ(30:79)، و نحوه القرطبيّ(19:264).

الطّوسيّ: جمع أريكة،و هي السّرير.(7:40)

مثله الطّباطبائيّ.(13:350)

جمع أريكة،و هي الوسادة.و جمعها:و سائد، و يجمع أيضا أرك،كقولهم:سفينة و سفن و سفائن،و هذه جلسة الملوك العظماء من النّاس.

و قيل:الأرائك:الفرش.[ثمّ استشهد بشعر]

(8:468)

واحدها:أريكة،و هي الحجلة،سرير عليه شبه القبّة.(10:213)

البغويّ: من الدّرّ و الياقوت.(7:186)

الميبديّ: هي السّرر في الحجال،و قيل:هي السّرر عليها حجال،واحدتها:أريكة،و اشتقاقها من أرك،إذا أقام به.(5:682)

على السّرر في الحجال،و لا يكون أريكة إلاّ إذا اجتمعتا.

و قيل:الأريكة:ما يتّكأ عليه.(10:322)

الطّبرسيّ:السّرر عليها الحجال،و قيل:هي الوسائد.(4:429)

الفخر الرّازيّ: جمع أريكة،و هي السّرير الّذي عليه الفرش،و هو تحت الحجلات،فيكون مرئيّا هو و ما فوقه.(26:92)

البيضاويّ: على السّرر،كما هو هيئة المتنعّمين.

(2:12)

مثله الكاشانيّ.(3:241)

السّرر المزيّنة.(2:283)

مثله الكاشانيّ(4:257)،و القاسميّ(14:

5013).

النّسفيّ: جمع الأريكة،و هي السّرير في الحجلة أو الفراش فيها.(4:10)

النّيسابوريّ: هو السّرير المزيّن بالحجلة.

أمّا السّرير وحده فلا يسمّى أريكة.(15:131)

أبو حيّان: قرأ ابن محيصن[في الكهف]على الأرائك بنقل الهمزة إلى لام التّعريف و إدغام لام(على) فيها،فتنحذف ألف(على)لتوهّم سكون لام التّعريف، و النّطق به:علرائك.[ثمّ استشهد بشعر](6:122)

أبو السّعود: جمع أريكة،و هي السّرير المزيّن بالثّياب و السّتور.(4:257)

ص: 207

الطّريحيّ: جمع أريكة،و هو سرير منجّد مزيّن في قبّة أو بيت.

و قيل:هي سرير في حجلة من دونه ستر لا يكون إلاّ كذلك،فلا يكون منفردا أريكة.

و قيل:هي كلّ ما اتّكئ عليه من سرير أو فراش أو منصّة.(5:253)

البروسويّ: هي السّرر في الحجال،تكون في الجنّة من الدّرّ و الياقوت،موضونة بقضبان الذّهب و الفضّة و ألوان الجواهر،جمع أريكة كسفينة.

و لا تكون أريكة حتّى تكون في حجلة-و هي بالتّحريك-واحدة حجال العروس،و هي بيت مزيّن بالثّياب و السّتور.(10:269)

الآلوسيّ: [نقل الأقوال المتقدّمة كقول ابن عبّاس و الرّاغب و غيرهما ثمّ قال:]

و الظّاهر أنّها على سائر الأقوال عربيّة.و حكى ابن الجوزيّ في«فنون الأفنان»أنّها السّرر بالحبشيّة،و أيّا ما كان فالكلام على ما قاله بعض المحقّقين:كناية عن تنعّمهم و ترفّههم،فإنّ الاتّكاء على الأرائك شأن المتنعّمين المترفّهين.(15:272)

[و قال أيضا:]

و بالجملة كلام الأكثرين يدلّ على أنّ السّرير وحده لا يسمّى أريكة،نعم يقال للمتّكئ على أريكة:متّكئ على سرير فلا منافات بين ماهنا[في يس]و قوله تعالى: مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ الطّور:20،لجواز أن تكون السّرر في الحجال فتكون أرائك.و يجوز أن يقال:إنّ أهل الجنّة تارة يتّكئون على الأرائك و أخرى يتّكئون على السّرر الّتي ليست بأرائك.

(23:36)

المراغيّ: على سرر مزدانة بالسّتور.و في هذا دليل على منتهى الرّاحة و النّعيم.(15:145)

الطّباطبائيّ: جمع أريكة،و الأريكة:السّرير في الحجلة،و هي البيت المزيّن للعروس.(20:238)

المصطفويّ: أي متمكّنين و مستقرّين على السّرر و الفرش،أو معتمدين على البساط و الكرسيّ.

و أمّا التّعبير بصيغة الجمع فباعتبار الأفراد المتمكّنين و المتّكئين عليها.و يمكن أن يكون إشارة إلى تعدّد الأريكة لكلّ فرد منهم.(1:60)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة الثّبات و الدّوام،و سمّي شجر الأراك بهذا الاسم لثباته و استحكامه،لقولهم:

ائترك الأراك،أي استحكم.و لو قيل:إنّ الأصل لها «الأراك»و الباقي فروعها حتّى الثّبات و الدّوام-مثل الأذن لمادّتها-لما كان بعيدا،فإنّ العرب كانوا يمرّون على هذه الشّجرة في رحلاتهم و يستريحون في ظلّها شطرا من النّهار،سكنا و قرارا دائما لتكرّره و دوامه.

و تتفرّع منه الأريكة لكونها مصنوعة من فروعه.

و الإبل الأوارك:و هي المعتادة على أكل الأراك و هو الحمض،و أيضا الّتي اشتكت من أكله،و المقيمة فيه؛ يقال:إبل آركة في الحمض:مقيمة فيه،و منه استعيرت لمطلق الإقامة.و أريكة الجرح:اللّحم الأحمر،لأنّه لحم ثابت و دائم،و ما عداه يذهب كالغثيثة و الجلبة،لأنّه

ص: 208

يستريح عن تعب الجرح،كما يستريح المسافر تحت ظلّ الأراك عن حرّ الشّمس و عناء السّفر.و منه أيضا قولهم:

آركهم أن يفعل ذلك،أي أخلقهم،لكون الخلق يدلّ على الثّبوت و الدّوام أو لأنّ تلك الحالة الهادئة توجب للمتخلّق الأمن و الثّبات و الرّاحة كالمستريح تحت شجر الأراك.

2-و حكى ابن دريد:ورك بالمكان يرك وروكا،إذا أقام به،فهو وارك.و هذه اللّغة أصلها«الهمز»،و ليس لها أصل في«الواو»باتّفاق اللّغويّين أجمع،غير أنّ الهمزة قلبت واوا للخفّة،و هي لغة يمانيّة.و لكنّ ابن دريد عقّبها بلغة«الهمز»قائلا:و أرك يأرك أروكا،هي اللّغة الفصحى.فقد اعتبر لغة«الواو»غير فصيحة،كما هو ديدن سائر اللّغويّين عند اجتماع اللّغتين:الواو و الهمزة في بعض الموادّ؛إذ يعدّون لغة«الواو»لغة العامّة أو لغة ضعيفة،لأنّهم يقيسون فصاحة اللّغة و عدم فصاحتها بلغة سكّان البادية.فهم كانوا يشدّون الرّحال إليها، ليشافهوا الأعراب في كلّ شاردة و واردة،ثمّ يقيسون كلام العرب في الحضر بما جمعوه و دوّنوه من كلام الأعراب في البادية،فإن وافقه رفعوه و إن باينه وضعوه.

و لا يستثنون من هذا القياس أيّ كلام و لو كان كلام اللّه؛ فقد جعل ابن السّكّيت قوله تعالى: وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ التّوبة:106،و قوله: أَرْجِهْ وَ أَخاهُ الأعراف:111،و الشّعراء:36.في باب«ما يهمز ممّا تركت العامّة همزه»من كتابه«إصلاح المنطق ص 146»،لأنّهما جاءا بلغة أهل الحجاز و مكّة و المدينة و الطّائف الّذين لا يهمزون،و هي خلاف لغة أهل البادية الّذين يهمزون.

و قد قرئ(مرجئون)و(أرجئه)بالهمز فيهما أيضا.

3-و تكاد الأقوال تتّفق في أنّ الأرائك جمع، مفردها:أريكة على زنة«فعيلة»،لكنّها تختلف في أصلها أ هو شجر الأراك أم الإقامة من:أرك بالمكان، بمعنى أقام فيه؟كما اختلفوا في التّوفيق بين الأصلين،فقد اختار بعضهم الأصل الواحد،و جعلوه دالاّ على الإقامة،و هي تعني الدّوام و الثّبوت،كما قدّمنا.و لعلّ وجه تسمية هذا الضّرب من الشّجر بالأراك،لإقامة النّاس و الدّوابّ عندها و في ظلّها،أو بالعكس كما احتملنا،و ربّما لصيغة«فعيل»الدّالّة على الثّبوت أثر في دلالة هذا اللّفظ على الإقامة المكانيّة.

و لا يبعد أن تكون معانيها مشتقّة من أصلين كما اختاره ابن فارس،إلاّ أنّ الرّأي الأوّل يمكن توجيهه بأنّ حقيقته الإقامة؛فالبدويّ في الصّحاري لا يستريح و لا يقيم إلاّ في ظلّ الأشجار البرّيّة الّتي منها الأراك، فانتقل اللّفظ إلى الشّجرة-أو بالعكس انتقل اسم الشّجرة إلى الإقامة كما سبق-ثمّ إلى كلّ ما يستريح إليها و عليها الإنسان،حتّى سمّيت السّرر أرائك كما سمّيت الأرض ما بين صنعاء إلى أيلة و ما بين عدن إلى الجابية أريكة،باعتبارها سكنا للنّاس خلافا للرّبع الخالي من الجزيرة،كما أنّ الإبل لا تمشي في مبركها بل تقيم فيه.

4-و هل الأريكة لا تكون إلاّ إذا كان عليها حجلة كما في أكثر النّصوص؟-و هو أشبه و أنسب بشجر (الأراك)الّتي يستريحون تحتها-أو هي كلّ ما يتّكأ عليه من سرير و منصّة و فراش،أو مطلق السّرير؟لا يبعد

ص: 209

من كونها في الأصل مطلق ما يتّكأ عليه،و منه السّرير.

و ما هذا التّقييد إلاّ تأثّرا في الأسلوب القرآنيّ،إذ وصف حياة أهل الجنّة بحياة الأثرياء و الملوك كجلوسهم على الأرائك تحت الأظلّة،فلهذا فسّروه بذلك.

كما وصفوها بأنّها سرير منجّد مزيّن في قبّة أو بيت، أو سرير مزيّن بحجلة،و هي البيت المزيّن للعروس.

فتفسير الآيات بهذه القيود بقرينة السّياق،و ليس فيها دلالة على دخولها في المعنى اللّغويّ.

5-و تفسير الأرائك بالفرش في الحجال،أو الفرش فوق الأسرّة،أو الحجال فيها الأسرّة و نحوها ممّا جاءت في النّصوص مسامحة أو توسّعا في التّعبير،من باب تسمية الشّيء باسم قرينه و متعلّقه،و الأصل هو السّرير أو مطلق ما يتّكأ عليه أو مطلق ما يستراح عليه تحت ظلّ.

الاستعمال القرآنيّ

جاءت«أرائك»في«5»آيات،و قد تقدّم ذكرها في صدر النّصوص التّفسيريّة،و يلاحظ فيها ما يلي:

1-لم يستعمل هذا اللّفظ في القرآن إلاّ بصيغة الجمع،وصفا لأهل الجنّة؛بأنّ لهم أرائك،أي لكلّ واحد منهم أريكة،أو لكلّ منهم أرائك متعدّدة أيضا، دلالة على التّوسّع في العيش.

2-و قد جاء في ثلاث سور مكّيّة،و في سورة مختلف في مكان نزولها؛أ في مكّة أم في المدينة؟و هي سورة الدّهر الّتي يفصح سياقها عن كونها مكّيّة،إلاّ أنّ الرّوايات تعدّها من السّور المدنيّة،و هي نازلة في شأن آل البيت عليهم السّلام.و استعمال ألفاظ كهذا في السّور المكّيّة يبعث على التّرغيب و الإغراء،فأهل مكّة في بداوتهم كانوا محرومين من هذه الأرائك،فكانوا يستأنسون بذكرها في القرآن،و يتشوّقون إليها.

3-و تبيّن الآيات الثّلاث الأولى أنّ أهل الجنّة متّكئون على الأرائك،و تبيّن الأخيرتان أنّهم على الأرائك ينظرون،كما ورد في آية«يس»: هُمْ وَ أَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ يس:56،و في الدّهر:

لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً* وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها، الدّهر:13،14.

فإذا كانت(الأرائك)في ظلال من الشّمس فلا وجه لكونها في الحجال إلاّ تشريفا لهم و سترا عن غيرهم، و الحال أنّهم ينظرون إلى ما يحبّون.و إيراد ذكر أزواجهم معهم على الأرائك-و هي الحجال-تعبير عن تمتّعهم بهنّ إذا شاءوا،لأنّ الحجلة معدّة للعروس.

4-و في سياق هذه الآيات-و أكثر ما جاءت في شأن أهل الجنّة-يصف القرآن حياة هؤلاء بصفة الأثرياء ذوي النّعمة و الملوك و أرباب القصور بكلّ ما فيها من السّرر و الحجال و الأواني و ضروب المآكل و المشارب و الملابس.فالأرائك ليست سررا عاديّة، و إنّما هي من قبيل ما يجلس عليه الملوك و المترفون،و هذا جزاء ما صبروا على الرّزايا و المآسي في هذه الحياة الفانية.

ص: 210

أرم

اشارة

إرم

لفظ واحد،مرّة واحدة مكّيّة،في سورة مكّيّة

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأرام:ملتقى قبائل الرّأس؛و بذلك سمّي الرّأس الضّخم مؤرّما.و بيضة مؤرّمة:واسعة الأعلى.

و الأرميّ:من أعلام قوم عاد،كانوا يبنونه كهيئة المنارة،و كهيئة القبور،قال أبو الدّقيش:الأروم:قبور عاد،و كذلك الإرم.

و يقال:ما بها إرم،أي ما بها أحد.

و إرم كان أبا عاد الأولى.

و الأرومة:أصل كلّ شجرة.و أصل الحسب:

أرومته.و الجميع:أروم و أرومات.و أروم الأضراس:

أصول منابتها.

و الأرومة-بضمّ الألف-غلط،لأنّها اسم واحد، و لا يجيء اسم واحد على«فعولة»إلاّ في المصادر.

و الأرّم:الحجارة،هكذا جمع.

و يقال:بل الأرّم:الأضراس،يقال:إنّه ليحرق عليه الأرّم.[و استشهد بالشّعر مرّتين](8:296)

الكسائيّ: ما أدري أيّ الأروم هو؟و ما أدري أيّ الطّين هو؟معناه ما أدري أيّ النّاس هو؟

(الأزهريّ 15:302)

ابن شميّل: أروم الرّأس:حروفه.

و قيل:هي شئون رأس الجمل.

(الأزهريّ 15:302)

أبو عمرو الشّيبانيّ:الآرام:الأعلام،واحدها:

إرم.(الأزهريّ 15:300)

الفرّاء: يقال:ما بالدّار آرم،مثل عارم،و ما بها أرميّ،يريد:ما بها علم؛و ما بها أرم،مثال عرم.

(الأزهريّ 15:301)

أبو زيد: ما بالدّار أريم،و ما بها أرم،بحذف الياء،

ص: 211

أي ما بها أحد.(الجوهريّ 5:1860)

الأصمعيّ: ما بالدّار أرم على«فعل».

(الأزهريّ 15:301)

مثله اللّحيانيّ.(القاليّ 1:255)

اللّحيانيّ: و الإرميّ،بالكسر:واحد آرام.

(الزّبيديّ 8:185)

أبو عبيد: ما بالدّار أرم و أريم و إرميّ و أيرميّ و إيرميّ،أي ما بها أحد،لا يستعمل إلاّ في الجحد.

(ابن منظور 12:15)

ابن الأعرابيّ: الأرم:القطع.

(الأزهريّ 15:300)

ما بالدّار آرم على«فاعل»و ما بها أيرميّ و إرميّ.

(القاليّ 1:255)

ابن السّكّيت: فلان يحرق عليه الأرّم و يحرق، و هي الأسنان يحرق بعضها ببعض:يصرفها و يحكّها.(81)

الأرومة:الأصل.و يقال:إنّه لفي كرم أرومتهم.

(157)

يقال:جارية حسنة العصب و الجدل و الأرم و المسد،بمعنى واحد.و جارية معصوبة و ممسودة و مجدولة و مأرومة،و هي المطويّة الممشوقة.(323)

أبو حاتم: الأروم:حروف هامة البعير المسنّ.

(ابن فارس 1:85)

ما في فلان إرم،بكسر الألف و سكون الرّاء،لأنّ السّنّ يأرم.(ابن فارس 1:86)

شمر:الأرّم:الحصى.(الأزهريّ 15:300)

أبو الهيثم:أرمتهم السّنة تأرمهم،أي أكلتهم.

قال أعرابيّ لمؤذّن كان بالرّي رقي منارة ليؤذّن فيها:

أ ترقى كلّ يوم هذا الإرم؟(الأزهريّ 15:300)

الدّينوريّ: أرمت السّائمة المرعى تأرمه:أتت عليه حتّى لم تدع منه شيئا.(ابن سيده 10:295)

ثعلب: أرم ما على المائدة يأرمه:أكله.

(ابن سيده 10:295)

كراع النّمل:و أرم الرّجل يأرمه أرما:ليّنه.

(ابن سيده 10:295)

ابن دريد: إرم:اسم جدّ عاد،عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام،و إليه نسبهم اللّه تبارك و تعالى،فقال: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ... الفجر:6،7.

و الإرم:علم ينصب من حجارة،يقال:إنّها قبور عاد.

و ما في فمه إرم،إذا لم يبق له سنّ.

و الإرم و الإرميّ:العلم المنصوب من حجارة أو نحوها.

و ما بالدّار أرم،أي ما بها أحد.

و أرومة الرّجل:أصله.

و فلان يحرق عليّ الأرّم و يحرق نابه،إذا تغيّظ عليه.

(3:252)

الأزهريّ: أرمت الأرض النّبت،إذا أهلكته.

و أرمتهم السّنة:استأصلتهم.و أرم ما على الخوان،إذا أكله.

و إنّه ليحرق عليه الأرّم،و هي الأضراس.

ص: 212

سمعتهم يقولون:ما بها أيرميّ،و لا إرميّ.

و يقولون للعلم فوق القارة (1):أيرميّ.

و الإرم:العلم،و جمعه:أروم.

و بناء مأروم،و قد أرمه الباني أرما.

و جمل مأروم الخلق،إذا كان مداخلا مدمّجا.

و عنان مأروم،إذا فتل فتلا مجدولا.

و قال أبو يوسف:الحصد من الأوتار:المتقارب الأرم.

و الزّمام يؤارم على«يفاعل»أي يداخل فتله.

(15:300-302)

الجوهريّ: الإرم:حجارة تنصب علما في المفازة،و الجمع:آرام و أروم،مثل:ضلع و أضلاع و ضلوع.

و الأروم،بفتح الهمزة:أصل الشّجرة و القرن.

و أرم على الشّيء يأرم بالكسر،أي عضّ عليه، و أرمه أيضا،أي أكله.و منه سنة آرمة،أي مستأصلة.

و يقال:أرمت السّنة بأموالنا،أي أكلت كلّ شيء.

أرمت الحبل آرمه،إذا فتلته فتلا شديدا.

و الأرّم:الأضراس،كأنّه جمع آرم.يقال:فلان يحرق عليك الأرّم،إذا تغيّظ فحكّ أضراسه بعضها ببعض.

و قولهم:جارية مأرومة حسنة الأرم،إذا كانت مجدولة الخلق.

و يقال:الأرّم:الحجارة.(5:1859)

ابن فارس: الهمزة و الرّاء و الميم أصل واحد،و هو نضد الشّيء إلى الشّيء في ارتفاع،ثمّ يكون القياس في أعلاه و أسفله واحدا.و يتفرّع منه فرع واحد،هو أخذ الشّيء كلّه،أكلا و غيره.و تفسير ذلك أنّ«الأرم»ملتقى قبائل الرّأس،و الرّأس الضّخم مؤرّم.و بيضة مؤرّمة:

واسعة الأعلى.

و الإرم:العلم،و هي حجارة مجتمعة كأنّها رجل قائم.و يقال:إرميّ و أرميّ،و هذه أسنمة كالأيارم.

و الأرومة:أصل كلّ شجرة،و أصل الحسب:

أرومة،و كذلك أصل كلّ شيء و مجتمعه.

و الأرّم:الحجارة.و يقال:الأرّم:الأضراس، يقال:هو يحرق عليه الأرّم،فإن كان كذا فلأنّها تأرم ما عضّت.

و أرمتهم السّنة:استأصلتهم،و هي سنون أو ارم.

و سكّين آرم:قاطع.

و أرم ما على الخوان:أكله كلّه،و قولهم:أرم حبله من ذلك،لأنّ القوى تجمع و تحكم فتلا.و فلانة حسنة الأرم:أي حسنة فتل اللّحم.

و أرض مأرومة:أكل ما فيها،فلم يوجد بها أصل و لا فرع.(1:85)

أبو سهل الهرويّ: يقال:ما بها أرم،بفتح الهمزة و كسر الرّاء على«فعل»،أي أحد،و الإرم،بكسر الهمزة و فتح الرّاء:العلم،و هو حجارة يجعل بعضها على بعض في المفازة و الطّرق يهتدى بها.(56)

ابن سيده: و أرمت الإبل تأرم أرما:أكلت.

و ما في فيه إرم و أرم،أي ضرس.

و الأرّم:الأضراس.و قيل:أطراف الأصابع.ن.

ص: 213


1- الصّحيح في المفازة كما في اللّسان.

و قالوا:هو يعلك عليه الأرّم،أي أطراف أصابعه.

و يحرق عليه الأرّم،أي يصرف بأنيابه عليه حنقا.

و الأرم:القطع.

و أرمتهم السّنة أرما:قطعتهم.

و أرض أرماء،و مأرومة:لم يترك فيها أصل و لا فرع.

و الإرم و الأرم:الحجارة.

و الآرام:الأعلام.و خصّ بعضهم به أعلام عاد؛ واحدها:إرم،و أرم،و أيرميّ.

و قال اللّحيانيّ:أرميّ،و يرميّ،و إرميّ.

و الأروم أيضا:الأعلام.

و قيل:هي قبور عاد،و عمّ به أبو عبيد في تفسير قول ذي الرّمّة:

و ساجرة العيون من الموامي

ترقّص في نواشزها الأروم

فقال:هي الأعلام.

و إرم:والد عاد الأولى،و من ترك صرف«إرم» جعله اسما للقبيلة.

و قيل:إرم:عاد الأخيرة.

و قيل:إرم:اسم لبلدتهم الّتي كانوا فيها.و في التّنزيل: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الفجر:6،7.

و قيل فيها أيضا:إرام.

و إرم:اسم جبل.

و الأرومة،و الأرومة-الأخيرة تميميّة-:الأصل؛ و الجمع:أروم.

و الآرام:ملتقى قبائل الرّأس.

و رأس مؤرّم:ضخم القبائل.

و بيضة مؤرّمة:واسعة الأعلى.

و ما بالدّار أرم،و أريم،و إرميّ،و أيرميّ-عن ثعلب، و أبي عبيد-أي ما بها أحد.لا يستعمل إلاّ في الجحد.

و أرم الرّجل يأرمه أرما:ليّنه.و أرم الشّيء يأرمه أرما:شدّه.

و آرام:موضع.[و استشهد بالشّعر ثلاث مرّات]

(10:295)

الأرّم:الأضراس،كأنّه جمع آرم،يقال:هو يعلك أو يحرق الأرّم،أي يصرف بأنيابه حنقا؛و ذلك إذا تغيّظ فحكّ أضراسه بعضها ببعض.(الإفصاح 1:60)

أرم على الشّيء يأرم أرما:عضّ عليه،و الشّيء:

أكله.(الإفصاح 1:649)

الإرم و الأرم:الحجارة تنصب أعلاما في المفازة ليهتدى بها،الجمع:أروم و آرام.

(الإفصاح 2:1029)

الرّاغب: الإرم:علم يبنى من الحجارة،و جمعه:

آرام.و قيل للحجارة:أرّم،و منه قيل للمتغيّظ:يحرق الأرّم،و قوله تعالى: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الفجر:7، إشارة إلى أعمدة مرفوعة مزخرفة.

و ما بها أرم و أريم،أي أحد.و أصله اللاّزم للاّزم، و خصّ به النّفي،كقولهم:ما بها ديّار،و أصله للمقيم في الدّار.(16)

الزّمخشريّ: «كيف تبلغك صلاتنا و قد أرمت؟» قيل:معناه بليت.(الفائق 1:38)

ص: 214

تقول:نفس ذات أكرومة،من أطيب أرومة.

و تقول:رأيت حسّادك العرّم،يحرقون عليك الأرّم.

(أساس البلاغة:5)

ابن الأثير: «كيف تبلغك صلاتنا و قد أرمت؟»أي بليت.يقال:أرم المال،إذا فني.و أرض أرمة:لا تنبت شيئا.

و قيل:إنّما هو«أرمت»من الأرم:الأكل.

يقال:أرمت السّنة بأموالنا،أي أكلت كلّ شيء، و منه قيل للأسنان:الأرّم.

و قال الخطّابيّ: أصله أرممت،أي بليت و صرت رميما،فحذف إحدى الميمين،كقولهم:ظلت في ظللت.و كثيرا ما تروى هذه اللّفظة بتشديد الميم،و هي لغة ناس من بكر بن وائل.

و في الحديث:«ما يوجد في آرام الجاهليّة و خربها فيه الخمس»الآرام:الأعلام،و هي حجارة تجمع و تنصب في المفازة يهتدى بها،واحدها:إرم،كعنب.

و كان من عادة الجاهليّة أنّهم إذا وجدوا شيئا في طريقهم لا يمكنهم استصحابه،تركوا عليه حجارة يعرفونه بها، حتّى إذا عادوا أخذوه.

و منه حديث سلمة بن الأكوع:«لا يطرحون شيئا إلاّ جعلت عليه آراما».

و في حديث عمير بن أفصى:«أنا من العرب في أرومة بنائها»،الأرومة بوزن«الأكولة»:الأصل.

و فيه ذكر«إرم»بكسر الهمزة و فتح الرّاء الخفيفة، و هو موضع من ديار جذام أقطعه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بني جعال بن ربيعة.

و فيه أيضا ذكر: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، و قد اختلف فيها،فقيل:دمشق،و قيل:غيرها.(1:40)

الفيروزآباديّ:أرم ما على المائدة:أكله فلم يدع شيئا،و فلانا:ليّنه،و السّنة القوم:قطعتهم فهي أرمة، و الشّيء:شدّه،و عليه:عضّ،و الحبل:فتله شديدا.

و كركّع:الأضراس و أطراف الأصابع،و الحجارة و الحصى.

و أرض مأرومة و أرماء:لم يترك فيها أصل و لا فرع.

و الآرام:الأعلام،أو خاصّ ب«عاد».الواحد:إرم، كعنب و كتف،و إرميّ كعنبيّ و يحرّك،و أيرميّ و يرميّ محرّكة.

و الأروم:الأعلام،و قبور عاد.و من الرّأس:

حروفه.

و كعنب و سحاب:والد عاد الأولى أو الأخيرة،أو اسم بلدتهم أو أمّهم أو قبيلتهم.

إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ دمشق أو الإسكندريّة.

و كسحاب:ملتقى قبائل الرّأس.

و الأرومة،و تضمّ:الأصل،الجمع:أروم.

و رأس مؤرّم كمعظّم:ضخم القبائل.و بيضة مؤرّمة:واسعة الأعلى.

و ما به أرم محرّكة،و أريم كأمير،و إرميّ كعنبيّ و يحرّك،و أيرميّ و يكسر أوّله:أحد،و لا علم.

و جارية مأرومة حسنة الأرم،أي مجدولة الخلق.

و أرما و اللّه و أرم و اللّه،بمعنى أما و اللّه و أم و اللّه.

(4:75)

ص: 215

محمّد إسماعيل إبراهيم:إرم:من أعلام القرآن.

الإرم:الحجارة تنصب علما في الصّحراء.و قد يقصد به والد عاد الأولى،أو عاد الأخيرة،أو بلدتهم.

(36)

النّصوص التّفسيريّة و التّاريخيّة

ارم

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ.

الفجر:6،7

ابن عبّاس: يعني بالإرم:الهالك،أ لا ترى أنّك تقول:أرم بنو فلان.

مثله الضّحّاك.(الطّبريّ 30:176)

ابن المسيّب:هو دمشق.

مثله عكرمة.(الطّبرسيّ 5:486)

مجاهد:يعني القديمة.(2:756)

أمّة.(الطّبريّ 30:175)

إنّ معناها القويّة.(القرطبيّ 20:45)

ابن كعب القرظيّ:الإسكندريّة.

(الطّبريّ 30:175)

قتادة: كنّا نحدّث أنّ(ارم)قبيلة من عاد،بيت مملكة عاد.(الطّبريّ 30:175)

قبيلة من عاد،كان يقال لهم:إرم،جدّ عاد.

(الطّبريّ 30:175)

الكلبيّ: (ارم)هو الّذي يجتمع إليه نسب عاد و ثمود و أهل الجزيرة،كان يقال:عاد إرم و ثمود إرم، فأهلك اللّه عادا ثمّ ثمود،و بقي أهل السّواد و الجزيرة.

(البغويّ 7:202)

هو سام بن نوح،نسب عاد إليه.

(الطّبرسيّ 5:486)

نحوه ابن إسحاق.(الطّبريّ 30:176)

مقاتل: (ارم):قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك، و كانوا بمهرة (1)،و كان عاد أباهم.(الطّبرسيّ 5:486)

ابن إسحاق: هو جدّ عاد،و هو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.(الطّبرسيّ 5:485)

هو أبو عاد كلّها.(أبو حيّان 8:469)

الفرّاء: لم يجر القرّاء(ارم)لأنّها فيما ذكروا اسم بلدة،و ذكر الكلبيّ بإسناده أنّ(ارم)سام بن نوح.فإن كان هكذا اسما فإنّما ترك إجراؤه،لأنّه كالعجميّ.

و(إرم)تابعة(لعاد).(3:260)

أبو عبيدة: يقال:هما عادان،عاد الأخيرة و عاد الأولى و هي إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ذات الطّول، و يقال:رجل معمد.(2:297)

أبو الهيثم: أي رجال عاد الّذين قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً... فصّلت:15.(الأزهريّ 15:301)

الجبّائيّ: إنّه ليس بقبيلة و لا بلد بل هو لقب لعاد، و كان عاد يعرف به.(الطّبرسيّ 5:486)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله:

(ارم)فقال بعضهم:هي اسم بلدة،ثمّ اختلف الّذين قالوا ذلك في البلدة الّتي عنيت بذلك،فقال بعضهم:

عنيت به الإسكندريّة.

و قال آخرون:هي دمشق.

ص: 216


1- وزان تمرة بلدة من عمان-الفيّوميّ(2:583).

و قال آخرون:عني بقوله(ارم):أمّة.

و قال آخرون:معنى ذلك:القديمة.

و قال آخرون:تلك قبيلة من عاد.

و قال آخرون:(ارم):الهالك.

و الصّواب من القول في ذلك أن يقال:إنّ(ارم)إمّا بلدة كانت عاد تسكنها،فلذلك ردّت على(عاد) للإتباع لها،و لم يجر من أجل ذلك.و إمّا اسم قبيلة فلم يجر أيضا،كما لا يجرى أسماء القبائل،كتميم و بكر،و ما أشبه ذلك إذا أرادوا به القبيلة.و أمّا اسم عاد فلم يجر؛إذ كان اسما أعجميّا.[كيف و هو منوّن جرّا لكونه ثلاثة أحرف ساكن الوسط مثل«نوح»]

فأمّا ما ذكر عن مجاهد أنّه قال:عني بذلك القديمة، فقول لا معنى له،لأنّ ذلك لو كان معناه لكان مخفوضا بالتّنوين،و في ترك الإجراء الدّليل على أنّه ليس بنعت و لا صفة.

و أشبه الأقوال فيه بالصّواب عندي أنّها اسم قبيلة من عاد،و لذلك جاءت القراءة بترك إضافة(عاد)إليها، و ترك إجرائها،كما يقال:أ لم تر ما فعل ربّك بتميم نهشل؟فيترك إجراء نهشل،و هي قبيلة؛فترك إجراؤها لذلك،و هي في موضع خفض بالرّدّ على تميم.

و لو كانت(ارم)اسم بلدة أو اسم جدّ لعاد لجاءت القراءة بإضافة(عاد)إليها،كما يقال:هذا عمرو زبيد و حاتم طيء و أعشى همدان،و لكنّها اسم قبيلة منها فيما أرى،كما قال قتادة،و اللّه أعلم.فلذلك أجمعت القرّاء فيها على ترك الإضافة،و ترك الإجراء.(30:175)

ابن خالويه:قرأ بعضهم(بعاد ارم)مضافا،جعل (ارم)قبيلة.و قرأ الضّحّاك(بعاد ارمّ ذات العماد)أي رمّهم بالعذاب رمّا،فعلى هذه القراءة(ارمّ)فعل ماض، و المصدر:أرمّ يرمّ إرماما،فهو مرمّ.

و يقال:أرمّ الرّجل،إذا سكت و أبلس[إلى أن قال:]

(ذات)نعت ل(ارم)،و إرم اسم قبيلة فلذلك أنّثت.

(76)

السّجستانيّ: أبو عاد،و هو ابن إرم بن سام بن نوح.و يقال:(ارم)اسم بلدتهم الّتي كانوا فيها.(218)

القيسيّ: (ارم)في موضع خفض على النّعت ل(عاد)أو على البدل.و معنى(ارم):القديمة.

و من جعل(ارم)مدينة،قدّر في الكلام حذفا تقديره:بمدينة عاد إرم،و قيل:تقديره بعاد صاحبة إرم،و(ارم)مدينة،معرفة على هذا القول،فلذلك لم تنصرف،و انصرف(عاد)لأنّه مذكّر خفيف.

و قيل:إنّ(ارم)مدينة عظيمة موجودة في هذا الوقت.و قيل:هي الإسكندريّة،و قيل:هي دمشق.

(2:473)

نحوه الميبديّ.(10:481)

الطّوسيّ: قيل:عاد الأولى عاد بن آرم.و قيل:

إنّ(ارم)بلد،منه الإسكندريّة.

و قيل:إنّ(ارم)هو سام بن نوح،و ترك صرفه لأنّه أعجميّ معرفة.(10:342)

الزّمخشريّ: قيل لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح:عاد،كما يقال لبني هاشم:هاشم،ثمّ قيل للأوّلين منهم:عاد الأولى،و(ارم)تسمية لهم باسم

ص: 217

جدّهم؛و لمن بعدهم:عاد الأخيرة.

ف(ارم)في قوله:(بعاد*ارم)عطف بيان ل(عاد)، و إيذان بأنّهم عاد الأولى القديمة.

و قيل:(ارم)بلدتهم و أرضهم الّتي كانوا فيها،و يدلّ عليه قراءة ابن الزّبير(بعاد ارم)على الإضافة، و تقديره:بعاد أهل إرم،كقوله: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ يوسف:82،و لم تنصرف قبيلة كانت أو أرضا، للتّعريف و التّأنيث.

و قرأ الحسن(بعاد ارم)مفتوحتين،و قرئ(بعاد ارم)بسكون الرّاء على التّخفيف،كما قرئ(بورقكم).

و قرئ(بعاد ارم ذات العماد)بإضافة(ارم)إلى(ذات العماد).و الإرم:العلم،يعني بعاد أهل أعلام ذات العماد.(4:250)

الطّبرسيّ: إنّه اسم لقبيلة.و قيل:هو جدّ عاد، و هو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.و قيل:هو مدينة بناها شدّاد بن عاد،فلمّا أتمّها و أراد أن يدخلها أهلكه اللّه بصيحة نزلت من السّماء.

و روي عن الحسن أنّه قرأ(بعاد ارم)على الإضافة.

و قيل:هو اسم آخر لعاد و كان له اسمان،و من جعله بلدا فالتّقدير في الآية:بعاد صاحب إرم.(5:485)

أبو البركات: (ارم)مجرور على البدل،أو عطف البيان.و لا يجوز أن يكون وصفا،لأنّه ليس مشتقّا.

و(ارم)لا ينصرف للتّعريف و التّأنيث،و الدّليل على التّأنيث أنّه وصفها بقوله:(ذات العماد).(2:511)

الفخر الرّازيّ: المسألة الثّانية:(عاد)هو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح،ثمّ إنّهم جعلوا لفظة(عاد) اسما للقبيلة،كما يقال لبني هاشم:هاشم،و لبني تميم:

تميم،ثمّ قالوا للمتقدّمين من هذه القبيلة:عاد الأولى.

قال تعالى: وَ أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى... النّجم:50، و للمتأخّرين:عاد الأخيرة.و أمّا(ارم)فهو اسم لجدّ عاد،و في المراد منه في هذه الآية أقوال:

أحدها:أنّ المتقدّمين من قبيلة عاد كانوا يسمّون بعاد الأولى،فلذلك يسمّون ب(ارم)تسمية لهم باسم جدّهم.

و الثّاني:أنّ(ارم)اسم لبلدتهم الّتي كانوا فيها،ثمّ قيل:تلك المدينة هي الإسكندريّة،و قيل:دمشق.

و الثّالث:أنّ(ارم)أعلام قوم عاد كانوا يبنونها على هيئة المنارة،و على هيئة القبور،قال أبو الدّقيش:

الأروم:قبور عاد.

و من النّاس من طعن في قول من قال:إنّ(ارم)هي الإسكندريّة أو دمشق،قال:لأنّ منازل عاد كانت بين عمان إلى حضرموت،و هي بلاد الرّمال و الأحقاف،كما قال: وَ اذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ الأحقاف:21،و أمّا الإسكندريّة و دمشق فليستا من بلاد الرّمال.

المسألة الثّالثة:(ارم)لا تنصرف قبيلة كانت أو أرضا،للتّعريف و التّأنيث.

المسألة الرّابعة:في قوله:(ارم)وجهان؛و ذلك لأنّا إن جعلناه اسم القبيلة كان قوله:(ارم)عطف بيان ل(عاد)و إيذانا بأنّهم عاد الأولى القديمة،و إن جعلناه اسم البلدة أو الأعلام كان التّقدير:بعاد أهل إرم،ثمّ حذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه،كما في قوله:

ص: 218

وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ يوسف:82،و يدلّ عليه قراءة ابن الزّبير(بعاد ارم)على الإضافة.

المسألة الخامسة:قرأ الحسن(بعاد ارم)مفتوحتين.

و قرئ(بعاد ارم)بسكون الرّاء على التّخفيف،كما قرئ (بورقكم).و قرئ(بعاد ارم ذات العماد)بإضافة(ارم) إلى(ذات العماد).و قرئ(بعاد ارم ذات العماد)بدلا من(فعل ربّك)،و التّقدير:أ لم تر كيف فعل ربّك بعاد، جعل ذات العماد رميما؟(31:167)

ياقوت الحمويّ: هي إرم عاد،يضاف و لا يضاف.

فمن أضاف لم يصرف(ارم)،لأنّه يجعله اسم أمّهم أو اسم بلدة،و من لم يضف جعل(ارم)اسمه و لم يصرفه، لأنّه جعل(عادا)اسم أبيهم.و(ارم)اسم القبيلة، و جعله بدلا منه.و قال بعضهم:(ارم)لا ينصرف للتّعريف و التّأنيث لأنّه اسم قبيلة.

ثمّ اختلف فيها من جعلها مدينة،فمنهم من قال:هي أرض كانت و اندرست،فهي لا تعرف.و منهم من قال:

هي الإسكندريّة،و أكثرهم يقولون:هي دمشق.

و روى آخرون أنّها باليمن بين حضرموت و صنعاء،من بناء شدّاد بن عاد.(1:154،155)

مثله الرّازيّ.(14)

القرطبيّ: [مثل الفخر الرّازيّ و ياقوت الحمويّ، و أضاف:]

و الإرم:العلم.أي بعاد أهل ذات العلم.و قرئ (بعاد ارم ذات العماد)أي جعل اللّه ذات العماد رميما.

و قرأ مجاهد،و الضّحّاك،و قتادة(ارم)بفتح الهمزة.

قال مجاهد: من قرأ بفتح الهمزة شبّههم بالآرام،الّتي هي الأعلام،واحدها:إرم.[إلى أن قال:]

و قال معمر:(ارم)إليه مجمع عاد و ثمود.و كان يقال:عاد ارم،و عاد ثمود.و كانت القبائل تنتسب إلى إرم.(20:44،45)

البيضاويّ: (ارم)عطف بيان ل(عاد)على تقدير مضاف،أي سبط إرم،أو أهل إرم،إن صحّ أنّه اسم بلدتهم.

و قيل:سمّي أوائلهم و هم عاد الأولى باسم جدّهم، و منع صرفه للعلميّة و التّأنيث.(2:557)

النّيسابوريّ: المراد ب(عاد)هو عاد الأولى القديمة،و لهذا بيّنه ب(ارم)؛لأنّهم أولاد عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح،فسمّوا باسم جدّهم.

و قيل:(ارم)بلدتهم و أرضهم الّتي كانوا فيها،و لم ينصرف-قبيلة أو أرضا-للعلميّة و التّأنيث.

و قيل:الإرم:العلم،لأنّهم كانوا يبنون أعلاما كهيئة المنارة،كقوله: أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً... الشّعراء:

128.

و على هذين الوجهين يكون المضاف محذوفا،أي أهل البلدة أو الأعلام.

و على الوجه الأخير لا يكون لمنع الصّرف وجه ظاهر لكونه اسم جنس.(30:91)

أبو حيّان: قرأ الجمهور بعاد مصروفا(ارم)بكسر الهمزة و فتح الرّاء و الميم،ممنوع الصّرف للتّأنيث و العلميّة،لأنّه اسم للقبيلة،و(عاد)و إن كان اسم القبيلة فقد يلحظ فيه معنى الحيّ فيصرف أو لا يلحظ، فجاء على لغة من صرف هندا،و(ارم)عطف بيان أو

ص: 219

بدل.

و قرأ الحسن(بعاد)غير ممنوع الصّرف مضافا إلى (ارم)فجاز أن يكون(ارم)جدّا أو مدينة.و الضّحّاك (ارم)بفتح الرّاء،و ما بعدها ممنوعي الصّرف.

و قرأ ابن الزّبير(بعاد)بالإضافة،(ارم)بفتح الهمزة و كسر الرّاء،و هي لغة في المدينة.و الضّحّاك(بعاد) مصروفا،و(بعاد)غير مصروف أيضا،(ارم)بفتح الهمزة و سكون الرّاء،تخفيف(ارم)بكسر الرّاء.

و عن ابن عبّاس و الضّحّاك(ارم)فعلا ماضيا أي بلي،يقال:رمّ العظم و ارم هو،أي بلي،و أرمّه غيره، معدّى بالهمزة من«رمّ»الثّلاثيّ و(ذات)على هذه القراءة مكسورة التّاء.و ابن عبّاس أيضا:فعلا ماضيا (ذات)بنصب التّاء على المفعول به.

و(ذات)بالكسر صفة ل(ارم)،و سواء كانت اسم قبيلة أو مدينة،و إن كان يترجّح كونها مدينة بقوله: لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ الفجر:8،فإذا كانت قبيلة صحّ إضافة(عاد)إليها و فكّها منها بدلا أو عطف بيان، و إن كانت مدينة فالإضافة إليها ظاهرة،و الفكّ فيها يكون على حذف مضاف،أي بعاد أهل إرم ذات العماد.

و قرئ(ارم ذات)بإضافة(ارم)إلى(ذات).

و الإرم:العلم،يعني بعاد أعلام ذات العماد.

و من قرأ(ارم)فعلا ماضيا(ذات)بالنّصب،أي جعل اللّه ذات العماد رميما،و يكون(ارم)بدلا من(فعل ربّك)و تبيينا ل(فعل).[إلى أن قال:]

و حكي عن مجاهد:(ارم)مصدر:أرم يأرم،إذا هلك،و المعنى كهلاك(ذات العماد)و هذا قول غريب، كأنّ معنى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ كيف أهلك عادا كهلاك ذات العماد؟(8:469)

نحوه الآلوسيّ.(30:122)

الطّريحيّ: في حديث الشّيعة:«و ينقضّ بهم طيّ الجنادل من أرم»قيل:فيه إشارة إلى استيلاء الشّيعة على دمشق و حواليها،و على من كان فيها من بني أميّة.

(6:7)

طنطاوي: أي سبط إرم.و قد قيل للأوّلين منهم:

عاد الأولى.و(ارم)أيضا تسمية لهم باسم جدّهم،و لمن بعدهم عاد الآخرة،ف(ارم)عطف ل(عاد)للإيذان بأنّهم عاد الأولى القديمة.(25:155)

عزّة دروزة: (ارم)قيل:إنّها اسم جدّ عاد الأقدم.و قيل:إنّها اسم مدينة قوم عاد.(1:148)

الطّباطبائيّ: ظاهر الآيتين أنّ(ارم)كانت مدينة لهم معمورة عديمة النّظير،ذات قصور عالية و عمد ممدّدة،و قد انقطعت أخبار القوم عهدهم و انمحت آثارهم،فلا سبيل إلى الحصول على تفصيل حالهم تطمئنّ إليها النّفس إلاّ ما قصّه القرآن الكريم من إجمال قصّتهم،أنّهم كانوا بعد قوم نوح قاطنين بالأحقاف، و كانوا ذوي بسطة في الخلق أولي قوّة و بطش شديد، و كان لهم تقدّم و رقيّ في المدنيّة و الحضارة،لهم بلاد عامرة و أراض خصبة،ذات جنّات و نخيل و زروع و مقام كريم.

و قيل:المراد ب(ارم)قوم عاد،و هو في الأصل اسم أبيهم،سمّوا باسم أبيهم،كما يقال:قريش،و يراد به القرشيّون،و يطلق إسرائيل و يراد به بنو إسرائيل.

ص: 220

(20:280)

بنت الشّاطئ: و قد أكثر المفسّرون في الكلام عن عاد: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ*... وَ ثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ* وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ الفجر:7-10، بما لم تتّجه عناية القرآن إلى شيء ممّا ذكروه.

و اختلفوا اختلافا بعيدا.

ففي(عاد ارم ذات العماد)قيل:إنّ(عاد)هو ابن إرم بن عوص بن سام بن نوح،أو إنّ(ارم)هو جدّ عاد لا أبوه،ثمّ صار(عاد)اسما للقبيلة؛فالقدامى منهم:هم عاد الأولى،و المتأخّرون:هم عاد الأخيرة.

و في رواية أخرى بالطّبريّ،إنّ(ارم ذات العماد) اسم بلدة.ثمّ لم يتّفق أصحاب التّأويل على بلدة إرم، فهي الإسكندريّة،أو دمشق،أو ديار ثمود في حضرموت بين الرّمال المسمّاة بالأحقاف،كما حدّد النّيسابوريّ في«الغرائب»،و قريب منه ما في تفسير «جزء عمّ»للشّيخ محمّد عبده.

و قيل:إنّ الإرم:العلم،يعني بعاد أهل الأعلام ذات العماد،ذكره الزّمخشريّ في«الكشّاف».

و الأشبه بالصّواب عند الإمام الطّبريّ،أن تكون (ارم ذات العماد)اسم قبيلة من عاد،و لذلك جاءت القراءة بترك إضافة(عاد)إليها،و لو كانت اسم بلدة أو اسم جدّ لعاد،لجاءت القراءة بالإضافة.

و لا يسلم له هذا الدّليل الإعرابيّ مع احتمال أن تكون(ارم)على الإضافة،و جرّت بالفتحة للعلميّة و العجمة أو التّأنيث،و كان ابن الزّبير يقرأ(بعاد ارم) على الإضافة و الكسر.

و فيه عند الرّازيّ وجهان:إن جعلنا(ارم)اسم قبيلة،كان(ارم)عطف بيان،و إن جعلناه اسم البلدة أو الأعلام،كان التّقدير(بعاد ارم)ثمّ حذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه،كما في قوله تعالى: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ يوسف:82،[إلى أن قال:]

و لم يرد لفظ(ارم)في القرآن إلاّ في هذه الآية من سورة الفجر،و هو في القاموس واحد الآرام،بمعنى الأعلام.و ذكر النّيسابوريّ:أنّ(ارم)اسم قبيلة عاد،أو هي بلدتهم.

و نصّ الآية يقبل تفسير(ارم)باسم القبيلة أو البلد، دون تزيّد بتفصيلات،أمسك القرآن عن ذكرها.

(2:140-145)

محمّد إسماعيل إبراهيم:(ارم)اسم قبيلة عاد، أو اسم جدّ لهم،و هي من القبائل البائدة الّتي عاشت في الجزيرة العربيّة قبل الإسلام بزمن طويل،و منها العماليق و عاد و ثمود بوادي القرى،و طسم و جديس باليمامة، و أصحاب الأيكة.

و كان موطن عاد بلاد حضرموت الّتي تتأخّم بلاد اليمن على حدود الصّحراء المسمّاة بالأحقاف،و كان قوم عاد من أشدّ النّاس بطشا،شيّدوا أبنية شاهقة،و بنوا الحصون و القصور،و خزانات الماء،ممّا يدلّ على حضارتهم و مدنيّتهم،و كانوا يعبدون الأصنام و يقترفون شتّى الموبقات،فلمّا بعث اللّه فيهم أخاهم هودا نبيّا و رسولا لم يؤمن به إلاّ القليل،فساق اللّه عليهم العذاب، و أنزل بهم القحط الشّديد،فأفناهم جميعا إلاّ هودا و من آمن معه.

ص: 221

و على مرّ الزّمن ظهر شعب آخر يدعى بقوم عاد الثّانية،و كان مقرّهم اليمن،و ينسب بناء سدّ مأرب إلى ملكهم لقمان بن عاد.

و قد وصف القرآن(ارم)بأنّها(ذات عماد)أي أنّ أهلها أصحاب خيام تنصب بالعمد،أو أنّ ذلك كناية عن القوّة و الشّرف.(36)

هوتسما: (ارم)اسم شخص أو قبيلة،يحتلّ في سلسلة نسب البشر المعروفة في الإسلام نفس المكانة الّتي يحتلّها اسم آدم في سلسلة النّسب الواردة في الكتاب المقدّس.

و من المحتمل أن تكون سلسلة النّسب المعروفة في الإسلام كأنساب كثيرة غيرها،إنّما دخلت في عداد التّاريخ بتأثير اليهود،و هي بذلك لا تعطينا شيئا جديدا فيما يتعلّق بانتشار الآراميّين في الجزيرة العربيّة،و يجعل هذا الاسم عين إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ.

و لقد توسّعت الرّوايات في الكلام عن صلة إرم بالآراميّين،فقوم عاد كانوا يسمّون باسم إرم،فلمّا باد قوم عاد أطلق هذا الاسم على قوم ثمود،و كان يظنّ أنّ نبطيّ السّواد من أحفادهم.و قد عرف علماء الإسلام أيضا أنّ دمشق كانت تسمّى إرم:آرم.(1:632)

هاكس: آرام:هذا الاسم منقول من آرام بن سام، و كان ثلاثة أشخاص مشهورين بهذا الاسم في الكتاب المقدّس:أوّلهم:آرام بن نوح،و الثّاني:حفيد ناحور، و الثّالث:أحد أجداد عيسى المسيح.

و آرام بلد قرب الشّام.و قد أطلق العبرانيّون هذا الاسم على جميع الأراضي الواقعة شمال فلسطين،الّتي تمتدّ من نهر دجلة شرقا،و البحر المتوسّط و سلسلة جبال طوروس شمالا.و أطلق العبرانيّون عليها أيضا اسم الجزيرة أو صحراء إرم،و يطلق«آرام»على بعض البلاد كدمشق.(31)

المصطفويّ: الإرم-التّكوين 10:22-:بنو سام:

عيلام و أشّور و أرفكشاد و لود و أرام،و بنو أرام:عوص و حول و جاثر و ماش.

المعارف: و من ولد إرم بن سام بن نوح:عاد بن عوص بن إرم،و ثمود بن جاثر بن ارم،و هو ابن عمّ عاد.

و من ولده أيضا:طسم و جديس ابنا لاوذ بن إرم، و نزلوا اليمامة،و أخوهما عمليق بن لاوذ،نزل بعضهم الحرم و بعضهم الشّام،فمنهم العماليق أمم تفرّقوا في البلاد،و منهم فراعنة مصر،و أخوهم أميم بن لاوذ نزل أرض فارس؛فأجناس الفرس كلّهم من ولده.

الإنباه«18»و قال الزّبير:طسم و أميم و عمليق بنو لوذ بن سام بن نوح.و جديس و ثمود ابنا جاثر بن إرم بن سام.

و أمّا هشام بن الكلبيّ فقال:إنّ العرب العاربة هم عاد،و عبيل ابنا عوص بن إرم،و طسم أخوه عمليق و أميم،و يقطون بن عابر بن شالخ بن أرفحشد بن سام؛ فهؤلاء هم العرب العاربة.

و توضيحا لهذا النّسب ننقل ما في التّكوين في نسب أرفحشد بن سام.

التّكوين(10:24):و أرفكشاد ولد شالح،و شالح ولد عابر،و لعابر ولد ابنان:فالج و يقطان،و يقطان ولد ألموداد و شالف و حضرموت و يارح و هدورام.

ص: 222

هذا نسب يقطان و فالج،و نسب إبراهيم الخليل ينتهي إلى فالج بن عابر،و منه إلى نوح،و منه إلى آدم عليه السّلام مضبوطا في التّكوين.

و أمّا أنساب صالح و هود و ثمود و طسم و أميم و جديس و عمليق فليست بمضبوطة فيه،و لذا وقع الخلاف فيها.

و المسلّم أنّ إرم هو ابن سام بن نوح و أنّ عادا و ثمود من ذرّيّته،و أمّا كيفيّة انتسابهما فمختلف فيها.

ثمّ إنّ أسماء إخوان إرم-عيلام،أشّور،أرفكشاد لود -ليست بعربيّة،فتدلّ على أنّ كلمة«إرام»أيضا عجميّة، سريانيّة أو غيرها.و أمّا كلمة«إرم»فلا شكّ أنّها معرّبة.

التّكوين العبريّ،في الآية:

«و أرام و بني أرام»فيعلم أنّ أصل هذه الكلمة في اللّغة العبريّة«أرام»،ثمّ عرّب بتغيير مختصر فصار «إرم».

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الفجر:6،7،كلمة(عاد)اسم لقبيلة من ذرّيّة عاد قد سمّوا باسم أبيهم،كما أنّ كلمة(ارم)أيضا كذلك،فيطلق اسم(ارم)على قبيلة عاد باعتبار أنّهم من نسله.

فكلمة(ارم)بدل أو عطف بيان من(عاد)و لا معنى للقول بأنّ الكلمتين علمان شخصيّان،أو أنّ(ارم)اسم بلدة،أو غيرهما.(1:60)

فضل اللّه: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ* اَلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ فقد كانت مدينة لا نظير لها،ذات قصور عالية و عمد ممدّدة،و لا نعرف من هؤلاء الجماعة و من تاريخهم شيئا ذا بال،إلاّ ما قصّه القرآن علينا من أنّهم كانوا ذوي بسطة في الخلق أولي قوّة و بطش شديد،و كان لهم تقدم و رقيّ في المدنية و الحضارة،و لهم بلاد عامرة و أراض خصبة ذات جنّات و نخيل،و زروع و مقام كريم.

و قد اختلقت قصّة«جنّة إرم»المشهورة المرويّة عن كعب الأحبار و وهب بن منبّه،ممّا لم يثبت له أساس في الرّوايات الإسلاميّة الصّحيحة.(24:241)

الأصول اللّغويّة

1-لا خلاف بين العلماء في أنّ«إرم»اسم علم، باستثناء جماعة منهم زعموا أنّه واحد الآرام و الأروم، و هي الأعلام الّتي قيل:إنّ قوم عاد كانوا يبنونها كهيئة المنارة و كهيئة القبور،أو هي قبورهم.و زعموا أيضا أنّه من الأرم،أي القطع،و منه قوله:أرم بنو فلان،أي هلكوا.و انفرد مجاهد بالقول:إنّه القديمة أو القويّة.

و أمّا الّذين أصفقوا على علميّته انفضّوا إلى ثلاثة أقوال:

الأوّل:اسم بلدة.و اختلفوا فيها أيضا،فقالوا:هي دمشق،أو الإسكندريّة،أو بلدة باليمن بين حضرموت و صنعاء من بناء شدّاد بن عاد،أو بلدة بين عمان إلى حضرموت،و هي بلاد الرّمال المسمّاة بالأحقاف.

و الثّاني:اسم شخص.و فيه أقوال:فقيل:هو عاد، و كان له اسمان،أو أبو عاد،أو جدّ عاد،أو لقب عاد،أو هو سام بن نوح عليه السّلام.

و الثّالث:اسم قبيلة،أو أمّة،ثمّ قيل فيها:هي عاد

ص: 223

الأولى،أو الأخيرة.

و ينبغي صرف«إرم»إن جعل اسم جنس من الإرم،أي العلم،أو الأرم أي الهلاك،أو صفة بمعنى القديمة أو القويّة.و إن جعل علما فلا يصرف،سواء كان اسم شخص أو اسم قبيلة أو اسم بلدة،للعجمة و التّعريف،أو للتّعريف و التّأنيث.

و يلحظ قرب قول من قال:بأنّه اسم شخص،من القول القائل:بأنّه اسم بلدة،لأنّ الأوّل نظر إلى أوّل من وضع له هذا الاسم،و هو إرم بن سام بن نوح،و الثّاني ناظر إلى ما نقل إليه هذا الاسم بغضّ النّظر عن الأصل، و كلاهما واحد،لأنّ اسم البلدة اكتسب من المسمّى،كما سمّيت الإسكندريّة بهذا الاسم نسبة إلى الإسكندر المقدونيّ.

و يطلق العبريّون اسم«أرام»على البلاد الواقعة شمال فلسطين،و قد ورد هذا اللّفظ في العهد القديم مقرونا بأسماء عدّة مدن من تلك البلاد،منها«أرام دمشق (1)».أمّا السّريانيّون فإنّهم يطلقون هذا اللّفظ على سوريا بالخصوص (2).

و«إرم»لفظ سريانيّ معرّب«أرم»بفتح الهمزة، و هم يطلقونه على سوريا أيضا (3)،و كانت قديما موطنا لهم.و كانوا يعرفون بالآراميّين،و لكن تسميتهم تغيّرت فيما بعد إلى سريانيّين.

و لعلّ«إرم»هي مدينة دمشق،لأنّها كانت و لا زالت حاضرة سوريا.

الاستعمال القرآنيّ

1-قال: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ* اَلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ* وَ ثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ* وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ* اَلَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ

الفجر 6-12

يفيد سياق الآيات أنّ(عاد)هنا نفس القوم الّذين ورد ذكرهم مع(ثمود)في القرآن مرّات عديدة،و مع فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ مرّتين(هذه و آية سورة ص).

و أنّ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ بلد أو بلاط عظيم لعاد لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ من كثرة الأعمدة.ف إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ هنا بدل أو عطف بيان ل(عاد)،أي أنّه تعالى فعل بقوم عاد ببلدهم إرم و هم فيها.لاحظ الآيات الآتية:

أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ التّوبة:70

أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ إبراهيم:9

وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ ثَمُودُ الحجّ:42

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ ص:12.

و لاحظ أيضا المؤمن:31،و فصّلت:13،و ق:

ص: 224


1- صموئيل الثّاني(8:6).
2- قاموس سريانيّ-عربيّ(404).
3- المصدر السّابق.

13،و الحاقّة:4،و الفرقان:38،و العنكبوت:38، و غيرها.

2-فلا عبرة-إذن-بما تقدّم من النّصوص الّتي تشير إلى أنّ(عاد)غير هؤلاء القوم المعهودين،أو أنّ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ هي الإسكندريّة أو دمشق أو غيرهما،أو هي اسم للقوم لا للبلد،أو غير ذلك من المسمّيات.

3-كما أنّ(ارم)إذا كان اسما لبلدهم فإنّه يمنع من الصّرف للعجمة و العلميّة،و لا يمنع من الصّرف إذا كان مشتقّا من الأرومة.

4-و كلّ ذلك مبنيّ على القراءة المشهورة دون غيرها من القراءات الّتي لا يعلم لها وجه وجيه.

5-و يشير القرآن إلى حضارة هؤلاء القوم وسعة عيشهم في الآيات التّالية:

أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ... *وَ اتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَ بَنِينَ* وَ جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ الشّعراء:128-134.

كما أنّ القرآن يذكر قوم ثمود بأنّهم-بجنّاتهم و قصورهم-خلفاء قوم عاد: وَ اذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَ بَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَ تَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً الأعراف:

74.

و ليس ببعيد أن تكون لعاد بلدة عظيمة ذات أعمدة و ربّما تكشف عنها الحفريّات الأثريّة في العاجل القريب أو الآجل البعيد.و سيأتي تمام الكلام في«عاد و ثمود».

ص: 225

ص: 226

أزر

اشارة

لفظان مرّتان،فى سورتين:1 مكّيّة،1 مدنيّة

آزره 1:-1\أزري 1:1\...

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأزر:الظّهر،و آزره،أي ظاهره و عاونه على أمر.و الزّرع يؤازر بعضه بعضا،إذا تلاحق و التفّ.

و شدّ فلان أزره،أي شدّ معقد إزاره،و ائتزر أزرة، و منه قول اللّه عزّ و جلّ: اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي طه:31.

و المئزر:الإزار نفسه.

آزر:اسم والد إبراهيم عليه السّلام.(7:382)

الفرّاء: أزرت فلانا آزره أزرا:قوّيته،و آزرته:

عاونته.(الأزهريّ 13:247)

أبو عبيدة:فرس آزر،و هو الأبيض الفخذين، و لون مقاديمه أسود،أو أيّ لون كان.

و أزّرت فلانا،إذا ألبسته إزارا فتأزّر به تأزّرا.

(الأزهريّ 13:248)

اللّحيانيّ: الإزار:الملحفة،يذكّر و يؤنّث.

(ابن سيده 9:75)

أبو عبيد:يقال:فلان عفيف المئزر و عفيف الإزار،إذا وصف بالعفّة عمّا يحرم عليه من النّساء.

و يكنّى بالإزار عن النّفس.[ثمّ استشهد بشعر]

و جمع الإزار:أزر.(الأزهريّ 13:248)

ابن الأعرابيّ: الأزر:القوّة.و الأزر:الظّهر.

و الأزر:الضّعف.و الإزر:الأصل،بكسر الهمزة.فمن جعل الأزر القوّة قال في قوله: اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي طه:

31،أشدد به قوّتي،و من جعله الظّهر قال:شدّ به ظهري،أي قوّ به ظهري،و من جعله الضّعف قال:شدّ به ضعفي و قوّ به ضعفي.(الأزهريّ 13:247)

أزربه الشّيء:أحاط.(ابن سيده 9:75)

رأيت السّرويّ يمشي في داره عريانا،فقلت له:

عريانا؟فقال:داري إزاري.(ابن سيده 9:76)

ابن السّكّيت: قد آزرته على الأمر،أي أعنته و قوّيته،و منه قوله: اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي.

(إصلاح المنطق:373)

ص: 227

ابن قتيبة:العرب تقول:قوم لطاف الأزر،أي خماص البطون،لأنّ الأزر تلاث[:تلفّ]عليها.

و يقولون:فدى لك إزاري،يريدون بدني،فتضع الإزار موضع النّفس.

و يقولون للعفاف:إزار،لأنّ العفيف كأنّه استتر لمّا عفّ.[و استشهد بالشّعر مرّتين]

(تأويل مشكل القرآن:142)

الزّجّاج: آزرت الرّجل على فلان،إذا أعنته عليه و قوّيته.

و قوله: فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ الفتح:29،أي فآزر الصّغار الكبار حتّى استوى بعضه مع بعض.

(الأزهريّ 13: 247)

ابن دريد:أزر الرّجل الرّجل مؤازرة،إذا أعانه، و كذلك آزره.و سمّي الوزير وزيرا،لأنّه يحمل وزر صاحبه عنه.و جمع وزر:أوزار.

و قال الأصمعيّ: اشتقاق الوزير من آزره،و كأنّ الأصل«أزير»،فقال:وزير.(2:328)

القاليّ: العرب تقول:فدى لك ردائي،و فدى لك إزاري،و يريدون بذلك أبدانهم.

(ذيل الأماليّ و النّوادر:7)

الأزهريّ: قال ابن بزرج:يقول الرّجل منّا لصاحبه في الشّركة بينهما:إنّك لا توزّر حظوظة القوم.

و قد أوزر الشّيء:ذهب به و اعتبأه،و يقال:قد استوزره.

قال:و أمّا الاتّزار فهو من الوزر،يقال:اتّزرت و ما اتّجرت،و وزرت أيضا

قال:و يقال:و أزرني فلان على الأمر و آزرني، و الألف أفصح.

و قال:أوزرت الرّجل فهو مزور:جعلت له وزرا يأوي إليه.

و أوزرت الرّجل من الوزر،و آزرت من المؤازرة، و فعلت منها أزرت أزرا،و تأزّرت.

و يقال للإزار:مئزر،و قد ائتزر فلان أزرة حسنة، و تأزّر:لبس الإزار.و جائز أن تقول:اتّزر بالمئزر أيضا، فيمن يدغم الهمزة في التّاء،كما يقال:اتّمنته،و الأصل:

ائتمنته.(13:246)

الجوهريّ: الأزر:القوّة،و قوله تعالى: اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي طه:31،أي ظهري،و موضع الإزار من الحقوين.

و آزرت فلانا،أي عاونته.و العامّة تقول:وازرته.

و الإزار معروف يذكّر و يؤنّث،و الإزارة مثله،كما قالوا للوساد:وسادة.

و جمع القلّة:آزرة،و الكثير:أزر،مثل حمار و أحمرة و حمر.

و المئزر:الإزار،و هو كقولهم:ملحف و لحاف، و مقرم و قرام.

و يقال:أزّرته تأزيرا فتأزّر،و أتزر إزرة حسنة، و هو مثل الجلسة و الرّكبة.

و تأزّر النّبت:التفّ و اشتدّ.

و آزر:اسم أعجميّ.[و استشهد بالشّعر ثلاث مرّات](2:578)

ص: 228

مثله الرّازيّ.(15)

ابن فارس: الهمزة و الزّاء و الرّاء أصل واحد،و هو القوّة و الشّدّة،يقال:تأزّر النّبت،إذا قوي و اشتدّ.

و الأزر:القوّة.[و استشهد بالشّعر مرّتين]

(1:102)

الهرويّ: الأزر:القوّة،يقال:آزرته،أي عاونته، و منه: فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ الفتح:29،أي قوّاه.

و في حديث أبي بكر،قال للأنصار يوم السّقيفة:

«لقد نصرتم و آزرتم و آسيتم»،يقال:آزر و وازر، و آسى و واسى.

و في حديث المبعث،قال له ورقة:«إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا»أي بالغا.

و في حديث عمر،قال له رجل:«فدى لك من أخي ثقة إزاري»أي أهلي،و منه قوله: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ البقرة:187.

و في الحديث:«كان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله و شدّ المئزر»كنّى بذكر الإزار عن الاعتزال عن النّساء.

و قيل:إنّه شمّره و قلّصه للعبادة،يقال:شددت لهذا الأمر مئزري،أي تشمّرت له.

و يقال:إزار و مئزر،و لحاف و ملحف،و حلاب و محلب.(1:42)

أبو سهل الهرويّ: مئزر:لما يأتزر به الإنسان في الحمّام و غيره.(التّلويح في شرح الفصيح:53)

ابن سيدة: و الإزار:الملحفة...؛و الجمع:آزرة،و أزر حجازيّة،و أزر تميميّة.

و الإزارة:الإزار.

و الأزر،و المئزر،و المئزرة:الإزار،الأخيرة عن اللّحيانيّ.

و قد ائتزر به،و تأزّر،و إنّه لحسن الإزرة،من الإزار.

و الأزر:معقد الإزار.

و الإزار:العفاف،على المثل.

و الإزار:المرأة،على التّشبيه.

و فرس آزر:أبيض العجز،و هو موضع الإزار من الإنسان.

و الأزر:الظّهر و القوّة.

و آزره،و وازره:أعانه على الأمر،الأخيرة على البدل،و هو شاذّ.

و آزر الزّرع،و تأزّر:قوّى بعضه بعضا،فالتفّ و تلاحق.

و آزر الشّيء الشّيء:ساواه و حاذاه.

و أزّر النّبت الأرض:غطّاها.

و آزر:أبو إبراهيم صلى اللّه عليه و سلم.[و استشهد بالشّعر 7 مرّات]

(9:75)

الإزار و المئزر:ثوب يحيط بالنّصف الأسفل من البدن،يذكّر و يؤنّث،الجمع:آزرة و أزر،و هي الإزارة.

و أزّره به:ألبسه إيّاه فتأزّر،و إنّه لحسن الإزرة و الائتزار.(الإفصاح 1:370)

الطّوسيّ: الأزر:الظّهر،يقال:آزرني فلان على أمري،أي كان لي ظهرا.و منه المئزر.لأنّه يشدّ على الظّهر،و الإزار؛لأنّه يشدّ على الظّهر،و التّأزير؛لأنّه تقوية من جهة الظّهر.

ص: 229

و يجوز أن يكون«أزر»لغة في«وزر»مثل:أرّخت و ورّخت،و أكّدت و وكّدت.(7:171)

مثله الطّبرسيّ.(4:7)

الرّاغب: أصل الأزر الإزار الّذي هو اللّباس، يقال:إزار و إزارة و مئزر.

و يكنّى بالإزار عن المرأة.[ثمّ استشهد بشعر]

و تسميتها بذلك لما قال تعالى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ، و قوله تعالى: اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي أي أتقوّى به.

و الأزر:القوّة الشّديدة،و آزره:أعانه و قوّاه؛ و أصله من شدّ الإزار،قال تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ الفتح:29،يقال:آزرته فتأزّر،أي شددت إزاره،و هو حسن الإزرة.

و أزرت البناء و آزرته:قوّيت أسافله،و تأزّر النّبات:طال و قوي.

و آزرته و وازرته:صرت وزيره،و أصله الواو.

و فرس آزر:انتهى بياض قوائمه إلى موضع شدّ الإزار.(17)

الزّمخشريّ: شدّ به أزره،و معه من يؤامره و يؤازره.

و أردت كذا فآزرني عليه فلان،إذا ظاهرك و عاونك.

و إنّه لحسن الإزرة،و لكلّ قوم من العرب إزرة يأتزرونها.

و من المجاز:الزّرع يؤازر بعضه بعضا،إذا تلاحق و التفّ،و تأزّر النّبت تأزّرا.

و شدّ للأمر مئزره،إذا تشمّر له.

و عمّ الحيا فتعمّمت به الآكام،و تأزّرت به الأهضام.

و فلان عفيف المئزر و الإزار.

و تقول:هو عفيف الإزار،خفيف من الأوزار.

و في الحديث:«العظمة ردائي و الكبرياء إزاري».

و تأزير الحائط:تقويته بحويط يلزق به،و يسمّى الإزار و الرّدء.

و نصره نصرا مؤزّرا.

و يسمّي أهل الدّيوان ما يكتب في آخر الكتاب من نسخة عمل أو فصل في بعض المهمّات:الإزار،و أزّر الكتاب تأزيرا،و كتب لي كتابا مصدّرا بكذا مؤزّرا بكذا.

و شاة مؤزّرة،كأنّما أزّرت بسواد،و يقال لها:

الإزار.

و فرس آزر بوزن«آدر»:أبيض العجز،فإن نزل البياض إلى الفخذين فهو مسرول،و خيل أزر.

[و استشهد بالشعر 3 مرات](أساس البلاغة:5)

في حديث المبعث:«قال له ورقة بن نوفل:إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا»أي قويّا،من الأزر و هو القوّة و الشّدّة.و منه الإزار،لأنّ المؤتزر يشدّ به وسطه،و يحكئ صلبه.[ثمّ استشهد بشعر]

(الفائق 1:39)

ابن الأثير: في الحديث:«قال اللّه تبارك و تعالى:

العظمة إزاري و الكبرياء ردائي»ضرب الإزار و الرّداء مثلا في انفراده بصفة العظمة و الكبرياء،أي ليستا كسائر الصّفات الّتي قد يتّصف بها الخلق مجازا،كالرّحمة و الكرم

ص: 230

و غيرهما،و شبّههما بالإزار و الرّداء،لأنّ المتّصف بهما يشملانه كما يشمل الرّداء الإنسان،و لأنّه لا يشاركه في إزاره و ردائه أحد،فكذلك اللّه تعالى لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد.

و مثله الحديث الآخر:«تأزّر بالعظمة،و تردّى بالكبرياء،و تسربل بالعزم».

و فيه:«ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النّار»أي ما دونه من قدم صاحبه في النّار عقوبة له،أو على أنّ هذا الفعل معدود في أفعال أهل النّار.

و منه الحديث:«إزرة المؤمن إلى نصف السّاق و لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين»الإزرة،بالكسر:

الحالة و هيئة الائتزار،مثل الرّكبة و الجلسة.

و في الحديث:«كان يباشر بعض نسائه و هي مؤتزرة في حالة الحيض»أي مشدودة الإزار.و قد جاء في بعض الرّوايات«و هي متّزرة»و هو خطأ،لأنّ الهمزة لا تدغم في التّاء.

و في حديث بيعة العقبة:«لنمنعنّك ممّا نمنع منه أزرنا» أي نساءنا و أهلنا،كنّي عنهنّ بالأزر.و قيل:أراد أنفسنا،و قد يكنّى عن النّفس بالإزار.(1:44)

الصّغانيّ: الأزر:القوّة و الضّعف.

(الأضداد:223)

الفيّوميّ: الإزار معروف،و الجمع في القلّة:آزرة، و في الكثرة:أزر بضمّتين،مثل حمار و أحمرة و حمر.

و يذكّر و يؤنّث،فيقال:هو الإزار و هي الإزار.[ثمّ استشهد بشعر]و ربّما أنّث بالهاء فقيل:إزارة.

و المئزر بكسر الميم،مثله،نظير لحاف و ملحف و قرام و مقرم و قياد و مقود،و الجمع:مآزر.

و اتّزرت:لبست الإزار،و أصله بهمزتين؛الأولى همزة وصل،و الثّانية فاء«افتعلت».

و أزّرت الحائط تأزيرا:جعلت له من أسفله كالإزار.

و آزرته مؤازرة:أعنته و قوّيته.و الاسم:الأزر، مثل فلس.(1:13)

الفيروزآباديّ: الأزر:الإحاطة و القوّة و الضّعف، ضدّ،و التّقوية و الظّهر.و بالضّمّ:معقد الإزار،و بالكسر:

الأصل،و بهاء:هيئة الائتزار.

و الإزار:الملحفة،و يؤنّث كالمئزر و الإزر و الإزارة، بكسرهما.و ائتزر به و تأزّر به،و لا تقل:اتّزر،و قد جاء في بعض الأحاديث،و لعلّه من تحريف الرّواة.الجمع:

آزرة و أزر و أزر.و كلّ ما سترك،و العفاف،و المرأة، و النّعجة.و تدعى للحلب،فيقال:إزار إزار.

و المؤازرة:المساواة و المحاذاة و المعاونة،و بالواو شاذّ،و أن يقوّي الزّرع بعضه بعضا فيلتفّ.

و التّأزير:التّغطية و التّقوية.

و نصر مؤزّر:بالغ شديد.

و آزر،كهاجر:ناحية بين الأهواز و رامهرمز، و صنم،و كلمة ذمّ في بعض اللّغات،و اسم عمّ إبراهيم، و أمّا أبوه فإنّه«تارح»أو هما واحد.

و فرس آزر:أبيض الفخذين،و لون مقاديمه أسود، أو أيّ لون كان.

و المؤزّرة كمعظّمة:نعجة كأنّها أزّرت بسواد.

(1:377)

ص: 231

الزّبيديّ:أزرت فلانا،إذا ألبسته إزارا فتأزّر به تأزّرا،و يقال:أزّرته تأزيرا فتأزّر.

و تأزّر الزّرع:قوّى بعضه بعضا،فالتفّ و تلاصق و اشتدّ كآزر.(3:12)

مجمع اللّغة:الأزر:القوّة،و آزره:قوّاه.

(1:36)

محمّد إسماعيل إبراهيم:أزر النّبات:التفّ و قوّى بعضه بعضا،و أزر به الشّيء:أحاط.

و الأزر:القوّة و الظّهر،و آزره:قوّاه.(36)

محمود شيت: 1-أ-أزر الزّرع أزرا:التفّ فقوّى بعضه بعضا،و به:أحاط،و فلانا:ألبسه الإزار، و الشّيء:قوّاه و دعمه.

ب-أزر الحصان أزرا:كان أبيض العجز أو الفخذين،و مقاديمه غير بيض،فهو آزر،و هي أزراء، جمعه:أزر.

ج-آزر الزّرع مؤازرة:أزر،و فلانا:عاونه، و الشّيء:ساواه و حاذاه.

د-الإزار:ثوب يحيط بالنّصف الأسفل من البدن، يذكّر و يؤنّث،جمعه:أزر.

ه-الأزر:القوّة،و يقال:شدّ أزره:قوّاه.

و-المئزر:الإزار،جمعه:مآزر.

2-أ-آزر؛يقال:حصان آزر و فرس أزراء،إذا كان الحصان أبيض العجز أو الفخذين،و مقاديمه غير بيض.

و تستعمل هذه الكلمة في صنف الخيّالة و في صنف البيطرة.

ب-آزر الجيش:قوّاه و عاونه.

ج-إزار:قطعة من القماش يحيط في النّصف الأسفل من البدن،و هي من التّجهيزات العسكريّة الّتي تصرف لحمّامات الجيش في صنف الخدمات.

و إزار الرّشّاشة:ما يلفّ حولها من غطاء جلديّ أو قماشيّ.(1:42)

العدنانيّ: اشترى إزارا جديدا أو إزارا جديدة.

و يخطّئون من يقول:اشترى إزارا جديدة.

الإزار:ثوب يحيط بالنّصف الأسفل من البدن، و يقابله الرّداء،و هو ما يستر النّصف الأعلى.و يقولون:

إنّ الصّواب هو اشترى إزارا جديدا،لأنّ الإزار مذكّر، اعتمادا على:

أ-قول الرّاغب الأصفهانيّ في مفرداته:الإزار الّذي هو اللّباس.

ب-و قول الحريريّ في المقامة الشّتويّة:

و كم إزار لو أنّ الدّهر أتلفه

لجفّ لبد حثيث السّير مضطرب

جفاف اللّبد:كناية عن الإقامة و الكفّ عن الارتحال.و السّير الحثيث:السّريع.

و لكن:

أجاز تذكير«الإزار»و تأنيثه كلّ من اللّحيانيّ و أدب الكاتب في باب ما يذكّر و يؤنّث،و الصّحاح، و المختار،و اللّسان،و المصباح،و القاموس«و يؤنّث»، و التّاج«و يؤنّث»،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد، و المتن،و المعجم الكبير،و الوسيط.

قال المعجم الكبير:يؤنّث«الإزار»في لغة هذيل.

ص: 232

أمّا قول القاموس و التّاج:«يؤنّث»فيعني أنّ التّذكير هو الأعلى و الأصل.

و الإزر،و المئزر،و المئزرة عن اللّحيانيّ،و الإزارة أيضا،تعني الإزار.

و يجمع الإزار على:

1-أزر:لغة الحجاز،و الصّحاح،و المختار،و اللّسان، و المصباح،و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط، و أقرب الموارد،و المتن،و المعجم الكبير،و الوسيط.

2-و آزرة:الصّحاح،و المختار،و اللّسان، و المصباح،و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط، و أقرب الموارد،و المتن،و المعجم الكبير،و الوسيط.

3-و أزر:لغة بني تميم،و اللّسان«تميميّة»، و القاموس،و التّاج،و المدّ،و المتن،و المعجم الكبير.

و من معاني الإزار:

أ-الملحفة،و هي اللّباس الّذي فوق سائر الثّياب.

ب-كلّ ما واراك و سترك.

ج-الرّأي يعلّق به في أسفل الكتاب و الرّسالة، و يقال له:توقيع.

د-جرّ إزاره بطرا:تكبّر،و في الحديث:«لا ينظر اللّه يوم القيامة إلى من جرّ إزاره بطرا».

ه-شدّ إزاره:إذا تهيّأ للأمر و استعدّ.

و-باهر (1)عفيف الإزار،و حفظ إزاره:عفّ.

ز-حلّ إزاره:عهر.

ح-إزار الحائط:ما يلصق به بأسفله للتّقوية أو الصّيانة أو الزّينة«مجمع القاهرة».

الأزر

و يخطّئون من يقول:الأزر،هو الضّعف.و يقولون:

إنّ الأزر هو القوّة،معتمدين على:

1-قوله تعالى في الآيات(29-31)من سورة طه:

وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي أي قوّتي.

2-و اكتفاء الصّحاح و معجم مقاييس اللّغة و المختار بقولهم:الأزر:القوّة.

3-و قول مفردات الرّاغب:الأزر:القوّة الشّديدة.

4-و قول المصباح:آزرته مؤازرة:أعنته و قوّيته، و الاسم:الأزر.

5-و قول المعجم الكبير:الأزر:الظّهر و القوّة.

6-و قول الوسيط:الأزر:القوّة.

و لكن:

قال ابن الأعرابيّ،و لسان العرب،و القاموس، و التّاج،و مدّ القاموس،و محيط المحيط،و التّضادّ ل«ربحي كمال»:إنّ كلمة الأزر تعني الضّعف أيضا.

و لهؤلاء الأعلام المؤلّفين وزن لغويّ كبير،و مع ذلك أنصح بالاكتفاء باستعمال كلمة«الأزر»بمعنى القوّة، و إهمال استعمالها بمعنى الضّعف،إلاّ إذا اضطرّتنا حاجة ماسّة عروضيّة أو بلاغيّة إلى ذلك.

و حسبنا أنّ ابن الأنباريّ أهمل ضمّها إلى أكثر من أربعمائة كلمة متضادّة في كتابه النّفيس«الأضداد»، راجع مادّة«الأضداد»في هذا المعجم.(14)

المصطفويّ:الأصل الواحد في هذه المادّة هو القوّة.(1:63)).

ص: 233


1- كذا،و هو تصحيف(طاهر).

النّصوص التّفسيريّة

ازرى

اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. طه:31

ابن عبّاس: اشدد به ظهري.

(الطّبري 16:160)

مثله أبو عبيدة(الفخر الرّازيّ 22:49)،و ابن عطيّة(الآلوسيّ 16:185).

ابن زيد: اشدد به أمري،و قوّني به،فإنّ لي به قوّة.(الطّبريّ 16:160)

ابن قتيبة:أي ظهري،و منه يقال:آزرت فلانا على الأمر،أي قوّيته عليه،و كنت له فيه ظهيرا.

(278)

الطّبريّ: قوّ ظهري و أعنّي به،يقال منه:قد أزر فلان فلانا،إذا أعانه و شدّ ظهره.(16:160)

مثله السّجستانيّ(120)،و الهرويّ(1:42).

أبو زرعة:أي قوّتي.(674)

مثله الزّمخشريّ.(2:536)

الميبديّ: أي قوّ به ظهري.

و قيل:أزري:قوّتي،و قيل:ضعفي،أي اجعله معاونا لي أستعين برأيه و مشورته.(6:119)

الفخر الرّازيّ: في قوله: اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي مسألتان:

المسألة الأولى:الأزر:القوّة و آزره:قوّاه،قال تعالى: فَآزَرَهُ أي أعانه.

المسألة الثّانية:أنّه عليه السّلام لمّا طلب من اللّه تعالى أن يجعل هارون وزيرا له طلب منه أن يشدّ به أزره،و يجعله ناصرا له،لأنّه لا اعتماد على القرابة.(22:49)

القرطبيّ: أي ظهري.

و الأزر:الظّهر من موضع الحقوين،و معناه تقوّي به نفسي.

و الأزر:القوّة،و آزره:قوّاه،و منه قوله تعالى:

فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ الفتح:29.[ثمّ استشهد بشعر]

(11:193)

فازره

...مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ... الفتح:29

ابن عبّاس: نباته مع التفافه حين يسنبل.

(الطّبريّ 26:114)

مجاهد: فشدّه و أعانه.(الطّبريّ 26:114)

الحسن: (آزره):قوّاه و شدّ أزره.

(أبو حيّان 8:103)

السّدّيّ: (آزره):صار مثل الأصل في الطّول.

(الآلوسيّ 26:127)

ابن زيد: اجتمع ذلك فالتفّ.و كذلك المؤمنون؛ خرجوا و هم قليل ضعفاء،فلم يزل اللّه يزيد فيهم، و يؤيّدهم بالإسلام،كما أيّد هذا الزّرع بأولاده فآزره، فكان مثلا للمؤمنين.(الطّبريّ 26:115)

أبو عبيدة: (آزره):ساواه،فصار مثل الأمّ.

(الطّوسيّ 9:337)

الأخفش: يريد«أفعله»من الإزارة.(2:695)

الطّبريّ: يقول:فقوّاه،أي قوّى الزّرع شطؤه

ص: 234

و أعانه،و هو من المؤازرة الّتي بمعنى المعاونة.

(26:114)

مثله الزّمخشريّ.(3:551)

الزّجّاج: أي فآزر الصّغار الكبار حتّى استوى بعضه مع بعض.(الأزهريّ 13:247)

مثله ابن ناقيا.(259)

الطّوسيّ: (فازره)،أي عاونه فشدّ فراخ الزّرع لأصول النّبت و قوّاها،يقال:أزرت النّبت و آزره غيره بالمدّ.و يقال:أزر النّبت و أزرته،مثل رجع و رجعته.

و قال أبو الحسن: هما لغتان.(9:337)

الطّبرسيّ: قرأ ابن عامر(فأزره)بقصر الهمزة و الباقون(فازره)بالمدّ و(آزره)على«فاعله»معناه ساواه،أي صار مثل الأمّ.و فاعله الشّطء.أي آزر الشّطء الزّرع،فصار في طوله.[ثمّ استشهد بشعر]

و يجوز أن يكون فاعل آزر«الزّرع»،أي آزر الزّرع الشّطء.

و من النّاس من يفسّر(آزره)أعانه و قوّاه،فعلى هذا يكون آزر الزّرّاع الشّطء.

قال أبو الحسن: (آزره)أفعله،و هو الأشبه،ليكون قول ابن عامر«أزره»فعله،فيكون فيه لغتان:فعل و أفعل،لأنّهما كثيرا ما يتعاقبان على الكلمة[إلى أن قال:]و المعنى كمثل زرع أخرج شطأه أي فراخه (فآزره)أي أشدّه و أعانه و قوّاه.و قال المبرّد:يعني أنّ هذه الأفراخ لحقت الأمّهات حتّى صارت مثلها.

(5:125-128)

السّهيليّ: (آزره):عاونه،فصار الّذي قبله مثل الأمّهات.[ثمّ استشهد بشعر].(2:271)

الفخر الرّازيّ: يحتمل أن يكون المراد أخرج الشّطء و آزر الشّطء،و هو أقوى و أظهر.و الكلام يتمّ عند قوله: يُعْجِبُ الزُّرّاعَ. (28:108)

القرطبيّ: أي قوّاه و أعانه و شدّه،أي قوّى الشّطء الزّرع.و قيل:بالعكس،أي قوّى الزّرع الشّطء.

و قراءة العامّة(آزره)بالمدّ،و قرأ ابن ذكوان،و أبو حيوة و حميد بن قيس(فازره)مقصورة،مثل«فعله»، و المعروف المدّ.[ثمّ استشهد بشعر](16:295)

مثله النّيسابوريّ.(29:52)

النّسفيّ: قوّاه.(فأزره)شاميّ.(4:164)

مثله القاسميّ.(15:5434)

أبو حيّان: آزر:ساوى طولا.[ثمّ استشهد بشعر]و وزنه«أفعل»لقولهم في المضارع:يؤزر.

(8:88)

قرأ ابن ذكوان(فأزره)ثلاثيّا،و باقي السّبعة(فازره)

على وزن«أفعله».و قرئ(فازّره)بتشديد الزّاي.

و قول مجاهد و غيره:(آزره)فاعله خطأ،لأنّه لم يسمع في مضارعه إلاّ يؤزر على وزن«يكرم».و الضّمير المنصوب في(آزره)عائد على الزّرع،لأنّ الزّرع أوّل ما يطلع رقيق الأصل،فإذا خرجت فراخه غلظ أصله و تقوّى،و كذلك أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كانوا أقلّة ضعفاء فلمّا كثروا و تقوّوا قاتلوا المشركين.(8:103)

البروسويّ: المنويّ في(آزره)ضمير الزّرع،أي فقوّى الزّرع ذلك الشّطء.

إلاّ أنّ الإمام النّسفيّ رحمه اللّه جعل المنويّ في(آزر)

ص: 235

ضمير الشّطء،قال:(فازره)أي فقوّى الشّطء أصل الزّرع بالتفافه عليه و تكاثفه،و هو صريح في أنّ الضّمير المرفوع للشّطء و المنصوب للزّرع،و هو من المؤازرة بمعنى المعاونة،فيكون وزن آزر«فاعل»من الأزر و هو القوّة،أو من الإيزار و هي الإعانة،فيكون وزنه«أفعل» و هو الظّاهر،لأنّه لم يسمع في مضارعه يؤازر بل يؤزر.

(9:59)

الآلوسيّ: ذكر غير واحد أنّه إمّا من المؤازرة بمعنى المعاونة،أو من الإيزار و هي الإعانة.

و في البحر: (آزر)«أفعل»،كما حكي عن الأخفش.

و قول مجاهد و غيره«فاعل»خطأ،لأنّه لم يسمع في مضارعه إلاّ يؤزر على وزن«يكرم»دون يؤازر.

و تعقّب بأنّ هذه شهادة نفي غير مسموعة،على أنّه يجوز أن يكون ورد من بابين،و استغنى بأحدهما عن الآخر،و مثله كثير.مع أنّ السّرقسطيّ نقله عن المازنيّ، لكنّه قال:يقال:آزر الشّيء غيره،أي ساواه و حاذاه.

[ثمّ استشهد بشعر]

و جعل ما في الآية من ذلك،و هو مرويّ أيضا عن السّدّيّ،قال:(آزره)صار مثل الأصل في الطّول.

و الجمهور على ما نقل أوّلا،و الضّمير المرفوع في(آزره) للشّطء و المنصوب للزّرع،أي فقوّى ذلك الشّطء الزّرع.

و الظّاهر أنّ الإسناد في(اخرج)و(آزر)مجازيّ، و كون ذلك من الإسناد إلى الموجب،و هو حقيقة على ما ذهب إليه السّالكوتيّ في حواشيه على المطوّل؛حيث قال في قولهم:سرّتني رؤيتك.

هذا القول مجاز إذا أريد منه حصول السّرور عند الرّؤية،أمّا اذا أريد منه أنّ الرؤية موجبة للسّرور فهو حقيقة لا يخفى حاله.

و قرئ(فأزّره)بشدّ الزّاي،أي فشدّ أزره و قوّاه.

(26:127)

الطّباطبائيّ: الإيزار:الإعانة،و المعنى هم كزرع أخرج أفراخه فأعانها فقويت و غلظت،و قام على سوقه،يعجب الزّارعين بجودة رشده.

و فيه إشارة إلى أخذ المؤمنين في الزّيادة و العدّة و القوّة يوما فيوما،و لذلك عقّبه بقوله: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ الفتح:29.(18:300)

الأصول اللّغويّة

1-يبدو أن الأصل فيه الظّهر،و هو محلّ القوّة.و منه تفرّعت سائر المعاني،و كذلك الألفاظ حسب تلك المعاني كما نبّه عليه الشّيخ الطّوسيّ بقوله:فآزرني،أي كان لي ظهرا أو قوّة،و بعير ظهير:قويّ.

فكنّي به عن العون.و منه:آزره،أي أعانه،كما يقال:ظاهره،إذا أعانه،و هو ظهيري عليه،أي عدّتي الّتي اتّخذها.

و كنّي به عن العظمة؛رجل مؤزّر،أي معظّم،لأنّ العظمة تلازم القوّة.

ثمّ كنّي به عن النّفس و البدن؛«فدى لك إزاري»، لأنّ البدن منشأ القوّة،أو هو مستور بالإزار و المئزر يشدّ بهما الظّهر.و منه تفرّع أزّرته،إذا ألبسته الإزار اتّزر به.

ثمّ كنّي بهما عن الإحاطة،ثمّ عن السّتر ثمّ عن العفّة

ص: 236

ثمّ عن المرأة بالتّرتيب.و لو قيل:إنّ الأصل فيه«الإزار» كما قلنا في«الأذن لما كان بعيدا من الذّوق اللّغويّ».

و يطلق«الإزار»أيضا على ما يختم به الكتاب،لأنّه يقوّيه أو يستره عن إضافة شيء إليه.

2-و يطلق«الإزر»على القوّة و الضّعف كليهما،فظنّ أنّه من الأضداد،فقيل:لأنّه تبع للظّهر في القوّة و الضّعف؛فإن كان قويّا كان كناية عن القوّة،و إن كان ضعيفا كان كناية عن الضّعف.

و الظّاهر أنّه رمز للقوّة دائما،و أنّ الضّعف يفهم من حيث إنّه إذا شدّ ظهره و قوّاه فقد أزال ضعفه،فهو تابع لهذا المعنى،و ليس من صميمه.

3-و إنّ بين«أزر»و«وزر»اتّصالا ملحوظا في اللّفظ و المعنى،حتّى قيل إنّ الثّاني لغة في الأوّل،مثل:

«أرّخت»و«ورّخت»و«أكّدت»و«وكّدت».أو إنّه أصل للثّاني،و إنّ«وزيرا»أصله«أزير»؛و عليه فينبغي أن يكون اسمه وزيرا،لانّه يؤازر السّلطان و يعاونه.

و يؤيّده قوله: وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي * اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي طه 29-31،كما سيأتي.و المعروف أنّه من«الوزر»بمعنى الثّقل،و أنّ الوزير يحمل وزر السّلطان،لاحظ«وزر».

الاستعمال القرآنيّ

جاءت منها آيتان:

1- وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي طه 29-31.

2- أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ الفتح:29.

فقد جاء منه فيهما(ازرى)و(آزره)ملحوظا فيهما معنى القوّة،و فيهما بحوث.

1-أمّا قوله:(1) اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي فهو دعاء لتقوية الظّهر بالكناية،فليس المراد بالشّدّ و لا بالأزر معناهما المعروف،بل أريد بالمجموع أن يقوّيه بهارون، و أريد باللّفظين تجسيم المعنى بأبلغ تعبير.لكنّ(ازرى) هاهنا بمعنى ظهري لا قوّتي،بل هو معنى مستقى من المجموع مجازا.

ثمّ إنّ في(ازرى)إيماء إلى أنّ هارون بمثابة إزار و مئزر لموسى أيضا،فيستره عن كلّ شين و حاجة.

2-ثمّ الجمع بين لفظي(الوزير)و(ازرى)فيها يوهم العلاقة بين اللّفظين،و أنّ الوزير من«الأزر»كما سبق البحث فيه.فإن كان كذلك فنعم المطلوب،و إلاّ ففيه إيهام التّناسب،مثل قوله: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ* وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ الرّحمن:

6 و 7،إلى كثير غيرهما.

3-و يلحظ أنّ(ازرى)جاء مرّة واحدة فقط في سورة مكّيّة،و هي«طه»،و(آزره)كذلك مرّة واحدة في سورة مدنيّة،و هي«الفتح».و طه-على ما قيل-:رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و الفتح-على ما قيل-:فتح مكّة الّذي تمّ على يد طه.

فهل ثمّة علاقة بين مداري السّورتين و محوريهما و بين بنائهما اللّغويّ؟و هل ثمّة من علاقة بين«الأزر»و «المؤازرة»و هذا الفتح؟باعتباره إزرا و مؤازرة للإسلام و المسلمين و للنّبيّ خاصّة.و كأنّه إزار له و لهم يأتزرون

ص: 237

به،أو يجعلونه«إزرهم»و سند قوّتهم،و هذا هو ما حصل فعلا،و إليه أشار في سورة«النّصر».

4-و أمّا قوله:(2)(فازره)أي فأعانه و قوّ و ظاهره.و المراد من هذا التّركيب أنّ الزّرع يخرج صغاره فتكون بمثابة قوّة له فكأنّها ظهره.

و معلوم أنّ صيغة«آزر»إذا كانت وزان«فاعل»، فهي تدلّ على التّأثير من الجانبين،و صغار النّبت و كباره يتآزران؛فيكون كلّ طرف منهما سندا و قوّة للطّرف الآخر،و إن كانت وزان«أفعل»فلا تدلّ إلاّ على التّأثير من جانب واحد،أي إعانة الصّغار للكبار،و هو الأظهر في قوله:كزرع أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ أي آزر شطأه الزّرع،ثمّ كأنّه إزار له يأتزر به.

ص: 238

أزز

اشارة

لفظان مرّتان مكّيّتان،في سورة مكّيّة

تؤزّهم 1:1\أزّا 1:1.....

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأزّ:ضربان عرق يأتزّ،أو وجع في خراج.و فلان يأتزّ،أي يجد أزّا من الوجع.

و الأزز:امتلاء البيت من النّاس،يقال:البيت منهم أزز،إذا لم يكن فيه متّسع،لا يشتقّ منه فعل،و لا يجمع.

و الأزّ:أن تؤزّ إنسانا،أي أن تحمله على أمر برفق و احتيال حتّى يفعله كأنّه يزيّن له.أززته فائتزّ.و قوله جلّ و عزّ: أَنّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا مريم:83،أي تزعجهم إلى المعصية و تغريهم بها.

و أزّت القدر أزيزا،و ائتزّت ائتزازا.و الأزيز:

صوت النّشيش،و في الحديث:«لجوفه أزيز كأزيز المرجل».

و الأزز:حساب من مجاري القمر،و هو فضول ما يدخل بين الشّهور و السّنين.(7:397)

أبو عمرو الشّيبانيّ:قد أزّ الكتائب،إذا أضاف بعضها إلى بعض.(الأزهريّ 13:280)

الأزّة:الصّوت،و الأزيز:النّشيش.

الأزز:الجمع الكثير من النّاس،و قوله:«المسجد يأزز»أي منغصّ بالنّاس.(الأزهريّ 13:281)

أبو عبيدة:الأزيز:الالتهاب و الحركة كالتهاب النّار في الحطب،يقال:أزّ قدرك،أي ألهب النّار تحتها.

و ائتزّت القدر،إذا اشتدّ غليانها.(الأزهريّ 13:281)

أبو زيد:الأزّ:صوت الرّعد،يقال:أزّ يئزّ أزّا و أزيزا.(ابن فارس 1:14)

الأصمعيّ: أززت الشّيء أؤزّه أزّا،إذا ضممت بعضه إلى بعض.(الأزهريّ 13:281)

أبو عبيد: الأزّ:ضمّ الشّيء إلى الشّيء.

(ابن فارس 1:13)

ابن الأعرابيّ: الأزّ:الحركة.

(الأزهريّ 13:280)

ص: 239

الأزّاز:الشّياطين الّذين يؤزّون الكفّار.

(الأزهريّ 13:282)

الأزّ:حلب النّاقة بشدّة.(ابن فارس 1:13)

و أزّ النّاقة أزّا:حلبها حلبا شديدا.

(ابن منظور 5:308)

أبو حاتم: الأزيز:القرّ الشّديد،يقال:ليلة ذات أزيز،و لا يقال:يوم ذو أزيز.و الأزيز:شدّة السّير، يقال:أزّتنا الرّيح،أي ساقتنا.(ابن فارس 1:14)

شمر: يقال:أزّ قدرك:أي ألهب النّار تحتها.

(الهرويّ 1:44)

[و في الحديث:]«أتيت النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم و هو يصلّي و لجوفه أزيز كأزيز المرجل»قال:يعني أنّ جوفه تجيش و تغلي بالبكاء.قال:و سمعت ابن الأعرابيّ يقول في تفسيره:له حنين في الجوف إذا سمعه كأنّه يبكي.

(الأزهريّ 13:280)

ابن أبي اليمان: الأزّ:الإيقاد و التّهيّج.قال اللّه جلّ ذكره: أَ لَمْ تَرَ أَنّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا مريم:83.(441)

الحربيّ: الأزز:الامتلاء من النّاس.

(الأزهريّ 13:281)

الأزّ:أن تحمل إنسانا على أمر بحيلة و رفق حتّى يفعله.(ابن منظور 5:308)

ابن دريد: أزّ يؤزّ أزّا،و الأزّ:الحركة الشّديدة.

و أزّت القدر،إذا اشتدّ غليانها،و في كتاب اللّه تعالى:

تَؤُزُّهُمْ أَزًّا و المصدر:الأزّ و الأزيز و الأزاز.و يقال:

بيت أزز،إذا امتلأ ناسا.(1:17)

و قد ائتزّت القدر فهي مؤتزّة ائتزازا،إذا اشتدّ غليانها.و قد ائتزّ الرّجل ائتزازا،إذا استعجل.

(3:273)

تقول:قد أزّ الشّيطان الرّجل،إذا أغواه فهو مأزوز.

و أزّت القدر،إذا غلت غليانا شديدا.و أززت الرّجل على صاحبه أزّا،إذا حرّشته عليه.(3:275)

الجوهريّ: الأزيز:صوت الرّعد،و صوت غليان القدر.

و قد أزّت القدر تؤزّ أزيزا:غلت.

و في الحديث:«أنّه كان يصلّي و لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء».

و ائتزّت القدر ائتزازا،إذا اشتدّ غليانها.

و الأزّ:التّهييج و الإغراء.قال تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أي تغريهم على المعاصي.

و الأزّ:الاختلاط،و قد أززت الشّيء أؤزّه أزّا؛إذا ضممت بعضه على بعض.(2:861)

ابن فارس: الهمزة و الزّاء يدلّ على التّحرّك و التّحريك و الإزعاج.(1:13)

الهرويّ: و في الحديث:«أنّه كان يصلّي و لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء»أي خنين (1)من الجوف.

و في حديث سمرة:«كسفت الشّمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فانتهيت إلى المسجد فإذا هو بأزز»،يقال:).

ص: 240


1- الخنين ضرب من البكاء دون الانتحاب،و أصل الخنين: خروج الصّوت من الأنف كالخنين من الفم،(ابن منظور مادّة«خ ن ن»).

أتيت الوالي و المجلس أزز،أي كثير الزّحام ليس فيه متّسع،و يقال أيضا:للنّاس أزز،إذا انضمّ بعضهم إلى بعض.

و في حديث آخر:«فإذا المجلس يتأزّز»أي يموج فيه النّاس؛مأخوذ من أزيز المرجل،و هو الغليان.

(1:43)

الشّريف المرتضى: الأزيز:هو الغليان؛و العرب تقول:«لجوفه أزيز مثل أزيز المرجل».(1:95)

ابن سيده: أزّت القدر تئزّ و تؤزّ أزّا،و أزيزا،و أزازا و أتزّت:اشتدّ غليانها،و قيل:هو غليان ليس بالشّديد، و في الحديث:«أنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم كان يصلّي و لجوفه أزيز كأزير المرجل من البكاء».

و أزّ بها أزّا:أوقد النّار تحتها لتغلي.

و الأزيز:صوت الرّعد من بعيد،أزّت السّحابة تئزّ أزّا،و أزيزا.

و أمّا حديث سمرة:«كسفت الشّمس على عهد النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم،فانتهيت إلى المسجد فإذا هو يأزز».فإنّ أبا إسحاق الحربيّ قال في تفسيره:الأزز:الامتلاء،يريد امتلاء المجلس،و أراه ممّا تقدّم من الصّوت؛لأنّ المجلس إذا امتلأ كثرت فيه الأصوات و ارتفعت.و قوله:

«يأزز»-بإظهار التّضعيف-هو من باب لححت عينه، و ألل السّقاء،و مششت الدّابّة،و قد يوصف بالمصدر منه،فيقال:بيت أزز،أي:ممتلئ.

و الأزّ:وجع في عرق أو خراج.

و أتزّ:أصابه أزّ.

و أزّ العروق:ضربانها،و العرب تقول:«اللّهمّ اغفر لي قبل حشك النّفس،و أزّ العروق»،الحشك:اجتهادها في النّزع.

و أزّه به يؤزّه أزّا:أغراه و هيّجه.

و أزّه:حثّه،و في التّنزيل: أَ لَمْ تَرَ أَنّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا مريم:83.

و أزّه أزّا و أزيزا:مثل هزّه.

و غداة ذات أزيز،أي:برد،و عمّ ابن الأعرابيّ به البرد،فقال:الأزيز:البرد و لم يخصّ برد غداة و لا غيرها، قال:و قيل لأعرابيّ-و لبس جوربين-:لم تلبسهما؟ فقال:إذا وجدت أزيزا لبستهما.

و يوم أزيز:بارد،و حكاه ثعلب أزيز.

و الأزز:الضّيق.

و أزّ الشّيء يؤزّه أزّا:ضمّ بعضه إلى بعض.

و أزّ المرأة أزّا:نكحها،و الرّاء أعلى،و الزّاي صحيحة في الاشتقاق؛لأنّ الأزّ شدّة الحركة.

و أزّ الماء يؤزّه أزّا:صبّه،و في كلام بعض الأوائل:«أزّ ماء،ثمّ غلّه»،هذه رواية ابن الكلبيّ،و زعم أنّ«أنّ» خطأ.(9:69)

الأزيز:صوت الرّعد من بعيد،و هو مثل الرّزّ،أزّ الرّعد يئزّ أزّا و أزيزا.(الإفصاح 2:946)

الطّوسيّ: و الأزّ:الإزعاج إلى الأمر،أزّه أزّا و أزيزا،إذا هزّه بالإزعاج إلى أمر من الأمور.

(7:149)

مثله الطّبرسيّ.(3:530)

الزّمخشريّ: الأزز:الامتلاء و التّضامّ.

يتأزّز:يتفعّل من الأزيز،و هو الغليان،أي يغلي

ص: 241

بالقوم لكثرتهم.(الفائق 1:39)

أزّت البرمة و لها أزيز:و هو صوت نشيشها.

و هالني أزيز الرّعد،و صدّعني أزيز الرّحا و هزيزها.

و أزّه على كذا:أغراه به و حمله عليه بإزعاج.و هو يأتزّ من كذا:يمتعض منه و ينزعج.

و من المجاز:لجوفه أزيز.(أساس البلاغة:5)

ابن الأثير: في حديث جمل جابر:«فنخسه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بقضيب فإذا تحتي له أزيز»أي حركة و اهتياج و حدّة.

و في حديث الأشتر:«كان الّذي أزّ أمّ المؤمنين على الخروج ابن الزّبير»أي هو الّذي حرّكها و أزعجها و حملها على الخروج.(1:45)

الصّغانيّ: عن أبي الجزل الأعرابيّ:أتيت السّوق فرأيت النّاس أززا.قيل:ما الأزز؟قال:كأزز الرّمّانة المحتشية.

و قال الأسديّ في كلامه:أتيت الوالي و المجلس أزز، أي ضيّق كثير الزّحام.[ثمّ استشهد بشعر]

و الأزّ ضربان عرق يأتزّ أو وجع في خراج.

ائتزّ الرّجل:استعجل.(3:244)

الفيروزآباديّ:أزّت القدر تئزّ و تؤزّ أزّا و أزيزا و أزازا بالفتح،و ائتزّت و تأزّت:اشتدّ غليانها أو هو غليان ليس بالشّديد،و النّار:أوقدها،و السّحابة:

صوّتت من بعيد،و الشّيء:حرّكه شديدا.

و الأزز،محرّكة:امتلاء المجلس،و الضّيق، و الممتلئ،و حساب من مجاري القمر،و هو فضول ما يدخل بين الشّهور و السّنين،و الجمع الكثير.

و الأزيز:البرد و البارد و شدّة السّير.

و الأزّ:ضربان العرق،و وجع في خراج و نحوه، و الجماع،و حلب النّاقة شديدا،و صبّ الماء و إغلاؤه.

و ائتزّ:استعجل.(2:171)

مجمع اللّغة: أزّه كشدّه،يؤزّ أزّا:هيّجه و دفعه بشدّة.

الأزّ و الهزّ و الاستفزاز:معناها التّهييج و شدّة الإزعاج.(1:37)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أزّت القدر أزّا و أزيزا:

اشتدّ غليانها.و أزّه يؤزّه أزّا:أغراه و هيّجه.

و أصل الأزّ:الهزّ الشّديد الإزعاج،و يحتمل أنّ الهمزة و الهاء متبادلان.(37)

المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة هو التّحرّك بقصد الاحتيال،و من هذا المعنى:اشتداد الغليان الملازم للحركة،و كذا التّهييج و الإغراء فإنّهما تحريك مخصوص معنويّ.(1:37)

محمود شيت: 1-أ-أزّ أزّا و أزيزا و أزازا:تحرّك و اضطرب،و صوّت من شدّة الحركة أو الغليان،يقال:

أزّ الرّعد و القدر و الطّائرة.و أزّ النّار أزّا و أزيزا:أجّجها.

ب-الأزز:الجمع الكثير المزدحم.

ج-الأزّة:الصّوت.

د-الأزيز:شدّة السّير.

2-أ-الأزّة:الصّوت،يقال:سمعت أزّة إطلاقة ناريّة.

ب-أزيز:صوت من شدّة الحركة أو الغليان،يقال:

أزيز الرّصاص،و أزيز القنابل،و أزيز الطّائرات.(1:43)

ص: 242

النّصوص التّفسيريّة

تؤزّهم-ازّا

أَ لَمْ تَرَ أَنّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا. مريم:83

ابن عبّاس: تغريهم إغراء.

مثله الضّحّاك.(الطّبريّ 16:125)

تزعجهم إزعاجا من الطّاعة إلى المعصية،و تغريهم إغراء بالشّرّ،امض امض في هذا الأمر حتّى توقعهم في النّار.(القرطبيّ 11:150)

نحوه الفرّاء.(الأزهريّ 13:280)

مجاهد:تشليهم إشلاء.(القرطبيّ 11:150)

الضّحّاك: تغويهم إغواء.(القرطبيّ 11:150)

مثله السّيوطيّ.(2:27)

قتادة:تزعجهم إلى معاصي اللّه إزعاجا.

(الطّبريّ 16:125)

مثله السّجستانيّ(118)،و الطّوسيّ(7:149)، و الطّبرسيّ(3:531)،و الفخر الرّازيّ(21:252).

ابن زيد: تشليهم إشلاء على معاصي اللّه تبارك و تعالى،و تغريهم عليها،كما يغري الإنسان الآخر على الشّيء،يقال منه:أززت فلانا بكذا،إذا أغريته به،أؤزّه أزّا و أزيزا.و سمعت أزيز القدر:و هو صوت غليانها على النّار.(الطّبريّ 16:125)

ابن قتيبة: تزعجهم و تحرّكهم إلى المعاصي.

(275)

الطّبريّ: تحرّكهم بالإغواء و الإضلال،فتزعجهم إلى معاصي اللّه و تغريهم بها حتّى يواقعوها،أزّا:إزعاجا و إغواء.(16:125)

القمّيّ: أي تنخسهم نخسا و تحضّهم على طاعتهم و عبادتهم.(2:55)

الهرويّ: أي تعجّلهم و تحرّكهم إلى المعاصي.يقال:

أزّه و هزّه بمعنى واحد.و الأزيز و الهزيز:الصّوت.

(1:43)

الرّاغب: أي ترجعهم إرجاع القدر إذا أزّت،أي اشتدّ غليانها.و أزّه أبلغ من هزّه.(16)

الميبديّ: أي تزعجهم إزعاجا حتّى يركبوا المعاصي.و الأزّ و الهزّ واحد،و هو التّحريك.و الأزيز:

الغليان.(6:80)

الزّمخشريّ: الأزّ و الهزّ و الاستفزاز أخوات، و معناها التّهييج و شدّة الإزعاج،أي تغريهم على المعاصي و تهيّجهم لها بالوساوس.(2:524)

نحوه النّسفيّ(3:45)،و القرطبيّ(11:150)، و النّيسابوريّ(16:82)،و البروسويّ(5:255)، و الآلوسيّ(16:134)،و محمّد إسماعيل إبراهيم(37)، و المراغيّ(16:12).

البيضاويّ: تهزّهم و تغريهم على المعاصي بالتّسويلات و تحبيب الشّهوات.(2:42)

مثله الكاشانيّ.(3:293)

الخازن: تحثّهم و تحرّضهم على المعاصي تحريضا شديدا.(4:211)

أبو حيان: تحرّكهم إلى الكفر.(6:216)

تدفعهم و تزعجهم.(تحفة الأريب:32)

الطّريحيّ: أي تزعجهم إزعاجا،و قيل:أي

ص: 243

تغريهم على المعاصي،من«الأزّ»و هو التّهييج و الإغراء.(4:6)

فريد وجدي: أي تهزّهم هزّا،و لكن الأزّ أبلغ من الهزّ،و المراد بالأزّ هنا الإغراء و التّسويل.(16:35)

مجمع اللّغة: أي تهيّجهم بالوسوسة و التّسويل على عنادهم و كفرهم.(1:37)

عزّة دروزة: الأزّ:الإزعاج و الهزّ بشدّة.و لعلّ الكلمة في الآية بمعنى أنّ الشّياطين يجرّون الكافرين إليهم جرّا ليسقطوا في الشّرك و الضّلال.(3:64)

الطّباطبائيّ: الأزّ و الهزّ بمعنى واحد،و هو التّحريك بشدّة و إزعاج،و المراد تهييج الشّياطين إيّاهم إلى الشّرّ و الفساد،و تحريضهم على اتّباع الباطل، و إضلالهم بالتّزلزل عن الثّبات،و الاستقامة على الحقّ.

(14:109)

مكارم الشّيرازيّ: الأزّ في الأصل-كما يقول الرّاغب في«المفردات»-يعني غليان القدر،و تقلّب محتواه عند شدّة غليانه،و هو هنا كناية عن مدى تسلّط الشّياطين على هؤلاء،بحيث أنّهم يوجّهونهم بالصّورة الّتي يريدونها،و في المسير الّذي يشاءون،و يقلبونهم كيف يشتهون.

و من البديهيّ-كما قلنا ذلك مرارا-أنّ تسلّط الشّياطين على بني آدم ليس تسلّطا إجباريّا عبثيّا،بل إنّ هذا الإنسان الّذي يسمح للشّياطين بأن ينفذوا إلى قلبه و روحه،هو الّذي يطوّق رقبته بقيد العبوديّة لهم،و يقبل بطاعتهم،كما يقول القرآن في الآية: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ النّحل:

100.(9:444)

فضل اللّه: الأزّ هو الهزّ،و هو التّحريك بشدّة و إزعاج.و الآية واردة على الأسلوب القرآنيّ الّذي ينسب الأمور كلّها للّه،انطلاقا من علاقة الأشياء به،من خلال قانون السّببيّة الّتي أودعها في حركة الحياة و الإنسان،كما نلاحظه في علاقة الشّياطين بالكافرين،في ما يزيّن لهم الشّياطين من أفعال الضّلال،و علاقات الباطل،و أجواء الانحراف،فيستسلمون لهم من موقع الاختيار السّيّئ،و ينصاعون لمخطّطاتهم في الضّلال و الإضلال،فتحدث النّتائج بشكل طبيعيّ في ما يرتبط به السّبب و المسبّب.و هكذا لا يجد هؤلاء عونا من أوليائهم و شركائهم على ما يتعرّضون له من شقاء و تعاسة.(15:78)

الأصول اللّغويّة

1-الأزّ عند أهل اللّغة و التّفسير هو الإغراء و الإغواء و التّحريك و التّهييج و ما إلى ذلك.غير أنّه يتضمّن شيئا آخر هو وسيلة لما ذكر،ذلك هو الصّوت و الهمس بمعنى الأزيز،و هو صوت المرجل كما جاء في الحديث:«و لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء».

و الأزيز أيضا:صوت الرّعد.و في حديث الأشتر:«كان الّذي أزّ أمّ المؤمنين على الخروج ابن الزّبير»،أي هو الّذي همس لها بذلك،و زيّنه لديها فأغراها على الخروج.

2-و لا يكون«الأزّ»و«الأزيز»إلاّ فيما يحذر منه و يخاف،كصوت المرجل إذا علا،و صوت الرّعد إذا اشتدّ

ص: 244

،و صوت الشّياطين،سواء علا أم انخفض،لأنّ أصوات الشّياطين لها دويّ في القلوب دون الآذان،فيحذر منها و يخاف و تتجنّب كيف كانت.

3-و إذا أدّى الصّوت و الهمس إلى هزّة في أعماق «المأزوزين»تلك الهزّة فستحرّكهم و تهيّجهم و تغريهم إلى ما أريد بها،كما أنّها ستزعجهم بشدّة و عنف،فلقد أخذ فيه معنى الشّدّة و الغليان على ما تقدّم في النّصوص.

الاستعمال القرآنيّ

من روعة الإعجاز البلاغيّ و البيانيّ في هذه الآية تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أمور:

1-أنّها جمعت بين الفعل و المصدر استنادا إلى الشّياطين المذكورين قبلها،تأكيدا على شدّة إغواء الشّياطين للكافرين،و هذا ما يؤيّده القرآن من سلطان الشّياطين على من اتّبعهم: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ الحجر:42.

2-و أنّه لا يدرك مدى التّناسق بين هذا و بين ما قبله: أَ لَمْ تَرَ أَنّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ فالشّياطين مرسلون«على»الكافرين لا«إلى» الكافرين،فإنّهم مسيطرون عليهم سيطرة الطّواغيت على الأمم المستضعفة،فيفعلون بهم ما يفعلون.و هذا هو الفارق بين إرسال الشّياطين و إرسال الرّسل،فإنّ الرّسل مرسلون«إلى»العباد لا«على»العباد،مبشّرين و منذرين،و ليس لهم سيطرة ظالمة على النّاس بخلاف شياطين الإنس و الجنّ.و يتبادر إلى الذّهن إثر ذلك أنّ الشّياطين مثلهم مثل الكلاب تبعث على السّارق و الجاني،فالشّياطين كلاب اللّه يسلّطها على الكافرين تؤزّهم أزّا و تزعجهم من الطّاعة إلى المعصية،ثمّ من الجنّة إلى النّار،تزعجهم إزعاجا شديدا.

3-و أنّ هذا«الأزّ»يحكي عن أنّ ذلك خلاف فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها،و أنّه حركة قسريّة و انحراف عن الصّراط المستقيم،نشأ عن كفرهم و عنادهم الّذي هو أيضا فسق و خروج عن الفطرة.

4-و أنّ الإرسال تمّ في الزّمن الماضي(ارسلنا) و الأزّ يستمرّ في الحاضر و المستقبل(تؤزّهم).

5-و أنّ ما يجده الكافرون من مشاعر إنّما هي من وحي الشّياطين و إيحائهم،و بالتّالي هو وحي عن كفرهم.

6-و أنّ الكافرين يعيشون في دوّامة من أصوات الشّياطين تسيطر عليهم و تحيط بهم و(تؤزّهم ازّا)بحيث لا يبقى لهم أدنى مجال للاستماع إلى صوت الهداية و الحقّ، فمن سيطر عليه الشّيطان لا يسمع نداء الرّحمن.

7-و أنّ الشّياطين طبيعتهم الأزّ للكافرين و إغواؤهم بشدّة عن السّبيل،و لا تنفكّ عنهم هذه الخصلة أبدا،و لا ينسون و لا يغفلون عن ذلك.فهم مراقبون الكافرين مراقبة ألدّ الخصام خصمه،أو السّبع المفترس صيده.

8-و أنّ ذلك تطمين للمؤمنين بأنّ هذا الّذي يحدث من قبل الشّياطين و الكافرين ليس خارجا عن قدرة اللّه سبحانه وَ ما هُمْ بِمُعْجِزِينَ الزّمر:51،إنّما ذلك ابتلاء و عقوبة منه سبحانه لأولئك الكافرين،لأنّ هذا الأزّ صادر عن الشّياطين،و ما هم إلاّ مرسلون من قبله

ص: 245

تعالى.فالآية-كما قال فضل اللّه:-واردة على الأسلوب القرآنيّ الّذي ينسب الأمور كلّها للّه،انطلاقا بين قانون السببيّة الّتي أودعها اللّه في حركة الحياة و الإنسان.

9-و أنّه يناسق ذلك قوله بعدها مباشرة: فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا مريم:84،حيث إنّه يصرّح بأنّ هذا العمل فعل اللّه تنكيلا بالكافرين إزاء إدبارهم و استكبارهم عن قبول الحقّ.

10-و يلاحظ أنّ«الأزّ»لم يذكر في القرآن إلاّ مع «الشّياطين»،فكان إيحاؤهم إلى جنودهم و أتباعهم يملأ آذانهم،فيأخذ عليه الأقطار و النّواحي،و يسدّ أمامهم كلّ الطّرق حتّى يغووهم فيدخلوهم النّار.و هذا لا يناسب سوى الكافرين دون عباد اللّه الصّالحين: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ النّحل:99.

11-و ليس لأحد أن يقول إذا أرسل اللّه الشّياطين على الكافرين فيجب طاعتهم كما يجب على المؤمنين طاعة الرّسل،و قد حكاه الرّازيّ عن بعضهم،و أجاب -و قد أجاد-بأنّهم أرسلوا إلى الكافرين ليضلّوهم.

فيجب الفرار منهم،بخلاف الرّسل المرسلين إلى المؤمنين ليهدوهم؛حيث يجب على المؤمنين طاعتهم.

12-و ليس للأشاعرة أن يتشبّثوا بالآية بأنّها دليل على أنّ الإضلال من اللّه كما أنّ الهداية منه،فلا اختيار للعباد،لأنّ الآية-كما بيّنّا-إنّما هي بصدد بيان خذلان اللّه للكافرين عقوبة و تعذيبا لهم،و أنّ الكافرين إنّما سلّط عليهم الشّياطين بسوء اختيارهم،و الأمر كلّه بيد اللّه تعالى.

13-و لقائل أن يقول:ما هي النّكتة في إتيان ضمير المؤنّث للشّياطين(تؤزّهم)دون«يؤزّونهم»؟فهل فيه استضعاف للشّياطين و تحقير لهم أمام اللّه،و أنّ كيدهم في تضليل،أو أنّهم لا يعدّون من ذوي العقول،و أنّ مثلهم كمثل الأنعام الّتي لا تعقل،أم فيه نكتة أخرى؟

14-و ظهر من ذلك كلّه أنّ«الأزّ»لا يليق إلاّ بمثل هذا المقام،فلعلّ في عدم ذكره في القرآن-إلاّ هنا-دليلا على أنّه لغة لم يستعملها العرب إلاّ نادرا لمقاصد خاصّة، و اللّه أعلم.

ص: 246

أزف

اشارة

لفظان،ثلاث مرّات مكّيّات،في سورتين مكّيّتين

أزفت 1:1\2لآزفة 2:2\.....

النّصوص اللّغويّة

الخليل: أزف الشّيء يأزف أزفا و أزوفا.

و الآزفة:القيامة.

و المتآزف:المكان الضّيّق،و المتآزف:الخطو المتقارب،و المتآزف:القصير من الرّجال.[ثمّ استشهد بشعر](7:391)

اللّيث: كلّ شيء اقترب فقد أزف أزفا.و قال اللّه تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ النّجم:57،أي دنت القيامة.

(الأزهريّ 13:266)

أبو عمرو الشّيبانيّ: آزفني فلان،أي أعجلني يؤزف إيزافا.(ابن فارس 1:95)

ابن السّكّيت: المتأزّف:الورع،الضّعيف،الوغد من الرّجال.(145)

قيل:إنّه لمتآزف،أي متقارب بعض خلقه من بعض.(244)

المتآزي الخلق:المتداني الخلق،و المتآزف مثله.

(246)

ابن دريد: أزف الرّحيل و غيره يأزف أزفا،إذا حان.(3:254)

الصّاحب: الأزف:البرد الشّديد.

(الزّبيديّ 6:40)

الجوهريّ: أزف التّرحّل يأزف أزفا،أي دنا و أفد،و منه قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ يعني القيامة.

و أزف الرّجل،أي عجل،فهو آزف على«فاعل».

و المتآزف:القصير،و هو المتداني.(4:1330)

ابن فارس: الهمزة و الزّاء و الفاء يدلّ على الدّنوّ و المقاربة،يقال:أزف الرّحيل،إذا اقترب و دنا،قال اللّه تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ يعني القيامة.فأمّا المتآزف فمن هذا القياس،يقال:رجل متآزف،أي قصير متقارب الخلق.و يقال:تآزف القوم،إذا تدانى بعضهم من بعض.

ص: 247

و المآزف:المواضع القذرة،واحدتها:مأزفة.[ثمّ استشهد بشعر]و ذلك لا يكاد يكون إلاّ في مضيق.

(1:94)

ابن سيده: أزف أزفا و أزوفا:اقترب.

و الآزفة:القيامة،لقربها،و إن استبعد النّاس مداها.

و الآزف:المستعجل.

و المتآزف من الرّجال:القصير،و قيل:هو الضّعيف الجبان.[ثمّ استشهد بشعر]

و مكان متآزف:ضيّق.(9:81)

الطّوسيّ: الآزفة:الدّانية،من قولهم:أزف الأمر، إذا دنا.و أزف الوقت،إذا دنا يأزف أزفا،و منه: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي دنت القيامة.(9:64)

نحوه الطّبرسيّ.(4:518)

الرّاغب: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي دنت القيامة.

و أزف و أفد يتقاربان،لكن أزف يقال اعتبارا بضيق وقتها،و يقال:أزف الشّخوص.

و الأزف:ضيق الوقت،و سمّيت به لقرب كونها، و على ذلك عبّر عنها بساعة،و قيل: أَتى أَمْرُ اللّهِ النّحل:1،فعبّر عنها بلفظ الماضي لقربها و ضيق وقتها، قال تعالى: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ المؤمن:18.

(17)

الحريريّ: يقولون:أزف وقت الصّلاة،إشارة إلى تضايقه و مشارفة تصرّمه،فيحرّفونه عن موضعه، و يعكسون حقيقة المعنى في وضعه،لأنّ العرب تقول:

أزف الشّيء،بمعنى دنا و اقترب لا بمعنى حضر و وقع.

يدلّ على ذلك أنّ اللّه تعالى سمّى السّاعة:آزفة،و هي منتظرة لا حاضرة.و قال عزّ و جلّ فيها: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ، أي دنا ميقاتها و قرب أوانها،كما صرّح جلّ اسمه بهذا المعنى في قوله: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ القمر:1، و المراد بذكر اقترابها التّنبيه على أنّ ما مضى من أمد الدّنيا أضعاف ما بقي منه،ليتّعظ أولو الألباب به.(8)

الزّمخشريّ: أزف الرّحيل:دنا و عجل،و منه:

أقبل يمشي الأزفى،بوزن«الجمزى»،و كأنّه من الوزيف،و الهمزة عن واو.و ساءني أزوف رحيلهم، و أزف رحيلهم.و أشتى بنو فلان فتآزفوا،إذا تطانبوا متدانين.

و الآزفة:القيامة لأزوفها.[ثمّ استشهد بشعر]

و من المجاز:في عيشه أزف،أي ضيق،كما يقال:

أمره قريب و متقارب.

و رجل متآزف:قصير،لتقارب خلقه.

و المزادة المتآزفة:الصّغيرة.(أساس البلاغة:5)

ابن برّيّ:المأزفة:العذرة،و جمعها:مآزف.

(ابن منظور 9:5)

ابن الأثير: «و قد أزف الوقت و حان الأجل»أي دنا و قرب.(1:45)

عبد اللّطيف البغداديّ: تقول:أزف الوقت:

قرب،و أزف التّرحّل:دنا،و الأزف:الضّيق،و لا يقال:زاف إلاّ في المشي.(ذيل فصيح ثعلب:11)

ابن منظور :أزف يأزف أزفا و أزوفا:اقترب.

و كلّ شيء اقترب،فقد أزف أزفا،أي دنا و أفد.

و الآزفة:القيامة لقربها،و إن استبعد النّاس مداها.

(9:4)

ص: 248

نحوه الطّريحيّ.(5:23)

الفيّوميّ: أزف الرّحيل أزفا من باب«تعب» و أزوفا:دنا و قرب.و أزفت الآزفة:دنت القيامة.

(1:13)

الفيروزآباديّ: أزف التّرحّل كفرح أزفا و أزوفا:

دنا،و الرّجل:عجل،و الجرح-و يثلّث زايه-:اندمل، و الشّيء:قلّ.و الآزفة:القيامة.

و الأزف محرّكة:الضّيق و سوء العيش.

و المأزفة:العذرة و القذر،الجمع:مآزف.

و الأزفى كسكرى:السّرعة و النّشاط.و آزفني:

أعجلني.

و المتآزف:القصير المتداني،و المكان الضّيّق، و الرّجل السّيّئ الخلق الضّيّق الصّدر.

و التّآزف:الخطو المتقارب،و تآزفوا:تدانى بعضهم من بعض.(3:120)

الزّبيديّ: الآزف:المستعجل،و المتآزف:الضّعيف الجبان.(6:39)

مجمع اللّغة: أزف الوقت،كفرح:اقترب و دنا.

و الآزفة:القيامة،سمّيت بذلك لأزوفها،أي قربها.

و يوم الآزفة هو يوم القيامة.(1:37)

محمود شيت: 1-أ-أزف الوقت أزفا و أزوفا:

دنا،و الرّجل:عجل،و الجرح:اندمل.

ب-آزفه إيزافا:أعجله.

ج-تآزف الخطو:تقارب،و القوم:تدانى بعضهم من بعض.

د-الآزفة:القيامة.

2-أ-أزف وقت الهجوم:دنا،و الجرح:اندمل.

ب-تآزف الخطو:تقارب.و التّشكيل الآزف:

الصّفوف المتقاربة من بعضها.(1:44)

المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة هو القرب و الدّنوّ مع العجل،و أمّا ضيق الوقت فهو لازم هذا المعنى،فيكون معنى مجازيّا،و يفهم من إطلاق اللّفظ من باب الالتزام.(1:68)

النّصوص التّفسيريّة

ازفت

أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. النّجم:57

ابن عبّاس: الآزفة:من أسماء يوم القيامة،عظّمه اللّه و حذّره عباده.(الطّبريّ 27:81)

مجاهد: اقتربت السّاعة.(2:633)

مثله ابن زيد.(الطّبريّ 27:81)

الفرّاء: قربت القيامة.(3:103)

مثله ابن قتيبة(430)،و القمّيّ(2:340)، و الطّباطبائيّ(19:51).

الطّبريّ: دنت الدّانية.و إنّما يعني دنت القيامة القريبة منكم أيّها النّاس،يقال منه:أزف رحيل فلان، إذا دنا و قرب.(27:81)

الطّوسيّ: معناه دنت القيامة،و هي الدّانية.

و إنّما سمّيت القيامة آزفة،و هي الدّانية،لأنّ كلّ آت قريب،فالقيامة قد قربت بالإضافة إلى ما مضى من المدّة،من لدن خلق اللّه الدّنيا.(9:440)

نحوه الطّبرسيّ.(5:183)

ص: 249

الزّمخشريّ:قربت الموصوفة بالقرب في قوله تعالى: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ القمر:1.(4:35)

نحوه البيضاويّ(2:434)،و ابن كثير(6:465).

الفخر الرّازيّ: هو كقوله تعالى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ، و يقال:كانت الكائنة.و هذا الاستعمال يقع على وجوه:

منها:ما إذا كان الفاعل صار فاعلا لمثل ذلك الفعل من قبل،ثمّ صدر منه مرّة أخرى مثل الفعل،فيقال:فعل الفاعل،أي الّذي كان فاعلا صار فاعلا مرّة أخرى، يقال:حاكه الحائك،أي من شغله ذلك من قبل فعله.

و منها:ما يصير الفاعل فاعلا بذلك الفعل،و منه يقال:«إذا مات الميّت انقطع عمله»و«إذا غصب العين غاصب ضمنه»فقوله: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ يحتمل أن يكون من القبيل الأوّل،أي قربت السّاعة الّتي كلّ يوم يزداد قربها،فهي كائنة قريبة و ازدادت في القرب.

و يحتمل أن يكون كقوله تعالى: وَقَعَتِ الْواقِعَةُ أي قرب وقوعها.

و(ازفت)فاعلها في الحقيقة القيامة أو السّاعة، فكأنّه قال:أزفت القيامة الآزفة أو السّاعة أو مثلها.

(29:26)

القرطبيّ: أي قربت السّاعة و دنت القيامة.

و سمّاها آزفة لقرب قيامها عنده،كما قال: يَرَوْنَهُ بَعِيداً* وَ نَراهُ قَرِيباً المعارج:6،و قيل:سمّاها آزفة لدنوّها من النّاس و قربها منهم،ليستعدّوا لها،لأن كلّ ما هو آت قريب.(17:122)

نحوه المراغيّ.(27:29)

البروسويّ: في إيراده عقيب المذكورات إشعار بأنّ تعذيبهم مؤخّر إلى يوم القيامة تعظيما للنّبيّ عليه السّلام، و إن كانوا معذّبين في الدّنيا أيضا في الجملة،و اللاّم للعهد، فلذا صحّ الإخبار بدونها،و لو كانت للجنس لما صحّ، لأنّه لا فائدة في الإخبار بقرب آزفة ما.

فإن قلت:الإخبار بقرب الآزفة المعهودة لا فائدة فيه أيضا.

قلت:فيه فائدة و هو التّأكيد و تقرير الإنذار.

و المعنى دنت السّاعة الموصوفة بالدّنوّ في نحو قوله تعالى:

اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ أي في الدّلالة على كمال قربها،لما في صيغة«الافتعال»من المبالغة،ففي الآية إشارة إلى كمال قربها؛حيث نسب القرب إلى الموصوف به.

(9:259)

الآلوسيّ: أي قربت السّاعة الموصوفة بالقرب في غير آية من القرآن،ف«أل»في(الآزفة)للعهد لا للجنس،و قيل:(الآزفة)علم بالغلبة للسّاعة هنا.

و قيل:لا بأس بإرادة الجنس،و وصف القريب بالقرب للمبالغة.(27:71)

مثله القاسميّ.(15:5588)

عزّة دروزة:(أزفت):اقتربت.(الآزفة):كناية عن يوم القيامة؛حيث تتضمّن معنى القريبة.

(1:232)

المصطفويّ: اقتربت حادثة الموت و صيحة الرّحلة إلى عالم الآخرة،و تلك حادثة لا يردّها و لا يكشفها أحد.

فقد عبّر عن إقبال عالم الآخرة بالآزفة،فإنّه قريب

ص: 250

مستعجل.

و توضيح ذلك:أنّ كلّ حادثة من حوادث الدّنيا و ابتلاءاتها من المرض و الفقر و الفراق و الشّدائد و الآلام و المصيبات،يمكن ردّها و علاجها و تأخيرها،و لا يحكم بنزولها و إصابتها قطعا،إلاّ الموت فإنّه يدرك الإنسان أينما كان كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ آل عمران:185، نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ الواقعة:60، أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ النّساء:78،فباعتبار كونه قطعيّا لا رادّ له،و لا يقبل العلاج و التّغيير،و لا ينفع الفرار، قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ آل عمران:

168،يعبّر عنه و عن العالم الّذي وراءه بالآزفة،فإنّ كلّ آت باتّ فهو قريب مستعجل،و لا سيّما إذا كانت مصيبة عظيمة.

و التّعبير بصيغة الماضي(ازفت)للإشارة إلى القطعيّة و بتّيّة الموضوع،و في كلمة(اليوم)[في آية المؤمن] إشارة إلى أنّ وقوعها يكون في النّهار علنا لا في اللّيل المظلم سرّا.و حرف التّاء في(الآزفة)للمبالغة،و كأنّها في وحدتها تعقب حوادث و مصيبات و حالات شديدة مؤلمة،فبالنّظر إليها عبّرت بصيغة التّأنيث،و من جهة اتّصافها بها تدلّ على المبالغة و الشّدّة.و من الحوادث المتعقّبة وصول القلوب و توقّفها لدى الحناجر فيما قبل ظاهرا،و فيما بعد.(1:69)

الآزفة

وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ. المؤمن:18

مجاهد: يوم القيامة.(2:564)

مثله قتادة،و السّدّيّ،و ابن زيد.(الطّبريّ 24:52)، و أبو رزق(1:12).

قطرب: يوم حضور المنيّة.(القرطبيّ 15:302)

ابن قتيبة: القيامة.سمّيت بذلك لقربها،يقال:

أزفت فهي آزفة،و أزف شخوص فلان،أي قرب.

(386)

الزّجّاج: إنّما قيل لها[القيامة]آزفة،لأنّها قريبة و إن استبعد النّاس مداها،و ما هو كائن فهو قريب.

(الفخر الرّازيّ 27:49)

أبو مسلم الأصفهانيّ: يوم المنيّة و حضور الأجل.(الفخر الرّازيّ 27:49)

القفّال: أسماء القيامة تجري على التّأنيث كالطّامّة، و الحاقّة و نحوها،كأنّها يرجع معناها إلى الدّاهية.

(الفخر الرّازيّ 27:49)

الميبديّ: أي أنذر يا محمّد أهل مكّة يوم القيامة.

سمّيت القيامة آزفة لقربها، أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت القيامة.قال اللّه تعالى: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ القمر:1، اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ الأنبياء:1.

و قيل: يَوْمَ الْآزِفَةِ: يوم الوقت،وقت خروج الرّوح.(8:464)

الزّمخشريّ: القيامة:سمّيت بذلك لأزوفها،أي لقربها.و يجوز أن يريد ب(يوم الآزفة)وقت الخطّة الآزفة،و هي مشارفتهم دخول النّار.(3:420)

الطّبرسيّ: أي الدّانية،و هو يوم القيامة،لأنّ كلّ ما هو آت دان قريب،و قيل:يوم دنوّ المجازاة.

(4:518)

الفخر الرّازيّ:ذكروا في تفسير يَوْمَ الْآزِفَةِ

ص: 251

وجوها:

الأوّل:أنّ يَوْمَ الْآزِفَةِ هو يوم القيامة،و الآزفة «فاعلة»من أزف الأمر،إذا دنا و حضر،لقوله في صفة يوم القيامة أَزِفَتِ الْآزِفَةُ* لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ. النّجم:57،58.

و المقصود منه التّنبيه على أنّ يوم القيامة قريب، و نظيره قوله تعالى: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ القمر:1.

و اعلم أنّ(الآزفة)نعت لمحذوف مؤنّث على تقدير يوم القيامة الآزفة،أو يوم المجازاة الآزفة.

و القول الثّاني:أنّ المراد ب(يوم الآزفة)وقت الآزفة، و هي مسارعتهم إلى دخول النّار،فإنّ عند ذلك ترتفع قلوبهم عن مقارّها من شدّة الخوف.

و القول الثّالث:قال أبو مسلم: يَوْمَ الْآزِفَةِ:

يوم المنيّة،و حضور الأجل.و الّذي يدلّ عليه أنّه تعالى وصف يوم القيامة بأنّه يَوْمَ التَّلاقِ* يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ المؤمن:15،16،ثمّ قال بعده: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ المؤمن:18،فوجب أن يكون هذا اليوم غير ذلك اليوم،و أيضا هذه الصّفة مخصوصة في سائر الآيات بيوم الموت.قال تعالى: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ الواقعة:83،84، و قال: كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ القيامة:26.

و أيضا فوصف يوم الموت بالقرب أولى من وصف يوم القيامة بالقرب،و أيضا الصّفات المذكورة بعد قوله:

يَوْمَ الْآزِفَةِ لائقة بيوم حضور الموت،لأنّ الرّجل عند معاينة ملائكة العذاب يعظم خوفه،فكأنّ قلوبهم تبلغ حناجرهم من شدّة الخوف.و يبقون كاظمين ساكتين عن ذكر ما في قلوبهم من شدّة الخوف،و لا يكون لهم حميم و لا شفيع يدفع ما بهم من أنواع الخوف و القلق.

(27:49)

نحوه ملخّصا النّيسابوريّ.(24:33)

القرطبيّ: أي يوم القيامة.سمّيت بذلك لأنّها قريبة؛إذ كلّ ما هو آت قريب.و أزف فلان،أي قرب يأزف أزفا.و أضيف(اليوم)إلى(الآزفة)على تقدير:

يوم القيامة الآزفة،أو يوم المجادلة الآزفة.

و عند الكوفيّين هو من باب إضافة الشّيء إلى نفسه،مثل مسجد الجامع و صلاة الأولى.(15:302)

مثله البيضاويّ.(2:333)

أبو حيّان: (الآزفة)صفة لمحذوف تقديره:يوم السّاعة الآزفة،أو الطّامّة الآزفة،و نحو هذا.و لمّا اعتقب كلّ إنذار نوعا من الشّدّة و الخوف و غيرهما حسن التّكرار في الآزفة القريبة كما تقدّم،و هي مشارفتهم دخول النّار،فإنّه إذ ذاك تزيغ القلوب عن مقارّها من شدّة الخوف.(7:456)

ابن كثير: يَوْمَ الْآزِفَةِ اسم من أسماء يوم القيامة،و سمّيت بذلك لاقترابها،كما قال تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ، و قال:عزّ و جلّ اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ.

(6:131)

أبو السّعود: أي القيامة،سمّيت بها لأزوفها،و هو القرب،غير أنّ فيه إشعارا بضيق الوقت.

و قيل:الخطّة الآزفة،و هي مشارفة أهل النّار دخولها.

و قيل:وقت حضور الموت،كما في قوله تعالى:

ص: 252

فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ الواقعة:83،و قوله:

كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ. (5:6)

البروسويّ: (الآزفة)فاعلة من أزف الأمر على حدّ علم،إذا قرب،و المراد القيامة،و لذا أنّث،و نظيره:

أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت القيامة.و سمّيت بالآزفة لأزوفها و هو القرب،لأنّ كلّ آت قريب و إن استبعد اليائس أمده...ثمّ في الأزوف إشعار بضيق الوقت،و لذا عبّر عن القيامة بالسّاعة،و قيل: أَتى أَمْرُ اللّهِ النّحل:1،فعبّر عنها بلفظ الماضي تنبيها على قربها و ضيق وقتها.

و قال بعضهم: «أنذرهم يوم الخطّة الآزفة»أي وقتها،و هي مشارفة أهل النّار دخولها.(8:169)

نحوه الآلوسيّ(24:58)،و أبو رزق(1:42).

القاسميّ: أي الواقعة القريبة.(14:5161)

عزّة دروزة:(الآزفة):القريبة،أو الّتي تسوق النّاس،و تزفّهم بالسّرعة،و هي كناية عن السّاعة أو يوم القيامة.(5:110)

الطّباطبائيّ: (الآزفة)من أوصاف القيامة، و معناها القريبة الدّانية،قال تعالى: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَ نَراهُ قَرِيباً المعارج:6،7.(17:319)

نحوه فضل اللّه(21:270)

المصطفويّ: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ... إشارة إلى الانتقال إلى عالم الآخرة بالموت و الاحتضار،بقرينة إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ المؤمن:18.(1:68)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة الدّنوّ و العجلة.فمن الدّنوّ قولهم:أزف الرّحيل أو الوقت،أي دنا.و قولهم:تآزف القوم،أي تدانى بعضهم من بعض.و يقال:إنّه لمتآزف، أي متقارب بعض خلقه من بعض.و منه أيضا:

المتآزف،و هو المكان الضّيّق،لتقارب أركانه أو جدرانه،و يعني الخطو المتقارب،و الرّجل القصير المتداني،و الضّعيف الجبان،لضيق عيشه و دنوّ منزلته.

و منه:المآزف،و هي المواضع القذرة،واحدها مأزفة، و هي العذرة الّتي تكون في المواضع المنخفضة.و من العجلة:أزف الرّجل،إذا عجل.و آزفني فلان:

أعجلني؛«فعل»و«أفعل»بمعنى،غير أنّ الثّاني حمل الغير على العجلة.

أمّا قول الزّمخشريّ:أزف الرّحيل:دنا و عجل، فهو غير مستقيم،فكان حريّا به أن يذكر معنى الدّنوّ دون العجلة-كما فعل في الكشّاف-،لأنّ الفعل«أزف» إذا أسند إلى زمان كالسّاعة،أو إلى اسم معنى كالرّحيل فهو بمعنى الدّنوّ فقط،و إذا أسند إلى اسم جنس أو علم فهو بمعنى العجلة ليس إلاّ.و السّبب في ذلك أنّ فعل العجلة لا يسند إلاّ إلى كلّ ذي شعور،و لذلك فسّر المفسّرون«الأزف»بالدّنوّ و«الآزفة»بيوم القيامة في قوله: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ.

2-و إنّ مادّتي«أزف»و«وزف»جناس في اللّفظ.

و لعلّ الهمزة منقلبة عن واو،سيّما و أنّ الإقلاب شائع في

ص: 253

هذا الحرف،سواء وقع في أوّل الكلمة،مثل:أدّ و أكد عن ودّ و وكد،أم في وسط الكلمة،مثل:نام و باع عن نوم و بيع،أم في آخر الكلمة،مثل:رضي و مشى عن رضو و مشي.و هذا الضّرب من الإقلاب محكيّ عن تميم و هذيل و الأوس و الخزرج؛فتميم تقول في وقاط:

إقاط،و وشاح:إشاح،و وجيل:أجيل.و تقول هذيل في وقاء:إقاء،و وعاء:إعاء،و ودّ:أدّ،و وشاح:إشاح.

و تقول الأنصار في رجل وائل:رجل آيل،و أوصدت:

آصدت،و وكّدت:أكّدت.

3-و يحتمل أن تكون الهمزة هي الأصل و الواو مقلوبة عنها،و هذه لغة دارجة عند طيّئ و سائر قبائل اليمن،و عند أهل الحجاز أيضا؛فأهل اليمن يقلبون الهمزة في فاء الفعل واوا دائما،فيقولون في آسيته:واسيته، و آخذته:واخذته،و آخيت:واخيت،و آتيته:واتيته.

و يقول الحجازيّون في أكف:و كف،و آكف:أوكف، و أكّد:وكّد.

4-و نرى الاحتمال الثّاني أقرب إلى الواقع من الأوّل لعدّة وجوه:

منها:أنّ همزة هذا الفعل تبقى في مضارعه كما هو الحال في الأفعال الّتي تبتدئ بهمزة أصليّة،مثل:أبق يأبق،و أبى يأبى،و أتى يأتي،و أثر يأثر،و أثم يأثم...

و لو كانت واوا في الأصل لظهرت في المضارع،كما ظهرت في الأفعال:أجّ يؤجّ،و آلى يؤلي،و آب يئوب، و آد يئود،و آل يؤول.أو حذفت كما في:وضع يضع،و وثق يثق،و ودع يدع،و وذر يذر،و ورث يرث.

و منها:أنّ إبدال الهمزة واوا في الأفعال الّتي تبدأ بالهمزة هو لسهولة النّطق به،لأنّه حرف شفويّ.ثمّ إنّ حروف الفعل«أزف»قد جاءت مرتّبة من أقصى السّلّم الصّوتيّ إلى أدناه.فمخرج الهمزة يقع في أقصى الحلق و هو نقطة الانطلاق،و الزّاء في الجوف و هو نقطة الوسط، و الفاء بين الشّفتين و هما خطّ النّهاية.

أما النّطق بالفعل«وزف»فنقطة الابتداء فيه هي الشّفتان،و الجوف هو نقطة الذّهاب و الإياب،و الشّفتان خطّ النّهاية أيضا.فالصّوت يقطع المسافة الأولى بدرجة «88»في حساب الجمل،و يقطع المسافة الثّانية بدرجة «93».و الفرق بينهما«5»درجات،و هو الفرق بين الاستقامة و الانعطاف بين النّطق بالهمزة و الواو.

5-و لو أمعنّا النّظر في ألفاظ القرآن الّتي تتنازع فيها الهمزة و الواو لرأينا أنّ مهدها مكّة المكرّمة،و هي يوم ذاك مسكن قبائل مختلطة من الشّمال،أي الجزيرة العربيّة،و من الجنوب،أي اليمن.فضلا عن ذلك فإنّ مكّة تحيط بها قبائل شتّى أيضا من أهل الشّمال و الجنوب؛فتحدّها من الشّمال المدينة المنوّرة،و هي مسكن الأوس و الخزرج و هما من اليمن،و من الجنوب الطّائف الّتي تسكنها ثقيف و قريش و هذيل من أهل الشّمال و حمير من أهل الجنوب،و من الشّرق صحراء نجد الّتي تسكنها قبائل البدو الشّماليّة و الجنوبيّة،و من الغرب جدّة،و هي مسكن قبائل الشّمال و الجنوب مثل قضاعة.فلغة مكّة-إذا-تهاميّة حجازيّة نجديّة عروضيّة يمنيّة،ففيها تتبلبل الألسن و تختلط.

و نرى صدى هذه البلبلة في القرآن بوضوح،فمرّة يورد لفظا بلغة أهل الشّمال من تميم و هذيل و من سائرهم

ص: 254

من الجنوبيّين و هم الأنصار،و ذلك قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ و قوله: عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ البلد:20،و إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ الهمزة:8،و هما بلغة اليمنيّين «وزفت»و«موصدة»بدون همز.و مرّة أخرى بلغة أهل الجنوب و من حاكاهم من الشّماليّين من أهل الحجاز، و ذلك قوله: وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها النّحل:91،و قوله: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ الكهف:18،و هما بلغة عامّة الشّماليّين «تأكيد»و«أصيد».

6-و يلاحظ بين«أزف»و«وزف»تطابق في المعنى أيضا إذ كلاهما يدلاّن على الدّنوّ و العجلة،قال ابن دريد:الوزف:العجلة-لغة يمانيّة-وزفته أزفه وزفا،إذا استعجلته.(ابن دريد 3:13)

و قال الجوهريّ:وزف،أي أسرع.و الوزيف:

سرعة السّير،مثل الزّفيف.(الجوهريّ 4:1438)

و نقل ابن منظور عن ثعلب قوله:وزف إليه:دنا.

و توازف القوم:دنا بعضهم من بعض.

(ابن منظور 9:356)

الاستعمال القرآنيّ

جاءت منها كلمتان:أزفت و آزفة في آيتين:

1- وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ المؤمن:18

2- أَزِفَتِ الْآزِفَةُ* لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ النّجم:57،58

و فيهما بحوث

1-جاءت-كما ترى-ثلاث مرّات،في آيتين مكّيّتين،بلفظين؛مرّة بلفظ(أزفت)و مرّتين بلفظ (الآزفة)بلام العهد،مثل:الواقعة،و القيامة،و السّاعة، و الحاقّة،و اليوم الآخر و غيرها من أسماء القيامة.و قلّة استعمال مثل هذه الموادّ-كما قلنا مرارا-يفصح عن عدم شيوعها و استعمالها في لغة العرب.و لعلّها لغة مقصورة على قريش في مكّة،فلم يستعملها القرآن إلاّ هناك، و بمعنى القيامة،لما فيها من الدّلالة على القرب و السّرعة و العجلة،فيعظم أمرها في نفوس النّاس فيخافونها و يستعدّون لها.على أنّ اختلاف التّعبير و كثرة الأسماء و تنوّع العناوين ليوم القيامة له دخل في تعظيم أمرها و تهويلها،فالقرآن سمّى«القيامة»بأسماء و ألفاظ لا يستأنس بها النّاس،إعجابا و تخويفا و تهويلا منها.

2-و في كلام الفخر الرّازيّ ما يميط اللّثام عن سرّ هذا النّمط من التّعبير أَزِفَتِ الْآزِفَةُ و وَقَعَتِ الْواقِعَةُ الواقعة:1،الّذي جاء الفاعل فيه بلفظ الفعل،و هو من قبيل«شعر شاعر»ففيه تأكيد على اقتراب السّاعة و سرعة مجيئها،كما أنّ في وَقَعَتِ الْواقِعَةُ تأكيد على وقوعها بلا ريب و شكّ،فهذه مثل: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ القمر:1.

3-و أكثر المفسّرين فسّروا(الآزفة)بيوم القيامة أو دخول النّار في كلتا الآيتين،و فسّرها بعضهم شذوذا بالموت في آية المؤمن أو في كلتيهما،و هذا التّفسير بعيد عن السّياق،لأنّ الآيات المتقدّمة عليها في سورة المؤمن تتحدّث عن يوم القيامة،و الّتي بعدها تتحدّث عن شدّة العذاب في ذلك اليوم.و أنّه ليس للظّالمين يومئذ من

ص: 255

حميم و لا شفيع يطاع.

و أمّا آية النّجم،فكالصّريح في ذلك؛حيث قال قبلها: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى و الإنذار المطلق في القرآن يرجع إلى الآخرة،و قوله: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ، يدلّ على أن لا أحد غير اللّه يقدر على كشف عذاب ذلك اليوم.

ص: 256

إستبرق

اشارة

لفظ واحد،4 مرّات:2 مكّيّتان،2 مدنيّتان

في 4 سور:2 مكّيّتين،2 مدنيّتين

النّصوص اللّغويّة و التّفسيريّة

1- ..وَ يَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ..

الكهف 31

2- يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ.

الدّخان:53

3- مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ...

الرّحمن:54

4- عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَقٌ

الدّهر:21

ابن عبّاس: الدّيباج الغليظ بلغة توافق لغة الفرس.(اللّغات في القرآن:33)

نحوه عكرمة(الطّبريّ 27:149)،و الضّحّاك (السّيوطيّ 2:130)،و قتادة(الطّبريّ 29:222)، و ابن إسحاق،و الفرّاء(الطّوسيّ 9:480)،و ثعلب (الآلوسيّ 25:135).

عكرمة: ما ثخن من السّندس.

(القرطبيّ 10:397)

الضّحّاك: معرّب إستبره،و هي كلمة عجميّة و معناها الغليظ.(الآلوسيّ 15:271)

ابن قتيبة: السّندس:رقيق الدّيباج، و الإستبرق:ثخينه.و يقول قوم:فارسيّ معرّب،أصله:

إستبره،و هو الشّديد.(267)

هو روميّ عرّب،و أصله:إستبره،فأبدلوا الهاء قافا.(الآلوسيّ 15:271)

الطّبريّ: السّندس جمع،واحدها:سندسة،و هي ما رقّ من الدّيباج و الإستبرق:ما غلظ منه و ثخن.

قيل:إنّ الإستبرق هو الحرير.(15:243)

و الإستبرق عند العرب:ما غلظ من الدّيباج و خشن.

و كان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول:يسمّى المتاع الّذي ليس في صفاقة الدّيباج و لا

ص: 257

خفّة العرقة:إستبرقا.(27:149)

قوله: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَقٌ الدّهر:21،اختلف القرّاء في قراءة ذلك،فقرأه أبو جعفر القارئ و أبو عمرو برفع(خضر)على أنّها نعت للثّياب،و خفض(إستبرق)عطفا به على السّندس، بمعنى و ثياب إستبرق.

و قرأ ذلك عاصم و ابن كثير(خضر)خفضا (و إستبرق)رفعا،عطفا بالإستبرق على الثّياب،بمعنى عاليهم إستبرق،و تصييرا للخضر نعتا للسّندس.

و قرأ نافع ذلك(خضر)رفعا على أنّها نعت للثّياب (و إستبرق)رفعا،عطفا به على الثّياب.

و قرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة(خضر و استبرق) خفضا كلاهما.

و قرأ ذلك ابن محيصن بترك إجراء الإستبرق (و إستبرق)بالفتح،بمعنى و ثياب إستبرق،و فتح ذلك، لأنّه وجّهه إلى أنّه اسم أعجميّ.

و لكلّ هذه القراءات الّتي ذكرناها وجه و مذهب؛ غير الّذي سبق ذكرنا،عن ابن محيصن،فإنّها بعيدة من معروف كلام العرب؛و ذلك أنّ«الإستبرق»نكرة، و العرب تجري الأسماء النّكرة و إن كانت أعجميّة.

(29:222)

الزّجّاج: هو الدّيباج الصّفيق الغليظ الحسن،و هو اسم أعجميّ،أصله بالفارسيّة:استفره،و نقل من العجميّة إلى العربيّة،كما سمّي«الدّيباج»،و هو منقول من الفارسيّة.(الأزهريّ 9:422)

إنّما قيل له:إستبرق،لشدّة بريقه.(الطّبرسيّ 5:68)

ابن دريد:و ممّا أخذ من السّريانيّة الإستبرق «إستروه»ثياب حرير صفاق نحو الدّيباج،و أصله:

إستروه.(3:502)

السّجستانيّ: هو ثخين الدّيباج،و هو فارسيّ معرّب.(113)

الأزهريّ: قيل:هذه«إستبرق،استفره»حروف عربيّة وقع فيها وفاق بين ألفاظها في العجميّة و العربيّة، و هذا عندي هو الصّواب.(9:422)

الجوهريّ: الدّيباج الغليظ،فارسيّ معرّب، و تصغيره:أبيرق.(4:1450)

القيسيّ: ما غلظ من الدّيباج،و(إستبرق)اسم أعجميّ نكرة،فلذلك انصرف،و ألفه ألف قطع في الأسماء الأعجميّة.

و قد قرأه ابن محيصن بغير صرف،و هو وهم إن جعله اسما،لأنّه نكرة منصرف.

و قيل:بل جعله فعلا ماضيا من«برق»فهو جائز في اللّفظ،بعيد في المعنى.

و قيل:إنّه في الأصل فعل ماض على«استفعل»من «برق»فهو عربيّ من«البريق»فلمّا سمّي به قطعت ألفه،لأنّه ليس من أصل الأسماء أن يدخلها ألف الوصل،و إنّما دخلت في أسماء معتلّة،مغيّرة عن أصلها، معدودة لا يقاس عليها.(2:441)

الطّوسيّ: الغليظ من الدّيباج.قيل:هو الحرير.

(7:40)

مثله الطّبرسيّ.(3:467)

قيل:المتاع الصّينيّ من الحرير،و هو بين الغليظ

ص: 258

و الرّقيق.(9:480)

قرأ نافع و حفص عن عاصم(خضر و إستبرق) بالرّفع فيهما.و قرأ حمزة و الكسائيّ بالجرّ فيهما.و قرأ ابن كثير و عاصم في رواية أبي بكر(خضر)جرّا(و إستبرق) رفعا.و قرأ ابن عامر و أبو عمرو(خضر)رفعا و (إستبرق)جرّا.

من رفعهما جعل(خضر)نعتا للثّياب،و عطف عليه (إستبرق)،و من جرّهما جعل(خضر)من نعت (سندس)و عطف عليه(إستبرق)،و تقديره:عاليهم ثياب إستبرق.

و من رفع الأوّل جعله من نعت الثّياب،و جرّ الثّاني على أنّه عطف على(سندس)كأنّ عليهم ثياب سندس.

و من جعل(خضر)نعتا ل(سندس)فلأنّه اسم جنس يقع على الجميع،فلذلك قال:(خضر).و من جعله نعتا للثّياب فعلى اللّفظ.[إلى أن قال:]

و الإستبرق:الدّيباج الغليظ الّذي له بريق،فهم يتصرّفون في فاخر اللّباس كما يتصرّفون في لذيذ الطّعام و الشّراب.

و قيل:الإستبرق:له غلظ الصّفاقة لا غلظ السّلك كغلظ الدّبيقيّ،و إن كان رقيق السّلك.

(10:217،218)

نحوه الميبديّ(10:325)،و القرطبيّ(19:

147)،و الشّربينيّ(4:457).

الميبديّ: الإستبرق:الدّيباج الرّوميّ.

و قيل:السّندس:الرّقيق من الدّيباج.و الإستبرق:

الصّفيق العين.

و قيل:الإستبرق:ديباج يعمل بالذّهب،كأنّه عرّب من«إستبر».(5:682)

ما غلظ و صفق نسجه،يجري مجرى الدّثار،و هو أرفع نوع من أنواع الحرير.

و الحرير نوعان:نوع كلّما كان أرقّ كان أنفس، و نوع كلّما كان أرزن بكثرة الإبريسم كان أنفس.

و قيل:(إستبرق)من كلام العجم،و هو الدّيباج الغليظ،عرّبت بالقاف.(9:114)

الدّيباج الثّخين الغليظ.(9:427)

الزّمخشريّ: جمع بين السّندس و هو ما رقّ من الدّيباج،و بين الإستبرق و هو الغليظ منه،جمعا بين النّوعين.(2:483)

قيل:السّندس:ما رقّ من الدّيباج،و الإستبرق:ما غلظ منه،و هو تعريب«إستبر».

فإن قلت:كيف ساغ أن يقع في القرآن العربيّ المبين لفظ أعجميّ؟

قلت:إذا عرّب خرج من أن يكون عجميّا،لأنّ معنى التّعريب أن يجعل عربيّا بالتّصرّف فيه،و تغييره عن منهاجه،و إجرائه على أوجه الإعراب.(3:507)

من ديباج ثخين.(4:49)

و قرئ(و إستبرق)نصبا في موضع الجرّ على منع الصّرف،لأنّه أعجميّ،و هو غلط،لأنّه نكرة يدخله حرف التّعريف،تقول:الإستبرق.إلاّ أن يزعم ابن محيصن أنّه قد يجعل علما لهذا الضّرب بين الثّياب.

و قرئ(و استبرق)بوصل الهمزة و الفتح،على أنّه مسمّى ب«استفعل»من البريق،و ليس بصحيح أيضا،

ص: 259

لأنّه معرّب مشهور تعريبه،و أنّ أصله:استبره.

(4:199)

الجواليقيّ: غليظ الدّيباج،فارسيّ معرّب و أصله:استفره،و نقل من العجميّة إلى العربيّة،فلو حقّر «إستبرق»أو كسّر لكان في التّحقير«أبيرق»،و في التّكسير«أبارق»بحذف التّاء و السّين جميعا.(63)

الطّبرسيّ: أي من الدّيباج الرّقيق و الغليظ.

و قيل:إنّ الإستبرق فارسيّ معرّب أصله:استبره.

و قيل:هو الدّيباج المنسوج بالذّهب.(3:467)

الدّيباج الغليظ الصّفيق.(5:68)

الدّيباج الغليظ الّذي له بريق.(5:410)

هو ما غلظ من الثّياب،و لا يراد به الغلظ في السّلك، إنّما يراد به الثّخانة في النّسج.(5:411)

قيل:السّندس:ما يلبسونه،و الإستبرق:

ما يفترشونه.(5:69)

أبو البركات: اسم أعجميّ،و هو غليظ الدّيباج، و أصله:استبره،فأبدلوا من الهاء قافا،كما قالوا:يرق و مهرق،و أصله بالفارسيّة:يره و مهره،فأبدلوا من الهاء قافا،فقالوا:يرق و مهرق.و ألفه ألف قطع،و هو منصرف،لأنّه يحسن فيه دخول الألف و اللاّم،و ليس باسم علم كإبراهيم.و من لم يصرفه فقد وهم.

(2:484)

الفخر الرّازيّ: هو الدّيباج الثّخين،و كما أنّ الدّيباج معرّب بسبب أنّ العرب لم يكن عندهم ذلك إلاّ من العجم استعمل الاسم المعجم فيه،غير أنّهم تصرّفوا فيه تصرّفا،و هو أنّ اسمه بالفارسيّة«ستبرك»بمعنى ثخين،تصغير«ستبر»فزادوا فيه همزة متقدّمة عليه، و بدّلوا الكاف بالقاف.

أمّا الهمز فلأنّ حركات أوائل الكلمة في لسان العجم غير مبيّنة في كثير من المواضع فصارت كالسّكون، فأثبتوا فيه همزة كما أثبتوا همزة الوصل عند سكون أوّل الكلمة.

ثمّ إنّ البعض جعلوها همزة وصل،و قالوا:(من استبرق)،و الأكثرون جعلوها همزة قطع،لأنّ أوّل الكلمة في الأصل متحرّك لكن بحركة فاسدة،فأتوا بهمزة تسقط عنهم الحركة الفاسدة و تمكّنهم من تسكين الأوّل،و عند تساوي الحركة فالعود إلى السّكون أقرب، و أواخر الكلمات عند الوقف تسكن و لا تبدل حركة بحركة.

و أمّا القاف فلأنّهم لو تركوا الكاف لاشتبه «ستبرك»بمسجدك و دارك،فأسقطوا منه الكاف الّتي هي على لسان العرب في آخر الكلم للخطاب و أبدلوها قافا.

ثمّ عليه سؤال مشهور و هو أنّ القرآن أنزل بلسان عربيّ مبين و هذا ليس بعربيّ؟

و الجواب:الحقّ أنّ اللّفظة في أصلها لم تكن بين العرب بلغة،و ليس المراد أنّه أنزل بلغة هي في أصل وضعها على لسان العرب،بل المراد أنّه منزل بلسان لا يخفى معناه على أحد من العرب،و لم يستعمل فيه لغة لم تتكلّم العرب بها،فيصعب عليهم مثله لعدم مطاوعة لسانهم التّكلّم بها،فعجزهم عن مثله ليس إلاّ لمعجز.(29:126)

ص: 260

السّندس:ما رقّ من الدّيباج،و الإستبرق:ما غلظ منه.و كلّ ذلك داخل في اسم الحرير.(30:253)

قيل:السّندس:ما رقّ من الدّيباج،و الإستبرق:

ما غلظ منه،و هو تعريب«إستبرك».

فإن قالوا:كيف جاز ورود الأعجميّ في القرآن؟

قلنا:لمّا عرّب فقد صار عربيّا.(27:253)

المراد من سندس الآخرة و إستبرق الآخرة،و الأوّل هو الدّيباج الرّقيق و هو الخزّ،و الثّاني هو الدّيباج الصّفيق.

و قيل:أصله فارسيّ معرّب،و هو«إستبره»أي غليظ.(21:122)

ابن الأثير: قد تكرّر ذكر«الإستبرق»في الحديث،و هو ما غلظ من الحرير و الإبريسم،و هي لفظة أعجميّة معرّبة أصلها:إستبره.(1:47)

القرطبيّ:فالإستبرق:الدّيباج.ابن بحر:

المنسوج بالذّهب.القتبيّ:فارسيّ معرّب.الجوهريّ:

و تصغيره:أبيرق.و قيل:هو«استفعل»من البريق.

و الصّحيح أنّه وفاق بين اللّغتين؛إذ ليس في القرآن ما ليس من لغة العرب على ما تقدّم،و اللّه أعلم.

(10:397)

ما غلظ من الدّيباج و خشن.(17:179)

نحوه القاسميّ.(17:6014)

و قرئ(و استبرق)بوصل الهمزة و الفتح،على أنّه سمّي ب«استفعل»من البريق.و ليس بصحيح أيضا،لأنّه معرّب مشهور تعريبه،و أنّ أصله:إستبرك.

(19:146)

البيضاويّ: السّندس:ما رقّ من الحرير، و الإستبرق:ما غلظ منه،معرّب«استبره»،أو مشتق من«البراقة».(2:378)

من ديباج ثخين.(2:444)

النّسفيّ: السّندس:ما رقّ من الدّيباج،و إستبرق:

ما غلظ منه،أي يجمعون بين النّوعين.(3:12)

نحوه القاسميّ.(11:4057)

أبو حيّان: قيل:مسمّى بالفعل و هو إستبرق من البريق،فقطعت بهمزة وصله.

و قيل:اسم الحرير.(6:93)

و قرأ ابن محيصن(و استبرق)بوصل الألف و فتح القاف حيث وقع،جعله فعلا ماضيا على وزن «استفعل»من البريق،و يكون«استفعل»فيه موافقا للمجرّد الّذي هو«برق»،كما تقول:قرّ و استقرّ،بفتح القاف،ذكره الأهوازيّ في«الإقناع»عن ابن محيصن.

قال ابن محيصن وحده: (و استبرق)بالوصل و فتح القاف،حيث كان لا يصرفه،انتهى.

فظاهره أنّه ليس فعلا ماضيا بل هو اسم ممنوع الصّرف.

و قال ابن خالويه: جعله«استفعل»من البريق ابن محيصن،فظاهره أنّه فعل ماض.و خالفهما صاحب «اللّوامح».

قال ابن محيصن: (و استبرق)بوصل الهمزة في جميع القرآن.

فيجوز أنّه حذف الهمزة تخفيفا على غير قياس، و يجوز أنّه جعله عربيّة من برق يبرق بريقا؛و ذلك إذا

ص: 261

تلألأ الثّوب لجدّته و نضارته،فيكون وزنه«استفعل»من ذلك.فلمّا تسمّى به عامله معاملة الفعل في وصل الهمزة و معاملة المتمكّنة من الأسماء في الصّرف و التّنوين.و أكثر التّفاسير على أنّه عربيّة و ليس بمستعرب دخل في كلامهم فأعربوه،انتهى.

و يمكن أن يكون القولان روايتين عنه:فتح القاف و صرفه التّنوين.

و ذكر أبو الفتح ابن جنّيّ قراءة فتح القاف،و قال:

هذا سهو أو كالسّهو،انتهى.

و إنّما قال ذلك لأنّه جعله اسما،و منعه من الصّرف لا يجوز،لأنّه غير علم و قد أمكن جعله فعلا ماضيا، فلا تكون هذه القراءة سهوا.(6:122)

الفيروزآباديّ: الدّيباج الغليظ،معرّب «استروه»،أو ديباج يعمل بالذّهب،أو ثياب حرير صفاق نحو الدّيباج،أو قدّة حمراء كأنّها قطع الأوتار، و تصغيره:أبيرق.(3:220)

الطّريحيّ: هو ثخين الدّيباج،يقال:هو أغلظ من الحرير و الإبريسم،و السّندس رقيقه.(5:137)

البروسويّ: السّندس و الإستبرق:ما رقّ من الدّيباج و ما غلظ منه،و الدّيباج:الثّوب الّذي سداه و لحمته إبريسم.

و استبرق ليس ب«استفعل»من البرق كما زعمه بعض النّاس بل معرّب«إستبره»،جمع بين النّوعين للدّلالة على أنّ لبسهما ممّا تشتهي الأنفس و تلذّ الأعين.(5:243)

قرأ ورش عن نافع،و رويس عن يعقوب:(من استبرق)بحذف الألف و كسر النّون لإلقاء حركة الهمزة عليها،و الباقون بإسكان النّون و كسر الألف و قطعها.

و الإستبرق:ما غلظ من الدّيباج.

قيل:هو«استفعل»من«البريق»و هو الإضاءة.

و قيل:من«البرقة»و هو اجتماع ألوان،و جعل اسما فأعرب إعرابه.و قد سبق شرحه في الدّخان.

و المعنى من ديباج ثخين،و حيث كانت بطائنها كذلك،فما ظنّك بظهائرها؟يعني أنّ الظّهارة كانت أشرف و أعلى،كما قال عليه السّلام:«لمناديل سعد بن معاذ في الجنّة أحسن من هذه الحلّة»فذكر المنديل دون غيره تنبيها بالأدنى على الأعلى.

و قيل:ظهائرها من سندس أو من نور،أو هو ممّا قال اللّه تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ السّجدة:17.(9:307)

يحتمل عندي أن يكون السّندس لباس المقرّبين، و الإستبرق لباس الأبرار،يدلّ عليه أنّ شراب المقرّبين هو التّسنيم الخالص،و شراب الأبرار هو الرّحيق الممزوج به؛و ذلك أنّ المقرّبين أهل الذّات،و الأبرار أهل الصّفات،فكما أنّ الذّات أرقّ من الصّفات،فكذا لباس أهل الذّات و شرابهم أرقّ و أصفى من لباس أهل الصّفات و شرابهم،ثمّ إنّ الإستبرق من كلام العجم عرّب بالقاف.[و نقل قول الفيروزآباديّ و الجواليقيّ ثمّ قال:]

و التّعريب جعل العجميّ بحيث يوافق اللّفظ العربيّ بتغييره عن منهاجه و إجرائه على أوجه الإعراب، و جاز وقوع اللّفظ العجميّ في القرآن العربيّ،لأنّه إذا

ص: 262

عرّب خرج من أن يكون عجميّا إذا كان متصرّفا تصرّف اللّفظ العربيّ من غير فرق.

فمن قال:القرآن أعجميّ يكفر،لأنّه معارضة لقوله تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا يوسف:2،و إذا قال:فيه كلمة أعجميّة،ففي أمره نظر،لأنّه إن أراد وقوع الأعجميّ فيه بتعريب فصحيح،و إن[أراد]بلا تعريب فغلط.

(8:429)

(إستبرق)بالرّفع عطفا على(ثياب)بحذف المضاف،أي ثياب إستبرق،و هو معرّب«إستبره»بمعنى الغليظ؛لكونه اسما للدّيباج الغليظ الّذي له بريق.

(10:275)

الآلوسيّ: قال ابن بحر:هو ديباج منسوج بذهب.

[ثمّ نقل قراءة ابن محيصن الّذي مرّ ذكره عن أبي حيّان، و قال:]

و لا يخفى أنّه مخالف للنّقلين السّابقين،و يمكن أن يقال:إنّ لابن محيصن قراءتين فيه الصّرف و المنع منه، فنقل بعض قراءة و بعض آخر أخرى،لكن ذكر ابن جنّيّ أنّ قراءة«فتح القاف»سهو أو كالسّهو.

و في الجمع بين السّندس و الإستبرق إشعار ما بأنّ لأولئك القوم في الجنّة ما يشتهون،و نكرا لتعظيم شأنهما، و كيف لا؛و هما وراء ما يشاهد من سندس الدّنيا و إستبرقها،بل و ما يتخيّل من ذلك؟(15:272)

قال الخفاجيّ:معنى«إستبر»في لغة الفرس الغليظ مطلقا،ثمّ خصّ بغليظ الدّيباج و عرّب.

و قيل:إنّه عربيّ من البراقة،و أيّد بقراءته بوصل الهمزة،و هو كما ترى.

و قرأ ابن محيصن(و استبرق)فعلا ماضيا كما في «البحر»،و الجملة حينئذ قيل:معترضة،و قيل:حال من(سندس)،و المعنى يلبسون من سندس و قد برق لصقالته و مزيد حسنه.(25:135)

قيل:ما غلظ من ثياب الحرير.[و فيه أبحاث أخر فراجع](29:162)

القاسميّ: ما رقّ من الحرير و كثف.

(14:5315)

فريد وجدي: هو ما غلظ من الحرير.(783)

سيّد قطب: المخمل الحرير السّميك.فكيف بظهائر هذه الفرش إذا كانت تلك بطائنها؟(6:3457)

الحرير السّميك المبطن.(6:3783)

مجمع اللّغة: الإستبرق و السّندس نوعان من الحرير.(1:37)

المراغيّ: ما غلظ منه الدّيباج،و هو روميّ معرّب.

(15:141)

أي حرير فيه بريق و لمعان.(15:136)

الطّباطبائيّ: الحرير الغليظ.(19:109)

ما غلظ نسجه من ثياب الحرير،و هو معرّب كالسّندس.(20:130)

العدنانيّ: يقولون:كان الإستبرق القرمزيّ رائعا.الإستبرق:الدّيباج الغليظ،و قيل:حرير غليظ يدخل في نسجه خيوط مذهّبة.و الصّواب كان الإستبرق القرمزيّ رائعا؛لأنّ الإستبرق اسم سداسيّ فارسيّ معرّب،أصله:إستبرك،في الفارسيّة،و ليس فعلا سداسيّا من الفعل«برق»كما و هم الجوهريّ،لكي

ص: 263

تكون همزته همزة وصل مثل:قد استبرق المكان:لمع بالبرق.

هنالك أسماء كثيرة تبدأ ب«أس أو إس أو إست» كالإسفنج و الإسفين«يونانيّتان»،و الأستاذ«فارسيّ معرّب»،و الإسترلينيّ و الإستركنين-مادّة سامّة جدّا- و إستنبول،و أستراليا،و جميعها تكتب بهمزة القطع لا همزة الوصل،الّتي تكتب بها الأفعال السّداسيّة على وزن«استفعل»،كاستبسل،و استقام،و استعدّ.

و يرى«التّهذيب»أنّ الإستبرق كلمة عربيّة،وقع وفاق بين حروفها في العجميّة و العربيّة.

و قد ذكر«الإستبرق»أربع مرّات في القرآن الكريم منها قوله تعالى: وَ يَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ الكهف:31، و همزاتها جميعا همزة قطع.

و وردت كلمة«إستبرق»في جميع المعاجم،بهمزة قطع و في حرف الهمزة في معظم المعاجم الحديثة،و في فصل الهمزة أيضا في معظم المعاجم القديمة،و ذكرت في حرفي الهمزة و الباء أو في فصلي الهمزة و الباء في البعض الآخر.

و وردت في«التّهذيب»في مادّة«ستبرق».و خيّل إلى الشّهاب وحده في«العناية»أنّ الهمزة همزة وصل، و هو وهم.

و نقل ابن جنّيّ في كتاب«الشّواذّ»عن ابن محيصن في قوله تعالى: بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ الرّحمن:54، قال:و كأنّه توهّمه فعلا.

و قال الفاسيّ،شيخ الزّبيديّ«صاحب التّاج»:

الصّواب في«إستبرق»أن يذكر في فصل الهمزة،لأنّه عجميّ إجماعا،و همزته همزة قطع في صحيح الكلام، و ليس مأخوذا من«البرق»حتّى يتوهّم أنّه«استفعل».

لذا لا تكتب كلمة«إستبرق»إلاّ بهمزة قطع.(15)

المصطفويّ: قد ظهر أنّ لغات«برق،إبريق، إستبرق»أصلها فارسيّة و قد عرّبت،و ليست مأخوذة من هذه المادّة.

برق معرّبة من كلمة«برّه».

إبريق معرّبة من كلمة«آب ريز».

إستبرق معرّبة من كلمة«إستبره».

يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ* بِأَكْوابٍ وَ أَبارِيقَ الواقعة:17 و 18،أي بآنية مصوغة لصبّ الماء و الغسل منها عند الغذاء و الطّعام.

يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ الدّخان:53، مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ الرّحمن:54.

يقال:السّندس:اللّطيف من الدّيباج،و الإستبرق:

الضّخيم منه.

و لم أجد مأخذا له في كتب اللّغة،و لا يبعد أن نقول:

إنّ«البرق»يطلق على الحمل،و هو الصّغير من الضّأن، لظرافته و حسن خلقه و لطف صورته،كما يطلق الإبريق على المرأة الحسناء.

و أمّا الإبريق فيطلق على إناء يصبّ منه الماء؛لكونه مصنوعا من فلزّ أبيض برّاق.

و أمّا الإستبرق فيطلق على لباس مأخوذ من ديباج يبرق و يلمع،و هو منقول من فعل و أصله:استبرق، أي طلب بتلبّسه هذا اللّباس البرق و اللّمعان،ثمّ جعل

ص: 264

اسما بهذا المنسوج.فعلى هذا تكون هذه اللّغات أيضا من تلك المادّة.(1:241،242)

الأصول اللّغويّة

1-إستبرق في الأصل اللّغويّ استفعل من«برق»، فالبرق:اللّمعان،و استبرق:طلب اللّمعان،فمادّته «ب ر ق»كما عليه الكثير من المعاجم.غير أنّ «إستبرق»هذا اسم و ليس فعلا على وزن«استفعل»، فلا علاقة له بمادّة«ب ر ق»،و لهذا يجب فصله عن هذه المادّة في البحث.فهو معرّب إمّا عن لفظ«استفره» الفارسيّ،أو«إستبره»الرّوميّ.

و هناك من يقول-كالطّبريّ-:بأنّ أمثال هذه الألفاظ عربيّة على الرّغم من وجود نظير لها في لغة أخرى،فهذا من باب توارد اللّغات،و للبحث محلّ آخر.

2-و هو نوع من الحرير يخاط منه الثّوب و يلبس،أو تحشى به الفرش.و نظرا لغلائه و ندرته و بعد منشئه فقد أصبح مقصورا على الأثرياء و الأشراف و المترفين و الملوك كغيره من أسباب العيش و الحضارة،فهو إمّا أثر للحضارة الفارسيّة أو الرّوميّة الّتي سرت إلى العرب، فلم يكن في متناول أيدي عامّة النّاس؛و لذلك كان، يمثّل عندهم طموحا يستصعبون الحصول عليه،فهم يحلمون بنيله و الظّفر به.و هذا ما تبنّاه القرآن و استثار به المشاعر و استثمرها،فجعله جزاء للمؤمنين في الدّار الآخرة.

3-و قد تفاوت النّقل في جنسه بين ما هو الدّيباج، أو نوع منه غليظ،أو صنف من الحرير.و لعلّه كان أنواعا مختلفة،منه فارسيّ،و منه روميّ،أو كان يختلف بحسب الأزمنة و الأمكنة مجاراة لتطوّر الحياة الاجتماعيّة كغيره من شئون الحياة و آثار الحضارة.

الاستعمال القرآنيّ

جاءت كلمة(إستبرق)أربع مرّات في القرآن؛ مرّتين في السّور المكّيّة،و مرّتين في المدنيّة:

أُولئِكَ لَهُمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ يَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً الكهف:31

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ* فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ* يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ* كَذلِكَ وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ الدّخان:51-54

وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ الرّحمن:46،إلى قوله: مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ الرّحمن:54

عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَقٌ وَ حُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً

الدّهر:21

و فيها بحوث:

1-يلاحظ أنّ(إستبرق)جاءت دائما في سياق الخبر دون الشّرط و غيره،و إن كان الغرض من هذا الخبر الوعد أيضا.و السّرّ في ذلك أنّ الخبر أوقع في النّفوس،و أثبت في التّعيين و التّصديق و الاطمئنان من الوعد،فكأنّه شيء وقع و تحقّق،لا أنّه وعد سيقع.

ص: 265

2-و الّذين أخبر اللّه عنهم بأنّهم سينالون هذه النّعمة هم:

(الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات)في(1).

و(المتّقين)في(2).

و(لمن خاف مقام ربّه)في(3).

و(الأبرار)في(4).

و هذه الأوصاف و إن كانت تنطبق كلّها على أهل الجنّة إلاّ أنّ مفاهيمها تختلف،و ربّما نكتشف من هنا طريقا يوقعنا على سرّ اختلاف السّياق في تلك الآيات، كما أنّ نزول الآيتين المتقدّمتين في مكّة،و المتأخّرتين في المدينة،ربّما يكون هو الآخر بصيص نور إلى ذلك.

3-و قد دلّت(إستبرق)على اللّباس في المكّيّتين، و سبقت بلفظة(سندس)و دلّت إحدى المدنيّتين على «الفرش»دون ذكر(سندس)معها،و دلّت الأخرى -و قد ذكر معها(سندس)-على ما يوضع على الجسد وضعا لا لبسا. عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَ إِسْتَبْرَقٌ.

4-و في المواضع الثّلاثة الّتي جاءت فيها(إستبرق) مع(سندس)عطفت الأولى على الثّانية و اكتسبت حكمها في الإعراب و الدّلالة،كما ورد في موضعين بلفظ مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ، تعبيرا عن الملابس.و في الموضع الثّالث كان يمكن أن تعطف على(سندس)أيضا عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ فيقال:و إستبرق،أي و ثياب إستبرق،لو لا أنّ ورود(إستبرق)مرفوعة، فصله عن كونه ثيابا مخيطة؛إذ عطف على الثّياب،و لا يجوز عطف الشّيء على نفسه بل على مثله و نظيره.فدلّ على أنّ«الإستبرق»في هذا الموضع ممّا يلحق بالثّياب، فيوضع عليهم كما توضع الثّياب.

و في هذا التّغاير الإعرابيّ إيحاء بتغاير في الدّلالة.

و لقد قرأ ابن كثير و أبو بكر:(ثياب سندس خضر و استبرق)اعترافا بهذا التّغاير الإعرابيّ و الدّلاليّ،و قرأ أهل البصرة،و أبو جعفر،و ابن عامر:(خضر و إستبرق)،و قرأ حمزة،و الكسائيّ،و خلف(خضر و إستبرق).و على هاتين القراءتين يحتمل أن يكون «الإستبرق»من جنس الثّياب المخيطة على تلوّن خاصّ؛ ففي قراءة(خضر و إستبرق)برفع الأولى و جرّ الثّانية، عطفت(إستبرق)على(سندس)فكانت مثلها،أي ثيابا، و في قراءة:(خضر و إستبرق)بجرّهما معا،يحتمل أن تكون(إستبرق)مثل(سندس)بتقدير الثّياب،و يحتمل غير ذلك أيضا.

5-و لذلك نرى أنّ(إستبرق)ذكرت في المكّيّتين باعتبارها جزء من الثّياب،أمّا في المدنيّتين فقد ذكرت باعتبارها بطانة للفرش و وسيلة للتّزيّن و التّجمّل تستعمل مع الثّياب.و يبدو أنّ أثرياء مكّة و متر فيها كانوا يستعملونه لباسا،و في المدينة-حيث كان مستوى المعيشة أرقى و أوسع-كانوا يتّخذونه فرشا و زينة و جمالا.فكذلك أهل الجنّة فهو لبعضهم ثياب و لآخرين -حيث مقامهم أعلى و أجلّ من الأوّلين-جمال و زينة، و اللّه أعلم.

6-و بين(سندس)و(إستبرق)فرق،و فيما يلي جملة ممّا قيل فيهما:

إنّ السّندس رقيق الدّيباج،و الإستبرق الغليظ منه،

ص: 266

و عليه الأكثر.

إنّهما نوعان من الحرير،و اللّفظان معرّبان.

إنّ السّندس ما يلبسونه،و الإستبرق ما يفترشونه.

إنّ السّندس الحرير،و الإستبرق الدّيباج الرّوميّ.

إنّ السّندس الرّقيق من الدّيباج،و الإستبرق الصّفيق العين.

إنّ الإستبرق ديباج يعمل بالذّهب،كأنّه عرّب من «إستبره».

إنّ السّندس أصله«سنديّ»نسبة إلى«سند»لأنّه يجلب منه،الأمر الّذي حمل بعضهم على احتمال كون لفظه هنديّ أيضا،و نقل الجواليقيّ في«المعرّب»قصّة ذلك.

إنّ السّندس يجري مجرى الشّعار لهم،و هو اللّين من الدّثار.

إنّ السّندس جمع«سندسة».و غير ذلك من الأقوال.

7-و مهما كان الفرق بينهما فيبدو أنّهما كانا مبهمين حتّى على العرب أنفسهم حين نزول القرآن،لأنّ أكثرهم لا يعرفونهما و إنّما سمعوا بهما عن المترفين.و كان المفسّرون يحكون ما سمعوا عنهم،فهم غالبا ليسوا من الأثرياء و الأشراف.

و نعتقد أنّ بلاغة القرآن تقتضي إبهام أمثال هذه الألفاظ،ليطمّح الخيال بذهن السّامع بعيدا،و نرى مصداق ذلك في الاختلاف الحاصل في نظائر هذه الأشياء مثل:(الأرائك)و(أكواب)و(أباريق) و(كأس)و غيرها.فهي نيل المنى للمؤمنين و بغيتهم، فلطالما حرموا منها في الدّنيا،فلا يعهدون بها سوى أسمائها و أوصافها،فذكرها أبلغ في ترغيبهم في الحياة الآخرة و الأعمال الصّالحة،و الإعراض عن هذه الحياة الدّنيّة العاجلة.فلا غضاضة في إبهامها،بل الحسن كلّ الحسن في ذلك.و لعلّه كان أيضا مدعاة إلى الاختلاف في الإعراب و القراءة،فإنّ البلاغة تقتضي ذلك.

8-و نظرا إلى ما ذكر فقد جاء(سندس)و (إستبرق)في القرآن منكّرين كغيرهما من الألفاظ الّتي تصف نعيم الجنّة.

9-و لوحظ تقديم(سندس)على(إستبرق)في كلّ المواضع الثّلاثة،فهل في ذلك قصد أم محض صدفة؟ و الشّقّ الأخير من السّؤال بعيد عن بلاغة القرآن،و لعلّ فيه نكتة.و هي كون(سندس)دثارا،أي ما يلبس فوق الثّياب،و(إستبرق)شعارا،أي ما يلبس تحت الثّياب.

فحين يصف اللّه لباس أهل الجنّة يبدأ بما يرى أوّلا،و هو (سندس)ثمّ ما تحته من الشّعار،و هو(إستبرق).

10-و وصف(سندس)و(إستبرق)في آيتين، إحداهما مكّيّة«الكهف»و الأخرى مدنيّة«الدّهر» -على خلاف فيها-بكونهما(خضرا)،في حين أنّهما لم يوصفا بذلك في الآيتين الأخريين،فهل في ذلك سرّ؟ الجواب:أنّهما لو وصفا في آية مكّيّة أو مدنيّة فقط كان رمزا إلى أنّ هذا النّوع كان موجودا في إحدى المدنيّتين دون الأخرى،أو كانت الخضرة في اللّباس دون الفراش أمكن الفرق و لكنّهما منفيّان هنا لو كانت سورة الدّهر مدنيّة،أمّا لو كانت مكّيّة فهي مثل آية الكهف فتدلاّن على أنّ هذا النّوع من«سندس و استبرق»أي الخضر

ص: 267

منهما كان مرغوبا فيه في مكّة.

و مع صرف النّظر عن هذا فلعلّ،ذلك يرجع إلى مراتب العباد و مراتب البلاغ،فذكر الخضرة أبلغ في الرّغبة طبعا.و هذا يختصّ بالأبرار و الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات،أمّا المتّقون و من خاف مقام ربّه فهم أرفع قدرا من ذلك.أو بالعكس بأن تكون درجتهم دون الفريق المتقدّم.

و قد ذكرنا آنفا أنّ اختلاف الموضوع في الآيات من أسباب اختلاف التّعابير فيها،فقد قال في شأن الأبرار:

(4) وَ حُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً.

و في وصف الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات:

(1) يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ... مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ.

و في شأن من خاف مقام ربّه(3): مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ.

أمّا في شأن المتّقين فلم يذكر الأساور و لا الاتّكاء، و إنّما قال(2): كَذلِكَ وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ.

إلى غير ذلك من الفروق فلاحظ.

ص: 268

إسحاق

اشارة

لفظ واحد،17 مرّة:12 مكّيّة،5 مدنيّة

في 12 سورة:9 مكّيّة،3 مدنيّة

النّصوص اللّغويّة

ابن دريد:إسحاق اسم أعجميّ و إن كان لفظه لفظ العربيّة،تقول للرّجل:أبعده اللّه و أسحقه،و بعدا له و سحقا.(2:153)

الجوهريّ: إسحاق اسم رجل،فإن أردت به الاسم الأعجميّ لم تصرفه في المعرفة،لأنّه غيّر عن جهته فوقع في كلام العرب غير معروف المذهب.و إن أردت المصدر من قولك:أسحقه السّفر إسحاقا،أي أبعده،صرفته،لأنّه لم يتغيّر.(4:1495)

الرّاغب: يصحّ أن يجعل إسحاق من السّحق؛ فيكون حينئذ منصرفا.(226)

نحوه الفيروزآباديّ.(بصائر ذوي التّمييز 3:201)

ابن سيده: إسحاق اسم أعجميّ،قال سيبويه:

ألحقوه ببناء إعصار.(2:562)

الجواليقيّ: إسحاق أعجميّ،و إن وافق لفظ العربيّ،يقال:أسحقه اللّه يسحقه إسحاقا.(62)

القرطبيّ: جمع إسحاق:أساحيق،و حكى الكوفيّون أساحقة و أساحق.و الباب فيه أن يجمع مسلّما فيقال:إسحاقون،و المسلّم لا عمل فيه.

(2:141)

أبو حيّان: إسحاق اسم أعجميّ لا ينصرف للعلميّة و العجمة الشّخصيّة،و إسحاق مصدر أسحق،لو سمّيت به لكان مصروفا.و قالوا في الجمع:أساحقة و أساحيق،و في جمع يعقوب:يعاقبة و يعاقيب،و في إسرائيل:أسارلة.

و جوّز الكوفيّون في إبراهيم و إسماعيل براهمة و سماعلة.و الهاء بدل من الياء،كما في زنادقة و زناديق.

و قال أبو العبّاس:هذا الجمع خطأ،لأنّ الهمزة ليست زائدة،و الجمع:أباره و أسامع،و يجوز أباريه و أساميع.

و الوجه أن يجمع هذه جمع السّلامة،فيقال:إبراهيمون

ص: 269

و إسماعيلون و إسحاقون و يعقوبون.

و حكى الكوفيّون أيضا براهم و سماعل و أساحق و يعاقب،بغير ياء و لا هاء.(1:397)

الفيروزآباديّ: إسحاق علم أعجميّ،و يصرف إن نظر إلى أنّه مصدر في الأصل.(3:252)

السّيوطيّ: ...ذكر أبو عليّ بن مسكويه في كتاب «نديم الفريد»أنّ معنى إسحاق بالعبرانيّة الضّحّاك.

(4:7)

النّصوص التّفسيريّة و التّاريخيّة

إسحاق

قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً. البقرة:133

الأخفش: (إسحاق)على البدل،و هو في موضع جرّ إلاّ أنّها أعجميّة،فلا تنصرف.(1:339)

نحوه أبو البركات.(1:124)

الطّبريّ: نكح إسحاق بن إبراهيم رفقا بنت بتويل ابن إلياس،فولدت له عيص بن إسحاق و يعقوب بن إسحاق،يزعمون أنّهما كانا توأمين،و أنّ عيصا كان أكبرهما،ثمّ نكح عيص بن إسحاق ابنة عمّه بسمة بنت إسماعيل بن إبراهيم،فولدت له الرّوم بن عيص،فكلّ بني الأصفر من ولده.

و بعض النّاس يزعم أنّ الأشبان من ولده،و لا أدري أ من ابنة إسماعيل أم لا؟

(تاريخ الأمم و الملوك 1:222)

المسعوديّ: ولد لإبراهيم من سارة إسحاق عليه السّلام، و ذلك بعد مضيّ عشرين و مائة سنة من عمره.

و قد تنازع النّاس في الذّبيح،فمنهم من ذهب إلى أنّه إسحاق،و منهم من رأى أنّه إسماعيل،فإن كان الأمر وقع بالذّبح بالحجاز فالذّبيح إسماعيل،لأنّ إسحاق لم يدخل الحجاز،و إن كان الأمر بالذّبح وقع بالشّام فالذّبيح إسحاق،لأنّ إسماعيل لم يدخل الشّام بعد أن حمل منه.

و تزوّج إسحاق بعد إبراهيم برفقا ابنة بتوايل، فولدت له العيص و يعقوب في بطن واحد،و كان البادئ منهما إلى الفصل العيص ثمّ يعقوب،و كان لإسحاق في وقت مولدهما ستّون سنة،و ذهب بصر إسحاق فدعا ليعقوب بالرّئاسة على إخوته و النّبوّة في ولده،و دعا للعيص بالملك في ولده.و كان عمر إسحاق إلى أن قبضه اللّه مائة و خمسا و ثمانين سنة،و دفن مع أبيه الخليل.

و مواضع قبورهم مشهورة،و ذلك على ثمانية عشر ميلا من بيت المقدس،في مسجد هناك يعرف بمسجد إبراهيم.(1:58)

الميبديّ: إسحاق:أبو العبرانيّين،و كان معروفا بالزّهد و العبادة،و لذلك كثر الزّهّاد و الرّهبان في أهل الكتاب.(1:380)

القرطبيّ: (إبراهيم و إسماعيل و إسحاق)في موضع خفض على البدل،و لم تنصرف لأنّها أعجميّة.

قال الكسائيّ:إن شئت صرفت(إسحاق)و جعلته من السّحق،و صرفت(يعقوب)و جعلته من الطّير.

(2:138)

ابن خلدون: [ذكر حياة إبراهيم و أسامي أولاده:

ص: 270

ثمّ قال:]

فولد لإبراهيم على هذا ثلاثة عشر،فإسماعيل من هاجر،و إسحاق من سارة،و ستّة من«قنطورا»كما ذكر في التّوراة،و الخمسة بنو حجين عند السّهيليّ أو رعوة عند الطّبريّ.

و كان إبراهيم عليه السّلام قد عهد لابنه إسحاق أن لا يتزوّج في الكنعانيّين،و أكّد العهد و الوصيّة بذلك لمولاه القائم على أموره،ثمّ بعثه إلى حرّان مهاجرهم الأوّل،فخطب من ابن أخيه بتويل بن ناحور بن آزر بنته«رفقا»،فزوّجها أبوها و احتملها و من معها من الجواري،و جاء بها إلى إسحاق في حياة أبيه،عمره يومئذ أربعون سنة فتزوّجها،و ولدت له يعقوب و عيصو توأمين.[إلى أن قال:]

و أمّا إسحاق فأقام بمكانه من فلسطين و عمّر و عمي بعد الكثير من عمره،و بارك على ولده يعقوب،فغضب بذلك أخوه عيصو.[ثمّ ذكر أحوال أولاد إسحاق]

(2:39)

الفيروزآباديّ: هو اسم أعجميّ غير منصرف للعجمة و العلميّة،و هي سريانيّة،و قيل:مشتقّ من السّحق،و الإسحاق:الإبعاد،و السّحق:البعد،و مكان سحيق:بعيد،و السّحق بالفتح،السّهل،أو هو الدّقّ، و مسك سحيق:مسحوق.[ثمّ ذكر الآيات الّتي جاء فيها ذكر إسحاق]

و على قول من قال:هو الذّبيح،يكون مبشّر و غلام و عليم و حليم و صابر و آمر و مسلم من أسمائه عليه السّلام.

عاش مائة و ثمانين سنة،و قبره عند قبر أبيه،و ولد قبل (1)إسماعيل بأربع عشرة سنة.

(بصائر ذوي التّمييز 6:42)

الطّريحيّ: إسحاق ولد إبراهيم عليه السّلام،و إسماعيل أكبر منه بخمس سنين.

و في المجمع: إسحاق أصغر من إسماعيل بأربع عشرة سنة.

قيل:عاش مائة و ثمانين سنة.و ولد و لأبيه مائة سنة.

و في معاني الأخبار: و من زعم أنّ إسحاق أكبر و أنّ الذّبيح إسحاق،فقد كذّب بما أنزل اللّه في القرآن من نبئهما

(5:184)

العامليّ: هو النّبيّ المشهور أخو إسماعيل جدّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و هو جدّ بني إسرائيل،فإنّ النّبوّة بعد إبراهيم انتقلت بسبب موت إسماعيل في زمان أبيه إلى إسحاق ثمّ إلى ولده يعقوب ثمّ إلى الأسباط،فهم أولاد يعقوب،و هكذا كان إلى زمان نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله فإنّها حينئذ انتقلت إلى نسل إسماعيل الذّبيح.ثمّ إنّه يظهر من بعض الأخبار المتواترة الموافقة لكتاب اللّه صريحة في كونه إسماعيل،لكنّ إسحاق تمنّى تلك المنزلة فأعطاه اللّه أجرها.(183)

عفيف طبّارة: إسحاق عليه السّلام هو ابن إبراهيم عليه السّلام من زوجته سارة.و من نسله جاء أنبياء بني إسرائيل، و في طليعتهم ابنه يعقوب عليه السّلام فالنّبوّة كانت في ذرّيّة إبراهيم من ولديه إسماعيل و إسحاق،كما قال تعالى:ل.

ص: 271


1- كذا،و جاء في الهامش:«الرّوايات تجمع أنّ إسماعيل ولد قبل إسحاق»فلعلّ العبارة:و ولد قبله إسماعيل.

وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ العنكبوت:27.

و القرآن نصّ على نبوّة إسحاق و أنّه من الصّالحين، و أنّ اللّه خصّه ببركته كما خصّ أباه،و أنّ الملائكة بشّرت أباه إبراهيم بذلك: وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ* وَ بارَكْنا عَلَيْهِ وَ عَلى إِسْحاقَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ الصّافّات:112،113.

[إلى أن قال:]

و أثنى اللّه على إبراهيم و إسحاق و يعقوب بقوله:

وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ* إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدّارِ* وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ ص:45-47[إلى أن قال:]

لم يذكر القرآن شيئا عن حياة إسحاق الخاصّة و لا عن حياة ابنه يعقوب سوى ما ذكره عن فقدان ابنه يوسف،و ما جرى في ذلك من أحداث،سنذكرها كلّها في قصّة يوسف عليه السّلام.أمّا هنا فنذكر ملخّصا لما ذكره أهل الكتاب عن إسحاق و يعقوب:

لمّا شعر إبراهيم عليه السّلام بدنوّ أجله لم يكن إسحاق بعد قد تزوّج،و لم يكن أبوه يريد أن يزوّجه من امرأة كنعانيّة تجهل اللّه و تكون غريبة في العشيرة،لهذا كلّف إبراهيم خادما له كان قيّم بيته و موضع ثقته،بأن يذهب إلى«حاران»في العراق،و يأتيه بفتاة من عشيرته.

سار الخادم و العناية الإلهيّة تصحبه حتّى وصل إلى «حاران»،و وقع اختياره على«رفقة»بنت بتوئيل بن ناحور أخي إبراهيم عليه السّلام،فتكون رفقة بنت ابن شقيق إبراهيم،فعاد بها حيث اقترن بها إسحاق.

و بعد عشرين سنة من زواجه رزق إسحاق ولدين توأمين أوّلهما سمّوه عيسو،و هو الّذي تسمّيه العرب العيص،و الثّاني خرج،و هو آخذ بعقب أخيه فسمّوه يعقوب،و يطلق عليه أيضا اسم إسرائيل.

و كان إسحاق يحبّ العيص أكثر من يعقوب،لأنّه بكره،بينما أمّهما رفقة كانت تحبّ يعقوب أكثر،لأنّه الأصغر.[إلى أن قال:]

و قد عاش إسحاق«180»سنة،و دفن في المغارة الّتي دفن فيها أبوه إبراهيم عليه السّلام،في بلدة الخليل.

(مع الأنبياء في القرآن:153)

هاكس: إسحاق،أي الضّحّاك،و هو إسحاق بن إبراهيم و أمّه سارة،و هو أحد أجداد«پطريارخي»، و من أسلاف سيّدنا المسيح،و هو عرف بهذا الاسم نتيجة الوقائع الّتي ارتبطت أثناء ولادته،فهو ولد النّبوّة و البشارة،فقد وهبه اللّه لوالديه على كبر سنّهما.و كانت ولادته سببا للنّفرة بينه و بين أخيه إسماعيل ابن هاجر المصريّة.و قد أصبح نموذجا لجميع الأبناء،و عرف خوف اللّه و خشيته قبل بلوغه.و حينما صهر اللّه تعالى الذّهب الخالص لإيمان إبراهيم في بوتقة الاختبار كان إسحاق يظهر عناية فائقة في إطاعة أوامر والده.و أصبح إبراهيم يلقّب بلقب أبي المؤمنين.

و كان إسحاق معروفا بحلمه و طاعته للّه،و كان صنو عيسى المسيح في ذلك.و أرسل إلى الجزيرة و هو في الأربعين من عمره،و تزوّج من بنت خاله«ربقة» و قضى أكثر سني عمره في القسم الجنوبيّ من بلاد كنعان.

و لمّا مات إبراهيم تولّى هو و أخوه إسماعيل دفنه،

ص: 272

و كان له ولدان مذكوران في الكتب المقدّسة،أحدهما عيصو و الآخر يعقوب،و كانت ربقة تحبّ يعقوب أكثر من عيصو،و لكنّ إسحاق كان يحبّ عيصو أكثر من يعقوب،الأمر الّذي تسبّب في غرس شجرة الخلاف و الحسد بين الأخوين،و ممّا حدا بهما أن يفترقا عن بعضهما البعض،و الحال أنّ هذا الأمر كان تلبية للمشيئة الإلهيّة.

و حينما مضى من عمر إسحاق مائة و سبع و ثلاثون سنة أرسل ولده يعقوب إلى الجزيرة بعد أن بارك له.و لمّا ناهز إسحاق المائة و الثّمانين من عمره وافته المنيّة، فدفنه ولداه يعقوب و عيصو في مقبرة إبراهيم الّتي كانت تعرف باسم«مكفيلة».

و من الجدير بالذّكر أنّ إسحاق كان في سجيّته الطّبيعيّة حليما متواضعا خليقا متفكّرا متّقيا و متديّنا، و كان مطيعا لإرادة اللّه تعالى على الخصوص.(51)

محمّد إسماعيل إبراهيم: إسحاق هو الابن الثّاني لنبيّ اللّه و خليله إبراهيم بعد ميلاد أخيه إسماعيل، و قد ولد لأبيه و هو شيخ في المائة من عمره،و أمّه السّيّدة سارة،و كانت في التّسعين من عمرها،و كانت تعجب من أمر اللّه أن تلد و هي عجوز عاقر،و لمّا بلغ إسحاق الأربعين تزوّج من«رفقا»بنت عمّه،و كانت هي الأخرى عاقرا،فدعا إسحاق ربّه أن يرزقه الذّرّيّة، فحملت زوجته و ولدت غلامين توأمين،جاء أوّلهما عيصو،و هو الّذي تسمّيه العرب العيص،و نزل الثّاني آخذا بعقب أخيه فسمّي يعقوب،و هو إسرائيل الّذي ينتسب إليه بنو إسرائيل،و هو والد رسول اللّه يوسف، و كان عيصو أثيرا عند أمّه بينما كان يعقوب أحبّ إلى أبيه (1).

و قد مات إسحاق عن مائة و ثمانين من عمره،و قد عمي في أواخر أيّامه،و دفن مع والده إبراهيم الخليل في المغارة الّتي كانت له.(260)

المصطفويّ: التّحقيق أنّ كلمة إسحاق عرّبت من «إيصحاق»عبريّا،و هو بمعنى الضّاحك لكثرة ضحكه، أو لما ضحك النّاس في ولادته،من جهة أنّه تولّد في حين كبر من أبويه،أو بمناسبة: وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ هود:71.

و هو من الأنبياء العظام كما ورد في القرآن الكريم:

وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ الصّافّات:112.

و أنّه من عباده الخاصّة به: وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ ص:45.

و أنّه من الصّالحين: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ الأنبياء:72.

و من الّذين أوحي إليهم: وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ النّساء:163.

و من الّذين أنزل إليهم: وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ البقرة:136.

و من الّذين هداهم اللّه: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا الأنعام:84.

و من المتّبعين: وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَه.

ص: 273


1- هذا خلاف ما أجمع عليه المؤرّخون المسلمون و غيرهم، فقد ذكروا-كما تقدّم-أنّ إسحاق كان يحنو على العيص أكثر ممّا يحنو على يعقوب،بينما كان هذا الأخير أثيرا عند أمّه.

وَ يَعْقُوبَ يوسف:38.

و من المباركين عليه: وَ بارَكْنا عَلَيْهِ وَ عَلى إِسْحاقَ الصّافّات:113.

و يذكر في كتب التّاريخ كما في ابن الورديّ(1:13):

لمّا صار لإبراهيم مائة سنة ولد له إسحاق،و لمّا صار لإسحاق ستّون سنة ولد له يعقوب،و لمّا صار ليعقوب ستّ و ثمانون ولد له«لاوي»،و لمّا ولد«قاهاث»له صار ل«لاوي»ستّ و أربعون،و لمّا صار ل«قاهاث»ثلاث و ستّون،ولد له عمران،و لمّا صار لعمران سبعون ولد له موسى،فولادة موسى لمضيّ أربعمائة و خمس و عشرين من مولد إبراهيم.

و الظّاهر أنّ إسماعيل أكبر سنّا و أعظم منزلة من إسحاق،كما أشرنا إليه في مادّتي«إسحاق»و«إسماعيل» فراجعهما.و يدلّ عليه تقدّم ذكر إسماعيل في الآيات الكريمة على إسحاق: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إبراهيم:39، وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ.

و إسحاق هو جدّ الأسباط من بني إسرائيل، و إسرائيل هو يعقوب ولده،كما أنّ إسماعيل هو جدّ العرب و قريش.

و قلنا:إنّ إسحاق نزل و سكن و دفن في أرض كنعان و فلسطين،كما أنّ إسماعيل مع أمّه سكن و دفن في الحجاز في جنب البيت.

و كنعان يطلق على الجهة الغربيّة من الشّام قريبة من فلسطين،و هي مسكن بني كنعان من أولاد كنعان بن حام بن نوح،و مقبرة إبراهيم الخليل واقعة في تلك الأراضيّ،مشهورة ببلدة إبراهيم الخليل.

ثمّ إنّه قد يذكر في الآيات الكريمة إسماعيل فقط،كما في وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ البقرة:127،فإنّ إسحاق لم يكن حاضرا في الحجاز.

و قد يذكر إسحاق من دون إسماعيل،كما في وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ، وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ، حيث إنّ الدّعوة من سارة أمّ إسحاق.

و كما في وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً، أي في نتيجة دعوتهم،و لأنّ المقام في بيان ما يرتبط بقوم إبراهيم من سكنة كنعان و بني إسرائيل.

(5:76)

2- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا...

الأنعام:84

الطّبرسيّ:هو ابن إبراهيم من سارة.(2:329)

الرّازيّ:إن قيل:كيف قال تعالى في معرض الامتنان وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ و لم يذكر إسماعيل مع أنّه كان هو الابن الأكبر؟

قلنا:لأنّ إسحاق وهب له من حرّة و إسماعيل من أمة،و إسحاق وهب له من عجوز عقيم فكانت المنّة فيه أظهر.(مسائل الرّازيّ:86)

أبو حيّان:إسحاق ابنه[إبراهيم]لصلبه من سارة،و يعقوب بن إسحاق،كما قال تعالى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ هود:71.

و عدّد تعالى نعمه على إبراهيم فذكر إيتاء الحجّة على قومه و أشار إلى رفع درجاته و ذكر ما منّ به عليه

ص: 274

من هبته له،هذا النّبيّ الّذي تفرّعت منه أنبياء بني إسرائيل.

و من أعظم المنن أن يكون من نسل الرّجل،الأنبياء و الرّسل،و لم يذكر إسماعيل مع إسحاق؛قيل:لأنّ المقصود بالذّكر هنا أنبياء بني إسرائيل،و هم بأسرهم أولاد إسحاق و يعقوب،و لم يخرج من صلب إسماعيل نبيّ إلاّ محمّد صلى اللّه عليه و سلم و لم يذكره في هذا المقام لأنّه أمره عليه السّلام أن يحتجّ على العرب في نفي الشّرك باللّه بأنّ جدّهم إبراهيم لمّا كان موحّدا للّه متبرّئ من الشّرك رزقه اللّه أولادا ملوكا و أنبياء.(4:172)

البروسويّ: ابن إبراهيم الصّلبيّ،و هو أبو أنبياء بني إسرائيل.(3:60)

الآلوسيّ: هو ولده:[إبراهيم]من سارة،عاش مائة و ثمانين سنة.(7:211)

3- اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ. إبراهيم:39

ابن عبّاس: ولد له:[إبراهيم]إسماعيل و هو ابن تسع و تسعين سنة،و ولد له إسحاق و هو ابن مائة و اثنتى عشرة سنة.(الطّبرسيّ 3:319)

المصطفويّ: تدلّ على أنّ ولادة إسحاق كانت على كبر أبيه إبراهيم،و على تأخّره عن إسماعيل.

(1:73)

4- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ... العنكبوت:27

الزّمخشريّ: إن قلت:ما بال إسماعيل لم يذكر و ذكر إسحاق و عقبه؟

قلت:قد دلّ عليه في قوله: وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ، و كفى الدّليل،لشهرة أمره و علوّ قدره.(3:204)

الأصول اللّغويّة

1-اتّفق من تكلّم فيه من اللّغويّين على أعجميّته، فهو اسم عبريّ معرّب لفظ«يصحاق»أي يضحك،أو «صاحق»أي ضحك،أو«صحوق»أي الضّحك (1)؛ بإبدال الضّاد صادا و الكاف قافا في جميعها.فهم يقولون في قبض«قبص» (2)،و في مربض«مربيص» (3)؛لعدم وجود الضّاد في العبريّة.و القاف و الكاف متقاربا المخرج،فالإبدال بينهما شائع في العربيّة.

2-و هو اسم علم منقول،و نقله إمّا من الفعل الماضي«صاحق»،لأنّ إبراهيم ضحك حينما أخبره اللّه بأنّه سيعطيه ابنا من سارة،كما ورد في الإصحاح السّابع عشر من سفر التّكوين:«فسقط إبراهيم على وجهه و ضحك».أو أنّ سارة ضحكت عند إخبار إبراهيم بذلك:«فضحكت سارة في باطنها»التّكوين:18.

و إمّا أنّه نقل من الفعل المضارع«يصحاق»كما ورد على لسان سارة بعد ولادته،في سفر التّكوين في الإصحاح الحادي و العشرين:«كلّ من يسمع يضحك لي».

ص: 275


1- فرهنگ عبريّ:فارسيّ،لسليمان حييم.
2- العهد القديم-الأمثال(13:11).
3- العهد القديم-صفنيا(2:15)

و إمّا أنّه منقول من المصدر«صحوق»استنادا إلى قول سارة:«قد صنع إليّ اللّه ضحكا» (1).

3-و«يصحاق»هو أقرب هذه الألفاظ الثّلاثة من اللّفظ المعرّب«إسحاق»و من اللّفظ اليونانيّ «إيساك» (2).فيكاد اللّفظ المعرّب يجانس اللّفظ الأصليّ سوى عدم وجود الهمزة الّتي اجتلبت للنّطق بالياء السّاكنة،و وجود الياء،و هي زائدة كزيادتها في بعض الألفاظ العبريّة،مثل«ايمش»أي امش (3)،و«قيمح» أي قمح،فحذفت عند التّعريب.و أبدلت الصّاد سينا، لأنّها أقرب مخرجا،ثمّ سكّنت على القياس؛لأنّ العرب تسكّن ثاني كلّ لفظ أعجميّ معرّب زادت حروفه على الثّلاثة،إن لم يكن ثالثه حرف علّة ساكن.

الاستعمال القرآنيّ

1-جاء إسحاق و إسماعيل معا في 6 آيات:

1- قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ البقرة:133

2- قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ

البقرة:136

3- أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى

البقرة:140

4- قُلْ آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ آل عمران:84

5- إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ عِيسى وَ أَيُّوبَ وَ يُونُسَ وَ هارُونَ وَ سُلَيْمانَ وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً النّساء:163

6- اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إبراهيم:39

2-و جاء إسحاق مع يعقوب في 7 آيات:

1- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا الأنعام:84

2- فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ

هود:71

3- وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ يوسف:38

4- فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ مريم:49

5- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ الأنبياء:72

6- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ العنكبوت:27

7- وَ اذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ ص:45

3-و جاء إسحاق مع إبراهيم وحده في«3»آيات:

ص: 276


1- التّوراة-التّكوين(21:6).
2- فرهنگ تطبيقي للدّكتور محمّد جواد مشكور.
3- التّوراة-التّكوين(31:29).

1- وَ بَشَّرْناهُ (أي إبراهيم) بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ الصّافّات:112

2- وَ بارَكْنا عَلَيْهِ (أي إبراهيم) وَ عَلى إِسْحاقَ الصّافّات:113

3- كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ يوسف:6

يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات الخمس الأولى الّتي ذكر فيها«إسماعيل»كلّها مدنيّة،منها ثلاث في البقرة خطاب إلى بني إسرائيل.فكأنّ اللّه تعالى أراد تلقينهم نبوّة إسماعيل الّذي كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من ذرّيّته،و أن لا يفرّقوا بينه و بين الأنبياء الّذين هم من بني إسرائيل.و يؤيّده تذييل الآية«136»من البقرة،و الآية«84»من آل عمران بقوله: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

و على الجملة فالسّياق في الآيات الخمس حثّ لأهل الكتاب على الإيمان بجميع الأنبياء و عدم التّفريق بينهم،و لهذا يأتي بأسماء آخرين منهم.و يذيّل آية النّساء«164»بقوله: وَ رُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ، أي يجب الإيمان بكلّ من قصصناهم و من لم نقصصهم عليك.

أمّا الآية«39»من سورة إبراهيم فهي مكّيّة،لكنّها شكر من إبراهيم على أن وهب له على الكبر إسماعيل و إسحاق.و معلوم أنّه لم يكن يحمد اللّه على إسحاق أو إسماعيل فقط،فأتى بهما جميعا.

و ثانيا:أنّ إسماعيل جاء فيها قبل إسحاق إيماء إلى سبق ولادته،كما هو ثابت عند المسلمين،و أنّه أكبر سنّا من أخيه إسحاق،أو تكريما له باعتبار أنّه الذّبيح و أنّه جدّ النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

و ثالثا:أنّ سائر الآيات كلّها مكّيّة،يحكي اللّه لمشركي مكّة ما وهب إبراهيم في كبره من الولد إسحاق و بعده يعقوب.على أنّ فيها نكتة أخرى توازي ما قلناه في المدنيّات،ففيها ألزم اللّه أهل الكتاب بالإيمان بنبوّة إسماعيل أبي النّبيّ و العرب،و في المكّيّات يعرّف العرب بأنبياء من ذرّيّة إسحاق لكي يؤمنوا بهم.

فمجموع الآيات تقريب بين أهل الكتاب و الأمّيّين بأن يعرف بعضهم البعض،و يؤمن كلّ فريق بالأنبياء الّذين هم من الفريق الآخر تأليفا بينهم،و هذا هو دأب القرآن في وحدة الأمم و الأديان،خاصّة أهل الكتاب منهم.

و رابعا:أنّه اكتفى في الآيات الثّلاث الأخيرة-و هي مكّيّة أيضا-بذكر إسحاق مع إبراهيم دون يعقوب،لأنّ البركة و الإعجاز مخصوص بهما.

و خامسا:أنّ إبراهيم مذكور-باسمه أو بضميره-في جميع هذه الآيات،لأنّها تدور حول ما وهبه اللّه له من الذّرّيّة،فهو محور الكلام في تلك الآيات.و تمام البحث في «إسماعيل».

ص: 277

ص: 278

أ س ر

اشارة

5 ألفاظ،6 مرّات مدنيّة،في 4 سور مدنيّة

تأسرون 1:-1\أسيرا 1:-1\أسارى 1:-1\الأسر.

أسرهم 1:-1\أسرى 2:-2\-

النّصوص اللّغويّة

الخليل: أسر فلان فلانا:شدّه وثاقا،و هو مأسور.و أسر بالإسار،أي بالرّباط.و الإسار مصدر كالأسر.

و دابّة مأسور المفاصل،أي شديد لأمها.و الأسر:

قوّة المفاصل و الأوصال.و شدّ اللّه أسر فلان،أي قوّة خلقه،قال اللّه عزّ و جلّ: وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:

28،و كلّ شيئين ممّا يبين طرفاهما فشددت أحدهما بالآخر برباط واحد فقد أسرتهما كما يؤسر طرفا عرقوبي القتب و نحوه.[ثمّ استشهد بشعر]

و أسرت السّرج و الرّحل:ضممت بعضه إلى بعض بسيور،و السّيور تسمّى تآسير.(7:293)

الأحمر:إذا احتبس على الرّجل بوله قيل:أخذه الأسر.(الأزهريّ 13:61)

الفرّاء: أسره اللّه أحسن الأسر،و أطره اللّه أحسن الأطر.و رجل مأسور و مأطور:شديد.

(الأزهريّ 13:61)

أسر فلان أحسن الأسر،أي أحسن الخلق.

(الأزهريّ 13:62)

قيل:عود الأسر هو الّذي يوضع على بطن المأسور الّذي احتبس بوله،و لا تقل:عود اليسر.تقول منه:

أسر الرّجل،فهو مأسور.(ابن منظور 4:20)

نحوه ابن السّكّيت.(إصلاح المنطق:306)

أبو زيد:تأسّر فلان عليّ تأسّرا،إذا اعتلّ و أبطأ.

(الأزهريّ 13:62)

الأصمعيّ: يقال:ما أحسن ما أسر قتبه!أي ما أحسن ما شدّه بالقدّ!و القدّ الّذي يؤسر به القتب يسمّى الإسار،و جمعه:أسر.و قتب مأسور،و أقتاب مآسير.(الأزهريّ 13:61)

ص: 279

الإسار:القيد،و يكون كبل الكتاف.

(الأزهريّ 13:62)

أبو عبيد: أسرة الرّجل:عشيرته الأدنون.

(الأزهريّ 13:62)

ابن الأعرابيّ: هذا عود أسر و يسر،و هو الّذي يعالج به الإنسان إذا احتبس بوله.

و الأسر:تقطير البول،و حزّ في المثانة،و إضاض مثل إضاض الماخض،يقال:أنا له اللّه أسرا.

(الأزهريّ 13:61)

ابن السّكّيت: تقول:أصابه أسر،إذا احتبس بوله،و هو عود أسر،و لا تقل:يسر.و هو رجل مأسور.(إصلاح المنطق:147)

شمر: الأسرة:الدّرع الحصينة.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 13:60)

المبرّد: الأسر:الشّدّ بالقدّ حتّى يحكم،و إنّما قيل:

الأسير من ذا،لأنّه كان يشدّ بالقدّ،ثمّ قالت العرب لكلّ محكم شديد:الأسر،قال اللّه تبارك و تعالى: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:28.(2:62)

ثعلب: ليس الأسر بعاهة فيجعل أسرى من باب «جرحى»في المعنى،و لكنّه لمّا أصيب بالأسر صار كالجريح و اللّديغ،فكسّر على«فعلى»،كما كسّر الجريح و نحوه.(ابن منظور 4:19)

ابن دريد: الإسار و الأسر:القدّ الّذي يشدّ به المحمل،و به سمّي الأسير.و تقول:أسرت الرّجل آسره أسرا،فأنا آسر و هو مأسور و أسير.و يقال:

رجل ذو أسر،أي ذو قوّة،و كذلك الآسرات الّتي يشدّ بها القتب.[ثمّ استشهد بشعر](3:249)

ابن الأنباريّ: جاء القوم بأسرهم،معناه جاءوا بجميعهم و خلقهم،و الأسر في كلام العرب:الخلق.

(الأزهريّ 13:62)

القاليّ:أسرة الرّجل:رهطه الأدنون،و كذلك فصيلته.(1:22)

الآسرة و الإسار:القدّ الّذي يشدّ به خشب الرّحل.

(2:295)

جاءوا بالفلق و أسرتها،أي بالدّاهية و أخواتها.

(ذيل الأماليّ:67)

الأسير:المأسور،نقل من مفعول إلى فعيل،كما تقول:مقتول و قتيل،و مذبوح و ذبيح.و المأسور:

المشدود،أخذ من الأسر،و الأسر:القدّ؛فمأسور «مفعول»من الأمر.(ذيل الأماليّ:135)

الجوهريّ: أسر قتبه يأسره أسرا:شدّه بالإسار، و هو القدّ.و منه سمّي الأسير،و كانوا يشدّونه بالقدّ، فسمّي كلّ أخيذ أسيرا و إن لم يشدّ به.

يقال:أسرت الرّجل أسرا و إسارا،فهو أسير و مأسور،و الجمع:أسرى و أسارى.و تقول:استأسر، أي كن أسيرا لي.

و هذا الشّيء لك بأسره،أي بقدّه،تعني بجميعه،كما يقال:برمّته.

و أسره اللّه،أي خلقه،و قوله تعالى: وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:28،أي خلقهم.

و الأسر بالضّمّ:احتباس البول،مثل الحصر في الغائط.تقول منه:أسر الرّجل يوسر أسرا،فهو

ص: 280

مأسور.و تقول:هذا عود أسر،للّذي يوضع على بطن المأسور الّذي احتبس بوله،و لا تقل:هذا عود يسر.

و أسرة الرّجل:رهطه،لأنّه يتقوّى بهم.

(2:578)

ابن فارس: الهمزة و السّين و الرّاء أصل واحد و قياس مطّرد،و هو الحبس،و هو الإمساك.من ذلك الأسير،و كانوا يشدّونه بالقدّ،و هو الإسار؛فسمّي كلّ أخيذ و إن لم يؤسر أسيرا.[ثمّ استشهد بشعر]

و العرب تقول:أسر قتبه،أي شدّه،و قال اللّه تعالى: وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:28،يقال:أراد الخلق،و يقال:بل أراد مجرى ما يخرج من السّبيلين.

و أسرة الرّجل:رهطه،لأنّه يتقوّى بهم.و تقول:

أسير و أسرى في الجمع،و أسارى بالفتح:[بفتح الهمزة:].

و الأسر:احتباس البول.(1:107)

الهرويّ: الأسر:الشّدّ و الحبس،يقال:هو شديد الأسر،أي الخلق.و الأسرة:القدّ،و يقال:ما أحسن ما أسر قتبه!أي شدّه.و في الحديث:«كان داود عليه السّلام إذا ذكر عقاب اللّه تخلّعت أوصاله،لا يشدّها إلاّ الأسر»أي العصب و الشّدّ.(1:46)

أبو سهل الهرويّ: عود أسر،بضمّ الهمزة و سكون السّين،و هو الّذي يوضع على بطن المأسور، و هو الّذي احتبس بوله-من النّاس و الدّوابّ- فلم يخرج.

و الأسر بضمّ الهمزة و سكون السّين أيضا:احتباس البول،و الحصر بضمّ الحاء و سكون الصّاد:احتباس البطن،أي الغائط.(60)

ابن سيده: أسره يأسره أسرا،و إسارة:شدّه.

و الإسار:ما شدّ به؛و الجمع:أسر.و الأسير:الأخيذ، و أصله من ذلك،و كلّ محبوس في قدّ أو سجن أسير.

و قوله تعالى: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً الدّهر:8،قال مجاهد:الأسير:

المسجون؛و الجمع:أسراء،و أسارى،و أسارى،و أسرى.

و قال ثعلب: ليس الأسر بعاهة فيجعل أسرى من باب جرحى في المعنى،و لكنّه لمّا أصيب بالأسر صار كالجريح و اللّديغ،فكسّر على«فعلى»كما كسّر الجريح و نحوه،هذا معنى قوله.

و الأسر:شدّة الخلق.و رجل مأسور:شديد عقد المفاصل و الأوصال،و في التّنزيل: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:28،و كذلك الدّابّة.

و أسرة الرّجل:رهطه الأدنون.

و أسر بوله أسرا:احتبس؛و الاسم:الأسر، و الأسر.و عود أسر منه.(8:543)

الأسر:احتباس البول،أسر فلان أسرا،و أخذه الأسر:احتبس بوله.(الإفصاح 1:306)

الإسار و الأسر:القدّ الّذي يشدّ به الخشب.

(الإفصاح 1:510)

الأسرة،هي من الرّجل:رهطه الأدنون،و الجماعة يربطها أمر مشترك،الجميع:أسر.(الإفصاح 1:579)

أسره يأسره أسرا و إسارا:قيّده.و الأسير:الأخيذ في الحرب،و المقيّد،و المسجون.الجمع:أسرى و أسارى و أسارى و أسراء.و كانوا يشدّون الأسير بالقدّ فسمّي

ص: 281

كلّ أخيذ أسيرا و إن لم يشدّ به.(الإفصاح 1:630)

الأسر:قوائم السّرير.(الإفصاح 2:769)

الطّوسيّ: قولهم:خذ بأسره،أي بشدّه قبل أن يحلّ،ثمّ كثر حتّى جاء بمعنى خذ جميعه.[ثمّ استشهد بشعر]

و أصل الأسر الشّدّ.و منه قتب مأسور،أي مشدود،و منه الأسير؛لأنّهم كانوا يشدّونه بالقيد.

(10:220)

مثله الطّبرسيّ.(5:412)

الرّاغب: الأسر:الشّدّ بالقيد،من قولهم:أسرت القتب،و سمّي الأسير بذلك،ثمّ قيل لكلّ مأخوذ و مقيّد و إن لم يكن مشدودا بذلك.و قيل في جمعه:أسارى و أسارى و أسرى.و قال تعالى: وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً الدّهر:8،و يتجوّز به،فيقال:أنا أسير نعمتك.و أسرة الرّجل:من يتقوّى به.

و الأسر:احتباس البول،و رجل مأسور:أصابه أسر،كأنّه سدّ منفذ بوله.و الأسر في البول كالحصر في الغائط.(17)

الزّمخشريّ: حلّ إساره فأطلقه،و هو القدّ الّذي يؤسر به.و ليس بعد الإسار إلاّ القتل،أي بعد الأسر.

و استأسر للعدوّ.و تقول:من تزوّج فهو طليق قد استأسر،و من طلّق فهو بغاث قد استنسر.

و به أسر من البول،و قد أخذه الأسر.و في أدعيتهم:أبى لك اللّه أسرا.و عولج فلان بعود أسر،و هو الّذي يوضع على بطن المأسور فيبرأ،و تقول العامّة:

عود يسر،و هو خطأ،إلاّ أن يقصدوا به التّفاؤل.

و قد أسر فلان.و هم رهطي و أسرتي.و تقول:

ما لك أسرة،إذا نزلت بك عسرة.

و من المجاز:شدّ اللّه تعالى أسره،أي قوّى إحكام خلقه،من قولهم:ما أحسن ما أسر قتبه!و هو أن يربط طرفي عرقوبي القتب برباط،و كذلك ربط أحناء السّرج بالسّيور.(أساس البلاغة:6)

عمر: إنّ رجلا أتاه فذكر أنّ شهادة الزّور قد كثرت في أرضهم،فقال:«لا يؤسر أحد في الإسلام بشهداء السّوء،فإنّا لا نقبل إلاّ العدول»أي لا يسجن.و فسّر قوله تعالى: وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً الدّهر:8،بالمسجون.

(الفائق 1:43)

الطّبرسيّ: الأسر:الأخذ بالقهر،و أصله:الشّدّ و الحبس.و أسره،إذا شدّه.(1:153)

ابن الأثير: في حديث عمر:«لا يؤسر أحد في الإسلام بشهادة الزّور،إنّا لا نقبل إلاّ العدول»أي لا يحبس،و أصله من الأسر:القدّ،و هي قدر ما يشدّ به الأسير.

و في حديث البنانيّ:«كان داود عليه السّلام إذا ذكر عقاب اللّه تخلّعت أوصاله لا يشدّها إلاّ الأسر»أي الشّدّ و العصب.و الأسر:القوّة و الحبس،و منه سمّي الأسير.

و منه حديث الدّعاء:«فأصبح طليق عفوك من إسار غضبك»الإسار بالكسر:مصدر أسرته أسرا و إسارا،و هو أيضا الحبل و القدّ الّذي يشدّ به الأسير.

و في حديث أبي الدّرداء:«أنّ رجلا قال له:إنّ أبي أخذه الأسر».يعني احتباس البول،و الرّجل منه مأسور.و الحصر:احتباس الغائط.

ص: 282

و في الحديث:«زنى رجل في أسرة من النّاس» الأسرة:عشيرة الرّجل و أهل بيته،لأنّه يتقوّى بهم.

و فيه:«تجفو القبيلة بأسرها»أي جميعها.(1:48)

القرطبيّ: الأسير:مشتقّ من الإسار،و هو القدّ الّذي يشدّ به المحمل،فسمّي أسيرا لأنّه يشدّ وثاقه.

و العرب تقول:قد أسر قتبه،أي شدّه،ثمّ سمّي كلّ أخيذ أسيرا و إن لم يؤسر.[ثمّ استشهد بشعر](2:21)

الفيّوميّ: أسرته أسرا من باب«ضرب»فهو أسير و امرأة أسير أيضا،لأنّ«فعيلا»بمعنى«مفعول» -ما دام جاريا على الاسم-يستوي فيه المذكّر و المؤنّث،فإن لم يذكر الموصوف ألحقت العلامة،و قيل:

قتلت الأسيرة،كما يقال:رأيت القتيلة.و جمع الأسير:

أسرى و أسارى بالضّمّ،مثل سكرى و سكارى.

و أسره اللّه أسرا:خلقه خلقا حسنا،قال تعالى:

وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:28،أي قوّينا خلقهم.

و آسرت الرّجل من باب أكرم:لغة في الثّلاثيّ.

و أسرة الرّجل وزان«غرفة»:رهطه.

و الإسار مثل كتاب:القدّ،و يطلق على الأسير.

و حللت إساره،أي فككته.

و خذه بأسره،أي جميعه.(1:14)

الفيروزآباديّ: الأسر:الشّدّ و العصب،و شدّة الخلق و الخلق،و بالضّمّ:احتباس البول.

و عود أسر و يسر،أو هي لحن:عود يوضع على بطن من احتبس بوله.

و الأسر بضمّتين:قوائم السّرير،و بالتّحريك:

الزّجاج.

و الإسار ككتاب:ما يشدّ به،جمعه:أسر،و لغة في اليسار الّذي هو ضدّ اليمين.

و الأسير:الأخيذ و المقيّد و المسجون،جمعه:أسراء و أسارى و أسارى و أسرى،و الملتفّ من النّبات.

و الأسرة بالضّمّ:الدّرع الحصينة،و من الرّجل:

الرّهط الأدنون.

و تأسّر عليه:اعتلّ و أبطأ.و أسارون:من العقاقير.

وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ، أي مفاصلهم،أو مصرّتي البول و الغائط،إذا خرج الأذى تقبّضتا،أو معناه أنّهما لا يسترخيان قبل الإرادة.

و سمّوا أسيرا كأمير،و كزبير و جهينة.

و تآسير السّرج:السّيور بها يؤسر.(1:377)

الطّريحيّ: الأسير:الأخيذ،أخذا من الإسار بالكسر،هو القدّ،كانوا يشدّون الأسير بالقدّ فسمّي كلّ أخيذ أسيرا و إن لم يؤسر به.يقال:أسرت الرّجل أسرا و إسارا من باب«ضرب»،فهو أسير و مأسور،و امرأة أسير أيضا،و الجمع:أسرى و أسارى،كسكرى و سكارى.

و في الحديث:«الأسير عيال الرّجل ينبغي إذا زيد في النّعمة يزيد أسراءه في النّعمة عليهم».

و في حديث الحسن عليه السّلام:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول:أحسن إليه،فيكون عنده اليومين و الثّلاثة،و كان أسيرهم يومئذ مشركا».(3:207)

العامليّ:أصل الأسر:الشّدّ و الحبس،و لهذا يقال:الأسير على المقيّد المحبوس،و جمعه:الأسرى

ص: 283

و الأسارى،بفتح الهمزة في الأوّل و بضمّها في الثّاني.

(72)

مجمع اللّغة: أصل الأسر:الشّدّ بالقدّ،و منه:

أسر الرّجل،إذا أوثق بالقدّ،و هو الإسار.

و الأسير:المشدود بالإسار،ثمّ قيل لكلّ مأخوذ:

أسير،و إن لم يكن مشدودا به.يقال:أسرت الرّجل أسرا،فهو أسير،و الجمع:أسرى و أسارى و أسراء.

(1:37)

الطّباطبائيّ: الأسر:الشّدّ على المحارب بما يصير به في قبضة الآخذ له كما قيل.و الأسير هو المشدود عليه،و جمعه:الأسرى و الأسراء و الأسارى و الأسارى.و قيل:الأسارى جمع جمع،و على هذا فالسّبي أعمّ موردا من الأسر،لصدقه على أخذ من لا يحتاج إلى شدّ كالذّراريّ.(9:134)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أسره أسرا:شدّه بالإسار،أي بالقيد.و الأسر:بناء الأجسام بوصل عظامها بعضها ببعض،و توثيق مفاصلها بالأعصاب.

و الأسارى و الأسرى جمع أسير.(37)

محمود شيت:1-أ-أسره أسرا و إسارا:قيّده، و أسره:أخذه أسيرا.

ب-استأسره:أخذه أسيرا،و استأسر له:استسلم لأسره.

ج-الإسار:ما يقيّد به الأسير،جمعه:أسر.

د-الأسر:شدّة الخلق،يقال:شدّ اللّه أسره:أحكم خلقه.و الأسر:القيد.و يقال:هذا الشّيء لك بأسره:

كلّه،و جاءوا بأسرهم:جميعهم.

ه-الأسرة:الدّرع الحصينة،و الأسرة:أهل الرّجل و عشيرته،و الأسرة:الجماعة يربطها أمر مشترك،جمعه :أسر.

و-الأسير:المأخوذ في الحرب،جمعه:أسراء و أسارى و أسارى.

2-أ-أسير حرب:جميع الأشخاص الّذين يأسرهم العدوّ،و المشار إليهم في الموادّ«1 و 2 و 3»من الأنظمة المذيّل بها اتّفاق«لاهاي»المعقود في«18» تشرين الأوّل سنة«1908»و المتعلّق بقوانين الحرب البرّيّة و عاداتها.

ب-الأسرى:جمع أسير.قفص الأسرى:مكان الأسرى في ساحة القتال،و يحاط-اعتياديّا-بالأسلاك الشّائكة.استنطاق الأسرى:استجوابهم للحصول على المعلومات منهم.(1:45)

المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة هو الحبس و الضّبط بأن يكون تحت نظره و حكمه و سلطانه، و هذا المعنى منظور في جميع موارد استعمالها.

مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً الدّهر:8،أي من هو محبوس و واقع تحت سيطرة،و مشدود بقيود ظاهريّة أو بتعهّدات عرفيّة و التزامات قانونيّة،فهذه الكلمة تشمل العبد و المسجون و المحبوس نظرا.

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى الأنفال:70،جمع أسير،و هم الّذين أسروا و أخذوا و كانوا تحت سلطان المسلمين.

ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى... الأنفال:

67،أي ليس من شأن نبيّ أن يأسر أفرادا و يجعلهم

ص: 284

ذخيرة دنيويّة.

نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:28،أي شددنا ضبطهم و قدّرنا أمور معاشهم في الحياة الدّنيويّة، فهم تحت سلطاننا و جبروتنا لا يملكون لأنفسهم نفعا و لا ضرّا إلاّ ما شاء اللّه عزّ و جلّ.

فالأسر ليس بمعنى الخلق،بل بمعنى التّقدير و الضّبط و الجعل تحت الأمر و الحكم،فهو يتحقّق بعد الخلق أو ملازم له.(1:71)

النّصوص التّفسيريّة

تاسرون

وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَ تَأْسِرُونَ فَرِيقاً. الأحزاب:26

الفخر الرّازيّ:فإن قيل:هل في تقديم المفعول، حيث قال: فَرِيقاً تَقْتُلُونَ، و تأخيره حيث قال:

وَ تَأْسِرُونَ فَرِيقاً فائدة؟

قلت:قد أجبنا أنّ ما من شيء من القرآن إلاّ و له فوائد،منها ما يظهر و منها ما لا يظهر،و الّذي يظهر من هذا-و اللّه أعلم-أنّ القائل يبدأ بالأهمّ فالأهمّ و الأعرف فالأعرف و الأقرب فالأقرب،و الرّجال كانوا مشهورين،فكان القتل واردا عليهم،و الأسرى كانوا هم النّساء و الصّغار و لم يكونوا مشهورين،و السّبي و الأسر أظهر من القتل،لأنّه يبقى فيظهر لكلّ أحد أنّه أسير،فقدّم من المحلّين ما هو أشهر على الفعل القائم به، و ما هو أشهر من الفعلين قدّمه على المحلّ الأخفى.و إن شئنا نقول بعبارة توافق المسائل النّحويّة،فنقول:قوله:

فَرِيقاً تَقْتُلُونَ فعل و مفعول،و الأصل في الجمل الفعليّة تقديم الفعل على المفعول و الفاعل.أمّا أنّها جملة فعليّة فلأنّها لو كانت اسميّة لكان الواجب في«فريق» الرّفع،و كان يقول:فريق منهم تقتلونهم،فلمّا نصب كان ذلك بفعل مضمر يفسّره الظّاهر،تقديره:تقتلون فريقا تقتلون.و الحامل على مثل هذا الكلام شدّة الاهتمام ببيان المفعول،و هاهنا كذلك،لأنّه تعالى لمّا ذكر حال الّذين ظاهروهم،و أنّه قذف في قلوبهم الرّعب.

فلو قال:(تقتلون)إلى أن يسمع السّامع مفعول(تقتلون) يكون زمان،و قد يمنعه مانع فيفوته فلا يعلم أنّهم هم المقتولون.فأمّا إذا قال:(فريقا)مع سبق فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ إلى سمعه يستمع إلى تمام الكلام.و إذا كان الأوّل فعلا و مفعولا قدّم المفعول،لفائدة عطف الجملة الثّانية عليها على الأصل،فعدم تقديم الفعل لزوال موجب التّقديم إذا عرف حالهم،و ما يجيء بعده يكون مصروفا إليهم.و لو قال بعد ذلك:«و فريقا تأسرون» فمن سمع«فريقا»ربّما يظنّ أن يقال فيهم:يطلقون،أو لا يقدرون عليهم؛فكان تقديم الفعل هاهنا أولى.و كذلك الكلام في قوله: وَ أَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ، و قوله:

(و قذف)فإنّ قذف الرّعب قبل الإنزال،لأنّ الرّعب صار سبب الإنزال،و لكن لمّا كان الفرح في إنزالهم أكثر قدّم الإنزال على قذف الرّعب.

(25:204)

مثله النّيسابوريّ.(22:8)

الآلوسيّ: قدّم مفعول(تقتلون)لأنّ القتل وقع

ص: 285

على الرّجال و كانوا مشهورين،و كان الاعتناء بحالهم أهمّ،و لم يكن في المأسورين هذا الاعتناء،بل الاعتناء هناك بالأسر أشدّ،و لو قيل:«و فريقا تأسرون»لربّما ظنّ قبل سماع«تأسرون»أنّه يقال بعد:تهزمون،أو نحو ذلك.

و قيل:قدّم المفعول في الجملة الأولى لأنّ مساق الكلام لتفصيله،و أخّر في الثّانية لمراعاة الفواصل.

و قيل:التّقديم لذلك،و أمّا التّأخير فلئلاّ يفصل بين القتل و أخيه-و هو الأسر-فاصل.و قيل:غوير بين الجملتين في النّظم لتغاير حال الفريقين في الواقع،فقد قدّم أحدهما فقتل،و أخّر الآخر فأسر.

و قرأ أبو حيوة(تاسرون)بضمّ السّين،و قرأ اليمانيّ (يأسرون)بياء الغيبة،و قرأ ابن أنس عن ابن ذكوان بها،فيه و في(يقتلون).و لا يظهر لي وجه وجيه لتخصيص الاسم بصيغة الغيبة.(21:175)

اسرهم

نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ... الدّهر:28

أبو هريرة:شددنا مفاصلهم و أوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق و العصب.

مثله الحسن،و الرّبيع.(القرطبيّ 19:151)

ابن عبّاس: خلقهم.(الطّبريّ 29:226)

مثله مجاهد،و قتادة،و مقاتل(القرطبيّ 19:151)، و الفرّاء(النّسفيّ 4:321).

مجاهد: هو الشّرج.(القرطبيّ 19:151)

الفرج.(البغويّ 7:172)

ابن زيد:الأسر:القوّة.(الطّبريّ 29:226)

الفرّاء:الأسر:الخلق،تقول:لقد أسر هذا الرّجل أحسن الأسر،كقولك:خلق أحسن الخلق.(3:220)

أبو عبيدة:شدّة الخلق،يقال للفرس:شديد الأسر،شديد الخلق.و كلّ شيء شددته من قتب أو من غبيط فهو مأسور.(2:280)

ابن الأعرابيّ: يعني مصرفي البول و الغائط إذا خرج الأذى تقبّضتا.(الأزهريّ 13:61)

ابن قتيبة:أي خلقهم،يقال:امرأة حسنة الأسر،أي حسنة الخلق،كأنّها أسرت،أي شدّت.

و أصل هذا من الإسار،و هو القدّ الّذي يشدّ به الأقتاب يقال:ما أحسن ما أسر قتبه!أي ما أحسن ما شدّه بالقدّ!و كذلك امرأة حسنة العصب،إذا كانت مدمجة الخلق كأنّها عصّبت،أي شدّت.(504)

الجبّائيّ:جعلناهم أقوياء.(الطّبرسيّ 5:413)

الطّبريّ: شددنا خلقهم،من قولهم:قد أسر هذا الرّجل فأحسن أسره،بمعنى قد خلق فأحسن خلقه.

و قال آخرون:الأسر:المفاصل.و قال آخرون:بل هو القوّة.

و أولى الأقوال في ذلك بالصّواب القول الّذي اخترناه؛و ذلك أنّ الأسر هو ما ذكرت عند العرب.[ثمّ استشهد بشعر]

و منه قول العامّة:خذ بأسره،أي هو لك كلّه.

(29:226)

الهرويّ: أي خلقهم،و سمّي الخلق أسرا،لأنّ بعضه مشدود إلى بعض.(1:46)

الطّوسيّ: قال ابن عبّاس:الأسر:الخلق،و هو

ص: 286

من قولهم:أسر هذا الرّجل فأحسن أسره،أي خلق فأحسن خلقه،أي شدّ بعضه إلى بعض أحسن الشّدّ.(10:220)

الرّاغب: إشارة إلى حكمته تعالى في تراكيب الإنسان المأمور بتأمّلها و تدبّرها،في قوله تعالى: وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ الذّاريات:21.(18)

البغويّ: روي عن مجاهد في تفسير الأسر:

الفرج،يعني موضع مصرفي البول و الغائط إذا خرج الأذى انقبضا.(7:162)

الميبديّ: أي خلقهم،يقال:أسر الرّجل أحسن الأسر،أي خلق أحسن الخلق.و قيل:أحكمنا خلقهم و مفاصلهم و أوصالهم بعضا إلى بعض بالعروق و العصب.

و قيل:معناه حفظ عليهم مخارج حاجاتهم يمسكها متى شاء و يرسلها متى شاء.(10:326)

الزّمخشريّ: الأسر:الرّبط و التّوثيق،و منه:أسر الرّجل،إذا أوثق بالقدّ و هو الإسار.و فرس مأسور الخلق،و ترس مأسور بالعقب.و المعنى شددنا توصيل عظامهم بعضها ببعض،و توثيق مفاصلهم بالأعصاب.

و مثله جارية معصوبة الخلق و مجدولته.(4:201)

مثله الفخر الرّازيّ.(30:261)

الطّبرسيّ: قيل:معناه كلّفناهم و شددناهم بالأمر و النّهي،كيلا يجاوزوا حدود اللّه،كما يشدّ الأسير بالقدّ لئلاّ يهرب.(5:413)

القرطبيّ: الأسر:الخلق،يقال:أسره اللّه جلّ ثناؤه،إذا شدّد خلقه.[ثمّ استشهد بشعر]

و قال مجاهد في تفسير الأسر:هو الشّرج،أي إذا خرج الغائط و البول تقبّض الموضع.

و اشتقاقه من«الإسار»،و هو القدّ الّذي يشدّ به الأقتاب،يقال:أسرت القتب أسرا،أي شددته و ربطته.و يقال:ما أحسن أسر قتبه!أي شدّه و ربطه.

و منه قولهم:خذه بأسره،إذا أرادوا أن يقولوا:هو لك كلّه،كأنّهم أرادوا تحكيمه و شدّه لم يفتح و لم ينقص منه شيء.و منه الأسير،لأنّه كان يكتف بالإسار.و الكلام خرج مخرج الامتنان عليهم بالنّعم حين قابلوها بالمعصية،أي سوّيت خلقك و أحكمته بالقوى،ثمّ أنت تكفر بي.(19:151)

البيضاويّ: أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب.

(2:528)

مثله المراغيّ.(29:173)

النّيسابوريّ: أي ربطهم و توثيقهم.و منه:أسر الرّجل،إذا أوثق بالقدّ،و به سمّي القدّ أسرا.

و المعنى ركّبناهم تركيبا محكما،وثّقنا مفاصلهم بالأعصاب و الرّبط و الأوتار،حسب ما يحتاجون إليه في التّصرّف لوجوه الحوائج.(29:129)

الخازن:أي خلقهم.و قيل:أوصالهم شددنا بعضها إلى بعض بالعروق و الأعصاب.و قيل:الأسر:

مجرى البول و الغائط؛و ذلك أنّه إذا خرج الأذى انقبضا.

(7:162)

الطّريحيّ: أي قوّينا خلقهم،فبعض الخلق مشدود إلى بعض،لئلاّ يسترخيان.(3:206)

البروسويّ: أي أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب،ليتمكّنوا بذلك من القيام و القعود و الأخذ

ص: 287

و الدّفع و الحركة.و حقّ الخالق المنعم أن يشكر و لا يكفر،ففيه ترغيب.

و الأسر:الرّبط،و منه:أسر الرّجل،إذا أوثق بالقدّ.و قدّر المضاف،و هو المفاصل.

و قيل:شددنا مخرج البول و الغائط،إذا خرج الأذى انقبض،أو معناه أنّه لا يسترخي قبل الإرادة.

(10:279)

الآلوسيّ: أي أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب و العروق.

و الأسر في الأصل:الشّدّ و الرّبط،و أطلق على ما يشدّ به و يربط كما هنا،و إرادة الأعصاب و العروق لشبهها بالحبال المربوط بها،و وجه الشّبه ظاهر.و من هنا قد يقول العارف:«من كان أسره من ذاته و سجنه دنياه في حياته فليشك مدّة عمره،و ليتأسّف على وجوده بأسره»و المراد شدّة الخلق و كونه موثقا حسنا.

و منه:فرس مأسور الخلق،إذا كان موثقه حسنا.

و عن مجاهد:الأسر:الشّرج،و فسّر بمجرى الفضلة،و شدّ ذلك جعله بحيث إذا خرج الأذى انقبض، و لا يخفى أنّ هذا داخل في شدّة الخلق،و كونه موثقا حسنا.(29:166)

القاسميّ: أي خلقهم و أعضاء بناهم.

قال الشّهاب: الأسر معناه لغة:الشّدّ و الرّبط، و يطلق أيضا على ما يشدّ و يربط به،و لذا سمّي الأسير أسيرا بمعنى مربوط،فشبّهت الأعصاب بالحبال المربوط بها،ليقوى البدن بها،أو لإمساكها للأعضاء،و لذا سمّوها رباطات أيضا.(17:6017)

عزّ دروزة: قوّتهم أو خلقهم.(7:147)

الطّباطبائيّ: الأسر في الأصل:الشّدّ و الرّبط، و يطلق على ما يشدّ و يربط به.فمعنى شَدَدْنا أَسْرَهُمْ أحكمنا ربط مفاصلهم بالرّباطات و الأعصاب و العضلات.أو الأسر بمعنى المأسور،و المعنى أحكمنا ربط أعضائهم المختلفة المشدودة بعضها ببعض حتّى صار الواحد منهم بذلك إنسانا واحدا.(20:142)

فضل اللّه: أي قوّتهم،كناية عن كيانهم القويّ الشّديد الّذي يتماسك في كلّ مواقع الزّلزال.(23:28)

اسيرا

وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً. الدّهر:8

ابن عبّاس: إنّه الأسير من المشركين.

مثله الحسن،و قتادة.(الفخر الرّازيّ 30:245)

أبو سعيد الخدريّ: هو المملوك و المسجون.

و سمّى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الغريم أسيرا،فقال:غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك».(الزّمخشريّ 4:196)

سعيد بن جبير: من أهل القبلة و غيرهم.

(الطّبريّ 29:210)

مثله عطاء.(القرطبيّ 19:129)

هو المحبوس من أهل القبلة.

مثله مجاهد.(الطّبرسيّ 5:408)

هو المسلم يحبس بحقّ.

مثله عطاء.(القرطبيّ 19:129)

هو الأسير من أهل القبلة.

مثله عطاء.(الآلوسيّ 29:155)

ص: 288

مجاهد:المحبوس،و في أخرى:المسجون.

(2:711)

عكرمة:كان الأسرى في ذلك الزّمان المشرك.

(الطّبريّ 29:210)

الأسير:العبد.(القرطبيّ 19:129)

الحسن: ما كان أسراهم إلاّ المشركين.

(الطّبريّ 29:210)

قتادة:لقد أمر اللّه بالأسراء أن يحسن إليهم،و إنّ أسراهم يومئذ لأهل الشّرك.(الطّبريّ 29:209)

هو المأخوذ من أهل دار الحرب.

(الطّبرسيّ 5:408)

الأسير معروف،و هو من الكفّار.

(أبو حيّان 8:395)

السّدّيّ:الأسير هو المملوك.

(الفخر الرّازيّ 30:245)

الطّبريّ: هو الحربيّ،من أهل دار الحرب يؤخذ قهرا بالغلبة،أو من أهل القبلة يؤخذ فيحبس بحقّ، فأثنى اللّه على هؤلاء الأبرار بإطعامهم هؤلاء،تقرّبا بذلك إلى اللّه،و طلب رضاه،و رحمة منهم لهم.

و اختلف أهل العلم في الأسير الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع،فقال بعضهم:[يقصد قول قتادة،و عكرمة و قد تقدّم]

و قال آخرون:عني بذلك المسجون من أهل القبلة.

و الصّواب من القول في ذلك أن يقال:إنّ اللّه وصف هؤلاء الأبرار بأنّهم كانوا في الدّنيا يطعمون الأسير- و الأسير الّذي قد وصفت صفته،و اسم الأسير قد يشتمل على الفريقين-و قد عمّ الخبر عنهم أنّهم يطعمونهم،فالخبر على عمومه حتّى يخصّه ما يجب التّسليم له.و أمّا قول من قال:لم يكن لهم أسير يومئذ إلاّ أهل الشّرك،فإنّ ذلك و إن كان كذلك،فلم يخصّص بالخبر الموفون بالنّذر يومئذ،و إنّما هو خبر من اللّه عن كلّ من كانت هذه صفته يومئذ،و بعده إلى يوم القيامة، و كذلك الأسير معنيّ به أسير المشركين و المسلمين يومئذ،و بعد ذلك إلى قيام السّاعة.(29:209)

القفّال: [قال بعد نقل قول ابن عبّاس،و مجاهد، و السّدّيّ:]

و اللّفظ يحتمل كلّ ذلك،لأنّ أصل الأسر هو الشّدّ بالقدّ،و كان الأسير يفعل به ذلك حبسا له،ثمّ سمّي بالأسير من شدّ و من لم يشدّ،فعاد المعنى إلى الحبس.(الفخر الرّازيّ 30:245)

الماورديّ:يحتمل أن يريد بالأسير النّاقص العقل،لأنّه في أسر خبله و جنونه.و أسر المشرك انتقام يقف على رأي الإمام،و هذا برّ و إحسان.

(القرطبيّ 19:129)

الميبديّ: الأسير:المملوك.و قيل:المرأة،لقول النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«اتّقوا اللّه في النّساء فإنّهنّ عندكم عوان».

(10:3019)

الفخر الرّازيّ:الأسير،و هو المأخوذ من قومه، المملوكة رقبته،الّذي لا يملك لنفسه نصرا و لا حيلة.

(30:245)

القرطبيّ: أي الّذي يؤسر فيحبس.

و قال أبو حمزة الثّماليّ: الأسير:المرأة،يدلّ عليه

ص: 289

قوله عليه السّلام: «استوصوا بالنّساء خيرا فإنّهن عوان عندكم»،أي أسيرات.(19:129)

البيضاويّ: يعني أسارى الكفّار،فإنّه صلى اللّه عليه و سلم كان يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين،فيقول:

«أحسن إليه».

أو الأسير:المؤمن،و يدخل فيه المملوك و المسجون.و في الحديث:«غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك».(2:525)

أبو حيّان: قيل:من المسلمين،تركوا في بلاد الكفّار رهائن و خرجوا لطلب الفداء.و قيل:(و اسيرا) استعارة و تشبيه.(8:395)

البروسويّ: الأسر:الشّدّ بالقدّ،سمّي الأسير بذلك،ثمّ قيل:لكلّ مأخوذ مقيّد و إن لم يكن مشدودا بذلك.و المعنى و أسيرا مأخوذا لا يملك لنفسه نصرا و لا حيلة،أيّ أسير كان،فإنّه عليه السّلام كان يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول:«أحسن إليه»لأنّه يجب إطعام الأسير الكافر،و الإحسان إليه في دار الإسلام،بما دون الواجبات عند عامّة العلماء.

(10:265)

الآلوسيّ: قيل:هو الأسير المسلم ترك في بلاد الكفّار رهينة و خرج لطلب الفداء.[إلى أن قال:]

و عن أبي سعيد الخدريّ: هو الملوك و المسجون.

و تسمية المسجون أسيرا مجاز لمنعه عن الخروج،و أمّا تسمية المملوك فمجاز أيضا،لكن قيل:باعتبار ما كان، و قيل:باعتبار شبهه به في تقييده بإسار الأمر،و عدم تمكّنه من فعل ما يهوى.و عدّ الغريم أسيرا لقوله صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم:«غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك»و هو التّشبيه البليغ،إلاّ أنّه قيل في هذا الخبر ما قيل في الخبر الأوّل.و قال أبو حمزة الثّماليّ:هي الزّوجة،و ضعفه هاهنا ظاهر.(29:155)

القاسميّ: أي مأسورا من حرب أو مصلحة.و إنّما اقتصر على الثّلاثة،لأنّه من أهمّ من تجدر الصّدقة عليهم،فإنّ المسكين عاجز عن الاكتساب لما يكفيه، و اليتيم مات من يعوله و يكتسب له،مع نهاية عجزه بصغره،و الأسير لا يملك لنفسه نصرا و لا حيلة.

(17:6012)

عزّة دروزة: هي في أصلها:الّذي يؤسر في الحرب من الأعداء،و تعني كذلك المملوك،لأنّ الأسر يؤدّي إلى الرّقّ.(7:143)

الطّباطبائيّ: المراد بالأسير ما هو الظّاهر منه، و هو المأخوذ من أهل دار الحرب.

و قول بعضهم: إنّ المراد به أسارى بدر،أو الأسير من أهل القبلة في دار الحرب بأيدي الكفّار،أو المحبوس أو المملوك من العبيد،أو الزّوجة،كلّ ذلك تكلّف من غير دليل يدلّ عليه.

و الّذي يجب أن يتنبّه له أنّ سياق هذه الآيات سياق الاقتصاص،تذكر قوما من المؤمنين تسمّيهم الأبرار، و تكشف عن بعض أعمالهم،و هو الإيفاء بالنّذر و إطعام مسكين و يتيم و أسير،و تمدحهم و تعدهم الوعد الجميل.

فما تشير إليه من القصّة سبب النّزول،و ليس سياقها سياق فرض موضوع و ذكر آثارها الجميلة،ثمّ الوعد الجميل عليها،ثمّ إنّ عدّ الأسير فيمن أطعمه

ص: 290

هؤلاء الأبرار نعم الشّاهد على كون الآيات مدنيّة،فإنّ الأسر إنّما كان بعد هجرة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ظهور الإسلام على الكفر و الشّرك لا قبلها.(20:126)

اسرى

1- ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ... الأنفال:67

أبو عمرو ابن العلاء: الأسرى هم غير الموثقين عند ما يؤخذون،و الأسارى هم الموثقون ربطا.و حكى أبو حاتم أنّه سمع هذا من العرب.(القرطبيّ 8:45)

الفرّاء: معناه ما كان ينبغي له يوم بدر أن يقبل فداء الأسرى.و قد قرئت(أسارى)و كلّ صواب.

(1:418)

الأخفش: الأسرى ما لم يكن موثقا،و الأسارى موثوقون،و العرب لا تعرف ذلك بل هما عندهم سواء.(الطّوسيّ 5:182)

الطّبريّ: ما كان لنبيّ أن يحتبس كافرا قدر عليه و صار في يده،من عبدة الأوثان للفداء أو للمنّ.

و الأسر في كلام العرب:الحبس،يقال منه:مأسور، يراد به محبوس.و مسموع منهم:أنا له اللّه أسرا.و إنّما قال اللّه جلّ ثناؤه لنبيّه محمّد صلى اللّه عليه و سلم يعرّفه أنّ قتل المشركين الّذين أسرهم صلى اللّه عليه و سلم يوم بدر،ثمّ فادى بهم، كان أولى بالصّواب من أخذ الفدية منهم و إطلاقهم.

(10:42)

الزّجّاج: يجمع الأسير:أسرى،و«فعلى»جمع لكلّ ما أصيبوا به في أبدانهم أو عقولهم،مثل مريض و مرضى،و أحمق و حمقى،و سكران و سكرى.و من قرأ (اسارى)و(اسارى)فهو جمع الجمع.

(ابن منظور 4:19)

الطّوسيّ: قرأ أبو جعفر(اسارى)و(من الاسارى) [الأنفال:70]بفتح الهمزة منهما،و بألف بعد السّين، و وافقه أبو عمرو في الثّاني.الباقون بفتح الهمزة و سكون السّين من غير ألف فيهما.و قال أبو عليّ الفارسيّ:

الأسرى أقيس من الأسارى،لأنّ أسيرا«فعيل»بمعنى «مفعول»،و ما كان كذلك لا يجمع بالواو و النّون،و لا بالألف و التّاء.و إنّما يجمع على«فعلى»مثل جريح و جرحى،و قتيل و قتلى،و عفير و عفرى،و لديغ و لدغى،و كذلك كلّ من أصيب في بدنه،مثل مريض و مرضى،و أحمق و حمقى،و سكران و سكرى.

و من قرأ(اسارى)شبّهه بكسالى،و قالوا:كسلى، شبّهوه بأسرى؛و أسارى في جمع أسير،ليس على بابه.

(5:181)

الميبديّ: أسرى جمع أسير،مثل قتيل و قتلى، أي لم يكن لنبيّ أن يشتغل بالأسر و الفداء،لأنّ ذلك يذهب بالمهابة.(4:80)

القرطبيّ: أسرى جمع أسير،مثل قتيل و قتلى، و جريح و جرحى.و يقال في جمع أسير أيضا:أسارى بضمّ الهمزة،و أسارى بفتحها،و ليست بالعالية.و كانوا يشدّون الأسير بالقدّ،و هو الإسار،فسمّي كلّ أخيذ و إن لم يؤسر أسيرا.[ثمّ استشهد بشعر](8:45)

النّيسابوريّ: أي نفس مأسورة،و قوى موجّهة إلى تدبير أمور المعاش و الدّعوة إلى اللّه،و إن كان تصرّفا

ص: 291

بالحقّ للحقّ،حتّى يشيع في أرض البشريّة قتل القوى و النّفوس المنطبعة بسيف الرّياضة و المجاهدة،و لهذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قبل الوحي يتحنّث في غار حراء.

(10:33)

أبو حيّان: قرأ الجمهور و السّبعة(اسرى)على وزن«فعلى»و هو قياس فعيل بمعنى مفعول إذا كان آفة كجريح و جرحى.و قرأ يزيد بن القعقاع و المفضّل عن عاصم(اسارى)و شبّه فعيل بفعلان،نحو كسلان و كسالى،كما شبّهوا كسلان بأسير فقالوا فيه جمعا:كسلى ،قاله سيبويه،و هما شاذّان.و زعم الزّجّاج أنّ أسارى جمع أسرى،فهو جمع جمع.و قد تقدّم لنا ذكر الخلاف في «فعالى»،أ هو جمع أو اسم جمع،و أنّ مذهب سيبويه أنّه من أبنية الجموع،و مدلول أسرى و أسارى واحد.و قرأ أبو عمرو ابن العلاء(الأسرى)غير الموثوقين عند ما يؤخذون،و«الأسارى»هم الموثقون ربطا.و حكى أبو حاتم أنّه سمع ذلك من العرب.و قد ذكره أيضا أبو الحسن الأخفش،و قال:العرب لا تعرف هذا،كلاهما عندهم سواء.(4:518)

المراغيّ: الأسرى واحدهم:أسير،و هو من الأسر،و هو الشّدّ بالإسار،أي القدّ من الجلد،و كان من يؤخذ من العسكر في الحرب يشدّ لئلاّ يهرب،ثمّ صار يطلق على أخيذ الحرب و إن لم يشدّ.(10:33)

2- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً... الأنفال:70

أبو زرعة: قرأ أبو عمرو (يا ايها النبى قل لمن فى ايديكم من الاسرى) بالألف.قال أبو عمرو:إذا كان عند القتال فأسر القوم عدوّهم فهم الأسرى،فإذا ذهبت زحمة القتال فصاروا في أيديهم فهم الأسارى.

و قال أيضا:ما كان في الأيدي و في السّجن فإنّها أسارى،و ما لم يكن في الأيدي و لا في السّجن فقل ما شئت:أسرى و أسارى.

و قرأ الباقون (من الاسرى) بغير ألف،و حجّتهم أنّ العرب جمعت على«فعلى»من كانت به دمامة أو مرض يمنعه من النّهوض،فقالوا في صريع:صرعى،و جريح:

جرحى،و لمّا كان الأسر آفة تدخل على الإنسان فتمنعه من النّهوض أجري مجرى ذوي العاهات،فقالوا:أسير و أسرى.(314)

الطّوسيّ: قرأ أبو عمرو وحده من السّبعة و أبو جعفر(الأسارى)،الباقون(الاسرى)،و أبو عمرو جمع المذهبين في الأوّل و الثّاني.و حمله الباقون على النّظير في المعنى.و قد فسّرنا فيما مضى«الأسير»من أخذ من دار الحرب من أهلها،و لو أخذ مسلم لكان قد فكّ أسره.

خاطب اللّه بهذه الآية نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و أمره أن يقول لمن حصل في يده من الأسرى،يعني من حصل في وثاقه.

و سمّاه في يده،لأنّه بمنزلة ما قبض على يده بالاستيلاء عليه،و لذلك يقال في الملك المتنازع فيه:لمن اليد؟

(5:186)

النّيسابوريّ: من النّفوس المأسورة الّتي أسرت في الجهاد الأكبر عند استيلاء سلطان الذّلّ عليها.

(10:34)

الطّباطبائيّ: كون الأسرى بأيديهم استعارة

ص: 292

لتسلّطهم عليهم تمام التّسلّط،كالشّيء يكون في يد الإنسان يقلّبه كيف يشاء.(9:137)

فضل اللّه: القرآن يثير مسألة الأسرى في بدر

لقد جاءت هذه الآيات لتثير قضيّة الأسرى في معركة بدر،من حيث المبدإ في شرعيّة ما قام به المسلمون من أسر المشركين،من أجل الحصول على الفدية،في الوقت الّذي كان الهدف من المعركة هو تحطيم قوّة الشّرك،ثمّ لتتحدّث عن بعض التّفاصيل الفرعيّة في الحديث عن الأسرى.

ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ هذا تنديد من اللّه بالمسلمين الّذين قاتلوا في بدر،ما قاموا به من أسر الكثيرين من المشركين،و عدم اللّجوء إلى قتلهم في المعركة؛و ذلك من أجل الحصول على الفداء،ليستفيدوا به في تقوية أنفسهم ماليّا.و تلك نقطة ضعف يسجّلها اللّه عليهم في هذا الاتّجاه،فإنّ المقاتل الّذي يشعر بخطورة القوّة الكبرى المهيمنة على شئون النّاس بالظّلم و السّيطرة،لا يعيش في المعركة هاجس النّفع المادّيّ،بقدر ما يعيش هاجس القضاء عليها،بالقضاء على كلّ رموها،لئلاّ تكون فتنة و يكون الدّين للّه،لا سيّما في المرحلة الصّعبة الّتي خاض فيها المسلمون المعركة غير المتكافئة ضدّ قريش و انتصروا فيها،ممّا يفرض التّفكير في إضعاف أيّة مبادرة مستقبليّة لمعركة جديدة،في ما يمكن أن تفكّر به قريش من هجوم جديد ثأرا لنفسها.

و لكنّها التّجربة الأولى للمسلمين الّذين كانوا يخوضون فيها معركة الوجود و عدم الوجود للإسلام، فخاضوها على الطّريقة الّتى كانوا يخوضون فيها معاركهم الخاصّة سابقا،في قتل البعض و الإبقاء على البعض الآخر من أجل الفداء فكانت هذه الآية تناقش المسألة من زاوية المصلحة الإسلاميّة العليا في حركة الأنبياء فليس للنّبيّ الدّاخل في معركة من معارك الإيمان و الكفر، أن يكون له أسرى،حتّى يتمكّن في الأرض،و يستقرّ و يثبّت أقدامه،لينطلق-بعد ذلك-من موقع قوّة،بعيدا عن إمكانات التّحرّك المضادّ من قبل الأعداء.

(10:422)

أسارى

...وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ... البقرة:85

أبو عمرو ابن العلاء: الأسارى:هم الّذين في الوثاق،و الأسرى الّذين في اليد،و إن لم يكونوا في الوثاق.(الطّوسيّ 1:335)

الطّبريّ: اختلف القرّاء في قراءة قوله: وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى فقرأ بعضهم (اسرى تفدوهم) و بعضهم (اسارى تفادوهم) و بعضهم (اسارى تفدوهم) و بعضهم (اسرى تفادوهم) .

فمن قرأ ذلك وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى فإنّه أراد جمع الأسير؛إذ كان على«فعيل»على مثال جمع أسماء ذوي العاهات الّتي يأتي واحدها على تقدير«فعيل»؛إذ كان الأسر شبيه المعنى في الأذى و المكروه الدّاخل على الأسير ببعض معاني العاهات،و ألحق جمع المستلحق به

ص: 293

بجمع ما وصفنا،فقيل:أسير و أسرى،كما قيل:مريض و مرضى،و كسير و كسرى،و جريح و جرحى.

و أمّا الّذين قرءوا ذلك(اسارى)فإنّهم أخرجوه على مخرج جمع«فعلان»؛إذ كان جمع«فعلان»الّذي له «فعلى»قد يشارك جمع«فعيل»،كما قالوا:سكارى و سكرى،و كسالى و كسلى،فشبّهوا أسيرا،و جمعوه مرّة أسارى و أخرى أسرى بذلك.و كان بعضهم يزعم أنّ معنى الأسرى مخالف معنى الأسارى،و يزعم أنّ معنى الأسرى استئسار القوم بغير أسر من المستأسر لهم، و أنّ معنى الأسارى معنى مصير القوم المأسورين في أيدي الآسرين بأسرهم و أخذهم قهرا و غلبة.

و ذلك ما لا وجه له يفهم في لغة أحد من العرب، و لكن ذلك على ما وصفت من جمع الأسير مرّة على «فعلى»لما بيّنت من العلّة،و مرّة على«فعالى»لما ذكرت من تشبيههم جمعه بجمع سكران و كسلان،و ما أشبه ذلك.

و أولى بالصّواب في ذلك قراءة من قرأ (و إن ياتوكم اسرى) ،لأنّ«فعالى»في جمع«فعيل»غير مستفيض في كلام العرب،فإذا كان ذلك غير مستفيض في كلامهم -و كان مستفيضا فاشيا فيهم جمع ما كان من الصّفات الّتي بمعنى الآلام و الزّمانة،واحده على تقدير«فعيل» على«فعلى»كالّذي وصفنا قبل،و كان أحد ذلك الأسير-كان الواجب أن يلحق بنظائره و أشكاله، فيجمع جمعها دون غيرها ممّن خالفها.(1:400)

الرّمّانيّ:الاختيار(اسارى)بالألف،لأنّ عليه أكثر الأئمّة،و لأنّه أدلّ على معنى الجمع؛إذ كان يقال بكثرة فيه،و هو قليل في الواحد نحو شكاعى،و لأنّها لغة أهل الحجاز.(الفخر الرّازيّ 3:173)

أبو زرعة: قرأ حمزة (و ان ياتوكم اسرى) بغير ألف،جمع أسير.و حجّته أنّ كلّ«فعيل»من نعوت ذوي العاهات إذا جمع فإنّما يجمع على«فعلى»،و ذلك كجمعهم المريض مرضى،و الجريح جرحى،و القتيل قتلى، و الصّريع صرعى،و كذلك أسير و أسرى،لأنّه قد ناله المكروه و الأذى.

و قرأ الباقون(اسارى)قال بعض علمائنا:هما لغتان،كما يقال:سكران و سكارى.(104)

الميبديّ: قرئت(اسارى)و(اسرى)،و(اسرى) بحذف الألف هي قراءة حمزة،و(اسارى)قراءة الجمهور.

و(اسرى)جمع أسير،و(اسارى)جمع الجمع.

و الأسر:آفة تدخل على الإنسان فتمنعه عن أكثر ما يشتهيه كالمرض و نحوه،و معناه و إن يأتوكم مأسورين يطلبون الفداء فديتموهم،و تفكّونهم من أسر أعدائكم.

(1:260)

ابن عطيّة: قرأ حمزة (اسرى تفدوهم) ،و قرأ نافع،و عاصم،و الكسائيّ (اسارى تفادوهم) ،و قرأ أبو عمرو،و ابن عامر،و ابن كثير (اسارى تفدوهم) ،و قرأ قوم (اسرى تفادوهم) ،و أسارى:جمع أسير،و الأسير مأخوذ من الأسر،و هو الشّدّ،سمّي بذلك لأنّه يؤسر، أي يشدّ وثاقا،ثمّ كثر استعماله حتّى لزم،و إن لم يكن ثمّ ربط و لا شدّ.و أسير«فعيل»بمعنى«مفعول»،و لا يجمع بواو و نون و إنّما يكسّر على أسرى و أسارى،و الأقيس

ص: 294

فيه أسرى،لأنّ«فعيلا»بمعنى«مفعول»،الأصل فيه أن يجمع على«فعلى»كقتلى و جرحى،و الأصل في «فعلان»أن يجمع على«فعالى»بفتح الفاء،و«فعالى» بضمّها،كسكران و سكارى،و كسلان و كسالى.

قال سيبويه:فقالوا في جمع كسلان:كسلى،شبّهوه بأسرى،كما قالوا:أسارى،شبّهوه بكسالى.و وجه الشّبه أنّ الأسر يدخل على المرء مكرها كما يدخل الكسل،و«فعالى»إنّما يجيء فيما كان آفة تدخل على المرء.(1:343)

الطّبرسيّ: قرأ أبو جعفر و نافع و عاصم و الكسائيّ و يعقوب (اسارى تفادوهم) بالألف فيهما،و قرأ حمزة وحده (اسرى تفدوهم) بغير ألف فيهما،و قرأ ابن كثير و ابن عامر و أبو عمرو(اسارى)بألف(تفدوهم)بغير ألف.و كان أبو عمرو و حمزة و الكسائيّ يميلون الرّاء من (اسارى)،و نافع يقرأ بين بين،و الباقون يفتحون.

و وجه قول من قرأ(اسرى)أنّه جمع أسير،«فعيل» بمعنى«مفعول»،نحو قتيل بمعنى مقتول و قتلى،و جريح و جرحى.و هو أقيس من(اسارى).

و وجه قول من قال:(اسارى)أنّه شبّهه بكسالى؛ و ذلك أنّ الأسير لمّا كان محبوسا عن كثير من تصرّفه للأسر،كما أنّ الكسلان محتبس عن ذلك لعادته السّيّئة شبّه به،فأجري عليه هذا الجمع،كما قيل:مرضى و موتى و هلكى؛لمّا كانوا مبتلين بهذه الأشياء المصابين بها،فأشبه في المعنى«فعيلا»بمعنى«مفعول»فأجري عليه في الجمع اللّفظ الّذي لفعيل بمعنى مفعول،و كما شبّه أسارى بكسالى شبّه كسلى بأسرى.(1:152)

مثله أبو البركات.(1:104)

الفخر الرّازيّ: قرأ نافع و عاصم و الكسائيّ (اسارى تفادوهم) بالألف فيهما،و قرأ حمزة وحده بغير ألف فيهما،و الباقون(اسارى)بالألف و(تفدوهم)بغير ألف.و الأسرى جمع أسير،كجريح و جرحى.

و في(أسارى)قولان:

أحدهما:أنّه جمع أسرى كسكرى و سكارى، و الثّاني:جمع أسير.

و فرّق أبو عمرو بين(الأسرى)و(الأسارى)، و قال:الأسارى الّذين في وثاق،و الأسرى الّذين في اليد.كأنّه يذهب إلى أنّ(أسارى)أشدّ مبالغة.و أنكر ثعلب ذلك.(3:172)

القرطبيّ: (اسارى)نصب على الحال.قال أبو عبيد:و كان أبو عمرو يقول:ما صار في أيديهم فهم الأسارى،و ما جاء مستأسرا فهم الأسرى.و لا يعرف أهل اللّغة ما قال أبو عمرو،إنّما هو كما تقول:سكارى و سكرى.و قراءة الجماعة(اسارى)،ما عدا حمزة فإنّه قرأ(اسرى)على«فعلى»،جمع أسير بمعنى مأسور، و الباب في تكسيره إذا كان كذلك«فعلى»،كما تقول:

قتيل و قتلى،و جريح و جرحى.

قال أبو حاتم: و لا يجوز(أسارى).و قال الزّجّاج:

يقال:(أسارى)كما يقال:سكارى،و«فعالى»هو الأصل،و«فعالى»داخلة عليها.و حكي عن محمّد بن يزيد قال:يقال:أسير و أسراء،كظريف و ظرفاء.قال ابن فارس:يقال في جمع أسير:أسرى و أسارى، و قرئ بهما.و قيل:أسارى،بفتح الهمزة و ليست

ص: 295

بالعالية.(2:20)

أبو حيّان: الأسرى جمع أسير،و«فعلى»مقيس في«فعيل»بمعنى ممات أو موجع،كقتيل و جريح،و أمّا الأسارى فقيل:جمع أسير،و سمع«الأسارى»بفتح الهمزة،و ليست بالعالية.و قيل:أسارى جمع أسرى، فيكون جمع الجمع،قاله المفضّل.(1:281)

أبو السّعود: جمع أسير،و هو من يؤخذ قهرا، «فعيل»بمعنى«مفعول»من الأسر،أي الشّدّ،أو جمع أسرى،و هو جمع أسير كجرحى و جريح.و قد قرئ (اسرى)و محلّه النّصب على الحاليّة.(1:98)

البروسويّ: الأسارى و الأسرى جمع أسير،و هو من يؤخذ قهرا«فعيل»بمعنى«المفعول»من الأسر،بمعنى الشّدّ و الإيثاق،و الفرق أنّهم إذا قيّدوا فهم أسارى،و إذا حصلوا في اليد من غير قيد فهم أسرى.(1:174)

القاسميّ: (اسارى)بضمّ الهمزة و فتح السّين و الألف بعدها.و قرأ حمزة(اسرى)بفتح الهمزة و سكون السّين كقتلى،جمع أسير.و أصله:المشدود بالأسر، و هو القدّ،و هو ما يقدّ،أي يقطع من السّير.(2:182)

الأصول اللّغويّة

1-الإسار:الحبل أو القيد أو القدّ،و هو الأصل في هذه المادّة.و الأسر:الشّدّ و الحصر و الحبس،على أن يتمّ ذلك بالإسار الّذي هو القدّ،و كان يستعمل قديما ثمّ التصق معنى الإسار بعمليّة الأسر،حتّى إذا ترك استعمال الإسار في ربط الأسير و شدّ يديه و رجليه،بقي ذلك المعنى مستمرّا في العمليّة،فاحتفظ بلفظ الأسر و الأسير،للدّلالة على المأخوذ و المحجوز و المحبوس و إن لم يشدّ بالإسار،أو يدخل الحبل أو القدّ أو القيد في العمليّة كلّها.

2-ثمّ إنّ الأسر الدّالّ على الشّدّ دالّ على الوثاقة أيضا،فلا بدّ أن يكون الحبل المستعمل في الشّدّ أو القدّ المستعمل في الرّبط قويّا لا ينقطع؛بحيث يمكن بواسطته أن يسيطر الآخذ على الأخيذ،فيتصرّف به كما يشاء.

3-و هذه الدّلالة على الوثاقة ستنتقل إلى دلالة جديدة تتّصل بجسم الإنسان و تماسك بنائه،فيقال:

فلان شديد الأسر،بمعنى أنّه قويّ البنيان شديده.و قد اختلفوا في تحديد«أسر الإنسان»غير أنّ ملاحظة مكان شدّ الحبل حول الأسير تبيّن لنا أنّ المقصود بأسر الإنسان هو الظّهر،و هو مكان القوّة في قامة الإنسان و بناء جسمه.

و ليس ببعيد أن يكون بين«الأزر»الّذي هو الظّهر و بين«الأسر»علاقة لفظيّة واضحة بتساوي الحروف في حجومها و مراتبها،و إنّما تبدّل الزّاي إلى السّين لبيان فرق دقيق بين الدّلالتين،فمع اتّحادهما في الدّلالة على الظّهر-باعتباره رمزا للقوّة،و تماسك القامة و البنيان- فإنّ«الأزر»هو منطقة من الظّهر لا جميع الظّهر،و هو تلك المنطقة الّتي تكاد تكون وسيطة في الظّهر؛حيث يشدّ الإزار و يحكم الحزام.فأمّا«الأسر»فهو الظّهر كلّه إضافة إلى ما حوله من لوحي الكتف و الأضلاع و اليدين،أي من حيث يؤسر الأسير،بمعنى مواضع شدّ الإسار عليه.

4-و بهذا التّفرّد للأسر-باعتباره يضمّ جميع الظّهر

ص: 296

و الصّدر و ما إليهما-نقلت اللّغة لفظة«الأسر»للدّلالة على الجميع و المجموع،حتّى يكاد يختفي معنى الشّدّ و الحبس مع استمراره في الدّلالة بشكل خفيّ.فكأنّك حين قلت:جاء القوم بأسرهم،قد تناسيت معنى الشّدّ و القدّ و الحبل في القضيّة كلّها.مع أنّ الملاحظ يدرك أنّ «بأسرهم»دالّة-من بعيد-على تصوّر القادمين و كأنّهم قد شدّوا إلى بعضهم البعض،فجاءوا كالحزمة الواحدة.

الاستعمال القرآنيّ

1-وردت هذه المعاني جميعا في القرآن في ستّ آيات هي:

وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَ تَأْسِرُونَ فَرِيقاً الأحزاب:26

نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ الدّهر:28

وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً الدّهر:8

ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ الأنفال:67

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى

الأنفال:70

وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ البقرة:85

يلاحظ أنّ هذه المعاني المتشكّلة من الألفاظ الخمسة المتقدّمة تتضمّن دلالتين اثنتين:

الأولى:قوله: وَ تَأْسِرُونَ فَرِيقاً بمعنى أنّكم تأخذونهم و تشدّون أيديهم إلى جنوبهم،و تجعلون القدّ يدور حول ظهورهم و صدورهم و بطونهم،فكأنّكم قد امتلكتم أسرهم فكانوا أسرى لكم.

و بالطّبع فإنّ معنى«الأسر»هاهنا يتجاوز معنى الشّدّ بالحبال إلى الأخذ العامّ المانع للمأخوذين،من التّصرّف.

الثّانية:قوله: شَدَدْنا أَسْرَهُمْ أي جعلنا ظهورهم و صدورهم و أكتافهم على هذه الصّورة المحكمة المتماسكة المعتدلة،كما يشمل(اسرهم)معنى جميعهم، أي جميع أعضاء جسمهم و جميع أجزاء خلقتهم.و عبّر عن الجميع بلفظ(اسرهم)لما في هذه اللّفظة من الدّلالة على الظّهر،و ما يتعلّق به عن علوّ و عن سفل،من يمين و من شمال،ثمّ لما فيها من معنى الجمع و الجميع و المجموع.

و هكذا نرى أنّ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ قد لجأت إلى إطلاق الجزء على الكلّ،و هي في الوقت نفسه دالّة على معنى ذلك الكلّ،بناء على دلالتها على الجمع و المجموع.

فأمكن لهذا التّركيب أن يؤدّي المعنى العامّ للأسر، مع تركيزه على أهمّ جزء من أجزاء ذلك الأسر،و هو الظّهر و ما اتّصل به ممّا يشكّل استقامة قامة الإنسان و تماسك جسمه.

2-و لقد التفت صاحب الإعجاز العدديّ(ج 2:

149)إلى أنّ مادّة«أسر»و مادّة«حرب»جاءتا و ما يشتقّ منهما بنفس عدد المرّات،ستّ مرّات لكلّ مادّة،رغم عدم اجتماعهما في آية واحدة،بل في سورة واحدة.و تعقيبا على كلامه نقول:

أوّلا:إنّه لم يدخل المحراب«4 مرّات»و المحاريب «مرّة واحدة»في القرآن،في مشتقّات«حرب»،و إلاّ

ص: 297

فالعدد يصير«11»مرّة لا«6»،و كأنّه نظر إلى المادّة من زاوية معنى الحرب و القتال الّذي هو منفيّ في لفظي «المحراب»و«المحاريب»في زعمه،مع أنّه قيل:إنّما سمّي محرابا لأنّ المصلّي فيه يحارب الشّيطان.لاحظ «ح ر ب».

و ثانيا:أنّ كلاّ من«أسر»و«حرب»و ما اشتقّ منهما-سوى المحراب و المحاريب-لم يردا في آية من سورة مكّيّة،بل التقى الجذران في كونهما قد أنزلا في المدينة لا في مكّة.و هذا أمر طبيعيّ؛من حيث إنّ المسلمين في مكّة لم يكونوا في حال تؤهّلهم للحرب و أسر الأعداء،لكنّهم لمّا استقرّت دولتهم في المدينة أصبحوا في أمسّ الحاجة إلى الحرب دفاعا عن أنفسهم في سبيل الإسلام؛و القضاء على أعدائه.فظهرت الحاجة إلى مصطلحات الحرب،و ما ينتج عنها من أسر و منّ أو فداء،و ما إلى ذلك.

3-و للمفسّرين و الفقهاء أبحاث في وجه الجمع بين قوله: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ الأنفال:67،و بين قوله: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها محمّد:4،و نكتفي من هذه الأبحاث بما لخّصه صاحب المنار(10:85):

«و جملة القول في تفسير الآيتين أنّ اتّخاذ الأسرى إنّما يحسن و يكون خيرا و رحمة و مصلحة للبشر إذا كان الظّهور و الغلب لأهل الحقّ و العدل.أمّا في المعركة الواحدة فبإثخانهم لأعدائهم من المشركين و المعتدين، و أمّا في الحالة العامّة الّتي تعمّ كلّ معركة و كلّ قتال فبإثخانهم في الأرض بالقوّة العامّة و السّلطان الّذي يرهب الأعداء...هذه هي القاعدة العامّة الّتي تقرّها و لا تنكرها علوم الحرب و فنونها...».

ص: 298

إسرائيل

اشارة

لفظ واحد،43 مرّة:23 مكّيّة،20 مدنيّة

في 17 سورة:13 مكّيّة،4 مدنيّة

النّصوص اللّغويّة

كعب الأحبار: أسر[إسرائيل]جنّيّا كان يطفئ سرج بيت المقدس،و كان اسم الجنّيّ إيل،فسمّي إسرائيل،و كان يخدم بيت المقدس،و كان أوّل من يدخل و آخر من يخرج.(أبو حيّان 1:171)

ابن عبّاس: إنّ إسرائيل كقولك:عبد اللّه.

(الطّبريّ 1:248)

معنى«إسرا»صفوة و«إيل»اللّه تعالى،فمعناه صفوة اللّه.(أبو حيّان 1:171)

«إسرا»بالعبرانيّة هو عبد،و«إيل»هو اللّه.

(القرطبيّ 1:331)

الإمام الصّادق عليه السّلام:يعقوب هو إسرائيل، و معنى إسرائيل عبد اللّه؛لأنّ«إسرا»هو العبد و«إيل» هو اللّه.

[و في رواية]«إسرا»،هو القوّة و«إيل»هو اللّه.(الكاشانيّ 1:108)

الأخفش: هو يهمز و لا يهمز،يقال في لغة:

إسراءين،بالنّون،كما قالوا:جبرين و إسماعين.

(الجوهريّ 6:2376)

ابن السّكّيت: يقال:إسرائيل و إسراءين.

(الإبدال:68)

مثله القاليّ.(2:46)

إيل:اسم من أسماء اللّه بالعبرانيّة.

(الأزهريّ 15:436)

القفّال:قيل:إنّ«إسرا»بالعبرانيّة في معنى إنسان،فكأنّه قيل:رجل اللّه.(الفخر الرّازيّ 3:29)

الأزهريّ: [نقل قول ابن السّكّيت ثمّ قال:]

و جائز أن يكون أعرب،فقيل:إسرائيل و إسماعيل،كقولك:عبد اللّه و عبيد اللّه.(15:436)

الجوهريّ: إسرائيل:اسم،يقال:هو مضاف إلى

ص: 299

«إيل».(6:2376)

القيسيّ: إسرائيل:جمعه أساريل.و قال الكوفيّون :أسارلة و أساريل.(1:73)

المهدويّ: إنّ«إسرا»مأخوذ من الشّدّة في الأسر،كأنّه الّذي شدّ اللّه أسره و قوّى خلقته.

(ابن عطيّة 1:133)

الجواليقيّ: فيه لغات،قالوا:إسرال،كما قالوا:

ميكال.و قالوا:إسرائيل،و قالوا أيضا:إسراءين بالنّون.كذلك نجد العرب إذا وقع إليهم ما لم يكن من كلامهم تكلّموا فيه بألفاظ مختلفة،كما قالوا:بغداذ، و بغداد،و بغدان.(61)

ابن عطيّة: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السّلام،و هو اسم أعجميّ،يقال فيه:إسراءل و إسرائيل و إسرائل.و تميم تقول:إسراءين.و«إسرا» هو بالعبرانيّة عبد،و«إيل»اللّه تعالى،فمعناه عبد اللّه.

(1:133)

الطّبرسيّ: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

قيل:أصله مضاف،لأنّ«إسرا»معناه عبد،و«إيل»هو اللّه بالعبرانيّة،فصار مثل عبد اللّه،و كذلك جبرائيل و ميكائيل.(1:92)

السّهيليّ: سمّي إسرائيل،لأنّه أسرى ذات ليلة حين هاجر إلى اللّه تعالى،فسمّي إسرائيل،أي أسرى إلى اللّه و نحو هذا،فيكون بعض الاسم عبرانيّا و بعضه موافقا للعرب.(القرطبيّ 1:331)

معناه سريّ اللّه.(الزّبيديّ 3:13)

ابن الجوزيّ: ليس في الأنبياء من له اسمان غيره، إلاّ نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و سلم،و إنّ له أسماء كثيرة.

(القرطبيّ 1:330)

أبو حيّان: إسرائيل:اسم أعجميّ ممنوع الصّرف للعلميّة و العجمة.قال بعضهم:«إسرا»مشتقّ من الأسر و هو الشّدّ،فكأنّ إسرائيل معناه الّذي شدّه اللّه و أتقن خلقه.

و قيل:أسرى باللّيل مهاجرا إلى اللّه تعالى فسمّي بذلك.و قيل:أسرى باللّيل هاربا من أخيه عيصو إلى خاله،في حكاية طويلة ذكروها،فأطلق ذلك عليه.

و هذه أقاويل ضعاف.(1:171)

السّيوطيّ: إسرائيل:لقب يعقوب،و معناه عبد اللّه.و قيل:صفوة اللّه،و قيل:سريّ اللّه،لأنّه أسرى لمّا هاجر.(4:90)

الآلوسيّ: اسم أعجميّ،و قد ذكروا أنّه مركّب من (إيل)اسم من أسمائه تعالى،و(إسرا)و هو العبد،أو الصّفوة أو الإنسان أو المهاجر،و هو لقب سيّدنا يعقوب عليه السّلام.(1:241)

رشيد رضا: لقب نبيّ اللّه يعقوب ابن نبيّه إسحاق، ابن نبيّه و خليله إبراهيم عليه السّلام،قيل:معناه الأمير المجاهد مع اللّه.(1:289)

المراغيّ: لقب يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، و معناه صفيّ اللّه،و قيل:الأمير المجاهد.(1:98)

هاكس: إسرائيل:لقب يعقوب بن إسحاق،و لقّب به بعد المصارعة مع ملك اللّه في«فينيئل»و يطلق هذا الاسم على مسمّيات عديدة،فمرّة يقصد به أبناء إسرائيل و مرّة أبناء يعقوب،و مرّة يطلق على جميع

ص: 300

المؤمنين الواقعيّين الّذين يعتبرون من أولاده الرّوحانيّين،و أحيانا يعني به بلاد إسرائيل أو الأسباط العشرة،فرقا بينهم و بين يهودا.(53)

محمّد إسماعيل إبراهيم: إسرائيل لقب لنبيّ اللّه يعقوب،و أصله بالعبريّة:يسرائيل،و معناه المدافع عن اللّه،و هو تركيب عبرانيّ.و يعقوب هذا هو ابن إسحاق ابن إبراهيم عليهم السّلام.(1:38)

المصطفويّ: «فرهنك عبريّ بفارسيّ»

اسير-الأسير.أسر-التّوقيف،و كذلك آسر و يؤسر.إل-اللّه.

فيظهر من هذه الكلمات أنّ معنى هذه المادّة في اللّغة العبريّة يطابق ما قلنا من العربيّة،فمعنى إسرائيل من يكون تحت النّظر و التّوقيف و التّدبير و الأسر من اللّه تعالى،و هذا المعنى قريب من كلمة عبد اللّه.

و ما قال«قاموس الكتاب المقدّس»في ترجمته؛فهو تحريف عن معناه الحقيقيّ،و لعلّه أخذه من مادّة أخرى.

(1:72)

النّصوص التّفسيريّة

اسرائيل

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ...

البقرة:40

ابن عبّاس: يا أهل الكتاب للأحبار من يهود.(الطّبريّ 1:249)

الجبّائيّ: المعنيّ به بنو إسرائيل من اليهود و النّصارى،و نسبهم إلى الأب الأعلى،كما قال: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الأعراف:31.

(الطّوسيّ 1:181)

الطّبريّ: يا ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن.[إلى أن قال]:

و إنّما خاطب أحبار اليهود من بني إسرائيل الّذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فنسبهم جلّ ذكره إلى يعقوب كما نسب ذرّيّة آدم إلى آدم،فقال:

يا بَنِي آدَمَ خُذُوا... الأعراف:31،و ما أشبه ذلك، و إنّما خصّهم بالخطاب في هذه الآية و الّتي بعدها من الآي الّتي ذكّرهم فيها نعمه،و إن كان قد تقدّم ما أنزل فيهم و في غيرهم،في أوّل هذه السّورة ما قد تقدّم،أنّ الّذي احتجّ به من الحجج،و الآيات الّتي فيها أنباء أسلافهم، و أخبار أوائلهم،و قصص الأمور الّتي هم بعلمها مخصوصون دون غيرهم من سائر الأمم،ليس عند غيرهم من العلم بصحّته،و حقيقته مثل الّذي لهم من العلم به إلاّ لمن اقتبس علم ذلك منهم،فعرّفهم باطّلاع محمّد على علمها مع بعد قومه و عشيرته من معرفتها، و قلّة مزاولة محمّد صلى اللّه عليه و سلم دراسة الكتب الّتي فيها أنباء ذلك، أنّ محمّدا صلى اللّه عليه و سلم لم يصل إلى علم ذلك إلاّ بوحي من اللّه و تنزيل منه ذلك إليه،لأنّهم من علم صحّة ذلك بمحلّ ليس به من الأمم غيرهم؛فلذلك جلّ ثناؤه خصّ بقوله: يا بَنِي إِسْرائِيلَ خطابهم...(1:248)

الطّوسيّ: (إسرائيل)في موضع جرّ،لأنّه مضاف إليه،و فتح لأنّه أعجميّ لا ينصرف،لأنّ«إسرا»معناه عبد،و«ئيل»هو اللّه بالعبرانيّة،فصار مثل عبد اللّه، و كذلك جبرائيل و ميكائيل.و من حذف الألف من

ص: 301

جبرائيل حذفه للتّعريب،كما يلحق الأسماء التّغيير إذا أعربت،فيلخّصون حروفها على العربيّة.

و في إسرائيل خمس لغات،حكى الأخفش:

إسرال،بكسر الهمزة من غير ياء،و حكى:أسرال، بفتح الهمزة.و يقول بعضهم:إسريل،فيميلون.و حكى قطرب:سرال،من غير همز و لا ياء،و إسراين،بالنّون .و الخامس:إسرائيل،قراءة إلياس،و حمزة وحده مدّ بغير ألف.(1:180)

الميبديّ: في القرآن خمسة من الأنبياء لهم اسمان:

محمّد و أحمد،إلياس و إلياسين،يونس و ذا النّون،عيسى و مسيح،يعقوب و إسرائيل.(1:165)

الزّمخشريّ: (إسرائيل)هو يعقوب عليه السّلام لقب له، و معناه في لسانهم صفوة اللّه.و قيل:عبد اللّه،و هو بزنة إبراهيم و إسماعيل غير منصرف مثلهما،لوجود العلميّة و العجمة.و قرئ(إسرائل)و(إسرائيل).(1:275)

الفخر الرّازيّ: اتّفق المفسّرون على أنّ(إسرائيل) هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم،و يقولون:إنّ معنى إسرائيل عبد اللّه،لأنّ«إسرا»في لغتهم هو العبد،و «إيل»هو اللّه،و كذلك جبريل هو عبد اللّه،و ميكائيل عبد اللّه.[ثمّ نقل قول القفّال و قال:]

يا بَنِي إِسْرائِيلَ خطاب مع جماعة اليهود الّذين كانوا بالمدينة من ولد يعقوب عليه السّلام في أيّام محمّد صلى اللّه عليه و سلم.

(3:29)

القرطبيّ: (إسرائيل)اسم أعجميّ و لذلك لم ينصرف،و هو في موضع خفض بالإضافة.

و فيه سبع لغات:إسرائيل،و هي لغة القرآن، و إسرائيل،بمدّة مهموزة مختلسة،حكاها شنبوذ عن ورش،و إسراييل،بمدّة بعد الياء من غير همز،و هي قراءة الأعمش و عيسى بن عمر،و قرأ الحسن و الزّهريّ بغير همز و لا مدّ.و إسرائل،بغير ياء بهمزة مكسورة.و إسراءل بهمزة مفتوحة.و تميم يقولون:

إسراءين بالنّون.و معنى إسرائيل عبد اللّه.(1:331)

البيضاويّ: (إسرائيل)لقب يعقوب عليه السّلام،و معناه بالعبريّة صفوة اللّه،و قيل:عبد اللّه.و قرئ(إسرائل) بحذف الياء،و(إسرال)،بحذفهما،و(إسراييل)،بقلب الهمزة ياء.(1:52)

أبو حيّان: فيه تصرّفات للعرب بقوله:

(إسرائيل)،بهمزة بعد الألف و ياء بعدها،و هي قراءة الجمهور.و(إسراييل)بيائين بعد الألف،و هي قراءة الجمهور.و(إسراييل)بيائين بعد الألف،و هي قراءة أبي جعفر و الأعشى و عيسى بن عمر.و(إسرائل) بهمزة بعد الألف ثمّ لام،و هو مرويّ عن ورش.و (إسراءل)بهمزة مفتوحة بعد الرّاء و اللاّم،و(إسرئل) بهمزة مكسورة بعد الرّاء،و(إسرال)بألف ممالة بعدها لام خفيفة،و(إسرال)بألف غير ممالة.(1:171)

و أضافهم إلى لفظ(إسرائيل)و هو يعقوب،و لم يقل:يا بني يعقوب؛لما في لفظ إسرائيل من أنّ معناه عبد اللّه أو صفوة اللّه؛و ذلك على أحسن تفاسيره؛ فهزّهم بالإضافة إليه،فكأنّه قيل:يا بني عبد اللّه،أو يا بني صفوة اللّه،فكان في ذلك تنبيه على أن يكونوا مثل أبيهم في الخير،كما تقول:يا ابن الرّجل الصّالح أطع اللّه، فتضيفه إلى ما يحرّكه لطاعة اللّه،لأنّ الإنسان يحبّ أن يقتفي أثر آبائه،و إن لم يكن بذلك محمودا،فكيف إذا كان

ص: 302

محمودا،أ لا ترى: إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ الزّخرف:23، بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا البقرة:170.

و في قوله: يا بَنِي إِسْرائِيلَ دليل على أنّ من انتمى إلى شخص و لو بوسائط كثيرة يطلق عليه أنّه ابنه، و عليه(يا بني آدم)و يسمّى ذلك أبا.(1:173)

مثله الآلوسيّ(1:241)،و نحوه السّيوطيّ(4:

90).

رشيد رضا: المراد ببنيه ذرّيّته من أسباطه الاثني عشر،و أطلق عليهم لقبه في كتبهم و تواريخهم،كما تسمّي العرب القبيلة كلّها باسم جدّها الأعلى.

و لمّا كانت سورة البقرة أوّل السّور المدنيّة الطّوال، و كان جلّ يهود بلاد العرب في جوارها دعاهم اللّه تعالى فيها إلى الإسلام،و أقام عليهم الحجج و البراهين،و بيّن لهم من حقيقة دينهم و تاريخ سلفهم ما لم يكن يعلمه أحد من قومه المجاورين لهم،فضلا عن أهل وطنه بمكّة المكرّمة.و اختصّ بني إسرائيل بالخطاب اهتماما بهم لأنّهم أقدم الشّعوب الحاملة للكتب السّماويّة و المؤمنة بالأنبياء المعروفين،و لأنّهم كانوا أشدّ النّاس على المؤمنين،و لأنّ في دخولهم في الإسلام من الحجّة على النّصارى و غيرهم أقوى ممّا في دخول النّصارى من الحجّة عليهم.(1:289)

عزّة دروزة: جمهور المفسّرين على أنّه اسم ثان ليعقوب.قد ورد في الإصحاح«32»من سفر التّكوين أنّ اللّه سمّى يعقوب بإسرائيل،و قال له:لا يكون اسمك يعقوب فيما بعد بل إسرائيل.(8:128)

محمّد إسماعيل إبراهيم: بنو إسرائيل:هم أبناء يعقوب و ذراريهم.و الاسم يطلق بصفة عامّة على قوم موسى،و هم اليهود أو العبرانيّون،و قد سمّوا بالعبرانيّين،لأنّهم عبروا نهر الأردنّ في إحدى تنقّلاتهم القديمة،و كانوا يعيشون عيشة البداوة قبل استقرارهم في أرض كنعان،و كانت النّظم الاجتماعيّة للقبائل العبرانيّة لا تكاد تختلف عن النّظم الاجتماعيّة للعرب قبل الإسلام.

(1:38)

مجمع اللّغة: بنو إسرائيل:هم المنسوبون إلى يعقوب عليه السّلام فإنّه يعرف بإسرائيل.(1:128)

فريد وجدي: لبني إسرائيل دور كبير في التّاريخ حتّى اليوم،و قد قسّموا تاريخهم إلى خمسة أدوار:

1-من عهد إبراهيم إلى خروجهم من مصر«1996 إلى 1645»قبل الميلاد.

2-من خروجهم من مصر إلى تأسيسهم الملكيّة «1645 إلى 1080»قبل الميلاد.

3-من تأسيسهم الملكيّة إلى أسر بابل«1080 إلى 536»قبل الميلاد.

4-من أسر بابل إلى خراب بيت المقدس بيد الملك أدريان«536 قبل الميلاد إلى 135»بعد الميلاد.

5-من عهد تفرّقهم في الأرض«135 م»إلى يومنا هذا.[نقلناه ملخّصا]

و التّفصيل في دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي«1:280 إلى 293»و غيره من المنابع الّتي لا تحصى.

ص: 303

الأصول اللّغويّة

1-لا خلاف بين العلماء قاطبة في أنّ«إسرائيل»هو اسم يطلق على«يعقوب»عليه السّلام،و أنّه مركّب من كلمتي «إسرا»و«إيل»،و الأخيرة تعني«اللّه»في العبريّة.

و لكنّ الخلاف بينهم يكمن في معنى الكلمة الأولى من هذا الاسم،فقد قالوا:هي عبريّة كالثّانية،و معناها «عبد»أو«عبيد»أو«إنسان»،أو أنّ معناها«بيت»، لأنّ يعقوب بات في مكان يسمّى«بيت اللّه»فأطلق هذا الاسم عليه.فقد جاء في سفر التّكوين(28:16،17) من التّوراة:«فاستيقظ يعقوب من نومه،و قال:حقّا إنّ الرّبّ في هذا المكان و أنا لم أعلم.و خاف،و قال:

ما أرهب هذا المكان!ما هذا إلاّ بيت اللّه،و هذا باب السّماء».أو هي بمعنى«شديد»أو«قويّ»،لأنّه صارع ملكا-كما ورد في الإصحاح(32)من سفر التّكوين- فصرعه.أو بمعنى«صفيّ»أو«صفوة»؛لأنّ اللّه اصطفى هذا الاسم ليعقوب بعد المصارعة،و هو مذكور في سفر التّكوين في الإصحاح(32):«فقال له:ما اسمك؟فقال:

يعقوب.فقال:لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل؛لأنّك جاهدت مع اللّه و النّاس و قدرت».

و قال بعضهم:إنّها عربيّة،مصدر:أسرى يسري إسراء،بحذف الهمزة الأخيرة،لأنّ يعقوب فرّ من أخيه «عيصو»إلى خاله«لابان»،فكان يختبئ نهارا و يسري ليلا،و من ثمّ سمّي إسرائيل،أي سريّ اللّه.أو هي بمعنى الشّدّة في الأسر،لأنّ اللّه قد شدّ أسره،و قوّى خلقته.

2-و أغلب هذه الأقوال بعيدة عن الصّواب،فهي لا تخرج عن كونها شرح حال يعقوب طبقا لروايات إسرائيليّة كما رأينا،مثل:بيت اللّه،و شديد اللّه،و صفيّ اللّه.أو توافق حاله و لفظه معا،مثل:سريّ اللّه.أو تقاربه معنى،مثل:عبد اللّه،و عبيد اللّه،و رجل اللّه،فضلا عن ذلك فإنّ ألفاظ هذه المعاني في العبريّة لا توافق لفظ «إسرائيل»؛فبيت اللّه مثلا يقال له في العبريّة:«بيت إيل»كما ورد بهذه الصّورة في التّوراة في الإصحاحين (31)و(35)من سفر التّكوين.و يسمّون الرّجل «إنيش» (1)فبعد التّعريب و التّركيب يصبح«إسئيل» و ليس«إسرائيل».كما أنّ إسرائيل لم يكن بهذا اللّفظ قبل التّعريب كما سيأتي،و لذا وهم من قال:إنّه مكوّن من«إسرا»العربيّ،و«إيل»العبريّ،فهو و إن كان غير متّفق لفظا و معنى،و لكنّه متّفق وقوعا.

3-و لفظ إسرائيل معرّب«يشرائيل» (2)العبريّ.

و نعتقد بأنّ الاسم الأوّل من هذا اللّفظ المركّب و هو «يشرا»،مخفّف«يشران»الّذي يعني في العبريّة إنسانا كاملا و عادلا و حكيما (3).ثمّ حذفت النّون منه للتّخفيف،على غرار حذف الياء في«عدري ئيل» (4)و «عزّي ئيل» (5)،اسما علم لشخصين،و حذف العين في «فنوعئيل» (6)اسم علم لمكان.أو للاختصار؛لأنّ كلّ الألفاظ العبريّة المنتهية بلفظ«إيل»المذكورة في التّوراة و الإنجيل لا تزيد حروفها على السّبعة،باستثناء كلمتين

ص: 304


1- قاموس عبريّ-عربيّ للدّكتور فؤاد حسنين و آخرين.
2- المصدر السّابق.
3- قاموس عبريّ عربيّ لسليمان حييم.
4- العهد القديم-صموئيل الأوّل(18:19).
5- التّوراة-الخروج(6:18).
6- التّوراة-التّكوين(32:24).

هما«عمّانوئيل» (1)و«غمالائيل» (2).

و عند تعريب هذا اللّفظ اجتلبت الهمزة في أوّله للنّطق بالياء السّاكنة،ثمّ حذفت هذه الياء لثقلها، و أبدلت الشّين سينا،لأنّها أقرب مخرجا،كما أبدلت شين «شروال»و«طشت»و«نيشابور»سينا في الأسماء الأعجميّة،ثمّ سكّنت على القياس.فهم يفعلون ذلك في كلّ اسم معرّب تزيد حروفه على الثّلاثة؛يسكّنون ثانيه ما لم يكن ثالثه حرف علّة ساكن،فمثال الصّحيح الثّالث:

إدريس،و أندراورد،أي سراويل مشمّرة (3).و المعتلّ الثّالث المتحرّك:إلياس،و إيوان.

أمّا المعتلّ الثّالث السّاكن فلا يسكّن ثانيه،مثل:

دراقن،و هو الخوخ (4)و ألوّة،أي العود الّذي يتبخّر به (5).

4-و تكلّموا في هذا اللّفظ بلغات كثيرة،منها:

«إسرائيل»،و هي اللّغة الشّائعة.و«إسراييل»بقلب الهمزة الثّانية ياء،و هي لغة معروفة،كما في بئر و بير، و ذئب و ذيب.و«إسراءين»بقلب اللاّم نونا،كما في جبرين و إسماعين،و هي لغة تميم،و مثلها«إسراين» بحذف الهمزة.و«إسرائيل»بدون همزة،و هي لغة سريانيّة (6).و كذلك«إسريل» (7)بحذف الألف، و نظيرها«إسرئل»بقلب الياء همزة،و«إسراءل»بفتح الهمزة الثّانية،و«إسرئل»و«إسرال»بحذف الياء،و «أسرال»بفتح الهمزة الأولى و حذف الياء.

و تكلّموا فيه أيضا بلغة غير معروفة و هي«سرال» بحذف الهمزة الأولى منها،خلافا لسائر اللّغات،و لعلّها عرّبت على أصل اللّفظ العبريّ العاري من الهمزة.

الاستعمال القرآنيّ

1-جاء(إسرائيل)في القرآن«43»مرّة كلّها مضاف إليه(بني)سوى مرّتين:

كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ

آل عمران:93

وَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَ إِسْرائِيلَ وَ مِمَّنْ هَدَيْنا وَ اجْتَبَيْنا مريم:58

و قد أريد ب(إسرائيل)في آية مريم«يعقوب»بلا خلاف ينقل،و هو مقتضى العطف على إبراهيم.و أمّا آية آل عمران فهو الظّاهر من سياق القرآن و المذكور في التّفاسير؛حيث يروون أنّ يعقوب حرّم لحم الإبل على نفسه.

و للإمام عبده و تلميذه صاحب«المنار»رأي خالفا فيه غيرهما؛حيث قالا:بأنّ المراد به شعب إسرائيل، و حاصله أنّ اللّه يقول: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ النّساء:160،فأفادا أنّه حرّم عليهم بعض الطّيّبات بظلم منهم،فالشّعب هم الّذين أوجبوا هذا التّحريم،و هذا معنى قوله: إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ فالمراد ب(إسرائيل)شعب

ص: 305


1- العهد القديم-أشعيا(7:14).
2- الإنجيل-أعمال الرّسل(5:34).
3- المعرّب للجواليقيّ(85).
4- جمهرة اللّغة(3:503).
5- الصّحاح(6:2271).
6- قاموس سريانيّ عربيّ-لويس كوستاز.
7- المصدر السّابق.

إسرائيل كما هو مستعمل عندهم،لا يعقوب نفسه، و كان ذلك تأديبا لهم على ظلمهم و جرائمهم.و بهذا البيان تكون الآية ردّا على اليهود؛حيث أنكروا النّسخ فأثبت اللّه ذلك لهم؛إذ حرّم بعض الطّعام عليهم بعد ما كان حلالا لهم.

قال صاحب«المنار»:و لو أريد ب(إسرائيل)يعقوب نفسه لما كان حاجة إلى قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ؛ لأنّ زمن يعقوب سابق على زمن نزول التّوراة سبقا لا يشتبه فيه فيحترس عنه.و قد اختار هو أنّ المراد ما حرّموه على أنفسهم بحكم العادة و التّقليد لا بحكم من اللّه.

و قد ردّ العلاّمة الطّباطبائيّ عليهما بأنّه تكلّف،مخرج للكلام عن مجراه،و أنّ قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ متعلّق بقوله في صدر الكلام كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ دون قوله: إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ؛ لكي يثبت القول الآخر.ثمّ دعم رأيه القائل-أنّ المراد به يعقوب-بأنّه قال: عَلى نَفْسِهِ بضمير المذكّر المفرد،و لو كان المراد الشّعب لكان من اللاّزم أن يقال:على نفسها،أو على أنفسهم.

و كذلك فإنّ(بني إسرائيل)مذكور في القرآن أكثر من أربعين موضعا،و من جملتها هذه الآية: كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ فعبّر أوّلا ببني إسرائيل ثمّ بإسرائيل،و لو أريد بهما واحد لالتبس الأمر.

نقول:و لكلّ من القولين وجه لا يمكن البتّ بأحدهما دون الآخر.

2-و جاء(بني إسرائيل)في القرآن إثر الخطاب«5» مرّات،منها ثلاث مرّات في البقرة:

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيّايَ فَارْهَبُونِ

(البقرة:40)

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ* البقرة:47 و 122

يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى* كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى* وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى طه:80-82

وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ الصّفّ:6

و يلاحظ أوّلا:في البقرة-و هي مدنيّة و أوّل سورة نزلت بها كما قالوا-أنّ الخطاب موجّه إلى اليهود الّذين كانوا قاطنين يثرب قبل الهجرة،في تجمّعات قبليّة متعدّدة.و هذا أوّل خطاب من اللّه لأهل الكتاب؛إذ النّبيّ لم يواجه أهل الكتاب إلاّ بعد الهجرة.و هذه إحدى خصائص السّور المدنيّة،فالمراد بهم هؤلاء اليهود دون الّذين كانوا في زمن موسى عليه السّلام و قد خصّ اللّه أكثر من مائة آية من هذه السّورة باليهود،ليسجّل عليهم دعوة النّبيّ بما كشف من أسرارهم و سوء أعمالهم في الماضي، كما عرّفهم للمسلمين ليحيطوا بحال هؤلاء القوم،

ص: 306

و يتّخذوا الحيطة و الحذر من هؤلاء العتاة.

و ثانيا:أنّ الخطاب في آية الصّفّ موجّه من عيسى ابن مريم إلى يهود عصره و من يليهم إعلاما و بلاغا لهم أنّه رسول إليهم،و أنّه واسطة بين الماضي و الآتي:

مصدّق للتّوراة قبله و مبشّر بأحمد بعده،و هذا كلّه لا مجال للخلاف فيه.

و ثالثا:أنّ آيات طه-و هي مكّيّة لا يخاطب اللّه فيها أهل الكتاب كما قالوا-كالمعترضة بين ما قبلها و ما بعدها من آيات السّورة؛حيث يحكي اللّه تعالى خروج موسى بقومه من مصر ثمّ صعوده الجبل ليتسلّم الألواح، و إضلال السّامريّ قومه.

فهل هذه الآيات وحدها مدنيّة دون سائر آيات هذه السّورة المكّيّة؟فالخطاب فيها ليهود المدينة المعاصرين للنّبيّ،و هو ما يقتضيه أسلوبها؛إذ هي شبيهة تماما لآيات سورة البقرة.و لكن لم يتعرّض أحد من المفسّرين و القرّاء-حسب علمنا-لهذا.

أو تكون الآيات مكّيّة خطابا لليهود المعاصرين للنّبيّ قبل الهجرة،فتكون كالمستثناة من سائر الآيات، خلافا لأسلوب الآيات المكّيّة.

أو هي خطاب من اللّه لمن كان من بني إسرائيل في زمن موسى على لسانه،و التّقدير:و قال موسى لهم:قال اللّه: يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ فتكون نظير قوله:

وَ إِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ الأعراف:141،فإنّها مكّيّة أيضا، و قبلها حوار بين موسى و قومه،ثمّ تلاها: وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ فالظّاهر أنّه حكاية لكلام اللّه.و مثله:

وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ... وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ... يونس:90،و 93،و هي مكّيّة أيضا.

فالآيتان حكاية حالهم في القرآن بما أوحاه اللّه إليه على لسان موسى.و بالجملة فالمشكلة في هذه الآيات الثّلاث و آية طه واحدة،و هي توجيه الخطاب إلى بني إسرائيل في سورة مكّيّة،فلاحظ سياقها.

3-و فيما حكاه اللّه من خطاب موسى و هارون لقومهما لا يوجد(يا بنى اسرائيل)بل(يا قوم):

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ البقرة:54

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ المائدة:20

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ المائدة:21

وَ قالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا يونس:84

وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ الصّفّ:5

وَ لَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ طه:90

و لا نرى لذلك وجها إلاّ لأجل استمالة القوم و التّحبيب إليهم كغيرهما من الأنبياء؛حيث ينادون قومهم(يا قوم)،لاحظ المعجم المفهرس(يا قوم).و لهذه النّكتة نفسها يقول اللّه عن الأنبياء:(أخاهم)في آيات كثيرة تقريبا و تأليفا بينهم و بين القوم.

ص: 307

و كيف كان فليس السّبب في ذلك أنّ هؤلاء القوم لم يكونوا يسمّون في ذلك الزّمان ببني إسرائيل،فقد جاءت تسميتهم عن موسى بذلك:

وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ

الشّعراء:22

4-و لبني إسرائيل ذكر كثير و قصص شتّى في القرآن زيادة على أيّ أمّة أخرى من الأمم السّالفة.فقد وردت فيهم«171»آية كما يؤخذ من كتاب«الجامع» كما أنّ ذكر اسم موسى عليه السّلام صاحب شريعتهم يزيد على غيره من الأنبياء بما فيهم إبراهيم عليه السّلام،فموسى«136» مرّة،و بعده إبراهيم«69»مرّة،و لو أضفنا إليهم قصص سائر أنبياء بني إسرائيل في القرآن،مثل يعقوب و يوسف و الأسباط و داود و سليمان و عيسى،فهي تحوي القسط الأوفى من قصص القرآن.

5-و لو أردنا إيراد قصصهم كاملة لطال البحث و خرج عن أسلوب الكتاب.و لكن يكفينا الإشارة إلى جملتها في القائمة الآتية:

أوّلا-ما أمروا به و ما نهوا عنه:

-تذكّر نعم اللّه عليهم:البقرة:40،47،122، المائدة:20.

-الوفاء بعهد اللّه:البقرة:40.

-الإيمان بما أنزل اللّه...:البقرة:41،136،137.

-الإيمان بما أنزل على الأنبياء:البقرة:136،137.

-الخوف من اللّه و الاتّقاء منه:البقرة:40،41، 63.

-تحذيرهم من يوم القيامة:البقرة:48،123.

-أن لا يشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا:البقرة:41.

-أن لا يلبسوا الحقّ بالباطل:البقرة:42.

-أن لا يكتموا الحقّ:البقرة:42.

-إقامة الصّلاة و إيتاء الزّكاة:البقرة:43،83، يونس:87.

-الرّكوع مع الرّاكعين:البقرة:43.

-التّوكّل على اللّه:يونس:84،85.

-أن لا يأمروا النّاس بالبرّ و ينسون أنفسهم:البقرة:

44.

-الاستعانة باللّه و الصّبر:الأعراف:128.

-الاستعانة بالصّبر و الصّلاة:البقرة:45.

-دخول القرية و الباب سجّدا:البقرة:58.

-دخول الأرض المقدّسة و إبائهم ذلك:المائدة:21 إلى 26.

-أخذ التّوراة بقوّة و ذكر ما فيه:البقرة:63.

-ذبح البقرة:البقرة:67.

-تمنّي الموت:البقرة:94،95.

-أن يقولوا للنّاس حسنا:البقرة:83.

-قتل أنفسهم:البقرة:54.

ثانيا-أخذ الميثاق منهم ثمّ نقضهم إيّاه:

-ميثاقهم و رفع الطّور فوقهم:البقرة:63،64، 93،و النّساء:154،155،و المائدة:70.

-ميثاقهم على التّوحيد و الإحسان بالوالدين و ذوي القربى و المساكين:البقرة:83.

-ميثاقهم على أن لا يسفكوا الدّماء و لا يخرجوا أنفسهم من ديارهم:البقرة:84،85.

ص: 308

ثالثا-نعم اللّه عليهم:

-نجاتهم من آل فرعون:البقرة:49،طه:47،80 ،الشّعراء:17،الصّافّات:115،الدّخان:18،23،30 ،31.

-نجاتهم من الغرق:البقرة:50،الشّعراء:66.

-مجاوزتهم البحر:الأعراف:138،يونس:90، طه:77،الشّعراء:63،65،الدّخان:24.

-تفضيلهم على العالمين:البقرة:47،المائدة:20، الأعراف:140،الدّخان:32.

-تبوئتهم مبوّء صدق:يونس:93.

-إنزال المنّ و السّلوى عليهم:البقرة:57، الأعراف:160،طه:80.

-جعل الأنبياء فيهم:المائدة:20،70.

-جعلهم ملوكا:المائدة:20.

-نصرهم و غلبهم على عدوّهم:الصّافّات:116.

-ايتاؤهم الآيات:البقرة:211،الإسراء:101، الدّخان:33.

-مواعدتهم جانب الطّور الأيمن:طه:80.

-تظليل الغمام عليهم:البقرة:57،الأعراف:

160.

-تحليل الطّيّبات لهم و رزقهم منها:الأعراف:

160،يونس:93،طه:81.

-كلّ الطّعام كان حلاّ لهم إلاّ ما حرّم:آل عمران:

93.

-سقيهم من اثنتي عشر عينا:البقرة:60، الأعراف:160.

-جعلهم اثني عشر سبطا:الأعراف:160.

-بعث اثني عشر نقيبا منهم:المائدة:12.

-جزاؤهم لو آمنوا:البقرة:103،آل عمران:

110،النّساء:46،المائدة:69.

-جعل بيوتهم قبلة:يونس:87.

-قبول توبتهم:البقرة:54.

رابعا-قلّة إيمانهم و كفرهم و شركهم:

-فما آمن لموسى إلاّ ذرّيّة من قومه:يونس:83.

-كفرهم:البقرة 88،89،93،النّساء:156، المائدة:110.

-كفرهم بآيات اللّه:البقرة:61،آل عمران:112، النّساء:155.

-كفرهم بما وراء ما أنزل إليهم:البقرة:91.

-نبذهم كتاب اللّه وراء ظهورهم:البقرة:101.

-إيمانهم ببعض الكتاب و كفرهم ببعض:البقرة:

85.

-كفرهم بالقرآن:البقرة:89.

-قولهم عزير ابن اللّه:التّوبة:30.

-شركهم بعبادة العجل:البقرة:51،54،92، 93،الأعراف:138 إلى 140 و 148 إلى 152.

-نسبة الرّسول إلى السّحر:المائدة:110.

خامسا-عصيانهم و طغيانهم:

-قتلهم الأنبياء بغير حقّ:البقرة:61،87،91، آل عمران:112،181،النّساء:155،المائدة:70.

-تبديلهم القول:البقرة:58،59،الأعراف:

162.

ص: 309

-تحريفهم كلام اللّه:البقرة:75،النّساء:46، المائدة:41.

-إخفاء الكتاب:الأنعام:91.

-عدم حكمهم بما أنزل اللّه:المائدة:43 إلى 45.

-نسبتهم الكتاب إلى اللّه كذبا:البقرة:79.

-تكذيبهم الأنبياء:البقرة:87،المائدة:73.

-كذبهم على اللّه:النّحل:62.

-عداوتهم للّه و جبريل و الملائكة:البقرة:97،98.

-نبذهم عهد اللّه وراء ظهورهم:البقرة:100.

-نفاقهم و كشف اللّه سرّهم:البقرة:76،77، المائدة:64.

-اتّباعهم السّحر:البقرة:101،102.

-ردّهم المؤمنين كفّارا:البقرة:109.

-عدم رضاهم عن المسلمين حتّى يتّبعوا قبلتهم:

البقرة:120.

-بهتانهم على مريم:النّساء:156.

-قولهم: إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ: النّساء:157.

-أخذهم الرّبا:النّساء:161.

-أكلهم أموال النّاس بالباطل و السّحت:النّساء:

161،المائدة:62،63،66.

-ظلمهم:النّساء:160،الأعراف:158،160.

-صدّهم عن سبيل اللّه:النّساء:160.

-إطفاؤهم نور اللّه:التّوبة:32،الصّفّ:8.

-ما حرّم إسرائيل على نفسه:آل عمران:93.

-كونهم سمّاعين للكذب و لقوم آخرين:المائدة:

42.

-نقمتهم من المؤمنين لإيمانهم:المائدة:59.

-مسارعتهم في الإثم و العدوان:المائدة:62،63.

-قولهم: يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ: المائدة:64.

-فسادهم في الأرض مرّتين:الإسراء:4 إلى 8.

-سعيهم في الأرض فسادا:المائدة:64.

-قولهم: قُلُوبُنا غُلْفٌ:* البقرة:88،النّساء:155.

-قساوة قلوبهم:البقرة:74.

-عميهم و صمّهم:المائدة:71.

-إزاغة قلوبهم:الصّفّ:5.

-إيذاؤهم موسى عليه السّلام:الصّفّ:5.

-فسقهم:الصّفّ:5.

-اختلافهم بعد العلم:يونس:93،الجاثية:17.

-اعتداؤهم في السّبت:البقرة:65،66،النّساء:

47،الأعراف:163،النّحل:124.

-اتّخاذهم أحبارهم و رهبانهم أربابا:التّوبة:31.

-ظلمهم أنفسهم:الأعراف:160.

-تفاديهم الأسرى:البقرة:85.

-اشتراؤهم الحياة الدّنيا بالآخرة:البقرة:86.

-شراؤهم أنفسهم:البقرة:90.

-عدم نهي الرّبّانيّين إيّاهم:المائدة:63.

-إباؤهم القتال مع ملكهم:البقرة:246 إلى 251.

-عدم تناهيهم عن المنكر:المائدة:79.

-شدّة عداوتهم للمؤمنين:المائدة:82.

-تساؤلهم عن صفة البقرة:البقرة:66 إلى 71.

سادسا-أمانيّهم و تمنّياتهم:

-إنّهم لم يعلموا الكتاب إلاّ أمانيّ:البقرة:78.

ص: 310

-قولهم: لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً: البقرة:

80،81.

-قولهم:«ان الدار الآخرة خالصة لنا:»البقرة:94.

-قولهم: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً: البقرة:

111،112.

-قولهم: لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ: البقرة:113.

-قولهم: كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا: البقرة:

135.

-قولهم:«إن إبراهيم كان هودا أو نصارى:»البقرة:

140.

-قولهم: إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ: آل عمران:

181.

-قولهم:ب إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ: آل عمران:183.

-عدم تمنّيهم الموت:البقرة:94،الجمعة:6،7.

-حرصهم على الحياة و طول العمر:البقرة:96.

-طلبهم رؤية اللّه جهرة:البقرة:55،56،النّساء:

153.

-طلبهم بقل الأرض و قثّائها:البقرة:61.

-طلبهم أن ينزّل اللّه عليهم كتابا من السّماء:

النّساء:153.

سابعا-عذابهم و خذلانهم:

-تحريم الأرض المقدّسة عليهم أربعين سنة:المائدة:

26.

-ما حرّم عليهم ببغيهم:الأنعام:146.

-تحريم الطّيّبات عليهم بظلمهم:النّساء:160.

-نزول الرّجز عليهم من السّماء:الأعراف:162.

-ضرب الذّلّة و المسكنة عليهم:البقرة:61، آل عمران:112.

-غضب اللّه عليهم:البقرة:90،آل عمران:112.

-لعن اللّه إيّاهم:المائدة:64.

-لعن داود و عيسى عليهم:المائدة:78.

-إلقاء العداوة و البغضاء بينهم:المائدة:64.

-جعلهم قردة و خنازير:البقرة 65،66،المائدة:

60.

-زيادة طغيانهم و كفرهم بآيات اللّه:المائدة:64، 68.

-لهم الخزي في الدّنيا و العذاب في الآخرة:المائدة:

41.

-إنّ اللّه يقضي بينهم يوم القيامة:الجاثية:17.

ثامنا-إكرام المؤمنين منهم:

-إيمان الرّاسخين في العلم منهم:النّساء:162.

-إيمان ذرّيّة منهم على خوف من فرعون:يونس:

83 إلى 86.

-الحكم بينهم بالقسط:المائدة:42.

-الحكم بينهم بما أنزل اللّه:المائدة:45.

ص: 311

ص: 312

أ س س

اشارة

لفظان،3 مرّات مدنيّة،في سورة مدنيّة

أسّس 2:-2\أسّس 1:-1\...

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الرّاقون إذا رقوا الحيّة ليأخذوها ففرغ أحدهم من رقيته قال لها:أس،فتخضع و تلين.

و الأسّ:أصل تأسيس البناء،و الجمع:الأساس.

و في لغة:الأسس،و الجمع:الآساس،ممدود.

و أسّ الرّماد:ما بقي في الموقد.

و أسّست دارا:بنيت حدودها،و رفعت من قواعدها،و يقال:هذا تأسيس حسن.

و التّأسيس في الشّعر:ألف تلزم القافية و بينها و بين أحرف الرّويّ حرف يجوز رفعه و كسره و نصبه،نحو:

«مفاعلن».فلو جاء مثل«محمّد»في قافية لم يكن فيه تأسيس،حتّى يكون نحو:مجاهد،فالألف تأسيسه.و إن جاء شيء من غير تأسيس فهو المؤسّس،و هو عيب في الشّعر،غير أنّه ربّما اضطرّ إليه.و أحسن ما يكون ذلك إذا كان الحرف الّذي بعد الألف مفتوحا،لأنّ فتحته تغلب على فتحة الألف،كأنّها تزال من الوهم.

[و استشهد بالشّعر مرّتين](7:334)

أبو عبيدة: يقال:فعلت ذاك على أسّ الدّهر، و أسّ الدّهر،و إسّ الدّهر،و على است الدّهر،أي على وجه الدّهر.[ثمّ استشهد بشعر](إصلاح المنطق:85)

كان ذلك على أسّ الدّهر،و أسّ الدّهر،و إسّ الدّهر،أي على قديم الدّهر،و يقال:على است الدّهر.(الأزهريّ 13:141)

أبو زيد: ما زال على است الدّهر مجنونا،و على أسّ الدّهر،أي لم يزل يعرف بالجنون.(174)

الأسّ و الأسّ و الإسّ:الأصل.(القاليّ 2:18)

أبو عبيد: الرّويّ:حرف القافية نفسها،و منها التّأسيس،و أنشد:

*ألا طال هذا اللّيل و اخضلّ جانبه*

فالقافية هي الباء،و الألف قبلها هي التّأسيس،

ص: 313

و الهاء هي الصّلة.(الأزهريّ 13:141)

ابن الأعرابيّ: ألزق الحسّ بالأسّ.الحسّ:

الشّرّ،و الأسّ:أصله.الأسيس:أصل كلّ شيء، و الأسيس:العوض.(الأزهريّ 13:141)

المبرّد: الآساس،واحدها:أسّ،و تقديرها:

فعل و أفعال.و قد يقال للواحد:أساس،و جمعه:أسس.

(2:307)

ثعلب: تقول:هو أسّ الحائط بالضّمّ،و أساس الحائط بالضّمّ،و أساس الحائط أيضا بالفتح،تعني واحدا،و الجمع:آساس بالمدّ،و إساس بالكسر،و هما جمع أسّ،مثل مدّ و أمداد و عسّ و عساس.

و أمّا جمع أساس المفتوح،فهو أسس،مثل أتان و أتن،و آساس بالمدّ أيضا،مثل:قذال و قذل،و جواد و أجواد.(86)

ابن دريد: أسّ البناء يؤسّه أسّا،و أصل الرّجل أسّه أيضا،و قد قالوا:الأسّ أيضا.و مثل من أمثالهم:

«فألصقوا الحسّ بالأسّ»و الحسّ في هذا الموضع:الشّرّ، يقول:فألصقوا الشّرّ بأصول من عاديتم.

و أس أس:من زجر الضّأن،يقال:أسّسها أسّا.

(1:17،18)

الأزهريّ: يقال:هو الأسّ و الأساس لأصل البناء،و جمع الأساس:أسس.(13:141)

ابن جنّيّ: ألف التّأسيس كأنّها ألف القافية، و أصلها أخذ من أسّ الحائط و أساسه؛و ذلك أنّ ألف التّأسيس لتقدّمها و العناية بها و المحافظة عليها كأنّها أسّ القافية،اشتقّ من ألف التّأسيس.فأمّا الفتحة قبلها فجزء منها.(ابن سيد 8:537)

الجوهريّ: الأسّ:أصل البناء،و كذلك الأساس، و الأسس مقصور منه،و جمع الأسّ:إساس،مثل عسّ و عساس،و جمع الأساس:أسس،مثل قذال و قذل، و جمع الأسس:آساس،مثل سبب و أسباب،و قد أسّست البناء تأسيسا.

و قولهم:كان ذلك على أسّ الدّهر،و أسّ الدّهر، و إسّ الدّهر،ثلاث لغات،أي على قدم الدّهر و وجه الدّهر.

و التّأسيس في القافية هو الألف الّتي ليس بينها و بين حرف الرّويّ إلاّ حرف واحد.

و أسّ الشّاة يؤسّها أسّا،أي زجرها،و قال لها:إس إس.(3:903)

ابن فارس: الهمزة و السّين يدلّ على الأصل و الشّيء الوطيد[المحكم القويّ]الثّابت.

فالأسّ أصل البناء،و جمعه:آساس،و يقال للواحد:أساس بقصر الألف،و الجمع:أسس.

قالوا:الأسّ:أصل الرّجل،و الأسّ:وجه الدّهر، و يقولون:كان ذلك على أسّ الدّهر.(1:14)

أبو هلال:الفرق بين الأصل و الأسّ:أنّ الأسّ لا يكون إلاّ أصلا،و ليس كلّ أصل أسّا؛و ذلك أنّ أسّ الشّيء لا يكون فرعا لغيره مع كونه أصلا،مثال ذلك:أنّ أصل الحائط يسمّى أسّ الحائط،و فرع الحائط لا يسمّى أسّا لفرعه.(133)

ابن سيده: الأسّ،و الإسّ،و الأسس،و الأساس:

كلّ مبتدإ شيء.

ص: 314

و أسّ الإنسان:قلبه،لأنّه أوّل متكوّن في الرّحم، و هو من الأسماء المشتركة؛و الجمع:آساس،و أسس، و إساس.

و أسّ البناء:مبتدؤه.

و قد أسّ البناء يؤسّه أسّا،و أسّسه.

و أسّ الإنسان و أسّه:أصله،و قيل:هو أصل كلّ شيء،و في المثل:«ألصقوا الحسّ بالأسّ».الحسّ في هذا الموضع:الشّرّ،يقول:ألصقوا الشّرّ بأصول من عاديتم أو عاداكم.

و كان ذلك على أسّ الدّهر و أسّه،و إسّه،أي على قدمه.

و التّأسيس في القافية:الحرف الّذي قبل الدّخيل، و هو أوّل جزء في القافية،كألف ناصب.

هكذا سمّاه الخليل: تأسيسا،جعل المصدر اسما له، و بعضهم يقول:ألف التّأسيس،فإذا كان ذلك احتمل أن يريد الاسم و المصدر.و قالوا في الجمع:تأسيسات،فهذا يؤذن بأنّ التّأسيس عندهم قد أجروه مجرى الأسماء، كالتّمتين،و التّنبيت،لأنّ الجمع في المصادر ليس بكثير و لا أصل،فيكون هذا محمولا عليه.و أرى أهل العروض إنّما تسمّحوا بجمعه،و إلاّ فإنّ الأصل إنّما هو المصدر، و المصدر قلّما يجمع إلاّ ما قد حدّ النّحويّون من المحفوظ، كالأمراض،و الأشغال،و العقول.

و أسّس بالحرف:جعله تأسيسا،و إنّما سمّي تأسيسا، لأنّه اشتقّ من أسّ الشّيء.

و الأسّ،و الأسّ:الإفساد بين النّاس،أسّ بينهم يؤسّ أسّا.

و رجل أسّاس:نمّام مفسد.

و الأسّ:بقيّة الرّماد بين الأثافيّ.

و الأسّ:المزيّن للكذب.

و إس إس:من زجر الشّاة،أسّها يؤسّها أسّا.و أسّ بها،و قال بعضهم:نسّها؛و الأوّل أقيس.

و من خفيف هذا الباب:إس إس:زجر للغنم كإسّ إسّ.

و أس أس:من رقى الحيّات.[و استشهد بالشّعر مرّتين](8:536)

الرّاغب: أسّس بنيانه:جعل له أسّا،و هو قاعدته الّتي يبتنى عليها.يقال:أسّ و أساس،و جمع الأسّ:

إساس،و جمع الأساس:أسس.يقال:كان ذلك على أسّ الدّهر،كقولهم:على وجه الدّهر.(17)

الزّمخشريّ: بنى بيته على أساسه الأوّل،و قلعه من أسّه.

و من المجاز:ما زال فلان مجنونا على است الدّهر و أسّ الدّهر،أي على وجهه،و فلان أساس أمره الكذب،و من لم يؤسّس ملكه بالعدل فقد هدمه.

(أساس البلاغة:6)

الفيّوميّ: أسّ الحائط بالضّمّ:أصله،و جمعه:

آساس،مثل قفل و أقفال،و ربّما قيل:إساس مثل عسّ و عساس.و الأساس مثله،و جمعه:أسس،مثل عناق و عنق.و أسّسته تأسيسا:جعلت له أساسا.(1:14)

الفيروزآباديّ:الأسّ،مثلّثة:أصل البناء، كالأساس و الأسس محرّكة،و أصل كلّ شيء.و الجمع:

إساس،كعساس،و قذل،و أسباب.

ص: 315

و كان ذلك على أسّ الدّهر مثلّثة،أي على قدمه و وجهه.

و الأسّ:الإفساد،و يثلّث،و الإغضاب،و سلح (1)النّحل،و بناء الدّار،و زجر الشّاة بإس إس.و بالضّمّ:

باقي الرّماد،و قلب الإنسان،لأنّه أوّل متكوّن في الرّحم، و الأثر من كلّ شيء.

و الأسيس:العوض،و أصل كلّ شيء.

و التّأسيس:بيان حدود الدّار،و رفع قواعدها، و بناء أصلها.

و في القافية:الألف الّتي ليس بينها و بين حرف الرّويّ إلاّ حرف واحد،أو التّأسيس هو حرف القافية.

و خذ أسّ الطّريق؛و ذلك إذا اهتديت بأثر أو بعر، فإذا استبان الطّريق قيل:خذ شرك الطّريق.و أسّ بالضّمّ:كلمة تقال للحيّة فتخضع.(2:204)

الطّريحيّ: في الحديث:«إذا قام القائم ردّ البيت إلى أساسه و ردّ مسجد الرّسول إلى أساسه و ردّ مسجد الكوفة إلى أساسه»الإساس،على«فعال»بكسر الفاء:

جمع أسّ بالضّمّ،كخفاف جمع خفّ.و الأسّ:أصل البناء،و منه:«الإمامة أسّ الإسلام النّامي»:أصله.

(4:45)

الزّبيديّ: أسّس بالحرف:جعله تأسيسا.

و الأسّاس كشدّاد:النّمّام.و الأسّ:المزيّن للكذب.و فلان أساس أمره الكذب،و هو مجاز،و كذا قولهم:من لم يؤسّس ملكه بالعدل هدمه.(4:97)

مجمع اللّغة: أسّس بنيانه،أي أقامه على أساس، و هو قاعدته الّتي يبنى عليها.(1:38)

النّصوص التّفسيريّة

اسّس

أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ. التّوبة:109

الطّبريّ: اختلفت القرّاء في قراءة قوله: أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ فقرأ ذلك بعض قرّاء أهل المدينة (أ فمن اسّس بنيانه على تقوى من اللّه و رضوان خير ام من اسّس بنيانه) على وجه ما لم يسمّ فاعله في الحرفين كليهما.

قرأت ذلك عامّة قرّاء الحجاز و العراق أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ على وصف من بناء الفاعل الّذي أسّس بنيانه.

و هما قراءتان متّفقتا المعنى،فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب،غير أنّ قراءته بتوجيه الفعل إلى(من)؛إذ كان من المؤسّس أعجب إليّ.(11:31)

أبو زرعة: قرأ نافع و ابن عامر (أ فمن اسّس) بضمّ الألف و كسر السّين،(بنيانه)برفع النّون،و كذلك(ام من اسّس بنيانه)على ما لم يسمّ فاعله.و حجّتهما قوله قبلها: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى التّوبة:108، قالوا:و إنّما كان يحسن تسمية الفاعل لو كان للفاعل ذكر،فأمّا إذا لم يكن للفاعل ذكر و قد تقدّمه لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى على ترك تسمية الفاعل،فترك

ص: 316


1- تغوّط النّحل،أي العسل.

التّسمية أيضا في هذا أقرب و أولى،على أنّ«المسجد» الّذي أسّس على التّقوى هو المسجد الّذي بنيانه على تقوى من اللّه،و هو مسجد الرّسول صلى اللّه عليه و سلم.

و قرأ الباقون:(اسّس)بفتح الهمز،و نصب(بنيانه) في الحرفين.و حجّتهم في ذلك أنّ صدر هذه القصّة هو مبنيّ على تسمية الفاعل،و هو قوله: وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً التّوبة:107،فجعل الاتّخاذ لهم،فكذلك التّأسيس يجعل لهم ليكون الكلام واحدا،ثمّ قال بعد ذلك: لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً التّوبة:110، الّذين بنوا ريبة هم الّذين أسّسوا،فلذلك آثروا تسمية الفاعل.(323)

نحوه الطّوسيّ.(5:347)

الزّمخشريّ: قرئ (اسّس بنيانه) و (اسّس بنيانه) على البناء للفاعل و المفعول،و(اسس بنيانه)جمع أساس على الإضافة،و(اساس بنيانه)بالفتح و الكسر، جمع أسّ،و(آساس بنيانه)على«أفعال»جمع أسّ أيضا،و(اسّ بنيانه).

و المعنى أ فمن أسّس بنيان دينه على قاعدة قويّة محكمة-و هي الحقّ الّذي هو تقوى اللّه و رضوانه-خير أم من أسّسه على قاعدة هي أضعف القواعد و أرخاها و أقلّها بقاء،و هو الباطل و النّفاق؟(2:215)

الطّبرسيّ: قرأ نافع و ابن عامر(اسّس)بضمّ الألف،(بنيانه)بالرّفع في الموضعين.و قرأ الباقون (اسّس بنيانه)فيهما.

و في الشّواذّ قراءة نصر بن عاصم (اسّ بنيانه) على وزن«فعل»،و قراءة نصر بن علي (اساس بنيانه) ،و ( اسّ بنيانه ).

و من قرأ (اسّس بنيانه) بنى الفعل للفاعل،كما أضاف البنيان إليه في قوله:(بنيانه)،فالمصدر مضاف إلى الفاعل،و الباني و المؤسّس واحد.

و من بنى الفعل للمفعول به فلم يبعد أن يكون في المعنى كالأوّل،لأنّه إذا أسّس بنيانه فيولّي ذلك غيره بأمره كان كبنائه هو له.

فأمّا من قرأ (اسّ بنيانه) في الموضعين،و (اساس بنيانه) بالإضافة،فإنّهما بمعنى واحد.

و جمع الأسّ:آساس،كقفل و أقفال،و جمع الأساس:آساس و أسس.(3:70)

الفخر الرّازيّ: قرأ نافع و ابن عامر (أ فمن اسّس بنيانه) على فعل ما لم يسمّ فاعله،و ذلك الفاعل هو الباني و المؤسّس.(16:197)

القرطبيّ: (أ فمن اسّس) ،أي أصّل.

و قرأ نافع و ابن عامر و جماعة (اسّس بنيانه) على بناء(اسّس)للمفعول،و رفع(بنيان)فيهما.

و قرأ ابن كثير و أبو عمرو و حمزة و الكسائيّ و جماعة (اسّس بنيانه) على بناء الفعل للفاعل،و نصب(بنيانه) فيهما،و هي اختيار أبي عبيد لكثرة من قرأ به،و أنّ الفاعل سمّي فيه.

و قرأ نصر بن عاصم بن عليّ (أ فمن اسس) بالرّفع (بنيانه)بالخفض.و عنه أيضا (اساس بنيانه) ،و عنه أيضا (اسّ بنيانه) بالخفض،و المراد أصول البناء.

و حكى أبو حاتم قراءة سادسة،و هي (أ فمن اساس بنيانه) .قال النّحّاس:و هذا جمع أسّ،كما يقال:خفّ

ص: 317

و أخفاف،و الكثير(اساس)مثل خفاف.[ثمّ استشهد بشعر](8:264)

نحوه البيضاويّ.(1:433)

أبو حيّان: (اسّس)على وزن«فعّل»مضعّف العين،و(اسس)على وزن«فاعل»:وضع الأساس، و هو معروف،و يقال فيه:أسّ.(5:87)

قرأ نافع و ابن عامر (اسّس بنيانه) ،مبنيّا للمفعول في الموضعين.

و قرأ باقي السّبعة و جماعة ذلك مبنيّا للفاعل و بنصب (بنيان).

و قرأ عمارة بن عائذ:الأولى على بناء الفعل للمفعول،و الثّانية على بنائه للفاعل.

و قرأ نصر بن عليّ،و رويت عن نصر بن عاصم (اسس بنيانه) .

و عن نصر بن عليّ و أبي حيوة و نصر بن عاصم أيضا(آساس)جمع:أسّ.

و عن نصر بن عاصم(اسس)بهمزة مفتوحة و سين مضمومة.

و قرئ(اساس)بالكسر،و هي جموع أضيفت إلى «البنيان».

و قرئ(اساس)بفتح الهمزة،و(اسّ)بضمّ الهمزة، و تشديد السّين،و هما مفردان أضيفا إلى«البنيان»فهذه تسع قراءات.

و في كتاب«اللّوامح»: نصر بن عاصم(أ فمن اسس) بالتّخفيف و الرّفع،(بنيانه)بالجرّ على الإضافة،فأسس:

مصدر أسّ الحائط يؤسّه أسّا و أسسا.و عن نصر أيضا (اساس بنيانه)كذلك،إلاّ أنّه بالألف.

و أسّ و أسس و أساس كلّ،مصادر.(5:100)

النّيسابوريّ: أي جبل على الخير و ما فيه رضا اللّه.(11:23)

الآلوسيّ: التّأسيس:وضع الأساس،و هو أصل البناء و أوّله،و يستعمل بمعنى الإحكام،و به فسّره بعضهم هنا،و اختار آخرون التّفسير الأوّل،لتعدّيه ب«على»في قوله سبحانه: عَلى تَقْوى مِنَ اللّهِ وَ رِضْوانٍ فإنّ المتبادر تعلّقه به،و جوّز تعلّقه بمحذوف وقع حالا من الضّمير المستكنّ في(اسّس)،و هو خلاف الظّاهر كما لا يخفى.(11:22)

اسّس

لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ. التّوبة:108

الفرّاء: (اسّس)و يجوز(اساس)و(اساس)، و يخيّل إليّ أنّي قد سمعتها في القراءة.(1:452)

الطّبريّ: أبتدئ أساسه و أصله على تقوى اللّه و طاعته.(1:26)

نحوه الطّبرسيّ(3:73)،و الآلوسيّ(11:19).

القرطبيّ: أي بنيت جدره و رفعت قواعده.

أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى: نعت ل(مسجد).(8:259)

البروسويّ: التّأسيس:إحكام أسّ البناء،و هو أصله،يعني أسّسه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم،و صلّى فيه أيّام مقامه بقبا.(3:507)

القاسميّ: بنيت قواعده على طاعة اللّه و ذكره.

ص: 318

(8:3262)

رشيد رضا: التّأسيس:وضع الأساس الأوّل للبناء الّذي يقوم عليه و يرفع،و المراد منه هنا القصد و الغرض من البناء.(11:42)

المصطفويّ: أي جعل أساس بنيان وجوده و أساس بنيان المسجد على برنامج التّقوى،و ليس المراد البنيان المادّيّ المحسوس في المسجد و الإنسان،بل برنامج العمل و الفعّاليّة للإنسان و في المسجد،و معلوم أنّ بنيان العمل على النّيّة الأوّليّة،فكما أنّ البناء المادّيّ يبتنى على ما رسمه و قدّره المهندس،فكذلك العمل مبتنى على النّيّة صالحة أو طالحة،إلهيّة أو مادّيّة،فالعمل هو ظهور النّيّة.

(1:70)

الأصول اللّغويّة

1-لمادّة«أ س س»أصل واحد،هو أصل الشّيء و أوّله.و يشتقّ منه«الأسّ»،و هو أصل البناء.و أسّ الدّهر،أي أوّل الدّهر أو قديمه.و أسّ الرّماد:ما بقي في الموقد،و هو سنخ ما احترق قبل الإحراق.و تأسيس الدّار،أي وضع حدودها و بناء قواعدها.و تأسيس الشّعر،و هو حرف القافية على الأصحّ،لأنّه أصل القصيدة؛يقال:قصيدة عينيّة مثلا،أي رويّها حرف العين.و الأسيس:أصل كلّ شيء،و الأسيس:العوض، فهو من الأضداد.و السّوس:الأصل،و يعني أيضا الرّئاسة،و هو بمعنى الأسّ،فبينهما اشتقاق أكبر؛إذ أنّ الرّئيس أوّل القوم،فالعرب تقول:سحابة رائسة،للّتي تتقدّم السّحاب،و تقول أيضا:أنت على رئاس أمرك، أي أوّله.

2-و قد ذكرت معان أخرى شاذّة عن هذا الأصل، فقيل:الأسّ،بتثليث الهمزة:الإفساد بين النّاس.

و اشتقّوا منه:رجل أسّاس،بمعنى نمّام مفسد و مزيّن للكذب.و قيل أيضا:الأسّ:الإغضاب،و سلح النّحل.

و كلّ هذه الأقوال ذكرها المتأخّرون،فيحتمل أن تكون مولّدة.

الاستعمال القرآنيّ

1-جاءت في القرآن آيتان بعد آية مسجد ضرار:

لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ* أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ.

التّوبة:108،109.

2-قد جاء الأساس في الآيتين بمعناه المعنويّ دون المادّيّ.و قد قابل اللّه فيهما بين مسجدين:مسجد أسّس على التّقوى،و مسجد أسّس ضرارا و تفريقا بين المسلمين،و المراد نيّة الخير و التّقوى و نيّة الشّرّ و الإضرار؛تشبيها لهما بالأساس المادّيّ المحكم الرّزين، و الأساس الواهي المتزلزل الّذي لا يتحمّل ما بني عليه.

3-و نفهم من الآيتين أنّ الأعمال يجب أن تكون على أساس نيّة الخير و التّقوى:«إنّما الأعمال بالنّيّات».

و على العكس فإنّ أيّ عمل ينجز بنيّة الإضرار و التّفريق بين المسلمين فهو مرفوض.

ص: 319

4-و هل في استعمال فعل ماض معلوم و مجهول من هذه المادّة في سورة مدنيّة فقط دون مكّيّة،نكتة أو أنّها محض صدفة؟

و لعلّ استعمال هذه المادّة لم يكن شائعا في مكّة،و لها ربط بالعمران،و المدنيّة الموجودة في المدينة أكثر من مكّة لأسباب،منها اجتماع طوائف من اليهود فيها؛حيث كان لهم تاريخ تليد حافل بالأحداث،و اتّصالهم-منذ القدم- بالأمم المتحضّرة مثل المصريّين و البابليّين و الفرس و غيرهم.

5-و الّذي يلفت النّظر المقابلة بين المسجدين بما لهما من الأوصاف،فوصف الأوّل بأنّه:

1-أسّس على التّقوى من أوّل يوم.

2-أسّس على الرّضوان.

3-له الأحقّيّة في قيام الرّسول فيه.

4-خير من ذلك المسجد الآخر.

5-فيه رجال يحبّون أن يتطهّروا.

و وصف الثّاني بأنّه:

1-اتّخذ ضرارا.

2-اتّخذ كفرا.

3-اتّخذ تفريقا بين المسلمين.

4-اتّخذ إرصادا لمن حارب اللّه و رسوله من قبل.

5-المراد به الحسنى بحلفهم،و اللّه يشهد إنّهم لكاذبون.

6-أسّس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم.

و في هذه الموازنة بين المسجدين أبواب من الخير و الشّرّ تكون ميزانا لبناء المساجد،و في جميع الأعمال.

ص: 320

أ س ف

اشارة

4 ألفاظ،5 مرّات مكّيّة،في 5 سور مكّيّة

أسفا 2:2\أسفى 1:1\آسفونا 1:1 أسفا 1:1\-----\-----

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأسف:الحزن في حال،و الغضب في حال.فإذا جاءك أمر ممّن هو دونك فأنت أسف،أي غضبان،و إذا جاءك ممّن فوقك أو من مثلك فأنت أسف، أي حزين.فقوله عزّ و جلّ: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ... الزّخرف:55،أي أغضبونا.

و قولهم:آسفني الملك،أي أحزنني.و أسف فلان يأسف فهو أسف متأسّف.

و الأسيف:السّريع البكاء و الحزن،و الأسيف:

العبد،لأنّه مقهور محزون.[ثمّ استشهد بشعر]

و الأسيفة و الأسافة:الأرض القليلة النّبات.

و إساف:اسم صنم كان لقريش،و يقال:إنّ إسافا و نائلة كانا رجلا و امرأة دخلا البيت فوجدا خلوة، فوثب إساف على نائلة فمسخهما اللّه حجرين.

(7:311)

أبو عمرو الشّيبانيّ: الأسفاء:الأجراء، و الأسيف:المتلهّف على ما فات؛و الاسم من كلّ ذلك الأسافة،يقال:إنّه لأسيف بيّن الأسافة.

(ابن منظور 9:6)

الفرّاء: الأسافة:رقّة الأرض.[ثمّ استشهد بشعر]

و يقال للأرض الرّقيقة:أسيفة.

(الأزهريّ 13:97)

أبو عبيد: في حديث عائشة:«إنّ أبا بكر رجل أسيف»الأسيف:السّريع الحزن و الكآبة،و هو الأسوف و الأسيف.

و أمّا الأسف فهو الغضبان المتلهّف على الشّيء،و منه قول اللّه جلّ و عزّ: غَضْبانَ أَسِفاً... طه:86، و يقال من هذا كلّه:أسفت آسف أسفا.

ص: 321

و الأسيف:العبد،و نحو ذلك.(الأزهريّ 13:97)

ابن الأعرابيّ: الأسف:الحزن،و الأسف:

الغضب.(الشّريف المرتضى 2:167)

ابن السّكّيت: يقال:عبد عليه،و أسف عليه، و أضم عليه،و التهب عليه.و يقال:قد جاء مبرطما، إذا ترغّم عليه و غضب.(81)

الأسيف:المملوك.(478)

الدّينوريّ: الأسافة:الأرض الرّقيقة.

(ابن سيده 8:755)

ابن أبي اليمان: آسفته،أي أغضبته،قال اللّه تعالى: فَلَمّا آسَفُونا الزّخرف:55،أي أغضبونا.(587)

المبرّد: قول عليّ عليه السّلام:«مات من دون هذا أسفا» يقول:تحسّرا،فهذا موضع ذا.و قد يكون الأسف:

الغضب،قال اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ الزّخرف:55.

و الأسيف:يكون الأجير و يكون الأسير،فقد قيل في بيت الأعشى:

أرى رجلا منهم أسيفا كأنّما

يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا

المشهور أنّه من التّأسّف،لقطع يده.و قيل:بل هو أسير قد كبلت يده،و يقال:قد جرحها الغلّ.و القول الأوّل هو المجمع عليه.

و يقال في معنى أسيف:عسيف أيضا.(1:16)

الزّجّاج: أسفت عليه:حزنت عليه،و آسفت الرّجل:أغضبته.(فعلت و أفعلت:44)

إساف:اسم اليمّ الّذي غرق فيه فرعون و جنوده، و هو بناحية مصر.(ابن سيده 8:557)

ابن دريد:العسيف:الأجير،و في الحديث:

«لا تقتلوا عسيفا و لا أسيفا»و فسّروا الأسيف:الشّيخ الفاني،و قالوا:الأسيف:العبد.(3:30)

الأسف معروف،أسف يأسف أسفا،و الأسيف:

الأجير،زعموا و قالوا:العبد.(3:256)

ابن الأنباريّ:أسف فلان على كذا و كذا،و تأسّف و هو متأسّف على ما فاته،فيه قولان:

أحدهما:أن يكون المعنى حزن على ما فاته،لأنّ الأسف عند العرب الحزن،و قيل:أشدّ الحزن.

و القول الآخر:أن يكون معنى أسف على كذا و كذا، أي جزع على ما فاته.(ابن منظور 9:5)

الأزهريّ: الأسيف و الأسف:الغضبان.

و يقال لموت الفجأة:أخذة أسف.(13:97)

الجوهريّ: الأسف:أشدّ الحزن،و قد أسف على ما فاته و تأسّف،أي تلهّف.

و أسف عليه أسفا،أي غضب،و آسفه:أغضبه.

و الأسيف و الأسوف:السّريع الحزن الرّقيق.و قد يكون الأسيف:الغضبان مع الحزن.

و الأسيف:العبد،و الجمع:الأسفاء.

و أرض أسيفة،أي رقيقة لا تكاد تنبت شيئا.

(4:1330)

ابن فارس: الهمزة و السّين و الفاء أصل واحد يدلّ على الفوت و التّلهّف و ما أشبه ذلك،يقال:أسف على الشّيء يأسف أسفا مثل تلهّف.

ص: 322

و الأسف:الغضبان،قال اللّه تعالى: وَ لَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً الأعراف:150.[ثمّ استشهد بشعر]

و يقال:إنّ الأسافة:الأرض الّتي لا تنبت شيئا، و هذا هو القياس،لأنّ النّبات قد فاتها.و كذلك الجمل الأسيف،و هو الّذي لا يكاد يسمن.و أمّا التّابع و تسميتهم إيّاه أسيفا فليس من الباب،لأنّ الهمزة منقلبة من عين،و قد ذكر في بابه.(1:103)

أبو هلال: الفرق بين التّأسّف و النّدم:أنّ التّأسّف يكون على الفائت من فعلك و فعل غيرك،و النّدم جنس من أفعال القلوب لا يتعلّق إلاّ بواقع من فعل النّادم دون غيره،فهو مباين لأفعال القلوب؛و ذلك أنّ الإرادة و العلم و التّمنّي و الغبط قد يقع على فعل الغير كما يقع على فعل الموصوف به،و الغضب يتعلّق بفعل الغير فقط.

(195)

الهرويّ: في حديث إبراهيم:«إن كانوا ليكرهون أخذة كأخذة الأسف»

يريد موت الفجاءة.و الأسف:الغضب.

و سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن موت الفجاءة فقال:

«راحة للمؤمن و أخذة أسف للكافر».

و في حديث عائشة:«إنّ أبا بكر رجل أسيف»يعني سريع الحزن و البكاء،و هو الأسوف أيضا.

فأمّا الأسف فهو الغضبان المتلهّف على الشّيء.

و الأسيف في غير هذا:العبد.(1:47)

الشّريف المرتضى: في حديث معاوية بن الحكم:«أنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون»فمعناه أغضب كما يغضبون.قال محمّد بن حبيب:الأسف:

الغضب،و الأسف أيضا:الحزن.[ثمّ استشهد بشعر]

(2:167)

ابن سيده: الأسف:المبالغة في الحزن و الغضب.

و أسف أسفا فهو أسف و أسفان،و آسف،و أسوف، و أسيف؛و جمع الأخيرة:أسفاء،و قد آسفه و تأسّف عليه.

و الأسيف:العبد و الأجير،لذلّهما و فقرهما،و الجمع كالجمع؛و الأنثى:أسيفة.

و الأسيف:المتلهّف على ما فات؛و الاسم من كلّ ذلك:الأسافة.يقال:إنّه لأسيف بيّن الأسافة.

و الأسيف،و الأسيفة،و الأسافة،و الأسافة،كلّه:

البلد الّذي لا ينبت شيئا.

و تأسّفت يده:تشعّثت.

و أساف:صنم لقريش.

و قيل:إساف و نائلة كانا رجلا و امرأة،دخلا البيت فوجدا خلوة،فوثب إساف على نائلة،فمسخهما اللّه حجرين.(8:557)

الأسف:أشدّ الحزن،أسف يأسف أسفا فهو أسف و آسف و أسفان.

و الأسيف و الأسوف:السّريع الحزن الرّقيق؛قالت السّيّدة عائشة(رضي اللّه عنها)في أبيها:«إنّ أبا بكر رجل أسيف إذا قام لم يسمع من البكاء»و قد يكون الأسيف:الغضبان مع الحزن.

و آسفه:جعله يأسف.(الإفصاح 1:658)

الطّوسيّ: الأسف:الحزن على ما فات،و قيل:هو

ص: 323

أشدّ الحزن،يقال:أسف يأسف أسفا و تأسّف تأسّفا، و هو متأسّف.(6:182)

الرّاغب: الأسف:الحزن و الغضب معا،و قد يقال لكلّ واحد منهما على الانفراد،و حقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام،فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا،و متى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا،و لذلك سئل ابن عبّاس عن الحزن و الغضب فقال:مخرجهما واحد و اللّفظ مختلف.فمن نازع من يقوى عليه أظهره غيضا و غضبا،و من نازع من لا يقوى عليه أظهره حزنا و جزعا.[ثمّ استشهد بشعر](17)

الزّمخشريّ: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ يوسف:84، و آسفني ما قلت:أغضبني و أحزنني.

و من المجاز:أرض أسيفة:لا تموج بالنّبات.

(أساس البلاغة:6)

«النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم سئل عن موت الفجاءة،فقال:راحة للمؤمن و أخذة أسف للكافر»أي أخذة سخط،من قوله تعالى: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ... الزّخرف:

55،و ذلك لأنّ الغضبان لا يخلو من حزن و لهف،فقيل له:أسف.ثمّ كثر حتّى استعمل في موضع لا مجال للحزن فيه.

و هذه الإضافة بمعنى«من»كخاتم فضّة؛أ لا ترى أنّ اسم السّخط يقع على أخذة وقوع اسم الفضّة على «خاتم».و تكون بمعنى اللاّم نحو قوله:قول صدق و وعد حقّ.(الفائق 1:42)

الطّبرسيّ: الأسف:الغضب الّذي فيه تأسّف على فوت ما سلف،و الأسف:الحزن و التّلهّف أيضا.

(2:481)

ابن الأثير: في الحديث:«لا تقتلوا عسيفا و لا أسيفا»الأسيف:الشّيخ الفاني،و قيل:العبد،و قيل:

الأسير.(1:48)

الفيّوميّ: أسف أسفا من باب«تعب»:حزن و تلهّف،فهو أسف مثل تعب،و أسف مثل غضب وزنا و معنى،و يعدّى بالهمزة فيقال:آسفته.(1:15)

الفيروزآباديّ: الأسف محرّكة:أشدّ الحزن،أسف كفرح،و الاسم كسحابة،و عليه:غضب.

و سئل صلى اللّه عليه و سلم عن موت الفجأة فقال:«راحة للمؤمن و أخذة أسف للكافر»و يروى أسف ككتف،أي أخذة سخط أو ساخط.

و الأسيف:الأجير و الحزين و العبد،و الاسم كسحابة،و الشّيخ الفاني،و السّريع الحزن،و الرّقيق القلب كالأسوف،و من لا يكاد يسمن.

و أرض أسيفة و أسافة ككناسة و سحابة:رقيقة أولا تنبت،أو أرض أسفة بيّنة الأسافة:لا تكاد تنبت.

و كسحابة:قبيلة.

و أسفه:أغضبه.و تأسّف عليه:تلهّف.(3:121)

الطّريحيّ: الأسف:شدّة الغضب،و يكون بمعنى الحزن.(غريب القرآن:384)

نحوه العامليّ.(76)

مجمع اللّغة: الأسف:الحزن و الغضب معا،و قد يقال لكلّ واحد منها على الانفراد.

و أسف على الشّيء كفرح،يأسف أسفا فهو أسف.

و آسفه:أغضبه.(1:38)

ص: 324

محمّد إسماعيل إبراهيم: أسف عليه:حزن أو غضب،و آسفه:أغضبه،و الأسف:الجزع،أو هو أشدّ الحزن،و الآسف:الحزين،و الأسف:المتلهّف على الشّيء.(1:38)

النّصوص التّفسيريّة

اسفا

1- وَ لَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي... الأعراف:150

أبو الدّرداء: الأسف:منزلة وراء الغضب أشدّ من ذلك،و تفسير ذلك في كتاب اللّه:ذهب إلى قومه غضبان،و ذهب أسفا.(الطّبريّ 9:63)

معناه شديد الغضب،بدلالة قوله تعالى: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ الزّخرف:55،و معناه أغضبونا كغضب المتحسّر في الشّدّة،و هو مجاز في الصّفة.

(الطّوسيّ 4:581)

ابن عبّاس: الأسف:الشّديد الغضب.

مثله الزّجّاج.(الفخر الرّازيّ 15:10)

و مثله القرظيّ،و عطاء(الآلوسيّ 9:65)، و الهرويّ(1:47).

رجع حزينا من صنيع قومه.

مثله السّدّيّ.(القرطبيّ 7:287)

و مثله الحسن،و قتادة.(الآلوسيّ 9:65)

مجاهد: الآسف:الجزع.(أبو حيّان 4:394)

أبو عبيدة: من شدّة[الغضب]،يقال:أسف، و عند،و أضم،و من شدّة الغضب يتأسّف عليه،أي يتغيّظ.(1:228)

ابن قتيبة: شديد الغضب،يقال:آسفني فأسفت، أي أغضبني فغضبت.و منه قوله: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ (173)

مثله البروسويّ.(3:245)

الطّبريّ: يقول تعالى ذكره:و لمّا رجع موسى إلى قومه من بني إسرائيل،رجع غضبان أسفا،لأنّ اللّه كان قد أخبره أنّه قد فتن قومه،و أنّ السّامريّ قد أضلّهم، فكان رجوعه غضبان أسفا لذلك.و الأسف:شدّة الغضب،و التّغيّظ به على من أغضبه.(9:63)

أبو مسلم الأصفهانيّ: الغضب و الأسف بمعنى، و التّكرير للتّأكيد.(الآلوسيّ 9:65)

الميبديّ: أي غضبان حزينا.و الأسف هنا:نهاية الغضب،كما قال تعالى: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ...، و نهاية الحزن،كما قال تعالى: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ... يوسف:84.

الآسف و الأسف و الأسيف بمعنى.(3:744)

الزّمخشريّ: الأسف:الشّديد الغضب، فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ. و قيل:هو الحزين.(2:118)

نحوه البيضاويّ(1:370)،و الطّريحيّ (غريب القرآن:384).

الفخر الرّازيّ: في الأسف قولان:

الأوّل:أنّ الأسف:الشّديد الغضب،و هو قول أبي الدّرداء،و عطاء،عن ابن عبّاس،و اختيار الزّجّاج.

و احتجّوا بقوله: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ أي أغضبونا.

ص: 325

و الثّاني:و هو أيضا قول ابن عبّاس،و الحسن، و السّدّيّ:إنّ الآسف هو الحزين.

و في حديث عائشة أنّها قالت:«إنّ أبا بكر رجل أسيف»أي حزين.

قال الواحديّ: و القولان متقاربان،لأنّ الغضب من الحزن،و الحزن من الغضب،فإذا جاءك ما تكره ممّن هو دونك غضبت،و إذا جاءك ممّن هو فوقك حزنت.

فتسمّى إحدى هاتين الحالتين حزنا و الأخرى غضبا.

فعلى هذا كان موسى غضبان على قومه لأجل عبادتهم العجل أسفا حزينا،لأنّ اللّه تعالى فتنهم.و قد كان تعالى قال له: فَإِنّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ طه:85.

(15:10)

القرطبيّ: شديد الغضب،و هو أسف و أسيف و أسفان و أسوف.و الأسيف أيضا:الحزين.(7:286)

أبو حيّان: (أسفا)من أسف فهو أسف،كما تقول:

فرق فهو فرق،يدلّ على ثبوت الوصف.و لو ذهب به مذهب الزّمان لكان على«فاعل»،فيقال:آسف.

و الآسف:الحزين،قاله ابن عبّاس،و الحسن، و السّدّيّ؛أو الجزع،قاله مجاهد؛أو المتلهّف أو الشّديد الغضب،قاله الزّمخشريّ.و ابن عطيّة قال:و أكثر ما يكون بمعنى الحزين أو المغضب،قاله ابن قتيبة؛أو النّادم،قاله القتبيّ أيضا؛أو متقاربان،قاله الواحديّ.

(4:394)

رشيد رضا: [نقل قول ابن عبّاس،و الرّاغب المتقدّم في اللّغة ثمّ قال:]

ثمّ ذكر[الرّاغب]إنّ الأسف في الآية الّتي نفسّرها هو الغضبان،فهو إذا مترادف.و قد فاته هنا ما نعهد من تحقيقه لمدلولات الألفاظ،و ما أظنّ أنّ ما نقله عن ابن عبّاس يصحّ،فإنّ ما ذكر من المقابلة بين الغضب و الحزن إنّما يظهر بين الغضب و الحقد،و إنّما الحزن ألم النّفس بفقد ما تحبّ من مال أو أهل أو ولد،و ليس من شهوة الانتقام في شيء.

و من شواهد استعمال الأسف بمعنى«الحزن»قوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السّلام: وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ... يوسف:84،و من شواهد استعماله بمعنى «الغضب»قوله تعالى: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ... الزّخرف:55.

و لا يوصف تعالى بالحزن و لا يسند إليه،و غضبه سبحانه ليس كغضب البشر ألما في النّفس،و لا أثرا لغليان دم القلب،تعالى عن هذه الانفعالات و الآلام البشريّة،و إنّما هو صفة تليق به هي سبب العقاب.

و الجمع بين الغضبان و الأسف في صفة موسى عليه السّلام يدلّ على أنّ الأسف بمعنى الحزين.(9:206)

عزّة دروزة: حزينا أو مشتدّ الغضب.(2:161)

الطّباطبائيّ: الأسف،بكسر السّين:صفة مشبّهة من الأسف،و هو شدّة الغضب و الحزن.(8:250)

المصطفويّ: الظّاهر من موارد استعمال هذه المادّة أنّ معناها الحقيقيّ هو التّلهّف و الحزن عند فوت شيء.

و أمّا الغضب و غيره فممّا يفهم بالقرائن،و من المعاني المجازيّة لها:

فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً طه:86، أي متأسّفا و حزينا على ما فعلوا من اتّخاذهم العجل.

ص: 326

و ذكر هذه الكلمة بعد كلمة غضبان يدلّ على التّقابل بينهما،و عدم دلالة مادّة الأسف على معنى الغضب.فالأسف على ترك التّوحيد و فوته منهم بسبب اتّخاذ العجل و الشّرك الباعث للغضب.

وَ تَوَلّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ يوسف:

84،أي على فقدانه.

فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً الكهف:6،يتأسّف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عدم إيمانهم بما جاءه به.

فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ أي فلمّا أوجب طغيان فرعون و أتباعه التّأسّف منّا على كفرهم و خلافهم النّصيحة و الصّلاح و السّعادة فانتقمنا منهم.و عذّبناهم.فلا حاجة لنا إلى حمل الأسف على الغضب،مع أنّ المناسب هو التّأسّف.

و أمّا أنّ الأسف كيف ينسب إلى مقام الرّبّ؟فهو كالغضب،فيطلق عليه تعالى باعتبار آثاره و نتائجه المترتّبة.

ثمّ إنّ بين«الأسف»و«الأسى»اشتقاق أكبر، و معناهما متقاربان.(1:74)

فضل اللّه: وَ لَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً حزينا حالة يبتعد فيها النّبيّ عن الغضب الذّاتيّ، و الحزن الانفعاليّ،فقد غضب للّه الّذي أشرك هؤلاء بعبادته بعد أن أقام عليهم الحجّة تلو الحجّة،و حزن للرّسالة،بعد هذا الجهد الضّائع الّذي بذله من أحل تنميتها في حياة هؤلاء،و تعميقها في داخل نفوسهم.(10:249)

2- فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً... طه:86

ابن عبّاس: شديد الغضب حزينا.

(الطّبرسيّ 4:24)

مجاهد: جزعا.(الطّبرسيّ 4:24)

الجبّائيّ: متحسّرا متلهّفا على ما فاته،لأنّه خشي أن لا يمكنه تدارك أمر قومه.(الطّبرسيّ 4:24)

نحوه الميبديّ.(6:163)

الطّبريّ: متغيّظا على قومه،حزينا لما أحدثوه بعده من الكفر باللّه.(16:196)

الطّوسيّ: الأسف:أشدّ الغضب.و قال بعضهم:

قد يكون بمعنى الغضب،و يكون بمعنى الحزن،قال اللّه تعالى: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ... الزّخرف:55، أي أغضبونا.(7:197)

الرّاغب: الأسف:الغضبان،و يستعار للمستخدم المسخّر و لمن لا يكاد يسمّى،فيقال:هو أسف.(17)

ابن عطيّة: (اسفا)عليهم من حيث له قدرة على تغيير منكرهم،(اسفا)أي حزينا من حيث علم أنّه موضع عقوبة مأمولة،فدفعها و لا بدّ منها،و الأسف في كلام العرب متى كان من ذي قدرة على من دونه فهو غضب،و متى كان من الأقلّ على الأقوى فهو حزن، و تأمّل ذلك فهو مطّرد إن شاء اللّه عزّ و جلّ.(4:58)

الفخر الرّازيّ: ذكروا في الأسف وجوها:

أحدها:أنّه شدّة الغضب،و على هذا التّقدير لا يلزم التّكرار،لأنّ قوله:(غضبان)يفيد أصل الغضب، و قوله:(اسفا)يفيد كماله.

ص: 327

و ثانيها:قال الأكثرون:حزنا و جزعا،يقال:أسف يأسف أسفا،إذا حزن،فهو آسف.

و ثالثها:قال قوم:الآسف:المغتاظ.

و فرّقوا بين الاغتياظ و الغضب،بأنّ اللّه تعالى لا يوصف بالغيظ و يوصف بالغضب،من حيث كان الغضب إرادة الإضرار بالمغضوب عليه،و الغيظ تغيّر يلحق المغتاظ،و ذلك لا يصحّ إلاّ على الأجسام كالضّحك و البكاء.(22:101)

نحوه النّيسابوريّ.(16:149)

الرّازيّ: فإن قيل:كيف قال تعالى: غَضْبانَ أَسِفاً، و هما متقاربان في المعنى؟

قلنا:لأنّ الآسف:الحزين،و قيل:الشّديد الغضب، ففيه فائدة جديدة.(مسائل الرّازيّ:100)

أبو حيّان: انتصب (غَضْبانَ أَسِفاً) على الحال.

و الأسف:أشدّ الغضب،و قيل:الحزن،و غضبه من حيث له قدرة على تغيير منكرهم،و أسفه و هو حزنه من حيث علم أنّه موضع عقوبة لا بدّ له بدفعها و لا بدّ منها.

(6:268)

نحوه البروسويّ.(5:414)

عزّة دروزة:حزينا أو ساخطا.(3:82)

الطّباطبائيّ: الغضبان:صفة مشبّهة من الغضب، و كذا الأسف من الأسف بفتحتين،و هو الحزن و شدّة الغضب.(14:191)

اسفا

فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً. الكهف:6

ابن عبّاس: أي غيظا و غضبا.

مثله قتادة.(الطّبرسيّ 3:450)

مجاهد:جزعا.(1:373)

الضّحّاك: معناه حزنا.(ابن منظور 9:5)

مثله قتادة.(الطّبريّ 15:195)

قتادة:حذرا.(الطّوسيّ 7:9)

السّدّيّ:ندما و تحسّرا.(أبو حيّان 6:98)

أبو عبيدة:أي ندما و تلهّفا و أسى.(1:393)

نحوه الطّوسيّ.(7:9)

الطّبريّ: أمّا قوله:(اسفا)فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله،فقال بعضهم:معناه فلعلّك باخع نفسك إن لم يؤمنوا بهذا الحديث غضبا.

و قال آخرون:جزعا.

و قال آخرون:معناه حزنا عليهم.(15:195)

الزّجّاج: الأسف:المبالغة في الحزن و الغضب.

(أبو حيّان 6:98)

البلّوطيّ: الأسف هنا:الحزن،لأنّه على من لا يملك و لا هو تحت يد الآسف،و لو كان الأسف من مقتدر على من هو في قبضته و ملكه كان غضبا؛كقوله تعالى: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ... الزّخرف:

55،أي أغضبونا.(أبو حيّان 6:98)

الميبديّ: حزنا،و الفعل منه أسف بالفتح،و قيل:

أسفا،أي غضبا،و الفعل منه أسف بالكسر.و التّقدير:

فلعلّك باخع نفسك أسفا،و هو نصب على التّمييز، و قيل:مفعول له.(5:642)

الطّبرسيّ:حزنا و تلهّفا.(3:450)

ص: 328

الفخر الرّازيّ: الأسف:المبالغة في الحزن.و في انتصابه وجوه:

الأوّل:أنّه نصب على المصدر،و دلّ ما قبله من الكلام على أنّه يأسف.

الثّاني:يجوز أن يكون مفعولا له،أي للأسف، كقولك:جئتك ابتغاء الخير.

و الثّالث:قال الزّجّاج:(اسفا)منصوب،لأنّه مصدر في موضع الحال.(21:79)

البيضاويّ: للتّأسّف عليهم أو متأسّفا عليهم، و الأسف:فرط الحزن و الغضب.(2:4)

مثله القاسميّ.(11:4024)

الآلوسيّ: انتصاب قوله تعالى:(اسفا)ب(باخع) على أنّه مفعول من أجله.

و جوّز أن يكون حالا من الضّمير فيه بتأويل متأسّفا،لأنّ الأصل في الحال الاشتقاق،و أن ينتصب على أنّه مصدر فعل مقدّر،أي تأسّف أسفا.

(15:205)

فضل اللّه: الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و حسرته على الكفّار فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ الخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الّذي كان يعيش الألم و الحسرة أمام بعد المشركين،و إعراضهم عن القرآن و عن الدّعوة إلى اللّه.

و هذه المواقف تمثّل خطوات المشركين العمليّة على صعيد خطّ الرّسالة،تماما كما هي الآثار الّتي تتركها أقدامهم على الطّريق في حالة السّير.و ربّما تؤدّي به هذه المشاعر السلبيّة الضّاغطة إلى الهلاك،عند ما تتعاظم أو تتحوّل إلى عقدة و تساؤل دائم،عن السّبب في هذا الموقف المضادّ،و عن الضّعف الّذي يحيط بشخصه و بالسّاحة أمام قوّة هؤلاء،و عن أشياء كثيرة قد تطوف في نفسه و تضغط على وجدانه... إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً و المراد به:القرآن الّذي أنزله اللّه عليه، فتمتلئ روحه بالأسى و الأسف،لأنّهم لم يستجيبوا لدعوة الإيمان به.

حسرة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله مظهر لكماله الإنسانيّ

و نتساءل:هل هذا تعبير عن حالة حقيقيّة في مشاعر النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و هل يتناسب الوضع الشّعوريّ مع العصمة لديه.

و نجيب بأنّ هذه المشاعر لا تمثّل حالة نقص،بل نجد فيها حالة كمال إنسانيّ؛ذلك أنّها تصدر عن حسّ إنسانيّ رهيف،ناتج عن الشّعور بالمسئوليّة أمام الآخرين أيّا كانوا،فالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يعي نفسه رسولا للعالمين،و بالتّالي منقذا لهم،و لهذا فبقدر ما يجد نفسه معنيّا بالّذين يتّبعونه، يجد نفسه معنيّا بالّذين لم يتّبعوه أمثال الجاحدين و الكافرين،لأنّ هؤلاء بحكم ما هو عليه،يستحقّون الإشفاق أكثر من غيرهم،لأنّهم سيسقطون في مهالك الكفر و الطّغيان لا محالة،فليست هناك عقدة ذاتيّة،بل هي حالة إنسانيّة رساليّة في المستوى الرّفيع لروحيّة الإنسان تجاه الآخرين.

ثمّ ما الّذي يمنع الرّسول من الخضوع للحالات البشريّة الّتي يعيشها كلّ النّاس في مواقع الضّعف البشريّ،تماما.كما يمرض و يتألّم و يموت،لأنّ المشكلة فيه ليست هي نقاط الضّعف الذّاتيّة،بل المشكلة هي تأثيرها على مستوى الشّخصيّة الرّساليّة في حركته في

ص: 329

الحياة،في آفاق الوجدان أو الواقع.و لا مانع من أن يتأثّر الإنسان الرّسول،كما يتأثّر غيره،بجحود الآخرين برسالته،و يفرح بإقبالهم عليها،لا سيّما إذا كانت الرّسالة لمصلحتهم،ممّا يجعل هذا الانفعال متّصلا بالذّات من جهة،و بالجانب الإنسانيّ من حياة النّاس من جهة أخرى.

و قد جاء القرآن الكريم في كثير من آياته،ليوضّح للنّبيّ طبيعة هذا الجحود و ظروفه و أسبابه الطّبيعيّة،ممّا يجعله يشعر بأنّ المسألة لا تستحقّ هذا القدر الكبير من الاهتمام النّفسيّ،أو الشّعور بالخطورة على مستوى حياة النّاس أو الرّسالة.

و إذا كان الخطاب موجّها إلى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فإنّ الامتناع عن التّأثّر بهذا الموقف السّلبيّ،من قبل الكافرين،موجّه إلى كلّ داعية للّه و للإسلام،بأن يعيش هذا الجوّ لئلاّ يقوده الانفعال السّلبيّ إلى الوقوع في الإحباط و اليأس و السّقوط...فإنّ هذا قد يكون ممتنعا في شأن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله الّذي تمنعه عصمته من ذلك و لكنّه ليس ممتنعا في الآخرين من الدّعاة إلى اللّه،الّذين قد يسقطون تحت تأثير ضعفهم،فيفقدون التّوازن الفكريّ و العمليّ،في مواجهة الحالات السّلبيّة في الواقع.

(14:270)

آسفونا

فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ.

الزّخرف:55

الإمام عليّ عليه السّلام:أي أسخطونا.

(الآلوسيّ 25:91)

مثله ابن عبّاس.(الطّبريّ 25:84)

ابن عبّاس: أغضبونا.

مثله مجاهد،و قتادة،و السّدّيّ،و ابن زيد.

(الطّبريّ 25:84)

و مثله الفرّاء(3:35)،و النّيسابوريّ(25:54).

أحزنوا أولياءنا المؤمنين نحو السّحرة و بني إسرائيل.

(أبو حيّان 8:23)

أي غاظونا و أغضبونا.(القرطبيّ 16:101)

الإمام الرّضا عليه السّلام:إنّ اللّه لا يأسف كأسفنا، و لكن له أولياء يأسفون و يرضون،فجعل رضاهم رضاه و غضبهم غضبه.و على ذلك قال:«من أهان لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة»،و قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ... النّساء:80.(الرّاغب:17)

الطّوسيّ: قيل:الأسف هو الغيظ من المغتمّ إلاّ أنّه هاهنا بمعنى الغضب.(9:208)

القشيريّ: الأسف هاهنا بمعنى الغضب،و الغضب من اللّه إمّا إرادة العقوبة فيكون من صفات الذّات،و إمّا عين العقوبة فيكون من صفات الفعل.

(القرطبيّ 16:101)

الزّمخشريّ: منقول من أسف أسفا،إذا اشتدّ غضبه.(3:493)

مثله النّسفيّ(4:121)،و نحوه أبو حيّان(8:23)، و البروسويّ(8:380).

الطّبرسيّ: أي أغضبونا،عن ابن عبّاس، و مجاهد.و غضب اللّه سبحانه على العصاة إرادة عقوبتهم،و رضاه عن المطيعين إرادة ثوابهم الّذي

ص: 330

يستحقّونه على طاعتهم.

و قيل:معناه آسفوا رسلنا،لأنّ الأسف بمعنى الحزن لا يجوز على اللّه سبحانه.(5:52)

الفخر الرّازيّ: أغضبونا.حكي أنّ ابن جريج غضب في شيء فقيل له:أ تغضب يا أبا خالد؟فقال:قد غضب الّذي خلق الأحلام إنّ اللّه يقول: فَلَمّا آسَفُونا... أي أغضبونا.ثمّ قال تعالى: اِنْتَقَمْنا مِنْهُمْ....

و اعلم أنّ ذكر لفظ«الأسف»في حقّ اللّه تعالى محال.و ذكر لفظ«الانتقام»،و كلّ واحد منهما من المتشابهات الّتي يجب أن يصار فيها إلى التّأويل،و معنى الغضب في حقّ اللّه:إرادة العقاب،و معنى الانتقام:إرادة العقاب لجرم سابق.(27:219)

القرطبيّ: روى الضّحّاك عن ابن عبّاس:أي غاظونا و أغضبونا.و روى عنه عليّ بن أبي طلحة:أي أسخطونا.

قال الماورديّ: و معناهما مختلف،و الفرق بينهما أنّ السّخط:إظهار الكراهة،و الغضب:إرادة الانتقام.

و قال عمر بن ذرّ: يا أهل معاصي اللّه،لا تغترّوا بطول حلم اللّه عنكم،و احذروا أسفه،فإنّه قال: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ... الزّخرف:55.

و قيل:آسفونا،أي أغضبوا رسلنا و أولياءنا المؤمنين،نحو السّحرة و بني إسرائيل.و هو كقوله تعالى:

يُؤْذُونَ اللّهَ الأحزاب:57، يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ المائدة:33،أي أولياءه و رسله.

(16:102)

الآلوسيّ: أي أسخطونا،و في معناه ما قيل:أي أغضبونا أشدّ الغضب،أي بأعمالهم.و الغضب عند الخلف مجاز عن إرادة العقوبة؛فيكون صفة ذات،أو عن العقوبة؛فيكون صفة فعل.(25:91)

الطّباطبائيّ: الإيساف:الإغضاب،أي فلمّا أغضبونا بفسوقهم انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين.

و الغضب منه تعالى:إرادة العقوبة.(18:111)

نحوه فضل اللّه.(20:252)

أبو رزق: أغضبونا غضبا لا حلم بعده،فاستوجبوا انتقامنا بتعجيل العذاب عليهم،من أسف،إذا اشتدّ غضبه...[ثمّ ذكر نحو الرّاغب و أضاف]و الأسف يكون للغضب و للحزن بتخصيص القرينة،و مخرجهما واحد.(1:12)

اسفى

وَ تَوَلّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ...

يوسف:84

ابن عبّاس: أي يا طول حزني على يوسف.

(الطّبرسيّ 3:257)

مجاهد: يا جزعاه حزنا.

نحوه قتادة،و الضّحّاك.(الطّبريّ 13:39)

الحسن: يا حسرتاه.

مثله الضّحّاك،و قتادة.(الطّوسيّ 6:182)

أبو عبيدة: خرج مخرج النّدبة،و إذا وقفت عندها قلت:يا أسفاه،فإذا اتّصلت ذهبت الياء[ثمّ استشهد بشعر]

و الأسف:أشدّ الحزن و التّندّم.(1:316)

ص: 331

ابن قتيبة: الأسف:أشدّ الحسرة.(221)

الطّبريّ: يا حزنا عليه،يقال:إنّ الأسف هو أشدّ الحزن و التّندّم،يقال منه:أسفت على كذا آسف عليه أسفا.(13:38)

الزّجّاج: الأصل:يا أسفي،فأبدل من الياء ألف لخفّة الفتحة.(القرطبيّ 9:248)

الهرويّ: أي أغضبونا،يقال:آسفه فأسف يأسف أسفا.(1:47)

الطّوسيّ: إنّما نادى بالأسف على وجه البيان،لأنّ الحال حال حزن كأنّه قال:يا أسف احضر،فإنّه من أحيانك و أوقاتك،و مثله:وا حزناه.

و الأسف:الحزن على ما فات.و قيل:هو أشدّ الحزن،يقال:أسف يأسف أسفا،و تأسّف تأسّفا و هو متأسّف.(6:182)

الزّمخشريّ: أضاف الأسف و هو أشدّ الحزن و الحسرة إلى نفسه،و الألف بدل من ياء الإضافة، و التّجانس بين لفظتي الأسف و يوسف ممّا يقع مطبوعا غير متعمّل فيملح و يبدع،و نحوه: اِثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَ رَضِيتُمْ التّوبة:38، وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ الأنعام:26، يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ الكهف:

104، مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ... النّمل:22.

و عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«لم تعط أمّة من الأمم إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ البقرة:156،عند المصيبة إلاّ أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم،أ لا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع و إنّما قال:(يا اسفى)».

فإن قلت:كيف تأسّف على يوسف دون أخيه و دون الثّالث و الرّزء الأحدث أشدّ على النّفس و أظهر أثرا؟

قلت:هو دليل على تمادي أسفه على يوسف،و أنّه لم يقع فائت عنده موقعه،و أنّ الرّزء فيه مع تقادم عهده كان غضّا عنده طريّا

*و لم تنسني أو في المصيبات بعده*

و لأنّ الرّزء في يوسف كان قاعدة مصيباته الّتي ترتّبت عليها الرّزايا في ولده،فكان الأسف عليه أسفا على من لحق به.(2:338)

مثله البيضاويّ(1:505)،و النّسفيّ(2:234).

و نحوه النّيسابوريّ(13:39)،و البروسويّ(4:

306).

أبو البركات: (اسفى)في موضع نصب،لأنّه منادى مضاف،و أصله:يا اسفي إلاّ أنّه أبدل من الكسرة فتحة فانقلبت الياء ألفا لتحرّكها و انفتاح ما قبلها،فصار (يا اسفى).(2:43)

نحوه الطّبرسيّ.(3:256)

الفخر الرّازيّ: فإن قيل:أ ليس أنّ الأولى عند نزول المصيبة الشّديدة أن يقول: إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ حتّى يستوجب الثّواب العظيم المذكور في قوله: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ البقرة:157؟

قلنا:قال بعض المفسّرين:إنّه لم يعط الاسترجاع أمّة إلاّ هذه الأمّة،فأكرمهم اللّه تعالى إذا أصابتهم مصيبة،و هذا عندي ضعيف،لأنّ قوله: إِنّا لِلّهِ إشارة إلى أنّا مملوكون للّه و هو الّذي خلقنا و أوجدنا،

ص: 332

و قوله: وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إشارة إلى أنّه لا بدّ من الحشر و القيامة.

و من المحال أنّ أمّة من الأمم لا يعرفون ذلك،فمن عرف عند نزول بعض المصائب به أنّه لا بدّ في العاقبة من رجوعه إلى اللّه تعالى فهناك تحصل السّلوة التّامّة عند تلك المصيبة،و من المحال أن يكون المؤمن باللّه غير عارف بذلك.

قوله: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ نداء الأسف،و هو كقوله:يا عجبا،و التّقدير:كأنّه ينادي الأسف و يقول:

هذا وقت حصولك و أوان مجيئك.و قد قرّرنا هذا المعنى في مواضع كثيرة،منها في تفسير قوله: حاشَ لِلّهِ يوسف:31.

و الأسف:الحزن على ما فات.(18:195)

أبو حيّان: قال الحسن:خصّت هذه الأمّة بالاسترجاع،أ لا ترى إلى قول يعقوب:(يا اسفى)، و نادى الأسف على سبيل المجاز على معنى هذا زمانك فاحضر.و الظّاهر أنّه يضاف إلى ياء المتكلّم،قلبت ألفا،كما قالوا في يا غلامي:يا غلاما.

و قيل:هو على النّدبة،و حذف الهاء الّتي للسّكت.

[ثمّ نقل كلام الزّمخشريّ:و التّجانس...إلخ و قال:]

و يسمّى هذا تجنيس التّصريف و هو أن تنفرد كلّ كلمة من الكلمتين عن الاخرى بحرف.(5:338)

الآلوسيّ: الأسف:أشدّ الحزن على ما فات.

و الظّاهر أنّه عليه السّلام أضاف إلى نفسه،و الألف بدل من ياء المتكلّم للتّخفيف،و المعنى يا أسفى تعال فهذا أوانك.

و قيل:الألف ألف النّدبة و الهاء محذوفة،و المعوّل عليه الأوّل.[ثمّ ذكر مثل الزّمخشريّ](13:39)

مثله القاسميّ.(9:3582)

الوجوه و النّظائر

الدّامغانيّ: «أسف»على وجهين:الحزن، و الغضب.

فوجه منهما:الأسف يعني الحزن،قوله تعالى:

وَ تَوَلّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ... يوسف:

84،معناه يا حزنا.و قوله تعالى: غَضْبانَ أَسِفاً...* الأعراف:150،طه:86،يعني محزونا مغتاظا.

الثّاني:الأسف بمعنى الغضب،قوله تعالى: فَلَمّا آسَفُونا... الزّخرف:55،يعني أغضبونا.(32)

مثله الفيروزآباديّ.(بصائر ذوي التّمييز 2:185)

الأصول اللّغويّة

1-جاء«الأسف»-كما يفهم من النّصوص و يعرف من المحاورات-تعبيرا عن حالة نفسيّة للشّخص بما فاته من الخير الحقيقيّ أو المزعوم.و قد يتوسّع فيه فيطلق باعتباره مصابا بمكروه أو ظلم؛و لهذا قالوا:الأسف:

الحزن الشّديد،أو الحزن مع الغضب أو أحدهما،و لكنّ الأقرب إلى الصّواب أنّه التّلهّف على ما فات المقارن للحزن أو الغضب،و أنّ إطلاقه عليهما باعتبار الملازمة، و لهذا قيل:الأسف:الغضب الّذي فيه تأسّف على ما فات.

2-و أطلق الأسف على نفس الغضب أيضا،فيقال:

الأسف:الغضبان.و يسمّى العبد أسفا و أسيفا،باعتبار

ص: 333

غضبه المضمر في نفسه على مولاه،أو تأسّفه على ما فاته من الحرّيّة.و منه قوله:(فلمّا آسفونا)أي أغضبونا.

على أنّه جاء«آسف»بمعنى جعله أسفا،أي متأسّفا أيضا،و إن لم يكن هناك آسف بالفعل.

3-و أطلق أيضا على ما ينبغي التّأسّف عليه،فيقال:

أرض أسيفة،أي رقيقة لا تكاد تنبت شيئا،فهي ممّا يتأسّف عليه؛حيث فاتها النّبات.

4-ثمّ أطلق على ما يترتّب على الأسف،فيقال:

الأسيف،أي السّريع الحزن و البكاء.

5-كما أنّه قد يطلق على نفس الفوت،حتّى أنّ ابن فارس جعله الأصل فيه،فقال:أصل واحد يدلّ على الفوت و التّلهّف و ما أشبه ذلك.

6-و قد قيل:إنّ الأسف:الظّلم،و إنّ الأسف فيه إبدال على قول ابن فارس،و الأصل فيه العين«العسف» أي الظّلم.و بهذا الاعتبار فالأصل فيه الظّلم،و لكنّه ظلم مخفّف باعتبار أنّ تخفيف الهمزة في اللّفظ دلّ على تخفيف المعنى،و يسمّى الأجير أو العبد أسيفا،باعتبار أنّهما مظنّة أن يقع عليهما الظّلم،و أنّ العسيف من وقع عليه ظلم أشدّ و أقسى،ربّما يتسبّب بالقتل و التّعذيب.

و أمّا الأسف فهو ظلم غير ممعن في القساوة الّتي تسبّب الحزن أو الغضب فقط دون الانتقام،اللّهمّ إلاّ إذا تراكم الحزن في القلوب،فيتبدّل غضبا و عسفا فانتقاما.

فالأصل في الأسف-على هذا الرّأي-هو الظّلم،ثمّ انتقل إلى ما يلازمه من الحزن و الغضب و التّلهّف و غير ذلك.

و هذا القول لا دليل عليه في نصّ لأحد من أرباب اللّغة،و مجرّد التّشابه اللّفظيّ بين العسف و الأسف لا ينهض دليلا على وحدة المعنى،بل غايته وجود المناسبة بينهما و هي علاقة التّسبيب،فالظّلم سبب للأسف.

و أمّا حديث الإبدال فابن فارس ادّعاه في«التّابع» فقط؛حيث قال:«و أمّا التّابع و تسميتهم إيّاه أسيفا، فليس من الباب،لأنّ الهمزة منقلبة من عين.و قد ذكر في بابه»،(المقاييس 1:103).

على أنّ ابن فارس لم يصرّح في معنى«عسف» بالظّلم،بل قال:«ركوب الأمر من غير تدبير،و ركوب مفازة من غير قصد،و منه التّعسّف»إلى أن قال:

«و العسيف:الأجير،و ما يبعد أن يكون من هذا القياس، لأنّ ركوبه في الأمور فيما يعانيه مخالف لصاحب الأمور...»(المقاييس 4:311).

و الحقّ أنّ الإبدال في خصوص إطلاق اللّفظين-أي الأسيف و العسيف-على«الأجير»لا ينكر،و أنّ إطلاقهما عليه بلحاظ واحد،أي وقوع الظّلم عليه،أو ركوبه الأمر بما لا يرضي صاحب العمل،إذا كان العين هو الأصل و الهمزة مبدلة منها،و أمّا لو قيل بالعكس،أي إبدال الهمزة عينا،فالتّلهّف أو الحزن و الغضب هو الأصل في معناهما كما قلنا في معنى«الأسف».

و أخيرا فإنّ الظّلم متعدّ بنفسه،يقال:ظلمه، و الأسف متعدّ ب«على»،يقال:أسف عليه،فكيف يكون بمعنى الظّلم؟

ص: 334

الاستعمال القرآنيّ

1-جاء«الأسف»في القرآن خمس مرّات:مسندا إلى النّبيّ مرّة،و إلى يعقوب مرّة،و إلى موسى مرّتين، و أخيرا إلى اللّه تعالى مرّة:

فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً الكهف:6

وَ تَوَلّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ يوسف:84

وَ لَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي الأعراف:150

فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً طه:86

فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ

الزّخرف:55

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات كلّها مكّيّة،و النّكتة في ذلك-و اللّه أعلم-أنّ مكّة باعتبارها وطن الغربة للإسلام،فهي دار الصّبر و الأسف دون الجهاد و القتال، فلم يكن قبال المنكرين حيلة سوى الأسف على كفرهم و الصّبر على مكائدهم،فلم يناسب الحال إذ ذاك إلاّ التّعبير بالأسف حتّى في موضع الانتقام فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ.

و أمّا المدينة فهي موطن العزّة و القدرة للإسلام، و دار السّيف و القتال،فتبدّل فيها الأسف سيفا على الكفّار،و الصّبر سلطانا و سيطرة و قتالا على الأعداء.

و ثانيا:أنّ الأسف في الجميع إنّما هو من اللّه و رسله دون النّاس،إلاّ أنّه أسف على كفر النّاس و ضلالهم، و هذا هو الجدير بالأسف دون الحياة الدّنيا و ما يرجع إليها.

و أمّا آية يوسف فإنّما هي أسف من يعقوب على ابنه يوسف،و هو أيضا نبىّ مثله،له دور بارز في هدى النّاس،و ليس أسفا من والد على فقد ابنه،و هما من أوساط النّاس كي يعدّ أسفا على المال و البنين و هما زينة الحياة الدّنيا،فلا ينبغي الأسف على ما فاتنا من الدّنيا، قال تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ الحديد:23.

و ثالثا:أنّ التّدبّر في الآيات يفصح عمّا رجّحناه في معنى«الأسف»من التّلهّف النّاشئ عن الحزن أو الغضب،فإنّ قوله: باخِعٌ نَفْسَكَ... كالصّريح في أنّ الأسف ناشئ عن أنّه بخع نفسه،أي غضب عليها، و تلهّف على أنّهم لم يؤمنوا بالقرآن.

و يدلّ قوله: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ كذلك على أنّ أسفه نشأ عن حزنه الشّديد و بكائه الكثير حتّى ابيضّت عيناه.

و أمّا قوله: غَضْبانَ أَسِفاً* فهو يسفر عن أنّ الغضب يختلف عن الأسف،و أنّ الأوّل سبب للثّاني.

و أمّا قوله: فَلَمّا آسَفُونا فالمفسّرون و إن فسّروه ب«أغضبونا»إلاّ أنّ التّعبير ب(آسفونا)دون «أغضبونا»يشعر بالفرق بينهما،و أنّ(آسفونا)فيه إشراب،أي أغضبونا حتّى أسفنا و تلهّفنا عليهم،و اشتدّ تلهّفنا حتّى انتقمنا منهم،أو أسفنا عليهم و اشتدّ حتّى تبدّل غضبا فانتقمنا منهم.

و فيه نكتة أخرى،و هي أنّ غضبه تعالى على قوم

ص: 335

أيّا كانوا فإنّما منشؤه لطفه و رحمته بهم،حتّى إذا كفروا بآياته و نعمائه تأسّف عليهم فانتقم منهم،و لا يتصوّر في ذاته المقدّسة غضب و عداوة لأحد ابتداء،فقد سبقت رحمته غضبه،فغضبه لا ينفكّ عن رحمته،لأنّ مصدره رحمته بالعباد.

ثمّ إنّ نسبة الغضب و الرّضا إليه تعالى مجاز يراد بهما آثارهما،أي الثّواب و العقاب كما في بعض الرّوايات،أو رضا و غضب بعض أوليائه كما تقدّم عن الرّضا عليه السّلام في النّصوص.

و النّكتة في نسبتها إلى اللّه أنّ القرآن نزل بلسان النّاس لا بلسان الفلاسفة و المتكلّمين،أي أنّه كتاب عامّة الشّعب،فيتكلّم بلسانهم لكي يفهموه و يلمسوه.

ثمّ إذا نظر إليه المتعمّقون في الفلسفة يجب أن يحملوا ألفاظه على ما يليق بالذّات المقدّسة و يؤوّلوه تأويلا.

2-و الأسف و الأسى شبيهان لفظا و معنى،بل قد يقال:إنّ بينهما اشتقاق كبير،أو أنّ الألف المقصورة للثّاني مبدلة عن فاء الأوّل.انظر البحث اللّغويّ و القرآنيّ لمادّة«أ س ي».

ص: 336

إسماعيل

اشارة

لفظ واحد،12 مرّة:5 مكّيّة،7 مدنيّة

في 8 سور:5 مكّيّة،3 مدنيّة

النّصوص اللّغويّة

ابن السّكّيت: يقال:إسماعيل و إسماعين.

(الإبدال:68)

المبرّد: جمع إسماعيل:أسامع و أساميع.

(القيسيّ 1:73)

القيسيّ: جمع إسماعيل:سماعيل،و قيل:سماعلة.

و الهاء بدل من ياء.(1:73)

الماورديّ: إنّ إبراهيم لمّا دعا ربّه قال:اسمع يا إيل،فلمّا أجابه ربّه و رزقه الولد سمّاه بما دعاه.

(القرطبيّ 2:126)

ابن سيده: اسماعيل و إسماعين،اسمان.(2:471)

مثله ابن منظور.(11:16)

الجواليقيّ: أسماء الأنبياء صلوات اللّه عليهم كلّها أعجميّة،نحو:إبراهيم،و إسماعيل،و إسحاق،و إلياس، و إدريس،و إسرائيل،و أيّوب،إلاّ أربعة أسماء،و هي:

آدم،و صالح،و شعيب،و محمّد.صلّى اللّه عليه و آله[و خامس و هو أحمد].

و إسماعيل فيه لغتان:إسماعيل و إسماعين،بالنّون.

[ثمّ استشهد بشعر](61)

القرطبيّ: تفسير إسماعيل:اسمع يا اللّه،لأنّ«إيل» بالسّريانيّة هو اللّه.(2:126)

أبو حيّان: إسماعيل اسم أعجميّ علم،و يقال:

إسماعيل باللاّم،و إسماعين بالنّون.

و من غريب ما قيل في التّسمية به:إنّ إبراهيم كان يدعو أن يرزقه اللّه ولدا،و يقول:اسمع إيل،و«إيل»هو اللّه تعالى.(1:373)

جوّز الكوفيّون في إبراهيم و إسماعيل براهمة و سماعلة،و الهاء بدل من الياء،كما في زنادقة.

و قال أبو العبّاس: هذا الجمع خطأ،لأنّ الهمزة ليست زائدة،و الجمع:أباره و أسامع،و يجوز أباريه

ص: 337

و أساميع.

و الوجه أن يجمع هذه جمع السّلامة،فيقال:

إبراهيمون و إسماعيلون و إسحاقون و يعقوبون.

و حكى الكوفيّون أيضا:براهم و سماعل و أساحق و يعاقب،بغير ياء و لا هاء.

و قال الخليل و سيبويه: براهيم و سماعيل.

و ردّ أبو العبّاس على من أسقط الهمزة،لأنّ هذا ليس موضع زيادتها.(1:397)

الفيروزآباديّ: إسماعيل،بكسر الهمزة:ابن إبراهيم الخليل عليهما السّلام،و معناه مطيع اللّه،و هو الذّبيح على الصّحيح.(3:409)

إسماعيل:هو اسم أعجميّ كسائر أسماء الأعلام الأعجميّة،و هو أوّل من يسمّى بهذا الاسم من بني آدم.

و احترزنا بهذا القيد عن الملائكة فإنّ فيهم إسماعيل، و هو أمين الملائكة.

و تكلّف بعض النّاس و جعل له اشتقاقا من«سمع»، و تركيبا منه و من«إيل»،و هو اسم اللّه عزّ و جلّ،فإن كان وزنه«إفعاليل»فمعناه أسمعه اللّه أمره فقام به،و الّذي قال:وزنه«فعاليل»لأنّ أصله:سماعيل،قال:معناه سمع من اللّه قوله فأطاعه.(بصائر ذوي التّمييز 6:39)

الآلوسيّ:إسماعيل علم أعجميّ،قيل:معناه -بالعربيّة-مطيع اللّه.و حكي:أنّ إبراهيم عليه السّلام كان يدعو أن يرزقه اللّه تعالى ولدا،و يقول:اسمع إيل،أي استجب دعائي يا اللّه.فلمّا رزقه اللّه تعالى ذلك سمّاه بتلك الجملة،و أراه في غاية البعد.

و للعرب فيه لغتان:اللاّم و النّون.(1:380)

محمّد إسماعيل إبراهيم: إسماعيل،هو بالعبريّة:يسمع إيل،أي يسمع اللّه،أو سميع اللّه.

(38)

النّصوص التّفسيريّة و التّاريخيّة

إسماعيل

1- ...وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ... البقرة:125

ابن عبّاس: لمّا أتى إبراهيم بإسماعيل و هاجر فوضعهما بمكّة،و أتت على ذلك مدّة و نزلها الجرهميّون، و تزوّج إسماعيل امرأة منهم و ماتت هاجر،و استأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر،فأذنت له و شرطت عليه أن لا ينزل.فقدم إبراهيم و قد ماتت هاجر،فذهب إلى بيت إسماعيل،فقال لامرأته:أين صاحبك؟قالت:

ليس هنا،ذهب يتصيّد،و كان إسماعيل يخرج من الحرم فيصيد ثمّ يرجع.فقال لها إبراهيم:هل عندك ضيافة؟ قالت:ليس عندي شيء،و ما عندي أحد.فقال لها إبراهيم:إذا جاء زوجك فاقرئيه السّلام و قولي له:

فليغيّر عتبة بابه.

و ذهب إبراهيم،فجاء إسماعيل فوجد ريح أبيه، فقال لامرأته:هل جاءك أحد؟قالت:جاءني شيخ صفته كذا و كذا كالمستخفّة بشأنه.قال:فما قال لك؟ قالت:قال لي:اقرئي زوجك السّلام،و قولي له:فليغيّر عتبة بابه.فطلّقها و تزوّج أخرى.

فلبث إبراهيم ما شاء اللّه أن يلبث،ثمّ استأذن سارة أن يزور إسماعيل فأذنت له،و اشترطت عليه أن

ص: 338

لا ينزل،فجاء إبراهيم حتّى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال لامرأته:أين صاحبك؟قالت:ذهب يتصيّد و هو يجيء الآن إن شاء اللّه،فانزل يرحمك اللّه.قال لها:هل عندك ضيافة:قالت:نعم،فجاءت باللّبن و اللّحم فدعا لهما بالبركة.فلو جاءت يومئذ بخبز أو برّ أو شعير أو تمر لكان أكثر أرض اللّه برّا و شعيرا و تمرا.

فقالت له:انزل حتّى أغسل رأسك،فلم ينزل، فجاءت بالمقام فوضعته على شقّه الأيمن فوضع قدمه عليه،فبقي أثر قدمه عليه،فغسلت شقّ رأسه الأيمن،ثمّ حوّلت المقام إلى شقّه الأيسر،فغسلت شقّ رأسه الأيسر،فبقي أثر قدمه عليه.فقال لها:إذا جاء زوجك فاقرئيه السّلام و قولي له:قد استقامت عتبة بابك.

فلمّا جاء إسماعيل وجد ريح أبيه،فقال لامرأته:هل جاءك أحد؟قالت:نعم،شيخ أحسن النّاس وجها و أطيبهم ريحا،فقال لي:كذا و كذا،و قلت له:كذا، و غسلت رأسه،و هذا موضع قدميه على المقام.فقال إسماعيل لها:ذاك إبراهيم.(الطّبرسيّ 1:203)

الإمام الصّادق عليه السّلام: إنّ إبراهيم عليه السّلام كان نازلا في بادية الشّام،فلمّا ولد له من هاجر إسماعيل اغتمّت سارة من ذلك غمّا شديدا،لأنّه لم يكن له منها ولد.

كانت تؤذي إبراهيم في هاجر و تغمّه،فشكى إبراهيم ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ،فأوحى اللّه إليه إنّما مثل المرأة مثل الضّلع العوجاء إن تركتها استمتعتها و إن أقمتها كسرتها، ثمّ أمره أن يخرج إسماعيل و أمّه،فقال:يا ربّ إلى أيّ مكان؟قال:إلى حرمي و أمني و أوّل بقعة خلقتها من الأرض و هي مكّة.

فأنزل اللّه عليه جبرائيل بالبراق،فحمل هاجر و إسماعيل،و كان إبراهيم لا يمرّ بموضع حسن فيه شجر و نخل و زرع إلاّ قال:يا جبرائيل إلى هاهنا إلى هاهنا، فيقول:لا،إمض إمض،حتّى أتى مكّة،فوضعه في موضع البيت.

و قد كان إبراهيم عليه السّلام عاهد سارة أن لا ينزل حتّى يرجع إليها،فلمّا نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجرة، فألقت هاجر على ذلك الشّجر كساء و كان معها فاستظلّوا تحته.فلمّا سرّحهم إبراهيم و وضعهم،و أراد الانصراف منهم إلى سارة،قالت له هاجر:يا إبراهيم لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس و لا ماء و لا زرع؟فقال إبراهيم:اللّه الّذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان حاضر عليكم،ثمّ انصرف عنهم.

فلمّا بلغ«كداء»و هو جبل بذي طوى،التفت إليهم إبراهيم فقال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ إبراهيم:37،ثمّ مضى و بقيت هاجر.

فلمّا ارتفع النّهار عطش إسماعيل و طلب الماء، فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى،و نادت:هل في الوادي من أنيس؟فغاب عنها إسماعيل،فصعدت على الصّفا،و لمع لها السّراب في الوادي،و ظنّت أنّه ماء، فنزلت في بطن الوادي وسعت،فلمّا بلغت المسعى غاب عنها إسماعيل عادت حتّى بلغت الصّفا،فهبطت إلى الوادي تطلب الماء،فلمّا غاب عنها إسماعيل عادت حتّى بلغت الصّفا فنظرت،حتّى فعلت ذلك سبع مرّات،

ص: 339

فلمّا كان في الشّوط السّابع و هي على المروة،نظرت إلى إسماعيل و قد ظهر الماء من تحت رجله،فعادت حتّى جمعت حوله رملا،فإنّه كان سائلا،فزمّته بما جعلته حوله،فلذلك سمّيت«زمزم».

و كانت جرهم نازلة بذي المجاز و عرفات،فلمّا ظهر الماء بمكّة عكفت الطّير و الوحش على الماء،فنظرت جرهم إلى تعكّف الطّير على ذلك المكان،فأتبعوها حتّى نظروا إلى امرأة و صبيّ في ذلك الموضع قد استظلّوا بشجرة،و قد ظهر الماء لهما،فقالوا لهاجر:من أنت و ما شأنك و شأن هذا الصّبيّ؟فقالت:أنا أمّ ولد إبراهيم خليل الرّحمن و هذا ابنه،أمره اللّه أن ينزلنا هاهنا، فقالوا لها:أيّها المباركة أ فتأذني لنا أن نكون بالقرب منكما؟فقالت:حتّى يأتي إبراهيم.

فلمّا زارهم إبراهيم عليه السّلام يوم الثّالث،فقالت هاجر:يا خليل اللّه إنّ هاهنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتّى يكونوا بالقرب منّا،أ فتأذن لهم في ذلك؟ فقال إبراهيم:نعم،فأذنت.فنزلوا بالقرب منهم و ضربوا خيامهم،فآنست هاجر و إسماعيل بهم.فلمّا زارهم إبراهيم في المرّة الثّالثة نظر إلى كثرة النّاس حولهم فسرّ بهم سرورا شديدا.فلمّا ترعرع إسماعيل عليه السّلام و كانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كلّ واحد منهم شاة و شاتين،فكانت هاجر و إسماعيل يعيشان بها.

فلمّا بلغ إسماعيل مبلغ الرّجال أمر اللّه إبراهيم أن يبني البيت،فقال:يا ربّ في أيّ بقعة؟قال:في البقعة الّتي أنزلت على آدم القبّة فأضاء لها الحرم.فلم تزل القبّة الّتي أنزلها اللّه على آدم قائمة حتّى كان أيّام الطّوفان أيّام نوح عليه السّلام،فلمّا غرقت الدّنيا رفع اللّه تلك القبّة،و غرقت الدّنيا إلاّ موضع البيت،فسمّيت«البيت العتيق»لأنّه أعتق من الغرق.

فلمّا أمر اللّه عزّ و جلّ إبراهيم عليه السّلام أن يبني البيت، و لم يدر في أيّ مكان يبنيه،فبعث اللّه جبرئيل عليه السّلام فخطّ له موضع البيت،فأنزل اللّه عليه القواعد من الجنّة،و كان الحجر الّذي أنزله اللّه على آدم أشدّ بياضا من الثّلج،فلمّا لمسته أيدي الكفّار اسودّ،فبنى إبراهيم البيت،و نقل إسماعيل الحجر من«ذي طوى»فرفعه إلى السّماء تسعة أذرع،ثمّ دلّه على موضع الحجر،فاستخرجه إبراهيم عليه السّلام،و وضعه في موضعه الّذي هو فيه،و جعل له بابين:باب إلى المشرق و باب إلى المغرب،و الباب الّذي إلى المغرب يسمّى«المستجار».ثمّ ألقى عليه الشّجر و الإذخر،و علّقت هاجر على بابه كساء كان معها ،و كانوا يكنّون تحته.

فلمّا بناه و فرغ منه حجّ إبراهيم عليه السّلام و إسماعيل، و نزل عليهما جبرئيل عليه السّلام يوم التّروية،لثمان من ذي الحجّة،فقال:يا إبراهيم قم فارتو من الماء،لأنّه لم يكن بمنى و عرفات ماء،فسمّيت«التّروية»لذلك.ثمّ أخرجه إلى منى فبات بها،ففعل به ما فعل بآدم عليه السّلام، فقال إبراهيم لمّا فرغ من بناء البيت: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ البقرة:126،قال:من ثمرات القلوب، أي حبّبهم إلى النّاس لينتابوا إليهم و يعودوا إليهم.

(القمّيّ 1:60)

اليعقوبيّ:لمّا ولدت هاجر غارت سارة،و قالت:

ص: 340

أخرجها عنّي و ولدها،فأخرجها و معها إسماعيل حتّى صار بهما إلى مكّة،فأنزلهما عند البيت الحرام و فارقهما، فقالت له هاجر:على من تدعنا؟قال:على ربّ هذه البنية.فقال:اللّهمّ إنّي أسكنت ابني بواد غير ذي زرع، عند بيتك المحرّم.

و نفد الماء الّذي كان مع هاجر،فاشتدّ بإسماعيل العطش،فخرجت هاجر تطلب الماء،ثمّ صعدت إلى الصّفا،فرأت بقربه طائرا واقفا فرجعت؛فإذا بالطّائر قد فحص برجله الأرض فخرج الماء،فجمعته لئلاّ يذهب، فهي بئر زمزم.

و كان إبراهيم يزور إسماعيل و أمّه في كلّ وقت.

و بلغ إسماعيل حتّى صار رجلا،ثمّ تزوّج امرأة من جرهم،فزاره إبراهيم مرّة فلم يلقه،و كانت أمّه قد ماتت،فكلّم امرأته فلم يرض عقلها،و سألها عن إسماعيل،فقالت:في الرّعي،فقال:إذا جاء فقولي له:

غيّر عتبة بابك.

فلمّا انصرف إسماعيل من رعيه قالت له امرأته:قد جاء هنا شيخ يسأل عنك،فقال إسماعيل:فما قال لك؟ قالت:قال لي:قولي له:غيّر عتبة بابك.قال:أنت خليّة فطلّقها.و تزوّج الحيفاء بنت مضاض الجرهميّة، فعاد إليهم إبراهيم من الحول،فوقف ببيت إسماعيل،فلم يجده،و وجد امرأته،فقال:كيف حالكم؟قالت:بخير، قال:هكذا فليكن،أين زوجك؟قالت:ليس بحاضر، انزل،قال:لا يمكنني.قالت:فأعطني رأسك أقبّله،ففعل ذلك،و قال:إذا جاء زوجك فاقرئيه السّلام،و قولي له:

تمسّك بعتبة بابك.فلمّا انصرف جاء إسماعيل،فأخبرته امرأته بخبر إبراهيم،فوقع على موضع قدمه يقبّلها.[ثمّ ذكر قصّة الذّبح و الذّبيح راجع«ذ ب ح»](1:25)

الطّبريّ: [ذكر خروج إبراهيم مع ابنه إسماعيل و أمّه هاجر إلى مكّة و إسكانه إيّاهما بها بنحو ما سبق،ثمّ قال:]

و لمّا كبر إسماعيل تزوّج امرأة من جرهم فكان من أمرها ما قد تقدّم ذكره،ثمّ طلّقها بأمر أبيه إبراهيم بذلك، ثمّ تزوّج أخرى يقال لها:السّيّدة بنت مضاض بن عمرو الجرهميّ،و هي الّتي قال لها إبراهيم إذ قدم مكّة و هي زوجة إسماعيل:قولي لزوجك إذا جاء:قد رضيت لك عتبة بابك.[إلى أن قال:]

ولد لإسماعيل بن إبراهيم اثنا عشر رجلا و أمّهم السّيّدة بنت مضاض بن عمرو الجرهميّ:نابت بن إسماعيل،و قيدر بن إسماعيل،و أدبيل بن إسماعيل، و مشيا بن إسماعيل،و مسمع بن إسماعيل،و دما بن إسماعيل،و ماس بن إسماعيل،و أدد بن إسماعيل، و و طور بن إسماعيل،و نفيس بن إسماعيل،و طما بن إسماعيل،و قيدمان بن إسماعيل.

و كان عمر إسماعيل فيما يزعمون ثلاثين و مائة سنة.

و من«نابت و قيدر»نشر اللّه العرب،و نبّأ اللّه عزّ و جلّ إسماعيل فبعثه إلى العماليق فيما قيل،و قبائل اليمن.و قد ينطق أسماء أولاد إسماعيل بغير الألفاظ الّتي ذكرت عن ابن إسحاق،فيقول بعضهم في قيدر:قيدار،و في أدبيل:

أدبال،و في ميشا:ميشام،و في دما:ذوما،و مسا، و حداد،و تيم،و يطور،و نافس،و قادمن.

و قيل:إنّ إسماعيل لمّا حضرته الوفاة أوصى إلى

ص: 341

أخيه إسحاق،و زوّج ابنته من العيص بن إسحاق.

و عاش إسماعيل فيما ذكر مائة و سبعا و ثلاثين سنة،و دفن في الحجر عند قبر أمّه هاجر.

شكا إسماعيل إلى ربّه تبارك و تعالى حرّ مكّة، فأوحى اللّه تعالى إليه:أنّي فاتح لك بابا من الجنّة يجري عليك روحها إلى يوم القيامة،و في ذلك المكان تدفن.

(تاريخ الأمم و الملوك 1:220)

ابن الأثير: قيل:كانت هاجر جارية ذات هيئة فوهبتها سارة لإبراهيم،و قالت:خذها لعلّ اللّه يرزقك منها ولدا،و كانت سارة قد منعت الولد حتّى أسنّت، فوقع إبراهيم على هاجر،فولدت إسماعيل،و لهذا قال النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا، فإنّ لهم ذمّة و رحما»يعني ولادة هاجر.

فلمّا ولد إسماعيل حزنت سارة حزنا شديدا،فوهبها اللّه إسحاق و عمرها سبعون سنة،فعمر إبراهيم مائة و عشرين سنة،فلمّا كبر إسماعيل و إسحاق اختصما، فغضبت سارة على هاجر فأخرجتها ثمّ أعادتها،فغارت منها فأخرجتها و حلفت لتقطعنّ منها بضعة،فتركت أنفها و أذنها لئلاّ تشينها ثمّ خفضتها،فمن ثمّ خفض النّساء.

و قيل:كان إسماعيل صغيرا،و إنّما أخرجتها سارة غيرة منها،و هو الصّحيح.و قالت سارة:لا تساكنني في بلد.فأوحى اللّه إلى إبراهيم أن يأتي مكّة و ليس بها يومئذ نبت،فجاء إبراهيم بإسماعيل و أمّه هاجر فوضعهما بمكّة زمزم،فلمّا مضى نادته هاجر:يا إبراهيم من أمرك أن تتركنا بأرض ليس فيها زرع و لا ضرع و لا ماء و لا زاد و لا أنيس؟قال:ربّي أمرني.قالت:فإنّه لن يضيعنا.

فلمّا ولّى قال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ إبراهيم:37.

فلمّا ظمئ إسماعيل جعل يدحض الأرض برجله، فانطلقت هاجر حتّى صعدت الصّفا لتنظر هل ترى شيئا، فلم تر شيئا،فانحدرت إلى الوادي،فسعت حتّى أتت المروة،فاستشرفت هل ترى شيئا،فلم تر شيئا،ففعلت ذلك سبع مرّات،فذلك أصل السّعي.

ثمّ جاءت إلى إسماعيل و هو يدحض الأرض بقدميه و قد نبعت العين،و هي زمزم،فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء،و كلّما اجتمع أخذته و جعلته في سقائها.

قال النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«يرحمها اللّه لو تركتها لكانت عينا سائحة».

و كانت جرهم بواد قريب من مكّة،و لزمت الطّير الوادي حين رأت الماء،فلمّا رأت جرهم الطّير لزمت الوادي،قالوا:ما لزمته إلاّ و فيه ماء.فجاءوا إلى هاجر، فقالوا:لو شئت لكنّا معك فآنسناك و الماء ماؤك.قالت:

نعم.فكانوا معها حتّى شبّ إسماعيل و ماتت هاجر.

فتزوّج إسماعيل امرأة من جرهم،فتعلّم العربيّة منهم هو و أولاده،فهم العرب المتعرّبة.[ثمّ ذكر مجيء إبراهيم إلى مكّة لزيارة إسماعيل مرّتين كما تقدّم في كلام اليعقوبيّ و أضاف:]

قيل:إنّ الّذي أنبع الماء جبرائيل،فإنّه نزل إلى هاجر و هي تسعى في الوادي فسمعت حسّه،فقالت:قد أسمعتني فأغثني فقد هلكت أنا و من معي.

ص: 342

فجاء بها إلى موضع زمزم،فضرب بقدمه ففارت عينا،فتعجّلت،فجعلت تفرغ في شنّها،فقال لها:

لا تخافي الظّمأ.(الكامل في التّاريخ 1:102)

أبو الفداء: ولد إسماعيل لإبراهيم،لمّا كان لإبراهيم من العمر ستّ و ثمانون سنة،و لمّا صار لإسماعيل ثلاث عشرة سنة تطهّر هو و أبوه إبراهيم،و لمّا صار لإبراهيم مائة سنة و ولد له إسحاق،أخرج إسماعيل و أمّه هاجر إلى مكّة بسبب غيرة سارة منها،و قولها:

أخرج إسماعيل و أمّه،إنّ ابن الأمة لا يرث مع ابني.

و سكن مكّة مع إسماعيل من العرب قبائل جرهم، و كانوا قبله بالقرب من مكّة،فلمّا سكنها إسماعيل اختلطوا به.و تزوّج إسماعيل امرأة من جرهم،و رزق منها اثني عشر ولدا.

و لمّا أمر اللّه تعالى إبراهيم ببناء الكعبة و هي البيت الحرام،سار من الشّام و قدم على ابنه إسماعيل بمكّة، و قال:يا إسماعيل إنّ اللّه تعالى أمرني أن أبني له بيتا.

فقال إسماعيل:أطع ربّك.فقال إبراهيم:و قد أمرك أن تعينني عليه.قال:إذن أفعل.فقام إسماعيل معه،و جعل إبراهيم يبنيه،و إسماعيل يناوله الحجارة،و كان كلّما بنيا دعوا فقالا: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ البقرة:127.

و كان وقوف إبراهيم على حجر و هو يبني،و ذلك الموضع هو مقام إبراهيم.و استمرّ البيت على ما بناه إبراهيم إلى أن هدّمته قريش سنة«35»من مولد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم،و بنوه و كان بناء الكعبة بعد مضيّ مائة سنة من عمر إبراهيم بمدّة،فتكون بالقريب بين ذلك و بين الهجرة ألفان و سبعمائة و نحو ثلاث و تسعين سنة،و أرسل اللّه إسماعيل إلى قبائل اليمن و إلى العماليق.

و زوّج إسماعيل ابنته من ابن أخيه العيص بن إسحاق،و عاش إسماعيل مائة و سبعا و ثلاثين سنة و مات بمكّة،و دفن عند قبر أمّه هاجر بالحجر.و كانت وفاة إسماعيل بعد وفاة أبيه إبراهيم بثمان و أربعين سنة.(1:15)

الفيروزآباديّ: [قد بحث في أعجميّته و اشتقاقه ثمّ قال:]

و كان له عليه السّلام عشر خصائص:

أنّ لغته كانت لغة العرب،و إليه يرجع أنسابهم، و كان مركز نور النّبيّ المصطفى،و ولد الخليل،و جدّ الحبيب،و شريك إبراهيم في بناء الكعبة،و مستسلما منقادا للذّبح عند امتحان إبراهيم به،و اختصّ بخلعة وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ الصّافّات:107،و من مفاخر قول النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«أنا ابن الذّبيحين».و الثّاني:عبد اللّه بن عبد المطّلب.

و قد دعاه اللّه في القرآن باثني عشر اسما:غلام، و عليم،و حليم،و مسلم،و مستسلم. فَلَمّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ الصّافّات:103،[و]آمر: وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ مريم:55،و صابر: إِنْ شاءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِينَ الصّافّات:102،[و]مرضيّ: وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا مريم:55،[و]صادق الوعد: كانَ صادِقَ الْوَعْدِ مريم:54،[و]رسول نبيّ: وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا مريم:54،[و]مذكور: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ مريم:54.

ص: 343

و ذكره اللّه تعالى باسمه في عشرة مواضع من القرآن:

وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ البقرة:125، وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ البقرة:127، نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ البقرة:

133، وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ البقرة:136، أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ البقرة:140، وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ الأنعام:86، وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ الأنبياء:85، اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ إبراهيم:39، وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ مريم:54.

و في صحيح البخاريّ: كان النّبيّ يعوّذ الحسن و الحسين رضي اللّه عنهما«أعيذكما بكلمات اللّه التّامّة، من كلّ شيطان و هامّة،و من كلّ عين لامّة،و يقول:إنّ أباكما كان يعوّذ بها إسماعيل و إسحاق».

و في البخاريّ: أنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم مرّ على قوم و هم ينتضلون،فقال:«ارموا بني إسماعيل فإنّ أباكم كان راميا».

و كان أكبر من إسحاق.و اختلف في الذّبيح منهما، و الأكثرون على أنّه إسماعيل.

و في الصّحيح: إنّ اللّه اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل،و اصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة،و اصطفى من بني كنانة قريشا،و اصطفى من قريش بني هاشم، و اصطفاني من بني هاشم.(بصائر ذوي التّمييز 6:39)

العامليّ: اعلم أنّ إسماعيل الوارد في القرآن رجلان،أحدهما:إسماعيل بن إبراهيم الخليل جدّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و باني البيت و معمّر مكّة،شرّفها اللّه تعالى، و هو الذّبيح.و سيأتي في سورة الصّافّات حكاية ذبحه، و أنّ اللّه رفع عنه الذّبح ببركة كون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة صلوات اللّه عليهم في صلبه،و أنّ الحسين عليه السّلام في هذه الأمّة ذبيح اللّه،و هو فداء إسماعيل،و أنّ عليّا نظيره في هذه الأمّة حيث رضي بالذّبح ليلة المبيت على الفراش.

و ثانيهما:إسماعيل بن حزقيل،و هو الّذي ذكره اللّه في سورة مريم،و وصفه بأنّه كان صادق الوعد.و سيأتي هناك أنّه وعد رجلا فانتظره سنة.(186)

محمّد إسماعيل إبراهيم: إسماعيل عليه السّلام هو الابن الأكبر لنبيّ اللّه إبراهيم الخليل،و أمّه هاجر.و قد ذهب إبراهيم بولده هذا و زوجته إلى مكّة بعيدا عن زوجته سارة،لما لحقتها الغيرة من هاجر و ولدها إسماعيل.و في مكّة عاش إسماعيل و كبر و تزوّج من قبيلة جرهم، و كان أبوه يتردّد على زيارته من وقت لآخر،و في إحدى اللّيالي رأى إبراهيم في منامه أنّ اللّه يأمره أن يذبح ولده إسماعيل-و رؤيا الأنبياء حقّ-فامتثل هو و ولده لأمر اللّه،و لمّا همّ إبراهيم بذبح ولده،فداه ربّ العزّة جلّ جلاله بكبش؛و هذا هو سبب تقديم المسلمين للأضاحي في العيد الأكبر كلّ عامّ.

و في إحدى زيارات إبراهيم لولده إسماعيل أمره اللّه ببناء الكعبة،و إقامة أوّل بيت مقدّس للنّاس،فرفع إبراهيم و إسماعيل القواعد من البيت،و وضعا فيه الحجر الأسود،و أصبح البيت مثابة للنّاس و أمنا.

و قد قيل:إنّ الملك على الحجاز كان في جرهم،و إنّ

ص: 344

مفاتيح الكعبة و سدانتها في ولد إسماعيل،كما قيل:إنّ قيدار بن إسماعيل توّجته أخواله من جرهم ملكا عليهم بالحجاز.و قام بأمر البيت بعد إسماعيل ابنه نابت،و هو أكبر أولاده،و من ذرّيّة إسماعيل عليه السّلام جاء محمّد عليه الصّلاة و السّلام.(38)

عبد الفتّاح طبّارة: نصّ اللّه على نبوّة إسماعيل بقوله: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا مريم:54،و قد كانت دعوة إسماعيل بين القبائل العربيّة الّتي عاش بينها.و قد اكتنفت حياة إسماعيل و ولادته بعض الوقائع المثيرة، نمهّد لها بما يلي[ثمّ ذكر سبب هجرة إبراهيم إلى مصر فقال:]

و عاد إبراهيم من مصر إلى فلسطين و معه زوجه و جارية لها تدعى هاجر،و كانت نفس إبراهيم ترغب في ولد،فدعا اللّه أن يهبه ولدا صالحا رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينَ الصّافّات:100.

و كأنّ زوجه سارة شعرت بما يجول في خاطره، فقالت له:إنّ الرّبّ حرمني الولد فأرى أن تتزوّج جاريتي هاجر لعلّ اللّه يرزقك منها ولدا.و كانت سارة قد تقدّمت في السّنّ،و كانت عقيما لا يرجى أن ترزق بولد.

تزوّج إبراهيم هاجر فولدت له إسماعيل الّذي وصفه سفر التّكوين:«و أمّا إسماعيل فقد سمعت قولك فيه،و ها أنا ذا أباركه و أنمّيه و أكثّره جدّا جدّا،و يلد اثني عشر رئيسا،و أجعله أمّة عظيمة».

هذه بشارة بأمّة محمّد،فإنّ محمّدا من نسل إسماعيل، و كذلك عرب الحجاز.و لم يتحقّق هذا الوعد في ذرّيّة إسماعيل إلاّ على يد محمّد و أمّته.

بعد أن رزق إبراهيم بإسماعيل من هاجر بدأت هذه تتيه عجبا و تعتزّ بهذا الولد ممّا أثار الحسرة و الغيرة في نفس سارة،فطلبت من إبراهيم إقصاءها عن وجهها، لأنّ حياتها مع هاجر أصبحت لا تطاق.

[ثمّ ذكر قصّة هجرة إبراهيم بابنه إسماعيل إلى وادي مكّة،و نبع ماء زمزم كما تقدّم في كلام ابن الأثير،و قصّة الذّبح و الذّبيح كما سيأتي في«ذ ب ح»و زيارة إبراهيم زوجة إسماعيل كما مضى،و بناء الكعبة كما سيأتي في «ب ي ت»](مع الأنبياء في القرآن:121)

هاكس: إسماعيل:سميع اللّه،ورد ذكره في التّوراة في سفر التّكوين،في الإصحاح:16 و 17 و 21،و هو ابن إبراهيم من هاجر.و أخذت هاجر بعد إنجابها لإسماعيل تنظر إلى سيّدتها سارة بعين الاحتقار و الازدراء،الأمر الّذي أدّى إلى وقوع هاجر و ابنها في شظف من العيش،و لكنّ إبراهيم نبيّ موعود بولادة ابنه إسماعيل-كما جاء في سفر التّكوين«16»-ثمّ حملت سارة بإسحاق،و لمّا وضعته أبعدت هاجر عنها.

و كانت هاجر أمة مصريّة،و حبّ الوطن يغلي في شرايينها،فهاجرت مع ابنها سالكة طريق مصر،و في أثناء الطّريق أصابها عطش شديد من جرّاء الحرارة فكادت أن تموت مع ابنها،و لكنّهما نجيا من الهلاك بمعجزة،و أقاما في صحراء تدعى«پاران»و أصبح إسماعيل صيّادا قويّا،و تزوّج بامرأة مصريّة،فولدت له اثني عشر ولدا،و صار كلّ واحد منهم أبا لقبيلة من

ص: 345

قبائل العرب،كما ورد ذلك في سفر التّكوين«27».

و لمّا توفّي إبراهيم دفنه إسماعيل و إسحاق معا.و أمّا إسماعيل فتوفّي،و هو يبلغ من العمر«137»سنة.(60)

هو تسما: إسماعيل بن إبراهيم،ذكر عدّة مرّات في القرآن.و تصوير إسماعيل يتّفق تمام الاتّفاق مع ما ذكره محمّد عن ملّة إبراهيم،و لا تذكر الرّوايات شيئا البتّة عن رسالة إسماعيل أو عن نزول الوحي عليه،و لم توضّح صلته بنشر ملّة إبراهيم.

إنّ كثيرا من علماء الدّين يؤكّدون أنّ الذّبيح كان إسماعيل و ليس بإسحاق،و هم يدعمون هذا الرّأي بأقوال عبد اللّه بن عمر،و ابن عبّاس،و الشّعبي،و مجاهد، و غيرهم.

و يروى أيضا أنّ عمر بن عبد العزيز سأل يهوديّا اعتنق الإسلام عن هذا الخلاف فأجابه:أنّ الذّبيح هو إسماعيل و أنّ اليهود لتعلم ذلك و لكنّهم يحسدونكم، و يدّعون أنّ الذّبيح كان إسحاق هذا،و يعتبر إسماعيل أبا العرب الّذين كانوا في شمال الجزيرة.

[انتهى ملخّصا](2:170)

الزّركليّ: إسماعيل بن إبراهيم الخليل بن آزر،من نسل سام بن نوح النّبيّ الرّسول صلوات اللّه عليه،رأس السّلالة العربيّة الثّالثة المعروفة بالمستعربة.و ذلك أنّ النّسّابين اصطلحوا على جعل العرب ثلاثة أقسام:

البائدة:كعاد و ثمود و جرهم الأولى،و العاربة:عرب اليمن من ولد قحطان،و المستعربة:نسل إسماعيل و هم عرب شمال الجزيرة و يقولون:إنّه نزل بمكّة مع أمّه هاجر نحو سنة«2793»قبل الهجرة-كما ينقل ابن الورديّ-و عمره نحو«14»سنة،و ساعد أباه في بناء الكعبة وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ البقرة:127.

و تزوّج إسماعيل بعد وفاة أمّه بامرأة من جرهم الثّانية«من قحطان»فولدت له اثني عشر ذكرا،منهم «قيدار»جدّ عدنان،و توفّي إسماعيل بمكّة،و دفن بالحجر عند قبر أمّه،و ورد اسمه عدّة مرّات في القرآن الكريم.

(1:301)

البستانيّ: إسماعيل:عبرانيّته«يشمعيل»و معناه الّذي يسمع له الرّبّ،و هو ابن إبراهيم الخليل من سريّته هاجر المصريّة.ولد له و هو ابن«86»سنة، و هو بكره،و حمل هاجر به كان سببا لهربها من وجه سيّدتها سارة.

و بينما كانت هاجر هاربة في البرّيّة،ظهر لها ملاك الرّبّ على عين ماء،و أمرها أن ترجع إلى مولاتها و تخضع لها.و قال لها:لأكثرنّ نسلك تكثيرا حتّى لا يحصى لكثرته،و ها أنت حامل و ستلدين ابنا و تسمّينه إسماعيل،لأنّ الرّبّ سمع صوت مصابك، و يكون رجلا وحشيّا يده على الكلّ و يد الكلّ عليه، و أمام جميع إخوته يسكن.

و كانت ولادة إسماعيل في بيت إبراهيم و هو في «ممرا»و ختن،و له من العمر«13».و قال له الرّبّ:ها أنا ذا أباركه،أي في إسماعيل و أنمّيه و أكثّره جدّا جدّا،و يلد«12»رئيسا،و أجعله أمّة عظيمة.

ثمّ إنّه لمّا صنع إبراهيم مأدبة عظيمة يوم فطام إسحاق،رأت سارة إسماعيل ساخرا،فقالت لإبراهيم:

ص: 346

اطرد هذه الأمة و ابنها،فإنّ ابن هذه الأمة لا يرث مع ابني إسحاق.فساء هذا الكلام جدّا في عيني إبراهيم من جهة ابنه،فقال له الرّبّ:أن يسمع لقول سارة و عزّاه بقوله:إنّ ابن الأمة أيضا أجعله أمّة.فأخذ إبراهيم خبزا و قربة ماء و دفعهما إلى هاجر،و أعطاها الصّبيّ و صرفها.

فمضت و تاهت في برّيّة«بئر سبع»و لمّا نفد الماء من القربة طرحت الصّبيّ تحت بعض الشّجر،و جلست بعيدا تجاهه،و رفعت صوتها و بكت،فناداها ملاك الرّبّ و قال لها:«لا تخافي،فإنّ اللّه قد سمع صوت الغلام حيث هو، قومي فخذي الغلام فإنّي جاعله أمّة كبيرة».

و كشف اللّه عن عينيها فرأت بئر ماء،فمضت و ملأت القربة و سقت الغلام،فأقام هو و أمّه ببرّيّة «فاران»و كان راميا بالقوس.و اتّخذت له أمّه امرأة من أرض مصر.

و لم يذكر الكتاب إلاّ قليلا عن أواخر حياة إسماعيل،فإنّه كان حاضرا مع إسحاق عند دفن أبيهما إبراهيم.و أنّ عيسو عقد معه عهدا عند ما اتّخذ ابنته بسمة أخت بنايوت زوجة له؛و ذلك لأنّ الكنعانيّين لم يعجبن إسحاق و زوجته رفقة،و كان يعقوب أخو عيسو قد ذهب بأمرهما إلى ما بين النّهرين ليتّخذ زوجة من بنات لابان.

و قد ذكرت وفاة إسماعيل في إصحاح سابق بعد تعداد بنيه،و له من العمر«137»سنة.و ذكر هناك أيضا أنّ وفاته كانت و هو نازل قبالة جميع إخوته.و كان عقد العهد مع عيسو قبل ذلك الوقت،و لا يمكن أن يكون حدوثه قبل وفاة إسماعيل بزمان طويل،إذا اعتبرنا تاريخ الوفيات مدقّقا،فإنّ إبراهيم كان عمره عند ولادة إسماعيل«86»سنة،و عند ولادة إسحاق نحو«100» سنة،و إسحاق اتّخذ رفقة زوجة له و هو ابن«40»سنة، أي عند ما كان إسماعيل ابن نحو«54»سنة.و ولادة عيسو كانت عند ما كان عمر أبيه«60»سنة،و كان عمره أكثر من«40»سنة عند ما تزوّج ببسمة ابنة إسماعيل.و لذلك لا بدّ أنّ عمر إسماعيل كان حينئذ «114»سنة على الأقلّ(54+20+40-114) فيكون باقيا«23»سنة قبل وفاته،لمجيء عيسو إليه.

فأمّا المكان الّذي سكن فيه إسماعيل بعد خروجه مع أمّه من بيت أبيه،فكان في أوّل الأمر برّيّة بئر سبع، ثمّ انتقلا إلى«فاران».و يستدلّ على استمراره في تلك الأماكن أو الأماكن المجاورة لها من حضوره دفن أبيه، و من زواج عيسو بابنته،بينما كان عيسو ساكنا في بئر سبع،و يستفاد من هذين الأمرين أنّ إسماعيل لم يستوطن بعيدا عن إبراهيم و إسحاق.و ممّا يعضد ذلك ما قيل:من أنّه أمام جميع إخوته يسكن،و أنّه توفّي أمام جميع إخوته؛و ذلك يدلّ واضحا على أنّه كان ساكنا بالقرب منهم.و كان أوّل من سكن من نسل إبراهيم في أرض المشرق.[ثمّ ذكر زواج إسماعيل،و أسماء أولاده و حياتهم فراجع](3:612)

المصطفويّ: فرهنك عبريّ بفارسيّ:

إيشمع-السّماع.و كذلك شمع،شامع.و إل-اللّه.

و كذلك إلوهيم.

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ إبراهيم:39،هذه

ص: 347

الآية تناسب وجه التّسمية،فإنّه ولد وهب له أوّلا.

وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ البقرة:127، وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ البقرة:125.

الآيتان تدلاّن على أنّه كان شريك أبيه في بناء البيت«الكعبة»و كذا في تطهيرها.

وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ آل عمران:84.

وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ النّساء:163

تدلاّن على نزول الصّحف و الوحي إليه.

وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ الأنعام:86، وَ اذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ ص:48، وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ الأنبياء:85.

قد عدّ في هذه الآيات في عداد الصّابرين،و من الأخيار،و ممّن فضّلهم على العالمين.

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا مريم:54.

مضافا إلى صدقه،عرّفه بمقام الرّسالة و النّبوّة معا.[و سيجيء البحث فيها باحتمال أنّه نبيّ سوى إسماعيل ابن إبراهيم]

الإنباه:17:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«إنّ اللّه اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل،و اصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة،و اصطفى من بني كنانة قريشا،و اصطفى من قريش بني هاشم،و اصطفاني من بني هاشم».

الإنباه:18:و قال العدويّ في كتابه«في نسب قريش»:جماع قريش كلّها فهر و الحارث ابنا مالك بن النّضر بن كنانة.

تاريخ ابن الورديّ(1:91):العرب المستعربة من ولد إسماعيل،و كان عمره لمّا أنزله إبراهيم مع أمّه هاجر بمكّة موضع الحجر،نحو أربع عشرة سنة؛و ذلك لمضيّ مائة سنة من إبراهيم عليهما السّلام فمن سكنى إسماعيل مكّة إلى الهجرة«2793»سنة.

و تزوّج إسماعيل من جرهم امرأة ولدت له اثني عشر ذكرا،منهم قيدار،و دفنت هاجر بالحجر و ابنها معها أيضا.ثمّ ولد لقيدار حمل،و له نبث و يقال:نابث، و له سلامان،و له الهميسع،و له اليسع،و له أدد،و له أدّ، و له عدنان،و له معدّ،و له نزار،و له مضر،على عمود النّسب النّبويّ.(1:75)

2- وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. البقرة:127

ابن عبّاس: هما يرفعان القواعد من البيت، و يقولان: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و إسماعيل يحمل الحجارة على رقبته و الشّيخ يبني.

(الطّبريّ 1:549)

الإمام الباقر عليه السّلام:إنّ إسماعيل أوّل من شقّ لسانه بالعربيّة،و كان أبوه يقول له و هما يبنيان البيت:يا إسماعيل هات ابن،أي أعطني حجرا،فيقول له إسماعيل بالعربيّة:يا أبه هاك حجرا،فإبراهيم يبني و إسماعيل يناوله الحجارة.(الطّبرسيّ:1:207)

الطّبريّ: [نقل قول ابن عبّاس ثم قال:]

ص: 348

فتأويل الآية على هذا القول: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ قائلين: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا.

و قال آخرون:بل قائل ذلك كان إسماعيل،فتأويل الآية على هذا القول: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، و إذ يقول إسماعيل: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا، فيصير حينئذ «إسماعيل»مرفوعا بالجملة الّتي بعده،و«يقول»حينئذ خبر له دون«إبراهيم».(1:549)

الفخر الرّازيّ: اختلفوا في أنّه هل كان إسماعيل عليه السّلام شريكا لإبراهيم عليه السّلام في رفع قواعد البيت و بنائه؟

قال الأكثرون:إنّه كان شريكا له في ذلك، و التّقدير:و إذ يرفع إبراهيم و إسماعيل القواعد من البيت.و الدّليل عليه أنّه تعالى عطف إسماعيل على إبراهيم،فلا بدّ و أن يكون ذلك العطف في فعل من الأفعال الّتي سلف ذكرها،و لم يتقدّم إلاّ ذكر رفع قواعد البيت،فوجب أن يكون إسماعيل معطوفا على إبراهيم في ذلك،ثمّ إنّ اشتراكهما في ذلك يحتمل وجهين:

أحدهما:أن يشتركا في البناء و رفع الجدران.

و الثّاني:أن يكون أحدهما بانيا للبيت،و الآخر يرفع إليه الحجر و الطّين،و يهيّئ له الآلات و الأدوات.

و على الوجهين تصحّ إضافة الرّفع إليهما،و إن كان الوجه الأوّل أدخل في الحقيقة.

و من النّاس من قال:إنّ إسماعيل في ذلك الوقت كان طفلا صغيرا.و روي معناه عن عليّ عليه السّلام:و أنّه لمّا بنى البيت خرج و خلّف إسماعيل و هاجر،فقالا:إلى من تكلنا؟فقال إبراهيم:إلى اللّه.فعطش إسماعيل فلم ير شيئا من الماء،فناداهما جبريل عليه السّلام،و فحص الأرض بإصبعه فنبعت زمزم،و هؤلاء جعلوا الوقف على قوله:

مِنَ الْبَيْتِ ثمّ ابتدءوا: وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا طاعتنا ببناء هذا البيت.

فعلى هذا التّقدير يكون إسماعيل شريكا في الدّعاء لا في البناء،و هذا التّأويل ضعيف،لأنّ قوله: تَقَبَّلْ مِنّا ليس فيه ما يدلّ على أنّه تعالى ما ذا يقبل،فوجب صرفه إلى المذكور السّابق و هو رفع البيت،فإذا لم يكن ذلك من فعله كيف يدعو اللّه بأن يتقبّله منه،فإذن هذا القول على خلاف ظاهر القرآن فوجب ردّه،و اللّه أعلم.

(4:63)

البروسويّ: و اذكر يا محمّد وقت رفع إبراهيم أساس البيت أي الكعبة و إسماعيل ولده،و كان له أربعة بنين:إسماعيل،و إسحاق،و مدين،و مداين،و هو عطف على إبراهيم،و تأخيره عن المفعول مع أنّ حقّ ما عطف على الفاعل أن يقدّم على المفعول،للإيذان بأنّ الأصل في الرّفع هو إبراهيم،و إسماعيل تبع له.قيل:إنّه كان يناوله الحجارة و هو يبنيها.(1:230)

الآلوسيّ: (إسماعيل)عطف على(إبراهيم)،و في تأخيره عن المفعول المتأخّر عنه رتبة،إشارة إلى أنّ مدخليّته في رفع البناء،و العمل دون مدخليّة إبراهيم عليه السّلام.

و قد ورد أنّه كان يناوله الحجارة.و قيل:كانا يبنيان في طرفين أو على التّناوب.

و أبعد بعضهم فزعم أنّ(إسماعيل)مبتدأ و خبره

ص: 349

محذوف،أي يقول:ربّنا.و هذا ميل إلى القول بأنّ إبراهيم عليه السّلام هو المتفرّد بالبناء و لا مدخليّة لإسماعيل فيه أصلا،بناء على ما روي عن عليّ عليه السّلام أنّه كان إذ ذاك طفلا صغيرا،و الصّحيح أنّ الأثر غير صحيح.

(1:383)

3- ...قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً... البقرة:133

ابن زيد:إنّما قدّم(إسماعيل)على(إسحاق)،لأنّه كان أكبرهم.(الطّوسيّ 1:476)

الطّوسيّ: إبراهيم و إسماعيل و إسحاق في موضع خفض.و العامل فيها ما عمل في(آبائك)لأنّه مبيّن له، كما تقول:مررت بالقوم أخيك،و غلامك و صاحبك.

و إنّما قال:(آبائك)و إسماعيل عمّ يعقوب،لما قاله الفرّاء،و أبو عبيدة:من أنّ العرب تسمّي العمّ أبا،فالآية دالّة على أنّ العمومة يسمّون آباء.(1:476)

نحوه الطّبرسيّ(1:214)

الزّمخشريّ: إبراهيم و إسماعيل و إسحاق عطف بيان ل(آبائك)و جعل(إسماعيل)و هو عمّه من جملة آبائه،لأنّ العمّ أب و الخالة أمّ لانخراطهما في سلك واحد، و هو الأخوّة،لا تفاوت بينهما.و منه قوله عليه الصّلاة و السّلام:«عمّ الرّجل صنو أبيه»أي لا تفاوت بينهما،كما لا تفاوت بين صنوي النّخلة.و قال عليه الصّلاة و السّلام في العبّاس:«و هذا بقيّة آبائي»،و قال:«ردّوا عليّ أبي فإنّي أخشى أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود».(1:314)

مثله البروسويّ.(1:239)

أبو البركات: (إسماعيل)في موضع جرّ على البدل من(آبائك)،و لا ينصرف للعجمة و التّعريف.

(1:124)

الآلوسيّ: قدّم(إسماعيل)في الذّكر على(إسحاق) لكونه أسنّ منه،و عدّه من آباء يعقوب مع أنّه عمّه، تغليبا للأكثر على الأقلّ،أو لأنّه شبّه العمّ بالأب لانخراطهما في سلك واحد و هو الأخوّة،فأطلق عليه لفظه.

و قرأ الحسن(ابيك)و هو إمّا مفرد،و(إسماعيل)و (إسحاق)عطف نسق عليه و(إبراهيم)وحده عطف بيان،أو جمع،و سقطت نونه للإضافة.[ثمّ استشهد بشعر](1:391)

4- قُلْ آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ...

آل عمران:84

الآلوسيّ: قيل:خصّ هؤلاء الكرام بالذّكر،لأنّ أهل الكتاب يعترفون بنبوّتهم و كتبهم.(3:215)

5- إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ...

النّساء:163

الطّبرسيّ: أعاد ذكر هؤلاء بعد ذكر النّبيّين تعظيما لأمرهم و تفخيما لشأنهم.(2:140)

نحوه أبو حيّان.(3:397)

القرطبيّ: إبراهيم و إسماعيل و إسحاق أعجميّة، و هي معرفة،و لذلك لم تنصرف.(6:16)

ص: 350

6- ...وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً...

الأنعام:86

الطّبريّ: و هدينا أيضا من ذرّيّة نوح إسماعيل، و هو إسماعيل بن إبراهيم.(7:261)

الميبديّ: إسماعيل هو ابن إبراهيم.(3:416)

مثله الطّبرسيّ.(2:330)

الفخر الرّازيّ: إن قالوا:لم لم يذكر إسماعيل مع إسحاق،بل أخّر ذكره عنه بدرجات؟

قلنا:لأنّ المقصود بالذّكر هاهنا أنبياء بني إسرائيل، و هم بأسرهم أولاد إسحاق و يعقوب.و أمّا إسماعيل فإنّه ما خرج من صلبه أحد من الأنبياء إلاّ محمّد صلى اللّه عليه و سلم، و لا يجوز ذكر محمّد عليه الصّلاة و السّلام في هذا المقام، لأنّه تعالى أمر محمّدا عليه الصّلاة و السّلام أن يحتجّ على العرب في نفي الشّرك باللّه،بأنّ إبراهيم لمّا ترك الشّرك و أصرّ على التّوحيد رزقه اللّه النّعم العظيمة في الدّين و الدّنيا.و من النّعم العظيمة في الدّنيا أن آتاه اللّه أولادا كانوا أنبياء و ملوكا،فإذا كان المحتجّ بهذه الحجّة هو محمّد عليه الصّلاة و السّلام امتنع أن يذكر نفسه في هذا المعرض،فلهذا السّبب لم يذكر إسماعيل مع إسحاق.(13:63)

أبو حيّان: المشهور أنّ إسماعيل هو ابن إبراهيم من هاجر،و هو أكبر ولده.و قيل:هو نبيّ من بني إسرائيل كان زمان طالوت،و هو المعنيّ بقوله: إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ البقرة:246.

(4:174)

البروسويّ: (إسماعيل)عطف على(نوحا)أي و هدينا إسماعيل بن إبراهيم كما هدينا نوحا.

و لعلّ الحكمة في إفراد إسماعيل عن باقي ذرّيّة إبراهيم،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم كان من ذرّيّة إسماعيل، و الكائنات كانت تبعا لوجوده،فما جعل اللّه إسماعيل تبعا لوجود إبراهيم،و لا هدايته تبعا لهدايته لشرف محمّد صلى اللّه عليه و سلم؛فلذا أفرده عنهم،و أخّر في الذّكر.(3:61)

الطّباطبائيّ: الظّاهر أنّ المراد ب(إسماعيل)هو ابن إبراهيم أخو إسحاق عليهم السّلام.(7:243)

7- وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا. مريم:54

الإمام الصّادق عليه السّلام: إنّ إسماعيل الّذي قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا لم يكن إسماعيل بن إبراهيم،بل كان نبيّا من الأنبياء بعثه اللّه عزّ و جلّ إلى قومه،فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه،فأتاه ملك فقال:إنّ اللّه جلّ جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت.فقال:

لي أسوة بما يصنع بالأنبياء عليهم السّلام.(العروسيّ 3:342)

و رويت بهذا المعنى روايات أخر فراجع(البحرانيّ 3:15)

الطّبريّ: و اذكر يا محمّد في هذا الكتاب إسماعيل ابن إبراهيم،فاقصص خبره إنّه لا يكذب وعده و لا يخلف،و لكنّه كان إذا وعد ربّه أو عبدا من عباده وعدا وفى به.(16:95)

الطّوسيّ: إسماعيل بن إبراهيم،و أخبر أنّه كان صادق الوعد،بمعنى إذا وعد بشيء وفى به و لم يخلف، و كان مع ذلك رسولا من قبل اللّه إلى خلقه،نبيّا معظّما

ص: 351

بالأعلام المعجزة،و أنّه كان يأمر أهله بالصّلاة و الزّكاة.

(7:133)

الطّبرسيّ: إسماعيل بن إبراهيم.و قيل:إنّ إسماعيل بن إبراهيم عليه السّلام مات قبل أبيه إبراهيم،و إنّ هذا هو إسماعيل بن حزقيل،بعثه اللّه إلى قومه فسلخوا جلدة وجهه و فروة رأسه،فخيّره اللّه فيما شاء من عذابهم فاستعفاه و رضي بثوابه،و فوّض أمرهم إلى اللّه تعالى في عفوه و عقابه.(3:518)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ إسماعيل هذا هو إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السّلام،و اعلم أنّ اللّه تعالى وصف إسماعيل عليه السّلام بأشياء:

أوّلها:قوله: إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ و هذا الوعد يمكن أن يكون المراد فيما بينه و بين اللّه تعالى، و يمكن أن يكون المراد فيما بينه و بين النّاس.

أما الأوّل:فهو أن يكون المراد أنّه كان لا يخالف شيئا ممّا يؤمر به من طاعة ربّه؛و ذلك لأنّ اللّه تعالى إذا أرسل الملك إلى الأنبياء و أمرهم بتأدية الشّرع فلا بدّ من ظهور وعد منهم يقتضي القيام بذلك،و يدلّ على القيام بسائر ما يخصّه من العبادة.

و أمّا الثّاني:فهو أنّه عليه السّلام كان إذا وعد النّاس بشيء أنجز وعده،فاللّه تعالى وصفه بهذا الخلق الشّريف.

و ثانيها:قوله: وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا.

و ثالثها:قوله: وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ مريم:55.

و رابعها:قوله: وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا مريم:

55،و هو في نهاية المدح،لأنّ المرضيّ عند اللّه هو الفائز في كلّ طاعاته بأعلى الدّرجات.(21:232)

القرطبيّ:اختلف فيه،فقيل:هو إسماعيل بن حزقيل[إلى أن قال:]

و الجمهور أنّه إسماعيل الذّبيح أبو العرب ابن إبراهيم.

و خصّه اللّه بصدق الوعد و إن كان موجودا في غيره من الأنبياء تشريفا له و إكراما،كالتّلقيب بنحو الحليم و الأوّاه و الصّدّيق،و لأنّه المشهور المتواصف من خصاله.(11:114)

أبو حيّان: (إسماعيل)هو ابن إبراهيم أبو العرب يمنيّها و مصريّها،و هو قول الجمهور.

و قيل:إنّه إسماعيل بن حزقيل بعثه اللّه إلى قومه فشجّوا جلدة رأسه،فخيّره اللّه فيما شاء من عذابهم، فاستعفاه و رضي بثوابه،و فوّض أمرهم إليه في عفوه و عقوبته،و صدق وعده أنّه كانت منه مواعيد للّه و للنّاس فوفى بالجميع،فلذلك خصّ بصدق الوعد.

(6:199)

البروسويّ: فصل ذكره عن ذكر أبيه و أخيه لإبراز كمال الاعتناء بأمره بإيراده مستقلاّ،أي و اتل على قومك يا محمّد في القرآن قصّة جدّك إسماعيل و بلّغها إليهم.(5:340)

الآلوسيّ: الظّاهر أنّه ابن إبراهيم عليهما السّلام،كما ذهب إليه الجمهور و هو الحقّ،و فصل ذكره عن ذكر أبيه و أخيه عليهم السّلام لإبراز كمال الاعتناء بأمره بإيراده مستقلاّ.

و قيل:إنّه إسماعيل بن حزقيل بعثه اللّه تعالى إلى قومه فسلخوا جلدة رأسه،فخيّره اللّه تعالى فيما شاء من

ص: 352

عذابهم،فاستعفاه و رضي بثوابه سبحانه،و فوّض أمرهم إليه عزّ و جلّ في العفو و العقوبة.و روى ذلك الإماميّة عن أبي عبد اللّه رضى اللّه عنه،و غالب الظّنّ أنّه لا يصحّ عنه.(16:104)

الطّباطبائيّ: اختلفوا في إسماعيل هذا،فقال الجمهور:هو إسماعيل بن إبراهيم خليل الرّحمن و إنّما ذكر وحده و لم يذكر مع إسحاق و يعقوب اعتناء بشأنه.

و قيل:هو غيره،و هو إسماعيل بن حزقيل من أنبياء بني إسرائيل.و لو كان هو ابن إبراهيم لذكر مع إسحاق و يعقوب.

و يضعّف ما وجّه به قول الجمهور:«إنّه استقلّ بالذّكر اعتناء بشأنه»،أنّه لو كان كذلك لكان الأنسب ذكره بعد إبراهيم و قبل موسى عليهم السّلام لا بعد موسى.

(14:63)

فضل اللّه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ و هذا نبي آخر،قد لا يرقى إلى مستوى موسى عليه السّلام،و لكنّه يتميّز بإيمان قويّ ثابت،و خلق عظيم.و من مظاهر ذلك إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ مهما كلّفه الالتزام بالكلمة من جهد حتّى في أشدّ المواقع صعبة،و قد جاء في بعض الأحاديث المأثورة:أنّه وعد رجلا فانتظره حولا تعبيرا عن الالتزام الصّادق بالكلمة الّتي ألزم نفسه بها،أمام الآخرين الّذين وعدهم بالوفاء،فكانت الكلمة دستورا يحكم حياته، لأنّ الإيمان موقف،و الكلمة موقف.(15:57)

8- وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ. الأنبياء:85

الطّوسيّ: أي أذكر هؤلاء الّذين عددتهم لك من الأنبياء،و ما أنعمت عليهم من فنون النّعمة،ثمّ أخبر أنّهم كانوا كلّهم من الصّابرين،يصبرون على بلاء اللّه، و العمل بطاعته دون معاصيه.(7:271)

نحوه الطّبرسيّ(4:56)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّه تعالى لمّا ذكر صبر أيّوب عليه السّلام و انقطاعه إليه أتبعه بذكر هؤلاء،فإنّهم كانوا أيضا من الصّابرين على الشّدائد و المحن و العبادة.

أمّا إسماعيل عليه السّلام فلأنّه صبر على الانقياد للذّبح، و صبر على المقام ببلد لا زرع فيه و لا ضرع و لا بناء، و صبر في بناء البيت،فلا جرم أكرمه اللّه تعالى و أخرج من صلبه خاتم النّبيّين.(22:210)

9- وَ اذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ. ص:48

البروسويّ: إسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام،و ليس هو باشموئيل بن هلقاثان على ما قال قتادة.و إنّما فصل ذكره عن ذكر أبيه و أخيه للإشعار بعراقته في الصّبر الّذي هو المقصود بالتّذكّر،و ذلك لأنّه أسلم نفسه للذّبح في سبيل اللّه،أو ليكون أكثر تعظيما،فإنّه جدّ أفضل الأنبياء و المرسلين.(8:47)

الآلوسيّ: فصل ذكره عن ذكر أبيه و أخيه اعتناء بشأنه من حيث إنّه لا يشرك العرب فيه غيرهم،أو للإشعار بعراقته في الصّبر الّذي هو المقصود بالذّكر.

(23:211)

ص: 353

الأصول اللّغويّة

1-هو اسم عبريّ مركّب،نظير:إسرائيل، و جبرائيل،و ميكائيل،و غيرها من الأسماء الّتي تنتهي بلفظ«إيل».و قيل في معناه:سميع اللّه،لأنّ اللّه أسمعه أمره فقام به،فهو فعيل بمعنى مفعول،و وزنه«إفعاليل».

أو أنّه سمع قول اللّه فأطاعه،فهو فعيل بمعنى فاعل، و وزنه«فعاليل».و قيل معناه:مطيع اللّه.و قيل:اسمع يا اللّه.

2-و هذه الأقوال قريبة من معناه؛إذ أنّ أصل اللّفظ الأوّل في العبريّة«يشماع»أي يسمع؛فاجتلبت همزة في أوّله،و حذفت الياء،و قلبت الشّين سينا ثمّ سكّنت،لما تقدّم في لفظي«إسحاق»و«إسرائيل».

و عند ما ركّب مع لفظ«إيل»حذفت همزة هذا الأخير؛لأنّها لا تقع بعد عين في لسان العرب،و هم يحذفونها للخفّة أيضا،كما قالوا في«جبرئيل»:

«جبريل».

3-و أمّا وجه تسميته بهذا الاسم،هو أنّ إبراهيم كان يدعو ربّه بأن يرزقه ولدا بقوله:اسمع يا اللّه،و لمّا استجاب اللّه دعاءه (1)سمّاه ب«يسمع اللّه».و قد جرت العادة عند العبريّين أن يسمّوا مواليدهم بالوقائع المهمّة الّتي تقع في حياتهم،كما حدث ذلك للعيص،فحينما ولد أحمر اللّون كفروة شعر (2)،سمّوه«عيسو»أي أشعر أو خشن.و خرج يعقوب من بطن أمّه قابضا بعقب أخيه (3)فسمّي«يعقوب»أي جاء عقب أخيه.و انتشل موسى من الماء (4)،فسمّي«موشه»أي المنتشل من الماء، و هكذا غيرهم كإسحاق (5)و يوسف (6).

الاستعمال القرآنيّ

1-جاء إسماعيل«12»مرّة في«5»سور مكّيّة،و «3»مدنيّة.و يبدو أنّ إسماعيل في القرآن رجلان:

أحدهما:إسماعيل بن إبراهيم بكره من هاجر، و ليس هو من بني إسرائيل بل هو قرين إسحاق و جدّ النّبيّ و العرب المستعربة.

و ثانيهما:إسماعيل صادق الوعد من بني إسرائيل، و إليك البيان بذكر الآيات:

1- اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ إبراهيم:39

2- وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ البقرة:125

3- وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ البقرة:127

4- أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ البقرة:133

5- قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ

ص: 354


1- ورد في سفر التّكوين(17:20):«أمّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه».
2- التّكوين(25:25).
3- التّكوين(25:26).
4- الخروج(2:10).
5- التّكوين(21:6).
6- التّكوين(30:22).

وَ الْأَسْباطِ البقرة:136

6- أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى

البقرة:140

7- قُلْ آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ آل عمران:84

8- إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ النّساء:163

9- وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ الأنعام:86

10- وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا مريم:54،55

11- وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ الأنبياء:85

12- وَ اذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ ص:48

2-يلاحظ أنّ إسماعيل في الآيات الثّمان الأولى ذكر مع أبيه إبراهيم فقط،أو مع إسحاق أخيه،أو مع إسحاق و يعقوب و الأسباط،و غيرهم من أنبياء بني إسرائيل.

و الآية الأولى صريحة في أنّه ابن إبراهيم و أخو إسحاق،و الآية الثّانية و الثّالثة صريحتان في أنّه كان يسعى مع أبيه في بناء البيت و تشييده للطّائفين.و الآية الرّابعة عدّت إسماعيل من آباء يعقوب باعتباره عمّا له، و العرب،يطلقون على العمّ لفظ الأب،و فيه إشعار بأنّه أخو إسحاق.

3-و أمّا الآيات الأربع الأخيرة،فذكر إسماعيل مع اليسع في اثنتين،و مع إدريس في آية واحدة،و مع ذي الكفل في اثنتين،و مع يونس و لوط في آية واحدة، و ذكر وحده بوصف(صادق الوعد)في واحدة،و لم يذكر فيها مع«إبراهيم و اسحاق»إلاّ منفصلا عنهما.

4-و اختلاف هذه الآيات عن الآيات المتقدّمة يشعر بأنّهما اثنان،و ممّن صرّح بذلك العامليّ في«المرآة:

186»،و أنّ الأوّل إسماعيل بن إبراهيم،و الثّاني أي إسماعيل صادق الوعد،هو إسماعيل بن حزقيل.

و نقل القرطبيّ،و الطّبرسيّ و غيرهما عن بعض:أنّ إسماعيل صادق الوعد هو ابن حزقيل،كما نقلا عن آخرين أنّه ابن إبراهيم.و أمّا الفخر الرّازيّ فلم يذكر إلاّ إسماعيل بن إبراهيم.

و أورد صاحب«الميزان»(14:64)روايات عن الأئمّة أنّهم قالوا:إنّه نبيّ آخر سوى إسماعيل بن إبراهيم، و حكوا له قصّة،و يبدو أنّه يرجّح هذا القول.لكنّه رجّح في آية الأنعام(9)أنّه ابن إبراهيم،فراجع النّصوص.

و قال الآلوسيّ(16:104):روى ذلك الإماميّة عن أبي عبد اللّه،و غالب الظّنّ أنّه لا يصحّ.

و استدلّ من قال بالثّاني بأنّه لو كان ابن إبراهيم لكان من المناسب أن يذكر مع أبيه و مع إسحاق و يعقوب قبل هذه الآية،و لم يفصل بينهم بذكر موسى و هارون، و بهذا يضعّف ما قاله الآخرون:أنّه استقلّ بالذّكر اعتناء

ص: 355

بشأنه.و قد علمت أنّ التّرديد ليس في آية مريم فحسب بل في ثلاث آيات أخر أيضا.

5-و يمكن تأييد القول الثّاني بأمور أخرى:

الأوّل:أنّ سورة مريم الّتي تصف إسماعيل بصادق الوعد ذكرت قبله إبراهيم،و جملة من النّبيّين من ذرّيّته:

إسحاق و يعقوب و موسى و هارون،ثمّ تذكر إسماعيل (صادق الوعد)و إدريس،ثمّ تضيف: أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَ مِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَ إِسْرائِيلَ وَ مِمَّنْ هَدَيْنا وَ اجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا مريم:58

و الظّاهر من هذا السّياق-لو لا قرينة قطعيّة على خلافه-أنّ كلّ هؤلاء بما فيهم إسماعيل و إدريس من ذرّيّة إبراهيم و إسرائيل و من تقدّمهما من الأنبياء، كآدم و نوح.

و عليه فإسماعيل هذا من بني إسرائيل،و ليس هو عمّهم إسماعيل بن إبراهيم.

الثّاني:أنّ توصيف إسماعيل بصادق الوعد و أنّه كان يأمر أهله بالصّلاة و الزّكاة دون ذكر سعيه مع أبيه في بناء البيت و تسليمه للذّبح و غيرهما من أوصافه و سجاياه البارزة،ربّما يشعر بأنّه شخص آخر سوى إسماعيل بن إبراهيم.

الثّالث:أنّ الآيات الأولى كلّها مدنيّة سوى آية إبراهيم الّتي حكت دعاء إبراهيم عليه السّلام،و شكره للّه الّذي وهبه على الكبر إسماعيل و إسحاق.و السّور المدنيّة و لا سيّما ما فيها من قصص الأنبياء موجّهة إلى اليهود القاطنين بالمدينة و ما حولها دون المشركين.و كأنّ القرآن أراد بذكر إسماعيل جدّ النّبيّ مع إبراهيم و إسحاق و يعقوب و الأسباط في المدينة إعلام اليهود و سائر أهل الكتاب بأنّهم و النّبيّ من شجرة واحدة،و أنّ اليهود و أجداد النّبيّ و العرب المستعربة ينتهون إلى إبراهيم خليل الرّحمن؛فهم ينتمون إلى جدّ واحد و عقيدة واحدة،و أنّ هذا الدّين الّذي يدعو إليه النّبيّ كانت جذوره دين إبراهيم عليه السّلام،فهم يشتركون في النّسب و الدّين،فينبغي أن يتآلفوا و لا يتنافروا.

أمّا السّور الأربع الأخيرة فكلّها مكّيّة موجّهة إلى المشركين المنكرين لأصل النّبوّة،و المكذّبين لجميع الأنبياء،فيذكّرهم اللّه فيها بالأنبياء،و أكثرهم من بني إسرائيل،حتّى يرجعوا إليهم و يطالبوهم تصديق النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و قد تقدّم في«إسحاق»اختلاف سياق القرآن في قصص الأنبياء بين المكّيّات و المدنيّات.

الرّابع ذكره مع«اليسع»و«ذي الكفل»و هما من بني إسرائيل،لاحظ«إسحاق،و إدريس»

هذا ما وصلنا إليه خلال الآيات و التّفاسير، و البحث ما يزال مفتوحا للباحثين و لا سيّما في كتب اليهود و النّصارى.

6-و توثيقا من وجود إسماعيل بن حزقيل رجعنا إلى مصادر أخرى سوى كتب التّفسير-ككتب التّاريخ و السّير-فلم نعثر على ذكر له فيها،و لا يعرف لحزقيل ابن بهذا الاسم في«التّوراة».و ورد فيها أنّه بعث نبيّا إلى بني إسرائيل بعد الأسر،و ذلك في سنة«595»قبل الميلاد،و قد التقى بالنّبيّ«إرميا»الّذي يعدّه أبو الفداء في

ص: 356

المختصر(1:32،33)صاحب القصّة: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها البقرة:259.

و قد جاء في«العهد القديم»أربعة باسم إسماعيل سوى إسماعيل بن إبراهيم.

1-إسماعيل بن أصيل،و هو من أحفاد شاول.

(أخبار الأيّام الأول 8:33-38)و شاول هذا هو أوّل ملوك بني إسرائيل،و كان معاصرا لداود عليه السّلام الّذي قتل جالوت.

و جاء في«العهد القديم»:و لآصيل ستّة بنين،و هذه أسماؤهم:عزريقام،و بكرو،و إسماعيل،و شعريا، و عوبديا،و حانان.

2-إسماعيل بن يهوحانان،الّذي حضر في العهد مع يهوياداع رئيس الكهنة لتتويج الملك يوآش.(أخبار الأيّام الثّاني 23:1).

و في«العهد القديم»:«و في السّنة السّابعة تشدّد يهوياداع و أخذ معه في العهد رؤساء المئات عزريا بن يروحام و إسماعيل بن يهوحانان و عزريا بن عوبيد و معسيا بن عدايا و أليشافاط بن زكري».و قد توّج الملك يوآش بعد موت سليمان بمائة عام تقريبا،أي في عصر اليسع.

3-إسماعيل من بني فشحور،و كان معاصرا للكاهن عزرا الّذي كان أسيرا في بابل.و قد عاصر عزرا عدّة من ملوك الفرس؛كورش،داريوش،أردشير،كما في سفر عزرا.و كانت عودته من الأسر إلى أورشليم عام «457»قبل الميلاد،أي بعد موت سليمان ب«464»سنة تقريبا.و جاء في«العهد القديم»:فوجد بين بني الكهنة من اتّخذ نساء غريبة:فمن بني يشوع بن يوصا داق و إخوته معشيا...و من بني فشحور اليوعيناي و معسيا و إسماعيل و نثنئيل و يوزاباد و ألعاسة.(عزرا 10:22).

4-إسماعيل بن نثنيا بن أليشاماع،و كان معاصرا للنّبيّ إرميا،و إرميا عاصر يوشيّا و يهوياقيم و صدقيّا من ملوك بني إسرائيل.و قد قوّض ملك صدقيّا بعد موت سليمان عليه السّلام ب«394»سنة،أي عام«588»قبل الميلاد.

و قد ذكر«العهد القديم»قصّته بأنّه قتل الملك جدليا الّذي نصّبه نبوخذنصّر بعد فتح فلسطين،و عمل مجزرة في موضع يدعى المصفاة،و سبى بنات الملك و من بقي من أتباعه و سار بهم إلى بني عمون.فلحقه أحد قوّاد الملك القتيل،و استطاع أن يستردّ منه جميع الأسرى،بعد أن ولّى إسماعيل هاربا.(إرميا 41:1-15).

و لعلّ إسماعيل(صادق الوعد)هو إسماعيل بن يهوحانان،استنادا إلى ما يلي:

1-معاصرته لليسع،و قد قرن اسمه مع اليسع أيضا في آيتي:الأنعام و ص.(9 و 12)

2-كهانته،و هو منصب روحيّ مقدّس عند اليهود، و صاحبه ينبغي أن يكون في مرتبة عالية من الإيمان و الالتزام.و أوّل كاهن في بني إسرائيل هو هارون أخي موسى عليه السّلام.

3-علوّ منزلته،فتفصح عبارة العهد القديم:

«رؤساء المئات»عن كونه رئيس سبط من أسباط اليهود في زمانه،فاختير من بين النّاس مع أربعة من قبل رئيس الكهنة،لأداء مهمّة كبيرة ليقطع العهد مع الرّبّ،و اللّه أعلم.

ص: 357

ص: 358

أ س ن

اشارة

آسن

لفظ واحد،مرّة واحدة مدنيّة،في سورة مدنيّة

النّصوص اللّغويّة

الخليل: أسن الماء يأسن أسنا و أسونا فهو آسن، أي متغيّر الطّعم.و أسن الرّجل أسنا فهو أسن،إذا دخل بئرا فأصابه ريح الماء الآسن؛فغشي عليه أو مات.

و أسن،إذا دار رأسه من ريح تصيبه.

تأسّن عهد فلان و ودّه،أي تغيّر.

و تأسّن عليّ تأسّنا،أي اعتلّ و أبطأ.

و الأسن:قديم الشّحم،و يقال:العسن،و الجمع:

الآسان.

و يقال:هذا على آسان ذاك،أي شبيهه.

و الأسينة:سير من سيور تضفر جميعا،فتجعل نسعا أو عنانا كأعنّة البغال،و كذلك كلّ قوّة من قوى الوتر أسينة،و الجمع:أسائن[و استشهد بالشّعر مرّتين].

(7:307)

اليزيديّ: يقال:أجن و أسن و يأسن و يأجن أسنا و أجنا.(القرطبيّ 16:236)

أبو عمرو الشّيبانيّ: الأسن:لعبة لهم،يسمّونها الضّبطة و المسّة.(الأزهريّ 13:85)

تأسّن الرّجل أباه:إذا أخذ أخلاقه.

الأسن:واحد الآسان،و هي طاقات النّسع و الحبل.

(الجوهريّ 5:2070)

الفرّاء: إذا بقيت من شحم النّاقة و لحمها بقيّة فاسمها الأسن و العسن،و جمعه:آسان و أعسان.

(الأزهريّ 13:85)

أبو زيد: أسن الماء يأسن أسنا و أسونا،و هو الّذي لا يشربه أحد من نتنه،و أجن يأجن،إذا تغيّر،غير أنّه شروب.(الأزهريّ 13:84)

تأسّن فلان عليّ تأسّنا،أي اعتلّ و أبطأ.

(الأزهريّ 13:85)

ص: 359

أسن الماء يأسن أسونا،إذا تغيّر.و أسن الرّجل يأسن أسنا،إذا غشي عليه من ريح خبيثة أو ربّما مات منها.(الطّبرسيّ 5:99)

أسن الماء يأسن أسنا فهو أسن،كقولك:هرم الرّجل فهو هرم،و عرج فهو عرج،و مرض يمرض فهو مرض، و كذلك أسن فهو أسن،إذا تغيّرت رائحته.

(أبو زرعة:667)

اللّحيانيّ: تأسّن الرّجل أباه،إذا نزع إليه في الشّبه.(الجوهريّ 5:2070)

أبو عبيد: في حديث عمر:«أنّ قبيصة بن جابر أتاه فقال:إنّي رميت ظبيا و أنا محرم فأصبت خششاءه فأسن فمات»،قوله:«أسن»يعني أدير به،و لهذا قيل للرّجل إذا دخل بئرا فاشتدّت عليه ريحها حتّى يصيبه دوار منه فيسقط:قد أسن يأسن أسنا.

(الأزهريّ 13:84)

ابن الأعرابيّ: أسن الرّجل يأسن،إذا غشي عليه من ريح البئر.

و أسن الرّجل لأخيه يأسنه و يأسنه،إذا كسعه (1)برجله.(الأزهريّ 13:85)

ابن السّكّيت: يقال:هو على آسان من أبيه و أعسان من أبيه و آسال من أبيه،يريد طرائق أبيه و أخلاقه.(161)

ماء آجن و أجن،إذا تغيّر لونه و طعمه،و قد أجن الماء يأجن أجونا و أجنا.فإذا تغيّرت ريحه فهو آسن.

(559)

قد أسن الرّجل و وسن،إذا غشي عليه من نتن ريح البئر.(إصلاح المنطق:160)

هو على آسان من أبيه و على آسال من أبيه و قد تأسّن أباه و تأسّله،إذا نزع إليه في الشّبه.

(الإبدال:67)

الأسن:قديم الشّحم،و بعضهم يقول:العسن.

(الإبدال:85)

الزّجّاج: أسن يأسن و يأسن،إذا تغيّرت رائحته.

(فعلت و أفعلت:62)

ابن دريد: أسن الماء يأسن أسنا،إذا تغيّر طعمه و رائحته.و قد قالوا:أسن الماء يأسن و يأسن أسنا.

فأمّا المائح فأسن يأسن لا غير،و هو أن يغشى عليه من رائحة البئر.(3:258)

الأزهريّ: يقال:تأسّن فلان أباه،إذا تقيّله،و هو على آسان من أبيه و آسال (2).

و قيل:آسان الرّجل:مذاهبه و أخلاقه.(13:85)

الجوهريّ: الآسن من الماء مثل الآجن،و قد أسن الماء يأسن و يأسن أسونا.و يقال أيضا:أسن الماء بالكسر،يأسن أسنا فهو أسن.

و أسن الرّجل أيضا،إذا دخل البئر فأصابته ريح منتنة من ريح البئر أو غير ذلك فغشي عليه،أو دار رأسه.و تأسّن الماء:تغيّر.

و الأسن أيضا:بقيّة الشّحم.يقال:سمنت ناقته عنظ.

ص: 360


1- دفعه أو ضربه.
2- يحتمل أنّه من تتمّة قول الفرّاء المتقدّم عن الأزهريّ فلاحظ.

أسن،أي عن شحم قديم،و الجمع:آسان.و تأسّن عليّ، أي اعتلّ.(5:2071)

ابن فارس: الهمزة و السّين و النّون أصلان:

أحدهما تغيّر الشّيء،و الآخر السّبب.

فأمّا الأوّل فيقال:أسن الماء يأسن و يأسن،إذا تغيّر.هذا هو المشهور،و قد يقال:أسن.

قال اللّه تعالى: مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ محمّد:15.

و أسن الرّجل،إذا غشي عليه من ريح البئر.

و هاهنا كلمتان معلولتان ليستا بأصل:

إحداهما:الأسن،و هو بقيّة الشّحم،و هذه همزة مبدلة من عين،إنّما هو«عسن».

و الأخرى:قولهم:تأسّن تأسّنا،إذا اعتلّ و أبطأ.

و علّة هذه أنّ أبا زيد قال:إنّما هي تأسّر تأسّرا،فهذه علّتها.

و الأصل الآخر قولهم:الآسان:الحبال.(1:105)

الثّعالبيّ: إذا دخل دخان الفضّة في خياشيم الإنسان و فمه فغشي عليه،قيل:أسن يأسن.(150)

إذا كان الماء منتنا غير أنّه شروب فهو آجن،فإذا كان لا يشربه أحد من نتنه فهو آسن.(280)

أبو سهل الهرويّ:أسن الرّجل بكسر السّين، يأسن أسنا بفتحها،إذا غشي عليه من ريح البئر المنتنة الماء أو الفاسدة الهواء إذا نزلها.و في بعض النّسخ إذا مات من ريح الحمأة.

و أسن الماء بفتح السّين،يأسن و يأسن بكسرها و ضمّها،إذا تغيّر طعمه و ريحه و فسد،فلا يشربه شيء من نتنه.(19)

ابن سيده:أسن الماء يأسن و يأسن أسنا،و أسونا، و أسن أسنا:تغيّر،غير أنّه شروب.و مياه آسان.[ثمّ استشهد بشعر]

و أسن الرّجل أسنا،فهو أسن،و أسن و وسن:غشي عليه من خبث ريح البئر.

و أسن لا غير:استدار رأسه من ريح تصيبه.

و تأسّن عليّ:اعتلّ و أبطأ.

و الأسان،و الآسان،و الإسان،و الأسن،و الأسون:

قوى الحبل و الوتر و الزّمام،و كذلك الأسائن؛واحدتها:

أسينة.

و الآسان:الآثار...القديمة،و الأسن:بقيّة الشّحم القديم؛و الجمع:آسان.

و آسان الثّياب:ما تقطّع منها و بلي.

و هو على آسان من أبيه،أي مشابه؛واحدها:أسن كعسن.

و قد تأسّن أباه.

و ما أسن لذلك يأسن أسنا،أي ما فطن.

و التّأسّن:التّوهّم و النّسيان.

و أسن الشّيء:أثبته،و المآسن:منابت العرفج.

و أسن:ماء لبني تميم.(8:551)

الرّاغب: يقال:أسن الماء يأسن و أسن يأسن،إذا تغيّر ريحه تغيّرا منكرا،و ماء آسن.قال اللّه تعالى: مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ محمّد:15.

و أسن الرّجل:مرض،من أسن الماء إذا غشي عليه.[ثمّ استشهد بشعر]

و قيل:تأسّن الرّجل،إذا اعتلّ تشبيها به.(18)

ص: 361

الزّمخشريّ:ماء آسن،و تقول:بعض الوسن شبيه بالأسن،و هو الغشي من ريح البئر.أسن المائح فهو آسن.(أساس البلاغة:6)

ابن برّيّ: أسن الرّجل من ريح البئر،بالكسر لا غير.

[نقل قول أبي عمرو عن الجوهريّ:الأسن:جمع الآسان،ثمّ قال:]

و صواب قول الجوهريّ أن يقول:و الآسان:جمع الأسن،و الأسن:جمع أسينة،و تجمع أسينة أيضا على أسائن،فتصير مثل سفينة و سفن و سفائن.

و قيل:الواحد إسن،و الجمع:أسون و آسان.

(ابن منظور 13:17)

ابن الأثير: في حديث عمر،«قال له رجل:إنّي رميت ظبيا فأسن فمات»أي أصابه دوار،و هو الغشي.

و في حديث ابن مسعود،«قال له رجل:كيف تقرأ هذه الآية (من ماء غير آسن او ياسن)؟ »أسن الماء يأسن و أسن يأسن فهو آسن،إذا تغيّرت ريحه.

و منه حديث العبّاس في موت النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم،قال لعمر:

«خلّ بيننا و بين صاحبنا فإنّه يأسن كما يأسن النّاس»، أي يتغيّر؛و ذلك أنّ عمر كان قد قال:إنّ رسول اللّه لم يمت،و لكنّه صعق كما صعق موسى عليه السّلام،و منعهم عن دفنه.(1:49)

الفيّوميّ: أسن الماء أسونا من باب«قعد»،و يأسن ،بالكسر أيضا:تغيّر فلم يشرب،فهو آسن على «فاعل».

و أسن أسنا فهو أسن،مثل تعب تعبا فهو تعب لغة.

(1:15)

الفيروزآباديّ: الآسن من الماء:الآجن،و الفعل كالفعل.

و أسن له يأسنه و يأسنه:كسعه برجله.

و كفرح:دخل البئر فأصابته ريح منتنة فغشي عليه.

و تأسّن:تذكّر العهد الماضي،و أبطأ،و اعتلّ،و أباه:

أخذ أخلاقه،و الماء:تغيّر.

و الأسن،بضمّتين:الخلق،و طاقة النّسع،و الحبل، و بقيّة الشّحم كالإسن بالكسر،و كعتلّ:جمع آسان.

و الأسينة:القوّة من قوى الوتر،الجمع:أسائن.

و سير من سيور تضفر جميعا،فتجعل نسعا أو عنانا.

و أسنت له:أبقيت له.(4:198)

العامليّ:يقال:أسن الماء،إذا أجن و تغيّر ريحه.(84)

مجمع اللّغة: أسن الماء-كفرح و ضرب و نصر- يأسن:تغيّرت رائحته،فهو آسن.(1:38)

محمّد إسماعيل إبراهيم:أسن الماء:تغيّرت رائحته و طعمه،فهو آسن.(39)

المصطفويّ: يظهر من موارد استعمال هذه المادّة أنّها بمعنى التّغيّر إلى حالة مكروهة،و يمكن أن يكون بينها و بين كلمات:أفن،أجن،عفن،اشتقاق كبير.

(1:77)

النّصوص التّفسيريّة

آسن

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ

ص: 362

غَيْرِ آسِنٍ... محمّد:15

ابن عبّاس: آجن ريحه و طعمه.(428)

غير متغيّر.(الطّبريّ 26:49)

قتادة: غير منتن.(الطّبريّ 26:49)

الفرّاء: غير متغيّر،غير آجن.(3:60)

المحاسبيّ:الماء الّذي غير آسن:تسنيم،و بلغني أنّه لا تمسّه يد،و أنّه يجيء الماء هكذا حتّى يدخل في فيه.

(الطّبريّ 26:49)

ابن قتيبة: غير متغيّر الرّيح و الطّعم.(410)

نحوه السّجستانيّ(24)،و الزّمخشريّ(3:534).

الطّبريّ: غير متغيّر الرّيح،يقال منه:قد أسن ماء هذه البئر،إذا تغيّرت ريح مائها فأنتنت،فهو يأسن أسنا، و كذلك يقال للرّجل إذا أصابته ريح منتنة:قد أسن فهو يأسن.

و أمّا إذا أجن الماء و تغيّر فإنّه يقال له:أسن فهو يأسن و يأسن أسونا و ماء آسن.(26:49)

الهرويّ: غير متغيّر الرّائحة،يقال:أسن الماء يأسن فهو آسن،و أسن يأسن،و أجن يأجن و يأجن، إذا تغيّر.(1:49)

أبو زرعة: قرأ ابن كثير: (من ماء غير اسن) مقصورا على وزن«فعل».و قرأ الباقون: (من ماء غير آسن) بالمدّ على«فاعل»،فالهمزة الأولى فاء الفعل، و الألف بعدها مزيدة،فالمدّ من أجل ذلك،تقول:أسن الماء يأسن فهو آسن،مثل أجن الماء يأجن و يأجن-إذا تغيّر-و هو آجن،و ذهب فهو ذاهب،و ضرب فهو ضارب.

قال الأخفش: أسن لغة،و«فعل»إنّما هو للحال الّتي تكون عليها.فأمّا من قال:غير آسن،على وزن «فاعل»،فإنّما يريد ذلك لا يصير إليه فيما يستقبل.(667)

نحوه الطّوسيّ(9:295)،و البغويّ(6:148)، و الميبديّ(9:183).

الطّبرسيّ: غير متغيّر لطول المقام كما تتغيّر مياه الدّنيا.(5:100)

نحوه الطّباطبائيّ(18:233)و فضل اللّه(21:60)

القرطبيّ: غير متغيّر الرّائحة.و الآسن من الماء مثل الآجن،و قد أسن الماء يأسن و يأسن أسنا و أسونا، إذا تغيّرت رائحته،و كذلك أجن الماء يأجن و يأجن أجنا و أجونا.

و أسن الرّجل أيضا يأسن بالكسر لا غير،إذا دخل البئر فأصابته ريح منتنة-من ريح البئر أو غير ذلك- فغشي عليه،أو دار رأسه.و تأسّن الماء:تغيّر.

و قراءة العامّة(آسن)بالمدّ.و قرأ ابن كثير و حميد (اسن)بالقصر،و هما لغتان،مثل حاذر و حذر.

قال الأخفش: (آسن)للحال.و(آسن)مثل«فاعل» يراد به الاستقبال.(16:236)

النّسفيّ: غير متغيّر اللّون و الرّيح و الطّعم،يقال:

أسن الماء،إذا تغيّر طعمه و ريحه.

أسن مكّيّ.(4:152)

نحوه النّيسابوريّ(26:25)،و أبو السّعود(5:

74)،و الكاشانيّ(5:23).

الخازن: غير متغيّر و لا منتن،يقال:أسن الماء

ص: 363

و أجن،إذا تغيّر طعمه و ريحه.(6:148)

أبو حيّان: قرأ ابن كثير و أهل مكّة(آسن) (1)على وزن«فاعل»من أسن بفتح السّين.و قرئ (غير ياسن) بالياء.قال أبو عليّ:و ذلك على تخفيف الهمز:لم يتغيّر.

(8:79)

البيضاويّ: (آسن)من أسن الماء بالفتح،إذا تغيّر طعمه و ريحه،أو بالكسر على معنى الحدوث.و قرأ ابن كثير(اسن).(2:394)

البروسويّ: من أسن الماء بالفتح،من باب «ضرب»أو«نصر»،أو بالكسر،إذا تغيّر طعمه و ريحه تغيّرا منكرا.

و المعنى من ماء غير متغيّر الطّعم و الرّائحة و اللّون و إن طالت إقامته،بخلاف ماء الدّنيا،فإنّه يتغيّر بطول المكث في مناقعه و في أوانيه،مع أنّه مختلف الطّعوم،مع اتّحاد الأرض ببساطتها و شدّة اتّصالها.

و قد يكون متغيّرا بريح منتنة من أصل خلقته،أو من عارض عرض له من منبعه أو مجراه.(8:506)

الآلوسيّ: غير متغيّر الطّعم و الرّيح،لطول مكث و نحوه.و ماضيه:أسن بالفتح،من باب«ضرب»و «نصر»،و بالكسر من باب«علم».حكى ذلك الخفاجيّ.

و قرأ ابن كثير،و أهل مكّة(اسن)على وزن «حذر»،فهو صفة مشبّهة أو صيغة مبالغة.و قرأ(يسن) بالياء،قال أبو عليّ:و ذلك على تخفيف الهمزة.

(26:48)

عزّة دروزة: غير منتن أو غير متغيّر الرّائحة و الطّعم،نتيجة للفساد و الرّكود.(9:221)

نحوه المراغيّ.(26:58)

الأصول اللّغويّة

1-اختلفوا في وزن الفعل،أ هو أسن يأسن،أو أسن يأسن،أو أسن يأسن،أو يأسن أسنا و أسونا؟و المعنى عندهم واحد.و فيهم من يخصّص«أسن يأسن»بتغيّر الماء تغيّرا بسيطا؛بحيث يمكن شربه.و«أسن يأسن» بتغيّره إلى حدّ لا يمكن شربه.

2-و إذا كان«أسن و أسن»بمعنى تغيّر الماء،فإنّ «أسن»يختصّ بتغيّر الرّجل إذا غشي عليه من ريح خبيثة منتنة عن ماء نتن أو دخان الفضّة،و مصدره الأسن.

3-و الصّفة من«أسن»بمعنى تغيّر الماء:الآسن، مثل:قعد الرّجل فهو قاعد،و من تغيّر الرّجل:الأسن، مثل:تعب الرّجل فهو تعب.إلاّ أنّه جاء بمعنى تغيّر الماء على قراءة المكّيّين و الأوّل للاستقبال و الثّاني للحال.

4-كما يعطي الفعل بكلّ تصاريفه معنى التّغيّر، يعطي أيضا معنى القدم و مضيّ الزّمن عليه؛فالماء الآسن قد تغيّر طعمه أو لونه أو ريحه لمضيّ زمن عليه فأثّر فيه.

و حتّى إسن،و جمعه:آسان و أسون بمعنى الخلق، و الأخلاق و الشّمائل تحمل معنى القدم،فنقول مثلا:هذا على آسان أبيه،أي أخلاقه،و كأنّه ورث شيئا قديما من أبيه،و لهذا عنت الآسان:الآثار القديمة.و آسان

ص: 364


1- نقل أكثر المفسّرين على أنّ ابن كثير قرأ(أسن)على «فعل».

الأشياء:ما بلي منها و تقطّع.و هكذا فالزّمن و مستلزماته عامل مهمّ في أصل«أسن».

5-و قد يقال:إنّ«أسن و يسن و وسن»يرجع إلى أصل واحد بعد الاعتلال،كما قيل:إنّ«أسن و عفن و أجن و أبن و أفن»من أصل واحد بالاشتقاق الكبير، لوجود الرّابطة بينها معنى و التّشابه لفظا،فكما تطوّرت ألفاظها تطوّرت معانيها،و مفهوم التّغيّر بعامل الزّمان محفوظ في الجميع.

6-و يحتمل أنّ«سنّ»أصلها«أسن»على اعتبار أنّ الحرف المشدّد الآخر يمكن أن يفكّ إلى همزة في الأوّل -على رأي-مضافا إلى الاشتراك في المعنى،يقال:أسنّ الرّجل فهو مسنّ؛حيث دخل فيه عامل الزّمان و التّغيّر.

و كذا سنّة و سنة: فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ الأنفال:

38، قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ آل عمران:137، فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ البقرة:259.

7-و لم يظهر لنا وجه ارتباط«الآسان»أي الحبال بما تقدّم من المعنى،اللّهمّ إلاّ أن تكون«الآسان»هي الحبال الّتي مرّت عليها الأيّام حتّى بليت و تغيّرت عمّا كانت عليه من الصّفات.و قد علمنا أنّ ابن فارس جعله أصلا برأسه.

الاستعمال القرآنيّ

جاءت من هذه المادّة لفظة(آسن)مرّة واحدة في آية تصف أنهار الجنّة،و هي: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَ لَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ محمّد:15

و يلاحظ أوّلا:أنّهم فسّروا(غير آسن)ب«غير منتن»و لم يحدّدوا هل تغيّر ريحه فقط أو سائر أوصافه أيضا؟و هل وصل إلى حدّ يمكن شربه أو لا يمكن؟و إن كانت كلمة منتن ظاهرة في تغيّر الرّائحة،و الإطلاق ينفي منه أيّ تغيّر و فساد،و ينصرف منه الذّهن إلى أنّ ماء الجنّة على غاية الصّفاء و الطّيب،و هذا هو مقتضى سياق الآية حيث تعدّد الأنهار و جعلها صنوفا.

و ثانيا:في التّعبير ب(غير آسن)إشارة إلى طول المقام،باعتبار أنّ الماء في الجنّة سيبقى خالدا كأهل الجنّة أنفسهم.فربّما يخطر بالبال أنّ الماء بمرور الزّمن عليه سيصبح آسنا،فأخبر القرآن بأنّ ماء الجنّة على الرّغم من ذلك يبقى صافيا لا يمسّه أيّ تغيّر.و فيه معنى الاستقبال و الاستمرار،و هذا أبلغ من توصيفه بأنّه صاف أو نحوه.

و ثالثا:ما هي النّكتة في مجيء(آسن)مرّة واحدة في القرآن مضافا إليه(غير)؟

لعلّه-و اللّه أعلم-إشارة إلى أنّ هذا الوصف(غير آسن)يختصّ بماء الجنّة،و إلاّ فكلّ ماء عداه سيكون آسنا حسب طبع الماء.فهذا أمر خلاف الطّبيعة خاصّ بالجنّة، كما أنّ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ الواقعة:17،كذلك،فإنّ كلّ ولد في الدّنيا سوف يتعرّض للشّباب ثمّ للشّيب سوى«ولدان الجنّة»،فإنّهم سيبقون إلى الأبد نضراء كأمثال اللّؤلؤ المكنون.

ص: 365

و هذا بعينه جار في أنهار من لبن و خمر و عسل،فإنّها أيضا وحيدة في نوعها لا يوجد لها في أنهار الدّنيا نظير، و هذا مصداق«ما لم يخطر على قلب بشر».

و رابعا:جاء في وصف الماء: غَيْرِ آسِنٍ، و في وصف لبن: لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ؛ فإنّ آسن خاصّ بالماء، عامّ لكلّ تغيّر،سواء في الطّعم أو اللّون أو الرّيح،و أمّا اللّبن فتغيّره في الطّعم فقط،على أنّ في تنوّع الألفاظ تفنّن في الكلام.

و جاء في وصف الخمر أيضا أنّها(لذّة للشّاربين)؛ لأنّها أظهر أوصافها الّتي يتوقّع منها و أوج كمالها؛حيث إنّ شربها للالتذاذ ليس إلاّ.كما جاء توصيف العسل بأنّه مصفّى؛لأنّ كماله بصفائه،فكلّ وصف مناسب لموصوفه.

و خامسا:أعيدت كلمة(انهار)أربع مرّات،لعلّها -و اللّه أعلم-إشارة إلى أنّ في الجنّة أربعة أنهار من كلّ نوع.على أنّها لو لم تتكرّر لأوهم أنّ هناك أنهار من مجموع هذه الأجناس،من كلّ منها نهر،و الحال أنّ كلاّ من الأجناس متعدّد.

على أنّ تكرار الأنهار يجسّم للإنسان تلك المناظر الطّريفة الخلاّبة؛حيث أحاط بأهل الجنّة أنهار،فأينما ينظرون يجدون أنهارا جارية من أجناس شتّى.

و سادسا:لاحظ و قس هذه السّعة في العيش لأهل الجنّة مع ما جاء في ذيل الآية لأهل النّار: وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ فليس فيه إلاّ نوع واحد،حميم يقطّع الأمعاء،أعاذنا اللّه منه.

و سابعا:هي أطول آية في السّورة-و هي سورة محمّد-و بمنزلة بيت القصيد فيها تبشّر المتّقين أي المؤمنين حقّا بألوان من الشّراب و أنواع من الطّعام«من كلّ الثّمرات»كما تبشّرهم بمغفرة من ربّهم المشعرة برضوانه،و هو غاية المطاف كما قال: وَ رِضْوانٌ مِنَ اللّهِ أَكْبَرُ التّوبة:72.

و ثامنا:هذه الآية مبيّنة لكلّ آية جاء فيها وصف الجنّة ب تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ و منها في هذه السّورة قبلها آيتين: إِنَّ اللّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ محمّد:12، و لعلّها من أجل ذلك أخّرت إلى سورة مدنيّة لتكون بيانا لما تقدّمها في السّور المكّيّة و المدنيّة،و اللّه أعلم بسرّ كتابه [لاحظ«ن ه ر»].

ص: 366

أ س و

اشارة

أسوة

لفظ واحد،3 مرّات مدنيّة،في سورتين مدنيّتين

النّصوص اللّغويّة

اشارة

ابن الكلبيّ: الأساوة،بالضّمّ:الطّبّ.

(الزّبيديّ 10:17)

الخليل: الأسو:علاج الطّبيب الجراحات بالأدوية و الخياطة،أسا يأسو أسوا.

و قيل:الآسية:المعالجة و المداوية،و الجمع:آسيات و أواس.و أمّا أواسي المسجد فواحدتها آسية،و هي السّارية.

تقول:هؤلاء القوم أسوة في هذا الأمر،أي حالهم فيه واحدة.و فلان يأتسي بفلان،أي يرى أنّ له فيه أسوة،إذا اقتدى به و كان في مثل حاله،و الجمع:الأسى، و يقال:أسوة و إسى.و فلان يأتسي لفلان،أي يرضى لنفسه ما رضيه.[ثمّ استشهد بشعر](7:333)

مؤرّج السّدوسيّ:كان جزء بن الحارث من حكماء العرب،و كان يقال له:المؤسّيّ،لأنّه كان يؤسّي بين النّاس،أي يصلح بينهم و يعدل.

(الأزهريّ 13:140)

ابن الأعرابيّ: أسويته:جعلته له أسوة.

(ابن سيده 8:635)

ابن السّكّيت: و جاءنا فلان يلتمس لجراحه أسوا،يعني دواء يأسو به جرحه.و الأسو:المصدر.

(إصلاح المنطق:335)

تقول:قد آسيته بمالي،أي جعلته أسوتي فيه.

و تقول:لا تأتس بمن ليس لك بأسوة،و لا تقتد بمن ليس لك بقدوة.(إصلاح المنطق:373)

شمر: الإساء:الدّاء بعينه،و إن شئت كان جمعا للآسي،و هو المعالج،كما تقول:راع و رعاء.

(الأزهريّ 13:140)

ص: 367

المبرّد: قوله[عمر]:«آس بين النّاس في وجهك و عدلك و مجلسك»يقول سوّ بينهم،و تقديره:اجعل بعضهم أسوة بعض.و التّأسّي من ذا:أن يرى ذو البلاء من به مثل بلائه فيكون قد ساواه فيه،فيسكّن ذلك من وجده.(1:9)

الزّجّاج: أسوت الجرح:أصلحته،و آسيت الرّجل في مالي:جعلته أسوتي.(فعلت و أفعلت:44)

ابن دريد: أسوت الرّجل آسوه أسوا،إذا داويته، فأنا آس،و الرّجل أسيّ و مأسوّ.(1:179)

أبو طالب: في المواساة و اشتقاقها قولان:

أحدهما:أنّها من آسى يؤاسي،من الأسوة،و هي القدوة.و قيل:إنّها[من]أساه يأسوه،إذا عالجه و داواه.

و قيل:إنّها من آس يئوس:إذا عاض،فأخّر الهمزة و ليّنها،و لكلّ مقال.(الأزهريّ 13:138)

الأزهريّ: فلان أسوتك قد أصابه مثل ما أصابك، و واحد الأسا:أسوة،و هو أسوتك،أي أنت مثله و هو مثلك.

و يقال:ائتس به،أي اقتد به،و كن مثله.

و يقال:هو يؤاسي في ماله،أي يساوي.و يقال:

رحم اللّه رجلا أعطى من فضل و واسى من كفاف،من هذا.

و يقال:أسوت الجرح فأنا آسوه أسوا،إذا داويته و أصلحته.و الآسي:المتطبّب،و الإساء:الدّواء.[ثمّ استشهد بشعر](13:139)

الجوهريّ: آسيته بمالي مواساة،أي جعلته أسوتي فيه،و واسيته لغة ضعيفة فيه.

و الإسوة و الأسوة،بالكسر و الضّمّ:لغتان،و هي ما يأتسي به الحزين،يتعزّى به.و جمعها:إسى و أسى،ثمّ سمّي الصّبر أسى.

و ائتسى به،أي اقتدى؛يقال:لا تأتس بمن ليس لك بأسوة،أي لا تقتد بمن ليس لك بقدوة.

و تآسوا،أي آسى بعضهم بعضا.

و لي في فلان أسوة و أسوة،أي قدوة و ائتمام.

و الأسى،مفتوح مقصور:المداواة و العلاج،و هو الحزن أيضا.

و الإساء،مكسور ممدود:الدّواء بعينه.

و الإساء:الأطبّة،جمع الآسي،مثل الرّعاء جمع الرّاعي.

و الأسوّ،على«فعول»:دواء تأسو به الجرح،و قد أسوت الجرح آسوه أسوا،أي داويته،فهو مأسوّ،و أسيّ أيضا على«فعيل».

و يقال:هذا أمر لا يؤسى كلمه.

و الآسي:الطّبيب،و الجمع:الأساة،مثل رام و رماة.

و أسوت بينهم أسوا،أي أصلحت.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](6:2268)

ابن فارس: الهمزة و السّين و الواو أصل واحد يدلّ على المداواة و الإصلاح،يقال:أسوت الجرح،إذا داويته،و لذلك يسمّى الطّبيب:الآسي.و يقال:أسوت الجرح أسوا و أسا،إذا داويته.

و يقال:أسوت بين القوم،إذا أصلحت بينهم.و من هذا الباب:لي في فلان أسوة،أي قدوة،أي إنّي أقتدي

ص: 368

به.و أسّيت فلانا،إذا عزّيته من هذا أي قلت له:ليكن لك بفلان أسوة،فقد أصيب بمثل ما أصبت به فرضي و سلّم.و من هذا الباب:آسيته بنفسي.(1:105)

الهرويّ: يقال:تأسّى به،أي اتّبع فعله و اقتدى به.و التّأسية:التّعزية،و هو أن تقول:فلان قد أصابه ما أصابك فصبر،فتأسّ به و اقتد.(1:50)

أبو سهل الهرويّ: أسوت الجرح و غيره،إذا أصلحته،آسوه أسوا.(18)

ابن سيده: أسا الجرح أسوا و أسا:داواه.

و الأسوّ و الإساء جميعا:الدّواء؛و الجمع:آسية.

و الآسي:الطّبيب؛و الجمع:أساة و إساء.قال كراع:

ليس في الكلام ما يعتقب عليه فعلة و فعال إلاّ هذا، و قولهم:رعاة و رعاء في جمع راع.

و الأسيّ:المأسوّ.[ثمّ استشهد بشعر]

و أسا بينهم أسوا:أصلح.

و الإسوة و الأسوة:القدوة.

و أسّاه فتأسّى:عزّاه فتعزّى.

و ائتسى به:جعله أسوة،و في المثل:«لا تأتسي بمن ليس لك بأسوة».

و أسويته:جعلته له أسوة،عن ابن الأعرابيّ،فإن كان أسويت من الأسوة كما زعم،فوزنه فعليت كدربيت و جعبيت.

و أساه بماله:أناله منه و جعله فيه أسوة،و قيل:

لا يكون ذلك منه إلاّ من كفاف،فإن كان من فضله فليس بمؤاساة.

و رجل أسوان:حزين،و أتبعوه فقالوا:أسوان أتوان.

و ساءني الشّيء:حزنني،حكاه يعقوب في المقلوب.

(8:635)

الرّاغب: الأسوة و الإسوة كالقدوة و القدوة،و هي الحالة الّتي يكون الإنسان عليها في اتّباع غيره إن حسنا و إن قبيحا و إن سارّا و إن ضارّا،و لهذا قال تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الأحزاب:21، فوصفها بالحسنة.و يقال:تأسّيت به.

و الأسى:الحزن،و حقيقته اتّباع الفائت بالغمّ، يقال:أسيت عليه أسى و أسيت له،قال تعالى: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ المائدة:68،و أصله من الواو،لقولهم:رجل أسوان،أي حزين.

و الأسو:إصلاح الجرح،و أصله إزالة الأسى،نحو:

كربت النّخل:أزلت الكرب عنه،و قد أسوته آسوه أسوا.

و الآسي:طبيب الجرح،جمعه:إساء و أساة.

و المجروح مأسيّ و أسيّ معا.

و يقال:أسيت بين القوم،أي أصلحت،و آسيته.

و آسى هو«فاعل»من قولهم:يؤاسي.

فأمّا الإساءة فليست من هذا الباب،و إنّما هي منقولة عن ساء.[ثمّ استشهد بشعر](18)

الزّمخشريّ: أسوت الجرح أسوا و أسا و هو آس من قوم أساة،و آسية من نساء أواس.

و يقولون للخافضة:الآسية.

و في فلان أسوة،و هو خليق بأن يؤتسى به.و آسيته بمالي مؤاساة،و أسّيت المصاب فتأسّى.و تقول:إنّ الأسى تدفع الأسى.

ص: 369

و من المجاز أسوت بين القوم:أصلحت.و ملك ثابت الأواسي،و هي الأساطين،الواحدة:آسية.[ثمّ استشهد بشعر](أساس البلاغة:6)

خالد الرّبعيّ: «إنّ رجلا من عبّاد بني إسرائيل أذنب ذنبا ثمّ تاب،فثقب ترقوته فجعل فيها سلسلة،ثمّ أوثقها إلى آسية من أواسي المسجد»

هي السّارية.[ثمّ استشهد بشعر]

سمّيت آسية،لأنّها تصلح السّقف و تقيمه بعمدها إيّاه،من أسوت بين القوم،إذا أصلحت بينهم.

(الفائق 1:44)

الفخر الرّازيّ: الأسوة:ما يؤتسى به،مثل القدوة لما يقتدى به،يقال:هو أسوتك،أي أنت مثله و هو مثلك و جمع الأسوة:أسى؛فالأسوة اسم لكلّ ما يقتدى به.

(29:300)

ابن الأثير: قد تكرّر ذكر الأسوة و المواساة في الحديث،و هي بكسر الهمزة و ضمّها:القدوة.

و المواساة:المشاركة و المساهمة في المعاش و الرّزق، و أصلها الهمزة،فقلبت واوا تخفيفا.

و منه حديث الحديبيّة:«إنّ المشركين واسونا الصّلح»جاء على التّخفيف.و على الأصل جاء الحديث الآخر:«ما أحد عندي أعظم يدا من أبي بكر،آساني بنفسه و ماله».

و منه حديث عليّ عليه السّلام:«آس بينهم في اللّحظة و النّظرة».و كتاب عمر إلى أبي موسى:«آس بين النّاس في وجهك و عدلك»أي اجعل كلّ واحد منهم أسوة خصمه.(1:50)

أبو حيّان: الأسوة:القدوة،و تضمّ همزته و تكسر،و يتأسّى بفلان:يقتدي به.و الأسوة من الائتساء كالقدوة من الاقتداء،اسم وضع موضع المصدر.(7:208)

الفيّوميّ: الأسوة،بكسر الهمزة و ضمّها:القدوة.

و تأسّيت به و ائتسيت:اقتديت.

و أسوت بين القوم:أصلحت.و آسيته بنفسي، بالمدّ:سوّيته.و يجوز إبدال الهمزة واوا في لغة اليمن، فيقال:واسيته.(1:15)

الفيروزآباديّ: أسا الجرح أسوا و أسا:داواه، و بينهم:أصلح.

و الأسوّ كعدوّ و إزاء:الدّواء،جمعه:آسية.

و الآسي:الطّبيب،جمعه:أساة و إساء،كقضاة و ظباء،و الأسيّ كعليّ:المأسوّ.

و الإسوة،بالكسر و تضمّ:القدوة،و ما يأتسي به الحزين،جمعه:إسا،بالكسر و يضمّ.

و أسّاه تأسية فتأسّى:عزّاه فتعزّى،و أتسى به:

جعله أسوة،و أسوته به:جعلته له أسوة.

و آساه بماله مواساة:أناله منه و جعله فيه أسوة،أو لا يكون ذلك إلاّ من كفاف،فإن كان من فضله فليس بمواساة.

و تآسوا:آسى بعضهم بعضا.

و الأسا:الحزن،هو أسوان:حزين.

و الأساوة،بالضّمّ:الطّبّ.(4:301)

الطّريحيّ:الأسوة،بكسر الهمزة و ضمّها:

القدوة،أي ائتمام و اتّباع،و منه الحديث:«لك برسول اللّه

ص: 370

أسوة و بعليّ أسوة»و منه قولهم:تأسّيت و اتّسيت.

و المال أسوة بين الغرماء،أي شركة و مساهمة بين غرماء المفلّس،لا ينفرد به أحدهم دون الآخر.و في الحديث:«مواساة الإخوان»و هي مشاركتهم و مساهمتهم في الرّزق و المعاش.قيل:و لا يكون إلاّ عن كفاف لا عن فضلة،و أصلها الهمزة،فقلبت واوا تخفيفا.

و تآسوا،أي آسى بعضهم بعضا.(1:28)

مجمع اللّغة: الأسوة:إمّا مصدر بمعنى الائتساء، أي الاقتداء؛أو اسم بمعنى ما يؤتسى به،أي يقتدى به.

(1:39)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أسوت فلانا:جعلته أسوته و قدوته.و يقال:ائتس به،أي اقتد به،و الأسوة:

القدوة.

و آسى الرّجل في ماله:جعله أسوته فيه.و آسيته بنفسي:سوّيته.

و الآسي:الطّبيب،و الجمع:الأساة.(39)

العدنانيّ: الإساء،الأسوّ،الآسون

و يخطّئون من يجمع الآسي«الطّبيب و الجرّاح»على إساء،و يقولون:إنّ الصّواب و القياس هو الأساة.و كلا الجمعين صحيحان.

و ممّن جمع الآسي على إساء:ابن ولاّد«في المقصور و المدود»؛و كراع،و عليّ بن حمزة البصريّ في «التّنبيهات»،و الصّحاح،و معجم مقاييس اللّغة، و المحكم،و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ،و المختار، و اللّسان،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد، و المتن،و المعجم الكبير،و الوسيط.

و قد يكون الإساء مفردا،و معناه الدّواء.[ثمّ استشهد بشعر]

و ممّن ذكر أيضا أنّ معنى الإساء هو الدّواء:كراع، و الأمويّ،و عليّ بن حمزة البصريّ،و الصّحاح،و معجم مقاييس اللّغة،و المختار،و اللّسان،و التّاج،و المدّ، و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن،و المعجم الكبير.

و الأسوّ يعني الدّواء أيضا،كما قال ابن السّكّيت، و الصّحاح،و المحكم،و اللّسان،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و ذيل أقرب الموارد،و المتن،و المعجم الكبير.

و يجمع الإساء«الدّواء»و الأسوّ على آسية.

و يجمع الآسي«الطّبيب»أيضا على آسون.[ثمّ استشهد بشعر]

و ذكر هذا الجمع«الآسون»المتن،و المعجم الكبير أيضا.و قد آثر جلّ المعجمات إهمال ذكر هذا الجمع لأنّه قياسيّ،على القرّاء أن يعرفوه دون أن تذكره المعاجم.

أمّا الأنثى فهي آسية،و الجمع:أواس و آسيات.

التّأسّي

تمثّل مصعب بن الزّبير يوم قتل بقول الشّاعر:

و إنّ الألى بالطّفّ من آل هاشم

تآسوا فسنّوا للكرام التّآسيا

و الصّواب:تأسّوا و التّأسّي،أي اقتدوا و تشبّهوا.

أمّا التآسي فمعناه التّعزية و التّسلية في المصيبة.[ثمّ استشهد بشعر]

و قال تعالى في الآية:21 من سورة الأحزاب:

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. و قال ابن

ص: 371

كثير في تفسيره لهذه الآية الكريمة:أي هلاّ اقتديتم به و تأسّيتم بشمائله صلى اللّه عليه و سلم!و قد وردت كلمة الأسوة مرّتين أخريين في آي الذّكر الحكيم،حاملة معنى الاقتداء.

و ممّن ذكر أيضا أنّ التّأسّي معناه الاقتداء و التّشبّه بالآخرين:عليّ بن حمزة البصريّ في«التّنبيهات»، و الهرويّ،و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ،و اللّسان، و المصباح،و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط، و أقرب الموارد،و المتن،و المعجم الكبير،و الوسيط.

و ممّن ذكر أنّ معنى تآسى القوم:عزّى بعضهم بعضا:عليّ بن حمزة البصريّ في«التّنبيهات»، و الصّحاح،و المختار،و اللّسان،و القاموس،و التّاج، و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن،و المعجم الكبير،و الوسيط.(17)

المصطفويّ: [سيأتي كلامه في«أ س ي»]

النّصوص التّفسيريّة

اسوة

1- لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً. الأحزاب:21

الفرّاء: كان عاصم بن أبي النّجود يقرأ(اسوة) برفع الألف في كلّ القرآن،و كان يحيى بن وثّاب يرفع بعضا و يكسر بعضا.و هما لغتان-الضّمّ-في قيس.

و الحسن،و أهل الحجاز يقرءون(اسوة)بالكسر في كلّ القرآن لا يختلفون.

و معنى الأسوة أنّهم تخلّفوا عنه بالمدينة يوم الخندق،و هم في ذلك يحبّون أن يظفر النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم إشفاقا على بلدتهم،فقال:لقد كان في رسول اللّه أسوة حسنة إذ قاتل يوم أحد.(2:339)

نحوه الطّبريّ(21:143)،و أبو زرعة(575).

الهرويّ: أي قدوة.(1:50)

الطّوسيّ: قرأ عاصم(اسوة)بضمّ الهمزة،الباقون بكسرها.و هما لغتان،و الكسر أكثر.و مثله كسوة و كسوة،و رشوة و رشوة.

هذا خطاب من اللّه تعالى للمكلّفين،يقول لهم:إنّ لكم معاشر المكلّفين فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي اقتداء حسن في جميع ما يقوله و يفعله،متى فعلتم مثله كان ذلك حسنا.و المراد بذلك الحثّ على الجهاد و الصّبر عليه في حروبه،و التّسلية لهم في ما ينالهم من المصائب.

فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله شجّ رأسه و كسرت رباعيّته في يوم أحد، و قتل عمّه حمزة؛فالتّأسّي به في الصّبر على جميع ذلك من الأسوة الحسنة.

و ذلك يدلّ على أنّ الاقتداء بجميع أفعال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله حسن جائز إلاّ ما قام الدّليل على خلافه،و لا يدلّ على وجوب الاقتداء به في أفعاله،و إنّما يعلم ذلك بدليل آخر،فالأسوة حال لصاحبها يقتدي بها غيره في ما يقول به،فالأسوة تكون في إنسان و هو أسوة لغيره،فمن تأسّى بالحسن ففعله حسن لمن كان يرجو اللّه و اليوم الآخر.(8:328)

القشيريّ: به قدوتكم،و يجب عليكم متابعته فيما يرسمه لكم.(5:157)

البغويّ: قرأ عاصم(اسوة)حيث كانت بضمّ

ص: 372

الهمزة،و الباقون بكسرها.و هما لغتان،أي قدوة صالحة،و هي فعلة من الائتساء،كالقدوة من الاقتداء، اسم وضع موضع المصدر.(5:203)

نحوه الطّبرسيّ.(4:349)

الميبديّ: [نحو البغويّ ثمّ قال:]

و معنى الآية:من يتوقّع الخير من اللّه و يرى ما يصيبه من الشّدائد من جهته،فمن حكمه أن يتعزّى بالنّبيّ صلى اللّه عليه و سلم و يرضى به أسوة،و لا يكره أن يصيبه مثل ما أصابه فيثبت معه حيث ثبت،و لا يولّي عنه و لا يطلب العلل،كما فعله المنافقون.(8:28)

الزّمخشريّ: فإن قلت:فما حقيقة قوله: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ...- و قرئ(اسوة) بالضّمّ-؟

قلت:فيه وجهان:

أحدهما:أنّه في نفسه أسوة حسنة،أي قدوة و هو المؤتسى،أي المقتدى به،كما تقول:في البيضة عشرون منّا حديد،أي هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد.

و الثّاني:أنّ فيه خصلة من حقّها أن يؤتسى بها و تتّبع،و هي المواساة بنفسه.(3:256)

مثله الرّازيّ(مسائل الرّازيّ:280)،و البيضاويّ (2:242).و النّيسابوريّ(22:6).

أبو البركات: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا الجارّ و المجرور في موضع رفع،لأنّه صفة بعد صفة ل(أسوة)و تقديره:

أسوة حسنة كائنة لمن كان.و لا يجوز أن يتعلّق بنفس (اسوة)إذا جعل بمعنى التّأسّي،لأنّ(اسوة)وصفت،و إذا وصف المصدر لم يعمل،فكذلك ما كان في معناه.

(2:267)

القرطبيّ: الأسوة:القدوة،و الأسوة:ما يتأسّى به،أي يتعزّى،فيقتدى به في جميع أفعاله،و يتعزّى به في جميع أحواله.(14:155)

البروسويّ: أي اقتداء حسن؛و ذلك فإنّ أوّل كلّ شيء تعلّقت به القدرة للإيجاد كان روح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لقوله:«أوّل ما خلق اللّه روحي».فالأسوة الحسنة عبارة عن تعلّق القدرة بأرواح هذه الأمّة لإخراجهم من العدم إلى الوجود،عقيب إخراج روح رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من العدم إلى الوجود.فمن أكرم بهذه الكرامة يكون له أثر في عالم الأرواح قبل تعلّقه بعالم الأشباح،و بعد تعلّقه بعالم الأشخاص.

فأمّا أثره في عالم الأرواح...[فراجع]

(7:157)

الآلوسيّ: الإسوة،بكسر الهمزة كما قرأ الجمهور، و بضمّها كما قرأ عاصم:الخصلة.

و قال الرّاغب: الحالة الّتي يكون عليها الإنسان و هي اسم(كان)،و(لكم)الخبر،و(فى رسول اللّه) متعلّق بما تعلّق به(لكم)،أو في موضع من(اسوة)،لأنّه لو تأخّر جاز أن يكون نعتا لها،أو متعلّق ب(كان)على مذهب من أجاز فيها ناقصة،و في أخواتها أن تعمل في الظّرف.

و جوّز أن يكون فِي رَسُولِ اللّهِ الخبر،و لَكُمْ تبيين،أي أعني لكم،أي و اللّه لقد كان لكم في رسول اللّه خصلة حسنة من حقّها أن يؤتسى و يقتدى بها،كالثّبات في الحرب،و مقاساة الشّدائد.

ص: 373

و يجوز أن يراد ب«الأسوة»القدوة،بمعنى المقتدى، على معنى هو صلى اللّه عليه و سلم في نفسه قدوة يحسن التّأسّي به.

في الكلام صنعة التّجريد،و هو أن ينتزع من ذي صفة آخر مثله فيها مبالغة في الاتّصاف،نحو:لقيت منه أسدا،و هو كما يكون بمعنى(من)يكون بمعنى(في)،[ثمّ استشهد بشعر]كقوله:في البيضة عشرون منّا حديد، أي في نفسها هذا القدر من الحديد.و الآية و إن سيقت للاقتداء به عليه الصّلاة و السّلام في أمر الحرب من الثّبات و نحوه فهي عامّة في كلّ أفعاله صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم إذا لم يعلم أنّها من خصوصيّاته كنكاح ما فوق أربع نسوة.

(21:167)

المراغيّ: أي قدوة،و المراد به المقتدى به.

(21:136)

الطّباطبائيّ: الأسوة:القدوة،و هي الاقتداء و الاتّباع،و قوله:(فى رسول اللّه)أي في مورد رسول اللّه، و الأسوة الّتي في مورده هي تأسّيهم به و اتّباعهم له.

و التّعبير بقوله:(لقد كان لكم)الدّالّ على الاستقرار و الاستمرار في الماضي إشارة إلى كونه تكليفا ثابتا مستمرّا.(16:289)

أبو رزق: قدوة،ائتمام و اتّباع،و هي الحالة الّتي يكون عليها باتّباع غيره حسنة أم قبيحة،سارّة أم ضارّة.(1:52)

المصطفويّ: أسوة:من الأسو الواويّ،و فعلة لما يفعل به،كما في اللّقمة و الأكلة.فالأسوة:ما يؤتسى و يقتدى به من العمل و الحالة و السّلوك و الطّريقة،فيلزم لكم اتّخاذ هذه الطّريقة المأخوذة من رسول اللّه من قوله و عمله و سلوكه و أدبه و أخلاقه،إن كنتم راجين السّعادة و السّير إلى اللّه تعالى،فهي طريقة حسنة مطلوبة مرضيّة،موجبة لإصلاح ما فات عنكم.(1:79)

فضل اللّه: الرّسول قدوة المسلمين

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي قدوة حسنة في ما يأخذ به أو يدعه من الأفعال و المواقف،لأنّه الإنسان الّذي تتمثّل فيه الصّفات المثلى للكمال الإنسانيّ،فقد ربّاه اللّه التّربية الفضلى،و أدّبه الأدب العظيم،و صاغ شخصيّته أفضل صياغة.و بهذا كان التّجسيد الحيّ للإسلام في كلّ ملامح ذاته في الجانب الدّاخليّ منها،في ما يحمله في فكره و قلبه و شعوره من طهر الفكرة،و نقاء القلب،و صدق الشّعور،و إخلاص النّيّة،و في الجانب الخارجيّ منها،من الإخلاص للّه و العمل بطاعته،و الجهاد في سبيله،و الإحسان إلى النّاس، و الصّدق في الدّعوة،و الصّبر على آلامها،و الانفتاح على الحياة كلّها،من موقع الرّسالة الباحثة عن الخير في كلّ صعيد،و عن الحقّ في كلّ أفق،و عن العدل في كلّ مجتمع،لتؤكّد القيم الأخلاقيّة الإنسانيّة الرّوحيّة من خلال المعاناة،و ليكون رضاه في ما يرضاه اللّه،و سخطه في ما لا يرضيه،ممّا جعل عمله سنّة و شريعة،كما كان قوله مصدرا لذلك.

و هذا هو الّذي خاطب اللّه به المسلمين الّذين كانوا معه،ليعتبروه أساسا لسلوكهم الإيمانيّ و خطّهم الإسلاميّ،بأن يتطلّعوا إليه ليرصدوه في كلّ عمله، لتكون صورتهم صورته،يتأسّون به،و يقتدون به في

ص: 374

مواقفه و سجاياه.

و تلك هي ميزة الرّسل في شخصيّتهم النّبويّة،أنّهم لا يمثّلون الرّسالة في الكلمة فقط،بل يجسّدونها في الموقف،فيرى النّاس صورة القيمة الإسلاميّة في الواقع، كما يسمعونها في الكلمة و قد كان رسول اللّه إسلاما يتحرّك على الأرض،فيفهمون الدّعوة في سلوكه بعد أن يسمعوها من قوله،ممّا يوحي لهم بأنّها ليست فكرا مثاليّا،يعيش في عالم المثال و في آفاق الخيال،بل هي فكر متجسّد في الواقع العمليّ من شخصيّة الدّاعية.

و قد رأي بعض العلماء في هذه الآية إيحاء بعصمة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،لأنّ اللّه لا يجعل إنسانا قدوة مطلقة في كلّ عمله إلاّ إذا كان عمله صورة للحقّ و مطابقا للصّواب.

و هكذا كانت هذه الآية خطابا للمسلمين الّذين كانوا يجتمعون حول الرّسول و يتصرّفون بحرّيّة الذّات المشدودة إلى مزاجها،الباحثة عن رغباتها،الغارقة في شهواتها،بعيدا عن المسئوليّة في خطّ الرّسالة،و بعيدا عن الجهاد في سبيل اللّه،فيهربون عند ما تبدو أمامهم مواقع الخطر،و يسقطون أمام تحدّيات العدوّ.

إنّها تريد أن تشدّهم إلى صورة النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله في ثباته في جهاده،و إخلاصه لربّه و قوّته في مواجهة العدوّ، و استهانته بالأخطار المحدقة به،و في موقفه الصّابر في معركة الأحزاب،عند ما كان يشجّع المسلمين على الثّبات،و يشاركهم في حفر الخندق،و يشدّ حجر المجاعة على بطنه،و يبقى في خطّ التّقدّم الأوّل،حتّى لا يكون أحد أقرب إلى العدوّ منه.

إنّها تريد أن تقدّم لهم هذه الصّورة؛النّموذج الأعلى للإنسان الرّساليّ الثّابت في خطّ الرّسالة،المتحدّي في مواجهة العدوّ،ليزدادوا قوّة بقوّته،و ليأخذوا الإخلاص من إخلاصه،حتّى يكونوا في مستوى التّحدّيات الكبيرة في المعركة،ليكون لهم النّصر من خلال هذا الموقف الحاسم القويّ في مواقع الإيمان.

إنّه خطّ القيادة القدوة الّتي تسير فيه القاعدة الجماهيريّة من الأمّة.و لكن الّذين يلتزمونه،هم الّذين انفتحت قلوبهم على الإيمان باللّه،و عاشوا الإخلاص له، و رغبوا في ثوابه،و خافوا من عقابه،و ذكروه في السّرّ و العلانية،فلم يغب عن أفكارهم،و لا عن ألسنتهم، لأنّهم وحّدهم الّذين يفهمون معنى الرّسالة في معناه، و سرّ الإيمان في سرّه.

لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ و يرغب في رضاه،و يهتدي بهداه،و يقتدي برسله وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً فكان معه في كلّ أحواله،حتّى لم يغفل عنه في أيّة لحظة، في كلّ مواقع المراقبة و المحاسبة و المجاهدة و المعاناة.

و هكذا كانت هذه الصّورة،هى صورة المؤمنين الملتزمين المخلصين الّذين صدّقوا باللّه و رسوله و جاهدوا في سبيل اللّه من موقع الصّدق،لم يخالطهم شكّ أو ريب في ما هم فيه،و لم تعرض لهم شبهة في ذلك كلّه.

(18:283)

2- قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ... الممتحنة:4

الطّبريّ: قدوة حسنة في إبراهيم خليل الرّحمن

ص: 375

تقتدون به،و الّذين معه من أنبياء اللّه.(28:62)

الطّوسيّ: قرأ عاصم(اسوة)بضمّ الهمزة في جميع القرآن،الباقون بكسرها.و هما لغتان،أي اقتداء حسن.(9:579)

الميبديّ: أي قدوة حسنة و سنّة حسنة في إبراهيم،أي في أقوال إبراهيم.(10:69)

الزّمخشريّ: قرئ(اسوة)و(اسوة)و هو اسم المؤتسى به،أي كان فيهم مذهب حسن مرضيّ بأن يؤتسى به و يتّبع أثره.(4:90)

القرطبيّ: أي فاقتدوا به و أتمّوا،إلاّ في استغفاره لأبيه.و الإسوة و الأسوة:ما يتأسّى به،مثل القدوة و القدوة،و يقال:هو أسوتك،أي مثلك و أنت مثله.و قرأ عاصم(اسوة)بضمّ الهمزة،لغتان.(18:56)

البروسويّ: خصلة حميدة،حقيقة بأن يؤتسى و يقتدى بها و يتّبع أثرها.قوله:(اسوة)اسم(كانت)،و (لكم)خبرها،و(حسنة)صفة(أسوة)مقيّدة،إن عمّت الأسوة المحمودة و المذمومة،و كاشفة مادحة إن لم تعمّ.(9:476)

المراغيّ: الأسوة،بضمّ الهمزة و كسرها،و بهما قرئ:من يؤتسى به،كالقدوة لمن يقتدى به،و الجمع:

أسى.(28:65)

3- لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.

الممتحنة:6

الإسكافيّ: [قال بعد ذكر الآيتين:]للسّائل أن يسأل عن معنى الّذي أعيد له لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ و عن متعلّق كلّ واحد من اللّفظين،و هل يصلح الأوّل مكان الثّاني أو الثّاني مكان الأوّل؟

و الجواب أن يقال:إنّ الإسلام بني أوّله على التّبرّيّ من الآلهة و من عبدها و من الأصنام و عبادتها،أ لا ترى قول من يشهد بالتّوحيد إنّه ينفي الآلهة أوّلا بقوله:«لا إله»و يثبت ثانيا بقوله«إلاّ اللّه»الواحد الّذي تحقّ له العبادة؟قال في الآية الأولى المتعلّقة بالبراءة من الكفّار و من فعلهم: إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ الممتحنة:4،و أنّهم يعادونهم إلاّ أن يؤمنوا.فهذه الأسوة تفصل المؤمن من الكافر ليتميّز عنه في الظّاهر و يتبرّأ من صداقته و يتحقّق بعداوته.

و الثّانية معناها بهم ائتسوا،لتنالوا مثل ثوابهم و تنقلبوا إلى الآخرة،كانقلابهم مبشّرين بالجنّة غير خائفين من العقوبة.(481)

الطّوسيّ: إنّما أعيد ذكر الأسوة في الآيتين [الممتحنة:4،6]لأنّ الثّاني منعقد بغير ما انعقد به الأوّل،فإنّ الثّاني فيه بيان أنّه كان أسوة في إبراهيم و الّذين معه،و هو لرجاء ثواب اللّه و حسن المنقلب في اليوم الآخر،و الأوّل فيه بيان أنّ الأسوة في المعاداة للكفّار باللّه حسنة،و إذا انعقد الثّاني بغير ما انعقد به الأوّل صارت الفائدة في الثّاني خلاف الفائدة في الأوّل.(9:581)

مثله الطّبرسيّ.(5:581)

الميبديّ: إنّما أعيد ذكر الأسوة،لأنّ الأولى متعلّقة بالبراءة من الكفّار و من فعلهم،و الثّانية أمر

ص: 376

بالائتساء بهم،لينالوا من ثوابهم ما نالوا،و ينقلبوا إلى الآخرة كانقلابهم.

و قيل:الأولى أسوة بأقواله،و الثّانية بأفعاله.

(10:70)

الزّمخشريّ: كرّر الحثّ على الائتساء بإبراهيم و قومه تقريرا و تأكيدا عليه،و لذلك جاء به مصدّرا بالقسم،لأنّه الغاية في التّأكيد،و أبدل عن قوله:(لكم) قوله: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ، و عقّبه بقوله: وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، فلم يترك نوعا من التّوكيد إلاّ جاء به.(4:91)

مثله النّسفيّ(4:248)،و الفخر الرّازيّ(29:302)

القرطبيّ: أي في إبراهيم و من معه من الأنبياء و الأولياء أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، ،أي في التّبرّؤ من الكفّار.

و قيل:كرّر للتّأكيد.و قيل:نزل الثّاني بعد الأوّل بمدّة.و ما أكثر المكرّرات في القرآن على هذا الوجه.

(18:57)

أبو حيّان: كرّرت الأسوة تأكيدا،و أكّد ذلك بالقسم أيضا و لِمَنْ كانَ يَرْجُوا بدل من ضمير الخطاب،بدل بعض من كلّ.(8:255)

البروسويّ: أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تكرير للمبالغة في الحثّ على الائتساء به عليه السّلام،و لذلك صدّر بالقسم.

و جعله الطّيّبيّ من التّعميم بعد التّخصيص.

و في«برهان القرآن»:كرّر،لأنّ الأوّل في القول، و الثّاني في الفعل.

و في«فتح الرّحمن»:الأولى أسوة في العداوة، و الثّانية في الخوف و الخشية.(9:489)

نحوه الآلوسيّ.(28:74)

بنت الشّاطئ[لاحظ:أ س ي]

الطّباطبائيّ: تكرار«حديث الأسوة»لتأكيد الإيجاب،و لبيان أنّ هذه الأسوة لمن كان يرجو اللّه و اليوم الآخر،و أيضا أنّهم كما يتأسّى بهم في تبرّيهم من الكفّار،كذلك يتأسّى بهم في دعائهم و ابتهالهم.

(19:233)

فضل اللّه: فهم القدوة الطّيّبة الصّالحة الّتي تجسد الإيمان بكلّ وداعته و روحيّته و صلابته و قوّته و تعاليه عن كلّ المغريات،و ثباته أمام كلّ المخاوف،فكانوا المثل الأعلى للنّاس كلّهم،في محبّة اللّه و طاعته و الإخلاص له، لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ ليقتدوا بهم في إخلاص الرّجاء للّه و في الانفتاح على المسئوليّة في اليوم الآخر.(22:154)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في معناها التّساوي و التّماثل،يقال:

هؤلاء القوم أسوة،أي حالهم واحدة.فالأسوة في الأصل المثل و المساواة.و منه:المواساة،و هو أن يجعل نفسه مثل غيره و مساويا له في الحقوق و المنافع.و منه:

«آس بينهم في اللّحظة و النّظرة»أي ساو بينهم فيهما، و اجعل كلّ واحد من الخصوم مثل الآخر.و منه:المواساة بمعنى التّعزية،فحينما تقول للمصاب:فلان أسوتك،أي مثلك قد أصابه ما أصابك،فكن مثله و اقتد به.

ثمّ حينما أريد ترغيب أحد إلى أن يكون مثل غيره نشأ للّفظ معنى الاقتداء،فقيل:تأسّ بفلان،أي اجعل

ص: 377

نفسك مثله.و حينئذ أطلقت الأسوة على الغير،أي من ينبغي الاقتداء به،و أن يجعل الإنسان نفسه مثله.و قد يطلق على نفس الاقتداء فيكون مصدرا.

و أمّا المداواة و الإصلاح الّذي جعله ابن فارس أصلا لهذه المادّة فهو إمّا أصل برأسه،أو متفرّع من المعنى الأوّل ،باعتبار أنّ الإصلاح و المداواة و المعالجة تردّ المزاج إلى مثل حاله الأوّل.و بهذا الاعتبار سمّي الطّبيب الآسي، لأنّه يردّ المريض إلى حاله الأوّل.

2-و جاء في النّصوص:أنّ الأسوة كالقدوة، و ائتسى به،أي اقتدى به.و هذا يفيد أنّ المادّتين مترادفتان،و بناء على ما تقدّم من أنّ الأصل في الأسوة هو التّساوي،و أنّ الاقتداء معنى لحق به،فلا يكون اللّفظان مترادفين في الأصل،و إن ترادفا بلحاظ المعنى الأخير للأسوة،و هو الاقتداء.

3-و قد يقال:فلان أسوتك،و لك في فلان أسوة، و الأسوة و القدوة-كما فسّرهما الرّاغب-هي الحالة الّتي يكون الإنسان عليها في اتّباع غيره.و عليه فقولك:

«لك في فلان أسوة»هو الأصل في التّعبير،أي لك فيه حالة ينبغي الاقتداء به.أو أنّ الأسوة بمعنى المصدر،أي لك فيه و به اقتداء؛فهي إمّا مصدر أو اسم مصدر.

و عليهما فلا ينبغي إطلاقه على الشّخص إلاّ بنوع من التّجوّز،فقولنا:فلان أسوتك،من قبيل:زيد عدل.أو الأسوة هنا-كما قال القرطبيّ-بمعنى المثل و المساوي، يقال:هو أسوتك،أي هو مثلك و أنت مثله،فيرجع إلى المعنى الأصليّ للمادّة.

الاستعمال القرآنيّ

1-جاءت«الأسوة»في ثلاث آيات مدنيّة:

1- لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً

الأحزاب:21

2- قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ... الممتحنة:4

3- لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ الممتحنة:6

و يلاحظ أوّلا:أنّ القرآن يتمشّى دائما مع ما يقال:

«لك في فلان أسوة»،دون:«فلان أسوة»،الّذي قلنا:إنّ فيه تجوّزا،و يبدو أنّ التّعبير القرآنيّ أبلغ و أفصح من غيره.

و ثانيا:أنّ الأسوة جاءت في الجميع نكرة،و معلوم أنّ المقام مقام تعظيم و تبجيل دون تحقير،فلن تكون النّكرة إلاّ إشعارا بأنّ فيهم أسوة،أي أسوة لا ينال مناها و لا يمكن وصفها.

و ثالثا:أنّ الأسوة في الجميع موصوفة ب(حسنة)، و هذا إمّا مبنيّ على ما قاله الرّاغب:إنّ الأسوة أعمّ من الحالة الحسنة و القبيحة،فلهذا قيّدت بالحسنة.أو أنّ الأسوة و إن اتّصفت بنفسها بالحسنة،أو غلب استعمالها فيها،و لكنّها قيّدت بها تأكيدا و بلاغا و تبيانا.

و رابعا:أنّ الأسوة في الآية الأولى في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و في الأخيرتين في إبراهيم و الّذين معه،و هذا

ص: 378

ينبئ عن وحدة شريعتيهما،و أنّ الاقتداء بأحدهما عين الاقتداء بالآخر.

و هذا ما ينادي به القرآن في شأن الدّين الحنيف وَ قالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ البقرة:135.

[لاحظ:إبراهيم و حنيف]

و خامسا:إثبات الأسوة في محمّد،و إبراهيم صلوات اللّه عليهما في آيات مدنيّة-أي في وقت برز فيه المؤمنون كأمّة من الأمم بكلّ ما تقوم به الأمّة من الوضع الاجتماعيّ و السّياسيّ و تشريع القوانين قيام الحكومة الإسلاميّة على قدم و ساق-فيه ما يشعر بأنّ التّأسّي ليس في الحالات الشّخصيّة فحسب،بل في الموقف الاجتماعيّ و السّياسيّ و الالتزام بالقانون.و هذا ما يدعمه التّعبير في الجميع بقوله:لكم أي للأمّة الإسلاميّة و جماعة المؤمنين،فلا بدّ أن يفكّروا تفكيرا جماعيّا سياسيّا قانونيّا عالميّا،و يخرجوا من العزلة النّفسيّة و العمل الفرديّ،و يهيّئوا أنفسهم لمواجهة العالم.و هذا ما يدعمه نزول الآية الأولى بشأن الأحزاب، و الأخيرتين في الصّراع بين الحقّ و الباطل،و بين المؤمنين و المشركين قبيل فتح مكّة،كما جاء في التّفاسير.

و سادسا:أنّ الآيات كلّها بدأت بقوله:(لقد كان)،أو (قد كانت)الدّالّ على التّأكيد البليغ و الاستمرار،و أنّ الأسوة شيء لا بدّ من تحقيقها بل هي محقّقة بالفعل،فهو من قبيل أَتى أَمْرُ اللّهِ النّحل:1،حيث يعدّ الأمر حتميّ الوقوع كالمحقّق بالفعل.أو أنّ الأسوة ثابتة في النّبيّ فعلا،و المطلوب من المؤمنين التّأسّي به و جعله أسوة.و هذا ما يسجّل ضرورة تحسين الوضع الاجتماعيّ و السّياسيّ للمسلمين.

على أنّ قوله:(لكم)بدل(عليكم)يدلّ على أنّ الأسوة مع فرضها و ضرورتها لا تعدّ كلفة عليهم بل هي منفعة كبيرة لهم،لا تقوم جماعتهم إلاّ بها،و أنّ وجود النّبيّ-بما فيه من الأسوة-رحمة لهم،كما هو رحمة للعالمين.

و سابعا:خصّ اللّه في الآية الأولى و الأخيرة الأسوة الحسنة بمن كان يرجو اللّه و اليوم الآخر،و هذا يشعر بوطأة أمرها؛بحيث لا يقوم بشأنها إلاّ المؤمن المخلص الّذي يرجو اللّه و اليوم الآخر،و لا يعبأ بالحياة العاجلة و لذّاتها.

و هذا ما نصّ عليه الطّباطبائيّ بقوله:«و إنّما يتّصف بها جميع من تلبّس بحقيقة الإيمان».و ابتدأتا باللاّم و سنبحثهما.

و ثامنا:كرّرت«الأسوة»في آيتي الممتحنة تأكيدا و تقريرا،و في الإتيان بالضّمير(فيهم)في الثّانية الرّاجع إلى(إبراهيم و الّذين معه)في الأولى تسجيل للتّقرير:

و لم يفصل بينهما سوى: إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ...، و سوى نداء إبراهيم و دعائه رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ... *رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا... ثمّ رجع إلى الأسوة بتشديد أكثر حيث قال بدل قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ بزيادة اللاّم مثل الأولى.

و هي على قول الزّمخشريّ-و تبعه أبو حيّان-

ص: 379

للقسم حيث قال:«كرّر الحثّ على الائتساء بإبراهيم تقريرا و تأكيدا عليه،و لذلك جاء به مصدّرا بالقسم لأنّه الغاية في التّأكيد».

و احتمل كونها لام التّأكيد.لاحظ«المغني»لابن هشام«اللاّم المفردة»

و تاسعا:تؤكّد الآيات الثّلاث بسياقها و ما أحاط بها من الآيات الأخرى على الأسوة بالنّبيّ محمّد و إبراهيم في الصّمود أمام الأعداء،و عدم الخوف منهم و الميل إليهم.

و هذا ما تنصّ عليه الآية الثّانية؛حيث جاء فيها: إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

و عاشرا:أنّ في النّبيّ أسوة،أي في قوله و فعله و جميع حركاته و سكناته،و هذا ما عبّر عنه النّبيّ بسنّته، فالنّبيّ بكلّ حالاته أسوة للمؤمنين،و هو مثل حيّ و أنموذج كامل للقرآن و شريعة الإسلام.فالقرآن فيه تبيان كلّ شيء يحتاج إليه البشر،و لكنّ النّاس يحتاجون في تطبيقه إلى من يمثّل القرآن في نفسه،في خلقه و عمله و قوله،و في سلوكه مع ربّه و مع نفسه و عشيرته و أهله و أصدقائه و أعدائه،و مع المؤمنين و الكافرين،و في مواقف الحزن و الفرح و الرّضى و الغضب.

و هذا هو النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و قد سئلت إحدى أزواج النّبيّ عن خلقه،فقالت:«كان خلقه القرآن».

و الحادي عشر:لا تتحقّق الأسوة في أحد إلاّ برؤيته أو رسم صورة له في الذّهن من خلال معرفة صفاته، فتتجسّم صورته في مخيّلة من يتأسّى به،فالنّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله كان أسوة لمن رآه و صحبه،و لا يزال أسوة لمن سمع به و ارتسمت في ذهنه شخصيّته البالغة و خصاله الكاملة الباعثة للاقتداء به.

ص: 380

أ س ي

اشارة

3 ألفاظ،4 مرّات:1 مكّيّة،3 مدنيّة

في 3 سور:1 مكّيّة،2 مدنيّة

تأس 2:-2\تأسوا 1:-1\آسى 1:1

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأسى،مقصور:الحزن على الشّيء،أسي يأسى أسى فهو أسيان،و المرأة أسيى،و الجميع:أسايا، و أسيانون،و أسييات.و يجوز في الوحدان:أسيان و أسوان.[ثمّ استشهد بشعر]

و أسّيته أؤسّيه تأسية،أي عزّيته.و تأسّى مثل تعزّى.

و آسية:اسم امرأة فرعون.

و الآسية،بوزن«فاعلة»:ما أسّس على بنيان فأحكم،ثمّ أسّس ثمّ رفع فوقه بناء غير ذلك،من سارية أو نحوها.و إنّ منزلة فلان عند الملك آسية،على وزن «فاعولة»:لا تزول.(7:332)

أبو زيد: الآسيّ:آثار القوم إذا ارتحلوا من الرّماد و البعر.(175)

الآسيّ:خرثيّ الدّار،و آثارها من نحو قطعة القصعة و الرّماد و البعر.(ابن منظور 14:36)

الأصمعيّ: يقال:أسي يأسى أسى،مقصور،إذا حزن.و رجل أسيان و أسوان،أي حزين.

(الأزهريّ 13:139)

ابن السّكّيت: أسيت على الشّيء فأنا آسى أسى، إذا حزنت عليه،و هو أسيان و أسوان.(619)

نحوه الزّجّاج.(فعلت و أفعلت:44)

ابن أبي اليمان: الأسى:الحزن،يقال منه:أسيت آسى أسى شديدا،قال اللّه جلّ و عزّ: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ المائدة:68.(95)

نحوه المبرّد.(1:352)

ابن دريد: آسيت الرّجل و واسيته مواساة.و أسي الرّجل يأسى أسى شديدا،فهو أسيان،إذا حزن.

ص: 381

و أسّيت الرّجل أوسّيه تأسية و توسية،إذا عزّيته، و تأسّى تأسّيا،إذا تعزّى.و الاسم الأسوة،و الجمع:

الأسى.(1:179)

القاليّ: من الاتّباع قولهم:أسوان أتوان،في الحزن، فأسوان من قولهم:أسي الرّجل يأسى أسى،إذا حزن، و رجل أسيان و أسوان،أي حزين.[إلى أن قال]:

فمعنى قولهم:أسوان أتوان:حزين متردّد،يذهب و يجيء من شدّة الحزن.(2:211)

يقال:أسّاه،أي عزّاه،و يقال:هلمّ نؤسّي فلانا،أي نعزّيه.و الأسى:السّلوّ و الصّبر.

(ذيل الأماليّ:76)

الأزهريّ: يقال:آسيت فلانا بمصيبته،إذا عزّيته؛ و ذلك إذا ضربت له الأسى،و هو أن تقول له:ما لك تحزن؟(13:139)

الجوهريّ: أسّيته تأسية،أي عزّيته.و تأسّى به، أي تعزّى.

و أسي على مصيبته بالكسر،يأسى أسى،أي حزن.و قد أسيت لفلان،أي حزنت له.(6:2268)

ابن فارس: الهمزة و السّين و الياء كلمة واحدة، و هو الحزن،يقال:أسيت على الشّيء آسى أسى،أي حزنت،عليه.(1:106)

نحوه أبو سهل الهرويّ.(18)

الهرويّ: التّأسية:التّعزية،و هو أن تقول:فلان قد أصابه ما أصابك فصبر،فتأسّ به و اقتد.و منه حديث قيلة:«أسّني لما أمضيت و أعنّي على ما أبقيت»قولها:

أسّني،أي عزّني و صبّرني.(1:50)

الثّعالبيّ:الأسى و اللّهف:حزن على الشّيء يفوت.(190)

ابن سيده: أسيت عليه أسى:حزنت.

و رجل آس،و أسيان،و امرأة أسية و أسيانة؛ و الجمع:أسيانون،و أسيانات،و أسايا.

و الآسية:البناء المحكم.

و الآسية:الدّعامة و السّارية.

و أسيت له من اللّحم خاصّة أسيا:أبقيته له.

و الأسيّ:بقيّة الدّار،و خرثيّ المتاع.

و قالوا:كلوا فلم نؤسّ لكم،مشدّد،أي:لم نتعمّدكم بهذا الطّعام،و حكى بعضهم:فلم يؤسّ لكم،أي لم تتعمّدوا به.

و آسية:امرأة فرعون.

و الآسي:ماء بعينه.

و إنّما أثبتّه في بنات الياء،لأنّ اللاّم ياء أكثر منها واوا.[و استشهد بالشّعر مرّتين](8:630)

الأسى:الحزن،أسي على الشّيء يأسى أسا بالألف، و أسى بالياء:حزن،فهو آس و أسيّ و أسيان و أسوان، و هي آسية و أسيانة،الجمع:أسيانون و أسيانات

(الإفصاح 1:658)

الطّوسيّ: الأسى:شدّة الحزن،يقال:أسي يأسى أسى.[ثمّ استشهد بشعر](4:504)

نحوه الطّبرسيّ(2:45)

الرّاغب: الأسى:الحزن،و حقيقته اتّباع الفائت بالغمّ،يقال أسيت عليه أسى و أسيت له،قال تعالى:

فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ المائدة:68.

ص: 382

(18)

الزّمخشريّ: التّأسية:التّعزية،هي تحريض المصاب على الأسى و الصّبر.(الفائق 1:42)

ابن الأثير: في حديث أبيّ بن كعب:«و اللّه ما عليهم آسى،و لكن آسى على من أضلّوا»الأسى، مقصورا مفتوحا:الحزن،أسي يأسى أسى فهو آس.

(1:50)

ابن منظور :أسيت له من اللّحم-خاصّة-أسيا:

أبقيت له.

و الآسية،بوزن«فاعلة»:ما أسّس من بنيان فأحكم أصله من سارية و غيرها.و الآسية:بقيّة الدّار و خرثيّ المتاع.[:أردأ المتاع](14:36)

الفيّوميّ: أسي أسى من باب«تعب»:حزن،فهو أسيّ مثل حزين.(1:15)

نحوه الطّريحيّ.(1:27)

الفيروزآباديّ: أسيت عليه كرضيت أسى:

حزنت،و رجل آس و أسيان،و امرأة آسية و أسيانة، جمعه:أسيانون و أسيانات و أسايا و أسايون و أسييات.

و الآسية من البناء:المحكم،و الدّعامة،و السّارية و الخاتنة،و بنت مزاحم امرأة فرعون.

و أسيت له من اللّحم خاصّة:أبقيت له.

و الأسيّ كغنيّ:بقيّة الدّار،و خرثيّ المتاع.

(4:301)

مجمع اللّغة: أسيت على الشّيء كفرحت آسى أسى:حزنت عليه.(1:39)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أسى على الشّيء:

حزن عليه،و الأسى:الحزن،و التّأساء:التّعزية، و الأسوان:الحزين.(39)

العدنانيّ:[له بحث راجع«أ س و»]

المصطفويّ: الظّاهر من مراجعة موارد استعمال هذه المادّة أنّها«واويّ»و«يائيّ»،أمّا اليائيّ فهي من باب علم يعلم،و قلنا في أسف:أنّ بينهما اشتقاقا أكبر، فمعنى الأسى قريب من الأسف،و هو التّلهّف على ما فات مقرونا بالحزن.و أمّا الواويّ فهي من باب نصر.

و لعلّ مفاهيم المداواة و المعالجة و الإصلاح و الاقتداء مأخوذة من المفهوم السّابق،فالآسي و هو الطّبيب المعالج يريد أن يصلح ما فات من الصّحّة و اعتدال المزاج و يتلهّف عليه و يحزن،و كذلك في اتّخاذ الاتّباع و الاقتداء،ففيه إصلاح ما فات عنه من الانحرافات الفاقدة للخير و الصّلاح،و كذلك التّعزية،فإنّ الصّبر مفتاح الفرج،و به ينجبر ما فات عنه.و كذلك الحزن، فإنّه في مورد التّلهّف على ما فات.

و أمّا الفرق بين الأسى و الأسف فالظّاهر أنّ الأسف كان عبارة عن التّلهّف المستتبع للحزن،و الأسى عبارة عن الحزن المستتبع للتّلهّف.

و قد اشتبهت هذه المادّة على بعض اللّغويّين فخلطوا بين اليائيّة و الواويّة.(1:78)

النّصوص التّفسيريّة

تاس

1- قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ. المائدة:26

ص: 383

ابن عبّاس: فلا تحزن.

مثله السّدّيّ.(الطّبريّ 6:186)

أبو عبيدة: لا تحزن،يقال:أسيت عليه.[ثمّ استشهد بشعر](1:161)

الأخفش: فهي من أسي يأسى أسى شديدا،و هو الحزن.(2:467)

ابن قتيبة: أي لا تحزن،يقال:أسيت على كذا، أي حزنت فأنا آسي أسى.(142)

الطّبريّ: فلا تحزن،يقال منه:أسي فلان على كذا يأسى أسى،و قد أسيت من كذا،أي حزنت.[ثمّ استشهد بشعر](6:185)

الطّوسيّ: خطاب لموسى عليه السّلام أمره اللّه أن لا يحزن على هلاكهم لفسقهم.و الأسى:الحزن،يقال:أسي يأسى أسى،أي حزن.[ثمّ استشهد بشعر](3:491)

نحوه الطّبرسيّ.(2:181)

الميبديّ: الظّاهر أنّ هذا خطاب لموسى عليه السّلام، و يجوز أن يكون خطابا لمحمّد صلّى اللّه عليه و سلم،أي لا تحزن يا محمّد على قوم لم يزل شأنهم المعاصي و مخالفة الرّسل.(3:83)

الزّمخشريّ: فلا تحزن عليهم،لأنّه ندم على الدّعاء عليهم.فقيل:إنّهم أحقّاء لفسقهم بالعذاب، فلا تحزن و لا تندم.(1:606)

مثله النّيسابوريّ(6:76)،و نحوه رشيد رضا (6:336).

أبو حيّان: الظّاهر أنّ الخطاب من اللّه تعالى لموسى عليه السّلام.

قال ابن عبّاس:ندم موسى على دعائه على قومه و حزن عليهم،انتهى.

فهذه مسلاّة لموسى عليه السّلام عن أن يحزن على ما أصاب قومه.و علّل كونه لا يحزن بأنّهم قوم فاسقون بهوت أحقّاء بما نالهم من العقاب.

و قيل:الخطاب لمحمّد صلى اللّه عليه و سلم،و المراد ب(الفاسقين) معاصروه،أي هذه فعال أسلافهم فلا تحزن أنت بسبب أفعالهم الخبيثة معك و ردّهم عليك،فإنّها سجيّة خبيثة موروثة عندهم.(3:459)

الآلوسيّ: أي فلا تحزن لموتهم،أو لما أصابهم فيه من الأسى،و هو الحزن.(6:110)

المراغيّ: الأسى:الحزن،يقال:أسيت عليه أسى و أسيت له،أي فلا تحزن عليهم،لأنّهم فاسقون متمرّدون مستحقّون لهذا التّأديب الإلهيّ.(6:94)

الطّباطبائيّ: فَلا تَأْسَ نهي من الأسى،و هو الحزن،و قد أمضى اللّه تعالى قول موسى عليه السّلام حيث وصفهم في دعائه بالفاسقين.(5:294)

بنت الشّاطئ: الكلمة من آيتي المائدة،خطابا لموسى و محمّد عليهما السّلام: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ المائدة:26، فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ المائدة:68،و معهما آية الأعراف:93، فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ، و الحديد:23 لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ.

و من المادّة جاءت(اسوة حسنة)ثلاث مرّات في آيات«الأحزاب:21،و الممتحنة:4،6»

و قد فسّر الرّاغب«الأسى»بالحزن كذلك،لكنّه ربط الكلمة بأصل معناها في الأسوة و الاتّباع،قال:

ص: 384

و حقيقته اتّباع الفائت بالغمّ،يقال:أسيت عليه أسى و أسيت له فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ..

و أصله من الواو،لقولهم:رجل أسوان،أي حزين.

و الأسو:إصلاح الجرح،و أصله:إزالة الأسى.و الآسي:

طبيب الجرح،انتهى.

و تفسير الأسى بالحزن قريب،و فيه مع هذا القرب أنّ الأسى يكون على ما فات،و قد يتعلّق بصاحبه أو بغيره،أمّا الحزن فقد يكون طارئا فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ يس:76، إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ يوسف:13، و يغلب أن يعبّر عن حالة نفسيّة للحزين،لا مشاركة فيها لآخرين غيره وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ يوسف:84، قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللّهِ يوسف:86، تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ التّوبة:92.

(الإعجاز البيانيّ للقرآن:363)

2- ...فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ. المائدة:68

أبو عبيدة: أي لا تحزن و لا تجزع.

و الأسى:الحزن،يقال:أسي يأسى.[ثمّ استشهد بشعر](1:171)

الطّوسيّ: معناه لا تحزن،تقول:أسي يأسى أسى، إذا حزن.

و هذا تسلية للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ليس بنهي عن الحزن، لأنّه لا يقدر عليه لكنّه تسلية و نهي عن التّعرّض للحزن.(3:591)

مثله القرطبيّ(6:245)،و نحوه الطّبرسيّ(2:224)

الزّمخشريّ: فلا تتأسّف عليهم لزيادة طغيانهم و كفرهم،فإنّ ضرر ذلك راجع إليهم لا إليك،و في المؤمنين غنى عنهم.(1:631)

الفخر الرّازيّ: [مثل الزّمخشريّ و أضاف:]

لا تتأسّف بسبب نزول اللّعن و العذاب عليهم،فإنّهم من الكافرين المستحقّين لذلك.(12:51)

أبو حيّان: أي لا تحزن عليهم،فأقام الظّاهر مقام المضمر،تنبيها على العلّة الموجبة لعدم التّأسّف،أو هو عامّ فيندرجون فيه.(3:531)

الآلوسيّ: أي لا تأسف و لا تحزن عليهم،لزيادة طغيانهم و كفرهم،فإنّ غائلة ذلك موصولة بهم و تبعته عائدة إليهم،و في المؤمنين غنى لك عنهم.و وضع المظهر موضع المضمر للتّسجيل عليهم بالرّسوخ في الكفر.

و قيل:المراد:لا تحزن على هلاكهم و عذابهم، و وضع الظّاهر موضع الضّمير للتّنبيه على العلّة الموجبة لعدم الأسى،و لا يخلو عن بعد.(6:200)

رشيد رضا :أي فلا تحزن عليهم،لأنّهم قوم تمكّن الكفر منهم،و صار وصفا لازما لهم.و هذه نكتة وضع الظّاهر موضع الضّمير،و حسبك اللّه و من اتّبعك من مؤمني قومك و منهم.(6:476)

الطّباطبائيّ: تسلية منه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله في صورة النّهي عن الأسى.(6:66)

فضل اللّه: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ و لما ذا تحمل في نفسك هذا الشّعور العميق من الأسى،ما دمت قد أقمت الحجّة عليهم من اللّه،و أعطيتهم كلّ مشاعر العطف و الحنان بالكلمة و الأسلوب و الجوّ و

ص: 385

العلاقة،و أفسحت لهم المجال للتّراجع عمّا هم عليه من ضلال؟و صبرت على كلّ نوازع الذّاتيّة المعقّدة،و تحمّلت كلّ ألوان الاضطهاد الرّوحيّ و العمليّ بما كانوا يثيرونه حولك من شبهات و شكوك،و ما يقفونه من مواقف سلبيّة؟و لكنّهم استمرّوا في خطّ التّمرّد و الطّغيان، فلم يستجيبوا للحوار الّذي دعوتهم إليه،و لم يتجاوبوا مع دعوة التّفكير و التّأمّل الّتي وجّهتها إليهم،فهم ليسوا من الفئات الّتي تبعث الألم في النّفس عند ما تنحرف عن الخطّ،بل هم من الفئات الّتي توحي بعدم المبالاة،و بالإهمال لكلّ ما يتعلّق بهم لأنّهم واجهوا الرّسالة بذلك الموقف نفسه فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.

(8:276)

تاسوا

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ...

الحديد:23

ابن عبّاس: ليس أحد إلاّ يحزن و يفرح،و لكن من أصابته مصيبة فجعلها صبرا،و من أصابه خير فجعله شكرا.(الطّبريّ 27:235)

ابن قتيبة: أي لا تحزنوا.(454)

مثله الطّبريّ(27:235)،و القرطبيّ(17:258)، و البيضاويّ(2:456)،و الآلوسيّ(27:187)، و المراغيّ(27:179).

المبرّد: ليس المراد من قوله: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ... نفي الأسى و الفرح على الإطلاق بل معناه لا تحزنوا حزنا يخرجكم إلى أن تهلكوا أنفسكم،و لا تعتدّوا بثواب على فوات ما سلب منكم،و لا تفرحوا فرحا شديدا يطغيكم حتّى تأشروا فيه و تبطروا،و دليل ذلك قوله تعالى: وَ اللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ الحديد:23،فدلّ بهذا على أنّه ذمّ الفرح الّذي يختال فيه صاحبه و يبطر.و أمّا الفرح بنعمة اللّه و الشّكر عليها فغير مذموم.(الفخر الرّازيّ 29:238)

الطّوسيّ: أي لا تحزنوا[إلى أن قال]:

و التّأسّي:تخفيف الحزن بالمشاركة في حاله.

(9:533)

الرّازيّ: فإن قيل:كيف قال تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ... الحديد:23، و لا أحد يملك نفسه عند مضرّة تناله أن لا يحزن،و لا عند منفعة تناله أن لا يفرح،و ليرجع كلّ واحد منّا في ذلك إلى نفسه؟

قلنا:ليس المراد بذلك الحزن و الفرح الّذي لا ينفكّ عنه الإنسان بطبعه قسرا و قهرا،بل المراد به الحزن المخرج لصاحبه إلى الذّهول عن الصّبر و التّسليم لأمر اللّه تعالى و رجاء ثواب الصّابرين،و الفرح المطغي الملهي عن الشّكر،نعوذ باللّه منهما.(مسائل الرّازيّ:338)

البروسويّ: يقال:أسي على مصيبته يأسى أسى من باب«علم»،أي حزن.أي أخبرناكم بإثباتها و كتابتها في كتاب كيلا يحصل لكم الحزن و الألم.

(9:375)

المصطفويّ: من الأسى اليائيّ،أي لا تحزنوا و لا تلهّفوا على الفائت.و الأصل:لا تأسيوا.(1:79)

فضل اللّه:فلا تعيشوا السّقوط تحت وطأة الحزن

ص: 386

المدمّر أو البطر،تحت تأثير الفرح الطّاغيّ،عند ما تحدث الخسارة،أو عند ما يأتي الرّبح انطلاقا من صدمة المفاجأة الّتي تثير ذلك هنا و هناك،بل لا بدّ من مواجهة الأمر على أساس أن الحديث السّلبيّ أو الإيجابيّ حالة طبيعيّة في نظام الوجود،لأنّ الخسارة تخضع لأسبابها الاختياريّة أو الاضطراريّة،كما أنّ الرّبح يخضع لذلك، فلا مجال لأيّ شيء طارئ في ذلك،و لا مفاجئات في عمق الأمور،فإذا تمّت للحدث أسبابه فلا بدّ من أن يحدث،من خلال الحتميّة الكونيّة للأشياء،في ما قدّر اللّه لها،تماما كما هي الأشياء الكونيّة في نظام الطّبيعة الخاضع للتّقدير الإلهيّ في التّكوين.

و قد جاء في نهج البلاغة:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

الزّهد كلّه بين كلمتين من القرآن،قال اللّه سبحانه:

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ و من لم يأس على الماضي و لم يفرح بالآتي فقد أخذ الزّهد بطرفيه».

و على ضوء ذلك،فلا بدّ للإنسان من أن يتواضع في حركته،و يتوازن في شعوره،و يثق بالتّقدير الإلهيّ في موارد رزقه،فلا ينتفخ في حالات الفرح،ليتحوّل ذلك عنده إلى حالة استعراضيّة من الخيلاء،أو حالة استكباريّة من الاستعلاء و الفخر،أو حالة أنانيّة خائفة تقوده إلى البخل.(22:41)

اسى

فَتَوَلّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ. الأعراف:93

ابن عبّاس: أحزن.(الطّبريّ 9:6)

مثله الحسن،و السّدّيّ(الطّوسيّ 4:504)، و الطّبرسيّ(2:450)،و الطّباطبائيّ(8:194).

أبو عبيدة: أي أحزن و أتندّم و أتوجّع،و مصدره:

الأسى.[ثمّ استشهد بشعر](1:222)

الطّبريّ: فكيف أحزن على قوم جحدوا وحدانيّة اللّه،و كذّبوا رسله،و أتوجّع لهلاكهم.(9:6)

البغويّ: أحزن؛و الأسى:الحزن،و الأسى:

الصّبر.(2:217)

الزّمخشريّ: الأسى:شدّة الحزن،و قرأ يحيى بن وثّاب(فكيف إيسي)بكسر الهمزة.(2:97)

الفخر الرّازيّ: الأسى:شدّة الحزن.[ثمّ استشهد بشعر]

إذا عرفت هذا فنقول:في الآية قولان:

القول الأوّل:أنّه اشتدّ حزنه على قومه،لأنّهم كانوا كثيرين،و كان يتوقّع منهم الاستجابة للإيمان،فلمّا أن نزل بهم ذلك الهلاك العظيم حصل في قلبه من جهة الوصلة و القرابة و المجاورة و طول الألفة،ثمّ عزّى نفسه، و قال: فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ لأنّهم هم الّذين أهلكوا أنفسهم بسبب إصرارهم على الكفر.

و القول الثّاني:أنّ المراد لقد أعذرت إليكم في الإبلاغ و النّصيحة و التّحذير ممّا حلّ بكم،فلم تسمعوا قولي،و لم تقبلوا نصيحتي فَكَيْفَ آسى عليكم،يعني أنّهم ليسوا مستحقّين بأن يأسى الإنسان عليهم.

(14:182)

القرطبيّ:أي أحزن؛أسيت على الشّيء آسى أسى،و أنا آس.(7:252)

ص: 387

أبو السّعود: أحزن حزنا شديدا.و قرئ(إيسي) بإمالتين.(2:183)

الطّريحيّ: قوله:(آسى)أي أحزن،من قولهم:

أسي أسى،من باب«تعب»:حزن،فهو آس،أي حزين.(1:27)

البروسويّ: أي أحزن حزنا شديدا،فهو مضارع متكلّم من«الأسى»من باب«علم»،و هو شدّة الحزن.

(3:204)

محمّد حسنين مخلوف:أي فكيف أحزن عليكم؟يريد أنّكم لستم مستحقّين لأن يحزن عليكم.

و الأسى:الحزن،و حقيقته اتّباع الفائت بالغمّ،يقال:

أسيت عليه كرضيت أسى:حزنت.(1:271)

المصطفويّ: أي أحزن و أتلهّف على من فسق و كفر.(1:79)

فضل اللّه: فَكَيْفَ آسى و أحزن عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ، لأنّنى أعيش في مشاعري روح الإيمان باللّه؟! و في هذا الجوّ،لا بدّ للمؤمن من أن يتعاطف مع من يحبّون اللّه و يحملون مسئوليّة الحياة بمناهج الحقّ،أمّا من يحبّون أنفسهم و يتمرّدون على اللّه،و يملئون الحياة كفرا و ضلالا و انحرافا،فلا مجال للأسف عليهم،لأنّهم اختاروا طريق الضّلال و الهلاك بملء إرادتهم و اختيارهم،و ما ظلمهم اللّه و لكن كانوا أنفسهم يظلمون.(10:188)

الأصول اللّغويّة

1-في مادّة«أسي»خلاف في اللّفظ و المعنى.أمّا في اللّفظ،فهل أصله«أسي»أو«أسو»أم هما أصلان مستقلاّن؟ثمّ إنّ«أسي»ورد من باب«فرح يفرح»و «فتح يفتح».

و أمّا في المعنى،فهل الأوّل بمعنى الحزن،و الثّاني بمعنى الإصلاح و المداواة؟ثمّ هل الأصل هو الحزن و سائر المعاني متفرّعة منه؟باعتبار أنّ الحزين يتأسّى بمن هو أسوة،أي يساويه في الحزن و يتعزّى به.و بهذه المناسبة انتقل إلى مفهوم الإصلاح و المداواة،فكان منه الآسي:

الطّبيب،و الآسية:الطّبيبة،و منه انتقل إلى السّارية، لأنّها تصلح السّقف بعمدها.

و هناك رأي يقول:بأنّ«أسي»يائيّ و واويّ معا، و اليائيّ يعطي معنى الحزن،و الواويّ يعطي معنى الإصلاح،ثمّ تطوّر هذا الأخير إلى معان مجازيّة.و إنّ التّأسي بالشّخص بمعنى جعله أسوة لإصلاح العمل و معالجة النّفس،و لا علاقة له بالحزن.

2-و قيل في معنى الأسى:الحزن،و الحزن الشّديد، و الأسف على ما فات.فهل بين اللّفظين«الأسى و الأسف»علاقة أو ترادف من جهة المعنى،أو اشتقاق في اللّفظ بتبديل الياء فاء،كما قيل؟

الظّاهر وجود فرق بينهما؛فإنّ«الأسى»نفس الحزن أو الحزن الشّديد،و«الأسف»حالة نفسيّة تعرض عقيب الحزن،كما تقدّم في«أ س ف».

و عليه فتفسير«الأسى»ب«الأسف»تفسير بالمعنى اللاّزم له.

3-و قد لفّق اللّغويّون بين مادّتي(أ س و)و(أ س ي)، فبادرنا إلى فصلهما كما يأتي.

ص: 388

الاستعمال القرآنيّ

1-جاء من مادّة«أسي»في القرآن ثلاث صيغ:

آسى،و لا تأس،و لا تأسوا.

1- فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ

الأعراف:93

2- فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ المائدة:26

3- لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ الحديد:23

و يلاحظ أوّلا:أنّها تلازم في القرآن صيغة المضارع، و لعلّ كون الأسى هو الحزن على ما فات،فهو دائما مسبوق بفوت الشّيء في الماضي،و يوجد مستقبلا لما فات سابقا.

و ثانيا:أنّ الأسى دائما مذموم و منهيّ عنه في القرآن،ففي(1)قال شعيب للكافرين به: يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ، أي لا ينبغي الحزن و التّلهّف على مثل هؤلاء.

و في(2)قال تعالى لموسى عليه السّلام بعد أن دعا على قومه: فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ* قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ.

و في(3):قال تعالى للمؤمنين: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ.

ف«الأسى»و«الأسف»سيّان،من جهة أنّهما مذمومان في القرآن.و السّرّ في ذلك أنّه لا تترتّب عليهما فائدة.بل يوجبان تثبيط العزم و الإرادة،فيصدّان الإنسان عن العمل.

و ثالثا:تقابل الأسى و الفرح في الآية الثّالثة؛الأسى على ما فاته،و الفرح على ما أتاه و لم يفته.و عليه فالأسى:ضدّ الفرح،و الفرح:السّرور،أو شدّة السّرور بما ناله من المنفعة،و الأسى:الحزن،أو الحزن الشّديد على ما فاته منها.لاحظ«أ س و»«أ س ف»و «ح ز ن».

ص: 389

ص: 390

أش ر

اشارة

أشر

لفظ واحد،مرّتان مكّيّتان،في سورة مكّيّة

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأشر:المرح و البطر.و رجل أشر و أشران،و قوم أشارى و أشارى.(6:284)

الأصمعيّ: و في الأسنان الأشر،و هو التّشريف الّذي يكون في الأسنان أوّل ما تنبت.

(الكنز اللّغويّ:191)

الأخفش: و قوله[أبي زيد]

*إن زلّ فوه عن جواد مئشير*

...و مئشير مفعيل من الأشر،يريد أنّه كثير الأشر.

(أبو زيد:237)

أبو عبيد: «روي عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم،أنّه لعن الواشرة و المؤتشرة»،الواشرة:المرأة الّتي تشر أسنانها؛و ذلك أنّها تفلّجها و تحدّدها حتّى يكون لها أشر.

و الأشر:تحدّد و رقّة في أطراف الأسنان،و منه قيل :«ثغر موشّر»و إنّما يكون ذلك في أسنان الأحداث تفعله المرأة الكبيرة،تتشبّه بأولئك،و منه المثل السّائر:

«أعييتني بأشر،فكيف أرجوك بدردر»؛و ذلك أنّ رجلا كان له ابن من امرأة كبرت،فأخذ ابنه يوما منها يرقّصه،و يقول:يا حبّذا در درك!فعمدت أمّه الحمقاء إلى حجر فهتمت أسنانها،ثمّ تعرّضت لزوجها،فقال لها حينئذ:«أعييتني بأشر فكيف بدردر».

(الأزهريّ:11:409)

ابن السّكّيت: يقال:قد أشر أشرا،و رجل أشر و امرأة أشرة.

و يقال:هو رجل أشران و امرأة أشرى-و اللّغة الأولى أكثر-و قوم أشارى و أشارى.(504)

يقال:رجل أشر و أشر.[إذا كان كثير الأشر]

(إصلاح المنطق:99)

ص: 391

و هو أشر الأسنان و أشر،للتّحزيز الّذي فيها.(إصلاح المنطق:102)

و يقال:المئشار،بالهمز،و جمعه:مآشير.و قد أشرت الخشبة،فهي مأشورة،و أنا آشر.

و يقال أيضا:الميشار،بلا همز،و قد و شرت الخشبة، فهي موشورة،و أنا واشر.

و يقال أيضا:منشار.و قد نشرت الخشبة و هي منشورة و أنا ناشر.(إصلاح المنطق:145)

المبرّد: قال الحارث بن ظالم:

*رقيق الحواشي ذو غروب مؤشّر*

و قوله مؤشّر:يعني له أشر،و هو تأشير الأسنان في قول النّاس جميعا،يقال:لأسنانه أشر.فهذا الشّائع الذّائع.(1:387)

الزّجّاج: و أشر الرّجل الشّيء بالحديد يأشره و يأشره بالمنشار.(فعلت و أفعلت:62)

ابن دريد:...و نشرت العود بالمنشار نشرا و و شرته و شرا و أشرته أشرا.في لغة من سمّى المنشار مئشارا،قال الشّاعر:

لقد عيّل الأيتام طعنة ناشره

أ ناشر لا زالت يمينك آشره

أي مأشورة بالمئشار،و هذا«فاعل»في موضع «مفعول»،كقوله تعالى: فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ الحاقّة:

21،في معنى مرضيّة.(2:349)

و أشر الرّجل و غيره أشرا و أرن أرنا؛و هما واحد، إذا نشط.(3:275)

و الأشر:النّشيط.(3:506)

ابن الأنباريّ:إنّ العرب تقول:هو أخير و هو أشر.(أبو حيّان 8:180)

القاليّ: و يقولون:أشر أفر؛فالأشر:البطر المرح، و كذلك الأفر عند ابن الأعرابيّ.(2:215)

الأزهريّ: و الأشر:المرح و البطر،و رجل أشر و أشران،و قوم أشارى و أشارى،و امرأة مئشير،بغير هاء،مثل الرّجل.(11:410)

الجوهريّ: الأشر:البطر،و قد أشر بالكسر، يأشر أشرا،فهو أشر و أشران.و قوم أشارى،مثل سكران و سكارى.

و منه ناقة مئشير،و جواد مئشير،يستوي فيه المذكّر و المؤنّث.

و تأشير الأسنان:تحزيزها،و تحديد أطرافها.

الجعل:مؤشّر العضدين.

و يقال:بأسنانه أشر و أشر،مثال شطب السّيف و شطبه،و أشور أيضا.[و استشهد بالشّعر مرّتين]

(2:579)

ابن فارس: الهمزة و الشّين و الرّاء،أصل واحد يدلّ على الحدّة.من ذلك قولهم:هو أشر،أي بطر متسرّع ذو حدّة.و يقال منه:أشر يأشر.و منه قولهم:

ناقة مئشير«مفعيل»من الأشر.

و رجل أشر و أشر.و الأشر:رقّة و حدّة في أطراف الأسنان.

و أشرت الخشبة بالمئشار،من هذا.[و استشهد بالشّعر مرّتين](1:108)

الثّعالبيّ: الأشر:تحزيز في أطراف الثّنايا،يدلّ

ص: 392

على حداثة السّنّ و قرب المولد.(126)

ابن سيده: أشر الرّجل أشرا،فهو أشر و أشر و أشران:مرح،و يتبع فيقال:أشر أفر،و أشران أفران.

و جمع الأشر و الأشر:أشرون و أشرون،و لا يكسّران؛لأنّ التّكسير في هذين البنائين قليل.و جمع أشران:أشارى و أشارى.

و أشر النّخل أشرا:كثر شربه للماء،فكثرت فراخه.

و أشر الخشبة أشرا:نشرها.

و المئشار:ما أشر به.

و أشر الأسنان و أشرها:التّحزيز الّذي فيها يكون خلقة و مستعملا؛و الجمع:أشور.

و أشر المنجل:أسنانه،و استعمله ثعلب في وصف المعضاد،فقال:المعضاد مثل المنجل ليست له أشر،و هما جميعا على التّشبيه.

و قد أشرت المرأة أسنانها تأشرها أشرا،و أشّرتها:

حزّزتها.و المؤتشرة و المستأشرة:كلتاهما الّتي تدعو إلى أشر أسنانها.و في الحديث«لعنت المأشورة و المستأشرة».

و كل مرقّق مؤشّر.

و التّأشيرة:ما تعضّ به الجرادة.

و التّأشير:شوك ساقيها.

و التّأشير،و المئشار:عقدة في رأس ذنبها كالمخلبين،و هما الأشرتان.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](8:87)

الآشر:شوك ساقي الجرادة.و الأشرة و المئشار:

عقدة في رأس ذنب الجرادة كالمخلبين،و يقال لهما:

الأشرتان و المئشاران،و بهما ترزّ. (1)

و التّأشير و التّأشيرة:ما تعضّ به الجرادة،الجمع:

التّآشير.(الإفصاح 2:898)

الطّوسيّ: يقال:أشر يأشر أشرا،كقولك:بطر يبطر بطرا.و أشر و أشر،مثل حذر و حذر و عجل و عجل و فطن و فطن و نحس و نحس.(9:453)

الرّاغب: الأشر:شدّة البطر،و قد أشر يأشر أشرا،قال تعالى: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ القمر:26،فالأشر أبلغ من البطر،و البطر أبلغ من الفرح.فإنّ الفرح و إن كان في أغلب أحواله مذموما لقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ القصص:76، فقد يحمد تارة إذا كان على قدر ما يجب و في الموضع الّذي يجب،كما قال تعالى: فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا يونس:

58؛و ذلك أنّ الفرح قد يكون من سرور بحسب قضيّة العقل،و الأشر لا يكون إلاّ فرحا بحسب قضيّة الهوى.

و يقال:ناقة مئشير،أي نشيطة،على طريق التّشبيه،أو ضامر من قولهم:أشرت الخشبة.(18)

الزّمخشريّ: فلان بطر أشر،و قوم أشارى:جمع أشران.

و ثغر مؤشّر،و في ثغرها أشر،و هو حسنه و تحزيز أطرافه.

و من المجاز:وصف البرق بالأشر إذا تردّد في لمعانه،و وصف النّبات به إذا مضى في غلوائه.[ثمّ استشهد بشعر](أساس البلاغة:6)ه.

ص: 393


1- رزّت الجرادة ذنبها في الأرض تبيض؛أي:أثبتته.

و الأشر:تحديد الأسنان.(الفائق 4:26)

المدينيّ: في الحديث:«فقطّعوهم بالمآشير»،أي المناشير.و فيه ثلاث لغات:مآشير بالهمز،واحدها:

مئشار،و مواشير واحدها:ميشار،غير مهموز، و مناشير بالنّون،واحدها:منشار،و أنشد:

*أ ناشر لا زالت يمينك آشره*

أي يا ناشرة،و هو نداء مرخّم.

و الآشرة،يعني المأشورة.(1:72)

ابن الأثير: في حديث الزّكاة و ذكر الخيل:

«و رجل اتّخذها أشرا و بذخا»

الأشر:البطر،و قيل:أشدّ البطر.

و منه حديث الزّكاة أيضا:«كأغذّ ما كانت و أسمنه و آشره»،أي أبطره و أنشطه،هكذا رواه بعضهم.

و الرّواية«و أبشره».

و منه حديث الشّعبيّ:«اجتمع جوار فأرنّ و أشرن».

و في حديث صاحب الأخدود:«فوضع المئشار على مفرق رأسه»،المئشار بالهمز:المنشار بالنّون،و قد يترك الهمز،يقال:أشرت الخشبة أشرا،و و شرتها و شرا إذا شققتها،مثل نشرتها نشرا.و يجمع على مآشير و مواشير.و منه الحديث:«فقطّعوهم بالمآشير»أي المناشير.(1:51)

الصّغانيّ: الأشر،بضمّ الشّين،لغة في«الأشر»، بكسرها.و أشير،على«فعيل»بفتح الفاء:بلد بالمغرب.

تأشير الجرادة:الّذي تعضّ به،و الجمع:التّآشير.

(2:403)

الرّازيّ: الأشر:البطر،و بابه«طرب»فهو أشر و أشران.و قوم أشارى بالفتح،مثل سكران و سكارى.

و تأشير الأسنان:تحزيزها و تحديد أطرافها.

و أشر الخشبة بالمئشار،مكسور مهموز،و بابه «نصر».(28)

الفيّوميّ: أشر أشرا فهو أشر من باب«تعب»:

بطر و كفر النّعمة،فلم يشكرها.

و أشر الخشبة أشرا من باب«قتل»:شقّها،لغة في النّون،و المئشار بالهمز من هذه.و الجمع:مآشير،فهو آشر،و الخشبة مأشورة.

و فيه لغة ثالثة بالواو،فيقال:و شرت الخشبة بالميشار،و أصله:الواو،مثل الميقات و الميعاد.

و أشرت المرأة أسنانها:رقّقت أطرافها.و نهي عنه، و في حديث:«لعنت الآشرة و المأشورة».(1:15)

الفيروزآباديّ: أشر كفرح،فهو أشر و أشر و أشر-بالفتح و يحرّك-و أشران:مرح،الجمع:أشرون و أشرون و أشر و أشرى و أشارى و أشارى.

و ناقة مئشير،و جواد مئشير:نشيط.

و أشر الأسنان و أشرها:التّحزيز الّذي فيها يكون خلقة و مستعملا،الجمع:أشور.و أشر المنجل:أسنانه.

و أشرت أسنانها تأشرها أشرا و أشّرتها:حزّزتها.

و المؤتشرة و المستأشرة:الّتي تدعو إلى ذلك.و المؤشّر كمعظّم:المرقّق.

ص: 394

و أشر الخشب بالمئشار:شقّه.و الآشرة:المأشورة.

و التّأشير:ما تعضّ به الجرادة،الجمع:التّآشير، و الآشر:شوك ساقيها،و عقدة في رأس ذنبها كالمخلبين، كالأشرة و المئشار.(1:377)

الزّبيديّ: ...و أمنيّة أشراء«فعلاء»من الأشر، و لا فعل لها.[ثمّ استشهد بشعر]

...و من المجاز وصف البرق بالأشر،إذا تردّد لمعانه.

و وصف النّبت به،إذا مضى في غلوائه.(3:14)

مجمع اللّغة: أشر كفرح،يأشر أشرا:بطر،فهو أشر.و الأشر:البطر و المتسرّع ذو الحدّة.(1:39)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أشر:بطر و فرح و استكبر،فهو أشر.(1:39)

العدنانيّ: أشر على الوثيقة:وقّعها.

و يخطّئ محمّد عليّ النّجّار،في القسم الثّاني من محاضراته عن الأخطاء اللّغويّة الشّائعة،من يقول:أشّر على الصّكّ.و يرى أنّ الصّواب هو:وقّع عليه.

و لكن:يقول المتن:أشّر على كذا:وضع عليه إشارة.«فعل مولّد على توهّم أصالة همزة الإشارة».

و يقول المعجم الكبير:أشّر الرّئيس على الكتاب أو الطّلب:وضع عليه إشارة،برأيه«محدثة».

ثمّ نقل الوسيط ما جاء في المعجم الكبير حرفيّا.

و لم يقل المعجمان الأخيران اللّذان أصدرهما مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة:أنّ المجمع وافق على إشراب الفعل «أشّر»معنى الفعل«وقّع».و لو فعل ذلك لأزال القليل من علامات الاستفهام،الّتي لا تزال تحوم حول معنى الفعل«أشّر».(18)

النّصوص التّفسيريّة

أشر

...بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ* سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ. القمر:25،26

ابن زيد:

الأشر:الّذي لا يبالي ما قال.

مثله عبد الرّحمن بن حمّاد.(القرطبيّ 17:139)

اليزيديّ:المرح.(359)

الفرّاء: قرأ مجاهد وحده:الأشر،[و في رواية أخرى]أنّه قرأ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ و هو بمنزلة قولك في الكلام:رجل حذر و حذر،و فطن و فطن، و عجل و عجل.(3:108)

أبو عبيدة: ذو التّجبّر و الكبرياء،و ربّما كان النّشاط.(2:241)

ابن قتيبة: المرح المتكبّر.(433)

الطّبريّ: يعنون بالأشر المرح،ذا التّجبّر و الكبرياء.و المرح من النّشاط.

و بكسر الشّين من«الأشر»و تخفيف الرّاء قرأت قرّاء الأمصار.[ثمّ ذكر قراءة مجاهد:«الأشر»بضمّ الشّين و تخفيف الرّاء و قال:]

و الصّواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار،لإجماع الحجّة من القرّاء عليه.(27:100)

نفطويه:لجوج في الكذب.و إذا قيل:فعل ذلك أشرا أو بطرا،فالمعنى لجّ في البطر.(الهرويّ 1:52)

ص: 395

1Lالسّجستانيّ:

مرح متكبّر،و ربّما كان المرح من النّشاط.(26)

الطّوسيّ: (أشر)،أي بطر؛فالأشر:البطر الّذي لا يبالي ما قال.و قيل:هو المرح الطّالب للفخر و عظم الشّأن،فقال اللّه تعالى على وجه التّهديد لهم:

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ.

و قرأ أبو قلابة (الكذّاب الأشرّ) و هذا ضعيف، لأنّهم يقولون:هذا خير من ذا و شرّ من ذا،و لا يقال:

أشرّ،و لا أخير،إلاّ في لغة رديئة.(9:453)

البغويّ: بطر متكبّر،يريد أن يتعظّم علينا بادّعائه النّبوّة،و الأشر:المرح و التّجبّر.(6:229)

نحوه الميبديّ(9:392)،و البيضاويّ(2:437)، و النّسفيّ(4:204)،و الشّربينيّ(4:204)،و أبو السّعود(5:120)،و الكاشانيّ(5:102)،و شبّر(6:

116)،و الطّباطبائيّ(19:80).

الزّمخشريّ: بطر متكبّر حمله بطره و شطارته و طلبه التّعظّم علينا على ادّعاء ذلك.

...مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ و قرئ(الأشر)بضمّ الشّين،كقولهم:حدث و حدث و حذر و حذر و أخوات لها.و قرئ(الأشرّ)و هو الأبلغ في الشّرارة.و«الأخير و الأشرّ»أصل قولهم:هو خير منه و شرّ منه،و هو أصل مرفوض.

و قد حكى ابن الأنباريّ قول العرب:هو أخير و أشرّ،و ما أخيره و ما أشرّه.(4:39)

نحوه النّيسابوريّ.(27:53)

الطّبرسيّ:

و قراءة أبي قلابة (الكذّاب الاشرّ) بالتّشديد،و قراءة مجاهد:(الأشر)بضمّ الشّين خفيفة.

و قوله:(الأشرّ)بتشديد الرّاء هو الأصل المرفوض،لأنّ أصل قولهم:هذا خير منه و شرّ منه:هذا أخير منه و هذا أشرّ منه،فكثر استعمال هاتين الكلمتين فحذفت الهمزة منهما.

و أمّا(الأشر)فإنّه ممّا جاء على«فعل»و«فعل» من الصّفات،كحذر و حذر و يقظ و يقظ و وطف و وطف و عجز و عجز.

(أشر)،أي بطر متكبّر يريد أن يتعظّم علينا بالنّبوّة.

ثمّ قال سبحانه: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ و هذا وعيد لهم،أي سيعلمون يوم القيامة إذا نزل بهم العذاب أ هو الكذّاب أم هم في تكذيبه؟و هو الأشر البطر أم هم؟فذكر مثل لفظهم مبالغة في توبيخهم و تهديدهم.

(5:190)

الفخر الرّازيّ: و قولهم:(أشر)إشارة إلى أنّه كذب لا لضرورة و حاجة إلى خلاص كما يكذب الضّعيف،و إنّما هو استغنى و بطر و طلب الرّئاسة عليكم، و أراد اتّباعكم له؛فكان كلّ وصف مانعا من الاتّباع، لأنّ الكاذب لا يلتفت إليه،و لا سيّما إذا كان كذبه لا لضرورة.

و قرئ(أشرّ)فقال المفسّرون بهذا على الأصل المرفوض في«الأشرّ و الأخير»على وزن أفعل التّفضيل، و إنّما رفض الأصل فيه،لأنّ«أفعل»إذا فسّر قد يفسّر بأفعل أيضا،و الثّاني بأفعل ثالث،مثاله:إذا قال:ما معنى الأعلم؟يقال:هو الأكثر علما،فإذا قيل:الأكثر ما ذا؟ فيقال:الأزيد عددا أو شيء مثله،فلا بدّ من أمر يفسّر به«الأفعل»لا من بابه،فقالوا:أفعل التّفضيل و الفضيلة

ص: 396

أصلها الخير،و الخير أصل في باب«أفعل»فلا يقال فيه:

أخير.

ثمّ إنّ الشّرّ في مقابلة الخير يفعل به ما يفعل بالخير، فيقال:هو شرّ من كذا.و خير من كذا.و الأشرّ في مقابلة الأخير.

ثمّ إنّ«خيرا»يستعمل في موضعين:

أحدهما:مبالغة الخير ب«فعل»أو«أفعل»على اختلاف،يقال:هذا خير و هذا أخير.

و ثانيهما:يستعمل في مبالغة خير على المشابهة لا على الأصل،فمن يقول:أشرّ،يكون قد ترك الأصل المستعمل،لأنّه أخذ في الأصل المرفوض بمعنى هو شرّ من غيره،و كذا معنى«الأعلم»أنّ علمه خير من علم غيره،أو هو خير من غرّة الجهل،كذلك القول في «الأضعف»و غيره.(29:51)

القرطبيّ:

أي ليس كما يدّعيه،و إنّما يريد أن يتعاظم و يلتمس التّكبّر علينا من غير استحقاق.

و الأشر:المرح و التّكبّر و النّشاط،يقال:فرس أشر،إذا كان مرحا نشيطا.[إلى أن قال:]

و قيل:إنّه المتعدّي إلى منزلة لا يستحقّها،و المعنى واحد.

و قرأ أبو جعفر،و أبو قلابة(أشرّ)بفتح الشّين و تشديد الرّاء،يعني به أشرّنا و أخبثنا.

قال أبو حاتم:لا تكاد العرب تتكلّم بالأشرّ و الأخير إلاّ في ضرورة الشّعر.

و إنّما يقولون:هو خير قومه،و هو شرّ النّاس،قال اللّه تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ آل عمران:

110،و قال: فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً مريم:75.

و عن أبي حيوة بفتح الشّين و تخفيف الرّاء،و عن مجاهد،و سعيد بن جبير ضمّ الشّين و الرّاء و التّخفيف، قال النّحّاس:هو معنى«الأشر»و مثله رجل حذر و حذر[و استشهد بالشّعر مرّتين].(17:138)

أبو حيّان:(أشر)أي بطر يريد العلوّ علينا،و أن يقتادنا و يتملّك طاعتنا.

و قرأ قتادة،و أبو قلابة: (بل هو الكذّاب الاشرّ) بلام التّعريف فيهما و بفتح الشّين و شدّ الرّاء،و كذا (الأشر)الحرف الثّاني.

و قرأ الحرف الثّاني مجاهد-فيما ذكر صاحب «اللّوامح»و أبو قيس الأوديّ-(الأشر)بثلاث ضمّات، و تخفيف الرّاء.

و يقال:أشر و أشر كحذر و حذر؛فضمّة الشّين لغة و ضمّ الهمزة تبع لضمّة الشّين.و حكى الكسائيّ عن مجاهد:ضمّ الشّين.

و قرأ أبو حيوة هذا الحرف الآخر«الأشر»أفعل تفضيل،و إتمام خير و شرّ في أفعل التّفضيل قليل.

(8:18)

نحوه الآلوسيّ.(27:89)

الطّريحيّ:

و الأشر)بكسر الشّين:الفرح البطر، كأنّه يريد كفران النّعمة و عدم شكرها.(3:207)

البروسويّ: حمله بطره على التّرفّع علينا بما ادّعاه.

و أشر:اسم فاعل كفرح،بمعنى المعجب و المجادل و السّفيه،و بابه«علم».(9:277)

ص: 397

1Lسيّد قطب:

شديد الطّمع في اختصاص نفسه بالمكانة،و هو الاتّهام الّذي يواجه به كلّ داعية،اتّهامه بأنّه يتّخذ الدّعوة ستارا لتحقيق مآرب و مصالح،و هي دعوى لمطموسين الّذين لا يدركون دوافع النّفوس و محرّكات القلوب.

و بينما يجري السّياق على أسلوب الحكاية لقصّة غبرت في التّاريخ يلتفت فجأة و كأنّما الأمر حاضر، و الأحداث جارية،فيتحدّث عمّا سيكون،و يهدّد بهذا الّذي سيكون، سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ.

و هذه إحدى طرق العرض القرآنيّة للقصص،و هي طريقة تنفخ روح الحياة الواقعيّة في القصّة،و تحيلها من حكاية تحكى إلى واقعة تعرض على الأنظار،يترقّب النّظّارة أحداثها الآن،و يرتقبونها في مقبل الزّمان:

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ و سيكشف لهم الغد عن الحقيقة،و لن يكونوا بمنجاة من وقع هذه الحقيقة،فستكشف عن البلاء المدمّر للكذّاب الأشر.

(6:3432)

المراغيّ:

شديد البطر.

و البطر:دهش يعتري الإنسان من سوء احتمال النّعمة و قلّة القيام بحقّها.(27:88)

حجازيّ:

هو المرح و التّجبّر و النّشاط مع التّعاظم.

(27:37)

المصطفويّ: من يكذب بطرا و باقتضاء الهوى و بالحدّة.(1:80)

الأصول اللّغويّة

1-أصل هذه المادّة يدلّ على النّشاط و السّرور المفرط؛بحيث يخرج الإنسان عن الحالة الطّبيعيّة، فلا يبالي؛بما يقول و يفعل.ثمّ إنّ فيه نوعا من الحدّة و العجلة.

2-ثمّ انتقل إلى حدّة في الجسم مثل الأسنان،و منه «المئشار»بمعنى المنشار،لأنّ فيه حدّة.

3-و لو قيل:إنّ الأصل فيه هو الحدّة في الأسنان -لأنّه المشاهد أوّلا،ثمّ انتقل إلى حدّة في الخلق،أي النّشاط المفرط-لما كان بعيدا عن الصّواب.و هذا هو دأبنا في كثير من أصول اللّغات.

و يناسبه أيضا أنّ الفرح و السّرور المفرط يظهر أوّل ما يظهر في الأسنان،و لهذا قيل:لا أضحك اللّه سنّ الدّهر.

4-فالمادّة بالمعنى الأوّل صفة ذمّ للإنسان دائما، و أمّا بالمعنى الثّاني فقد يجيء في المدح لغير الإنسان،مثل:

في أسنانها أشر،بل في الإنسان أيضا.

الاستعمال القرآنيّ

*جاء(اشر)في سورة مكّيّة مرّتين:

أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ* سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ القمر:25،26

و يلاحظ أوّلا:أنّ التّنكير في الأولى«للتّفخيم أو للتّحقير»،و التّعريف في الثّانية من باب العهد الذّكريّ،

ص: 398

مثل:جاءني رجل فضربت الرّجل.و يفيد التّفخيم أو التّحقير أيضا،و الجملة الثّانية ردّ لقولهم،و أريد به:

أنّكم أنتم الكذّابون الأشرون،و سيتبيّن ذلك.

و ثانيا:يبدو أنّ مجيء هذا اللّفظ-على قلّته-في القرآن في سورة القمر الّتي رويّ آياتها«راء»لرعاية الرّويّ،و هذا هو الغالب في كلّ لفظ شذّ وروده في القرآن في آخر الآيات.

و ثالثا:يبدو أنّ«أشرا»أبلغ في معناه من«البطر»كما أنّ البطر-على ما قاله الرّاغب-أبلغ من الفرح.و الفرح منه ممدوح،مثل: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا يونس:58،و منه مذموم مثل: إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ القصص:76،و أمّا الأشر فهو-كما قلنا-يستعمل دائما في ذمّ الإنسان.

و رابعا:وصف الكذّاب مع الأشر،فيه تأكيد يدلّ على منتهى الفرح و البطر.كما أنّ الكذّاب مبالغة في الكذب،فالمراد أنّه يكذب كثيرا،و هو فرح بذلك لا يبالي بما يقول و بما يقال فيه.كما يدلّ على عجلة و حدّة،كأنّه منشار يقطع الفكر و العمل،و مثل المنشار يردّ النّجارة،و اللّه تعالى يردّ عليهم بمثل ذلك،ففي الآيتين افتراء و ردّ عليه مثل عمل المنشار.

و خامسا:مدار الآيتين ذمّ لقوم ثمود الّذين ينعتهم القرآن بأنّهم كانوا أشدّاء فارهين: وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ الشّعراء:149،فهم كانوا يتحمّلون المشاقّ في نحت الجبال بالمناشير كعادة لهم.فمن هذا المنطلق قاسوا النّبيّ«صالحا»بأنفسهم،و وصموه بالبطر في القول و الحدّة في ادّعاء النّبوّة،و أنّه(كذّاب اشر).فردّ اللّه عليهم بأنّهم سيعلمون غدا يوم تبلى السّرائر و تنجلي البواطن أيّهما المتّصف بذلك:النّبيّ «صالح»أم قومه«ثمود»؟

و إنّ سيرتهم في الحياة و شظف عيشهم،نعم الشّاهد على أنّهم المتّصفون بتلك الصّفات و ستزيد اشتدادا وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلاً الإسراء:72.

ص: 399

ص: 400

أ ص د

اشارة

مؤصدة

لفظ واحد،مرّتان مكّيّتان،في سورتين مكّيّتين

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الإصد و الإصاد و الوصاد اسم،و الإيصاد المصدر.

و الإصاد و الإصد،هما بمنزلة المطبق،يقال:أطبق عليهم الإصاد و الوصاد و الإصد.و أصدت عليهم و أوصدته،و الهمز أعرف.و نارٌ مُؤْصَدَةٌ، البلد:

20،أي مطبقة.(7:145)

الأحمر:الأصيد:الفناء،و آصدت الباب و أوصدته،إذا أغلقته.(الأزهريّ 12:222)

الكسائيّ: أوصدت الباب و آصدته:إذا رددته.

(أبو زرعة:766)

مثله الفرّاء،و المبرّد،و الزّجّاج.

(الفخر الرّازيّ 31:188)

الفرّاء: يقال:من هذا[آصد]الأصيد و الوصيد، و هو الباب المطبق.(الفخر الرّازيّ 31:188)

أبو عبيدة: أصدت و أوصدت،إذا أطبقت،و معنى مؤصدة،أي مطبقة عليهم.(الأزهريّ 12:222)

نحوه أبو حيّان.(8:473)

ابن السّكّيت: آصدت الباب و أوصدته.و قرئ:

(انّها عليهم موصدة)و(مؤصدة)،أي مطبقة.

(إصلاح المنطق:159)

الأصيدة:الحظيرة من الغصنة،جمع غصن.

(إصلاح المنطق:356)

نحوه الأمويّ.(الأزهريّ 12:222)

ثعلب: الأصدة:الصّدرة.(الأزهريّ 12:222)

ابن دريد: آصدت إيصادا،إذا لبست المؤصّد و الأصدة،و هي بقيرة صغيرة يلبسها الصّبيان.[ثمّ استشهد بشعر](3:275)

السّجستانيّ: يقال:أوصدت الباب و آصدته، إذا أطبقته.(219)

ص: 401

الأزهريّ:قال أبو مالك:أصدتنا مذ اليوم،أي آذبتنا إصادة.(12:222)

الجوهريّ: الأصدة،بالضّمّ:قميص يلبس تحت الثّوب،و تلبسه أيضا صغار الجواري.

تقول:أصّدته تأصيدا.

و الأصيد:لغة في الوصيد،و هو الفناء.

و الأصيدة كالحظيرة:لغة في الوصيدة.

و آصدت الباب:لغة في أوصدته،إذا أغلقته،و منه قرأ أبو عمرو: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ الهمزة:8، بالهمز.

و كان مجرى داحس و الغبراء من ذات الإصاد،و هو موضع،و كانت الغاية مائة غلوة.

و الإصاد هي ردهة بين أجبل.(2:441)

الوصيد:الفناء.و أوصدت الباب و آصدته،إذا أغلقته.و أوصد الباب على ما لم يسمّ فاعله،فهو موصد، مثل أوجع فهو موجع.و منه قوله تعالى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ قالوا:مطبقة.

و الوصيدة كالحظيرة تتّخذ للمال إلاّ أنّها من الحجارة،و الحظيرة من الغصنة.تقول منه:استوصدت في الجبل:إذا اتّخذته.

و الوصيد:النّبات،المتقارب الأصول.(2:550)

ابن فارس: الهمزة و الصّاد و الدّال شيء يشتمل على الشّيء،يقولون للحظيرة:أصيدة،سمّيت بذلك لاشتمالها على ما فيها.و من ذلك الأصدة،و هو قميص صغير يلبسه الصّبايا.و يقال:صبيّة ذات مؤصّد.[ثمّ استشهد بشعر](1:110)

الواو و الصّاد و الدّال أصل يدلّ على ضمّ شيء إلى شيء.

و أوصدت الباب:أغلقته.

و الوصيد:النّبت المتقارب الأصول.

و الوصيد:الفناء،لاتّصاله بالرّبع.

و الموصد:المطبق،و قال تعالى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. (6:117)

ابن سيده: الأصدة،و الأصيدة،و المؤصّدة:صدار تلبسه الجارية،فإذا أدركت درّعت.

و قيل:الأصدة:ثوب لا كمّي له تلبسه العروس و الجارية الصّغيرة.

و الأصيدة:كالحظيرة.

و أصد الباب:أطبقه،كأوصده.

و أصد القدر:أطبقها؛و الاسم منهما:الإصاد، و الأصاد،كالمطبق؛و جمعه:أصد.

و الأصيد:الفناء،و الوصيد أكثر.

و ذات الإصاد:موضع.[و استشهد بالشّعر مرّتين]

(8:350)

الأصدة و المؤصدة:بقيرة صغيرة تلبسها الصّبيان، و قيل:قميص صغير بلا أكمام تلبسه الصّغيرة،فإذا كبرت درّعت.و أصّدت:عملت.(الإفصاح 1:376)

الرّاغب: الوصيدة:حجرة تجعل للمال في الجبل، يقال:أوصدت الباب و آصدته،أي أطبقته و أحكمته.

قال:(عليهم نار موصدة)البلد،20،و قرئ بالهمز:

مطبقة.

و الوصيد:المتقارب الأصول.(525)

ص: 402

الزّمخشريّ: آصدت الباب و أوصدته:أغلقته.

و باب مؤصد و قدر موصدة:مطبقة.

و تقول:هو بالشّرّ مرصد،و باب الخير عنه مؤصد.

(أساس البلاغة:7)

ابن الأثير: في حديث أصحاب الغار«فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده»أي سدّه،يقال:أوصدت الباب و آصدته،إذا أغلقته.و يروى بالطّاء.(5:191)

الرّازيّ:الأصيد:لغة في الوصيد،و هو الفناء، و آصدت الباب،بالمدّ،لغة في أوصدته،إذا أغلقته.(18)

القرطبيّ: أهل اللّغة يقولون:أوصدت الباب و آصدته،أي أغلقته.فمن قال:أوصدت فالاسم الوصاد،و من قال:آصدته فالاسم الإصاد.(20:72)

الفيّوميّ: الوصيد:الفناء و عتبة الباب.و أوصدت الباب،بالألف:أطبقته.(2:661)

الفيروزآباديّ: الأصدة،بالضّمّ:قميص صغير للصّغيرة،أو يلبس تحت الثّوب كالأصيدة و المؤصدة، و قد أصّدته تأصيدا.

و بالكسر:مجتمع القوم،جمعه:ككسر.

و الأصيد:الفناء،و بهاء:الحظيرة.

و آصد الباب:أغلقه كأوصده.

و الإصاد ككتاب:ردهة بين أجبل،و الطّباق كالآصدة.(1:284)

و أوصد الباب،و آصده:أطبقه و أغلقه،و منه قوله تعالى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ الهمزة:8،أي مطبقة.

و أوصد و استوصد:اتّخذ حظيرة.

(بصائر ذوي التّمييز 5:222)

مجمع اللّغة: أصّد الباب يؤصّده و آصده يؤصده:

أطبقه و أغلقه،و اسم المفعول من آصد مؤصد،و مؤنّثه مؤصدة.و مثله أوصده يوصده فهو مؤصد.(1:39)

أبو رزق:مؤصدة:مطبقة،أوصدت و آصدت الباب،إذا أطبقته.(2:195)

محمّد إسماعيل إبراهيم:أصد الباب:أطبقه و أغلقه،فهو مؤصد.(39)

النّصوص التّفسيريّة

مؤصدة

1-عليهم نار مؤصدة.البلد:20

ابن عبّاس: مطبقة.(الطّبرسيّ 5:496)

مثله أبو هريرة،و سعيد بن جبير،و مجاهد،و عكرمة ،و الحسن،و العوفيّ،و ابن كعب القرظيّ،و قتادة، و السّدّيّ.(ابن كثير 7:298)،و الضّحّاك(الطّوسيّ 10:355)،و الطّباطبائيّ(20:294).

مغلقة الأبواب.(ابن كثير 7:298)

مثله الضّحّاك.(الطّبريّ 30:207)

الضّحّاك: حيط لا باب له.(ابن كثير 7:298)

قتادة: أي مطبقة،أطبقها اللّه عليهم،فلا ضوء فيها و لا فرج و لا خروج منها آخر الأبد.

(الطّبريّ 30:207)

مقاتل: يعني إنّ أبوابها عليهم مطبقة،فلا يفتح لهم باب و لا يخرج عنها غمّ،و لا يدخل فيها روح آخر الأبد.(الطّبرسيّ 5:496)

نحوه الطّريحيّ.(3:161)

ص: 403

الفرّاء:تهمز و لا تهمز،و هي المطبقة.(3:266)

أبو عبيدة: مطبقة،آصدت و أوصدت،و هو أطبقت.(2:299)

ابن قتيبة: أي مطبقة مغلقة،يقال:أوصدت الباب،إذا أطبقته و أغلقته.(529)

نحوه المراغيّ.(30:161)

الطّبريّ: عليهم نار جهنّم يوم القيامة مطبقة،يقال منه:أوصدت و آصدت.(30:206)

ابن خالويه: (مؤصدة):نعت للنّار.فمن همز أخذه من آصدت،أي أطبقت،و من لم يهمز أخذه من أوصدت.(95)

أبو زرعة: قرأ أبو عمرو،و حمزة،و حفص (مؤصدة)بالهمز.و قرأ الباقون بغير همز.

فمن همزه جعله«مفعلة»من آصدت الباب،أي أطبقته،مثل آمنت،فاء الفعل«همزة»،تقول:آصد يؤصد إيصادا.و من ترك الهمز جعله من أوصد يوصد إيصادا،فاء الفعل«واو».(766)

الطّوسيّ: قرأ أبو عمرو،و حمزة،و حفص،و خلف:(مؤصدة)بالهمز،الباقون بغير همز،و هما لغتان، يقال:أصدت الباب أوصده إيصادا فهو مؤصد بالهمز، و أوصدته فهو موصد بغير همز.

و الوصيد:الباب،من أوصدت.(10:353)

القشيريّ: عليهم نار مطبقة،يعني أبواب النّيران عليهم مغلقة.(6:299)

البغويّ: مطبقة عليهم أبوابها،لا يدخل فيها روح،و لا يخرج منها غمّ.

قرأ أبو عمرو،و حمزة،و حفص بالهمزة هاهنا،و في «الهمزة».و قرأ الآخرون بلا همزة،و هما لغتان.يقال:

آصدت الباب و أوصدته،إذا أغلقته و أطبقته.

و قيل:معنى الهمزة:المطبقة،و غير الهمزة:المغلقة.

(7:209)

مثله الميبديّ(10:500)،و نحوه البيضاويّ

(2:56).

الزّمخشريّ: قرئ(مؤصدة)بالواو و الهمزة من أوصدت الباب و آصدته،إذا أطبقته و أغلقته.

و عن أبي بكر ابن عيّاش:لنا إمام يهمز(مؤصدة) فأشتهي أن أسدّ أذنيّ إذا سمعته.(4:257)

الطّبرسيّ: قرأ أبو عمرو و أهل الكوفة غير عاصم (مؤصدة)بالهمزة،و الباقون بغير همزة،و يعقوب مختلف عنه.

و أوصدت الباب و أصدته لغتان،فمن لم يهمز (موصدة)احتمل أمرين:أحدهما أن يكون على لغة من قال:أوصدت،و الوجه الآخر أن يكون من آصدت،ثمّ خفّفت الهمزة فقلبت واوا،كما جاء في جونة و تووي.

و من همزه(مؤصدة)فهو من أصدت.

و أبو عمرو يترك الهمزة السّاكنة و يبدلها واوا إذا انضمّ ما قبلها،نحو يؤمنون،مؤمنين،و يبدلها ألفا إذا انفتح ما قبلها،و ياء إذا انكسر ما قبلها،و لا يبدلها في نحو قوله:

(مؤصدة)بل يهمزها،لأنّ(مؤصدة)بالهمز هي لغة من قال:أصدت الباب،و الباب مؤصدة.

و أبو عمرو على هذه اللّغة فلا يترك الهمز إذا احتاج أن يترك لغته و ينتقل عنها إلى لغة أخرى،و كذلك

ص: 404

لا يترك الهمز في قوله: تُؤْوِي إِلَيْكَ الأحزاب:51؛ لأنّه لو أبدلها واوا و بعدها واو اجتمع واوان،و اجتماعهما أثقل من الهمزة.(5:491)

نحوه الفخر الرّازيّ(31:188)،و أبو حيّان(8:

476).

الفخر الرّازيّ: [مثل قتادة و أضاف:]و قيل:المراد إحاطة النّيران بهم،كقوله: أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها الكهف:29.

و المؤصدة هي الأبواب،و قد جرت صفة للنّار على تقدير:عليهم نار مؤصدة الأبواب.

فكلّما تركت الإضافة عاد التّنوين؛لأنّهما يتعاقبان.

(31:188)

القرطبيّ: أي مطبقة مغلقة.

و قيل:مبهمة،لا يدرى ما داخلها.(20:72)

النّيسابوريّ:أوصدت الباب و آصدته بالواو و بالهمز،أي أطبقته و أغلقته.و الإيصاد بالحقيقة:صفة أبواب النّار،أي مؤصدة أبوابها،فهو من الإسناد المجازيّ و قيل:أراد إحاطة النّار بهم من جميع الجوانب.

(30:103)

ابن كثير: أي مطبقة عليهم فلا محيد لهم عنها، و لا خروج لهم منها.(7:298)

البروسويّ: أي نار أبوابها مغلقة،فلا يفتح لهم باب،فلا يخرج منها غمّ و لا يدخل فيها روح أبد الآباد.

إلاّ أنّها جعلت صفة للنّار إشعارا بإحاطتهم،فأصل التّركيب:مؤصدة الأبواب،فلمّا تركت الإضافة عاد التّنوين إليها،لأنّهما يتعاقبان،من أوصدت الباب-من المعتلّ الفاء-و آصدته بالمدّ-من المهموز مثل آمن-إذا أطبقته و أغلقته و أحكمته.

فمن قرأها(مؤصدة)بالهمزة،جعلها اسم مفعول من آصدت،و من لم يهمزها أخذها من أوصدت،مثل:

أوعد فهو موعد و ذلك موعد.و يحتمل أن يكون من آصد مثل آمن،لكنّه قلبت همزته السّاكنة واوا لضمّة ما قبلها للتّخفيف.

و كان أبو بكر ابن عيّاش راوي عاصم يكره الهمزة في هذا الحرف،و يقول:لنا إمام يهمز(مؤصدة)فأشتهي أن أسدّ أذنيّ إذا سمعته،و كأنّه لم يحفظه عن شيخه إلاّ بترك الهمزة.و قد حفظه حفص بالهمزة،و هو أضبط للحرف من أبي بكر على ما نقله القرّاء،و إن كان أبو بكر أكبر و ألقن و أوثق عند أهل الحديث.و فيه إشارة إلى أنّ نار الحجاب و الخذلان و الخسران مؤصدة على النّفس الأمّارة.(10:440)

الآلوسيّ: [لخّص كلام الطّبرسيّ و أضاف:]

و المراد مغلقة أبوابها،و إنّما أغلقت لتشديد العذاب -و العياذ باللّه تعالى-عليهم،و صرّح بوعيدهم و لم يصرّح بوعد المؤمنين؛لأنّه الأنسب بما سيق له الكلام، و الأوفق بالغرض و المرام؛و لذا جيء بضمير الفصل معهم لإفادة الحصر.(30:140)

القاسميّ: أي مطبقة أبوابها،كناية عن حبسهم المخلّد فيها،و سدّ سبل الخلاص منها.(17:6165)

سيّد قطب: أي مغلقة،إمّا على المعنى القريب،أي أبوابها مغلقة عليهم و هم في العذاب محبوسون،و إمّا على لازم هذا المعنى القريب،و هو أنّهم لا يخرجون منها.

ص: 405

فبحكم إغلاقها عليهم لا يمكن أن يزايلوها،و هذان المعنيان متلازمان.(6:3914)

المراغيّ: أي عليهم نار تطبق عليهم فلا يستطيعون الفكاك منها و لا الخلاص من عذابها.

(30:164)

نحوه فضل اللّه(24:276)

2- إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. الهمزة:8

ابن عبّاس: مطبقة.

مثله الضّحّاك،و الحسن،و العوفيّ،و قتادة.

(الطّبريّ 30:294)

و مثله الزّمخشريّ(4:284)،و الآلوسيّ(30:

232).

مغلقة.(الطّبريّ 30:294)

مثله عزّة دروزة.(2:16)

مجاهد: مغلقة بلغة قريش.(القرطبيّ 20:185)

ابن زيد:مطبقة،و العرب تقول:أوصد الباب:

أغلق.(الطّبريّ 30:295)

الأخفش: من أأصد يؤصد،و بعضهم يقول:

أوصدت،فذلك لا يهمزها مثل أوجع فهو موجع،و مثله أ أكف و أوكف،يقالان جميعا.(2:743)

ابن قتيبة: أي مطبقة مغلقة،يقال:أوصدت الباب،إذا أطبقته:أغلقته.(529)

نحوه البغويّ.(7:241)

الطّبريّ: مطبقة،و هي تهمز و لا تهمز،و قد قرئتا جميعا.(30:294)

ابن خالويه: (مؤصدة)فمن همز-و هو مذهب أبي عمرو و حمزة-أخذه من آصدت الباب،فاء الفعل «همزة»،و دخلت عليها ألف القطع مثل آمنت، و الأصل:أ أصدت و أ أمنت.و المصدر:آصد يؤصد إيصادا فهو مؤصد،مثل آمن يؤمن إيمانا فهو مؤمن، و المفعول به مؤمن و مؤصد،بفتح الميم و الصّاد.

و من لم يهمز أخذه من أوصد يوصد إيصادا،فاء الفعل«واو»،و لا يجوز همزه،مثل أورى يوري، و أوفض يوفض،و أوقد يوقد.(186)

القيسيّ: من همزه جعله من آصدت الباب،إذا أطبقته،لغة معروفة.و من لم يهمزه ففيه وجهان:جعله مخفّفا من الهمز،و يجوز أن يكون جعله من أوصدت،لغة مشهورة أيضا فيه،و هو مثل قولهم:وكّدت و أكّدت، و التّأكيد و التّوكيد بمعنى،و أرّخت الكتاب و ورّخته، لغتان.

و قوله تعالى: بِالْوَصِيدِ الكهف:18،يدلّ على أوصدت بالواو،و لو كان من آصدت كان«بالأصيد».

(2:500)

الطّوسيّ: مطبقة،يقال:أصدت الباب أوصده، إذا أطبقته،و أوصدته إيصادا،لغتان.و منه قوله:

وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ الكهف:18.

(10:408)

نحوه البيضاويّ(2:575)،و أبو السّعود(5:

284).

الطّبرسيّ:يعني أنّها على أهلها مطبقة،يطبق أبوابها عليهم تأكيدا للإياس عن الخروج.(5:538)

الفخر الرّازيّ: أي مطبقة،من أصدت الباب

ص: 406

و أوصدته،لغتان.و لم يقل:مطبقة،لأنّ المؤصدة هي الأبواب المغلقة،و الإطباق لا يفيد معنى الباب.

و أعلم أنّ الآية تفيد المبالغة في العذاب من وجوه:

أحدها:أنّ قوله: لَيُنْبَذَنَّ الهمزة:4،يقتضي أنّه موضع،له قعر عميق جدّا كالبئر.

ثانيها:أنّه لو شاء يجعل ذلك الموضع بحيث لا يكون له باب،لكنّه بالباب يذكّرهم الخروج،فيزيد في حسرتهم.

ثالثها:أنّه قال: عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ و لم يقل:

مؤصدة عليهم،لأنّ قوله: عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ يفيد أنّ المقصود أوّلا كونهم بهذه الحالة،و قوله:مؤصدة عليهم، لا يفيد هذا المعنى بالقصد الأوّل.(32:95)

النّيسابوريّ: المطبقة الأبواب،آصدت الباب و أوصدته لغتان.يوصد عليهم الأبواب،و يمدّد على الأبواب العمد استيثاقا في استيثاق.

و جوّز أن يراد أنّ أبواب النّار عليهم مؤصدة حال كونهم موثقين في عمد مقطرة،و المقطرة:خشبة فيها خروق،يدخل فيها أرجل المحبوسين.(30:178)

الفيروزآباديّ: أي مطبقة،همزها أبو عمرو،و حمزة،و خلف،و حفص،و اختلف على يعقوب، و الباقون بغير همز.

و أوصد و استوصد:اتّخذ حظيرة.

(بصائر ذوي التّمييز 5:222)

البروسويّ: أي إنّ تلك النّار الموصوفة مطبقة أبوابها عليهم،تأكيدا ليأسهم من الخروج و تيقّنهم بحبس الأبد،من أوصدت الباب و آصدته،أي أطبقته.

(10:509)

المراغيّ: أي إنّها مطبقة عليهم لا يخرجون منها و لا يستطيعون الخروج إذا شاءوا.(30:240)

نحوه الطّباطبائيّ.(20:360)و فضل اللّه(24:415).

بنت الشّاطئ: الكلمة من آيتي:الهمزة في نار اللّه الموقدة،نذيرا لكلّ همزة لمزة: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ الهمزة 8،9،و البلد:19،20، وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ* عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ و لم يأت في القرآن من المادّة غير هذه الصّيغة في الآيتين،و معهما(الوصيد)في: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ الكهف:18.

و تفسير(مؤصدة)بمطبقة تقريب،و معنى الإطباق أقرب إلى أن يفهم من لفظ(عليهم)؛إذ تفيد من الملاصقة و الإطباق المباشر،ما لا تفيد«فوقهم»،لاحتمال أن تكون الفوقيّة غير ملاصقة و لا مطبقة.

أمّا الإيصاد فأصل معناه الإغلاق المحكم.و العربيّة استعملت الوصيد للبيت الحصين يتّخذ للمال من حجارة في الجبال.و استوصد في الجبل:اتّخذ فيه وصيدا.

و لا نخطّئ دلالة الإيصاد على الإغلاق المحكم في الآيات الثّلاث للمادّة: نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ، (موصدة)،على كلّ(همزة لمزة)،و على الّذين كفروا(اصحاب المشأمة)،و كلب أهل الكهف باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ.

و قد لمح الرّاغب معنى الإحكام مع الإطباق،فقال في آيتي الهمزة و البلد:يقال:أوصدت الباب،أي أطبقته و أحكمته.و الوصيد:المتقارب الأصول،

ص: 407

«المفردات».

و لم أدر وجه تقارب الأصول في الوصيد،و إنّما يفهم من قرب بمعنى الباب الموصد بإحكام.

و اكتفى ابن الأثير بالإغلاق،فقال في حديث الغار:

«فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده»أي سدّه،يقال:

أوصدت الباب و آصدته،إذا أغلقته«النّهاية».

و لا نرى الإيصاد مجرّد إغلاق و إنّما هو السّدّ المحكم، يفهم من نصّ الحديث:«فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده»و هو القريب المتبادر أيضا في الشّاهد من قول الشّاعر:

*و من دوننا أبواب صنعاء موصدة*

(الإعجاز البيانيّ:384)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة الإغلاق و الضّمّ،و منه الأصيد،أي الباب المغلق،و الفناء،لأنّه منضمّ بأجزاء الدّار الأخرى و محاط بها،و الأصيدة أي الحظيرة؛لأنّها محاطة بما يمنع الماشية من الخروج منها و يقيها البرد و الرّيح،و الأصيدة بمعنى الصّدرة،و هي ثوب يحيط بالصّدر.

2-و تتنازع الهمزة و الواو في فاء هذه المادّة كما في «أكّد و وكّد»؛فالهمزة لغة تميم و الواو لغة أهل الحجاز، فتميم تقول:آصدت الباب و الحجازيّون يقولون:

أوصدت الباب.و بكلتا اللّغتين ورد قوله تعالى:

عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ البلد،20،و إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ الهمزة:8.

و في الأصيد لغة أخرى أيضا هي الوصيد،و قد قرئ بها قوله تعالى: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ الكهف:18،و لم ترد قراءة بلغة الهمز فيه.

و لا يخفى أنّ لغة الواو ذات أصول يمانيّة انتقلت إلى الحجاز بواسطة بعض القبائل اليمانيّة الّتي نزحت من الجنوب باتّجاه الشّمال،لاحظ«أزف».

3-و لعلّ الواو هي الأصل و الهمزة مقلوبة عنها، لأنّه لم يسمع فعل مضارع ثلاثيّ المهموز من هذه المادّة، بعكس ذي الواو إذ سمع منه:وصد يصد وصدا و قياس المهموز باب«فعل يفعل»أصد يأصد أصدا،مثل:أسر يأسر أسرا.أو باب«فعل يفعل»أصد يأصد أصدا، مثل:أكل يأكل أكلا.

الاستعمال القرآنيّ

1-لم يأت من مادّة«أصد»في القرآن سوى (مؤصدة)اسم مفعول مؤنّثا منكّرا مرفوعا صفة للنّار،في آخر سورتين مكّيّتين:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ* عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ البلد:19،20

وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ* نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ* اَلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ* إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ* فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ الهمزة:5-9

هذا إن كان فاء هذه المادّة همزة،و أمّا إذا كان واوا- و هو ما نذهب إليه-فينضمّ إليها(بالوصيد)في قوله تعالى: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ الكهف:18.

2-و الإيصاد في اللّغة-كما رأينا-يسند إلى الباب دائما،يقال:آصدت الباب،أي أطبقته.و في الآيتين المتقدّمتين اتّصفت به النّار،فالنّار هي الموصدة أي

ص: 408

المطبقة.و جعلها المفسّرون من قبيل الإسناد المجازيّ، فقالوا:أي مطبقة الأبواب،و منهم من قال:أراد إحاطة النّار بهم من جميع الجوانب،و هو الظّاهر الوافي بالمقصود هنا،فلا داعي لإطلاق المجاز بتقدير«الأبواب»،و لو كان هناك مجاز فهو من قبيل الاستعارة تشبيها للنّار بالأبواب،أي أنّها أطبقت عليهم كما تطبق الأبواب على ما خلفها.

و في الآية الثّالثة جعل المفسّرون«الوصيد»بمعنى الباب أو الفناء؛فمن ذهب إلى المعنى الأوّل نظر إلى حال أصحاب الكهف و حال كلبهم،فهم كانوا على وجل من أن يدركهم قومهم و يعيدوهم في ملّتهم،فجعلوا كلبهم بالباب يحرسهم،ثمّ إنّ الكلب جبل على حراسة صاحبه و الذّود عن ماله،فلا يتحقّق هذا المعنى إلاّ بجعل الوصيد بمعنى الباب دون الفناء.

و من ذهب إلى المعنى الثّاني نظر إلى كون الكهف لا باب له،فجعل الوصيد بمعنى الفناء اضطرارا.و لكن هذا الرّأي ليس بشيء،لأنّ الباب يطلق على المدخل و إن كان لا مصراع له.

3-و يبيّن سياق الآيتين إحاطة النّار و استعلاءها عليهم: عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ البلد:20،و إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ الهمزة:8.و تشدّد كلمة«على»معنى الإطباق و تكمّله بإضافة عنصر«العلوّ»إليه متّصفة به النّار أيضا.و هذا يدعم ما اخترناه من عدم مناسبة تقدير«الأبواب»،و قد استقت الدّكتورة بنت الشّاطئ معنى الإطباق من(عليهم)و ليس بشيء،فلاحظ.

كما يناسب هذا السّياق قوله: اَلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ.. .فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ الهمزة:7-9،أي أنّ النّار لا تحيط بهم و تستعلي عليهم فحسب،بل تنفذ إلى باطنهم و أفئدتهم فتحرق جوفهم كما تحرق بشرتهم، و تؤذي أرواحهم كما تؤذي أجسامهم.و حينما تنفذ هذه النّار تكون في صورة عمد ممدّدة،و هذا تقرير لسلطانها و اقتدارها على النّفوذ.أو أنّ الأبواب-كما قيل-تطبّق عليهم.و مدّ العمد عليها استيثاقا من عدم اقتدارهم على فتحها،و سدّ سبل الخلاص منها.

4-و لعلّ الإتيان بلفظ(نار)و(نار اللّه)منكّرا تارة و مضافا إلى اللّه أخرى،و انفراد(مؤصدة)بصيغة التّأنيث و التّنكير في آخر سورتين مكّيّتين،تصوير لتلك العاقبة المشئومة الّتي لا يعلمها إلاّ اللّه؛تختم بها حياتهم في الدّنيا، و ينتهي إليها أمرهم في الآخرة،كما هو تصوير لحالتهم النّفسيّة-بالفعل-و ضيق معيشتهم بمكّة حينذاك.

قال البروسويّ: فيه إشارة إلى أنّ نار الحجاب و الخذلان و الخسران مؤصدة على النّفس الأمّارة.

و قال غيره:لا يخرج منها غمّ و لا يدخل فيها روح إلى آخر الأبد.

و قيل:لا ضوء فيها و لا فرج و لا خروج منها إلى آخر الأبد.

و قيل:هو تأكيد للإياس من الخروج.

و كلّ ذلك تعبير عن حقيقة حالهم و ختام أمرهم.

5-و أمّا الوصيد فقد قيل في معناه:إنّه الباب أو الفناء أو العتبة أو بيت من الحجارة في الجبل.

و أنسب هذه الأقوال هنا أحد الثّلاثة الأولى دون الأخير.و على رأي«بنت الشّاطئ»أنّه الباب الموصد بإحكام،كما أنّ الإيصاد عندها هو الإغلاق بإحكام.

ص: 409

ص: 410

أ ص ر

اشارة

3 ألفاظ،3 مرّات:1 مكّيّة،2 مدنيّة

في 3 سور:1 مكّيّة،2 مدنيّة

إصرا 1:-1\إصرهم 1:1\إصري 1:-1

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الإصر:الثّقل،و الأصر:الحبس،و هو أن يحبسوا أموالهم بأفنيتهم فلا يرعونها،لأنّهم لا يجدون مرعى،و كذلك الأصر يأصرونها و لا يصرّحونها، و هذا لشدّة الزّمان.

و الأيصر:حبيل قصير يشدّ في أسفل الخباء إلى وتد،و يجمع:أياصر،و في لغة أصارة.

و كلّ شيء عطفته على شيء فهو آصر من عهد أو رحم،فقد أصرت عليه و أصرته.

و يقال:ليس بيني و بينه آصرة رحم تأصرني عليه، و ما يأصرني عليه حقّ،أي يعطفني.

و الآصرة بوزن«فاعلة»:صلة الرّحم و القرابة، يقال:قطع اللّه آصرة ما بيننا.

و المأصر:حبل يمدّ على نهر،أو طريق تحبس به السّفن أو السّابلة لتؤخذ منهم العشور.

و كلأ آصر:يحبس من ينتهي إليه لكثرته.و يقال:

كلأ أصير،أي ملتفّ.و لم يسمع آصر.(7:147)

الأحمر:هو جاري مكاسري و مؤاصري،أي كسر بيته إلى جنب كسر بيتي،و إصار بيتي إلى جنب إصار بيته،و هو الطّنب.(الأزهريّ 12:233)

الكسائيّ: أصرني الشّيء يأصرني،أي حبسني.

(ابن منظور 4:23)

ابن شميّل: الإصر:العهد الثّقيل.و ما كان عن يمين و عهد فهو إصر.(ابن منظور 4:22)

أبو عمرو الشّيبانيّ:الإصار:الطّنب،و جمعه:

أصر.و الأيصر:الحشيش المجتمع،و جمعه:أياصر.

(الأزهريّ 12:233)

أبو عبيدة: الإصر:الثّقل،كلّ شيء عطفك على

ص: 411

شيء من عهد أو رحم فقد أصرك عليه،و هو الأصر مفتوحة.فمن ذلك قولك:ليس بيني و بينك آصرة رحم تأصرني عليك،و ما يأصرني عليك حقّ:ما يعطفني عليك.(1:84)

أبو زيد: أخذت عليه إصرا،و أخذت منه إصرا، أي موثقا من اللّه.و قال اللّه جلّ و عزّ: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً البقرة:286.(الأزهريّ 12:232)

الأياصر:الأكسية الّتي ملئوها من الكلأ و شدّوها، واحدها:أيصر.و محشّ لا يجزّ أيصره،أي من كثرته.

(ابن منظور 4:24)

الأصمعيّ: الإصار:وتد قصير،و جمعه:أصر.

(الأزهريّ 12:233)

الآصرة:ما عطفك على رجل من رحم أو قرابة أو صهر أو معروف،و الجمع:الأواصر.

(الجوهريّ 2:579)

الأيصر:كساء فيه حشيش يقال له:الأيصر، و لا يسمّى الكساء أيصرا حين لا يكون فيه الحشيش، و لا يسمّى ذلك الحشيش أيصرا حتّى يكون في ذلك الكساء.(ابن منظور 4:24)

ابن الأعرابيّ: الإصران:ثقبا الأذنين.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 12:233)

أصرته عن حاجته و عمّا أردته،أي حبسته، و الموضع مأصر و مأصر،و الجمع:مآصر،و العامّة تقول:معاصر.(ابن منظور 4:23)

الأمويّ:أصرت الشّيء آصره أصرا:كسرته.

(الأزهريّ 12:232)

شمر:في الحديث:«من غسل و اغتسل و غدا و ابتكر-يعني إلى الجمعة-و دنا و لغا كان له كفلان من الإصر»الإصر:إثم العقد إذا ضيّعه،أراد:كان له نصيبان من الوزر للغوه.(الهرويّ 1:53)

الزّجّاج: أصر الشّيء يأصره،إذا عطفه.

(فعلت و أفعلت:62)

كلّ عقد من قرابة أو عهد فهو إصر.

(الأزهريّ 12:232)

القاليّ: الأصر:العطف.(2:30)

الأزهريّ: المآصر يقال:هو مأخوذ من آصرة العهد،إنّما هو عقد ليحبس به.و يقال للشّيء الّذي تعقد به الأشياء:الإصار من هذا.

و في حديث ابن عمر:«من حلف على يمين فيها إصر فلا كفّارة لها»يقال:إنّ الإصر أن يحلف بطلاق أو عتق أو نذر.

و أصل الإصر الثّقل و الشّدّة،لأنّها أثقل الأيمان و أضيقها مخرجا.

و العهد يقال له:إصر.(12:232،233)

الجصّاص: قيل في معنى الإصر:إنّه الثّقل، و أصله في اللّغة يقال:إنّه العطف،و منه أواصر الرّحم، لأنّها تعطفه عليه،و الواحد:آصرة.و المأصر يقال:إنّه حبل يمدّ على طريق أو نهر تحبس به المارّة،و يعطفون به عن النّفوذ ليؤخذ منهم العشور و المكس.(1:539)

الجوهريّ: أصره يأصره أصرا:حبسه.و الموضع مأصر و مأصر،و الجمع:مآصر،و العامّة تقول:

معاصر.

ص: 412

يقال:ما تأصرني على فلان آصرة،أي ما تعطفني عليه قرابة و لا منّة.

و الإصر:العهد.و الإصر:الذّنب و الثّقل.

و الإصار و الأيصر:حبل قصير يشدّ به في أسفل الخباء إلى وتد.و جمع الإصار:أصر،و جمع الأيصر:

أياصر.يقال:هو جاري مؤاصري،أي إصار بيته إلى جنب إصار بيتي.

و الإصار و الأيصر أيضا:الحشيش،يقال:لفلان محشّ لا يجزّ أيصره،أي لا يقطع حشيشه.و حيّ متآصرون،أي متجاورون.

و الأصير:المتقارب.[ثمّ استشهد بشعر](2:579)

ابن فارس: الهمزة و الصّاد و الرّاء أصل واحد يتفرّع منه أشياء متقاربة.فالأصر:الحبس و العطف و ما في معناهما،و تفسير ذلك أنّ العهد يقال له:إصر و القرابة تسمّى آصرة،و كلّ عقد و قرابة و عهد إصر، و الباب كلّه واحد.

و العرب تقول:ما تأصرني على فلان آصرة،أي ما تعطفني عليه قرابة.

و المأصر من هذا،لأنّه شيء يحبس به.فأمّا قولهم:

إنّ العهد الثّقيل إصر فهو من هذا،لأنّ العهد و القرابة لهما إصر ينبغي أن يتحمّل.

و يقال:أصرته،إذا حبسته.و من هذا الباب الإصار،و هو الطّنب،و جمعه:أصر.و يقال:هو وتد الطّنب.[ثمّ استشهد بشعر](1:110)

ابن سيده: أصر الشّيء يأصره أصرا:كسره و عطفه.

و الإصر:ما عطفك على شيء.

و الآصرة:الرّحم،لأنّها تعطفك.

و الإصر:العهد الثّقيل،و في التّنزيل: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي آل عمران:81،و فيه: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ الأعراف:157؛و جمعه:آصار،لا يجاوز به أدنى العدد.

و الإصر:الذّنب و الثّقل؛و جمعه:آصار.

و الإصار:وتد قصير للأطناب؛و الجمع:أصر و آصرة،و كذلك الإصارة،و الآصرة.

و الأيصر:حبيل يشدّ به أسفل الخباء.

و الآصرة،و الإصار:القدّ يضمّ عضدي الرّجل، و السّين فيه لغة.

و الإصار:ما حواه المحشّ من الحشيش.

و الأيصر:كالإيصار.

و الإصار:كساء يحشّ فيه.

و أصر الشّيء يأصره أصرا:حبسه.

و كلأ آصر:حابس لمن فيه من كثرته.

و شعر أصير:ملتفّ مجتمع،و كذلك الهدب.و قيل:

هو الطّويل الكثيف.

و المأصر:حبل على طريق أو نهر توصر به السّفن و السّابلة.[و استشهد بالشّعر 5 مرّات](8:351)

الإصر:ثقب الأذن(الإفصاح 1:34)

الأصر،مثلّثة الهمزة:الذّنب،الجمع:آصار و إصران.(الإفصاح 1:254)

الآصرة:القرابة،و ما عطفك على غيرك من رحم أو قرابة أو مصاهرة أو معروف،الجمع:الأواصر.

ص: 413

أصر الشّيء يأصره أصرا:شدّه و لوّاه.

(الإفصاح 1:302)

الأصرة:قميص صغير للصّغيرة.

(الإفصاح 1:376)

الطّوسيّ: الإصر:العقد،و جمعه:إصار،و أصله:

العقد و منه المأصر،لأنّه عقد يحبس به عن النّفوذ إلاّ بإذن،و منه الأصر:الثّقل،لأنّه عقد يثقل القيام به.

و منه قولهم:ما لك آصرة تأصرني عليك،أي عاطفة تعطفني عليك من عقد جوار أو نحوه.(2:515)

الإصر في اللّغة:الثّقل،و كلّما عطفك على شيء فهو إصر من عهد أو رحم،و جمعه:إصار،تقول:أصره يأصره أصرا،و الاسم:الإصر.

و الأيصر:حبيل قصير يشدّ به أسفل الخباء إلى وتد لأنّه يعطف به.

و الآصرة:صلة الرّحم للعطف بها.

و المأصر:حبل على طريق أو نهر تحبس به السّفن أو السّابلة،لتؤخذ منهم العشور.

و كلأ آصر،أي يحبس من ينتهي إليه لكثرته.

و الإصار:كساء يحتشّ فيه الحشيش.

و أصل الباب العطف،فالإصر:الثّقل؛لأنّه يعطف حامله بثقله عليه.(2:386)

الرّاغب: الأصر:عقد الشّيء و حبسه بقهره، يقال:أصرته فهو مأصور.و المأصر و المأصر:محبس السّفينة،قال تعالى: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ..

الأعراف:157،أي الأمور الّتي تثبّطهم و تقيّدهم عن الخيرات و عن الوصول إلى الثّوابات،و على ذلك: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً... البقرة:286،و قيل:ثقلا، و تحقيقه ما ذكرت.

و الإصر:العهد المؤكّد الّذي يثبّط ناقضه عن الثّواب و الخيرات،قال تعالى: أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي آل عمران:81.

الإصار:الطّنب و الأوتاد الّتي بها يعمد البيت.و ما يأصرني عنك شيء،أي ما يحبسني.

و الأيصر:كساء يشدّ فيه الحشيش،فيثنى على السّنام ليمكن ركوبه.(18)

الميبديّ:المعاهدة العظيمة الموثوقة بين قوم و قبيلة تسمّى عند العرب:الآصرة.(1:783)

الزّمخشريّ: هو أوفى من أن يخيس بالعهد،أو ينقض الإصر.و لا إصر بيني و بينهم.و بينهم آصار يرعونها،أي عهود و مواثيق.[ثمّ استشهد بشعر]

و حمل عنهم الإصر،أي الثّقل وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً البقرة:286.و ليس بيني و بينه آصرة رحم، و هي العاطفة.

و قطع اللّه آصرة ما بيننا،و ما تأصرك عليّ آصرة.

و تقول:عطف عليّ بغير آصرة،و نظر في أمري بعين باصرة.

و فلان إصار بيتي إلى إصار بيته،و هو الطّنب.و هو جاري مطانبي و مؤاصري و مكاسري و مقاصري بمعنى.

و مضى فلان إلى المأصر،و هو«مفعل»من الإصر، أو«فاعل»من المصر بمعنى الحاجز.

و لعن اللّه أهل المآصر أو المواصر.

ص: 414

(أساس البلاغة:7)

النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال له عمر:«يا رسول اللّه،أخبرني عن هذا السّلطان الّذي ذلّت له الرّقاب،و خضعت له الأجساد،ما هو؟»قال:«ظلّ اللّه في الأرض،فإذا أحسن فله الأجر و عليكم الشّكر،و إذا أساء فعليه الإصر و عليكم الصّبر»و هو الثّقل الّذي يأصر حامله، أي يحبسه في مكانه لفرط ثقله،و المراد الوزر العظيم.

و منه حديث ابن عمر:«من حلف على يمين فيها إصر فلا كفّارة لها».قيل:هو أن يحلف بطلاق أو عتاق أو مشي أو نذر.و كلّ واحد من هذه فيه ثقل فادح على الحالف؛لأنّه لا يتفصّى عنه بكفّارة كما يتفصّى بها عن القسم باللّه تعالى.و إنّما قيل للعهد:إصر،لأنّه شيء أصر،أي عقد.(الفائق 1:45)

الفخر الرّازيّ: الإصر في اللّغة:الثّقل و الشّدّة،ثمّ سمّي العهد إصرا،لأنّه ثقيل،قال اللّه تعالى: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي، أي عهدي و ميثاقي،و الإصر:

العطف،يقال:ما يأصرني عليه آصرة،أي رحم و قرابة .و إنّما سمّي العطف إصرا،لأنّ عطفك عليه يثقل على قلبك كلّ ما يصل إليه من المكاره.

(7:156)

مثله النّيسابوريّ.(3:111)

ابن الأثير: في حديث الجمعة:«و من تأخّر و لغا كان له كفلان من الإصر»الإصر:الإثم و العقوبة للغوه و تضييعه عمله،و أصله من الضّيق و الحبس،يقال:

أصره يأصره،إذا حبسه و ضيّق عليه.و الكفل:

النّصيب.

و منه الحديث:«من كسب مالا من حرام فأعتق منه كان ذلك عليه إصرا».(1:52)

عبد اللّطيف البغداديّ:هو المأصر،بكسر الصّاد،و معناه الموضع الحابس،من أصرت فلانا على الشّيء،إذا حبسته عليه و عطفته نحوه.

(ذيل فصيح ثعلب:31)

الرّازيّ: أصره:حبسه،و بابه«ضرب».و الإصر بالكسر:العهد،و هو أيضا الذّنب و الثّقل.(18)

القرطبيّ: الإصر في اللّغة:العهد،و منه قوله تعالى: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي.. آل عمران:81.

و الإصر:الضّيق و الذّنب و الثّقل.

و الإصار:الحبل الّذي تربط به الأحمال و نحوها، يقال:أصر يأصر أصرا:حبسه.و الإصر،بكسر الهمزة من ذلك.(3:432)

و الإصر و الأصر لغتان،و هو العهد.و الإصر في اللّغة:الثّقل،فسمّي العهد إصرا،لأنّه منع و تشديد.

(4:126)

أبو حيّان: الإصر:الأمر الغليظ الصّعب.

و الآصرة في اللّغة:الأمر الرّابط من ذمام أو قرابة أو عهد و نحوه.

و الإصار:الحبل الّذي تربط به الأحمال و نحوها، يقال:أصر يأصر أصرا.و الإصر،بكسر الهمزة الاسم من ذلك.و روي الأصر بضمّها و قد قرئ به.[ثمّ استشهد بشعر](2:343)

الفيروزآباديّ:الأصر:الكسر و العطف و الحبس،و أن تجعل للبيت إصارا،و فعل الكلّ كضرب.

ص: 415

و بالكسر:العهد و الذّنب و الثّقل،و يضمّ و يفتح في الكلّ،و ما عطفك على الشّيء،و أن تحلف بطلاق أو عتق أو نذر،و ثقب الأذن،جمعه:آصار و إصران.

و الآصرة:الرّحم و القرابة و المنّة،جمعه:أواصر، و حبل صغير يشدّ به أسفل الخباء كالإصار و الإصارة.

و الأيصر و المأصر كمجلس و مرقد:المحبس،جمعه:

مآصر،و العامّة تقول:معاصر.

و الإصار ككتاب:وتد الطّنب،و الزّنبيل، و الحشيش،و كساء يحتشّ فيه كالأيصر فيهما،جمعه:

أصر و آصرة.

و الأصير:المتقارب و الملتفّ من الشّعر،و الكثيف الطّويل من الهدب.

و المؤاصر:الجار.و المتآصرون:المتجاورون.

و ائتصر النّبت:طال و كثر،و الأرض:اتّصل نبتها، و القوم:كثر عددهم.(1:378)

مجمع اللّغة: أصل الإصر القيد،ثمّ سمّي العهد أو العقد إصرا،لأنّه يقيّد المتعاقدين و يلزمهم بالتزامات.

و سمّيت التّكاليف الشّاقّة إصرا،لأنّها تمنع المكلّف و تعوّقه عن القيام بما كلّف.(1:39)

محمّد إسماعيل إبراهيم: الإصر:الحمل الثّقيل الّذي يأصر صاحبه،أي يلزمه مكانه.و الإصر:الإثم، أو العهد،أو الميثاق،أو التّكاليف الشّاقّة.(39)

محمود شيت: 1-أ-ائتصرت الأرض:اتّصل نبتها،و ائتصر النّبت:طال و كثر و التفّ،و ائتصر القوم:

كثر عددهم.

ب-الآصرة:ما عطفك على غيرك من رحم،أو قرابة،أو مصاهرة،أو معروف،جمعه:أواصر.

ج-الإصر:العهد المؤكّد،و الثّقل،قال تعالى:

رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا البقرة:286.

د-الأصير:نبات أصير:طويل ملتفّ،و يقال:

شعر أصير،و خمل أصير،جمعه:أصر.

ه-المأصر:سلسلة تمدّ على النّهر لمنع السّفن من المرور،و الحاجز في طريق العابرين لمنع المرور أو أخذ العشور،جمعه:مآصر.

2-أ-آصرة الجيش:أخوة السّلاح بين أفراده.

ب-الإصر:العهد المؤكّد في إقرار السّلام أو الصّلح.

ج-المأصر:سلسلة تمدّ على النّهر لمنع السّفن من المرور،تستعمل في القوّة النّهريّة.و مأصر الباب النّظاميّ في الثّكنة:حاجزه.(1:46)

المصطفويّ: الظّاهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة هو الحبس الأكيد مقيّدا.و يلازم هذا المعنى مفاهيم:العقد،الثّقل،الذّنب،العهد،القرابة،الحبل الّذي يشدّ به الخيام،و أمثال ذلك ممّا يستفاد منه القيد المؤكّد و الضّبط و الحبس الشّديد و التّعهّد الملزم،و في كلّ من هذه المفاهيم معنى القيد الملازم للثّقل.

رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا، أي ما يوجب التّثبّط و التّقيّد و الشّدّة و الضّيق و التّحبّس و الابتلاء كما وقع في الأمم السّابقة.

وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ الأعراف:157،أي و يرفع عنهم الشّدّة

ص: 416

و الضّيق و الكلفة و الابتلاء و التّقيّدات بالأغلال الّتي كانت عليهم بالتّكاليف الشّاقّة و العادات السّخيفة و العقائد الباطلة.

قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي آل عمران:81،أي ما أخذت منكم من التّعهّد و الإقرار و القبول بتكليف الإيمان بالرّسل و نصرتهم،و هي التّقيّد الشّديد المأخوذ من جانب اللّه تعالى،و المحدوديّة الثّقيلة.

(1:81)

النّصوص التّفسيريّة

اصرا

...رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا... البقرة:286

ابن عبّاس: الإصر:العهد و الميثاق الغليظ.

مثله مجاهد،و قتادة،و السّدّيّ،و ابن جريج، و الرّبيع،و ابن زيد.(أبو حيّان 2:369)

لا تحمل علينا عملا نعجز عن القيام به.

(الطّبرسيّ 1:404)

سعيد بن جبير: الإصر:شدّة العمل،و ما غلظ على بني إسرائيل من البول و نحوه.(القرطبيّ 3:432)

الضّحّاك: المواثيق.(الطّبريّ 3:157)

كانوا يحملون أمورا شدادا.(القرطبيّ 3:432)

عطاء: الإصر:المسخ قردة و خنازير.

مثله ابن زيد.(القرطبيّ 3:432)

قتادة: لا تحمل علينا عهدا و ميثاقا.

(الطّبريّ(3:157)

تعجيل العقوبة.(أبو حيّان 2:369)

عطاء بن سائب:لا تحمل علينا ثقلا.

مثله مالك،و الرّبيع.(الطّبرسيّ 1:404)

الرّبيع:التّشديد الّذي شددته على من قبلنا من أهل الكتاب.(الطّبريّ 3:158)

الإصر:الأمر الغليظ الصّعب.

مثله مالك.(القرطبيّ 3:432)

ابن زيد: لا تحمل علينا ذنبا ليس فيه توبة و لا كفّارة.(الطّبريّ 3:157)

الفرّاء: الإصر:العهد،كذلك قال: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي... آل عمران:81.

و الإصر هاهنا:الإثم،إثم العقد إذا ضيّعوا،كما شدّد على بني إسرائيل.(1:189)

ابن قتيبة: الإصر:الثّقل،أي لا تثقل علينا من الفرائض،ما ثقلته على بني إسرائيل.(100)

ثعلب: الإصر:الإثم.(أبو حيّان 2:369)

الطّبريّ: يعني بذلك جلّ ثناؤه قولوا: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً يعني بالإصر العهد،كما قال جلّ ثناؤه: قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي آل عمران:81.و إنّما عنى بقوله: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً البقرة:286،و لا تحمل علينا عهدا،فنعجز عن القيام به و لا نستطيعه.

و قال آخرون:معنى ذلك و لا تحمل علينا ذنوبا و إثما،كما حملت ذلك على من قبلنا من الأمم،فتمسخنا قردة و خنازير كما مسختهم.

و قال آخرون:معنى الإصر بكسر الألف،الثّقل

ص: 417

فأمّا الأصر بفتح الألف،فهو ما عطف الرّجل على غيره من رحم أو قرابة،يقال:أصرتني رحم بيني و بين فلان عليه،بمعنى عطفتني عليه،و ما يأصرني عليه أي ما يعطفني عليه،و بيني و بينه أصر:رحم يأصرني عليه أصرا،يعني به عاطفة رحم تعطفني عليه.

(3:156-158)

الزّجّاج: المعنى لا تحمل علينا أمرا يثقل كما حملته على الّذين من قبلنا،نحو ما أمر به بنو إسرائيل من قتل أنفسهم،أي لا تمتحنّا بما يثقل أيضا نحو قوله: وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ الزّخرف:33،و المعنى لا تمتحنّا بمحنة تثقل.(1:370)

الزّمخشريّ: الإصر:العبء الّذي يأصر حامله، أي يحبسه مكانه لا يستقلّ به لثقله،استعير للتّكليف الشّاقّ من نحو قتل الأنفس و قطع موضع النّجاسة من الجلد و الثّوب و غير ذلك.و قرئ(اصارا)على الجمع.

(1:408)

مثله النّسفيّ(1:144)،و نحوه البيضاويّ(1:147) ،و أبو السّعود(1:210)و البروسويّ(1:448)، و الآلوسيّ(3:70).

الفخر الرّازيّ: ذكر أهل التّفسير فيه وجهين:

الأوّل:لا تشدد علينا في التّكاليف كما شددت على من قبلنا من اليهود.[و ذكر لذلك مصاديقا إلى أن قال:]

و القول الثّاني:لا تحمل علينا عهدا و ميثاقا يشبه ميثاق من قبلنا في الغلظ و الشّدّة.و هذا القول يرجع إلى الأوّل في الحقيقة لكن بإضمار شيء زائد على الملفوظ، فيكون القول الأوّل أولى.(7:156)

مثله النّيسابوريّ.(3:111)

أبو حيّان: قيل:فرض يصعب أداؤه.

و قرأ أبي (و لا تحمّل) بالتّشديد و(اصارا)بالجمع.

و روي عن عاصم أنّه قرأ(أصرا)بضمّ الهمزة.

(2:369)

القاسميّ: أي عهدا يثقل علينا.

قال الحرّاليّ: الإصر:العهد الثّقيل الّذي في تحمّله أشدّ المشقّة.(3:734)

رشيد رضا :الإصر:العبء الثّقيل يأصر صاحبه،أي يحبسه مكانه لا يستقلّ به لثقله.و حمله أكثر المفسّرين على التّكاليف الشّاقّة،لأنّ الآية نزلت في زمن التّشريع و نزول الوحي،و لذلك قال: كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا البقرة:286،أي من الأمم الّتي بعث فيها الرّسل كبني إسرائيل،فقد كانت التّكاليف شاقّة عليهم جدّا.

و في تعليمنا هذا الدّعاء بشارة بأنّه تعالى لا يكلّفنا ما يشقّ علينا،كما صرّح بذلك بعد في قوله: ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ المائدة:6،و هو يتضمّن الامتنان علينا و إعلامنا بأنّه كان يجوز أن يحمل علينا الإصر،و أنّه يجب علينا شكره لذلك،و حكمة الدّعاء بذلك الآن استشعار النّعمة و الشّكر عليها.

و قال بعضهم: إنّ الإصر هو العقوبة على ترك الامتثال و عدم حمل الشّريعة على وجهها،فطلب منّا أن ندعوه بأن لا تكون عقوبتنا على ذلك كعقوبة الأمم السّابقة الّذين نزلت بهم ألوان من العذاب،و دمّرتهم

ص: 418

تدميرا حتّى هلكوا هلاكا حسّيّا فلم يبق منهم أحد،أو هلاكا معنويّا بأن ضاعت أو تضعضعت شريعتهم، و نسوا ما ذكّروا به حتّى عادوا إلى الوثنيّة و الهمجيّة.

(3:150)

مجمع اللّغة: أي تكاليف شاقّة.(1:39)

الطّباطبائيّ: الإصر:هو الثّقل على ما قيل، و قيل:هو حبس الشّيء بقهره،و هو قريب من المعنى الأوّل،فإنّ في الحبس حمل الشّيء على ما يكرهه و يثقل عليه.(2:445)

أبو رزق: (اصرا):عهدا أو أمرا يثقل علينا،أي و لا تحمّلنا ما لا نطيق حمله.

و أصل الإصر هو عقد الشّيء و حبسه بقهر،يقال:

أصرته فهو مأصور.

و في الأعراف:157،(اصرهم)،أي ذنبهم و ما يثقلهم من الأثام.و في آل عمران:81،(اصرى)أي عهدي.(1:55)

اصرهم

...وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ... الأعراف:157

ابن عبّاس: العهد الثّقيل.

مثله مجاهد،و الضّحّاك،و الحسن،و السّدّيّ.

(البغويّ 2:252)

الإصر هو العهد الّذي كان اللّه سبحانه أخذه على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التّوراة.

مثله الضّحّاك،و السّدّيّ.(الطّبرسيّ 2:487)

سعيد بن جبير: البول و نحوه،ممّا غلظ على بني إسرائيل.

شدّة العمل.(الطّبريّ 9:85)

شدّة العبادة.(أبو زرعة:298)

مجاهد: من اتّبع محمّدا و دينه من أهل الكتاب وضع عنهم ما كان عليهم من التّشديد في دينهم.

(الطّبريّ 9:85)

مثله قتادة.(البغويّ 2:245)

الحسن: العهود الّتي أعطوها من أنفسهم.

(الطّبريّ 9:84)

الإمام الباقر عليه السّلام: هي الذّنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفة فضل الإمام. وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ الأغلال:ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام،فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم الإصر.الإصر:الذّنب،و هي الآصار.

(الكلينيّ 1:429)

السّدّيّ: يضع عنهم عهودهم و مواثيقهم الّتي أخذت عليهم في التّوراة و الإنجيل.(الطّبريّ 9:84)

ابن قتيبة: الإصر:الثّقل الّذي ألزمه اللّه بني إسرائيل في فرائضهم و أحكامهم،و وضعه عن المسلمين،و لذلك قيل للعهد:إصر.

(تأويل مشكل القرآن:148)

الطّبريّ: أمّا قوله: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ...

فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله،فقال بعضهم:يعني بالإصر العهد و الميثاق الّذي كان أخذه على بني إسرائيل ،بالعمل بما في التّوراة...

و قال بعضهم:عني بذلك أنّه يضع عمّن اتّبع نبيّ

ص: 419

اللّه صلى اللّه عليه و سلم التّشديد الّذي كان على بني إسرائيل في دينهم.

و أولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال:إنّ الإصر هو العهد.

و قد بيّنّا ذلك بشواهده في موضع غير هذا (1)بما فيه الكفاية،و أنّ معنى الكلام:و يضع النّبيّ الأمّيّ العهد الّذي كان اللّه أخذ على بني إسرائيل من إقامة التّوراة، و العمل بما فيها من الأعمال الشّديدة،كقطع الجلد من البول،و تحريم الغنائم،و نحو ذلك من الأعمال الّتي كانت عليهم مفروضة،فنسخها حكم القرآن.(9:84،85)

الزّجّاج: الإصر:ما عقدته من عقد ثقيل.

الطّبرسيّ 2:488)

نحوه الهرويّ.(1:53)

أبو زرعة: قرأ ابن عامر: (و يضع عنهم اصارهم) على الجمع،أي أثقالهم،تقول:إصر و آصار مثل جذع و أجذاع.

و في قراءته همزتان:الأولى ألف الجمع و الثّانية أصليّة،فلمّا اجتمعت همزتان ليّنوا الثّانية،و الأصل «أأصارهم».و حجّته أنّه لم يختلف في جمع الأغلال، و هي نسق على الإصر،و كذلك آصارهم،لقوله:

وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ.

قيل:إنّ الآصار هي العهود.

و قرأ الباقون: (اصرهم)،و حجّتهم قوله تعالى:

رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً.. البقرة 286،و قوله:

وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي.. آل عمران:81،فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.(298)

الطّوسيّ: قرأ(اصارهم)ابن عامر وحده على الجمع،الباقون(اصرهم)على التّوحيد.و من وحّد فلأنّ الإصر مصدر يقع على الكثير و القليل بدلالة قوله تعالى:(اصرهم)فأضافه إلى الكثرة.و قال:

وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً.. البقرة 286،و من جمع أراد ضروبا من المآصر مختلفة،فلذلك جمع.(4:593)

مثله الطّبرسيّ.(2:486)

البغويّ: قرأ ابن عامر(اصارهم)بالجمع.

و الإصر:كلّ ما يثقل على الإنسان من قول أو فعل.

(2:245)

الزّمخشريّ: الإصر:الثّقل الّذي يأصر صاحبه، أي يحبسه من الحراك لثقله،و هو مثل لثقل تكليفهم و صعوبته،نحو اشتراط قتل الأنفس في توبتهم.

(2:122)

مثله الفخر الرّازيّ(15:25)،و البيضاويّ(1:

372)،و النّسفيّ(2:80)،و النّيسابوريّ(9:63)،و رشيد رضا(9:228).

الطّبرسيّ: أي ثقلهم،شبّه ما كان على بني إسرائيل من التّكليف الشّديد بالثّقل؛و ذلك أنّ اللّه سبحانه جعل توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا،و جعل توبة هذه الأمّة النّدم بالقلب حرمة للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،عن الحسن.

و قيل:الإصر هو العهد الّذي كان اللّه سبحانه أخذه على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التّوراة،عن ابن عبّاس،و الضّحّاك،و السّدّيّ.

و يجمع المعنيين قول الزّجّاج:الإصر:ما عقدته من عقد ثقيل.(2:487)ة.

ص: 420


1- قد مضى في الآية السّابقة.

القرطبيّ: الإصر:الثّقل،قاله مجاهد،و قتادة، و ابن جبير.و الإصر أيضا:العهد،قاله ابن عبّاس، و الضّحّاك،و الحسن.

و قد جمعت هذه الآية المعنيين؛فإنّ بني إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال،فوضع عنهم بمحمّد صلى اللّه عليه و سلم ذلك العهد و ثقل تلك الأعمال،كغسل البول و تحليل الغنائم و مجالسة الحائض و مؤاكلتها و مضاجعتها،فإنّهم كانوا إذا أصاب ثوب أحدهم بول قرضه،و روي جلد أحدهم.و إذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السّماء فأكلتها،و إذا حاضت المرأة لم يقربوها،إلى غير ذلك ممّا ثبت في الحديث الصّحيح و غيره.[إلى أن قال:]

إن قيل:كيف عطف(الاغلال)و هو جمع على «الاصر»و هو مفرد؟

فالجواب:أنّ الإصر مصدر يقع على الكثرة.

و قرأ ابن عامر(اصارهم)بالجمع مثل أعمالهم، فجمعه لاختلاف ضروب المآثم.و الباقون بالتّوحيد، لأنّه مصدر يقع على القليل و الكثير من جنسه مع إفراد لفظه.

و قد أجمعوا على التّوحيد في قوله: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً البقرة:286،و هكذا كلّما يرد عليك من هذا المعنى،مثل وَ عَلى سَمْعِهِمْ البقرة:7، لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ.. إبراهيم:43،و مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ الشّورى:

45،كلّه بمعنى الجمع.(7:300)

الخازن: يعني ثقلهم.و أصل الإصر الثّقل الّذي يأصر صاحبه،أي يحبسه عن الحركة لثقله.و المراد بالإصر هنا:العهد.(2:245)

أبو حيّان: قرأ ابن عامر(اصارهم)جمع إصر.

و قرئ(اصرهم)بفتح الهمزة و بضمّها.فمن جمع فباعتبار متعلّقات الإصر؛إذ هي كثيرة،و من وحّد فلأنّه اسم جنس.(4:404)

البروسويّ: أي يخفّف عنهم ما كلّفوا به من التّكاليف الشّاقّة،كتعيّن القصاص في العمد و الخطأ من غير شرع الدّية،و قطع الأعضاء الخاطئة،و قرض موضع النّجاسة من الجلد و الثّوب و عدم الاكتفاء بغسله، و إحراق الغنائم،و تحريم العمل يوم السّبت بالكلّيّة، شبّهت هذه التّكاليف الشّاقّة بالحمل الثّقيل و بالأغلال الّتي تجمع اليد إلى العنق.

و أصل الإصر الثّقل الّذي يأصر صاحبه،أي يحبسه من الحراك لثقله.(3:252)

مثله الآلوسيّ.(9:81)

القاسميّ: أي الأمر الّذي يثقل عليهم من التّكاليف الشّاقّة.(7:2869)

فضل اللّه:الّذي يثقل عليهم في حياتهم و أضاعهم من تشريعات سابقة أولا حقة.(10:259)

اصرى

...أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي...

آل عمران:81

ابن عبّاس: الإصر بكسر الهمزة:العهد.

(الآلوسيّ 3:212)

مثله أبو عبيدة(1:97)،و الطّباطبائيّ(3:334).

ص: 421

الفرّاء:الإصر هاهنا:إثم العقد و العهد إذا ضيّعوه، كما شدّد على بني إسرائيل.(ابن منظور 4:22)

ابن قتيبة: أي عهدي.و أصل الإصر الثّقل.

فسمّي العهد إصرا،لأنّه يمنع من الأمر الّذي أخذ له و ثقّل و شدّد.(107)

الطّبريّ: يعني عهدي و وصيّتي.(3:334)

الهرويّ: أي عهدي،و كلّ عهد أو عقد فهو إصر.

(1:52)

الطّوسيّ: قيل في معنى قوله: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي.. قولان:

أحدهما:و قبلتم على ذلك عهدي.

و الثّاني: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي من المتّبعين لكم،كما يقال:أخذت بيعتي،أي قبلتها،أخذتها على غيرك،بمعنى عقدتها على غيرك.

(2:515)

نحوه الطّبرسيّ.(1:468)

الزّمخشريّ: عهدي.و قرئ(اصرى)بالضّمّ.

و سمّي إصرا لأنّه ممّا يؤصر،أي يشدّ و يعقد.و منه الإصار الّذي يعقد به.و يجوز أن يكون المضموم لغة في «إصر»كعبر و عبر،و أن يكون جمع إصار.(1:441)

مثله البيضاويّ(1:169)،و نحوه النّيسابوريّ:3:

239)

الفخر الرّازيّ: أي قبلتم عهدي.و الإصر هو الثّقل الّذي يلحق الإنسان لأجل ما يلزمه من عمل،قال تعالى: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً... البقرة:286، فسمّي العهد إصرا لهذا المعنى.(8:128)

الطّريحيّ: الإصر:الثّقل و العهد،سمّي به لأنّه يؤصر،أي يشدّ،قال تعالى: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي.

و الإصر:الذّنب أيضا،و على هذه الوجوه فسّر قوله تعالى: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً...، أي عهدا نعجز عن القيام به،و قيل:ثقلا،و قيل:ذنبا يشقّ علينا

(غريب القرآن:223)

البروسويّ: أي عقدي الّذي عقدته عليكم.

و الإصر:الثّقل الّذي يلحق الإنسان لأجل ما يلازمه من العمل.و الإصر هاهنا:العهد الثّقيل،لأنّه ثقل على صاحبه من حيث إنّه يمنع عن مخالفته إيّاه.(2:56)

الآلوسيّ:الإصر،بكسر الهمزة:العهد،كما قال ابن عبّاس،و أصله من الإصار،و هو ما يعقد به و يشدّ، و كأنّه إنّما سمّي العهد بذلك لأنّه يشدّ به.

و قرئ بالضّمّ،و هو إمّا لغة فيه كعبر و عبر في قولهم:

ناقة عبر أسفار،أو هو بالضّمّ جمع إصار،استعير للعهد.

و جمع إمّا لتعدّد المعاهدين و هو الظّاهر،أو للمبالغة.

(3:212)

رشيد رضا :أي عهدي.الإصر في الأصل عقد الشّيء و حبسه بقهره،و المأصر:محبس السّفينة،و فسّر الإصر في: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ... الأعراف:157، بما يحبسهم عن الخير و يعقدهم عن عمل البرّ.و على هذا قال الرّاغب في الآية الّتي نفسّرها:إنّ الإصر هو العهد المؤكّد الّذي يثبّط ناقضه عن الثّواب و الخيرات.

و الأظهر عندي أن يقول:هو العهد الّذي يحبس صاحبه و يمنعه من التّهاون فيما التزمه و عاهد عليه.

ص: 422

(3:353)

المراغيّ: الإصر:العهد المؤكّد الّذي يمنع صاحبه من التّهاون فيما التزمه و عاهد عليه.(3:198)

مثله حجازيّ.(3:65)

فريد وجدي: الإصر،و الأصر،و الأصر:العهد و الذّنب و الثّقل،و هي هنا بمعنى العهد.(76)

الأصول اللّغويّة

1-لا ريب في أنّ مادّة«أصر»جمعت فيها عدّة معان،منها:الحبس،و العطف،و الكسر،و العقد، و الضّيق،و الشّدّ،و الثّقل،و نحو ذلك.

و اختلف في أصلها،فعند الخليل،و ابن فارس، و الرّاغب،و غيرهم هو الحبس،و عند الفخر الرّازيّ و آخرين هو الثّقل و الشّدّة،و هو قول مولّد لم يقل به القدماء.

و الصّواب هو الأوّل؛لأنّ الفعل و ما اشتقّ منه جاء بهذا المعنى أو يتضمّن معناه.

فالمأصر:حبل يمدّ على نهر،أو طريق تحبس به السّفن أو السّابلة لتؤخذ منهم العشور.

و الإصار:الطّنب الّذي يحبس و يشدّ الخباء،أو تقيّد به الأشياء،أو هو الوتد.

و كلأ آصر:يحبس من ينتهي إليه لكثرته،و لهذا يقال:كلأ أصير،للملتفّ منه.

و الأيصر:الحشيش المجتمع الّذي حبس و شدّ في الأكسية،و قد يطلق على نفس الأكسية.

و الإصر:الثّقل،لأنّه يحبس صاحبه في مكانه.

و الإصر:العهد و العقد و الرّحم و التّكاليف،و كلّها تحبس الإنسان و تضيّق الأمر عليه.

و الإصر كذلك:الذّنب و الإثم،لأنّهما يحبسان الإنسان عن الوصول إلى الجنّة.

و الإصر:العقوبة،لأنّها تضيّق على الإنسان و تحبسه.

و الإصران:ثقبا الأذنين،لأنّهما يحبسان و يشدّان القرط.

و المأصر و المأصر:موضع حبس الشّيء و محبس السّفينة.

و المآصر:العهود و المواثيق الّتي تحبس الإنسان، و قد تطلق على كتب الشّروط و المواثيق.

و الآصرة:العهد و القرابة اللّذان يحبسان الإنسان، يقال:بيني و بينك آصرة،أي رحم.

2-و أمّا وجه تسلسل المعاني فلأنّ الحبس لا يتحقّق إلاّ عن عقد و ضيق،و هما عن كسر و عطف،و كلّها عن شدّة و ضغط،و هذه لا تكون إلاّ بعد تحمّل الثّقل،و الثّقل يحبس صاحبه عن الحركة.ثمّ انتقل في النّبات إلى معنى الكثرة،لأنّ كثيرها يحبس السّابلة و الماشية.و منه:

ائتصر النّبت،إذا التفّ و تراكم.

3-و الاعتبار في اللّغات أوّلا بالمحسوس،فإنّه أوّل ما يدركه الإنسان،و منه يتجاوز إلى غير المحسوس؛ فأصل الأصر الحبس المادّيّ المحسوس،ثمّ نقل إلى غير المحسوس مثل:العهد و العقد و المواثيق و الرّحم و القرابة و نحوها،كما قال الزّمخشريّ:استعير للتّكليف الشّاقّ...

و من هنا قال بعضهم:أصل الإصر العقد و كلّ

ص: 423

ما يوثق به،ثمّ اشتقّ منه الفعل.

4-و الأصر بالفتح مصدر،و بالكسر اسم،و قد تثلّث الهمزة اسما فقط لا مصدرا،فهذا بالفتح دائما.

5-و يبدو أنّ هناك وحدة اشتقاق بين«أصر»و «وصر»و«صار»و«صور»أي ضمّ،و منه: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ البقرة:260،و قد مرّ في النّصوص«الوصر»بدل «الإصر»،كما أنّ هناك علاقة بين«أصر»و«اسر»لفظا و معنى،فكلاهما من باب ضرب،و فيهما معنى التّقييد و الثّقل و الحبس و الضّيق،و مشتقّاتهما متماثلة أيضا؛ فالإصار:الحبل الّذي يشدّ به الخباء،و الإسار:القدّ الّذي يشدّ به المحمل.و المأسر:مكان حبس الأسرى، و المأصر:مكان حبس السّفن و الماشية.

و لعلّ الأصل في الأصر هو الأسر،كما قيل:إنّ الأصل في الصّراط:السّراط،و به قرئ.و مثل هذا التّغيير نشأ أوّلا عن اختلاف اللّهجات في المادّة الواحدة،ثمّ صارت اللّهجة كلمة برأسها و تغيّر معناها، و شاعت بين العرب كأنّها لا علاقة بينها و بين تلك المادّة.

الاستعمال القرآنيّ

1-لم يرد من هذه المادّة في القرآن سوى كلمة «اصر»ثلاث مرّات:

1- رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ

البقرة:286

2- وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ

الأعراف:157

3- وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ... قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا

آل عمران:81

و يلاحظ أوّلا:أنّ«الإصر»في الأوليين بما فيهما المكّيّة و المدنيّة عبارة عن التّكاليف الشّاقّة و الأغلال الّتي كانت على النّاس و الّتي لا طاقة لهم بها.و في الأخيرة عبارة عن معنى العهد و الميثاق الّذي أخذه اللّه من النّبيّين و غيرهم،فيلزمهم و يقيّدهم بهما.و في الجميع معنى الحبس ثمّ الثّقل،لكنّه معنويّ غير محسوس.

و ثانيا:أنّه جاء دائما مفردا،إلاّ أنّه يفيد الاستغراق في قوله: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً لأنّه نكرة في سياق النّفي الّذي يشمل النّهي.و أمّا في الأخيرتين فمضاف فيه معنى الجمع،أي جميع إصرهم و إصري،مثل: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ البقرة:20،أي أسماعهم.

و يشهد به قوله: وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ. و إنّ عهد اللّه تضمّن عددا من المواثيق و التّكاليف.

و ثالثا:بهذا السّياق استغنى القرآن عن إتيان لفظ الجمع في السّلب و الإيجاب و في الإنشاء و الإخبار.

فالآية الأولى سلب و إنشاء،و الأخيرتان إثبات و إخبار.

و لعلّ النّكتة فيه ثقل لفظ الجمع،فلم يشأ اللّه أن يجمع بين ثقل اللّفظ و ثقل المعنى كما احترز عن لفظ الأرضين و الأسماع،و اكتفى دائما بالأرض و السّمع، و لهما نظائر في القرآن.

و رابعا:في كلّ من(اصرهم)و(اصرى)معنى

ص: 424

التّعلّق و الاستيثاق و الوشائج الوثيقة،فالنّاس كانوا موثوقين بالتّكاليف الشّاقّة الّتي كانت كالأغلال على عواتقهم،فوضعها اللّه عنهم بالشّريعة المحمّديّة السّمحاء.كما أنّ الأنبياء أخذ منهم الميثاق بعهد اللّه.

إلاّ أنّ بين التّعبيرين فرقا لطيفا،فالإصر حين نسب إلى النّاس كسب صفة الذّمّ فساوق الأغلال،و حين نسب إلى اللّه كسب معنى اللّطف و الحنان،فإصر اللّه كأنّه حبل من حرير يربط الإنسان بربّه،و فيه كلّ معاني القرب و الرّضا و الحبّ.فهو و إن كان ثقيلا إلاّ أنّه سهل يرغب إليه الإنسان،فلا يأخذ اللّه من النّاس إلاّ ميثاقا مقبولا عندهم.و أمّا إصر النّاس فثقيل عليهم مرفوض عندهم،يسألون اللّه وضعه عنهم.

و هناك فرق آخر،ففي الإضافة إليهم إيماء إلى أنّهم الباعث على أنّ اللّه كلّفهم بها كما كلّف الأمم السّابقة،أو أنّهم ابتدعوها من دون اللّه.و في(اصرى)إيماء إلى أنّ اللّه هو المنبع و الباعث له،فربط به أنبياءه إلى نفسه بهذا الرّباط اللّطيف،و هو الدّين،كما قال: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً آل عمران:103.

و خامسا:هناك فرق آخر بين الآيات الثّلاث، فحينما أضيف«الإصر»إلى«اللّه»جاء عقيب(اخذتم)، و(اخذ)إشعارا بأنّ إصر اللّه ميثاقه الوثيق،يأخذه من النّاس و يأخذونه منه.فلاحظ الآية«81»من آل عمران و ما قبلها و ما بعدها؛حيث جاء(اصرى)مع أخذ الميثاق و الإقرار و الإشهاد من النّاس،و الشّهادة من اللّه و الحكم على من تولّى بالفسق.ففيه ألوان من المفاهيم ممّا لا يبقى معه شكّ في أنّ«الإصر»فيها هو ذلك الميثاق الأكيد المتبادل بين اللّه و النّاس.

و هذا بخلاف الآيتين الأخريين؛ففي آية البقرة جاء الإصر عقيب لا تَحْمِلْ عَلَيْنا متلوّا بقوله: كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ. و مسبوقا في صدر الآية بقوله: لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها و هذه كلّها مرتبطة بالتّكليف الشّاقّ الّذي لا يطاق،بخلاف ذلك الميثاق المؤكّد،فالميثاق يؤخذ من النّاس،و التّكليف الشّاقّ يحمل عليهم أو يوضع عنهم.

و مثلها آية الأعراف الّتي ابتدأت بقوله: اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ... يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فجاء «الإصر»مع«الأغلال»عقيب(يضع)مسبوقا بتكاليف سهلة ليست أغلالا،مثل:الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر،و تحليل الطّيّبات و تحريم الخبائث.و فيها تحديد معنى الإصر حين نسب إلى النّاس.

و من ذلك نعلم أنّ الإصر إذا«أخذ»فهو بمعنى العهد، و إذا«حمل»أو«وضع»فبمعنى التّكليف الشّاقّ.

و يتلاقيان في مفهوم الحبس و الشّدّ و غيرهما ممّا جاء في النّصوص،كما يتلاقيان في أنّ كليهما أمانة من اللّه،و الأمانة تحمل و تؤخذ،قال تعالى: إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ... وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ الأحزاب:72.

و سادسا:جاء في آية آل عمران: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي دون:أخذنا منكم إصرا،كما قال في صدر الآية: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ، فما هو سرّ

ص: 425

الاختلاف؟فهل في ذلك دلالة على وجود فرق بين الميثاق و الإصر،فالميثاق:عهد يؤخذ من النّاس، و الإصر:أمانة تؤدّى إلى النّاس و هم الآخذون بها؟ و هل يصحّ في اللّغة:أخذنا منكم إصرا؟هذه نقطة لا بدّ من الوقوف عندها.

و سابعا:جاء(اصر)في المواضع الثّلاثة بالكسر دون الفتح،و كلّها تعني المسائل المعنويّة،فهل يدلّ ذلك على أنّ الإصر يخصّ المعنويّات و الأصر يخصّ المادّيّات؟

ص: 426

أ ص ل

اشارة

5 ألفاظ،10 مرّات:4 مكّيّة،6 مدنيّة

في 10 سور:4 مكّيّة،6 مدنيّة

أصل 1:1\أصولها 1:-1\الآصال 3:1-2 أصلها1:1\أصيلا 4:1-3\-

النّصوص اللّغويّة

الخليل: استأصلت هذه الشّجرة،أي ثبت أصلها.

و استأصل اللّه فلانا،أي لم يدع له أصلا.

و يقال:إنّ النّخل بأرضنا أصيل،أي هو بها لا يفنى و لا يزول.

و فلان أصيل الرّأي،و قد أصل رأيه أصالة،و إنّه لأصيل الرّأي و العقل.

و الأصل:أسفل كلّ شيء.

و الأصيل:العشيّ،و هو الأصل،و تصغيره:

أصيلال.

لقيته مؤصلا أي بأصيل.

و الأصلة:حيّة قصيرة تثب فتساور الإنسان، و تكون برمل عاقر شبيهة بالرّئة منضمّة،فإذا انتفخت ظننتها بها،و لها رجل واحدة تقوم عليها ثمّ تدور فتثب، لا تصيب نفختها شيئا إلاّ أهلكته،لأنّ السّمّ فيها.

و الأصيل:الهلاك.[ثمّ استشهد بشعر]

و الأصيل:الأصل.و رجل أصيل:له أصل.

(7:156)

الكسائيّ: قولهم:لا أصل له و لا فصل،الأصل:

الحسب،و الفصل:اللّسان.(الجوهريّ 4:1623)

الفرّاء: جمعوا أصيلا أصلانا،كما يقال:بعير و بعران، ثمّ صغّروا الجمع،و أبدلوا النّون لاما.(الإبدال:64)

الآصال واحدها:أصل،و واحد الأصل:الأصيل:

يقال:جئناهم مؤصلين،أي عند الآصال.

و يقال:الأصيل مأخوذ من الأصل،و اليوم بليلته إنّما يبتدأ بالشّروع من أوّل اللّيل،و آخر نهار كلّ يوم متّصل بأوّل ليل اليوم الثّاني،فسمّي آخر النّهار أصيلا،لكونه

ص: 427

ملاصقا لما هو الأصل لليوم الثّاني.

(الفخر الرّازيّ 15:109)

ابن الأعرابيّ: أخذت الشّيء بأصلته،إذا لم تدع منه شيئا.(الأزهريّ 12:241)

ابن السّكّيت: إنّه لأصيل من قوم أصلاء بيّني الأصالة.و رأي أصيل:له أصل.و جدعه اللّه جدعا أصيلا،أي استأصله اللّه.(183)

الأصيل:عند المغرب،أو قبله شيئا،يقال:أتيته أصيلا،و سر فقد آصلنا،أي أمسينا،و أتينا أهلنا مؤصلين.

و قالوا:الأصيل:بعد العصر.و أتيته أصيلا و أصلا و أصيلة،و الجمع:أصائل و آصال.

و يقال:أتيته أصيلالا و أصيلانا.جمعوا أصيلا على أصلان،كما قالوا:بعير و بعران،ثمّ صغّروا أصلانا،فقالوا:

أصيلان،ثمّ أبدلوا بالنّون لاما،فقالوا:أصيلال.(406)

قد أصل يأصل أصلا،إذا تغيّر ريحه و طعمه من حمأة فيه،و يقال:إنّي لأجد من ماء حبّكم طعم أصل.(559)

يقال:جاءوا بأصيلتهم،أي بأجمعهم.

(إصلاح المنطق:352)

يقال:لقيته أصيلانا و أصيلالا،أي عشيّا.

(الإبدال:64)

شمر: الأصلة:حيّة مثل رئة الشّاة لها رجل واحدة.

و قيل:هي مثل الرّحى مستديرة حمراء لا تمسّ شجرة و لا عودا إلاّ سمّته،ليست بالشّديدة الحمرة،لها قائمة تخطّ بها في الأرض،و تطحن طحن الرّحى.

(الأزهريّ 12:241)

المبرّد: الأصل:جمع أصيل،و الأصيل:العشيّ، يقال:أصيل و أصل،مثل قضيب و قضب و جمع أصل:

آصال،و هو جمع الجمع.

و يقال في جمع أصيلة:أصائل،مثل خليفة و خلائف.

(2:65)

الزّجّاج: آصال:جمع أصل،فهو على هذا جمع الجمع،و يجوز أن يكون أصل واحدا كطنب.[ثمّ استشهد بشعر]

و تصغيره أصيلان و أصيلال على البدل،أبدلوا من النّون لاما.(ابن سيده 8:353)

ابن دريد: الأصل:جمع الأصيل،و الأصيل:

العشيّ.(2:281)

القاليّ: الأصلة:حيّة عظيمة.(2:290)

السّيرافيّ: إن كان أصيلان تصغير أصلان، و أصلان جمع أصيل فتصغيره نادر؛لأنّه إنّما يصغّر من الجمع ما كان على بناء أدنى العدد،و أبنية أدنى العدد أربعة:أفعال،و أفعل،و أفعلة،و فعلة،و ليست أصلان واحدة منها،فوجب أن يحكم عليه بالشّذوذ،و إن كان أصلان واحدا كرمّان و قربان فتصغيره على بابه.

(ابن سيده 8:353)

الجوهريّ: الأصل:واحد الأصول،يقال أصل مؤصّل.

و استأصله،أي قلعه من أصله.

الأصيل:الوقت بعد العصر إلى المغرب،و جمعه:

أصل و آصال و أصائل،كأنّه جمع أصيلة.[ثمّ استشهد بشعر]

ص: 428

و يجمع أيضا على أصلان مثل بعير و بعران،ثمّ صغّروا الجمع فقالوا:أصيلان،ثمّ أبدلوا من النّون لا ما فقالوا:أصيلال.

و حكى اللّحيانيّ:لقيته أصيلالا و أصيلانا.

و قد آصلنا،أي دخلنا في الأصيل،و أتينا مؤصلين.

و يقال:أخذت الشّيء بأصيلته،أي كلّه بأصله.

و رجل أصيل الرّأي،أي محكم الرّأي.و قد أصل أصالة،مثل ضخم ضخامة.

و مجد أصيل:ذو أصالة.

و الأصلة بالتّحريك:جنس من الحيّات،و هي أخبثها.و في الحديث في ذكر الدّجّال:«كأنّ رأسه أصلة»،و الجمع:أصل.(4:1623)

مثله الرّازيّ.(18)

ابن فارس: الهمزة و الصّاد و اللاّم ثلاثة أصول متباعد بعضها من بعض:أحدها أساس الشّيء،و الثّاني الحيّة،و الثّالث ما كان من النّهار بعد العشيّ.

فأمّا الأوّل فالأصل:أصل الشّيء،قال الكسائيّ في قولهم:لا أصل له و لا فصل له،إنّ الأصل:الحسب، و الفصل:اللّسان.و يقال:مجد أصيل.

و أمّا الأصلة:فالحيّة العظيمة.و في الحديث في ذكر الدّجّال:«كأنّ رأسه أصلة».

و أمّا الزّمان فالأصيل:بعد العشيّ،و جمعه:أصل و آصال.و يقال:أصيل و أصيلة،و الجمع:أصائل.[ثمّ استشهد بشعر](1:109)

أبو هلال:الفرق بين الأصل و الأسّ:أنّ الأس لا يكون إلاّ أصلا و ليس كلّ أصل أسّا؛و ذلك أنّ أسّ الشّيء لا يكون فرعا لغيره مع كونه أصلا،مثال ذلك:أنّ أصل الحائط يسمّى أسّ الحائط،و فرع الحائط لا يسمّى أسّا لفرعه.

الفرق بين الأصل و السّنخ:أنّ السّنخ هو أصل الشّيء الدّاخل في غيره،مثل سنخ السّكّين و السّيف و هو الدّاخل في النّصاب،و سنوخ الأسنان (1)ما يدخل منها في عظم الفكّ،فلا يقال:سنخ،كما يقال:أصل ذلك.

و الأصل اسم مشترك،يقال:أصل الحائط،و أصل الجبل،و أصل الإنسان،و أصل العداوة بينك و بين فلان كذا،و الأصل في هذه المسألة كذا،و هو في ذلك مجاز و في الجبل و الحائط حقيقة.

و حقيقة أصل الشّيء ما كان عليه معتمده،و من ثمّ سمّي العقل أصالة،لأنّ معتمد صاحبه عليه.و رجل أصيل،أي عاقل.

و حقيقة أصل الشّيء،عندي ما بدئ منه،و من ثمّ يقال:إنّ أصل الإنسان التّراب،و أصل الحائط حجر واحد،لأنّه بدئ بنيانه بالحجر و الآجرّ.

الفرق بين الأصل و الجذم:أنّ جذم الشّجرة حيث تقطع من أصلها،و أصله من الجذم و هو القطع، فلا يستعمل الجذم فيما لا يصلح قطعه.أ لا ترى أنّه لا يقال:جذم الكوز و ما أشبه ذلك،فإن استعمل في بعض المواضع مكان الأصل فعلى التّشبيه.(133)

الهرويّ: يقال:أصيل و أصل،و آصال و أصائل، و قد آصلنا.و في حديث الدّجّال:«كأنّ رأسه أصلة» الأصلة:الأفعى.و العرب تشبّه الرّأس الصّغير الكثيرن.

ص: 429


1- في المتن:الإنسان.

الحركة برأس الحيّة.[ثمّ استشهد بشعر](1:53)

ابن سيده: الأصل:أسفل الشّيء؛و جمعه:أصول، لا يكسّر على غير ذلك،و هو اليأصول.

و استعمل ابن جنّيّ«الأصليّة»موضع التّأصّل، فقال:الألف و إن كانت في أكثر أحوالها بدلا أو زائدة، فإنّها إذا كانت بدلا من أصل جرت في الأصلية مجراه، و هذا لم تنطق به العرب،إنّما هو شيء استعملته الأوائل في بعض كلاهما.

و أصل الشّيء:صار ذا أصل،و كذلك تأصّل.

و استأصل الشّيء:قطعه من أصله.و استأصل القوم:

قطع أصلهم.و استأصل اللّه شأفته،و هي قرحة تخرج بالقدم فتكوى فتذهب،فدعا اللّه أن يذهب ذلك عنه.

و قطع أصيل:مستأصل.

و أصل الشّيء:قتله علما فعرف أصله.

و رأي أصيل:له أصل.

و رجل أصيل:ثابت الرّأي عاقل،و قد أصل أصالة.

و الأصيل:العشيّ؛و الجمع:أصل،و أصلان، و آصال،و أصائل.

و آصلنا:دخلنا في الأصيل.

و الأصلة:حيّة قصيرة كالرّثة حمراء ليست بشديدة الحمرة،لها رجل واحدة تقوم عليها و تساور الإنسان و تنفخ،فلا تصيب أحدا بنفختها إلاّ أهلكته.

و قيل:الأصلة:الحيّة العظيمة؛و جمعها:أصل.

و أصل الماء أصلا،كأسن،إذا تغيّر.

و أصيلة الرّجل:جميع ماله.[و استشهد بالشّعر مرّتين](8:352)

أصل الشّيء:أساسه الّذي يقوم عليه،و منشؤه الّذي ينبت منه.و قيل:كلّ شيء ما يستند وجود ذلك الشّيء إليه،فالأب أصل للولد،و النّهر أصل للجدول.

الجمع:أصول.(الإفصاح 1:309)

الأصلة:حيّة مثل الرّحى مستديرة حمراء،لا تمسّ شجرة و لا عودا إلاّ سمّته،ليست بشديدة الحمرة.تخطّ بذنبها في الأرض و تطحن طحن الرّحى و تحوّر،و هي من دواهي الحيّات،قصيرة عريضة مثل الفرخ،تثب على الفارس.الجمع:أصل.(الإفصاح 2:850)

أصل الماء يأصل أصلا:تغيّر ريحه و طعمه من حمأة فيه،فهو ماء أصل.(الإفصاح 2:965)

الأصل:أسفل الشّيء،الجمع:أصول.ثمّ كثر حتّى قيل:أصل كلّ شيء ما يستند وجود ذلك الشّيء إليه، فالأب أصل الولد،و النّهر أصل الجدول.

أصل أصالة:صار ذا أصل.و أصل و تأصّل و استأصل:ثبت و رسخ أصله.(2:1340)

الطّوسيّ: الآصال:جمع أصل،و الأصل:جمع أصيل،و هو العشيّ؛فكأنّه قيل:أصل اللّيل الّذي ينشأ منه؛لأنّه مأخوذ من الأصيل،و هو ما بين العصر إلى مغرب الشّمس.[ثمّ استشهد بشعر](6:235)

مثله الطّبرسيّ.(3:282)

الأصيل:العشيّ،و جمعه:أصائل.و يقال:أصل و آصال،و هو أصل اللّيل،أي أوّله و مبدؤه.(8:348)

الرّاغب: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ الأعراف:205، أي العشايا.يقال للعشيّة:أصيل و أصيلة،فجمع الأصيل:أصل و آصال،و جمع الأصيلة:أصائل،و قال

ص: 430

تعالى: بُكْرَةً وَ أَصِيلاً الفرقان:5.

و أصل الشّيء:قاعدته الّتي لو توهّمت مرتفعة لارتفع بارتفاعه سائره،لذلك قال تعالى: أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ إبراهيم:24،و قد تأصّل كذا، و مجد أصيل،و فلان لا أصل له و لا فصل.(19)

الزّمخشريّ: قعد في أصل الجبل و أصل الحائط.

و فلان لا أصل له و لا فصل،أي لا نسب له و لا لسان.

و أصّلت الشّيء تأصيلا.

و إنّه لأصيل الرّأي و أصيل العقل،و قد أصل أصالة.

و إنّ النّخل بأرضنا لأصيل،أي هو بها لا يزال باقيا لا يفنى.

و سمعت أهل الطّائف يقولون:لفلان أصيلة،أي أرض تليدة يعيش بها.

و جاءوا بأصيلتهم،أي بأجمعهم.

و قد استأصلت هذه الشّجرة:نبتت و ثبت أصلها.

و استأصل اللّه شأفتهم:قطع دابرهم.

و يقال:أصله علما يأصله أصلا،بمعنى فتله علما، و هو إمّا من الأصل بمعنى أصاب أصله و حقيقته،و إمّا من الأصلة،و هي حيّة قتّالة تثب على الإنسان فتهلكه.

و لقيته أصيلا و أصلا و أصيلالا و أصيلانا،أي عشيّا.

و لقيته مؤصّلا،أي داخلا في الأصيل.

(أساس البلاغة:7)

ابن الأثير: في حديث الأضحيّة:«أنّه نهى عن المستأصلة»هي الّتي أخذ قرنها من أصله،و قيل:من الأصيلة،بمعنى الهلاك.(1:52)

ابن منظور :الأصل:أسفل كلّ شيء،و جمعه:

أصول،لا يكسّر على غير ذلك،و هو اليأصول.يقال:

أصل مؤصّل.

و أصيلة الرّجل:جميع ماله.و يقال:أصل فلان يفعل كذا و كذا،كقولك:طفق و علق.(11:16،18)

أبو حيّان: الآصال:جمع أصل و هو العشيّ،كعنق و أعناق،أو جمع أصيل كيمين و أيمان.و لا حاجة لدعوى أنّه جمع جمع كما ذهب إليه بعضهم؛إذ ثبت أنّ«أصلا» مفرد،و إن كان يجوز جمع أصيل على أصل،فيكون جمعا ككثيب و كثب.(4:438)

الفيّوميّ: أصل الشّيء:أسفله،و أساس الحائط:

أصله.

و استأصل الشّيء:ثبت أصله و قوي،ثمّ كثر حتّى قيل:أصل كلّ شيء:ما يستند وجود ذلك الشّيء إليه، فالأب أصل للولد،و النّهر أصل للجدول.و الجمع:

أصول.

و أصل النّسب بالضّمّ،أصالة:شرف،فهو أصيل مثل كريم.

و أصّلته تأصيلا:جعلت له أصلا ثابتا يبنى عليه.

و قولهم:لا أصل له و لا فصل،قال الكسائيّ:الأصل:

الحسب،و الفصل:النّسب.و قال ابن الأعرابيّ:الأصل:

العقل،و الأصيل:العشيّ،و هو ما بعد صلاة العصر إلى الغروب.و الجمع:أصل بضمّتين،و آصال.

و الأصلة:من دواهي الحيّات قصيرة عريضة،يقال:

إنّها مثل الفرخ تثب على الفارس،و الجمع:أصل.[ثمّ استشهد بشعر]

و استأصلته:قلعته بأصوله،و منه قيل:استأصل اللّه

ص: 431

تعالى الكفّار،أي أهلكهم جميعا.

و قولهم:ما فعلته أصلا و لا أفعله أصلا،بمعنى ما فعلته قطّ و لا أفعله أبدا؛و انتصابه على الظّرفيّة،أي ما فعلته وقتا من الأوقات و لا أفعله حينا من الأحيان.(1:16)

الفيروزآباديّ: الأصل:أسفل الشّيء كاليأصول، جمعه:أصول و آصل.

و أصل ككرم:صار ذا أصل،أو ثبت و رسخ أصله كتأصّل،و الرّأي:جاد.

و الأصيل:الهلاك و الموت كالأصيلة فيهما،و من له أصل،و العاقب الثّابت الرّأي،و قد أصل ككرم،و العشيّ، جمعه:أصل بضمّتين،و أصلان و آصال و أصائل.و تصغير أصلان أصيلان نادر،و ربّما قيل:أصيلال،و آصل:دخل فيه.

و أخذه بأصيلته و أصلته محرّكة،أي كلّه بأصله.

و الأصلة،محرّكة:حيّة صغيرة أو عظيمة تهلك بنفخها،جمعه:أصل.

و أصل الماء كفرح:أسن من حمأة،و اللّحم:تغيّر.

و أصيلتك:جميع مالك أو نخلتك.

و أصله علما:فتله.

و أصلته الأصلة:و ثبت عليه.و ككتف:

المستأصل.(3:338)

الطّريحيّ: الأصل:واحد الأصول الّتي منها الشّيء،و أصل الشّيء معروف،و الجمع:الأصول.

و في الحديث:«لا يحلّ لكم أن تظهروهم على أصول دين اللّه»لعلّ المراد به الولاية و نحوها ممّا لا يوافق مذهبهم.

و قولهم:فلان لا أصل له و لا فصل له،الأصل:

الحسب،و الفصل:اللّسان.

و مجد أصيل:ذو أصالة.

و قد يعبّر عن الإمام بالأصل،كما في بعض تراجم الرّجال.

و في حديث الدّجّال:«كأنّ رأسه أصلة»هي بفتح الهمزة و الصّاد:الأفعى.

و قيل:هي الحيّة العظيمة الضّخمة القصيرة.و العرب تشبّه الرّأس الصّغير الكثير الحركة برأس الحيّة.

و يسمّى علم الكلام بأصول الدّين؛لأنّ سائر العلوم الدّينيّة من الفقه و الحديث و التّفسير متوقّفة على صدق الرّسول،و صدقه متوقّف على وجود المرسل و عدله و حكمته،و غير ذلك ممّا يبحث عنه في هذا العلم، فلذلك سمّي بهذا الاسم.

و استأصل الشّيء،إذا قطعه من أصله،و منه الحديث:«استأصل شعرك يقلّ درنه»أي وسخه،و منه:

«إذا استوصل اللّسان ففيه الدّية»أي إذا قطع من أصله.

و قيل:هي الهالكة المهزولة،من قولهم:استأصل اللّه الكفّار،أي أهلكهم جميعا.

و قولهم:«ما فعلته أصلا»بمعنى ما فعلته قطّ و لا أفعله أبدا.و انتصابه على الظّرفيّة،أي ما فعلته وقتا و لا أفعله حينا من الأحيان.

«و كلّ إنسان أصله عقله»،قيل:هو إشارة إلى أنّ العمدة في الإنسان النّفس النّاطقة لا الهيكل المحسوس، فأصالة الإنسان ترجع إلى أصالة نفسه النّاطقة؛و من خواصّ النّفس النّاطقة العقل.(5:306)

ص: 432

مجمع اللّغة: أصل الشّيء:أساسه و قاعدته و أسفله،و جمعه:أصول.

الأصيل:العشيّ،و الوقت بعد العصر إلى المغرب، و الجمع:أصل و آصال.(1:40)

محمّد إسماعيل ابراهيم:أصل الشّيء:أساسه و أسفله.

و آصل إيصالا:دخل في الأصيل،و الأصيل هو الوقت بعد العصر إلى المغرب،و الجمع:أصائل و آصال.(39)

محمود شيت: 1-أ-أصل الشّيء أصلا:استقصى بحثه حتّى عرف أصله.

ب-أصل اللّحم أصلا:تغيّر و فسد.

ج-أصل أصالة:ثبت و قوي،و أصل الرّأى:جاد و استحكم،و أصل الأسلوب:كان مبتكرا متميّزا،و أصل النّسب:شرف فهو أصيل.

د-آصل إيصالا:دخل في وقت الأصيل.

ه-أصّل الشّيء:جعل له أصلا ثابتا يبنى عليه.

و-تأصّل:أصل.

ز-استأصل الشّيء:ثبت أصله و قوي،و استأصل الشّيء:قلعه بأصله.

ح-الأصالة في الرّأي:جودته،و في الأسلوب:

ابتكاره،و في النّسب:عراقته.

ط-أصل الشّيء:أساسه الّذي يقوم عليه،و منشؤه الّذي ينبت منه،و الأصل:كرم النّسب.و يقال:ما فعلته أصلا«للماضي»و لن أفعله أصلا«للمستقبل»،و أصل فيما ينسخ:النّسخة الأولى المعتمدة،و منه:أصل الحكم، و أصول الكتاب.

ي-الأصليّ:ما كان أصلا في معناه،و يقابل بالفرعيّ أو الزّائد أو الاحتياطيّ أو المقلّد.

ك-الأصول،أصول العلوم:قواعدها الّتي تبنى عليها الأحكام،و النّسبة إليها أصوليّ.

ل-الأصيل:الوقت حين تصفرّ الشّمس لمغربها.

جمعه:أصل،و أصلان،و آصال،و أصائل.

2-أ-الأصليّ:الجيش الأصليّ:الجيش النّظاميّ الدّائم،يقابله:الجيش الاحتياطيّ.

ب-أصيل:حصان أصيل.أصّل الحصان:عرف أصله.

ج-الأصيل تستعمل في الكتابات العسكريّة خاصّة في الوصايا للتّوقيت التّقريبيّ،أمّا في الأوامر فلا تستعمل لضرورة التّوقيت الدّقيق.(1:47)

المصطفويّ: الظّاهر أنّ المعنى الحقيقيّ في هذه المادّة هو ما يبنى عليه شيء سواء كان في الجمادات أو في النّباتات أو في الحيوان أو في المعقولات أو في العلوم؛ يقال:أصل الحائط،أصل الشّجر،أصل الإنسان،أصل المعرفة،الأصل في الألفاظ،الأصل في المعاني،و غير ذلك.

و لا يبعد أن تكون«الأصلة»مأخوذة من هذا المعنى، فكأنّ تلك الحيّة لها أصالة في الحيّات،فإنّها حيّة عظيمة و من دواهيها.و كذلك الزّمان بعد العشيّ،و هي آخر السّاعات من النّهار في مقابل البكرة و هي أوّل اليوم،فلمّا كان اليوم زمان العمل خيرا أو شرّا،يبتدأ به من البكرة و ينتهي إلى الأصيل،فنتيجة العمل في كلّ يوم مادّيّا أو

ص: 433

روحيّا تعلم في آخر ساعة منه،و هو المسمّى بالأصيل، فالجزاء أيّا ما كان إنّما يبنى على ما حصل في تلك السّاعة؛ فتكون لها الأصالة في ساعات النّهار.

كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ إبراهيم:24

ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها... الحشر:5

إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ... الصّافّات:

64،أي تنشأ من أرضها الأصليّة و من موادّها الأصيلة.

وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً... الدّهر:25، وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً... الأحزاب:42،أي ليكون الذّكر و التّسبيح في أوّل النّهار و آخرها،يراد دوامها في جميع اليوم.

وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً... الفرقان:5،يريدون الإملاء عليه على الدّوام،و هذا التّعبير شائع في العرف.

يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ... النّور:36.

و الفرق بين الأصل و الأساس:أنّ الأصل ما يبنى عليه شيء،و هذا المعنى إنّما يتحقّق بعد تحقّق الفرع،فهو أمر نسبيّ و ليس بمفهوم مستقلّ،و هذا بخلاف الأساس فهو مفهوم مستقلّ لا يحتاج إلى وجود غيره،فيقال:إنّه أسّس أساس الظّلم و أسّس أساس البيت،و لا يقال:

أصّله.(1:82)

النّصوص التّفسيريّة

اصل

إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. الصّافّات:64

الحسن: أي أنّ الزّقّوم شجرة تنبت في قعر جهنّم، و أغصانها ترفع إلى دركاتها.(الطّبرسيّ 4:446)

مثله الطّوسيّ(8:502)،و الميبديّ(8:275)، و الزّمخشريّ(2:342)،و البيضاويّ(2:294)،و أبو حيّان(7:363)،و البروسويّ(7:465)،و الآلوسيّ (23:95)،و المراغيّ(23:62).

القرطبيّ: أي قعر النّار،و منها منشؤها،ثمّ هي متفرّعة في جهنّم.(15:86)

عزّة دروزة: (اصل الجحيم):قاع النّار.

(4:254)

الطّباطبائيّ: (اصل الجحيم):قعرها،و لا عجب في نبات شجرة في النّار و بقائها فيها،فحياة الإنسان و بقاؤها خالدا فيها أعجب،و اللّه يفعل ما يشاء.

(17:140)

نحوه فضل اللّه.(19:195)

اصلها

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ. إبراهيم:24

الإمام الباقر عليه السّلام: النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة من بعده:الأصل الثّابت،و الفرع:الولاية لمن دخل فيها.(العامليّ:197)

الطّوسيّ: الأصل سافل،و الفرع عال،إلاّ أنّه من الأصل يوصل إلى الفرع.

و الأصل في باب العلم مشبّه بأصل الشّجرة الّتي تؤدّي إلى الثّمرة الّتي هي فرع ذلك الأصل،و يشبّه بأصل الدّرجة الّتي يترقّى منها إلى أعلى مرتبة.

(6:291)

ص: 434

البروسويّ: أي أسفلها ذاهب بعروقه في الأرض متمكّن فيها.(4:414)

عزّة دروزة: (اصلها)كناية عن جذورها.

(6:139)

فضل اللّه: بما يمثّله ذلك من عمق في امتداد جذورها في الأرض بمستوى يمنحها القوّة و الثّبات؛بحيث لا يمكن لأيّة ريح أن تقتلعها مهما كانت قوّتها،و من ارتفاع في حركة نموّ الفروع و امتدادها في السّماء.

(13:105)

اصولها

ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللّهِ وَ لِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ. الحشر:5

الزّمخشريّ: قرئ(قوّما)و(على اصلها)،و فيه وجهان:أنّه جمع أصل،كرهن و رهن،أو اكتفى فيه بالضّمّة عن الواو.

و قرئ (قائما على اصوله) ذهابا إلى لفظ(ما).

(4:81)

مثله القرطبيّ(18:10)،و الآلوسيّ(28:43).

البروسويّ: جمع أصل،و هو ما يتشعّب منه الفرع.

(9:423)

اصيلا

1- وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً. الفرقان:5

الضّحّاك: ما يملى عليه بكرة.

(الفخر الرّازيّ 24:51)

الطّبريّ: تملى عليه غدوة و عشيّا.(18:183)

الطّوسيّ: يعني غداة و عشيّا،و الأصيل:العشيّ، لأنّه أصل اللّيل و أوّله.(7:472)

مثله الطّبرسيّ.(4:161)

الزّمخشريّ: أي دائما،أو في الخفية قبل أن ينتشر النّاس،و حين يأوون إلى مساكنهم.(3:82)

نحوه البروسويّ(6:190)،و الآلوسيّ(18:236).

المراغيّ: أي آخر النّهار،و المراد جميع النّهار؛إذ من سنن العرب أن يذكروا طرفي الشّيء و يريدوا جميعه، كما يقال:شرقا و غربا لجميع الدّنيا.(26:89)

الطّباطبائيّ: البكرة و الأصيل:الغداة و العشيّ، و هو كناية عن الوقت بعد الوقت.

و قيل:المراد أوّل النّهار قبل خروج النّاس من منازلهم،و آخر النّهار بعد دخولهم في منازلهم،و هو كناية عن أنّها تملى عليه خفية.(15:181)

2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً* وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً. الأحزاب:41،42

ابن عبّاس: أي صلّوا صلاة الفجر و العشاء.

(أبو حيّان 7:237)

قتادة: الإشارة بهذين الوقتين إلى صلاة الغداة و صلاة العصر.(أبو حيّان 7:237)

مثله الطّبريّ.(22:17)

الكلبيّ: (اصيلا):صلاة الظّهر و العصر و العشاءين.

(البغويّ 5:218)

الأخفش: ما بين العصر إلى العشاء.

(أبو حيّان 7:237)

ص: 435

الميبديّ: الأصيل:آخر النّهار،و جمعه:أصل، و الآصال جمع الجمع.(8:64)

الزّمخشريّ: أي في كافّة الأوقات،و التّسبيح من جملة الذّكر.[إلى أن قال:]

و خصّ من ذلك التّسبيح بُكْرَةً وَ أَصِيلاً و هي الصّلاة في أوقاتها،لفضل الصّلاة على غيرها،أو صلاة الفجر و العشاءين،لأنّ أداءها أشقّ و مراعاتها أشدّ.

(3:265)

الطّبرسيّ: أي و نزّهوه سبحانه عن جميع ما لا يليق به بالغداة و العشيّ،و الأصيل:العشيّ.

و قيل:يعنى به صلاة الصّبح و صلاة العصر.

و قيل:صلاة الصّبح و صلاة العشاء الآخرة.خصّهما بالذّكر لأنّ لهما مزيّة على غيرهما؛من أنّ ملائكة اللّيل و النّهار يجتمعون فيهما.(4:362)

الفخر الرّازيّ: بُكْرَةً وَ أَصِيلاً إشارة إلى المداومة،و ذلك لأنّ مريد العموم قد يذكر الطّرفين و يفهم منهما الوسط،كقوله عليه السّلام:«لو أنّ أوّلكم و آخركم»و لم يذكر وسطكم،ففهم منه المبالغة في العموم.

(25:215)

مثله النّيسابوريّ.(22:21)

القرطبيّ: خصّ الفجر و المغرب و العشاء بالذّكر، لأنّها أحقّ بالتّحريض عليها،لاتّصالها بأطراف اللّيل.(14:198)

البيضاويّ: أوّل النّهار و آخره خصوصا، و تخصيصهما بالذّكر للدّلالة على فضلهما على سائر الأوقات،لكونهما مشهودين كإفراد التّسبيح من جملة الأذكار،لأنّه العمدة فيها.و قيل:الفعلان موجّهان إليهما.

(2:247)

نحوه البروسويّ(7:192)،و الآلوسيّ(22:42).

أبو حيّان: الوقتان كناية عن جميع الزّمان،ذكر الطّرفين إشعار بالاستغراق.[ثمّ ذكر مثل الزّمخشريّ]

(7:237)

الطّباطبائيّ: البكرة:أوّل النّهار،و الأصيل:آخره بعد العصر.و تقييد التّسبيح بالبكرة و الأصيل لما فيهما من تحوّل الأحوال،فيناسب تسبيحه و تنزيهه من التّغيّر و التّحوّل و كلّ نقص طارئ.

و يمكن أن يكون البكرة و الأصيل معا كناية عن الدّوام كاللّيل و النّهار في قوله: يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ فصّلت:38.(16:328)

3- لِتُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً. الفتح:9

ابن عبّاس: صلاة الفجر و صلاة الظّهر و العصر.(الزّمخشريّ 3:543)

الطّبريّ: و تصلّوا له،يعني للّه بالغدوات و العشيّات.

(26:75)

مثله الطّوسيّ(9:319)،و الميبديّ(9:209)، و القرطبيّ(16:267)،و الطّباطبائيّ(18:274).

الفخر الرّازيّ: اختيار البكرة و الأصيل يحتمل أن يكون إشارة إلى المداومة،و يحتمل أن يكون أمرا بخلاف ما كان المشركون يعملونه،فإنّهم كانوا يجتمعون على عبادة الأصنام في الكعبة بكرة و عشيّة،فأمروا بالتّسبيح

ص: 436

في أوقات كانوا يذكرون فيها الفحشاء و المنكر.

(28:86)

البروسويّ: أي غدوة و عشيّا،فالبكرة:أوّل النّهار،و الأصيل:آخره أو دائما،فإنّه يراد بهما الدّوام.

و في«عين المعاني»:البكرة:صلاة الفجر،و الأصيل:

الصّلوات الأربع،فتكون الآية مشتملة على جميع الصّلوات المفروضة.(9:18)

الآلوسيّ: غدوة و عشيّا.و المراد ظاهرهما أو جميع النّهار،و يكنّى عن جميع الشّيء بطرفيه كما يقال:شرقا و غربا لجميع الدّنيا.(26:96)

نحوه المراغيّ.(26:88)

4- وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً الدّهر:25 ذكروا فيها نحو ما ذكروه في آية الفتح.

الآصال

وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ. الأعراف:205

مجاهد: (الغدوّ):آخر الفجر،صلاة الصّبح، و(الآصال):آخر العشيّ،صلاة العصر،و كلّ ذلك لها وقت،أوّل الفجر و آخره.(الطّبريّ 9:167)

قتادة: العشيّات.

مثله ابن زيد.(القرطبيّ 7:355)

(الغدوّ):صلاة الصّبح،و(الآصال):صلاة العصر.(أبو حيّان 4:453)

الطّبريّ: يعنى بالبكر و العشيّات.و أمّا(الآصال) فجمع.

و اختلف أهل العربيّة فيها،فقال بعضهم:هي جمع أصيل،كما أنّ الأيمان جمع يمين،و الأسرار جمع سرير.

و قال آخرون منهم:هي جمع أصل،و الأصل جمع أصيل.

و قال آخرون منهم:هي جمع أصل و أصيل.و إن شئت جعلت الأصل جمعا للأصيل،و إن شئت جعلته واحدا.

قال:و العرب تقول:قد دنا الأصل،فيجعلونه واحدا.

و هذا القول أولى بالصّواب في ذلك،و هو أنّه جائز أن يكون جمع أصيل و أصل،لأنّهما قد يجمعان على «أفعال».

و أمّا(الآصال)فهي فيما يقال في كلام العرب:ما بين العصر إلى المغرب.(9:167)

القيسيّ: (الآصال)جمع أصل،و أصل جمع أصيل.

و قيل:(الآصال):جمع أصيل،و هو العشيّ.

و قرأ أبو مجلز بكسر الهمزة،جعله مصدر آصلنا،أي دخلنا في العشيّ.(1:338)

نحوه الميبديّ(3:828)،و القرطبيّ(7:355).

الزّمخشريّ: قرئ(و الإيصال)من آصل،إذا دخل في الأصيل،كأقصر و أعتم.(2:140)

الطّبرسيّ:المراد به دوام الذّكر و اتّصاله.و قيل:إنّما خصّ هذين الوقتين،لأنّهما حال فراغ القلب عن طلب المعاش،فيكون الذّكر فيهما ألصق بالقلب.(2:515)

أبو البركات: (الآصال)جمع أصل،و أصل جمع أصيل،و هو العشيّ.و قيل:أصل واحد كطنب.

و قرئ في الشّواذّ(و الإيصال)بكسر الهمزة،مصدر

ص: 437

أصلنا،إذا دخلنا في الأصيل،كما يقال:أصبحنا،أي دخلنا في الصّباح،و أظهرنا،أي دخلنا في وقت الظّهر.(1:382)

الفخر الرّازيّ: خصّ الغدوّ و الآصال بهذا الذّكر، و الحكمة فيه أنّ عند الغدوة انقلب الإنسان من النّوم الّذي هو كالموت إلى اليقظة الّتي هي كالحياة،و العالم انقلب من الظّلمة الّتي هي طبيعة عدميّة إلى النّور الّذي هو طبيعة وجوديّة.

و أمّا عند الآصال فالأمر بالضّدّ،لأنّ الإنسان ينقلب فيه من الحياة إلى الموت،و العالم ينقلب فيه من النّور الخالص إلى الظّلمة الخالصة،و في هذين الوقتين يحصل هذان النّوعان من التّغيير العجيب القويّ القاهر، و لا يقدر على مثل هذا التّغيير إلاّ الإله الموصوف بالحكمة الباهرة و القدرة الغير المتناهية،فلهذه الحكمة العجيبة خصّ اللّه تعالى هذين الوقتين بالأمر بالذّكر.

و من النّاس من قال:ذكر هذين الوقتين و المراد مداومة الذّكر و المواظبة عليه بقدر الإمكان.

(15:109)

الخازن: [مثل الفخر الرّازيّ و أضاف:]

قيل:إنّ أعمال العبد تصعد أوّل النّهار و آخره، فيصعد عمل اللّيل عند صلاة الفجر،و يصعد عمل النّهار بعد العصر إلى المغرب،فاستحبّ له الذّكر في هذين الوقتين،ليكون ابتداء عمله بالذّكر و اختتامه بالذّكر.

و قيل:لمّا كانت الصّلاة بعد صلاة الصّبح و بعد صلاة العصر مكروهة استحبّ للعبد أن يذكر اللّه في هذين الوقتين،ليكون في جميع أوقاته مشتغلا بما يقرّبه إلى اللّه عزّ و جلّ من صلاة أو ذكر.(2:273)

أبو حيّان: لمّا ذكر حالتي الذّكر و سببهما و هما التّضرّع و الخفية ذكر أوقات الذّكر.فقيل:أراد خصوصيّة الوقتين؛لأنّهم كانوا يصلّون في وقتين قبل فرض الخمس.و قيل:خصّهما بالذّكر لفضلهما،و قيل:

المعنى جميع الأوقات،و عبّر بالطّرفين المشعرين باللّيل و النّهار.

و قرأ أبو مجلز لاحق بن حميد السّدوسيّ البصريّ:

(و الإيصال)جعله مصدرا لقولهم:آصلت،أي دخلت في وقت الأصيل فيكون قد قابل مصدرا بمصدر،و يكون كأعصر،أي دخل في العصر،و هو العشيّ،و أعتم،أي دخل في العتمة.(4:453)

البروسويّ: (بالغدوّ و الآصال)متعلّق ب(اذكر) أي أذكره في هذين الوقتين،و هما البكرات و العشيّات، فانّ(الغدوّ)جمع غدوة،و هي ما بين صلاة الغداة و طلوع الشمس،و(الآصال)جمع أصيل،و هو الوقت بعد العصر إلى المغرب و العشيّ،و العشيّة من صلاة المغرب إلى العتمة.[ثمّ ذكر مثل الفخر الرّازيّ](3:306)

الآلوسيّ: (الآصال)جمع أصل،و أصل جمع أصيل، أعني ما بين العصر إلى غروب الشّمس،فهو جمع الجمع و ليس للقلّة،و ليس جمعا لأصيل،لأنّ«فعيلا»لا يجمع على«أفعال».

و قيل:إنّه جمع له،لأنّه قد يجمع عليه،كيمين و أيمان.

و قيل:إنّه جمع لأصل مفردا كعنق،و يجمع على أصلان أيضا.

ص: 438

و خصّ هذان الوقتان بالذّكر.[نقل قول الفخر الرّازيّ ثمّ قال:]

أو لأنّهما وقتا فراغ،فيكون الذّكر فيهما ألصق بالقلب.

و قيل:لأنّهما وقتان يتعاقب فيهما الملائكة على ابن آدم.

و قيل:ليس المراد التّخصيص بل دوام الذّكر و اتّصاله،أي اذكر كلّ وقت.(9:154)

نحوه رشيد رضا.(9:557)

عزّة دروزة: جمع أصيل،و هو وقت آخر النّهار إلى قبيل الغروب.(2:203)

مثله حجازيّ.(9:52)

2- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ. الرّعد:15

أبو عبيدة: أي بالعشيّ،واحدها:أصل،و واحد الأصل:أصيل،و هو ما بين العصر إلى مغرب الشّمس.

[ثمّ استشهد بشعر](1:328)

مثله الطّبريّ(13:132)،و الميبديّ(5:176)، و القرطبيّ(9:302).

الفخر الرّازيّ: إنّما خصّص(الغدوّ و الآصال) بالذّكر،لأنّ الظّلال إنّما تعظم و تكثر في هذين الوقتين.(19:30)

نحوه فضل اللّه(13:34)

البيضاويّ: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ ظرف ل يَسْجُدُ، و المراد بهما الدّوام أو حال من الظّلال.

و تخصيص الوقتين لأنّ الامتداد و التّقلّص أظهر فيهما.

و(الغدوّ)جمع غداة كقنيّ جمع قناة،و(الآصال) جمع أصيل،و هو ما بين العصر و المغرب.

و قيل:(الغدوّ)مصدر،و يؤيّده أنّه قرئ به (و الإيصال)و هو الدّخول في الأصيل.(1:517)

نحوه أبو السّعود(3:103)،و البروسويّ(4:356)، و الآلوسيّ(3:126).

عزّة دروزة: أمّا تعبير(بالغدوّ و الآصال)فالمتبادر أنّه متّصل بالظّلال الّتي ترى في غدوّ النّهار و أصيله.

فالظّلال المرئيّة المتحرّكة في غدوّ النّهار و أصيله للأشياء و النّاس،هي في حركاتها و سكناتها خاضعة لتصريف اللّه كما تخضع له أصولها.

و قد قال بعضهم:إنّه متّصل بالسّجود،فإذا صحّ هذا فيكون تعبيرا أسلوبيّا و ليس بقصد تقرير اقتصار الخضوع للّه على أوائل النّهار و أواخره فقط،لأنّ روح الكلام يتحمّل استمرار خضوع ما في الكون للّه في جميع الأوقات.(7:52)

الطّباطبائيّ: إنّما خصّ(الغدوّ و الآصال)بالذّكر لا لما قيل:إنّ المراد بهما الدّوام،لأنّه يذكر مثل ذلك للتّأبيد؛ إذ لو أريد سجودها الدّائم لكان الأنسب به أن يقال:

بأطراف النّهار،حتّى يعمّ جميع ما قبل الظّهر و ما بعده،كما وقع في قوله: وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى طه:130.

بل النّكتة فيه-و اللّه أعلم-أنّ الزّيادة و النّقيصة دائمتان للأظلال في الغداة و الأصيل،فيمثّلان للحسّ السّقوط على الأرض و ذلّة السّجود.

ص: 439

و أمّا وقت الظّهيرة و أوساط النّهار فربّما انعدمت الأظلال فيها أو نقصت،و كانت كالسّاكنة لا يظهر معنى السّجدة منها ذلك الظّهور.[و فيه مباحث تفصيليّة في سجدة الأظلال في الغدوّ و الآصال فراجع](11:322)

3- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ. النّور:36

الطّوسيّ: (الآصال):جمع أصيل.و قرأ أبو محلم (الإصال)بكسر الألف،جعله مصدرا.(7:440)

الميبديّ:أي يصلّي له في الغدوّ و الآصال،أي بالغداة و العشيّ.

قال أهل التّفسير: أراد به الصّلوات المفروضات، فالّتي تؤدّى بالغداة صلاة الفجر،و الّتي تؤدّى بالآصال صلاة الظّهر و العشاءين،لأنّ اسم الأصيل يجمعها.

و قيل:أراد به صلاة الصّبح و العصر،و إليه أشار النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم«من صلّى البردين دخل الجنّة».(6:537)

نحوه القرطبيّ(12:276)،(و البروسويّ(6:159).

الفخر الرّازيّ: (الآصال):جمع أصل،و الأصل جمع أصيل و هو العشيّ،و إنّما وحّد الغدوّ،لأنّه في الأصل مصدر لا يجمع.و الأصيل اسم جمع.(24:4)

الآلوسيّ: [نقل قول الجوهريّ في الآصال ثمّ قال:]

و اختار الزّمخشريّ أنّه جمع أصل كعنق و أعناق.

و الأصل كالأصيل:العشيّ،و هو من زوال الشّمس إلى الصّباح،فيشمل الأوقات ما عدا الغداة،و هي من أوّل النّهار إلى الزّوال،و يطلقان على أوّل النّهار و آخره.

و إفرادهما بالذّكر لشرفهما،و كونهما أشهر ما يقع فيه المباشرة للأعمال و الاشتغال بالأشغال.(18:176)

الطّباطبائيّ: (الآصال)جمع أصيل،و هو العصر.

[إلى أن قال:]و كون التّسبيح بالغدوّ و الآصال كناية عن استمرارهم فيه،لا أنّ التّسبيح مقصور في الوقتين لا يسبّح له في غيرهما.(15:126)

فضل اللّه: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ عند ما تشرق الشّمس في بداية يوم جديد و عند ما تغرب في نهايته؛حيث يتحرّك التّسبيح ليوحي للنّفس الإنسانيّة بمعاني العظمة الإلهيّة الّتي يراد لها أن تنفعل بتلك العظمة،في عمليّة انفتاح على خطّ عبوديّتها للّه،و طاعتها له،ليكون اليوم منفتحا على اللّه في بدايته و نهايته كوسيلة من وسائل الامتلاء بروحيّته و عظمته، في مواقع رحمته.(16:327)

الأصول اللّغويّة

1-المعاني الّتي جاءت في النّصوص لهذه المادّة:

أ-الأصل:الأساس.أسفل الشّيء،و أصل كلّ شيء.

ب-الأصيل:العشيّ،و آخر النّهار،و ما بين العصر و المغرب،و الآصال:العشيّات،و الهلاك.

ج-الأصلة:حيّة صغيرة،أو حيّة مثل رئة الشّاة لها رجل واحدة.لها قائمة تخبط بها في الأرض و تطحن طحن الرّحى.

2-عند ابن فارس في معنى الأصل،أنّها أصول ثلاثة متباعدة،و هي:الأساس،و الحيّة،و آخر النّهار.و عند المصطفويّ أنّه أصل واحد،و هو ما يبنى عليه الشّيء في جميع الموارد،فأرجع الحيّة إليه،لأنّها كانت أصل

ص: 440

الحيّات،و العشيّ،لأنّه وقت ما ينتهي إليه نتيجة العمل، فكأنّه الأصل للعمل و للجزاء عليه.و هذا لا يخلو من تكلّف،إلاّ أن يقال:إنّ الأصيل أصل اللّيل كما أنّ الغدوّ أصل النّهار و ابتداؤه،و إنّهما يدلاّن بالتّالي على نهاية كلّ من اللّيل و النّهار،فالأصيل نهاية النّهار و الغداة نهاية اللّيل.كما أنّ الأصلة لعلّها سمّيت بها تلك الحيّة لقيامها على أصل،أي رجل واحدة بخلاف سائر الحيّات.

و أمّا الهلاك في«الاستئصال»فهو من صيغة «الاستفعال»الّتي تأتي للسّلب،فاستئصال الشّيء:

إزالته من أصله،و ليس راجعا إلى طلب الأصل.

3-و قد مضى في«الأساس»عن أبي هلال العسكريّ أنّ كلّ أساس أصل،و ليس كلّ أصل أساس، فإنّ فرع الحائط أصل بالنّسبة إلى ما فوقه و لا يسمّى أساسا.فالأساس هو جذر البناء لا كلّ ما يبنى شيء عليه.و على كلّ حال،ففيهما معنى الثّبات و البقاء و القوّة، و لا يستعملان إلاّ في هذا الشّأن كما تدلّ عليه المشتقّات و موارد الاستعمال.و نقيض الأصل الفرع،و يقال لما لا ثبات له برأسه و لا بدّ أن يكون له:أصل.

الاستعمال القرآنيّ

1-جاءت بكرة مع أصيل و الغدوّ مع الآصال في القرآن دائما على النّحو الآتي:

أصيل:

1- وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً الأحزاب:42

2- وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً الفتح:9

3- وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً الدّهر:25

4- فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً الفرقان:5 آصال:

5- وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ الأعراف:205

6- يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ النّور:36

7- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ الرّعد:15

فيلاحظ أوّلا:أنّ(بكرة و اصيلا)جاءت أربع مرّات:مرّتين عقيب التّسبيح،و مرّة عقيب ذكر اسم الرّبّ،و مرّة عقيب(تملى).و جاءت(الغدوّ و الآصال) ثلاث مرّات:مرّة عقيب ذكر الرّبّ،و مرّة عقيب التّسبيح،و مرّة عقيب السّجود.

و ثانيا:أنّ(بكرة و اصيلا)جاءتا دائما بصيغة منكّرة مفردة منصوبة،ظرف زمان في سورتين مكّيّتين-إن كانت سورة الدّهر مكّيّة-و سورتين مدنيّتين.و(الغدوّ و الآصال)جاءتا دائما بصيغة معرّفة باللاّم،مجرورة بالباء جمعا-إن كان الغدوّ جمعا-في سورتين مكّيّتين و سورة مدنيّة.

و ثالثا:يشترك الأسلوبان في تقدّم البكور و الغدوّ على الأصيل و الآصال في الجميع وفقا لطبيعة التّقدّم الزّمنيّ.

2-و قد جاء هذا الأسلوب في القرآن بألفاظ أخر:

8- وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ

آل عمران:41

9- وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ المؤمن:55

ص: 441

10- إِنّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ ص:18

11- وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ الأنعام:52

12- وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ الكهف:28

13- فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا

مريم:11

14- لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاّ سَلاماً وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا مريم:62

15- اَلنّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا

المؤمن:46

16- فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ

الرّوم:17

17- وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ الرّوم:18

فجاء العشيّ و الإبكار فيها مرّتين،و العشيّ و الإشراق مرّة،و بالغداة و العشيّ مرّتين،كما جاءت بكرة و عشيّا مرّتين،و غدوّا و عشيّا مرّة،و كلّها مكّيّة سوى(8).

3-ثمّ نعود فنقول:هل وقع التّفنّن الصّرف في هذه الأساليب صدفة أم فيها نكتة؟

إنّ الرّأي يرجّح وجود نكتة فيها،و هي رعاية الرّويّ و فواصل الآيات.فالرّويّ في(1-4)(بكرة و اصيلا):(عليما)و(رحيما)و(حكيما)و(نذيرا) و(عظيما)و(تنزيلا)و(ثقيلا)و(سبيلا)و نحوها في السّور الأربع.

و الرّويّ في آيات«آل عمران»(8):(بالعشيّ و الابكار)مختلف،إلاّ أنّ فيها(حساب)مكرّرا، و(الدّعاء)و(يشاء)و(العباد)مكرّرا،و(الاسحار) و(النّار)و(المآب)و(العقاب)و غيرها.

و في(9)«المؤمن»مختلف أيضا،و فيها(الدّار) و(الباب)و(الاشهاد)و(خلال)و(العذاب)و(الإبكار) و هو آخر هذا الأسلوب.ثمّ يتحوّل الرّويّ إلى(المصير) و(آخرين)و(يعلمون)إلى آخر السّورة.

و في(10)و(بالعشىّ و الاشراق)«ص»فالرّويّ (الحساب)و(اوّاب)و(الخطاب)و نحوها و فيها(شقاق) و(اختلاق)و(الاعناق)و(غسّاق)،فيظهر أنّ «الإشراق»مناسب لها،و في آخر هذه السّورة يتغيّر الرّويّ إلى(اجمعون)و(الكافرين)و(العالمين)و(طين) و(حين)....

و وقع(غدوّا و عشيّا)في(15)«المؤمن»وسط الآية،و كذلك(الغداة و العشىّ)في«الأنعام و الكهف».(11 و 12)

و أمّا(بكرة و عشيّا)في(14 و 15)«مريم»فالرّويّ فيها(رضيّا)و(عتيّا)و(صبيّا)و(عصيّا)و(عشيّا) مكرّرا،و نحوها.

كما أنّ الرّويّ في(16 و 17)«الرّوم»مختلف أيضا،و فيها:(يحبرون)و(يتفرّقون)و(تظهرون)، فتناسبها (حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ).

و يبدو أنّ هناك فرقا آخر-سوى رعاية الرّويّ- بين البكرة و الغداة و الغداوة و الغدوّ كما بين المساء و العشيّ و الأصيل،و فيها يمكن سرّ مجيء«بكرة

ص: 442

و غداوة»مع الأصيل و العشيّ دون«الآصال»،و مجيء«الغدوّ»مع الآصال و العشيّ دون«الأصيل»، و مجيء«الإبكار و الإشراق»مع«العشيّ»فقط، فليلاحظ.

4-و بالتّأمّل في هذه الأساليب المختلفة يرجّح قول من قال:إنّ المراد بها جميع أوقات اللّيل و النّهار،و لا يختصّ بالصّباح و المساء،كما يقال:شرقا و غربا لجميع الأرض.فليس المراد بها الصّلاة في تلك الأوقات كما قيل.

و يؤيّده تقديم«بكرة»«و غداوة»و«غدوّا»في أكثرها على«أصيلا»و«الآصال»و«عشيّا»،و تأخير «الإبكار»و«الإشراق»عن«العشيّ»في(8)«آل عمران» و(10)«ص»و(15)«المؤمن»كما يؤيّد ذلك سبقها بالذّكر و التّسبيح،و الاستغفار و الدّعاء،و السّجود، و الحمد،و ليست هذه أمور موقوتة،بل دوامها مطلوب.

و أيضا عرض الكفّار على النّار في(15)دائم في اللّيل و النّهار،و كذلك سجود من في السّماوات و الأرض(7).

و للعلاّمة الطّباطبائيّ كلام ذيل آية(7):(و للّه يسجد...)،تقدّم في النّصوص فلاحظ.

5-قال بعضهم في مثل(1): سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً، إنّ المراد به صلاة الصّبح و العصر،أو صلاة الظّهر و العصر و العشاءين.و المراد به أنّ التّسبيح هو الصّلاة في هذه الأوقات،لا أنّ الأصيل جاء بمعنى الصّلاة،و كذا الأمر في بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ النّور:36.

6-نقول:إنّ في«الأصل»معنى الثّبات و البقاء و القوّة،و عكسه«الفرع»،لاحظ قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ إلى أن قال: وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ* يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ إبراهيم:

24-27.

فالكلمة الطّيّبة أصل ثابت آثارها دائمة،و الكلمة الخبيثة لا أصل لها و لا قرار،بل اجتثّت من فوق الأرض.

و مثلهما قوله: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ الصّافّات:64،65.فهي أيضا ثابتة،و دليل ثباتها قوله: خالِدِينَ فِيها أَبَداً النّساء:

169،و قوله: أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها الحشر:

5،و بناء على ذلك فالمؤمن يتّصف بالقول الثّابت، و الكافر يتّصف بالضّلال و الرّيب.

ص: 443

ص: 444

أ ف ف

اشارة

افّ

لفظ واحد،3 مرّات مكّيّة،في 3 سور مكّيّة

النّصوص اللّغويّة

أبو عمرو ابن العلاء: الأفّ:وسخ بين الأظفار، و التّفّ:قلامتها.(القرطبيّ 10:243)

الخليل: الأفّ و الأفف من«التّأفيف»،تقول:قد أفّفت فلانا،إذا قلت له:أفّ.

و فيه ثلاث لغات:الكسر،و الضّمّ،و الفتح بلا تنوين،و أحسنه الكسر.فإذا نوّنت فارفع،تقول:أفّ، لأنّه يصير اسما بمنزلة قولك:ويل له.

و العرب تقول:أفّة له،مؤنّثة مرفوعة.لا يقال ذلك إلاّ بالتّنوين،إمّا مرفوعا و إمّا منصوبا.و النّصب على طلب الفعل،كأنّك تقول:أفّفت أفّا.

و تقول:الأفّ و التّفّ،الأفّ:وسخ الأذن،و التّفّ:

وسخ الأظفار.

و يقال:عليهم اللّعنة و التّأفيف.(8:410)

أبو عمرو الشّيبانيّ:اليأفوف:الخفيف السّريع.(الزّبيديّ 6:42)

مثله ابن السّكّيت.(309)

اليأفوف،و اليهفوف:الحديد القلب من الرّجال.(الأزهريّ 15:589)

الفرّاء: في«أفّ»ستّ لغات،يقال:أفّ لك،و أفّا لك،و أفّ لك،،و أفّ لك،و أفّ لك،و أفّ لك.

(الأزهريّ 15:588)

نحوه الأخفش.(الجوهرىّ 4:1331)

أبو زيد: الأفّ:وسخ الأذن،و التّفّ:وسخ الأظفار.(ابن دريد 1:19)

الأصمعيّ: [مثل أبي زيد و أضاف:]

يقال ذلك عند استقذار الشّيء،ثمّ كثر حتّى استعملوه في كلّ ما يتأذّون به.(الأزهريّ 15:589)

ص: 445

نحوه السّجستانيّ.(107)

و اليأفوف:العييّ الخوّار.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 15:590)

أبو عبيد: الأفّ و التّفّ:وسخ الأصابع إذا فتلته.

(الميبديّ 5:540)

ابن الأعرابيّ: الأفف:الضّجر.

يقال:أتاني على إفّان ذاك،و أفّان ذاك،و أفف ذاك، و عدّان ذاك،و تئفّة ذاك،و تئفته،بمعنى واحد.

(الأزهريّ 15:589،590)

يقال:أفّا له و تفّا،و أفّة له و تفّة.

(ابن فارس 1:17)

أبو طالب:أفّ لك و تفّ؛و أفّة و تفّة.

(الأزهريّ 15:589)

أبو الهيثم: يقال:كان فلان أفوفة،و هو الّذي لا يزال يقول لبعض أمره:أفّ لك،فذلك الأفوفة.

(الأزهريّ 15:589)

الطّبريّ: قد اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى«أفّ»فقال بعضهم:معناه كلّ ما غلظ من الكلام و قبح.

و قال آخرون:الأفّ:وسخ الأظفار،و التّفّ:كلّ ما رفعت بيدك من الأرض،من شيء حقير.(15:64)

الزّجّاج: معنى أفّ:النّتن.(الأزهريّ 15:589)

«أفّ»غير متمكّن بمنزلة الأصوات،فإذا لم ينوّن فهو معرفة،و إذا نوّن فهو نكرة،بمنزلة(غاق و غاق)في الصّوت.و هذه الكلمة يكنّى بها عن الكلام القبيح،لأنّ الأفّ:وسخ الأظفار،و التّفّ:الشّيء الحقير.

(أبو زرعة:400)

ابن دريد: أفّ يؤفّ،إذا تأفّف من كرب أو ضجر.

و يقال:رجل أفّاف:كثير التّأفّف،و في التّنزيل:

فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ الإسراء:23.

و يقال:أتانا على أفّ ذلك و أففه و إفّانه،أي إبّانه.

و تقول:أفّ لك يا رجل،إذا تضجّرت منه.(1:18)

و رجل يأفوف:ضعيف أحمق.(3:294)

ابن الأنباريّ: من قال:أفّا لك،نصبه على مذهب الدّعاء،كما يقال:ويلا للكافرين.

و من قال:أفّ رفعه باللاّم،كما يقال:ويل للكافرين.

و من قال:أفّ لك،خفضه على التّشبيه بالأصوات، كما يقال:صه و مه.

و من قال:أفّي لك،أضافه إلى نفسه.

و من قال:أف لك،شبّهه بالأدوات،بمن،و كم،و بل، و هل.(الأزهريّ 15:588)

الأزهريّ: [عند قول الأصمعيّ في معنى اليأفوف]

و قيل:هو المغفّل عن كلّ عيش.

و يقال:جئت على إفّان ذاك،و على تئفّة ذاك،و على أفف ذاك،و على تئفة ذاك،كلّ ذلك قيّد.(15:590)

الجصّاص: هي كلمة تدلّ على الضّجر و التّبرّم بمن يخاطب بها.(3:197)

نحوه عبد الكريم الخطيب.(8:473)

الصّاحب: و أفّ:من التّأفيف،و أفّفت فلانا:قلت له أفّ،و فيه ثلاث لغات:كسر،و ضمّ،و فتح؛فإذا نوّن رفع.

و الأفوفة:الّذي لا يزال يقول لغيره:أفّ لك.

ص: 446

و الأفّ و التّفّ:وسخ الأظفار.و وسخ الأذن.

و إنّه ليأتفّ عليه:أي يحتلط و يغتاظ.

و أتانا على إفّان ذاك و إبّانه:بمعنى،و تفتح الهمزة أيضا.

و أتيتك على إفّ ذاك:أي على حينه،و تئفته:أي وقته،و تئفّته:أي على أثره،و على أففة ذاك،و إفّة ذاك.

و الأفف:الضّجر،و هم قوم أفّة و هما أفّة و هو أفّة:

و هم الّذين يتأفّف من قذرهم،و اليأفوف و الأفوف:

مثله.(10:437)

الخطّابيّ: أرى الأصل فيه«الأفف»و هو الضّجر.

و قال بعض أهل اللّغة:معنى«الأفّة»المعدم المقلّ،من «الأفف»و هو الشّيء القليل.(ابن الأثير 1:55)

ابن جنّيّ: أمّا«أفّ»و نحوه-من أسماء الفعل، كهيهات في الجرّ-فمحمول على أفعال الأمر،و كان الموضع في ذلك إنّما هو:لصه و مه و رويد و نحو ذلك،ثمّ حمل عليه باب«أفّ»و نحوها؛من حيث كان اسما سمّي به الفعل،و كان كلّ واحد من لفظ الأمر و الخبر قد يقع موقع صاحبه،صار كلّ واحد منهما هو صاحبه،فكأن لا خلاف هنالك في لفظ و لا معنى.

(ابن منظور 9:7)

الجوهريّ: يقال:أفّا له و أفّة،أي قذرا له-و التّنوين للتّنكير-و أفّة و تفّة.و قد أفّف تأفيفا،إذا قال:أفّ.قال اللّه تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ الإسراء:23.

و يقال:أفّا و تفّا،و هو إتباع له.

و قولهم:كان ذاك على إفّ ذاك و إفّانه بكسرهما،أي حينه و أوانه.

و جاء على تئفّة ذاك،مثال تعفّة ذاك،و هو«تفعلة».

(4:1331)

ابن فارس: و أمّا الهمزة و الفاء في المضاعف فمعنيان:أحدهما تكرّه الشّيء،و الآخر الوقت الحاضر.

قال ابن الأعرابيّ:«الأفف:الضّجر».و من هذا القياس:اليأفوف:الحديد القلب.(1:16،17)

الهرويّ: و يقال لكلّ ما يضجر منه و يستثقل:أفّ له.قال الأزهريّ:و التّفّ أيضا:الشّيء الحقير (1).

[الأفّ]و فيه عشر لغات:أفّ،و أفّ،و أفّ،و أفّا، و أفّ،و أفّ،و أفّة و إفّ لك بكسر الهمزة،و أف بضمّ الهمزة و تسكين الفاء و أفّي.

و في الحديث:«فألقى طرف ثوبه على أنفه ثمّ قال:

أفّ أفّ»،قال أبو بكر:معناه الاستقذار لما شمّ.

و قال بعضهم:معنى«أفّ»الاحتقار و الاستقلال، أخذ من«الأفف»و هو القليل.

و في حديث أبي الدّرداء:«نعم الفارس عويمر غير أفّة»تفسيره في الحديث:غير الجبان.(1:56،57)

الثّعالبيّ: ...الوسخ إذا كان في الأذن فهو أفّ،فإذا كان في الأظفار فهو تفّ.(139)

ابن سيده: الأفّ:الوسخ الّذي حول الظّفر و التّفّ الّذي فيه.

و قيل:الأفّ:وسخ الأذن،و التّفّ:وسخ الأظفار،ثمّ استعمل ذلك عند كلّ شيء يضجر منه.

و قيل:الأفّ و الأفف:القلّة،و التّفّ منسوق على أفّ،و معناه كمعناه،و قد تقدّم في باب التّاء.ة.

ص: 447


1- لم نجد هذا الكلام في تهذيب اللّغة.

و أفّ:كلمة تضجّر،و فيها عشرة أوجه:أفّ له، و أفّ،و أفّ،و أفّا،و أفّ،و أفّ،و في التّنزيل: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ الإسراء:23،و أفّى:ممال،و إفّ،و أفّة،و أف خفيفة محذوفة من«أفّ»المشدّدة.

ابن جنّيّ: أمّا«أفّ»و نحوه من أسماء الفعل كهيهات في الخبر،فمحمول في ذلك على أفعال الأمر،و كأنّ الموضع في ذلك إنّما هو لصه و مه و رويد،و نحو ذلك،ثمّ حمل عليه باب أفّ و نحوها،و من حيث كان اسما سمّي به الفعل،و كان كلّ واحد من لفظ الأمر و الخبر قد يقع موقع صاحبه،صار كلّ واحد منهما هو صاحبه،فكأن لا خلاف هنالك في لفظ و لا معنى.

و أفّفه و أفّف به:قال له:أفّ.

و تأفّف الرّجل:قال:افّه،و ليس بفعل موضوع على أفّ عند سيبويه،و لكنّه من باب سبّح و هلّل إذا قال:

سبحان اللّه و لا إله إلاّ اللّه؛و لذلك إذا مثّل نصب أفّة و تفّة، و لم يمثّله بفعل من لفظه كما يفعل ذلك بسقيا و رعيا و نحوهما،و لكنّه مثّله بقوله:نتنا؛إذ لم يجد له فعلا من لفظه.

و تأفّف به كأفّفه،و في حديث عائشة رضي اللّه عنها أنّه لمّا قتل أخوها محمّد بن أبي بكر أرسلت عبد الرّحمن أخاها فجاء بابنه القسم.و بنته من مصر،فلمّا جاء بهما أخذتهما عائشة فربّتهما إلى أن استقلاّ،ثمّ دعت عبد الرّحمن،فقالت:يا عبد الرّحمن،لا تجد في نفسك من أخذي بني أخيك دونك؛لأنّهم كانوا صبيانا فخشيت أن يتأفّف بهم نساؤك،فكنت ألطف بهم و أصبر عليهم، فخذهم إليك،و كن لهم كما قال حجيّة بن المضرّب لبني أخيه معدان،و أنشدته الأبيات الّتي أوّلها:

*لججنا و لجّت هذه في التّغضّب*

و رجل أفّاف:كثير التّأفّف.

و قد أفّ يئفّ و يؤفّ أفّا.قال ابن دريد:هو أن يقول:

أفّ،من كرب أو ضجر.

و رجل أفّاف:كثير التّأفّف.

و أتانا على إفّ ذاك و إفّته،و أففه،و إفّانه،و تئفّته،أي على إبّانه و وقته.و سيبويه يجعل تئفّة:فعلّة.و الفارسيّ يردّ عليه ذلك بالاشتقاق،و يحتجّ بما تقدّم.

و اليأفوف:الخفيف السّريع،و قيل:الضّعيف الأحمق.

و اليأفوفة:الفراشة.(10:540)

الأفّ:وسخ الأذن،و التّفّ:إتباع لأفّ.

(الإفصاح 1:34)

التّفّ:ما تحت الظّفر من الوسخ،الأفّ:وسخ الظّفر.

(الإفصاح 1:77)

الأفّ:قلامة الظّفر.(الإفصاح 1:78)

الطّوسيّ: و«أفّ»كلمة يكنّى بها عن الكلام القبيح و ما يتأفّف به،لأنّ التّفّ:وسخ الظّفر،و الأفّ:وسخ الأذن.

و قيل:التّفّ:كلّ ما رفعت بيدك من حقير من الأرض.

و قيل:معنى الأفّ:الثّوم،و قيل:الشّرّ.و قد جرى مجرى الأصوات،فزال عنه الإعراب مثل«صه»و معناه اسكت،و«مه»و معناه كفّ و«هيهات هيهات»أي بعيد بعيد.فإذا نوّنت أردت النّكرة،أي سكوتا و قبحا،و إذا لم

ص: 448

تنوّن أردت المعرفة.و إنّما جاز تحريك الفاء بالضّمّ و الفتح و الكسر،لأنّ حركتها ليست حركة إعراب،و إنّما هي حركة التقاء السّاكنين،فتفتح لخفّة الفتحة،و تضمّ إتباعا للضّمّ قبله.و قيل:تضمّ تشبيها ب«قبل»و «بعد»،و تكسر على أصل حركة التقاء السّاكنين.

و في«أفّ»سبع (1)لغات:أفّ و أفّ و أفّ و أفّا و أفّي ممالة،و زاد ابن الأنباريّ بسكون الفاء.(6:465)

الرّاغب: أصل الأفّ:كلّ مستقذر من وسخ و قلامة ظفر،و ما يجري مجراهما.و يقال ذلك لكلّ مستخفّ استقذارا له،نحو أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ الأنبياء:67،و قد أفّفت لكذا،إذا قلت ذلك استقذارا له.

و منه قيل للضّجر من استقذار شيء:أفّف فلان.(19)

ابن القطّاع: و[يقال:]أفّة و إفّة.

(ابن منظور 9:7)

البغويّ: هي كلمة كراهية.و قيل:الأفّ:ما يكون في المغابن من الوسخ،و التّفّ:ما يكون في الأصابع.

(4:126)

الزّمخشريّ: أبو الدّرداء:«نعم الفارس عويمر غير أفّة»،أي غير جبان،و هو من قولهم:أفّ له،أي نتنا و دفرا.يقوله المتضجّر من الشّيء،فكأنّ أصله:غير ذي أفّة،أي غير متأفّف من القتال-و قولهم للجبان:يأفوف من هذا أيضا-و«غير»خبر مبتدإ محذوف تقديره:هو غير أفّة.

و أمّا حديث:«فألقى طرف ثوبه على أنفه ثمّ قال:أفّ أفّ»فهو اسم للفعل الّذي هو أتضجّر أو أتكرّه،مبنيّ على الكسر.(الفائق 1:49)

أفّا له و تفّا،و كلّمه فتأفّف به،و استمرّه فتأفّف من مرارته.(أساس البلاغة:7)

الطّبرسيّ:و هي كلمة تبرّم،يقصد بها إظهار التّسخّط.(5:87)

ابن الأثير: و هي صوت،إذا صوّت به الإنسان علم أنّه متضجّر متكرّه.

و قيل:أصل«الأفّ»من وسخ الأصبع إذا فتل.و قد أفّفت بفلان تأفيفا،و أففت به،إذا قلت له:أفّ لك.و فيها لغات،هذه أفصحها و أكثرها استعمالا.

و في حديث أبي الدّرداء:«...غير أفّة»جاء تفسيره:

غير جبان،أو غير ثقيل.(1:55)

القرطبيّ: كلمة مقولة لكلّ شيء مرفوض.

(10:243)

الشّاطبيّ:اليأفوفة:الفراشة.[ثمّ استشهد بشعر]

(ابن منظور 9:8)

ابن منظور :الأفّ:الوسخ الّذي حول الظّفر، و التّفّ:الّذي فيه.

و رجل أفّاف:كثير التّأفّف،و قد أفّ يئفّ و يؤفّ أفّا.

و جاء على تئفّة ذلك،مثل تعفّة ذلك،و هو«تفعلة».

و حكى ابن برّيّ قال:في أبنية الكتاب تئفّة«فعلّة»،قال:

و الظّاهر مع الجوهريّ بدليل قولهم:على إفّ ذلك و إفّانه.

قال أبو عليّ:الصّحيح عندي أنّها«تفعلة»، و الصّحيح فيه عن سيبويه ذلك على ما حكاه أبو بكر، أنّه في بعض نسخ الكتاب في باب«زيادة التّاء»،قال أبو..

ص: 449


1- الظّاهر ستّ لغات لا سبع،طبقا لما أورده،و كذا ذكره قبله:الأخفش،و الفرّاء...

عليّ:و الدّليل على زيادتها ما رويناه عن أحمد عن ابن الأعرابيّ،قال:يقال:أتاني في إفّان ذلك و أفّان ذلك و أفف ذلك و تئفّة ذلك،و أتانا على إفّ ذلك و إفّته و أففه و إفّانه و تئفّته و عدّانه،أي على إبّانه و وقته.يجعل تئفّة «فعلّة».و الفارسيّ يردّ ذلك عليه بالاشتقاق،و يحتجّ بما تقدّم.

و اليأفوف:الرّاعي صفة كاليحضور و اليحموم،كأنّه متهيّئ لرعايته عارف بأوقاتها،من قولهم:جاء على إفّان ذلك و تئفّته.(9:6،8)

الخازن: و هي كلمة تضجّر و كراهية.(4:126)

نحوه السّيوطيّ.(2:184)

أبو حيّان: «أفّ»اسم فعل بمعنى أتضجّر.و لم يأت اسم فعل بمعنى المضارع إلاّ قليلا،نحو أفّ و أوّه،بمعنى أتوجّع.و كان قياسه أن لا يبنى،لأنّه لم يقع موقع المبنيّ.

و ذكر الزّناتيّ في كتاب«الخلل»له:أنّ في«أفّ» لغات تقارب الأربعين،و نحن نسردها مضبوطة كما رأيناها،و هي:

أف أف أف،أفّ أفّ أفّ،أفّا أفّ أفّ،أفا أف أف، أف أفّ أفّى-بغير إمالة-أفّى-بالإمالة المحضة-أفّى- بالإمالة بين بين أفّي أفّوه أفّه أفّه أفّه فهذا اثنان و عشرون مع الهمزة المضمومة،إف إف إف،إفّ إفّا إفّ إفّ،إفّا إفّى بالإمالة،إفّى،فهذه إحدى عشرة مع الهمزة المكسورة، أف أف أف آف أفّي،و ذكر ابن عطيّة«أفاه»بهاء السّكت، و هي تمام الأربعين.(6:23)

الفيروزآباديّ: أفّ يؤفّ و يئفّ:تأفّف من كرب أو ضجر.و أفّ كلمة تكرّه،و أفّف تأفيفا و تأفّف:

قالها.

و لغاتها أربعون:أفّ بالضّمّ،و تثلّث الفاء،و تنوّن و تخفّف فيهما،أف كطف،أفّ مشدّدة الفاء،أفّي بغير إمالة و بالإمالة بين بين-و الألف في الثّلاثة للتّأنيث-،أفّي بكسر الفاء،أفّوه أفّه بالضّمّ مثلّثة الفاء مشدّدة و تكسر الهمزة،إف كمن،إفّ مشدّدة،إف بكسرتين مخفّفة،إف منوّنة مخفّفة و مشدّدة و تثلّث،إفّ بضمّ الفاء مشدّدة،إفّا كإنّا،إفّي بالإمالة،إفّي بالكسر و تفتح الهمزة،اف كعن، افّ مشدّدة الفاء مكسورة،آف ممدودة،أف آف منوّنتين.

و الأف بالضّمّ:قلامة الظّفر أو وسخه،أو وسخ الأذن،و ما رفعته من الأرض من عود أو قصبة.أو الأفّ:

وسخ الأذن،و التّفّ:وسخ الظّفر،أو الأفّ معناه القلّة، و التّفّ إتباع.

و الأفّة كقفّة:الجبان،و المعدم المقلّ،و الرّجل القذر.

و الأفف محرّكة:الضّجر،و الشّيء القليل.و اليأفوف:

الجبان،و المرّ من الطّعام،و السّريع،و الحديد القلب، كالأفوف كصبور،و فرخ الدّرّاج،و العييّ الخوّار.

و الإفّ و الإفّان بكسرهما و يفتح الثّاني،و الأفف محرّكة،و التّئفّة كتحلّة:الحين و الأوان.

و الأفوفة بالضّمّ:المكثر من قول أفّ.(3:121)

أبو السّعود: و هو صوت ينبئ عن تضجّر،أو اسم فعل هو:أتضجّر.(3:212)

الطّريحيّ:«الأفّ»كلمة يقال لما يتضجّر منه و يستثقل،و منه قوله: أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ الأنبياء:

67،و فيها على ما قيل:تسع لغات:أفّ بحركات ثلاث

ص: 450

بغير تنوين،و بالحركات الثّلاث مع التّنوين،و أفّة و أف و أفّ،و الأفصح ما ورد به الكتاب.

و منه الحديث«إذا قال الرّجل لأخيه:أفّ،انقطع ما بينهما من الولاية».

و أمّا قولهم:أف و تف،فذكر في«المجمل»عن تغلب أنّه قال:الأفّ:قلامة الظّفر.(5:24)

البروسويّ: «أفّ»صوت التّضجّر إذا صوّت بها الإنسان علم أنّه متضجّر،و معناه قبحا و نتنا.و في كتب النّحو من أسماء الأفعال:أفّ،بمعنى أتضجّر.(5:496)

و هو صوت يصدر عن المرء عند تضجّره و كراهيته.

(8:477)

نحوه المراغيّ.(26:21)

الشّريف العامليّ: قيل:هو صوت إذا صوّت به الإنسان علم أنّه متضجّر متكرّه.و أصله من«الأفف» بمعنى الضّجر،و قيل:فيه معان أخر،و مرجع أكثرها إلى ما ذكرناه،مع أنّه المعنى المتعارف المشهور لغة و عرفا.

(76)

الآلوسيّ: هو اسم صوت ينبئ عن التّضجّر،أو اسم فعل هو أتضجّر؛و اسم الفعل بمعنى المضارع،و كذا بمعنى الماضي قليل،و الكثير بمعنى الأمر،و فيه نحو من أربعين لغة.(15:55)

الزّبيديّ: يقال:إنّه ليأفف عليه،أي يغتاظ.(6:43)

مجمع اللّغة: لفظ«أفّ»اسم فعل،معناه أتضجّر.

و يقال لما يكره و يستثقل:أفّ له.(1:40)

نحوه حجازيّ.(15:17)

محمّد إسماعيل إبراهيم:أفّ و تأفّف،و أفّ هي اسم فعل بمعنى أتضجّر،و تقال عند التّبرّم.(40)

المراغيّ:اسم صوت ينبئ عن التّضجّر و التّألّم.

و يقولون:لا تقل لفلان:أفّ،أي لا تتعرّض له بنوع من الأذى و المكروه.(15:31)

كلمة تدلّ على أنّ قائلها متضجّر متألّم من أمر.

(17:50)

الطّباطبائيّ: «أفّ»كلمة تفيد الضّجر و الانزجار.

(13:80)

المصطفويّ: هذه الكلمة تستعمل في مقام الانضجار و إظهاره،و هي صوت و من أسماء الأصوات، مبنيّة على هيئتها،و ليست من أسماء الأفعال.(1:84)

النّصوص التّفسيريّة

افّ

1- فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما... الإسراء:23

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:لو علم اللّه من العقوق شيئا أردأ من«أفّ» لذكره،فليعمل البارّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل النّار، و ليعمل العاقّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنّة.

(القرطبيّ 10:242)

ابن عبّاس: هي كلمة كراهة.(الطّبرسيّ 3:409)

مجاهد: إن بلغا عندك من الكبر ما يبولان و يخرءان، فلا تقل لهما:أفّ تقذّرهما.

إمّا يبلغان عندك الكبر فلا تقل لهما:أفّ حين ترى الأذى،و تميط عنهما الخلاء و البول،كما كانا يميطانه عنك

ص: 451

صغيرا،و لا تؤذهما.(الطّبريّ 15:64)

الإمام الصّادق عليه السّلام: لو علم اللّه لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من«أفّ»لأتى به.

[و في رواية عنه عليه السّلام:]أدنى العقوق«أفّ»و لو علم اللّه أيسر منه و أهون منه لنهى عنه.(الطّبرسيّ 3:409)

الفرّاء: قرأها عاصم بن أبي النّجود و الأعمش (أفّ)خفضا بغير نون.و قرأ العوامّ(أفّ)فالّذين خفضوا و نوّنوا ذهبوا إلى أنّها صوت لا يعرف معناه إلاّ بالنّطق به فخفضوه كما تخفض الأصوات؛من ذلك قول العرب:

سمعت طاق طاق،لصوت الضّرب،و يقولون:سمعت تغ تغ ،لصوت.و الّذين لم ينوّنوا و خفضوا قالوا:

(أفّ)على ثلاثة أحرف،و أكثر الأصوات إنّما يكون على حرفين مثل صه،و مثل يغ و مه؛فذلك الّذي يخفض و ينوّن فيه،لأنّه متحرّك الأوّل.و لسنا بمضطرّين إلى حركة الثّاني من الأدوات و أشباهها فيخفض؛فخفض بالنّون.و شبّهت(أفّ)بقولك:مدّ و ردّ؛إذ كانت على ثلاثة أحرف،و يدلّ على ذلك أنّ بعض العرب قد رفعها فيقول:أفّ لك.[ثمّ استشهد بشعر]

و قد قال بعض العرب:لا تقولنّ له:أفّا و لا تفّا يجعل كالاسم فيصيبه الخفض و الرّفع،و النّصب بلا نون يجوز، كما قالوا:ردّ.

و العرب تقول:جعل يتأفّف من ريح وجدها،معناه يقول:أفّ أفّ.(2:121)

أبو عبيدة: تكسر و تضمّ و تفتح بغير تنوين، و موضعه في معناه ما غلظ و قبح من الكلام.(1:374)

الأخفش: قد قرئت(أفّ)و(أفّا)،لغة،جعلوها مثل «تعسا».و قرأ بعضهم(أفّ)؛و ذلك أنّ بعض العرب يقول:أفّ لك،على الحكاية،أي لا تقل لهما هذا القول.

و الرّفع قبيح،لأنّه لم يجئ بعده باللاّم.و الّذين قالوا:

«أفّ»فكسروا،كثير،و هو أجود.و كسر بعضهم و نوّن.

و قال بعضهم:«أفّي»كأنّه أضاف هذا القول إلى نفسه، فقال:أفّي هذا لكما،و المكسور هنا منوّن،و غير منوّن على أنّه اسم متمكّن نحو«أمس»و ما أشبهه،و المفتوح بغير نون كذلك.(2:610)

ابن قتيبة: أي لا تستثقل شيئا من أمرهما،و[لا] تضق به صدرا،و لا تغلظ لهما.

و النّاس يقولون لما يكرهون و يستثقلون:أفّ له.

و أصل هذا نفخك للشّيء يسقط عليك من تراب أو رماد و غير ذلك،و للمكان تريد إماطة الشّيء عنه لتقعد فيه.فقيل لكلّ مستثقل:أفّ لك،و لذلك تحرّك بالكسر للحكاية،كما يقولون:غاق غاق،إذا حكوا صوت الغراب.و الوجه أن يسكّن هذا،إلاّ أنّه يحرّك لاجتماع السّاكنين،فربّما نوّن،و ربّما لم ينوّن،و ربّما حرّك إلى غير الكسر أيضا.(تأويل مشكل القرآن:147)

الطّبريّ: يقول[تعالى]:فلا تؤفّف من شيء تراه من أحدهما أو منهما،ممّا يتأذّى به النّاس،و لكن اصبر على ذلك منهما،و احتسب في الأجر صبرك عليه منهما، كما صبرا عليك في صغرك.

و للعرب في«أفّ»لغات ستّ:رفعها بالتّنوين،و غير التّنوين،و خفضها كذلك،و نصبها.فمن خفض ذلك بالتّنوين،و هي قراءة عامّة أهل المدينة،و شبّهها بالأصوات الّتي لا معنى لها،كقولهم في حكاية الصّوت:

ص: 452

غاق غاق،فخفضوا القاف و نوّنوها،و كان حكمها السّكون،فإنّه لا شيء يعربها،من أجل مجيئها بعد حرف ساكن،و هو الألف،فكرهوا أن يجمعوا بين ساكنين؛ فحرّكوا إلى أقرب الحركات من السّكون،و ذلك الكسر، لأنّ المجزوم إذا حرّك،فإنّما يحرّك إلى الكسر.

و أمّا الّذين خفضوا ذلك بغير تنوين،و هي قراءة عامّة قرّاء الكوفيّين و البصريّين،فإنّهم قالوا:إنّما يدخلون التّنوين فيما جاء من الأصوات ناقصا،كالّذي يأتي على حرفين،مثل مه و صه و بخ،فيتمّم بالتّنوين، لنقصانه عن أبنية الأسماء،قالوا:و«أفّ»تامّ لا حاجة بنا إلى تتمّته بغيره،لأنّه قد جاء على ثلاثة أحرف.قالوا:

و إنّما كسرنا الفاء الثّانية،لئلاّ نجمع بين ساكنين.و أمّا من ضمّ و نوّن،فإنّه قال:هو اسم كسائر الأسماء الّتي تعرب، و ليس بصوت،و عدل به عن الأصوات.

و أمّا من ضمّ ذلك بغير تنوين،فإنّه قال:ليس هو باسم متمكّن،فيعرب بإعراب الأسماء المتمكّنة،و قالوا:

نضمّه كما نضمّ قوله: لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ الرّوم:4،و كما نضمّ الاسم في النّداء المفرد،فنقول:يا زيد.

و من نصبه بغير تنوين و هو قراءة بعض المكّيّين و أهل الشّام فإنّه شبّهه بقولهم:مدّ يا هذا و ردّ،و من نصب بالتّنوين،فإنّه أعمل الفعل فيه،و جعله اسما صحيحا،فيقول:ما قلت له:أفّا و تفّا.و كان بعض نحويّي البصرة يقول:...[فذكر مثل ما سبق عن الأخفش و أضاف:]

و قال بعض أهل العربيّة:كلّ هذه الحركات السّتّ تدخل في«أفّ»حكاية،تشبّه بالاسم مرّة،و بالصّوت أخرى.قال:و أكثر ما تكسر الأصوات بالتّنوين،إذا كانت على حرفين،مثل صه و مه و بخ.و إذا كانت على ثلاثة أحرف شبّهت بالأدوات«أفّ»مثل:ليت و مدّ، و«أفّ»مثل:مدّ،يشبّه بالأدوات،و إذا قال«أفّ»مثل:

صهّ.و قالوا:سمعت مضّ يا هذا و مضّ،و هذا كإفّ و إفّ.

و من قال:أفّا،جعله مثل سحقا و بعدا.

و الّذي هو أولى بالصّحّة عندي في قراءة ذلك قراءة من قرأه (فلا تقل لهما افّ) بكسر الفاء،بغير تنوين، لعلّتين:إحداهما:أنّها أشهر اللّغات فيها،و أفصحها عند العرب.و الثّانية:أنّ حظّ كلّ ما لم يكن له معرب من الكلام السّكون؛فلمّا كان ذلك كذلك،و كانت الفاء في «أفّ»حظّها الوقوف،ثمّ لم يكن إلى ذلك سبيل،لاجتماع السّاكنين فيه.و كان حكم السّاكن إذا حرّك أن يحرّك إلى الكسر،حرّكت إلى الكسر،كما قيل:مدّ و شدّ و ردّ الباب.(15:63)

الزّجّاج: معنى(أفّ)النّتن.و معنى الآية لا تقل لهما ما فيه أدنى تبرّم إذا كبرا و أسنّا،بل تولّ خدمتهما.

(الأزهريّ 15:589)

الهرويّ: أي لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرّم.

و قرئ(أفّ)منوّن مخفوض كما تخفض الأصوات و تنوّن،تقول:صه،و مه.(1:56)

أبو زرعة: قرأ ابن كثير و ابن عامر(أفّ)بفتح الفاء.و قرأ نافع و حفص(أفّ)بالتّنوين.و قرأ الباقون (أفّ)خفضا بغير تنوين.

قال أبو عبيد: من خفض بغير تنوين،قال:إنّما يحتاج إلى تنوين في الأصوات النّاقصة الّتي على حرفين،مثل مه

ص: 453

و صه،لأنّها قلّت فتمّموها بالنّون.و«أفّ»على ثلاثة أحرف.قالوا:فما حاجتنا إلى التّنوين،و لكنّا إنّما خفضنا لئلاّ نجمع بين ساكنين.و من قرأ(أفّ)بالفتح،فهو مبنيّ على الفتح،و إنّما بني على الفتح لالتقاء السّاكنين،و الفتح مع التّضعيف حسن لخفّة الفتحة و ثقل التّضعيف.و من نوّن(أفّ)فإنّه في البناء على الكسر مع التّنوين مثل البناء على الفتح،إلاّ أنّه بدخول التّنوين دلّ على التّنكير مثل صه و مه.(399)

الطّوسيّ: قرأ ابن كثير،و ابن عبّاس،و يعقوب (أفّ)بفتح الفاء من غير تنوين.

و قرأ أهل المدينة و حفص بكسر الفاء مع التّنوين.

الباقون بكسر الفاء من غير تنوين.و مثله في «الأحقاف».

و قول ابن كثير: (أفّ)يبني الفاء على الفتح،لأنّه و إن كان في الأصل مصدرا من قولهم:أفّه و تفّة،يراد به نتنا و ذفرا،لقد سمّي الفعل به فبني.و هذا في البناء على الفتح، كقولهم:«سرعان ذا إهالة»،لما صار اسما ل«سرع»، فكذلك(أفّ)لما كان اسما ل«كره»،و مثله«رويدا»في أنّه سمّي به الفعل فبني،و لم يلحق التّنوين إلاّ أنّ هذا للأمر و النّهي،و«أفّ»في الخبر.و قول نافع في البناء على الكسر مع التّنوين،مثل(أفّ)في البناء على الفتح،إلاّ أنّه بدخول التّنوين دلّ على التّنكير.مثل:إيه و مه و صه، و مثله قولهم:صه،فبنوه على الكسر،و إن كان في الأصل مصدرا،كما كان(أفّ)في الأصل كذلك.و من كسر و لم ينوّن جعله معرفة فلم ينوّن،كما أنّ من قال:صه و أضاف،فلم ينوّن،أراد به المعرفة.

و موضع(أفّ)على اختلاف القراءات موضع الجمل،مثل«رويد»في أنّ موضعه موضع الجمل،و كذلك لو قلت:هذا فداء.

قال أبو الحسن:و قول من قال:(أفّ)أكثر و أجود.

و لو جاء«أفّا لك»احتمل أمرين:

أحدهما:أن يكون الّذي صار اسما للفعل لحقه التّنوين،لعلامة التّنكير.

و الآخر أن يكون نصبا معربا.و كذلك الضّمير،فإن لم يكن معه«لك»كان ضعيفا،كما أنّك لا تقول:«ويل» حتّى تقرن به«لك»،فيكون في موضع الخبر.(6:464)

نحوه الطّبرسيّ.(3:408)

الزّمخشريّ: أفّ:صوت يدلّ على تضجّر.

و قرئ(أفّ)بالحركات الثّلاث منوّنا و غير منوّن؛ الكسر على أصل البناء،و الفتح تخفيف للضّمّة و التّشديد كثمّ،و الضّمّ إتباع كمنذ.(2:444)

أبو البركات: و(أفّ)اسم من أسماء الأفعال، و لذلك كانت مبنيّة.فمنهم من بناها على الكسر،لأنّه الأصل في التقاء السّاكنين.و منهم من بناها على الفتح، لأنّه أخفّ الحركات.و منهم من بناها على الضّمّ أتبع الضّمّ الضّمّ،و نظيرها:«مدّ»و«ردّ»في البناء على الكسر و الفتح و الضّمّ،و العلّة فيهما واحدة.

و من نوّن(أفّ)مع الكسر و الفتح و الضّمّ،أراد به التّنكير،و من لم ينوّن أراد التّعريف.

و في«أفّ»إحدى عشرة لغة،و نظيرها في دلالة التّنوين على التّنكير،و في عدمه دلالة على التّعريف،و في عدد اللّغات«هيهات»فإنّها اسم من أسماء

ص: 454

الأفعال.(2:88)

الفخر الرّازيّ: [بعد نقل اختلاف اللّغة و القراءة في كلمة«أفّ»قال:]

و البحث المشكل هاهنا أنّا لمّا نقلنا عشرة أنواع من اللّغات في هذه اللّفظة،فما السّبب في أنّهم تركوا أكثر تلك اللّغات في قراءة هذه اللّفظة،و اقتصروا على وجوه قليلة منها؟...[إلى أن قال:]

المسألة الرّابعة:قول القائل:لا تقل لفلان:أفّ،مثل يضرب للمنع من كلّ مكروه و أذيّة،و إن خفّ و قلّ.

و اختلف الأصوليّون في أنّ دلالة هذا اللّفظ على المنع من سائر أنواع الإيذاء دلالة لفظيّة أو دلالة مفهومة بمقتضى القياس.

قال بعضهم:إنّها دلالة لفظيّة،لأنّ أهل العرف إذا قالوا:لا تقل لفلان:أفّ،عنوا به أنّه لا يتعرّض له بنوع من أنواع الإيذاء و الإيحاش،و جرى هذا مجرى قولهم:

فلان لا يملك نقيرا و قطميرا،في أنّه بحسب العرف يدلّ على أنّه لا يملك شيئا.

و القول الثّاني:أنّ هذا اللّفظ إنّما يدلّ على المنع من سائر أنواع الإيذاء بحسب القياس الجليّ،و تقريره:أنّ الشّرع إذا نصّ على حكم صورة و سكت عن حكم صورة أخرى،فإذا أردنا إلحاق الصّورة المسكوت عن حكمها بالصّورة المذكور حكمها،فهذا على ثلاثة أقسام:

أحدها:أن يكون ثبوت ذلك الحكم في محلّ السّكوت أولى من ثبوته في محلّ الذّكر،مثل هذه الصّورة،فإنّ اللّفظ إنّما دلّ على المنع من التّأفيف،و الضّرب أولى بالمنع من التّأفيف.

و ثانيها:أن يكون الحكم في محلّ السّكوت مساويا للحكم في محلّ الذّكر،و هذا هو الّذي يسمّيه الأصوليّون القياس في معنى الأصل،و ضربوا لهذا مثلا،و هو قوله عليه السّلام:«من أعتق نصيبا له من عبد،قوّم عليه الباقي» فإنّ الحكم في الأمة و العبد متساويان.

و ثالثها:أن يكون الحكم في محلّ السّكوت أخفى من الحكم في محلّ الذّكر،و هو أكبر القياسات.

إذا عرفت هذا فنقول:المنع من التّأفيف إنّما يدلّ على المنع من الضّرب،بواسطة القياس الجليّ الّذي يكون من باب الاستدلال بالأدنى على الأعلى.و الدّليل عليه:أنّ التّأفيف غير الضّرب،فالمنع من التّأفيف لا يكون منعا من الضّرب،و أيضا المنع من التّأفيف لا يستلزم المنع عن الضّرب عقلا،لأنّ الملك الكبير إذا أخذ ملكا عظيما كان عدوّا له،فقد يقول للجلاّد:إيّاك و أن تستخفّ به أو تشافهه بكلمة موحشة لكن اضرب رقبته.و إذا كان هذا معقولا في الجملة علمنا أنّ المنع من التّأفيف مغاير للمنع من الضّرب،و غير مستلزم أيضا للمنع من الضّرب عقلا في الجملة،إلاّ أنّا علمنا في هذه الصّورة أنّ المقصود من هذا الكلام المبالغة في تعظيم الوالدين؛بدليل قوله:

وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً* وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ الإسراء:23،24،فكانت دلالة المنع من التّأفيف على المنع من الضّرب من باب القياس بالأدنى على الأعلى،و اللّه أعلم.(20:188)

نحوه النّيسابوريّ.(15:26)

البيضاويّ: فلا تتضجّر ممّا يستقذر منهما،و لا تستثقل من مؤنهما،و هو صوت يدلّ على تضجّر.[ثمّ

ص: 455

ذكر القراءات الثّلاثة و أضاف:]

و النّهي عن ذلك يدلّ على المنع من سائر أنواع الإيذاء قياسا بطريق الأولى،و قيل:عرفا،كقولك:فلان لا يملك النّقير و القطمير،و لذلك منع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حذيفة من قتل أبيه و هو في صفّ المشركين،نهى عمّا يؤذيهما بعد الأمر بالإحسان بهما.(1:582)

القرطبيّ: أي لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرّم.

و عن أبي رجاء العطارديّ قال:«الأفّ»الكلام القذع الرّديء الخفيّ.[و نقل قول مجاهد ثمّ قال:]

و الآية أعمّ من هذا.

[ثمّ ذكر المعاني اللّغويّة و القراءات فيه،و نقل رواية النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال:]

قال علماؤنا: و إنّما صارت قوله(أفّ)للأبوين أردأ شيء،لأنّه رفضهما رفض كفر النّعمة،و جحد التّربية و ردّ الوصيّة الّتي أوصاه في التّنزيل.

و(أفّ)كلمة مقولة لكلّ شيء مرفوض،و لذلك قال إبراهيم عليه السّلام لقومه: أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ الأنبياء:67،أي رفض لكم و لهذه الأصنام معكم.(10:242)

أبو حيّان: و إذا كان قد نهى أن يستقبلهما بهذه اللّفظة الدّالّة على الضّجر و التّبرّم بهما،فالنّهي عمّا هو أشدّ كالشّتم و الضّرب هو بجهة الأولى،و ليست دلالة (أفّ)على أنواع الإيذاء دلالة لفظيّة خلافا لمن ذهب إلى ذلك.

و بالغ تعالى في الوصيّة بالوالدين،و استعمال وطأة الخلق و لين الجانب و الاحتمال،حتّى لا نقول لهما عند الضّجر هذه الكلمة،فضلا عمّا يزيد عليها.

و قرأ الحسن،و الأعرج،و أبو جعفر،و شيبة، و عيسى،و نافع،و حفص(أفّ)بالكسر و التّشديد مع التّنوين.و قرأ أبو عمرو،و حمزة،و الكسائيّ،و أبو بكر كذلك بغير تنوين.و قرأ ابن كثير،و ابن عامر بفتحها مشدّدة من غير تنوين.و حكى هارون قراءة بالرّفع و التّنوين.و قرأ أبو السّمال(أفّ)بضمّ الفاء من غير تنوين.و قرأ زيد بن عليّ(أفّا)بالنّصب و التّشديد و التّنوين.و قرأ ابن عبّاس(أف)خفيفة.فهذه سبع قراءات من اللّغات الّتي حكيت في«أفّ».(6:27)

السّيوطيّ: و قد حكى أبو البقاء في قوله تعالى:

(أفّ)قولين:

أحدهما:أنّه اسم لفعل الأمر،أي كفّ و اترك.

و الثّاني:أنّه اسم لفعل ماض،أي كرهت و تضجّرت.

و حكى غيره ثالثا:أنّه اسم لفعل مضارع،أي أتضجّر منكما.

و قال في«الارتشاف»:أفّ:أتضجّر.

و في«البسيط»:معناه التّضجّر،و قيل:الضّجر، و قيل:تضجّرت.ثمّ حكى فيها تسعا و ثلاثين لغة.

[و ذكر القراءات السّبعة،كما تقدّم عن أبي حيّان،و نقل قول مجاهد ثمّ قال:]

و أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك،قال:هو الرّديء من الكلام.(2:184)

الشّربينيّ: أي لا تتضجّر منهما.(2:296)

أبو السّعود: أي لا تتضجّر بها تستقذر منهما و تستثقل من مؤنهما.و بهذا النّهي يفهم النّهي عن سائر

ص: 456

ما يؤذيهما بدلالة النّصّ،و قد خصّ بالذّكر بعضه إظهارا للاعتناء بشأنه،فقيل:(و لا تنهرهما).(3:212)

الكاشانيّ: فلا تقل لهما:أفّ إن أضجراك.

(3:185)

فضل اللّه: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ في عمليّة ردّ فعل للشّعور بالضّيق النّفسيّ من تصرّفاتهما،كمظهر من مظاهر التّعبير عن الأفعال في أقلّ نماذجه،فإذا لم يجز ذلك فلا يجوز ما هو أشدّ منه،لأنّ الأساس هو حرمة الإيذاء،فيحرّم الأقوى في الإيذاء إذا كان الأضعف محرّما.و قد جاء في كلمات أهل البيت عن الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام أنّه قال:«لو علم اللّه لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أفّ لأتى بها».(14:83)

2- أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ...

الأنبياء:67

الطّبريّ: قبحا لكم و للآلهة الّتي تعبدون من دون اللّه.(17:43)

الزّجّاج: نتنا لأفعالكم.(الطّوسيّ 7:232)

مثله القرطبيّ.(11:302)

تبّا لأعمالكم و أفعالكم.(الطّبرسيّ 4:54)

السّجستانيّ: أي تفّا لكم.(125)

أي بئسا لكم.(السّيوطيّ 2:184)

الطّوسيّ: هي كلمة مبنيّة،لأنّها وضعت وضع الصّوت الخارج عن دلالة الإشارة و الإفادة،فصار كدلالة الحرف،لأنّه يفهم المعنى بالحال المقارنة لها، و بنيت على الحركة لالتقاء السّاكنين؛إذ لا أصل لها في التّمكّن مستعمل،فتستحقّ به البناء على الحركة، و كسرت على أصل التقاء السّاكنين.(7:232)

البغويّ: تبّا و قذرا لكم.(4:243)

الميبديّ:تبّا لكم و نتنا.(6:266)

الزّمخشريّ: صوت إذا صوّت به علم أنّ صاحبه متضجّر،أضجره ما رأى من ثباتهم على عبادتها بعد انقطاع عذرهم و بعد وضوح الحقّ و زهوق الباطل، فتأفّف بهم.و اللاّم لبيان المتأفّف به،أي لكم و لآلهتكم هذا التّأفّف.(2:577)

نحوه البيضاويّ(2:76)،و النّسفيّ(3:83)، و النّيسابوريّ(17:40)،و أبو السّعود(3:347)، و البروسويّ(5:496).

القرطبيّ: أي رفض لكم و لهذه الأصنام معكم.

(10:242)

الشّربينيّ: أي تبّا و قبحا.(2:510)

الطّباطبائيّ: تزجّر و تبرّ منهم و من آلهتهم بعد إبطال ألوهيّتها،و هذا كشهادته على وحدانيّته تعالى بعد إثباتها في قوله فيما مرّ: وَ أَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ الأنبياء:56.(14:302)

عبد الكريم الخطيب: و ربّما قال إبراهيم هذا فيما بينه و بين نفسه،فبعد أن واجههم بهذا الإنكار:

أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ الأنبياء:66،رجع إلى نفسه،فأدار فيها هذا الحديث بينه و بينها.

و كلمة(أفّ)هنا،معناها بعدا لكم و لما تعبدون من دون اللّه.فالتّأفّف من الشّيء،يشير إلى التّأذّي منه،

ص: 457

و الضّيق به،و هو حكاية للصّوت الّتي يحدثه الإنسان بأنفه و فمه حين يشمّ ريحا خبيثة.(9:917)

فضل اللّه: إنّ ذلك يدعو إلى التّأفّف النّفسيّ الّذي يشعر الإنسان معه بالضّيق،نتيجه ما يعيشه النّاس من ضلال و تخلّف و ضياع.(15:240)

3- وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما... الأحقاف:17

الحسن: هو الكافر الفاجر العاقّ لوالديه المكذّب بالبعث،و أنّه يتأفّف بهما إذا دعواه إلى الإقرار بالبعث و النّشور.(الطّوسيّ 9:277)

الفرّاء: قذرا لكما.(3:53)

الطّبريّ: قذرا لكما و نتنا.(26:19)

الطّوسيّ: معناه أنّه في موضع ضجر منهما.و قيل:

معناه نتنا و قذرا لكما،كما يقال عند شمّ الرّائحة الكريهة.

(9:277)

الطّبرسيّ: معناه بعدا لكما.[ثمّ ذكر مثل الطّوسيّ]

(5:87)

السّيوطيّ: بكسر الفاء و فتحها بمعنى مصدر،أي نتنا و قبحا لكما،أتضجّر منكما.

(تفسير الجلالين 2:388)

البروسويّ: الكراهية و العار لكما.(8:477)

المراغيّ: إنّي لضجر منكما.(26:23)

الطّباطبائيّ: (أفّ)كلمة تبرّم،يقصد بها إظهار التّسخّط و التّوجّع.(18:203)

فضل اللّه: في احتقار و استهانة و تأفّف،كما لو كانا عبثا ثقيلا عليه،لأنّهما يفرضان نفسيهما عليه،و يتدخّلان في حياته،في الوقت الّذي يرى نفسه في موقع لا يجوز معه لأحد أن يعترض على سلوكه،لا سيّما ممّن لا يملك الدّرجة العليا من الفكر و التّقدّم في نظره.(21:27)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة«الأفّ»،و هو التّكرّه و التّضجّر؛سواء كان هذا التّضجّر استقذارا من إفرازات جسم الإنسان كأوساخ الأظفار و الأذن و الأصابع،أم سخطا على عمل شائن كالشّرّ و الكلام الغليظ،يقال:

أفّ لفلان،و أفّفت فلانا،إذا قلت له بأفّ.أم استهجانا لرائحة كالنّتن و رائحة الثّوم،ثمّ أطلق على الثّوم للمجاورة.

2-و أمّا«اليأفوف»فهو من«ه ف ف»؛إذ أنّ همزته مبدلة من هاء،بدليل قولهم للجبان و الأحمق:يهفوف، و إنّ أصل تلك المادّة هو الخفّة و السّرعة.

و«إفّان»بمعنى الحين و الأوان من«ع ف ف»،لقولهم:

جاء فلان على عفّان ذلك،و فيه لغة ثالثة هى«هفّان».

و مثله«تئفّة»؛يقال:جاء على تعفّة ذاك؛و الأشبه أن يكون مصدرا كتحلّة و تحيّة،أو اسم كتفيئة.و كذلك «الأفّة»بمعنى الشّيء القليل،فهو عفّة«بالعين»،أي بقيّة اللّبن في الضّرع.

3-و يلحظ أنّ العرب لم يستعملوا اسم فاعل لأفعال هذه المادّة،إلاّ أنّهم أطلقوا بدل ذلك لفظ أفّاف و أفوفة،على من يبالغ في التّأفّف،و هذا الأخير من أوزان المصادر كالفسولة و الفروسة،أقيم مقام الفاعل،كقولهم:

رجل عدل،أي عادل،و أنا سلم لمن سالمكم و حرب لمن

ص: 458

حاربكم،أي مسالم و محارب.و يبدي غياب الفاعل ضعف الفعل لهذه المادّة.

4-و اختلفوا في«أفّ»على قولين:

الأوّل:اسم صوت يصدر عن الإنسان عند التّضجّر؛مثل شيب شيب،و هي حكاية جرع الإبل الماء.

و الثّاني:اسم فعل.ثمّ اختلفوا فيه أيضا،فقيل:هو اسم فعل ماض بمعنى تضجّر،مثل هيهات.أو اسم فعل مضارع بمعنى أتضجّر،مثل آه.أو اسم فعل أمر بمعنى اترك،مثل صه.أو مصدر بمعنى التّضجّر،مثل ويل.

و لعلّ أصله حكاية لصوت تضجّر الإنسان،فارتقى درجة من سلّم التّطوّر اللّغويّ فأصبح في عداد أسماء الأفعال،ثمّ ارتقى درجة أخرى فاشتقّ منه فعل،كما اشتقّ من الطّقطقة-و هي حكاية حوافر الدّوابّ على الأرض-فعل،يقال:طقطقت الخيل،و حكايتها أيضا حبطقطق.و هذا الاشتقاق يلحظ بوضوح في الألفاظ المعرّبة كلفظ«سمسار»و هو الوسيط بين البائع و المشتري،فإنّهم اشتقّوا منه فعلا و مصدرا بقولهم:سمسر سمسرة.

الاستعمال القرآنيّ

لم يرد في القرآن من هذه المادّة سوى(أفّ)منوّنة بكسرة بناء،و هي-كما ورد في النّصوص-تدلّ على التّنكير،و من الأنسب-هنا-أن تكون بمثابة اسم صوت تعني قبحا،في الآيات الثّلاث:

1- فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً الإسراء:23

2- وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ الأحقاف:17

3- أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ الأنبياء:67

و يلاحظ أوّلا:أنّ سياق الآية الأولى يختلف عن سياق الآيتين التّاليتين لها؛فسياقها نهي و أمر،و سياق تلكما الآيتين قصصيّ.و من الملاحظ أنّ سياق هذه الآيات يخضع للسّياق العامّ لسورها؛إذ أنّ سورة الإسراء تطغى عليها الأوامر و النّواهي،كالأمر بإيتاء حقّ ذي القربى و المسكين و ابن السّبيل،و بالإيفاء بالعهد،و بإيفاء الكيل و الوزن.و النّهي عن الشّرك و التّبذير و التّقتير،و قتل الأولاد مخافة الفقر و غيرها.

و يغلب على سياق آيات سورة الأنبياء قصص الأنبياء و أقوامهم،كقصّة إبراهيم و داود و سليمان و غيرهم،أمّا سورة الأحقاف فإنّها تحفل بالمواعظ و قصص الأقوام الماضية كقصّة قوم عاد،دون أن تتعرّض إلى أمر أو نهي.

و ثانيا:تختلف الآية الأولى عمّا تلاها أيضا؛بكون لفظ(أفّ)فيها ليس له متعلّق،كما في(افّ لكم)و(أفّ لكما)،فهو على أصله،لأنّ اسم الصّوت غير عامل و لا تؤثّر فيه العوامل.و أمّا المتعلّق في الآيتين الأخيرتين فهو للتّأكيد،كما يقال مثلا:إليّ إليّ،أي أقبل،فلفظ«إليّ» الأوّل مجز،إلاّ أنّ اللّفظ الثّاني جاء لتأكيد الطّلب،و كذا الأمر مع(افّ لكم)و(افّ لكما)؛فإنّ كلاّ منهما مبتدأ و خبر،و اللاّم فيهما متعلّقة بمحذوف هو الخبر أي أفّ، ثابت لكم أو لكما.و لك أن تقول:متعلّقه في الأولى

ص: 459

ينطوي في فَلا تَقُلْ لَهُما.

و ثالثا:على الرّغم من أنّ(أفّ)ليس بذي بال عند العرب،إلاّ أنّ القرآن استعملها في عقوق الوالدين في (1 و 2)؛إشعارا بأنّ هذا أدنى إهانة للوالدين،و هي ممنوعة،فكيف بالشّتم و الضّرب و القتل و النّهب و نحوها.و هذا هو المفهوم الموافق عند علماء علم الأصول.

و أمّا قول إبراهيم في«3»فهو خطاب للمشركين و آلهتهم،فهو تحقير لهم من دون شتم،فيبدو أنّه عليه السّلام اكتفى بأدنى الإزراء بهم أو أبدى استقذاره لآلهتهم مبالغة في بطلانها.

و رابعا:أنّها في الأوليين جاءت فيها أيضا و في سياق عاطفيّ يذكّر الإنسان بحقّ الوالدين و حنانهما على الولد،و ما تحمّلاه-و لا سيّما الأمّ-في تنشئته،و بلوغ أحدهما أو كلاهما مبلغ الكبر و الشّيخوخة،و يصبحا في هذه المرحلة متذمّرين و ممتعضين،كما يذكّر استغاثتهما لنجاة الابن وَ هُما يَسْتَغِيثانِ اللّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ الأحقاف:17،«و الويل»-هنا-كلمة تحسّر، تحكي ودّ قائلها لمخاطبه،لاحظ«و ي ل».كما أنّ القرآن ينهى في هذا السّياق عن نهرهما(و لا تنهرهما)،و يأمر بالقول الحسن لهما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً.

و خامسا:أنّ(أفّ)قرئ مخفّفا و مثقّلا،و هذا بسبب اختلاف اللّغات و اللّهجات،كما صرّح به الطّوسيّ،أو بحسب شدّة التّضجّر و خفّته كما يقتضيه الطّبع.ففي التّضجّر الخفيف يسبق اللّسان«أف»مخفّفا،و عند التّضجّر الشّديد يتسرّع على اللّسان«أفّ»مشدّدا.

و يؤيّد الوجه الأوّل أنّ سائر القراءات في القرآن كثيرا ما جاءت على حسب اللّغات أيضا،فكلّ قبيلة من العرب تتلفّظ به بحسب لهجتها؛فيسوغ لها قراءته بها استسهالا و مسايرة لعادتها.و أنّ النّبيّ لم يمنع ذلك بل أجازه،كما جاء في الرّواية«نزل القرآن على سبعة أوجه»على كلام فيه.و مؤدّى ذلك أنّ اللّفظ نزل بلا لهجة،و فيها ايضا و أوكل التّلفّظ به إلى اللّهجات،أو نزل بلهجة النّبيّ و أجيز لغيره قراءته حسب لهجته هو،و لم يحتّم عليه اتّباع النّبيّ في لهجته الخاصّة بقبيلته من قريش.فهذا يخرج القرآن عن طلاقته على لسان العرب،و يجعله ثقيلا عليهم.لاحظ بحث القراءات في «المدخل».

و يؤيّد الوجه الثّاني قراءة(اف)مخفّفا-كما عن ابن عبّاس-في(1)فقط،لأنّه أخفّ تضجّرا بالنّسبة إلى الوالدين دون(2 و 3).

و سادسا:جاء(افّ)مبنيّة دائما،مقولة للقول في الآية الأولى بصورة نهي: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ، و في الثّانية حكاية عن ولد: قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ و لعلّه ابن نوح أو بعض المسلمين،كما في أسباب النّزول.و أمّا في الثّالثة فجاء حكاية على لسان إبراهيم عليه السّلام؛إذ قال لقومه و هو بصدد توبيخهم على عبادة الأصنام: أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

و هذا يجعلنا نطمئنّ بأنّها اسم صوت أو اسم فعل، و إلاّ لجاءت معربة.

ص: 460

أ ف ق

اشارة

لفظان،3 مرّات مكّيّة،في 3 سور مكّيّة

الأفق 2:2 الآفاق 1:1

النّصوص اللّغويّة

الخليل: أفق الرّجل يأفق،أي ركب رأسه فمضى في الآفاق.

و الأفيق:الأديم إذا فرغ من دباغه،و ريحه فيه بعد، و الجميع:أفّق،و هو فى التّقدير مثل أديم و أدم،و عمود و عمد،و إهاب و أهب.ليس فعول و لا فعيل على فعل غير هذه الأحرف الأربعة.[ثمّ استشهد بشعر]

و واحد الآفاق:أفق،و هي النّواحي من الأرض، و كذلك آفاق السّماء نواحيها.

و أفق البيت من بيوت الأعراب:ما دون سمكه.

و الأفقة:مرقة من مراق الإهاب.(5:227)

أبو عمرو الشّيبانيّ: الآفق على ميزان«فاعل»:

الّذي قد بلغ في العلم الغاية،و كذلك في غيره من أبواب الخير.و قد أفق يأفق.(الأزهريّ 9:343)

الآفق:مثل الفائق،يقال:أفق يأفق أفقا،إذا غلب، و الأفق:الغلبة.و يقال:فرس أفق على«فعل»،أي رائعة.

دلو أفيق،إذا كانت فاضلة على الدّلاء.قال:

*ليست بدلو بل هي الأفيق*

و لذلك سمّي الجلد بعد الدّبغ الأفيق.و جمعه:أفق، و يجوز أفق.(ابن فارس 1:116)

أبو زيد: أفق يأفق أفقا،أي غلب يغلب.(الأزهريّ 9:344)

الأصمعيّ: بعير آفق،و فرس آفق،إذا كان رائعا كريما،و كان البعير عتيقا كريما.

رجل أفقيّ،إذا كان من آفاق الأرض،أي نواحيها(الأزهريّ 9:344)

يقال للأديم إذا دبغ قبل أن يخرز:أفيق،و الجمع:

آفقة،مثل أديم و آدمة،و رغيف و أرغفة.

(الجوهريّ 4:1446)

اللّحيانيّ: [الأفيق]لا يقال في جمعه أفق البتّة،

ص: 461

و إنّما هو الأفق،بالفتح.فأفيق على هذا له اسم جمع، و ليس له جمعا.(ابن سيده 6:296)

أبو عبيد: الجلد أوّل ما يدبغ فهو منيئة ثمّ أفيق،ثمّ يكون أديما.و قد أفقته.و جمع الأفيق:أفق،مثل أديم و أدم.

و في حديث النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:«أنّ عمر دخل بيته و فيه أفيق».(الأزهريّ 9:343)

ابن الأعرابيّ: أفق الطّريق:منهاجه،يقال:قعدت على أفق الطّريق و نهجه.

الأفقة:الخاصرة،و الجماعة:الأفق.[ثمّ استشهد بشعر]

و يقال:شربت حتّى ملأت أفقتيّ.

(ابن فارس 1:116)

أبو نصر: رجل أفقيّ بفتح الهمزة و الفاء،إذا كان من آفاق الأرض.(الجوهريّ 4:1446)

مثله ابن السّكّيت.(الأزهريّ 9:344)

أبو سعيد البغداديّ: الأفيق من الجلود:ما دبغ بغير القرظ،من أدبغة أهل نجد،مثل الأرطى و الحلّب و القرنوة و العرنة و أشياء غيرها،فهذه الّتي تدبغ بهذه الأربعة،فهي أفق حتّى تقدّ فيتّخذ منها ما يتّخذ.

(الأزهريّ 9:344)

شمر: فرس أفق:رائعة.(الأزهريّ 9:344)

الدّينوريّ: للسّماء آفاق و للأرض آفاق.فأمّا آفاق السّماء فما انتهى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها،و هو الحدّ بين ما بطن من الفلك،و بين ما ظهر من الأرض.

و أمّا آفاق الأرض فأطرافها من حيث أحاطت بك.

و يقال للرّجل إذا كان من أفق من الآفاق:أفقيّ و أفقيّ،و كذلك الكوكب إذا كان قريبا مجراه من الأفق لا يكبّد (1)السّماء فهو أفقيّ و أفقيّ.(ابن فارس 1:114)

ثعلب: الأفيق:الجلد الّذي لم يدبغ.

(ابن سيده 6:296)

[الأفقة]هي الآفقة مثل فاعلة.(ابن منظور 10:7)

كراع النّمل:أفق على أصحابه يأفق أفقا:أفضل عليهم.(ابن سيده 6:295)

مثله الزّبيديّ.(6:280)

ابن دريد: رجل أفق و آفق،إذا كان جوادا.

و فرس أفق في وزن«فعل»و آفق في وزن«فاعل»،إذا كان جوادا.

و الأفق:واحد آفاق السّماء،أي نواحيها.

و رجل أفقيّ،إذا نسب إلى الأفق على غير القياس.

و الأفيق:الأديم الّذي لم يحكم دبغه.(3:265)

الأزهريّ: في حديث لقمان بن عاد حين وصف أخاه،فقال:صفّاق أفّاق،يعمل النّاقة و السّاق.معناه أنّه يضرب في آفاق الأرض كاسبا.

و يقال:أفقه يأفقه،إذا سبقه بالفضل.(9:344)

الصّاحب: أفق الرّجل يأفق:إذا ركب رأسه و ذهب في الآفاق.واحد الآفاق:أفق.و كذلك آفاق السّماء:نواحيها و أطرافها.و كذلك أفق البيت.

و رجل أفقيّ:جوّال في الآفاق.

و الأفيق:الأديم حين يخرج من الدّباغ مفروغا منه،ا.

ص: 462


1- يقال كبّد النّجم السّماء تكبيدا:توسّطها.

و الجميع:الأفق،و يجوز الأفق أيضا.

و الأفقة:مرق من مراق الإهاب،و الأفقة:مثل القلفة في المعنى،رجل آفق:لم يختن.

و الأفق:الخواصر،و قيل:الجلود،يقال:شربت حتّى ملأت أفقي:أي جلدي.

و أفق الرّجل:كذب.و الأفيق و الأفيك:الكذب و قيل:هي الدّاهية المنكرة.و فرس أفق:هي الرّائعة من الخيل و الإبل.و جمل آفق،أفق يأفق أفوقا،إذا حسن و راع.

و الآفق من الرّجال:الّذي قد بلغ الغاية في العلم و الخير.

و أفق يأفق:أي غلب،و قيل:ختم،في قوله:

*يعطي القطوط و يأفق*

أي يكتب لهم الجوائز و يختمها،و قيل:يأخذ في آفاق الأرض.و أفق فلان عليّ:أي فضلني.(6:44)

الجوهريّ: الآفاق:النّواحي،الواحد:أفق و أفق، مثل عسر و عسر.

و الآفق:الّذي بلغ النّهاية في الكرم على«فاعل».

تقول منه:أفق-بالكسر-يأفق أفقا.

و فرس آفق قوبل من آفق و آفقة،إذا كان كريم الطّرفين.

و الأفيق:الجلد الّذي لم تتمّ دباغته.و الجمع:أفق، مثل أديم و أدم.

و قد أفق أديمه يأفقه أفقا،أي دبغه إلى أن صار أفيقا.

و يقال:أفق فلان،إذا ذهب في الأرض،و أفق في العطاء،أي فضّل و أعطى بعضا أكثر من بعض.(4:1446)

ابن فارس: الهمزة و الفاء و القاف أصل واحد، يدلّ على تباعد ما بين أطراف الشّيء و اتّساعه،و على بلوغ النّهاية.

من ذلك الآفاق:النّواحي و الأطراف،و آفاق البيت من بيوت الأعراب:نواحيه دون سمكه.[ثمّ استشهد بشعر]

و لذلك يقال:أفق الرّجل،إذا ذهب في الأرض.

و يوم الأفاقة فمن أيّام العرب:و هو يوم العظالى، و يوم أعشاش،و يوم مليحة.و أفاقة:موضع.[ثمّ نقل قصّة ذلك اليوم](1:114)

الهرويّ: في الحديث:«دخل عليه و عنده أفيق».

الأفيق:الجلد الّذي لم تتمّ دباغته.و الجلد أوّل ما يدبغ فهو منيئة،ثمّ أفيق.و جمعه:أفق.(1:57)

ابن سيده: الأفق و الأفق:ما ظهر في نواحي الفلك و أطراف الأرض،و جمعه:آفاق.

و قيل:هي مهابّ الرّياح الأربعة:الجنوب و الشّمال و الدّبور و الصّبا.

و أفق يأفق:ركب رأسه في الآفاق.

و الأفق:ما بين الزّرّين (1)المقدّمين في رواق البيت.

و الآفق:الّذي قد بلغ الغاية في العلم و غيره من الخير.

و أفق يأفق أفقا:غلب.

و قيل:الأفيق:الأديم حين يخرج من الدّباغ مفروغا).

ص: 463


1- خشبات يخرزن في أعلى شقق الخباء.و أصولها في الأرض.(ابن منظور 4:322).

منه،ثمّ أفيق.

و الجمع:أفق.و الأفق:اسم للجمع و ليس بجمع، لأنّ«فعيلا»لا يكسّر على«فعل».

و أرى ثعلبا قد حكى في الأفيق:الأفق على مثال النّبق،و فسّره:بالجلد الّذي لم يدبغ،و لست منه على ثقة.

و أفق الأديم:جعله أفيقا.

و أفق الطّريق:سننه.

و الأفقة:المرقة:من مرق الإهاب.(6:478)

أفق يأفق أفقا:بلغ النّهاية في الكرم أو في العلم أو الفصاحة و جميع الفضائل.

و أفق فلانا و عليه يأفقه أفقا:فاقه فهو آفق و أفيق و هي بهاء.(الإفصاح 1:153)

الطّوسيّ: الأفق:ناحية من السّماء،يقال:هو كالنّجم في الأفق،و فلان ينظر في أفق السّماء.(10:287)

الزّمخشريّ: فلان جوّال في الآفاق.و هو أفقيّ و أفقيّ،و ما في آفاق السّماء طرّة سحاب.

و عجّت رائحة البخور في آفاق البيت.

و فلان فائق آفق،أي غالب في فضله،و قد أفق على أصحابه و أفقهم.

و فرس أفق بوزن واحد الآفاق:رائعة.تقول:رأيت آفقا على أفق.و شربت الإبل حتّى امتدّت أفقها،أي جلودها،جمع أفيق.(أساس البلاغة:7)

ابن برّيّ: الأفيق من الإنسان و من كلّ بهيمة:

جلده.(ابن منظور 10:7)

ابن الأثير: في حديث غزوان:«فانطلقت إلى السّوق فاشتريت أفيقة»،أي سقاء من أدم،و أنّثه على تأويل القربة أو الشّنّة.

و يجوز أن يكون الأفق واحدا و جمعا كالفلك.(1:55)

الفيّوميّ: الأفق بضمّتين:النّاحية من الأرض و من السّماء،و الجمع:آفاق،و النّسبة إليه أفقيّ ردّا إلى الواحد.

و ربّما قيل:أفقيّ بفتحتين تخفيفا على غير قياس.حكاهما ابن السّكّيت و غيره.

و لفظة رجل أفقيّ و أفقيّ،منسوب إلى الآفاق.

و لا ينسب إلى الآفاق على لفظها،فلا يقال:آفاقيّ.

و الأفيق:الجلد بعد دبغه،و الجمع:أفق بفتحتين.

و قيل:الأفيق:الأديم الّذي لم يتمّ دبغه،فإذا تمّ و احمرّ فهو أديم،يقال:أفقت الجلد أفقا من باب ضرب:دبغته، فالأفيق«فعيل»بمعنى مفعول.(1:16)

الفيروزآباديّ: الأفق بالضّمّ و بضمّتين:النّاحية، جمعه:آفاق،أو ما ظهر من نواحي الفلك،أو مهبّ الجنوب و الشّمال و الدّبور و الصّبا،و ما بين الزّرّين المقدّمين في رواق البيت.

و هو أفقيّ بفتحتين و بضمّتين،و كشدّاد:يضرب في الآفاق مكتسبا.

و فرس أفق بضمّتين:رائع،للذّكر و الأنثى.و أفق كفرح:بلغ النّهاية في الكرم أو في العلم أو في الفصاحة و جميع الفضائل،فهو آفق و أفيق،و هي بهاء.

و أفق يأفق:ركب رأسه و ذهب في الآفاق،و في العطاء:أعطى بعضا أكثر من بعض،و الأديم دبغه إلى أن صار أفيقا،و كذب،و غلب،و ختن.

ص: 464

و أفق الطّريق محرّكة:سننه و وجهه،جمعه:آفاق.

و كأمير:الفاضلة من الدّلاء.

و الجلد لم يتمّ دباغه،أو الأديم دبغ قبل أن يخرز أو قبل أن يسق،كالأفيقة.و الأفق ككتف فيهما،جمعه:أفق محرّكة و بضمّتين،أو المحرّكة اسم جمع لأنّ«فعيلا» لا يكسّر على«فعل».

و آفقة كأرغفة.و الأفقة محرّكة:الخاصرة كالآفقة ممدودة،و مرقة من مرق الإهاب،و مرقه أن يدفن حتّى يمرّط.

و الأفقة بالضّمّ:القلفة.و رجل آفق على«أفعل»:لم يختن،و تأفّق بنا:أتانا من أفق.(3:216)

الطّريحيّ: الأفق من النّاس على ما في الحديث مائة ألف أو يزيدون.(5:136)

البروسويّ: الأفق هي الدّائرة الّتي تفصل بين ما يرى من الفلك و ما لا يرى.(9:217)

الزّبيديّ: قال الجوهريّ:بعضهم يقول:أفقيّ بضمّتين و هو القياس.

قال شيخنا:النّسب للمفرد هو الأصل في القواعد، و بقي النّظر في قول الفقهاء في الحجّ،و نحوه:آفاقيّ،هل يصحّ قياسا على أنصاريّ و نحوه أو لا يصحّ؟بناء على أصل القاعدة،و النّسبة إلى الجمع منكرة.

أطال البحث فيه ابن كمال باشا في«الفرائد»و أورد الوجهين،و مال إلى تصحيح قول الفقهاء.و ذهب النّوويّ إلى إنكار ذلك،و تلحين الفقهاء.

و الأوّل عندي صواب،و لا سيّما و هناك مواضع تسمّى أفق،تلتبس النّسبة إليها.و اللّه أعلم.(6:279)

محمّد إسماعيل إبراهيم: الأفق:الجهة أو النّاحية من السّماء أو من الأرض.

و في الاصطلاح لعلماء الهيئة:أنّه منتهى ما تراه العين من الأرض ملتقيا مع السّماء،و جمعه:آفاق.(1:40)

محمود شيت: 1-أ-أفق أفقا:ضرب في الآفاق، فهو آفق،و أفّاق للمبالغة،و أفق فلانا و عليه:تفوّق،فهو آفق و أفّاق.

ب-أفق أفقا:أفق،فهو آفق و أفيق.

ج-تأفّق فلان بالقوم:ألمّ بهم غير متلبّث.

د-الآفقة:الخاصرة،جمعه:أوافق.

ه-الأفّاق:الضّارب في آفاق الأرض،و الأفّاق:

من لا ينتسب إلى وطن.

و-الأفق-الأفق:النّاحية،و الأفق منتهى ما تراه العين كأنّما التقت عنده بالسّماء،جمعه:آفاق.

ز-الأفقيّ:نسبة إلى الأفق،و الأفقيّ من النّاس:من لا ينتسب إلى وطن،و الأفقيّ من الخطوط:خطّ مستقيم يوازي سطح الأرض المستوية.

2-الأفق:من مصطلحات الجغرافيّة العسكريّة يقال:منظر افقيّ و مقطع أفقيّ عند رسم الخرائط، و يستعمل في التّدريب العسكريّ،فيقال:انظر إلى يسار خطّ الأفق....إلخ.(1:49)

المصطفويّ: إنّ المعنى الحقيقيّ لهذه المادّة النّاحية الواسعة من أطراف الأرض و السّماء،و ظهوره في النّواحي البعيدة منها.[ثمّ نقل تفسير آيات كلمة «الأفق»و أضاف:]

فظهر أنّ الأفق له مفهوم كلّيّ يشمل الآفاق الأرضيّة

ص: 465

و السّماويّة و العلويّة.(1:85)

النّصوص التّفسيريّة

الافق.

1- وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى. النّجم:7

ابن عبّاس: إنّ المراد به هنا مطلع الشّمس.(الآلوسيّ 27:48)

مثله النّسفيّ(4:195)،و الخازن(6:213).

ابن المسيّب: بِالْأُفُقِ الْأَعْلى: قاع تحت العرش.(الميبديّ 9:356)

الحسن: بِالْأُفُقِ: المشرق اَلْأَعْلى: بينهما.

(الطّبريّ 27:44)

الأفق:الّذي يأتي منه النّهار.(الطّبريّ 27:44)

مثله سفيان،و مجاهد.(القرطبيّ 17:88)

الرّبيع:السّماء الأعلى.(الطّبريّ 27:44)

مثله البيضاويّ.(2:429)

الطّوسيّ: أي سماء الدّنيا عند المعراج.(9:422)

الميبديّ: و هو أقصى الدّنيا عند مطلع الشّمس [إلى أن قال:]

و قيل: بِالْأُفُقِ الْأَعْلى فوق السّماوات السّبع، يعنى العرش.(9:356)

الزّمخشريّ: و هو[أي الافق الاعلى]أفق الشّمس.(4:28)

الطّبرسيّ: يعني أفق المشرق،و هو فوق جانب المغرب في صعيد الأرض لا في الهواء.(5:173)

الفخر الرّازيّ: و هو[جبرئيل]بالأفق الشّرقيّ.(28:285)

القرطبيّ: أي استوى جبرئيل عاليا على صورته، و لم يكن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم قبل ذلك يراه عليها حتّى سأله إيّاها.

و قيل:و هو،أي النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم بالأفق الأعلى،يعني ليلة الإسراء.و هذا ضعيف لأنّه يقال:استوى هو و فلان، و لا يقال:استوى و فلان،إلاّ في ضرورة الشّعر.

و الصّحيح:استوى جبرئيل عليه السّلام.و جبرئيل بالأفق الأعلى على صورته الأصليّة،لأنّه كان يتمثّل للنّبيّ صلى اللّه عليه و سلم أن يراه على صورته الحقيقيّة،فاستوى في أفق المشرق فملأ الأفق.(17:88)

الجرجانيّ: بِالْأُفُقِ الْأَعْلى هي نهاية مقام الرّوح،و هي الحضرة الواحديّة و حضرة الألوهيّة.

(14)

البروسويّ: الأفق:هي الدّائرة الّتي تفصل بين ما يرى من الفلك و ما لا يرى.

و(الافق الاعلى)مطلع الشّمس،كما أنّ الأفق الأدنى مغربها،و المعنى و الحال أنّ جبرئيل بأفق الشّمس، أي أقصى الدّنيا عند مطلع الشّمس.

و منه يعلم أنّ مطلع الشّمس و مغربها كرأس الإنسان و رجله،و إن كانت الدّنيا كالكرة على ما سلف.

و أيضا مثل روح الإنسان و جسده فإنّ الرّوح علويّ و الجسد سفليّ،و قد طلع من عالم الأرواح و غرب في عالم الأجساد.(9:217)

الآلوسيّ: أي الجهة العليا من السّماء المقابلة للنّاظر، و أصله النّاحية.و ما ذكره أهل الهيئة معنى اصطلاحيّ، و ينقسم عندهم إلى حقيقيّ و غيره.(27:48)

ص: 466

عزّة دروزة: كناية عن السّماء.(1:213)

الطّباطبائيّ: قيل:المراد بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ناحية الشّرق من السّماء،لأنّ أفق المشرق فوق المغرب في صعيد الأرض لا في الهواء،و هو كما ترى.

و الظّاهر أنّ المراد به أفق أعلى من السّماء،من غير اعتبار كونه أفقا شرقيّا.(19:28)

المصطفويّ: أي علّمه اللّه عزّ و جلّ الّذي هو الحقّ المستوي على خلقه،و كان الرّسول صلّى اللّه عليه و آله مقيما بالمرتبة العليا و مقام رفيع أعلى،و هو أفق عالم العقول و ما فوق النّاسوت،و هذا تعليم إشراقيّ و إنارة ربّانيّة يتكوّن منه علم حضوريّ،و نور إلهيّ في القلب،فلا بدّ لصاحبه أن يكون في مقام مجرّد نورانيّ حتّى يستعدّ لقبول تلك الأنوار.(1:85)

فضل اللّه: وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى من السّماء؛ حيث ملأ الأفق بهيئته.(21:254)

2- وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ. (التّكوير:23)

مجاهد: أي رأى محمّد صلّى اللّه عليه و آله جبرئيل عليه السّلام على صورته الّتي خلقه اللّه تعالى عليها،حيث تطلع الشّمس، و هو الأفق الأعلى من ناحية المشرق.

(الطّبرسيّ 5:446)

مثله الحسن،و قتادة،و الثّوريّ.(الآلوسيّ 30:61)

أنّه رآه نحو أجياد،و هو مشرق مكّة.

(القرطبيّ 19:241)

قتادة:كنّا نحدّث أنّ الأفق حيث تطلع الشّمس.

(الطّبريّ 30:81)

كنّا نحدّث أنّه الأفق الّذي يجيء منه النّهار(الطّبريّ 30:81)

الإمام الصّادق عليه السّلام: الأفق المبين:قاع بين يدي العرش،فيه أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النّجوم.(الكاشانيّ 5:293)

الطّبريّ: وَ لَقَدْ رَآهُ أي محمّد صلى اللّه عليه و سلم جبرئيل في صورته بالنّاحية الّتي تبين الأشياء فترى من قبلها، و ذلك من ناحية مطلع الشّمس من قبل المشرق.

(30:81)

الزّمخشريّ: بمطلع الشّمس الأعلى.(4:225)

ابن الشّجريّ: أراد بالأفق:الآفاق،و لكنّه استعمل الواحد في موضع الجمع،كما جاء في التّنزيل:

وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ التّحريم:4.(2:343)

القرطبيّ: أي بمطلع الشّمس من قبل المشرق،لأنّ هذا الأفق إذا كان منه تطلع الشّمس فهو مبين،أي من جهته ترى الأشياء.

و قيل:الأفق المبين:أقطار السّماء و نواحيها.[ثمّ استشهد بشعر](19:241)

أبو حيّان: قيل:هي الرّؤية الّتي رآه فيها عند سدرة المنتهى،و سمّي ذلك الموضع أفقا مجازا،و قد كانت له عليه السّلام رؤية ثانية بالمدينة،و ليست هذه.و وصف الأفق بالمبين لأنّه روي أنّه كان في المشرق من حيث تطلع الشّمس،قاله قتادة،و سفيان.و أيضا فكلّ أفق في غاية البيان.

و قيل:في أفق السّماء الغربيّ،حكاه ابن شجرة.

(8:435)

ص: 467

الجرجانيّ: الأفق المبين،هي نهاية مقام القلب.(14)

الطّباطبائيّ: الأفق المبين:النّاحية الظّاهرة، و الظّاهر أنّه الّذي أشار بقوله: وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى النّجم:7.(20:219)

المصطفويّ: أي ليس بمحجوب عن شهود الأنوار و رؤية الحقائق و الإلهامات الغيبيّة،و لقد رأى هذا القول،و هو القرآن المفهوم من إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ التّكوير:19،بالأفق الّذي يبيّن الحقائق و لا يشتبه فيه أمر على شاهده،و هو عالم الشّهود و الحضور و النّور.(1:85)

فضل اللّه: أي في الجانب الظّاهر منه،و الضّمير يرجع إلى جبريل،لتأكيد تجربة النّبيّ الحسّيّة في مسألة الوحي،فليس الأمر أمر سماع قد يختلف النّاس في تقدير طبيعته،بل هو أمر عيان لا يشكّ الرّائي في حقيقته.(24:98)

الآفاق

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ...

فصّلت:53

ابن عبّاس: الآيات في الآفاق:منازل المهلكين خاوية بما ظلموا.(الميبديّ 8:542)

يعني منازل الأمم الخالية.(الخازن 6:96)

مجاهد: إنّ معناه سنريهم آياتنا و دلائلنا على صدق محمّد صلّى اللّه عليه و آله و صحّة نبوّته في الآفاق،أي بما يفتح من القرى عليه و على المسلمين في أقطار الأرض. وَ فِي أَنْفُسِهِمْ يعني فتح مكّة.

مثله السّدّيّ،و الحسن.(الطّبرسيّ 5:19)

فِي الْآفاقِ فتح القرى،فيسّر اللّه عزّ و جلّ لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و للخلفاء من بعده و أنصار دينه في آفاق الدّنيا،و بلاد المشرق و المغرب عموما،و في ناحية المغرب خصوصا من الفتوح الّتي لم يتيسّر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم،و من الإظهار على الجبابرة و الأكاسرة و تغليب قليلهم على كثيرهم،و تسليط ضعفائهم على أقويائهم و إجرائه على أيديهم.أمورا خارجة عن المعهود،خارقة للعادات. وَ فِي أَنْفُسِهِمْ:

فتح مكة.

مثله المنهال بن عمرو،و السّدّيّ و الطّبريّ.

(القرطبيّ 15:374)

عطاء: إنّ المعنى سنريهم حججنا و دلائلنا على التّوحيد في آفاق العالم و أقطار السّماء و الأرض:من الشّمس و القمر و النّجوم و النّبات و الأشجار و البحار و الجبال.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ و ما فيها من لطائف الصّنعة و بدائع الحكمة.

مثله ابن زيد.(الطّبرسيّ 5:19)

أراد الآيات في الشّمس و القمر و الرّياح و غير ذلك.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ عبرة الإنسان بجسمه و حواسّه و غريب خلقته،و تدريجه في البطن،و نحو ذلك.

مثله ابن زيد.(أبو حيّان 7:505)

قتادة: (فى الآفاق)ما أصاب الأمم المكذّبة في أقطار الأرض قديما وَ فِي أَنْفُسِهِمْ يوم بدر.

مثله الضّحّاك.(أبو حيّان 7:505)

ص: 468

السّدّيّ:[فى الآفاق]من الأقطار حول مكّة،و في غير ذلك من الأرض كخيبر.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ أراد به فتح مكّة.

مثله أبو المنهال.(أبو حيّان 7:505)

آياتِنا فِي الْآفاقِ بصدق ما يخبر به النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الحوادث عنها،و في ما يحدث من أنفسهم.

(الطّوسيّ 9:138)

الإمام الصّادق عليه السّلام: نريهم في أنفسهم المسخ، و نريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم؛فيرون قدرة اللّه عزّ و جلّ في أنفسهم و في الآفاق.

(الكاشانيّ 4:365)

ابن زيد: آفاق السّماوات:نجومها و شمسها و قمرها اللاّتي يجرين.و آيات في أنفسهم أيضا.

(الطّبريّ 25:5)

فِي الْآفاقِ: آيات السّماء، وَ فِي أَنْفُسِهِمْ:

حوادث الأرض.(القرطبيّ 15:374)

الإمام الكاظم عليه السّلام: الفتن في آفاق الأرض، و المسخ في أعداء الحقّ.(الكاشانيّ 4:365)

ثعلب: معناه:نري أهل مكّة كيف يفتح على أهل الآفاق،و من قرب منهم أيضا.(ابن سيده 6:295)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في معنى الآيات الّتي وعد اللّه هؤلاء القوم أن يريهم.

فقال بعضهم:عني بالآيات في الآفاق وقائع النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم بنواحي بلد المشركين من أهل مكّة و أطرافها، و بقوله: وَ فِي أَنْفُسِهِمْ فتح مكّة.

و قال المنهال: ظهور محمّد صلى اللّه عليه و سلم على النّاس.

و قال آخرون:عني بذلك أنّه يريهم نجوم اللّيل و قمره،و شمس النّهار،و ذلك ما وعدهم أنّه يريهم في الآفاق.

و قالوا:عني بالآفاق:آفاق السّماء،و بقوله: وَ فِي أَنْفُسِهِمْ سبيل الغائط و البول.

و أولى القولين في ذلك بالصّواب القول الأوّل،و هو ما قاله السّدّيّ،و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ وعد نبيّه صلى اللّه عليه و سلم أن يري هؤلاء المشركين الّذين كانوا به مكذّبين،آيات في الآفاق.

و غير معقول أن يكون تهدّدهم بأن يريهم ما هم رأوه،بل الواجب أن يكون ذلك وعدا منه لهم أن يريهم ما لم يكونوا رأوه قبل،من ظهور نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم على أطراف بلدهم و على بلدهم،فأمّا النّجوم و الشّمس و القمر،فقد كانوا يرونها كثيرا قبل و بعد،و لا وجه لتهدّدهم بأنّه يريهم ذلك.(الطّبريّ 25:4)

الزّجّاج: أنّ المراد:سنريهم آثار من مضى من قبلهم ممّن كذّب الرّسل من الأمم،و آثار خلق اللّه في كلّ البلاد.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ من أنّهم كانوا نطفا ثمّ علقا ثمّ مضغا ثمّ عظاما ثمّ كسيت لحما ثمّ نقلوا إلى التّمييز و العقل.(الطّبرسيّ 5:19)

القمّيّ: فِي الْآفاقِ الكسوف و الزّلازل و ما يعرض في السّماء من الآيات.

و أمّا فِي أَنْفُسِهِمْ فمرّة بالجوع و مرّة بالعطش.(الكاشانيّ 4:364)

الطّوسيّ: معناه أنّ الدّلائل في آفاق السّماء بسير

ص: 469

النّجوم و جريان الشّمس و القمر فيها بأتمّ التّدبير.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ جعل كلّ شيء لما يصلح له من آلات الغذاء و مخارج الأنفاس،و مجاري الدّم،و موضع العقل و الفكر،و سبب الإفهام،و آلات الكلام.(9:138)

الميبديّ: و قيل: فِي الْآفاقِ من فتوح البلاد و الأمصار وَ فِي أَنْفُسِهِمْ من فتح مكّة.

و قيل:هو ما أخبرهم النّبي عليه السّلام بوقوعه من الفتن، و ظهور الآيات في آفاق الأرض بعده.و لم يصدّقوه ثمّ كان كما أخبرهم.

و قيل:هي طلوع الشّمس من مغربها.

و قيل:هي انشقاق القمر.(8:542)

الفخر الرّازيّ: فيه قولان:

القول الأوّل:أنّ المراد بآيات الآفاق:الآيات الفلكيّة و الكوكبيّة،و آيات اللّيل و النّهار،و آيات الأضواء و الأظلال و الظّلمات،و آيات عالم العناصر الأربعة،و آيات المواليد الثّلاثة.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ المراد منها الدّلائل المأخوذة من كيفيّة تكوّن الأجنّة في ظلمات الأرحام،و حدوث الأعضاء العجيبة،و التّركيبات الغريبة.

القول الثّاني:أنّ المراد بآيات الآفاق:فتح البلاد المحيطة بمكّة،و بآيات أنفسهم:فتح مكّة.(27:139)

القرطبيّ: فِي الْآفاقِ يعني خراب منازل الأمم الخالية، وَ فِي أَنْفُسِهِمْ بالبلايا و الأمراض.

(15:374)

البيضاويّ: يعني ما أخبرهم النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم به من الحوادث الآتية و آثار النّوازل الماضية،و ما يسّر اللّه له و لخلفائه من الفتوح و الظّهور على ممالك الشّرق و الغرب،على وجه خارق للعادة.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما ظهر فيما بين أهل مكّة،و ما حلّ بهم أو ما في بدن الإنسان من عجائب الصّنع الدّالّة على كمال القدرة.(2:352)

النّيسابوريّ: و هي الفتوح الواقعة على أيدي الخلفاء الرّاشدين،و الّتي ستقع على أيدي أنصار دينه إلى يوم القيامة.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ و هي فتح مكّة و سائر الفتوح الّتي وجدت في عصر النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم.

و عند المحقّقين«الآيات الآفاقيّة»هي الخارجة عن حقيقة الإنسان و بدنه،كالأفلاك و الكواكب و الظّلم و الأنوار و العناصر و المواليد سواه.

و«الآيات النّفسيّة»هي الّتي أودعها في تركيب الإنسان،و في ربط روحه العلويّ ببدنه السّفليّ،كقوله:

وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ الذّاريات:21،و في قوله:(سنريهم)دلالة على أنّ رؤية الأدلّة إنّما تكون بإراءة اللّه.(25:14)

البروسويّ: «الآفاق»:ما خرج عنك،و هو العالم الكبير من الفرش إلى العرش،و«الأنفس»:ما دخل فيك،و هو العالم الصّغير و هو كلّ إنسان بانفراده.

و المراد بالآيات الآفاقيّة:ما أخبرهم النّبيّ عليه السّلام من الحوادث الآتية،كغلبة الرّوم على فارس في بضع سنين، و آثار النّوازل الماضية الموافقة لما هو المضبوط المقرّر عند أصحاب التّواريخ.و الحال أنّه عليه السّلام أمّيّ لم يقرأ و لم يكتب و لم يخالط أحدا،أو ما يسّر اللّه له و لخلفائه من الفتوح

ص: 470

و الظّهور على آفاق الدّنيا،و الاستيلاء على بلاد المشارق و المغارب على وجه خارق للعادة؛إذ لم يتيسّر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم.(8:281)

الآلوسيّ: (الآفاق):النّواحي،الواحد:أفق بضمّتين و أفق بفتحتين،أي سنريهم آياتنا في النّواحي عموما من مشارق الأرض و مغاربها و شمالها و جنوبها.(25:6)

المراغيّ: أي سنري هؤلاء المشركين وقائعنا بالبلاد المحيطة بمكّة و بمكّة بما أجريناه على يدي نبيّنا و على يدي خلفائه و أصحابه،من الفتوح الدّالّة على قوّة الإسلام و أهله.(25:10)

الطّباطبائيّ:هي النّواحي الّتي فتحها للمسلمين و نشر فيها دينهم.

وَ فِي أَنْفُسِهِمْ هو قتلهم الذّريع في بدر.

(17:404)

المصطفويّ: تدلّ على جميع الآيات الظّاهرة في قاطبة النّواحي و أطراف الأرض و السّماء،فإنّ الآفاق جمع محلّى باللاّم.(1:85)

فضل اللّه: فِي الْآفاقِ في ما يظهر لهم حقائق القرآن و أسراره،ممّا يكشفه اللّه في الكون وَ فِي أَنْفُسِهِمْ ممّا يواجههم من الحوادث الّتي تؤكّد أخباره و مفاهيمه.(20:132)

الأصول اللّغويّة

1-مادّة«أفق»لها دلالتان مختلفتان،ما بين دلالة على حيّز ضيّق تتمثّل في جلود الإبل،الّتي هي الأفق، واحدها:أفيق،و ما بين دلالة عامّة على حدود السّماء الّتي ينتهي إليها البصر حتّى يلتقي بوجه الأرض؛فيكون لكلّ من السّماء و الأرض آفاق يلتقي بعضها ببعض.

2-و يمكن الجمع بين هاتين الدّلالتين على أساس أنّ كلاّ منهما يحتوي نقطة التقاء مع الأخرى،ذلك أنّ الجلد ليس مطلقا بل هو شيء محدود بحدود حجم الحيوان،كما أنّ ما ينتهي إليه البصر من حدود السّماء و الأرض،و هي الدّائرة الّتي يراها المرء في انطباق السّماء على الأرض،تشكّل حدودا للبصر و الرّؤية،و بالتّالي تكون بمثابة حدود السّماء و الأرض،أي أنّ كلاّ من الدّلالتين تلتقي مع الأخرى من حيث تضمّنها معنى الحدّ، و الحدود،أو المحدوديّة.

3-و هذه المحدوديّة تشير إلى محدوديّة التّصوّر البشريّ؛و ذلك أنّ الإنسان،و خاصّة حين يكون في فضاء أو بادية،أو ما إلى ذلك،و يلتفت إلى بيئته الّتي يعيش فيها بحدّ نفسه،أنّه دائما محصور في وسط دائرة تشكّل السّماء و الأرض حدودها،فهو حيثما وجّه بصره من حوله يرى أنّ السّماء تنطبق على الأرض مشكّلة دائرة متحرّكة بحركته هو،لكن حجمها يبقى أبدا ثابتا، لأنّها محدودة بحدود بصره الطّبيعيّ الّذي يخيّل إليه التقاء السّماء و الأرض،فيرتبط عنده هذا المعنى،مع تلك الحدود الأقلّ سعة و اتّساعا،و هي حدود الجلد.

و لا عجب أن يرتبط المعنيان،فكلّ منهما بمثابة الإسار لما يحتويه،كما أنّه يرتبط بنواحي البيت الّذي يحدّ البصر،أو الحدود الّتي ينتهي عندها البصر،و هذا هو في رأينا الأصل في المعنى:حدود الجلد،ثمّ الحدود الّتي يصطدم بها

ص: 471

البصر فتكون أفقا له،سواء كان ذلك في حدود البيت،أم في حدود الطّبيعة.

4-ثمّ تنتقل هذه المعاني لتجتمع في الظّاهرة الطّبيعيّة؛حيث ينتهي البصر إلى التقاء الأرض و السّماء في الدّائرة الملحوظة من حول الإنسان.و لقد انتجت هذه الظّاهرة،و نعني بها ظاهرة شعور الإنسان بكونه أسيرا ضمن إطار«الأفق»من حوله الّذي هو أشبه ما يكون بإسار الحيوان في«أفقه»،أي جلده،نقول:أنتجت هذه الظّاهرة لدى الإنسان فظهرت في سلوكه و في شعوره و سائر آدابه.و لربّما كان لهذا الشّعور صداه في أوزان الشّعر العربيّ من حيث رتابة الإيقاع،و الدّوائر العروضيّة،و غيرها.

الاستعمال القرآنيّ

جاء الأفق مفردا و جمعا في ثلاث آيات:

1- إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى* وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى* ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى * فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى* فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى النّجم:4-10

2- إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ* وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ* وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ* وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ التّكوير:19-24

3- سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ* أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ فصّلت:53،54

يلاحظ أوّلا:أنّه قد ارتبط الأفق في القرآن بنحو باللّه تعالى،ففي(1)و(2) وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى، وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ تعلّق بأمين وحيه جبرئيل،و إليه يرجع الضّمير(هو)و(راه)و هو الموصوف ب(ذو مرّة)و(شديد القوى)،و من أرجع الضّميرين إلى اللّه فقد أخطأ.و أمّا في(3) سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ فقد تعلّق به تعالى و بآياته مباشرة،و اختصاص هذه المادّة باللّه تعالى له معناه كما يأتي.

ثانيا:حينما أفرد لفظ(الأفق)وصف مرّة ب(الاعلى) و أخرى ب(المبين)،و حينما جمع ب(الآفاق)ترك بلا توصيف،و ذلك أنّ في الأفق محدوديّة غير واضحة، فكان لا بدّ لها من أن تتوضّح.أمّا في(الآفاق)فلا توجد تلك المحدوديّة،بل يوجد الإطلاق بلا حاجة إلى تحديد و لا تقييد بوصف.

ثالثا:ثمّ إنّ لفظة«أفق»لغويّا لها دلالات متعدّدة-كما رأينا-اعتبارا من دلالتها على الجلد و انتهاء بدلالتها على نواحي البيت.فأمّا(الآفاق)فهو جمع له لا بمعنى الجلد؛لأنّه بهذا المعنى يجمع على أفق و مفرده أفيق.و إنّما هو جمع للجوانب و النّواحي،أ في البيت كان ذلك أم في الطّبيعة.ثمّ هي مطلقة،و بهذا الإطلاق أضحت دالّة على الطّبيعة،على تلك الدّائرة الّتي تلتقي فيها الأرض و السّماء من حول الإنسان.

و لمّا كانت الآفاق ليست لها حدود مادّيّة ثابتة،بمعنى أنّ الآفاق تتضمّن تعدّدا و تغيّرا و تشكّلا،فالإنسان

ص: 472

الّذي هو مركز هذه الدّائرة المتكوّنة من التقاء الأرض و السّماء على امتداد البصر-يجد نفسه كلّما تحرّك تغيّر الأفق الّذي من حوله بحسب حركته؛ليظلّ هو كلّما انتقل من موضع إلى آخر مركزا لها.فتتعدّد الآفاق و تكثر بحسب تعدّد حركة الإنسان و كثرتها أو بحسب الجهات الأربع حوله.

و من هنا تأتي(الآفاق)إشارة إلى اللاّمحدود و اللاّمتناهي في مقابلة النّفس ذات الحجم المحدود و المتناهي فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ في ذلك العالم الواسع و في هذا الجرم الصّغير.و لذا كانت«الآيات» أيضا بصيغة الجمع تركيزا لمعنى اللاّمحدوديّة،و اللاّمحدود في(الآفاق).

رابعا:أمّا ماهيّة(الافق الاعلى)فلا مجال إلى الوصول إلى استكناه حقيقتها،و إنّما نكتفي ببيان أنّها أعلى ما يمكن أن يعيه العقل البشريّ من نهايات الكون العليا و طبقاته الّتي تسمو فيها واحدة على أخرى.

و لا نستطيع الأخذ بتحديد بعض القدماء من أنّه أفق عالم العقول مثلا أو ما شابهه،بل لا نتجاوز القول بأنّ التّركيب هنا دالّ على التّحديد و على العلوّ؛و تبقى الكيفيّة في ضمير الغيب.

خامسا:و كذا القول في ماهيّة(الافق المبين) فلا ندري وجه من رأى أنّه دالّ على مطلع الشّمس الأعلى،و إنّما قصارى ما يمكن الوصول إليه أنّ التّركيب يشير إلى تبيّن الحقيقة في حدود واضحة مبيّنة،و كذا تبقى الكيفيّة قابلة للأخذ و العطاء.

سادسا:ثمّ إنّ(الافق الاعلى)قد يختلف عن(الافق المبين)و دلّ هذا،على التّعدّد،حتّى إذا ما قلنا:«آفاق» أشرنا إلى ذلك التّعدّد بصيغة الجمع.غير أن لفظة (سنريهم)تقيّد المطلق بالقدرة البشريّة،فلا يكون للبشر أن يصلوا إلى رؤية(الافق الاعلى)و لا إلى(الافق المبين)و إنّما حسبهم هذه الآفاق الّتي تدركها أبصارهم و تمثّل غاية معرفتهم في مقابل(انفسهم)الّتي تحبسها جلودهم.

سابعا:جاء«أفق»مقرونا بالرّؤية صراحة أو تقديرا،كما في(1)فكاد يكون علاقة بين المفهومين، فالأفق ما يرى حول الإنسان و ليس مطلق ما أحاط به كما نطقت به نصوص اللّغة،فالأطراف إذا كانت مرئيّة بالبصر فهي آفاق.و هذه نكتة لا ينبغي التّغافل عنها.

ثامنا:المادّة كما قلنا تدلّ على السّعة،و هذا متلائم تماما مع ما جاء في نزول(1 و 2)من أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نظر ما وسع نظره،و فتح بصره فرأى آفاقا لا تتناهى،ملأها جبرائيل بجناحيه،كما أنّه تعالى سيري النّاس آفاقا محسوسة و معقولة لا حدّ لها،لا في الأرض و لا في السّماء و لا في الأنفس،من أسرار الكون الّتي تنكشف لدى الإنسان مدى الأزمان و لا تنتهي أبدا،كما قال تعالى:

وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لقمان:27.

و بهذا دلّ ما جاء في وصف أمين الوحي من الأوصاف: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ، فما ظنّك بمن كان مكينا عند

ص: 473

ذي العرش،و قد وسع كرسيّه السّماوات و الأرض.

و بالّذي أصبح معلّما للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و للأنبياء قبله؟ فعلمه و قدرته مستمدّان من اللّه الّذي لا حدّ و لا نهاية لعلمه و قدرته،أي أنّه اتّصل باللاّمتناهي،فأصبح لا يتناهى في صفاته و كماله.

تاسعا:إنّ آيات(1 و 2)توصيف للقرآن متعلّقا بالرّسول،فالقرآن لا شكّ أنّه مبدأ يوسّع أفق رؤية النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،أمّا الآية(3)مع أنّها-بملاحظة ما قبلها- ليست منقطعة عن الوحي و الرّسالة،فقد جاءت بشأن النّاس مرتبطا بآيات اللّه،و معنى هذا أنّ العالم بما فيه من الآيات الكونيّة،سواء في الأرض أم في السّماء أو في الأنفس،آفاق للنّاس،كما أنّ القرآن بما فيه من الآيات المنزلة،آفاق للرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يرى في القرآن ما يراه النّاس في الكون،و أنّ ما في القرآن يفسّره ما في الكون،و أنّ أفق الوحي يحاذي أفق الخلق و كلاهما لا يتناهيان،و أنّ آفاق الوحي قد انتهت لفظا،أمّا المعاني فهي كعديلها-آفاق الخلق-لا تنقطع أبدا،و ستتلى آياتها على النّاس و يهتدون بهداها مدى الزّمان.

و هذه بشرى للبشر بأنّ معرفتهم بأسرار الكون ستزداد و تدوم،لكن بما هي آيات اللّه لا آيات الطّبيعة،كما أنّ علمهم بأسرار الوحي و ما يحتوي عليه القرآن سوف يتّسع و لا ينقطع و لا ينتهي.

عاشرا:ما أومأنا إليه خلال البحث أنّ الرّؤية و الأفق يشملان المحسوس و المعقول له شاهد من الآيات نفسها،فقوله في(3): وَ فِي أَنْفُسِهِمْ يعمّ الجسم و العقل.و الرّؤية العقليّة هي معقولة و ليست بمحسوسة.

و جاء بعدها قوله: أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ و هو يعمّ الدّارين،و لقاء اللّه في الدّارين معقول و ليس بمحسوس على خلاف من الأشاعرة في الدّار الآخرة.

و كذلك قوله: أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إشارة إلى معرفة اللّه باللّه بشهود القلب من دون النّظر إلى الآيات،و يعبّرون عنه ب«برهان الصّدّيقين».

و في ذيل(1)قوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى جمع بين رؤية الفؤاد و رؤية البصر.

ثمّ إنّ في هذه الآيات أسرارا هامّة بشأن الوحي و الرّسالة و شهود اللّه،ليس هنا موضع ذكرها.

ص: 474

أ ف ك

اشارة

13 لفظا،30 مرّة:24 مكّيّة،6 مدنيّة

في 21 سورة:17 مكّيّة،4 مدنيّة

أفك 1:1\تؤفكون 4:4\إفكا 2:2

يأفكون 2:2\أفّاك 2:2\إفكهم 2:2

تأفكنا 1:1\إفك 4:3-1\المؤتفكة 1:1

يؤفك 2:2\الإفك 1:-1\المؤتفكات 2:1-1

يؤفكون 6:3-3

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الإفك:الكذب.أفك يأفك أفكا.

و أفكته عن الأمر:صرفته عنه بالكذب و الباطل.

و الأفيك:المكذّب عن حيلته و حزمه.[ثمّ استشهد بشعر]

و المأفوك:الّذي يقبل الإفك،و هو المؤتفك.

و المؤتفكة:الأمم الماضية الضّالّة المهلكة.

و الأفّاك:الّذي يأفك النّاس عن الحقّ،أي يصدّهم عنه بالكذب و الباطل.(5:416)

الكسائيّ: تقول العرب:يا للأفيكة،و يا للأفيكة بكسر اللاّم و فتحها.فمن فتح اللاّم فهي لام الاستغاثة، و من كسرها فهي تعجّب.كأنّه قال:يا أيّها الرّجل اعجب لهذه الأفيكة،و هي الكذبة العظيمة.

و أرض مأفوكة،و هي الّتي لم يصبها المطر فأمحلت:[اجدبت][ثمّ استشهد بشعر]

(الأزهريّ 10:396)

أبو عبيدة: المؤتفكة من الرّيح:الّتي تجيء بالتّراب.

(ابن دريد 3:461)

رجل مأفوك:لا يصيب خيرا.(أبو حيّان 3:506)

أبو زيد: المأفوك:المأفون،و هو الضّعيف العقل و الرّأي.(الجوهريّ 4:1572)

الأصمعيّ: إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض، يعني الرّياح.و إذا اختلفت كأنّها تقلب الأرض.

و الإفك:الكذب.(إصلاح المنطق:23)

ص: 475

أبو عبيد: و أرض مأفوكة،أي لم يصبها مطر، و ليس بها نبات.

و رجل مأفوك:لا يصيب خيرا.

(الجوهريّ 4:1573)

ابن الأعرابيّ: أفك يأفك،و أفك يأفك،إذا كذب.

و الإفك:الإثم،و الإفك:الكذب.(الأزهريّ 10:396)

ائتفكت تلك الأرض،أي احترقت من الجدب.

(الأزهريّ 10:397)

ابن السّكّيت: المأفوك و المأفون جميعا،الّذي لا صيّور له،أي رأي يرجع إليه.(190)

يقال:أفكته آفكه أفكا،أي صرفته.قال اللّه عزّ ذكره: أَنّى يُؤْفَكُونَ المائدة:75،أي يصرفون.[ثمّ استشهد بشعر](551)

و الإفك:مصدر أفكه عن الشّيء يأفكه أفكا،إذا صرفه عنه و قلبه.[ثمّ استشهد بشعر]

(إصلاح المنطق:23)

و الأفيكة:الكذب،و هي الأفائك.

(إصلاح المنطق:353)

شمر: و روى النّضر بن أنس عن أبيه أنّه قال:«أي بنيّ لا تنزلنّ البصرة فإنّها إحدى المؤتفكات،قد ائتفكت بأهلها مرّتين،و هي مؤتفكة بهم الثّالثة».

يعني بالمؤتفكة:أنّها قد غرقت مرّتين.

و الائتفاك عند أهل العربيّة:الانقلاب كقريات قوم لوط الّتي ائتفكت بأهلها،أي انقلبت.

(الأزهريّ 10:396)

أفك الرّجل عن الخير،أي قلب عنه و صرف.(الأزهريّ 10:397)

ابن قتيبة: أفك الرّجل عن كذا،إذا عدل عنه.

و أرض مأفوكة،أي محرومة المطر و النّبات،كأنّ ذلك عدل عنها و صرف.(145)

المبرّد: الإفك:أسوء الكذب،و هو الّذي لا يثبت و يضطرب.و منه ائتفكت بهم الأرض.

(القرطبيّ 15:92)

الصّاحب: الإفك:الكذب،أفك يأفك أفكا،و منه قوله عزّ و جلّ: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ الذّاريات:9، و الأفائك:جمع الأفيكة للكذب.

و رماه اللّه بالأفيكة:أي بالدّاهية المعضلة.

و أفكت فلانا عن هذا الأمر:أي صرفته عنه بالكذب و الباطل.

و المأفوك:الّذي يطلب الإفك،و هو المؤتفك أيضا و في القرآن: وَ الْمُؤْتَفِكاتِ التّوبة:7 يعني الأمم الماضية الضّالّة.

و الأفيك:المكذّب عن حيلته و حزمه.

و الأفّاك:الّذي يأفك النّاس عن الحقّ بالباطل و الكذب.

و قوله عزّ و جلّ: أَنّى يُؤْفَكُونَ، أي يحدّون.

و المأفوك:المحدود عن الخير.

و المؤتفكات:الرّياح.و مثل:«إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض».

و الائتفاك:الانقلاب.

و أرض مأفوكة:أي لم يصبها مطر.

و الأفكة:السّنة الجدبة،و سنون أفّاك.

ص: 476

و يقال:أفكته فائتفك،و منه المؤتفكات:مداين قوم لوط لانقلابها على أهلها.

و الأفك:مجمع الخطم،و مجمع الفكّين.

و يقال:أفكت أن أفعل كذا:أي صددت عن أن أفعله.(6:340)

الجوهريّ: الإفك:الكذب،و كذلك الأفيكة.

و الجمع:الأفائك.

و رجل أفّاك،أي كذّاب.

و الأفك بالفتح:مصدر قولك:أفكه يأفكه أفكا،أي قلبه و صرفه عن الشّيء.و منه قوله تعالى: قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا... الأحقاف:22.[ثمّ استشهد بشعر]

و ائتفكت البلدة بأهلها،أي انقلبت.

و المؤتفكات:المدن الّتي قلبها اللّه تعالى على قوم لوط عليه السّلام.

و المؤتفكات:الرّياح تختلف مهابّها.تقول العرب:إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض.(4:1572)

مثله الرّازيّ.(19)

ابن فارس: الهمزة و الفاء و الكاف أصل واحد يدلّ على قلب الشّيء و صرفه عن جهته.يقال:أفك الشّيء، و أفك الرّجل،إذا كذب.و الإفك:الكذب.و أفكت الرّجل عن الشّيء،إذا صرفته عنه.قال اللّه تعالى:

قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا...، [ثمّ استشهد بشعر]

(1:118)

أبو هلال: الفرق بين الكذب و الإفك،أنّ الكذب اسم موضوع للخبر الّذي لا مخبر له على ما هو به،و أصله في العربيّة التّقصير،و منه قولهم:كذب عن قرنه في الحرب،إذا ترك الحملة عليه،و سواء كان الكذب فاحش القبح أو غير فاحش القبح.

و الإفك هو الكذب الفاحش القبح،مثل الكذب على اللّه و رسوله،أو على القرآن،و مثل قذف المحصنة و غير ذلك ممّا يفحش قبحه.و جاء في القرآن على هذا الوجه قال اللّه تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ الجاثية:7، و قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ...

النّور:11.

و يقال للرّجل إذا أخبر عن كون زيد في الدّار و زيد في السّوق:إنّه كذب،و لا يقال:أفك،حتّى يكذب كذبة يفحش قبحها على ما ذكرنا.و أصله في العربيّة الصّرف.

و في القرآن: أَنّى يُؤْفَكُونَ، أي يصرفون عن الحقّ.

و تسمّى الرّياح المؤتفكات،لأنّها تقلب الأرض فتصرفها عمّا عهدت عليه،و سمّيت ديار قوم لوط المؤتفكات،لأنّها قلبت بهم.(33)

الثّعالبيّ: إذا لم يكن له رأي يرجع إليه،فهو:

مأفون،و مأفوك.(155)

ابن سيده: الإفك:الكذب.

و الأفيكة:كالإفك.

أفك يأفك و أفك إفكا،و أفوكا،و أفكا،و أفّك.

و رجل أفّاك،و أ فيك،و أفوك:كذّاب.

و آفكه:جعله يأفك.و قرئ: وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ الأحقاف:28،و(افكهم)و(افكهم)و(آفكهم).

و أفكه عن الشّيء يأفكه أفكا:صرفه و قلبه.

و قيل:صرفه بالإفك.

المؤتفكات:مدائن لوط عليه السّلام،سمّيت بذلك لانقلابها

ص: 477

بالخسف،قال تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى النّجم:53.

و المؤتفكات:الرّياح الّتي تقلب الأرض.يقال:إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض،أي زكا زرعها.

و رجل أ فيك،و مأفوك:مخدوع عن رأيه.[و استشهد بالشّعر مرّتين](7:95)

أصل الأفك الصّرف عن الخير غالبا،أفكه يأفكه أفكا.

و الأفيك و المأفوك:العاجز القليل الحيلة و الحزم، و المخدوع عن رأيه.(الإفصاح 1:160)

الإفك:الكذب.أفك كضرب و علم،إفكا و أفكا و أفكا و أفوكا،و أفّك:كذب،فهو آفك و أ فيك و أفّاك و أفوك.

و أفك فلانا:كذب عليه و خدعه.و آفكه:حمله على الإفك،و تأفّك:اصطنع الكذب.

و الأفيكة:الكذبة العظيمة،الجمع:أفائك.

(الإفصاح 1:181)

الأفيك:العاجز القليل الحيلة و الحزم.

و الأفيك و المأفوك:المخدوع عن رأيه.

أفكه يأفكه أفكا:صرفه،أو قلب رأيه.

(الإفصاح 1:162)

الطّوسيّ: الإفك هو قلب الشّيء عن وجهه،و منه المؤتفكات:المنقلبات.و الإفك:الكذب،لأنّه قلب المعنى عن جهة الصّواب.(4:536)

مثله الميبديّ.(3:700)و الطّبرسيّ(2:462)

الرّاغب: الإفك:كلّ مصروف عن وجهه الّذي يحقّ أن يكون عليه.و منه قيل للرّياح العادلة عن المهابّ:مؤتفكة.قال تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ الحاقّة:9.و قال تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى... النّجم:53،و قوله تعالى: قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ... التّوبة:30،أي يصرفون عن الحقّ في الاعتقاد إلى الباطل،و من الصّدق في المقال إلى الكذب، و من الجميل في الفعل إلى القبيح.و منه قوله تعالى:

يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ... الذّاريات:9،(انى يؤفكون...،)و قوله: أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا....

فاستعملوا الإفك في ذلك لمّا اعتقدوا أنّ ذلك صرف من الحقّ إلى الباطل،فاستعمل ذلك في الكذب لما قلنا.

و قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ... النّور:11،و قال: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ الجاثية:7،و قوله: أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ الصّافّات:86،فيصحّ أن يجعل تقديره:أ تريدون آلهة من الإفك.و يصحّ أن يجعل(افكا)مفعول(تريدون)، و يجعل(آلهة)بدلا منه،و يكون قد سمّاهم إفكا.

و رجل مأفوك:مصروف عن الحقّ إلى الباطل.

و أفك يؤفك:صرف عقله،و رجل مأفوك العقل.

(19)

الزّمخشريّ: أفكه عن رأيه:صرفه،و فلان مأفوك عن الخير.

و رأيت أن أفعل كذا فأفكت عن رأيي.

و أتفكت الأرض بأهلها:انقلبت.

و إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض،و هي الرّياح المختلفات المهابّ.

و رجل أفّاك:كذّاب.

ص: 478

و ما أبين إفكه،و رماه بالأفيكة،و يقول المفترى عليه:يا للأفيكة.

و من المجاز:أرض مأفوكة:مجدودة من المطر و النّبات.

و سنة آفكة:مجدبة.و سنون أوافك.

[و استشهد بالشّعر مرّتين](أساس البلاغة:8)

النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال لبشير بن الخصاصية:«ممّن أنت؟قال:

من ربيعة.قال:أنتم تزعمون لو لا ربيعة لائتفكت الأرض بمن عليها».أي لانقلبت بأهلها،من أفكه فائتفكت.و منه الإفك و هو الكذب،لأنّه مقلوب عن وجهه،و المعنى لولاهم لهلك النّاس.(الفائق 1:49)

الطّبرسيّ: يقال:أفكه يأفكه أفكا إذا صرفه.

و الأفك:الكذب،لأنّه صرف عن الحقّ.و كلّ مصروف عن شيء مأفوك عنه.

و قد أفكت الأرض،إذا صرف عنها المطر،و أرض مأفوكة:لم يصبها مطر.

و المؤتفكات:المتقلّبات من الرّياح،لأنّها صرفت عن وجهها.(2:229)

نحوه الفخر الرّازيّ.(12:61)

الإفك:قلب الشّيء عن وجهه في الأصل.و منه الإفك:الكذب،لأنّه قلب المعنى عن جهة الصّواب.

(2:462)

ابن الأثير: في حديث عائشة:«حين قال لها أهل الإفك ما قالوا»الإفك في الأصل:الكذب،و أراد به هاهنا:ما كذب عليها ممّا رميت به.

و في حديث عرض نفسه صلى اللّه عليه و سلم على قبائل العرب:

«لقد أفك قوم كذّبوك و ظاهروا عليك»،أي صرفوا عن الحقّ و منعوا منه.يقال:أفكه يأفكه أفكا إذا صرفه عن الشّيء و قلبه،و أفك،فهو مأفوك.

و في حديث سعيد بن جبير،و ذكر قصّة هلاك قوم لوط،قال:فمن أصابته تلك الأفكة أهلكته.يريد العذاب الّذي أرسله اللّه عليهم؛فقلب بها ديارهم،يقال:

ائتفكت البلدة بأهلها،أي انقلبت،فهي مؤتفكة.

(1:56)

أبو حيّان: الأفك بفتح الهمزة:مصدر أفكه يأفكه، أي قلبه و صرفه.و منه: أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا، يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ....

و ائتفكت البلدة بأهلها:انقلبت.

و المؤتفكات:مدائن قوم لوط عليه السّلام قلبها اللّه تعالى.

و المؤتفكات أيضا:الرّياح الّتي تختلف مهابّها.(3:506)

الفيّوميّ: أفك يأفك-من باب ضرب-إفكا بالكسر كذلك،فهو أفوك و أفّاك.و امرأة أفوك بغير هاء أيضا و أفّاكة بالهاء.و أفكته:صرفته،و كلّ أمر صرف عن وجهه فقد أفك.(1:17)

الفيروزآباديّ: أفك كضرب و علم إفكا-بالكسر و الفتح و التّحريك-و أفوكا:كذب،ك«أفّك»فهو أفّاك و أ فيك و أفوك.

و عنه يأفكه أفكا:صرفه و قلبه أو قلب رأيه.

و فلانا:جعله يكذب و حرمه مراده.

و المؤتفكات:مدائن قلبت على قوم لوط عليه الصّلاة و السّلام،و الرّياح الّتي تقلب الأرض أو تختلف مهابّها.و يقال:إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض.

ص: 479

و كأمير:العاجز القليل الحيلة و الحزم،و المخدوع عن رأيه كالمأفوك،و بهاء:الكذب،جمعه:أفائك.

و الأفكة كفرحة:السّنة المجدبة.

و الأفك محرّكة:مجمع الفكّ و الخطمين،و بالضّمّ:جمع أفوك للكذّاب.

و ائتفكت البلدة:انقلبت،و المأفوك:المكان لم يصبه مطر و ليس به نبات و هي بهاء،و الضّعيف العقل،و فعلهما كعني أفكا بالفتح.(3:302)

الطّريحيّ: الإفك:أسوء الكذب و أبلغه،و قيل:هو البهتان.و المشهور فيه كسر الهمزة و إسكان الفاء،و جاء فتحها.و الجمع:الأفاك.

و أفك كضرب و علم.و رجل أفّاك بالتّشديد:

كذّاب.و منه قوله: تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ الشّعراء:

222،أي كذّاب صاحب الإثم الكبير.(5:254)

مجمع اللّغة:1-أفكه كضرب يأفكه أفكا:

صرفه،و أفكه عنه:صرفه عنه.

2-أفك من بابي ضرب و علم أفكا و إفكا:كذب و افترى،فهو أفّاك.

و الإفك:الكذب،أو أبلغ ما يكون من الكذب و الافتراء.

3-و المؤتفكة و المؤتفكات:قرى قوم لوط من أفكه فائتفك،أي قلبه عن وجهه الّذي يحقّ أن يكون عليه فانقلب.

و قيل:المؤتفكات هي قريات قوم لوط و هود و صالح،و ائتفاكها:انقلابها لتدميرها.

و قيل:انقلاب أحوالها من الخير إلى الشّرّ.(1:41)

محمّد إسماعيل إبراهيم:أفكه:صرفه عن الشّيء أو قلبه من جهة إلى جهة،و أفك إفكا:كذب و افترى،و الإفك:أخبث أنواع الكذب و الأباطيل المختلقة،و ائتفك البلد بأهله:انقلب و صار أعلاه أسفله.

و منها المؤتفكات،و هي مدائن قوم لوط الّتي قلبها اللّه و خسف بها الأرض.و الأفّاك:الكذّاب.(40)

المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة هو القلب و الصّرف عن وجهه.و بهذا الاعتبار يطلق على الكذب،لانصرافه عن الحقّ و الواقع.و كذلك إطلاقه على الرّياح المنصرفة عن مهابّها،و المدن الّتي انقلبت عن جريانها الطّبيعيّة،و العقل الّذي ينحرف عن كماله و صفائه.

وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ...، من يصرف الحقائق عن وجهها.

بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ... الأحقاف:28، قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ الفرقان:4، ما هذا إِلاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً سبأ:43.

في هذه الآيات قد فسّر الإفك بالافتراء،و هو قريب من معنى الإفك.

كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ المؤمن:63، لَيَقُولُنَّ اللّهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ... العنكبوت:

61، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ فاطر:3،أي يصرفون و يقلبون.

يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ... الذّاريات:9،أي يصرف عنه و هو الحقّ و الدّين و الوعد.

ص: 480

ففي جميع موارد استعمال هذه المادّة يلاحظ مفهوم القلب و الصّرف.(1:86)

النّصوص التّفسيريّة

افك

إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ* يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ. الذّاريات:8،9

زيد بن عليّ: أي يصرف النّاس عنه من هو مأفوك في نفسه.

يصرف النّاس عنه من هو أفّاك كذّاب.(الزّمخشريّ 4:14)

مجاهد: يؤفن عنه من أفن.و الأفن:فساد العقل.(القرطبيّ 17:33)

الحسن: يصرف عنه من صرف.

(الطّبريّ 26:190)

اليزيديّ:يدفع عنه من دفع.(القرطبيّ 17:33)

قطرب: يخدع عنه من خدع.(القرطبيّ 17:33)

الفرّاء: يصرف عن القرآن و الإيمان من صرف،كما قال: أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا..، يقول:لتصرفنا عن آلهتنا، و تصدّنا.(3:83)

أبو عبيدة: يدفع عنه و يحرمه كما تؤفك الأرض.(2:225)

الطّبريّ: يصرف عن الإيمان بهذا القرآن من صرف،و يدفع عنه من يدفع،فيحرمه.(26:191)

الهرويّ: أي يصرف عن الحقّ من صرف في سابق علم اللّه تعالى.(1:58)

الطّوسيّ: [مثل الفرّاء و أضاف:]

و إنّما قيل:يؤفك عن الحقّ،لأنّه يمكن فيه ذلك من غيره،و لا يمكن من نفسه،لأنّ الحقّ يدعو إلى نفسه و لا يصرف عنها إلى خلافه.(9:380)

الميبديّ: (يؤفك عنه)هذه الهاء راجعة إلى قوله:

(لصادق).و الإفك:الصّرف،تأويله:يصرف عن تصديق ذلك الوعد الصّادق من صرف عن الهدى في الأزل.

و قيل:معناه يصرف عن الحقّ من كذب و دعا إلى الباطل.(9:310)

الزّمخشريّ: يُؤْفَكُ عَنْهُ الضّمير للقرآن أو للرّسول،أي يصرف عنه من صرف الصّرف الّذي لا صرف أشدّ منه و أعظم،كقوله:لا يهلك على اللّه إلاّ هالك.

و قيل:يصرف عنه من صرف في سابق علم اللّه، أي علم فيما لم يزل أنّه مأفوك عن الحقّ لا يرعوي.

و يجوز أن يكون الضّمير ل«ما توعدون»أو «للدّين»أقسم بالذّاريات على أنّ وقوع أمر القيامة حقّ،ثمّ أقسم بالسّماء على أنّهم في قول مختلف في وقوعه،فمنهم شاكّ و منهم جاحد،ثمّ قال:يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك.

و وجه آخر:و هو أن يرجع الضّمير إلى(قول مختلف)و«عن»مثله في قوله:«ينهون عن أكل و عن شرب»،أي يتناهون في السّمن بسبب الأكل و الشّرب، و حقيقته يصدر تناهيهم في السّمن عنهما،و كذلك يصدر إفكهم عن القول المختلف.

ص: 481

و قرأ سعيد بن جبير (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) على البناء للفاعل،أي من أفك النّاس عنه و هم قريش،و ذلك أنّ الحيّ كانوا يبعثون الرّجل ذا العقل و الرّأي ليسأل عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيقولون له:احذره،فيرجع فيخبرهم.

و قرئ (يؤفن عنه من أفن) أي يحرمه من حرم،من أفن الضّرع إذا نهكه حلبا.(4:14)

نحوه البيضاويّ(2:419)،و النّسفيّ(4:183)، و النّيسابوريّ(27:7)،و أبو حيّان(8:134).

الطّبرسيّ: أي يصرف عن الإيمان به من صرف عن الخير أي المصروف عن الخيرات كلّها من صرف عن هذا الدّين.و قيل:معناه يؤفك عن الحقّ و الصّواب من أفك،فدلّ ذكر القول المختلف على ذكر الحقّ فجازت الكناية عنه.و قيل:معناه يصرف عن هذا القول أي بسببه و من أجله عن الإيمان من صرف،فالهاء في(عنه) تعود إلى«القول المختلف»عن مجاهد،فيكون الصّارف لهم أنفسهم،كما يقال:فلان معجب بنفسه و أعجب بنفسه و كما يقال:أين يذهب بك لمن يذهب في شغله.

و قيل:إنّ الصّارف لهم رؤساء البدع و أئمّة الضّلال،لأنّ العامّة تبع لهم.(5:153)

الفخر الرّازيّ: فيه وجوه:

أحدها:أنّه مدح للمؤمنين،أي يؤفك عن القول المختلف،و يصرف من صرف عن ذلك القول،و يرشد إلى القول المستوي.

ثانيها:أنّه ذمّ معناه يؤفك عن الرّسول.

ثالثها:يؤفك عن القول بالحشر.

رابعها:يؤفك عن القرآن.و قرئ (يؤفن عنه من أفن) أي يحرم.و قرئ (يؤفك عنه من افك) أي كذب.(28:198)

القرطبيّ: قيل:المعنى يصرف عن الإيمان من أراده بقوله:هو سحر و كهانة و أساطير الأوّلين.

و قيل:المعنى يصرف عن ذلك الاختلاف من عصمه اللّه.أفكه يأفكه أفكا،أي قلبه و صرفه عن الشّيء.و منه قوله تعالى: أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا... الأحقاف:22.[ثمّ ذكر قول مجاهد،و الزّمخشريّ،و قطرب،و اليزيديّ و قال:]

و المعنى واحد،و كلّه راجع إلى معنى الصّرف.

(17:33)

البروسويّ: يقال:أفكه عنه يأفكه أفكا:صرفه و قلبه،أو قلب رأيه كما في«القاموس».

و رجل مأفوك:مصروف عن الحقّ إلى الباطل كما في «المفردات»،اي يصرف عن القرآن أو الرّسول من صرف؛إذ لا صرف أفظع منه و أشدّ،فكأنّه لا صرف بالنّسبة إليه،يعني أنّ تعريف مصدر(افك)للحقيقة و كلمة(من)للعموم،فالمعنى كلّ من اتّصف بحقيقة المصروفيّة يصرف عنه و يلزمه بعكس النّقيض كلّ من لم يصرف عنه لم يتّصف بتلك الحقيقة،فكان كلّ صرف يغايره لا صرف بالقياس إليه لكماله و شدّته.

و قال بعضهم:يصرف عنه من صرف في علم اللّه و قضائه.(9:150)

الآلوسيّ:أي يصرف عن الإيمان بما كلّفوا الإيمان به لدلالة الكلام السّابق عليه.

و قال الحسن،و قتادة:عن الرّسول صلى اللّه عليه و سلم.و قال غير

ص: 482

واحد:عن القرآن.

و الكلام السّابق مشعر بكلّ من صرف الصّرف الّذي لا أشدّ منه و أعظم.و وجه المبالغة من إسناد الفعل إلى من وصف به،فلو لا غرض المبالغة لكان من توضيح الواضح،فكأنّه أثبت للمصروف صرف آخر،حيث قيل:يصرف عنه المصروف،فجاءت المبالغة من المضاعفة.ثمّ الإطلاق في المقام الخطابيّ له مدخل في تقوية أمر المضاعفة،و كذلك الإبهام الّذي في الموصول، و هو قريب من قوله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ... طه:78.

و قيل:المراد يصرف عنه في الوجود الخارجيّ من صرف عنه في علم اللّه تعالى و قضائه سبحانه،و تعقّب بأنّه ليس فيه كثير فائدة،لأنّ كلّ ما هو كائن معلوم أنّه ثابت في سباق علمه تعالى الأزليّ،و ليس فيه المبالغة السّابقة.

و أجيب عن الأوّل بأنّ فيه الإشارة إلى أنّ الحجّة البالغة للّه عزّ و جلّ في صرفه،و كفى بذلك فائدة،و هو مبنيّ[على]أنّ العلم تابع للمعلوم،فافهمه.

و حكى الزّهراويّ:أنّه يجوز أن يكون الضّمير ل «ما توعدون»أو«للدّين»أقسم سبحانه بالذّاريات على أنّ وقوع أمر القيامة حقّ،ثمّ أقسم بالسّماء على أنّهم في قول مختلف في وقوعه،فمنهم شاكّ،و منهم جاحد.ثمّ قال جلّ و علا:يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك.و ذكر ذلك الزّمخشريّ و لم يعزه،و ادّعى صاحب«الكشّاف»أنّه أوجه لتلاؤم الكلام.

و قيل:يجوز أن يكون الضّمير ل(قول مختلف) و«عن»للتّعليل،كما في قوله تعالى: وَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ هود:53،أي يصرف بسبب ذلك القول المختلف من أراد الإسلام.

و قال الزّمخشريّ:«حقيقته يصدر إفكهم عن القول المختلف،و هذا محتمل لبقاء«عن»على أصلها من المجاوزة و اعتبار التّضمين»،و فيه ارتكاب خلاف الظّاهر من غير داع مع ذهاب تلك المبالغة.

و جوّز ابن عطيّة رجوع الضّمير إلى«القول»إلاّ أنّه قال:«المعنى يصرف عن ذلك القول المختلف بتوفيق اللّه تعالى للإسلام من غلبت سعادته».و تعقّبه بأنّ فيه مخالفة للعرف،فإنّ عرف الاستعمال في الإفك الصّرف من خير إلى شرّ،فلذلك لا تجده إلاّ في المذمومين.(27:5)

نحوه الطّباطبائيّ.(18:366)

يافكون

1- وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ. الأعراف:117

ابن عبّاس: يكذبون.(الفخر الرّازيّ 14:204)

مثله مجاهد.(الطّبريّ 9:21)

أبو عبيدة: أي تلهم ما يسحرون و يكذبون،أي تلقمه.(1:225)

الزّمخشريّ: (ما)موصولة أو مصدريّة بمعنى ما يأفكونه،أي يقلبونه عن الحقّ إلى الباطل و يزوّرونه، أو إفكهم تسمية للمأفوك بالإفك.(2:103)

مثله البيضاويّ(1:363)و النّسفيّ(2:69)، و البروسويّ(3:313).

ص: 483

القرطبيّ: أي ما يكذبون،لأنّهم جاءوا بحبالهم و جعلوا فيها زئبقا حتّى تحرّكت.(7:260)

الآلوسيّ: الإفك:صرف الشّيء و قلبه عن الوجه المعتاد،و يطلق على الكذب.و بذلك فسّره ابن عبّاس، و مجاهد لكونه مقلوبا عن وجهه،و اشتهر ذلك فيه حتّى صار حقيقة.و(ما)موصولة أو موصوفة و العائد محذوف،أي ما يأفكونه و يكذبونه،أو مصدريّة و هي مع الفعل بمعنى المفعول،أي المأفوك،لأنّه المتلقّف.(9:25)

رشيد رضا :الإفك:-بالكسر-اسم لما يؤفك،أي يصرف و يحوّل عن شيء إلى غيره.و يستعمل في التّلبيس و الشّرّ و قلب الحقائق.و بالفتح مصدر أفك بالفتح،كجلس و ضرب.و يقال:أفك بالكسر كتعب.

قال في«الأساس»:أفكه عن رأيه:صرفه،و فلان مأفوك عن الخير.[و قال بعد نقل قول الرّاغب:]

و يعلم منه و من سائر استعمال المادّة في القرآن و غيره أنّ الإفك يكون بالقول و منه الكذب،و ما يؤدّي المراد من الكذب،كالإيهام و التّدليس و التّجوّزات و الكنايات و المعاريض الّتي توهم السّامع أو القارئ لها ما يخالف الحقّ،و قد يكون بالفعل كعمل سحرة فرعون.(9:67)

عزّة دروزة: يكذّبون و يزوّرون.(2:154)

حجازيّ: الإفك في الأصل:قلب الشّيء عن وجهه الأصليّ،و لذا قيل للكذّاب:أفّاك،لقلبه الكلام عن وجهه،و كلّ أمر صرف عن وجهه فهو مأفوك.فالإفك يكون في القول بالكذب،و يكون في العمل بالسّحر.

(9:11)

فضل اللّه:و جاء أمر اللّه،و تمّت كلمته وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فألقاها في استجابة خاشعة لأمر اللّه و ثقة بالنّتيجة الإيجابيّة المنتصرة الحاسمة، فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ، و تتناول كلّ هذه العصيّ الّتي أرادوا أن يصرفوا وجوه النّاس بسحرها عن الحقّ، و يقودوهم إلى الباطل،و لم يشعر النّاس إلاّ بالعصا،و هي تتحوّل إلى ثعبان عظيم،يوحي بالحقيقة المرعبة المتحدّية الكامنة في عينيه،و في حركته الهجوميّة على كلّ تلك الدّمى الفارغة من أشكال الثّعابين.(10:208)

2- فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ.

الشّعراء:45

أبو عبيدة: أي ما يفترون و يسحرون.(2:85)

الطّوسيّ: ما يوهمون الانقلاب زورا و بهتانا.

(8:21)

مثله الميبديّ.(7:105)

الزّمخشريّ: ما يقلبونه عن وجهه و حقيقته بسحرهم و كيدهم،و يزوّرونه فيخيّلون في حبالهم و عصيّهم أنّها حيّات تسعى بالتّمويه على النّاظرين أو إفكهم،سمّى تلك الأشياء إفكا مبالغة.(3:113)

مثله الفخر الرّازيّ(24:134)،و النّسفيّ(3:183)، و الكاشانيّ(4:34)،و الآلوسيّ(19:78)،و نحوه المراغيّ(19:59).

الطّباطبائيّ: من الإفك،بمعنى صرف الشّيء عن وجهه.سمّي السّحر إفكا،لأنّ فيه صرف الشّيء عن صورته الواقعيّة إلى صورة خياليّة.(15:275)

ص: 484

تافكنا

قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ. الأحقاف:22

الضّحّاك: لتصرفنا عن آلهتنا بالمنع.

(القرطبيّ 16:205)

مثله أبو عبيدة(2:23)،و الطّبريّ(26:24)، و النّيسابوريّ(26:15)،و البيضاويّ(2:89)،و المراغيّ (26:28).

ابن زيد:لتزيلنا.(الطّبريّ 26:25)

مثله القرطبيّ.(16:205)

الهرويّ: أي لتخدعنا عنها فتصرفنا.و العرب تقول:لا تخدعنّ عن هذا،أي لا تصرفنّ عنه بخديعة.

(1:58)

الطّوسيّ: أي لتلفتنا و تصرفنا.(9:280)

مثله الطّبرسيّ.(5:90)

الفخر الرّازيّ: الإفك:الصّرف،يقال:أفكه عن رأيه،أي صرفه.

و قيل:بل المراد لتزيلنا بضرب من الكذب.

(28:27)

نحوه النّسفيّ(4:145)،و الآلوسيّ(26:25).

البروسويّ: أي تصرفنا من الأفك بالفتح،مصدر أفكه يأفكه أفكا:قلبه و صرفه عن الشّيء.(8:481)

الطّباطبائيّ: و قوله: لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا بتضمين الإفك و هو الكذب و الفرية،معنى الصّرف.

و المعنى قالوا:أ جئتنا لتصرفنا عن آلهتنا إفكا و افتراء.(18:211)

نحوه فضل اللّه(21:34)

يؤفك

يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ. الذّاريات:9

لاحظ(افك)

يؤفكون

1- اُنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنّى يُؤْفَكُونَ. المائدة:75

ابن عبّاس: يعني يكذبون بلغة قريش.و كلّ إفك في القرآن فهو كذب بلغة قريش،و كذلك وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ الجاثية:7،يعني لكلّ كذّاب.

(اللّغات في القرآن:38)

الطّبريّ: يقول تعالى ذكره،لنبيّه محمّد صلى اللّه عليه و سلم:ثمّ انظر يا محمّد(انّى يؤفكون)يقول:ثمّ انظر مع تبييننا لهم آياتنا على بطول (1)قولهم،أيّ وجه يصرفون عن بياننا الّذي نبيّنه لهم،و كيف عن الهدى الّذي نهديهم إليه من الحقّ يضلّون؟و العرب تقول لكلّ مصروف عن شيء:

هو مأفوك عنه،يقال:قد أفكت فلانا عن كذا،أي صرفته عنه،فأنا آفكه أفكا و هو مأفوك.و قد أفكت الأرض،إذا صرف عنها المطر.(6:315)

الطّوسيّ: و معنى يؤفكون:يصرفون،و قيل:

يقلبون.[ثمّ ذكر مثل الطّبريّ و أضاف:]

الإفك:الكذب،لأنّه صرف الخبر عن وجهه.

و المؤتفكات:المنقلبات من الرّياح و غيرها،لأنّها صرفت بقلبها عن وجهها.(3:605)

ص: 485


1- بطول:بطلان.

مثله الميبديّ(3:195)،و الفخر الرّازيّ(12:61)

الطّبرسيّ: أي كيف يصرفون عن الحقّ الّذي يؤدّي إليه تدبير الآيات.(2:230)

فضل اللّه: يكذّبون و يتّبعون الإفك من دون شعور بالمسئوليّة،في خطّ العقيدة و العمل.(8:287)

2- وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَ قالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ. التّوبة:30

أبو عبيدة: كيف يحدّون.و يقال:رجل مأفوك أي لا يصيب خيرا،و أرض مأفوكة،أي لم يصبها مطر و ليس بها نبات.(1:257)

الطّبريّ: يقول:أيّ وجه يذهب بهم و يحيدون، كيف يصدّون عن الحقّ؟(10:113)

الطّوسيّ: معناه كيف يصرفون عن الحقّ إلى الإفك الّذي هو الكذب؟

و رجل مأفوك عن الخير،و أرض مأفوكة:صرف عنها المطر.(5:240)

نحوه الفخر الرّازيّ.(16:36)

الميبديّ: يصرفون عن الحقّ إلى الباطل،و قيل:

يؤفكون:يكذبون.(4:119)

مثله الزّمخشريّ(2:185)،و أبو حيّان(5:32)،و البروسويّ(3:415)،و الآلوسيّ(10:83)،و الطّباطبائيّ(9:243).

3-و لئن سالتهم من خلق السّماوات و الارض وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ.

العنكبوت:61

قتادة:أي يعدلون.(الطّبريّ 21:12)

الطّبريّ: فأنّى يصرفون عمّن صنع ذلك،فيعدلون عن إخلاص العبادة له.(21:11)

البروسويّ: الأفك بالفتح:الصّرف و القلب، و بالكسر كلّ مصروف عن وجهه الّذي يحقّ أن يكون عليه،أي فكيف يصرفون عن الإقرار بتفرّده في الإلهيّة مع إقرارهم بتفرّده فيما ذكر من الخلق و التّسخير،فهو إنكار و استبعاد لتركهم العمل بموجب العلم،و توبيخ و تقريع عليه و تعجيب منه.(6:489)

و بهذا المعنى جاء(يؤفكون)في سورة الرّوم:55، و الزّخرف:87،و المنافقون:4،و(تؤفكون)في الأنعام:

95،و يونس:34،و فاطر:3،و المؤمن 62.

افك

1- وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَ أَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ... الفرقان:4

أبو عبيدة: الإفك:البهتان و أسوأ الكذب.

(2:70)

البروسويّ: كذب مصروف عن وجهه،لأنّ الإفك كلّ مصروف عن وجهه الّذي يحقّ أن يكون عليه.و منه قيل للرّياح العادلة عن المهابّ:المؤتفكات.

و رجل مأفوك:مصروف عن الحقّ إلى الباطل.

(6:189)

الطّباطبائيّ: الإفك:هو الكلام المصروف عن

ص: 486

وجهه،و مرادهم بكونه إفكا افتراء كونه كذبا اختلقه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و نسبه إلى اللّه سبحانه.(15:180)

نحوه فضل اللّه.(17:14)

2- وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَ قالُوا ما هذا إِلاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً... سبأ:43

الفخر الرّازيّ: و هو يحتمل وجوها:

أحدها:أن يكون المراد أنّ القول بالوحدانيّة(افك مفترى)،و يدلّ عليه هو أنّ الموحّد كان يقول في حقّ المشرك:إنّه يأفك،كما قال تعالى في حقّهم: أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ الصّافّات:86،و كما قالوا هم للرّسول: أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا... الأحقاف:22.

و ثانيها:أن يكون المراد:ما هذا إلاّ إفك أي القرآن إفك.

و على الأوّل يكون قوله: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ... سبأ:43،إشارة إلى القرآن.

و على الثّاني يكون إشارة إلى ما أتى به من المعجزات.

و على الوجهين فقوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا... بدلا عن أن يقول:و قالوا للحقّ:هو أنّ إنكار التّوحيد كان مختصّا بالمشركين.

و أمّا إنكار القرآن و المعجزات فقد كان متّفقا عليه بين المشركين و أهل الكتاب،فقال تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ... على وجه العموم.(25:266)

البروسويّ: كلام مصروف عن جهته لعدم مطابقة ما فيه من التّوحيد و البعث الواقع.(7:305)

مثله الآلوسيّ.(22:152)

الافك

إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ... النّور:11

أبو عبيدة: مجازه:الكذب و البهتان،يقال كذب فلان و أفك،أي أثم.(2:63)

عبد الجبّار: كيف يصحّ في إفكهم أن يكون خيرا مع قبحه و عظم الإثم فيه؟

و جوابنا:أنّ المراد به خير لهم من حيث نالهم به من الغمّ ما صبروا عليه و إن كان كذبا قبيحا،فالمراد هو ما قد ذكرناه؛و لذلك قال تعالى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ...، فذمّهم و بيّن أنّ الّذي تولّى كبره منهم له عذاب عظيم.

و معلوم أنّ هذا الصّنيع منهم كان كالسّبب في تعظيم الرّسول صلى اللّه عليه و سلم و المتّصلين بعائشة،فصار الصّبر عليه عظيم الثّواب.و لذلك يقال الآن فيمن زني بأهل له:أنّه إذا صبر فله ثواب،و إذا ظلم المرء فلم يخرج إلى المقاتلة على ذلك بل صبر،فله ثواب.

و هذه القصّة إنّما ضمّت إلى هذه السّورة لتعلّقها بالقذف و الرّمي اللّذين بيّن اللّه تعالى حكمهما في الأجنبيّ و في الزّوجات،و هي تشتمل على أحكام و آداب يمكن أن يقال:إنّ جميع ذلك من الخيرات،فبيّن تعالى أنّ من

ص: 487

يتولّى كبير الشّيء،أعظم إثما ممّن هو كالتّابع،و بيّن أنّ الواجب على من يسمع مثل ذلك أن لا يظنّ صحّته بمن عرف عفّته.و يؤيّده قوله: لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً... النّور:

12.

و فيه أنّ الواجب في مثله الاعتماد على الشّهادة،فإذا انتفت وجب الكفّ،و هو معنى قوله: لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ... النّور:13،لأنّ المراد:هلاّ فعلوا ذلك.

(284)

الطّوسيّ: و هو الكذب الّذي قلب فيه الأمر عن وجهه،و أصله الانقلاب.و منه المؤتفكات.و أفك يأفك أفكا،إذا كذب،لأنّه قلب المعنى عن حقّه إلى باطله فهو آفك،مثل كاذب.(7:414)

نحوه الميبديّ(6:52)،و الطّبرسيّ(4:131).

الزّمخشريّ: الإفك:أبلغ ما يكون من الكذب و الافتراء،و قيل:هو البهتان لا تشعر به حتّى يفجأك.

و أصله الأفك،و هو القلب،لأنّه قول مأفوك عن وجهه، و المراد:ما أفك به على عائشة.(3:52)

نحوه البيضاويّ(2:119)،و النّسفيّ(3:134)،و النّيسابوريّ(18:75)،و أبو حيّان(6:636).

الفخر الرّازيّ: [ذكر مثل الزّمخشريّ و أضاف:]

و إنّما وصف اللّه تعالى ذلك الكذب بكونه إفكا،لأنّ المعروف من حال عائشة خلاف ذلك لوجوه...[فراجع]

(23:172)

الآلوسيّ: أي بأبلغ ما يكون من الكذب و الافتراء، و كثيرا ما يفسّر بالكذب مطلقا.و قيل:هو البهتان لا تشعر به حتّى يفجأك.

و جوّز فيه فتح الهمزة و الفاء،و أصله من الأفك بفتح فسكون،و هو القلب و الصّرف لأنّ الكذب مصروف عن الوجه الّذي يحقّ.و المراد به:ما أفك به على أنّ اللاّم فيه للعهد و جوّز حمله على الجنس.قيل:

فيفيد القصر،كأنّه لا إفك إلاّ ذلك الإفك.

و في لفظ المجيء إشارة إلى أنّهم أظهروه من عند أنفسهم من غير أن يكون له أصل.(18:111)

الطّباطبائيّ: الآيات تشير إلى حديث الإفك، و قد روى أهل السّنّة أنّ المقذوفة في قصّة الإفك هي أمّ المؤمنين عائشة،و روت الشّيعة أنّها مارية القبطيّة أمّ إبراهيم الّتي أهداها مقوقس ملك مصر إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و كلّ من الحديثين لا يخلو عن شيء.

فالأحرى أن نبحث عن متن الآيات في معزل من الرّوايتين جميعا،غير أنّ من المسلّم أنّ الإفك المذكور فيها كان راجعا إلى بعض أهل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،إمّا زوجه و إمّا أمّ ولده.و ربّما لوّح إليه قوله تعالى: وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللّهِ عَظِيمٌ... النّور:15،و كذا ما يستفاد من الآيات أنّ الحديث كان قد شاع بينهم و أفاضوا فيه، و سائر ما يومئ إليه من الآيات.

و المستفاد من الآيات أنّهم رموا بعض أهل النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالفحشاء،و كان الرّامون عصبة من القوم، فشاع الحديث بين النّاس يتلقّاه هذا من ذاك.و كان بعض المنافقين أو الّذين في قلوبهم مرض يساعدون على إذاعة الحديث حبّا منهم أن تشيع الفاحشة في الّذين آمنوا،فأنزل اللّه الآيات و دافع عن نبيّه صلّى اللّه عليه و آله.(15:89)

ص: 488

فضل اللّه:[له بحث مستوفى حول القصّة فلاحظ]

(16:246-260)

افكا

1- إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. العنكبوت:17

ابن عبّاس: تصنعون كذبا.(الطّبريّ 20:137)

مجاهد: معناه:تصنعون أصناما بأيديكم،و سمّاها إفكا لادّعائهم أنّها آلهة.

مثله قتادة،و الجبّائيّ،و السّدّيّ.

(الطّبرسيّ 4:277)

الزّمخشريّ: و قرئ(افكا)و فيه وجهان:

أن يكون مصدرا،نحو كذب و لعب.و الأفك مخفّف منه كالكذب و اللّعب من أصلهما.

و أن يكون صفة على«فعل»أي خلقا أفكا،أي ذا إفك و باطل.و اختلافهم الإفك:تسميتهم الأوثان آلهة و شركاء للّه أو شفعاء إليه،أو سمّي الأصنام إفكا و عملهم لها و نحتهم خلقا للإفك.(3:201)

مثله القرطبيّ(13:335)،و نحوه البيضاويّ(2:

206)،و النّسفيّ(3:253).

الآلوسيّ: أي و تكذبون كذبا حيث تسمّونها آلهة و تدّعون أنّها شفعاؤكم عند اللّه سبحانه،أو تعملونها و تنحتونها للإفك و الكذب.و اللاّم لام العاقبة و إلاّ فهم لم يعملوها لأجل الكذب،و جوّز أن يكون ذلك من باب التّهكّم.

و قال بعض الأفاضل: الأظهر كون(افكا)مفعولا به و المراد به نفس الأوثان،و جعلها كذبا مبالغة.أو الإفك بمعنى المأفوك،و هو المصروف عمّا هو عليه،و إطلاقه على الأوثان لأنّها مصنوعة،و هم يجعلونها صانعا.[إلى أن قال:]

و قرأ ابن الزّبير،و فضيل بن زرقان:(افكا)بفتح الهمزة و كسر الفاء على أنّه مصدر كالكذب و اللّعب،أو وصف كالحذر،وقع صفة لمصدر مقدّر،أي خلقا أفكا، أي ذا أفك.(20:144)

الطّباطبائيّ:الإفك:الأمر المصروف عن وجهه قولا أو فعلا.(16:115)

2- أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ. الصّافّات:86

الطّوسيّ: الإفك:هو أشنع الكذب و أفضعه، و الإفك:قلب الشّيء عن جهته الّتي هي له،فلذلك كان الإفك كذبا.(8:508)

مثله الطّبرسيّ.(4:449)

البغويّ: يعني أ تأفكون إفكا؟و هو أسوأ الكذب.(6:21)

مثله الميبديّ(8:285)،و الخازن(6:21).

الزّمخشريّ: (أ إفكا)مفعول له،تقديره:أ تريدون آلهة من دون اللّه إفكا؟و إنّما قدّم المفعول على الفعل للعناية،و قدّم المفعول له على المفعول به لأنّه كان الأهمّ عنده أن يكافحهم بأنّهم على إفك و باطل في شركهم.

و يجوز أن يكون(إفكا)مفعولا؛يعني أ تريدون به إفكا؟ثمّ فسّر الإفك بقوله:(آلهة)من دون اللّه،على

ص: 489

أنّها إفك في أنفسها.

و يجوز أن يكون حالا بمعنى أ تريدون آلهة من دون اللّه آفكين؟(3:344)

مثله الفخر الرّازيّ(26:147)،و البيضاويّ (2:295)،و النّيسابوريّ(23:59)،و أبو حيّان(7:

365)،و الآلوسيّ(23:100)،و نحوه البروسويّ (7:469).

الطّباطبائيّ: أي تقصدون آلهة دون اللّه إفكا و افتراء.إنّما قدّم الإفك و الآلهة لتعلّق عنايته بذلك.(17:148)

فضل اللّه: في ما تدّعونه لها من الألوهيّة،و في ما تثيرونه حولها من أوهام و قداسات و تهاويل،من فنون الكذب و الخيال،و لكن هل فكّرتم في هذه الأصنام الّتي تعبدونها من دون اللّه؟و هل دخلتم في مقارنة بينها و بين اللّه في قدرته،و في حاجاتكم إليه؟(18:32)

افكهم

بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.

الأحقاف:28

الفرّاء: و يقرأ (افكهم و افكهم) .

فأمّا الإفك و الأفك فبمنزلة قولك:الحذر و الحذر، و النّجس و النّجس.

و أمّا من قال:(افكهم)فإنّه يجعل الهاء و الميم في موضع نصب،يقول:ذلك صرفهم عن الإيمان،و كذبهم؛ كما قال عزّ و جلّ: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ الذّاريات:9، أي يصرف عنه من صرف.(3:56)

الطّبريّ: يقول عزّ و جلّ:هذه الآلهة-الّتي ضلّت عن هؤلاء الّذين كانوا يعبدونها من دون اللّه،عند نزول بأس اللّه بهم،و في حال طمعهم فيها أن تغيثهم و خذلتهم-هو إفكهم،يقول:هو كذبهم الّذي كانوا يكذّبون و يقولون:هؤلاء آلهتنا.[إلى أن قال:]و أخرج الكلام مخرج الفعل،و المعنيّ المفعول به،فقيل:و ذلك إفكهم،و المعنيّ فيه:المأفوك به،لأنّ الإفك إنّما هو فعل الآفك،و الآلهة مأفوك بها.

و اختلفت القرّاء في قراءة قوله: وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ بكسر الألف و سكون الفاء و ضمّ الكاف،بالمعنى الّذي بيّنّا.

و روي عن ابن عبّاس أنّه كان يقرؤها(و ذلك افكهم)يعني بفتح الألف و الكاف،و قال:أضلّهم.

فمن قرأ القراءة الأولى الّتي عليها قرّاء الأمصار، فالهاء و الميم في موضع خفض.

و من قرأ هذه القراءة الّتي ذكرناها عن ابن عبّاس فالهاء و الميم في موضع نصب،و ذلك أنّ معنى الكلام على ذلك،و ذلك صرفهم عن الإيمان باللّه.

و الصّواب من القراءة في ذلك عندنا القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار،لإجماع الحجّة عليها.(26:29)

القيسيّ: (ما)في موضع رفع على العطف على (افكهم).و الإفك:الكذب،فأصله:الانقلاب،و المعنى و ذلك إفكهم و افتراؤهم،و ذلك أي الآلهة،كذبهم و افتراؤهم.

و من قرأ(افكهم)جعله فعلا ماضيا،و(ما)في موضع رفع أيضا عطف على(ذلك)،و قيل:على المضمر

ص: 490

المرفوع في(افكهم)،و يحسن ذلك للتّفرقة بالمضمر المنصوب بينهما،فقام مقام التّأكيد.(2:304)

الزّمخشريّ: و(ذلك)إشارة إلى امتناع نصرة آلهتهم لهم و ضلالهم عنهم،أي و ذلك إثر إفكهم الّذي هو اتّخاذهم إيّاها آلهة،و ثمرة شركهم و افترائهم على اللّه الكذب من كونه ذا شركاء.

و قرئ(افكهم)و الأفك و الإفك كالحذر و الحذر.

و قرئ (وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ) أي و ذلك الاتّخاذ الّذي هذا أثره و ثمرته صرفهم عن الحقّ.

و قرئ(افّكهم)على التّشديد للمبالغة،و(افكهم) جعلهم آفكين،و(افكهم)،أي قولهم:الآفك ذو الإفك،كما تقول:قول كاذب،و ذلك إفك ممّا كانوا يفترون،أي بعض ما كانوا يفترون من الإفك.(3:526)

مثله أبو السّعود.(5:69)

القرطبيّ: و الآلهة الّتي ضلّت عنهم هي إفكهم في قولهم:إنّها تقرّبهم إلى اللّه زلفى.

و قراءة العامّة(افكهم)بكسر الهمزة و سكون الفاء، أي كذبهم.و الإفك:الكذب،و كذلك الأفيكة،و الجمع:

الأفائك.و رجل أفّاك،أي كذّاب.

و قرأ ابن عبّاس،و مجاهد،و ابن الزّبير (و ذلك افكهم) بفتح الهمزة و الفاء و الكاف،على الفعل،أي ذلك القول صرفهم عن التّوحيد.و الأفك بالفتح مصدر قولك:أفكه يأفكه أفكا،أي قلبه و صرفه عن الشّيء.

و قرأ عكرمة(أفّكهم)بتشديد الفاء على التّأكيد و التّكثير.قال أبو حاتم:يعني قلبهم عمّا كانوا عليه من النّعيم.

و ذكر المهدويّ عن ابن عبّاس أيضا(افكهم)بالمدّ و كسر الفاء،بمعنى صارفهم.

و عن عبد اللّه بن الزّبير باختلاف عنه(افكهم) بالمدّ،فجاز أن يكون أفعلهم،أي أصارهم إلى الإفك، و جاز أن يكون فاعلهم كخادعهم.و دليل قراءة العامّة (افكهم)قوله: وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي يكذبون.

و قيل:افكهم مثل أفكهم.الإفك و الأفك كالحذر و الحذر.(16:209)

نحوه أبو حيّان(8:66)،و الآلوسيّ(26:29).

الطّباطبائيّ: و المراد بالإفك:أثر الإفك أو بتقدير مضاف،و(ما)مصدريّة،و المعنى:و ذلك الضّلال أثر إفكهم و افترائهم.

و يمكن أن يكون الكلام على صورته من غير تقدير مضاف أو تجوّز،و الإشارة إلى إهلاكهم بعد تصريف الآيات و ضلال آلهتهم عند ذلك،و محصّل المعنى:أنّ هذا الّذي ذكرناه من عاقبة أمرهم هو حقيقة زعمهم أنّ الآلهة يشفعون لهم و يقرّبونهم من اللّه،زعمهم الّذي أفكوه و افتروه.و الكلام مسوق للتّهكّم.(18:214)

افّاك

1- تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ. الشّعراء:222

مجاهد:كلّ كذّاب من النّاس.

(الطّبريّ 19:125)

الطّبريّ: يعني كذّاب بهّات.(19:125)

الطّوسيّ: الأفّاك:الكذّاب.و معناه الكثير الكذب، و القلب للخبر من جهة الصّدق إلى الكذب.و أصله:

ص: 491

الانقلاب من المؤتفكات،و هي المنقلبات.(8:69)

نحوه الطّبرسيّ.(4:207)

أبو حيّان: و هو الكثير الإفك و هو الكذب،(اثيم):

كثير الإثم،ف(افّاك اثيم)صيغتا مبالغة،و المراد الكهنة.

(7:48)

خليل ياسين: كيف قيل: وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ الشّعراء:223،بعد ما قضى عليهم أن كلّ واحد منهم أفّاك،و الأفّاك هو الكذّاب؟

ج-الأفّاكون هم الّذين يكثرون الإفك،و لا يدلّ ذلك على أنّهم لا ينطقون إلاّ بالإفك،فأراد أنّ هؤلاء الأفّاكين قلّ من يصدق منهم فيما يحكى عن الجنّيّ، و أكثرهم مفترى عليه.(2:83)

2- وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ. (الجاثية:7)

الطّوسيّ: الأفّاك:الكذّاب،و يطلق ذلك على من يكثر كذبه أو يعظم كذبه و إن كان في خبر واحد،ككذب مسيلمة في ادّعاء النّبوّة.(9:250)

مثله الطّبرسيّ.(5:73)

الميبديّ: كثير الكذب.(9:123)

نحوه القرطبيّ(16:158)،الآلوسيّ(25:142)، و الطّباطبائيّ(18:159).

البروسويّ: كذّاب.و الإفك:كلّ مصروف عن وجهه الّذي يحقّ أن يكون عليه.(8:438)

مثله القاسميّ.(13:4648)

فضل اللّه: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ، من هؤلاء الكذّابين الّذين انطلقت حياتهم لتكون كلّها كذبا في الموقف و الكلمة،فهم يمارسون الكذب على أنفسهم عند ما يكذّبون على النّاس،و يكذّبون الحقائق الّتي يأتي بها الرّسل،و يغرون النّاس بالكذب في حركة الواقع، و بتكذيب الصّادقين،لأنّهم لا يطيقون كلمة الصّدق،و لا أجواء الحقّ بعد أن أصبح الكذب عنوانا لشخصيّاتهم و طابعا لحياتهم،و من هؤلاء الآثمين الّذين عاشوا الإثم تمرّدا على اللّه و حربا على رسله،و تكذيبا لرسالاته،في جانب العقيدة و التّشريع،الويل لهؤلاء في كلّ ما تمثّله كلمة الويل من رفض لخطّهم و دعوة لهلاكهم،و إيجاء بالعذاب الّذي ينزله اللّه عليهم.(20:308)

المؤتفكة

وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى. النّجم:53

ابن عبّاس: المكذّبين أهلكهم اللّه.

(الطّبريّ 27:79)

قتادة: قوم لوط.

قرية لوط.

مثله ابن زيد.(الطّبريّ 27:79)

و مثله البغويّ.(6:225)

أبو عبيدة: المؤتفكة:المخسوف بها.(2:239)

الطّبريّ: يقول تعالى:و المخسوف بها:المقلوب أعلاها أسفلها،و هي قرية سدوم قوم لوط،أهوى اللّه، فأمر جبريل عليه السّلام فرفعها من الأرض السّابعة بجناحه،ثمّ أهواها مقلوبة.(27:79)

الطّوسيّ: يعني المنقلبة،و هي الّتي صار أعلاها أسفلها،و أسفلها أعلاها،ائتفكت بهم تؤتفك ائتفاكا.

و منه الإفك:الكذب،لأنّه قلب المعنى عن وجهه.

ص: 492

(9:439)

مثله الطّبرسيّ.(5:182)

الميبديّ: أي المنقلبة،يعني قرى قوم لوط:

صبواايم،و دادوما،و عامورا،و سدوم (1)،ائتفكت بأهلها،أي انقلبت.(9:371)

نحوه البروسويّ.(9:258)

الزّمخشريّ: و القرى الّتي ائتفكت بأهلها،أي انقلبت،و هم قوم لوط،يقال:أفكه فائتفك.و قرئ (و المؤتفكات).(4:34)

نحوه البيضاويّ(2:433)،و النّسفيّ(4:200)،و النّيسابوريّ(27:43)،و الطّباطبائيّ(19:50)و فضل اللّه(21:269).

الفخر الرّازيّ: المؤتفكة:المنقلبة،و فيه مسائل:

المسألة الأولى:قرئ و(المؤتفكات)،و المشهور فيه أنّها قرى قوم لوط،لكن كانت لهم مواضع ائتفكت فهي مؤتفكات،و يحتمل أن يقال:المراد كلّ من انقلبت مساكنه و دثرت أماكنه،و لهذا ختم المهلكين بالمؤتفكات، كمن يقول:مات فلان و فلان،و كلّ من كان من أمثالهم و أشكالهم.

المسألة الثّانية:(اهوى)،أي أهواها بمعنى أسقطها، فقيل:أهواها من الهوى إلى الأرض،من حيث حملها جبريل عليه السّلام على جناحه،ثمّ قلبها.

و قيل:كانت عمارتهم مرتفعة فأهواها بالزّلزلة و جعل عاليها سافلها.

المسألة الثّالثة:قوله تعالى: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى على ما قلت،كقول القائل:و المنقلبة قلبها،و قلب المنقلب تحصيل الحاصل.

نقول:ليس معناه المنقلبة ما انقلبت بنفسها بل اللّه قلبها فانقلبت.

المسألة الرّابعة:ما الحكمة في اختصاص المؤتفكة باسم الموضع في الذّكر،و قال في عاد و ثمود،و قوم نوح باسم القوم؟

نقول:الجواب عنه من وجهين:

أحدهما:أنّ ثمود اسم الموضع فذكر عادا باسم القوم،و ثمود باسم الموضع،و قوم نوح باسم القوم، و المؤتفكة باسم الموضع،ليعلم أنّ القوم لا يمكنهم صون أماكنهم عن عذاب اللّه تعالى،و لا الموضع يحصن القوم عنه،فإنّ في العادة تارة يقوّى السّاكن فيذبّ عن مسكنه،و أخرى يقوّى المسكن فيردّ عن ساكنه، و عذاب اللّه لا يمنعه مانع.و هذا المعنى حصل للمؤمنين في آيتين:إحداهما:قوله تعالى: وَ كَفَّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ... الفتح:20،و قوله تعالى: وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللّهِ الحشر:2،ففي الأوّل لم يقدر السّاكن على حفظ مسكنه،و في الثّاني لم يقو الحصن على السّاكن.

و الوجه الثّاني:هو أنّ عادا و ثمود و قوم نوح،كان أمرهم متقدّما،و أماكنهم كانت قد دثرت،و لكن أمرهم كان مشهورا متواترا،و قوم لوط كانت مساكنهم و آثار الانقلاب فيها ظاهرة،فذكر الأظهر من الأمرين في كلّ قوم.(29:24)م.

ص: 493


1- و في قاموس الكتاب المقدّس:صبوعيم و عموده و سدوم.

القرطبيّ: يعني مدائن قوم لوط عليه السّلام ائتفكت بهم، أي انقلبت،و صار عاليها سافلها.يقال:أفكته،أي قلبته و صرفته.(17:120)

أبو حيّان: و المؤتفكة هي مدائن قوم لوط بإجماع من المفسّرين،و سمّيت بذلك لأنّها انقلبت.و منه الإفك، لأنّه قلب الحقّ كذبا،أفكه فائتفك.

قيل:و يحتمل أن يراد بالمؤتفكة كلّ ما انقلبت مساكنه و دبّرت أماكنه.(8:170)

نحوه المراغيّ(27:62)،و مثله الآلوسيّ(27:71).

الطّريحيّ: قيل:هي القرى الّتي ائتفكت بأهلها، أي انقلبت،و هم قوم لوط.

و(اهوى)أي رفعها إلى السّماء على جناح جبرئيل، ثمّ أهوى بها إلى الأرض،أي أسقطها.

و قيل:المؤتفكة:البصرة،يدلّ عليه قول أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام:«يا أهل المؤتفكة يا جند المرأة، و أتباع البهيمة[إلى أن قال:]لعنتم على لسان سبعين نبيّا».

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخبرني أنّ جبرئيل عليه السّلام أخبره، أنّه طوى له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء و أبعدها عن السّماء،و فيها تسعة أعشار الشّرّ و الدّاء العضال،المقيم فيها بذنب و الخارج منها برحمة.و قد ائتفكت بأهلها مرّتين و على اللّه الثّالثة،و تمام الثّالثة في الرّجعة.

و في الخبر: «البصرة إحدى المؤتفكات»يعني أنّها غرقت مرّتين فشبّه غرقها بانقلابها.(5:253)

المصطفويّ: و المؤتفكات:هذه الكلمة مفردة قد ذكرت في آية واحدة،و جمعا قد ذكرت في آيتين:

أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَوْمِ إِبْراهِيمَ وَ أَصْحابِ مَدْيَنَ وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ... التّوبة:70.

وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ... الحاقّة:9.

وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَ أَطْغى* وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى... النّجم:52،53.

و الائتفاك عند أهل العربيّة:الانقلاب،كقريات قوم لوط الّتي ائتفكت بأهلها،أي انقلبت.

و قيل:المؤتفكات:المدن الّتي قلبها اللّه على قوم لوط عليه السّلام.

فالمؤتفك:من أخذ الإفك طريقة له و الآخذ به، و نتيجة هذا هي الانصراف عن الحقّ و قلب الحقّ إلى الباطل.و تأنيث الكلمة باعتبار النّفس أو البلدة أو الملّة.

فهذه الكلمة إمّا صفة للنّفوس،أي النّفوس المنصرفة أو الملل العادلة عن الحقّ و المنقلبة عن مجاري الفطرة الأصليّة الّتي خلقها اللّه تعالى عليها.أو صفة للمدن و البلاد المنقلبة بالبلاء و الهلاك و الخسف و الغرق و غيرها،أو البلاد المنقلبة إلى الفساد و الباطل و الكفر و الطّغيان باعتبار أهلها.

ثمّ إنّ مدن لوط من المصاديق الواضحة لهذه الكلمة، سواء أريد بها النّفوس أو أريد بها البلاد،لانحرافهم الكامل عن الفطرة السّليمة.

فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها... هود:

82،هذه الآية باعتبار مدينتهم.

ص: 494

وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ العنكبوت:28، باعتبار النّفوس و أصحاب لوط المنحرفين عن الحقيقة.

المراصد (1)-المؤتفكة:قيل:كان بقرب سلميّة بالشّام،مدينة تدعى المؤتفكة،انقلبت بأهلها فلم يسلم منها إلاّ مائة نفس خرجوا منها فبنوا لهم مائة بيت، فسمّيت حوزتهم الّتي بنوا فيها منازلهم«سلم مائة»، فقال النّاس:سلميّة.

و قد جاء عن عليّ عليه السّلام أنّه قال في ذمّ البصرة:«يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا و على اللّه الرّابعة».

و هذا يدلّ على أنّ الائتفاك:الانقلاب.

و قيل:إنّ المراد بالمؤتفكة مدائن قوم لوط.

هذا الكلام يدلّ على أنّ هذه الكلمة صفة لا اسم علم،فإنّ اسم مدينة قوم لوط هو سدوم،كما في التّوراة و كتب التّاريخ.

التّكوين:19،و إذا أشرقت الشّمس على الأرض دخل لوط إلى صوغر،فأمطر الرّبّ على سدوم و عمورة كبريتا و نارا من عند الرّبّ من السّماء،و قلب تلك المدن و كلّ الدّائرة.

و لا يبعد أن يكون المراد من«المؤتفكات»في الآيات السّابقة،هي المدن و القرى المنقلبة خاصّة فإنّها ذكرت في مقابل النّفوس المتحوّلة و الأقوام المرتدّة أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ... وَ الْمُؤْتَفِكاتِ التّوبة 70 وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى... النّجم:53، وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ الحاقّة:9.(1:87)

المؤتفكات

1- أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَوْمِ إِبْراهِيمَ وَ أَصْحابِ مَدْيَنَ وَ الْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. التّوبة:70

الحسن: هي ثلاث قريات لقوم لوط،و لذلك جمعها بالألف و التّاء.

مثله قتادة.(الطّوسيّ 5:298)

قتادة: قوم لوط انقلبت بهم أرضهم،فجعل عاليها سافلها.(الطّبريّ 10:177)

مثله أبو عبيدة(1:263)،و الفخر الرّازيّ(16:

129).

الإمام الصّادق عليه السّلام: أولئك قوم لوط،ائتفكت عليهم:انقلبت عليهم.(العروسيّ 2:240)

نحوه فضل اللّه.(11:158)

مقاتل: المؤتفكات:المكذّبات.(الميبديّ 4:167)

الفرّاء: يقال:إنّها قريات قوم لوط و هود و صالح.

و يقال:إنّهم أصحاب لوط خاصّة.جمعوا بالتّاء على قوله: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى... النّجم:53،و كأنّ جمعهم إذ قيل: اَلْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ... على الشّيع و الطّوائف،كما قيل:قتلت الفديكات،نسبوا إلى رئيسهم أبي فديك.(1:446)

الطّبريّ: [نقل قول قتادة ثمّ قال:]

فإن قال قائل:فإن كان عنى بالمؤتفكات قوم لوط، فكيف قيل:المؤتفكات،فجمعت و لم توحّد؟

ص: 495


1- كتاب:مراصد الاطّلاع في معرفة الأمكنة و البقاع.

قيل:إنّها كانت قريات ثلاثا،فجمعت لذلك،و لذلك جمعت بالتّاء على قول اللّه: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى النّجم:53.(10:178)

الهرويّ: يعني مدائن آل لوط،ائتفكت بهم الأرض،أي انقلبت.الواحدة:مؤتفكة،و هو قوله:

وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (1:58)

الواحديّ: معنى الائتفاك:الانقلاب،أفكته فائتفك،أي قلبته فانقلب.و المؤتفكات صفة للقرى الّتي ائتفكت بأهلها،فجعل أعلاها أسفلها.(أبو حيّان 5:69)

الميبديّ: قريات قوم لوط أهلكت،فجعل عاليها سافلها و أمطروا عليها حجارة من سجّيل،و المعنى ائتفكت بهم،أي انقلبت.(4:167)

نحوه البيضاويّ(1:423)،و البروسويّ(3:462)، و الطّباطبائيّ(9:337).

الزّمخشريّ: المؤتفكات:مدائن قوم لوط.و قيل:

قريات قوم لوط و هود و صالح،و ائتفاكهنّ انقلاب أحوالهنّ عن الخير إلى الشّرّ.(2:201)

ابن عطيّة: المؤتفكات:أهل القرى الأربعة.و قيل:

السّبعة الّذين بعث إليهم لوط عليه السّلام،و معنى(المؤتفكات) المنصرفات و المنقلبات.أفكت فائتفكت،لأنّها جعل أعاليها أسفلها،و قد جاءت في القرآن مفردة تدلّ على الجمع،و من هذه اللّفظة قول عمران بن حطّان.[ثمّ استشهد بشعره]

و منه يقال للرّيح:مؤتفكة،لتصرّفها،و منه: أَنّى يُؤْفَكُونَ المائدة:75،التّوبة:30،العنكبوت:61، الزّخرف:87،المنافقون:4.

و الإفك:صرف القول من الحقّ إلى الكذب.

(3:57)

القرطبيّ:قيل:يراد به قوم لوط،لأنّ أرضهم ائتفكت بهم،أي انقلبت.

و قيل:المؤتفكات:كلّ من أهلك،كما يقال:انقلبت عليهم الدّنيا.[إلى أن قال:]و قوله تعالى في موضع آخر:

(و المؤتفكة)على طريق الجنس.(8:202)

النّيسابوريّ: الائتفاك:الانقلاب،سمّيت مدائنهم بذلك،لأنّ اللّه تعالى قلبها عليهم.

و يمكن أن يراد بالمؤتفكات النّاس،لانقلاب أحوالهم من الخير إلى الشّرّ.(10:128)

الآلوسيّ: جمع مؤتفكة من الائتفاك و هو الانقلاب،بجعل أعلى الشّيء أسفل بالخسف،و المراد بها إمّا قريات قوم لوط عليه السّلام،فالائتفاك على حقيقته،فإنّها انقلبت بهم و صار عاليها سافلها و أمطر من فيها حجارة من سجّيل.و إمّا قريات المكذّبين المتمرّدين مطلقا، فالائتفاك مجاز عن انقلاب حالها من الخير إلى الشّرّ على طريق الاستعارة.[ثمّ استشهد بشعر](10:135)

نحوه رشيد رضا(10:539)،و المراغيّ(10:

155).

محمّد حسنين مخلوف: أي أصحاب قرى قوم لوط عليه السّلام الّتي قلبت أعاليها أسافلها من الائتفاك،و هو الانقلاب بجعل أعلى الشّيء أسفل بالخسف.يقال:أفكه يأفكه،إذا قلبه رأسا على عقب.(326)

و بهذا المعنى جاءت(المؤتفكات)في سورة الحاقّة:9

ص: 496

الوجوه و النّظائر

الدّامغانيّ: الإفك:على سبعة أوجه:الكذب، عبادة الأصنام،ادّعاء الولد للّه تعالى،قذف المحصنات، الصّرف،التّقليب،السّحر.

فوجه منها:الإفك يعني الكذب،قوله تعالى:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ الأحقاف:11،يقول:كذب تقادم،نظيرها فيها:

وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ... الأحقاف:28،و نحوه كثير.

و الوجه الثّاني:عبادة الأصنام،قوله تعالى: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ* أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ... الصّافّات:85،86،يعني عبادة آلهة دون اللّه،و نحوه كثير.

الوجه الثّالث:ادّعاء الولد للّه سبحانه،قال اللّه تعالى:

أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ* وَلَدَ اللّهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ الصّافّات:151،152.

و الوجه الرّابع:قذف المحصنات،قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ... النّور:11،يعني بهتان عائشة.

و الوجه الخامس:الصّرف،قوله تعالى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ... الذّاريات:9،كقوله تعالى: لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا... الأحقاف:22،أي لتصرفنا.

و الوجه السّادس:التّقليب،قوله تعالى:

وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى... النّجم:53،كقوله تعالى:

وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ... الحاقّة:9.

و الوجه السّابع:السّحر،قوله تعالى: فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ... الشّعراء:45،و مأفوكهم سحرهم.(71)

مثله الفيروزآباديّ.(بصائر ذوي التّمييز 2:101)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في الإفك هو قلب الشّيء المحسوس عمّا هو عليه،ثمّ غلب استعماله في المعنويّات؛فيقال:هو الصّرف عن الحقّ و عن الخير.و قد يطلق على نفس الكذب و الإثم:لأنّهما مقلوبان و معدولان عن الحقّ و الصّدق؛يقال:أفكه عن الأمر:صرفه عنه بالإفك،أي بالكذب،فهو أفّاك و ذاك أ فيك،و إن قبل الإفك و هو يعلم به-لضعف عقله و رأيه-فهو مأفوك،و منه أيضا قولهم:ريح مؤتفكة،و هي الّتي عدلت عن جهة هبوبها، فتجيء بالتّراب و تثيره.و المؤتفكة أيضا:ديار قلبت بأهلها،أو أقوام سادت ثمّ بادت.و أرض مأفوكة:هي الّتي انقطع عنها الغيث فأمحلت؛إذ كانت خصبة لكنّها صرفت عن الخصب إلى الجدب.

2-و يكاد هذا الأصل ينعكس على سائر تقاليب هذه المادّة؛يقال من«ك ف أ»:كفأت الإناء،أي قلبته، و كفأت القوم:أرادوا وجها فصرفتهم عنه إلى غيره.

و من مادّة«و ك ف»يقال:إنّي لأخشى و كف فلان،أي جوره و ميله.و الوكف:الإثم؛يقال:و كف الرّجل،إذا أثم.

3-و يفترق الإفك عن الكذب في كونه أشدّ و أعتى كالافتراء على اللّه و رسوله و كتابه و كقذف المحصنات.

و هو كذب يشوبه مكر و خديعة،و يتمثّل بفعل يجرّ إلى الإضلال و الوقيعة،فهو صرف عن الخير لا عن حقيقة معيّنة فقط.

ص: 497

4-و يسوغ الكذب في مواضع معدودة كما في الحرب و عند إصلاح ذات البين و عدة الزّوجة حسب ما جاء في حديث رعاية للمصلحيّة.و لا يسمّى هذا إفكا؛ لأنّه لا يراد به الوقيعة السّيّئة.

الاستعمال القرآنيّ

1-لم يخرج معنى الإفك عن إطار الصّرف و القلب في الاستعمال القرآنيّ أيضا،فهو ملازم له و لا ينفكّ عنه على الرّغم من أنّ أسلوب القرآن يؤثّر تأثيرا بالغا في معاني الألفاظ و يستقطبها نحو السّياق في أغلب الأحيان.

و قد ورد هذا المعنى في القرآن في أمور:

الأوّل:الصّرف و القلب:

أ-الصّرف عن الإيمان باللّه:

1- يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللّهُ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ الأنعام:95

2- مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ يونس:34

3- هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ فاطر:3

4- ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ المؤمن:62

5- وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ

العنكبوت:61

6- وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ الزّخرف:87

7- كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ المؤمن:63

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات السّتّ الأولى تسرد بدائع خلق اللّه،مثل إخراج الميّت من الحيّ و الحيّ من الميّت، و بدء الخلق و إعادته،و خلق النّاس و رزقهم،و خلق السّماوات و الأرض و الشّمس و القمر في سياق واحد، لا يشكّ فيها ذو لبّ أنّها من خلق اللّه.ثمّ ينتهي بنسق واحد بقوله: فَأَنّى تُؤْفَكُونَ و فَأَنّى يُؤْفَكُونَ، و هو سؤال على سبيل التّبكيت و التّوبيخ،أي أنّ هذه كلّها من خلق اللّه من دون ريب،فكيف تقلبون الأمر و تنحرفون عن الحقّ؟

و ثانيا:يمتاز سياق الآيتين(5)و(6)بأنّهما تبدءان بقوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ... و تنتهيان بقوله:

لَيَقُولُنَّ اللّهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ. و في هذا السّياق تبكيت أشدّ من غيره.

و يلحظ فيهما فرق آخر و هو أنّهما خطاب للرّسول دون المشركين الّذين عبّر عنهم بضمير الغيبة(سالتهم) و(يؤفكون)تحقيرا لهم،كأنّ الخطاب لا يليق بهم.

و ثالثا:تنحو الآية(4)منحا خاصّا،فهي تشير إلى اللّه مخبرة عنه بقوله: ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ، و نحوها الأولى (ذلكم اللّه).و هذا السّياق أجلى في توحيد الرّبّ تعالى و تبجيله.

و رابعا:و أمّا الآية(7)فليس فيها خطاب للمشركين أصلا: كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ. و قد اجتمع فيها الإفك مع الجحد،و هو أبلغ

ص: 498

في التّوبيخ و التّقريع.

و خامسا:جاء الفعل في الجميع بصيغة المجهول؛ إشعارا بأنّ إنكار الرّبوبيّة أمر خلاف الطّبيعة،و صرف النّاس عنها صارف على خلاف فطرتهم،فهم مأفوكون عنها قسرا،و قلوبهم مقلوبة،و إلاّ فالتّوحيد هو مقتضى فطرة اللّه الّتى فطر النّاس عليها كما جاء في القرآن.

و سادسا:جاءت هذه الآيات الدّالّة على الشّدّة و الصّلابة في السّور المكّيّة؛متناسقة للحال في مكّة؛حيث حدّة الصّراع الّذي كان دائرا بين التّوحيد و الشّرك و بين المسلمين و المشركين،حول عبادة اللّه و الآلهة.

و سابعا:جاء أنّى(فانّى تؤفكون)فيها مع الفاء في الجميع،مع أنّه جاء في الآيات المدنيّة-كما سيأتي- بدون فاء.و هذا أيضا لون آخر من التّشديد في الحكم عليهم كما يستفاد من فاء التّفريع،أي فكيف تنكرون توحيد اللّه مع هذا الوضوح؟

ب-الصّرف عن الإيمان بالنّبيّ:

8- وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ* إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ* يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ الذّاريات:7-9

ج-الصّرف عن الحقّ نحو ألوهيّة المسيح:

9- اُنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنّى يُؤْفَكُونَ المائدة:75

د-الصّرف عن الحقّ نحو بنوّة عزير و المسيح للّه:

10- يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ التّوبة:30

ه-الصّرف عن الآلهة:

11- قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ الأحقاف:22

و يلاحظ أنّ الفعل في هذه الآيات أيضا جاء مجهولا لما بيّنّاه آنفا،سوى الآية الأخيرة فقد جاء فيها معلوما.

و هو من قول المشركين دون اللّه،و من البديهيّ أنّهم لا يمتلكون تلك البلاغة الّتي لوحظت في خطاب اللّه تعالى.

الثّاني:الكذب:

1- يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ الرّوم:55

2- هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ المنافقون:4

3- إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ... لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَ قالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ النّور:11،12

4- وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ الفرقان:4

5- وَ قالُوا ما هذا إِلاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً سبأ:43

6- وَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ

الأحقاف:11

7- إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً العنكبوت:17

ص: 499

8- أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ الصّافّات:86

9- أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ* وَلَدَ اللّهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ الصّافّات:151،152

10- بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَ ذلِكَ إِفْكُهُمْ وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ الأحقاف:28

11- هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ* تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ الشّعراء:221،222

12- وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ* يَسْمَعُ آياتِ اللّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً الجاثية:7،8

و يلاحظ أوّلا:أنّ للإفك عشرة مترادفات في القرآن؛هي:

1-الكذب،و هو كثير فيه.

2-و الافتراء،و هو يلي الكذب في الكثرة،و الإفك يليهما.

3-ثمّ الخوض،و منه قوله تعالى: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* اَلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ الطّور:11، 12.

4-و البهتان،و منه: ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ النّور:16.

5-و الخرص،و منه:

إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ الأنعام:148.

6-و الزّور،و منه: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ الحجّ:30.

7-و التّقوّل،و منه: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ الحاقّة:44،45.

8-و الاختلاق،و هو قوله تعالى: ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ ص:7.

9-و العضة،في قوله: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ* اَلَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ الحجر:

90،91.

10-و التّفنيد،في قوله: وَ لَمّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ يوسف:

94.

و أقرب هذه المرادفات إلى الإفك في وحدة الموضوع هو الخوض.و منه الحديث عن المجرمين يوم القيامة قوله: وَ كُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ المدّثّر:

45،و نظيره: يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ الرّوم:55.

و في التّحذير عن مخالطة المنافقين قال: فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ النّساء:140، و نظيره هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ المنافقون:4.

و قال في المكذّبين: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* اَلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ الطّور:11،12،و نظيره في الإفك قوله: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ* وَلَدَ اللّهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ الصّافّات:151،152.

و ثانيا:ورد الإفك موصوفا دائما كالبهتان،و لم يرد صفة كما في الافتراء؛فقد وصف بالإبانة في قوله:(افك مبين)،و بالافتراء في قوله:(افك مفترى)و بالقدم في قوله:(افك قديم)،و بالإثم في قوله:(افّاك اثيم).

و أمّا الكذب فقد ورد موصوفا تارة و صفة تارة

ص: 500

أخرى؛فمن الأوّل قوله تعالى: اَلْمُكَذِّبِينَ الضّالِّينَ الواقعة:92،و من الثّاني قوله: اَلضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ الواقعة:51.

و لعلّ السّرّ فيه هو أنّ الإفك في الأصل الصّرف و القلب،فيوصف بالافتراء و الكذب،و قد يستعمل فيهما.و أمّا الكذب فهو مستعمل في معناه،فيقع صفة و موصوفا،على أنّ الإفك هو القلب القبيح،فينبغي أن يوصف بالبيان و نحوه تأكيدا لمعناه الأصليّ.

الثّالث:الانقلاب:

1- وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى* فَغَشّاها ما غَشّى

النّجم:53،54

2- ...قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَوْمِ إِبْراهِيمَ وَ أَصْحابِ مَدْيَنَ وَ الْمُؤْتَفِكاتِ التّوبة:70

3- وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ قَبْلَهُ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ الحاقّة:9

و يلاحظ أوّلا:أنّ كلمة(المؤتفكة)في الآية الأولى وردت مفردة،خلافا للآيتين التّاليتين،ممّا يشعر بتعدّد القرى المنقلبة.و قد اختلفوا في عددها؛فقيل:هي ثلاث قرى،و قيل:أربع،و قيل:تسع.و هذا الاختلاف مردّه- فضلا عن اختلاف الرّوايات-إلى أنّ(المؤتفكات) و هي جمع مؤنّث سالم،و من جموع القلّة الّتي يتراوح عددها من ثلاث إلى تسع.

و ثانيا:أجمع المفسّرون قاطبة على أنّ هذه المؤتفكات تخصّ قوم لوط دون غيرهم؛فقد استعرض القرآن أحوال الأمم السّابقة تحذيرا للأمم اللاّحقة؛ فسبق الآية الأولى قوله: وَ أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى* وَ ثَمُودَ فَما أَبْقى* وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ النّجم:50-52، و سبق الآية الثّالثة قوله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَ عادٌ بِالْقارِعَةِ الحاقّة:4.فسبق المؤتفكة و المؤتفكات ذكر عاد و ثمود و قوم نوح في الآيتين الأوليين،و سبق المؤتفكات ذكر ثمود و عاد في الثّالثة،دون أن يأتي على ذكر قوم نوح،كما في الآيتين.

و قد ورد في الثّانية-إضافة إلى الأقوام الثّلاثة-ذكر قوم إبراهيم و أصحاب مدين،فهي تجمع أربع حقب متفاوتة:إحداها:حقبة نوح و قومه،و هي فترة ضاربة في القدم.

و الثّانية:حقبة إبراهيم و لوط،و هي تعتبر متقدّمة بالنّسبة إلى الأجيال الباقية.

و الثّالثة:حقبة النّبيّ هود و صالح و قومهما عاد و ثمود، و هي فترة متوسّطة.

و الرّابعة:حقبة موسى و شعيب و قومهما،و هي فترة متأخّرة إذا ما قيست بما سبقتها.و لم تذكر هذه الحقب بحسب ترتيبها الزّمنيّ في الآيات الثّلاث.

و ثالثا:اختلف المفسّرون في المؤتفكة و المؤتفكات، أ هي أمم و أقوام أم قرى و مدائن؟و ما قاله أبو حيّان حول إجماعهم على أنّها مدائن قوم لوط،ليس بسديد.

و سياق الآيات الثّلاث يحتمل الوجهين؛فقد سبق الآية الأولى قوله: وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَ أَطْغى النّجم:52،ثمّ يعقّبه مباشرة قوله:

وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى، فالمؤتفكة عطف على(قوم نوح)؛فالتّقدير:«و قوم المؤتفكة».و سبق(المؤتفكات)

ص: 501

مباشرة في الثّانية قوله:(و اصحاب مدين)،فتقدير الكلام:«و أصحاب المؤتفكات».و أمّا الثّالثة فلا مجال للتّقدير فيها،إذ لا يسبقها شيء من هذا القبيل،بل سبقها اسم علم هو«فرعون»،فالمؤتفكات فيها اسم أيضا معطوف على ذلك الاسم،خلافا للآيتين المتقدّمتين، فاللّفظان فيهما صفة.

و لكنّا نرجّح الرّأي الثّاني القائل بأنّها قرى و مدائن؛لأنّ لفظها يدلّ على معناها،فهي الّتي انقلبت بأهلها فعلا،فلا يحتاج إلى تقدير كالرّأي الأوّل.

الرّابع:السّحر:

1- أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ الأعراف:117

2- فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ الشّعراء:45

و يلاحظ أنّ هذا المعنى موافق تماما للمعنى اللّغويّ؛ فإنّ السّحر قلب للحقيقة و إبراز غير الواقع،و تمويه على الأبصار،فيري الصّغير كبيرا و الجماد حيّا و هكذا.

ص: 502

أ ف ل

اشارة

3 ألفاظ،4 مرّات مكّيّة،في سورة واحدة مكّيّة

أفل 2:2\أفلت 1:1\الآفلين 1:1

النّصوص اللّغويّة

ابن إسحاق: الأفول:الذّهاب،يقال منه:أفل النّجم يأفل و يأفل أفولا و أ فلا،إذا غاب.

(الطّبريّ:7:250)

الخليل: أفلت الشّمس تأفل أفولا.و كلّ شيء غاب فقد أفل و هو آفل.

و إذا استقرّ اللّقاح في قرار الرّحم قيل:قد أفل.

و الآفل في هذا المعنى:هي الّتي حملت.و يقولون:لبوءة آفل و آفلة،إذا حملت.

و الأفيل:الفصيل،و الجميع:الإفال.[ثمّ استشهد بشعر](8:337)

الأصمعيّ: الأفيل[من الإبل]:ابن تسعة أشهر أو ثمانية.(أبو زيد:125)

الأفيل:ابن المخاض و ابن اللّبون،الأنثى:أفيلة.فإذا ارتفع عن ذلك فليس بأفيل.[ثمّ استشهد بشعر]

(ابن فارس 1:119)

أبو زيد: الأفيل:الأفتأ من الإبل.

و الأفيل:الصّغير.(125)

الأفيل:الفتيّ من الإبل.(الفيّوميّ 1:17)

أفل الرّجل،إذا نشط،فهو أفل.

(الأزهريّ 15:378)

أبو عبيد: واحد الإفال بنات المخاض:أفيل، و الأنثى:أفيلة.[ثمّ استشهد بشعر]

(ابن منظور 11:18)

ابن السّكّيت: إذا طلع القمر قيل:قد بزغ،فإذا غاب قيل:قد أفل.(401)

أبو الهيثم: قد أفلت المرضع:ذهب لبنها.

(ابن منظور 11:19)

الزّجّاج: أفل النّجم،إذا غار و غاب أيضا.

(فعلت و أفعلت:62)

ابن دريد: الأفيل:صغار الإبل،و الجمع:إفال

ص: 503

و أفائل.(3:39)

نحوه القاليّ.(2:230)

الفارابيّ: الإفال:بنات المخاض فما فوقها.

(الفيّوميّ 1:17)

الأزهريّ: يقال:أفلت الشّمس تأفل و تأفل أ فلا و أفولا،فهي آفلة و آفل.و كذلك القمر يأفل،إذا غاب.

قال اللّه تعالى: فَلَمّا أَفَلَ الأنعام:76،أي:غاب و غرب.

ثمّ يقال للحامل:آفل.(15:378)

الصّاحب:أفلت الشّمس تأفل أفولا:غابت.و إذا استقرّ اللّقاح في قرار الرّحم قيل:أفل.و لبؤة آفل و آفلة،و الجميع:آفلات.

و الأفيل:الفصيل،و هي الإفال.

و أفل الرّجل:أي نشط،و الأفل:النّشاط.

و أفل الشّيء:ذهب.

و تأفّل عليه:أي تكبّر و تدلّل.

و المؤفّل:الضّعيف،أفّل تأفيلا.و المأفول كالمأفون.

و أفّلت الشّيء و وفّلته،أي وفّرته و تمّمته.

(10:344)

الجوهريّ: أفل،أي غاب.و قد أفلت الشّمس تأفل و تأفل أفولا:غابت.

و الإفال و الأفائل:صغار الإبل،بنات المخاض و نحوها،واحدها:أفيل،و الأنثى:أفيلة.[ثمّ استشهد بشعر]

و المأفول،إبدال المأفون،و هو النّاقص العقل.

(4:1623،1624)

ابن فارس: الهمزة و الفاء و اللاّم أصلان:أحدهما الغيبة،و الثّاني الصّغار من الإبل.

فأمّا الغيبة فيقال:أفلت الشّمس:غابت،و نجوم أفّل،و كلّ شيء غاب فهو آفل.

و الأصل الثّاني الأفيل،و هو الفصيل،و الجمع:

الإفال.

و في المثل:إنّما القرم من الأفيل،أي إنّ بدء الكبير من الصّغير.[و استشهد بالشّعر مرّتين](1:119)

أبو هلال: الفرق بين الأفول و الغيوب،أنّ الأفول هو غيوب الشّيء وراء الشّيء،و لهذا يقال:أفل النّجم، لأنّه يغيب وراء جهة الأرض.و الغيوب يكون في ذلك و في غيره،أ لا ترى أنّك تقول:غاب الرّجل،إذا ذهب عن البصر.و إنّ[أفول]لم يستعمل إلاّ في الشّمس و القمر و النّجوم،و الغيوب يستعمل في كلّ شيء،و هذا أيضا فرق بيّن.(248)

ابن سيده: أفلت الشّمس تأفل أ فلا و أفولا غربت و كذلك سائر الكواكب،و الأفيل:ابن المخاض فما فوقه، و الأفيل:الفصيل.و الجمع:إفال،لأنّ حقيقته الوصف، هذا هو القياس.

و أمّا سيبويه فقال:أفيل و أفائل شبّهوه بذنوب و ذنائب،يعني أنّه ليس بينهما إلاّ الياء و الواو و اختلاف ما قبلهما بهما،و الياء و الواو أختان،و كذلك الكسرة و الضّمّة.

أفل الحمل في الرّحم:استقرّ.و سبعة آفل و آفلة:

حامل(10:405)

أفل النّجم يأفل أ فلا و أفولا:غاب،فهو آفل.

ص: 504

و الجمع:أفّل و أفول.(الإفصاح 2:917)

الطّوسيّ: [أفل]معناه:غاب.يقال:أفل يأفل أفولا،و تقول:أين أفلت عنّا؟و أين غبت عنّا؟[ثمّ استشهد بشعر](4:195)

نحوه الطّبرسيّ.(2:323)

الرّاغب: الأفول:غيبوبة النّيّرات كالقمر و النّجوم، قال تعالى: فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ الأنعام:

76،و قال: فَلَمّا أَفَلَتْ الأنعام:78.

و الإفال:صغار الغنم.

و الأفيل:الفصيل الضّئيل.(20)

الزّمخشريّ: نجوم أفّل و أفول.

و فلان كعبه سافل،و نجمه آفل.

و القرم من الأفيل،أي الكبير من الصّغير.

و تقول:ما الشّيوخ كالأطفال،و لا البزل كالإفال.

(أساس البلاغة:8)

الفخر الرّازيّ: الأفول:عبارة عن غيبوبة الشّيء بعد ظهوره.(13:52)

مثله المراغيّ(7:168)،و حجازيّ(7:69).

الصّغانيّ: أفّلت الشّيء:قوّيته،و أفّلته:ضعّفته.

(الأضداد:223)

الفيّوميّ: أفل الشّيء أ فلا و أفولا من بابي ضرب و قعد:غاب،و منه قيل:أفل فلان عن البلد،إذا غاب عنها.

و الأفيل:الفصيل وزنا و معنى،و الأنثى:أفيلة.

و الجمع:إفال بالكسر.(1:17)

نحوه الطّريحيّ(5:307)،و مجمع اللّغة(1:42).

الفيروزآباديّ: أفل كضرب و نصر و علم أفولا:

غاب.

و كأمير:ابن المخاض فما فوقه،و الفصيل.و الجمع:

إفال،كجمال و أفائل.

و سبعة آفل و آفلة:حامل.

و كفرح:نشط،و المرضع:ذهب لبنها.كأفل كنصر (1)،و كمعظّم:الضّعيف.

و تأفّل:تكبّر.

و أفّله تأفيلا:وقّره.(3:339)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أفل أفولا:غاب.

و أفل الكوكب:ذهب و احتجب تحت الأفق،فهو آفل.(1:40)

النّصوص التّفسيريّة

افل-الآفلين

...قالَ هذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ.

الأنعام:76

ابن عبّاس: فلمّا غاب.(الدّرّ المنثور 3:25)

مثله ابن قتيبة(156)،و القاسميّ(6:2374)، و الطّريحيّ(غريب القرآن:444).

سعيد بن جبير: أفل،أي ذهب.

(الدّرّ المنثور 3:26)

قتادة:الآفلين:الزّائلين.(الدّرّ المنثور 3:26)

الإمام الرّضا عليه السّلام: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ لأنّ الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم.(البحرانيّ 1:531)

ص: 505


1- كذا؟

أبو عبيدة: أفل،أي غاب،يقال:أين أفلت عنّا؟ أي أين غبت عنّا؟و هو يأفل مكسورة الفاء،و المصدر:

أفل أفولا.[ثمّ استشهد بشعر]

لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ أي من الأشياء،و لم يقصد قصد الشّمس و القمر و النّجوم فيجمعها على جميع الموات.

(1:199)

الطّبريّ: فلمّا غاب و ذهب.

يقال:أين أفلت عنّا؟بمعنى أين غبت عنّا؟

(7:250،251)

الهرويّ: يعني الّتي تغيب،يقال:أفلت النّجوم:إذا غابت،و قد أفلت تأفل و تأفل.(1:59)

الزّمخشريّ: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ لا أحبّ عبادة الأرباب المتغيّرين عن حال إلى حال،المنتقلين من مكان إلى مكان المحتجبين بستر،فإنّ ذلك من صفات الأجرام.

فإن قلت:لم احتجّ عليهم بالأفول دون البزوغ، و كلاهما انتقال من حال إلى حال؟

قلت:الاحتجاج بالأفول أظهر،لأنّه انتقال مع خفاء و احتجاب.(2:31،32)

نحوه النّسفيّ(2:20)،و خليل ياسين(1:224).

الطّبرسيّ: (افل)،أي غرب.(2:323)

ابن الجوزيّ: (افل)بمعنى غاب،يقال:أفل النّجم يأفل و يأفل أفولا.

لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، أي حبّ ربّ معبود،لأنّ ما ظهر و أفل كان حادثا مدبّرا.(3:75)

الفخر الرّازيّ: إنّ إبراهيم عليه السّلام استدلّ بأفول الكوكب على أنّه لا يجوز أن يكون ربّا له و خالقا له.

و يجب علينا هاهنا أن نبحث عن أمرين:أحدهما:أنّ الأفول ما هو؟و الثّاني:أنّ الأفول كيف يدلّ على عدم ربوبيّة الكوكب؟

فنقول:الأفول عبارة عن غيبوبة الشّيء بعد ظهوره.

و إذا عرفت هذا فلسائل أن يسأل،فيقول:الأفول إنّما يدلّ على الحدوث من حيث إنّه حركة.و على هذا التّقدير،فيكون الطّلوع أيضا دليلا على الحدوث،فلم ترك إبراهيم عليه السّلام الاستدلال على حدوثها بالطّلوع و عوّل في إثبات هذا المطلوب على الأفول؟

و الجواب:لا شكّ أنّ الطّلوع و الغروب يشتركان في الدّلالة على الحدوث إلاّ أنّ الدّليل الّذي يحتجّ به الأنبياء في معرض دعوة الخلق كلّهم إلى اللّه،لا بدّ و أن يكون ظاهرا جليّا بحيث يشترك في فهمه الذّكيّ و الغبيّ و العاقل.

و دلالة الحركة على الحدوث و إن كانت يقينيّة إلاّ أنّها دقيقة لا يعرفها إلاّ الأفاضل من الخلق.أمّا دلالة الأفول فإنّها دلالة ظاهرة يعرفها كلّ أحد،فإنّ الكوكب يزول سلطانه وقت الأفول،فكانت دلالة الأفول على هذا المقصود أتمّ.

و أيضا قال بعض المحقّقين:الهوي في خطرة الإمكان:أفول،و أحسن الكلام ما يحصل فيه حصّة الخواصّ،و حصّة الأوساط،و حصّة العوامّ.

فالخواصّ يفهمون من الأفول الإمكان،و كلّ ممكن محتاج،و المحتاج لا يكون مقطوع الحاجة،فلا بدّ من الانتهاء إلى من يكون منزّها عن الإمكان حتّى تنقطع الحاجات بسبب وجوده،كما قال: وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ

ص: 506

اَلْمُنْتَهى النّجم:42.

و أمّا الأوساط فإنّهم يفهمون من الأفول مطلق الحركة،فكلّ متحرّك محدث،و كلّ محدث فهو محتاج إلى القديم القادر.فلا يكون الآفل إلها بل الإله هو الّذي احتاج إليه ذلك الآفل.

و أمّا العوامّ فإنّهم يفهمون من الأفول الغروب،و هم يشاهدون أنّ كلّ كوكب يقرب من الأفول و الغروب فإنّه يزول نوره،و ينتقص ضوؤه،و يذهب سلطانه، و يصير كالمعزول.و من يكون كذلك لا يصلح للإلهيّة، فهذه الكلمة الواحدة أعني قوله: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ كلمة مشتملة على نصيب المقرّبين و أصحاب اليمين و أصحاب الشّمال،فكانت أكمل الدّلائل و أفضل البراهين.

و فيه دقيقة أخرى،و هو أنّه عليه السّلام إنّما كان يناظرهم و هم كانوا منجّمين،و مذهب أهل النّجوم أنّ الكوكب إذا كان في الرّبع الشّرقيّ و يكون صاعدا إلى وسط السّماء كان قويّا عظيم التّأثير،أمّا إذا كان غربيّا و قريبا من الأفول فإنّه يكون ضعيف التّأثير قليل القوّة.فنبّه بهذه الدّقيقة على أنّ الإله هو الّذي لا تتغيّر قدرته إلى العجز، و كماله إلى النّقصان.و مذهبكم أنّ الكوكب حال كونه في الرّبع الغربيّ،يكون ضعيف القوّة،ناقص التّأثير،عاجزا عن التّدبير،و ذلك يدلّ على القدح في إلهيّته؛فظهر على قول المنجّمين:أنّ للأفول مزيد خاصيّة في كونه موجبا للقدح في إلهيّته.

أمّا المقام الثّاني و هو بيان أنّ الكوكب آفلا يمنع من ربوبيّته.[إلى أن قال:]

المسألة السّادسة:تفلسف الغزاليّ في بعض كتبه و حمل الكوكب على النّفس النّاطقة الحيوانيّة الّتي لكلّ كوكب،و القمر على النّفس النّاطقة الّتي لكلّ فلك، و الشّمس على العقل المجرّد الّذي لكلّ ذلك.و كان أبو عليّ بن سيناء يفسّر الأفول بالإمكان.فزعم الغزاليّ أنّ المراد بأفولها إمكانها في نفسها،و زعم أنّ المراد من قوله:

لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ أنّ هذه الأشياء بأسرها ممكنة الوجود لذواتها،و كلّ ممكن فلا بدّ له من مؤثّر و لا بدّ له من الانتهاء إلى واجب الوجود.

و اعلم أنّ هذا الكلام لا بأس به،إلاّ أنّه يبعد حمل لفظ الآية عليه.

المسألة السّابعة:دلّ قوله: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ على أحكام:

1-هذه الآية تدلّ على أنّه تعالى ليس بجسم؛إذ لو كان جسما لكان غائبا عنّا أبدا فكان آفلا أبدا.و أيضا يمتنع أن يكون تعالى ينزل من العرش إلى السّماء تارة و يصعد من السّماء إلى العرش أخرى،و إلاّ لحصل معنى الأفول.

2-هذه الآية تدلّ على أنّه تعالى ليس محلاّ للصّفات المحدثة كما تقوله الكراميّة،و إلاّ لكان متغيّرا،و حينئذ يحصل معنى الأفول،و ذلك محال.

3-تدلّ هذه الآية على أنّ الدّين يجب أن يكون مبنيّا على الدّليل لا على التّقليد،و إلاّ لم يكن لهذا الاستدلال فائدة البتّة.

4-تدلّ هذه الآية على أنّ معارف الأنبياء بربّهم استدلاليّة لا ضروريّة،و إلاّ لما احتاج إبراهيم إلى

ص: 507

الاستدلال.

5-تدلّ على هذه الآية على أنّه لا طريق إلى تحصيل معرفة اللّه تعالى إلاّ بالنّظر و الاستدلال في أحوال مخلوقاته؛إذ لو أمكن تحصيلها بطريق آخر لما عدل إبراهيم عليه السّلام إلى هذه الطّريقة:[إلى أن قال:]فإن قيل:لمّا كان الأفول حاصلا في الشّمس،و الأفول يمنع من صفة الرّبوبيّة،و إذا ثبت امتناع صفة الرّبوبيّة للشّمس كان امتناع حصولها للقمر و لسائر الكواكب أولى.و بهذا الطّريق يظهر أنّ ذكر هذا الكلام في الشّمس يغني عن ذكره في القمر و الكواكب،فلم لم يقتصر على ذكر الشّمس رعاية للإيجاز و الاختصار؟

قلنا:إنّ الأخذ من الأدون فالأدون مترقّيا إلى الأعلى فالأعلى،له نوع تأثير في التّقرير،و البيان و التّأكيد لا يحصل من غيره،فكان ذكره على هذا الوجه أولى.(13:52-57)

النّيسابوريّ:[نقل قول الزّمخشريّ ثمّ قال:]

أنا أقول:الاحتجاج بالبزوغ في الآية لا يصحّ،لأنّه تعالى بيّن أنّه نظر إلى الكوكب وقت كونه طالعا لا حين بزوغه،ليلزم مشاهدة التّغيّر و الانتقال،و كذا إلى القمر و إلى الشّمس.دليله أنّه لم يقل:رأى القمر يبزغ،بل بازغا.و لو سلّم فإنّ أحسن الكلام ما يحصل فيه حصّة الخواصّ و الأوساط و العوامّ.[ثمّ ذكر فهم كلّ واحد منهم من الأفول نحو الفخر الرّازيّ و أضاف:]

أقصى ما في الباب أن يقال:إنّ لها تأثيرات في أحوال العالم السّفليّ،و لكن تلك التّأثيرات لمّا لم تكن لها بذاتها لزم استناد الكلّ إلى الواجب سبحانه،و هو الإله الأعظم القادر على خلق السّماوات و النّجوم النّيّرات؛فيجب أن يكون قادرا على خلق البشر و على تدبير السّفليّات بالطّريق الأولى،فلا يلزم من وضع الواسطة رفع المبدأ بحال،و يعلم من قوله: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، أنّه تعالى ليس بجسم،و إلاّ كان غائبا عنّا فكان آفلا،و إنّه لا يصحّ عليه المجيء و الذّهاب،و النّزول و الصّعود،و لا الصّفات المحدثة.

و فيه أنّ معارف الأنبياء استدلاليّة لا ضروريّة، و أنّه لا سبيل إلى معرفته تعالى إلاّ النّظر و الاستدلال.

(7:144)

أبو حيّان: [مثل الزّمخشريّ و أضاف:]

و جاء بلفظ(الآفلين)ليدلّ على أنّ ثمّ آفلين كثيرين ساواهم هذا الكوكب في الأفول،فلا مزيّة له عليهم في أن يعبد للاشتراك في الصّفة الدّالّة على الحدوث.(4:167)

الآلوسيّ: (فلمّا افل)بطلوع نور القلب قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ. (7:210)

رشيد رضا : فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ أي فلمّا غرب هذا الكوكب و احتجب،قال:لا أحبّ من يغيب و يحتجب،و يحول بينه و بين محبّه الأفق أو غيره من الحجب.

و أشار بقوله:(الآفلين)إلى أنّ هذا الكوكب فرد من أفراد جنس كلّه يغيب و يأفل،و العاقل السّليم الفطرة و الذّوق لا يختار لنفسه حبّ شيء يغيب عنه،و يوحشه فقد جماله و كماله،حتّى في الحبّ الّذي هو دون حبّ العبادة.[إلى أن قال:]

ص: 508

و قد فسّر بعض النّظّار و علماء الكلام«الأفول» بالانتقال من مكان إلى مكان،و جعلوا هذا هو المنافي للرّبوبيّة لدلالته على الحدوث أو الإمكان،و هو تفسير للشّيء بما قد يباينه،فإنّ المحفوظ عن العرب أنّها استعملت الأفول في غروب القمرين و النّجوم،و في استقرار الحمل و كذا اللّقاح في الرّحم؛فعلم أنّ مرادها من الأوّل عين مرادها من الثّاني،و هو الغيوب و الخفاء.

و قد يتحوّل الشّيء و ينتقل من مكان إلى آخر و هو ظاهر غير محتجب.

و فسّره بعضهم بالتّغيّر ليجعلوه علّة الحدوث المنافي للرّبوبيّة أيضا،و هو غلط كسابقه،فإنّ الشّمس و القمر و النّجوم لا تتغيّر بأفولها،و مذهب المتأخّرين من علماء الفلك-و هو الصّحيح-أنّ أفولها إنّما يكون بسبب حركة الأرض لا بحركتها هي،و إنّ حركتها على محاورها و حركة السّيّارات من المغرب إلى المشرق ليست من سبب أفولها المشاهد في شيء.

و في الكلام تعريض لطيف بجهل قومه في عبادة الكواكب بأنّهم يعبدون ما يحتجب عنهم،و لا يدري شيئا من أمر عبادتهم،و هو يقرب من قوله لأبيه بعد ذلك: لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً مريم:

42،و لا يظهر هذا التّعريض على قول النّظّار في تفسير الأفول،فإنّ قوم إبراهيم لم يكونوا على شيء من هذه النّظريّات الكلاميّة بل كانوا يعبدون الأفلاك قائلين بربوبيّتها،و بقدمها مع حركتها،و ما زال الفلاسفة و الفلكيّون يقولون بقدم الحركة و أزليّتها،و علماء الكون في العصر يعدّون الحركة مبدأ وجود كلّ شيء،و أنّها ملازمة للوجود المطلق من الأزل إلى الأبد[ثمّ نقل كلام الزّمخشريّ إلى أن قال:]

و الصّواب أنّ الكلام كان تعريضا خفيّا،لا برهانا نظريّا جليّا،و أنّ وجه منافاة الرّبوبيّة فيه هو الخفاء و الاحتجاب و التّعدّد،و أنّ البزوغ و الظّهور لم يجعل فيه ممّا ينافي الرّبوبيّة بل بنى عليه القول بها،فإنّ من صفات الرّبّ أن يكون ظاهرا و إن لم يكن ظهوره كظهور غيره من خلقه،كما علم ممّا تقدّم آنفا.(7:558-560)

عزّة دروزة: (الآفلين)من الأفول و هو الزّوال و الاحتجاب و التّغيّر و الانطفاء،و التّنقّل من حال إلى حال.(4:184)

الطّباطبائيّ: الأفول:الغروب،و فيه إبطال ربوبيّة الكوكب بعروض صفة الأفول له،فإنّ الكوكب الغارب ينقطع بغروبه ممّن طلع عليه،و لا يستقيم تدبير كونيّ مع الانقطاع.

على أنّ الرّبوبيّة و المربوبيّة بارتباط حقيقيّ بين الرّبّ و المربوب،و هو يؤدّي إلى حبّ المربوب لربّه لانجذابه التّكوينيّ إليه و تبعيّته له،و لا معنى لحبّ ما يفنى و يتغيّر عن جماله الّذي كان الحبّ لأجله،و ما يشاهد من أنّ الإنسان يحبّ كثيرا الجمال المعجّل و الزّينة الدّائرة،فإنّما هو لاستغراقه فيه من غير أن يلتفت إلى فنائه و زواله.

فمن الواجب أن يكون الرّبّ ثابت الوجود غير متغيّر الأحوال كهذه الزّخارف المزوّقة الّتي تحيا و تموت، و تثبت و تزول،و تطلع و تغرب،و تظهر و تخفى،و تشبّ و تشيب،و تضر و تشين.و هذا وجه برهانيّ و إن كان ربّما يتخيّل أنّه بيان خطابيّ أو شعريّ فافهم ذلك.

ص: 509

و على أيّ حال فهو عليه السّلام أبطل ربوبيّة الكوكب بعروض الأفول له،إمّا بالتّكنية عن البطلان بأنّه لا يحبّه لأفوله،لأنّ المربوبيّة و المعبوديّة متقدّمة بالحبّ،فليس يسع من لا يحبّ شيئا أن يعبده.و قد ورد في المرويّ عن الصّادق عليه السّلام«هل الدّين إلاّ الحبّ؟»و قد بيّنّا ذلك فيما تقدّم.

و إمّا لكون الحجّة متقوّمة بعدم الحبّ،و إنّما ذكر الأفول ليوجّه به عدم حبّه له المنافي للرّبوبيّة،لأنّ الرّبوبيّة و الألوهيّة تلازمان المحبوبيّة،فما لا يتعلق به الحبّ الغريزيّ الفطريّ لفقدانه الجمال الباقي الثّابت لا يستحقّ الرّبوبيّة.و هذا الوجه هو الظّاهر يتّكئ عليه سياق الاحتجاج في الآية.

ففي الكلام أوّلا:إشارة إلى التّلازم بين الحبّ و العبوديّة أو المعبوديّة.

و ثانيا:أنّه أخذ في إبطال ربوبيّة الكوكب وصفا مشتركا بينه و بين القمر و الشّمس،ثمّ ساق الاحتجاج و كرّر ما احتجّ به في الكوكب و في القمر و الشّمس أيضا، و ذلك إمّا لكونه عليه السّلام لم يكن مسبوق الذّهن من أمر القمر و الشّمس و أنّهما يطلعان و يغربان كالكواكب كما تقدّمت الإشارة إليه،و إمّا لكون القوم المخاطبين في كلّ من المراحل الثّلاث غير الآخرين.

و ثالثا:أنّه اختار للنّفي وصف أولي العقل حيث قال: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ الأنعام:76،و كأنّه للإشارة إلى أنّ غير أولي الشّعور و العقل لا يستحقّ الرّبوبيّة من رأس،كما يومئ إليه في قوله المحكيّ: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً مريم:42،و قوله الآخر: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ* قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ* قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ* أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ* قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ الشّعراء:70-74،فسألهم أوّلا عن معبودهم،كأنّه لا يعلم من أمرها شيئا،فأجابوه بما يشعر بأنّها أجساد و هياكل غير عاقلة و لا شاعرة.

فسألهم ثانيا عن علمها و قدرتها،و هو يعبّر بلفظ أولي العقل للدّلالة على أنّ المعبود يجب أن يكون على هذه الصّفة صفة العقل.(7:177)

أبو رزق: أفل:غاب و احتجب،سواء بالسّحاب أو بانتهاء الجري.(1:69)

المصطفويّ: فلمّا أظهر بأنّ الكوكب ربّه،أي مربّيه و مدبّر أموره،فأثبت له شعورا و عقلا و علما و قدرة،فاللاّزم أن يقال في وصفه بصيغة الجمع للعقلاء، فقال: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ.

و يقوّى في النّظر أنّ«الغيبة»معناها مطلق الغياب من دون توجّه فيها إلى حدوثها أو دوامها أو بقائها، بخلاف«الأفول»فإنّه يدلّ على حدوث الغيبة بعد الحضور،و هذا المعنى أشدّ تأثيرا في سلب الحبّ؛حيث قال: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فإنّه مضافا إلى الغيبة يدلّ على التّغيّر،و كذا في البراءة من الشّرك في قوله: فَلَمّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ الأنعام:78، فإنّ التّغيّر و التّقلّب ممّا لا يليق بحال الخالق الحيّ القيّوم.

(1:89)

فضل اللّه: [نقل كلام الطّباطبائيّ و قال:]

و نلاحظ على ذلك،أنّ التّركيز على مسألة الحبّ

ص: 510

كعنصر أساس في الاستدلال،باعتبار اقتضاء الرّابطة بين الرّبّ و المربوب،حبّ المربوب لربّه لانجذابه التّكوينيّ إليه و تبعيّته له،ليس دقيقا،لأنّ قضيّة الحبّ هي قضيّة الأحاسيس و المشاعر الّتي تنفتح على المحبوب،من خلال العناصر الموجودة فيه ممّا يحبّه الإنسان،كالجمال و القوّة و العلم و نحو ذلك؛بحيث يتأثّر الشّعور به فينجذب إليه في الحالة الفعليّة الّتي هو عليها، بقطع النّظر عن طبيعة الفناء و البقاء فيه.

إنّ ما ذكره من أنّ حبّ الإنسان للجمال المعجّل -حسب تعبيره-ناشئ من استغراقه فيه و عدم التفاته إلى فنائه،هو خلاف الوجدان،لأنّ النّاس الّذين يحبّون بعضهم بعضا ملتفتون إلى فناء المحبوب من خلال عروض العوارض الّتي تهدّد حياته،و من خلال الفكرة المرتكزة في أذهانهم من شمول الفناء لكلّ الخلق.

إنّ الإنسان يتأثّر بالصّفات المحبوبة في الشّخص المحبوب بلحاظ وجودها الفعليّ الّذي ينجذب إليه الإحساس،من دون أن يكون للبقاء و الزّوال أيّ دخل فيه،بل إنّنا نرى أنّ الحبّ يبقى-حتّى بعد فناء المحبوب- و هذا ما قد نلاحظه،في العشّاق الّذين بلغ بهم العشق حدّا؛بحيث يصابون بالكثير من حالات الألم و الحزن و المرض،لموت المحبوب الّذي يبقى حبّه في قلوبهم.

أمّا كلام الإمام الصّادق عليه السّلام:«و هل الدّين إلاّ الحبّ»فقد يكون المقصود به التّعبير عن الدّرجة الّتي لا بدّ من أن يبلغها الإيمان في الجانب الشّعوريّ؛بحيث يتحوّل إلى حالة من الحبّ للّه من خلال معرفته به و انجذابه إليه،بمعنى أنّ الحالة العقليّة تتحوّل إلى حالة شعوريّة،لأنّ ذلك هو الّذي يحرّك الإنسان نحو الارتباط العمليّ بالدّين،لأنّ هناك فرقا بين الطّاعة الصّادرة عن خضوع ناشئ من خارج الذّات و الطّاعة الصّادرة عن خضوع من داخل الذّات.

إنّ المسألة لديه هي الحبّ الشّعوريّ الخاصّ المنطلق من الحبّ العقليّ الّذي يرتكز على الاقتناع بالصّفة الّتي تجذب إلى الحبّ لا الحبّ الّذي يتحرّك من خلال العناصر الذّاتيّة.(9:186)

افلت

...فَلَمّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ.

الأنعام:78

ابن عبّاس: فلمّا زالت الشّمس عن كبد السّماء.

(الدّرّ المنثور 3:26)

البيضاويّ: إنّما احتجّ بالأفول دون البزوغ مع أنّه أيضا انتقال؛لتعدّد دلالته،و لأنّه رأى الكوكب الّذي يعبدونه في وسط السّماء حين حاول الاستدلال.

(1:318)

ابن كثير: أي غابت.(3:55)

الآلوسيّ: (فلمّا افلت)بتجلّي أنوار الحقّ و تشعشع سبحات الوجه، قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ (7:210)

بنت الشّاطئ: [نقلت قول ابن عبّاس ثمّ قالت]:

تفسير أفول الشّمس بزوالها عن كبد السّماء هو من قبيل الشّرح على وجه التّقريب،فلا يفوتنا معه لمح ما في الأفول من دلالة الغروب.و القرآن لم يستعمله إلاّ في النّيّرات:«الكوكب و القمر و الشّمس»،إذ يغيب ضوؤها

ص: 511

في الغروب،و هو في العربيّة منقول من الآفل:المرضع ذهب لبنها.

و الأفيل:الفصيل الضّئيل.(الإعجاز البيانيّ:365)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة-كما يستشفّ من النّصوص- غيبوبة النّيّرات في قبالة بزوغها و به صرّح الرّاغب.ثمّ استعمل في سائر المعاني،مثل:أفول اللّقاح في قرار الرّحم.و إذا حملت الأنثى من البهائم قيل لها:آفل،في قولهم:لبوءة آفل و آفلة.

و إذا ولدت قيل لوليدها:أفيل،أي فصيل؛فهو «فعيل»بمعنى«مفعول»؛لأنّ الأمّ حامل و هو محمول عند ما كان جنينا،فأطلق عليه«أفيل»بعد ولادته أيضا تجوّزا.و منه أيضا:أفول المرضع،أي ذهاب لبنها.

2-و الأفول في معناه الموسّع:الغياب،و لكن ليس كلّ غياب،و إنّما هو غياب في قرار و مكان معلوم؛فقرار الشّمس البروج الاثنا عشر،و قرار اللّقاح الرّحم،و قرار اللّبن الفرث و الدّم.

أمّا الغياب فيلتقي مع الأفول في قولهم:غابت الشّمس؛لأنّ مكان غيابها معلوم،و هو جهة المغرب.

و يفترق عنه في قولهم:غاب فلان؛لأنّ مكان غيابه مجهول.

الاستعمال القرآنيّ

ورد الأفول في القرآن في ثلاث آيات مكّيّة متتالية على النّحو الآتي:

1- فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ الأنعام:76

2- فَلَمّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضّالِّينَ

الأنعام:77

3- فَلَمّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ

الأنعام:78

يلاحظ أوّلا:أنّ إبراهيم و سم الكوكب في الآية (1)و القمر في(2)و الشّمس في(3)بالرّبوبيّة،ثمّ عاد و تراجع عن رأيه،فهجر الكوكب و القمر بعد أفولهما نهارا، و هجر الشّمس بعد أفولها ليلا.و قال بعد الأفول في(1):

لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، و هو يفصح عن سريان هذه الكراهية إلى أفول القمر و الشّمس أيضا،و إن لم يبدها فيهما.و يفصح قوله أيضا عن حبّه للثّابتين المستقرّين، فهل هذا يعني أنّه لو كان هناك نجم لا يبزغ و لا يأفل يظلّ عليه عاكفا؟أو أنّه اتّخذ ذلك وسيلة لإفهام الخصم من دون عدوله عن التّوحيد يوما ما؟و هذا هو الرّاجح عندنا.

ثانيا:لقد استخفّ إبراهيم-قبل الاستدلال على الخالق-بأبيه و قومه بقوله: أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَ قَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ الأنعام:74.و قال بعد الاستدلال و الميل إلى عبادة اللّه: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الأنعام:79.

و هذا يدلّ-مع قرائن أخرى-على أنّ إبراهيم عليه السّلام

ص: 512

قد استدلّ على وجود اللّه تعالى بنفسه لنفسه دون أن يكون هذا الاستدلال لقومه كما قال بعض المفسّرين.

ثالثا:و في الآيات نكات:

1-اهتدى إبراهيم إلى وجود الخالق جلّ و علا بالبزوغ و الأفول معا؛إذ لا يتحقّق أحدهما دون الآخر، و لذا وردا معا في هذه الآيات فقط،كما ورد طلوع الشّمس ملازما لغروبها في القرآن.و البزوغ يدلّ على الحدوث،و الأفول يدلّ على التّغيّر و عدم الثّبات، و كلاهما يفتقران إلى واجب الوجود يعتمد عليه وجودهما،و هذا الواجب الوجود هو اللّه تعالى.

2-و من هنا نهتدي إلى قاعدة فلسفيّة:«كلّ متغيّر حادث»و نجعلها كبرى قياس:«العالم متغيّر،و كلّ متغيّر حادث،فالعالم حادث».

3-قد جاء الأفول في أربع آيات مكّيّة متّصلة في سورة واحدة نفيا لألوهيّة الكواكب.و لعلّ الوجه في ذلك هو أنّ هذه المدينة كانت تعبق برائحة الشّرك،و كان المشركون يعتقدون بكون هذه الأصنام شريكة في الرّبوبيّة.فبيّنت هذه الآيات لهم أنّ الكواكب و الشّمس و القمر لم تكن من صنع الإنسان و لها آفاق أوسع؛لأنّها تتّصف بالأفول،فليست جديرة بأن تشارك اللّه الرّبوبيّة، فكيف بالأصنام الّتي صنعها الإنسان؟فلا توصف بالرّبوبيّة بطريق أولى.

4-جاءت صفة الأفول دليلا على عدم ربوبيّة الكوكب؛لأنّ الأفول يخبر بالفناء و الزّوال،و ما يكون أبديّا فهو غير أزليّ،و ما لم يكن أزليّا و أبديّا فلا يستحقّ الألوهيّة.

5-قابل الأفول بالبزوغ مرّتين:

1- فَلَمّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً.. .فَلَمّا أَفَلَ

2- فَلَمّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً.. .فَلَمّا أَفَلَتْ

و هذا موافق تماما لمعناه الأصليّ في اللّغة كما سبق.

6-استعمل الأفول في نفي ألوهيّة الكواكب و ما استعمل الغياب فيها؛لأنّ الأفول يلحظ فيه معنى الفناء، و هذا المعنى لا يلحظ في الغياب.أو أنّ الأفول يختصّ بالكواكب و الشّمس و القمر و لا يستعمل في غيرها.

و لهذا لم يستعمل في القرآن إلاّ مع الكواكب،و في هذه السّورة فقط.

7-وردت مادّة«أف ل»في القرآن بمعيّة كلمات مثل «ربّ»و«حبّ»و«براءة».و لعلّ مردّ ذلك إلى أنّ النّاس كانوا يعتقدون بأثر الكواكب و الأجرام السّماويّة في تدبير أحوال الأرض و سكّانها.فلفت إبراهيم أنظارهم إلى ظاهرة أفولها أوّلا بإبطال فكرة تأثيرها؛ لأنّها مخلوقة و ليست مستقلّة بذاتها.و إظهار البراءة و الانزجار منها؛لأنّها تفتقر إلى الاستقلال و القيمومة، فهي غير جديرة بالودّ و الولاء ثانيا.

ثمّ أرشدهم إلى المدبّر الحقيقيّ للكون و إلى خالق العالم بقوله: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الأنعام:79.

8-و في هذه الآيات لطائف أخرى سنبحثها في«ج ن ن»و«ب ز غ».

ص: 513

ص: 514

أ ق ت

راجع«و ق ت»

ص: 515

ص: 516

أ ك ل

اشارة

31 لفظا،109 مرّة:63 مكّيّة،46 مدنيّة

في 40 سورة:29 مكّيّة،11 مدنيّة

أكل 1:-1\تأكله 1:-1\لآكلون 2:2

أكله 2:2\يأكلن 1:1\للآكلين 1:1

فأكلا 1:1\تأكلون 12:10-2\مأكول 1:1

أكلوا 1:-1\تأكلوا 10:3-7\أكّالون 1:-1

يأكل 6:4-2\تأكلوها 1:-1\أكل 1:-1

يأكله 2:2\نأكل 1:-1\الأكل 1:-1

يأكلهنّ 2:2\كلا 2:-1:1\أكله 1:-1

يأكلان 1:-1\كلوا 27:15-12\أكلها 4:2-2

يأكلون 10:4-6\كلوه 1:-1\أكلا 1:1

يأكلوا 2:2\كلي 2:2\أكلهم 3:-3

تأكل 7:6-1\------\------

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الأكلة:المرّة.و الأكلة:اسم كاللّقمة.

و الأكال:أن يتأكّل عود أو شيء.

و الأكولة من الشّاء:الّتي ترعى للأكل لا للنّسل و البيع.

و أكيلك:الّذي يؤاكلك و تؤاكله.و أكيل الذّئب:شاة أو غيرها إذا أردت معنى المأكول،سواء فيه الذّكر و الأنثى.و إن أردت به اسما جعلته أكيلة ذئب.

و المأكلة:ما جعل للإنسان لا يحاسب عليه،و النّار إذا اشتدّ التهابها،كأنّها يأكل بعضها بعضا؛تقول:ائتكلت النّار،و الرّجل إذا اشتدّ غضبه:يأتكل.[ثمّ استشهد بشعر]

و الرّجل يستأكل قوما،أي يأكل أموالهم من الإسنات.

و رجل أكول:كثير الأكل،و امرأة أكول.و المأكل كالمطعم و المشرب.و المؤكل:المطعم.و في الحديث:«لعن آكل الرّبا و مؤكله».

و الآكال:مآكل الملوك،أي قطائعهم.

ص: 517

و المأكلة و المأكلة:الطّعام.باتوا على مأكلة،أي على طعام.و يقال:استغنينا بالدّرّ عن المأكلة،أي باللّبن عن الطّعام.

و المئكل:إناء يؤكل فيه.و المئكلة:قصعة تشبع الرّجلين و الثّلاثة.(5:408)

الكسائيّ: وجدت في جسدي أكالا،أي حكّة.

مثله الأصمعيّ.(الأزهريّ 10:365)

الأمويّ: في حديث عمر:«ليضربنّ أحدكم أخاه بمثل آكلة اللّحم...»الأصل في هذا أنّها السّكّين،و إنّما شبّهت العصا المحدّدة بها.(الأزهريّ 10:366)

ابن شميّل: أكولة الحيّ:الّتي يجلبون للبيع يأكلون ثمنها،التّيس،و الجزرة،و الكبش العظيم الّتي ليست بقنوة،و الهرمة،و الشّارف الّتي ليست من جوارح المال.

و قد تكون أكولة الحيّ أكيلة،فيما زعم يونس؛فيقال:

هل في غنمك أكولة؟فيقال:لا،إلاّ شاة واحدة.

يقال:هذا من الأكولة،و لا يقال:للواحدة هذه أكولة.

و يقال:ما عنده مائة أكائل،و عنده مائة أكولة.

(الأزهريّ 10:367)

الفرّاء: في حديث عمر:«دع الرّبّى و الماخض و الأكولة»،هي أكولة الرّاعي،و أكيلة السّبع.

و أكيلة السّبع:الّتي يأكل منها،و تستنقذ منه.

(الأزهريّ 10:367)

يقال للسّكّين:آكلة اللّحم.و منه الحديث أنّ عمر قال:«يضرب أحدكم أخاه بمثل آكلة اللّحم ثمّ يرى أن لا أقيده».(ابن فارس 1:124)

أبو زيد: و الأكولة:الكباش و التّيوس الّتي يجلبونها فيبيعونها،فتذبح و تؤكل.(243)

في حديث عمر:«دع الرّبّى و الماخض و الأكولة»، هي أكيلة الذّئب،و هي فريسته.و الأكولة من الغنم خاصّة،و هي الواحدة إلى ما بلغت،و هي القواصي،و هي العاقر،و الهرم،و الخصيّ من الذّكارة،صغارا أو كبارا.

و جمعها:الأكائل.(الأزهريّ 10:367)

الأكيلة:فريسة الأسد.(ابن فارس 1:123)

يقال:ما عندنا أكال،أي ما يؤكل.

(ابن السّكّيت:272)

في الأسنان القادح:و هو أن تتأكّل الأسنان يقال:

قدح في سنّه.(ابن منظور 11:23)

يقال:إنّه لذو أكل،إذا كان له حظّ من الدّنيا.

(الفخر الرّازيّ 7:61)

الأخفش: الأكل هو ما يؤكل،و الأكل هو الفعل الّذي يكون منك.تقول:أكلت أكلا،و أكلت أكلة واحدة.

و إذا عنيت الطّعام قلت:أكلة واحدة.(1:385)

الأصمعيّ: أكلت أكلة،أي لقمة.و أكلت أكلة،إذا أكل حتّى يشبع.و إنّه لذو أكلة للنّاس و إكلة،إذا كان ذا غيبة يغتابهم.

و في أسنانه أكل،أي أنّها مؤتكلة.

و إنّه لعظيم الأكل في الدّنيا،أي عظيم الرّزق.و منه قيل للميّت:انقطع أكله.

و رجل ذو أكل،إذا كان ذا رأي و عقل.

و ثوب ذو أكل،إذا كان صفيقا،قويّا.

و قال أعرابيّ:أريد ثوبا له أكل،أي نفس و قوّة.

ص: 518

(الأزهريّ 10:365)

الأكال بالضّمّ:الحكّة.(الجوهريّ 4:1625)

تأكّل السّيف تأكّلا،إذا توهّج من الحدّة.[ثمّ استشهد بشعر](القاليّ 1:224)

اللّحيانيّ: إنّه ليجد أكلة على«فعلة»و أكلة و أكالا، أي حكّة.

و يقال:كثرت الآكلة في أرض بني فلان،أي كثر من يرعى.و ناقة أكلة على«فعلة»،إذا وجدت ألما في بطنها من نبات و برجنينها.

و الإكلة:الحال الّتي يأكل عليها متّكئا أو قاعدا.

و التّأكّل:شدّة بريق الكحل إذا كسر،و الفضّة أو الصّبر.

و يقال:فلانة أكيلتي،للمرأة الّتي تؤاكلك.

و إنّه لعظيم الأكل من الدّنيا،أي عظيم الرّزق.

و الأكل:الطّعمة؛يقال:جعلته له أكلا،أي طعمة.

و يقال:ما هم إلاّ أكلة رأس،أي قليل،قدر ما يشبعهم رأس.

و الأكولة:الشّاة تنصب للأسد أو الذّئب أو الضّبع، يصاد بها.و أمّا الّتي يفرسها الأسد فهي أكيلة.و يقال:

أكّلتني ما لم آكل،و آكلتني ما لم آكل.

و يقال:أ ليس قبيحا أن تؤكّلني ما لم آكل؟

و يقال:قد أكّل فلان غنمي و شرّبها.و يقال:ظلّ مالي يؤكّل و يشرب.

و رجل أكلة:كثير الأكل.

و يقال:أكل بستانك دائم،و أكله:ثمره.

و يقال:شاة مأكلة،و مأكلة.

و المئكلة:ضرب من البرام،و ضرب من الأقداح.

و كلّ ما أكل فيه فهو المئكلة.و الجميع:المآكل.

(الأزهريّ 10:367)

إنّه لذو أكلة و إكلة للحوم النّاس.الأكال:ما يؤكل، يقال:ما ذقت اليوم أكالا.

و الأكلة-غير ممدود-و الإكلة و الأكال:الحكّة.

(القاليّ 1:223)

الأكيل:الطّعام المأكول،و الأكيل:الّذي يأكل معك رجلا كان أو امرأة،يقال:هذا أكيلي و هذه أكيلي.و لغة أبي الجرّاح:هذه أكيلتي،و رجل أكول،و قوم أكّال و أكلة.

(القاليّ 1:224)

الأكلة و الأكلة كاللّقمة و اللّقمة،يعنى بهما جميعا:

المأكول.[ثمّ استشهد بشعر](ابن سيده 7:87)

ائتكل السّيف:اضطرب.(ابن سيده 7:88)

أبو عبيد: في حديث عمر:«دع الرّبّى و الماخض و الأكولة»،الأكولة:الّتي تسمّن للأكل.

(الأزهريّ 10:367)

الأكلة:جمع آكل،يقال:«ما هم إلاّ أكلة رأس».

(ابن فارس 1:122)

يقال:أكّلتني ما لم آكل،أي ادّعيته عليّ.

(ابن فارس 1:123)

الّذي يروى في الحديث:«دع الرّبّى و الماخض و الأكيلة»،و إنّما الأكيلة:المأكولة.يقال:هذه أكيلة الأسد و الذّئب،فأمّا هذه فإنّها الأكولة.(ابن منظور 11:22)

ابن الأعرابيّ: قال بعضهم:الحمد للّه الّذي أغنانا بالرّسل عن المأكلة:و هي الميرة،و إنّما يمتارون في الجدب.

ص: 519

(الأزهريّ 10:368)

أكل البهمة:تناول التّراب،تريد أن تأكل.

(ابن سيده 7:87)

الأكل:طعمة كانت الملوك تعطيها الأشراف كالقرى.و الجمع:آكال.[ثمّ استشهد بشعر]

(ابن فارس 1:122)

أبو نصر الباهليّ: إنّه لذو أكلة في النّاس،أي ذو نميمة و وقيعة.(القاليّ 1:223)

كثرت الآكلة في أرض بني فلان،أي الرّاعية.

(القاليّ 1:224)

يقال:فلان ذو أكل،إذا كان ذا عقل و رأي.

(الزّبيديّ 7:210)

ابن السّكّيت: إنّه لذو أكل،إذا كان ذا رأي كثيف.

و ثوب ذو أكل:كثير الغزل.(183)

و الأكل:مصدر أكلت.و الأكل:ما أكل.و يقال:فلان ذو أكل،إذا كان ذا حظّ من الدّنيا.

(إصلاح المنطق:131)

و قد آكلته،إذا أكلت معه،و لا تقل:و اكلته.

(إصلاح المنطق:373)

بو حاتم: الأكولة:الّتي اتّخذت من الشّاء للأكل، و أمّا الأكيلة فالّتي قد أكلت.(113)

شمر: قيل في آكلة اللّحم:[في حديث عمر]أنّها السّياط،شبّهها بالنّار،لأنّ آثارها كآثارها.

(الأزهريّ 10:367)

أكولة غنم الرّجل:الخصيّ،و الهرمة،و العاقر.

(الهرويّ 1:63)

ابن قتيبة: و في الحديث:«و مأكول حمير خير من آكلها»،المأكول:الرّعيّة،و عوامّ النّاس.

(الهرويّ 1:63)

المبرّد: و من أمثال العرب إذا طال عمر الرّجل أن يقولوا:لقد أكل عليه الدّهر و شرب،إنّما يريدون أنّه أكل هو و شرب دهرا طويلا.[ثمّ استشهد بشعر](1:128)

ابن دريد: أكل يأكل أكلا.و الأكال:حكّة تصيب الإنسان في رأسه و جسده،و تصيب الحامل من ذوات الأربع إذا شعر ولدها في بطنها.

و الآكال:القطائع.

و هذا الشّيء أكلة لك،و الجمع:أكل،أي طعمة.

(3:266)

ابن الأنباريّ: و الأكل:أ لم تجده النّاقة في بطنها إذا خرج شعر ولدها.و يقال:قد أكلت النّاقة تأكل أكلا، و ناقة أكلة،إذا وجدت ذلك.(غريب اللّغة:88)

القاليّ: [و بعد نقل قول الأصمعيّ،و اللّحيانيّ، و أبي نصر الباهليّ قال:]

و قالوا جميعا:الأكلة:اللّقمة،يقال:ما أكلت إلاّ أكلة.

و الأكلة:«الفعلة»الواحدة من الأكل،و الإكلة:الحال الّتي تأكل عليها قاعدا أو متّكئا.(1:223)

السّيرافيّ: رجل مؤكل،أي مرزوق.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 10:369)

الأزهريّ: أكلت النّار الحطب،و آكلتها إيّاه،أي أطعمتها.و كذلك كلّ شيء أطعمته شيئا.

و يقال:آكلت الرّجل،و واكلته فهو أكيلي.و الهمزة في آكلت:أكثر و أجود.

ص: 520

و يقال:أكلته العقرب،و أكل فلان عمره،إذا أفناه، و النّار تأكل الحطب.

آكلت بين القوم،أي حرّشت و أفسدت.

(10:365،367،369)

الرّمانيّ: و الأكل حقيقة:بلع الطّعام بعد مضغه.

فبلع الحصاة ليس بأكل حقيقة.(الفيّوميّ 1:17)

الصّاحب: الأكل معروف.و الأكلة،مرّة واحدة.

و الأكلة،اسم كاللّقمة.و الأكول:الكثير الأكل.و المأكل:

المطعم و المشرب.و المؤكل:كالمطعم.و الأكل:ما يؤكل.

و لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم آكل الرّبا و مؤكله.و الأكال:مآكل الملوك.

و الأكل:رزق الجند.

و الأكلة:القرصة،و جمعها:أكل،و تكون اللّقم أيضا.

و الأكال:أن يتأكّل عود أو شيء.

و الأكولة:الشّاة من الغنم الّتي ترعى للأكل.و في المثل:«مرعى و لا أكولة»أي ليس له من يأكل ماله.

و أكيل الرّجل:الّذي يؤاكله،و هو مؤاكله.و المرأة أكيلة.

و أكيل الذّئب:الشّاة.و هو في معنى المأكول.و المأكلة:

ما جعل للإنسان لا يحاسب عليه.

و ائتكلت النّار.

و الرّجل إذا اشتدّ غضبه:يأتكل.و يستأكل قوما:

أي يأكل أموالهم من الأسباب.

و في المثل بالمرزئة بالأخ:«إنّما أكلت يوم أكل الثّور الأبيض»و له حديث.

و هم أكلة رأس:في القلّة،كقوم اجتمعوا على أكلة رأس.

و ناقة أكلة:إذا نبت شعر ولدها في بطنها.و أكلها جلدها،فهي بيّنة الأكل،و أكلت بوزن ألمت.

و هو يتأكّل علينا منذ اليوم:أي يزبر و يتهدّد.

و الماخض تأكّل:أي تقلّب على الأرض و تصافق.

و التّأكّل:التّحكّك.و الإكلة:الحكّة،و الأكال مثلها، و الجميع:الأكائل.

و التّأكّل:شدّة بريق حجر الكحل إذا كسر.و إنّه لشديد الإكلة و التّأكّل.

و تأكّل السّيف تأكّلا:توهّج من الحدّة.

و ثوب له أكل:أي حصافة و قوّة.و ثوب موكل:ذو أكل.و في المثل للرّجل الضّعيف الرّأي:«ما له أكل و لا بذم.

و الأكلة و الإكلة:الغيبة و النّميمة.و الموكل:المغري بين القوم،و كذلك النّمّام.و تأكيله:تحريشه.

و يقولون:آكلتني ما لم آكل و أكّلتني:أي ادّعيته عليّ.

و أكّل مالي و شرّبه:إذا أطعمه النّاس و سقاهم.

و ظلّ مالي يوكّل و يشرب:أي يرعى كيف شاء.

و المئكلة:القدر الّتي تستخفّ في السّفر.

و المئكال:الملعقة.(6:329)

الجوهريّ: أكلت الطّعام أكلا و مأكلا.

و الأكلة:المرّة الواحدة حتّى تشبع.و الأكلة بالضّمّ:

اللّقمة،تقول:أكلت أكلة واحدة،أي لقمة،و هي القرصة أيضا.و هذا الشّيء أكلة لك،أي طعمة لك.

و الأكل أيضا:ما أكل.

ص: 521

و يقال أيضا:فلان ذو أكل،إذا كان ذا حظّ من الدّنيا و رزق واسع.

و الإكلة بالكسر:الحكّة،يقال:إنّي لأجد في جسدي إكلة من الأكال.

و الإكلة أيضا:الحال الّتي يؤكل عليها،مثل الجلسة و الرّكبة،يقال:إنّه لحسن الإكلة.

و الأكل:ثمر النّخل و الشّجر،و كلّ ما يؤكل فهو أكل.

و منه قوله تعالى: أُكُلُها دائِمٌ الرّعد:35.

و يقال للميّت:انقطع أكله.

و ثوب ذو أكل أيضا،إذا كان كثير الغزل صفيقا.

و قرطاس ذو أكل.

و قولهم:هم أكلة رأس،أي هم قليل يشبعهم رأس واحد،و هو جمع آكل.

و يقال:أكّلتني ما لم آكل،بالتّشديد،و آكلتني أيضا، أي ادّعيته عليّ.

و آكلتك فلانا،إذا أمكنته منه.

و الإيكال بين النّاس:السّعي بينهم بالنّمائم.

و آكلته إيكالا:أطعمته.و آكلته مؤاكلة،أي أكلت معه،فصار«أفعلت و فاعلت»على صورة واحدة.

و لا تقل:و اكلته بالواو.

و يقال:أكلت النّار الحطب،و آكلتها أنا،أي أطعمتها إيّاه.

و آكل النّخل و الزّرع و كلّ شيء،إذا أطعم.

و الآكال:سادة الأحياء الّذين يأخذون المرباع و غيره.

و المأكل:الكسب.

و المأكلة و المأكلة:الموضع الّذي منه يؤكل.

يقال:اتّخذت فلانا مأكلة و مأكلة.

و المئكلة:الصّحاف الّذي يستخفّ الحيّ أن يطبخوا فيها اللّحم و العصيدة.

و يقال:ما ذقت أكالا بالفتح،أي طعاما.

و الأكال بالضّمّ:الحكّة.

و الأكولة:الشّاة الّتي تعزل للأكل و تسمّن.و يكره للمصدّق أخذها.

و أمّا الأكيلة فهي المأكولة،يقال:هي أكيلة السّبع.

و إنّما دخلته الهاء و إن كان بمعنى مفعولة لغلبة الاسم عليه.

و الأكيل:الّذي يؤاكلك،و الأكيل أيضا:الآكل.

و أكلت النّاقة أكالا،مثال سمع سماعا،فهي أكلة على«فعلة».و بها أكال بالضّمّ،إذا أشعر ولدها في بطنها فحكّها ذلك و تأذّت.

و يقال أيضا:أكلت أسنانه من الكبر،إذا احتكّت فذهبت.و في أسنانه أكل بالتّحريك،أي إنّها مؤتكلة.

و قد ائتكلت أسنانه و تأكّلت.

و يقال أيضا:فلان يأتكل من الغضب،أي يحترق و يتوهّج.

و فلان يستأكل الضّعفاء،أي يأخذ أموالهم.

و قولهم:ظلّ مالي يؤكّل و يشرب،أي يرعى كيف شاء.

و يقال أيضا:فلان أكّل مالي و شرّبه،أي أطعمه النّاس.

و تأكّل السّيف،أي توهّج من الحدّة.[و استشهد بالشّعر ثلاث مرّات](4:1624)

ص: 522

ابن فارس:الهمزة و الكاف و اللاّم باب تكثر فروعه و الأصل كلمة واحدة،و معناها التّنقّص.[و نقل قول الخليل و ابن الأعرابيّ ثمّ قال:]

و أكائل النّخل:المحبوسة للأكل.

و الآكلة على«فاعلة»:الرّاعية،و يقال:هي الإكلة.

و الأكلة على«فعلة»:النّاقة ينبت وبر ولدها في بطنها يؤذيها و يأكلها.

و يقال:ائتكلت النّار،إذا اشتدّ التهابها،و ائتكل الرّجل،إذا اشتدّ غضبه.

و الجمرة تتأكّل،أي تتوهّج،و السّيف يتأكّل إثره.

و يقال في الطّيب إذا توهّجت رائحته:تأكّل.

و يقال:أكلت النّار الحطب؛و آكلتها:أطعمتها إيّاه.

و آكلت بين القوم:أفسدت.

و لا تؤكل فلانا عرضك،أي لا تسابّه فتدعه يأكل عرضك.

و المؤكل:النّمّام.

و فلان ذو أكلة في النّاس،إذا كان يغتابهم.

و الأكل:حظّ الرّجل و ما يعطاه من الدّنيا.و هو ذو أكل،و قوم ذوو آكال.

و يقال:ثوب ذو أكل،أي كثير الغزل.و رجل ذو أكل:ذو رأي و عقل،و نخلة ذات أكل،و زرع ذو أكل.

و الأكال:الحكاك،يقال:أصابه في رأسه أكال.

و الأكل في الأديم:مكان رقيق ظاهره تراه صحيحا، فإذا عمل بدا عواره.

و بأسنانه أكل،أي متأكّلة،و قد أكلت أسنانه تأكل أكلا.

قال أبو زياد: المئكلة:قدر دون الجماع (1)،و هي القدر الّتي يستخفّ الحيّ أن يطبخوا فيها.

و أكل الشّجرة:ثمرها،قال اللّه تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها إبراهيم:25[و استشهد بالشّعر مرّتين].(1:122)

الهرويّ: في الحديث:«نهى عن المؤاكلة»تفسيره في الحديث:هو أن يكون للرّجل على الرّجل دين،فيهدى له ليؤخّره و يمسك عن اقتضائه.قالوا:سمّي مؤاكلة،لأنّ كلّ واحد منهما يؤكل صاحبه.

و في حديث آخر:«ثلاث أكل»الأكل جمع أكلة، و هي القرص هاهنا،و تكون في موضع آخر:اللّقمة.

و منه الحديث:«فليضع في يده أكلة أو أكلتين»أي لقمة أو لقمتين،يعني في يد السّائل.

و روى ثعلب حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«ما زالت أكلة خيبر تعادّني»بضمّ الهمزة،و قال:لم يأكل منها إلاّ لقمة واحدة.

و في الحديث:«من أكل بأخيه أكلة»معناه الرّجل يكون مؤاخيا لرجل،ثمّ يذهب إلى عدوّه فيتكلّم فيه بغير الجميل،ليجيزه عليه بجائزة،فلا يبارك اللّه له فيها.

و الأكلة:اللّقمة،و الأكلة:المرّة مع الاستيفاء.

و في الحديث المرفوع:«و مأكول حمير خير من آكلها»قال ابن قتيبة:المأكول:الرّعيّة و عوامّ النّاس، و الآكلون:الملوك؛جعلوا أموال الرّعيّة مأكلة.كأنّه أراد عوامّ أهل اليمن خير من ملوكهم.(1:61)ر.

ص: 523


1- قدر جماع،بكسر الجيم:جامعة عظيمة،و قيل:هي الّتي تجمع الجزور.

الثّعالبيّ: في ترتيب القصاع:

أوّلها:الفيخة،و هي كالسّكرّجة.

ثمّ الصّحفة:تشبع الرّجل.

ثمّ المئكلة:تشبع الرّجلين و الثّلاثة.(262)

أبو سهل الهرويّ: و ما أكلت أكالا،أي شيئا يؤكل.(التّلويح:44)

و الأكلة بالفتح:الغداء أو العشاء،و هي مرّة واحدة من الأكل،بالضّمّ:اللّقمة.(التّلويح:63)

و ما هم عندنا إلاّ أكلة رأس-بفتح الهمزة و الكاف- و هم جمع آكل،يقال ذلك في القلّة،أي قليل،قدر ما يشبعهم رأس.(التّلويح:82)

ابن سيده: أكل الطّعام يأكله أكلا،فهو آكل؛ و الجمع:أكلة.

و قالوا في الأمر:كل،و أصله:أؤكل،فلمّا اجتمعت همزتان و كثر استعمال الكلمة،حذفت الهمزة الأصليّة فزال السّاكن،فاستغني عن الهمزة الزّائدة.

و لا يعتدّ هذا الحذف لقلّته،و لأنّه إنّما حذف تخفيفا، لأنّ الأفعال لا تحذف،إنّما تحذف الأسماء،نحو:يد،و دم، و أخ،و ما جرى مجراه،و ليس الفعل كذلك.و قد أخرج على الأصل فقيل:أوكل.

و كذلك:القول في خذ و مر.

و الإكلة:هيئة الأكل.

و الأكلة:اسم كاللّقمة.

و رجل أُكَلَة،و أكول،و أكيل:كثير الأكل.

و آكله الشّيء:أطعمه إيّاه.

و آكل النّار الحطب،و أكّلها إيّاه،كلاهما على المثل.

و آكلني ما لم آكل،و أكّلنيه،كلاهما:ادّعاه عليّ.

و استأكله الشّيء:طلب إليه أن يجعله له أكلة.

و آكل الرّجل،و واكله:أكل معه؛الأخيرة على البدل،و هي قليلة.

و أكيلك:الّذي يؤاكلك؛و الأنثى:أكيلة.

و الأكال:ما يؤكل.

و ما ذاق أكالا،أي ما يؤكل.

و المأكلة،و المأكلة:ما أكل،و يوصف به فيقال:شاة مأكلة و مأكلة.

و الأكولة:الشّاة تعزل للأكل.

و أكيلة السّبع،و أكيله:ما أكل من الماشية،و نظيره:

فريسة السّبع و فريسه.

و الأكيل:المأكول.

و آكال الملوك:مآكلهم و طعمهم.

و آكال الجند:أطماعهم.

و الأكل:الرّزق،و منه قيل للميّت:انقطع أكله.

و الأكل:الحظّ من الدّنيا،كأنّه يؤكل.

و الأكل:الثّمر.

و آكلت الشّجرة:أطعمت.

و رجل ذو أكل،أي ذو رأي و عقل و حصافة.

و ثوب ذو أكل:قويّ صفيق،كثير الغزل.

و يقال للعصا المحدّدة:آكلة اللّحم تشبيها بالسّكّين، و في حديث عمر رحمه اللّه:و اللّه ليضربنّ أحدكم أخاه بمثل آكلة اللّحم ثمّ يرى أنّي لا أقيده،و اللّه لأقيدنّه منه».

و كثرت الآكلة في بلاد بني فلان،أي الرّاعية.

و المئكلة من البرام:الصّغيرة الّتي يستخفّها الحيّ أن

ص: 524

يطبخوا اللّحم فيها و العصيدة.

و المئكلة من القصاع:الّتي تشبع الرّجلين و الثّلاثة.

و المئكلة:ضرب من الأقداح،و هو نحو ممّا يؤكل فيه.

و أكل الشّيء،و ائتكل،و تأكّل:أكل بعضه بعضا؛ و الاسم:الإكال.

الأكلة،مقصور:داء يقع في العضو فيأتكل منه.

و تأكّل الرّجل و ائتكل:غضب و هاج و كاد بعضه يأكل بعضا.

و التّأكّل:شدّة بريق الكحل و الصّبر و الفضّة و السّيف و البرق.

و في أسنانه أكل،أي إنّها متأكّلة.

و الأكلة،و الأكال:الحكّة أيّا كانت.و قد أكلني رأسي.

و أكلت النّاقة أكلا:نبت وبر جنينها،فوجدت لذلك أذى و حكّة في بطنها.

و إنّه لذو إكلة للنّاس،و أكلة،و أكلة،أي غيبة لهم؛ الفتح عن كراع.

و آكل بينهم،و أكّل:حمل بعضهم على بعض.[ثمّ استشهد بالشّعر ثلاث مرّات](7:86)

الأكل:بلع الطّعام بعد مضغه،أكل يأكل أكلا.و أكل أكلة:أكل حتّى شبع.

و الأكلة:اللّقمة،و الإكلة:الهيئة.

و رجل أكلة و أكيل و أكل و أكول و أكولة:كثير الأكل.

و آكل فلانا الشّيء:أطعمه إيّاه.

و آكله:أكل معه.

و آكله ما لم يأكل،و أكّله ما لم يأكل:ادّعاه عليه.

و المأكلة:ما جعل لك من غير أن تحاسب عليه.

(الإفصاح 1:437)

الأكل:أكلت الأسنان تأكل أكلا،و وكلت:

تكسّرت.

و أكل العضو و العود و ائتكل و تأكّل:أكل بعضه بعضا،و الاسم:الإكال.

و الأكلة:داء في العضو يأتكل منه.

(الإفصاح 1:494)

الأكول:ما جعلته في الجرح ليأكله و يوسّعه.

(الإفصاح 1:543)

الأكولة و الأكولة:الشّاة تعزل للأكل و تسمّن.

(الإفصاح 2:792)

الطّوسيّ: رجل و امرأة أكول:كثير الأكل.

و المأكل كالمطعم و المشرب،و المأكل:المطعم.و أصل الباب الأكل،و هو المضغ لذي الطّعم.

و يقال:للّذي يشترك فيه الحيوان كلّه سوى الملائكة:المأكل و المنكح و المشرب.(1:157)

الأكل:هو البلع عن مضغ،و بلع الحصا ليس بأكل في الحقيقة.و قد قيل:النّعام يأكل الجمر؛فأجروه مجرى، فلان يأكل الطّعام.يقال:مضغه و لم يأكله.(2:70)

الرّاغب: الأكل:تناول المطعم.و على طريق التّشبيه قيل:أكلت النّار الحطب.

و الأكل:لما يؤكل بضمّ الكاف و سكونه،قال:

أُكُلُها دائِمٌ الرّعد:35.

ص: 525

و الأكلة للمرّة،و الأكلة كاللّقمة.

و أكيلة الأسد:فريسته الّتي يأكلها.

و الأكولة من الغنم ما يؤكل.

و الأكيل:المؤاكل.

و فلان مؤكل و مطعم،استعارة للمرزوق.

و ثوب ذو أكل:كثير الغزل كذلك.

و التّمر مأكلة للفم،قال تعالى: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ سبأ:16،و يعبّر به عن النّصيب،فيقال:فلان ذو أكل من الدّنيا.

و فلان استوفى أكله كناية عن انقضاء الأجل.

و أكل فلان فلانا:اغتابه،و كذا:أكل لحمه،قال تعالى: أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً الحجرات:12.[ثمّ استشهد بشعر]

و ما ذقت أكلا،أي شيئا يؤكل.و عبّر بالأكل عن إنفاق المال لما كان الأكل أعظم ما يحتاج فيه إلى المال نحو:

وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ البقرة:188، و قال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً النّساء:10،فأكل المال بالباطل:صرفه إلى ما ينافيه الحقّ،و قوله تعالى: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً النّساء:10،تنبيها على أنّ تناولهم لذلك يؤدّي بهم إلى النّار.

و الأكول و الأكّال:الكثير الأكل،قال تعالى:

أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ... المائدة:42.

و الأكلة:جمع آكل،و قولهم:هم أكلة رأس،عبارة عن ناس من قلّتهم يشبعهم رأس.

و قد يعبّر بالأكل عن الفساد،نحو: كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ الفيل:5،و تأكّل كذا:فسد.

و أصابه إكال في رأسه و في أسنانه،أي تأكّل،و أكلني رأسي.(20)

الزّمخشريّ: ربّ أكلة منعت أكلات.و كان لقمان من الأكلة.و جعلت كذا لفلان أكلة و مأكلة.و ما ذقت عنده أكالا بالفتح،أي طعاما.

و تأكّلت السّنّ و العود:وقع فيهما أكال.و وقعت في رجله آكلة.و فلان أكيلي.و بليت منه بأكيل سوء.

و أكل بستانك دائم،أي ثمره.و ما أطعمني أكلة واحدة،أي لقمة أو قرصا.

و من المجاز:فلان أكّل غنمي و شرّبها،و أكّل مالي و شرّبه،أي أطعمه النّاس.

و جرحه بآكلة اللّحم،و هي السّكّين.و أكلت أظفاره الحجارة.

و فلان ذو أكلة و إكلة و هي الغيبة،و هو يأكل النّاس:

يغتابهم.

و آكل بين القوم:أفسد.

و أكلت النّار الحطب،و ائتكلت النّار:اشتدّ لهبها، كأنّما يأكل بعضها بعضا.

و تأكّل السّيف:توهّج من شدّة البريق،و كذلك تأكّل الإثمد و الفضّة المذابة و نحوهما ممّا له بصيص.

و لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم آكل الرّبا و مؤكله.

و مأكول حمير خير من آكلها،أي رعيّتها خير من واليها.و هو من ذوي الآكال،أي من السّادات الّذين يأكلون المرباع و نحوه.

و أكّلتك فلانا:أمكنتك منه.

ص: 526

قال النّعمان: لا آكلك و لا أؤكّلك غيري.و فلان يستأكل القوم:يأكل أموالهم.و هذا حديث يأكل الأحاديث.و في«كتاب العين»الواو في مرئيّ أكلتها الياء،لأنّ أصله مرءوي.

و أكلني موضع كذا من جسدي،و تأكّل جسده،و به إكلة بوزن جلسة،و أكال،و أكلة بوزن تبعة،أي حكّة.

و هم أكلة رأس،أي قليل.و انقطع أكله،إذا مات.

و هذا ثوب ذو أكل:صفيق كثير الغزل.و طلب أعرابيّ من تاجر ثوبا،فقال:أعطني ثوبا له أكل.

و إنّه لعظيم الأكل من الدّنيا،إذا كان حظيظا.

و أكل البعير روقه،إذا هرم و تحاتّت أسنانه.و هو الماجّ،لأنّه يمجّ الماء مجّا.

و عقدت لفلان حبلا فسلم و لم يؤكل.

[و استشهد بالشّعر 3 مرات](أساس البلاغة:8)

النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم«قال بعض بني عذرة:أتيته بتبوك، فأخرج إلينا ثلاث أكل من وطيئة (1)»جمع أكلة و هي القرص.

«نهى عن المؤاكلة»هي أن يتحف الرّجل غريمه فيسكت عن مطالبته،لأنّ هذا يأكل المال و ذلك يأكل التّحفة،فهما يتآكلان.

أمرت بقرية تأكل القرى،يقولون:يثرب،أي يفتح أهلها القرى و يغنمون أموالها؛فجعل ذلك أكلا منها للقرى على سبيل التّمثيل.و يجوز أن يكون هذا تفضيلا لها على القرى،كقولهم:هذا حديث يأكل الأحاديث.

[في حديث عمر:]«اللّه ليضربنّ أحدكم أخاه بمثل آكلة اللّحم،ثمّ يرى أنّي لا أقيده منه،و اللّه لأقيدنّه منه».

قيل:هي السّكّين،و أكلها اللّحم:قطعها له،و مثلها العصا المحدّدة أو غيرها.

و قيل:هي النّار،و مثلها السّياط،لإحراقها الجلد.

في الحديث:«لعن آكل الرّبا و مؤكله»،أي معطيه.

(الفائق 1:50)

الطّبرسيّ: الأكل و المضغ و اللّقم متقارب،و ضدّ الأكل:الأزم.و سأل عمر بن الخطّاب الحارث بن كلدة طبيب العرب،فقال:يا حار ما الدّواء فقال:الأزم،أي ترك الأكل.(1:84)

و الأكل:المأكول يدلّ على ذلك قوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ إبراهيم:25،أي ما يؤكل منها.

فالآكال جمع أكل،مثل عنق و أعناق.و الأكل:

الفعل،و الأكلة:الطّعمة،و الأكلة:الواحدة.[و استشهد بالشّعر مرّتين](1:377)

الفيّوميّ: الأكل معروف،و هو مصدر أكل من باب قتل،و يتعدّى إلى ثان بالهمزة.

و الأكل بضمّتين و إسكان الثّاني:تخفيف المأكول.

و الأكلة بالفتح:المرّة،و بالضّمّ:اللّقمة.

و المأكلة بفتح الكاف و ضمّها:المأكول أيضا.

و المأكول:ما يؤكل.

و الأكولة بالفتح:الشّاة تسمّن و تعزل لتذبح، و ليست بسائمة،فهي من كرائم المال.

و الأكيلة:«فعيلة»بمعنى مفعولة،و منه أكيلة السّبع؛ه.

ص: 527


1- الوطيئة:القعيدة.و هي الغرارة الّتي يكون فيها الكعك و القديد،سمّيت بذلك لأنّها لا تفارق المسافر،فكأنّها تواطئه و تقاعده.

لفريسته الّتي أكل بعضها.

و أكلت الأسنان أكلا من باب تعب.و تأكّلت:تحاتّت و تساقطت.و أكلتها الأكلة.(1:17)

الفيروزآباديّ: أكله أكلا و مأكلا فهو آكل و أكيل من أكلة.

و الأكلة:المرّة،و بالضّمّ:اللّقمة و القرصة و الطّعمة.

جمعه:كصرد.و ذو الأكلة:حسّان بن ثابت رضي اللّه تعالى عنه.

و بالكسر:هيئته و الغيبة و يثلّث،و الحكّة كالأكال و الأكلة،كغراب و فرحة.

و رجل أكلة كهمزة،و أمير و صبور بمعنى.

و آكله الشّيء:أطعمه إيّاه و دعاه (1)عليه،كأكّله تأكيلا.

و فلانا مواكلة و إكالا:أكل معه،كواكله في لغيّة.

و بينهم:حمل بعضهم على بعض.و النّخل و الزّرع:

أطعم.و فلانا فلانا:أمكنه منه.

و استأكله الشّيء طلب إليه أن يجعله له أكله.

و يستأكل الضّعفاء،أي يأخذ أموالهم.

و الأكل بالضّمّ و بضمّتين:التّمر و الرّزق و الحظّ من الدّنيا،و الرّأي و العقل و الحصافة و صفاقة الثّوب و قوّته.

و الأكيل و الأكيلة:شاة تنصب ليصاد بها الذّئب و نحوه،كالأكولة بضمّتين،و هي قبيحة.و المأكول و المؤاكل و ما أكله السّبع من الماشية كالأكيلة.و الأكولة:

العاقر من الشّياه،و الشّاة تعزل للأكل.

و المأكلة و تضمّ الكاف:الميرة و ما أكل،و يوصف به،فيقال:شاة مأكلة.

و ذوو الآكال بالمدّ لا الآكال،و وهم الجوهريّ[هم:] سادة الأحياء الآخذين للمرباع.

و آكال الملوك:مآكلهم،و من الجند:أطماعهم.

و الآكلة:الرّاعية.

و آكلة اللّحم:السّكّين و العصا المحدّدة و النّار و السّياط.

و المئكلة:القصعة الصّغيرة تشبع الثّلاثة و البرمة الصّغيرة،و كلّ ما أكل فيه.

و أكل العضو و العود كفرح،و ائتكل و تأكّل:أكل بعضه بعضا،و الاسم:كغراب و كتاب.

و الأكلة كفرحة:داء في العضو يأتكل منه.

و تأكّل منه:غضب و هاج كائتكل.و الكحل و الصّبر و الفضّة و السّيف و البرق:اشتدّ بريقه.

و أكلت النّاقة كفرح أكالا كسحاب:نبت وبر جنينها، فوجدت حكّة و أذى في بطنها،و هي أكلة كفرحة،و بها أكال كغراب.و الأسنان:تكسّرت.

و الآكل:الملك.و المأكول:الرّعيّة.و المؤكل كمكرم:المرزوق.و المئكال:الملعقة.

و أكلني رأسي إكلة بالكسر،و أكالا بالضّمّ و الفتح:

حكّني.و ائتكل غضبا:احترق و توهّج.

و أكّل مالي تأكيلا و شرّبه:أطعمه النّاس.و ظلّ مالي يؤكّل و يشرب،أي يرعى كيف شاء.

و أمرت بقرية تأكل القرى،أي يفتح أهلها القرى و يغنمون أموالها؛فجعل ذلك أكلا منها،أو هذا تفضيل لها،كقولهم:هذا حديث يأكل الأحاديث.(3:339)ه.

ص: 528


1- كذا،و الصّواب ادّعاه.

الطّريحيّ:الأكل بالضّمّ و الضّمّتين:الرّزق،لأنّه يؤكل.و يقال:الأكل:ثمر النّخل و الشّجر،و كلّ ما يؤكل فهو أكل.

و أكلنا بني فلان،أي ظهرنا عليهم.

و أصل الأكل للشّيء:الإفناء له،ثمّ استعير لافتتاح البلاد و سلب الأموال.

و في الحديث:«لا تتعاط زوال ملك لم ينقض أكله و لم ينقطع مداه»يعني بالأكل:الرّزق و الحظّ من الدّنيا.

و في الفقيه (1):«لا تؤخذ الأكولة»و هي الكبيرة من الشّاة تكون في الغنم.

و رجل أكول،أي كثير الأكل.

و في الحديث:«يصف قوما يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقرة».

يقال:سائر الدّوابّ تأخذ من نبات الأرض بأسنانها و البقرة بلسانها؛فضرب بها المثل،لأنّهم لا يهتدون إلى المأكل إلاّ بذلك،كالبقرة لا تتمكّن من الاحتشاش إلاّ باللّسان.و لأنّهم لا يميّزون بين الحقّ و الباطل،كالبقرة لا تميّز بين الرّطب و اليابس و الحلو و المرّ.(5:307)

مجمع اللّغة:أكل الطّعام كنصر،يأكل أكلا و مأكلا:مضغه و ابتلعه.

و على طريق التّشبيه قيل:أكلت النّار الحطب:

التهمته،و أكلت السّنين المال:أفنته،و أكل فلان لحم فلان:اغتابه،و أكل المال:أخذه بحقّ أو بغير حقّ.

و الأكّال:الكثير الأكل.و الأكل:ما يؤكل.(1:42)

محمّد إسماعيل إبراهيم: أكل أكلا:مضغ الطّعام و بلعه،و الأمر منه:كل.و الأكّال:كثير الأكل.

و الأكل من الشّجرة هو الجنى،و ما يؤكل.و المأكول:

ما يؤكل أيضا.

و أكل ماله أو حقّه:استباحه.

و الأكل:الثّمر.(1:41)

العدنانيّ: أكل الحديد،تأكّل الحديد،ائتكل الحديد.

و يقولون:تآكل الحديد،أي أكل بعضه بعضا، و الصّواب:

أ-أكل الحديد:الصّحاح،و معجم مقاييس اللّغة، و اللّسان،و المصباح،و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و المتن«مجاز»و المعجم الكبير،و الوسيط.

ب-أو تأكّل الحديد:الصّحاح،و مفردات الرّاغب الأصفهانيّ،و المختار،و اللّسان،و المصباح،و القاموس، و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد،و المتن، و المعجم الكبير،و الوسيط.

ج-أو ائتكل الحديد:الصّحاح،و المختار،و اللّسان، و القاموس،و التّاج،و المدّ،و محيط المحيط،و أقرب الموارد، و المتن،و المعجم الكبير،و الوسيط.

و فعله:أكل الحديد يأكل أكلا.أمّا جملة«تآكل الرّجلان»فمعناها تشاركا في الأكل.

ساءني أكلك الطّعام باردا.

و يقولون:ساءتني أكلتك الطّعام باردا.

و الصّواب:ساءني أكلك الطّعام باردا؛لأنّ المصدر- لكي يعمل عمل فعله-يشترط فيه ألاّ يكون مختوما28

ص: 529


1- من لا يحضره الفقيه:2:28

بالتّاء الدّالّة على المرّة الواحدة.و«أكلة»مصدر مختوم بالتّاء الزّائدة الدّالّة على المرّة الواحدة.و الدّلالة على العدد-المرّة الواحدة-تعارض الدّلالة الأصليّة للمصدر، و هي الحدث المجرّد من كلّ شيء آخر،كالعدد،و الذّات، و الزّمان،و المكان،و التّذكير،و التّأنيث،و الإفراد، و التّثنية،و الجمع.

أمّا إذا كانت التّاء من صيغة الكلمة،و ليست للوحدة-المرّة الواحدة-مثل رحمة،جاز للمصدر أن يعمل،كقولنا:رحمتك الفقراء تشهد أنّك كريم.(21)

محمود شيت: 1-أ-أكل الطّعام أكلا:مضغه و بلعه.

و الأمر منه:كل.و يقال:أكلته النّار:أفنته،و أكله السّوس:

نخره و أفسده.و يقال:أكل عليه الدّهر و شرب:طال عمره،و أكل ماله أو حقّه:استباحه،و أكل فلانا أو لحمه:

اغتابه.

ب-آكل الشّجر إيكالا:أعطى أكله.آكل بين القوم:

أغرى بعضهم ببعض بالنّمائم،و آكل فلانا:أطعمه، و آكل فلانا الشّيء:أطعمه إيّاه.

ج-آكله مؤاكلة و إيكالا:أكل معه.

د-تأكّل الشّيء:ائتكل.تأكّل:فسد،و تأكّل رأسه أو أسنانه:أصابها أكال.

ه-الأكل،الأكل:الثّمر.قال تعالى: أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها... الرّعد:35،و الأكل:الرّزق الواسع،جمعه:

آكال.

و-الأكلة:المرّة من الأكل؛يقال:ربّ أكلة منعت أكلات.و الأكلة:المأكول.

ز-الأكّال:مبالغة في الأكل،قال تعالى: سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ... المائدة:42

2-أ-الأكل:الطّعام الّذي يقدّم للعسكريّين يوميّا بوجبات؛يقال:الجيش الّذي لا يأكل،لا يقاتل.

ب-أكلت الحرب الجيش:أفنته.(1:50)

المصطفويّ: الظّاهر أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة هو التّناول الملازم إزالة الصّورة و التّشخّص من الطّرف المأكول،ففي أكل الطّعام:يتناول الآكل من الطّعام بحيث يزيل صورته.و كذلك في أكل النّار الحطب،و في أكل الأموال بالباطل،و في أكل المغتاب لحم أخيه؛حيث إنّه يزيل تشخّصه و وجهته حَتّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ... آل عمران:183،تتناول النّار منه و تزيل صورته. وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ البقرة:

188، لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ...

البقرة:188، وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ...

النّساء:2،أي التّناول و التّصرّف فيها حتّى تزول صورة المملوكيّة لصاحبها و تجعلونها متعلّقة لأنفسكم.و كذلك لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً آل عمران:

130 وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا... الفجر:19، اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَما... البقرة:

275، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً...

النّساء:10،أي يتناولون لأنفسهم.

أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً الحجرات:

12،و قد عبّر باللّحم و الميّت فإنّ صورة البدن و نظمه باللّحم،فالمغتاب يزيل بالتّعييب و ذكر السّوء عنوانه و حيثيّته؛و الحال أنّه غائب لا يستطيع دفع السّوء عنه كالميّت،فكأنّ المغتاب يزيل اللّحم عن أخيه الميّت،

ص: 530

و لا يحفظه و لا يستر سوأته.

أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النّارَ... البقرة:

174،فكأنّ المأكول للّذين يكتمون ما أنزل اللّه و يشترون به ثمنا قليلا،هو النّار.و معلوم أنّ معدة الإنسان و بدنه لا يتحمّلها و لا يتثبّت في مقابل إحراقها و لهبها.

فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ... الفيل:5،كزرع قد تنوول و أزيل نظمه و انمحت صورته،فهم أيضا كأنّهم قد أكلوا فانمحت صورهم بالخضم و المضغ.

تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ... إبراهيم:25، وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ... الرّعد:4،أي الثّمر و المأكول،و الظّاهر أنّ هذه الصّيغة صفة مشبّهة على وزن جنب،و هو ما يكون متّصفا بالمأكوليّة،فكأنّها قد أخذت من«أكل»بضمّ العين لازما.(1:90)

النّصوص التّفسيريّة

اكل

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ... المائدة:3

ابن عبّاس: ما أخذ السّبع.

مثله الضّحّاك.(الطّبريّ 6:71)

ما قتله السّبع.

مثله الضّحّاك،و قتادة.(الطّوسيّ 3:431)

قتادة:كان أهل الجاهليّة إذا جرح السّبع شيئا فقتله و أكل بعضه.أكلوا ما بقي،فحرّمه اللّه.

(النّيسابوريّ 6:37)

مثله الميبديّ(3:12)،و البيضاويّ(1:261) و البروسويّ(2:341).

أبو عبيدة: و هو الّذي يصيده السّبع فيأكل منه و يبقى بعضه و لم يذكّ،و إنّما هو فريسة.(1:151)

ابن قتيبة: أي افترسه فأكل بعضه.(140)

الطّوسيّ: هو فريسة السّبع.(3:431)

الطّبرسيّ: روي في الشّواذّ قراءة ابن عبّاس (و اكيل السّبع)،و عن الحسن(و ما اكل السّبع)بسكون الباء.

قال ابن جنّيّ: الأكيلة اسم للمأكول كالنّطيحة، و الأكيل للجنس و العموم،يصلح للمذكّر و المؤنّث؛ تقول:مررت بشاة أكيل،أي قد أكلها الأسد و نحوه، و تقول:و ما لنا طعام إلاّ الأكيلة،أي الشّاة أو الجزور المعدّة للأكل،و إن كانت قد أكلت فهي بلا هاء.فأكيل السّبع:ما أكل بعضه السّبع.(2:156)

القرطبيّ: يريد كلّ ما افترسه ذو ناب و أظفار من الحيوان،[إلى أن قال:]

و في الكلام إضمار،أي و ما أكل منه السّبع،لأنّ ما أكله السّبع فقد فنى.

قرأ ابن مسعود (و اكيلة السّبع) ،و قرأ عبد اللّه بن عبّاس (و اكيل السّبع) .(6:49)

أبو حيّان: و المعنى في قوله: وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ ما افترسه فأكل منه،و لا يحمل على ظاهره،لأنّ ما فرض أنّه أكله السّبع لا وجود له؛فيحرم أكله؛و لذلك قال الزّمخشريّ:و ما أكل السّبع بعضه.و هذه كلّها كان أهل

ص: 531

الجاهليّة يأكلونها.

قرأ عبد اللّه (و اكيلة السّبع) ،و قرأ ابن عبّاس (و اكيل السّبع) ،و هما بمعنى مأكول السّبع.(3:423)

نحوه الآلوسيّ.(6:57)

رشيد رضا :أي:ما قتله بعض سباع الوحوش، كالأسد و الذّئب ليأكله.و أكله منه ليس شرطا للتّحريم، فإنّ فرسه إيّاه يلحقه بالميتة كما علم ممّا مرّ.و كانوا في الجاهليّة يأكلون بعض فرائس السّباع،و هو ممّا تأنفه أكثر الطّباع.و لا يزال النّاس يعدّون أكله ذلّة و مهانة و إن كانوا لا يخشون منه ضررا.(6:139)

الطّباطبائيّ: هي الّتي أكلها،أي أكل من لحمها السّبع،فإنّ الأكل يتعلّق بالمأكول سواء أفنى جميعه أو بعضه.(5:165)

فضل اللّه: وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ، الحيوان الّذي يقتل لهجوم حيوان مفترس عليه.(8:32)

اكلوا

وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ. المائدة:66

ابن عبّاس: (لاكلوا من فوقهم)بإرسال السّماء عليهم مدرارا،(و من تحت ارجلهم)بإعطاء الأرض خيرها و بركتها.

مثله مجاهد،و قتادة.(الطّبرسيّ 2:221)

لأعطتهم السّماء مطرها و بركتها و الأرض نباتها،كما قال تعالى: لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ الأعراف:96.

نحوه مجاهد،و قتادة،و السّدّيّ.(أبو حيّان 3:527)

و نحوه ابن جريج.(الطّبريّ 6:305)

مجاهد: أمّا(من فوقهم)فأرسلت عليهم مطرا، و أمّا(من تحت ارجلهم)،يقول:لأنبت لهم من الأرض من رزقي ما يغنيهم.(الطّبريّ 6:305)

الفرّاء: يقول:من قطر السّماء و نبات الأرض من ثمارها و غيرها.و قد يقال:إنّ هذا على وجه التّوسعة،كما تقول:هو في خير من قرنه إلى قدمه.(1:315)

الطّبريّ: أمّا معنى قوله: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ فإنّه يعني لأنزل اللّه عليهم من السّماء قطرها،فأنبتت لهم به الأرض حبّها و نباتها،فأخرج ثمارها.

و أمّا قوله: وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ فإنّه يعني تعالى ذكره:لأكلوا من بركة ما تحت أقدامهم من الأرض،و ذلك ما تخرجه الأرض من حبّها و نباتها و ثمارها،و سائر ما يؤكل،ممّا تخرجه الأرض.[إلى أن قال:]

و كان بعضهم يقول:إنّما أريد بقوله: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ التّوسعة،كما يقول القائل:

هو في خير من فرقه إلى قدمه.و تأويل أهل التّأويل بخلاف ما ذكرنا من هذا القول،و كفى بذلك شهيدا على فساده.(6:305)

النّقّاش: (من فوقهم)من رزق الجنّة،(و من تحت ارجلهم)من رزق الدّنيا،إذ هو من نبات الأرض.

(أبو حيّان 3:527)

الهرويّ: أي لوسّع عليهم الرّزق.(1:61)

عبد الجبّار: و ربّما قيل:ما معنى قوله تعالى: وَ لَوْ

ص: 532

أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ و كيف يكون الأكل على هذا الوجه.

و جوابنا أنّه تعالى في كثير من القرآن يذكر الأكل، و يعني سائر وجوه الانتفاع،نحو قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... النّساء:10،و معلوم من حال الانتفاع أنّه يكون سببه ما ينزل من السّماء و ما ينبت من الأرض.و على هذا الوجه قال تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ الذّاريات:22،فكنّى تعالى عن ذلك بهذين الحرفين اللّذين يجمعان كلّ المنافع.ثمّ بيّن تعالى أنّ منهم أمّة مقتصدة،و هم الّذين أسلموا و سلكوا طريق الحقّ من قبل.فنبّه بذلك على أنّ كلّ أهل الكتاب ليسوا بالصّفة الّتي ذكرها.(120)

الطّوسيّ: بإرسال السّماء عليهم مدرارا و وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ بإعطاء الأرض خيراتها و بركاتها و قال قوم: مِنْ فَوْقِهِمْ ثمار النّخل و الأشجار، وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ الزّرع،و المعنى لو آمنوا لأقاموا في أوطانهم، و أموالهم و زروعهم و لم يجلوا عن بلادهم،ففي ذلك التّأسيف لهم على ما فاتهم و الاعتداد بسعة ما كانوا فيه من نعمة اللّه عليهم،و هو جواب التّبخيل في قولهم: يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ... المائدة 64.

الثّاني: (1)أنّ المعنى فيه التّوسعة،كما يقال:هو في الخير من قرنه إلى قدمه،أي يأتيه الخير من كلّ جهة يلتمسه منها.و اختار الطّبريّ الوجه الأوّل.(3:585)

الكرمانيّ: مِنْ فَوْقِهِمْ ما يأتيهم من كبرائهم و ملوكهم وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ما يأتيهم من سفلتهم و عوامّهم.(أبو حيّان 3:528)

الزّمخشريّ: و قوله: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ عبارة عن التّوسعة،و فيه ثلاثة أوجه:

أن يفيض عليهم بركات السّماء و بركات الأرض.

و أن يكثر الأشجار المثمرة و الزّروع المغلّة.و أن يرزقهم الجنان اليانعة الثّمار يجتنون ما تهدّل منها من رءوس الشّجر،و يلتقطون ما تساقط على الأرض من تحت أرجلهم.(1:630)

مثله البيضاويّ(1:284)،و القاسميّ(6:2066)، و نحوه رشيد رضا(6:460).

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ اليهود لمّا أصرّوا على تكذيب محمّد صلى اللّه عليه و سلم أصابهم القحط و الشّدّة،و بلغوا إلى حيث قالوا: يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ... المائدة 64،فاللّه تعالى بيّن أنّهم لو تركوا ذلك الكفر لانقلب الأمر و حصل الخصب و السّعة.و في قوله: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ... وجوه:

الأوّل:أنّ المراد منه المبالغة في شرح السّعة و الخصب لا أنّ هناك فوقا و تحتا،و المعنى لأكلوا أكلا متّصلا كثيرا،و هو كما تقول:فلان في الخير من فرقه إلى قدمه،تريد تكاثف الخير و كثرته عنده.

و الثّاني:أنّ الأكل من فوق:نزول القطر،و من تحت الأرجل:حصول النّبات،كما قال تعالى: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ... الأعراف:96.

و الثّالث:الأكل من فوق:كثرة الأشجار المثمرة، و من تحت الأرجل:الزّروع المغلّة.د.

ص: 533


1- كذا ورد.

و الرّابع:المراد أن يرزقهم الجنان اليانعة الثّمار فيجتنون ما تهدّل من رءوس الشّجر،و يلتقطون ما تساقط على الأرض من تحت أرجلهم.

و الخامس:يشبه أن يكون هذا إشارة إلى ما جرى على اليهود من بني قريظة و بني النّضير،من قطع نخيلهم و إفساد زروعهم و اجلائهم عن أوطانهم.(12:47)

نحوه النّسفيّ(1:292)و النّيسابوريّ(6:128).

أبو حيّان: و ظاهر قوله: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ أنّه استعارة عن سبوغ النّعم عليه و توسعة الرّزق عليهم،كما يقال:قد عمّه الرّزق من فرقه إلى قدمه،و لا فوق و لا تحت.[ثمّ ذكر أقوال السّابقين إلى أن قال:]

و قال تاج القرّاء: مِنْ فَوْقِهِمْ ما يأتيهم من كبرائهم و ملوكهم، وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ما يأتيهم من سفلتهم و عوامّهم.

و عبّر بالأكل عن الأخذ،لأنّه أجلّ منافعه و أبلغ ما يحتاج إليه في ديمومة الحياة.(3:527)

البروسويّ: أي لوسّع اللّه عليهم أرزاقهم بأن يفيض عليهم بركات السّماء و الأرض بإنزال المطر و إخراج النّبات.(2:416)

الآلوسيّ: و المراد بالأكل الانتفاع مطلقا،و عبّر عن ذلك به لكونه أعظم الانتفاعات و يستتبع سائرها.

و مفعول(اكلوا)محذوف لقصد التّعميم،أو للقصد إلى نفس الفعل،كما في قولك:فلان يعطي و يمنع...[إلى أن قال:]

و ذكر بعض المحقّقين أنّ بعضا فسّر قوله سبحانه:

(لاكلوا)إلخ بقوله:لوسّع عليهم الرّزق،و فسّر التّوسعة بأوجه ذكرها،و لم يجعله شاملا لرزق الدّارين.و لو حمل على التّرقّي،و تفصيل ما أجمل في الأوّل شرطا و جزاء لكان وجها،انتهى.

و بهذا الوجه أقول و إليه أتوجّه،و إنّى أراه كالمتعيّن إلاّ أنّ الشّرطيّتين عليه ليستا سواء،و الإشكال فيه باق من وجه،و لا مخلص عنه على ما أرى إلاّ بالذّهاب إلى اختلاف الشّرطيّتين. (1)(6:185)

الطّباطبائيّ: فالمراد«بالأكل»التّنعّم مطلقا،سواء كان بالأكل كما في مورد الأغذية أو بغيره،كما في غيره.

و استعمال الأكل في مطلق التّصرّف و التّنعّم من غير مزاحم شائع في اللّغة.

و المراد(من فوقهم)هو السّماء،(و من تحت ارجلهم) هو الأرض.فالجملة كناية عن تنعّمهم بنعم السّماء و الأرض و إحاطة بركاتها عليهم،نظير ما وقع في قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ... الأعراف:96.

(6:38)

الأكل بالمعروف
فلياكل

وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً

ص: 534


1- و هما: وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ المائدة:65،و وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ المائدة:66،إلى آخر الآيتين. لاحظ الآلوسيّ.

وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ... النّساء:6

ابن عبّاس: إن كان غنيّا فلا يحلّ له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئا،و إن كان فقيرا فليستقرض منه،فإذا وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه؛فذلك أكله بالمعروف.(الطّبريّ 4:256)

إنّ الأكل بالمعروف هو كالانتفاع بألبان المواشي، و استخدام العبيد،و ركوب الدّوابّ إذا لم يضرّ بأصل المال؛كما يهنأ الجرباء،و ينشد الضّالّة،و يلوط الحوض، و يجذّ التّمر.فأمّا أعيان الأموال و أصولها فليس للوصيّ أخذها.

مثله أبو العالية،و الشّعبيّ.(القرطبيّ 5:42)

المراد أن يأكل الوصيّ بالمعروف من مال نفسه حتّى لا يحتاج إلى مال اليتيم،فيستعفف الغنيّ بغناه،و الفقير يقترّ على نفسه حتّى لا يحتاج إلى مال يتيمه.

مثله النّخعيّ.(القرطبيّ 5:43)

يأكل الفقير إذا ولّى مال اليتيم بقدر قيامه على ماله و منفعته له ما لم يسرف أو يبذّر.(الآلوسيّ 4:208)

أبو العالية: هو أن يأخذه قرضا على نفسه فيما لا بدّ له منه،ثمّ يقضيه.

مثله سعيد بن جبير،و عبيدة السّلمانيّ،و أبو العالية، و أبو وائل،و الشّعبيّ،و مجاهد،و هو المرويّ عن الإمام الباقر عليه السّلام.(الطّوسيّ 3:119)

هذا الإقراض[مختصّ]بأصول الأموال من الذّهب و الفضّة و غيرها،فأمّا التّناول من ألبان المواشي و استخدام العبيد و ركوب الدّوابّ،فمباح له إذا كان غير مضرّ بالمال.[لأنّ]اللّه تعالى قال: فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ... النّساء:6،فحكم في الأموال بدفعها إليهم.(الفخر الرّازيّ 9:191)

الشّعبيّ: لا يأكله إلاّ أن يضطرّ إليه كما يضطرّ إلى الميتة،فإن أكل منه شيئا قضاه.(الطّبريّ 4:256)

يأكل من ماله بقدر ما يعين فيه.

(الزّمخشريّ 1:502)

مجاهد: سلفا من مال يتيمه.(الطّبريّ 4:256)

من مال اليتيم بغير إسراف و لا قضاء عليه فيما أكل منه.(الطّبريّ 4:257)

ليس له أن يأخذ قرضا و لا غير.و الآية منسوخة، نسخها قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ... النّساء:29،و هذا ليس بتجارة.

(القرطبيّ 5:42)

عكرمة: يأكل بأطراف أصابعه و لا يسرف و لا يكتسي منه.

مثله عطاء.(البغويّ 1:402)

الحسن: إذا احتاج أكل بالمعروف من المال،طعمة من اللّه له.(الطّبريّ 4:260)

يأخذ ما سدّ الجوعة،و وارى العورة،و لا قضاء عليه، و لم يوجبوا أجرة المثل،لأنّ أجرة المثل ربّما كانت أكثر من قدر الحاجة.

مثله النّخعيّ،و مكحول،و عطاء.(الطّوسيّ 3:119)

عطاء: بقدر حاجته الضّروريّة من سدّ الجوعة و ستر العورة.

ص: 535

مثله قتادة.(الآلوسيّ 14:208)

السّدّيّ: و من كان فقيرا من وليّ مال اليتيم فليأكل معه بأصابعه،لا يسرف في الأكل و لا يلبس.

(الطّبريّ 4:257)

الكلبيّ: المعروف ركوب الدّابّة و خدمة الخادم، و ليس له أن يأكل من ماله شيئا.(البغويّ 1:402)

أبو حنيفة: إن كان وصيّ اليتيم مقيما فلا يجوز له أن يأخذ من ماله شيئا،و إن كان مسافرا فله أن يأخذ ما يحتاج إليه،و لا يقتني شيئا.(أبو حيّان 3:173)

ابن زيد: إن استغنى كفّ،و إن كان فقيرا أكل بالمعروف،أكل بيده معهم،لقيامه على أموالهم،و حفظه إيّاها،يأكل ممّا يأكلون منه.و إن استغنى كفّ عنه و لم يأكل منه شيئا.(الطّبريّ 4:260)

الفرّاء: هذا الوصيّ:يقول:يأكل قرضا.(1:257)

أبو عبيدة: أي لا يتأثّل مالا،التّأثّل:اتّخاذ أصل مال،و الأثلة:الأصل.[ثمّ استشهد بشعر](1:117)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في المعروف الّذي أذن اللّه جلّ ثناؤه لولاة أموالهم أكلها به؛إذ كانوا أهل فقر و حاجة إليها،فقال بعضهم:ذلك هو القرض يستقرضه من ماله،ثمّ يقضيه.

و اختلف قائلو هذا القول في معنى أكل ذلك بالمعروف فقال بعضهم:أن يأكل من طعامه بأطراف الأصابع،و لا يلبس منه.

و قال آخرون:بل المعروف في ذلك،أن يأكل ما يسدّ جوعه،و يلبس ما وارى العورة.

و قال آخرون:بل ذلك المعروف:أكل تمره و شرب رسل ماشيته،بقيامه على ذلك.فأمّا الذّهب و الفضّة فليس له أخذ شيء منهما إلاّ على وجه القرض.

و قال آخرون منهم:له أن يأكل من جميع المال إذا كان يلي ذلك،و إن أتى على المال و لا قضاء عليه.

و أولى الأقوال في ذلك بالصّواب،قول من قال:

(بالمعروف)الّذي عناه اللّه تبارك و تعالى في قوله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ... أكل مال اليتيم عند الضّرورة و الحاجة إليه،على وجه الاستقراض منه.فأمّا على غير ذلك الوجه فغير جائز له أكله؛و ذلك أنّ الجميع مجمعون على أنّ وليّ اليتيم لا يملك من مال يتيمه إلاّ القيام بمصلحته.فلمّا كان إجماعا منهم أنّه غير مالكه، و كان غير جائز لأحد أن يستهلك مال أحد غيره، يتيما كان ربّ المال أو مدركا رشيدا،و كان عليه-إن تعدّى فاستهلكه بأكل أو غيره-ضمانه لمن استهلكه عليه بإجماع من الجميع،و كان وليّ اليتيم سبيله سبيل غيره،في أنّه لا يملك مال يتيمه،كان كذلك حكمه فيما يلزمه من قضائه إذا أكل منه،سبيله سبيل غيره،و إن فارقه في أنّ له الاستقراض منه عند الحاجة إليه،كماله الاستقراض عليه عند حاجته إلى ما يستقرض عليه،إذا كان قيّما بما فيه مصلحته.و لا معنى لقول من قال:...[ثمّ ردّ أقوال السّابقين فراجع](4:255-261)

الجصّاص: [نقل أقوال السّابقين ثمّ قال:]

و قوله تعالى: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ...، متشابه يحتمل للوجوه الّتي ذكرنا، فأولى الأشياء بها حملها على موافقة الآي المحكمة،و هو أن يأكل من مال نفسه بالمعروف،لئلاّ يحتاج إلى مال

ص: 536

اليتيم،لأنّ اللّه تعالى قد أمرنا بردّ المتشابه إلى المحكم، و نهانا عن اتّباع المتشابه من غير ردّ له إلى المحكم.قال اللّه تعالى: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ... آل عمران:7.

و تأويل من تأوّله على جواز أخذ مال اليتيم قرضا أو غير قرض مخالف لمعنى المحكم.و من تأوّله على غير ذلك فقد ردّه إلى المحكم،و حمله على معناه فهو أولى.

و قد روي أنّ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ منسوخ،رواه الحسن بن أبي الحسن ابن عطيّة،عن عطيّة أبيه،عن ابن عبّاس: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ...، نسختها الآية الّتي تليها: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً. [و فيه أبحاث مستوفاة فراجع]

(2:65)

الطّوسيّ: اختلفوا في الوجه الّذي يجوز له أكل مال اليتيم به إذا كان فقيرا،و هو المعروف.[و نقل قول سعيد ابن جبير،و الحسن ثمّ قال:]

و الظّاهر في أخبارنا أنّ له أجرة المثل،سواء كان قدر كفايته،أو لم يكن.

و اختلفوا في[أنّ]هل للفقير من وليّ اليتيم أن يأكل من ماله هو و عياله؟

فقال عمرو بن عبيد:ليس له ذلك،لقوله:

فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فخصّه بالأكل.

و قال الجبّائيّ: له ذلك،لأنّ قوله:(بالمعروف) يقتضي أن يأكل هو و عياله،على ما جرت به العادة في أمثاله،إن كان المال واسعا كان له أن يأخذ قدر كفايته له و لمن يلزمه نفقته من غير إسراف،و إن كان قليلا كان له أجرة المثل لا غير.و إنّما لم يجعل له أجرة المثل إذا كان المال كثيرا،لأنّه ربّما كان أجرة المثل أكثر من نفقته بالمعروف،و على ما قلناه من أنّ له أجرة المثل سقط هذا الاعتبار.(3:119)

الزّمخشريّ: قسّم الأمر بين أن يكون الوصيّ غنيّا و بين أن يكون فقيرا،فالغنيّ يستعفّ من أكلها و لا يطمع، و يقتنع بما رزقه اللّه من الغنى إشفاقا على اليتيم و إبقاء على ماله،و الفقير يأكل قوتا مقدّرا محتاطا في تقديره على وجه الأجرة و استقراضا،على ما في ذلك من الاختلاف.و لفظ«الأكل بالمعروف و الاستعفاف»ممّا يدلّ على أنّ للوصيّ حقّا لقيامه عليها.

و عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم أنّ رجلا قال له:إنّ في حجري يتيما أ فآكل من ماله؟قال:بالمعروف غير متأثّل مالا و لا واق مالك بماله،فقال:أ فأضربه؟قال:ممّا كنت ضاربا منه ولدك.(1:502)

نحوه البيضاويّ.(1:204)

الفخر الرّازيّ: و اختلف العلماء في أنّ الوصيّ هل له أن ينتفع بمال اليتيم؟و في هذه المسألة أقوال:

أحدها:أنّ له أن يأخذ بقدر ما يحتاج إليه من مال اليتيم و بقدر أجر عمله.و احتجّ القائلون بهذا القول بوجوه:

الأوّل:أنّ قوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً...، مشعر بأنّ له إن أكل بقدر الحاجة.

و ثانيها:أنّه قال: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كانَ فَقِيراً...، فقوله: وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا... ليس المراد منه نهي الوصيّ الغنيّ عن الانتفاع بمال نفسه،بل المراد

ص: 537

منه نهيه عن الانتفاع بمال اليتيم،و إذا كان كذلك لزم أن يكون قوله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.

إذنا للوصيّ في أن ينتفع بمال اليتيم بمقدار الحاجة.

و ثالثها:قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... النّساء:10،و هذا دليل على أنّ مال اليتيم قد يؤكل ظلما و غير ظلم،و لو لم يكن ذلك لم يكن لقوله:

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ...، فائدة.و هذا يدلّ على أنّ للوصيّ المحتاج أن يأكل من ماله بالمعروف.

و رابعها:ما روي عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم...[تقدّم في كلام الزّمخشريّ]

و خامسها:[ما رواه القرطبيّ عن ابن عبّاس و قد تقدّم]

و سادسها:أنّ الوصيّ لمّا تكفّل بإصلاح مهمّات الصّبيّ وجب أن يتمكّن من أن يأكل من ماله بقدر عمله قياسا على السّاعي في أخذ الصّدقات و جمعها،فإنّه يضرب له في تلك الصّدقات بسهم،فكذا هاهنا.

و القول الثّانيّ:قول سعيد بن جبير،و أبي العالية [و قد تقدّم]

و القول الثّالث:قال أبو بكر الرّازيّ:الّذي نعرفه من مذهب أصحابنا أنّه لا يأخذ على سبيل القرض و لا على سبيل الابتداء،سواء كان غنيّا أو فقيرا.و احتجّ عليه بآيات:

منها قوله: وَ آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ إلى قوله:

إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً النّساء:2.

و منها قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً النّساء:10.

و منها قوله: وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ...

النّساء:127.

و منها قوله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ البقرة:188.

فهذه الآية محكمة حاصرة لمال اليتيم على وصيّه في حال الغنى و الفقر،و قوله: وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ النّساء:6،متشابه محتمل،فوجب ردّه لكونه متشابها إلى تلك المحكمات.

و عندي أنّ هذه الآيات لا تدلّ على ما ذهب الرّازيّ إليه.

أمّا قوله: وَ آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ فهو عامّ، و هذه الآية الّتي نحن فيها خاصّة،و الخاصّ مقدّم على العامّ.

و قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً...، فهو إنّما يتناول هذه الواقعة،لو ثبت أنّ أكل الوصيّ من مال الصّبيّ بالمعروف ظلم،و هل النّزاع إلاّ فيه،و هو الجواب بعينه عن قوله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ البقرة:188.

و أمّا قوله: وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ...، فهو إنّما يتناول محل النّزاع لو ثبت أنّ هذا الأكل ليس بقسط،و النّزاع ليس إلاّ فيه،فثبت أنّ كلامه في هذا المقام ساقط ركيك،و اللّه أعلم.(9:190)

نحوه النّيسابوريّ.(4:180)

القرطبيّ:و اختلف الجمهور في الأكل بالمعروف ما هو؟[ثمّ ذكر أقوال السّابقين فراجع](5:41)

أبو حيّان:ظاهر هذه الجملة يدلّ على أنّه تقسيم

ص: 538

لحال الوصيّ على اليتيم،فأمره تعالى بالاستعفاف عن ماله إن كان غنيّا،و اقتناعه بما رزقه اللّه تعالى من الغنى، و أباح له الأكل بالمعروف من مال اليتيم إن كان فقيرا؛ بحيث يأخذ قوتا محتاطا في تقديره.و ظاهر هذه الإباحة أنّه لا تبعة عليه و لا يترتّب في ذمّته ما أخذ ممّا يسدّ جوعته بما لا يكون رفيعا من الثّياب،و لا يقضي إذا أيسر،قاله إبراهيم،و عطاء،و الحسن،و قتادة.و على هذا القول،الفقهاء.

و قال عمر،و ابن عبّاس،و عبيدة،و الشّعبيّ، و مجاهد،و أبو العالية،و ابن جبير:يقضي إذا أيسر و لا يستلف أكثر من حاجته،و به قال الأوزاعيّ.

و قال ابن عبّاس أيضا و أبو العالية،و الحسن، و الشّعبيّ:إنّما يأكل بالمعروف إذا شرب من اللّبن و أكل من التّمر بما يهنأ الجرباء و يليط الحوض و يجد التّمر و ما أشبهه،فأمّا أعيان الأموال و أصولها فليس للوليّ أخذها.

و قالت طائفة:(المعروف)أن يكون له أجر بقدر عمله و خدمته،و هذه رواية عن الإمام أحمد،و فصّل الحسن بن حيّ فقال:إن كان وصيّ أب فله الأكل بالمعروف،أو وصيّ حاكم فلا سبيل له إلى المال بوجه، و أجرته على بيت المال.

و فصّل أبو حنيفة و صاحباه،فقالوا:إن كان وصيّ اليتيم مقيما فلا يجوز له أن يأخذ من ماله شيئا،و إن كان مسافرا فله أن يأخذ ما يحتاج إليه و لا يقتني شيئا.

و فصّل الشّعبيّ فقال:إن كان مضطرّا بحال من يجوز له أكل الميتة،أكل بقدر حاجته و ردّ إذا وجد،و إلاّ فلا يأكل لا سفرا و لا حضرا.

و قال مجاهد:هذه الإباحة منسوخة بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... النّساء:10.

و قال أبو يوسف:لعلّها منسوخة بقوله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ البقرة:188،فليس له أن يأخذ قرضا و لا غيره.

و قال ابن عبّاس و النّخعيّ أيضا:هذا الأمر ليس متعلّقا بمال اليتيم،و المعنى أنّ الغنيّ يستعفف بغناه،و أمّا الفقير فيأكل بالمعروف من مال نفسه،و يقوم على نفسه بماله حتّى لا يحتاج إلى مال يتيمه.و اختار هذا القول من الشّافعيّة الكيا الطّبريّ.

و قيل:إن كان مال اليتيم كثيرا يحتاج إلى قيام كثير عليه؛بحيث يشغل الوليّ عن مصالح نفسه و مهمّاته فرض له في مال اليتيم أجر عمله،و إن كان لا يشغله فلا يأكل منه شيئا،غير أنّه يستحبّ له شرب قليل اللّبن و أكل قليل الطّعام و السّمن غير مضرّ به و لا مستكثر منه،على ما جرت به العادة و المسامحة.

و قالت طائفة،منهم ربيعة،و يحيى بن سعيد:هذا تقسيم لحال اليتيم لا لحال الوصيّ،و المعنى من كان منهم غنيّا فليعفّ بماله،و من كان منهم فقيرا فليقتر عليه بالمعروف و الاقتصاد.و يكون من خطاب العين و يراد به الغير،خوطب اليتامى بالاستعفاف و الأكل بالمعروف و المراد الأولياء،لأنّ اليتامى ليسوا من أهل الخطاب، فكأنّه قال للأولياء و الأوصياء:إن كان اليتيم غنيّا فانفقوا عليه نفقة متعفّف مقتصد لئلاّ يذهب ماله بالتّوسّع في نفقته،و إن كان فقيرا فلينفق عليه بقدر ماله

ص: 539

لئلاّ يذهب فيبقى كلاّ مضعفا.

فهذه أقوال ملخّصها:

هل تقسيم في الوليّ أو الصّبيّ؟قولان.

فإذا كان في الوليّ فهل الأمر متوجّه إلى مال نفسه أو مال الصّبيّ؟قولان.

و إذا كان متوجّها إلى مال الصّبيّ فهل ذلك منسوخ أم لا؟قولان.

و إذا لم يكن منسوخا فهل يكون تفصيلا بالنّسبة إلى الأكل أو المأكول؟قولان.

فإذا كان بالنّسبة إلى الأكل فهل يختصّ بوليّ الأب أو بالمسافر أو بالمضطرّ أو بالمشتغل بذلك عن مهمّات نفسه؟أقوال.

و إذا كان بالنّسبة للمأكول فهل يختصّ بالتّافه أم يتعدّى إلى غيره؟قولان.

و إذا تعدّى إلى غيره فهل يكون أجرة أم لا؟قولان.

و إذا لم يكن أجرة فأخذ فهل يترتّب دينا في ذمّته يجب قضاؤه إذا أيسر أم لا؟قولان.

و دلائل هذه الأقوال مذكورة في مسائل الخلاف.(3:173)

البروسويّ: أي بما عرف في الشّرع بقدر حاجته الضّروريّة و أجرة سعيه و خدمته،و فيه ما يدلّ على أنّ للوصيّ حقّا لقيامه عليها.(2:167)

الطّباطبائيّ: التّقابل الواقع بين«الأكل إسرافا»و «الأكل بدارا،أن يكبروا»يعطي أنّ«الأكل إسرافا»هو التّعدّي إلى أموالهم من غير حاجة و لا شائبة استحقاق بل إجحافا من غير مبالات،و«الأكل بدارا»أن يأكل الوليّ منها مثل ما يعدّ أجرة لعمله فيها عادة،غير أنّ اليتيم لو كبر أمكن أن يمنعه عن مثل هذا الأكل،فالجميع ممنوع إلاّ أن يكون الوليّ فقيرا لا محيص له من أن يشتغل بالاكتساب لسدّ جوعه،أو يعمل لليتيم و يسدّ حاجته الضّروريّة من ماله.و هذا بالحقيقة يرجع إلى ما يأخذ العامل للتّجارة و البناية و نحوهما،و هو الّذي ذكره بقوله:

وَ مَنْ كانَ غَنِيًّا، أي لا يحتاج في معاشه إلى الأخذ من مال اليتيم(فليستعفف)،أي ليطلب طريق العفّة و ليلزمه فلا يأخذ من أموالهم، وَ مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ و ذكر بعض المفسّرين أنّ المعنى فليأكل بالمعروف من مال نفسه لا من أموالهم،و هو لا يلائم التّفصيل بين الغنيّ و الفقير.(4:173)

فضل اللّه: و ذلك بدراسة الأجرة الّتي يستحقّها في مقابل الجهد الّذي يبذله في رعاية اليتيم،لا سيّما إذا كان متفرّغا لذلك؛بحيث يحبس نفسه عليه،فإنّ له الحقّ في أخذ أجرة المثل،كما هو الحال في أيّ عامل مماثل في غير هذه الحالة.(7:86)

الأكل بالباطل
ياكلون

1- إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النّارَ... البقرة:174

الحسن:الأجر الّذي أخذوه على الكتمان.

مثله الرّبيع،و الجبّائيّ.(الطّوسيّ 2:88)

ص: 540

الشّريف الرّضيّ: و هذه استعارة،كأنّهم إذا أكلوا ما يوجب العقاب بالنّار كان ذلك المأكول مشبها بالأكل من النّار.و قوله سبحانه: فِي بُطُونِهِمْ: زيادة معنى، و إن كان كلّ آكل إنّما يأكل في بطنه،و ذلك أنّه أفظع سماعا،و أشدّ إيجاعا.و ليس قول الرّجل للآخر:إنّك تأكل النّار مثل قوله:إنّك تدخل النّار في بطنك.(119)

الطّوسيّ: معناه الأجر الّذي أخذوه على الكتمان سمّي بذلك،لأنّه يؤدّيهم إلى النّار،كما قال في أكل مال اليتيم ظلما: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً النّساء:

10،و قال بعضهم:إنّما يأكلون في جهنّم نارا جزاء على تلك الأعمال،و الأوّل أحسن.(2:88)

البغويّ: يعني إلاّ ما يؤدّيهم إلى النّار،و هو الرّشوة و الحرام و ثمن الدّين،فلمّا كان يفضي ذلك بهم إلى النّار فكأنّهم أكلوا النّار.و قيل:معناه أنّه يصير نارا في بطونهم.(1:121)

الزّمخشريّ: إذا أكل ما يتلبّس بالنّار لكونها عقوبة عليه فكأنّه أكل النّار.و منه قولهم:أكل فلان الدّم،إذا أكل الدّية الّتي هي بدل منه.[ثمّ استشهد بشعر]

(1:329)

مثله النّسفيّ.(1:89)

الطّبرسيّ: معناه أنّ أكلهم في الدّنيا و إن كان طيّبا في الحال،فكأنّهم لم يأكلوا إلاّ النّار،لأنّ ذلك يؤدّيهم إلى النّار،كقوله سبحانه في أكل مال اليتيم: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً. عن الحسن و الرّبيع و أكثر المفسّرين.

و قيل:إنّهم يأكلون النّار حقيقة في جهنّم عقوبة لهم على كتمانهم فيصير ما أكلوا في بطونهم نارا يوم القيامة، فسمّاه في الحال بما يصير إليه في المآل.(1:258)

الفخر الرّازيّ: قيل:إنّ أكلهم في الدّنيا و إن كان طيّبا في الحال فعاقبته النّار،فوصف بذلك كقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... النّساء:10، عن الحسن،و الرّبيع و جماعة من أهل العلم؛و ذلك لأنّه لمّا أكل ما يوجب النّار فكأنّه أكل النّار،كما روي في حديث آخر:«الشّارب من آنية الذّهب و الفضّة إنّما يجرجر في بطنه نار جهنّم»و قوله: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً يوسف:36،أي عنبا،فسمّاه باسم ما يؤول إليه.

و قيل:إنّهم في الآخرة يأكلون النّار لأكلهم في الدّنيا الحرام،عن الأصمّ.(5:29)

القرطبيّ: و معنى(الاّ النّار)أي إنّه حرام يعذّبهم اللّه عليه بالنّار،فسمّي ما أكلوه من الرّشاء نارا،لأنّه يؤدّيهم إلى النّار،هكذا قال أكثر المفسّرين.

و قيل:أي إنّه يعاقبهم على كتمانهم بأكل النّار في جهنّم حقيقة.فأخبر عن المآل بالحال،كما قال تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً...، أي أنّ عاقبته تؤول إلى ذلك.[ثمّ استشهد بشعر](2:235)

نحوه البيضاويّ.(1:96)،و أبو السّعود(1:148)، و البروسويّ(1:279)

أبو حيّان: ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النّارَ فمنهم من حمله على ظاهره،و قال:إنّ ذلك يكون في الدّنيا و أنّ الرّشا الّتي هم يأكلونها تصير في أجوافهم نارا فلا يحسّون بها إلاّ بعد الموت.و منع تعالى أن يدركوا أنّها نار استدراجا و إملاء لهم،و يكون في هذا المعنى بعض تجوّز،

ص: 541

لأنّه حالة الأكل لم يكن نارا إنّما بعد صارت في بطونهم نارا.

و قيل:إنّ ذلك يكون في الآخرة،فهو حقيقة أيضا.

و اختلفوا،فقيل:جميع ما أكلوه من السّحت و الرّشاء في الدّنيا يجعل نارا في الآخرة،ثمّ يطعمهم اللّه إيّاه في النّار.

و قيل:يأمر الزّبانية أن تطعمهم النّار ليكون عقوبة الأكل من جنسه.

و أكثر العلماء على تأويل قوله: ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النّارَ على معنى أنّهم يجازون على ما اقترفوه من كتم ما أنزل اللّه و الاشتراء به الثّمن القليل بالنّار،و أنّ ما اكتسبوه بهذه الأوصاف الذّميمة مآله إلى النّار.و عبّر بالأكل لأنّه أعظم منافع ما تصرف فيه الأموال.و ذكر(فى بطونهم)إمّا على سبيل التّوكيد؛إذ معلوم أنّ الأكل لا يكون إلاّ في البطن،فصار نظير: وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ... الأنعام:38،أو كناية عن ملء البطن،لأنّه يقال:فلان أكل في بطنه و فلان أكل في بعض بطنه،أو لرفع توهّم المجاز،إذ يقال:أكل فلان ماله،إذا بذر و إن لم يأكله،و جعل المأكول«النّار»تسمية له بما يؤول إليه،لأنّه سبب النّار،و ذلك كما يقولون:أكل فلان الدّم، يريدون:الدّية،لأنّه بدل من الدّم.و تسمية الشّيء بما يؤول إليه كثير،و من ذلك: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... النّساء:10.(1:492)

الآلوسيّ: إمّا في الحال كما هو أصل المضارع،لأنّهم أكلوا ما يتلبّس بالنّار و هو الرّشا،لكونها عقوبة لها؛ فيكون في الآية استعارة تمثيليّة؛بأن شبّه الهيئة الحاصلة من أكلهم ما يتلبّس بالنّار بالهيئة المنتزعة من أكلهم النّار، من حيث إنّه يترتّب على أكل كلّ منهما من تقطّع الأمعاء،و الألم ما يترتّب على الآخر.فاستعمل لفظ المشبّه به في المشبّه،و إمّا في المآل،أي لا يكون يوم القيامة إلاّ النّار،فالنّار في الاحتمالين مستعمل في معناه الحقيقيّ.

و قيل:إنّها مجاز عن الرّشا،إذا أريد الحال و العلاقة السّببيّة و المسبّبيّة،و حقيقة إذا أريد المآل.و لا يخفى أنّ الأوّل هو الأليق بمقام الوعيد.(2:43)

القاسميّ: أي ما يستتبع النّار و يستلزمها،فكأنّه عين النّار،و أكله أكلها،و(فى بطونهم)متعلّق ب(يأكلون).و فائدته:تأكيد الأكل و تقريره ببيان مقرّ المأكول.

قال الرّاغب: أكل النّار:تناول ما يؤدّي إليها.و ذكر الأكل لكونه المقصود الأوّل بتحصيل المال.(3:384)

رشيد رضا :أي أولئك الكاتمون لكتاب اللّه و المتّجرون به ما يأكلون في بطونهم من ثمنه إلاّ ما يكون سببا لدخول النّار و انتهاء مطامعهم بعذابها،و هذا أظهر من القول بأنّهم لا يأكلون في دار الجزاء إلاّ النّار،أو طعام النّار من الضّريع و الزّقّوم.

و عبّر عن المنافع بالأكل،لأنّه أعمّها،و المعنى لا تملأ بطونهم إلاّ النّار،فإنّ الأكل لمّا كان لا يكون إلاّ في البطن كان لا بدّ من نكتة لذكر البطن إذا قيل:أكل في بطنه، و رأيناهم يعبّرون بذلك عن الامتلاء،يقولون:أكل في بطنه،يريدون ملأ بطنه.و الأصل أن يأكل الإنسان دون امتلاء بطنه.و المراد أنّه لا يشبع جشعهم،و لا يذهب بطمعهم إلاّ النّار الّتي يصيرون إليها،على حدّ ما ورد في الحديث:«و لا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التّراب».[ثمّ

ص: 542

استشهد بشعر](2:104)

فضل اللّه: فما حصلوا عليه و اكتسبوه بالإثم،و اشتروا به طيّبات الحياة و شهواتها،من كلّ ما يستطيبونه و يستلذّونه و يأكلونه،سوف يتحوّل إلى نار تحرقهم في عذاب اللّه في جهنّم،و سيفقدون رعاية اللّه؛ حيث يبعدهم اللّه عن رحمته(3:198)

2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَ الرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ. التّوبة:34

الحسن: أي يأخذون الرّشا على الحكم.

مثله الجبّائيّ.(الطّبرسيّ 3:25)

الطّبريّ: يأخذون الرّشا في أحكامهم،و يحرّفون كتاب اللّه و يكتبون بأيديهم كتبا،ثمّ يقولون:هذه من عند اللّه،و يأخذون بها ثمنا قليلا من سفلتهم.

(10:117)

مثله البغويّ.(3:70)

الطّوسيّ: و أكل المال بالباطل تملّكه من الجهات الّتي يحرم منها أخذه.

و قيل في معنى: لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ وجهان:

أحدهما:أنّهم يتملّكون،فوضع يأكلون موضعه، لأنّ الأكل غرضهم.

و الثّاني:يأكلون أموال النّاس من الطّعام،فكأنّهم يأكلون الأموال لأنّها من المأكول.[ثمّ استشهد بشعر]

(5:245)

مثله الطّبرسيّ.(3:25)

الزّمخشريّ: معنى أكل الأموال على وجهين:

إمّا أن يستعار الأكل للأخذ،أ لا ترى إلى قولهم:أخذ الطّعام و تناوله.

و إمّا على أنّ الأموال يؤكل بها فهي سبب الأكل، و معنى أكلهم بالباطل أنّهم كانوا يأخذون الرّشا في الأحكام،و التّخفيف و المسامحة في الشّرائع.(2:186)

الفخر الرّازيّ: البحث الثّاني:أنّه تعالى عبّر عن أخذ الأموال بالأكل،و هو قوله:(ليأكلون)،و السّبب في هذه الاستعارة،أنّ المقصود الأعظم من جمع المال هو الأكل،فسمّي الشّيء باسم ما هو أعظم مقاصده،أو يقال:من أكل شيئا فقد ضمّنه إلى نفسه و منعه من الوصول إلى غيره،و من جمع المال فقد ضمّ تلك الأموال إلى نفسه،و منعها من الوصول إلى غيره.فلمّا حصلت المشابهة بين الأكل و بين الأخذ من هذا الوجه،سمّي الأخذ بالأكل.أو يقال:إنّ من أخذ أموال النّاس فإذا طولب بردّها،قال:أكلتها و ما بقيت،فلا أقدر على ردّها؛ فلهذا السّبب سمّي الأخذ بالأكل.

البحث الثّالث:أنّه قال: لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ التّوبة:34،و قد اختلفوا في تفسير هذا الباطل على وجوه:

الأوّل:أنّهم كانوا يأخذون الرّشا في تخفيف الأحكام و المسامحة في الشّرائع.

و الثّاني:أنّهم كانوا يدّعون عند الحشرات و العوامّ منهم،أنّه لا سبيل لأحد إلى الفوز بمرضاة اللّه تعالى إلاّ بخدمتهم و طاعتهم،و بذل الأموال في طلب مرضاتهم.

و العوامّ كانوا يغترّون بتلك الأكاذيب.

ص: 543

و الثّالث:التّوراة كانت مشتملة على آيات دالّة على مبعث محمّد صلى اللّه عليه و سلم،فأولئك الأحبار و الرّهبان كانوا يذكرون في تأويلها وجوها فاسدة و يحملونها على محامل باطلة،و كانوا يطيبون قلوب عوامّهم بهذا السّبب، و يأخذون الرّشوة.

و الرّابع:أنّهم كانوا يقرّرون عند عوامّهم أنّ الدّين الحقّ هو الّذي هم عليه،فإذا قرّروا ذلك قالوا:و تقوية الدّين الحقّ واجب.ثمّ قالوا:و لا طريق إلى تقويته إلاّ إذا كان أولئك الفقهاء أقواما عظماء أصحاب الأموال الكثيرة و الجمع العظيم،فبهذا الطّريق يحملون العوامّ على أن يبذلوا في خدمتهم نفوسهم و أموالهم،فهذا هو الباطل الّذي كانوا به يأكلون أموال النّاس،و هي بأسرها حاضرة في زماننا،و هو الطّريق لأكثر الجهّال و المزوّرين إلى أخذ أموال العوامّ و الحمقى من الخلق.(16:42)

مثله النّيسابوريّ(10:76)،و نحوه البروسويّ(3:

418).

البيضاويّ: يأخذونها بالرّشا في الأحكام،سمّي أخذ المال أكلا،لأنّه الغرض الأعظم منه.(1:413)

أبو حيّان:و أكلهم المال بالباطل،هو أخذهم من أموال أتباعهم ضرائب باسم الكنائس و البيع و غير ذلك،ممّا يوهمونهم به أنّ النّفقة فيه من الشّرع و التّقرّب إلى اللّه،و هم يحجبون تلك الأموال كالرّاهب الّذي استخرج سلمان كنزه،و كما يأخذونه من الرّشا في الأحكام،كإيهام حماية دينهم.(5:35)

الآلوسيّ: يأخذونها بالارتشاء لتغيير الأحكام و الشّرائع و التّخفيف و المسامحة فيها،و التّعبير عن الأخذ بالأكل مجاز مرسل،و العلاقة العلّيّة و المعلوليّة أو اللاّزميّة و الملزوميّة،فإنّ الأكل ملزوم للأخذ كما قيل.

و جوّز أن يكون المراد من الأموال الأطعمة الّتي تؤكل بها مجازا مرسلا.[ثمّ استشهد بشعر]و اختار هذا العلاّمة الطّيّبيّ،و هو أحد وجهين ذكرهما الزّمخشريّ، و ثانيهما أن يستعار الأكل للأخذ،و ذلك على ما قرّره العلاّمة أن يشبه حالة أخذهم أموال النّاس من غير تميّز بين الحقّ و الباطل،و تفرقة بين الحلال و الحرام،للتّهالك على جمع حطامها بحالة منهمك جائع لا يميّز بين طعام و طعام في التّناول.

ثمّ ادّعى أنّه لا طائل تحت هذه الاستعارة و أنّ استشهاده بأخذ الطّعام و تناوله سمج.

و أجيب بأنّ الاستشهاد به على أنّ بين الأخذ و التّناول شبها و إلاّ فذاك عكس المقصود،و فائدة الاستعارة المبالغة في أنّه أخذ بالباطل،لأنّ الأكل غاية الاستيلاء على الشّيء.و يصير قوله تعالى:(بالباطل) على هذا زيادة مبالغة،و لا كذلك لو قيل:يأخذون.

(10:86)

رشيد رضا :استعمل أكل الأموال بمعنى أخذها و التّصرّفات،و قد تقدّم مثل هذا التّعبير في قوله تعالى:

وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ... البقرة:188، و قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ... النّساء:29.(10:39995)

الطّباطبائيّ: الظّاهر أنّ الآية إشارة إلى بعض التّوضيح لقوله في أوّل الآيات: وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ... التّوبة:29،كما أنّ

ص: 544

الآية السّابقة كالتّوضيح لقوله فيها: اَلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ... التّوبة:29.

أمّا إيضاح قوله تعالى: وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ... بقوله: إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَ الرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ التّوبة:34،فهو إيضاح بأوضح المصاديق و أهمّها تأثيرا في إفساد المجتمع الإنسانيّ الصّالح،و إبطال غرض الدّين.

فالقرآن الكريم يعدّ لأهل الكتاب-و خاصّة لليهود- جرائم و آثاما كثيرة،مفصّلة في سورة البقرة،و النّساء، و المائدة و غيرها،لكنّ الجرائم و التّعدّيات الماليّة شأنها غير شأن غيرها،و خاصّة في هذا المقام الّذي تعلّق الغرض بإفساد أهل الكتاب المجتمع الإنسانيّ الصّالح لو كانوا مبسوطي اليد،و استقلالهم الحيويّ قائما على ساق، و لا مفسد للمجتمع مثل التّعدّي الماليّ.

فإنّ أهمّ ما يقوم به المجتمع الإنسانيّ على أساسه هو الجهة الماليّة الّتي جعل اللّه لهم قياما؛فجلّ المآثم و المساوئ و الجنايات و التّعدّيات و المظالم تنتهي بالتّحليل،إمّا إلى فقر مفرط يدعو إلى اختلاس أموال النّاس بالسّرقة و قطع الطّرق و قتل النّفوس و البخس في الكيل و الوزن و الغصب و سائر التّعدّيات الماليّة،و إمّا إلى غنى مفرط يدعو إلى الإتراف و الإسراف في المأكل و المشرب و الملبس و المنكح و المسكن،و الاسترسال في الشّهوات و هتك الحرمات،و بسط التّسلّط على أموال النّاس و أعراضهم و نفوسهم.

و تنتهي جميع المفاسد النّاشئة من الطّريقين كليهما بالتّحليل إلى ما يعرض من الاختلال على النّظام الحاكم في حيازة الأموال و اقتناء الثّروة،و الأحكام المشرّعة لتعديل الجهات المملّكة المميّزة لأكل المال بالحقّ من أكله بالباطل،فإذا اختلّ ذلك و أذعنت النّفوس بإمكان القبض على ما تحتها من المال،و تتوّق إليه من الثّروة بأيّ طريق أمكن،لقّن ذلك إيّاها أن يظفر بالمال و يقبض على الثّروة بأيّ طريق ممكن حقّ أو باطل،و أن يسعى إلى كلّ مشتهى من مشتهيات النّفس مشروع أو غير مشروع أدّى إلى ما أدّى،و عند ذلك يقوم البلوى بفشوّ الفساد و شيوع الانحطاط الأخلاقيّ في المجتمع،و انقلاب المحيط الإنسانيّ إلى محيط حيوانيّ رديء لا همّ فيه إلاّ البطن و ما دونه،و لا يملك فيه إرادة أحد بسياسة أو تربية، و لا تفقّه فيه لحكمة و لا إصغاء إلى موعظة.

و لعلّ هذا هو السّبب الموجب لاختصاص أكل المال بالباطل بالذّكر،و خاصّة من الأحبار و الرّهبان الّذين إليهم تربية الأمّة و إصلاح المجتمع.

و قد عدّ بعضهم من أكل أموال النّاس بالباطل ما يقدّمه النّاس إليهم من المال حبّا لهم لتظاهرهم بالزّهد و التّنسّك،و أكل الرّشا و السّحت،و ضبطهم أموال مخالفيهم و أخذهم الرّضا على الحكم،و إعطاء أوراق المغفرة و بيعها،و نحو ذلك.

و الظّاهر أنّ المراد بها أمثال أخذ الرّشوة على الحكم كما تقدّم من قصّتهم في تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ...

المائدة:41.

و لو لم يكن من ذلك إلاّ ما كانت تأتي به الكنيسة من أوراق المغفرة لكفى به مقتا و لؤما.

ص: 545

و أمّا ما ذكره من تقديم الأموال إليهم لتزهّدهم، و كذا تخصيصهم بأوقاف و وصايا و مبرّات عامّة،فليس بمعدود من أكل المال بالباطل،و كذا ما ذكره من أكل الرّبا و السّحت فقد نسبه تعالى في كلامه إلى عامّة قومهم، كقوله تعالى: وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ...

النّساء:161،و قوله: سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ... المائدة:42.و إنّما كلامه تعالى في الآية الّتي نحن فيها فيما يخصّ أحبارهم و رهبانهم من أكل المال بالباطل لا ما يعمّهم و عامّتهم.

إلاّ أنّ الحقّ أنّ زعماء الأمّة الدّينيّة و مربّيهم في سلوك طريق العبوديّة المعتنين بإصلاح قلوبهم و أعمالهم إذا انحرفوا عن طريق الحقّ إلى سبيل الباطل كان جميع ما أكلوه لهذا الشّأن و استدرّوه من منافعه سحتا محرّما لا يبيحه لهم شرع و لا عقل.(9:247)

تاكلوا

1- وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. البقرة:188

ابن عبّاس: هذا في الرّجل يكون عليه مال و لا بيّنة عليه،فيجحد المال و يخاصم صاحبه،و هو يعلم أنّه آثم.(أبو حيّان 2:56)

هو أخذ المال بشهادة الزّور.(أبو حيّان 2:56)

عكرمة: هو الرّجل يشتري السّلعة،فيردّها و يردّ معها دراهم.(أبو حيّان 2:56)

الإمام الباقر عليه السّلام: يعني باليمين الكاذبة يقتطعون بها الأموال.(الطّوسيّ 2:138)

الإمام الصّادق عليه السّلام: كانت قريش تتقامر الرّجل بأهله و ماله فنهاهم اللّه عن ذلك.(العروسيّ 1:175)

الطّبريّ: يعني تعالى ذكره بذلك:و لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل،فجعل تعالى ذكره بذلك آكل مال أخيه بالباطل كالآكل مال نفسه بالباطل،و نظير ذلك قوله تعالى: وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ الحجرات:11، و قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ النّساء:29،بمعنى لا يلمز بعضكم بعضا و لا يقتل بعضكم بعضا،لأنّ اللّه تعالى ذكره جعل المؤمنين إخوة،فقاتل أخيه كقاتل نفسه،و لامزه كلامز نفسه.و كذلك تفعل العرب تكنّي عن أنفسها بأخواتها،و عن أخواتها بأنفسها؛فتقول:أخي و أخوك أيّنا أبطش؟تعني أنا و أنت نصطرع فننظر أيّنا أشدّ،فيكنّي عن نفسه بأخيه،لأن أخا الرّجل عندها كنفسه.[ثمّ استشهد بشعر]

فتأويل الكلام:و لا يأكل بعضكم أموال بعض فيما بينكم بالباطل.و أكله بالباطل أكله من غير الوجه الّذي أباحه اللّه لآكليه.(2:183)

الطّوسيّ: قيل في معناه قولان:

أحدهما:أن يكون ذلك على جهة الظّلم،نحو الخيانة، و السّرقة،و الغصب.و يكون التّقدير:لا يأكل بعضكم أموال بعض بالباطل كأكل مال نفسه بالباطل،و مثله:

وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ الحجرات:11،و معناه لا يلمز بعضكم بعضا.

و قوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ... النّساء:29، و المعنى لا يقتل بعضكم بعضا.

ص: 546

الثّاني:لا تأكلوه على وجه الهزء و اللّعب،مثل ما يوجد في القمار و الملاهي و نحوها،لأنّ كلّ ذلك من أكل المال بالباطل.(2:138)

مثله الطّبرسيّ(1:282)،و نحوه البغويّ(1:140)، و الميبديّ(1:113).

الفخر الرّازيّ: و اعلم أنّه سبحانه كرّر هذا النّهي في مواضع من كتابه،فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً... النّساء:

29،و قال: اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً...

النّساء:10،و قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثمّ قال: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ... ثمّ قال: وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ البقرة:278،279،ثمّ قال:

وَ مَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ البقرة:275،جعل آكل الرّبا في أوّل الأمر مأذونا بمحاربة اللّه،و في آخره معترضا للنّار.

قوله: (لا تَأْكُلُوا) ليس المراد منه الأكل خاصّة،لأنّ غير الأكل من التّصرّفات كالأكل في هذا الباب،لكنّه لمّا كان المقصود الأعظم من المال إنّما هو الأكل،وقع التّعارف فيمن ينفق ماله أن يقال:إنّه أكله؛فلهذا السّبب عبّر اللّه تعالى عنه بالأكل.(5:129)

نحوه النّيسابوريّ.(2:136)

أبو حيّان: المفهوم من قوله تعالى: (لا تَأْكُلُوا:) الأكل المعروف،لأنّه الحقيقة.و ذكره دون سائر وجوه الاعتداء و الاستيلاء،لأنّه أهمّ الحوائج،و به يقع إتلاف أكثر الأموال.

و يجوز أن يكون«الأكل»هنا مجازا،عبّر به عن الأخذ و الاستيلاء.و هذا الخطاب و النّهي للمؤمنين و إضافة الأموال إلى المخاطبين،و المعنى:و لا يأكل بعضكم مال بعض،كقوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ... النّساء:29، أي لا يقتل بعضكم بعضا؛فالضّمير الّذي للخطاب يصحّ لكلّ واحد ممّن تحتمه أن يكون منهيّا و منهيّا عنه و آكلا و مأكولا منه،فخلط الضّمير لهذه الصّلاحيّة،و كما يحرم أن يأكل يحرم أن يؤكل غيره؛فليست الإضافة إذ ذاك للمالكين حقيقة بل هي من باب الإضافة بالملابسة.

و أجاز قوم الإضافة للمالكين.و فسّروا«الباطل» بالملاهي و القيان و الشّرب.و البطالة بينكم معناه في معاملاتكم و أماناتكم،لقوله:تريدونها بينكم بالباطل.

قال الزّجّاج: بالظّلم،و قال غيره:بالجهة الّتي لا تكون مشروعة،فيدخل في ذلك الغصب و النّهب و القمار و حلوان الكاهن و الخيانة و الرّشوة،و ما يأخذه المنجّمون،و كلّ ما لم يأذن في أخذه الشّرع.

قال ابن عطيّة: و لا يدخل فيه الغبن في البيع مع معرفة البائع بحقيقة ما يبيع،لأنّ الغبن كأنّه وهبه،انتهى.

و هو صحيح،و النّاصب للظّرف(تاكلوا)،و البينيّة مجاز؛إذ موضوعها أنّها ظرف مكان.ثمّ تجوّز فيها فاستعملت في أشخاص،ثمّ بيّن المعاني.

و في قوله:(بينكم)يقع لما هم يتعاطونه من ذلك، لأنّ ما كان يطّلع فيه بعضهم على بعض من المنكر أشنع ممّا لا يطّلع فيه بعضهم على بعض.و هذا يرجّح القول الأوّل بأنّ الإضافة ليست للمالكين؛إذ لو كانت ذلك لما احتيج إلى هذا الظّرف الدّالّ على التّخلّل و الاطّلاع على

ص: 547

ما يتعاطى من ذلك.

و قيل:انتصاب(بينكم)على الحال من(اموالكم)، فيتعلّق بمحذوف،أي كائنة بينكم،و هو ضعيف.

و الباء في(بالباطل)للسّبب،و هي تتعلّق ب(تأكلوا)، و جوّزوا أن تكون(بالباطل)حالا من الأموال،و أن تكون حالا من الفاعل.(2:55)

الآلوسيّ: و المراد من الأكل ما يعمّ الأخذ و الاستيلاء.و عبّر به لأنّه أهمّ الحوائج،و به يحصل إتلاف المال غالبا،و المعنى لا يأكل بعضكم مال بعض، فهو على حدّ: وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ الحجرات:11، و ليس من تقسيم الجمع على الجمع كما في ركبوا دوابّهم، حتّى يكون معناه لا يأكل كلّ واحد منكم مال نفسه، بدليل قوله سبحانه:(بينكم)فإنّه بمعنى الواسطة،يقتضي أن يكون ما يضاف إليه منقسما إلى طرفين،بكون الأكل و المال حال الأكل متوسّطا بينهما،و ذلك ظاهر على المعنى المذكور.(2:69)

القاسميّ: [نقل كلام الطّبريّ و أضاف:]

و(بينكم)إمّا ظرف ل(تاكلوا)،بمعنى لا تتناولوها فيما بينكم بالأكل،أو حال من الأموال،أي لا تأكلوها كائنة بينكم و دائرة بينكم.و(بالباطل)في موضع نصب ب(تاكلوا)،أي لا تأخذوها بالسّبب الباطل،أي الوجه الّذي لم يبحه اللّه تعالى.

و يجوز أن يكون حالا من الأموال،أي لا تأكلوها متلبّسة بالباطل.أو من الفاعل في تأكلوا،أي لا تأكلوها مبطلين،أي متلبّسين بالباطل.(3:466)

الطّباطبائيّ: المراد«بالأكل»الأخذ أو مطلق التّصرّف مجازا،و المصحّح لهذا الإطلاق المجازيّ كون الأكل أقرب الأفعال الطّبيعيّة الّتي يحتاج الإنسان إلى فعلها و أقدمها،فالإنسان أوّل ما ينشأ وجوده يدرك حاجته إلى التّغذّي،ثمّ ينتقل منه إلى غيره من الحوائج الطّبيعيّة،كاللّباس و المسكن و النّكاح و نحو ذلك،فهو أوّل تصرّف يستشعر به من نفسه،و لذلك كان تسمية التّصرّف و الأخذ-و خاصّة في مورد الأموال-أكلا لا يختصّ باللّغة العربيّة بل يعمّ سائر اللّغات.[إلى أن قال:]

و في تقييد الحكم،أعني قوله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ..، بقوله: بَيْنَكُمْ دلالة على أنّ جميع الأموال لجميع النّاس،و إنّما قسّمه اللّه تعالى بينهم تقسيما حقّا؛بوضع قوانين عادلة تعدّل الملك تعديلا حقّا،يقطع منابت الفساد،لا يتعدّاه تصرّف من متصرّف إلاّ كان باطلا.فالآية كالشّارحة؛لإطلاق قوله تعالى:

خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً... البقرة:29،و في إضافته الأموال إلى النّاس إمضاء منه لما استقرّ عليه بناء المجتمع الإنسانيّ من اعتبار أصل الملك و احترامه في الجملة من لدن استكن هذا النّوع على بسيط الأرض، على ما يذكره النّقل و التّاريخ.و قد ذكر هذا الأصل في القرآن بلفظ الملك و المال و لام الملك و الاستخلاف و غيرها،في أزيد من مائة مورد،و لا حاجة إلى إيرادها في هذا الموضع،و كذا بطريق الاستلزام في آيات تدلّ على تشريع البيع و التّجارة و نحوهما في بضعة مواضع، كقوله تعالى: وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ... البقرة:275،و قوله تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ

ص: 548

تِجارَةً... النّساء:29،و قوله تعالى: وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها التّوبة:24،و غيرها،و السّنّة المتواترة تؤيّده.

(2:51)

المراغيّ: المراد ب«الأكل»الأخذ و الاستيلاء، و عبّر به لأنّه أعمّ الحاجات الّتي ينفق فيها المال و أكثرها؛إذ الحاجة إليه أهمّ،و تقويم البنية به أعظم.

و الباطل من البطلان و هو الضّياع و الخسران،و أكله بالباطل:أخذه بدون مقابلة شيء حقيقيّ،و الشّريعة حرّمت أخذ المال بدون مقابلة يعتدّ بها،و بدون رضا من يؤخذ منه،و إنفاقه في غير وجه حقيقيّ نافع.(2:80)

2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ...

النّساء:29

ابن عبّاس: هو أن يأكله بغير عوض،و هي منسوخة.(أبو حيّان 3:230)

الرّجل يشتري السّلعة،فيردّها و يردّ معها درهما.

(الطّبريّ 5:30)

عكرمة: كان الرّجل يتحرّج أن يأكل عند أحد من النّاس بعد ما نزلت هذه الآية،فنسخ ذلك بالآية الّتي في سورة النّور:61،فقال: وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ... إلى قوله: جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً، فكان الرّجل الغنيّ يدعو الرّجل من أهله إلى الطّعام؛فيقول:إنّي لأتجنّح،و التّجنّح:التّحرّج،و يقول:

المساكين أحقّ منّي به،فأحلّ من ذلك أن يأكلوا ممّا ذكر اسم اللّه عليه،و أحلّ طعام أهل الكتاب.

مثله الحسن.(الطّبريّ 5:31)

الحسن: بغير استحقاق من طريق الأعواض.

(الطّوسيّ 3:179)

الإمام الباقر عليه السّلام: بالرّبا،و القمار،و البخس، و الظّلم.

مثله السّدّيّ.(الطّوسيّ 3:178)

الطّبريّ: لا يأكل بعضكم أموال بعض،بما حرّم عليه من الرّبا و القمار،و غير ذلك من الأمور الّتي نهاكم اللّه عنها،إلاّ أن تكون تجارة.

و قال آخرون:بل نزلت هذه الآية بالنّهي عن أن يأكل بعضهم طعام بعض إلاّ بشراء،فأمّا قرى فإنّه كان محظورا بهذه الآية،حتّى نسخ ذلك بقوله: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ....

و أولى هذين القولين بالصّواب في ذلك قول السّدّيّ،و ذلك أنّ اللّه-تعالى ذكره-حرّم أكل أموالنا بيننا بالباطل.و لا خلاف بين المسلمين أنّ أكل ذلك حرام علينا،فإنّ اللّه لم يحلّ قطّ أكل الأموال بالباطل،و إذا كان ذلك كذلك،فلا معنى لقول من قال:كان ذلك نهيا عن أكل الرّجل طعام أخيه قرى،على وجه ما أذن له،ثمّ نسخ ذلك،لنقل علماء الأمّة جميعا وجها لها،أنّ قرى الضّيف و إطعام الطّعام كان من حميد أفعال أهل الشّرك و الإسلام،الّتي حمد اللّه أهلها عليها،و ندبهم إليها،و أنّ اللّه لم يحرّم ذلك في عصر من العصور،بل ندب اللّه عباده، و حثّهم عليه.و إذ كان ذلك كذلك فهو من معنى الأكل بالباطل خارج،و من أن يكون ناسخا أو منسوخا بمعزل،

ص: 549

لأنّ النّسخ إنّما يكون لمنسوخ،و لم يثبت النّهي عنه، فيجوز أن يكون منسوخا بالإباحة،و إذا كان ذلك كذلك صحّ القول الّذي قلناه:من أنّ الباطل الّذي نهى اللّه عن أكل الأموال به،هو ما وصفنا،ممّا حرّمه على عباده في تنزيله،أو على لسان رسوله صلى اللّه عليه و سلم و شذّ ما خالفه.

(5:30،31)

عبد الجبّار: و ربّما قيل في قوله تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ...، كيف يصحّ أن يأكل مال نفسه بالباطل؟

و جوابنا أنّ اللّه تعالى ذكر الأكل و أراد سائر التّصرّف،و يحرم على المرء في مال نفسه أن يتصرّف فيه بالأمور المحرّمة،و أن يسرف في ماله و يبذّر،و أن يتّجر فيه بالرّبا و غيره،فهذا هو المراد.فأمّا أكل مال الغير بالباطل فالأمر فيه ظاهر،و لذلك قال تعالى: إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً.... (93)

الميبديّ: أي بالحرام،كالرّبا،و القمار،و القطع، و الغصب،و السّرقة،و الخيانة.و قيل:هو الرّجل يجحد حقّ أخيه المسلم أو يقتطعه بيمينه.(2:480)

الطّبرسيّ: ذكر الأكل و أراد سائر التّصرّفات، و إنّما خصّ الأكل لأنّه معظم المنافع.و قيل:لأنّه يطلق على وجوه الإنفاقات اسم الأكل،يقال:أكل ماله بالباطل و إن أنفقه في غير الأكل،و معناه لا يأكل بعضكم أموال بعض.و في قوله:(بالباطل)قولان: (1)

أحدهما: (2)أنّه الرّبا و القمار و النّجش و الظّلم،عن السّدّيّ.و هو المرويّ عن[الإمام]الباقر عليه السّلام.

و الآخر:قول الحسن.[قد تقدّم]

و الأوّل هو الأقوى،لأنّ ما أكل على وجه مكارم الأخلاق لا يكون أكلا باطلا.

و ثالثها:أنّ معناه أخذه من غير وجهه و صرفه فيما لا يحلّ له.(2:37)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ في كيفيّة النّظم وجهين:

الأوّل:أنّه تعالى لمّا شرح كيفيّة التّصرّف في النّفوس بسبب النّكاح ذكر بعده كيفيّة التّصرّف في الأموال.

و الثّاني:قال القاضي:لمّا ذكر ابتغاء النّكاح بالأموال و أمر بإيفاء المهور و النّفقات،بيّن من بعد كيف يحصل التّصرّف في الأموال،فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ...، و في الآية مسائل:

المسألة الأولى:أنّه تعالى خصّ الأكل هاهنا بالذّكر و إن كانت سائر التّصرّفات الواقعة على الوجه الباطل محرّمة،لما أنّ المقصود الأعظم من الأموال:الأكل،و نظيره قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... النّساء:10.

المسألة الثّانية:ذكروا في تفسير الباطل وجهين:

الأوّل:أنّه اسم لكلّ ما لا يحلّ في الشّرع،كالرّبا، و الغصب،و السّرقة،و الخيانة،و شهادة الزّور،و أخذ المال باليمين الكاذبة،و جحد الحقّ.

و عندي أنّ حمل الآية على هذا الوجه يقتضي كونها مجملة،لأنّه يصير تقدير الآية:لا تأكلوا أموالكم الّتي جعلتموها بينكم بطريق غير مشروع،فإنّ الطّرق».

ص: 550


1- كذا،و الصّحيح،أقوال.
2- إن كان الصّحيح«أقوال»فلا بدّ«أحدها».

المشروعة لمّا لم تكن مذكورة هاهنا على التّفصيل صارت الآية مجملة لا محالة.

و الثّاني:ما روي عن ابن عبّاس،و الحسن رضي اللّه عنهم:أنّ الباطل هو كلّ ما يؤخذ من الإنسان بغير عوض،و بهذا التّقدير لا تكون الآية مجملة و لكن قال بعضهم:إنّها منسوخة،قالوا:لمّا نزلت هذه الآية تحرّج النّاس من أن يأكلوا عند أحد شيئا؛و شقّ ذلك على الخلق،فنسخه اللّه تعالى بقوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً النّور:61،و أيضا ظاهر الآية إذا فسّرنا الباطل بما ذكرناه،تحرم الصّدقات و الهبات.

و يمكن أن يقال:هذا ليس بنسخ و إنّما هو تخصيص،و لهذا روى الشّعبيّ عن علقمة عن ابن مسعود أنّه قال:هذه الآية محكمة ما نسخت،و لا تنسخ إلى يوم القيامة.

المسألة الثّالثة:قوله تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ، يدخل تحته أكل مال الغير بالباطل، و أكل مال نفسه بالباطل،لأنّ قوله:(اموالكم)يدخل فيه القسمان معا،كقوله: وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ... النّساء:

29،يدلّ على النّهي عن قتل غيره و عن قتل نفسه بالباطل.أمّا أكل مال نفسه بالباطل فهو إنفاقه في معاصي اللّه،و أمّا أكل مال غيره بالباطل فقد عدّدناه.(10:69)

نحوه الخازن(1:428)،و الآلوسيّ(5:15).

القرطبيّ: و من أكل المال بالباطل بيع العربان،و هو أن يأخذ منك السّلعة أو يكتري منك الدّابّة و يعطيك درهما فما فوقه،على أنّه إن اشتراها أو ركب الدّابّة فهو من ثمن السّلعة أو كراء الدّابّة،و إن ترك ابتياع السّلعة أو كراء الدّابّة فما أعطاك فهو لك،فهذا لا يصلح و لا يجوز عند جماعة فقهاء الأمصار من الحجازيّين و العراقيّين؛ لأنّه من باب بيع القمار و الغرر و المخاطرة،و أكل المال بالباطل بغير عوض و لا هبة،و ذلك باطل بإجماع،و بيع العربان مفسوخ إذا وقع على هذا الوجه قبل القبض و بعده،و تردّ السّلعة إن كانت قائمة،فإن فاتت ردّ قيمتها يوم قبضها.

[و في جواز بيع العربان و عدم جوازه أقوال فراجع]

(5:150)

البروسويّ: أي لا تأخذوا،و عبّر عن الأخذ بالأكل لأنّ المقصود الأعظم من الأموال الأكل،فكما أنّ الأكل محرّم فكذلك سائر وجوه التّصرّفات: أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ... أي بوجه غير شرعيّ كالغصب و السّرقة و الخيانة و القمار و عقود الرّبا و الرّشوة و اليمين الكاذبة و شهادة الزّور و العقود الفاسدة و نحوها.

(2:194)

رشيد رضا :أضاف الأموال إلى الجميع،فلم يقل:

لا يأكل بعضكم مال بعض،للتّنبيه على ما قرّرناه مرارا من تكافل الأمّة في حقوقها و مصالحها،كأنّه يقول:إنّ مال كلّ واحد منكم هو مال أمّتكم،فإذا استباح أحدكم أن يأكل مال الآخر بالباطل كان كأنّه أباح لغيره أكل ماله و هضم حقوقه،لأنّ المرء يدان كما يدين.هذا ما عندي.

و نقل بعض من حضر الدّرس على الأستاذ أنّه قال أيضا:إنّ في هذه الإضافة تنبيها إلى مسألة أخرى،و هي أنّ صاحب المال الحائز له يجب عليه بذله أو البذل منه للمحتاج،فكما لا يجوز للمحتاج أن يأخذ شيئا من مال

ص: 551

غيره بالباطل كالسّرقة و الغصب،لا يجوز لصاحب المال أن يبخل عليه بما يحتاج إليه.[و فيه أبحاث أخرى فراجع](5:39)

المراغيّ: و قوله:(بينكم)رمز إلى أنّ المال المحرّم يكون عادة موضع التّنازع في التّعامل بين الآكل و المأكول منه،كلّ منهما يريد جذبه إليه،و المراد ب«الأكل»الأخذ على أيّ وجه،و عبّر عنه بالأكل،لأنّه أكثر أوجه استعمال المال و أقواها.[ثمّ ذكر مثل رشيد رضا](5:16)

الطّباطبائيّ: الأكل معروف،و هو إنفاد ما يمكن أن يتغذّى به بالتقامه و بلعه مثلا،و لما فيه من معنى التّسلّط و الإنفاد،يقال:أكلت النّار الحطب،شبّه فيه إعدام النّار الحطب بإحراقه بإنفاد الأكل الغذاء بالتّناول و البلع، و يقال أيضا:أكل فلان المال،أي تصرّف فيه بالتّسلّط عليه،و ذلك بعناية أنّ العمدة في تصرّف الإنسان في الأشياء هو التّغذّي بها،لأنّه أشدّ ما يحتاج إليه الإنسان في بقائه و أمسّه منه،و لذلك سمّي التّصرّف أكلا،لكن لا كلّ تصرّف بل التّصرّف عن تسلّط يقطع تسلّط الغير على المال بالتّملّك و نحوه،كأنّه ينفده ببسط سلطته عليه و التّصرّف فيه،كما ينفد الآكل الغذاء بالأكل.

و الباطل من الأفعال ما لا يشتمل على غرض صحيح عقلائيّ،و التّجارة هي التّصرّف في رأس المال طلبا للرّبح،على ما ذكره الرّاغب في مفرداته،قال:و ليس في كلامهم تاء بعدها جيم غير هذا اللّفظ،انتهى.فتنطبق على المعاملة بالبيع و الشّرى.

و في تقييد قوله: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ...، بقوله:

(بينكم)الدّالّ على نوع تجمّع منهم على المال و وقوعه في وسطهم،إشعار أو دلالة بكون الأكل المنهيّ عنه بنحو إدارته فيما بينهم و نقله من واحد إلى آخر بالتّعاور و التّداول،فتفيد الجملة أعني قوله: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ بعد تقييدها بقوله:(بالباطل)النّهي عن المعاملات النّاقلة الّتي لا تسوق المجتمع إلى سعادته و نجاحه بل تضرّها و تجرّها إلى الفساد و الهلاك و هي المعاملات الباطلة في نظر الدّين،كالرّبا و القمار و البيوع الغرريّة،كالبيع بالحصاة و النّواة و ما أشبه ذلك.[إلى أن قال:]

و ربّما قيل:إنّ المراد بالنّهي المنع عن صرف المال فيما لا يرضاه اللّه،و بالتّجارة صرفه فيما يرضاه.

و ربّما قيل:إنّ الآية كانت تنهى عن مطلق أكل مال الغير بغير عوض،و إنّه كان الرّجل منهم يتحرّج عن أن يأكل عند أحد من النّاس بعد ما نزلت هذه الآية حتّى نسخ ذلك بقوله: وَ لا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ... [إلى قوله:] أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً النّور:

61،و قد عرفت أنّ الآية بمعزل عن الدّلالة على أمثال هذه المعاني.(4:317)

أكل الرّبا
ياكلون

اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ... البقرة:275

البغويّ: أي الّذين يعاملون به.و إنّما خصّ الأكل

ص: 552

لأنّه معظم المقصود من المال.(1:249)

مثله حسنين مخلوف.(91)

الطّبرسيّ: و الوعيد في الآية متوجّه إلى كلّ من أربى و إن لم يأكله،و لكنّه تعالى نبّه بذكر الأكل على سائر وجوه الانتفاع بمال الرّبا،و إنّما خصّ الأكل لأنّه معظم المقاصد من المال.و نظيره قوله: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ... البقرة:188،و قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... النّساء:10،و المراد بالأكل في الموضعين سائر وجوه الانتفاع دون حقيقة الأكل.(1:389)

الفخر الرّازيّ: فالمراد الّذين يعاملون به،و خصّ الأكل لأنّه معظم الأمر،كما قال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى، و كما لا يجوز أكل مال اليتيم لا يجوز إتلافه.و لكنّه نبّه بالأكل على ما سواه،و كذلك قوله:

وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ...، و أيضا فلأنّ نفس الرّبا الّذي هو الزّيادة في المال على ما كانوا يفعلون في الجاهليّة لا يؤكل،إنّما يصرف في المأكول فيؤكل، و المراد التّصرّف فيه.فمنع اللّه من التّصرّف في الرّبا بما ذكرنا من الوعيد،و أيضا فقد ثبت أنّه صلى اللّه عليه و سلم«لعن آكل الرّبا و مؤكله و شاهده و كاتبه و المحلّل له»فعلمنا أنّ الحرمة غير مختصّة بالآكل،و أيضا فقد ثبت بشهادة الطّرد و العكس،أنّ ما يحرم لا يوقف تحريمه على الأكل دون غيره من التّصرّفات.فثبت بهذه الوجوه الأربعة أنّ المراد من«أكل الرّبا»في هذه الآية التّصرّف في الرّبا.(7:91)

نحوه النّيسابوريّ(3:71)،و الخازن(1:249).

الرّازيّ: فإن قيل:كيف قال: اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا... ألحق الوعيد بآكله مع أنّ لابسه و مدّخره و واهبه أيضا في الإثم سواء؟

قلنا:لمّا كان أكثر الانتفاع و الهمم بالمال إنّما هو الأكل،لأنّه مقصود لاغناء عنه و لا بدّ منه،عبّر عن أنواع الانتفاع بالأكل،كما يقال:أكل فلان ماله كلّه إذا أخرجه في مصالح الأكل و غيره.

فإن قيل:كيف خصّ الآكل بذكر الوعيد دون المطعم و كلاهما آثم؟

قلنا:لأنّ انتفاعه الدّنيويّ بالرّبا أكثر من انتفاع المطعم.(21)

القرطبيّ: (ياكلون):يأخذون،فعبّر عن الأخذ بالأكل،لأنّ الأخذ إنّما يراد للأكل.(3:348)

و المراد يكسبون الرّبا و يفعلونه.و إنّما خصّ الأكل بالذّكر،لأنّه أقوى مقاصد الإنسان في المال،و لأنّه دالّ على الجشع و هو أشدّ الحرص؛يقال:رجل جشع بيّن الجشع و قوم جشعون،قاله في«المجمل»،فأقيم هذا البعض من توابع الكسب مقام الكسب كلّه،فاللّباس و السّكنى و الادّخار و الإنفاق على العيال داخل في قوله:

اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ (3:354)

البيضاويّ: أي الآخذون له.و إنّما ذكر الأكل لأنّه أعظم منافع المال،و لأنّ الرّبا شائع في المطعومات.

(1:142)

مثله البروسويّ(1:436)،و الآلوسيّ(3:48).

أبو حيّان: و الأكل هنا قيل:على ظاهره من خصوص الأكل،و أنّ الخبر عنهم مختصّ بآكل الرّبا.

ص: 553

و قيل:عبّر عن معاملة الرّبا و أخذه بالأكل،لأنّ الأكل غالب ما ينتفع به فيه،كما قال تعالى: وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَوا... النّساء:161.(2:333)

رشيد رضا :و المراد بالأكل الأخذ لأجل التّصرّف.و أكثر مكاسب النّاس تنفق في الأكل.و من تصرّف في شيء من مال غيره يقال:أكله و هضمه،أي أنّه تصرّف فيه تمام التّصرّف حتّى لا مطمع في ردّه.

(3:94)

نحوه الصّابونيّ.(1:387)

المراغيّ: أي يأخذون و يتصرّفون فيه بسائر أنواع التّصرّفات.(3:54)

حجازيّ: يأخذون.و عبّر بالأكل عن الأخذ،لأنّه الغرض الأساسيّ منه،و اللّباس و الانتفاع و النّفقة على العيال داخلة فيه،و للإشارة إلى أنّ ما يؤخذ لا يرجع أصلا.(3:21)

تاكلوا

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. آل عمران:130

أبو حيّان: و قد تضمّنت هذه الآيات ضروبا من الفصاحة و البديع...[و منها]تسمية الشّيء بما يؤول إليه في(لا تاكلوا)سمّي الأخذ أكلا،لأنّه يؤول إليه.(3:55)

البروسويّ: و المراد بأكله أخذه،و إنّما عبّر عنه بالأكل لأنّه معظم ما يقصد بالأخذ،و لشيوعه في المأكولات مع ما فيه من زيادة التّشنيع.(2:92)

الآلوسيّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ... ابتداء كلام مشتمل على أمر و نهي و ترغيب و ترهيب،تتميما لما سلف من الإرشاد إلى ما هو الأصلح في أمر الدّين و في باب الجهاد، و لعلّ إيراد النّهي عن الرّبا بخصوصه هنا،لما أنّ التّرغيب في الإنفاق في السّرّاء و الضّرّاء الّذي عمدته الإنفاق في سبيل الجهاد متضمّن للتّرغيب في تحصيل المال،فكان مظنّة مبادرة النّاس إلى طرق الاكتساب،و من جملتها بل أسهلها الرّبا فنهوا عنه،و قدّمه على الأمر اعتناء به، و ليجيء ذلك الأمر بعد سدّ ما يخدشه.

و قال القفّال: يحتمل أن يكون هذا الكلام متّصلا بما قبله،من جهة أنّ أكثر أموال المشركين قد اجتمعت من الرّبا،و كانوا ينفقون تلك الأموال على العساكر،و كان من الممكن أن يصير ذلك داعيا للمسلمين إلى الإقدام عليه، كي يجمعوا الأموال و ينفقوها على العساكر أيضا، و يتمكّنوا من الانتقام من عدوّهم،فورود النّهي عن ذلك رحمة عليهم و لطفا بهم.

و قيل:إنّه-تعالى شأنه-لمّا ذكر أنّ له التّعذيب لمن يشاء و المغفرة لمن يشاء،وصل ذلك بالنّهي عمّا لو فعلوه لاستحقّوا عليه العقاب و هو الرّبا،و خصّه بالنّهي لأنّه كان شائعا إذ ذاك.و للاعتناء بذلك لم يكتف بما دلّ على تحريمه ممّا في سورة البقرة،بل صرّح بالنّهي،و ساق الكلام له أوّلا و بالذّات إيذانا بشدّة الحظر.[ثمّ ذكر مثل البروسويّ](4:54)

ص: 554

أكل مال اليتيم
ياكلون

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً. النّساء:10

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لمّا أسري بي إلى السّماء رأيت قوما تقذف في أجوافهم النّار و تخرج من أدبارهم،فقلت:من هؤلاء يا جبريل؟فقال:هؤلاء الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما.(العروسيّ 1:448)

الإمام الباقر عليه السّلام: عن أبي بصير قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام:أصلحك اللّه ما أيسر ما يدخل به العبد النّار؟

قال:من أكل من مال اليتيم درهما،و نحن اليتيم.(العروسيّ 1:449)

السّدّيّ: من أكل مال اليتيم ظلما يبعث يوم القيامة و لهب النّار يخرج من فيه،و من مسامعه و من أذنيه و أنفه و عينيه،يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم.

(الطّوسيّ 3:126)

الإمام الصّادق عليه السّلام: عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته عن الكبائر،فقال:منها:أكل مال اليتيم ظلما.(العروسيّ 1:449)

الإمام الكاظم عليه السّلام: [في حديث]قال:سألته عن الرّجل يكون للرّجل عنده المال إمّا ببيع أو بقرض، فيموت و لم يقضه إيّاه،فيترك أيتاما صغارا،فيبقى لهم عليه فلا يقضيهم،أ يكون ممّن يأكل مال اليتيم ظلما؟

قال:«إذا كان ينوي أن يؤدّي إليهم فلا».

(العروسيّ 1:449)

آكل مال اليتيم يجيء يوم القيامة و النّار تلتهب في بطنه حتّى يخرج لهب النّار من فيه،يعرفه أهل الجمع أنّه آكل مال اليتيم.(العروسيّ 1:449)

الإمام الرّضا عليه السّلام: و سئل الرّضا عليه السّلام:كم أدنى ما يدخل به آكل مال اليتيم تحت الوعيد في هذه الآية؟

فقال:قليله و كثيره واحد،إذا كان من نيّته أن لا يردّه إليهم.(العروسيّ 1:449)

الشّريف الرّضيّ: هذه استعارة،و قد مضى الكلام على نظيرها في البقرة.و المعنى أنّهم لمّا أكلوا المال المؤدّي إلى عذاب النّار،شبّهوا من هذا الوجه بالآكلين من النّار.

(126)

الطّوسيّ: و إنّما علّق اللّه تعالى الوعيد في الآية لمن يأكل أموال اليتامى ظلما،لأنّه قد يأكله على وجه الاستحقاق،بأن يأخذ منه أجرة المثل،على ما قلناه،أو يأكل منه بالمعروف على ما فسّرناه،أو يأخذه قرضا على نفسه.

فإن قيل:إذا أخذه قرضا على نفسه،أو أجرة المثل، فلا يكون أكل مال اليتيم،و إنّما أكل مال نفسه؟

قلنا:ليس الأمر على ذلك،لأنّه يكون أكل مال اليتيم لكنّه على وجه التزم عوضه في ذمّته،أو استحقّه بالعمل في ماله،فلم يخرج بذلك من استحقاق الاسم بأنّه مال اليتيم،لو سلّم ذلك لجاز أن يكون المراد بذلك ضربا من التّأكيد و بيانا،لأنّه لا يكون أكل مال اليتيم إلاّ ظلما.

و قيل في معناه وجهان:

أحدهما:[و هو قول السّدّيّ]

ص: 555

الثّاني:أنّه على وجه المثل،من حيث إنّ فعل ذلك يصيّر إلى جهنّم،فتمتلئ بالنّار أجوافهم عقابا على ذلك الأكل منهم.[ثمّ استشهد بشعر](3:125)

نحوه الآلوسيّ.(4:215)

الزّمخشريّ: و معنى يأكلون نارا ما يجرّ إلى النّار، فكأنّه نار في الحقيقة.

و روي أنّه يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة و الدّخان يخرج من قبره و من فيه و أنفه و أذنيه و عينيه، فيعرف النّاس أنّه كان يأكل مال اليتيم في الدّنيا.

(1:504)

الطّبرسيّ: أي ينتفعون بأموال اليتامى و يأخذونها ظلما بغير حقّ و لم يرد به قصر الحكم على الأكل الّذي هو عبارة عن المضغ و الابتلاع،و فائدة تخصيص الأكل بالذّكر أنّه معظم منافع المال المقصودة،فذكره اللّه تنبيها على ما في معناه من وجوه الانتفاع،و كذلك معنى قوله:

وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ... البقرة:188،و لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً... آل عمران:130.[ثمّ ذكر مثل الطّوسيّ](2:12)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّه تعالى أكّد الوعيد في أكل مال اليتيم ظلما،و قد كثر الوعيد في هذه الآيات مرّة بعد أخرى على من يفعل ذلك،كقوله: وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً... النّساء:2، وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً... النّساء:9،ثمّ ذكر بعدها هذه الآية مفردة في وعيد من يأكل أموالهم،و ذلك كلّه رحمة من اللّه تعالى باليتامى،لأنّهم لكمال ضعفهم و عجزهم استحقّوا من اللّه مزيد العناية و الكرامة،و ما أشدّ دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته و كثرة عفوه و فضله،لأنّ اليتامى لمّا بلغوا في الضّعف إلى الغاية القصوى بلغت عناية اللّه بهم إلى الغاية القصوى.و في الآية مسائل:

المسألة الأولى:دلّت هذه الآية على أنّ مال اليتيم قد يؤكل غير ظلم،و إلاّ لم يكن لهذا التّخصيص فائدة، و ذلك ما ذكرناه فيما تقدّم أنّ للوليّ المحتاج أن يأكل من ماله بالمعروف.

المسألة الثّانية قوله: إِنَّما يَأْكُلُونَ... فيه قولان:

الأوّل:أن يجري ذلك على ظاهره[ثمّ ذكر قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و السّدّيّ و قد تقدّما]

و القول الثّاني:أنّ ذلك توسّع،و المراد:أنّ أكل مال اليتيم جار مجرى أكل النّار من حيث إنّه يفضي إليه و يستلزمه،و قد يطلق اسم أحد المتلازمين على الآخر، كقوله تعالى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها... الشّورى:

40.

قال القاضي: و هذا أولى من الأوّل،لأنّ قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً... الإشارة فيه إلى كلّ واحد،فكان حمله على التّوسّع الّذي ذكرناه أولى.[إلى أن قال:]

المسألة الرّابعة:أنّه تعالى و إن ذكر الأكل إلاّ أنّ المراد منه كلّ أنواع الإتلافات،فإنّ ضرر اليتيم لا يختلف بأن يكون إتلاف ماله بالأكل،أو بطريق آخر،و إنّما ذكر الأكل و أراد به كلّ التّصرّفات المتلفة لوجوه:

أحدها:أنّ عامّة مال اليتيم في ذلك الوقت هو الأنعام الّتي يؤكل لحومها و يشرب ألبانها،فخرج الكلام

ص: 556

على عادتهم.

و ثانيها:أنّه جرت العادة فيمن أنفق ماله في وجوه مراداته خيرا كانت أو شرّا،أنّه يقال:إنّه أكل ماله.

و ثالثها:أنّ الأكل هو المعظم فيما ينبغي من التّصرّفات.(9:200)

نحوه الخازن.(1:405)

القرطبيّ: و سمّي أخذ المال على كلّ وجوهه أكلا، لما كان المقصود هو الأكل،و به أكثر إتلاف الأشياء.

و خصّ البطون بالذّكر لتبيين نقصهم و التّشنيع عليهم بضدّ مكارم الأخلاق.و سمّي المأكول نارا بما يؤول إليه، كقوله تعالى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً يوسف:36، أي عنبا.

و قيل:(نارا)أي حراما،لأنّ الحرام يوجب النّار، فسمّاه اللّه تعالى باسمه.(5:53)

أبو حيّان: و ظاهر قوله:(نارا)أنّهم يأكلون نارا حقيقة.[ثمّ ذكر حديث النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم إلى أن قال:]و بأكلهم النّار حقيقة،قالت طائفة.

و قيل:هو مجاز لما كان أكل مال اليتيم يجرّ إلى النّار و التّعذيب بها،عبّر عن ذلك بالأكل في البطن و نبّه على الحامل على أخذ المال،و هو البطن الّذي هو أخسّ الأشياء الّتي ينتفع بالمال لأجلها؛إذ مآل ما يوضع فيه إلى الاضمحلال و الذّهاب في أقرب زمان؛و لذلك قال:

ما ملأ الإنسان وعاء شرّا من بطنه.[إلى أن قال:]

و جاء(ياكلون)بالمضارع دون سين الاستقبال،و (سيصلون)بالسّين.فإن كان الأكل للنّار حقيقة فهو مستقبل،و استغنى عن تقييده بالسّين بعطف المستقبل عليه،و إن كان مجازا فليس بمستقبل؛إذ المعنى يأكلون ما يجرّ إلى النّار.و يكون سببا إلى العذاب بها.و لمّا كان لفظ نار مطلقا في قوله: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً...، قيّد في قوله:(سعيرا)إذ هو الجمر المتّقد.و تضمّنت هذه الآيات من ضروب البيان و الفصاحة،[...منها:]إطلاق اسم المسبّب على السّبب في(و لا تاكلوا)و شبهه،لأنّ الأخذ سبب للأكل.(3:179)

الطّباطبائيّ: يقال:أكله و أكله في بطنه،و هما بمعنى واحد،غير أنّ التّعبير الثّاني أصرح.و الآية كسابقتها متعلّقة المضمون بقوله: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ... النّساء:7، و هي تخويف و ردع للنّاس عن هضم حقوق اليتامى في الإرث.

و الآية ممّا يدلّ على تجسّم الأعمال على ما مرّ في الجزء الأوّل من هذا الكتاب (1)،في قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً البقرة:26، و لعلّ هذا مراد من قال من المفسّرين أنّ قوله: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً... كلام على الحقيقة دون المجاز.

و على هذا لا يرد عليه ما أورده بعض المفسّرين أنّ قوله:

(ياكلون)أريد به الحال دون الاستقبال بقرينة عطف قوله: وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً...، عليه و هو فعل دخل عليه حرف الاستقبال،فلو كان المراد به حقيقة الأكل و وقته يوم القيامة لكان من اللاّزم أن يقال:سيأكلون في بطونهم نارا و يصلون سعيرا،فالحقّ أنّ المراد به المعنى المجازيّ،و أنّهم في أكل مال اليتيم كمن يأكل في بطنه نارا.انتهى ملخّصا.و هو غفلة عن معنى تجسّم».

ص: 557


1- المقصود في الجزء الأوّل من«تفسير الميزان».

الأعمال.(4:203)

تاكلوا

وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً. النّساء:2

مجاهد: لا تأكلوا أموالكم و أموالهم،تخلطوها فتأكلوها جميعا.(الطّبريّ 4:230)

الطّبريّ: و لا تخلطوا أموالهم:يعني أموال اليتامى بأموالكم،فتأكلوها مع أموالكم.(4:230)

الطّوسيّ: و لا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم فتأكلوهما جميعا.فأمّا خلط مال اليتيم بمال نفسه إذا لم يظلمه فلا بأس به،بلا خلاف.(3:101)

نحوه الطّبرسيّ.(2:3)،و فضل اللّه(7:40)

الزّمخشريّ: و لا تنفقوها معها،و حقيقتها:و لا تضمّوها إليها في الإنفاق حتّى لا تفرقوا بين أموالكم و أموالهم قلّة مبالاة بما لا يحلّ لكم،و تسوية بينه و بين الحلال.

فإن قلت:قد حرّم عليهم أكل مال اليتامى وحده و مع أموالهم،فلم ورد النّهي عن أكله معها؟

قلت:لأنّهم إذا كانوا مستغنين عن أموال اليتامى بما رزقهم اللّه من مال حلال و هم على ذلك يطمعون فيها، كان القبح أبلغ و الذّمّ أحقّ،و لأنّهم كانوا يفعلون كذلك؛ فنعى عليهم فعلهم،و سمّع بهم ليكون أزجر لهم.

(1:495)

نحوه البيضاويّ(1:202)،و النّسفيّ(1:25)، و النّيسابوريّ(4:168).

الفخر الرّازيّ: و فيه وجهان:

الأوّل:معناه و لا تضمّوا أموالهم إلى أموالكم في الإنفاق حتّى لا تفرقوا بين أموالكم و أموالهم في حلّ الانتفاع بها.

و الثّاني:أن يكون(الى)بمعنى«مع».قال تعالى:

مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ... آل عمران:52،أي مع اللّه، و الأوّل أصحّ.

و اعلم أنّه تعالى و إن ذكر الأكل،فالمراد به التّصرّف،لأنّ أكل مال اليتيم كما يحرم،فكذا سائر التّصرّفات المهلكة لتلك الأموال محرّمة،و الدّليل عليه أنّ في المال ما لا يصحّ أن يؤكل،فثبت أنّ المراد منه التّصرّف،و إنّما ذكر الأكل لأنّه معظم ما يقع لأجله التّصرّف.

[ثمّ ذكر نحو ما قاله الزّمخشريّ](9:170)

نحوه الرّازيّ(42)،و الخازن(1:397)،و أبو حيّان (3:160)،و البروسويّ(2:161)،و المراغيّ(4:

179).و حسنين مخلوف(138).

الآلوسيّ: و المراد من الأكل في النّهي الأخير، مطلق الانتفاع و التّصرّف،و عبّر بذلك عنه لأنّه أغلب أحواله،و المعنى لا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم، أي تنفقوهما معا،و لا تسوّوا بينهما،و هذا حلال و ذاك حرام،ف(الى)متعلّقة بمقدّر يتعدّى بها.و قد وقع حالا، و قدّره أبو البقاء مضافة.و يجوز تعلّقها بالأكل على تضمينه معنى الضّمّ،و اختار بعضهم كونها بمعنى«مع»كما في«الذّود إلى الذّود إبل»و المراد بالمعيّة مجرّد التّسوية بين المالين في الانتفاع أعمّ من أن يكون على الانفراد،أو

ص: 558

مع أموالهم،و يفهم من«الكشّاف»أنّ المعيّة تدلّ على غاية قبح فعلهم؛حيث أكلوا أموالهم مع الغنى عنها،و في ذلك تشهير لهم بما كانوا يصنعون فلا يلزم القائل بمفهوم المخالفة جواز أكل أموالهم وحدها،و يندفع السّؤال بذلك.

و أنت تعلم أنّ السّؤال لا يرد ليحتاج إلى الجواب إذا فسّر تبدّل الخبيث بالطّيّب باستبدال أموال اليتامى بماله و أكلها مكانه،لأنّه حينئذ يكون ذلك نهيا عن أكلها وحدها و هذا عن ضمّها،و ليس الأوّل مطلقا حتّى يرد سؤال بأنّه أيّ فائدة في هذا بعد ورود النّهي المطلق،و في «الكشف»لو حمل الانتهاء في(الى)على أصله-على أنّ النّهي عن أكلها مع بقاء مالهم،لأنّ أموالهم جعلت غاية- لحصلت المبالغة،و التّخلّص عن الاعتذار.و ظاهر هذا النّهي عدم جواز أكل شيء من أموال اليتامى،و قد خصّ من ذلك مقدار أجر المثل عند كون الوليّ فقيرا،و كون ذلك من مال اليتيم ممّا لا يكاد يخفى،فالقول بأنّه لا حاجة إلى التّخصيص،لأنّ ما يأخذه الأولياء من الأجر فهو مالهم،و ليس أكله أكل مالهم مع مالهم،لا يخلو عن خفاء.(4:188)

يأكل

أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها... الفرقان:8

أبو زرعة: قرأ حمزة،و الكسائيّ: (نأكل منها) بالنّون.و قرأ الباقون بالياء،أي محمّد صلى اللّه عليه و سلم.و حجّتهم قوله:

تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ الفرقان:10،فخصّه بالوصف.و لم يقل:جعل لكم فيدخلوا معه في الوصف.

و من قرأ بالنّون:أخبر المتكلّم عن نفسه مع جماعة، كأنّهم أرادوا أن يكون للنّبيّ صلى اللّه عليه و سلم جنّة له دونهم يرونها، و يأكلون منها حتّى يتيقّنوا صحّة ذلك بأكلهم منه،نظير ما أخبر عنهم في قيلهم له: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً الإسراء:90،و قيلهم أيضا له:

وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ...

الإسراء:93،و لم يقل:«تقرؤه أنت علينا حتّى تفجر لنفسك.»(507)

نحوه الطّوسيّ(7:473)،و الميبديّ(7:7)،و الفخر الرّازيّ(24:52)،و أبو حيّان(6:483)،و الآلوسيّ (18:238).

القرطبيّ: (يأكل)بالياء قرأ المدنيّون،و أبو عمرو،و عاصم.و قرأ سائر الكوفيّين بالنّون،و القراءتان حسنتان تؤدّيان عن معنى،و إن كانت القراءة بالياء أبين، لأنّه قد تقدّم ذكر النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم وحده،فإن يعود الضّمير عليه أبين،ذكره النّحّاس.(13:5)

ياكلان

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ... المائدة:75

الطّبريّ: خبر من اللّه تعالى ذكره عن المسيح و أمّه، أنّهما كانا أهل حاجة إلى ما يغذوهما،و تقوم به أبدانهما من المطاعم و المشارب،كسائر البشر من بني آدم،فإنّ من كان كذلك فغير كائن إلها،لأنّ المحتاج إلى الغذاء قوامه بغيره،و في قوامه بغيره و حاجته إلى ما يقيمه دليل واضح على عجزه،و العاجز لا يكون إلاّ مربوبا،لا ربّا.

ص: 559

(6:315)

الطّوسيّ: فيه احتجاج على النّصارى،لأنّ من ولدته النّساء،و كان يأكل الطّعام لا يكون إلها للعباد، لأنّ سبيله سبيلهم في الحاجة إلى الصّانع المدبّر،لأنّ من فيه علامة الحدث،لا يكون قديما،و من يحتاج إلى غيره لا يكون قادرا لا يعجزه شيء.

و قيل:إنّ ذلك كناية عن قضاء الحاجة لأنّ من أكل الطّعام لا بدّ أن يحدث حدثا مخصوصا على مجرى العادة.(3:605)

نحوه البغويّ(2:64)،و الطّبرسيّ(2:230).

الميبديّ: أي كانا يعيشان بالطّعام و الغذاء كسائر الآدميّين،و كيف يكون إلها من لا يقيمه إلاّ أكل الطّعام؟

و قيل:كانا يأكلان الطّعام.كنّي عن الذّرق بالذّوق، يأكلان إشارة إلى ما يرميان به.و هذه كناية عن قضاء الحاجة،و هو من أحسن الكنايات و أدقّها،لأنّ من أكل الطّعام كان منه الحدث و البول،فكنّي عن ذلك بألطف كناية بالاختصار و النّهاية.(3:195)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ المقصود من ذلك:

الاستدلال على فساد قول النّصارى،و بيانه من وجوه:

الأوّل:أنّ كلّ من كان له أمّ فقد حدث بعد أن لم يكن،و كلّ من كان كذلك كان مخلوقا لا إلها.

و الثّاني:أنّهما كانا محتاجين،لأنّهما كانا محتاجين إلى الطّعام أشدّ الحاجة.و الإله هو الّذي يكون غنيّا عن جميع الأشياء،فكيف يعقل أن يكون إلها؟

الثّالث:قال بعضهم:إنّ قوله: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ كناية عن الحدث،لأنّ من أكل الطّعام فإنّه لا بدّ و أن يحدث،و هذا عندي ضعيف من وجوه:

الأوّل:أنّه ليس كلّ من أكل أحدث،فإنّ أهل الجنّة يأكلون و لا يحدثون.

الثّاني:أنّ الأكل عبارة عن الحاجة إلى الطّعام،و هذه الحاجة من أقوى الدّلائل على أنّه ليس بإله،فأيّ حاجة بنا إلى جعله كناية عن شيء آخر.

الثّالث:أنّ الإله هو القادر على الخلق و الإيجاد،فلو كان إلها لقدر على دفع ألم الجوع عن نفسه بغير الطّعام و الشّراب،فلمّا لم يقدر على دفع الضّرر عن نفسه، كيف يعقل أن يكون إلها للعالمين؟

و بالجملة ففساد قول النّصارى أظهر من أن يحتاج فيه إلى دليل.(12:61)

نحوه أبو حيّان.(3:537)

الآلوسيّ: استئناف لا موضع له من الإعراب مبيّن، لما أشير إليه من كونهما كسائر أفراد البشر،بل أفراد الحيوان في الاحتياج إلى ما يقوم به البدن من الغذاء، فالمراد من أكل الطّعام حقيقته.

و قيل:هو كناية عن قضاء الحاجة،لأنّ من أكل الطّعام احتاج إلى النّفض،و هذا أمرّ ذوقا في أفواه مدّعي ألوهيّتهما،لما في ذلك مع الدّلالة على الاحتياج المنافي للالوهيّة بشاعة عرفيّة،و ليس المقصود سوى الرّدّ على النّصارى في زعمهم المنتن و اعتقادهم الكريه.

قيل:و الآية في تقديم ما لهما من صفات الكمال، و تأخير ما لأفراد جنسهما من نقائص البشريّة على منوال قوله تعالى: عَفَا اللّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ... التّوبة:

43؛حيث قدّم سبحانه العفو على المعاتبة له صلى اللّه عليه و سلم لئلاّ

ص: 560

توحشه مفاجأته بذلك.(6:209)

الطّباطبائيّ: و أكل الطّعام مع ما يتعقّبه مبنيّ على أساس الحاجة الّتي هو أوّل إمارة من أمارات الإمكان و المصنوعيّة،فقد كان المسيح عليه السّلام ممكنا متولّدا من ممكن،و عبدا و رسولا مخلوقا من أمّه،كانا يعبدان اللّه، و يجريان في سبيل الحاجة و الافتقار من دون أن يكون ربّا.

و ما بيد القوم من كتب الإنجيل معترفة بذلك، تصرّح بكون مريم فتاة كانت تؤمن باللّه و تعبده، و تصرّح بأنّ عيسى تولّد منها كالإنسان من الإنسان، و تصرّح بأنّ عيسى كان رسولا من اللّه إلى النّاس كسائر الرّسل و تصرّح بأنّ عيسى و أمّه مريم كانا يأكلان الطّعام.

فهذه أمور صرّحت بها الأناجيل،و هي حجج على كونه عليه السّلام عبدا رسولا.

و يمكن أن تكون الآية مسوقة لنفي ألوهيّة المسيح و أمّه كليهما،على ما يظهر من قوله تعالى: أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ... المائدة:

116،أنّه كان هناك من يقول بألوهيّتها كالمسيح،أو أنّ المراد به اتّخاذها إلها،كما ينسب إلى أهل الكتاب أنّهم اتّخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون اللّه،و ذلك بالخضوع لها و لهم بما لا يخضع لبشر بمثله.

و كيف كان فالآية على هذا التّقدير تنفي عن المسيح و أمّه معا الألوهيّة،بأنّ المسيح كان رسولا كسائر الرّسل،و أمّه كانت صدّيقة،و هما معا كانا يأكلان الطّعام، و ذلك كلّه ينافي الألوهيّة.(6:73)

فضل اللّه: يَأْكُلانِ الطَّعامَ كما يأكله بقيّة البشر،في نوعيّته و طريقته،فليس هناك أكل إلهيّ،أو طريقة إلهيّة في الأكل؛و ذلك دليل المادّيّة و الحاجة و الفاقة المنافية للألوهيّة،فكيف يؤلهون من هذا شأنه؟(8:287)

ياكلوا

ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا وَ يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. الحجر:3

الميبديّ: ذر يا محمّد هؤلاء الكفّار يأخذوا حظوظهم من دنياهم.(5:291)

مثله الفخر الرّازيّ.(19:154)

الزّمخشريّ: بدنياهم و تنفيذ شهواتهم و يشغلهم أملهم و توقّعهم لطول الأعمار و استقامة الأحوال و أن لا يلقوا في العاقبة إلاّ خيرا.[إلى أن قال:]و أن يبالغ في تخليتهم حتّى يأمرهم بما لا يزيدهم إلاّ ندما في العاقبة، و فيه إلزام للحجّة و مبالغة في الإنذار و إعذار فيه.

(2:386)

أبو حيّان: و في قوله: يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا إشارة إلى أنّ التّلذّذ و التّنعّم و عدم الاستعداد للموت و التّأهّب له ليس من أخلاق من يطلب النّجاة من عذاب اللّه في الآخرة.[إلى أن قال:]

و انجزم(ياكلوا)و ما عطف عليه جوابا للأمر،و يظهر أنّه أمر بترك قتالهم و تخلية سبيلهم و بمهادنتهم و موادعتهم،و لذلك ترتّب أن يكون جوابا لأنّه لو شغلهم بالقتال و مصالتة السّيوف و إيقاع الحرب

ص: 561

ما هنأهم أكل و لا تمتّع.و يدلّ على ذلك أنّ السّورة مكّيّة، و إذا جعلت(ذرهم)أمرا بترك نصيحتهم و شغل باله بهم فلا يترتّب عليه الجواب،لأنّهم يأكلون و يتمتّعون سواء ترك نصيحتهم أم لم يتركها.(5:445)

الآلوسيّ: و في تقديم الأكل إيذان بأنّ تمتّعهم إنّما هو من قبيل تمتّع البهائم بالمآكل و المشارب،و الفعل و ما عطف عليه مجزوم في جواب الأمر،و أشار في«الكشّاف» أنّ المراد المبالغة في تخليتهم حتّى كأنّه عليه السّلام أمر أن يأمرهم بما لا يزيدهم إلاّ ندما.(14:9)

فضل اللّه: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا، فهذا هو كلّ هدفهم في الدّنيا،فليست الحياة عندهم إلاّ ما يملأ البطون، و يغذّي الحسّ،و يشبع الغريزة،و يخلّد فيه الإنسان إلى الأرض،بعيدا عن آفاق السّموّ الرّوحيّ و الفكريّ؛ حيث القيم و المثل الّتي تجعل من الحياة حركة رسالة،لا حركة غريزة،لأنّ الغريزة ليست سوى حاجة طارئة، بينما تمثّل الرّسالة المضمون الحيّ لوجود الإنسان و حركة الكون.و في هذا الابتعاد تكمن مشكلتهم في ما يطمحون إليه،فاتركهم مع هذا النّهج المادّيّ الّذي يخضعون له في مسيرتهم،ليشبعوا نهمهم،و يتركوا لغرائزهم العنان.

(13:140)

تاكل

1- ..هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ... الأعراف:73

الزّمخشريّ: قرأ أبو جعفر في رواية: (تاكل فى ارض اللّه) و هو في موضع الحال بمعنى آكلة.(2:90)

مثله أبو حيّان.(4:328)

البروسويّ: تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ جواب الأمر، أي النّاقة ناقة اللّه،و الأرض أرض اللّه،فاتركوها ترتع ما ترتع في أرض الحجر من العشب،فليس لكم أن تحولوا بينها و بينها،و عدم التّعرّض للشّرب للاكتفاء عنه بذكر الأكل.(3:191)

نحوه الآلوسيّ.(8:163)

2- وَ يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ... هود:64

البيضاويّ: ترع نباتها و تشرب ماءها.

(1:473)

الآلوسيّ: فليس عليكم مئونتها.و الفعل[تاكل] مجزوم لوقوعه في جواب الطّلب.و قرئ بالرّفع على الاستئناف أو على الحال-كما في«البحر»-و المتبادر من الأكل معناه الحقيقيّ،لكن قيل:في الآية اكتفاء،أي تأكل و تشرب.و جوّز أن يكون مجازا عن التّغذّي مطلقا، و المقام قرينة لذلك.(12:91)

تاكله

اَلَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ... آل عمران:183

ابن عبّاس: كان الرّجل يتصدّق،فإذا تقبّل منه، أنزلت عليه نار من السّماء فأكلته.(الطّبريّ 4:197)

الطّبريّ: و إنّما قال:(تاكله النّار)،لأنّ أكل النّار ما قرّبه أحدهم للّه في ذلك الزّمان،كان دليلا على قبول اللّه منه ما قرّب له،و دلالة على صدق المقرّب فيما ادّعى

ص: 562

أنّه محقّ،فيما نازع أو قال.(4:197)

أبو حيّان: و كان أكل النّار ذلك القربان دليلا على قبول العمل من صدقة أو عمل أو صدق مقالة،و إذا لم تنزل النّار فليس بمقبول،و كانت النّار أيضا تنزل للغنائم فتحرقها،و إسناد الأكل إلى النّار مجاز و استعارة عن إذهاب الشّيء و إفنائه؛إذ حقيقة الأكل إنّما توجد في الحيوان المتغذّي و القربان،و أكل النّار معجز للنّبيّ يوجب الإيمان به،فهو و سائر المعجزات سواء،و للّه أن يعيّن من الآيات ما شاء لأنبيائه.و هذا نظير ما يقترحونه من الآيات على سبيل التّبكيت و التّعجيز.و قد أخبر تعالى أنّه لو نزل ما اقترحوه لما آمنوا.(3:132)

الآلوسيّ: و المراد من أكل النّار للقربان إحالتها له إلى طبعها بالإحراق،و استعماله في ذلك إمّا من باب الاستعارة أو المجاز المرسل.و قد كان أمر إحراق النّار للقربان-إذا قبل-شائعا في زمن الأنبياء السّالفين،إلاّ أنّ دعوى أولئك اليهود هذا العهد من مفترياتهم و أباطيلهم، لأنّ أكل النّار القربان لم يوجب الإيمان إلاّ لكونه معجزة، فهو و سائر المعجزات شرع في ذلك،و لمّا كان مرامهم من هذا الكلام الباطل عدم الإيمان برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعدم إتيانه بما قالوا،و لو تحقّق الإتيان به لتحقّق الإيمان بزعمهم،ردّ اللّه تعالى عليهم بقوله سبحانه: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ...

آل عمران:183.(4:144)

الطّباطبائيّ: و أكل النّار كناية عن إحراقها.

(4:83)

فضل اللّه: تَأْكُلُهُ النّارُ، و هذا دلالة على قبول القربان.و قد كانوا يعتقدون بأنّ النّار تأتي من السّماء، لتحرق و تأكل القربان الصّادق الحقّ.(6:422)

ياكلن

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تُحْصِنُونَ. يوسف:48

الطّبريّ: فوصف السّنين بأنّهنّ يأكلن،و إنّما المعنى أنّ أهل تلك النّاحية يأكلون فيهنّ.[ثمّ استشهد بشعر]

(12:231)

نحوه الزّمخشريّ(2:325)،و الفخر الرّازيّ (18:150)،و النّسفيّ(2:225)،و النّيسابوريّ(13:11)، الطّوسيّ:أضاف الأكل إلى السّنين،لأنّها بمنزلة ما يأكل ذلك؛لوقوع الأكل فيها،كما يكون الأكل في الآكل.

[ثم استشهد بشعر](6:150)

نحوه الميبديّ.(5:78)

أبو حيّان: و أسند الأكل الّذي في قوله:(ياكلن) على سبيل المجاز من حيث إنّه يؤكل فيها،كما قال:

وَ النَّهارَ مُبْصِراً.. النّمل:86.(5:315)

أبو السّعود: و إسناد الأكل إليهنّ مع أنّه حال النّاس فيهنّ مجازيّ،كما في نهاره صائم.و فيه تلويح بأنّه تأويل لأكل العجاف السّمان،و اللاّم في لهنّ ترشيح لذلك،فكأنّ ما ادّخر في السّنابل من الحبوب شيء قد هيّئ و قدّم لهنّ،كالّذي يقدّم للنّازل،و إلاّ فهو في الحقيقة مقدّم للنّاس فيهنّ.(3:75)

مثله البروسويّ.(4:269)

الآلوسيّ: [مثل أبي السّعود و أضاف:]

و يجوز أن يكون التّعبير للمشاكلة لما وقع في الواقعة.

و فسّر بعضهم الأكل بالإفناء،كما في قولهم:«أكل السّير

ص: 563

لحم النّاقة»،أي أفناه و ذهب به.(12:255)

تاكلون

1- وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ. النّحل:5

الزّمخشريّ: فإن قلت:تقديم الظّرف في قوله:

وَ مِنْها تَأْكُلُونَ مؤذن بالاختصاص،و قد يؤكل من غيرها.

قلت:الأكل منها هو الأصل الّذي يعتمده النّاس في معايشهم،و أمّا الأكل من غيرها من الدّجاج و البطّ و صيد البرّ و البحر،فكغير المعتدّ به و كالجاري مجرى التّفكّه.

و يحتمل أنّ طعمتكم منها لأنّكم تحرثون بالبقر، فالحبّ و الثّمار الّتي تأكلونها منها،و تكتسبون بإكراء الإبل،و تبيعون نتاجها و ألبانها و جلودها.(2:401)

مثله النّسفيّ(2:280)و النّيسابوريّ(14:47).

الفخر الرّازيّ: [ذكر مثل الزّمخشريّ و أضاف:]

و أيضا منفعة الأكل مقدّمة على منفعة اللّبس،فلم أخّر منفعته في الذّكر؟

و الجواب:أنّ الملبوس أكثر بقاء من المطعوم،فلهذا قدّمه عليه في الذّكر.(19:228)

مثله الخازن.(4:66)

القرطبيّ: أفرد منفعة الأكل بالذّكر،لأنّها معظم المنافع.و قيل:المعنى و من لحومها تأكلون عند الذّبح(10:70)

البيضاويّ: أي تأكلون ما يؤكل منها من اللّحوم و الشّحوم و الألبان،و تقديم الظّرف للمحافظة على رءوس الآي،أو لأنّ الأكل منها هو المعتاد المعتمد عليه في المعاش.و أمّا الأكل من سائر الحيوانات المأكولة فعلى سبيل التّداوي أو التّفكّه.(1:549)

نحوه أبو السّعود(3:163)،و البروسويّ(5:7).

الآلوسيّ: أي تأكلون ما يؤكل منها من اللّحوم و الشّحوم و نحو ذلك.ف«من»تبعيضيّة،و الأكل إمّا على معناه المتبادر و إمّا بمعنى التّناول الشّامل للشّرب، فيدخل في العدّ:الألبان.و جوّز أن تكون«من»ابتدائيّة، و أن تكون للتّبعيض مجازا أو سببيّة،أي تأكلون ما يحصل بسببها،فإنّ الحبوب و الثّمار المأكولة تكتسب باكتراء الإبل مثلا،و أثمان نتاجها و ألبانها و جلودها.و الأوّل أظهر،و أدخل ما يحصل من اكترائها من الإجارة الّتي يتوصّل بها إلى مصالح كثيرة في المنافع.

و تغيير النّظم الجليل قيل:للإيماء إلى أنّها لا تبقى عند الأكل كما في السّابق و اللاّحق،فإنّ الدّفء و المنافع الّتي أشرنا إليها و الجمال يحصل منها،و هي باقية على حالها، و لذلك جعلت محالاّ لها بخلاف الأكل.

و تقديم الظّرف للحصر على معنى أنّ الأكل منها هو المعتاد المعتمد في المعاش من بين سائر الحيوانات،فلا يرد الأكل من الدّجاج و البطّ و صيد البرّ و البحر،فإنّه من قبيل التّفكّه،و كذا لا يرد أكل لحم الخيل عند من أباحه لأنّه ليس من المعتاد المعتمد أيضا.

و الحاصل أنّ الحصر إضافيّ،و بذلك لا يرد أيضا أكل الخبز و البقول و نحوها.و يضمّ إلى هذا الوجه في التّقديم رعاية الفواصل،و جعله لمجرّد ذلك-كما في«الكشف»-

ص: 564

قصور،و أبو حيّان ينكر كون التّقديم مطلقا للحصر، فينحصر وجهه هنا حينئذ في الرّعاية المذكورة.(14:98)

2- فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ. المؤمنون:19

الكرمانيّ: قوله تبارك و تعالى: وَ مِنْها تَأْكُلُونَ بالجمع و بالواو،و في الزّخرف:73،(فاكهة)على التّوحيد.

مِنْها تَأْكُلُونَ بغير واو.راعى في السّورتين لفظ الجنّة،فكانت هذه(جنّات)بالجمع فقال:(فواكه) بالجمع،و في الزّخرف:72، وَ تِلْكَ الْجَنَّةُ... بلفظ التّوحيد،و إن كانت هذه جنّة الخلد،لكن راعى اللّفظ، فقال: فِيها فاكِهَةٌ.

و قال في هذه السّورة: مِنْها تَأْكُلُونَ بزيادة الواو،لأنّ تقدير الآية:منها تدّخرون و منها تأكلون و منها تبيعون،و ليس كذلك فاكهة الجنّة،فإنّها للأكل فحسب،فلذلك قال: مِنْها تَأْكُلُونَ الزّخرف:73، و وافق هذه السّورة ما بعدها أيضا،و هو قوله: وَ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ المؤمنون:21،فهذا للقرآن معجزة و برهان.(136)

الزّمخشريّ: يجوز أن يكون قوله: مِنْها تَأْكُلُونَ من قولهم:يأكل فلان من حرفة يحترفها و من ضيعة يغتلّها و من تجارة يتربّح بها،يعنون أنّها طعمته و جهته الّتي منها يحصل رزقه،كأنّه قال:و هذه الجنّات وجوه أرزاقكم و معايشكم منها ترتزقون و تتعيّشون.(3:29)

نحوه البيضاويّ(2:104)،و البروسويّ(6:75).

الآلوسيّ: و المراد بالأكل معناه الحقيقيّ.و جوّز أن يكون مجازا أو كناية عن التّعيّش مطلقا،أي و منها ترزقون و تحصلون معايشكم،من قولهم:فلان يأكل من حرفته.و جوّز أن يعود الضّميران للنّخيل و الأعناب،أي لكم في ثمراتها أنواع من الفواكه الرّطب و العنب و التّمر و الزّبيب و الدّبس من كلّ منهما و غير ذلك،و طعام تأكلونه فثمرتهما جامعة للتّفكّه و الغذاء،بخلاف ثمرة ما عداهما.و على هذا تكون الفاكهة مطلقة على ثمرتهما.(18:21)

3- فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ* ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ. الصّافّات:91،92

الطّبريّ: هذا خبر من اللّه عن قيل إبراهيم للآلهة، و في الكلام محذوف استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره و هو:فقرّب إليها الطّعام فلم يرها تأكل،فقال لها: أَ لا تَأْكُلُونَ ؟فلمّا لم يرها تأكل قال لها:مالكم لا تأكلون،؟ فلم يرها تنطق،فقال لها: ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ؟ مستهزئا بها.(23:72)

الطّوسيّ: إنّما جاز أن يخاطب الجماد بذلك تهجينا لعابديها و تنبيها على أنّ من لا يتكلّم و لا يقدر على الجواب كيف تصحّ عبادتها،فأجراها مجرى من يفهم الكلام و يحسن ذكر الجواب،استظهارا في الحجّة و إيضاحا للبرهان،لكلّ من سمع ذلك و يبلغه.(8:512)

نحوه الطّبرسيّ.(4:450)

الفخر الرّازيّ: يعني الطّعام الّذي كان بين أيديهم، و إنّما قال ذلك:استهزاء بها.(26:148)

ص: 565

القرطبيّ:فخاطبها كما يخاطب من يعقل،لأنّهم أنزلوها بتلك المنزلة.و كذا ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ.

قيل:كان بين يدي الأصنام طعام تركوه ليأكلوه إذا رجعوا من العيد،و إنّما تركوه لتصيبه بركة أصنامهم بزعمهم.و قيل:تركوه للسّدنة.و قيل:قرّب هو إليها طعاما على جهة الاستهزاء،فقال: أَ لا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ؟(15:94)

النّيسابوريّ: و قوله: أَ لا تَأْكُلُونَ.. استهزاء بها،و كان عندها طعام زعموا أنّها تأكل منها.و قيل:

وضع الطّعام ليبارك فيه.

و روي:أنّ سدنتها كانوا يأكلون ما يوضع عندها و ينطقون عند الضّعفة عن لسانها،يوهمون أنّها تأكل و تنطق،و إنّما جاء في هذه السّورة: فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ بالفاء،و في الذّاريات:28، قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ بغير الفاء، لأنّه قصد من أوّل الأمر تقريع من زعم أنّها تأكل و تشرب،و في الذّاريات يستأنف تقديره:قرّبه إليهم فلم يأكلوها،فلمّا رآهم لا يأكلون فقال: فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ (23:60)

نحوه أبو حيّان.(7:366)

الآلوسيّ: من الطّعام الّذي عندكم.و كان المشركون يضعون في أيّام أعيادهم طعاما لدى الأصنام لتبرّك عليه،و أتى بضمير العقلاء لمعاملته عليه السّلام إيّاهم معاملتهم.

(23:123)

الطّباطبائيّ: و في قوله: أَ لا تَأْكُلُونَ تأييد لما ذكروا أنّ المشركين كانوا يضعون أيّام أعيادهم طعاما عند آلهتهم.

و قوله: أَ لا تَأْكُلُونَ؟ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ؟ تكليم منه لآلهتهم و هي جماد،و هو يعلم أنّها جماد لا تأكل و لا تنطق،لكنّ الوجد و شدّة الغيظ حمله على أن يمثّل موقفها موقف العقلاء،ثمّ يؤاخذها مؤاخذة العقلاء كما يفعل بالمجرمين.

فنظر إليها و هي ذوات أبدان كهيئة من يتغذّى و يأكل و عندها شيء من الطّعام،فامتلأ غيظا و جاش وجدا،فقال: أَ لا تَأْكُلُونَ؟ فلم يسمع منها جوابا، فقال: ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ؟ و أنتم آلهة يزعم عبّادكم أنّكم عقلاء قادرون مدبّرون لأمورهم،فلمّا لم يسمع لها حسّا راغ عليها ضربا باليمين.(17:149)

فضل اللّه: فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ، فقد حان وقت الطّعام الّذي يحتاج الأحياء إلى تناوله،من أجل استمرار حياتهم.(19:204)

4- اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَ مِنْها تَأْكُلُونَ* وَ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ... المؤمن:79،80

الزّمخشريّ: فإن قلت:لم قال: لِتَرْكَبُوا مِنْها وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها، و لم يقل:لتأكلوا منها و لتصلوا إلى منافع،أو هلاّ قال:منها تركبون و منها تأكلون و تبلغون عليها حاجة في صدوركم.

قلت:في الرّكوب،الرّكوب في الحجّ و الغزو،و في بلوغ الحاجة،الهجرة من بلد إلى بلد لإقامة دين أو طلب علم.و هذه أغراض دينيّة إمّا واجبة أو مندوب إليها ممّا يتعلّق به إرادة الحكيم،و أمّا الأكل و إصابة المنافع فمن

ص: 566

جنس المباح الّذي لا يتعلّق به إرادته.(3:438)

أبو حيّان: وَ مِنْها تَأْكُلُونَ عامّ في ثمانية الأزواج «و من»الأولى للتّبعيض.و قال ابن عطيّة:«و من»الثّانية لبيان الجنس،لأنّ الجمل منها يؤكل،انتهى.

و لا يظهر كونها لبيان الجنس.و يجوز أن تكون فيه للتّبعيض و لابتداء الغاية،و لما كان الرّكوب منها هو أعظم منفعة إذ فيه منفعة الأكل و الرّكوب.و ذكر أيضا أنّ في الجميع منافع من شرب لبن و اتّخاذ دثار و غير ذلك، و أكّد منفعة الرّكوب بقوله: وَ لِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ من بلوغ الأسفار الطّويلة و حمل الأثقال إلى البلاد الشّاسعة و قضاء فريضة الحجّ و الغزو و ما أشبه ذلك من المنافع الدّينيّة و الدّنيويّة.

و لمّا كان الرّكوب و بلوغ الحاجة المترتّبة عليه قد يتوصّل به إلى الانتقال لأمر واجب أو مندوب كالحجّ و طلب العلم،دخل حرف التّعليل على الرّكوب و على المترتّب عليه من بلوغ الحاجات،فجعل ذلك علّة لجعل الأنعام لنا.

و لمّا كان الأكل و إصابة المنافع من جنس المباحات، لم يجعل ذلك علّة في الجعل،بل ذكر أنّ منها نأكل و لنا فيها منافع من شرب لبن و اتّخاذ دثار و غير ذلك.(7:478)

5- فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ. الذّاريات:27

الزّمخشريّ: و الهمزة في أَ لا تَأْكُلُونَ للإنكار، أنكر عليهم ترك الأكل أو حثّهم عليه.(4:18)

النّيسابوريّ:سلوك لطريقة الاستئناف،و لهذا حذف الفاء،خلاف ما في الصّافّات،و قد مرّ.و الاستفهام لإنكار ترك الأكل أو للحثّ عليه.(27:11)

أبو حيّان: فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ فيه أدب المضيف من تقريب القرا لمن يأكل،و فيه العرض على الأكل،فإنّ في ذلك تأنيسا للأكل،بخلاف من قدّم طعاما و لم يحثّ على أكله،فإنّ الحاضر قد يتوهّم أنّه قدّمه على سبيل التّجمّل عسى أن يمتنع الحاضر من الأكل،و هذا موجود في طباع بعض النّاس،حتّى أنّ بعضهم إذا لجّ الحاضر و تمادى في الأكل،أخذ من أحسن ما أحضر و أجزله،فيعطيه لغلامه برسم رفعه لوقت آخر،يختصّ هو بأكله.

و قيل:الهمزة في(الا)للإنكار،و كأنّه ثمّ محذوف، تقديره:فامتنعوا من الأكل،فأنكر عليهم ترك الأكل، فقال: أَ لا تَأْكُلُونَ ؟

و في الحديث أنّهم قالوا:إنّا لا نأكل إلاّ ما أدّينا ثمنه، فقال لهم:و إنّي لا أبيحه لكم إلاّ بثمن،قالوا:و ما هو؟ قال:أن تسمّوا اللّه عزّ و جلّ عند الابتداء،و تحمدوه عند الفراغ من الأكل،فقال بعضهم لبعض:بحقّ اتّخذه اللّه خليلا.(8:139)

مثله الآلوسيّ.(27:12)

المراغيّ: أي قال مستحثّا لهم على الأكل: أَ لا تَأْكُلُونَ ؟

و في هذا تلطّف منه في العبارة و عرض حسن،و قد انتظم كلامه و عمله آداب الضّيافة؛إذ جاء بطعام من حيث لا يشعرون،و أتى بأفضل ماله،و هو عجل فتيّ مشويّ،و وضعه بين أيديهم،و لم يضعه بعيدا منهم حتّى يذهبوا إليه،و تلطّف في العرض،فقال: أَ لا

ص: 567

تَأْكُلُونَ ؟ (26:183)

الطّباطبائيّ: عرض الأكل على الملائكة و هو يحسبهم بشرا.(18:378)

فضل اللّه: فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ في استنكار لامتناعهم عن الأكل،متسائلا عن السّبب،و لكنّهم لم يجيبوا عن الموضوع.(21:208)

كلا

1- وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما... البقرة:35

الإسكافيّ: فأوّل آية ابتدأت بها قوله تعالى:

[و ذكر هذه الآية]،و قال: وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما...

الأعراف:19،فعطف(كلا)على قوله:(اسكن)بالفاء في هذه السّورة،و عطفها عليه في سورة البقرة بالواو.

و الأصل في ذلك أن كلّ فعل عطف عليه ما يتعلّق به تعلّق الجواب بالابتداء،و كان الأوّل مع الثّاني بمعنى الشّرط و الجزاء،فالأصل فيه عطف الثّاني على الأوّل بالفاء دون الواو،كقوله تعالى: وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً... البقرة:58، فعطف(كلوا)على(ادخلوا)بالفاء،لما كان وجود الأكل منها متعلّقا بدخولها،فكأنّه قال:إن دخلتموها أكلتم منها،فالدّخول موصل إلى الأكل،و الأكل متعلّق وجوده بوجوده.يبيّن ذلك قوله تعالى: وَ إِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَ كُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ الأعراف:161، و عطف(كلوا)على قوله:(اسكنوا)بالواو دون الفاء لأنّ (اسكنوا)من السّكنى،و هي المقام مع طول لبث،و الأكل لا يختصّ وجوده بوجوده،لأنّ من يدخل بستانا قد يأكل منه و إن كان مجتازا،فلمّا لم يتعلّق الثّاني بالأوّل تعلّق الجواب بالابتداء،وجب العطف بالواو دون الفاء.

و على هذا قوله[و ذكر آية البقرة]

و بقي أن نبيّن المراد بالفاء في قوله: فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما...، مع عطفه على قوله:(اسكن)،و هو أنّ اسكن يقال لمن دخل مكانا و يراد به:الزم المكان الّذي دخلته و لا تنتقل عنه،و يقال أيضا لمن لم يدخله:اسكن هذا المكان،يعني ادخله و اسكنه،كما تقوله لمن تعرض عليه دارا ينزلها سكنى فتقول:اسكن هذه الدّار و اصنع ما شئت فيها من الصّناعات،معناه ادخلها ساكنا لها فافعل فيها كذا و كذا،فعلى هذا الوجه[و ذكر آية الأعراف]،بالفاء،الحمل على هذا المعنى في هذه الآية أولى،لأنّه عزّ من قائل لمّا قال لإبليس: اُخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً... الأعراف:18،فكأنّه قال لآدم:

ادخل أنت و زوجك الجنّة،فقال:اسكن،يعني ادخل ساكنا،ليوافق الدّخول الخروج و يكون أحد الخطابين لهما قبل الدّخول،و الآخر بعده مبالغة في الإعذار، و توكيدا للإنذار،و تحقيقا لقوله عزّ و جلّ: وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ الأعراف:19.(10)

مثله الفخر الرّازيّ(3:4)،و نحوه النّيسابوريّ (1:276)،و القاسميّ(2:107).

الكرمانيّ: اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا...

البقرة:35،بالواو،و في الأعراف:19،(فكلا)بالفاء.

(اسكن)في الآيتين ليس بأمر بالسّكون الّذي هو ضدّ

ص: 568

الحركة،و إنّما الّذي في البقرة من السّكون الّذي معناه الإقامة،فلم يصلح إلاّ بالواو،لأنّ المعنى:اجمع بين الإقامة فيها و الأكل من ثمارها.و لو كان الفاء مكان الواو لوجب تأخير الأكل إلى الفراغ من الإقامة،لأنّ الفاء للتّعقيب و التّرتيب،و الّذي في الأعراف من السّكنى الّذي معناها:اتّخاذ الموضع مسكنا،لأنّ اللّه تعالى أخرج إبليس من الجنّة بقوله: اُخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً..

الأعراف:18،و خاطب آدم فقال: يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ..، أي اتّخذاها لأنفسكما مسكنا فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما، فكانت الفاء أولى،لأنّ اتّخاذ المسكن لا يستدعي زمانا ممتدّا،و لا يمكن الجمع بين الاتّخاذ و الأكل فيه،بل يقع الأكل عقيبه.(25)

الزّمخشريّ: أطلق لهما الأكل من الجنّة على وجه التّوسعة البالغة المزيحة للعلّة حين لم يحظر عليهما بعض الأكل و لا بعض المواضع الجامعة للمأكولات من الجنّة، حتّى لا يبقى لهما عذر في التّناول من شجرة واحدة من بين أشجارها الفائتة للحصر.(1:273)

القرطبيّ:حذفت النّون من(كلا)لأنّه أمر، و حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال،و حذفها شاذّ.

قال سيبويه: من العرب من يقول:أؤكل؛فيتمّ.

(1:310)

أبو حيّان:و(كلا)دليل على أنّ الخطاب لهما بعد وجود حوّاء،لأنّ الأمر بالأكل للمعدوم فيه بعد إلاّ على تقدير وجوده،و الأصل في كل:أؤكل،الهمزة الأولى هي المجتلبة للوصل و الثّانية هي فاء الكلمة،فحذفت الثّانية لاجتماع المثلين حذف شذوذ،فوليت همزة الوصل الكاف و هي متحرّكة،و إنّما اجتلبت للسّاكن فلمّا زال موجب اجتلابها زالت هي.

قال ابن عطيّة و غيره:و حذفت النّون من(كلا) للأمر،انتهى كلامه.

و هذا الّذي ذكر ليس على طريقة البصريّين،فإنّ فعل الأمر عندهم مبنيّ على السّكون،فإذا اتّصل به ضمير بارز كانت حركة آخره مناسبة للضّمير،فتقول:

كلي و كلا و كلوا،و في الإناث يبقى ساكنا نحو:كلن.

و للمعتلّ حكم غير هذا،فإذا كان هكذا فقوله:

(و كلا)لم تكن فيه نون،فتحذف للأمر.و إنّما يكون ما ذكره على مذهب الكوفيّين حيث زعموا أنّ فعل الأمر معرّب و أنّ أصل«كل»لتأكل ثمّ عرض فيه من الحذف بالتّدريج إلى أن صار«كل»فأصل(كلا)لتأكلا،و كان قبل دخول لام الأمر عليه فيه نون؛إذ كان أصله تأكلان، فعلى قولهم يتمّ قول ابن عطيّة:أنّ النّون من(كلا) حذفت للأمر.(1:157)

نحوه الآلوسيّ.(1:234)

البروسويّ: أي من ثمار الجنّة،وجّه الخطاب إليهما إيذانا بتساويهما في مباشرة المأمور به،فإنّ حوّاء أسوة له في الأكل بخلاف السّكنى،فإنّها تابعة له فيها،ثمّ معنى الأمر بهذا و الشّغل به،مع أنّه اختصّه و اصطفاه و للخلافة أبداه أنّه مخلوق،و الّذي يليق بالخلق هو السّكون بالخلق و القيام باستجلاب الحظّ.(1:107)

2- وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ... الأعراف:19

ص: 569

الفخر الرّازيّ: قال في سورة البقرة:35 وَ كُلا مِنْها رَغَداً..، بالواو،و قال هاهنا:(فكلا) بالفاء،فما السّبب فيه؟و جوابه من وجهين:

الأوّل:أنّ الواو تفيد الجمع المطلق،و الفاء تفيد الجمع على سبيل التّعقيب،فالمفهوم من الفاء نوع داخل تحت المفهوم من الواو،و لا منافاة بين النّوع و الجنس،ففي سورة البقرة ذكر الجنس و في سورة الأعراف ذكر النّوع.

(14:45)

أبو حيّان: تقدّم تفسير هذه الآية في البقرة إلاّ أنّ هنا فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما، و في البقرة: وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما..، فالواو جاءت على أحد محاملها و هو أن يكون الثّاني بعد الأوّل،و حذف(رغدا) هنا على سبيل الاختصار و أثبت هناك،لأنّ تلك مدنيّة و هذه مكّيّة،فوفى المعنى هناك باللّفظ.(4:278)

الآلوسيّ: و توجيه الخطاب إليهما في قوله تعالى:

فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما... لتعميم التّشريف و الإيذان بتساويهما في مباشرة المأمور به،فإنّ حوّاء أسوة له عليه السّلام في حقّ الأكل بخلاف السّكنى فإنّها تابعة له فيها،و لتعليق النّهي الآتي بهما صريحا،و المعنى فكلا منها حيث شئتما كما في البقرة،و لم يذكر(رغدا)هنا ثقة بما ذكر هناك.(8:98)

رشيد رضا :أي فكلا من ثمارها حيث شئتما،و في سورة البقرة وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما و من سنّة القرآن أن يتضمّن التّكرار للقصص فوائد في كلّ منها لا توجد في الأخرى من غير تعارض في المجموع.

(8:346)

الطّباطبائيّ: و قوله: فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما توسعة في إباحة التّصرّف إلاّ ما استثناه بقوله: وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ. (8:34)

كلوا

1- كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ... البقرة:57

أبو حيّان: (كلوا)أمر إباحة و إذن كقوله:

فَاصْطادُوا المائدة:2، فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ الجمعة:10،و ذلك على قول من قال:إنّ الأصل في الأشياء الحظر.أو دوموا على الأكل على قول من قال:

الأصل فيها الإباحة.

و هاهنا قول محذوف،أي و قلنا:كلوا،و القول يحذف كثيرا و يبقى المقول؛و ذلك لفهم المعنى.و منه أَ كَفَرْتُمْ آل عمران:106،أي فيقال:أكفرتم، و حذف المقول و إبقاء القول قليل،و ذلك أيضا لفهم المعنى.(1:214)

2- وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً... البقرة:58

الكرمانيّ: قوله: وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا إلخ بالفاء،و في الأعراف بالواو،لأنّ الدّخول سريع الانقضاء،فيتتبّعه الأكل.و في الأعراف:161، (اسكنوا)المعنى:أقيموا فيها،و ذلك ممتدّ،فذكر بالواو، أي أجمعوا بين الأكل و السّكون.و زاد في البقرة(رغدا)، لأنّه سبحانه أسنده إلى ذاته بلفظ التّعظيم،و هو قوله:

(و اذ قلنا)خلاف ما في الأعراف:161،فإنّ فيه(و إذ

ص: 570

أبو حيّان: تقدّم الكلام على نظير هذه الجملة في قصّة آدم في قوله: وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما..

البقرة:35.إلاّ أنّ هناك العطف بالواو و هنا بالفاء،و هناك تقديم الرّغد على الظّرف،و هنا تقديم الظّرف على الرّغد، و المعنى فيهما واحد،إلاّ أنّ الواو هناك جاءت بمعنى الفاء، قيل:و هو المعنى الكثير فيها،أعني أنّه يكون المتقدّم في الزّمان و المعطوف بها هو المتأخّر في الزّمان و إن كانت قد ترد بالعكس و هو قليل،و للمعيّة و الزّمان و هو دون الأوّل،و يدلّ أنّها بمعنى الفاء ما جاء في الأعراف من قوله:(فكلا)بالفاء،و القضيّة واحدة.

و أمّا تقديم الرّغد هناك فظاهر فإنّه من صفات الأكل أو الآكل،فناسب أن يكون قريبا من العامل فيه و لا يؤخّر عنه و يفصل بينهما بظرف،و إن لم يكن فاصلا مؤثّرا المنع لاجتماعهما في المعموليّة لعامل واحد،و أمّا هنا فإنّه أخّر لمناسبة الفاصلة بعده،أ لا ترى أنّ قوله:

فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً و قوله: وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً... البقرة:58،فهما سجعتان متناسبتان، فلهذا-و اللّه أعلم-كان هذان التّركيبان على هذين الوضعين.(1:221)

و بهذا المعنى جاء وَ كُلُوا مِنْها في سورة الأعراف:161.

3- ...كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللّهِ... البقرة:60

الفخر الرّازيّ: ففيه حذف،و المعنى فقلنا لهم أو قال لهم موسى: (كُلُوا وَ اشْرَبُوا) ،و إنّما قال:(كلوا)لوجهين:

أحدهما:لما تقدّم من ذكر المنّ و السّلوى،فكأنّه قال:كلوا من المنّ و السّلوى الّذي رزقكم اللّه بلا تعب و لا نصب و اشربوا من هذا الماء.

و الثّاني:أنّ الأغذية لا تكون إلاّ بالماء،فلمّا أعطاهم الماء فكأنّه تعالى أعطاهم المأكول و المشروب.(3:97)

أبو حيّان:و بدئ بالأكل لأنّه المقصود أوّلا و ثنّي بالشّرب لأنّ الاحتياج إليه حاصل عن الأكل،و لأنّ ذكر«المنّ و السّلوى»متقدّم على«انفجار الماء».

(1:230)

نحوه الآلوسيّ.(1:271)

رشيد رضا :فعبّر عن الحال الماضية بالأمر ليستحضر سامع الخطاب أولئك القوم في ذهنه و يتصوّر اغتباطهم بما هم فيه حتّى كأنّهم حاضرون الآن، و الخطاب يوجّه إليهم.و هذا ضرب من ضروب إيجاز القرآن الّتي لا تجارى و لا تمارى.(1:326)

نحوه المراغيّ.(1:129)

4- يا أَيُّهَا النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً..

البقرة:168

أبو البركات: (كلوا)أصله:أ أكلوا،فاجتمع همزتان:همزة أصليّة و همزة اجتلبت لئلاّ يبتدأ بالسّاكن،فاستثقلوا اجتماعهما،فحذفوا إحداهما؛و كان حذف الهمزة الأصليّة أولى من المجتلبة،لأنّ المجتلبة دخلت لمعنى و الأصليّة لم تدخل لمعنى،فكان حذفها أولى.فلمّا حذفت الأصليّة استغني عن المجتلبة،لأنّها دخلت لئلاّ يبتدأ بالسّاكن و هي الهمزة الأصليّة و قد حذفت،فاستغني عنها لزوال السّاكن الّذي اجتلبت من

ص: 571

أجله،فصار(كلوا)و وزنه علوا،بحذف الفاء الّتي هي الهمزة.(1:135)

أبو حيّان: (كلوا)أمر إباحة و تسويغ،لأنّه تعالى هو الموجد للأشياء فهو المتصرّف فيها على ما يريد.(1:478)

الطّباطبائيّ: و الأكل هو البلع عن مضغ،و ربّما يكنّى بالأكل عن مطلق التّصرّف في الأموال،لكون الأكل هو الأصل في أفعال الإنسان و الرّكن في حياته،كما قال تعالى: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ النّساء:29،و الآية لا تأبى الحمل على هذا المعنى الوسيع لإطلاقها،و المعنى كلوا و تصرّفوا و تمتّعوا ممّا في الأرض من النّعم الإلهيّة الّتي هيّأته لكم طبيعة الأرض بإذن اللّه و تسخيره أكلا حلالا طيّبا،أي لا يمنعكم عن أكله أو التّصرّف فيه مانع من قبل طبائعكم و طبيعة الأرض،كالّذي لا يقبل بطبعه الأكل،أو الطّبع لا يقبل أكله،و لا تنفر طبائعكم عن أكله ممّا يقبل الطّبع أكله،لكن ينافره و يأبى عنه السّليقة، كالأكل الّذي توسّل إليه بوسيلة غير جائزة.

فقوله تعالى: كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً، يفيد الإباحة العامّة من غير تقييد و اشتراط فيه،إلاّ أنّ قوله: وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ... يفيد أنّ هاهنا أمورا تسمّى خطوات الشّيطان متعلّقة بهذا الأكل الحلال الطّيّب،إمّا كفّ عن الأكل اتّباعا للشّيطان.و إمّا إقدام عليه اتّباعا للشّيطان.(1:418)

5- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ. البقرة:172

الطّوسيّ: و قوله:(كلوا)ظاهره ظاهر الأمر، و المراد به الإباحة و التّخيير،لأنّ الأكل ليس بواجب،إلاّ أنّه متى أراد الأكل فلا يجوز أن يأكل إلاّ من الحلال الطّيّب،و متى كان الوقت وقت الحاجة فإنّه محمول على ظاهره في باب الأمر،سواء قلنا:إنّه يقتضي الإيجاب أو النّدب.

و في الآية دلالة على النّهي عن أكل الخبيث في قول البلخيّ،و غيره،كأنّه قيل:كلوا من الطّيّب دون الخبيث، كما لو قال:كلوا من الحلال،لكان ذلك دالاّ على حظر الحرام،و هذا صحيح فيما له ضدّ قبيح مفهوم.فأمّا غير ذلك فلا يدلّ على قبح ضدّه،لأنّ قول القائل:كل من مال زيد،لا يدلّ على أنّ المراد تحريم ما عداه،لأنّه قد يكون[الغرض]البيان لهذا خاصّة،و الآخر موقوف على بيان آخر،و ليس كذلك ما ضدّه قبيح،لأنّه قد يكون[الغرض]من البيان تقبيح ضدّه.(2:81)

نحوه الطّبرسيّ.(1:256)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ الأكل قد يكون واجبا، و ذلك عند دفع الضّرر عن النّفس،و قد يكون مندوبا، و ذلك أنّ الضّيف قد يمتنع من الأكل إذا انفرد،و ينبسط في ذلك إذا سوعد،فهذا الأكل مندوب،و قد يكون مباحا إذا خلا عن هذه العوارض.و الأصل في الشّيء أن يكون خاليا عن العوارض،فلا جرم كان مسمّى الأكل مباحا، و إذا كان الأمر كذلك كان قوله:(كلوا)في هذا الموضع لا يفيد الإيجاب و النّدب بل الإباحة.(5:9)

القرطبيّ: و المراد بالأكل الانتفاع من جميع

ص: 572

الوجوه.

و قيل:هو الأكل المعتاد.(2:215)

أبو حيّان: و ظاهر(كلوا)الأمر بالأكل المعهود.

و قيل:المراد الانتفاع به،و نبّه بالأكل على وجوه الانتفاع؛إذ كان الأكل أعظمها إذ به تقوم البنية.

قيل:و هذا أقرب إلى المعنى،لأنّه تعالى ما خصّ الحلّ و الحرمة بالمأكولات بل بسائر ما ينتفع به من أكل و شرب و لبس و غير ذلك.(1:484)

البروسويّ: و الأمر بأكل الطّيّبات لفائدتين:

إحداهما:أن يكون أكلهم بالأمر لا بالطّبع، فيمتازون عن الحيوانات و يخرجون من حجاب ظلمة الطّبع بنور الشّرع.

و الثّانية:ليثيبهم بائتمار أمر الأكل.(1:276)

6- وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ.. البقرة:187

الفخر الرّازيّ: الفائدة في ذكرهما أنّ تحريمهما و تحريم الجماع باللّيل بعد النّوم لما تقدّم،احتيج في إباحة كلّ واحد منها إلى دليل خاصّ يزول به التّحريم،فلو اقتصر تعالى على قوله: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ البقرة:

187 لم يعلم بذلك زوال تحريم الأكل و الشّرب،فقرن إلى ذلك قوله: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا لتتمّ الدّلالة على الإباحة.(5:119)

رشيد رضا :و الاقتصار على الأكل و الشّرب في بيان آخر اللّيل دون المباشرة،و حكمها حكمهما يشعر بكراهتها في آخر وقت الإباحة الّذي تتلوه صلاة الفجر المندوب التّغليس بها.(2:178)

7- وَ كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً.. المائدة:88

الفخر الرّازيّ: قوله:(و كلوا)صيغة أمر،و ظاهرها للوجوب لا أنّ المراد هاهنا الإباحة و التّحليل.

(12:72)

القرطبيّ: الأكل في هذه الآية عبارة عن التّمتّع بالأكل و الشّرب و اللّباس و الرّكوب و نحو ذلك.و خصّ الأكل بالذّكر،لأنّه أعظم المقصود و أخصّ الانتفاعات بالإنسان.(6:263)

رشيد رضا :و المراد بالأكل التّمتّع،فيدخل فيه الشّرب ممّا كان حلالا غير مسكر و لا ضارّا،طيّبا غير مستقذر في نفسه أو بفساده أو نجاسة طرأت عليه.و إنّما عبّر بالأكل لأنّه هو الغالب،كما عبّر به في مثل قوله: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ.. النّساء:29،و هو يعمّ كلّ ما ينتفع به من طعام و شراب و لباس و متاع و مأوى.

و كثيرا ما تطلق العرب الخاصّ فتريد به العامّ،و ما تطلق العامّ فتريد به الخاصّ،و يعرف ذلك بالسّياق و القرائن.

الأمر هاهنا للوجوب لا للإباحة،فهو ليس من الأمر بالشّيء بعد النّهي عنه المفيد للإباحة فقط،كقوله: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا.. المائدة:2،و إنّما هو تصريح بأنّ امتثال النّهي عن تحريم الطّيّبات لا يتحقّق إلاّ بالانتفاع بها فعلا؛إذ ليس المراد بتحريمها المنهيّ عنه تحريمها بمجرّد القول أو بالاعتقاد،بل المراد به أوّلا و بالذّات الامتناع منها عمدا تقرّبا إلى اللّه تعالى بتعذيب النّفس و حرمانها، أو إضعافا للجسد توهّما أنّ إضعافه يقوّي الرّوح،أو لغير

ص: 573

ذلك من الأسباب و العلل،كمن يحرّم على نفسه شيئا بنذر لجاج أو يمين،و كلّ هذا ممّا لا يزال يبتلي به كثير من المسلمين.دع ما كانت تحرّمه الجاهليّة على أنفسها من الأنعام أو نسلها تكريما لكثرة نتاجها،أو تعظيما لصنم تسيّبها له.(7:27)

الطّباطبائيّ: ظاهر العطف،أعني انعطاف قوله:

(و كلوا)على قوله:(لا تحرّموا)أن يكون مفاد هذه الآية بمنزلة التّكرار و التّأكيد لمضمون الآية السّابقة، (المائدة:87)،و يؤيّده سياق صدر الآية من حيث اشتماله على قوله:(حلالا طيّبا)و هو يحاذي قوله في الآية السّابقة طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ... المائدة:87،و كذا ذيلها من حيث المحاذاة الواقعة بين قوله فيه: وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ... المائدة:57،و قوله في الآية السّابقة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا... المائدة:57،و على هذا فقوله:(كلوا)من قبيل ورود الأمر عقيب الحظر.

و تخصيص قوله:(كلوا)بعد تعميم قوله: لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ إمّا تخصيص بحسب اللّفظ فقط،و المراد بالأكل مطلق التّصرّف فيما رزقه اللّه تعالى من طيّبات نعمه، سواء كان بالأكل بمعنى التّغذّي أو بسائر وجوه التّصرّف، و قد تقدّم مرارا أنّ استعمال الأكل بمعنى مطلق التّصرّف استعمال شائع ذائع.

و إمّا أن يكون المراد-و من الممكن ذلك-الأكل بمعناه الحقيقيّ،و يكون سبب نزول الآيتين تحريم بعض المؤمنين في زمن النّزول المأكولات الطّيّبة على أنفسهم،فتكون الآيتان نازلتين في النّهي عن ذلك،و قد عمّم النّهي في الآية الأولى للأكل و غيره إعطاء للقاعدة الكلّيّة،لكون ملاك النّهى يعمّ محلاّت الأكل و غيرها على حدّ سواء.(6:109)

8- وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا... الأعراف:31

الكلبيّ:معناه كلوا من اللّحم و الدّسم و اشربوا من الألبان،و كانوا يحرّمون جميع ذلك في الإحرام

(أبو حيّان 4:290)

السّدّيّ: كلوا من البحيرة و أخواتها.

(أبو حيّان 4:290)

أبو حيّان: الظّاهر أنّه أمر بإباحة الأكل و الشّرب من كلّ ما يمكن أن يؤكل أو يشرب ممّا يحظر أكله و شربه في الشّريعة،و إن كان النّزول على سبب خاصّ كما ذكروا من امتناع المشركين من أكل اللّحم و الدّسم أيّام إحرامهم،أو بني عامر دون سائر العرب من ذلك.(4:290)

السّيوطيّ: قال بعضهم:جمع اللّه الحكمة في شطر آية وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا.. (3:184)

فضل اللّه: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا، فاللّه أراد للإنسان أن يأكل،لأنّ الأكل حاجة طبيعيّة للجسد، ليستمرّ في قوّته الّتي تمدّه بالحياة و أراد له أن يشرب للسّبب نفسه.و إذا كان الأكل و الشّرب مطلوبين من موقع الحاجة،فمن الطّبيعيّ أن تتقدّر الحاجة بالمقدار الّذي يحقّق الاكتفاء للجسد،لأنّ الزّيادة عنه تثقل الجسد بما لا يحتاجه،فيسيء إلى توازنه و قوّته.

و لهذا جاء النّهي عن الإسراف في الأكل و الشّرب، مراعاة لجانب السّلامة في حياة الإنسان،و للحصول على رضا اللّه و محبّته،لأنّ اللّه لا يحبّ للإنسان أن

ص: 574

يتجاوز الحدود الطّبيعيّة لحاجاته في الحياة،بل يريد له أن يكون متوازنا في كلّ شيء،ممّا يجعل من الالتزام بذلك عملا دينيّا يقرّبه إلى اللّه.و العكس صحيح،لأنّ الإنسان ملك اللّه،فلا يحبّ أن يتصرّف أحد في ملكه بما يسيء إليه،سواء في ذلك ما يتعلّق بنفسه أو بالآخرين.

و هنا يكمن الفرق بين المبادئ الوضعيّة و بين التّشريع الدّينيّ،فإنّ تلك المبادئ تترك للإنسان الحرّيّة في ممارسة حياته الخاصّة،بقطع النّظر عن نوعيّة الممارسة،بينما يؤكّد التّشريع الدّينيّ على ضرورة تقييد هذه الحرّيّة،لمصلحة حياة الإنسان،و حمايته من نفسه.(10:96)

9- هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ الملك:15

البروسويّ: و التمسوا من نعم اللّه تعالى فيها من الحبوب و الفواكه و نحوها.و الأمر إن كان أمر إباحة فالرّزق ما يكون حلالا،و إن كان خبرا في صورة الأمر بمعنى تأكلون فيجوز أن يكون شاملا للحرام أيضا،فإنّه من رزقه أيضا و إن كان التّناول منه حراما(10:89)

الآلوسيّ: انتفعوا بما أنعم جلّ شأنه.و كثيرا ما يعبّر عن وجوه الانتفاع بالأكل لأنّه الأهمّ الأعمّ.و في«أنوار التّنزيل»،أي التمسوا من نعم اللّه سبحانه و تعالى على أنّ الأكل مجاز عن الالتماس من قبيل ذكر الملزوم و إرادة اللاّزم.قيل:و هو المناسب لقوله تعالى:(فامشوا).

و جوّز بعض إبقاءه على ظاهره،على أنّ ذلك من قبيل الاكتفاء،و ليس بذاك.[إلى أن قال:]

و المشهور أنّ الأمر في الموضعين للإباحة،و جوّز كونه لمطلق الطّلب،لأنّ من المشي و ما عطف عليه ما هو واجب كما لا يخفى.(29:15)

10- كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ... الحاقّة:24

الطّوسيّ: صورته صورة الأمر و المراد به الإباحة.

كما قال: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا... المائدة:2.

و قال قوم:إنّه أمر على الحقيقة،لأنّ اللّه يريد من أهل الجنّة الأكل و الشّرب لما لهم في ذلك من زيادة السّرور اذا علموا ذلك،و إنّما لا يريد ذلك في الدّنيا،لأنّه عبث لا فائدة فيه.(10:102)

الفخر الرّازيّ: و المعنى يقال لهم ذلك،و فيه مسائل:

المسألة الأولى:منهم من قال قوله:(كلوا)ليس بأمر إيجاب و لا ندب،لأنّ الآخرة ليست دار تكليف،و منهم من قال:لا يبعد أن يكون ندبا،إذا كان الغرض منه تعظيم ذلك الإنسان،و إدخال السّرور في قلبه.

المسألة الثّانية:إنّما جمع الخطاب في قوله:(كلوا)بعد قوله: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ الحاقّة:21،لقوله: فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ الحاقّة:19،و(من)مضمّن معنى الجمع...

(30:112)

فضل اللّه:و إذا كان الحديث عن الأكل و الشّرب،فإنّ المسألة لا تقتصر عليهما،لأنّ السّعادة الرّوحيّة الّتي يمنحهم اللّه إيّاها في رضوانه و لطفه و محبّته، لا يبلغها شيء ممّا يعرفه النّاس من مشاعر السّعادة،و لكن مناسبة الحديث عن الجنّة يوحي بالحديث عن النّعيم الحسّيّ المتمثّل بالأكل و الشّرب.(23:75)

ص: 575

11- كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

المرسلات:43

الفخر الرّازيّ: اختلف العلماء في أنّ قوله: كُلُوا وَ اشْرَبُوا... أمر أو إذن،قال أبو هاشم:هو أمر،و أراد اللّه منهم الأكل و الشّرب،لأنّ سرورهم يعظم بذلك، و إذا علموا أنّ اللّه أراده منهم جزاء على عملهم فكما يريد إجلالهم و إعظامهم بذلك،فكذلك يريد نفس الأكل و الشّرب معهم.

و قال أبو عليّ: ذلك ليس بأمر،و إنّما يريد بقوله على وجه الإكرام،لأنّ الأمر و النّهي إنّما يحصلان في زمان التّكليف،و ليس هذا صفة الآخرة.(30:283)

الطّباطبائيّ: مفاده الإذن و الإباحة،و كأنّ الأكل و الشّرب كناية عن مطلق التّنعّم بنعم الجنّة و التّصرّف فيها،و إن لم يكن بالأكل و الشّرب،و هو شائع،كما يطلق أكل المال على مطلق التّصرّف فيه.(20:155)

12- كُلُوا وَ تَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ. المرسلات:46

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ هذا هو النّوع التّاسع من أنواع تخويف الكفّار،كأنّه تعالى يقول للكافر حال كونه في الدّنيا:إنّك إنّما عرضت نفسك لهذه الآفات الّتي وصفناها و لهذه المحن الّتي شرحناها،لأجل حبّك للدّنيا و رغبتك في طيّباتها و شهواتها،إلاّ أنّ هذه الطّيّبات قليلة بالنّسبة إلى تلك الآفات العظيمة،و المشتغل بتحصيلها يجري مجرى لقمة واحدة من الحلواء،و فيها السّمّ المهلك.فإنّه يقال لمن يريد أكلها و لا يتركها بسبب نصيحة النّاصحين و تذكير المذكّرين:كل هذا و ويل لك منه بعد هذا فإنّك من الهالكين بسببه،و هذا و إن كان في اللّفظ أمر إلاّ أنّه في المعنى نهي بليغ و زجر عظيم و منع في غاية المبالغة.(30:283)

الآلوسيّ: أي الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم ذلك؛تذكيرا لما كان يقال لهم في الدّنيا.و لما كانوا أحقّاء بأن يخاطبوا به حيث تركوا الحظّ الكثير إلى النّزر الحقير، فيفيد التّحسير و التّخسير.

و ذهب أبو حيّان إلى أنّه كلام مستأنف خوطب به المكذّبون في الدّنيا،و الأمر فيه أمر تحسير و تهديد و تخسير،و لم يعتبر التّهديد على الأوّل،لأنّه غير مقصود في الآخرة.و رجّح بأنّه أبعد من التّعسّف و أوفق لتأليف النّظم،و فيه نظر.و الظّاهر أنّ قوله سبحانه:انكم...

في موضع التّعليل.و فيه دلالة على أنّ كلّ مجرم نهايته تمتّع أيّام قليلة،ثمّ يبقى في عذاب و هلاك أبدا.(29:178)

الطّباطبائيّ: الخطاب من قبيل قولهم:افعل ما شئت فإنّه لا ينفعك،و هذا النّوع من الأمر إياس للمخاطب أن ينتفع بما يأتي به من الفعل للحصول على ما يريده.و منه قوله: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا طه:72،و قوله: اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.. فصّلت:40.

فقوله: كُلُوا وَ تَمَتَّعُوا قَلِيلاً... أي تمتّعا قليلا أو زمانا قليلا إياس لهم من أن ينتفعوا بمثل الأكل و التّمتّع في دفع العذاب عن أنفسهم،فليأكلوا و ليتمتّعوا قليلا فليس يدفع عنهم شيئا.

و إنّما ذكر الأكل و التّمتّع،لأنّ منكري المعاد لا يرون

ص: 576

من السّعادة إلاّ سعادة الحياة الدّنيا،و لا يرون لها من السّعادة إلاّ الفوز بالأكل و التّمتّع كالحيوان العجم،قال تعالى: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَ النّارُ مَثْوىً لَهُمْ... محمّد:12.(20:155)

نحوه فضل اللّه(23:299)

كلوه

فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً النّساء:4

الميبديّ: فخذوه و اقبلوه.(2:412)

الفخر الرّازيّ: و هاهنا بحث و هو أنّ قوله:

فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً يتناول ما إذا كان المهر عينا،أمّا إذا كان دينا فالآية غير متناول له،فإنّه لا يقال لما في الذّمّة:كله هنيئا مريئا.

قلنا:المراد بقوله: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ليس نفس الأكل،بل المراد منه حلّ التّصرّفات،و إنّما خصّ الأكل بالذّكر لأنّ معظم المقصود من المال إنّما هو الأكل.و نظيره قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً النّساء:10،و قال: لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ... النّساء:29.(9:182)

القرطبيّ: ليس المقصود صورة الأكل،و إنّما المراد به الاستباحة بأيّ طريق كان،و هو المعنيّ بقوله في الآية الّتي بعدها إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً، و ليس المراد نفس الأكل،إلاّ أنّ الأكل لمّا كان أوفى أنواع التّمتّع بالمال عبّر عن التّصرّفات بالأكل.و نظيره قوله تعالى: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ... الجمعة:9،يعلم أنّ صورة البيع غير مقصودة،و إنّما المقصود ما يشغله عن ذكر اللّه تعالى مثل النّكاح و غيره،و لكن ذكر البيع لأنّه أهمّ ما يشتغل به عن ذكر اللّه تعالى.(5:26)

البيضاويّ:فخذوه و أنفقوه حلالا بلا تبعة.(1:204)

أبو حيّان:و هو أمر إباحة،و المعنى فانتفعوا به، و عبّر بالأكل لأنّه معظم الانتفاع.(3:167)

البروسويّ: أي فخذوا ذلك الشّيء الّذي طابت به نفوسهنّ و تصرّفوا فيه تملّكا.و تخصيص الأكل بالذّكر لأنّه معظم وجوه التّصرّفات الماليّة.(2:164)

مثله الآلوسيّ.(4:199)

ماكول

فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ.. الفيل:5

عكرمة: كالحبّ إذا أكل فصار أجوف.

(الميبديّ 10:620)

الطّبريّ: فجعل اللّه أصحاب الفيل كزرع أكلته الدّوابّ فراثته،فيبس و تفرّقت أجزاؤه،شبّه تقطّع أوصالهم بالعقوبة الّتي نزلت بهم،و تفرّق آراب أبدانهم بها،بتفرّق أجزاء الرّوث الّذي حدث عن أكل الزّرع.(30:304)

الزّجّاج: أي جعلهم كورق الزّرع الّذي جزّ و أكل، أي وقع فيه الآكال.(5:364)

الطّوسيّ: قيل:معنى كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ أي مأكول الثّمرة،كما يقال:فلان حسن،أي حسن الوجه، فأجري مأكول على العصف من أجل أكل ثمرته،لأنّ المعنى معلوم للإيجاز.

و قال قتادة: (العصف)التّبن،و معنى(ماكول)قد

ص: 577

أكلت بعضه المواشي و كسرت بعضه.(10:411)

الميبديّ: و المأكول:الّذي تأكله الدّوابّ.و قيل:

مأكول ثمرته،فحذف الثّمرة،كما يقال:فلان حسن،أي حسن الوجه.

و قيل:«عصف مأكول»كقولك:طعام مطعوم و شراب مشروب،أي شأنه أن يطعم و يشرب،أي تأكله الدّوابّ.(10:620)

الزّمخشريّ: و شبّهوا بورق الزّرع إذا أكل،أي وقع فيه الأكال،و هو أن يأكله الدّود،أو بتبن أكلته الدّوابّ وراثته،و لكنّه جاء على ما عليه آداب القرآن،كقوله:

كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ.. المائدة:75.أو أريد أكل حبّه فبقي صفرا منه.(4:286)

مثله البيضاويّ.(2:576)

الفخر الرّازيّ: ذكروا في تفسير المأكول وجوها:

أحدها:أنّه الّذي أكل،و على هذا الوجه ففيه احتمالان:

أحدهما:أن يكون المعنى كزرع و تبن قد أكلته الدّوابّ،ثمّ ألقته روثا،ثمّ يجفّ و تتفرّق أجزاؤه.شبّه تقطّع أوصالهم بتفرّق أجزاء الرّوث،إلاّ أنّ العبارة عنه جاءت على ما عليه آداب القرآن،كقوله: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ... المائدة:75،و هو قول مقاتل،و قتادة، و عطاء،عن ابن عبّاس.

و الاحتمال الثّاني:على هذا الوجه أن يكون التّشبيه واقعا بورق الزّرع إذا وقع فيه الأكال،و هو أن يأكله الدّود.

الوجه الثّاني:في تفسير قوله:(ماكول)هو أنّه جعلهم كزرع قد أكل حبّه و بقي تبنه،و على هذا التّقدير يكون المعنى كعصف مأكول الحبّ،كما يقال:فلان حسن، أي حسن الوجه،فأجري مأكول على العصف من أجل أنّه أكل حبّه،لأنّ هذا المعنى معلوم،و هذا قول الحسن.

الوجه الثّالث:في التّفسير أن يكون معنى(مأكول) أنّه ممّا يؤكل،يعني تأكله الدّوابّ،يقال:لكلّ شيء يصلح للأكل هو مأكول،و المعنى جعلهم كتبن تأكله الدّوابّ،و هو قول عكرمة،و الضّحّاك.(32:101)

نحوه النّيسابوريّ.(30:183)

أبو حيّان: شبّهوا بالعصف ورق الزّرع الّذي أكل أي وقع فيه الأكال،و هو أن يأكله الدّود،و التّبن الّذي أكلته الدّوابّ وراثته،و جاء على آداب القرآن نحو قوله: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ...، أو الّذي أكل حبّه فبقي فارغا فنسبه أنّه«أكل»مجاز؛إذ المأكول حبّه لا هو.

و قرأ الجمهور(مأكول)بسكون الهمزة،و هو الأصل، لأنّ صيغة مفعول من«فعل».

و قرأ أبو الدّرداء فيما نقل ابن خالويه بفتح الهمزة اتّباعا لحركة الميم و هو شاذّ،و هذا كما اتّبعوا في قولهم:محموم،بفتح الحاء لحركة الميم.(8:512)

البروسويّ: كورق زرع وقع فيه الأكال،و هو أن يأكله الدّود.و سمّي ورق الزّرع بالعصف،لأنّ شأنه أن يقطع فتعصفه الرّياح،أي تذهب به إلى هنا و هنا.شبّههم به في فنائهم و ذهابهم بالكلّيّة،أو من حيث إنّه حدثت فيهم بسبب رميهم منافذ و شقوق،كالزّرع الّذي أكله الدّود.

و يجوز أن يكون المعنى كورق زرع أكل حبّه فبقي

ص: 578

صفرا منه؛فيكون من حذف المضاف و إقامة المضاف إليه مقامه،أي كعصف مأكول الحبّ.شبّههم بزرع أكل حبّه في ذهاب أرواحهم و بقاء أجسادهم،أو كتبن أكلته الدّوابّ و ألقته روثا فيبس،و تفرّقت أجزاؤه.شبّه تقطّع أوصالهم بتفرّق أجزاء الرّوث.

و فيه تشويه لحالهم و مبالغة حسنة،و هو أنّه لم يكتف بجعلهم أهون شيء في الزّرع و هو التّبن الّذي لا يجدي طائلا حتّى جعلهم رجيعا،إلاّ أنّه عبّر عن الرّجيع بالمأكول،أو أشير إليه بأوّل حاله على طريق الكناية مراعاة لحسن الأدب و استهجانا لذكر الرّوث،كما كنّي بالأكل في قوله تعالى: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ، عمّا يلزم الأكل من التّبوّل و التّغوّط لذلك،فدأب القرآن هو العدول عن الظّاهر في مثل هذا المقام.(10:518)

نحوه الآلوسيّ.(30:237)

المراغيّ: أي أكلت الدّوابّ بعضه و تناثر بعضه الآخر من بين أسنانها.(30:241)

الطّباطبائيّ: العصف:ورق الزّرع،و العصف المأكول،ورق الزّرع الّذي أكل حبّه،أو قشر الحبّ الّذي أكل لبّه،و المراد أنّهم عادوا بعد وقوع السّجّيل عليهم أجسادا بلا أرواح،أو أنّ الحجر بحرارته أحرق أجوافهم.

و قيل:المراد ورق الزّرع الّذي وقع فيه الأكال،و هو أن يأكله الدّود فيفسده.

و فسّرت الآية ببعض وجوه أخر لا يناسب الأدب القرآنيّ.(20:362)

نحوه فضل اللّه.(26:426)

اكل

فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ... سبأ:16

أبو عبيدة: الأكل:هو الجنى.(2:147)

الطّبريّ: اختلف القرّاء في قراءة ذلك،فقرأته عامّة قرّاء الأمصار بتنوين(اكل)غير أبي عمرو،فإنّه يضيفها إلى الخمط،بمعنى ذواتي ثمر خمط.

و أمّا الّذين لم يضيفوا ذلك إلى الخمط،و ينوّنون الأكل،فإنّهم جعلوا الخمط هو الأكل،فردّوه عليه في إعرابه.

و بضمّ الألف و الكاف من«الأكل»قرأت قرّاء الأمصار،غير نافع،فإنّه كان يخفّف منها.

و الصّواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه:

ذَواتَيْ أُكُلٍ... بضمّ الألف و الكاف،لإجماع الحجّة من القرّاء عليه،و بتنوين(اكل)لاستفاضة القراءة بذلك في قرّاء الأمصار من غير أن أرى خطأ قراءة من قرأ ذلك بإضافته إلى الخمط،و ذلك في إضافته و ترك إضافته، نظير قول العرب:في بستان فلان أعناب كرم و أعناب كرم،فتضيف أحيانا الأعناب إلى الكرم،لأنّها منها، و تنوّن أحيانا،ثمّ تترجم بالكرم عنها؛إذ كانت الأعناب ثمر الكرم.(22:82)

نحوه الميبديّ.(8:128)

الطّوسيّ: قرأ أبو عمرو (ذواتى اكل خمط) مضافا، الباقون(اكل خمط...)منوّنا.و الاختيار عندهم التّنوين، لأنّ الأكل نفس الخمط،و الشّيء لا يضاف إلى نفسه.

ص: 579

و من أضاف،قال:«الخمط»هو جنس مخصوص من المأكولات،و الأكل أشياء مختلفة فأضيفت إلى الخمط، كما تضاف الأنواع إلى الأجناس.(8:386)

الزّمخشريّ: و قرئ(أكل)بالضّمّ و السّكون و بالتّنوين و الإضافة.و الأكل:الثّمر.[إلى أن قال:]

و وجه من نوّن أصله:ذواتي أكل أكل خمط،فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه،أو وصف الأكل بالخمط،كأنّه قيل:ذواتي أكل بشع.و من أضاف و هو أبو عمرو وحده،فلأنّ أكل الخمط في معنى البرير،كأنّه قيل:ذواتي برير.(3:285)

مثله النّسفيّ(3:322)،و نحوه النّيسابوريّ (22:47).

الطّبرسيّ: أي صاحبتي أكل،و هو اسم لثمر كلّ شجرة.و ثمر الخمط:البرير.(4:386)

أبو حيّان: قرأ الجمهور(أكل)منوّنا،و الأكل:الثّمر المأكول،فخرّجه الزّمخشريّ على أنّه على حذف مضاف،أي[ذواتى اكل]أكل خمط،قال:أو وصف الأكل بالخمط،كأنّه قيل:ذواتي أكل بشع،انتهى.

و الوصف بالأسماء لا يطّرد،و إن كان قد جاء منه شيء نحو قولهم:مررت بقاع عرفج كلّه.

و قال أبو عليّ:البدل في هذا لا يحسن،لأنّ الخمط ليس بالأكل نفسه،انتهى.

و هو جائز على ما قاله الزّمخشريّ،لأنّ البدل حقيقة هو ذلك المحذوف،فلمّا حذف أعرب ما قام مقامه بإعرابه.

قال أبو عليّ: و الصّفة أيضا كذلك يريد لا بجنّتين (1)، لأنّ الخمط اسم لا صفة،و أحسن ما فيه عطف البيان، كأنّه بيّن أنّ الأكل:هذه الشّجرة و منها،انتهى.

و هذا لا يجوز على مذهب البصريّين؛إذ شرط عطف البيان أن يكون معرفة و ما قبله معرفة،و لا يجيز ذلك في النّكرة من النّكرة إلاّ الكوفيّون.فأبو عليّ أخذ بقولهم في هذه المسألة.

و قرأ أبو عمرو(و اكل خمط)بالإضافة،أي ثمر خمط.

(7:271)

البروسويّ: الأكل بضمّ الكاف و سكونه:اسم لما يؤكل.(7:284)

الطّباطبائيّ: الأكل بضمّتين:كلّ ثمرة مأكولة.

(16:364)

الاكل

...وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ.. الرّعد:4

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم:الدّقل و الفارسيّ،و الحلو و الحامض.

مثله ابن عبّاس.(الطّبريّ 13:103)

سعيد بن جبير: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ و الكمّثرى،و العنب الأبيض و الأسود،و بعضها أكثر حملا من بعض،و بعضه حلو،و بعضه حامض، و بعضه أفضل من بعض.(الطّبريّ 13:103)

الحسن: المراد بهذه الآية المثل،ضربه اللّه تعالى لبني آدم،أصلهم واحد،و هم مختلفون في الخير و الشّرّ و الإيمان و الكفر،كاختلاف الثّمار الّتي تسقى بماء واحد.[ثمّ استشهد بشعر](القرطبيّ 9:283)

ص: 580


1- كذا في المتن.

اليزيديّ: الثّمر.(190)

مثله القرطبيّ.(9:322)

أبو عبيدة: في المرّة و الأكل.(1:322)

الزّجّاج: (الأكل):الثّمر الّذي يؤكل.(3:138)

الطّوسيّ: بأن يكون بعضه حلوا،و بعضه حامضا، و بعضه مرّا في الأكل.و(الأكل)الطّعام الّذي يصلح للأكل،فدلّ بذلك على بطلان قول من يقول:بالطّبع، لأنّه لو كان قولهم صحيحا لما اختلفت طعوم هذه الأشياء،مع أنّ التّربة واحد و الماء واحد،و جميع أحوالها المعقولة متساوية،فلمّا تفاضلت مع ذلك دلّ على أنّ المدبّر لها عالم حكيم،ففعله بحسب المصلحة.(6:218)

نحوه الطّبرسيّ.(3:276)

الميبديّ: أي في الثّمر،و هو خلاصة الشّجر تأتي مختلفة،و إن كان الهواء واحدا،فقد علم أنّ ذلك ليس من أجل الهواء و لا الطّبع و أنّ لها مدبّرا.(5:161)

الفخر الرّازيّ: و في(الأكل)قولان؛حكاهما الواحديّ:حكى عن الزّجّاج:أنّ(الأكل)الثّمر الّذي يؤكل.و حكى عن غيره أنّ(الأكل)المهيّأ للأكل.

و أقول:هذا أولى لقوله تعالى في صفة الجنّة: أُكُلُها دائِمٌ.. الرّعد:35،و هو عامّ في جميع المطعومات.

و ابن كثير،و نافع يقرءان(الأكل)ساكنة الكاف في جميع القرآن،و الباقون بضمّ الكاف،و هما لغتان.

(19:8)

البيضاويّ: في الثّمر شكلا و قدرا و رائحة و طعما، و ذلك أيضا ممّا يدلّ على الصّانع الحكيم،فإنّ اختلافها مع اتّحاد الأصول و الأسباب لا يكون إلاّ بتخصيص قادر مختار.(1:513)

أبو حيّان: (الأكل)بضمّ الهمزة:المأكول،كالنّقض بمعنى المنقوض،و بفتحها المصدر[و إلى أن قال:]

و خصّ التّفضيل في الأكل و إن كانت متفاضلة في غيره،لأنّه غالب وجوه الانتفاع من الثّمرات،أ لا ترى إلى تقاربها في الأشكال و الألوان و الرّوائح و المنافع و ما يجري مجرى ذلك.

قيل:نبّه اللّه تعالى في هذه الآية على قدرته و حكمته و أنّه المدبّر للأشياء كلّها،و ذلك أنّ الشّجرة تخرج أغصانها و ثمراتها في وقت معلوم لا تتأخّر عنه و لا تتقدّم،ثمّ يتصعّد الماء في ذلك الوقت علوا علوا،و ليس من طبعه إلاّ التّسفّل،يتفرّق ذلك الماء في الورق و الأغصان و الثّمر،كلّ بقسطه و بقدر ما فيه صلاحه،ثمّ تختلف طعوم الثّمار،و الماء واحد و الشّجر جنس واحد، و كلّ ذلك دليل على مدبّر دبّره و أحكمه،لا يشبه المخلوقات.(5:363)

البروسويّ: الأكل بضمّ الكاف و سكونها ما يتهيّأ للأكل ثمرا كان أو غيره،كقوله تعالى في صفة الجنّة: أُكُلُها دائِمٌ الرّعد:35،فإنّه عامّ في جميع المطعومات،و إطلاق الثّمر على الحبّ لا يصلح إلاّ باعتبار التّغليب،فإنّ الثّمر حمل الشّجر على ما في «القاموس».(4:433)

نحوه الآلوسيّ.(13:103)

القاسميّ: (الأكل)قرئ بضمّ الهمزة و الكاف و تسكينها،و هو ما يؤكل،و هو هنا الثّمر و الحبّ.و المجرور إمّا ظرف ل(نفضّل)أو حال من(بعضها)،أي نفضّل

ص: 581

بعضها مأكولا،أو و فيه الأكل.(9:3644)

اكله

وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَ النَّخْلَ وَ الزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ... الأنعام:141

الطّبريّ: يعني بالأكل:الثّمر،يقول:و خلق النّخل و الزّرع مختلفا ما يخرج منه،ممّا يؤكل من الثّمر و الحبّ.(8:52)

الميبديّ: يعني حمله و طعمه،سمّاه أكلا،لأنّه يؤكل.(3:507)

مثله القرطبيّ.(7:98)

الفخر الرّازيّ: الأكل:كلّ ما أكل،و هاهنا المراد ثمر النّخل و الزّرع.[إلى أن قال:]

و قرأ ابن كثير،و نافع(أكله)بتخفيف الكاف، و الباقون(أكله)في كلّ القرآن.و أمّا توحيد الضّمير في قوله: مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ فالسّبب فيه أنّه اكتفى بإعادة الذّكر على أحدهما من إعادته عليهما جميعا،كقوله تعالى:

وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها... الجمعة:11، و المعنى إليهما،و قوله: وَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ... التّوبة:62.(13:212)

نحوه النّيسابوريّ(8:42)،و رشيد رضا(8:134).

النّسفيّ: اكله(أكله)حجازيّ،و هو ثمره الّذي يؤكل.و الضّمير للنّخل،و الزّرع داخل في حكمه،لأنّه معطوف عليه،أو لكلّ واحد.(2:36)

اكلها

1- وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَ تَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ... البقرة:265

الطّبريّ: الأكل:هو الشّيء المأكول،و هو مثل الرّعب و الهدء،و ما أشبه ذلك من الأسماء الّتي تأتي على «فعل»،و أمّا الأكل بفتح الألف و تسكين الكاف،فهو فعل الآكل؛يقال منه:أكلت أكلا،و أكلت أكلة واحدة.

[ثمّ استشهد بشعر](3:72)

الفخر الرّازيّ: قرأ ابن كثير،و نافع،و أبو عمرو (أكلها)بالتّخفيف،و الباقون بالتّثقيل،و هو الأصل.

و الأكل بالضّمّ:الطّعام،لأنّ من شأنه أن يؤكل،قال اللّه تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها... إبراهيم:25، أي ثمرتها و ما يؤكل،فالأكل في المعنى مثل الطّعمة.

[ثمّ استشهد بشعر](7:61)

القرطبيّ: (اكلها)بضمّ الهمزة:الثّمر الّذي يؤكل، و منه قوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ... و الشّيء المأكول من كلّ شيء يقال له:أكل.

و الأكلة:اللّقمة.و منه الحديث:«فإن كان الطّعام مشفوها قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين..»يعني لقمة أو لقمتين،خرّجه مسلم.

و إضافته إلى الجنّة إضافة اختصاص،كسرج الدّابّة و باب الدّار.و إلاّ فليس الثّمر ممّا تأكله الجنّة.

و قرأ نافع،و ابن كثير،و أبو عمرو(اكلها)بضمّ الهمزة و سكون الكاف،و كذلك كلّ مضاف إلى مؤنّث، و فارقهما أبو عمرو،فيما أضيف إلى مذكّر مثل(اكله)أو كان غير مضاف إلى شيء مثل أُكُلٍ خَمْطٍ سبأ:16، فثقّل أبو عمرو ذلك و خفّفاه.

ص: 582

و قرأ عاصم،و ابن عامر،و حمزة،و الكسائيّ في جميع ما ذكرنا بالتّثقيل.و يقال:أكل و أكل بمعنى.(3:316)

نحوه أبو حيّان.(2:312)

الآلوسيّ: (أكلها)بالضّمّ:الشّيء المأكول،و المراد ثمرها.و أضيف إليها لأنّها محلّه أو سببه.(3:36)

2- مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها... الرّعد:35

ابن عبّاس: نعيمها لا ينقطع بموت و لا آفة.

(الطّبرسيّ 3:296)

الحسن: يعني أنّ ثمارها لا تنقطع كثمار الدّنيا.

(الطّبرسيّ 3:296)

الآلوسيّ: و الظّاهر أنّ المراد من الأكل ما يؤكل فيها،و معنى دوامه أنّه لا ينقطع أبدا.

و قال إبراهيم التّيميّ:إنّ لذّته دائمة لا تزاد بجوع و لا تملّ بشبع،و هو خلاف الظّاهر.

و فسّر بعضهم«الأكل»بالثّمرة،فقيل:وجهه أنّه ليس في جنّة الدّنيا غيره و إن كان في الموعودة غير ذلك من الأطعمة.و استظهر أنّ ذلك لإضافته إلى ضمير الجنّة.

و الأطعمة لا يقال فيها:أكل الجنّة،و فيه تردّد.

(13:163)

3- تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها.. إبراهيم:25

العامليّ: ما يخرج إلى النّاس من علم الإمام و فتاويه في الحلال و الحرام.و توجيهه ظاهر من حيث كون إفادة العلم ثمرة شجرة العلماء،و يؤيّده ما يدلّ على تأويل الثّمرة و الفاكهة و أمثالهما بعلم الإمام.[إلى أن قال:]

و ظاهر أنّه يستفاد من الجميع إمكان تأويل ما يشتمل على الأكل مهما يناسب بالانتفاعات العلميّة و اللّذّات الدّينيّة في مقام المدح،و بضدّها في مقام الذّمّ، كما يؤيّده ما يأتي في الشّراب أيضا.(78)

4- كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها..

الميبديّ: أي أعطت ثمرها و أدّت ريعها تامّا،أي كلّ واحدة منهما،فلذلك لم يقل:آتتا.(5:690)

الطّبرسيّ: أي كلّ واحدة من البساتين آتت غلّتها و أخرجت ثمرتها،و سمّاه أكلا لأنّه مأكول.(3:468)

القرطبيّ: الأكل بضمّ الهمزة:ثمر النّخل و الشّجر.

و كلّ ما يؤكل فهو أكل.و منه قوله تعالى: أُكُلُها دائِمٌ الرّعد:35.(10:403)

الطّباطبائيّ: الأكل بضمّتين:المأكول،و المراد بإيتائهما الأكل:إثمار أشجارهما من الأعناب و النّخيل.

(13:308)

الوجوه و النّظائر

الدّامغانيّ: الأكل على تسعة أوجه:الأكل بضمّ الألف،الأكل بعينه،الحرق،الابتلاع،الاستئصال، الافتراس،الانتفاع،أخذ الأموال ظلما،الرّزق.

فوجه منها:الأكل بضمّ الألف،يعني الثّمر،قوله تعالى: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها... الكهف:33،

أي ثمرها،كقوله: أُكُلُها دائِمٌ... الرّعد:35،يعني ثمرها.

ص: 583

و الوجه الثّاني:الأكل بعينه،قوله تعالى: فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما... الأعراف:19،نظيرها: وَ كُلا مِنْها... البقرة:35،و نظائرها كثيرة.

و الوجه الثّالث:الأكل:الحرق،قوله تعالى: حَتّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ... آل عمران:183،أي تحرقه النّار.

و الوجه الرّابع:الأكل:الابتلاع،قوله تعالى: فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ... يوسف:46، أي يبتلعهنّ.

و الوجه الخامس:الأكل:الاستئصال،قوله فيها:

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ...، يوسف:48.

و الوجه السّادس:الأكل:الافتراس،قوله عن يعقوب: وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ... يوسف:13، يعني يفترسه.

و الوجه السّابع:الأكل يعني الانتفاع بالأكل و الشّرب و اللّباس،كقوله تعالى: يا أَيُّهَا النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ البقرة:168،يعني انتفعوا و تمتّعوا بالحلال.

و الوجه الثّامن:الأكل يعني أخذ الأموال ظلما بغير حقّ،قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى..

النّساء:10،يعني يأخذون سواء أكلوا أو لم يأكلوا،كقوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً... النّساء:6،أي لا تأخذوها.

و الوجه التّاسع:الأكل:الرّزق،قوله تعالى: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ... المائدة:66،يعني يرزقون من فوقهم المطر،و من تحت أرجلهم النّبات.(130)

الفيروزآباديّ: [مثل الدّامغانيّ و أضاف:]

و قد يعبّر بالأكل عن الفساد، كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ الفيل:5.

و تأكّل الشّيء:فسد و أصابه أكال في رأسه و تأكّل أي فساد،و كذا في أسنانه.و هم أكلة رأس:عبارة عن ناس من قلّتهم يشبعهم رأس مشويّ.

(بصائر ذوي التّمييز 2:81)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة هو الابتلاع بعد المضغ.و قد جاءت جميع مشتقّاتها بهذا المعنى دون استثناء فلا أكل بدون بلع كمضغ العلك،أو دون مضغ كبلع الحصاة؛ يقال:سنّ الرّجل يد فلان:عضّها بأسنانه،و لا يقال:

أكلها؛إذ لا بلع ثمّت.و يقال:شربت اللّبن،و لا يقال:

أكلته،لأنّ اللّبن لا يمضغ عادة.

و عليه يخطئ من يطلق على الحيوان الّذي يقتات النّمل اسم«آكل النّمل»،لأنّه لا يملك أسنانا،فهو يلعق النّمل بلسانه اللّزج فيلتصق به ثمّ يزدرده.و هذه التّسمية نقلها المترجمون من اللاّتينيّة إلى العربيّة حديثا دون أن يمعنوا فيها.و لذا نقترح أن يطلق عليه اسم«لاعق النّمل» ليناسب الاسم مسمّاه.

2-و لم يستعمل العرب صيغة التّفاعل في هذه المادّة،

ص: 584

لأنّ التّظاهر من جملة معانيها الشّائعة،كما في تمارض الرّجل،إذا تظاهر بالمرض و لم يكن مريضا.و التّظاهر لا يمكن تصوّره في الأكل،لأنّ الأكل لا يتحقّق-كما قلنا- إلاّ بعامليه:المضغ و البلع،فلا يصحّ أن يقال:تآكل الرّجل.

و قد استعمل بعض الأدباء المعاصرين«التّآكل» خطأ بمعنى الأكل و التّأكّل و الائتكال،فخطّأهم صاحب «معجم الأغلاط اللّغويّة».و لكنّه أخطأ هو أيضا حين استعمل نفس الصّيغة بمعنى المشاركة؛قال:تآكل الرّجلان:تشاركا في الأكل.

3-و الصّواب أن يقال:آكل الرّجل فلانا مؤاكلة،أي شاركه في الأكل.و لهذه المادّة معان مجازيّة كثيرة، كقولهم:أكلت النّار الحطب،و جرحه بآكلة اللّحم،و هي السّكّين،و فلان يأكل النّاس:يغتابهم،و فلان يأكل أموال النّاس أو أموال اليتامى،أي يأخذها و يتصرّف فيها غصبا،و هكذا.

4-و من مشتقّاتها المجازيّة أيضا قولهم:ائتكل الرّجل و ائتكلت نفسه،إذا غضب.و في ذلك إشارة من بعيد إلى تلف الأعصاب و بعض أجهزة البدن.

و كثيرا ما يستعمل الفعل«استأكل»مجازا،كأن يستأكل الرّجل بكتاب اللّه،أي يحصل من خلاله على الأموال.

و يستعمل الفعل«أكّل»مجازا أيضا في بابين:

الأوّل:التّحميل و الادّعاء.

و الثّاني:الإطعام و التّصرّف بمال الغير بإعطائه إلى الآخرين.

و يستعمل الفعل«تأكّل»بمعنى مادّيّ كتأكّل السّكّين و السّيف،كأنّه أصبح مستعدّا للأكل،فيكون الشّيء آكلا مادّيّا.و بمعنى معنويّ في حالة أن يأخذ المرتشي مبلغا لقاء سكوته عن أمر،و الكلّ مجاز.

أمّا الفعل«آكل»-من باب الإفعال-ففيه على ما يبدو ثلاثة معان،بعضها حقيقة و بعضها مجاز:

الأوّل:أطعم،فيكون«الإفعال»للتّعدية.

الثّاني:ادّعى أنّ فلانا أكل.

الثّالث:أفسد-و هو مجاز-من الإيكال،و هو السّعي بالنّميمة و خلق الفتنة الّتي تجعل المجتمع يتآكل،إمّا بظاهرة الضّعف أو بظاهرة القتل.

و أمّا«آكل»بمعنى المشاركة في الأكل،فهو من باب المفاعلة كما سبق.

و قد يأتي الفعل على وزان:و اكل يواكل مواكلة، مثل:واسى يواسي مواساة،و ذلك على البدل.و لعلّ «وكّل»جاء من إبدال الهمزة بالواو.و اشترك المعنى في «أكّل و وكّل»بالسّماح للشّخص الآخر بالتّصرّف في شيء ما،و منه الوكالة.

5-و من الأسماء جاء مجازا أيضا مثل:فلان ذو أكلة للغدر و الغيب،و المأكل أي المكسب،و الآكلة للمرض و السّكّين،و الأكيل مثل الشّريك الّذي يؤاكلك و يصاحبك إذا عني به الإنسان.و أمّا إذا عني به الحيوان فبمعنى المأكول،مثل:أكيل الذّئب.و الأكل و الأكل:

الطّعام،و قد يراد به القوّة و الرّزق مجازا،فذو أكل:

ص: 585

ذو حظّ و نصيب،و انقطع أكله على سبيل الكناية عن انقضاء العمر.

الاستعمال القرآنيّ

1-لم يسند القرآن الأكل إلاّ إلى الحيوان بما يعمّ الإنسان دون الملائكة و الجنّ.و قد يسنده مجازا إلى النّار تَأْكُلُهُ النّارُ آل عمران:183 أو إلى السّنين ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ يوسف:48؛حيث أريد بالسّبع الشّداد الأعوام الشّداد الّتي ظهرت للملك في الحلم بصورة البقرات وَ قالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ يوسف:43.

2-تشارك الإنسان و الحيوان في الأكل في آيات منها:

1- فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ السّجدة:27

2- وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ محمّد:12

3- كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ طه:54

4- مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَ الْأَنْعامُ يونس:24

و يلاحظ أوّلا:أنّ هذا و ما قبله يدلاّن على أنّ الأكل في الأصل من فعل الحيوان،و قد شارك الإنسان الحيوان بجنسه الحيوانيّ دون فصله الإنسانيّ،و أنّ الإنسان متعال عن صفة الأكل بإنسانيّته.

و لهذا يقول في الآية«2»: وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ أي انّ الأكل بطبعه عمل الحيوان،و الإنسان حينما يأكل فإنّما يشابه الحيوان و يساويه في عمله و ينحطّ إلى حدّه.

و ثانيا:لهذا رأينا في الآية الأولى تقديم الأنعام على الإنسان تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ. و لكنّ القرآن قدّم النّاس على الأنعام في«3»و«4»؛إشعارا بأنّ النّاس أولى بحفظ النّفس من الحيوان،و أنّ الأنعام إنّما خلقت للنّاس كما نطق به القرآن في آيات تأتي،فهم أصحاب الحقّ الأوائل.

و ثالثا:و في«3»نكتة أخرى و هي قوله: وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ؛ حيث إنّ الرّعي مثل الأكل من فعل الحيوان، فعطف عليه و تأخّر عنه.

3-يصرّح القرآن في آيات بأنّ الأنعام خلقت لمنافع الإنسان الّتي منها الأكل،و هذا يشعر أيضا بأنّ الإنسان بأكله للحم الحيوان قد انحطّ إلى درجته،إذا لم يكن له همّ سواه:

1- وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ النّحل:5

2- اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَ مِنْها تَأْكُلُونَ المؤمن:79

3- وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِها وَ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ

المؤمنون:21

4- فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَ مِنْها يَأْكُلُونَ يس:72

5- لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا النّحل:14

6- وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا فاطر:12

7- فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ المائدة:4

ص: 586

8- فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ الأنعام:118

9- فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الحجّ:28،36

و يلاحظ أوّلا:أنّ جملة من هذه الآيات تؤكّد على أنّ الأكل بعض منافع الحيوان للإنسان،و أنّ له فيه منافع أكثر،و ربّما أهمّ من الأكل مثل الرّكوب و استغلال الألبان و الأوبار و الأصواف و غيرها(3) وَ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ

ثانيا:خصّ الأكل من لحم الحيوان بما ذكر اسم اللّه عليه فأزيلت فضاعته باسمه تعالى في آيات.ليمتاز الإنسان عن الحيوان بذلك.و يتحلّى عمله الحيوانيّ بحلية رحمانيّته.

ثالثا:تشير الآية(9)إلى أنّ الأكل منه ينبغي أن يكون مع الإطعام للغير و لا سيّما البائس الفقير،و هذه ميزة أخرى يتميّز بها الإنسان عن الحيوان؛حيث إنّ الحيوان لا همّ له إلاّ نفسه،و الإنسان إن كان كذلك فهو نظيره.فهذه حلية رحمانيّة أخرى تميز الإنسان عن الحيوان في الأكل.

رابعا:أنّ القرآن لا يهمل ذكر الأكل ممّا في البحر من الحيوان،و يصفه بكونه (لَحْماً طَرِيًّا) في(5 و 6)؛إشعارا بأنّه ألذّ و أنفع من لحم حيوان البرّ الّذي لا يكون طريّا.

4-إنّ القرآن عدّ النّبات طعاما يأكله الإنسان كما عدّ الأنعام و اللّحوم كذلك.و يبدو أنّ الآيات في هذا الشّأن أكثر من ذلك الضّرب من الأكل،فهل فيه دلالة على رجحان أكل النّبات و الثّمار من وجهة نظر القرآن؟

1- لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ

المؤمنون:19

2- فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تَأْكُلُونَ يوسف:47

3- فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَ الْأَنْعامُ يونس:24

4- أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها الفرقان:8

5- لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ يس:35

6- اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ البقرة:35

7- اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ الأعراف:19

8- فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ طه:121

9- وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ. البقرة:57

10- كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ الأنعام:141

11- وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ يس:33

12- وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ

الرّعد:4

و نظيرها سائر الآيات الّتي فيها لفظ الأكل و ستأتي في رقم 14.

و يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات(6 و 7 و 8)تصرّح بأنّ النّبات كان هو الطّعام الأوّل للإنسان حين كان يعيش في الجنّة قبل الهبوط إلى الأرض.و أنّه استأنس بأكل لحم الحيوان بعد ما هبط،أي أنّه بالهبوط انحطّ إلى درجة

ص: 587

الحيوان فأكل مأكله.

فلا يزال كذلك حتّى يرجع إلى إنسانيّته الأولى بالإمساك عن أكل لحوم الحيوان و لحم أخيه الإنسان،فلا يأكل بعضهم بعضا.

ثانيا:أنّ الآية(8)و آيات أخرى تبيّن لنا أنّ الأكل حتّى من النّبات كان أوّل خطيئة للإنسان؛حيث بدت به سوءاتهما،فأهبطا إلى الأرض،و به انحطّا إلى رتبة الحيوان.

ثالثا:أنّ الآيتين(6 و 7)تدلاّن على أنّ الأكل من نبات الجنّة كان مبذولا للإنسان بقوله: وَ كُلا مِنْها رَغَداً و فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما. و لم يكن فيه محذور إلاّ الشّجرة المنهيّ عنها،و مع ذلك لم يتمالك الإنسان نفسه،فأكل منها.

رابعا:و هنا يثار سؤال:لما ذا جعل اللّه تعالى شهوة الأكل أوّل اختبار للإنسان؟فهل في ذلك دلالة على كونها أقوى غرائزه الّتي غلبت عليه،أو أنّه أيسر ابتلاء للإنسان ففشل فيه و لم ينجح؟فكيف إذا ابتلي بما هو أشهى و أقوى للتّغلّب على الإنسان من الشّهوات؟

خامسا:قد سلك موسى عليه السّلام نفس الطّريق بأمر من اللّه؛حيث أمر قومه بالأكل لدى دخول القرية رغدا حيث شاءوا؛إشعارا بأنّ القرية لهم مثل الجنّة في خفض العيش.و لكن لم يبتلهم بالطّعام بل بالكلام،و هو أيسر تحمّلا و أخفّ تأثيرا من وطأة الطّعام،و مع ذلك فشلوا و فرّطوا فيه:

وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ* فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. البقرة:58،59

كما أنّ اللّه ابتلاهم على لسان طالوت بالشّرب فعصوا إلاّ قليلا منهم:

فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ البقرة:249.

سادسا:و من آيات عيسى عليه السّلام أنّه يخبرهم بما يأكلون؛لأنّه أقرب ما لديهم و أشهى عندهم من غيره:

وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ آل عمران:49

5-و لعلّ ممّا يعضد قولنا أيضا:إنّ الأكل في الأصل من فعل الحيوان،هو أنّ القرآن يجعل الإنسان مأكولا للحيوان في آيات كاقتصاص للحيوان من الإنسان:

1- قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنّا إِذاً لَخاسِرُونَ يوسف:14

2- وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ يوسف:17

3- وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ يوسف:13

4- إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ يوسف:36

5- وَ أَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ يوسف:41

يلاحظ أوّلا:أنّه في الثّلاث الأولى أضاف الأكل إلى الذّئب كجناية ارتكبها في حقّ يوسف البريء من كلّ

ص: 588

يلاحظ أوّلا:أنّه في الثّلاث الأولى أضاف الأكل إلى الذّئب كجناية ارتكبها في حقّ يوسف البريء من كلّ ذنب،و هو مع ذلك افتراء على الذّئب.و في الأخيرتين أضافه إلى الطّير-و هو سبع أيضا-في حقّ المصلوب الّذي لا حيلة له و لا يقوى على الفرار و خلاص نفسه.

ثانيا:أنّه ليس في القرآن ذكر آخر عن أكل لحم الإنسان إلاّ في آية واحدة: أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً الحجرات:12.

و بهذا يتّضح عذوبة التّعبير القرآنيّ في تصوير شناعة من يغتاب أخاه المؤمن؛حيث يقول: أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً، أي أنّه سبع يأكل لحم الإنسان الّذي هو من جنسه و أخوه،و السّبع يأكله؛إذ ليس هو من جنسه،فهو أسوء عملا من السّبع.و في هذه الآية نكات أخرى.لاحظ«أ خ و»و«ل ح م»

6-و ممّا يشهد بأنّ الأكل عمل حيوانيّ يتعاطاه الإنسان بجسمه،هو أنّه تعالى حين أراد التّدليل على أنّ عيسى و أمّه بشران قال: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ المائدة:75.

كما يحكي عن المشركين في آيات أنّهم عدّوا أكل الطّعام دليلا على أنّ الرّسل بشر لا يصلحون للرّسالة:

1- ما هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ

المؤمنون:33

2- ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ الفرقان:7

و القرآن يشاطرهم هذا الرّأي القائل:إنّ الأنبياء بشر يأكلون الطّعام؛حيث قال: وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَ ما كانُوا خالِدِينَ الأنبياء:8

7-و يلاحظ أنّ القرآن كلّما يسند الأكل إلى الإنسان يعبّر عنه بلفظ البشر أو الجسد الّذي يعني جسمه دون روحه،و كلّما يسند إليه العلم و الفهم و ما إلى ذلك يعبّر عنه بالإنسان.و تمام الكلام في«أ ن س»و«ب ش ر».

8-و من شواهد ذلك أيضا أنّ إبراهيم عليه السّلام يتوقّع الأكل من الأصنام استهزاء بها،و إشارة إلى أنّها أجسام و ليست آلهة:

فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ الصّافّات:91

كما أنّه عليه السّلام حينما أراد أن يعلم حال ضيوفه أهم بشر أم ملائكة توسّل إلى الأكل:

فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ* فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ الذّاريات:27،28،فلمّا لم يأكلوا فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ.

كما أنّ اللّه دلّ على أنّ ناقة ثمود حيوان حقيقة،قال:

1- فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ الأعراف:73

2- وَ يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ هود:64

9-و جدير بالذّكر أنّه لم يرد في القرآن أمر بالأكل إلاّ و هو مباح،و ورد كثير منه في مورد رفع الحظر حسبما يعبّر عنه علماء علم الأصول،فلاحظ آيات الأمر بالأكل تجد صدق ذلك،و ليس فيها مما يدلّ على الوجوب.

لكنّ القرآن حينما أباح الأكل و أمر به إنّما خصّ

ص: 589

2- كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ البقرة:60

3- يا أَيُّهَا النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً البقرة:168

4- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ البقرة:172

5- وَ كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً

المائدة:88

6- كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ الأنعام:142

7- كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ الأعراف:160

8- فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَ اتَّقُوا اللّهَ

الأنفال:69

9- فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً

النّحل:114

10- كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ طه:81

11- يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً المؤمنون:51

12- كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ سبأ:15

13- هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ الملك:15

14- كُلُوا وَ تَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ

المرسلات:46

15- وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا الأعراف:31

16- فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ

الحجّ:28

17- فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ

الحجّ:36

و الّذي يلفت النّظر في هذه الآيات أنّ الأكل أمر به مشفوعا ببعض هذه الأمور:

1-الطّيّبات أو الحلال أو رزق اللّه.

2-النّهي عن العثوّ في الأرض أو تتبّع خطوات الشّيطان أو الطّغيان أو الإسراف.

3-الأمر بالتّقوى أو بالشّكر أو العمل الصّالح أو الخوف من النّشور وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ و هذا دليل على أنّ الأكل مذلّة للإنسان ما لم يراع هذه الأمور.

و يستثنى من ذلك كلّه قوله: كُلُوا وَ تَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ؛ حيث جاء تهديدا لا ترغيبا.

10-و قد جاء الفعل مجازا في آيات:

1- لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ

المائدة:66

2- حَتّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ

آل عمران:183

3- وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ النّساء:2

4- لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ

البقرة:188،و النّساء:29

5- وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا

النّساء:6

6- إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَ الرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ التّوبة:34

و يلاحظ أنّ الأكل في(1)بمعنى ازدياد الرّزق،و في

ص: 590

(2)بمعنى الإحراق،و في الباقي بمعنى التّصرّف في مال الغير غصبا،و كلّ ذلك بقرينة السّياق.

11-و يجوز حمل آيات أخر على المجاز،مثل كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ، و نحوها ممّا مرّ؛فيراد بها مطلق الانتفاع بما في الأرض دون الأكل فحسب.إلاّ أنّ هذا الاحتمال بعيد في مثل كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللّهِ ممّا ورد فيه الأكل و الشّرب معا،-و لا سيّما مع «الرّزق»أو«الطّيّبات»أو«هنيئا مريئا»و نحوها ممّا يتعلّق بالأكل و الشّرب-إلاّ أن يكون كلتا الكلمتين بمعنى الانتفاع مجازا،فليلاحظ.

12-و أمّا قوله: أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ فلا ريب أنّه كناية عن الغيبة،إلاّ أنّ الفعل جاء بمعنى الأكل بقرينة(لحم)و(كرهتموه)، و الكناية جاءت من ناحية تشبيه الغيبة بأكل لحم الأخ تجسيما لبشاعتها،من دون أن يكون الأكل قد أزيل عن معناه اللّغويّ،و هذا هو الرّأي الصّواب في الكنايات.

13-جاء الحرف(من)بعد الأكل في آيات كلّها في طعام الإنسان:

1- فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما طه:121

2- لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ

المائدة:66

3- فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ

الملك:15

و قد مرّت نظائر لها في الرّقم«9»و غيره.

و جاء بدون«من»في ما نسب إلى الحيوان:

1- وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ المائدة:3

2- قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنّا إِذاً لَخاسِرُونَ يوسف:14

3- وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ

يوسف:17

4- فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ

الأعراف:73 و هود:64

5- ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ سبأ:14

6- وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ محمّد:12

7- وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ

يوسف:13

8- إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ يوسف:43

9- أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ يوسف:46

و يلاحظ أوّلا:أنّ(من)في جميع الآيات للتّبعيض إشارة إلى أنّ الإنسان ليس من شأنه أن يأكل كلّ ما يحصل بيده.و أنّ من لا يبالي ما يأكل هو حيوان في صورة إنسان؛لأنّ ذلك شأن الحيوان؛حيث يأكل كلّ ما يرى أمامه و لا يبالي.

ثانيا:لعلّ النّكتة في عدم مجيء(من)في أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ الإشعار بأنّ مثل هذا الشّخص سبع.و هذه نكتة أخرى في الآية غير ما سبق في رقم(5).

ثالثا:هناك آيات جاءت في الحيوان مع(من) التّبعيضيّة،مثل:

ص: 591

1- إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ يوسف:36

2- وَ أَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ

يوسف:41

3- ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً النّحل:69

و لعلّ النّكتة فيها رعاية حال الطّير و النّحل،و أنّهما لا يأكلان كلّ شيء يريانه أمامها؛لصغر حجمهما و لطافة طبعهما،لا سيّما النّحل فإنّه يختار طعامه كالإنسان تماما.

رابعا:قد جاء في الإنسان بدون(من)،مثل وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ و لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا؛ لأنّ آكل الرّبا و آكل الأموال بالباطل لا يبالي بما يأكل كالأنعام.

خامسا:كذلك جاء بدون(من)في قوله: تَأْكُلُهُ النّارُ؛ لأنّ النّار تحرق الغثّ و السّمين و الرّطب و اليابس و لا تفرق بينهما.

سادسا:و أمّا أهل النّار فيأكلون من طعامهم دلالة على بقائه و عدم نفاده لخلودهم في النّار،فجاء مع(من):

1- فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ الصّافّات:66

2- لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ الواقعة:52

سابعا:هناك آيتان في أكل النّبات يشارك فيهما الإنسان الحيوان،فجاءت(من)فيهما تغليبا للإنسان على الحيوان و تناسقا مع الواقع؛حيث إنّهما يأكلان عنه ما تيسّر لهما فقط.

1- فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ السّجدة:27

2- فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَ الْأَنْعامُ يونس:24

14-و ممّا يلاحظ أنّ لفظ(أكل)جاء دائما بصدد التّرغيب في خصوص الثّمار و جنّات من أعناب و زرع و نخيل...

1- وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ الرّعد:4

2- وَ النَّخْلَ وَ الزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَ الزَّيْتُونَ وَ الرُّمّانَ الأنعام:141

3- كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ البقرة:265

4- أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا

الرّعد:35

5- كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً

الكهف:33

6- تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها إبراهيم:25

و قد يستثنى من ذلك قوله: وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ و قد دلّ على الذّمّ.لاحظ «أ ث ل».

15-جاءت صيغة(اكّالون)مرّة واحدة ذمّا:

سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ المائدة:42

حيث قورن ب سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ تجسيما لعمل هؤلاء اليهود و المنافقين الّذين كانوا يؤذون النّبيّ بأنّهم لا يبالون أيّ جريمة،فهم كثير و السّماع للكذب و كثيرو الأكل للسّحت.فبين الجريمتين التئام و سنخيّة،فمن لا يبالي من كثرة السّماع للكذب لا يبالي من كثرة الأكل

ص: 592

للسّحت.و لا سيّما أنّ سماع الكذب يشبه أكل ما صدر من فم الكاذب.

16-كما أنّ صيغة(آكلين)وردت ثلاث مرّات:

مرّتين بالرّفع مؤكّدتين بلام التّأكيد إنذارا بالعذاب في الآخرة،و مرّة بالنّصب بلام التّأكيد إشعارا بالنّعمة في الدّنيا:

1- إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ* فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ الصّافّات:64-66

2- لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ الواقعة:52

و قد سبق أنّ طعام الآخرة لا نهاية له فجاء مع(من) متلوّا مباشرة في«1»ب فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ أي أنّهم بصدد أكل كلّ ما عندهم،إلاّ أنّ البطون تمتلأ و الطّعام لا ينتهي؛إشعارا بأنّهم باقون بعد مع بعد الدّار و اختلاف الحياة على حيوانيّتهم الّتي عاشوا و ماتوا عليها.

3- وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ المؤمنون:20

كما جاءت لفظة شاربين خمس مرّات بنفس السّياق:

مرّتين بالرّفع،إنذارا للعذاب في الآخرة،و ثلاث مرّات بالنّصب تبشيرا و تذكيرا للنّعمة،منها مرّتين أيضا في الآخرة،و مرّة في الدّنيا:

1- فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ الواقعة:54

2- فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ الواقعة:55

3- نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشّارِبِينَ النّحل:66

4- يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ* بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ الصّافّات:45،46

5- وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ محمّد:15

و يلاحظ أنّ اللّفظين«آكلين»و«شاربين»للنّعم جاءا في الجميع عقيب لام النّفع:(للآكلين)و(للشّاربين).

17-و جاء الأكل مع الشّرب،أو الطّعام و الشّراب في القرآن في آيات:

1- يَأْكُلُ مِمّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ يَشْرَبُ مِمّا تَشْرَبُونَ

المؤمنون:33

2- كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللّهِ البقرة:60

3- وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ البقرة:187

4- وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا الأعراف:31

5- فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً مريم:26

6- فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ

البقرة:259

7- كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

الطّور:19،و المرسلات:43

8- كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ الحاقّة:24

9- يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَ شَرابٍ ص:51

يلاحظ أوّلا:أنّه قد تقدّم الأكل أو الطّعام في الجميع على الشّرب مشيا على ما هو الواقع في أصالة الغذاء و تفرّع الشّراب.و ربّما إشارة إلى أنّ الشّرب ينبغي أن يكون بعد الأكل لا قبله.

ثانيا:أنّ الآيات السّتّ الأولى راجعة إلى طعام الدّنيا

ص: 593

و شرابها،و الثّلاث الأخيرة إلى الآخرة،فأكل الدّنيا ضعف أكل الآخرة.و هذا إن دلّ على شيء يدلّ على أنّ الأكل و الشّرب عمل دنيويّ أكثر من كونهما أخرويّين، و حيوانيّ أكثر من كونهما إنسانيّين حسب ما استظهرنا من كثير من الآيات.

ص: 594

أ ل ت

اشارة

التناهم

لفظ واحد،مرّة واحدة،في سورة مكّيّة

النّصوص اللّغويّة

أبو عمرو ابن العلاء: ألته حقّه يالته ألتا،أي نقصه.

و ألته أيضا:حبسه عن وجهه و صرفه،مثل لاته يليته؛و هما لغتان.(الجوهريّ 1:241)

نحوه الزّجّاج(5:66)،و السّجستانيّ(179)، و الطّريحيّ(غريب القرآن:128).

الخليل: اللاّت (1)معروف.

و قول اللّه عزّ و جلّ: وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ الطّور:21،أي ما أنقصناهم،و ألت يألت، و يقال:يلئت،و يقال:ولت يلت ولتا.

و قيل:ألاتني عن حقّي،أي صرفني عنه.(8:135)

أبو عمرو الشّيبانيّ: الألتة:اليمين الغموس، و الألتة:العطيّة الشّقنة،و هي القليلة.

(الأزهريّ 14:321)

نحوه الصّغانيّ.(1:298)

أبو عبيدة: فيه ثلاث لغات:ألت يألت،تقديرها:

أفل يأفل.و ألات يليت،تقديرها:أفال يفيل.و لات يليت.[ثمّ استشهد بشعر](2:232)

ألت يألت،بضمّ اللاّم و كسرها،ألتا،و لات يليت، و ألات يليت-رباعيّا-ثلاث لغات،و المعنى نقص.

(أبو حيّان 8:104)

أبو زيد: ألته السّلطان ماله يألته ألتا،مثل ضربه ضربا،إذا نقصه.و قوم يقولون:لات يليت ليتا.(197)

نحوه الرّازيّ.(32)

الأصمعيّ: ألته يمينا يألته ألتا،إذا أحلفه.

تقول العرب:ألتّك باللّه لما فعلت كذا،معناه نشدتك باللّه.(الأزهريّ 14:321)

ابن الأعرابيّ: الألت:النّقص،و الألت:القسم.

ص: 595


1- هكذا ورد؛و لكنّه ليس موضع ذكرها في«ألت».

يقال:إذا لم يعطك حقّك فقيّده بالألت.

(الأزهريّ 14:321)

و في حديث عمر:«أنّه قال له رجل:اتّق اللّه، فسمعها رجل فقال:أ تألت على أمير المؤمنين؟»

معناه:أ تحطّه بذلك؟أ تضع منه؟أ تنقصه؟ (1).

(الهرويّ 1:65)

ابن قتيبة: و في حديث عبد الرّحمن:«و لا تغمدوا سيوفكم على أعدائكم فتولتوا أعمالكم»أي لا تنقصوها.يريد أنّه كانت لهم أعمال في الجهاد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم،فإذا هم تركوها و اختلفوا،نقصوها.

يقال:لات يليت،و ألت يألت،و لم أسمع أولت يولت إلاّ في هذا الحديث.(الأزهريّ 14:321)

كراع النّمل:و الألت:البهتان.(ابن سيده 9:510)

ابن دريد: ألته يألته ألتا،إذا نقصه.و آلته يولته إيلاتا كذلك.و يقال:ولته.(3:215)

الصّاحب:ألت يألت:أي نقص من قوله عزّ و جلّ:

وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ. و آلته بيمين شديدة:أي شدّد عليه.

و الألت:القسم و الظّلم و الجور،و يقولون:ولت و ألت:أي ظلم.(9:463)

ابن فارس: الهمزة و اللاّم و التّاء كلمة واحدة،تدلّ على النّقصان،يقال:ألته يألته،أي نقصه.(1:130)

الهرويّ: يقال:ألته يألته،و فيه لغة أخرى:لاته يليته.

و يقال:لاته عن وجهه،إذا حبسه.

و لغة ثالثة:ألات يليت.و في حديث بعضهم:«الحمد للّه الّذي لا يلات و لا يفات و لا تشتبه عليه الأصوات».(1:64)

ابن سيده: الألت:الحلف.و ألته بيمين ألتا:شدّد عليه.

و ألت عليه:طلب منه حلفا أو شهادة يقوم له بها.

و ألته ماله،و حقّه يألته ألتا و إلاتة،و آلته إيّاه:

نقصه.

و ألّيت:موضع.و هذا البناء عزيز أو معدوم،إلاّ ما حكاه أبو زيد من قولهم:عليه سكّينة.(9:510)

ألته يمينا يألته ألتا:سأله شهادة محلّفا له باللّه.و قيل:

طلب منه حلفا أو شهادة يقوم له بها.و الألتة:اليمين الغموس الّتي يتعمّد فيها الكذب.(الإفصاح 1:248)

ألت الشّيء يألته ألتا،و آلته إيلاتا أو إلاتا،و ألأته إلآتا:نقصه.و يقال:ألته حقّه.

تكون آلته بوزن«أفعله»فمصدره إيلات،أو بوزن «فاعله»فمصدره إلات،كقتال.(الإفصاح 2:1376)

الزّمخشريّ: و تقول:ما في مزاودهم ألت و لا في مزايدهم أمت.(أساس البلاغة:8)

[قال بعد ذكر الحديث الّذي نقلناه عن ابن الأعرابيّ:]

يقال:ألته يمينا،إذا أحلفه،و تقول العرب:ألتّك باللّه لما فعلت.و إذا لم يعطك حقّك فقيّده بالألت،و هو من ألته حقّه،إذا نقصه،لأنّ من أحلفك فهو بمنزلة من أخذ منك شيئا و نقصك إيّاه.و لمّا كان من شأن المحلف الجسارة على المحرج إلى اليمين و التّشنيع عليه قال:أ تألت على أمير المؤمنين؟بمعنى أ تجسر و تشنّع عليه فعل الآلت.ح.

ص: 596


1- و في اللّسان(2:4)أ تنقّصه.و هذا صحيح.

(الفائق 1:53)

الطّبرسيّ: و يقال:ألته يألته ألتا،و آلته يؤلته إيلاتا،و لاته يليته ليتا،و ولته يلته ولتا،أي نقصه.[ثمّ استشهد بشعر](5:165)

ابن الأثير: يقال:ألته يألته،و آلته يؤلته،إذا نقصه،و بالأولى نزل القرآن.[إلى أن قال:]

و الألت و الألتة:اليمين.(1:59)

ابن منظور :ألته بيمين ألتا:شدّد عليه.(2:4)

الفيّوميّ: ألت الشّيء ألتا،من باب ضرب:نقص.

و يستعمل متعدّيا أيضا،فيقال:ألته.(1:18)

الفيروزآباديّ: ألته حقّه يألته:نقصه-كآلته إيلاتا و ألأته إلآتا-و حبسه و صرفه و حلّفه،أو طلب منه حلفا أو شهادة يقوم له بها.

و الألتة،بالضّمّ:العطيّة القليلة،و اليمين الغموس.

و الألت:البهتان.

و ألّيت:موضع،و ما له نظير سوى كوكب درّيّ،و ما حكاه أبو زيد من قولهم:عليه سكّينة.(1:147)

مجمع اللّغة: [نحو أبي زيد و أضاف:]و مثله:ولته حقّه،و لاته.(1:45)

محمّد إسماعيل إبراهيم:ألت فلانا حقّه و من حقّه:نقصه.(1:41)

النّصوص التّفسيريّة

ما التناهم

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ. الطّور:21

ابن عبّاس: و ما نقصناهم،بلغة حمير.

(اللّغات في القرآن:45)

ما نقصناهم.(الطّبريّ 27:27)

سعيد بن جبير: ما ظلمناهم.

مثله قتادة،و الضّحّاك.(الطّبريّ 27:27،28)

مجاهد: ما نقصنا الآباء للأبناء.

نحوه الرّبيع.الطّبريّ 27:27)

ابن زيد: لم نظلمهم من عملهم من شيء،لم ننتقصهم فنعطيه ذرّيّاتهم الّذين ألحقناهم بهم لم يبلغوا الأعمال،ألحقهم بالّذين قد بلغوا الأعمال،(و ما التناهم...)لم يأخذ عمل الكبار فيجزيه الصّغار،أدخلهم برحمته،و الكبار عملوا،فدخلوا بأعمالهم.

(الطّبريّ 27:28)

الفرّاء: الألت:النّقص،و فيه لغة أخرى:(و ما لتناهم من عملهم من شىء)،و كذلك هي في قراءة عبد اللّه،و أبيّ بن كعب.[ثمّ استشهد بشعر](3:92)

أبو عبيدة: أي ما نقصناهم و لا حبسنا منه شيئا.

[إلى أن قال:]

مجازها:ما ألتناهم شيئا.و العرب تفعل هذا،تزيد «من».[ثمّ استشهد بشعر](2:232)

الطّبريّ: و ما ألتنا الآباء،يعني و ما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئا،فنأخذه منهم،فنجعله لأبنائهم الّذين ألحقناهم بهم،و لكنّا وفّيناهم أجور أعمالهم،و ألحقنا أبناءهم بدرجاتهم،تفضّلا منّا عليهم.

و الألت،في كلام العرب:النّقص و البخس.و فيه لغة أخرى،و لم يقرأ بها أحد نعلمه.(27:26)

ص: 597

الزّجّاج: ما أنقصناهم.(5:66)

ابن خالويه: يكون هنا الحرف من:لات يليت،و ولت يلت،و ألت يألت،و ألات يليت و يؤلت،و كلّها بمعنى نقص.(أبو حيّان 8:149)

أبو زرعة: قرأ ابن كثير (و ما التناهم) بكسر اللاّم،و قرأ الباقون بالفتح.و هما لغتان،يقال:ألت يألت و ألت-بكسر اللاّم-يألت،كما تقول:نقم ينقم،و نقم ينقم.(682)

الزّمخشريّ: و ما نقصناهم،يعني وفّرنا عليهم جميع ما ذكرنا من الثّواب و التّفضّل،و ما نقصناهم من ثواب عملهم من شيء.

و قيل:معناه و ما نقصناهم من ثوابهم شيئا نعطيه الأبناء حتّى يلحقوا بهم،إنّما ألحقناهم بهم على سبيل التّفضّل.

و قرئ(التناهم)،و هو من بابين:من ألت يألت، و من ألات يليت كأمات يميت،و(التناهم)من آلت يؤلت،كآمن يؤمن،و(لتناهم)من لات يليت،و (و لتناهم)من ولت يلت،و معناهنّ واحد.(4:24)

نحوه البيضاويّ.(2:426)

الفخر الرّازيّ: في قوله تعالى:(و ما التناهم) تطييب لقلبهم،و إزالة و هم المتوهّم أنّ ثواب عمل الأب يوزّع على الوالد و الولد،بل للوالد أجر عمله بفضل السّعي،و لأولاده مثل ذلك فضلا من اللّه و رحمة.

(28:251)

القرطبيّ: أي ما نقصنا الأبناء من ثواب أعمالهم لقصر أعمارهم،و ما نقصنا الآباء من ثواب أعمالهم شيئا بإلحاق الذّرّيّات بهم.و الهاء و الميم راجعان إلى قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا. [و بعد نقل قراءة ابن كثير و الجمهور أضاف:]و عن أبي هريرة:(التناهم)بالمدّ.

(17:67)

النّسفيّ: و ما نقصناهم من ثواب عملهم من شيء.

(التناهم)مكّيّ؛ألت يألت،ألت يألت لغتان،(من) الأولى متعلّقة ب(التناهم)،و الثّانية زائدة.(4:191)

أبو حيّان: و قرأ الجمهور(التناهم)بفتح اللاّم من «ألات»،و الحسن،و ابن كثير بكسرها،و ابن هرمز (التناهم)بالمدّ،من آلت على وزن«أفعل»،و ابن مسعود،و أبيّ(لتناهم)من لات،و هي قراءة طلحة، و الأعمش،و رويت عن شبل،و ابن كثير و عن طلحة، و الأعمش أيضا(لتناهم)بفتح اللاّم.

قال سهل: لا يجوز فتح اللاّم من غير ألف بحال، و أنكر أيضا(التناهم)بالمدّ،و قال:لا يروى عن أحد و لا يدلّ عليها تفسير و لا عربيّة.

و ليس كما ذكر،بل قد نقل أهل اللّغة«آلت»بالمدّ، كما قرأ ابن هرمز.

و قرئ (و ما ولتناهم) ذكره ابن هارون.[و بعد نقل قول ابن خالويه قال:]

و الظّاهر أنّ الضّمير في(التناهم)عائد على المؤمنين،و المعنى أنّه تعالى يلحق المقصّر بالمحسن، و لا ينقص المحسن من أجره شيئا.و هذا تأويل ابن عبّاس،و ابن جبير،و الجمهور.

و قال أبو زيد: الضّمير عائد على الأبناء.(من عملهم)،أي الحسن و القبيح،و يحسّن هذا الاحتمال قوله:

ص: 598

كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ الطّور:21.(8:149)

نحوه الآلوسيّ.(27:33)

الطّباطبائيّ: و لات و ألات بمعنى نقص،فمعنى (ما التناهم)ما نقصناهم شيئا من عملهم بالإلحاق.

و ظاهر الآية أنّها في مقام الامتنان،فهو سبحانه يمتنّ على الّذين آمنوا أنّه سيلحق بهم ذرّيّتهم الّذين اتّبعوهم بإيمان،فتقرّ بذلك أعينهم.و هذا هو القرينة على أنّ التّنوين في(ايمان)للتّنكير دون التّعظيم.

و المعنى اتّبعوهم بنوع من الإيمان و إن قصر عن درجة إيمان آبائهم؛إذ لا امتنان لو كان إيمانهم أكمل من إيمان آبائهم،أو مساويا له.

و إطلاق الاتّباع في الإيمان منصرف إلى اتّباع من يصحّ منه في نفسه الإيمان،ببلوغه حدّا يكلّف به.

فالمراد ب«الذّرّيّة»الأولاد الكبار المكلّفون بالإيمان،فالآية لا تشمل الأولاد الصّغار الّذين ماتوا قبل البلوغ،و لا ينافي ذلك كون صغار أولاد المؤمنين محكومين بالإيمان شرعا.

اللّهمّ إلاّ أن يستفاد العموم من تنكير الإيمان، و يكون المعنى و اتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمان ما،سواء كان إيمانا في نفسه أو إيمانا بحسب حكم الشّرع.

و كذا الامتنان قرينة على أنّ الضّمير في قوله: وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ل(الّذين آمنوا)، كالضّميرين في قوله: وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ؛ إذ قوله:

وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ مسوق حينئذ لدفع توهّم ورود النّقص في الثّواب على تقرير الإلحاق، و هو ينافي الامتنان.و من المعلوم أنّ الّذي ينافي الامتنان هو النّقص في ثواب الآباء،الملحق بهم دون الذّرّيّة.

(19:12)

المصطفويّ: هذه الكلمة يجوز فيها أن تكون من «ألت»ماضيا مجرّدا،أو من«ألات»و هو من مادّة «لات»أجوفا،فهي إمّا متكلّم من المجرّد أو من الإفعال، و المعنى واحد.و الظّاهر أن يكون بين المادّتين اشتقاق أكبر.

و يقوى في النّظر أنّ هذه المادّة تدلّ على النّقص المخصوص،و هو ما كان عن طريق الحبس و المنع و الصّرف،مثل أن يحبس و يمنع عن الوصول إلى تمام ما له من المال و الأجر،أو يصرف المال و الأجر عنه بإيجاد الموانع و الصّوارف.و هذا المعنى أبلغ في المقام من النّقص، و أدقّ و ألطف.(1:92)

الأصول اللّغويّة

اشارة

1-الأصل في«الألت»هو النّقصان،كما أجمع عليه اللّغويّون،يقال:ألت فلان فلانا حقّه يألته ألتا،و آلته يؤلته إيلاتا:نقصه،و كذا قولهم:ألاتني عن حقّي:صرفني عنه.

و قد جاء«ألت»في الاستعمال القرآنيّ في نقص الحقّ فقط،و لعلّ معناه اللّغويّ-كما رأينا في النّصوص- نقص الحقّ أيضا دون مطلق النّقص.و إليه يرجع «الألت»بمعنى البهتان،لأنّ المراد به تنقيص الشّخص.

و كذلك«الألت»بمعنى العطيّة القليلة.لأنّها هبة ناقصة.

و كذلك«الألت»بمعنى الحلف،لأنّ الحلف-كما قال الزّمخشريّ-بمنزلة أخذ شيء من المحلف و نقصه إيّاه،أو

ص: 599

لأنّ الحالف يريد رفع النّقص و التّقصير عنه.

2-و بهذا المعنى-نقص الحقّ-جاء الفعل:ولت فلان فلانا حقّه يلته ولتا،و أولته يولته إيلاتا،و كذا:

لات فلان فلانا حقّه يليته ليتا،و ألاته يليته إلياتا.فبين هذه الموادّ الثّلاث اشتقاق أكبر.

3-و لم نعثر في اللّغة-بعد الاستقصاء-على مثل هذه الموادّ؛حيث تبادل فيها الهمزة أو الواو مكانها بحرف آخر،دون أن يتغيّر معناها اللّغويّ و بابها الصّرفيّ،سوى مادّة«أ ن ي»و«و ن ي»و«ن ي أ»الّتي تعني الضّعف و الفتور؛يقال:أنى يأني أنيا،مثل:ألت يألت ألتا،و آنى يؤني إيناء،مثل:آلت يؤلت إيلاتا.و ونى يني ونيا،مثل:

ولت يلت ولتا،و أونى يؤني إيناء،مثل:أولت يولت إيلاتا.و ناء ينيء نيئا،مثل:لات يليت ليتا،و أناء ينيء إنياء،مثل:ألات يليت إلياتا.

4-و نحتمل أن تكون هذه الموادّ الثّلاث منقلبة عن أصل واحد،و نرجّح أصالة«و ل ت»على قرينيه، للأسباب التّالية:

أ-أنّ الهمزة تنقلب غالبا عن واو أو ياء،و ربّما تكون همزة«ألت»كذلك.أمّا«لات»،فقد ذكر الخليل لغة لمضارع«ألت يألت»،فقال:و يقال:يلئت.

و أغلب الظّنّ أنّه يريد بها«يليت»؛فسهّلت الهمزة ياء،كما في:جئت و جيت،و زائد و زايد،و ذئب و ذيب.

و هذا يلزم أن يكون ماضيه في الأصل«لأت».

و إن صحّ ما فرضناه،فالفعل لات يليت مقلوب ألت يألت،مثل:آبار و بئار،جمع بئر،و أنوق و أينق،و قووس و قسيّ.

و لهذا لم يتعرّض الخليل لذكر الفعل«لات يليت»، بل اكتفى بذكر أخويه فحسب.

ب-قال المفسّرون في الآية: لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً الحجرات:14،على قراءة الجمهور:

هي لغة الحجاز،و قالوا في(لا يالتكم)على قراءة الحسن، و الأعرج و أبي عمرو:هي لغة،أسد و غطفان.

و هذا يعني أنّ قراءة(يلتكم)كانت في الأصل «يولتكم»من«ولت»على اللّغة الأولى،ثمّ حذفت الواو من«يولتكم»،كما حذفت من مضارع وجد يجد، و وجب يجب،فصارت(يلتكم)،و هي القراءة المشهورة.و أمّا همزة(يألتكم)على اللّغة الثّانية،فأصلها «واو»على المشهور،و قد بسطنا القول حول هاتين اللّغتين في مادّة«أ ز ف».

ج-لو ألقينا نظرة على تقاليب هذه الموادّ الثّلاث، لرأينا أنّ كافّة تقاليب مادّة«و ل ت»مستعملة،أمّا تقاليب«أ ل ت»و«ل ي ت»،فثلاثة من كلّ منهما مستعملة و ثلاثة مهملة.و هذا يدلّ على أصالة المادّة «و ل ت»و قدمها.و فيما يلي عرض لتقاليب هذه الموادّ مع معانيها:

أ ل ت

أ ل ت:النّقص.

أ ت ل:البطء و التّثاقل.

ل ت أ:الرّمي و النّكاح.

ل أ ت،ت أ ل،ت ل أ،مهملة.

ص: 600

ل ي ت

ل ي ت:النّقص.

ل ت ي:الّتي.

ت ي ل:نبات.

ي ل ت،ي ت ل،ت ل ي،مهملة.

و ل ت

و ل ت:النّقص.

و ت ل:ملأ البطن من الشّراب.

ل و ت:الإخبار بغير سؤال و الكتمان.

ل ت و:الّتي.

ت و ل:السّحر.

ت ل و:الاتّباع.

الاستعمال القرآنيّ

1-تقدّم في صدر هذه المادّة أنّها لفظ واحد في القرآن،و هو(التناهم)في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ الطّور:21.

و قد جاء في القرآن لفظان آخران أدخلهما بعضهم تحت هذه المادّة:

الأوّل:«اللاّت»،أحد الأصنام الثّلاثة للعرب الجاهليّين،و قد ذكره الخليل في هذه المادّة-كما تقدّم في النّصوص اللّغويّة-و ليس منها.و لعلّه غير عربيّ؛لمجيئه كثيرا في النّقوش النّبطيّة.أو هو من«ليت»لأنّ يهوديّا كان يلت السّويق عنده،أو لأنّهم كانوا يحلفون بها؛ و عليه فهو من«الألت»بمعنى الحلف.لاحظ«اللاّت»في معجم ألفاظ القرآن و في هذا المعجم.

الثّاني:«يلت»في قوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ إِنْ تُطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ الحجرات:14.

و قد جاء(يلتكم)في المعجم المفهرس و غيره في «ل ي ت»؛لأنّه مضارع«لات»بحذف الياء تخفيفا.و قد عدّه بعضهم مضارع«ألت»،و أصله«يألت»،فحذفت الهمزة تخفيفا على غير قياس،كما حذفت الياء من «ألاته يلته»،و القياس«ألاته يليته».و حجّته أنّ الحسن،و الأعرج،و أبا عمرو قرءوها-كما تقدّم- (يألتكم)،و استشهد بها ابن فارس من دون إشارة إلى أنّها قراءة.و قال هذا القائل-ردّا على من جعل(يلتكم) من«ل ي ت»-:إنّ مضارعه سيكون«ييلت»،و هذا ما لم يقل به أحد ممّن يعتدّ برأيه.كما وهم آخرون بذكره في باب«و ل ت»ليكون مضارعه«يولت»،ثمّ حذفت الواو المنقلبة عن الهمزة تخفيفا.

هذا،و لكنّه غفل عن كون مضارع«لات»هو «يليت»دون«ييلت»،و أنّ(يلتكم)يمكن أن يكون مضارع«ولت»-الّذي هو أصل«ألت»كما سبق- فحذفت الواو من المضارع قياسا،كما في«وجد يجد»، حسبما تقدّم في الأصول اللّغويّة.

2-و سواء كان(يلتكم)مضارع«ألت»أم«ولت» أو غيرهما،فينبغي التّأمّل في الآيتين،ليتبيّن الفرق بين

ص: 601

السّياقين:

أ-قد استعمل الفعل فيهما متعدّيا على خلاف طفيف في التّركيب،له دلالة معنويّة خاصّة:

ففي آية الطّور:

(و ما)،(الت)،(نا)،(هم)،(من)،(عملهم)،(من شىء).

و في آية الحجرات:

(لا)،(يلت)،(كم)،(من)،(اعمالكم)،(شيئا)

فقد وقع المفعول الأوّل ضمير جمع في الموضعين، و هو ضمير متّصل بالفعل،ثمّ دخلت(من)التّجزيئيّة التّبعيضيّة على المفعولين الآخرين،في الأولى إشارة إلى أنّهم سينالون جزاء عملهم كاملا غير منقوص،كلّ عملهم بلا أدنى نقص.كما دخلت(من)على(اعمالكم) في الثّانية،لتثبت أنّ كلّ العمل سيثابون عليه،و لم تدخل على(شىء)في الموضع الثّاني،لتفسح المجال له،ليكون مفعولا صريحا لا يحتاج إلى حرف جرّ.

و لعلّ هذا الفارق جاء من ناحية أنّ إلحاق الذّرّيّة بهم في الأولى: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ، قد يوهم نقص الجزاء،فجاء(من) لإزالة هذا الوهم.أمّا في الثّانية: وَ إِنْ تُطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً، فلا إلحاق فيها،فانتفت-بالتّالي-ضرورة دخول(من)على (شيئا).

و ممّا يقوّي هذه الرّؤية خاتمة كلّ من الآيتين،ففي الأولى كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ، لإثبات أنّ إلحاق الذّرّيّة بهم لن يسقط شيئا من جزائهم.و في الثّانية إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ حيث لا إلحاق،فلا وجود لتوهّم النّقص بهم،فاكتفى بدلا عن كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ بقوله: إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

ب-و هناك فرق آخر بين الآيتين،و هو أنّ(من عملهم)في الأولى مفرد،و في الثّانية(من اعمالهم)جمع، فكأنّ مجيء(من)في الأولى عوض من صيغة الجمع في الثّانية،تصريحا باستيعاب هذا الوعد الإلهيّ لكلّ أعمالهم.

ج-و الفرق الثّالث،هو مجيء الفعل في الأولى ماضيا و الفاعل جمعا(التناهم)،و في الثّانية مضارعا و الفاعل مفردا(لا يلتكم).و معلوم أنّ في الأولى تأكيدا أبلغ؛حيث فرض الجزاء المستقبل محقّق الوقوع في الماضي،مع تفخيم الكلام فيها بتعظيم الفاعل(نا).بخلاف الثّانية.

و هذا السّياق أنسب بقوله:(من شىء)في الأولى و (شيئا)في الثّانية.

و هذا الفرق بين السّياقين تأكيدا و يسرا-كما أشرنا إليه-لوحظ في ذيل الآيتين؛حيث جاء في الأولى وعد مؤكّد قاطع كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ، و في الثّانية وعد رجاء إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

د-على أنّ في الآيتين مناسبة أخرى بين الذّيل و الصّدر؛حيث لم يذكر في الأولى سبق الكفر على الإيمان صريحا،بل إيمان صريح صادق يستتبع إيمان ذرّيّتهم وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ، فذيّله بوعد صريح مؤكّد كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ بينما سبق التّصريح بعدم الإيمان في الثّانية،حتّى بعد أن أسلموا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا، فذيّله بوعد الغفران و الرّحمة بشرط

ص: 602

الطّاعة،حينما لم يذكر هذا الشّرط في الأولى،لأنّه حاصل بالفعل،فسبحان من لا يلت عباده في الوعد و الوعيد شيئا.

ه-جاء الفعل في الآيتين في مجال«نقص الحقّ» دون مطلق النّقص،أو سلب شيء من شخص آخر.

فيسوغ لنا أن نضيف إلى ما ذكروه في معنى«الألت»،أي النّقص،أنّه خاصّ في«نقص الحقّ»،حسبما أشرنا إليه في الأصول اللّغويّة.

و عبّر عن«الجزاء»في الآيتين-ككثير من الآيات- بلفظ«العمل»،مثل: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ* فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ الزّلزال:6-8.و هذا على سبيل المجاز تأكيد في توفية الجزاء للعمل،و مساواتهما كيفا و كمّا، كأنّ الجزاء نفس العمل،و على هذا يقدّر في أمثال هذه الآيات«جزاء العمل»،حسبما تكرّر في التّفاسير.

أو هي حقيقة،فيتمشّى مع مذهب من قال بتجسّم الأعمال،و أنّ«الجزاء»هو نفس العمل،و قد تجسّم،كما تشهد به الرّوايات عن آل البيت عليهم السّلام.و على كلّ حال،فهذا تأكيد آخر يشترك فيه سياق الآيتين.

3-لقد ورد معنى النّقص في القرآن بثمانية ألفاظ، و هي كالآتي:

أ-الألت:«1»

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ

الطّور:21

ب-اللّيت:«1»بناء على اختلاف المادّة في الآيتين حسب ما تقدّم.

وَ إِنْ تُطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً الحجرات:14

ج-الوتر:«1»

وَ اللّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ محمّد:35

د-الضّيزى:«1»

أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى* تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى النّجم:21،22

ه-التّخوّف:«1»

أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ النّحل:47

و-النّقص:«11»،منه:

وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ هود:84

ز-الخسران:«65»،منه:

وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ

الرّحمن:9

ح-البخس:«3»:

وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ

الأعراف:85،هود:85،الشّعراء:183

يلاحظ أوّلا:أنّ الآيات الثّلاث الأولى امتازت دون غيرها بما يلي:

1-إسناد الفعل إلى اللّه تعالى بضمير المتكلّمين في الأولى و بالغائب في الثّانية و الثّالثة،و تقديره فيهما«هو»، أي اللّه.

2-خطاب المسلمين بضمير الغائبين في الأولى و المخاطبين في الثّانية و الثّالثة،و هي جميعا مفعول أوّل.

3-وقوع أثر الفعل على العمل مجرورا ب(من)في

ص: 603

الأوليين و بدون حرف جرّ في الثّالثة،و هو مفرد في الأولى و جمع في الثّانية و الثّالثة.و قد سبق سرّ هذا الفرق.

4-دخول النّفي على الفعل فيها جميعا ب(ما)في الأولى و(لا)في الثّانية و(لن)في الثّالثة.

ثانيا:ورد بعض تلك الملاحظات في آيات أخرى، و هي كالآتي:

1-إسناد الفعل إلى اللّه:

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها الرّعد:41

أَ فَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها الأنبياء:44

2-خطاب النّبيّ و المسلمين:

قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً* نِصْفَهُ،أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً

المزّمّل:2،3

إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً التّوبة:4

وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ... البقرة:155

وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ

الرّحمن:9

وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ المطفّفين:3

3-نقص الأعمال:

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً

الكهف:103

4-نفي النّقص:

إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً التّوبة:4

وَ إِنّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ هود:109

5-النّهي عن البخس:

وَ لا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ الأعراف:85

ثالثا:آلى اللّه على نفسه في الآيات المتقدّمة أن لا ينقص عمل عامل من المسلمين ما دام لا يخلط عمله:

بكفر أو شرك،و هذا بمثابة ضمان للعاملين،و أمان للخائفين،و تشويق للمسلمين.

و لا ريب أنّ بين هذه الموادّ فروقا،و سنتعرّض لها في محلّها إن شاء اللّه.

ص: 604

أ ل ف

اشارة

11 لفظا،22 مرّة:6 مكّيّة،16 مدنيّة

في 12 سورة:6 مكّيّة،6 مدنيّة

إيلاف 1:1\يؤلّف 1:-1\ألفين 1:-1

إيلافهم 1:1\المؤلّفة 1:-1\آلاف 2:-2

ألّف 3:2-1\ألف 9:5-4\ألوف 1:-1

ألّفت 1:-1\ألفا 1:-1\.....

النّصوص اللّغويّة

الخليل: ألف في العدد:عشر مائة،و الجمع:آلاف.

و قد آلفت الإبل،ممدودة:صارت ألفا.

و الألفان:مصدر:ألفت الشّيء فأنا آلفه من الألفة.

و الألفة:مصدر الائتلاف.

و إلفك و أليفك:الّذي يألفك.

و أوالف الطّير:الّتي قد ألفت مكّة.[ثمّ استشهد بشعر]

و تقول:قد آلفت هذه الطّير موضع كذا،و هنّ مؤلفات،أي لا تبرح.

و الألف و الأليف كلاهما حرف.

و قول اللّه عزّ و جلّ: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ قريش:1، إنّما جاءت هذه اللاّم-و اللّه أعلم-في لِإِيلافِ قُرَيْشٍ على معنى سورة الفيل،إنّما أهلك اللّه الفيل كي تسلم قريش من شرّهم،فيسلموا في بلدهم،ليؤلّفهم اللّه،فهذه اللاّم تلك.

و كلّ شيء ضممت بعضه إلى بعض فقد ألّفته تأليفا.

(8:336)

الكسائيّ: الألف من حروف المعجم مؤنّثة،و كذلك سائر الحروف.هذا كلام العرب،و إن ذكّرت جاز.

(ابن سيده 10:403)

الفرّاء: قولهم:هذه ألف درهم،التّأنيث لمعنى الدّراهم لا لمعنى«الألف»،و الدّليل على تذكير«الألف» قوله تعالى: بِخَمْسَةِ آلافٍ آل عمران:125،و الهاء إنّما تلحق المذكّر من العدد.

ص: 605

مثله الزّجّاج.(الفيّوميّ 1:18)

أبو زيد: ألفت الشّيء:و ألفت فلانا،إذا أنست به.

و ألّفت بينهم تأليفا،إذا جمعت بينهم بعد تفرّق.

و ألّفت الشّيء:وصلت بعضه ببعض.و منه تأليف الكتب.

و ألفت الشّيء،أي وصلته.

و آلفت فلانا الشّيء،إذا ألزمته إيّاه،أولفه إيلافا.(الأزهريّ 15:378)

ألفت الشّيء إلفا،و آلفته إيلافا.في معنى واحد.

(ابن هشام 1:57)

مثله:اليزيديّ(442)،و الزّجّاج(فعلت و أفعلت:44).

أهل الحجاز يقولون:آلفت المكان و القوم،و آلفت غيري أيضا:حملته على أن يألف.

المألف:الشّجر المودق الّذي يدنو إليه الصّيد،لإلفه إيّاه،فيدق إليه.(ابن فارس 1:131)

الأصمعيّ: يقال:ألفت الشّيء آلفه إلفا و أنا آلف، و آلفته و أنا مؤلف.[ثمّ استشهد بشعر]

(ابن فارس 1:131)

ابن هشام: و الإيلاف:أن يصير القوم ألفا،يقال:

آلف القوم إيلافا.[ثمّ استشهد بشعر].

و الإيلاف أيضا:أن تؤلّف الشّيء إلى الشّيء فيألفه و يلزمه.يقال:آلفته إيّاه إيلافا.

و الإيلاف أيضا:أن تصيّر ما دون الألف ألفا،يقال:

آلفته ايلافا.(1:58)

أبو عبيد: ألفت الشّيء و آلفته،بمعنى واحد،أي لزمته،فهو مؤلف و مألوف.

و آلفت الظّباء الرّمل،إذا ألفتها.[ثمّ استشهد بشعر]

(الأزهريّ 15:378)

يقال:كان القوم تسعمائة و تسعة و تسعين فآلفتهم، ممدود.

و قد آلفوا هم،إذا صاروا ألفا،و كذلك أمأيتهم فأمئوا،إذا صاروا مائة.(الأزهريّ 15:380)

نحوه الفرّاء.(ابن السّكّيت:588)

ابن الأعرابيّ: آلفت القوم:صيّرتهم ألفا،و آلفتهم صيّرتهم ألفا بغيري،و آلفوا:صاروا ألفا.و مثله أخمسوا و أماءوا.(ابن فارس 1:131)

و شارطه مؤالفة،أي على ألف.

(ابن سيده 10:403)

ابن السّكّيت: يقال:هذا ألف واحد و لا يقال:

واحدة.و لو قلت:هذه ألف،بمعنى هذه الدّراهم ألف، لجاز.و الجمع:ألوف و آلاف.(الجوهريّ 4:1331)

ابن قتيبة: الإيلاف:مصدر:آلفت فلانا كذا إيلافا، كما تقول:ألزمته إيّاه إلزاما.(539)

المبرّد: من قال:آلف للواحد،قال للجميع:ألاّف، كعامل و عمّال و شارب و شرّاب و جاهل و جهّال.و من قال:إلف،قال للجميع:آلاف.و تقديره:عدل و أعدال و حمل و أحمال و ثقل و أثقال.(2:3)

ابن دريد: تقول:آلفت الغنم فهي مؤلفة،إذا صارت ألفا،و قد آلفتها إيلافا،إذا جعلتها ألفا.

و ألفت المكان إلفا و آلفته إيلافا،إذا استأنست به و اعتدته.[ثمّ استشهد بشعر]

ص: 606

و تقول:ألّفت بين القوم تأليفا،إذا جمعتهم بعد تفرّق.

(3:274)

عبد الرّحمن الهمدانيّ:يقال:هما أخوا صفاء و سليلا وفاء،و أليفا مودّة.(33)

يقال:ألفه فهو أليفه،و آنسه فهو أنيسه.(123)

ابن الأنباريّ: الألف:مذكّر لا يجوز تأنيثه؛فيقال:

هو الألف،و خمسة آلاف.(الفيّوميّ 1:18)

الأزهريّ: و الألف:من العدد معروف،و ثلاثة الآلاف إلى العشرة.ثمّ«ألوف»جمع الجمع،قال اللّه تعالى: وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ البقرة:243.

و يقال:ألف أقرع،لأنّ العرب تذكّر الألف.و إن أنّث على أنّه جمع،فهو جائز.و أكثر كلام العرب على التّذكير.[إلى أن قال:]

يقال:فلان أليفي و إلفي،و هم ألاّفي.و قد نزع البعير إلى ألاّفه.

و يجوز«الألاّف»و هو جمع«آلف».

و قد ائتلف القوم ائتلافا،فتآلفوا تآلفا،و ألّف اللّه بينهم تأليفا.و أوالف الطّير:الّتي قد ألفت مكّة.و أوالف الحمام:دواجنها الّتي تألف البيوت.[و استشهد بالشّعر مرّتين](15:380)

الإيلاف:شبه الإجازة بالخفارة؛[:الإبل]يقال:

آلف يؤلف،ألّف يؤلّف،إذا أجاز الحمائل بالخفارة.

(الهرويّ 1:67)

الصّاحب:الألف:معروف،و هي الآلاف،و آلفت الإبل:صارت ألفا،و المؤلف:الّذي له ألف أو ألوف من الإبل.

و الألفان:مصدر ألفت الشّيء آلفه،و هي الألفة و الائتلاف،و الإلف و الأليف.

و أوالف الطّير:الّتي ألفت مكّة و هي مؤلفات.

و كلّ شيء ضممت بعضه إلى بعض:فقد ألّفته، و منه تأليف الكتب،و قوله عزّ و جلّ: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ قريش:1،من ذلك.

و آلفت رحلة الشّتاء:أي آمنت به إيمانا و ألفتها إلافا. (1)

و الألف و الأليف:الحرف(10:344)

الجوهريّ: الألف:عدد،و هو مذكّر،يقال:هذا ألف واحد،و لا يقال:واحدة.

و هذا ألف أقرع،أي تامّ،و لا يقال:قرعاء.[إلى أن قال:]

و ألفه يألفه،بالكسر:أعطاه ألفا.

و آلفت القوم إيلافا،أي كمّلتهم ألفا،و آلفوهم أيضا بأنفسهم.و كذلك آلفت الدّراهم،و آلفت هي.

و الإلف:الأليف؛يقال:حنّت الإلف إلى الإلف.

و جمع الأليف:ألائف،مثل تبيع و تبائع و أفيل و أفائل.

و الألاّف:جمع آلف،مثل كافر و كفّار.

و فلان قد ألف هذا الموضع-بالكسر-يألفه إلفا، و آلفه إيّاه غيره.

و يقال أيضا:آلفت الموضع أولفه إيلافا،و كذلك:ا.

ص: 607


1- جاء في الهامش:هكذا وردت الجملة في الأصلين رسما و ضبطا،و لعلّ الصّواب ضمّها إلى الإيلاف المتقدّم عليها،و قراءتها على النّحو الآتي:و آلفت رحلة الشّتاء،أي أمنت به أمانا.

آلفت الموضع أؤالفه مؤالفة و إلافا.فصار صورة«أفعل» و«فاعل»في الماضي واحدا.

و ألّفت بين الشّيئين تأليفا،فتألّفا و أتلفا.

و يقال أيضا:ألف مؤلّفة،أي مكمّلة.

و تألّفته على الإسلام.و منه: اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ التّوبة:60،و قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ...

قريش:1،2،يقول تعالى:أهلكت أصحاب الفيل لأولف قريشا مكّة،و لتؤلّف قريش رحلة الشّتاء و الصّيف،أي تجمع بينهما،إذا فرغوا من ذه أخذوا في ذه،و هذا كما تقول:ضربته لكذا لكذا،بحذف الواو.[و استشهد بالشّعر مرّتين](4:1331)

ابن فارس: الهمزة و اللاّم و الفاء أصل واحد يدلّ على انضمام الشّيء إلى الشّيء و الأشياء الكثيرة أيضا.

[ثمّ نقل قول ابن الأعرابيّ و أضاف:]

و هذا قياس صحيح لأنّ الألف اجتماع المئين.[ثمّ نقل كلام الخليل و أبي زيد](1:131)

أبو هلال: الفرق بين«الجمع و التّأليف»أنّ بعضهم قال:لفظ التّأليف في العربيّة يدلّ على الإلصاق، و لفظ الجمع لا يدلّ على ذلك،أ لا ترى أنّك تقول:جمعت بين القوم في المجلس،فلا يدلّ ذلك على أنّك ألصقت أحدهم بصاحبه،و لا تقول:ألّفتهم بهذا المعنى.و تقول:

فلان يؤلّف بين الزّانيين،لما يكون من التزاق أحدهما بالآخر عند النّكاح.و لذلك لا يستعمل التّأليف إلاّ في الأجسام،و الجمع يستعمل في الأجسام و الأعراض، فيقال:تجتمع في الجسم أعراض،و لا يقال:تتألّف فيه أعراض،و لهذا يستعار في القلوب،لأنّها أجسام،فيقال:

ألّف بين القلوب،كما قال اللّه تعالى: وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ الأنفال:63.و يقال:جمع بين الأهواء،و لا يقال:

ألّف بين الأهواء،لأنّها أعراض.

و عندنا أنّ التّأليف و الألفة في العربيّة تفيد الموافقة، و الجمع لا يفيد ذلك.أ لا ترى أنّ قولك:تألّف الشّيء و ألّفته،يفيد موافقة بعضه لبعض،و قولك:اجتمع الشّيء و جمعته،لا يفيد ذلك.و لهذا قال تعالى: وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ الأنفال:63،لأنّها اتّفقت على المودّة و المصافاة.و منه قيل:الألفان و الأليفان؛لموافقة أحدهما صاحبه على المودّة و التّواصل و الأنسة.

و التّأليف عند المتكلّمين:ما يجب حلوله فى محلّين، فإنّما قيل:يجب،ليدخل فيه المعدوم.و الاجتماع عندهم ما صار به الجوهران بحيث لا قرب أقرب منه.و قد يسمّون التّأليف مماسّة و اجتماعا.و قال بعضهم:الخشونة و اللّين و الصّقال،يرجع إلى التّأليف.و قال آخرون:يرجع إلى ذهاب الجسم في جهات.

الفرق بين«البنية و التّأليف»:أنّ البنية من التّأليف يجري في استعمال المتكلّمين على ما كان حيوانا.يقولون:

القتل نقض البنية،و التأليف عندهم عامّ.و أهل اللّغة يجرونها على البناء،يقولون:بنية و بنية.و قال بعضهم:

بنى بنية من البناء و بنية من المجد.[ثمّ استشهد بشعر]

الفرق بين«التّأليف و التّصنيف»:أنّ التّأليف أعمّ من التّصنيف،و ذلك أنّ التّصنيف تأليف صنف من العلم، و لا يقال للكتاب إذا تضمّن نقض شيء من الكلام:

مصنّف،لأنّه جمع الشّيء و ضدّه،و القول و نقيضه.

و التّأليف يجمع ذلك كلّه؛و ذلك أنّ تأليف الكتاب هو

ص: 608

جمع لفظ إلى لفظ و معنى إلى معنى فيه،حتّى يكون كالجملة الكافية فيما يحتاج إليه،سواء كان متّفقا أو مختلفا.و التّصنيف مأخوذ من الصّنف و لا يدخل في الصّنف غيره.(118)

الفرق بين«التّأليف و التّرتيب و التّنظيم»:أنّ التّأليف يستعمل فيما يؤلّف على استقامة أو على اعوجاج،و التّنظيم و التّرتيب لا يستعملان إلاّ فيما يؤلّف على استقامة.و مع ذلك فإنّ بين التّرتيب و التّنظيم فرقا، و هو أنّ التّرتيب هو وضع الشّيء مع شكله،و التّنظيم هو وضعه مع ما يظهر به؛و لهذا استعمل النّظم في العقود و القلائد،لأنّ خرزها ألوان يوضع كلّ شيء منها مع ما يظهر به لونه.(122)

الهرويّ: ألوف جمع ألف،يقال:آلفت القوم فآلفوا، لازم و متعدّ.(1:69)

أبو سهل الهرويّ: قد أثلثوهم بالألف،إذا صاروا ثلاثة،و كذلك إلى العشرة.و قد أمأيت الدّراهم و آلفتها بالمدّ،إذا صيّرتها مائة و ألفا و أمأت و هي آلفت بالمدّ أيضا،إذا صارت مائة و ألفا.(40)

ابن سيده: الألف من العدد معروف؛و الجمع:آلف، و آلاف و ألوف.

و ألّف العدد و آلفه:جعله ألفا.

و آلفوا:صاروا ألفا.

و في الحديث:«أوّل حيّ آلف مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بنو فلان».

و ألف الشّيء إلفا و إلافا و ولافا-الأخيرة شاذّة- و ألفانا و آلفه:لزمه.

و آلفه إيّاه:ألزمه إيّاه.

و في التّنزيل: إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ قريش:2،فيمن جعل الهاء مفعولا و(رحلة)مفعولا ثانيا،و قد يجوز أن يكون المفعول هنا واحدا على قولك:

آلفت الشّيء كألفته،و تكون الهاء و الميم في موضع الفاعل،كما تقول:عجبت من ضرب زيد عمرا،و هي الألفة.

و ائتلف الشّيء:ألف بعضه بعضا.

و ألّفه:جمع بعضه إلى بعض.

و تألّف:تنظّم.

و الإلف:الّذي تألفه؛و جمعه:آلاف.و حكى بعضهم في جمع إلف:ألوف،و عندي أنّه جمع آلف كشاهد و شهود،و هو الأليف؛و جمعه:ألفاء،و الأنثى:ألفة و إلف.

و آلف الرّجل:تجر.

و ألّف القوم إلى كذا و تألّفوا:استجاروا.

و الألف و الأليف:حرف هجاء.

قال سيبويه: حروف المعجم كلّها تذكّر و تؤنّث،كما أنّ اللّسان يذكّر و يؤنّث.[و استشهد بالشّعر مرّتين](10:403)

الطّوسيّ: ألفت المكان ألفة و ألفا و آلفته إيلافا، بمعنى واحد.[إلى أن قال:]

يقال:ألف يألف ألفا و آلفه يؤلفه إيلافا،إذا جعله يألف.و ائتلف القوم ائتلافا و تآلفوا تآلفا و ألّفهم تأليفا.

و الإيلاف:نقيض الإيحاش و نظيره الإيناس.و إلف الشّيء:لزومه،على عادة في سكون النّفس إليه.

(10:412)

ص: 609

مثله الطّبرسيّ.(5:544)

الرّاغب: الألف:من حروف التّهجّي.و الإلف:

اجتماع مع التئام،يقال:ألّفت بينهم.و منه الألفة.و يقال للمألوف:إلف و آلف،قال تعالى: إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ آل عمران:103،و قال: لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ الأنفال:63.

و المؤلّف:ما جمع من أجزاء مختلفة،و رتّب ترتيبا، قدّم فيه ما حقّه أن يقدّم،و أخّر فيه ما حقّه أن يؤخّر.

و لِإِيلافِ قُرَيْشٍ قريش:1،مصدر من آلف.

و أوالف الطّير:ما ألفت الدّار.

و الألف:العدد المخصوص،و سمّي بذلك لكون الأعداد فيه مؤتلفة،فإنّ الأعداد أربعة:آحاد و عشرات و مئون و ألوف،فإذا بلغت الألف فقد ائتلفت،و ما بعده يكون مكرّرا.قال بعضهم:الألف من ذلك،لأنّه مبدأ النّظام.

و قيل:آلفت الدّراهم،أي بلغت بها الألف نحو ماءيت،و آلفت هي،نحو آمأت.(20)

الزّمخشريّ: الإيلاف:من قولك:آلفت المكان أولفه إيلافا،إذا ألفته فأنا مؤلف.[ثمّ استشهد بشعر]

يقال:ألفته إلفا و إلافا.(4:287)

هو إلفي و أليفي،و هم ألاّفي و ألفائي.و لو تألّف فلان و حشيّا لألف.[ثمّ استشهد بشعر]

و هذا من أوالف الطّير،أي من دواجنها.و هذه الطّير قد ألفت هذا المكان.و هذه ألف مؤلّفة،أي مكمّلة.

و فلان من المؤلّفين،أي من أصحاب الألوف.و قد ألّف فلان:صارت إبله ألفا.(أساس البلاغة:8)

الإيلاف:الحبل،أي العهد الّذي أخذه هاشم بن عبد مناف من قيصر و أشراف أحياء العرب لقومه، بألاّ يتعرّض لهم في مجتازاتهم و مسالكهم في رحلتهم، و هو مصدر من:آلفه،بمعنى ألفه،لأنّ في العهد ألفة و اجتماع كلمة.و يقال له أيضا:إلف و إلاف.[ثمّ استشهد بشعر](الفائق 1:53)

الطّبرسيّ: الإيلاف:إيجاب الإلف بحسن التّدبير و التّلطّف.(5:544)

السّهيليّ: الإيلاف:أن يكون للإنسان ألف من الإبل،أو البقر أو الغنم أو غير ذلك.يقال:آلف فلان إيلافا.

الإيلاف:أيضا أن تؤلّف الشّيء إلى الشّيء فيألفه و يلزمه،يقال:آلفته إيّاه إيلافا.

و الإيلاف أيضا:أن تصيّر ما دون الألف ألفا؛يقال:

آلفته إيلافا.(1:76)

ابن الأثير: في حديث حنين:«إنّي أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتالّفهم».التّألّف:المداراة و الإيناس، ليثبتوا على الإسلام رغبة فيما يصل إليهم من المال.

و منه حديث الزّكاة:«سهم للمؤلّفة قلوبهم».

و في حديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما:«و قد علمت قريش أنّ أوّل من أخذ لها الإيلاف لهاشم»، الإيلاف:العهد و الذّمام.كان هاشم بن عبد مناف أخذه من الملوك لقريش.(1:60)

ابن منظور :آلف الرّجل:تجر.و ألّف القوم إلى كذا و تألّفوا:استجاروا.و الألف و الأليف:حرف هجاء.(9:12)

ص: 610

أبو حيّان: الألف:عشر من المئين،و قد يتجاوز فيه فيدلّ على الشّيء الكثير،و هو من الألفة؛إذ هو مألف أنواع الأعداد،إذ العشرات مألف الآحاد،و المئون مألف العشرات،و الألف مألف المئين.(1:298)

الألف:عدد معروف.و جمعه في القلّة:آلاف،و في الكثرة:ألوف.و يقال:آلفت الدّراهم و آلفت هي.

و قيل:ألوف جمع آلف،كشاهد و شهود.(2:248)

الفيّوميّ: ألفته إلفا،من باب علم:أنست به و أحببته.و الاسم:الألفة بالضّمّ،و الألفة أيضا اسم من الائتلاف و هو الالتئام و الاجتماع.و اسم الفاعل:أليف مثل عليم،و آلف مثل عالم.و الجمع:ألاّف مثل كفّار.

و آلفت الموضع إيلافا من باب أكرمت،و آلفته أؤالفه مؤالفة و إلافا من باب قاتلت أيضا،مثله ألفته إلفا من علم كذلك.

و المألف:الموضع الّذي يألفه الإنسان،و تألّف القوم بمعنى اجتمعوا و تحابّوا.و ألّفت بينهم تأليفا.

وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ: المستمالة قلوبهم بالإحسان و المودّة.و كان النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يعطي المؤلّفة من الصّدقات و كانوا من أشراف العرب.فمنهم من كان يعطيه دفعا لأذاه،و منهم من كان يعطيه طمعا في إسلامه و إسلام أتباعه،و منهم من كان يعطيه ليثبت على إسلامه لقرب عهده بالجاهليّة.قال بعضهم:فلمّا تولّى أبو بكر و فشا الإسلام و كثر المسلمون منعهم،و قال:انقطعت الرّشا.

و الألف اسم لعقد من العدد،و جمعه:ألوف و آلاف.(1:18)

الفيروزآباديّ: الألف:من العدد مذكّر.و لو أنّث باعتبار الدّراهم لجاز.جمعه:ألوف و آلاف.

و ألفه يألفه:أعطاه ألفا.و الإلف بالكسر:الأليف، جمعه:آلاف.و جمع الأليف:ألائف.و الألوف:الكثير الألفة،جمعه:ككتب.

و الإلف و الألفة بكسرهما:المرأة تألفها و تألفك، و قد ألفه كعلمه إلفا-بالكسر و الفتح-و هو آلف،جمعه:

ألاّف،و هي آلفة،جمعه:آلفات و أوالف.و كمقعد:

موضعها،و الشّجر المورق يدنو إليه الصّيد لإلفه إيّاه.

و الألفة بالضّمّ:اسم من الائتلاف.و الألف ككتف:

الرّجل العزب،و أوّل الحروف،و الأليف،و عرق مستبطن العضد إلى الذّراع و هما الألفان،و الواحد من كلّ شيء.

و آلفهم:كمّلهم ألفا،و الإبل:جمعت بين شجر و ماء، و المكان:ألفه،و الدّراهم:جعلها ألفا فآلفت هي،و فلانا مكان كذا:جعله يألفه.

و الإيلاف في التّنزيل:العهد و شبه الإجازة بالخفارة.

و أوّل من أخذها هاشم من ملك الشّام.و تأويله:أنّهم كانوا سكّان الحرم آمنين في امتيارهم و تنقّلاتهم شتاء و صيفا،و النّاس يتخطّفون من حولهم،فإذا عرض لهم عارض قالوا:نحن أهل حرم اللّه فلا يتعرّض لهم أحد،أو اللاّم للتّعجّب،أي اعجبوا لإيلاف قريش.و كان هاشم يؤلف إلى الشّام،و عبد شمس إلى الحبشة،و المطّلب إلى اليمن،و نوفل إلى فارس.و كان تجّار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار بحبال هذه الإخوة،فلا يتعرّض لهم.و كان كلّ أخ منهم أخذ حبلا من ملك ناحية سفره أمانا له.

و ألّف بينهما تأليفا:أوقع الألفة.و ألفا:خطّها.

و الألف:كمّله.

ص: 611

وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ: من سادة العرب،أمر النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم بتألّفهم و إعطائهم ليرغبوا من وراءهم في الإسلام،و هم:الأقرع بن حابس.[ثمّ ذكر أسماء إلى أن قال:]

و تألّف فلانا:داراه و قاربه و وصله حتّى يستميله إليه.و القوم اجتمعوا كائتلفوا.(3:122)

بصيرة في الألف:هي كلمة على وزن«فعل»مشتقّة من الألفة،ضدّ الوحشة.و قد ألفه يألفه،-كعلمه يعلمه- إلفا بالكسر،و إلافا ككتاب.و هو إلف،جمعه:آلاف، و هى ألفة،جمعه:إلفات و أوالف.

و ألّف بينهما تأليفا:أوقع الألفة. وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ أحد و ثلاثون من سادات العرب،أمر النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم بتألّفهم و إعطائهم ليرغبوا من وراءهم في الإسلام.

و تألّف فلان فلانا،أي قاربه و وصله حتّى يستميله إليه.و الإلف و الأليف بمعنى.

و في الحديث:«المؤمن ألوف مألوف».

و فيه:«للمنافقين علامات يعرفون بها:لا يشهدون المساجد إلاّ هجرا،و لا يأتون الصّلاة إلاّ دبرا،متكبّرين متجبّرين،لا يألفون و لا يؤلفون،جيفة باللّيل بطّال بالنّهار».

و في الصّحيحين:«الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف،و ما تناكر منها اختلف».

و يقال:النّفس عزوف ألوف.

و اشتقّت الألف من الألفة،لأنّها أصل الحروف.

و جملة الكلمات و اللّغات متألّفة منها.

و في الخبر:«لمّا خلق اللّه القلم أمره بالسّجود فسجد على اللّوح،فظهرت من سجدته نقطة،فصارت النّقطة همزة،فنظرت إلى نفسها فتصاغرت و تحاقرت،فلمّا رأى اللّه عزّ و جلّ تواضعها مدّها و طوّلها،و صيّرها مستويا مقدّما على الحروف،و جعلها مفتتح اسمه«اللّه» و بها انتظمت جميع اللّغات،ثمّ جعل القلم يجري و ينطق بحرف حرف إلى تمام تسعة و عشرين،فتألّفت منها الكلمات إلى يوم القيامة.

و الألف:من العدد سمّي به لكون الأعداد فيه مؤتلفة، فإنّ الأعداد أربعة:آحاد و عشرات و مئات و ألوف،فإذا بلغت الألف فقد ائتلفت،و ما بعده يكون مكرّرا.(بصائر ذوي التّمييز 2:4)

الطّريحيّ: و الألف من الأعداد معروف،و جمعه في القليل على آلاف،و في الكثير ألوف،و بهما ورد الكتاب العزيز.

و التّأليف:المداراة و الاستئناس.

و ألّف بين الشّيئين:جمع.و منه قوله: وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ الأنفال:63.

و الألفة:اسم من الائتلاف،و هو الالتئام و الاجتماع.

و اسم الفاعل مثل عالم.

و آلفت الموضع إيلافا من باب أكرمت،و آلفته أؤالفه مؤالفة و إلافا،من باب قاتل.

و المألف:الموضع الّذي يألفه الإنسان.

الإيلاف:العهد،و الزّمام.كان هاشم بن عبد مناف أخذه من الملوك لقريش.و منه:«و ما العلم و العمل إلاّ إلفان مؤتلفان»هو من قولهم:ألفته إلفا،من باب علم:

أنست به و أحببته،و الاسم:الألفة،بالضّمّ.

ص: 612

و الائتلاف:نقيض الاختلاف.و في الحديث:«المؤمن مألوف و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف».

«و الألف»حرف من حروف المعجم،و لها مواضع:

تكون للضّمير نحو آمَنّا بِرَبِّنا طه:73،و تكون مبدلة من الواو نحو(باب)،و من الياء نحو(يا اسفى)أصله:

أسفي،و من الهمزة نحو(امن)،و من النّون الخفيفة نحو (لنسفعا)،و من التّنوين في الوقف نحو«يا زيدا»،و زائدة نحو«ضاربة ضرابا»،و تكون للتّأنيث نحو«حبلى»، و للجمع نحو«قوم غرقى»،و للتّثنية،و تكون للوصل في رءوس الآي في الوقف نحو فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ الأحزاب:67،و تكون للنّداء (1)نحو«وا زيداه»،و تكون للوصل في الخطّ دون اللّفظ كقوله: فَاضْرِبْ بِهِ ص:

44،و تكون للإلحاق في الخطّ دون اللّفظ كقوله: كَفَرُوا وَ صَدُّوا النّساء:167.

قال الخليل: زيدت في الخطّ فرقا بين«واو»الإضمار و الأصليّة نحو«لو».

و قيل:للفرق بين المضمر المتّصل و المنفصل نحو (صدّوكم)(و صدّوا)و قيل:للفرق بين هذه الواو و واو العطف.كذا في«شمس العلوم».

و في حديث الأئمّة:«و ما عسيتم تروون من فضلنا إلاّ ألفا غير مقطوعة»قال بعض الشّارحين:قوله:«إلاّ ألفا غير مقطوعة»احترازا عن الهمزة و كناية عن الوحدة.قال:و يمكن أن يكون إشارة إلى«ألف منقوشة» ليس قبلها صفر أو غيره.و محصّله:لم ترووا من فضلنا سوى القليل المتناهي في القلّة.(5:26)

البروسويّ: يقال:ألفت الشّيء بالقصر،و آلفته بالمدّ،بمعنى لزمته و دمت عليه و ما تركته؛فيكون كلّ من «الألف و الإيلاف»لازما.

و يقال أيضا:آلفته غيري بالمدّ،أي ألزمته إيّاه و جعلته يألفه،فيكون متعدّيا.

الإيلاف:إعطاء الألف و أخذه.و ضدّ الإيلاف و الإيناس هو الإيحاش.(10:519)

الآلوسيّ: الإيلاف:على ما قال الخفاجيّ مصدر ألفت الشّيء و آلفته،من الإلف.(30:238)

الزّبيديّ: جمع ألف:آلف،كفلس و أفلس.[ثمّ استشهد بشعر]

و أوالف الحمام:دواجنها الّتي تألف البيوت.

و آلف الرّجل مؤالفة:تجر.

و ألف القوم إلى كذا و تألّفوا:استجاروا.

و الأليف كأمير لغة في الألف:أحد حروف الهجاء، و هو من المؤلّفين بالفتح،أي أصحاب الألوف،صارت إبله ألفا.

و هذا ألفيّ،منسوب إلى الألف من العدد،و برق الإلف بالكسر:متتابع اللّمعان.(6:45)

عزّة دروزة: الإيلاف:بمعنى التّهيّؤ و الاتّجاه،أو الألفة و الاعتياد.(1:263)

المراغيّ: تقول:ألفت الشّيء إلفا و إلافا و آلفته إيلافا،إذا لزمته و عكفت عليه مع الأنس به و عدم النّفور منه.(30:245)

مجمع اللّغة: ألّف بين قلوبهم:جمعهم على المحبّة.

ألّفت الأشياء و ألّفت بينها:جمعت بعضها إلى بعض.ة.

ص: 613


1- كذا،و الصّحيح:للاستغاثة.

ألفت الشّيء-كفهم-آلفه إلفا:أنست به و أحببته.

و آلفني إيّاه غيري يؤلفني إيلافا:جعلني أحبّه و آنس به.

«إيلاف»و لم يجئ من هذا إلاّ المصدر.

الألف:عشر مئات،و جمعه:آلاف و ألوف.(1:45)

محمّد إسماعيل إبراهيم: ألف إلفا و آلف إيلافا.

و الاسم الألفة:جمع و وفق على المحبّة،و ألفت الشّيء:

لزمته و أنست به و عكفت عليه.

و الألف:عشر مئات،و جمعها:آلاف.(1:41)

المصطفويّ: إنّ الأصل الواحد في هذه المادّة هو الائتلاف،أي الاجتماع ملتئما.و لعلّ باعتبار هذا المفهوم أطلقت كلمة«الألف»على العدد المعيّن الجامع بين العشرات و المئات،أي فوقها.[إلى أن قال:]و قد سبق في كلمة«أذن»أنّ النّظر في باب«الإفعال»إلى نسبة الفعل إلى الفاعل أوّلا،ثمّ إلى المفعول،بخلاف صيغة التّفعيل فإنّ النّسبة فيها أوّلا إلى المفعول،فالنّظر في«الإيلاف» إلى إيجاد الألفة و إظهاره،و في«التّأليف»إلى تحقيق الائتلاف و وقوعه بينهم في الخارج،و بعبارة وضحى:أنّ النّظر في«الإفعال»إلى جهة الصّدور،و في«التّفعيل»إلى الوقوع.(1:94)

النّصوص التّفسيريّة

إيلاف

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ. قريش:1،2

ابن عبّاس: نعمتي على قريش.

مثله مجاهد.(الطّبريّ 30:307)

إلفهم:لزومهم.(الطّبريّ 30:307)

نهاهم عن الرّحلة و أمرهم أن يعبدوا ربّ هذا البيت و كفاهم المؤنة،و كانت رحلتهم في الشّتاء و الصّيف،فلم يكن لهم راحة في شتاء و لا صيف،فأطعمهم بعد ذلك من جوع و آمنهم من خوف،و ألفوا الرّحلة،فكانوا إذا شاءوا ارتحلوا،و إذا شاءوا أقاموا.فكان ذلك من نعمة اللّه عليهم.(الطّبريّ 30:307)

أمروا أن يألفوا عبادة ربّ هذا البيت كإلفهم رحلة الشّتاء و الصّيف.(الطّبريّ 30:308)

مجاهد: إيلافهم ذلك،فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء و لا صيف.(الطّبريّ 30:306)

عكرمة: كانت قريش قد ألفوا بصرى و اليمن، يختلفون إلى هذه في الشّتاء و إلى هذه في الصّيف.

و الشّتاء.(الطّبريّ 30:307)

الضّحّاك: كانوا ألفوا الارتحال في القيظ و الشّتاء.

(الطّبريّ 30:307)

الإمام الباقر عليه السّلام: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ و(لايلاف)سورة واحدة.(العروسيّ 5:675)

قتادة: عادة قريش عادتهم رحلة الشّتاء و الصّيف.

(الطّبريّ 30:307)

كان أهل مكّة تجّارا يتعاورون ذلك شتاء و صيفا آمنين في العرب،و كانت العرب يغير بعضها على بعض لا يقدرون على ذلك و لا يستطيعونه من الخوف،حتّى أن كان الرّجل منهم ليصاب في حيّ من أحياء العرب و إذا قيل:حرميّ،خلّي عنه و عن ماله،تعظيما لذلك فيما أعطاهم اللّه من الأمن.(الطّبريّ 30:308)

ص: 614

نحوه الأزهريّ.(الهرويّ 1:68)

ابن زيد: هذا[ما فعل بأصحاب الفيل]لإيلاف قريش صنعت هذا بهم لألفة قريش،لئلاّ أفرّق ألفتهم و جماعتهم،إنّما جاء صاحب الفيل ليستبيد حريمهم فصنع اللّه ذلك.(الطّبريّ 30:306)

الكسائيّ: هي لام التّعجّب،يقول:اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشّتاء و الصّيف و تركهم عبادة ربّ هذا البيت،ثمّ أمرهم بعبادته.

مثله:الأخفش.(الميبديّ 10:625)

الفرّاء: يقول القائل:كيف ابتدئ الكلام بلام خافضة ليس بعدها شيء يرتفع بها؟

فالقول في ذلك على وجهين:

قال بعضهم: كانت موصلة ب أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ، و ذلك أنّه ذكّر أهل مكّة عظيم النّعمة عليهم فيما صنع بالحبشة،ثمّ قال: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ أيضا،كأنّه قال:ذلك إلى نعمته عليهم في رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ، فتقول:نعمة إلى نعمة و نعمة لنعمة سواء في المعنى.

و يقال:إنّه تبارك و تعالى عجّب نبيّه صلى اللّه عليه و سلم فقال:

اعجب يا محمّد لنعم اللّه تبارك و تعالى على قريش في إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ ثمّ قال:فلا يتشاغلن بذلك عن اتّباعك و عن الإيمان باللّه فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ قريش:3.

«و الإيلاف»قرأ عاصم و الأعمش بالياء بعد الهمزة،و قرأه بعض أهل المدينة(الافهم)مقصورة في الحرفين جميعا،و قرأ بعض القرّاء:(الفهم).و كلّ صواب.

و لم يختلفوا في نصب«الرّحلة»بإيقاع«الإيلاف»عليها، و لو خفضها خافض بجعل الرّحلة هي الإيلاف،كقولك:

العجب لرحلتهم شتاء و صيفا.و لو نصب(ايلافهم)أو (الفهم)على أن تجعله مصدرا،و لا تكرّه على أوّل الكلام، كان صوابا.كأنّك قلت:العجب لدخولك دخولا دارنا، يكون«الإيلاف»و هو مضاف،مثل هذا المعنى،كما قال:

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها الزّلزال:1.

و من قرأ(الفهم)فقد يكون من:يؤلفون،و أجود من ذلك أن يكون من:يألفون رحلة الشّتاء و رحلة الصّيف،و«الإيلاف»من:يؤلفون،أي:أنّهم يهيّئون و يجهّزون.(3:293)

أبو عبيدة: العرب تقول:آلفت و ألفت ذاك لغتان، فمجاز هذا من«ألفت تؤلف»و مجاز لِإِيلافِ قُرَيْشٍ على أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ لإيلاف قريش.(2:312)

ابن هشام: (ايلاف قريش)إيلافهم:الخروج إلى الشّام في تجارتهم.و كانت لهم خرجتان:خرجة في الشّتاء،و خرجة في الصّيف.(1:57)

ابن الأعرابيّ: كان هاشم يؤلف إلى الشّأم،و عبد شمس إلى الحبشة،و المطّلب إلى اليمن،و نوفل إلى فارس.

و كان هؤلاء الإخوة يسمّون المجيرين،فكان تجّار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار بحبال هؤلاء الإخوة فلا يتعرّض لهم.(الهرويّ 1:69)

ابن قتيبة: يذهب بعض النّاس إلى أنّ هذه السّورة و سورة الفيل واحدة.

و بلغني عن ابن عيينة أنّه قال:كان لنا إمام بالكوفة يقرأ: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ

ص: 615

و لِإِيلافِ قُرَيْشٍ و لا يفرّق بينهما.

و توهّم القوم أنّهما سورة واحدة،لأنّهم رأوا قوله مردودا إلى كلام في سورة الفيل.و أكثر النّاس على أنّهما سورتان،على ما في مصحفنا و إن كانتا متّصلتي الألفاظ على مذهب العرب في التّضمين.

و المعنى أنّ قريشا كانت بالحرم آمنة من الأعداء أن تهجم عليها فيه و أن يعرض لها أحد بسوء إذا خرجت منه لتجارتها،و كانوا يقولون:قريش سكّان حرم اللّه و أهل اللّه و ولاة بيته،و الحرم واحد جديب لا زرع فيه و لا ضرع و لا شجر و لا مرعى.و إنّما كانت تعيش قريش فيه بالتّجارة،و كانت لهم رحلتان في كلّ سنة:رحلة إلى اليمن في الشّتاء،و رحلة في الصّيف إلى الشّام.

و لو لا هاتان الرّحلتان لم يمكن به مقام،و لو لا الأمن بجوارهم البيت،لم يقدروا على التّصرّف.

فلمّا قصد أصحاب الفيل إلى مكّة ليهدموا الكعبة و ينقلوا أحجارها إلى اليمن،فيبنوا به هناك بيتا ينتقل به الأمن إليهم،و يصير العزّ لهم،أهلكهم اللّه سبحانه لتقيم قريش بالحرم و يجاوروا البيت،فقال يذكّر نعمته: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ إلى آخر السّورة، لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، أي فعل ذلك ليؤلّف قريشا هاتين الرّحلتين اللّتين بهما تعيّشهم و مقامهم بمكّة.

تقول:ألفت موضع كذا،إذا لزمته،و آلفنيه اللّه.كما تقول:

لزمت موضع كذا،و ألزمنيه اللّه.

و كرّر(لايلاف)كما تقول في الكلام:أعطيتك المال لصيانة وجهك صيانة عن كلّ النّاس،فتكرّر الكلام للتّوكيد على ما بيّنّا في«باب التّكرار».(413)

الطّبريّ: اختلفت القرّاء في قراءة لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ، فقرأ ذلك عامّة قرّاء الأمصار بياء بعد همز(لايلاف)و(ايلافهم)سوى أبي جعفر فإنّه وافق غيره في قوله:(لايلاف)،فقرأه بياء بعد همزة.و اختلف عنه في قوله:(ايلافهم)،فروي عنه أنّه كان يقرؤه (الفهم)على أنّه مصدر من:ألف يألف إلفا بغير ياء، و حكى بعضهم عنه أنّه كان يقرؤه(الافهم)بغير ياء مقصورة الألف.

و الصّواب من القراءة في ذلك عندي من قرأه لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة،من:آلفت الشّيء أولفه إيلافا؛لإجماع الحجّة من القرّاء عليه.

و للعرب في ذلك لغتان:آلفت،و ألفت.فمن قال:

آلفت بمدّ الألف،قال:فأنا أؤالف إيلافا،و من قال:

ألفت بقصر الألف،قال:فأنا آلف إلفا،و هو رجل آلف إلفا.

و قد روي عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يقرأ(الفهم).

و اختلف أهل العربيّة في المعنى الجالب لهذه اللاّم في قوله: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، فكان بعض نحويّيّ البصرة يقول:الجالب لها قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ الفيل:5،فهي في قول هذا القائل:صلة لقوله:(جعلهم).

فالواجب على هذا القول أن يكون معنى الكلام:ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل نعمة منّا على أهل هذا البيت و إحسانا منّا إليهم إلى نعمتنا عليهم،في رحلة الشّتاء و الصّيف؛فتكون اللاّم في قوله:(لايلاف)بمعنى«إلى»، كأنّه قيل:نعمة لنعمة و إلى نعمة،لأنّ«إلى»موضع

ص: 616

«اللاّم».و«اللاّم»موضع«إلى».

و قد قال معنى هذا القول بعض أهل التّأويل،و كان بعض أهل التّأويل يوجّه تأويل قوله: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إلى ألفة بعضهم بعضا.[و بعد نقل قول ابن زيد قال:]

و الصّواب من القول في ذلك عندنا أن يقال:إنّ هذه اللاّم بمعنى التّعجّب،و أنّ معنى الكلام:اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشّتاء و الصّيف،و تركهم عبادة ربّ هذا البيت،الّذي أطعمهم من جوع،و آمنهم من خوف.

فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* اَلَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ. قريش:3،4.

و العرب إذا جاءت بهذه«اللاّم»فأدخلوها في الكلام للتّعجّب،اكتفوا بها دليلا على التّعجّب من إظهار الفعل الّذي يجلبها.[ثمّ استشهد بشعر]

و أمّا القول الّذي قاله من حكينا قوله:أنّه من صلة قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ، فإنّ ذلك لو كان كذلك لوجب أن يكون لإيلاف بعض(أ لم تر)،و أن لا تكون سورة منفصلة من(أ لم تر).و في إجماع جميع المسلمين على أنّهما سورتان تامّتان كلّ واحدة منهما منفصلة عن الأخرى،ما يبيّن عن فساد القول الّذي قاله من قال ذلك،و لو كان قوله: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ من صلة قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ، لم تكن(أ لم تر) تامّة حتّى توصل بقوله: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، لأنّ الكلام لا يتمّ إلاّ بانقضاء الخبر الّذي ذكر.(3:305)

ابن خالويه: قوله تعالى:(لايلاف)جرّ باللاّم الزّائدة،علامة جرّه كسرة الفاء،و(قريش)جرّ بالإضافة.و هو مصدر:آلف يؤلف إيلافا فهو مؤلف، مثل:آمن يؤمن إيمانا فهو مؤمن.

و من قرأ:(الفهم)جعله مصدرا لألف يألف إلفا فهو آلف،مثل علم يعلم علما فهو عالم.و الأمر من الممدود:آلف يا زيد،و من المقصور:ايلف يا زيد.

و اختلف العلماء في(لايلاف)،فقال قوم:هي و(أ لم تر)سورة واحدة،منهم الفرّاء و سفيان بن عيينة،قالا:

و التّقدير:(فجعلهم كعصف مأكول لايلاف قريش)؛ فعلى هذا تكون«اللاّم»لام الخفض متّصلة ب(أ لم تر).

و قال الخليل و البصريّون:«اللاّم»لام الإضافة متّصلة ب(فليعبدوا)،و التّقدير:(فليعبدوا ربّ هذا البيت)قريش:3،لأنّ اللّه منّ عليهم بإيلاف قريش و صرف عنهم شرّ أصحاب الفيل.

(ايلافهم)بدل من الأوّل.و الهاء و الميم جرّ بالإضافة.(رحلة)مفعول بها،أي ألفوا رحلة الشّتاء.

(195)

نفطويه: [ذكر القول باتّصال سورة«إيلاف»بما قبلها ثمّ قال:]

هذا قول لا أحبّه من وجهين:أحدهما:أنّ بين السّورتين: «بسم الله الرحمن الرحيم» و ذلك دليل على انقضاء السّورة و افتتاح الأخرى.و الآخر:أنّ الإيلاف إنّما هي العهود الّتي كانوا يأخذونها إذا خرجوا في التّجارات،فيأمنون بها،و قوله: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الّذي دفع عنهم العدوّ.(الهرويّ 1:68)

السّجستانيّ: و قيل:هذه«اللاّم»موصولة بما قبلها،المعنى فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، أي أهلك اللّه أصحاب الفيل لتألف قريش

ص: 617

رحلة الشّتاء و الصّيف.و كانت لهم في كلّ سنة رحلتان:

رحلة إلى الشّام في الشّتاء،و رحلة في الصّيف إلى اليمن.[و قد سبق عن ابن قتيبة رحلة إلى الشّام في الصّيف و رحلة إلى اليمن في الشّتاء،و هو الصّحيح،كما سيأتي عن الطّبرسيّ](226)

أبو زرعة: روى يحيى عن أبي بكر(لايلاف قريش ائلافهم)بهمزتين،الهمزة الثّانية ساكنة،قيل:ثمّ رجع عنه.و روي عن الأعشى:(اايلافهم)بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء.

قال النّحويّون: تحقيق الهمزتين في(ائلافهم)لا وجه له.أ لا ترى أنّا لم نعلم أحدا حقّق الهمزتين في نحو هذا، و لو جاز هذا لجاز في«إيمان»إئمان،إذا أردت مصدر:آمن يؤمن إيمانا.فلمّا لم يجز في«إيمان»إئمان،كذلك لم يجز في مصدر:آلف يؤلف إيلافا:«إئلاف»،بهمزتين.

و مثل ذلك في البعد ما روي عن الأعشى،فإنّ ذلك أبعد من الأوّل،لأنّه حقّق الهمزتين و ألحق«ياء»،لا مذهب لها و لا وجه في قوله:(اايلافهم).أ لا ترى أنّ الهمزة الأولى هي همزة الإفعال الزّائدة،و الثّانية الّتي هي فاء الفعل من«ألف»،و الياء لا وجه له،لأنّ بعد الهمزة الّتي هي«الفاء»ينبغي أن تكون«اللاّم»الّتي هي العين من«آلف»،فالياء لا مذهب لها إلاّ على وجه،و هو أن تشبع الكسرة فتزيد ياء.

فإن قيل:ما وجه تحقيق الهمزتين في(ائلافهم)؟

قلت:وجه تحقيقها أنّه شبّهها بالهمزتين في«أ أنت»، في أنّ الثّانية منهما أصيلة،و الأولى عليها داخلة ليست في الأصل،إلاّ أنّهما تخالفان«أ أنت»،من جهة أنّ الهمزة الأولى لم تدخل في بنية الكلمة،و هي في(ائلافهم)داخلة في البنية؛و لأجل ذلك ألزم النّحويّون الهمزة الثّانية التّخفيف،لاجتماع همزتين في بنية واحدة،و لا اعتبار بكون الأولى زائدة،كما لم يكن بها اعتبار في«آدم».و لا يجوّز أحد همز الألف من آدم،فيقول:«أأدم»،مع أنّ السّاكنة أخفّ من المتحرّكة،فلذلك بعد تحقيق الهمزتين.

و روى الأعشى أيضا عن أبي بكر: (ائلافهم) بهمزتين مكسورتين ليس بعدهما ياء.

و قرأ ابن فليح عن ابن كثير: (لايلاف قريش الفهم) ساكنة اللاّم و ليس قبلها ياء،جعله مصدر:ألف يألف إلفا،المعنى أنّ اللّه آلفهم فألفوا.

قال محمّد بن يزيد المبرّد: كأنّه لمّا قال:(الفهم)جاء بالثّاني على«ألفوا إلفا و إلافا»،كما قال جلّ و عزّ: وَ اللّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً نوح:17،أي:أنبتكم فنبتّم نباتا.[ثمّ استشهد بشعر]

و المعنى فيهما واحد:«الفهم و الافهم»إنّما هو مصدر على وزن«فعل و فعال»و هما مصدران.

فأمّا ما جاء من المصادر على«فعال»فنحو:لقيته لقاء و كتبته كتابا.

و أمّا ما كان على«فعل»فنحو:علمته علما.يجعل بعد...الأوّل مصدر ألف (1)...إيلافا،فإذا عدّيته إلى مفعولين قلت...و كذا مصدره«إفعال»لا غير مثل...

و قرأ الباقون: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ، من:يؤلف إيلافا،و أصل السّاكنة...«ياء»لانكسار ما قبلها.

فإن قيل:لم ردّ الألف....رحلة الشّتاء و الصّيف؟ر.

ص: 618


1- هكذا بياض في جميع الموارد في المصدر.

الجواب:إنّما ردّ لأنّ الأوّل كان غير متعدّ،فأتى بالثّاني معدّى....إحسانك إحسانك إلى عمرو أشكرك....الإحسان الأوّل.

فأمّا اللاّم في قوله:(لايلاف)....ذكر النّحويّون منها ثلاثة أوجه:....(فجعلهم كعصف ماكول لإلف قريش) أي....الفيل،لتبقى قريش و ما ألفوا من رحلة الشّتاء و الصّيف....هذا....لام الإضافة.

و قال آخرون:هذا...كان المعنى:اعجبوا لإيلاف قريش.

و قال....معناه متّصل به ما بعده،(فليعبدوا)،أي...

(773)

الطّوسيّ: (أ لم تر كيف)و(لايلاف)سورة واحدة، مثل«الضّحى،و أ لم نشرح»،فعلى هذا العامل في (لايلاف)قوله:(فجعلهم كعصف ماكول لايلاف قريش)و هو قول الحسن.

و من قال:هما سورتان لم يجز ذلك،فقال:العامل فيها قوله:(فليعبدوا)،فكأنّه قال لذلك الإنعام:

(فليعبدوا)،و مثله في تقديم القول فيه قوله: أَ فَغَيْرَ اللّهِ تَأْمُرُونِّي الزّمر:64،لأنّ تأمرونّي اعتراض،على هذا التّفسير،و إنّما جاز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبله،لأنّها زائدة غير عاطفة،كقولك:زيدا فاضرب،و تريد:

فاضربه،فهي على شبه الجواب الّذي يجوز فيه تقديم المعمول،كقولك زيدا:إن يأتني زيدا أكرمه،و لو كانت عطفا لم يجز التّقديم،كما لا يجوز في«الواو»و لا«ثمّ».

و قيل:العامل فيه«اعجبوا»لإيلاف قريش،إلاّ أنّه حذف لدلالة الكلام.

و قيل:هو على(أ لم تر كيف فعل ربّك....لايلاف قريش)،أي فعل ذلك لإيلافهم-و الإيلاف:أصحاب الإلف-بحسن التّدبير و التّلطّف.(10:412)

الكرمانيّ: كرّر لأنّ الثّاني بدل من الأوّل،أفاد بيان المفعول،و هو: رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ

و روي عن الكسائيّ و غيره:ترك التّسمية بين السّورتين،على أنّ اللاّم في(لايلاف)متّصل بالسّورة الأولى.(أسرار التّكرار:212)

الميبديّ: قرأ ابن عامر(لآلاف)بهمزة مختلسة من غير ياء بعدها.و قرأ أبو جعفر (ليلاف قريش) بغير همز، و أنّهما ذهبا إلى طلب الخفّة.و قرأ الآخرون بهمزة مشبعة و ياء بعدها،و اتّفقوا في(ايلافهم)أنّها ياء بعد الهمزة إلاّ ابن كثير،فإنّه قرأ(الفهم)ساكنة اللاّم بغير ياء.[إلى أن قال:]

و قيل:أصحاب«الإيلاف»،أربعة:هاشم،و عبد شمس،و مطّلب،و نوفل«بنو عبد مناف»و كان هاشم و عبد شمس توأما.كانوا أخذوا من ملوك العجم و العرب حبالا-و الحبال كتب العهد-يمتارون بها من الآفاق ليعيش أهل مكّة و يسير ميرهم آمنين.أخذ هاشم من قيصر حبلا،ثمّ هو مات ب«غزّة»في طريق الشّام،و أخذ عبد شمس حبلا من النّجاشيّ ثمّ هو مات ب«أجياد»مكّة في الطّريق،و أخذ المطّلب حبلا من أقيال (1)اليمن ثمّ هو مات ب«ردمان»في طريق اليمن،و أخذ نوفل حبلا من كسرى ثمّ هو مات ب«سلمان»فى طريق العراق.

(10:625)0)

ص: 619


1- لقب ملوك حمير.(لسان العرب 11:580)

الطّبرسيّ: قيل:معناه فعلنا ذلك لتألف قريش بمكّة و يمكنهم المقام بها،أو لتؤلف قريشا فإنّهم هابوا من أبرهة لمّا قصدها و هربوا منه فأهلكناهم،لترجع قريش إلى مكّة و يألفوا بها و يولد محمّد صلى اللّه عليه و سلم،فيبعث إلى النّاس بشيرا و نذيرا.و قوله:(ايلافهم)ترجمة عن الأوّل،و بدل منهم:

رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ منصوبة بوقوع إيلافهم عليها.

و تحقيقه أنّ قريشا كانت بالحرم آمنة من الأعداء أن تهجم عليهم فيه،و أن يعرض لهم أحد بالسّوء إذا خرجت منها لتجارتها،و الحرم واد جديب إنّما كانت تعيش قريش فيه بالتّجارة،و كانت لهم رحلتان في كلّ سنة:رحلة في الشّتاء إلى اليمن لأنّها بلاد حامية،و رحلة في الصّيف إلى الشّام،لأنّها بلاد باردة.و لو لا هاتان الرّحلتان لم يمكنهم به مقام،و لو لا الأمن لم يقدروا على التّصرّف.فلمّا قصد أصحاب الفيل مكّة أهلكهم اللّه؛ لتألف قريش هاتين الرّحلتين اللّتين بهما معيشتهم و مقامهم بمكّة.

و قيل:إنّ كلتا الرّحلتين كانت إلى الشّام و لكن رحلة الشّتاء في البحر و أيلة طلبا للدّفء و رحلة الصّيف إلى البصرى و أذرعات طلبا للهواء.(5:545)

الفخر الرّازيّ: [له بحث مستوفى لخّصه النّيسابوريّ (30:185)فراجع.](31:103)

الرّازيّ:فإن قيل:بأيّ شيء تتعلّق«اللاّم»في قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ؟

قلنا:قيل:إنّها متعلّقة بآخر السّورة الّتي قبلها،أي فجعلهم كعصف ماكول لايلاف قريش،و يؤيّد هذا أنّهما في مصحف أبيّ سورة واحدة بلا فصل.و المعنى أنّه أهلك أصحاب الفيل الّذين قصدوهم ليتسامع النّاس بذلك فيها بوهم و يحترموهم،فينتظم لهم الأمر في رحلتهم و لا يجترئ أحد عليهم.

و قيل:معناه أهلكهم ليألف قريش رحلة الشّتاء و الصّيف،بهلاك من كان يخيفهم و يمنعهم.

و قيل:إنّها متعلّقة بما بعدها،و هو قوله تعالى:

فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ قريش:3،لإيلافهم رحلة الشّتاء و الصّيف.معناه أنّ نعم اللّه تعالى لا تحصى فإن لم يعبدوه لسائر نعمه،فليعبدوه لهذه النّعمة الظّاهرة.

و قيل:هي لام التّعجّب،معناه اعجبوا:لإيلاف قريش.و كانت لقريش في كلّ سنة رحلتان للتّجارة الّتي بها معاشهم:رحلة في الشّتاء إلى اليمن،و رحلة في الصّيف إلى الشّام.

ثمّ قيل:«الإيلاف»هنا مصدر،بمعنى الإلف،تقول:

آلفته إيلافا بالمدّ،كما تقول:ألفته إلفا بالقصر،كلاهما متعدّ إلى مفعول واحد؛فيكون(لإيلاف قريش)لإلف قريش،أي لحبّهم الرّحلتين.

و قيل:آلف بالمدّ،متعدّ إلى مفعولين،يقال:ألف زيد المكان،و آلف زيد عمرا المكان،فيكون معنى الآية:

لإيلاف اللّه تعالى قريشا الرّحلتين،فعلى هذا الوجه يكون المصدر مضافا إلى المفعول،و على الوجه الأوّل يكون مضافا إلى الفاعل.

و أمّا تكرار إضافة المصدر في قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ، فقيل:إنّ الثّاني بدل من الأوّل.

و قيل:إنّه للتّأكيد،كما تقول:أعطيتك المال لصيانة وجهك صيانة عن ذلّ السّؤال.(383)

ص: 620

نحوه البروسويّ.(10:519)

القرطبيّ: [نقل الأقوال الثّلاثة في اتّصال السّورة بما قبلها ثمّ قال:]

قرأ أبو جعفر و الأعرج(ليلاف)بلا همز طلبا للخفّة، الباقون(لايلاف)بالياء مهموزا مشبعا،من:آلفت أولف إيلافا.[ثمّ استشهد بشعر،إلى أن قال:]

و قرأ عكرمة(ليألف)بفتح اللاّم على الأمر،و كذلك هو في مصحف ابن مسعود.و فتح«لام الأمر»لغة حكاها ابن مجاهد و غيره.و كان عكرمة يعيب على من يقرأ (لايلاف).

و قرأ بعض أهل مكّة(الاف قريش).[ثمّ استشهد بشعر](20:201)

النّيسابوريّ: في هذه«اللاّم»ثلاثة أقوال:

الأوّل:أنّها لا تتعلّق بظاهر و إنّما هي«لام»العجب، يقولون:لزيد و ما صنعنا به،أي اعجبوا له.عجب اللّه تعالى من عظيم حلمه و كرمه بهم،فإنّهم كلّ يوم يزدادون جهلا و انغماسا في عبادة الأوثان،و اللّه تعالى يؤلّف شملهم،و يدفع الآفات عنهم،و ينظّم أسباب معاشهم.و هذا القول اختيار الكسائيّ،و الأخفش، و الفرّاء.

الثّاني:أنّها متعلّقة بما بعدها،و هو قول الخليل و سيبويه.و التّقدير:فليعبدوا ربّ هذا البيت(لايلاف قريش)،أي ليجعلوا عبادتهم شكرا لهذه النّعمة و اعترافا بها.و في الكلام معنى الشّرط،و فائدة الفاء و تقديم الجارّ أنّ نعم اللّه تعالى لا تحصى،فكأنّه قيل:إن لم يعبدوا لسائر نعمه فليعبدوا لهذه الواحدة الّتي هي نعمة ظاهرة.

و القول الثّالث:أنّها متعلّقة بالسّورة المتقدّمة،أي جعلهم كعصف مأكول لأجل إيلاف قريش،و هذا لا ينافي أن يكونوا قد أهلكوا لأجل كفرهم أيضا.

و يجوز أن يكون الإهلاك لأجل الإيلاف فقط، و يكون جزاء الكفر مؤخّرا إلى يوم القيامة.

و يجوز أن تكون هذه«اللاّم»لام العاقبة.

و يحتمل أن تتعلّق«اللاّم»بقوله:(فعل ربّك).كأنّه قال:كلّ ما فعلنا بهم من تضليل كيدهم و إرسال الطّير عليهم حتّى تلاشوا إنّما كان لأجل إيلاف قريش.

و لا يبعد أن تكون«اللاّم»بمعنى«إلى»،أي فعلنا كلّ ما فعلنا مضمومة إلى نعمة أخرى،و هي إيلافهم الرّحلتين،تقول:نعمة إلى نعمة و نعمة لنعمة.

قال الفرّاء:و ممّا يؤيّد هذا القول الثّالث ما روي أنّ أبيّ بن كعب جعلهما في مصحفه سورة واحدة بلا فصل.

و المشهور المستفيض هو الفصل بينهما بالبسملة، فإن لم تكن«اللاّم»متعلّقة بما قبلها،فلا إشكال و إن تعلّقت بما قبلها من السّورة.

فالوجه فيه أنّ القرآن كلّه بمنزلة كلام واحد، و الفصل بين طائفة و طائفة منه لا يوجب انقطاع إحدى الطّائفتين عن الأخرى بالكلّيّة.

ثمّ إنّ هؤلاء قالوا:لا شكّ أنّ مكّة كانت خالية عن الزّرع و الضّرع،و كان أشراف مكّة يرتحلون للتّجارة -هاتين الرّحلتين-و يأتون لأنفسهم و لأهل بلدهم بما يحتاجون إليه من الأطعمة و الثّياب،و أنّ ملوك النّواحي كانوا يعظّمونهم،و يقولون:هؤلاء جيران بيت اللّه و قطّان حرمه فلا يجترئ أحد عليهم،فلو تمّ لأهل الحبشة ما

ص: 621

عزموا عليهم من هدم الكعبة لزال منهم هذا العزّ،فصار سكّان مكّة كسكّان سائر النّواحي يتخطّفون و يغار عليهم و لا يتيسّر لهم تجارة و لا ربح،فلمّا أهلك اللّه أصحاب الفيل و ردّ كيدهم في نحورهم ازداد وقع أهل مكّة في القلوب،و احترمهم الملوك أفضل احترام، و ازدادت تلك المنافع و المتاجر.

قال علماء اللّغة:ألفت الشّيء و آلفته إلفا و إيلافا بمعنى،أي لزمته.و على هذا يكون قوله: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، من إضافة المصدر إلى الفاعل،و ترك مفعوله الأوّل،ثمّ جعل مقيّدا ثانيا في قوله: إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ إمّا لأنّ المقيّد بدل من ذلك المطلق،تفخيما لأمر الإيلاف و تذكيرا لعظيم المنّة فيه،و إمّا لأنّ الأوّل عامّ في كلّ مؤانسة و موافقة كانت بينهم،فيدخل فيه مقامهم و سفرهم و سائر أحوالهم.

ثمّ خصّ إيلافهم الرّحلة بالذّكر،كما في قوله:

وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ البقرة:98،لأنّه قوام معاشهم.

و فائدة ترك واو العطف،التّنبيه على أنّه كلّ النّعمة.

و الإلزام ضربان:إلزام بالتّكليف و الأمر،و إلزام بالمودّة و المؤانسة،فإنّه إذا أحبّ المرء شيئا لزمه لقوّة الدّاعي إليه.و منه: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى الفتح:26، كما أنّ الالتجاء قد يكون لدفع الضّرر كالهرب من السّبع،و قد يكون لجلب النّفع العظيم،كمن وجد كنزا.

و لا مانع من أخذه لا عقلا و لا شرعا و لا حسّا،فإنّه يأخذه البتّة كالملجإ.

و قال الفرّاء و ابن الأعرابيّ:«الإيلاف»:التّجهيز و التّهيئة،و المعنى لتجهيز قريش رحلتيها حتّى تتّصلا و لا تنقطعا.و على هذا القول يكون المصدر مضافا إلى الفاعل أيضا.

و قيل:ألف كذا فلان:لزمه و آلفه غيره إيّاه، فيكون«الإيلاف»متعدّيا إلى اثنين،و الإضافة في (ايلافهم)إضافة المصدر إلى المفعول،و المعنى أنّ هذه الألفة إنّما حصلت في قريش بتدبير اللّه و لطفه،و ذلك بانهزام أصحاب الفيل.(30:185)

نحوه الخازن(7:462)،و ابن كثير(7:377).

أبو حيّان: قرأ الجمهور: (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) مصدر «آلف»رباعيّا.و ابن عامر(لالاف)على وزن«فعال» مصدر«ألف»ثلاثيّا؛يقال:ألف الرّجل الأمر ألفا و إلافا، و آلفه غيره إيّاه إيلافا.و قد يأتي«ألف»متعدّيا لواحد «كآلف».

و لم يختلف القرّاء السّبعة في قراءة(ايلافهم)مصدرا للرّباعيّ.

و روي عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ بهمزتين فيهما،الثّانية ساكنة،و هذا شاذّ و إن كان الأصل أبدلوا الهمزة الّتي هي فاء الكلمة لثقل اجتماع همزتين،و لم يبدلوا في نحو«يؤلف»على جهة اللّزوم،لزوال الاستثقال بحذف الهمزة فيه.و هذا المرويّ عن عاصم هو من طريق الشّمنيّ عن الأعشى عن أبي بكر.

و روى محمّد بن داود النّقّار،عن عاصم(اايلافهم) بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة،ناشئة عن حركة الهمزة الثّانية لما أشبع كسرتها،و الصّحيح رجوع عاصم عن الهمزة الثّانية.و أنّه قرأ كالجماعة.

و قرأ أبو جعفر فيما حكى الزّمخشريّ (لالف قريش) ،

ص: 622

و قرأ فيما حكى ابن عطيّة(الفهم).

و عن أبي جعفر،و ابن عامر(الافهم)على وزن «فعال»،و عن أبي جعفر،و ابن كثير(الفهم)على وزن «فعل»و بذلك قرأ عكرمة.

و عن أبي جعفر أيضا(ليلاف)بياء ساكنة بعد اللاّم، أتبع لما أبدل الثّانية ياء،حذف الأولى حذفا على غير قياس.

و عن عكرمة:(ليألف قريش)،و عنه أيضا:(لتألف قريش)على الأمر.و عنه و عن هلال بن فتيان،بفتح لام الأمر.[و استشهد بالشّعر مرّتين](8:514)

الفيروزآباديّ: و الإيلاف في سورة قريش:شبه الإجازة بالخفارة،و تأويله أنّهم كانوا سكّان الحرم، آمنين في امتيارهم شتاء وصيفا،و النّاس يتخطّفون من حولهم،فإذا عرض لهم عارض قالوا:نحن أهل حرم اللّه، فلا يتعرّض لهم.

و قيل:«اللاّم»لام التّعجّب،أي اعجبوا لإيلاف قريش.(بصائر ذوي التّمييز 2:4)

الشّربينيّ: [نقل الأقوال الثّلاثة في اتّصال السّورة بما قبلها و قراءة ابن عامر و القراءة المشهورة ثمّ قال:]

قال ابن عادل:و من غريب ما اتّفق في هذين الحرفين أنّ القرّاء اختلفوا في سقوط الياء و ثبوتها في الأوّل،مع اتّفاق المصاحف على إثباتها خطّا،و اتّفقوا على إثبات الياء في الثّاني مع اتّفاق المصاحف على سقوطها منها خطّا.و هذا أدلّ دليل على أنّ القرّاء متّبعون الأثر و الرّواية لا مجرّد الخطّ.(4:591)

مثله أبو السّعود.(5:286)

الطّباطبائيّ: تتضمّن السّورة امتنانا على قريش بإيلافهم الرّحلتين،و تعقّبه بدعوتهم إلى التّوحيد، و عبادة ربّ البيت،و السّورة مكّيّة.

و لمضمون السّورة نوع تعلّق بمضمون سورة الفيل؛ و لذا ذهب قوم من أهل السّنّة إلى كون«الفيل و لإيلاف» سورة واحدة،كما قيل بمثله في«الضّحى و أ لم نشرح»لما بينهما من الارتباط،كما نسب ذلك إلى المشهور بين الشّيعة.و الحقّ أنّ شيئا ممّا استندوا إليه لا يفيد ذلك.

أمّا القائلون بذلك من أهل السّنّة فإنّهم استندوا فيه إلى ما روي أنّ أبيّ بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة،و بما روي عن عمرو بن ميمون الأزديّ قال:

صلّيت المغرب خلف عمر بن الخطّاب،فقرأ في الرّكعة الأولى«و التّين»و في الثّانية«أ لم تر،و لإيلاف قريش» من غير أن يفصل بالبسملة.

و أجيب عن الرّواية الأولى بمعارضتها بما روي أنّه أثبت البسملة بينهما في مصحفه.

و عن الثّانية بأنّ من المحتمل على تقدير صحّتها أن يكون الرّاوي لم يسمع قراءتها،أو يكون قرأها سرّا على أنّها معارض بما روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:أنّ اللّه فضّل قريشا بسبع خصال،و فيها«و نزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم:لإيلاف قريش»الحديث على أنّ الفصل متواتر.

و أمّا القائلون بذلك من الشّيعة فاستندوا فيه إلى ما في«المجمع»عن أبي العبّاس،عن أحدهما عليهما السّلام قال: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ و لِإِيلافِ قُرَيْشٍ سورة واحدة،و ما في«التّهذيب»بإسناده عن العلاء عن

ص: 623

زيد الشّحّام قال: صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام الفجر فقرأ «الضّحى و أ لم نشرح»في ركعة.و ما في«المجمع»عن العيّاشيّ عن المفضّل بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سمعته يقول:«لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلاّ «الضّحى،و أ لم نشرح،و أ لم تر كيف،و لإيلاف قريش».

و رواه المحقّق«في المعتبر»نقلا من كتاب«الجامع» لأحمد بن محمّد بن أبي نصر،عن المفضّل مثله.

أمّا رواية أبي العبّاس فضعيف،لما فيها من الرّفع.

أمّا رواية الشّحّام فقد رويت عنه بطريقين آخرين:

أحدهما:ما في«التّهذيب»بإسناده عن ابن مسكان عن زيد الشّحّام قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام فقرأ بنا ب«الضّحى و أ لم نشرح»،و ثانيهما:عنه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زيد الشّحّام قال:صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام فقرأ في الأولى«الضّحى»و في الثّانية أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ.

و هذه-أعني صحيحة ابن أبي عمير-صريحة في قراءة السّورتين في ركعتين،و لا يبقى معها لرواية العلاء ظهور في الجمع بينهما.

و أمّا رواية ابن مسكان فلا ظهور لها في الجمع و لا صراحة.

و أمّا حمل[رواية]ابن أبي عمير على النّافلة فيدفعه قوله فيها:«صلّى بنا»فإنّه صريح في الجماعة،و لا جماعة في نفل.

أمّا رواية المفضّل فهي أدلّ على كونهما سورتين، منها على كونهما سورة واحدة؛حيث قيل:لا تجمع بين سورتين،ثمّ استثني من السّورتين«الضّحى و أ لم نشرح» و كذا«الفيل و لإيلاف».

فالحقّ أنّ الرّوايات إن دلّت فإنّما تدلّ على جواز القرآن بين سورتي«الضّحى و أ لم نشرح»و سورتي «الفيل و لإيلاف»في ركعة واحدة من الفرائض،و هو ممنوع في غيرها.و يؤيّده رواية الرّاونديّ في«الخرائج» عن داود الرّقّيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:فلمّا طلع الفجر قام فأذّن و أقام و أقامني عن يمينه،و قرأ في أوّل ركعة«الحمد و الضّحى»و في الثّانية«الحمد و قل هو اللّه أحد»ثمّ قنت،ثمّ سلّم،ثمّ جلس.(20:364)

حجازيّ: يقال:آلفت الشّيء إيلافا،و ألفته إلفا و إلافا،بمعنى لزمته و عكفت عليه.

و قيل:المراد بذلك المعاهدات التّجاريّة و المحالفات الّتي عقدوها مع غيرهم،و هذه المادّة تدلّ على اجتماع الشّمل مع الالتئام.(30:81)

فضل اللّه: لِإِيلافِ الإيلاف:إيجاب الإلف بحسن التّدبير و التّلطّف.يقال:الف يألف إلفا؛و آلفه يؤلفه إيلافا،إذا جعله يألف.فالإيلاف:نقيض الإيحاش، و نظيره الإيناس.

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ أي من أجل إيلاف اللّه قريشا، في ما يريد أن يمتنّ عليهم،و يجعل لهم ذلك إلفا يألفونه، في ما يعتادون عليه من أوضاع الاستقرار الاقتصاديّ و الأمنيّ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ، الّتي أكّدت لهم حياة الرّخاء و الرّفاهيّة بالرّغم من جفاف بلادهم و فقرها،فقد هيّأ اللّه لهم السّبيل إلى رحلة تجاريّة ضخمة إلى اليمن في الشّتاء،و إلى رحلة تجاريّة إلى الشّام في الصّيف،ممّا جعل لبلدهم الأهمّيّة الاقتصاديّة في المنطقة،

ص: 624

بالإضافة إلى الأهمّيّة الدّينيّة،فعاشوا في رخاء وسعة و هناء...(24:422)

الّف

1- وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ... آل عمران:103

ابن عبّاس: أراد ما كان بين الأوس و الخزرج من الحروب الّتي تطاولت مائة و عشرين سنة إلى أن ألّف اللّه بين قلوبهم بالإسلام؛فزالت تلك الأحقاد.

(الطّبرسيّ 1:482)

الحسن: هو ما كان بين مشركي العرب من الطّوائل.(الطّبرسيّ 1:483)

قتادة:كنتم تذابحون فيها،يأكل شديدكم ضعيفكم حتّى جاء اللّه بالإسلام،فآخى به بينكم و ألّف به بينكم، أما و اللّه الّذي لا إله إلاّ هو إنّ الألفة لرحمة،و إنّ الفرقة لعذاب.(الطّبريّ 4:33)

السّدّيّ: أمّا إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً ففي حرب، فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ: بالإسلام.(الطّبريّ 4:35)

ابن إسحاق: كانت الحرب بين الأوس و الخزرج عشرين و مائة سنة حتّى قام الإسلام و هم على ذلك، فكانت حربهم بينهم و هم أخوان لأب و أمّ،فلم يسمع بقوم كان بينهم من العداوة و الحرب ما كان بينهم،ثمّ إنّ اللّه عزّ و جلّ أطفأ ذلك بالإسلام و ألّف بينهم برسوله محمّد صلى اللّه عليه و سلم،فذكّرهم جلّ ثناؤه إذ وعظهم،عظيم ما كانوا فيه في جاهليّتهم من البلاء و الشّقاء،بمعاداة بعضهم بعضا و قتل بعضهم بعضا و خوف بعضهم من بعض،و ما صاروا إليه بالإسلام و اتّباع الرّسول صلى اللّه عليه و سلم،و الإيمان به و بما جاء به من الائتلاف و الاجتماع،و أمن بعضهم من بعض و مصير بعضهم لبعض إخوانا.(الطّبريّ 4:33)

الطّبريّ: و اذكروا ما أنعم اللّه به عليكم من الألفة و الاجتماع على الإسلام.

و اختلف أهل العربيّة في قوله: إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فقال بعض نحويّي البصرة في ذلك:

انقطع الكلام عند قوله: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ثمّ فسّر بقوله: فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ و أخبر بالّذي كانوا فيه قبل التّأليف،كما تقول:أمسك الحائط أن يميل.

و قال بعض نحويّي الكوفة،قوله: إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، تابع قوله: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ غير منقطعة منها.

و الصّواب من القول في ذلك عندي؛أنّ قوله: إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ متّصل بقوله:

وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ غير منقطع عنه.

و تأويل ذلك:و اذكروا أيّها المؤمنون نعمة اللّه عليكم،الّتي أنعم بها عليكم حين كنتم أعداء،أي بشرككم يقتل بعضكم بعضا،عصبيّة في غير طاعة اللّه و لا طاعة رسوله،فألّف اللّه بالإسلام بين قلوبكم،فجعل بعضكم لبعض إخوانا بعد إذ كنتم أعداء تتواصلون بألفة الإسلام،و اجتماع كلمتكم عليه.(4:33)

مثله القمّيّ(10:108)،و الميبديّ(2:232)،و الفخر الرّازيّ(8:174)،و أبو السّعود(1:258).

عبد الجبّار:إنّ من أعظم نعم اللّه زوال التّحاسد و التّباغض و التّنافس عن القوم،و لهذا أقوي أمر الرّسول صلى اللّه عليه و سلم لمّا انقادوا له على عظم محلّهم،و كان من قبل

ص: 625

لا ينقاد بعضهم لبعض.(73)

الطّبرسيّ: و المعنى احفظوا نعمة اللّه و منّته عليكم بالإسلام و بالائتلاف،و رفع ما كان بينكم من التّنازع و الاختلاف،فهذا هو النّفع الحاصل لكم في العاجل مع ما أعدّ لكم من الثّواب الجزيل في الآجل؛إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم،بجمعكم على الإسلام،و رفع البغضاء و الشّحناء عن قلوبكم.(1:483)

النّسفيّ: كانوا في الجاهليّة بينهم العداوة و الحروب، فألّف بين قلوبهم بالإسلام و قذف في قلوبهم المحبّة، فتحابّوا و صاروا إخوانا.(1:173)

النّيسابوريّ: إنّه تعالى ذكّرهم نعمته عليهم و ذلك أنّهم كانوا في الجاهليّة بينهم الإحن و البغضاء و الحروب المتطاولة،فألّف اللّه بين قلوبهم ببركة الإسلام،فصاروا إخوانا في اللّه متراحمين متناصحين،و ذلك أنّ من كان وجهه إلى الدّنيا فقلّما يخلو من معاداة و مناقشة بسبب الأغراض الدّنيويّة.أمّا العارف النّاظر من الحقّ إلى الخلق،فإنّه يرى الكلّ أسيرا في قبضة القضاء فلا يعادي أحدا البتّة،لأنّه مستبصر بسرّ اللّه في القدر فإذا أمر أمر برفق ناصح،لا بعنف معيّر،و كان حبّه لحزب اللّه و نظرائه في الدّين،و رفقائه في طلب اليقين أشدّ من حبّ الوالد لولده،فكانوا كالأقربين و الإخوان،بل كجسد واحد و كنفس واحدة.

و قيل:يريد الإخوان في النّسب،و ذلك أنّ الأوس و الخزرج كانا أخوين لأب و أمّ،و كان بينهما العداوة و الحروب،و بقيا على ذلك مائة و عشرين سنة إلى أن أطفأ اللّه ذلك بالإسلام،و ألّف بينهم برسول اللّه،فذكّر اللّه تعالى تلك النّعمة.

و فيه دليل على أنّ المعاملات الحسنة الجارية فيما بينهم بعد الإسلام إنّما حصلت من اللّه تعالى؛حيث خلق فيهم تلك الدّاعية المستلزمة لحصول الفعل.

قال الكعبيّ: إنّ ذلك بالهداية و البيان و التّحذير و المعونة و الألطاف،لا بخلق الفعل.

و أجيب بأنّ كلّ هذا كان حاصلا قبل ذلك، فاختصاص أحد الزّمانين بحصول الألفة و المحبّة لا بدّ أن يكون لأمر زائد على ما ذكرتم،هذا شرح النّعم الدّنيويّة عليهم.ثمّ ذكّرهم النّعم الأخرويّة.بقوله: وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها آل عمران:103(4:26)

نحوه أبو حيّان(3:18)،و ابن كثير(2:85).

العامليّ: الائتلاف،و المؤلّفة قلوبهم،و ما يتضمّن الائتلاف كألف،مثلا يقال:ألّف بينهما،إذا أوقع بينهما الألفة،و هي اسم من الائتلاف،و هو الاستيناس و الاجتماع و التّوارد.و قد ذكر اللّه عزّ و جلّ في مواضع من كتابه أنّه ألّف بين المسلمين بالإسلام،بعد ما كانوا أعداء في الجاهليّة.و في«الأمالي»عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله«قال:خير المؤمنين من كان مألفة للمؤمنين و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف».و قال صلّى اللّه عليه و آله:«أشرّ النّاس من يبغض المؤمنين و تبغضهم قلوبهم،المشّاءون بالنّميمة المفرّقون بين الأحبّة الباغون للبراء العنت ثمّ تلا قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ* وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ الأنفال:62،63. (1)»

و على هذا فالائتلاف و التّأليف الحقيقيّ الّذي2.

ص: 626


1- نقلنا الرّواية من أمالي الطّوسيّ ص 462.

لا ينقطع أبدا لا في الدّنيا و لا في الآخرة،هو الحاصل بالألفة الّتي بسبب الولاية،كما سيظهر ممّا يأتي في النّعمة من رواية العيّاشيّ،و لا سيّما في زمان قيام القائم عليه السّلام، كما هو واضح بل معلوم أيضا من انقطاع ألفة مخالفيهم ذلك الزّمان،كما ينقطع يوم القيامة الكبرى،و سيأتي في البراءة و التّفريق و أمثالهما ما يؤيّده فتأمّل.(76)

2- وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. الأنفال:63

ابن مسعود: هم المتحابّون في اللّه.

(ابن كثير 3:342)

ابن عبّاس: قرابة الرّحم تقطع.و منّة النّعمة تكفر، و لم ير مثل تقارب القلوب.يقول اللّه تعالى: لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ. [ثمّ استشهد بشعر](ابن كثير 3:342)

السّدّيّ: هؤلاء الأنصار ألّف بين قلوبهم من بعد حرب فيما كان بينهم.(الطّبريّ 10:36)

الإمام الباقر عليه السّلام: هم الأنصار،كان بين الأوس و الخزرج حرب شديد و عداوة في الجاهليّة فألّف اللّه بين قلوبهم و نصر بهم نبيّه،فالّذين ألّف بين قلوبهم فهم الأنصار خاصّة.(العروسيّ 2:165)

نحوه بشر بن ثابت الأنصاريّ،و ابن إسحاق

(الطّوسيّ 5:177)

الفرّاء: بين قلوب الأنصار من الأوس و الخزرج كانت بينهم حرب،فلمّا دخل المدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أصلح اللّه به و بالإسلام ذات بينهم.(1:417)

الطّبريّ:جمع بين قلوب المؤمنين من الأوس و الخزرج بعد التّفرّق و التّشتّت على دينه الحقّ،فصيّرهم به جميعا بعد أن كانوا أشتاتا،و إخوانا بعد أن كانوا أعداء.

[إلى أن قال:]

لو أنفقت يا محمّد صلى اللّه عليه و سلم ما في الأرض جميعا من ذهب و ورق و عرض،ما جمعت أنت بين قلوبهم بحيلك،و لكنّ اللّه جمعها على الهدى،فائتلفت و اجتمعت تقوية من اللّه لك،و تأييدا منه و معونة على عدوّك.يقول جلّ ثناؤه:

و الّذي فعل ذلك و سبّبه لك حتّى صاروا لك أعوانا و أنصارا و يدا واحدة على من بغاك سوء،هو الّذي إن رام عدوّ منك مراما يكفيك كيده،و ينصرك عليه،فثق به، و امض لأمره،و توكّل عليه.(10:35)

نحوه الميبديّ.(4:71)

عبد الجبّار: ربّما قيل في قوله تعالى: وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ قد أضاف موافقة بعضهم لبعض إلى نفسه، و ذلك بخلاف قولكم.

و جوابنا أنّ الأسباب الّتي بها يؤتلف كانت من قبله تعالى،فأضاف إليه الائتلاف.و هذا كما تضيف إلى اللّه تعالى الرّزق،و إن كان المرء يسعى في الاكتساب.و أراد تعالى إعظام المنّة على رسوله صلى اللّه عليه و سلم بما سهّله من تألّف القوم على طاعته،و موافقته مع الّذي كانوا عليه من المباينة الشّديدة،و من الأنفة و الحميّة.(160)

الطّوسيّ: و التّأليف:الجمع على تشاكل،فلمّا جمعت قلوبهم على تشاكل فيما تحبّه و تنازع إليه كانت قد ألّفت، و لذلك قيل:هذه الكلمة تأتلف مع هذه و لا تأتلف.[إلى أن قال:]

ص: 627

و إنّما كان الجمع على المحبّة تأليفا بين القلوب،لأنّه مأخوذ من«الألفة»و هي الاجتماع على الموافقة في المحبّة،و لا يجوز في الجمع على البغضاء أن يسمّى بذلك.

[إلى أن قال:]

و المعنى:لو أنفقت ما في الأرض جميعا لتجمعهم على الألفة ما تمّ لك ذاك،و لكنّ اللّه ألّف بينهم بلطف من ألطافه و حسن تدبيره،و بالإسلام الّذي هداهم اللّه إليه.

(5:177)

الميبديّ: ألّف بين قلوب المرسلين بالرّسالة، و قلوب الأنبياء بالنّبوّة،و قلوب الصّدّيقين بالصّدق، و قلوب الشّهداء بالمشاهدة،و قلوب الصّالحين بالخدمة، و قلوب عامّة المؤمنين بالهداية.فجعل المرسلين رحمة على الأنبياء،و جعل الأنبياء رحمة على الصّدّيقين، و جعل الصّدّيقين رحمة على الشّهداء،و جعل الشّهداء رحمة للعالمين،و جعل الصّالحين رحمة على عامّة المؤمنين،و جعل المؤمنين رحمة على الكافرين.(4:74)

الزّمخشريّ: التّأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الآيات الباهرة،لأنّ العرب لما فيهم من الحميّة و العصبيّة و الانطواء على الضّغينة في أدنى شيء و إلقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا لا يكاد يأتلف منهم قلبان،ثمّ ائتلفت قلوبهم على اتّباع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و اتّحدوا و أنشئوا يرمون عن قوس واحدة،و ذلك لما نظم اللّه من ألفتهم،و جمع من كلمتهم،و أحدث بينهم من التّحابّ و التّوادّ،و أماط عنهم من التّباغض و التّماقت، و كلّفهم من الحبّ في اللّه و البغض في اللّه،و لا يقدر على ذلك إلاّ من يملك القلوب،فهو يقلبها كما شاء،و يصنع فيها ما أراده.

و قيل:هم الأوس و الخزرج كان بينهم من الحروب و الوقائع ما أهلك سادتهم و رؤساءهم،و دقّ جماجمهم.

و لم يكن لبغضائهم أمد و منتهى،و بينهما التّجاور الّذي يهيج الضّغائن و يديم التّحاسد و التّنافس،و عادة كلّ طائفتين كانتا بهذه المثابة أن تتجنّب هذه ما آثرته أختها و تكرهه و تنفر عنه،فأنساهم اللّه تعالى ذلك كلّه حتّى اتّفقوا على الطّاعة و تصافّوا و صاروا أنصارا،و عادوا أعوانا،و ما ذاك إلاّ بلطيف صنعه و بليغ قدرته.(2:166)

نحوه البيضاويّ(1:400)،و الخازن(3:39)،و الشّربينيّ.(1:580)،و أبو السّعود(2:246)،و البروسويّ (3:367)،و الآلوسيّ(10:28).

الفخر الرّازيّ: [له كلام مستوفى لخّصه النّيسابوريّ]

(15:189)

النّيسابوريّ: قال جمع من المفسّرين:هم الأوس و الخزرج كان بينهم من الحروب و الوقائع ما أهلك أشرافهم و دقّ جماجمهم؛فرفع اللّه تعالى ذلك بلطيف صنعه.و الأولى حمله على العموم،و التّأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من الآيات الباهرة،لأنّ العرب لما فيهم من الحميّة و العصبيّة و الانطواء على الضّغائن في الأمور المستحقرة لم تكد تألف أهواؤهم و ينتظم شملهم،ثمّ ائتلف قلوبهم على اتّباع رسول اللّه حتّى بذلوا دونه المهج و الأرواح و الأموال،فليس ذلك إلاّ من مقلّب القلوب و الأحوال.

و التّحقيق في الباب:أنّ المحبّة لا تحصل إلاّ عند

ص: 628

تصوّر حصول خير من المحبوب،ثمّ إن كان سبب انعقاد المحبّة أمرا سريع التّغيّر كالمال أو الجاه أو اللّذّة الجسمانيّة كانت تلك المحبّة بصدد الزّوال و الاضمحلال، فالمعشوق يريد العاشق لماله،و العاشق يحبّ المعشوق لاستيفاء لذّة بهيميّة،فمهما حصل مرادهما كانا متحابّين، و متى لم يحصل عادا متباغضين،و إن كان سبب انعقاد المودّة كمالا حقيقيّا روحانيّا دائما،لم يتصوّر لها تغيّر و زوال.

ثمّ إنّ العرب كانوا قبل مقدم النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم مقبلين على المفاخرة و التّسابق في المال و الجاه و التّعصّب و التّفرّق، فلا جرم كانوا متحابّين تارة و متباغضين أخرى،فلمّا جاءهم النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم دعاهم إلى عبادة اللّه تعالى و الإعراض عن الدّنيا،و الإقبال على تحصيل السّعادة الأبديّة الرّوحانيّة توحّد مطلبهم،و صاروا إخوانا متراحمين متحابّين في اللّه و للّه.(10:21)

أبو حيّان: «المؤمنون»هنا الأوس و الخزرج،و كان بين الطّائفتين من العداوة للحروب الّتي جرت بينهم ما كان لو لا الإسلام لينقضي أبدا،و لكنّه تعالى منّ عليهم بالإسلام فأبدلهم بالعداوة محبّة و بالتّباعد قربا،و معنى لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً على تأليف قلوبهم و اجتماعها على محبّة بعضها بعضا،و كونها في«الأوس و الخزرج»تظاهر به أقوال المفسّرين.[ثمّ نقل قول الزّمخشريّ و قال:]

و كلامه آخرا قريب من كلام أهل السّنّة،لأنّهم قالوا:في هذه الآية دليل على أنّ العقائد و الإرادات و الكراهات من خلق اللّه،لأنّ ما حصل من الألف هو بسبب الإيمان و متابعة الرّسول صلى اللّه عليه و سلم،فلو كان الإيمان فعلا للعبد لكانت المحبّة المترتّبة عليه فعلا للعبد،و ذلك خلاف صريح الآية.

و قال القاضي: لو لا ألطاف اللّه تعالى ساعة ساعة ما حصلت هذه الأحوال،فأضيفت إلى اللّه على هذا التّأويل،و نظيره أنّه يضاف علم الولد و أدبه إلى أبيه لأجل أنّه لم يحصل ذلك إلاّ بمعونة الأب و تربيته،فكذلك هنا انتهى.و هذا هو مذهب المعتزلة.(4:514)

رشيد رضا : هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ الأنفال:62،من المهاجرين و الأنصار،و روي أنّ المراد بهم الأنصار،بدليل قوله: وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ أي بعد التّفرّق و التّعادي الّذي رسخ بالحرب الطّويلة و الضّغائن الموروثة،و جمعهم على الإيمان بك،و بذل النّفس و النّفيس في مناصرتك.

قال أصحاب القول الثّاني:كان هذا بين الأوس و الخزرج من الأنصار،و لم يكن منه شيء بين المهاجرين، أي و فيهم نزلت: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً آل عمران:103،و لكن هذا لا يمنع إرادة مجموع المهاجرين و الأنصار،فقد كانوا بنعمته إخوانا،لم يقع بينهم تحاسد و لا تعاد كما هو شأن البشر في مثل هذا الشّأن،كما ألّف بين الأوس و الخزرج فكانوا بنعمته إخوانا،بعد طول العداء و العدوان.و قد كاد يقع التّغاير بين المهاجرين و الأنصار عند قسمة الغنائم في حنين، فكفاهم اللّه شرّ ذلك بفضله و حكمة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.[إلى أن قال:]

ص: 629

أمّا الأنصار فلأنّ الأضغان الموروثة و أوتار الدّماء المسفوكة و حميّة الجاهليّة الرّاسخة،لا تزول بالأعراض الدّنيويّة العارضة،و إنّما تزول بالإيمان الصّادق الّذي هو مناط سعادة الدّنيا و الآخرة.

و أمّا المهاجرون فلأنّ التّأليف بين غنيّهم و فقيرهم و سادتهم و مواليهم و أشرافهم و دهمائهم على ما كان فيهم من كبرياء الجاهليّة،و جمع كلمتهم على احتمال عداوة بيوتهم و عشائرهم و حلفائهم في سبيل اللّه،لم يكن كلّه ممّا يمكن نيله بالمال و آمال الدّنيا،و لم يكن في يد الرّسول صلى اللّه عليه و سلم شيء منهما في أوّل الإسلام،و لكن صار بيده في المدينة شيء عظيم منهما بنصر اللّه له في قتال المشركين و اليهود جميعا.

و أمّا مجموع المهاجرين و الأنصار فقد كان اجتماعهما لو لا فضل اللّه و عنايته مدعاة التّحاسد و التّنازع،لما سبق لهما من عصبيّة الجاهليّة و ما كان لدى المهاجرين من مزيّة قرب الرّسول و السّبق إلى الإيمان به،و ما لدى الأنصار من المال و القوّة و إنقاذ الرّسول و المهاجرين جميعا من ظلم قومهم،و من المنّة عليهم بإيوائهم و مشاركتهم في أموالهم،و في هذا و ذاك من دواعي التّغاير و التّحاسد ما لا يمكن أن يزول بالأسباب الدّنيويّة.

[و للكلام تتمّة فراجع](10:70)

نحوه المراغيّ.(10:27)

الطّباطبائيّ: أورد سبحانه في جملة ما استشهد على كفايته لمن توكّل عليه؛أنّه كفى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بتأليف قلوب المؤمنين بعد ذكر تأييده بهم.و الكلام مطلق، و الملاك المذكور فيه عامّ يشمل جميع المؤمنين،و إن كانت الآية أظهر انطباقا على الأنصار؛حيث أيّد اللّه بهم نبيّه صلّى اللّه عليه و آله فآووه و نصروه،و ألّف اللّه سبحانه بدينه بينهم أنفسهم.و قد نشبت فيهم الحروب المبيدة،و كانت قائمة على ساقها دهرا طويلا،و هي حرب«بغاث»بين الأوس و الخزرج،حتّى اصطلحوا بنزول الإسلام في دارهم،و أصبحوا بنعمته إخوانا.

و قد امتنّ اللّه بتأليفه بين قلوب المسلمين في مواضع من كلامه و بيّن أهمّيّة موقعه بمثل قوله: لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الأنفال:63.

و ذلك أنّ الإنسان مفطور على حبّ النّعم الحيويّة الّتي تتمّ بها حياته،لا بغية له دونها،و لا يريد في الحقيقة شيئا،و لا يقصده إلاّ لينتفع به في نفسه.و(ما)ربّما يلوح أنّه يريد نفعا عائدا إلى غيره،فالتّأمّل الدّقيق يكشف عن اشتماله على نفع عائد إليه نفسه،و إذ كان يحبّ الوجدان فهو يبغض الفقدان.

و بهذين الوصفين الغريزيّين-أعني الحبّ و البغض- يتمّ له أمر الحياة،و لو أنّه أحبّ كلّ شيء،و منها الأضداد و المتناقضات،لبطلت الحياة،و لو أنّه أبغض كلّ شيء حتّى المتنافيات،لبطلت الحياة.و قد فطره اللّه سبحانه على الحياة الاجتماعيّة،لقصور ما عنده من القوى و الأدوات،عن القيام بجميع ما يحتاج إليه من ضروريّات حياته.و من الضّروريّ أنّ الاجتماع لا يتمّ إلاّ باختصاص كلّ فرد بما يحرم عنه آخرون من مال أو جاه أو زينة أو جمال،أو كلّ ما يتنافس فيه الطّباع الإنسانيّ،أو يتعلّق به الهوى النّفسانيّ،على اختلاف فيه

ص: 630

بالزّيادة و النّقيصة.

و هذا أوّل ما يودع أنواع العداوة و البغضاء في القلوب،و الشّحّ في النّفوس،ثمّ ما ينبسط بينهم من وجوه الحرمان بالظّلم و العدوان،و بغي البعض على البعض في دم أو عرض أو مال أو غير ذلك،ممّا يتنعّمون به و يتنافسون فيه و يعملون لأجله،تثير في داخل نفوسهم كلّ بغضاء و شنآن.

و هذا كلّه أوصاف و غرائز باطنيّة في الجماعة لا تلبث دون أن تظهر في أعمالهم و تتلاقى في أفعالهم و يماسّ بعضها بعضا بينهم في مسير حياتهم،و فيه البلوى الّتي تتعقّب الفتن و المصائب الاجتماعيّة الّتي تبيد النّفوس و تهلك الحرث و النّسل،و قد شهدت بذلك الحوادث الجارية على توالي القرون و الأجيال.

و مهما ظنّت الأمم المجتمعة أنّ بغيتها في اجتماعها هي التّمتّع من العيشة المادّيّة المحدودة بالحياة الدّنيويّة، فلا سبيل إلى قلع مادّة هذا الفساد من أصلها،و قطع منابته.فإنّ الدّار دار التّزاحم،و المجتمع قائم على قاعدة الاختصاص،و النّفوس مختلفة في الاستعداد،و الحوادث الواقعة و العوامل المؤثّرة،و الأحوال الخارجة دخيلة في معايشهم و حياتهم.قال تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً المعارج:19-21،و قال: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ يوسف:53،و قال: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ هود:118،119،إلى غير ذلك من الآيات.

و غاية ما يمكن الإنسان في بسط الألفة و إرضاء القلوب المشحونة بالعداوة و البغضاء أن يقنعهم أو يسكتهم ببذل ما يحبّون من مال أو جاه أو سائر النّعم الدّنيويّة المحبوبة عندهم،غير أنّه إنّما ينفع في موارد جزئيّة خاصّة.

و أمّا العداوة و البغضاء العامّتان فلا سبيل إلى إزالتهما عن القلوب ببذل النّعمة،فإنّه لا يبطل غريزة الاستزادة و الشّحّ الملتهب في كلّ نفس ممّا يشاهد من المزايا الحيويّة عند غيره،على أنّ من النّعم ما لا يقبل إلاّ الاختصاص و الانفراد كالملك و الرّئاسة العالية،و أمور أخرى تجري مجراهما،حتّى أنّ الأمم الرّاقية ذوي المدنيّة و الحضارة لم يتمكّنوا من معالجة هذا الدّاء إلاّ بما يزول به بعض شدّته،و يستريح جثمان المجتمع من بعض عذابه.

و أمّا البغضاءات المتعلّقة بالأمور الّتي تختصّ به بعض مجتمعهم كالرّئاسة و الملك فهي على حالها تتّقد بشررها القلوب،و لا يزال يأكل بعضها بعضا على أنّ ذلك ينحصر فيما بينهم.

و أمّا المجتمعات الخارجة من مجتمعهم فلا يعبأ بحالهم و لا يعتنى من منافعهم الحيويّة إلاّ بما يوافق منافع أولئك،و إن أعيتهم طوارق البلاء و عفاهم الدّهر بالعناء.

و قد منّ اللّه على الأمّة الإسلاميّة،إذ أزال الشّحّ عن نفوسهم و ألّف بين قلوبهم بمعرفة إلهيّة،علّمه إيّاهم و بثّه فيما بينهم ببيان،أنّ الحياة الإنسانيّة حياة خالدة غير محصورة في هذه الأيّام القلائل الّتي ستفنى،و يبقى الإنسان و لا خبر عنها،و إنّ سعادة هذه الحياة الدّائمة غير التّمتّع بلذائذ المادّة و الرّعي في كلا الخسّة،بل هي حياة واقعيّة و عيشة حقيقيّة يحيا و يعيش بها الإنسان

ص: 631

في كرامة عبوديّة اللّه سبحانه و يتنعّم بنعم القرب و الزّلفى،ثمّ يتمتّع بما تيسّر له من متاع الحياة الدّنيا،ممّا ساقه إليه الحظّ و الاكتساب عارفا بحقوق النّعمة،ثمّ ينتقل إلى جوار اللّه و يدخل دار رضوانه و يخالط هناك الصّالحين من عباده،و يحيا حقّ الحياة.قال تعالى: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاّ مَتاعٌ الرّعد:26،و قال تعالى: وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ الدّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ العنكبوت:64.

و قال: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا* ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى النّجم:29،30.

فعلى المسلم أن يؤمن بربّه و يتربّى بتربيته و يعزم عزمه و يجمع بغيته على ما عند ربّه،فإنّما هو عبد مدبّر لا يملك ضرّا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا.و من كان هذا وصفه لم يكن له شغل إلاّ بربّه الّذي بيده الخير و الشّرّ و النّفع و الضّرّ و الغنى و الفقر و الموت و الحياة، و كان عليه أن يسير مسير الحياة بالعلم النّافع و العمل الصّالح،فما سعد به من مزايا الحياة الدّنيا فموهبة من عند ربّه،و ما حرم منه احتسب عند ربّه أجره،و ما عند اللّه خير و أبقى.

و ليس هذا من إلغاء الأسباب في شيء و لا إبطالا للفطرة الإنسانيّة الدّاعية إلى العمل و الاكتساب،النّادبة إلى التّوسّل بالفكر و الإرادة المحرضة إلى الاجتهاد في تنظيم العوامل و العلل،الموصلة إلى المقاصد الإنسانيّة و الأغراض الصّحيحة الحيويّة.

و اذا تسنّن المسلمون بهذه السّنّة الإلهيّة،و حوّلوا هوى قلوبهم عن ذلك التّمتّع المادّي الّذي ليس إلاّ بغية حيوانيّة و غرضا مادّيّا إلى هذا التّمتّع المعنويّ الّذي لا تزاحم فيه و لا حرمان عنده،ارتفعت عن قلوبهم العداوة و البغضاء،و خلصت نفوسهم من الشّحّ و الرّين، و أصبحوا بنعمة اللّه إخوانا و أفلحوا حقّ الفلاح،قال:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً آل عمران:102، 103.و قال: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الحشر:9.(9:118)

فضل اللّه: وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، في ما أودعه فيها من عناصر المودّة و الرّحمة،و الشّعور بالمسئوليّة الإنسانيّة الرّوحيّة،على أساس الإيمان النّابض بالمحبّة و الحياة و حتّى تحوّلت كلّ تلك المجموعات المتنافرة في ذاتها،المختلفة في طبيعتها،إلى وحدة روحيّة إيمانيّة تماما كما عبّر اللّه عنهم رُحَماءُ بَيْنَهُمْ الفتح:29،و كما قال عنهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:«مثل المؤمنين في توادّهم و تراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسّهر و الحمّى».

و تلك هي الألفة الّتي يرعاها اللّه برعايته،و يشملها بلطفه،فإنّها تنمو من خلال الينابيع الرّوحيّة الّتي تتفجّر في الفكر و الشّعور،حتّى تتحوّل-في القلب و في الرّوح- إلى نهر كبير يمتدّ في حياة المؤمنين جميعا،في نطاق المجتمع المؤمن المتكامل الواحد.

لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ

ص: 632

قُلُوبِهِمْ لأنّ المال لا يستطيع أن ينفذ إلى أعماق الرّوح و آفاق الشّعور،إلاّ إذا تحوّل إلى حالة حميمة تحمل في داخلها بعضا من نبضات الشّعور و خفقات العاطفة ليتحوّل المال إلى معنى يتمثّل في العطاء،في البعد الإنسانيّ الّذي يحترم في الإنسان إنسانيّته،و يوحي إليه بالمعاني الحلوة المشرقة،و عند ذلك يفقد العنصر المادّيّ ليتحوّل إلى عنصر روحيّ.

أمّا المال الّذي يتحرّك في العلاقات كثمن لها،تماما كما هي السّلع المعروضة في السّوق،فإنّه قد يعطي صاحبه موقعا متقدّما في حركة الواقع،و قد يحصل على بعض الامتداد في آفاق الرّبح،و لكنّه لن يستطيع أن يمنحه قلبا و روحا و حياة و وحدة شعور،و لذلك لم يستطع المال أن يحقّق إنسانيّة العلاقة بين الأغنياء و الفقراء،أو بين الحاكمين و المحكومين،و لكنّ الفكر و الإيمان و الخير استطاعت أن توحّد القلوب،و تقارب بين المواقف وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ، لأنّ بيده أسرار القلوب،و خفايا النّفوس،و أعماق الأرواح،يقلّبها كيف يشاء،و يحوّلها كما يريد.(10:413)

يؤلّف

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ... النّور:43

الطّبريّ: تأليف اللّه السّحاب:جمعه بين متفرّقها

(18:153)

مثله البغويّ(5:68)،و الميبديّ(6:555)،و الخازن (5:68)،و ابن كثير(5:114).

الطّبرسيّ: أي يضمّ بعضه إلى بعض فيجعل القطع المتفرّقة منه قطعة واحدة.(4:148)

مثله النّسفيّ(3:148)،و السّيوطيّ(الجلالين 2:130)،و الشّربينيّ(2:630)،و البروسويّ(6:165)، و الآلوسيّ(18:190)،و شبّر(4:324)،و القاسميّ (12:454).

الفخر الرّازيّ: و التّأليف ضمّ شيء إلى شيء،أي يجمع بين قطع السّحاب،فيجعلها سحابا واحدا.

(24:12)

مثله النّيسابوريّ.(18:116)

القرطبيّ: أي يجمعه عند انتشائه ليقوى و يتّصل و يكثف.و الأصل في التّأليف الهمز،تقول:تألّف.

و قرئ(يولف)بالواو تخفيفا.(12:288)

مثله البيضاويّ(2:130)،و أبو السّعود(4:66).

أبو حيّان: ثمّ يؤلّف بينه،أي بين أجزائه،لأنّه سحابة تتّصل بسحابة،فجعل ذلك ملتئما بتأليف بعض إلى بعض.

و قرأ ورش(يولف)بالواو،و باقي السّبعة بالهمز، و هو الأصل.(6:464)

المؤلّفة

إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ... التّوبة:60

ابن عبّاس: و هم قوم كانوا يأتون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أسلموا.و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يرضخ (1)لهم من الصّدقات،فإذا أعطاهم من الصّدقات فأصابوا منها خيرا،قالوا:هذا دين صالح،و إن كان غير ذلك،عابوه

ص: 633


1- يرضخ لهم:يعطيهم شيئا يسيرا.

و تركوه.(الطّبريّ 10:161)

نحوه الزّمخشريّ.(2:197)

هم قوم أشراف من الأحياء أعطاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم حنين،و كانوا خمسة عشر رجلا:أبو سفيان، و الأقرع بن حابس،و عيينة بن حصن،و حويطب بن عبد العزّى،و سهل بن عمرو من بني عامر،و الحارث بن هشام،و سهيل بن عمر الجهنيّ،و أبو السّنابل،و حكيم بن حزام،و مالك بن عوف،و صفوان بن أميّة،و عبد الرّحمن بن يربوع،و الجد بن قيس،و عمرو بن مرداس، و العلاء بن الحارث،أعطى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كلّ رجل منهم مائة من الإبل،و رغّبهم في الإسلام إلاّ عبد الرّحمن بن يربوع أعطاه خمسين من الإبل،و أعطى حكيم بن حزام سبعين من الإبل.فقال يا رسول اللّه:ما كنت أرى أنّ أحدا من النّاس أحقّ بعطائك منّي؟فزاده عشرة،ثمّ سأله فزاده عشرة،و هكذا حتّى بلغ مائة.

ثمّ قال حكيم:يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم-أ عطيّتك الأولى الّتي رغبت عنها خير أم هذه الّتي قنعت بها؟فقال عليه الصّلاة و السّلام:«بل الّتي رغبت عنها».فقال:و اللّه لا آخذ غيرها.فقيل:مات حكيم و هو أكثر قريش مالا، و شقّ على رسول للّه صلى اللّه عليه و سلم تلك العطايا،لكن ألّفهم بذلك.

(الفخر الرّازيّ 16:111)

الشّعبيّ: إنّ هذا كان خاصّا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.(الطّوسيّ 5:284)

و هو المرويّ عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام.

(الطّوسيّ 5:284)

مجاهد: أناس كان يتألّفهم بالعطيّة:عيينة بن بدر، و من كان معه.(الطّبريّ 10:162)

الحسن: الّذين يؤلّفون على الإسلام.

(الطّبريّ 10:162)

مثله السّجستانيّ.(79)

ليس اليوم مؤلّفة.(الطّبريّ 10:163)

الإمام الباقر عليه السّلام: المؤلّفة قلوبهم:أبو سفيان بن حرب بن أميّة،و سهيل بن عمرو و هو من بني عامر بن لويّ،و همام بن عمرو،و أخوه،و صفوان بن أميّة بن خلف القرشيّ ثمّ الجمحيّ،و الأقرع بن حابس التّميميّ،ثمّ أحد بن حازم،و عيينة بن حصين الفزاريّ، و مالك بن عوف،و علقمة بن علاثة.بلغنا أنّ رسول صلّى اللّه عليه و آله كان يعطي الرّجل منهم مائة من الإبل و رعاتها و أكثر من ذلك و أقلّ.(العروسيّ 2:231)

هم قوم وحّدوا اللّه عزّ و جلّ و خلعوا عبادة من يعبد من دون اللّه،و شهدوا أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و هم في ذلك شكّاك في بعض ما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله،فأمر اللّه عزّ و جلّ نبيّه أن يتألّفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم و يثبتوا على دينهم الّذي دخلوا فيه،و أقرّوا به أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين تألّف رؤساء العرب من قريش و سائر مضر،منهم:أبو سفيان ابن حرب،و عيينة بن حصين الفزاريّ و أشباههم من النّاس،فغضبت الأنصار و اجتمعت إلى سعد بن عبادة فانطلق بهم إلى رسول اللّه بالجعرانة،فقال:يا رسول اللّه أ تأذن لي في الكلام؟فقال:نعم،فقال:إن كان هذا الأمر من هذه الأموال الّتي قسّمت بين قومك شيئا أنزله اللّه رضينا،و إن كان غير ذلك لم نرض.قال زرارة:و سمعت

ص: 634

أبا جعفر عليه السّلام يقول: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا معشر الأنصار أ كلّكم على قول سيّدكم سعد؟فقالوا:سيّدنا اللّه و رسوله،ثمّ قالوا في الثّالثة:نحن على مثل قوله و رأيه، فقال زرارة:فسمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:فحطّ اللّه نورهم و فرض للمؤلّفة قلوبهم سهما في القرآن.

(العروسيّ 2:231)

المؤلّفة قلوبهم لم يكونوا قطّ أكثر منهم اليوم.

(العروسيّ 2:232)

قتادة: أمّا المؤلّفة قلوبهم فأناس من الأعراب و من غيرهم،كان نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم يتألّفهم بالعطيّة كيما يؤمنوا.

(الطّبريّ 10:162)

نحوه النّسفيّ.(2:132)

الزّهريّ: من أسلم من يهوديّ أو نصرانيّ و إن كان غنيّا.(الطّبريّ 10:162)

الفرّاء: و هم أشراف العرب،كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعطيهم ليجترّ به إسلام قومهم.(1:443)

الجبّائيّ: أنّه[التّاليف]ثابت في كلّ عصر،إلاّ أنّ من شرطه أن يكون هناك إمام عدل يتألّفهم على ذلك.(الطّوسيّ 5:284)

الطّبريّ: أمّا المؤلّفة قلوبهم،فإنّهم قوم كانوا يتألّفون على الإسلام ممّن لم تصحّ نصرته،استصلاحا به نفسه و عشيرته،كأبي سفيان بن حرب،و عيينة بن بدر، و الأقرع بن حابس،و نظرائهم من رؤساء القبائل.[إلى أن قال:]

ثمّ اختلف أهل العلم في وجود المؤلّفة اليوم و عدمها، و هل يعطى اليوم أحد على التّألّف على الإسلام من الصّدقة؟فقال بعضهم:قد بطلت المؤلّفة قلوبهم اليوم، و لا سهم لأحد في الصّدقة المفروضة إلاّ لذي حاجة إليها،و في سبيل اللّه أو لعامل عليها.و قال آخرون:

المؤلّفة قلوبهم في كلّ زمان،و حقّهم في الصّدقات.

و الصّواب من القول في ذلك عندي،أنّ اللّه جعل الصّدقة في معنيين:أحدهما سدّ خلّة المسلمين،و الآخر معونة الإسلام و تقويته.فما كان في معونة الإسلام و تقوية أسبابه،فإنّه يعطاه الغنيّ و الفقير،لأنّه لا يعطاه من يعطاه بالحاجة منه إليه،و إنّما يعطاه معونة للدّين،و ذلك كما يعطى الّذي يعطاه بالجهاد في سبيل اللّه،فإنّه يعطى ذلك غنيّا أو فقيرا للغزو لا لسدّ خلّته،و كذلك المؤلّفة قلوبهم يعطون ذلك،و إن كانوا أغنياء،استصلاحا بإعطائهموه أمر الإسلام و طلب تقويته و تأييده.و قد أعطى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم من أعطى من المؤلّفة قلوبهم بعد أن فتح اللّه عليه الفتوح و فشا الإسلام و عزّ أهله.فلا حجّة لمحتجّ بأن يقول:لا يتألّف اليوم على الإسلام أحد لامتناع أهله بكثرة العدد ممّن أرادهم،و قد أعطى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم من أعطى منهم في الحال الّتي وصفت.(10:161)

عبد الجبّار: و ربّما قيل في قوله تعالى:

وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ كيف أن يأمر اللّه تعالى ببذل المال تألّفا على الدّين؟و متى صاروا إلى الدّين للمال لم ينتفعوا به؟

و جوابنا أنّ ذلك و إن كان في الحال لا ينتفع به فقد يكون تلطّفا في الاستدراج إليه،فيصير الواحد منهم بذلك من أهل الدّين.و قد أمرنا اللّه تعالى بأن نأخذ أولادنا بالصّلاة لمثل هذا المعنى،و إن كانوا لا ينتفعون

ص: 635

بالصّلاة و ليسوا مكلّفين.

و اختلف العلماء في(المؤلّفة)هل يدخلون الآن في سهم من الزّكاة؟فأكثرهم يمنع من ذلك لظهور الإسلام و قوّته و استغنائه عن تألّف قوم في الذّبّ عنه و المجاهدة فيه.و من العلماء من يقول:بل سهمهم ثابت أبدا،و إذا وجد من ليس يقوى على الإيمان و يظنّ أنّه يصير من أهل القوّة فيه إذا دفع ذلك إليه،فيكون حاله كحال سهم في سبيل اللّه للّذين يجاهدون.(167)

الطّوسيّ: وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ معناه أقوام أشراف كانوا في زمن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكان يتألّفهم على الإسلام و يستعين بهم على قتال غيرهم و يعطيهم سهما من الزّكاة.و هل هو ثابت في جميع الأحوال أم في وقت دون وقت؟فقال الحسن،و الشّعبيّ:إنّ هذا كان خاصّا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و روى جابر عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام ذلك.و اختار الجبّائيّ أنّه ثابت في كلّ عصر إلاّ أنّ من شرطه أن يكون هناك إمام عدل يتألّفهم على ذلك.

و قال بعضهم:جعل اللّه الزّكاة لأمرين:أحدهما:

سدّ خلّة،و الآخر:تقوية و معونة لعزّ الإسلام.و استدلّ بذلك على أنّ المؤلّفة قلوبهم في كلّ زمان.[إلى أن قال:]

و كان بعض المتأخّرين لا يضعها إلاّ في سبعة أصناف،لأنّ المؤلّفة قد انقرضوا.و إن قسّمها الإنسان عن نفسه ففي ستّة،لأنّه بطل سهم العامل.و زعم أنّه لا يجزئ في كلّ صنف أقلّ من ثلاثة.و عندنا أنّ سهم المؤلّفة و السّعاة و سهم الجهاد،قد سقط اليوم،و يقسّم في الخمسة الباقية كما يشاء ربّ المال.و إن وضعها في فرقة منهم جاز.(5:284)

الرّاغب: و المؤلّفة قلوبهم هم الّذين يتحرّى فيهم بتفقّدهم أن يصيروا من جملة من وصفهم اللّه لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ الأنفال:63.(21)

البغويّ: الصّنف الرّابع من المستحقّين للصّدقة هم المؤلّفة قلوبهم و هم قسمان:قسم مسلمون،و قسم كفّار.

فأمّا المسلمون فقسمان:قسم دخلوا في الإسلام و نيّتهم ضعيفة فيه،فكان النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يعطيهم تألّفا كما أعطى عيينة بن حصين،و الأقرع بن حابس،و العبّاس ابن مرداس السّلميّ،أو أسلموا و نيّتهم قويّة في الإسلام و هم شرفاء في قومهم،مثل عديّ بن حاتم و الزّبرقان بن بدر،فكان يعطيهم تألّفا لقومهم و ترغيبا لأمثالهم في الإسلام،فهؤلاء يجوز للإمام أن يعطيهم من خمس خمس الغنيمة،و الفيء من سهم النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم و كان النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يعطيهم من ذلك و لا يعطيهم من الصّدقات.

و القسم الثّاني:من مؤلّفة المسلمين أن يكون قوم من المسلمين بإزاء قوم كفّار من موضع متناء،لا تبلغهم جيوش المسلمين إلاّ بمؤنة كثيرة،و هم لا يجاهدون إمّا لضعف نيّتهم أو لضعف حالهم،فيجوز للإمام أن يعطيهم من سهم الغزاة من مال الصّدقة.و قيل:من سهم المؤلّفة.

و منهم قوم بإزاء جماعة من مانعي الزّكاة يأخذون منهم الزّكاة يحملونها إلى الإمام فيعطيهم الإمام من سهم المؤلّفة من الصّدقات،و قيل:من سهم سبيل اللّه.

روي أنّ عديّ بن حاتم جاء إلى أبي بكر بثلاثة مائة من الإبل من صدقات قومه،فأعطاه أبو بكر منها ثلاثين

ص: 636

بعيرا.

و أمّا الكفّار من المؤلّفة فهو من يخشى شرّه منهم أو يرجى إسلامه،فيريد الإمام أن يعطي هذا حذرا من شرّه أو يعطي ذلك ترغيبا له في الإسلام،فقد كان النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يعطيهم من خمس الخمس،كما أعطى صفوان بن أميّة لما كان يرى من ميله إلى الإسلام.

أمّا اليوم فقد أعزّ اللّه الإسلام فله الحمد،و أغناه عن أن يتألّف عليه رجال فلا يعطى مشرك تألّفا بحال.و قد قال بهذا كثير من أهل العلم:إنّ المؤلّفة منقطعة،و سهمهم ساقط.(3:91)

نحوه البيضاويّ(1:420)،و الخازن(3:91)،و ابن كثير(3:412)،و الشّربينيّ(1:623)،و أبو السّعود (2:277)،و البروسويّ(3:453)،و القاسميّ(8:318).

الفخر الرّازيّ: قال الواحديّ:إنّ اللّه تعالى أغنى المسلمين عن تألّف قلوب المشركين،فإن رأى الإمام أن يؤلّف قلوب قوم لبعض المصالح الّتي يعود نفعها على المسلمين إذا كانوا مسلمين جاز،إذ لا يجوز صرف شيء من زكوات الأموال إلى المشركين.فأمّا المؤلّفة من المشركين فإنّما يعطون من مال الفيء لا من الصّدقات.

و أقول:إنّ قول الواحديّ:إنّ اللّه أغنى المسلمين عن تألّف قلوب المشركين،بناء على أنّه ربّما يوهم أنّه عليه الصّلاة و السّلام دفع قسما من الزّكاة إليهم،لكنّا بيّنّا أنّ هذا لم يحصل البتّة،و أيضا فليس في الآية ما يدلّ على كون المؤلّفة مشركين بل قال: وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، و هذا عامّ في المسلم و غيره.

و الصّحيح أنّ هذا الحكم غير منسوخ،و أنّ للإمام أن يتألّف قوما على هذا الوصف،و يدفع إليهم سهم المؤلّفة،لأنّه لا دليل على نسخه البتّة.(16:111)

القرطبيّ: لا ذكر للمؤلّفة قلوبهم في التّنزيل في غير قسم الصّدقات،و هم قوم كانوا في صدر الإسلام ممّن يظهر الإسلام،يتألّفون بدفع سهم من الصّدقة إليهم لضعف يقينهم.[ثمّ نقل أقسام المؤلّفة قلوبهم و اختلاف الفقهاء في بقائهم و عدمه](8:178)

البروسويّ: هم الّذين تتألّف قلوبهم بذكر اللّه إلى اللّه،المتقرّبون إليه بالتّباعد عمّا سواه.(3:455)

العامليّ: و اعلم أنّ الّذي يظهر من كلام بعض الأصحاب على وفق بعض الأخبار أنّ المؤلّفة قلوبهم شامل لضعفاء الدّين و المنافقين من هذه الأمّة،كما في «الكافي»عن الباقر عليه السّلام،قال:«المؤلّف قلوبهم لم يكونوا قطّ أكثر منهم اليوم»-و سيأتي تفصيل الكلام في سورة التّوبة-فعلى هذا يمكن تأويل المؤلّفة بمن ينبغي مداراته أو إيناسه،و جلب قلبه بالعطايا الماليّة و المراعاة الظّاهريّة و إراءة المحسّنات الدّينيّة،حتّى يعرف الحقّ كما ينبغي،و يثبت عليه،كما يؤيّد هذا ما سيأتي في«الأذن» و غيرها من الأعضاء فيه أيضا،مع ما سيأتي في «الخرطوم»فتأمّل.(76)

الآلوسيّ: [لخّص كلام البغويّ.ثمّ ذكر دليل من قال بسقوط سهم المؤلّفة قلوبهم و أضاف:]

و تعقّبه ابن الهمام بأنّ هذا لا ينفي النّسخ،لأنّ إباحة الدّفع إليهم حكم شرعيّ كان ثابتا،و قد ارتفع.

و قال بعض المحقّقين:إنّ ذلك نسخ،و لا يقال:نسخ الكتاب بالإجماع لا يجوز على الصّحيح،لأنّ النّاسخ

ص: 637

دليل الإجماع،لا هو،بناء على أنّه لا إجماع إلاّ عن مستند،فإن ظهر،و إلاّ وجب الحكم بأنّه ثابت،على أنّ الآية الّتي أشار إليها عمر،و هي قوله سبحانه: وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ الكهف:29،يصلح لذلك.و فيه نظر فإنّه إنّما يتمّ لو ثبت نزول هذه الآية بعد هذه و لم يثبت.

و قال قوم: لم يسقط سهم هذا الصّنف،و هو قول الزّهريّ و أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام و أبي ثور.و روي ذلك عن الحسن.

و قال أحمد: يعطون إن احتاج المسلمون إلى ذلك.

و قال البعض: إنّ المؤلّفة قلوبهم:مسلمون و كفّار، و السّاقط سهم الكفّار فقط،و صحّح أنّه عليه السّلام كان يعطيهم من خمس الخمس الّذي كان خاصّ ماله صلى اللّه عليه و سلم.

(10:122)

رشيد رضا :أي الجماعة الّذين يراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام،أو التّثبّت فيه،أو بكفّ شرّهم عن المسلمين،أو رجاء نفعهم في الدّفاع عنهم،أو نصرهم على عدوّ لهم،لا في تجارة و صناعة و نحوهما.

فإنّ من يرى أنّ مخالفه في الدّين مصدر نفع له يوشك أن يوادّه،فإن لم يوادّه لم يحادّه،كالعدوّ الّذي يخشى ضرره و لا يرجو نفعه.

و ذكر الفقهاء أنّ المؤلّفة قلوبهم قسمان:كفّار و مسلمون،و الكفّار ضربان،و المسلمون أربعة.فمجموع الفريقين ستّة.و هذا بيانهم بالتّفصيل و الاختصار.

الأوّل:قوم من سادات المسلمين و زعمائهم،لهم نظراء من الكفّار إذا أعطوا رجي إسلام نظرائهم و استشهدوا له بإعطاء أبي بكر لعديّ بن حاتم و الزّبرقان بن بدر،مع حسن إسلامهما،لمكانتهما في أقوامهما.

الثّاني:زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين مطاعون في أقوامهم،يرجى بإعطائهم تثبيتهم و قوّة إيمانهم و مناصحتهم في الجهاد و غيره،كالّذين أعطاهم النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم العطايا الوافرة من غنائم هوازن،و هم بعض الطّلقاء من أهل مكّة الّذين أسلموا،فكان منهم المنافق،و منهم ضعيف الإيمان،و قد ثبت أكثرهم بعد ذلك،و حسن إسلامهم.

الثّالث:قوم من المسلمين في الثّغور و حدود بلاد الأعداء،يعطون لما يرجى من دفاعهم عمّن وراءهم من المسلمين،إذا هاجمهم العدوّ.

و أقول:إنّ هذا العمل هو الرّابطة،و هؤلاء الفقهاء يدخلونها في سهم سبيل اللّه كالغزو المقصود منها.و أولى منهم بالتّأليف في زماننا قوم من المسلمين يتألّفهم الكفّار ليدخلوهم تحت حمايتهم أو في دينهم،فإنّنا نجد دول الاستعمار الطّامعة في استعباد جميع المسلمين،و في ردّهم عن دينهم يخصّصون من أموال دولهم سهما للمؤلّفة قلوبهم من المسلمين،فمنهم من يؤلّفونه لأجل تنصيره و إخراجه من حظيرة الإسلام،و منهم من يؤلّفونه لأجل الدّخول في حمايتهم و مشاقّة الدّول الإسلاميّة أو الوحدة الإسلاميّة،ككثير من أمراء جزيرة العرب و سلاطينها!! أ فليس المسلمون أولى بهذا منهم؟

الرّابع:قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزّكاة ممّن لا يعطيها إلاّ بنفوذهم و تأثيرهم،إلاّ أن يقاتلوا، فيختار بتأليفهم و قيامهم بهذه المساعدة للحكومة أخفّ

ص: 638

الضّررين و أرجح المصلحتين.و هذا سبب جزئيّ قاصر فمثله ما يشبهه من المصالح العامّة.

الخامس:من الكفّار من يرجى إيمانه بتأليفه و استمالته كصفوان بن أميّة الّذي وهب النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم له الأمان يوم فتح مكّة و أمهله أربعة أشهر لينظر في أمره بطلبه، و كان غائبا فحضر و شهد مع المسلمين غزوة حنين قبل أن يسلم،و كان النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم استعار سلاحه منه لمّا خرج إلى حنين،و هو القائل يومئذ:لأن يرثني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يرثني رجل من هوازن.و قد أعطاه النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم إبلا كثيرا محمّلة كانت في واد،فقال:هذا عطاء من لا يخشى الفقر...السّادس:من الكفّار من يخشى شرّه فيرجى بإعطائه كفّ شرّه و شرّ غيره معه.[ثمّ نقل قول ابن عبّاس فيهم،و دليل القائلين بسقوط سهم المؤلّفة، و أضاف:]

و الظّاهر جواز التّأليف عند الحاجة إليه،فإن كان في زمن الإمام قوم لا يطيعونه إلاّ للدّنيا و لا يقدر على إدخالهم تحت طاعته بالقسر و الغلب،فله أن يتألّفهم، و لا يكون لفشوّ الإسلام تأثير،لأنّه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة.

و هذا هو الحقّ في جملته،و إنّما يجيء الاجتهاد في تفصيله من حيث الاستحقاق و مقدار الّذي يعطى من الصّدقات و من الغنائم إن وجدت،و غيرها من أموال المصالح و الواجب فيه الأخذ برأي أهل الشّورى،كما كان يفعل الخلفاء في الأمور الاجتهاديّة.و في اشتراط العجز عن إدخال الإمام إيّاهم تحت طاعته بالغلب نظر،فإنّ هذا لا يطّرد بل الأصل فيه ترجيح أخفّ الضّررين و خير المصلحتين.(10:494)

نحوه:المراغيّ(10:143)،و عبد الكريم الخطيب (8:812).

الطّباطبائيّ: و أمّا المؤلّفة قلوبهم فهم الّذين يؤلّف قلوبهم بإعطاء سهم من الزّكاة ليسلموا أو يدفع بهم العدوّ أو يستعان بهم على حوائج الدّين.[إلى أن قال:]

فالأنسب أن يكون قوله: فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ التّوبة:60،إشارة إلى أنّ تقسّمها إلى الأصناف الثّمانية أمر مفروض من اللّه لا يتعدّى عنه،على خلاف ما كان يطمع فيه المنافقون في لمزهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و من هنا يظهر أنّ الآية لا تخلو عن إشعار بكون الأصناف الثّمانية على سهمها من غير اختصاص بزمان دون زمان،خلافا لما ذكره بعضهم:أنّ المؤلّفة قلوبهم كانوا جماعة من الأشراف في زمن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ألّف قلوبهم بإعطاء سهم من الصّدقات إيّاهم.و أمّا بعده صلّى اللّه عليه و آله فقد ظهر الإسلام على غيره و ارتفعت الحاجة إلى هذا النّوع من التّأليفات.و هو وجه فاسد،و ارتفاع الحاجة ممنوع.(9:311)

فضل اللّه: الّذين يراد تقريبهم إلى أجواء الإسلام، أو تثبيتهم في مواقفه؛و ذلك من خلال الرّعاية الماليّة لهم،ليتحوّل ذلك إلى شعور حميم،تجاه الإسلام و أهله، فيزداد اهتمامهم بالتّفكير فيه،و بتعلّم أحكامه و شرائعه،و بالالتزام بخطّه المستقيم.(11:143)

الف

1- ....وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ. البقرة:96

ص: 639

ابن عبّاس: هو قول أحدهم لمن عطس:«هزار سال بزى»(الطّبرسيّ 1:166)

مثله سعيد بن جبير.(الطّبريّ 1:429)

قتادة: حبّبت إليهم الخطيئة طول العمر.

مثله ابن أبي نجيح.(الطّبريّ 1:429)

البغويّ: يعني تعمير ألف سنة،و هي تحيّة المجوس فيما بينهم،يقولون:عش ألف سنة،أو ألف نيروز و مهرجان،يقول اللّه تعالى:اليهود أحرص على الحياة من المجوس،الّذين يقولون ذلك.(1:71)

نحوه الزّمخشريّ(1:298)،و الخازن(1:71).

الطّبرسيّ: ذكر«الألف»لأنّها نهاية ما كانت المجوس يدعو به بعضهم لبعض و تحيّى به الملوك،يقولون:

عش ألف نوروز و ألف مهرجان.(1:166)

نحوه النّسفيّ(1:63)،و البروسويّ(1:186).

النّيسابوريّ: [مثل الطّبرسيّ و أضاف:]

و تخصيص«الألف»بالذّكر بناء على العرف،و لأنّه أوّل عقد يستحيل وقوعه في أعمار بني آدم أو يندر.(1:379)

أبو حيّان: معنى(الف سنة)العمر الطّويل في أبناء جنسه،فيكون(الف سنة)كناية عن الزّمان الطّويل.

و يحتمل أن يريد(الف سنة)حقيقة،و إن كان يعلم أنّه لا يعيش ألف سنة،لأنّ التّمنّي يقع على الجائز و المستحيل عادة أو عقلا،فيكون هذا معناه أنّهم لشدّة حرصهم في ازدياد الحياة يتعلّق تمنّيهم في ذلك،بما لا يمكن وقوعه عادة.(1:315)

الآلوسيّ: و معنى(الف سنة)الكثرة ليشمل من يودّ أن لا يموت أبدا.و يحتمل أن يراد(الف سنة)حقيقة.

و الألف:العدد المعلوم من الألفة؛إذ هو مؤلّف من أنواع الأعداد،بناء على متعارف النّاس،و إن كان الصّحيح أنّ العدد مركّب من الوحدات الّتي تحته لا الأعداد.(1:330)

رشيد رضا :أي يتمنّى لو يعمّره اللّه و يبقيه ألف سنة أو أكثر،فإنّ لفظ«الألف»عند العرب منتهى أسماء العدد،فيعبّر به عن المبالغة في الكثرة.(1:391)

نحوه المراغيّ.(1:174)

الطّباطبائيّ: الألف:كناية عن الكثرة،و هو آخر مراتب العدد بحسب الوضع الأفرادي عند العرب، و الزّائد عليه يعبّر عنه بالتّكرير و التّركيب،كعشرة آلاف،و مائة ألف،و ألف ألف.(1:229)

2- أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ. الأنفال:9

السّدّيّ:بآلاف من الملائكة،على الجمع ليوافق ما في سورة آل عمران:124،125.(الزّمخشريّ 2:146)

القرطبيّ: و قرأ جعفر بن محمّد و عاصم الجحدريّ (بآلف):جمع ألف،مثل فلس و أفلس؛و عنهما أيضا (بألف)،و قد مضى في آل عمران:124،125 ذكر نزول الملائكة و سيماهم و قتالهم.(7:371)

البيضاويّ: و قرأ(بآلاف)ليوافق ما في سورة آل عمران:124،125،و وجه التّوفيق بينه و بين المشهور أنّ المراد«بالألف»الّذين كانوا على المقدّمة أو السّاقة أو وجوههم و أعيانهم أو من قاتل منهم.(1:386)

أبو حيّان: و قرأ الجمهور(بألف)على التّوحيد.

ص: 640

و الجحدريّ(بآلف)على وزن«أفلس»و عنه و عن السّدّيّ(بالآلف)،و الجمع بين الإفراد و الجمع أن يحمل الإفراد على من قاتل منهم،أو على الوجوه الّذين من سواهم أتباع لهم.(4:465)

3- وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ.

الحجّ:47

الفرّاء: يقال:يوم من أيّام عذابهم في الآخرة كألف سنة ممّا تعدّون في الدّنيا.(2:228)

الطّبرسيّ:اختلف في معناه على وجوه:

أحدها:أنّ يوما من أيّام الآخرة يكون(كالف سنة) من أيّام الدّنيا،عن ابن عبّاس،و مجاهد،و عكرمة،و ابن زيد.

و في رواية أخرى عن ابن عبّاس:أنّه أراد أنّ يوما من الأيّام الّتي خلق اللّه فيها السّماوات و الأرض(كالف سنة).و يدلّ عليه ما روي أنّ الفقراء يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بنصف يوم خمسمائة عام،و يكون المعنى على هذا أنّهم يستعجلون العذاب،و إنّ يوما من أيّام عذابهم في الآخرة كألف سنة.

و ثانيها:أنّ المعنى وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ و«الف سنة»في قدرته واحد،فلا فرق بين وقوع ما يستعجلون به من العذاب،و بين تأخّره في القدرة.إلاّ أنّه سبحانه تفضّل بالإمهال؛إذ لا يفوته شيء.عن الزّجّاج،و هو معنى قول ابن عبّاس في رواية عطاء.

و ثالثها:أنّ يوما واحدا كألف سنة في مقدار العذاب لشدّته و عظمته،كمقدار عذاب ألف سنة من أيّام الدّنيا على الحقيقة،و كذلك نعيم الجنّة لأنّه يكون في مقدار يوم من أيّام الجنّة من النّعيم و السّرور،مثل ما يكون في «ألف سنة»من أيّام الدّنيا،لو بقي منعم فيها.ثمّ الكافر يستعجل ذلك العذاب لجهله.عن الجبّائيّ،و هذا كما يقال في المثل:«أيّام السّرور قصار و أيّام الهموم طوال».

[ثمّ استشهد بشعر](4:90)

نحوه النّيسابوريّ(17:107)،و أبو حيّان(6:379).

البيضاويّ: بيان لتناهي صبره و تأنّيه حتّى استقصر المدد الطّوال،أو لتمادي عذابه و طول أيّامه حقيقة،أو من حيث إنّ أيّام الشّدائد مستطالة.(2:95) نحوه النّسفيّ.(3:105)

و هنا أبحاث أخرى راجع ي و م«يوم».

4- وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً. العنكبوت:14

الزّمخشريّ: فإن قلت:هلاّ قيل:تسعمائة و خمسين سنة؟

قلت:ما أورده اللّه أحكم،لأنّه لو قيل كما قلت،لجاز أن يتوهّم إطلاق هذا العدد على أكثره،و هذا التّوهّم زائل مع مجيئه كذلك،و كأنّه قيل:تسعمائة و خمسين سنة كاملة وافية العدد،إلاّ أنّ ذلك أخصر و أعذب لفظا و أملأ بالفائدة.و فيه نكتة أخرى،و هي أنّ القصّة مسوقة لذكر ما ابتلي به نوح عليه السّلام من أمّته و ما كابده من طول المصابرة تسلية لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و تثبيتا له،فكان ذكر رأس العدد الّذي لا رأس أكثر منه،أوقع و أوصل إلى الغرض من استطالة السّامع مدّة صبره.(3:200)

ص: 641

نحوه الفخر الرّازيّ(25:42)،و الرّازيّ(264)،و البيضاويّ(2:206)،و النّسفيّ(3:252)،و الخازن (5:157)،و الشّربينيّ(3:128)،و المراغيّ(20:123).

القرطبيّ: فإن.قيل:فلم قال: أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً و لم يقل:تسعمائة و خمسين عاما،ففيه جوابان:

أحدهما:أنّ المقصود به تكثير العدد،فكان ذكره «الألف»أكثر في اللّفظ و أكثر في العدد.

الثّاني:ما روي أنّه أعطي من العمر ألف سنة،فوهب من عمره خمسين سنة لبعض ولده،فلمّا حضرته الوفاة رجع في استكمال الألف،فذكر اللّه تعالى ذلك تنبيها على أنّ النّقيصة كانت من جهته.(13:334)

البروسويّ: الألف:العدد المخصوص،سمّي بذلك لكون الأعداد فيه مؤلّفة،فإنّ الأعداد أربعة:آحاد و عشرات و مئون و ألوف،فإذا بلغ الألف فقد ائتلف و ما بعده يكون مكرّرا.قال بعضهم:«الألف»من ذلك،لأنّه مبدأ النّظام.[إلى أن قال:]

و إنّما ذكر«الألف»تخييلا لطول المدّة إلى السّامع،أي ليكون أفخم في أذنه،ثمّ أخرج منها الخمسون إيضاحا لمجموع العدد،فإنّ المقصود من القصّة تسلية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم،و تثبيته على ما يكابد من الكفرة.(6:455)

5- ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ. السّجدة:5

ابن عبّاس: المعنى كان مقداره لو ساره غير الملك ألف سنة،لأنّ النّزول خمسمائة و الصّعود خمسمائة.

(القرطبيّ 14:87)

مثله مجاهد.(الطّوسيّ 10:115)

و المعنى أنّ اللّه تعالى جعله في صعوبته على الكفّار كخمسين ألف سنة.

و العرب تصف أيّام المكروه بالطّول و أيّام السّرور بالقصر.(القرطبيّ 14:88)

النّيسابوريّ: تقدير الزّمان ب(الف سنة)لأنّ ما بين السّماء و الأرض مسيرة خمسمائة عام،و أنّ الملك يقطعها في يوم واحد من أيّامنا.

و قيل:إنّه إشارة إلى نفوذ الأمر،فإنّ نفاذ الأمر كلّما كان في مدّة أكثر كان حاله أعلى،أي يدبّر الأمر في زمان يوم منه ألف سنة منه،فكم يكون شهر منه،و كم يكون سنة منه،و كم يكون دهر منه.فلا فرق على هذا بين ألف سنة و بين خمسين ألف سنة،كما في«المعارج».

و قيل:إنّ هذه عبارة عن الشّدّة و استطالة أهلها إيّاها كالعادة في استطالة أيّام الشّدّة و الحزن،و استقصار أيّام الرّاحة و السّرور.و خصّت السّورة بقوله:(الف سنة)موافقة لما قبله،و هو قوله: فِي سِتَّةِ أَيّامٍ السّجدة:4.(21:64)

أبو السّعود: أي في برهة من الزّمان متطاولة، و المراد بيان طول امتداد ما بين تدبير الحوادث و حدوثها من الزّمان.

و قيل:يدبّر أمر الحوادث اليوميّة بإثباتها في اللّوح المحفوظ فينزل بها الملائكة،ثمّ تعرج إليه في زمان هو كألف سنة ممّا تعدّون،فإنّ ما بين السّماء و الأرض مسيرة خمسمائة عام.

ص: 642

و قيل:يقضي قضاء ألف سنة،فينزل به الملك،ثمّ يعرج بعد الألف لألف آخر.

و قيل:يدبّر أمر الدّنيا جميعا إلى قيام السّاعة،ثمّ يعرج إليه الأمر كلّه عند قيامها.

و قيل:يدبّر المأمور به من الطّاعات منزلا من السّماء إلى الأرض بالوحي،ثمّ لا يعرج إليه خالصا إلاّ في مدّة متطاولة؛لقلّة المخلصين و الأعمال الخلّص.و أنت خبير بأنّ قلّة الأعمال الخالصة لا تقتضي بطء عروجها إلى السّماء بل قلّته.(4:195)

الآلوسيّ: أي في برهة متطاولة من الزّمان،فليس المراد حقيقة العدد.و عبّر عن المدّة المتطاولة ب«الألف» لأنّها منتهى المراتب و أقصى الغايات،و ليس مرتبة فوقها إلاّ ما يتفرّع منها من أعداد مراتبها.[إلى أن قال:]

و قيل:المعنى يدبّر سبحانه أمر الدّنيا كلّها من السّماء إلى الأرض لكلّ يوم من أيّام الرّبّ جلّ شأنه،و هو ألف سنة،كما قال سبحانه: وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ الحجّ:47.(21:120)

نحوه المراغيّ.(21:105)

الطّباطبائيّ: و أمّا كونه خمسين ألف سنة،فهو بالنّسبة إلى الكافر من حيث الشّقّة،أو أنّ الألف سنة مقدار مشهد من مشاهد يوم القيامة و هو خمسون موقفا، كلّ موقف مقداره ألف سنة.

ثمّ المراد بقوله: مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ هل هو التّحديد حقيقة أو المراد مجرّد التّكثير،كما في قوله: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ البقرة:96،أي يعمّر عمرا طويلا جدّا،و إن كان هذا الاحتمال بعيدا من السّياق.

و الآية-كما ترى-تحتمل الاحتمالات جميعا و لكلّ منها وجه،و الأقرب من بينها إلى الذّهن كون(فى يوم) قيدا لقوله: ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ، و كون المراد بيوم عروج الأمر مشهدا من خمسين مشهدا من مشاهد يوم القيامة.

و اللّه أعلم.(16:248)

فضل اللّه: ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ، حيث تعود الأمور كلّها إلى اللّه في حركتها المتّصلة بمواقع أمره و نهيه،في ما يرتبط بمسألة المسئوليّة الإنسانيّة في أفعاله و أقواله و علاقاته باللّه و بالحياة و بالإنسان،ليواجه الموقف بين يدي اللّه في يوم القيامة الّذي لو طبّق على مقاييس الزّمان في الأرض، لكان مقداره ألف سنة في التّقدير.

و قد جاء في تقدير يوم القيامة،بأنّه خمسون ألف سنة و ذلك في قوله تعالى: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ المعارج:4، فكيف نوفّق بينهما؟و ربّما كان التّقدير الأخير بلحاظ الشّعور الدّاخليّ لدى الكافر بالمشقّة الكبيرة،من خلال ما يعانيه من أهوال القيامة،و ربّما كان التّقدير بالألف سنة،بلحاظ مشهد واحد من مشاهد يوم القيامة،و هو خمسون موقفا،كلّ موقف مقداره ألف سنة،كما جاء في بعض التّفاسير،و اللّه العالم.(18:225)

[راجع«ع ر ج»و«د ب ر»]

6- تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. المعارج:4

الطّوسيّ: قيل:المعنى إنّ يوم القيامة يفعل فيه من

ص: 643

الأمور ما لو فعل في الدّنيا مقداره خمسين ألف سنة.

و قال قوم:المعنى أنّه من شدّته و هو له و عظم العذاب فيه على الكافرين كأنّه خمسون ألف سنة،كما يقول القائل:ما يومنا إلاّ شهر،أي في شدّته.[ثمّ استشهد بشعر](10:115)

الزّمخشريّ: أي يقع في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم و هو يوم القيامة،إمّا أن يكون استطالة له لشدّته على الكفّار،و إمّا لأنّه على الحقيقة كذلك.

و قيل:فيه خمسون موطنا كلّ موطن ألف سنة،و ما قدر ذلك على المؤمن إلاّ كما بين الظّهر و العصر.

(4:157)

مثله(النّسفيّ 4:29).(4:29)

فضل اللّه: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ الظّاهر أنّه يوم القيامة الّذي يقع فيه هذا العذاب،و يتمثّل فيه المشهد العظيم في عروج الملائكة إلى اللّه،و هم الموكّلون بالعذاب،ليتلقّوا أوامره الّتي ينفّذونها في كلّ الشّئون المتعلّقة بالكون في حركة القيامة،كما كانوا ينفّذونها قبل ذلك،لأنّهم عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ الأنبياء:26،27.

كما يصعد إليه في هذا اليوم الرّوح،و هو الخلق الغيبيّ العظيم الّذي حدّثنا اللّه عنه في القرآن في أكثر من آية،كما لو كان خلقا متميّزا عن الملائكة في ما يعهد اللّه إليه من النّزول بأمره إلى النّاس،ممّا لا نملك تصوّرا دقيقا عنه في كيفيّة تلقّيه الأوامر من اللّه،و في تبليغها للأنبياء، و في تنفيذ ما يمكن أن يكون قد عهد إليه بتنفيذه.و قيل:

إنّه جبريل الّذي كان ينزل بالوحي على الأنبياء عليهم السّلام.

ثمّ ما هو تحديد هذه الخمسين ألف سنة،هل هو تحديد دقيق في الحدود الزّمنيّة الّتي تخضع لها السّنة.كما يعرفها النّاس في الأرض،ليكون ذلك مقدّرا بالنّسبة الموجودة في وعيهم الزّمنيّ،لأنّ اليوم الأرضيّ يمثّل الحركة الزّمنيّة الحاصلة،من دورة الأرض حول نفسها في أربع و عشرين ساعة،بينما نعلم أن هناك نجوما تدور حول نفسها بالمقدار الّذي يعادل يومنا آلاف المرّات،و يمكن أن يكون ذلك التّعبير واردا مورد الكناية عن طول هذا اليوم العظيم،في ما اعتاده النّاس من التّعبير بهذه الطّريقة عن ذلك،و قد يكون الحديث عن ذلك تعبيرا عن الجهد الّذي يلاقيه الإنسان في الحساب،عند ما يكون في خطّ الانحراف؛بحيث يكون في مستوى هذا الرّقم الكبير في إحساسه بالطّول.

و قد ورد عن النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله في ما رواه في«الدّرّ المنثور»عن عدّة من الجوامع،عن أبي سعيد الخدريّ، قال:«سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ: ما أطول هذا اليوم؟فقال:و الّذي نفسي بيده إنّه ليخفّف على المؤمن حتّى يكون أهون عليه من صلاة مكتوبة يصلّيها في الدّنيا».

و جاء في حديث الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:«إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه،فلييأس من النّاس كلّهم،و لا يكون له رجاء إلاّ من عند اللّه غير ذكره،فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلاّ أعطاه،فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها،فإنّ

ص: 644

للقيامة خمسين موقفا،كلّ موقف مقداره ألف سنة،ثمّ تلا: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ» السّجدة:5.(23:92)

[و فيه فيها أبحاث أخر راجع«ق د ر»و«ي و م»]

7- لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. القدر:3

القرطبيّ: قيل:عني ب(الف شهر)جميع الدّهر، لأنّ العرب تذكر«الألف»في غاية الأشياء،كما قال تعالى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ البقرة:96، يعني جميع الدّهر(20:131)

أبو حيّان: و الظّاهر أنّ(الف شهر)يراد به حقيقة العدد،و هي ثمانون سنة،و ثلاثة أعوام.(8:496)

الآلوسيّ: و تخصيص«الألف»بالذّكر،قيل:

للتّكثير،كما في قوله تعالى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ و كثيرا ما يراد بالأعداد ذلك،و في«البحر» حكاية أنّ المعنى عليه خير من الدّهر كلّه.[إلى أن قال:]

و قد سمعت ما يدلّ على أنّ«الألف»إشارة إلى ملك بني أميّة و كان على ما قال القاسم بن الفضل:ألف شهر لا يزيد يوم و لا ينقص يوم،على ما قيل:ثمانين سنة، و هي ألف شهر تقريبا،لأنّها ثلاثة و ثمانون سنة و أربعة أشهر،و لا يعكر على ذلك ملكهم في جزيرة الأندلس بعد،لأنّه ملك يسير في بعض أطراف الأرض و آخر عمارة العرب،و لذا لم يعدّ من ملك منهم هناك من خلفائهم،و قالوا بانقراضهم بهلاك مروان الحمار،و طعن القاضي عبد الجبّار في كون الآية إشارة لما ذكر بأنّ أيّام بني أميّة كانت مذمومة،أي باعتبار الغالب،فيبعد أن يقال في شأن تلك اللّيلة:إنّها خير من ألف شهر مذمومة.[ثمّ استشهد بشعر]

و أجيب بأنّ تلك الأيّام كانت عظيمة بحسب السّعادات الدّنيويّة،فلا يبعد أن يقول اللّه تعالى:أعطيتك ليلة في السّعادات الدّينيّة أفضل من تلك في السّعادات الدّنيويّة،فلا تبقى فائدة.(30:193)

عبد الكريم الخطيب: نقول-و اللّه أعلم-:إنّه ليس المراد من ذكر(ألف شهر)وزن هذه اللّيلة بهذا العدد من الأيّام و اللّيالي و السّنين،و أنّها ترجّح عليها في ميزانها.و إنّما المراد هو تفخيم هذه اللّيلة و تعظيمها،و أنّ ذكر هذا العدد ليس إلاّ دلالة على عظم شأنها؛إذ كان عدد«الألف»هو أقصى ما تعرفه العرب من عقود العدد:

عشرة،و مائة،و ألف،و مضاعفاتها.(15:1635)

فضل اللّه:و قد لا يكون هذا الرّقم تحديدا في الكمّ، فربّما كان تقريبا للنّوع،في الدّرجة الّتي يتضاءل أمامها كلّ زمن من هذه الأزمنة الّتي لا تحمل إلاّ الذّرّات الزّمنيّة المجرّدة.(24:351)

[و هناك أبحاث أخرى راجع«ل ي ل»]

الوف

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ... البقرة:243

ابن عبّاس: كانوا أربعة آلاف خرجوا فرارا من الطّاعون(الطّبريّ 2:586)

عدد كثير خرجوا فرارا من الجهاد في سبيل اللّه.

(الطّبريّ 2:586)

مثله الضّحّاك،و الحسن.(الطّوسيّ 2:282)

ص: 645

كانوا أربعين ألفا أو ثمانية آلاف.(الطّبريّ 2:587)

وهب بن منبّه: أربعة آلاف.(البغويّ 1:210)

عطاء: سبعون ألفا.(البغويّ 1:210)

السّدّيّ: بضعة و ثلاثون ألفا.(الطّوسيّ 2:231)

سبعة و ثلاثين ألفا.(القرطبيّ 3:231)

عطاء بن أبي مسلم:ثلاثة آلاف أو أكثر.

(الطّبريّ 2:587)

الكلبيّ: ثمانية آلاف.

مثله مقاتل.(البغويّ 1:210)

ابن زيد: معناه هم مؤتلفو القلوب لم يخرجوا عن تباغض.(الطّوسيّ 2:282)

ابن جريج: أربعون ألفا.(البغويّ 1:210)

الطّبريّ: اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله:

(و هم الوف)،فقال بعضهم:في العدد بمعنى جماع ألف.

و قال آخرون:معنى قوله:(و هم الوف):و هم مؤتلفون.

و أولى القولين في تأويل قوله:(و هم الوف) بالصّواب قول من قال:عنى ب«الألوف»كثرة العدد، دون قول من قال:عنى به الائتلاف،بمعنى ائتلاف قلوبهم.[إلى أن قال:]

و أولى الأقوال في مبلغ عدد القوم الّذين وصف اللّه خروجهم من ديارهم بالصّواب قول من حدّ عددهم بزيادة عن عشرة آلاف دون من حدّه بأربعة آلاف و ثلاثة آلاف و ثمانية آلاف.

و ذلك أنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عنهم أنّهم كانوا ألوفا.و ما دون العشرة آلاف لا يقال:لهم ألوف،و إنّما يقال:هم آلاف،إذا كانوا ثلاثة آلاف فصاعدا إلى العشرة آلاف،و غير جائز أن يقال:هم خمسة ألوف أو عشرة ألوف،و إنّما جمع قليله على«أفعال»و لم يجمع على«أفعل»،مثل سائر الجمع القليل الّذي يكون ثاني مفرده ساكنا للألف الّتي في أوّله.

و شأن العرب في كلّ حرف كان أوّله ياء أو واوا أو ألفا اختيار جمع قليله على أفعال،كما جمعوا:الوقت أوقاتا،و اليوم أيّاما،و اليسر أيسارا؛للواو و الياء اللّتين في أوّل ذلك.و قد يجمع ذلك أحيانا على«أفعل»إلاّ أنّ الفصيح من كلامهم ما ذكرنا.[ثمّ استشهد بشعر]

(2:585-590)

الطّوسيّ: و قيل في معنى قوله:(و هم الوف)قولان:

أحدهما:أنّ معناه الكثرة،فكأنّه:و هم أكثر النّاس.

ذهب إليه ابن عبّاس،و الضّحّاك و الحسن.و من قال المراد به العدد الكثير اختلفوا؛فقال ابن عبّاس:كانوا أربعين ألفا.و قال قوم:أربعة آلاف.و قال آخرون:ثمانية آلاف.و قال السّدّيّ:بضعة و ثلاثون ألفا.

و الّذي يقضي به الظّاهر أنّهم أكثر من عشرة آلاف،لأنّ بناء«فعول»للكثير،و هو ما زاد على العشرة.فأمّا ما نقص،فيقال فيه:آلاف على وزن «أفعال»،نحو عشرة آلاف:و لا يقال:عشرة ألوف.(2:282)

البغويّ: [بعد نقل أقوال المتقدّمين قال:]

و قال أبو روق:عشرة آلاف...

و أولى الأقاويل قول من قال:كانوا زيادة على عشرة آلاف،لأنّ اللّه تعالى قال: (وَ هُمْ أُلُوفٌ) و الألوف جمع الكثير،و جمعه القليل:آلاف.و الألوف لا يقال لما

ص: 646

دون العشرة آلاف.[إلى أن قال:]

(وَ هُمْ أُلُوفٌ) جمع ألف.و قيل:مؤتلفة قلوبهم:جمع آلف،مثل قاعد و قعود.

و الصّحيح أنّ المراد منه العدد.(1:210)

نحوه القرطبيّ(3:231)و الخازن(1:211)،.

الزّمخشريّ: (وَ هُمْ أُلُوفٌ) فيه دليل على الألوف الكثيرة.و اختلف في ذلك:فقيل:عشرة،و قيل:ثلاثون، و قيل:سبعون.

و من بدع التّفاسير ألوف:متآلفون،جمع آلف، كقاعد و قعود.(1:377)

مثله البيضاويّ.(1:128)

الفخر الرّازيّ: أمّا قوله تعالى: (وَ هُمْ أُلُوفٌ) فيه قولان:

الأوّل:أنّ المراد بيان العدد،و اختلفوا في مبلغ عددهم.قال الواحديّ رحمه اللّه:و لم يكونوا دون ثلاثة آلاف،و لا فوق سبعين ألفا.و الوجه من حيث اللّفظ أن يكون عددهم أزيد من عشرة آلاف،لأنّ الألوف جمع الكثرة،و لا يقال في عشرة فما دونها:ألوف.

و القول الثّاني:أنّ الألوف جمع آلف،كقعود و قاعد و جلوس و جالس،و المعنى أنّهم كانوا مؤتلفي القلوب.

قال القاضي:الوجه الأوّل أولى،لأنّ ورود الموت عليهم و هم كثرة عظيمة،يفيد مزيد اعتبار بحالهم،لأنّ موت جمع عظيم دفعة واحدة لا يتّفق وقوعه،يفيد اعتبارا عظيما.

فأمّا ورود الموت على قوم بينهم ائتلاف و محبّة كوروده و بينهم اختلاف في أنّ وجه الاعتبار لا يتغيّر و لا يختلف.

و يمكن أن يجاب عن هذا السّؤال بأنّ المراد كون كلّ واحد منهم آلفا لحياته،محبّا لهذه الدّنيا؛فيرجع حاصله إلى ما قال تعالى في صفتهم: وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ البقرة:96،ثمّ إنّهم مع غاية حبّهم للحياة و ألفهم بها أماتهم اللّه تعالى و أهلكهم،ليعلم أنّ حرص الإنسان على الحياة لا يعصمه من الموت،فهذا القول على هذا الوجه ليس في غاية البعد.(6:174)

مثله النّيسابوريّ.(2:304)

أبو حيّان: و ألوف:جمع ألف،جمع كثرة،فناسب أن يفسّر بما زاد على عشرة آلاف،فقيل:ستّمائة ألف.

و قال عطاء:تسعون،و قيل:ثمانون،و قال عطاء أيضا:

سبعون،و قال ابن عبّاس:أربعون،و قال أيضا:بضع و ثلاثون،و قال أبو مالك:ثلاثون،يعنون ألفا.و قد فسّر بما هو لأدنى العدد،استعير لفظ الجمع الكثير للجمع القليل،فقال أبو روق:عشرة آلاف،و قال الكلبيّ، و مقاتل:ثمانية،و قال أبو صالح:سبعة،و قال ابن عبّاس، و ابن جبير:أربعة،و قال عطاء الخراسانيّ:ثلاثة آلاف، و قال البغويّ:الأولى قول من قال:إنّهم كانوا زيادة على عشرة آلاف،لأنّ ألوفا جمع الكثير و لا يقال لما دون العشرة الآلاف:ألوف،انتهى.

و هذا ليس كما ذكر فقد يستعار أحد الجمعين للآخر، و إن كان الأصل استعمال كلّ واحد منهما في موضوعه.

و هذه التّقديرات كلّها لا دليل على شيء منها.و لفظ القرآن (وَ هُمْ أُلُوفٌ) لم ينصّ على عدد معيّن،و يحتمل أن لا يراد ظاهر جمع ألف،بل يكون ذلك المراد منه

ص: 647

التّكثير،كأنّه قيل:خرجوا من ديارهم و هم عالم كثيرون لا يكادون يحصيهم عادّ.فعبّر عن هذا المعنى بقوله: (وَ هُمْ أُلُوفٌ) كما يصحّ أن تقول:جئتك ألف مرّة، لا تريد حقيقة العدد،إنّما تريد:جئتك مرارا كثيرة لا تكاد تحصى من كثرتها.[ثمّ استشهد بشعر]

و لعلّ من كان معه لم يكن«ألوفا»فضلا عن أن يكونوا«آلافا»و لكنّه أراد بذلك التّكثير،لأنّ العرب تكثّر بآلاف و تجمعه.

و الجمهور على أنّ قوله: (وَ هُمْ أُلُوفٌ) جمع ألف، العدد المعروف الّذي هو تكرير مائة عشر مرّات.

و قال ابن زيد: ألوف جمع آلف،كقاعد و قعود،أي خرجوا و هم مؤتلفون لم يخرجهم فرقة قومهم و لا فتنة بينهم بل ائتلفوا،فخالفت هذه الفرقة فخرجت فرارا من الموت و ابتغاء الحياة،فأماتهم اللّه في منجاهم بزعمهم.

و قال الزّمخشريّ: و هذا من بدع التّفاسير،و هو كما قال.

و قال القاضي: كونه جمع ألف من العدد أولى،لأنّ ورود الموت عليهم و هم كثرة عظيمة تفيد مزيد اعتبار، و أمّا وروده على قوم بينهم ائتلاف فكوروده و بينهم اختلاف،في أنّ وجه الاعتبار لا يتغيّر.(2:250)

نحوه الآلوسيّ.(2:160)

شبّر: كانوا سبعين ألف بيت.(1:247)

الوجوه و النّظائر

الفيروزآباديّ:و الألف في القرآن و لغة العرب يرد على نحو من أربعين وجها:

الأوّل:حرف من حروف التّهجّي،هوائيّ،يظهر من الجوف،مخرجه قريب من مخرج العين،و النّسبة ألفيّ، و يجمع:ألفون،على قياس صلفون،و ألفات،على قياس خلفات.

و الألف الحقيقيّ هو الألف السّاكنة في مثل«لا و ما»، فإذا تحرّكت صارت همزة.

و يقال للهمزة:ألف،توسّعا لا تحقيقا.

و قيل:الألف حرف على قياس سائر الحروف، يكون متحرّكا و يكون ساكنا.فالمتحرّك يسمّى همزة، و السّاكن ألفا.

الثّاني:الألف اسم للواحد في حساب الجمّل كما أنّ الباء اسم للاثنين.

الثّالث:ألف العجز و الضّرورة،فإنّ بعض النّاس يقول للعين:أين،و للعيب:أيب.

الرّابع:الألف المكرّرة في مثل:رأّب (1)ترئيبا.

الخامس:الألف الأصليّ،نحو ألف أمر،و قرأ و سأل.

السّادس:ألف الوصل،كالّذي في«ابن و ابنة»من الأسماء،و كالّذي في«انصر و اقطع»من الأفعال.

السّابع:ألف القطع،نحو ألف«أب،و أمّ،و إبل»في الأسماء و«أكرم و أعلم»،في الأفعال.قال تعالى:

فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. الحجرات:9.

الثّامن:ألف الفصل،تكون فاصلة بين واو الجماعة و واو العطف،نحو«آمنوا و كفروا و كذّبوا».

التّاسع:ألف الاستفهام،نحو أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ

ص: 648


1- أصلح.

نَحْنُ الْخالِقُونَ الواقعة:59، آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ يونس:59.

العاشر:ألف التّرنّم: *و قولي إن أصبت لقد أصابا*

الحادي عشر:ألف نداء القريب:يا آدم،يا إبراهيم،يا ربّ. (1)

الثّاني عشر:ألف النّدبة،و يكون في حال الوصل مفردا،و في حال الوقف مقترنا بهاء،نحو وا يداه و يا زيدا رحمك اللّه.

الثّالث عشر:ألف الإخبار عن نفس المتكلّم،نحو أَعُوذُ بِاللّهِ البقرة:67 وَ أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ يوسف:86.

الرّابع عشر:ألف الإشباع موافقة لفواصل الآيات أو لقوافي الأبيات،و الآية نحو: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ الأحزاب:67، وَ أَطَعْنَا الرَّسُولاَ الأحزاب:66، و الشّعر نحو: *و بعد غد بما لا تعلمينا*

و نحو:

*فنجهل فوق جهل الجاهلينا*

الخامس عشر:ألف التّأنيث،و يكون مقصورا كحبلى و بشرى،و ممدودا كحمراء و خضراء.

السّادس عشر:ألف التّثنية،نحو الزّيدان في الأسماء، و يضربان في الأفعال.قال تعالى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما المائدة:107.

السّابع عشر:ألف الجمع وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ الجنّ:18،و نحو مسلمات و قانتات.

الثّامن عشر:ألف التّعجّب فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النّارِ البقرة:175، أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ مريم:38.

التّاسع عشر:ألف الفرق.و ذلك في جماعة المؤنّث المؤكّدة بنون مشدّدة،نحو:اضربنانّ و اقطعنانّ.

العشرون:ألف الإشارة للحاضر،نحو«هذا و هاتا و ذا»و للغائب نحو«ذاك و ذلك».

الحادي و العشرون:ألف العوض في«ابن و اسم»، فإنّ الأصل بنو و سمو،فلمّا حذف الواو عوّض بالألف.

الثّاني و العشرون:ألف البناء،نحو«صباح و مصباح» في الأسماء و«صالح»في الأفعال.

الثّالث و العشرون:الألف المبدلة من ياء أو واو نحو «قال و كال»أو من نون خفيفة،نحو«لنسفعا»العلق:

15،في الوقف على«لنسفعن»أو من حرف يكون في مقدّمته حرف من جنسه،نحو«تقضّى»في تقضّض وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها الشّمس:10،أي من دسّسها.

الرّابع و العشرون:ألف الزّائدة،و هي إمّا في أوّل الكلمة،نحو«أحمر و أكرم»،فإنّ الأصل حمر و كرم،و إمّا في ثانيها:نحو«سالم و عالم»،و إمّا في ثالثها نحو«كتاب و عتاب»،و إمّا في رابعها:نحو«قرضاب (2)و شملال»، (3)و إمّا في خامسها نحو«شنفرى»، (4)و إمّا في سادسها نحو «قبعثرى» (5)

الخامس و العشرون:ألف التّعريف،نحو الرّجل، الغلام.م.

ص: 649


1- و جاء في الهامش:«هذه الأمثلة لا تصحّ للألف فالّذي فيها(يا)،و في القاموس:إنّ الّذي لنداء البعيد هو(آ) و قال الشّارح:«تقول:آ زيد أقبل».
2- اللّصّ و السّيف القطّاع.
3- سريعة.
4- السّيّئ.
5- الجمل العظيم.

السّادس و العشرون:ألف تقرير النّعم أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً الضّحى:6، أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ الانشراح:1.

السّابع و العشرون:ألف التّحقيق و يكون مقترنا ب«ما»في صدر الكلام نحو:أما إنّ فلانا فعل كذا.

الثّامن و العشرون:ألف التّنبيه.و يكون مقترنا ب«لا» أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ الزّمر:3.

التّاسع و العشرون:ألف التّوبيخ أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يس:60.

الثّلاثون:ألف التّعدية،نحو أجلسه و أقعده.

الحادي و الثّلاثون:ألف التّسوية سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ البقرة:6.

الثّاني و الثّلاثون:ألف الإعراب في الأسماء السّتّة حال النّصب،نحو أخاك و أباك.

الثّالث و الثّلاثون:ألف الإيجاب أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ الأعراف:172. *أ لستم خير من ركب المطايا*

الرّابع و الثّلاثون:ألف الإفخام،نحو كلكال و عقراب في تفخيم الكلكل و العقرب.

الخامس و الثّلاثون:الألف الكافية،و هي الألف الّذي يكتفى به عن الكلمة،نحو الم البقرة:1.

السّادس و الثّلاثون:ألف الأداة،نحو«إن و إنّ و أنّ».

السّابع و الثّلاثون:الألف اللّغويّ.قال الخليل:

الألف:الرّجل الفرد.

و قال صاحب«العباب»:الألف:الرّجل العزب.

الثّامن و الثّلاثون:الألف المجهولة،و هو كلّ ألف لإشباع الفتحة في الاسم و الفعل.

الأربعون (1):ألف التّعايي بأن يقول:إنّ عمر،ثمّ يرتج عليه فيقف قائلا:إنّ عمرا فيمدّها،منتظرا لما ينفتح له من الكلام.

و أصول الألفات ثلاثة،و يتبعها الباقيات:أصليّة كألف«أخذ»،و قطعيّة«كأحمد و أحسن»،و وصليّة «كاستخرج و استوفى»[و استشهد بالشّعر مرّتين].(بصائر ذوى التّمييز 2:5)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة هو الجمع و الضّمّ؛يقال:

ألفت الشّيء و المكان و فلانا،و آلفته أيضا:أنست به؛ لطول لزومي إيّاه و اجتماعي به،و لذا قيل لطير مكّة و حمام البيوت:أوالف؛لأنّها قد ألفتها.و الأصل فيها جمع الأجسام ثمّ تعدّى إلى جمع القلوب و الأرواح؛فيقال:

ألّفت بين القوم:جمعتهم في مكان،و ألّفت بين قلوبهم:

جمعت قلوبهم على أمر واحد.

و منه:الألف من الأعداد؛لأنّها اجتماع لآحادها و عشراتها و مئاتها؛يقال:عشرة آلاف،و مائة ألف، و ألف ألف.و لا يقال:عشر عشر،أو عشر مائة،أو مائة مائة،إلاّ من قبيل الشّرح لا المعنى.و بهذا يظهر ضعف قول ابن فارس في«الألف»بأنّها اجتماع المئين؛لأنّ هذا المعنى يصدق على العشرة،لأنّها اجتماع الآحاد،و على المائة؛لأنّها اجتماع العشرات.

ص: 650


1- سقط التّاسع و الثّلاثون ممّا ذكر،و في القاموس ألف التّفضيل و التّقصير كهو أكرم منك و أجهل منه،فقد يكون هذا هو السّاقط هنا.

و يقال منه:آلفت الإبل:صارت ألفا،و مثله:آلف القوم.و يقال:آلفت الدّراهم:كمّلتها ألفا،و آلفت هي.

و ألفته:أعطيته ألفا.

و منه:الألف من الحروف؛لأنّها تجتمع مع حروف أغلب المشتقّات و كثير من الكلمات،كاسم الفاعل على وزنه،مثل:عالم،و اسم التّفضيل،مثل:أحسن،و جمع المؤنّث السّالم،مثل:مؤمنات،و المتكلّم الوحدة،مثل:

أكتب.

2-و أمّا قولهم:آلف الرّجل،أي تجر،و ألّف القوم إلى كذا،أي استجاروا،فهو من الإيلاف،أي العهود الّتي أخذها بنو عبد مناف من الرّوم و الحبشة و اليمن و فارس؛ ليأمنوا على تجارتهم من التّعرّض لها حين السّفر إلى هذه البلاد،ثمّ اصطلح على التّجارة و الجوار مجازا.و ليس الإيلاف-بأيّ معنى كان-بعيدا عن معنى الجمع و التّأليف؛لأنّ العهود و كذلك الرّحلات هي من أسباب جمع القلوب و تآلفها،كما أنّ فيها جمع الأبدان.

3-و أمّا الفرق بين الجمع و التّأليف فقد تقدّم في النّصوص اللّغويّة عن أبي هلال العسكريّ،فلاحظ.

الاستعمال القرآنيّ

جاءت مادّة«أ ل ف»في القرآن على ثلاثة وجوه، الأوّل:التّأليف،و هو الجمع:

1-التّأليف بين المسلمين:

إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً آل عمران:103

وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الأنفال:63

و يلاحظ أوّلا أنّ القرآن استعمل هذا المعنى و هذه الصّيغة في أربع آيات مدنيّة من أربع سور مدنيّة لما يملي الظّرف على المسلمين من وحدة الكلمة و رصّ الصّفوف لمواجهة كيد اليهود و مكر المنافقين في المدينة.و هذا الأمر واضح في الآيات المدنيّة؛فأغلب الآيات الّتي تحثّ على الوحدة و الاجتماع و عدم التّفرقة هي آيات مدنيّة،منها قوله تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا آل عمران:103،و قوله: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ الصّفّ:4.

و ثانيا:ورد التّأليف ثلاث مرّات في الآية الثّانية:

مرّتين«بين القلوب»و مرّة واحدة(بينهم)،و كلّها ترجع إلى وحدة المسلمين و اجتماعهم بعد الفرقة.فكأنّ هذا التّكرار دلالة صريحة على وقوع شجار و تشاحّ بينهم، و خصوصا أنّ هذه الآية من سورة الأنفال،و الأنفال هي الغنائم.و قد اختلف المسلمون فيها بعد انتصارهم السّاحق على المشركين في غزوة بدر؛كلّ يريد الاستئثار بشيء دون صاحبه،فحسم اللّه الموقف بقوله:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ الأنفال:1.

2-التّأليف بين قلوب المشركين و المؤمنين:

إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ التّوبة:60

3-التّأليف بين السّحاب:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ

ص: 651

رُكاماً النّور:43

الثّاني:الألفة،و هي العادة:

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ قريش:1،2.

يلاحظ أوّلا:في هذه الآية أنّ القرآن استعمل «الإيلاف»دون«الألف»،و هو أكثر شيوعا عند العرب.

و هذا الاستعمال لا يخلو من وجود فرق بينهما على الرّغم من اتّحادهما في المعنى،كما تقدّم في النّصوص.و لعلّه ينبئ بالمبالغة،فيكون تقدير الكلام:لإلف قريش.إلفهم رحلة كلّ من الشّتاء و الصّيف؛فأغنى الإيلاف الكلام عن«كلّ»و كلّ ما يدلّ على المبالغة و التّكثير؛لأنّ اختلاف الحركات و الحروف يوجب اختلاف المعاني.

و ثانيا:قيل:علّة تكرار(إيلاف)هنا لبيان المفعول به،و هو رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ. و لكن ألاّ يمكن بيانه دون تكرار،كما لو قيل:لإيلاف قريش رحلة الشّتاء و الصّيف؟لأنّ الضّمير المتّصل(هم)في إيلاف الثّانية يعود على قريش.و لا نراه إلاّ تأكيدا و تنبيها:لينصاعوا إلى ما أمرهم به اللّه،و هو العبادة و الانقياد إليه،تأدية لمفترض آلائه.

و ثالثا:قد طال البحث في النّصوص في أنّ«الفيل و الإيلاف»سورة واحدة أم سورتين.و قد احتجّ من قال بالوحدة بالرّوايات،و بالمناسبة بينهما،لصحّة تعلّق اللاّم في لِإِيلافِ قُرَيْشٍ قريش:1،ب فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ الفيل:5،و قد أكّد الطّباطبائيّ تعدّد السّورتين حفظا على ما في المصحف من الفصل بينهما ب«بسم الله»و تضعيفا للرّوايات،أو عدم دلالة بعضها على الوحدة لو لا على التّعدّد.

و الأمر في تضعيف الرّوايات موكول إلى علماء الحديث،و الّذي نريد التّنبيه عليه مضافا إلى ما قالوا في المناسبة بينهما،أنّ ذيل سورة الإيلاف فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* اَلَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ يكاد يكون تفريعا على ما في السّورتين جميعا، فإطعامهم من جوع فرع على إيلافهم،و أمنهم من خوف فرع على ما فعل اللّه بأصحاب الفيل.و الإيلاف من آثار الأمن،و الأمن من بركات البيت،فأمرهم اللّه بعبادة ربّ هذا البيت شكرا لأمنهم من خوف،و إطعامهم من جوع، و تقديرا لشأن البيت.

الثّالث:الألف،بمعنى العدد،و جاء في مواطن:

1-تمنّي طول العمر:

وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ. البقرة:96

2-الإمداد بالملائكة:

فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ الأنفال:9

أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ آل عمران:124

يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ آل عمران:125

3-الصّبر و الثّبات في القتال:

وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ الأنفال:66

وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ

ص: 652

كَفَرُوا الأنفال:65

4-مقدار يوم عند اللّه:

وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ

الحجّ:47

ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ السّجدة:5

تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ المعارج:4

5-عمر نوح:

فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً

العنكبوت:14

6-إرسال يونس:

وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ

الصّافّات:147

7-فضل ليلة القدر:

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ القدر:3

8-خروج الألوف:

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ البقرة:243

يلاحظ أنّ العدد«ألفا»قد استعمل في القرآن للمبالغة و التّكثير في أغلب الأحيان،كتمنّي طول العمر و مقدار يوم اللّه و فضل ليلة القدر و حتّى عمر نوح؛ لإمكانه أن يقول:فلبث فيهم تسعمائة و خمسين عاما، و لكنّه ما قال ذلك لما ذكرنا،و ليس كما قيل:إنّ ذلك أخصر و أعذب لفظا،بل أنّ«تسعمائة و خمسين عاما» أخصر من أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً و إن كان أعذب قولا لقال:إنّ هذا أخي له مائة نعجة إلاّ شاة و لي نعجة واحدة،في قوله تعالى: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ ص:23.

ص: 653

ص: 654

أ ل ل

اشارة

إلاّ

لفظ واحد،مرّتان،في سورة مدنيّة.

النّصوص اللّغويّة

ابن الكلبيّ: كلّ اسم في العرب آخره«إلّ أو إيل» فهو مضاف إلى اللّه عزّ و جلّ نحو شرحبيل و عبد ياليل و شراحيل و شهميل و ما أشبه هذا إلاّ«زنجيل»و هو الرّجل النّحيف.(ابن دريد 1:19)

الخليل: الإلّ:الرّبوبيّة.قال أبو بكر،لمّا تلي عليه سجع مسيلمة:«ما خرج هذا من إلّ».

و الإلّ في قوله تعالى: إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:8،يقال في بعض التّفسير:هو اللّه عزّ و جلّ.

و الإلّ:قربى الرّحم.

و إلال:جبل بمكّة هو جبل عرفات.

و ألّ يئلّ و يؤلّ أليلا و ألاّ،و الأليلة:الاسم،و هو ما يجد الإنسان من وجع الحمّى،و نحوها في جسده دون الأنين.

و ألّ الرّجل يؤلّ و يئلّ ألاّ،إذا أسرع،و ألّ لونه يؤلّ ألاّ:إذا صفا و برق.

و الألّة:أداة الحرب،و كلّ الأدوات الّتي يعمل بها ألّة.و الألّة:الحربة،و نحوها من الأسنّة الّتي تتّخذ على هيئة رأس الحربة،و الجميع:الألّ و الإلال.و إنّما سمّي ألّة، لأنّه دقيق.

و التّأليل:تحريفك الشّيء كما يحرّف رأس القلم، و يجعل طرف السّكّين ذا حدّين فيكون مؤلّلا.

و أذن مؤلّلة:محدّدة.

و الألل و الأللان:وجها السّكّين.و وجها كلّ شيء عريض ألّة أو سنان و نحوهما،حتّى القداح الّتي يضرب بها في التّساهم،و كلّ شيء له عرض و لا يكون مدحرجا،و كلّ شيئين يضمّان كالإصبعين و السّنّين.أو الورقين المتطابقين،و مخرجهما واحد ينضمّان.

ص: 655

فوجهاهما اللّذان يلتقيان:الأللان.[و استشهد بالشّعر ستّ مرّات](8:360)

أبو عمرو الشّيبانيّ: له الويل و الأليل.و الأليل:

الأنين.[ثمّ استشهد بشعر](الأزهريّ 15:436)

الفرّاء: الإلّ،القرابة.الألّة:الرّاعية البعيدة المرعى من الرّعاة.و الإلّة:القرابة.(الأزهريّ 15:434)

الألّ:رفع الصّوت بالدّعاء و البكاء.يقال منه:ألّ يئلّ أليلا.(ابن فارس 1:20)

اللّحيانيّ: في أسنانه يلل و ألل.و هو أن تقبل الأسنان على باطن الفم.(الأزهريّ 15:436)

مثله القاليّ.(2:162)

إنّه لمؤلّل الوجه،أي حسنه سهله.

(ابن سيده 10:393)

الأصمعيّ: الألّ:السّرعة،يقال:ألّ في السّير يئلّ و يؤلّ،إذا أسرع.(الأزهريّ 15:435)

أبو عبيد: روي عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم«عجب ربّكم من إلّكم».

المحدّثون رووه:«من إلّكم»،بكسر الألف،و المحفوظ عندنا«من ألّكم»بالفتح،و هو أشبه بالمصادر،كأنّه أراد:

من شدّة قنوطكم.

و يجوز أن يكون من قولك:ألّ يئلّ ألاّ و أللا و أليلا، و هو أن يرفع الرّجل صوته بالدّعاء و يجأر.

(الأزهريّ 15:435)

ابن الأعرابيّ: الأللان:اللّحمتان المتطابقتان في الكتف،بينهما فجوة على وجه الكتف،يسيل من بينهما ماء إذا ميزت إحداهما عن الأخرى.

(الأزهريّ 15:437)

و الأللة،محرّكة:الهودج الصّغير.(الزّبيديّ 7:213)

في جوفه أليل و صليل؛و سمعت أليل الماء،أي صوته.

الإلّ:كلّ سبب بين اثنين.(ابن فارس 1:20)

ابن السّكّيت: معنى ألّ:طعن بالألّة،و هي الحربة.

(571)

الألّة:الحربة،و جمعها:الألّ،و الألّ مصدر:ألّه يؤلّه ألاّ،إذا طعنه بالألّة.

و الألّ:الصّياح،يقال:ألّ يئلّ ألاّ و أللا و أليلا.

و الأليلة:الدّبيلة.

و الأللة:الهودج الصّغير.

و الإلّ:الحقد.و الإلّ:العهد،و الألّ:الأوّل.

و الألل،و الأللان:وجها السّكّين،و وجها كلّ شيء عريض.و إيل:اسم من أسماء اللّه بالعبرانيّة

[و استشهد بالشّعر مرّتين](الأزهريّ 15:435)

ابن دريد:ألّ الشّيء يئلّ ألاّ و أليلا،إذا برق و لمع.و به سمّيت الحربة:ألّة للمعانها.

و يقال:ألّه يؤلّه ألاّ،إذا طعنه بالألّة،و هي الحربة.

و ألّ الفرس يئلّ و يؤلّ ألاّ،إذا اضطرب في مشيه.

و ألّت فرائصه،إذا لمعت في عدوه.

و ألّ الرّجل في مشيه،إذا اهتزّ.

و الألّ:الأوّل في بعض اللّغات.[ثمّ استشهد بشعر]

و قد كانت العرب ربّما جاءت بالإلّ في معنى اسم اللّه جلّ و عزّ.

و الإلّ:الوحي،و كان أهل الجاهليّة يزعمون أنّه

ص: 656

يوحى إلى أصنامهم.(1:19)

سمعت أليل الماء،أي صوت جريه.

و الأليلة:الثّكل.و الألّة:الحربة،أخذت من ألّ الشّيء يئلّ،إذا لمع.(1:189)

القاليّ: مؤلّل:محدّد.و الألّة:الحربة،و جمعها:إلال.

و الإلّ:العهد.و الإلّ:القرابة.

و الإلّ:اللّه تبارك و تعالى.و منه قولهم:جبرئل.

و الإلّ:الأوّل.(1:43)

و الأليلة:الثّكل.

و الأليل:الأنين.

و يقال:سمعت أليل الماء و خريره و قسيبه،أي صوت جريه.(1:98)

و يقال:في أسنانه يلل و ألل،إذا كان فيها إقبال على باطن الفم.(2:162)

ألّ يؤلّ ألاّ،إذا برق.(2:245)

و المؤلّلة:المحدّدة.و العرب تستحبّ التّأليل في أذن الفرس،و تمدح به.[و استشهد بالشّعر 5 مرّات](2:252)

الأزهريّ: [قيل:]الألّ:جبل بعرفات.

و الأليل:الأنين.قال ابن السّكّيت:و إيل:اسم من أسماء اللّه،بالعبرانيّة.

قلت:و جائز أن يكون أعرب،فقيل:إسرائيل و إسماعيل،كقولك:عبد اللّه و عبيد اللّه.(15:436)

الأليل:البريق؛يقال:ألّ يؤلّ:صفا و لمع.

(أبو حيّان 5:3)

الصّاحب: و الألّ:الطّرد،ألّه يؤلّه.

و الإلّ:الرّبوبيّة.و قربى الرّحم،و الأصل الجيّد، و المعدن.و جمع إلّ القرابة:ألول،و هي الألال أيضا.

و تألّلت إليه:أي توسّلت.

و الإلّ:جبل بعرفات،معرفة.

و هو الضّلال ابن الألال،و هو ابن ضالّ:مثله و هو ضالّ ألّ.

و الأليل:الشّدّة.

و الأليلة:ما يجد الإنسان من وجع الحمّى و نحوها في جسده دون الأنين يقال:ألّ يئلّ أليلا،و الألل و الأليل:

الصّوت.

و ألّ الرّجل في الدّعاء:جأر فيه،و في الحديث:

«عجب ربّكم من ألّكم و قنوطكم».

و أليل الماء:صليله.و الألاّل:الصّلاّل.و ألّ الرّجل في السّير:إذا أسرع،يؤلّ ألاّ.و فرس مئلّ:سريع.

و ألّ لونه:إذا صفا و برق،يؤلّ و يئلّ.

و ألّ السّيف:رقّت حديدته.

و في أسنانه ألل بالألف:أي قصر.و ثوب مألول:إذا خيط خياطته الأولى قبل الكفّ.و قد أللته أؤلّه ألاّ.

و الألّة:خشبة يبنى عليها،و جمعها:ألاّت،و الحربة، و جمعها إلال،و الجنس الألّ و سميّت ألّة لدقّتها،و ألّه يؤلّه أي طعنه بها،و منه قولهم:ما له ألّ و غلّ.

و التّأليل:تحريفك الشّيء كما تحرّف رأس القلم و هو مؤلّل.

و أذن مؤلّلة:محدّدة و مألولة،ألّت أذنه و ألّلت.

و فوق مؤلّل:صغير.

و ثور مؤلّل:في لونه شيء من سواد و سائره أبيض و في الظّبي ألل و ألل،و هو جمع ألّة،و الألل:الجدّة من

ص: 657

السّواد في البياض.

و رجل مؤلّل الوجه:مسنونه.

و الألل و الأللان:وجها السّكّين و غيرها حتّى القدح و كلّ شيء عريض:له أللان،و الجميع:الإلال و هو أيضا أن يقع التّسرّر بين لحمة تحلئة السّقاء و أدمته فيفسد،يقال:ألل السّقاء يألل،و كذلك إذا تخرّق.و سقاء قد مشى أللاه.(10:373)

الجوهريّ: ألّه يؤلّه ألاّ:طعنه بالحربة يقال:ما له ألّ و غلّ؟

و ألّ لونه يؤلّ ألاّ:صفا و برق.و ألّ أيضا.بمعنى أسرع.و فرس مئلّ،أي سريع.

و الأليل:الأنين،و قد ألّ يئلّ ألاّ و أليلا؛يقال:له الويل و الأليل.

و أليل الماء:خريره و قسيبه.

و ألل السّقاء،بالكسر:تغيّرت ريحه.و هذا أحد ما جاء بإظهار التّضعيف.

و أللت أسنانه أيضا،أي فسدت.

و الإلّ بالكسر:هو اللّه عزّ و جلّ.و الإلّ أيضا:العهد و القرابة.

و الألّ بالفتح:جمع ألّة،و هي الحربة،و في نصلها عرض.

و يجمع أيضا على«إلال»مثل جفنة و جفان.

و أمّا«الألال»بالفتح فهو اسم جبل بعرفات.

و ألّلت الشّيء تأليلا،أي حدّدت طرفه.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](4:1626)

ابن فارس: الهمزة و اللاّم في المضاعف ثلاثة أصول:اللّمعان في اهتزاز،و الصّوت،و السّبب يحافظ عليه.[نقل للمعنى الأوّل كلام الخليل و ابن دريد المتقدّم و نقل للمعنى الثّاني كلام الفرّاء و ابن الأعرابيّ المتقدّم.ثمّ قال:]قالوا:و رجل مئلّ،أي كثير الكلام وقّاع في النّاس.

و المعنى الثّالث:الإلّ:الرّبوبيّة.و قال أبو بكر لمّا ذكر له كلام مسيلمة:«ما خرج هذا من إلّ».و قال اللّه تعالى:

لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:10.

قال المفسّرون:الإلّ:اللّه جلّ ثناؤه.و قال قوم:هي قربى الرّحم.

قال ابن الأعرابيّ:الإلّ:كلّ سبب بين اثنين.

و الإلّ:العهد،و ممّا شذّ عن هذه الأصول قولهم:ألل السّقاء:تغيّرت رائحته.و يمكن أن يكون من أحد الثّلاثة، لأنّ ابن الأعرابيّ ذكر أنّه الّذي فسد أللاه،و هو أن يدخل الماء بين الأديم و البشرة.[و استشهد بالشّعر مرّتين].(1:18)

الهرويّ: و في حديث لقيط:«أنبّئك بمثل ذلك في إلّ اللّه»،يعني في قدرته و إلهيّته.

و في حديث أمّ زرع،بنت أبي زرع«وفيّ الإلّ،كريم الخلّ،برود الظّلّ»أرادت أنّها وفيّ العهد.و إنّما ذكّر؛لأنّه ذهب به إلى معنى التّشبيه،أي هي كبرد الظّلّ،و مثل الرّجل الوفيّ.(1:72)

ابن سيده: ألّ في سيره و مشيه يؤلّ و يئلّ ألاّ:

أسرع و اهتزّ.

و فرس مئلّ:سريع.

و ألّ الفرس يئلّ ألاّ:اضطرب في مشيه.

و ألّ لونه يؤلّ ألاّ و أليلا:صفا.

ص: 658

و ألّ الشّيء يؤلّ و يئلّ-الأخيرة عن ابن دريد-ألاّ:

برق.

و ألّت فرائصه تئلّ:لمعت في عدو.

و الألّة:الحربة العريضة النّصل،سمّيت بذلك لبريقها و لمعانها؛و الجمع:ألّ و إلال.

و أليلها:لمعانها.

و ألّه يؤلّه ألاّ:طعنه بالألّة.

و الألّة:السّلاح،و جميع أداة الحرب.

و المئلّ:القرن الّذي يطعن به،و كانوا في الجاهليّة يتّخذون أسنّة من قرون البقر الوحشيّ.

و التّأليل:التّحديد و التّحريف.

و أذن مؤلّلة:محدّدة منصوبة ملطّفة.

و إنّه لمؤلّل الوجه،أي:حسنه سهله-عن اللّحيانيّ-كأنّه قد ألّل.

و أللا السّكّين و الكتف،و كلّ شيء عريض:وجهاه.

و قيل:أللا الكتف:اللّحمتان المطابقتان بينهما فجوة على وجه الكتف،فإذا قشرت إحداهما عن الأخرى سال من بينهما ماء.

و الألل و الأليل و الأليلة و الأللان:كلّه الأنين.

و قيل:علز الحمّى.

و قد ألّ يئلّ و ألّ يؤلّ ألاّ و أللا و أليلا:رفع صوته بالدّعاء.

و الأليل و الأليلة:الثّكل.

و الأليل:صليل الحصى.و قيل:هو صليل الحجر أيّا كان،الأولى عن ثعلب.

و الأليل:خرير الماء.

و الإلّ:الحلف و العهد،و به فسّر أبو عبيدة قوله تعالى: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:10، قال ابن دريد:و قد خفّفت العرب الإلّ.

و الإلّ:القرابة.

و الإلّ:اللّه جلّ و عزّ،و في حديث أبي بكر لمّا تلي عليه سجع مسيلمة:«إنّ هذا لشيء ما جاء من إلّ و لا برّ،فأين ذهب بكم؟».

قال ابن الكلبيّ:كلّ اسم في العرب آخره إلّ أو إيل، فهو مضاف إلى اللّه جلّ و عزّ،كشرحبيل و شراحيل و شهميل.و هذا ليس بقويّ؛إذ لو كان ذلك لصرف جبريل و ما أشبهه.

و الإلّ:الرّبوبيّة.

و الألّ:الأوّل في بعض اللّغات،و ليس من لفظ الأوّل.

و هو الضّلال بن الألال و التّلال.

و الإلّ:جبل بمكّة.[ثمّ استشهد بالشّعر 6 مرّات]

(10:393)

ألّ الثّوب يؤلّه ألاّ:خاطه الخياطة الأوّل،فهو مألول.(الإفصاح 1:381)

الألّة:أصغر من الحربة،و في سنانها عرض.

و قيل:عود في رأسه شعبتان،الجمع:إلال.

ألّه يؤلّه ألاّ:طعنه بالألّة.و المئلّ:القرن الّذي يطعن به،و كانوا في الجاهليّة يتّخذون قرون الثّيران الوحشيّة.

(الإفصاح 1:599)

الرّاغب: الإلّ:كلّ حالة ظاهرة من عهد حلف و قرابة تئلّ:تلمع فلا يمكن إنكاره.قال تعالى:

ص: 659

لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:10.

و ألّ الفرس،أي أسرع،حقيقته:لمع؛و ذلك استعارة في باب الإسراع،نحو برق و طار.

و الألّة:الحربة اللاّمعة،و ألّ بها:ضرب.و قيل:إلّ و إيل:اسم اللّه تعالى،و ليس ذلك بصحيح.

و أذن مؤلّلة.و الإلال:صفحتا السّكّين.(20)

الزّمخشريّ: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً، أي قرابة.و عجب ربّكم من ألّكم و قنوطكم،أي من جؤاركم،بالفتح.يقال:ألّ في دعائه يؤلّ ألاّ و أللا و أليلا،إذا جأر.و بات له أليل كأنّه أبيل.

و مرّ و في يده ألّة،أي حربة.و منها قولهم:أذن مؤلّلة،أي محدّدة.و ألّه:طعنه بالألّة.و منه قول الأعرابيّة في خاطبها:ألّ و غلّ.(أساس البلاغة:9)

الطّبرسيّ:الإلّ:العهد،مأخوذ من الأليل،و هو البريق،يقال:ألّ يؤلّ ألاّ،إذا لمع.و الآلة:الحربة للمعانها.

و أذن مؤلّلة:مشبهة للحربة في تحديدها.

و الإلّ:القرابة.[و استشهد بالشّعر مرّتين](3:8)

السّهيليّ: إنّما الإلّ:كلّ ما له حرمة و حقّ،فممّا له حقّ و يجب تعظيمه:القرابة،و الرّحم،و الجوار،و العهد.

و من أللت،إذا اجتهدت في الشّيء و حافظت عليه،و لم تضيّعه.و منه:الألّ في السّير،و هو الجدّ إذا كان الألّ بالفتح المصدر،فالإلّ بالكسر:الاسم،كالذّبح من الذّبح؛ فهو إذا الشّيء المحافظ عليه.(1:272)

ابن برّيّ:يقال:ما له ألّ و غلّ.ألّ:دفع في قفاه،و غلّ،أي جنّ.(ابن منظور 11:24)

ابن الأثير: و في حديث الصّدّيق لمّا عرض عليه كلام مسيلمة قال:«إنّ هذا لم يخرج من إلّ»،أي من ربوبيّة.و الإلّ بالكسر،هو اللّه تعالى.و قيل:الإلّ،هو الأصل الجيّد،أي لم يجئ من الأصل الّذي جاء منه القرآن.و قيل:الإلّ:النّسب و القرابة؛فيكون المعنى إنّ هذا كلام غير صادر عن مناسبة الحقّ و الإدلاء بسبب بينه و بين الصّدق.

و منه حديث عليّ عليه السّلام:«يخون العهد و يقطع الإلّ» و في حديث عائشة:«إنّ امرأة سألت عن المرأة تحتلم، فقالت لها عائشة:تربت يداك و ألّت،و هل ترى المرأة ذلك».ألّت،أي صاحت لما أصابها من شدّة هذا الكلام، و روي بضمّ الهمزة مع التّشديد،أي طعنت بالألّة و هي الحربة العريضة النّصل،و فيه بعد لأنّه لا يلائم لفظ الحديث.و فيه ذكر«إلال»هو بكسر الهمزة و تخفيف اللاّم الأولى:جبل عن يمين الإمام بعرفة.(1:61)

القرطبيّ: أصله من الأليل و هو البريق،يقال:ألّ لونه ألاّ،أي صفا و لمع،قيل:أصله من الحدّة،و منه الألّة:للحربة،و منه أذن مؤلّلة،أي محدّدة.[ثمّ استشهد بشعر]

فإذا قيل للعهد و الجوار و القرابة:«إلّ»فمعناه أنّ الأذن تصرف إلى تلك الجهة،أي تحدّد لها.

و العهد يسمّى«إلاّ»لصفائه و ظهوره.

و يجمع في القلّة:آلال،و في الكثرة:إلال.(8:79)

أبو حيّان:الإلّ:الحلف و الجؤار.

كانوا إذا تسامحوا و تحالفوا رفعوا به أصواتهم و شهّروه من الإلّ،و هو الجؤار.و له أليل،أي أنين يرفع به صوته.

ص: 660

و قيل:القرابة.

و سمّيت«إلاّ»لأنّها عقدت ما لا يعقد الميثاق.

و قيل:من ألّ البرق:لمع.و يجمع في القلّة:آلال،و في الكثرة:إلال.و أصل جمع القلّة«أألل»،فسهّلت الهمزة السّاكنة الّتي هي فاء الكلمة،فأبدلها ألفا و أدغمت اللاّم في اللاّم.[و استشهد بالشّعر مرّتين](5:3)

الفيروزآباديّ: ألّ في مشيه يؤلّ و يئلّ:أسرع و اهتزّ أو اضطرب،و اللّون:برق و صفا،و فرائصه:لمعت في عدو،و فلانا:طعنه و طرده،و الثّوب:خاطه تضريبا، و عليه:حمله.

و المريض و الحزين يئلّ ألاّ و أللا و أليلا:أنّ و حنّ،و رفع صوته بالدّعاء،و صرخ عند المصيبة.و الفرس:نصب أذنيه و حدّدهما.و الصّقر:أبى أن يصيد.

و كأمير:الثّكل كالأليلة،و علز الحمّى،و صليل الحصى و الحجر،و خرير الماء.

و كسفينة:الرّاعية البعيدة المرعى،كالألّة بالضّمّ.

و الإلّ بالكسر:العهد و الحلف و موضع و الجار و القرابة و الأصل الجيّد و المعدن و الحقد و العداوة و الرّبوبيّة و اسم اللّه تعالى-و كلّ اسم آخره إلّ أو إيل، فمضاف إلى اللّه تعالى-و الوحي و الأمان و الجزع عند المصيبة.و منه روي:«عجب ربّكم من إلّكم»فيمن رواه بالكسر،و رواية الفتح أكثر.و يروى أزلكم،و هو أشبه.

و بالفتح:الجؤار بالدّعاء.

و جمع ألّة للحربة العريضة النّصل كالإلال ككتاب، و بالضّمّ:الأوّل،و ليس من لفظه.

و الألّة:الأنّة،و السّلاح،و جميع أداة الحرب،و عود في رأسه شعبتان،و صوت الماء الجاري،و الطّعنة بالحربة.

و بالكسر:هيئة الأنين.و الضّلال ابن الألال كسحاب اتباع أو الألال:الباطل.

و كسحاب و كتاب:جبل بعرفات،أو حبل رمل عن يمين الإمام بعرفة.

و وهم من قال:الإلّ كالخلّ،و كهمزة:موضع.

و أللت أسنانه كفرح:فسدت،و السّقاء:أروحت، و ألّله تأليلا:حدّده.

و الأللان محرّكة:وجها الكتف أو اللّحمتان المتطابقتان في الكتف،بينهما فجوة على وجه عظم الكتف،يسيل بينهما ماء إذا نزع اللّحم منها،و الألل أيضا:صفحة السّكّين،و هما أللان،و لغة في اليلل لقصر الأسنان و إقبالها على غار الفم.

و كعنب:القرابات،الواحدة:إلّة.

و كصرد:جمع ألّة بالضّمّ،للرّاعية.(3:340)

محمّد إسماعيل إبراهيم: الإلّ:الرّحم أو القرابة أو العهد و التّحالف،و هو بالعبريّة و السّريانيّة صورة لفظ الجلالة،المتّصل بالأعلام مثل:إسرائيل.(1:42)

المصطفويّ: الأصل الوحد في هذه المادّة هو العلاقة الحاصلة بالتّعهّد،أو المعاهدة الصّوريّة التّعبّديّة المعبّر عنها بالذّمّة،كما في الآيتين الكريمتين: لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:8، لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:10،و باعتبار هذا الأصل تستعمل في القرابة و العهد الثّابت و السّبب بين الاثنين،و بالنّظر إلى الظّهور و الثّبوت الطّبيعيّ تستعمل في اللّمعان و الحربة

ص: 661

و ما يشابهها.

و أمّا البكاء و الأنين و رفع الصّوت المخصوص فهي باعتبار ظهور العلاقة و تجلّي الرّبط الثّابت و الكاشف عمّا بينهما.

فهذه الكلمة لا تدلّ على العهد المطلق،كما أنّها لا تدلّ على اللّمعان و الحربة و البكاء و الصّوت و السّرعة على الإطلاق.(1:95)

النّصوص التّفسيريّة

الاّ

1- كَيْفَ وَ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً. التّوبة:8

ابن عبّاس: الإلّ:القرابة.

مثله الضّحّاك.(الطّبريّ 10:84)

و مثله السّدّيّ.(الماورديّ 2:343)

مجاهد: العهد.(1:273)

اللّه.(الطّبريّ 10:84)

هو اسم من أسماء اللّه عزّ و جلّ.(القرطبيّ 8:79)

الحسن: الجوار.(الطّوسيّ 5:208)

قتادة:الحلف.(الطّبريّ 10:84)

مثله ابن هشام.(4:189)

السّدّيّ: عهدا.

مثله ابن زيد.(الطّبريّ 10:83)

الفرّاء: الإلّ:القرابة،و قيل:هو من أسماء اللّه.

عزّ و جلّ،و هذا ليس بالوجه،لأنّ أسماء اللّه تعالى معروفة كما جاءت في القرآن و تليت في الأخبار، و لم نسمع الدّاعي يقول في الدّعاء:يا إلّ،كما يقول:يا اللّه و يا رحمان و يا رحيم[و]يا مؤمن[و]يا مهيمن.

و حقيقة الإلّ-على ما توجبه اللّغة-تحديد الشّيء، فمن ذلك الألّة:الحربة،لأنّها محدّدة،و من ذلك أذن مؤلّلة،إذا كانت محدّدة.فالإلّ يخرج في جميع ما فسّر من العهد و القرابة و الجوار على هذا،إذا قلت في العهد بينهما:

الإلّ،فتأويله أنّهما قد حدّدا في أخذ العهد.و إذا قلت في الجوار بينهما:إلّ؛فتأويله جوار يحادّ الإنسان،و إذا قلته في القرابة،فتأويله،القرابة الّتي تحادّ الإنسان.

و الإلّ:الجار.(ابن منظور 11:26)

مثله الزّجّاج.(2:433)

أبو عبيدة: مجاز الإلّ:العهد و العقد و اليمين.

(1:253)

الإلّ:التّميّز.(الطّوسيّ 5:208)

ابن قتيبة: العهد،و يقال:القرابة،و يقال:اللّه جلّ ثناؤه.(183)

نحوه مجمع اللّغة.(1:46)

ابن أبى اليمان: هو اللّه تعالى.و منه«جبرإلّ» فيمن شدّد اللاّم،و يقال للرّحم:إلاّ،كما اشتقّ«الرّحم» من«الرّحمن».

فإلّ،ثلاثة أشياء:اللّه تعالى،و القرابة،و العهد.

(619)

الطّبريّ: الإلّ:اسم يشتمل على معان ثلاثة،و هي:

العهد،و العقد،و الحلف،و القرابة.و هو أيضا به معنى اللّه.فإذ كانت الكلمة تشتمل هذه المعاني الثّلاثة،و لم يكن اللّه خصّ من ذلك معنى دون معنى،فالصّواب أن يعمّ

ص: 662

ذلك كما عمّ بها جلّ ثناؤه معانيها الثّلاثة؛فيقال:

لا يرقبون في مؤمن اللّه (1)،و لا قرابة،و لا عهدا و لا ميثاقا.

و قد زعم بعض من ينسب إلى معرفة كلام العرب من البصريّين:أنّ الإلّ و العهد و الميثاق و اليمين واحد.

(10:85)

السّجستانيّ: إلّ:على خمسة أوجه:

إلّ:اللّه عزّ و جلّ،و إلّ:عهد،و إلّ:قرابة،و إلّ:

حلف،و إلّ:جوار.(76)

ابن جنّيّ: إلّ،ذكروا أنّه اسم اللّه تعالى بالنّبطيّة.

(السّيوطيّ 2:130)

الماورديّ: [بعد نقل الأقوال المتقدّمة قال:]إنّ الإلّ:العهد و العقد و الميثاق و اليمين،و أنّ«الذّمّة»في هذا الموضع التّذمّم ممّن لا عهد له،قاله بعض البصريّين.

(2:343)

الميبديّ: الإلّ:عند العرب بمعنى القرابة،و الحلف، و العهد،و قيل:هو اسم من أسماء اللّه جلّ جلاله.

و في اشتقاقه قولان:أحدهما:الّل الشّيء،إذا حدّده.و الثّاني:من ألّ البرق،إذا لمع.(4:94)

الزّمخشريّ: لا يراعوا حلفا.و قيل:قرابة[ثمّ استشهد بشعر]

و قيل:إلاّ:إلها،و قرئ(إيلا)بمعناه.

و قيل:جبرئيل،و جبرئلّ،من ذلك.

و قيل:منه اشتقّ«الإلّ»بمعنى القرابة،كما اشتقّت «الرّحم»من«الرّحمن»،و الوجه أنّ اشتقاق«الإلّ» بمعنى الحلف،لأنّهم إذا تماسحوا و تحالفوا رفعوا به أصواتهم و شهّروه من الإلّ،و هو الجؤار.

و له أليل،أي أنين يرفع به صوته،و دعت ألليها،إذا ولولت،ثمّ قيل لكلّ عهد و ميثاق:إلّ،و سمّيت به القرابة،لأنّ القرابة عقدت بين الرّجلين ما لا يعقده الميثاق.(2:176)

ابن عطيّة: و قرأ جمهور النّاس(إلاّ)و قرأ عكرمة مولى ابن عبّاس بياء بعد الهمزة خفيفة اللاّم(إيلا) و قرأت فرقة(ألاّ)بفتح الهمزة.فأمّا من قرأ(إلاّ)فيجوز أن يراد به اللّه عزّ و جلّ.قاله مجاهد و أبو مجلز و هو اسمه بالسّريانيّة،و من ذلك قول أبي بكر حين سمع كلام مسيلمة فقال:هذا كلام لم يخرج من إلّ.

و يجوز أن يراد به العهد و العرب تقول للعهد و الخلق و الجوار و نحو هذه المعاني:إلاّ.

و يجوز أن يراد به القرابة فإنّ القرابة في لغة العرب يقال له:إلاّ.

و أمّا من قرأ(ألاّ)بفتح الهمزة فهو مصدر من فعل للإلّ الّذي هو العهد،و من قرأ(إيلا)فيجوز أن يراد به اللّه عزّ و جلّ فإنّه يقال:ألّ و أيل.و في البخاريّ قال:

جبر و ميك و سراف:عبد بالسّريانيّة،و أيل:اللّه عزّ و جلّ.

و يجوز أن يريد(إلا)المتقدّم فأبدل من أحد المثلين ياء، كما فعلوا ذلك في قولهم:أمّا و أيما.

قال أبو الفتح: و يجوز أن يكون مأخوذا من آل يؤول،إذا ساس.

قال القاضي أبو محمّد: كما قال عمر بن الخطّاب:قد ألنا و إيل علينا،فكان المعنى على هذا،لا يرقبون فيكمّ.

ص: 663


1- كذا،و الظّاهر:إلاّ.

سياسة و لا مداراة و لا ذمّة،و قلبت الواو ياء لسكونها و الكسرة قبلها.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](3:10)

الطّبرسيّ: أي لا يحفظوا فيكم قرابة و لا عهدا.

[إلى أن قال:]

و من قال:إنّ الإلّ هو العهد قال:جمع بينه و بين الذّمّة و إن كان بمعناه لاختلاف اللّفظين كما قال:*و ألفى قولها كذبا و مينا*و قال:«متى أدن منه ينأى عنّي و يبعد».(3:9)

الفخر الرّازيّ: الإلّ:فيه أقوال:

الأوّل:أنّه العهد.

الثّانى:قال الفرّاء:الإلّ:القرابة.

الثّالث:الإلّ:الحلف.

الرّابع:الإلّ:هو اللّه عزّ و جلّ...و طعن الزّجّاج في هذا القول،و قال:أسماء اللّه معلومة من الأخبار و القرآن، و لم يسمع أحد يقول:يا إلّ.

الخامس:قال الزّجّاج:حقيقة«الإلّ»عندي-على ما توجبه اللّغة-تحديد الشّيء؛فمن ذلك الألّة:الحربة، و أذن مؤلّلة.فالإلّ يخرج في جميع ما فسّر من العهد و القرابة.

السّادس:قال الأزهريّ:«إيل»من أسماء اللّه عزّ و جلّ بالعبرانيّة فجائز أن يكون عرّب،فقيل:إلّ.

السّابع:قال بعضهم:«الإل»مأخوذ من قولهم:ألّ يؤلّ ألاّ،إذا صفا و لمع.و منه«آلال»للمعانه،و أذن مؤلّلة:شبيهة بالحربة في تحديدها،و له أليل،أي أنين يرفع به صوته،و رفعت المرأة أليلها،إذا ولولت.فالعهد سمي«إلاّ»لظهوره و صفائه من شوائب الغدر،أو لأنّ القوم إذا تحالفوا به رفعوا به أصواتهم و شهّروه

[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](15:230)

القرطبيّ:[بعد نقل قول مجاهد،و ابن عبّاس، و الحسن،و أبي عبيدة قال:]

و أصله من الأليل،و هو البريق؛يقال:ألّ لونه يؤلّ ألاّ،أي صفا و لمع.و قيل:أصله من الحدّة.و منه:الألّة:

للحربة،و منه أذن مؤلّلة،أي محدّدة.[ثمّ استشهد بشعر]

فإذا قيل للعهد و الجوار و القرابة:«إلّ»فمعناه أنّ الأذن تصرف إلى تلك الجهة،أي تحدّد لها.

و العهد يسمّى«إلاّ»لصفائه و ظهوره.و يجمع في القلّة:آلال،و في الكثرة:إلال.(8:79)

البيضاويّ: (إلاّ)حلفا.و قيل:قرابة.[ثمّ استشهد بشعر]

و قيل:ربوبيّة،و لعلّه اشتقّ للحلف من«الألّ»و هو الجؤار،لأنّهم كانوا إذا تحالفوا رفعوا به أصواتهم و شهّروه.ثمّ استعير للقرابة،لأنّها تعقد بين الأقارب ما لا يعقده الحلف،ثمّ للرّبوبيّة و التّربية.

و قيل:اشتقاقه من ألل الشّيء،إذا حدّده،أو من ألّ البرق،إذا لمع.

و قيل:إنّه عبريّ،بمعنى الإله،لأنّه قرئ(إيلا) كجبرال و جبريل.(1:406)

نحوه البروسويّ.(3:39)

أبو حيّان: (إلاّ):عهدا أو قرابة أو حلفا أو سياسة أو اللّه تعالى أو جؤارا،أي رفع صوت بالتّضرّع،أقوال...

[إلى أن قال:]

و قرأت فرقة(ألاّ)بفتح الهمزة،و هو مصدر من

ص: 664

فعل«الإلّ»الّذي هو العهد.

و قرأ عكرمة(إيلا)بكسر الهمزة و ياء بعدها، فقيل:هو اسم اللّه تعالى.و يجوز أن يراد به«إلّ»أبدل من أحد المضاعفين ياء.[ثمّ استشهد بشعر]

قال ابن جنّيّ: و يجوز أن يكون مأخوذا من:آل يؤول،إذا ساس.أبدل من الواو ياء لسكونها و انكسار ما قبلها،أي لا يرقبون فيكم سياسة و لا مداراة و لا ذمّة.

و من رأى أنّ«الإلّ»هو العهد،جعله و الذّمّة لفظين لمعنى واحد أو متقاربين.

و من رأى أنّ«الإلّ»غير العهد،فهما لفظان متباينان.

(5:13)

الطّريحيّ: الإلّ بالكسر:هو اللّه تعالى.

و الإلّ أيضا:العهد و القرابة.

و الأليلة على فعيلة:اليمين.(5:309)

العاملي: الإلّ:بكسر الهمزة و تشديد اللاّم،هو بمعنى القرابة.و قد ورد في سورة التّوبة،و سيأتي في القربى ما يمكن أن يستفاد منه تأويل لهذا أيضا،فافهم.

(78)

الآلوسيّ: و الإلّ-بكسر الهمزة و قد يفتح على ما روي عن ابن عبّاس-:الرّحم و القرابة.[ثمّ استشهد بشعر]

و إلى ذلك ذهب الضّحّاك.و روي عن السّدّيّ أنّه الحلف و العهد.

قيل:و لعلّه بهذا المعنى مشتقّ من«الألّ»و هو الجوار،لأنّهم كانوا إذا تحالفوا رفعوا أصواتهم،ثمّ استعير للقرابة لأنّ بين القريبين عقدا أشدّ من عقد التّحالف، و كونه أشدّ لا ينافي كونه مشبّها،لأنّ الحلف يصرّح به و يلفظ،فهو أقوى من وجه آخر،و ليس التّشبيه من المقلوب كما توهّم.

و قيل:مشتقّ من:ألل الشّيء،إذا حدّده.أو من:ألّ البرق،إذا لمع و ظهر.و وجه المناسبة ظاهر.

و عن عكرمة، و مجاهد:أنّ«الألّ»بمعنى اللّه عزّ و جلّ.و منه ما روي أنّ أبا بكر قرئ عليه كلام مسيلمة،فقال:لم يخرج هذا من«ألّ»فأين تذهب بكم؟

قيل:و منه اشتقّ«الإلّ»بمعنى القرابة،كما اشتقّت «الرّحم»من«الرّحمن».

و الظّاهر أنّه ليس بعربيّ؛إذ لم يسمع في كلام العرب «إلّ»بمعنى إله.

و من هنا قال بعضهم:أنّه عبريّ.و منه«جبرإل» و أيّده بأنّه قرئ(إيلا)و هو عندهم بمعنى اللّه أو الإله،أي لا يخافون اللّه و لا يراعونه فيكم.

و زعم بعضهم:أنّ«الإلّ و الذّمّة»كلاهما هنا بمعنى العهد،و العطف للتّفسير،و يأباه إعادة لا ظاهرا فليس هو نظير«فألفى قولها كذبا و مينا»،فالحقّ المغايرة بينهما.

و المراد من الآية قيل:بيان أنّهم أسراء الفرصة فلا عهد لهم.

و قيل:الإرشاد إلى أنّ وجوب مراعاة حقوق العهد على كلّ من المتعاهدين مشروط بمراعاة الآخر لها،فإذا لم يراعها المشركون فكيف تراعونها.(10:55)

رشيد رضا :قد ورد لفظ«إلّ و إيل»من أسماء اللّه تعالى في العربيّة و شقيقتيها السّريانيّة و العبرانيّة،و هو

ص: 665

اسم إله من آلهة الكلدانيّين.[ثمّ نقل قول الطّبريّ و أضاف:]

و أقول:إنّ ألفاظ«الإلّ و العهد و الميثاق و اليمين» يختلف مفهومها اللّغويّ،و قد تتوارد مع هذا على حقيقة واحدة بضروب من التّخصيص؛فالعهد،ما يتّفق رجلان أو فريقان من النّاس على التزامه بينهما لمصلحتهما المشتركة،فإن أكّداه و وثّقاه بما يقتضي زيادة العناية بحفظه و الوفاء به سمّي ميثاقا.و هو مشتقّ من الوثاق بالفتح،و هو الحبل و القيد،و إن أكّداه باليمين خاصّة سمّي يمينا.و قد يسمّى بذلك لوضع كلّ من المتعاقدين يمينه في يمين الآخر عند عقده.و اليمين في الأصل:اليد المقابلة للشّمال و الخلف.

و الظّاهر أنّ من استعمل«الإلّ»بمعنى العهد أراد به المطلق منه.و من هذه الألفاظ الحلف بالكسر،و هو المحالفة،أصله من مادّة الحلف،أي اليمين.

و قول ابن إسحاق:«إنّ الكلام هنا في أهل العهد العامّ»،أراد بهم غير من استثناهم اللّه تعالى في الآية السّابقة و الآية الرّابعة.

و الصّواب أنّه يشمل أهل العهد الّذين غدروا، و يشمل من لا عهد لهم من المشركين بالأولى،لأنّهم لشدّة عداوتهم للمؤمنين لم يريدوا في وقت من الأوقات أن يقيّدوا أنفسهم معهم بعهد سلم مطلق و لا موقّت،فإن لم يشملهم بالنّصّ شملهم بالحكم.(10:184)

الطّباطبائيّ: [نقل كلام الرّاغب ثمّ قال:]

لعلّ إلقاء المقابلة في الآية بين«الإلّ و الذّمّة» للدّلالة على أنّهم لا يحفظون في المؤمنين شيئا من المواثيق الّتي يجب رقوبها و حفظها،سواء كانت مبنيّة على أصول واقعيّة تكوينيّة،كالقرابة الّتي توجب بوجه على القريب رعاية حال قريبه،أو على الجعل و الاصطلاح،كالعهود و المواثيق المعقودة بحلف و نحوه.

فمعنى الآية:كيف يكون للمشركين عهد عند اللّه و عند رسوله،و الحال أنّهم إن يظهروا عليكم و يغلبوكم على الأمر لا يحفظوا و لا يراعوا فيكم قرابة و لا عهدا من العهود،يرضونكم بالكلام المدلّس و القول المزوّق، و يأبى ذلك قلوبهم و أكثرهم فاسقون.(9:157)

بنت الشّاطئ: الكلمة من آية التّوبة:8،وحيدة في القرآن صيغة و مادّة.

و تفسيرها بالقرابة تقريب لا يفوتنا معه ملحظ وضوح القرابة إلى درجة لا تحتمل الإنكار،و هو ما التفت إليه الرّاغب فقال في«المفردات»:الإلّ،كل حالة ظاهرة من عهد حلف أو قرابة.أخذه من ألّ الشّيء يئلّ،بمعنى يلمع،فلا يمكن إنكاره.

و من معاني«الإلّ»في العربيّة:العهد و الحلف و الجار و القرابة....

و ألّ اللّون:برق و صفا،و الألّة:الحربة اللاّمعة.

لعلّ وضوح القرابة في«إلّ»ملحوظ في استعمال العربيّة لفظ«آل»و هو قريب من«إلّ»لخاصّة الأهل دون عامّتهم أو للمختصّين به الموالين له كما تختصّ «آل»بإضافتها إلى أعلام الأشخاص دون الأمكنة و الأزمنة و شبههما.و في القرآن:أهل القرى،أهل المدينة،أهل مدين و أهل بيت و البيت و أهل الكتاب و أهل الرّجس و أهل النّار و أهل التّقوى و أهل المغفرة

ص: 666

كما تأتي مضافة إلى ضمائر المتكلّم و المخاطب و الغائب مفردا و جمعا.

أمّا«آل»فلا تأتي فيه إلاّ مضافة إلى أعلام الأشخاص،كآل عمران،و آل داود،و آل يعقوب،و آل هارون،و آل إبراهيم،و آل فرعون...

و اللّغويّون يأخذون«آل الرّجل»من آل يؤول، بمعنى يرجع،كأنّهم يرجعون إليه.و لا أجزم بما لمحته من قرب بين«الآل و الإلّ»و إنّما لفتني معنى خاصّة القرابة فيهما،و قد أشار إليه بعضهم فبهرني ما هدى إليه البيان القرآنيّ من اطّراد هذا الملحظ في الفرق بين«آل و أهل».(الإعجاز البيانيّ للقرآن:396)

مكارم الشّيرازيّ: الإلّ:القرابة،و عدّه بعض بمعنى العهد و الخفارة.

فعلى القول الأوّل يعني أنّ قريشا و إن كانت قبيلة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و فريق من المسلمين و لكنّها لا تعير أدنى أهمّيّة لهذه القرابة،و لا تعتني بها فكيف يتوقّعوا اعتناء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين بهذه الآصرة؟و على القول الثّاني فهو تأكيد للفظ(ذمّة)و هو يعني العهد و الخفارة أيضا.

و قد اعتبر الرّاغب في«المفردات»أصل هذه الكلمة مشتقّ من الأليل،بمعنى التألّق و اللّمعان،إذ أنّ للعهود الموثّقة و الوشائج المعمّقة تألّقا مميّزا.

ثمّ أضاف القرآن:لا يخدعكم سحر بيانهم و لا تفتنكم ذرابة لسانهم،لأنّهم يريدون أن يرضوكم بأفواههم،و لكن قلوبهم تأبى ذلك.

إنّ قلوبهم بالحقد مترعة،و بالانتقام مشرعة فهم قساة جفاة،ناقضون لعهدهم،قاطعون لرحمهم،و لو بدا على ألسنتهم الودّ و الوئام.

و أشارت الآية في النّهاية إلى بواعث هذه الأمور وَ أَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ التّوبة:8.(7:298)

2- لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ. التّوبة:10

أبو عبيدة: الإلّ:الحلف و العهد.

(ابن منظور 11:25)

الطّوسيّ: الإلّ:العهد.و الذّمّة:عقد الجوار و هما متقاربان و فصّل بينهما بأنّ الذّمّة:عقد قوم يذمّ نقضه.

و الإلّ الّذي هو العهد:عقد يدعو إلى الوفاء...إذا ضلّ كلّ واحد منهما يقتضي هذا.و إنّما أعيد ذكر لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً لأنّه في صفة الّذين اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللّهِ ثَمَناً التّوبة:9،و الأوّل في صفة جميع النّاقضين للعهد.و قال في الثّاني: فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ التّوبة:11، فلذلك كرّر بوصفين مختلفين.

و قال الجبّائيّ: لأنّه في صفة اليهود خاصّة،و الأوّل في صفة النّاقضين عامّة و إنّما ذمّوا بترك المراقبة،لأنّ مع تركها الغالب أن يقع إخلال بما تقدّم من العقد،فلزمت المراقبة لهذه العلّة.

و ترك المراقبة في عهد المؤمن أعظم منها في ترك عهد غيره لكثرة الزّواجر عن الغدر بالمؤمن،لأنّه ليس من شأنه الغدر.(5:210)

الميبديّ: ليس«الإلّ»هنا بمعنى القرابة بين العرب و اليهود،لكنّه هو اللّه،و«الإيل»كذلك.(4:94)

النّسفيّ: لا تكرار،لأنّ الأوّل على الخصوص

ص: 667

حيث قال:(فيكم)و الثّاني على العموم،لأنّه قال:(فى مؤمن).(2:118)

الآلوسيّ: نعى عليهم عدم مراعاة حقوق عهد المؤمنين على الإطلاق بخلاف الأوّل لمكان(فيكم)فيه و (فى مؤمن)في هذا فلا تكرار كما في المدارك.

و قيل:إنّه تفسير لما يعملون،و هو مشعر باختصاص الذّمّ و السّوء لعملهم هذا دون غيره.

و قيل:إنّ الأوّل عامّ في النّاقضين و هذا خاصّ بالّذين اشتروا و هم اليهود و الأعراب الّذين جمعهم أبو سفيان و أطعمهم للاستعانة بهم على حرب النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم، و عليه فالمراد بالآيات ما يشمل القرآن و التّوراة،و في هذا القول تفكيك للضّمائر و ارتكاب خلاف الظّاهر.

و الجبّائيّ يخصّ هذا باليهود و فيه ما فيه.

(10:57)

الأصول اللّغويّة

1-استعملت هذه المادّة في الرّبوبيّة و الرّحم و وجع الحمّى و أداة الحرب و التّحريف و التّحديد و الأنين و رفع الصّوت بالدّعاء و البكاء و السّرعة و العهد و البريق و اللّمعان و الاهتزاز في المشي و الوحي و الثّكل و غيرها.

و قد أدرك ابن فارس أنّ الأصل الواحد لهذه المادّة- مع كثرة مشتقّاتها و تشتّتها-أمر صعب المرام،فأرجعها إلى ثلاثة أصول:اللّمعان في اهتزاز،و الصّوت،و السّبب يحافظ عليه.

2-و حاول بعض المحقّقين المعاصرين ردّ مشتقّاتها إلى أصل واحد بطريقين:

الأوّل:التّحديد على قول الفرّاء،كالحربة و الأذن المؤلّلة؛لأنّهما محدّدتان،و«الإلّ»بمعنى القرابة و الجوار؛ لأنّ لها حدودا،إلاّ أنّه سكت عن«الإلّ»بمعنى السّرعة و البريق و الأنين و الرّبوبيّة و غيرها.

و رجّح بعضهم هذا الرّأي بقوله:على الرّغم من كون الفرّاء منفردا فيما ذهب إليه-على ما نعلم-فإنّه مصيب غاية الإصابة في ذلك.و لو عدنا إلى تجريد«أل» لوجدناها أداة تعريف في المصطلح النّحويّ؛تدخل على النّكرة فتعرّفها،و ذلك فرق بين:قمر،و القمر؛و ما التّعريف في حقيقته إلاّ التّحديد؛تحديد الاسم الّذي لم يكن محدّدا.و أضاف قائلا:و هذا التّحديد يستمرّ في اللّفظة ليتلوّن بلون جديد؛فينتقل من كونه لفظا دالاّ على تحديد النّكرة بنقلها إلى المعرفة،إلى لفظ دالّ على هيئة التّحديد،كما في:ألّة،أي حربة،و أذنين مؤلّلتين، أي محدّدتين.

و ختم حديثه بالقول:«و بالنّظر إلى هذا صارت اللّفظة وصفا لكلّ أمر معنويّ فيه دلالة التّحدّد و التّحديد،كالقسم و العهد و الشّرف،و ما إلى ذلك من أشياء لها حدّ محدّد،يجب أن يراعى و يلتزم به».

و الثّاني:الحالة الظّاهرة الّتي لا يمكن إنكارها على قول الرّاغب،فقد قال باحث آخر:إنّ الأصل الواحد فيها هو العلاقة و الرّبط الظّاهر الثّابت طبيعيّا أو نحوه،في مقابل العلاقة الحاصلة بالتّعهّد أو المعاهدة الصّوريّة التّعبّديّة المعبّر عنها بالذّمّة كما في الآيتين: إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً فباعتبار هذا الأصل تستعمل في القرابة و العهد

ص: 668

الثّابت و السّبب بين الاثنين و في اللّمعان و الحربة و ما يشابهها.ثمّ أردف كلامه بقوله:و أمّا البكاء و الأنين و رفع الصّوت،فهي باعتبار ظهور العلاقة و تجلّي الرّبط الثّابت.

و هذا ترجمة لرأي الرّاغب القائل:«الإلّ»:كلّ حالة ظاهرة من عهد حلف و قرابة،تئلّ:تلمع،و ألّ الفرس، أي أسرع و لمع،و ذلك استعارة في باب الإسراع.

و لكنّه لم يتناول المعنى الآخر أي التّحديد.

3-و هذه كلّها جهود في إرجاع المعاني إلى معنى عامّ مشترك في الجميع،و ليست هذه طريقة لتوسيع اللّغة بل المعتاد فيها استعمال اللّفظ لأحد المعاني المحسوسة،ثمّ يتّسع في أشباهها كما قلنا في الأذن و غيرها.

و الأقرب إلى الصّواب أنّ ما كان بمعنى الألوهيّة فهو ليس بعربيّ بل مأخوذ عن العبريّة و السّريانيّة،و لعلّ منه«الإلّ»بمعنى الوحي و القسم و العهد؛لأنّها جميعا ترجع إلى اللّه.و أمّا غيرها من المعاني فالأصل فيها هو الحربة،ثمّ اشتقّ منها فعل بمعناها؛يقال:ألّه،إذا طعنه بالحربة،و باعتبار ما يستلزمها،و هو اللّمعان و الاضطراب؛يقال:ألّ الشّيء ألاّ،إذا لمع و برق،و ألّ الفرس،إذا اضطرب في مشيه،و ألّت فرائصه،إذا لمعت في عدوه.و أمّا صوت الماء فباعتبار جريانه و تحرّكه و اضطرابه،و كذلك الأنين و البكاء.ثمّ استعمل في ما تغيّر و اضطرب مثل:ألل السّقاء،بالكسر:تغيّرت ريحه،و أللت أسنانه:فسدت،و ألّ الثّوب:غيّره بالخياطة و قصّه بالمقراض.و هكذا الأليل:البريق،و أذن مؤلّلة،أي مشبهة للحربة.

و الحاصل أنّ كلّ ما له حرمة و تعظيم يرجع إلى «الإلّ»الّذي هو اسم اللّه في العبريّة و السّريانيّة،و ما يرجع إلى اللّمعان و الاضطراب و الفساد و نحوها فهو مأخوذ عن«الألّة»،و هي الحربة.

الاستعمال القرآنيّ

جاءت لفظة«إلّ»في آيتين مقترنة ب«ذمّة»:

1- كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ... *كَيْفَ وَ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:7،8

2- لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ التّوبة:10

يلاحظ أوّلا:اجتماع أربعة ألفاظ ما اجتمعت في موضع من القرآن إلاّ في هاتين الآيتين،و هي(يرقبوا) و(يرقبون)و(الاّ)و(ذمّة).و نفي الفعلان ب(لا)و نصب (الاّ)و(ذمّة)بهما على المفعوليّة،و الفعل الأوّل مجزوم بحذف النّون؛لأنّه جواب الشّرط.و الفاعل لكلا الفعلين هو واو الجمع الّذي يعود على لفظ المشركين.

هذا مع ملاحظة عدم مجيء شيء من هذه الألفاظ الأربعة في موضع آخر من القرآن،سوى ألفاظ من مادّتي«ر ق ب»و«ذ م م»في سياق آخر،و بذلك يكون:

[لا يرقبوا لا يرقبون -إلاّ-و لا ذمّة]

ألفاظ و تراكيب من خصائص سورة التّوبة،انفردت بها هذه السّورة الّتي هي منفردة عن سائر سور القرآن بأشياء،أبرزها خلوّها عن البسملة.

ص: 669

و ثانيا:نستبعد تماما ما ذهب إليه بعضهم من أنّ المقصود ب(الاّ)هاهنا اللّه جلّ جلاله،لأنّ الذّمّة معطوفة عليه،فالأحرى أن يكون بينهما تجانس،و لا تجانس إلاّ بوجه مجازيّ من حيث كان عهد اللّه أو ميثاقه،فحذف المضاف،و بقي المضاف إليه مقامه،لكنّه وجه بعيد من غير ضرورة.

و بهذا يختلف«الإلّ»هنا عن«إلاّ»في اللّغات السّاميّة،كما اختلف عن أداة التّعريف«أل»،و إنّما ذلك تطوّر عمّا ذكر من المعاني.

و ثالثا:تقدّم في النّصوص أنّ(الاّ)تعني القرابة، و(ذمّة)تعني العهد،أو العكس،أو كلاهما بهذين المعنيين.

فإن كانا بمعنيين مختلفين فالعطف يدلّ على تعدّد الأوصاف،و إن كانا بمعنى واحد فالعطف للتّأكيد.إلاّ أنّنا نرجّح الرّأي الأوّل،و نرى اختلاف الألفاظ في اللّغة الواحدة يوجب اختلاف المعاني؛فلا يقال-مثلا- لشخص اسمه زيد و كنيته أبو عبد اللّه:جاء زيد و أبو عبد اللّه؛لأنّ الشّيء لا يعطف على نفسه إذا كان الثّاني بمعنى الأوّل،فلفظ أبي عبد اللّه لم يفد معنى،فهو لغو،و هذا بعيد في كتاب اللّه.

و نظيره قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً المائدة:48.

و رابعا:مع صرف النّظر عمّا جاء في النّصوص التّفسيريّة في الفرق بين(الاّ)و(ذمّة)،مع أخذنا إيّاها بنظر الاعتبار،خاصّة ما ذكره رشيد رضا و الطّباطبائيّ و بنت الشّاطئ،فلنا رؤية خاصّة تنفي كون(الاّ)بمعنى القرابة،نظرا إلى أنّ الآيات المتقدّمة على هاتين الآيتين في سورة البراءة،و كذلك المتأخّرة عنهما،تعرّضت العهد مرّات،و ليس فيها أثر للقرابة،فالأحرى بالسّياق أن يدخل كلّ من الإلّ و الذّمّة تحت معنى العهد بتفاوت بينهما بالإطلاق و التّقييد،أو بما قاله الطّوسيّ:الإلّ:العهد، و الذّمّة:عقد الجوار،و هما متقاربان،و فرّق بينهما بأنّ الذّمّة عقد قوم يذمّ نقضه،و الإلّ-الّذي هو العهد-عقد يدعو إلى الوفاء،إذا ضلّ كلّ واحد منهما يقتضي هذا.

و خامسا:لقد ذكروا لتكرار لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةً التّوبة:8،وجوها،أقربها الإطلاق و التّقييد، فالأوّل مطلق و الثّاني مقيّد،فلاحظ.

ص: 670

أ ل م

اشارة

5 ألفاظ،75 مرّة:37 مكّيّة،38 مدنيّة

في 43 سورة:27 مكّيّة،16 مدنيّة

يألمون 1:-1\أليم 52:28-24\أليما 14:3-11

تألمون 2:-2 الأليم 6:6

النّصوص اللّغويّة

الخليل: الألم:الوجع،و المؤلم:الموجع.و الفعل:ألم يألم ألما فهو الم.و المجاوز:آلم يؤلم إيلاما فهو مؤلم.

(8:347)

الكسائيّ: يقال:ألمت بطنك و رشدت أمرك،أي ألم بطنك و رشد أمرك.و انتصاب قوله:بطنك على التّفسير.

(ابن منظور 12:22)

أبو عمرو الشّيبانيّ: الأيلمة:الحركة.

(الأزهريّ 15:403)

أبو زيد: يقال:ما أجد أيلمة و لا ألما،و هو الوجع.(الأزهريّ 15:403)

ابن هشام:الأليم:الموجع.(السّهيليّ 2:258)

أبو عبيد: يقال:ألمت نفسك،كما تقول:سفهت نفسك.(ابن فارس 1:127)

ابن الأعرابيّ: ما سمعت له أيلمة،أي صوتا.

ما وجدت أيلمة و لا ألما،أي وجعا.

(الأزهريّ 15:403)

عذاب أليم،أي مؤلم.و رجل أليم و مؤلم،أي موجع.(ابن فارس 1:127)

شمر: تقول العرب:أما و اللّه لأبيتنّك على أيلمة....

في إدخال المشقّة عليه و الشّدّة.(ابن منظور 12:22)

نفطويه:أليم:ذو الم.و سميع:ذو سماع.

(الهرويّ 1:73)

الأزهريّ: و الألم:الوجع،و قد ألم الرّجل يألم ألما،فهو الم.و يجمع الألم:آلاما،فإذا قلت:عذاب أليم،فهو بمعنى مؤلم.و منه:رجل وجع،و ضرب وجع، أي موجع.و تألّم فلان من فلان،إذا تشكّى

ص: 671

و توجّع.(15:402)

الصّاحب: الألم:الوجع،ألم يألم.و الأليم:الوجيع، و هو المؤلم؛آلم يؤلم.و عذاب أليم:مؤلم.

و ما سمعت له أيلمة:أي كلمة و حركة.

و الأيلمة:الألم.

و الألومة:اللّؤم.

و ألومة:اسم موضع أو بلد من بلاد هذيل.

(10:362)

الجوهريّ: الألم:الوجع.و قد ألم يألم ألما.و قولهم:

ألمت بطنك،كقولهم:رشدت أمرك.أي ألم بطنك و رشد أمرك.و التّألّم:التّوجّع،و الإيلام:الإيجاع،و الأليم:

الموجع،مثل السّميع بمعنى المسمع.(5:1863)

ابن فارس: الهمزة و اللاّم و الميم أصل واحد،و هو الوجع.(1:126)

أبو هلال: الفرق بين العذاب و الألم:أنّ العذاب أخصّ من الألم،و ذلك أنّ العذاب هو الألم المستمرّ، و الألم يكون مستمرّا و غير مستمرّ،أ لا ترى أنّ قرصة البعوض الم و ليس بعذاب،فإن استمرّ ذلك قلت:

عذّبني البعوض اللّيلة.فكلّ عذاب الم و ليس كلّ ألم عذابا،و أصل الكلمة الاستمرار.و منه يقال:ماء عذب لاستمرائه في الحلق.

الفرق بين الألم و الوجع:أنّ الوجع أعمّ من الألم، تقول:آلمني زيد بضربته إيّاي و أوجعني بذلك،و تقول:

أوجعني ضربني،و لا تقول:آلمني ضربني.و كلّ ألم هو ما يلحقه بك غيرك،و الوجع ما يلحقك من قبل نفسك و من قبل غيرك،ثمّ استعمل أحدهما في موضع الآخر.

الفرق بين الألم و الوصب:أنّ الوصب هو الألم الّذي يلزم البدن لزوما دائما.و منه يقال:و لا واصبة،إذا كانت بعيدة،كأنّها من شدّة بعدها لا غاية لها.و منه قوله تعالى:

وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً النّحل:52،و قوله تعالى: وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ الصّافّات:9.(198)

ابن سيده: الألم:الوجع؛و الجمع:آلام.ألم ألما فهو آلم.و تألّم و آلمته.

و الأليم:المؤلم.

و العذاب الأليم:الّذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ.

و ألم بطنه،من باب:سفه رأيه.

و الأيلمة:الألم.

و ألومة:موضع.[ثمّ استشهد بشعر](10:416)

الألم:الوجع،ألم يألم ألما.و تألّم:توجّع فهو الم.

و آلمته أنا و قد ألم بطنه.و الأليم:الموجع.

(الإفصاح 1:481)

الأليم من العذاب:الّذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ.

(الزّبيديّ 8:189)

الرّاغب: الألم:الوجع الشّديد،يقال:ألم يألم ألما، فهو آلم،قال تعالى: فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ النّساء:

104،و قد آلمت فلانا.و عذاب أليم،أي مؤلم.(21)

الزّمخشريّ: هو الم و متألّم،و ضربه فآلمه،و مسّه بضرب أليم،و به ألم شديد،و هو موجع مؤلم.

(أساس البلاغة:9)

الطّبرسيّ: الألم:الوجع،و الألم:جنس من الأعراض يكون من فعل اللّه ابتداء و بسبب،و قد يكون من فعل العباد بسبب.(2:104)

ص: 672

الفيّوميّ: ألم الرّجل ألما من باب تعب،و يعدّى بالهمزة،فيقال:آلمته إيلاما فتألّم.و عذاب أليم:مؤلم.

و قولهم:ألمت رأسك،مثل وجعت رأسك.(1:19)

الفيروزآباديّ:الألم محرّكة:الوجع كالأيلمة، جمعه:آلام.

ألم كفرح فهو الم،و تألّم و آلمته.

و الأليم:المؤلم،و من العذاب الّذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ.

و الألومة:اللّؤم و الخسّة.و الأيلمة:الحركة و الصّوت.(4:77)

الطّريحيّ: آلمه:أوجعه،التّألّم:التّوجّع،الإيلام:

الإيجاع.(6:9)

محمّد إسماعيل إبراهيم: ألم يألم ألما:أحسّ بالوجع،و آلمه:أوجعه،و تألّم:توجّع،و الألم:الوجع الشّديد حسّيّا كان أو معنويّا،الأليم:الموجع.(42)

الصّابونيّ: الألم:الوجع و هو من الأعراض الّتي تصيب الإنسان.(1:510)

الطّباطبائيّ: الألم:مقابل اللّذّة.(5:63)

المصطفويّ: الأصل الواحد في هذه المادّة هو الوجع الشّديد.و الأليم:ما ثبت له الوجع،كما أنّ الآلم ما ظهر و صدر منه الوجع.و إذا أردنا تعديته قلنا:آلمته إيلاما،أي أوجدت الألم.

و أمّا تفسير الأليم بالمؤلم و السّميع بالمسمع غير وجيه،ناشئ من عدم التّوجّه إلى حقيقة معنى هذه الصّيغة،و المنظور في توصيف العذاب و الرّجز و اليوم بكلمة الأليم[في القرآن]:الإشارة إلى شدّتها في أنفسها، و هذا أبلغ من التّفسير بالمؤلم.

و أمّا ألمت بطنك:فنصب البطن من باب التّفسير،أي التّمييز،و الأصل فيه أن يكون نكرة،و قد يجيء بلفظ المعرفة طبت النّفس.(1:105)

النّصوص التّفسيريّة

تالمون

وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ... النّساء:104

ابن عبّاس: توجعون.(الطّبريّ 5:263)

مثله أبو عبيدة(1:139)،و السّيوطيّ(2:11).

الضّحّاك: يجيعون كما تجيعون.(الطّبريّ 5:264)

مثله قتادة و السّدّيّ(الطّبريّ 5:263)،و الأخفش (1:454)،و الطّبريّ(5:263).

ابن جريج: توجعون لما يصيبكم منهم،فإنّهم يوجعون كما توجعون.(الطّبريّ 5:263)

الزّمخشريّ: أي ليس ما تكابدون من الألم بالجرح و القتل مختصّا بكم،إنّما هو أمر مشترك بينكم و بينهم يصيبهم كما يصيبكم،ثمّ إنّهم يصبرون عليه و يتشجّعون، فما لكم لا تصبرون مثل صبرهم مع أنّكم أولى منهم بالصّبر؟لأنّكم تَرْجُونَ مِنَ اللّهِ ما لا يَرْجُونَ النّساء:104 من إظهار دينكم على سائر الأديان،و من الثّواب العظيم في الآخرة.

قرأ الأعرج (أن تكونوا تألمون) بفتح الهمزة،بمعنى و لا تهنوا لأن تكونوا تألمون.و قوله: فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ تعليل.

ص: 673

و قرئ (فانّهم ييلمون كما تيلمون) (1:561)

نحوه البروسويّ(2:277)،و الآلوسيّ(5:138).

الفخر الرّازيّ: و المعنى أنّ حصول الألم قدر مشترك بينكم و بينهم،فلمّا لم يصر خوف الألم مانعا لهم عن قتالكم فكيف صار مانعا لكم عن قتالهم؟ثمّ زاد في تقرير الحجّة و بيّن أنّ المؤمنين أولى بالمصابرة على القتال من المشركين،لأنّ المؤمنين مقرّون بالثّواب و العقاب و الحشر و النّشر،و المشركين لا يقرّون بذلك.فإذا كانوا مع إنكارهم الحشر و النّشر يجدّون في القتال فأنتم أيّها المؤمنون المقرّون بأنّ لكم في هذا الجهاد ثوابا عظيما و عليكم في تركه عقابا عظيما،أولى بأن تكونوا مجدّين في هذا الجهاد،و هو المراد من قوله تعالى: وَ تَرْجُونَ مِنَ اللّهِ ما لا يَرْجُونَ. (11:31)

القرطبيّ أي تتألّمون ممّا أصابكم من الجراح،فهم يتألّمون أيضا ممّا يصيبهم.(5:374)

الطّريحيّ: أي يجدون ألم الجراح و وجعها كما تجدون ذلك.(6:9)

اليم

1- ...وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ.

البقرة:10

ابن عبّاس: الوجيع.(السّيوطيّ 2:77)

كلّ شيء في القرآن أليم فهو موجع.

(الآلوسيّ 1:150)

مثله الرّبيع،و الضّحّاك.(الطّبريّ 1:123)

أبو عبيدة: أي موجع من الألم،و هو في موضع مفعل.(1:32)

الطّبريّ: الأليم:هو الموجع،و معناه و لهم عذاب مؤلم،فصرف مؤلم إلى أليم،كما يقال:ضرب وجيع،بمعنى موجع،و اللّه بديع السّماوات و الأرض،بمعنى مبدع.و إنّما الأليم صفة للعذاب،كأنّه قال:و لهم عذاب مؤلم،و هو مأخوذ من الألم،و الألم:الوجع.(1:123)

نحوه الطّوسيّ(1:72)،و الطّبرسيّ(1:48)، و القيسيّ(1:23)،و الآلوسيّ(1:150)،و القاسميّ(2:

46).

الزّمخشريّ: يقال:ألم فهو أليم كوجع فهو وجيع، و وصف العذاب به،نحو قوله:«تحيّة بينهم ضرب وجيع».و هذا على طريقة قولهم:جدّ جدّه.و الألم في الحقيقة للمؤلم،كما أنّ الجدّ للجادّ.و المراد بكذبهم قولهم:

آمَنّا بِاللّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ البقرة:8،و فيه رمز إلى قبح الكذب و سماجته،و تخييل أنّ العذاب الأليم لاحق بهم من أجل كذبهم،و نحوه قوله تعالى: مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا نوح:25،و القوم كفرة.و إنّما خصّت الخطيئات استعظاما لها و تنفيرا عن ارتكابها.(1:178)

نحوه البيضاويّ(1:24)،و النّيسابوريّ(1:173).

البغويّ: أي مؤلم يخلص وجعه إلى قلوبهم.(1:88)

مثله الخازن.(1:29)

أبو حيّان: (اليم)فعيل من الألم بمعنى مفعل، كالسّميع بمعنى المسمع أو المبالغة و أصله:ألم.[إلى أن قال:]

فإذا قلنا:إنّه للمبالغة،فيكون محوّلا من فعل لها، و نسبته إلى العذاب مجاز،لأنّ العذاب لا يألم.إنّما يألم

ص: 674

صاحبه،فصار نظير قولهم:شعر شاعر،و الشّعر لا يشعر إنّما الشّاعر ناظمه.

و إذا قلنا:إنّه بمعنى مؤلم،كما قال عمرو بن معدي كرب: *أ من ريحانة الدّاعى السّميع*

أي المسمع و فعيل بمعنى مفعل مجاز،لأنّ قياس أفعل مفعل،فالأوّل مجاز في التّركيب،و هذا مجاز في الإفراد.(1:53،59)

أبو السّعود: أليم،أي مؤلم،يقال:الم و هو أليم:

كوجع و هو وجيع.وصف به العذاب للمبالغة،كما في قوله:«تحيّة بينهم ضرب وجيع»على طريقة جدّ جدّه.

فإنّ الألم و الوجع حقيقة للمؤلم و المضروب،كما أنّ الجدّ للجادّ.و قيل:هو بمعنى المؤلم كالسّميع بمعنى المسمع.

(1:33)

الطّريحيّ: أي مؤلم موجع،كالسّميع بمعنى المسمع؛ إذ لا ألم فوق ألم عذاب لا رجاء معه للخلاص؛إذ الرّجاء يهوّن العذاب.(6:9)

البروسويّ: هو بمعنى المؤلم بفتح اللاّم،على أنّه اسم مفعول من الإيلام.وصف به العذاب للمبالغة،و هو في الحقيقة صفة المعذّب-بفتح الذّال المعجمة-.كما أنّ الجدّ للجادّ في قولهم:جدّ جدّه،وجه المبالغة إفادة أنّ الألم بلغ الغاية حتّى سرى المعذّب إلى العذاب المتعلّق به.

(1:56)

المراغيّ: (اليم)من ألم يألم فهو أليم بمعنى مؤلم -بفتح اللاّم-إذا يصل ألمه إلى القلوب.وصف به العذاب نفسه لبيان أنّ الألم بلغ الغاية حتّى سرى من المعذّب-بفتح الذّال-إلى العذاب المتعلّق به.(1:52)

عبد الكريم الخطيب: و قد توعّد اللّه سبحانه المنافقين هنا بالعذاب الأليم،فقال: وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ على حين توعّد الكافرين في الآية قبلها بالعذاب العظيم،فقال سبحانه: وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ البقرة:7،و الأليم أشدّ هولا و نكالا من العظيم، فقد يكون العظيم عظيما في شخصه و هيئته و ليس عظيما في أفاعيله و سطوته.أمّا الأليم فهو البالغ الغاية في الإيلام،و لو ضؤل شخصه.(1:32)

بنت الشّاطئ: و الكلمة جاءت في القرآن نحو سبعين مرّة،في وصف عذاب اللّه،و أخذه و عقابه.و معها آية يوسف: ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ يوسف:25.

و جاء فعله الثّلاثيّ مضارعا،ثلاث مرّات في وطأة الحرب،بآية النّساء: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ النّساء:104.

و الرّاغب فسّر الأليم بالوجع الشّديد.

و يبدو أنّ الوجع أقرب إلى ما يعتري الجسم من سقم المرض.و قد ذكره«القاموس»و ذكر في الألم:

الوجع.و الألم من العذاب الّذي يبلغ غاية البلوغ.

و غلبة مجيء الأليم صفة لعذاب الآخرة،تؤذن بأنّه أخصّ و أفدح من وجع يعرض لعامّة البشر،المؤمنين منهم و الكفّار.و لعلّ الشّاهد من قول الشّاعر (1)،يقوى بدلالة العذاب من وجد و سهد،هو أقسى من وجع عارض من مرض،يهون بالقياس إلى ألم الأرق و الشّجن.(الإعجاز البيانيّ:323)

[و قد جاء الأليم في كثير من آيات القرآن الكريمنم

ص: 675


1- نام من كان خليّا من الم و بقيت الليل طولا لم أنم

بمعنى:الموجع،المؤلم،المؤلم الموجع،وجيع و شديد الألم حسب ما في كثير من كتب التّفاسير.لم نذكرها سوى ما فيها خصوصيّة كما سيأتي].

2- ...وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ. يونس:4

القاسميّ:وجيع يخلص ألمه إلى قلوبهم.

(9:3324)

3- أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ. هود:26

الطّبريّ: أخاف عليكم من اللّه عذاب يوم مؤلم عقابه و عذابه لمن عذّب فيه.و جعل الأليم من صفة اليوم و هو من صفة العذاب؛إذ كان العذاب فيه،كما قيل:

وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً الأنعام:96،و إنّما السّكن من صفة ما سكن فيه دون اللّيل.(12:26)

الطّوسيّ: أي مؤلم عذابه.و إنّما قال: عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ بالجرّ،و معناه مؤلم،لأنّ الألم يقع في اليوم،فكأنّه سبب الألم،و لو نصبته على أن يكون صفة للعذاب كان جائزا.و لم يقرأ به أحد.(5:538)

الزّمخشريّ: وصف اليوم بأليم من الإسناد المجازيّ لوقوع الألم فيه.

فإن قلت:فإذا وصف به العذاب؟

قلت:مجازيّ مثله،لأنّ الأليم في الحقيقة هو العذاب.و نظيرهما قولك:نهارك صائم،و جدّ جدّه.(2:265)

نحوه الفخر الرّازيّ(17:21)،و حسنين محمّد مخلوف(362)،و البيضاويّ(1:466).

الطّبرسيّ: يجوز أن يكون تقديره:يوم أليم عذابه، فحذف المضاف الّذي هو عذاب،و أقيم المضاف إليه الّذي هو الضّمير مقامه،فاستكن في(أليم.)

و يجوز أن يكون وصف اليوم بالألم،لأنّ الألم فيه يقع.

و يجوز في غير القراءة أليما،فيكون صفة لعذاب.

(3:154)

أبو حيّان: و إسناد الألم إلى اليوم مجاز،لوقوع الألم فيه لا به.[نقل قول الزّمخشريّ ثمّ قال:]

و هذا على أن يكون(أليم)صفة مبالغة من«آلم» و هو من كثر ألمه،فإن كان(أليم)بمعنى«مؤلم»فنسبته لليوم مجاز و للعذاب حقيقة.(5:214)

البروسويّ: (اليم)يجوز أن يكون صفة(يوم) و صفة(عذاب)،على أن يكون جرّه للجوار.و وصفه ب«الأليم»على الإسناد المجازيّ للمبالغة،يعني أنّ إسناد «الأليم»إلى اليوم إسناد إلى الظّرف،كقولك:نهاره صائم؛ و إسناده إلى العذاب إسناد إلى الوصف،كقولك:جدّ جدّه، و المتألّم-حقيقة-هو الشّخص المعذّب المدرك لا وصفه و لا زمانه،و إذا وصفا بالتّألّم دلّ على أنّ الشّخص بلغ في تألّمه إلى حيث سرى ما به من التّألّم إلى ما يلابسه من الزّمان و الأوصاف.فالأليم بمعنى«المؤلم»على أنّه اسم مفعول من الإيلام.و يجوز أن يكون بمعنى«المؤلم»على أنّه اسم فاعل،و هو صفة اللّه تعالى في الحقيقة؛إذ هو الخالق للألم.(4:116)

الآلوسيّ: أي المؤلم على الإسناد المجازيّ،لأنّ المؤلم

ص: 676

هو اللّه سبحانه.نزّل الظّرف منزلة الفاعل نفسه لكثرة وقوع الفعل فيه،فجعل كأنّه وقع الفعل منه،و كذا وصف العذاب بذلك في غير موضع من القرآن العظيم،و يمكن اعتباره هنا أيضا،و جعل الجرّ للجوار.و وجه التّجوّز حينئذ أنّه جعل وصف الشّيء لقوّة تلبّسه به،كأنّه عينه فأسند إليه ما يسند إلى الفاعل.و نظير ذلك على الوجهين:نهاره صائم،و جدّ جدّه.

و قد يقال:إنّ وصف العذاب بالإيلام حقيقة عرفيّة، و مثله يعدّ فاعلا في اللّغة،فيقال:آلمه العذاب،من غير تجوّز.(12:36)

الطّباطبائيّ: و الظّاهر أنّ المراد ب عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ عذاب الاستئصال دون عذاب يوم القيامة،أو الأعمّ من العذابين،يدلّ على ذلك قولهم له فيما سيحكيه اللّه تعالى عنهم: يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ* قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللّهُ إِنْ شاءَ هود:32،33،فإنّه ظاهر في عذاب الاستئصال.

فهو عليه السّلام كان يدعوهم إلى رفض عبادة الأوثان، و يخوّفهم من يوم ينزل عليهم من اللّه عذاب أليم،أي مؤلم.و نسبة الإيلام إلى اليوم دون العذاب في قوله:

عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ، من قبيل وصف الظّرف بصفة المظروف.(10:199)

4- ...أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. النّور:63

الطّوسيّ: أو يصيبهم عذاب أليم في الآخرة،جزاء على خلافهم الرّسول.و يجوز أن يكون المراد أن تصيبهم عقوبة في الدّنيا،أو يصيبهم عذاب مؤلم في الآخرة.

(7:467)

البغويّ: وجيع في الآخرة.

و قيل:عذاب أليم:عاجل في الدّنيا.(5:76)

أبو حيّان:قيل:عذاب الآخرة،و قيل:هو القتل في الدّنيا.(6:477)

الآلوسيّ: أي في الآخرة،و قيل:في الدّنيا،و المراد بالعذاب الأليم القتل،و بالفتنة ما دونه،و ليس بشيء.(18:227)

5- أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ. سبأ:5

الفخر الرّازيّ: و في الأليم قراءتان:الجرّ و الرّفع، فالرّفع على أنّ الأليم وصف العذاب كأنّه قال:عذاب أليم من أسوإ العذاب،و الجرّ على أنّه وصف للرّجز.

و الرّفع أقرب نظرا إلى المعنى،و الجرّ نظرا إلى اللّفظ.

(25:242)

نحوه كثير من المفسّرين.

6- ...وَ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. الشّورى:21

القرطبيّ: في الدّنيا القتل و الأسر و القهر،و في الآخرة عذاب النّار.(16:20)

نحوه أبو حيّان.(7:515)

البروسويّ: أي نوع من العذاب متفاقم ألمه.

(8:308)

7- فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ. الزّخرف:65

السّدّيّ: من عذاب يوم القيامة.(الطّبريّ 25:94)

الطّبريّ: من عذاب يوم مؤلم.و وصف اليوم

ص: 677

بالإيلام؛إذ كان العذاب الّذي يؤلمهم فيه،و ذلك يوم القيامة.(25:94)

الفخر الرّازيّ: هو وعيد بيوم الأحزاب.

(27:223)

البروسويّ: هو يوم القيامة،و المراد يوم أليم العذاب،كقوله:في يوم عاصف،أي عاصف الرّيح.

(8:386)

الآلوسيّ: هو يوم القيامة.و(اليم)صفة(عذاب)، أو(يوم)على الإسناد المجازيّ.(25:97)

الطّباطبائيّ:تهديد و وعيد للقالي منهم و الغالي.

(18:119)

8- هذا هُدىً وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ. الجاثية:11

الطّوسيّ: قرأ ابن كثير،و حفص (من رجز اليم) بالرّفع جعلاه صفة للعذاب،الباقون بالخفض جعلوه صفة للرّجز،فكأن قال:من رجز أليم.و الرّجز هو العذاب،فلذلك صحّ وصفه بأنّه أليم.(9:251)

9- ...وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ. المجالة:4

أبو السّعود: عبّر عنه[أي عن رفض العمل بأحكام الظّهار]بذلك للتّغليظ على طريقة قوله تعالى:

وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ آل عمران:97.

(5:144)

نحوه البروسويّ.(9:395)

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة هو الوجع الجسميّ، و استعمل في الألم النّفسيّ،و من ثمّ في مطلق المشقّة و نحوها؛يقال:ألم الرّجل يألم ألما فهو الم.و آلمت فلانا أؤلمه إيلاما،فأنا مؤلم و هو مؤلم.و تألّمت من فلان أتألّم تألّما،إذا تشكّيت منه و توجّعت.

و يعني أيضا المشقّة و الحركة و الصّوت،و هذه المعاني لا تشذّ عن هذا الأصل،لأنّها من ظواهر الوجع.

2-و لم يرد في اللّغة زنة«فاعل»و«مفعول»من «فعل»لهذه المادّة إلاّ أنّ اللّغويّين حملوا زنة«فعيل»على «مفعل»من«أفعل»فقاسوا الأليم بالسّميع بمعنى«مؤلم» لاسم الفاعل،دون مثال من اللّغة.و لكنّهم استشهدوا لاسم المفعول بمثال،فقالوا:رجل أليم،أي موجع.

و لا ضير في ذلك،سوى أنّ قياس الأليم بالسّميع لعلّه في غير محلّه؛إذ لا ضرورة في حمل«السّميع»على «المسمع»،لأنّه صفة مشبّهة أو صيغة مبالغة،كالبصير بمعنى المبصر.و يصحّ اتّصاف اللّه بهما،بتأويلهما إلى أنّه عالم بالمبصرات و المسموعات أو نحو هذا،دون حملهما على المبصر و المسمع.

و جعل بعضهم«أليما»صفة مشبّهة حملا على استعماله في القرآن؛حيث عدّوه صفة ثابتة للعذاب الأخرويّ.و هذا خلاف القياس و السّماع؛لأنّ الألم عارض،و إنّما قياس الوصف من«فعل»اللاّزم أن يكون وزنه«فعلا»في الأعراض كفرح و أشر،فصفته«ألم»كما ورد في السّماع.

و الصّحيح أنّ«أليما»صفة مبالغة مثل عظيم،و قد جاء وصفا للعذاب تأكيدا،من قبيل:زيد عدل،أي أنّ العذاب على مرتبة من الألم كأنّه نفسه أليم،قبل أن يتألّم أهل العذاب منه.إذ قد وصف القرآن العذاب في آيات

ص: 678

أخرى بأنّه(عظيم)و(مهين)و(شديد)و(مقيم) و(غليظ)و(الأكبر)،و وصف اليوم بأنّه عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ الأعراف:59،و عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ هود:3، و عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ هود:84،و عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ الحجّ:55.

الاستعمال القرآنيّ

ورد من هذه المادّة في القرآن(تالمون)مرّتين، و(يالمون)مرّة واحدة،و أليم«72»مرّة.منها«37» مرّة مرفوعا،و«18»مرّة منصوبا،و«17»مرّة مجرورا.

1-و قد جاء«الأليم»وصفا في جميع الآيات إلاّ في قوله تعالى: إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ هود:102،فجاء خبرا ل(انّ)و اسمها(اخذه)،و معناه يرجع إلى العذاب أيضا.

و قد وصف به ما يلي:

أ-العذاب:«67»مرّة،و منه:

وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ البقرة:10

إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ الصّافّات:38

أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً النّساء:18

ب-الرّجز:مرّتين:

وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ سبأ:5

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ الجاثية:11

ج-اليوم:مرّتين:

أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ هود:26

فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ

الزّخرف:65

د-العقاب:مرّة واحدة:

إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ فصّلت:43

يلاحظ أوّلا:أنّ العذاب الأليم جاء تهديدا من اللّه تعالى باستثناء أربع آيات هي:

قالُوا إِنّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَ لَيَمَسَّنَّكُمْ مِنّا عَذابٌ أَلِيمٌ يس:18

قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ يوسف:25

فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ الأنفال:32

يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللّهِ وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ الأحقاف:31

حيث جاءت الأولى تهديدا للرّسل على لسان أصحاب القرية،و الثّانية تهديدا ليوسف على لسان امرأة العزيز،و الثّالثة طلبا من كفّار مكّة بنزول العذاب عليهم احتجاجا على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و الرّابعة خطابا من مؤمني الجنّ لقومهم.

و ثانيا:من أجل ذلك جاء(اليم)وصفا للعذاب الأخرويّ في الجميع إلاّ في ثلاث آيات من هذه الأربع.

و ثالثا:كان المهدّدون من قبل اللّه تعالى بالعذاب الأليم هم:

الكافرون:«31»مرّة،و منه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ البقرة:104

ص: 679

وَ إِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ المائدة:73

وَ بَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ التّوبة:3

الظّالمون:«5»مرّات:

إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ إبراهيم:22

وَ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ الشّورى:21

إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ

الشّورى:42

وَ قَوْمَ نُوحٍ لَمّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَ جَعَلْناهُمْ لِلنّاسِ آيَةً وَ أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً الفرقان:37

يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ الظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الدّهر:31

أهل الكتاب:«4»مرّات:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النّارَ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ البقرة:174

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ

آل عمران:77

لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَ يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ آل عمران:188

وَ أَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَ اسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً

النّساء:173

المنافقون:«3»مرّات:

وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ

التّوبة:61

فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ

التّوبة:79

بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً النّساء:138

المجرمون:مرّتين:

كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ* لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ الشّعراء:200،201

إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ الصّافّات:38

المعتدون:مرّتين:

فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ*

البقرة:178،و المائدة:94

المفترون:مرّة:

إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتاعٌ قَلِيلٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ النّحل:116،117

المسلمون و عامّة النّاس:«7»مرّات:

نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ الحجر:49،50

فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ النّور:63

فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ الدّخان:10،11

وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ الذّاريات:37

ص: 680

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ الصّفّ:10

إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَ لا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

التّوبة:39

إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَ جَحِيماً* وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ وَ عَذاباً أَلِيماً المزّمّل:12،13

و رابعا:جاء العذاب الأليم معرّفا ب«أل»«6» مرّات،و هي«أل»العهديّة في جميعها.

وَ اشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ يونس:88

وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ يونس:97

و«أل»فيهما عهديّة ذكريّة لما تقدّم من قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ

يونس:4

وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ الحجر:50

و هي عهديّة ذهنيّة لقوله: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ الحجر:48

لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ

الشّعراء:201

و هي عهديّة ذكريّة لقوله: فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

الشّعراء:189

إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ الصّافّات:38

و هي عهديّة ذكريّة أيضا لقوله: لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ* دُحُوراً وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ الصّافّات:8،9

وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ

الذّاريات:37

و هي عهديّة ذهنيّة لقوله: يَوْمَ هُمْ عَلَى النّارِ يُفْتَنُونَ الذّاريات:13

و خامسا:اختلفوا في وجه توصيف العذاب ب(اليم) على أقوال:

الأوّل:أنّه اسم فاعل بمعنى«مؤلم»،مثل بديع بمعنى «مبدع»فيكون صفة للعذاب حقيقة.

الثّاني:أنّه صفة بمعنى اسم المفعول«مؤلم»،فهو وصف للعذاب تجوّزا،و هو في الحقيقة صفة للمعذّب به بتقدير شيء.

الثّالث،:أنّه صيغة مبالغة،مثل سميع و بصير،و قد وصف به العذاب تجوّزا،مثل زيد عدل،أي أنّ العذاب بلغ في الإيلام مبلغا كأنّه هو الّذي يتألّم به.و لعلّه أصحّ الوجوه و أنسب لبلاغة القرآن.

و سادسا:جاء(اليم)في الآيات المدنيّة أكثر منه في المكّيّة،إمّا لكثرة ألم المؤمنين في المدينة؛حيث عاشوا الفقر و الفراق و الحروب،و إمّا لكثرة ألم الكافرين؛ لإصرارهم على الكفر بعد إتمام البيّنة و إقامة الحجّة عليهم.فنطاق الألم في المدينة يتوسّع و يزداد بالنّسبة إلى المؤمن و الكافر على السّواء؛لوسعة البلاد و كثرة الأعداء.أو لعبء المسئوليّات الملقاة على كاهل المسلمين،و لترسّخ الكفر و العناد لدى الكافرين حتّى شنّوا الحرب على المسلمين.

2-جاء الألم في القرآن على أصله اللّغويّ-و هو بيان حال ما يعاني منه المصاب و يكابده من جرّاء

ص: 681

عارض مرضيّ كألم الجراح-في آية واحدة،و هو قوله تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ النّساء:104،و نظيره قوله: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ آل عمران:140،كما يأتي في رقم(3).

و جاء في سائر الآيات على خلاف ما عهد في اللّغة، و هو وصف شدّة الموصوف و هو له.

الأفّاك الأثيم:

وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ* يَسْمَعُ آياتِ اللّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ

الجاثية:7،8

الأعراب:

وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً الفتح:16

فرعون و قومه:

رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ يونس:88

عاد:

فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ الأحقاف:24

ثمود:

هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ الأعراف:73

قوم نوح:

إِنّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ نوح:1

أولياء الشّيطان:

تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ

النّحل:63

الّذين يكنزون الذّهب و الفضّة:

وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ التّوبة:34

3-و جاء منه في القرآن أيضا بصيغة المضارع ثلاث مرّات في آية واحدة من سورة النّساء: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ. فقابل تعالى الألم الّذي يصيب المؤمنين بالألم الّذي يصيب المشركين.

و تكراره إمّا لتجسيم و تمثيل المشابهة بين الألمين؛لأنّه لو اكتفى بقوله: فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ لما توضّحت تلك المشابهة بهذا الوضوح.فأكّد في المشابهة أوّلا حتّى يستأنف الفرق بينهما،فكأنّه يقول:أوّلا إنّكم لستم الّذين يألمون فقط، فأعداؤكم يألمون مثلكم،فهو تسلية للمؤمنين.و ثانيا إنّ هناك فرقا بينكم و بينهم فيما يصيبكم و يصيبهم من الألم، فأنتم ترجون كلّ أجر و فضل من اللّه،و هذا ما يسهّل تحمّل الألم.أمّا أولئك فإنّهم آيسون من ذلك،بل يتوقّعون أن يلحقهم عذاب النّار و الخزي و العار.أو أنّ تكرار الألم لكثرة آلام المؤمنين و استمرارها في الدّنيا، كهجر الأوطان و ترك الأهل و التّضحية بالممتلكات.

و يناسب سياق هذه الآية قوله تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ آل عمران:140.

ص: 682

أ ل ه

اشارة

16 لفظا،2851 مرّة:1040 مكّيّة،1811 مدنيّة

في 86 سورة:60 مكّيّة،28 مدنيّة

إله 80:60-20 آلهتي 1:1

إلها 16:13-3 آلهتنا 8:8

إلهه 2:2 الآلهة 1:1

إلهك 2:1-1 آلهتهم 2:2

إلهكم 10:8-2 آلهتك 1:1

آلهتكم 4:4 اللّه 2699:917-1782 (1)

إلهين 2:1-1 اللّهمّ 5:3-2

آلهة 17:17 إلهنا 1:1

النّصوص اللّغويّة

ابن إسحاق: [اللّه]من أله:سكن،لأنّه يسكن إليه القلوب و العقول.(بصائر ذوي التّمييز 2:14)

أبو عمرو ابن العلاء:[اللّه]من أله يأله ألها، كفرح يفرح فرحا،إذا تحيّر.

(بصائر ذوي التّمييز 2:14)

الخليل: إنّ اسم اللّه الأكبر هو اللّه،لا إله إلاّ هو وحده.

و تقول العرب:اللّه ما فعلت ذاك،تريد و اللّه ما فعلته.

و التّألّه:التّعبّد.

و قولهم في الجاهليّة الجهلاء:لاه أنت،أي للّه أنت.

و يقولون:لاهمّ اغفر لنا،و كره ذلك في الإسلام.

و«اللّه»لا تطرح الألف من الاسم،إنّما هو«اللّه»على التّمام.و ليس اللّه من الأسماء الّتي يجوز منها اشتقاق فعل،كما يجوز في«الرّحمن الرّحيم».

و يسمّون الأصنام الّتي يعبدونها آلهة،و يسمّون الواحد إلها،افتراء على اللّه.

و يقرأ قوله تعالى: وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ، الأعراف:127،(و يذرك و الهتك)،أي عبادتك.

[و استشهد بالشّعر مرّتين](4:90)

يكرهون أن ينقصوا من هذا الاسم شيئا:يا اللّه:أي

ص: 683


1- هذا بدون احتساب(اللّه)في البسملة في اوائل السّور.

لا يقولون:يلّه.(الأزهريّ 6:427)

إنّ أصله«ولاه»ثمّ أبدل من الواو همزة،كإشاح في وشاح.(القيسيّ 1:7)

إنّ أصله«إلاه»مثل«فعال»،فأدخلت الألف و اللاّم بدلا من الهمزة.

إنّما سمّي«اللّه»إلها،لأنّ الخلق يألهون إليه-بنصب اللاّم-و يألهون-أيضا بكسرها-و هما لغتان.

(القرطبيّ 1:102)

و قولهم:«اللّهمّ ربّنا»معناه يا للّه،لمّا حذفت منه«يا» الّتي تكون للنّداء زيدت الميم و شدّدت.

(الهرويّ 1:74)

سيبويه: و اعلم أنّه لا يجوز لك أن تنادي اسما فيه الألف و اللاّم البتّة،إلاّ أنّهم قد قالوا:يا اللّه اغفر لنا؛ و ذلك من قبل أنّه اسم يلزمه الألف و اللاّم لا يفارقانه، و كثر في كلامهم فصار كأنّ الألف و اللاّم فيه بمنزلة الألف و اللاّم الّتي من نفس الحروف،و ليس بمنزلة«الّذي قال ذلك»من قبل أنّ«الّذي قال ذلك»و إن كان لا يفارقه الألف و اللاّم ليس اسما بمنزلة زيد و عمرو غالبا.

أ لا ترى أنّك تقول:يا أيّها الّذي قال ذاك،و لو كان اسما غالبا بمنزلة زيد و عمرو،لم يجز ذا فيه،و كأنّ الاسم -و اللّه أعلم-«إله»فلمّا أدخل فيه الألف و اللاّم حذفوا الألف،و صارت الألف و اللاّم خلفا منها.فهذا أيضا ممّا يقوّيه أن يكون بمنزلة ما هو من نفس الحرف.

و مثل ذلك«أناس»فإذا أدخلت الألف و اللاّم قلت:

النّاس،إلاّ أنّ«النّاس»قد تفارقهم الألف و اللاّم و يكون نكرة،و اسم«اللّه»تبارك و تعالى لا يكون فيه ذلك.

و ليس النّجم و الدّبران بهذه المنزلة،لأنّ هذه الأشياء الألف و اللاّم فيها بمنزلتها في الصّعق،و هي في اسم اللّه تعالى بمنزلة شيء غير منفصل في الكلمة،كما كانت الهاء في«الجحاجحة»بدلا من الياء،و كما كانت الألف في«يمان»بدلا من الياء.

و غيّروا هذا،لأنّ الشّيء إذا كثر في كلامهم كان له نحو ليس لغيره ممّا هو مثله.أ لا ترى أنّك تقول:لم أك، و لا تقول:لم أق.إذا أردت«أقل».و تقول:لا أدر كما تقول:هذا قاض،و تقول:لم أبل و لا تقول:لم أرم،تريد لم أرام.فالعرب ممّا يغيّرون الأكثر في كلامهم عن حال نظائره.

و قال الخليل رحمه اللّه: «اللّهمّ»نداء و الميم هاهنا بدل من يا،فهي هاهنا-فيما زعم الخليل رحمه اللّه-آخر الكلمة بمنزلة يا في أوّلها،إلاّ أنّ الميم هاهنا في الكلمة كما أنّ نون المسلمين في الكلمة بنيت عليها.فالميم في هذا الاسم حرفان أوّلهما مجزوم،و الهاء مرتفعة،لأنّه وقع عليها الإعراب.

و إذا ألحقت الميم لم تصف الاسم،من قبل أنّه صار مع الميم عندهم بمنزلة صوت،كقولك:يا هناه.

و أمّا قوله عزّ و جلّ: اَللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الزّمر:46 فعلى ياء،فقد صرّفوا هذا الاسم على وجوه،لكثرته في كلامهم،و لأنّ له حالا ليست لغيره.(2:195)

في أصله قولان:أحدهما:أنّه«إلاه»على وزن «فعال»،فحذفت الفاء الّتي هي الهمزة،و جعلت الألف و اللاّم عوضا لازما عنها،بدلالة استجازتهم قطع هذه

ص: 684

الهمزة الدّاخلة على لام التّعريف في القسم و النّداء،في نحو قوله:«أ فألله لتفعلنّ»و«يا اللّه اغفر لي»و لو كانت غير عوض لم تثبت الهمزة في الوصل،كما لم تثبت في غير هذا الاسم.

و القول الآخر:أنّ أصله«لاه»و وزنه«فعل»فألحق به الألف و اللاّم.

و إنّما أدخلت عليه الألف و اللاّم للتّفخيم و التّعظيم فقط.و من زعم أنّها للتّعريف فقد أخطأ،لأنّ أسماء اللّه تعالى معارف و الألف من«لاه»منقلبة عن«ياء» فأصله:ليه،كقولهم في معناه:لهي أبوك،نقلت العين إلى موضع اللاّم،و جعلت اللاّم ساكنة؛إذ صارت في مكان العين،كما كانت العين ساكنة؛و تركوا آخر الاسم الّذي هو«لهي»مفتوحا،كما تركوا آخر«أنّ»مفتوحا.و إنّما فعلوا ذلك حيث غيّروه لكثرته في كلامهم،فغيّروا إعرابه كما غيّروا بناءه.و هذه دلالة قاطعة لظهور الياء في «لهي»و الألف على هذا القول منقلبة كما ترى،و في القول الأوّل زائدة،لأنّها ألف«فعال».

و تقول العرب أيضا:لاه أبوك،تريد للّه أبوك.حذفوا لام الإضافة و اللاّم الأخرى،و لم ينكر بقاء عمل اللاّم بعد حذفها.

و قولهم:اللّه لأخرجنّ،يريدون و اللّه.

[و استشهد بالشّعر مرّتين](الطّبرسيّ 1:19)

الكسائيّ: العرب تقول:يا اللّه اغفر لي و يللّه اغفر لي.(الأزهريّ 6:427)

ابن شميّل: [اللّه]من أله يأله إلهة و تألّها،كعبد يعبد عبادة و تعبّدا،زنة و معنى.

(بصائر ذوي التّمييز:2:14)

أبو عمرو الشّيبانيّ:الإلهة:الحيّة.

(الأزهريّ 6:424)

الفرّاء: «اللّهمّ»كلمة تنصبها العرب،و قد قال بعض النّحويّين:إنّما نصبت إذ زيدت فيها الميمان،لأنّها لا تنادى بيا؛كما تقول:يا زيد،و يا عبد اللّه،فجعلت الميم فيها خلفا من يا.

و لم نجد العرب زادت مثل هذه الميم في نواقص الأسماء إلاّ مخفّفة،مثل:الفم،و ابنم،و هم.و نرى أنّها كانت كلمة ضمّ إليها«أمّ»تريد:يا اللّه أمّنا بخير،فكثرت في الكلام فاختلطت.فالرّفعة الّتي في الهاء من همزة«أمّ» لمّا تركت انتقلت إلى ما قبلها.و نرى أنّ قول العرب:

«هلمّ إلينا»مثلها؛إنّما كانت«هل»فضمّ إليها«أمّ» فتركت على نصبها.

و من العرب من يقول:إذا طرح الميم:يا اللّه اغفر لي، و يا اللّه اغفر لي،فيهمزون ألفها و يحذفونها.فمن حذفها فهو على السّبيل،لأنّها ألف و لام،مثل الحارث من الأسماء.و من همزها توهّم أنّها من الحرف؛إذ كانت لا تسقط منه.

و قد كثرت«اللّهمّ»في الكلام حتّى خفّفت ميمها في بعض اللّغات.[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](1:203)

ابن الأعرابيّ: ألاهة[اسم الشّمس]،الضّمّ في أوّلها.(ابن سيده 4:259)

ابن السّكّيت: و يقال[للشّمس]:إلاهة.(387)

أبو حاتم: و بعض العامّة يقول:لا و اللّه،فيحذف الألف،و لا بدّ من إثباتها في اللّفظ.و هذا كما كتبوا

ص: 685

«الرّحمن»بغير ألف،و لا بدّ من إثباتها في اللّفظ.و اسم اللّه تعالى يجلّ أن ينطق به إلاّ على أجمل الوجوه.و قد وضع بعض النّاس بيتا حذف فيه الألف،فلا جزي خيرا،و هو خطأ.و لا يعرف أئمّة اللّسان هذا الحذف.

و يقال في الدّعاء:اللّهمّ،و لاهمّ.(الفيّوميّ 1:20)

أبو الهيثم: [سئل عن اشتقاق اسم اللّه في اللّغة فقال:]كان حقّه إله،أدخلت الألف و اللاّم عليه للتّعريف،فقيل:الإله،ثمّ حذفت العرب الهمزة استثقالا لهما،فلمّا تركوا الهمزة حوّلوا كسرتها في اللاّم الّتي هي لام التّعريف،و ذهبت الهمزة أصلا،فقيل:اللاه،فحرّكوا لام التّعريف الّتي لا تكون إلاّ ساكنة،ثمّ التقى لامان متحرّكتان فأدغموا الأولى في الثّانية،فقالوا:اللّه،كما قال اللّه عزّ و جلّ: لكِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّي الكهف:38،معناه لكن أنا.

و قد قالت العرب: بسم اللّه ،بغير مدّة اللاّم و حذف مدّة لاه،و أنشد:

أقبل سيل جاء من أمر اللّه

يحرد حرد الجنّة المغلّة

و أنشد:

لهنّك من عبسيّة لوسيمة

على هنوات كاذب من يقولها

إنّما هو اللّه إنّك،فحذف الألف و اللاّم فقال:لاه إنّك ثمّ ترك همزة إنّك،فقال:لهنّك.[إلى أن قال:]

فاللّه أصله«إلاه»قال اللّه جلّ و عزّ: مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ المؤمنون:91.

و لا يكون إلها حتّى يكون معبودا،و حتّى يكون لعابده خالقا،و رازقا،و مدبّرا،و عليه مقتدرا،فمن لم يكن كذلك،فليس بإله،و إن عبد ظلما،بل هو مخلوق و متعبّد.

و أصل إله«ولاه»فقلبت الواو همزة،كما قالوا للوشاح:إشاح،و للوجاح:إجاج.و معنى«ولاه»أنّ الخلق إليه يولهون في حوائجهم،و يفزعون إليه فيما يصيبهم،و يفزعون إليه في كلّ ما ينوبهم،كما يوله كلّ طفل إلى أمّه.(الأزهريّ 6:422)

ابن قتيبة: و في حديث وهيب:«إذا وقع العبد في ألهانيّة الرّبّ لم يجد أحدا يأخذ بقلبه»،هي فعلانيّة،من الإله،يقال:إله بيّن الإلهيّة و الألهانيّة.

(الهرويّ:1:74)

المبرّد: إنّه[اللّه]مشتقّ من ألهت إليه أي سكنت إليه.(الطّبرسيّ 1:19)

ثعلب:و الألاهة:الشّمس الحارّة،و الإلهة:الحيّة العظيمة.(ابن سيده 4:259)

الطّبريّ: [ذكر قول ابن عبّاس في معنى كلمة اللّه «ذو الألوهيّة و المعبوديّة»ثمّ قال:]

فإن قال لنا قائل:فهل لذلك في«فعل و يفعل»أصل، كان منه بناء هذا الاسم؟

قيل:أمّا سماعا من العرب فلا،و لكن استدلالا.

فإن قال:و ما دلّ على أنّ الألوهيّة هي العبادة،و أنّ الإله هو المعبود،و أنّ له أصلا في«فعل و يفعل»؟

قيل:لا تمانع بين العرب في الحكم،لقول القائل يصف رجلا بعبادة،و يطلب ممّا عند اللّه جلّ ذكره:تألّه

ص: 686

فلان بالصّحّة،و لا خلاف.

و لا شكّ أنّ التّألّه التّفعّل،من أله يأله،و أنّ معنى «أله»إذا نطق به عبد اللّه.و قد جاء منه مصدر يدلّ على أنّ العرب قد نطقت منه ب«فعل يفعل»بغير زيادة.[ثمّ استشهد بقراءة ابن عبّاس،و مجاهد:(و يذرك و إلهتك) الأعراف:127،بمعنى و عبادتك،ثمّ قال:]

و لا شكّ أنّ الإلهة على ما فسّره ابن عبّاس و مجاهد،مصدر من قول القائل:أله اللّه فلان إلاهة،كما يقال:عبد اللّه فلان عبادة،و عبر الرّؤيا عبارة.فقد بيّن قول ابن عبّاس،و مجاهد هذا،أنّ أله:عبد،و أنّ الإلهة مصدره.

فإن قال:فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد اللّه:ألهه.

على تأويل قول ابن عبّاس و مجاهد،فكيف الواجب في ذلك أن يقال،إذا أراد المخبر الخبر،عن استيجاب اللّه ذلك على عبده؟

قيل:أمّا الرّواية فلا رواية عندنا،و لكنّ الواجب على قياس ما جاء به الخبر،عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«إنّ عيسى أسلمته أمّه إلى الكتّاب ليعلّمه فقال له المعلّم:

اكتب اللّه،فقال له عيسى:أ تدري ما اللّه؟اللّه إله الآلهة» أن يقال:اللّه جلّ جلاله أله العبد،و العبد ألهه،و أن يكون قول القائل:اللّه،من كلام العرب أصله«الإله».

فإن قال:و كيف يجوز أن يكون ذلك كذلك،مع اختلاف لفظيهما؟

قيل:كما جاز أن يكون قوله: لكِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّي الكهف:38،أصله:لكن أنا هو اللّه ربّي.

فحذف الهمزة من«أنا»،فالتقت نون أنا و نون لكن، و هي ساكنة،فأدغمت في نون أنا،فصارتا نونا مشدّدة، فكذلك اللّه،أصله:الإله،أسقطت الهمزة الّتي هي فاء الاسم فالتقت اللاّم الّتي هي عين الاسم،و اللاّم الزّائدة الّتي دخلت مع الألف الزّائدة،و هي ساكنة،فأدغمت في الأخرى،الّتي هي عين الاسم،فصارتا في اللّفظ لاما واحدة مشدّدة،كما وصفنا من قول اللّه: لكِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّي. (1:54)

و اختلف أهل العربيّة في نصب ميم«اللّهمّ»،و هو منادى-و حكم المنادى المفرد غير المضاف الرّفع-و في دخول الميم فيه،و هو في الأصل«اللّه»بغير ميم.

فقال بعضهم:إنّما زيدت فيه الميمان،لأنّه لا ينادى بيا،كما ينادى الأسماء الّتي لا ألف فيها؛و ذلك أنّ الأسماء الّتي لا ألف و لا لام فيها تنادى بيا،كقول القائل:يا زيد و يا عمرو.قال:فجعلت الميم فيه خلفا من يا،كما قالوا:

فم،و دم،و هم (1)،و زرقم،و ستهم،و ما أشبه ذلك من الأسماء و النّعوت الّتي يحذف منها الحرف،ثمّ يبدل مكانه ميم.قال:فكذلك حذفت من اللّهمّ«يا»الّتي ينادى بها الأسماء الّتي على ما وصفنا،و جعلت الميم خلفا منها في آخر الاسم.

و أنكر ذلك من قولهم آخرون،و قالوا:قد سمعنا العرب تنادي«اللّهمّ»بيا،كما تناديه و لا ميم فيه.قالوا:

فلو كان الّذي قال هذا القول مصيبا في دعواه،لم تدخله العرب يا،و قد جاءوا بالخلف منها).

ص: 687


1- الكلمتان:دم و هم،لعلّهما محرّفتان عن ابنم و دلهم أو دلقم، من الكلمات الّتي زيدت في آخرها الميم،و قد ذكرها السّيوطيّ في «المزهر»(2:135).

و قالوا:و لم نر العرب زادت مثل هذه الميم إلاّ مخفّفة في نواقص الأسماء،مثل:فم،و دم،و هم.قالوا:و نحن نرى أنّها كلمة ضمّ إليها«أمّ»بمعنى يا اللّه أمّنا بخير،فكثرت في الكلام،فاختلطت به.قالوا:فالضّمّة الّتي في الهاء من همزة«أمّ»لمّا تركت انتقلت إلى ما قبلها،قالوا:و نرى أنّ قول العرب:هلمّ إلينا،مثلها،إنّما كان هلمّ«هل»ضمّ إليها«أمّ»فتركت على نصبها.

قالوا:و من العرب من يقول:إذا طرح الميم:يا اللّه اغفر لي،و يا اللّه اغفر لي،بهمز الألف من اللّه مرّة، و وصلها أخرى،فمن حذفها أجراها على أصلها،لأنّها ألف و لام،مثل الألف و اللاّم اللّتين يدخلان في الأسماء المعارف زائدتين،و من همزها توهّم أنّها من الحرف.إذ كانت لا تسقط منه،و أنشدوا في همز الألف منها:

مبارك هوّ و من سمّاه على اسمك اللّهمّ يا اللّه

قالوا:و قد كثرت«اللّهمّ»في الكلام حتّى خفّفت ميمها في بعض اللّغات،و أنشدوا:

كحلفة من أبي رياح يسمعها لاهم الكبار

و الرّواة تنشد ذلك:يسمعها لاهه الكبار.و قد أنشده بعضهم:يسمعها اللّه و الكبار.[و استشهد بالشّعر 4 مرّات](3:220)

الزّجّاج: قال الفرّاء:«معنى اللّهمّ،يا اللّه أمّ بخير».

هذا إقدام عظيم،لأنّ كلّ ما كان من هذا الهمز الّذي طرح فأكثر الكلام الإتيان به،يقال:ويل أمّه و ويل امّه، و الأكثر إثبات الهمز.و لو كان كما قال الفرّاء لجاز:اللّه أؤمم و اللّه أمّ،و كان يجب أن يلزمه«يا»لأنّ العرب إنّما تقول:يا اللّه اغفر لنا،و لم يقل أحد من العرب إلاّ«اللّهمّ»، و لم يقل أحد:يا اللّهمّ.قال اللّه جلّ و عزّ: قُلِ اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ الزّمر:46،فهذا القول يبطل من جهات:إحداها أنّ«يا»ليست في الكلام،و الأخرى أنّ هذا المحذوف لم يتكلّم به على أصله كما تكلّم بمثله،و أنّه لا يقدّم أمام الدّعاء.

و زعم الفرّاء أنّ الضّمّة الّتي هي في الهاء ضمّة الهمزة الّتي كانت في«أمّ»و هذا محال أن يترك الضّمّ الّذي هو دليل على النّداء المفرد،و أن يجعل في اسم اللّه ضمّة«أمّ»، هذا إلحاد في اسم اللّه.و زعم أنّ قولنا:هلمّ،مثل ذلك، و أنّ أصلها:هل أمّ،و إنّما هي«لمّ».و ها للتّنبيه.و زعم أنّ «يا»قد يقال مع«اللّهمّ»،فيقال:يا اللّهمّ،و استشهد بشعر،لا يكون مثله حجّة.

و قال الخليل،و سيبويه و جميع النّحويّين الموثوق بعلمهم:«اللّهمّ»بمعنى يا اللّه،و أنّ الميم المشدّدة عوض من«يا»لأنّهم لم يجدوا«يا»مع هذه الميم في كلمة، و وجدوا اسم اللّه مستعملا ب«يا»إذا لم تذكر الميم في آخر الكلمة،فعلموا أنّ الميم في آخر الكلمة بمنزلة«يا» في أوّلها،و الضّمّة الّتي في الهاء هي ضمّة الاسم المنادى المفرد،و الميم مفتوحة لسكونها و سكون الميم قبلها.(الأزهريّ 6:425)

ابن دريد:و تقول العرب:أله عن كذا،أي أسل عنه.(3:178)

و الإلهة:الشّمس بعينه،و قالوا:الأليهة أيضا.[ثمّ استشهد بشعر]

و يروى أليهة،و إلاهة،موضع.(3:179)

الإله:اللّه تبارك و تعالى.(3:267)

ص: 688

السّجستانيّ:اللّه:علم على الذّات العليّة(4)

الأزهريّ: [نقل قول أبي الهيثم ثمّ قال:]

ثمّ إنّ العرب لمّا سمعوا«اللّهمّ»قد جرت في كلام الخلق،توهّموا أنّه إذا ألقيت الألف و اللاّم من اللّه كان الباقي«لاه»،فقالوا:لاهمّ.

و يقولون:لاه أبوك،يريدون:للّه أبوك و هي لام التّعجّب يضمرون قبلها:اعجبوا لأبيه ما أكمله، فيحذفون لام التّعجّب مع لام الاسم.[و استشهد بالشّعر مرّتين](6:422)

و قد سمّت العرب الشّمس لمّا عبدوها إلاهة.

و كانت العرب في جاهليّتها يدعون معبوداتهم من الأصنام و الأوثان آلهة،و هي جمع إلاهة.(6:424)

فأمّا إعراب«اللّهمّ»فضمّ الهاء و فتح الميم،لا اختلاف فيه بين النّحويّين في اللّفظ.فأمّا العلّة و التّفسير ففيهما اختلاف بينهم.

[ثمّ ذكر قول الفرّاء و الزّجّاج،و قد سبق]

(6:425)

الفارسيّ:اسم اللّه تعالى مشتقّ من تألّه الخلق إليه،أي فقرهم و حاجتهم إليه.(ابن خالويه:12)

[اللّه أصله إله]إنّ الألف و اللاّم عوض منها:

[الهمزة]و يدلّ على ذلك استجازتهم لقطع الهمزة الموصولة الدّاخلة على لام التّعريف في القسم و النّداء؛ و ذلك قولهم:«أ فألله ليفعلنّ»و«يا اللّه اغفر لي أ لا ترى».أنّها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت فى غير هذا الاسم.

و لا يجوز أيضا أن يكون للزوم الحرف،لأنّ ذلك يوجب أن تقطع همزة الّذي و الّتي.و لا يجوز أيضا أن يكون،لأنّها همزة مفتوحة و إن كانت موصولة،كما لم يجز في ايم اللّه و ايمن اللّه الّتي هي همزة وصل،فإنّها مفتوحة.

و لا يجوز أيضا أن يكون ذلك لكثرة الاستعمال،لأنّ ذلك يوجب أن تقطع الهمزة أيضا في غير هذا،ممّا يكثر استعمالهم له.فعلمنا أنّ ذلك لمعنى اختصّت به ليس في غيرها،و لا شيء أولى بذلك المعنى من أن يكون المعوّض من الحرف المحذوف الّذي هو الفاء.

(الجوهريّ 6:2223)

الجوهريّ: أله بالفتح إلاهة،أي عبد عبادة.و منه قرأ ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: (و يذرك و إلهتك) بكسر الهمزة.قال:و عبادتك.و كان يقول:انّ فرعون كان يعبد في الأرض.

و منه قولنا:اللّه،و أصله«إلاه»على«فعال»بمعنى «مفعول»لأنّه مألوه،أي معبود،كقولنا:إمام«فعال» بمعنى«مفعول»لأنّه مؤتمّ به،فلمّا أدخلت عليه الألف و اللاّم حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام.و لو كانتا عوضا منها لما اجتمعتا مع المعوّض منه في قولهم:الإله.

و قطعت الهمزة في النّداء للزومها تفخيما لهذا الاسم.

[ثمّ ذكر قول الفارسيّ و قال:]

و إلاهة:اسم موضع بالجزيرة.

و إلاهة أيضا:اسم للشّمس،غير مصروف،بلا ألف و لام.و ربّما صرفوه و أدخلوا فيه الألف و اللاّم،فقالوا:

الإلهة.

و قد جاء على هذا غير شيء من دخول لام المعرفة

ص: 689

الاسم مرّة و سقوطها أخرى،قالوا:لقيته النّدرى و في ندرى،و فينة و الفينة بعد الفينة،و نسر و النّسر:اسم صنم،فكأنّهم سمّوها«إلاهة»لتعظيمهم لها،و عبادتهم إيّاها.

و الآلهة:الأصنام،سمّوها بذلك لاعتقادهم أنّ العبادة تحقّ لها،و أسماؤهم تتبع اعتقاداتهم لا ما عليه الشّيء في نفسه.

و التّأليه:التّعبيد.و التّألّه:التّنسّك،و التّعبّد.

و تقول:أله يأله ألها،أي تحيّر،و أصله:و له يوله و لها.و قد ألهت على فلان،أي اشتدّ جزعي عليه،مثل ولهت.

[و استشهد بالشّعر 3 مرّات](6:2223)

ابن فارس: الهمزة و اللاّم و الهاء أصل واحد،و هو التّعبّد.فالإله:اللّه تعالى،و سمّي بذلك لأنّه معبود.

و يقال:تألّه الرّجل،إذا تعبّد.[ثمّ استشهد بشعر]

و الإلهة:الشّمس،سمّيت بذلك لأنّ قوما كانوا يعبدونها.

فأمّا قولهم في التّحيّر:أله يأله،فليس من الباب، لأنّ الهمزة واو.و قد ذكر في بابه.(1:127)

أبو هلال: الفرق بين الإله و المعبود بحقّ:أنّ«الإله» هو الّذي يحقّ له العبادة،فلا إله إلاّ اللّه،و ليس كلّ معبود يحقّ له العبادة.أ لا ترى أنّ الأصنام مبعودة،و المسيح معبود،و لا يحقّ له و لها العبادة.

الفرق بين قولنا:اللّه،و بين قولنا:إله؛أنّ قولنا:اللّه، اسم لم يسمّ به غير اللّه.و سمّي غير اللّه إلها على وجه الخطأ،و هي تسمية العرب الأصنام آلهة.و أمّا قول النّاس:لا معبود إلاّ اللّه،فمعناه أنّه لا يستحقّ العبادة إلاّ اللّه تعالى.

الفرق بين قولنا:يحقّ له العبادة،و قولنا:يستحقّ العبادة؛أنّ قولنا:يحقّ له العبادة،يفيد أنّه على صفة يصحّ أنّه منعم،و قولنا:يستحقّ،يفيد أنّه قد أنعم و استحقّ؛و ذلك أنّ الاستحقاق مضمّن بما يستحق لأجله.

الفرق بين قولنا:اللّه،و قولنا:اللّهمّ؛أنّ قولنا:اللّه اسم،و اللّهمّ نداء،و المراد به:يا اللّه،فحذف حرف النّداء، و عوّض الميم في آخره.(152)

القيسيّ: و الأصل في اسم«اللّه»جلّ ذكره«إلاه» ثمّ دخلت الألف و اللاّم فصار«الإله»فخفّفت الهمزة بأن ألقيت حركتها على اللاّم الأولى،ثمّ أدغمت اللاّم الأولى في الثّانية،و لزم الإدغام و الحذف للتّعظيم و التّفخيم.و قيل:بل حذفت الهمزة حذفا،و عوّض منها الألف و اللاّم،و لزمتا الاسم.

و قيل:أصله«لاه»ثمّ دخلت الألف و اللاّم عليه و لزمتا للتّعظيم و وجب الإدغام لسكون الأوّل من المثلين.و دلّ على ذلك قولهم:لهي أبوك،يريدون:للّه أبوك،فأخّروا العين في موضع اللاّم لكثرة استعمالهم له.

و يدلّ عليه أيضا قولهم:لاه ابن عمّك،يريدون للّه.

و الألف في«لاه»منقلبة من«ياء»دلّ على ذلك قولهم:لهي أبوك،فظهرت الياء عوضا من الألف،فدلّ على أنّ أصل الألف الياء.(1:7)

الماورديّ:أمّا قوله:(اللّه)فهو أخصّ أسمائه به، لأنّه لم يتسمّ باسمه الّذي هو«اللّه»غيره.

ص: 690

و التّأويل الثّاني (1):أنّ معناه هل تعلم له شبيها، و هذا أعمّ التّأويلين،لأنّه يتناول الاسم و الفعل.

و اختلفوا في هذا الاسم هل هو اسم علم للذّات أو اسم مشتقّ من صفة،على قولين:

أحدهما:أنّه اسم علم لذاته،غير مشتق من صفاته، لأنّ أسماء الصّفات تكون تابعة لأسماء الذّات،فلم يكن بدّ من أن يختصّ باسم ذات،يكون علما لتكون أسماء الصّفات و النّعوت تبعا.

و القول الثّاني:أنّه مشتقّ من أله،صار باشتقاقه عند حذف همزه،و تفخيم لفظه اللّه.

و اختلفوا فيما اشتقّ منه إله على قولين:

أحدهما:أنّه مشتقّ من الوله،لأنّ العباد يألهون إليه، أي يفزعون إليه في أمورهم،فقيل للمألوه إليه:إله،كما قيل للمؤتمّ به:إمام.

و القول الثّاني:أنّه مشتقّ من الألوهيّة،و هي العبادة، من قولهم:فلان يتألّه،أي يتعبّد.[ثمّ استشهد بشعر]

ثمّ اختلفوا،هل اشتقّ اسم الإله من فعل العبادة،أو من استحقاقها،على قولين:

أحدهما:أنّه مشتقّ من فعل العبادة،فعلى هذا،لا يكون ذلك صفة لازمة قديمة لذاته،لحدوث عبادته بعد خلق خلقه،و من قال بهذا،منع من أن يكون اللّه تعالى إلها لم يزل،لأنّه قد كان قبل خلقه غير معبود.

و القول الثّاني:أنّه مشتقّ من استحقاق العبادة،فعلى هذا يكون ذلك صفة لازمة لذاته،لأنّه لم يزل مستحقّا للعبادة فلم يزل إلها،و هذا أصحّ القولين،لأنّه لو كان مشتقّا من فعل العبادة لا من استحقاقها،للزم تسمية عيسى عليه السّلام إلها،لعبادة النّصارى له،و تسمية الأصنام آلهة،لعبادة أهلها لها،و في بطلان هذا دليل على اشتقاقه من استحقاق العبادة،لا من فعلها،فصار قولنا:

«إله»على هذا القول صفة من صفات الذّات،و على القول الأوّل من صفات الفعل.(1:50)

ابن سيده: الإله:اللّه عزّ و جلّ،و كلّ ما اتّخذ من دونه معبودا إله عند متّخذه،و الجمع:آلهة،و هو بيّن الإلهة و الألهانيّة.و الإلهة،و الألوهة و الألوهيّة:

العبادة.[إلى أن قال:]

و قالوا:يا اللّه،فقطعوا،حكاه سيبويه،و هذا نادر.

و حكى ثعلب أنّهم يقولون:يا للّه،فيصلون.و هما لغتان،يعني القطع و الوصل،و قول الشّاعر:

إنّي إذا ما حدث ألمّا دعوت يا اللّهمّ يا اللّهمّا

فإنّ الميم المشدّدة بدل من«يا»فجمع بين البدل و المبدل منه،و قد خفّفها الأعشى.فقال:

كحلفة من أبي رباح يسمعها لاهم الكبار

و قوله:

ألا لا بارك اللّه في سهيل

إذا ما اللّه بارك في الرّجال

إنّما أراد«اللّه»فقصر ضرورة.

و إلاهة:موضع.(4:358)

الإله:المعبود،و هو اللّه سبحانه و تعالى.ثمّ استعاره المشركون لما عبدوه من دون اللّه،فكلّ ما اتّخذ معبودا إله عند متّخذه،الجمع:آلهة.

و إله«فعال»بمعنى«مفعول»أي مألوه أي معبود.ألهل.

ص: 691


1- كأنّ ما تقدّم جعل هو التّأويل الأوّل.

يأله إلاهة و ألوهة و ألوهيّة:عبد،و تألّه:تعبّد،و التّأليه:

التّعبيد.

اللّه:علم على الإله الحقّ.قيل:إنّه غير مشتقّ من شيء،بل هو علم لزمته الألف و اللاّم.

و قيل:هو مشتقّ،و أصله«إله»فدخلت عليه الألف و اللاّم فصار الإله،ثمّ نقلت حركة الهمزة إلى اللاّم و حذفت الهمزة،و أسكنت اللاّم الأولى،و أدغمت في الثّانية،و جاءت همزة الوصل،و فخّم تعظيما.و لكنّه يرقّق مع كسر ما قبله.(الإفصاح 2:1259)

الطّوسيّ: [ذكر القولين في أصل كلمة«اللّه»كما سبق عن سيبويه،ثمّ أضاف:]

و إله معناه يحقّ له العبادة،و إنّما يحقّ له العبادة،لأنّه قادر على خلق الأجسام و إحيائها و الإنعام عليها،بما يستحقّ به العبادة،و لذلك يوصف فيما لم يزل بأنّه إله.

و لا يجوز أن يكون إلها للأعراض،و لا للجوهر، لاستحالة أن ينعم عليها بما يستحقّ به العبادة.و هو إله الأجسام:حيوانها،و جمادها،لأنّه قادر على أن ينعم على كلّ جسم بما معه العبادة.و ليس الإله من يستحقّ العبادة،لأنّه لو كان كذلك لما وصف فيما لم يزل بأنّه إله، لأنّه لم يفعل الإنعام الّذي يستحقّ به العبادة.و من قال:

إنّه إله للجماد،فقد أخطأ لما قلناه،من أنّه عبارة عمّن يستحقّ العبادة،و هو أنّه قادر على أصول النّعم الّتي يستحقّ بها العبادة،دون أن يكون عبارة عمّن يستحقّ العبادة.و لا يجوز أن يوصف بهذه الصّفة غير اللّه.

و في النّاس من قال:إنّه مشتقّ من«الإله»لأنّ الخلق يألهون إليه،أي يفزعون إليه في أمورهم،فقيل للمألوه:

إله،كما قيل للمؤتمّ:إمام.

و قال بعضهم:إنّه مشتقّ من الولهان.و هذا غلط، لأنّ الولهان:الهيمان؛و ذلك لا يجوز في صفات اللّه تعالى.على أنّ التّصريف بلزوم الهمزة يشهد بفساد هذا، على ما قاله آخرون.

و قال قوم:هو مشتقّ من«الألوهيّة»الّتي هي العبادة،يقال:فلان متألّه،أي متعبّد.[ثمّ استشهد بشعر]

و يقال:أله اللّه فلان إلهة،كما يقال:عبده عبادة.

و قيل:إنّه مشتقّ من الارتفاع،يقول العرب للشّيء المرتفع:لاه.يقولون:طلعت لاهة،أي الشّمس،و غربت أيضا.

و قيل:وصف به تعالى لأنّه لا تدركه الأبصار.

و معنى لاه،أي احتجب عنّا.قال الشّاعر:

لاه ربّي عن الخلائق طرّا

خالق الخلق لا يرى و يرانا

و قيل:سمّي اللّه،لأنّه يوله القلوب بحبّه.(1:27)

قيل في زيادة الميم في«اللّهمّ»قولان:

أحدهما:قال الخليل: إنّها عوض من الياء الّتي هي أداة للنّداء؛بدلالة أنّه لا يجوز أن تقول:غفر اللّهمّ لي، و لا يجوز أيضا مع«يا»في الكلام.

و الثّاني:ما قاله الفرّاء:إنّها الميم في قولك:يا اللّه أمّنا بخير،فألقيت الهمزة،و طرحت حركتها على ما قبلها.

و مثله«هلمّ»و إنّما هي:هل أمّ.قال:و ما قاله الخليل لا يجوز،لأنّ الميم إنّما تزاد مخفّفة في مثل:فم،و ابنم،و لأنّها قد اجتمعت مع«يا»في قول الشّاعر:

و ما عليك أن تقولي كلّما سبّحت أو صلّيت يا اللّهمّا

ص: 692

اردد علينا شيخنا مسلّما.

قال الرّمّانيّ: لا يفسد قول الخليل بما قاله،لأنّها عوض من حرفين فشدّدت،كما قيل:قمتنّ و ضربتنّ،لما كانت النّون عوضا من حرفين في:قمتم،و ذهبتم،فأمّا قمن و ذهبن فعوض من حرف واحد،و أمّا البيت فإنّما جاز فيه لضرورة الشّعر،و أمّا«هل»،فلا تدخل على«أمّ» بوجه من الوجوه.و الأصل في«ها»أنّها للتّنبيه دخلت على«لم»في قول الخليل.(2:428)

نحوه الطّبرسيّ.(1:427)

و الميم في«اللّهمّ»بمعنى«يا»كأنّه قال يا اللّه،و لم يجعل في موضع«يا»لئلاّ يكون كحروف النّداء الّتي تجري في كلّ اسم.(5:396)

الرّاغب: «اللّه»قيل:أصله«إله»فحذفت همزته، و أدخل عليه الألف و اللاّم،فخصّ بالباري تعالى.

و لتخصّصه به قال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا. مريم:65

و«إله»جعلوه اسما لكلّ معبود لهم،و كذا الذّات.

و سمّوا الشّمس إلاهة،لاتّخاذهم إيّاها معبودا.و أله فلان يأله:عبد،و قيل:تألّه،فالإله على هذا هو المعبود.

و قيل:هو من أله،أي تحيّر،و تسميته بذلك إشارة إلى ما قال أمير المؤمنين:«كلّ دون صفاته تحبير الصّفات،و ضلّ هناك تصاريف اللّغات»و ذلك أنّ العبد إذا تفكّر في صفاته تحيّر فيها،و لهذا روي:«تفكّروا في آلاء اللّه و لا تفكّروا في اللّه».

و قيل:أصله«ولاه»فأبدل من الواو همزة.و تسميته بذلك لكون كلّ مخلوق والها نحوه،إمّا بالتّسخير فقط كالجمادات و الحيوانات،و إمّا بالتّسخير و الإرادة معا كبعض النّاس.و من هذا الوجه قال بعض الحكماء:اللّه محبوب الأشياء كلّها،و عليه دلّ قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ الإسراء:44.

و قيل:أصله من لاه يلوه لياها،أي احتجب.قالوا:

و ذلك إشارة إلى ما قال تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ الأنعام:103،و المشار إليه بالباطن في قوله: وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ الحديد:3.

و إله حقّه أن لا يجمع؛إذ لا معبود سواه،لكن العرب لاعتقادهم أنّ هاهنا معبودات جمعوه،فقالوا:الآلهة،قال تعالى: أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا الأنبياء:43، و قال: وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ الأعراف:127.

ولاه أنت،أي للّه،و حذف إحدى اللاّمين.

«اللّهمّ»قيل:معناه يا اللّه،فأبدل من الياء في أوّله الميمان في آخره،و خصّ بدعاء اللّه،و قيل:تقديره:يا اللّه أمّنا بخير،مركّب تركيب حيهلا.(21)

البغويّ: قال الخليل و جماعة:هو اسم علم خاص للّه عزّ و جلّ،لا اشتقاق له كأسماء الأعلام للعباد،مثل زيد و عمرو.

و قال جماعة: هو مشتقّ،ثمّ اختلفوا في اشتقاقه، فقيل:من أله إلاهة،أي عبد عبادة،معناه أنّه المستحقّ للعبادة من دون غيره.

و قيل:أصله«إله»قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ المؤمنون:91،قال المبرّد:هو قول العرب:ألهت إلى فلان،أي سكنت إليه، فكأنّ الخلق يسكنون إليه و يطمئنّون بذكره،يقال ألهت

ص: 693

إليه،أي فزعت إليه...

و قيل:هو من الوله،و هو ذهاب العقل لفقد من يعزّ عليك.(1:15)

الميبديّ: لأهل التّفسير في اشتقاق لفظة«إله» وجوه كثيرة،و قد اخترنا منها وجهين:

الأوّل:الإله؛من يوله إليه في الحوائج،أي يفزع إليه في النّوائب.

الثّاني:إنّه مشتقّ من«لاه»،و العرب تقول:لاهت الشّمس،إذا علت.و سمّيت الشّمس إلاهة،لأنّها تعلو.

فإذا معنى«إله»هو الرّبّ الّذي تعالى مكانه و منزلته.و الدّليل على هذا القول الآيات و الرّوايات الكثيرة الّتي تشير إلى علوّ مكانة اللّه،و سمّوه سبحانه و تعالى.(1:432)

الزّمخشريّ: «اللّه»أصله الإله.قال:

*معاذ الإله أن تكون كظبية*

و نظيره النّاس أصله الأناس،قال:

*إنّ المنايا يطلعن على الأناس الآمنينا*

فحذفت الهمزة و عوّض منها حرف التّعريف، و لذلك قيل في النّداء:يا اللّه بالقطع،كما يقال:يا إله.

و الإله-من أسماء الأجناس كالرّجل و الفرس-اسم يقع على كلّ معبود بحقّ أو باطل،ثمّ غلب على المعبود بحقّ،كما أنّ النّجم اسم لكلّ كوكب ثمّ غلب على الثّريّا، و كذلك السّنة على عام القحط،و البيت على الكعبة، و الكتاب على كتاب سيبويه.

و أمّا«اللّه»بحذف الهمزة فمختصّ بالمعبود بالحقّ،لم يطلق على غيره.و من هذا الاسم اشتقّ تألّه و أله و استأله،كما قيل:استنوق و استحجر،في الاشتقاق من النّاقة و الحجر.فإن قلت:أ اسم هو أم صفة؟

قلت:بل اسم غير صفة،أ لا تراك تصفه و لا تصف به!لا تقول:شيء إله،كما لا تقول:شيء رجل.و تقول:

إله واحد صمد،كما تقول:رجل كريم خير.و أيضا فإنّ صفاته تعالى لا بدّ لها من موصوف تجري عليه،فلو جعلتها كلّها صفات بقيت غير جارية على اسم موصوف بها،و هذا محال.

فإن قلت:هل لهذا الاسم اشتقاق؟قلت:معنى الاشتقاق أن ينتظم الصّيغتين فصاعدا معنى واحدا، و صيغة هذا الاسم و صيغة قولهم:أله إذا تحيّر،و من أخواته«دله»و«عله»ينتظمهما معنى التّحيّر و الدّهشة؛ و ذلك أنّ الأوهام تتحيّر في معرفة المعبود،و تدهش الفطن،و لذلك كثر الضّلال و فشا الباطل،و قلّ النّظر الصّحيح.

فإن قلت:هل تفخّم لامه؟

قلت:نعم قد ذكر الزّجّاج أنّ تفخيمها سنّة،و على ذلك العرب كلّهم،و إطباقهم عليه دليل أنّهم ورثوه كابرا عن كابر.(1:35)

نحوه النّسفيّ(1:4)،و أبو السّعود(1:7).

الميم في«اللّهمّ»عوض من يا،و لذلك لا يجتمعان.

و هذا بعض خصائص هذا الاسم،كما اختصّ بالتّاء في القسم و بدخول حرف النّداء عليه و فيه لام التّعريف، و بقطع همزته في يا اللّه،و بغير ذلك.(1:421)

مثله الطّبرسيّ(جوامع الجامع:1:166)، و البيضاويّ(1:154)،و نحوه الآلوسيّ(3:113).

ص: 694

فلان يتألّه:يتعبّد،و هو عابد متألّه.

(أساس البلاغة:9)

وهيب رضي اللّه عنه: «إذا وقع العبد في ألهانيّة الرّبّ و مهيمنيّة الصّدّيقين و رهبانيّة الأبرار لم يجد أحدا يأخذ بقلبه و لا تلحقه عينه».

هذه نسبة إلى اسم اللّه تعالى،إلاّ أنّه وقع فيها تغيير من تغييرات النّسب،و اقتضاب صيغة.و نظيرها الرّجوليّة في النّسبة إلى الرّجل؛و القياس إلهيّة و رجليّة، كالمهيمنيّة و الرّهبانيّة في النّسبة إلى المهيمن و الرّهبان.

و الرّهبان:و هو الرّاهب«فعلان»من رهب،كغضبان من غضب.

و المهيمن:أصله«مؤيمن»«مفيعل»من الأمانة، و المراد الصّفات الإلهيّة و المعاني المهيمنيّة و الرّهبانيّة،أي إذا علّق العبد أفكاره بها و صرف وهمه إليها أبغض النّاس،حتّى لا يميل قلبه إلى أحد و لا يطمح طرفه نحوه.

(الفائق 1:55)

ابن عطيّة: و اختلف النّاس في اشتقاقه،فقالت فرقة من أهل العلم:هو اسم مرتجل لا اشتقاق له من فعل،و إنّما هو اسم موضوع له تبارك و تعالى،و الألف و اللاّم لازمة له،لا لتعريف و لا لغيره بل هكذا وضع الاسم.

و ذهب كثير من أهل العلم إلى أنّه مشتقّ من أله الرّجل،إذا عبد.و تألّه:إذا تنسّك.و قالوا:فاسم اللّه مشتقّ من هذا الفعل،لأنّه الّذي يألهه كلّ خلق و يعبده؛ فإله«فعال»من هذا.

و اختلف كيف تعلّل إله حتّى جاء اللّه؟

فقيل:حذفت الهمزة حذفا على غير قياس، و دخلت الألف و اللاّم للتّعظيم على«لاه».

و قيل:بل دخلتا على«إله»ثمّ نقلت حركة الهمزة إلى اللاّم فجاء«الإله»ثمّ أدغمت اللاّم في اللاّم.

و قيل:إنّ أصل الكلمة«لاه»و عليه دخلت الألف و اللاّم،و الأوّل أقوى.

و قيل:إنّ أصل الكلمة«ولاه»كما قال الخليل،إلاّ أنّها مأخوذة من:و له الرّجل،إذا تحيّر،لأنّه تعالى تتحيّر الألباب في حقائق صفاته،و الفكر في المعرفة به.و حذفت الألف الأخيرة من«اللّه»لئلاّ يشكل بخطّ«اللاّت».

و قيل:طرحت تخفيفا.و قيل:هي لغة فاستعملت في الخطّ.(1:63)

ابن الشّجريّ: [نقل قول سيبويه في حذف همزة «إله»و التّعويض منها بلام التّعريف ثمّ قال:]

و الّذي ذهب إليه سيبويه من أنّ أصل هذا الاسم «إلاه»،قول يونس بن حبيب،و أبي الحسن الأخفش، و عليّ بن حمزة الكسائيّ،و يحيى بن زياد الفرّاء،و قطرب ابن المستنير.و قال بعد و فاقه لهذه الجماعة:و جاز أن يكون أصله«لاه»و أصل لاه«ليه»على وزن«فعل»ثمّ أدخل عليه الألف و اللاّم،فقيل:اللّه.و استدلّ على ذلك بقول بعض العرب:لهي أبوك،يريدون:لاه أبوك، فتقديره على هذا القول«فعل»و الوزن وزن باب و دار.

[ثمّ استشهد بشعر]

و أقول:إنّ الاسم الّذي هو«لاه»على هذا القول تامّ،و أصله«ليه»«فعل»مثل جبل،فصارت ياؤه ألفا لتحرّكها و انفتاح ما قبلها.و من قال:لهي أبوك،فهو

ص: 695

مقلوب من«لاه»قدّمت لامه الّتي هي الهاء على عينه الّتي هي الياء،فوزنه«فلع»،فكان أصله بعد تقديم لامه على عينه«للهي»فحذفوا لام الجرّ،ثمّ لام التّعريف، و ضمّنوه معنى لام التّعريف فبنوه،كما ضمّنوا معناها «أمس»فوجب بناؤه،و حرّكوا الياء لسكون الهاء قبلها، و اختاروا لها الفتحة لخفّتها.

فأمّا اشتقاق هذا الاسم تعالى مسمّاه فقد قيل فيه غير قول،فمن ذلك قول من قدّمت ذكره من أهل العلم بالعربيّة:إنّ أصله«إلاه»«فعال»بمعنى«مفعول»كأنّه مألوه،أي مستحقّ للعبادة يعبده الخلق و يألهونه، و المصدر الألوهة،و التّألّه:التّعبّد.و معنى العبادة الخضوع و التّذلّل،من قولهم:طريق معبّد،إذا كان موطوء مذلّلا لكثرة السّفر فيه،و منه اشتقاق العبد لخضوعه و ذلّته لمولاه....

و قال قطرب و غيره من العلماء بالعربيّة: إنّ هذا الاسم لكثرة دوره في الكلام كثرت فيه اللّغات،فمن العرب من يقول:و اللّه لا أفعل،و منهم من يقول:لاه أفعل،و منهم من يقول:اللّه،بحذف ألفه و إسكان هائه، و ترك تفخيم لامه.و أنشدوا:

أقبل سيل جاء من أمر اللّه

يحرد حرد الحيّة المغلّة

أقول:حذف ألفه إنّما استعمله قائل هذا الرّجز للضّرورة،أسكن آخره للوقف عليه و رقّق لامه لانكسار ما قبلها،و لو لم يأت في قافية البيت الثّاني «المغلّة»لأمكن أن يقول:«جاء من أمر اللاّه»فيثبت ألفه و يقف على الهاء بالسّكون.(2:15)

الطّبرسيّ: «اللّه»اسم لا يطلق إلاّ عليه سبحانه و تعالى.[و قال بعد ذكر قول سيبويه:]

أمّا الكلام في اشتقاقه فمنهم من قال:إنّه اسم موضوع غير مشتقّ؛إذ ليس يجب في كلّ لفظ أن يكون مشتقّا،لأنّه لو وجب ذلك لتسلسل،هذا قول الخليل.

و منهم من قال:إنّه مشتقّ،ثمّ اختلفوا في اشتقاقه على وجوه:

فمنها أنّه مشتقّ من«الألوهيّة»الّتي هي العبادة و «التّألّه»:التّعبّد.[ثمّ استشهد بشعر]

و يقال:أله اللّه فلان إلاهة،كما يقال:عبده عبادة، فعلى هذا يكون معناه:الّذي يحقّ له العبادة،و لذلك لا يسمّى به غيره،و يوصف فيما لم يزل بأنّه إله.

و منها أنّه مشتقّ من:«الوله»و هو التّحيّر،يقال:أله يأله،إذا تحيّر-عن أبي عمرو-فمعناه أنّه الّذي تتحيّر العقول في كنه عظمته.

و منها أنّه مشتقّ من قولهم:ألهت إلى فلان،أي فزعت إليه،لأنّ الخلق يألهون إليه،أي يفزعون إليه في حوائجهم:فقيل للمألوه:إله،كما يقال للمؤتمّ به:إمام.

و منها أنّه مشتقّ من:ألهت إليه،أي سكنت إليه -عن المبرّد-و معناه أنّ الخلق يسكنون إلى ذكره.

و منها أنّه من:لاه،أي احتجب،فمعناه أنّه المحتجب بالكيفيّة عن الأوهام،الظّاهر بالدّلائل و الأعلام.

(1:19)

بيان الحقّ:«اللّه»اسمه جلّ و عزّ وحده،و ليس بمشتقّ عن شيء.و معناه الّذي يحقّ له العبادة،و ليس معناه المعبود،و لا المستحقّ للعبادة،لأنّ من يعبده أو

ص: 696

تستحقّ عليه عبادته إنّما خلق بعد أن لم يكن،و هو عزّ اسمه إله فيما لم يزل.(1:91)

الرّاونديّ: «اللّه»أخصّ من الإله،...[و المعنى:] المعبود الّذي حقّت له العبادة في الأزل،و استحقّها حين خلق الخلق،و أنعم بأصول النّعم الّتي يستحقّ بها العبادة، الّذي لا يصل قائل إلى كنه مدحه...

و الإله مصدر بمعنى المألوه.

(منهاج البراعة 1:24)

أبو البركات: و الأصل في اللّه«إلاه»من أله،إذا عبد،و هو مصدر بمعنى مألوه،أي معبود،كقولهم:خلق اللّه،بمعنى مخلوق،قال اللّه تعالى: هذا خَلْقُ اللّهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ لقمان:11،أي مخلوق اللّه.

و قيل:من ألهت،أي تحيّرت،فسمّي سبحانه إلها لتحيّر العقول في كنه ذاته و صفاته،ثمّ أدخلت عليه الألف و اللاّم،و حذفت الهمزة،و ألقيت حركتها على الأولى،فاجتمع حرفان متحرّكان من جنس واحد، فأسكنت اللاّم الأولى،و أدغمت في الثّانية،و ألزم التّفخيم.

و قيل:أصله«ولاه»من«الوله»،لأنّه يوله إليه في الحوائج،فأبدلوا من الواو المكسورة همزة،كقولهم في وشاح:إشاح،و في وسادة:إسادة،ثمّ أدخلوا عليه الألف و اللاّم،و حذفوا الهمزة،و أدغموا،و فخّموا،على ما بيّنّا في الوجه الأوّل.

و قيل:هو من:لاهت العروس تلوه،إذا احتجبت، فهو سبحانه سمّي إلها،لأنّه احتجب من جهة الكيفيّة عن الأوهام.

و قيل:أصله«لاه»و الألف فيه منقلبة عن ياء، كقولهم:لهي أبوك،يريدون:للّه أبوك،فأخّرت اللاّم إلى موضع العين لكثرة الاستعمال.(1:32)

الفخر الرّازيّ: و فيه مسائل:

المسألة الأولى:المختار عندنا أنّ هذا اللّفظ اسم علم للّه تعالى،و أنّه ليس بمشتقّ البتّة،و هو قول الخليل و سيبويه و قول أكثر الأصوليّين و الفقهاء،و يدلّ عليه وجوه و حجج:

الحجّة الأولى:أنّه لو كان لفظا مشتقّا لكان معناه معنى كلّيّا،لا يمنع نفس مفهومه من وقوع الشّركة فيه، لأنّ اللّفظ المشتقّ لا يفيد إلاّ أنّه شيء ما،مبهم،حصل له ذلك المشتقّ منه.و هذا المفهوم لا يمنع من وقوع الشّركة فيه بين كثيرين؛فثبت أنّ هذا اللّفظ لو كان مشتقّا لم يمنع وقوع الشّركة فيه بين كثيرين،و لو كان كذلك لما كان قولنا:«لا إله إلاّ اللّه»توحيدا حقّا مانعا من وقوع الشّركة فيه بين كثيرين،لأنّ بتقدير أن يكون «اللّه»لفظا مشتقّا كان قولنا:«اللّه»غير مانع من أن يدخل تحته أشخاص كثيرة،و حينئذ لا يكون قولنا:«لا إله إلاّ اللّه»موجبا للتّوحيد المحض؛و حيث أجمع العقلاء على أنّ قولنا:«لا إله إلاّ»يوجب التّوحيد المحض،علمنا أنّ قولنا:«اللّه»اسم علم موضوع لتلك الذّات المعيّنة، و أنّها ليست من الألفاظ المشتقّة.

الحجّة الثّانية:أنّ من أراد أن يذكر ذاتا معيّنة ثمّ يذكره بالصّفات،فإنّه يذكر اسمه أوّلا،ثمّ يذكر عقيب الاسم الصّفات،مثل أن يقول:زيد الفقيه النّحويّ الأصوليّ،إذا عرفت هذا فنقول:إنّ كلّ من أراد أن يذكر

ص: 697

اللّه تعالى بالصّفات المقدّسة فإنّه يذكر أوّلا لفظة«اللّه»ثمّ يذكر عقيبه صفات المدائح،مثل أن يقول:اللّه العالم القادر الحكيم،و لا يعكسون هذا فلا يقولون:العالم القادر اللّه؛و ذلك يدلّ على أنّ قولنا:اللّه،اسم علم.

فإن قيل:أ ليس أنّه تعالى قال: اَلْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اَللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ؟إبراهيم:

1،2.

قلنا:هاهنا قراءتان:منهم من قرأ(اللّه)بالرّفع، و حينئذ يزول السّؤال،لأنّه لمّا جعله مبتدأ فقد أخرجه عن جعله صفة لما قبله.و أمّا من قرأ بالجرّ فهو نظير لقولنا:«هذه الدّار ملك للفاضل العالم زيد».و ليس المراد أنّه جعل قوله:«زيد»صفة للعالم الفاضل،بل المعنى أنّه لمّا قال:هذه ملك للعالم الفاضل،بقي الاشتباه في أنّه من ذلك العالم الفاضل؟فقيل عقيبه:زيد،ليصير هذا مزيلا لذلك الاشتباه.و لمّا لم يلزم هاهنا أن يقال:اسم العلم صار صفة،فكذلك في هذه الآية.

الحجّة الثّالثة:قال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا مريم:

65،و ليس المراد من الاسم في هذه الآية الصّفة و إلاّ لكذب قوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا فوجب أن يكون المراد اسم العلم،فكلّ من أثبت«للّه»اسم علم قال:ليس ذاك إلاّ قولنا:اللّه.

و احتجّ القائلون:بأنّه ليس اسم علم بوجوه و حجج:

الحجّة الأولى:قوله تعالى: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ الأنعام:3،و قوله: هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الحشر:22،فإنّ قوله:(اللّه)لا بدّ و أن يكون صفة، و لا يجوز أن يكون اسم علم؛بدليل أنّه لا يجوز أن يقال:

هو زيد في البلد،و هو بكر.و يجوز أن يقال:هو العالم الزّاهد في البلد؛و بهذا الطّريق يعترض على قول النّحويّين:إنّ الضّمير لا يقع موصوفا و لا صفة،و إذا ثبت كونه صفة امتنع أن يكون اسم علم.

الحجّة الثّانية:أنّ اسم العلم قائم مقام الإشارة،فلمّا كانت الإشارة ممتنعة في حقّ اللّه تعالى كان اسم العلم ممتنعا في حقّه.

الحجّة الثّالثة:أنّ اسم العلم إنّما يصار إليه ليتميّز شخص عن شخص آخر يشبهه في الحقيقة و الماهيّة، و إذا كان هذا في حقّ اللّه ممتنعا كان القول بإثبات الاسم العلم محالا في حقّه.

و الجواب عن الأوّل:لم لا يجوز أن يكون ذلك جاريا مجرى أن يقال:هذا زيد الّذي لا نظير له في العلم و الزّهد.

و الجواب عن الثّاني:أنّ الاسم العلم هو الّذي وضع لتعيين الذّات المعيّنة،و لا حاجة فيه إلى كون ذلك المسمّى مشارا إليه بالحسّ أم لا،و هذا هو الجواب عن الحجّة الثّالثة.

[ثمّ ذكر قول القائلين:بأنّ«اللّه»مشتقّ،و ذكر ما يمكن الاحتجاج به أو الإيراد به لكلّ قول،و ما يتفرّع عليه من الفوائد-فلاحظ..](1:156-164)

نحوه ملخّصا النّيسابوريّ(1:73)،و أبو الفداء (1:35)،و بهاء الدّين العامليّ(العروة الوثقى:394).

ابن أبي الحديد:[ذكر قول الرّاونديّ و قال:]

و أمّا قوله:«اللّه أخصّ من الإله»فإن أراد في أصل

ص: 698

اللّغة؛فلا فرق،بل«اللّه»هو«الإله»و فخّم بعد حذف الهمزة؛هذا قول كافّة البصريّين.و إن أراد أنّ أهل الجاهليّة كانوا يطلقون على الأصنام لفظة«الآلهة»،و لا يسمّونها«اللّه»فحقّ؛و ذلك عائد إلى عرفهم و اصطلاحهم،لا إلى أصل اللّغة و الاشتقاق؛أ لا ترى أنّ الدّابّة في العرف لا تطلق على القمّلة،و إن كانت في أصل اللّغة دابّة.

و أمّا قوله:«الّذي حقّت العبادة له في الأزل و استحقّها حين خلق الخلق،و أنعم بأصول النّعم»فكلام ظاهره متناقض،لأنّه إذا كان إنّما استحقّها حين خلق الخلق،فكيف يقال:إنّه استحقّها في الأزل؟!و هل يكون في الأزل مخلوق ليستحقّ عليه العبادة؟!

و اعلم أنّ المتكلّمين لا يطلقون على الباري سبحانه أنّه معبود في الأزل أو مستحقّ للعبادة في الأزل إلاّ بالقوّة لا بالفعل،لأنّه ليس في الأزل مكلّف يعبده تعالى،و لا أنعم على أحد في الأزل بنعمة يستحقّ بها العبادة،حتّى أنّهم قالوا في الأثر الوارد:«يا قديم الإحسان»:إنّ معناه أنّ إحسانه متقادم العهد،لا أنّه قديم حقيقة،كما جاء في الكتاب العزيز: حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ يس:

39،أي الّذي قد توالت عليه الأزمنة المتطاولة.[إلى أن قال:]

و قوله:و«الإله»مصدر بمعنى«المألوه»كلام طريف، أمّا أوّلا:فإنّه ليس بمصدر؛بل هو اسم كوجار للضّبع، و سرار للشّهر،و هو اسم جنس،كالرّجل و الفرس يقع على كلّ معبود بحقّ أو باطل،ثمّ غلب على المعبود بالحقّ، كالنّجم اسم لكلّ كوكب ثمّ غلب على الثّريّا،و السّنة اسم لكلّ عام ثمّ غلب على عام القحط.و أظنّه رحمه اللّه لمّا رآه«فعالا»ظنّ أنّه مصدر،كالحصاد و الجذاذ، و غيرهما.

و أمّا ثانيا:فلأنّ«المألوه»صيغة«مفعول»و ليست صيغة مصدر إلاّ في ألفاظ نادرة،كقولهم:ليس له معقول و لا مجلود.و لم يسمع«مألوه»في اللّغة،لأنّه قد جاء:أله الرّجل،إذا دهش و تحيّر،و هو فعل لازم لا يبنى منه مفعول.(1:63-65)

القرطبيّ:[اكتفى بنقل أقوال الآخرين في«اللّهمّ» و أضاف:]

قال الكوفيّون: و إنّما تزاد الميم مخفّفة في«فم»و «ابنم»،و أمّا ميم مشدّدة فلا تزاد.

و قال بعض النّحويّين: ما قاله الكوفيّون خطأ،لأنّه لو كان كما قالوا كان يجب أن يقال:«اللّهمّ»و يقتصر عليه،لأنّه معه دعاء.

و أيضا فقد تقول:أنت اللّهمّ الرّزّاق.فلو كان كما ادّعوا لكنت قد فصلت بجملتين،بين الابتداء و الخبر.(4:54)

ابن مالك: إنّ«اللّه»من الأعلام الّتي قارن وضعها «أل»و ليس أصله«الإله»و لو لم يردّ على من قال ذلك إلاّ أنه ادّعى ما لا دليل عليه لكان ذلك كافيا،لأنّ«اللّه» و«الإله»مختلفان لفظا و معنى:

أمّا لفظا فلأنّ أحدهما معتلّ العين و الثّاني مهموز الفاء صحيح العين و اللاّم،فهما من مادّتين،فردّهما إلى أصل واحد تحكّم من سوء التّصريف.

و أمّا معنى فلأنّ«اللّه»خاصّ به تعالى جاهليّة

ص: 699

و إسلاما،و«الإله»ليس كذلك،لأنّه اسم لكلّ معبود.

و من قال:أصله«الإله»لا يخلو حاله من أمرين،لأنّه إمّا أن يقول:إنّ الهمزة حذفت ابتداء ثمّ أدغمت اللاّم،أو يقول:إنّها نقلت حركتها إلى اللاّم قبلها،و حذفت على القياس،و هو باطل.

أمّا الأوّل فلأنّه ادّعى حذف الفاء بلا سبب،و لا مشابهة ذي سبب من ثلاثيّ،فلا يقاس ب«يد»لأنّ الآخر،و كذا ما يتّصل به محلّ التّغيير،و لا ب«عدة» مصدر«يعد»لحمله على الفعل،فحذف للتّشاكل،و لا ب «رقة»بمعنى«ورق»لشبهه ب«عدة»وزنا و إعلالا.

و لو لا أنّه بمعناه لتعيّن إلحاقه بالثّنائيّ المحذوف اللاّم ك«لثة».

و أمّا ناس و أناس فمن«نوس»و«أنس»على أنّ الحمل عليه على تقدير تسليم الأخذ زيادة في الشّذوذ، و كثرة مخالفة الأصل بلا سبب يلجأ لذلك.

و أمّا الثّاني فلأنّه يستلزم مخالفة الأصل من وجوه:

أحدها:نقل حركة بين الكلمتين على سبيل اللّزوم، و لا نظير له.

و الثّاني:نقل حركة همزة إلى مثل ما بعدها،و هو يوجب اجتماع مثلين متحرّكين،و هو أثقل من تحقيق الهمزة بعد ساكن.

الثّالث:من مخالفة الأصل تسكين المنقول إليه الحركة،فيوجب كونه عملا كلا عمل،و هو بمنزلة من نقل في«بئس».و لا يخفى ما فيه من القبح،مع كونه في كلمة؛ فما هو في كلمتين أمكن في الاستقباح و أحقّ بالاطراح.

الرّابع:إدغام المنقول إليه فيما بعد الهمزة،و هو بمعزل عن القياس،لأنّ الهمزة المنقولة الحركة في تقدير الثّبوت،فإدغام ما قبلها فيما بعدها كإدغام أحد المنفصلين.

و قد اعتبر أبو عمرو في الإدغام الكبير الفصل بواجب الحذف،نحو(يبتغ غير)فلم يدغم،فاعتبار غير واجب الحذف أولى.

و من زعم أنّ أصله«إله»يقول:إنّ الألف و اللاّم عوض من الهمزة،و لو كان كذلك لم يحذفا في:لاه أبوك، أي للّه أبوك؛إذ لا يحذف عوض و معوّض في حالة واحدة.و قالوا:لهي أبوك أيضا،فحذفوا لام الجرّ و الألف و اللاّم،و قدّموا الهاء و سكّنوها،فصارت الألف ياء، و علم بذلك أنّ الألف كانت منقلبة لتحرّكها و انفتاح ما قبلها،فلمّا و ليت ساكنا عادت إلى أصلها،و فتحها فتحة بناء.و سبب البناء تضمّن معنى التّعريف عند أبي عليّ، و معنى حرف التّعجّب؛إذ لم يقع في غيره،و إن لم يوضع له حرف عندي،و هو مع بنائه في موضع جرّ باللاّم المحذوفة،و اللاّم و مجرورها في موضع رفع خبر أبوك،انتهى ملخّصا.(الآلوسيّ 1:55)

البيضاويّ: و«اللّه»أصله«إله»فحذفت الهمزة و عوّض عنها الألف و اللاّم،و لذلك قيل:يا اللّه، بالقطع،إلاّ أنّه يختصّ بالمعبود بالحقّ،و«الإله»في أصله لكلّ معبود،ثمّ غلب على المعبود بالحقّ،و اشتقاقه من أله إلهة و ألوهة و ألوهيّة بمعنى عبد،و منه تألّه و استأله.

و قيل:من«أله»إذا تحيّر،لأنّ العقول تتحيّر في معرفته.أو من ألهت إلى فلان،أي سكنت إليه،لأنّ القلوب تطمئنّ بذكره،و الأرواح تسكن إلى معرفته.

ص: 700

أو من أله،إذا فزع من أمر نزل عليه.و آلهه غيره:

أجاره؛إذ العائذ يفزع إليه و هو يجيره حقيقة أو بزعمه.

أو من أله الفصيل،إذا ولع بأمّه؛إذ العباد مولعون بالتّضرّع إليه في الشّدائد.أو من و له،إذا تحيّر و تخبّط عقله.و كان أصله«ولاه»فقلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها استثقال الضّمّة في«وجوه»فقيل:إله كإعاء و إشاح،و يردّه الجمع على آلهة دون أولهة.و قيل:

أصله«لاه»مصدر:لاه يليه ليها ولاها،إذا احتجب و ارتفع،لأنّه سبحانه و تعالى محجوب عن إدراك الأبصار،و مرتفع عن كلّ شيء ممّا لا يليق به.

و قيل:علم لذاته المخصوصة،لأنّه يوصف و لا يوصف به،و لأنّه لا بدّ له من اسم تجري عليه صفاته، و لا يصلح له ممّا يطلق عليه سواه،و لأنّه لو كان وصفا لم يكن قول لا إله إلاّ اللّه،توحيدا،مثل لا إله إلاّ الرّحمن، فإنّه لا يمنع الشّركة.

و الأظهر أنّه وصف في أصله،لكنّه لمّا غلب عليه بحيث لا يستعمل في غيره،و صار له كالعلم،مثل الثّريّا و الصّعق،أجري مجراه في إجراء الأوصاف عليه و امتناع الوصف به،و عدم تطرّق احتمال الشّركة إليه،لأنّ ذاته من حيث هو بلا اعتبار أمر آخر حقيقيّ أو غيره،غير معقول للبشر،فلا يمكن أن يدلّ عليه بلفظ،و لأنّه لو دلّ على مجرّد ذاته المخصوص لما أفاد ظاهر قوله سبحانه و تعالى: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ الأنعام:3،معنى صحيحا،و لأنّ معنى الاشتقاق هو كون أحد اللّفظين مشاركا للآخر في المعنى و التّركيب،و هو حاصل بينه و بين الأصول المذكورة.

و قيل:أصله«لاها»بالسّريانيّة،فعرّب بحذف الألف الأخيرة و إدخال اللاّم عليه،و تفخيم لامه إذا انفتح ما قبله أو انضمّ سنّة،و قيل:مطلقا.و حذف ألفه لحن تفسد به الصّلاة،و لا ينعقد به صريح اليمين.و قد جاء لضرورة الشّعر:

ألا لا بارك اللّه في سهيل

إذا ما اللّه بارك في الرّجال

(1:6)

الخازن: «اللّه»هو علم خاصّ للّه تعالى،تفرّد به الباري سبحانه و تعالى.ليس بمشتقّ و لا يشركه فيه أحد،و هو الصّحيح المختار.دليله قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا مريم:65،يعني لا يقال لغيره:اللّه.

و قيل:هو مشتقّ....[إلى أن قال:]و من خصائص هذا الاسم أنّك إذا حذفت منه شيئا بقي الباقي يدلّ عليه، فإن حذفت الألف بقي«للّه»و إن حذفت اللاّم و أثبتّ الألف بقي«إله»و إن حذفتهما بقي«له»و إن حذفت الألف و اللاّمين معا بقي«الواو»عوض عن الضّمّة.

و ذهب بعضهم إلى أنّ هذا الاسم هو الاسم الأعظم،لأنّه يدلّ على الذّات.و باقي الأسماء تدلّ على الصّفات.(1:15)

أبو حيّان: «اللّه»علم لا يطلق إلاّ على المعبود بحقّ، مرتجل غير مشتقّ عند الأكثرين.و قيل:مشتقّ،و مادّته قيل:لام و ياء و هاء،من لاه يليه:ارتفع.قيل:و لذلك سمّيت الشّمس إلاهة،بكسر الهمزة و فتحها.

و قيل:لام و واو و هاء،من لاه يلوه لوها:احتجب أو استتار،و وزنه إذ ذاك«فعل»أو«فعل»و قيل:الألف

ص: 701

زائدة،و مادّته همزة و لام،من أله،أي فزع،قاله ابن إسحاق،أو أله:تحيّر،قاله أبو عمرو،أو أله:عبد،قاله النّضر،أو أله:سكن،قاله المبرّد.و على هذه الأقاويل فحذفت الهمزة اعتباطا،كما قيل في«ناس»:أصله «أناس»،أو حذفت للنّقل و لزم مع الإدغام،و كلا القولين شاذّ.

و قيل:مادّته واو و لام و هاء،من و له،أي طرب.

و أبدلت الهمزة فيه من«الواو»نحو إشاح،قاله الخليل و القنّاد.و هو ضعيف للزوم البدل و قولهم في الجمع:آلهة، و تكون«فعالا»بمعنى«مفعول»كالكتاب يراد به المكتوب.و«أل»في«اللّه»إذا قلنا:أصله«الإله»قالوا:

للغلبة؛إذ الإله يطلق على المعبود بحقّ و باطل،و اللّه لا يطلق إلاّ على المعبود بالحقّ؛فصار كالنّجم للثّريّا.و أورد عليه بأنّه ليس كالنّجم،لأنّه بعد الحذف و النّقل أو الإدغام

لم يطلق على كلّ إله،ثمّ غلب على المعبود بحقّ، و وزنه على أنّ أصله«فعال»فحذفت همزته«عال».

و إذا قلنا بالأقاويل السّابقة ف«أل»فيه زائدة لازمة،و شذّ حذفها في قولهم:لاه أبوك،شذوذ حذف الألف في:

*أقبل سيل جاء من عند اللّه*

و زعم بعضهم أنّ«أل»في«اللّه»من نفس الكلمة و وصلت الهمزة لكثرة الاستعمال،و هو اختيار أبي بكر ابن العربيّ و السّهيليّ،و هو خطأ،لأنّ وزنه إذ ذاك يكون «فعالا»و امتناع تنوينه لا موجب له،فدلّ على أنّ«أل» حرف داخل على الكلمة،سقط لأجلها التّنوين.

و من غريب ما قيل:أنّ أصله«لاها»بالسّريانيّة فعرّب.

قال أبو يزيد البلخيّ: هو أعجميّ،فإنّ اليهود و النّصارى يقولون:لاها،و أخذت العرب هذه اللّفظة و غيّروها،فقالوا:اللّه.

و من غريب ما قيل في اللّه:أنّه صفة و ليس اسم ذات،لأنّ اسم الذّات يعرف به المسمّى،و اللّه تعالى لا يدرك حسّا و لا بديهة و لا تعرف ذاته باسمه،بل إنّما يعرف بصفاته فجعله اسما للذّات لا فائدة في ذلك، و كان العلم قائما مقام الإشارة،و هي ممتنعة في حقّ اللّه تعالى.و حذفت الألف الأخيرة من اللّه لئلاّ يشكل بخطّ «اللاّه»اسم الفاعل من لها يلهو.و قيل:طرحت تخفيفا، و قيل:هي لغة فاستعملت في الخطّ.(1:15)

ابن القيّم: «اللّهمّ»لا خلاف أنّ معناها يا اللّه،و لهذا لا تستعمل إلاّ في الطّلب.فلا يقال:اللّهمّ غفور رحيم،بل يقال:اللّهمّ اغفر لي و ارحمني.

و اختلف النّحاة في الميم المشدّدة من آخر الاسم.

[و نقل قول سيبويه، (1)و الخليل،و الفرّاء ثمّ قال:]

و ردّ البصريّون هذا[قول الفرّاء]بوجوه:

أحدها:أنّ هذه التّقادير لا دليل عليها،و لا يقتضيها القياس،فلا يصار إليها بغير دليل.

الثّاني:أنّ الأصل عدم الحذف،فتقدير هذه المحذوفات الكثيرة خلاف الأصل.

الثّالث:أنّ الدّاعي بهذا قد يدعو بالشّرّ على نفسه و على غيره،فلا يصحّ هذا التّقدير فيه.ج.

ص: 702


1- قد سبق قوله في ضمن قول الزّجّاج.

الرّابع:أنّ الاستعمال الشّائع الفصيح يدلّ على أنّ العرب لم تجمع بين«يا»و«اللّهمّ»و لو كان أصله ما ذكره الفرّاء لم يمتنع الجمع،بل كان استعماله فصيحا شائعا، و الأمر بخلافه.

الخامس:أنّه لا يمتنع أن يقول الدّاعي:اللّهمّ أمّنا بخير.و لو كان التّقدير كما ذكره،لم يجز الجمع بينهما،لما فيه من الجمع بين العوض و المعوّض عنه.

السّادس:أنّ الدّاعي بهذا الاسم لا يخطر ذلك بباله، و إنّما تكون عنايته مجرّدة إلى المطلوب بعد ذكر الاسم.

السّابع:أنّه لو كان التّقدير ذلك لكان«اللّهمّ»جملة تامّة،يحسن السّكوت عليها،لاشتمالها على الاسم المنادى و فعل الطّلب،و ذلك باطل.

الثّامن:أنّه لو كان التّقدير ما ذكره لكتب فعل الأمر وحده،و لم يوصل باسم المنادى،كما يقال:يا اللّه قه،و يا زيد عه،و يا عمرو فه،لأنّ الفعل لا يوصل بالاسم الّذي قبله حتّى يجعلا في الخطّ كلمة واحدة.هذا لا نظير له في الخطّ.و في الاتّفاق على وصل الميم باسم اللّه،دليل على أنّها ليست بفعل مستقلّ.

التّاسع:أنّه لا يسوغ و لا يحسن في الدّعاء أن يقول العبد:اللّهمّ أمّني بكذا،بل هذا مستكره من اللّفظ و المعنى.

فإنّه لا يقال:افصدني بكذا،إلاّ لمن كان يعرض له الغلط و النّسيان فيقول له:اقصدني.و أمّا من كان لا يفعل إلاّ بإرادته،و لا يضلّ و لا ينسى،فلا يقال له:اقصد كذا.

العاشر:أنّه يسوغ استعمال هذا اللّفظ في موضع لا يكون بعده دعاء،كقوله صلّى اللّه عليه و سلّم في الدّعاء:

«اللّهمّ لك الحمد،و إليك المشتكى،و أنت المستعان و بك المستغاث،و عليك التّكلان،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» و قوله:«اللّهمّ إنّي أصبحت أشهدك و أشهد حملة عرشك و ملائكتك و جميع خلقك أنّك أنت اللّه لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك و أنّ محمّدا عبدك و رسولك»، و قوله تعالى: قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ... آل عمران:

26،و قوله: قُلِ اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ...

الزّمر:46،و قول النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم في ركوعه و سجوده:سبحانك اللّهمّ ربّنا و بحمدك.اللّهمّ اغفر لي.

فهذا كلّه لا يسوغ فيه التّقدير الّذي ذكروه،و اللّه أعلم.

و قيل:زيدت الميم للتّعظيم و التّفخيم،كزيادتها في «زرقم»لشديد الزّرقة،و«ابنم»في ابن.

و هذا القول صحيح،لكن يحتاج إلى تتمّة.و قائله لحظ معنى صحيحا،لا بدّ من بيانه،و هو أنّ الميم تدلّ على الجمع و تقتضيه،و مخرجها يقتضي ذلك.و هذا مطّرد على أصل من أثبت المناسبة بين اللّفظ و المعنى،كما هو مذهب أساطين العربيّة.و عقد له أبو الفتح ابن جنّيّ بابا في الخصائص،و ذكره عن سيبويه،و استدلّ عليه بأنواع من تناسب اللّفظ و المعنى.[ثمّ ذكر فصلا طويلا لبيان التّناسب،فلاحظ...](202-205)

الفيّوميّ: أله يأله من باب«تعب»إلاهة،بمعنى عبد عبادة.و تألّه:تعبّد،و الإله:المعبود،و هو اللّه سبحانه و تعالى،ثمّ استعارها المشركون لما عبدوه من دون اللّه تعالى،و الجمع:آلهة.فالإله«فعال»بمعنى«مفعول»مثل كتاب بمعنى مكتوب،و بساط بمعنى مبسوط.

و أمّا اللّه فقيل:غير مشتقّ من شيء،بل هو علم

ص: 703

لزمته الألف و اللاّم.

و أله يأله من باب«تعب»،إذا تحيّر،و أصله:وله يوله.(19)

التّفتازانيّ: اعلم أنّه كما تحيّرت الأوهام في ذاته و صفاته،فكذا في اللّفظ الدّالّ عليه،من أنّه اسم أو صفة مشتقّ أو غير مشتقّ،علم أو غير علم،إلى غير ذلك.

(البروسويّ 1:3)

الجرجانيّ: «اللّه»علم دالّ على الإله الحقّ،دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلّها.(15)

الفيروزآباديّ: أله إلاهة و ألوهة و ألوهيّة:عبد عبادة،و منه لفظ الجلالة.

و اختلف فيه على عشرين قولا،ذكرتها في المباسيط،و أصحّها أنّه علم غير مشتقّ،و أصله:إله ك«فعال»بمعنى مألوه.و كلّ ما اتّخذ معبودا،إله عند متّخذه بيّن الإلهة و الألهانيّة بالضّمّ.

و الإلهة:عين بالجزيرة،و الحيّة،و الأصنام، و الهلال،و الشّمس.و يثلّث كالأليهة.

و التّألّه:التّنسّك و التّعبّد،و التّألية:التّعبيد.

و أله،كفرح:تحيّر،و على فلان:اشتدّ جزعه عليه و إليه:فزع و لاذ.و ألهه:أجاره،و آمنه.(4:282)

و للعلماء في هذا الاسم الشّريف[اللّه]أقوال تقارب ثلاثين قولا.فقيل:معرّب،أصله بالسّريانيّة«لاها» فحذفوا الألف،و أتوا ب«أل».و منهم من أمسك عن القول تورّعا،و قال:الذّات،و الأسماء،و الصّفات جلّت عن الفهم و الإدراك.

و قال الجمهور: عربيّ،ثمّ قيل:صفة؛لأنّ العلم كالإشارة الممتنع وقوعها على اللّه تعالى.و أجيب بأنّ العلم للتّعيين،و لا يتضمّن إشارة حسّيّة.و قال الأكثرون:علم مرتجل غير مشتقّ.و عزي للأكثرين من الفقهاء؛و الأصوليّين،و غيرهم.و منهم الشّافعيّ، و الخطّابيّ،و إمام الحرمين (1)،و الإمام الرّازيّ،و الخليل ابن أحمد،و سيبويه.و هو اختيار مشايخنا.

و الدّليل أنّه لو كان مشتقّا لكان معناه معنى كلّيّا لا يمنع نفس مفهومه من وقوع الشّركة،لأنّ لفظ المشتقّ لا يفيد إلاّ أنّه شيء ما،مبهم حصل له ذلك المشتقّ منه.

و هذا المفهوم لا يمنع من وقوع الشّركة فيه بين كثيرين.

و حيث أجمع العقلاء على أنّ قولنا:«لا إله إلاّ اللّه» يوجب التّوحيد المحض،علمنا أنّه علم للذّات،و أنّها ليست من المشتقّات.

و أيضا إذا أردنا أن نذكر ذاتا،ثمّ نصفه بصفات، نذكره أوّلا باسمه،ثمّ نصفه بصفات،نقول:زيد العالم الزّاهد.قال تعالى: هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ الحشر:24،و لا يرد اَلْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اَللّهِ... إبراهيم:1،2،لأنّ على قراءة الرّفع تسقط السّؤال،و على قراءة الجرّ هو نظير قولهم:الكتاب ملك للفقيه الصّالح زيد.ذكر زيد،لإزالة الاشتباه.

و قيل:بل هو مشتقّ،و عزاه الثّعلبيّ لأكثر العلماء.

قال بعض مشايخنا:و الحقّ أنّه قول كثير منهم،لا قول أكثرهم.

ثمّ قيل:مادّته«ل ي ه»من لاه يليه،إذا ارتفع، لارتفاعه تعالى عن مشابهة المثليّات.4.

ص: 704


1- هو:عبد الملك بن عبد اللّه الجوينيّ،م 874.

و قيل:مادّته«ل و ه»من لاه يلوه،إذا احتجب، لاحتجابه تعالى عن العقول و العيون.

أو من لاه يلوه:اضطرب،لاضطراب العقول و الأفهام دون معرفة ذاته و صفاته.

أو من لاه البرق يلوه،إذا لمع و أضاء،لإضاءة القلوب و لمعانها بذكره تعالى و معرفته.

أو لاه اللّه الخلق يلوههم،أي خلقهم.

و قيل:مادّته«أ ل ه»من أله إليه يأله،كسمع يسمع، إذا فزع إليه،لأنّه يفزع إليه في المهمّات.

قال ابن إسحاق:أو من أله:سكن،لأنّه يسكن إليه القلوب و العقول.

قال المبرّد:أو من أله يأله ألها،كفرح يفرح فرحا، إذا تحيّر،قاله أبو عمرو ابن العلاء.

و معناه أنّه تحيّر العقول في إدراك كمال عظمته،و كنه جلال عزّته.

أو من أله الفصيل،إذا أولع بأمّه؛و ذلك لأنّ العباد مولعون بالتّضرّع إليه في كلّ حال.

أو من أله يأله إلهة و تألّها،كعبد يعبد عبادة و تعبّدا -زنة و معنى-قاله النّضر بن شميّل.و المعنى:المستحقّ للعبادة،أو المعنى:المعبود.فعلى الأوّل يرجع لصفة الذّات،و على الثّاني لصفة الفعل،قاله الماورديّ.و صحّح الأوّل،لما يلزم على الثّاني من تسمية الأصنام آلهة،لأنّها عبدت،هكذا قال.و فيه بحث،و هو أنّ المراد بالمعبود المعبود بالحقّ أيضا.

و قيل:مادّته«و ل ه»من و له من قوله:طرب، أبدلت الهمزة من الواو،كما قالوا في«وشاح».و سمّي بذلك لطرب العقول و القلوب عند ذكره.و حكي ذلك عن الخليل،و ضعّف بلزوم البدل،و قولهم:آلهة،و لو كان كما ذكر،لقيل:أولهة،كأوشحة.

و يجوز أن يجاب بأنّه لمّا أبدلت الهمزة من الواو في تمام التّصاريف؛حيث قالوا:أله ألها،صارت الهمزة المبرزة كالأصليّة؛فخالف ما نحن فيه«إشاح»،فإنّها ليست أصلا و لا شبيهة به.

قال اللّغويّون،منهم أبو نصر الجوهريّ:أله يأله ألها،و أصله:و له يوله و لها.

و حاصل ما ذكر في لفظ الجلالة على تقدير الاشتقاق قولان:

أحدهما:لاه.و نقل أصل هذا عن أهل البصرة، و عليه أنشدوا:

بحلفة من أبي رياح يسمعه لاهه الكبار (1)

و الثّاني:إلاه.و نقل عن أهل الكوفة،قال ابن مالك:

و عليه الأكثرون،و نقل الثّعلبيّ القولين عن الخليل، و نقلهما الواحديّ عن سيبويه.

و وزنه على الأوّل«فعل»أو«فعل»قلبت الواو و الياء ألفا،لتحرّكها و انفتاح ما قبلها،و أدخلت«أل» و أدغمت اللاّم في اللاّم،و لزمت«أل»،و هي زائدة؛إذ لم تفد معرفة فتعرّفه بالعلميّة.و شذّ حذفها في قولهم:لاه أبوك،أي للّه؛كما حذفت الألف في قوله:

*أقبل سيل جاء من عند اللّه*3.

ص: 705


1- البيت من قصيدة للأعشى،و أبو رياح من بني ضبيعة. قتل رجلا فسألوه أن يحلف أو يدفع الدّية فحلف،ثمّ،قتل،فضربته العرب مثلا لما لا يغني من الحلف.و انظر الخزانة 1:345،و الصّبح المنير ص 193.

و قيل:المحذوف في«لاه»اللاّم الّتي من نفس الكلمة.

و قال سيبويه في باب الإضافة:حذفوا اللاّمين من لاه أبوك،حذفوا لام الإضافة ثمّ حذفوا اللاّم الأخرى، ليخفّفوا على اللّسان.و قال في باب«كم»:و زعم الخليل أنّ قولهم:لاه أبوك،و لقيته أمس،إنّما هو على:للّه أبوك، و لقيته بالأمس،لكنّهم حذفوا الجارّ و الألف و اللاّم تخفيفا على اللّسان.و ظاهر هذا الكلام يوافق القول الأوّل.

و وزن أصل لفظ الجلالة على الثّاني-أعني قول الكوفيّين-«فعال»،و معناه مفعول،كالكتاب بمعنى المكتوب،ثمّ قيل:أدخلت«أل»على لفظ«إلاه»،فصار الإله،ثمّ نقلت حركة الهمزة إلى لام التّعريف،و حذفت الهمزة فصار«اللاه»،ثمّ أدغم فصار«اللّه».و قيل:

حذفت الهمزة ابتداء كقولهم في أناس:ناس،ثمّ جيء ب«أل»عوضا عنها،ثمّ أدغم.و لم يذكر الزّمخشريّ في «الكشّاف»غيره،و هو محكيّ عن الخليل.

و«أل»في«اللّه»إذا قلنا:أصله«اللاه»قالوا:للغلبة.

قرّروه بأنّ«إلاه»يطلق على المعبود بالحقّ و الباطل، و اللّه مختصّ بالمعبود بالحقّ،فهو كالنّجم للثّريّا.و ردّ بأنّه بعد الحذف و النّقل لم يطلق على كلّ إله،ثمّ غلب على المعبود بالحقّ.و قد ينفصل عنه بأنّ القائل بهذا أطلق عليها ذلك،تجوّزا باعتبار ما كان،لأنّ اللّفظة منقولة من «اللاه»و«أل»في«اللاه»للغلبة.فهي في لفظ اللّه على هذا،مثلها في علم منقول من اسم«أل»فيه للغلبة.و لكن فيه نظر من جهة أنّ النّقل يتعيّن كونه ممّا«أل»فيه للغلبة لأنّ«اللاه»من أسماء الأجناس.فإن قيل:المحكيّ عن الخليل-كما ذكر الثّعلبيّ-أنّ غيره تعالى يطلق عليه إله منكّرا و مضافا،كقوله تعالى: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ الأعراف:138،قيل:المراد من هذه أنّه صار بالغلبة مختصّا به تعالى.

و قد أوضح هذا الزّمخشريّ،فقال:و الإله من أسماء الأجناس...[تقدّم كلامه]

و ما اختاره القاضي أبو بكر ابن العربيّ،و السّهيليّ، من أنّ«أل»في اللّه من نفس الكلمة-إذا أخذ بظاهره- ضعيف؛إذ وزنه على هذا«فعّال»،فلا مانع من تنوينه حينئذ.

و قال شيخي سراج الدّين رحمه اللّه في«الكشف»:

حذفت الهمزة من«الإله»حذفا ابتدائيّا من غير قياس.

و الدّليل عليه لزوم الإدغام،و قولهم:لاه أبوك.

و قيل:الحذف على قياس التّخفيف بنقل حركة الهمزة إلى اللاّم،ثمّ حذفها،كما تقدّم.لكن لزوم الحذف و التّعويض بحرف التّعريف مع وجوب الإدغام من خواصّ هذا الاسم،و لكونه أعرف المعارف لا يمكن في مدلوله الشّركة بوجه،فيستغنى عن التّعريف اللاّميّ، جعلت لمحض التّعويض،لتأكيد الاختصاص.

و جوّزوا نداءه مع اللاّم العوضيّة،و أنّها بمنزلة الهمزة المحذوفة.و لم يجوّزوا في مثل يا الّذي و الصّعق (1)،لعدم إجرائها مجرى الأصليّة،و إن كانت«أل»فيها جزء مضمحلاّ عنها معنى التّعريف،لأنّ رعاية الأصل واجبة).

ص: 706


1- هو لقب خويلد بن نفيل من بني كلاب،لقّب بذلك لانّ تميما أصابوا رأسه بضربة،فكان إذا سمع صوتا صعق،أو لأنّه اتّخذ طعاما فكفأت الرّيح قدوره فلعنها فأرسل اللّه تعالى عليه صاعقة.و يمثّلون به للعلم بالغلبة.(بصائر ذوي التّمييز 2:17).

ما لم يعارضه موجب،كالتّعويض فيما نحن فيه.

و أمّا قطع الهمزة عند القائل بأنّ المجموع حرف التّعريف،و خفّفت وصلا للكثرة فظاهر؛لأنّ ذلك في لام التّعريف،و هذا لا يستمرّ به التّخفيف.و عند القائل بأنّ «اللاّم»وحدها له،فلأنّه يقول:لمّا كانت اللاّم السّاكنة بدلا عن حرف و حركتها،كان للهمزة المجتلبة للنّطق بالسّاكنة المعاقبة للحركة مدخل في التّعويض،فلذلك قطع.و الاختصاص بحال النّداء في القولين،لأنّ التّعويض متحقّق من كلّ وجه،للاستغناء بالتّعريف النّدائيّ لو فرض تعريف ما باللاّم،و لوحظ باعتبار الأصل.

و أيضا لمّا خولف الأصل في تجويز الجمع بينهما قطع الهمزة للإشعار من أوّل الأمر بمخالفة هذه اللاّم لام التّعريف،و لهذا لم يقطع في غيره.أمّا قول الشّاعر:

من أجلك يا الّتي تيّمت قلبي

و أنت بخيلة بالوصل عنّي

فشاذّ.[إلى أن قال:]

و كتبوا«اللّه»بلامين،و«الّذي»و«الّتي»بواحدة، قيل:تفرقة بين المعرب و المبنيّ.و يشكل بأنّهم قالوا الأجود كتب«اللّيل»و«اللّيلة»بلام واحدة.و قيل:لئلاّ يلتبس بلفظ«إله»خطّا.

و حذفوا الألف الأخيرة خطّا،لئلاّ يشكل ب«اللاّه» اسم فاعل من لها يلهو.

و قيل:تحذف الألف تخفيفا.و قيل:هي لغة في الممدودة-و ممّن حكاه أبو القاسم الزّجّاجيّ- فاستعملت خطّا.و قول الشّاعر....المشهور أنّه من باب الضّرورة.

و قول الزّمخشريّ: «و من هذا الاسم اشتقّ تألّه و أله و استأله»غير سديد،لأنّ لفظ«الإله»مشتقّ،و له أصل عند الزّمخشريّ.و على زعمه،فكيف يكون الأفعال المجرّدة و المزيدة مشتقّة منه،بل يكون الأفعال مشتقّة من المصادر،كما هو رأي البصريّين،و بالعكس كما هو رأي الكوفيّين.و أمّا كون الأفعال مشتقّة من الأسماء المشتقّة فلم يذهب إليه ذاهب، و التّشبيه:ب«استنوق»و«استحجر»أيضا محلّ نظر؛ و ذلك أنّ النّاقة و الحجر ليسا من المشتقّات الّتي يمكن أخذ الأفعال من أصولها بخلاف الإله.

و لهذا الاسم خصائص كثيرة...[ذكرناها في النّصوص التّفسيريّة،فراجع]

(بصائر ذوي التّمييز 2:12-20)

الشّربينيّ: [ذكر الأقوال في لفظة«اللّه»ثمّ قال:]

...و الحقّ أنّه أصل بنفسه غير مأخوذ من شيء بل وضع علما ابتداء،فكما أنّ ذاته لا يحيط بها شيء و لا ترجع إلى شيء،فكذا اسمه تعالى.(1:6)

صدر المتألّهين: ...المسألة الثّالثة:في أنّه[اللّه] من أيّ لغة كان-عربيّ أو عبريّ أو سريانيّ-و في أنّه اسم أو صفة،جامد أو مشتقّ؟

قد اختلفت ألسنة الفحول و تشعّبت آراء أرباب العقول،و تفنّنت أنظار علماء النّقول و أصحاب الأبنية و الأصول،و اضطربت أقوالهم في لفظة الجلالة كما تاهت أفكار العقلاء في مدلولها،و تحيّرت أذهانهم في مفهومها، و كما اضمحلّت ذوات العارفين في حقيقة مسمّاها

ص: 707

و اندكّت جبال إنّيّاتهم في هويّة الأوّل المحتجب بشدّة ضوئه الأبهر و نوره الأقهر عن عيون خفافيش العقول، فكأنّه قد وقعت رشحة من بحر تعزّزه و تمنّعه،و عكست شعلة من نار كبريائه و جلاله على منصّات ظهور جماله، حتّى اللّفظ الّذي بإزاء هويّته فتلجلج لسان الفصحاء عند بيانه،و تمجمج البلغاء في الإخبار عن شأنه.

فقيل:هو لفظ عبريّ،و قيل:هو سريانيّ،و أصله «لاها»فعرّب بحذف الألف من آخره،و أدخل اللاّم و الألف عليه.

و قيل:بل هو عربيّ،و أصله«إله»حذفت الهمزة و عوّض عنها بالألف و اللاّم،و من ثمّ لم يجز إسقاطهما حال النّداء،و لا وصلت الهمزة تحاشيا عن حذف العوض أو جزئه،فقيل في النّداء:يا اللّه بالقطع،كما يقال:

يا إله.و إنّما خصّ القطع به تمحيضا لهما في العوضيّة، للاحتراز عن اجتماع أداتي التّعريف،و فيه ما فيه.

و«الإله»من أسماء الأجناس كالرّجل و الفرس، فيقع على كلّ معبود بحقّ أو باطل،ثمّ غلب على المعبود بحقّ،كما غلب«النّجم»على الثّريّا،و«السّنة»على عام القحط،و«البيت»على الكعبة.

و أمّا«اللّه»بحذف الهمزة فمختصّ بالمعبود الحقّ لم يطلق على غيره،فاختلفوا فيه هل هو اسم أو صفة؟ فالمختار عند جماعة من النّحاة-كالخليل و أتباعه و عند أكثر الأصوليّين و الفقهاء-أنّ لفظ الجلالة ليس بمشتقّ، و أنّه اسم علم له سبحانه لوجوه:

أحدها:أنّه لو كان مشتقّا لكان معناه معنى كلّيّا لا يمتنع نفس مفهومه من وقوع الشّركة فيه،و حينئذ لا يكون قولنا:«لا إله إلاّ اللّه»موجبا للتّوحيد المحض و لا الكافر يدخل به في الإسلام،كما لو قال:أشهد أن لا إله إلاّ الرّحيم أو إلاّ الملك بالاتّفاق.

و يرد عليه أنّه يجوز أن يكون أصله الوصفيّة إلاّ أنّه نقل إلى العلميّة.

و الثّاني:أنّ التّرتيب العقليّ يقتضي ذكر الذّات ثمّ تعقيبه بالصّفات،نحو:زيد الفقيه الأصوليّ النّحويّ،ثمّ إنّا نقول:اللّه الرّحمن الرّحيم،و لا نقول بالعكس،فنصفه، و لا نصف به؛فدلّ ذلك على أنّ اللّه اسم علم.

و يرد عليه:أنّ هذا لا يستلزم العلميّة لجواز كونه اسم جنس أو صفة غالبة،يقوم مقام العلم في كثير من الأحكام،و يخدشه أيضا قوله تعالى: صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اَللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ إبراهيم:1،2، في قراءة حفص.

و أجيب بأنّ قراءة حفص عند من قرأ به ليست لأجل أنّه جعله وصفا،و إنّما هو للبيان،كما في قولك:

مررت بالعالم الفاضل زيد.

و الثّالث:قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا مريم:

65،و ليس المراد الصّفة و إلاّ لزم خلاف الواقع؛فوجب أن يكون المراد اسم العلم،و ليس ذلك إلاّ اللّه.و لقائل أن يمنع تالي شقّ الأوّل مسندا،بأنّ المراد من الصّفة كمالها المعرّى عن شوب النّقص.

و الرّابع:أنّه سبحانه يوصف بصفات مخصوصة فلا بدّ له من اسم خاصّ يجري عليه تلك الصّفات؛إذ الموصوف إمّا أخصّ أو مساو للصّفة.

و فيه أوّلا:أنّ هذه مغالطة من باب الاشتباه بين

ص: 708

أحكام اللّفظ و أحكام المعنى،فإنّ الاختصاص بالنّعوت و الأوصاف يوجب مساواة ذات الموصوف أو أخصّيّتها بالقياس إلى الصّفة،لا وقوع لفظ مخصوص بإزاء الذّات، و الأوّل لا يستلزم الثّاني.

و ثانيا:أنّه على تقدير التّسليم لا نسلّم لزوم العلميّة،لأنّ الصّفات مفهومات كلّيّة،و إن تخصّصت بعضها ببعض لا ينتهي إلى التّعيّن الشّخصيّ.غاية ما فى الباب أن يصير كلّيّا منحصرا في فرد؛فيكفي لموصوفها عنوان هو أمر كلّيّ منحصر في فرد.

و ثالثا:أنّه يرد عليه ما ورد أوّلا على الثّاني.

و أمّا القائلون بالاشتقاق فحجّتهم أمور:منها قوله تعالى: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ الأنعام:

3؛إذ لو كان علما لم يكن ظاهر هذه الآية مفيدا معنى صحيحا-لا كما وجّهه بعضهم من أنّه يشعر بالمكانيّة، لأنّ ذلك حديث آخر يتعلّق بعلم أرفع من مباحث الألفاظ.و لعلّ الألفاظ المشعرة بالتّجسّم في القرآن غير محصورة،و السّرّ في الجميع شيء واحد،ليس هذا الموضع محلّ بيانه-بل لأنّ المعنى الجامد لا يصلح للتّقييد بالظّروف و غيرها بخلاف المعنى الوصفيّ،فإنّه لا يجوز أن يقال:هو زيد في البلد،و إنّما يقال:هو العالم في البلد،أو الواعظ في المجلس.

و الجواب أنّ الاسم قد يلاحظ معه معنى وصفيّ اشتهر مسمّاه به فيتعلّق بالظّرف،كما في:أسد عليّ، لتضمّنه معنى الصّائل أو المقدم،فكذلك يلاحظ هاهنا معنى المعبود بالحقّ،لكونه لازما لمسمّاه،مشتهرا في ضمن فحواه.

و منها أنّه لمّا كانت الإشارة ممتنعة في حقّه تعالى كان العلم له ممتنعا.

و منها أنّ العلم للتّمييز،و لا مشاركة،فلا حاجة إليه.

و الجواب عن الوجهين:أنّ وضع العلم لتعيّن الذّات المعيّنة،و لا حاجة إلى الإشارة الحسّيّة،و لا يتوقّف على حصول الشّركة.

قال بعض العلماء:يشبه أن يكون النّزاع بين الفريقين لفظيّا غير مؤدّ إلى فائدة،لأنّ القائلين بالاشتقاق متّفقون على أنّ«الإله»مشتقّ من:أله -بالفتح-آلهة،أي عبد عبادة.و أنّه اسم جنس يقال على كلّ معبود،ثمّ غلب على المعبود بحقّ كما مرّ.و أمّا «اللّه»بحذف الهمزة فمختصّ بالمعبود بالحقّ،لم يطلق على غيره،و لم يفهم سواه.و هذه خاصيّة العلم.

[ثمّ ذكر الأقوال في اشتقاقه و لم نذكرها حذرا من التّكرار.و له أبحاث قد أوردناها ذيل كلمة«اللّه»في الآية:255 البقرة،فراجع النّصوص التّفسيريّة]

(4:26)

الطّريحيّ: «اللّه»اسم علم للذّات المقدّسة الجامعة لجميع الصّفات العليا،و الأسماء الحسنى.

و في الحديث:«سئل عن معنى«اللّه»،فقال:استولى على ما دقّ و جلّ».

و فيه:«اللّه معنى يدلّ عليه بهذه الأسماء و كلّها غيره».قيل:و هو غير مشتقّ من شيء بل هو علم لزمته الألف و اللاّم.[و نقل قول سيبويه ثمّ قال:]

و في الحديث:«يا هشام،اللّه مشتقّ من إله،و الإله يقتضي مألوها،كان إلها إذ لا مألوه»أي لم تحصل

ص: 709

العبادة بعد،و لم يخرج وصف المعبوديّة من القوّة إلى الفعل.

و في«جوامع التّوحيد»:«كان إلها إذ لا مألوه» معناه سمّى نفسه بالإله قبل أن يعبده أحد من العباد.

و في حديث البيت الحرام:«و يألهون إليه»أي يشتاقون إلى وروده كما تشتاق الحمام السّاكن به إليه عند خروجه.

و في الحديث:«اللّه إنّ أبا الحسن أمرك بهذا؟قال:

قلت:نعم»و ظاهر الكلمة التّعجّب،و إعرابها يحتمل الجرّ بإضمار حرف القسم،بقرينة قوله بعد ذلك:

«فاستحلفني ثلاثا».(6:340)

البروسويّ: «اللّهمّ»أي يا اللّه.و الميم عوض عن حرف النّداء،و هي كلمة عظيمة،من قالها فقد ذكر اللّه تعالى بجميع أسمائه.و في الميم سبعون اسما من أسمائه تعالى قد اندرجت فيها.(2:462)

الشّريف العامليّ: أصل التّألّه،لغة:التّعبّد،و الإله:

المعبود المطاع الملجأ و لو عند متّخذه،و جمعه:الآلهة.

و«اللّه»اسم للذّات،و أصله«الإله»بالتّفصيل الّذي ذكره المفسّرون.(87)

الآلوسيّ: «اللّه»أصله الإعلاليّ«إله»كما في «الصّحاح»أو«الإله»كما في«الكشّاف»-و لكلّ وجهة- فحذفت الهمزة اعتباطا على الأظهر،و عوّض عنها الألف و اللاّم،و لذلك قيل:يا اللّه،بالقطع في الأكثر، لتمحّض الحرف للعوضيّة فيه،احترازا عن اجتماع أداتي تعريف.و أمّا في غيره فيجري الحرف على أصله.و ذكر الرّضيّ:أنّ القطع لاجتماع شيئين:لزوم الهمزة الكلمة إلاّ نادرا كما في«لاهه الكبار»،و كونها بدل همزة«إله».

و قال السّعد:قد يقال فيه:إنّه نوى الوقف على حرف النّداء تفخيما للاسم الشّريف.

و اختلفوا في الفرق بين«الإله»و«اللّه»،فقال السّيّد السّند:هما علم لذاته إلاّ أنّه قبل الحذف قد يطلق على غيره تعالى،و بعده لا يطلق على غيره سبحانه أصلا.

و قال العلاّمة السّعد: إنّ«الإله»اسم لمفهوم كلّيّ هو المعبود بحقّ،و«اللّه»علم لذاته تعالى.

و قال الرّضيّ: هما قبل الإدغام و بعده مختصّان بذاته تعالى،لا يطلقان على غيره أصلا،إلاّ أنّه قبل الإدغام من الأعلام الغالبة،و بعده من الأعلام الخاصّة.[ثمّ نقل قول ابن مالك و أضاف:]

قال ناظر الجيش: إنّه لا مزيد عليه في الحسن.و أنا أقول:لا بأس به لو لا قوله:إنّ«الإله»اسم لكلّ معبود.

فقد بالغ البلقينيّ في ردّه،و ادّعى أنّه لا يقع إلاّ على المعبود بالحقّ جلّ شأنه،و من أطلقه على غيره حكم اللّه تعالى بكفره و أرسل الرّسل لدعائه.و كان نظير إطلاق النّصارى«اللّه»على عيسى،على أنّ فيه ما يمكن الجواب عنه،كما لا يخفى.[و نقل الأقوال في اشتقاقه ثمّ قال:]

و قيل:أصله الكناية،لأنّها للغائب،و هو سبحانه الغائب عن أن تدركه الأبصار أو تحيط به الأفكار، و أيضا«الهاء»يخرج مع الأنفاس فهو المذكور،و إن لم تشعر الحواسّ.و متى انقطع خروجه انقطعت الحياة، و حلّ بالحيّ الممات.فبه و باسمه قوام الأرواح و الأبدان، و استقامة كلّ متنفّس من الحيوان.فزيد عليها لام الملك، ثمّ مدّ بها الصّوت تعظيما،ثمّ ألزم اللاّم.

ص: 710

و استأنس لهذا:أنّ الاسم الكريم إذا حذفت منه الهمزة بقي«للّه» وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الفتح:4،و إذا تركت«اللاّم»بقي على صورة«له» لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ البقرة:255،و إن تركت«اللاّم»بقي الهاء المضمومة من«هو»«لا اله الا هو»و«الواو»زائدة بدليل سقوطها في«هما»و«هم» فالأصل«هو»إذ لا يبقى سواه.و أنت إذا أمعنت النّظر يظهر لك مناسبات أخر،و لهذا مال كثير من الصّوفيّة إلى هذا القول،و هو إلى المشرب قريب.

[و نقل اختلاف العلماء في أنّه عربيّ أم لا،كما تقدّم عن الفيروزآباديّ،و اختلافهم في علميّته مع ثلاثة من الأدلّة،كما تقدّم عن صدر المتألّهين،ثمّ قال:]

و الإمام البيضاويّ مع أنّ له اليد البيضاء في التّحقيق لم يتبلّج له صبح هذا القول،و هو لا يحتاج إلى النّظر الدّقيق،فاختار أنّه وصف في أصله...[فذكر قوله،و أضاف:]

و قد أبطل فيه الأدلّة الثّلاث؛و حيث لم يلزم من إبطال الدّليل إبطال المدلول أبطله بوجهين،و نظم في سلكهما ثالثا يدلّ على الوصفيّة.

و فيه أنّ الوجه الأوّل قد اعترضه هو نفسه؛حيث قال في تعليقاته:و فيه نظر إذ يكفي في وضع العلم تعقّله بوجه يمتاز به عن غيره،من غير أن يعتبر ما به الامتياز في المسمّى،فيمكن وضع العلم لمجرّد الذّات المعقولة في ضمن بعض الصّفات.و قد تقرّر في الكلام أنّه يمكن أن يخلق اللّه تعالى العلم بكنه ذاته في البشر،و لأنّه إنّما يتمشّى إذا لم يكن الواضع هو اللّه تعالى.و التّحقيق أنّ تصوير الموضوع له بوجه ما كاف في وضع العلم،و كذا في فهم السّامع عند استعماله،انتهى.

و المرء مؤاخذ بإقراره،و هذا اكتفاء بأقلّ اللاّزم و إلاّ فالمحقّقون قد أبطلوا هذا الدّليل بما لا مزيد عليه.

و أمّا الثّاني ففيه إن لم نقل إنّ الآية من المتشابه:أنّ العلم قد يلاحظ معه معنى به يصلح لتعلّق الظّرف، كقولك:أنت عندي حاتم،و قوله:

أسد عليّ و في الحروب نعامة

فتخاء تنفر من صفير الصّافر

فليلاحظ هنا المعبود بالحقّ لاشتهاره سبحانه بذلك في ضمن هذا الاسم المقدّس،على أنّه يحتمل التّعلّق ب«يعلم»في قوله تعالى: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ الأنعام:3، و الجملة خبر ثان أو هي الخبر،و لفظ«اللّه»بدل.

و الظّاهر أنّ قوله ظاهر لهذا.

و أمّا الثّالث:ففيه أنّ المنكر لاشتقاقه لا يسلّم التّوافق في المعنى،على أنّه لا يستلزم الوصفيّة أيضا، و كون المدّعى ظنّيّا فيكفي فيه الحدس،من مثل ذلك لا يجدي نفعا؛إذ لنا أن نقول مثله،و المنشأ أتمّ و الظّنّ أقوى،و الوجوه الّتي ذكرت في الإبطال ترهقها ذلّة،لأنّها كلّها متوجّهة تلقاء الغلبة.و هي و إن لم تكن تحقيقيّة ضعيفة بل تقديريّة قويّة،لكنّها على حال دون العلميّة الأصليّة قوّة و شرفا،فالعدول عن الأشرف في هذا الاسم الأقدس ممّا لا أسوغ الإقدام عليه،و دون إثبات الدّاعي نفي الرّقاد و خرط القتاد.

و قد رأيت بعض ذلك،فالّذي أرتضيه-لا عن تقليد- أنّ هذا الاسم الأعظم موضوع للذّات الجامعة لسائر

ص: 711

الصّفات.[و هاهنا تتمّة لا يهمّنا ذكرها](1:54-58)

حبيب اللّه الخوئيّ: «اللّه»اسم جامد،علم للذّات المستجمع لصفات الكمال،و اختار جموده جماعة من المفسّرين و غيرهم،محتجّين بحجج مذكورة في محالّها.

و ذهب الكوفيّون إلى أنّ الأوّلين قالوا: باشتقاقه من «أله»...و الآخرين قالوا:بأنّ أصله«لاه»،فأدخلت عليه الألف و اللاّم،فقيل:اللّه.

و أمّا لفظة«الإله»،فقال الزّمخشريّ،و تبعه الشّارح المعتزليّ[ابن أبي الحديد]و غيره:إنّه من أسماء الأجناس،اسم يقع على كلّ معبود بحقّ أو باطل،ثمّ غلب على المعبود بالحقّ كالنّجم للثّريّا...

و ذهب جماعة إلى اشتقاقها،و اختلفوا في أصلها على أقوال شتّى[فذكر الأقوال نحو الطّبرسيّ ثمّ قال:]

فإن قيل:ما معنى الاشتقاق الّذي ذكرته؟

قلت:الاشتقاق على ما ذكره الزّمخشريّ و غيره،هو أن ينتظم الصّيغتين فصاعدا معنى واحد،و هذا موجود بينها و بين الأصول المذكورة.(1:295)

رشيد رضا :[ذكر بعض الأقوال في اشتقاقه ثمّ قال:]

و الحاصل أنّ اسم الجلالة«اللّه»علم على ذات الباري سبحانه و تعالى،تجري عليه الصّفات و لا يوصف به،و لفظ«الإله»صفة.و الجمهور على أنّ معناه الشّرعيّ:المعبود بحقّ،و لذلك أنكر القرآن عليهم تسمية أصنامهم آلهة،و التّحقيق أنّه أنكر عليهم تأليهها و عبادتها،لا مجرّد تسميتها،و قد سمّاها هو«آلهة»في قوله: وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ ما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ هود:101،و لا يظهر في هذه الآية قصد الحكاية.

و ممّا يترتّب على قولنا:«أنّ لفظ الجلالة علم يوصف و لا يوصف به»:إنّ أسماء اللّه الحسنى صفات تجري على هذا الاسم العظيم،و لكونها صفات وصفت بالحسنى، قال تعالى: وَ لِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ الأعراف:180،و تسند إليه تعالى أفعال هذه الصّفات،فيقال:رحم اللّه فلانا،و يرحمه اللّه،و اللّهمّ ارحم فلانا.و تضاف إليه مصادرها فيقال:

رحمة اللّه و ربوبيّته و مغفرته إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ الأعراف:56،و هذه الأسماء المشتقّة كلّ منها يدلّ على ذات اللّه تعالى و على الصّفة الّتي اشتقّ منها معا بالمطابقة،و على الذّات وحدها أو الصّفة بالتّضمّن.

و لكلّ منها لوازم يدلّ عليها بالالتزام،كدلالة الرّحمن على الإحسان و الإنعام،و دلالة الحكيم على الإتقان و النّظام،و دلالة الرّبّ على البعث و الجزاء،لأنّ الرّبّ الكامل لا يترك مربوبيه سدى.

و من عرف الأسماء الحسنى و الصّفات العليا،عرف أنّ اسم الجلالة الأعظم«اللّه»يدلّ عليها كلّها و على لوازمها الكماليّة و على تنزّهه عن أضدادها السّلبيّة؛فدلّ هذا الاسم الأعلى على اتّصاف مسمّاه بجميع صفات الكمال،و تنزّهه عن جميع النّقائص،فسبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر.(1:45)

عزّة دروزة:و نقول تعليقا على كلمة«اللّه»:إنّ من المفسّرين من قال:إنّها مضعّفة أو معدّلة من لفظ«إله»

ص: 712

و إنّها مشتقّة من«أله»بمعنى عبد أو«و له»بمعنى حار من شدّة الوجد،أو«لاه»بمعنى سكن إلى الشّيء.و ممّا قاله بعضهم:إنّ كلمة«اللاّت»-المعبود الجاهليّ العربيّ المعروف،المذكور اسمه في سورة النّجم-هي مؤنّث«اللّه».

و يقتضي القول الأخير أن تكون كلمة«اللاّت»عربيّة فصحى أصلا،مع أنّ اسم«اللاّتو»و«اللت»و«هللت» و«اللاّت»قرئ كمعبود على آثار قديمة بابليّة و نبطيّة و ثموديّة و تدمريّة و لحيانيّة،قبل البعثة النّبويّة بأمد طويل،قد يصل بعضه إلى ألفي عام،و لا يقلّ عن أربعمائة عام،أي قبل أن تصبح اللّغة العربيّة فصحى مثل لغة القرآن و عصر النّبيّ،على ما ذكرناه في سياق سورة النّجم.

و لمّا كانت لغة البابليّين و الثّموديّين و اللّحيانيّين و الأنباط و التّدمريّين و اللّغة الفصحى من أصل قديم واحد،فلا يبعد أن يكون أصل الكلمة[اللاّت]يعني الرّبّ و المعبود،و أنّ كلمة«اللّه»الفصحى هي تطوّر من ذلك.

و في اللّغات العربيّة القديمة«أيل»بمعنى اللّه أو الإله أو المعبود.و كانت تطلق على المعبود الأعظم أحيانا، و على بعض المعبودات أحيانا،في بلاد اليمن و العراق و الشّام قبل البعثة النّبويّة بألف عام و قبل.و كانوا يضمّون إليها كلمات متنوّعة،و يتسمّون بها اعترافا بعبوديّتهم للمعبود الّذي كانت ترمز إليه،و من ذلك:

جبرائيل و ميكائيل،و يسمع إيل،و يصدق إيل،وحي إيل،و باب إيل و إسرائيل إلخ..

فليس من المستبعد أن تكون كلمة«اللّه»في الفصحى و كلمة«اللاّة»قبل الفصحى تطوّرا عن هذه الكلمة أيضا.

و على كلّ حال فكلمة«اللّه»غدت في اللّغة العربيّة الفصحى-قبل الإسلام-علما على القوّة العظمى العاقلة الخالقة المدبّرة الرّازقة المحيية المميتة.

و كان العرب قبل الإسلام يستعملونها في هذه الدّلالة على اعتبار أنّه لا بدّ لهذا الكون العظيم البديع من صانع عاقل حكيم مدبّر و الدّينونة له بالعبوديّة و العبادة، و كانوا يعبدونها و يحلفون ب«اللّه»و«اللّهمّ»،و يتسمّون باسم«عبد اللّه»للدّلالة على ذلك،و إن كانوا يشركون معه شركاء للتّقرّب إليه و الاستشفاع بهم عنده،ممّا حكته آيات قرآنيّة كثيرة كثرة تغني عن التّمثيل.

و لقد استعمل القرآن هذا اللّفظ علما رئيسا على تلك القوّة أيضا.و ورد في القرآن لحدته أحيانا،و مع صفات اللّه و أسمائه الحسنى أحيانا،و مع تقرير وجوب وجود القوّة الّتي يرمز إليها و وجوب الاعتقاد بها و شمول ربوبيّتها و وجوب الدّينونة لها بالعبادة و الخضوع و الإخلاص لها وحدها،و وجوب تنزيهها عن أيّ شائبة و مماثلة،و اتّصافها بجميع صفات الكمال،ممّا احتوت تقريره و التّدليل عليه آيات قرآنيّة كثيرة كثرة تغني عن التّمثيل كذلك،و ممّا غدا الطّابع المميّز للعقيدة الإسلاميّة و جرى المسلمون على إطلاق لفظ الجلالة على اللّه تقديسا و تعظيما.

و نستطرد إلى كلمة«الإله»فنقول:إنّ المتبادر أنّها و كلمة«اللّه»من اشتقاق قديم واحد،و من المحتمل أن تكون متطوّرة من كلمة«أيل».و قد استعملت في القرآن

ص: 713

في مقام المعبود مطلقا،و أطلقت بذلك على«اللّه»كصفة مثل الصّفات و الأسماء الأخرى،و وردت لحدتها حينا و مع كلمة«اللّه»حينا.(3:20)

هو تسما: «إله»:هذا اللّفظ هو من غير شكّ نفس اللّفظ العبريّ،و فيه نواجه أيضا مشكلة الاشتقاق الّتي تعترضنا في اللّفظ العبريّ:

acilbiB aidepolcycnE ج 3،عمود 3323 و ما بعده: sggirB.revirD.nworB:

nocixeL werbeH ،ص 42 و ما بعدها؛ rohcsielF:.rhcS erenielK ،ج 1،ص 154 و ما بعدها.

و سنقصر كلامنا في هذا المقال على النّاحية العربيّة:

كان أهل مكّة في الجاهليّة يذهبون إلى أنّ«اللّه» اسم علم،و قد أخذ المسلمون عامّة بهذا الرّأي ما عدا قليلا منهم قالوا:إنّه صفة-الرّازيّ:مفاتيح الغيب.

القاهرة 1307 ه،ج 1،ص 83،س 24 و ما بعده- و ذكر الرّازيّ في كتابه المذكور أنّ الخليل،و سيبويه و جمهرة الأصوليّين يرون أنّ كلمة«اللّه»من المرتجل،أي ليست مشتقّة.و أيّد هذا الرّأي بحجج مختلفة.و يروي الرّازيّ أيضا أنّ البعض يقول:إنّ كلمة«اللّه»مشتقّة من أصل سريانيّ أو عبريّ.و يقول بعض العلماء من أهل الكوفة:إنّها مشتقّة من كلمة«الإله»بينما يذهب غيرهم من أهل البصرة إلى أنّها مشتقّة من«لاه»و معناها تستّر أو ارتفع،و مصدرها«ليه».

و في الحقّ أنّ الرّازيّ لم يكن لديه شكّ في أنّ كلمة «الإله»مشتقّة،و لو أنّها تطوّرت في الاستعمال فأصبحت اسم علم ترادف لفظ«اللّه»ثمّ استقرّ رأي المسلمين فيما بعد على أنّ كلمة«اللّه»اسم علم،و أنّها مشتقّة أو منقولة،و رجّحوا اشتقاقها من كلمة«الإله»في معنى أو آخر من معانيها.و على هذا فإنّ كلمة«الإله»استعملت للدّلالة على المعبود أيّا كان،و تكون أداة التّعريف هنا للعهد،كما أنّها استعملت أيضا للدّلالة على ذات الجلالة، ثمّ استثقلت الهمزة في هذا اللّفظ الّذي يكثر استعماله؛ فحذفت للتّخفيف،و أصبح الاسم«اللّه»،ثمّ صار اسم علم،و هو بهذا الرّسم.على أنّ كلمة«إله»بمعنى معبود ظلّت تستعمل نكرة في كلام العرب.

و لم ترد كلمة«الإله»ب«أل»في القرآن،و إن كانت كلمة«اللّه»تدلّ في بعض الآيات على معنى«الإله»أي المعبود-انظر تفسير سورة الأنعام،الآية الثّالثة في «الكشّاف»للزّمخشريّ،طبعة ليز ص 394؛و تفسير سورة القصص،الآية:70 في نفس المصدر،ص 1064- ثمّ استعملت كلمة«الإله»بعد ذلك في المعنيين اللّذين أشرنا إليهما،و استعملها الفقهاء،و ما زالوا يستعملونها للدّلالة على معنى الألوهيّة.

و قد ذكرت ثمانية اشتقاقات لكلمة إله-الرّازيّ، ج 1،ص 84-86،البيضاويّ طبعة فليشر،ج 1، ص 94-و يمكن ردّها جميعا إلى ما يلي:

1-أله،أي عبد.و يقول الزّمخشريّ-الكشّاف [1:37]-:إنّ أله و تألّه و استأله مشتقّة من«اللّه».

2-أله،أي تحيّر،لأنّ العقول متحيّرة في إدراك كنهه،و و له،لها نفس المعنى.

3-أله إليّ،أي فزع إليّ،فيقال:أله الرّجل إلى الرّجل يأله إليه،إذا فزع إليه من أمر نزل به،أو اتّجه إليه

ص: 714

لشدّة شوقه إليه.و آلهه،أي أجاره و أمنه،و و له،لها نفس المعنى أيضا.و يفضل أهل البصرة القول:بأنّ كلمة «اللّه»مشتقّة من«لاه»في معنييها المختلفين،و هما ارتفع و احتجب.

و لم يذكر الزّمخشريّ سوى الاشتقاقين الأوّلين، و إن كان يفضل الثّاني منهما.و ربّما كانت«و له»الّتي ذكرناها في الاشتقاقين الأوّل و الثّاني هي أصل كلمة «اللّه».و يمكن الرّجوع إلى كتاب«المفصّل»-طبعة بروكلمان-فيما يختصّ بهذه الاشتقاقات المختلفة.

(2:598)

علي أصغر حكمت:كانت تجري على ألسنة كافّة الأقوام السّاميّة-الضّاربة في القدم-كلمة تعني عندهم جميعا«قوّة قادرة غيبيّة».و كان البابليّون يطلقون عليها اسم«إل»،و السّريانيّون«إليم»،و العبريّون«إلوهيم»، و النّبطيّون«إله»و هم قاطبة يعنون بها قدرة غير مرئيّة تفوق جميع آلهة الجماد و النّبات و الحيوان،و تخضع لها الأرواح المفيدة أو المضرّة.

و كانت هذه الكلمة تستعمل عند هؤلاء بإضافتها و نسبتها إلى مكان أو محلّ خاصّ غالبا،فينسبونها إلى صحراء معيّنة أو قصبة أو بلد مخصوص.و إنّ وجود هذا اللّفظ الواحد في الألسنة البابليّة و الآراميّة و الكلدانيّة و السّريانيّة القديمة يدلّ على معناه العامّ،أي أنّ هذه الكلمة اسم«قدرة كلّيّة»تشمل جميع الآلهة الصّغيرة و تحيط بها.

و حذا حذو هؤلاء العرب القحطانيّون؛إذ أطلقوا على هذه القدرة اسم«إله»أيضا،فأضافوا إليه«أل» التّعريف،فصار«اللّه»،الاسم المبارك في اللّغة العربيّة.

(120)

الطّباطبائيّ: الظّاهر أنّه[اللّه]علم بالغلبة،و قد كان مستعملا دائرا في الألسن قبل نزول القرآن،يعرفه العرب الجاهليّ كما يشعر به قوله تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ الزّخرف:87،و قوله تعالى:

فَقالُوا هذا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا الأنعام:136، و ممّا يدلّ على كونه علما أنّه يوصف بجميع الأسماء الحسنى،و سائر أفعاله المأخوذة من تلك الأسماء من غير عكس،فيقال:اللّه الرّحمن الرّحيم،و يقال:رحم اللّه و علم اللّه و رزق اللّه.و لا يقع لفظ الجلالة صفة لشيء منها،و لا يؤخذ منه ما يوصف به شيء منها.

و لمّا كان وجوده سبحانه،و هو إله كلّ شيء يهدي إلى اتّصافه بجميع الصّفات الكماليّة كانت الجميع مدلولا عليها به بالالتزام.و صحّ ما قيل:«إنّ لفظ الجلالة اسم للذّات الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال»،و إلاّ فهو علم بالغلبة لم تعمل فيه عناية غير ما يدلّ عليه مادّة«إله».(1:18)

التّستريّ: [ذكر قول ابن أبي الحديد في عدم الفرق بين«اللّه»و«الإله»في اللّغة،و ردّه على الرّاونديّ ثمّ أضاف:]

قلت:حمله ولعه على الاعتراض على الرّاونديّ ألاّ يراجع اللّغة،و إلاّ ففي«الصّحاح»:أله إلاهة،أي عبد عبادة،و إله«فعال»بمعنى«مفعول»أي معبود،كقولنا:

إمام،على«فعال»بمعنى«مفعول»لأنّه مؤتمّ به.

و ما قاله:من أنّ أله الرّجل بمعنى تحيّر لا يبنى منه

ص: 715

مفعول.غلط فاحش،فإنّما و له الرّجل،بمعنى تحيّر،لا يبنى منه مفعول،لا«أله».و لو كان اعترض عليه بأنّ «إله»ليس بمصدر بل«إلاهة»كما قال الجوهريّ،و أنّه قال:إله«فعال»بمعنى«مفعول»كان له وجه.

ثمّ لو لم يكن فرق بين«اللّه»،و«إله»-كما قال ابن أبي الحديد-يصير معنى:لا إله إلاّ اللّه،كقولك:لا رجل إلاّ رجل،أو لا زيد إلاّ زيد.

و كيف لا يكون بينهما فرق،و قد كان المشركون -و هم من أهل اللّغة-يطلقون«الإله»على الأوثان،و لا يطلقون لفظة«اللّه»إلاّ على موجد العالم.قال تعالى:

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ الزّمر:38،كما أنّ ما قاله:من أنّ«الإله»كلّ معبود، و غلب على الحقّ.ليس كذلك،قال تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ الجاثية:23،و إنّما غير الحقّ يجب أن ينفى ككلّ باطل.فلا إله إلاّ اللّه،و كذلك قوله:«مألوه» مصدر،ليس كذلك،فقد عرفت من الصّحاح أنّه على أصله.(1:641)

المصطفويّ: إنّ«الإلهة»بمعنى العبادة.و الفرق بين المادّتين:أنّ العبادة قد أخذ فيها قيد الخضوع،و الإله أخذ فيه قيد التّحيّر.و أنّ كلمة«اللّه»أصلها من:أله يأله، بقرينة اللّغة العبريّة،و لعدم الحاجة فيها إلى التّكلّف، و لكون كلمة«إله»شائعة استعمالها في هذا المعنى،ثمّ دخلت عليها الألف و اللاّم،ثمّ صارت علما بالغلبة و بكثرة الاستعمال فيه تعالى،فقيل:لا إله إلاّ اللّه.

و أمّا كون المصدر بمعنى الفاعل أو المفعول حقيقة، فهو بعيد عن الحقّ و الصّواب.فإنّ هيئة المصدر تخالف هيئة الفاعل أو المفعول،فكيف يمكن اتّحاد مفاهيمها؟نعم إنّ المصدر إذا انتسب إلى الفاعل يكون للفاعل،و إذا انتسب إلى المفعول يكون للمفعول،كما في الفعل المبنيّ للفاعل المسمّى بالمعلوم،و المبنيّ للمفعول المسمّى بالمجهول،كقولنا في«ضرب زيد عمروا»:«ضرب زيد» أو«ضرب عمرو».و قد يكون إطلاق المصدر للفاعل للمبالغة،كما في زيد عدل.و أمّا الخلق و البساط و الكتاب و الصّنع،و كونها بمعنى المخلوق و المبسوط و المكتوب و المصنوع،فإنّه من التّصادق و التّوافق في المصداق.فإنّ المعنى المصدريّ إذا اعتبر فيها من حيث هو و من دون نسبة إلى الفاعل فهو بمعنى اسم المصدر أو بمعنى المفعول؛ فيتصادق المفهومان في هذه الموارد،و هذا التّصادق لا يستقيم في جميع المصادر.

فالإله إمّا بمعنى العبادة أو بمعنى التّحيّر أو بالمفهوم الجامع بينهما؛غلب استعماله في الآلهة و الأصنام،و ما يعبد و يتوجّه إليه و يخضع لديه.

لا إِلهَ إِلاّ هُوَ البقرة:163، إِنَّمَا اللّهُ إِلهٌ واحِدٌ النّساء:171، مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ الأنعام:46، لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ النّحل:51، إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ المؤمنون:91، فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى المؤمن:37، نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ البقرة:133، أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ الفرقان:43، وَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا هود:53، أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا الأنبياء:62.

ف«الإله»قد أطلق في هذه الآيات على كلّ من يعبد و يخضع لديه حقّا أو باطلا،من ذوي العقول أو من

ص: 716

غيرها.

و أمّا«اللّه»فهذه الكلمة لا تطلق إلاّ على اللّه العزيز المتعال،فهو الاسم الأخصّ الأعلى من بين أسمائه الحسنى،فإذا أطلق يدلّ على ذاته المستجمع لجميع صفاته الجلاليّة و الجماليّة المتعالية.

هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى الحشر:24، اَللّهُ الصَّمَدُ الإخلاص:2، اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ البقرة:255، وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ آل عمران:129، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ المائدة:17، وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ عَلى حَرْفٍ الحجّ:11.

فقد ذكرت هذه الكلمة الشّريفة في القرآن المجيد في «2697» (1)موردا،كما في المعجم.

و أمّا«اللّهمّ»فقد ذكرت في خمسة موارد: اَللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ آل عمران 26، اَللّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا المائدة:114، اَللّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ الأنفال:32، اَللّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها يونس:10، اَللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ الزّمر:46.

فحذفت حرف النّداء في هذه الكلمة و أبدلت عنها الميم المشدّدة في آخرها مفتوحة،و هذه الكلمة تستعمل في مقام إظهار الخصوصيّة،و جلب التّوجّه الخاصّ و العطوفة،و لا يبعد أن تكون هذه الميم المشدّدة مأخوذة من مادّة:أمّ يؤمّ كمدّ يمدّ،و أن تكون أمرا في الأصل «أمّ»،أي اقصد و توجّه،ثمّ حذفت حرف النّداء،و ركّبت كلمة اللّه مع كلمة«أمّ»،و سقطت الهمزة للتّخفيف، و حصول الاتّصال بينهما.

و على أيّ حال فهذه الكلمة تستعمل في مقام الخطاب الخاصّ.

و قد يقال في اشتقاق هذه الكلمات-إله،اللّه،اللّهمّ- مطالب أخر غير مستدلّة،لا فائدة في التّعرّض لها و نقلها.

(1:106)

النّصوص التّفسيريّة

اله

1- وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ.

البقرة:163

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّ في هاتين الآيتين اسم اللّه الأعظم:

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ و اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ البقرة:255.(البغويّ 1:114)

الطّبريّ: الّذي يستحقّ عليكم أيّها النّاس الطّاعة له،و يستوجب منكم العبادة معبود واحد،و ربّ واحد، فلا تعبدوا غيره و لا تشركوا معه سواه،فإنّ من تشركونه معه في عبادتكم إيّاه هو خلق من خلق إلهكم مثلكم، وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا مثل له و لا نظير...[إلى أن قال:]

و أمّا قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فإنّه خبر منه تعالى ذكره أنّه لا ربّ للعالمين غيره،و لا يستوجب على العباد العبادة سواه،و أنّ كلّ ما سواه فهم خلقه،و الواجب على جميعهم طاعته و الانقياد لأمره،و ترك عبادة ما سواه من الأنداد و الآلهة،و هجر الأوثان و الأصنام.(2:60)

ابن خالويه:إنّ الألوهيّة اعتباد الخلق،أي الّذي

ص: 717


1- 2698 كما يأتي.

يستحقّ أن يعبد معبود واحد،لأنّ الّذين تعبدون خلق مثلكم من خلق إلهكم.(12)

القيسيّ: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ابتداء و خبر،أي معبودكم معبود واحد،كما تقول:عمرو شخص واحد.

(1:77)

الطّوسيّ: و معنى(إله)أنّه يحقّ له العبادة.و غلط الرّمّانيّ،فقال:هو المستحقّ للعبادة،و لو كان كما قال لما كان تعالى إلها فيما لم يزل،لأنّه لم يفعل ما يستحقّ به العبادة.و معنى ما قلناه:إنّه قادر على ما إذا فعله استحقّ به العبادة.

و قيل:معنى«إله»إنّه منعم بما يستحقّ به العبادة، و هذا باطل لما قد بيّنّاه،و لا يجوز أن يحيّا أحد من الخلق بالإلهيّة،لأنّه يستحيل أن يقدر أحد سوى اللّه على ما يستحقّ به العبادة من خلق الأجسام،و القدرة،و الحياة، و الشّهوة،و النّفاد،و كمال العقل،و الحواسّ و غير ذلك، فلا تصحّ الإلهيّة إلاّ له،لأنّه القادر،على ما عددناه.[إلى أن قال:]

و(هو)في موضع رفع،و لا يجوز النّصب،و رفعه على البدل من موضع(لا)مع الاسم،كقولك:لا رجل إلاّ زيد،كأنّك قلت:ليس إلاّ زيد-فيما تريد من المعنى-إذا لم يعتدّ بغيره،و لا يجوز النّصب على قولك:ما قام أحد إلاّ زيدا،لأنّ البدل يدلّ على أنّ الاعتماد على الثّاني،و المعنى ذلك،و النّصب يدلّ على أنّ الاعتماد في الإخبار إنّما هو على الأوّل.

و قوله تعالى: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ إثبات للّه تعالى وحده،و هو بمنزلة قوله:اللّه إله وحده،و إنّما كان كذلك لأنّه القادر على ما يستحقّ به الإلهيّة.و لا يدلّ على النّفي في هذا الخبر من قبل أنّه لم يدلّ على إله موجود،و لا معدوم سوى اللّه عزّ و جلّ،لكنّه نقيض لقول من ادّعى إلها مع اللّه.و إنّما النّفي إخبار بعدم شيء،كما أنّ الإثبات إخبار بوجوده.(2:53)

الزّمخشريّ: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ تقرير للوحدانيّة بنفي غيره و إثباته.(1:325)

و مثله النّسفيّ.(1:86)

الطّبرسيّ: [مثل الطّوسيّ إلاّ أنّه قال:]

و قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ هذه كلمة لإثبات الإلهيّة للّه تعالى وحده،و معناه:اللّه هو الإله وحده.

و اختلف في أنّه هل فيها نفي المثل عن اللّه سبحانه؟

فقال المحقّقون:ليس فيها نفي المثل عنه،لأنّ النّفي إنّما يصحّ في موجود أو معدوم،و اللّه عزّ اسمه ليس له مثل موجود و لا معدوم.

و قال بعضهم:فيها نفي المثل المقدّر عن اللّه سبحانه.

(1:244)

أبو البركات: (لا اله)في موضع رفع على الابتداء.

و الخبر محذوف،و تقديره:لا إله لنا أو في الوجود،و(هو) في موضع رفع على البدل من موضع(لا اله)،كقولك:لا رجل إلاّ عبد اللّه،و لا سيف إلاّ ذو الفقار،و لا فتى إلاّ عليّ.(1:131)

الفخر الرّازيّ: المسألة السّادسة:إن قيل:ما معنى إضافته بقوله:(و الهكم)،و هل تصحّ هذه الإضافة في كلّ الخلق أو لا تصحّ إلاّ في المكلّف؟

قلنا:لمّا كان«الإله»هو يستحقّ أن يكون معبودا،

ص: 718

و الّذي يليق به أن يكون معبودا بهذا الوصف،إنّما يتحقّق بالنّسبة إلى من يتصوّر منه عبادة اللّه تعالى؛فإذن هذه الإضافة صحيحة بالنّسبة إلى كلّ المكلّفين،و إلى جميع من تصحّ صيرورته مكلّفا تقديرا.

المسألة السّابعة:قوله:(و الهكم)يدلّ على أنّ معنى «الإله»ما يصحّ أن تدخله الإضافة.فلو كان معنى «الإله»القادر لصار المعنى و قادركم قادر واحد.و معلوم أنّه ركيك،فدلّ على أنّ«الإله»هو المعبود.

المسألة الثّامنة:قوله: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ معناه أنّه واحد في الإلهيّة،لأنّ ورود لفظ«الواحد»بعد لفظ «الإله»يدلّ على أنّ تلك الوحدة معتبرة في الإلهيّة لا في غيرها،فهو بمنزلة وصف الرّجل بأنّه سيّد واحد،و بأنّه عالم واحد.

و لمّا قال: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أمكن أن يخطر ببال أحد أن يقول:هب أنّ إلهنا واحد،فلعلّ إله غيرنا مغاير لإلهنا،فلا جرم أزال هذا الوهم ببيان التّوحيد المطلق، فقال: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ و ذلك لأنّ قولنا:لا رجل، يقتضي نفي هذه الماهيّة.و متى انتفت هذه الماهيّة،انتفى جميع أفرادها؛إذ لو حصل فرد من أفراد تلك الماهيّة، فمتى حصل ذلك الفرد،فقد حصلت الماهيّة؛و ذلك يناقض ما دلّ اللّفظ عليه من انتفاء الماهيّة،فثبت أنّ قولنا:لا رجل،يقتضي النّفي العامّ الشّامل،فإذا قيل بعد:

إلاّ زيدا،أفاد التّوحيد التّامّ المحقّق.و في هذه الكلمة أبحاث:

أحدها:أنّ جماعة من النّحويّين قالوا:الكلام فيه حذف و إضمار،و التّقدير:لا إله لنا،أو لا إله في الوجود إلاّ اللّه.

و اعلم أنّ هذا الكلام غير مطابق للتّوحيد الحقّ؛ و ذلك لأنّك لو قلت:التّقدير أنّه لا إله لنا إلاّ اللّه،لكان هذا توحيدا لإلهنا لا توحيدا للإله المطلق،فحينئذ لا يبقى بين قوله: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ و بين قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فرق.فيكون ذلك تكرارا محضا و أنّه غير جائز.

و أمّا لو قلنا:التّقدير لا إله في الوجود،فذلك الإشكال زائل،إلاّ أنّه يعود الإشكال من وجه آخر؛ و ذلك لأنّك إذا قلت:لا إله في الوجود لا إله إلاّ هو،كان هذا نفيا لوجود الإله الثّاني،أمّا لو لم يضمر هذا الإضمار فكان قولك:لا إله إلاّ اللّه نفيا لماهيّة الإله الثّاني.و معلوم أنّ نفي الماهيّة أقوى في التّوحيد الصّرف من نفي الوجود؛فكان إجراء الكلام على ظاهره،و الإعراض عن هذا الإضمار أولى.

فإن قيل:نفي الماهيّة كيف يعقل؟فانّك إذا قلت:

السّواد ليس بسواد،كان ذلك حكما بأنّ السّواد ليس بسواد،و هو غير معقول،أمّا إذا قلت:السّواد ليس بموجود،فهذا معقول منتظم مستقيم.

قلنا:القول بنفي الماهيّة أمر لا بدّ منه،فانّك إذا قلت:

السّواد ليس بموجود،فقد نفيت الوجود،و الوجود من حيث هو وجود ماهيّة،فإذا نفيته فقد نفيت هذه الماهيّة المسمّاة بالوجود،فإذا عقل نفي هذه الماهيّة من حيث هي هي،فلم لا يعقل نفي تلك الماهيّة أيضا،فإذا عقل ذلك صحّ إجراء قولنا:«لا إله إلاّ اللّه»على ظاهره،من غير حاجة إلى الإضمار.

فإن قلت:إنّا إذا قلنا:السّواد ليس بموجود،فما نفيت

ص: 719

الماهيّة و ما نفيت الوجود،و لكن نفيت موصوفيّة الماهيّة بالوجود.

قلت:فموصوفيّة الماهيّة بالوجود،هل هي أمر منفصل عن الماهيّة و عن الوجود أم لا؟فإن كانت منفصلة عنهما،كان نفيها نفيا لتلك الماهيّة،فالماهيّة من حيث هي هي أمكن نفيها،و حينئذ يعود التّقريب المذكور،و إن لم تكن تلك الموصوفيّة أمرا منفصلا عنها استحال توجيه النّفي إليها إلاّ بتوجيه النّفي،إمّا إلى الماهيّة و إمّا إلى الوجود،و حينئذ يعود التّقريب المذكور،فثبت أنّ قولنا:«لا إله إلاّ هو»حقّ و صدق من غير حاجة إلى الإضمار البتّة.

البحث الثّاني:فيما يتعلّق بهذه الكلمة أنّ تصوّر النّفي متأخّر عن تصوّر الإثبات،فإنّك ما لم تتصوّر الوجود أوّلا،استحال أن تتصوّر العدم،فإنّك لا تتصوّر من العدم إلاّ ارتفاع الوجود،فتصوّر الوجود غنيّ عن تصوّر العدم، و تصوّر العدم مسبوق بتصوّر الوجود،فإذا كان الأمر كذلك فما السّبب في قلب هذه القضيّة في هذه الكلمة حتّى قدّمنا النّفي و أخّرنا الإثبات؟

و الجواب:أنّ الأمر في العقل على ما ذكرت،إلاّ أنّ تقديم النّفي على الإثبات كان لغرض إثبات التّوحيد و نفي الشّركاء و الأنداد.

البحث الثّالث:في كلمة«هو»...[و قد بسط القول فيه فلاحظ](4:195-197)

ابن عربيّ: و معبودكم الّذي خصّصتموه بالعبادة أيّها الموحّدون معبود واحد بالذّات،واحد مطلق لا شيء في الوجود غيره،و لا موجود سواه فيعبد،فكيف يمكنكم الشّرك به و غيره العدم البحت؟فلا شرك إلاّ للجهل به.(1:103)

الرّازيّ: فإن قيل:ما الفائدة في قوله:(إله)في وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ، فهلاّ قال:و إلهكم واحد،فكان أخصر و أوجز؟

قلنا:لو قال:و إلهكم واحد،لكان ظاهره إخبارا عن كونه واحدا في الإلهيّة،يعني لا إله غيره،و لم يكن إخبارا عن توحّده في ذاته،بخلاف ما إذا كرّر ذكر الإله.و الآية إنّما سيقت لإثبات أحديّته في ذاته و نفي ما يقوله النّصارى:«إنّه واحد،و الأقانيم ثلاثة»،أي الأصول،كما أنّ زيدا واحد و أعضاؤه متعدّدة،فلمّا قال:(اله واحد) دلّ على أحديّة الذّات و الصّفة.

و لقائل أن يقول:قوله:(واحد)يحتمل الأحديّة في الذّات،و يحتمل الأحديّة في الصّفات،سواء كرّر ذكر الإله أو لم يكرّر،فلا يتمّ الجواب.(مسائل الرّازيّ:11)

القرطبيّ: نفي و إثبات.أوّلها كفر و آخرها إيمان، و معناه لا معبود إلاّ اللّه.

و حكي عن الشّبليّ رحمه اللّه أنّه كان يقول:اللّه،و لا يقول:لا إله،فسئل عن ذلك،فقال:أخشى أن آخذ في كلمة الجحود،و لا أصل إلى كلمة الإقرار.

قلت:و ها من علومهم الدّقيقة الّتي ليست لها حقيقة،فإنّ«اللّه»جلّ اسمه ذكر هذا المعنى في كتابه نفيا و إثباتا و كرّره،و وعد بالثّواب الجزيل لقائله على لسان نبيّه صلى اللّه عليه و سلم.خرّجه الموطّأ،و البخاريّ،و مسلم و غيرهم.(2:191)

البيضاويّ: خطاب عامّ،أي المستحقّ منكم

ص: 720

العبادة واحد لا شريك له،يصحّ أن يعبد و يسمّى إلها.

لا إِلهَ إِلاّ هُوَ تقرير للوحدانيّة و إزاحة لأن يتوهّم أنّ في الوجود إلها،و لكن لا يستحقّ منهم العبادة.

(1:93)

مثله الكاشانيّ(1:189)،و نحوه الشّربينيّ (1:108)،و أبو السّعود(1:142).

أبو حيّان: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ توكيد لمعنى الوحدانيّة و نفي الإلهيّة عن غيره،و هي جملة جاءت لنفي كلّ فرد فرد من الآلهة،ثمّ حصر ذلك المعنى فيه تبارك و تعالى، فدلّت الآية الأولى على نسبة الواحديّة إليه تعالى، و دلّت الثّانية على حصر الإلهيّة فيه من اللّفظ النّاصّ على ذلك،و إن كانت الآية الأولى تستلزم ذلك،لأنّ من ثبتت له الواحديّة ثبتت له الإلهيّة.

و تقدّم الكلام على إعراب الاسم بعد(لا)في قوله:

لا رَيْبَ فِيهِ و الخبر محذوف،و هو بدل من اسم(لا) على الموضع.و لا يجوز أن يكون خبرا كما جاز ذلك في قولك:«زيد ما العالم إلاّ هو»لأنّ(لا)لا تعمل في المعارف،هذا إذا فرّعنا على أنّ الخبر بعد(لا)الّتي يبنى الاسم معها هو مرفوع بها.و أمّا إذا فرّعنا على أنّ الخبر ليس مرفوعا بها بل هو خبر المبتدإ الّذي(هو)لا مع المبنيّ معها-و هو مذهب سيبويه-فلا يجوز أيضا،لأنّه يلزم من ذلك جعل المبتدإ نكرة و الخبر معرفة،و هو عكس ما استقرّ في اللّسان العربيّ.و تقرير البدل فيه أيضا مشكل على قولهم:إنّه بدل من(إله)،لأنّه لا يمكن أن يكون على تقدير تكرار العامل،لا تقول:لا رجل إلاّ زيد.

و الّذي يظهر لي فيه أنّه ليس بدلا من(إله)و لا من «رجل»في قولك:لا رجل إلاّ زيد،إنّما هو من الضّمير المستكنّ في الخبر المحذوف،فإذا قلنا:لا رجل إلاّ زيد، فالتّقدير:لا رجل كائن أو موجود إلاّ زيد،كما تقول:ما أحد يقوم إلاّ زيد،فزيد بدل من الضّمير في«يقوم»لا من«أحد».

و على هذا يتمشّى ما ورد من هذا الباب،فليس بدلا على موضع اسم(لا)و إنّما هو بدل مرفوع من ضمير مرفوع،ذلك الضّمير هو عائد على اسم(لا)،و لو لا تصريح النّحويّين:أنّه بدل على الموضع من اسم(لا)، لتأوّلنا كلامهم على أنّهم يريدون بقولهم:بدل من اسم (لا)،أي من الضّمير العائد على اسم(لا).

قال بعضهم: و قد ذكر أنّ(هو)بدل من(إله)على المحلّ.قال:و لا يجوز فيه النّصب هاهنا،لأنّ الرّفع يدلّ على الاعتماد على الثّاني.و المعنى في الآية على ذلك، و النّصب على أنّ الاعتماد على الاوّل،انتهى كلامه.

و لا فرق في المعنى بين:ما قام القوم إلاّ زيد و إلاّ زيدا،من حيث إنّ«زيدا»مستثنى من جهة المعنى،إلاّ أنّهم فرّقوا من حيث الإعراب،فأعربوا ما كان تابعا لما قبله بدلا،و أعربوا هذا منصوبا على الاستثناء،غير أنّ الاتباع أولى للمشاكلة اللّفظيّة،و النّصب جائز.و لا نعلم في ذلك خلافا.

و قال في«المنتخب»: لمّا قال تعالى: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ...، [و هو ما سبق عن الفخر الرّازيّ في المسألة الثّامنة،ثمّ قال:]

قال أبو عبد اللّه محمّد بن أبي الفضل المرسيّ في«ريّ»

ص: 721

الظّمآن»:هذا كلام من لا يعرف لسان العرب،فإنّ(لا اله)في موضع المبتدإ على قول سيبويه،و عند غيره اسم (لا)،و على التّقديرين لا بدّ من خبر للمبتدإ أو ل«لا»،فما قاله من الاستغناء عن الإضمار فاسد.و أمّا قوله:«إذا لم يضمر كان نفيا للماهيّة»قلنا:نفي الماهيّة هو نفي الوجود، لأنّ نفي الماهيّة لا يتصوّر عندنا إلاّ مع الوجود،فلا فرق عنده بين لا ماهيّة و لا وجود.و هذا مذهب أهل السّنّة خلافا للمعتزلة،فإنّهم يثبتون الماهيّة عريّة عن الوجود،و الدّليل يأبى ذلك.انتهى كلامه.

و ما قاله:من تقدير خبر،لا بدّ منه،لأنّ قوله:(لا اله)كلام.فمن حيث هو كلام لا بدّ فيه من مسند و مسند إليه،فالمسند إليه هو(اله)و المسند هو الكون المطلق، و لذلك ساغ حذفه كما ساغ بعد قولهم:لو لا زيد لأكرمتك؛إذ تقديره:لو لا زيد موجود،لأنّها جملة تعليقيّة أو شرطيّة،عند من يطلق عليها ذلك،فلا بدّ فيها من مسند و مسند إليه،و لذلك نقلوا أنّ الخبر بعد «لا»إذا علم كثر حذفه عند الحجازيّين و وجب حذفه عند التّميميّين،و إذا كان الخبر كونا مطلقا كان معلوما، لأنّه إذا دخل النّفي المراد به نفي العموم فالمتبادر إلى الذّهن هو نفي الوجود،لأنّه لا تنتفي الماهيّة إلاّ بانتفاء وجودها.بخلاف الكون المقيّد،فإنّه لا يتبادر الذّهن إلى تعيينه،فلذلك لا يجوز حذفه نحو:لا رجل يأمر بالمعروف إلاّ زيد،إلاّ أن دلّ على ذلك قرينة من خارج فيعلم،فيجوز حذفه.(1:463)

البروسويّ: [نحو البيضاويّ و أضاف:]

و الاستثناء بدل من اسم(لا)على المحلّ؛إذ محلّه الرّفع على الابتداء،و الخبر محذوف،أي لا إله كائن لنا أو موجود في الوجود إلاّ اللّه.

و اعلم أنّ الأسماء على ضربين:اسم ظاهر و اسم ضمير،و كلمة(هو)اسم ضمير،فكونها ضميرا لا ينافي كونها اسما.فقد حقّق الإمام في التّفسير الكبير اسميّة هذه الكلمة فليراجع.و عند أهل الحقيقة كلمة(هو)اسم بحت،لأنّ كلّ ما يدلّ على الذّات الأحديّة فهو اسم محض عندهم،سواء كان مظهرا أو مضمرا،و لذا يقال:

عالم الهويّة باللاّم،فاعرف هذا فإنّه ينفعك.(1:266)

الآلوسيّ: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ نزلت-كما روي عن ابن عبّاس-لمّا قال كفّار قريش للنّبيّ صلى اللّه عليه و سلم:صف لنا ربّك،و الخطاب عامّ لكلّ من يصحّ أن يخاطب-كما هو الظّاهر-غير مختصّ بشأن النّزول.و الجملة معطوفة على إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ البقرة:159،عطف القصّة على القصّة.و الجامع أنّ الأولى مسوقة لإثبات نبوّته صلى اللّه عليه و سلم، و هذه لإثبات وحدانيّته تعالى.و قيل:الخطاب للكاتمين.

و فيه انتقال عن زجرهم عمّا يعاملون رسولهم إلى زجرهم عن معاملتهم ربّهم؛حيث يكتمون وحدانيّته، و يقولون:عزير،و عيسى،ابنان للّه عزّ و جلّ.

و فيه أنّه و إن حسن الانتظام إلاّ أنّه فيه خروج شأن النّزول عن الآية-و هو باطل-و إضافة(اله)إلى ضمير المخاطبين باعتبار الاستحقاق لا باعتبار الوقوع، فإنّ الآلهة الغير المستحقّة كثيرة.و إعادة لفظ(اله) و توصيفه بالوحدة لإفادة أنّ المعتبر الوحدة في الألوهيّة،و استحقاق العبادة،و لو لا ذلك لكفى و الهكم واحد.فهو بمنزلة وصفهم الرّجل بأنّه سيّد

ص: 722

واحد.

و قال أبو البقاء: (اله)خبر المبتدإ،و(واحد)صفة له، و الغرض هنا هو الصّفة؛إذ لو قال:و إلهكم واحد،لكان هو المقصود إلاّ أنّ في ذكره زيادة تأكيد،و هذا يشبه الحال الموطّئة كقولك:مررت بزيد رجلا صالحا،و كقولك في الخبر:زيد شخص صالح.و لعلّ الأوّل ألطف...[إلى أن قال:]

لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خبر ثان للمبتدإ أو صفة أخرى للخبر أو جملة معترضة لا محلّ لها من الإعراب،و على أيّ تقدير هو مقرّر للوحدانيّة و مزيح-على ما قيل-لما عسى أن يتوهّم أنّ في الوجود إلها لكن لا يستحقّ العبادة.و الضّمير المرفوع-على الصّحيح-بدل من الضّمير المستكنّ في الخبر المحذوف،فهو بدل مرفوع من ضمير مرفوع.

و قد اختلف في المنفيّ هل المعبود بحقّ أو المعبود بباطل؟

فقال محمّد الشّيشينيّ: النّفي إنّما تسلّط على الآلهة المعبودة بباطل،تنزيلا لها منزلة العدم.

و قال عبد اللّه الهبطيّ: إنّما تسلّط على الآلهة المعبودة بحقّ،و لكلّ انتصر بعض.

و ذكر الملويّ: أنّ الحقّ مع الثّاني،لأنّ المعبود بباطل له وجود في الخارج،و وجود في ذهن المؤمن،بوصف كونه باطلا،و وجود في ذهن الكافر بوصف كونه حقّا، فهو من حيث وجوده في الخارج في نفسه لا تنفى،لأنّ الذّات لا تنفى،و كذا من حيث كونه معبودا بباطل أمر حقّ لا يصحّ نفيه و إلاّ كان كذبا،و إنّما ينفى من حيث وجوده في ذهن الكافر من حيث وجوده في ذهنه بوصف كونه معبودا بحقّ،فالمعبودات الباطلة لم تنف إلاّ من حيث كونها معبودة بحقّ.فلم ينف في هذه الكلمة إلاّ المعبود بحقّ غيره تعالى،فافهم.(2:29)

النّهاونديّ: و معبودكم أو مفزعكم أيّها النّاس إله واحد و مفزع،أو معبود فارد لا تعدّد له حتّى تباينوا في المقصد و تتشعّبوا في المسلك.ثمّ قرّر وحدانيّته و أكّده بقوله:لا إله موجود و متصوّر إلاّ هو فلا تعبدوا إلاّ إيّاه و لا ترجوا و لا تخافوا ما سواه.

و في الإتيان بضمير الغائب إشعار بأنّه تعالى من غاية إبهام ذاته و كنه صفاته يكون غيب الغيوب، و حقيقته من العقول و الأوهام مستور و محجوب لا تدركه الأبصار و القلوب،و هو يدرك الأبصار و الألباب، ليس له دون خلقه ستر و لا حجاب محيط بذرّات الكائنات،قيّوم على جميع الممكنات،فهو بذاته-مع قطع النّظر عن نعمة-مستحقّ لأن يعبده جميع الموجودات.

(1:125)

الطّباطبائيّ: [قال بعد بحث في الوحدة:]

و بالجملة فقوله: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ تفيد بجملته اختصاص الألوهيّة باللّه عزّ اسمه،و وحدته فيها وحدة تليق بساحة قدسه تبارك و تعالى؛و ذلك أنّ لفظ «الواحد»بحسب المتفاهم عند هؤلاء المخاطبين لا يدلّ على أزيد من مفهوم الوحدة العامّة الّتي تقبل الانطباق على أنواع مختلفة لا يليق باللّه سبحانه إلاّ بعضها،فهناك وحدة عدديّة و وحدة نوعيّة و وحدة جنسيّة و غير ذلك،فيذهب وهم كلّ من المخاطبين إلى ما يعتقده و يراه

ص: 723

من المعنى.و لو كان قيل:و اللّه إله واحد،لم يكن فيه توحيد،لأنّ أرباب الشّرك يرون أنّه تعالى إله واحد، كما أنّ كلّ واحد من آلهتهم إله واحد.و لو كان قيل:

و إلهكم واحد،لم يكن فيه نصّ على التّوحيد،لإمكان أن يذهب الوهم إلى أنّه واحد في النّوع،و هو الألوهيّة،نظير ما يقال في تعداد أنواع الحيوان:الفرس واحد،و البغل واحد،مع كون كلّ منهما متعدّدا في العدد.لكن لمّا قيل:

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فأثبت معنى إله واحد-و هو في مقابل إلهين اثنين و آلهة كثيرة-على قوله:(الهكم)كان نصّا في التّوحيد بقصر أصل الألوهيّة على واحد من الآلهة الّتي اعتقدوا بها.

قوله تعالى: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ جيء به لتأكيد نصوصيّة الجملة السّابقة في التّوحيد،و نفي كلّ توهّم أو تأويل يمكن أن يتعلّق بها.و النّفي فيه نفي الجنس،و المراد ب«الإله»ما يصدق عليه الإله حقيقة و واقعا؛و حينئذ فيصحّ أن يكون الخبر المحذوف هو موجود أو كائن،أو نحوهما،و التّقدير:لا إله بالحقيقة و الحقّ بموجود.و حيث كان لفظة الجلالة مرفوعا لا منصوبا فلفظ(الاّ)ليس للاستثناء،بل وصف بمعنى«غير»و المعنى لا إله غير اللّه بموجود.

فقد تبيّن أنّ الجملة،أعني قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ مسوقة لنفي غير اللّه من الآلهة الموهومة المتخيّلة،لا لنفي غير اللّه و إثبات وجود اللّه سبحانه-كما توهّمه كثيرون- و يشهد بذلك أنّ المقام إنّما يحتاج إلى النّفي فقط،يكون تثبيتا لوحدته في الألوهيّة لا الإثبات و النّفي معا.على أنّ القرآن الشّريف يعدّ أصل وجوده تبارك و تعالى بديهيّا لا يتوقّف في التّصديق العقليّ به،و إنّما يعني عنايته بإثبات الصّفات،كالوحدة و الفاطريّة،و العلم،و القدرة، و غير ذلك.

و ربّما يستشكل تقدير الخبر لفظ«الموجود»أو ما بمعناه،أنّه يثبت نفي وجود إله غير اللّه لا نفي إمكانه.

فيجاب عنه بأنّه لا معنى لفرض موجود ممكن مساوي الوجود و العدم،ينتهي إليه وجود جميع الموجودات بالفعل و جميع شئونها.و ربّما يجاب عنه بتقدير«حقّ»،و المعنى لا معبود حقّ إلاّ هو.(1:394)

نحوه فضل اللّه.(3:143)

2- اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ... البقرة:255

الطّبريّ: معناه النّهي عن أن يعبد شيء غير اللّه،...

يقول:اللّه الّذي له عبادة الخلق،الحيّ القيّوم،لا إله سواه:

لا معبود سواه،يعني و لا تعبدوا شيئا سواه.(3:5)

الطّوسيّ: (اللّه)رفع بالابتداء و لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ خبره.و الكلام مخرجه مخرج النّفي أن يصحّ إله سوى اللّه.و حقيقته الإثبات:الإله واحد هو اللّه،كأنّه قيل:اللّه الإله دون غيره.

و ارتفع(هو)في لا إِلهَ إِلاّ هُوَ على أحد وجهين:

أحدهما:بالابتداء،كأنّه قال:ما إله إلاّ اللّه.

و الثّاني:أن يكون بدلا،كأنّه قال:ما إله ثابتا إلاّ اللّه.

و يجوز في العربيّة:لا إله إلاّ اللّه،بالنّصب على الاستثناء.و فيه دلالة على الأمر بإخلاص العبادة للّه تعالى.(2:307)

الميبديّ: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ كلمة إخلاص

ص: 724

و خلاص العباد بها.و جاءت هذه الكلمة في القرآن سبعة و ثلاثين (1)موضعا،و دعا العالمين إليها و تقبل الأعمال بها،و بها أرسل رسله.و يقول تعالى و تقدّس: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ الأنبياء:25.(1:688)

لا إِلهَ إِلاّ هُوَ أوّلها نفي بحسب اللّفظ،و لكن معناها غاية الإثبات،كما تقول:لا أخ لي سواك و لا معين لي سواك.و هذا في الإثبات أتمّ من أن تقول:أنت أخي و أنت معيني.و هذه طريفة المسلمين في توحيدهم.أمّا الخواصّ كعبد اللّه الأنصاريّ فإنّه كان يقول:اللّه،و لم يقل:

«لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ» إلاّ قليلا.و لمّا سئل عن سرّه أجاب:نفي العيب حيث يستحيل العيب،عيب.(1:690)

الطّبرسيّ:[نحو الطّوسيّ في تركيب الجملة ثمّ قال:]

(اللّه)أي من يحقّ له العبادة لقدرته على أصول النّعم، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ أي لا أحد تحقّ له العبادة و يستحقّ الإلهيّة غيره.(1:362)

أبو البركات: (اللّه)مبتدأ أوّل،و(لا اله)مبتدأ ثان، و خبره محذوف،و تقديره:(لا اله معبود الاّ هو)،و المبتدأ الثّاني و خبره خبر عن المبتدإ الأوّل.و(هو)ضمير المرفوع المنفصل،و(هو)هاهنا مرفوع لوجهين:

أحدهما:أن يكون مرفوعا على البدل من موضع(لا اله).

و الثّاني:أن يكون مرفوعا،لأنّه خبر(لا اله) و الأكثرون على الأوّل.(1:168)

ابن شهرآشوب:جاء عبد الملك بن أبي العوجاء إلى الصّادق عليه السّلام، فقال:يا أبا عبد اللّه،إنّ المجالس بالأمانات،و لا بدّ لكلّ من به سؤال أن يسأل،فتأذن لي بالكلام؟

فقال:تكلّم بما شئت،فقال:إلى كم تدوسون هذا البيدر و تلوذون بهذا الحجر و تعبدون هذا البيت المرفوع بالطّوب و المدر،و تهرولون هرولة البعير إذا نفر،من فكّر فيها أو قدّر علم أنّ هذا أسّسه غير حكيم و لا ذو نظر؟

فقال عليه السّلام:إن يكن الأمر على ما تقول-و ليس كما تقول-نجونا و نجوت،و إن لم يكن الأمر على ما تقول -و هو كما نقول-نجونا و هلكت.

فقال:ما قولي و قولهم إلاّ واحد.

فقال عليه السّلام:كيف يكون ذلك و هم يقولون:إنّ لهم معادا و ثوابا و عقابا و يدينون أنّ للسّماء إلها و أنّها عمران و أنتم تزعمون أنّها خراب.

فقال:ما منعه أن يظهر لخلقه و يدعوهم إلى عبادته حتّى لا يختلف منهم اثنان،و لم احتجب عنهم و أرسل إليهم الرّسل؟

فقال عليه السّلام:ويلك و كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك و نشوءك و لم تكن،و كبرك بعد صغرك، و قوّتك بعد ضعفك،و ضعفك بعد قوّتك،و سقمك بعد صحّتك،و صحّتك بعد سقمك،و رضاك بعد غضبك، و غضبك بعد رضاك،و حزنك بعد فرحك،و فرحك بعد حزنك،و حبّك بعد بغضك،و بغضك بعد حبّك،و عزمك بعد إبائك،و إباءك بعد عزمك،و شهوتك بعد كراهتك، و كراهتك بعد شهوتك،و رغبتك بعد رهبتك،و رهبتكا.

ص: 725


1- بل ثلاثين فقط،حسب إحصائنا.

بعد رغبتك،و رجاءك بعد يأسك،و يأسك بعد رجائك، و خاطرك بما لم يكن في وهمك،و غروب ما لم تكن معتقده عن ذهنك.و ما زال يعدّ عليه قدرته حتّى ظننت أنّه سيظهر.(1:57)

أخذت لفظة(إله)اسم جنس مثل قولنا:بيت، و لفظة(اللّه)اسم غالب له تعالى مثل البيت للكعبة، و الحقيقة فيهما أنّه من يستحقّ العبادة،لكونه قادرا على خلق من ينعم عليه فيستحقّ عليه العبادة.و قوله:

وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ الأعراف:127 مجاز،و إنّما قال ذلك لأنّ الكفّار كانوا يعبدونها.و هم إن أخطئوا في العبادة فما أخطئوا في اللّفظ،فيقال:إنّه تعالى إله فيما لم يزل و لا يزال،و إله الجماد و العقلاء.و لا يجوز أن يكون تعالى إلها للأعراض و لا للجوهر الواحد،لاستحالة أن ينعم عليها ما يستحقّ به العبادة،و إنّما هو إله الأجسام، الحيوان منها و الجماد.(1:91)

قوله سبحانه: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ردّ على جميع الكفرة،في(اللّه)ردّ على الدّهريّة،لأنّ فيه إثباتا،و أنّهم قالوا بالنّفي أصلا. لا إِلهَ إِلاّ هُوَ: ردّ على الثّنويّة،لأنّهم قالوا:اللّه خالق كلّ الخير،و إبليس خالق الشّرّ،و هو شريك اللّه.(الحىّ)ردّ على من عبد صنما أو وثنا.

(القيّوم)ردّ على أصحاب الطّبائع؛حيث قالوا بالكمون و الظّهور. لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ: ردّ على من قال بإلهيّة عزير و عيسى،و ردّ على جهم فإنّه قال:إنّه عالم بعلم محدث،فيجوز عليه السّهو. لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ: ردّ على المفوّضة أنّه خلق العالم و فوّض أمره إلى شخص محدث،و على من قال:

إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ آل عمران:181.

مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ: ردّ على من نفى الشّفاعة، يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ :ردّ على الجبريّة؛حيث قالوا:إنّه عالم بعلم و قادر بقدرة. وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ ردّ على الكهنة و المنجّمين فيما يعتقدونه في الكواكب. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ردّ على الفلاسفة حيث قالوا:

العالم أرض و أفلاك فقط. وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما :ردّ على اليهود في قولهم:إنّ اللّه أعيا بخلق أوّلهم فاستراح يوم السّبت وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ :ردّ على الثّنويّة لثبوت التّمانع.(1:106)

الفخر الرّازيّ: فيه مسألتان:

المسألة الأولى:(اللّه)رفع بالابتداء و ما بعده خبره.

المسألة الثّانية:قال بعضهم:«الإله»هو المعبود،و هو خطأ لوجهين:

الأوّل:أنّه تعالى كان إلها في الأزل،و ما كان معبودا.

و الثّاني:أنّه تعالى أثبت معبودا سواه في القرآن بقوله: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ الأنبياء:98، بل«الإله»هو القادر على ما إذا فعله كان مستحقّا للعبادة.(7:7)

البيضاويّ: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ مبتدأ و خبر، و المعنى أنّه المستحقّ للعبادة لا غير.و للنّحاة خلاف في أنّه هل يضمر للأخير مثل«في الوجود»أو«يصحّ أن يوجد»؟(1:133)

أبو حيّان: و ذكروا في هذه الآيات[الثّلاث]أنواعا

ص: 726

من الفصاحة و علم البيان،منها في آية الكرسيّ:حسن الافتتاح،لأنّها افتتحت بأجلّ أسماء اللّه تعالى،و تكرار اسمه في ثمانية عشر موضعا،[مع احتساب«هو»] و تكرير الصّفات،و القطع للجمل بعضها عن بعض،و لم يصلها بحرف العطف،و الطّباق في قوله: اَلْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ فإنّ النّوم موت و غفلة و(الحىّ القيّوم)يناقضه،و في قوله: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ.. و التّشبيه في قراءة من قرأ (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ) أي كوسع،فإن كان الكرسيّ جرما فتشبيه محسوس بمحسوس،أو معنى فتشبيه معقول بمحسوس.

و معدول الخطاب في: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ إذا كان المعنى لا تكرهوا على الدّين أحدا،و الطّباق أيضا في قوله:

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ و في قوله:«آمنوا» و«كفروا»،و التّكرار في الإخراج لتباين تعليقهما، و التّأكيد بالمضمر في قوله: هُمْ فِيها خالِدُونَ.

(2:284)

السّيوطيّ: أي لا معبود بحقّ في الوجود إلاّ هو.

(الجلالين 1:133)

صدر المتألّهين: اعلم أنّ الغاية القصوى في القرآن عامّا و في هذه الآية خاصّة توحيده تعالى ذاتا و صفاتا و أفعالا؛إذ به يرتقي الإنسان من أسفل سافلين إلى أعلى علّيّين.و بحسب مراتب التّوحيد له تعالى يكون تفاوت درجات الموحّدين قربا و بعدا،و كمالا و نقصا، و فضيلة و رذيلة،و شرافة و خسّة.فربّ موحّد فاز بتوحيد الذّات الواجبيّة بوجه و لم يفز بتوحيد الصّفات و الأفعال كأكثر المتكلّمين،و هم أصحاب أبي الحسن الأشعريّ،و ربّ فائز بتوحيد الذّات و الصّفات دون الأفعال كجمهور الفلاسفة القائلين بعينيّة الصّفات للذّات،المثبتين للوسائط الجاعلات و العلل المؤثّرات الموجبات،و هو نوع من الشّرك،إلاّ أنّ محقّقيهم مطبقون على أنّ الفاعل الحقيقيّ هو الحقّ تعالى،و الوجود معلول له على الإطلاق و الوسائط معدّات و مهيّئات و سوابق، و مقدّمات قدّمها الباري بمقتضى نظمه البديع و حكمته الأنيقة،لا أنّ لها دخلا في التّأثير و الإيجاد بل في التهيّؤ و الإعداد.

إذا تقرّر هذا فنقول:قوله:(اللّه)إشارة إلى توحيد الذّات،و قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ إشارة إلى توحيد الصّفات،و قوله: اَلْحَيُّ الْقَيُّومُ إشارة إلى توحيد الأفعال.

أمّا بيان الأوّل فلأنّ معنى اسم(اللّه)كما علمت هو الذّات المستجمعة للصّفات الكماليّة الذّاتيّة الوجوبيّة.

و لا شبهة في أنّ التّركيب من الأجزاء ينافي الوجوب الذّاتيّ،لكونه مستلزما لافتقار المركّب إلى كلّ واحد من الأجزاء،و الافتقار ناش عن النّقصان و الإمكان الذّاتيّين،و هما منافيان للكمال و الوجوب الذّاتيّين، فمعنى«الإلهيّة»المستلزمة لكون الشّيء مبدأ سلسلة الوجود و الإيجاد،ينافي التّركيب المستلزم للحاجة.

و أمّا بيان الثّاني فلأنّ التّعدّد في الصّفات الكماليّة الإلهيّة يستلزم التّعدّد في وجود الذّات لافتقار كلّ صفة إلى موصوف،و لكون كلّ صفة لشيء فرع وجود ذلك الشّيء،فيلزم من تعدّدها تعدّده-و لو بحسب العقل-فلو

ص: 727

تعدّدت الصّفات الخاصّة بالواجب تعالى-كالإلهيّة للعالم، و القادريّة على ما يشاء،و العالميّة بجميع الأشياء-يلزم تركّب كلّ من الإلهين من الذّات و الصّفة،و التّركيب ينافي الإلهيّة-تنافي الإمكان للوجوب-.

لا يقال:التّركيب و التّعدّد في مجموع الذّات و الصّفة لا ينافي بساطة الذّات،و الواجب الوجود هو الذّات فقط دون المجموع من الذّات و الصّفة.

لأنّا نقول:الكلام في الصّفات الكماليّة،فإذا لوحظ وجود الذّات بحسب نفسه و قطع النّظر عن ما يزيد عليه «أ هو موصوف بالصّفة الإلهيّة الكماليّة أم لا؟»

لا سبيل إلى الثّاني و إلاّ لزم افتقاره إلى الغير في كمال ذاته،و لو لم يكن أيضا مبدأ سلسلة الممكنات كلّها سواء كانت صفاتا أو أفعالا،و البرهان قد دلّ على وجود أمر بسيط يفتقر إليه الأشياء-هذا خلف-فهو بنفس ذاته المقدّسة إله و مبدأ للكلّ،فمقوّم ذاته هو بعينه مقوّم إلهيّته، و كذلك سائر الصّفات الّتي تستوجبها الإلهيّة و تستحقّها الواجبيّة-من الوجود،و العلم،و القدرة،و الإرادة- فيجب أن يكون مصداق حملها جميعا على ذاته نفس هويّته البسيطة من غير تركّب و تعدّد،لا باعتبار مغايرة الصّفات و لا باعتبار المغايرة بينها و بين الذّات.

و بالجملة تأكّد الوحدة في الذّات الواجبيّة يستلزم استحالة التّعدّد في الصّفات الإلهيّة مطلقا،سواء كان مع تعدّد الموصوف عينا كفرض إلهين منفصلين،أو عقلا فقط كفرض صفات واجبة متعدّدة لموصوف واحد،كما ذهب إليه الصّفاتيّون،تعالى عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا.

و اعلم أنّ الفساد و الاستحالة في هذا الشّقّ أشنع و أفحش،و الظّلم فيه أشدّ عندي؛إذ يلزم فيه فوق ما يلزم في الأوّل-من التّركيب اللاّزم للتّعدّد المنافي للوجوب-شيء آخر،و هو خلوّ الواجب في حدّ نفسه عن الواجبيّة و الصّفات الكماليّة بحسب أوّل الوضع، و هي مفسدة مختصّة بهذا الشّقّ دون الشّقّ الأوّل؛إذ لأحد أن يفرض واجبين يكون صفات كلّ منهما عين ذاته إلى أن يقوم البرهان على استحالته،و البرهان و إن جمع بينهما في هذه الاستحالة أيضا لكن بحسب التّأدية و الاستجرار حيّزا،لا بمقتضى الوضع صريحا من أوّل الأمر.

و كما أنّ فوق كلّ ذي علم عليم إلى أعلم العلماء؛ و هو صاحب القوّة القدسيّة،فكذلك تحت كلّ ذي جهل جهيل إلى أجهل الجهّال؛و هو الجاهل بلزوم أحد النّقيضين للآخر إذا لزم من أوّل الوضع.و إن كان جميع الجهالات مشتركة في التّأدية إلى الجهل بوضع شيء بعينه مع نقيضه،و متفاوتة مراتبها بحسب مراتب سرعة التّأدية و بطئها،و طول مسافة المقدّمات و قصرها إلى النّتيجة.فالرّسوخ في الجهل يتحقّق إمّا بعدم التّفطّن بفساد الشّيء البيّن الفساد مع الإصرار به-و هذا هو الغاية-،أو بعدم العلم باندراج الأكبر للأصغر مع قلّة الحدود و الوسائط بينهما مع اعتقاد نقيض النّتيجة.و في مقابله الرّسوخ في العلم،و هو سرعة التّفطّن بالنّتيجة مع كثرة الحدود و المبادئ الّذي يقال له:«الحدس الشّديد» و غاية القوّة القدسيّة الّتي للأنبياء و الأولياء.

و عدم الرّسوخ في كلّ منهما يعرف بمعرفة الرّسوخ

ص: 728

فيه؛إذ مراتب كلّ منهما،لكونهما وجودين متقابلين مختلفة شدّة و ضعفا و رسوخا و فتورا.

و أمّا بيان الثّالث فلأنّ(القيّوم)لكونه صيغة مبالغة يدلّ على كمال الاستقلال في التّقويم و الايجاد شدّة و عدّة.فلو كان في الوجود فاعل آخر-سواء كان تامّا في الفاعليّة أو ناقصا مبائنا أو مشاركا للأوّل-يلزم خلاف المفروض،و هو كونه تعالى ضعيفا في الفاعليّة قاصرا فيها.

أمّا على تقدير كون الثّاني تامّا في الفاعليّة و الإيجاد، فلأنّه يلزم أن يكون بعض الممكنات خارجا عن صنعه و إيجاده فلم تكن قدرته شاملة له لامتناع توارد العلّتين المستقلّتين على معلول واحد معيّن؛فيكون عدد مقدوراته ناقصا يمكن الزّيادة عليه،فلم تكن قيّوميّته في الغاية بحسب العدد.

و أمّا على تقدير كون الثّاني مشاركا له في الفاعليّة -سواء كان جزء أو معينا أو معدّا،أو آلة،أو سببا غائيّا، أو مصلحة أو انتظارا لفرصة،أو غير ذلك-لم يكن بحسب ذاته قيّوما على ما يقوي عليه ذاته مع الشّريك، و هو أحد الأمور المذكورة أيّ أمر كان منها.

فقيّوميّته تدلّ على أن لا فاعل غيره،كما أنّ ذاته تدلّ على أن لا واجب سواه،لقوله: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ آل عمران:18.

فهذه العلوم الثّلاثة التّوحيديّة-أعني توحيد الذّات، و توحيد الصّفات،و توحيد الأفعال-أعلى طبقات العلوم،و أعلى هذه و أشرفها هو علم الذّات،ثمّ علم الصّفات ثمّ علم الأفعال،و لهذا وقع بهذا التّرتيب في قوله تعالى: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و كذا وقعت الدّلالة على هذه العلوم الثّلاثة في قوله سبحانه:

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ البقرة:

163،بهذا المنهج،فإنّ قوله: إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ توحيد للذّات،و قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ توحيد الصّفات على ما قرّرناه،و قوله: (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) أي رحمان الدّنيا و رحيم الآخرة،توحيد الأفعال.

هذا طريق التّدرّج في مسلك الإلهيّة.

و أمّا طريق التّدرّج في مسلك العبوديّة فبعكس هذا التّرتيب،و هو التّرقّي من الأفعال إلى الصّفات،و من الصّفات إلى الذّات،فكما أنّ طريق الإلهيّة يقتضي التّدرّج النّزوليّ إلى أدنى المراتب: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ق:16،«أنا عند المنكسرة قلوبهم،أنا عند المندرسة قبورهم»،«لو[أنّكم]دلّيتم[رجلا]بحبل إلى الأرض السّفلى لهبط إلى اللّه»؛و ذلك لأنّ كمال النّوريّة و الظّهور يوجب كمال القرب و الدّنوّ.أ لا ترى أنّه إذا كان في سطح واحد سواد و بياض ترى البياض لوضوحه أقرب،و السّواد لخفائه أبعد.ففي طريق العبوديّة يقع التّدرّج الصّعوديّ إلى أعلى المراتب،و هو مقام العنديّة «لي مع اللّه وقت لا يسعني فيه ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل».

فوقع بيان هذه المراتب في كلام اللّه تعالى على سنّة الإلهيّة كما علمت.و في كلام الرّسول صلّى اللّه عليه و آله على سنّة العبوديّة؛حيث قال:«أعوذ بعفوك من عقابك»فهذه ملاحظة توحيد الأفعال،ثمّ قال:«و أعوذ برضاك من سخطك»هذا بملاحظة توحيد الصّفات،ثمّ قال:«و أعوذ بك منك»هذا بملاحظة توحيد الذّات،فلم يزل إلى القرب يترقّى من طبقة إلى طبقة و من مرتبة إلى مرتبة في

ص: 729

الشّرف و القرب حتّى انتهى إلى النّهاية،ثمّ عند النّهاية اعترف بالعجز و القصور،لأنّ الذّات الأحديّة ليس لأحد فيها قدم،فقال:«لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».

فهذا أدقّ العلوم و أشرفها.و مثله في الشّرف و الغموض علم الآخرة و علم المعاد،و هو متّصل بعلم المعرفة...[ثمّ بسط الكلام في الوحدة و التّهليل فلاحظ]

(4:54-59)

الكاشانيّ:هو المستحقّ للعبادة لا غير.

(1:259)

نحوه المراغيّ.(3:12)

البروسويّ: الجملة خبر للمبتدإ،و هو الجلالة، و المعنى أنّه المستحقّ للعبادة لا غير...و للتّوحيد ثلاث مراتب:توحيد المبتدئين:لا إله إلاّ اللّه،و توحيد المتوسّطين:لا إله إلاّ أنت،لأنّهم في مقام الشّهود فمقتضاه الخطاب،و أمّا الكمّل فيسمعون التّوحيد من الموحّد و هو لا إله إلاّ أنا،لأنّهم في مقام الفناء الكلّيّ فلا يصدر منهم شيء أصلا...[إلى أن قال:]

قال شيخي و سندي الّذي بمنزلة روحي في جسدي:

الذّكر ب«لا إله إلاّ اللّه»أفضل من الذّكر بكلمة«اللّه اللّه» و«هو هو»عند العلماء باللّه،لأنّها جامعة بين النّفي و الإثبات،و حاوية لزيادة العلم و المعرفة.فمن نفى ب(لا اله)عين الخلق حكما لا علما فقد أثبت كون الحقّ حكما و علما.

و أفادني أيضا إذا قلت:لا إله إلاّ اللّه،فشاهد بالشّهود الحقّانيّ فناء أفعال الخلق و صفاتهم و ذواتهم في أفعال الحقّ و صفاته و ذاته،و هذا مقتضى الجمع و الأحديّة و تلك الكلمة في الحقيقة إشارة إلى هذه المرتبة.

و إذا قلت:محمّد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم،فشاهد بالشّهود الحقّانيّ أيضا بقاء أفعالهم و صفاتهم و ذواتهم بأفعاله تعالى و صفاته و ذاته،و هذا مقتضى الفرق[بين الأحديّة]و الواحديّة،و تلك الكلمة أيضا إشارة إلى هذه المرتبة.فإذا كان توحيد العبد على هذه المشاهدة فلا جرم أنّ توحيده يكون توحيدا حقيقا حقّانيّا لا رسما نفسانيّا...اللّهمّ أوصلنا إلى الجمع و العين و اليقين

(1:399)

الآلوسيّ: ...قيل:و للنّاس-في رفع الضّمير المنفصل و كذا في الاسم الكريم إذا حلّ محلّه-أقوال خمسة:قولان معتبران،و ثلاثة لا معوّل عليها.فالقولان المعتبران:

أحدهما أن يكون رفعه على البدليّة،و ثانيهما أن يكون على الخبريّة-و الأوّل هو الجاري على ألسنة المعربين- و هو رأي مالك،و عليه إمّا أن يقدّر للأخير أو لا.

و القائلون بالتّقدير اختلفوا،فمن مقدّر أمرا عامّا كالوجود و الإمكان،و من مقدّر أمرا خاصّا ك«لنا و للخلق».و اعترض تقدير العامّ بأنّه يلزم منه أحد المحذورين:إمّا عدم إثبات الوجود بالفعل للّه تعالى شأنه، و إمّا عدم تنزّهه سبحانه عن إمكان الشّركة.و كذا تقدير الخاصّ يرد عليه أنّه لا دليل عليه أو فيه خفاء.و يمكن الجواب باختيار تقديره عامّا،و لا محذور.

أمّا على تقدير الوجود،فلأنّ نفي الوجود يستلزم

ص: 730

نفي الإمكان؛إذ لو اتّصف فرد آخر بوجوب الوجود لوجد ضرورة فحيث لم يوجد علم عدم اتّصافه به،و ما لم يتّصف بوجوب الوجود لم يمكن أن يتّصف به لاستحالة الانقلاب.

و أمّا على تقدير الإمكان فلأنّا نقول قد ظهر أنّ إمكان اتّصاف شيء بوجوب الوجود يستلزم اتّصافه بالفعل بالضّرورة،فإذا استفيد إمكانه يستفاد وجوده أيضا؛إذ كلّ ما لم يوجد يستحيل أن يكون واجب الوجود،على أنّه قد ذكر غير واحد أنّ نفي وجود إله غيره تعالى يجوز أن يكون مرتبة من التّوحيد يناط بها الإسلام و يكتفي بها من أكثر العوامّ،و إن لم يعلموا نفي إمكانه سيّما مع الغفلة و عدم الشّعور به،فلا يضرّ عدم دلالة الكلمة عليه.بل قال بعضهم:إنّ إيجاب النّفي جاء و الآلهة غير اللّه تعالى موجودة،و قد قامت عبادتها على ساق،و عكف عليها المشركون في سائر الآفاق،فأمر النّاس بنفي وجودها من حيث إنّها آلهة حقّة،و لو كان إذ ذاك قوم يقولون بإمكان وجود إله حقّ غيره تعالى لكنّه غير موجود أصلا لأمروا بنفي ذلك الإمكان.و لا يخفى أنّ هذا ليس من المتانة بمكان.

و يمكن الجواب باختيار تقديره خاصّا،بأن يكون ذلك الخاصّ مستحقّا للعبادة و المقام قرينة واضحة عليه.

و اعترض بأنّه لا يدلّ على نفي التّعدّد لا بالإمكان و لا بالفعل،لجواز وجود إله غيره سبحانه لا يستحقّ العبادة،و بأنّه يمكن أن يقال:إنّ المراد إمّا نفي المستحقّ غيره تعالى بالفعل أو الإمكان،و الأوّل لا ينفي الإمكان، و الثّاني لا يدلّ على استحقاقه تعالى بالفعل.

و أجيب بأنّ من المعلوم بأنّ وجوب الوجود،مبدأ جميع الكمالات،فلا ريب أنّه يوجب استحقاق التّعظيم و التّبجيل،و لا معنى لاستحقاق العبادة سواه.فإذا لم يستحقّ غيره تعالى للعبادة لم يوجد غيره تعالى و إلاّ لاستحقّ العبادة قطعا،و إذا لم يوجد لم يكن ممكنا أيضا على ما أشير إليه؛فثبت أنّ نفي الاستحقاق يستلزم نفي التّعدّد مطلقا.

و القائلون بعدم تقدير الخبر،ذهب الأكثر منهم إلى أنّ(لا)هذه لا خبر لها،و اعترض بأنّه يلزم حينئذ انتفاء الحكم و العقد،و هو باطل قطعا؛ضرورة اقتضاء التّوحيد ذلك.

و أجيب بأنّ القول بعدم الاحتياج لا يخرج المركّب من(لا)و اسمها عن العقد،لأنّ معناه انتفى هذا الجنس من غير هذا الفرد،و(الاّ)عند هؤلاء بمعنى«غير»تابعة لمحلّ اسم(لا)،و ظهر إعرابها فيما بعدها.و لا مجال لجعلها للاستثناء؛إذ لو كانت له لما أفاد الكلام التّوحيد،لأنّ حاصله حينئذ أنّ هذا الجنس على تقدير عدم دخول هذا الفرد فيه منتف،فيفهم منه عدم انتفاء أفراد غير خارج عنها ذلك،و هو بمعزل عن التّوحيد،كما لا يخفى.

و استشكل الإبدال من جهتين:الأوّل:أنّه بدل بعض و لا ضمير للمبدل منه،و هو شرط فيه.الثّاني:أنّ بينهما مخالفة،فإنّ البدل موجب و المبدل منه منفيّ.

و أجيب عن الأوّل:بأنّ(الاّ)تغني عن الضّمير لإفهامها البعضيّة،و عن الثّاني:بأنّه بدل عن الأوّل في عمل العامل،و تخالفهما في الإيجاب،و النّفي لا يمنع البدليّة.

ص: 731

على أنّه لو قيل:إنّ البدل في الاستثناء على حدة،لم يبعد.

و الثّاني من القولين الأوّلين،و هو القول بخبريّة ما بعد«إلاّ»،ذهب إليه جماعة،و ضعّف بأنّه يلزم عمل(لا) في المعارف و هي لا تعمل فيها،و بأنّ اسمها عامّ و ما بعد «إلاّ»خاصّ فكيف يكون خبرا؟و قد قالوا:بامتناع الحيوان إنسان.

و أجيب عن الاوّل:بأنّ(لا)لا عمل لها في الخبر على رأي سيبويه،و أنّه حين دخولها مرفوع بما كان مرفوعا به قبل،فلم يلزم عملها في المعرفة،و هو كما ترى.و عن الثّاني:بأنّا لا نسلّم أنّ في التّركيب قد أخبر بالخاصّ عن العامّ؛إذ العموم منفيّ،و الكلام مسوق للعموم، و التّخصيص بواحد من أفراد ما دلّ عليه العامّ و فيه ما فيه.

و أمّا الأقوال الثّلاثة الّتي لا يعوّل عليها،فأوّلها:أنّ (إلاّ)ليست أداة استثناء و إنّما هي بمعنى«غير»و هي مع اسمه تعالى شأنه صفة،لاسم(لا)باعتبار المحلّ،و التّقدير:

لا إله غير اللّه تعالى في الوجود.

و ثانيها:-و قد نسب للزّمخشريّ-أنّ(لا اله)في موضع الخبر،و(الاّ)و ما بعدها في موضع المبتدإ،و الأصل هو،أو اللّه إله،فلمّا أريد قصر الصّفة على الموصوف قدّم الخبر و قرن المبتدأ ب(الاّ)إذ المقصور عليه هو الّذي يلي (إلاّ)،و المقصور هو الواقع في سياق النّفي،و المبتدأ إذا اقترن ب(إلاّ)وجب تقديم الخبر عليه،كما قرّر في موضعه.

و ثالثها:أنّ ما بعد(الاّ)مرفوع ب(اله)كما هو حال المبتدإ إذا كان وصفا،لأنّ إلها بمعنى مألوه،فيكون قائما مقام الفاعل و سادّا مسدّ الخبر،كما في ما مضروب العمران.

و يرد على الأوّل:أنّ فيه خللا من جهة المعنى،لأنّ المقصود من الكلمة أمران:نفي الإلهيّة عن غيره تعالى، و إثباتها له سبحانه.و هذا إنّما يتمّ إذا كان(الاّ)فيها للاستثناء؛إذ يستفاد النّفي و الإثبات حينئذ بالمنطوق.

و أمّا إذا كانت بمعنى«غير»فلا يفيد الكلام بمنطوقه إلاّ نفي الإلهيّة عن غيره تعالى.و أمّا إثباتها له-عزّ اسمه- فلا يستفاد من التّركيب،و استفادته من المفهوم لا تكاد تقبل،لأنّه إن كان مفهوم لقب فلا عبرة به،و لو عند القائلين بالمفهوم؛إذ لم يقل به إلاّ الدّقّاق و بعض الحنابلة.

و إن كان مفهوم صفة،فمن البيّن أنّه غير مجمع عليه.

و يرد على الثّاني:أنّه مع ما فيه من التّمحّل يلزم منه أن يكون الخبر مبنيّا مع(لا)و هي لا يبنى معها إلاّ المبتدأ، و أيضا لو كان الأمر كما ذكر لم يكن لنصب الاسم الواقع بعد(الاّ)في مثل هذا التّركيب وجه و قد جوّزه فيه جماعة.

و على الثّالث:أنّا لا نسلّم أنّ إلها وصف،و إلاّ لوجب إعرابه و تنوينه،و لا قائل به.(3:5)

محمّد عبده:[أشار إلى قول السّيوطيّ و قال:]

إنّ تفسيره لكلمة(اله)هو الشّائع،و هو إنّما يصحّ إذا حملنا العبادة على معناها الحقيقيّ و هو استعباد الرّوح و إخضاعها لسلطان غيبيّ لا تحيط به علما،و لا تعرف له كنها،فهذا هو معنى التّأليه في نفسه،و كلّ ما ألهه البشر من جماد و نبات و حيوان و إنسان فقد اعتقدوا فيه هذا السّلطان الغيبيّ بالاستقلال أو بالتّبع لإله آخر أقوى منه

ص: 732

سلطانا.و من ثمّ تعدّدت الآلهة المنتحلة.و كلّ تعظيم و احترام و دعاء و نداء يصدر عن هذا الاعتقاد فهو عبادة حقيقيّة و إن كان المعبود غير إله حقيقة،أي ليس له هذا السّلطان الّذي اعتقده العابد له،لا بالذّات و لا بالتّوسّط إلى ما هو أعظم منه.فالإله الحقّ هو الّذي يعبد بحقّ و هو واحد،و الآلهة الّتي تعبد بغير حقّ كثيرة جدّا.

و هي غير آلهة في الحقيقة و لكن في الدّعوى الباطلة الّتي يثيرها الوهم،ذلك أنّ الانسان إذا رأى أو سمع أو توهّم أنّ شيئا غريبا صدر عن موجود بغير علّة معروفة و لا سبب مألوف،يتوهّم أنّه لو لم تكن له تلك السّلطة العليا و القوّة الغيبيّة لما صدر عنه ذلك،حتّى أنّ الّذين يعتقدون النّفع ببعض الشّجر و الجماد كشجرة الحنفيّ و نعل الكلشنيّ (1)يعدّون عابدين لها حقيقة.

و الحاصل أنّ معنى لا إِلهَ إِلاّ هُوَ ليس في الوجود صاحب سلطة حقيقيّة على النّفوس يبعثها على تعظيمه و الخضوع له قهرا منها،معتقدة أنّ بيده منح الخير و رفع الضّرّ بتسخير الأسباب أو بإبطال السّنن الكونيّة إلاّ اللّه تعالى وحده.(رشيد رضا 3:23)

الطّباطبائيّ: ضمير(هو)و إن رجع إلى اسم الجلالة لكنّ اسم الجلالة لمّا كان علما بالغلبة يدلّ على نفس الذّات من حيث إنّه ذات،و إن كان مشتملا على بعض المعاني الوصفيّة الّتي يلمح باللاّم أو بالإطلاق إليها، فقوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ يدلّ على نفي حقّ الثّبوت عن الآلهة الّتي تثبت من دون اللّه.(2:328)

فضل اللّه: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ هذه الكلمة علم لذات واجب الوجود،فلا تطلق على غيره،و من هنا كان الفرق بينها و بين كلمة إله،لأنّ كلمة إله عامّة شاملة لكلّ ما يفرض مستحقّا للعبوديّة،و لذلك أمكن الاستثناء منها،و كانت كلمة:لا إله إلاّ اللّه ظاهرة في التّوحيد،باعتبار دلالتها على انحصار المستحقّ للعبوديّة في الذّات المقدّسة،و لو كانت هذه الكلمة تطلق على غيره لما كان لها ظهور في ذلك.

(الحىّ)الّذي لا يشوب حياته عدم من قبل و لا من بعد،لأنّها لا تخضع لفرضيّة القبل و البعد،فهو القديم الّذي لا أوّل له و لا آخر.و في هذا الجوّ الممتدّ للحياة، يمكن للإنسان أن يعيش الشّعور،بامتداد الارتباط باللّه ما امتدّت بالإنسان حياته،لأنّه يسبق حياة الإنسان، فيعطيها معنى الحياة،و يمتدّ معه و يبقي بعد فنائه،بينما لا يشعر بهذا الارتباط مع غيره من أفراد الإنسان،ممّا يوحي له بعمق العلاقة الّتي ينبغي أن تشدّه إلى اللّه،من موقع الحاجة الفعليّة الدّائمة إليه.[إلى أن قال:]

قد تكون قيمة هذه الآية-في الجانب الإيحائيّ من القرآن-أنّها تمثّل وعي العقيدة في العقل و الرّوح و الإحساس،بالبساطة التّوحيديّة الّتي لا تدخل الإنسان في التّعقيدات الفلسفيّة،بل تقدّم له الصّورة الإلهيّة واضحة بسيطة،ينفتح فيها التّصوّر على اللّه في وحدانيّته،في شمول ربوبيّته لكلّ شيء،بكلّ ما تعنيه كلمة الرّبوبيّة،من الخلق و التّدبير و الإمداد الغيبيّ و الشّهوديّ،و القيام على الخلق كلّه بالمطلق و اليقظة).

ص: 733


1- شجرة عند جامع السّلطان الحنفيّ المعروف بمصر تزار و تلتمس منها المنافع و دفع المضارّ.و نعل الكلشنيّ نعل قديمة في تكية الكلشنيّ بمصر يتبرّك بها،و يقال:إنّ الماء الّذي يشرب عنها ينفع للتّداوي من العشق.(رشيد رضا 3:24).

الدّائمة الّتي لا مجال فيها لأيّ غياب في وعي الخلق كلّه، فوجوده هو الوعي كلّه،فلا سنة تصيبه و لا نوم يأخذه، و هو المحيط في علمه بكلّ شئون خلقه،فلا يعزب عن علمه مثقال ذرّة،و لا يملك أحد منهم أيّ شيء من علمه إلاّ من خلال مشيئته،في إعطاء العلم لمن يشاء.

فكما أنّ كلّ وجودهم مستمدّ من وجوده،فإنّ كلّ علمهم مستمدّ من علمه،و لا شفاعة لأحد عنده من خلال ما يملك من قدرة أو تأثير،أو دلالة عليه من خلال ذاته،فمنه الشّفاعة،فهو الّذي يأذن بها،و هو الّذي يختار نتائجها،من خلال حكمته العميقة الشّاملة،و هو الّذي اتّسع ملكه و امتدّت قدرته،و انفتح حكمه على السّماوات و الأرض،فلا يضيق عنه شيء منها أو ممّا فيها،فهو الّذي يحتويها و يحتوي ما زاد عنها،و هو الّذي يملك العلوّ في أعلى درجاته،فلا درجة أعلى من موقعه في ذلك،و هو الّذي انطلقت عظمته،فلا عظيم أمامه،لأنّ عظمة الأشياء هبة منه،و خلق من خلقه.

و هكذا يعيش الإنسان مع ربّه في هذا التّصوّر الفطريّ البسيط،ليبقى في دائرة الوضوح الّذي لا يحتاج معه إلى أيّة شروح و تفسيرات،ممّا يلجأ إليه الفلاسفة في تعقيداتهم الفكريّة،على أساس الفلسفات الاخرى المرتكزة على القواعد البعيدة،عن أجواء العقيدة الإسلاميّة؛بحيث يجد الإنسان المسلم نفسه ضائعا بين الجوّ الإسلاميّ للعقيدة،و الجوّ غير الإسلاميّ للفلسفة، الأمر الّذي يؤدّي إلى الكثير من الضّبابيّة في عالم التّصوّر.

إنّنا لا ننكر وجود قيمة فكريّة في الأسلوب الفلسفيّ،في معالجة قضايا الدّين و العقيدة،ممّا يمنح الفكرة شيئا من العمق الّذي يؤكّد قوّتها أمام الأفكار الاخرى في مجالات الصّراع الفكريّ بين الإسلام و خصومه،و لكنّنا نعتقد أنّ للقرآن أسلوبه الفطريّ في إثارة مفردات العقيدة،على أساس الإيحاء الدّائم بالبساطة الرّوحيّة،في الوجدان الإسلاميّ،فلا بدّ من ملاحظة هذا الجانب في دراسة الفلسفة الإسلاميّة.

إنّ الحديث عن استحباب قراءتها،يوحي بالمسألة التّربويّة في تعميق التّصوّر الإسلاميّ للعقيدة في المفردات القرآنيّة،ليقرأها المسلم في كلّ يوم أو في كلّ ليلة،كمنهج تربويّ إسلاميّ في تثبيت العقيدة في نفس المسلم.فإنّ قراءة القرآن اليوميّة تنطلق من تحريك الآيات القرآنيّة في الوجدان الإنسانيّ؛بحيث يكون نموّه في هذا الجوّ الّذي يحقّق الصّفاء الفكريّ للتّنشئة الفكريّة و الرّوحيّة،حتّى لا تختلط عليه الأمور الّتي تشوّش عليه الصّورة من خلال القراءات المتنوّعة،فلا تبقى لديه صورة واضحة عن إسلامه،لذلك كانت القراءة اليوميّة وسيلة من وسائل إعادته إلى الينابيع الإسلاميّة الصّافية للعقيدة،و للمفاهيم العامّة للحياة،بالطّريقة الذّاتيّة الّتي يواجه فيها الإنسان قضيّته العقيديّة من موقعه الإنسانيّ في تجربته الذّاتيّة،فهو الّذي يقرأ الآية الّتي قد تثير لديه الكثير من التّساؤلات،و ذهنيّة اللاّمبالاة أمام التّيّارات الأخرى،إذا اندفعت إلى ساحته العامّة،أو وجدانه الخاصّ.

إنّ الإنسان-في هذه الحال-يمارس رياضة تربويّة يوميّة،تقوّي عضلاته الرّوحيّة و الفكريّة بالطّريقة الّتي

ص: 734

يحصل فيها على المناعة القويّة،فلا يزحف الضّلال إليه بسهولة،و لا تقتحم الحيرة طمأنينته النّفسيّة.

(5:30-42)

3- اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. آل عمران:2

النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:إنّ أعظم آية في القرآن: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ... (السّيوطيّ 4:149)

الطّبريّ: إنّه خبر من اللّه جلّ و عزّ،أخبر عباده أنّ الألوهيّة خاصّة به دون ما سواه من الآلهة و الأنداد.و أنّ العبادة لا تصلح و لا تجوز إلاّ له،لانفراده بالرّبوبيّة، و توحّده بالألوهيّة.و أنّ كلّ ما دونه فملكه.و أنّ كلّ ما سواه فخلقه،لا شريك له في سلطانه و ملكه،احتجاجا منه تعالى ذكره عليهم،بأنّ ذلك إذ كان كذلك،فغير جائزة لهم عبادة غيره...(3:161)

القيسيّ: (اللّه)مبتدأ،و خبره نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ آل عمران:3،و لا إِلهَ إِلاّ هُوَ ابتداء، و خبر في موضع الحال من(اللّه).و قيل:من المضمر الّذي في(نزّل)،تقديره:اللّه نزّل عليك الكتاب متوحّدا بالرّبوبيّة.و قيل:هو بدل من موضع(لا اله).(1:124)

نحوه أبو البركات.(1:190)

الطّوسيّ: معناه لا تحقّ العبادة لسواه.و إنّما كان كذلك لأنّه الّذي يقدر على أصول النّعم الّتي يستحقّ بها العبادة،و لأنّ نعمة كلّ منعم فرع على نعمه؛فصار لا تحقّ العبادة لسواه.(2:389)

الفخر الرّازيّ: أمّا قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فهو ردّ على النّصارى،لأنّهم كانوا يقولون بعبادة عيسى عليه السّلام فبيّن اللّه تعالى أنّ أحدا لا يستحقّ العبادة سواه.ثمّ أتبع ذلك بما يجري مجرى الدّلالة عليه،فقال: اَلْحَيُّ الْقَيُّومُ. (7:168)

البروسويّ: (اللّه)مبتدأ، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خبره، أي هو المستحقّ للمعبوديّة لا غير.(2:2)

عبد الكريم الخطيب: جملة لا إِلهَ إِلاّ هُوَ صفة ل(اللّه)،و(الحىّ)صفة ثانية،و(القيّوم)صفة ثالثة.

فاللّه سبحانه و تعالى الموصوف بالتّفرّد بالألوهيّة، السّرمديّة الأبديّة،الّتي لم يسبقها و لا يلحقها عدم، و بالقيّوميّة المبسوط سلطانها على كلّ شيء،القائم أمرها على كلّ شيء.هذا الإله هو الّذي نزّل الكتاب على محمّد صلوات اللّه و سلامه عليه.(3:393)

فضل اللّه: الواحد الأحد المتفرّد بالألوهيّة و الرّبوبيّة،المهيمن على كلّ شيء،لأنّه الخالق لكلّ شيء، فلا إله غيره و لا ربّ سواه.(5:209)

4- هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. آل عمران:6

الطّبريّ: و هذا القول تنزيه من اللّه-تعالى ذكره- نفسه أن يكون له في ربوبيّته ندّ أو مثل،أو أن تجوز الألوهة لغيره،و تكذيب منه للّذين قالوا في عيسى ما قالوا.(3:169)

نحوه الميبديّ(2:9)،و أبو السّعود(1:214)، و مكارم الشّيرازيّ(2:318).

الطّوسيّ: معناه أنّه تعالى لمّا ذكر ما يدلّ عليه من قوله: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ... ذكر الدّليل و المدلول عليه.(2:394)

ص: 735

القرطبيّ: أي لا خالق و لا مصوّر سواه،و ذلك دليل على وحدانيّته.(4:8)

نحوه فضل اللّه.(5:214)

الآلوسيّ: كرّر الجملة (1)الدّالّة على نفي الإلهيّة عن غيره تعالى و انحصارها فيه (2)،توكيدا لما قبلها و مبالغة في الرّدّ على من ادّعى إلهيّة عيسى عليه السّلام،و ناسب مجيئها بعد الوصفين السّابقين من العلم و القدرة؛إذ من هذين الوصفين له،هو المتّصف بالألوهيّة لا غيره.ثمّ أتى بوصف العزّة الدّالّة على عدم النّظير أو التّناهي في القدرة و الحكمة،لأنّ خلقهم على ما ذكر من النّمط البديع أثر من آثار ذلك.(3:79)

نحوه الطّباطبائيّ.(3:14)

5- شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

آل عمران:18

الإمام الصّادق عليه السّلام:[لا اله الاّ هو]الأولى وصف و توحيد.و الثّانية رسم و تعليم،يعني قولوا:لا إله إلاّ اللّه العزيز الحكيم.(القرطبيّ 4:43)

الرّاغب: إنّما كرّر لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لأنّ صفات التّنزيه أشرف من صفات التّمجيد،لأنّ أكثرها مشارك في ألفاظها العبيد؛فيصحّ وصفهم بها،و كذلك وردت ألفاظ التّنزيه في حقّه أكثر.و أبلغ ما وصف به من التّنزيه(لا إله إلاّ اللّه).فتكريره هنا لأمرين:أحدهما:

لكون الثّاني قطعا للحكم،كقولك:أشهد أنّ زيدا خارج و هو خارج،و الثّاني:لئلاّ يسبق بذكر العزيز الحكيم إلى قلب السّامع تشبيه؛إذ قد يوصف بهما المخلوق.

(أبو حيّان 2:406)

الكرمانيّ: كرّر في هذه الآية فقال: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ* لأنّ الأوّل جرى مجرى الشّهادة،و أعاده ليجري الثّاني مجرى الحكم،بصحّة ما شهد به الشّهود.(41)

نحوه الميبديّ(2:51)،و القرطبيّ(4:43).

الزّمخشريّ: فإن قلت:لم كرّر قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ ؟

قلت:ذكره أوّلا للدّلالة على اختصاصه بالوحدانيّة، و أنّه لا إله إلاّ تلك الذّات المتميّزة.ثمّ ذكره ثانيا بعد ما قرن بإثبات الوحدانيّة إثبات العدل للدّلالة على اختصاصه بالأمرين،كأنّه قال:لا إله إلاّ هذا الموصوف بالصّفتين،و لذلك قرن به قوله: اَلْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لتضمّنهما معنى الوحدانيّة و العدل.(1:419)

الفخر الرّازيّ: و الفائدة في إعادته وجوه:

الأوّل:أنّ تقدير الآية:شهد اللّه أنّه لا إله إلاّ هو، و إذا شهد بذلك فقد صحّ أنّه لا إله إلاّ هو.

و نظيره قول من يقول:الدّليل دلّ على وحدانيّة اللّه تعالى،و متى كان كذلك صحّ القول بوحدانيّة اللّه تعالى.

الثّاني:أنّه تعالى لمّا أخبر أنّ اللّه شهد أنّه لا إله إلاّ هو،و شهدت الملائكة و أولو العلم بذلك صار التّقدير كأنّه قال:يا أمّة محمّد،فقولوا أنتم على وفق شهادة اللّه و شهادة الملائكة و أولي العلم:لا إله إلاّ هو،فكان الغرض من الإعادة الأمر بذكر هذه الكلمة على وفقُ.

ص: 736


1- أي بعد اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ آل عمران:2.
2- بقوله في الآية:6 لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

تلك الشّهادات.

الثّالث:فائدة هذا التّكرير الإعلام بأنّ المسلم يجب أن يكون أبدا في تكرير هذه الكلمة،فإنّ أشرف كلمة يذكرها الإنسان هي هذه الكلمة.فإذا كان في أكثر الأوقات مشتغلا بذكرها و بتكريرها،كان مشتغلا بأعظم أنواع العبادات،فكان الغرض من التّكرير في هذه الآية حثّ العباد على تكريرها.

الرّابع:ذكر قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ أوّلا،ليعلم أنّه لا تحقّ العبادة إلاّ له تعالى،و ذكرها ثانيا ليعلم أنّه القائم بالقسط،لا يجور و لا يظلم.(7:221)

الرّازيّ: فإن قيل:ما فائدة تكرار قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ* في قوله:(شهد اللّه)؟قلنا:الأوّل قول اللّه عزّ و جلّ ،و الثّاني حكاية قول الملائكة و أولي العلم.

(مسائل الرّازيّ:28)

النّسفيّ: كرّر[التّهليل]للتّأكيد.(1:149)

أبو حيّان: كرّر التّهليل توكيدا،و قيل:الأوّل شهادة اللّه و الثّاني شهادة الملائكة و أولي العلم.و هذا بعيد جدّا،لأنّه يؤدّي إلى قطع(الملائكة)عن العطف على(اللّه)تعالى،و على إضمار فعل رافع،أو على جعلهم مبتدأ،و على الفصل بين ما يتعلّق بهم و بين التّهليل بأجنبيّ،و هو قوله: قائِماً بِالْقِسْطِ.

و قيل:الأوّل جار مجرى الشّهادة،و الثّاني مجرى الحكم.

و قيل:هذا الكلام ينطوي على مقدّمتين،و هذا هو نتيجتهما.فكأنّه قال:شهد اللّه و الملائكة و أولو العلم و ما شهدوا به حقّ،فلا إله إلاّ هو حقّ؛فحذف إحدى المقدّمتين للدّلالة عليها.و هذا التّقدير كلّه لا يساعد عليه اللّفظ.(2:406)

ابن القيّم: قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ ذكر محمّد بن جرير الطّبريّ أنّه قال:الأولى وصف و توحيد،و الثّانية:

رسم و تعليم،أي قولوا: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ.

و معنى هذا:أنّ الأولى تضمّنت أنّ اللّه سبحانه شهد بها و أخبر بها.و التّالي للقرآن،إنّما يخبر عن شهادة اللّه، لا عن شهادته هو.و ليس في ذلك شهادة من التّالي نفسه.

فأعاد سبحانه ذكرها مجرّدة ليقولها التّالي.فيكون شاهدا هو بها أيضا.

و أيضا:فالأولى خبر عن الشّهادة بالتّوحيد، و الثّانية خبر عن نفس التّوحيد.و ختم بقوله: اَلْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فتضمّنت الآية توحيده و عدله،و عزّته و حكمته.

فالتّوحيد يتضمّن ثبوت صفات كماله،و نعوت جلاله،و عدم المماثل له فيها،و عبادته وحده لا شريك له.

و العدل يتضمّن وضعه الأشياء موضعها،و تنزيلها منازلها،و أنّه لم يخصّ شيئا منها إلاّ بمخصّص اقتضى ذلك،و أنّه لا يعاقب من لا يستحقّ العقوبة،و لا يمنع من يستحقّ العطاء،و إن كان هو الّذي جعله مستحقّا.

و العزّة تتضمّن كمال قدرته و قوّته و قهره.و الحكمة تتضمّن كمال علمه و خبرته،و أنّه أمر و نهى،و خلق و قدّر،لما له في ذلك من الحكم و الغايات الحميدة الّتي يستحقّ عليها كمال الحمد.

ص: 737

فاسمه(العزيز)يتضمّن الملك و اسمه(الحكيم) يتضمّن الحمد.و أوّل الآية يتضمّن التّوحيد و ذلك حقيقة«لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له.له الملك و له الحمد،و هو على كلّ شيء قدير».

و ذلك أفضل ما قاله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و النّبيّون من قبله...(184)

البروسويّ: كرّر المشهود به لتأكيد التّوحيد ليوحّدوه و لا يشركوا به شيئا،لأنّه ينتقم ممّن لا يوحّده بما لا يقدر على مثله منتقم،و يحكم ما يريد على جميع خلقه لا معقّب لحكمه،لغلبته عليهم.(2:12)

الآلوسيّ: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ تكرير للمشهود به للتّأكيد.و فيه إشارة إلى مزيد الاعتناء بمعرفة أدلّته،لأنّ تثبيت المدّعى إنّما يكون بالدّليل،و الاعتناء به يقتضي الاعتناء بأدلّته و لينبني عليه قوله تعالى:(العزيز الحكيم)فيعلم أنّه المنعوت بهما.(3:105)

القاسميّ: [نحو الآلوسيّ و أضاف:]

و قال في«الانتصاف»:هذا التّكرار لما قدّمته في نظيره،ممّا صدّر الكلام به إذا طال عهده؛و ذلك أنّ الكلام مصدّر بالتّوحيد،ثمّ أعقب التّوحيد تعداد الشّاهدين به،ثمّ قوله: قائِماً بِالْقِسْطِ و هو التّنزيه.

فطال الكلام بذلك فجدّد التّوحيد تلو التّنزيه،ليلي قوله: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ آل عمران:19، و لو لا هذا التّجديد لكان التّوحيد المتقدّم كالمنقطع في الفهم،ممّا أريد إيصاله به.(4:810)

النّهاونديّ: كرّر سبحانه ذكر التّوحيد المشهود به بقوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ تأكيدا له و اهتماما و تقريرا لقيامه بالقسط؛حيث إنّ الألوهيّة لا يجامع الظّلم و الجور، و توطئة للشّهادة على كمال قدرته و علمه بقوله:(العزيز الحكيم)حتّى يعلم أنّه المنعوت بهما دون غيره.

(1:210)

عبد الكريم الخطيب: و قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قد يكون توكيدا لما شهد اللّه به و الملائكة و أولو العلم،أو يكون إقرارا بلسان الوجود كلّه بعد أن سمع تلك الشّهادة فصدّقها،معترفا بوحدانيّة اللّه،مقرّا بقيامه على ملكه بالعدل،مذعنا لعزّته،راضيا بحكمه.(2:419)

الطّباطبائيّ: قوله تعالى: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ...

الجملة كالمعترضة الدّخيلة في الكلام لاستيفاء حقّ معترض يفوت،لو لا ذكره مع عدم كونه مقصودا في الكلام أصالة.و من أدب القرآن أن يظهر تعظيم اللّه جلّ شأنه في موارد يذكر أمره ذكرا يخطر منه بالبال،ما لا يليق بساحة كبريائه،كقوله تعالى: قالُوا اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ يونس:68،فقوله:(سبحانه)قصد به التّعظيم في مقام يحكى فيه قول لا يلائم حقّه تعالى،و نظيره بوجه قوله تعالى: وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ المائدة:64.

و بالجملة لمّا اشتمل أوّل الآية على شهادة اللّه و الملائكة و أولي العلم بنفي الشّريك كان من حقّ اللّه سبحانه على من يحكي و يخبر عن هذه الشّهادة-أعني المتكلّم و هو في الآية هو اللّه سبحانه-و على من يسمع ذلك أن يوحّد اللّه بنفي الشّريك عنه،فيقول:لا إله إلاّ هو.

ص: 738

نظير ذلك قوله تعالى في قصّة الإفك: وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ النّور:16،فإنّ من حقّه تعالى عليهم أن إذا سمعوا بهتانا و أرادوا تنزيه من بهت عليه أن ينزّهوا اللّه قبله،فإنّه تعالى أحقّ من يجب تنزيهه.فموضع قوله:

لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ موضع الثّناء عليه تعالى، لاستيفاء حقّ تعظيمه،و لذا تمّم بالاسمين:(العزيز الحكيم)،و لو كان في محلّ النّتيجة من الشّهادة لكان حقّ الكلام أن يتمّم بوصفي الوحدة و القيام بالقسط،فهو تعالى حقيق بالتّوحيد إذا ذكرت الشّهادة المذكورة على وحدانيّته،لأنّه المتفرّد بالعزّة الّتي يمنع جانبه أن يستذلّ بوجود شريك له في مقام الألوهيّة،و المتوحّد بالحكمة الّتي تمنع غيره أن ينقض أمره في خلقه أو ينفذ في خلال تدبيره.و ما نظمه من أمر العالم فيفسد عليه ما أراده.

و قد تبيّن بما مرّ من البيان وجه تكرار كلمة التّوحيد في الآية،و كذا وجه تتميمها بالاسمين:(العزيز الحكيم).(3:117)

فضل اللّه: التّوحيد حقيقة الوجود

إنّ القرآن الكريم يواجه المنكرين الكافرين باللّه بعدّة أساليب،في تقريره لحقيقة الوحدانيّة،فقد يتمثّل ذلك في طريقة الاستدلال العقليّ،و قد يتّخذ أسلوب الدّليل الاستقرائيّ الّذي يدعو إلى السّير في الأرض،و التّأمّل في خلق اللّه،و قد يتمثّل في الأسلوب الّذي يوحي بها في مجال الإعلان،بأنّها الحقيقة الحاضرة الّتي تعبّر عن نفسها من دون حاجة إلى دليل،تماما كما هي الأمور الحسّيّة الّتي تثبت بالحسّ،كما في هذه الآية،الّتي تبدأ الموضوع بشهادة اللّه أنّه الواحد الّذي لا إله إلاّ هو،في حضور الحقيقة في ذاته،و شهادة الملائكة في إدراكهم، لعظمة اللّه من خلال منازل القرب إلى مواطن عظمته،و أولي العلم في ما يقودهم إليه العلم من الإحساس اليقينيّ بهذه الحقيقة.

و في ذلك إيحاء،بأنّ المنكرين الّذين لا يشهدون بهذه الحقيقة،لا ينطلقون من علم،بل بتحرّكون في متاهات الجهل.و القيام بالقسط،و هو العدل.هو من لوازم الوحدانيّة الّتي توحي بالقوّة المطلقة و الغنى المطلق الّذي يملك كلّ شيء،و لا يحتاج شيئا،فكيف يمكن أن يظلم،و الظّلم هو عقدة الضّعيف؟كما ورد في دعاء عن الإمام الباقر عليه السّلام عقيب صلاة اللّيل:«و قد علمت يا إلهي أنّه ليس في نقمتك عجلة،و لا في حكمك ظلم،و إنّما يعجل من يخاف الموت،و إنّما يحتاج إلى الظّلم الضّعيف، و قد تعاليت يا إلهي عن ذلك علوّا كبيرا».و على هذا، فإنّ الشّهادة بالوحدانيّة تستتبع الشّهادة بأنّ اللّه هو القائم بالقسط.و قد كرّرت الآية كلمة«التّوحيد»لتقرير العقيدة الواضحة،من خلال هذه الشّهادة العظيمة.

و هو العزيز الحكيم،فلا مجال للانتقاص من عزّته، من قبل أيّ أحد من خلقه،في كلّ ما يفعله و ما يقوله،و لا مجال للتّشكيك في حكمته في ما خلق و دبّر،و في ما نظّم للحياة من قوانين كونيّة في ظواهر الكون،و من قوانين شرعيّة في تشريع الحياة للإنسان.(5:270)

6- إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. آل عمران:62

ص: 739

القيسيّ: (اله)مبتدأ،و(من)زائدة،(الاّ اللّه) خبره،كما تقول:ما من أحد إلاّ شاكرك،ف«أحد»في موضع رفع بالابتداء،و«من»زائدة للتّوكيد،و«إلاّ شاكرك»خبر الابتداء.(1:143)

الطّوسيّ: دخول(من)فيه تدلّ على عموم النّفي لكلّ اله غير اللّه.و لو قال:ما إله إلاّ اللّه،لم يفد ذلك و إنّما أفادت(من)هذا المعنى،لأنّ أصلها لابتداء الغاية،فدلّت على استغراق النّفي من ابتداء الغاية إلى انتهائها.و لا يجوز جرّ اسم(اللّه)على البدل من(اله)،لأنّ ذلك لا يحسن في الكلام،لأنّ(من)لا تدخل في الإيجاب و ما بعد(الاّ)هنا إيجاب،و لا تدخل أيضا على المعرفة للعموم،و لا يحسن إلاّ رفعه على الموضع،كأنّه قيل:مالكم إله إلاّ اللّه.

و ما لكم مستحقّ للعبادة إلاّ اللّه،قال الشّاعر:

أ بني لبيني لستم بيد إلاّ يد ليست لها عضد

أنشدوه بالجرّ،فعلى هذا يجوز:ما جاءني من رجل إلاّ زيد،و ليس هو وجه الكلام،و لكنّه يتبعه و إن لم يصلح إعادة العامل فيه،كما يقال:اختصم زيد و عمرو، و لا يجوز و اختصم عمرو.(2:486)

الزّمخشريّ: و(من)في قوله:(و ما من اله...) بمنزلة البناء على الفتح في(لا اله الاّ اللّه)في إفادة معنى الاستغراق،و المراد الرّدّ على النّصارى في تثليثهم.

(1:435)

مثله النّسفيّ(1:162)،و نحوه البروسويّ(1:45)، و الكاشانيّ(1:319).

الفخر الرّازيّ: هذا يفيد تأكيد النّفي،لأنّك لو قلت:

عندي من النّاس أحد،أفاد أنّ عندك بعض النّاس.فإذا قلت:ما عندي من النّاس من أحد،أفاد أنّه ليس عندك بعضهم.و إذا لم يكن عندك بعضهم،فبأن لا يكون عندك كلّهم أولى؛فثبت أنّ قوله: وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ مبالغة في أنّه لا إله إلاّ اللّه الواحد الحقّ سبحانه و تعالى.

(8:89)

الخازن: إنّما دخلت(من)لتوكيد النّفي،و المعنى أنّ عيسى ليس بإله،كما زعمت النّصارى.ففيه ردّ عليهم و نفي جميع من ادّعى من المشركين أنّهم آلهة،و إثبات الإلهيّة للّه وحده لا شريك له في الإلهيّة.(1:303)

أبو حيّان: أي المختصّ بالإلهيّة هو اللّه وحده.و فيه ردّ على الثّنويّة و النّصارى و كلّ من يدّعي غير اللّه إلها،و(من)زائدة لاستغراق الجنس،و(اله)مبتدأ محذوف الخبر،و(اللّه)بدل منه على الموضع.و لا يجوز البدل على اللّفظ،لأنّه يلزم منه زيادة(من)في الواجب،و يجوز في العربيّة في نحو هذا التّركيب نصب ما بعد إلاّ،نحو:ما من شجاع إلاّ زيدا.و لم يقرأ بالنّصب في هذه الآية و إن كان جائزا في العربيّة النّصب على الاستثناء.(2:482)

الآلوسيّ: ردّ النّصارى في تثليثهم،و كذا فيه ردّ على سائر الثّنويّة.و(من)زائدة للتّأكيد كما هو شأن الصّلات،و قد فهم أهل اللّسان-كما قال الشّهاب-أنّها لتأكيد الاستغراق المفهوم من النّكرة المنفيّة لاختصاصها بذلك في الأكثر.و قد توقّف محبّ الدّين في وجه إفادة الكلمات المزيدة للتّأكيد بأيّ طريق هي،فإنّها ليست وضعيّة.و أجاب بأنّها ذوقيّة يعرفها أهل اللّسان.

و اعترض بأنّ هذا حوالة على مجهول فلا تفيد،فالأولى أن يقال:إنّها وضعيّة،لكنّه من باب الوضع النّوعيّ

ص: 740

فتدبّر.(3:191)

خليل ياسين: س-ما سبب تكرار قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ ؟

ج-هو أنّه بيّن بالأوّل أنّه المستحقّ للتّوحيد لا يستحقّه سواه،و بالثّاني إنّه القائم برزق الخلق و تدبيرهم بالعدل،لا ظلم في فعله.(1:125)

فضل اللّه: فهذه الحقيقة التّوحيديّة الّتي تنفي كلّ ربوبيّة لغيره،لأنّه وحده الخالق لكلّ شيء،فكيف يكون المخلوق له شريكا في ربوبيّته!(6:73)

7- اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ... النّساء:87

الآلوسيّ: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ مبتدأ و خبر،و قوله سبحانه: لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ جواب قسم محذوف،أي و اللّه ليجمعنّكم.

و الجملة إمّا مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب أو خبر ثان،أو هي الخبر،و لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اعتراض.و احتمال أن تكون خبرا بعد خبر ل«كان»[في الآية السّابقة]، و جملة اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ معترضة مؤكّدة لتهديد قصد بما قبلها و ما بعدها،بعيد،ثمّ الخبر و إن كان هو القسم و جوابه،لكنّه في الحقيقة الجواب فلا يرد وقوع الإنشاء خبرا،و لا أنّ جواب القسم من الجمل الّتي لا محلّ لها من الإعراب،فكيف يكون خبرا مع أنّه لا امتناع من اعتبار المحلّ و عدمه باعتبارين.(5:105)

8- ..وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاّ إِلهٌ واحِدٌ... المائدة:73

الطّبريّ:يقول:مالكم معبود أيّها النّاس إلاّ معبود واحد،و هو الّذي ليس بوالد لشيء،و لا مولود،بل هو خالق كلّ والد و مولود.(6:313)

الزّمخشريّ: (من)في قوله:(و ما من اله...) للاستغراق،و هي المقدّرة مع(لا)الّتي لنفي الجنس في قولك:لا اله الاّ اللّه،و المعنى:و ما إله قطّ في الوجود إلاّ إله موصوف بالوحدانيّة،لا ثاني له،و هو اللّه وحده لا شريك له.(1:634)

الفخر الرّازيّ: في(من)قولان:أحدهما:أنّها صلة زائدة،و التّقدير:و ما إله إلاّ إله واحد.و الثّاني:أنّها تفيد معنى الاستغراق،و التّقدير:و ما في الوجود من هذه الحقيقة إلاّ فرد واحد.(12:60)

البيضاويّ: و ما في الموجودات واجب مستحقّ للعبادة من حيث إنّه مبتدئ جميع الموجودات(الاّ اله واحد)موصوف بالوحدانيّة،متعال عن قبول الشّركة.و (من)مزيدة للاستغراق.(1:386)

نحوه البروسويّ.(2:423)

أبو حيّان: معناه لا يكون إله في الوجود إلاّ متّصفا بالوحدانيّة.و أكّد ذلك بزيادة(من)الاستغراقيّة، و حصر إلهيّته في صفة الوحدانيّة.

و(اله)رفع على البدل من(اله)على الموضع.و أجاز الكسائيّ إتباعه على اللّفظ،لأنّه يجيز زيادة(من)في الواجب،و التّقدير:و ما إله في الوجود إلاّ إله واحد،أي موصوف بالوحدانيّة لا ثاني له،و هو اللّه تعالى.

(3:535)

الآلوسيّ: [نحو البيضاويّ و أضاف:]

ص: 741

...و(من)مزيدة للاستغراق كما نصّ على ذلك النّحاة،و قالوا في وجهه:لأنّها في الأصل«من»الابتدائيّة حذف مقابلها إشارة إلى عدم التّناهي،فأصل لا رجل:لا من رجل،إلى ما لا نهاية له.(6:207)

رشيد رضا :قال تعالى ردّا عليهم[النّصارى] وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاّ إِلهٌ واحِدٌ أي قالوا قولهم هذا بلا رويّة و لا بصيرة.و الحال أنّه ليس في الوجود ثلاثة آلهة و لا اثنان و لا أكثر من ذلك،لا يوجد إله ما إلاّ إله متّصف بالوحدانيّة،و هو اللّه الّذي لا تركيب في ذاته و لا تعدّد.

و هذه العبارة أشدّ تأكيدا لنفي تعدّد الإله من عبارة:

«لا اله الاّ اله واحد»،لأنّ(من)بعد(ما)تفيد استغراق النّفي و شموله لكلّ نوع من أنواع المتعدّد و كلّ فرد من أفراده،فليس ثمّ تعدّد ذوات و أعيان،و لا تعدّد أجناس أو أنواع،و لا تعدّد جزئيّات أو أجزاء.و النّصارى قد اقتبسوا عقيدة التّثليث عمّن قبلهم و لم يفهموها، و عقلاؤهم يتمنّون لو يقدرون على التّفصّي منها، و لكنّهم إذا أنكروها بعد هذه الشّهرة تبطل ثقة العامّة بالنّصرانيّة كلّها.كما قال أحد عقلاء القسوس لبعض أهل العلم العصريّ من الشّبّان السّوريّين...[و للكلام تتمّة في نفي التّثليث فراجع](6:484)

الطّباطبائيّ: و في قوله تعالى: وَ ما مِنْ إِلهٍ...

من التّأكيد في إثبات التّوحيد ما ليس في غيره؛حيث سيق الكلام بنحو النّفي و الاستثناء،ثمّ أدخل(من)على النّفي لإفادة تأكيد الاستغراق،ثمّ جيء بالمستثنى و هو قوله:(اله واحد)بالتّنكير المفيد للتّنويع.و لو أورد معرفة كقولنا:«إلاّ الإله الواحد»لم يفد ما يرام من حقيقة التّوحيد.

فالمعنى ليس في الوجود شيء من جنس الإله أصلا إلاّ إله واحد،نوعا من الوحدة لا يقبل التّعدّد أصلا، لا تعدّد الذّات و لا تعدّد الصّفات،لا خارجا و لا فرضا.

و لو قيل:و ما من إله إلاّ اللّه الواحد،لم يدفع به قول النّصارى: إِنَّ اللّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ المائدة:73،فإنّهم لا ينكرون الوحدة فيه تعالى،و إنّما يقولون:إنّه ذات واحدة لها تعيّن بصفاتها الثّلاث،و هي واحدة في عين أنّها كثيرة حقيقة.

و لا يندفع ما احتملوه من المعنى إلاّ بإثبات وحدة لا تتألّف منه كثرة أصلا،و هو الّذي يتوخّاه القرآن الكريم بقوله: وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاّ إِلهٌ واحِدٌ.

و هذا من لطائف المعاني الّتي يلوح إليها الكتاب الإلهيّ في حقيقة معنى التّوحيد(6:71)

و له رحمه اللّه بحث واف روائيّ و عقليّ و تاريخيّ،في معنى توحيده تعالى.فراجع المصدر من ص 86-108، و غيره من نصوص«و ح د».

أحمد بدويّ: يخاطب القرآن بأسلوب القصر من يعتقد الشّركة،فيثبت القرآن بهذا الأسلوب الحكم لواحد،و ينفيه عن غيره،كما في قوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاّ إِلهٌ واحِدٌ المائدة:73.(من بلاغة القرآن:157)

9- ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ... الأنعام:102

الطّبريّ: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ هذا تكذيب من اللّه جلّ

ص: 742

ثناؤه للّذين زعموا أنّ الجنّ شركاء اللّه.

يقول جلّ ثناءه لهم:أيّها الجاهلون إنّه لا شيء له الألوهيّة و العبادة،إلاّ الّذي خلق كلّ شيء،و هو بكلّ شيء عليم...(7:299)

الزّمخشريّ: (ذلكم)إشارة إلى الموصوف بما تقدّم، مبتدأ و ما بعده أخبار مترادفة،و هي: اَللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (2:41)

الطّبرسيّ: لمّا قدّم سبحانه ذكر الأدلّة على وحدانيّته عقّبه بتنبيه عباده على أنّه الإله المستحقّ للطّاعة و العبادة و تعليمهم الاستدلال بأفعاله عليه، فقال:(ذلكم)،أي ذلك الّذي خلق هذه الأشياء و دبّر هذه التّدابير لكم أيّها النّاس هو اَللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ.... (2:344)

الفخر الرّازيّ: [نحو الزّمخشريّ و قال:]

المسألة الثّانية:اعلم أنّه تعالى بيّن في هذه السّورة -بالدّلائل الكثيرة-افتقار الخلق إلى خالق و موجد، و محدث،و مبدع،و مدبّر.و لم يذكر دليلا منفصلا يدلّ على نفي الشّركاء و الأضداد و الأنداد.ثمّ إنّه أتبع الدّلائل الدّالّة على وجود الصّانع بأن نقل قول من أثبت للّه شريكا،فهذا القدر يكون أوجب الجزم بالتّشريك من الجنّ.ثمّ أبطله،ثمّ إنّه تعالى بعد ذلك أتى بالتّوحيد المحض؛ حيث قال: ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ....

و عند هذا يتوجّه السّؤال،و هو أنّ حاصل ما تقدّم إقامة الدّليل على وجود الخالق،و تزييف دليل من أثبت للّه شريكا،فهذا القدر كيف أوجب الجزم بالتّوحيد المحض؟

فنقول:للعلماء في إثبات التّوحيد طرق كثيرة،و من جملتها هذه الطّريقة.و تقريرها من وجوه:

الأوّل:قال المتقدّمون:الصّانع الواحد كاف و ما زاد على الواحد فالقول فيه متكافئ،فوجب القول بالتّوحيد.

أمّا قولنا:الصّانع الواحد كاف،فلأنّ الإله القادر على كلّ المقدورات العالم بكلّ المعلومات كاف في كونه إلها للعالم،و مدبّرا له.

و أمّا أنّ الزّائد على الواحد فالقول فيه متكافئ، فلأنّ الزّائد على الواحد لم يدلّ الدّليل على ثبوته،فلم يكن إثبات عدد أولى من إثبات عدد آخر.فيلزم إمّا إثبات آلهة لا نهاية لها،و هو محال،أو إثبات عدد معيّن مع أنّه ليس ذلك العدد أولى من سائر الأعداد،و هو أيضا محال.و إذا كان القسمان باطلين لم يبق إلاّ القول بالتّوحيد.

الوجه الثّاني:في تقرير هذه الطّريقة أنّ الإله القادر على كلّ الممكنات العالم بكلّ المعلومات كاف في تدبير العالم.فلو قدّرنا إلها ثانيا لكان ذلك الثّاني إمّا أن يكون فاعلا و موجدا لشيء من حوادث هذا العالم أو لا يكون.

و الأوّل باطل،لأنّه لمّا كان كلّ واحد منهما قادرا على جميع الممكنات فكلّ فعل يفعله أحدهما صار كونه فاعلا لذلك الفعل مانعا للآخر عن تحصيل مقدوره؛و ذلك يوجب كون كلّ واحد منهما سببا لعجز الآخر،و هو محال.

و إن كان الثّاني لا يفعل فعلا و لا يوجد شيئا،كان ناقصا معطّلا،و ذلك لا يصلح للإلهيّة.

و الوجه الثّالث:في تقرير هذه الطّريقة أن نقول:إنّ هذا الإله الواحد لا بدّ و أن يكون كاملا في صفات الإلهيّة.

ص: 743

فلو فرضنا إلها ثانيا لكان ذلك الثّاني إمّا أن يكون مشاركا للأوّل في جميع صفات الكمال أولا يكون.فإن كان مشاركا للأوّل في جميع صفات الكمال فلا بدّ و أن يكون متميّزا عن الأوّل بأمر ما؛إذ لو لم يحصل الامتياز بأمر من الأمور لم يحصل التّعدّد و الاثنينيّة.و إذا حصل الامتياز بأمر ما فذلك الأمر المميّز إمّا أن يكون من صفات الكمال أو لا يكون.فإن كان من صفات الكمال -مع أنّه حصل الامتياز به-لم يكن جميع صفات الكمال مشتركا فيه بينهما.و إن لم يكن ذلك المميّز من صفات الكمال،فالموصوف به يكون موصوفا بصفة ليست من صفات الكمال،و ذلك نقصان.

فثبت بهذه الوجوه الثّلاثة أنّ الإله الواحد كاف في تدبير العالم و الإيجاد،و أنّ الزّائد يجب نفيه.فهذه الطّريقة هي الّتي ذكرها اللّه تعالى هاهنا في تقرير التّوحيد.(13:

120)

نحوه النّيسابوريّ.(7:179)

البيضاويّ: [نحو الزّمخشريّ و قال:]

و يجوز أن يكون البعض بدلا أو صفة،و البعض خبرا.(1:325)

أبو السّعود: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]

و قيل:الخبر هو الأوّل و البواقي أبدال.

و قيل:الاسم الجليل بدل من المبتدإ،و البواقي أخبار.

و قيل:يقدّر لكلّ من الأخبار الثّلاثة مبتدأ.و قيل:

يجعل الكلّ بمنزلة اسم واحد...(2:125)

الآلوسيّ: [نحو أبي السّعود و قال:]

و إنّما قال سبحانه هنا: ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ و في سورة المؤمن:62 ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ فقدّم سبحانه هنا لا إِلهَ إِلاّ هُوَ على خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، و عكس هناك.

قال بعض المحقّقين:لأنّ هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ إلخ،فلمّا قال جلّ شأنه:

ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ أتى بعده بما يدفع الشّركة،فقال عزّ قائلا: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، ثمّ: خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. و تلك جاءت بعد قوله سبحانه: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ المؤمن:57،فكان الكلام على تثبيت خلق النّاس و تقريره،لا على نفي الشّريك عنه جلّ شأنه،كما كان في الآية الأولى،فكان تقديم خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ هناك أولى.و اللّه تعالى أعلم بأسرار كلامه.(7:244)

الطّباطبائيّ: الجملة الأولى،أعني قوله: ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ نتيجة متّخذة من البيان المورد في الآيات السّابقة،و المعنى إذا كان الأمر على ما ذكر فاللّه الّذي وصفناه هو ربّكم لا غير،و قوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ كالتّصريح بالتّوحيد الضّمنيّ الّذي تشتمل عليه الجملة السّابقة،و هو مع ذلك يفيد معنى التّعليل،أي هو الرّبّ ليس دونه ربّ،لأنّه اللّه الّذي ليس دونه إله.و كيف يكون غيره ربّا و ليس بإله!

و قوله: خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ تعليل لقوله: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، أي إنّما انحصرت الألوهيّة فيه،لأنّه خالق كلّ شيء من غير استثناء،فلا خالق غيره لشيء من الأشياء حتّى يشاركه في الألوهيّة،و كلّ شيء مخلوق له،خاضع

ص: 744

له بالعبوديّة،فلا يعادله فيها.(7:291)

10- لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ... الأعراف:59

الآلوسيّ: أي مستحقّ للعبادة،(غيره)،و هو استئناف مسوق لتعليل العبادة المذكورة أو الأمر بها.و (من)صلة،و(غير)بالرّفع-و هي قراءة الجمهور-صفة (اله)أو بدل منه باعتبار محلّه الّذي هو الرّفع على الابتداء أو الفاعليّة.و قرأ الكسائيّ بالجرّ باعتبار لفظه، و قرئ شاذّا بالنّصب على الاستثناء،و حكم«غير»-كما في«المفصّل»-حكم الاسم الواقع بعد«إلاّ»و هو المشهور،أي مالكم إله إلاّ إيّاه،كقولك:ما في الدّار أحد إلاّ زيدا و غير زيد.

و(اله)إن جعل مبتدأ ف(لكم)خبره،أو خبره محذوف،و(لكم)للتّخصيص و التّبيين،أي مالكم في الوجود أو في العالم إله غير اللّه تعالى.(8:150)

رشيد رضا :قوله تعالى:(من اله)يفيد تأكيد النّفي و عمومه.فلو قال قائل:ما عندنا من طعام أو أكل -بضمّتين-أفاد أنّه ما ثمّ شيء ممّا يطعم و يؤكل.و لو قال:ما عندنا طعام أو أكل،لصدق بانتفاء ما يسمّى بذلك ممّا يقدّم عادة لمن يريد الغداء أو العشاء من خبز و إدام.فإن كان لدى القائل بقيّة من فضلات المائدة أو قليل من الفاكهة لا يكون كاذبا.

و المراد من النّفي العامّ المستغرق هنا،أنّه ليس لهم إله ما يستحقّ أن يوجّه إليه نوع ما من أنواع العبادة،لا لرجاء النّفع أو دفع الضّرر منه لذاته،و لا لأجل توسّطه و شفاعته عند اللّه تعالى،بل الإله الحقّ الّذي يستحقّ أن تتوجّه القلوب إليه بالدّعاء و غيره،هو اللّه وحده.

قرأ الكسائيّ(غيره)بالكسر،على الصّفة للفظ (اله)،و الباقون بالرّفع باعتبار محلّه من الإعراب،لأنّ أصله:مالكم إله غيره.(8:491)

11- اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى. طه:8

الطّبريّ: الّذي لا تصلح العبادة إلاّ له.(16:141)

الفخر الرّازيّ: [درس مراتب التّوحيد و روايات التّهليل إلى أن قال:]

البحث الرّابع:في إعرابه قالوا:كلمة(لا)هاهنا دخلت على الماهيّة،فانتفت الماهيّة،و إذا انتفت الماهيّة انتفت كلّ أفراد الماهيّة.

و أمّا(اللّه)فإنّه اسم علم للذّات المعيّنة؛إذ لو كان اسم معنى لكان كلّها محتملا للكثرة،فلم تكن هذه الكلمة مفيدة للتّوحيد،فقالوا:(لا)استحقّت عمل«إنّ» لمشابهتها لها من وجهين:أحدهما ملازمة الأسماء، و الآخر تناقضهما،فإنّ أحدهما لتأكيد الثّبوت،و الآخر لتأكيد النّفي،و من عادتهم تشبيه أحد الضّدّين بالآخر في الحكم.

إذا ثبت هذا فنقول:لمّا قالوا:إنّ زيدا ذاهب،كان يجب أن يقولوا:لا رجلا ذاهب،إلاّ أنّهم بنوا(لا)مع ما دخل عليه من الاسم المفرد على الفتح.أمّا البناء فلشدّة اتّصال حرف النّفي بما دخل عليه كأنّهما صارا اسما واحدا.و أمّا الفتح فلأنّهم قصدوا البناء على الحركة المستحقّة توفيقا بين الدّليل الموجب للإعراب و الدّليل

ص: 745

الموجب للبناء.

الثّاني:خبره محذوف،و الأصل:لا إله في الوجود و لا حول و لا قوّة لنا،و هذا يدلّ على أنّ الوجود زائد على الماهيّة.

البحث الخامس:قال بعضهم:تصوّر الثّبوت مقدّم على تصوّر السّلب،فإنّ السّلب ما لم يضف إلى الثّبوت لا يمكن تصوّره فكيف قدّم هاهنا السّلب على الثّبوت؟

و جوابه:أنّه لمّا كان هذا السّلب من مؤكّدات الثّبوت لا جرم قدّم عليه.(22:11)

البروسويّ: لا معبود في الأرض و لا في السّماء إلاّ هو،دلّ على الهويّة بهذا القول.فإنّ(هو)كناية عن غائب موجود،و الغائب عن الحواسّ الموجود في الأزل هو اللّه تعالى.و فيه معنى حسن و هو التّعالي عن درك الحواسّ حتّى استحقّ اسم الكناية عن الغائب من غير غيبة،كما في بحر العلوم...(5:367)

الآلوسيّ: قوله تعالى: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ تحقيق للحقّ و تصريح بما تضمّنه ما قبله من اختصاص الألوهيّة به سبحانه.فإنّ ما أسند إليه عزّ شأنه من خلق جميع الموجودات و العلوّ اللاّئق بشأنه على جميع المخلوقات و الرّحمانيّة و المالكيّة للعلويّات و السّفليّات و العلم الشّامل ممّا يقتضيه اقتضاء بيّنا.(16:164)

المراغيّ: أي إنّ ما ذكر من صفات الكمال الّتي تقدّمت ليس بأهل لها إلاّ ذلك المعبود الحقّ الّذي لا ربّ غيره و لا إله سواه،و له الصّفات الحسنى الدّالّة على التّقديس و التّمجيد،و الأفعال الّتي هي غاية في الحكمة و السّداد.(16:96)

الطّباطبائيّ: قوله: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، يمكن أن يعلّل بما ثبت في الآيات السّابقة من توحّده تعالى بالرّبوبيّة المطلقة،و يمكن أن يعلّل بقوله بعده: لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى.

أمّا الأوّل:فلأنّ معنى«الإله»في كلمة التّهليل إمّا المعبود و إمّا المعبود بالحقّ،فمعنى الكلام اللّه لا معبود حقّ غيره،أو لا معبود بالحقّ موجود غيره،و المعبوديّة من شئون الرّبوبيّة و لواحقها.فإنّ العبادة نوع تمثيل و ترسيم للعبوديّة و المملوكيّة و إظهار للحاجة إليه،فمن الواجب أن يكون المعبود مالكا لعابده مدبّرا أمره،أي ربّا له.و إذ كان تعالى ربّ كلّ شيء لا ربّ سواه فهو المعبود لا معبود سواه.

و أمّا الثّاني:فلأنّ العبادة لأحد ثلاث خصال،إمّا رجاء لما عند المعبود من الخير فيعبد طمعا في الخير الّذي عنده لينال بذلك،و إمّا خوفا ممّا في الإعراض عنه و عدم الاعتناء بأمره من الشّرّ،و إمّا لأنّه أهل للعبادة و الخضوع.(14:123)

فضل اللّه: فهو وحده الإله الّذي يملك الأمر كلّه، فلا أمر في حركة الوجود إلاّ أمره،و هو الّذي يملك الكون كلّه،فليس هناك أحد إلاّ هو مملوك و مربوب و مخلوق له.

و تلك هي النّتيجة الطّبيعيّة لما تقدّمت به الآيات السّابقة، من شمول القدرة و الملك،و الرّبوبيّة المطلقة.(15:94)

12- مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ. المؤمنون:91

ص: 746

الطّوسيّ: ..ثمّ أخبر أنّه كما لم يتّخذ ولدا،لم يكن معه إله.

و هذا جواب لمحذوف،و تقديره:لو كان معه إله آخر إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ و فيه إلزام لمن يعبد الأصنام.

و قوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا الأنبياء:22،دليل عامّ في نفي مساو للقديم فيما يقدر عليه من جميع الأجناس و المعاني و معنى إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ أي لانفرد به و لحوّله من خلق غيره،لأنّه لا يرضى أن يضاف خلقه و أنعامه إلى غيره.

فإن قيل:لم لا يكون كلّ واحد منهم حكيما،فلا يستعلي على حكيم غيره؟

قلنا:لأنّه إذا كان جسما و كلّ جسم محتاج،جاز منه أن يستعلي لحاجته،بل لا بدّ من أن يقع ذلك منه، لأنّه ليس له مدبّر يلطف له حتّى يمتنع من القبيح الّذي يحتاج إليه،كما يلطف اللّه لملائكته و أنبيائه بما في معلومه أنّهم يصلحون به.(7:391)

الطّبرسيّ: قوله: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ جواب«لو»مقدّر،و التّقدير:و لو كان معه إله إذا لذهب، و(اذا)هنا حشو بين:(لو)و جوابه،فهي لغو غير عامل.[إلى أن قال:]

وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ، (من)هاهنا و في قوله:

(من ولد)مؤكّدة،فهو آكد من أن يقول:ما اتّخذ اللّه ولدا و ما كان معه إله،نفى عن نفسه الولد و الشّريك على آكد الوجوه.

إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ، و التّقدير:إذ لو كان معه إله آخر لذهب كلّ إله بما خلق،أي لميّز كلّ إله خلقه عن خلق غيره و منعه من الاستيلاء على ما خلقه،أو نصب دليلا يميّز به بين خلقه و خلق غيره.فإنّه كان لا يرضى أن يضاف خلقه و أنعامه إلى غيره وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ أي و لطلب بعضهم قهر بعض و مغالبته.و هذا معنى قول المفسّرين:و لقاتل بعضهم بعضا كما يفعل الملوك في الدّنيا.و قيل:معناه و لمنع بعضهم بعضا عن مراده،و هو مثل قوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا الأنبياء:22.

و في هذا دلالة عجيبة في التّوحيد،و هو أنّ كلّ واحد من الآلهة من حيث يكون إلها يكون قادرا لذاته؛ فيؤدّي إلى أن يكون قادرا على كلّ ما يقدر عليه غيره من الآلهة،فيكون غالبا و مغلوبا من حيث إنّه قادر لذاته.

و أيضا،فإنّ من ضرورة كلّ قادرين صحّة التّمانع بينهما،فلو صحّ وجود إلهين صحّ التّمانع بينهما من حيث إنّهما قادران،و امتنع التّمانع بينهما من حيث إنّهما قادران للذّات،و هذا محال.

و في هذا دلالة على إعجاز القرآن،لأنّه لا يوجد في كلام العرب كلمة وجيزة تضمّنت ما تضمّنته هذه،فإنّها قد تضمّنت دليلين باهرين على وحدانيّة اللّه و كمال قدرته.(4:116)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّه سبحانه ادّعى أمرين:

أحدهما:قوله: مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَدٍ، و هو كالتّنبيه على أنّ ذلك من قول هؤلاء الكفّار،فإنّ جمعا منهم كانوا يقولون:الملائكة بنات اللّه.

و الثّاني:قوله: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ، و هو قولهم:

ص: 747

باتّخاذ الأصنام آلهة.و يحتمل أن يريد به إبطال قول النّصارى و الثّنويّة.

ثمّ إنّه سبحانه و تعالى ذكر الدّليل المعتمد بقوله:

إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ... [إلى أن قال:]

فإن قيل:(اذا)لا يدخل إلاّ على كلام هو جزاء و جواب،فكيف وقع قوله:(لذهب)جزاء و جوابا،و لم يتقدّمه شرط و لا سؤال سائل؟

قلنا:الشّرط محذوف،و تقديره:و لو كان معه آلهة.

و إنّما حذف لدلالة قوله: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ عليه.

(23:117)

نحوه النّيسابوريّ(18:37)،و أبو حيّان(6:418) -إلاّ أنّه قال في:(اذا)ما يأتي في قول الآلوسيّ (18:59)-و الشّربينيّ(2:589).

المدنيّ: [من أنواع البديع]التّسليم،قال بعضهم:

هو أن يفرض المتكلّم حصول أمر قد نفاه،أو فهم استحالته،أو شرط فيه شرطا مستحيلا،ثمّ يسلّم وقوع ذلك بما يدلّ على عدم فائدته.

و قال الأكثرون: هو أن يفرض المتكلّم فرضا محالا منفيّا أو مشروطا بحرف الامتناع،ليكون المذكور ممتنع الوقوع لامتناع وقوع شرطه،ثمّ يسلّم وقوعه تسليما جدليّا،و يدلّ على عدم الفائدة لو وقع.

فالأوّل،أعني المحال المنفيّ كقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَدٍ... فإنّ معنى الكلام ليس مع اللّه من إله.

و لو سلّم أنّ معه سبحانه إلها لزم من ذلك التّسليم، ذهاب كلّ إله من الاثنين بما خلق،و علوّ بعضهم على بعض،فلا يتمّ في العالم أمر و لا ينفذ حكم و لا تنتظم أحواله.و الواقع خلاف ذلك؛ففرض إلهين فصاعدا محال لما يلزم منه المحال.

و هذا القسم هو الّذي بنى عليه أرباب البديعيّات أبياتهم،لكن ما فرضوه محال ادّعاء،و ليس بمحال حقيقة...[ثمّ ذكر أشعارهم](2:214)

البروسويّ: [قال نحو الفخر الرّازيّ و أضاف:]

و في«التّأويلات النّجميّة»يشير إلى أنّ اتّخاذ الولد لا يصحّ كاتّخاذ الشّريك.و الأمران جميعا داخلان في حدّ الاستحالة،لأنّ الولد و الشّريك يوجب المساواة في القدر،و الصّمديّة تتقدّس عن جواز أن يكون له مثل أو جنس.و لو تصوّرنا جوازه إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ فكلّ أمر نيط باثنين فقد انتفى عن النّظام،و صحّة التّرتيب.(6:102)

الآلوسيّ: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ يشاركه سبحانه في الألوهيّة إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ أي لاستبدّ بالّذي خلقه و استقلّ به تصرّفا،و امتاز ملكه عن ملك الآخر وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ و لوقع التّحارب و التّغالب بينهم،كما هو الجاري فيما بين الملوك، و التّالي باطل لما يلزم من ذلك نفي ألوهيّة الجميع أو ألوهيّة ما عدا واحدا منهم،و هو خلاف المفروض.أو لما أنّه يلزم أن لا يكون بيده تعالى وحده ملكوت كلّ شيء،و هو باطل في نفسه لما برهن عليه في الكلام و عند الخصم،لأنّه يقول باختصاص ملكوت كلّ شيء به تعالى،كما يدلّ عليه السّؤال و الجواب السّابقان آنفا،كذا قيل.و لا يخفى أنّ اللّزوم في الشّرطيّة المفهومة من الآية عاديّ لا عقليّ،و لذا قيل:إنّ الآية إشارة إلى دليل

ص: 748

إقناعيّ للتّوحيد،لا قطعيّ.

و في«الكشف»قد لاح لنا من لطف اللّه تعالى و تأييده أنّ الآية برهان نيّر على توحيده سبحانه، و تقريره أنّ مرجّح الممكنات،الواجب الوجود تعالى شأنه جلّ عن كلّ كثرة.أمّا كثرة المقوّمات أو الأجزاء الكمّيّة فبيّنة الانتفاء لإيذانها بالإمكان.و أمّا التّعدّد مع الاتّحاد في الماهيّة فكذلك للافتقار إلى المميّز،و لا يكون مقتضى الماهيّة لاتّحادهما فيه فيلزم الإمكان.ثمّ المميّزان في الطّرفين صفتا كمال،لأنّ الاتّصاف بما لا كمال فيه نقص،فهما ناقصان ممكنان مفتقران في الوجود إلى مكمّل خارج هو الواجب بالحقيقة،و كذلك الافتقار في كمال ما للوجود يوجب الإمكان لإيجابه أن يكون فيه أمر بالفعل و أمر بالقوّة،و اقتضاؤه التّركيب و الإمكان.

و من هنا قال العلماء:إنّ واجب الوجود بذاته واجب بجميع صفاته،ليس له أمر منتظر.و مع الاختلاف في الماهيّة يلزم أن لا يكون المرجّح مرجّحا،أي لا يكون الإله إلها لانّ كلّ واحد واحد من الممكنات إن استقلاّ بترجيحه لزم توارد العلّتين التّامّتين على معلول شخصيّ،و هو ظاهر الاستحالة.فكونه مرجّحا إلها يوجب الافتقار إليه،و كون غيره مستقلاّ بالتّرجيح يوجب الاستغناء عنه،فيكون مرجّحا[و]غير مرجّح في حالة واحدة؛و إن تعاونا،فكمثل[ذلك]إذ ليس و لا واحد منهما بمرجّح،و فرضا مرجّحين مع ما فيه من العجز عن الإيجاد و الافتقار إلى الآخر،و إن اختصّ كلّ منهما ببعض،مع أنّ الافتقار إليهما على السّواء لزم اختصاص ذلك المرجّح بمخصّص يخصّصه بذلك البعض بالضّرورة و ليس الذّات،لأنّ الافتقار إليهما على السّواء،فلا أولويّة للتّرجيح من حيث الذّات و لا معلول الذّات، لأنّه يكون ممكنا،و الكلام فيه عائد،فيلزم المحال من الوجهين الأوّلين،أعني الافتقار إلى مميّز غير الذّات و مقتضاها،و لزوم النّقص لكلّ واحد،لأنّ هذا المميّز صفة كمال،ثمّ مخصّص كلّ بذلك التّمييز هو الواجب الخارج لا هما.

و إلى المحال الأوّل الإشارة بقوله تعالى: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ و هو لازم على تقدير التّخالف في الماهيّة و اختصاص كلّ ببعض،و خصّ هذا القسم لأنّ ما سواه أظهر استحالة.و إلى الثّاني الإشارة بقوله سبحانه: وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ أي إمّا مطلقا و إمّا من وجه،فيكون العالي هو الإله أو لا يكون ثمّ إله أصلا، و هذا لازم على تقديري التّخالف و الاتّحاد و الاختصاص و غيره،فهو تكميل للبرهان من وجه و برهان ثان من آخر،فقد تبيّن و لاح كفرق الفجر أنّه تعالى هو الواحد الأحد.جعل وجوده زائدا على الماهيّة أو لا،فاعلا بالاختيار أو لا.و ليس برهان الوحدة مبنيّا على أنّه تعالى فاعل بالاختيار كما ظنّه الإمام الرّازيّ قدّس سرّه،انتهى.

و هو كلام يلوح عليه مخايل التّحقيق،و ربّما يورد عليه بعض مناقشات تندفع بالتّأمّل الصّادق.و ما أشرنا إليه من انفهام قضيّة شرطيّة من الآية ظاهر جدّا على ما ذهب إليه الفرّاء،فقد قال:إنّ(اذا)حيث جاءت بعدها اللاّم،فقبلها«لو»مقدّرة،إن لم تكن ظاهرة،نحو إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ، فكأنّه قيل:لو كان معه آلهة

ص: 749

كما تزعمون لذهب كلّ إله بما خلق.

و قال أبو حيّان (1): «(اذا)حرف جواب و جزاء، و يقدّر قسم يكون(لذهب)جوابا له،و التّقدير:و اللّه إذا،أي إن كان معه من إله لذهب.و هو في معنى ليذهبنّ، كقوله تعالى: وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا، الرّوم:51،أي ليظللن،لأنّ(اذا)تقتضي الاستقبال» و هو كما ترى.

و قد يقال:إنّ(اذا)هذه ليست الكلمة المعهودة،و إنّما هي إذا الشّرطيّة،حذفت جملتها الّتي تضاف إليها و عوّض عنها التّنوين،كما في«يومئذ»و الأصل:إذا كان معه من إله لذهب...إلخ،و التّعبير ب(اذا)من قبيل مجاراة الخصم.

و قيل:(كلّ اله)لما أنّ النّفي عامّ يفيد استغراق الجنس،و(ما)في(بما خلق)موصولة،حذف عائدها كما أشرنا إليه.

و جوّز أن تكون مصدريّة،و يحتاج إلى نوع تكلّف لا يخفى.و لم يستدلّ على انتفاء اتّخاذ الولد إمّا لغاية ظهور فساده أو للاكتفاء بالدّليل الّذي أقيم على انتفاء أن يكون معه سبحانه إله،بناء على ما قيل:إنّ ابن الإله يلزم أن يكون إلها؛إذ الولد يكون من جنس الوالد و جوهره، و فيه بحث.(18:59)

الطّباطبائيّ: قوله: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ ترقّ من نفي الأخصّ إلى نفي الأعمّ.و لفظة(من)في الجملتين زائدة للتّأكيد.

و قوله: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ حجّة على نفي التّعدّد ببيان محذوره؛إذ لا يتصوّر تعدّد الآلهة إلاّ ببينونتها بوجه من الوجوه؛بحيث لا تتّحد في معنى ألوهيّتها و ربوبيّتها.و معنى ربوبيّة الإله في شطر من الكون و نوع من أنواعه تفويض التّدبير فيه إليه؛بحيث يستقلّ في أمره من غير أن يحتاج فيه إلى شيء غير نفسه حتّى إلى من فوّض إليه الأمر.و من البيّن أيضا أنّ المتباينين لا يترشّح منهما إلاّ أمران متباينان.

و لازم ذلك أن يستقلّ كلّ من الآلهة بما يرجع إليه من نوع التّدبير،و تنقطع رابطة الاتّحاد و الاتّصال بين أنواع التّدابير الجارية في العالم،كالنّظام الجاري في العالم الإنسانيّ عن الأنظمة الجارية في أنواع الحيوان و النّبات و البرّ و البحر و السّهل و الجبل و الأرض و السّماء و غيرها،و كلّ منها عن كلّ منها.

و فيه فساد السّماوات و الأرض و ما فيهنّ،و وحدة النّظام الكونيّ و التئام أجزائه،و اتّصال التّدبير الجاري فيه يكذّبه.

و هذا هو المراد بقوله: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ أي انفصل بعض الآلهة عن بعض بما يترشّح منه من التّدبير.

و قوله: وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ محذور آخر لازم لتعدّد الآلهة،تتألّف منه حجّة أخرى على النّفي.

بيانه أنّ التّدابير الجارية في الكون مختلفة...[ثمّ ذكر كيفيّة الاستعلاء...إلى أن قال:]

هذا ما يعطيه التّدبّر في الآية،و للمفسّرين في تقرير حجّة الآية مسالك مختلفة،يبتني جميعها على استلزام3.

ص: 750


1- أبو حيّان(6:65)ذيل الآية وَ إِذاً لاَتَّخَذُوكَ خَلِيلاً الإسراء:73.

تعدّد الآلهة أمورا تستلزم إمكانها،و تنافي كونها واجبة الوجود فيلزم الخلف.و القوم لا يقولون في شيء من آلهتهم من دون اللّه بوجوب الوجود.و قد أفرط بعضهم فقرّر الآية بوجوه مؤلّفة من مقدّمات لا إشارة في الآية إلى جلّها و لا إيهام.و فرّط آخرون فصرّحوا بأنّ الملازمة المذكورة في الآية عاديّة لا عقليّة،و الدّليل إقناعيّ لا قطعيّ...(15:61-63)

نحوه فضل اللّه.(16:189)

13- ...أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ.

النّمل:60

الزّمخشريّ: أغيره يقرن به و يجعل شريكا له.

و قرئ (الها مع اللّه) بمعنى أ تدعون أو أ تشركون.و لك أن تحقّق الهمزتين و توسّط بينهما مدّة،و تخرج الثّانية بين بين.(3:155)

مثله البيضاويّ(2:180)،و أبو حيّان(7:89)، و نحوه الفخر الرّازيّ(24:206).

الطّبرسيّ: هذا استفهام إنكار،معناه هل معه معبود سواه أعانه على صنعه؟(4:229)

القرطبيّ: أي هل معبود مع اللّه يعينه على ذلك؟

(13:222)

النّيسابوريّ: و اعلم أنّ اللّه سبحانه ذكر قوله:

أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ في خمس آيات على التّوالي:النّمل 60،61،62،63 و 64،و ختم الأولى بقوله: بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ثمّ بقوله: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ثمّ بقوله:

قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ ثمّ بقوله: تَعالَى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ ثمّ: هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

و السّرّ فيه أنّ أوّل الذّنوب العدول عن الحقّ،ثمّ لم يعلموا و لو علموا ما عدلوا،ثمّ لم يتذكّروا فيعلموا بالنّظر و الاستدلال،فأشركوا من غير حجّة و برهان.قل لهم يا محمّد:هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين أنّ مع اللّه إلها آخر.(20:9)

الآلوسيّ: أي أ إله آخر كائن مع اللّه تعالى الّذي ذكر بعض أفعاله الّتي لا يكاد يقدر عليها غيره حتّى يتوهّم جعله شريكا له تعالى في العبادة؟و هذا تبكيت لهم بنفي الألوهيّة عمّا يشركونه به عزّ و جلّ في ضمن النّفي الكلّيّ على الطّريقة البرهانيّة بعد تبكيتهم بنفي الخيريّة عنه،بما ذكر من التّرديد.فإنّ أحدا ممّن له أدنى تمييز كما لا يقدر على إنكار انتفاء الخيريّة عنه بالمرّة،لا يكاد يقدر على إنكار انتفاء الألوهيّة عنه رأسا،لا سيّما بعد ملاحظة انتفاء أحكامها عمّا سواه عزّ و جلّ،و كذا الحال في المواقع الأربعة الآتية.

و قيل:المراد نفي أن يكون معه تعالى إله آخر في الخلق.و(ما)عطف عليه،لكن لا على أنّ التّبكيت بنفس ذلك النّفي فقط،فإنّهم لا ينكرونه حسبما يدلّ عليه قوله تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ الزّمر:38،بل بإشراكهم به تعالى ما يعترفون بعدم مشاركته له سبحانه فيما ذكر من لوازم الألوهيّة.كأنّه قيل:أ إله آخر مع اللّه في خواصّ الألوهيّة حتّى يجعل شريكا له تعالى في العبادة؟!

و قيل:المعنى أغيره يقرن به سبحانه و يجعل له شريكا في العبادة مع تفرّده جلّ شأنه بالخلق

ص: 751

و التّكوين؟!فالإنكار للتّوبيخ و التّبكيت مع تحقّق المنكر دون النّفي،كما في الوجهين السّابقين.و رجّح بأنّه الأظهر الموافق لقوله تعالى: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ المؤمنون:91،و الأوفى بحقّ المقام لإفادته نفي وجود إله آخر معه تعالى رأسا،لا نفي معيّته في الخلق و فروعه فقط.

و قرأ هشام عن ابن عامر(آاله)بتوسيط مدّة بين الهمزتين،و إخراج الثّانية بين بين.و قرأ أبو عمرو و نافع و ابن كثير(أ إلها)بالنّصب على إضمار فعل يناسب المقام مثل أ تجعلون،أو أ تدعون أو أ تشركون.(20:5)

14- ...أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ. النّمل:62

القرطبيّ: (أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ) على جهة التّوبيخ،كأنّه قال:أ مع اللّه ويلكم إله؛ف(اله)مرفوع ب(مع)و يجوز أن يكون مرفوعا بإضمار:أ إله مع اللّه يفعل ذلك فتعبدوه.

(13:224)

15- وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي... القصص:38

الطّبريّ: من أنّ لكم و له ربّا غيري و معبودا سواي.

(20:77)

الزّمخشريّ: قصد بنفي علمه بإله غيره نفي وجوده.

معناه مالكم من إله غيري.(3:179)

الفخر الرّازيّ: هذا في الحقيقة يشتمل على كلامين، أحدهما:نفي إله غيره،و الثّاني:إثبات إلهيّة نفسه.

فأمّا الأوّل فقد كان اعتماده على أنّ ما لا دليل عليه لم يجز إثباته.أمّا أنّه لا دليل عليه،فلأنّ هذه الكواكب و الأفلاك كافية في اختلاف أحوال هذا العالم السّفليّ فلا حاجة إلى إثبات صانع.و أمّا أنّ ما لا دليل عليه لم يجز إثباته،فالأمر فيه ظاهر.

و اعلم أنّ المقدّمة الأولى كاذبة،فإنّا لا نسلّم أنّه لا دليل على وجود الصّانع؛و ذلك لأنّا إذا عرفنا بالدّليل حدوث الأجسام عرفنا حدوث الأفلاك و الكواكب، و عرفنا بالضّرورة أنّ المحدث لا بدّ له من محدث،فحينئذ نعرف بالدّليل أنّ العالم له صانع.

و العجب أنّ جماعة اعتمدوا في نفي كثير من الأشياء على أن قالوا:لا دليل عليه فوجب نفيه،قالوا:و إنّما قلنا:

إنّه لا دليل،لأنّا بحثنا و سبرنا فلم نجد عليه دليلا.فرجع حاصل كلامهم بعد التّحقيق إلى أنّ كلّ ما لا يعرف عليه دليل وجب نفيه.و إنّ فرعون لم يقطع بالنّفي بل قال:لا دليل عليه فلا أثبته بل أظنّه كاذبا في دعواه.ففرعون على نهاية جهله أحسن حالا من هذا المستدلّ.

أمّا الثّاني-و هو إثباته إلهيّة نفسه-فاعلم أنّه ليس المراد منه أنّه كان يدّعي كونه خالقا للسّماوات و الأرض و البحار و الجبال،و خالقا لذوات النّاس و صفاتهم؛فإنّ العلم بامتناع ذلك من أوائل العقول،فالشّكّ فيه يقتضي زوال العقل.بل«الإله»هو المعبود.

فالرّجل كان ينفي الصّانع،و يقول:لا تكليف على النّاس إلاّ أن يطيعوا ملكهم و ينقادوا لأمره.فهذا هو المراد من ادّعائه الإلهيّة لا ما ظنّه الجمهور من ادّعائه كونه خالقا للسّماء و الأرض،لا سيّما و قد دلّلنا في سورة طه:49،في تفسير قوله: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى على

ص: 752

أنّه كان عارفا باللّه تعالى،و أنّه كان يقول ذلك ترويحا [تزيينا]على الأغمار من النّاس(24:252)

الكاشانيّ: نفى علمه بإله غيره دون وجوده،كأنّه كان شاكّا فيه،و لذا أمر ببناء الصّرح.(4:90)

الآلوسيّ: قاله اللّعين بعد ما جمع السّحرة و تصدّى للمعارضة.و الظّاهر أنّه أراد حقيقة ما يدلّ عليه كلامه و هو نفي علمه بإله غيره دون وجوده؛فإنّ عدم العلم بالشّيء لا يدلّ على عدمه،و لم يجزم بالعدم بأن يقول:

ليس لكم إله غيري مع أنّ كلاّ من هذا و ما قاله كذب، لأنّ ظاهر قول موسى عليه السّلام: لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاّ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ الإسراء:102، يقتضي أنّه كان عالما بأنّ إلههم غيره،و ما تركه أوفق ظاهرا بما قصده،من تبعيد قومه عن اتّباع موسى عليه السّلام، اختيارا لدسيسة شيطانيّة،و هو إظهار أنّه منصف في الجملة،ليتوصّل بذلك إلى قبولهم ما يقوله لهم بعد،في أمر الإله و تسليمهم إيّاه له،اعتمادا على ما رأوا من إنصافه.

فكأنّه قال:ما علمت في الأزمنة الماضية لكم إلها غيري كما يقول موسى،و الأمر محتمل و سأحقّق لكم ذلك.[ثمّ بسط القول في نفي العلم فلاحظ«ع ل م»](20:80)

الطّباطبائيّ: فيه تعريض لموسى بما جاء به من الدّعوة الحقّة المؤيّدة بالآيات المعجزة،يريد أنّه لم يتبيّن له حقّيّة ما يدعو إليه موسى،و لا كون ما أتى به من الخوارق آيات معجزة من عند اللّه،و أنّه ما علم لهم من إله غيره.

فقوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي سوق للكلام في صورة الإنصاف،ليقع في قلوب الملأ موقع القبول،كما هو ظاهر قوله المحكيّ في موضع آخر: ما أُرِيكُمْ إِلاّ ما أَرى وَ ما أَهْدِيكُمْ إِلاّ سَبِيلَ الرَّشادِ المؤمن:29.

فمحصّل المعنى أنّه ظهر للملإ أنّه لم يتّضح له من دعوة موسى و آياته أنّ هناك إلها هو ربّ العالمين،و لا حصل له علم بأنّ هناك إلها غيره.ثمّ أمر هامان أن يبني له صرحا لعلّه يطّلع إلى إله موسى.

و بذلك يظهر أنّ قوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي من قبيل قصر القلب.فقد كان موسى عليه السّلام يثبت الألوهيّة للّه سبحانه و ينفيها عن غيره،و هو ينفيها عنه تعالى و يثبتها لنفسه،و أمّا سائر الآلهة الّتي كان يعبدها هو و قومه فلا تعرّض لها.

و قوله: لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى القصص:38، نسب الإله إلى موسى بعناية أنّه هو الّذي يدعو إليه.

(16:36)

16- قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ. ص:65

الطّباطبائيّ: نفي لكلّ إله-و الإله هو المعبود بالحقّ-غيره تعالى.

و أمّا ثبوت ألوهيّته تعالى فهو مسلّم بانتفاء ألوهيّة غيره؛إذ لا نزاع بين الإسلام و الشّرك في أصل ثبوت الإله،و إنّما النّزاع في أنّ الإله-و هو المعبود بالحقّ-هو اللّه تعالى أو غيره.على أنّ ما ذكر في الآيتين من الصّفات متضمّن لإثبات ألوهيّته،كما أنّها حجّة على انتفاء ألوهيّة غيره تعالى.(17:222)

ص: 753

نحوه فضل اللّه.(19:283)

17- وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ. الزّخرف:84

الإمام عليّ عليه السّلام: قوله:(و هو الّذى...)و قوله:

وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ الحديد:4،و قوله: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ المجادلة:7،فإنّما أراد بذلك استيلاء أمنائه بالقدرة الّتي ركّبها فيهم على جميع خلقه،و إنّ فعله فعلهم.(العروسيّ 4:617)

قتادة:يعبد في السّماء و يعبد في الأرض.

(الطّبريّ 25:104)

نحوه الخازن.(6:119)

الإمام الصّادق عليه السّلام: عن هشام بن الحكم قال:

قال أبو شاكر الدّيصانيّ:إنّ في القرآن آية هي قولنا، قلت:و ما هي؟فقال: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ فلم أدر بما أجيبه،فججت (1)فخبرت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال:

هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل:ما اسمك بالكوفة؟فإنّه يقول:فلان،فقل له:ما اسمك بالبصرة؟فإنّه يقول:فلان،فقل:كذلك اللّه ربّنا في السّماء إله و في الأرض إله،و في البحار إله و في القفار إله و في كلّ مكان إله.

قال:فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال:هذه نقلت من الحجاز.(العروسيّ 4:617)

الطّبريّ: اللّه الّذي له الألوهة في السّماء معبود،و في الأرض معبود،كما هو في السّماء معبود،لا شيء سواه تصلح عبادته،فأفردوا لمن هذه صفته العبادة و لا تشركوا به شيئا غيره.(25:104)

نحوه المراغيّ.(25:115)

الفارسيّ: نظرت فيما يرتفع به(اله)فوجدت ارتفاعه يصحّ بأن يكون خبر مبتدإ محذوف،و التّقدير:

و هو الّذي في السّماء هو إله.(الفخر الرّازيّ 27:232)

الطّوسيّ: أي يحقّ له العبادة في السّماء و يحقّ له العبادة في الأرض،و إنّما كرّر لفظة(اله)في قوله: وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ لأحد أمرين:

أحدهما:للتّأكيد ليتمكّن المعنى في النّفس لعظمه في باب الحقّ.

الثّاني:أنّ المعنى هو في السّماء إله يجب على الملائكة عبادته،و في الأرض إله يجب على الآدميّين عبادته.

(9:220)

مثله الطّبرسيّ.(5:58)

الميبديّ:قوله:(فى الارض)،(فى)هاهنا زائدة، تأويله:و هو الّذي في السّماء و الأرض إله.(9:86)

الزّمخشريّ: ضمّن اسمه تعالى معنى وصف،فلذلك علّق به الظّرف في قوله:«فى السماء»و«فى الارض،»كما تقول:هو حاتم في طيّئ،حاتم في تغلب،على تضمين معنى الجواد الّذي شهر به.كأنّك قلت:هو جواد في طيّئ جواد في تغلب.

و قرئ (و هو الّذى فى السّماء اللّه و فى الارض اللّه) ،و مثله قوله تعالى: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِيم.

ص: 754


1- جاج كمنع:إذا وقف جبنا و لعلّه«فحججت»من الحجّ، كأنّه حجّ فالتقى بالإمام عليه السّلام.

اَلْأَرْضِ الأنعام:3،كأنّه ضمّن معنى المعبود أو المالك أو نحو ذلك.

و الرّاجع إلى الموصول محذوف لطول الكلام،كقولهم:

ما أنا بالّذي قائل لك شيئا،و زاده طولا أنّ المعطوف داخل في حيّز الصّلة.و يحتمل أن يكون(فى السّماء) صلة(الّذى)،و(اله)خبر مبتداء محذوف،على أنّ الجملة بيان للصّلة،و أنّ كونه في السّماء على سبيل الإلهيّة و الرّبوبيّة لا على معنى الاستقرار،و فيه نفي الآلهة الّتي كانت تعبد في الأرض.(3:497)

مثله النّسفيّ(4:125)،و نحوه أبو حيّان(8:29).

الفخر الرّازيّ: هذه الآية من أدلّ الدّلائل على أنّه تعالى غير مستقرّ في السّماء،لأنّه تعالى بيّن بهذه الآية أنّ نسبته إلى السّماء بالإلهيّة كنسبته إلى الأرض،فلمّا كان إلها للأرض-مع أنّه غير مستقرّ فيها-فكذلك يجب أن يكون إلها للسّماء،مع أنّه لا يكون مستقرّا فيها.

فإن قيل:و أيّ تعلّق لهذا الكلام بنفي الولد عن اللّه تعالى؟

قلنا:تعلّقه به أنّه تعالى خلق عيسى بمحض«كن فيكون»من غير واسطة النّطفة و الأب،فكأنّه قيل:إنّ هذا القدر لا يوجب كون عيسى ولدا للّه سبحانه،لأنّ هذا المعنى حاصل في تخليق السّماوات و الأرض و ما بينهما،مع انتفاع حصول الولديّة هناك.(27:232)

الرّازيّ:فإن قيل:قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ... ظاهره يقتضي تعدّد الآلهة،لأنّ النّكرة إذا أعيدت تعدّدت،كقوله:له عليّ درهم و درهم،و أنت طالق و طالق،و لهذا قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما:لن يغلب عسر يسرين؟

قلنا:«الإله»هنا بمعنى المعبود بالنّقل،كما في قوله تعالى: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ الأنعام:3، فصار المعنى:و هو الّذي في السّماء معبود و في الأرض معبود.

و المغايرة ثابتة بين معبوديّته في السّماء و معبوديّته في الأرض،لأنّ العبوديّة من الأمور الإضافيّة،فيكفي في تغايرهما التّغاير من أحد الطّرفين.فإذا كان العابد في السّماء غير العابد في الأرض صدق أنّ معبوديّته في السّماء غير معبوديّته في الأرض،مع أنّ المعبود واحد.

(313)

القرطبيّ: هذا تكذيب لهم في أنّ للّه شريكا و ولدا، أي هو المستحقّ للعبادة في السّماء و الأرض.

و قال عمر و غيره:المعنى و هو الّذي في السّماء إله و في الأرض،و كذلك قرأ.و المعنى أنّه يعبد فيهما.

و روي أنّه قرأ هو و ابن مسعود و غيرهما (وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ و هذا خلاف المصحف.و قيل:(فى)بمعنى(على)،كقوله تعالى:

وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ طه:71،أي على جذوع النّخل،أي هو القادر على السّماء و الأرض.

(16:121)

البيضاويّ: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]و فيه نفي الآلهة السّماويّة و الأرضيّة،و اختصاصه باستحقاق الألوهيّة.(2:372)

نحوه أبو السّعود.(5:50)

الشّربينيّ: أي معبود لا شريك له تتوجّه الرّغبات

ص: 755

إليه في جميع الأحوال،و تخلص إليه في جميع أوقات الاضطرار،فقد وقع الإجماع من جميع من في السّماء و الأرض على إلهيّته،فثبت استحقاقه لهذه الرّتبة،و ثبت اختصاصه باستحقاقها في الشّدائد،فباقي الأوقات كذلك من غير فرق،لأنّه لا مشارك له في هذا الاستحقاق؛ فعبادة غيره باطلة.

و قرأ قالون،و البزّيّ: بتسهيلها مع المدّ و القصر.

و قرأ أبو عمرو:بإسقاط الهمزة الأولى مع المدّ و القصر.

و قرأ ورش،و قنبل:بتسهيل الثّانية و إبدالها أيضا ألفا.

و قرأ الباقون:بتحقيقهما.

تنبيه:كلّ من الطّرفين متعلّق بما بعده،لأنّ(اله) بمعنى معبود،أي معبود في السّماء و معبود في الأرض.

و حينئذ يقال:الصّلة لا تكون إلاّ جملة أو ما في تقديرها،و هو الظّرف و عديله،و لا شيء منهما هنا؟

أجيب بأنّ المبتدأ حذف لدلالة المعنى عليه،و ذلك المحذوف هو العائد،تقديره:و هو الّذي هو في السّماء إله و هو في الأرض إله.و إنّما حذف لطول الصّلة بالمعمول، فإنّ الجارّ متعلّق بإله،و مثله:ما أنا بالّذي قائل لك سوء.

(3:576)

الآلوسيّ: الظّرفان متعلّقان ب(اله)لأنّه صفة بمعنى معبود من:أله بمعنى عبد،و هو خبر مبتدإ محذوف،أي هو إله.و ذلك عائد الموصول،و حذف لطول الصّلة بمتعلّق الخبر و العطف عليه.

و قال غير واحد: الجارّ متعلّق ب(اله)باعتبار ما ينبئ عنه من معنى المعبوديّة بالحقّ بناء على اختصاصه بالمعبود بالحقّ،و هذا كتعلّق الجارّ بالعلم المشتهر بصفة نحو قولك:هو حاتم في طيّئ حاتم في تغلب،و على هذا تخرج قراءة عمر،و عليّ،و عبد اللّه،و أبيّ،و الحكم بن أبي العالي،و بلال بن أبي بردة،و ابن يعمر،و جابر،و ابن زيد،و عمر بن عبد العزيز،و أبي شيخ الهنائيّ،و حميد، و ابن مقسم،و ابن السّميقع:(و هو الّذى فى السّماء اللّه و فى الارض اللّه)فيعلّق الجارّ بالاسم الجليل باعتبار الوصف المشتهر به.

و اعتبر بعضهم معنى الاستحقاق للعبادة،و علّل ذلك بأنّ العبادة بالفعل لا تلزم.و جوّز كون الجارّ و المجرور صلة الموصول،و(اله)خبر مبتدإ محذوف أيضا، على أنّ الجملة بيان للصّلة،و أنّ كونه سبحانه في السّماء على سبيل الإلهيّة لا على معنى الاستقرار.

و اختير كون(اله)في هذا الوجه خبر مبتدإ محذوف، على كونه خبرا آخر للمبتدإ المذكور أو بدلا من الموصول أو من ضميره،بناء على تجويزه،لأنّ إبدال النّكرة الغير الموصوفة من المعرفة-إذا أفادت ما لم يستفد أوّلا كما هنا- جائز حسن على ما قال أبو عليّ في الحجّة،لأنّ البيان هاهنا أتمّ و أهمّ،فلذا رجّح مع ما فيه من التّقدير،و حينئذ فلا فاصل أجنبيّ بين المتعاطفين،و لا يجوز كون الجارّ و المجرور خبرا مقدّما و(اله)مبتدأ مؤخّرا،للزوم خلوّ الجملة عن العائد مع فساد المعنى.و في الآية نفي الآلهة السّماويّة و الأرضيّة و اختصاص الإلهيّة به عزّ و جلّ، لما فيها من تعريف طرفي الإسناد،و الموصول في مثل ذلك كالمعرّف بالأداة.

و للاعتناء بكلّ من إلهيّته تعالى في السّماء و إلهيّته عزّ و جلّ في الأرض قيل: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي

ص: 756

اَلْأَرْضِ إِلهٌ و لم يقل:و هو الّذي في السّماء و في الأرض إله،أو هو الّذي في السّماء و الأرض إله.و حديث الإعادة قيل:ممّا لا يجري هاهنا،لأنّ القاعدة أغلبيّة كأكثر قواعد العربيّة.

و قال بعض الأفاضل: يجوز إجراء القاعدة فيه و المغايرة بين الشّيئين أعمّ من أن تكون بالذّات أو بالوصف و الاعتبار،و المراد هنا الثّاني.

و لا شكّ أنّ طريق عبادة أهل السّماء له تعالى غير طريق عبادة أهل الأرض على ما يشهد به تتبّع الآثار، فإذا كان(اله)بمعنى معبود كان معنى الآية أنّه تعالى معبود في السّماء على وجه و معبود في الأرض على وجه آخر،و إن كان بمعنى التّحيّر فيه فالتّحيّر في أهل السّماء غير التّحيّر في أهل الأرض.فلا جرم تكون أطوارهم مخالفة لأطوار أهل الأرض؛و من ذلك اختلاف علومهم، فإنّ علوم أهل الأرض إن كانت ضروريّة فأكثرها مستندة إلى الحسّ،و إن كانت نظريّة كانت مكتسبة من النّظر.

فإذا انسدّ طريق النّظر و الحسّ عجزوا و تحيّروا و لا كذلك أهل السّماء،لتنزّههم عن الكسب و الحسّ، فتحيّرهم على نحو آخر.

أو نقول:التّحيّر في إدراك ذاته تعالى و صفاته إنّما ينشأ من مشاهدة آثار عظمته و كمال قدرته سبحانه.و لا شكّ أنّ تلك الآثار في السّماء أعظم من الآثار في الأرض؛ و عليه فيجوز أن يكون الإله بمعنى المتحيّر فيه،و يكون مجازا من عظيم الشّأن من باب ذكر اللاّزم و إرادة الملزوم.فيكون المعنى أنّه تعالى عظيم الشّأن في السّماء على نحو،عظيم الشّأن في الأرض على نحو آخر انتهى، و لا يخلو عن شىء،كما لا يخفى.(25:106)

الطّباطبائيّ: أي و هو الّذي في السّماء إله مستحقّ للمعبوديّة،و هو في الأرض إله،أي هو المستحقّ لمعبوديّة أهل السّماوات و الأرض وحده.و يفيد تكرار(إله)-كما قيل-التّأكيد و الدّلالة على أنّ كونه تعالى إلها في السّماء و الأرض،بمعنى تعلّق ألوهيّته بهما لا بمعنى استقراره فيهما،أو في أحدهما.

و في الآية مقابلة لما يثبته الوثنيّة لكلّ من السّماء و الأرض إلها أو آلهة.(18:126)

نحوه فضل اللّه.(20:268)

عبد الكريم الخطيب: هو بيان لقدرة اللّه و جلاله، و عظمة ملكه و اقتدار سلطانه،فهو سبحانه المتفرّد بالألوهة في السّماء لا شريك له فيها،و بهذا يدين له أهل السّماء بالعبوديّة.

و هو سبحانه،المتفرّد بالألوهة في الأرض لا شريك له فيها،و بهذا يدين له أهل الأرض بالولاء،و يخصّونه بالعبادة...(13:171)

18- فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ... محمّد:19

أبو العالية: هذه الآية متّصلة بما قبلها،أي إذا جاءتهم السّاعة فاعلم أنّه لا ملجأ و لا مفزع عند قيامها إلاّ اللّه.

مثله ابن عيينة.الميبديّ(9:191)

الإمام الصّادق عليه السّلام:[في حديث طويل يقول فيه

ص: 757

عليه السّلام لأبي حنيفة:]أخبرني عن كلمة أوّلها شرك و آخرها إيمان؟

(قال:لا أدري،قال:)هي«لا إله إلاّ اللّه»،أوّلها كفر و آخرها إيمان.(العروسيّ 5:40)

الإمام الرّضا عليه السّلام: بإسناده عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

يقول:سمعت جبرئيل يقول:سمعت اللّه يقول:لا إله إلاّ اللّه حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي...

بشروطها و أنا بشروطها. (1)(العروسيّ 5:39)

و في حديث آخر بإسناده عن آبائه عليهم السّلام عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن جبرئيل عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللّوح عن القلم قال:

يقول اللّه عزّ و جلّ:ولاية عليّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي.(العروسيّ 5:39)

في باب العلل الّتي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنّه سمعها من الرّضا عليه السّلام مرّة بعد مرّة و شيئا بعد شيء:

فإن قال:فلم وجب عليهم الإقرار و المعرفة بأنّ اللّه واحد أحد؟

قيل:لعلل،منها:أنّه لو لم يجب عليهم الإقرار و المعرفة لجاز لهم أن يتوهّموا مدبرين أو أكثر من ذلك، و إذا جاز ذلك لم يهتدوا إلى الصّانع لهم من غيره،لأنّ كلّ إنسان منهم كان لا يدري لعلّه إنّما يعبد غير الّذي خلقه،و يطيع غير الّذي أمره،فلا يكونون على حقيقة من صانعهم و خالقهم،و لا يثبت عندهم أمر آمر و لا نهي ناه؛إذا لم يعرف الآمر بعينه،و لا النّاهي من غيره.

و منها:أن لو جاز أن يكون اثنين لم يكن أحد الشّريكين أولى بأن يعبد و يطاع من الآخر،و في إجازة أن يطاع ذلك الشّريك إجازة أن لا يطاع اللّه،و في إجازة أن لا يطاع اللّه عزّ و جلّ كفر باللّه و بجميع كتبه و رسله، و إثبات كلّ باطل و ترك كلّ حقّ،و تحليل كلّ حرام و تحريم كلّ حلال،و الدّخول في كلّ معصية و الخروج من كلّ طاعة،و إباحة كلّ فساد و إبطال كلّ حقّ.

و منها:أنّه لو جاز أن يكون أكثر من واحد لجاز لإبليس أن يدّعي أنّه ذلك الآخر حتّى يضادّ اللّه تعالى في جميع حكمه،و يصرف العباد إلى نفسه؛فيكون في ذلك أعظم الكفر و أشدّ النّفاق.(العروسيّ 5:38)

و هناك روايات في فضل كلمة«لا إله إلاّ اللّه» و فوائدها،فراجع

الطّوسيّ: أي لا معبود يحقّ له العبادة إلاّ اللّه.و في ذلك دلالة على أنّ المعرفة باللّه اكتساب،لأنّها لو كانت ضروريّة،لما أمر بها.(9:300)

الميبديّ: أي اعلم خبرا يقينا ما علمته نظرا و استدلالا،أنّه لا إله إلاّ اللّه...

و قيل:معناه فاعلم يا محمّد أنّه ليس شيء فضله كفضل لا إله إلاّ اللّه،فاذكر لا إله إلاّ اللّه و اثبت على قول:

لا إله إلاّ اللّه.(9:190)

نحوه النّيسابوريّ.(26:29)

السّيوطيّ: قاعدة في حذف المفعول اختصارا و اقتصارا...ذكر شروطه و هي ثمانية:...و منها الصّناعة النّحويّة...[إلى أن قال:]

و قد توجب الصّناعة،التّقدير-و إن كان المعنى غيرل.

ص: 758


1- من شروطها،خ ل.

متوقّف عليه-كقولهم في(لا إله إلاّ اللّه):إنّ الخبر محذوف،أي«موجود»،و قد أنكره الإمام فخر الدّين، و قال:هذا الكلام لا يحتاج إلى تقدير،و تقدير النّحاة فاسد،لأنّ نفي الحقيقة مطلقة أعمّ من نفيها مقيّدة.فإنّها إذا انتفت مطلقة كان ذلك دليلا على سلب الماهيّة مع القيد،و إذا انتفت مقيّدة بقيد مخصوص لم يلزم نفيها مع قيد آخر.و ردّ بأنّ تقديرهم:«موجود»يستلزم نفي كلّ إله غير اللّه قطعا،فإنّ العدم لا كلام فيه،فهو في الحقيقة نفي للحقيقة مطلقة لا مقيّدة.ثمّ لا بدّ من تقدير خبر لاستحالة مبتدإ بلا خبر ظاهر أو مقدّر،و إنّما يقدّر النّحويّ ليعطي القواعد حقّها،و إن كان المعنى مفهوما.(3:197)

الآلوسيّ: و في تقديم الأمر بالتّوحيد إيذان بمزيد شرف التّوحيد،فإنّه أساس الطّاعات و نبراس العبادات.و في الكلمة الطّيّبة أبحاث شريفة و لطائف منيفة لا بأس بذكر بعضها.و إن تقدّم شيء من ذلك فنقول:

المشهور أنّ(إلاّ)للاستثناء،و الاسم الجليل بدل من محلّ اسم(لا)النّافية للجنس،و خبر(لا)محذوف.

و استشكل الإبدال من جهتين:

أولاهما:أنّه بدل بعض،و ليس معه ضمير يعود على المبدل منه،و هو شرط فيه.

و أجيب بمنع كونه شرطا مطلقا بل هو شرط حيث لا تفهم البعضيّة بقرينة،و هاهنا قد فهمت بقرينة الاستثناء.

ثانيتهما:أنّ بين المبدل منه و البدل مخالفة فإنّ الأوّل منفيّ و الثّاني موجب.

و أجاب السّيرافيّ بأنّه بدل عن الأوّل في عمل العامل،و التّخالف نفيا و إيجابا لا يمنع البدليّة،لأنّ مذهب البدل أن يجعل الأوّل كأنّه لم يذكر و الثّاني في موضعه،و قد تتخالف الصّفة و الموصوف في ذلك،نحو مررت برجل لا كريم و لا لبيب،على أنّه لو قيل:إنّ البدل في الاستثناء قسم على حياله مغاير لغيره من الأبدال لكان له وجه.

و استشكل أمر الخبر بأنّه إن قدّر«ممكن»يلزم عدم إثبات الوجود بالفعل للواحد الحقيقيّ تعالى شأنه،أو «موجود»يلزم عدم تنزيهه تعالى عن إمكان الشّركة و تقدير خاصّ مناسب لا قرينة عليه قيل:و لصعوبة هذا الإشكال ذهب صاحب«الكشّاف»و أتباعه إلى أنّ الكلمة(لا)غير محتاجة إلى خبر،و جعل(الاّ اللّه)مبتدأ، و(لا اله)خبره،و الأصل:اللّه إله،أي معبود بحقّ،لكن لمّا أريد قصر الصّفة على الموصوف قدّم الخبر و قرن المبتدأ ب(إلاّ)،إذ المقصور عليه هو الّذى يلي(الاّ) و المقصور هو الواقع في سياق النّفي،و المبتدأ إذا اقترن ب(الاّ)وجب تقديم خبره.و تعقّب بأنّه مع ما فيه من التّمحّل يلزم منه بناء الخبر مع(لا)و هي لا يبنى معها إلاّ المبتدأ،و أيضا لو كان الأمر كذلك لم يكن لنصب الاسم الواقع بعدها وجه،و قد جوّزه جماعة.

و قال بعض الأفاضل: أنّ(لا اله الاّ اللّه)على هذا المذهب قضيّة معدولة الطّرفين بمنزلة غير الحيّ لا عالم، بمعنى الحيّ عالم،و لا يدفع الاعتراض كما لا يخفى.

و قال بعضهم: إنّ الخبر هو(الاّ اللّه)أعني إلاّ مع

ص: 759

الاسم الجليل.

و أورد عليه أنّ الجنس مغاير لكلّ من أفراده، فكيف يصدق حينئذ سلب مغايرة فرد عنه،اللّهمّ إلاّ أن يقال:إنّ ذلك بناء على تضمين معنى«من»و أنّ المفهوم منه أنّه انتفى من هذا الجنس غير هذا الفرد.و الوجه-كما قيل-أن يقال:إنّ المغايرة المنفيّة هي المغايرة في الوجود لا المغايرة في المفهوم حتّى لا يصدق،و لا شكّ أنّ المراد من الجنس المنفيّ ب(لا)هذه هو المفهوم من غير اعتبار حصوله في الأفراد كلّها أو بعضها،فيكون محمولا لا بمعنى اعتبار عدم حصوله فيها أصلا،حتّى لا يصحّ حمله؛إذ لا يلزم من عدم اعتبار شيء اعتبار عدمه،و متى تحقّق الحمل تحقّق عدم المغايرة في الوجود،فتدبّره.

و قال بعضهم: لا خبر ل(لا)هذه أصلا،على ما قاله بنو تميم فيها،و أورد عليه أنّه يلزم حينئذ انتفاء الحكم و العقد،و هو باطل قطعا،ضرورة اقتضاء التّوحيد ذلك، و لا يبعد أن يقال:إنّ القول بعدم احتياج(لا)إلى الخبر لا يخرج المركّب منها و من اسمها عن العقد؛و ذلك لأنّ معنى المركّب نحو:لا رجل،على هذا التّقدير انتفى هذا الجنس،فإذا قلنا:لا رجل إلاّ حاتم،كان معناه انتفى هذا الجنس في غير هذا الفرد.و يخدشه أنّ تركّب الكلام من الحرف و الاسم ممّا ليس إليه سبيل،و ربّما يدفع بما قيل في النّداء مثل:يا زيد،من أنّه قائم مقام«أدعوه».

و الشّريف العلاّمة قدس سرّه صرّح في بيان ما نقل عن بني تميم من عدم إثبات خبر(لا)هذه،بأنّه يحتمل أن يكون بناء على أنّ المفهوم من التّركيب-كما ذكر آنفا- انتفاء هذا الجنس.

ثمّ إنّ كلمة(الاّ)على هذا التّقدير بمعنى«غير»و لا مجال لكونها للاستثناء لا لما يتوهّم من التّناقض،بناء على أنّ سلب الجنس عن كلّ فرد فرد ينافي إثباته لواحد من أفراده،فإنّه مدفوع بنحو ما اختاره نجم الأئمّة في دفع التّناقض المتوهّم،في مثل:ما قام القوم إلاّ زيدا، لوجوب شمول القوم المنفيّ عنهم الفعل لزيد المثبت،هو له،فيما يتبادر،بأن يقال:إنّ الجنس الخارج عنه هذا الفرد منتف في ضمن كلّ ما عداه.

و لا لما قد يتوهّم من عدم تناول الجنس المنفيّ لما هو بعد(الاّ)و هو شرط الاستثناء،لما عرفت من الفرق بين الجنس بدون اعتبار حصوله في الأفراد و بينه مع اعتبار عدم حصوله فيها.

بل لأنّها لو كانت للاستثناء لما أفاد الكلام التّوحيد، لأنّه يكون حاصله حينئذ أنّ هذا الجنس على تقدير عدم دخول هذا الفرد فيه منتف،فيفهم منه عدم انتفائه في أفراد غير خارج عنها ذلك الفرد فأين التّوحيد، فالواجب حملها على معنى«غير»و جعلها تابعة لمحلّ اسم (لا)بدلا عنه،أو صفة،كما في قوله:

و كلّ أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلاّ الفرقدان

كذا رأيته في بعض نسخ قديمة،و ذكره بعض شيوخ مشايخنا العلاّمة الطّبقجليّ في رسالته«شرح الكلمة الطّيّبة»و لم يتعقّبه بشيء.

و عندي أنّ ما ذكر في نفي كون(الاّ)للاستثناء على ذلك التّقدير لا يخلو عن نظر.ثمّ إنّه قيل:إذا كان مضمون المركّب على ذلك التّقدير أنّ هذا الجنس منتف فيما عدا هذا الفرد كانت القضيّة شخصيّة،و لها لازم هو قضيّة

ص: 760

كلّيّة،أعني قولنا:كلّ ما يعتبر فردا له سوى هذا الفرد فهو منتف،و لا استبعاد في شيء من ذلك.

و ذهب الكثير إلى تقدير الخبر«موجود»و أجاب عن الإشكال بأنّه يلزم نفي الإمكان العامّ من جانب الوجود عن الآلهة غير اللّه تعالى؛و ذلك مبنيّ على مقدّمة قطعيّة معلومة للعقلاء،هي أنّ المعبود بالحقّ لا يكون إلاّ واجب الوجود،فيصير المعنى لا معبود بحق موجود إلاّ اللّه،و إذ ليس موجودا ليس ممكنا لأنّه لو كان ممكنا لكان واجبا،بناء على المقدّمة القطعيّة فيكون موجودا.و قد أفادت الكلمة الطّيّبة أنّه ليس بموجود فليس بممكن، لأنّ نفي اللاّزم يدلّ على نفي الملزوم.و اعترض بأنّ المقدّمة القطعيّة و إن كانت صحيحة في نفس الأمر لكنّها غير مسلّمة عند المشركين،لأنّهم يعبدون الأصنام و يعتقدونها آلهة،مع اعترافهم بأنّها ممكنة محتاجة إلى الصّانع وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ لقمان:25،فيمكن أن يعترف المكلّف بالكلمة الطّيّبة و يعتقد أنّ نفي الوجود لا يستلزم نفي الإمكان،فيمكن عنده وجود آلهة غير اللّه تعالى،فلا يكون التّلفّظ بالكلمة نصّا على إيمانه،و لو كانت المقدّمة المذكورة مسلّمة عند الكلّ لأمكن أن يقدّر الخبر من أوّل الأمر موجود بالذّات،أي لا إله موجود بالذّات إلاّ اللّه، و إذا لم يكن غيره تعالى موجودا بالذّات لم يكن مستحقّا للعبادة،لأنّ المستحقّ لها لا يكون إلاّ واجبا لذاته.

و قد قرّر الجواب بوجهين آخرين:

الأوّل أنّ«لا إله موجود»قضيّة سالبة حمليّة لا بدّ لها من جهة و هي الإمكان العامّ،فيكون المعنى أنّ الجانب المخالف للسّلب و هو إثبات الوجود ليس ضروريّا للآلهة إلاّ اللّه تعالى،فإنّه موجود بالإمكان العامّ،أي جانب السّلب ليس ضروريّا له تعالى؛فيكون الوجود ضروريّا له سبحانه تحقيقا للتّناقض بين المستثنى و المستثنى منه.

الثّاني:أنّ«لا إله موجود بالإمكان العامّ»سالبة كلّيّة ممكنة عامّة،فيكون المتحصّل بالاستثناء الّذي هو نقيض موجبة جزئيّة ضروريّة،أي اللّه موجود بالضّرورة.

و أورد على التّقريرين أنّهما إنّما يتمّان إذا كان كلّ من طرفي المستثنى و المستثنى منه قضيّة مستقلّة و هو ممنوع،و الصّحيح عند أهل العربيّة أنّهما كلام واحد مقيّد بالاستثناء فلا يجري فيهما أحكام التّناقض إلاّ أن يؤوّل بالمعنى اللّغويّ،و أيضا جعل اللّه موجودا بالضّرورة قضيّة جزئيّة فيه تساهل.

و قيل:يمكن أن يقال:الخبر المقدّر هو الموجود مطلقا سواء كان بالفعل أو بالإمكان،على استعمال المشترك في كلا معنييه،أو على تأويله بما يطلق عليه اسم الموجود و هو كما ترى.

و قيل:يجوز تقديره«ممكن»،و نفي الإمكان يستلزم نفي الوجود،لأنّ الإله واجب الوجود،و إمكان اتّصاف شيء بوجوب الوجود يستلزم اتّصافه بالفعل بالضّرورة،فإذا استفيد من الكلمة الطّيّبة إمكانه يستفاد منه وجوده أيضا،إذ كلّ ما لم يوجد يستحيل أن يكون واجب الوجود،و يعلم ما فيه ممّا مرّ فلا تغفل.

و قال بعضهم:الخبر المقدّر«مستحقّ للعبادة»، فالمعنى لا إله مستحقّ للعبادة إلاّ اللّه،و لا محذور فيه.

و اعترض بأنّ هذا كون خاصّ و لا بدّ في حذفه من

ص: 761

قرينة و لا قرينة،فلا يصحّ الحذف.

و أجيب بأنّها كنار على علم،لأنّ«الإله»بمعنى المعبود،فدلّ على العبادة و استحقاقها،و يؤيّده ملاحظة المقام و اعتبار حال المخاطبين،لأنّ هذه الكلمة الطّيّبة واردة لردّ اعتقاد المشركين الزّاعمين أنّ الأصنام تستحقّ العبادة.

و اعترض أيضا بأنّه لا يدلّ على نفي التّعدّد مطلقا، أي لا بالإمكان و لا بالفعل،لجواز وجود إله غيره سبحانه لا يستحقّ العبادة،و أيضا يمكن أن يقال:المراد إمّا نفي إله مستحقّ للعبادة غيره تعالى بالفعل أو بالإمكان،فعلى الأوّل لا ينفي إمكان إله مستحقّ للعبادة أيضا غيره عزّ و جلّ،و على الثّاني لا يدلّ على استحقاقه تعالى للعبادة بالفعل.

و ردّ بأنّ وجوب الوجود مبدأ جميع الكمالات و لذا فرّعوا عليه كثيرا منها،فلا ريب أنّه يوجب استحقاق التّعظيم و التّبجيل،و لا معنى لاستحقاق العبادة إلاّ ذلك، فإذا لم يستحقّ غيره تعالى العبادة لم يوجد واجب وجود غيره سبحانه و إلاّ لاستحقّ العبادة قطعا،و إذا لم يوجد لم يكن ممكنا أيضا،فثبت أنّ نفي استحقاق العبادة يستلزم نفي التّعدّد جزما.

و تعقّب بأنّ فيه البناء على أنّ«الإله»لا يكون إلاّ واجب الوجود،و قد سمعت أنّها و إن كانت قطعيّة الصّدق في نفس الأمر إلاّ أنّها غير مسلّمة عند المشركين.

و من المحقّقين من قال:إنّه لا يلتفت إلى عدم تسليمهم لمكابرتهم ما عسى أن يكون بديهيّا.نعم ربّما يقال:إنّ الكلمة الطّيّبة على ذلك التّقدير إنّما تدلّ على نفي المعبود بالفعل،بناء على ما قرّر في المنطق،أنّ ذات الموضوع يجب اتّصافه بالعنوان بالفعل.

و يجاب بمنع وجوب ذلك بل يكفي الاتّصاف بالإمكان كما صرّح به الفارابيّ،و أمّا ما نقل عن الشّيخ فمعناه كونه بالفعل بحسب الفرض العقليّ لا بحسب نفس الأمر،كما تدلّ عليه عبارته في الشّفاء و الإشارات، فيرجع إلى معنى الإمكان.

و الفرق بين المذهبين:أنّ في مذهب الشّيخ زيادة اعتبار ليست في مذهب الشّيخ الفارابيّ،و هي أنّ الشّيخ اعتبر مع الإمكان بحسب نفس الأمر فرض الاتّصاف بالفعل و لم يعتبره الفارابيّ.و بالجملة إنّ الاتّصاف بالفعل غير لازم فكلّ ما يمكن اتّصافه بالمعبوديّة داخل في الحكم بأنّه لا يستحقّ العبادة،و لمّا كانت القضيّة سالبة صدقت و إن لم يوجد الموضوع.

و لعلّ التّحقيق في هذا المقام أنّ الكلمة الطّيّبة جارية بين النّاس على متفاهم اللّغة و العرف لا على الاصطلاحات المنطقيّة و التّدقيقات الفلسفيّة،و هي كلام ورد في ردّ اعتقاد المشرك الّذي اعتقد أنّ آلهة غير اللّه سبحانه تستحقّ العبادة،فإذا اعترف المشرك بمضمونه من أنّه لا معبود مستحقّ للعبادة إلاّ اللّه تعالى علم من ظاهر حاله الإيمان،و لهذا اكتفى به الشّارع عليه الصّلاة و السّلام.و أمّا الكافر الّذي يعتقد إمكان وجود ذات تستحقّ العبادة بعد فلا تكفي هذه الكلمة الطّيّبة في إيمانه، كما لا تكفي في إيمان من أنكر النّبوّة أو المعاد أو نحو ذلك، ممّا يجب الإيمان به،بل لا بدّ من الاعتراف بالحكم الّذي

ص: 762

أنكره و لا محذور في ذلك.و لمّا كان الكفرة الّذين يعتقدون أنّ آلهة غير اللّه تعالى تستحقّ العبادة هم المشهورون دون من يعتقد إمكان وجودها بعد، اعتبرت الكلمة علما للتّوحيد بالنّسبة إليهم.

و يعلم من هذا أنّه لو قدّر الخبر المحذوف من أوّل الأمر«موجود»أمكن دفع الإشكال بهذا الطّريق،أعني متفاهم اللّغة و عرف النّاس من الأوساط،و أمّا أنّ نفي الوجود لا يستلزم نفي الإمكان فلا يلزم من الكلمة الطّيّبة حينئذ نفي إمكان آلهة غير اللّه تعالى فممّا لا يسبق إلى الأفهام،و لا يكاد يوجد كافر يعتقد نفي وجود إله غيره تعالى،مع اعتقاده إمكان وجود إله غيره سبحانه بعد ذلك.

و من النّاس من أيّد تقدير الخبر كذلك بأنّ الظّاهر أنّ(لا)نافية للجنس و نفي الماهيّة نفسها بدون اعتبار الوجود و اتّصافها به كنفي السّواد نفسه لا نفي وجوده عنه بعيد،فكما أنّ جعل الشّيء باعتبار الوجود؛إذ لا معنى لجعل الشّيء و تصييره نفسه،فكذلك نفيه و رفعه أيضا باعتبار رفع الوجود عنه.و تعقّب بأنّ هذا هو الّذي يقتضيه النّظر الجليل،و أمّا النّظر الدّقيق فقد يحكم بخلافه،لأنّ نفي الماهيّة باعتبار الوجود ينتهي بالآخرة إلى نفي ماهيّة ما باعتبار نفسها؛و ذلك لأنّ نفي اتّصافها بالوجود لا يكون باعتبار اتّصاف ذلك الاتّصاف به إلى ما لا يتناهى،فلا بدّ من الانتهاء إلى اتّصاف منتف بنفسه لا باعتبار اتّصافه بالوجود دفعا للتّسلسل.

و قيل:الظّاهر أنّ نفي الأعيان كما في الكلمة الطّيّبة إنّما هو باعتبار ذلك،و أمّا غيرها فتارة و تارة فتدبّر، و(الاّ)على التّقدير المذكور للاستثناء و رفع الاسم الجليل على ما سمعت من المشهور.و قيل:هي فيه بمعنى «غير»صفة الاسم لا باعتبار المحلّ،أي لا إله غير اللّه تعالى موجود.

و اعترض بأنّ المقصود من الكلام أمران:نفي الألوهيّة عن غيره تعالى و إثباتها له سبحانه،و هو إنّما يتمّ إذا كانت(لا)فيه للاستثناء؛إذ يستفاد النّفي و الإثبات حينئذ بالمنطوق،أمّا إن كانت بمعنى«غير»فلا يفيد بمنطوقه إلاّ نفي الألوهيّة عن غيره تعالى سبحانه،و في كون إثباتها له تعالى بالمفهوم و يكتفي به بحث،لأنّ ذلك إن كان مفهوم لقب فلا عبرة عند القائلين بالمفهوم على الصّحيح خلافا للدّقّاق،و الصّيرفيّ من الشّافعيّة،و ابن خويزمنداد من المالكيّة،و منصور بن أحمد من الحنابلة، و إن كان مفهوم صفة فمن البيّن أنّه غير مجمع عليه بل أبو حنيفة-رضي اللّه تعالى عنه-لم يقل بشيء من مفاهيم المخالفة أصلا.

و أنت تعلم أنّ ما ذكره من إفادة الكلمة الطّيّبة إثبات الإلهيّة للّه تعالى و نفيها عمّا سواه عزّ و جلّ،على تقدير كون(الاّ)للاستثناء غير مجمع عليه أيضا.فإنّ الاستثناء من النّفي ليس بإثبات عند أبي حنيفة-رضي اللّه تعالى عنه-و جعل الإثبات في كلمة التّوحيد بعرف الشّرع، و في المفرّغ نحو:ما قام إلاّ زيد بالعرف العامّ،و ما له و ما عليه في كتب الأصول فلا تغفل،و تمام الكلام فيما يتعلّق بإعراب هذه الكلمة الطّيّبة في كتب العربيّة.و قد ذكرنا ذلك في تعليقاتنا على شرح السّيوطيّ للألفيّة.

و هي عند السّادة الصّوفيّة قدّست أسرارهم جامعة

ص: 763

لجميع مراتب التّوحيد،و دالّة عليها إمّا منطوقا أو بالاستلزام،و مراتبه أربع:الأولى:توحيد الألوهيّة.

الثّانية:توحيد الأفعال.الثّالثة:توحيد الصّفات،و إن شئت قلت:توحيد الوجوب الذّاتيّ،فإنّه يستلزم سائر الصّفات الكماليّة،كما فرّعها عليه بعض المحقّقين.الرّابعة:

توحيد الذّات،و إن شئت قلت:توحيد الوجود الحقيقيّ،فإنّ المآل واحد عندهم.

و بيان ذلك أنّ(لا إله إلاّ اللّه)منطوقه-على ما يتبادر إلى الأذهان،و ذهب إليه المعظم-قصر الألوهيّة على اللّه تعالى قصرا حقيقيّا،أي إثباتها له تعالى بالضّرورة و نفيها عن كلّ ما سواه سبحانه كذلك،و هو يستلزم توحيد الأفعال،و توحيد الصّفات،و توحيد الذّات.

أمّا الأوّل الّذي هو قصر الخالقيّة فيه تعالى،فلأنّ مقتضى قصر الألوهيّة عليه تعالى قصرا حقيقيّا هو أنّ اللّه عزّ و جلّ هو الّذي يستحقّ أن يعبده كلّ مخلوق،فهو النّافع الضّارّ على الإطلاق،فهو سبحانه و تعالى الخالق لكلّ شيء.فإنّ كلّ من لا يكون خالقا لكلّ شيء لا يكون نافعا ضارّا على الإطلاق،و كلّ من لا يكون كذلك لا يستحقّ أن يعبده كلّ مخلوق،لأنّ العبادة هي الطّاعة و الانقياد و الخضوع.و من لا يملك نفعا و لا ضرّا بالنّسبة إلى بعض المخلوقين لا يستحقّ أن يعبده ذلك البعض و يطيعه و ينقاد له،فإنّ من لا يقدر على إيصال نفع إلى شخص أو دفع ضرّ عنه لا يرجوه،و من لا يقدر على إيصال ضرّ إليه لا يخافه.و كلّ من لا يخاف و لا يرجى أصلا لا يستحقّ أن يعبد؛و هو ظاهر.لكنّ الّذي يقتضيه قصر الألوهيّة عليه تعالى قصرا حقيقيّا هو أنّ اللّه تعالى هو الّذي يستحقّ أن يعبده كلّ مخلوق، فهو النّافع الضّارّ على الإطلاق،فهو الخالق لكلّ شيء و هو المطلوب.

و أمّا الثّاني فلأنّ الكلمة الطّيّبة تدلّ على أنّ الألوهيّة ثابتة له تعالى ثبوتا مستمرّا ممتنع الانفكاك و منتفية عن غيره انتفاء كذلك،و كلّ ما كان كذلك فهي دالّة على أنّه عزّ و جلّ واجب الوجود،و أنّ كلّ موجود سواه تعالى ممكن الوجود؛و كلّ ما كان كذلك كان وجوب الوجود مقصورا عليه تعالى،و هو مستلزم لسائر صفات الكمال و هو المطلوب.

أمّا دلالتها على أنّه عزّ و جلّ واجب الوجود،فلأنّ الألوهيّة لا تكون إلاّ لموجود حقيقة اتّفاقا،و كلّ ما لا يكون صفة إلاّ لموجود إذا دلّ كلام على أنّه ثابت لشيء ثبوتا ممتنع الانفكاك سرمدا،فقد دلّ على أنّ الوجود ثابت لذلك الشّيء ثبوتا ممتنع الانفكاك سرمدا، و لا يكون كذلك إلاّ إذا كان موجودا لذاته و هو المعنيّ بواجب الوجود لذاته؛و حيث دلّت على ثبوت الألوهيّة ثبوتا مستمرّا ممتنع الانفكاك فقد دلّت على وجوب وجوده تعالى،و هو مستلزم لسائر صفات الكمال و هو المطلوب.

و أمّا دلالتها على أنّ كلّ موجود سواه فهو ممكن الوجود،فلأنّ موجودا ما سواه لو كان واجب الوجود لذاته لكان مستحقّا أن يعبد،لكنّها قد دلّت على أنّه لا يستحقّ أن يعبد إلاّ اللّه فقد دلّت على أنّه لا واجب وجوده لذاته إلاّ اللّه تعالى،فكلّ ما سواه فهو ممكن و هو المطلوب،أو يقال:إنّها قد دلّت على أنّه تعالى هو النّافع

ص: 764

الضّارّ على الإطلاق فهو الجامع لصفات الجلال و الإكرام فهو سبحانه المتّصف بصفات الكمال كلّها و هو المطلوب.

و أمّا الثّالث فقد قال حجة الإسلام الغزّاليّ في باب الصّدق من«الإحياء»:كلّ ما تقيّد العبد به فهو عبد له، كما قال عيسى عليه السّلام:يا عبيد الدّنيا،و قال نبيّنا صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم:«تعس عبد الدّينار تعس عبد الدّرهم و عبد الحلّة و عبد الخميصة»سمّي كلّ من تقيّد قلبه بشيء عبدا له.و قال في باب الزّهد منه:من طلب غير اللّه تعالى فقد عبده؛و كلّ مطلوب معبود،و كلّ طالب عبد بالإضافة إلى مطلبه.و قال في الباب الثّالث من كتاب العلم منه:كلّ متّبع هواه فقد اتّخذ هواه معبودا،قال تعالى: أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ. الفرقان:43 و قال صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم:«أبغض إله عبد في الأرض عند اللّه تعالى هو الهوى»انتهى.

و من المعلوم أنّه ما في الوجود شيء إلاّ و هو مطلوب لطالب ما،و قد صحّ بما مرّ إطلاق«الإله»عليه و لا إله إلاّ اللّه،فما في الوجود حقيقة إلاّ اللّه.

و منهم من قرّر دلالة الكلمة الطّيّبة على توحيد الذّات و نفي وجود أحد سواه عزّ و جلّ بوجه آخر،و هو أنّ(الاّ)بمعنى«غير»بدل من الإله المنفيّ،فيكون النّفي في الحقيقة متوجّها إلى الغير،و نفي الغير توحيد حقيقيّ عندهم،و إذا تبيّن لك دلالتها على جميع مراتب التّوحيد لاح لك أنّ الشّارع لأمر ما جعلها مفتاح الإسلام و أساس الدّين و مهداة الأنام.

[ثمّ إنّ له بحثا في وجوب معرفة اللّه تعالى،راجع «ع ل م»](26:55-66)

فضل اللّه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ فهذه هي الحقيقة الّتي لا بدّ من أن ينتهي العلم إليها،و يقف عندها وقفة وعي،و يحدّد على أساسها الأوضاع و المواقف و المواقع و العلاقات العامّة و الخاصّة في الحياة،و هذا ما ينبغي للإنسان أن يستلهمه من كلّ مصادر المعرفة لديه في آفاق الكون،و في مواقع الفكر.(21:67)

19- هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ... الحشر:22

الشّربينيّ: لا مجانس له و لا يليق و لا يصحّ و لا يتصوّر أن يكافئه أو يدانيه شيء.و«الإله»أوّل اسم للّه تعالى،فلذلك لا يكون أحد مسلما إلاّ بتوحيده، فتوحيده فرض،و هو أساس كلّ فريضة.(4:257)

البروسويّ: و(لا)في كلمة التّوحيد لنفي أفراد الجنس على الشّمول و الاستغراق و(اله)مبنيّ على الفتح بها مرفوع المحلّ على الابتداء،و المراد به جنس المعبود بالحقّ لا مطلق جنس المعبود حقّا أو باطلا،و إلاّ فلا يصحّ في نفسه لتعدّد الآلهة الباطلة،و لا يفيد التّوحيد الحقّ،و(الاّ)هو مرفوع على البدليّة من محلّ المنفيّ أو من ضمير الخبر المقدّر ل(لا)،و الخبر قد يقدّر«موجود» فيتوهّم أنّ التّوحيد يكون باعتبار الوجود لا الإمكان، فإنّ نفي وجود إله غير اللّه لا يستلزم نفي إمكانه،و قد يقدّر«ممكن»فيتوهّم أنّ إثبات الإمكان لا يقتضي الوقوع.فكم من شيء ممكن لم يقع و قد يقدّر لنا،فيتوهّم أنّه لا بدّ من مقدّر،فيعود الكلام.

و الجواب:أنّه إذا كان المراد ب«الإله»المعبود بالحقّ كما ذكر،فهو لا يكون إلاّ ربّ العالمين مستحقّا لعبادة

ص: 765

المكلّفين،فإذا نفيت الألوهيّة على هذا المعنى عن غيره تعالى و أثبتّ له سبحانه،يندفع التّوهّم على التّقادير كلّها.

إن قيل:إن أراد القائل(لا إله إلاّ اللّه)شمول النّفي له تعالى و لغيره،فهو مشكل نعوذ باللّه،مع أنّ الاستثناء يكون كاذبا.و إن أراد شموله لغيره فقط فلا حاجة إلى الاستثناء.

أجيب بأنّ مراده في قلبه هو الثّاني إلاّ أنّه يرى التّعميم ظاهرا في أوّل الأمر ليكون الإثبات بالاستثناء آكد في آخر الأمر،فالمعنى لا إله غيره،و هذا حال الاستثناء مطلقا.

قال الشّيخ أبو القاسم: هذا القول و إن كان ابتداؤه النّفي لكنّ المراد به الإثبات،و نهاية التّحقيق فإنّ قول القائل:لا أخ لي سواك و لا معين لي غيرك،آكد من قوله:

أنت أخي و معيني.و كلّ من(لا إله إلاّ اللّه)و(لا إله إلاّ هو)كلمة توحيد لوروده في القرآن بخلاف«لا إله إلاّ الرّحمن»فإنّه ليس بتوحيد،مع أنّ إطلاق«الرّحمن» على غيره تعالى غير جائز،و إطلاق«هو»جائز.

نعم إنّ الأولى كونه توحيدا إلاّ أنّه لم يشتهر به التّوحيد أصالة،بخلافهما.(9:454)

فضل اللّه: هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ و هذه هي الحقيقة التّوحيديّة الّتي تنزع من شعور الإنسان كلّ لون من ألوان الشّرك،في ما يتّخذه النّاس من آلهة مزعومة،على مستوى الحجر أو المخلوق الحيّ،من إنسان و ملك و جانّ.و يبقى الإنسان مع اللّه وحده،في خطّ العقيدة الواحدة،و الشّريعة الواحدة،و النّهج الموحّد في حركة الإنسان في الحياة.(22:136)

20- قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ* مَلِكِ النّاسِ* إِلهِ النّاسِ. النّاس 1-3

ابن خالويه: (إِلهِ النّاسِ) بدل من (مَلِكِ النّاسِ) .

(239)

الطّوسيّ: معناه إنّه الّذي يجب على النّاس أن يعبدوه،لأنّه الّذي تحقّ له العبادة دون غيره.

(10:436)

مثله الطّبرسيّ.(5:570)

الزّمخشريّ: فإن قلت: مَلِكِ النّاسِ* إِلهِ النّاسِ ما هما من«ربّ النّاس»؟

قلت:هما عطف بيان،كقولك:سيرة أبي حفص عمر الفاروق،بيّن ب (مَلِكِ النّاسِ) ثمّ زيد بيانا ب(اله النّاس)،لأنّه قد يقال لغيره:«ربّ النّاس»،كقوله:

اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ التّوبة:31،و قد يقال: (مَلِكِ النّاسِ) .و أمّا (إِلهِ النّاسِ) فخاصّ لا شركة فيه،فجعل غاية للبيان.(4:302)

نحوه النّسفيّ.(4:387)

الفخر الرّازيّ: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]

..و أيضا بدأ بذكر«الرّبّ»و هو اسم لمن قام بتدبيره و إصلاحه،و هو من أوائل نعمه إلى أن ربّاه و أعطاه العقل،فحينئذ عرف بالدّليل أنّه عبد مملوك،و هو ملكه؛ فثنّى بذكر الملك.ثمّ لمّا علم أنّ العبادة لازمة له واجبة عليه،و عرف أنّ معبوده مستحقّ لتلك العبادة،عرف أنّه

ص: 766

إله فلهذا ختم به.و أيضا أوّل ما يعرف العبد من ربّه كونه معطيا لما عنده من النّعم الظّاهرة و الباطنة،و هذا هو الرّبّ،ثمّ لا يزال ينتقل من معرفة هذه الصّفات إلى معرفة جلالته و استغنائه عن الخلق،فحينئذ يحصل العلم بكونه ملكا،لأنّ الملك هو الّذي يفتقر إليه غيره و يكون هو غنيّا عن غيره،ثمّ إذا عرفه العبد كذلك عرف أنّه في الجلالة و الكبرياء فوق وصف الواصفين،و أنّه هو الّذي ولهت العقول في عزّته و عظمته فحينئذ يعرفه إلها.

(32:197)

نحوه البيضاويّ(2:584)،و النّيسابوريّ(30:

231).

الشّربينيّ: قوله تعالى: (إِلهِ النّاسِ) إشارة إلى أنّه تعالى كما انفرد بربوبيّتهم و ملكهم لم يشركه في ذلك أحد فكذلك هو وحده إلههم لا يشركه في ألوهيّته أحد.و قد اشتملت هذه الإضافات الثّلاث على جميع قواعد الإيمان،و تضمّنت معاني أسمائه الحسنى،فإنّ الرّبّ هو القادر الخالق إلى غير ذلك ممّا يتوقّف الإصلاح و الرّحمة و القدرة الّذي هو بمعنى الرّبوبيّة عليه من أوصاف الجمال،و الملك هو الآمر النّاهي المعزّ المذلّ،إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى العظمة و الجلال.و أمّا«الإله»فهو الجامع لجميع صفات الكمال و نعوت الجلال،فيدخل فيه جميع الأسماء الحسنى،و لتضمّنها لجميع معاني الأسماء الحسنى كان المستعيذ جديرا بأن يعاذ.و قد وقع ترتيبها على الوجه الأكمل الدّالّ على الوحدانيّة،لأنّ من رأى ما عليه من النّعم الظّاهرة و الباطنة علم أنّ له مربّيا،فإذا درج في العروج في درج معارفه سبحانه علم أنّه غنيّ عن الكلّ،و الكلّ إليه محتاج،و عن أمره تعالى تجري أمورهم،فيعلم أنّه ملكهم.ثمّ يعلم بانفراده بتدبيرهم بعد إبداعهم،أنّه المستحقّ للإلهيّة بلا مشارك له فيها.[إلى أن قال:]

يجوز في (مَلِكِ النّاسِ) و (إِلهِ النّاسِ) أن يكونا وصفين ل(ربّ النّاس)و أن يكونا بدلين و أن يكونا عطف بيان،و اقتصر عليه الزّمخشريّ.(4:615)

أبو حيّان: الظّاهر أنّ مَلِكِ النّاسِ* إِلهِ النّاسِ صفتان.[ثمّ نقل قول الزّمخشريّ و أضاف:]

و عطف البيان،المشهور أنّه يكون بالجوامد،و ظاهر قوله أنّهما عطفا بيان لواحد،و لا أنقل عن النّحاة شيئا في عطف البيان،هل يجوز أن يتكرّر لمعطوف عليه واحد أم لا يجوز.(8:532)

البروسويّ: (اله النّاس)هو لبيان أنّ ملكه تعالى ليس بمجرّد الاستيلاء عليهم و القيام بتدبير أمور سياستهم و التّولّي لترتيب مبادئ حفظهم و حمايتهم،كما هو قصارى أمر الملوك،بل هو بطريق المعبوديّة المؤسّسة على الألوهيّة،المقتضية للقدرة التّامّة على التّصرّف الكلّيّ فيهم،إحياء و إماتة و إيجادا و إعداما،و أيضا أنّ (مَلِكِ النّاسِ) إشارة إلى حال الفناء في اللّه،كما أشرنا إليه،و (إِلهِ النّاسِ) لبيان حال البقاء باللّه،لأنّ«الإله»هو المعبود المطلق،و ذلك هو الذّات مع جميع الصّفات.فلمّا فنى العبد في اللّه ظهر كونه ملكا،ثمّ ردّه اللّه إلى الوجود لمقام العبوديّة،فثمّ استعاذته من شرّ الوسواس،لأنّ الوسوسة تقتضي محلاّ وجوديّا،و لا وجود في حال الفناء و لا صدر و لا وسوسة و لا موسوس،بل إن ظهر هناك

ص: 767

تلوين بوجود الأنانيّة يقول:أعوذ بك منك،فلمّا صار معبودا بوجود العابد ظهر الشّيطان بظهور العابد،كما كان أوّلا موجودا بوجوده.

(10:547)

الآلوسيّ: [نحو البروسويّ ملخّصا و أضاف:]

و جوّزت البدليّة أيضا و أنت تعلم أنّه لا مانع منه عقلا،ثمّ ماهنا و إن لم يكن جامدا فهو في حكمه.و لعلّ الجزالة دعت إلى اختياره.(30:285)

المراغيّ: أي المستولي على قلوبهم بعظمته،و هم لا يحيطون بكنه سلطانه بل يخضعون بما يحيط منها بنواحي قلوبهم،و لا يدرون من أيّ جانب يأتيهم،و لا كيف يسلّط عليهم.(30:270)

الطّباطبائيّ: من طبع الإنسان إذا أقبل عليه شرّ يحذره و يخافه على نفسه و أحسّ من نفسه الضّعف،أن يلتجئ بمن يقوى على دفعه و يكفيه وقوعه،و الّذي يراه صالحا للعوذ و الاعتصام به أحد ثلاثة:

إمّا ربّ يلى أمره و يدبّره و يربّيه،يرجع إليه في حوائجه عامّة و ممّا يحتاج إليه في بقائه دفع ما يهدّده من الشّرّ،و هذا سبب تامّ في نفسه.

و إمّا ذو قوّة و سلطان بالغة قدرته نافذ حكمه،يجيره إذا استجاره فيدفع عنه الشّرّ بسلطته كملك من الملوك، و هذا أيضا سبب تامّ مستقلّ في نفسه.

و هناك سبب ثالث و هو الإله المعبود،فإنّ لازم معبوديّة الإله-و خاصّة إذا كان واحدا لا شريك له- إخلاص العبد نفسه له،فلا يدعو إلاّ إيّاه و لا يرجع في شيء من حوائجه إلاّ إليه،فلا يريد إلاّ ما أراده و لا يعمل إلاّ ما يشاؤه.

و اللّه سبحانه ربّ النّاس و ملك النّاس و إله النّاس كما جمع الصّفات الثّلاث لنفسه في قوله: ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُصْرَفُونَ الزّمر:6، و أشار تعالى إلى سببيّة ربوبيّته و ألوهيّته بقوله: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً المزّمّل:9 و إلى سببيّة ملكه بقوله: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ الحديد:5،فإن عاذ الإنسان من شرّ يهدّده إلى ربّ فاللّه سبحانه هو الرّبّ لا ربّ سواه،و إن أراد بعوذه ملكا فاللّه سبحانه هو الملك الحقّ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ التّغابن:1،و إن أراد لذلك إلها فهو الإله لا إله غيره.

و ممّا تقدّم ظهر أوّلا:وجه تخصيص الصّفات الثّلاث:الرّبّ،و الملك،و الإله،من بين سائر صفاته الكريمة بالذّكر،و كذا وجه ما بينها من التّرتيب،فذكر الرّبّ أوّلا،لأنّه أقرب من الإنسان و أخصّ ولاية،ثمّ الملك،لأنّه أبعد منالا و أعمّ ولاية يقصده من لا وليّ له يخصّه و يكفيه،ثمّ الإله،لأنّه وليّ يقصده الإنسان عن إخلاصه لا عن طبعه المادّيّ.

و ثانيا:وجه عدم وصل قوله: مَلِكِ النّاسِ* إِلهِ النّاسِ بالعطف،و ذلك الإشارة إلى كون كلّ من الصّفات سببا مستقلاّ في دفع الشّرّ،فهو تعالى سبب مستقلّ لكونه ربّا،لكونه ملكا،لكونه إلها،فله السّببيّة بأيّ معنى أريد السّبب.

و بذلك يظهر أيضا وجه تكرار لفظ(النّاس)من غير أن يقال:ربّهم و إلههم.فقد أشير به إلى أنّ كلاّ من

ص: 768

الصّفات الثّلاث يمكن أن يتعلّق بها«العوذ»وحدها من غير ذكر الأخريين لاستقلالها و للّه الأسماء الحسنى جميعا، و للقوم في توجيه اختصاص هذه الصّفات و سائر ما مرّ من الخصوصيّات وجوه لا تغني شيئا.(20:395)

الها

1- ..قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً... البقرة:133

الزّجّاج: (الها واحدا)منصوب على ضربين؛إن شئت على الحال،كأنّهم قالوا:نعبد إلهك في حال وحدانيّته،و إن شئت على البدل و تكون الفائدة من هذا البدل ذكر التّوحيد،فيكون المعنى نعبد إلها واحدا.

(1:212)

نحوه القيسيّ(1:73)،و الطّوسيّ(1:471)،و أبو البركات(1:124).

الميبديّ:(الها واحدا)نصب على الوصف.

(1:373)

الزّمخشريّ: (الها واحدا)بدل من(اله آبائك)، كقوله تعالى: بِالنّاصِيَةِ* ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ العلق:15، 16،أو على الاختصاص،أي نريد بإله آبائك إلها واحدا.(1:314)

مثله الفخر الرّازيّ(3:86)،و النّسفيّ(1:76)، و نحوه الشّربينيّ(1:96)،و أبو السّعود(1:128)، و البروسويّ(1:239).

أبو حيّان: و إضافة«الإله»إلى«يعقوب»فيه دليل على اتّحاد معبود السّائل و المجيب لفظا،و في قوله:(و اله آبائك)دليل على اتّحاد المعبود أيضا من حيث اللّفظ.

و إنّما كرّر لفظ(و اله)،لأنّه لا يصحّ العطف على الضّمير المجرور إلاّ بإعادة جارّه إلاّ في الشّعر،أو على مذهب من يرى ذلك و هو عنده قليل.فلو كان المعطوف عليه ظاهرا لكان حذف الجارّ إذا كان اسما أولى من إثباته،لما يوهم إثباته من المغايرة،فإنّ حذفه يدلّ على الاتّحاد.و بدأ أوّلا بإضافة«الإله»إلى«يعقوب»،لأنّه هو السّائل.[إلى أن قال:]

(الها واحدا)يجوز أن يكون بدلا،و هو بدل نكرة موصوفة من معرفة.و يجوز أن يكون حالا و يكون حالا موطئة،نحو رأيتك رجلا صالحا،فالمقصود إنّما هو الوصف و جيء باسم الذّات توطئة للوصف.

و جوّز الزّمخشريّ أن ينتصب على الاختصاص،أي يريد بإلهك إلها واحدا.

و قد نصّ النّحويّون على أنّ المنصوب على الاختصاص لا يكون نكرة و لا مبهما،و فائدة هذه الحال أو البدل هو التّنصيص،على أنّ معبودهم واحد فرد؛إذ قد توهم إضافة الشّيء إلى كثيرين تعداد ذلك المضاف،فنهض بهذه الحال أو البدل على نفي ذلك الإيهام.(1:403)

نحوه ملخّصا الآلوسيّ.(1:391)

الطّباطبائيّ،في هذا الإيجاز بعد الإطناب بقوله:

إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إلخ،دفع لإمكان إبهام اللّفظ أن يكون إلهه غير إله آبائه،على نحو ما يتّخذه الوثنيّون من الآلهة الكثيرة.(1:306)

ص: 769

2- ..قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ...

الأعراف:138

الطّبريّ: مثالا نعبده،و صنما نتّخذه إلها.(9:45)

نحوه البروسويّ(3:225)،و الآلوسيّ(9:40).

البغويّ: و لم يكن ذلك شكّا من بني إسرائيل في وحدانيّة اللّه،و إنّما معناه اجعل لنا شيئا نعظّمه و نتقرّب بتعظيمه إلى اللّه.و ظنّوا أنّ ذلك لا يضرّ الدّيانة،و كان ذلك لشدّة جهلهم.(2:230)

الزّمخشريّ: صنما نعكف عليه.(2:110)

مثله النّسفيّ(2:73)،و الكاشانيّ(2:231).

ابن عطيّة: الظّاهر أنّهم استحسنوا ما رأوا من آلهة أولئك القوم،فأرادوا أن يكون ذلك في شرع موسى و في جملة ما يتقرّب به إلى اللّه تعالى،و إلاّ فبعيد أن يقولوا لموسى:اجعل لنا إلها نفرده بالعبادة.

(أبو حيّان 4:377)

الفخر الرّازيّ: و اعلم أنّ من المستحيل أن يقول العاقل لموسى: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ و خالقا و مدبّرا،لأنّ الّذي يحصل بجعل موسى و تقديره، لا يمكن أن يكون خالقا للعالم و مدبّرا له،و من شكّ في ذلك لم يكن كامل العقل.و الأقرب أنّهم طلبوا من موسى عليه السّلام أن يعيّن لهم أصناما و تماثيل يتقرّبون بعبادتها إلى اللّه تعالى.

و هذا القول هو الّذي حكاه اللّه تعالى عن عبدة الأوثان؛حيث قالوا: ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللّهِ زُلْفى الزّمر:3.

إذا عرفت هذا فلقائل أن يقول:لم كان هذا القول كفرا؟

فنقول:أجمع كلّ الأنبياء عليهم السّلام على أنّ عبادة غير اللّه تعالى كفر سواء اعتقد في ذلك الغير كونه إلها للعالم،أو اعتقدوا فيه أنّ عبادته تقرّبهم إلى اللّه تعالى، لأنّ العبادة نهاية التّعظيم؛و نهاية التّعظيم لا تليق إلاّ بمن يصدر عنه نهاية الإنعام و الإكرام.

فإن قيل:فهذا القول صدر من كلّ بني إسرائيل أو من بعضهم؟

قلنا:بل من بعضهم،لأنّه كان مع موسى عليه السّلام السّبعون المختارون و كان فيهم من يرتفع عن مثل هذا السّؤال الباطل.

ثمّ إنّه تعالى حكى عن موسى عليه السّلام أنّه أجابهم فقال:

إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ و تقرير هذا الجهل ما ذكر أنّ العبادة غاية التّعظيم،فلا تليق إلاّ بمن يصدر عنه غاية الإنعام،و هي بخلق الجسم و الحياة و الشّهوة و القدرة و العقل،و خلق الأشياء المنتفع بها.و القادر على هذه الأشياء ليس إلاّ اللّه تعالى؛فوجب أن لا تليق العبادة إلاّ به.

فإن قالوا:إذا كان مرادهم بعبادة تلك الأصنام التّقرّب بها إلى تعظيم اللّه تعالى،فما الوجه في قبح هذه العبادة؟

قلنا:فعلى هذا التّقدير،لم يتّخذوها آلهة أصلا و إنّما جعلوها كالقبلة،و ذلك ينافي قولهم: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ. (14:223)

نحوه أبو حيّان.(4:378)

الخازن:و قيل:هذا يدلّ على غاية جهل بني

ص: 770

إسرائيل؛و ذلك أنّهم توهّموا أنّه يجوز عبادة غير اللّه تعالى بعد ما رأوا الآيات الدّالّة على وحدانيّة اللّه تعالى و كمال قدرته،و هي الآيات الّتي توالت على قوم فرعون حتّى أغرقهم اللّه تعالى في البحر بكفرهم و عبادتهم غير اللّه تعالى،فحملهم جهلهم على أن قالوا لنبيّهم موسى عليه الصّلاة و السّلام: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ فردّ عليهم موسى عليه الصّلاة و السّلام بقوله: قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ. (2:230)

الشّربينيّ: [نحو الخازن و أضاف:]

و في ذلك تسلية للنّبيّ صلى اللّه عليه و سلم ممّا رأى من بني إسرائيل بالمدينة،تذكرة لحال الإنسان و إنّه ظلوم جهول كنود إلاّ من عصمه اللّه، وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ سبأ:13.

(1:510)

رشيد رضا :[نقل قول الفخر الرّازيّ ثمّ قال:]

من العجب أن يقع إمام النّظّار في علم العقائد-على طريقة الفلسفة و الكلام-.

في مثل هذا الخطأ،في أسئلته و أجوبته و التّناقض في كلامه.و منشأ هذا الخطأ الغفلة عن مدلول ألفاظ القرآن في اللّغة العربيّة،و استعمالها بلوازم معناها العرفيّة، كلفظ«الإله»فإنّ معناه في اللّغة المعبود مطلقا،لا الخالق و لا المدبّر لأمر العالم كلّه و لا بعضه.و لم يكن أحد من العرب الّذين سمّوا أصنامهم و غيرها من معبوداتهم آلهة يعتقد أنّ اللاّت أو العزّى أو هبلا خلق شيئا من العالم أو يدبّر أمرا من أموره،و إنّما تدبير أمور العالم يدخل في معنى لفظ الرّبّ.

و الشّواهد على هذا في القرآن كثيرة ناطقة بأنّهم كانوا يعتقدون و يقولون:إنّ خالق السّماوات و الأرض و مدبّر أمورهما هو اللّه تعالى،و إنّ آلهتهم ليس لها من أمر الخلق و التّدبير شيء،و إنّ شركهم لأجل التّقرّب إليه تعالى و ابتغاء الشّفاعة عنده بعبادة ما عبدوه،و لذلك كانوا يقولون في طوافهم:«لبّيك لا شريك لك إلاّ شريكا هو لك تملكه و ما ملك»،و لذلك يحتجّ القرآن عليهم في مواضع بأنّ غير الخالق المدبّر لا يصحّ أن يكون إلها يعبد مطلقا،و هو معنى قول بعض المحقّقين؛إنّه يحتجّ بما يعترفون به من توحيد الرّبوبيّة،على ما ينكرون من توحيد الإلهيّة؛و إذ كنّا بيّنّا هذا مرارا بالشّواهد،نكتفي بهذا التّذكير هنا.

ثمّ إنّ عبارة طلاّب الأصنام من بني إسرائيل لم تنقل إلينا بنصّها في لغتهم فنبحث فيها أخطأ أم صواب،و إنّما حكاها اللّه تعالى لنا بلغة كتابه؛فمعناها صحيح قطعا،فإنّ «الإله»في هذه اللّغة هو المعبود بالذّات أو بالواسطة،و إن كان مصنوعا،و إنّما جهّلهم موسى بطلب عبادة أحد مع اللّه لا بتسمية ما طلبوا منه صنعه إلها،فإنّه هو سمّى المعبود المصنوع إلها أيضا في قوله للسّامريّ الّذي حكاه اللّه عنه في سورة طه:97 وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ، و إنّما كان عجل السّامريّ من صنعه،و إنّ جميع من عبدوا الأصنام من قبلهم و من بعدهم كانت أصنامهم مجعولة مصنوعة متّخذة من هذه المخلوقات،كالحجر و الخشب و المعدن.

أنسي إمام النّظّار و صاحب«التّفسير الكبير»ما حكاه اللّه تعالى من تسمية قوم إبراهيم لأصنامهم بالآلهة؟أم نسي ما حكاه اللّه من حجّته عليهم

ص: 771

بقوله: قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ* وَ اللّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ الصّافّات:95،96،و من محاجّته إيّاهم بقوله:

وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ* إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ* قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ* قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ* أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ* قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ الشّعراء:69-74.

و جملة القول أنّ هذا القول الّذي قاله الرّازيّ من أظهر هفواته الكثيرة بطلانا،و سببه امتلاء دماغه بنظريّات الكلام و جدل الاصطلاحات الحادثة،و غفلته عن معنى«الإله»في أصل اللّغة،و عن آيات القرآن الكثيرة فيه،و منها قوله تعالى: قالَ أَ غَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ الأعراف:140.

(9:112)

[و له أبحاث في معنى الجعل لاحظ«ج ع ل»ثمّ إنّ ما نسبه إلى الرّازيّ و هجم عليه في غير محلّه،لأنّ الرّازيّ قال:«من المستحيل أن تقول:هذا»ثمّ ذكر المعنى الصّحيح،فلاحظ.]

فضل اللّه: بنو إسرائيل يسألون موسى أن يجعل لهم أصناما كانوا يشعرون-في ما يبدو-أنّ النّبوّة سلاح في المعركة ضدّ فرعون،لا حقيقة إلهيّة في الحياة ضدّ كلّ ما هو زيف في الفكر و في الواقع،و هذا ما واجهه موسى في بداية التّجربة الأولى في الأجواء الجديدة؛حيث استيقظت كلّ رواسب الصّنميّة في الأعماق،و بدأت تتحرّك على السّطح لتتحوّل إلى نداء متوسّل إلى موسى في القيام بصناعة أصنام لهم،لتكون آلهة يعبدونها،كما للآخرين آلهة فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ فيقبلون عليها و يلازمونها في عبادة و ابتهال و خشوع،فأحسّوا بالحرمان الّذي يحسّ به كلّ من يفقد شيئا يملكه الآخرون.

قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً على شكل آلهة هؤلاء،فقد ابتعدنا عن مصر و عن معابد الآلهة الّتي اعتدنا العبادة فيها للأصنام،فكيف لا يكون لنا آلهة كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ؟!إنّنا نتوسّل إليك أن تنقذنا من هذا الحرمان الرّوحيّ،كما أنقذتنا من ظلم فرعون؟و تلك هي الرّوحيّة الّتي كانت تحكم طريقتهم في التّفكير،و آفاقهم في الإحساس،و خطواتهم في الممارسة.

و شعر موسى بالمرارة،و لكنّها ليست مرارة الخيبة الّتي تقود إلى الإحباط و تدفع إلى اليأس،بل هي مرارة الرّسول الّذي يشعر بأنّ ما تحتاجه المرحلة من جهد و توعية و تربية لا زال كبيرا،لأنّ القوم لم يأخذوا قضيّة الإيمان كقضيّة للفكر و للحياة،بل أخذوها كوسيلة للخلاص من العبوديّة،فإنّ التّاريخ الطّويل الّذي عاشوه في أجواء الظّلم و الطّغيان و الشّرك،قد ترك تأثيره الكبير على الملامح الدّاخليّة و الخارجيّة لشخصيّتهم،ممّا يقتضي وضع خطّة جديدة،تختلف في وسائلها،و تتنوّع في أساليبها و أشكالها.(10:227)

3- قالَ أَ غَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ. الأعراف:140

الطّبريّ: معبودا.(9:46)

مثله الزّمخشريّ(2:110)،و أبو حيّان(4:379)، و الكاشانيّ(2:232)،و الآلوسيّ(9:41).

ص: 772

ابن الأنباريّ: التّقدير فيه:أبغي لكم إلها غير اللّه.

و قيل:(الها)منصوب على التّفسير.(1:373)

الطّوسيّ: [أي]أ أطلب غير اللّه لكم إلها؟!قاله على وجه الإنكار عليهم،و إن كان بلفظ الاستفهام، فنصب(اغير اللّه)على أنّه مفعول به،و نصب(الها) على أحد شيئين:

أحدهما:كأنّه قال:أ أطلب لكم غير اللّه تعالى معبودا؟.

و الثّاني:أن يكون نصب(الها)على أنّه مفعول به، و نصب(غير)على الحال الّتي لو تأخّرت كانت صفة.(4:562)

نحوه الطّبرسيّ.(2:471)

الخازن: هذا على سبيل التّعجّب و الإنكار،و المعنى أنّ الإله ليس شيئا يطلب و يلتمس و يتخيّر،بل الإله هو الّذي فضّلكم على العالمين،لأنّه القادر على الإنعام و الإفضال،فهو مستحقّ للعبادة.(2:230)

البروسويّ: (الها)تمييز من(غير)أو حال،فإنّه مفعول(ابغى)،و الهمزة فيه للإنكار،و المنكر هو كون المبغيّ غيره تعالى.[إلى أن قال تأويلا:]أي أنزلكم منزلا غير الوصول و الوصال.(3:226)

رشيد رضا :الاستفهام في الآية للإنكار المشرب معنى التّعجّب،و إنّما هو إنكار ابتغاء إله غير اللّه المستحقّ وحده للعبادة،لا إنكار تسمية المعبود المصنوع إلها.

و(ابغى)ينصب مفعولين بنفسه،كقوله تعالى:

يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ التّوبة:47.

بدأ موسى عليه السّلام جوابه لقومه بإثبات جهلهم بربّهم و بأنفسهم،و ثنّى ببيان فساد ما طلبوه،و كونه عرضة للتّبار و الزّوال،و باطلا في نفسه على كلّ حال،فلا الطّالب على علم و عقل فيما طلب،و لا المطلوب ممّا يصحّ أن يطلب،ضعف الطّالب و المطلوب فهذا ملخّص معنى الآية السّابقة.

ثمّ انتقل في هذه الآية إلى المطلوب منه جعل الإله لهم-و هو هو عليه السّلام-و المطلوب لأجله هذا الجعل-و هو اللّه تعالى-و موسى على الحقّ،و اللّه تعالى هو الحقّ و الّذي يحقّ الحقّ،و بين هذين الحقّين و ذينك الباطلين غاية المباينة،فلذلك كان هذا جوابا مستقلاّ مباينا لما قبله بحيث لا ينبغي أن يعطف عليه عطفا،و لا أن يعدّ معه عدّا،و لهذا أعاد فيه كلمة(قال).

و قد قدّم فيه ذكر الأهمّ الأفضل المقصود بالذّات من هذين الحقّين،فقال:(اغير اللّه)فغير اللّه أعمّ الألفاظ الدّالّة على المحدثات،فهو يشمل أخسّ المخلوقات و أعجزها عن النّفع و الضّرّ كالأصنام،و يشمل أفضلها و أكملها كالملائكة و النّبيّين عليهم السّلام،ليثبت أنّه لا يوجد مخلوق يستحقّ العبادة مع اللّه تعالى و إن علا قدره، و عظم أمره،و أنّ تجهيلهم بما طلبوا لا لأنّ المطلوب كالأصنام خسيس و باطل في نفسه،و عرضة للتّبار فلا فائدة فيه لغيره-لا لهذا فقط-بل لأنّ العبادة لا يصحّ أن تكون لغير اللّه تعالى البتّة،مهما يكن غيره مكرّما عنده، و مفضّلا على كثير من خلقه،على أنّ طلب عبادة الأخسّ،دليل على منتهى الخسّة و الجهل؛إذ لا شبهة توهّم قدرته على الإثابة أو التّقريب من اللّه عزّ و جلّ، كشبهة من عبدوا الملائكة و بعض النّبيّين و الصّالحين،

ص: 773

زاعمين أنّهم بكرامتهم عند اللّه يقرّبون إليه،من قصر به إيمانه و عمله أن يتقرّب إليه بنفسه مع إصراره على خبثه و رجسه،جاهلين أنّ اللّه تعالى أمر المشركين و الفاسقين أن يتوبوا أي يرجعوا إليه لا إلى غيره من عباده المكرمين،و أن يدعوه وحده كدعائهم مخلصين له الدّين، و أن يخصّوه مثلهم بالعبادة و الاستعانة،و ذلك ما فرضه علينا في صلاتنا بقوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ الفاتحة:4.

و بعد أن قدّم المقصود بالذّات من الإنكار و هو جعل غير اللّه إلها،ذكر من أرادوا أن يكون الواسطة في هذا الجعل الّذي دعا إليه ذلك الجهل،و هو نفسه عليه السّلام بقوله:

أَبْغِيكُمْ إِلهاً، ليعلمهم أنّ طلب هذا الأمر و الشّيء الإدّ و المنكر الفظيع منه عليه السّلام جهل بقيمته و بمعنى رسالته، و بما رأوه من جهاده لفرعون و قومه،من غير حول و لا قوّة له في شخص أخيه و لا في شخصه،بل بالاتّكال على حول اللّه و قوّته.و لو لا إرادة إنكار الأمرين معا:طلب إله مع اللّه،و كونه بجعله عليه السّلام،لقال:أغير اللّه تبغون إلها كقوله تعالى: أَ فَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ آل عمران:83.

(9:113)

4- وَ رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً...

الكهف:14

البروسويّ: و العدول عن أن يقال ربّا للتّنصيص على ردّ المخالفين؛حيث كانوا يسمّون أصنامهم آلهة.

(5:222)

الآلوسيّ: [مثل البروسويّ إلاّ أنّه أضاف:] و للإشعار بأنّ مدار العبادة وصف الألوهيّة،و للإيذان بأنّ ربوبيّته تعالى بطريق الألوهيّة لا بطريق المالكيّة المجازيّة.(15:218)

5- وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ...

المؤمنون:117

الآلوسيّ: (مع اللّه)أي مع وجوده تعالى و تحقّقه سبحانه(الها آخر)إفرادا أو إشراكا،أو من يعبد مع عبادة اللّه تعالى إلها آخر كذلك.و يتحقّق هذا في الكافر إذا أفرد معبوده الباطل بالعبادة تارة،و أشركه مع اللّه تعالى أخرى.و قد يقتصر على إرادة الإشراك في الوجهين،و يعلم حال من عبد غير اللّه سبحانه إفرادا بالأولى.

و ذكر(آخر)قيل:إنّه للتّصريح بألوهيّته تعالى، و للدّلالة على الشّريك فيها و هو المقصود.فليس ذكره تأكيدا لما تدلّ عليه المعيّة و إن جوّز ذلك،فتأمّل.

نعم قوله تعالى: لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ صفة لازمة ل(الها)لا مقيّدة،جيء بها للتّأكيد....(18:71)

الهه

1- أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً. الفرقان:43

ابن عبّاس: أ رأيت من ترك عبادة خالقه و إلهه ثمّ هوى حجرا فعبده،ما حاله عندك؟(الطّبرسيّ 4:172)

سعيد بن جبير: أي من جعل إلهه ما يهواه،و هو

ص: 774

غاية الجهل.و كان الرّجل من المشركين يعبد الحجر و الصّنم،فإذا رأى أحسن منه رمى به و أخذ يعبد الآخر.

(الطّبرسيّ 4:172)

نحوه البغويّ و الخازن.(5:84)

الحسن: لا يهوى شيئا إلاّ اتّبعه.(القرطبيّ 13:36)

ابن قتيبة: من أطاع هواه و اتّبعه فهو كالإله،و ترك الحقّ.(الطّبرسيّ 4:172)

الطّبريّ: أ رأيت يا محمّد من اتّخذ إلهه شهوته الّتي يهواها.(19:17)

الطّوسيّ لأنّه ينقاد له و يتّبعه في جميع ما يدعوه إليه.

و قيل:المعنى من جعل إلهه ما يهوى،و ذلك نهاية الجهل،لأنّ ما يدعو إليه الهوى باطل و الإله حقّ يعظم بما لا شيء أعظم منه،فليس يجوز أن يكون الإله ما يدعو إليه الهوى،و إنّما الإله ما يدعو إلى عبادته العقل.(7:492)

الزّمخشريّ: من كان في طاعة الهوى في دينه، يتّبعه في كلّ ما يأتي و يذر لا يتبصّر دليلا و لا يصغي إلى برهان،فهو عابد هواه و جاعله إلهه،فيقول لرسوله:هذا الّذي لا يرى معبودا إلاّ هواه،كيف تستطيع أن تدعوه إلى الهدى...

فإن قلت:لم أخّر(هواه)و الأصل قولك:اتّخذ الهوى إلها؟

قلت:ما هو إلاّ تقديم المفعول الثّاني على الأوّل للعناية،كما تقول:علمت منطلقا زيدا،لفضل عنايتك بالمنطلق.(3:93)

نحوه الرّازيّ،(244)،و البيضاويّ(2:146)، و النّسفيّ(3:168)،و النّيسابوريّ(19:15)،و الشّربينيّ (2:663)،و الكاشانيّ(4:16)،و المراغيّ(19:20).

الفخر الرّازيّ: معناه اتّخذ إلهه ما يهواه أو إلها يهواه.

و قيل:هو مقلوب،و معناه:اتّخذ هواه إلهه،و هذا ضعيف،لأنّ قوله: اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ يفيد الحصر، أي لم يتّخذ لنفسه إلها إلاّ هواه،و هذا المعنى لا يحصل عند القلب.(24:86)

أبو حيّان: و(الهه)المفعول الأوّل ل(اتّخذ) و(هواه)الثّاني،أي أقام مقام الإله الّذي يعبده هواه،فهو جار على ما يكون في هواه،و المعنى أنّه لم يتّخذ إلها إلاّ هواه،و إدّعاء القلب ليس بجيّد؛إذ يقدّره من اتّخذ هواه إلهه.

و قرأ بعض أهل المدينة (من اتّخذ الهه) منوّنة على الجمع،و فيه تقديم،جعل هواه أنواعا،أسماء لأجناس مختلفة،فجعل كلّ جنس من هواه إلها آخر.

و قرأ ابن هرمز(إلاهة)على وزن«فعالة»،و فيه أيضا تقديم،أي هواه إلاهة بمعنى معبود،لأنّها بمعنى المألوهة،فالهاء فيها للمبالغة،فلذلك صرفت.

و قيل:بل الإلهة:الشّمس،و يقال لها:ألاهة،بضمّ الهمزة،و هي غير مصروفة للعلميّة و التّأنيث.لكنّها لمّا كانت ممّا يدخلها لام المعرفة في بعض اللّغات صارت بمنزلة ما كان فيه اللاّم ثمّ نزعت،فلذلك صرفت و صارت بمنزلة النّعوت فتنكّرت،قاله صاحب «اللّوامح».(6:501)

ص: 775

السّيوطيّ: و الأصل«هواه الهه»لأنّ من اتّخذ إلهه هواه غير مذموم،فقدّم المفعول الثّاني للعناية به.

(3:39)

أبو السّعود: تعجيب لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من شناعة حالهم بعد حكاية قبائحهم من الأقوال و الأفعال،و بيان ما لهم من المصير و المآل،و تنبيه على أنّ ذلك من الغرابة بحيث يجب أن يرى و يتعجّب منه.

و(الهه)مفعول ثان ل(اتّخذ)قدّم على الأوّل للاعتناء به،لأنّه الّذي يدور عليه أمر التّعجيب.و من توهّم أنّهما على التّرتيب بناء على تساويهما في التّعريف فقد زلّ عنه أنّ المفعول الثّاني في هذا الباب هو الملتبس بالحالة الحادثة.(4:92)

الآلوسيّ: و قال ابن المنير في تقديم المفعول الثّاني:

هنا نكتة حسنة و هي إفادة الحصر،فإنّ الكلام قبل دخول(أ رأيت،و اتّخذ)الأصل فيه«هواه الهه»على أنّ (هواه)مبتدأ خبره(الهه).

فإذا قيل:(الهه هواه)كان من تقديم الخبر على المبتدإ و هو يفيد الحصر،فيكون معنى الآية حينئذ أ رأيت من لم يتّخذ معبوده إلاّ هواه،و ذلك أبلغ في ذمّه و توبيخه.

و قال صاحب«الفرائد»:تقديم المفعول الثّاني يمكن حيث يمكن تقديم الخبر على المبتدإ،و المعرفتان إذا وقعتا مبتدأ و خبرا فالمقدّم هو المبتدأ.فمن جعل ما هنا نظير قولك:علمت منطلقا زيدا،فقد غفل عن هذا.

و يمكن أن يقال:المتقدّم هاهنا يشعر بالثّبات بخلاف المتأخّر،فتقدّم(الهه)يشعر بأنّه لا بدّ من إله،فهو كقولك:اتّخذ ابنه غلامه،فإنّه يشعر بأنّ له ابنا،و لا يشعر بأنّ له غلاما.فهذا فائدة تقديم(الهه)على(هواه).

و تعقّب ذلك الطّيّبيّ فقال:لا يشكّ في أنّ مرتبة المبتدإ التّقديم،و أنّ المعرفتين أيّهما قدّم كان المبتدأ.لكن صاحب«المعاني»لا يقطع نظره عن أصل المعنى،فإذا قيل:زيد الأسد،فالأسد هو المشبّه به أصالة،و مرتبته التّأخير عن المشبّه بلا نزاع،فإذا جعلته مبتدأ في قولك:

الأسد زيد،فقد أزلته عن مقرّه الأصليّ للمبالغة.و ما نعني بالمقدّم إلاّ المزال عن مكانه لا القارّ فيه،فالمشبّه به هاهنا«الإله»و المشبّه«الهوى»لأنّهم نزّلوا أهواءهم في المتابعة منزلة الإله،فقدّم المشبّه به الأصليّ و أوقع مشبّها،ليؤذن بأنّ«الهوى»في باب استحقاق العبادة عندهم أقوى من«الإله»عزّ و جلّ،كقوله تعالى: قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا البقرة:275،و لمح صاحب «المفتاح»إلى هذا المعنى في كتابه.

و أمّا المثال الّذي أورده صاحب«الفرائد»،فمعنى قوله:اتّخذ ابنه غلامه،جعل ابنه كالغلام يخدمه في مهنة أهله،و قوله:اتّخذ غلامه ابنه،جعل غلامه كابنه مكرّما مدلّلا...و أنت تعلم ما في قوله:إنّ المعرفتين أيّهما قدّم كان المبتدأ،فإنّ الحقّ أنّ الأمر دائر مع القرينة،و القرينة هنا قائمة على أنّ(الهه)الخبر و هي عقليّة،لأنّ المعنى على ذلك فلا حاجة إلى جعل ذلك من التّقديم المعنويّ.[ثمّ ذكر قول أبي السّعود و قال:]

و في ذلك ردّ على أبي حيّان؛حيث أوجب كونهما على التّرتيب.[إلى أن قال:]فالآية شاملة لمن عبد غير اللّه تعالى حسب هواه،و لمن أطاع الهوى في سائر المعاصي.(19:23)

ص: 776

الطّباطبائيّ:المراد باتّخاذ الهوى إلها طاعته و اتّباعه من دون اللّه.و قد أكثر اللّه سبحانه في كلامه ذمّ اتّباع الهوى و عدّ طاعة الشّيء عبادة له،في قوله: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَ أَنِ اعْبُدُونِي يس:60،61،[إلى أن قال:]

و الآية كالإجمال للتّفصيل الّذي في قوله: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللّهِ الجاثية:23.

و يظهر ممّا تقدّم من المعنى أنّ قوله: اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ على نظمه الطّبيعيّ،أي إنّ(اتّخذ)فعل متعدّ إلى مفعولين و(الهه)مفعوله الأوّل،و(هواه)مفعول ثان له، فهذا هو الّذي يلائم السّياق؛و ذلك أنّ الكلام حول شرك المشركين و عدولهم عن عبادة اللّه إلى عبادة الأصنام،و إعراضهم عن طاعة الحقّ الّتي هي طاعة اللّه إلى طاعة الهوى الّذي يزيّن لهم الشّرك،و هؤلاء يسلّمون أنّ لهم إلها مطاعا و قد أصابوا في ذلك.لكنّهم يرون أنّ هذا المطاع هو الهوى فيتّخذونه مطاعا بدلا من أن يتّخذوا الحقّ مطاعا.فقد وضعوا الهوى موضع الحقّ لا أنّهم وضعوا المطاع موضع غيره،فافهم.

و من هنا يظهر ما في قول عدّة من المفسّرين:أنّ (هواه)مفعول أوّل لقوله:(اتّخذ)،و(الهه)مفعول ثان مقدّم،و إنّما قدّم للاعتناء به من حيث إنّه الّذي يدور عليه أمر التّعجيب،في قوله: أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلخ كما قاله بعضهم،أو إنّما قدّم للحصر على ما قاله آخرون.(15:223)

2-و بهذا المعنى جاء قوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ... الجاثية:23،و إن شئت فراجع.

الطّبريّ(25:150)،و الميبديّ(9:133)،و الطّبرسيّ (5:78)،و الفخر الرّازيّ(27:268)،و أبا حيّان(8:

48)و الآلوسيّ(25:152)،و الطّباطبائيّ(18:172).

الهكم

إِنَّما إِلهُكُمُ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً. طه:98

الطّبريّ: يقول:مالكم أيّها القوم معبود إلاّ الّذي له عبادة جميع الخلق،لا تصلح العبادة لغيره،و لا تنبغي أن تكون إلاّ له.(16:209)

الخازن: المستحقّ للعبادة و التّعظيم هو اللّه.

(4:226)

نحوه البيضاويّ.(2:60)

الشّربينيّ: أي الجامع لصفات الكمال،ثمّ كشف المراد من ذلك و حقّقه بقوله: اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ أي لا يصلح لهذا المنصب أحد غيره،لأنّه وسع كلّ شيء علما.و أمّا العجل الّذي عبدوه فلا يصلح للإلهيّة بوجه،و لا في عبادته شيء من حقّ.(2:483)

أبو السّعود: استئناف مسوق لتحقيق الحقّ إثر إبطال الباطل بتلوين الخطاب و توجيهه إلى الكلّ،أي إنّما معبودكم المستحقّ للعبادة،اللّه اَلَّذِي لا إِلهَ الّذي لا إله في الوجود لشيء من الأشياء إلاّ هو وحده،من غير أن يشاركه شيء من الأشياء بوجه من الوجوه الّتي من

ص: 777

جملتها أحكام الألوهيّة.

و قرئ (اللّه لا اله الاّ هو الرّحمن ربّ العرش)

(4:306)

نحوه الآلوسيّ.(16:258)

البروسويّ: [نحو أبي السّعود و أضاف...]

قال في«بحر العلوم»قوله: اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ تقرير لاختصاص الإلهيّة،و نحوه قولك:القبلة:الكعبة الّتي لا قبلة إلاّ هي.(5:422)

الطّباطبائيّ: الظّاهر أنّه من تمام كلام موسى عليه السّلام يخاطب به السّامريّ و بني إسرائيل.و قد قرّر بكلامه هذا توحّده تعالى في ألوهيّته،فلا يشاركه فيها غيره من عجل أو أيّ شريك مفروض،و هو بسياقه من لطيف الاستدلال.فقد استدلّ فيه بأنّه تعالى هو اللّه،على أنّه لا إِلهَ إِلاّ هُوَ و بذلك على أنّه-لا غير-إلههم.

(14:198)

و بهذا المعنى،أي بمعنى«المعبود و المستحقّ للعبادة» جاءت الآيات من سورة النّحل:22،و الكهف:110، و طه:88 و 98،و الأنبياء:108،و الحجّ:34،و العنكبوت 46،و الصّافّات:4،و فصّلت:6.

و أيضا كلمة(الهنا)في العنكبوت:64.و(الهك)في البقرة:133،و بمعنى«معبودك»في طه:97.

الهين

1- أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ. المائدة:116

الطّبريّ: أي معبودين تعبدونهما من دون اللّه.(7:138)

الطّوسيّ: قيل في قوله تعالى:(الهين)ثلاثة أوجه:

أحدها:أنّهم لمّا عظّموهما تعظيم الآلهة أطلق ذلك عليهما،كما قال: اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ التّوبة:31،و إنّما أراد تقريعهم على معصيتهم.

الثّاني:أنّهم جعلوه إلها،و جعلوا مريم والدة له، ميّزوها من جميع البشر تمييزا شابهت الإلهيّة.و أطلق ذلك لأنّه مستخرج من قصدهم،و إن لم يكن صريح ألفاظهم على طريقة الإلزام لهم.

الثّالث:أنّهم لمّا سمّوه إلها و عظّموها هي و كانا مجتمعين سمّاهما إلهين على طريقة العرب،كقولهم:

القمران:للشّمس و القمر،و العمران:لأبي بكر و عمر.[ثمّ نقل حكاية بأنّه قد كان فيما مضى قوم يقال لهم:المريميّة يعتقدون في مريم أنّها إلهة](4:69)

مثله الطّبرسيّ.(2:268)

أبو حيّان: ذكر المفسّرون أنّه لم يقل أحد من النّصارى بإلهيّة مريم،فكيف قيل:إلهين؟

و أجابوا بأنّهم لمّا قالوا:لم تلد بشرا و إنّما ولدت إلها، لزمهم أن يقولوا من حيث البعضيّة بإلهيّة من ولدته، فصاروا بمثابة من قال.انتهى.

و الظّاهر صدور هذا القول في الوجود لا من عيسى، و لا يلزم من صدور القول وجود الاتّخاذ.(4:58)

الآلوسيّ: قال الرّاغب:إنّ ظاهر ذلك القول استقلالهما عليهما الصّلاة و السّلام بالألوهيّة،و عدم اتّخاذ اللّه سبحانه و تعالى معهما إلها.

و لا بدّ من تأويل ذلك،لأنّ القوم ثلّثوا-و العياذ باللّه

ص: 778

تعالى-فإمّا أن يقال:إنّ من أشرك مع اللّه سبحانه غيره فقد نفاه معنى،لأنّه جلّ شأنه وحده لا شريك له، و يكون إقراره باللّه تعالى كلا إقرار،و حينئذ يكون(من دون اللّه)مجازا عن«مع اللّه»تعالى،أو يقال:إنّ المراد ب (من دون اللّه)التّوسّط بينهما و بينه عزّ شأنه،فيكون «الدّون»إشارة لقصور مرتبتهما عن مرتبته جلّ جلاله، لأنّهم قالوا:هو عزّ اسمه كالشّمس و هما كشعاعها.

و زعم بعضهم: أنّ المراد اتّخاذهما بطريق الاستقلال.

و وجهه أنّ النّصارى يعتقدون أنّ المعجزات الّتي ظهرت على يدي عيسى و أمّه عليهما الصّلاة و السّلام لم يخلقها اللّه تعالى بل هما خلقاها،فصحّ أنّهم اتّخذوهما في حقّ بعض الأشياء إلهين مستقلّين و لم يتّخذوه إلها في حقّ ذلك البعض.

و لا يخفى أنّ الأوّل كالمتعيّن،و إليه أشار العلاّمة، و نصّ على اختياره شيخ الإسلام.[ثمّ أدام الكلام نحو الطّوسيّ و رجّح الوجه الثّالث،فقال:]

و هو أولى الأوجه عندي و ما قرّره الزّاعم من أنّ النّصارى يعتقدون...إلخ غير مسلّم في نصارى زماننا، و لم ينقله أحد ممّن يوثق به عنهم أصلا.(7:65)

و هناك أبحاث لرشيد رضا(7:261)،و الطّباطبائيّ (6:241)،و غيرهما،راجع«دون»

2- وَ قالَ اللّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ النّحل:51

الزّجّاج: فذكر(اثنين)توكيدا لقوله:(الهين)كما ذكر الواحد في قوله: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ. (3:204)

الطّوسيّ: أي لا تعبدوا مع اللّه غيره،فتشركوا بينهما في العبادة.[إلى أن قال:]

و في قوله:(اثنين)بعد قوله:(الهين)قولان:

أحدهما:أنّه قال:ذلك تأكيدا،كما قال:(اله واحد) تأكيدا.

و الثّاني:أن يكون المعنى لا تتّخذوا اثنين إلهين،فقدّم و أخّر،و كلاهما جائزان.(6:389)

الطّبرسيّ: [نحو الطّوسيّ و أضاف:]

و ورد عن بعض الحكماء أنّه قال:نهاك ربّك أن تتّخذ إلهين فاتّخذت آلهة،عبدت نفسك و هواك و دنياك و طبعك و مرادك و عبدت الخلق،فأنّى تكون موحّدا؟.

(3:365)

الزّمخشريّ: فإن قلت:إنّما جمعوا بين العدد و المعدود فيما وراء الواحد و الاثنين،فقالوا:عندي رجال ثلاثة و أفراس أربعة،لأنّ المعدود عار عن الدّلالة على العدد الخاصّ و أمّا رجل و رجلان و فرس و فرسان فمعدودان فيهما دلالة على العدد،فلا حاجة إلى أن يقال:

رجل واحد و رجلان اثنان،فما وجه قوله:(الهين اثنين)؟

قلت:الاسم الحامل لمعنى الإفراد و التّثنية دالّ على شيئين:على الجنسيّة،و العدد المخصوص؛فإذا أريدت الدّلالة على أنّ المعنيّ به منهما و الّذي يساق إليه الحديث هو العدد،شفّع بما يؤكّده،فدلّ به على القصد إليه و العناية به.أ لا ترى أنّك لو قلت:إنّما هو إله،و لم تؤكّده بواحد لم يحسن،و خيّل أنّك تثبت الإلهيّة لا الوحدانيّة.

(2:413)

الفخر الرّازيّ: لقائل أن يقول:إنّ الإلهين لا بدّ و أن

ص: 779

يكونا اثنين،فما الفائدة في قوله:(الهين اثنين)؟و جوابه من وجوه:

أحدها:قال صاحب«النّظم»:فيه تقديم و تأخير، و التّقدير:لا تتّخذوا اثنين إلهين.

و ثانيها:و هو الأقرب عندي أنّ الشّيء إذا كان مستنكرا مستقبحا،فمن أراد المبالغة في التّنفير عنه عبّر عنه بعبارات كثيرة،ليصير توالي تلك العبارات سببا لوقوف العقل،على ما فيه من القبح.

إذا عرفت هذا فالقول بوجود الإلهين قول مستقبح في العقول،و لهذا المعنى فإنّ أحدا من العقلاء لم يقل بوجود إلهين متساويين في الوجوب و القدم و صفات الكمال،فقوله: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ المقصود من تكريره تأكيد التّنفير عنه،و تكميل وقوف العقل على ما فيه من القبح.

و ثالثها:أنّ قوله:(الهين)لفظ واحد يدلّ على أمرين:

ثبوت الإله،و ثبوت التّعدّد،فإذا قيل: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ لم يعرف من هذا اللّفظ أنّ النّهي وقع عن إثبات الإله أو عن إثبات التّعدّد،أو عن مجموعهما.فلمّا قال:

لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ ثبت أنّ قوله: (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ) نهي عن إثبات التّعدّد فقط.

و رابعها:أنّ الاثنينيّة منافية للإلهيّة،و تقريره من وجوه:

الأوّل:أنّا لو فرضنا موجودين يكون كلّ واحد منهما واجبا لذاته،لكانا مشتركين في الوجوب الذّاتيّ و متباينين بالتّعيّن،و ما به المشاركة غير ما به المباينة، فكلّ واحد منهما مركّب من جزءين و كلّ مركّب فهو ممكن؛فثبت أنّ القول:بأنّ واجب الوجود أكثر من واحد،ينفي القول بكونهما واجبي الوجود.

الثّاني:أنّا لو فرضنا إلهين،و حاول أحدهما تحريك جسم و الآخر تسكينه،امتنع كون أحدهما أولى بالفعل من الثّاني،لأنّ الحركة الواحدة و السّكون الواحد لا يقبل القسمة أصلا و لا التّفاوت أصلا.و إذا كان كذلك امتنع أن تكون القدرة على أحدهما أكمل من القدرة على الثّاني،و إذا ثبت هذا امتنع كون إحدى القدرتين أولى بالتّأثير من الثّانية،و إذا ثبت هذا فإمّا أن يحصل مراد كلّ واحد منهما و هو محال،أو لا يحصل مراد كلّ واحد منهما البتّة.فحينئذ يكون كلّ واحد منهما عاجزا و العاجز لا يكون إلها؛فثبت أنّ كونهما اثنين ينفي كون كلّ واحد منهما إلها.

الثّالث:أنّا لو فرضنا إلهين اثنين لكان إمّا أن يقدر أحدهما على أن يستر ملكه عن الآخر أو لا يقدر،فإن قدر فذاك إله و الآخر ضعيف،و إن لم يقدر فهو ضعيف.

و الرّابع:و هو أنّ أحدهما إمّا أن يقوي على مخالفة الآخر،أو لا يقوي عليه،فإن لم يقو عليه فهو ضعيف، و إن قوي عليه،فذاك الآخر إن لم يقو على الدّفع فهو ضعيف،و إن قوي عليه فالأوّل المغلوب ضعيف؛فثبت أنّ الاثنينيّة و الإلهيّة متضادّتان.فقوله: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ المقصود منه التّنبيه على حصول المنافاة و المضادّة بين الإلهيّة و بين الاثنينيّة،و اللّه أعلم.

و اعلم أنّه تعالى لمّا ذكر هذا الكلام قال: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ و المعنى:أنّه لمّا دلّت الدّلائل السّابقة على أنّه لا بدّ للعالم من الإله،و ثبت أنّ القول بوجود الإلهين محال،

ص: 780

ثبت أنّه لا إله إلاّ الواحد الأحد الحقّ الصّمد.(20:47)

نحوه ملخّصا النّيسابوريّ.(14:74)

النّيسابوريّ: [التّأويل]

أراد بالإله الآخر«الهوى»لقوله صلى اللّه عليه و سلم:«ما عبد إله أبغض على اللّه من الهوى».(14:80)

أبو حيّان: لمّا ذكر انقياد ما في السّماوات و ما في الأرض لما يريده تعالى منها،و كان هو المتفرّد بذلك،نهى أن يشرك به،و دلّ النّهي عن اتّخاذ إلهين على النّهي عن اتّخاذ آلهة.و لمّا كان الاسم الموضوع للإفراد و التّثنية قد يتجوّز فيه فيراد به الجنس،نحو نعم الرّجل زيد و نعم الرّجلان الزّيدان،أكّد الموضوع لهما بالوصف،فقيل:

(الهين اثنين)،و قيل:(اله واحد).[ثمّ نقل قول الزّمخشريّ و قال:]

و الظّاهر أنّ(لا تتّخذوا)تعدّى إلى واحد،و(اثنين) -كما تقدّم-تأكيد.

و قيل:هو متعدّ إلى مفعولين،فقيل:تقدّم الثّاني على الأوّل،و ذلك جائز،و التّقدير:لا تتّخذوا اثنين إلهين.

و قيل:حذف الثّاني للدّلالة،تقديره:معبودا، و(اثنين)على هذا القول تأكيد.

و تقرير منافاة الاثنينيّة للإلهيّة من وجوه ذكرت في علم أصول الدّين.و لمّا نهى عن اتّخاذ الإلهين و استلزم النّهي عن اتّخاذ آلهة أخبر تعالى أنّه إله واحد،كما قال:

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ بأداة الحصر و بالتّأكيد بالوحدة.

(5:501)

أبو السّعود: و إنّما ذكر العدد مع أنّ صيغة التّثنية مغنية عن ذلك،دلالة على أنّ مساق النّهي هي الاثنينيّة و أنّها منافية للألوهيّة،كما أنّ وصف«الإله»بالوحدة في قوله تعالى: «إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» للدّلالة على أنّ المقصود إثبات الوحدانيّة،و أنّها من لوازم الإلهيّة.و أمّا الإلهيّة فأمر مسلّم الثّبوت له سبحانه،و إليه أشير؛حيث أسند إليه القول.(3:178)

نحوه المراغيّ.(14:192)

الآلوسيّ: المشهور أنّ(اثنين)وصف ل(الهين) و كذا(واحد)في قوله سبحانه: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ صفة ل(اله)،و جيء بهما للإيضاح و التّفسير لا للتّأكيد و إن حصل.

و تقرير ذلك أنّ لفظ(الهين)حامل لمعنى الجنسيّة، أعني الإلهيّة،و معنى العدد،أعني الاثنينيّة.و كذا لفظ (اله)حامل لمعنى الجنسيّة و الوحدة.و الغرض المسوق له الكلام في الأوّل النّهي عن اتّخاذ الاثنين من الإله لا عن اتّخاذ جنس الإله،و في الثّاني إثبات الواحد من الإله لا إثبات جنسه.فوصف(الهين)ب(اثنين)و(اله) ب(واحد)إيضاحا لهذا الغرض و تفسيرا له،فإنّه قد يراد بالمفرد الجنس نحو:نعم الرّجل زيد.و كذا المثنّى.[ثمّ استشهد بشعر]

و إلى هذا ذهب صاحب«الكشّاف»،و ما يفهم منه أنّه تأكيد،فمعناه أنّه محقّق و مقرّر من المتبوع،فهو تأكيد لغويّ لا أنّه مؤكّد أمر المتبوع في النّسبة أو الشّمول ليكون تأكيدا صناعيّا.كيف و هو إنّما يكون بتقرير المتبوع بنفسه أو بما يوافقه معنى أو بألفاظ محفوظة.فما قيل:إنّ مذهبه أنّ ذلك من التّأكيد الصّناعيّ ليس بشيء؛إذ لا دلالة في كلامه عليه.

ص: 781

و قد أورد السّكّاكيّ الآية في باب عطف البيان مصرّحا بأنّه من هذا القبيل فتوهّم منه بعضهم أنّه قائل بأنّ ذلك عطف بيان صناعيّ و هو الّذي اختاره العلاّمة القطب في«شرح المفتاح»نافيا كونه وصفا.و استدلّ على ذلك بأنّ معنى قولهم:«الصّفة تابع يدلّ معنى في متبوعه»،أنّه تابع ذكر ليدلّ على معنى في متبوعه-على ما نقل عن ابن الحاجب-و لم يذكر(اثنين)و(واحد) للدّلالة على الاثنينيّة و الوحدة اللّتين في متبوعهما، فيكونا وصفين،بل ذكرا للدّلالة على أنّ القصد من متبوعهما إلى أحد جزئيه،أعني الاثنينيّة و الوحدة دون الجزء الآخر،أعني الجنسيّة.فكلّ منهما تابع غير صفة يوضح متبوعه،فيكون عطف بيان لا صفة.

و قال العلاّمة الثّاني: ليس في كلام السّكّاكيّ ما يدلّ على أنّه عطف بيان صناعيّ،لجواز أن يريد أنّه من قبيل الإيضاح و التّفسير و إن كان وصفا صناعيّا.و يكون إيراده في ذلك المبحث مثل إيراد كلّ رجل عارف،و كلّ إنسان حيوان،في بحث التّأكيد،و مثل ذلك عادة له.

و تعقّب العلاّمة الأوّل:بأنّه إن أريد أنّه لم يذكر إلاّ ليدلّ على معنى في متبوعه فلا يصدق التّعريف على شيء من الصّفة،لأنّها-البتّة-تكون لتخصيص أو تأكيد أو مدح أو نحو ذلك،و إن أريد أنّه ذكر ليدلّ على هذا المعنى و يكون الغرض من دلالته عليه شيئا آخر كالتّخصيص و التّأكيد و غيرهما،فيجوز أن يكون ذكر(اثنين) و(واحد)للدّلالة على الاثنينيّة و الوحدة،و يكون الغرض من هذا بيان المقصود و تفسيره،كما أنّ الدّابر في «أمس الدّابر»ذكر ليدلّ على معنى الدّبور،و الغرض منه التّأكيد،بل الأمر كذلك عند التّحقيق.أ لا ترى أنّ السّكّاكيّ جعل من الوصف ما هو كاشف و موضح و لم يخرج بهذا عن الوصفيّة.

و أجيب بأنّا نختار الشّقّ الثّاني،و نقول:مراد العلاّمة من قوله:«ذكر ليدلّ على معنى في متبوعه»،أن يكون المقصود من ذكره الدّلالة على حصول المعنى في المتبوع، ليتوسّل بذلك إلى التّخصيص أو التّوضيح أو المدح أو الذّمّ إلى غير ذلك.و ذكر(اثنين)و(واحد)ليس للدّلالة على حصول الاثنينيّة و الوحدة في موصوفيهما بل تعيين المقصود من جزأيهما،فلا يكونان صفة.و ذكر الدّابر ليدلّ على حصول الدّبور في الأمس،ثمّ يتوسّل بذلك إلى التّأكيد،و كذا في الوصف الكاشف،بخلاف ما نحن فيه، فتدبّره فإنّه غامض.

و لم يجوّز العلاّمة الأوّل البدليّة،فقال:و أمّا أنّه ليس ببدل فظاهر،لأنّه لا يقوم مقام المبدل منه.

و نظر فيه العلاّمة الثّاني:بأنّا لا نسلّم أنّ البدل يجب صحّة قيامه مقام المبدل منه،فقد جعل الزّمخشريّ (الجنّ)في قوله تعالى: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ الأنعام:100،بدلا من(شركاء)،و معلوم أنّه لا معنى لقولنا:و جعلوا للّه الجنّ،ثمّ قال:بل لا يبعد أن يقال:

الأولى أنّه بدل لأنّه المقصود بالنّسبة؛إذ النّهي عن اتّخاذ الاثنين من الإله،على ما مرّ تقريره.

و تعقّب:بأنّ الرّضيّ قد ذكر أنّه لمّا لم يكن البدل معنى في المتبوع حتّى يحتاج إلى المتبوع كما احتاج الوصف،و لم يفهم معناه من المتبوع كما فهم ذلك في التّأكيد،جاز اعتباره مستقلاّ لفظا،أي صالحا لأن يقوم

ص: 782

مقام المتبوع،انتهى.

و لا يخفى أنّ صحة إقامته بهذا المعنى لا تقتضي أن يتمّ معنى الكلام بدونه حتّى يرد ما أورد.

و قيل:إنّ ذكر(اثنين)للدّلالة على منافات الاثنينيّة للألوهيّة،و ذكر الوحدة للتّنبيه على أنّها من لوازم الألوهيّة.

و جعل ذلك بعضهم من روادف الدّلالة على كون ما ذكر مساق النّهي و الإثبات،و هو الظّاهر،و إن قيل فيه ما قيل.

و زعم بعضهم:أنّ(تتّخذوا)متعدّ إلى مفعولين، و أنّ(اثنين)مفعوله الأوّل،و(الهين)مفعوله الثّاني، و التّقدير:لا تتّخذوا اثنين إلهين.و قيل:الأوّل مفعول أوّل و الثّاني ثان.و قيل:(الهين)مفعوله الأوّل،و(اثنين) باق على الوصفيّة و التّوكيد،و المفعول الثّاني محذوف، أي معبودين،و لا يخفى ما في ذلك.

و إثبات الوحدة له تعالى مع أنّ المسمّى المعيّن لا يتعدّد،بمعنى أنّه لا مشارك له في صفاته و ألوهيّته.فليس الحمل لغوا،و لا حاجة لجعل الضّمير للمعبود بحقّ المفهوم من الجلالة،على طريق الاستخدام كما قيل.(14:162)

القاسميّ: قوله تعالى: وَ قالَ اللّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إعلام بنهيه الصّريح عن الإشراك،و بأمره بعبادته وحده.و إنّما خصّص هذا العدد لأنّه الأقلّ،فيعلم انتفاء ما فوقه بالدّلالة.[ثمّ قال نحو الزّمخشريّ]

(10:3815)

محمّد أبو موسى: و تقرير معنى الآية فمن وجهين:

أحدهما:أنّه تعالى في هذا المقام يتكلّم في التّوحيد و النّهي عن ضدّه،فالمقصود الأهمّ نهيهم عن القول بتعدّد الآلهة،فنهاهم عن التّثنية تنبيها بها على ما فوقها بطريق الأولى،كما في الضّرب مع التّأفيف.و اللّفظ الموضوع للعدد المثنّى إنّما هو«اثنان»فجاء في النّهي عن المطلوب تركه باللّفظ الموضوع له،ليكون أبين و أدلّ و آكد.

فأمّا قوله:(الهين)فليس موضوعا لهذا العدد،بل هو اسم ألحقت به علامة التّثنية كرجلين و قوسين،فدلالته على العدد عرضيّة لا أصليّة،و لهذا لا يدلّ على ما بعده من المعدودات على مقدار عدده إلاّ بذكره،كثلاثة رجال، و أربعة أعبد،و نحو ذلك.فلو قلت:رجال و أعبد،لم يعلم هل هم ثلاثة أو أربعة أو أكثر.

الثّاني:كأنّه نبّه بهذا على أنّه لم ينههم عن اتّخاذ مطلق الآلهة،و أنّه يأمرهم بتألّه نفسه،و إنّما ينهاهم عن مطلق التّعدّد.(الإكسير في علم التّفسير:255)

الطّباطبائيّ:و قوله: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ أريد به-و اللّه أعلم-النّهي عن التّعدّي عن الإله الواحد باتّخاذ غيره معه،فيشمل الاثنين و ما فوقه من العدد، و يؤيّده تأكيده بقوله: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ.

و(اثنين)صفة(الهين)كما أنّ(واحد)صفة(اله)جيء بهما للإيضاح و التّبيين.

و بعبارة أخرى:العناية متعلّقة بالنّهي عن اتّخاذ غيره معه،سواء كان واحدا أو أكثر من واحد.لكن لمّا كان كلّ عدد اختاروه في الإله فوق الاثنين يجب أن يسلكوا إليه من الاثنين؛إذ لا يتحقّق عدد هو فوق الاثنين إلاّ بعد تحقّق الاثنين،نهى عن اتّخاذ الاثنين و اكتفى به عن النّهي عن كلّ عدد فوق الواحد.

ص: 783

و يمكن أن يكون اعتبار الاثنين نظرا إلى ما عليه دأبهم و سنّتهم،فإنّهم يعتقدون من الإله بإله الصّنع و الإيجاد،و هو الّذي له الخلق فحسب،و هو إله الآلهة و موجد الكلّ،و بإله العبادة و هو الّذي له الرّبوبيّة و التّدبير،و هذا المعنى أنسب بما يتلوه من الجمل.

و على هذا فالمعنى لا تتّخذوا إلهين اثنين إله الخلق و إله التّدبير الّذي له العبادة،إنّما هو،أي الإله إله واحد له الخلق و التّدبير جميعا،لأنّ كلّ تدبير ينتهي إلى الإيجاد؛ و إذ كنت أنا الخالق الموجد فأنا المدبّر الّذي تجب عبادته، فإيّاي فارهبون و إيّاي فاعبدون.(12:269)

عبد الكريم الخطيب: هو توكيد للنّهي بترك المنهيّ عنه،و الإتيان بما يقابله،و هو المأمور به.و يكون المعنى لا تتّخذوا إلهين اثنين،و اعبدوا إلها واحدا.

و في وصف«الإلهين»بأنّهما«اثنان»تجسيد لتلك الصّورة الّتي تجمع بين إلهين،و تقابل بينهما مقابلة الشّيء للشّيء.

و هذه صورة لا تتحقّق أبدا؛إذ ليس للّه سبحانه و تعالى نظير يناظره أو شبيه يقابله إذ هكذا يكون الإله الّذي يعبد.إلها متفرّدا بالكمال و الجلال،لا يشاركه أحد في كماله و جلاله،و إلاّ كان ناقصا،لا يستحقّ أن يأخذ مكان التّفرّد.و على العقل أن يبحث عن الإله الّذي لا مثيل له،و لا نظير،و أنّ البحث سينتهي به إلى اللّه الواحد الأحد،الفرد الصّمد إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ. (7:306)

مكارم الشّيرازيّ: إنّ الملفت في هذه الآية هو النّهي عن اتّخاذ معبودين اثنين فقط؛إذ معلوم لدى الجميع أنّ المشركين كانوا يعبدون أصناما و معبودات كثيرة جدّا،و كانت معابدهم تحفل بأنواع مختلفة من الأصنام.و لعلّ هذا النّمط من التّعبير يرمز إلى أحد الأمور التّالية أو إلى كلّها:

1-تعني الآية أنّ عبادة معبودين خطأ،فكيف الأمر بعبادة آلهة متعدّدة.

و بعبارة أخرى فإنّ الآية بيّنت أدنى العدد،كي يصدق النّهي على ما زاد على ذلك بطريق أولى،لأنّ من يريد أن ينتخب عددا يزيد على الواحد لا بدّ له أن يتجاوز العدد اثنين.

2-إنّ الآلهة كلّها باطلة،و هي بمجموعها تعدّ واحدة، و الآية تقول:لا تجعلوها نظير الحقّ،و لا تعبدوا إلهين:

حقّ،و باطل.

3-اتّخذ الجاهليّون في الحقيقة معبودين لهم، أحدهما:خالق الكون،أي اللّه الّذي كانوا يؤمنون به، و الآخر:الوسيط الّذي بينهم و بين اللّه،و كانوا يعتبرونه منشأ الخير و البركة و النّعمة،و هو الصّنم.

4-لعلّ هذه الآية تنهى عن العبادة المزدوجة الّتي ينتهجها الثّنويّون،و هم الّذين كانوا يقولون بوجود إلهين-إله الخير و إله الشّرّ-و بالرّغم من ضعف حجّة هؤلاء فإنّ الوثنيّين العرب ليس لهم حجّة كهذه أيضا.(11:259)

فضل اللّه: يختلف أسلوب القرآن في معالجة مسألة الشّرك و التّوحيد،فهو لا يتحدّث عنها هنا كمسألة خاضعة للأخذ و الرّدّ،بل كأمر إلهيّ،يفرض الفكرة بوصفها خطّا عمليّا يمنع النّاس من تجاوزه،لأنّه يمثّل الحقيقة.و لعلّ سرّ القوّة في ذلك،هو أنّ المشركين

ص: 784

لا ينكرون على اللّه صفة الألوهيّة،و أنّهم لا يعبدون الآلهة الأخرى الّتي يعطونها هذه الصّفة،إلاّ لقربها من اللّه،أو لوجود بعض خصائص القوّة فيها.

و بهذا نعرف أنّ أسلوب الحسم يملك من ناحية إيجائيّة قوّة تفوق ما يملكه الأسلوب الموضوعيّ في طرح الفكرة،في مواجهة فكرة أخرى،لأنّهم إذا كانوا يعبدون تلك الآلهة لتقرّبهم إلى اللّه زلفى،فمن البديهيّ أن يكون المنع الإلهيّ عن اتّخاذ إله آخر،مسقطا لدعواهم و ممارستهم بشكل حاسم.(13:293)

[«لاحظ اثنين]

آلهة

1- أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ... الأنعام:19

الطّبريّ: يقول:تشهدون أنّ معه معبودات غيره، من الأوثان و الأصنام.(7:163)

أبو حيّان: إن كان الخطاب لأهل مكّة فالآلهة:

الأصنام،فإنّهم أصحاب أوثان.و إن كان لجميع المشركين فالآلهة:كلّ ما عبد غير اللّه تعالى من وثن أو كوكب أو نار أو آدميّ.(4:92)

رشيد رضا :ممّا يشركونه به من الأصنام و غيرها،أو من إشراكهم مهما يكن موضوعه.(7:342)

نحوه النّهاونديّ(1:444)،و المراغيّ(7:93).

2- قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ...

الأعراف:138

الطّبريّ:أصنام يعبدونها.(9:45)

نحوه الطّبرسيّ.(2:472)

الزّمخشريّ: أصنام يعكفون عليها.(2:110)

أبو البركات: و(آلهة)مرفوع.و في رفعه ثلاثة أوجه:

أحدها:أن يكون مرفوعا على البدل من الضمير المرفوع في(لهم).

و الثّاني:أن يكون مرفوعا لأنّه خبر مبتدإ محذوف، و تقديره:هي آلهة.

و الثّالث:أن يكون مرفوعا ب(لهم)على تقدير:كما استقرّ لهم آلهة.(1:373)

3- وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا.

مريم:81

الآلوسيّ: أي اتّخذ الكفرة الظّالمون الأصنام أو ما يعمّهم و سائر المعبودات الباطلة آلهة.متجاوزين اللّه تعالى.(16:133)

عزّة دروزة: و فحوى الآيتين«81 و 82»يدلّ على أنّ المقصود من الآلهة هم الملائكة الّذين كان العرب يشركونهم مع اللّه و يتّخذونهم شفعاء،فيكونون يوم القيامة ضدّهم و خاذلين لهم.و قد جاء هذا بصراحة في آيات سورة الفرقان:17-19.(3:65)

الطّباطبائيّ: هؤلاء الآلهة هم الملائكة و الجنّ و القدّيسون من الإنس و جبابرة الملوك،فإنّ أكثرهم كانوا يرون الملك قداسة سماويّة.(14:107)

4- أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ

ص: 785

يُنْشِرُونَ. الأنبياء:21

الزّمخشريّ: و نحو قوله:(من الارض)،قولك:

فلان من مكّة أو من المدينة،تريد مكّيّ أو مدنيّ.

و معنى نسبتها إلى(الأرض)الإيذان بأنّها الأصنام الّتي تعبد في الأرض،لأنّ الآلهة على ضربين:أرضيّة و سماويّة،و من ذلك حديث الأمة الّتي قال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:«أين ربّك؟فأشارت إلى السّماء،فقال:إنّها مؤمنة»لأنّه فهم منها أنّ مرادها نفي الآلهة الأرضيّة الّتي هي الأصنام،لا إثبات السّماء مكانا للّه عزّ و جلّ.

و يجوز أن يراد آلهة من جنس الأرض،لأنّها إمّا أن تنحت من بعض الحجارة أو تعمل من بعض جواهر الأرض.(2:567)

مثله الشّربينيّ(2:500)،و نحوه النّسفيّ(3:75)، و النّيسابوريّ(17:15).

البيضاويّ: (من الارض)صفة ل(آلهة)أو متعلّقة بالفعل على معنى الابتداء،و فائدتها التّحقير دون التّخصيص.(2:69)

الآلوسيّ: (من الارض)متعلّق ب(اتّخذوا)،و(من) ابتدائيّة على معنى أنّ اتّخاذهم إيّاها مبتدأ من أجزاء الأرض كالحجارة و أنواع المعادن،و يجوز كونها تبعيضيّة.

و قال أبو البقاء و غيره:يجوز أن تكون متعلّقة بمحذوف وقع صفة ل(آلهة)،أي آلهة كائنة من جنس الأرض.و أيّا ما كان فالمراد التّحقير لا التّخصيص.و من جوّزه التزم تخصيص الإنكار بالشّديد،و هو غير سديد.

(17:22)

المراغيّ: و وصف الآلهة بكونها من الأرض، للإشارة إلى أنّها من الأصنام الّتي تعبد فيها و للإيماء إلى ضعة شأنها و حقارة أمرها.(17:19)

الطّباطبائيّ: و تقييد قوله: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً بقوله:(من الارض)قيل:ليشير به إلى أنّهم إذا كانوا من الأرض كان حكمهم حكم عامّة أهل الأرض من الموت ثمّ البعث،فمن الّذي يميتهم ثمّ يبعثهم؟

و يمكن أن يكون المراد اتّخاذ آلهة من جنس الأرض كالأصنام المتّخذة من الحجارة و الخشب و الفلزّات، فيكون فيه نوع من التّهكّم و التّحقير.و يؤول المعنى إلى أنّ الملائكة الّذين هم الآلهة عندهم إذا كانوا من عباده تعالى و عبّاده و انقطع هؤلاء عنهم و يئسوا من ألوهيّتهم ليلتجئوا إليهم في أمر المعاد،فهل يتّخذون أصنامهم و تماثيلهم آلهة من دون اللّه مكان أرباب الأصنام و التّماثيل؟!(14:266)

5- لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا... الأنبياء:22 راجع نصوص كلمة«اللّه».

6- أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ...

الأنبياء:24

الطّبريّ: أم اتّخذوا من دونه آلهة تنفع و تضرّ، و تخلق و تحيي و تميت؟.(17:14)

الزّمخشريّ: كرّر(ام اتّخذوا...)استفظاعا لشأنهم و استعظاما لكفرهم،أي وصفتم اللّه تعالى بأنّ له شريكا،فهاتوا برهانكم...(2:568)

ص: 786

نحوه الفخر الرّازيّ(22:158)،و أبو حيّان (6:306)،و الشّربينيّ(2:501)،و الكاشانيّ(3:335).

البيضاويّ: كرّره استعظاما لكفرهم و استفظاعا لأمرهم و تبكيتا و إظهارا لجهلهم،أو ضمّا لإنكار ما يكون لهم سندا من النّقل إلى إنكار ما يكون لهم دليلا من العقل،على معنى أوجدوا آلهة ينشرون الموتى فاتّخذوهم آلهة لما وجدوا فيهم من خواصّ الألوهيّة؟ أو وجدوا في الكتب الإلهيّة الأمر بإشراكهم فاتّخذوهم متابعة للأمر؟و يعضد ذلك أنّه رتّب على الأوّل ما يدلّ على فساده عقلا،و على الثّاني ما يدلّ على فساده نقلا.(2:70)

نحوه النّسفيّ.(3:76)

البروسويّ: الهمزة لإنكار الاتّخاذ المذكور و استقباحه و استعظامه.و(من)متعلّقة ب(اتّخذوا)، و المعنى بل اتّخذوا متجاوزين إيّاه تعالى آلهة مع ظهور خلوّهم عن خواصّ الألوهيّة بالكلّيّة.(5:466)

الآلوسيّ: إضراب و انتقال من إظهار بطلان كون ما اتّخذوه آلهة حقيقة،بإظهار خلوّها عن خصائص الإلهيّة الّتي من جملتها الإنشار،و إقامة البرهان القطعيّ على استحالة تعدّد الإله مطلقا،و تفرّده سبحانه بالألوهيّة إلى بطلان اتّخاذهم تلك الآلهة-مع عرائها عن تلك الخصائص بالمرّة-شركاء للّه تعالى شأنه، و تبكيتهم بإلجائهم إقامة البرهان على دعواهم الباطلة، و تحقيق أنّ جميع الكتب السّماويّة ناطقة بحقّيّة التّوحيد و بطلان الإشراك.

و جوّز أن يكون هذا انتقالا لإظهار بطلان الآلهة مطلقا،بعد إظهار بطلان الآلهة الأرضيّة.[ثمّ أدام مثل البروسويّ](17:31)

7- أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا... الأنبياء:43

راجع«م ن ع».

8- لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَ كُلٌّ فِيها خالِدُونَ. الأنبياء:99

البغويّ: آلهة على الحقيقة.(4:262)

نحوه النّيسابوريّ.(17:66)

النّسفيّ: آلهة كما زعمتم.(3:89)

9- وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ. الفرقان:3

الطّباطبائيّ: يريد به أصنامهم الّتي صنعوها بأيديهم بنحت أو نحوه.و توصيفها بالآلهة مع تعقيبها بمثل قوله: لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ إشارة إلى أن ليس لها من الألوهيّة إلاّ اسم سمّوها به من غير أن تتحقّق من حقيقتها بشيء،كما قال تعالى: إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ النّجم:23.(15:177)

10- أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ. الصّافّات:86

الطّوسيّ: و إنّما جمع الآلهة مع أنّه لا إله إلاّ إله واحد،على اعتقادهم في الإلهيّة.و إن كان توهّمهم فاسدا،لما اعتقدوا أنّها تستحقّ العبادة،و كان المشركون قد أوغروا باتّخاذ الآلهة إلى أن جاء دين الإسلام،و بيّن

ص: 787

الحقّ فيه و عظّم الزّجر.(8:508)

مثله الطّبرسيّ.(4:449)

11- أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً. ص:5

البروسويّ: (الآلهة):جمع إله،و حقّه أن لا يجمع:إذ لا معبود في الحقيقة سواه تعالى.لكنّ العرب لاعتقادهم أنّ هاهنا معبودات جمعوه،فقالوا:آلهة...[إلى أن قال:]

و قالوا:لا بدّ لحفظ هذا العالم الكبير من آلهة كثيرة، يحفظونه بأمره و قضائه تعالى.و لم يعرفوا الإله و لا معنى الإلهيّة،فإنّ الإلهيّة هي القدرة على الاختراع،و تقدير قادرين على الاختراع غير صحيح،لما يجب من وجوده التّمانع بينهما و جوازه؛و ذلك يمنع من كمالها.و لو لم يكونا كاملي الوصف لم يكونا إلهين.و كلّ أمر جرّ ثبوته سقوطه، فهو مطروح و باطل.(8:5)

الآلوسيّ: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً بأن نفى الألوهيّة عنها و قصرها على واحد،فالجعل بمعنى التّصيير و ليس تصييرا في الخارج بل في القول و التّسمية، كما في قوله تعالى: وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً الزّخرف:19،و ليس ذلك من باب إنكار وحدة الوجود في شيء ليقال:إنّ اللّه سبحانه نعى على الكفرة ذلك الإنكار فتثبت الوحدة،فإنّه عليه الصّلاة و السّلام ما قال باتّحاد آلهتهم معه عزّ و جلّ في الوجود.

(23:166)

و جاء كلمة(آلهة)بمعنى الأصنام أو بمعنى المعبودات في الأنعام:74،الإسراء:42،مريم:81،يس:23 و 74، الزّخرف:45،الأحقاف:28 و غيرها.

و كلمة(آلهتهم)في هود:101،و الصّافّات:91.

و كذا كلمة(الهتكم)في الأنبياء:36 و 68،و(آلهتي) في مريم:46.

و جاء بحذف المضاف:

1- وَ اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ ص:6.

2- وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ... نوح:23.

3- أَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ... مريم:46.

أي على عبادة الهتكم،و لا تذرنّ عبادتها.و أ راغب انت عن عبادة آلهتي.

و كذا الآيات في هود:53،101،و الفرقان:42، و الصّافّات:36،و الأحقاف:22.

الهتك

...أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ. الأعراف:127

ابن عبّاس: (و يذرك و الاهتك)إنّما كان فرعون يعبد و لا يعبد.(الطّبريّ 9:25)

قوله:(و يذرك و الاهتك):يترك عبادتك.

(الطّبريّ 9:25)

نحوه مجاهد.(الطّبريّ 9:26)

إنّه كان له بقرة يعبدها.(الطّبريّ 9:25)

مثله سليمان التّيميّ.(أبو حيّان 4:367)

الحسن: كان لفرعون جمانة معلّقة في نحره،يعبدها و يسجد لها.

بلغني أنّ فرعون كان يعبد إلها في السّرّ.

(الطّبريّ 9:25)

ص: 788

كان فرعون يستعبد النّاس و يعبد الأصنام بنفسه، و كان النّاس يعبدونها تقرّبا إليه.(الطّبرسيّ 2:464)

السّدّيّ: كان فرعون يعبد ما يستحسن من البقرة، و على ذلك أخرج السّامريّ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى طه:88.

(الطّوسيّ 4:544)

كان فرعون قد اتّخذ لقومه أصناما و أمرهم بعبادتها، و قال لقومه:هذه آلهتكم،أراد بها:أنا ربّها و ربّكم،فذلك قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى النّازعات:24.

(البغويّ 2:224)

الإمام الصّادق عليه السّلام: كان فرعون يعبد الأصنام ثمّ ادّعى بعد ذلك الرّبوبيّة.(العروسيّ 2:56)

الطّبريّ: و أمّا قوله:(و الهتك)فإنّ قرّاء الأمصار على فتح الألف منها و مدّها،بمعنى:و قد ترك موسى عبادتك و عبادة آلهتك الّتي تعبدها.[و ذكر قول ابن عبّاس و قراءته ثمّ قال:]

و القراءة الّتي لا نرى القراءة بغيرها هي القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار،لإجماع الحجّة من القرّاء عليها.[إلى أن قال:]

و قد زعم بعضهم:أنّ من قرأ(و الاهتك)إنّما يقصد إلى نحو معنى قراءة من قرأ:(و الهتك)،غير أنّه أنّث، و هو يريد إلها واحدا،كأنّه يريد:(و يذرك و الاهك)ثمّ أنّث«الإله»فقال:و إلهتك.

و ذكر بعض البصريّين أنّ أعرابيّا سئل عن الإلهة، فقال:هي علمة،يريد:علما،فأنّث العلم،فكأنّه شيء نصب للعبادة يعبد.

و كأنّ هذا المتأوّل هذا التّأويل وجّه الإلهة.إذا أدخلت فيها هاء التّأنيث،و هو يريد واحد الآلهة،إلى نحو إدخالهم الهاء في ولدتي و كوكبتي و أمّاتي،و هو أهلة ذاك.

و قد بيّن ابن عبّاس،و مجاهد ما أرادا من المعنى في قراءتهما ذلك على ما قرءا،فلا وجه لقول هذا القائل ما قال،مع بيانهما عن أنفسهما ما ذهبا إليه من معنى ذلك.[و استشهد بالشّعر مرّتين](9:25)

الزّجّاج: و يقرأ:(و الاهتك).

و يجوز(و يذرك و الهتك).

...و أمّا من قرأ(و الهتك)،فإنّ المعنى أنّ فرعون كانت له أصنام يعبدها قومه تقرّبا إليه.(2:367)

أمّا الإلهة فإنّه الرّبوبيّة و العبادة فمن قرأ (و الاهتك)فمعناه:و يذرك و ربوبيّتك.

(الطّبرسيّ 2:464)

ابن جنّيّ: إلهتك:عبادتك،و منه سمّيت الشّمس الإلهة،لأنّهم كانوا يعبدونها.(الطّبرسيّ 2:464)

الطّوسيّ: قال الحسن:«إنّه كان يعبد الأصنام» فعلى هذا كان يعبد و يعبد،كما حكى اللّه تعالى عنه من قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى النّازعات:24.(4:544)

البغويّ: أي و ليذرك و آلهتك،فلا يعبدك و لا يعبدها.

و قرأ ابن مسعود،و ابن عبّاس،و الشّعبيّ، و الضّحّاك: (و يذرك و الاهتك) بكسر الألف،أي عبادتك فلا يعبدك،لأنّ فرعون كان يعبد و لا يعبد.

و قيل:أراد بالإلاهة الشّمس،و كانوا يعبدونها.[ثمّ

ص: 789

استشهد بشعر](2:224)

الفخر الرّازيّ: قال أبو بكر الأنباريّ:كان ابن عمر ينكر قراءة العامّة،و يقرأ(الاهتك)أي عبادتك،و يقول:

إنّ فرعون كان يعبد و لا يعبد..

أمّا قراءة العامّة(و الهتك)فالمراد جمع إله،و على هذا التّقدير:فقد اختلفوا فيه...[إلى أن قال:]

و أقول:الّذي يخطر ببالي أنّ فرعون إن قلنا:إنّه ما كان كامل العقل،لم يجز في حكمة اللّه تعالى إرسال الرّسول إليه،و إن كان عاقلا لم يجز أن يعتقد في نفسه كونه خالقا للسّماوات و الأرض،و لم يجز في الجمع العظيم من العقلاء أن يعتقدوا فيه ذلك،لأنّ فساده معلوم بضرورة العقل.بل الأقرب أن يقال:إنّه كان دهريّا ينكر وجود الصّانع،و كان يقول:مدبّر هذا العالم السّفليّ هو الكواكب،و أمّا المجدي في هذا العالم للخلق و لتلك الطّائفة و المربّي لهم فهو نفسه،فقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى أي مربّيكم و المنعم عليكم و المطعم لكم.و قوله:

ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي القصص:38،أي لا أعلم لكم أحدا يجب عليكم عبادته إلاّ أنا،و إذا كان مذهبه ذلك لم يبعد أن يقال:إنّه كان قد اتّخذ أصناما على صور الكواكب،و يعبدها و يتقرّب إليها على ما هو دين عبدة الكواكب،و على هذا التّقدير:فلا امتناع في حمل قوله تعالى: وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ على ظاهره.فهذا ما عندي في هذا الباب،و اللّه أعلم.(14:211)

نحوه النّيسابوريّ(9:32)،و الخازن(2:224)، و الشّربينيّ(1:504).

القرطبيّ:و قيل:معنى(و الهتك)أي و طاعتك، كما قيل في قوله تعالى: اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ التّوبة:31،إنّهم ما عبدوهم و لكن أطاعوهم،فصار تمثيلا...[إلى أن قال:]

و قرأ عليّ بن أبي طالب،و ابن عبّاس،و الضّحّاك (و الاهتك)و معناه و عبادتك؛و على هذه القراءة كان يعبد و لا يعبد،أي و يترك عبادته لك.

قال أبو بكر الأنباريّ:فمن مذهب أصحاب هذه القراءة أنّ فرعون لمّا قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى و ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي نفى أن يكون له ربّ و إلاهة، فقيل له:و يذرك و إلهتك،بمعنى و يتركك و عبادة النّاس لك.

و قراءة العامّة(و الهتك)و هي مبنيّة على أنّ فرعون ادّعى الرّبوبيّة في ظاهر أمره،و كان يعلم أنّه مربوب.

و دليل هذا قوله عند حضور الحمام[الموت]: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ يونس:90، فلم يقبل هذا القول منه لما أتى به بعد إغلاق باب التّوبة.

و كان قبل هذه الحال له إله يعبده سرّا دون ربّ العالمين جلّ و عزّ،قاله الحسن و غيره.

و في حرف أبيّ:(أ تذر موسى و قومه ليفسدوا فى الارض و قد تركوك ان يعبدوك).

[ثم استشهد بقول ابن عبّاس و السّدّيّ،و الزّجّاج و أضاف:]

و قال إسماعيل ابن إسحاق:قول فرعون: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى يدلّ على أنّهم كانوا يعبدون شيئا غيره...(7:261)

ص: 790

أبو حيّان: قيل:...كانوا قبطا يعبدون الكواكب و يزعمون أنّها تستجيب دعاء من دعاها،و فرعون كان يدّعي أنّ الشّمس استجابت له و ملّكته عليهم.

(4:367)

القاسميّ: الآلهة:جمع إله،بمعنى المعبود.و كان للمصريّين آلهة كثيرة،منها المسمّى(أوسيرس)،و كانوا يعتقدون أنّ روحه توجد في الثّور المسمّى(أبيس) فيعبدونه أيضا،و يعبدون كثيرا من الحيوانات.و كانوا يعبدون الظّلام أيضا،و يعبدون«بعلزبوب»صنم «عقرون»يعتقدون أنّ وظيفته طرد الذّبّان.و بالجملة فقد فاقوا كلّ من سواهم في الضّلال،فكانوا يسجدون للشّمس و القمر و النّجوم و الأشخاص البشريّة و الحيوانات،حتّى الهوامّ و أدنى حشرات الأرض،هكذا حكى عنهم بعض المدقّقين.

و قد ذكر الشّهرستانيّ في«الملل و النّحل»أنّ فرعون كان أوّل أمره على مذهب الصّابئة ثمّ انحرف عن ذلك، و ادّعى لنفسه الرّبوبيّة؛إذ رأى في نفسه قوّة الاستعمال و الاستخدام،انتهى.

و قال بعضهم: إنّ كلمة«الآلهة»لفظة اصطلاحيّة عند العبرانيّين،يراد بها القضاة و الحكّام الّذين يقضون بأمر اللّه،و أنّها لو حملت على هذا هاهنا،لم يبعد،و يكون المعنى:و يذرك و قضاتك و ذوي أمرك،و يكون الغرض من ذكرهم معه تهويل الأمر،و إلهاب قلب فرعون على موسى،و إثارة غضبه.و قد صرّح غير واحد بوقوع ألفاظ من غير العربيّة في القرآن.و الأظهر ما قدّمناه أوّلا(7:2838)

المراغيّ: و التّاريخ المصريّ المستمدّ من العاديّات المصريّة يدلّ على أنّه كان للمصريّين آلهة كثيرة منها الشّمس،و يسمّونها«رع»و فرعون عندهم سليل الشّمس و ابنها.(9:37)

الطّباطبائيّ: و قولهم: وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ تأكيد لتحريضهم إيّاه على قتلهم،و المعنى أنّ موسى يتركك و آلهتك فلا يعبدكم مع ما يفسد هو و قومه في الأرض.

و فيه دلالة على أنّ فرعون كما كان يدّعي الألوهيّة، و يستعبد النّاس لنفسه،كان يعبد آلهة أخرى،و هو كذلك.و التّاريخ يثبت نظائر لذلك في الأمم السّالفة،و قد نقل:أنّ عظماء البيوت و سادات القوم في الرّوم و ممالك أخرى غيرها كان يعبدهم مرءوسوهم من بيتهم و عشائرهم،و هم أنفسهم كانوا يعبدون آباءهم الأوّلين و أصناما أخرى غيرهم،كما يعبدهم ضعفاؤهم.و أيضا بين الأرباب الّتي تعبدها الوثنيّة ما هو ربّ لغيره من الأرباب أو ربّ لربّ آخر كربوبيّة الأب و الأمّ للابن و غير ذلك.

إلاّ أنّ قوله لقومه فيما حكاه اللّه سبحانه: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى و قوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي ظاهر في أنّه كان لا يتّخذ لنفسه ربّا،و كان يأمر قومه أن لا يعبدوا إلاّ إيّاه،و لذلك قال بعضهم:إنّه كان دهريّا لا يعترف بصانع،و يأمر قومه بترك عبادة الآلهة مطلقا، و قصر العبادة فيه،و لذلك قرأ بعضهم على ما قيل:

(و إلهتك)بكسر الهمزة و فتح اللاّم و إثبات الألف بعدها،كالعبادة وزنا و معنى.

لكنّ الأوجه أنّه كان يريد بقوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ

ص: 791

مِنْ إِلهٍ غَيْرِي نفي إله يخصّ قومه القبطيّين يملكهم و يدبّر أمورهم غير نفسه،كما هو المعهود من عقائد الوثنيّين أنّ لكلّ صنف من أصناف الخلائق-كالسّماء و الأرض و البرّ و البحر و قوم كذا،أو من أصناف الحوادث و الأمور كالسّلم و الحرب و الحبّ و الجمال-ربّا على حدة،و إنّما كانوا يعبدون من بينها ما يهمّهم عبادته، كعبادة سكّان سواحل البحار ربّ البحر و الطّوفان.

فمعنى كلامه:إنّي أنا ربّكم معاشر القبطيّين لا ما اتّخذه موسى و هو يدّعي أنّه ربّكم أرسله إليكم.و يؤيّد ما ذكرناه ما احتفّ به من القرينة بقوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فإنّه تعالى يقول: وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَ إِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ القصص:38،فظاهرها أنّه كان يشكّ في كونه إلها لموسى،و أنّ معنى قوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي نفي العلم بوجود إله غيره لا العلم بعدم وجود إله غيره،و بالجملة فكلامه لا ينفي إلها غيره.

و أمّا احتمال كون فرعون دهريّا غير قائل بوجود الصّانع،فالظّاهر أنّه الّذي يوجد في كلام الرّازيّ[المتقدّم و قد ذكره ثم قال:]

و قد أخطأ في ذلك،فليس معنى الألوهيّة و الرّبوبيّة عند الوثنيّين و عبدة الكواكب خالقيّة السّماوات و الأرض بل تدبير شيء من أمور العالم،كما احتمله أخيرا،و لا في الدّهريّين من يعبد الكواكب،و لا في الصّابئين و عبدة الكواكب من ينكر وجود الصّانع.

بل الحقّ أنّ فرعون-كما تقدّم-كان يرى نفسه ربّا لمصر و أهله،و كان إنّما ينكر كونهم مربوبي إله آخر على قاعدتهم،لا أنّهم أو غيرهم من العالم ليسوا مخلوقين للّه سبحانه.(8:222)

اللّه

1- بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الفاتحة:1

الإمام عليّ عليه السّلام:[في حديث]...إنّ رجلا قام إليه فقال:يا أمير المؤمنين أخبرني عن بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ما معناه؟

فقال:إنّ قولك: اَللّهِ أعظم اسم من أسماء اللّه عزّ و جلّ،و هو الاسم الّذي لا ينبغي أن يسمّى به غير اللّه، و لم يتسمّ به مخلوق.

فقال الرّجل:فما تفسير قوله: اَللّهِ ؟

فقال:هو الّذي يتألّه إليه عند الحوائج و الشّدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرّجاء من جميع من دونه،و تقطّع الأسباب من كلّ من سواه؛و ذلك أنّ كلّ مترأس في هذه الدّنيا و متعظّم فيها و إن عظم غناؤه و طغيانه و كثرت حوائج من دونه إليه فإنّهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها هذا المتعاظم،و كذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها،فينقطع إلى اللّه عند ضرورته و فاقته حتّى إذا كفى همّه عاد إلى شركه.

أ ما تسمع اللّه عزّ و جلّ يقول: قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السّاعَةُ أَ غَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* بَلْ إِيّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ الأنعام:40،41،فقال

ص: 792

اللّه جلّ جلاله لعباده:

«أيّها الفقراء إلى رحمتي إنّي قد ألزمتكم الحاجة إليّ في كلّ حال و ذلّة العبوديّة في كلّ وقت،فإليّ فافزعوا في كلّ أمر تأخذون فيه و ترجون تمامه و بلوغ غايته، فإنّي إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم و إن أردت أن أمنعكم لم يقدر غيري على إعطائكم،فأنا أحقّ من سئل و أولى من تضرّع إليه،فقولوا عند افتتاح كلّ أمر صغير أو عظيم: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أي أستعين على هذا الأمر باللّه الّذي لا تحقّ العبادة لغيره المغيث إذا استغيث،المجيب إذا دعي،(الرّحمن)الّذي يرحم ببسط الرّزق علينا،(الرّحيم)بنا في أدياننا و دنيانا و آخرتنا،و خفّف علينا الدّين و جعله سهلا خفيفا،و هو يرحمنا بتميّز من أعدائه».(العروسيّ 1:13)

(اللّه):كلّ دون صفاته تحبير الصّفات،و ضلّ هناك تصاريف اللّغات.(الرّاغب:21)

ابن عبّاس: (اللّه)هو الّذي يألهه كلّ شيء،و يعبده كلّ خلق.(الطّبريّ 1:54)

(اللّه):ذو الألوهيّة و المعبوديّة على خلقه أجمعين.

(الطّبريّ 1:54)

الضّحّاك: إنّما سمّي(اللّه)إلها،لأنّ الخلق يتألّهون إليه في حوائجهم،و يتضرّعون إليه عند شدائدهم.

(القرطبيّ 1:103)

الإمام الصّادق عليه السّلام: [في حديث:]...هو الرّبّ و هو المعبود و هو اللّه،و ليس قولي:«اللّه»إثبات هذه الحروف:ألف،لام،لام،هاء،و لكن أرجع إلى معنى هو شيء خالق الأشياء و صانعها،وقعت عليه هذه الحروف، و هو المعنى الّذي يسمّى به(اللّه)و(الرّحمن الرّحيم) و(العزيز)و أشباه ذلك من أسمائه،و هو المعبود جلّ و عزّ.

(العروسيّ 1:11)

[في حديث:]عن هشام بن الحكم أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أسماء اللّه عزّ و جلّ و اشتقاقها؟

فقال:اللّه مشتقّ من«إله»،و«إله»يقتضي مألوها،و الاسم غير المسمّى،فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا،و من عبد الاسم و المعنى فقد أشرك و عبد الاثنين،و من عبد المعنى دون الاسم فذلك التّوحيد،أفهمت يا هشام؟

قال:قلت:زدني.

قال عليه السّلام:للّه عزّ و جلّ تسعة و تسعون اسما،فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها هو إلها،و لكنّ اللّه عزّ و جلّ معنى يدلّ عليه بهذه الأسماء و كلّها غيره، يا هشام،الخبز اسم للمأكول،و الماء اسم للمشروب، و الثّوب اسم للملبوس،و النّار اسم للمحرق،أفهمت يا هشام فهما تدفع به و تنافر أعداءنا و الملحدين في اللّه و المشركين مع اللّه عزّ و جلّ غيره؟

قلت:نعم.

فقال:نفعك اللّه به و ثبّتك يا هشام.

قال هشام:فو اللّه ما قهرني أحد في التّوحيد حينئذ حتّى قمت مقامي هذا.(التّوحيد للصّدوق:221)

[فى حديث طويل،قال عليه السّلام في آخره:]

و اللّه يسمّى بأسمائه،و هو غير أسمائه و الأسماء غيره،[و فيه:]و اسم اللّه غير اللّه،و كلّ شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق،ما خلا اللّه.(العروسيّ 1:11)

ص: 793

[و في حديث:]...و اللّه إله كلّ شيء.

[و في حديث آخر:]...إنّه سئل عن بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ؟

فقال:الباء بهاء اللّه و السّين سناء اللّه و الميم ملك اللّه.

قال:قلت:اللّه؟

قال:الألف آلاء اللّه على خلقه من النّعيم بولايتنا، و اللاّم إلزام اللّه خلقه ولايتنا.

قلت:فالهاء؟

قال:هوان لمن خالف محمّدا و آل محمّد صلوات اللّه عليهم.

قلت:الرّحمن؟قال:بجميع العالم.

قلت:الرّحيم؟قال:بالمؤمنين خاصّة.

(العروسيّ 1:12)

[و في حديث:]...قال رجل للصّادق عليه السّلام:يا ابن رسول اللّه دلّني على اللّه ما هو؟فقد أكثر عليّ المجادلون و حيّروني.

فقال له:يا عبد اللّه هل ركبت سفينة قطّ؟قال:نعم قال:فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك و لا سباحة تغنيك؟قال:نعم،قال:فهل تعلّق قلبك هنالك أنّ شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟قال:نعم، قال:فذلك الشّيء هو اللّه القادر على الإنجاء حيث لا منجي،و على الإغاثة حيث لا مغيث.[و لهذا الحديث تتمّة سبقت في قول عليّ عليه السّلام](العروسيّ 1:12)

الإمام الكاظم عليه السّلام: معنى(اللّه):استولى على ما دقّ و جلّ.(العروسيّ 1:12)

الإمام العسكريّ عليه السّلام: (اللّه)هو الّذي يتألّه إليه عند الحوائج و الشّدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرّجاء، من كلّ من دونه،و تقطّع الأسباب عن جميع ما سواه، يقول: (بسم اللّه) ،أي أستعين على أموري كلّها باللّه الّذي لا يحقّ العبادة إلاّ له،المغيث إذا استغيث،المجيب إذا دعي.

(العروسيّ 1:12)

ابن كيسان: و (اللّه) إنّه لقب فلذلك ابتدئ به و أتبع ب(الرّحمن)،لأنّه يختصّه ثمّ ب(الرّحيم)،لأنّه يشاركه فيه غيره.(الطّوسيّ 1:27)

ابن خالويه: و اسم(اللّه)عزّ و جلّ قدّم على (الرّحمن الرّحيم)،لأنّه اسم لا ينبغي إلاّ للّه جلّ ثناؤه.

و قيل في قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا مريم:

65،أي هل تعرف في السّهل و الجبل و البرّ و البحر و المشرق و المغرب أحدا اسمه اللّه غير اللّه عزّ و جلّ.

و قيل:هو اسمه الأعظم،و قيل:اسمه الأعظم:يا ذا الجلال و الإكرام،و قيل:يا حيّ يا قيّوم.(13)

عبد الجبّار:قالوا:ما وجه ذكر هذه الأسماء الثّلاثة دون غيرها؟

قيل له:ذكر(اللّه)لأنّ المكلّف قد اختصّ بأن لزمته عبادته،و هو الّذي يعرف أنواع نعمه،و ذكر(الرّحمن الرّحيم)لأنّه لأجل ذلك استحقّ العبادة.(8)

الطّوسيّ: [ذكر قول ابن كيسان،ثمّ قال:]

و الصّحيح أنّه[اللّه]ليس بلقب،لأنّ اللّقب إنّما يجوز على من تجوز عليه الغيبة و الحضور و هما لا يجوزان عليه، و لأنّه يمكن وصفه بصفة لا يشاركه فيها غيره.و لا معنى للّقب،لأنّه عيب.و الصّحيح أنّه اسم مقيّد،لكنّه لا يطلق إلاّ عليه تعالى.(1:27)

ص: 794

القشيريّ: الّذي له الإلهيّة.و الإلهيّة استحقاق نعوت الجلال،فمعنى (بسم اللّه) باسم من تفرّد بالقوّة و القدرة.(1:65)

قدّم اللّه سبحانه اسم (اللّه) في هذا المحلّ على اسميه (الرّحمن) و (الرّحيم) على وجه البيان و الحكم؛فبرحمته الدّنيويّة وصل العبد إلى معرفته الإلهيّة.(3:165)

الميبديّ: سمّى ربّ العزّة نفسه في القرآن (اللّه) في ثلاثة آلاف و سبعة و عشرين موضعا (1).و قال في الّذين سمّوا صنما لهم«لاتا»: يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ الأعراف:180،و قد أرادوا أن يسمّوا أصنامهم باسمه تعالى،و اللّه تعالى قد نكّسها فسمّوها«اللاّت»و هو صنم و اللّه خالقه و اللّه جلّ جلاله يقول: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا. أي لا تسمّوا أحدا ب«اللّه»إلاّ هو تعالى.(1:5)

إن قيل:إنّ أسماء اللّه تعالى كثيرة في القرآن و السّنّة، و كلّها أزليّة كريمة مقدّسة و جميلة،فلم ابتدأ القرآن بهذه الأسماء الثّلاثة(اللّه)و(الرّحمن)و(الرّحيم)و اختارها دون غيرها من سائر الأسماء الكثيرة؟

الجواب:أنّ هناك فائدتين في ذكرها هنا:

الأولى:أنّه تعالى أراد أن يخفّف على عباده دون أن ينقص من ثوابهم شيئا،لأنّه يعلم أنّهم لا يقدرون على حفظ تلك الأسماء الكثيرة،و ذكرها إلاّ قليل من العباد، فجمع معانيها في هذه الأسماء الثّلاثة.و تنحصر معاني هذه الأسماء بأقسام ثلاثة:الأوّل:الجلال و الهيبة، و الثّاني:النّعمة و التّربية،و الثّالث:الرّحمة و المغفرة.

فما دلّ على الجلال و الهيبة فهو يتجلّى في لفظ(اللّه)، و ما دلّ على النّعمة و التّربية فيتجلّى في لفظ(الرّحمن)، و ما دلّ على الرّحمة و المغفرة ففي لفظ(الرّحيم)،لكي تتداولها ألسن العباد،فيثيبهم و يرحمهم بذلك.

و الثّانية:أنّه جلّ جلاله حينما بعث المصطفى رسولا إلى عباده كانوا ثلاث فرق:الوثنيّين،و اليهود، و النّصارى.

أمّا الفرقة الأولى فقد كانت تعرف الخالق باسم «اللّه»و هذا الاسم كان مشهورا بينهم،و لذا قال تعالى:

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ لقمان:25.

و أمّا اليهود فكانوا يعرفونه تعالى باسم«الرّحمن»، و لذا قال عبد اللّه بن سلاّم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:لا أدري في القرآن اسما كنّا نقرأه في التّوراة،قال:و ما هو؟قال «الرّحمن»فأنزل اللّه تعالى: قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ الإسراء:110.

و كان النّصارى يعرفونه باسم«الرّحيم».

و لمّا كان الخطاب موجّها إلى هذه الفرق الثّلاث ابتدأ القرآن بهذه الأسماء الثّلاثة لمعرفتهم بها،و ما زاد عليها اسما آخر.

و أمّا وجه تقديم لفظ(اللّه)على(الرّحمن)، و(الرّحمن)على(الرّحيم)فلمجاراة طبيعة العباد و أحوالهم؛إذ لهم أحوال ثلاثة:الخلق،و التّربية،ثمّ المغفرة.فلفظ(اللّه)يشير إلى الخلق في بدء الأمر بالقدرة، و(الرّحمن)يشير إلى التّربية و دوام النّعمة،و(الرّحيم) يشير إلى المغفرة في الآخرة بالرّحمة،فكأنّه تعالى يقول لعبده:خلقتك بالقدرة فأنا اللّه و ربّيتك بالنّعم فأناة.

ص: 795


1- و لكنّ الصّحيح:(2811)مرّة.

الرّحمن،ثمّ عصيت فسترت و غفرت فأنا الرّحيم.(1:28)

و للميبديّ توصيف للّه تعالى في ثوب عرفانيّ ذوقيّ تحت كلّ (بسم اللّه) و من أحسنها ما جاء في تفسير سورة الأنعام(3:294،295)،فلاحظ

أبو البركات: اللاّم من (اللّه) هاهنا مرقّقة لمكان الكسرة قبلها،فإنّ العرب تفخّمها إذا كان قبلها ضمّة أو فتحة،و ترقّقها إذا كان قبلها كسرة.فالضّمة كقوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ الفتح:29،و الفتحة كقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً النّساء:11،24، و الكسرة كقوله تعالى: يُؤْمِنُ بِاللّهِ البقرة:232، و غيرها.

و التّفخيم في اللاّم من(اللّه)من خواصّ هذا الاسم؛ فإنّ لهذا الاسم جلّ مسمّاه من الخواصّ ما ليس لغيره، فمنها التّاء في القسم نحو:تاللّه،و لا يقال:تالرّحمن، و لا تالرّحيم.

و منها«ها»الّتي قامت مقام واو القسم،نحو:لا ها اللّه، أي لا و اللّه.و لا يقال ذلك في غيره من الأسماء.

و منها جواز قطع الهمزة منه في النّداء نحو:يا اللّه.

و منها نداؤهم إيّاه من غير إدخال«أيّها»فيه نحو:

يا للّه،بخلاف كلّ ما فيه الألف و اللاّم،نحو:يا أيّها الرّجل، و يا أيّها الغلام.فإنّه لا ينطق به إلاّ بالألف و اللاّم،بخلاف نحو:الرّجل و الغلام.

و منها إعمال حرف الجرّ فيه مع الحذف في القسم، نحو:اللّه لأفعلنّ،أي و اللّه.

و منها دخول الميم المشدّدة في آخره عوضا عن«يا» في أوّله نحو:اللّهمّ.

و إذا كانت الأسماء الأعلام لها من الخواصّ ما ليس لغيرها،فكيف لا يكون لهذا الاسم-جلّ مسمّاه-و هو علم الأعلام و معرفة المعارف.(1:33)

الفخر الرّازيّ: اعلم أنّ هذا الاسم مختصّ بخواصّ لم توجد في سائر أسماء اللّه تعالى،و نحن نشير إليها:

فالخاصّة الأولى:أنّك إذا حذفت الألف من قولك:«اللّه»بقي الباقي على صورة«للّه»و هو مختصّ به سبحانه،كما في قوله: وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الفتح:4، وَ لِلّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ المنافقون:7،و إن حذفت عن هذه البقيّة اللاّم الأولى بقيت البقيّة على صورة«له»كما في قوله تعالى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الزّمر:63، و قوله: لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ التّغابن:1،فإن حذفت اللاّم الباقية كانت البقيّة هي قولنا:«هو»و هو أيضا يدلّ عليه سبحانه،كما في قوله: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ الإخلاص:1،و قوله: هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ المؤمن:

65،و الواو زائدة بدليل سقوطها في التّثنية و الجمع فإنّك تقول:هما،هم،فلا تبقي الواو فيهما.فهذه الخاصيّة موجودة في لفظ«اللّه»غير موجودة في سائر الأسماء.

و كما حصلت هذه الخاصيّة بحسب اللّفظ فقد حصلت أيضا بحسب المعنى،فإنّك إذا دعوت اللّه ب«الرّحمن»فقد وصفته بالرّحمة،و ما وصفته بالقهر،و إذا دعوته ب«العليم»فقد وصفته بالعلم،و ما وصفته بالقدرة.و أمّا إذا قلت:يا اللّه،فقد وصفته بجميع الصّفات، لأنّ«الإله»لا يكون إلها إلاّ إذا كان موصوفا بجميع

ص: 796

هذه الصّفات؛فثبت أنّ قولنا:اللّه،قد حصلت له هذه الخاصيّة الّتي لم تحصل لسائر الأسماء.

الخاصّة الثّانية:أنّ كلمة الشّهادة،و هي الكلمة الّتي بسببها ينتقل الكافر من الكفر إلى الإسلام لم يحصل فيها إلاّ هذا الاسم،فلو أنّ الكافر قال:أشهد أن لا إله إلاّ الرّحمن أو إلاّ الرّحيم،أو إلاّ الملك،أو إلاّ القدّوس،لم يخرج من الكفر و لم يدخل في الإسلام،أمّا إذا قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،فإنّه يخرج من الكفر و يدخل في الإسلام؛و ذلك يدلّ على اختصاص هذا الاسم بهذه الخاصيّة الشّريفة،و اللّه الهادي إلى الصّواب.(1:163)

ابن عربيّ:(اللّه)اسم للذّات الإلهيّة من حيث هي هي على الإطلاق،لا باعتبار اتّصافها لصفات،و لا باعتبار لا اتّصافها.(1:7)

القرطبيّ: قوله:(اللّه)هذا الاسم أكبر أسمائه و أجمعها،حتّى قال بعض العلماء:إنّه اسم اللّه الأعظم و لم يتسمّ به غيره،و لذلك لم يثنّ و لم يجمع.و هو أحد تأويلي قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا، أي من تسمّى باسمه الّذي هو«اللّه»فاللّه اسم للموجود الحقّ الجامع لصفات الإلهيّة،المنعوت بنعوت الرّبوبيّة،المنفرد بالوجود الحقيقيّ،لا إله إلاّ هو سبحانه.

و قيل:معناه الّذي يستحقّ أن يعبد.

و قيل:معناه واجب الوجود الّذي لم يزل و لا يزال، و المعنى واحد.(1:102)

الجرجانيّ: (اللّه)علم دالّ على الإله الحقّ دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلّها.

الإلهيّة هي أحديّة جمع جميع الحقائق الوجوديّة،كما أنّ آدم عليه السّلام أحديّة جمع جميع الصّور البشريّة؛إذ للأحديّة الجمعيّة الكماليّة مرتبتان:

إحداهما قبل التّفصيل،لكون كلّ كثرة مسبوقة بواحد هي فيه بالقوّة هو،و تذكر قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ الأعراف:172،فإنّه لسان من ألسنة شهود المفصّل في المجمل مفصّلا،ليس كشهود العالم من الخلق في النّواة الواحدة النّخيل الكامنة فيه بالقوّة،فإنّه شهود المفصّل في المجمل مجملا لا مفصّلا،و شهود المفصّل في المجمل مفصّلا يختصّ بالحقّ و بمن جاء بالحقّ أن يشهده من الكمّل،و هو خاتم الأنبياء و خاتم الأولياء. (1)(15)

الفيروزآباديّ: (اللّه)هو اسم مختصّ بالبارئ تعالى.و هو اسم اللّه الأعظم عند جماعة من عظماء الأمّة،و أعلام الأئمّة.و ممّا يوضّح ذلك أنّ الاسم المقدّس يدلّ على الأسماء الحسنى من وجوه كثيرة سنذكرها إن شاء اللّه.[إلى أن قال:]

و أطبقوا على أنّ«اللاّم»في (اللّه) لا تفخّم بعد كسرة (بسم اللّه) ،و (الحمد للّه) ،لأنّ الكسرة توجب السّفل، و اللاّم المفخّمة حرف صاعد،و الانتقال من السّفل إلى التّصعّد ثقيل.و أطبقوا على التّفخيم في غير ذلك.

و قال الزّنجانيّ في تفسيره:تفخيم«اللاّم»فيما انفتح ما قبله أو انضمّ سنّة.و قيل:مطلقا.و أبو حنيفة رحمه اللّه على التّرقيق.و قول الثّعلبيّ:«غلّظ بعض القرّاء«اللاّم» حتّى طبّقوا اللّسان بالحنك».لعلّه يريد به التّغليظ على الوجه المذكور.و إنّما فخّموا فيه؛تعظيما و تفرقة بينهه.

ص: 797


1- كذا،و لم يذكر المرتبة الثّانية لعلّه اعتمد على وضوحه.

و بين اللاّت.و قول الإمام فخر الدّين:اختلف هل اللاّم المغلّظة من اللّغات الفصيحة أم لا،لا يظهر له أثر هاهنا، لإطباق العرب على التّغليظ.[إلى أن قال:]و لهذا الاسم خصائص كثيرة:

1-أنّه يقوم مقام جملة أسماء الحقّ تعالى و صفاته.

2-أنّ جملة الأسماء في المعنى راجعة إليه.

3-تغليظ لامه.

4-الابتداء به في جميع الأمور،بمثل قولك: بسم اللّه .

5-ختم المناشير و التّواقيع في قولك:حسبي اللّه.

6-ختم الأمور و الأحوال به وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ يونس:10.

7-تعليق توحيد الحقّ تعالى به في قول:«لا إله إلا الله»

8-تأكيد رسالة الرّسول به في قولك:محمّد رسول اللّه.

9-تزيين حجّ الحجّاج به في قولهم:لبّيك اللّهمّ لبّيك.

10-انتظام غزو الغزاة به في قولك:اللّه أكبر،اللّه أكبر.

11-افتتاح الصّلاة و اختتامها به في قولك:اللّه أكبر،و آخرا:و رحمة اللّه.

12-به يفتتح دعاء الدّاعين:اللّهمّ اغفر،اللّهمّ ارحم.

13-لا ينتقص معناه بنقص حروفه.

و لا شيء من الأسماء يتكرّر في القرآن المجيد و في جميع الكتب تكرّره.أمّا في نصّ القرآن فمذكور في ألفين و خمسمائة و بضع و ستّين موضعا (1).و أكثر الأسماء، و الصّفات و الأفعال الإلهيّة،و أحوال الخلق مرتبطة به:

1-الأحديّة: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ الإخلاص:1.

2-الصّمديّة: اَللّهُ الصَّمَدُ الإخلاص:2.

3-القدرة: وَ اللّهُ قَدِيرٌ الممتحنة:7.

4-العزّة: وَ اللّهُ عَزِيزٌ البقرة:228.

5-الغنى: وَ اللّهُ الْغَنِيُّ محمّد:38.

6-اللّطيف: اَللّهُ لَطِيفٌ الشّورى:19.

7-الرّبوبيّة: اَللّهُ رَبُّكُمْ فاطر:13.

8-علم الأسرار: وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ النّحل:19.

9-الاطّلاع على الفساد و الصّلاح: وَ اللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ البقرة:220.

10-الوقوف على الأعمال و الأحوال: وَ اللّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ محمّد:30.

11-الحمد و الثّناء: قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ النّمل:59.

12-التّسبيح و التّقديس: سُبْحانَ اللّهِ يوسف:

108.

13-الفضل: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ يونس:58.

14-الغلبة على الأعداء: وَ اللّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ يوسف:21.

15-قهر الجبّارين: هُوَ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ الزّمر:4.

16-ابتداء الخلق: اَللّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ يونس:

34.ا.

ص: 798


1- و لكن الصّحيح(2811)موضعا.

17-تخصيص ذكر السّماء: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ الأعراف:54.

18-تخصيص ذكر الأرض: اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً المؤمن:64.

19-تسخير اللّه البحر: اَللّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ الجاثية:12.

20-المنّة على الخلق بالرّياح: اَللّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ الرّوم:48.

21-المطر و الثّلج و البرد: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً الحجّ:63.

22-رزق العباد: إِنَّ اللّهَ هُوَ الرَّزّاقُ الذّاريات:

58.

23-هداية الموحّدين: وَ إِنَّ اللّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا الحجّ:54.

24-المنّة علينا بالهداية إلى الإيمان: بَلِ اللّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ الحجرات:17.

25-المنّة على المؤمنين بسيّد المرسلين: لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً آل عمران:

164.

26-حفظ العباد من الآفات: فَاللّهُ خَيْرٌ حافِظاً يوسف:64.

27-نصرة الغزاة: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللّهُ آل عمران:

160.

28-كفاية أمر العباد: أَ لَيْسَ اللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ الزّمر:36.

29-المنّة بجميع النّعم: وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اَللّهِ النّحل:53.

30-الأمر بالشّكر و ذكر النّعمة: وَ اشْكُرُوا لِلّهِ البقرة:172، وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ آل عمران:

103.

31-الأمر بدوام الذّكر: اُذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً الأحزاب:41.

32-تحبيب الإيمان إلى المؤمنين: وَ لكِنَّ اللّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ الحجرات:7.

33-اتّصال التّراب من قبضة المصطفى صلّى اللّه عليه و آله إلى أعين الكفّار: وَ لكِنَّ اللّهَ رَمى الأنفال:17.

34-وضع تاج الاجتباء على رءوس الأنبياء:

وَ لكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ آل عمران:179.

35-تسليط الرّسل على الأعداء: وَ لكِنَّ اللّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ.. الحشر:6.

36-التّأليف بين قلوب العارفين: وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ الأنفال:63.

37-ذكر الشّهادة: شَهِدَ اللّهُ آل عمران:

18، لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ النّساء:166.

38-قتل المتمرّدين: وَ لكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ الأنفال:17.

39-شرح صدر المسلمين: أَ فَمَنْ شَرَحَ اللّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ الزّمر:22.

40-الدّعوة إلى دار السّلام: وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ يونس:25.

41-الدّعوة إلى الجنّة: وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلَى

ص: 799

اَلْجَنَّةِ البقرة:221.

42-إضافة الملك: قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ آل عمران:26.

43-الإنجاء من الهلكة: قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها الأنعام:64.

44-الإشراف على علم الغيب: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللّهُ النّمل:65.

45-خزائن النّعمة في عالم الحكمة: وَ لِلّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ المنافقين:7.

46-كمال السّمع: إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ البقرة:181، و غيرها.

47-كمال البصر: وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ البقرة:96.

48-ذكر الرّحمة: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ الزّمر:53.

49-ذكر المغفرة: وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ آل عمران:135.

50-إنزال القرآن: اَللّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ الشّورى:17.

51-اصطفاء الرّسل السّماويّة: اَللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً الحجّ:75.

52-اصطفاء آدم و نوح: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً.. آل عمران:33.

53-عصمة خاتم الأنبياء: وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ المائدة:67.

54-بسط الرّزق: اَللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ الرّعد:26.

55-الجمع بين القبض و البسط: وَ اللّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ البقرة:245.

56-خلق الإنسان من عين الضّعف: اَللّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ الرّوم:54.

57-خلق المخلوقات: اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ الرّعد:16.

58-الأمر بالتّوحيد و الإيمان: آمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ النّساء:136.

59-اللّطف بالعباد: اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ الشّورى:19.

60-الأمر بالخدمة و الطّاعة: وَ أَطِيعُوا اللّهَ..

المائدة:92، مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ..

النّساء:80.

61-الأمر بالتّقوى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ البقرة:278.

62-الأمر بعبادة المعبود: وَ اعْبُدُوا اللّهَ...

النّساء:36.

63-الأمر بالتّوكّل: وَ عَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُوا المائدة:23.

64-الأمر بالاستغفار: وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ البقرة:199.

65-الأمر بالفرار إلى حضرة المولى: فَفِرُّوا إِلَى اللّهِ الذّاريات:50.

66-الأمر بالجهاد: وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ الحجّ:78.

67-الأمر بالوفاء: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ..

النّحل:91.

ص: 800

68-الإخلاص في الدّين: وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلّهِ النّساء:146.

69-الإخبار عن تسبيح الموجودات: سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الحديد:1، يُسَبِّحُ لِلّهِ..

الجمعة:1.

70-سجدة السّاجدين: وَ لِلّهِ يَسْجُدُ...

الرّعد:15، وَ اسْجُدُوا لِلّهِ فصّلت:15.

71-تفاوت حال الخلائق: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللّهِ آل عمران:163.

72-الهداية إلى نور اللّه: يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ..

النّور:35.

73-تنوير العالم: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ النّور:35.

74-الشّفاعة بأمره: قُلْ لِلّهِ الشَّفاعَةُ الزّمر:44.

75-الصّلاة على الرّسول: إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الأحزاب:56.

76-وعد القبول: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ المائدة:27.

77-رؤية الأعمال: فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ التّوبة:105.

78-قبض الأرواح: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها الزّمر:42.

79-جمع الرّسل في القيامة: يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ المائدة:109.

80-إضافة الحكم إليه: إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ الأنعام:57،و غيرها.

81-الأمر يرجع إليه: وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ الانفطار:19.

82-ذكر التّثبيت: يُثَبِّتُ اللّهُ.. إبراهيم:27.

83-ذكر البركة: فَتَبارَكَ اللّهُ المؤمنون:14.

84-سرعة الحساب: إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ المائدة:4.

85-شديد (1)العقاب: أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ المائدة:2.

86-صعوبة العذاب: وَ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ البقرة:165.

87-وعد الأجر و الثّواب: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا المائدة:9.

88-جزاء أهل الصّدق: لِيَجْزِيَ اللّهُ الصّادِقِينَ... الأحزاب:24.

89-الثّناء عليهم: قالَ اللّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ المائدة:119.

90-علم القيامة: إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ لقمان:34.

91-محق الرّبا: يَمْحَقُ اللّهُ الرِّبا البقرة:276.

92-صنع اللّطيف: صُنْعَ اللّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ النّمل:88.

93-علامة الإيمان: صِبْغَةَ اللّهِ.. البقرة:138.

94-الفطرة الأولى: فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها.. الرّوم:30.».

ص: 801


1- كذا،و المناسب«شدّة».

95-عطاء الملك: وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ...

البقرة:247.

96-اختصاص النّبوّة: وَ اللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ البقرة:105.

97-تخليق اللّيل و النّهار: اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً المؤمن:61.

98-وعد اليسر و السّهولة: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ البقرة:185.

99-بيان حكم الشّريعة: يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ النّساء:26.

100-إرادة التّخفيف: يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ النّساء:28.

101-نفي الحرج في العبوديّة: ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ المائدة:6.

102-عقد علم الولاية لنا: اَللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا البقرة:257.

103-فلق الحبّ: إِنَّ اللّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى الأنعام:95.

104-شري المؤمنين عناية بهم: إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ التّوبة:111.

105-دفع العذاب حماية لهم: إِنَّ اللّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا الحجّ:38،و غيرها.

106-رفع الدّرجة و المنزلة: يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا المجادلة:11.

107-إنفاذ القضاء و المشيئة: لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً الأنفال:42،44.

108-الوعد السّالم من الخلف: وَعْدَ اللّهِ لا يُخْلِفُ اللّهُ الْمِيعادَ الزّمر:20.

109-الدّعوة إلى اللّه: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللّهِ فصّلت:33.

110-ثواب الجنّة: فَأَثابَهُمُ اللّهُ بِما قالُوا المائدة:85.

111-طلب العون و النّصرة: ..مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ الصّفّ:14.

112-وعد الرّضا في العاقبة: لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ...

الفتح:18.

113-توفيق الطّاعة: وَ ما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللّهِ هود:88.

114-ضمان الأجر على الشّهادة: فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّهِ النّساء:100.

115-قبول التّوبة من الزّلّة: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ النّساء:17.

116-حوالة الحكم إلى الحضرة: إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ يوسف:40.

117-المرجع بعد الموت إليه: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللّهِ.. الأنعام:62.

118-طلب العدل و الحقّ من كتاب اللّه: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ النّساء:59.

119-حوالة النّعمة،و الرّأفة،و الرّحمة: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ النّساء:79.

120-حصر الخالقيّة: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللّهِ فاطر:3.

ص: 802

121-الكلّ منه،و به،و إليه،أوّلا و آخرا،دنيا و عقبى: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ النّساء:78.

122-ابتداء القرآن: بِسْمِ اللّهِ الفاتحة:1.

123-ختمه: قُلْ هُوَ اللّهُ... الإخلاص:1.

هذه مائة و عشرون و نيّف خصلة،بعضها في صفات الرّبوبيّة،و بعضها في خصال العبوديّة،و بعضها قهر أهل الضّلال،و بعضها ملاطفة أهل الكمال،و بعضها تفصيل الأحوال المنسوبة إلى حضرة الجلال،و للّه الآخرة و الأولى،يشهد على ذلك بلسان الحال و القال.

(بصائر ذوي التّمييز 2:12-30)

الشّربينيّ: (اللّه)أي الملك الأعظم الّذي لا نعبد إلاّ إيّاه.(1:4)

فإن قيل:لم بدأ ب( بسم اللّه )دون ب( اللّه )؟

أجيب:بأنّ التّبرّك و الاستعانة بذكر اسمه و للفرق بين اليمين و التّيمّن...[إلى أن قال:]

و عند المحقّقين أنّه اسم اللّه الأعظم،و قد ذكره اللّه تعالى في ألفين و ثلاثمائة و ستّين (1)موضعا،و اختار النّوويّ تبعا لجماعة أنّه(الحىّ القيّوم)قال:و لذلك لم يذكر في القرآن إلاّ في ثلاثة مواضع،في البقرة،و آل عمران، و طه.(1:6)

أبو السّعود: و إنّما لم يقل:(باللّه)للفرق بين اليمين و التّيمّن،أو لتحقيق ما هو المقصود بالاستعانة هاهنا.فإنّها تكون تارة بذاته تعالى،و حقيقتها طلب المعونة على إيقاع الفعل و إحداثه،أي إفاضة القدرة المفسّرة عند الأصوليّين من أصحابنا،بما يتمكّن به العبد من أداء ما لزمه المنقسمة إلى ممكنة و ميسرة،و هي المطلوبة ب إِيّاكَ نَسْتَعِينُ، و تارة أخرى باسمه عزّ و علا،و حقيقتها طلب المعونة في كون الفعل معتدّا به شرعا،فإنّه ما لم يصدر باسمه تعالى يكون بمنزلة المعدوم.

و لمّا كانت كلّ واحدة من الاستعانتين واقعة وجب تعيين المراد بذكر الاسم.فالمتبادر من قولنا:ب(اللّه)عند الإطلاق،لا سيّما عند الوصف ب(الرّحمن الرّحيم)هي الاستعانة الأولى.

إن قيل:فليحمل الباء على التّبرّك و ليستغن عن ذكر الاسم،لما أنّ التّبرّك لا يكون إلاّ به.

قلنا:ذاك فرع كون المراد ب(اللّه)هو الاسم،و هل التّشاجر إلاّ فيه،فلا بدّ من ذكر الاسم لينقطع احتمال إرادة المسمّى،و يتعيّن حمل الباء على الاستعانة الثّانية أو التّبرّك.(1:7)

صدر المتألّهين: فيما يتعلّق باسمه تعالى«اللّه»، و فيه...مسائل:

المسألة الأولى،في كيفيّة كتابة هذا اللّفظ:

يجب إبقاء«لام التّعريف»في الخطّ على ما هو أصله في لفظ«اللّه»كما في سائر الأسماء المعرفة.و أمّا حذف «الألف»قبل«الهاء»فلكراهتهم اجتماع الحروف المتشابهة في الصّورة عند الكتابة،و لأنّه يشبه«اللاّة»في الكتابة.

قال أهل الإشارة:الأصل في قولنا:«اللّه»:الإله، و هو ستّة أحرف،و يبقى بعد التّصرّف أربعة في اللّفظ -ألف و لامان و هاء-فالهمزة من أقصى الحلق،و اللاّم من طرف اللّسان،و الهاء من أقصى الحلق،و هذا حال).

ص: 803


1- و الصّحيح كما مرّ(2811).

العبد يبتدئ من النّكرة و الجهالة و يترقّى قليلا في مقامات العبوديّة،حتّى وصل إلى آخر مراتب الوسع و الطّاقة، و دخل في عالم المكاشفات و الأنوار،ثمّ أخذ يرجع قليلا قليلا حتّى ينتهي إلى الفناء في بحر التّوحيد،كما قيل:

«النّهاية هي الرّجوع إلى البداية».

و من اللّطائف المتعلّقة بموادّ هذا الاسم و حروفه أنّك إن أسقطت«الهمزة»بقي«للّه» وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الفتح:4،فإن تركت من هذه البقيّة«اللاّم»الأولى بقيت البقيّة على صورة«له» لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ البقرة:116،و إن تركت اللاّم الباقية أيضا بقي الهاء المضمومة من«هو» قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ الإخلاص:1،و«الواو»زائدة حصلت من إشباع الضّمّة،بدليل سقوطها في التّثنية و الجمع «هما،هم».

فانظر إلى تقدّس هذا الاسم و تنزّهه عمّا يشبه القوّة و البطلان و يوهم النّقصان و الإمكان،و لو بحسب مرتبة من مراتبه،و تفطّن منه إلى صمديّة مسمّاه و ترفّعه عن التّعطّل و القصور في إفاضة الوجود و الرّحمة على ما سواه.

روي أنّ فرعون قبل أن ادّعى الإلهيّة قصد أو أمر أن يكتب (بسم اللّه) على بابه الخارج،فلمّا ادّعى الإلهيّة و أرسل اللّه إليه موسى و دعاه فلم ير به الرّشد، و قال:«إلهي كم أدعوه و لا أرى به خيرا؟»فقال:

تعالى:«لعلّك تريد إهلاكه،أنت تنظر إلى كفره،و أنا أنظر إلى ما كتبه على بابه»،فالنّكتة فيه أنّ من كتب هذه الكلمة على بابه الخارج صار آمنا من العذاب-و إن كان كافرا-فالّذي كتبه على سويداء قلبه من أوّل عمره إلى آخره كيف يكون؟

المسألة الثّانية،في كيفيّة التّلفّظ باسم الجلالة:

اعلم أنّ القرّاء و المجوّدين استحسنوا تفخيم«اللاّم» و تغليظها من لفظ(اللّه)بعد الفتحة و الضّمّة دون الكسرة،أمّا الأوّل فللفرق بينه و بين لفظ«اللاّت»في الذّكر،و لأنّ التّفخيم مشعر بالتّعظيم،و لأنّ اللاّم الرّقيقة تذكر بطرف اللّسان و الغليظة تذكر بكلّ اللّسان،فكان العمل فيه أكثر،فيكون أدخل في الثّواب،و هذا كما جاء فى التّوراة:«أجب ربّك بكلّك»،و ربّما قال بعضهم بالوجوب مستدلاّ بأنّه أمر شائع فلا يجوز خلافه.

و أمّا الثّاني فلأنّ النّقل من الكسرة إلى اللاّم الغليظة ثقيل على اللّسان،لكونه كالصّعود بعد الانحدار.

و ربّما قيل بالتّفخيم في الأحوال الثّلاثة،و نقل ذلك عن بعض القرّاء.

و إنّما لم تعدّ اللاّم الغليظة حرفا و الرّقيقة حرفا آخر كما عدّ الدّال حرفا و الطّاء حرفا آخر-مع أنّ نسبة الرّقيقة إلى الغليظة كنسبة الدّال إلى الطّاء،فإنّ الدّال بطرف اللّسان و الطّاء بكلّ اللّسان-لاطّراد استعمال الغليظة مكان كلّ رقيقة ما لم يعق عائق الكسرة،و عدم اطّراد الطّاء مكان كلّ دال.

أقول:و هاهنا وجه آخر و هو أنّ الوجدان يجد تفرقة بينهما،سوى التّفاوت بالجزئيّة و الكلّيّة في المخرج،و هو التّفاوت بالرّخاوة و الشّدّة،مع أنّ كليهما من الحروف الشّديدة عند القرّاء،و هي حروف«أجد قط بكت»إذ لا شبهة لأحد أنّ جميع هذه الحروف ليست في درجة

ص: 804

واحدة من الشّدّة،كما أنّ الرّخويّات ليست مساوية في حدّ من الرّخاوة.

و حذف«الألف»لحن يبطل به الصّلاة،و إنّما ورد في الشّعر للضّرورة،و لا ينعقد به اليمين عند أصحابنا؛إذ ليس حينئذ من الأسماء المختصّة و لا الغالبة.

و أمّا الشّافعيّة فاليمين لمّا كان عندهم على ضربين:الصّريح-و هو الّذي ينعقد عندهم بمجرّد التّلفّظ بالاسم من غير نيّة-و هو الحلف بالأسماء المختصّة.

و الكنائيّ و هو ما يحتاج فيه إلى النّيّة بأن ينوي الحالف الذّات المقدّسة،و هو الحلف بالأسماء المشتركة كالحيّ و السّميع و البصير.فاليمين بالاسم المذكور ينعقد عندهم مع النّيّة.

و أمّا على ما ذهب إليه أصحابنا فاليمين لا ينعقد إلاّ بشرطين:أحدهما النّيّة،و الثّاني كونه من الأسماء المختصّة له تعالى،و هو مفقود عند حذف الألف.[و بعد بحث لغويّ تقدّم في النّصوص اللّغويّة قال:]

كشف تحقيقيّ:الحقّ أنّ وضع الاسم المخصوص للذّات الأحديّة و الهويّة الغيبيّة-مع قطع النّظر عن النّسب و الإضافات-غير متصوّر أصلا،لا لما قيل:«إنّ ذاته تعالى من حيث هي غير معقول للبشر،فلا يمكن أن يدلّ عليها بلفظ».إذ يرد عليه ما ذكره بعض المحقّقين:أنّ أقصى ما يلزم منه عدم تمكّن البشر من وضع الاسم له جلّ شأنه،و المدّعى أن ليس له تعالى علم أصلا.و قد صحّ أنّ أسماءه توقيفيّة،فيجوز أن يضع هو لذاته المقدّسة اسما،على أنّ القول بعدم تمكّن البشر من وضع العلم محلّ كلام؛إذ يكفي في وضع الاسم تعقّل المسمّى بوجه يمتاز عمّا عداه.

بل لأنّ الغرض من وضع الألفاظ و النّقوش الكتابيّة ليس إلاّ الدّلالة على المعاني الذّهنيّة الدّالّة على الحقائق الخارجيّة،إذ لو كانت الحقيقة بنحو وجودها الخارجيّ حاضرا عند المخاطب سقط اعتبار اللّفظ،بل لا يحتاج إلى إشارة عقليّة و لا حسّيّة، لكونها مدركة بصريح المشاهدة،و لمّا لم يتصوّر لحقيقة الباري صورة ذهنيّة مطابقة لذاته،فلا يمكن الدّلالة عليه بالألفاظ الدّالّة على الصّورة الذّهنيّة المطابقة له، و لا اسم لذاته المخصوصة أيضا؛إذ لا يمكن نيل ذاته المقدّسة إلاّ بصريح ذاته و إشراق نور وجهه الكريم،بعد فناء السّالك عن ذاته و اندكاك جبل إنّيّته و اضمحلاله في العين،و إماطة أذى هويّته في طريق الحقّ من البين، و حينئذ فلا اسم له و لا رسم و لا نعت و لا خبر عن الغيب المحض و المجهول المطلق.فالسّالك ما دام في حجاب وجوده و عينه فلا فائدة للألفاظ في حقّه و لا خبر عن الحقّ أصلا،و إذا وصل إلى الشّهود الحقيقيّ فلا أثر منه عند الغير،كما قيل:

اين مدّعيان در طلبش بى خبرانند

كان را كه خبر شد خبرى بازنيامد (1)

و من هاهنا يتبيّن و يتحقّق أنّ وضع الألفاظ للمفهومات و الصّور الذّهنيّة لا للأعيان الخارجيّة، سواء كان الغرض تعرّف أحوال تلك الأعيان و أحكامها أم لا،كما في الأحكام الذّهنيّة.ا.

ص: 805


1- إنّ الّذين يدّعون معرفته و وصاله لجاهلون.فإنّ الّذي عنده خبر منه تعالى لا يخبر به أحدا.

و ممّا يؤكّد أنّ وضع الألفاظ للصّور الذّهنيّة أنّه قد ثبت في مقامه أن لا سبيل للعلم بأنحاء الوجودات الخارجيّة للماهيّات إلاّ بالحضور العينيّ و المشاهدة الإشراقيّة أو الإحساس،فعلى هذا كيف يتصوّر أن يفهم من مجرّد إطلاق اللّفظ الهويّة الخارجيّة،إلاّ بسبب سبق علم شهوديّ أو إحساسيّ بتلك الهويّة،و إذا لم يكن الأمر العينيّ ممّا يتصوّر في حقّه المشاهدة الاكتناهيّة أو الإحساس-كذاته تعالى-فلا فائدة لوضع الألفاظ لذاته المخصوصة بوجه أصلا.

فإن قلت:لا شبهة في أنّ للعلوم و الصّور الذّهنيّة دلالات على المعلومات و الأعيان الخارجيّة-و إن لم يحضر الأمر الخارجيّ-فالعلم بها لا يتوقّف على حضورها.و أيضا لا شكّ أنّ الأحكام الخبريّة ليست كلّها جارية على مجرّد الصّور العقليّة،و إلاّ لكانت القضايا كلّها ذهنيّات فلم يبق قضيّة حقيقيّة أو خارجيّة،فالحكم على الشّيء لا بدّ من إدراكه.

قلنا:نحن لا ننكر أنّ للصّورة العقليّة دلالة على الشّيء الخارجيّ بوجه من الوجوه،لكنّا نقول:هذه الدّلالة على الأمر الخارجيّ بهويّته المخصوصة لا يمكن إلاّ بعد العلم الحضوريّ به،فاللّفظ إذا دلّ عليه فإنّما دلّ أوّلا على الصّورة الذّهنيّة،و بتوسّطها على الأمر الخارجيّ بالشّرط المذكور،و أمّا القضايا و الأحكام الخارجيّة أو الحقيقيّة فالحاضر بالذّات للعقل عند إطلاق اللّفظ في الحمليّات مطلقا ليس إلاّ الصّور الذّهنيّة،إلاّ أنّها قد تكون مأخوذة على وجه يصير عنوانا لحقيقة خارجيّة، كما في المحصورات الخارجيّة،فإنّ المحكوم عليه في قولنا:«كلّ إنسان كاتب»هو الصّورة العقليّة للإنسان المأخوذة من حيث هي هي،على وجه يصير مرآة لملاحظة الأفراد على سبيل الإجمال،بمعنى أنّ كلّ واحد واحد من الأفراد لو كان حاضرا مشهودا بهويّته العينيّة لكان متّحدا مع تلك الصّورة المأخوذة كذلك.

و هذا الحكم في الأفراد المقدّرة في القضيّة الحقيقيّة بخلاف الطّبيعة الذّهنيّة (1)،فإنّ المحكوم عليه فيها مجرّد الصّورة من حيث كونها متعيّنة في الذّهن.ففي القبيلين المدرك بالذّات ليس إلاّ صورة الشّيء الخارجيّ و وجهه دون هويّته و ذاته،إلاّ أنّ في أحدهما أعتبر المطابقة مع ما في الخارج على الوجه المذكور،و في الآخر لم يعتبر،و هذا هو الفرق بين العلم بوجه الشّيء و بين العلم بشيء بالوجه،مع الاتّفاق في كون المعلوم بالذّات هو الوجه،لا الكنه.

فقد استنار و انكشف أنّ حقيقته المقدّسة باعتبار الأحديّة الغيبيّة لا وضع للألفاظ بإزائه؛إذ لا يمكن له إشارة عقليّة كما لا يمكن له إشارة حسّيّة،و هذا سرّ قوله عليه و آله الصّلاة و السّلام:«إنّ اللّه احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار،و إنّ الملأ الأعلى يطلبونه كما أنتم تطلبونه».

المسألة الرّابعة،في أنّ موضوع لفظ الجلالة ما ذا؟

اعلم أنّ أقسام الأسماء الواقعة على المسمّيات تسعة:

أوّلها:اسم الشّيء بحسب ذاته كزيد.

ثانيها:اسمه بحسب جزء من أجزائه كالحيوان علىة.

ص: 806


1- في طبعة نصر الدّولة بدل«بخلاف الطّبيعة الذّهنيّة»:و قد لا تكون مأخوذة على الوجه المذكور و الذّهنيّة و الشّخصيّة.

الإنسان.

ثالثها:اسمه بحسب صفة حقيقيّة قائمة بذاته كالأسود و الحارّ.

رابعها:اسمه بصفة إضافيّة كالمالك و المملوك و المتيامن و المتياسر.

خامسها:اسمه بصفة سلبيّة كالجاهل و الأعمى.

سادسها:اسمه بصفة حقيقيّة مع إضافة لها إلى شيء كالعالم و القادر.

سابعها:اسمه بصفة حقيقيّة مع صفة سلبيّة كإطلاق الجوهر بمعنى الموجود بالفعل لا في الموضوع على ما له وجود زائد على ماهيّته.

ثامنها:اسمه بصفة إضافيّة مع صفة سلبيّة كالأوّل، فإنّ معناه سابق غير مسبوق.

تاسعها:صفة حقيقيّة مع إضافة و سلب.فهذه أقسام الأسماء المقولة على الشّيء،و لا يكاد تجد اسما خارجا عنها سواء كان للّه أو لمخلوقاته.

إذا تقرّر هذا فلقائل أن يقول:لمّا تبيّن و تحقّق أنّ حقيقته تعالى المقدّسة عن لوث الأفهام و الأوهام بحسب هويّته الغيبيّة(العينيّة-ن خ)غير قابلة لاسم،و لا رسم،و لا حدّ،و لا إشارة،و إنّما ألفاظ الأسماء و الصّفات جارية على ذاته باعتبار مفهومات هي نعوت كماليّة أو إضافيّة أو سلبيّة،فالاسم«اللّه»لا يكون موضوعا للذّات الأحديّة بل لواحدة من الصّفات الحقيقيّة أو الإضافيّة،سواء كانت مع السّلوب أم لا.

لكن لقائل أن يعارض ذلك و يقول:إن الاسم«اللّه» لو لم يكن موضوعا للذّات لكان إمّا موضوعا لصفة كماليّة بخصوصه-كالعالم مثلا أو القادر أو غيرهما- فكان المفهوم من كلمة«اللّه»هو بعينه المفهوم من«العالم» مثلا،و لم يكن لقولنا:«اللّه عالم»معنى زائدا على معنى أحد جزئيه،بل يكون مثل قولنا«اللّه اللّه»«العالم عالم» حيث لم يفد المجموع معنى غير ما أفاده أحد جزئيه، و التّالي باطل فالمقدّم مثله.

و إمّا أن يكون موضوعا لصفة محضة كالأوّليّة و السّببيّة و الآخريّة و الغائيّة،و هو أيضا باطل بمثل البيان المذكور.

و إمّا أن يكون موضوعا للسّلوب المحضة كالقدّوسيّة و الفرديّة و الجلالة و هو ظاهر الاستحالة، لأنّا لا نفهم من هذا اللّفظ إلاّ تحصيل أمر حقيقيّ أو إضافيّ،لا رفع أمر.

و إمّا أن يكون موضوعا لجزء من الذّات و هو أيضا مستحيل لاستلزامه تركّب الواجب تعالى عنه علوّا كبيرا،و الحال في كونه موضوعا للمركّب من بعض المعاني المذكورة مع بعض يعرف بما ذكرناه من الاستحالة.

فلم يبق من الاحتمالات التّسعة المذكورة الحاصلة من وقوع الأسماء على المسمّيات إلاّ واحد،و هو كون الاسم«اللّه»واقعا على الذّات دالاّ عليها مطابقة لاستحالة غيره لما علمت من استحالة التّوالي بأسرها عند فرض المقدّمات الثّمانية المحتملة في بادئ النّظر،و إنّ فساد التّوالي يستلزم فساد المقدّمات،و كذا استحالة المفهوم المردّد بين التّوالي يستلزم استحالة المفهوم المردّد بين شقوق المقدّم،و استحالته يوجب ثبوت نقيضه -و هو الّذي ادّعيناه من كون لفظ الجلالة بإزاء الذّات

ص: 807

الأحديّة المعراة عن الاعتبارات حقيقيّة كانت أو إضافيّة أو سلبيّة-و إلاّ يلزم كون هذا الاسم مع جلالته مهملا غير موضوع لمعنى،و هو ظاهر البطلان.

و أقول في الجواب:إنّ هذا الاسم-في التّحقيق الّذي لا مجمحة فيه-من الأعلام الجنسيّة للذّات المستجمعة للصّفات الكماليّة بأسرها،المنزّهة عن النّقائص الإمكانيّة برمّتها،فهو علم لهذا المفهوم الجامع المقدّس المنحصر في ذات الواجب القيّوم بذاته،و ليس من أسماء الأجناس؛إذ ليس اسم جنس لذاته لعدم كونه تعالى كلّيّا طبيعيّا كما زعمته طائفة من المتصوّفة-تعالى عمّا يقوله الظّالمون علوّا كبيرا-و لا أيضا اسم جنس لصفة من الصّفات بخصوصها،أيّ صفة كانت إيجابيّة أو سلبيّة،كما مرّ ذكره.

فلم يبق من الاحتمالات إلاّ الّذي ادّعيناه؛إذ لا يرد عليه شيء من النّقوض و الإيرادات المذكورة،و هو خارج عن الشّقوق التّسعة المشهورة.و دعوى انحصار أقسام الأسامي فيما ذكر ممنوع،لأنّه غير مستند إلى أمر عقليّ بل مجرّد استقراء غير تامّ،يكاد يوجد اسم خارج عن الجميع،سواء كان للّه أو لغيره،و سواء كان الواضع هو اللّه أو غيره.

فإن قلت:هذا الاسم أشرف الأذكار و هو الاسم الأعظم عند بعضهم،و إذا كان كذلك فلا بدّ أن يكون مسمّاه الذّات الأحديّة،لأنّ شرف الذّكر و الاسم بشرف المذكور و المسمّى،كما أنّ شرف العلم بشرف المعلوم.

قلنا:قد مرّ أنّ ذكر الذّات الأحديّة باعتبار هويّته الغيبيّة،و كذا تسميته بخصوصه و الإشارة إليه بعينه، و الإشعار به غير متصوّر أصلا،بل أمر مستحيل،لأنّه من الحيثيّة المذكورة مجهول مطلق-لما سوى ذاته تعالى-و المجهول المطلق من حيث هو مجهول مطلق لا يخبر عنه و لا يذكر،و لا يشار إليه بوجه من الوجوه.

و هذا لا يقدح في كون هذا الاسم أشرف الأذكار و أعظم الأسماء،فإنّ المذكور و المسمّى في كلّ ذكر و اسم من الأذكار و الأسماء الحسنى معنى من المعاني العقليّة الاعتقاديّة الصّادقة في حقّه تعالى اللاّئقة بجناب إلهيّته و قيّوميّته،و ليس شيء منها نفس ذاته المقدّسة،لتعاليه عن أن يحوم حول إدراكه فكر أو قياس،أو ينال ذاته عقل أو وهم أو حواسّ إلاّ أنّ ما يدلّ عليه هذا الاسم باعتبار الاستجماع الّذي أشرنا إليه،لم يبعد أن يقال:إنّه أشرف المذكورات الدّالّة عليها سائر الأسماء،فلو اتّفق لعبد من عباده الوقوف على ذلك الاسم على ما يكون- بأن تجلّى له معناه و انكشف له فحواه-أوشك أن ينقاد له عوالم الجسمانيّات و الرّوحانيّات.

ثمّ القائلون:بأنّ الاسم الأعظم معلوم«موجود- ن خ»اختلفوا فيه على وجوه:

منهم من قال:هو«ذو الجلال و الإكرام»،متمسّكين بقوله صلّى اللّه عليه و آله:«ألظّوا بيا ذا الجلال و الإكرام (1)».و ردّ بأنّ «الجلال»من الصّفات السّلبيّة و«الإكرام»من الإضافيّة،و من البيّن أنّ الذّات المأخوذة مع الصّفات الحقيقيّة أو الذّات المطلقة المأخوذة بلا قيد أشرف من2)

ص: 808


1- التّرمذيّ:كتاب الدّعوات،باب 92،(5:539).المسند(4: 177).و قال ابن الأثير:أي الزموه و اثبتوا عليه.(4:252)

السّلوب و الإضافات.

و منهم من قال:إنّه(الحيّ القيّوم)لما مرّ سابقا من الرّوايات،لقوله صلّى اللّه عليه و آله لأبيّ بن كعب (1)«ما أعظم آية في كتاب اللّه تعالى؟فقال: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. البقرة:225،فقال:ليهنئك العلم يا أبا المنذر»و عورض بأنّ(الحىّ)هو الدّرّاك الفعّال،و هذا ليس فيه عظمة،و لأنّه صفة.و أمّا(القيّوم)فمعناه كونه قائما بنفسه مقوّما لغيره،و الأوّل مفهوم سلبيّ و هو استغناؤه عن غيره،و الثّاني إضافيّ.و سنذكر لك ما يليق بهذا المقام،و بيان كون هذين الاسمين من الأسماء العظام.

و منهم من قال:إنّ أسماء اللّه كلّها عظيمة لا ينبغي أن يتفاوت بينها،و ردّ بما مرّ من أنّ اسم الذّات أشرف من اسم الصّفة.و فيه أنّ الذّات البحتة لم يوضع له اسم، و الأولى أن يقال:إنّ المفهوم من بعض الأسماء أشرف من بعض بكثير،إلاّ أنّ القول:بأنّ الاسم الأعظم غير منحصر في واحد أو اثنين،غير بعيد عن الصّواب كما سنشير إليه،و به يندفع التّدافع بين النّصوص الواردة في أعظميّة اسم،و الواردة في أعظميّة اسم آخر غيره.

و منهم من قال:إنّ الاسم الأعظم«هو اللّه»و هو قول منصور،لأنّك قد علمت أنّه علم للذّات المستجمعة للصّفات الكماليّة و الإلهيّة،مع التّقدّس عن جميع النّقائص الكونيّة،فهو يجري مجرى العلم للذّات الحقيقيّة الأحديّة،و ينوب منابه،فكأنّه دالّ على ذاته المخصوصة الأحديّة.و هذا المقام غير متحقّق لشيء من الأسماء العظام،لعدم دلالته على ما دلّ عليه هذا الاسم إلاّ على سبيل الالتزام مع بيان و برهان،كما في(الحىّ القيّوم).

و يؤيّده ما روي عن أسماء بنت زيد أنّها روت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:اسم اللّه الأعظم في هاتين الآيتين وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ البقرة:163،و فاتحة سورة آل عمران: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2).و عن بريدة:«أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سمع رجلا يقول:اللّهمّ إنّي أسألك بأنيّ أشهد أنّك اللّه لا إله إلاّ أنت،الأحد الصّمد الّذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد.فقال:و الّذي نفسي بيده لقد سأل اللّه باسمه الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب و إذا سئل به أعطى» (3).و لا شكّ أنّ الاسم(اللّه)في الآيتين و الحديثين أصل،و الصّفات مترتّبة عليه.

و التّحقيق أنّ شرافة اسم على اسم باعتبار شرافة مدلوله بأحد الدّلالات،فمن نظر إلى أنّ مدلول الاسم (اللّه)بحسب الدّلالة المطابقة هو الذّات المستجمعة لجميع الصّفات الجماليّة و الجلاليّة،و لا يوجد في الأسماء ما له هذه الجامعيّة في الدّلالة الوضعيّة إلاّ اسم(اللّه)حكم بأنّه الأعظم،و من نظر إلى أنّ(الحىّ القيّوم)يدلّ مفصّلة على ما دلّ عليه اسم(اللّه)مجملا من تلك الأوصاف و النّعوت الإلهيّة الوجوبيّة-لكن على بعضها دلالة وضعيّة،و على بعضها دلالة عقليّة،ة.

ص: 809


1- مضى آنفا.
2- البحار باب الاسم الأعظم:93:227،ابن ماجه:كتاب الدّعاء،باب اسم اللّه الأعظم 27:1267،و التّرمذيّ:كتاب الدّعوات، باب 65:5:517.
3- بحار الأنوار:93،224،و التّرمذيّ:5:510،ابن ماجة، الصّفحة السّابقة.

و الدّلالة التّفصيليّة أرجح في طلب القرب و الوصول من الدّلالة الإجماليّة-فحكم بأنّ هذا أعظم الأسماء.و من نظر إلى أنّ كلّ واحد من الأسماء الحسنى يرشد إلى الآخر و يدلّ عليه دلالة عقليّة عند التّأمّل الصّادق فيه و المواظبة على ذكره،حكم بأنّه لا رجحان لاسم على اسم بل كلّ واحد منها إذا نظرت إليها فهو عين جميع الأسماء بحسب المفاد،كقوله تعالى: قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى الإسراء:110.

المسألة الخامسة في إعرابه و نظمه...

المسألة السّادسة،في تحرير القول:بأنّ هذا الاسم عين ذاته تعالى أو غيرها:

اعلم أنّه قد اختلفت كلمة أهل الكلام في أنّ الاسم مطلقا هل هو عين المسمّى أو غيره؟فالأوّل منسوب إلى الأشاعرة،و الثّاني إلى المعتزلة.و المتأخّرون-عن آخرهم حتّى النّحارير-تحيّروا في تحرير محلّ النّزاع و مورد الخلاف،بحيث يصير قابلا للمتقابلين قبل قيام الدّليل،غير قطعيّ الاستحالة(الدّلالة-ن خ)في أحد الجانبين.و جزم بعضهم أنّ البحث فيه لفظيّ أو عبث.

و هو كذلك بحسب الظّاهر على ما هو مصطلح أهل الكلام.

و أمّا على ما هو عرف العرفاء في الأسماء فالخطب فيه عظيم و البحث فيه مهمّ،كما سيلوح لك منه شيء،كيف و لا يشكّ عاقل في أنّ لفظ«الأسد»ليس حيوانا مفترسا، و لا لفظ«الأسود»قابضا للبصر،و لا لفظ«النّار»محرقا، و لا التّلفّظ بالعسل و السّكّر يوجب الحلاوة.

و ربما استدلّ بعضهم على هذا الأمر الفطريّ بأنّ الاسم حاصل من أصوات غير قارّة،و مختلف باختلاف الأمم و متعدّدة تارة كالمترادفة،و متّحد أخرى كالمشترك،و المسمّى بخلافه في الأوّلين و بعكسه في الأخيرين،و بأنّهما متضايفان و المضافان متغايران -و فيه تأمّل-و بأنّ اللّفظ عرض ممكن،و المسمّى قد يكون جوهرا بل واجبا.و استدلّت المعتزلة بقوله تعالى: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ الرّحمن:78،و بوقوع النّكاح و الطّلاق شرعا بالحمل على الأسماء.

و أجيب عن الأوّل:بأنّه كما يجب علينا تنزيه ذاته تعالى عن النّقائص يجب تنزيه اسمه عن الرّفث و سوء الأدب،و بأنّه قد يراد لفظ«الاسم»مجازا كما في قول لبيد (1):*إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما*.

و من الثّاني:بأنّ المراد الذّات الّتي يعبّر عنها بهذا اللّفظ.

هذا ما قيل في هذا المقام.

و أقول:الاسم في عرف المحقّقين من أكابر العرفاء المعتبرين،عبارة عن الذّات المأخوذة مع بعض الشّئون و الاعتبارات و الحيثيّات،فإنّ للحقّ سبحانه بحسب كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ الرّحمن:29،شئونا ذاتيّة و مراتبا غيبيّة يحصل له بحسب كلّ منها اسم أو صفة حقيقيّة أو إضافيّة أو سلبيّة،و لكلّ منها نوع من الوجود حتّى السّلوب فإنّها ممّا يعرضها الوجود من وجه،كما إذا تمثّل في ذهن من الأذهان،أو يكون لهر.

ص: 810


1- تمام البيت:و من يبك حولا كاملا فقد اعتذر.

مصداق ينتزع منه إذا قيس إلى الأمر المسلوب.

و الفرق بين الاسم و الصّفة في اعتبار العقل كالفرق بين المركّب و البسيط،إذ الذّات معتبرة في مفهوم الاسم دون مفهوم الصّفة،لأنّها مجرّد العارض،فالاسم(اللّه) عبارة عن مرتبة الألوهيّة الجامعة لجميع الشّئون و الاعتبارات،للذّات المندرجة فيها جميع الأسماء و الصّفات الّتي ليست إلاّ تجلّيات ذاته،و هي أوّل كثرة وقعت في الوجود و برزخ بين الحضرة الأحديّة الذّاتيّة الغيبيّة و بين المظاهر الخلقيّة،و هو بعينه جامع بين كلّ صفتين متقابلتين و اسمين متقابلين،لما علمت أنّ للذّات مع كلّ صفة معيّنة و اعتبار تجلّ خاصّ من تجلّياته اسما، و هذه الأسماء الملفوظة هي«أسماء الأسماء».و من هاهنا تحقّق و انكشف أنّ المراد بأنّ الاسم عين المسمّى ما هو.

و قد يقال:الاسم للصّفة؛إذ الذّات مشتركة بين الأسماء كلّها،و التّكثّر فيها بسبب تكثّر الصّفات؛و ذلك التّكثّر إنّما يكون باعتبار مراتبه الغيبيّة الّتي هي مفاتيح الغيب،و هي معان معقولة في عين الوجود الحقّ،بمعنى أنّ الذّات الإلهيّة بحيث لو وجد في العقل أو أمكن أن يلحظها الذّهن لكان ينتزع منه هذه المعاني و يصفها به، فهو في نفس الأمر مصداق لهذه المعاني من دون حاجة إلى تحقّق صفة في ذاته.

و هذا مراد المحقّقين من الحكماء و غيرهم أنّ صفاته عين ذاته،و معنى كلام أمير المؤمنين و إمام الموحّدين عليه السّلام (1):«كمال التّوحيد نفي الصّفات»،لأنّ المدّعى أنّ مجرّد وجود الذّات هو بعينه وجود الصّفات بالعرض،لا أنّ لصفاته تعالى وجودا في أنفسها،و لذاته وجودا آخر في نفسه-كما في صفات الممكنات-ليلزم فيه تعالى جهتا قبول و فعل،و لا أيضا شيء من الذّات بإزاء صفة،و شيء منها بإزاء صفة أخرى،ليلزم التّركيب في ذاته تعالى عن ذلك علوّا كبيرا،فصفاته الحقيقيّة-على كثرتها-موجود بوجود واحد بسيط أحديّ هو وجود الذّات،و هو بعينه مصداق تلك الصّفات كلّها،و ليس المدّعى أن ليست الصّفات مفهومات متغايرة في الذّهن و إلاّ لكانت مترادفة الألفاظ -و هو ظاهر الفساد-فهي في أنفسها كسائر المفهومات الكلّيّة ليست من حيث هي هي موجودة و لا معدومة و لا عامّة و لا خاصّة،و لا كلّيّة و لا جزئيّة بالذّات بل بالتّبعيّة،فتصير كلّيّة في الذّهن جزئيّة في الخارج، موجودة في العقل معدومة في العين،و لها الحكم و الأثر فيما له الوجود العينيّ،بل ينسحب عليها أحكام الوجود بالعرض،و هي تتنوّر بنوره و تتصبّغ بصبغه من الوجوب و الوحدة و الأزليّة،كما يجري عليها أحكام الإمكان عند ظهورها في الأعيان الثّابتة الّتي هي ناشية منها باعتبار تعيّنها في علم الحقّ.

و تحقيق هذا المرام يطلب من كتب العرفاء الكرام.

قال الشّيخ محي الدّين العربيّ في الفصّ اليوسفيّ من كتابه:«الوجود الحقّ هو اللّه خاصّة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسمائه،لأنّ الأسماء لها مدلولان:

أحدهما:عينه و هو عين المسمّى،و المدلول الآخر ما يدلّ عليه ممّا ينفصل الاسم به عن الاسم الآخر و يتميّز في».

ص: 811


1- نهج البلاغة الخطبة رقم 1:«كمال توحيده الإخلاص له، و كمال الإخلاص نفي الصّفات عنه».

العقل،فقد بان لك بما هو كلّ اسم عين الاسم الآخر،و بما هو غيره،فبما هو عينه هو الحقّ،و بما هو غيره هو الحقّ المتخيّل الّذي كنّا بصدده،فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه و لا ثبت كونه إلاّ بعينه-»انتهى كلامه. (1)

أقول:مراده من«الحقّ المتخيّل»ما لوّحنا إليه من أنّ كلاّ من مفهومات الأسماء الإلهيّة-و إن كان بحسب نفس معناه-معرّى(عارية-ن خ)عن صفة الوجود الحقيقيّ-من الوجوب،و القدم،و الحقّيّة،و الأزليّة- إلاّ أنّها ممّا يجري عليه تلك الأحكام و ينصبغ بها بالعرض و تقبلها بتبعيّة العين.

و هذا النّحو من الاتّحاد و العينيّة بالعرض فيما بين ذاته تعالى و الأسماء الّذي ذهب إليه محقّقو العرفاء ضرب من الاتّحاد بالعرض غير ما ألفه الجمهور و شاع في الكتب العقليّة؛إذ ليس هذا الاتّحاد كاتّحاد العرضيّات و المشتقّات مع ذات الموضوع لها كاتّحاد الأبيض و الأعمى مع زيد مثلا،بمعنى أنّ الوجود المنسوب أوّلا و بالذّات إلى«زيد»،هو بعينه منسوب إلى العرضيّ المشتقّ ثانيا و بالعرض-أي على سبيل المجاز-مع جواز أن يكون لهذه العرضيّات نحو آخر من الوجود يناسبها في ذاتها،مع قطع النّظر عن عروضها للموضوع،فإنّ لمفهوم الأبيض نحوا من الوجود في نفسه الّذي يتحقّق بعين وجوده الرّابطيّ و هو وجود العرض،فإنّ وجود العرض هو بعينه وجوده لمحلّه،و هذا غير الوجود بالعرض،فإنّ هذا عندهم مجازيّ دون ذاك،و قد تبيّن الفرق بينهما في علم الميزان.

فالحاصل أنّ اتّحاد العرضيّات بالموضوع اتّحاد بالعرض،و موجوديّتها به موجوديّة مجازيّة لصدقها عليه بحسب مرتبة من الواقع بعد مرتبة وجود الموضوع.

و أمّا اتّحادها بالأعراض الّتي هي مبادئ اشتقاقها فهو اتّحاد بالذّات،و وجودها كوجود تلك الأعراض وجود حقيقيّ لاتّحاد العرض و العرضيّ بالذّات،كما هو التّحقيق عند المحقّقين.

و أمّا عينيّة صفاته المقدّسة و أسماؤه الحسنى مع الذّات الأحديّة فليست من هذا القبيل من المعيّة الّتي هي بين العرضيّ و الذّاتيّ في الطّبائع الإمكانيّة؛إذ ليست لصفاته نحوا من الوجود غير ذاته تعالى،و لا كمعيّة الذّاتيّات مع الذّات،لأنّ الحقّ تعالى ليس ذا ماهيّة كلّيّة أصلا-فضلا عن أن يكون مركّبا من مقوّمات متّحدة في الوجود-بل حقيقته ليست إلاّ وجودا مقدّسا بسيطا صرفا لا اسم له و لا رسم،و لا إشارة إليه إلاّ بصريح العرفان،و لا حدّ له و لا برهان عليه،و هو البرهان على كلّ شيء و الشّاهد على كلّ وجود.

فمعنى كون صفاته عين ذاته حسبما أشرنا إليه أنّ الذّات الأحديّة بحسب مرتبة هويّته الغيبيّة و إنّيّته العينيّة-مع قطع النّظر عن انضمام أمر أو اعتبار حيثيّة غير ذاته بوجه من الوجوه-بحيث يصدق في حقّه هذه الأوصاف الكماليّة و النّعوت الجماليّة،و يعرف منه هذه الأحكام و يستفاد منه هذه المعاني،و يظهر من نور ذاته هذه المحامد القدسيّة،و يتراءى في شمس وجهه هذه الشّمائل العليّة،و هي في حدود أنفسها مع قطع النّظر عن نور وجهه لا شيئيّة لها و لا ثبوت أصلا،فهي بمنزلةة.

ص: 812


1- فصوص الحكم:104 و فيه فروق يسيرة.

ظلال و عكوس لها تمثّل في الأوهام و الحواسّ.

و كذا الحكم في الأعيان الثّابتة و سائر المعقولات و الأعيان المعلومة،و ما هي إلاّ نقوش و علامات دالّة على أنحاء الوجودات الإمكانيّة الّتي هي رشحات جود الحقّ،و أشعّة نور الوجود المطلق،و مظاهر أسمائه و صفاته،و مجالي جماله و جلاله،و أمّا نفس تلك الأعيان و الماهيّات مع قطع النّظر عن الوجودات فلا وجود لها بالذّات لا عينا و لا عقلا،كقوله تعالى: إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ النّجم:23.

و لعلّ الكلام انجرّ إلى ما لا يطيق تقريره أسماع الأنام بل يضيق عن فهمه نطاق أكثر الأفهام،و يضعف عن سلوكه الأقدام.

المسألة السّابعة،في أنّه هل لمعنى هذا الاسم حدّ أم لا؟

الحدّ عند الحكماء:قول دالّ على تصوّر أجزاء الشّيء و مقوّماته فما لا جزء له لا حدّ له،و ما لا حدّ له لا برهان عليه،لأنّهما متشاركان في الحدود كما بيّن في الميزان.و إذا تقرّر هذا فلا شبهة في أنّ ذات الباري تعالى لتقدّسه عن شوب التّركيب-سواء كان من الأجزاء الوجوديّة أو المقداريّة أو الذّهنيّة أو التّحليليّة على ما اقتضاه برهان التّوحيد-لا حدّ له و لا برهان عليه.

و أمّا أنّ مفهوم لفظ(اللّه)هل له حدّ أم لا؟فالحقّ هو الأوّل،لأنّ معناه الموضوع له معنى مجمل متضمّن لمعاني جميع الصّفات الكماليّة،فكلّ منها عند التّفصيل جزء من مفهومه.و الفرق بين الحدّ و المحدود ليس إلاّ بالإجمال و التّفصيل في نحوي الإدراك،فإنّ الألفاظ المذكورة في الحدّ تدلّ على ما دلّ عليه لفظة المحدود بعينه بدلالة تفصيليّة،و ليس من شرط الحدّ أن يكون تأليفه من جنس و فصل،بل من أجزاء الشّيء،سواء كانت بعضها أعمّ من بعض مطلقا أو متساوية،أو متباينة،أو لها أعمّيّة من وجه،إلاّ أنّ المشهور بين الجمهور أنّ الحدّ لا يكون إلاّ من جنس و فصل لما رأوا أنّ الحقائق المتأصّلة الّتي لها طبيعة نوعيّة لا تكون إلاّ كذلك.

و بالجملة كلّ لفظ وضع لمعنى إجماليّ قابل للتّحليل إلى معان متعدّدة يدلّ عليها بألفاظ متعدّدة يكون الأوّل محدودا و الثّاني حدّا،و هكذا اسم(اللّه)بالقياس إلى جميع الأسماء الحسنى،فإنّ نسبة المجموع إليه بحسب المعنى نسبة الحدّ إلى المحدود،و هذا لا يضرّ بساطة الذّات المقدّسة و أحديّة الوجود القيّوميّ تعالى عن التّصوّر و التّمثيل و التّخيّل و التّعقّل لغيره،فإنّ كلّ ما يدركه العقل من معاني الأسماء بحسب مفهوماتها اللّغويّة و الاصطلاحيّة فهي خارجة عن ساحة العزّ و الكبرياء،إنّما يجد الذّهن سبيلا إليها من ملاحظة مظاهرها و مجاليها و مشاهدة مربوباتها و محاكيها.

قال ابن العربيّ في الفصّ النّوحيّ (1):«إنّ للحقّ في كلّ خلق ظهورا خاصّا فهو الظّاهر في كلّ مفهوم،و هو الباطن عن كلّ فهم إلاّ عن فهم من قال:إنّ العالم صورة (2)هويّته،و هو الاسم الظّاهر،كما أنّه بالمعنى روح ما ظهر فهو الاسم الباطن،فنسبته لما ظهر من صور العالمه.

ص: 813


1- فصوص الحكم:68.
2- المصدر:صورته.

نسبة الرّوح المدبّر للصّورة،فيؤخذ في حدّ الإنسان مثلا باطنه و ظاهره،و كذلك كلّ محدود،فالحقّ محدود بكلّ حدّ،و صور العالم لا تنضبط و لا يحاط بها و لا تعلم حدود كلّ صورة منها إلاّ على قدر ما حصل لكلّ عالم من صورة،فلذلك يجهل حدّ الحقّ فإنّه لا يعلم حدّه إلاّ من يعلم حدّ كلّ صورة.و هذا محال حصوله،فحدّ الحقّ محال.

ثمّ قال:«فحدّ الألوهيّة له بالحقيقة لا بالمجاز»، انتهت ألفاظه.

و يتلخّص من كلامه أنّ مسمّى لفظ(اللّه)هو المنعوت بجميع الأوصاف و النّعوت الإلهيّة،ثمّ لمّا تقرّر عندهم أنّه ما من نعت إلاّ و له ظلّ و مظهر في العالم،و ثبت أيضا أنّ الاشتراك بين كلّ اسم و مظهر ليس بمجرّد اللّفظ فقط حتّى يكون ألفاظ«العلم»و«القدرة»و غيرها موضوعة في الخالق بمعنى و في المخلوق بمعنى آخر-و إلاّ لم تكن هذه المعاني فينا دلائل على تحقّقها في الباري على وجه أعلى و أشرف،و المتحقّق خلافه-فبطل كون الاشتراك فيها بمجرّد اللّفظ،نعم هذه المعاني في المخلوق في غاية الضّعف و القصور،و في الحقّ تعالى في غاية العظمة و الجلالة.

فتكون الأسماء الحسنى مع مظاهرها و مجاليها الّتي هي الماهيّات المسمّاة بالأعيان مشتركة في أصل المعنى، سواء كانت المظاهر من الصّور المنوّعة الجسمانيّة المدركة بالحواسّ الظّاهرة الّتي هي من عالم الشّهادة و عالم الخلق و مظهر الاسم«الظّاهر»المشتمل على الأسماء الكثيرة الّتي تحت حيطته و لها مظاهر مختلفة من هذا العالم الظّاهر، أو كانت من الصّور العقليّة المجرّدة الذّوات المدركة بالمدارك الباطنة العقليّة و الرّوحيّة الّتي هي من عالم الغيب و مظهر الاسم«الباطن»المشتمل على أسماء كثيرة على اختلافها تحت حيطة ذلك الاسم،كما أنّ مظاهرها المختلفة الأنواع مندرجة تحت عالم الأمر.

و حدّ الشّيء-كما عرفت-عبارة عن صورة عقليّة تفصيليّة يدلّ عليها بألفاظ متعدّدة دالّة على ما يدلّ عليه لفظ واحد،هو معنى إجماليّ لذلك الشّيء بل معناها عين معناه،بأن يكون لحقيقة واحدة كالإنسان صورتان إدراكيّتان،إحداهما موجودة بوجود واحد إجماليّ،و الأخرى موجودة بوجودات متعدّدة تفصيليّة، فيقال للمفصّلة:«إنّها حدّ»و للمجملة:«إنّها محدودة».

فعلى هذا يلزم أن يكون مفهومات جميع الأسماء و مظاهرها الّتي هي أجزاء العالم ظاهرا و باطنا-على كثرتها-حدّا حقيقيّا لمفهوم اسم«اللّه».

و المراد من لفظة«الحقّ»في قوله:«فالحقّ محدود بكلّ حدّ»هو مفاد لفظ«اللّه»باعتبار معناه العقليّ و مفهومه الكلّيّ،لا باعتبار حقيقة معناه الّتي هي الذّات الأحديّة و غيب الغيوب؛إذ لا نعت له و لا حدّ و لا اسم و لا رسم و لا سبيل إليه للإدراك و التّعقّل،و لا ينال أهل الكشف و الشّهود لمعة من نوره إلاّ بعد فناء هويّتهم و اندكاك جبل وجودهم.

و يؤيّد ذلك ما قال في الفصّ الإسماعيليّ (1):«اعلم أنّ مسمّى(اللّه)أحديّ بالذّات،كلّ بالأسماء،و كلّ موجود،فما له من اللّه إلاّ ربّه خاصّة يستحيل أن يكون0.

ص: 814


1- فصوص الحكم:90.

له الكلّ،و أمّا الأحديّة الإلهيّة فما لواحد فيها قدم، لأنّه ينال الواحد منها شيئا و الآخر منها شيئا (1)،لأنّها لا تقبل التّبعيض،فأحديّته مجموع كلّه بالقوّة».انتهى.

المسألة الثّامنة،في تحقيق أنّ مسمّى«اللّه»معبود للكمّل من العرفاء دون غيرهم بحسب الحقيقة.

اعلم أنّ أكثر النّاس لا يعبدون اللّه من حيث هو اللّه، و إنّما يعبدون معتقداتهم في ما يتصوّرونه معبودا لهم، فإلههم في الحقيقة أصنام ينحتونها و يتصوّرونها بقوّة اعتقاداتهم العقليّة و الوهميّة،و هذا هو الّذي أشار إليه عالم من أهل بيت النّبوّة و الولاية سلام اللّه عليهم أجمعين (2):«كلّ ما ميّزتموه بأوهامكم و عقولكم في أدقّ معانيه فهو مصنوع مثلكم مردود إليكم»إلى آخر الحديث-أي فلا يعتقد معتقد من المحجوبين الّذين جعلوا الإله في صورة معتقدهم فقط إلها إلاّ بما جعل في نفسه و تصوّره بوهمه،فإلهه مجعول لنفسه،منحوت بيد قوّته المتصرّفة،فلا فرق بين الأصنام الّتي اتّخذت إلها و بينه في أنّه مصنوع لنفوسهم،سواء كانت في خارجها أو في داخلها،بل الأصنام الخارجيّة أيضا إنّما عبدت من جهة اعتقاد الألوهيّة من عابدها في حقّها،فالصّورة الذّهنيّة معبودة حينئذ بالذّات،و الصّورة الخارجيّة معبودة بالعرض.

فمعبود عبدة الأصنام كلّها ليست إلاّ صور معتقداتهم و أهواء أنفسهم،كما أشير إليه بقوله تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ الجاثية:23،فكما أنّ أصحاب الأصنام الجسميّة يعبدون ما عملوا بأيديهم،فكذلك أصحاب الاعتقادات الجزئيّة في حقّ الحقّ يعبدون ما كسبتها أيدي عقولهم: أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ الأنبياء:67.

و أمّا الكمّل من العرفاء فهم الّذين يعبدون الحقّ المطلق المسمّى باسم«اللّه»من غير تقييد باسم خاصّ و صفة مخصوصة،فيتجلّى لهم الحقّ تعالى المنعوت بجميع الأسماء،و هم لا ينكرونه في جميع التّجلّيات الأسمائيّة و الأفعاليّة و الآثاريّة،بخلاف المحجوب المقيّد الّذي يعبد اللّه على حرف فإن أصابه خير اطمأنّ به و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه،و ذلك لغلبة أحكام بعض المواطن عليه و احتجاب بعض المجالي عن بعض في حقّه.

و من هذا الاحتجاب منشأ الاختلاف بين النّاس فيكفّر بعضهم بعضا و يلعن بعضهم بعضا.و كلّ أحد يثبت للحقّ تعالى غاية ما يراه و يعتقده لائقا بالرّبوبيّة من العظمة و الجلالة و ينكر غيرها،و قد أخطأ و أساء الأدب معه تعالى و هو عند نفسه أنّه قد بلغ الغاية في المعرفة و التّأدّب.

و كذلك حال كثير من الملكوتيّين و الملائكة إلاّ الإنسان الكامل الّذي علّمه ربّه علم جميع الأسماء و مظاهرها،كما قال اللّه تعالى: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّ ما عَلَّمْتَنا البقرة:31،32.

فإذا تجلّى الحقّ سبحانه بالصّفات السّلبيّةة.

ص: 815


1- في المصدر:لا يقال لواحد منها شيء و لآخر منها شيء.
2- الحديث منسوب إلى أبي جعفر الباقر عليه السّلام و ما وجدناه في الجوامع الرّوائيّة.

التّنزيهيّة للعقول المسبّحة المنزّهة يقبله تلك العقول و يمجّدونه و يسبّحونه،و ينكره كلّ من لا يكون مجرّدا بل يكون كالوهم و الخيال.و النّفوس المنطبعة؛إذ ليس من شأنهم إدراك الحقّ إلاّ في مقام التّشبيه كأكثر النّاس.

و إذا تجلّى بالصّفات الثّبوتيّة فيقبله القلوب و النّفوس النّاطقة،لأنّها مشبهة من حيث تعلّقها بالأجسام و منزّهة من حيث تجرّد جوهرها،و ينكره المحجوبون بالتّجرّد المحض كأكثر الفلاسفة،فيقبل كلّ نشأة من النّشئات العقليّة و النّفسيّة و الخياليّة من التّجليّات الإلهيّة ما يناسبها و يليق بحالها.و أمّا الإنسان الكامل و العارف الفاضل فهو الّذي يقبل الحقّ و يهتدي بنوره في جميع تجلّياته،و يعبده بجميع أسمائه و صفاته،فهو عبد اللّه في الحقيقة.

و لهذا سمّي بهذا الاسم أكمل نوع الإنسان صلّى اللّه عليه و آله فإنّ الاسم الإلهيّ كما هو جامع لجميع الأسماء و هي تتّحد بأحديّته،كذلك طريقه جامع طرق الأسماء كلّها،و إن كان كلّ واحد من تلك الطّرق مختصّا باسم يربّ مظهره و يعبده ذلك المظهر من ذلك الوجه،و يسلك سبيله المستقيم الخاصّ بذلك المظهر.و ليس الجامع لها إلاّ ما سلكه المظهر الجامع النّبويّ الختميّ المحمّديّ صلوات اللّه عليه و آله و خواصّ أمّته الّذين كانوا خير أمّة أخرجت للنّاس،و هو طريق التّوحيد الّذي عليه جميع الأنبياء و الأولياء،و هو الغرض من بعثة الأنبياء و نصب الأولياء،و به تحصل النّجاة من عذاب النّار القطيعة و جهنّم البعد،و الاحتجاب عن ربّ الأرباب،مع أنّ كلّ أحد يرجع إلى ربّه بوجه،كما قال: كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ الأنبياء:93؛إلاّ أنّ أكثرهم ناكسة رءوسهم،محجوبة عقولهم،مقيّدة أبدانهم بالسّلاسل و الأغلال،و جميع الطّرق يتشعّب و يتفرّع من طريق التّوحيد.

و يؤيّد ذلك ما روي (1)عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا أراد أن يبيّن ذلك للنّاس خطّ خطّا مستقيما،ثمّ خطّ من جانبيها خطوطا خارجة من ذلك الخطّ،و جعل الأصل الصّراط المستقيم الجامع،و الخطوط الخارجة منها جعل سبل الشّيطان،كما قال اللّه تعالى: وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ الأنعام:153،يعني السّبيل الّتي لكم فيها السّعادة و النّجاة،و إلاّ فالسّبل كلّها إليه،لأنّ اللّه منتهى كلّ سبيل فإليه يرجع الأمر كلّه، و لكن ما كلّ من رجع إليه و آب سعد و نجا عن التّفرقة و العذاب،فسبيل السّعادة واحدة: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي يوسف:108،و أمّا جميع السّبل فغايتها كلّها إلى اللّه أوّلا ثمّ يتولاّه الرّحمن آخرا،و يبقى حكم الرّحمن فيها إلى الأبد الّذي لا نهاية لبقائه.

و هذه مسألة عجيبة قلّ من استقام عقله عند سماعها،و درك معناها،و وصل فهمه إلى نيل فحواها.

لكنّ المقصود من بيان هذه و نظائرها ليس كلّ من له صلاحيّة المخاطبة العرفيّة دون المكاشفة الذّوقيّة،بل من كان له قلب أو ألقى السّمع و هو شهيد،و إن كان نوع من الانتفاع عامّ لغيره،أو لا ترى أنّ الخطاب في الكلام المجيد شامل لكلّ أحد،و الفهم يختصّ بمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربّه؟لقوله تعالى: وَ ما).

ص: 816


1- الدّرّ المنثور(3:56).

يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آل عمران:7، -في قراءة الوصل-و الدّليل عليه قوله تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ العنكبوت:49،و قوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ق:37،و قوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ النّمل:80.

و كما أنّ الأذواق مختلفة في الانتفاع و الالتذاذ بالأرزاق الصّوريّة و الأغذية الجسمانيّة بحسب سلامة القوّة الذّوقيّة و مراتب البعد عن الأمراض و المحذّرات المزاجيّة،كذلك الفهوم و المدارك مختلفة في الانتفاع و الاستمداد بالأرزاق المعنويّة و الأغذية الرّوحانيّة، بحسب سلامة الفطرة عن الأمراض الباطنيّة و مراتب خلوص القلب عن الوساوس الوهميّة و التّعلّقات النّفسانيّة،بقوله تعالى في حقّ الكلّ: وَ اللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ النّحل:71،و قوله في حقّ الأنبياء: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ البقرة:253،و قوله: وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ البقرة:253،و قوله في حقّ الملائكة: وَ ما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ الصّافّات:164.

فظهر أنّ مشارب النّاس و حظوظهم مختلفة، و أذواقهم متفاوتة في باب الأخذ عن مشارع العلم و منابع الحكمة: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً البقرة:269، وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ النّور:40.(4:23-53)

البروسويّ: و اسم(اللّه)ما يصحّ أن يطلق عليه بالنّظر إلى ذاته أو باعتبار صفة من صفاته السّلبيّة كالقدّوس،أو الثّبوتيّة كالعليم،أو باعتبار فعل من أفعاله كالخالق.و لكنّها توقيفيّة عند بعض العلماء،كما في «شرح المشارق»لابن الملك.

ثمّ المختار:أنّ كلمة(اللّه)هو الاسم الأعظم،فإن سأل سائل و قال:إنّ من شرط الاسم الأعظم أنّه إن دعي اللّه به أجاب،و إذا سئل به أعطى،فنحن ندعوا به و نسأل فلم نر الإجابة في أكثر الأوقات؟

قلنا:إنّ للدّعاء آدابا و شرائط لا يستجاب الدّعاء إلاّ بها،كما أنّ للصّلاة كذلك،فأوّل شرائطه،إصلاح الباطن باللّقمة الحلال،و قد قيل:«الدّعاء مفتاح السّماء و أسنانه لقمة الحلال»و آخر شرائطه الإخلاص و حضور القلب،كما قال اللّه تعالى: فَادْعُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ المؤمن:14،فإنّ حركة الإنسان باللّسان و صياحه من غير حضور القلب ولولة الواقف على الباب و صوت الحارث على السّطح،أمّا إذا كان حاضرا فالقلب الحاضر في الحضرة شفيع له.

قال الشّيخ مؤيّد الدّين الجنديّ قدّس سرّه:«إنّ للاسم الأعظم-الّذي اشتهر ذكره و طاب خبره و وجب طيّه و حرم نشره من عالم الحقائق و المعاني-حقيقة و معنى،و من عالم الصّور و الألفاظ صورة و لفظا.

أمّا حقيقته فهي أحديّة،جمع جميع الحقائق الجمعيّة الكماليّة كلّها،و أمّا معناه فهو الإنسان الكامل في كلّ عصر.و هو قطب الأقطاب حامل الأمانة الإلهيّة خليفة اللّه.

و أمّا صورته فهي صورة كامل ذلك العصر،و علمه كان محرّما على سائر الأمم،لما لم تكن الحقيقة الإنسانيّة

ص: 817

ظهرت بعد في أكمل صورته،بل كانت في ظهورها بحسب قابليّة كامل ذلك العصر فحسب،فلمّا وجد معنى الاسم الأعظم و صورته بوجود الرّسول صلّى اللّه عليه و آله أباح اللّه العلم به كرامة له».(1:7)

الآلوسيّ: و أمّا اسمه تعالى(اللّه)فهو اسم لمرتبة ذاتيّة جامعة،و فلك محيط بالحقائق،و هو مشير إلى الألوهيّة الّتي هي أعلى المراتب،و هي الّتي تعطي كلّ ذي حقّ حقّه،و تحتها الأحديّة،و تحتها الواحديّة و تحتها الرّحمانيّة و تحتها الرّبوبيّة و تحتها الملكيّة،

و لهذا كان اسمه(اللّه)أعلى الأسماء و أعلى من اسمه الأحد،فالأحديّة أخصّ مظاهر الذّات لنفسها، و الألوهيّة أفضل مظاهر الذّات لنفسها أو لغيرها.و من ثمّ منع أهل اللّه تعالى تجلّي الأحديّة و لم يمنعوا تجلّي الألوهيّة،لأنّ الأحديّة ذات محض لا ظهور لصفة فيها فضلا عن أن يظهر فيها مخلوق،فما هي إلاّ للقديم القائم بذاته.(1:80)

عبد الكريم الخطيب: بسم اللّه:باسم الألوهيّة يقوم الوجود،و إليه يركن كلّ موجود.فكلّ عوالم الكون مألوهة للّه،خاضعة لمشيئته،محفوفة برحمته.(1:17)

مجمع اللّغة: (اللّه)اسم للذّات الواجب الوجود المعبود بحقّ.و قد ذكر في القرآن الكريم في ألفين و ستّمائة و سبعة و تسعين (1)موضعا،مختلفة الإعراب.(1:47)

محمّد إسماعيل إبراهيم: لفظ الجلالة(اللّه)علم على الذّات العليّة الواجبة الوجود،و قد ورد لفظ الجلالة (اللّه)في القرآن«980»مرّة (2).(1:43)

مكارم الشّيرازيّ: كلمة(اللّه)و هي أشمل أسماء ربّ العالمين.فكلّ اسم ورد للّه في القرآن الكريم و سائر المصادر الإسلاميّة يشير إلى جانب معيّن من صفات اللّه،و الاسم الوحيد الجامع لكلّ الصّفات و الكمالات الإلهيّة،أو الجامع لكلّ صفات الجلال و الجمال هو (اللّه).

و لذلك اعتبرت بقيّة الأسماء صفات لكلمة(اللّه) مثل:الغفور،و الرّحيم،و السّميع،و العليم،و البصير، و الرّزّاق،و ذو القوّة،و المتين،و الخالق،و البارئ.

كلمة(اللّه)هي وحدها الجامعة،و من هنا اتّخذت هذه الكلمة صفات عديدة في آية كريمة واحدة؛حيث يقول تعالى: هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبِّرُ... الحشر:23.

أحد شواهد جامعيّة هذا الاسم أنّ الإيمان و التّوحيد لا يمكن إعلانه إلاّ بعبارة:«لا اله الا الله،» و عبارة لا إله إلاّ القادر،أو إلاّ الخالق،أو إلاّ الرّزّاق، لا تفي بالغرض.و لهذا السّبب يشار في الأديان الأخرى إلى معبود المسلمين باسم(اللّه)فهذه التّسمية الشّاملة خاصّة بالمسلمين.(1:21)

2- اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الفاتحة:2

[لاحظ ح م د:«الحمد»]

3- اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. البقرة:15.».

ص: 818


1- و الصّحيح«281 مرّة كما يأتي».
2- و الصّحيح«2811 مرّة كما يأتي».

النّيسابوريّ: و في الالتفات من الحكاية إلى المظهر أنّ اللّه عزّ و جلّ هو الّذي يستهزئ بهم الاستهزاء الأبلغ الّذي استهزاؤهم بالنسبة إلى ذلك كالعدم.

و في تخصيص(اللّه)بالذّكر مع قرينة أنّ المؤمنين هم الّذين استهزئ بهم،دلالة على أنّ اللّه هو الّذي يتولّى الاستهزاء بهم انتقاما للمؤمنين،و لا يحوج المؤمنين أن يعارضوهم باستهزاء مثله.(1:178)

4- ...وَ اللّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ. البقرة:72

الطّوفيّ:الاعتراض الجيّد:ما دخل الكلام لفائدة معنويّة،و لم يخلّ بطلاوته اللّفظيّة،و فائدته ضرب من التّوكيد.و من أمثلته قوله تعالى: وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّارَأْتُمْ فِيها وَ اللّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ* فَقُلْنا اضْرِبُوهُ البقرة:72،73 فقوله: وَ اللّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ اعتراض بين المعطوف و المعطوف عليه، و فائدته تأكيد الإخبار بعلمه تعالى،و أنّه لا يخفى عليه من أمرهم شيء و أنّ تدارأهم لم ينفعهم،و نظم الكلام:

(فادّارأتم فيها فقلنا اضربوه).

(الإكسير في علم التّفسير:171)

5- مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ. البقرة:98

الطّبريّ: و أمّا إظهار اسم اللّه في قوله: فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ و تكريره فيه-و قد ابتدأ أوّل الخبر بذكره فقال: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَ مَلائِكَتِهِ -فلئلاّ يلتبس-لو ظهر ذلك بكناية،فقيل:فإنّه عدوّ للكافرين-على سامعه من المعنيّ بالهاء الّتي في فإنّه أ اللّه أم رسل اللّه جلّ ثناؤه،أم جبريل،أم ميكائيل؛إذ لو جاء ذلك بكناية على ما وصفت،فإنّه يلتبس معنى ذلك على من لم يوقف على المعنيّ بذلك،لاحتمال الكلام ما وصفت.

[ثمّ استشهد بشعر]

و إن قيل:قوله: فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ لو جاء اسم اللّه (1)تعالى ذكره مكنيّا عنه،لم يعلم من المقصود إليه بكناية الاسم إلاّ بتوقيف من حجّة،فلذلك اختلف أمراهما.(1:440)

نحوه الطّبرسيّ(1:167)،و البروسويّ(1:188).

6- إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ. آل عمران:51

الإسكافيّ:قال تعالى: إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ...، و قال في سورة مريم:36 مثله،و قال في سورة حم الزّخرف:64،حكاية عمّن حكى عنه في السّورتين: إِنَّ اللّهَ هُوَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فزاد(هو)في هذه الآية من هذه السّورة.

للسّائل أن يسأل عمّا أوجب اختصاصها بهذا التّوكيد دون الموضعين الأوّلين،و هي كلّها فيما أخبر اللّه تعالى به عن عيسى عليه السّلام؟و الجواب أن يقال:إنّما لم يجب في الأوليين من التّوكيد ما أوجبه اختيار الكلام في الموضع الثّالث،لأنّ قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ حكاية عن عيسى بعد ما مضت آيات كثيرةظ.

ص: 819


1- جاء في الحاشية:«فإنّه و جاء اسم اللّه»لاحظ.

في ذكره و ابتداء أمره من مبتدإ الآية الّتي نزلت في شأن مريم،و هي: وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ آل عمران:42،إلى آخر هذا العشر،فلمّا تناصرت هذه الآيات المتقدّمة في ذكره و دلّت على إحداثه و خلقه، كانت فيها دلالة على أنّه مربوب مصنوع بكثرة الأفعال الّتي أسندت إليه،و جعلت آيات له،و أنّه عبد من عبيده، و اللّه ربّه و مالكه و القائم بمصالحه،و أنّه أصحبه معجزات تدلّ على صدقه في نبوّته و كذب من قال ببنوّته، فصرفتهم تلك الأفعال الّتي تقدّم ذكرها إلى العلم بأنّه تعالى ربّه.

و كذلك في سورة مريم جاء قوله: وَ إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فكانت تلك العشرون الآية ناطقة بأنّ اللّه ربّه، فاكتفى بما طال من الكلام المؤكّد لحاله على حقيقتها عن التّوكيد الّذي جاء في سورة الزّخرف:63 و 64،لأنّه لم يذكر هذه الآية إلاّ بعد قوله: وَ لَمّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللّهَ وَ أَطِيعُونِ* إِنَّ اللّهَ هُوَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ.. فالموضع الّذي خلا من الآيات الكثيرة الدّالّة على أنّ اللّه تعالى ربّه و هو عبده لا ابنه،حسن تأكيد الكلام فيه صرفا للنّاس عمّا ادّعوه من أنّه ابن اللّه إلى أنّه عبده.أ لا ترى إلى قوله في سورة مريم:35 و 36:

ما كانَ لِلّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* وَ إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ.

و اعلم أنّ التّوكيد بقولك(هو)في مثل هذا الموضع يكون لأحد وجهين:إمّا أن يريد أنّه على الصّفة الّتي جعلها خبرا عنه لا على غيرها،و إمّا أن يريد أنّ صاحب هذه الصّفة الّتي جعلت خبرا عنه إنّما هو فلان لا غيره؛إذ قال القائل:إنّ زيدا هو أخوك،أي صديقك لا عدوّك،أو يريد أن يقول:إنّه أخوك لا عمرو،فكذلك قوله تعالى:

إِنَّ اللّهَ هُوَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ يحتمل التّوكيدين أن يريد أنّه هو خالقي و القائم بمصالحي لا غيره من الآلهة الّتي ترون عبادتها،و أن يريد أنّه هو ربّي لا أبي كما زعمت النّصارى،تعالى اللّه عن أن يكون له ولد.(67)

نحوه ملخّصا الكرمانيّ.(44)

7- وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ. آل عمران:109

الطّبريّ: و اختلف أهل العربيّة في وجه تكرير (اللّه)-تعالى ذكره-اسمه مع قوله: وَ إِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ظاهرا،و قد تقدّم اسمه ظاهرا مع قوله: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ.

فقال بعض أهل العربيّة من أهل البصرة (1):ذلك نظير قول العرب:أمّا زيد فذهب زيد،و كما قال الشّاعر:

لا أرى الموت يسبق الموت شيء

نغّص الموت ذا الغنى و الفقيرا

فأظهر في موضع الإضمار.

و قال بعض نحويّي الكوفة:ليس ذلك نظير هذا البيت،لأنّ موضع الموت الثّاني في البيت موضع كناية لأنّه كلمة واحدة،و ليس ذلك في الآية،لأنّ قوله: وَ لِلّهِ).

ص: 820


1- و هو الأخفش(1:417).

ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ خبر ليس من قوله:

وَ إِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ في شيء؛و ذلك أنّ كلّ واحدة من القصّتين مفارق معناها معنى الأخرى، مكتفية كلّ واحدة منهما بنفسها،غير محتاجة إلى الأخرى،كما قال الشّاعر:«لا أرى الموت»محتاج إلى تمام الخبر عنه.

و هذا القول الثّاني عندنا أولى بالصّواب،لأنّ كتاب اللّه عزّ و جلّ لا يؤخذ معانيه،و ما فيه من البيان إلى الشّواذّ من الكلام و المعاني،و له في الفصيح من المنطق، و الظّاهر من المعاني المفهوم،وجه صحيح موجود.

(4:42)

الشّريف الرّضيّ: إنّما أعيد اسم اللّه تعالى هاهنا للتّفخيم و التّأكيد،و من عادة العرب إذا أجروا ذكر الآمر،يعتمدون تفخيمه و يقصدون تعظيمه،بأن يعيدوا لفظه مظهرا غير مضمر،إذا كان الإضمار يطأطئ من الاسم و يضائله،بقدر ما يرفع منه الإظهار و يفخّمه، و على ذلك قول الشّاعر:-و ذكر الشّعر السّابق-

فلو قال:يسبقه شيء لكان مستقيما و لكنّه أعاد الاسم تفخيما و لم يرض أن ثنّى ذكره حتّى ثلّثه،مبالغة في الغرض الّذي رماه و المعنى الّذي نحاه[إلى أن قال:]

و في الجملة فالمظهر أفخم من المضمر،و ينبغي ألاّ يوضع اسم اللّه إلاّ مواضع التّفخيم،و مظانّ التّعظيم، فلذلك حسن تكريره في هذه الآية،لأنّ قوله تعالى: وَ إِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ دالّ على عظم ملكه و قوّة سلطانه،و ذلك موضع تفخيم فحسن فيه التّكرير، و ليس ذلك نظير قول الشّاعر المتقدّم ذكره،لأنّ هذا الشّعر مفتقر إلى الضّمير،و الآية مستغنية عنه،و إنّما احتاج إليه البيت،لأنّ الخبر الّذي هو جملة لا يتّصل بالمخبر عنه إلاّ بضمير يعود إليه،فقد فارق الآية من هذا الوجه.(حقائق التّأويل 5:333)

نحوه أبو حيّان.(3:27)

البروسويّ: أي إلى حكمه و قضائه لا إلى غيره شركة و استقلالا.(2:77)

8- وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللّهَ وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً* وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً. النّساء:131،132

الطّبريّ: فإن قال قائل:و ما وجه تكرار قوله: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ في آيتين،إحداهما في إثر الأخرى؟

قيل:كرّر ذلك لاختلاف معنى الخبرين عمّا في السّماوات و الأرض في الآيتين؛و ذلك أنّ الخبر عنه في إحدى الآيتين ذكر حاجته إلى بارئه،و غنى بارئه عنه، و في الأخرى حفظ بارئه إيّاه به،و علمه به و تدبيره.

فإن قال:أ فلا قيل: وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً ؟

قيل:إنّ الّذي في الآية الّتي قال فيها: وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً ممّا صلح أن يختم ما ختم به من وصف اللّه بالغنى،و أنّه محمود،و لم يذكر فيها ما يصلح أن يختم بوصفه معه بالحفظ و التّدبير،فلذلك كرّر قوله: وَ لِلّهِ ما

ص: 821

فِي السَّماواتِ.... (5:319)

مثله الطّوسيّ.(3:352)

عبد الجبّار: مسألة:قالوا:ذكر تعالى[هاهنا] ما يدلّ على أنّه يخلق أفعال العباد،و على أنّه جسم يجوز عليه الإحاطة،فقال: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ...) .

و الجواب عن ذلك:أنّ اللّغويّ إذا أطلق هذه اللّفظة فإنّما يريد بها ما لا يعقل من الأعيان،لأنّه لو قيل لأحدهم:ما عندك؟لأجاب بما هذا حاله،و لم يحسن أن يجيب بذكر الحركات و السّكنات،و عندنا أنّ«ما في السّماوات و الأرض»للّه تعالى و من فعله.

و بعد،فإنّ قولنا في الشّيء:إنّه للّه،لا يدلّ على أنّه فعله،لأنّ هذه الإضافة تتصرّف على جهات،فمن أين أنّ المراد بها الإضافة الفعليّة دون سائر الإضافات؟فإن قال:فإذا دلّت الآية،من حيث الإضافة على أنّه تعالى مالكها،دلّ على أنّه القادر عليها،و ذلك يعود إلى ما قلناه.

قيل له:إنّ الموجود إذا قيل:إنّه تعالى مالكه فهو مجاز،لأنّ القدرة على الموجود تستحيل،و إنّما يراد به أنّه يملك أمرا سواه،له به تعلّق كما يراد بقولنا:إنّ زيدا يملك الدّار،أنّه يملك التّصرف فيها،و هو تعالى لا يمتنع أن يوصف بأنّه مالك أفعال العباد،بمعنى أنّه يقدر على إعدامها،أو يقدر فيما لم يوجد منها على المنع منها،و ليس في ذلك ما يدلّ على ما توهّموه.و أمّا قوله تعالى: وَ كانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً النّساء:126،فإن حمل على ظاهره اقتضى كونه محتويا على«كلّ الأجسام»و ذلك يتناقض،لأنّ الشّيء إذا احتوى على جمل الأشياء استحال كونه محتويا على كلّ واحد منها،لما فيه من إيجاب كونه أو كون بعضه،في مكانين،و لأنّ احتواء الشّيء على الأشياء يقتضي أنّه أزيد منها في بعض جهات تركيبه،و هذا يستحيل عند الكلّ عليه تعالى،فلا ظاهر يصحّ تعلّقه به على قول المجسّمة.

و المراد بذلك:أنّه تعالى مقتدر على الأشياء،لأنّ هذه اللّفظة في الاقتدار متعارفة،و لأنّ صدر الكلام يدلّ عليه.

و لا يقال-بهذا اللّفظ-:إنّه مقتدر على المعدوم، لأنّ نفس الإحاطة إذا كانت إنّما تصحّ في الموجود،فإذا اتّسع بها في الاقتدار على الشّيء من سائر جهاته تشبيها بالإحاطة،فيجب كونه موجودا!و قد بيّنّا أنّ المراد بالموجود إذا قيل:إنّه مقتدر عليه،أنّه قادر على إعدامه و تفريقه،فلا يصحّ التّعلّق بذلك في أنّه الخالق لأفعال العباد.(متشابه القرآن 1:205)

الإسكافيّ: للسّائل أن يسأل في هذه الآيات عن مسألتين:إحداهما:عن تكرار قوله: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ثلاث مرّات،و الثّانية:

عمّا يتبع المكرّر في قوله في آية: وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً و في أخرى وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً و الأولى لم يتبعها مثل ما أتبع الوسطى و الأخيرة.

الجواب عن المسألة الأولى،و هي«التّكرار»:أنّه إذا أعيد الكلام لأسباب مختلفة لم يسمّ تكرارا.

فالأوّل بعد الإذن للرّجل و المرأة في أن يتفرّقا بطلاق و تسليتهما على الوصلة،بأنّه هو الّذي يغني المحتاج منهما و إن كان قبل ذلك أغنى كلّ واحد منهما

ص: 822

بصاحبه،فإنّهما بعد الفرقة يرجوان الغنى من عنده،لأنّه واسع الرّزق و واسع المقدرة،فإنّ للّه ما في السّماوات و ما في الأرض،و أرزاق العباد من جملتها.

و أمّا الثّاني فإنّه بعد قوله: وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللّهَ أي اتّقوه فإنّه واسع النّعمة و الفضل و الرّحمة و قد أوسعكم منها، و وصّاكم و من قبلكم بتقواه و الاستجازة بطاعته من عقوبته،فإنّكم إن عصيتم و كفرتم لم يكن باللّه حاجة إلى طاعتكم،و إنّما أنتم تحتاجون إليها و اللّه غنيّ حميد؛ فوجب عليهم طاعته،لأنّ له ما في السّماوات و ما في الأرض و هو غنيّ بنفسه حميد،لأنّه جاد بما استحمد به إلى خلقه من الإحسان إليهم و الإنعام عليهم،فالمقتضي لذكره: لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ في الثّاني غير المقتضي له في الأوّل.

و أمّا الثّالث فلأنّه لمّا ذكر أنّه أوجب طاعته على من قبلهم و عليهم،لأنّه ملك ما في السّماوات و ما في الأرض، و أنعم عليهم من ذاك ما حقّت به العبادة،اقتضى ذاك أن يخبرهم عن دوام هذه القدرة له،فكأنّه قال:و له ذلك دائما،و كفى به له حافظا،أي لا زيادة على كفايته في حفظ ما هو موكول إلى تدبيره.

و الوكيل:القيّم بمصالح الشّيء،و قيل:هو الحافظ، و ما قام اللّه بمصالحه فهو حافظه،فقد بان أنّ ذلك ليس بتكرار.

أمّا الجواب عن المسألة الثّانية من اتّباعه قوله: وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً فقد تضمّنه الجواب عمّا ذكرت من التّكرار،و هو كقوله: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ الزّمر:7،أي أنتم محتاجون إلى طاعته.لم يقتض ما تقدّم غير هذا الوصف،و لما اتّصف تعالى«بالغنى»و كان الغنيّ إذا لم يجد من غناه مذموما،و اللّه تعالى قد عمّ بعطائه المستحقّ و غيره من الكفّار،كان«الغنيّ الحميد».

و أمّا قوله بعد الثّالث: وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً فإنّه لمّا كان المعنى أنّه دائم القدرة،أخبر أنّ ما يحفظه ممّا في السّماوات و ما في الأرض من يكتفي به حافظا؛إذ ملكه عليه دائم و تدبيره فيه قائم.(82)

نحوه ملخّصا البغويّ،و البيضاويّ(1:248)، و الخازن(1:506).

القيسيّ: نبّهنا أوّلا على ملكه وسعته،و ثانيا على حاجتنا إليه و غناه،و ثالثا على حفظه لنا و علمه بتدبيرنا.

(أبو حيّان 3:367)

الرّاغب: [للّه]الأوّل للتّسلية عمّا فات،و الثّاني أنّ وصيّته لرحمته لا لحاجة،و إنّهم إن كفروه لا يضرّوه شيئا،و الثّالث دلالته على كونه غنيّا.(أبو حيّان 3:367)

الزّمخشريّ: و تكرير قوله: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ... تقرير لما هو موجب تقواه ليتّقوه، فيطيعوه و لا يعصون،لأنّ الخشية و التّقوى أصل الخير كلّه.(1:569)

نحوه النّسفيّ(1:255)،و السّيوطيّ(الجلالين 1:

249).

ابن عطيّة: [للّه]الأوّل تنبيه على موضع الرّجاء يهدي المتفرّقين،و الثّاني تنبيه على استغنائه عن العباد، و الثّالث مقدّمة للوعيد.(أبو حيّان 3:366)

ص: 823

الفخر الرّازيّ: فإن قيل:ما الفائدة في تكرير قوله: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ؟

قلنا:إنّه تعالى ذكر هذه الكلمات في هذه الآية ثلاث مرّات لتقرير ثلاثة أمور:

فأوّلها:أنّه تعالى قال: وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ النّساء:130،و المراد منه كونه تعالى جوادا متفضّلا،فذكر عقيبه قوله: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ، و الغرض تقرير كونه واسع الجود و الكرم.

و ثانيها:قال: وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. المراد منه أنّه تعالى منزّه عن طاعات المطيعين و عن ذنوب المذنبين،فلا يزداد جلاله بالطّاعات،و لا ينقص بالمعاصي و السّيّئات،فذكر عقيبه قوله: فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ، و الغرض منه تقرير كونه غنيّا لذاته عن الكلّ.

و ثالثها:قال: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً* إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النّاسُ وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ وَ كانَ اللّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً و المراد منه أنّه تعالى قادر على الإفناء و الإيجاد،فإن عصيتموه فهو قادر على إعدامكم و إفنائكم بالكلّيّة، و على أن يوجد قوما آخرين يشتغلون بعبوديّته و تعظيمه،فالغرض-هاهنا-تقدير كونه سبحانه و تعالى قادرا على جميع المقدورات،و إذا كان الدّليل الواحد دليلا على مدلولات كثيرة،فإنّه يحسن ذكر ذلك الدّليل،ليستدلّ به على أحد تلك المدلولات،ثمّ يذكره مرّة أخرى ليستدلّ به على الثّاني،ثمّ يذكره ثالثا ليستدلّ به على المدلول الثّالث.و هذه الإعادة أحسن و أولى من الاكتفاء بذكر الدّليل مرّة واحدة،لأنّ عند إعادة ذكر الدّليل يخطر في الذّهن ما يوجب العلم بالمدلول،فكان العلم الحاصل بذلك المدلول أقوى و أجلى؛فظهر أنّ هذا التّكرير في غاية الحسن و الكمال.

و أيضا فإذا أعدته ثلاث مرّات و فرّعت عليه في كلّ مرّة إثبات صفة أخرى من صفات جلال اللّه،تنبّه الذّهن حينئذ لكون تخليق السّماوات و الأرض دالاّ على أسرار شريفة و مطالب جليلة،فعند ذلك يجتهد الإنسان في التّفكّر فيها و الاستدلال بأحوالها و صفاتها على صفات الخالق سبحانه و تعالى.و لمّا كان الغرض الكلّيّ من هذا الكتاب الكريم صرف العقول و الأفهام عن الاشتغال بغير اللّه إلى الاستغراق في معرفة اللّه،و كان هذا التّكرير ممّا يفيد حصول هذا المطلوب و يؤكّده،لا جرم كان في غاية الحسن و الكمال.(11:70)

نحوه النّيسابوريّ(5:162)،و الشّربينيّ(1:337)، و النّهاونديّ(1:361)،و مكارم الشّيرازيّ(4:159).

الآلوسيّ: قوله سبحانه: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ) ،يحتمل أن يكون كلاما مبتدأ مسوقا للمخاطبين،توطئة لما بعده من الشّرطيّة،أي له سبحانه ما فيهما من الخلائق خلقا و ملكا،و يتصرّف في ذلك كيفما يشاء إيجادا و إعداما و إحياء و إماتة.و يحتمل أن يكون كالتّكميل للتّذييل ببيان الدّليل،فإنّ جميع المخلوقات تدلّ لحاجتها و فقرها الذّاتيّ على غناه،و بما أفاض سبحانه عليها من الوجود و الخصائص و الكمالات على كونه حميدا.(5:164)

ص: 824

الطّباطبائيّ:فإن قلت:ما وجه تكرار قوله: لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ... ؟فقد أورد ثلاث مرّات؟

قلت:أمّا الأوّل فإنّه تعليل لقوله: وَ كانَ اللّهُ واسِعاً حَكِيماً.

و أمّا الثّاني فإنّه واقع موقع جواب الشّرط في قوله:

«فان تكفروا»و التّقدير:و إن تكفروا فإنّه غنيّ عنكم، و تعليل للجواب و قد ظهر في قوله: وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً.

و أمّا الثّالث فإنّه استئناف و تعليل بوجه،لقوله: إِنْ يَشَأْ... (5:103)

9- وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ... الأنعام:3

الإمام الصّادق عليه السّلام: [في حديث عن محمّد بن النّعمان]قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ قال:

كذلك هو في كلّ مكان.

قلت:بذاته؟

قال:ويحك إنّ الأماكن أقدار فإذا قلت:في مكان بذاته؛لزمك أن تقول:في أقدار و غير ذلك،و لكن هو بائن من خلقه،محيط بما خلق علما و قدرة و إحاطة و سلطانا،و ليس علمه بما في الأرض بأقلّ ممّا في السّماء، و لا يبعد منه شيء،و الأشياء له سواء علما و قدرة و سلطانا و ملكا و إحاطة.(البحرانيّ 1:517)

الطّبريّ: إنّ الّذي له الألوهة الّتي لا تنبغي لغيره المستحقّ عليكم إخلاص الحمد له بآلائه عندكم أيّها النّاس،الّذي يعدل به كفّاركم من سواه،هو اللّه الّذي هو في السّماوات و في الأرض،يعلم سرّكم و جهركم،فلا يخفى عليه شيء.يقول:فربّكم الّذي يستحقّ عليكم الحمد،و يجب عليكم إخلاص العبادة له،هو هذا الّذي صفته،لا من لا يقدر لكم على ضرّ و لا نفع،و لا يعمل شيئا،و لا يدفع عن نفسه سوء أريد بها.(7:148)

قوله: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ) وقف تامّ،ثمّ استأنف الخبر.فقال: وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ. (ابن كثير 3:7)

الزّجّاج: (في)موصولة (1)في المعنى بما يدلّ عليه اسم اللّه،المعنى هو الخالق العالم بما يصلح به أمر السّماء و الأرض،المعنى:هو المتفرّد بالتّدبير في السّماوات و الأرض.و لو قلت:هو زيد في البيت و الدّار،لم يجز إلاّ أن يكون في الكلام دليل على أنّ زيدا يدبّر أمر البيت و الدّار،فيكون المعنى هو المدبّر في الدّار و البيت.و لو قلت:هو المعتضد الخليفة في الشّرق و الغرب،أو قلت:

هو المعتضد في الشّرق و الغرب،جاز على هذا.

و يجوز أن يكون خبرا بعد خبر،كأنّه قيل:إنّه هو اللّه،و هو في السّماوات و في الأرض.

و مثل هذا القول الأوّل: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ الزّخرف:84،و يجوز أن يكون وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ، أي هو المعبود فيهما،و هذا نحو القول الأوّل.(2:228)

عبد الجبّار: قالوا:ذكر تعالى في هذه الآية ما يدلّ على أنّه جسم يجوز عليه الأماكن.ة.

ص: 825


1- متّصلة،مرتبطة.

و الجواب عن ذلك:أنّ ظاهره يقتضي أنّه في الوقت الواحد في السّماوات و الأرض،و هذا يستحيل على الأجسام المحتاجة إلى مكان،لأنّ ثبوتها في مكان يمنع من كونها في غيره،و لو أراد تعالى أن يدلّ على أنّه ليس بجسم لم يكن ليزيد على هذه الصّفة،لأنّ وصفه نفسه بأنّه في السّماوات و الأرض يقتضي أنّه لم يجعلهما مكانا له،لاستحالة ذلك عليه فيما يجوز عليه المكان،فيجب أن يحمل الأمر على أنّه جعلهما ظرفا لتدبيره و اقتداره و تصريفه لهما على إرادته،أو يحمل الأمر على أنّه محيط بهما علما،و لذلك قال تعالى: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ فنبّه بذلك على أنّه فيهما،بمعنى أنّه لا يخفى عليه أحوالهما كما لا يخفى على الحاضر حال من يشاهده؛و على هذا الوجه يجري القول في أوصاف اللّه تعالى بأنّه بكلّ مكان.

و استجاز المسلمون إطلاقه،لأنّهم عنوا به في الصّنع و التّدبير أو في الإحاطة به علما.

و يبيّن ما قلناه أنّ قوله تعالى: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ لا يليق إلاّ بما ذكرناه،لأنّه إذا كان في كلّ مكان لم يجب أن يكون عالما بسرّنا و جهرنا،لأنّ الحاضر معنا لا يجب أن يكون مطّلعا على أسرارنا،فكيف من هو في غير المكان الّذي نحن فيه؟

و متى ذكر تعالى المكان ثمّ عقّبه بذكر العلم و غيره، فيجب صرف الكلام إلى ذلك الوجه و لهذا قلنا:إنّ قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ المراد به الاقتدار منه على المكانين،و التّنبيه بذكرهما على أنّه مقتدر على كلّ شيء،و كذلك لمّا عقّب الكلام بذكر العلم،دلّ على أنّ المراد بما تقدّم ذكره أنّه محيط بما فيهما علما.(متشابه القرآن 1:236)

الطّوسيّ: قوله: وَ هُوَ اللّهُ... يحتمل معنيين:

أحدهما:قال الزّجّاج،و البلخيّ،و غيرهما.[و هو ما نقلناه عن الزّجّاج]

و الوجه الثّاني:قال أبو عليّ:إنّ قوله: وَ هُوَ اللّهُ قد تمّ الكلام،و قوله: فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يكون متعلّقا بقوله: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ لأنّ الخلق إمّا أن يكونوا ملائكة فهم في السّماء،أو البشر و الجنّ فهم في الأرض،فهو تعالى عالم بجميع ذلك لا يخفى عليه خافية.و يقوّيه قوله: وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ، أي يعلم جميع ما تعملونه من الخير و الشّرّ؛فيجازيكم على حسب أعمالكم،و لا يخفى عليه شيء منها،و في ذلك غاية الزّجر و التّهديد.و في الآية دلالة على فساد قول من قال:

إنّه تعالى في مكان،تعالى اللّه عن ذلك.(4:82)

نحوه الطّبرسيّ(2:273)،و أبو الفتوح(2:254).

البغويّ: يعني و هو إله السّماوات و إله الأرض، كقوله: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ

(2:97)

مثله الخازن.(2:97)

الميبديّ: اعلم أنّ(فى)هنا بمعنى«على»حين الوقف على(السّماوات)،فمعنى الآية إنّ اللّه فوق السّماوات.ثمّ قال: وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ هنا تقديم و تأخير،أي و يعلم سرّكم و جهركم في الأرض.

قال أبو بكر النّقّاش-صاحب شفاء الصّدور في تفسيره-:و يقرأ قوله: (هو اللّه فى السّماء) و يوقف

ص: 826

عليه،و لا يجوز أن يقرأ: (هو فى الارض) ثمّ يوقف عليه، بل لا بدّ أن يوصل حتّى يتّضح المعنى،لأنّ للسّماء مزيّة دون الأرض،و مزيّتها قوله تعالى: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ. و ليس للأرض هذه المزيّة،و هذا كقولك:

الملائكة عند اللّه،و تسكت،فهو جائز،لأنّ اللّه يقول:

إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ الأعراف:206.و إذا قلت:نحن عند اللّه،و تسكت،فهذا غير جائز،إلاّ أن تصل كلامك بلفظ«موجودين»أو«معلومين»لأنّ التّخصيص الّذي استقام به معنى العنديّة ليس هنا.و من هذا يظهر لطائف الوقف في قوله: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ، و الوصل في: وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ.

و إذا قيل:هو في الأرض كما هو في السّماء؛لأنّ السّماء على الأرض و هي منطوية تحتها.

قلنا:إنّ السّماء ليست على الأرض،لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ الحجّ:

65،فنفى أن تكون على الأرض،و قال في موضع آخر: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما ق:38،فأخبر بأنّ بين السّماء و الأرض شيء ما،و هذا دليل على أنّ السّماء لا تكون على الأرض،و لا الأرض منطوية تحتها.(3:291)

الزّمخشريّ: فِي السَّماواتِ متعلّق بمعنى اسم اللّه،كأنّه قيل:و هو المعبود فيها،و منه قوله: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ أو و هو المعروف بالإلهيّة أو المتوحّد بالإلهيّة فيها،أو و هو الّذي يقال له فيها:لا يشرك به في هذا الاسم..[إلى أن قال:]

فإن قلت:كيف موقع قوله: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ ؟

قلت:إن أردت التّوحّد بالإلهيّة كان تقريرا له،لأنّ الّذي استوى في علمه السّرّ و العلانية هو اللّه وحده، و كذلك إذا جعلت(فى السّماوات)خبرا بعد خبر،و إلاّ فهو كلام مبتدأ،بمعنى هو يعلم سرّكم و جهركم،أو خبر ثالث.(2:5)

ابن عطيّة: و هذا:[قول الزّجّاج]عندي أفضل الأقوال و أكثرها إحرازا،لفصاحة اللّفظ و جزالة المعنى.

و إيضاحه:أنّه أراد أن يدلّ على خلقه و إيثار قدرته و إحاطته و استيلائه و نحو هذه الصّفات،فجمع هذه كلّها في قوله: وَ هُوَ اللّهُ أي الّذي له هذه كلّها في السّماوات و في الأرض،كأنّه قال:و هو الخالق الرّازق و المحيي المحيط في السّماوات و في الأرض،كما تقول:زيد السّلطان في الشّام و العراق،فلو قصدت ذات زيد لقلت:محالا،و إذا كان مقصد قولك:زيد السّلطان الآمر النّاهي و النّاقض المبرم الّذي يعزل و يولّي في الشّام و العراق،فأقمت السّلطان مقام هذه كلّها،كان فصيحا صحيحا،فكذلك في الآية أقام لفظة(اللّه)مقام تلك الصّفات المذكورة.(أبو حيّان 4:72)

أبو البركات: (هو)كناية عن الأمر و الشّأن، و(اللّه)مبتدأ،و خبره فيه وجهان:

أحدهما:يعلم،و تقديره:اللّه يعلم سرّكم و جهركم في السّماوات و في الأرض.

الثّاني:أن يكون خبره فِي السَّماواتِ و يكون المعنى،و هو المعبود في السّماوات.

و يروى عن الكسائيّ أنّه كان يقف على قوله: فِي

ص: 827

اَلسَّماواتِ ،و يبتدئ بقوله: وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ ، فكان يجعل فِي السَّماواتِ من صلة المعبود،و يجعل قوله: وَ فِي الْأَرْضِ من صلة(يعلم).(1:313)

ابن عربيّ: وَ هُوَ اللّهُ في صورة الكلّ سواء ألوهيّته بالنّسبة إلى العالم العلويّ و السّفليّ، يَعْلَمُ سِرَّكُمْ في عالم الأرواح الّذي هو عالم الغيب، وَ جَهْرَكُمْ في عالم الأجسام الّذي هو عالم الشّهادة، وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ فيهما من العلوم و العقائد و الأحوال،و الحركات و السّكنات و الأعمال،صحيحها و فاسدها،صوابها و خطئها،خيرها و شرّها؛فيجازيكم بحسبها.(1:357)

الفخر الرّازيّ: القائلون:بأنّ اللّه تعالى مختصّ بالمكان،تمسّكوا بهذه الآية،و هو قوله: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ ؛و ذلك يدلّ على أنّ«الإله»مستقرّ في السّماء،قالوا:و يتأكّد هذا أيضا بقوله تعالى: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ الملك:16.

قالوا:و لا يلزمنا أن يقال:فيلزم أن يكون في الأرض،لقوله تعالى في هذه الآية: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ ،و ذلك يقتضي حصوله تعالى في المكانين معا،و هو محال،لأنّا نقول:أجمعنا على أنّه ليس بموجود في الأرض،و لا يلزم من ترك العمل بأحد الظّاهرين ترك العمل بالظّاهر الآخر من غير دليل؛ فوجب أن يبقى ظاهر قوله: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ على ذلك الظّاهر،و لأنّ من القرّاء من وقف عند قوله: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ ثمّ يبتدئ فيقول:

وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ و المعنى أنّه سبحانه يعلم سرائركم الموجودة في الأرض؛فيكون قوله:(فى الارض)صلة لقوله:(سرّكم)،هذا تمام كلامهم.

و اعلم أنّا نقيم الدّلالة أوّلا على أنّه لا يمكن حمل هذا الكلام على ظاهره؛و ذلك من وجوه:

الأوّل:أنّه تعالى قال في هذه السّورة: قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلْ لِلّهِ الأنعام:12،فبيّن بهذه الآية أنّ كلّ ما في السّماوات و الأرض فهو ملك للّه تعالى و مملوك له،فلو كان اللّه أحد الأشياء الموجودة في السّماوات لزم كونه ملكا لنفسه،و ذلك محال و نظير هذه الآية قوله: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما طه:6.

فإن قالوا:قوله: قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ هذا يقتضي أنّ كلّ ما في السّماوات فهو للّه، إلاّ أنّ كلمة(ما)مختصّة بمن لا يعقل،فلا يدخل فيها ذات اللّه تعالى.

قلنا:لا نسلّم و الدّليل عليه قوله: وَ السَّماءِ وَ ما بَناها* وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها* وَ نَفْسٍ وَ ما سَوّاها الشّمس:5-7،و نظيره: وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ الكافرون:3،و لا شكّ أنّ المراد بكلمة(ما)هاهنا هو اللّه سبحانه.

و الثّاني:أنّ قوله: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ إمّا أن يكون المراد أنّه موجود في جميع السّماوات،أو المراد أنّه موجود في سماء واحدة.و الثّاني:ترك للظّاهر،و الأوّل على قسمين،لأنّه إمّا أن يكون الحاصل منه تعالى في أحد السّماوات،عين ما حصل منه في سائر السّماوات،أو غيره،و الأوّل يقتضي حصول المتحيّز الواحد في

ص: 828

مكانين،و هو باطل ببديهة العقل.و الثّاني يقتضي كونه تعالى مركّبا من الأجزاء و الأبعاض،و هو محال.

و الثّالث:أنّه لو كان موجودا في السّماوات لكان محدودا متناهيا،و كلّ ما كان كذلك كان قبوله للزّيادة و النّقصان ممكنا،و كلّ ما كان كذلك كان اختصاصه بالمقدار المعيّن لتخصيص مخصّص و تقدير مقدّر،و كلّ ما كان كذلك فهو محدث.

و الرّابع:أنّه لو كان في السّماوات فهل يقدر على خلق عالم آخر فوق هذه السّماوات أو لا يقدر،و الثّاني يوجب تعجيزه،و الأوّل يقتضي أنّه تعالى لو فعل ذلك لحصل تحت هذا العالم،و القوم ينكرون كونه تحت العالم.

و الخامس:أنّه تعالى قال: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ الحديد:4،و قال: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ق:16،و قال: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ و قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ البقرة:115،و كلّ ذلك يبطل القول بالمكان و الجهة للّه تعالى؛فثبت بهذه الدّلائل أنّه لا يمكن حمل هذا الكلام على ظاهره،فوجب التّأويل،و هو من وجوه:

الأوّل:أنّ قوله: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ ،يعني و هو اللّه في تدبير السّماوات و الأرض، كما يقال:فلان في أمر كذا،أي في تدبيره و إصلاح مهمّاته،و نظيره قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ الزّخرف:84.

و الثّاني:أنّ قوله: وَ هُوَ اللّهُ كلام تامّ،ثمّ ابتدأ و قال: فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ و المعنى الله سبحانه و تعالى،يعلم في السّماوات سرائر الملائكة،و في الأرض يعلم سرائر الإنس و الجنّ.

و الثّالث:أن يكون الكلام على التّقديم و التّأخير، و التّقدير:و هو اللّه يعلم في السّماوات و في الأرض سرّكم و جهركم.

و ممّا يقوّي هذه التّأويلات أنّ قولنا:(هو اللّه)نظير قولنا:هو الفاضل العالم،و كلمة(هو)إنّما تذكر هاهنا لإفادة الحصر،و هذه الفائدة إنّما تحصل إذا جعلنا لفظ (اللّه)اسما مشتقّا،فأمّا لو جعلناه اسم علم شخص قائم مقام التّعيين لم يصحّ إدخال هذه اللّفظة عليه،و إذا جعلنا قولنا:(اللّه)لفظا مفيدا،صار معناه و هو المعبود في السّماء و في الأرض،و على هذا التّقدير يزول السّؤال.

(12:154)

البيضاويّ: (و هو اللّه)الضّمير للّه سبحانه و تعالى و(اللّه)خبر، فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ متعلّق باسم اللّه،و المعنى:هو المستحقّ للعبادة فيهما لا غير، كقوله سبحانه و تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ ،أو بقوله: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ.

و الجملة خبر ثان أو هي الخبر،و(اللّه)بدل،و يكفي لصحّة الظّرفيّة كون المعلوم فيهما،كقولك:رميت الصّيد في الحرم،إذا كنت خارجه و الصّيد فيه،أو ظرف مستقرّ وقع خبرا،بمعنى أنّه سبحانه و تعالى لكمال علمه بما فيهما كأنّه فيهما،و يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ بيان و تقرير له و ليس متعلّق المصدر[سرّكم و جهركم]لأنّ صلته لا تتقدّم عليه.(1:302)

أبو حيّان: لمّا تقدّم ما يدلّ على القدرة التّامّة

ص: 829

و الاختيار،ذكر ما يدلّ على العلم التّامّ؛فكان في التّنبيه على هذه الأوصاف دلالة على كونه تعالى قادرا مختارا، عالما بالكلّيّات و الجزئيّات،و إبطالا لشبه منكر المعاد.

و الظّاهر أنّ(هو)ضمير عائد على ما عادت عليه الضّمائر قبله و هو(اللّه)،و هذا قول الجمهور،قاله الكرمانيّ.[إلى أن قال:]

و ما ذكره الزّجّاج و أوضحه ابن عطيّة صحيح من حيث المعنى،لكن صناعة النّحو لا تساعد عليه،لأنّهما زعما أنّ فِي السَّماواتِ متعلّق بلفظ(اللّه)لما تضمّنه من المعاني،و لا تعمل تلك المعاني جميعها في اللّفظ،لأنّه لو صرّح بها جميعها لم تعمل فيه،بل العمل من حيث اللّفظ لواحد منها و إن كان فِي السَّماواتِ متعلّقا بها جميعها من حيث المعنى،بل الأولى أن يعمل في المجرور ما تضمّنه لفظ(اللّه)من معنى الألوهيّة و إن كان لفظ اللّه علما،لأنّ الظّرف و المجرور قد يعمل فيهما العلم بما تضمّنه من المعنى،كما قال:

*أنا أبو المنهال بعض الأحيان*

فبعض منصوب بما تضمّنه أبو المنهال،كأنّه قال:أنا المشهور بعض الأحيان.[ثم نقل قول الزّمخشريّ و قال:]

فانظر تقاديره كلّها كيف قدّر العامل واحدا من المعاني لا جميعها.

و قالت فرقة:هو على تقدير صفة حذفت،و هي مرادة في المعنى،كأنّه قيل:هو اللّه المعبود في السّماوات و في الأرض.

و قدّرها بعضهم:و هو اللّه المدبّر في السّماوات و في الأرض.و قالت فرقة:(و هو اللّه)تمّ الكلام هنا،ثمّ استأنف ما بعده و تعلّق المجرور ب(يعلم).

و قالت فرقة: وَ هُوَ اللّهُ تامّ و فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ متعلّق بمفعول(يعلم)و هو سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ ،و التّقدير:يعلم سرّكم و جهركم في السّماوات و في الأرض.و هذا يضعف لأنّ فيه تقديم معمول المصدر الموصول عليه،و العجب من النّحّاس حيث قال:هذا من أحسن ما قيل فيه.

و قالت فرقة:(هو)ضمير الأمر و(اللّه)مرفوع على الابتداء،و خبره فِي السَّماواتِ ،و الجملة خبر عن ضمير الأمر،و تمّ الكلام،ثمّ استأنف فقال: وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ أي و يعلم في الأرض.

و قال ابن جرير نحوا من هذا إلاّ أنّ(هو)عائد على ما عادت عليه الضّمائر قبل،و ليس ضمير الأمر.

و قيل:يتعلّق فِي السَّماواتِ بقوله تَكْسِبُونَ و هذا خطأ،لأنّ(ما)موصولة ب تَكْسِبُونَ و سواء كانت حرفا مصدريّا أم اسما بمعنى«الّذي»،فإنّه لا يجوز تقديم معمول الصّلة على الموصول.و قيل: فِي السَّماواتِ حال من المصدر الّذي هو سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ تقدّم على ذي الحال و على العامل.

و قال الزّمخشريّ...[هو ما نقلناه عن أبي عليّ (الطّوسيّ 4:82)]و هو ضعيف،لأنّ المجرور ب(في) لا يدلّ على وصف خاصّ،إنّما يدلّ على كون مطلق؛ و على هذه الأقوال ينبني إعراب هذه الآية.و إنّما ذهب أهل العلم إلى هذه التّأويلات و الخروج عن ظاهر فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ لما قام عليه دليل العقل،من

ص: 830

استحالة حلول اللّه تعالى في الأماكن،و مماسّة الأجرام و محاذاته لها،و تحيّزه في جهة،قال معناه و بعض لفظه ابن عطيّة.

و في قوله: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ إلى آخره خبر في ضمنه تحذير و زجر.(4:71)

أبو السّعود: (و هو اللّه)جملة من مبتدإ و خبر معطوفة على ما قبلها،مسوقة لبيان شمول أحكام إلهيّته تعالى لجميع المخلوقات،و إحاطة علمه بتفاصيل أحوال العباد و أعمالهم المؤدّية إلى الجزاء إثر الإشارة إلى تحقّق المعاد،في تضاعيف بيان كيفيّة خلقهم و تقدير آجالهم.

و قوله تعالى:(فى السّماوات..)متعلّق بالمعنى الوصفيّ الّذي ينبئ عنه الاسم الجليل،إمّا باعتبار أصل اشتقاقه كونه علما للمعبود بالحقّ،كأنّه قيل:و هو المعبود فيهما، و إمّا باعتبار أنّه اسم اشتهر بما اشتهرت به الذّات من صفات الكمال فلوحظ معه منها ما يقتضيه المقام من المالكيّة الكلّيّة و التّصرّف الكامل،حسبما تقتضيه المشيئة المبنيّة على الحكم البالغة،فعلّق به الظّرف من تلك الحيثيّة،فصار كأنّه قيل:و هو المالك أو المتصرّف المدبّر فيهما،كما في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ.

و ليس المراد بما ذكر من الاعتبارين أنّ الاسم الجليل يحمل على معناه اللّغويّ أو على معنى المالك أو المتصرّف أو نحو ذلك،بل مجرّد ملاحظة أحد المعاني المذكورة في ضمنه،كما لوحظ مع اسم«الأسد»في قوله:

أسد عليّ...إلخ ما اشتهر به من وصف الجراءة الّتي اشتهر بها مسمّاه،فجرى مجرى:جريء عليّ.و بهذا تبيّن أنّ ما قيل بصدد التّصوير و التّفسير-أي هو المعروف بذلك في السّماوات و في الأرض،أو هو المعروف المشتهر بالصّفات الكماليّة،أو هو المعروف بالإلهيّة فيهما،أو نحو ذلك-بمعزل من التّحقيق،فإنّ المعتبر مع الاسم هو نفس الوصف الّذي اشتهر به،إذ هو الّذي يقتضيه المقام -حسبما بيّن آنفا-لاشتهاره به،أ لا ترى أنّ كلمة«عليّ» في المثال المذكور لا يمكن تعليقها باشتهار الاسم بالجراءة قطعا.

و قيل:هو متعلّق بما يفيده التّركيب الحصريّ من التّوحّد و التّفرّد،كأنّه قيل:و هو المتوحّد بالإلهيّة فيهما.

و قيل:بما تقرّر عن الكلّ من إطلاق هذا الاسم عليه خاصّة،كأنّه قيل:و هو الّذي يقال له:اللّه فيهما لا يشرك به شيء في هذا الاسم،على الوجه الّذي سبق من اعتبار معنى التّوحّد،أو القول في فحوى الكلام بطريق الاستتباع،لا على حمل الاسم الجليل على معنى المتوحّد بالإلهيّة،أو على تقدير القول.

و قد جوّز أن يكون الظّرف خبرا ثانيا،على أنّ كونه سبحانه فيهما عبارة عن كونه تعالى مبالغا في العلم بما فيهما،بناء على تنزيل علمه المقدّس عن حصول الصّور و الأشباه،لكونه حضوريّا منزلة كونه تعالى فيهما، و تصويره به على طريقة التّمثيل المبنيّ على تشبيه حالة علمه تعالى بما فيهما بحالة كونه تعالى فيهما.فإنّ العالم إذا كان في مكان كان عالما به و بما فيه،على وجه لا يخفى عليه منه شيء؛فعلى هذا يكون قوله عزّ و جلّ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ بيانا و تقديرا لمضمونه،و تحقيقا للمعنى المراد منه.و تعليق علمه عزّ و جلّ بما ذكر خاصّة،مع شموله

ص: 831

لجميع ما فيهما،حسبما تفيده الجملة السّابقة لانسياق النّظم الكريم إلى بيان حال المخاطبين.

و كذا على الوجه الثّاني؛فإنّ ملاحظة الاسم الجليل من حيث المالكيّة الكلّيّة و التّصرّف الكامل الجاري على النّمط المذكور،مستتبعة لملاحظة علمه المحيط حتما،فيكون هذا بيانا و تقريرا له بلا ريب.

و أمّا على الأوجه الثّلاثة الباقية فلا سبيل إلى كونه بيانا،لكن لا لما قيل:من أنّه لا دلالة لاستواء السّرّ و الجهر في علمه تعالى،على ما اعتبر فيهما من المعبوديّة و الاختصاص بهذا الاسم؛إذ ربّما يعبد و يختصّ به من ليس له كمال العلم،فإنّه باطل قطعا؛إذ المراد بما ذكر هو المعبوديّة بالحقّ و الاختصاص بالاسم الجليل،و لا ريب في أنّهما ممّا لا يتصوّر فيمن ليس له كمال العلم بديهة،بل لأنّ ما ذكر من العلم غير معتبر في مدلول شيء من المعبوديّة بالحقّ و الاختصاص بالاسم،حتّى يكون هذا بيانا له.و بهذا تبيّن أنّه ليس ببيان على الوجه الثّالث أيضا،لما أنّ التّوحّد بالإلهيّة لا يعتبر في مفهومه العلم الكامل،ليكون هذا بيانا له،بل هو معتبر فيما صدق عليه المتوحّد،و ذلك غير كاف في البيانيّة.[ثمّ ذكر بعض الأقوال السّابقة](2:80)

الآلوسيّ: قوله تعالى: فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ متعلّق-على ما قيل-بالمعنى الوصفيّ الّذي تضمّنه الاسم الجليل...[إلى أن قال:]

و من النّاس من جوّز تعلّقه ب«كائن»على أنّه خبر بعد خبر،و الكلام حينئذ من التّشبيه البليغ،أو الكناية على رأي من لم يشترط جواز المعنى الأصليّ،أو استعارة تمثيليّة بأن شبّهت الحالة الّتي حصلت من إحاطة علمه سبحانه و تعالى بالسّماوات و الأرض و بما فيهما،بحالة بصير تمكّن في مكان ينظره و ما فيه،و الجامع بينهما حضور ذلك عنده.

و جوّز أن يكون مجازا مرسلا باستعماله في لازم معناه،و هو ظاهر،و أن يكون استعارة بالكناية بأن شبّه عزّ اسمه بمن تمكّن في مكان و أثبت له من لوازمه،و هو علمه به و بما فيه.و ليس هذا من التّشبيه المحظور في شيء؛ و عليه يكون قوله تعالى: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ أي ما أسررتموه و ما جهرتم به من الأقوال أو منها و من الأفعال،بيانا للمراد،و توكيدا لما يفهم من الكلام.

و تعليق علمه سبحانه-بما ذكر خاصّة مع شموله لجميع من في السّماوات و صاحبتها-لانسياق النّظم الكريم إلى بيان حال المخاطبين،و كذا يعتبر بيانا على تقدير اعتبار ما اشتهر به الاسم الجليل من صفات الكمال،عند تعلّق الجارّ على ما علمت.فإنّ ملاحظته من حيث المالكيّة الكاملة و التّصرّف الكامل-حسبما تقدّم-مستتبعة لملاحظة علمه تعالى،المحيط حتما.

و على التّقادير الأخر:لا مساغ-كما قيل-لجعله بيانا،لأنّ ما ذكر من العلم غير معتبر في مفهوم شيء من المعبوديّة،و اختصاص إطلاق الاسم عليه تعالى.و كذا مفهوم«المتوحّد بالألوهيّة»فكيف يكون هذا بيانا لذلك!و اعتبار العلم فيما صدق عليه المتوحّد غير كاف في البيانيّة.

و قيل في بيانها،على تقدير اعتبار المتوحّد بالألوهيّة:إنّ حصر«الألوهيّة»بمعنى تدبير الخلق،

ص: 832

و من تفرّد بتدبير جميع أمور أحد لزمه معرفة جميعها حتّى يتمّ له تدبيرها؛فملاحظة«المتوحّد بالألوهيّة»مستتبعة لملاحظة علمه تعالى المحيط على طرز ما تقرّر في ملاحظة اسمه عزّ اسمه،من حيث المالكيّة الكاملة،و التّصرّف الكامل على الوجه المتقدّم.

و من هذا يعلم اندفاع ما أورد على احتمال تعلّق الجارّ السّابق،باعتبار ملاحظة«المتوحّد بالألوهيّة»من أنّ التّوحّد بها أمر لا تعلّق له بمكان،فلا معنى لجعله متعلّقا بمكان،فضلا عن جميع الأمكنة.فإنّ تدبير الخلق ممّا يتعلّق بما في حيّز الجارّ من الحيّز،و كذا بما فيه.و تعقّب ذلك بمنع تفسير«الألوهيّة»بما ذكر؛و لعلّ الجملة على هاتيك التّقادير خبر ثالث.

و قد جوّز غير واحد الإخبار بالجملة بعد الإخبار بالمفرد،و بعضهم جعلها كذلك مطلقا.و القرينة على إرادة المراد من الجملة الظّرفيّة حينئذ عقليّة،و هي أنّ كلّ أحد يعلم أنّه-تقدّس و تعالى-منزّه عمّا يقتضيه الظّاهر من المكان؛و ذلك كما في قوله تعالى: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ الحديد:4،إذ لم يردف بما يبيّنه.و جوّز أن تكون كلاما مبتدأ،و هو استئناف نحويّ.و رجّحه غير واحد-لخلوّه عن التّكلّف-أو استئناف بيانيّ،و يتكلّف له تقدير سؤال.

و قيل:إنّ الجملة هي خبر(هو)و الاسم الجليل بدل منه،و الظّرف متعلّق ب(يعلم).و يكفي في ذلك كون المعلوم فيما ذكر،و لا يتوقّف على كون العالم فيه،ليلزم تحيّزه-سبحانه و تعالى-المحال و هذا-كما قيل- كقولك:رميت الصّيد في الحرم،فإنّه صادق إذا كنت خارجه و الصّيد فيه...(7:89-91)

[و له أبحاث أخر لاحظ«ع ل م».]

فضل اللّه: لم تنطلق هذه الآية من مواجهة الفكرة الشّركيّة الّتي تتحدّث عنها الأساطير اليونانيّة، و القصص الإغريقيّة،من أنّ لكلّ ظاهرة كونيّة أو حياتيّة إلها خاصّا،فللحرب إله،و للسّلم إله،و للشّجر إله،و للماء إله،و للحبّ إله،و للسّماء إله،و للأرض إله.بل انطلقت-و اللّه العالم-لتقرير المعنى الّذي يوحي بالسّيطرة المطلقة للّه على كلّ شيء،من خلال المعنى الّذي تتضمّنه الألوهيّة،من سلطة ممتدّة إلى كلّ شيء،في السّماوات و الأرض،كما في قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ البقرة:255،و بهذا تتحرّك الفقرة الثّانية: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ، في هذا الاتّجاه،لتؤكّد الإحاطة بالإنسان في سرّه و علانيته و جميع أعماله،فيشعر الإنسان بالسّيطرة الإلهيّة عليه من موقع سعة علمه،لكلّ بواطنه و ظواهره و مكتسباته.

أمّا إيحاءات الآية،فإنّ الفقرة الأولى،توحي بالشّعور بالعظمة المطلقة الّتي يحسّ الإنسان معها بالانسحاق أمام اللّه،فيدفعه ذلك إلى الخضوع له في كلّ شيء.أمّا الفقرة الثّانية فإنّها توحي بالإحساس بالمراقبة الكلّيّة المحيطة به من جميع الجوانب،من قبل اللّه الّذي يملك أمر حسابه و عقابه و ثوابه،فيدفعه ذلك إلى الانضباط في كلّ خطواته العمليّة،في ما يأمره اللّه به أو ينهاه عنه.(9:24)

10،11- ...وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما

ص: 833

يَفْتَرُونَ... وَ لَوْ شاءَ اللّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ.

الأنعام:112،137

الإسكافيّ: للسّائل أن يسأل فيقول:كيف قال:

لَوْ شاءَ رَبُّكَ في الآية الأولى و في الثّانية: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ، و هل في المكانين ما يوجب اختلاف الاسمين؟

و الجواب أن يقال:إنّ الأولى قبلها: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً الأنعام:112،أي كان للأنبياء قبلك أذى من قبل العدوّ من الإنس و الجنّ،و لو شاء من ربّاك و قام بمصالحك لألجأهم إلى موافقتك و ترك مخالفتك،و إن كان من يقوم بربابتك يحجزهم عن مضرّتك و أن يظفروا بمرادهم من عداوتك،فقد تضمّن قوله:(ربّك)هذا المعنى...

و قوله في الآية الأخرى: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ جاء بعد قوله: وَ جَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً الأنعام:136،فأخبر أنّهم أقاموا للّه الّذي يحقّ إفراده بالعبادة شريكا، وَ لَوْ شاءَ اللّهُ أي و لو شاء من نعمته عليهم نعمة توجب التّألّه له أن لا يعبدوا سواه ما تمكّنوا من فعله.فهذا موضع لم يلق به إلاّ الاسم الّذي يفيد معنى فيه حجّة عليهم دون غيره من الأسماء،فأفاد كلّ اسم من الاسمين في مكانه ما لم يكن ليستفاد بغيره.(127)

12- قالَ أَ غَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً...

الأعراف:140

راجع«الها»

13- وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ... الأنفال:41

راجع«خ م س»

14- اَللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ وَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ. إبراهيم:2

الطّبريّ: اختلف القرّاء في قراءة ذلك،فقرأته عامّة قرّاء المدينة و الشّام:(اللّه)برفع اسم اللّه على الابتداء،و تصيير قوله: اَلَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ...

خبره.

و قرأته عامّة قرّاء أهل العراق و الكوفة و البصرة:

(اللّه الّذى)بخفض اسم اللّه،على إتباع ذلك اَلْعَزِيزِ الْحَمِيدِ إبراهيم:1،و هما خفض.

و قد اختلف أهل العربيّة في تأويله إذا قرئ كذلك، فذكر عن أبي عمر و ابن العلاء،أنّه كان يقرؤه بالخفض، و يقول:معناه بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد الّذي له ما في السّماوات،و يقول:هو من المؤخّر الّذي معناه التّقديم،و يمثّله بقول القائل:مررت بالظّريف عبد اللّه، و الكلام الّذي يوضع مكان الاسم النّعت،ثمّ يجعل الاسم مكان النّعت،فيتّبع إعرابه إعراب النّعت الّذي وضع موضع الاسم.[ثمّ استشهد بشعر]

و أمّا الكسائيّ فإنّه كان يقول-فيما ذكر عنه-:من خفض،أراد أن يجعله كلاما واحدا،و أتبع الخفض الخفض،و بالخفض كان يقرأ.

و الصّواب من القول في ذلك عندي:أنّهما قراءتان مشهورتان،قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمّة من القرّاء،

ص: 834

معناهما واحد،فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب.

و قد يجوز أن يكون الّذي قرأه بالرّفع أراد معنى من خفض في إتباع الكلام بعضه بعضا،و لكنّه رفع لانفصاله من الآية الّتي قبله،كما قال جلّ ثناؤه: إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ... إلى آخر الآية، التّوبة:111،ثمّ قال: اَلتّائِبُونَ الْعابِدُونَ.

(13:179)

أبو زرعة:قرأ نافع،و ابن عامر (اللّه الّذى له) بالرّفع على الاستئناف،لأنّ الّذي قبله رأس الآية.و قرأ الباقون:بالخفض،لأنّه بدل من(الحميد)و لا يجوز أن يقول:نعت ل(الحميد)،و إنّما هو كقولك:مررت بزيد الظّريف،فإن قلت:بالظّريف زيد،عاد بدلا و لم يكن نعتا.(376)

الطّوسيّ: قال أبو عليّ:من قرأ بالجرّ جعله بدلا من (الحميد)،و لم يكن صفة،لأنّ الاسم و إن كان في الأصل مصدرا،و المصادر يوصف بها كما يوصف بأسماء الفاعلين،و كذلك كان هذا الاسم في الأصل«الإله» و معناه ذو العبادة،أي تجب العبادة له.قال أبو زيد:يقال:

تألّه الرّجل،إذا نسك.فهذا في أنّه في الأصل مصدر قد وصف به،مثل السّلام و العدل،إلاّ أنّ هذا الاسم غلب حتّى صار في الغلبة و كثرة الاستعمال كالعلم،و قد يغلب ما في أصله الصّفة فيصير بمنزلة العلم.[إلى أن قال:]

و من رفع قطع عن الأوّل،و رفعه بالابتداء،و جعل (الّذى)الخبر،أو جعله صفة،و أضمر الخبر[و استشهد بالشّعر مرّتين](6:269)

نحوه الطّبرسيّ(3:302)،و القرطبيّ(9:339).

الزّمخشريّ:(اللّه)عطف بيان ل(العزيز الحميد)، لأنّه جرى مجرى الأسماء الأعلام،لغلبته و اختصاصه بالمعبود الّذي تحقّ له العبادة،كما غلب النّجم في الثّريّا.

و قرئ بالرّفع،على«هو اللّه».(2:365)

و نحوه النّيسابوريّ(13:102)،و أبو السّعود(3:

116)،و البروسويّ(4:394).

الفخر الرّازيّ: [نقل القراءات ثمّ قال:]

و هاهنا بحث،و هو أنّ جماعة من المحقّقين ذهبوا إلى أنّ قولنا:(اللّه)جار مجرى الاسم العلم،لذات اللّه تعالى.

و ذهب قوم آخرون إلى أنّه لفظ مشتقّ،و الحقّ عندنا هو الأوّل.و يدلّ عليه وجوه:

الأوّل:أنّ الاسم المشتقّ عبارة عن شيء ما حصل له المشتقّ منه؛فالأسود مفهومه شيء ما حصل له السّواد،و النّاطق مفهومه شيء ما حصل له النّطق.

فلو كان قولنا:(اللّه)اسما مشتقّا من معنى،لكان المفهوم منه أنّه شيء ما حصل له ذلك المشتقّ منه.و هذا المفهوم كلّيّ لا يمتنع من حيث هو هو،عن وقوع الشّركة فيه.فلو كان قولنا:(اللّه)لفظا مشتقّا،لكان مفهومه صالحا لوقوع الشّركة فيه،و لو كان الأمر كذلك لما كان قولنا:

«لا إله إلاّ اللّه»موجبا للتّوحيد،لأنّ المستثنى هو قولنا:

(اللّه)،و هو غير مانع من وقوع الشّركة فيه.و لمّا اجتمعت الأمّة على أنّ قولنا:«لا إله إلاّ اللّه»يوجب التّوحيد المحض،علمنا أنّ قولنا:(اللّه)جار مجرى الاسم العلم.

الثّاني:أنّه كلّما أردنا أن نذكر سائر الصّفات و الأسماء ذكرنا أوّلا قولنا:(اللّه)،ثمّ وصفناه بسائر الصّفات،

ص: 835

كقولنا:«هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس»،و لا يمكننا أن نعكس الأمر فنقول:الرّحمن الرّحيم،اللّه،فعلمنا أنّ(اللّه)هو اسم علم للذّات المخصوصة،و سائر الألفاظ دالّة على الصّفات و النّعوت.

الثّالث:أنّ ما سوى قولنا:(اللّه)كلّها دالّة إمّا على الصّفات السّلبيّة،كقولنا:القدّوس السّلام،أو على الصّفات الإضافيّة،كقولنا:الخالق الرّازق،أو على الصّفات الحقيقيّة كقولنا:العالم القادر،أو على ما يتركّب من هذه الثّلاثة.فلو لم يكن قولنا:(اللّه)اسما للذّات المخصوصة،لكان جميع أسماء اللّه تعالى ألفاظا دالّة على صفاته،و لم يحصل فيها ما يدلّ على ذاته المخصوصة.

و ذلك بعيد،لأنّه يبعد أن لا يكون له من حيث إنّه هو اسم مخصوص.

و الرّابع:قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا مريم:65، و المراد هل تعلم من اسمه اللّه غير اللّه؛و ذلك يدلّ على أنّ قولنا:(اللّه)اسم لذاته المخصوصة.و إذا ظهرت هذه المقدّمة فالتّرتيب الحسن أن يذكر عقيبه الصّفات،كقوله تعالى: هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ الحشر:24، فأمّا أن يعكس فيقال:هو الخالق المصوّر البارئ اللّه، فذلك غير جائز.

و إذا ثبت هذا فنقول:الّذين قرءوا بالرّفع أرادوا أن يجعلوا قوله:(اللّه)مبتدأ،و يجعلوا ما بعده خبرا عنه.و هذا هو الحقّ الصّحيح.فأمّا الّذين قرءوا بالجرّ عطفا على (العزيز الحميد)فهو مشكل،لما بيّنّا أنّ التّرتيب الحسن أن يقال:اللّه الخالق.و أمّا أن يقال:الخالق اللّه،فهذا لا يحسن،و عند هذا اختلفوا في الجواب على وجوه:

الأوّل:[هو قول أبي عمرو ابن العلاء و قد سبق عن الطّبريّ]

الثّاني:أنّه لا يبعد أن يذكر الصّفة أوّلا،ثمّ يذكر الاسم،ثمّ يذكر الصّفة مرّة أخرى،كما يقال:مررت بالإمام الأجلّ محمّد الفقيه،و هو بعينه،نظير قوله:

صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اَللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ.. و تحقيق القول فيه:أنّا بيّنّا أنّ الصّراط إنّما يكون ممدوحا محمودا إذا كان صراطا للعالم القادر الغنيّ،و اللّه تعالى عبّر عن هذه الأمور الثّلاثة بقوله:

(العزيز الحميد)،ثمّ لمّا ذكر هذا المعنى وقعت الشّبهة في أنّ ذلك العزيز من هو؟فعطف عليها قوله:(اللّه الّذى...) إزالة لتلك الشّبهة.

الثّالث:[هو قول الزّمخشريّ و قد سبق]

الرّابع:قد ذكرنا في أوّل هذا الكتاب أنّ قولنا:(اللّه) في أصل الوضع مشتقّ،إلاّ أنّه بالعرف صار جاريا مجرى الاسم العلم،[و قد سبق في النّصوص اللّغويّة]فحيث يبدأ بذكره و يعطف عليه سائر الصّفات،فذلك لأجل أنّه جعل اسم علم.و أمّا في هذه الآية حيث جعل وصفا ل(العزيز الحميد)؛فذلك لأجل أنّه حمل على كونه لفظا مشتقّا،فلا جرم بقي صفة.

الخامس:أنّ الكفّار ربّما وصفوا«الوثن»بكونه عزيزا حميدا،فلمّا قال: لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ إبراهيم:1 بقي في خاطر عبدة الأوثان أنّه ربّما كان ذلك (العزيز الحميد)هو الوثن،فأزال اللّه تعالى هذه الشّبهة و قال: اَللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ

ص: 836

أي المراد من ذلك العزيز الحميد هو اللّه الّذي له ما في السّماوات و ما في الأرض.(19:75)

أبو حيّان: [ذكر القراءات،ثمّ ذكر قول الزّمخشريّ و أضاف:]

و هذا التّعليل لا يتمّ إلاّ على تقدير أن يكون أصله [اللّه]«الإله»ثمّ نقلت الحركة إلى لام التّعريف و حذفت الهمزة،و التزم فيه النّقل و الحذف،و مادّته إذ ذاك الهمزة و اللاّم و الهاء.و قال الأستاذ أبو الحسن ابن عصفور:

لا تقدّم صفة على موصوف إلاّ حيث سمع،و ذلك قليل.

و للعرب فيما وجد من ذلك وجهان:

أحدهما:أن تقدّم الصّفة و تبقيها على ما كانت عليه، و في إعراب مثل هذا وجهان:أحدهما إعرابه نعتا مقدّما، و الثّاني أن يجعل ما بعد الصّفة بدلا.

و الوجه الثّاني:أن تضيف الصّفة إلى الموصوف إذا قدّمتها،انتهى.

فعلى هذا الّذي ذكره ابن عصفور يجوز أن يكون (العزيز الحميد)يعربان صفتين متقدّمتين،و يعرب لفظ (اللّه)موصوفا متأخّرا.و ممّا جاء فيه تقديم ما لو تأخّر لكان صفة،و تأخير ما لو تقدّم لكان موصوفا،قول الشّاعر:

و المؤمن العائذات الطّير يمسحها

و ركبان مكّة بين الغيل و السّعد

فلو جاء على الكثير لكان التّركيب:«و المؤمن الطّير العائذات...»(5:404)

الآلوسيّ: [قال بعد ذكر القراءات و قول الزّمخشريّ:]

و لعلّ جعله[اللّه]جاريا مجرى الأسماء الأعلام، ليس لاشتراطه في عطف البيان،بل لأنّ عطف البيان شرطه إفادة زيادة إيضاح لمتبوعه،و هي هنا بكونه كالعلم باختصاصه بالمعبود بحقّ،و قد خرج عن الوصفيّة بذلك،فليس صفة ك(العزيز الحميد).ثمّ إنّه لا يخفى عليك أنّه[اللّه]عند الأئمّة المحقّقين علم لا أنّه كالعلم.(13:182)

15- لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا...

الأنبياء:22

الإمام الصّادق عليه السّلام: عن هشام بن الحكم، في حديث الزّنديق الّذي أتى أبا عبد اللّه عليه السّلام.و كان من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام:لا يخلو قولك:إنّهما اثنان،من أن يكونا قديمين قويّين،أو يكونا ضعيفين،أو يكون أحدهما قويّا و الآخر ضعيفا.

فإن كانا قويّين فلم لا يدفع كلّ واحد منهما صاحبه و يتفرّد بالتّدبير؟

و إن زعمت أنّ أحدهما قويّ و الآخر ضعيف،ثبت أنّه واحد،كما نقول،للعجز الظّاهر في الثّاني.

فإن قلت:إنّهما اثنان،لم يخل من أن يكونا متّفقين من كلّ جهة أو متفرّقين من كلّ جهة.

فلمّا رأينا الخلق منتظما و الفلك جاريا و التّدبير واحدا و اللّيل و النّهار و الشّمس و القمر،دلّ صحّة الأمر و التّدبير و ائتلاف الأمر على أنّ المدبّر واحد.

ثمّ يلزمك إن ادّعيت اثنين فرجة ما بينهما حتّى يكونا اثنين،فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما

ص: 837

فيلزمك ثلاثة،فإن ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتّى تكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة،ثمّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة.

قال هشام:فكان من سؤال الزّنديق أن قال:فما الدّليل عليه؟

فقال:أبو عبد اللّه عليه السّلام:وجود الأفاعيل دلّت على أنّ صانعا صنعها.أ لا ترى أنّك إذا نظرت إلى بناء مشيّد مبنيّ علمت أنّ له بانيا و إن كنت لم تر الباني و لم تشاهده.

قال:فما هو؟

قال:شيء بخلاف الأشياء،ارجع بقولي إلى إثبات معنى،و أنّه شيء بحقيقة الشّيئيّة،غير أنّه لا جسم و لا صورة،و لا يحسّ و لا يحسّ و لا يدرك بالحواسّ الخمس،لا تدركه الأوهام،و لا تنقصه الدّهور،و لا تغيّره الأزمان.(الكلينيّ 1:81)

عن هشام بن الحكم قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما الدّليل على أنّ اللّه واحد؟قال:

اتّصال التّدبير،و تمام الصّنع،كما قال اللّه: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا... (البحرانيّ 3:55)

سيبويه: باب ما يكون فيه(إلاّ)و ما بعده وصفا، بمنزلة مثل و غير:و ذلك قولك:لو كان معنا رجل إلاّ زيد لغلبنا.

و الدّليل على أنّه وصف أنّك لو قلت:لو كان معنا إلاّ زيد لهلكنا،و أنت تريد الاستثناء،لكنت قد أحلت.

و نظير ذلك قوله عزّ و جلّ: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا... [ثمّ استشهد بشعر](2:331)

نحوه الزّجّاج(3:388)،و الرّمّانيّ(الطّوسيّ) (7:239).

الفرّاء: (الاّ)في هذا الموضع بمعنى(سوى)،كأنّك قلت:لو كان فيهما آلهة سوى اللّه لفسد أهلهما.

(2:200)

الإمام الهاديّ عليه السّلام:في حديث سأله فتح بن يزيد الجرجانيّ:هل يعلم القديم الشّيء الّذي لم يكن،أن لو كان كيف كان يكون؟قال:

ويحك إنّ مسائلك لصعبة أ ما سمعت اللّه يقول: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا.. و قوله: وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ المؤمنون:91،و قال:يحكي قول أهل النّار: أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ فاطر:37،و قال: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ الأنعام:28،فقد علم الشّيء الّذي لم يكن،أن لو كان كيف كان يكون.(العروسيّ 3:418)

المبرّد: و يجوز في(الاّ اللّه)أن يكون بدلا،لأنّ ما بعد(لو)غير موجب في المعنى،و البدل في غير الواجب أحسن من الوصف.(أبو حيّان 6:305)

الطّوسيّ: (لو كان فيهما)يعني في السّماء و الأرض(آلهة)أي من يحقّ له العبادة غير اللّه لفسدتا، لأنّه لو صحّ إلهان أو آلهة لصحّ بينهما التّمانع،فكان يؤدّي ذلك إلى أنّ أحدهما إذا أراد فعلا،و أراد الآخر ضدّه،إمّا أن يقع مرادهما فيؤدّي إلى اجتماع الضّدّين،أو لا يقع مرادهما فينتقض كونهما قادرين،أو يقع مراد أحدهما،فيؤدّي إلى نقض كون الآخر قادرا.و كلّ ذلك فاسد،فإذا لا يجوز أن يكون الإله إلاّ واحدا.(7:238)

أبو البقاء:لا يجوز أن يكون[اللّه]بدلا،لأنّ المعنى

ص: 838

يصير إلى قولك:لو كان فيهما اللّه لفسدتا،أ لا ترى أنّك لو قلت:ما جاءني قومك إلاّ زيد على البدل،لكان المعنى جاءني زيد وحده.(أبو حيّان 6:305)

نحوه أبو البركات.(2:159)

الميبديّ: (الاّ)هنا بمعنى«غير»و كذلك في كلّ موضع جاء في القرآن: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فهو بمعنى:لا إله غيره.[ثمّ استشهد بشعر]

و معنى الآية:لو كان في السّماوات و الأرض أرباب غير اللّه لخربتا،و هلك من فيهما بوقوع التّنازع بين الآلهة.

(6:226)

الزّمخشريّ: وصفت(آلهة)ب(الاّ)كما توصف ب«غير»،لو قيل:آلهة غير اللّه.

فإن قلت:ما منعك من الرّفع على البدل؟

قلت:لأنّ(لو)بمنزلة«إن»في أنّ الكلام معه موجب،و البدل لا يسوغ إلاّ في الكلام غير الموجب.

كقوله تعالى: وَ لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ هود:81،و ذلك لأنّ أعمّ العامّ يصحّ نفيه و لا يصحّ إيجابه،و المعنى لو كان يتولاّهما و يدبّر أمرهما آلهة شتّى غير الواحد الّذي هو فاطرهما لفسدتا.

و فيه دلالة على أمرين:

أحدهما:وجوب أن لا يكون مدبّرهما إلاّ واحدا.

و الثّاني:أن لا يكون ذلك الواحد إلاّ إيّاه وحده، لقوله:(الاّ اللّه).

فإن قلت:لم وجب الأمران؟

قلت:لعلمنا أنّ الرّعيّة تفسد بتدبير الملكين،لما يحدث بينهما من التّغالب و التّناكر و الاختلاف.

و عن عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق:كان و اللّه أعزّ عليّ من دم ناظري،و لكن لا يجتمع فحلان في شول،و هذا ظاهر.

و أمّا طريقة التّمانع فللمتكلّمين فيها تجاول و طراد [:مدافعة]،و لأنّ هذه الأفعال محتاجة إلى تلك الذّات المتميّزة بتلك الصّفات حتّى تثبت و تستقرّ،إذا كانت عادة الملوك و الجبابرة أن لا يسألهم من في مملكتهم عن أفعالهم،و عمّا يوردون و يصدرون من تدبير ملكهم تهيّبا و إجلالا،مع جواز الخطأ و الزّلل و أنواع الفساد عليهم،كان ملك الملوك و ربّ الأرباب خالقهم و رازقهم أولى بأن لا يسأل عن أفعاله،مع ما علم و استقرّ في العقول من أنّ ما يفعله كلّه مفعول بدواعي الحكمة، و لا يجوز عليه الخطأ و لا فعل القبائح.(2:567)

نحوه في إعراب(الاّ اللّه)أبو البركات.(2:159)

ابن عطيّة: [في وجه الفساد بطريقة التّمانع قال:]

و ذلك بأنّه كان يبغي بعضهم على بعض و يذهب بما خلق.و اقتضاب القول في هذا أنّ إلهين لو فرضنا بينهما الاختلاف في تحريك جسم و لا تحريكه،فمحال أن تتمّ الإرادتان و محال أن لا تتمّ جميعا،و إذا تمّت الواحدة كان صاحب الأخرى عاجزا؛و هذا ليس بإله،و جواز الاختلاف عليهما بمنزلة وقوعه منهما.

(أبو حيّان 6:305)

نحوه الشّربينيّ.(2:501)

الطّبرسيّ:[نحو الطّوسيّ إلاّ أنّه أضاف:]

و لو قيل:إنّهما لا يتمانعان،لأنّ ما يريده أحدهما

ص: 839

يكون حكمة فيريده الآخر بعينه؟

و الجواب أنّ كلامنا في صحّة التّمانع لا في وقوع التّمانع،و صحّة التّمانع يكفي في الدّلالة،لأنّه يدلّ على أنّه لا بدّ من أن يكون أحدهما متناهي المقدور،فلا يجوز أن يكون إلها.ثمّ نزّه سبحانه نفسه عن أن يكون معه إله، فقال فَسُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ الأنبياء:22.(4:43)

الفخر الرّازيّ: فيه مسألتان:

المسألة الأولى:قال أهل النّحو:(الاّ)هاهنا بمعنى «غير»أي لو كان يتولاّهما و يدبّر أمورهما شيء غير الواحد الّذي هو فاطرهما لفسدتا

و لا يجوز أن يكون بمعنى الاستثناء لأنّا لو حملناه على الاستثناء لكان المعنى لو كان فيهما آلهة ليس معهم اللّه لفسدتا.و هذا يوجب بطريق المفهوم أنّه لو كان فيهما آلهة معهم اللّه أن لا يحصل الفساد،و ذلك باطل لأنّه لو كان فيهما آلهة فسواء لم يكن اللّه معهم أو كان،الفساد لازم.و لمّا بطل حمله على الاستثناء،ثبت أنّ المراد ما ذكرناه.

المسألة الثّانية:قال المتكلّمون:القول بوجود إلهين يفضي إلى المحال،فوجب أن يكون القول بوجود إلهين محالا.إنّما قلنا:إنّه يفضي إلى المحال،لأنّا لو فرضنا وجود إلهين فلا بدّ و أن يكون كلّ واحد منهما قادرا على كلّ المقدورات،و لو كان كذلك لكان كلّ واحد منهما قادرا على تحريك زيد و تسكينه،فلو فرضنا أنّ أحدهما أراد تحريكه و الآخر تسكينه،فإمّا أن يقع المرادان،و هو محال لاستحالة الجمع بين الضّدّين،أو لا يقع واحد منهما،و هو محال،لأنّ المانع من وجود مراد كلّ واحد منهما مراد الآخر،فلا يمتنع مراد هذا إلاّ عند وجود مراد ذلك و بالعكس.فلو امتنعا معا لوجدا معا،و ذلك محال،أو يقع مراد أحدهما دون الثّاني،و ذلك محال أيضا لوجهين:

أحدهما:أنّه لو كان كلّ منهما قادرا على ما لا نهاية له،امتنع كون أحدهما أقدر من الآخر بل لا بدّ و أن يستويا في القدرة،و إذا استويا في القدرة استحال أن يصير مراد أحدهما أولى بالوقوع من مراد الثّاني،و إلاّ لزم ترجيح الممكن من غير مرجّح.

و ثانيهما:أنّه إذا وقع مراد أحدهما دون الآخر، فالّذي وقع مراده يكون قادرا،و الّذي لم يقع مراده يكون عاجزا،و العجز نقص و هو على اللّه محال.

فإن قيل:الفساد إنّما يلزم عند اختلافهما في الإرادة و أنتم لا تدّعون وجوب اختلافهما في الإرادة،بل أقصى ما تدّعونه أنّ اختلافهما في الإرادة ممكن،فإذا كان الفساد مبنيّا على الاختلاف في الإرادة و هذا الاختلاف ممكن و المبنيّ على الممكن ممكن،فكان الفساد ممكنا لا واقعا، فكيف جزم اللّه تعالى بوقوع الفساد؟

قلنا:الجواب من وجهين:

أحدهما:لعلّه سبحانه أجرى الممكن مجرى الواقع بناء على الظّاهر،من حيث إنّ الرّعيّة تفسد بتدبير الملكين،لما يحدث بينهما من التّغالب.

و الثّاني-و هو الأقوى-:أن نبيّن لزوم الفساد لا من الوجه الّذي ذكرناه بل من وجه آخر فنقول:

لو فرضنا إلهين لكان كلّ واحد منهما قادرا على جميع المقدورات،فيفضي إلى وقوع مقدور من قادرين

ص: 840

مستقلّين من وجه واحد،و هو محال،لأنّ استناد الفعل إلى الفاعل لإمكانه،فإذا كان كلّ واحد منهما مستقلاّ بالإيجاد،فالفعل لكونه مع هذا يكون واجب الوقوع، فيستحيل إسناده إلى هذا،لكونه حاصلا منهما جميعا، فيلزم استغناؤه عنهما معا و احتياجه إليهما معا،و ذلك محال.و هذه حجّة تامّة في مسألة التّوحيد.

فنقول:القول بوجود الإلهين يفضي إلى امتناع وقوع المقدور لواحد منهما.و إذا كان كذلك وجب أن لا يقع البتّة،و حينئذ يلزم وقوع الفساد قطعا،أو نقول:لو قدّرنا إلهين،فإمّا أن يتّفقا أو يختلفا،فإن اتّفقا على الشّيء الواحد فذلك الواحد مقدور لهما و مراد لهما،فيلزم وقوعه بهما و هو محال،و إن اختلفا،فإمّا أن يقع المرادان أو لا يقع واحد منهما،أو يقع أحدهما دون الآخر و الكلّ محال، فثبت أنّ الفساد لازم على كلّ التّقديرات.

فإن قلت:لم لا يجوز أن يتّفقا على الشّيء الواحد و لا يلزم الفساد،لأنّ الفساد إنّما يلزم لو أراد كلّ واحد منهما أن يوجده هو،و هذا اختلاف،أمّا إذا أراد كلّ واحد منهما أن يكون الموجد له أحدهما بعينه،فهناك لا يلزم وقوع مخلوق بين خالقين؟

قلت:كونه موجدا له،إمّا أن يكون نفس القدرة و الإرادة،أو نفس ذلك الأثر،أو أمرا ثالثا.فإن كان الأوّل لزم الاشتراك في القدرة و الإرادة و الاشتراك في الموجد،و إن كان الثّاني فليس وقوع ذلك الأثر بقدرة أحدهما و إرادته أولى من وقوعه بقدرة الثّاني،لأنّ لكلّ واحد منهما إرادة مستقلّة بالتّأثير،و إن كان الثّالث و هو أن يكون الموجد له أمرا ثالثا،فذلك الثّالث إن كان قديما استحال كونه متعلّق الإرادة.و إن كان حادثا فهو نفس الأثر،و يصير هذا القسم هو القسم الثّاني الّذي ذكرناه.

و اعلم أنّك لمّا وقفت على حقيقة هذه الدّلالة عرفت أنّ جميع ما في هذا العالم العلويّ و السّفليّ من المحدثات و المخلوقات فهو دليل وحدانيّة اللّه تعالى،بل وجود كلّ واحد من الجواهر و الأعراض دليل تامّ على التّوحيد من الوجه الّذي بيّنّاه.و هذه الدّلالة قد ذكرها اللّه تعالى في مواضع من كتابه.

و اعلم أنّ هاهنا أدلّة أخرى على وحدانيّة اللّه تعالى:

أحدها-و هو الأقوى-أن يقال:لو فرضنا موجودين واجبي الوجود لذاتيهما فلا بدّ و أن يشتركا في الوجود،و لا بدّ و أن يمتاز كلّ منهما عن الآخر بنفسه-و ما به المشاركة غير ما به الممايزة-فيكون كلّ واحد منهما مركّبا ممّا به يشارك الآخر و ممّا به امتاز عنه،و كلّ مركّب فهو مفتقر إلى جزئه و جزؤه غيره،فكلّ مركّب فهو مفتقر إلى غيره،و كلّ مفتقر إلى غيره ممكن لذاته، فواجب الوجود لذاته ممكن الوجود لذاته.و هذا خلف، فإذن واجب الوجود ليس إلاّ الواحد،و كلّ ما عداه فهو ممكن مفتقر إليه،و كلّ مفتقر في وجوده إلى الغير فهو محدث فكلّ ما سوى اللّه تعالى محدث.

و يمكن جعل هذه الدّلالة تفسيرا لهذه الآية،لأنّا إنّما دللنا على أنّه يلزم من فرض موجودين واجبين أن لا يكون شيء منهما واجبا،و إذا لم يوجد الواجب لم يوجد شيء من هذه الممكنات،و حينئذ يلزم الفساد، فثبت أنّه يلزم من وجود إلهين وقوع الفساد في كلّ العالم.

ص: 841

و ثانيها:أنّا لو قدّرنا إلهين لوجب أن يكون كلّ واحد منهما مشاركا للآخر في الإلهيّة،و لا بدّ و أن يتميّز كلّ واحد منهما عن الآخر بأمر ما و إلاّ لما حصل التّعدّد.

فما به الممايزة إمّا أن يكون صفة كمال أو لا يكون،فإن كان صفة كمال فالخالي عنه يكون خاليا عن الكمال فيكون ناقصا،و النّاقص لا يكون إلها.و إن لم يكن صفة كمال فالموصوف به يكون موصوفا بما لا يكون صفة كمال، فيكون ناقصا.

و يمكن أن يقال:ما به الممايزة إن كان معتبرا في تحقّق الإلهيّة فالخالي عنه لا يكون إلها،و إن لم يكن معتبرا في الإلهيّة لم يكن الاتّصاف به واجبا،فيفتقر إلى المخصّص، فالموصوف به مفتقر و محتاج.

و ثالثها:أن يقال:لو فرضنا إلهين لكان لا بدّ و أن يكونا بحيث يتمكّن الغير من التّمييز بينهما،لكنّ الامتياز في عقولنا لا يحصل إلاّ بالتّباين في المكان أو في الزّمان أو في الوجوب و الإمكان،و كلّ ذلك على الإله محال،فيمتنع حصول الامتياز.

و رابعها:أنّ أحد الإلهين إمّا أن يكون كافيا في تدبير العالم أو لا يكون،فإن كان كافيا كان الثّاني ضائعا غير محتاج إليه،و ذلك نقص،و النّاقص لا يكون إلها.

و خامسها:أنّ العقل يقتضي احتياج المحدث إلى الفاعل،و لا امتناع في كون الفاعل الواحد مدبّرا لكلّ العالم.فأمّا ما وراء ذلك فليس عدد أولى من عدد، فيفضي ذلك إلى وجود أعداد لا نهاية لها و ذلك محال، فالقول بوجود الآلهة محال.

و سادسها:أنّ أحد الإلهين إمّا أن يقدر على أن يخصّ نفسه بدليل يدلّ عليه و لا يدلّ على غيره،أو لا يقدر عليه.و الأوّل محال لأنّ دليل الصّانع ليس إلاّ بالمحدثات و ليس في حدوث المحدثات ما يدلّ على تعيين أحدهما دون الثّاني،و التّالي محال لأنّه يفضي إلى كونه عاجزا عن تعريف نفسه على التّعيين،و العاجز لا يكون إلها.

و سابعها:أنّ أحد الإلهين إمّا أن يقدر على أن يستر شيئا من أفعاله عن الآخر أو لا يقدر،فإن قدر لزم أن يكون المستور عنه جاهلا.و إن لم يقدر لزم كونه عاجزا.

و ثامنها:لو قدّرنا إلهين لكان مجموع قدرتيهما بينهما أقوى من قدرة كلّ واحد منهما وحده،فيكون كلّ واحد من القدرتين متناهيا،و المجموع ضعف المتناهي،فيكون الكلّ متناهيا.

و تاسعها:العدد ناقص لاحتياجه إلى الواحد، و الواحد الّذي يوجد من جنسه عدد ناقص،ناقص،لأنّ العدد أزيد منه،و النّاقص لا يكون إلها،فالإله واحد لا محالة.

و عاشرها:أنّا لو فرضنا معدوما ممكن الوجود ثمّ قدّرنا إلهين،فإن لم يقدر واحد منهما على إيجاده كان كلّ واحد منهما عاجزا،و العاجز لا يكون إلها،و إن قدر أحدهما دون الآخر فهذا الآخر يكون إلها،و إن قدرا جميعا فإمّا أن يوجداه بالتّعاون فيكون كلّ واحد منهما محتاجا إلى إعانة الآخر،و إن قدر كلّ واحد على إيجاده بالاستقلال فإذا أوجده أحدهما،فإمّا أن يبقى الثّاني قادرا عليه و هو محال،لأنّ إيجاد الموجود محال،و إن لم يبق فحينئذ يكون الأوّل قد أزال قدرة الثّاني و عجزه،

ص: 842

فيكون مقهورا تحت تصرّفه فلا يكون إلها.

فإن قيل:الواحد إذا أوجد مقدوره فقد زالت قدرته عنه فيلزمكم العجز.

قلنا:الواحد إذا أوجده فقد نفذت قدرته،فنفاذ القدرة لا يكون عجزا،أمّا الشّريك فإنّه لمّا نفذت قدرته لم يبق لشريكه قدرة البتّة بل زالت قدرته بسبب قدرة الأوّل،فيكون تعجيزا.

الحادي عشر:أن نقرّر هذه الدّلالة على وجه آخر، و هو أن نعيّن جسما و نقول:هل يقدر كلّ واحد منهما على خلق الحركة فيه بدلا عن السّكون و بالعكس،فإن لم يقدر كان عاجزا،و إن قدر فنسوق الدّلالة إلى أن نقول:إذا خلق أحدهما فيه حركة امتنع على الثّاني خلق السّكون،فالأوّل أزال قدرة الثّاني و عجزه،فلا يكون إلها.

و هذان الوجهان يفيدان العجز نظرا إلى قدرتيهما، و الدّلالة الأولى إنّما تفيد العجز بالنّظر إلى إرادتيهما.

و ثاني عشرها:أنّهما لمّا كانا عالمين بجميع المعلومات كان علم كلّ واحد منهما متعلّقا بعين معلوم الآخر، فوجب تماثل علميهما،و الذّات القابلة لأحد المثلين قابلة للمثل الآخر،فاختصاص كلّ واحد منهما بتلك الصّفة مع جواز اتّصافه بصفة الآخر على البدل يستدعي مخصّصا يخصّص كلّ واحد منهما بعلمه و قدرته،فيكون كلّ واحد منهما عبدا فقيرا ناقصا.

و ثالث عشرها:أنّ الشّركة عيب و نقص في الشّاهد،و الفردانيّة و التّوحّد صفة كمال،و نرى الملوك يكرهون الشّركة في الملك الحقير المختصر أشدّ الكراهية، و نرى أنّه كلّما كان الملك أعظم كانت النّفرة عن الشّركة أشدّ،فما ظنّك بملك اللّه عزّ و جلّ و ملكوته،فلو أراد أحدهما استخلاص الملك لنفسه،فإن قدر عليه كان المغلوب فقيرا عاجزا فلا يكون إلها،و إن لم يقدر عليه كان في أشدّ الغمّ و الكراهية فلا يكون إلها.

و رابع عشرها:أنّا لو قدّرنا إلهين لكان إمّا أن يحتاج كلّ واحد منهما إلى الآخر،أو يستغني كلّ واحد منهما عن الآخر،أو يحتاج أحدهما إلى الآخر و الآخر يستغني عنه، فإن كان الأوّل كان كلّ واحد منهما ناقصا،لأنّ المحتاج ناقص،و إن كان الثّاني كان كلّ واحد منهما مستغنيا عنه، و المستغني عنه ناقص،أ لا ترى أنّ البلد إذا كان له رئيس و النّاس يحصلون مصالح البلد من غير رجوع منهم إليه و من غير التفات منهم إليه،عدّ ذلك الرّئيس ناقصا، فالإله هو الّذي يستغنى به و لا يستغنى عنه،و إن احتاج أحدهما إلى الآخر من غير عكس كان المحتاج ناقصا و المحتاج إليه هو الإله.

و اعلم أنّ هذه الوجوه ظنّيّة إقناعيّة و الاعتماد على الوجوه المتقدّمة.

و أمّا الدّلائل السّمعيّة فمن وجوه:

أحدها:قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ الحديد:3،فالأوّل هو الفرد السّابق،و لذلك لو قال:أوّل عبد اشتريته فهو حرّ،فلو اشترى أوّلا عبدين لم يحنث،لأنّ شرط الأوّل أن يكون فردا،و هذا ليس بفرد.فلو اشترى بعد ذلك واحدا لم يحنث أيضا، لأنّ شرط الفرد أن يكون فردا سابقا و هذا ليس بسابق.

فلمّا وصف اللّه تعالى نفسه بكونه أوّلا وجب أن يكون

ص: 843

فردا سابقا فوجب أن لا يكون له شريك.

و ثانيها:قوله تعالى: وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ الأنعام:59،فالنّصّ يقتضي أن لا يكون أحد سواه عالما بالغيب،و لو كان له شريك لكان عالما بالغيب و هو خلاف النّصّ.

و ثالثها:أنّ اللّه تعالى صرّح بكلمة: لا إِلهَ إِلاّ هُوَ في سبعة و ثلاثين موضعا من كتابه،و صرّح بالوحدانيّة في مواضع نحو قوله: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ البقرة:163 و قوله: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ الإخلاص:1،و كلّ ذلك صريح في الباب.

و رابعها:قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ القصص:88،حكم بهلاك كلّ ما سواه،و من عدم بعد وجوده لا يكون قديما،و من لا يكون قديما لا يكون إلها.

و خامسها:قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا، و هو كقوله: وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ المؤمنون:91،و قوله: إِذاً لاَبْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً الإسراء:42.

و سادسها:قوله: وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يونس:107،و قال في آية أخرى: قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ الزّمر:38.

و سابعها:قوله تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ الأنعام:46،و هذا الحصر يدلّ على نفي الشّريك.

و ثامنها:قوله تعالى: اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ الرّعد:

16،فلو وجد الشّريك لم يكن خالقا،فلم يكن فيه فائدة.

و اعلم أنّ كلّ مسألة لا تتوقّف معرفة صدق الرّسل عليها،فإنّه يمكن إثباتها بالسّمع،و الوحدانيّة لا تتوقّف معرفة صدق الرّسل عليها،فلا جرم يمكن إثباتها بالدّلائل السّمعيّة.

و اعلم أنّ من طعن في دلالة التّمانع فسّر الآية بأنّ المراد لو كان في السّماء و الأرض آلهة تقول بإلهيّتها:

عبدة الأوثان،لزم فساد العالم،لأنّها جمادات لا تقدر على تدبير العالم،فيلزم فساد العالم.قالوا:و هذا أولى، لأنّه تعالى حكى عنهم قوله: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ الأنبياء:21،ثمّ ذكر الدّلالة على فساد هذا،فوجب أن يختصّ الدّليل به،و باللّه التّوفيق.

(22:150-154)

نحوه في المسألة الأولى،البيضاويّ(2:69)، و النّسفيّ(3:75)،و شبّر(4:190).

النّيسابوريّ: [نحو الفخر الرّازيّ ملخّصا ثمّ أضاف:]

و لنا في هذا المقام طريقة أخرى ما أظنّها وطئت قبلي،فأقول و باللّه التّوفيق:إنّ«الوحدة»من صفات الكمال و قد ركز ذلك في العقول،حتّى إنّ كلّ عامل مهما تمّ له أمر بواحد لم يتعدّ فيه إلى اثنين،و إذا اضطرّ إلى الشّركة و التّعاون راعى فيه الأبسط فالأبسط،لا يزيد

ص: 844

العدد إلاّ بقدر الافتقار.و على هذا مدار الأمور السّياسيّة و المنزليّة،هذا في المؤثّر.

و أمّا في الأثر فلا ريب أنّه إذا استند إلى ما هو بسيط حقيقيّ لم يكن فيه إلاّ جهة واحدة افتقاريّة،و إذا استند إلى ما فوق ذلك كان فيه من الجهات الافتقاريّة بحسب ذلك؛فيكون النّقص تابعا لقلّة جهات الافتقار و كثرتها، و كلّ مرتبة للممكنات تفرض من العقول و النّفوس و الأفلاك و العناصر و المواليد،فإن كان مبدأ تلك السّلسلة الطّويلة واحدا كانت الجهات الاعتباريّة الافتقاريّة فيها أقلّ ممّا لو كان المبدأ أزيد من واحد، و هذه قضيّة يقينيّة.

و إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول:إنّه سبحانه أراد أن يدفع هذا النّقص من الممكنات،و(لو)هذه بمعنى«إن» و المراد أنّ هذا النّقص و الفساد لازم لوجود آلهة غير اللّه، سواء كان اللّه من جملتهم أم لا،و لن يرضى العاقل بما فيه نقصه و فساده؛فوجب أن لا يعتقد إلها غير اللّه،و هذه النّتيجة هي المراد بقوله: فَسُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ الأنبياء:22،من الأنداد و الشّركاء، فتكون هذه الآية نظيرة قوله: ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الزّمر:29.(17:17)

أبو حيّان: [نقل كلام الزّمخشريّ في عدم جواز البدل و كلام ابن عطيّة و الفخر الرّازيّ ثمّ قال:]

و قال أبو البقاء:لا يجوز أن يكون بدلا لأنّ المعنى يصير إلى قولك:لو كان فيهما اللّه لفسدتا،أ لا ترى أنّك لو قلت:ما جاءني قومك إلاّ زيد،على البدل لكان المعنى جاءني زيد وحده.و قيل:يمتنع البدل لأنّ ما قبله إيجاب، و لا يجوز النّصب على الاستثناء لوجهين:

أحدهما:أنّه فاسد في المعنى،و ذلك أنّك إذا قلت:لو جاءني القوم إلاّ زيدا لقتلتهم،كان معناه أنّ القتل امتنع لكون زيد مع القوم،فلو نصب في الآية لكان المعنى فساد السّماوات و الأرض امتنع لوجود اللّه مع الآلهة،و في ذلك إثبات الإله مع اللّه،و إذا رفعت على الوصف لا يلزم مثل ذلك،لأنّ المعنى لو كان فيهما غير اللّه لفسدتا.

و الوجه الثّاني:أنّ(آلهة)هنا نكرة،و الجمع إذا كان نكرة لم يستثن منه عند جماعة من المحقّقين،لأنّه لا عموم له،بحيث يدخل فيه المستثنى لو لا الاستثناء.[نقل قول المبرّد ثمّ قال:]

و قال الأستاذ أبو عليّ الشّلوبين في مسألة سيبويه [و قد سبق قوله:لو كان معنا رجل إلاّ زيد لغلبنا]إنّ المعنى لو كان معنا رجل مكان زيد لغلبنا ف«إلاّ»بمعنى «غير»الّتي بمعنى«مكان».

و قال شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن الصّائغ:لا يصحّ المعنى عندي إلاّ أن تكون«إلاّ»في معنى«غير»الّذي يراد بها البدل،أي لو كان فيهما آلهة عوض واحد،أي بدل الواحد الّذي هو اللّه لفسدتا،و هذا المعنى أراد سيبويه في المسألة الّتي جاء بها توطئة.(6:305)

أبو السّعود:إبطال لتعدّد الإله بإقامة البرهان على انتفائه بل على استحالته،و إيراد الجمع لوروده إثر إنكار اتّخاذ الآلهة،لا لأنّ للجمعيّة مدخلا في الاستدلال، و كذا فرض كونها فيهما.

و(الاّ)بمعنى«غير»على أنّها صفة ل(آلهة)و لا مساغ

ص: 845

للاستثناء لاستحالة شمول ما قبلها لما بعدها،و إفضائه إلى فساد المعنى،لدلالته حينئذ على أنّ الفساد لكونها فيهما بدونه تعالى،و لا للرّفع على البدل،لأنّه متفرّع على الاستثناء و مشروط بأن يكون في كلام غير موجب،أي لو كان في السّماوات و الأرض آلهة غير اللّه-كما هو اعتقادهم الباطل-(لفسدتا)،أي لبطلتا بما فيهما جميعا، و حيث انتفى التّالي علم انتفاء المقدّم قطعا.

بيان الملازمة:أنّ«الإلهيّة»مستلزمة للقدرة على الاستبداد بالتّصرّف فيهما على الإطلاق،تغييرا و تبديلا و إيجادا و إعداما و إحياء و إماتة،فبقاؤهما على ما هما عليه إمّا بتأثير كلّ منها،و هو محال لاستحالة وقوع المعلول المعيّن بعلل متعدّدة،و إمّا بتأثير واحد منها، فالبواقي بمعزل من الإلهيّة قطعا.

و اعلم أنّ جعل التّالي فسادهما بعد وجودهما،لما أنّه اعتبر في المقدّم تعدّد الآلهة فيهما،و إلاّ فالبرهان يقضي باستحالة التّعدّد على الإطلاق،فإنّه لو تعدّد الإله فإن توافق الكلّ في المراد تطاردت عليه القدر،و إن تخالفت تعاوقت،فلا يوجد موجود أصلا،و حيث انتفى التّالي تعيّن انتفاء المقدّم.(3:337)

الآلوسيّ: و قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا إبطال لتعدّد الإله،و ضمير(فيهما) للسّماء و الأرض،و المراد بهما العالم كلّه علويّه و سفليّه، و المراد بالكون فيهما التّمكّن البالغ من التّصرّف و التّدبير،لا التّمكّن و الاستقرار فيهما،كما توهّمه الفاضل الكلنبويّ،و الظّرف على هذا متعلّق ب(كان).

و قال الطّيّبيّ: إنّه ظرف ل(آلهة)على حدّ قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ الزّخرف:84،و قوله سبحانه: وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ الأنعام:3.و جعل تعلّق الظّرف بما ذكر هاهنا،باعتبار تضمّنه معنى الخالقيّة و المؤثّريّة.

و أنت تعلم أنّ الظّاهر ما ذكر أوّلا،و(الاّ)لمغايرة ما بعدها لما قبلها،فهي بمنزلة«غير».

و في«المغني»أنّها تكون صفة بمنزلة«غير»فيوصف بها و بتاليها جمع منكّرا أو شبهه.و مثّل للأوّل بهذه الآية.

و قد صرّح غير واحد من المفسّرين أنّ المعنى لو كان فيهما آلهة غير اللّه.

و جعل ذلك الخفاجيّ إشارة إلى أنّ(الاّ)هنا اسم بمعنى«غير»صفة لما قبلها،و ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها على صورة الحرف،كما في«أل»الموصولة في اسم الفاعل مثلا.

و أنكر الفاضل الشّمنّيّ كونها بمنزلة«غير»في الاسميّة لما في حواشي العلاّمة الثّاني عند قوله تعالى:

لا فارِضٌ البقرة:68،من أنّه لا قائل باسميّة«إلاّ» الّتي بمنزلة«غير»ثمّ ذكر أنّ المراد بكونها بمنزلة«غير» أنّها بمنزلتها في مغايرة ما بعدها لما قبلها ذاتا أو صفة،ففي «شرح الكافية»للرّضيّ:أصل«غير»أن تكون صفة مفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها إمّا بالذّات نحو مررت برجل غير زيد،و إمّا بالصّفة نحو دخلت بوجه غير الّذي خرجت به.

و أصل«إلاّ»الّتي هي أمّ أدوات الاستثناء مغايرة ما بعدها لما قبلها نفيا أو إثباتا،فلمّا اجتمع ما بعد«إلاّ»و ما بعد«غير»في معنى المغايرة حملت«إلاّ»على«غير»في

ص: 846

الصّفة،فصار ما بعد«إلاّ»مغايرا لما قبلها ذاتا أو صفة من غير اعتبار مغايرته له نفيا أو إثباتا و حملت«غير»على «إلاّ»في الاستثناء فصار ما بعدها مغايرا لما قبلها نفيا أو إثباتا من غير مغايرته له ذاتا أو صفة،إلاّ أنّ حمل«غير» على«إلاّ»أكثر من حمل«إلاّ»على«غير»لأنّ«غير» اسم و التّصرّف في الأسماء أكثر منه في الحروف،فلذلك، تقع«غير»في جميع مواقع«إلاّ»،انتهى.

و أنت تعلم أنّ المتبادر كون«إلاّ»حين إفادتها معنى «غير»اسما،و في بقائها على الحرفيّة مع كونها وحدها أو مع ما بعدها بجعلهما كالشّيء الواحد صفة لما قبلها -نظر ظاهر-و هو في كونها وحدها كذلك أظهر.

و لعلّ«الخفاجيّ»لم يقل ما قال إلاّ و هو مطّلع على قائل باسميّتها،و يحتمل أنّه اضطرّه إلى القول بذلك ما يرد على القول ببقائها على الحرفيّة.

و لعمري أنّه أصاب المحزّ،و إن قال العلاّمة ما قال،و كلام الرّضيّ ليس نصّا في أحد الأمرين كما لا يخفى على المنصف،و لا يصحّ أن تكون للاستثناء من جهة العربيّة عند الجمهور،لأنّ(آلهة)جمع منكّر في الإثبات، و مذهب الأكثرين-كما صرّح به في«التّلويح»-أنّه لا استغراق له،فلا يدخل فيه ما بعدها حتّى يحتاج لإخراجه بها،و هم يوجبون دخول المستثنى في المستثنى منه في الاستثناء المتّصل و لا يكتفون بجواز الدّخول،كما ذهب إليه المبرّد و بعض الأصوليّين،فلا يجوز عندهم قام رجال إلاّ زيدا،على كون الاستثناء متّصلا،و كذا على كونه منقطعا،بناء على أنّه لا بدّ فيه من الجزم بعدم الدّخول،و هو مفقود جزما.

و من أجاز الاستثناء في مثل التّركيب كالمبرّد جعل الرّفع في الاسم الجليل على البدليّة.

و اعترض بعدم تقدّم النّفي.و اجيب بأنّ(لو) للشّرط و هو كالنّفي.

و عنه أنّه أجاب بأنّها تدلّ على الامتناع،و امتناع الشّيء انتفاؤه.و زعم أنّ التّفريغ بعدها جائز و أنّ نحو:لو كان معنا إلاّ زيد لهلكنا،أجود كلام.

و خالف في ذلك سيبويه،فإنّه قال:لو قلت:لو كان معنا«المثال»لكنت قد أحلت.

و ردّ بأنّهم لا يقولون:لو جاءني ديّار أكرمته و لا:لو جاءني من أحد أكرمته،و لو كانت بمنزلة النّافي لجاز ذلك، كما يجوز:ما فيها ديّار،و ما جاءني من أحد.

و تعقّبه الدّمامينيّ بأنّ للمبرّد أن يقول:قد أجمعنا على إجراء(أبى)مجرى النّفي الصّريح،و أجزنا التّفريغ فيه،قال اللّه تعالى: فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً الإسراء:89،و قال سبحانه: وَ يَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ التوبة:32 مع أنّه لا يجوز:أبى ديّار المجيء و أبى من أحد الذّهاب،فما هو جوابكم عن هذا فهو جوابنا.

و قال الرّضيّ:أجاز المبرّد الرّفع في الآية على البدل، لأنّ في(لو)معنى النّفي و هذا كما أجاز الزّجّاج البدل في قوم يونس في قوله تعالى: فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ يونس:98،إجراء للتّحضيض مجرى النّفي.و الأولى عدم إجراء ذينك في جواز الإبدال،و التّفريغ معهما مجراه،إذ لم يثبت،انتهى.

و ذكر المالكيّ في«شرح التّسهيل»أنّ كلام المبرّد في«المقتضب»مثل كلام سيبويه،و أنّ التّفريغ و البدل بعد

ص: 847

«لو»غير جائز،و كذا لا يصحّ الاستثناء من جهة المعنى.

ففي«الكشف»أنّ البدل و الاستثناء في الآية ممتنعان معنى،لأنّه إذ ذاك لا يفيد ما سيق له الكلام من انتفاء التّعدّد،و يؤدّي إلى كون الآلهة بحيث لا يدخل في عدادهم الإله الحقّ مفض إلى الفساد،فنفي الفساد يدلّ على دخوله فيهم،و هو من الفساد بمكان.

ثمّ إنّ«الصّفة»على ما ذهب إليه ابن هشام مؤكّدة صالحة للإسقاط،مثلها في قوله تعالى: نَفْخَةٌ واحِدَةٌ، الحاقّة:13،فلو قيل:لو كان فيهما آلهة لفسدتا،لصحّ و تأتّى المراد.

و قال الشّلوبين،و ابن الصّائغ: لا يصحّ المعنى حتّى تكون«الاّ»بمعنى«غير»الّتي يراد بها البدل و العوض.

و ردّ بأنّه يصير المعنى حينئذ:لو كان فيهما عدد من الآلهة بدل و عوض منه تعالى شأنه لفسدتا،و ذلك يقتضي بمفهومه أنّه لو كان فيهما اثنان هو عزّ و جلّ أحدهما لم تفسدا،و ذلك باطل.

و أجيب:بأنّ معنى الآية حينئذ لا يقتضي هذا المفهوم،لأنّ معناها لو كان فيهما عدد من الآلهة دونه أو به سبحانه بدلا منه وحده عزّ و جلّ لفسدتا،و ذلك ممّا لا غبار عليه،فاعرف.

و الّذي عليه الجمهور إرادة المغايرة،و المراد بالفساد البطلان و الاضمحلال أو عدم التّكوّن،و الآية-كما قال غير واحد-مشيرة إلى دليل عقليّ على نفي تعدّد الإله، و هو قياس استثنائيّ استثنى فيه نقيض التّالي،لينتج نقيض المقدّم،فكأنّه قيل:لو تعدّد الإله في العالم لفسد، لكنّه لم يفسد،ينتج أنّه لم يتعدّد الإله.و في هذا استعمال ل«لو»غير الاستعمال المشهور.

قال السّيّد السّند: أنّ«لو»قد تستعمل في مقام الاستدلال فيفهم منها ارتباط وجود التّالي بوجود المقدّم مع انتفاء التّالي،فيعلم منه انتفاء المقدّم،و هو على قلّته موجود في اللّغة،يقال:«لو كان زيد في البلد لجاءنا»، ليعلم منه أنّه ليس فيه،و منه قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا.

و قال العلاّمة الثّاني: إنّ أرباب المعقول قد جعلوا «لو»أداة للتّلازم دالّة على لزوم الجزاء للشّرط من غير قصد إلى القطع بانتفائهما،و لهذا صحّ عندهم استثناء عين المقدّم،فهم يستعملونها للدّلالة على أنّ العلم بانتفاء الثّاني علّة للعلم بانتفاء الأوّل ضرورة انتفاء الملزوم بانتفاء اللاّزم،من غير التفات إلى أنّ علّة انتفاء الجزاء في الخارج ما هي،لأنّهم يستعملونها في القياسات لاكتساب العلوم و التّصديقات،و لا شكّ أنّ العلم بانتفاء الملزوم لا يوجب العلم بانتفاء اللاّزم بل الأمر بالعكس.

و إذا تصفّحنا وجدنا استعمالها على قاعدة اللّغة أكثر، لكن قد تستعمل على قاعدتهم،كما في قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما إلخ،لظهور أنّ الغرض منه التّصديق بانتفاء تعدّد الآلهة،لا بيان سبب انتفاء الفساد.

و فيه بحث يدفع بالعناية.

و لا يخفى عليك أنّ لبعض النّحويّين نحو هذا القول، فقد قال الشّلوبين،و ابن عصفور:إنّ«لو»لمجرّد التّعليق بين الحصولين في الماضي من غير دلالة على امتناع الأوّل و الثّاني،كما أنّ«إن»لمجرّد التّعليق في الاستقبال.

و الظّاهر أنّ خصوصيّة المضيّ هاهنا غير معتبرة.

ص: 848

و زعم بعضهم،أنّ(لو)هنا لانتفاء الثّاني لانتفاء الأوّل،كما هو المشهور فيها،و يتمّ الاستدلال،و لا يخفى ما فيه على من دقّق النّظر.

ثمّ إنّ العلاّمة قال في«شرح العقائد»:إنّ الحجّة إقناعيّة،و الملازمة عاديّة على ما هو اللاّئق بالخطابيّات،فإنّ العادة جارية بوقوع التّمانع و التّغالب عند تعدّد الحاكم،و إلاّ فإن أريد الفساد بالفعل،أي خروجهما عن هذا النّظام المشاهد فمجرد التّعدّد لا يستلزمه،لجواز الاتّفاق على هذا النّظام،و إن أريد إمكان الفساد فلا دليل على انتفائه بل النّصوص شاهدة بطيّ السّماوات و رفع هذا النّظام،فيكون ممكنا لا محالة.

و كذا لو أريد بفسادهما عدم تكوّنهما،بمعنى أنّه لو فرض صانعان لأمكن بينهما تمانع في الأفعال،فلم يكن أحدهما صانعا،فلم يوجد مصنوع،و لا تكون الملازمة قطعيّة،لأنّ إمكان التّمانع لا يستلزم إلاّ عدم تعدّد الصّانع،و هو لا يستلزم انتفاء المصنوع.

على أنّه يرد منع الملازمة إن أريد عدم التّكوّن بالفعل،و منع انتفاء اللاّزم إن أريد بالإمكان.انتهى.

فنفى أن تكون الآية برهانا،سواء حمل الفساد على الخروج عن النّظام أو على عدم التّكوّن.

و فيه قدح لما أشار إليه في«شرح المقاصد»من كونها (1)برهانا على الثّاني،فإنّه بعد ما قرّر برهان التّمانع قال:

و هذا البرهان يسمّى«برهان التّمانع»و إليه الإشارة بقوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ الآية، فإن أريد عدم التّكوّن فتقريره أن يقال:لو تعدّد الآلهة لم تتكوّن السّماء و الأرض،لأنّ تكوّنهما إمّا بمجموع القدرتين أو بكلّ منهما أو بأحدهما،و الكلّ باطل.

أمّا الأوّل فلأنّ من شأن«الإله»كمال القدرة،و أمّا الأخيران فلما مرّ من التّوارد و الرّجحان من غير مرجّح.

و إن أريد بالفساد الخروج عمّا هما عليه من النّظام، فتقريره أن يقال:إنّه لو تعدّدت«الإله»لكان بينهما التّنازع و التّغالب،و تمييز صنيع كلّ منهما عن الآخر، بحكم اللّزوم العادي،فلم يحصل بين أجزاء العالم هذا الالتئام الّذي باعتباره صار الكلّ بمنزلة شخص واحد، و يختلّ أمر النّظام الّذي فيه بقاء الأنواع و ترتّب الآثار، انتهى.

و ذلك القدح بأن يقال:تعدّد الإله لا يستلزم التّمانع بالفعل،بطريق إرادة كلّ منهما وجود العالم بالاستقلال من غير مدخليّة قدرة الآخر،بل إمكان ذلك التّمانع، و الإمكان لا يستلزم الوقوع،فيجوز أن لا يقع،بل يتّفقان على الايجاد بالاشتراك أو يفوّض أحدهما إلى الآخر.

و بحث فيه المولى الخياليّ بغير ذلك أيضا،ثمّ قال:

التّحقيق في هذا المقام أنّه إن حملت الآية الكريمة على نفي تعدّد الصّانع مطلقا فهي حجّة إقناعيّة،لكن الظّاهر من الآية نفي تعدّد الصّانع المؤثّر في السّماء و الأرض.إذ ليس المراد من الكون فيهما التّمكّن فيهما بل التّصرّف و التّأثير،فالحقّ أنّ الملازمة قطعيّة،إذ التّوارد باطل،فتأثيرهما إمّا على سبيل الاجتماع أو التّوزيع،فيلزم انعدام الكلّ أو البعض عند عدم كون أحدهما صانعا،لأنّه جزء علّة أو علّة تامّة فيفسد العالم،ا.

ص: 849


1- و في الأصل:من كون كونها.

أي لا يوجد هذا المحسوس كلاّ أو بعضا.

و يمكن أن توجّه الملازمة بحيث تكون قطعيّة على الإطلاق،و هو أن يقال:لو تعدّد«الإله»لم يكن العالم ممكنا فضلا عن الوجود،و إلاّ لأمكن التّمانع بينهما المستلزم للمحال،لأنّ إمكان التّمانع لازم لمجموع الأمرين من التّعدّد و إمكان شيء من الأشياء،حتّى لا يمكن التّمانع المستلزم للمحال،انتهى.

و أورد الفاضل الكلنبويّ على الأوّل خمسة أبحاث، فيها الغثّ و السّمين،ثمّ قال:فالحقّ أنّ توجيهه الثّاني لقطعيّة الملازمة صحيح دون الأوّل.

و للعلاّمة الدّوانيّ كلام في هذا المقام،قد ذكر الفاضل المذكور ما له و ما عليه من النّقض و الإبرام،ثمّ ذكر أنّ للتّمانع عندهم معنيين:

أحدهما:إرادة أحد القادرين وجود المقدور، و الآخر عدمه،و هو المراد بالتّمانع في البرهان المشهور ب«برهان التّمانع».

و ثانيهما:إرادة كلّ منهما إيجاده بالاستقلال من غير مدخليّة قدرة الآخر فيه،و هو التّمانع الّذي اعتبروه في امتناع مقدور بين قادرين.و قولهم:«لو تعدّد(الإله) لا يوجد شيء من الممكنات لاستلزامه أحد المحالين،إمّا وقوع مقدور بين قادرين و إمّا التّرجيح بلا مرجّح»مبنيّ على هذا.

و حاصل البرهان عليه أنّه لو وجد إلهان قادران على الكمال لأمكن بينهما تمانع،و اللاّزم باطل؛إذ لو تمانعا و أراد كلّ منهما الإيجاد بالاستقلال يلزم إمّا أن لا يقع مصنوع أصلا أو يقع بقدرة كلّ منهما أو بأحدهما،و الكلّ باطل.و وقوعه بمجموع القدرتين مع هذه الإرادة يوجب عجزهما،لتخلّف مراد كلّ منهما عن إرادته،فلا يكونان إلهين قادرين على الكمال،و قد فرضا كذلك.

و من هنا ظهر أنّه على تقدير التّعدّد لو وجد مصنوع لزم إمكان أحد المحالين،إمّا إمكان التّوارد و إمّا إمكان الرّجحان من غير مرجّح،و الكلّ محال.

و بهذا الاعتبار مع حمل الفساد على عدم الكون، قيل بقطعيّة الملازمة في الآية،فهي دليل إقناعيّ من وجه،و دليل قطعيّ من وجه آخر،و الأوّل بالنّسبة إلى العوامّ،و الثّاني بالنّسبة إلى الخواصّ.

و قال«مصلح الدّين اللاّريّ»بعد كلام طويل و قال و قيل:أقول:اقرّر الحجّة المستفادة من الآية الكريمة على وجه أوجه ممّا عداه،و هو أنّ«الإله»المستحقّ للعبادة لا بدّ أن يكون واجب الوجود،و واجب الوجود وجوده عين ذاته عند أرباب التّحقيق؛إذ لو غايره لكان ممكنا لاحتياجه في موجوديّته إلى غيره الّذي هو الوجود،فلو تعدّد لزم أن لا يكون وجودا،فلا تكون الأشياء موجودة، لأنّ موجوديّة الأشياء بارتباطها بالوجود،فظهر فساد السّماء و الأرض بالمعنى الظّاهر لا بمعنى عدم التّكوّن،لأنّه تكلّف ظاهر.انتهى.

و أنت تعلم أنّ إرادة عدم التّكوّن أظهر على هذا الاستدلال.

ثمّ إنّ هذا النّحو من الاستدلال ممّا ذهب إليه الحكماء،بل أكثر براهينهم الدّالّة على التّوحيد-الّذي هو أجلّ المطالب الإلهيّة-بل جميعها يتوقّف على أنّ حقيقة الواجب تعالى هو الوجود البحت القائم بذاته

ص: 850

المعبّر عنه بالوجوب الذّاتيّ و الوجود المتأكّد،و أنّ ما يعرضه الوجوب أو الوجود فهو في حدّ نفسه ممكن، و وجوده كوجوبه يستفاد من الغير فلا يكون واجبا.

و من أشهرها:أنّه لو فرضنا موجودين واجبي الوجود لكانا مشتركين في وجوب الوجود و متغايرين بأمر من الأمور،و إلاّ لم يكونا اثنين.و ما به الامتياز إمّا أن يكون تمام الحقيقة أو جزءها،لا سبيل إلى الأوّل لأنّ الامتياز لو كان بتمام الحقيقة لكان وجوب الوجود المشترك بينهما خارجا عن حقيقة كلّ منهما أو عن حقيقة أحدهما و هو محال،لما تقرّر من أنّ وجوب الوجود نفس حقيقة واجب الوجود لذاته،و لا سبيل إلى الثّاني،لأنّ كلّ واحد منهما يكون مركّبا ممّا به الاشتراك و ما به الامتياز،و كلّ مركّب محتاج فلا يكون واجبا لإمكانه،فيكون كلّ من الواجبين أو أحدهما ممكنا لذاته، هذا خلف.

و اعترض بأنّ معنى قولهم:وجوب الوجود،نفس حقيقة واجب الوجود أنّه يظهر من نفس تلك الحقيقة أثر صفة وجوب الوجود.لا أنّ تلك الحقيقة عين هذه الصّفة،فلا يكون اشتراك موجودين واجبي الوجود في وجوب الوجود إلاّ أن يظهر من نفس كلّ منهما أثر صفة الوجوب،فلا منافاة بين اشتراكهما في وجوب الوجود و تمايزهما بتمام الحقيقة.

و أجيب بأنّ المراد العينيّة،و معنى قولهم:إنّ وجوب الوجود عين حقيقة الواجب،هو أنّ ذاته بنفس ذاته مصداق هذا الحكم،و منشأ انتزاعه من دون انضمام أمر آخر،و من غير ملاحظة حيثيّة أخرى غير ذاته تعالى أيّة حيثيّة كانت حقيقيّة أو إضافيّة أو سلبيّة، و كذلك قياس سائر صفاته سبحانه عند القائلين بعينيّتها من أهل التّحقيق.و توضيح ذلك على مشربهم أنّك كما قد تعقل المتّصل مثلا نفس المتّصل كالجزء الصّوريّ للجسم من حيث هو جسم،و قد تعقل شيئا ذلك الشّيء هو المتّصل كالمادّة،فكذلك قد تعقل واجب الوجود بما هو واجب الوجود،و قد تعقل شيئا ذلك الشّيء هو واجب الوجود و مصداق الحكم به و مطابقه في الأوّل حقيقة الموضوع و ذاته فقط،و في الثّاني هي مع حيثيّة أخرى هي صفة قائمة بالموضوع،حقيقيّة أو انتزاعيّة.

و كلّ واجب الوجود لم يكن نفس واجب الوجود بل يكون له حقيقة،تلك الحقيقة متّصفة بكونها واجبة الوجود،ففي اتّصافها تحتاج إلى عروض هذا الأمر و إلى جاعل يجعلها بحيث ينتزع منها هذا الأمر،فهي في حدّ ذاتها ممكنة الوجود،و به صارت واجبة الوجود،فلا تكون واجب الوجود بذاته،فهو نفس واجب الوجود بذاته.و ليقس على ذلك سائر صفاته تعالى الحقيقيّة الكماليّة كالعلم و القدرة و غيرهما.

و اعترض أيضا بأنّه لم لا يجوز أن يكون ما به الامتياز أمرا عارضا لا مقوّما حتّى يلزم التّركيب؟ و أجيب بأنّ ذلك يوجب أن يكون التّعيّن عارضا و هو خلاف ما ثبت بالبرهان.

و لابن كمّونة في هذا المقام شبهة،شاع أنّها عويصة الدّفع عسيرة الحلّ،حتّى أنّ بعضهم سمّاه لإبدائها ب«افتخار الشّياطين»و هي أنّه لم لا يجوز أن يكون هناك هويّتان بسيطتان مجهولتا الكنه مختلفتان بتمام الماهيّة،

ص: 851

يكون كلّ منهما واجبا بذاته،و يكون مفهوم واجب الوجود منتزعا منهما،مقولا عليهما قولا عرضيّا.

و قد رأيت في ملخّص الإمام عليه الرّحمة نحوها.

و لعلّك إذا أحطت خبرا بحقيقة ما ذكرنا يسهل عليك حلّها،و إن أردت التّوضيح فاستمع لما قيل في ذلك:

إنّ مفهوم واجب الوجود لا يخلو إمّا أن يكون انتزاعه عن نفس ذات كلّ منهما من دون اعتبار حيثيّة خارجة أيّة حيثيّة كانت،أو مع اعتبار تلك الحيثيّة، و كلا الشّقّين محال،أمّا الثّاني فلما تقرّر أنّ كلّ ما لم يكن ذاته مجرّد حيثيّة انتزاع الوجوب فهو ممكن في ذاته، و أمّا الأوّل فلأنّ مصداق حمل مفهوم واحد و مطابق صدقه بالذّات مع قطع النّظر عن أيّة حيثيّة كانت لا يمكن أن يكون حقائق متخالفة متباينة بالذّات غير مشتركة في ذات أصلا.و لعلّ كلّ سليم الفطرة يحكم بأنّ الأمور المتخالفة من حيث كونها متخالفة بلا حيثيّة جامعة لا تكون مصداقا لحكم واحد و محكيّا عنها به،نعم يجوز ذلك إذا كانت تلك الأمور متماثلة من جهة كونها متماثلة و لو في أمر سلبيّ،بل نقول:

لو نظرنا إلى نفس مفهوم الوجود المصدريّ المعلوم بوجه من الوجوه بديهة،أدّانا النّظر و البحث إلى أنّ حقيقته و ما ينتزع هو منه أمر قائم بذاته،هو الواجب الحقّ الوجود المطلق الّذي لا يشوبه عموم و لا خصوص و لا تعدّد؛إذ كلّ ما وجوده هذا الوجود لا يمكن أن يكون بينه و بين شيء آخر له أيضا هذا الوجود فرضا مباينة أصلا و لا تغاير،فلا يكون اثنان بل يكون هناك ذات واحدة و وجود واحد،كما لوّح إليه صاحب «التّلويحات»،بقوله:صرف الوجود الّذي لا أتمّ منه كلّما فرضته ثانيا،فإذا نظرت فهو هو إذ لا ميز في صرف شيء،فوجوب وجوده تعالى الّذي هو ذاته سبحانه تدلّ على وحدته جلّ و علا.انتهى فتأمّل.

و لا يخفى عليك أنّ أكثر البراهين على هذا المطلب الجليل الشّأن يمكن تخريج الآية الكريمة عليه،و يحمل حينئذ الفساد على عدم التّكوّن،فعليك بالتّخريج و إن أحوجك إلى بعض تكلّف،و إيّاك أن تقنع بجعلها حجّة إقناعيّة كما ذهب إليه كثير،فإنّ هذا المطلب الجليل أجلّ من أن يكتفى فيه بالإقناعات المبنيّة على الشّهرة و العادة.

و لصاحب«الكشف»طاب ثراه كلام يلوح عليه مخايل التّحقيق في هذا المقام،سنذكره إن شاء اللّه تعالى، كما اختاره في تفسير قوله تعالى: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ المؤمنون:91.

ثمّ لا تتوهّمن أنّه لا يلزم من الآية نفي الاثنين و الواحد،لأنّ نفي آلهة تغاير الواحد المعيّن شخصا، يستلزم بالضّرورة أنّ كلّ واحد واحد منهم يغايره شخصا،و هو أبلغ من نفي واحد يغاير المعيّن في الشّخص، على أنّه طوبق به قوله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ و قيام الملازمة كاف في نفي الواحد و الاثنين أيضا.

و استشكل سياق الآية الكريمة بأنّ الظّاهر أنّها إنّما سيقت لإبطال عبادة الأصنام المشار إليه بقوله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ الأنبياء:21،لذكرها بعده،و هي لا تبطل إلاّ تعدّد الإله

ص: 852

الخالق القادر المدبّر التّامّ الألوهيّة،و هو غير متعدّد عند المشركين، وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ لقمان:25،و هم يقولون في آلهتهم: ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللّهِ زُلْفى الزّمر:3، فما قالوا به لا تبطله الآية؛و ما تبطله الآية لم يقولوا به، و من هنا قيل:معنى الآية لو كان في السّماء و الأرض آلهة -كما يقول عبدة الأوثان-لزم فساد العالم،لأنّ تلك الآلهة الّتي يقولون بها جمادات لا تقدر على تدبير العالم فيلزم فساد العالم.

و أجيب بأنّ قوله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا إلخ مسوق للزّجر عن عبادة الأصنام و إن لم تكن لها الألوهيّة التّامّة،لأنّ العبادة إنّما تليق لمن له ذلك.و بعد الزّجر عن ذلك أشار سبحانه إلى أنّ من له ما ذكر لا يكون إلاّ واحدا،على أنّ شرح اسم«الإله»هو الواجب الوجود لذاته الحيّ العالم المريد القادر الخالق المدبّر،فمتى أطلقوه على شيء لزمهم وصفه بذلك،شاءوا أو أبوا فالآية لإبطال ما يلزم قولهم على أتمّ وجه.(17:23-28)

الطّباطبائيّ: قد تقدّم في تفسير سورة هود (1)، و تكرّرت الإشارة إليه بعده:أنّ النّزاع بين الوثنيّين و الموحّدين ليس في وحدة الإله و كثرته بمعنى الواجب الوجود الموجود لذاته الموجد لغيره،فهذا ممّا لا نزاع في أنّه واحد لا شريك له.و إنّما النّزاع في«الإله»بمعنى الرّبّ المعبود،و الوثنيّون على أنّ تدبير العالم على طبقات أجزائه مفوّضة إلى موجودات شريفة مقرّبين عند اللّه، ينبغي أن يعبدوا حتّى يشفعوا لعبّادهم عند اللّه، و يقرّبوهم إليه زلفى،كربّ السّماء و ربّ الأرض و ربّ الإنسان،و هكذا و هم آلهة من دونهم،و اللّه سبحانه إله الآلهة و خالق الكلّ،كما يحكيه عنهم قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ الزّخرف:87،و قوله:

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الزّخرف:9.

و الآية الكريمة إنّما تنفي«الآلهة»من دون«اللّه»في السّماء و الأرض بهذا المعنى،لا بمعنى الصّانع الموجد الّذي لا قائل بتعدّده.

و المراد بكون«الإله»في السّماء و الأرض،تعلّق ألوهيّته بالسّماء و الأرض لا سكناه فيهما،فهو كقوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ الزّخرف:84.

و تقرير حجّة الآية أنّه لو فرض للعالم آلهة فوق الواحد لكانوا مختلفين ذاتا متباينين حقيقة،و تباين حقائقهم يقضي بتباين تدبيرهم،فيتفاسد التّدبيرات و تفسد السّماء و الأرض،لكنّ النّظام الجاري نظام واحد متلائم الأجزاء في غاياتها،فليس للعالم آلهة فوق الواحد و هو المطلوب.

فإن قلت:يكفي في تحقّق الفساد ما نشاهده من تزاحم الأسباب و العلل،و تزاحمها في تأثيرها في الموادّ هو التّفاسد.

قلت:تفاسد العلّتين تحت تدبيرين غير تفاسدهما تحت تدبير واحد،ليحدّد بعض أثر بعض و ينتج الحاصل من ذلك.

و ما يوجد من تزاحم العلل في النّظام من هذا القبيل).

ص: 853


1- راجع الطّباطبائيّ(10:272-296).

فإنّ العلل و الأسباب الرّاسمة لهذا النّظام العامّ-على اختلافها و تمانعها و تزاحمها-لا يبطل بعضها فعّاليّة بعض،بمعنى أن ينتقض بعض القوانين الكلّيّة الحاكمة في النّظام ببعض،فيتخلّف عن مورده مع اجتماع الشّرائط و ارتفاع الموانع،فهذا هو المراد من إفساد مدبّر عمل مدبّر آخر،بل السّببان المختلفان المتنازعان حالهما في تنازعهما حال كفّتي الميزان المتنازعتين بالارتفاع و الانخفاض، فإنّهما في عين اختلافهما متّحدان في تحصيل ما يريده صاحب الميزان و يخدمانه في سبيل غرضه،و هو تعديل الوزن بواسطة اللّسان.

فإن قلت:آثار العلم و الشّعور مشهودة في النّظام الجاري في الكون،فالرّبّ المدبّر له يدبّره عن علم،و إذا كان كذلك،فلم لا يجوز أن يفرض هناك آلهة فوق الواحد يدبّرون أمر الكون تدبيرا تعقّليّا،و قد توافقوا على أن لا يختلفوا و لا يتمانعوا في تدبيرهم،حفظا للمصلحة.

قلت:هذا غير معقول،فإنّ معنى التّدبير التّعقّليّ عندنا هو أن نطبّق أفعالنا الصّادرة منّا على ما تقتضيه القوانين العقليّة الحافظة لتلائم أجزاء الفعل و انسياقه إلى غايته،و هذه القوانين العقليّة مأخوذة من الحقائق الخارجيّة و النّظام الجاري فيها الحاكم عليها،فأفعالنا التّعقّليّة تابعة للقوانين العقليّة،و هي تابعة للنّظام الخارجيّ.لكنّ الرّبّ المدبّر للكون فعله نفس النّظام الخارجيّ المتبوع للقوانين العقليّة،فمن المحال أن يكون فعله تابعا للقوانين العقليّة و هو متبوع،فافهم ذلك.

فهذا تقرير حجّة الآية،و هي حجّة برهانيّة مؤلّفة من مقدّمات يقينيّة،تدلّ على أنّ التّدبير العامّ الجاري بما يشتمل عليه و يتألّف منه من التّدابير الخاصّة صادر عن مبدإ واحد غير مختلف،لكنّ المفسّرين قرّروها حجّة على نفي تعدّد الصّانع و اختلفوا في تقريرها،و ربّما أضاف بعضهم إليها من المقدّمات ما هو خارج عن منطوق الآية،و خاضوا فيها حتّى قال القائل منهم:إنّها حجّة إقناعيّة غير برهانيّة أوردت إقناعا للعامّة.(14:266)

فضل اللّه: تعدّد الآلهة يستلزم الفساد

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا، إنّ الكون يتحرّك بطريقة متوازنة دقيقة في كلّ مجالاته و ظواهره، الثّابتة و المتحرّكة،حتّى في الأمور الّتي يعتبرها النّاس مظهر خلل في حركة الواقع،أو حالة تمرّد في الطّبيعة، فإنّها تخضع لضوابط و قواعد،تمنعها من الذّهاب بعيدا في نتائجها السّلبيّة،و تقرّبها من الاتّصال بالنّتائج الإيجابيّة، في حركة الوجود الكونيّ من جهة أخرى؛و ذلك في مثل الفيضانات و البراكين و الزّلازل و العواصف و نحوها.

و هكذا نجد ذلك متمثّلا في حركة المجتمعات البشريّة و الحيوانيّة،في جميع الأسس الّتي ترتكز عليها في ولادتها و فنائها،و في ارتفاعها و سقوطها،فلا مجال للفساد في ما يحيط بها من ظروف و قواعد و أحكام.

إنّه الدّليل على القوّة الواحدة الحكيمة القاهرة الّتي تخلق الشّيء بحساب،و تحرّكه بنظام،و تفنيه بقاعدة،في إدارة حكيمة تشمل الكون كلّه،و هو الدّليل على وحدانيّة اللّه.و لو كان الأمر كما يقول المشركون الّذين يقولون بالتّعدّد في خلق الكون،أو في تدبيره،لما كان هذا الأمر ممكنا،لأنّ طبيعة التّعدّد في الذّات الإلهيّة الخالقة

ص: 854

المدبّرة تفرض اختلافا في الإدارة،و تنوّعا في التّدبير،ممّا يؤدّي إلى التّجاذب و التّنازع و الاختلال،عند ما يريد أحدهما شيئا لا يريده الآخر،أو يريد خلافه،فإنّ ذلك يبطل الوجود إذا كان ذلك متعلّقا بالخلق،أو يعطّل حركته إذا كان مرتبطا بالتّفاصيل،لأنّ التّعدّد في الألوهيّة يفرض التّوازن في القدرة،في ما يقتضيه من القدرة المطلقة للإله المطلق.

و قد يفرض البعض إمكانيّة التّكامل في التّخطيط و التّدبير،كما قد يحدث عند بعض المخلوقين الّذين يتكاملون في الإشراف على بعض الأعمال أو الأوضاع، من دون أن يؤدّي التّعدّد إلى الاختلال،بل ربّما قد يؤدّي إلى التّوازن في إغناء التّجربة بالقدرة المتنوّعة.

و لكن ذلك قد يتمّ في بعض الأمور،و لا يتمّ في جميعها،و قد يحصل في داخل النّظام الّذي يخضع له هذا الشّخص أو ذاك،في ما يمكن أن يؤثّر في نموّ العقل هنا أو هناك،و لكن ذلك لا يتمّ في مستوى الآلهة الّتي لا تتأثّر بالنّظام الّذي يحكمها من الخارج،ليمكّن فيه التّكامل فى التّفكير،بل هي الّتي تخلق النّظام و تصنعه،فكيف يمكن أن يتوحّد تدبير الآلهة من خلاله.و بذلك يكون التّعدّد في الذّات أساسا للتّعدّد في خصوصيّات الخلق،و بالتّالي في حركة الإيجاد.و إلاّ لم يكن للتّعدّد معنى،أو ضرورة ما دامت المسألة لا تخضع لما هو خارج عن الذّات،بل لما هو داخل في عمق طبيعتها،و في ذات التّعدّد.

و على ضوء ذلك فإنّ الدّليل لا يتحرّك من منطق جدليّ فلسفيّ،بل ينطلق من عمق الحقيقة الواقعيّة للكون و للتّعدّد و للفساد.(15:206)

[ لاحظ الفخر الرّازيّ في تقرير الحجّة(22:

154)]

16- سَيَقُولُونَ لِلّهِ... المؤمنون:85،87،89.

الفرّاء: هذه لا مسألة فيها،لأنّه قد استفهم ب«لام» فرجعت في خبر المستفهم.

و أمّا«الأخريان»[أى قوله: سَيَقُولُونَ لِلّهِ 87، 89]فإنّ أهل المدينة و عامّة أهل الكوفة يقرءونها(للّه)، (للّه)،و هما في قراءة أبيّ كذلك(للّه)(للّه)(للّه)ثلاثهنّ.

و أهل البصرة يقرءون الأخريين(اللّه)(اللّه)،و هو في العربيّة أبين،لأنّه مردود مرفوع.أ لا ترى أنّ قوله: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ المؤمنون:86،مرفوع لا خفض فيه،فجرى جوابه على مبتدإ به،و كذلك هي في قراءة عبد اللّه(اللّه)(اللّه).

و العلّة في إدخال اللاّم في«الأخريين»في قول أبيّ و أصحابه أنّك لو قلت لرجل:من مولاك؟فقال:أنا لفلان،كفاك من أن يقول:مولاي فلان.فلمّا كان المعنيان واحدا أجري ذلك في كلامهم.[ثمّ استشهد بشعر لبعض بني عامر](2:240)

نحوه الزّجّاج.(4:20)

الطّبريّ: و قد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: سَيَقُولُونَ لِلّهِ فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز و العراق و الشّام (سَيَقُولُونَ لِلّهِ) سوى أبي عمرو فإنّه خالفهم فقرأه (سيقولون اللّه) في هذا الموضع،و في الآخر الّذي بعده اتّباعا لخطّ المصحف.فإنّ ذلك كذلك في مصاحف الأمصار،إلاّ في مصحف أهل البصرة،فإنّه في

ص: 855

الموضعين بالألف،فقرأوا بالألف كلّها اتّباعا لخطّ مصحفهم.

فأمّا الّذين قرءوه ب«الألف»فلا مئونة في قراءتهم ذلك كذلك،لأنّهم أجروا الجواب على الابتداء،و ردّوا مرفوعا على مرفوع؛و ذلك أنّ معنى الكلام على قراءتهم (قل من ربّ السّماوات السّبع،و ربّ العرش العظيم) سيقولون ربّ ذلك اللّه،فلا مئونة في قراءة ذلك كذلك.

و أمّا الّذين قرءوا ذلك في هذا و الّذي يليه بغير«ألف» فإنّهم قالوا:معنى قوله:(قل من ربّ السّماوات):لمن السّماوات لمن ملك ذلك؟فجعل الجواب على المعنى، فقيل:(للّه)،لأنّ المسألة عن ملك ذلك لمن هو؟قالوا:

و ذلك نظير قول قائل لرجل:من مولاك؟فيجيب المجيب عن معنى ما سئل،فيقول:أنا لفلان،لأنّه مفهوم بذلك من الجواب،ما هو مفهوم بقوله:مولاي فلان.[ثمّ استشهد بشعر]

و الصّواب من القراءة في ذلك،أنّهما قراءتان،قد قرأ بهما علماء من القرّاء،متقاربتا المعنى،فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب،غير أنّي مع ذلك أختار قراءة جميع ذلك بغير ألف،لإجماع خطوط مصاحف الأمصار على ذلك،سوى خطّ مصحف أهل البصرة.(18:47)

نحوه أبو زرعة(490)،و الطّوسيّ(7:389)، و الميبديّ(6:457)،و الطّبرسيّ(4:114)، و الفخر الرّازيّ(23:116)،و القرطبيّ(12:145)، و الآلوسيّ(17:59).

الطّباطبائيّ: سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ إخبار عن جوابهم،و هو أنّ الأرض و من فيها مملوكة للّه، و لا مناص لهم عن الاعتراف بكونها للّه سبحانه،فإنّ هذا النّوع من الملك لا يقوم إلاّ بالعلّة الموجدة لمعلولها؛حيث يقوم وجود المعلول بها قياما لا يستقلّ عنها بوجه من الوجوه.و العلّة الموجدة للأرض و من فيها هو اللّه سبحانه وحده لا شريك له،حتّى باعتراف الوثنيّين.[ثمّ أورد أبحاثا أخرى راجع:«ر ب ب»إلى أن قال:]

و من لطيف تعبير الآية التّعبير بقوله:(للّه)فإنّ الحجّة تتمّ بالملك و إن لم يعترفوا بالرّبوبيّة.

(15:56-59)

فضل اللّه: [بعد بيان دعوة القرآن المشركين إلى التّفكير و إعمال العقل مع شرح الآيات قال:]

الأسلوب القرآنيّ في إثارة الوجدان الشّعبيّ

و هذا الأسلوب الّذي يستخدمه القرآن لإثبات العقيدة من خلال مستلزماتها،يرتكز على إثارة التّفاصيل الدّقيقة الّتي تلتقي بالقاعدة و توضّحها من خلال تحريك الجزئيّات التّفصيليّة الّتي تثيرها في النّفس شيئا فشيئا،حتّى يتعاظم الشّعور بها،فتتّضح الصّورة للنّفس،بعد أن كانت تبدو ضبابيّة،تحت تأثير الأجواء الانفعاليّة و هيمنتها.

و قد يكون هذا الأسلوب ضروريّا،لإثارة الوجدان الشّعبيّ الّذي يتأثّر بالأفكار المضادّة الّتي تشغله عن كثير من الدّقائق الّتي تنطلق منها العقيدة،و ذلك من خلال تقديم الجانب المألوف من تجارب حياته كمقدّمة لإثبات غير المألوف الّذي يتّصل بالغيب تارة،و بالحسّ البعيد عن تجربته أخرى،فنحتاج إلى الدّخول معه بتفاصيل حركة المعرفة،ليمكن توزيع إيحاءات الفكرة

ص: 856

الأساس،على أفكاره و مشاعره بطريقة متدرّجة تربطه بالمبدإ بشكل مدروس،لأنّ الوجدان الشّعبيّ،كما نلاحظ،لا يرتبط بالفكرة من خلال الخطوط الكلّيّة،بل من خلال الخطوط الجزئيّة.(16:186)

17- قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللّهُ وَ ما يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ. النّمل:65

الفرّاء: رفعت ما بعد(الاّ)لأنّ في الّذي قبلها جحدا، و هو مرفوع،و لو نصبت كان صوابا.و في إحدى القراءتين«ما فعلوه الا قليلا منهم»النّساء:66، بالنّصب،و في قراءتنا بالرّفع،و كلّ صواب.هذا إذا كان الجحد الّذي قبل(الاّ)مع أسماء معرفة،فإذا كان مع نكرة لم يقولوا إلاّ الاتباع لما قبل(الاّ)،فيقولون:ما ذهب أحد إلاّ أبوك،و لا يقولون:إلاّ أباك؛و ذلك أنّ الأب كأنّه خلف من أحد،لأنّ ذا واحد و ذا واحد،فآثروا الاتباع.

و المسألة الأولى ما قبل(الاّ)جمع و ما بعد(الاّ)واحد منه أو بعضه و ليس بكلّه.(2:298)

الطّبريّ: و اختلف أهل العربيّة في وجه رفع(اللّه)، فقال بعض البصريّين:هو كما تقول:إلاّ قليل منهم.و في حرف ابن مسعود:«قليلا»بدلا من الأوّل،لأنّك نفيته عنه،و جعلته للآخر.

و قال بعض الكوفيّين:إن شئت أن تتوهّم في(من) المجهول،فتكون معطوفة على قل لا يعلم أحد الغيب إلاّ اللّه.قال:و يجوز أن تكون(من)معرفة،و نزل ما بعد(الاّ) عليه،فيكون عطفا و لا يكون بدلا،لأنّ الأوّل منفيّ، و الثّاني مثبت،فيكون في النّسق،كما تقول:قام زيد إلاّ عمرو،فيكون الثّاني عطفا على الأوّل،و التّأويل جحد، و لا يكون أن يكون الخبر جحدا أو الجحد خبرا.قال:

و كذلك ما فعلوه إلاّ قليل،و قليلا،من نصب فعلى الاستثناء في عبادتكم إيّاه،و من رفع فعلى العطف، و لا يكون بدلا.(20:5)

الزّمخشريّ: لم رفع اسم(اللّه)و اللّه يتعالى أن يكون ممّن في السّماوات و الأرض؟

قلت:جاء على لغة بني تميم حيث يقولون:ما في الدّار أحد إلاّ حمار،يريدون:ما فيها إلاّ حمار،كأنّ أحدا لم يذكر،منه قوله:

عشيّة ما تغني الرّماح مكانها

و لا النّبل إلاّ المشرفيّ المصمّم

و قولهم:ما أتاني زيد إلاّ عمرو،و ما أعانه إخوانكم إلاّ إخوانه.

فإن قلت:ما الدّاعي إلى اختيار المذهب التّميميّ على الحجازيّ؟

قلت:دعت إليه نكتة سرّيّة؛حيث أخرج المستثنى مخرج قوله:«إلاّ اليعافير»،بعد قوله:«ليس بها أنيس»، ليئول المعنى إلى قولك:إن كان اللّه ممّن في السّماوات و الأرض فهم يعلمون الغيب،يعني أنّ علمهم الغيب في استحالته كاستحالة أن يكون اللّه منهم،كما أنّ معنى ما في البيت:إن كانت اليعافير أنيسا ففيها أنيس،بتّا للقول بخلوّها عن الأنيس.

فإن قلت:هلاّ زعمت أنّ(اللّه)ممّن في السّماوات و الأرض كما يقول المتكلّمون:اللّه في كلّ مكان،على معنى أنّ علمه في الأماكن كلّها،فكأنّ ذاته فيها حتّى

ص: 857

لا تحمله على مذهب بني تميم؟

قلت:يأبى ذلك أنّ كونه في السّماوات و الأرض مجاز،و كونهم فيهنّ حقيقة،و إرادة المتكلّم بعبارة واحدة حقيقة و مجازا غير صحيحة،على أنّ قولك:من في السّماوات و الأرض و جمعك بينه و بينهم في إطلاق اسم واحد فيه إيهام تسوية،و الإيهامات مزالة عنه و عن صفاته تعالى.(3:156)

نحوه الشّربينيّ.(3:70)

أبو حيّان: المتبادر إلى الذّهن أنّ(من)فاعل ب(يعلم)،و(الغيب)مفعول،و(الاّ اللّه)استثناء منقطع لعدم اندراجه في مدلول لفظ(من)،و جاء مرفوعا على لغة تميم،و دلّت الآية على أنّه تعالى هو المنفرد بعلم الغيب.[إلى أن قال:]

و لا يقال:إنّه مندرج في مدلول(من)،فيكون«في السماوات و الأرض»ظرفا حقيقيّا للمخلوقين فيهما، و مجازيّا بالنّسبة إليه تعالى،أي هو فيهما بعلمه،لأنّ في ذلك جمعا بين الحقيقة و المجاز.

و أكثر العلماء ينكر ذلك،و إنكاره هو الصّحيح.و من أجاز ذلك فيصحّ عنده أن يكون استثناء متّصلا،و ارتفع على البدل أو الصّفة،و الرّفع أفصح من النّصب على الاستثناء،لأنّه استثناء من نفي متقدّم،و الظّاهر عموم الغيب.و قيل:المراد غيب السّاعة.[ثمّ ذكر قول الزّمخشريّ و أضاف:]

و ملخّصه أنّه يقول:لو نصب لكان مندرجا تحت المستثنى منه،و إذا رفع كان بدلا،و المبدل منه في نيّة الطّرح،فصار العامل كأنّه مفرّغ له،لأنّ البدل على نيّة تكرار العامل،فكأنّه قيل:قل لا يعلم الغيب إلاّ اللّه.و لو أعرب(من)مفعولا و(الغيب)بدلا منه و(الاّ اللّه)هو الفاعل-أي لا يعلم غيب من في السّماوات و الأرض إلاّ اللّه،أي الأشياء الغائبة الّتي تحدث في العالم و هم لا يعلمون بحدوثها،أي لا يسبق علمهم بذلك-لكان وجها حسنا،و كان اللّه تعالى هو المخصوص بسابق علمه فيما يحدث في العالم.(7:91)

الآلوسيّ: [نحو الزّمخشريّ و أضاف:]

و قيل:[الاستثناء]منقطع على حدّ الاستثناء في قوله:«عشيّة»[تقدّم في قول الزّمخشريّ]

يعني أنّه من إتباع أحد المتباينين الآخر،نحو ما أتاني زيد إلاّ عمرو،و ما أعانه إخوانكم إلاّ إخوانه،و قد ذكرهما سيبويه.و ذكر ابن مالك:أنّ الأصل فيهما:

ما أتاني أحد إلاّ عمرو،و ما أعانه أحد إلاّ إخوانه،فجعل مكان«أحد»بعض مدلوله و هو زيد و إخوانكم،و لو لم يذكر الدّخلاء فيهنّ نفى عنه الإتيان و الإعانة،و لكن ذكرا توكيدا لقسطهما من النّفي،دفعا لتوهّم المخاطب أنّ المتكلّم لم يخطر له هذا الّذي أكّد به،فذكرا تأكيدا،و عليه يكون الأصل في الآية،لا يعلم أحد الغيب إلاّ اللّه،فحذف «أحد»و جعل مكانه بعض مدلوله،و هو مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و البعض الآخر من ليس فيهما، و يكفي في كونه مدلولا له صدقه عليه،و لا يجب في ذلك وجوده في الخارج،فقد صرّحوا أنّ«من»الكلّيّ ما يمتنع وجود بعض أفراده أو كلّها في الخارج.

على أنّ من أجلّة الإسلاميّين من قال بوجود شيء غير اللّه عزّ و جلّ،و ليس في السّماوات و لا في الأرض،

ص: 858

و هو الرّوح الأمريّة،فإنّها لا مكان لها عندهم على نحو العقول المجرّدة عند الفلاسفة.

و قال:إنّ شرط الاتباع في هذا النّوع أن يستقيم حذف المستثنى منه و الاستغناء عنه بالمستثنى،فإن لم يوجد هذا الشّرط تعيّن النّصب عند التّميميّ و حجازيّ،كما في قوله تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاّ مَنْ رَحِمَ هود:43،فإنّ الاستغناء فيه بالمستثنى عمّا قبله ممتنع إلاّ بتكلّف.

و زعم المازنيّ أنّ إتباع المنقطع من تغليب العاقل على غيره،و يلزم عليه أن يختصّ بأحد و شبهه،و هو فاسد-كما قال ابن خرّوف-لأنّ ما يبدل منه في هذا الباب غير ما ذكر،أكثر من أن يحصى.

و كلام الزّمخشريّ يوهم صدره،أنّ الاستثناء هنا من قبيل الاستثناء في المثالين اللّذين ذكرهما سيبويه،و في البيت الّذي ذكرناه قبيلهما.

و يفهم عجزه أنّه من قبيل الاستثناء في الرّجز السّابق،و أنّ الدّاعي إلى اختيار المذهب التّميميّ نكتة المبالغة الّتي سمعتها.و قد صرّحوا أنّ إفادة تلك النّكتة إنّما تتأتّى إذا جعل الاستثناء منقطعا تحقيقا،متّصلا تأويلا.

و لعلّ الحقّ أنّه إذا أريد الدّلالة على قوّة النّفي تعيّن جعل الاستثناء نحو الاستثناء في قوله:«و بلدة»إلخ (1)،و إذا أريد الدّلالة على عموم النّفي تعيّن جعله نحو الاستثناء في قولهم:ما أعانه إخوانكم إلاّ إخوانه،فتدبّر.

و جوّز كونه متّصلا،كما هو الأصل في الاستثناء،على أنّ المراد ب مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ من اطّلع عليهما الحاضر فيهما،مجازا مرسلا أو استعارة.

و أيّا ما كان فهو معنى مجازيّ عامّ له تعالى شأنه و لذوي العلم من خلقه،و هو المخلص من لزوم ارتكاب الجمع بين الحقيقة و المجاز،المختلف في صحّته،كما فعله بعض القائلين بالاتّصال.[و قد استبعد توجيهه أبو حيّان](20:9)

عبد الكريم الخطيب: (الاّ اللّه)،(الاّ)هنا ملغاة، و المعنى أنّه لا يعلم الغيب إلاّ اللّه وحده.أمّا مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فمنفيّ عنهم هذا العلم،و إن علموا شيئا فهو بالإضافة إلى علم اللّه،و إلى ما جهلوه من هذا العلم،لا وزن له،و لا اعتداد به.

(10:271)

18- لِيُعَذِّبَ اللّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماً. الأحزاب:73

الفخر الرّازيّ: لم عطف المشرك على المنافق،و لم يعدّ اسمه تعالى فلم يقل:و يعذّب اللّه المشركين،و عند التّوبة أعاد اسمه و قال:(و يتوب اللّه)،و لو قال:و يتوب على المؤمنين،كان المعنى حاصلا؟نقول:أراد تفضيل المؤمن على المنافق فجعله كالكلام المستأنف،و يجب هناك ذكر الفاعل فقال:(و يتوب اللّه)و يحقّق هذا قراءة من قرأ: (و يتوب اللّه) بالرّفع.(25:237)

نحوه الشّربينيّ.(3:277)

أبو السّعود:و الالتفات إلى الاسم الجليل أوّلاس.

ص: 859


1- في قول الرّاجز: و بلدة ليس بها أنيس إلاّ اليعافير و إلاّ العيس.

لتهويل الخطب و تربية المهابة و الإظهار في موقع الإضمار ثانيا لإبراز مزيد الاعتناء بأمر المؤمنين توفية لكلّ من مقامي الوعيد و الوعد حقّه،و اللّه تعالى أعلم.(4:221)

[و فيه مباحث راجع«ت و ب»].

19- ...إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. فاطر:28

الزّمخشريّ: فإن قلت:هل يختلف المعنى إذا قدّم المفعول في هذا الكلام أو أخّر؟

قلت:لا بدّ من ذلك،فإنّك إذا قدّمت اسم(اللّه) و أخّرت(العلماء)كان المعنى إنّ الّذين يخشون اللّه من بين عباده هم العلماء دون غيرهم،و إذا عملت على العكس انقلب المعنى إلى أنّهم لا يخشون إلاّ اللّه،كقوله تعالى: وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللّهَ الأحزاب:39، و هما معنيان مختلفان،[إلى أن قال:]

فإن قلت:فما وجه قراءة من قرأ: (إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) ،و هو عمر بن عبد العزيز،و يحكى عن أبي حنيفة؟

قلت:الخشية في هذه القراءة استعارة،و المعنى:إنّما يجلّهم و يعظّمهم كما يجلّ المهيب المخشيّ من الرّجال بين النّاس من بين جميع عباده.(3:307،308)

نحوه البيضاويّ(2:272)،و النّسفيّ(3:340)، و الشّربينيّ(3:325)،و أبو السّعود(4:243).

أبو حيّان:و قرأ الجمهور بنصب الجلالة و رفع (العلماء).و روي عن عمرو بن عبد العزيز و أبي حنيفة عكس ذلك.و تؤوّلت هذه القراءة على أنّ الخشية استعارة للتّعظيم،لأنّ من خشي وهاب أجلّ و عظّم من خشيه وهاب،و لعلّ ذلك لا يصحّ عنهما.و قد رأينا كتبا في الشّواذّ و لم يذكروا هذه القراءة،و إنّما ذكرها الزّمخشريّ،و ذكرها عن أبي حيوة أبو القاسم يوسف بن جبارة في كتابه«الكامل».(7:312)

الآلوسيّ: [مثل أبي حيّان إلاّ أنّه أضاف في تأويل هذه القراءة:]

و قيل:الخشية ترد بمعنى الاختيار،كقوله:

*خشيت بني عمّي فلم أر مثلهم*

(22:191)

20- قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ...

سبأ:22

الإسكافيّ: ...للسّائل أن يسأل عن إظهار اسم اللّه تعالى في سورة سبأ في قوله: مِنْ دُونِ اللّهِ و إضماره في سورة الإسراء:56،في قوله: مِنْ دُونِهِ و قد جرى الذّكر قبل في الموضعين،لأنّ قبل هذه الآية: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَ رَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ سبأ:21، و هناك: وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً* قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ الإسراء:55،56.

و الجواب أن يقال:إنّما اختير الإضمار في سورة بني إسرائيل لقوّة الذّكر قبل،أ لا ترى أنّه يكون في عشرة مواضع مضمرا و مظهرا لقوله: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ الإسراء:54،ف(ربّكم)

ص: 860

واحد،و في(اعلم)ضميره،و قوله: (أَوْ إِنْ يَشَأْ) فيه ضمير فاعل،(و ما ارسلنا)النّون و الألف ذكر له تعالى، و (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ) اسمان (وَ لَقَدْ فَضَّلْنا) قوله:(نا)اسمه، و كذلك: آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً فكان الإضمار تلو الإضمارات أولى بهذا المكان،فلذلك قال: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ.

و أمّا في سورة سبأ فإنّ الّذي تقدّمه: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَ رَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ فالذّكر تقدّم في ثلاثة مواضع و هناك في أكثر من عشرة مواضع، فحسن الإظهار هنا و قوي الإضمار هناك،فلذلك اختلفا.

(386)

21- هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. الحشر:22

الطّبريّ: الّذي يتصدّع من خشيته الجبل أيّها النّاس،هو المعبود الّذي لا تنبغي العبادة و الألوهيّة إلاّ له.(28:54)

نحوه القاسميّ.(16:5753)

الشّربينيّ: (هو)أي الّذي وجوده من ذاته فلا عدم له بوجه من الوجوه،فلا شيء يستحقّ الوصف ب(هو)غيره،لأنّه الموجود دائما أزلا و أبدا فهو حاضر في كلّ ضمير،غائب بعظمته عن كلّ حسّ،فلذلك تصدّع الجبل من خشيته.و لمّا عبّر عنه بأخصّ أسمائه أخبر عنه لطفا بنا و تنزّلا لنا بأشهرها الّذي هو مسمّى الأسماء كلّها،بقوله تعالى:(اللّه)أي المعبود الّذي لا تنبغي العبادة و الألوهيّة إلاّ له.(4:257)

البروسويّ: (هو)مبتدأ خبره لفظة(اللّه)بمعنى هو المعبود بالحقّ المسمّى بهذا الاسم الأعظم الدّالّ على جلال الذّات و كمال الصّفات،فلا يلزم أن يتّحد المبتدأ و الخبر بأن يكون التّقدير:اللّه اللّه،إذ لا فائدة فيه.أو (اللّه)بدل من(هو)و الموصول مع صلته خبر المبتدإ،أو (هو)إشارة إلى الشّأن و(اللّه)مبتدأ و اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خبره،و الجملة خبر ضمير الشّأن.

[و ذكر هنا أشياء لاحظ النّصوص لكلمة«إله»]

(9:454)

الطّباطبائيّ: هذه الآية و الآيتان بعدها و إن كانت مسوقة لتعداد قبيل من أسمائه تعالى الحسنى و الإشارة إلى تسميته تعالى بكلّ اسم أحسن و تنزّهه بشهادة ما في السّماوات و الأرض،لكنّها بانضمامها إلى ما مرّ من الأمر بالذّكر تفيد أنّ على الذّاكرين أن يذكروه بأسمائه الحسنى فيعرفوا أنفسهم بما يقابلها من أسماء النّقص،فافهم ذلك.

و بانضمامها إلى الآية السّابقة و ما فيها من قوله:

مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ تفيد تعليل خشوع الجبل و تصدّعه من خشية اللّه،كأنّه قيل:و كيف لا و هو اللّه الّذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشّهادة،إلى آخر الآيات.

و قوله: هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ يفيد الموصول و الصّلة معنى اسم من أسمائه،و هو وحدانيّته تعالى في ألوهيّته و معبوديّته.(19:221)

عبد الكريم الخطيب:هذا ممّا نزل به القرآن الكريم من ذكر اللّه،و هو ممّا لو نزل على جبل لخشع و تصدّع من خشية اللّه.

ص: 861

فهذه الآية و الآيات الّتي بعدها إلى آخر السّورة،قد خلصت لذكر بعض أسماء اللّه سبحانه و تعالى و صفاته، لم يذكر مع أسماء اللّه و صفاته غيرهما.

و هذا يعني أنّ القرآن كلّه،هو دعوة إلى اللّه سبحانه، و إلى تجلّي أسمائه و صفاته على عباده.فالقرآن الكريم كلام اللّه،و كلامه سبحانه صفة من صفاته.ففي كلمات اللّه تتجلّى صفاته على القلوب المؤمنة،الّتي من شأنها أن تخشع لذكر اللّه.

و التّفرّد بالألوهيّة،هو أوّل صفة للّه سبحانه،و لهذا كانت هذه الحقيقة أوّل ما بدئ به من صفات اللّه تعالى هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ.

فهذا التّفرّد هو الّذي يجعل الكمال المطلق لصفات اللّه،فإذا تفرّد سبحانه بالألوهيّة،تفرّد بالكمال المطلق في كلّ شيء،و كان من أوّل مراتب الكمال بعد التّفرّد بالألوهيّة«العلم»الّذي يحيط بكلّ ما في الوجود من غائب أو حاضر،و باطن أو ظاهر.

فمن كمال الذّات،كمال العلم الّذي تتّصف به،و بهذا العلم الكامل تقوم الرّبوبيّة على كلّ ذرّة في هذا الوجود، ما ظهر منه،و ما بطن...

و من صفات الإله الواحد المتفرّد بالألوهيّة و بالعلم،الرّحمة الّتي بها وجد هذا الوجود،و قام بها كلّ موجود.و هذا ما يشير إليه قوله تعالى: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ الأعراف:156...(14:880)

22- هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ... الحشر:23

الشّربينيّ: (هو اللّه)أي الّذي لا يقدر على تعميم الرّحمة لمن أراد و تخصيصها بمن شاء إلاّ هو(الّذى لا اله)أي لا معبود بحقّ(الاّ هو الملك...).(4:258)

أبو السّعود: قوله: هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، كرّر لإبراز الاعتناء بأمر التّوحيد.(5:155)

و مثله البروسويّ(9:457)،و الآلوسيّ(28:62)، و عبد الكريم الخطيب(14:882).

23- هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى... الحشر:24

الشّربينيّ: (اللّه)أي الّذي ليس له سمي فلا كفء له،فهو المعبود بالحقّ فلا شريك له بوجه.(4:258)

الطّباطبائيّ: إنّما صدّر الآيتين السّابقتين بقوله:

اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فوصف به(اللّه)و عقّبه بالأسماء بخلاف هذه الآية،إذ قال: هُوَ اللّهُ الْخالِقُ. ...إلخ،لأنّ الأسماء الكريمة المذكورة في الآيتين السّابقتين-و هي أحد عشر اسما-من لوازم الرّبوبيّة و مالكيّة التّدبير الّتي تتفرّع عليها الألوهيّة و المعبوديّة بالحقّ،و هي على نحو الأصالة و الاستقلال للّه سبحانه وحده لا شريك له في ذلك،فاتّصافه تعالى وحده بها يستوجب اختصاص الألوهيّة و استحقاق المعبوديّة به تعالى.

فالأسماء الكريمة بمنزلة التّعليل لاختصاص الألوهيّة به تعالى،كأنّه قيل:لا إله إلاّ هو لأنّه عالم الغيب و الشّهادة هو الرّحمن الرّحيم.و لذا أيضا ذيّل هذه الأسماء بقوله ثناء عليه: سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ ردّا على القول بالشّركاء،كما يقوله

ص: 862

المشركون.

و أمّا قوله: هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ فالمذكور فيه من الأسماء يفيد معنى الخلق و الإيجاد، و اختصاص ذلك به تعالى لا يستوجب اختصاص الألوهيّة به،كما يدلّ عليه أنّ الوثنيّين قائلون باختصاص الخلق و الإيجاد به تعالى،و هم مع ذلك يدّعون من دونه أربابا و آلهة و يثبتون له شركاء.

و أمّا وقوع اسم الجلالة في صدر الآيات الثّلاث جميعا فهو علم للذّات المستجمع لجميع صفات الكمال، يرتبط به و يجزي عليه جميع الأسماء،و في التّكرار مزيد تأكيد و تثبيت للمطلوب.(19:223)

عبد الكريم الخطيب:قوله:(هو اللّه)توكيد بعد توكيد،لذات اللّه الواحد الّذي لا إله إلاّ هو.(14:884)

24- قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ. الإخلاص:1

الإمام عليّ عليه السّلام: (اللّه)معناه المعبود الّذي يأله فيه الخلق و يؤله إليه،(اللّه)المستور عن إدراك الأبصار، و المحجوب عن الأوهام و الخطرات.(الطّبرسيّ 5:565)

الإمام الباقر عليه السّلام: (اللّه)معناه المعبود الّذي أله الخلق عن درك ماهيّته و الإحاطة بكيفيّته،و يقول العرب:أله الرّجل،إذا تحيّر في الشّيء فلم يحط به علما، و و له:إذا فزع إلى شيء ممّا يحذره و يخافه فالإله هو المستور عن حواسّ الخلق.(التّوحيد،للصّدوق:89)

الفارسيّ: يجوز في إعراب(اللّه)ضربان:أحدهما:

أن يكون خبر مبتدإ؛و ذلك على قول من ذهب إلى أنّ (هو)كناية عن اسم اللّه تعالى،ثمّ يجوز في قوله:(احد)ما يجوز في قولك:زيد أخوك قائم.

و الآخر:على قول من ذهب إلى أنّ(هو)كناية عن القصّة و الحديث،فيكون اسم(اللّه)عنده مرتفعا بالابتداء(واحد)خبره.(الطّبرسيّ 5:563)

عبد الجبّار: يتضمّن أنّه الّذي تحقّ له العبادة، و ذلك لا يصحّ إلاّ للقدرة على خلق من يستحقّ أن يعبده و الإنعام عليه بالعقل و غيره.(487)

القيسيّ: (هو)ابتداء،و هو إضمار الحديث أو الخبر أو الأمر،و(اللّه)ابتداء،و(احد)خبره،و الجملة خبر عن (هو)تقديره:قل يا محمّد:الحديث الحقّ اللّه أحد.

(2:508)

ابن عربيّ: (هو)عبارة عن الحقيقة الأحديّة الصّرفة،أي الذّات من حيث هي بلا اعتبار صفة لا يعرفها إلاّ هو،و(اللّه)بدل منه.و هو اسم الذّات مع جميع الصّفات دلّ بالإبدال على أنّ صفاته تعالى ليست بزائدة على ذاته،بل هي عين الذّات لا فرق إلاّ بالاعتبار العقليّ.

و لهذا سمّيت سورة الإخلاص،لأنّ الإخلاص تمحيص الحقيقة الأحديّة عن شائبة الكثرة.(2:869)

السّيوطيّ: [قال في أسباب التّعريف:]

و بالعلميّة لإحضاره بعينه في ذهن السّامع ابتداء باسم مختصّ به،نحو: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ الفتح:29.(2:348)

البروسويّ: (اللّه)علم دالّ على الإله الحقّ دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلّها.

و قال القاشانيّ:هو عندنا اسم الذّات الإلهيّة من

ص: 863

حيث هي هي،أي المطلقة الصّادق عليها مع جميعها أو بعضها أو لا مع واحد منها،كقوله: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ.

انتهى.

و عبد اللّه هو العبد الّذي تحلّى بجميع أسمائه فلا يكون في عباده أرفع مقاما و أعلى شأنا منه لتحقّقه بالاسم الأعظم و اتّصافه بجميع صفاته،و لهذا خصّ نبيّنا عليه السّلام بهذا الاسم في قوله: وَ أَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللّهِ يَدْعُوهُ الجنّ:19،فلم يكن هذا الاسم بالحقيقة إلاّ له و للأقطاب من ورثته بتبعيّته،و إن أطلق على غيره مجازا لاتّصافه كلّ اسم من اسمائه بجميعها بحكم الواحديّة و أحديّة جميع الأسماء.(10:536)

الطّباطبائيّ: الحقّ أنّ لفظ الجلالة علم بالغلبة له تعالى بالعربيّة،كما أنّ له في غيرها من اللّغات اسما خاصّا به.(20:387)

25- اَللّهُ الصَّمَدُ. الإخلاص:2

القيسيّ: ابتداء و خبر،و قيل:(الصّمد)نعت ل(اللّه)،و ما بعده خبر.

و قيل:(الصّمد)رفع على إضمار مبتدإ،و الجملة خبر عن(اللّه)جلّ ذكره.

و قيل:هي جملة،خبر بعد خبر عن(هو).

و قيل:(اللّه)بدل من(احد).

و قيل:هو بدل من(اللّه)الأولى؛و إنّما وقع هذا التّكرير في الصّفات،للتّعظيم و التّفخيم،و لذلك أظهر الاسم بعد أن تقدّم مظهرا،و كان حقّه أن يكون الثّاني مضمرا لتقدّم ذكره مظهرا،لكن إظهاره آكد في التّعظيم و التّفخيم،و كذلك: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ الواقعة:8،9،مثله: اَلْحَاقَّةُ* مَا الْحَاقَّةُ الحاقّة:1،2،و اَلْقارِعَةُ* مَا الْقارِعَةُ القارعة:1،2، فأعيد الاسم مظهرا،و قد تقدّم مظهرا،و ذلك للتّعظيم و التّفخيم،و لمعنى التّعجّب الّذي فيه.و كذلك قوله تعالى:

وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ... المزّمّل:20،و كان حقّه كلّه أن يعاد مضمرا،لكن أظهر لما ذكرناه.(2:508)

الكرمانيّ: قوله تعالى: اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ الصَّمَدُ كرّر لتكون كلّ جملة منهما مستقلّة بذاتها،غير محتاجة إلى ما قبلها.(214)

الطّبرسيّ: (اللّه)مبتدأ و(الصّمد)خبره.و يجوز أن يكون(الصّمد)صفة(اللّه)و(اللّه)خبر مبتدإ محذوف،أي هو اللّه الصّمد.

و يجوز أن يكون اَللّهُ الصَّمَدُ خبرا بعد خبر على قول من جعل(هو)ضمير الأمر و الحديث.(5:563)

الفخر الرّازيّ: ما الفائدة في تكرير لفظة(اللّه)في قوله: اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ الصَّمَدُ ؟

الجواب:لو لم تكرّر هذه اللّفظة لوجب في لفظ (أحد)و(صمد)أن يردا،إمّا نكرتين أو معرفتين،و قد بيّنّا أنّ ذلك غير جائز (1)،فلا جرم كرّرت هذه اللّفظة حتّى يذكر لفظ(أحد)منكّرا،و لفظ(الصّمد) معرّفا.(32:183)

السّيوطيّ:[قال في البحث عن فوائد وضع الظّاهر موضع المضمر:]».

ص: 864


1- راجع«ص م د».

منها زيادة التّقرير و التّمكين،نحو: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ الصَّمَدُ (3:244)

أبو السّعود: و تكرير الاسم الجليل للإشعار بأنّ من لم يتّصف بذلك فهو بمعزل من استحقاق الألوهيّة و تعرية الجملة عن العاطف لأنّها كالنّتيجة للأولى،بيّن أوّلا ألوهيّته عزّ و جلّ المستتبعة لكافّة نعوت الكمال،ثمّ أحديّته الموجبة تنزّهه عن شائبة التّعدّد و التّركيب بوجه من الوجوه و توهّم المشاركة في الحقيقة و خواصّها،ثمّ صمديّته المقتضية لاستغنائه الذّاتيّ عمّا سواه،و افتقار جميع المخلوقات إليه في وجودها و بقائها و سائر أحوالها تحقيقا للحقّ و إرشادا لهم إلى سننه الواضح،ثمّ صرّح ببعض أحكام جزئيّة مندرجة تحت الأحكام السّابقة.

(5:292)

مثله البروسويّ.(10:538)

الآلوسيّ: و تكرار الاسم الجليل دون الإتيان بالضّمير قيل:للاشعار بأنّ من لم يتّصف بالصّمديّة لم يستحقّ الألوهيّة،و ذلك على ما صرّح به الدّوانيّ مأخوذ من إفادة تعريف الجزءين الحصر،فإذا قلت:

«السّلطان العادل»أشعر بأنّ من لم يتّصف بالعدل لم يستحقّ السّلطنة.

و قيل:ذلك لأنّ تعليق(الصّمد)ب(اللّه)يشعر بعلّيّة الألوهيّة للصّمديّة بناء على أنّه في الأصل صفة،و إذا كانت الصّمديّة نتيجة للألوهيّة لم يستحقّ الألوهيّة من لم يتّصف بها،و بحث فيه بأنّ الألوهيّة فيما يظهر للصّمديّة،لأنّه إنّما يعبد لكونه محتاجا إليه دون العكس، إلاّ أن يقال:المراد بالألوهيّة مبدؤها و ما تترتّب عليه، لا كونه معبودا بالفعل،و إنّما لم يكتف بمسند إليه واحد لأحد،و الصّمد و هو الاسم الجليل بأن يقال:اللّه الأحد الصّمد،للتّنبيه على أنّ كلاّ من الوصفين مستقلّ في تعيين الذّات،و ترك العاطف في الجملة المذكورة لأنّها كالدّليل عليه،فإنّ من كان غنيّا لذاته محتاجا إليه جميع ما سواه لا يكون إلاّ واحدا و ما سواه لا يكون إلاّ ممكنا محتاجا إليه ،أو لأنّها كالنّتيجة لذلك،بناء على أنّ الأحديّة تستلزم الصّمديّة و الغنى المطلق.و بالجملة هذه الجملة من وجه تشبه الدّليل و من وجه تشبه النّتيجة،فهي مستأنفة أو مؤكّدة.(30:274)

الطّباطبائيّ: و أمّا إظهار اسم الجلالة ثانيا حيث قيل: اَللّهُ الصَّمَدُ و لم يقل:هو الصّمد،و لم يقل:اللّه أحد صمد،فالظّاهر أنّ ذلك للإشارة إلى كون كلّ من الجملتين وحدها كافية في تعريفه تعالى؛حيث إنّ المقام مقام تعريفه تعالى بصفة تختصّ به،فقيل: اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ الصَّمَدُ إشارة إلى أنّ المعرفة به حاصلة سواء قيل كذا أو قيل كذا.

و الآيتان مع ذلك تصفانه تعالى بصفة الذّات و صفة الفعل جميعا،فقوله:(اللّه احد)يصفه بالأحديّة الّتي هي عين الذّات و قوله: اَللّهُ الصَّمَدُ يصفه بانتهاء كلّ شيء إليه و هو من صفات الفعل.(20:388)

أحمد بدويّ: ...فممّا ذكر فيه المسند إليه قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ الصَّمَدُ، ذكر اسم الجلالة في الجملة الثّانية ليستقرّ في النّفس مرتبطا بخبره، و ليفيد بتعريفه و تعريف الخبر أنّه وحده السّيّد الّذي يقصد إليه عند اشتداد الخطوب،و فضلا عن ذلك نرى في

ص: 865

الأسلوب هذا التّناسق الموسيقي،الّذي و يفقد إذا حذفنا لفظ اللّه،برغم ما في الكلام ممّا يدلّ عليه.(118)

اللّهمّ

قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ... آل عمران:26

ابن عبّاس: اسم اللّه الأعظم: قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ إلى قوله: بِغَيْرِ حِسابٍ.

(الدّرّ المنثور 2:14)

الحسن: (اللّهمّ)تجمع الدّعاء.

(القرطبيّ 4:54)

ابن شميّل: من قال:(اللّهمّ)فقد دعا اللّه بجميع أسمائه كلّها.(القرطبيّ 4:54)

النّصوص التّاريخيّة

اشارة

هوتسما:

الف-عقيدة الجاهليّين في اللّه:

ممّا لا شكّ فيه أنّ العرب قبل محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]قالوا بوجود إله على نحو ما،سمّوه«اللّه»أو«الإله»،و عبدوه نوعا من العبادة.و هذه الكلمة إمّا أن تكون من أصل عربيّ صحيح،و إمّا أن تكون آراميّة الأصل مشتقّة من كلمة«ألاها»و معناه اللّه.و ليس يعنينا الآن أن نفحص عمّا إذا كان«الإله»في نظرهم يمثّل فكرة مجرّدة،أم أنّه كان يمثّل تدرّجهم في تصوّر إله معيّن مثل هبل.(انظر ما كتبه في هذا الموضوع:- sibara etseR smutnedieH nehc nesuahlleW، الطّبعة الثّانية،ص:117 و ما بعدها،و كذلك ما كتبه«نولدكه» عن العرب في الجاهليّة في :yranoitciD scihte dna noigiler fo gnitsaH ،ج 1،ص:

662).أمّا في هذا المقام فيكفينا أن نستشهد على تصوّر أهل مكّة للّه بما ورد في القرآن.فقد جاء فيه أنّهم كانوا يقولون:إنّ اللّه هو الخالق الرّازق(سورة الرّعد، الآية:17،سورة العنكبوت،الآية:61،63،سورة لقمان،الآية:24،سورة الزّمر،الآية:38،سورة الزّخرف،الآية:38 و الآية 87)و جاء في(الآية:17 من سورة الرّعد،و الآية:63 من سورة العنكبوت)،حكاية عن أهل مكّة أنّهم كانوا يؤكّدون أنّ اللّه هو الّذي ينزل من السّماء ماء.و كانوا يجارون إلى اللّه إذا مسّهم الضّرّ (سورة يونس،الآية:22،سورة النّحل،الآية:53، سورة العنكبوت،الآية:65،سورة لقمان،الآية:32) و هذه الآيات تؤلّف كلاّ لا ينفصل و لا يكاد يكون لكلّ واحدة منها وزن و هي منفردة (1).

و كانوا يعترفون باللّه و يقسمون به جهد أيمانهم (سورة الأنعام،الآية:109،سورة النّحل،الآية:38، سورة فاطر،الآية:42).

و يجعلون له نصيبا من الحرث و الأنعام مميّزا عن أنصبة الآلهة الأخرى(سورة الأنعام،الآية:137)و كانوا يقولون:إنّ اللّه لم يحرم عليهم قطّ أن يشركوا به،(سورة

ص: 866


1- هذه الآيات الّتي استشهد بها الكاتب متّصلة المعنى مطّردة السّياق في مكانها من سورتها،و يظهر أنّه حين ارتأى هذا الرّأي لم يكن قد استوعب معاني الآيات و أدرك دلا لاتها،و لعلّه اعتمد على الفهارس الّتي ضمّت المعاني المتّحدة في القرآن الكريم، و عنى بجمعها بعض المستشرقين.جاد المولى

الأنعام،الآية:148،سورة الصّافّات،الآية:168) (1)، و كانوا يقولون أيضا بوجود آلهة أخرى تخضع للّه انصرفوا إلى عبادتها في حميّة و حماسة.و ليس (2)من السّهل دائما أن تميّز بين آرائهم و بين تفسير محمّد لهذه الآراء،و بخاصّة بين الألفاظ الّتي استعملوها هم، و الألفاظ الّتي استعملها هو.و ممّا لا شكّ فيه أنّهم اعتبروا بعض الآلهة بنات للّه (3)(سورة الأنعام، الآية:100؛سورة النّحل،الآية:57،سورة الصّافّات، الآية:149؛سورة النّجم،الآية:21)؛مثل اللاّت و العزّى و مناة أو منات.(أنظر سورة النّجم،الآية:19، 20).و ذهب البعض في تفسير الآية:179،من سورة الأعراف إلى أنّ اللاّت (4)تحريف لكلمة«اللّه».و جعلوا للّه بنين أيضا(سورة الأنعام،الآية:100).على أنّنا لا نستطيع أن نقول:أ كان أهل مكّة قد أطلقوا على هؤلاء الآلهة لفظ«شركاء» (5)،و ربّما كانت تسميتهم لهم «بالملائكة»أقلّ احتمالا.و كان أهل مكّة في جميع الأحوال العاديّة يعبدون هذه الآلهة دون اللّه،كما كانوا يؤثرونها بالقرابين دونه و يرجّحونها عليه(سورة الأنعام،الآية:137 و ما بعدها).

و كانوا يقولون:إنّها على الأقلّ كانت تشفع لهم عنده.(سورة النّجم،الآية:26)على أنّهم لم يكونوا على يقين من أنّ هذه الآلهة كانت قادرة على الخلق(سورة الرّعد،الآية:17 و ما بعدها).و لهذا كانوا يرجعون إلى اللّه إذا مسّهم الضّرّ،لأنّهم كانوا لا يشكّون في قدرته على الخلق.

كما أنّه من المحقّق أنّ أهل مكّة جعلوا بينه و بين الجنّة نسبا،(سورة الصّافّات،الآية:158،انظر استعمال كلمة نسب في سورة الفرقان،الآية:56،و سورة المؤمنون،الآية:103)،و جعلوهم شركاء للّه،(سورة الأنعام،الآية:100)،و قدّموا لهم القرابين،(سورة الأنعام،الآية:128)،و كانوا يعوذون بهم(سورة الجنّ، الآية:6)...

و لسنا نعلم علم اليقين هل كانت قد وجدت لديهم فكرة عن الملائكة،أو أنّهم جعلوهم شركاء للّه،و ربّما كان هذا تفسيرا من عند محمّد (6)[صلّى اللّه عليه و آله](سورة الأنعام،لى

ص: 867


1- لا يوجد في سورة الصّافّات آية بهذا المعنى،و هو موجود في سورة النّحل آية:35.اللّجنة
2- لا يخفى على القاري أنّ الكاتب جرى على أنّ القرآن من عمل محمّد صلّى اللّه عليه و آله،و على هذا الأساس تقوم بحوثه،و يعوزها التّثبّت و الإنصاف.جاد المولى
3- لم يرد أنّ العرب جعلوا آلهتهم بنات للّه،و ما جاء في القرآن إنّما هو عن زعمهم أنّ الملائكة بنات للّه.و أمّا الرّدّ على من جعل للّه البنين فإنّ المقصود به النّصارى و بعض فرق اليهود.
4- هذه الدّعوى خاطئة من جهة النّقل.فإنّ الّذي في كتب التّفسير:عند قوله تعالى: وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ الأعراف:180،أنّهم اشتقّوا«اللاّت»من«اللّه»و في تفسير سورة النّجم«اللاّت»مؤنّث«اللّه».على أنّ هذه الأقوال ضعيفة.و الّذي رواه البخاريّ عن ابن عبّاس«أنّ اللاّت كان رجلا يلت السّويق للحاجّ». الفقيّ
5- القرآن صريح في أنّ المشركين أطلقوا على الأصنام اسم الشّركاء للّه تعالى فقد جاء في سورة الأنعام:136، وَ جَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَ ما كانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ و من هذا يتجلّى أنّ الكاتب لم يقف على ما جاء في القرآن فدراسته ناقصة.جاد المولى
6- إنّا نعجب من صنيع هذا الكاتب فبينما يعتمد على نصوص القرآن و يطمئنّ إليها في بحوثه،إذا به يخلط و يعدّ بعض الآيات تفسيرا من عند النّبيّ،و لا يستند في دعواه إلى دليل.جاد المولى

الآية:100،سورة الطّور،الآية:28).أمّا محمّد[صلّى اللّه عليه و آله] فإنّ رأيه واضح في هذه الأمور،فإنّه إلى جانب قوله بوجود اللّه يقول بوجود الملائكة و وجود الجنّ مع الشّيطان،و إنّ الشّياطين كانت على صلة بالجنّ و الملائكة.و هذه الكائنات (1)هي الّتي كان أهل مكّة يجأرون إليها في الواقع،و لكنّها لم تكن تملك لهم نفعا و لا ضرّا،(سورة بني إسرائيل،الآية:58).أمّا اعتبارهم هذه الكائنات إناثا و تسميتهم لها بأسماء،فهو إفك ظاهر البطلان.و يبدو من هذا أنّه مهما يكن الأمر بمكّة في عهدها الأوّل،و مهما يكن الأمر في بقيّة بلاد العرب، و مهما يكن أصل الأسماء الّتي أطلقوها على هذه الكائنات-فإنّ الدّين في مكّة أيّام محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]لم يكن و ثنيّة ساذجة،بل كان أشبه بالعقيدة المسيحيّة الّتي جعلت للقدّيسين و الملائكة مقاما بين اللّه و عباده.و قد كان محمّدا[صلّى اللّه عليه و آله]يرى أنّه جاء مصلحا يدعو إلى عقيدة أكثر بساطة و قدما،و يعيد الملائكة و الجنّ إلى مكانهم الصّحيح.

ب-عقيدة محمّدصلّى اللّه عليه و آلهفي اللّه:

تبدو عقيدة محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]بسيطة واضحة في الرّكن الأوّل من أركان الإسلام،و هو شهادة أن لا إله إلاّ اللّه.

و معنى هذا عند محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]و عند أهل مكّة هو أنّ اللّه وحده هو الإله الحقّ دون سائر الآلهة الّتي كان يعبدها أهل مكّة.و شهادة أن لا إله إلاّ اللّه لم تتعرّض لماهيّة اللّه،و إنّما تعرّضت فقط لبيان مقامه.و على هذا فكلمة «اللّه»كانت و لا تزال اسم العلم الّذي يطلق على الخالق عند المسلمين.و هي تقابل كلمة«يا هو» ewhaY عند اليهود،لا كلمة«الوهيم» miholE و ليس لكلمة «اللّه»جمع،و إذا أراد المسلمون الكلام عن الآلهة بالجمع فإنّهم يلجئون إلى جمع كلمة«إله».و هي اسم جنس يرجّح أنّ كلمة«اللّه»اشتقّت منه.و كان محمّد[صلّى اللّه عليه و آله] يستعمل هذا الجمع عند كلامه عن الآلهة الأخرى،الّتي كان أهل مكّة يشركونها مع اللّه،(سورة الأنعام،الآية:

19)،و قد حذا حذوه المسلمون في ذلك،و لو أنّهم آثروا أن يطلقوا على تلك الآلهة اسم الأصنام أو الأوثان تمييزا لها.(انظر مادّة«اللّه»في noigiler fo yranoitciD scihte gnitsaH:dna(.

على أنّه و إن كان اسم«اللّه»واحدا عند أهل مكّة و عند محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]،فإنّ تصوّرهم لحقيقة اللّه لا بدّ أن يكون مختلفا اختلافا بيّنا.و من الواضح أنّ أهل مكّة على وجه عامّ لم يكونوا يخافون اللّه،و إنّما خوفه كان من أركان عقيدة محمّد[صلّى اللّه عليه و آله].و كان أهل مكّة يظنّون اللّه بعيدا عنهم بعدا عظيما،في حين أنّ محمّدا[صلّى اللّه عليه و آله]كان يقول:إنّ اللّه قريب جدّا في كلّ لحظة،بل هو أقرب إلى النّاس من حبل الوريد،(سورة ق،الآية:16).و لم يتردّد أهل مكّة في عصيان اللّه و عبادة آلهة أقلّ شأنا.

و قد عرّف محمّد[صلّى اللّه عليه و آله](اللّه)بأنّه الملك،المنتقم الغيور و أنّه سيحاسب النّاس من غير شكّ و يعاقبهم في اليوم الآخر.و بذا تحوّلت تلك الفكرة الغامضة عن اللّه إلى ذات لها خطر عظيم.

ص: 868


1- لم يعرف عن العرب أنّهم عبدوا الشّياطين،إنّما كان بعضهم يعبد الجنّ،و بعضهم يعبد الملائكة.ثمّ إنّ الآية الّتي أشار إليها الكاتب في هذا الموضع لا علاقة لها بما أشار إليه.الفقيّ

و ينبغي لنا الآن أن نتبسّط في الكلام على هذه الذّات كما تصوّرها محمّد[صلّى اللّه عليه و آله].و من حسن التّوفيق أنّ لوازم السّجع (1)حملته على وصف اللّه بعدّة صفات يتردّد ذكرها كثيرا في القرآن(سورة الأعراف،الآية:179، سورة بني إسرائيل،الآية:110،سورة طه،الآية:7، سورة الحشر،الآية:24)و تبيّن شغف محمّد[صلّى اللّه عليه و آله] بهذه الصّفات و شدّة تمسّكه بها.و كانت الفطرة السّليمة هي الّتي دفعت المسلمين بعد محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]إلى جمع هذه الصّفات و تقديسها.و هذه الصّفات تعبّر عن حقيقة إله محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]أحسن ممّا يعبّر عنها الصّفات الّتي ذكرها علماء الكلام في القرون الوسطى.و هي تعيننا كثيرا في فهم و تحديد عبارات محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]المبعثرة المتناقضة (انظر عن أسماء للّه الحسنى المقال الّذي كتبه esuohdeR في. sA yoR eht fo.ruoJ .coS. 188،ج 12 ص 1-69).(2:558-561)

«اللّهمّ»صيغة عربيّة قديمة للنّداء معناها يا اللّه، و يقال أحيانا:لاهمّ )te kritammarg ruZ ekedloN:ebara essalC، ص 6).و نحن نشكّ فيما افترضه فلها وزن etseR nessuahleW( smutnedieH nehcsibara(، الطّبعة الثّانية ص 200)من أنّ هذا النّداء كان في الأصل ينادى به اللّه الّذي يسمو عن آلهة العرب في الجاهليّة و لا يشبهها، لأنّ كلّ إله يمكن أن ينادى على هذا النّحو.و استعملت كلمة«اللّهمّ»في الصّلوات و الأضاحيّ و عقد الأحلاف، و في الدّعوات و اللّعنات ).y negnuldnahbA rehizdloG:lolihp.bara، ج 1،ص 25 و ما بعدها؛انظر عبارة«اللّهمّ حيّ»:الأخطل رقم 3-7).

أمّا عبارة«باسمك اللّهمّ»الّتي يقال:إنّ أميّة بن أبي الصّلت هو أوّل من استعملها كما ورد في الأغاني(ج 3، ص 187)و الّتي كانت تصدّر بها المعاهدات المكتوبة، فقد أبدلها النّبيّ بها غيرها،لأنّها من عبارات الجاهليّة (2)(ابن هشام،ج 1،ص 747 ؛neziekS nessuahlleW:.braroV.u، ج 4 ص 104، 121)و بالرّغم من ذلك بقيت كلمة«اللّهمّ»و لم يجد المسلمون في استعمالها حرجا(وردت فى القرآن:سورة آل عمران،آية:25؛سورة الزّمر،آية:47؛كما وردت «سبحانك اللّهمّ»في سورة يونس،آية:10).و كذلك بقيت عبارة«اللّهمّ نعم»،و هي جواب الّذي يستحلف بقول الحقّ(الطّبريّ:ج 1،ص 1723،س 3،9).

أمّا فيما يختصّ بعبارة«اللّهمّ منك و إليك أو لك»الّتيكر

ص: 869


1- كان يجمل بالكاتب قبل أن يلقي الكلام جزافا عن القرآن أن يدرس اللّسان العربيّ و أطواره التّاريخيّة،و تطبيق ما جاء من الفواصل في القرآن على قواعد السّجع و أنواعها،و تكفي شهادة قريش في سجع القرآن و فواصله،و أنّه في أعلى طبقات البلاغة. و يظهر أنّ الكاتب قرأ أنّ كتّاب اللّسان العربيّ في العصور المتأخّرة كانوا يفسدون المعاني في سبيل الألفاظ و يتكلّفون السّجع،فأجرى حكمه على عصور البيان العربيّ،و أدرج فيها القرآن.جاد المولى
2- ليس هذا تعليلا صحيحا،فإنّ كلمة«باسمك اللّهمّ»ممّا يجوز استعماله قطعا،لأنّه ابتداء باسم اللّه سبحانه و تعالى.و إنّما استعمل النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم كلمة بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بدلا منها لأنّها ابتدأت بها سور القرآن الكريم ثمّ صارت كأنّها شعار إسلاميّ في الكتابة و القراءة و في كلّ عمل يعمله المسلم،فهي أفضل في الاستعمال، و واجبة في قراءة القرآن لا يجوز غيرها،و لكن ليس هذا دليلا على منع استعمال«باسمك اللّهمّ»فى بعض الأحيان.كما استعملها النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم في كتابة العهد بينه و بين قريش حين أبوا كتابة الشّعار الإسلاميّ. و هذا واضح من قصّة المعاهدة(ابن هشام ص 746 و ما بعدها). أحمد محمّد شاكر

تقال في الأضاحيّ،فانظر rehizdloG في مجلّة:

hcslleseG lnegroM.hcstueD.d.rhcstieZ

(العدد 38،ص 95 و ما بعدها،)

[بول lhuB.F ](2:592)

على أصغر حكمت: عبد البدو الّذين يجوبون الصّحاري و عرب الجزيرة العربيّة أحجارا و رموزا مقدّسة،و كانت عبادة الأصنام تشكّل أصول عقائدهم الدّينيّة،و نذكر أدناه نبذة مختصرة عنها:

1-عبادة الأجرام السّماويّة و قوى الطّبيعة الفعّالة:

كانت عبادة الشّمس و القمر و النّجوم رائجة و ذا أهمّيّة فى المرحلة البدائيّة عند العرب،و كانت هذه العبادة واضحة المعالم في جنوب الجزيرة العربيّة-مهد حضارة سبأ في اليمن-فعبدت كثير من القبائل الجنوبيّة الإلهة«الشّمس»و الإله«القمر»،و شيّدوا لهما معابد.

و كان اسم«عبد الشّمس»من الأسماء المتداولة في العصر الجاهليّ،و سمّوا أيضا اسم«عبد الشّارق»أي عبد الشّمس الطّالعة،و كذا«عبد النّجم»و«عبد الثّريّا» أحيانا.و قوله في القرآن: وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى النّجم:49،إشارة إلى هذا الكوكب الّذي عكف العرب على عبادته.و من الكواكب الأخرى المعبودة كوكب «الزّهرة»الّذي أطلقوا عليه اسم«العزّى»،و كانت تعدّ أعزّ الآلهة عندهم،و عبادتها أكثر رواجا بينهم.و قد حكى المورّخون اليونانيّون و السّريانيّون منذ القدم انتشار عبادة«العزّى»في الجزيرة العربيّة،و كيف كانوا يضحّون بالقرابين لكوكب«الصّباح»،و يطلبون منه الخير.

و كانت عبادة«العزّى»سائدة في جزيرة العرب قبل ظهور الإسلام بقرن تماما،و كان أحد أعمام النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يدعى باسم«عبد العزّى»،و هو أبو لهب،و ورد ذكر «العزّى»في القرآن الكريم،بقوله تعالى: أَ فَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَ الْعُزّى* وَ مَناةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرى* أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى النّجم:19-21،و ذكر اللّه في هذه الآية ثلاثة آلهة للعرب،و كانوا يعدّونها بنات اللّه.و كان بين مكّة و الطّائف موضع يدعى«النّخلة»،شيّدوا فيه معبدا لصنم يحمل هذا الاسم«العزّى»،و فيه ثلاث أشجار.و كانوا قبل طلوع فجر الإسلام يعبدونه كإله موجود لا ككوكب «الصّباح»،و لا زالت عبادة القمر سارية إلى يومنا هذا عند البدو و أغلب سكّان الصّحراء؛حيث يعتبرونه إلها رحيما؛لأنّه يجلب لهم الرّاحة و الأمان،فيقودون أغنامهم نحو المراعي،و هو السّبب في سقوط النّدى و نموّ الأعشاب،و لكنّ شمس الصّحراء تأتي عليها و تفنيها.

و أمّا«قزح»فكان يعدّ عندهم إله الطّوفان،و قوسه معروف حاليّا في اللّغة الفارسيّة أيضا،و يستعمل مكان «قوس قزح»،و قد ذكره الشّاعر«منوچهري»في إحدى قصائده.و كان له مكان خاصّ في صحن الكعبة يعرف باسمه،و كان العرب في الجاهليّة يشعلون النّار هناك لعبادته.

1-صنم اللاّت:

هو إله الشّمس الّذي شاعت عبادته بين الأنباط قديما،و هو مؤنّث،لأنّ لفظ«الشّمس»مؤنّث عند أغلب الأقوام السّاميّة،و هؤلاء أنّثوا هذا الإله أيضا لذلك.

و قد تعرّض المؤرّخ اليونانيّ«هيرودوتس»في تاريخه لهذا الصّنم،و عدّه«ديونيسوس»الإله اليونانيّ.

ص: 870

و حينما ظهر الإسلام في القرن السّابع الميلاديّ كان بنو ثقيف و أهل الطّائف يعبدون اللاّت،و كان على شكل حجر مربّع الشّكل.و قد حطّمه المغيرة بن شعبة ثمّ أحرقه بأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،و بذلك وضع حدّا لعبادته في العالم.

2-عبادة الآلهة المعنويّة:

و هي الآلهة الّتي استوحتها العرب من المعاني المطلقة و المفاهيم الغير المحسوسة،ينسبون إليها نوعا من التّجسّم بصورة خاصّة.و كانت هذه العقيدة انسلاخ من الرّوحيّة البدويّة البالية،و تقمّص الإيمان و الاعتقاد بقوى خفيّة و غير محسوسة للطّبيعة الّتي تكون منشأ الخير أو الشّرّ في الحياة المعاشيّة للبشر.و يرى أحد المحقّقين المتأخّرين (1)أنّ«مناة»مشتقّ من«المنيّة»أي الموت،و جمعه«منايا»أو«منوات»بمعنى القضاء و القدر اللّذين يلعبان دورا مهمّا في مصير الإنسان.و قد جاء لفظ «منى»بمعنى الحظّ و الصّدفة عند الكنعانيّين،انظر سفر أشعيا(56:11).و أتى القرآن على ذكر«مناة»كما تقدّم في الآية(20)من سورة النّجم،و كان عرب الجاهليّة يعدّونها من بنات اللّه و يعبدونها في الكعبة.و ورد اسم «منى»في الآثار الحجريّة النبطيّة القديمة،و كان لهذا الصّنم معبد و مزار في ديار قبيلتي هذيل و خزاعة عند موضع يدعى«قديد»على ساحل البحر.و قيل:إنّ أهالي يثرب«الأوس و الخزرج»كانوا يعبدونه أيضا،و كان اسم«عبد مناة»شائعا عند أغلب القبائل،و ذلك ممّا يدلّل على شموليّة عبادته في كافّة أنحاء الجزيرة العربيّة.و في آخر المطاف هدم الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام السّنة الثّامنة من الهجرة هذا المعبد و حطّم صنمه بأمر من النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله،انظر«الأصنام صفحة 15» و كان في المعبد سيفان،أهداهما الحارث بن أبي شمر الغسّانيّ إليه،فأخذهما الإمام عليّ عليه السّلام،و كان سيفه ذو الفقار (2)أحدهما.

و من الآلهة الأخرى«مناف»،و يعني في اللّغة المقام السّامي،و هو مفهوم معنويّ أيضا قد تجسّد في صورة مادّيّة،و يحتمل أنّه اشتقّ من«المنيّة»ككلمة«مناة».

و كان اسم«عبد مناف»مشهورا بين العرب و منهم قريش؛حيث سمّي أحد أجداد النّبيّ-و هو أبو هاشم- بهذا الاسم.

و من آلهة العرب«ودّ»،و هو أحد آلهة جنوب الجزيرة العربيّة،و اشتقّ من معنى«المودّة».و ذكره اللّه تعالى في القرآن الكريم حكاية عن قول المشركين:

وَ قالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً نوح:23.

و قيل:بنوا له معبدا في دومة الجندل،و هي واحة تقع فى الشّمال الغربيّ لنجد،و شاع استعمال اسم«عبد ودّ»في جميع القبائل العربيّة..و صنعوا له تمثالا يحمل بيديه قوسا و سهما أو سيفا و درعا،و قد حطّمه خالد بن الوليد، و خرّب معبده بأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و أخيرا،و من المفاهيم المعنويّة عند بعض عرب الجزيرة العربيّة،و الّتي لها تأثير و فاعليّة تفوق القوىا.

ص: 871


1- تئودور نولدكه-دائرة المعارف أديان.
2- و جاء في بعض الرّوايات أنّ جبرئيل جاء به إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأعطاه عليّا.

البشريّة هو«الدّهر».فقد عدّوا الدّهر أو الزّمان ذا أثر في حياة الإنسان و موته،و يوجب السّعادة و الشّقاء في الحياة،لذا قيل:إنّ بعض العرب قد ألّهه و قال بربوبيّته و قد أشار اللّه تعالى إلى هذه العقيدة بقوله: وَ قالُوا ما هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ. الجاثية 23

و من الجدير بالذّكر أنّ العقيدة بالدّهر عند سكّان البادية لم تكن نظريّة و ليس لها آراء و أقوال موجّهة،بل كانت عبارة عن اعتقاد بفكر و علم قديم أثّر في البشر، و كان مخالفو الألوهيّة يعتنقونه.و لعلّ هذه الفكرة انتقلت من فرقة«الزّروانيّين»في إيران و نفذت في الجزيرة العربيّة،فحاجّ الكفّار النّبيّ الّذي دعا إلى عبادة اللّه تعالى بهذه العقيدة،فردّ اللّه عزّ و جلّ عليهم بآية الجاثية المتقدّمة.

3-عبادة الآلهة الحيوانيّة:

إنّ عبادة الحيوانات هي من مخلّفات الطّقوس الدّينيّة القديمة،و كانت الأصنام المنحوتة من الحجر و الأوثان المصنوعة من الخشب،و الّتي تحمل أسماء الحيوانات كثيرة عند العرب.و بعضها يعدّ من بقايا الاعتقاد بالرّموز المقدّسة الّتي انتقلت إليهم عن طريق آثار أجدادهم السّاميّين إلى الأجيال العربيّة،و انتقل بعضها إليهم من الأمم المجاورة لهم.و منها«النّسر»،و قد جاء ذكر هذا المعبود في الآية السّابقة،و أشير إليه بأنّه الإله العربيّ في بعض كتب الأمم الأخرى،كما في «التّلمود».

و منها«عوف»،و هو اسم طير صيد.و قد سمّي:

باسم«عبد عوف»بعض رجال القبائل العربيّة،و هم يعدّونه إله السّعد،و يتفأّلون به.

و قال بعض المحقّقين:إنّ الصّنم«عوف»قد اقتبسته العرب من الآراميّين،و يبدو أنّ عبادة النّسر كانت سائدة عند أغلب الأمم السّاميّة قديما.

و كانت عبادة الأوثان النّباتيّة«الأشجار»شائعة عند العرب أيضا،فكما ذكرنا آنفا أنّ معبد«العزّى»في «النّخلة»كان يضمّ ثلاث أشجار،فاقتلعها خالد بن الوليد بأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و حطّم الصّنم أيضا.و روي أنّ الخليفة الثّاني عمر بن الخطّاب أمر بقطع الشّجرة الّتي استظلّ بها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المسلمون في بيعة الرّضوان،لكي لا يفتن بها المسلمون فيعبدونها.

4-الآلهة القديمة:

و كان للعرب آلهة و أصنام متعدّدة،يحمل بعضها اسما لمكان و واد،مثل:«ذو الشّرى»و«ذو الخلصة» (1)، و بعضها من مخلّفات العقائد السّاميّة القديمة،مثل:

«يغوث»و«يعوق»و«سواع»و«هبل».و تنسب الأساطير و الرّوايات العربيّة وجود هذه الأصنام إلى زمان النّبيّ نوح عليه السّلام (2).

و يبدو أنّ معنى«يغوث»-المذكور في الآية المتقدّمة-المعين،و لعلّه كان معبود قبائل شمال اليمن و جنوب الحجاز،و كان اسم«عبد يغوث»مشهورا عند كثير من القبائل،و لكن عبادته كانت محدودة عند ظهور الإسلام،انظر«الأصنام ص 10 و 57».ء.

ص: 872


1- ابن الكلبيّ:الأصنام صفحة:34 و 38.
2- ابن الجوزيّ:نقد العلم و العلماء.

و يعني«يعوق»-الوارد ذكره في الآية المارّة الذّكر- الحافظ و الحارس،و كان إله عرب اليمن،و عبد في جنوب شبه الجزيرة العربيّة في العصور القديمة،انظر«الأصنام ص 57».

و كانت عبادة«سواع»محصورة عند قبيلة«هذيل» في«ينبع»،و كان له معبد،و لم يعرف اشتقاقا لاسمه أيضا،انظر«الأصنام ص 10 و 57».

و كان أعظم الآلهة عندهم«هبل»إله أهل مكّة «قريش»،و كان بصورة إنسان كامل منصوبا في الكعبة، و يدعونه بربّ البيت.و كان عند قدميه سبعة سهام «قداح»وضعوها للتّفؤّل.و كان الكهنة يتفأّلون برميها للإقدام على عمل أو الجواب عن سؤال،حول مولود أو مسافر و غير ذلك من الأمور الّتي يحصل فيها التّرديد و الانتظار،و كانوا يخبرون بالغيب.

و قد ورد في أخبار العرب أنّ رجلا يدعى«عمرو بن لحيّ الخزاعيّ»جلب الصّنم«هبل»إلى مكّة من بلاد «موآب»و أثبتت التّحقيقات الأخيرة أيضا أنّ القبائل العربيّة الشّماليّة أخذت عبادة الصّنم«هبل»من القبائل الّتي كانت تسكن بادية الشّام كالأنباط.

و لمّا انتصر مشركو قريش على المسلمين فى غزوة أحد نادى أبو سفيان قائد جيش أهل مكّة بأعلى صوته:

اعل هبل،أي علا دينك يا هبل!فأجابه المسلمون:اللّه أعلى و أجلّ!و عند ما دخل النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله مكّة في عام الفتح،دخل الكعبة و حطّم«هبل»أوّلا،ثمّ حطّم سائر الأصنام و هو يردّد هذه الآية: جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً، الإسراء:81،انظر«الأصنام ص 31».

و كان أهل مكّة يعبدون أصناما أخرى أيضا،منها «أساف»و«نائلة»،و كانا يمثّلان رجلا و امرأة عاريين، و قيل:جلبوهما من جنوب الجزيرة العربيّة إلى الحجاز، انظر«الأصنام ص.9 و 29».

و من آلهة عرب الشّمال«البعل»و كان يعبد في شمال الجزيرة العربيّة من قبل الأقوام السّاميّة أيضا سنين طوال،و ورد ذكره في الآثار المكتوبة باسم«سينا».و لا يزال أحد المنازل الواقعة بين الشّام و المدينة يعرف باسم «شرف البعل»،و يبدو أنّه اكتسب تسميته من اسم البعل من الأزمنة القديمة.و البعل عند السّاميّين هو إله المياه و العيون و الآبار،و ذكر البعل في التّوراة بأنّه إله الفينيقيّين،و ورد ذكره في القرآن أيضا عند ذكر قوم «إلياس»في قوله تعالى: أَ تَدْعُونَ بَعْلاً وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ الصّافّات:125.

(نه گفتار در تاريخ أديان:253-264)

ايزوتسو:1-كلمة«اللّه»و معانيها الأساسيّة و النّسبيّة:

اللّه أسمى كلمة أساسيّة في القرآن،و لا تسمو عليها أيّ كلمة أخرى من حيث الرّتبة و الأهمّيّة.و إنّ رؤية القرآن أساسا أنّ اللّه مركز الكون،فمن الطّبيعيّ أن يصوّر هذا الكتاب اللّه مهيمنا على الجميع.

إنّ ربّ القرآن نظير ربّ الفلسفة اليونانيّة،فهو كامل و غنيّ و ذو جلال و واحد و وحيد و ليس من جنس البشر،له أثر فعّال في أفعال العباد.

لفظ«اللّه»مشترك بين الجاهليّة و الإسلام،و بعبارة

ص: 873

أخرى فإنّ القرآن حينما جاء به كان معروفا و لم يأت لتسمية الإله بشيء جديد يكون غريبا عند العرب آنذاك.

و هنا يثار بعض الأسئلة حول ذلك؛هل أنّ التّصوّر القرآنيّ بخصوص«اللّه»هو استمرار لتصوّر كان سائدا قبل الإسلام،أو أنّه فيصل بينه و بين ما يتعلّق به؟

و هل أنّ بعض الرّوابط الأساسيّة-لا العرضيّة و الطّارئة-لها وجود بين كلا المفهومين اللّذين تنوب عنهما كلمة واحدة،أو كان مجرّد استعمال لكلمة مشتركة لمعنيين متفاوتين في الاستعمال؟

و ما هي مقتضيات هذه الحقيقة الدّالّة على أنّ لفظ اللّه لم يكن مجهولا لدى الفريقين بل كان متداولا فيما بينهما عند المناقشات؟

و الحقيقة أنّ لفظ«اللّه»كان مشتركا بين المشركين و المسلمين،و خصوصا أنّ هذه الحقيقة-الّتي كانت سببا لإيجاد المباحثات السّاخنة حول تصوّر اللّه و مفهومه- تفرز هذا الفكر كما يبدو؛إذ كانت هناك أرضيّة مشتركة للتّفاهم بين الطّرفين المتصارعين،و إلاّ لم تحدث مناظرة و مشاجرة قطّ.و لذا فإنّ النّبيّ[صلّى اللّه عليه و آله]حينما كان يفتح كلامه مع خصومه باسم اللّه كان يعلم علم اليقين بأنّ هذا الاسم له وقع عظيم في عقولهم و أفكارهم،و إن لم يكن الأمر كذلك كانت جهوده تذهب أدراج الرّياح و يعود بخفيّ حنين.

و لهذا العنصر المشترك معنيان:الأوّل:معنى أساسيّ، و الثّاني:معنى نسبيّ.

فمن ناحية المعنى الأساسيّ للفظ«اللّه»فقد عمد كثير من علماء الغرب إلى مقارنة هذه الكلمة مع الاسم اليونانيّ«هوذوس»من حيث الشّكل الصّوريّ، فوجدوها تدلّ على معنى«اللّه»ببساطة،و هي كذلك برأيي.و كان لفظ«اللّه»في هذا القياس المجرّد مشتركا بين جميع القبائل العربيّة؛إذ كان لكلّ قبيلة قبل الإسلام إله مخصوص بها عادة و يطلق عليه اسم خاصّ.و بناء على هذا فيحتمل أوّل الأمر أنّ كلّ قبيلة حينما تستعمل كلمة تناظر«اللّه»فالمقصود بها نفس ذلك الإله المخصوص بها، و هذا الأمر قريب الاحتمال جدّا.و لكن نفس هذا المسلك الّذي اختطّته القبائل لنفسها بأن تعرّف إلهها الخاصّ بها بكلمة«اللّه»المجرّدة،هو نهج لتكوين و ترقّي مفهوم مجرّد للّه لا تشوبه صفة محلّيّة و قبيليّة.و لتحقيق هذا الهدف أصفقت القبائل على ضرورة البحث عن إله مشترك لها، و يمكن ملاحظة نماذج كهذه في كافّة أنحاء العالم.

فضلا عن ذلك فلا يغيب عن أذهاننا بأنّ اليهود و النّصارى كانوا يعيشون في الجزيرة العربيّة،و بذلك سخت فرص كثيرة للعرب للاحتكاك بهؤلاء و الاطّلاع على ثقافتهم عن كثب،و من الطّبيعيّ أنّ اليهود و النّصارى يستعملون لفظ«اللّه»للإشارة إلى إله كتابهم المقدّس.و هذا الأمر كان باعثا على تكوين و شيوع مفهوم«اللّه»عند العرب قبل الإسلام،و ظهور مفهوم أسمى من إله القبيلة،سواء كان بين أهل الحضر أم بين أهل الوبر.

و يمكن استخلاص هذه الحقيقة البحتة من القرآن فقط،بأنّ النّبيّ محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]حينما شرع بدعوته كان المشركون يلمّون بفكرة مبهمة عن«اللّه»أفضل الآلهة

ص: 874

الّذي يفوقها جميعا.

و أمّا المعنى النّسبيّ للفظ«اللّه»في الجاهليّة فقد كان يخصّ عالم الطّبيعة الجاهليّ إضافة إلى المعنى الأساسيّ لهذا اللّفظ.و لا جرم أنّ جميع العناصر النّسبيّة قد طرقت سمع أهل مكّة من خلال آيات القرآن،حينما كان النّبيّ محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]بين ظهرانيهم في بدء البعثة.

و لا شكّ أنّ من بين العناصر النّسبيّة الّتي نشأت و نمت في العصر الجاهليّ حول مفهوم اللّه اعتبر الإسلام بعضها سقيمة تماما و لا تنسجم مع طرز التّصوّر الدّينيّ الجديد البتّة،ممّا أدّى إلى حدوث نزاع شديد بين الطّرفين.و كان أهمّ هذه العناصر الّتي لا تلائم الإسلام فكرة تقول:إنّ اللّه له شركاء،على الرّغم من عظمته و سموّه على سائر الآلهة.و لكن حين المرور على هذا العنصر الشّركيّ و على بعض الأمور المهمّة الأخرى نرى القرآن يعرض المفهوم العامّ للفظ«اللّه»المتداول عند المشركين بصورة مذهلة مقاربة لمفهوم«اللّه»؛إذ وردت بضع آيات من القرآن متسائلة بتعجّب:لم يصرّ هؤلاء على رفض حقائق الدّين الجديد و تعليماته،على الرّغم من معرفتهم باللّه و اعتقادهم السّليم به،و سنتناول هذا الموضوع ثانية.

و تبادرت إلى ذهني حقيقة أثناء البحث و التّحقيق حول فكرة نشوء المعنى النّسبيّ لكلمة«اللّه»و تكامله عند عرب الجاهليّة،و هي أنّ أساس تكوينه ينبع من أربع حالات:

1-مفهوم«اللّه»بمنظار الشّرك:و هو تصوّر عربيّ محض،إذ نراه عند العرب أنفسهم قبل الإسلام،ممّا ورد في نصوصهم حول«اللّه»كما يفهمونه.و من الجدير بالذّكر أنّ الأدب الجاهليّ ليس المصدر الوحيد الّذي يسعفنا في هذا المضمار؛حيث يمكن الحصول على معلومات كاملة وافية من القرآن نفسه،فهو يصف الحوادث الجارية بشكل حيّ.

2-مفهوم«اللّه»بمنظار اليهود و النّصارى:فهم يستعملون لفظ«اللّه»كما يستعمله هؤلاء قبل الإسلام، و من المسلّم في هذه الحالة أنّ«اللّه»يعني إله الكتاب المقدّس الّذي يعبّر عن تصوّر توحيديّ من اللّه.و يمكن العثور على نماذج مثيرة جدّا لهذه الحالة،كما في آثار «عديّ بن زيد»مثلا،و كان مسيحيّا و شاعرا لبلاط في الحيرة.

3-مفهوم«اللّه»بمنظار توراتيّ:و هو تصوّر لدى عرب الجاهليّة من غير اليهود و النّصارى.و قلّما يحدث هذا التّصوّر عندهم،فينتهز مثلا شاعر بدويّ فرصة ليمدح ملكه المسيحيّ،فيستعمل في مديحه لفظ«اللّه» طبق معناه عند النّصارى و كما يعتقدون به،سواء كان عالما بذلك أم لم يعلم،على الرّغم من كونه مشركا.

4-مفهوم«اللّه»بمنظار حنيفيّ:و هذا تصوّر خاصّ و محدود جدّا،و بينه و بين التّصوّرات السّابقة بون شاسع و كان يطلق على معتنقيه«الحنفاء»،و بقي مستقلاّ بذاته حتّى جاء الإسلام فأخرجه من عزلته و سلّط عليه الأضواء.و نقدّم نموذجا من هذه الجماعة في بحثنا هذا، و هو«أميّة بن أبي الصّلت»الّذي ما كان يهوديّا و لا نصرانيّا،بل كان ينحو منحى دينيّا فريدا في العبادة،و قد تسرّب هذا المفهوم بطرق مختلفة في دنيا العرب قادما

ص: 875

بواسطة الأفكار اليهوديّة و النّصرانيّة الّتي كانت ذا أثر فعّال جدّا في الجزيرة العربيّة.و لا شكّ في أنّ«أميّة» هذا كان أحد الشّخصيّات البارزة و المرموقة في الجاهليّة،و قد استعمل لفظ«اللّه»بنمط رائع جدّا حسب الرّؤية الإسلاميّة.

2-تصوّر«اللّه»عند عبدة الأصنام العرب:

أودّ أن أشير إلى مسألة قبل البدء بالبحث،و هي أنّه يمكن درك حقيقة مهمّة جدّا بالاستعانة بالشّواهد القرآنيّة فحسب دون غيرها،و هي أنّ مفهوم«اللّه»من النّظرة الدّينيّة لا يعني أنّ له وجودا قبل الإسلام فحسب،بل يتعدّى ذلك أيضا،فهو باعث داخليّ حسن التّرويض جدّا،أي هو:

1-خالق الكون.

2-منزل المطر،و بصورة أعمّ هو واهب الحياة لكلّ حيّ على وجه البسيطة.

3-المهيمن على كلّ سلطان.

4-المعبود بحقّ الّذي يمكن أن يطلق عليه اسم المعبود الأحد«الآني»أو«المؤقّت»،و قد تكرّر هذا المعنى في القرآن كثيرا،و منه قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَ فَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَ جاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ* فَلَمّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ.

يونس:22،23

5-ربّ الكعبة.

هذه هي العناصر الأساسيّة للمعنى النّسبيّ المتعلّق بلفظ الجلالة في الجاهليّة،و قد أقرّها القرآن،لأنّها لا تتنافى مع رؤى الدّين الجديد.

و ممّا يبعث على العجب هو هذا التّقارب الملحوظ بين مفهوم«اللّه»في الجاهليّة و بين الحقائق الإسلاميّة عند ظهور الإسلام،و قد عبّر القرآن عن ذلك متعجّبا و متسائلا:لما ذا لا يؤمن هؤلاء بالدّين الجديد و يقبلوا على اللّه بالرّغم من معرفتهم به حقّ المعرفة؟! وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ العنكبوت:61.

ثمّ عقّب ذلك السّؤال بسؤال آخر:؟ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللّهُ العنكبوت:63.

و يلاحظ في مواضع كثيرة من القرآن أنّ الجاهليّين حينما كانوا يواجهون خطر الموت،و يفقدون الأمل للنّجاة،و خصوصا عند ركوب البحر،يجأرون إلى اللّه، و يستمدّون العون منه،و نكتفي بمثال واحد هنا و هو قوله تعالى: وَ إِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لقمان:31.

و إنّ القرآن يعقّب أكثر الآيات الّتي وردت فيها هذه العبارة بأنّ المشركين عند ما يصلون إلى ساحل البحر، و يشعرون بالأمن و السّلام ينسون كلّ ما جرى عليهم، فيشركون باللّه مرّة أخرى،أي يعودون إلى الشّرك ثانية: فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ العنكبوت:65.

و نسيان اللّه من قبل عرب الجاهليّة كان في

ص: 876

الظّروف العاديّة،إلاّ أنّهم يتذكّرونه و يلهجون باسمه عند ما تداهمهم الأخطار.و كان من عادتهم في الجاهليّة كما ذكر القرآن ذكر اسم اللّه عند القسم و الأيمان المغلّظة وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ النّحل:38.

و كان اللّه يعرف في العصر الجاهليّ بلحاظ خاصّ باسم«ربّ البيت»و«ربّ الكعبة»أو«ربّ مكّة».و في الأدب الجاهليّ شواهد كثيرة تدلّ على أنّ مفهوم«اللّه» في قولهم:«ربّ مكّة»،له شهرة واسعة بين العرب قاطبة في مكّة و خارجها.و أورد هنا نموذجا رائعا لذلك،و هو بيت من الشّعر لشاعر جاهليّ معروف،و هو عديّ بن زيد الشّاعر المسيحيّ في بلاط الحيرة.و هو بيت من قصيدة أنشدها في سجن الملك النّعمان الثّالث:

تسعى الأعداء لا يألون شرّا

عليّ،و ربّ مكّة و الصّليب

3-اليهود و النّصارى:

كان العرب آنذاك محاطين بالقوى المسيحيّة العظمى،فالحبشة كانت مسيحيّة،و كان الأحباش يعتقدون بطبيعة المسيح الواحدة،و كان الإمبراطور البيزنطيّ-الّذي بهر العرب بحضارته الرّاقية-مسيحيّا، و كذا كان الغساسنة؛إذ هم حرّاس المنطقة الواقعة تحت نفوذ الإمبراطوريّة القسطنطينيّة في بلاد العرب،و كانوا يعتنقون المسيحيّة منذ عصر ملكهم الثّاني عمرو الأوّل الّذي اشتهر ببناء صوامع الحالي و أيّوب و الحنّاد حتّى سقوط دولتهم عام(637 م)بيد المسلمين الفاتحين في عهد آخر ملوكهم جبلة الثّاني،و كانوا يعتقدون بطبيعة المسيح الواحدة.

و من ناحية أخرى كانت الحيرة-الّتي تعتبر مستعمرة إيرانيّة-ذات نفوذ عظيم في حياة العرب و أفكارهم و حتّى في حياة الأعراب أيضا.و كما هو المعروف فإنّ المركز المهمّ الكنيسة السّريانيّة الشّرقيّة هو المذهب المسيحيّ النّسطوريّ.و كان بعض القبائل الكبيرة من البدو الرحّل متأثّرا بالمسيحيّة نتيجة الاحتكاك المباشر بهذه المراكز المسيحيّة المهمّة،فضلا عن ذلك فقد كان بعض المثقّفين العرب آنذاك له اطّلاع واسع على المسيحيّة كما ذكرنا آنفا،و من هؤلاء النّابغة الشّاعر الكبير،و هو نموذج بارز لهذه الشّريحة.و هناك شاعر فحل جاهليّ آخر،و هو الأعشى الأكبر الّذي كان يقيم علاقات شخصيّة وثيقة مع كهنة نجران،و من يطالع ديوانه بدقّة يجد أنّ معرفته بالمسيحيّة ليست سطحيّة.

و من يتصوّر أنّ أهل مكّة لم يتأثّروا بهذا العامل فهو مجانب للصّواب؛بدليل بسيط،و هو أنّ هؤلاء كانوا تجّارا محترفين،و كانوا يشدّون الرّحال إلى المناطق المسيحيّة غالبا للتّجارة،إضافة إلى ذلك فقد كان عند أهل مكّة عبيد مسيحيّون،و يعيش في نفس المدينة أيضا مسيحيّون من قبيلة بني أسد ابن عبد العزّى.

و أمّا اليهود فقد فضّل بعض القبائل اليهوديّة العيش في الجزيرة العربيّة،و ألقى اليهود المهاجرون أو اليهود الجدد رحالهم في أهمّ المناطق،منها يثرب و خيبر و فدك و تيماء و وادي القرى.و لا شكّ أنّ أهل مكّة كانوا يدركون بعض الأفكار و المفاهيم اليهوديّة بالرّغم من عدم وجود أيّ يهوديّ بين أظهرهم.

ص: 877

و كان اليهود و النّصارى يتكلّمون العربيّة في الجزيرة العربيّة،و كما أشرت مرارا إلى هذه الحقيقة، و هي أنّهم يطلقون على إله الكتاب المقدّس اسم«اللّه»، و هذا أمر طبيعيّ جدّا،لأنّ المعنى الأساسيّ لهذه الكلمة هو معنى مجرّد محض؛حيث إنّه يطابق كلمة«هوذوس» اليونانيّة إجمالا،و هذه بحدّ ذاتها كانت أرضيّة مناسبة جدّا لتقارب هذين المفهومين المختلفين للإله،و إيجاد نوع من الوحدة فيما بينهما في أذهان الجاهليّين بالرّغم من بعض الإبهام.

و كانت المفاهيم الدينيّة اليهوديّة و النّصرانيّة بصورة عامّة آنذاك جاهزة للنّفوذ في كلا الفريقين،أعني أنّ لهذه المفاهيم أثرا في عرب الجاهليّة و اليهود و النّصارى من ناحية الاطّلاع على وضع بعضهم بعضا.

و يلحظ صدى هذه الحال في كثير من الرّوايات المهمّة، و أذكر هنا إحدى هذه الرّوايات الّتي تعتبر نموذجا واضحا،و هي رواية مشهورة حول اعتلاء النّبيّ[صلّى اللّه عليه و آله] مسرح التّاريخ لأوّل مرّة باعتباره رسول اللّه.و قد أوردها البخاريّ في فصل«كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللّه»من صحيحه:بأنّه حينما نزل الوحي لأوّل مرّة على رسول اللّه بصورة مدهشة و مخيفة،و هو يقول له: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ العلق:1،واجه حالة لم يواجهها من قبل قطّ،فغشيه الخوف و الفزع،و أصابه الإعياء و العناء و أصبح ممتعضا و مضطربا،فلا يدري ما ذا يفعل؟!

و أخذت زوجته خديجة عليها السّلام تطيّب خاطره بكلامها،و لم تكتف بذلك؛بل أخذته إلى رجل معتمد و رشيد،لكي تطمئنه أكثر،و هو ابن عمّها ورقة بن نوفل بن أسد،و هو رجل مشهور.و أدناه نبذة من الرّواية،كما ذكرها البخاريّ:

«فانطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى بن عمّ خديجة،و كان امرأ تنصّر في الجاهليّة،و كان يكتب الكتاب العبرانيّ، فيكتب من الأناجيل بالعبرانيّة ما شاء اللّه أن يكتب، و كان شيخا كبيرا قد عمي.فقالت له خديجة:يا ابن عمّ، اسمع من ابن أخيك.فقال له ورقة:يا ابن أخي،ما ذا ترى؟فأخبره رسول اللّه خبر ما رأى.فقال له ورقة:

هذا النّاموس الّذي نزّل اللّه على عيسى،يا ليتني فيها جذعا،ليتني أكون حيّا؛إذ يخرجك قومك.فقال رسول اللّه:أ مخرجي هم؟قال:نعم،لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلاّ عودي،و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا».

ليس هناك دليل قاطع على الشّكّ في صحّة (1)هذه الرّواية،بل الأمر خلاف ذلك؛لأنّ وجود لفظ «النّاموس»فيها يدلّ على صحّتها و يشهد على أصالتها، و من الواضع أنّه لفظ غير قرآنيّ،و يقابله في القرآن لفظ «التّوراة».و في الحقيقة أنّ لفظ«النّاموس»محور هذه الرّواية،و هو لفظ يونانيّ أصله«نوموس»،أي الشّريعة، و يعادله في العبريّة لفظ«تورا»،أي التّوراة.

إنّ ما تقدّم قد أوصلنا-برأيي-إلى نتيجة معقولة، و هي أنّ الإسلام حينما ظهر في مكّة آنذاك كان المفهومه.

ص: 878


1- هذه رواية إسرائيليّة لأنّها تثبت الشّكّ في أوّل البعثة للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

السّامي للّه شائعا بين العرب أو كان في طريقه إلى الشّيوع و الانتشار،و هذا يعدّ بحدّ ذاته نقطة تعاطف بين المفهومين المختلفين حول اللّه.و أنّ مفهوم اللّه عند الوثنيّين العرب بكونه خالق السّماوات و الأرض و منزل المطر الّذي يكون سببا للخيرات و ما ينفع البشر،و ربّ قدير يرعى الأيمان و يطّلع على قدسيّتها و احترامها،و بيده الأمر و النّهي،و موجد بعض الآداب و الشّعائر الدّينيّة القديمة،و ربّ عظيم مهيمن على جميع العالم و له مقاليد كلّ شيء،كان ينمو تدريجيّا و يتكامل شيئا فشيئا،و في القرآن نفسه شواهد كثيرة لذلك.و لا يوجد دليل قانع لإنكار هذه الحقيقة القائلة:بأنّ كلّ ذلك كان جزء من الدّين الوثنيّ العربيّ المحلّيّ،و كانت على درجة من الوضوح؛بحيث إنّها كانت تشكّل أسمى و أفضل ركن لذلك الدّين.

هذا من جهة،و من جهة أخرى فإنّ مفهوم توحيد اللّه قد شاع بين العرب بصورة متواصلة،فإذا لم يؤمنوا به كإيمان و اعتقاد شخصيّ فهم كانوا مطّلعين لا محالة على مفهوم كهذا عند جيرانهم،و بالنّتيجة فلا بدّ أن يكونوا على بيّنة منه.

4-المفهوم اليهوديّ-النّصرانيّ للّه عند الوثنيّين العرب:

نشرح هنا الحالة الّتي سبق أن بحثناها و هي الحالة الّتي كان عليها العرب من عبادة الأصنام،لا هم يهود و لا نصارى،فكانوا يخاطبون الأصنام بما يخاطب به اليهود و النّصارى اللّه.و يمكن أن نحدس في أنّ حالة كهذه لا تقع إلاّ قليلا فيما لو أخذنا بنظر الاعتبار الوضع الثّقافيّ لذلك الزّمان.و ليس لدينا وثيقة معتبرة من ذلك الظّرف يمكن بواسطتها الاطّلاع على كيفيّة تخاطب العرب فيما بينهم حول هذا الموضوع.إلاّ أنّه يمكن مشاهدة بعض الشّواهد الملفتة للنّظر في آثار الشّعراء،و خصوصا أولئك الّذين اعتادوا مدح الملوك المسيحيّين،من ملوك الحيرة و ملوك غسّان.

فالنّابغة الشّاعر البدويّ البسيط مثلا قد استعمل كلمة«اللّه»في بيت من شعره حينما مدح ملك الحيرة المسيحيّ النّعمان بن المنذر قال:

و ربّ عليه اللّه أحسن صنعه

و كان له على البريّة ناصر

و لدينا نموذج آخر من شعر هذا الشّاعر أيضا،و هو دليل على ما ذهبنا إليه.لقد يمّم النّابغة الّذي لم يحظ بعطف النّعمان صوب الغساسنة،فقرّبه الملك عمرو بن الحارث الأصغر و أكرمه.و أنشد قصائد في مدح هذا الملك و أسرته،و لا زالت مجموعة من هذا الضّرب من القصائد باقية إلى اليوم باسم«الغسّانيّات».و أدناه بيتان منها، و أهمّيّتهما في بحثنا هذا تفوق البيت الّذي نقلناه أعلاه، و هما:

لهم شيمة لم يعطها اللّه غيرهم

من الجود و الأحلام غير عوازب

مجلّتهم ذات الإله و دينهم

قويم فما يرجون غير العواقب

و هذه الحقيقة-الدّالّة على أنّ شاعرا كبيرا مثل النّابغة يستعمل لفظ«اللّه»بمعناه المسيحيّ،و كان بكامل قواه العقليّة،و لكن بدون إحساس مسيحيّ على أقلّ

ص: 879

تقدير-لا تعني نزوة أو تعاطفا شخصيّا مع الممدوح،بل لا بدّ أنّها أثّرت تأثيرا غير مباشر و عفويّا في الرّؤى الدّينيّة للمشركين المعاصرين و في رؤيته الوثنيّة.و لا جرم أنّهم لقّنوا كيفيّة درك معنى لفظ«اللّه»بشكل يلائم الكتاب المقدّس،و حثّوا على تلقّيها باستمرار حتّى أصبح مفهومهم الإشراكيّ للّه شبيها بالمفهوم المسيحيّ تقريبا، و بصورة عفويّة.

5-«اللّه»عند الحنفاء:

نتطرّق الآن إلى القسم الأخير من هذا البحث،و هو مفهوم«اللّه»عند شريحة من المجتمع تعرف باسم «الحنفاء»،و كانت من الموحّدين العرب قبل ظهور الإسلام.و لفظ«حنيف»لفظ مبهم،و لا يعرف أصله إلى الآن،و لذا يصعب كثيرا البتّ في معناه الأساسيّ.إلاّ أنّ هذا الأمر مهما كان مهمّا فلا يهمّ بحثنا كثيرا و لا نحتاج إلى التّوسّع فيه،إنّ ما يهمّنا هنا هو طراز المفهوم التّوحيديّ الخاصّ-الّذي يمكن أن نطلق عليه المفهوم القرآنيّ تقريبا-للّه بما يوافق نظر الحنفاء.و يمكننا الاكتفاء بأنّ كلمة«حنيف»قد استعملت في القرآن-مرارا و خصوصا في السّور المدنيّة-بمعنى«موحّد»قبال كلمة «مشركين».و استعملت أيضا مقرونة باسم إبراهيم:

ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ آل عمران:67، و ورد في فقرة مهمّة بأنّ عقيدة التّوحيد الخالصة المتمثّلة باسم إبراهيم هي«دين الحقّ»و«دين الفطرة»الّتي خلق النّاس عليها.

و اكتسب أميّة بن أبي الصّلت شهرة فاقت جميع العرب الجاهليّين الّذين كانوا يعرفون الحنفاء،و كان شاعرا معروفا لقبيلة ثقيف في الطّائف،و قد وصلتنا قصائد كثيرة من أشعاره الّتي أنشدها.فضلا عن ذلك فقد ورد ذكره في الحديث،لعلاقاته الشّخصيّة بالرّسول[صلّى اللّه عليه و آله]،و لذا نعتبره أهمّ من أيّ حنيفيّ آخر، فلم يكن مغمورا كسائر الحنفاء؛إذ كانت أضواء التّاريخ مسلّطة عليه تقريبا.

و يعدّ أميّة بن أبي الصّلت علم مميّز في الأدب الجاهليّ،فقد كان إحدى الشّخصيّات البارزة في قبيلة ثقيف،و بحسب قول أبي عبيدة كان أعظم شعراء هذه القبيلة.و قيل:إنّه كان في الجاهليّة يبحث عن دين موحّد حقيقيّ لا يعكر صفوه أيّ شائبة من الشّرك، و لكن باستبعاد الدّين اليهوديّ أو المسيحيّ،و البقاء بعيدا عن المجتمعات الموحّدة.إضافة إلى أنّ المحيط الّذي كان يعيش فيه كان تقريبا مسيحيّا و يهوديّا تماما،و كانت اليهوديّة أكثر انتشارا،و كان اليهود و النّصارى يرغبون فيه و يودّون جذبه إليهم لما كان ينتمي إلى أصل يمنيّ.

و قيل:إنّه انكبّ على تعلّم اللّغة العبريّة و السّريانيّة بجدّ و استطاع أن يقرأ قسما من الكتاب المقدّس الّذي كان آنذاك بتينك اللّغتين.و ممّا يدلّل على صحّة هذا القول هو ورود ألفاظ عبريّة و سريانيّة كثيرة في شعره،و كانت تثير إلى حدّ ما عجب علماء اللّغة في العصر العبّاسيّ.ممّا حدا بابن قتيبة أن يقول:لا يمكن الاحتجاج بشعره كما يحتجّ بشعر سائر شعراء العصر الجاهليّ عند تفسير القرآن،لوجود كلمات غريبة كثيرة فيه.

ص: 880

و طبق هذا القول فإنّه كان يلبس المسوح دائما، و هذا يدلّل على أنّه انقطع تماما إلى العبادة،و نستطيع أن نعدّه رائد الصّوفيّين الأوائل و قد حرّم على نفسه شرب الخمر.و كان الدّين الّذي يبحث عنه هو دين الحنيفية، و هو ينسب إلى إبراهيم و اسماعيل.

و لمّا ظهر النّبيّ محمّد[صلّى اللّه عليه و آله]،من بين العرب استشاط غضبا و أصيب بالخيبة،و طفق يعادي الإسلام.

و حضّته قريش على الوقوف في وجه الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و أنشد شعرا في رثاء المشركين الّذين قتلوا في غزوة بدر، و منهم عتبة و شيبة ابنا خالته،و زجّ بقبيلته في الحرب ضدّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،فامتشقوا سيوفهم للثّأر بهذين القتيلين،ثمّ فرّ إلى اليمن الّتي كانت تعدّ مأواه.

و بقي إلى آخر عمره يعادي الرّسول صلّى اللّه عليه و آله،و قيل:إنّه لمّا دنا أجله قال:هذه المرضة منيّتي،و أنا أعلم أنّ الحنيفيّة حقّ،و لكنّ الشّكّ يداخلني في محمّد[صلّى اللّه عليه و آله].

و حول المفهوم الحنيفيّ للّه يجدر بنا أن نعلم أنّ الحنفاء يعتقدون-كما يقول هذا الشّاعر-بأنّه«إله العالمين» و«خالق»كلّ شيء و جميع الخلق عبيده:

هو اللّه باري الخلق و الخلق كلّهم

إماء له طوعا جميعا و أعبد

فهو يعني أنّ اللّه«ربّ العباد».

و هو ملك السّماوات و الأرض،و جميع الورى يخضعون لقدرته المطلقة.و بهذه الهيئة الجليلة للفظ«اللّه» قرن كلمة عجيبة بتعبير ابن قتيبة المارّ الذّكر،ممّا أثار حفيظة اللّغويّين في العصر العبّاسيّ.و هذه الكلمة هي «السّليطط»السّريانيّة،و قد وردت في البيت التّالي:

إنّ الأنام رعايا اللّه كلّهم

هو السّليطط فوق الأرض مستطر

و أهمّ من هذا كلّه هو أنّه أحد و لا نظير لوحدانيّته و لا ندّ.

أظنّ أنّنا أصبحنا حاليّا في وضع أحسن لدرك هذا الأمر،و هو أنّ القرآن كلّما يشير إلى اسم«اللّه»تكون إشارته قاطعة لا يشوبها شكّ أو ترديد،و هذا يعني أنّه لا يسرد كلمة غريبة لدى المخاطبين؛حيث كان يلحّ على المشركين ليصحّحوا اعتقادهم باللّه،و حينما لم ينصاعوا لذلك أنحى عليهم باللاّئمة.و ننقل الآية أدناه كمثال لذلك إلحاقا للأمثلة الّتي أوردناها:

قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ المؤمنون:

84،85

إنّ عبارة(أ فلا تذكّرون)نظير(أ فلا تعقلون)الّتي وردت في القرآن كثيرا،و كان ورودها في الآيات الّتي تتعرّض لتوبيخ المشركين و تقريعهم،و هم لا يستطيعون أو لا يريدون درك حقيقة«اللّه»بالرّغم من تمتّعهم بفهم حقيقيّ حوله.

و توضّح الآية التّالية هذا المفهوم أكثر من الآية السّابقة:

قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ يُجِيرُ وَ لا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ فَأَنّى تُسْحَرُونَ المؤمنون:88،89

(خدا و انسان در قرآن:119-150)

ص: 881

الأصول اللّغويّة

1-الأصل في هذه المادّة هو العبادة؛يقال:أله يأله، و أله يأله إلهة و ألوهة:عبد.و ألّه فلان فلانا:عبده، و جعله إلها،و تألّه فلان:تعبّد و تنسّك.

و منه«الإله»و هو اللّه تعالى عند الموحّدين،و سواه عند الكفّار و المشركين.

و الألاهة:الشّمس،و الإلهة:الهلال.

و أمّا أله يأله ألها،إذا تحيّر و حزن و فرح،فهو من وله يوله ولها؛إذ قلبت الواو همزة كما في إشاح و وشاح و هو ما أجمع عليه اللّغويّون.

2-أمّا لفظ الجلالة،فقد اختلف العلماء فيه،فبعض يقول:هو صفة نقلت إلى العلميّة،أو علم محّض للاسميّة.و بعض يقول:هو جامد،أو مشتقّ.

ثمّ إنّ الّذين قالوا بالاشتقاق ليسوا هم على وفاق؛ حيث قالوا في اشتقاقه أقوالا كثيرة لا طائل فيها و لا نائل،نجملها في قولين:

الأوّل:أصل لفظ«اللّه»هو«إلاه»على وزن «فعال»من«أ ل ه»بمعنى العبادة،أو من«و ل ه»بمعنى الفزع و السّكون و التّحيّر و الولع و الطّرب،ثمّ أبدلت من الواو همزة كإشاح و وشاح.و أدخلت«أل»-على كلا التّقدير-على«إلاه»فصار«الإله»،و نقلت حركة الهمزة إلى«أل»التّعريف،و حذفت الهمزة فصار«اللاه»، ثمّ أدغمت اللاّمان.و قيل:حذفت الهمزة ابتداء،كقولهم في أناس:ناس،ثمّ جيء ب«أل»عوضا عنها،ثمّ أدغما.

الثّاني:أصله«لاه»على وزن«فعل»من «و ل ه»بمعنى الاحتجاب و الاضطراب و اللّمعان.أو على وزن«فعل»من«ل ي ه»بمعنى الارتفاع،ثمّ قلبت الواو في الأوّل و الياء في الثّاني ألفا،لتحرّكهما و انفتاح ما قبلهما، و أدخلت عليه«أل»،و أدغمت اللاّمان في لام واحد فصار«اللّه».

و جعله بعضهم على وزن«فعّال»فلا يعتوره -على هذا القول-إقلاب أو إبدال أو إدغام أو نقل أو حذف أو إضافة.

3-و نرى اختلافهم فيه اختلافا فاحشا يكمن في كونه أعجميّا،و لو كان عربيّا-كالإله الّذي لم يختلف في اشتقاقه أحد-لما اختلفوا فيه.

و أوّل من قال بأعجميّته،و دلّ على أصله أبو زيد البلخيّ المتوفّى عام«322 ه»،قال:إنّ اليهود و النّصارى يقولون:«لاها»و أخذت العرب هذه اللّفظة و غيّروها فقالوا:اللّه.كما ذكر آخرون ألفاظا أخرى بلغات مختلفة للفظ الجلالة،و قد تقدّمت جميعا في النّصوص.

4-و نراه معرّب كلمة«لله ا» (1)السّريانيّة،أي اللّه، و هو«لاها»عندهم.فلفّق العرب بين لفظ الكلمة و رسمها؛إذ أبدلوا«اللاّم»من حرفها الأوّل«لا مد» السّريانيّ،ثمّ نقلوا الحرف الآخر«ألف»السّريانيّ إلى أوّل الكلمة،فصار«اللّه».

5-و لم يكن لفظ«اللّهمّ»عن الاختلاف بمعزل؛ حيث تمحّلوا فيه تمحّلا بيّنا،قال الكوفيّون:أصله«يا اللّه أمّنا بخير»،فحذفت«ياء»النّداء و الهمزة و«نا»أمّنا و لفظ«بخير»لكثرة الاستعمال،و نقلت ضمّة الهمزة في «أمّنا»إلى«هاء»لفظ الجلالة،فصار«اللّهمّ».

ص: 882


1- انظر«قاموس سريانيّ-عربيّ»صفحه 403.

و قال البصريّون:أصله«يا اللّه»،فحذفت«يا» النّداء من أوّله،و عوّض ميمان ساكنان في آخره،ثمّ أدغمت الميمان في ميم واحدة،و فتحت لسكونها و سكون الميم الّتي تسبقها.

و يلحظ أنّ كلا القولين يفتقر إلى دليل؛حيث لم يؤثر عن العرب أنّهم كانوا يدعون بدعاء«يا اللّه أمّنا بخير» على القول الأوّل.و ما عثرنا-عند الاستقراء-على لفظ يضاهي«اللّهمّ»في اللّغة على القول الثّانيّ،و انّما هو رجم يخالف القياس و يفتقد السّماع.

6-و لعلّ هذا اللّفظ أعجميّ أيضا و ان لم يقل أحد بأعجميّته،و لعلّه معرّب لفظ«إلوهيم»،أي يا اللّه في العبريّة.ففتحت همزته حملا على همزة«اللّه»،و قلبت واوه ألفا حذوا بواو«إبروهيم»،أي إبراهيم بالسّريانيّة.و شدّدت اللاّم على مثال لفظ الجلالة، و حذفت الياء كما في مفاتح و مفاتيح،ثمّ شدّدت الميم على غير قياس،و كانت حركتها فتحة للخفّة.

الاستعمال القرآنيّ

اشارة

ورد الإله(147)مرّة في القرآن،منها(111)مرّة مفردا مرفوعا و منصوبا و مجرورا،و مرّتين مثنّى منصوبا، و(34)مرّة جمعا مرفوعا و منصوبا و مجرورا.

و أمّا لفظ الجلالة«اللّه»،فقد جاء(2698)مرّة،منها (980)مرّة مرفوعا،و(592)مرّة منصوبا،(1126)مرّة مجرورا.

و قد أحصينا لفظ«اللّه»في القرآن طبق المصحف العثمانيّ المطبوع من قبل مديريّة الأوقاف العراقيّة عدّة مرّات،فحصلنا على الرّقم أعلاه.و هذا يؤيّد صحّة الإحصائيّات الّتي توصّل إليها صاحبا المعجم المفهرس و المعجم الإحصائيّ،إن أسقطت البسملة من الحساب في أوائل السّور دون استثناء،و مع عدّها في جميع السّور -كما هو مذهب الإماميّة-يصير المجموع(2811)، و عدّها في سورة الفاتحة فقط-على رأي الشّافعيّة- يكون المجموع(2699)و جدير بالذّكر أنّ تقسيمه على العدد(19)-حسب نظريّة رشاد خليفة-يوافق القول الأوّل فقط.[ لاحظ الفصل 17 من المدخل]

كما قمنا بإحصاء الآيات الّتي ورد فيها لفظ الجلالة في المعجم المفهرس،فرأيناه مطابقا لإحصائنا.بيد أنّ صاحبه أورد(1126)آية في حالة الجرّ،و عدّها (1125)آية سهوا.و كذلك كرّر قوله تعالى: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ البقرة:

207،و قوله: ما أَنْزَلَ اللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ، يوسف:40،في حالتي الرّفع و الجرّ.و كان عليه أن يذكر في حالة الرّفع ذيل آية البقرة: وَ اللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ، و يردف آية يوسف بقوله: إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ في حالة الجرّ.و فيما يأتي

أبحاث حول إله و اللّه:
الأوّل:الإله

جاء الإله على أربعة أوجه في القرآن:

أ-الرّبّ،أي المعبود بحقّ،و هو اللّه سبحانه و تعالى:

(97)مرّة،و منه قوله: قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً البقرة:133.

ب-الأصنام:(28)مرّة،و منه قوله تعالى: قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ الأعراف:

ص: 883

138.

ج-الشّركاء:(21)مرّة،و منه قوله تعالى: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ المؤمنون:

91.

د-الملائكة أو الجنّ أو الجبابرة:مرّة واحدة:

وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا مريم:81.

و الحقّ أنّ لفظ(إله)في الجميع بمعنى المعبود،و لكن موارد استعماله تختلف حسب الوجوه الأربعة.

و يلاحظ أوّلا:أنّ جميع الآيات في الوجوه أعلاه مكّيّة عدا الوجه الأوّل،ففيه مكّيّة و مدنيّة،و كذا ما ورد جمعا لإله.و هذا يفصح عن حقيقة المجتمع المكّيّ الوثنيّ،و يلقي ضوء على الصّراع الّذي كان دائرا بين المسلمين و عتاة قريش.و كانت الكعبة الّتي بناها محطّم الأصنام إبراهيم عليه السّلام محفوفة بالأصنام،فلم يقدم النّبيّ -حفيد إبراهيم-على تحطيمها في أوّل أمره كما حطّم إبراهيم أصنام قومه،بل شهر سلاح التّوحيد في وجهها، ثمّ هوت بسواعد أنصاره الموحّدين آخر الأمر في عام الفتح.

ثانيا:أنّ لفظ(اله)ورد في القرآن بمعنى«ربّ أو المعبود بحقّ»غالبا إن كان مفردا،و بمعنى«أصنام أو شركاء»إن كان جمعا.و هذا الاستعمال يحكي وحدانيّة اللّه ما دام هذا اللّفظ واحدا،و الشّركة معه ما دام جمعا.

و لذا جاء لفظ(آلهة)منكّرا عند خطاب المشركين استنكارا أو تهكّما أو تحسّرا.إلاّ قوله تعالى: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ، ص:5،فقد جاء معرّفا بال كما ترى،لأنّه إشارة إلى آلهتهم المعهودة لديهم،إذ ما كانوا يعهدون الها آخر،فنكّروه تعجيبا.

فقالوا:(الها واحدا).و أمّا قوله حكاية عن قوم موسى:

قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ الأعراف:138،فهو عكس ذلك؛إذ نكّروا(الها) و(آلهة)،لأنّ بني إسرائيل لم يعهدوا الأصنام من قبل.

ثالثا:لم يأت(اله)معرّفا بال في القرآن،و لو جاء لعني(اللّه)وحده،و لكنّه سبحانه يأبى إلاّ أن يسمّى باسم لا يشركه فيه أحد،و هو لفظ(اللّه)،و أمّا«الإله»فهو مشترك بينه و بين ما يعبد باطلا.

رابعا:وصف الإله بالوحدانيّة في(16)موردا،و لم يوصف«الرّبّ»بها،لأنّ المشركين في مكّة كانوا يعبدون آلهة دون أرباب متعدّدة.و لذا استنكروا قول النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله حينما أمرهم بترك آلهتهم و عبادة إله واحد،و هو اللّه تعالى،فقالوا تعجّبا و تهكّما: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً ص:5،و لم يأت نعت للإله بالوحدانيّة في القرآن على لسان الكافرين إلاّ في هذه الآية استنكارا و تعجيبا،و ما عداها فقد جاء على لسان اللّه تعالى(14)مرّة،كقوله: إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ البقرة:

163،و على لسان أولاد يعقوب مرّة واحدة،و ذلك حينما سألهم أبوهم عند احتضاره: ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ؟قالوا إيمانا و تصديقا: نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً البقرة:133.

خامسا:أطلق(اربابا)دون(آلهة)على الأحبار و الرّهبان في قوله تعالى: اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ التّوبة:31،و(اربابا)هنا ليس

ص: 884

بمعنى(آلهة)،لأنّهم ما كانوا يعبدونهم،بل كانوا يطيعونهم، كما يلوح من قوله تعالى: لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ المائدة:

63.لاحظ«ر ب ب»و«ح ب ر».

سادسا:أنّ نسبة كلّ من«إله»بجميع صيغه،و «ربّ»بجميع صيغه-عدا الجمع-في السّور المدنيّة إلى المكّيّة كنسبة 1:5.علما بأنّ عدد«إله»مع صيغه في القرآن(147)مرّة،و عدد«ربّ»مع صيغه عدا لفظ «أرباب»-الّذي ورد ثلاث مرّات-هو(969)مرّة،أي بعدد لفظ الجلالة في السّور المكّيّة حسب الجدول الآتي.

و كأنّ لفظ«ربّ»في السّور المكّيّة يقوم مقام«اللّه»في السّور المدنيّة،و هو يصدق على اللّه تعالى؛إذ هو يعني «إله»في جميع مواضع القرآن،و إله هو اللّه تعالى.إلاّ لفظ «أرباب»،فإنّه ورد بمعنى الآلهة أو الشّركاء،كلفظ «الآلهة»نفسها،لاحظ«ر ب ب».

الثّاني:اللّه

نضع أمام الباحثين قبل ذي بدء جدول الآيات و السّور الّتي جاء فيها لفظ«اللّه»مع الأرقام،ابتداء بالأكثر عددا،و انتهاء بأقلّها.

ص: 885

السّورة\رقمها\ترتيب نزولها\موضعها\آياتها\لفظ الجلالة فيها

البقرة\2\87\المدينة\286\282

النّساء\4\92\المدينة\176\229

آل عمران\3\89\المدينة\200\209

التّوبة\9\113\المدينة\129\169

المائدة\5\112\المدينة\120\147

الأحزاب\33\90\المدينة\73\90

الأنفال\8\88\المدينة\75\88

الأنعام\6\55\مكّة\165\87

النّحل\16\70\مكّة\128\84

النّور\24\102\المدينة\64\80

الحجّ\22\103\المدينة\78\75

الأعراف\7\39\مكّة\206\61

يونس\10\51\مكّة\109\61

الزّمر\39\59\مكّة\75\59

المؤمن\40\60\مكّة\118\53

يوسف\12\53\مكّة\111\44

العنكبوت\29\85\مكّة\69\42

المجادلة\58\105\المدينة\22\40

الفتح\48\111\المدينة\29\39

هود\11\52\مكّة\38\38

فاطر\35\43\مكّة\45\38

الرّعد\13\96\المدينة\43\34

لقمان\31\57\مكّة\34\32

الشّورى\42\62\مكّة\53\32

الحديد\57\94\المدينة\29\32

السّورة\رقمها\ترتيب نزولها\موضعها\آياتها\لفظ الجلالة فيها

الحشر\59\101\المدينة\24\29

النّمل\27\48\مكّة\93\27

القصص\28\49\مكّة\88\27

الحجرات\49\106\المدينة\18\27

محمّد صلّى اللّه عليه و آله\47\95\المدينة\38\27

الطّلاق\65\99\المدينة\12\25

الرّوم\30\84\مكّة\60\24

الممتحنة\60\91\المدينة\13\21

التّغابن\64\108\المدينة\18\20

الجاثية\45\65\مكّة\37\18

الصّفّ\61\109\المدينة\14\17

المنافقون\63\104\المدينة\11\14

التّحريم\66\107\المدينة\12\13

الجمعة\62\110\المدينة\11\12

الكهف\18\69\مكّة\110\16

الأحقاف\46\66\مكّة\35\16

الصّافّات\37\56\مكّة\183\15

المؤمنون\23\74\مكّة\118\13

الشّعراء\26\47\مكّة\227\13

فصّلت\41\61\مكّة\54\11

الإسراء\17\50\مكّة\111\10

الجنّ\72\40\مكّة\28\10

مريم\19\44\مكّة\98\8

الفرقان\25\42\مكّة\77\8

سبأ\34\58\مكّة\54\8

ص: 886

السّورة\رقمها\ترتيب نزولها\موضعها\آياتها\لفظ الجلالة فيها

نوح\71\71\مكّة\28\7

المزّمّل\73\3\مكّة\20\7

طه\20\45\مكّة\135\6

الأنبياء\21\73\مكّة\112\6

النّجم\53\23\مكّة\62\6

الدّهر\76\98\المدينة\31\5

يس\36\41\مكّة\83\3

ص\38\38\مكّة\88\3

الملك\67\77\مكّة\30\3

الزّخرف\43\63\مكّة\89\3

الدّخان\44\64\مكّة\59\3

الذّاريات\51\67\مكّة\60\3

الطّور\52\76\مكّة\49\3

المدّثّر\74\4\مكّة\56\3

البروج\85\27\مكّة\30\3

البيّنة\98\100\المدينة\8\3

الحجر\15\54\مكّة\99\2

الشّمس\91\26\مكّة\15\2

النّصر\110\114\المدينة\3\2

الإخلاص\112\22\مكّة\4\2

الفاتحة\1\5\مكّة\7\1

السّجدة\32\75\مكّة\30\1

ق\50\34\مكّة\45\1

الحاقّة\69\78\مكّة\52\1

المعارج\70\79\مكّة\44\1

السّورة\رقمها\ترتيب نزولها\آياتها\لفظ الجلالة فيها

الأعلى\87\8\مكّة\26\1

الانشقاق\84\83\مكّة\25\1

الغاشية\88\68\مكّة\26\1

التّين\95\28\مكّة\8\1

النّازعات\79\81\مكّة\46\1

التّكوير\81\7\مكّة\29\1

العلق\96\1\مكّة\19\1

الهمزة\104\32\مكّة\9\1

القمر\54\37\مكّة\55\0

الرّحمن\55\97\المدينة\78\0

الواقعة\56\46\مكّة\96\0

القلم\68\2\مكّة\52\0

القيامة\75\31\مكّة\40\0

المرسلات\77\33\مكّة\50\0

النّبأ\78\80\مكّة\40\0

عبس\80\24\مكّة\42\0

المطفّفين\83\86\مكّة\36\0

الطّارق\86\36\مكّة\17\0

الفجر\89\10\مكّة\30\0

البلد\90\35\مكّة\20\0

الليل\92\9\مكّة\21\0

الضّحى\93\11\مكّة\11\0

الانشراح\94\12\مكّة\8\0

القدر\97\25\مكّة\5\0

الزّلزال\99\93\المدينة\8\0

ص: 887

السّورة\رقمها\ترتيب نزولها\موضعها\آياتها\لفظ الجلالة فيها

العاديات\100\14\مكّة\11\0

القارعة\101\30\مكّة\11\0

التّكاثر\102\16\مكّة\8\0

العصر\103\13\مكّة\3\0

الفيل\105\32\مكّة\5\0

قريش\106\19\مكّة\4\0

الماعون\107\17\مكّة\7\0

الكوثر\108\15\مكّة\3\0

الكافرون\109\18\مكّة\6\0

اللّهب\111\6\مكّة\5\0

الفلق\113\20\مكّة\5\0

النّاس\114\21\مكّة\6\0

و يظهر من هذا الجدول ما يأتي:

الأوّل:ورد لفظ الجلالة(969)مرّة في السّور المكّيّة،و(1729)مرّة في السّور المدنيّة و هذا التّفاوت الشّاسع بين الرّقمين مردّه إلى ما يلي:

أ-إنّ أغلب السّور الطّوال هي مدنيّة،و قد لوحظ أنّ لفظ(اللّه)يتتابع فيها نحو الزّيادة.و ليس الأمر كذلك في طوال السّور المكّيّة،فسورة الأعراف الّتي تعتبر أطول سورة مكّيّة؛حيث تضمّ(206)آيات،قد ورد هذا اللّفظ فيها(61)مرّة فقط.

ب-هناك(19)سورة مدنيّة يفوق لفظ الجلالة فيها عدد آياتها،كسورة النّساء الّتي ورد لفظ الجلالة فيها(229)مرّة،و عدد آياتها(176)آية أمّا باقي السّور فهي في الجدول الآتي:

السّورة\عدد آياتها\عدد لفظ الجلالة فيها

آل عمران\200\209

التّوبة\129\169

المائدة\120\147

الأحزاب\73\90

الأنفال\75\88

النّور\64\80

المجادلة\22\40

الفتح\29\39

الحديد\29\32

الحشر\24\29

الحجرات\18\27

الممتحنة\13\21

التّغابن\18\20

الصّفّ\14\17

الجمعة\11\12

المنافقون\11\14

الطّلاق\12\25

التّحريم\12\13

و يظهر من هذا الجدول ما يأتي:

الأوّل:ورد لفظ الجلالة(969)مرّة في السّور المكّيّة،و(1729)مرّة في السّور المدنيّة و هذا التّفاوت الشّاسع بين الرّقمين مردّه إلى ما يلي:

أ-إنّ أغلب السّور الطّوال هي مدنيّة،و قد لوحظ أنّ لفظ(اللّه)يتتابع فيها نحو الزّيادة.و ليس الأمر كذلك في طوال السّور المكّيّة،فسورة الأعراف الّتي تعتبر أطول سورة مكّيّة؛حيث تضمّ(206)آيات،قد ورد هذا اللّفظ فيها(61)مرّة فقط.

ب-هناك(19)سورة مدنيّة يفوق لفظ الجلالة فيها عدد آياتها،كسورة النّساء الّتي ورد لفظ الجلالة فيه(229)مرّة،و عدد آياتها(176)آية أمّا باقي السّور 1-و الّذي يلفت النّظر في هذه القائمة هو موقف سورة الطّلاق من لفظ الجلالة،فعدده فيها أكثر من ضعف عدد آياتها بلفظ واحد.فقد كرّر هذا اللّفظ في الآية الأولى منها أربع مرّات،و في الآيات:(2)و(3)و(7)و (10)و(11)و(12)ثلاث مرّات،و في الآية(5) مرّتين.و خلت منه الآيات(6)و(8)و(9)،و انفردت

ص: 888

الآية(4)بلفظ واحد منه.

2-كما أنّ سورة المجادلة كاد أن يبلغ فيها عدد(اللّه) ضعف عدد آياتها.فقد كرّر لفظ(اللّه)في الآية الأولى منها أربع مرّات،و في الأخيرة منها خمس مرّات،و في الآيتين:(11)و(13)ثلاث مرّات،و في سبع آيات منها مرّتين،و جاء في عشر منها مرّة واحدة،و لم يخل منها سوى آية واحدة،و هي الآية(14).

3-و العجيب أنّ السّورتين تتضمّنان حكم الطّلاق و الظّهار-و هو نوع من الطّلاق-و لعلّ سبب تكرار لفظ الجلالة فيهما التّشدّد في أمرهما.و يعاضده تكرار الأمر بالتّقوى في سورة الطّلاق خمس مرّات،إضافة إلى التّشدّد في سياقها بكثرة ألفاظ مشدّدة فيها مثل:

«عدّتهنّ»و«بيوتهنّ»و«أجلهنّ»و غيرها،لاحظ «ط ل ق».

ج-أمّا السّور المكّيّة فنرى هذه النّسبة معكوسة فيها،فيبلغ تعداد هذا اللّفظ(87)مرّة في سورة الأنعام الّتي تحتوي(165)آية،و يعتبر هذا الرّقم أعلى نسبة في السّور المكّيّة.

د-هناك(29)سورة في القرآن عارية من لفظ الجلالة،و هي:

القمر،الرّحمن،الواقعة،القلم،القيامة،المرسلات، النّبأ،عبس،المطفّفين،الطّارق،الفجر،البلد،اللّيل، الضّحى،الانشراح،القدر،الزّلزال،العاديات،القارعة، التّكاثر،العصر،الفيل،قريش،الماعون،الكوثر، الكافرون،اللّهب،الفلق،النّاس.

1-و جميع هذه السّور مكّيّة إن قلنا بمكّيّة سورة الزّلزال،على رأي ابن مسعود،و عطاء،و جابر، و الضّحّاك و غيرهم.

2-و يبدو أنّ خلوّها من لفظ الجلالة-كما يخطر بالبال-يرجع إلى أنّ المشركين كانوا يعترفون باللّه الخالق كما قال تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ لقمان:25 و بمضمونها آية العنكبوت:61،و الزّخرف:87.إلاّ أنّهم انحرفوا عن الحقّ في الألوهيّة و الرّبوبيّة،فجعلوا له شركاء فيهما.

و لهذا أكّد اللّه في السّور المكّيّة عموما و في هذه السّور بالذّات هذين الأمرين،فورد فيها لفظا«إله»و«ربّ» بكثرة،كبديل للفظ«اللّه»،و هذا يحتاج إلى دراسة أبسط و أكثر،لاحظ«ر ب ب».

ه-أغلب السّور المدنيّة تحمل بين طيّاتها الأحكام و الشّرائع و الإيمان باللّه و ذمّ أهل الكتاب و المنافقين و غير ذلك.و سياق هذه الموضوعات يحتّم ذكر اسم اللّه، كتقرير منه تعالى و تأكيد إمضاء أمره.بينما نرى الطّابع الغالب على السّور المكّيّة هو الموعظة و سرد قصص الأنبياء و المرسلين و الأمم السّالفة و ذمّ المشركين و تهديدهم.فسورة يوسف مثلا يغلب عليها الطّابع القصصيّ،و هي تحتوي على(111)آية،و ورد فيها لفظ «اللّه»(44)مرّة،و ليس فيها حكم سوى الإنذار و الموعظة.

الثّاني:و قد تكرّر لفظ الجلالة في الآية الواحدة مرّتين إلى سبع مرّات،و سنكتفي في الجدول التّالي بما تكرّر فيها ثلاث مرّات فأكثر:

ص: 889

سورة البقرة

رقم الآية العدد

115 3

140 3

143 3

165 5

187 4

196 3

213 3

218 3

220 3

228 3

229 4

231 4

235 3

246 3

247 4

249 4

251 4

253 4

258 3

259 3

261 3

282 6

284 3

المجموع:(3):14،(4):7،(5):1،(6):1

سورة آل عمران

رقم الآية العدد

19 3

28 3

31 3

52 3

73 3

78 3

103 3

112 3

154 4

156 4

159 3

174 3

179 4

180 3

199 4

المجموع:(3):12،(4):3

سورة النّساء

رقم الآية العدد

11 3

17 3

32 3

34 3

39 3

ص: 890

رقم الآية العدد

45 3

58 3

59 3

64 3

81 3

84 3

88 3

94 4

95 4

100 4

113 3

131 4

135 3

141 3

146 3

171 5

176 3

المجموع:(3):17،(4):4،(5):1

سورة المائدة

رقم الآية العدد

2 3

4 4

7 3

8 3

رقم آية العدد

11 3

12 3

17 4

41 3

48 3

49 3

54 4

64 3

72 4

95 3

97 3

المجموع:(3):11،(4):4

سورة الأنعام

رقم الآية العدد

71 3

91 3

93 3

124 3

136 4

144 3

المجموع:(3):15،:(4):1

سورة الأعراف

رقم الآية العدد

28 3

73 3

89 4

ص: 891

رقم الآية العدد

158 3

المجموع:(3):3،(4):1

سورة الأنفال

رقم الآية العدد

1 3

10 3

13 3

17 3

41 3

52 3

60 3

66 3

المجموع:(3):8

سورة التّوبة

رقم الآية العدد

3 3

16 3

18 3

19 4

42 3

30 3

36 3

37 3

40 5

رقم الآية العدد

59 4

60 3

71 3

74 3

80 3

99 4

111 3

120 3

المجموع:(3):13،(4):3،(5):1

سورة يونس

رقم الآية العدد

18 3

59 3

المجموع:(3):2

سورة هود

رقم الآية العدد

31 3

المجموع:(3):1

سورة الرّعد

رقم الآية العدد

11 3

16 3

31 4

المجموع:(3):2،(4):1

ص: 892

سورة إبراهيم

رقم الآية العدد

11 3

21 3

27 3

المجموع:(3):3

سورة النّحل

رقم الآية العدد

91 3

112 3

المجموع:(3):2

سورة الحجّ

رقم الآية العدد

18 3

40 5

52 3

58 3

المجموع:(3):3،(5):1

سورة النّور

رقم الآية العدد

21 3

22 3

33 3

35 4

رقم الآية العدد

45 3

62 4

المجموع:(3):4،(4):2

سورة القصص

رقم الآية العدد

77 3

المجموع:(3):1

سورة العنكبوت

رقم الآية العدد

10 4

17 3

المجموع:(3):1،(4)،1

سورة الأحزاب

رقم الآية العدد

21 3

25 3

37 5

38 3

39 3

53 3

53 3

73 3

المجموع:(3):6،(5):1

ص: 893

سورة الزّمر

رقم الآية العدد 3 3

23 4

38 4

المجموع:(3):1،(4):2

سورة المؤمن

رقم الآية العدد

35 3

المجموع:(3):1

سورة الشّورى

رقم الآية العدد

15 3

المجموع:(3):1

سورة الفتح

رقم الآية العدد

10 3

29 3

المجموع:(3):2

سورة الحجرات

رقم الآية العدد

1 3

16 3

المجموع:(3):2

سورة الحديد

رقم الآية العدد

10 4

21 3

29 3

المجموع:(3):2،(4):1

سورة المجادلة

رقم الآية العدد

1 4

6 3

11 3

13 3

22 5

المجموع:(3):3،(4):1،(5):1

سورة الحشر

رقم الآية العدد

4 3

6 3

7 4

18 3

المجموع:(3):3،(4):1

ص: 894

سورة الممتحنة

رقم الآية العدد

4 3

7 3

10 3

12 3

المجموع:(3):4

سورة الصّفّ

رقم الآية العدد

5 3

14 3

المجموع:(3):2

سورة المنافقين

رقم الآية العدد

1 3

المجموع:(3):1

سورة التّغابن

رقم الآية العدد

المجموع:(3):1

سورة الطّلاق

رقم الآية العدد

1 4

2 3

3 3

7 3

10 3

11 3

12 3

المجموع:(3):6،(4):1

سورة المزّمّل

رقم الآية العدد

20 7

المجموع:(7):1

المجموع الكلّيّ:

مجموع الآيات ذات العدد

137 3

32 4

6 5

1 6

1 7

ص: 895

يلاحظ أنّ كلّ آية من آيات هذه القائمة فيها تشريع أو إنذار أو احتجاج،و كلّما يكون سياقها آكد أو أرجى،يكون تكرار«اللّه»فيها أكثر،و نكتفي هنا بآيتين كرّر فيها«اللّه»ستّ أو سبع مرّات:ثمّ نردفهما.بما تكرّر فيها خمس مرّات،و هي(6)آيات.

أوّلا:ما اشتمل على ستّ،و هي آية الدّين الوحيدة في الاشتمال على(6)مرّات:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَ لا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَ أَدْنى أَلاّ تَرْتابُوا إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاّ تَكْتُبُوها وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. البقرة:282

و هذه أطول آية من أطول سورة في القرآن،و هي البقرة.و موضوع الآية-كما ترى-الدّين و الشّهادة،و في كليهما تأكيد و تشديد،و فيها أطوار من التّأكيد،حتّى كادت كلّ كلمة فيها لا تخلو منه،كما في الأمور التّالية:

1-الأمر بالتّقوى مرّتين في البداية و النّهاية:

وَ لْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ، وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ.

2-ضمّ(ربّه)إلى(اللّه)في الأولى،و(يعلّمكم)إليه في الثّانية.

3-الجمع بين اللّه و اللّه في وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

4-التّنبيه على تعليم اللّه مرّتين في البداية و النّهاية:

وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللّهُ، وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ.

5-الجمع بين الكتابة و الإملاء و الاستشهاد و الشّهادة.

6-الأمر بالكتابة ثلاث مرّات في البداية:

(فاكتبوه)،(و ليكتب بينكم)،(فليكتب).

7-الآمر بالإملاء مرّتين في الصّدر: وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ.

8-التّأكيد على الاستشهاد و الإشهاد مرّتين في الوسط: وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ، وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ.

9-ذكر«الكاتب»ثلاث مرّات:مرّتين في الصّدر، و مرّة في الذّيل: وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ، وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ.

10-تكرار«الشّهيد»أربع مرّات مفردا و مثنّى و جمعا: وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ، وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ، مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ، وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ.

11-الاكتفاء برجل و امرأتين عند غياب رجل

ص: 896

آخر.

12-تعميم الكتابة على الدّين الصّغير و الكبير:

أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً.

13-مخالفة ما أمر اللّه فسوق: وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ.

14-ذكر«الحقّ»مرّتين: وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ.

5-ذكر«العدل»مرّتين،و«أقسط»و«أقوم»مرّة:

كاتِبٌ بِالْعَدْلِ، و فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ، ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ.

16-ذكر«الأجل»مرّتين: إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ

17-النّهي عن البخس و الضّرار: وَ لا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً، وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ.

18-الإتيان بالألفاظ:كاتب،شهيد،شيئا،صغيرا، كبيرا،تجارة،فسوق،كلّ،شيء،و هي لكرة يفهم منها الاستغراق و الشّمول،و فيها نوع من التّأكيد.

19-تكرار الأمر و النّهي حضورا و غيبة،و الجمع بينها مرّات كما يأتي:

الأمر:فاكتبوه،و ليكتب،فليكتب،و ليملل،فليملل، و استشهدوا،و أشهدوا،و اتّقوا اللّه،و ليتّق اللّه.

النّهي:و لا ياب كاتب،و لا يبخس شيئا،و لا يأب الشّهداء،و لا يضارّ كاتب.

20-و اخيرا ابتداء الآية بخطاب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، و ختمها وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ و كلاهما من أمارات التّأكيد و التّشديد،و اللّه أعلم بسرّ كتابه و فحوى خطابه.

ثانيا:ما اشتمل على سبع،و هي آخر آية من سورة المزّمّل:

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَ اللّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اللّهَ قَرْضاً حَسَناً وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

1-و هذه الآية تلي آية الدّين في الطّول،و لكنّها تتقدّمها في اشتمالها على لفظ«اللّه»سبع مرّات.

و موضوعها صلاة اللّيل،و ضمّت إليها إقامة الصّلاة، و إيتاء الزّكاة،و إقراض اللّه تعالى.

2-سورة المزّمل من أوائل ما نزل من السّور المكّيّة، و يتضمّن صدرها خطاب للنّبيّ بقيام اللّيل و ترتيل القرآن،أمّا آخرها-و هي هذه الآية-فمدنيّة ناسخة لصدرها على قول،و هذه إحدى آيات النّسخ-و لعلّها أوّلها-في القرآن،و قالوا:إنّ النّسخ فيها يشمل النّاس دون النّبيّ،و البحث في ذلك طويل.

3-ثمّ إنّ قياس هذه الآية بما تقدّمها من الآيات في هذه السّورة خير مثال لأسلوب الآيات المكّيّة و المدنيّة في سياقها و قصرها طولها،فكأنّ اللّه تعالى أراد إعطاء صورة كاملة من المكّيّات و المدنيّات في سورة واحدة.

ص: 897

4-و يخطر بالبال أنّ الآية(31) وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً... المطوّلة من سورة المدّثّر- و هي نظير المزّمّل نزولا و سياقا-الواقعة بين آياتها القصيرة،هي مدنيّة أيضا،نزلت تبيانا لقوله تعالى:

عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ المدّثّر:30،في المدينة،و هذا يحتاج إلى دراسة أكثر؛إذ لو كانت مكّية فما وجه اختلاف السّياق،هذا رغم وحدة رويّها مع رويّ ما قبلها و ما بعدها من الآيات،فلاحظ.

5-و مجمل الكلام في آية المزّمّل كالآتي:

1-لم يسبق لفظ«اللّه»هذه الآية في هذه السّورة سوى وروده في البسملة،و لا يعدّ هنا،و إلاّ فلا وجه لاستثناء(29)سورة المتقدّمة،فلولا هذه الآية لكانت سورة المزّمّل في عداد تلك السّور.

2-إنّ آيات هذه السّورة و إن خلت من لفظ«اللّه»، إلاّ أنّ في سياقها تشديدا،حتّى فيما هو موجّه إلى النّبيّ، لاحظ قوله تعالى: إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً* إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً* إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً* وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً، إلى أن قال: وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً* وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلاً* إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَ جَحِيماً، و هكذا يستمرّ في التّشديد إلى قوله: إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً المزّمّل:5-19.

3-إنّ سياق هذه الآية-الطّويلة المتّصلة مباشرة ب إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ- يغاير ما قبله؛إذ تغشاه السّكينة و الوداد،فلاحظ قوله: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ، و هذه شهادة منه تعالى على استكانته و طاعته له حينما أمره في صدر السّورة بقوله: قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً، ثمّ قال: وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ، فشاطره بطائفة من المؤمنين اقتدوا به،لم يؤمروا بصلاة الليل في صدر السّورة،ثمّ ذكر معاذيرهم.و فيها ذكر القتال،و هو خاصّ بالتّشريع المدنيّ،و هذا دليل على أنّها نزلت المدينة؛حيث قال:

وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ. و خلاصة القول أنّ الآية ليس فيها سوى الهدى و النّصح و الرّأفة،بخلاف آية الدّين.

4-ثمّ إنّ ما جاء فيها من الأمر أو ما يشبهه يصطبغ بالسّكينة و الرّجاء و الهدوء و اليسر،مثل:

فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ

فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ

يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ

يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ

وَ أَقْرِضُوا اللّهَ قَرْضاً حَسَناً

وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللّهِ

وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

5-و قد جمع اللّه في هذه الآية بين ألفاظ و تعبيرات كلّها رجاء و شكر،حتّى كادت لا تخلو منها كلمة من ذلك عكس آية الدّين تماما،مثل:طائفة من الّذين معك، فتاب عليكم،ما تيسّر من القرآن(مرّتين)،فضل اللّه، سبيل اللّه-و قلّ اجتماع هذين في آية واحدة-و أقرضوا اللّه قرضا حسنا،من خير تجدوه عند اللّه،هو خيرا

ص: 898

و أعظم أجرا،إنّ اللّه غفور رحيم.

6-نبّه على علم اللّه بالأعذار مرّتين:علم أن لن تحصوه،علم أن سيكون منكم مرضى.

7-يخطر بالبال أنّ هذه السّكينة السّائدة لجوّ الآية، إضافة إلى تكرار«اللّه»سبع مرّات-و هي أعلى نسبة في آيات القرآن-دعم للنّسخ،و كأنّه أوّل نسخ عرفه المسلمون في القرآن،فأراد اللّه أن لا يستوحشوا ذلك و لا يستنكروه،و ليستأنسوا به.

ثالثا:و أمّا الآيات الّتي تكرّر فيها لفظ«اللّه»خمس مرّات فهي ستّ،و لكلّ منها مزيّة اقتضت تكرار لفظ الجلالة فيها خمس مرّات،و هي:

1- وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ البقرة:165

و هذه الآية من جملة آيات التّوحيد الكثيرة،و قد اختصّت من بينها بأنّ هؤلاء النّاس لم يقدموا على عبادة الأوثان حتّى أحبّوها كحبّ اللّه،و هذا أعتى الشّرك و منتهى الضّلال،فردّ اللّه عليهم بآكد البيان؛حيث اقتضى الأمر تكرار لفظ«اللّه»خمس مرّات.

2- يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً النّساء:171

و هذه الآية جاءت ردّا على النّصارى في غلوّهم في شأن عيسى عليه السّلام،و قولهم بالتّثليث،فأكّد لهم أنّه رسول اللّه،و سبحانه أن يكون له ولد،و هذا السّياق خاصّ بهذه الآية.

3- إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَ كَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيا وَ اللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ التّوبة:40

و هذه من جملة آيات نصر اللّه رسوله،و من آكدها و أبلغها؛إذ نصره في تلك الخمسة و اللّحظة الحرجة الّتي كاد رسول اللّه أن يقتل فيها،و تجهض دعوته؛حيث أنزل اللّه سكينة عليه،و أيّده بجنود لم تروها،و جعل كلمة اللّه هي العليا و كلمة المشركين السّفلى.

4- اَلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّهُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللّهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الحجّ:40

و هذه أيضا من جملة آيات النّصر في أحد المواقف الحرجة،و هي منفردة في سياقها؛إذ أخرجوا أهل التّوحيد بغير حقّ من ديارهم،فنصر اللّه دينه نصرا مؤزّرا،و لولاه لهدّمت جميع بيوت اللّه،فأكّد إنّ اللّه لينصرنّ من ينصره،و إنّه لقويّ عزيز.

5- وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّهُ

ص: 899

مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النّاسَ وَ اللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَ كانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً الأحزاب:37

و الآية منفردة في سياقها و موضوعها في القرآن؛ حيث اشتملت على زواج النّبيّ زوج زيد،و كان موضع تهمة و فتنة للّذين في قلوبهم مرض،فأبان اللّه أنّ ذلك كان بعد أن قضى زيد منها و طرا،و أنّ فيه تسهيلا للنّاس في نكاح أزواج أدعيائهم.

6- لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

المجادلة:22

و هذه الآية تحمل غاية الأمر و منتهى الهمّة في الإعراض عن ودّ المؤمنين من حادّ اللّه و رسوله،فهي منفردة في سياقها أيضا،كما أنّها تحمل غاية آمال المؤمنين؛حيث قال: رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

الثّالث:إنّ أخصر آية اطّلعنا عليها تكرّر فيها«اللّه» ثلاث مرّات قوله تعالى: وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ

البقرة:115

و هي تشمل ثلاث جمل،و في كلّ جملة جاء«اللّه» مرّة.

الرّابع:يبدو أنّ المكرّرات ترد غالبا في أواخر الآيات،و أنّ آخر جملة من الآيات بمنزلة قضيّة كبرى لما تقدّمها من قضايا صغرى،أو تعليل لها،و هي توجد في أكثر السّور،و إليك نماذج منها:

وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ المزّمّل:20

وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة:20

ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة:106

فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة:109

وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ البقرة:110

فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ

البقرة:115

وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ البقرة:143

وَ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ مَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ البقرة:144

أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة:148

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ البقرة:153

وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ

البقرة:158

ص: 900

وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ البقرة:165

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ البقرة:173

وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.

البقرة:190

وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ.

البقرة:194

وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ البقرة:195

وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

البقرة:196

فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة:284

وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

البقرة:282

رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ آل عمران:9

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ

آل عمران:19

و هكذا دواليك.

الخامس:بدأت الآية بلفظ الجلالة«اللّه»بما تضمّنتها من المواضيع،نذكرها حسب ترتيب السّور.

السّادس:و قد جاء لفظ الجلالة في القرآن في حوالي (444)موضوعا بفعل و صفة و نسبة للّه،أو عمل من العباد يتعلّق به تعالى.و قد غلبت صبغة الرّحمة و الرّجاء في آياتها على الغضب و الجفاء،بنسبة قريبة من الضّعف.

و هذه النّسبة هي مقتضى كونه«سبقت رحمته غضبه»، و أنّه«كتب على نفسه الرّحمة»،لاحظ«ر ح م».و فيما يلي الإجمال في الجداول أدناه،ثمّ يتلوه التّفصيل:

ب-غير لفظة الله تعالى
1-أفعال اللّه:(سلبا و إيجابا و إنكارا)

أ

الإباء

الابتلاء

الإبداء

الإبطال

الاتّخاذ

الإتيان

الإثابة

الاجتباء

الإحاطة

الإحباط

الإحداث

الإحسان

الإحصاء

الإحقاق

الإحكام

الإحلال

الإحياء

الاختصاص

الأخذ

الإخراج

الإخزاء

الإخلاف

الإدخال

الإذاقة

الإذن

الإذهاب

الإراءة

الإرادة

الإرسال

الإركاس

الإزاغة

الإزجاء

الاستحياء

الاستغناء

الاستهزاء

الاشتراء

الإصابة

الاصطفاء

الإصلاح

5Lالإضاعة

الإضلال

الإطفاء

الاطلاع

الإظهار

الإعداد

الإغناء

الإفاءة

الإفتاء

الإماتة

6Lالامتحان

الأمر

الإمساك

الإنبات

الانتقام

الإنجاء

الإنزال

الإنشاء

الإنطاق

الإنعام

ص: 901

الإهانة

الإهلاك

الإيتاء

الإيثار

الإيصاء

الإيلاج

ب

البسط

البدء

البعث

البلاء

ت

التّأخير

التّأليف

التّأييد

التّبارك

التّبديل

التّبرئة

التّبشير

التّبيين

التّثبيت

التّحبيب

التّحذير

التّحريم

التّحيّة

التّخفيف

التّخويف

التّدمير

التّزكية

التّسخير

التّسليط

التّسليم

التّعالي

التّعجيل

التّعذيب

التّعليم

التّغيير

التّفضيل

التّقبّل

التّقدير

التّقليب

التّكفير

التّكليف

التّكليم

التّمحيص

التّنبئة

التّنجية

التّنزيل

التّوبة

التّوصية

التّوفيق

التّوفّي

التّوفية

ج

الجزاء

الجعل

الجمع

ح

الحبّ

الحفظ

الحكم

الحول

الحيف

خ

الختم

الخسف

الخفاء

الخلق

د

الدّعوة

الدّفاع

ر

الرّؤية

الرّجوع

الرّحمة

الرّدّ

الرّزق

الرّضى

الرّفع

الرّمي

ز

الزّيادة

س

السّخريّة

السّخط

السّماع

ش

الشّرح

الشّهادة

ص

الصّدق

الصّرف

الصّلاة

ض

الضّرب

ط

الطّبع

ظ

الظّلم

ع

5Lالعصمة

العفو

العلم

العهد

غ

الغضب

الغفران

ف

الفتح

الفرض

الفسح

الفصل

الفعل

ق

القبض

القبول

القتل

القضاء

القول

ك

الكتابة

الكره

الكفاية

ل

اللّعن

6L م

المؤاخذة

المحاسبة

المحق

المحو

المسّ

المشيئة

المضاعفة

المقاتلة

المكر

المنّ

الميز

ن

النّسخ

النّصر

النّهي

النّيل

ه

الهدى

و

الوذر

الوعد

الوعظ

الوقاية

الولادة

2-صفات اللّه و ما أسند إليه،سلبا و إيجابا:

أ

الأحد

أحقّ

أحكم الحاكمين

5Lأسرع

6Lأشدّ

ص: 902

أصدق

أعلم

إله

أنا

أوفى

أولى

ب

بالغ

بريء

البصير

ت

التّوّاب

ث

ثالث

ج

جامع

ح

حسب

الحسيب

الحفيظ

حقّ

خ

الخالق

الخبير

خير

ذ

ذلكم

ذو فضل

ذو المعارج

ر

الرّءوف

ربّ

الرّحيم

الرّزّاق

الرّقيب

س

سريع الحساب

السّميع

ش

الشّاكر

الشّديد

الشّكور

الشّهيد

ص

الصّمد

ظ

ظلاّم

ع

العالم

عدوّ

العزيز

عسى

العفوّ

العلاّم

العليم

العليّ

غ

غافل

غالب

الغفور

الغنيّ

ف

فالق

فقير

5L ق

قادر

القدير

القويّ

ك

الكافي

ل

اللّطيف

م

مبتل

مبد

متمّ

المحيط

مخرج

مخز

المستعان

6Lالمقتدر

المقيت

مهلك

مولى

موهن

ه

هاد

هو

و

الواسع

الوكيل

الوليّ

3-ما أضيف إلى لفظ الجلالة:

أ

آلاء اللّه:2

آيات اللّه:42

ابن اللّه:2

أبناء اللّه:1

أجل اللّه:2

إذن اللّه:18

أرض اللّه:3

اسم اللّه:9

أعداء اللّه:2

أمر اللّه:12

أنبياء اللّه:1

أنصار اللّه:3

أنعم اللّه:1

أولياء اللّه:2

أيّام اللّه:2

ب

بأس اللّه:1

بعد اللّه:2

بقيّة اللّه:1

ث

ثواب اللّه:1

ج

جنب اللّه:1

ح

حبّ اللّه:1

حبل اللّه:1

حدود اللّه:12

حرمات اللّه:1

حزب اللّه:3

حكم اللّه:2

خ

5Lخزائن اللّه:2

خشية اللّه:3

خلق اللّه:2

د

داعي اللّه:2

دفع اللّه:2

دون اللّه:72

دين اللّه:2

6L ذ

ذكر اللّه:9

ر

رحمة اللّه:6

رزق اللّه:1

رسالات اللّه:1

رسل اللّه:1

رسول اللّه:16

ص: 903

رضوان اللّه:1

روح اللّه:2

ز

زينة اللّه:1

س

سبحان اللّه:6

سبيل اللّه:168

سنّة اللّه:18

ش

شعائر اللّه:4

شهادة اللّه:1

ص

صبغة اللّه:1

صراط اللّه:1

صنع اللّه:3

ع

عباد اللّه:7

عبد اللّه:2

عدوّ اللّه:2

عذاب اللّه:5

علم اللّه:1

عند اللّه:61

عهد اللّه:8

غ

غضب اللّه:1

غير اللّه:17

ف

فضل اللّه:16

فطرة اللّه:1

ك

كتاب اللّه:8

كلام اللّه:3

كلمات اللّه:3

كلمة اللّه:1

ل

لعنة اللّه:7

لقاء اللّه:3

م

مال اللّه:1

مرضاة اللّه:3

5Lمساجد اللّه:3

مع اللّه:26

معاذ اللّه:2

معجزي اللّه:2

مقت اللّه:1

مكر اللّه:2

ملاقو اللّه:1

ن

نار اللّه:1

ناقة اللّه:3

6Lنصر اللّه:5

نعمة اللّه:18

نور اللّه:2

ه

هدى اللّه:5

و

وجه اللّه:5

وعد اللّه:16

ى

يد اللّه:4

و يلاحظ أنّ أكثر المضافات إلى«اللّه»:(دون اللّه):71 مرّة،ثمّ(سبيل اللّه):68،ثمّ(عند اللّه):61،و هكذا تتنازل من العشرات إلى الآحاد.و في قياس بعضها مع بعض سوف ينكشف لنا أنّ صبغة الرّحمة غلبت النّقمة،و هكذا تتبيّن لنا أسرار أخرى،فلاحظ.

4-الحروف الجارّة للفظ الجلالة:

إلى اللّه:46

باللّه:137

تاللّه:9

على اللّه:80

في اللّه:11

للّه:147

من اللّه:83

و اللّه:17

5-أفعال الخلق المتعلّقة باللّه:(سلبا و إيجابا و إنكارا)

أ

الاتّقاء

الإتمام

الإتيان

الإجارة

الإخلاص

الإخلاف

الإرادة

الاستجابة

الاستخفاء

الاستعاذة

الاستعانة

الاستغاثة

الاستغفار

الاستهزاء

الإسخاط

الإسلام

الإشهاد

الإطاعة

الاعتصام

الإعجاز

الإغناء

الافتراء

الإقامة

الإقراض

الإلقاء

الإنابة

الإيذاء

الإيمان

ب

البروز

ت

التّسبيح

التّعليم

التّفريق

5Lالتّفويض

التّقاسم

التّكبير

التّكليم

التّنبئة

التّوبة

التّوكّل

التّولّي

ج

6Lالجعل

الجهاد

ح

الحبّ

الحسبان

الحسن

الحلف

خ

الخشوع

ص: 904

الخشية

الخوف

الخيانة

د

الدّعوة

ذ

الذّكر

ر

الرّؤية

الرّجاء

الرّجوع

الرّدّ

الرّغبة

س

السّؤال

السّبّ

السّجود

ش

الشّرك

الشّكر

الشّكّ

الشّكوى

الشّهادة

ص

الصّبر

الصّدق

الصّلاة

ض

الضّرب

الضّرر

ظ

الظّنّ

ع

العبادة

العصيان

العلوّ

العوذ

غ

الغرور

ف

الفرار

ق

القدر

القسم

القنوت

القول

القيام

5L ك

الكتمان

الكذب

الكفر

م

المبايعة

المجادلة

المحاجّة

المحادّة

المحاربة

المخادعة

المشاقّة

6Lالمعاهدة

ن

النّسيان

النّصر

النّصيحة

ه

الهجرة

الهزء

و

الوجدان

التّفصيل: (1)
1-(أ ب و)

الإباء:(1)

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ. التّوبة:32

2-(أ ت ي)
الأتي:(29)
أ-إتيان اللّه:

1-بالعذاب: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ النّحل:26

وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللّهِ فَأَتاهُمُ اللّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا الحشر:2

قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللّهُ إِنْ شاءَ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ هود:33

2-بالنّاس جميعا: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً البقرة:148

3-بالحبّة: فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللّهُ لقمان:16

4-بالأمر: فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ البقرة:109

فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ التّوبة:24

5-بالشّمس: قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ

ص: 905


1- و نكتفي هنا بما فيه اسم الجلالة«اللّه»دون غيره من أسمائه و صفاته؛حيث تذكر في مواضعها.

مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ البقرة:258

6-بقوم: فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ

المائدة:54

7-الإتيان إلى اللّه: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ* إِلاّ مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ الشّعراء:88،89

8-الإتيان باللّه: أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلاً

الإسراء:92

9-إنكار إتيان اللّه: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ البقرة:210

ب-الإيتاء:

1-المال: فَما آتانِيَ اللّهُ خَيْرٌ مِمّا آتاكُمْ

النّمل:36

وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللّهُ

الطّلاق:7

وَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ

التّوبة:59

وَ ابْتَغِ فِيما آتاكَ اللّهُ الدّارَ الْآخِرَةَ

القصص:77

2-الملك و الحكمة: وَ آتاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ البقرة:251

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللّهُ الْمُلْكَ البقرة:258

وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ البقرة:247

3-الثّواب: فَآتاهُمُ اللّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَ حُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ آل عمران:148

4-الفضل: فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ

آل عمران:170

وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ آل عمران:180

وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ النّساء:37

أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ

النّساء:54

وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ رَسُولُهُ التّوبة:59

5-الأجر: وَ سَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً

النّساء:146

فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللّهُ أَجْراً حَسَناً الفتح:16

6-الكتاب و الحكم: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي آل عمران:79

7-الخير: وَ لا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً هود:31

3-(أ ث ر)

الإيثار:(1)

قالُوا تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنا يوسف:91

4-(أ ج ر)

الأجر على اللّه:(5)

وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّهِ النّساء:100

فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللّهِ الشّورى:40

فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ يونس:72

وَ يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاّ عَلَى

ص: 906

اَللّهِ هود:29

قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ سبأ:47

5-(أ ج ل)

أجل اللّه:(2)

مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ

العنكبوت:5

إِنَّ أَجَلَ اللّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ نوح:4

6-(أ ح د)

الأحد:(1)

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ الإخلاص:1

7-(أ خ ذ)
اشارة

الأخذ:

أ-أخذ اللّه:(19)

1-الميثاق: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ آل عمران:81

وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ آل عمران:187

وَ لَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً المائدة:12

2-السّمع و الأبصار: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَ أَبْصارَكُمْ وَ خَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ. الأنعام:46

3-بالذّنوب: فَأَخَذَهُ اللّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى.

النّازعات:25

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ. آل عمران:11

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ. الأنفال:52

كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ. المؤمن:21

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ. المؤمن:22

ب-المؤاخذة:

1-بالظّلم: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللّهُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ. النّحل:61

2-بالكسب: وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللّهُ النّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ. فاطر:45

3-باللّغو: لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ. البقرة:225،و المائدة:89

ج-الاتّخاذ(مثبتا):

وَ اتَّخَذَ اللّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً. النّساء:125

د-الاتّخاذ إنكارا:

وَ قالُوا اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ.

البقرة:116،و يونس:68

وَ يُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً. الكهف:4

مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَدٍ المؤمنون:91

ما كانَ لِلّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ. مريم:35

8-(أ خ ر)
اشارة

التّأخير:(2)

أ-نفي تأخير الأجل:

وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها.

المنافقون:11

ص: 907

ب-له الآخرة:

فَلِلّهِ الْآخِرَةُ وَ الْأُولى. النّجم:25

9-(أ ذ ن)
اشارة

الإذن:(23)

أ-الإذن(مثبتا):

1-رفع البيوت: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ. النّور:36

2-الشّفاعة: إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى. النّجم:26

3-تنزيل الكتاب: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ. البقرة:97

4-الإضرار: وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ. البقرة:102

وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ. المجادلة:10

5-الغلبة: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ. البقرة:249

فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ.

البقرة:251

وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ. الأنفال:66

6-خلق الطّير: فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ. آل عمران:49

7-إحياء الموتى: وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللّهِ. آل عمران:49

8-الموت: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً. آل عمران:145

9-الإصابة: وَ ما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ. آل عمران:166

ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ. التّغابن:11

10-الإطاعة: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللّهِ. النّساء:64

11-الإيمان: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ. يونس:100

12-الإتيان بآية: وَ ما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ. الرّعد:38،و المؤمن:78

13-الإتيان بسلطان: وَ ما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ. إبراهيم:11

14-السّبق: وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ.

فاطر:32

15-الهدم: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللّهِ. الحشر:5

ب-الإذن(منفيّا):

1-الافتراء: قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ. يونس:59

2-الشّرك: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللّهُ. الشّورى:21

ج-الأذان:

وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ. التّوبة:3

10-(أ ذ ي)
اشارة

الإيذاء:(2)

أ-الإيذاء في اللّه:

ص: 908

فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللّهِ. العنكبوت:10

ب-إيذاء اللّه

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ. الأحزاب:57

11-(أ ر ض)

أرض اللّه:(6)

قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها. النّساء:97

هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ الأعراف:73

وَ يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ. هود:64

وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ. الزّمر:10

إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ

الأعراف:128

قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلّهِ. المؤمنون:84،85

12-(أ ل ف)

التّأليف بين القلوب:(1)

وَ لكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ. الأنفال:63

13-(أ ل و)

آلاء اللّه:(2)

فَاذْكُرُوا آلاءَ اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. الأعراف:69

فَاذْكُرُوا آلاءَ اللّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ.

الأعراف:74

14-(أ م ر)
اشارة

الأمر:(27)

أ-الأمر(مثبتا):

1-الوصل: وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ. البقرة:27،و الرّعد:25

وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ. الرّعد:21

2-إتيان النّساء: فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ. البقرة:222

3-العدل و الإحسان: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ. النّحل:90

4-ذبح البقرة: وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً. البقرة:67

5-أداء الأمانات: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها. النّساء:58

6-الأمر إلى اللّه: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللّهِ. البقرة:275

7-الأمر للّه:

قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلّهِ آل عمران:154

بَلْ لِلّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً الرّعد:31

لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ الرّوم:4

وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ الانفطار:19

8-أمر اللّه:

أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَ كانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً. النّساء:47

وَ قَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتّى جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ

ص: 909

اَللّهِ. التّوبة:48

وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ. التّوبة:106

قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاّ مَنْ رَحِمَ. هود:43

قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. هود:73

لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ. الرّعد:11

أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ. النّحل:1

وَ كانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً. الأحزاب:37

سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ كانَ أَمْرُ اللّهِ قَدَراً مَقْدُوراً. الأحزاب:38

فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ. المؤمن:78

فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ. الحجرات:9

وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمْرُ اللّهِ. الحديد:14

ذلِكَ أَمْرُ اللّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ. الطّلاق:5

ب-الأمر(منفيّا أو إنكارا):

قُلْ إِنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ. الأعراف:29

وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللّهُ أَمَرَنا بِها. الأعراف:28

15-(أ م ن)
اشارة

الإيمان:(66)

أ-من آمن باللّه:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى وَ الصّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. البقرة:62

وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. البقرة:126

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ.

البقرة:177

كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ.

البقرة:285

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصّابِئُونَ وَ النَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. المائدة:69

إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. التّوبة:18

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. التّوبة:19

إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ. الأنفال:41

وَ قالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ. يونس:84

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ. البقرة:8

قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا. البقرة:136

قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ آمَنّا بِاللّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ. آل عمران:52

قُلْ آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا. آل عمران:84

ص: 910

هَلْ تَنْقِمُونَ مِنّا إِلاّ أَنْ آمَنّا بِاللّهِ. المائدة:59

وَ يَقُولُونَ آمَنّا بِاللّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا. النّور:47

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ. العنكبوت:10

فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ.

المؤمن:84

وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. النّساء:39

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ. النّساء:152

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ. النّساء:175

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ.

النّور:62،و الحجرات:15

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ. الحديد:19

أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ. الحديد:21

لِتُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً. الفتح:9

ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ. المجادلة:4

أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِي. الممتحنة:1

وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَحْدَهُ. الممتحنة:4

تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ. آل عمران:110

فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. النّساء:59

وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. النّور:2

وَ ما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ. الحديد:8

تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ. الصّفّ:11

وَ ما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ ما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ. المائدة:84

ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. البقرة:232

فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى. البقرة:256

وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ. آل عمران:199

فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ كَلِماتِهِ. الأعراف:158

قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ. التّوبة:61

وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ.

التّوبة:99

وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ.

يوسف:106

وَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِنّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً الفتح:13

وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللّهِ وَ يَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ

ص: 911

سَيِّئاتِهِ. التّغابن:9

وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ. التّغابن:11

ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. الطّلاق:2

وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللّهِ وَ يَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. الطّلاق:11

وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. البقرة:228

وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. البروج:8

يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. آل عمران:114

لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ. التّوبة:44

إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ. النّور:62

لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ. المجادلة:22

فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ.

آل عمران:179،و النّساء:171

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ. النّساء:136

فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ.

الأعراف:158

وَ إِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللّهِ وَ جاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ. التّوبة:86

فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا.

التّغابن:8

وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. النّساء:162

ب-من لا يؤمن باللّه:

كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَ لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ البقرة:264

إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ الْعَظِيمِ. الحاقّة:33

وَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النّاسِ وَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. النّساء:38

وَ لَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ النَّبِيِّ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ. المائدة:81

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ.

التّوبة:29

إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. التّوبة:45

إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ. يوسف:37

16-(أن ا)

أنا اللّه:(2)

إِنَّنِي أَنَا اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا. طه:14

أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللّهُ. القصص:30

17-(أ ي د)

التّأييد:(1)

وَ اللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ. آل عمران:13

18-(أ ي ي)

آيات اللّه:(42)

1-الكفر بها: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ لَهُمْ

ص: 912

عَذابٌ شَدِيدٌ. آل عمران:4

كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ.

الأنفال:52

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ وَ لِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي. العنكبوت:23

وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. الزّمر:63

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ.

آل عمران:19

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ. آل عمران:70

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ اللّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ. آل عمران:98

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ. البقرة:61

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ. آل عمران:21

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ. آل عمران:112

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَ كُفْرِهِمْ بِآياتِ اللّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ. النّساء:155

2-الإشارة إليها: تِلْكَ آياتُ اللّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ. البقرة:252،و آل عمران:108،و الجاثية:6

ذلِكَ مِنْ آياتِ اللّهِ. الأعراف:26،و الكهف:17

3-تلاوتها: رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللّهِ مُبَيِّناتٍ. الطّلاق:11

وَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ وَ أَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللّهِ وَ فِيكُمْ رَسُولُهُ. آل عمران:101

لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللّهِ. آل عمران:113

وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللّهِ وَ الْحِكْمَةِ. الأحزاب:34

يَسْمَعُ آياتِ اللّهِ تُتْلى عَلَيْهِ الجاثية:8

4-التّذكير بها: يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَ تَذْكِيرِي بِآياتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ. يونس:71

5-اتّخاذها هزوا: إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ النّساء:140

ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللّهِ هُزُواً. الجاثية:35

وَ لا تَتَّخِذُوا آياتِ اللّهِ هُزُواً. البقرة:231

6-الاشتراء بها: اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً. التّوبة:9

لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً.

آل عمران:199

7-الجحد بها: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ. الأنعام:33

كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ.

المؤمن:63

إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللّهِ. الأحقاف:26

8-التّكذيب بها: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللّهِ وَ صَدَفَ عَنْها. الأنعام:157

وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللّهِ.

يونس:95

ص: 913

ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللّهِ. الرّوم:10

بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللّهِ.

الجمعة:5

9-عدم الإيمان بها: إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللّهُ. النّحل:104

إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللّهِ. النّحل:105

10-الصّدّ عنها: وَ لا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ. القصص:87

11-المجادلة فيها: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا. المؤمن:4

اَلَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ.

المؤمن:35

إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ. المؤمن:56

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ أَنّى يُصْرَفُونَ. المؤمن:69

12-إنكارها: وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللّهِ تُنْكِرُونَ. المؤمن:81

19-(ب أ س)

بأس اللّه:(1)

فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللّهِ إِنْ جاءَنا. المؤمن:29

20-(ب د أ)
اشارة

البدء:(3)

أ-بدء الخلق:

قُلِ اللّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. يونس:34

اَللّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

الرّوم:11

ب-إبداء الخلق:

أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ.

العنكبوت:19

21-(ب د ل)

التّبديل:(1)

فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ.

الفرقان:70

22-(ب د و)
اشارة

البداء:(2)

أ-البدوّ:

وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ.

الزّمر:47

ب-الإبداء:

وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّهُ مُبْدِيهِ. الأحزاب:37

23-(ب ر أ)
اشارة

البراءة:(3)

أ-البراءة:

بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. التّوبة:1

ب-البريء:

أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ. التّوبة:3

ج-التّبرئة:

ص: 914

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ مِمّا قالُوا. الأحزاب:69

24-(ب ر ز)

البروز للّه:(2)

وَ بَرَزُوا لِلّهِ جَمِيعاً. إبراهيم:21

وَ بَرَزُوا لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ. إبراهيم:48

25-(ب ر ك)

التّبارك:(3)

أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

الأعراف:54

ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ. المؤمنون:14

ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

المؤمن:64

26-(ب س ط)

بسط الرّزق:(6)

وَ لَوْ بَسَطَ اللّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ.

الشّورى:27

اَللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ. الرّعد:26

وَيْكَأَنَّ اللّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ. القصص:82

اَللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ لَهُ.

العنكبوت:62

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ.

الرّوم:37

أَ وَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ. الزّمر:52

27-(ب ش ر)

التّبشير:(3)

ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ. الشّورى:23

أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللّهِ.

آل عمران:39

يا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. آل عمران:45

28-(ب ص ر)

البصير:(20)

1-بصير بالأعمال: وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ.

البقرة:96،و آل عمران:163،و المائدة:71

إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. البقرة:110

وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

البقرة:233

وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. البقرة:237

وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

البقرة:265،و آل عمران:156،و الأنفال:72، و الحديد:4،و الممتحنة:3،و التّغابن:2.

فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

الأنفال:39

وَ كانَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً.

الأحزاب:9،و الفتح:24

إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللّهُ بَصِيرٌ

ص: 915

بِما تَعْمَلُونَ. الحجرات:18

2-بصير بالعباد: وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ.

آل عمران:15،20

فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً.

فاطر:45

وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ.

المؤمن:44

29-(ب ط ل)

الإبطال:(1)

فَلَمّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ. يونس:81

30-(ب ع ث)
اشارة

البعث:(12)

أ-البعث(مثبتا):

1-الأنبياء و الرّسل: كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ. البقرة:213

2-طالوت: وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً. البقرة:247

3-الغراب: فَبَعَثَ اللّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ.

المائدة:31

4-الموتى: وَ الْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ.

الأنعام:36

وَ أَنَّ اللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ. الحجّ:7

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللّهُ جَمِيعاً. المجادلة:6،18

ب-البعث(منفيّا أو إنكارا):

1-الموتى: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ. النّحل:38

2-الرّسل: حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً. المؤمن:34

وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللّهُ أَحَداً. الجنّ:7

قالُوا أَ بَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَسُولاً. الإسراء:94

أَ هذَا الَّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً. الفرقان:41

31-(ب ع د)

بعد اللّه:(2)

فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللّهِ وَ آياتِهِ يُؤْمِنُونَ. الجاثية:6

فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ.

الجاثية:23

32-(ب ق ي)

بقيّة اللّه:(1)

بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. هود:86

33-(ب ل غ)
اشارة

البلاغ:(2)

أ-البالغ:

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ. الطّلاق:3

ب-البلاغ:

وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً* إِلاّ بَلاغاً مِنَ اللّهِ وَ رِسالاتِهِ. الجنّ:22،23

34-(ب ل و)
اشارة

البلاء:(4)

أ-بلاء اللّه:

ص: 916

إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ. النّحل:92

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِماحُكُمْ. المائدة:94

ب-ابتلاء اللّه:

وَ لِيَبْتَلِيَ اللّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَ لِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ. آل عمران:154

فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ. البقرة:249

35-(ب ن و)

استنكار البنوّة للّه:(3)

وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَ قالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ. التّوبة:30

وَ قالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللّهِ وَ أَحِبّاؤُهُ. المائدة:18

36-(ب ي ع)

مبايعة اللّه:(1)

إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّهَ.

الفتح:10

37-(ب ي ن)
اشارة

التّبيين:(11)

أ-آيات اللّه:

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

البقرة:187

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. البقرة:219،266

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

البقرة:242

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.

آل عمران:103

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.

المائدة،89

وَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

النّور:18

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

النّور:58

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

النّور:59

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

النّور:61

ب:أن تضلّوا:

يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

النّساء:176

38-(ت)

تاللّه:(9)

تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ.

يوسف:73

تَاللّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً.

يوسف:85

قالُوا تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنا. يوسف:91

قالُوا تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ. يوسف:95

تَاللّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ. النّحل:56

تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ. النّحل:63

ص: 917

وَ تَاللّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ. الأنبياء:57

تَاللّهِ إِنْ كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. الشّعراء:97

قالَ تَاللّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ. الصّافّات:56

39-(ت م م)

الإتمام:(2)

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ. البقرة:196

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ. الصّفّ:8

40-(ت و ب)
اشارة

التّوبة:(20)

أ-من اللّه:

وَ حَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ. المائدة:71

لَقَدْ تابَ اللّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ. التّوبة:117

فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ.

المجادلة:13 فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ.

النّساء:17

فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ المائدة:39

وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَ يَتُوبُ اللّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ. التّوبة:15

ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ.

التّوبة:27

وَ يَتُوبَ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ.

الأحزاب:73

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ. النّساء:17

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّهِ. النّساء:92

ب-إلى اللّه:

وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللّهِ مَتاباً. الفرقان:71

إِنْ تَتُوبا إِلَى اللّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما.

التّحريم:4

أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَهُ. المائدة:74

وَ تُوبُوا إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ. النّور:31

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً.

التّحريم:8

ج-التّوّاب:

إِنَّ اللّهَ كانَ تَوّاباً رَحِيماً. النّساء:16

وَ أَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ. التّوبة:104

إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ. التّوبة:118

وَ أَنَّ اللّهَ تَوّابٌ حَكِيمٌ. النّور:10

إِنَّ اللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ. الحجرات:12

41-(ث ب ت)
التّثبيت:(1)

يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ. إبراهيم:27

ص: 918

42-(ث ل ث)

استنكار التّثليث:(1)

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ.

المائدة:73

43-(ث و ب)
اشارة

الثّوب:(2)

أ-الإثابة:

فَأَثابَهُمُ اللّهُ بِما قالُوا جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها. المائدة:85

ب-الثّواب:

وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً.

القصص:80

44-(ج ب و)

الاجتباء:(2)

وَ ما كانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَ لكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ. آل عمران:179

اَللّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ. الشّورى:13

45-(ج د ل)
اشارة

الجدال:(5)

أ-الجدال في اللّه:

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. الحجّ:3

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ. الحجّ:8،و لقمان:20

وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اللّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ.

الرّعد:13

ب-جدال اللّه:

ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ. النّساء:109

46-(ج ز ي)

الجزاء:(7)

جزاء اللّه:

1-الشّاكرين: وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ.

آل عمران:144

2-المتصدّقين: إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ.

يوسف:88

3-المتّقين: كَذلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ..

النّحل:31

4-الصّادقين: لِيَجْزِيَ اللّهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ.

الأحزاب:24

5-العاملين: لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. التّوبة:121

6-الذّاكرين: لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا.

النّور:38

7-كلّ نفس: لِيَجْزِيَ اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ.

إبراهيم:51

47-(ج ع ل)
اشارة

الجعل:(36)

أ-جعل اللّه:

1-الأموال قياما: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِياماً. النّساء:5

2-الكعبة قياما: جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ

ص: 919

قِياماً لِلنّاسِ. المائدة:97

3-الأزواج من الأنفس: وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً. النّحل:72

4-السّكن من البيوت: وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً. النّحل:80

5-الظّلال ممّا خلق: وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمّا خَلَقَ ظِلالاً. النّحل:81

6-اللّيل سرمدا: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ. القصص:71

7-النّهار سرمدا: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ. القصص:72

8-اللّيل للسّكن و النّهار مبصرا: اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً. المؤمن:61

9-الأرض قرارا و السّماء بناء: اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَ السَّماءَ بِناءً. المؤمن:64

10-الأنعام للرّكوب: اَللّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَ مِنْها تَأْكُلُونَ. المؤمن:79

11-لكلّ شيء قدرا: قَدْ جَعَلَ اللّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً. الطّلاق:3

12-الأرض بساطا: وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً. نوح:19

13-الإمداد بشرى: وَ ما جَعَلَهُ اللّهُ إِلاّ بُشْرى لَكُمْ وَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ. آل عمران:126

وَ ما جَعَلَهُ اللّهُ إِلاّ بُشْرى وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ.

الأنفال:10

14-القول حسرة: لِيَجْعَلَ اللّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ. آل عمران:156

15-السّبيل للفاحشات: حَتّى يَتَوَفّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً. النّساء:15

16-الخير في المكروه: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً. النّساء:19

17-الرّجس على الّذين لا يؤمنون: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ. الأنعام:125

18-اليسر بعد العسر: سَيَجْعَلُ اللّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً. الطّلاق:7

19-جعل اللّه كفيلا: وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً. النّحل:91

ب-ما جعل اللّه:

1-السّبيل على المشركين: فَما جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً. النّساء:90

2-البحيرة: ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ. المائدة:103

3-قلبين في الجوف: ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ. الأحزاب:4

4-السّبيل على المؤمنين: وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً. النّساء:141

5-النّور للكافرين: وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ. النّور:40

6-اللّه عرضة للأيمان: وَ لا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ. البقرة:224

ج-جعل الكافرين للّه:

1-الأنداد: وَ جَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ

ص: 920

سَبِيلِهِ. الزّمر:8

وَ جَعَلُوا لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ.

إبراهيم:30

فَلا تَجْعَلُوا لِلّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. البقرة:22

2-الشّركاء: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ. الأنعام:100

أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ. الرّعد:16

وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ. الرّعد:33

3-النّصيب: وَ جَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً. الأنعام:136

4-البنات: وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ. النّحل:57

5-ما يكرهون: وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ.

النّحل:62

د-جعل المؤمنين للّه:

السّلطان المبين: أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً. النّساء:144

48-(ج م ع)

الجمع:(3)

جمع اللّه:

1-الرّسل: يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا. المائدة:109

2-المؤمنين و الكافرين: لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ اللّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ. الشّورى:15

3-المنافقين و الكافرين: إِنَّ اللّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَ الْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً. النّساء:140

49-(ج ن ب)

جنب اللّه:(1)

أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ. الزّمر:56

50-(ج ن د)

الجنود:(2)

وَ لِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. الفتح:4،7

51-(ج ه د)

الجهاد في اللّه:(1)

وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ. الحجّ:78

52-(ج و ب)

الاستجابة للّه:(2)

اَلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ. آل عمران:172

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ. الأنفال:24

53-(ج و ر)

نفي الإجارة من اللّه:(1)

قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللّهِ أَحَدٌ. الجنّ:22

54-(ج ي أ)

مجيء النّور من اللّه:(1)

قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ المائدة:15

55-(ح ب ب)
اشارة

الحبّ:(38)

أ-من يحبّه اللّه:

ص: 921

1-المحسنين: وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

البقرة:195

وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. آل عمران:134،148

فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

المائدة:13

ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

المائدة:93

2-التّوّابين: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. البقرة:222

3-المتّقين: بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَ اتَّقى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ. آل عمران:76

إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ. التّوبة:4،7

4-الصّابرين: وَ اللّهُ يُحِبُّ الصّابِرِينَ.

آل عمران:146

5-المتوكّلين: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ. آل عمران:159

6-المقسطين: وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. المائدة:42

وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. الحجرات:9

إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. الممتحنة:8

7-المطّهّرين و المتطهّرين: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ. التّوبة:108

إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ.

البقرة:222

8-المقاتلين في سبيله: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا. الصّفّ:4

9-المطيعين: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ. آل عمران:31

ب-من لا يحبّه اللّه:

1-المعتدين: وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. البقرة:190،و المائدة:87

2-الفساد و المفسدين: وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ. البقرة:205

وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. المائدة:64

وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. القصص:77

3-الكفّار الأثيم: يَمْحَقُ اللّهُ الرِّبا وَ يُرْبِي الصَّدَقاتِ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفّارٍ أَثِيمٍ. البقرة:276

4-الكافرين: قُلْ أَطِيعُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ. آل عمران:32

5-الظّالمين: وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ.

آل عمران:57،140

6-المختال الفخور: إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً. النّساء:36

إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. لقمان:18

وَ اللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. الحديد:23

7-الخوّان و الخائنين: إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوّاناً أَثِيماً. النّساء:107

إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفُورٍ. الحجّ:38

إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ. الأنفال:58

ص: 922

8-الفرحين: إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ.

القصص:76

9-الجهر بالسّوء: لا يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ. النّساء:148

ج-التّحبيب:

لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَ لكِنَّ اللّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ. الحجرات:7

د-حبّ اللّه:

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ. البقرة:165

وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ. البقرة:165

ه-أحبّ من اللّه استنكارا:

وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ. التّوبة:24

56-(ح ب ط)

الإحباط:(1)

أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللّهُ أَعْمالَهُمْ.

الأحزاب:19

57-(ح ب ل)

حبل اللّه:(2)

وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا.

آل عمران:103

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النّاسِ. آل عمران:112

58-(ح ج ج)
اشارة

الحجّة:(5)

أ-نفي الحجّة على اللّه:

لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.

النّساء:165

ب-المحاجّة في اللّه:

قُلْ أَ تُحَاجُّونَنا فِي اللّهِ وَ هُوَ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ.

البقرة:139

وَ حاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَ تُحاجُّونِّي فِي اللّهِ وَ قَدْ هَدانِ. الأنعام:80

وَ الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ. الشّورى:16

ج-الحجّة للّه:

قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ. الأنعام:149

59-(ح د ث)

الإحداث:(1)

لا تَدْرِي لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً.

الطّلاق:1

60-(ح د د)
اشارة

الحدّ:(16)

أ-حدود اللّه:

تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلا تَقْرَبُوها. البقرة:187

إِلاّ أَنْ يَخافا أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ. البقرة:229

إِنْ ظَنّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. البقرة:230

ص: 923

تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ. البقرة:187

وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ. التّوبة:112

وَ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ. المجادلة:4،و الطّلاق:1

وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. الطّلاق:1

ب-محادّة اللّه:

لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ. المجادلة:22

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها. التّوبة:63

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. المجادلة:5

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ. المجادلة:20

61-(ح ذ ر)

التّحذير:(2)

وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ. آل عمران:28،30

62-(ح ر ب)
اشارة

الحرب:(3)

أ-حرب من اللّه:

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ.

البقرة:279

ب-محاربة اللّه:

وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ.

التّوبة:107

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا. المائدة:33

63-(ح ر م)
اشارة

الحرام:(10)

أ-حرمات اللّه:

ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ. الحجّ:30

ب-تحريم اللّه:

إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ.

المائدة:72

قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللّهَ حَرَّمَ هذا. الأنعام:150

وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ.

الأنعام:151

وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ.

التّوبة:29

يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللّهُ. التّوبة:37

وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ.

الإسراء:33

وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ. الفرقان:68

قالُوا إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ.

الأعراف:50

64-(ح ز ب)

حزب اللّه:(3)

وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ. المائدة:56

ص: 924

أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. المجادلة:22

65-(ح س ب)
اشارة

الحسب:(10)

أ-حسب اللّه:

وَ إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ.

الأنفال:62

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. الأنفال:64

فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ.

آل عمران:173

وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ رَسُولُهُ. التّوبة:59

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ. التّوبة:129

قُلْ حَسْبِيَ اللّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ.

الزّمر:38

ب-الحسبان:

وَ لا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ.

إبراهيم:42

فَلا تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ. إبراهيم:47

ج-المحاسبة:

وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ. البقرة:284

د-الحسيب:

إِنَّ اللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً. النّساء:86

66-(ح س ن)
اشارة

الحسن:(4)

أ-إحسان اللّه:

قَدْ أَحْسَنَ اللّهُ لَهُ رِزْقاً. الطّلاق:11

وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللّهُ إِلَيْكَ. القصص:77

ب-و من أحسن من اللّه؟

صِبْغَةَ اللّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً.

البقرة:138

وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.

المائدة:50

67-(ح ش ر)

الحشر إلى اللّه:(1)

وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللّهِ تُحْشَرُونَ.

آل عمران:158

68-(ح ش و)

حاش للّه:(2)

وَ قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ. يوسف:31

قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ.

يوسف:51

69-(ح ص ي)

الإحصاء:(1)

أَحْصاهُ اللّهُ وَ نَسُوهُ. المجادلة:6

70-(ح ف ظ)
اشارة

الحفظ:(2)

أ-حفظ اللّه:

ص: 925

فَالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللّهُ. النّساء:34

ب-الحفيظ:

وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ. الشّورى:6

71-(ح ق ق)
اشارة

الحقّ:(9)

أ-هو الحقّ:

ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ.

الحجّ:6،62،و لقمان:30

وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ. النّور:25

ب-إحقاق الحقّ:

وَ يُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ. يونس:82

ج-اللّه أحقّ:

أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. التّوبة:13

يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ. التّوبة:62

وَ تَخْشَى النّاسَ وَ اللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ.

الأحزاب:37

د-الحقّ للّه:

فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلّهِ. القصص:75

72-(ح ك م)
اشارة

الحكم:(19)

أ-حكم اللّه:

وَ كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اَللّهِ. المائدة:43

ذلِكُمْ حُكْمُ اللّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ. الممتحنة:10

ب-حكم اللّه للنّاس:

إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ. المائدة:1

فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي. يوسف:80

وَ اللّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ. الرّعد:41

ج-حكم اللّه بين النّاس:

إِنَّ اللّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ. المؤمن:48

فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. البقرة:113

فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ. النّساء:141

فَاصْبِرُوا حَتّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ. الأعراف:87

وَ اصْبِرْ حَتّى يَحْكُمَ اللّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ. يونس:109

اَللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. الحجّ:69

إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.

الزّمر:3

د-الحكم للّه:

إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ. الأنعام:57،و يوسف:40،67

فَالْحُكْمُ لِلّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ. المؤمن:12

ه-الحكم إلى اللّه:

وَ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللّهِ.

الشّورى:10

ص: 926

و-أحكم الحاكمين:

أَ لَيْسَ اللّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ. التّين:8

ز-إحكام الآيات:

ثُمَّ يُحْكِمُ اللّهُ آياتِهِ. الحجّ:52

73-(ح ل ف)

الحلف باللّه:(6)

ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاّ إِحْساناً وَ تَوْفِيقاً. النّساء:62

وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ.

التّوبة:42

وَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَ ما هُمْ مِنْكُمْ.

التّوبة:56

يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ. التّوبة:62

يَحْلِفُونَ بِاللّهِ ما قالُوا. التّوبة:74

سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ. التّوبة:95

74-(ح ل ل)

الإحلال:(3)

وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا. البقرة:275

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا. المائدة:87

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ. التّحريم:1

75-(ح م د)

الحمد للّه:(24)

اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

الفاتحة:1،و المؤمن:65

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ.

الأنعام:1

وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

الأنعام:45،و الصّافّات:182

وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا.

الأعراف:43

وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

يونس:10

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ. إبراهيم:39

اَلْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ. النّحل:75، و الزّمر:29

وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً.

الإسراء:111

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ.

الكهف:1

فَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي نَجّانا مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ.

المؤمنون:28

وَ قالاَ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ. النّمل:15

قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ.

النّمل:59،و العنكبوت:63،و لقمان:25

وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ. النّمل:93

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي

ص: 927

اَلْأَرْضِ. سبأ:1

اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. فاطر:1

وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ.

فاطر:34

وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ.

الزّمر:74

وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الزّمر:75

فَلِلّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ. الجاثية:36

76-(ح ن ف)

حنفاء اللّه:(1)

حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ. الحجّ:31

77-(ح و ط)
اشارة

الإحاطة:(8)

أ-الإحاطة بالشّيء:

وَ أُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللّهُ بِها.

الفتح:21

وَ أَنَّ اللّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً. الطّلاق:12

ب-المحيط:

بالكافرين: وَ اللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ. البقرة:19

بما يعملون: إِنَّ اللّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ.

آل عمران:120

وَ كانَ اللّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً. النّساء:108

وَ اللّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. الأنفال:47

بكلّ شيء: وَ كانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً.

النّساء:126

من ورائهم: وَ اللّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ.

البروج:20

78-(ح و ل)

الحول:(1)

وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ.

الأنفال:24

79-(ح ي ف)

نفي الحيف:(1)

أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ. النّور:50

80-(ح ي ي)
اشارة

الحياة:(8)

أ-التّحيّة:

وَ إِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللّهُ.

المجادلة:8

ب-الإحياء:

1-إحياء الموتى: كَذلِكَ يُحْيِ اللّهُ الْمَوْتى وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. البقرة:73

قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِها. البقرة:259

2-إحياء الأرض: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها. الحديد:17

3-الإحياء و الإماتة: وَ اللّهُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. آل عمران:156

قُلِ اللّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ. الجاثية:26

ج-نفي الاستحياء:

إِنَّ اللّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها. البقرة:26

ص: 928

وَ اللّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ. الأحزاب:53

81-(خ ب ر)

الخبير:(22)

1-بما يعملون: وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.

البقرة:234،271،و آل عمران:180،و الحديد:10، و المجادلة:3،11،و التّغابن:8

وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.

آل عمران:153،و التّوبة:16،و المجادلة:13، و المنافقون:11

إِنَّ اللّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.

النّساء:94،و الأحزاب:2

فَإِنَّ اللّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.

النّساء:128،135

إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.

المائدة:8،و النّور:53،و الحشر:18

وَ أَنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. لقمان:29

بَلْ كانَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً. الفتح:11

2-بما يصنعون: إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ.

النّور:30

3-بالعباد: إِنَّ اللّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ. فاطر:31

82-(خ ت م)

الختم:(1)

خَتَمَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ. البقرة:7

83-(خ د ع)

المخادعة:(2)

يُخادِعُونَ اللّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا. البقرة:9

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ.

النّساء:142

84-(خ ر ج)

الإخراج:(4)

إخراج اللّه:

1-الأولاد من البطون: وَ اللّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً. النّحل:78

2-الأضغان من القلوب: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللّهُ أَضْغانَهُمْ. محمّد:29

3-ما تكتمون: وَ اللّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ.

البقرة:72

4-ما تحذرون: إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ.

التّوبة:64

85-(خ ز ن)

خزائن اللّه:(3)

قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللّهِ. الأنعام:50

وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللّهِ. هود:31

وَ لِلّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. المنافقون:7

86-(خ ز ي)
اشارة

الإخزاء:(2)

أ-الإخزاء(مثبتا):

وَ أَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ. التّوبة:2

ب-الإخزاء(منفيّا):

يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ.

التّحريم:8

87-(خ س ف)

ص: 929

الخسف:(1)

أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ. النّحل:45

88-(خ ش ع)

الخشوع للّه:(1)

خاشِعِينَ لِلّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً.

آل عمران:199

89-(خ ش ي)
اشارة

الخشية:(7)

أ-من يخشى اللّه:

وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ لَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ.

التّوبة:18

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اللّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ. النّور:52

إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ. فاطر:28

اَلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللّهِ وَ يَخْشَوْنَهُ وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللّهَ. الأحزاب:39

ب-خشية اللّه:

وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ. البقرة:74

فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً. النّساء:77

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ. الحشر:21

90-(خ ص ص)

الاختصاص:(1)

وَ اللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ. البقرة:105

91-(خ ف ف)

التّخفيف:(1)

اَلْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً.

الأنفال:66

92-(خ ف ي)
اشارة

الخفاء:(4)

أ-نفي الخفاء على اللّه:

إِنَّ اللّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ. آل عمران:5

وَ ما يَخْفى عَلَى اللّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ. إبراهيم:38

لا يَخْفى عَلَى اللّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ. المؤمن:16

ب-الاستخفاء من اللّه:

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ. النّساء:108

93-(خ ل ص)

الإخلاص للّه:(1)

وَ اعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلّهِ.

النّساء:146

94-(خ ل ف)
اشارة

الإخلاف:(7)

أ-إخلاف النّاس ما وعدوه:

فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللّهَ ما وَعَدُوهُ. التّوبة:77

ب-لا يخلف اللّه وعده:

إِنَّ اللّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.

ص: 930

آل عمران:9،و الرّعد:31

وَ لَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ. الحجّ:47

وَعْدَ اللّهِ لا يُخْلِفُ اللّهُ وَعْدَهُ. الرّوم:6

وَعْدَ اللّهِ لا يُخْلِفُ اللّهُ الْمِيعادَ. الزّمر:20

ج-لا يخلف اللّه عهده:

قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ. البقرة:80

95-(خ ل ق)
اشارة

الخلق:(34)

أ-خلق اللّه:

1-ما في الأرحام: وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ. البقرة:228

2-ما خلق بالحقّ: ما خَلَقَ اللّهُ ذلِكَ إِلاّ بِالْحَقِّ.

يونس:5

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ.

إبراهيم:19

خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ

العنكبوت:44

ما خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ. الرّوم:8

وَ خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ.

الجاثية:22

3-السّماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما: وَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ.

يونس:6

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ.

إبراهيم:32

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ. الإسراء:99

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ. العنكبوت:61

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ. لقمان:25،و الزّمر:38

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ. السّجدة:4

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ. الأحقاف:33

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ. الطّلاق:12

أَ لَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً. نوح:15

4-ما يشاء: قالَ كَذلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ.

آل عمران:47

يَخْلُقُ اللّهُ ما يَشاءُ. النّور:45

5-الإنسان: وَ اللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ.

النّحل:70

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ. الرّوم:40

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ. الرّوم:54

وَ اللّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ. فاطر:11

وَ اللّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ. الصّافّات:96

أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً. فصّلت:15

ص: 931

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ.

الزّخرف:87

6-كلّ شيء: أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ. الأعراف:185

أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ. النّحل:48

قُلِ اللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. الرّعد:16

اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. الزّمر:62

7-كلّ دابّة: وَ اللّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ.

النّور:45

ب-خلق اللّه:

وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ. النّساء:119

لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ. الرّوم:30

هذا خَلْقُ اللّهِ. لقمان:11

ج-الخالق:

هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ. الحشر:24

96-(خ و ف)
اشارة

الخوف:(4)

أ-الخوف من اللّه:

إِنِّي أَخافُ اللّهَ.

المائدة:28،و الأنفال:48،و الحشر:16

ب-تخويف اللّه:

ذلِكَ يُخَوِّفُ اللّهُ بِهِ عِبادَهُ. الزّمر:16

97-(خ و ن)

خيانة اللّه:(2)

وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللّهَ مِنْ قَبْلُ.

الأنفال:71

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ.

الأنفال:27

98-(خ ي ر)

الخير:(7)

1-اللّه خير: وَ اللّهُ خَيْرٌ وَ أَبْقى. طه:73

آللّهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ. النّمل:59

2-خير الماكرين: وَ اللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

آل عمران:54،و الأنفال:30

3-خير الرّازقين: وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ.

الحجّ:58

وَ اللّهُ خَيْرُ الرّازِقِينَ. الجمعة:11

4-خير الحافظين: فَاللّهُ خَيْرٌ حافِظاً.

يوسف:64

99-(د خ ل)

الإدخال:(5)

1-في الجنّات: إِنَّ اللّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.

الحجّ:14،23،و محمّد:12

2-في الرّحمة: لِيُدْخِلَ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ. الفتح:25

سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ. التّوبة:99

100-(د ع و)

الدّعوة:(16)

1-إلى اللّه: وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللّهِ. فصّلت:33

ص: 932

قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللّهِ. يوسف:108

وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ. النّور:48

إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ. النّور:51

ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ.

المؤمن:12

وَ داعِياً إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ. الأحزاب:46

2-إلى دار السّلام: وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ.

يونس:25

3-إلى الجنّة و المغفرة: وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَ الْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ. البقرة:221

4-دعاء اللّه: فَلَمّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللّهَ رَبَّهُما.

الأعراف:189

دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.

يونس:22،و العنكبوت:65،و لقمان:32

قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ. الإسراء:110

فَادْعُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. المؤمن:14

5-داعي اللّه: يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللّهِ.

الأحقاف:31

وَ مَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ.

الأحقاف:32

6-الدّعوة من دون اللّه:انظر(دون اللّه).

101-(د ف ع)
اشارة

الدّفع:(4)

أ-الدّفاع عن المؤمنين:

إِنَّ اللّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا. الحجّ:38

ب-دفع اللّه:

وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ. البقرة:251

وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ. الحجّ:40

ج-دافع من اللّه:

لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ.

المعارج:2،3

102-(د م ر)

التّدمير:(1)

دَمَّرَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ لِلْكافِرِينَ أَمْثالُها. محمّد:10

103-(د و ن)
اشارة

دون اللّه:(72)

أ-الدّعوة من دونه:

وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. البقرة:23

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ. الأنعام:56

قُلْ أَ نَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَ لا يَضُرُّنا.

الأنعام:71

ص: 933

وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

الأنعام:108

قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

الأعراف:37

إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ.

الأعراف:194

وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. يونس:38

وَ ما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ شُرَكاءَ.

يونس:66

وَ لا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَ لا يَضُرُّكَ. يونس:106

وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. هود:13

فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ. هود:101

وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ. النّحل:20

وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ. مريم:48

يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَ ما لا يَنْفَعُهُ.

الحجّ:12

إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ. الحجّ:73

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ. سبأ:22

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ. فاطر:40

قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ. الزّمر:38

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ. المؤمن:66

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ. الأحقاف:4

وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ. الأحقاف:5

ب-الولاية و النّصرة و الشّفاعة من دون اللّه:

1-الوليّ و النّصير: وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ البقرة:107،و التّوبة:116،و العنكبوت:22، و الشّورى:31

وَ لا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً.

النّساء:123

وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً.

النّساء:173،و الأحزاب:17

2-الوليّ و الشّفيع: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ. الأنعام:70

3-الوليّ و الأولياء: وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً. النّساء:119

إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

الأعراف:30

وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ.

هود:20

وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِياءَ. هود:113

مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً. العنكبوت:41

وَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَ لا مَا اتَّخَذُوا مِنْ

ص: 934

دُونِ اللّهِ أَوْلِياءَ. الجاثية:10

4-الكشف: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ.

النّجم:58

5-الأنصار: فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ أَنْصاراً. نوح:25

ج-الاتّخاذ من دونه:

1-الأنداد: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ. البقرة:165

2-الأرباب: وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ. آل عمران:64

اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ. التّوبة:31

3-الإله و الآلهة: أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ. المائدة:116

وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا. مريم:81

وَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ.

يس:74

4-الوليجة: وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً. التّوبة:16

5-الأوثان: وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا. العنكبوت:25

6-الشّفعاء: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ شُفَعاءَ.

الزّمر:43

7-القربان: فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ قُرْباناً آلِهَةً. الأحقاف:28

د-العبادة من دونه:

1-عبادة البشر: ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللّهِ. آل عمران:79

2-عبادة ما لا ينفع و لا يضرّ: قُلْ أَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً. المائدة:76

وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ. يونس:18

قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ. الأنبياء:66

وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَ لا يَضُرُّهُمْ. الفرقان:55

3-عبادة ما يعبد من دونه: فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ. يونس:104

فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ. مريم:49

أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

الأنبياء:67

إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ.

الأنبياء:98

وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً.

الحجّ:71

وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

الفرقان:17

وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ* مِنْ دُونِ اللّهِ.

الشّعراء:92،93

وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ

ص: 935

اَللّهِ. النّمل:43

اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ* مِنْ دُونِ اللّهِ. الصّافّات:22،23

إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ.

الممتحنة:4

4-عبادة ما لا يملك رزقا: وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً. النّحل:73

إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً. العنكبوت:17

5-عبادة الأوثان: إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً. العنكبوت:17

ه-الافتراء:

وَ ما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللّهِ.

يونس:37

و-النّصر:

وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ.

الكهف:43

فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ.

القصص:81

وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ. الشّورى:46

ز-السّجود للشّمس:

وَجَدْتُها وَ قَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللّهِ. النّمل:24

ح-إرادة الآلهة دونه:

أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ. الصّافّات:86

ط-الإشراك:

ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ* مِنْ دُونِ اللّهِ. المؤمن:73،74

104-(د ي ن)

دين اللّه:(6)

وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ.

البقرة:193

أَ فَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ. آل عمران:83

وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ. الأنفال:39

وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ. النّور:2

أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ. الزّمر:3

وَ رَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّهِ أَفْواجاً.

النّصر:2

105-(ذ ك ر)

الذّكر:(28)

1-ذكر اللّه: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ. آل عمران:135

وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ. المائدة:91

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. الرّعد:28

رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ.

النّور:37

إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللّهِ أَكْبَرُ. العنكبوت:45

فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللّهِ. الزّمر:22

ص: 936

ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللّهِ.

الزّمر:23

أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ.

الحديد:16

اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ.

المجادلة:19

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ. الجمعة:9

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ. المنافقون:9

2-ذكر اللّه كثيرا: يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً. الأحزاب:21

إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللّهَ كَثِيراً. الشّعراء:227

اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ. آل عمران:191

وَ اذْكُرُوا اللّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

الأنفال:45،و الجمعة:10

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً.

الأحزاب:41

3-ذكر اللّه قليلا: يُراؤُنَ النّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاّ قَلِيلاً. النّساء:142

4-ذكر اللّه في مناسك الحجّ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ. البقرة:198

فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً. البقرة:200

وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ. البقرة:203

5-ذكر اللّه في مواقف خاصّة: فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ. البقرة:239

فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ. النّساء:103

6-وجل القلوب عند ذكر اللّه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. الأنفال:2

اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. الحجّ:35

7-ذكر اللّه وحده: وَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ. الزّمر:45

8-الذّاكرون اللّه و الذّاكرات: وَ الذّاكِرِينَ اللّهَ كَثِيراً وَ الذّاكِراتِ. الأحزاب:35

106(ذ ه ب)

الذّهاب بنور المنافقين:(1)

فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ.

البقرة:17

107-(ذ و ق)

الإذاقة:(2)

1-الجوع و الخوف: فَأَذاقَهَا اللّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ. النّحل:112

2-الخزي: فَأَذاقَهُمُ اللّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا. الزّمر:26

108-(ذ و و)

ذلكم اللّه:(9)

ذلِكُمُ اللّهُ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ. الأنعام:95

ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ. الأنعام:102،و يونس:3،

ص: 937

و فاطر:13،و الزّمر:6،و المؤمن:62،64.

فَذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ. يونس:32

ذلِكُمُ اللّهُ رَبِّي. الشّورى:10

109-(ر أ ف)

الرّءوف:(6)

1-رءوف رحيم: إِنَّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.

البقرة:143،و الحجّ:65

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. النّور:20

وَ إِنَّ اللّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. الحديد:9

2-رءوف بالعباد: وَ اللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ.

البقرة:207،آل عمران:30

110-(ر أ ي)
اشارة

الرّؤية:(8)

أ-طلب رؤية اللّه:

وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً. البقرة:55

فَقالُوا أَرِنَا اللّهَ جَهْرَةً. النّساء:153

ب-رؤية اللّه الأعمال:

وَ سَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ. التّوبة:94

وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ. التّوبة:105

أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّهَ يَرى. العلق:14

ج-إراءة اللّه:

الحكم: إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللّهُ. النّساء:105

الأعداء: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً.

الأنفال:43

الأعمال: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ. البقرة:167

111-(ر ب ب)
اشارة

الرّبّ:(13)

أ-ربّ النّاس:

إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ. آل عمران:51

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ. الأعراف:54،و يونس:3

وَ إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ. مريم:36

اَلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّهُ. الحجّ:40

اَللّهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ.

الصّافّات:126

أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللّهُ. المؤمن:28

إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ. فصّلت:30

اَللّهُ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ. الشّورى:15

إِنَّ اللّهَ هُوَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ. الزّخرف:64

إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. الأحقاف:13

ب-ربّ السّماوات و الأرض:

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللّهُ.

الرّعد:16

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلّهِ. المؤمنون:86،87

ص: 938

112-(ر ج ع)
اشارة

الرّجوع:(11)

أ-رجوع الأمور إلى اللّه:

وَ إِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ. البقرة:210،

و آل عمران:109،و الأنفال:44،و الحجّ:76،و فاطر:

4،و الحديد:5.

ب-رجوع النّاس إلى اللّه:

وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ. البقرة:281

إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً. المائدة:48،105

إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

هود:4

ج-الإرجاع:

فَإِنْ رَجَعَكَ اللّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً. التّوبة:83

113-(ر ج و)
اشارة

الرّجاء:(4)

أ-الرّجاء من اللّه:

وَ تَرْجُونَ مِنَ اللّهِ ما لا يَرْجُونَ. النّساء:104

ب-رجاء اللّه:

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ. الأحزاب:21

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ. الممتحنة:6

ج-الرّجاء للّه:

ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً. نوح:13

114-(ر ح م)
اشارة

الرّحمة:(124)

أ-من يرحمه اللّه:

إِلاّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.

الدّخان:42

أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ. التّوبة:71

ب-رحمة اللّه:

أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ. البقرة:218

وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. آل عمران:107

فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ.

آل عمران:159

إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

الأعراف:56

رَحْمَتُ اللّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. هود:73

فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللّهِ. الرّوم:50

لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ. الزّمر:53

ج-الرّحيم:

إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً. النّساء:29

د-اللّه الرّحمن الرّحيم:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. 114 آية

115-(ر د د)
اشارة

الرّدّ:(7)

أ-ردّ اللّه النّاس:

وَ رَدَّ اللّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ. الأحزاب:25

ب-ردّ النّزاع إلى اللّه:

فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ.

ص: 939

النّساء:59

ج-ردّ النّاس إلى اللّه:

ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ. الأنعام:62

وَ رُدُّوا إِلَى اللّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ. يونس:30

د-لا مردّ من اللّه:

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللّهِ. الرّوم:43

اِسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللّهِ. الشّورى:47

ه-مردّنا إلى اللّه:

وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللّهِ. المؤمن:43

116-(ر ز ق)
اشارة

الرّزق:(17)

أ-ما رزق اللّه:

وَ كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً. المائدة:88

كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ. الأنعام:142

أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ.

الأعراف:50

فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً. النّحل:114

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ. يس:47

وَ أَنْفَقُوا مِمّا رَزَقَهُمُ اللّهُ. النّساء:39

وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِراءً عَلَى اللّهِ.

الأنعام:140

ب-من رزق اللّه:

وَ اللّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

البقرة:212،النّور:38

إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.

آل عمران:37

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ مَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ. يونس:31

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللّهُ.

سبأ:24

وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللّهُ رِزْقاً حَسَناً. الحجّ:58

وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللّهُ يَرْزُقُها وَ إِيّاكُمْ. العنكبوت:60

وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُها.

هود:6

ج-رزق اللّه:

كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللّهِ. البقرة:60

د-الرّزّاق:

إِنَّ اللّهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.

الذّاريات:58

117-(ر س ل)
اشارة

الرّسالة:(23)

أ-إرسال الرّياح:

وَ اللّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً. فاطر:9

اَللّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً.

الرّوم:48

ب-رسول اللّه:

ص: 940

1-صالح:

فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ناقَةَ اللّهِ وَ سُقْياها.

الشّمس:13

2-عيسى:

وَ قَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ. النّساء:157

إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَ كَلِمَتُهُ. النّساء:171

وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ. الصّفّ:6

3-موسى:

يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ. الصّفّ:5

4-محمّد:

قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً.

الأعراف:158

وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. التّوبة:61

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللّهِ.

التّوبة:81

ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللّهِ. التّوبة:120

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

الأحزاب:21

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ. الأحزاب:40

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ.

الأحزاب:53

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ. الفتح:29

إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى. الحجرات:3

وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللّهِ. الحجرات:7

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ. المنافقون:1

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ. المنافقون:5

هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ. المنافقون:7

رَسُولٌ مِنَ اللّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. البيّنة:2

ج-رسل اللّه:

قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ.

الأنعام:124

د-رسالات اللّه:

اَلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللّهِ وَ يَخْشَوْنَهُ.

الأحزاب:39

118-(ر ض و)
اشارة

الرّضى:(14)

أ-من رضي اللّه عنه:

1-الصّادقين: رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. المائدة:119

2-المهاجرين و الأنصار: رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا

ص: 941

عَنْهُ. التّوبة:100

3-المؤمنين: لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. الفتح:18

رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ. المجادلة:22

رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ. البيّنة:8

ب-من لا يرضى اللّه عنه:

الفاسقين:

فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ. التّوبة:96

ج-ابتغاء مرضاة اللّه:

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ. البقرة:207

وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَ تَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ. البقرة:265

وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. النّساء:114

د-رضوان اللّه:

جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللّهِ. آل عمران:15

أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللّهِ. آل عمران:162

وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللّهِ. آل عمران:174

وَ رِضْوانٌ مِنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

التّوبة:72

ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللّهِ.

الحديد:27

119-(ر غ ب)

الرّغبة إلى اللّه:(1)

إِنّا إِلَى اللّهِ راغِبُونَ. التّوبة:59

120-(ر ف ع)
اشارة

الرّفع:(3)

أ-ما رفع اللّه:

1-السّماوات: اَللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها. الرّعد:2

ب-من رفع اللّه:

2-المسيح: بَلْ رَفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ. النّساء:158

3-المؤمنين و العلماء: يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ. المجادلة:11

121-(ر ق ب)

الرّقيب:(2)

1-على النّاس: إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً.

النّساء:1

2-على كلّ شيء: وَ كانَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً. الأحزاب:52

122-(ر ك س)

الإركاس:(1)

فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا. النّساء:88

123-(ر م ي)

ص: 942

الرّمي:(1)

وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ رَمى.

الأنفال:17

124-(ر و ح)

روح اللّه:(2)

وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ. يوسف:87

125-(ر و د)
اشارة

الإرادة:(24)

أ-ما يريد اللّه:

1-الآخرة: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَ اللّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ. الأنفال:67

2-الفتنة: وَ مَنْ يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. المائدة:41

3-السّوء: وَ إِذا أَرادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ.

الرّعد:11

4-الضّرّ: إِنْ أَرادَنِيَ اللّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ. الزّمر:38

5-الهداية: فَمَنْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ. الأنعام:125

6-اليسر: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ. البقرة:185

7-عدم جعل الحظّ: يُرِيدُ اللّهُ أَلاّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ. آل عمران:176

8-التّبيين: يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. النّساء:26

11-التّوبة: وَ اللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ.

النّساء:27

12-التّخفيف: يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ.

النّساء:28

13-الإصابة: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ. المائدة:49

14-إحقاق الحقّ: وَ يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ. الأنفال:7

15-التّعذيب: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ. التّوبة:55

إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ. التّوبة:85

16-الإغواء: وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ. هود:34

17-إذهاب الرّجس: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. الأحزاب:33

ب-ما لا يريد اللّه:

1-تطهير قلوب المنافقين: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ. المائدة:41

2-الظّلم: وَ مَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ.

آل عمران:108

وَ مَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ. المؤمن:31

3-الحرج: ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ.

المائدة:6

ص: 943

ج-ما ذا أراد اللّه؟:

وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللّهُ بِهذا مَثَلاً. البقرة:26

وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللّهُ بِهذا مَثَلاً. المدّثّر:31

د-لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدا:

لَوْ أَرادَ اللّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاَصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ. الزّمر:4

ه-من يريد اللّه و رسوله:

وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدّارَ الْآخِرَةَ.

الأحزاب:29

126-(ز ج و)

الإزجاء:(1)

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً. النّور:43

127-(ز ك و)

التّزكية:(2)

بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ. النّساء:49

وَ لكِنَّ اللّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ. النّور:21

128-(ز ي غ)

الإزاغة:(1)

فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ. الصّفّ:5

129-(ز ي د)

الزّيادة:(2)

1-زيادة المرض في قلوب المنافقين:

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً. البقرة:10

2-زيادة الهداية في قلوب المؤمنين:

وَ يَزِيدُ اللّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً. مريم:76

130-(ز ي ن)

زينة اللّه:(1)

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ. الأعراف:32

131-(س أ ل)

السّؤال:(1)

وَ سْئَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ. النّساء:32

132-(س ب ب)

سبّ اللّه عدوا:(1)

وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ. الأنعام:108

133-(س ب ح)
اشارة

السّبح:(15)

أ-سبحان اللّه:

وَ سُبْحانَ اللّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

يوسف:108

فَسُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ.

الأنبياء:22

سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ.

المؤمنون:91،و الصّافّات:159

وَ سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. النّمل:8

سُبْحانَ اللّهِ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ. القصص:68

فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ.

ص: 944

الرّوم:17

سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ.

الطّور:43،و الحشر:23

ب-التّسبيح للّه:

سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. الحديد:1

سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ.

الحشر:1،و الصّفّ:1

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. النّور:41

يُسَبِّحُ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ.

الجمعة:1،و التّغابن:1

134-(س ب ل)
اشارة

سبيل اللّه:(69)

أ-في سبيل اللّه:

1-الإنفاق: وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ. البقرة:195

مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ. البقرة:261

اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ. البقرة:262

وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ. الأنفال:60

وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ. التّوبة:34

ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ. محمّد:38

وَ ما لَكُمْ أَلاّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ. الحديد:10

2-الجهاد: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ.

البقرة:218

وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ. النّساء:95

يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ.

المائدة:54

وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ. الأنفال:72،و الحجرات:15

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ. الأنفال:74

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ. التّوبة:19

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللّهِ. التّوبة:20

وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ.

التّوبة:41

وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ. التّوبة:81

وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ.

الصّفّ:11

3-القتال: وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتٌ. البقرة:154

وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ

البقرة:190

ص: 945

وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

البقرة:244

إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ. البقرة:246

قالُوا وَ ما لَنا أَلاّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ.

البقرة:246

فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ أُخْرى كافِرَةٌ.

آل عمران:13

وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ. آل عمران:157

وَ قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ.

آل عمران:167

وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً.

آل عمران:169

فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ. النّساء:74

وَ مَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. النّساء:74

وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ. النّساء:75

اَلَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ. النّساء:76

فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ.

النّساء:84

يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ.

التّوبة:111

وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ.

محمّد:4

وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ. المزّمّل:20

4-الهجرة: فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ. النّساء:89

وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً. النّساء:100

وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللّهُ رِزْقاً حَسَناً. الحجّ:58

أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَ الْمَساكِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللّهِ. النّور:22

5-الإحصار: لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ. البقرة:273

6-الإصابة: وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ. آل عمران:146

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ. التّوبة:120

7-الضّرب: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُوا. النّساء:94

8-النّفر: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ اثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ. التّوبة:38

9-إعطاء الصّدقات: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ.

التّوبة:60

ب-عن سبيل اللّه:

1-الصّدّ:

وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ. البقرة:217

ص: 946

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ. آل عمران:99

فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً. النّساء:160

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً. النّساء:167

اَلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ وَ يَبْغُونَها عِوَجاً.

الأعراف:45،و هود:19

وَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ تَبْغُونَها عِوَجاً. الأعراف:86

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ. الأنفال:36

وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ.

الأنفال:47،و التّوبة:34،و إبراهيم:3،و الحجّ:25

اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ. النّحل:88

وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ.

النّحل:94

اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ. محمّد:1

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ. محمّد:32،34

اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ.

المجادلة:16،و المنافقون:2

2-الإضلال:

وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ. الأنعام:116

ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ. الحجّ:9

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. لقمان:6

وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ.

ص:26

إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ. ص:26

135-(س ج د)
اشارة

السّجود:(11)

أ-السّجود للّه:

وَ لِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً. الرّعد:15

وَ لِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. النّحل:49

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ. الحجّ:18

أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. النّمل:25

لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ وَ اسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ. فصّلت:37

فَاسْجُدُوا لِلّهِ وَ اعْبُدُوا. النّجم:62

يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلّهِ. النّحل:48

ب-مساجد اللّه:

وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ. الجنّ:18

ص: 947

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ. البقرة:114

ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللّهِ.

التّوبة:17

إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ. التّوبة:18

136-(س خ ر)
اشارة

السّخر:(4)

أ-السّخريّة:

سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. التّوبة:79

ب-التّسخير:

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ.

الحجّ:65

أَ لَمْ تَرَوْا أَنَّ اللّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. لقمان:20

اَللّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ. الجاثية:12

137-(س خ ط)
اشارة

السّخط:(3)

أ-سخط اللّه:

لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ. المائدة:80

أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللّهِ. آل عمران:162

ب-إسخاط اللّه:

ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ. محمّد:28

138-(س ر ع)
اشارة

السّرعة:(8)

أ-سريع الحساب:

وَ اللّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ. البقرة:202،و النّور:39

فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ. آل عمران:19

إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ.

آل عمران:199،و المائدة:4،و إبراهيم:51، و المؤمن:17.

ب-أسرع مكرا:

قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً. يونس:21

139-(س ل ط)

التّسليط:(1)

وَ لكِنَّ اللّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ.

الحشر:6

140-(س ل م)
اشارة

السّلام:(6)

أ-التّسليم من اللّه:

وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ لكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ. الأنفال:43

ب-الإسلام للّه:

بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ. البقرة:112

وَ مَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ. النّساء:125

فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ.

ص: 948

آل عمران:20

وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

النّمل:44

وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى. لقمان:22

141-(س م ع)
اشارة

السّمع:(28)

أ-سماع اللّه:

لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ. آل عمران:181

قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللّهِ وَ اللّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما. المجادلة:1

إِنَّ اللّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ. فاطر:22

ب-السّميع:

1-سميع عليم: إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

البقرة:181،و الأنفال:17،و الحجرات:1

وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

البقرة:224،256،و آل عمران:34،121 و التّوبة:

98،103،و النّور:21،60.

فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. البقرة:227

وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. البقرة:244

وَ كانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً. النّساء:148

وَ اللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. المائدة:76

وَ إِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ. الأنفال:42

وَ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. الأنفال:53

2-سميع بصير: إِنَّ اللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً.

النّساء:58

وَ كانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً. النّساء:134

وَ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. الحجّ:61

أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. الحجّ:75،و لقمان:28، و المجادلة:1

إِنَّ اللّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. المؤمن:20

142-(س م و)
اشارة

الاسم:(125)

أ-اسم اللّه:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 114 آية

فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ. المائدة:4

فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ. الأنعام:118

وَ ما لَكُمْ أَلاّ تَأْكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ.

الأنعام:119

وَ لا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ.

الأنعام:121

وَ أَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ.

الأنعام:138

وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها.

هود:41

وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ. الحجّ:28

وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ. الحجّ:34

فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْها صَوافَّ. الحجّ:36

وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللّهِ كَثِيراً. الحجّ:40

ص: 949

ب-أسماء اللّه:

وَ لِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها.

الأعراف:180

143-(س ن ن)

سنّة اللّه:(8)

سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ. الأحزاب:38

سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً. الأحزاب:62

فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَبْدِيلاً وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَحْوِيلاً. فاطر:43

سُنَّتَ اللّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ المؤمن:85

سُنَّةَ اللّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً. الفتح:23

144-(ش دد)
اشارة

الشّدّة:(13)

أ-الشّديد:

1-شديد العقاب: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. البقرة:196،و الأنفال:25

فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

البقرة:211،و الأنفال:13،و الحشر:4

وَ اللّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ.

آل عمران:11،و الأنفال:48

أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. المائدة:2،و الحشر:7

اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. المائدة:98

2-شديد العذاب: وَ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ.

البقرة:165

ب-الأشدّ:

1-أشدّ بأسا: وَ اللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكِيلاً. النّساء:84

2-أشدّ رهبة من اللّه: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللّهِ. الحشر:13

145-(ش رق)

المشرق و المغرب:(2)

وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ. البقرة:115

قُلْ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ. البقرة:142

146-(ش رح)

شرح الصّدر:(1)

أَ فَمَنْ شَرَحَ اللّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ. الزّمر:22

147-(ش رك)
اشارة

الشّرك:(10)

أ-الشّرك باللّه(إنكارا):

وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً. الأنعام:81

سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً. آل عمران:151

يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللّهِ. لقمان:13

وَ أَنْ تُشْرِكُوا بِاللّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً.

الأعراف:33

وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً.

النّساء:48

وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً.

ص: 950

النّساء:116

إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ.

المائدة:72

وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ.

الحجّ:31

ب-الشّرك باللّه(منفيّا).

ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللّهِ مِنْ شَيْءٍ. يوسف:38

يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللّهِ شَيْئاً.

الممتحنة:12

148-(ش ري)

الاشتراء:(1)

إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ. التّوبة:111

149-(ش ع ر)

شعائر اللّه:(4)

إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ. البقرة:158

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللّهِ. المائدة:2

ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ. الحجّ:32

وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ. الحجّ:36

150-(ش ف ع)

الشّفاعة:(1)

قُلْ لِلّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً. الزّمر:44

151-(ش ق ق)

المشاقّة:(4)

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ.

الأنفال:13،و الحشر:4

وَ مَنْ يُشَاقِّ اللّهَ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

الحشر:4

وَ مَنْ يُشاقِقِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. الأنفال:13

152-(ش ك ر)
اشارة

الشّكر:(5)

أ-الشّكر للّه:

وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلّهِ.

لقمان:12

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلّهِ. البقرة:172

ب-الشّكور:

وَ اللّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ. التّغابن:17

ج-الشّاكر:

فَإِنَّ اللّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ. البقرة:158

وَ كانَ اللّهُ شاكِراً عَلِيماً. النّساء:147

153-(ش ك ك)

الشّكّ في اللّه:(1)

قالَتْ رُسُلُهُمْ أَ فِي اللّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. إبراهيم:10

154-(ش ك و)

الشّكوى إلى اللّه:(2)

قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللّهِ.

يوسف:86

ص: 951

قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللّهِ. المجادلة:1

155-(ش ه د)
اشارة

الشّهادة:(20)

أ-شهادة اللّه:

شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ. آل عمران:18

لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ.

النّساء:166

وَ اللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.

التّوبة:107،و الحشر:11

وَ اللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ.

المنافقون:1

ب-إشهاد اللّه:

قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهَ وَ اشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ. هود:54

وَ يُشْهِدُ اللّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ.

البقرة:204

ج-الشّهيد:

1-شهيد على ما يعملون:

وَ اللّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ. آل عمران:98

ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ. يونس:46

2-شهيد على كلّ شيء:

إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. الحجّ:17

وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

المجادلة:6،و البروج:9

إِنَّ اللّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً.

النّساء:33،و الأحزاب:55

3-شهيد بيني و بينكم:

قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ. الأنعام:19

د-كتمان شهادة اللّه:

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّهِ.

البقرة:140

وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللّهِ. المائدة:106

ه-الشّهادة باللّه:

فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّهِ. النّور:6

وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ. النّور:8

و-شهداء للّه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ. النّساء:135

156-(ش ي أ)
اشارة

مشيئة اللّه:(40)

أ-ما يشاء اللّه:

1-ما شاء اللّه: وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ. الكهف:39

2-إذهاب السّمع و الأبصار: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ. البقرة:20

3-الهدى: وَ إِنّا إِنْ شاءَ اللّهُ لَمُهْتَدُونَ.

البقرة:70

لَوْ يَشاءُ اللّهُ لَهَدَى النّاسَ جَمِيعاً. الرّعد:31

وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى. الأنعام:35

4-الإعنات: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَأَعْنَتَكُمْ.

ص: 952

البقرة:220

5-عدم القتل و الاقتتال: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ. البقرة:253

وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا. البقرة:253

وَ لَوْ شاءَ اللّهُ ما فَعَلُوهُ. الأنعام:137

6-تسليط الأعداء: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ. النّساء:90

7-جعلكم أمّة واحدة: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً. المائدة:48،و النّحل:93

وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً. الشّورى:8

8-عدم الشّرك: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ ما أَشْرَكُوا.

الأنعام:107

وَ قالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ. النّحل:35

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللّهُ ما أَشْرَكْنا.

الأنعام:148

9-عدم تلاوة القرآن: قُلْ لَوْ شاءَ اللّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ. يونس:16

10-دخول مصر: وَ قالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ. يوسف:99

11-الصّبر: قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللّهُ صابِراً.

الكهف:69

سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِينَ.

الصّافّات:102

12-إنزال الملائكة: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً.

المؤمنون:24

13-الصّلاح: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللّهُ مِنَ الصّالِحِينَ. القصص:27

14-دخول المسجد الحرام: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ. الفتح:27

15-الإطعام: أَ نُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللّهُ أَطْعَمَهُ. يس:47

16-الانتصار من الكافرين: ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ اللّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ. محمّد:4

17-الإضلال: مَنْ يَشَأِ اللّهُ يُضْلِلْهُ. الأنعام:39

18-الختم على القلب: فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ. الشّورى:24

ب-إلاّ ما شاء اللّه:

1-الخلود في النّار: قالَ النّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاّ ما شاءَ اللّهُ. الأنعام:128

2-عدم ملك النّفع و الضّرّ: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اللّهُ. الأعراف:188

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَ لا نَفْعاً إِلاّ ما شاءَ اللّهُ.

يونس:49

3-عدم النّسيان: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى* إِلاّ ما شاءَ اللّهُ. الأعلى:6،7

ج-إلاّ من شاء اللّه:

1-فزع من في السّماوات و الأرض: فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللّهُ. النّمل:87

2-صعق من في السّماوات و الأرض: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللّهُ.

الزّمر:68

ص: 953

د-إلاّ أن يشاء اللّه:

1-عدم الإيمان: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ. الأنعام:111

2-عدم العودة في الملّة: وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ رَبُّنا. الأعراف:89

3-عدم الأخذ: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ. يوسف:76

4-عدم القول بفعل الشّيء غدا: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ.

الكهف:23،24

5-عدم الذّكر: وَ ما يَذْكُرُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ.

المدّثّر:56

6-نفي مشيئة الغير: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ. الدّهر:30،و التّكوير:29

157-(ص ب ر)

الصّبر باللّه:(1)

وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ. النّحل:127

158-(ص ب غ)

صبغة اللّه:(1)

صِبْغَةَ اللّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً.

البقرة:138

159-(ص د ق)
اشارة

الصّدق:(7)

أ-صدق اللّه و رسوله:

قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً.

آل عمران:152

وَ صَدَقَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ. الأحزاب:22

لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ.

الفتح:27

وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ. آل عمران:152

ب-من الأصدق من اللّه:

وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً. النّساء:87

وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً. النّساء:122

ج-الصّدق مع اللّه:

فَلَوْ صَدَقُوا اللّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ. محمّد:21

160-(ص ر ط)

صراط اللّه:(2)

لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اَللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. إبراهيم:1،2

صِراطِ اللّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. الشّورى:53

161-(ص ر ف)

صرف القلوب:(1)

صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ.

التّوبة:127

162-(ص ف و)

الاصطفاء:(5)

اصطفاء اللّه:

1-الدّين: يا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ.

البقرة:132

2-آدم و نوح: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ

ص: 954

إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ. آل عمران:33

3-مريم: يا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ.

آل عمران:42

4-طالوت: قالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ.

البقرة:247

5-الرّسل: اَللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَ مِنَ النّاسِ. الحجّ:75

163-(ص ل ح)

لا يصلح عمل المفسدين:(1)

إِنَّ اللّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ.

يونس:81

164-(ص ل و)
اشارة

الصّلاة:(2)

أ-صلاة اللّه و الملائكة:

إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.

الأحزاب:56

ب-صلاة النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله:

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الأنعام:162

165-(ص م د)

اللّه الصّمد:(1)

اَللّهُ الصَّمَدُ. الإخلاص:2

166-(ص ن ع)

صنع اللّه:(1)

صُنْعَ اللّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ. النّمل:88

167-(ص و ب)
اشارة

الإصابة:(2)

أ-إصابة الحسنة:

ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ. النّساء:79

ب-إصابة العذاب:

وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ. التّوبة:52

168-(ص ي ر)
اشارة

الصّيرورة:(4)

أ-إلى اللّه تصير الأمور:

أَلا إِلَى اللّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ. الشّورى:53

ب-إلى اللّه المصير:

وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ.

آل عمران:28

وَ لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ. النّور:42

وَ مَنْ تَزَكّى فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ. فاطر:18

169-(ض ر ب)
اشارة

الضّرب:(13)

أ-ضرب اللّه المثل:

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ. إبراهيم:24

ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَ مَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً. النّحل:75

وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ

ص: 955

عَلى شَيْءٍ. النّحل:76

وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً. النّحل:112

ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ. الزّمر:29

ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ. التّحريم:10

وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ.

التّحريم:11

كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ. الرّعد:17

وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ.

إبراهيم:25،و النّور:35

كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ. محمّد:3

ب-ضرب اللّه الحقّ و الباطل:

كَذلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ. الرّعد:17

ج-ضرب الأمثال للّه:

فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الْأَمْثالَ. النّحل:74

170-(ض ر ر)

نفي ضرر اللّه:(4)

وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً. آل عمران:144

إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللّهَ شَيْئاً. آل عمران:176

لَنْ يَضُرُّوا اللّهَ شَيْئاً.

آل عمران:177،و محمّد:32

171-(ض ع ف)

مضاعفة اللّه:(1)

وَ اللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ. البقرة:261

172-(ض ل ل)

إضلال اللّه:(20)

1-يضلّ من يشاء: قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ.

الرّعد:27

فَيُضِلُّ اللّهُ مَنْ يَشاءُ. إبراهيم:4

فَإِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ. فاطر:8

كَذلِكَ يُضِلُّ اللّهُ مَنْ يَشاءُ. المدّثّر:31

2-من يضلّه اللّه:

أ-المسرفين: كَذلِكَ يُضِلُّ اللّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ. المؤمن:34

ب-الكافرين: كَذلِكَ يُضِلُّ اللّهُ الْكافِرِينَ.

المؤمن:74

ج-الظّالمين: وَ يُضِلُّ اللّهُ الظّالِمِينَ. إبراهيم:27

د-من أضلّه اللّه على علم: وَ أَضَلَّهُ اللّهُ عَلى عِلْمٍ.

الجاثية:23

3-من أضلّه اللّه فلا هادي له:

أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللّهُ. النّساء:88

فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللّهُ. الرّوم:29

مَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَلا هادِيَ لَهُ. الأعراف:186

وَ مَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ.

الرّعد:33،و الزّمر:23،36،و المؤمن:33

وَ مَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ.

الشّورى:44

4-من أضلّه اللّه فلا سبيل له:

وَ مَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ. الشّورى:46

ص: 956

وَ مَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً.

النّساء:88،143

5-لا يضلّ من هداهم: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ. التّوبة:115

173-(ض ي ع)

الإضاعة:(5)

ما لا يضيع اللّه:

1-الإيمان: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ.

البقرة:143

2-الأجر: وَ أَنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ.

آل عمران:171

إِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. التّوبة:120

فَإِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.

هود:115،و يوسف:90

174-(ط ب ع)

الطّبع:(7)

من طبع اللّه على قلبه:

1-أهل الكتاب: وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ. النّساء:155

2-المنافقين: وَ طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ. التّوبة:93

أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ. محمّد:16

3-الكافرين: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ. النّحل:108

كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ.

الأعراف:101

4-الّذين لا يعلمون: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلى قُلُوبِ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. الرّوم:59

5-المتكبّر الجبّار: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ. المؤمن:35

175-(ط ف أ)

الإطفاء:(1)

كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ. المائدة:64

176-(ط ل ع)

الاطلاع على الغيب:(1)

وَ ما كانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ.

آل عمران:179

177-(ط و ع)

الإطاعة:(21)

1-إطاعة اللّه و الرّسول: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ. النّساء:80

يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولاَ. الأحزاب:66

وَ إِنْ تُطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً. الحجرات:14

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. النّساء:13،و الفتح:17

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ. النّساء:69

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اللّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ. النّور:52

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً.

الأحزاب:71

ص: 957

وَ يُطِيعُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ. التّوبة:71

وَ أَطِعْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ. الأحزاب:33

قُلْ أَطِيعُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ. آل عمران:32

وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ الرَّسُولَ. آل عمران:132

وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ.

المائدة:92،و التّغابن:12

وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ.

الأنفال:46،و المجادلة:13

أَطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ. الأنفال:20

قُلْ أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ. النّور:54

أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ. محمّد:33

2-إطاعة اللّه و الرّسول و أولي الأمر: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ. النّساء:59

178-(ظ ل م)
اشارة

الظّلم:(10)

أ-إنّ اللّه لا يظلم:

وَ ما ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَ لكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.

آل عمران:117

وَ ما ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.

النّحل:33

إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ. النّساء:40

إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. يونس:44

فَما كانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. التّوبة:70،و الرّوم:9

وَ ما كانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ العنكبوت:40

ب-إنّه ليس بظلاّم:

وَ أَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ.

آل عمران:182،و الأنفال:51،و الحجّ:10

179-(ظ ن ن)

ظنّ السّوء باللّه:(3)

وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا. الأحزاب:10

يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ.

آل عمران:154

وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ الظّانِّينَ بِاللّهِ ظَنَّ السَّوْءِ. الفتح:6

180-(ظ ه ر)

إظهار اللّه:(1)

فَلَمّا نَبَّأَتْ بِهِ وَ أَظْهَرَهُ اللّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ. التّحريم:3

181-(ع ب د)
اشارة

العبادة:(43)

أ-عبادة اللّه:

1-عبادة اللّه وحده: وَ لكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ. يونس:104

قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَ لا أُشْرِكَ بِهِ.

الرّعد:36

أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللّهَ.

هود:2،و الأحقاف:21،و فصّلت:14

أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللّهَ. هود:26

لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ. البقرة:83

ص: 958

أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ. آل عمران:64

قالُوا أَ جِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ. الأعراف:70

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ عَلى حَرْفٍ. الحجّ:11

وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ. الكهف:16

بَلِ اللّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ. الزّمر:66

وَ اعْبُدُوا اللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. النّساء:36

اُعْبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ. المائدة:72

أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ. المائدة:117

يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ.

الأعراف:59،65،73،85،و هود:50،61،84، و المؤمنون:23

أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ. النّحل:36

أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ. المؤمنون:32

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ. النّمل:45

يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ. العنكبوت:36

2-عبادة اللّه مع الإخلاص: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. الزّمر:11

قُلِ اللّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي. الزّمر:14

وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.

البيّنة:5

فَاعْبُدِ اللّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. الزّمر:2

3-عبادة اللّه مع التّقوى: اُعْبُدُوا اللّهَ وَ اتَّقُوهُ.

العنكبوت:16

أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَ اتَّقُوهُ وَ أَطِيعُونِ. نوح:3

ب-عبد اللّه:

1-المسيح: قالَ إِنِّي عَبْدُ اللّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا. مريم:30

لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ.

النّساء:172

2-النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله: وَ أَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً. الجنّ:19

ج-عباد اللّه:

إِلاّ عِبادَ اللّهِ الْمُخْلَصِينَ.

الصّافّات:40،74،128،160

لَكُنّا عِبادَ اللّهِ الْمُخْلَصِينَ. الصّافّات:169

أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ.

الدّخان:18

عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً.

الدّهر:6

182-(ع ج ز)

نفي إعجاز اللّه:(4)

أَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللّهَ فِي الْأَرْضِ. الجنّ:12

وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ. فاطر:44

وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ. التّوبة:2

فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ. التّوبة:3

183-(ع ج ل)

التّعجيل بالخير و الشّرّ:(1)

وَ لَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ

ص: 959

لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ. يونس:11

184-(ع د د)

الإعداد:(6)

1-العذاب: إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً.

النّساء:102

أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً.

المجادلة:15،و الطّلاق:10

2-الأجر العظيم و المغفرة: فَإِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً. الأحزاب:29

أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً.

الأحزاب:35

3-الجنّات: أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. التّوبة:89

185-(ع د و)

العداوة:(6)

أ-عداوة اللّه للكافرين:

فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ. البقرة:98

ب-عدوّ اللّه:

وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَ عَدُوَّكُمْ. الأنفال:60

مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ. البقرة:98

فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ. التّوبة:114

ج-أعداء اللّه:

وَ يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللّهِ إِلَى النّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ.

فصّلت:19

ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللّهِ النّارُ. فصّلت:28

186-(ع ذ ب)

العذاب:(15)

أ-تعذيب اللّه:

وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ. الأنفال:33

وَ ما لَهُمْ أَلاّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ. الأنفال:34

وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. الأنفال:33

لِيُعَذِّبَ اللّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ. الأحزاب:73

لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللّهُ بِما نَقُولُ. المجادلة:8

فَيُعَذِّبُهُ اللّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ. الغاشية:24

قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ. التّوبة:14

وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ. التّوبة:74

ب-عذاب اللّه:

قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللّهِ.

الأنعام:40،47

أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللّهِ.

يوسف:107

فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا مِنْ عَذابِ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ. إبراهيم:21

وَ تَرَى النّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اللّهِ شَدِيدٌ. الحجّ:2

فَإِذا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ

ص: 960

اَللّهِ. العنكبوت:10

اِئْتِنا بِعَذابِ اللّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ.

العنكبوت:29

187-(ع ز ز)

العزّة:(33)

أ-العزيز:

1-العزيز الحكيم: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

البقرة:209

أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

البقرة:220،و الأنفال:10،و التّوبة:71،و لقمان 27

وَ اللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

البقرة:228،240،و المائدة:38،و الأنفال:67، و التّوبة:40

وَ اعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. البقرة:260

وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. آل عمران:62

إِنَّ اللّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً النّساء:56

وَ كانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً.

النّساء:158،165،و الفتح:7،19

فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. الأنفال:49

إِنَّهُ أَنَا اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. النّمل:9

بَلْ هُوَ اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. سبأ:27

كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. الشّورى:3

2-العزيز ذو الانتقام: وَ اللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ.

آل عمران:4،و المائدة:95

إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ. إبراهيم:47

أَ لَيْسَ اللّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ. الزّمر:37

3-العزيز الغفور: إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. فاطر:28

4-ليس على اللّه بعزيز: وَ ما ذلِكَ عَلَى اللّهِ بِعَزِيزٍ. إبراهيم:20،و فاطر:17

ب-الأعزّ:

قالَ يا قَوْمِ أَ رَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللّهِ.

هود:92

ج-العزّة للّه:

فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً. النّساء:139

إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً. يونس:65

فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً. فاطر:10

وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ. المنافقون:8

188-(ع س و)

عسى اللّه:(6)

عَسَى اللّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا.

النّساء:84

فَأُولئِكَ عَسَى اللّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ. النّساء:99

فَعَسَى اللّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ. المائدة:52

عَسَى اللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. التّوبة:102

عَسَى اللّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً. يوسف:83

عَسَى اللّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً. الممتحنة:7

189-(ع ص م)

العصمة:(7)

ص: 961

أ-عصمة اللّه النّبيّ:

وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ. المائدة:67

ب-لا عاصم من الله:

قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللّهِ.

الأحزاب:17

ما لَهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ عاصِمٍ. يونس:27

ما لَكُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ عاصِمٍ. المؤمن:33

ج-الاعتصام باللّه:

وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. آل عمران:101

وَ اعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلّهِ.

النّساء:146

وَ اعْتَصِمُوا بِاللّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ. الحجّ:78

190-(ع ص ي)

العصيان:(4)

أ-عصيان اللّه و رسوله:)

وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها. النّساء:14

وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً. الأحزاب:36

وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً. الجنّ:23

ب-الملائكة لا يعصون اللّه:

عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ.

التّحريم:6

191-(ع ف و)

العفو:(9)

أ-عفو اللّه:

وَ لَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ. آل عمران:155

عَفَا اللّهُ عَمّا سَلَفَ. المائدة:95

عَفَا اللّهُ عَنْها. المائدة:101

عَفَا اللّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ. التّوبة:43

ب-العفوّ الغفور:

إِنَّ اللّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً. النّساء:43

وَ كانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُوراً. النّساء:99

إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ. الحجّ:60

وَ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ. المجادلة:2

ج-العفوّ القدير:

فَإِنَّ اللّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً. النّساء:149

192-(ع ق ب)

عاقبة الأمور إلى اللّه:(2)

وَ إِلَى اللّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ. لقمان:22

وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ. الحجّ:41

193-(ع ل م)
اشارة

العلم:(148)

أ-علم اللّه:

1-المطلق: وَ اللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ

البقرة:216،232،و آل عمران:66،و النّور:19 إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. النّحل:74

2-بكلّ شيء: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

البقرة:231

ص: 962

وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

البقرة:282،و النّساء:176،و النّور:35،64، و الحجرات:16،و التّغابن:11

إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً. النّساء:32

وَ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. المائدة:97

أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

الأنفال:75،و التّوبة:115،و العنكبوت:62، و المجادلة:7

وَ كانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً.

الأحزاب:40،و الفتح:26

إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً. الأحزاب:54

3-ما في السّماوات و الأرض: ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. المائدة:97

أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ.

الحجّ:70

وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ.

الحجرات:16

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. المجادلة:7

4-ما تحمل كلّ أنثى: اَللّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَ ما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ. الرّعد:8

5-الغيب: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللّهُ. النّمل:65

إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

الحجرات:18

إِنَّ اللّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

فاطر:38

6-ما يعملون: عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ. البقرة:187

عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ. البقرة:235

وَ اللّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. التّوبة:42

إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ. النّحل:91

إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ.

العنكبوت:42

وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ العنكبوت:45

وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمّا تَعْمَلُونَ.

فصّلت:22

وَ اللّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَ مَثْواكُمْ. محمّد:19

وَ اللّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ. محمّد:30

وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ البقرة:197

وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. البقرة:283 و النّور:28

وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ. يوسف:19

إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. النّحل:28

وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ الأنفال:23

7-ما يسرّون و ما يعلنون:

أَ وَ لا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ. البقرة:77

وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَكْتُمُونَ.

المائدة:99،و النّور:29

وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَ ما تُعْلِنُونَ. النّحل:19

ص: 963

لا جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ.

النّحل:23

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ.

التّوبة:78

وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ. البقرة:270

وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ.

البقرة:273

وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ.

آل عمران:92

وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ.

البقرة:215

وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً.

النّساء:127

إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ. يونس:36

وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ. النّور:41

إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ. فاطر:8

8-ما في القلوب: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ. النّساء:63

إِنْ يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ. الأنفال:70

وَ اللّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ. الأحزاب:51

وَ اللّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ. محمّد:26

قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ. آل عمران:29

إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ.

آل عمران:191،و المائدة:7،و لقمان:23

وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ.

آل عمران:154،و التّغابن:4

9-ما في النّفوس: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ. البقرة:235

10-من ينصر اللّه: وَ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَيْبِ. الحديد:25

11-الّذين صدقوا: فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا

العنكبوت:3

12-و آخرين منهم: وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ. الأنفال:60

وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ. إبراهيم:9

13-المؤمنين: وَ لِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا.

آل عمران:140

وَ لَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا. العنكبوت:11

14-المتّقين: وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ.

آل عمران:115،و التّوبة:44

15-المجاهدين، وَ لَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ. آل عمران:132،و التّوبة:16

16-من يخافه بالغيب: لِيَعْلَمَ اللّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ. المائدة:94

17-محمّد صلّى اللّه عليه و سلم رسوله: وَ اللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ.

المنافقون:1

18-المعوّقين: قَدْ يَعْلَمُ اللّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ.

الأحزاب:18

ص: 964

19-الّذين يتسلّلون: قَدْ يَعْلَمُ اللّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً. النّور:63

20-الكافرين: وَ كانَ اللّهُ بِهِمْ عَلِيماً.

النّساء:39

21-المفسدين: وَ اللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ. البقرة:220

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ.

آل عمران:63

22-الظّالمين: وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ.

البقرة:95،246،و التّوبة:47،و الجمعة:7

23-نزول القرآن: فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّهِ.

هود:14

24-تأويل القرآن: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ.

آل عمران:7

ب-تعليم اللّه:

1-مطلق التّعليم: تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ.

المائدة:4

وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ. البقرة:282

2-الكتابة: وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللّهُ. البقرة:282

3-نفي تعليم النّاس اللّه، قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللّهَ بِدِينِكُمْ. الحجرات:16

ج-العلم من اللّه:

وَ أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.

الأعراف:62،و يوسف:86

إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ. يوسف:96

د-الأعلم:

1-مطلقا: قُلْ أَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ. البقرة:140

2-بما وضعت: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ.

آل عمران:36

3-بما يكتمون: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ.

آل عمران:167

وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ. المائدة:61

4-بالإيمان: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ. النّساء:25

اَللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ. الممتحنة:10

5-بالأعداء: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ. النّساء:45

6-بالشّاكرين: أَ لَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ.

الأنعام:53

7-بالظّالمين: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِالظّالِمِينَ. الأنعام:58

8-حيث يجعل رسالته: اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. الأنعام:124

9-بما في النّفوس: اَللّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ.

هود:31

10-بما تصفون: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ.

يوسف:77

11-بما ينزّل: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ. النّحل:101

12-بما لبث أصحاب الكهف: قُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا. الكهف:26

13-بما تعملون: وَ إِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ. الحجّ:68

14-بما في الصّدور: أَ وَ لَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي

ص: 965

صُدُورِ الْعالَمِينَ. العنكبوت:10

15-بما يوعون: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ.

الانشقاق:23

ه العليم:

1-عليم حكيم: إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.

النّساء:11،24،و الأحزاب:1،و الدّهر:30

وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً.

النّساء:17،92،104،111،170،و الفتح:4

وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

النّساء:26،و الأنفال:71،و التّوبة:15،60،97، 106،110،و الحجّ:52،و النّور:18،58،59، و الحجرات:8،و الممتحنة:10

إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. التّوبة:28

2-عليم حليم: وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ. النّساء:12

وَ إِنَّ اللّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ. الحجّ:59

وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَلِيماً. الأحزاب:51

3-عليم خبير: إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً.

النّساء:35

إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. لقمان:34،و الحجرات:13

4-عليم قدير: إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ. النّحل:70

و-العلاّم:

علاّم الغيوب: وَ أَنَّ اللّهَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ.

التّوبة:78

194-(ع ل و)
اشارة

العلوّ:(8)

أ-النّهي عن العلوّ على اللّه:

وَ أَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللّهِ. الدّخان:19

ب-تعالي اللّه:

فَتَعالَى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ. الأعراف:190

فَتَعالَى اللّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ.

طه:114،و المؤمنون:116

تَعالَى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ. النّمل:63

ج-العليّ:

إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً. النّساء:34

وَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. الحجّ:62،و لقمان:30

195-(ع ن د)

ما عند اللّه:(70)

1-حسن المآب: وَ اللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ.

آل عمران:14

2-حسن الثّواب: وَ اللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ.

آل عمران:195

3-أجر عظيم: وَ أَنَّ اللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ.

الأنفال:28

إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ. التّوبة:22

وَ اللّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ. التّغابن:15

4-علم السّاعة: إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ.

لقمان:34

5-العهد: قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللّهِ عَهْداً. البقرة:80

كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ. التّوبة:7

6-الكتاب: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ

ص: 966

بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللّهِ. البقرة:79

وَ لَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ. البقرة:89

وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ.

آل عمران:78

قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ. القصص:49

7-الدّار الآخرة: قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ.

البقرة:94

8-الرّسول محمّد صلّى اللّه عليه و آله: وَ لَمّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ. البقرة:101

9-المثوبة و الثّواب: وَ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ خَيْرٌ. البقرة:103

وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللّهِ. آل عمران:195

مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ. النّساء:134

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللّهِ.

المائدة:60

10-الأعمال: وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللّهِ. البقرة:110،و المزّمّل:20

11-القسط: ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ. البقرة:282

اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ.

الأحزاب:5

12-الدّين: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ.

آل عمران:19

13-الرّزق: قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ. آل عمران:37

فَابْتَغُوا عِنْدَ اللّهِ الرِّزْقَ. العنكبوت:17

14-المثل: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ.

آل عمران:59

15-النّصر: وَ مَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ.

آل عمران:126،و الأنفال:10

16-الدّرجات: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللّهِ.

آل عمران:163

17-النّزل: لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللّهِ. آل عمران:198

18-الخير: وَ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ.

آل عمران:198

إِنَّما عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. النّحل:95

ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللّهِ باقٍ. النّحل:96

وَ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى.

القصص:60،و الشّورى:36

قُلْ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ.

الجمعة:11

19-الحسنة و السّيّئة: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ. النّساء:78

20-المغانم: فَعِنْدَ اللّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ. النّساء:94

21-الآيات: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللّهِ.

الأنعام:109،و العنكبوت:50

ص: 967

22-العلم: قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللّهِ.

الأعراف:187،و الأحزاب:63

قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللّهِ. الأحقاف:23

قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللّهِ. الملك:26

23-الإيمان و الجهاد: كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ. التّوبة:19

24-أعظم درجة: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللّهِ. التّوبة:20

25-عدّة الشّهور: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً. التّوبة:36

26-القربات: وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ.

التّوبة:99

27-التّحيّة: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً. النّور:61

28-موسى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ مِمّا قالُوا وَ كانَ عِنْدَ اللّهِ وَجِيهاً.

الأحزاب:69

29-القرآن: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ. فصّلت:52

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ. الأحقاف:10

30-الفوز: وَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللّهِ فَوْزاً عَظِيماً.

الفتح:5

31-الأتقى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ.

الحجرات:13

32-الشّفعاء: وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللّهِ.

يونس:18

33-إخراج الأهالي: وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللّهِ. البقرة:217

34-الصّغار: سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللّهِ. الأنعام:124

35-الطّائر: أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللّهِ.

الأعراف:131

قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللّهِ. النّمل:47

36-شرّ الدّوابّ: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. الأنفال:22

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا.

الأنفال:55

37-المكر: وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللّهِ مَكْرُهُمْ. إبراهيم:46

38-الكاذبون: فَأُولئِكَ عِنْدَ اللّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ.

النّور:13

39-الإفك: وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللّهِ عَظِيمٌ.

النّور:15

40-نفي الرّبا: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللّهِ. الرّوم:39

41-أذى الرّسول: وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللّهِ عَظِيماً. الأحزاب:53

42-المقت: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا. المؤمن:35

ص: 968

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ.

الصّفّ:3

196-(ع ه د)
اشارة

العهد:(13)

أ-استنكار العهد إلى اليهود:

اَلَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ. آل عمران:183

ب-معاهدة اللّه:

وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ. التّوبة:75

وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. الفتح:10

وَ لَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ. الأحزاب:15

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ. الأحزاب:23

ج-عهد اللّه:

1-عهد اللّه مسئول: وَ كانَ عَهْدُ اللّهِ مَسْؤُلاً.

الأحزاب:15

2-الوفاء بعهد اللّه: وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُوا. الأنعام:152

وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ. النّحل:91

اَلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ.

الرّعد:20

3-نقض عهد اللّه:

اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ.

البقرة:27

وَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ.

الرّعد:25

4-الاشتراء بعهد اللّه:

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ. آل عمران:77

وَ لا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً. النّحل:95

197-(ع و ذ)
اشارة

العوذ:(7)

أ-العياذ باللّه:

قالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ البقرة:67

وَ إِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ.

الأعراف:200،و فصّلت:36

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ. النّحل:98

فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. المؤمن:56

ب-معاذ اللّه:

قالَ مَعاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ.

يوسف:23

قالَ مَعاذَ اللّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ. يوسف:79

198-(ع و ن)

الاستعانة:(2)

قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اصْبِرُوا.

الأعراف:128

وَ اللّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ. يوسف:18

ص: 969

199-(غ ر ر)

الغرور باللّه:(3)

وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ. الحديد:14

وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ. لقمان:33،و فاطر:5

200-(غ ض ب)
اشارة

الغضب:(9)

أ-من غضب اللّه عليه:

وَ غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ. النّساء:93

وَ غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ. الفتح:6

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ.

المجادلة:14

لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ. الممتحنة:13

ب-غضب من اللّه:

وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ.

البقرة:61،و آل عمران:112

فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ. الأنفال:16

فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللّهِ. النّحل:106

ج-غضب اللّه:

وَ الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ. النّور:9

201-(غ ف ر)
اشارة

الغفران:(79)

أ-من يغفر:

1-اللّه يغفر الذّنوب:

وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ. آل عمران:135

قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ.

يوسف:92

أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ. النّور:22

إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً. الزّمر:53

لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ.

الفتح:2

ب-استغفار اللّه:

وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ. النّساء:64

لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللّهَ. النّمل:46

وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِيماً. النّساء:110

وَ اسْتَغْفِرِ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً.

النّساء:106

وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. النّور:62

فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّهَ. الممتحنة:12

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ. البقرة:199

وَ اسْتَغْفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. المزّمّل:20

فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

البقرة:192،226،و آل عمران:89،و المائدة:3، و النّحل:115،و النّور:5،و المجادلة:12،و التّغابن:14

ص: 970

فَإِنَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً. النّساء:129

فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. المائدة:34

وَ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. المائدة:98

إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. النّحل:18

وَ مَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ. النّور:33

أَلا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الشّورى:5

د-غفور حليم:

وَ اللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ. البقرة:225،و المائدة:101

إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. آل عمران:155

وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. البقرة:235

ه-غفور شكور:

إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ. الشّورى:23

6-مغفرة من اللّه:

وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ. آل عمران:157

وَ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رِضْوانٌ. الحديد:20

ب-من لا يغفر:

1-المشركين: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ.

النّساء:48،116

2-الكافرين و الظالمين: لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ. النّساء:137

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ.

النّساء:168

3-الكافرين و الصّادين عن سبيل اللّه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ ماتُوا وَ هُمْ كُفّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ. محمّد:34

4-من استغفر لهم الرّسول و لم يغفروا: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ. المنافقون:6

إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ.

التّوبة:80

202-(غ ف ل)

ما اللّه بغافل:(6)

وَ مَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ.

البقرة:74،85،140،149،و آل عمران:99

وَ مَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ. البقرة:144

203-(غ ل ب)

الغالب:(1)

وَ اللّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ. يوسف:21

204-(غ ن م)

الغنيمة:(1)

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ. الأنفال:41

205-(غ ن ي)

الغنى:(28)

أ-من يغنيهم اللّه:

وَ ما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ.

التّوبة:74

وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ.

النّساء:130

ص: 971

إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ. النّور:32

وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ. التّوبة:28

وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغْنِيَهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ. النّور:33

ب-استغناء اللّه:

وَ اسْتَغْنَى اللّهُ وَ اللّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. التّغابن:6

ج-غنيّ حميد:

وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. البقرة:267

وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً. النّساء:131

فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ. إبراهيم:8

وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. الحجّ:64

فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. لقمان:12

إِنَّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. لقمان:26

وَ اللّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. فاطر:15

فَإِنَّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.

الحديد:24،الممتحنة:6

وَ اللّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. التّغابن:6

د-غنيّ حليم:

وَ اللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ. البقرة:263

ه-غنيّ عن العالمين:

فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ. آل عمران:97

إِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ. العنكبوت:6

و-غنيّ عن النّاس:

إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ. الزّمر:7

وَ اللّهُ الْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ. محمّد:38

ز-من لا يغنى عنه من اللّه:

وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ. يوسف:67

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. آل عمران:10،116

لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. المجادلة:17

إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. الجاثية:19

ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ. يوسف:68

فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللّهِ شَيْئاً. التّحريم:10

206-(غ و ث)

الاستغاثة:(1)

وَ هُما يَسْتَغِيثانِ اللّهَ وَيْلَكَ آمِنْ. الأحقاف:17

207-(غ ي ب)

له الغيب:(3)

فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ. يونس:20

وَ لِلّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

هود:123،و النّحل:77

208-(غ ي ر)
اشارة

الغير:(19)

أ-التّغيير:

إِنَّ اللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.

الرّعد:11

ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ. الأنفال:53

ب-غير اللّه:

1-الإهلال: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ

ص: 972

وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ. البقرة:173

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ. المائدة:3

فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ.

الأنعام:145

إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ. النّحل:115

2-الكتاب: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً. النّساء:82

3-اتّخاذ الوليّ: قُلْ أَ غَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا.

الأنعام:14

4-الدّعوة: أَ غَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

الأنعام:40

5-الإيتاء: مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ.

الأنعام:46

مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ. القصص:71

مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ. القصص:72

6-الابتغاء: أَ فَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً. الأنعام:114

قُلْ أَ غَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا. الأنعام:164

قالَ أَ غَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً. الأعراف:140

7-الاتّقاء: أَ فَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ. النّحل:52

8-الخلق: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ. فاطر:3

9-العبادة: قُلْ أَ فَغَيْرَ اللّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ. الزّمر:64

10-الإله: أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللّهِ. الطّور:43

209-(ف ت ح)

الفتح:(3)

قالُوا أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ. البقرة:76

ما يَفْتَحِ اللّهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها.

فاطر:2

فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللّهِ قالُوا أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ. النّساء:141

210-(ف ت و)

الإفتاء:(2)

وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ.

النّساء:127

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ.

النّساء:176

211-(ف ر ر)

الفرار إلى اللّه:(1)

فَفِرُّوا إِلَى اللّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ.

الذّاريات:50

212-(ف ر ض)
اشارة

الفرض:(4)

أ-فرض اللّه:

ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللّهُ لَهُ. الأحزاب:38

قَدْ فَرَضَ اللّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ. التّحريم:2

ب-فريضة منه:

ص: 973

فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.

النّساء:11

فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. التّوبة:60

213-(ف ر ق)

التّفريق بين اللّه و رسله:(1)

وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللّهِ وَ رُسُلِهِ.

النّساء:150

214-(ف ر ي)
اشارة

الافتراء:(23)

أ-و من أظلم ممّن افترى على اللّه:

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً.

الأنعام:21،93،و هود:18،و العنكبوت:68

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً.

الأنعام:144،و الأعراف:37،و يونس:17، و الكهف:15

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ.

الصّفّ:7

ب-الافتراء على اللّه:

فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ. آل عمران:94

إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً.

المؤمنون:38

أَفْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ. سبأ:8

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً. الشّورى:24

قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ.

الأعراف:89

لِتَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ. النّحل:116

وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ كَذِباً. طه:61

قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ. يونس:59

اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ. النّساء:50

وَ لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ.

المائدة:103

وَ ما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ. يونس:60

قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ. يونس:69

إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ.

النّحل:116

وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِراءً عَلَى اللّهِ.

الأنعام:140

215-(ف س ح)

الفسح:(1)

إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللّهُ لَكُمْ. المجادلة:11

216-(ف ص ل)

الفصل:(1)

إِنَّ اللّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ. الحجّ:17

217-(ف ض ل)
اشارة

الفضل:(39)

أ-التّفضيل:

وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ.

النّساء:32

ص: 974

اَلرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ. النّساء:34

فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً. النّساء:95

وَ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً. النّساء:95

وَ اللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ.

النّحل:71

ب-فضل اللّه:

فَلَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ. البقرة:64

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً. النّساء:83

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ. النّساء:113

وَ كانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً. النّساء:113

ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ.

المائدة:54،و الحديد:21،و الجمعة:4

قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا.

يونس:58

ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنا وَ عَلَى النّاسِ.

يوسف:38

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللّهَ تَوّابٌ حَكِيمٌ. النّور:10

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ. النّور:14

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. النّور:20

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً. النّور:21

لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللّهِ. الحديد:29

وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّهِ. الجمعة:10

يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ. المزّمّل:20

ج-من فضل اللّه:

ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَ كَفى بِاللّهِ عَلِيماً.

النّساء:70

وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ. النّساء:73

وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللّهِ فَضْلاً كَبِيراً. الأحزاب:47

يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّهِ وَ رِضْواناً.

الفتح:29،و الحشر:8

فَضْلاً مِنَ اللّهِ وَ نِعْمَةً وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

الحجرات:8

د-ذو الفضل:

وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

البقرة:105،و آل عمران:74،و الأنفال:29، و الحديد:21،29،و الجمعة:4

إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ.

البقرة:243،و يونس:60،و المؤمن:61

ص: 975

وَ لكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ. البقرة:251

وَ اللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

آل عمران:152

وَ اللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ. آل عمران:174

218-(ف ط ر)

فطرة اللّه:(1)

فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها. الرّوم:30

219-(ف ع ل)
أ-يفعل ما يشاء و ما يريد:

وَ لكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ. البقرة:253

قالَ كَذلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ. آل عمران:40

وَ يَفْعَلُ اللّهُ ما يَشاءُ. إبراهيم:27

إِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ. الحجّ:14

إِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ. الحجّ:18

ب-ما يفعل:

ما يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ.

النّساء:147

220-(ف ق ر)
اشارة

الفقر:(2)

أ-نفي الفقر عنه:

لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ. آل عمران:181

ب-الفقراء إلى اللّه:

يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللّهِ. فاطر:15

221-(ف ل ق)

الفلق:(1)

إِنَّ اللّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى .الأنعام:95

222-(ف و ض)

التّفويض:(1)

وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ.

المؤمن:44

223-(ف ي أ)

الإفاءة على الرّسول:(3)

وَ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أَفاءَ اللّهُ عَلَيْكَ.

الأحزاب:50

وَ ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ. الحشر:6

ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ. الحشر:7

224-(ق ب ض)

القبض و البسط:(1)

وَ اللّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

البقرة:245

225-(ق ب ل)
اشارة

القبول:(2)

أ-قبول التّوبة:

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ.

التّوبة:104

ب-التّقبّل من المتّقين:

قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.

المائدة:27

226-(ق ت ل)
اشارة

ص: 976

القتل:(3)

أ-قتل المشركين:

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ. الأنفال:17

ب-قتال اليهود و النّصارى و المنافقين:

قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ.

التّوبة:30،و المنافقون:4

227-(ق د ر)
اشارة

القدر:(31)

أ-التّقدير:

وَ اللّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ. المزّمّل:20

ب-القادر:

قُلْ إِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً. الأنعام:37

ج-القدير:

1-مطلق: وَ اللّهُ قَدِيرٌ وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

الممتحنة:7

2-على كلّ شيء: إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. البقرة:20،109،148،و آل عمران:165، و النّحل:77،و النّور:45،و العنكبوت:20،و فاطر:1

أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. البقرة:106

قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

البقرة:259

وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

البقرة:284،و آل عمران:29،189،و المائدة:17، 19،40،و الأنفال:41،و التّوبة:39،و الحشر:6

وَ كانَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً.

الأحزاب:27،و الفتح:21

لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الطّلاق:12

3-على نصر المظلومين: وَ إِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الحجّ:39

4-على الموت و الإحياء: وَ كانَ اللّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً. النّساء:133

د-المقتدر:

وَ كانَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً. الكهف:45

ه-ما قدروا اللّه:

وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.

الأنعام:91،و الزّمر:67

ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ. الحجّ:74

228-(ق ر ب)

التّقريب إلى اللّه:(1)

ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللّهِ زُلْفى. الزّمر:3

229-(ق ر ض)

إقراض اللّه:(6)

وَ أَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً. المائدة:12

وَ أَقْرَضُوا اللّهَ قَرْضاً حَسَناً. الحديد:18

إِنْ تُقْرِضُوا اللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ.

التّغابن:17

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً. البقرة:245

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ. الحديد:11

وَ أَقْرِضُوا اللّهَ قَرْضاً حَسَناً. المزّمّل:20

ص: 977

230-(ق س م)
اشارة

القسم:(8)

أ-الإقسام باللّه:

أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ.

المائدة:53

وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها. الأنعام:109

وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ. النّحل:38

وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ. النّور:53

وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ. فاطر:42

فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى. المائدة:106

فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما.

المائدة:107

ب-التّقاسم باللّه:

قالُوا تَقاسَمُوا بِاللّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ. النّمل:49

231-(ق ص د)

القصد:(1)

وَ عَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ. النّحل:9

232-(ق ض ي)
اشارة

القضاء:(4)

أ-قضاء الأمر:

وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ. الأحزاب:36

وَ لكِنْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً. الأنفال:42

لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً. الأنفال:44

ب-القضاء بالحقّ:

وَ اللّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ. المؤمن:20

233-(ق ل ب)

التّقليب:(1)

يُقَلِّبُ اللّهُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ. النّور:44

234-(ق ن ت)

القنوت للّه:(2)

وَ مَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ. الأحزاب:31

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً. النّحل:120

235-(ق و ت)

المقيت:(1)

وَ كانَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً. النّساء:85

236-(ق و ل)
اشارة

القول:(23)

أ-قول اللّه:

1-للّذين خرجوا من ديارهم: فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ. البقرة:243

2-لعيسى: إِذْ قالَ اللّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ. آل عمران:55

إِذْ قالَ اللّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلى والِدَتِكَ. المائدة:110

وَ إِذْ قالَ اللّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ

ص: 978

اِتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ. المائدة:116

3-لبني إسرائيل: وَ قالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ.

المائدة:12

4-للحواريّين: قالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ.

المائدة:115

قالَ اللّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ.

المائدة:119

5-للمشركين: وَ قالَ اللّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ. النّحل:51

6-للمخلّفين: كَذلِكُمْ قالَ اللّهُ مِنْ قَبْلُ.

الفتح:15

7-الحقّ: وَ اللّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.

الأحزاب:4

ب-القول عليه إلاّ بالحقّ:

حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ.

الأعراف:105

وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ. النّساء:171

اَلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ. الأنعام:93

أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ. الأعراف:169

ج-القول عليه كذبا:

وَ أَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى اللّهِ كَذِباً. الجنّ:5

وَ يَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ.

آل عمران:75،78

د-القول عليه شططا:

وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللّهِ شَطَطاً.

الجنّ:4

ه-القول عليه بما لا يعلمون:

وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.

البقرة:169،و الأعراف:33

أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ. البقرة:80

أَ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.

الأعراف:28،و يونس:68

237-(ق و م)
اشارة

القيام:(4)

أ-القيام له:

أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَ فُرادى. سبأ:46

وَ قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ. البقرة:238

كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ. المائدة:8

ب-إقامة الشّهادة له:

وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ. الطّلاق:2

238-(ق و ي)
اشارة

القوّة:(8)

أ-القوّة للّه:

وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً. البقرة:165

ب-القوّة باللّه:

ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ. الكهف:39

ج-القويّ:

1-شديد العقاب: إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ.

الأنفال:52

ص: 979

2-عزيز: إِنَّ اللّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الحجّ:40،74

وَ كانَ اللّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً. الأحزاب:25

إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ. الحديد:25،و المجادلة:21

239-(ك ب ر)

التّكبير:(2)

وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ. البقرة:185

لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ. الحجّ:37

240-(ك ت ب)
اشارة

الكتابة:(16)

أ-ما كتب اللّه:

وَ ابْتَغُوا ما كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ. البقرة:187

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ. المائدة:21

قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاّ ما كَتَبَ اللّهُ لَنا. التّوبة:51

كَتَبَ اللّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي. المجادلة:21

وَ لَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا. الحشر:3

وَ اللّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ. النّساء:81

ب-كتاب اللّه:

1-التّوراة: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ. البقرة:101

يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ.

آل عمران:23

يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللّهِ. المائدة:44

2-التّشريع: كِتابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ. النّساء:24

3-التّقدير: لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. الأنفال:68

4-القرآن: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ. الأنفال:75،و الأحزاب:6

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ. التّوبة:36

لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ.

الرّوم:56

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللّهِ. فاطر:29

241-(ك ت م)

الكتمان:(1)

وَ لا يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً. النّساء:42

242-(ك ذ ب)
اشارة

الكذب:(3)

أ-من كذب اللّه:

وَ قَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ. التّوبة:90

ب-من كذب على اللّه:

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ. الزّمر:32

وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ. الزّمر:60

243-(ك ر ه)

الكره:(1)

وَ لكِنْ كَرِهَ اللّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ. التّوبة:46

244-(ك ف ر)
اشارة

الكفر:(11)

ص: 980

أ-الكفر باللّه:

1-باللّه:

مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ.

النّحل:106

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَ كَفَرُوا بِاللّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. العنكبوت:52

تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللّهِ. المؤمن:42

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ.

البقرة:28

مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللّهِ. سبأ:33

2-باللّه و رسوله: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّهِ وَ بِرَسُولِهِ. التّوبة:54

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ. التّوبة:80

إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ. التّوبة:84

3-باللّه و رسوله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِاللّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً. النّساء:136

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ. النّساء:150

ب-تكفير اللّه السّيّئات:

لِيُكَفِّرَ اللّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا. الزّمر:35

245-(ك ف ي)
اشارة

الكفاية:(20)

أ-كفى باللّه:

1-حسيبا: وَ كَفى بِاللّهِ حَسِيباً.

النّساء:6،و الأحزاب:39

2-وليّا: وَ كَفى بِاللّهِ وَلِيًّا. النّساء:45

3-نصيرا: وَ كَفى بِاللّهِ نَصِيراً. النّساء:45

4-عليما: وَ كَفى بِاللّهِ عَلِيماً. النّساء:70

5-شهيدا: وَ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً.

النّساء:79،166،و الفتح:28

فَكَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ. يونس:29

قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ.

الرّعد:43،و الإسراء:96

قُلْ كَفى بِاللّهِ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ شَهِيداً. العنكبوت:52

6-وكيلا: وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً.

النّساء:81،132،171،و الأحزاب:3،48

ب-كفى اللّه:

1-المؤمنين: وَ كَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ.

الأحزاب:25

2-النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ.

البقرة:137

ج-الكافي:

أَ لَيْسَ اللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ. الزّمر:36

246-(ك ل ف)

التّكليف بالوسع:(2)

لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها. البقرة:286

لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها. الطّلاق:7

247-(ك ل م)
اشارة

الكلام:(14)

أ-من يكلّمه اللّه:

مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ. البقرة:253

ص: 981

وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً. النّساء:164

لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللّهُ. البقرة:118

وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ. الشّورى:51

ب-من لا يكلّمه اللّه:

وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ. البقرة:174

وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ.

آل عمران:77

ج-كلام اللّه:

وَ قَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ. البقرة:75

وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ. التّوبة:6

يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللّهِ. الفتح:15

د-كلمة اللّه:

وَ كَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيا. التّوبة:40

أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللّهِ.

آل عمران:39

ه كلمات اللّه:

وَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللّهِ. الأنعام:34

لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللّهِ. يونس:64

ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ. لقمان:27

248-(ل ج أ)

الملجأ:(1)

وَ ظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاّ إِلَيْهِ. التّوبة:118

249-(ل ط ف)

اللّطيف:(4)

1-لطيف خبير: إِنَّ اللّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ.

الحجّ:63،و لقمان:16

إِنَّ اللّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً. الأحزاب:34

2-لطيف بعباده: اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ.

الشّورى:19

250-(ل ع ن)

اللّعن:(18)

من لعنه اللّه:

1-الكافرين: إِنَّ اللّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً. الأحزاب:64

لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ. الأحزاب:57

فَلَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكافِرِينَ. البقرة:89

أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ. البقرة:161

أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ.

آل عمران:87

2-المنافقين: وَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَ لَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ.

التّوبة:68

أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ. محمّد:23

3-الكاذبين: ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ. آل عمران:61

4-الظّالمين: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ. الأعراف:44

أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ. هود:18

5-شاهد الزّور: وَ الْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ. النّور:7

ص: 982

6-الشّيطان: لَعَنَهُ اللّهُ وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً. النّساء:118

7-اليهود: مَنْ لَعَنَهُ اللّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ.

المائدة:60

وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ. النّساء:46

أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً. النّساء:52

8-بني إسرائيل: بَلْ لَعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ.

البقرة:88

9-بعض أهل الكتاب: أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ.

البقرة:159

251-(ل ق ي)
اشارة

اللّقاء:(5)

أ-لقاء اللّه:

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللّهِ.

الأنعام:31،و يونس:45

مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ. العنكبوت:5

ب-ملاقاة اللّه:

قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ. البقرة:249

ج-إلقاء السّلم إليه:

وَ أَلْقَوْا إِلَى اللّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ. النّحل:87

252-(ل)

للّه:(18)

1-حجّ البيت: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. آل عمران:97

2-الأنعام: وَ جَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَ ما كانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ. الأنعام:136

3-إنّا للّه: اَلَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. البقرة:156

4-ما في السّماوات و الأرض: لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ. البقرة:284

وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ.

آل عمران:109،129،و النّساء:126،131،132، و النّجم:31

فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ.

النّساء:131

فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. النّساء:170

قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلْ لِلّهِ. الأنعام:12

أَلا إِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

يونس:55،و النّور:64

لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. لقمان:26

أَلا إِنَّ لِلّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ.

يونس:66

253-(م ث ل)

المثل:(1)

وَ لِلّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى. النّحل:60

ص: 983

254-(م ح ص)

التّمحيص:(1)

وَ لِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا. آل عمران:141

255-(م ح ق)

المحق:(1)

يَمْحَقُ اللّهُ الرِّبا وَ يُرْبِي الصَّدَقاتِ. البقرة:276

256-(م ح ن)

الامتحان:(1)

أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى.

الحجرات:3

257-(م ح و)

المحو:(2)

الباطل: وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ. الشّورى:24

ما يشاء: يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ. الرّعد:39

258-(م س س)

المسّ:(2)

وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ.

الأنعام:17،و يونس:107

259-(م س ك)

إمساك السّماوات و الأرض:(2)

إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا.

فاطر:41

ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ. النّحل:79

260-(م ع و)
اشارة

المعيّة:(28)

أ-اللّه مع:

1-الصّابرين: إِنَّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ.

البقرة:153،و الأنفال:46

وَ اللّهُ مَعَ الصّابِرِينَ. البقرة:249،و الأنفال:66

2-المتّقين: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ.

البقرة:194،و التّوبة:36،123

إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا. النّحل:128

3-المؤمنين: وَ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ.

الأنفال:19

وَ اللّهُ مَعَكُمْ. محمّد:35

4-المحسنين: وَ إِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.

العنكبوت:69

5-النّبيّ و صاحبه: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنا.

التّوبة:40

ب-مع جعل مع اللّه:

1-إلها: اَلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ. الحجر:96

لا تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ. الإسراء:22

وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ. الإسراء:39

أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ. النّمل:60،61،62،63،64

اَلَّذِي جَعَلَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ. ق:26

وَ لا تَجْعَلُوا مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ. الذّاريات:51

2-آلهة: أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرى. الأنعام:19

3-من دعا مع اللّه إلها: وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ. المؤمنون:117

وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ.

ص: 984

الفرقان:68

فَلا تَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ. الشّعراء:213

وَ لا تَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ. القصص:88

فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً. الجنّ:18

261-(م ق ت)

المقت:(1)

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ. المؤمن:10

262-(م ك ر)

مكر اللّه:(5)

وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُ. آل عمران:54

وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللّهُ. الأنفال:30

أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ. الأعراف:99

وَ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً.

الرّعد:42

263-(م ل ك)
اشارة

الملك:(19)

أ-لا يملك أحد من اللّه شيئا:

وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْءٍ. الممتحنة:4

وَ مَنْ يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. المائدة:41

قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللّهِ شَيْئاً. الأحقاف:8

قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ. المائدة:17

قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً. الفتح:11

ب-له ملك السّماوات و الأرض:

أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

البقرة:107،و المائدة:40

وَ لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

آل عمران:189،و النّور:42،و الجاثية:27، و الفتح:14

وَ لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما.

المائدة:17،18

لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما فِيهِنَّ.

المائدة:120

إِنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

التّوبة:116

ج-بيده ملكوت كلّ شيء:

قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ يُجِيرُ وَ لا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلّهِ.

المؤمنون:88،89

د-الملك له يوم القيامة:

اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ. الحجّ:56

لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ.

المؤمن:16

264-(م ن ن)
اشارة

المنّة:(8)

أ-على من يشاء من عباده:

وَ لكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ.

ص: 985

إبراهيم:11

ب-على المؤمنين:

لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ. آل عمران:164

كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ. النّساء:94

أَ هؤُلاءِ مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا. الأنعام:53

بَلِ اللّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ.

الحجرات:17

ج-أصحاب الجنّة:

فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْنا. الطّور:27

د-على يوسف و أخيه:

قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنا. يوسف:90

ه-أصحاب قارون:

لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا. القصص:82

265-(م ن)
اشارة

من اللّه:(3)

أ-ليس من اللّه في شيء:

وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ.

آل عمران:28

ب-ليس له من اللّه من وليّ:

ما لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ. البقرة:120

ما لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا واقٍ. الرّعد:37

266-(م ن ع)

المنع منه:(1)

وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللّهِ.

الحشر:2

267-(م و ت)

الإماتة:(1)

فَأَماتَهُ اللّهُ مِائَةَ عامٍ. البقرة:259

268-(م و ل)

مال اللّه:(1)

وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللّهِ الَّذِي آتاكُمْ. النّور:33

269-(م ي ز)

الميز بين الخبيث و الطّيّب:(1)

لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ. الأنفال:37

270-(ن ب أ)
اشارة

النّبوءة:(4)

أ-تنبئة اللّه النّاس:

قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ.

التّوبة:94

وَ سَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ.

المائدة:14

ب-تنبئة النّاس إيّاه:

قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ. يونس:18

ج-قتل أنبياء اللّه:

قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. البقرة:91

271-(ن ب ت)

الإنبات:(1)

وَ اللّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً. نوح:17

ص: 986

272-(ن ج و)
اشارة

النّجاة:(4)

أ-التّنجية:

قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجّانَا اللّهُ مِنْها. الأعراف:89

وَ يُنَجِّي اللّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ. الزّمر:61

قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها. الأنعام:64

ب-الإنجاء:

فَأَنْجاهُ اللّهُ مِنَ النّارِ. العنكبوت:24

273-(ن ز ل)
اشارة

النّزول:(47)

أ-التّنزيل:

1-الفضل: أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ. البقرة:90

2-الكتاب: ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ.

البقرة:176

فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ. الملك:9

تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.

الزّمر:1،و الجاثية:2،و الأحقاف:2

تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. المؤمن:2

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ. محمّد:26

3-الماء من السّماء: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللّهُ. العنكبوت:63

4-أحسن الحديث: اَللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ. الزّمر:23

5-نفي السّلطان للأصنام: ما نَزَّلَ اللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ. الأعراف:71

ما أَنْزَلَ اللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ.

يوسف:40،و النّجم:23

ب-إنزال الكتاب:

1-القرآن: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللّهُ. البقرة:90

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا. البقرة:91

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا. البقرة:170

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً. البقرة:174

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً. النّساء:61

وَ أَنْزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ.

النّساء:113

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ. المائدة:44

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ. المائدة:45

وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. المائدة:47

فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ. المائدة:48

وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ وَ لا تَتَّبِعْ

ص: 987

أَهْواءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ. المائدة:49

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا. المائدة:104

وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ. الأنعام:91

وَ مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللّهُ. الأنعام:93

اَلْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً وَ أَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ. التّوبة:97

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا. لقمان:21

وَ قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللّهُ مِنْ كِتابٍ.

الشّورى:15

اَللّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ الْمِيزانَ.

الشّورى:17

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ. محمّد:9

2-التّوراة: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قُلِ اللّهُ. الأنعام:91

3-الإنجيل: وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فِيهِ. المائدة:47

4-الذّكر: قَدْ أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً. الطّلاق:10

ج-إنزال الماء من السّماء:

وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها. البقرة:164

وَ اللّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها. النّحل:65

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً.

الحجّ:63،و فاطر:27،و الزّمر:21

د-إنزال السّكينة:

1-على الرّسول: فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ.

التّوبة:40

2-على رسوله و على المؤمنين: فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ : فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. الفتح:26

ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. التّوبة:26

ه-إنزال الرّزق:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ.

يونس:59

وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها. الجاثية:5

274-(ن س خ)

النّسخ:(1)

فَيَنْسَخُ اللّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ. الحجّ:52

275-(ن س ي)

نسيان اللّه:(2)

نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ. التّوبة:67

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ. الحشر:19

276-(ن ش أ)

إنشاء النّشأة الآخرة:(1)

ص: 988

ثُمَّ اللّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ. العنكبوت:20

277-(ن ص ح)

النّصيحة للّه:(1)

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَ رَسُولِهِ. التّوبة:91

278-(ن ص ر)
اشارة

النّصر:(22)

أ-من نصره اللّه:

1-النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا. التّوبة:40

وَ يَنْصُرَكَ اللّهُ نَصْراً عَزِيزاً. الفتح:3

2-المؤمنين: وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ.

آل عمران:123

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ. التّوبة:25

إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ.

آل عمران:160

وَ لَيَنْصُرَنَّ اللّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ. الحجّ:40

ذلِكَ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ. الحجّ:60

مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ. الحجّ:15

ب-من نصر اللّه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ. محمّد:7

وَ يَنْصُرُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ. الحشر:8

ج-نصر النّاس من اللّه:

وَ يا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ.

هود:30

فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ. هود:63

د-نصر اللّه:

بِنَصْرِ اللّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ. الرّوم:5

وَ أُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ.

الصّفّ:13

مَتى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ.

البقرة:214

إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ. النّصر:1

ه-أنصار اللّه:

قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ.

آل عمران:52

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللّهِ.

الصّفّ:14

قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ. الصّفّ:14

و-أنصاري إلى اللّه:

قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ. آل عمران:52

مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ. الصّفّ:14

279-(ن ط ق)

الإنطاق:(1)

قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ.

فصّلت:21

280-(ن ع م)
اشارة

النّعمة:(27)

ص: 989

أ-من أنعم اللّه عليه:

1-النّبيّين: أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ.

مريم:58

2-المطيعين للّه و رسوله: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ. النّساء:69

3-رجلان من بني إسرائيل: قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ.

المائدة:23

4-زيد بن حارثة: وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ. الأحزاب:37

5-من ادّعى إنعام اللّه عليه: قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً. النّساء:72

ب-نعمة اللّه:

1-ذكرها: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ.

البقرة:231،و آل عمران:103

وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ. المائدة:7

اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ. المائدة:11،و فاطر:3

اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ.

المائدة:20،و إبراهيم:6،و الأحزاب:9

2-شكرها: وَ اشْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ. النّحل:114

3-الاستبشار بها: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ. آل عمران:171

4-الانقلاب بها: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضْلٍ.

آل عمران:174

5-عدّها و احصائها: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لا تُحْصُوها. إبراهيم:34

وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها. النّحل:18

وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ. النّحل:53

6-تبديلها: وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. البقرة:211

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً.

إبراهيم:28

7-جحدها: أَ فَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ. النّحل:71

8-انكارها: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها.

النّحل:83

9-الكفر بها: وَ بِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ.

النّحل:72

وَ بِنِعْمَةِ اللّهِ يَكْفُرُونَ. العنكبوت:67

10-جريان الفلك بها في البحر: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللّهِ. لقمان:31

ج-أنعم اللّه:

فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ. النّحل:112

281-(ن ف ل)

الأنفال:(1)

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَ الرَّسُولِ. الأنفال:1

282-(ن ق م)

الانتقام:(2)

1-انتقامه: وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ.

المائدة:95

2-ذو انتقام: وَ اللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ.

آل عمران:4

ص: 990

283-(ن ك ل)

النّكال:(1)

وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللّهِ. المائدة:38

284-(ن ه ي)

النّهي:(2)

لا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ.

الممتحنة:8

إِنَّما يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ.

الممتحنة:9

285-(ن و ب)

الإنابة إلى اللّه:(1)

وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَ أَنابُوا إِلَى اللّهِ لَهُمُ الْبُشْرى. الزّمر:17

286-(ن و ر)
اشارة

النّور:(4)

أ-نار اللّه:

نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ. الهمزة:6

ب-نور اللّه:

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ. التّوبة:32

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ. الصّفّ:8

ج-نور السّماوات و الأرض:

اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ. النّور:35

287-(ن و ق)

ناقة اللّه:(3)

هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً. الأعراف:73،و هود:64

فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ناقَةَ اللّهِ وَ سُقْياها.

الشّمس:13

288-(ن ي ل)

النّيل:(2)

لَنْ يَنالَ اللّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها. الحجّ:37

أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ.

الأعراف:49

289-(ه ج ر)
اشارة

الهجرة:(2)

أ-في اللّه:

وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً. النّحل:41

ب-إلى اللّه:

وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّهِ. النّساء:100

290-(ه د ي)
اشارة

الهدى:(52)

أ-هدى اللّه:

قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدى.

البقرة:120،و الأنعام:71

قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللّهِ. آل عمران:73

ذلِكَ هُدَى اللّهِ. الأنعام:88،و الزّمر:23

ب-من هداه اللّه:

1-المؤمنين: وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ. البقرة:143.

فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا. البقرة:213

ص: 991

أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ. الأنعام:90

فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللّهُ. النّحل:36

وَ نُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللّهُ. الأنعام:71

وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ. الأعراف:43

أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللّهُ. الزّمر:18

وَ إِنَّ اللّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

الحجّ:54

2-من يشاء: وَ اللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. البقرة:213،و النّور:46

وَ لكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ.

البقرة:272،و القصص:56

يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ. النّور:35

3-من يريد: وَ أَنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ.

الحجّ:16

4-من اتّبع رضوانه: يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ. المائدة:16

5-يهدى للحقّ: قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ.

يونس:35

6-من هداه اللّه هو المهتدي: مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي. الأعراف:178

وَ مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ. الإسراء:97

مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ. الكهف:17

7-من هداه اللّه فلا مضلّ له: وَ مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ. الزّمر:37

ج-من لا يهدي اللّه:

1-الكافرين: لَوْ أَنَّ اللّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. الزّمر:57

وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ.

البقرة:264،و التّوبة:37

كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ.

آل عمران:86

إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ. المائدة:67

وَ أَنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ. النّحل:107

إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللّهُ.

النّحل:104

2-المستكبرين: قالُوا لَوْ هَدانَا اللّهُ لَهَدَيْناكُمْ.

إبراهيم:21

3-الظّالمين: وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ.

البقرة:258،و آل عمران:86،و التّوبة:19،109، و الصّفّ:7،و الجمعة:5

إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ.

المائدة:51،و الأنعام:144،و القصص:50، و الأحقاف:10

4-الفاسقين: وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ.

المائدة:108،و التّوبة:24،80،و الصّفّ:5

إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ. المنافقون:6

5-الخائنين: وَ أَنَّ اللّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ.

يوسف:52

6-الضّالّين: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ. النّحل:37

7-الكاذب الكفّار: إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ

ص: 992

كُفّارٌ. الزّمر:3

8-المسرف الكذّاب: إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ. المؤمن:28

291-(ه ز أ)
اشارة

الهزء:(2)

أ-من النّاس:

قُلْ أَ بِاللّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ.

التّوبة:65

ب-من اللّه:

اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ. البقرة:15

292-(ه ل ك)

الإهلاك:(3)

أَ وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ.

القصص:78

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللّهُ وَ مَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا.

الملك:28

لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ. الأعراف:164

293-(ه و ن)

الإهانة:(1)

وَ مَنْ يُهِنِ اللّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ. الحجّ:18

294-(ه و)
اشارة

هو:(9)

أ-هو اللّه:

وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ. الأنعام:3

لكِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّي. الكهف:38

وَ هُوَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ. القصص:70

هُوَ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ. الزّمر:4

هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ. الحشر:22،23

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ. الإخلاص:1

ب-هو المسيح:

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. المائدة:17،72

295-(و)

و اللّه:(1)

وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ. الأنعام:23

296-(و ث ق)

موثقا من اللّه:(2)

قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ. يوسف:66

قالَ كَبِيرُهُمْ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللّهِ. يوسف:80

297-(و ج د)

وجد اللّه:(2)

وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً.

النّساء:64

وَ وَجَدَ اللّهَ عِنْدَهُ. النّور:39

298-(و ج ه)

وجه اللّه:(5)

فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ. البقرة:115

وَ ما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللّهِ. البقرة:272

ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ. الرّوم:38

ص: 993

وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ. الرّوم:39

إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ. الدّهر:9

299-(و ح د)

الوحدانيّة للّه:(14)

اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.

البقرة:255،و آل عمران:2

وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ. آل عمران:62،و ص:65

اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ.

النّساء:87،و طه:8،و النّمل:26،و التّغابن:13

إِنَّمَا اللّهُ إِلهٌ واحِدٌ. النّساء:171

أَ أَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ.

يوسف:39

إِنَّما إِلهُكُمُ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ. طه:98

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا. الأنبياء:22

إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ.

الصّافّات:35

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ. محمّد:19

و راجع«أحد».

300-(و ذ ر)

ما يذر اللّه:(1)

ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ.

آل عمران:179

301-(و ر ث)

الميراث:(2)

وَ لِلّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ.

آل عمران:180،و الحديد:10

302-(و س ع)
اشارة

الواسع:(8)

أ-واسع عليم:

إِنَّ اللّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ. البقرة:115

وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. البقرة:247،261،268، و آل عمران:73،و المائدة:54،و النّور:32

ب-واسع حكيم:

وَ كانَ اللّهُ واسِعاً حَكِيماً. النّساء:130

303-(و ص ل)

الوصول إلى اللّه:(1)

فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللّهِ.

الأنعام:136

304-(و ص ي)
اشارة

الوصيّة:(3)

أ-التّوصية:

أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصّاكُمُ اللّهُ بِهذا.

الأنعام:144

ب-الإيصاء:

يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ. النّساء:11

ج-الوصيّة منه:

وَصِيَّةً مِنَ اللّهِ. النّساء:12

305-(و ع د)
اشارة

الوعد:(30)

أ-وعد اللّه المؤمنين:

وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى.

ص: 994

النّساء:95،و الحديد:10

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ. المائدة:9

وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. التّوبة:72

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ. النّور:55

وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً. الفتح:29

قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ. الأحزاب:22

إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ. إبراهيم:22

وَعَدَكُمُ اللّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها. الفتح:20

وَ اللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً. البقرة:268

وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ. الأنفال:7

ب-وعد اللّه الكافرين و المنافقين:

وَعَدَ اللّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْكُفّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها. التّوبة:68

ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً.

الأحزاب:12

اَلنّارُ وَعَدَهَا اللّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا. الحجّ:72

ج-وعد اللّه:

1-حقّ: وَعْدَ اللّهِ حَقًّا.

النّساء:122،و يونس:4،و لقمان:9

أَلا إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ. يونس:55

وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ.

الكهف:21

وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ. القصص:13

إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ.

الرّوم:60،و لقمان:33،و فاطر:5،و المؤمن:55،77، و الجاثية:32،و الأحقاف:17

2-لا يخلفه: تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ. الرّعد:31

وَعْدَ اللّهِ لا يُخْلِفُ اللّهُ وَعْدَهُ. الرّوم:6

وَعْدَ اللّهِ لا يُخْلِفُ اللّهُ الْمِيعادَ. الزّمر:20

306-(و ع ظ)

وعظ اللّه:(2)

إِنَّ اللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ. النّساء:58

يَعِظُكُمُ اللّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً. النّور:17

307-(و ف ق)

التّوفيق:(2)

إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُما. النّساء:35

وَ ما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللّهِ. هود:88

308-(و ف ي)
اشارة

الوفاء:(3)

أ-التّوفية:

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ. النّور:25

ب-التّوفّي:

اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها. الزّمر:42

ج-الأوفى:

وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ. التّوبة:111

ص: 995

309-(و ق ي)
اشارة

الوقاية:(71)

أ-من وقاه اللّه:

فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا. المؤمن:45

فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ. الدّهر:11

ب-من لا يقيه اللّه:

وَ ما لَهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ واقٍ. الرّعد:34

وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ واقٍ. المؤمن:21

ج-اتّقاء اللّه:

إِنْ تَتَّقُوا اللّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً. الأنفال:29

وَ لْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ. البقرة:282،283

وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. الطّلاق:2

وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً.

الطّلاق:4

وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ. الطّلاق:5

فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. النّساء:9

وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ.

البقرة:206

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللّهَ. الأحزاب:1

أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللّهَ. الأحزاب:37

وَ اتَّقُوا اللّهَ.

البقرة:189،194،196،203،223،233،282، و آل عمران:130،200،و النّساء:1،و المائدة:2،4،7، 8،11،57،88،96،108،و الأنفال:69،و الحجر:69، و الحجرات:1،10،12،و المجادلة:9 و الحشر:7،18، و الممتحنة:11،و الطّلاق:1.

اِتَّقُوا اللّهَ.

البقرة:278،و آل عمران:102،و النّساء:131، و المائدة:35،112،و التّوبة:119،و الأحزاب:70، و الحديد:28،و الحشر:18.

فَاتَّقُوا اللّهَ.

آل عمران:50،123،و المائدة:100،و الأنفال:1،و هود:

78،و الشّعراء:108،110،126،131،144،150، 163،179،و الزّخرف:63،و التّغابن:16،و الطّلاق:10

وَ اتَّقِينَ اللّهَ. الأحزاب:55

د-تقوى من اللّه:

أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ.

التّوبة:109

310-(و ك ل)
اشارة

الوكول:(25)

أ-التّوكّل على اللّه:

فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ. يونس:71

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ. هود:56

عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنا. الأعراف:89،و يونس:85

وَ ما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ. إبراهيم:12

وَ عَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

آل عمران:122،160،و المائدة:11،و التّوبة:51، و إبراهيم:11،و المجادلة:10،و التّغابن:13

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

الأنفال:49

وَ عَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ.

ص: 996

إبراهيم:12

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. الطّلاق:3

فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ. آل عمران:159،و النّمل:79

وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ.

النّساء:81،و الأنفال:61،و الأحزاب:3،48

وَ عَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُوا. المائدة:23

ب-الوكيل:

وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ. هود:12

قالَ اللّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ. يوسف:66

وَ اللّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ. القصص:28

311-(و ل ج)

الإيلاج:(2)

ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ. الحجّ:61

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ. لقمان:29

312-(و ل د)

ولد اللّه:(1)

أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ* وَلَدَ اللّهُ.

الصّافّات:151،152

313-(و ل ي)
اشارة

الولاية:(17)

أ-التّولّي:

وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ. المائدة:56

ب-الوليّ:

اَللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا. البقرة:257

وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ. آل عمران:68

فَاللّهُ هُوَ الْوَلِيُّ. الشّورى:9

وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ. الجاثية:19

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا.

المائدة:55

وَ اللّهُ وَلِيُّهُما. آل عمران:122

إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ. الأعراف:196

ج-الأولياء:

أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. يونس:62

إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ مِنْ دُونِ النّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ. الجمعة:6

د-الأولى:

إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللّهُ أَوْلى بِهِما.

النّساء:135

ه-المولى:

ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا. محمّد:11

بَلِ اللّهُ مَوْلاكُمْ. آل عمران:150

وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَوْلاكُمْ. الأنفال:40

وَ اللّهُ مَوْلاكُمْ. التّحريم:2

وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ. التّحريم:4

و-الولاية:

هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ. الكهف:44

315-(ي د ي)

ص: 997

يد اللّه:(5)

قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ. آل عمران:73

وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ. المائدة:64

يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ. الفتح:10

وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ. الحديد:29

لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَ رَسُولِهِ. الحجرات:1

316-(ي س ر)

اليسر:(9)

1-علم ما في السّماء و الأرض: إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ. العنكبوت:19

2-إبداء الخلق ثمّ إعادته: إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ. العنكبوت:19

3-تعمير المعمّر و نقص عمره: إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ. فاطر:11

4-إصابة الأرض و الأنفس: إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ. الحديد:22

5-البعث و الإنباء: وَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ.

التّغابن:7

6-الإصلاء بالنّار: وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً.

النّساء:30

7-الهداية إلى النّار: وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً.

النّساء:169

8-إحباط الأعمال: وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً.

الأحزاب:19

9-مضاعفة العذاب: وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً.

الأحزاب:30

317-(ي و م)

أيّام اللّه:(2)

وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ. إبراهيم:5

لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ. الجاثية:14

ص: 998

فهرس الأعلام المنقول عنهم بلا واسطة و اسماء كتبهم

الآلوسيّ:محمود(1270) (1)

روح المعاني،ط:دار إحياء التراث،بيروت.

ابن أبي الحديد:عبد الحميد(665)

شرح نهج البلاغة،ط:إحياء الكتب،بيروت.

ابن أبي اليمان:يمان(284)

التّقفية،ط:بغداد.

ابن الأثير:مبارك(606)

النّهاية،ط:إسماعيليان،قم.

ابن الأثير:عليّ(630)

الكامل،ط:دار صادر،بيروت.

ابن الأنباريّ:محمّد(328)

غريب اللّغة،ط:دار الفردوس،بيروت.

ابن باديس:عبد الحميد(1359)

تفسير القرآن،ط:دار الفكر،بيروت.

ابن الجوزيّ:عبد الرّحمن(597)

زاد المسير،ط:المكتب الإسلامي،بيروت.

ابن خالويه:حسين(370)

إعراب ثلاثين سورة،ط:حيدرآباد دكّن.

ابن خلدون:عبد الرّحمن(808)

المقدّمة،ط:دار القلم،بيروت.

ابن دريد:محمّد(321)

الجمهرة،ط:حيدرآباد دكّن.

ابن السّكّيت:يعقوب(244)

1-تهذيب الألفاظ،ط:الآستانة الرّضويّة،مشهد.

2-إصلاح المنطق،ط:دار المعارف بمصر.

3-الإبدال،ط:القاهرة.

4-الأضداد،ط:دار الكتب العلميّة،بيروت.

ابن سيده:عليّ(458)

المحكم،ط:دار الكتب العلميّة،بيروت.

ابن الشّجريّ:هبة اللّه(542)

الأماليّ،ط:دار المعرفة،بيروت.

ابن شهرآشوب:محمّد(588)

متشابه القرآن،ط:طهران.

ابن العربيّ:عبد اللّه(543)

أحكام القرآن،ط:دار المعرفة،بيروت.

ابن عربيّ:محيى الدّين(628)

ص: 999


1- هذه الأرقام تاريخ الوفيات بالهجريّة.

تفسير القرآن،ط:دار اليقظة،بيروت.

ابن عطيّة:عبد الحقّ(546)

المحرّر الوجيز،ط:القاهرة.

ابن فارس:أحمد(395)

1-المقاييس،ط:طهران.

2-الصّاحبيّ،ط:مكتبة اللّغويّة،بيروت.

ابن قتيبة:عبد اللّه(276)

1-غريب القرآن،ط:دار إحياء الكتب،القاهرة.

2-تأويل مشكل القرآن،ط:المكتبة العلميّة،القاهرة.

ابن كثير:إسماعيل(774)

1-تفسير القرآن،ط:دار الفكر،بيروت.

2-البداية و النّهاية،ط:المعارف،بيروت.

ابن منظور :محمّد(711)

لسان العرب،ط،دار صادر،بيروت.

ابن ناقيا:عبد اللّه(485)

الجمان،ط:المعارف،الاسكندريّة.

أبو البركات:عبد الرّحمن(577)

البيان،ط:الهجرة،قم.

أبو حاتم:سهل(248)

الأضداد،ط:دار الكتب،بيروت.

أبو حيّان:محمّد(745)

البحر المحيط،ط:دار الفكر،بيروت.

أبو رزق...(معاصر)

معجم القرآن،ط:الحجازيّ،القاهرة.

أبو زرعة:عبد الرّحمن(403)

حجّة القراءات،ط:الرّسالة،بيروت.

أبو زهرة:محمّد(1395)

المعجزة الكبرى،ط:دار الفكر،بيروت.

أبو زيد:سعيد(215)

النّوادر،ط:الكاثوليكيّة،بيروت.

أبو السّعود:محمّد(982)

إرشاد العقل السّليم،ط:مصر.

أبو سهل الهرويّ:محمّد(433)

التّلويح،ط:التّوحيد،مصر.

أبو عبيد:قاسم(224)

غريب الحديث،ط:دار الكتب،بيروت.

أبو عبيدة:معمر(209)

مجاز القرآن،ط:دار الفكر،مصر.

أبو الفتوح:حسين(554)

روض الجنان،ط:الآستانة الرّضويّة،مشهد.

أبو الفداء:إسماعيل(732)

المختصر،ط:دار المعرفة،بيروت.

أبو هلال:حسن(395)

الفروق اللّغويّة،ط:بصيرتي،قم.

أحمد بدوي:(معاصر)

من بلاغة القرآن،ط:دار النّهضة،مصر.

الأخفش:سعيد(215)

معاني القرآن،ط:عالم الكتب،بيروت.

الأزهريّ:محمّد(370)

تهذيب اللّغة،ط:دار المصر.

الإسكافيّ:محمّد(420)

درّة التّنزيل،ط:دار الآفاق،بيروت.

الأصمعيّ:عبد الملك(216)

الأضداد،ط:دار الكتب،بيروت.

ايزوتسو:توشيهيكو(1371)

خدا و انسان در قرآن،ط:انتشار،طهران.

البحرانيّ:هاشم(1107)

البرهان،ط:آفتاب،طهران.

البروسويّ:إسماعيل(1127)

روح البيان،ط:جعفريّ،طهران.

البستانيّ:بطرس(1300)

دائرة المعارف،ط:دار المعرفة،بيروت.

ص: 1000

البغويّ:حسين(516)

معالم التّنزيل،ط:التّجاريّة،مصر.

بنت الشّاطئ:عائشة(1378)

1-التّفسير البيانيّ،ط:دار المعارف،مصر.

2-الإعجاز البيانيّ،ط:دار المعارف،مصر.بهاء الدّين العامليّ:محمّد(1031)

العروة الوثقى،ط:مهر،قم.

بيان الحقّ:محمود(نحو 555)

وضح البرهان،ط:دار القلم،بيروت.

البيضاويّ:عبد اللّه(685)

أنوار التّنزيل،ط:مصر.

التّستريّ:محمّد تقيّ(1415)

نهج الصّباغة في شرح نهج البلاغة،ط:امير كبير، طهران.

الثّعالبيّ:عبد الملك(429)

فقه اللّغة،ط:مصر.

ثعلب:أحمد(291)

الفصيح،ط:التّوحيد،مصر.

الجرجانيّ:عليّ(816)

التّعريفات،ط:ناصر خسرو،طهران.

الجزائريّ:نور الدّين(1158)

فروق اللّغات،ط:فرهنگ اسلامى،طهران.

الجصّاص:أحمد(370)

أحكام القرآن،ط:دار الكتاب،بيروت.

جمال الدّين عيّاد(معاصر)

بحوث في تفسير القرآن،ط:المعرفة،القاهرة.

الجواليقيّ:موهوب(540)

المعرّب،ط:دار الكتب:مصر.

الجوهريّ:إسماعيل(393)

صحاح اللّغة،ط:دار العلم،بيروت.

الحجازيّ:محمّد محمود(معاصر)

التّفسير الواضح،ط:دار الكتاب،مصر.

الحربيّ:إبراهيم(285)

غريب الحديث،ط:دار المدنيّ،جدّة.

الحريريّ:قاسم(216)

درّة الغوّاص،ط:المثنّى،بغداد.

حسنين مخلوف(معاصر)

صفوة البيان،ط:دار الكتاب،مصر.

حفنيّ:محمّد شرف(معاصر)

إعجاز القرآن البيانيّ،ط:الأهرام،مصر.

الحمويّ:ياقوت(626)

معجم البلدان،ط:دار صادر،بيروت.

الخازن:عليّ(741)

لباب التّأويل،ط:التّجاريّة،مصر.

الخطّابيّ:حمد(388)

غريب الحديث،ط:دار الفكر،دمشق.

الخليل: بن أحمد(175)

العين،ط:دار الهجرة،قم.

خليل ياسين(معاصر)

الأضواء،ط:الأديب الجديدة،بيروت.

الدّامغانيّ:حسين(478)

الوجوه و النّظائر،ط:جامعة تبريز.

الرّازيّ:محمّد(666)

مختار الصّحاح،ط:دار الكتاب،بيروت.

الرّاغب:حسين(502)

المفردات،ط:دار المعرفة،بيروت.

الرّاونديّ:سعيد(573)

فقه القرآن،ط:الخيّام،قم.

رشيد رضا :محمّد(1354)

المنار،ط:دار المعرفة،بيروت.

الزّبيديّ:محمّد(1205)

تاج العروس،ط:الخيريّة،مصر.

ص: 1001

الزّجّاج:ابراهيم(311)

1-معاني القرآن،ط:عالم الكتب،بيروت.

2-و فعلت و أفعلت،ط:التّوحيد،مصر.

3-إعراب القرآن،ط:دار الكتاب،بيروت.

الزّركشيّ:محمّد(794)

البرهان،ط:دار إحياء الكتب،القاهرة.

الزّركليّ:خير الدّين(معاصر)

الأعلام،ط:بيروت.

الزّمخشريّ:محمود(538)

1-الكشّاف،ط:دار المعرفة،بيروت.

2-الفائق،ط:دار المعرفة،بيروت.

3-أساس البلاغة،ط:دار صادر،بيروت.

السّجستانيّ:محمّد(330)

غريب القرآن،ط:الفنّيّة المتّحدة،مصر.

السّكّاكيّ:يوسف(626)

مفتاح العلوم،ط:دار الكتب،بيروت.

السّهيليّ:عبد الرّحمن(581)

روض الأنف،ط:الكلّيّات،القاهرة.

سيبويه:عمرو

الكتاب،ط:عالم الكتب،بيروت.

السّيوطيّ:عبد الرّحمن(911)

1-الإتقان،ط:رضي،طهران.

2-الدّرّ المنثور،ط:بيروت،3-تفسير الجلالين،ط:

مصطفى البالي،مصر(مع أنوار التّنزيل).

سيّد قطب(1387)

في ظلال القرآن،ط:دار الشّروق،بيروت.

شبّر:عبد اللّه(1342)

الجوهر الثّمين،ط:الألفين،الكويت.

الشّربينيّ:محمّد(977)

السّراج المنير،ط:دار المعرفة،بيروت.

الشّريف الرّضيّ:محمّد(406)

1-تلخيص البيان،ط:بصيرتي،قم.

2-حقائق التّأويل،ط:البعثة،طهران.

الشّريف العامليّ:محمّد(1138)

مرآة الأنوار،ط:آفتاب،طهران.

الشّريف المرتضى:عليّ(436)

الأمالي،ط:دار الكتب،بيروت.

شريعتي:محمّد تقي(1407)

تفسير نوين،ط:فرهنگ اسلامى،طهران.

شوقي ضيف(معاصر)

تفسير سورة الرّحمن،ط:دار المعارف بمصر.

الصّابونيّ:محمّد عليّ(معاصر)

روائع البيان،ط:الغزاليّ،دمشق.

الصّاحب:إسماعيل(385)

المحيط في اللّغة،ط:عالم الكتب،بيروت.

الصّغانيّ:حسن(650)

1-التّكملة،ط:دار الكتب،القاهرة.

2-الأضداد،ط:دار الكتب،بيروت.

صدر المتألّهين:محمّد(1059)

تفسير القرآن،ط:بيدار،قم.

الصّدوق:محمّد(381)

التّوحيد،ط:النّشر الإسلاميّ،قم.

الطّباطبائيّ:محمّد حسين(1402)

الميزان،ط:إسماعيليان،قم.

الطّبرسيّ:فضل(548)

مجمع البيان،ط:الإسلاميّة،طهران.

الطّبريّ:محمّد(310)

1-جامع البيان،ط:المصطفى البابي،مصر.

2-أخبار الأمم و الملوك،ط:الاستقامة،القاهرة.

الطّريحيّ:فخر الدّين(1085)

1-مجمع البحرين،ط:المرتضويّة،طهران.

2-غريب القرآن،ط:النّجف.

ص: 1002

طنطاوي:جوهريّ(1358)

الجواهر،ط:مصطفى البابيّ،مصر.

الطّوسيّ:محمّد(460)

التّبيان،ط:النّعمان،النّجف.

عبد الجبّار:أحمد(415)

1-تنزيه القرآن،ط:دار النّهضة،بيروت.

2-متشابه القرآن،ط:دار التّراث،القاهرة.

عبد الرّحمن الهمذانيّ(329)

الألفاظ الكتابيّة،ط:دار الكتب،بيروت.

عبد الرّزّاق نوفل(معاصر)

الإعجاز العدديّ،ط:دار الشّعب،القاهرة.

عبد الفتّاح طبّارة(معاصر)

مع الأنبياء،ط:دار العلم،بيروت.

عبد الكريم الخطيب(معاصر)

التّفسير القرآنيّ،ط:دار الفكر،بيروت.

عبد اللّطيف بغداديّ(629)

ذيل الفصيح،ط:التّوحيد،القاهرة.

العدنانيّ:محمّد(1360)

معجم الأغلاط،ط:مكتبة لبنان،بيروت.

العروسيّ:عبد عليّ(1112)

نور الثّقلين،ط:إسماعيليان،قم.

عزّة دروزة:محمّد(1400)

تفسير الحديث،ط:دار إحياء الكتب القاهرة.

العكبريّ:عبد اللّه(616)

التّبيان،ط:دار الجيل،بيروت.

علي اصغر حكمت(معاصر)

نه گفتار در تاريخ أديان،ط:ادبيّات،شيراز.

العيّاشيّ:محمّد(نحو 320)

التّفسير،ط:الإسلاميّة،طهران.

الفارسيّ:حسن(377)

الحجّة،ط:دار المأمون،بيروت.

الفاضل المقداد:عبد اللّه(826)

كنز العرفان،ط:المرتضويّة،طهران.

الفخر الرّازيّ:محمّد(606)

التّفسير الكبير،ط:عبد الرّحمن،القاهرة.

الفرّاء:يحيى(207)

معاني القرآن،ط:ناصر خسرو،طهران.

فريد وجدي:محمّد(1373)

المصحف المفسّر،ط:دار مطابع الشّعب،بيروت.

فضل اللّه:محمّد حسين(معاصر)

من وحي القرآن،ط:دار الملاك،بيروت.

الفيروزآباديّ:محمّد(817)

1-القاموس المحيط،ط:دار الجيل،بيروت.

2-بصائر ذوي التّمييز،ط:دار التّحرير،القاهرة.

الفيّوميّ:أحمد(770)

مصباح المنير،ط:المكتبة العلميّة،بيروت.

القاسميّ:جمال الدّين(1332)

محاسن التّأويل،ط:دار إحياء الكتب،القاهرة.

القاليّ:إسماعيل(356)

الأمالي،ط:دار الكتب،بيروت.

القرطبيّ:محمّد(671)

الجامع لأحكام القرآن،ط:دار إحياء التّراث،بيروت.

القشيريّ:عبد الكريم(465)

لطائف الإشارات،ط:دار الكتاب،القاهرة.

القمّيّ:عليّ(328)

تفسير القرآن،ط:دار الكتاب،قم.

القيسيّ:مكّيّ(437)

مشكل إعراب القرآن،ط:مجمع اللّغة،دمشق.

الكاشانيّ:محسن(1091)

الصّافيّ،ط:الأعلميّ،بيروت.

الكرمانيّ:محمود(505)

أسرار التّكرار،ط:المحمّديّة،القاهرة.

ص: 1003

الكلينيّ:محمّد(329)

الكافي:ط:دار الكتب الإسلاميّة،طهران.

الماورديّ:عليّ(450)

النّكت و العيون،ط:دار الكتب،بيروت.

المبرّد:محمّد(286)

الكامل،ط:مكتبة المعارف،بيروت.

المجلسيّ:محمّد باقر(1111)

بحار الأنوار،ط:دار إحياء التّراث،بيروت.

مجمع اللّغة:جماعة(معاصرون)

معجم الألفاظ،ط:آرمان،طهران.

محمّد إسماعيل إبراهيم(معاصر)

معجم الألفاظ و الأعلام،ط:دار الفكر،القاهرة.

المدنيّ:عليّ(1120)

أنوار الرّبيع،ط:النّعمان،نجف.

المراغيّ:محمّد مصطفى(1364)

1-تفسير سورة الحجرات،ط:الأزهر،مصر.

2-تفسير سورة الحديد،ط:الأزهر،مصر.

المراغيّ:أحمد مصطفى(1371)

تفسير القرآن،ط:دار إحياء التّراث،بيروت.

المصطفويّ:حسن(معاصر)

التّحقيق،ط:دار التّرجمة،طهران.

مقاتل:ابن سليمان(150)

الأشباه و النّظائر،ط:المكتبة العربيّة،مصر.

المقدسيّ:مطهّر(355)

البدء و التّاريخ،ط:مكتبة المثنّى،بغداد.

مكارم الشّيرازيّ:ناصر(معاصر)

الأمثل في تفسير كتاب اللّه المنزل،ط:مؤسسة البعثة،بيروت.

الميبديّ:أحمد(520)

كشف الأسرار،ط:أمير كبير،طهران.

الميلانيّ:محمّد هادي(1384)

تفسير سورتي الجمعة و التّغابن،ط:مشهد.

النّحّاس:أحمد(338)

معاني القرآن،ط:مكّة المكرّمة.

النّسفيّ:أحمد(710)

مدارك التّنزيل،ط:دار الكتاب،بيروت.

النّهاونديّ:محمّد(1370)

نفحات الرّحمن،ط:سنگى،علمى[طهران].

النّيسابوريّ:حسن(728)

غرائب القرآن،ط:مصطفى البابي،مصر.

هارون الأعور:ابن موسى(249)

الوجوه و النّظائر،ط:دار الحريّة،بغداد.

هاكس:الإمريكيّ(معاصر)

قاموس كتاب مقدّس،ط:مطبعة الإميريكيّ،بيروت.

الهرويّ:أحمد(401)

الغريبين،ط:دار إحياء التّراث.

هوتسما:مارتن تيودر(1362)

دائرة المعارف الإسلاميّة،ط:جهان،طهران.

اليزيديّ:يحيى(202)

غريب القرآن،ط:عالم الكتب،بيروت.

اليعقوبيّ:أحمد(292)

التّاريخ،ط:دار صادر،بيروت.

يوسف خيّاط(؟)

الملحق بلسان العرب،ط:أدب الحوزة،قم.

ص: 1004

فهرس الأعلام المنقول عنهم بالواسطة

أبان بن عثمان.(200)

إبراهيم التّميميّ.(؟)

ابن أبي إسحاق:عبد اللّه.(129)

ابن أبي عبلة:إبراهيم.(153)

ابن أبي نجيح:يسار.(131)

ابن إسحاق:محمّد.(151)

ابن الأعرابيّ:محمّد.(231)

ابن أنس:مالك.(179)

ابن برّيّ:عبد اللّه.(582)

ابن بزرج:عبد الرّحمن.(؟)

ابن تيميّة:أحمد.(728)

ابن جريج:عبد الملك.(150)

ابن جنّيّ:عثمان.(392)

ابن الحاجب:عثمان.(646)

ابن حبيب:محمّد.(245)

ابن حجر:أحمد بن عليّ.(852)

ابن حجر:أحمد بن محمّد.(974)

ابن حلزة:...(؟)

ابن خروف:عليّ.(609)

ابن ذكوان:عبد الرّحمن.(202)

ابن رجب:عبد الرّحمن.(795)

ابن الزّبير:عبد اللّه.(73)

ابن زيد:عبد الرّحمن.(182)

ابن سميقع:محمّد.(؟)

ابن سيرين:محمّد.(110)

ابن سينا:عليّ.(428)

ابن الشّخّير:مطرّف.(542)

ابن شريح:....(؟)

ابن شميّل:نضر.(203)

ابن الشّيخ:....(؟)

ابن عادل.(؟)

ابن عامر:عبد اللّه.(118)

ابن عبّاس:عبد اللّه.(68)

ابن عبد الملك:محمّد.(244)

ابن عصفور:عليّ(696)

ابن عطاء:واصل.(131)

ابن عقيل:عبد اللّه.(769)

ابن عمر:عبد اللّه.(73)

ص: 1005

ابن عيّاش:محمّد.(193)

ابن عيينة:سفيان.(198)

ابن فورك:محمّد.(406)

ابن كثير:عبد اللّه.(120)

ابن كعب القرظيّ:محمّد.(117)

ابن الكلبيّ:هشام.(204)

ابن كمال باشا:أحمد.(940)

ابن كمّونة:سعد.(683)

ابن ماجه:محمّد.(273)

ابن مالك:محمّد.(672)

ابن مجاهد:أحمد.(324)

ابن محيصن:محمّد.(123)

ابن مسعود:عبد اللّه.(32)

ابن المسيّب:سعيد.(94)

ابن ملك:عبد اللطيف.(801)

ابن المنير:عبد الواحد.(733)

ابن نحّاس:محمّد.(698)

ابن هانئ:....(؟)

ابن هرمز:عبد الرّحمن.(117)

ابن الهيثم:داود.(316)

ابن الورديّ:عمر.(749)

ابن وهب:عبد اللّه.(197)

ابن يسعون:يوسف.(542)

أبو بحريّة:عبد اللّه.(80)

أبو بكر الإخشيد:أحمد.(366)

أبو بكر الأصمّ:....(201)

أبو الجزال الأعرابي.(؟)

أبو جعفر القارئ:يزيد.(132)

أبو الحسن الصّائغ.(؟)

أبو حمزة الثّماليّ:ثابت.(150)

أبو حنيفة:نعمان.(150)

أبو حيوة:شريح.(203)

أبو داود:سليمان.(275)

أبو الدّرداء:عويمر.(32)

أبو دقيش:....(؟)

أبو ذرّ:جندب.(32)

أبو روق:عطيّة.(؟)

أبو زياد:عبد اللّه.(؟)

أبو سعيد الخدريّ:سعد.(74)

أبو سعيد البغداديّ:أحمد.(285)

أبو سعيد الخرّاز:أحمد.(285)

أبو سليمان الدمشقيّ:

عبد الرّحمن.(215)

أبو السّمال:قعنب.(؟)

أبو العالية:رفيع.(90)

أبو عبد الرّحمن:عبد اللّه.(74)

أبو عبد اللّه:محمّد.(؟)

أبو عثمان الحيريّ:سعيد.(289)

أبو العلاء المعرّيّ:أحمد.(449)

أبو عليّ الأهوازيّ:حسن.(446)

أبو عليّ مسكويه:أحمد.(421)

أبو عمران الجونيّ:عبد الملك.(؟)

أبو عمرو ابن العلاء:زبّان.(154)

أبو عمرو الجرميّ:صالح.(225)

أبو عمرو الشّيبانيّ:إسحاق.(206)

أبو قلابة:....(104)

أبو مالك:عمرو.(؟)

أبو المتوكّل:عليّ.(؟)

أبو مجلز:لاحق.(؟)

أبو محلّم:محمّد.(245)

ص: 1006

أبو مسلم الأصفهانيّ:محمّد.(322)

أبو منذر السّلاّم:....(؟)

أبو موسى الأشعريّ:عبد اللّه.(44)

أبو نصر الباهليّ:أحمد.(231)

أبو هريرة:عبد الرّحمن.(59)

أبو الهيثم:....(276)

أبو يزيد المدني:....(؟)

أبو يوسف:يعقوب.(182)

أبيّ بن كعب.(21)

الأحمر:عليّ.(194)

الأخفش الأكبر:عبد الحميد.(177)

إسحاق بن بشير.(206)

الأسديّ.(؟)

إسماعيل بن قاضي.(؟)

الأصمّ:محمّد.(346)

الأعشى:ميمون.(148)

الأعمش:سليمان.(148)

إلياس:....(؟)

أنس بن مالك.(93)

الأمويّ:سعيد.(200)

الأوزاعيّ:عبد الرّحمن.(157)

الأهوازيّ:حسن.(446)

الباقلاّنيّ:محمّد.(403)

البخاريّ:محمّد.(256)

براء بن عازب.(71)

البرجيّ:عليّ.(؟)

البقليّ.(؟)

البلخيّ:عبد اللّه.(319)

البلّوطيّ:منذر.(355)

بوست:جورج إدورد.(1327)

التّرمذيّ:محمّد.(279)

ثابت البنانيّ.(127)

الثّعلبيّ:أحمد.(427)

الثّوريّ:سفيان.(161)

جابر بن زيد.(93)

الجبّائيّ:محمّد.(303)

الجحدريّ:كامل.(231)

الجنيد البغداديّ:ابن محمّد.(297)

الحارث بن ظالم.(22 ق)

الحدّاديّ:....(؟)

الحرّانيّ:محمّد.(560)

الحسن:ابن يسار.(110)

حسن بن حيّ.(؟)

حسين بن فضل.(548)

حفص:بن عمر.(246)

حمّاد بن سلمة.(167)

حمزة القارئ.(156)

حميد:ابن قيس.(؟)

الحوفيّ:عليّ.(430)

خصيف:....(؟)

الخطيب التّبريزيّ:يحيى.(502)

الخفاجيّ:عبد اللّه.(466)

خلف القارئ.(299)

الخويّيّ:محمّد.(693)

الخياليّ:أحمد.(862)

الدّقّاق.(؟)

الدّمامينيّ:محمّد.(827)

الدّوانيّ.(918)

الدّينوري:أحمد.(282)

الرّبيع:ابن أنس.(139)

ص: 1007

ربيعة بن سعيد(؟)

الرّضيّ الاسترآباديّ.(686)

الرّمّانيّ:عليّ.(384)

رويس:محمّد.(238)

الزّناتيّ.(؟)

الزّبير:بن بكّار.(256)

الزّجّاجيّ:عبد الرّحمن.(337)

الزّهراويّ:(427)

الزّهريّ:محمّد.(128)

زيد بن أسلم.(136)

زيد بن ثابت.(45)

زيد بن عليّ.(122)

السّدّيّ:إسماعيل.(128)

سعد بن أبي وقّاص.(55)

سعد المفتيّ.(؟)

سعيد بن جبير.(95)

سعيد بن عبد العزيز.(167)

السّلميّ القارئ:عبد اللّه.(74)

السّلميّ:محمّد.(412)

سليمان بن جمّاز المدنيّ.(170)

سليمان بن موسى.(119)

سليمان التّيميّ.(؟)

السّمين:أحمد.(756)

السّيرافيّ:حسن.(368)

الشّاطيّ(؟)

الشّافعيّ:محمّد.(204)

الشّبليّ:دلف.(334)

الشّعبيّ:عامر.(103)

شعيب الجبئيّ.(؟)

الشّلوبينيّ:عمر.(645)

شمر:ابن حمدويه.(255)

الشّمنّيّ:أحمد(872)

الشّهاب:أحمد.(1069)

شهر بن حوشب.(100)

شيبان:ابن عبد الرّحمن.(؟)

شيبة الضّبّيّ.(؟)

الشّيذلة:عزيزيّ.(494)

الشّيشينيّ(؟)

صالح المريّ.(؟)

الصّيقليّ:محمّد.(565)

الضّبّيّ:يونس.(182)

الضّحّاك:ابن مزاحم.(105)

طاوس:ابن كيسان.(106)

الطّبقجليّ:أحمد.(1213)

طلحة بن مصرّف.(112)

الطّيّبيّ:حسين.(743)

عائشة:بنت أبي بكر.(58)

عاصم الجحدريّ.(128)

عاصم القارئ.(127)

عامر بن عبد اللّه.(55)

عبّاس بن الفضل.(186)

عبد الرّحمن بن أبي بكرة.(96)

عبد العزيز:...(612)

عبد اللّه بن أبي ليلى.(؟)

عبد اللّه بن الحارث.(86)

عبد اللّه الهبطيّ.(؟)

عبيد بن عمير.(؟)

العتكيّ:عبّاد.(181)

العدويّ:....(؟)

عصام الدّين:عثمان.(1193)

ص: 1008

عصمة:ابن عروة.(؟)

العطاء:ابن أسلم.(114)

عطاء بن سائب.(136)

عطاء الخراسانيّ:ابن عبد اللّه.(135)

عكرمة:ابن عبد اللّه.(105)

علاء بن سيّابة.(؟)

عليّ بن أبي طلحة.(143)

عمارة بن عائد.(؟)

عمر بن ذرّ.(153)

عمرو بن عبيد(144)

عمرو بن ميمون.(؟)

عيسى بن عمر.(149)

العوفيّ:عطيّة.(111)

العينيّ:محمود.(855)

الغزاليّ:محمّد.(505)

الغزنويّ:...(582)

الفارابيّ:محمّد.(339)

الفاسيّ(؟)

قتادة:ابن دعامة.(118)

القزوينيّ:محمّد.(739)

قطرب:محمّد.(206)

القفّال:محمّد.(328)

كراع النّمل:عليّ.(309)

الكسائيّ:عليّ.(189)

كعب الأحبار:ابن ماتع.(32)

الكفعميّ:إبراهيم(905)

الكلبيّ:محمّد.(146)

كلنبويّ.(؟)

الكيا الطّبريّ(؟)

اللّحيانيّ:عليّ.(220)

اللّيث:ابن مظفّر.(185)

الماتريديّ:محمّد.(333)

المازنيّ:بكر.(249)

مالك:ابن أنس.(179)

مالك بن دينار.(131)

المالكيّ(؟)

الملويّ.(؟)

مجاهد:ابن جبر.(104)

المحاسبيّ:حارث.(243)

محبوب:...(؟)

محمّد أبي موسى.(؟)

محمّد بن حبيب.(245)

محمّد بن الحسن.(189)

محمد بن شريح الأصفهانيّ.(؟)

محمّد عبده:ابن حسن خير اللّه.(1323)

محمّد الشّيشنيّ.(؟)

مروان بن حكم.(65)

المسهر:ابن عبد الملك.(؟)

مصلح الدّين اللاّري:محمّد.(979)

مطرّف بن الشّخّير.(87)

معاذ بن جبل.(18)

معتمر بن سليمان.(187)

المغربيّ:حسين.(418)

المفضّل الضّبّيّ:ابن محمّد.(182)

مكحول:ابن شهراب.(112)

المنذريّ:محمّد.(329)

المهدويّ:أحمد.(440)

مؤرّج السّدوسيّ:ابن عمر.(195)

موسى بن عمران.(604)

النّخعيّ:إبراهيم.(96)

ص: 1009

نصر بن عليّ.(؟)

نفطويه:إبراهيم.(323)

النقّاش:محمّد.(351)

النّووي:يحيى.(676)

هارون:ابن حاتم.(728)

همّام بن حارث.(؟)

الواحديّ:عليّ.(468)

ورش:عثمان.(197)

وهب بن جرير.(207)

وهب بن منبّه.(114)

يحيى بن سعيد.(؟)

يحيى بن سلاّم.(200)

يحيى بن وثّاب.(103)

يحيى بن يعمر.(129)

يزيد بن أبي حبيب.(128)

يزيد بن رومان.(130)

يزيد بن قعقاع.(132)

يعقوب:ابن إسحاق.(202)

اليمانيّ:عمر.(؟)

ص: 1010

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.