ینابیع الموده لذوی القربی المجلد 3

اشارة

سرشناسه:قندوزی، سلیمان بن ابراهیم، ق 1294 - 1220

عنوان و نام پديدآور:ینابیع الموده لذوی القربی/ سلیمان بن ابراهیم القندوزی الحنفی؛ تحقیق علی جمال اشرف الحسینی

مشخصات نشر:[قم]: منظمه الاوقاف و الشئون الخیریه؛ دار الاسوه للطباعه و النشر، 1416ق. = - 1375.

شابک:45000ریال(دوره) ؛ 45000ریال(دوره)

وضعیت فهرست نویسی:فهرستنویسی قبلی

يادداشت:عربی

يادداشت:ج. 1416 :2ق = 1374

يادداشت:ج. 1416 :3ق = 1374

یادداشت:کتابنامه

موضوع:خاندان نبوت -- فضایل

علی بن ابی طالب(ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- مدایح و مناقب

علی بن ابی طالب(ع)، امام اول 23 قبل از هجرت - 40ق. -- فضایل

شناسه افزوده:حسین، علی جمال، محقق

شناسه افزوده:سازمان اوقاف و امور خیریه. انتشارات اسوه

رده بندی کنگره:BP36/ق 85ی 9

رده بندی دیویی:297/95

شماره کتابشناسی ملی:م 78-2645

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

الجزء الثالث

ينابيع المودة لذوي القربى

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ص: 5

ص: 6

الباب الستون

في الأحاديث الواردة في شهادة الحسين

صلوات اللّه و رحمته و بركاته و سلامه عليه

و على أهل بيته و من معه دائما سرمدا

14,3,15- ([1])في المشكاة:عن أمّ الفضل بنت الحارث امرأة العباس(رضي اللّه عنهما) إنّها

دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقالت:يا رسول اللّه،إنّي رأيت حلما منكرا الليلة.

قال:ما هو؟

[قالت:انه شرير.

قال:و ما هو؟].

قالت:رأيت كأنّ قطعة من جسدك المبارك (1)قطعت و وضعت في حجري.

فقال عليه السّلام:رأيت خيرا،تلد فاطمة-إن شاء اللّه تعالى-غلاما يكون في حجرك.

قالت:فولدت فاطمة الحسين،فكان في حجري،فأرضعته بلبن قثم (2)،

فدخلت يوما على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فوضعته في حجره،ثم حانت (3)منّي التفاتة فاذا عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تهريقان الدموع.

ص: 7


1- لا يوجد في المصدر:«المبارك».
2- في المصدر:«كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم»بدل:«فأرضعته بلبن قثم».
3- في المصدر:«كانت»بدل«حانت».

[قالت]فقلت:يا رسول اللّه بأبي و أمّي مالك؟

قال:أتاني جبرائيل[عليه السّلام]فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل ابني هذا.

فقلت:هذا؟

قال:نعم.و أتاني بتربة[من تربته]حمراء (رواه البيهقي) (1).

14,3- (2)و في جمع الفوائد:عائشة رفعته:

إنّ جبرائيل أخبرني أنّ ابني حسينا مقتول في أرض الطف،و إنّ أمّتي ستفتن بعدي (للكبير) .

14,3- (3)و في الاصابة:أنس بن الحارث (4)بن نبيه:قال البخاري في تاريخه،و البغوي، و ابن السكين،و غيرهما:عن أشعث بن سحيم،عن أبيه،عن أنس بن الحارث (5)،قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ ابني هذا-يعني الحسين-يقتل بأرض يقال لها«كربلاء»فمن شهد ذلك منكم فلينصره.

فخرج أنس بن الحارث (6)الى كربلا فقتل بها مع الحسين(رضي اللّه عنه و عمن معه) (7).».

ص: 8


1- لا يوجد في المصدر:«رواه البيهقي».
2- جمع الفوائد 218/2(مناقب الحسن و الحسين عليهما السّلام).مجمع الزوائد 187/9.
3- الاصابة 68/1.
4- في المصدر:«الحرث».
5- في المصدر:«الحرث».
6- في المصدر:«الحرث».
7- لا يوجد في المصدر:«رضي اللّه عنه و عمن معه».

3- (1)و في جمع الفوائد:ابن عباس قال (2):

استأذنني الحسين في الخروج فقلت:لو لا أن يزري بي أو بك لشبكت بيدي على (3)رأسك.

فقال:لئن أقتل بمكان كذا و كذا أحبّ إلي من أن يستحل بي حرم اللّه و رسوله.

فذلك الذي سلى بنفسي عنه.

1,2,3- (4)و في الاصابة: امرؤ القيس بن عدي بن عوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي،كان أميرا على قضاعة الشام.

قال له علي بن أبي طالب:هذان ابناي و قد رغبنا في صهرك فأنكحنا بناتك.

فقال:قد أنكحتك يا علي الحياة ابنتي.

و أنكحتك يا حسن سلمى ابنتي و أنكحتك يا حسين الرباب ابنتي،و هي أمّ سكينة و فيها يقول الحسين شعرا:

لعمرك إنّني لأحبّ دارا *** تحلّ بها سكينة و الرباب

و هي التي أقامت على الروضة المكرمة للحسين في كربلا حولا ثم أنشدت هذا البيت:

الى الحول ثم اسم السّلام عليكما *** و من يبك حولا كاملا فقد عذر

.

14,3- (5)و في كتاب مودة القربى:عن الحسين عليه السّلام قال:

قال لي جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا بنيّ إنّك لكبدي،طوبى لمن أحبّك و أحب ذريتك،2.

ص: 9


1- جمع الفوائد 218/2.
2- لا يوجد في المصدر:«قال».
3- في المصدر:«في».
4- الاصابة 113/1 ترجمة 487.
5- مودة القربى:34 المودة 12.

فالويل لقاتلك يوم الجزاء.

14,2,3- (1)و في البخاري:عن ابن أبي نعم البجلي قال (2):

سمعت[عبد اللّه]بن عمر[و]سأله عن المحرم-قال شعبة أحسبه-يقتل الذباب.

فقال:أهل العراق يسألون عن الذباب و قد قتلوا ابن ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:هما ريحانتاي من الدنيا.

3- (3)و في جمع الفوائد:أنس قال:

كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسين رضي اللّه عنه فجعل يضرب بقضيب في أنفه و يقول:ما رأيت مثل هذا حسنا.

فقلت:أما إنّه كان أشبههم برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (للبخاري و الترمذي بلفظه) .

و لنورد ما في«الصواعق المحرقة»للشيخ ابن حجر الهيثمي الشافعي المكي عمدة علماء الشافعية و سندهم:

14,3- (4)أخرج ابن سعد و الطبراني:عن أم المؤمنين (5)عائشة(رضي اللّه عنها)رفعته:

أخبرني جبرائيل أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف،و جاءني بهذه التربة و أخبرني (6)أنّ فيها مضجعه.».

ص: 10


1- صحيح البخاري 217/4.سنن الترمذي 322/5 حديث 3859.
2- لا يوجد في المصدر:«البجلي قال».
3- جمع الفوائد 217/2.صحيح البخاري 216/4.سنن الترمذي 325/5 حديث 3867.
4- الصواعق المحرقة:192 حديث 28.
5- لا يوجد في المصدر:«أم المؤمنين».
6- في المصدر:«فأخبرني».

14,3- (1)أخرج أبو داود و الحاكم:عن أمّ الفضل زوجة العباس-كانت مرضعة الحسين بلبن قثم- (2)رفعته:

أتاني جبرائيل و أخبرني (3)أنّ أمّتي ستقتل ابني هذا[يعني الحسين]و أتاني من تربة حمراء.

14,3- (4)أخرج أحمد مرفوعا:

دخل عليّ ملك لم يدخل عليّ قبل فقال لي:إنّ ابنك حسينا مقتول،و إن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها،فأخرج تربة حمراء.

14,3- (5)و أخرج البغوي في معجمه،و أبو حاتم في صحيحه،و أحمد و ابن أحمد،و عبد ابن حميد و ابنه أحمد:عن أنس:

إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: استأذن ملك[القطر]ربّه أن يزورني فأذن له،و كان يوم أم سلمة،فقال:[رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم]يا أمّ سلمة احفظي[علينا]الباب لا يدخل أحد،فبينا هي على الباب إذ دخل الحسين[فاقتحم]فوثب على حجر جدّه (6)صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ف[جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم]يلثمه و يقبّله.

فقال[له]الملك:[أ تحبه؟

قال:نعم.

قال:]إنّ أمّتك ستقتله و إن شئت أريك المكان الذي يقتل به.».

ص: 11


1- الصواعق المحرقة:192 حديث 29.
2- لا يوجد في المصدر:«زوجة العباس-كانت مرضعة الحسين بلبن قثم-»و بدله«أمّ الفضل بنت الحرث».
3- في المصدر:«فاخبرني».
4- الصواعق المحرقة:192.المناقب لأحمد 770/2 حديث 1357.
5- الصواعق المحرقة:192.
6- في المصدر:«على رسول اللّه».

فأراه فجاءه بسهلة و تراب أحمر،فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها.

قال ثابت:كنّا نقول:إنّها كربلا.

و زاد أبو حاتم: إنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شمّها و قال:ريح كربلا (1).

و السهلة:رمل خشن.

14,3- (2)و في رواية الملاّ و ابن أحمد:

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا أمّ سلمة،فمتى صار دما فاعلمي أنّه قد قتل.

قالت أمّ سلمة:فوضعته في قارورة فرأيته يوم قتل الحسين قد صار دما.

و قالت:لمّا كانت ليلة قتله سمعت قائلا يقول:

أيّها القاتلون جهلا حسينا *** فابشروا بالعذاب و التذليل

قد لعنتم على لسان ابن داود *** و موسى و حامل الانجيل

فبكيت و فتحت القارورة فاذا صار دما.

14,1,3- (3)أخرج ابن سعد:عن الشعبي قال:

مرّ علي(كرّم اللّه وجهه)بكربلاء عند مسيره الى صفين...فبكى حتى بلّ الأرض من دموعه.

فقال (4):دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يبكي فقلت:يا رسول اللّه بأبي و أمّي (5)ما يبكيك؟

قال:كان عندي جبرائيل آنفا و أخبرني أنّ ولدي الحسين يقتل بشاطئ».

ص: 12


1- في المصدر:«كرب و بلاء».
2- الصواعق المحرقة:192-193(باختصار).
3- الصواعق المحرقة:193.
4- في المصدر:«ثم قال».
5- لا يوجد في المصدر:«يا رسول اللّه بأبي و أمي».

الفرات بموضع يقال له«كربلا»ثم قبض جبرائيل قبضة من ترابه (1)و شمّمني إياها (2)،فلم أملك عيني أن فاضتا.

أيضا رواه أحمد نحوه.

1,3- (3)و روى الملاّ:

إنّ عليا(كرّم اللّه وجهه) (4)مرّ بكربلاء فقال:هذا (5)مناخ ركابهم،و هاهنا موضع رحالهم،و هاهنا مهراق دمائهم،فتية من آل محمد،يقتلون بهذه العرصة،تبكي عليهم السماء و الأرض.

17- (6)و أخرج الترمذي:عن سلمى-امرأة من الأنصار-قالت:

دخلت على أمّ سلمة و هي تبكي،فقلت:ما يبكيك؟قالت:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام و على رأسه و لحيته التراب،فقلت:مالك يا رسول اللّه؟ قال:شهدت قتل الحسين آنفا (7).

و كذلك رآه ابن عباس في المنام،نصف النهار،أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم يلتقطه،فسأله فقال:دم الحسين و أصحابه،فلم يزل يتردد الخبر فوجد أنّ الحسين قد قتل (8)في ذلك اليوم...يوم الجمعة عاشر المحرم سنة إحدى».

ص: 13


1- في المصدر:«تراب».
2- في المصدر:«إياه».
3- الصواعق المحرقة:193.
4- لا يوجد في المصدر:«كرّم اللّه وجهه».
5- في المصدر:«هاهنا ».
6- الصواعق المحرقة:193.
7- لفظ المصدر هكذا: 14- «و أخرج الترمذي: ان أم سلمة رأت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم باكيا و برأسه و لحيته التراب فسألته فقال:قتل الحسين آنفا».
8- في المصدر:«لم أزل أتتبعه منذ اليوم فنظروا فوجدوه قد قتل».

و ستين،و له ست و خمسون سنة و أشهر.

17- (1)قالت أمّ سلمة: ما سمعت نوحة الجن منذ قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ ليلة التي قتل قبلها الحسين (2).

أيّها القاتلون جهلا حسينا *** فابشروا بالعذاب و التذليل

قد لعنتم على لسان ابن داود *** و موسى (3)و حامل الانجيل

و سمعت صوت جن أخرى يقول:

مسح النبي جبينه *** فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قريش *** و جدّه خير الجدود

و ناحت أخرى:

أتقى حسين هبلا *** كان حسين جبلا

و ناحت جن أخرى:

ألا يا عين فاحتفلي بجاهد *** فمن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا *** الى متجبّر في الملك و غد

الوغد:رجل ليس له نسب صحيح (4).

و لمّا[قتلوه]بعثوا برأسه الشريف (5)الى يزيد الظالم (6)فنزلوا أوّل مرحلة».

ص: 14


1- الصواعق المحرقة:193.
2- في المصدر:«فلمّا كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلا يقول:».
3- في(أ):«و عيسى».
4- لا يوجد في المصدر:«و سمعت صوت جن أخرى يقول»الى«الوغد:رجل ليس له نسب صحيح».
5- لا يوجد في المصدر:«الشريف».
6- لا يوجد في المصدر:«الظالم».

فجعلوا يشربون النبيذ (1)،فبينا هم[كذلك]إذ خرجت[عليهم]يد من الحائط (2)معها قلم من حديد فكتبت سطرا بدم:

أ ترجو أمّة قتلت حسينا *** شفاعة جدّه يوم الحساب

فهربوا و تركوا الرأس الشريف (3). (أخرجه منصور بن عمار) (4).

و ذكر غيره أيضا:أنّ هذا البيت وجد بحجر مكتوب فيه هذا البيت (5)قبل مبعثه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بثلاثمائة سنة،و إنّ هذا البيت مكتوب في كنيسة بأرض (6)الروم لا يدرى من كتبه (7).

17- (8)و ذكر أبو نعيم الحافظ في كتابه«دلائل النبوة»:عن نصرة الأزدية:أنّها قالت:

لمّا قتل الحسين أمطرت السماء دما،فأصبحنا فاذا رحائنا (9)و جرارنا مملوءة دما.

17- (10)و في أحاديث غيرها (11)[و ممّا ظهر يوم قتله من الآيات أيضا]:

إنّ السماء اسودّت[اسودادا عظيما]حتى رؤيت النجوم نهارا،و لم يرفع حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط.».

ص: 15


1- في المصدر:«بالرأس»بدل«النبيذ».
2- في المصدر:«خرجت عليهم من الحائط يد...».
3- لا يوجد في المصدر:«الشريف».
4- الصواعق المحرقة:194.
5- لا يوجد في المصدر:«مكتوب فيه هذا البيت».
6- في المصدر:«من أرض».
7- المصدر السابق.
8- المصدر السابق.
9- في المصدر:«و جنابنا»بدل«فاذا رحائنا».
10- المصدر السابق.
11- في المصدر:«غير هذه».

17- (1)أخرج أبو الشيخ: إنّ الورس الذي كان في عسكرهم تحوّل رمادا و كان في قافلة من اليمن تريد العراق فوافقهم (2).

و لنورد ما في جمع الفوائد:

4,3- (3)الليث بن سعد: لمّا قتل الحسين و أصحابه انطلقوا بعلي بن الحسين في غلّ، و فاطمة و سكينة بنتا الحسين الى ابن زياد،فبعث بهم الى يزيد،فأمر بسكينة أن يجعلها خلف الظهر لئلاّ ترى رأس أبيها!حتى جاءوا عند يزيد فقال يزيد:

نفلق هاما من رجال أعزّة علينا *** و هم كانوا أعقّ و أظلما

ثم أرسلهم الى المدينة.

17- (4)الشعبي: رأيت[في النوم كأنّ]رجالا من السماء نزلوا (5)معهم حراب يتبعون (6)».

ص: 16


1- الصواعق المحرقة:194.
2- في المصدر:«فوافتهم حين قتله».
3- جمع الفوائد:218/2 و لفظه في المصدر هكذا: 4- الليث بن سعد: قال أبى الحسين ان يستأسر فقاتلوه فقتلوه و قتلوا ابنيه و أصحابه الذين قاتلوا معه و انطلق بعلي بن الحسين و فاطمة و سكينة بنتي حسين الى ابن زياد فبعث بهم الى يزيد فأمر بسكينة فجعلها خلف سريره لئلا ترى رأس أبيها و علي بن حسين في غلّ و هو غلام فوضع رأس الحسين و قال يزيد:تعلق هاما(البيت)و قال علي بن الحسين:«ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها أن ذلك على اللّه يسير»،فقال يزيد:بل بما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ فقال علي:أما و اللّه لو رآنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مغلولين لأحبّ أن يقرّبنا قال:صدقت فقربوهم فجعلت فاطمة و سكينة تتطاولان لتريا رأس أبيهما و جعل يزيد يتطاول في مجلسه ليستر الرأس!!ثم أمر بهم فجهزوا و أصالح إليهم و اخرجوا الى المدينة. و متى كان يزيد الفاسق الفاجر يفكّر ببنات الرسالة و يهمه أمرهن و يخشى عليهن الأذى...أين يزيد من العواطف الانسانية و النبل؟!!.
4- المصدر السابق.
5- في المصدر:«نزلوا من السماء».
6- في المصدر:«يتتبعون».

قتلة الحسين،فما لبثت أن نزل المختار فقتلهم.

17- (1)الزهري[قال]: ما رفع بالشام حجر[يوم قتل الحسين]إلاّ وجد تحته (2)دم.

و[في رواية]: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط.

17- (3)أبو قبيل: لمّا قتل الحسين انكسفت الشمس حتى بدت الكواكب...

3- (4)الليث بن سعد: [انه]قتل مع الحسين العباس[بن علي بن أبي طالب و أمّه أم البنين عامرة]و جعفر و عبد اللّه و عثمان و أبو بكر،هم (5)بنو علي بن أبي طالب،[و أم أبي بكر ليلى بنت مسعود نهشلية]و علي الأكبر بن الحسين (6)،و أمّه ليلى الثقفية (7)، و عبد اللّه بن الحسين،و أمّه الرباب من بني كلب (8)،و هو رضيع (9)،و أبو بكر بن الحسن و عون و محمد ابنا عبد اللّه بن جعفر[بن أبي طالب]،و مسلم و جعفر (10)ابنا عقيل[بن أبي طالب]،و سليمان مولى الحسين[و عبد اللّه رضيع الحسين].

3- (11)محمد بن الحنفية قال (12): قتل مع الحسين سبعة عشر كلّهم اتصل (13)في رحم».

ص: 17


1- جمع الفوائد 218/2.
2- في المصدر:«الا عن دم».
3- المصدر السابق.
4- المصدر السابق.
5- لا يوجد في المصدر:«هم».
6- في المصدر:«و علي بن الحسين الاكبر».
7- في المصدر:«ثقفية».
8- في المصدر:«كلبية».
9- لا يوجد في المصدر:«و هو رضيع».
10- في المصدر:«و جعفر و مسلم».
11- المصدر السابق.
12- لا يوجد في المصدر:«قال».
13- في المصدر:«ارتكض».

فاطمة(رضي اللّه عنها و عنهم).

3- (1)أبو قبيل: لمّا[قتل الحسين احتزوا رأسه و]قعدوا في أوّل مرحلة يشربون النبيذ فخرج قلم من حديد من حائط فكتب بدم:

أ ترجو أمّة قتلت حسينا *** شفاعة جدّه يوم الحساب

فهربوا فتركوا (2)الرأس الشريف المبارك (3)،ثم رجعوا (هؤلاء الاحاديث اخرجها الطبراني في الكبير) (4).

17- (5)عمارة بن عمير قال:

لمّا جيء برأس[عبيد اللّه]بن زياد و أصحابه نضدت في المسجد في الرحبة فانتهيت الى الناس (6)و هم يقولون:قد جاءت قد جاءت،فاذا حيّة[قد] جاءت تخلل الرءوس حتى دخلت في منخر[عبيد اللّه]بن زياد،فمكثت [هنيئة]ثم خرجت فذهبت[حتى تغيبت]ثم[قالوا:قد]جاءت،[قد جاءت]ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا (للترمذي) .

14- (7)أبو طالوت: إنّ أبا برزة الأسلمي دخل على عبيد اللّه بن زياد،فلمّا رآه قال:

إنّ محمديكم هذا لدحداح.

ففهمها الشيخ،فقال:ما كنت أحسب أن أبقى في قوم يعيّروني بصحبة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.6.

ص: 18


1- جمع الفوائد 218/2.
2- في المصدر:«و تركوا».
3- لا يوجد في المصدر:«الشريف المبارك».
4- لا يوجد في المصدر:«هؤلاء الأحاديث أخرجها الطبراني في الكبير».
5- جمع الفوائد 217/2.
6- في المصدر:«إليهم».
7- سنن أبي داود 423/4 حديث 3749 باب 26.

فقال له ابن زياد:إنّ صحبة محمد لكم زين غير شين،إنّما بعثت إليك لاسألك عن الحوض،هل سمعت محمدا يذكر فيه شيئا؟

قال:أبو برزة:نعم سمعناه لا مرة و لا خمسا،فمن كذّب به فلا سقاه اللّه منه.ثم خرج مغضبا (لأبي داود)(انتهى جمع الفوائد) .

ثم نذكر ما في الصواعق:

17- (1)و حكى سفيان بن عيينة:عن حربة (2): إنّ رجلا (3)[ممّن]انقلب ورسه رمادا أخبر بانقلاب ورسه بالرماد،و أخبر أنّهم (4)نحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها مثل الغيران،فطبخوها فصارت مثل العلقم و أخبر (5)أنّ السماء احمرّت[لقتله]و انكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النهار،[و ظن الناس أن القيامة قد قامت]،و لم يرفع حجر[في الشام]إلاّ رؤي تحته دم عبيط.

17- (6)أخرج عثمان بن أبي شيبة:

إنّ السماء بكت (7)سبعة أيام فصارت حمراء (8)،و ترى على الحيطان كأنّها معصفرة من شدّة حمرة السماء (9).».

ص: 19


1- الصواعق المحرقة:194.
2- في المصدر:«جدته».
3- في المصدر:«جمّالا».
4- في المصدر:«...أخبرها بذلك و نحروا ناقة...».
5- لا يوجد في المصدر:«أخبر».
6- المصدر السابق.
7- في المصدر:«مكثت بعد قتله».
8- لا يوجد في المصدر:«فصارت حمراء».
9- في المصدر:«حمرتها».

17- (1)و روى (2)ابن الجوزي:عن ابن سيرين: إنّ الدنيا اظلمت ثلاثة أيام و (3)ظهرت الحمرة في السماء.

17- (4)و قال أبو سعيد الخدري: ما رفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم عبيط،و لقد أمطرت (5)السماء دما بقي أثره في الثياب حتى تقطعت.

17- (6)أخرج الثعلبي و أبو نعيم: أنه امطرت السماء دما (7).

زاد أبو نعيم: فأصبحنا رحائنا (8)و جرارنا مملوءة دما.

17- (9)و في رواية: إنّ السماء أمطرت الدم على البيوت و الجدران (10)بخراسان و الشام و العراق (11)،و[إنّه]لما جيء برأس الحسين رضي اللّه عنه الى دار ابن زياد صار لون حيطانها دما.

17- (12)أخرج الثعلبي: إنّ السماء بكت و بكاؤها حمرتها.

17- و قال غيره: احمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتل الحسين رضي اللّه عنه (13)ثم لا».

ص: 20


1- الصواعق المحرقة:194.
2- في المصدر:«و نقل».
3- في المصدر:«ثم».
4- المصدر السابق.
5- في المصدر:«مطرت».
6- المصدر السابق.
7- في المصدر:«ما مرّ من أنهم مطروا دما».
8- في المصدر:«وجبابنا».
9- المصدر السابق.
10- في المصدر:«و الجدر».
11- في المصدر:«و الكوفة».
12- الصواعق المحرقة:194-195.
13- في المصدر:«بعد قتله».

زالت الحمرة ترى بعد ذلك.

17- و إنّ ابن سرين قال: إنّ الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى (1)قتل الحسين رضي اللّه عنه (2).

17- و ذكر ابن سعد: إنّ[هذه]الحمرة لم تر في السماء قبل قتله رضي اللّه عنه (3).

17- قال ابن الجوزي:و حكمته: إنّ غضبنا يؤثر حمرة الوجه،و الحقّ منزه (4)عن الجسمية،فأظهر تأثير غضبه على قتلة الحسين بحمرة الأفق،اظهارا لعظم الجناية.

14- قال: و أنين عباس رضي اللّه عنه ببدر و هو أسير (5)منع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن (6)النوم،فكيف بأنين الحسين رضي اللّه عنه (7).

و لمّا أسلم وحشي و هو (8)قاتل حمزة قال له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مغضبا (9):غيّب وجهك عنّي فانّي لا أحبّ أن أرى من قتل الأحبّة...،فكيف لا يغضب على من قتل الحسين (10)رضي اللّه عنه و أمر بقتله و حمل أهله على أقتاب الجمال.

17- (11)البيهقي:عن الزهري (12): إنّه قدم الشام[يريد الغزو]فدخل على عبد الملك .

ص: 21


1- في المصدر:«قبل».
2- لا يوجد في المصدر:«رضي اللّه عنه».
3- لا يوجد في المصدر:«رضي اللّه عنه».
4- في المصدر:«تنزه».
5- في المصدر:«و هو مأسور ببدر».
6- لا يوجد في المصدر:«عن».
7- لا يوجد في المصدر:«رضي اللّه عنه».
8- لا يوجد في المصدر:«و هو».
9- لا يوجد في المصدر:«مغضبا».
10- 17- في المصدر: «فكيف بقلبه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يرى من ذبح الحسين».
11- الصواعق المحرقة:195.
12- 17- في المصدر: «و ما مرّ من انه لم يرفع حجر في الشام أو الدنيا إلاّ رؤي تحته دم عبيط وقع يوم قتل علي أيضا كما أشار إليه البيهقي بأنه حكى عن الزهري» .

فأخبره أن (1)يوم قتل علي(كرّم اللّه وجهه) (2)لم يرفع حجر من بيت المقدس إلاّ وجد تحته دم.قال عبد الملك (3):لم يبق من يعرف هذا غيري و غيرك فلا تخبره أحدا (4).فأخبر بعد موته (5).

و حكى عن الزهري (6)أن غير عبد الملك أخبره بذلك أيضا.

قال البيهقي:و الذي صحّ عنه: أنّ ذلك حين قتل الحسين،و لعلّه وجد عند قتلهما جميعا.

17- (7)و أخرج أبو الشيخ: انّ جمعا تذاكروا انّه ما من أحد أعان على قتل الحسين إلاّ أصاب (8)بلاء قبل أن يموت.

فقال شيخ:أنا أعنت و ما أصابني شيء.

فقام ليصالح السراج،فأخذته النار،فجعل ينادي:النار النار،و انغمس في الفرات،و مع ذلك لم يزل به ذلك (9)حتى مات.

17- (10)و أخرج منصور بن عمران: إنّ بعضهم ابتلي بالعطش فكان (11)يشرب».

ص: 22


1- في المصدر:«انه».
2- لا يوجد في المصدر:«كرّم اللّه وجهه».
3- في المصدر:«ثم قال له»بدل«قال عبد الملك».
4- في المصدر:«فلا تخبر به»بدل«فلا تخبره أحدا».
5- في المصدر:«قال:فما أخبرت به إلاّ بعد موته».
6- في المصدر:«و حكى عنه».
7- الصواعق المحرقة:195.
8- في المصدر:«أصابه».
9- لا يوجد في المصدر:«ذلك».
10- المصدر السابق.
11- في المصدر:«و كان».

راوية و لا يروى.

17- (1)و نقل سبط[ابن]الجوزي:عن السدي انه أضافه رجل بكربلاء فتذاكروا أنّه ما شرك (2)أحد في دم الحسين إلاّ مات بأقبح الموت (3)فكذّبه (4)المضيف [بذلك]،و قال:انه ممن حضر،فقام آخر الليل ليصالح (5)السراج،فوثبت النار في جسده فأحرقته.

قال السدي:و أنا و اللّه رأيته كأنّه حممة.

17- (6)و عن الزهري: لم يبق ممّن قتله إلاّ من عوقب في الدنيا إمّا بقتل أو عمى أو اسوداد (7)الوجه أو زوال الملك في مدّة يسيرة.

17- (8)و حكى سبط ابن الجوزي:عن الواقدي: إنّ شخصا (9)حضر قتله فقط فعمى،فسئل عن سببه.

فقال:إنّه رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حاسرا عن ذراعيه و بيده سيف[و بين يديه نطع]، و[رأى]عشرة ممّن قاتل الحسين مذبوحين بين يديه،ثم لعنه و سبّه بتكثيره سوادهم،ثم أكحله بمرود من دم الحسين فأصبح أعمى.».

ص: 23


1- الصواعق المحرقة:195.
2- في المصدر:«تشارك».
3- في المصدر:«أقبح موتة».
4- في المصدر:«فكذب».
5- في المصدر:«يصالح».
6- المصدر السابق.
7- في المصدر:«سواد».
8- المصدر السابق.
9- في المصدر:«شيخا».

17- (1)و أخرج سبط ابن الجوزي (2): إنّ رجلا (3)منهم علّق في لبب (4)فرسه رأس الحسين[بن علي]فرأى (5)وجهه أشدّ سوادا من القار.

فقيل له:إنّك كنت أحسن (6)العرب وجها؟!

فقال:ما مرّت عليّ ليلة من حين حملت رأس الحسين إلاّ و اثنان يأخذان بضبعي ثم ينتهيان بي الى نار[تأجج]فيدفعانني (7)فيها[و أنا أنكص فتسفعني كما ترى]ثم مات على أقبح حال.

17- (8)و أخرج أيضا: أنّ شيخا رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في النوم و بين يديه طشت فيها دم، و الناس يعرضون عليه فيلطخهم،حتى انتهيت إليه.

فقلت:ما حضرت.

فقال لي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:هويت.فأومأ إليّ باصبعه فأصبحت أعمى.

17- (9)و أخرج أحمد: إنّ شيخا (10)قال:قتل اللّه الحسين بامتناعه عن بيعة يزيد (11)، فرماه اللّه بكوكبين في عينيه فعمي.).

ص: 24


1- الصواعق المحرقة:195-196.
2- في المصدر:«أيضا»بدل«سبط ابن الجوزي».
3- في المصدر:«شخصا».
4- في(أ):«لبيب».
5- في المصدر:«فرؤي بعد أيام».
6- في المصدر:«أنضر».
7- في المصدر:«فيدفعاني».
8- الصواعق المحرقة:196.
9- المصدر السابق.
10- في المصدر:«شخصا».
11- ذكر في الصواعق سبا(و العياذ باللّه).

17- (1)و ذكر البارزي:عن الأعمش (2)،عن المنصور الخليفة العباسي (3): انّه رأى رجلا بالشام و وجهه وجه خنزير،فسأله،فقال:إنّه كان يلعن عليا(كرّم اللّه وجهه) (4)كلّ يوم ألف مرة ففي (5)يوم الجمعة لعنه أربعة (6)آلاف مرة [و أولاده معه]فرأى (7)النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و ذكر مناما طويلا،من جملته:انّ الحسين (8)شكاه إليه فلعنه،ثم بصق في وجهه،فصار موضع بصاقه خنزيرا، و صار عبرة (9)للناس.

17- (10)و أخرج الملاّ:عن أمّ سلمة: انّها سمعت نوح الجن على الحسين(رضي اللّه عنهما).

و أخرج ابن سعد عنها: انّها بكت حتى غشي عليها.

3- (11)و: لمّا حمل (12)الرأس الشريف (13)لابن زياد و (14)جعله في طشت،و جعل».

ص: 25


1- الصواعق المحرقة:196.
2- لا يوجد في المصدر:«عن الأعمش».
3- لا يوجد في المصدر:«الخليفة العباسي».
4- لا يوجد في المصدر:«كرّم اللّه وجهه».
5- في المصدر:«و في».
6- لا يوجد في المصدر:«اربعة».
7- في المصدر:«فرأيت».
8- في المصدر:«الحسن».
9- في المصدر:«آية».
10- المصدر السابق.
11- الصواعق المحرقة:198.
12- في المصدر:«حملت».
13- لا يوجد في المصدر:«الشريف».
14- لا يوجد في المصدر:«و».

يضرب ثناياه بقضيب و يقول:ما رأيت مثل هذا[حسنا إن كان لحسن الثغر]،و كان عنده أنس فبكى و قال:كان أشبهم برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (رواه الترمذي و البخاري) .

فوصل الحسين رضي اللّه عنه الى كربلا ثامن المحرم سنة احدى و ستين،و كان أكثر الخارجين لقتاله الذين كاتبوه و بايعوه،فبايع أهل الكوفة ابن عمه مسلم بن عقيل نيابة عنه،و هم اثنا عشر ألفا،و قيل:أكثر من ذلك.

فلمّا جاءهم فرّوا عنه الى أعدائه إيثارا للسحت العاجل على الخير الآجل، فحارب الحسين رضي اللّه عنه اولئك العدد الكثير،و معه من اخوته و أهله نيف و ثمانون نفسا،و منعوه و أصحابه الماء ثلاثة أيام،فحزّوا رأسه الشريف يوم عاشوراء يوم الجمعة عام إحدى و ستين (1).

14,3- (2)و روى ابن أبي الدنيا: انه كان زيد بن أرقم عند ابن زياد (3)فقال له:ارفع قضيبك فو اللّه[لطالما]رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقبّل ما بين هاتين الشفتين،ثم بكى زيد (4).

فقال له (5)ابن زياد:[ابكى اللّه عينيك]لو لا انّك شيخ[قد خرفت]لضربت عنقك.».

ص: 26


1- أخرجه عن الصواعق المحرقة:196-197 مختصرا اختصارا شديدا.
2- الصواعق المحرقة:198.
3- في المصدر:«انه كان عنده زيد بن أرقم».
4- في المصدر:«ثم جعل زيد يبكي».
5- لا يوجد في المصدر:«له».

فنهض زيد (1)و[هو]يقول:أيّها الناس إنّما (2)أنتم العبيد بعد اليوم،قتلتم ابن فاطمة الصديقة المرضية (3)و أمّرتم ابن مرجانة الخبيثة (4)،و اللّه ليقتلن خياركم و ليستعبدن (5)شراركم،فبعدا لمن رضي بالذلّ (6)و العار.

ثم قال[يا ابن زياد لأحدّثنّك بما هو أغيظ عليك من هذا]:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أقعد الحسنين على خذيه (7)فوضع (8)يده على يافوخهما،ثم قال:

اللّهم إنّي استودعتك (9)إياهما و صالحي (10)المؤمنين،فكيف كانت وديعة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم[عندك يا ابن زياد].

و قد انتقم اللّه من ابن زياد[هذا]

17- فقد صحّ عند الترمذي: [انه]لمّا جيء برأس ابن زياد (11)و نصب في المسجد مع رءوس أصحابه،جاءت حيّة فتخلّلت الرءوس حتى دخلت في منخريه (12)،فمكثت هنيئة،ثم خرجت،ثم جاءت، ففعلت كذلك مرتين أو ثلاثا[و كان نصبها في محل نصبه لرأس الحسين].».

ص: 27


1- لا يوجد في المصدر:«زيد».
2- لا يوجد في المصدر:«إنّما».
3- لا يوجد في المصدر:«الصديقة المرضية».
4- لا يوجد في المصدر:«الخبيثة».
5- في المصدر:«و يستعبد».
6- في المصدر:«بالذلة».
7- في المصدر:«أقعد حسنا على فخذه اليمنى و حسينا على فخذه اليسرى».
8- في المصدر:«ثم وضع».
9- في المصدر:«استودعك».
10- في المصدر:«و صالح».
11- في المصدر:«برأسه».
12- في المصدر:«منخره».

و فاعل ذلك هو المختار بن أبي عبيدة (1)تبعه طائفة من الشيعة،ندموا على خذلانهم الحسين و أرادوا غسل العار عنهم،فتبعوا (2)المختار،فملكوا الكوفة و قتلوا الستة آلاف الذين قاتلوا الحسين رضي اللّه عنه.و قتل رئيسهم عمر بن سعد و[خصّ]شمر[قاتل الحسين-على قول-بمزيد نكال و أوطأ الخيل صدره و ظهره لأنّه فعل ذلك بالحسين].

و شكر الناس المختار لذلك (3)،لكنه يزعم انّه يوحى إليه،و أنّ محمد (4)بن الحنفية هو المهدي.

و لمّا نزل ابن زياد الموصل في ثلاثين ألفا جهز إليه المختار،سنة تسع و ستين، طائفة قتلوا ابن زياد و أصحابه يوم عاشوراء و بعثوا رءوسهم الى المختار،نصبه في المحلّ الذي نصب فيه رأس الشريف للحسين رضي اللّه عنه.

و من عجيب الاتفاق قول عبد الملك بن عمير قال:دخلت قصر الامارة بالكوفة على ابن زياد و رأس الحسين رضي اللّه عنه على ترس عن يمينه،ثم دخلت على المختار فيه فوجدت رأس ابن زياد عنده كذلك،ثم دخلت على مصعب ابن الزبير فيه فوجدت رأس المختار عنده كذلك،ثم دخلت على عبد الملك ابن مروان فيه فوجدت رأس مصعب عنده كذلك،فأخبرته بذلك.

فقال:لا أراك[اللّه]الخامس،ثم أمر بهدمه (5).8.

ص: 28


1- في المصدر:«عبيد».
2- في المصدر:«فخرقة منهم تبعت».
3- في المصدر:«للمختار ذلك».
4- لا يوجد في المصدر:«محمد».
5- الصواعق المحرقة:198.

و لمّا أرسل (1)ابن زياد رأس الحسين[و أصحابه]جهزها مع سبايا آل الحسين رضي اللّه عنه الى يزيد..بالغ في رفعة ابن زياد حتى أدخله على نسائه.

قال ابن الجوزي: [و]ليس العجب[إلاّ]من ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب و حمل آل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على أقتاب الجمال[أي]موثوقين بالحبال، و النساء مكشفات الوجوه و الرءوس (2)و ذكر أشياء من قبيح فعل (3)يزيد (4).

و لمّا فعل يزيد برأس الحسين رضي اللّه عنه (5)ما مرّ كان عنده رسول قيصر.

فقال متعجبا:إنّ عندنا في بعض الجزائر كنيسة فيها (6)حافر حمار عيسى(عليه الصلوات و السّلام) (7)و نحن (8)نحجّ إليه كلّ عام من الأقطار،و ننذر له (9)النذور،و نعظمه كما تعظمون كعبتكم،فأشهد إنّكم على باطل.

و قال ذمي آخر: بيني و بين داود النبي(عليه الصلاة و السّلام) (10)سبعون أبا و إنّ اليهود تعظّمني و تحترمني،و أنتم قتلتم ابن نبيكم.

و[لمّا]كانت الحرس على الرأس الشريف (11)كلما نزلوا منزلا وضعوه على».

ص: 29


1- في المصدر:«أنزل».
2- في المصدر:«الرءوس و الوجوه».
3- في المصدر:«فعله».
4- الصواعق المحرقة:199.
5- لا يوجد في المصدر:«رضي اللّه عنه».
6- في المصدر:«في دير»بدل«كنيسة فيها».
7- لا توجد التحية في المصدر.
8- في المصدر:«فنحن».
9- لا يوجد في المصدر:«له».
10- لا توجد التحية في المصدر.
11- لا يوجد في المصدر:«الشريف».

رمح و حرسوه،فرآه راهب في ديره فسألهم (1)عنه،فعرّفوه به.

فقال الراهب لهم (2): بئس القوم أنتم و لو كان للمسيح(عليه الصلاة و السّلام) ولد لأسكنّاه على أحداقنا (3)،بئس القوم أنتم هل لكم في عشرة آلاف دينار و كان (4)الرأس عندي في (5)هذه الليلة؟

قالوا:نعم.

فأخذه و غسله و طيّبه و وضعه على فخذه و[قعد]يبكي الى الصبح،ثم أسلم؛ لأنّه رأى نورا ساطعا من الرأس الشريف (6)الى عنان السماء،ثم خرج عن الدير[و ما فيه]و صار يخدم أهل البيت.

و كان الحرس فتحوا أكياس الدنانير التي أخذوها من الراهب ليقسموها فرأوها خزفا،و على جانب كلّ منها (7): وَ لا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ (8)و على جانب آخر كلّ منها (9): وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (10). (11)9.

ص: 30


1- في المصدر:«فسأل».
2- ليس في المصدر:«الراهب لهم».
3- لا يوجد في المصدر:«بئس القوم أنتم و لو كان للمسيح...على أحداقنا».
4- في المصدر:«و يبيت».
5- لا يوجد في المصدر:«في».
6- لا يوجد في المصدر:«الشريف».
7- في المصدر:«و كان مع أولئك الحرس دنانير أخذوها من عسكر الحسين ففتحوا أكياسها ليقتسموها فرأوها خزفا و على أحد جانبي كل منها...».
8- إبراهيم42/.
9- في المصدر:«و على الآخر».
10- الشعراء227/.
11- الصواعق المحرقة:199.

14,3- (1)و أخرج الحاكم من طرق متعددة:انّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

قال جبرائيل:قال اللّه تعالى:

إنّي قتلت بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفا،و إنّي قاتل بدم الحسين بن علي سبعين ألفا.

و لم يصب ابن الجوزي في ذكره لهذا الحديث في الموضوعات...

و (2)اعلم: أنّ أهل السنة اختلفوا في كفر (3)يزيد بن معاوية و وليّ عهده من بعده.

فقالت طائفة:إنّه كافر لقول سبط ابن الجوزي و غيره المشهور:إنّه لما جيء (4)رأس الحسين رضي اللّه عنه جمع أهل الشام و جعل ينكث (5)الرأس الشريف (6)بالخيزران و ينشد أبياتا (7)(ليت أشياخي ببدر شهدوا)الأبيات المعروفة، و زاد فيها بيتين مشتملتين على صريح الكفر.

يقول مؤلف هذا الكتاب:إنّ صاحب الصواعق ذكر أول الأبيات و لم يذكر بواقيها،فانّي قد وجدت تمامها،و بيتين مشتملتين على صريح كفره،و الأبيات هذه:

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** وقعة الخزرج من وقع الأسل».

ص: 31


1- الصواعق المحرقة:199.
2- لا يوجد في المصدر:«و».
3- في المصدر:«تكفير».
4- في المصدر:«لمّا جاءه».
5- في المصدر:«ينكت».
6- في المصدر:«رأسه».
7- في المصدر:«أبيات الزبعري».

لأهلّوا و استهلّوا فرحا *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم *** و عدلناه ببدر فاعتدل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

و قال ابن الجوزي فيما حكاه عنه سبطه: ليس العجيب (1)من قتال ابن زياد للحسين رضي اللّه عنه (2)،و إنّما العجب من خذلان يزيد،و ضربه بالقضيب ثنايا الحسين رضي اللّه عنه (3)و حمله آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبايا على أقتاب الجمال،و ذكر أشياء من قبيح ما اشتهر عنه (4)...

ثم قال: و ما كان مقصوده إلاّ الفضيحة...و لو لم يكن في قلبه أحقاد جاهلية و أضغان بدرية لاحترم الرأس الشريف المبارك (5)...و أحسن الى آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (6).

و قال نوفل بن أبي الفرات: كنت عند عمر بن عبد العزيز فقال رجل (7):أمير المؤمنين يزيد[بن معاوية].

فقال عمر (8):تقول أمير المؤمنين،و أمر (9)به فضربه (10)عشرين سوطا.».

ص: 32


1- في المصدر:«العجب».
2- لا توجد التحية في المصدر.
3- لا توجد التحية في المصدر.
4- الصواعق المحرقة:220.
5- لا يوجد في المصدر:«الشريف المبارك».
6- المصدر السابق.
7- في المصدر:«فذكر رجل يزيد فقال:».
8- لا يوجد في المصدر:«عمر».
9- في المصدر:«فأمر».
10- في المصدر:«فضرب».

و لاسرافه في المعاصي خلعه أهل المدينة،

17- فقد أخرج الواقدي من طرق: إنّ عبد اللّه بن حنظلة،هو (1)غسيل الملائكة،قال:و اللّه ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء،و خفنا أنّ رجلا (2)ينكح الأمهات و البنات و الأخوات و يشرب الخمر و يدع الصلاة.

و قال الذهبي: و لمّا فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل مع شربه الخمر و إتيانه المنكرات،اشتدّ على (3)الناس[و]خرج أهل المدينة (4)[و لم يبارك اللّه في عمره].

و أشار بقوله«ما فعل»الى ما وقع منه سنة ثلاث و ستين،فانّه بلغه أنّ أهل المدينة خرجوا عليه[و خلعوه]،فأرسل عليهم (5)جيشا عظيما،و أمرهم بقتلهم (6)،فجاءوا إليهم و كانت وقعة الحرة على باب طيبة (7).

و بعد اتفاقهم على فسقه اختلفوا في جواز لعنه بخصوص اسمه فأجازه قوم منهم ابن الجوزي،و نقله عن أحمد بن حنبل (8)و غيره، فانّ ابن الجوزي (9)قال في كتابه المسمى ب«الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن (10)يزيد»:سألني».

ص: 33


1- في المصدر:«ابن».
2- في المصدر:«ان كان رجلا و ينكح أمهات الأولاد».
3- في المصدر:«عليه».
4- في المصدر:«و خرج عليه غير واحد».
5- في المصدر:«لهم».
6- في المصدر:«بقتالهم».
7- الصواعق المحرقة:221.
8- لا يوجد في المصدر:«بن حنبل».
9- في المصدر:«فانه قال».
10- في المصدر:«ذم».

سائل عن يزيد بن معاوية.

فقلت[له]:يكفيه ما به.

فقال:أ يجوز لعنه؟

قلت (1):قد أجازه العلماء الورعون،منهم أحمد بن حنبل،فانّه ذكر في حقّ يزيد[عليه اللعنة]ما يزيد على اللعنة (2).

ثم روى ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى[الفراء] أنه روى كتابه المعتمد في الأصول بإسناده الى صالح بن أحمد بن حنبل رحمهما اللّه قال:

قلت لأبي:إنّ قوما ينسبوننا الى تولّي يزيد!

فقال:يا بني[و]هل يتولّى يزيد أحد يؤمن باللّه،و لم لا يلعن من لعنه اللّه تعالى في كتابه.

فقلت:في أيّ آية (3)؟

قال (4):في قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ (5)فهل يكون فساد أعظم من[هذا]القتل؟...

قال ابن الجوزي: و صنّف القاضي أبو يعلى كتابا ذكر فيه بيان من يستحق اللعن و ذكر منهم يزيد،ثم ذكر

16- حديث «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه اللّه و عليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين»،. و لا خلاف أنّ يزيد3.

ص: 34


1- في المصدر:«فقلت».
2- لا يوجد في المصدر:«ما يزيد على اللعنة».
3- في المصدر:«و أين لعن اللّه يزيد في كتابه؟».
4- في المصدر:«فقال».
5- سورة محمد22/-23.

أغار (1)المدينة المنورة (2)[بجيش]و أخاف أهلها(انتهى).

و الحديث الذي[ذكره]رواه مسلم؛أنّه وقع (3)من ذلك الجيش من القتل و الفساد العظيم و السبي و إباحة المدينة ما هو مشهور حتى فضّ نحو ثلاثمائة بكر،و قتل من الصحابة نحو ذلك،و من قراء القرآن نحو سبعمائة نفس، و أبيحت المدينة المنورة (4)أياما،و بطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما، و أخيف أهل المدينة أياما،فلم يمكن لأحد أن يدخل المسجد (5)حتى دخلتها الكلاب[و الذئاب]و بالت على منبره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تصديقا لما أخبر به النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و لم يرض أمير هذا (6)الجيش إلاّ بأن يبايعوه ليزيد على أنّهم عبيد (7)له إن شاء باع و إن شاء أعتق،فذكر له بعضهم البيعة على كتاب اللّه و سنّة رسول اللّه (8)فضرب عنقه،و ذلك في قصة (9)الحرّة.

ثم سار جيشه[هذا]نحو مكة (10)الى قتال ابن الزبير فرموا الكعبة المكرمة (11)بالمنجنيق،و أحرقوا كسوتها (12)بالنار،فأي شيء أعظم من هذه القبائح التي».

ص: 35


1- في المصدر:«غزا».
2- لا يوجد في المصدر:«المنورة».
3- في المصدر:«و وقع»بدل«انه وقع».
4- لا يوجد في المصدر:«المنورة».
5- في المصدر:«فلم يمكن أحدا دخول مسجدها».
6- في المصدر:«ذلك».
7- في المصدر:«خول».
8- في المصدر:«رسوله».
9- في المصدر:«وقعة».
10- لا يوجد في المصدر:«نحو مكة».
11- لا يوجد في المصدر:«المكرمة».
12- في المصدر:«و أحرقوها بالنار».

وقعت في زمنه ناشئة عنه (1).

و كانت سلطنة (2)يزيد سنة ستين و مات في أول (3)سنة أربع و ستين (4).

و إنّ معاوية بن يزيد بن معاوية لمّا ولي العهد صعد المنبر فقال:

إنّ هذه الخلافة حبل اللّه-تعالى-و إنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله،و من هو أحقّ به منه علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه،و ركب بكم ما تعلمون حتى أتته منيته،فصار في قبره رهينا بذنوبه،ثم قلّد أبي الأمر و كان غير أهله (5)،و نازع ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فقصف عمره،و أبتر (6)عقبه،و صار في قبره رهينا بذنوبه.

ثم بكى و قال:[إنّ]من أعظم الأمور خسارة (7)علينا علمنا بسوء مصرعه، و بئس منقلبه،و قد قتل عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أباح الخمر،و خرب الكعبة، و لم أذق حلاوة الخلافة،فلا أذوق مرارتها،و لا أتقلّدها (8)،فشأنكم في أمركم، و اللّه،لئن كانت الدنيا خيرا فقد نلنا منها حظّا،و إن (9)كانت شرّا فكفى ذريّة أبي سفيان ما أصابوا منها.

ثم تغيب في منزله حتى مات بعد أربعين يوما،و كانت مدّة خلافته أربعين».

ص: 36


1- الصواعق المحرقة:222.
2- في المصدر:«كذلك بان ولايته كانت...».
3- لا يوجد في المصدر:«في أول».
4- الصواعق المحرقة:224.
5- في المصدر:«غير أهل له».
6- في المصدر:«و انبتر».
7- لا يوجد في المصدر:«خسارة».
8- في المصدر:«فلا أنقله مرارتها»بدل«فلا أذوق مرارتها و لا أتقلّدها».
9- في المصدر:«و لئن».

يوما،و قيل:شهرين.و قيل:ثلاثة أشهر.و مات عن إحدى و عشرين سنة.

و قيل:عشرين رحمه اللّه (1)(انتهت الصواعق).

14,1,15,2,3- (2)أخرج أبو المؤيد موفق بن أحمد أخطب الخطباء الخوارزمي المكي:بسنده عن سليمان الأعمش بن مهران الكوفي قال:

إنّ أبا جعفر المنصور الدوانيقي الخليفة أرسل رجلا الى الأعمش جوف الليل فودّع أهله بظنه أنّه قاتله،فأخذ حنوطا و دخل عليه.

فقال:يا أعمش كم تروي حديثا في فضائل علي(كرّم اللّه وجهه)؟

فقال:يسيرا.

فقال:أشمّ منك ريح الحنوط،فما تفعل؟

قلت:أظنّ أنّك تقتلني.

قال:لا طلبتك إلاّ لأجل أن أسأل عنك كم حديث في فضائل علي عندك، و إنّك آمن،فكم تروي حديثا؟

قلت:عشرة آلاف.

قال:يا سليمان و اللّه لأحدثنّك بحديثين في فضائل علي(كرّم اللّه وجهه)فضمّهما في عشرة آلاف حديثك.

قلت:حدثنا يا أمير المؤمنين.

قال:أمّا الحديث الأول و الثاني أذكرهما بالقصة:ل.

ص: 37


1- الصواعق المحرقة:224.
2- المناقب للخوارزمي:284 حديث 279 المناقب لابن المغازلي:143 حديث 188 و هو في المصدر حديث طويل.

كنت هاربا من بني أمية و أتردد في البلدان،مختفيا،وردت بلد دمشق و أنا جائع فدخلت المسجد لأصلّي،فلمّا سلّم الامام و ذهب الناس دخل صبيان، فقال الامام:مرحبا بمن اسمكما اسمهما.

و كان الى جنبي شاب سألت عنه:من الصبيان؟

قال:هما حفيدي الامام،و هو يحبّ أهل البيت،فلذلك سمّى أحدهما حسنا و الآخر حسينا،فلمّا اطمئن قلبي أنّه محبّ أهل البيت صافحته و سأل عن نسبي فعرّفته.

قلت له:أنا أحدثك بفضائل أهل البيت تقرّ عينك.

قال:إن حدّثتني بالفضائل فأنا أكافيك بالاحسان.

فقلت:حدّثني والدي عن أبيه عن جدّه ابن عباس قال:

كنت عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جاءت فاطمة(رضي اللّه عنها)يوما الى أبيها صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقالت:يا أبت خرج الحسن و الحسين فما أدري أين هما،و بكت.

فقال:يا فاطمة لا تبكين،فاللّه الذي خلقهما هو ألطف بهما منّي و منك،و قال:

اللّهم إنّهما أي مكان كانا فاحفظهما.

فنزل جبرائيل فأخبر أنّهما نائمان في حديقة بني النجار،و الملك افترش أحد جناحيه تحتهما و بالآخر غطاهما.

فخرج النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خرجنا معه إليهما،فاذا الحسن معانق للحسين و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبّلهما،فانتبها،و حملهما على عاتقيه حتى أتى باب المسجد،و أمر باجتماع الناس و قال:

أيّها الناس أ لا أدلّكم على خير الناس جدّا و جدّة؟

قالوا:بلى.

ص: 38

قال:إنّ ابنيّ هذان الحسن و الحسين خير الناس جدّا و جدّة،جدّهما أنا و جدّتهما خديجة بنت خويلد.

و هما خير الناس أبا و أمّا،أبوهما علي أخي و أمّهما فاطمة ابنتي.

و هما خير الناس عمّا و عمّة،فعمّهما جعفر الطيار ذو الجناحين و عمّتهما أم هانئ.

و هما خير الناس خالا و خالة فأخوالهما القاسم و عبد اللّه و ابراهيم،و خالاتهما زينب و رقية و أم كلثوم.

ثم قال-و أشار بأصابعه منضمة-:هكذا يحشرنا اللّه-تبارك و تعالى-.

ثم قال:اللّهم إنّك تعلم أنّ هؤلاء كلّهم في الجنّة،و إنّك تعلم أنّ من يحبّ هذين فهو في الجنّة،و من يبغضهما فهو في النار.

قال المنصور:فلمّا قلت هذا الحديث للشيخ فرح و سرّ و كساني خلعة كأن لا لبسها،و حملني على بغلته،و أعطاني مائة دينار.

ثم قال لي الشيخ:لأرسلنك الى شاب يفرح من حديثك،فأخذ بيدي حتى جاء باب الشاب،فخرج إليّ الشاب فقال:عرفتك أنّك تحبّ اللّه و رسوله و أهل بيته بالبغلة و الكسوة لفلان،فأدخلني في بيته و أكرمني.

ثم قال:حدثني حديثا من فضائل أهل البيت،فقلت له حدّثني أبي محمد،عن أبيه علي،عن جدّه عبد اللّه بن العباس قال:

كنت عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بيته جاءت فاطمة(رضي اللّه عنها)عند أبيها صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قالت:يا أبت إنّ نساء لقريش يقلن لي:إنّ أباك زوّجك بمن لا مال له.

فقال لها:و اللّه ما زوّجتك حتى زوّجك اللّه فوق عرشه،و أشهد بذلك ملائكته.

ثم قال:و إنّ اللّه اطلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه رسولا

ص: 39

نبيا،ثم اطلع الثانية فاختار من الخلائق عليا فزوّجك إياه،و اتخذه لي وصيّا، فهو أشجع الناس قلبا،و أحلم الناس حلما،و أسمح الناس كفّا،و أقدمهم سلما، و أعلمهم علما،و في القيامة لواء الحمد بيده و ينادي المنادي:يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم،و نعم الأخ أخوك علي.

قال المنصور:فلمّا قلت هذا الحديث له أعطاني ثلاثين ثوبا و عشرة آلاف درهم.

فقال لي:إذا كان غدا فأت مسجد آل فلان كي ترى حال مبغض علي رضي اللّه عنه.

قال:فطالت عليّ تلك الليلة شوقا الى رؤيته،فلمّا أصبحت أتيت المسجد، فقمت في الصف الأول و الى جنبي شاب متعمم،فذهب ليركع سقطت عمامته، فنظرته فاذا رأسه رأس خنزير،و سلّم الامام فقلت له خفيا:ويلك ما الذي أراه به؟

فبكى،فأدخلني في داره.

فقال:إنّه كان مؤذّنا،ففي كلّ يوم يلعن عليا(كرّم اللّه وجهه)ألف مرّة،و في يوم الجمعة يلعنه أربعة آلاف مرة،و نام في الدكان الذي أراه،فرأى في منامه كأنّه في الجنّة و فيها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و علي و الحسن و الحسين(رضي اللّه عنهم) و الحسنان يسقيان الجماعة،فطلب الماء منهما فلم يعطه أحد منهما،ثم شكا له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منهما،فقال الحسين:

يا جدّا إنّ هذا الرجل كان يلعن والدي كلّ يوم ألف مرّة،و قد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرة.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:أنت تلعن عليا،و علي منّي؟و تفل في وجهه و طرده برجله، و قال:غيّر اللّه ما بك من نعمة.

ص: 40

فاستيقظ من نومه،فاذا رأسه رأس خنزير و وجهه وجه خنزير.

ثم قال أبو جعفر المنصور:أ هذان الحديثان كانا في يدك يا سليمان؟

قلت:لا.

فقال:خذهما مع عشرة آلاف حديث معك.

ثم قال:يا سليمان حبّ علي إيمان و بغضه نفاق،و اللّه لا يحبّه إلاّ مؤمن و لا يبغضه إلاّ منافق.

فقلت:الأمان يا أمير المؤمنين.

قال:لك الأمان قل ما شئت.

قلت:فما تقول في قاتل الحسين رضي اللّه عنه؟

قال:هو الى النار و في النار.

قلت:و كلّ من قتل ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى النار و في النار؟

قال:نعم.

ثم قال:يا سليمان حدّث الناس ما سمعت.

ثم أذن لي بالذهاب الى بيتي.

6,14,3,12- (1)و في تفسير علي بن إبراهيم:في تفسير قوله تعالى وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2):

عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه قال: قوله تعالى: وَ مَنْ عاقَبَ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عاقب به اللّه الكفار من قريش يوم بدر،فقتل عتبة بن ربيعة، و شيبة بن ربيعة،و الوليد بن عتبة،و حنظلة بن أبي سفيان،و كان عتبه بن/.

ص: 41


1- تفسير القمي 86/2(باختلاف يسير جدا في أوله).
2- الحج60/.

ربيعة والد هند التي كانت جدّة يزيد،فطلب يزيد دماءهم فقتل الحسين رضي اللّه عنه لضغنه و حقده،و أنشد شعرا:

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** وقعة الخزرج من وقع الاسل

لأهلّوا و استهلّوا فرحا *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم *** و عدلناه ببدر فاعتدل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

و قوله تعالى: بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ يعني نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أرادوا أن يقتلوه بمكة فهاجر الى المدينة.

و قوله تعالى: ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ أي بغى معاوية على أهل بيته،ثم ولده يزيد على أهل البيت.

و قوله تعالى: لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ يعني بالقائم المهدي من ولده.

5- قال أبو جعفر الباقر رضي اللّه عنه شعرا:

إنّ اليهود لحبّهم لنبيهم *** قد آمنوا من حادث الأزمان

و ذوو الصليب بحبّ عيسى أصبحوا *** يمشون زهوا في قرى نجران

و المؤمنون بحبّ آل محمد *** يرمون في الآفاق بالنيران

.

17- (1)و فى جواهر العقدين:أخرج البيهقي عن الزهري قال:

دخلت على (2)عبد الملك بن مروان...فقال لي:يا بن شهاب أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب؟

قلت:نعم.».

ص: 42


1- جواهر العقدين 329/2.
2- في المصدر:«دخلت الشام أريد الغزو فأتيت عبد الملك...».

قال:هلمّ فقمنا حتى أتينا خلف العقبة و خلينا عن الناس (1).

فقال لي (2):لم يرفع حجر من بيت المقدس،إلاّ وجد تحته دم.

فقال:لم يبق أحد يعلم هذا غيري و غيرك،فلا يسمعن هذا منك أحد.

قال:فما حدثت به حتى توفي.

17- (3)و أخرج أيضا عن الزهري: إنّ أسماء الأنصارية قالت:ما رفع حجر بايليا [يعني]حين قتل علي بن أبي طالب إلاّ وجد تحته دم عبيط.

ثم قال البيهقي:كذا روى عن الزهري (4)هاتين الروايتين،و قد روى باسناد صحيح عن الزهري: إنّ ذلك حين قتل الحسين،و لعلّه وجد عند قتلهما جميعا (انتهى).

17- (5)و حكى هشام بن محمد عن القاسم[بن الأصبغ]المجاشعي قال: [لمّا]أتي بالرؤوس الى الكوفة إذ فارس (6)من أحسن الناس وجها قد علّق في لبب (7)فرسه رأس[...كأنه القمر ليلة تمامه و الفرس طوّح فاذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض.

فقلت له:رأس من هذا؟

قال:رأس]العباس بن علي(رضي اللّه عنهما).».

ص: 43


1- في المصدر:«فقمت من وراء الناس حتى انتهيت خلف القبة،فحوّل إليّ وجهه و انحنى عليّ».
2- في المصدر:«فقال ما كان؟قلت:...».
3- جواهر العقدين 329/2.
4- في المصدر:«في هاتين»بدل«عن الزهري».
5- جواهر العقدين 331/2.
6- في المصدر:«إذا بفارس».
7- في(أ):«لبيب».

[قلت:و أنت؟

قال:حرملة بن الكاهل الأسدي.

قال:فلبث أياما و إذا بحرملة]فصار (1)وجهه أشدّ سوادا من القار.

[فقلت له:لقد رأيتك يوم حملت الرأس و ما في العرب أنضر وجها منك و ما أدري اليوم إلاّ أقبح و إلاّ أسود وجها منك!

فبكى]و قال:[و اللّه منذ حملت الرأس و الى اليوم]ما تمرّ عليّ ليلة إلاّ و اثنان يأخذان بضبعي ثم ينتهيان بي الى النار فيدفعاني فيها[و أنا أنكص فتسفعني] ثم مات على أقبح حال.

17- (2)و أخرج عبد بن محمد القرشي عن شيخ بن (3)أسد قال:

رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام و الناس يعرضون عليه و بين يديه طشت فيها دم [و أسهم و الناس يعرضون عليه]فيلطّخهم بالدم (4)حتى انتهيت إليه.

فقلت:[بأبي و اللّه و أمي]ما رميت بسهم و لا طعنت برمح[و لا كثّرت].

فقال لي:[كذبت قد]هويت قتل الحسين.

[قال:]فأومأ إليّ باصبعه فأصبحت أعمى.

14- (5)و أخرج أيضا عن عامر بن سعد البجلي قال:

[لمّا قتل الحسين بن علي رضي اللّه عنه]رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام فقال لي:إذاق.

ص: 44


1- في المصدر:«و صار».
2- جواهر العقدين 331/2.
3- في المصدر:«من قوم بني».
4- لا يوجد في المصدر:«بالدم».
5- المصدر السابق.

رأيت (1)البراء بن عازب فأقرئه السّلام و أخبره أنّ قتلة الحسين في النار و[ان]كاد أن يعذب اللّه (2)أهل الأرض بعذاب أليم،فأخبرت البراء (3).

فقال:صدق اللّه و رسوله،قال[رسول اللّه]صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:من رآني في المنام فقد رآني فانّ الشيطان لا يتصوّر في صورتي.

17- (4)و أخرج الطبري عن أبي رجاء العطاردي قال:

لا تسبوا عليا و لا أهل[هذا]البيت فانّ جارا لنا من هذيل قدم المدينة فسبّ الحسين (5)رضي اللّه عنه فرماه اللّه بكوكبين في عينيه فطمستا.

و أيضا أخرجه أحمد في المناقب .

17- و في توثيق عرى الايمان للبارزي:عن الأعمش عن المنصور الخليفة العباسي:

انه رأى رجلا بالشام وجهه وجه خنزير.قد تقدم ذكره في الصواعق (6).

17- (7)و قال ابن البرقي:حدثنا عمرو بن خالد،قال:حدثنا أبو سعيد محمد بن يحيى ابن اليمان عن صالح إمام مسجد بني سليم،عن أشياخ له قالوا:

غزونا أرض الروم فاذا كتاب في كنيسة[من كنائسهم]بالعربية:

أ ترجو أمّة قتلت (8)***حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب».

ص: 45


1- في المصدر:«ائت»بدل«اذا رأيت».
2- في المصدر:«و ان كان اللّه أن يسحت».
3- في المصدر:«فاتيت فأخبرته».
4- جواهر العقدين 332/2.
5- في المصدر:«الحسن».و ذكر فيه أيضا ألفاظ السب.
6- ذكر الخبر بكامله في جواهر العقدين 332/2.
7- جواهر العقدين 332/2.
8- في المصدر:«معشر قتلوا».

فقلنا لأهل الروم (1):من كتب هذا؟قالوا:ما ندري.

17- (2)و عن محمد بن سيرين قال:

وجد حجر قبل مبعث النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بثلاثمائة سنة،عليه مكتوب بالسريانية، فنقلوه الى العربية فهو (3):

أ ترجو أمّة قتلت حسينا *** شفاعة جدّه يوم الحساب (4)

فهو كتب بقلم حديد في حائط بدم (5).

17- (6)و قال سليمان بن يسار: وجد حجر عليه مكتوب بالنظم،و هو هذا (7):

لا بد أن ترد القيامة فاطم *** و قميصها بدم الحسين ملطّخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه *** و الصور في يوم القيامة ينفخ

.

و شاهده ما (8)أخرجه الحافظ (9)ابن الأخضر في«العترة الطاهرة»من».

ص: 46


1- في المصدر:«للروم».
2- جواهر العقدين 332/2.
3- في المصدر:«فاذا هو».
4- في المصدر:«القيامة».
5- في المصدر هذه العبارة رواية مستقلة و لفظها هكذا: 3- و أخرج ابن الجراح من طريق ابن لهيعة...قال: لمّا قتل الحسين بن علي(رضوان اللّه عليهما)بعث برأسه الى يزيد فنزلوا أول مرحلة فجعلوا يشربون و يتحيون بالرأس فبينما هم كذلك،إذ خرجت عليهم من الحائط قلم حديد فكتبت سطر بدم: أ ترجو أمّة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب فهربوا و تركوا الرأس.
6- جواهر العقدين 333/2.
7- لا يوجد في المصدر:«بالنظم و هو هذا».
8- في المصدر:«و هو شاهد لما».
9- لا يوجد في المصدر:«الحافظ».

14,15,3- حديث علي الرضا عن آبائه (1)عن علي بن أبي طالب(رضي اللّه عنهم)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة و معها ثياب مصبوغة بالدم (2)،فتتعلّق بقائمة من قوائم العرش فتقول:يا عدل احكم بيني و بين قاتل ولدي،فيحكم لابنتي و ربّ الكعبة.

17- (3)و قال الواقدي: لمّا وصلت السبايا بالرأس الشريف للحسين(رضي اللّه عنهم) المدينة لم يبق بها (4)أحد و خرجوا يضجّون بالبكاء،و خرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب كاشفة وجهها،ناشرة شعرها،تصيح وا حسيناه، وا اخوتاه،وا أهلاه،وا محمداه،وا علياه،وا حسناه (5).

ثم قالت شعرا (6):

ما ذا تقولون إن قال النبي لكم *** ما ذا فعلتم و أنتم آخر الأمم

بأهل بيتي و أولادي أ ما لكم *** عهد؟أما أنتم توفون بالذمم

ذريتي و بنو عمّي بمضيعة *** منهم أسارى و قتلى ضرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم *** أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

قالت فاطمة بنت عقيل بن أبي طالب ترثيه (7):

عيني ابكي (8)***بعبرة و عويل و اندبي إن ندبت آل الرسول».

ص: 47


1- نقل السند مفصلا في المصدر.
2- في المصدر:«بدم».
3- جواهر العقدين 333/2.
4- في المصدر:«لمّا وصل رأس الحسين الى المدينة و السبايا لم يبق بالمدينة».
5- لا يوجد في المصدر:«وا علياه وا حسناه».
6- لا يوجد في المصدر:«شعرا».
7- في(أ):«مرثية»و في المصدر:«و قال سراقة الباهلي في رثائهم:».
8- في المصدر:«عين بكى».

تسعة كلّهم (1)***لصلب علي قد أصيبوا (2)و خمسة لعقيل

و أوردهما ابن عبد البر في الاستيعاب (3).

17- (4)و ذكر ابن سعد:عن أمّ سلمة أنّها لمّا سمعت قتل (5)الحسين قالت: [أو قد فعلوها؟!]ملأ اللّه بيوت القاتلين (6)و قبورهم نارا،ثم بكت حتى غشي عليها.

17- (7)و قال الزهري: لمّا بلغ الحسن البصري خبر (8)قتل الحسين بكى حتى اختلج صدغاه،ثم قال:أذلّ اللّه أمّة قتلت ابن نبيها (9)،و اللّه ليردّنّ رأس الحسين الى جسده،ثم لينتقمن له جدّه و أبوه من ابن مرجانة.

17- و قال الحافظ جمال الدين الزرندي المدني في كتابه«معراج الوصول» ...إنّ الامام (10)الشافعي رحمه اللّه أنشد:

و ممّا نفى نومي و شيّب لمّتي *** تصاريف أيام لهن خطوب

تأوّب همّي و الفؤاد كئيب *** و أرقّ عيني و الرقاد غريب

تزلزلت الدنيا لآل محمد *** و كادت لهم صمّ الجبال تذوب

فمن يبلغن (11)***عني الحسين رسالة و إن كرهتها أنفس و قلوب».

ص: 48


1- في المصدر:«منهم».
2- في المصدر:«ابيدوا».
3- جواهر العقدين 333/2.
4- جواهر العقدين 334/2.
5- في المصدر:«بقتل».
6- في المصدر:«بيوتهم».
7- المصدر السابق.
8- لا يوجد في المصدر:«خبر».
9- في المصدر:«و أذلّ أمّة قتل ابن بنت نبيها ابن دعيّها».
10- لا يوجد في المصدر:«الامام».
11- في المصدر:«مبلغ».

قتيل بلا جرم كأنّ قميصه *** صبيغ بماء الأرجوان خضيب

نصلّي على المختار من آل هاشم *** و نؤذي بنيه إنّ ذا لعجيب

لئن كان ذنبي حبّ آل محمد *** فذلك ذنب لست عنه (1)أتوب

هم شفعائي يوم حشري و موقفي *** و بغضهم (2)للشافعي ذنوب (3)

.

و نقل سبط ابن الجوزي:إنّ ابن الهبارية الشاعر اجتاز بكربلاء فجعل يبكي على الحسين و أهله(رضي اللّه عنهم)و أنشد (4)شعرا:

أ حسين المبعوث جدّك بالهدى *** قسما يكون الحقّ عنه مسائلي

لو كنت شاهد كربلا لبذلت في *** تنفيس كربك جاهد بذل الباذل (5)

ثم نام في مكانه فرأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام فقال له:[يا فلان]جزاك اللّه [عني]خيرا،أبشر فانّ اللّه قد كتبك ممّن جاهد بين يدي ابني (6)الحسين (7).

5- (8)و روى الحافظ ابن الأخضر في«معالم العترة الطاهرة»:عن علي الرضا أنّه قال:و قد قال محمد الباقر:

رحم اللّه أخي زيدا فانّه قال لأبي:إنّي أريد الخروج على هذه الطاغية.

فقال أبي له:لا تفعل يا زيد،إنّي أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر2.

ص: 49


1- في المصدر:«منه».
2- في المصدر:«و حبّهم للشافعي من أي وجه ذنوب؟».
3- جواهر العقدين 335/2-336.
4- في المصدر:«و قال».
5- في المصدر أبيات أخرى غير مقروءة.
6- لا يوجد في المصدر:«ابني».
7- جواهر العقدين 336/2.
8- جواهر العقدين 345/2.

الكوفة،أ ما علمت يا زيد انّه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبل خروج السفياني إلاّ قتل،فكان الأمر كما قال له أبي.

6- (1)و قد ذكر أهل السير: أنّ عبد اللّه المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط (رضي اللّه عنهم)كان شيخ بني هاشم في زمانه،جمع المحاسن الكثيرة،و هو والد محمد الملقب بالنفس الزكية،و والد إبراهيم أيضا،فلمّا كان في أواخر دولة بني مروان و ضعفهم،أراد بنو هاشم أن يبايعوا منهم من يقوم بالأمر،فأنفقوا على محمد و إبراهيم ابني عبد اللّه المحض،فلمّا اجتمعوا لذلك أرسلوا الى جعفر الصادق.

فقال عبد اللّه:انّه يفسد أمركم.

فلمّا دخل جعفر الصادق سألهم عن سبب اجتماعهم فأخبروه.

فقال لعبد اللّه:يا ابن عمّي إنّي لا أكتم خيرية أحد من هذه الأمّة إن استشارني، فكيف لا أدلّ على صلاحكم (2).

فقال عبد اللّه:فمدّ يدك لنبايعك.

قال جعفر:و اللّه إنّها ليست لي و لا لابنيك،و إنّها لصاحب القباء الأصفر،و اللّه ليلعبن بها صبيانهم و غلمانهم.

ثم نهض و خرج،و كان المنصور العباسي يومئذ حاضرا و عليه قباء أصفر، فكان كما قال.».

ص: 50


1- جواهر العقدين 346/2.
2- 6- في المصدر: «فقال لعبد اللّه:و اللّه لا نتركك و أنت شيخ بني هاشم و نبايع لهذين الغلامين».

5- (1)و في كتاب«الخرائج»للقطب أبي سعيد هبة اللّه الراوندي:عن أبي بصير قال:

كنت مع محمد الباقر في مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ دخل المنصور و داود بن سليمان، فجاء داود إليه و جلس المنصور ناحية المسجد،فقال الباقر:أما أنّ المنصور يلي أمر الخلائق فيطأ أعناق الرجال،و يملك شرقها و غربها،و يطول عمره فيها حتى يجمع من كنوز الأموال ما لم يجمعه غيره.

فقام داود من عند الباقر و أخبر المنصور بذلك،فجاء المنصور إليه و قال:ما منعني من الجلوس عندك إلاّ جلالتك و هيبتك،ثم قال:ما الذي يقول داود؟

قال:هو كائن لا محالة.ثم قال:ملكنا قبل ملككم؟

قال:نعم.

فقال:و يملك بعدي أحد من ولدي؟

قال:نعم.

ثم قال:مدّة ملكنا أطول من مدّة ملك بني أمية؟

قال:نعم و مدة ملككم أطول،فيلعبون صبيانكم بالملك كما يلعب بالكرة،هذا ما عهد إليّ أبي.

فلمّا أفضت الخلافة الى المنصور تعجب من قول الباقر رضي اللّه عنه.

14,3,4,5- (2)و روى المدائني:عن جابر بن عبد اللّه(رضي اللّه عنهما): انه جاء أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين (3)(رضي اللّه عنهم)و هو صغير فوجده في المكتب (4).».

ص: 51


1- جواهر العقدين 346/2-347.
2- جواهر العقدين 349/2.
3- في المصدر:«محمد بن علي الباقر بن زين العابدين».
4- لا يوجد في المصدر:«فوجده في المكتب».

فقال له:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يسلّم عليك.

فقيل لجابر:[و]كيف هذا؟

فقال:كنت جالسا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الحسين في حجره و هو يقبّله (1)فقال:يا جابر يولد له مولود اسمه علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم زين (2)العابدين،فيقوم ولده،ثم يولد له ولد اسمه محمد،فان أدركته يا جابر فاقرأه منّي السّلام.

14,3- (3)و في ذخائر العقبى:عن أنس بن الحرث مرفوعا:

إنّ ابني هذا-يعني الحسين-يقتل بأرض يقال لها«كربلا»فمن شهد ذلك منكم فلينصره.

فخرج أنس بن الحرث فقتل بها مع الحسين(رضي اللّه عنهما) (أخرجه الملاّ في سيرته).

و في الاصابة:أخرج البخاري في تاريخه،و روى البغوي و ابن السكن، و غيرهما،عن أنس بن الحرث هذا الحديث (4)(انتهى جواهر العقدين) .

و في جواهر العقدين كلّ ما كان في الصواعق موجود حتى أنّ خطبة معاوية بن يزيد و خلعه نفسه موجود فيه.6.

ص: 52


1- في المصدر:«يداعبه».
2- في المصدر:«سيد».
3- ذخائر العقبى:146.
4- الاصابة 68/1 ترجمة 266.

الباب الحادي و الستون

اشارة

في إيراد ما في الكتاب المسمى ب«مقتل أبي مخنف (1)»

الذي ذكر فيه شهادة الحسين و أصحابه

مفصّلا(رضي اللّه عنهم)و قال:

3- إن والي الشام أوصى الى ابنه يزيد،و كان غائبا،فكتب له كتابا:

«يا بني قد وطئت لك البلاد،و ذلّلت لك الرقاب الشداد،و لست أخشى عليك إلاّ من الحسين بن علي،فانّه لا يبايعك».

و دفع الكتاب الى الضحاك بن قيس و أمره أن يوصله الى يزيد.فبايعه أهل جميع البلاد إلاّ أهل الكوفة،و أهل المدينة.

[أخذ البيعة]

3- و: كتب يزيد الى الوليد بن عتبة،و كان يومئذ واليا على المدينة،كتابا يأمره أن يأخذ له البيعة على أهلها«فمن لم يبايعك فأنفذ إليّ برأسه»فدعا الوليد الحسين رضي اللّه عنه و أراه الكتاب،فامتنع عن البيعة.فقال مروان بن الحكم:يا وليد احذر أن يخرج فلم ترسله حتى يبايعك أو تضرب عنقه.

ص: 53


1- لمّا وجدنا هذه النسخة لا تتطابق مع النسخة الشائعة و لا نسخة الطبري تركناها على حالها بيد أنّنا لاحظنا من خلال تقارب النص نسبيا أنّها تكاد تكون مختصرة عن النسخة الشائعة.و اللّه أعلم. و لا يفوتنا التنويه الى أننا أضفنا بعض العناوين و جعلناها بين معقوفين لتمييزها عن النص.

فلمّا سمع الحسين كلامه قال:يا ابن الزرقاء أنت تقتلني أم هؤلاء،لا أمّ لك يا ابن اللخناء.ثم خرج الحسين رضي اللّه عنه.

فقال مروان للوليد:عصيتني،و اللّه لا تقدر على مثلها أبدا.

فقال له الوليد:لقد اخترت لي ما فيه هلاكي و هلاك ذريّتي،و اللّه ما أحبّ أن يكون لي ملك الدنيا و أنا مطالب بدم الحسين.

[خروج الحسين من المدينة]

3- : ثم أتى الحسين رضي اللّه عنه الى قبر جدّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بكى و قال:يا جدّي إنّي أخرج من جوارك كرها،لأنّى لم أبايع يزيد شارب الخمور و مرتكب الفجور.فبينا هو في بكائه أخذته النعسة،فرأى جدّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إذا هو قد ضمّه الى صدره،و قبّل ما بين عينيه،و قال:

«يا ولدي،يا حبيبي،إنّي أراك عن قليل مرمّلا بدمائك،مذبوحا من قفاك، بأرض يقال لها كربلا،و أنت عطشان،و أعداؤك يرجون شفاعتي،لا أنالهم اللّه ذلك.يا ولدي،يا حبيبي،إنّ أباك و أمّك و جدّتك و أخاك و عمّك و عمّ أبيك و أخوالك و خالاتك و عمتك هم مشتاقون إليك،و إنّ لك في الجنّة درجة لن تنالها إلاّ بالشهادة،و إنّك و أباك و أخاك و عمّك و عمّ أبيك شهداء تحشرون زمرة واحدة حتى تدخلون الجنّة بالبهاء و البهجة».

فانتبه من نومه،فقصّها على أهل بيته فغموا غمّا شديدا.

ثم تهيأ على الخروج.

و قال له محمد بن الحنفية:يا أخي إنّي خائف عليك أن يقتلوك.

فقال:إنّي أقصد مكة فان كانت بي أمن أقمت بها و إلاّ لحقت بالشعاب و الرمال، حتى أنظر ما يكون.

ص: 54

ثم ودّعه و خرج في جوف الليل،و ذلك لثلاث مضين من شعبان سنة ستين من الهجرة.فلزم الجادة و يسير و يتلو هذه الآية فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ .

فقال له ابن عمّه مسلم بن عقيل:يا ابن رسول اللّه لو سلكنا غير الجادة كان لنا خير كما فعل عبد اللّه بن الزبير،فانّا نخاف أن يلحقنا رجال يزيد.

فقال:لا و اللّه ما فارقنا هذا الطريق أبدا.

فسار الحسين(رضي اللّه عنه و أرضاه)و هو ينشد و يقول:

إذا المرء لم يحمي بنيه و عرضه *** و نسوته كان اللئيم المسببا

ثم دخل مكة و جعل الناس يجيئون إليه لا ينقطعون عنه.

[رسل الكوفيين]

3- فلمّا بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية امتنعوا عن بيعة يزيد،فاجتمعوا و كتبوا الى الحسين رضي اللّه عنه كتابا يقولون فيه:«لك مالنا و عليك ما علينا،فلعلّ اللّه أن يجمع بيننا و بينك على الهدى و دين الحق»و رغّبوه في القدوم إليهم و قالوا:«فانفذ إلينا رجلا قبل وصولك يحكم فينا بحكم اللّه و رسوله».و كتبوا بهذا المعنى كتبا كثيرة،فكتب إليهم:«إنّي أرسلت إليكم ابن عمّي مسلم،فاسمعوا له و أطيعوه، و قد أمرته باللطف فيكم،و أن يرسل إليّ بحسن رأيكم،و ما أنتم عليه،و أنا أقدم عليكم إن شاء اللّه تعالى».

[بعث مسلم عليه السّلام الى الكوفة]

3,1- فأرسل مسلم[الى الكوفة]مع الدليلين،و في أثناء الطريق ضلاّه و مات أحدهما عطشا،فتطيّر مسلم،فبعث الى الحسين رضي اللّه عنه يخبره بذلك،و يستعفيه

ص: 55

عن المسير الى الكوفة،فبعث إليه يأمره بالمسير الى ما أمره أوّلا،فسار في وقته و ساعته الى أن قدم الكوفة ليلا،فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة.

فاجتمع الناس إليه فبايعه ثمانية عشر ألف رجل،و كتب مسلم الى الحسين (رضي اللّه عنهما)كتابا مخبرا بمبايعة أهل الكوفة.

فبلغ الخبر الى النعمان بن بشير،و كان هو والي الكوفة من طرف يزيد،فقال في خطبة:

«احذروا مخالفة يزيد بن معاوية،من أصبح منكم مخالفا لقولي لأضربن عنقه».

ثم إنّ عبد اللّه الحضرمي استضعف رأي النعمان،أرسل الى يزيد كتابا يذكر فيه بيعة الناس لمسلم و ضعف رأي النعمان،فأرسل يزيد عمر بن سعد بن أبي و قاص الى ابن زياد،و كان في البصرة،مع كتاب«يأمره على الرحيل الى الكوفة،و لا يدع من بني علي إلاّ قتله».

فلمّا وصل الكوفة و هو متلثم و بيده قضيب من خيزران و أصحابه حوله،فلا يمرّ بملإ إلاّ سلّم عليهم بالقضيب،و هم يظنون أنّه الحسين،لأنّهم يتوقعون قدومه.فلمّا دخل قصر الامارة علموا أنّه ابن زياد.

و قال للنعمان:«حفظت نفسك و ضيعت مصرك»فخطب على المنبر«يذكر أنّ يزيد ولاّه و أوصاه بالاحسان الى المحسن و التجاوز عن المسيء»و الناس ينظر بعضهم الى بعض و يقولون:«مالنا و امتناع السلطان»فنقضوا بيعة الحسين رضي اللّه عنه و بايعوا ابن زياد.

فلمّا سمع مسلم ذلك دخل هاربا دار هانئ بن عروة،و كان هانئ عليلا، و قال:«يا مسلم إنّ ابن زياد يأتيني للعيادة،فخذ هذا السيف و اقتله،فاذا رأيت أنا أقلع عمامتي عن رأسي فاضربه بالسيف».

و دخل ابن زياد و معه حاجبه بعد العشاء يسأله عن مرضه،و هو يشكو إليه ألمه،فقلع عمامته و تركها على الأرض ثلاث مرات،فلمّا رأى ابن زياد كثرة

ص: 56

الاشارات خرج هاربا و انصرف،فلمّا خرج مسلم من المخدع قال له هانئ:

ما منعك من قتله؟

قال:منعني كلام سمعته من أمير المؤمنين أنّه قال:لا إيمان لمن قتل مسلما!

قال هانئ:و اللّه لو قتلته لقتلت كافرا.

ثم علم ابن زياد أنّ مسلم بن عقيل في دار هانئ،فدخل ابن زياد مع رجال في داره،فقاتلهم هانئ حتى قتل منهم رجالا،و يقول:«و اللّه لو كانت رجلي على طفل من أطفال آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما رفعتها حتى تقطع»،ثم قتله ابن زياد بعمود من حديد.

و خرج مسلم من الدار هاربا حتى انتهى الى الحيرة،و دخل دار العجوزة فأكرمته،فدخل ابنها و رأى أمّه تكثر الدخول و الخروج الى موضع من الدار، فسألها فلم تخبره،و بعد أخذ العهود و القسم أخبرته.

ثم ولد العجوزة أخبر ابن زياد،فأرسل ابن زياد محمد بن الاشعث الكندي، و ضمّ إليه ألف فارس و خمسمائة راجل الى قتال مسلم،فقاتلهم قتالا شديدا حتى قتل منهم خلقا كثيرا،فأرسل ابن الأشعث الى ابن زياد يستمده بالخيل و الرجال.

فكتب إليه«إنّ رجلا واحدا يقتل منكم خلقا كثيرا،فكيف لو أرسلتك الى من هو أشدّ منه قوة و بأسا»-يعني الحسين-.

فكتب في الجواب«إنّما أرسلتني الى سيف من أسياف آل محمد»،فأمدّه بالعسكر الكثير.

ثم حمل مسلم عليهم أيضا فقتل منهم خلقا كثيرا و صار جلده كالقنفذ من كثرة السهام.

ص: 57

فقال ابن الأشعث:لك الأمان يا مسلم.

فقال لهم:لا أمان لكم يا أعداء اللّه و أعداء رسوله.

ثم إنّهم حفروا له حفيرة في وسط الطريق،و أخفوا رأسها بالدغل و التراب، فوقع مسلم في تلك الحفيرة،و أحاطوا به فضربه ابن الأشعث على وجهه بالسيف فشقّه،فأوثقوه و آتوه الى ابن زياد.

فقيل له:سلّم على الأمير.

فقال مسلم:و اللّه مالي أمير غير الحسين عليه السّلام ثم أنشد:

اصبر لكلّ مصيبة و تجلّد *** و اعلم بأنّ المرء غير مخلّد

و إذا ذكرت مصيبة تشجى لها *** فاذكر مصيبة آل بيت محمد

و اصبر كما صبر الكرام فانّها *** نوب تنوب اليوم تكشف في غد

فقال ابن زياد:يا مسلم سواء عليك سلّمت أو لم تسلّم إنّك مقتول لا محالة.

قال مسلم:أريد رجلا قرشيّا أوصيه.

فقام عمر بن سعد إليه و قال له:ما وصيّتك؟

فقال له:أول وصيّتي:فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أن محمدا رسول اللّه،و أن عليا ولي اللّه و وصي رسوله و خليفته في أمته.

و الثانية:تبيع درعي و تقضي عنّي سبعمائة درهم استقرضتها.

و الثالثة:أن تكتب الى سيدي الحسين يرجع و لا يأتي الى بلدكم.

فقال ابن سعد:أمّا ما ذكرت من الشهادة فكلّنا نشهد بها،و أمّا بيع الدرع و قضاء الدين إن شئنا قضيناه و إلاّ لا،و أمّا من أمر الحسين فلا بد أن يقدم إلينا و نذيقه الموت.

ثم أمر ابن زياد أن يصعد بمسلم على أعلى القصر و يرمى منه،فبكى مسلم على

ص: 58

فراق الحسين(رضي اللّه عنهما)و جعل يقول:

جزى اللّه عنا شرّ ما قد جزى *** شرار الموالى بل أعقّ و أظلما

هم منعونا حقّنا و تظاهروا *** علينا و راموا أن نذلّ و نرغما

و غاروا علينا يسفكون دماءنا *** فحسبهم اللّه العظيم المعظما

و نحن بنو المختار لا شيء مثلنا *** و فينا نبي مكرم و مكرما

ثم ألقوه من أعلى القصر،و عجل اللّه بروحه الى الجنّة.

ثم أخذوا مسلما و هانيا فألقوهما في الأسواق،فبلغ خبر مسلم و هانئ الى قبائل مذحج فقاتلوا القوم،فغسّلوهما و دفنوهما رحمهما اللّه.

[خروج الحسين عليه السّلام من مكة]

3,14- و اليوم الذي قتل فيه مسلم بن عقيل و هو يوم الثلاثاء لثمان خلون من ذي الحجة يوم التروية كان فيه خروج الحسين رضي اللّه عنه من مكة الى العراق،بعد أن طاف و سعى و أحلّ من إحرامه،و جعل حجّه عمرة مفردة،لأنّه لم يتمكّن من إتمام الحج مخافة أن يبطش به و يقع الفساد في الموسم و في مكة؛لان يزيد أرسل مع الحجاج ثلاثين رجلا من شياطين بني أميّة و أمرهم بقتل الحسين على كلّ حال.

ثم إنّ محمد بن الحنفية سمع أنّ أخاه الحسين(رضي اللّه عنهما)يريد العراق، فبكى[بكاء]شديدا،ثم قال له:إنّ أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك و أخيك،فان قبلت قولي أقم بمكة.

فقال:يا أخي إنّي أخشى أن تغتالني جنود بني أميّة في مكة فأكون أنا الذي يستباح حرم اللّه.

ص: 59

ثم قال:يا أخي فسر الى اليمن فانّك أمنع الناس به.

فقال الحسين رضي اللّه عنه:يا أخي لو كنت في بطن صخرة لاستخرجوني منها فيقتلوني.

ثم قال له الحسين:يا أخي سأنظر فيما قلت.

فلمّا كان وقت السحر عزم على المسير الى العراق،فأخذ محمد بن الحنفية زمام ناقته و قال:يا أخي ما سبب انّك عجلت؟

فقال:إنّ جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتاني بعد ما فارقتك و أنا نائم،فضمّني الى صدره و قبّل ما بين عينيّ و قال لي:«يا حسين يا قرة عيني أخرج الى العراق فاللّه (عزّ و جلّ)قد شاء أن يراك قتيلا مخضبا بدمائك».

فبكى محمد بن الحنفية بكاء شديدا فقال:يا أخي إذا كان الحال هكذا فلا معنى لحملك لهؤلاء النسوة.

فقال:قال لي جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أيضا:«إنّ اللّه(عزّ و جلّ)قد شاء أن يراهنّ سبايا،مهتّكات،يساقون في أسر الذل»و هنّ أيضا لا يفارقنني ما دمت حيا.

فبكى محمد بن الحنفية بكاء شديدا ثم قال:أودعتك اللّه يا حسين،في دعة اللّه يا أخي.

و نقل أن أمّ سلمة(رضي اللّه عنها)قالت:يا بنيّ لا تحزنّي بخروجك الى العراق فأنا سمعت جدّك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:«يقتل ولدي الحسين بالعراق بأرض يقال لها كربلا».

فقال:يا أماه و اللّه أعلم ذلك،و انّي مقتول لا محالة،و أعرف اليوم الذي أقتل فيه،و أعرف من يقتلني،و أعرف البقعة التي أدفن فيها،و أعرف من يقتل من أهل بيتي و شيعتي،و إن أردت يا أمّاه أريتك حفرتي و مضجعي،ثم أشار بيده الشريفة الى جهة كربلا فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه و مدفنه

ص: 60

و مشهده،فبكت بكاء شديدا.

ثم إنّه كتب الى العراق كتابا فيه:

بسم اللّه الرحمن الرحيم من الحسين بن علي بن أبي طالب الى اخوانه المؤمنين:

سلام عليكم.و إنّي أحمد اللّه تعالى الذي لا إله إلاّ هو.

أمّا بعد:فانّ كتاب مسلم بن عقيل أتاني يخبرني بحسن رأيكم،و اجتماع ملّتكم،و الطلب بحقّنا،فسألت اللّه أن يحسن لنا و لكم الصنع،و أن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر،و قد شخصت إليكم يوم الثلاثاء لثمان خلون من ذي الحجة يوم التروية،فاذا قدم عليكم رسولي فاكتبوا إليّ أمركم،فانّي قادم عليكم في أيامي هذه إن شاء اللّه تعالى.و السّلام.

فلمّا أقبل الرسول بالكتاب الى الكوفة لقاه الحصين بن نمير فأتى به عند ابن زياد،فمزق الرسول الكتاب.

قال ابن زياد له:من أنت؟

قال:أنا شيعة الحسين.

قال:لم مزقت الكتاب؟

قال:لئلا تعلم ما فيه.

فأمره ابن زياد بسبّ علي و الحسنين،فصعد المنبر و قال:أيّها الناس،إنّ الحسين خير خلق اللّه تعالى،و أنا رسوله إليكم فأجيبوه،ثم لعن ابن زياد و أباه.

فأمر به ابن زياد أن يلقى من أعلى القصر،فرموه فمات(رحمه اللّه تعالى).

فبينما الحسين رضي اللّه عنه في المسير إذ جاء هلال بن نافع و عمرو بن خالد من

ص: 61

الكوفة،فسأل عنهما أحوال الناس،فقالا:«أما الأغنياء فقلوبهم الى ابن زياد،و أمّا باقي الناس فقلوبهم إليك،و إنّ مسلم و هانئ و قيس الذي كان رسولك قتلوا»

فقال:اللّهم اجعل الجنّة لنا و لأشياعنا منزلا كريما إنّك على كلّ شيء قدير.

ثم خطب و قال:قد نزل بنا ما ترون،و إنّ الدنيا قد تغيّرت و تكدّرت،و أدبر معروفها،و لم يبق منها إلاّ كصبابة الاناء،لا يعمل بالحقّ و لا ينتهى عن الباطل،و لا يرى المؤمن الموت إلاّ سعادة و الحياة مع الظالمين إلاّ خسارة.

ثم نام نصف النهار و استيقظ و قال:سمعت هاتفا يقول:«يسير القوم و المنايا تسير معهم».

فقال له ابنه:يا أبتاه ألسنا على الحق؟

فقال:بلى و الذي مرجع العباد إليه يا بني.

فقال:إذا و اللّه لا نبالي بالموت إذا كنّا على الحقّ و الهدى.

[اعتراض الحر]

3- ثم سار حتى أتى موضعا يقال له«زبالة»فنزل و خطب و قال:

«أيّها الناس فمن كان منكم يصبر على حدّ السيف و طعن الأسنّة فليقم معنا و إلاّ فلينصرف عنّا»فجعل القوم يتفرّقون،فلم يبق إلاّ أهل بيته و مواليه، و هم نيف و سبعون رجلا،و هم الذين خرجوا معه من مكة.

فسار بهم الى التغلبية،فاعترضهم الحر بن يزيد الرياحي،و هو قادم من القادسية رسولا إليه من الحصين بن نمير،و كان الحصين بالقادسية في أربعة آلاف فارس،فلم يزل الحر يطلب الحسين رضي اللّه عنه حتى لقيه عند صلاة الظهر.

ص: 62

قال الحر له:«لا نفارقك حتى أدخلناك عند ابن زياد»فأبى الحسين رضي اللّه عنه.

فقال الحر:«إذا أبيت ذلك فخذ طريقا آخر».

و الحر يساير معه حتى انتهى الى قصر بني مقاتل،و إذا بفسطاط مضروب لرجل يقطع الطريق فقال له:«إنّك قد عملت على نفسك ذنوبا كثيرة فهل لك من عمل تمحو به ذنوبك»؟

قال:بما ذا؟

قال:تنصر ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال:أعطيك فرسي و سيفي و اعفني عن ذلك.

قال:إذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا بمالك،و تلا هذه الآية وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً .ثم قال:سمعت جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:«من سمع واعيتنا أهل البيت و لم يجبه أكبّه اللّه على منخريه في النار».

[نزول كربلاء]

14,3- ثم أقبل فارس من الكوفة سلّم على الحر و لم يسلّم على الحسين رضي اللّه عنه و دفع الى الحر كتابا من ابن زياد و يأمره بالتعجيل،فساروا جميعا الى أن انتهوا الى أرض كربلا، إذ وقف جواد الحسين و كلّما حثّه على المسير لم ينبعث من تحته خطوة واحدة.

فقال الامام:ما يقال لهذه الأرض؟

قالوا:تسمى كربلا.

فقال:هذه و اللّه أرض كرب و بلا،هاهنا تقتل الرجال و ترمّل النساء،و هاهنا محلّ قبورنا و محشرنا،و بهذا أخبرني جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ثم نزل عن جواده و ذلك يوم الأربعاء ثامن المحرم سنة إحدى و ستين و هو يقول:

يا دهر أف لك من خليل *** كم لك بالاشراق و الأصيل

ص: 63

من طالب بحقّه قتيل *** و الدهر لا يقنع بالبديل

و كلّ حيّ سالك سبيل *** و منتهى الأمر الى الجليل

ما أقرب الوعد الى الرحيل ***

و لم يزل يكررها حتى سمعته أخته زينب،فخرجت من الخيمة و قالت:يا أخي و قرّة عيني،هذا كلام من أيقن بالموت، وا ثكلاه،اليوم مات جدّي محمد المصطفى،و أبي علي المرتضى،و أمّي فاطمة الزهراء،و أخي الحسن المجتبى، و خرت مغشيا عليها.

ثم قال لها:يا أختاه إنّ أهل السماء و الأرض يموتون،و كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ .ثم قال لها:يا أختاه بحقّي عليك إذا أنا قتلت فلا تشقّي جيبا،و لا تخمشي وجها.

ثم حملها و أدخلها في الخيمة،ثم أمر أصحابه أن يقربوا البيوت بعضها من بعض.

ثم ابن زياد نادى في عسكره:من يأتيني برأس الحسين فله الجائزة العظمى و أعطيه ولاية الري سبع سنين.

فقام إليه عمر بن سعد بن أبي وقاص و قال:أنا.

فقال:امض إليه و امنعه عن شرب الماء و آتيني برأسه.

فدخل على عمر أولاد المهاجرين و الأنصار و قالوا:يا ابن سعد تخرج الى حرب الحسين رضي اللّه عنه و أبوك سادس الإسلام؟!

فقال:لست أفعل ذلك.

ثم جعل يفكر في ملك الري و قتل الحسين،فأضلّه الشيطان و أعمى قلبه.

ثم قال لهم الحسين رضي اللّه عنه:«و اللّه ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري، و اللّه ما تعمدت الكذب مذ نشأت و عرفت أنّ اللّه يمقت الكذب،هل تطلبوني

ص: 64

بنفس قتلته؟أو بمال استملكته؟أو بقصاص من جراحة؟»،فسكتوا.

ثم في الليلة التاسعة من المحرم كان لأصحابه دويّ كدويّ النحل من الصلاة و التلاوة فقال لهم:

«إنّي لا أعلم أصحابا أوفى بالعهد و لا خيرا من أصحابي،و لا أهل بيت أبرّ و لا أوصل بالرحم من أهل بيتي،فجزاكم اللّه عنّي خيرا،ألا و إنّي قد أذنت لكم فانطلقوا فأنتم في حلّ منّي،و هذه الليلة سيروا بسوادها فاتخذوها سترا جميلا».

فقال له اخوته و أهل بيته و أصحابه:«لا نفارقك لحظة و لا يبقي اللّه إيانا بعدك أبدا».

ثم قال لأعدائه:أ لست أنا ابن بنت نبيكم و ابن أول المؤمنين إيمانا و المصدق للّه و رسوله؟

أ ليس حمزة سيد الشهداء عمّي؟

أ ليس جعفر الطيار في الجنان عمّي؟

أ ليس قال جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:إنّ هذين ولداي سيدا شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين؟

أ ليس قال:إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي؟

فان صدّقتموني فيما أقول فنعمّا هو و إلاّ فاسألوا جابر بن عبد اللّه،و سعدا و سهل بن سعد الساعدي،و زيد بن أرقم،و أنس بن مالك،فانّهم سمعوا ذلك من جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ص: 65

ثم نادى:يا شبث بن ربعي و يا كثير بن شهاب،أ لم تكتبوا إليّ أن أقدم،لك ما لنا و عليك ما علينا؟

فقالوا:ما نعرف ما تقول،فانزل على حكم الأمير و بيعة يزيد.

فقال:و اللّه لا أعطي بيدي إعطاء الذليل و لا أقرّ إقرار العبيد،و إنّي أعوذ باللّه أن أنزل تحت حكم كلّ متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.

[واقعة الطف]

3- ثم إنّ الحسين مع أصحابه(رضي اللّه عنهم)تهيئوا للقتال،فرمى ابن سعد سهما و قال:«اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل من حارب الحسين»،و كان أوّل راية خرجت الى حرب الحسين رضي اللّه عنه راية عمر بن سعد،ثم دعا عروة بن قيس الخثعمي،و خولي بن يزيد الأصبحي،و سنان بن أنس النخعي،و الشمر ابن ذي الجوشن الضبابي،و عقد لكلّ واحد منهم راية على أربعة آلاف فارس،و سار القوم جميعا من الكوفة حتى أحاطوا الحسين في أربعين ألف فارس،لا فيهم شامي و لا حجازي و لا مصري،بل جميع القوم من أهل الكوفة،فأرسل عمر بن سعد شهاب بن كثير الى الإمام.

قال الإمام:ما يريد؟

قالوا:الدخول عليك.

فقال له زهير:الق سلاحك و ادخل.

قال:لست أفعل ذلك.

فرجع الى عمر،ثم أرسل رجلا يسمّى خزيمة فألقى سلاحه،فقبّل قدمي الامام،فما رجع الى عمر بن سعد،و قال:«من ذا الذي يترك الجنّة و يمضي الى

ص: 66

النار!»ثم أقام مع الامام حتى قتل بين يدي الامام الحسين(رضي اللّه عنهما).

[مقتل العباس]

3- و لمّا اشتد العطش قال الامام لأخيه العباس:«اجمع أهل بيتك و احفروا بئرا» ففعلوا ذلك فوجدوا فيها صخرة،ثم حفروا أخرى فوجدوها كذلك،ثم قال له:«امض الى الفرات و آتينا الماء»،فقال:«سمعا و طاعة»،فضمّ إليه الرجال،فمنعهم جيش عمر بن سعد،فحمل عليهم العباس فقتل رجالا من الأعداء حتى كشفهم عن المشرعة،و دفعهم عنها،و نزل فملأ القربة،و أخذ غرفة من الماء ليشرب فذكر عطش الحسين و أهل بيته فنفض الماء من يده و قال:«و اللّه لا أذوق الماء و أطفاله عطاش و الحسين»و أنشأ يقول:

يا نفس من بعد الحسين هوني *** فبعده لا كنت أن تكوني

هذا الحسين شارب المنون *** و تشربين بارد المعين

و اللّه ما هذا فعال ديني *** و لا فعال صادق اليقين

فأخذه السهام من كلّ جانب فأصابته حتى صار جلده كالقنفذ و هو يقول:

أقاتل اليوم بقلب مهتد *** أذبّ عن سبط النبي أحمد

أضربكم بالصارم المهند *** حتى تحيدوا عن قتال سيدي

إنّي أنا العباس ذو التودّد *** نجل علي الطاهر المؤيد

ثم قاتل قتالا شديدا،و قتل منهم رجالا،و هو يقول:

لا أرهب الموت إذا الموت لقى *** حتى أوارى في المصاليت لقا

نفسي لنفس الطاهر الطهر وقى *** إنّي صبور شاكر للملتقى

و لا أخاف طارقا إذ طرقا *** بل أضرب الهام و أبري المغرقا

ص: 67

فحمل عليه الأبرد بن شيبان فضربه على يمينه فطارت مع السيف،فأخذ السيف بشماله و حمل على أعدائه،و هو يقول:

و اللّه لو قطعتم يميني *** لأحمين مجاهدا عن ديني

و عن إمام صادق اليقين *** سبط النبي الطاهر الأمين

فقتل منهم رجالا،فضربه عبد اللّه بن يزيد على شماله فقطعها،فأخذ السيف بفمه،و هو يقول:

يا نفس لا تخشي من الكفار *** و أبشري برحمة الجبار

مع النبي سيد الأبرار *** قد قطعوا في بغيهم يساري

و قد بغوا معاشر الفجار *** فأصلهم يا ربّ حرّ النار

ثم حمل على القوم و يداه مقطوعتان،و قد ضعف من كثرة الجراح،فحملوا عليه بأجمعهم،فضربه رجل منهم بعمود من حديد على رأسه الشريف ففلق هامته،فوقع على الأرض و هو ينادي:«يا أبا عبد اللّه،يا حسين،عليك منّي السّلام»،فقال الامام:«وا عباساه وا مهجة قلباه»و حمل عليهم و كشفهم عنه، و نزل إليه،و حمله على جواده فأدخله على الخيمة،و بكى بكاء شديدا،و قال:

«جزاك اللّه عنّي خير الجزاء فلقد جاهدت حقّ الجهاد».

[وعظ الحسين عليه السّلام و أصحابه لأهل الكوفة]

3- ثم قال لأعدائه:يا أهل الكوفة إنّ الدنيا قد تغيّرت و تكدّرت،و أدبر معروفها، و هي دار فناء و زوال،تتصرف بأهلها من حال الى حال،فالمغرور من اغترّ بها، و ركن إليها،و طمع فيها.معاشر الناس أ ما قرأتم القرآن؟أ ما عرفتم شرايع الاسلام؟وثبتم على ابن نبيكم تقتلوه ظلما و عدوانا،معاشر الناس هذا ماء

ص: 68

الفرات تشرب منه الكلاب و الخنازير و المجوس و آل نبيكم يموتون عطاشا؟!.

فقالوا:و اللّه لا تذوق الماء بل تذوق الموت غصة بعد غصة و جرعة بعد جرعة.

فلمّا سمع منهم ذلك رجع الى أصحابه و قال لهم:«إنّ القوم قد استحوذ عليهم الشيطان ألا إنّ حزب الشيطان هم الخاسرون»،ثم جعل يقول:

تعديتم يا شرّ قوم ببغيكم *** و خالفتم قول النبي محمد

أ ما كان خير الخلق أوصاكم بنا *** أ ما كان جدّي خيرة اللّه أحمد

أ ما كانت الزهراء أمّي و والدي *** علي أخو خير الأنام الممجّد

لعنتم و أخزيتم بما قد فعلتم *** فسوف تلاقون العذاب بمشهد

فلمّا فرغ من هذا الشعر أمر أنس الكاهلي أن يذهب الى القوم و يعظهم عسى أن يرجعوا،و قال:«أنا أعلم أنّهم لا يرجعوا و لكن تكون حجّة عليهم»فانطلق أنس فدخل على ابن سعد و لم يسلّم عليه.

فقال ابن سعد له:لم لم تسلّم علي أ لست مسلما؟

قال:و اللّه لست أنت مسلم،لأنّك تريد أن تقتل ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فنكس رأسه فقال:و اللّه إنّي لأعلم أنّ قاتله في النار و لكن لا بد من إنفاذ حكم الأمير عبيد اللّه بن زياد.

فرجع أنس الى الحسين رضي اللّه عنه و أخبره بذلك.

ثم قال مسلم بن عوسجة:و اللّه لأكسرن في صدورهم رمحي و لأضربن أعناقهم بسيفي حتى ألقى اللّه(عزّ و جلّ)ليعلم اللّه أنّا قد حفظنا عترة رسوله، فلو أقتل ثم أحيى حتى يفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك.

ثم قال زهير بن القين نحوه،ثم تكلّم كلّ واحد من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا و قالوا:«أنفسنا لنفسك الفداء،فان قتلنا قضينا ما علينا من واجب حقّكم».

ص: 69

[الاستعداد للحرب]

3- ثم إنّ عمر بن سعد جعل في الميمنة من جيشه سنان بن أنس النخعي،و جعل في الميسرة الشمر بن ذي الجوشن الضبابي،مع كلّ واحد منهما أربعة آلاف فارس،و وقف عمر و باقي أصحابه في القلب.

و جعل الحسين رضي اللّه عنه في الميمنة من جيشه زهير بن القين معه عشرون رجلا، و جعل في الميسرة حبيب بن مظاهر في ثلاثين فارس،و وقف هو و باقي جيشه في القلب،و حفروا حول الخيمة خندقا و ملئوه نارا حتى يكون الحرب من جهة واحدة.

فقال رجل ملعون:عجلت يا حسين بنار الدنيا قبل نار الآخرة.

فقال الحسين رضي اللّه عنه:تعيّرني بالنار و أبي قاسمها،و ربّي غفور رحيم.

ثم قال لأصحابه:أ تعرفون هذا الرجل؟

فقالوا:هو جبيرة الكلبي(لعنه اللّه).

فقال الحسين:اللّهم احرقه بالنار في الدنيا قبل نار الآخرة.

فما استتم كلامه حتى تحرّك به جواده فطرحه مكبّا على رأسه في وسط النار فاحترق، فكبّروا،و نادى مناد من السماء«هنيت بالاجابة سريعا يا بن رسول اللّه».

قال عبد اللّه بن مسرور:لمّا رأيت ذلك رجعت عن حرب الحسين.

ثم قال أبو ثمامة الصيداوي:يا سيدي صلّ بنا صلاة الظهر و العصر،فانا نراها آخر صلاة نصلّيها معك،فلعلّنا نلقى اللّه على أداء فريضته.

فأذّن و أقام فقاموا في الصلاة،و هم يرمون السهام إليهم،فقال:«يا ويلكم أ لا تقفون عن الحرب حتى نصلّي»فلم يجبه أحد إلاّ الحصين بن نمير قال:

ص: 70

يا حسين إنّ صلاتك لا تقبل،فقال له حبيب بن مظاهر:«إذا لم تقبل صلاة ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بل تقبل صلاتك يا ابن الخمارة البوالة على عقبيها».

[مقتل حبيب بن مظاهر رضي اللّه عنه]

3- ثم برز حبيب و هو يقول:

أنا حبيب و أبي مظاهر *** و فارس الهيجاء ليث قصور

و اللّه أعلى حجة و أظهر *** منكم و أنتم بقر لا تنفر

سبط النبي إذ أتى يستنصر *** يا شرّ قوم في الورى و أكفر

فحمل على الحصين فضربه ضربة أسقطته عن ظهر فرسه الى الأرض فاستنقذه أصحابه،و لم يزل حبيب يقاتل حتى قتل منهم خلقا كثيرا،ثم قتل، و قال الحسين:«يرحمك اللّه يا حبيب،لقد كنت تختم القرآن في ليلة واحدة و أنت فاضل».

[مقتل زهير رضي اللّه عنه]

3- فقال زهير بن القين:يا مولاي أرى الانكسار في وجهك بعد قتل العباس و حبيب،ألسنا على الحق؟

قال:بلى و حقّ الحقّ إنّا على الحقّ محقّين.

قال زهير:فما تكره من موتنا و إنّا ندخل الجنّة و نعيمها.

فبرز و هو يقول:

أنا زهير و ابن القين *** و في يميني مرهف الحدّين

أذبّ بالسيف عن الحسين *** ابن علي طاهر الجدّين

ص: 71

ثم حمل عليهم فقتل منهم عشرين فارسا،ثم أقبل الى الحسين فصلّى بالجماعة، ثم قال:يا قومي هذه الجنّة قد فتحت أبوابها و أبيحت أثمارها،و هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الشهداء يتوقّعون قدومنا،فحاموا عن دين اللّه،و احافظوا حرم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ثم برز و هو يقول:

أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا *** ثم أباك الطاهر المؤيدا

و الحسن المسموم ذاك الأمجدا *** و ذا الجناحين حليف الشهداء

و حمزة الليث الهمام الأسعدا *** في جنّة الفردوس عاشوا سعدا

و لم يزل يقاتل حتى قتل من الأعداء نيفا و خمسين فارسا،ثم قتل رضي اللّه عنه.

[مقتل حنظلة]

17- ثم: برز حنظلة و هو يقول:

يا شرّ قوم حسبا و زادا *** و كم ترومون لنا العنادا

أنتم أناس أبعد العبادا *** لا حفظ اللّه لكم أولادا

فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم ستين فارسا،ثم قتل رضي اللّه عنه.

[مقتل المعلاّ رضي اللّه عنه]

17- ثم: برز المعلاّ بن العلا و هو يقول:

لا تنكروني فأنا ابن الكلب *** عبل الذراعين شديد الضرب

إنّي غلام واثق بربّي *** حسبي به مولاي نعم الحسب

لا أرهب الموت بدار الرحب *** أفوز بالجنّة يوم الكرب

ص: 72

و لم يزل يقاتل حتى قتل من القوم عشرين فارسا،و أصابت جسده سبعين طعنة و رمية،و صار جلده كالقنفذ،فاجتزوا رأسه و رموه نحو الحسين، فأخذته أمّه و تقول:«الحمد للّه قتلت يا ولدي بين يدي ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم»ثم قالت:«يا أمّة السوء أشهد أنّ اليهود و النصارى خير منكم».

[مقتل عبد اللّه بن مسلم رضي اللّه عنه]

3- ثم: برز عبد اللّه بن مسلم بن عقيل و هو يقول:

نحن بنو هاشم الكرام *** نحمي عن السيد و الامام

نجل علي ابن السيد الضرغام *** سبطا النبي الملك العلام

فلم يزل يقاتل حتى قتل من الأعداء نيفا و خمسين فارسا،ثم قتل رضي اللّه عنه.فلمّا نظر الحسين إليه قال:«اللهم اقتل قاتل آل عقيل».ثم قال:«احملوا عليهم -بارك اللّه فيكم-و بادروا الى الجنّة التي هي دار الايمان».

[مقتل عون بن عبد اللّه رضي اللّه عنه]

17- فبرز عون بن عبد اللّه بن جعفر الطيار و هو يقول:

أقسمت لا أدخل إلاّ الجنّة *** مصدّقا بأحمد و السنة

و البعث من بعد انقطاع الرنّة *** هو الذي أنقذنا بمنّه

عن حيرة الكفر و كيد الضنّة *** صلّى عليه اللّه بارى الجنّة

فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم ستين فارسا،ثم قتل رضي اللّه عنه.

ص: 73

[مقتل عروة الغفاري رضي اللّه عنه]

3- ثم: برز عروة الغفاري و كان شيخا كبيرا شهد بدرا و حنين و صفين و قال له الحسين:«شكر اللّه لك أفعالك يا شيخ».

فأنشد:

قد علمت حقّا بنو غفار *** و خندف ثم بنو نزار

بنصرتي لأحمد المختار *** و آله السادات و الأبرار

صلّى عليهم خالق الأشجار *** ربّ البرايا خالق الأطيار

و لم يزل يقاتل حتى قتل منهم خمسة و عشرين فارسا،ثم قتل رضي اللّه عنه.

[مقتل مالك رضي اللّه عنه]

17- ثم: برز مالك و هو يقول:

إليكم من مالك الضرغام *** ضرب فتى يحمي عن الإمام

يرجو ثواب الملك العلام *** سبحانه مقدّر الأعوام

و لم يزل يقاتل حتى قتل منهم أربعة و أربعين فارسا،ثم قتل رضي اللّه عنه.

[مقتل موسى بن عقيل رضي اللّه عنه]

17- ثم: برز موسى بن عقيل و هو يقول:

يا معشر الكهول و الشبان *** أضربكم بالسيف و السنان

أرضي بذاك خالق الانسان *** ثم رسول الملك المنان

و لم يزل يقاتل حتى قتل من الأعداء ستين فارسا ثم قتل رضي اللّه عنه.

ص: 74

[مقتل أحمد بن محمد الهاشمي رضي اللّه عنه]

17- ثم: برز أحمد بن محمد الهاشمي و هو يقول:

اليوم أتلو حسبي و ديني *** بصارم تحمله يميني

أحمي به يوم اللقا قرين *** ابن علي الطاهر الجدّين

فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم خلقا كثيرا رضي اللّه عنه.

[مقتل سليمان مولى الحسين عليه السّلام]

17- ثم: برز سليمان مولى الحسين(رضي اللّه عنهما)فقتل منهم رجالا،ثم قتل رضي اللّه عنه.

[توبة الحر رضي اللّه عنه و مقتله و ابنه]

3- فجعل الحسين رضي اللّه عنه ينظر يمينا و شمالا فلم ير أحدا يبارز أعداءه،فبكى بكاء شديدا و هو ينادي:«وا محمداه وا علياه وا حمزتاه وا جعفراه وا عباساه،يا قوم أ ما من معين يعيننا،أ ما من خائف من عذاب اللّه فيذبّ عنّا»ثم جعل يقول:

أنا ابن علي الطهر من آل هاشم *** كفاني بهذا مفخر حين أفخر

و فاطم أمّي ثم جدّي محمد *** و عمّي هو الطيار في الخلد جعفر

بنا بيّن اللّه الهدى عن ضلاله *** و فينا الولاء للعوالم مفخر

و شيعتنا في الناس أكرم شيعة *** و باغضنا يوم القيامة يخسر

فطوبى لعبد زارنا بعد موتنا *** بجنّة عدن صفوها لا يكدر

إذا ما أتى يوم القيامة ظاميا *** الى الحوض يسقيه بكفيه حيدر

فسمعه الحرّ بن يزيد الرياحي فقال لولده:«إنّ الحسين يستغيث فلا يغيثه أحد،فهل لك نقاتل بين يديه و نفديه بأرواحنا،و لا صبر لنا على النار و لا

ص: 75

على غضب الجبار،و لا يكون خصمنا محمد المختار؟»قال ولده:«و اللّه أنا مطيعك».ثم حملا كأنّهما يقاتلان حتى جاءا بين يدي الامام،و قبّلا الأرض، و قال الحر:«يا مولاي أنا الذي منعتك من الرجوع،و اللّه ما علمت أنّ القوم الملاعين يفعلون بك ما فعلوا،و قد جئناك تائبان»فحمل ولده على القوم،و لم يزل يقاتل حتى قتل منهم أربعة و عشرين رجلا،ثم قتل رضي اللّه عنه،فاستبشر أبوه فرحا و قال:«الحمد للّه الذي استشهد ولدي بين يدي ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم».

ثم برز الحر و هو يقول:

أكون أميرا غادرا و ابن غادر *** إذا أنا قاتلت الحسين ابن فاطمه

أسفي على خذلانه و انفراده *** ببيعة هذا ناكث العهد لازمه

فيا ندمي أن لا أكون نصيره *** و يا حسرتي إن لم أفارق ظالمه

سقى اللّه أرواح الذين تبادروا *** الى النصر بالهيجاء ليوثا ضراغمه

فمالوا الى نصر ابن بنت نبيهم *** بأسيافهم آساد غيل مصادمه

و لم يزل يقاتل حتى قتل رجالا،فرجع الى الحسين رضي اللّه عنه و هو يقول:

لقد خاب قوم خالفوا أمر ربّهم *** يريدون هدم الدين و الدين شارع

يريدون عمدا قتل آل محمد *** و جدّهم لأعدائهم ليس شافع

ثم حمل عليهم و قال:«يا أهل الكوفة،هذا الحسين،لقد دعوتموه و زعمتم أنّكم تنصرونه و تقتلون أنفسكم عنده،فوثبتم عليه و أحطتم به من كلّ جانب، و منعتم أهله من شرب الماء الذي تشربه الكلاب و الخنازير،بئس ما صنعتم لا سقاكم اللّه يوم العطش الأكبر،إن لا ترجعون عمّا أنتم عليه».

ثم حمل عليهم فقتل منهم خمسين رجلا،ثم قتل رضي اللّه عنه،و اجتزوا رأسه و رموه نحو الامام،فوضعه في حجره و هو يبكي و يمسح الدم عن وجهه و يقول:«و اللّه

ص: 76

ما أخطأت أمّك إذ سمّتك حرا،فأنت و اللّه حر في الدنيا و سعيد في الآخرة» و هو يقول:

فنعم الحرّ حرّ بني رياح *** صبور عند مشتبك الرماح

و نعم الحرّ إذ واسا حسينا *** و جاد بنفسه عند الصفاح

لقد فازوا الذي نصروا حسينا *** و فازوا بالهداية و الصلاح

.

[مقتل القاسم رضي اللّه عنه]

3- ثم: برز القاسم بن الحسن المجتبى،و هو شاب،و حمل على القوم،و لم يزل يقتل منهم حتى قتل منهم ستين رجلا،فضربه رجل على هامته فصرع الى الأرض و هو يقول:«يا عماه أدركني»،فحمل عليهم الامام و فرق القوم عنه،فقتل قاتل القاسم رضي اللّه عنه فبكى الامام و قال:«اللّهم أنت تعلم أنّهم دعونا لينصرونا فخذلونا و أعانوا علينا.اللّهم احبس عنهم قطر السماء و احرمهم بركاتك،اللّهم لا ترض عنهم أبدا،اللّهم إنّك إن كنت حبست عنا النصر في الدنيا فاجعله لنا ذخرا في الآخرة،و انتقم لنا من القوم الظالمين».

[مقتل أحمد بن الحسن عليه السّلام]

3- ثم: برز أخوه أحمد بن الحسن المجتبى،و هو ابن سبعة عشر سنة،و هو يقول:

إنّي أنا نجل الامام ابن علي *** نحن و بيت اللّه أولاد النبي

أضربكم بالسيف حتى يلتوي *** أطعنكم بالرمح حتى ينثني

و لم يزل يقاتل حتى قتل منهم ثمانين رجلا،ثم رجع الى الامام و قد غارت عيناه من العطش و ينادي:«يا عماه هل شربة من ماء أتقوّى بها على أعداء

ص: 77

اللّه و أعداء رسوله»؟

فقال له الامام:«يا بني اصبر قليلا تلقى جدّك محمد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيسقيك شربة لا تظمأ بعدها أبدا».

ثم حمل عليهم فقتل منهم خلقا كثيرا،ثم قتل رضي اللّه عنه.

[مقتل علي الأكبر عليه السّلام]

3- ثم: برز علي الأكبر بن الحسين(رضي اللّه عنهما)،و هو ابن سبعة عشر سنة، و هو يقول:

أنا علي بن الحسين بن علي *** نحن و بيت اللّه أولى بالنبي

أضربكم بصارم لم يفلل *** أطعنكم بالرمح وسط القسطل

و لم يزل يقاتل حتى قتل منهم ثمانين رجلا،ثم ضربه رجل من القوم على رأسه الشريف فخر الى الأرض،ثم استوى جالسا يقول:«يا أباه هذا جدّي محمد المصطفى،و علي المرتضى،و هذه جدّتي فاطمة الزهراء،و خديجة الكبرى»، فحمل عليهم الامام ففرّقهم عنه،و وضع رأسه في حجره،و جعل يمسح الدم عن وجهه[و]يقول:«لعن اللّه قوما قتلوك يا ولدي،ما أشدّ جرأتهم على اللّه و على انتهاك حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم»و أهملت عيناه بالدموع،و صرخن النساء فسكّتهن الامام،و قال لهن:«اسكتن فان البكاء أمامكن».

[مقتل عبد اللّه الرضيع عليه السّلام]

3- قالت أمّ كلثوم: «يا أخي إنّ ولدك عبد اللّه ما ذاق الماء منذ ثلاثة أيام فاطلب له من القوم شربة تسقيه»فأخذه و مضى به الى القوم و قال:«يا قوم لقد قتلتم

ص: 78

أصحابي و بني عمّي و اخوتي و ولدي،و قد بقي هذا الطفل،و هو ابن ستة أشهر، يشتكي من الظمأ فاسقوه شربة من الماء»فبينا هو يخاطبهم إذ أتاه سهم فوقع في نحر الطفل فقتله.

قيل:إنّ السهم رماه عاقبة بن بشير الأزدي(لعنه اللّه).

و يقول الحسين رضي اللّه عنه:«اللّهم إنّك شاهد على هؤلاء القوم الملاعين،إنّهم قد عمدوا أن لا يبقوا من ذرية رسولك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم»و هو يبكي بكاء شديدا و ينشد و يقول:

يا ربّ لا تتركني وحيدا *** قد أظهروا الفسوق و الجحودا

و صيّرونا بينهم عبيدا *** يرضون في فعالهم يزيدا

أمّا أخي فقد مضى شهيدا *** مجدّلا في فدفد فريدا

و أنت بالمرصاد يا مجيدا ***

.

[و داع الحسين عليه السّلام]

3- ثم: نادى:«يا أمّ كلثوم،و يا سكينة،و يا رقية،و يا عاتكة،و يا زينب،يا أهل بيتي عليكنّ منّي السّلام».

فلمّا سمعن رفعن أصواتهن بالبكاء،فضمّ بنته سكينة الى صدره،و قبّل ما بين عينيها،و مسح دموعها،و كان يحبّها حبّا شديدا،ثم جعل يسكّتها و يقول:

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي *** منك البكاء إذ الحمام دهاني

لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة *** ما دام منّي الروح في جثماني

فاذا قتلت فأنت أولى بالذي *** تأتينه يا خيرة النسوان

.

ص: 79

[مقتل الحسين عليه السّلام]

3- ثم: دنا من القوم و قال:«يا ويلكم أ تقتلوني على سنّة بدّلتها؟أم على شريعة غيّرتها؟أم على جرم فعلته؟أم على حقّ تركته؟».

فقالوا له:«إنا نقتلك بغضا لأبيك».فلمّا سمع كلامهم حمل عليهم فقتل منهم في حملته مائة فارس،و رجع الى خيمته،و أنشأ عند ذلك يقول:

خيرة اللّه من الخلق أبي *** بعد جدّي فأنا ابن الخيرتين

أمّي الزهراء حقّا و أبي *** وارث العلم و مولى الثقلين

عبد اللّه غلاما يافعا *** و قريش يعبدون الوثنين

يعبدون اللاّت و العزّى معا *** و علي قام صلّى القبلتين

مع نبيّ اللّه سبعا كاملا *** ما على الأرض مصلّي غير ذين

جدّي المرسل مصباح الدجى *** و أبي الموفي له في البيعتين

عروة الدين عليّ المرتضى *** صاحب الحوض معزّ الحرمين

و هو الذي صدّق في خاتمه *** حين ساوى ظهره للركعتين

والدي الطاهر و الطهر الذي *** ردّت الشمس عليه كرّتين

قتل الأبطال لمّا برزوا *** يوم بدر ثم أحد و حنين

أظهر الاسلام رغما للعدى *** بحسام قاطع ذي شفرتين

من له جدّ كجدّي المصطفى *** أحمد المختار صبح الظلمتين

من له أب كأبي حيدر *** ساد بالفضل أهالي الحرمين

من له عمّ كعمي جعفر *** ذي الجناحين كريم النسبتين

من له أمّ كأمّي في الورى *** بضعة المختار قرّة كلّ عين

والدي شمس و أمّي قمر *** فأنا الكوكب و ابن النيرين

فضة قد صفيت من ذهب *** فأنا الفضة و ابن الذهبين

خصّنا اللّه بفضل و التقى *** فأنا الزاهر و ابن الأزهرين

ص: 80

نحن أصحاب العبا خمستنا *** قد ملكنا شرقها و المغربين

نحن جبريل غدا سادسنا *** و لنا الكعبة ثم الحرمين

و لنا العين مع الأذن التي *** أذعن الخلق لها في الخافقين

و لجبريل بنا مفتخر *** قد قضى عنّا أبونا كل دين

فجزاه اللّه عنّا صالحا *** خالق الخلق و ربّ العالمين

فلنا الحقّ عليكم واجب *** ما جرى في الفلك احدى النيرين

شيعة المختار قرّوا أعينا *** في غد تسقون من كفّ الحسين

ثم حمل على القوم حملة شديدة فكشفهم عن المشرعة،فأرسل زمام فرسه ليشرب،فصبر حتى يشرب،و مدّ يده الى الماء و غرف غرفة ليشربها،و يحمل الى نسائه من الماء،و إذا صائح يقول:«يا حسين أدرك خيمة النساء فانّها هتكت»،فنفض الماء من يده و أقبل الى الخيمة فوجدها سالمة،فعلم أنّها مكيدة من القوم،فأنشأ عند ذلك يقول:

فان تكن الدنيا تعدّ نفيسة *** فان ثواب اللّه أعلى و أجزل

و إن تكن الأرزاق قسما مقدرا *** فقلة سعي المرء في الرزق أجمل

و إن تكن الأموال للترك جمعها *** فما بال متروك به المرء يبخل

و إن تكن الأجساد للموت أنشئت *** فقتل الفتى بالسيف في اللّه أفضل

عليكم سلام اللّه يا آل أحمد *** فانّي أراني عنكم اليوم أرحل

أرى كلّ ملعون ظلوم منافق *** يروم فنانا جهرة ثم يعمل

لقد كفروا يا ويلهم بمحمد *** و ربّهم ما شاء في الخلق يفعل

لقد غرّهم حلم الاله لأنّه *** حليم كريم لم يكن قط يعجل

ثم حمل على القوم و جعل يضربهم يمينا و شمالا حتى قتل من القوم خلقا كثيرا.

فلمّا نظر الشمر اللعين الى ذلك قال لابن سعد:«أيّها الأمير إنّ هذا الرجل

ص: 81

يفنينا كلّنا بمبارزته».

فقال:«كيف نصنع؟».

قال:«فليحملوا عليه حملة واحدة،فرقة يضربونه بالسيوف و الرماح،و فرقة بالنبل و السهام».

ففعلوا ذلك حتى أضعفه الجرح الكثير،و أصابه سهم خولي بن يزيد الأصبحي (لعنه اللّه)،فوقع الحسين على الأرض،ثم جلس ينزع السهم عن جسده بكلتا يديه،و يخضب بدمه لحيته و رأسه،و هو يقول:«هكذا ألقى اللّه و ألقى جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم»ثم خرّ مغشيا عليه،فلمّا أفاق من غشوته أراد أن يقوم فلم يقدر،فضرب على رأسه الشريف رجل ملعون من كندة ففلقه، و وقعت عمامته على الأرض،و دعا على الكندي و قال له:«لا أكلت بيمينك و لا شربت بها،و حشرك اللّه مع القوم الظالمين».

قال أبو مخنف:لمّا أخذ الكندي عمامة الحسين رضي اللّه عنه قالت زوجة الكندي:

«ويلك قتلت الحسين و سلبت ثيابه،فو اللّه لا جمعت معك في بيت واحد» فأراد أن يلطمها فأصاب مسمار يده،فقطعت يده من المرفق و لم يزل كان فقيرا.

قال أبو مخنف:و بقي الحسين رضي اللّه عنه ثلاث ساعات من النهار ملطخا بدمه رامقا بطرفه الى السماء و ينادي:«يا إلهي صبرا على قضائك و لا معبود سواك يا غياث المستغيثين»،فتبادر إليه أربعون فارسا يريدون حزّ رأسه الشريف المكرم المبارك المقدس المنور،و يقول عمر بن سعد:«ويلكم عجّلوا بقتله» فدنا منه شبث بن ربعي،فرمقه الحسين رضي اللّه عنه بعينه،فرمى السيف من يده و ولّى هاربا و يقول:«معاذ اللّه أن ألقى اللّه بدمك يا حسين»فأقبل الى شبث سنان بن أنس النخعي،و كان كوسج اللحية قصيرا أبرصا أشبه الخلق بالشمر اللعين.

ص: 82

فقال له:لم ما قتلته ثكلتك أمّك؟

قال شبث:يا سنان إنّه قد فتح عينيه في وجهي فشبهتهما بعيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ثم دنا منه سنان،ففتح عينيه في وجهه فارتعدت يده و سقط السيف منها و ولّى هاربا،فأقبل الى سنان الشمر اللعين و قال له:ثكلتك أمّك مالك رجعت عن قتله؟

فقال:يا شمر إنّه فتح عينيه في وجهي فذكرت هيبة أبيه علي بن أبي طالب ففزعت فلم أقدر على قتله.

فقال له الشمر الملعون:إنّك جبان في الحرب،فو اللّه ما كان أحد غيري أحقّ منّي بقتل الحسين.

ثم إنّه ركب على صدره الشريف،و وضع السيف في نحره،و همّ أن يذبحه، ففتح عينيه في وجهه فقال له الحسين(رضي اللّه عنه و أرضاه):يا ويلك من أنت فقد ارتقيت مرتقى عظيما؟

فقال له الشمر:الذي ركبك هو الشمر بن ذي الجوشن الضبابي.

فقال له الحسين:أ تعرفني يا شمر؟

قال:نعم أنت الحسين بن علي،و جدّك رسول اللّه،و أمّك فاطمة الزهرا، و أخوك الحسن.

فقال:ويلك فاذا علمت ذلك فلم تقتلني؟

قال:أريد بذلك الجائزة من يزيد.

فقال له:يا ويلك أيّما أحبّ إليك،الجائزة من يزيد أم شفاعة جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟

فقال الشمر الملعون:دانق من جائزة يزيد أحبّ إلى الشمر من شفاعة جدّك.

ص: 83

فقال له الحسين(رضي اللّه عنه و بلّغه اللّه إلى غاية بركاته و منتهى رضوانه):

سألتك باللّه أن تكشف لي بطنك،فكشف بطنه فاذا بطنه أبرص كبطن الكلاب،و شعره كشعر الخنازير.

فقال الحسين رضي اللّه عنه:«اللّه اكبر لقد صدق جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قوله لأبي:يا علي إنّ ولدك الحسين يقتل بأرض يقال له كربلا،يقتله رجل أبرص أشبه بالكلاب و الخنازير».

فقال الشمر اللعين:تشبّهني بالكلاب و الخنازير،فو اللّه لأذبحنّك من قفاك.

ثم إنّ الملعون قطع الرأس الشريف المبارك،و كلّما قطع منه عضوا يقول:

«يا جدّاه،يا محمداه يا أبا القاسماه،و يا أبتاه يا علياه،يا أماه يا فاطماه،أقتل مظلوما،و أذبح عطشانا،و أموت غريبا».

فلمّا اجتزّه و علاه على القناة كبّر و كبّر العسكر ثلاث تكبيرات،و تزلزلت الأرض و اظلمت الدنيا،و أمطرت السماء دما عبيطا،و ينادى في السماء:«قتل و اللّه الحسين بن علي بن أبي طالب،قتل و اللّه الامام ابن الامام،قتل الأسد الباسل،و كهف الأرامل».

و كان يوم قتله يوم الجمعة عاشر المحرم الحرام سنة إحدى و ستين.

[بلوغ خبر مقتل الحسين للنساء و بكاؤهن]

3- قال عبد اللّه بن عباس(رضي اللّه عنهما):حدّثني من شهد وقعة الطف: إنّ فرس الحسين(أوصله اللّه الى غاية بركاته و منتهى رضوانه و سعاداته)جعل يصهل صهيلا عاليا و يمشي عند القتلى واحدا بعد واحد حتى وقف على البدن المبارك للحسين(عليه آلاف آلاف التحية و الثناء)و يقبّله،فلمّا نظر إليه عمر

ص: 84

ابن سعد قال لأصحابه:«خذوه و آتوني به»فلمّا علم طلبهم جعل يلطمهم برجله و يكدم بفمه حتى قتل منهم خلقا كثيرا،و طرح فرسانا عن ظهر خيولهم،فصاح عمر و قال:«ويلكم تباعدوا عنه»ثم جعل يقبّل البدن المبارك المكرم،و يمرّغ ناصيته بالدم المطهّر المعطّر،و يصهل صهيلا عاليا، و توجه الى الخيمة،و قالت أمّ كلثوم:«يا سكينة إنّي سمعت صهيل فرس أبيك، أظنّ قد أتانا بالماء،فاخرجي إليه»فخرجت سكينة فرأته خاليا من راكبه، فهتكت خمارها،و صاحت:«وا قتيلاه وا محمداه وا عليّاه وا أبتاه وا حسيناه وا فاطماه وا حمزتاه وا جعفراه وا عقيلاه وا عباساه»و هي تنشد و تقول:

مات الامام و مات الجود و الكرم *** و اغبرّت الأرض و الآفاق و الحرم

و أغلق اللّه أبواب السماء فلم *** تر لنا دعوة تجلا بها الغمم

يا عمّتي انظري هذا الجواد أتى *** يخبرك أنّ ابن خير الخلق مخترم

غاب الحسين فوا لهفي لمصرعه *** فصار يعلو ضياء الأمّة الظلم

يا موت هل من فدى يا موت هل عوض *** اللّه ربّي من الكفار ينتقم

يا أمّة السوء لا سقيا لربعكم *** يا أمّة أعجبت من فعلها الأمم

فسمعت زينب شعر سكينة(رضي اللّه عنهما)و قالت:«وا أخاه وا حسيناه وا غريباه،نفسي لك الفدا،و روحي لك الوقا»و بكت و هي تقول:

مصيبتي فوق أن أرثي بأشعاري *** و إن يحيط بها و همي و أفكاري

جاء الجواد فلا أهلا بمقدمه *** إلاّ بوجه حسين مدرك الثار

يا نفس صبرا على الدنيا و محنتها *** هذا الحسين قتيلا بالثرى عاري

و بكت الحريم و قلن:«وا محمداه وا علياه وا حمزتاه وا جعفراه وا حسناه وا حسيناه،اليوم و اللّه مات محمد المصطفى،و علي المرتضى،و الحسن المجتبى، و فاطمة الزهراء».

ص: 85

ثم إنّ سكينة بنت الحسين(رضي اللّه عنهما)أنشأت تقول:

لقد حطّمتنا في الزمان نوائبه *** و مزّقتنا أنيابه و مخالبه

و خان علينا الدهر في الدار غربة *** و دبّت علينا جوره و عقاربه

و لم يبق لي ركن ألوذ بظلّه *** إذا غالبني الدهر ما لا غالبه

تمزّقتنا أيدي الزمان و جدّنا *** الرسول الذي عمّ الأنام مواهبه

قال عبد اللّه بن قيس:لقد رأيت الجواد و هو يدفع الناس عن نفسه،ثم غاص في وسط الفرات فلم ير له خبر و لا أثر.

[دخول السبايا الى الكوفة]

4- ثم: إنّ عمر بن سعد جمع قتلاه و صلّى بهم و دفنهم،و ترك الحسين و أصحابه (رضي اللّه عنهم و أرضاهم)،فعمد أهل الغاضرية من بني أسد فكفّنوا الحسين و أصحابه(رضي اللّه عنهم و أرضاهم).

ثم إنّ عمر بن سعد توجه الى الكوفة بالسبايا على الجمال،نحو أربعين جملا بغير وطاء و لا غطاء،و فخذا علي بن الحسين يترشحان دما،و هو يقول:

يا أمّة السوء لا سقيا لربعكم *** يا أمّة لم تراع جدّنا فينا

لو أنّنا و رسول اللّه يجمعنا *** يوم القيامة ما كنتم تقولونا

تسيّرونا على الأقتاب عارية *** كأنّنا لم نشيّد فيكم دينا

تصفّقون علينا كفّكم فرحا *** و أنتم في فجاج الأرض تسبونا

و كان أهل الكوفة يناولون الأطفال بعض التمر و الخبز،و قالت أمّ كلثوم:«إنّ الصدقة علينا حرام»و صارت تأخذ من أيدي الأطفال و أفواههم و ترمي به الأرض و تقول:«يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم و تبكي علينا نساؤكم،

ص: 86

فالحاكم بيننا و بينكم اللّه يوم فصل القضاء».

فلمّا رأت زينب رأس أخيها قد اتوا بالرؤوس مقدما عليها نطحت جبهتها بمقدم الأقتاب فخرج الدم منها،و جعلت تقول:

يا هلالا لمّا استتم كمالا *** غاله خسفه فأبدى غروبا

ما توهمت يا شقيق فؤادي *** كان هذا مقدرا مكتوبا

يا أخي فاطم الصغيرة كلّمها *** فلقد كاد قلبها أن يذوبا

يا أخي ما ترى عليا لدى الأسر *** مع اليتم لا يطيق ركوبا

كلّما أوجعوه بالضرب ناداك *** بذلّ يفيض دمعا سكوبا

ما أذلّ اليتيم حين ينادي *** بأبيه و لا يراه مجيبا

.

[في مجلس ابن زياد]

14,3,4- ثم: إنّ ابن زياد جلس بقصر الامارة و أحضر الرأس الشريف بين يديه،و جعل ينظر إليه و يتبسم،و كان بيده قضيب فجعل يضرب به ثناياه،فقال له زيد بن أرقم:«ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين،فو اللّه الذي لا إله إلاّ هو،لقد رأيت ثنايا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ترشف ثناياه»ثم بكى زيد.

فقال له ابن زياد:«أ تبكي؟أبكى اللّه عينيك،و اللّه لو لا أنّك شيخ كبير قد ذهب عقلك لأضربن عنقك»فقام زيد و انصرف.

ثم أدخلت عليه زينب بنت علي(رضي اللّه عنهما)و عليها أرذل ثيابها، فجلست ناحية و قد حفّ بها إماؤها،فقال ابن زياد لها:«الحمد للّه الذي فضحكم و قتلكم».

فقالت زينب:«الحمد للّه الذي أكرمنا بنبيه محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و طهّرنا من الرجس

ص: 87

تطهيرا إنّما يفتضح الفاسق،و يكذب الفاجر،و هو أنت يا عدو اللّه و عدو رسوله».

فقال لها:«كيف رأيت صنع اللّه بأخيك الحسين و أهل بيته؟».

فقالت:«إنّ اللّه كتب عليهم القتال فتبادروا أمر ربّهم و برزوا الى مضاجعهم، فقاتلوا ثم قتلوا في اللّه و في سبيل اللّه،و سيجمع اللّه بينك و بينهم،و تتحاجّون و تتخاصمون عند اللّه،و إنّ لك موقفا فاستعد للمسألة جوابا،إذا كان القاضي اللّه،و الخصم جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و السجن جهنم».

فقال علي بن الحسين(رضي اللّه عنهما)لابن زياد:«قطع اللّه يديك و أيبس رجليك يا بن زياد الى كم تكلّم عمّتي،تتعرّضها بين من يعرفها و من لا يعرفها».

فغضب ابن زياد و أمر بضرب عنقه فمنعه القوم.

[السبايا في طريقها الى الشام]

4- ثم: ابن زياد دعا الشمر اللعين،و خولي،و شبث بن ربعي،و عمر بن سعد، و ضمّ إليهم ألف فارس،و أمرهم بأخذ السبايا و الرءوس الى يزيد،و أمرهم أن يشهروهم في كلّ بلدة يدخلونها،فساروا على ساحل الفرات،فنزلوا على أوّل منزل كان خرابا فوضعوا الرأس الشريف المبارك المكرم،و السبايا مع الرأس الشريف،و إذا رأوا يدا خرج من الحائط معه قلم يكتب بدم عبيط شعرا:

أ ترجو أمّة قتلت حسينا *** شفاعة جدّه يوم الحساب

فلا و اللّه ليس لهم شفيع *** و هم يوم القيامة في العذاب

لقد قتلوا الحسين بحكم جور *** و خالف أمرهم حكم الكتاب

ص: 88

فهربوا،ثم رجعوا،ثم رحلوا من ذلك المنزل،و إذا هاتف يقول:

ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم *** ما ذا فعلتم و أنتم آخر الأمم

بعترتي و بأهلي عند مفتقدي *** منهم أسارى و منهم ضرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم *** أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

فلمّا وصلوا الى بلد«تكريت»نشرت الأعلام و خرج الناس بالفرح و السرور،فقالت النصارى للجيش:«إنّا براء ممّا تصنعون أيّها الظالمون، فانّكم قتلتم ابن بنت نبيكم،و جعلتم أهل بيته أسارى».

فلمّا رحلوا من«تكريت»و اتوا على«وادي النحلة»،فسمعوا بكاء الجن و هنّ يلطمن خدودهنّ و يقلن شعرا:

مسح النبي جبينه *** فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قريش *** و جدّه خير الجدود

و أخرى تقول:

ألا يا عين جودي فوق خدّي *** فمن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا *** الى متكبّر في الملك و غدي

فلمّا و صلوا بلدة«مرشاد»خرج الناس إليهم و هم يصلّون على محمد و آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يلعنون أعداءهم.

ثم إنّهم قبل أن جاءوا بلدة«بعلبك»كتبوا الى واليها أن تتلقانا الناس، و خرجوا على نحو ستة أميال فرحا و سرورا،فدعت أم كلثوم عليهم و قالت:

«أباد اللّه كثرتكم و سلط عليكم من لا يرحمكم»فعند ذلك بكى علي بن الحسين و هو يقول:

هو الزمان فلا تقضى عجائبه *** عن الكرام و ما تهدى مصائبه

ص: 89

فليت شعري الى كم ذا تحاربنا *** صروفه و الى كم ذا نجاذبه

يسرى بنا فوق أقتاب بلا وطأ *** و سائق العيس يحمى عنه غاربه

كأننا من أسارى الروم بينهم *** كأنّ ما قاله الرحمن كاذبه

كفرتم برسول اللّه ويلكم *** فكنتم مثل من ضلّت مذاهبه

قال أبو مخنف: نصبوا الرمح الذي عليه الرأس الشريف المبارك المكرم الى جانب صومعة الراهب فسمعوا صوت هاتف ينشد و يقول:

و اللّه ما جئتكم حتى بصرت به *** بالطف منعفر الخدّين منحورا

و حوله فتية تدمى نحورهم *** مثل المصابيح يغشون الدجى نورا

كان الحسين سراجا يستضاء به *** اللّه يعلم أنّي لم أقل زورا

مات الحسين غريب الدار منفردا *** ظامي الحشاشة صادي القلب مقهورا

فقالت أمّ كلثوم:من أنت يرحمك اللّه؟

قال:أنا ملك الجن أتيت أنا و قومي لنصرة الحسين(رضي اللّه عنه و أرضاه) فوجدناه مقتولا.

فلمّا سمع الجيش من الجنّ فتيقنوا بكونهم من أهل النار.

[أخذ الراهب لرأس الحسين عليه السّلام و إعلان إسلامه]

3- فلمّا جنّ الليل نظر الراهب الى الرأس الشريف المكرم رأى نورا قد سطع منه الى عنان السماء،و رأى أنّ الملائكة ينزلون و يقولون:«يا أبا عبد اللّه عليك السّلام».

فبكى و قال لهم:«ما الذي معكم؟»

قالوا:رأس الحسين بن علي.

ص: 90

فقال:من أمّه؟

قالوا:أمّه فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى.

قال:صدقت الأحبار.

قالوا:ما الذي قالت الأحبار؟

قال:يقولون:إذا قتل نبي أو وصي أو ولد نبي أو ولد وصي تمطر السماء دما.

فرأينا أنّ السماء تمطر دما و قال:وا عجباه من أمّة قتلت ابن بنت نبيها.

ثم قال:أنا أعطيكم عشرة آلاف درهم إن تعطوني الرأس الشريف فيكون عندي.

فقالوا:أحضر عشرة آلاف درهم.

فأحضرها لهم فأخذ الرأس المبارك المكرم،و جعله في حجره و هو يقبّله و يبكي و يقول:«ليت أكون أوّل قتيل بين يديك،فأكون غدا معك في الجنّة، و أشهد لي عند جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بأني أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أن محمدا عبده و رسوله»و حسن إسلامه.

ثم إنّهم جلسوا يقتسمون المال و إذا هو قد انقلب خزفا،و في جانب كلّ واحد منها منقوش لا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ (1)و في الجانب الآخر وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (2).

[دخول السبايا على يزيد]

2,3- فلمّا أتى الشمر اللعين و هو حامل رأس الحسين(رضي اللّه عنه و أرضاه) و يفتخر عند يزيد الملعون يقول:

ص: 91


1- إبراهيم42/.
2- الشعراء227/.

املأ ركابي فضة و ذهبا *** قتلت خير الخلق أمّا و أبا

إنّي قتلت السيد المهذبا *** و خيرهم جدا و أعلا نسبا

طعنته بالرمح حتى انقلبا *** ضربته بالسيف صار عجبا

قال له يزيد:إذا علمت أنّه خير الناس أمّا و أبا فلم قتلته،أخرج من بين يدي فلا جائزة لك،فخرج هاربا خائبا من الجائزة و خاسرا في عاجل الدنيا و آجل الآخرة.

ثم أمر يزيد الملعون أن يحضروا عنده حرم الحسين و أهل بيته.

قالت زينب:يا يزيد أ ما تخاف اللّه و رسوله من قتل الحسين؟و ما كفاك ذلك حتى تستجلب بنات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من العراق الى الشام!،و ما كفاك حتى تسوقنا إليك كما تساق الاماء على المطايا بغير وطاء!،و ما قتل أخي الحسين (سلام اللّه عليه)أحد غيرك يا يزيد،و لو لا أمرك ما يقدر ابن مرجانة أن يقتله لأنّه كان أقل عددا و أذلّ نفسا،أ ما خشيت من اللّه بقتله و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيه و في أخيه«الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين»؟فان قلت:لا،فقد كذبت،و إن قلت:نعم،فقد خصمت نفسك، و اعترفت بسوء فعلك.

فقال:ذرية يتبع بعضها بعضا.و بقي يزيد خجلا ساكتا.

[الرجوع الى كربلاء]

4- ثم: أمرهم بالرجوع الى المدينة المنورة،فسار القائد بهم،و قال الامام و النساء للقائد:«بحقّ معبودك أن تدلّنا على طريق كربلا»ففعل ذلك حتى وصلوا كربلا يوم عشرين من صفر،فوجدوا هناك جابر بن عبد اللّه الأنصاري و جماعة من بني هاشم،فأخذوا بإقامة الماتم الى ثلاثة أيام،ثم توجهوا الى المدينة.

ص: 92

[دخول المدينة المنورة]

4- قال بشير بن حذلم: لمّا وصلنا قريبا من المدينة أمرني الامام زين العابدين رضى اللّه عنه أن أخبر أهل المدينة،فدخلت المدينة فقلت:«أيّها المسلمون إنّ علي بن الحسين قد قدم إليكم مع عماته و أخواته»فما بقيت مخدرة إلاّ برزن من خدورهنّ،مخمشة وجوههنّ،لاطمات خدودهنّ،يدعون بالويل و الثبور.

قال:فلم أر باكيا و باكية أكثر من ذلك اليوم،فخرج الامام من الخيمة و بيده منديل يمسح به دموعه،فجلس على كرسي،و حمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال:

أيّها الناس إنّ اللّه له الحمد و له الشكر قد ابتلانا بمصائب جليلة،و مصيبتنا ثلمة عظيمة في الاسلام،و رزية في الأنام،قتل أبي الحسين و عترته و أنصاره، و سبيت نساؤه و ذريته،و طيف برأسه في البلدان على عالي السنان،فهذه الرزية تعلو على كلّ رزية،فلقد بكت السبع الشداد لقتله،و السبع الطباق لفقده،و بكت البحار بأمواجها،و الأرضوان بأرجائها،و الأشجار بأغصانها، و الطيور بأوكارها،و الحيتان في لجج البحار،و الوحوش في البراري و القفار، و الملائكة المقربين،و السموات و الأرضين.

أيّها الناس،أي قلب لا ينصدع لقتله،و لا يحزن لأجله.

أيّها الناس،أصبحنا مشردين مطرودين مذودين شاسعين عن الأوطان،من غير جرم اجترمناه،و لا مكروه ارتكبناه،و لا ثلمة في الاسلام ثلمناها،و لا فاحشة فعلناها،فو اللّه لو أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أوصى إليهم في قتالنا لما زادوا على ما فعلوا بنا،فانا للّه و إنا إليه راجعون.

ثم قام و مشى الى المدينة ليدخلها،فلمّا دخل زار جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم دخل منزله.

ص: 93

و أمّا أمّ كلثوم فحين توجهت الى المدينة جعلت تبكي و تقول شعرا:

مدينة جدّنا لا تقبلينا *** فبالحسرات و الأحزان جينا

خرجنا منك بالأهلين جمعا *** رجعنا لا رجال و لا بنينا

ألا فاخبر رسول اللّه عنا *** بأنّا قد فجعنا في أخينا

و إنّ رجالنا بالطف صرعى *** بلا روس و قد ذبحوا البنينا

و رهطك يا رسول اللّه أضحوا *** عرايا بالطفوف مسلّبينا

و قد ذبحوا الحسين و لم يراعوا *** جنابك يا رسول اللّه فينا

فلو نظرت عيونك للأسارى *** على قتب الجمال محمّلينا

رسول اللّه بعد الصون صارت *** عيون الناس ناظرة إلينا

و كنت تحوطنا حتى تولّت *** عيونك ثارت الأعدا علينا

أ فاطم لو نظرت الى السبايا *** بناتك في البلاد مشتتينا

أ فاطم لو نظرت الى الحيارى *** و لو أبصارت زين العابدينا

أ فاطم لو رأيتينا سهارى *** و سهر الليالي قد عمينا

أ فاطم ما لقيت من عداك *** و لا قيراط ممّا قد لقينا

فلو دامت حياتك لم تزالي *** الى يوم القيامة تندبينا

و عرّج بالبقيع وقف و ناد *** أين حبيب ربّ العالمينا

و قل يا عم يا حسن المزكى *** عيال أخيك أضحوا ضائعينا

أيا عمّاه إنّ أخاك أضحى *** بعيدا عنك بالرمضاء رهينا

بلا رأس تنوح عليه جهرا *** طيور و الوحوش الموحشينا

و لو عاينت يا مولاي ساقوا *** حريما لا يجدن لها معينا

على متن النياق بلا وطاء *** و شاهدت العيال مكشفينا

و كنّا في الخروج بجمع شمل *** رجعنا خاسرين مسلبينا

و كنّا في أمان اللّه جهرا *** رجعنا بالقطيعة خائفينا

ص: 94

و مولانا الحسين لنا أنيس *** رجعنا و الحسين به رهينا

فنحن الضائعات بلا كفيل *** و نحن النائحات على أخينا

و نحن السائرات على المطايا *** نسار على جمال المبغضينا

و نحن بنات يس و طه *** و نحن الباكيات على أبينا

و نحن الطاهرات بلا خفاء *** و نحن المخلصون المصطفونا

و نحن الصابرات على البلايا *** و نحن الصادقون الناصحونا

ألا يا جدّنا قتلوا حسينا *** و لم يرعوا جناب اللّه فينا

ألا يا جدّنا بلغت عدانا *** مناها و اشتفى الأعداء فينا

لقد هتكوا النساء و حملونا *** على الأقتاب قهرا أجمعينا

و زينب أخرجوها من خباها *** و فاطم و إله تبدي الأنينا

سكينة تشتكي من حرّ وجد *** تنادي الغوث ربّ العالمينا

و زين العابدين بقيد ذلّ *** و راموا قتله أهل الخيونا

فبعدهم على الدنيا تراب *** فكأس الموت فيها قد سقينا

و هذي قصّتي مع شرح حالي *** ألا يا سامعون ابكوا علينا

(انتهى مقتل أبي مخنف) .

ص: 95

ص: 96

الباب الثاني و الستون

في إيراد مدائح الامام الشافعي و تفسير بعض الآيات

و الأحاديث الواردة في كثرة ثواب من بكى على

الحسين و أهل بيته(رضي اللّه عنهم)

و في جواهر العقدين للشريف السيد نور الدين علي السمهودي المصري أعلم علماء مصر و الحجاز،و مصنف تاريخ المدينة المنورة(على صاحبها ألف ألف التحية و التصلية):[و قد]نقل البيهقي عن الربيع بن سليمان هو (1)أحد أصحاب الشافعي قال:

قيل للامام الشافعي (2)رحمه اللّه:إنّ ناسا لا يصبرون على سماع منقبة أو فضيلة لأهل البيت الطيبين (3)،فاذا رأوا واحدا منّا يذكرها يقولون:هذا رافضي [و يأخذون في كلام آخر].فأنشأ الشافعي[يقول]:

إذا في مجلس ذكروا عليا *** و سبطيه و فاطمة الزكية

فأجرى بعضهم ذكرا سواه *** فأيقن أنّه لسلقلقيه

إذا ذكروا عليا أو بنيه *** تشاغل بالروايات العلية

و قال تجاوزوا يا قوم عن ذا *** فهذا من حديث الرافضيه

ص: 97


1- لا يوجد في المصدر:«هو».
2- في المصدر:«للشافعي»فقط.
3- لا يوجد في المصدر:«الطيبين».

برئت الى المهيمن من أناس *** يرون الرفض حبّ الفاطمية

على آل الرسول صلاة ربّي *** و لعنته لتلك الجاهليه

و قال الحافظ جمال الدين الزرندي المدني عقيب نقله ذلك (1)عن الشافعي:

قال أيضا-يعني الشافعي-:

قالوا ترفّضت قلت كلاّ *** ما الرفض ديني و لا اعتقادي

لكن توليت غير (2)***شكّ خير إمام و خير هاد

إن كان حبّ الوصي (3)***رفضا فانّني أرفض العباد (4)

و نقل الامام فخر الدين الرازي: ان المزني قال:قلت للشافعي (5):إنّك[رجل] توالي أهل البيت،فلو عملت في هذا الباب أبياتا،فقال:

و ما زال كتمانيك حتى كأنني *** بردّ جواب السائلين لأعجم

و أكتم ودّي مع صفاء مودّتي *** لتسلم من قول الوشاة و أسلم

و روى البيهقي أيضا:عن المزني قال:سمعت الشافعي ينشد هذه الأبيات:

إذا فضّلنا عليا فاننا *** روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل

و فضل أبي بكر إذا ما ذكرته *** رميت بنصب عند ذكري للفضل».

ص: 98


1- في المصدر:«و قال الجمال الزرندي عقيب نقله لذلك».
2- في المصدر:«بغير».
3- في المصدر:«الولي».و في(أ):«ان كان الرفض حب آل محمد».
4- جواهر العقدين 185/2.
5- في المصدر:«قال للشافعي قلت:».

فلا زلت ذا رفض و نصب كلاهما *** بحبّيهما حتى أوسّد في الرمل (1)

و روى البيهقي (2)أيضا: عن الربيع بن سليمان (3)قال:أنشد[نا]الشافعي:

يا راكبا قف بالمحصب من منى *** و اهتف بساكن (4)خيفها و الناهض

سحر إذا فاض الحجيج الى منى *** فيضا كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضا حبّ آل محمد *** فليشهد الثقلان أنّي رافض (5)

و قال الحافظ جمال الدين الزرندي المدني في كتابه«معراج الوصول في معرفة آل الرسول»: نقل أبو القاسم الفضل بن محمد المستملي:أن القاضي أبا بكر سهل بن محمد حدّثه قال:قال أبو القاسم بن الطيب:بلغني أنّ الشافعي رحمه اللّه أنشد هذه الأبيات (6):

و ممّا نفى نومي و شيّب لمّتي *** تصاريف أيام لهن خطوب

تأوّب همّي و الفؤاد كئيب *** و أرقّ عيني و الرقاد غريب

تزلزلت الدنيا لآل محمد *** و كادت لهم صمّ الجبال تذوب

فمن مبلغ عني الحسين رسالة *** و إن كرهتها أنفس و قلوب

قتيل بلا جرم كأنّ قميصه *** صبيغ بماء الارجوان خضيب».

ص: 99


1- جواهر العقدين 185/2.
2- لا يوجد في المصدر:«البيهقي».
3- لا يوجد في المصدر:«بن سليمان».
4- في المصدر:«بقاعد».
5- جواهر العقدين 186/2.
6- لا يوجد في المصدر:«هذه الأبيات».

نصلّي (1)***على المختار من آل هاشم و نؤذي بنيه (2)إنّ ذاك عجيب

لئن كان ذنبي حبّ آل محمد *** فذلك ذنب لست عنه أتوب

هم شفعائي يوم حشري و موقفي *** و بغضهم للشافعي (3)ذنوب (4)

و قد نسب ابن عبد البر هذه الأبيات التي تأتي الى (5)سليمان بن قتة[التابعي] -بفتح القاف و تاءين من فوق-،و هي أمّه،وقف سليمان (6)على مصارع الحسين و أهل بيته(رضي اللّه عنهم)و جعل يبكي و يقول:

مررت على أبيات آل محمد *** فلم أرها أمثالها يوم حلّت

و إنّ قتيل الطف من آل هاشم *** أذلّ رقابا من قريش فذلّت

فلا يبعد اللّه الديار و أهلها *** و ان أصبحت منهم بزعمي تخلت

أ لم تر أنّ الأرض أضحت مريضة *** لفقد حسين و البلاد اقشعرت

و قد أبصارت تبكي السماء لفقده *** و أنجمها ناحت عليه و صلّت

و كانوا لنا غيثا فعادوا رزية *** لقد عظمت تلك الرزايا و جلّت (7)

(انتهى جواهر العقدين).

و في سورة الدخان: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ .4.

ص: 100


1- في(أ):«يصلون».
2- في المصدر:«و تعزى بنوه»؛و في(أ):«و يقتلون ابنه».
3- في المصدر:«و حبهم للشافعي ذنوب»و في(أ):«و حبهم للشافعي بأي وجه».
4- جواهر العقدين 335/2.
5- في المصدر:«و روى ان سليمان بن قتة».
6- لا يوجد في المصدر:«سليمان».
7- جواهر العقدين 333/2-334.

17- (1)أخرج الثعلبي:عن السدي قال: لمّا قتل الحسين بن علي(سلام اللّه عليهما) بكت عليه السماء و بكاؤها حمرتها.

و حكى ابن سيرين:إنّ الحمرة لم تر قبل قتله.

و عن سليم القاضي قال:مطرتنا السماء دما أيام قتله.

1,3- (2)و عن إبراهيم النخعي قال: خرج علي(كرّم اللّه وجهه)فجلس في المسجد و اجتمع أصحابه،فجاء الحسين رضي اللّه عنه فوضع يده على رأسه فقال:يا بني إنّ اللّه ذمّم أقواما في كتابه فتلا هذه الآية و قال:يا بني لتقتلن من بعدي ثم تبكيك السماء و الأرض و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و على الحسين ابني.

1,3- (3)و عن كثير بن شهاب الحارثي قال: بينا نحن جلوس عند علي في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام قال:إنّ اللّه ذكر قوما بقوله: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة،ليقتلن هذا و لتبكينّ عليه السماء و الأرض.

6,3- (4)و عن الصادق عليه السّلام قال: لم تبك السماء و الأرض أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتى قتل الحسين عليه السّلام فبكت عليه.

6,3- (5)و عن الصادق عليه السّلام قال: قاتل الحسين و قاتل يحيى عليهما السّلام كانا ولد زنا،و قد احمرت السماء حين قتل الحسين و يحيى عليهما السّلام و حمرتها بكاؤها.ط.

ص: 101


1- جواهر العقدين 328/2.
2- تفسير القمي 291/2.
3- المصدر السابق.
4- مخطوط.
5- مخطوط.

17- (1)و عن ابن عباس:

إنّ يوم قتل الحسين عليه السّلام قطرت السماء دما،و إنّ هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتله،و لم تر قبله،و إنّ أيام قتله لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم.

5,4- (2)و في تفسير علي بن إبراهيم:عن الباقر عليه السّلام قال:

كان أبي علي بن الحسين عليهما السّلام يقول:أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين و من معه حتى يسيل على خديه بوأه اللّه في الجنّة غرفا،و أيّما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خديه لأذى مسّنا من عدونا بوأه اللّه مبوأ صدق،و أيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة ما أوذي فينا صرف اللّه عن وجهه الأذى و أمّنه يوم القيامة من سخطه و من النار.

16- (3)و في ذخائر العقبى:عن ابن عباس مرفوعا:

إنّ جبرائيل أخبرني أنّ اللّه قتل بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفا و هو قاتل بدم ولدك الحسين سبعين الفا (أخرجه الملاّ في سيرته) .

6- (4)و في تفسير علي بن إبراهيم عن جعفر الصادق عليه السّلام قال:

من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضة غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر.2.

ص: 102


1- مخطوط.
2- تفسير القمي 291/2.
3- ذخائر العقبى:150.
4- تفسير القمي 292/2.

و في جواهر العقدين: قال أبو الحسن بن سعيد في«كنوز المطالب في فضائل بني أبي طالب»:إنّ الشعراء يشتغلون ببغداد بمشهد الكاظمي رضي اللّه عنه في مدح أهل البيت و أنكر بعض من غلب عليه التعصب و التقليد فقلت هذه الأبيات:

يا أهل بيت المصطفى عجبا لمن *** يأبى حديثكم من الأقوام

و اللّه قد أثنى عليكم قبلها *** و بهداكم شدّت عرى الاسلام

اللّه يحشر كلّ من عاداكم *** يوم الحساب مزلزل الأقدام

و يرى شفاعة جدّكم من دونه *** و يذاد عن حوض طريدا ظامي

قال الحافظ أبي عبد اللّه جمال الدين محمد بن أبي المظفر يوسف الزرندي المدني في كتابه«معراج الوصول في معرفة (1)آل الرسول»[ما لفظه:و قد]قال الإمام الشافعي رحمه اللّه[في هذا المعنى مشيرا الى وصفهم و منبها على ما خصّهم اللّه تعالى به من رعاية فضلهم]:

يا أهل بيت رسول اللّه حبكم *** فرض من اللّه في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم *** من لم يصلّي عليكم لا صلاة له (2)

و للّه در القائل:

لو لم تكن في حبّ آل محمد *** جاءتك أمّك غير طيب المولد

و روى الامام الثعلبي في تفسيره عقيب ذكر حديث الخمسة أهل الكساء:...

قال منصور الفقيه:

إن كان حبّي خمسة *** زكت بهم فرائضي2.

ص: 103


1- في المصدر:«الى معرفة فضل...».
2- جواهر العقدين 163/2.

و بغض من عاداهم *** رفضا فانّي رافضي (1)

(انتهى جواهر العقدين).

1- (2)قال علي(كرّم اللّه وجهه)في خطبته: ألا إنّ لكلّ دم ثائرا،و لكلّ حقّ طالبا، و إنّ الثائر في دمائنا كالحاكم في حقّ نفسه،و هو اللّه الذي لا يعجزه من طلب، و لا يفوته من هرب فأقسم باللّه يا بني أمية عمّا قليل لتعرفنّها في أيدي غيركم في دار عدوّكم.

5- (3)و في تفسير علي بن إبراهيم:عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: في تفسير هذين الآيتين إحداهما: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ (4)و ثانيتهما: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (5):فاللّه(جلّ شأنه و عظم سلطانه،و دام كبريائه)أعزّ و أرفع و أقدس من أن يعرض له أسف أو ظلم،لكن أدخل ذاته الأقدس فينا أهل البيت فجعل أسفنا أسفه فقال: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ و جعل ظلمنا ظلمه فقال: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ./.

ص: 104


1- جواهر العقدين 304/2.
2- نهج البلاغة:151 خطبة 105.
3- تفسير القمي 285/2.
4- الزخرف55/.
5- البقرة57/.

الباب الثالث و الستون

اشارة

في إيراد ما في كتاب الصواعق في فضائل أئمة

الهدى من أهل البيت الطيبين(رضي اللّه عنهم)

[الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السّلام]

>cs<زين العابدين بن الحسين هو الذي خلف أباه علما و زهدا و عبادة

4- فكان إذا توضأ للصلاة اصفرّ لونه و قيل (1)له:ما ذلك (2)؟فقال:أ لا تدرون بين يدي من أقف!.

17- >cs<و: حكى أنّه كان يصلّي في كلّ يوم و ليلة ألف ركعة.

17- >cs<و حكى[ابن حمدون]عن الزهري:

أنّ عبد الملك بن مروان أمر بحمله (3)مقيدا من المدينة بأثقلة من حديد[و وكّل به حفظة]فدخل عليه الزهري يودّعه (4)فبكى و قال:وددت أنّي كنت مقيّدا من جانبك (5).

ص: 105


1- في المصدر:«فقيل».
2- في المصدر:«في ذلك».
3- في المصدر:«إنّ عبد الملك حمله».
4- في المصدر:«لوداعه».
5- في المصدر:«اني مكانك».

فقال:تظن (1)أنّ ذلك يكربني و (2)لو شئت لأخلص (3)و لكن (4)ليذكّرني عذاب اللّه تعالى.

ثم أخرج رجليه من القيد،و يديه من الغلّ،ثم أدخل يديه و رجليه فيهما (5)، ثم قال:لا أجاوز معهم من المدينة إلاّ يومين.فلمّا سار معهم (6)فما مضى يومان إلاّ فقدوه حين طلع الفجر،و هم يرصدونه[فطلبوه]فلم يجدوه.

قال الزهري:فقدمت على عبد الملك فسألني عنه فأخبرته فقال:قد جاءني (7)[في]يوم فقده عن الحفظة (8)فدخل عليّ فقال لي (9):ما أنا و أنت؟

فقلت:أقم عندي.

قال (10):لا أحبّ.

ثم خرج،فو اللّه لقد امتلأ قلبي منه خيفة.

و من ثمة كتب عبد الملك الى الحجاج (11)أن يجتنب دماء بني عبد المطلب و أمره».

ص: 106


1- في المصدر:«أ تظن».
2- لا يوجد في المصدر:«و».
3- في المصدر:«لو شئت لما كان».
4- في المصدر:«و انه».
5- لا يوجد في المصدر:«ثم أدخل يديه و رجليه فيهما».
6- في المصدر:«لا جزت معهم على هذا يومين من المدينة».
7- في المصدر:«جاء».
8- في المصدر:«في يوم فقد الأعوان».
9- لا يوجد في المصدر:«لي».
10- في المصدر:«فقال».
11- في المصدر:«للحجاج».

بكتم ذلك،فكتب الامام زين العابدين الى عبد الملك (1):إنّك كتبت الى الحجاج (2)يوم كذا سرّا في حقّنا بني عبد المطلب بكذا و كذا،فلمّا قرأه (3)وجد تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الى الحجاج (4)فعلم أنّه كشف له (5)...

4- >cs<و أخرج أبو نعيم الحافظ في«حلية الأولياء».و الطبراني في«الكبير»و الحافظ السلفي و غير واحد من أهل السير و التواريخ (6): انّه لمّا (7)حجّ هشام بن عبد الملك في حياة أبيه و (8)لم يمكن له أن يصل الى الحجر الأسود من الازدحام (9)، فنصب له منبر الى جانب زمزم،و جلس عليه (10)ينظر الى الناس و حوله جماعة من أعيان أهل الشام،فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام زين العابدين،فلمّا انتهى الى الحجر تنحّى له الناس حتى استلمه.

فقال أهل الشام لهشام:من هذا؟

قال:لا أعرفه،مخافة أن يرغب الناس الى الامام (11).

فقال الفرزدق:أنا أعرفه فأنشد شعرا (12):».

ص: 107


1- في المصدر:«فكشف به زين العابدين فكتب إليه».
2- في المصدر:«للحجاج».
3- في المصدر:«فلمّا وقف عليه».
4- في المصدر:«للحجاج».
5- الصواعق المحرقة:200.
6- في المصدر:«و أخرج أبو نعيم و السلفي»فقط.
7- لا يوجد في المصدر:«لمّا».
8- لا يوجد في المصدر:«و».
9- في المصدر:«الزحام».
10- لا يوجد في المصدر:«عليه».
11- في المصدر:«أهل الشام في زين العابدين».
12- في المصدر:«أنا أعرفه ثم أنشد».

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم *** هذا التقي النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها *** الى مكارم هذا انتهى (1)الكرم

ينمى الى ذروة العزّ التي قصرت *** عن نيلها عرب الاسلام و العجم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله *** بجدّه أنبياء اللّه قد ختموا

[فليس قولك من هذا؟بضائره *** العرب تعرف من أنكرت و العجم]

من معشر حبّهم دين و بغضهم كفر *** و قربهم منجى و معتصم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم *** و لا يدانيهم قوم و إن كرموا

تبين نور الهدى من نور طلعته *** كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

مشتقة عن رسول اللّه نبعته *** طابت عناصره و الخلق و الشيم

يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم *** أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

اللّه فضّله قدما و شرّفه *** جرى بذاك له في لوحه القلم

مقدم بعد ذكر اللّه ذكرهم *** في كلّ بدء و مختوم به الكلم

من يعرف اللّه يعرف أولوية ذا *** و الدين من بيت هذا ناله الأمم

أيّ القبائل ليست في رقابهم *** طوقا ولاية هذا أو له نعم (2)

فلمّا سمع (3)هشام غضب و حبس الفرزدق،فأنفذ إليه الامام زين العابدين (4)رضي اللّه عنه باثني عشر ألف درهم و قال:[اعذر]لو كان عندنا أكثر لأعطيناك أكثر من هذا (5).».

ص: 108


1- في المصدر:«ينتهي».
2- لا يوجد في المصدر:«لا يستطيع جواد...»الى آخر القصيدة.
3- في المصدر:«سمعها».
4- في المصدر:«و أمر له زين العابدين».
5- في المصدر:«لا وصلناك به».

فقال:[إنّما]مدحته للّه لا للعطاء.

فقال الامام:إنّا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده.فقبلها الفرزدق.

قال شيخ الحرمين أبو عبد اللّه القرظي:لو لم يكن لأبي فراس عند اللّه(عزّ و جلّ) عمل إلاّ هذا دخل الجنّة به لأنّها كلمة حقّ عند سلطان جائر (1).

و جعل الفرزدق في الحبس يهجو هشاما و كان ممّا هجاه به:

أ يحبسني بين المدينة و التي *** إليها قلوب الناس يهوى منيبها

يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد *** و عينا له حولاء باد عيوبها

فأخرجه،و كان هشام أحول (2).

14- و: كان الامام زين العابدين رضي اللّه عنه عظيم التجاوز و العفو و الصفح،حتى أنّه سبّه رجل فتغافل عنه،فقال له:إياك أعني.

فقال الامام (3):و عنك أعرض،أشار الى آية خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (4). (5).

و توفي و عمره سبع و خمسون،منها سنتان مع جدّه علي،ثم عشر مع عمّه الحسن،ثم إحدى عشر مع أبيه الحسين(رضي اللّه عنهم و أرضاهم).

و قيل سمّه الوليد بن عبد الملك و دفن بالبقيع عند عمّه الحسن عن إحدى عشر ذكرا و أربع إناث (6).1.

ص: 109


1- لا يوجد قول القرظي في الصواعق.
2- في المصدر:«ثم هجا هشاما في الحبس فبعث فأخرجه»فقط.
3- لا يوجد في المصدر:«الامام».
4- الصواعق المحرقة:200-201.
5- الأعراف199/.
6- الصواعق المحرقة:201.

[الامام محمد الباقر عليه السّلام]

و أورثه (1)منهم علما و عبادة و زهدا (2)أبو جعفر محمد الباقر،سمّي بذلك من بقر الأرض أي شقّها و أظهر (3)مخباتها و مكامنها،فلذلك هو أظهر من مكنونات كنوز المعارف و حقائق الأحكام و الحكم و اللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة أو فاسد الطويّة و السريرة.

و من ثمة قيل فيه هو باقر العلوم (4)و جامعه،و شاهر علمه و رافعه،بصفاء (5)قلبه،و زكاء نفسه (6)،و طهر نسبه (7)،و شرف خلقه،و صرف عمره و أوقاته (8)بطاعة اللّه تعالى،و له من الأسرار (9)في مقامات العارفين ما تكلّ عنه ألسنة الواصفين،و له كلمات كثيرة في السلوك و المعارف لا تحتملها هذه العجالة.

14,3,4,5- و كفاه شرفا أنّ ابن المدائني و الطبراني رويا عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري (10): أنّه قال للامام الباقر (11)و هو صغير:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص: 110


1- في المصدر:«وارثه».
2- في المصدر:«و زهادة».
3- في المصدر:«و أثار».
4- في المصدر:«العلم».
5- في المصدر:«صفى».
6- في المصدر:«و زكا علمه و عمله».
7- في المصدر:«و طهرت نفسه».
8- في المصدر:«و عمرت أوقاته».
9- في المصدر:«الرسوم».
10- في المصدر:«ابن المديني روى عن جابر».
11- في المصدر:«انه قال له».

يسلّم عليك.

فقيل له:و كيف ذلك؟

قال:كنت جالسا عنده و الحسين في حجره و هو يقبله (1)فقال:يا جابر يولد للحسين (2)مولود اسمه علي،و (3)إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم زين العابدين،فيقوم علي بن الحسين (4)،ثم يولد لعلي (5)ولد اسمه محمد،فإن أدركته يا جابر فاقرأه منّي السّلام.

ثم توفي سنة مائة و سبع عشرة عن ثمان و خمسين سنة مسموما كأبيه.و أمّه بنت عمّ أبيه الحسن(رضي اللّه عنهم) (6)و هو علوي من[جهة]أبيه و أمه، و دفن أيضا بجنب أبيه (7)في قبّة الحسن و العباس بالبقيع (8).

[الامام جعفر الصادق عليه السّلام]

و خلّف ستة أولاد،أفضلهم و أكملهم جعفر الصادق عليه السّلام.

و من ثمة كان خليفته و وصيّه،و بلغ (9)الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان،و انتشر صيته في جميع البلدان،و روى عنه[الأئمة]الأكابر:كيحيى

ص: 111


1- في المصدر:«يدا عبه».
2- في المصدر:«له».
3- لا يوجد في المصدر:«و».
4- في المصدر:«فيقوم ولده».
5- في المصدر:«له».
6- لا يوجد في المصدر:«و أمه بنت عم أبيه الحسن(رضي اللّه عنهم)».
7- لا يوجد في المصدر:«بجنب أبيه».
8- الصواعق المحرقة:201.
9- في المصدر:«و نقل».

ابن سعيد،و ابن جريح،و مالك،و سفيان بن عيينة،و سفيان الثوري (1)،و أبو حنيفة،و شعبة،و أيوب السجستاني.

و أمّه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر(رضي اللّه عنهم).

6- و: سعى به رجل (2)عند المنصور الخليفة (3)لمّا حجّ،فلمّا أحضر (4)الساعي[به يشهد.

قال له:أ تحلف؟

قال:نعم.فحلف باللّه العظيم الى آخره.

فقال:أحلفه يا أمير المؤمنين كما أراه؟

فقال له:حلفه].

قال (5)له:قل برئت من حول اللّه و قوته،و التجأت الى حولي و قوتي،لقد فعل جعفر كذا و كذا،و قال كذا و كذا.

فامتنع الرجل،ثم حلفه (6)،فما تمّ حتى مات مكانه.

فقال المنصور لجعفر:أنت المبرأ عن التهمة،فانصرف جعفر عليه السّلام (7)فلحقه الربيع بجائزة حسنة و كسوة سنية.

6- و وقع نظير هذه الحكاية ليحيى بن عبد اللّه المحض بن الحسن المثنى بن الحسن».

ص: 112


1- في المصدر:«و السفيانين».
2- لا يوجد في المصدر:«رجل».
3- لا يوجد في المصدر:«الخليفة».
4- في المصدر:«حضر».
5- في المصدر:«فقال».
6- في المصدر:«حلف».
7- 6- في المصدر: «لا بأس عليك أنت المبرأ الساحة المأمون الغائلة ثم انصرف».

المجتبى(رضي اللّه عنهم) بأنّ شخصا زبيريا سعى به للرشيد،فطلب يحيى تحليف الساعي بذلك القسم،فما تمّ (1)يمينه حتى اضطرب و سقط على الأرض (2)فمات (3)،فسأل الرشيد يحيى عن سرّ ذلك فقال:تمجيد اللّه في اليمين يمنع المعاجلة بالعقوبة (4).

6,14- و ذكر المسعودي: إنّ هذه القصة كانت مع موسى الملقب بموسى الجون،هو أخو يحيى بن عبد اللّه المحض (5)،و إنّ الزبيري سعى به للرشيد،فطال الكلام بينهما، ثم طلب موسى تحليفه،فحلّفه بنحو ما مرّ،فلمّا حلف قال موسى:اللّه أكبر، حدثني أبي،عن جدّي،عن أبيه،عن جدّه علي(رضي اللّه عنهم):إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:ما حلف أحد بهذه اليمين...و هو كاذب إلاّ عجل اللّه له العقوبة قبل ثلاث،و اللّه ما كذبت و لا كذّبت،فوكّل يا أمير المؤمنين عليّ رجلا يلازمني (6)،إن مضت ثلاث و لم يحدث بالزبيري حادث فدمي لك حلال، فوكّل به.فلم يمض عصر ذلك اليوم حتى أصاب الزبيري علّة (7)،فتورم حتى صار كالزق فمات، (8)و لمّا أنزل في قبره انخسف قبره،و خرجت رائحة مفرطة».

ص: 113


1- في المصدر:«فطلب تحليفه فتلعثم فزبره الرشيد فتولى يحيى تحليفه بذلك فما أتم».
2- في المصدر:«لجنبه».
3- في المصدر:«فأخذوا برجله و هلك».
4- الصواعق المحرقة:201-202.
5- في المصدر:«مع أخي يحيى هذا الملقب...».
6- في المصدر:«فوكّل عليّ يا أمير المؤمنين»فقط.
7- في المصدر:«جذام».
8- في المصدر:«فما مضى إلاّ قليل و قد توفي».

النتن،فطرحت فيه أحمال شوك،فانخسف ثانيا،فأخبر الرشيد فزاد تعجبه، ثم أمر لموسى بألف دينار و سأله عن سرّ ذلك (1)اليمين،فروى له حديثا عن جدّه علي(رضي اللّه عنهم)،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:ما من أحد يحلف بيمين يمجد (2)اللّه فيها إلاّ استحيا من (3)تعجيل عقوبته،و ما من أحد حلف يمينا (4)كاذبة نازع فيها اللّه حوله و قوته إلاّ عجل اللّه له العقوبة قبل ثلاث.

6- و: قتل بعض الطغاة مولى جعفر الصادق (5)،فلم يزل ليله يصلّي،ثم دعا على القاتل (6)عند السحر،فسمع الأصوات بموته.

6- و: لمّا بلغه قول الحكم بن عباس الكلبي في عمّه زيد:

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة *** و لم نر مهديا على الجذع يصلب

قال:اللّهم سلّط عليه كلبا من كلابك،فافترسه الأسد.

6- و من مكاشفاته: انّ محمد الملقب بالنفس الزكية ابن عبد اللّه المحض (7)في أواخر (8)دولة بني أمية أراد بنو هاشم مبايعة محمد و أخيه،و أرسل الى جعفر (9)ليبايعهما،فامتنع،فاتّهم انّه يحسدها (10).».

ص: 114


1- في المصدر:«تلك».
2- في المصدر:«مجد».
3- لا يوجد في المصدر:«من».
4- في المصدر:«بيمين».
5- في المصدر:«مولاه».
6- في المصدر:«عليه».
7- في المصدر:«إن ابن عمه عبد اللّه المحض كان شيخ بني هاشم و هو والد محمد الملقب بالنفس الزكية».
8- في المصدر:«ففي آخر».
9- في المصدر:«لجعفر».
10- في المصدر:«يحسدهما».

فقال:يا بن عم لا أكتم نصيحة للمسلمين فكيف أكتم نصيحتكم (1)،و اللّه ليست الخلافة لي و لا لهما،إنّها لصاحب القباء الأصفر،و (2)ليلعبنّ بها صبيانهم و غلمانهم.

و كان المنصور العباسي[يومئذ]حاضرا و عليه قباء أصفر،فكان ما قال جعفر الصادق رضي اللّه عنه (3).

5- و سبق جعفر في قوله هذا (4)والده الباقر(رضي اللّه عنهما)فانّه أيضا أخبر: أنّ المنصور (5)يملك الأرض،مشرقها و مغربها (6)،و تطول مدّته.

فقال المنصور للباقر (7):أملكنا قبل ملككم؟

قال:نعم.

قال:أ يملك (8)أحد من ولدي؟

قال:نعم.

قال:فمدّة بني أمية أطول أم مدّتنا؟

قال:مدّتكم،و ليلعبنّ بهذا الملك صبيانكم كما يلعب بالكرة،هذا ما عهد إليّ أبي.

فلمّا أفضت الخلافة للمنصور[بملك الارض]تعجب من قول الباقر رضي اللّه عنه (9).3.

ص: 115


1- لا يوجد في المصدر:«يا ابن عم لا اكتم نصيحة للمسلمين فكيف اكتم نصيحتكم».
2- لا يوجد في المصدر:«و».
3- بدله في المصدر:«فما زالت كلمة جعفر تعمل فيه حتى ملكوه».
4- في المصدر:«الى ذلك».
5- في المصدر:«فانه أخبر المنصور».
6- في المصدر:«شرقها و غربها».
7- في المصدر:«فقال له».
8- في المصدر:«و يملك».
9- الصواعق المحرقة:202-303.

6- >cs<و أخرج أبو القاسم الطبري من طريق ابن وهب قال:سمعت الليث بن سعد يقول: حججت سنة ثلاث عشرة و مائة،فلمّا صلّيت العصر في المسجد الحرام (1)صعدت (2)أبا قبيس فاذا رجل جالس يدعو و يقول:يا رب يا رب، حتى انقطع نفسه،ثم قال:يا حيّ يا قيوم (3)حتى انقطع نفسه،فقال (4):إلهي إنّي أشتهي العنب فأطعمنيه،اللّهم إنّ ردائيّ قد خلقا فأكسني.

قال الليث:فو اللّه ما استتم كلامه حتى نظرت الى سلّة مملوءة عنبا و ليس على الأرض يومئذ عنب،و إذا بردتان موضوعتان فيها لم أر مثلهما في الدنيا،فأراد أن يأكل فقلت:أنا شريكك لأنّي قلت«آمين»عند دعائك (5)،فقال:«تقدم و كل»فأكلت (6)معه (7)عنبا لم آكل مثله قط،و (8)ما كان له عجم،فشبعنا و لم تنقص ما في السلّة (9)[فقال:لا تدخر و لا تخبأ منه شيئا]،ثم أخذ أحد البردين و دفع إليّ الآخر فقلت:أنا غني عنه (10)فاتزر بأحدهما و ارتدى بالآخر.

ثم أخذ برديه الخالقين فنزل من أبي قبيس (11)،فلقيه رجل في الطريق (12)».

ص: 116


1- لا يوجد:«الحرام».
2- في المصدر:«رقيت».
3- في المصدر:«يا حي يا حي يا حي».
4- في المصدر:«ثم قال».
5- في المصدر:«فقلت أنا شريكك.فقال:و لم؟فقلت:لأنك دعوت و كنت أؤمن».
6- في المصدر:«فتقدمت و أكلت».
7- لا يوجد في المصدر:«معه».
8- لا يوجد فيه«و».
9- في المصدر:«فأكلنا حتى شبعنا و لم تتغير السلة».
10- في المصدر:«أنا بي عنى».
11- في المصدر:«فنزل و هما بيده».
12- في المصدر:«بالمسعى».

فقال:اكسني يا ابن رسول اللّه ممّا اتاك (1)اللّه فانّني عريان،فدفعهما إليه.

فقلت له:من هذا؟

قال:جعفر الصادق فطلبته بعد ذلك لأسمع منه شيئا فلم أقدر عليه(انتهى).

توفي سنة أربع و ثمانين و مائة مسموما أيضا كأبيه (2)،و عمره ثمان و ستون سنة، و دفن بالقبة المذكورة،فيا لها من قبّة ما أكرمها و أبركها و أشرفها (3)،و ولده الذكور ستة و الاناث واحد (4). (5)

[الامام موسى الكاظم عليه السّلام]

منهم موسى الكاظم،و هو وارثه علما و معرفة و كمالا و فضلا،سمّي الكاظم لكثرة تجاوزه و حلمه،و كان عند أهل العراق معروفا (6)بباب قضاء الحوائج [عند اللّه]،و كان أعبد أهل زمانه و أعلمهم و أسخاهم.

7,14,1,15,2,3- و: سأله الرشيد:كيف تقولون أنتم (7)إنّا ذرية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنتم ذرية (8)علي،فتلا وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ (9)الى أن قال وَ عِيسى و ليس له

ص: 117


1- في المصدر:«كساك».
2- لا يوجد:«كأبيه».
3- لا يوجد في المصدر:«فيا لها...و أشرفها».
4- في المصدر:«عن ستة ذكور و بنت».
5- الصواعق المحرقة:203.
6- في المصدر:«و كان معروفا عند أهل العراق».
7- في المصدر:«قلتم».
8- في المصدر:«أبناء».
9- الأنعام84/.

أب.و تلا أيضا (1)فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ (2)الآية.و لم يدع صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند مباهلة النصارى غير علي و فاطمة و الحسن و الحسين،فكان الحسن و الحسين هما الأبناء(رضي اللّه عنهم).

7- و من بديع كراماته ما حكاه ابن الجوزي و الرامهريري (3)و غيرهما:عن شقيق البلخي: انّه خرج حاجّا سنة تسع و أربعين و مائة فرأى الامام الكاظم بالقادسية منفردا عن الناس،فقال في نفسه:هذا فتى من الصوفية يريد أن يرى الناس زهده (4)،لأمضينّ إليه و لأوبّخنّه.

فمضى إليه فقال:يا شقيق إنّ اللّه تعالى قال (5): اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ (6)الآية،فأراد أن يجعل ظنّه في حلّ (7)فغاب عن عينه (8)،فما رآه إلاّ بالواقصية (9)يصلّي و أعضاؤه تضطرب و دموعه تتحادر،فجاء إليه ليعتذر فخفف في صلاته فتلا (10)وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (11).

فلمّا نزلوا زمالة رآه على بئر سقط فيها دلوه (12)،فدعا فارتفع له».

ص: 118


1- في المصدر:«و أيضا قال تعالى».
2- آل عمران61/.
3- في المصدر:«و الرامهرمزي».
4- في المصدر:«يريد أن يكون كلاّ على الناس».
5- لا يوجد في المصدر:«إن اللّه تعالى قال».
6- الحجرات12/.
7- في المصدر:«أراد أن يحاله».
8- في المصدر:«عينيه».
9- في المصدر:«بواقصة».
10- في المصدر:«و قال».
11- طه82/.
12- في المصدر:«فسقطت ركوته فيها».

الماء (1)حتى أخذها،فتوضأ و صلّى أربع ركعات،ثم مال الى كثيب رمل فطرح منه شيئا في المشربة فشرب (2).

و قلت (3)له:أطعمني من فضل ما رزقك اللّه.

فقال:يا شقيق لم تزل نعم اللّه علينا ظاهرة و باطنة فأحسن ظنك بربّك،فناولني المشربة (4)،فشربت منها فاذا سويق و سكر،ما شربت و اللّه ألذ منه و لا أطيب ريحا منه،فشبعت و رويت و أقمت أياما لا أشتهي شرابا و لا طعاما.ثم لم أره إلاّ بمكة و إذا هو بغلمان و غاشية و أمور على خلاف ما كان عليه في الطريق (5).

7- >cs<و ذكر المسعودي: أنّ الرشيد رأى عليا رضي اللّه عنه في المنام (6)و معه حربة و هو يقول:

خلّص الكاظم و إلاّ قتلتك بهذه الحربة (7)،فاستيقظ فزعا و أمر باطلاقه،و أمر له ثلاثين ألف درهم،و خيّره بين الاقامة ببغداد و بين الذهاب الى المدينة،فاختار المدينة.

قيل:إنّ الهادي (8)حبسه أولا،ثم أطلق (9)لأنّه رأى عليا رضي اللّه عنه يقول له:

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (10) فانتبه [و عرف أنّه المراد]فأطلقه ليلا./.

ص: 119


1- في المصدر:«فطفى الماء له».
2- في المصدر:«و طرح فيها منه و شرب».
3- في المصدر:«فقال».
4- في المصدر:«فناولنيها».
5- الصواعق المحرقة:203.
6- في المصدر:«في النوم».
7- في المصدر:«إن لم تحل عن الكاظم و إلاّ نحرتك بهذه».
8- في المصدر:«و كان موسى الهادي».
9- في المصدر:«أطلقه».
10- محمد22/.

7- >cs<و: لمّا قال (1)له الرشيد حين رآه جالسا عند الكعبة:أنت الذي يبايعك الناس سرّا؟فقال:أنا إمام القلوب و أنت إمام الجسوم.

7- >cs<و: لمّا اجتمعا أمام وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2)قال الرشيد:السّلام عليك يا بن عم [سمعها من حوله].

و قال (3)الكاظم:السّلام عليك يا أبت.

فحسده الرشيد (4)،و حمله معه الى بغداد،و حبسه مقيّدا (5)فلم يخرج من حبسه إلاّ ميتا من السم (6)،و دفن بالجانب الغربي من بغداد.

و كان أولاده الذكور (7)سبعة و ثلاثين (8).

[الامام علي الرضا عليه السّلام]

منهم علي الرضا،و هو أشهرهم (9)ذكرا،و أجلّهم قدرا.

و من ثمة (10)أحلّه المأمون محلّ مهجته،و أنكحه ابنته،و أشركه في مملكته، و فوض إليه أمر خلافته،فانّه كتب بيده كتابا سنة إحدى و مائتين بأنّ علي

ص: 120


1- في المصدر:«فقال».
2- 7- في المصدر: «أمام الوجه الشريف على صاحبه أفضل الصلاة و السّلام». .
3- في المصدر:«فقال».
4- 7- في المصدر: «فلم يتحملها و كانت سببا لإمساكه له».
5- لا يوجد في المصدر:«مقيدا».
6- في المصدر:«مقيدا»بدل«من السم».
7- في المصدر:«ذكرا و انثى».
8- الصواعق المحرقة:204.
9- في المصدر:«أنبههم».
10- في المصدر:«ثم».

الرضا ولي عهده،و أشهد عليه جمعا كثيرا،لكنّه توفي.

8- و: أخبر قبل موته أنّه (1)يأكل عنبا مسموما فيموت،و أنّ المأمون يريد دفنه خلف الرشيد و لم يستطع،فكان ما أخبره الرضا (2)رضي اللّه عنه.

و من مواليه معروف الكرخي أستاد السري السقطي،لأنّه أسلم على يديه.

8- >cs<و روى الحاكم: أنّه قال لرجل:أرض بما يريد اللّه و استعد لما لا بد منه،فمات الرجل بعد ثلاثة أيام.

8- >cs<و روى الحاكم أيضا:عن محمد بن عيسى،عن أبي حبيب قال: رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام في المنزل الذي ينزل فيه ببلدنا الحجاج بن يوسف الثقفي (3)،فسلّمت عليه،فوجدت عنده طبقا من خوص المدينة فيه تمر صيحاني،فناولني منه ثماني عشرة،فتأوّلت أن أعيش بعدّتها (4)،فلمّا كان بعد عشرين يوما قدم أبو الحسن علي الرضا من المدينة،و نزل ذلك المنزل،فرأيته جالسا في الموضع الذي كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جالسا فيه (5)و بين يديه طبق من خوص المدينة فيه تمر صيحاني،فسلّمت عليه[فاستدناني]فناولني (6)قبضة من ذلك التمر،فاذا هي ثماني عشرة (7).».

ص: 121


1- في المصدر:«بأنه».
2- 8- في المصدر: «فكان ذلك كلّه كما أخبر به».
3- 8- في المصدر: «ينزل الحجاج ببلدنا».
4- في المصدر:«عدتها».
5- 8- في المصدر: «و نزل ذلك المسجد و هرع الناس بالسلام عليه فمضيت نحوه فاذا هو جالس في الموضع الذي رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جالسا فيه».
6- في المصدر:«و ناولني».
7- 8- في المصدر: «فاذا عدتها بعدد ما ناولني النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في النوم».

فقلت:يا بن رسول اللّه (1)،زدني.

قال (2):لو زادك جدّي لزدتك (3).

8- >cs<و في تاريخ نيشابور: أنّه استقام بها أياما،ثم خرج يريد بلدة مرواشاهجان (4)، و عليه مظلة لا يرى من ورائها،عرض (5)له الحافظان أبو زرعة الرازي و محمد بن أسلم الطوسي و معهما من طلبة العلم و الحديث ما لا يحصى،فتضرعا إليه أن يريهم وجهه الشريف المكرم المبارك (6)و يروي لهم حديثا عن آبائه، فاستوقف البلغة و أمر غلمانه بكفّ المظلة،فأقرّ عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة،فكانت له ذؤابتان مدليتان على عاتقه،و الناس بين صارخ و باك،و متمرغ في التراب،و مقبّل لحافر بغلته،فصاحت العلماء:معاشر الناس أنصتوا[فأنصتوا فاستملى منه الحافظان المذكوران].

فقال رضي اللّه عنه:حدثني أبي موسى الكاظم،عن أبيه جعفر الصادق،عن أبيه محمد الباقر،عن أبيه زين العابدين،عن أبيه الحسين،عن أبيه علي بن أبي طالب(رضي اللّه عنهم أجمعين رضاء واسعا و أرضاهم)قال:حدثني حبيبي و قرّة عيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:حدثني جبرائيل،قال:

سمعت ربّ العزّة يقول:لا إله إلاّ اللّه حصني،فمن قالها دخل حصني،و من دخل حصني أمن من عذابي.».

ص: 122


1- لا يوجد في المصدر:«يا بن رسول اللّه».
2- في المصدر:«فقال».
3- في المصدر:«رسول اللّه لزدناك».
4- في المصدر:«و لمّا دخل نيسابور-كما في تاريخها-و شق سوقها».
5- في المصدر:«تعرّض».
6- لا يوجد في المصدر:«الشريف المكرم المبارك».

ثم أرخى الستر و سار،فعدّ[أهل المحابر و الدوي]الذين كانوا يكتبون هذا الحديث فزادوا (1)على عشرين ألفا (2).

8- >cs<و في فصل الخطاب:عن أبي الصلت عبد السّلام بن صالح بن سليمان الهروي قال:

كنت مع علي الرضا بن موسى الكاظم حين رحل من نيشابور،و هو راكب بغلة شهباء،فاذا أحمد بن الحرب،و يحيى بن يحيى،و إسحاق بن راهواه، و عدّة من أهل العلم،قد تعلقوا بلجام بغلته فقالوا:بحقّ آبائك الطاهرين حدثنا بحديث سمعته عن أبيك عن آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم ساق الحديث بنحو ما ذكر من قبل آنفا و زاد:

و في رواية: فلمّا مرّت الراحلة نادانا:بشروطها،و أنا من شروطها.

قيل:من شروطها الاقرار له بأنّه إمام المسلمين مفترض الطاعة (3)(انتهى فصل الخطاب).

1- و يشهد لهذه الرواية و يقوّيها قول علي(كرّم اللّه وجهه)في كتاب غرر الحكم:

إنّ ل«لا إله إلاّ اللّه»شروطا و إنّي و ذريتي من شروطها (4).

8,14- >cs<و في سنن ابن ماجة:حدثنا سهل بن أبي سهل،و محمد بن إسماعيل،قالا:

حدثنا أبو الصلت عبد السّلام بن صالح بن سليمان الهروي،قال:حدثنا علي الرضا بن موسى،عن أبيه موسى بن جعفر،عن أبيه جعفر بن محمد،عن أبيه محمد بن علي،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن علي،عن أبيه علي3.

ص: 123


1- في المصدر:«فانافوا».
2- الصواعق المحرقة:204-205.
3- عيون أخبار الرضا 143/1 باب 37 حديث 1؛و 144-145 حديث 4.
4- غرر الحكم 220/1 حديث 103.

ابن أبي طالب(رضي اللّه عنهم)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الإيمان معرفة بالقلب،و إقرار باللسان،و عمل بالأركان.

قال أبو الصلت:لو قرىء هذا الاسناد على مجنون لبرء من جنونه (1).

[و توفي رضي اللّه عنه]و عمره خمس و خمسون سنة،أولاده الذكور خمسة و بنت واحدة (2)(3)أجلّهم و أكملهم محمد التقي (4)الجواد (5).

[الامام محمد الجواد عليه السّلام]

9- و مما اتفق انه كان مع الصبيان في أزقّة[بغداد]إذ مرّ المأمون ففرّ الغلمان (6)و وقف محمد التقي (7)،و سنه (8)تسع سنين...

فقال له:يا غلام ما منعك من الانصراف؟

فقال[له مسرعا]:لم يكن بالطريق ضيق[فأوسعه لك]،و ليس لي جرم [فأخشاك]،و ظنّي (9)بك حسن أنّك لا تضر من لا ذنب له.

فأعجبه كلامه و حسن صورته[فقال له:ما اسمك و اسم أبيك؟

فقال:محمد بن علي الرضا...].

ص: 124


1- سنن ابن ماجة 25/1 حديث 65 كتاب الايمان-باب 9.
2- في المصدر:«عن خمسة ذكور و بنت».
3- الصواعق المحرقة:205.
4- لا يوجد في المصدر:«التقي».
5- الصواعق المحرقة:206.
6- في المصدر:«ففروا».
7- لا يوجد في المصدر:«التقي».
8- في المصدر:«و عمره».
9- في المصدر:«و الظن».

ثم سار (1)و كان معه بزاة للصيد،فلمّا بعد عن العمارة أرسل بازه (2)على دراجة،فغاب الباز (3)عنه،ثم عاد من الجو و في منقاره سمكة صغيرة فيها أثر (4)الحياة،فتعجب[من ذلك غاية العجب]و رجع فرأى الصبيان على حالهم[و محمد عندهم]،ففروا إلاّ محمد التقي.

فقال له المأمون (5):ما في يدي؟

فقال:إنّ اللّه(عزّ و جلّ)خلق بقدرته في الجو بحرا،و خلق فيه سمكا صغارا تصيدها بزاة الملوك (6)،فيمتحن (7)بها سلالة أهل بيت المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال له:أنت ابن علي (8)الرضا حقّا[و أخذه معه و أحسن إليه]و بالغ في إكرامه...

و عزم على تزويجه بابنته أمّ الفضل[و صمم على ذلك]فمنعه العباسيون[من ذلك]خوفا من أن يجعله وليّ عهده كما جعل أباه ولي عهده (9).[فلمّا ذكر لهم أنّه إنمّا اختاره لتميزه على كافة أهل الفضل علما و معرفة و حلما مع صغر سنه فنازعوا في اتصاف محمد بذلك ثم تواعدوا على أن يرسلوا إليه من يختبره].

فأرسل العباسيون (10)إليه يحيى بن أكثم و وعدوه بشيء كثير إن غلب عليه في».

ص: 125


1- في المصدر:«ساق جواده».
2- في المصدر:«بازا».
3- لا يوجد في المصدر:«الباز».
4- في المصدر:«و بها بقاء الحياة».
5- لا يوجد في المصدر:«المأمون».
6- 9- في المصدر: «ان اللّه تعالى خلق في بحر قدرته سمكا صغارا يصيدها بازات الملوك و الخلفاء».
7- في المصدر:«فيختبر».
8- لا يوجد في المصدر:«علي».
9- 9- في المصدر: «خوفا من انه يعهد إليه كما عهد الى أبيه».
10- في المصدر:«فأرسلوا إليه».

المباحثة في العلم (1).

[فحضروا للخليفة و معهم ابن أكثم و خواص الدولة فأمر المأمون بعرش حسن لمحمد فجلس عليه]فسأله يحيى بن أكثم مسائل فأجابه (2)عنها بأحسن جواب[و أوضحه].

فقال المأمون:يا محمد التقي سل عن يحيى و لو مسألة واحدة (3).

فقال له:ما تقول في رجل نظر الى امرأة أول النهار حراما،ثم حلّت له عند ارتفاع الشمس (4)،ثم حرمت[عليه]عند الظهر،ثم حلّت عند العصر،ثم حرمت عليه عند المغرب،ثم حلّت له عند (5)العشاء،ثم حرمت عليه نصف الليل،ثم حلّت له عند (6)الفجر؟

فقال يحيى:لا أدري.

فقال له محمد التقي:هي أمة نظر إليها (7)أجنبي بشهوة،و هذا النظر حرام (8)، ثم اشتراها في (9)ارتفاع الشمس (10)،كانت حلالا (11)،فأعتقها في (12)الظهر،».

ص: 126


1- في المصدر:«ان قطع لهم محمدا».
2- في المصدر:«اجابه».
3- 9- في المصدر: «فقال له الخليفة:أحسنت أبا جعفر فان أردت أن تسأل يحيى و لو مسألة واحدة».
4- في المصدر:«ارتفاعه».
5- لا يوجد في المصدر:«عند».
6- لا يوجد في المصدر:«عند».
7- في المصدر:«نظرها».
8- في المصدر:«و هي حرام».
9- لا يوجد في المصدر:«في».
10- في المصدر:«النهار».
11- لا يوجد في المصدر:«كانت حلالا».
12- لا يوجد في المصدر:«في».

كانت له حراما (1)،و تزوّجها عند (2)العصر،كانت له حلالا (3)،ثم ظاهر منها عند المغرب،كانت له حراما (4)،ثم أدّى كفارة الظهار عند العشاء،كانت له حلالا (5)،ثم (6)طلّقها رجعيا نصف الليل،كانت له حراما (7)،ثم راجعها عند الفجر،كانت له حلالا (8).

فعند ذلك قال المأمون للعباسيين:قد عرفتم فضله بعد ما كنتم تنكرونه (9).ثم زوّجه[في ذلك المجالس]ابنته[أمّ الفضل]،ثم توجه بها الى المدينة.

ثم أرسلت ابنته أمّ الفضل الى أبيها المأمون أنّه يسري جارية عليها (10)، فأرسل إليها أبوها:إنّا لم نزوّجك له لنحرم عليه ما كان حلالا له (11)فلا تعودي لمثله.

ثم قدم[بها]بغداد (12)بطلب من المعتصم لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين و مائتين و توفي في آخر ذي القعدة في هذه السنة (13)،و دفن في ظهر جدّه».

ص: 127


1- لا يوجد في المصدر:«كانت له حراما».
2- لا يوجد في المصدر:«عند».
3- لا يوجد في المصدر:«كانت له حلالا».
4- في المصدر:«و ظاهر منها المغرب»فقط.
5- في المصدر:«و كفر العشاء»فقط.
6- في المصدر:«و».
7- لا يوجد في المصدر:«كانت له حراما».
8- في المصدر:«و ارجعها الفجر»فقط.
9- في المصدر:«قد عرفتم ما كنتم تذكرون».
10- في المصدر:«فارسلت تشتكي منه لأبيها انه تسرى عليها».
11- لا يوجد في المصدر:«له».
12- لا يوجد في المصدر:«بغداد».
13- لا يوجد في المصدر:«في هذه السنة».

الكاظم (1)في مقابر قريش،و عمره خمس و عشرون سنة.و يقال:إنّه مات مسموما كأبيه (2).

و له ولدان ذكران و بنتان (3):أحدهما:موسى،و ثانيهما:علي النقي و هو وارث أبيه علما و كمالا و سخاء (4).

[الامام علي النقي عليه السّلام]

10- >cs<و: من ثمة (5)جاء أعرابي من حوالي (6)الكوفة و قال:إنّي من المتمسكين بولائك و ولاء أجدادك (7)فعليّ (8)دين[أثقلني حمله و]لم أقصد بقضائه سواك.

فقال:قف هنا،ثم أرسل المتوكل إليه (9)ثلاثين ألفا،فأعطى كلّها للأعرابي (10).

فقال الاعرابي (11):يا بن رسول اللّه إن عشرة آلاف تكفي لقضاء ديني (12).

ص: 128


1- لا يوجد في المصدر:«في ظهر جدّه الكاظم».
2- في المصدر:«و يقال انه سمّ أيضا».
3- في المصدر:«عن ذكرين و بنتين»فقط.
4- الصواعق المحرقة:206.
5- في المصدر:«ثم».
6- في المصدر:«اعراب».
7- في المصدر:«بولاء جدّك»فقط.
8- في المصدر:«و قد ركبني».
9- 10- في المصدر: «فقال:كم دينك؟فقال:عشرة آلاف درهم.فقال:طب نفسا بقضائه إن شاء اللّه تعالى ثم كتب له ورقة فيها ذلك المبلغ دينا عليه و قال له:ائتني في المجالس العام و طالبني بها و أغلظ عليّ في الطلب ففعل فاستمهله ثلاثة أيام فبلغ ذلك المتوكل فأمر له بثلاثين ألفا...».
10- في المصدر:«فلمّا وصلته أعطاها الأعرابي».
11- لا يوجد في المصدر:«الاعرابي».
12- في المصدر:«أقضي بها اربي».

فأبى أن يسترد من الثلاثين ألفا (1)شيئا فانصرف (2)الاعرابي و هو يقول:اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

10- >cs<و نقل المسعودي: انّ المتوكل أمر بثلاثة من السباع فجيء بها في صحن قصره، ثم دعا الامام علي النقي،فلمّا دخل أغلق باب القصر،فدارت السباع حوله و خضعت له،و هو يمسحها بكمه،ثم صعد الى المتوكل و يحدّث معه ساعة،ثم نزل ففعلت السباع معه كفعلها الأول حتى خرج،فأتبعه المتوكل بجائزة عظيمة؛ فقيل للمتوكّل:إنّ ابن عمّك يفعل بالسباع ما رأيت فافعل بها ما فعل ابن عمك.

قال:أنتم تريدون قتلي.ثم أمرهم أن لا يفشوا ذلك (3). (4)

توفي[رضي اللّه عنه]بسر من رأى في جمادى الأخيرة (5)سنة أربع و خمسين و مائتين، ثم (6)دفن في داره (7)،و كان (8)عمره أربعون سنة (9)،و كان المتوكل طلبه من المدينة (10)سنة ثلاث و أربعين و مائتين،فأقام بها الى آخر عمره.

فله أولاد،ذكورهم أربعة و الأنثى واحدة (11). (12)7.

ص: 129


1- لا يوجد في المصدر:«ألفا».
2- في المصدر:«فولى».
3- نقل القصة باختلاف يسير جدا.
4- الصواعق المحرقة:205.
5- في المصدر:«الآخر».
6- في المصدر:«و».
7- في المصدر:«بداره».
8- لا يوجد في المصدر:«كان».
9- لا يوجد في المصدر:«سنة».
10- في المصدر:«أشخصه من المدينة إليها».
11- في المصدر:«الى أن قضى عن أربعة ذكور و أنثى».
12- الصواعق المحرقة:207.

[الامام الحسن العسكري عليه السّلام]

و أجلّهم أبو محمد الحسن العسكري،ولد سنة اثنين (1)و ثلاثين و مائتين.

11- >cs< و لمّا حبس قحط الناس[بسر من رأى قحطا شديدا]فأمر الخليفة المعتمد بن المتوكل الناس (2)بالخروج الى الاستسقاء ثلاثة أيام،فلم يسقوا.

فخرج النصارى و معهم راهب و (3)كلّما مدّ يده الى السماء غيمت و أمطرت (4)، ثم في اليوم الثاني كذلك.

فشك بعض الناس،و ارتد بعضهم،فشقّ ذلك على المعتمد،فأمر باحضار الحسن العسكري (5)،فلمّا حضر عنده (6)قال له المعتمد:أدرك أمّة جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبل أن يهلكوا.

فقال الامام الحسن:إنّ النصارى ليخرجوا (7)غدا و أزيل الشك إن شاء اللّه (عزّ و علا)و كلّم المعتمد في إطلاق أصحابه من السجن فأطلقهم له (8).

فلمّا خرج الراهب مع النصارى (9)رفع يده الى السماء غيمت و أمطرت.فأمر الحسن بالقبض على ما في يد الراهب (10)،فقبض فاذا فيها عظم آدمي،

ص: 130


1- في المصدر:«اثنتين».
2- لا يوجد في المصدر:«الناس».
3- لا يوجد في المصدر:«و».
4- في المصدر:«السماء هطلت».
5- في المصدر:«الخالص».
6- لا يوجد في المصدر:«فلمّا حضر عنده».
7- في المصدر:«يخرجون غدا».
8- لا يوجد في المصدر:«له».
9- في المصدر:«فلمّا خرج الناس للاستسقاء و رفع...».
10- في المصدر:«ما يد الراهب».

فأخذ من يده و قال:استسق؛فرفع يده،فزال الغيم و ظهرت (1)الشمس، فتعجب (2)الناس،فقال المعتمد:ما هذا يا أبا محمد؟

فقال:هذا عظم نبي قد (3)ظفر به هذا الراهب،و ما كشف عظم نبي تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر.

فامتحنوا ذلك العظم الشريف بمرات (4)فكان كما قال،و زالت الشبهة عن الناس،و رجع الامام الحسن الى داره.

و توفي سنة ستين و مائتين،و دفن عند أبيه،و عمره ثمان و عشرون سنة، و يقال:انّه مات بالسمّ أيضا.

[الامام الحجة المنتظر(عجّل اللّه تعالى فرجه)]

و لم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة،و عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه اللّه(تبارك و تعالى)له العلم (5)و الحكمة،و يسمّى القائم المنتظر،لأنّه ستر و غاب فلم يعرف أين ذهب (6).

(انتهى كتاب الصواعق).

ص: 131


1- في المصدر:«طلعت».
2- في المصدر:«عجب».
3- لا يوجد في المصدر:«قد».
4- لا يوجد في المصدر:«الشريف بمرات».
5- في المصدر:«آتاه اللّه فيها الحكمة».
6- الصواعق المحرقة:208.

ص: 132

الباب الرابع و الستون

في ذكر رؤيا الشاعر ابن عنين فاطمة الزهراء(رضي اللّه عنها)

و كرامتها و ذكر أبيات الامام زين العابدين

و أبيات الامام محمد الباقر(رضي اللّه عنهما)

>cs<و في جواهر العقدين للشريف السمهودي المصري رحمه اللّه:

[و]من العجائب (1)أنّ أبا المحاسن نصر اللّه بن عنين الشاعر توجه الى مكة المعظمة (2)و معه متاع (3)و مال[و قماش]،فخرج عليه بعض الأشراف من بني داود المقيمين بوادي الصفرا فأخذوا ما كان معه و جرحوه،فكتب قصيدة الى الملك العزيز طغتكين بن أيوب صاحب اليمن،و قد كان أخوه الملك الناصر أرسل رسولا الى الملك الناصر أن يذهب (4)بالساحل و يفتحه (5)من أيدي الافرنج[فزهّده ابن عنين في الساحل و رغّبه في اليمن و حرّضه على الأشراف المذكورين و أول]القصيدة هذه (6):

ص: 133


1- في المصدر:«العجيب».
2- في المصدر:«المشرفة».
3- لا يوجد في المصدر:«متاع».
4- في المصدر:«إليه يطلبه ليقيم».
5- في المصدر:«المفتح».
6- لا يوجد في المصدر:«هذه».

أغنت صفاتك ذاك المصقع اللسنا *** و جزت بالجود حدّ الحسن و الحسنا

[و ما تريد لجسم لا حياة له *** من خلص الزبد ما أبقى لك اللبنا]

و لا تقل ساحل الافرنج أ فتحه *** فما يساوي إذا قايسته عدنا

و إن أردت جهادا فادن سيفك من *** قوم أضاعوا فروض اللّه و السننا

طهّر بسيفك بيت اللّه من دنس *** و ما أحاط به من خسة و خنا

و لا تقل إنّهم أولاد فاطمة *** لو أدركوا آل حرب حاربوا الحسنا

فلمّا أتمّ (1)هذه القصيدة رأى في النوم فاطمة(رضي اللّه عنها)و هي تطوف بالبيت،فسلّم عليها فلم تجبه،فتضرّع إليها و تذلّل عندها (2)و سألها عن ذنبه الذي أوجب ذلك،فأنشدت فاطمة(رضي اللّه عنها)هذه القصيدة (3):

حاشا بني فاطمة كلّهم *** من خسة يعرض أو من خنا

و إنّما الأيام في غدرها *** و فعلها السوء أساءت بنا

لئن جنى (4)***من ولدي واحد تجعل كلّ السبّ عمدا لنا

فتب الى اللّه فمن يقترف *** إثما فلا يأمن ممّا جنى

فاصفح لأجل (5)***المصطفى أحمد و لا تثر (6)من آله أعينا

فكلّ ما نالك منهم غدا *** تلقى به في الحشر منا منى

ثم صبّت بيدها المباركة المكرمة المقدسة شيئا شبيه الماء على جرحه،ثم أيقظ من منامه،فرأى أن جراحته التي كانت في بدنه صارت ملتئمة».

ص: 134


1- في المصدر:«نظم».
2- لا يوجد في المصدر:«عندها».
3- في المصدر:«فانشدته»فقط.
4- في المصدر:«أ إن أسا».
5- في المصدر:«أكرم لعين».
6- في المصدر:«و لا تهن».

صحيحة،فكتب فورا قصيدة فاطمة(رضي اللّه عنها)التي أنشدتها في رؤياه.

ثم قال معتذرا (1):

عذرا الى بنت نبي الهدى *** تصفح عن ذنب محبّ جنى

و توبة تقبلها عن (2)***أخي مقالة توقعه في العنا

و اللّه لو قطّعني واحد *** منهم بسيف البغي أو بالقنا

لم أره بفعله ظالما (3)*** بل إنّه في فعله أحسنا

فكتب هذه الحكاية الى ملك اليمن،فأرسل الملك الهدايا الكثيرة لهذه الأشراف و أهل مكة،و هذه القصيدة مشهورة بين الناس و مسطورة في ديوان ابن عنين (4).

4- و في كتاب سفينة راغب باشا الصدر أعظم قال الإمام زين العابدين رضي اللّه عنه شعرا:

إنّي لأكتم من علمي جواهره *** كيلا يرى الحقّ ذو الجهل فيفتتنا

و قد تقدم في هذا أبو حسن *** الى الحسين و وصى قبله الحسنا

يا ربّ جوهر علم لو أبوح به *** لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

و لاستحلّ رجال مسلمون دمي *** يرون أقبح ما يأتونه حسنا (5)

.

5- >cs<و في جواهر العقدين:عن بعضهم،قال:

كنت بين مكة و المدينة فاذا شبح (6)يلوح في البرية،يظهر تارة و يغيب أخرى،».

ص: 135


1- في المصدر:«قال أبو المحاسن بن عنين:فانتبهت من منامي مرعوبا فزعا و قد أكمل اللّه تعالى عافيتي من الجراح و المرض و كتبت الابيات و حفظتها و تبت الى اللّه تعالى مما قلت و قطعت تلك القصيدة و قلت:».
2- في المصدر:«من».
3- في المصدر:«لم أر ما يفعله سيئا».
4- اختصر صاحب الينابيع تعليقة السمهودي على الخبر-جواهر العقدين 270/2-271.
5- سفينة راغب:76.ط استنبول 1282 ه و لم يذكر قائلها في المصدر.
6- في المصدر:«أنا بشبح».

حتى قرب منّي فسلّم عليّ،فرددته (1)و قلت له (2):من أين يا غلام؟

قال:من اللّه.قلت:الى أين؟

قال:الى اللّه.قلت:فما زادك؟

قال:التقوى.قلت:فمن أنت؟

قال:أنا رجل عربي.فقلت:من أي العرب (3)؟

قال:[أنا رجل]من قريش.فقلت:عيّن لي عافاك اللّه؟

فقال:أنا رجل هاشمي.فقلت:عيّن لي؟

فقال:أنا رجل علوي.ثم أنشد:

نحن على الحوض روّاده *** نذود و نسعد ورّاده

فما فاز من فاز إلاّ بنا *** و ما خاب من حبّنا زاده

فمن سرّنا نال منّا السرور *** و من ساءنا ساء ميلاده

و من كان كاتمنا فضلنا (4)*** فيوم القيامة ميعاده

ثم قال:أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(رضي اللّه عنهم).

ثم التفت فلم أره،فلا أدري نزل في الأرض أم صعد في السماء (5).9.

ص: 136


1- في المصدر:«فرددت عليه».
2- لا يوجد في المصدر:«له».
3- في المصدر:«أبن لي».
4- في المصدر:«غاصبنا حقنا».
5- جواهر العقدين 258/2-259.

الباب الخامس و الستون

اشارة

في إيراد ما في كتاب فصل الخطاب من الفضائل

للسيد الكامل المحدث العالم العامل محمد خواجه پارساى

البخاري (1)أسبق خلفاء خواجه محمد البخاري شاه نقشبند

(قدس اللّه سرّهما و رفع درجاتهما و وهب لنا فيوضهما و بركاتهما)

[أمير المؤمنين علي عليه السلام]

14,1,15,2,3- >cs<روى الامام الواحدي:باسناده عن الأعمش،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس(رضي اللّه عنهما)قال:

لمّا نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (2)قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال:علي و فاطمة و ولداهما.

1- >cs<و روى الامام الواحدي أيضا:باسناده عن زادان عن علي(كرّم اللّه وجهه) قال: فينا في آل حم آية لا يحفظها إلاّ كلّ مؤمن،ثم قرأ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى .

14,1,15,2,3- >cs<و قال الامام فخر الدين الرازي:روي انه قيل: يا رسول اللّه من قرابتك الذين

ص: 137


1- محمد بن محمد بن محمود بن محمد بن محمد بن مودود،شمس الدين الجعفري البخاري(746-822 ه):فقيه حنفي،عالم بالتفسير من أهل بخارى جاور بمكة و مات بها أو بالمدينة له كتب منها«فصل الخطاب لوصل الأحباب»مخطوط-الاعلام للزركلي 44/7.و قد خرجنا ما فيه في تضاعيف الكتاب.
2- الشورى23/.

وجبت علينا مودّتهم؟

فقال:علي و فاطمة و ابناهما.

فثبت أنّ هؤلاء الأربعة هم المخصوصون بمزيد المودّة و التعظيم لوجوه:

الأول:هذه الآية.

الثاني:إنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يحبّهم و ثبت ذلك بالنقل المتواتر و بالعقل،فيجب على كلّ الأمّة اتباعه،لقوله تعالى وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (1).

و الثالث:إنّ الدعاء للآل منصب عظيم،و قد جعل هذا الدعاء في خاتمة التشهد في الصلاة،و هذا التعظيم لم يوجد في غير الآل.

و قال الامام الشافعي:

يا راكبا قف بالمحصب من منى *** و اهتف بساكن خيفها و الناهض

إن كان رفضا حبّ آل محمد *** فليشهد الثقلان أنّي رافضي

(انتهى).

>cs<و قال بعض العارفين:ثمرة مودّة أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قرابته عائدة الى أنفسهم،لكونها سبب نجاتهم كما قال تعالى: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ (2)إذ المودّة تقتضي المناسبة الروحانية المستلزمة لاجتماعهم في الحشر، كما في

16- حديث «المرء مع من أحب». و لا يمكن لمن تكدر روحه،و بعدت عنهم مرتبته أن يحبّهم بالحقيقة و بصميم القلب،و لا يمكن لمن تنور روحه أن لا يحبّهم،لكونهم مخلوقين من طينة أهل بيت النبوة،و معادن الولاية و الفتوة، و لا يحبّهم إلاّ من يحبّ اللّه و رسوله،و لو لم يكونوا محبوبين في العناية الأولى من اللّه تعالى فما أحبّهم رسوله؛إذ محبّته عين محبّة اللّه تعالى في صورة التفصيل/.

ص: 138


1- الأعراف158/.
2- سبأ47/.

بعد كونها في الاجمال.

و الأربعة المذكورون في الحديث«علي و فاطمة و ابناهما»خصّوا بالذكر و لم يحرّض النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمّته على محبّة غيرهم كتحريضه على محبّة هؤلاء.

و أولادهم السالكون بسبيلهم،التابعون لهداهم،هم في حكمهم في وجوب المودّة فيهم،و كذا حرّض النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمّته على الاحسان إليهم،و نهى عن ظلمهم و إيذائهم.

14- و في الحديث: «حرمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي و آذاني في عترتي».

14- و: «من اصطنع صنيعة الى أحد من ولد عبد المطلب،و لم يجازه عليها فأنا أجازيه غدا إذا لقيني يوم القيامة».

قال تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)أي من يقترف محبّة آل الرسول نزد له في متابعته لهم في طريقهم حسنا؛لأنّ تلك المحبّة لا تكون إلاّ لصفاء الاستعداد،و نقاء الفطرة،و ذلك يوجب التوفيق لحسن المتابعة لهم، و قبول الهداية منهم،الى مقام المشاهدة،فيصير صاحب المحبّة من أهل الولاية،و يحشر معهم في القيامة.

14- >cs<و روى الامام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره:عن الامام محمد بن أسلم الطوسي، عن يعلى بن عبيد،عن إسماعيل بن أبي خالد،عن قيس بن أبي حازم،عن جرير بن عبد اللّه البجلي رضي اللّه عنه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

من مات على حبّ آل محمد مات شهيدا.

ألا و من مات على حبّ آل محمد مات مغفورا له./.

ص: 139


1- الشورى23/.

ألا و من مات على حبّ آل محمد فتح في قبره بابان من الجنّة.

ألا و من مات على حبّ آل محمد بشّره ملك الموت بالجنّة،ثم منكر و نكير.

ألا و من مات على حبّ آل محمد يزف الى الجنّة كما تزف العروس الى بيت زوجها.

ألا و من مات على حبّ آل محمد جعل اللّه تعالى زوّار قبره ملائكة الرحمة.

ألا و من مات على حبّ آل محمد مات على السنة و الجماعة.

ألا و من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة اللّه.

ألا و من مات على بغض آل محمد لم يشمّ رائحة الجنّة.

14,1,15,2,3- >cs<و في جامع الاصول:عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين:

أنا حرب لمن حاربتم و سلّم لمن سالمتم. (أخرجه الترمذي) .

14,1,15,2,3- >cs<و روى أبو حازم عن أبي هريرة أنّه قال:

نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال:

أنا حرب لمن حاربتم و سلّم لمن سالمتم.

14,1,15,2,3- >cs<و روى الامام أبو إسحاق الثعلبي:عن أبي عبد اللّه الحافظ باسناده،عن زيد بن علي بن الحسين،عن أبيه،عن جدّه،عن علي(رضي اللّه عنهم)قال:

شكوت الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حسد الناس بي فقال:أ ما ترضى أن تكون رابع أربعة أوّل من يدخل الجنّة:أنا و أنت و الحسن و الحسين،و أزواجنا عن أيماننا، و شمائلنا،و ذريّاتنا خلف أزواجنا؟.

14- قال أبو عبد اللّه محمد بن علي الحكيم الترمذي في كتابه«نوادر الأصول»:

حدثنا عبيد بن خالد قال:حدثنا محمد بن عثمان البصري قال:حدثنا محمد

ص: 140

ابن الفضيل،عن محمد بن سعد بن أبي طيبة،عن المقداد بن الأسود رضي اللّه عنه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: معرفة آل محمد براءة من النار،و حبّ آل محمد جواز على الصراط،و الولاية لآل محمد أمان من العذاب.

أيضا هذا الحديث في الشفاء مذكور .

14- >cs<و في«نوادر الأصول»:حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء،قال:حدثنا زيد بن الحسن الأنماطي،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جابر بن عبد اللّه(رضي اللّه عنهم)قال:

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حجّته يوم عرفة و هو على ناقته القصوى يخطب، فسمعته يقول:

يا أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي.

أيضا أخرجه الترمذي .

14- >cs<و في«نوادر الأصول»:حدثنا أبي قال:حدثنا زيد بن الحسين قال:حدثنا معروف بن خربوز المكي،عن أبي الطفيل عامر بن واثلة،عن حذيفة بن أسيد الغفاري(رضي اللّه عنهما)قال:

لمّا صدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من حجّة الوداع خطب فقال:

يا أيّها الناس إنّه قد نبأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبي إلاّ مثل نصف عمر النبي الذي يليه من قبل،و إنّي أظن أنّي يوشك أن أدعى فأجيب،و إنّي فرطكم على الحوض،و إنّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين،فانظروا كيف تخلفوني فيهما:الثقل الأكبر كتاب اللّه(عزّ و جلّ)،سبب طرفه بيد اللّه تعالى و طرفه بأيديكم،فاستمسكوا به و لا تضلوا و لا تبدلوا،و عترتي أهل بيتي،

ص: 141

فانّه قد أنبأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

14- >cs<و في نوادر الاصول:حدثنا أبي قال:حدثنا الحماني،قال:حدثنا ابن نمير،عن موسى بن عبيدة،عن إياس بن سلمة بن الأكوع،عن أبيه رضي اللّه عنه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: النجوم أمان لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأمّتي.

14- >cs<و في نوادر الأصول:حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني،قال:حدثنا المؤمل بن عبد الرحمن الثقفي،عن عباد بن عبد الصمد،عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال:

جاء رجل فقال:يا رسول اللّه أي الأعمال أفضل ؟

قال:العلم باللّه و أحكامه.

ثم أتاه فسأله فقال مثل ذلك.

فقال:يا رسول اللّه أنا أسألك عن العمل.

فقال:إنّ العلم ينفعك معه قليل العمل و كثيره،و إنّ الجهل لا ينفعك معه قليل العمل و لا كثيره.

14,1- >cs<و في جامع الترمذي رحمه اللّه:عن أبي سريحة الصحابي،و هو حذيفة بن أسيد،أو زيد بن أرقم(رضي اللّه عنهما)-شك شعبة-،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال:

من كنت مولاه فعلي مولاه.

14,1- >cs<و روى الترمذي عن بريدة رضي اللّه عنه إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

إنّ اللّه أمرني بحبّ أربعة و أخبرني أنّه يحبّهم.

قيل:يا رسول اللّه سمّهم لنا.

قال:علي منهم،يقول ذلك ثلاثا،و أبو ذر و المقداد و سلمان،أمرني بحبّهم و أخبرني أنّه يحبّهم.

و قال الترمذي:هذا حديث حسن .

ص: 142

14,1- >cs<عن حبش بن جنادة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

علي منّي و أنا من علي،و لا يؤدي عنّي إلاّ أنا أو علي. (رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجة).

و قال الترمذي:هذا حديث حسن صحيح .

14,1- >cs<و عن أم عطية(رضي اللّه عنها)قالت: بعث النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جيشا فيهم علي بن أبي طالب،فسمعته و هو رافع يديه يقول:اللّهم لا تمتني حتى تريني عليا.

رواه الترمذي و قال:حديث حسن .

14,1- >cs<و في المعارف قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي خذ الباب لا يدخل أحد فانّ الملائكة يأخذون منّي.

قال علي:سمعت أصواتهم و قلت له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد ما ذهبوا:إنّهم ثلاثمائة و ثلاثون ملكا.

قال:بم عرفت؟

قلت:سمعت ثلاثمائة و ثلاثون صوتا متغايرة.

فوضع يده على صدري و قال:زادك اللّه إيمانا و علما.

1- قال الامام تاج الاسلام الخدآبادي البخاري في أربعينه:روى هذه الأبيات عن علي رضي اللّه عنه:

سبقتكم الى الاسلام طرا *** غلاما ما بلغت أوان حلمي

محمد النبي أخي و صهري *** و حمزة سيد الشهداء عمي

و جعفر الذي يضحي و يمسي *** يطير مع الملائك ابن أمّي

و بنت محمد سكني و عرسي *** منوط لحمها بدمي و لحمي

ص: 143

و سبطا أحمد ولداي منها *** فايّكم له سهم كسهمي

و أوجب بالولاية لي عليكم *** رسول اللّه يوم غدير خم

.

شهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بدرا و أحدا و الخندق و بيعة الرضوان و خيبر و فتح مكة و حنينا و الطائف و سائر المشاهد إلاّ تبوك فانّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم استخلفه على المدينة،و له في جميع المشاهد آثار مشهورة.

قالوا:أعطاه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اللواء في المواطن الكثيرة.

1- و قال سعيد بن المسيب: أصابت عليا رضي اللّه عنه يوم أحد ست عشر ضربة. و أحواله في الشجاعة و آثاره في الحروب مشهورة.

و أما علمه فكان بالمحل العالي يعترف الخواص و العوام بكثرة علمه.

1- قال ابن المسيب: ما كان أحد من الأمّة يقول«سلوني»غير علي رضي اللّه عنه.

1- قال ابن عباس(رضي اللّه عنهما): لقد أعطي لعلي تسعة أعشار العلم،و و اللّه لقد شاركهم في العشر الباقي.

1- قال ابن عباس: إذا ثبت لنا شيء عن علي لم نعدل الى غيره.

و سؤال كبار الصحابة و رجوعهم الى فتواه و أقواله في المواطن الكثيرة و المسائل المعضلات مشهور.

و أمّا زهده فهو من الأمور المشهورة التي اشترك في معرفتها الخاص و العام.

1- و في مسند الامام أحمد بن حنبل رحمه اللّه و غيره أنه قال: لقد رأيتني أنّي لأربط الحجر على بطني من الجوع و إنّ صدقتي تبلغ اليوم أربعة آلاف دينار ،و في رواية:أربعين ألف درهم.

قال العلماء:لم يرد به زكاة مال يملكه و إنّما أراد الأوقاف التي تصدّق و جعلها صدقة جارية،و كان الحاصل من غلّتها يبلغ هذا القدر.

ص: 144

و قالوا:لم يدخر علي رضي اللّه عنه قط ما يقارب هذا المبلغ و لم يترك حين توفي إلاّ ستمائة درهم،و كان عليه إزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم و الأحاديث الواردة في الصحاح في فضله كثيرة.

1- و: لمّا دخل الكوفة قال له بعض حكماء العرب:لقد زينت الخلافة و ما زينتك، و هي أحوج إليك منك إليها.

و إنّه علم السنة و الشهر و الليلة التي يقتل فيها.

1- و: لمّا خرج لصلاة الصبح صاح الإوز في وجهه فطردوهن فقال:دعوهن فانهنّ نوائح.

1- فلمّا ضربه ابن ملجم-أشقى الخوارج-قال علي رضي اللّه عنه:«فزت و ربّ الكعبة».

و ضربه بسيف مسموم في جبهته المباركة ليلة السابع عشر من شهر رمضان، و توفي ليلة التاسع عشر منه،سنة أربعين،و غسله الحسن و الحسين و محمد بن الحنفية،و عبد اللّه بن جعفر،و كفن في ثلاثة أثواب ليس له قميص و لا عمامة.

1- قالوا: و لمّا فرغ من وصيته قال:السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته. ثم لم يتكلم إلاّ بلا إله إلاّ اللّه حتى توفي رضي اللّه عنه.و كان عنده فضل من حنوط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أوصى أن يحنّط به،و توفي و هو ابن ثلاث و ستين سنة على الأصح و هو قول الأكثرين.

1,2,3- و روى الحاكم عن أبي عبد اللّه الحافظ: أنّه بلغه قال علي للحسن و الحسين (رضي اللّه عنهم):إذا متّ أنا فاحملاني على سرير،ثم اتيا بي الغري-و هو نجف الكوفة-فانّكما تريان صخرة بيضاء تلمع نورا،فاحتفرا فانّكما تجدان فيها ساحة فادفناني فيها.

و روى ابن أبي الدنيا: انّه خرج بعض من الصيادين زمن هارون الرشيد من الكوفة متصيدا بناحية الغري،فلجأت الظباء الى ناحية من الغري فقال:

ص: 145

أرسلنا عليها الصقور و الكلاب،فرجعت الكلاب و الصقور،فأخبرنا الرشيد، فكان يزوره في كلّ عام.

و قال زين الدين أبو الرشيد الحافظ: لم يزل قبر علي رضي اللّه عنه مختفيا الى زمن الرشيد، ثم ظهر بالغري بظاهر الكوفة و يزوره الى اليوم الناس،و صار قبره مأوى كلّ

لهيف و ملجأ كلّ هارب.

1- و في شرح الكرماني لصحيح البخاري: كان علي(كرّم اللّه وجهه)حسن الوجه كأنّ القمر ليلة البدر،ضحوك السن.

1- و في الأربعين لتاج الاسلام الخدآبادي البخاري: كان علي رضي اللّه عنه حسن الوجه، شديد الأدمة،مربوعا،أصلع،عظيم العينين،عظيم البطن،كثير الشعر،طويل اللحية،قد ملأت ما بين منكبيه،خضب بالحنّاء مرة،و لم يكن أعضاؤه و أطرافه مستوية متناسبة،حتى وصفه بعضهم و قال:كأنه كسرت أعضاؤه ثم جبرت.

14,1- و: ضمّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى نفسه في القحط الذي كان بمكة قبل البعثة،و تولّى تربيته و علمه.

1- و عن عبد اللّه بن العباس(رضي اللّه عنهما)قال: إنّ القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلاّ له ظهر و بطن،و إنّ علي بن أبي طالب علم الظاهر و الباطن.

14,1- عن ابن عباس(رضي اللّه عنهما)قال: أوتي عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بامرأة مجنونة حبلى قد زنت،فأراد عمر بن الخطاب أن يرجمها،فقال له علي:يا أمير المؤمنين أ ما سمعت ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:رفع القلم عن ثلاث:عن المجنون حتى يبرأ،و عن الغلام حتى يدرك،و عن النائم حتى يستيقظ.فخلى عنها.

1- و: في عدّة من المسائل رجع عمر الى قول علي(رضي اللّه عنهما)فقال عمر:

«عجزت النساء أن يلدن مثل علي».

ص: 146

و«لو لا علي لهلك عمر».

و يقول أيضا:«أعوذ باللّه من معضلة ليس فيها علي».

و قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي النيشابوري في كتابه«تاريخ مشايخ الصوفية»:قال الشيخ جنيد قدّس سرّه:إنّ أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه لو تفرّغ إلينا عن الحروب لوصل إلينا عنه من هذا العلم ما لا يقوم له القلوب.

و قال أيضا: صاحبنا في هذا الأمر الذي أشار الى ما تضمّنه القلوب و أومأ الى حقائقه بعد نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه و جعفر الصادق رضي اللّه عنه فاق جميع أقرانه من أهل بيته(انتهى).

و في شرح التعرف:إنّ عليا رضي اللّه عنه رأس كلّ العرفاء باتفاق الأمّة،

14,1- و له كلام ما قال أحد قبله و لا بعده،و ذلك: لمّا صعد على المنبر و قال:

سلوني،فان ما بين جنبي علما جما،هذا لعاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في فمي،هذا ما زقني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم زقا زقا،فوالذي نفسي بيده لو أذن لي في التوراة و الانجيل فأخبرت بما فيهما فصدقاني على ذلك.

و اعلم أنّ أولاد أمير المؤمنين علي(رضي اللّه عنهم)في أكثر الروايات«خمسة و ثلاثون»ولدا،ذكورهم تسعة عشر.

و كان الحسن و الحسين و زينب و رقية،و هي أم كلثوم،أمّهم فاطمة الزهراء (رضي اللّه عنهم).

و كانت زينب زوّجها أبوها ابن أخيه عبد اللّه بن جعفر الطيار،فولدت له عليا، و عونا،و عباسا،و غيرهم.

و أمّا رقية و هي أم كلثوم،زوّجها العباس بن عبد المطلب بعمر بن الخطاب

ص: 147

برضاء أبيها(رضي اللّه عنهم).

و أعقابه من خمسة أبنائه أبو محمد الحسن السبط،و أبو عبد اللّه الحسين السبط، و أبو القاسم محمد بن الحنفية،أمّه خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنيفة، و أبو القاسم عمر،أمّه أم حبيب بنت الصهباء الثعلبية،و أبو الفضل العباس، أمّه أم البنين الكلابية.

>cs<و يقول مؤلف هذا الكتاب:إنّ محمد بن الحنفية دخل في غار جبل بالطائف المسمّى بجبل رضوى،ثم لم يخرج منه كما في التواريخ.

و أما أبو القاسم عمر فتربته في نهاوند من أرض العجم.

و أمّا أبو الفضل العباس فتربته في كربلا.

و ذريات أبو القاسم محمد بن الحنفية في بلاد ما وراء النهر و بلخ كثيرون، و سلطان العارفين خواجه أحمد يسوى،و إسماعيل أتا،و مير حيدر من ذرياته الطاهرة،و هما أيضا من أهل الولاية و العرفان و أصحاب الكرامات(قدس اللّه أسرارهم و رفع درجاتهم و وهب لنا بركاتهم و فيوضاتهم و سعاداتهم).

و ينسب جماعة الى إسماعيل أتا،و جماعة الى مير حيدر،فيقال:إنّهم إسماعيل أتاي و إنّهم مير حيدري.(انتهى).

و العقب من ولد عبد اللّه بن جعفر من علي،و العقب من ولد علي في محمد و إسحاق و أمّ محمد بنت عبد اللّه بن العباس،و من محمد كثر الجعفري و فيه قيل:

قضى اللّه أنّ الجعفري محمدا *** هو البدر ذو الاشراق بين الكواكب

ص: 148

قالوا:ثلاثة بنو أعمام في زمن واحد كلّ منهم يسمى عليا،ثم بنوهم ثلاثة يسمى كلّ منهم محمدا،و كلّ منهم سيد جليل عالم عابد يصالح للامامة،و هم محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر الباقر،و محمد بن علي بن جعفر الطيار، و محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس(رضي اللّه عنهم)و هذه فضيلة لا يشاركهم فيها أحد.

1- و المؤلف يشرح: و لمّا صلّى علي(كرّم اللّه وجهه)الظهر بالكوفة فقال:أين عبد اللّه بن العباس لم يحضر الصلاة؟

قالوا:هو في داره ولد له ولد ذكر فبه مشغول.

فقال:أخبروه أن يأتيني بمولوده.

فأتى به فأخذه و مسحه بيده المبارك و سماه باسمه علي و قال:شكرت الواهب و بورك لك في الموهوب،بلغ رشده،و رزقت برّه.ثم قال:خذ منّي إليك أبا الاملاك.

فهو والد محمد،و محمد من الفقهاء السبعة في المدينة،و هو والد أبي العباس عبد اللّه الملقب بالسفاح،و أبي جعفر المنصور الملقب بالدوانيقي،و هما أول الخلفاء العباسية،و بايع الناس أوّلا السفاح،و كان خليفة أربع سنين و نصف، و بنى بلدة قرب الكوفة و سماها[ها]شمية،ثم توفي بمرض الجدري،ثم بايع الناس أخاه أبا جعفر المنصور فبنى سور بغداد،كما في شرح نهج البلاغة.

1- و في الدر المنظم قال علي(كرّم اللّه وجهه)في خطبة المسماة بخطبة البيان:

يا أبا العباس كن إمام الناس و يا منصور تقدم الى بناء السور،أي سور بغداد، إشارة الى خلافتهما (انتهى الشرح) .

ص: 149

و الجعفريون كثيرون في سمرقند و بخارى؛منهم الامام أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد الصفدي ممن سكن بخارى:كان إماما فاضلا مناظرا، توفي رحمه اللّه سنة إحدى و ستين و أربعمائة.

و في كتاب السمعاني رحمه اللّه: أبو بكر محمد بن علي بن حيدر بن حمزة بن اسماعيل ابن عبد اللّه بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر الطيار الجعفري،من أهل بخارى يحبّ الحديث و أهله،سمع منه الحافظ أبو عبد اللّه محمد البخاري،صاحب كتاب صحيح البخاري، و روى عنه أبو عمرو عثمان بن علي البيكندي ببخارى،و ذكره عبد العزيز بن محمد النخشبي من شيوخه.

14- قال الإمام النووي المحدث: و لمّا استشهد جعفر رضي اللّه عنه بأرض الشام مؤته على مرحلتين من بيت المقدس،و رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عبد اللّه بن جعفر بعد رجوعه من الغزوة قرب المدينة ركّبه على ناقته،و جعله في قدامه،و دعا له و قال:اللّهم اخلف جعفرا في عقبه،و أردف قثم بن العباس فاستشهد بسمرقند.

و توفي عبد اللّه بن جعفر الطيار(رضي اللّه عنهما)بالمدينة سنة ثمانين من الهجرة،و هو الصحيح.

و قال جماعة:توفي سنة تسعين.

و هو الجواد ابن الجواد،و لم يبايع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من لم يحتلم إلاّ الحسن و الحسين و عبد اللّه بن جعفر و عبد اللّه بن العباس(رضي اللّه عنهم).

و قال مسلم بن قتيبة في كتابه«المعارف»: أولاد عبد اللّه بن جعفر الطيار سبعة عشر ولدا ذكورا و بنتين؛منهم علي و العباس و عون الأكبر و جعفر الأكبر،أمّهم زينب بنت علي من فاطمة الزهراء(رضي اللّه عنهم)،و من البنين إسماعيل

ص: 150

و إسحاق و القاسم لأمّهات الأولاد(رضي اللّه عنهم).

[الإمام الحسن عليه السلام]

فأولاد الحسن السبط بن علي(رضي اللّه عنهم)الحسن المثنى بن الحسن،و زيد ابن الحسن،و الحسين بن الحسن،و عمر بن الحسن.

و أمّا أعقاب الحسن السبط فمن عبد اللّه المحض،شيخ العترة عمره مائة سنة، ابن الحسن المثنى بن الحسن السبط،و إبراهيم بن الحسن المثنى،و الحسن المثلث ابن الحسن المثنى،و أمّهم فاطمة بنت الحسين(رضي اللّه عنهم)،و جعفر بن الحسن المثنى و داود بن الحسن المثنى،و أمّهما أمّ الولد،فهؤلاء الخمسة لهم أعقاب.

و السادس حسن بن زيد بن الحسن السبط،له سبعة أبناء،أعقب كلّ واحد منهم.

و أمّا عمر بن الحسن الأول فلم يعقب.

و أمّا الحسين بن الحسن الأول فله بنت هي فاطمة أم إسماعيل بن جعفر الصادق (رضي اللّه عنهم).

[الإمام الحسين عليه السلام]

1,3,4- و كان للحسين رضي اللّه عنه ثلاثة أبناء و بنتين:

علي الأصغر،و هو الامام زين العابدين،لقب بالأصغر لأنّه ولد في حياة جدّه، و عند وفاة جدّه كان ابن سنتين،فجدّه أمير المؤمنين علي الأكبر و هو الأصغر (رضي اللّه عنهما)،و في حادثة كربلا كان ابن اثني و عشرين سنة،و كان عليلا بالاسهال،فلم يقدر أن يخرج الى الحرب.

أمّه شهربانو بنت يزدجرد بن شهريار بن شبرويه بن پرويز بن هرمز بن انوشيروان ،الملك العادل،آتوها مع أختها كيهان بانو من حدود فارس في خلافة عثمان بن عفان رضي اللّه عنه فأراد أن يبيعهما،قال له علي(كرّم اللّه وجهه):

ص: 151

لا يعامل في بني الملوك معاملة سائرهم.فتزوج الحسين شهربانو،فولدت له علي الأصغر. و تزوج محمد بن أبي بكر كيهان بانو،فولدت له القاسم.

قالوا:أنظر الى بركة العدل حيث جعل اللّه-تبارك و تعالى-الأئمة المهديّين من نسل الحسين(رضي اللّه عنهم)من بنت يزدجرد المنتسب الى كسرى أنوش-روان الملك العادل دون سائر زوجاته.

و واحد من البنين:علي الأكبر،فاستشهد بالحرب و عمره ثمانية عشر،و أمّه ليلى بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي.

و واحد منهم:عبد اللّه،كان طفلا أصابه سهم فاستشهد.

و فاطمة و سكينة،و أمّا فاطمة فخرجت الى ابن عمّها الحسن المثنى فولدت له ثلاثة:عبد اللّه المحض و إبراهيم و الحسن المثلث.

و أمّا سكينة فخرجت الى مصعب بن الزبير.و كان الحسين يحبّ سكينة و أمّها (رضي اللّه عنهم)و هي رباب الكلبية،و فيهما

3- قال الحسين(رضي اللّه عنهم):

لعمرك إنّني لأحبّ دارا *** تحلّ بها سكينة و الرباب

.

و العقب من ولد الحسين رضي اللّه عنه في ولد واحد،و هو الامام زين العابدين رضي اللّه عنه، و أولاده عشرون،أحد عشر ابنا و تسع بنات؛منهن فاطمة،سكينة و خديجة، فخديجة خرجت الى محمد بن عمر بن علي(رضي اللّه عنهم)فولدت له عدّة أولاد.

و أمّا أعقاب الامام زين العابدين فمنهم أبي جعفر محمد الباقر،أمّه أمّ عبد اللّه بنت الحسن السبط،و زيد الشهيد المصلوب بالكوفة،و هو جدّ شرفاء اليمن، و عبد اللّه الباهر و تربته في الموصل،و عمر الأشرف،و الحسين الأصغر،و علي، فمن هؤلاء الستة لزين العابدين(رضي اللّه عنهم)أعقاب.

ص: 152

و سائر أبنائه الحسن،و الحسين الأكبر،و القاسم،و سليمان،و عبد الرحمن(رضي اللّه عنهم).

و العقب من ولد واحد،و هو جعفر الصادق(رضي اللّه عنهما)و أمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر(رضي اللّه عنهم).

و أعقب كلّ واحد من أولاد جعفر الصادق(رضي اللّه عنهم)هم:إسماعيل، جدّ الخلفاء الفاطميين في المغرب و مصر،و مصر الجديد من بنائهم،و موسى الكاظم،و محمد الديباج،و إسحاق،و علي و تربته خارج بلد قم قرب باب الجنوبي(رضي اللّه عنهم).

3- و: حجّ الحسين رضي اللّه عنه خمسة و عشرين حجّة ماشيا،و لمّا استشهد،استشهد معه عثمان و أبو بكر و جعفر و عباس،كلّهم أبناء علي(رضي اللّه عنهم)،و كانت أمّهم أمّ البنين الكلبية،و إبراهيم بن علي لأمّ ولد،و عبد اللّه بن الحسن المجتبى، و خمسة من ولد عقيل،و عون و محمد ابنا عبد اللّه بن جعفر الطيار،فجميعهم سبعة عشر رجلا،و اثني عشر غلاما من بني هاشم.

قالت فاطمة بنت عقيل ترثيه:

عين ابكي بعبرة و عويل *** و اندبي إن ندبت آل الرسول

ستة كلّهم لصلب علي *** قد أصيبوا و خمسة لعقيل

[الامام زين العابدين عليه السلام]

فمن أئمة أهل البيت الامام زين العابدين رضي اللّه عنه.

4- >cs<قال الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل من علي بن الحسين(رضي اللّه عنهما).

4- >cs<و روى نحوه عن جماعة من السلف،منهم سعيد بن المسيب و قال: بلغني أنّه كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة الى أن توفي.

ص: 153

4- >cs<و سمّي زين العابدين لكثرة عبادته،و كان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين رضي اللّه عنه يبكي و يقول:زين العابدين.

4- >cs<و: إنّه إذا توضأ اصفر لونه،فيقول له أهله:ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟

فيقول:أ تدرون بين يدي من أريد أن أقوم.

4- >cs<و عن سفيان بن عيينة قال: حجّ زين العابدين؛فلمّا أحرم اصفر لونه،و عرضت عليه الرعدة،و لم يستطع أن يلبّي،فسئل عنه،قال:أخشى أن أقول لبيك فيقول لي:لا لبيك.فلمّا لبّى غشي عليه،و سقط من راحلته،فلم يزل يعترضاه ذلك حتى قضى حجّه.

و كان إذا هاجت الريح سقط مغشيا عليه.

4- >cs<و: وقع حريق في بيت هو فيه ساجد و قالوا:يا بن رسول اللّه،النار النار،فما رفع رأسه،و طفي النار.

فقيل له في ذلك قال:ألهتني عنها نار الأخرى.

4- >cs<و كان يقول: إنّ قوما عبدوا اللّه رهبة فتلك عبادة العبيد،و آخرين عبدوا اللّه رغبة فتلك عبادة التجار،و آخرين عبدوه شكرا فتلك عبادة الأحرار.

4- >cs<و: كان لا يحبّ أن يعينه أحد على طهوره،و يجعل هو الماء مهيأ لطهوره،و هو يستر فم الاناء في الليل،فاذا قام من الليل بدأ بالسواك و يتوضأ و يصلّي، و يقضي ما فاته من ورد النهار.

4- >cs<و: افترى رجل عليه فقال له:إن كنت كما قلت فاستغفر اللّه تعالى،و إن لم أكن كما قلت فغفر اللّه لك.

فقام الرجل و قبّل رأسه و قال:يا بن رسول اللّه،لست كما قلت،فاستغفر لي.

قال:غفر اللّه لك.

ص: 154

فقال الرجل:اللّه يعلم حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ .

4- >cs<و كان رضي اللّه عنه يقول: أيّها الناس أحبّونا بحبّ الاسلام و بحبّ نبيكم،فما برح بنا حبّكم من غير التقوى حتى صار علينا عارا.

4- >cs<و: قال لرجل:بلّغ شيعتنا إنّا لا نغني عنهم من اللّه شيئا،و إنّ ولايتنا لا تنال إلاّ بالورع.

4- >cs<و قال: معاشر الناس أوصيكم بالآخرة،و لا أوصيكم بالدنيا.

4- >cs<و: كان إذا مشى لا يجاوز يده ركبته،و كان شديد الاجتهاد في العبادة،فأضرّ ذلك بجسمه،فقال له ابنه محمد الباقر:يا أبت كم هذا الجدّ و الجاهد و الذوب؟فقال:

أ لا تحبّ أن يزلفني ربّي.

17- >cs<و: كان إذا ناول المسكين الصدقة قبّله ثم ناوله.

17- >cs<و: كان له مسجد في بيته يتعبّد فيه،و إذا كان من الليل ثلثه أو نصفه نادى بأعلى صوته:

اللهم إنّ هول المطلع،و الوقوف بين يديك أو حشني من وسادي،و منع رقادي.

ثم يضع خديه على التراب،فيجيء إليه أهله و ولده يبكون حوله ترحما له و هو لا يلتفت إليهم و يقول:

اللّهم إنّي أسألك الروح و الراحة حين ألقاك و أنت عنّي راض.

4- >cs<قال طاوس اليماني: رأيت علي بن الحسين(رضي اللّه عنهما)ليلة عند الركن -أي الحجر الأسود-فجلست وراءه،فصلى و سجد و عفر خدّيه في التراب، و رفع باطن كفّه الى السماء،و قال:

عبيدك بفنائك،مسكينك بفنائك،فقيرك بفنائك،سائلك بفنائك.

قال طاوس: فما دعوت بهن في كرب إلاّ فرج اللّه عنّي.

ص: 155

ولد سنة ثمان و ثلاثين،و كان ثقة مأمونا،كثير الحديث،عاليا رفيعا،و أجمعوا على جلالته في كلّ شيء.

4- >cs<و قال حماد بن زيد: كان أفضل هاشمي أدركته.

4- >cs<و: كان إذا سافر كتم نسبه،فقيل له في ذلك،فقال:أنا أكره أن آخذ برسول اللّه ما لا أعطيني اياه.

4- >cs<و في«حلية الأولياء»للحافظ أبي نعيم الاصبهاني:حكى ابن حمدون عن الزهري: إنّ عبد الملك بن مروان أمر أعوانه أن يحملوا الامام زين العابدين مقيّدا من المدينة الى الشام بأثقلة من حديد،و وكّل به حفظة،فدخل عليه الزهري يودّعه فبكى و قال:وددت أنّي مكانك.

فقال:أ تظن أنّ ذلك يكربني،لو شئت لأخلص منه،و إنّه ليذكرني عذاب اللّه تعالى.

ثم أخرج رجليه من القيد و يديه من الغلّ،ثم قال:لأجوزن معهم على هذا يومين.

قال الزهري:فما مضى يومان إلاّ فقدوه حين طلع الفجر و هم يرصدونه، فطلبوه فلم يجدوه.

قال الزهري:ثم قدمت على عبد الملك بالشام فسألني عنه فأخبرته.

فقال عبد الملك:قد جاءني يوم فقده الأعوان،فدخل عليّ فقال:ما أنا و أنت؟

فقلت:أقم عندي.

فقال:لا أحبّ.ثم خرج فو اللّه لقد امتلأ قلبي منه خيفة.

4- >cs<أخرج أبو نعيم الحافظ في«الحلية»و الطبراني في«الكبير»و الحافظ السلفي، و ذكر أهل السير و التواريخ: لمّا حجّ هشام بن عبد الملك في أيام أبيه طاف

ص: 156

بالبيت،فلم يقدر أن يصل الى الحجر الأسود لكثرة الازدحام،فنصب له منبر، فجلس عليه و هو ينظر الى الناس،و معه جماعة من أعيان الشام،فرأى الامام زين العابدين رضي اللّه عنه أحسن الناس وجها،فطاف بالبيت،فلمّا انتهى الى الحجر الأسود تنحى له الناس حتى استلم.

فقال رجل من أهل الشام:من هذا الذي هاب الناس من هيبته؟

فقال هشام:لا أعرفه.مخافة أن يرغب فيه أهل الشام.

و كان الفرزدق حاضرا فقال:أعرفه.فقال الشامي:من هذا يا أبا فراس؟

فأنشأ:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلهم *** هذا التقي النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها *** الى مكارم هذا ينتهي الكرم

ينمى الى ذروة العزّ التي قصرت *** عن نيلها عرب الاسلام و العجم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله *** بجدّه أنبياء اللّه قد ختموا

تبين نور الهدى من نور طلعته *** كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

مشتقة من رسول اللّه خلقته *** طابت عناصره و الخلق و الشيم

من معشر حبّهم دين و بغضهم كفر *** و قربهم منجى و معتصم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم *** و لا يدانيهم قوم و إن كرموا

فلمّا سمعها هشام غضب و حبس الفرزدق،فأرسل إليه الامام زين العابدين رضي اللّه عنه اثني عشر ألف درهم،فردّها و قال:مدحته للّه تعالى لا للعطاء.

فقال:إنّا أهل البيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده.فقبلها الفرزدق.

قال الشيخ أبو عبد اللّه القرظي شيخ الحرمين الشريفين: لو لم يكن لأبي فراس عند اللّه(عزّ و جلّ)عمل إلاّ هذا دخل الجنّة لأنّها كلمة حقّ عند سلطان جائر.

ص: 157

و هجا هشاما و هو في الحبس:

أ يحبسني بين المدينة و التي *** إليها قلوب الناس يهوى منيبها

يقلّب رأسا لم يكن رأس سيد *** و عينا له حولاء باد عيوبها

فأخرجه من الحبس،و كان هشام أحولا.

>cs<و فضائله كثيرة شهيرة،و هذه نبذة يسيرة.و توفي رضي اللّه عنه بالمدينة سنة خمس و تسعين،و عمره سبع و خمسين سنة،و دفن في القبّة التي فيها العباس،و عمّه الحسن،ثم دفن فيها ابنه محمد الباقر،و ابنه جعفر الصادق(رضي اللّه عنهم) فللّه درّها من قبّة ما أكرمها و أشرفها.

4- >cs<و: لمّا توفي زين العابدين رضي اللّه عنه وجد في ظهره مجل،لأنّه يحمل الأطعمة لضعفاء جيرانه و المساكين بالليل فيطعمها،و يقول:بلغني أنّ صدقة السر تطفئ غضب الربّ.

>cs<و إنّ اللّه-تبارك و تعالى-خلق من صلب الامام زين العابدين رضي اللّه عنه من شاء من أهل بيت النبوة،و بسطهم شرقا و غربا،و لم يبق من يزيد و أهل بيته ديار،بل نافخ نار،و اللّه أصدق القائلين حيث يقول: إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ و إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ .

و الكوثر:فوعل من الكثرة،و هو إفراط الكثرة في النسل.

[أبو جعفر محمد الباقر عليه السلام]

و من أئمة أهل البيت أبو جعفر محمد الباقر،سمّي بذلك لأنّه بقر العلم،أي شقه فعرف أصله و علم خفيه،و أمّه أمّ عبد اللّه بنت الحسن بن علي(رضي اللّه عنهم)، و الباقر أوّل علوي ولد بين علويين،و هو تابعي جليل،إمام بارع،مجمع على جلالته و كماله.

ص: 158

5- >cs<و من كلامه: سلاح اللئام قبح الكلام.

5- >cs<و من كلامه: يا بني إياك و الكسل و الضجر فانّهما مفتاح كلّ شر.

>cs<و سمع جابرا،و أنسا،و ابن المسيب،و ابن الحنفية،و أباه(رضي اللّه عنهم).

و روى عنه أبو إسحاق السبيعي،و عطاء بن أبي رياح،و عمر بن دينار ، و الأعرج،و الزهري،و خلائق أخر.

>cs<قال بعضهم:ما رأيت العلماء كان أقلّ علما إلاّ عند الامام محمد الباقر رضي اللّه عنه.

>cs<و له ستة أبناء:

منهم:أبو عبد اللّه جعفر الصادق،و منه عقب الباقر(رضي اللّه عنهما)و منهم:

عبد اللّه،و علي،و زيد،و عبيد اللّه،و إبراهيم(رضي اللّه عنهم).

و له ثلاث بنات:منهن:أمّ سلمة،و زينب الصغرى،و هي خرجت الى عبيد اللّه ابن محمد بن أبي القاسم عمر بن علي بن أبي طالب(رضي اللّه عنهم).

>cs<و توفي رضي اللّه عنه سنة ثمان عشرة و مائة و عمره ثلاث و ستين.و قال الواقدي:عمره ثلاث و سبعين سنة.

[أبو عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام]

و من أئمة أهل البيت أبو عبد اللّه جعفر الصادق رضي اللّه عنه،و أمّه و أمّ أخيه عبد اللّه،أمّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق(رضي اللّه عنهم).و القاسم من الفقهاء السبعة المشهورين.

و كان جعفر الصادق رضي اللّه عنه من سادات أهل البيت.روى عن أبيه،و عن القاسم،و نافع،و عطا،و محمد بن المنكدر،و الزهري.

و روى عنه ابنه موسى الكاظم(رضي اللّه عنهما)،و يحيى بن سعيد الأنصاري، و أبو حنيفة،و ابن جريح،و مالك،و محمد بن إسحاق،و سفيان الثوري،

ص: 159

و سفيان بن عيينة،و شعبة،و يحيى بن سعيد القطان رحمهم اللّه.

و اتفقوا على جلالته و سيادته.

قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في«طبقات مشايخ الصوفية»:جعفر الصادق،فاق جميع أقرانه من أهل البيت،و هو ذو علم غزير في الدين،و زهد بالغ في الدنيا،و ورع تام عن الشهوات،و أدب كامل في الحكمة.

6- >cs<و قال رضي اللّه عنه: من غرق في بحر المعرفة لم يقف في شط،و من ترقّى الى ذروة الحقيقة لم يخف من حط،و من آنس باللّه توحّش عن الناس،و من استانس بغير اللّه نهبه الوسواس.

6- >cs<و قال: في قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (1)إنّ الحقائق مصونة عن أن يبلغها و هم أو فهم،و إظهار ذلك بالحروف ليهتدي بها من ألقى السمع و هو شهيد.

6- >cs<قال عمر بن أبي المقدام: كنت إذا نظرت الى جعفر الصادق رضي اللّه عنه علمت أنّه من سلالة النبيين.

ولد سنة ثمانين بالمدينة،و توفي في شوال سنة ثمانية و أربعين و مائة و عمره ثمان و ستين.

و له كلام نفيس في علوم التوحيد و غيرها،و قد ألف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتابا يشتمل على ألف ورقة يتضمن رسائل،و هي خمسمائة رسالة كما في تاريخ الامام اليافعي اليماني.

6- >cs<و: كتب أبو سلمة الخلال و كان من دعاة الناس الى موالاة أهل البيت،و أبو مسلم المروزي تابعا له الى ثلاثة نفر هم:جعفر الصادق،و عمّه عمر الأشرف، و عبد اللّه المحض بن الحسن المثنى(رضي اللّه عنهم)،فبدأ الرسول جعفر الصادق رضي اللّه عنه و دخل عليه ليلا و بلغ كلامه./.

ص: 160


1- الإخلاص1/.

فقال:ما أنا و أبو سلمة.

فقال الرسول:اقرأ الكتاب ثم قل الجواب.

فقال لخادمه:قرب السراج فأحرقه،و قال للرسول:قد رأيت الجواب.

فذهب الرسول الى عبد اللّه المحض فقرأ الكتاب و مال الى خلافة ابنيه محمد الملقب بالنفس الزكية و إبراهيم،و دعا جعفر الصادق و استشاره.

فقال له جعفر:قد علم اللّه أنّي لا أدّخر النصح لأحد من المسلمين،فكيف أدّخره عنك يا عمّي فلا تتمنينّ نفسك فان هذه الدولة تتم لبني العباس،فوقع كما قال.

و أمّا عمر الأشرف فكان غائبا.

6- >cs<و: أرسل أبو مسلم المروزي صاحب الدولة الى جعفر الصادق رضي اللّه عنه و قال:إنّي دعوت الناس الى موالاة أهل البيت فان رغبت فيه فأنا أبايعك.

فأجابه:ما أنت من رجالي،و لا الزمان زماني.

ثم جاء أبو مسلم الكوفة،و بايع السفاح و قلّده الخلافة.

و جرت بين زيد الشهيد و بين أخيه محمد الباقر(رضي اللّه عنهما)مباحثات في خروج زيد على بني أمية.

5,6- قال له الباقر(رضي اللّه عنهما): إنّ والدك زين العابدين رضي اللّه عنه لم يخرج قط،و لا تعرّض للخروج.

فخرج زيد فذهب الى الكوفة،و قتل و صلب،و هرب ابنه يحيى بن زيد،و مضى الى خراسان،و اجتمع عليه بعض الناس،و قد وصل الخبر الى جعفر الصادق، فقال رضي اللّه عنه:إنّه يقتل كما قتل أبوه،و يصلب كما صلب أبوه،فقتل بالجوزجان،

ص: 161

يقال له«سر پول»،و صلب و بقي مصلوبا طريا الى أن جاء أبو مسلم المروزي فدفنه في الجوزجان.و عرّفهم أنّ أباه الباقر(رضي اللّه عنهما)أخبره بذلك كلّه، و قال:إنّ بني أميّة يتطاولون على الناس و لو طاولتهم الجبال لطالوا عليها.

6- >cs<دعى أبو جعفر المنصور وزيره ليلة و قال: ائتني جعفر الصادق حتى أقتله.

قال:هو رجل أعرض عن الدنيا و توجّه لعبادة المولى فلا يضرك.

قال المنصور:إنّك تقول بامامته و اللّه إنّه إمامك و إمامي و إمام الخلائق أجمعين، و الملك عقيم فائتن به.

قال الوزير:فذهبت و دخلت عليه فوجدته في الصلاة،و بعد فراغه قلت له:

يدعوك أمير المؤمنين.

فقام و انطلق بي و قبل مجيئه قال المنصور لعبيده:إذا رفعت قلنسوتي عن رأسي اقتلوه.

قال الوزير:لمّا جئنا بالباب استقبله المنصور و أدخله و أجلسه في الصدر،و ركع بين يديه.

فقال:سل حاجتك يا بن رسول اللّه.

قال:حاجتي أن لا تدعني حتى آتيك باختياري،و خلّني بيني و بين عبادة ربّي.

قال:لك ذلك.

و انصرف،و اقشعر المنصور و نام،و ألقينا عليه الأثواب،و قال لي:لا تذهب حتى أن أستيقظ،فنام نومة طويلة حتى فاتت صلاته من الأوقات الثلاثة،ثم انتبه و توضأ و صلّى الفائتة،فسألته:ما وقع لك؟قال:لمّا قدم الصادق في داري رأيت ثعبانا عظيما أحد شفتيه فوق الصفة و الآخر تحتها و يقول بلسان فصيح:

ص: 162

إن آذيته أبتلعك مع الصفة.

6- >cs<و قال العالم عبد اللّه بن أسعد بن علي اليافعي اليماني نزيل الحرمين الشريفين في تاريخه: كان جعفر الصادق رضي اللّه عنه واسع العلم،وافر الحلم،و له من الفضائل و الماثر ما لا يحصى.

>cs<و العقب في خمسة أبنائه:إسماعيل،و موسى الكاظم،و إسحاق،و محمد الديباج، و علي.و لهم أعقاب.

و عبد اللّه أخو إسماعيل من أبيه و أمّه،فأمّهما فاطمة بنت الحسين الأثرم بن الحسن المجتبى،و كان عبد اللّه أسن أولاد الصادق،مات بعد أبيه بسبعين يوما، و إسماعيل في حياة أبيه و قبره بالبقيع،و كان أبوه يحبّه حبّا شديدا،و له ولد يسمّى بمحمد،و من ولده الأئمة بمصر و المغارب و هم كثيرون.

و محمد الديباج مات سنة ثلاث و مائتين بجرجان،و نزل المأمون في قبره، و كان عاقلا شجاعا متنسكا،يصوم يوما و يفطر يوما،(رضي اللّه عنهم).

[أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليه السلام]

و من أئمة أهل البيت أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق(رضي اللّه عنهما)أمّه جارية اسمها حميدة،و كان رضي اللّه عنه صالحا،عابدا،جوادا،حليما،كبير القدر،كثير العلم،كان يدعى بالعبد الصالح،و في كلّ يوم يسجد للّه سجدة طويلة بعد ارتفاع الشمس الى الزوال.

>cs<و بعث الى رجل يؤذيه صرّة فيها ألف دينار .فطلبه المهدي بن المنصور من المدينة الى بغداد فحبسه،فرأى المهدي في النوم عليّا(كرّم اللّه وجهه)يقول:يا مهدي فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (1).

7- قال الربيع الوزير: أرسلني المهدي إليه ليلا فدخلت عليه و هو يقرأ هذه الآية في

ص: 163


1- محمد22/.

الحبس،و كان أحسن الناس صوتا،فجئته به فعانقه و أجلسه الى جنبه و قال:

يا أبا الحسن إنّي رأيت جدّك أمير المؤمنين عليا رضي اللّه عنه في المنام يقرأ هذه الآية عليّ،فلذلك خلّصتك من الحبس،أ فتؤمّنني أن لا تخرج عليّ أو على أحد من أولادي؟

فقال رضي اللّه عنه:ما فعلت ذلك و لا هو من شأني.

قال:صدقت.فأعطاه ثلاثة آلاف دينار ،و ردّه الى أهله بالمدينة.

>cs<ثم هارون الرشيد طلبه الى بغداد فحبسه الى أن توفي في حبسه،و هذه القصة بالاتفاق.

17- >cs<و روي أنّ هارون الرشيد قال: رأيت في المنام حسن المجتبى رضي اللّه عنه و معه حربة و قال لي:أطلق موسى الساعة و إلاّ نحرتك بهذه الحربة،و اعطه ثلاثين ألف درهم،و قل له:إن أحببت المقام في بغداد فلك ما تحبّ،و إن أحببت المضي الى المدينة فلك ذلك،فاستيقظ ثم أطلقه و أعطاه ثلاثين ألف درهم.فاختار المدينة.

7- >cs<و إنّ الكاظم رضي اللّه عنه قال: رأيت في المنام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:يا موسى حبست مظلوما فقل هذه الكلمات،فانّك لا تبيت هذه الليلة في الحبس.

فقلت:بأبي و أمّي ما أقول؟

و قال:قل:يا سامع كلّ صوت،و يا كاسي العظام لحما و منشرها بعد الموت، أسألك بأسمائك الحسنى،و باسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون،الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين،يا حليما ذا أناة لا يعرى أحد عن أناته،و يا ذا المعروف الذي لم ينقطع أبدا و لا يحصى عددا،فرّج عني.

فلو كانت هذه الرواية صحيحة كان حبسه مرتين.

6,7- >cs<و قال جعفر الصادق رضي اللّه عنه: هؤلاء أولادي،و هذا سيدهم و أشار الى ابنه الكاظم.

ص: 164

6,7- >cs<و قال أيضا: هو باب من أبواب اللّه تعالى يخرج اللّه-تبارك و تعالى-منه غوث هذه الأمّة،و نور الملّة،و خير مولود،و خير ناشي.

7- >cs<و روى المأمون عن أبيه الرشيد أنه قال لبنيه في حقّ موسى الكاظم: هذا إمام الناس،و حجّة اللّه على خلقه،و خليفته على عباده،أنا إمام الجماعة في الظاهر و الغلبة و القهر،و إنّه و اللّه لأحق بمقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منّي و من الخلق جميعا، و و اللّه لو نازعني في هذا الامر لآخذن بالذي فيه عيناه فان الملك عقيم.

7- >cs<و قال الرشيد للمأمون: يا بني هذا وارث علم النبيين،هذا موسى بن جعفر،إن أردت العلم الصحيح تجده عند هذا.

قال المأمون:من حينئذ انغرس في قلبي حبّه.

و توفي رضي اللّه عنه في الحبس يوم الجمعة لخمس خلون من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مائة،و عمره خمس و خمسين،و دفن بالجانب الغربي من بغداد بمقابر قريش.

و العقب في أربعة عشر رجلا من ولده و هم الموسويون علي الرضا،إبراهيم، عباس،محمد،عبد اللّه،عبيد اللّه،جعفر،حمزة،زيد،هارون،اسحاق،الحسن، الحسين،سليمان.فهؤلاء عقبوا.

و سائره:عبد الرحمن،و الفضل،و أحمد،و عقيل،و القاسم،و يحيى،و داود.

و له سبع و ثلاثين ابنا غير الأطفال،فيكون جميع ولده تسعا و خمسين.

و من بناته آمنة قبرها بمصر.

و من بناته فاطمة قبرها ببلدة قم(رضي اللّه عنهم).

8- و عن علي الرضا رضي اللّه عنه أنّه قال: من زارها فله الجنّة(رضي اللّه عنها).

[أبو الحسن علي الرضا بن موسى الكاظم عليه السلام]

و من أئمة أهل البيت أبو الحسن علي الرضا بن موسى الكاظم(رضي اللّه عنهما).

ص: 165

ولد يوم الخميس بالمدينة لاحدى عشر ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث و خمسين و مائة،و عمره تسعة و أربعين سنة و ستة أشهر،منها مع أبيه كان تسعا و عشرين سنة و شهرين،و بعد أبيه أيام إمامته عشرين سنة و أربعة أشهر.و قام بالامامة و هو ابن تسع و عشرين سنة و شهرين.

و أمّه أم ولد اشترتها له حميدة جدّته أم أبيه موسى الكاظم،و كانت أمّه من أشراف العجم،و كانت من أفضل النساء في عقلها و دينها،و اعظامها لمولاتها حميدة،حتى أنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالا لها.

8- >cs<و: كان الرضا رضي اللّه عنه يرتضع كثيرا و كان تام البدن فقالت أمّه:أعينوني بمرضعة.

فقيل لها:أ ينقص درّك؟

قالت:ما نقص درّي و لكن يفوت عليّ ورد من صلاتي و تحميدي و تسبيحي.

8- >cs<و قالت: لمّا حملت بابني علي الرضا لم أشعر بثقل الحمل،و كنت أسمع في منامي تسبيحا و تحميدا و تهليلا من بطني.فلمّا وضعته وقع الى الأرض واضعا يده على الأرض رافعا رأسه الى السماء،متحركا شفتيه كأنّه يناجي ربّه،فدخل أبوه فقال لي:هنيئا لك كرامة ربّك(عزّ و جلّ)،فناولته إياه فاذن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى،فحنّكه بماء الفرات.

7,8- >cs<و عن موسى الكاظم إنّه قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه معه فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا موسى ابنك ينظر بنور اللّه(عزّ و جلّ)،و ينطق بالحكمة يصيب و لا يخطئ،يعلم و لا يجهل،قد ملأ علما و حكما.

7,8- >cs<و قال أيضا: علي ابني أكبر ولدي،و أسمعهم لقولي و أطوعهم لأمري،من أطاعه رشد.

ص: 166

8- >cs<و: لمّا أراد المأمون أن يتقرب الى اللّه و الى رسوله (1)بالبيعة لعلي الرضا رضي اللّه عنه وجّهه من مرو خراسان،و جاء ابن أبي الضحاك،و كتب إليه أن يقدم الى مرو، فاعتلّ عليه بعلل كثيرة،فما زال المأمون يكاتبه حتى علم الرضا أنّه لا يكفّ عنه،فخرج من المدينة و سار على طريق البصرة و الأهواز و فارس و نيشابور حتى دخل مرو الشاهجان،فعرض عليه المأمون الخلافة فأبى،و جرت في ذلك مخاطبات كثيرة،و ألح عليه المأمون مرة بعد أخرى و في كلّها يأبى.

و قال:بالعبودية للّه أفتخر ،و بالزهد في الدنيا أرجو الرفعة عند اللّه تعالى.

و كلّما ألح عليه يقول:اللهم لا عهد إلاّ عهدك،و لا ولاية إلاّ من قبلك،فوفقني لاقامة دينك و إحياء سنة نبيك،فانّك نعم المولى و نعم النصير.

فقال المأمون:إن لم تقبل الخلافة فكن وليّ عهدي.فأبى أيضا و قال:و اللّه لقد حدثني أبي عن آبائه(رضي اللّه عنهم)عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:إنّي أخرج من الدنيا قبلك مظلوما تبكي عليّ ملائكة السماء و الأرض،و أدفن في أرض الغربة.

ثم ألح المأمون إلحاحا كثيرا،فقبل ولاية العهد و هو باك حزين،على شرط أن لا ينصب أحدا معزولا،و لا يعزل أحدا منصوبا،فرضي المأمون ذلك الشرط و جعله وليّ عهده و أمر الناس بالبيعة له،و أمر الجنود أن يرزق من خزائنه، و ضربت الدارهم و الدنانير باسمه،و أمر الناس بلبس الخضرة و ترك السواد، و زوّجه ابنته أمّ حبيب،فبويع بولاية العهد لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين.ي.

ص: 167


1- لم يرد المأمون بذلك التقرب الى اللّه جل و علا إنّما كانت مؤامرة أراد بها المأمون أن يضع الامام رهن الاقامة الجبرية تحفّه العيون و الجواسيس ثم يقضي عليه بالتالي بما لا يحرك عليه ساكنا.و لهذا رفض الامام عليه السّلام و ألحّ المأمون فأراد الامام عليه السّلام أن يفهم المأمون أن المؤامرة لم تنطل عليه فأخبره بما سمع من أبيه كما سيأتي.

و لمّا نظر المأمون الى أولاد العباس رضي اللّه عنه و هم ثلاثة و ثلاثين ألفا من كبير و صغير،و نظر الى أولاد علي رضي اللّه عنه فلم يجد أحقّ بالخلافة من علي الرضا رضي اللّه عنه.

8- >cs<عن أبي الصلت عبد السّلام بن صالح بن سليمان الهروي قال: كنت مع علي الرضا رضي اللّه عنه حين خرج من نيشابور،و هو راكب بغلته الشهباء،فاذا أحمد بن الحرب،و يحيى بن يحيى،و إسحاق بن راهواه،و عدّة من أهل العلم،قد تعلقوا بلجام بغلته فقالوا:يا بن رسول اللّه بحقّ آبائك الطاهرين حدثنا بحديث سمعته عن أبيك عن آبائه(رضي اللّه عنهم).

فأخرج رأسه الشريف من مظلته و قال:لقد حدثني أبي موسى،عن أبيه جعفر،عن أبيه محمد،عن أبيه علي،عن أبيه الحسين،عن أبيه علي بن أبي طالب(رضي اللّه عنهم)،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال:

سمعت جبرائيل عليه السّلام يقول:سمعت اللّه(جل جلاله)يقول:إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا فاعبدوني،من جاء بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه بالاخلاص دخل حصني،فمن دخل حصني أمن من عذابي.

و في رواية: فلمّا مرّت الراحلة نادانا:إلاّ بشروطها و أنا من شروطها.

قيل:من شروطها الاقرار بأنّه إمام مفترض الطاعة.

>cs< و في أنساب السمعاني: توفي الرضا رضي اللّه عنه سنة ثلاث و مائتين،و قد سمّ في ماء الرمان.

و في تاريخ اليافعي: توفي رضي اللّه عنه خامس ذي الحجّة سنة ثلاث و مائتين ببلدة طوس،و صلّى عليه المأمون،و كان سبب وفاته رضي اللّه عنه أكل عنبا مسموما،و دفن بسناباد في القبّة التي فيها قبر هارون الرشيد،و من جانب قبلتها دفن رضي اللّه عنه.

و كان أسود اللون كأبيه الكاظم(رضي اللّه عنهما).

ص: 168

و ولده محمد الجواد،و موسى،و فاطمة،و أعقب محمد.

[أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا عليهما السلام]

و من أئمة أهل البيت أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا،و لقبه التقي رضي اللّه عنه، و قبره ببغداد مع جدّه الكاظم تحت قبّة واحدة،و زوّجه المأمون ابنته أمّ الفضل، و نقلها الى المدينة،و كان المأمون ينفذ إليه كلّ سنة ألف ألف درهم،و توفي الجواد رضي اللّه عنه سنة عشرين و مائتين،و له خمس و عشرون سنة.

و العقب من ولده في رجلين:علي الهادي،و موسى المبرقع،فأولاد موسى بالري و قم و ما قارب بهما.

و سائر أولاده:الحسن و حكيمة و أمامة و فاطمة(رضي اللّه عنهم).

[أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد عليهما السلام]

و من أئمة أهل البيت أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد(رضي اللّه عنهما) و لقبه العسكري،و النقي،و الزكي،و الهادي.

ولد بالمدينة سنة أربع و عشر و مائتين،أمّه جارية اسمها سمانة.

و لمّا كثرت السعاية في حقّه عند المتوكل أقدمه من المدينة الى سامراء و أسكنه بها،و أقام بها عشرين سنة و تسعة أشهر الى أن توفي بها في أيام المعتز باللّه، هو ابن المتوكل.

و سامراء بلدة بناها المعتصم باللّه لعساكره،و لمّا ضاقت بغداد على العساكر انتقل إليها بعسكره،و يقال:سر من رأى و العسكرية.

و كان أبو الحسن علي الهادي عابدا،فقيها،إماما.

10- >cs< قيل للمتوكل:إنّ في منزله أسلحة يطلب الخلافة،فوجّه إليه رجالا هجموا عليه،فدخلوا داره،فوجدوه في بيته و عليه مدرعة من شعر،و على رأسه

ص: 169

الشريف ملحفة من صوف،و هو مستقبل القبلة،ليس بينه و بين الأرض بساط إلاّ الرمل و الحصى،و هو يترنّم بآيات من القرآن في الوعد و الوعيد،فحملوه إليه على ألبسته المذكورة فلمّا رآه عظّمه و أجلسه الى جنبه،فكلّمه فبكى المتوكل بكاء طويلا.

ثم قال:يا أبا الحسن عليك دين؟

قال:نعم،أربعة آلاف دينار.

فأمر المتوكل بدفعها إليه ثم ردّه الى منزله مكرما.

و العقب منه في رجلين:أبي محمد الحسن العسكري،و أخيه جعفر.

و لمّا ادّعى جعفر أنّ أخاه الحسن العسكري جعل الامامة فيه سمّي الكذاب.

>cs<و العقب من أبي عبد اللّه جعفر في ولده علي،و عقب علي في ثلاثة أبنائه:عبد اللّه و جعفر،و إسماعيل.

قيل:إنّ جعفر تاب و رجع عن دعواه الامامة كما أنّ علي بن جعفر الصادق (رضي اللّه عنهم)مع أخيه محمد ظهرا بمكة و ادعى علي الامامة،ثم تاب و رجع الى إمامة أخيه موسى الكاظم.

9- >cs<و روي: أنّ محمد الجواد دخل على عمّ أبيه علي بن جعفر الصادق،فقام و احترمه و عظّمه،فقالوا:إنّك عمّ أبيه و أنت تعظّمه؟

فأخذ بيده لحيته و قال:إذا لم ير اللّه هذه الشيبة للامامة أراها أهلا للنار،إذا لم أقرّ بامامته.

و توفي علي الهادي في سامراء يوم الاثنين في جمادى الآخر سنة أربع و خمسين و مائتين،و دفن في داره بسامراء رضي اللّه عنه.

ص: 170

[أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام]

و من أئمة أهل البيت أبو محمد الحسن العسكري رضي اللّه عنه.

ولد سنة إحدى و ثلاثين و مائتين،و وفاته يوم الجمعة السادس من ربيع الأول سنة ستين و مائتين و دفن بجنب أبيه.

و كانت مدّة بقاء الحسن العسكري بعد أبيه(رضي اللّه عنهما)ست سنين.

و لم يخلف ولدا غير أبي القاسم محمد المنتظر المسمّى بالقائم،و الحجة،و المهدي، و صاحب الزمان،و خاتم الأئمة الاثني عشر عند الامامية،و كان مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين.و أمّه أم ولد يقال لها نرجس توفي أبوه رضي اللّه عنه و هو ابن خمس سنين فاختفى الى الآن رضي اللّه عنه.

[أبي القاسم المنتظر المسمّى بالقائم و المهدي]

و هو محمد المنتظر ولد الحسن العسكري(رضي اللّه عنهما)معلوم عند خاصة أصحابه و ثقات أهله.

11,12- >cs<و يروى: أن حكيمة بنت محمد الجواد كانت عمّة أبي محمد الحسن العسكري (رضي اللّه عنهما)تحبّه،و تدعو له،و تتضرّع الى اللّه تعالى أن يرى ولده،فلمّا كانت ليلة النصف من شعبان سنة خامس و خمسين و مائتين،دخلت حكيمة عند الحسن فقال لها:يا عمّتي كوني الليلة عندنا لأمر،فأقامت.فلمّا كان وقت الفجر اضطربت نرجس،فقامت إليها حكيمة،فوضعت المولود المبارك،فلمّا رأته حكيمة أتت به الحسن(رضي اللّه عنهم)و هو مختون،فأخذه و مسح بيده على ظهره و عينيه،و أدخل لسانه في فيه،و أذّن في أذنه اليمنى و أقام في الأخرى،ثم قال:يا عمّة اذهبي به الى أمّه،فردّته الى أمّه.

قالت حكيمة:ثم جئت من بيتي الى أبي محمد الحسن فاذا المولود بين يديه في ثياب صفر،و عليه من البهاء و النور،أخذ حبّه مجامع قلبي،فقلت:يا سيدي

ص: 171

هل عندك من علم في هذا المولود المبارك؟

فقال:يا عمّة هذا المنتظر الذي بشّرنا به.

فخررت للّه ساجدة شكرا على ذلك،ثم كنت أتردد الى الحسن فلا أرى المولود فقلت:يا مولاي ما فعل سيدنا المنتظر؟

قال استودعناه اللّه الذي استودعته أمّ موسى عليهما السّلام ابنها.

12- >cs<و قالوا: آتاه اللّه-تبارك و تعالى-الحكمة و فصل الخطاب،و جعله آية للعالمين، كما قال: يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (1)و قال تعالى:

قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (2) و طوّل اللّه-تبارك و تعالى- عمره كما طول عمر الخضر و إلياس عليهما السّلام.

12- >cs<و قال بعض كبراء العارفين،يعني الشيخ محي الدين العربي(قدس اللّه سره)في ذكر المهدي رضي اللّه عنه: فانه يكون معه ثلاثمائة و ستون رجلا من رجال اللّه الكاملين يبايعونه بين الركن و المقام،أسعد الناس به أهل الكوفة،و يقسم المال بالسوية،و يعدل في الرعية،و يفصل في القضية،يخرج على فترة من الدين، و من أبى قتل،و من نازعه خذل،يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يحكم به،و أعداؤه الفقهاء المقلدون يدخلون تحت حكمه خوفا من سيفه و سطوته و رغبة فيما لديه،يبايعه العارفون باللّه تعالى من أهل الحقائق عن شهود و كشف بتعريف إلهي،و له رجال يقيمون دعوته و ينصرونه،هم الوزراء،يحملون أثقال المملكة.

هو السيد المهدي من آل أحمد *** هو الوابل الوسمي حين يجود/.

ص: 172


1- مريم12/.
2- مريم29/.

و هو خليفة مسدّد يفهم منطق الحيوان،و يسري عدله في الإنس و الجان.

>cs< و قال بعض كبراء العارفين في معرفة سرّ سلمان الفارسي الذي ألحقه بأهل البيت:و لمّا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عبدا محضا قد طهّره اللّه و أهل بيته تطهيرا كاملا و أذهب عنهم الرجس،و عن كلّ ما يشينهم فهم المطهرون،بل هم عين الطهارة،فهذه الآية تدل على أنّ اللّه قد أشرك أهل البيت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قوله-تبارك و تعالى-: لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ (1)فدخل الشرفاء أولاد فاطمة(رضي اللّه عنها)قاطبة كلّهم،و لا يظهر حكم هذا الشرف لأهل البيت إلاّ في دار الآخرة،فانّهم يحشرون مغفورا لهم،فلا ينبغي لمسلم أن يلحق المذمّة بهم،و قد شهد اللّه بتطهيرهم ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (2)،فسلمان منهم

14- لقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «سلمان منّا أهل البيت». بل أرجو أن يكون عقب علي رضي اللّه عنه مطلقا تلحقهم هذه العناية،و موالي أهل البيت منهم.فان ظهر منهم ظلم فذلك في زعمك ظلم،لا في نفس الأمر، و إن حكم عليه ظاهر الشرع بأدائه،بل حكم ظلمهم يشبه جري المقادير علينا في المال و النفس بغرق أو بحرق،و غير ذلك من الأمور المهلكة،فلتشكر اللّه أو تصبر،ليجزل أجرك،و ان تنسب فيهم بسوء،و اللّه ما ذلك إلاّ من نقص إيمانك و من مكر اللّه بك،و استدراجه إياك من حيث لا تعلم،فلو كشف اللّه لك يا وليّ اللّه منازلهم عند اللّه تعالى في الآخرة لوددت أن تكون مولى من مواليهم.

>cs<و قال بعض كبراء العارفين:و من الخيانة ترك ما سألك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأمر/.

ص: 173


1- الفتح2/.
2- الحديد21/.

اللّه تعالى من المودّة في قرابته و أهل بيته،فانّه واحد من أهل بيته،فاعرف قدر أهل البيت.

17- >cs<و لقد أخبرني الثقة بمكة قال: كنت أكره ما يفعله الشرفاء بمكة في الناس، فرأيت فاطمة(رضي اللّه عنها)في المنام و هي معرضة عنّي،فسلّمت عليها و هي لا تردّ السّلام عليّ،فسألتها عن إعراضها.

فقالت:إنّك تقع في الشرفاء.

فقلت لها:يا سيدتي أ لا ترين ما يفعلون في الناس؟!

فقالت:أ ليس هم أولادي؟

فقلت لها:تبت الى اللّه،فأقبلت إليّ و استيقظت.

و قال الشيخ محي الدين العربي قدّس سرّه بعد هذه الحكاية:

فلا تعدل بأهل البيت خلقا *** فأهل البيت هم أهل الشهادة

فبغضهم من الانسان خسر *** حقيقي و حبّهم عبادة

(انتهى فصل الخطاب).

ص: 174

الباب السادس و الستون

[في إيراد ما في جواهر العقدين من القصص العجيبة

و بركات أهل البيت النبوي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للعلامة السيد الشريف

نور الدين علي السمهودي المصري رحمه اللّه

17- >cs<فمن ذلك ما في«توثيق عرى الايمان»للبازري:عن إبراهيم بن مهران قال: كان بالكوفة من جيراننا رجل قاض يكنى أبا جعفر،و كان إذا أتاه إنسان من العلوية يطلب ما عنده أعطاه و أخذ ثمنه،و إن لم يكن معه ثمن أعطاه و قال لغلامه:اكتب ما أخذه على علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه.

فعاش كذلك زمانا ثم افتقر،فبينا هو[ذات يوم]جالس على باب داره ينظر في ذلك الدفتر إذ مرّ به رجل فقال له كالمستهزىء:ما فعل غريمك الكبير؟

-يعني عليا رضي اللّه عنه-فاغتم القاضي.

فلمّا كان الليل رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الحسن و الحسين بين يديه فقال لهما:ما فعل أبوكما بهذا الرجل؟

فأجابه علي فقال:يا رسول اللّه هذا حقّه قد جئته به.

قال:فأعطه.

قال الرجل:فناولني كيسا من صوف و قال:هذا حقّك.

فقال لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:خذه و لا تمنع من جاءك من ولد علي يطلب ما عندك،

ص: 175

فامض لا فقر عليك بعد اليوم.

قال:فانتبهت و الكيس بيدي،فناديت امرأتي أن أسرجي،فأسرجت،فناولتها الكيس،فإذا فيه ألف دينار ،فقالت لي:اتق اللّه إن سرقت مال هؤلاء التجار.

فقلت:لا و اللّه القصة كيت و كيت.

قالت:فان كنت صادقا ننظر في الدفتر،فان كان فيه مساويا لألف دينار فانت صادق،فنظرت فيه فاذا فيه ألف دينار من غير زيادة أو نقصان (1).

17- >cs<و من ذلك ما رواه سبط ابن الجوزي:بسنده الى عبد اللّه بن المبارك: كان يحجّ سنة و يغزو سنة،فلمّا كانت السنة التي حجّ فيها قال:خرجت من مرو الشاه جهان،و خرجت بخمسمائة دينار الى سوق الجمال بالكوفة لأشتري جمالا،فرأيت امرأة على بعض المزابل تنتف ريش بطّة ميتة.

فقلت لها:ما تفعلين بها؟

قالت:لا تسألني عنها.

فألححت عليها.فقالت:أنا امرأة علوية ولي أربع بنات يتامى،و هذا اليوم الرابع ما أكلنا شيئا،و قد حلّت لنا الميتة.

قال:فقلت في نفسي:أين أنت عن هذه؟فصببت الدنانير في طرف ثوبها و هي مطرقة لا تلتفت إليّ،و مضيت الى المنزل،ثم جئت الى بلدي مرو و أقمت فيها حتى حجّ الناس و عادوا،فخرجت أتلقى جيراني و أصحابي،فقلت لكلّ من لقيني:قبل اللّه حجّك و شكر سعيك،يقول لي:و أنت قبل اللّه حجّك و شكر).

ص: 176


1- جواهر العقدين 276/2(نقل قصص الباب باختلاف لفظي يسير).

سعيك،قد اجتمعنا في مكان كذا و كذا،فبتّ مفكرا في ذلك،فرأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام يقول لي:يا عبد اللّه إنّك أغثت ملهوفة من ولدي،سألت اللّه أن يخلق على صورتك ملكا يحجّ عنك كلّ عام الى يوم القيامة (1).

17- >cs<و من ذلك ما رواه أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه«الملتقط»،قال:

كان ببلخ رجل من العلويين و له زوجة و بنات،فتوفي الرجل،فخرجت المرأة بالبنات الى سمرقند خوفا من الأعداء،فأدخلت البنات مسجدا في شدّة البرد، فمضت في سكك البلد،فرأت الناس مجتمعين على شيخ هو شيخ البلد،فقالت له حالها.فقال لها الشيخ:أقيمي عندنا البينة أنّك علوية،فيئست منه، و عادت الى المسجد فرأت شيخا على دكان و حوله جماعة،و هو مجوسي، فشرحت حالها له فقال لخادمه:قل لسيدتك:اذهبي مع هذه المرأة الى المسجد الفلاني و احملي بناتها الى الدار.فجاءت بالبنات فاسكنهنّ في دار مفرد، و كساهن ثيابا نفيسة،و أطعمهن أطعمة لطيفة.

فلمّا كان نصف الليل رأى شيخ البلد المسلم في منامه قصرا من الزمرد الأخضر فقال:لمن هذا القصر؟

فقيل:لرجل مسلم.

فقال:يا رسول اللّه أنا رجل مسلم.

فقال له:أقم البينة عندي أنّك مسلم؛و نسيت ما قلت للعلوية،و هذا القصر للشيخ الذي هي في داره.

فانتبه الرجل و يبكي فأخبر أنّها في دار المجوسي،فجاء إليه قال:إنّي أريد أن2.

ص: 177


1- جواهر العقدين 276/2.

أضيّفها.

قال المجوسي:ما الى هذا سبيل.

قال:هذه ألف دينار خذها و تسلّمهن إليّ.

فقال:لا و اللّه و لا بمائة ألف.

فلمّا ألح عليه قال له:المنام الذي رأيته،أنا أيضا رأيته،و ذلك القصر خلق لي، و اللّه ما أحد في داري إلاّ و قد أسلموا معي ببركات العلوية،و رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال لي:القصر لك و لأهلك لما فعلت بالعلوية من الاحترام (1).

17- >cs<و من ذلك ما رواه سبط ابن الجوزي قال:قرأت على عبد اللّه بن أحمد المقدسي سنة أربع و ستمائة قال:وجدت في كتاب الجوهري عن أبي الدنيا: انّ رجلا رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامه و هو يقول له:امض الى فلان المجوسي و قل له:قد أجيبت الدعوة،فانتبه،فجاء الى المجوسي فأخبره،فأسلم هو مع أهله و أصحابه.

ثم قال لي:أ تدري ما الدعوة؟قلت:لا و اللّه.

قال:لمّا زوّجت ابنتي صنعت طعاما،و دعوت الناس فأكلوه،و كان في جيراننا قوم من العلوية فقراء،فسمعت صبية منهم تقول:يا أماه قد آذانا المجوسي برائحة طعامه،فأرسلت إليهن بطعام كثير و كسوة و دنانير للجميع،فلمّا نظروا الى ذلك قالت الصبية لهن:و اللّه ما نأكلن حتى ندعو له،فرفعن أيديهن و قلن:

حشره اللّه مع جدّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فتلك الدعوة التي أجيبت (2).2.

ص: 178


1- جواهر العقدين 277/2-278.
2- جواهر العقدين 281/2.

17- >cs<و من ذلك ما رواه أبو الفرج ابن الجوزي:باسناده الى ابن الخطيب قال: كنت كاتبا للسيدة أم المتوكل،فبينا أنا في الديوان إذ خادم صغير خرج من عندها، و معه كيس فيه ألف دينار ،فقال:تقول لك السيدة فرّق هذا في المستحقين، فسمّوا لي أشخاصا،ففرقت فيهم ثلاثمائة دينار و الباقي بيدي الى نصف الليل، و إذا طرق باب داري رجل من العلويين،و هو جاري،فقال:دخل علي هذه الساعة رجل من أقربائي و لم يكن عندي طعام،فأعطيته دينارا فأخذه مسرورا و انصرف،فلمّا وصل الى الباب خرجت زوجتي باكية و تقول:أ ما تستحي يطلب منك العلوي و تعطيه دينارا و قد عرفت فقره،أعطه الكلّ، فوقع كلامها في قلبي،فناولته الكيس،فأخذه و انصرف،ثم ندمت و خفت من المتوكل لأنّه يمقت العلويين،فقالت زوجتي:لا تخف و اتّكل على اللّه و على جدّهم،فبينا نحن في الكلام،يطرق الباب الخدم بأيديهم المشاعل و يقولون:

تدعوك السيدة،فقمت خائفا فأدخلوني عند ستر السيدة،و قالت لي:يا أحمد جزاك اللّه خيرا،و جزى زوجتك خيرا،كنت الساعة نائمة،جاءني النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال لي:جزاك اللّه خيرا و جزى اللّه زوجة الخطيب خيرا،فما معنى هذا؟

فأخبرتها ما جرى،و هي تبكي و تقول:هذه الكسوة و هذه الدنانير للعلوي، و هذه لزوجتك،و هذه لك،و كان ذلك يساوي مائة ألف درهم،فأخذت المال و جعلت طريقي على بيت العلوي،فطرقت فصاح:هات ما معك يا أحمد، و خرج و هو يبكي فسألته عن بكائه فقال:لمّا دخلت منزلي بالكيس قالت لي زوجتي:قم و نصلّي و ندعو للسيدة و لأحمد و لزوجته،فصلّينا و دعونا لهم،ثم نمت فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يقول لي:قد شكرتهم على ما فعلوا و الساعة

ص: 179

يأتوك بشيء فاقبله منهم (1).

17- >cs<و من ذلك ما رواه سبط ابن الجوزي:قال:حدثني محمد بن عبد الوهاب المقري، قال:حدثني جار لي قال:

كان لي صاحب من العلويين،و كان فقيرا،فحجّ بعض السنين،ثم عاد،فرأيته غنيا فسألته عن ذلك قال:حججت و لم أجد طعاما ثلاثة أيام،فبينا أنا أمشي إذا قد وصل رجلي بهميان فيه ألف دينار ،فقلت في نفسي:لا أتصرف منه حتى يظهر مالكه،و قلت للمنادي:تنادي عليه،فنادى فجاء مالكه.

فقلت له:كم تعطني منه؟

قال:ما أعطيك منه شيئا.

فرميت به إليه.

فقال لي:من أين أنت؟قلت:من بغداد.

قال:و ما تصنع؟قلت:أنا رجل شريف ما لي صنعة.

قال:من جدّك؟قلت:جدّي الحسين رضي اللّه عنه.

قال:من يعرفك؟قلت:الحجاج.

فجاء جماعة عرّفوني إليه،فرمى الهميان إليّ و قال:خذه إنّه كان عندي وديعة جاء معي من خراسان،و أوصاني صاحبه أن لا أعطيه إلاّ لشريف من أولاد الحسين رضي اللّه عنه فأنت ذاك،فأخذته و حسنت حالي (2).2.

ص: 180


1- جواهر العقدين 281/2.
2- جواهر العقدين 282/2.

17- >cs<و من ذلك ما حكاه المقريزي،عن الرئيس شمس الدين محمد بن عبد اللّه العمري قال:

سرت يوما عند محمود العجمي المحتسب،و هو مع خدمه في بيت الشريف عبد الرحمن الطباطبي،قال المحتسب للشريف:إنّك لمّا جلست البارحة عند السلطان برقوق فوقي كرهتك،فرأيت الليلة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لي:يا محمود تأنف أن تجلس تحت ولدي،فبكى الشريف و قال:من أنا حتى يذكرني جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بكى معه الجماعة (1).

17- >cs<و من ذلك ما في«توثيق عرى الايمان»:عن ابن النعمان قال: بعض الخراسانيين يحج في كلّ سنة فاذا دخل المدينة المنورة أعطى طاهر بن يحيى العلوي شيئا،ثم قال له بعض:إنّ هذا العلوي يصرفه في غير طاعة اللّه،فلم يدفع إليه الخراساني في تلك السنة شيئا،و السنة الثانية لم يدفع إليه شيئا،و في عام الثالث رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام يقول له:قبلت في طاهر العلوي كلام أعدائه،و قطعت عنه ما كنت تعطيه،و اعط ما فات و لا تقطعه عنه ما استطعت، فانتبه و أخذ صرّة فيها ستمائة دينار ،فلمّا دخل المدينة بدأ بطاهر بن يحيى فدخل عليه،فقال طاهر له:لو لم يبعثك جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما جئت إليّ.

قال الخراساني له:و اللّه القصة كما قلت فمن أعلمك بذلك؟

قال:إنّ جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لي في منامي:إنّي عاتبت الفلاني الخراساني و أمرته أن يحمل إليك ما فاته،فأخرج الصرّة التي فيها ستمائة دينار فدفعها إليه،و قبّل2.

ص: 181


1- جواهر العقدين 283/2.

يده و اعتذر (1).

17- >cs<و من ذلك ما في«توثيق عرى الايمان»للبازري: إنّ نصر بن أحمد والي خراسان استعمل رجلا من بلخ عليها،فنام نصر وقت الظهيرة،فجاءت امرأة علوية متظلمة و قالت:جئت من بلخ أشكو عاملها،فأخبر الأمير بذلك، فقال الحاجب يقال له طغناج:ليس هذا وقت الدخول عليه إذ هو في النوم، ثم تفكر و قال في نفسه:كيف أردّ ولد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الدخول عليه،فدخل فوجده نائما و عند رأسه سيف فرجع،ثم دخل عليه فوجده نائما فرجع، و هكذا فعله مرارا فأحسّ الأمير ذلك و ظن أنّه يكيد عليه كيدا،فقام و أخذ السيف و قال:ما حملك على هذا؟فقص عليه القصة فأذن بدخول العلوية عليه،و شكت إليه من عامل بلخ،فأمر لها بعشرة آلاف درهم،و بغلة بأسبابها،و ثلاثة أثواب،و كتب لها كتابا الى عامل بلخ بالاحترام و الاحسان الى العلوية،فرأى في منامه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال له:حفظ اللّه حرمتك كما حفظت حرمتي،فانتبه و قصّ رؤياه على الناس،فأحضر الفقهاء و كتب الى سائر البلدان بالاحسان الى آل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

17- >cs<و من ذلك ما في«توثيق عرى الايمان»للبازري:روى عن أبي الحسين علي ابن ابراهيم الرقي قال:

ورد عليّ فقير علوي من ولد الحسين بن علي(رضي اللّه عنهما)فقال لي:

أعطني مائة منّ دقيقا،و ليس معي شيء و لكن أكتب على جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فأعطيتهق.

ص: 182


1- جواهر العقدين 287/2.
2- المصدر السابق.

ما طلب،و كتبت الثمن على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسمع العلويون فيجيئون إليّ فأعطيهم و يقولون:أكتب على جدّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلم أزل أدفع عليهم حتى لم يبق لي شيء من الدقيق،فأقمت أياما على شدّة الفاقة،فدخلت على النقيب السيد عمر بن يحيى العلوي،و عرضت عليه الدفتر،و شكوت إليه الفقر فأمسك عن جوابي فلمّا كانت الليلة رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام و معه علي(كرّم اللّه وجهه)فقال لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا أبا الحسن إن عاملتني للدنيا أوفيتك في الدنيا،و إن عاملتني للآخرة فاصبر على فقرك،فانّي نعم الغريم،فانتبه فقصّ على الناس رؤياه باكيا،ثم عرض عليه الحال القوي و خرج سائحا في البوادي و الجبال، فوجدوه ميتا في كهف جبل،فحملوه و دفنوه،ففي تلك الليلة رآه سبعة نفر من صالحي أهل الكوفة في المنام عليه حلل من الاستبرق،و هو يمشي في رياض الجنّة،فسألوه كيف وصلت الى هذه النعمة؟قال:بحسن معاملتي للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بصبري؛و الحمد للّه.

17- >cs<و من ذلك ما في«توثيق عرى الايمان»:عن علي بن عيسى الوزير رحمه اللّه قال:

كنت أحسن الى العلوية و أجري على كلّ منهم في كلّ السنة بمدينة السّلام ما يكفيه لطعامه و كسوته و كفاية عياله،و أجري ذلك في رمضان،و كان منهم شيخ من أولاد موسى الكاظم رضي اللّه عنه و كنت أجري عليه في كلّ سنة خمسة آلاف درهم،فرأيته يوما سكرانا قد تقيأه في وسط الشارع،فلمّا دخل شهر رمضان جاءني الشيخ و طالبني عطيته،فلم أعطيه شيئا،فلمّا نمت تلك الليلة رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأعرض عنّي!

فقلت:يا رسول اللّه ما تقصيري؛إنّك تعرض عنّي؟

ص: 183

قال لي:منعت عطية ولدي فلانا.

فقلت له:منعت جائزته لئلاّ أعينه على معصية اللّه تعالى.

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:أ كنت تعطيه ذلك لأجله أو لأجلي؟فقلت:بل لأجلك.

فانتبهت من المنام و أرسلت الى الشيخ فجاء،فأعطيته عشرة آلاف درهم.

فقال:أيّها الوزير ما سبب إضعاف عطيّتي اليوم؟

فقلت:ما كان إلاّ خيرا،فانصرف راشدا.

قال:و اللّه لا أنصرف حتى أقف على القصّة.

فاخبرته ما رأيته في المنام،فدمعت عيناه،و قال:تبت الى اللّه فلا أرتكب معصية،و لا أرضى أن يحاجك جدّي من جهتي،فحسنت توبته (1).

17- >cs<و من ذلك ما في كتاب«العقد الثمين»: إنّ محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري القرطبي كان عند والي مصر يعظم الشرفاء،و كان السبب لتعظيمه لهم أنّ منهم مات فتوقف الشيخ عن الصلاة عليه لكونه يلعب بالحمام،فرأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام و معه ابنته فاطمة الزهراء(رضي اللّه عنها)فأعرضت عنه و عاتبته و قال:أ ما يسع جاهنا مطيرا (2).

و إنّ صاحب مكة كان الشريف الحسني،فمات و امتنع الشيخ عفيف الدين الدلالامي من الصلاة عليه فرأى في المنام فاطمة الزهراء(رضي اللّه عنها) فأعرضت عنه،فقالت له:إنّك لا تصلّي على ولدي،فتاب و اعترف بظلمه (3).ق.

ص: 184


1- جواهر العقدين 291/2.
2- جواهر العقدين 266/2-267.
3- المصدر السابق.

17- >cs<و من ذلك ما حكاه المقريزي:عن يعقوب بن يوسف المغربي: انّه كان بالمدينة في رجب سنة سبع عشرة و ثمانمائة قال له الشيخ العابد محمد الفاسي:إنّي كنت أكره أفعال الشرفاء بني الحسين رضي اللّه عنه لما يظاهرون من التعصّب على أهل السنة، فرأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا نائم بالمسجد النبوي و هو يقول:يا فلان ما لي أراك تكره أولادي؟قلت:لتعصبهم على أهل السنة.

فقال لي مسألة فقهية بالتعصّب:أ ليس الولد يلحق بالنسب (1).

17- >cs<و من ذلك ما روينا عن شيخنا شيخ الاسلام الشريف عبد الرءوف المناوي:

من أنّ شيخه الشريف الطباطبي كان بخلوته التي بجامع عمرو بن العاص بمصر العتيقة،فتسلط عليه رجل من أمراء الأتراك يقال له«قرقماس الشعباني» و أخرجه منها،فأصبح السيد يوما فجاءه شخص و قال له:رأيتك الليلة في المنام جالسا بين يدي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو ينشدك هذين البيتين:

يا بني الزهراء و النور الذي *** ظن موسى أنّها نار قبس

لا أوالي الدهر من عاداكم *** إنّه آخر سطر في عبس

ثم أخذ عذبة سوط فعقدها ثلاث عقدات.

قال شيخنا شيخ الاسلام المناوي:فكان من تقدير اللّه(عزّ و جلّ)أن ضربت رأس قرقماس،فلم يضرب إلاّ بثلاث ضربات،فكان ذلك السوط من قبيل فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (2). (3).3.

ص: 185


1- جواهر العقدين 269/2-270.
2- الفجر13/.
3- جواهر العقدين 272/2-273.

17- >cs<و من ذلك:و قد أخبرني الشيخ الامام العلامة شيخ المالكية شهاب الدين أحمد ابن يونس المغربي نزيل الحرمين الشريفين في مجاورته بالمدينة سنة خمس و سبعين و ثمانمائة:إنّ بعض مشايخه أخبره: أن رجلا من أعيان المغاربة توجه للحجّ،فأودعه رجل من أهل الثروة مائة دينار و قال له:إذا وصلت الى المدينة ادفعها الى شريف صحيح النسب.فلمّا وصل المغربي إليها سأل عن أشرافها فقيل له:إنّ نسبهم صحيح لكنّهم من الشيعة،فكره أن يدفع لأحد منهم،ثم جلس الى واحد منهم فسأل عن مذهبه قال:أنا شيعي،و سأل منه شيئا فما أعطاه.

قال:قال:فلمّا نمت الليلة رأيت أنّ القيامة قامت و الناس يجوزون على الصراط،فأردت أن أجوز عنه فأمرت فاطمة(رضي اللّه عنها)بمنعي، قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لها:لم منعت هذا عن الجواز؟

قالت:لأنّه منع رزق ولدي.

فقلت:يا رسول اللّه ما منعته إلاّ لأنّه يسب الشيخين(رضي اللّه عنهما).

و قالت فاطمة لهما:أ تؤاخذان ولدي بذلك؟

فقيل:لا بل سامحناه بذلك.

فقالت:فما أدخلك بين ولدي و بين الشيخين؟

قال:فانتبهت فأخذت المبلغ و جئت به الى ذلك الشريف،فتعجب من ذلك فقصصت عليه الرؤيا فبكى و قال:أشهدك عليّ و أشهد اللّه و رسوله أنّي لا أسبّهما أبدا ما حييت (1).8.

ص: 186


1- جواهر العقدين 267/2-268.

17- >cs<و من ذلك ما حكاه المقريزي عن العلامة سراج الدين:أنّ محمد بن حسين المكي حكى له: أنّ بعض القراء كان يقرأ على قبر تيمور لنك،قال:كنت إذا خلوت قرأت خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (1)و أكثرت تلاوتها،فرأيت ليلة في المنام النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو جالس و تيمور الى جانبه و قلت:يا عدو اللّه الى هنا تجلس؟و أردت أن آخذ بيده و أدفعه عن مجلسه،فقال لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:دعه فانّه كان يحبّ ذريّتي.قال:فانتبهت فتركت بعد ذلك ما كنت أقرأه في الخلوة (2).

17- و نحوه،ما حكاه زين الدين عبد الرحمن البغدادي: إنّ بعض أمراء تيمور أخبره انّه لمّا مرض بمرض الموت اضطرب شديدا و تغير لونه،ثم أفاق فسألوه عن ذلك،فقال:إنّ ملائكة العذاب أتوني فجاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال لهم:اذهبوا عنه،فانّه كان يحبّ ذريّتي و يحسن إليهم (3).

17- >cs<و من ذلك ما ذكره المسعودي في كتابه«مروج الذهب»من: أنّ أحمد المعتضد باللّه لمّا ولي الخلافة قرّب آل أبي طالب؛لأنّه رأى و هو في حبس أبيه شيخا جالسا على دجلة يمدّ يده الى دجلة،فيصير في يده ماء دجلة،و تجفّ دجلة،ثم يصبّه فتعود دجلة كما كانت.قال:فسألت عنه فقيل:هذا علي بن أبي طالب.فقمت إليه و سلّمت،فقال لي:يا أحمد إنّ الخلافة صائرة إليك،إذا صارت إليك فلا تتعرض لولدي و لا تؤذهم،فقلت:السمع و الطاعة يا أمير المؤمنين (4).2.

ص: 187


1- الحاقة30/ و 31.
2- جواهر العقدين 291/2.
3- المصدر السابق.
4- جواهر العقدين 285/2.

17- >cs<و من ذلك:ما حكاه ابن نوح في كتابه«المنتقى»عن زوجة القاضي سراج الدين،و هي من الصالحات قالت: وقع غلاء بمكة و كنّا ثمانية عشر نفسا إذ جاءنا من الدقيق أربعة عشر قطعة،فرأى القاضي في منامه فاطمة الزهراء (رضي اللّه عنها)و هي تقول:يا سراج الدين تأكل البر و أولادي جياع، فنهض و فرّقها على الأشراف (1).

17- >cs<و من ذلك:ما حكاه المقريزي عن عبد العزيز بن علي البغدادي قاضي الحنابلة:

إنّه رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال له:قل للمؤيد يطلق عجلان-يعني أمير المدينة- و كان محبوسا سنة اثنين و عشرين و ثمانمائة.قال:فلمّا انتبهت صعدت الى السلطان المؤيد و حلفت له بالأيمان المغلظة و قصصت عليه الرؤيا،فأطلقه و أحسن إليه (2).

17- >cs<و من ذلك:ما ذكره المسعودي في«مروج الذهب»عن إسحاق بن إبراهيم: إنّه كان على شرطة بغداد بحبس أهل الجنايات،رأى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامه يقول له:يا إسحاق أطلق القاتل،فانتبه ثم فتش عن حال القاتل،فقال:إنّ عجوزة غرّت شريفة،و قالت العجوزة لها:إنّ لي حديقة ليس في الدنيا مثلها، فشوقتها الى النظر الى ما فيها،فخرجت الشريفة معها ثقة بقولها،فأدخلتها في دار فاذا فيها رجال،و صاحت الشريفة و أغمي عليها،فلمّا أفاقت قالت:يا فتيان اتقوا اللّه و أنا شريفة.قال القاتل:قلت لأصحابي:لا تتعرضوا لها،و أراد2.

ص: 188


1- جواهر العقدين 268/2.
2- جواهر العقدين 282/2.

المقتول أن يؤذيها فقتلته،ثم حاميت عنها و أخرجتها من الدار،و سمعتها تقول:

ستر اللّه عرضك كما سترتني عرضي،ثم سمع الجيران الضجة،فاجتمعوا و دخلوا الدار و السيف بيدي و الرجل مقتول،فاتوني الى الشرطة.فقال له إسحاق:قد وهبتك للّه و لرسوله و لحفظك عرض الشريفة،و تاب الرجل و حسنت توبته (1).

17- >cs<و من ذلك ما رواه البازري في«توثيق عرى الايمان»عن ابن النعمان قال: بينما المهدي بن المنصور رأى رؤيا فانتبه فاستحضر صاحب شرطته و أمره أن يطلق من الحبس العلوي الحسيني،و يسلّم إليه ألف دينار ،و يخيّره بين المقام عندنا مكرما و بين الرواح الى أهله،فأخرج العلوي و أعطاه الف دينار ، و اختار الخروج الى أهله،فلمّا أراد أن يركب قال له صاحب الشرطة:بالذي خلقك قل لي سبب الخروج عن الحبس.

قال:رأيت جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامي يقول لي:أي بني،ظلموك،قم فصلّ ركعتين،ثم قل:يا سامع الصوت،و يا كاسي العظام لحما بعد الموت،صلّ على محمد و آل محمد و اجعل لي من أمري فرجا و مخرجا،فجعلت أكرر هذه الكلمات الى أن أطلقتني.

قال صاحب الشرطة:دخلت على المهدي و حدثت له حديثه فقال:صدق و اللّه،كنت نائما فرأيت في منامي زنجيا بيده عمود من حديد يقول لي:أطلق الحسيني و إلاّ قتلتك،فانتبهت و أمرتك باطلاقه (2).2.

ص: 189


1- جواهر العقدين 281/2.
2- جواهر العقدين 283/2.

11- >cs<و من ذلك:ما رواه داود بن القاسم الجعفري: أنّ المعتمد بن المتوكل حبس أبا محمد الحسن العسكري فوقع في بغداد قحط فأمر المعتمد الناس بالاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيام فلم يسقوا،فخرج راهب من النصارى يقال له«الجاثليق» في اليوم الرابع بالنصارى،و رفعوا أيديهم الى السماء هطلت بالمطر،ثم خرجوا في اليوم الثاني و فعلوا مثل فعلهم الأول سقوا سقيا كافيا،فتعجب الناس و مال بعضهم للنصرانية،فشقّ ذلك على المعتمد،فأخرج أبا محمد الحسن العسكري من الحبس و قال له المعتمد:أدرك أمّة جدّك محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال له أبو محمد:

دعهم يخرجون معي.

قيل له:إنّ المطر كثر فما فائدة خروجهم.

قال:لأزيل الشكّ عن الناس.

فأمرهم المعتمد بالخروج و أن يخرج المسلمون،فرفع الراهب يده و رفعت الرهبان معه أيديهم،غيمت السماء فأمطرت،فأمر أبو محمد رجلا بالقبض على يد الراهب و أخذ ما فيها،فاذا عظم آدمي بين أصابعه،فلفه أبو محمد في خرقة،و قال:استسق الآن،فاستسقى فانقشع الغيم و انكشف السحاب، و طلعت الشمس،و قال المعتمد:ما هذا يا أبا محمد؟

قال:هذا عظم نبي من أنبياء اللّه،ظفروا به،و ما كشف عظم نبي تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر،فامتحنوا ذلك فوجدوه كما قال،و زالت الشبهة عن الناس،و كلّم أبو محمد الحسن العسكري المعتمد في إطلاق الذين كانوا معه في الحبس، و أقام أبو محمد بمنزله في سر من رأى معظما (1)(انتهى جواهر العقدين) .2.

ص: 190


1- جواهر العقدين 285/2.

14,15- أيضا في جواهر العقدين:

>cs<عن أبي هريرة:قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّما سميت ابنتي«فاطمة»لأنّ اللّه فطمها و ذرّيتها و محبّيها عن النار (1).

14,1- >cs<عن علي رضي اللّه عنه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: اللّهم إنّهم عترة رسولك، فهب مسيئهم لمحسنهم،و هبهم لي.

ثم قال:ففعل و هو فاعل.قلت:ما فعل؟

قال:فعله ربّكم بكم،و يفعله بمن بعدكم (أخرجه الملاّ و ذكره المحبّ الطبري) (2).

4- >cs<عن زيد بن علي بن الحسين،عن أبيه(رضي اللّه عنهم)قال: إنّ اللّه تعالى أخذ ميثاق من يحبّنا،و هم في أصلاب آبائهم،فلا يقدرون على ترك ولا يتنا؛لأنّ اللّه جبلهم على ذلك (أخرجه الحافظ الجعاني) (3).

14- >cs<عن علي رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أوّل من يرد الحوض أهل بيتي و من أحبّهم من أمّتي كهاتين السبابتين (أخرجه الملاّ و ذكره المحبّ) (4).

14- >cs<عن علي رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: حبّي و حبّ أهل بيتي نافع في سبع مواطن أهوالهن عظيمة (أخرجه الديلمي) (5).

14- >cs<عن ابن مسعود عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: حبّ آل محمد خير من عبادة سنة،و من مات عليه دخل الجنّة (6).ق.

ص: 191


1- جواهر العقدين 195/2.
2- جواهر العقدين 216/2.
3- جواهر العقدين 253/2.
4- المصدر السابق.
5- المصدر السابق.
6- المصدر السابق.

14- >cs<و عن جابر،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا يحبّنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقي،و لا يبغضنا إلاّ منافق شقي (1).

3- >cs<قال الحسين رضي اللّه عنه: من عادانا فلرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعادي (2).

17- >cs<قال عبد اللّه بن الحسن المثنى: كفى بالبغض لنا بغضا أنسه لمن يبغضنا (3).

14,1- >cs<عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنّة تذود بها المنافقين عن الحوض (أخرجه الطبراني في الأوسط) (4).

14,1- >cs<و لأحمد في المناقب حديث: أعطيت في علي خمسا هن أحبّ إليّ من الدنيا و ما فيها:...أمّا الثالثة فواقف على حوضي يسقي من عرفه من أمّتي (5).

14- >cs<و عن عبيد اللّه و عمر ابني محمد بن الحنفية،عن أبيها،عن جدّهما علي(رضي اللّه عنهم)قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من آذاني في عترتي فعليه لعنة اللّه (أخرجه الحافظ الجعاني في الطالبين) (6).

14- >cs<عن علي رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه حرم الجنّة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبّهم (أخرجه الديلمي من طريق علي الرضا ابن موسى الكاظم عليهما السّلام) (7).

16- >cs<أخرج إبراهيم بن المؤيد الحموي في فضل أهل البيت:عن ابن مسعود حديث5.

ص: 192


1- جواهر العقدين 253/2.
2- جواهر العقدين 257/2.
3- المصدر السابق.
4- جواهر العقدين 258/2.
5- جواهر العقدين 258/2.المناقب لأحمد 661/2 حديث 1127.
6- جواهر العقدين 261/2.
7- جواهر العقدين 261/2.عيون أخبار الرضا عليه السّلام 37/1 حديث 65.

الاسراء: و كتب على أبواب النار«أذلّ اللّه من أهان الاسلام،أذلّ اللّه من أهان أهل بيت نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم».

أيضا أخرجه الحافظ جمال الدين الزرندي (1) .).

ص: 193


1- جواهر العقدين 261/2.فرائد السمطين 238/2 حديث 186(في حديث).

ص: 194

الباب السابع و الستون

في إيراد بعض ما في«درّة المعارف»للشيخ الامام

عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد البسطامي

كان أعلم علماء زمانه في علم الحروف(قدس اللّه

أسراره و وهب لنا علومه و عرفانه)

إنّ اللّه-تبارك و تعالى-خلق آدم عليه السّلام في ثالث ساعة من نهار الجمعة في اليوم السادس من شهر نيسان،و خلق اللّه تعالى حوا عليها السّلام في سادس ساعة في (1)نهار الجمعة المذكورة،و كان الطالع عند هبوط آدم عليه السّلام من الجنّة برج السرطان و كانت قسمة أجرام الكواكب في الفلك على هذه الصورة،و اللّه أعلم بحقيقة الحال.

ص: 195


1- في(ن):«من».

و أمّا آدم(عليه الصلاة و السّلام)فهو نبي مرسل،خلقه اللّه-تبارك و تعالى- بيده،و نفخ فيه من روحه،و أنزل عليه عشر صحائف و هو أول من تكلم في علم الحروف،و له كتاب«سفر الخفايا»،و هو أول كتاب كان في الدنيا في علم الحروف،و ذكر فيه أسرار غريبة و أمور عجيبة.و له كتاب«الملكوت»،و هو ثاني كتاب كان في الدنيا في علم الحروف،و صاحب«الهيكل الأحمر»قد أخذ من شيث(عليه الصلاة و السّلام)كتاب«الملكوت»،و له كتاب«السفر المستقيم»،و هو ثالث كتاب كان في الدنيا في علم الحروف.عاش تسعمائة و ثلاثين سنة شمسية.

14- >cs<عن عطا بن أبي رباح،عن ابن عباس،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: خلق [اللّه] (1)الأحرف و جعل لها سرّا فلمّا خلق آدم(عليه الصلاة و السّلام)بثّ فيه السرّ و لم يبثه في الملائكة،فجرت الأحرف على لسان آدم بفنون الجريان و فنون اللغات و قد أطلعه اللّه تعالى على أسرار أولاده و ما يحدث بينهم الى يوم القيامة،و من هذه الكتاب تفرعت سائر العلوم الحرفية،و الأسرار العددية الى يومنا و الى ما شاء اللّه. ثم بعده ورث علم أسرار الحروف ابنه أغاناذيمون، و هو نبي اللّه شيث(عليه الصلاة و السّلام)،و هو نبي مرسل،أنزل اللّه عليه خمسين صحيفة،و هو وصي آدم(عليه الصلاة و السّلام)و وليّ عهده،و هو الذي بنى الكعبة المكرمة بالطين و الحجر و له سفر جليل الشأن في علم الحروف، و هو رابع كتاب كان في الدنيا في علم الحروف و عاش تسعمائة سنة شمسية.

ثم ابنه ورث علم الحروف أنوش.).

ص: 196


1- الزيادة من(ن).

ثم ابنه قينان و إليه ينسب القلم القيناوي،ثم ابنه مهلائيل.

ثم ابنه يارد،و في زمانه عبدت الاصنام.

ثم ابنه هرمس،و هو نبي اللّه إدريس(عليه الصلاة و السّلام)و هو نبي مرسل أنزل اللّه عليه ثلاثين صحيفة،و إليه انتهت الرئاسة في العلوم الحرفية و الأسرار الحكمية،و اللطائف العددية،و الاشارات الفلكية و قد ازدحم على بابه سائر الحكماء و اقتبس من مشكاة أنواره سائر العلماء،و قد صنف كتاب«كنز الأسرار و ذخائر الأبرار»و هو خامس كتاب كان في الدنيا في علم الحروف.و علّمه جبرائيل عليه السّلام علم الرمل،و به أظهر اللّه نبوته.و قد بنى اثنين و سبعين مدينة.

و تعلّم منه علم الحروف الهرامسة،و هم أربعون رجلا،و كان أمهرهم أسقلينوس الذي هو أبو الحكماء و الأطباء،و هو أول من أظهر الطب،و هو خادم نبي اللّه إدريس(عليه الصلاة و السّلام)و تلميذه.

ثم ابنه متوشلخ؛ثم ابنه لامك؛ثم ابنه نوح(عليه الصلاة و السّلام)و هو نبي مرسل،و له سفر جليل القدر و هو سادس كتاب كان في الدنيا في علم الحروف؛ ثم ابنه سام(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم ابنه ارفخشد؛ثم ابنه شالخ؛ثم ابنه عابر،و هو نبي اللّه هود(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم ابنه فالغ؛ثم ابنه يقطر، و هو قاسم الأرض بين الناس؛ثم ابنه صالح نبي اللّه(عليه الصلاة و السّلام) ورث الحروف؛ثم أرغوا بن فالغ المذكور ورث علم الحروف؛ثم ابنه أسروع؛ ثم ابنه ناحود؛ثم أبنه تارح؛ثم ابنه إبراهيم(عليه الصلاة و السّلام)و هو نبي مرسل،أنزل اللّه عليه عشرين صحيفة،و هو أول من تكلم في علم الوفق.

و قيل:انّه وفق القاف في أساس الكعبة المكرمة،و له سفر عظيم القدر،و هو سابع كتاب كان في الدنيا في علم الحروف؛ثم ابناه إسماعيل و إسحاق(عليهما

ص: 197

الصلاة و السّلام)؛ثم ابنه يعقوب(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم ابنه يوسف (عليه الصلاة و السّلام)؛ثم موسى(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم موسى(عليه الصلاة و السّلام)و هو نبي مرسل، أنزل اللّه عليه التوراة،و علّمه علم الكيمياء،و كان أعلم الناس في عصره بأسرار الأوفاق و بالوفق المسدس،استخرج تابوت يوسف(عليهما الصلاة و السّلام)من النيل؛ثم وصيه يوشع بن نون(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم الياس؛ ثم حزقيل(عليه الصلاة و السّلام).

و قيل: زردشت الأذربيجاني أخذ علم أسرار الحروف عن أصحاب موسى(عليه الصلاة و السّلام)،ثم أخذ عن زردشت جاماسب الحكيم و هو أكبر أصحابه، ثم داود(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم ابنه سليمان(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم آصف بن برخيا،و هو وزير سليمان(عليهما الصلاة و السّلام)؛ثم أشعيا(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم إرميا(عليه الصلاة و السّلام)؛ثم عيسى(عليه الصلاة و السّلام)ورث علم الحروف؛ثم محمد(صلوات اللّه و سلامه و بركاته عليه و على آله و صحبه)ورث علم الحروف.

4,14- >cs<قال الامام الحسين بن علي(رضي اللّه عنهما): العلم الذي دعى إليه المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هو علم الحروف و علم الحروف في لام الف،و علم لام الف في الالف،و علم الالف في النقطة،و علم النقطة في المعرفة الأصلية،و علم المعرفة الأصلية في علم الأزل،و علم الأزل في المشية،أي المعلوم،و علم المشية في غيب الهوية،و هو الذي دعا اللّه إليه نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بقوله:فاعلم«انّه لا إله إلاّ اللّه»و الهاء في«انّه»راجع الى غيب الهوية.

ثم إنّ الامام عليا(كرّم اللّه وجهه)ورث علم أسرار الحروف من سيدنا و مولانا محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إليه الاشارة

14- بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا مدينة العلم

ص: 198

و علي بابها. و هو أوّل من وضع وفق مائة في مائة في الاسلام.

ثم الامامان الحسن و الحسين ورثا علم أسرار الحروف من أبيهما.

ثم ابنه الامام زين العابدين ورث من أبيه علم أسرار الحروف.

ثم ابنه الامام محمد الباقر.

ثم ابنه الامام جعفر الصادق(رضي اللّه عنهم)،و هو الذي حلّ معاقد رموزه و فكّ طلاسم كنوزه.

6- و قال الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه: علمنا غابر و مزبور،و كتاب مسطور،في رقّ منشور،و نكت في القلوب،و مفاتيح أسرار الغيوب،و نقر في الاسماع،و لا تنفر منه الطباع،و عندنا الجفر الأبيض،و الجفر الأحمر،و الجفر الأكبر،و الجفر الأصغر،و الجامعة،و الصحيفة،و كتاب علي(كرّم اللّه وجهه).

قال لسان الحروف و مشكاة أنوار الظروف،شارح«الزهر الفائح و السر اللائح» أبو عبد اللّه زين الكافي(قدس اللّه سره):أمّا قوله«علمنا غابر»فانه أشار به الى العلم بما مضى من القرون و الأنبياء(عليهم الصلوات و التحيات)و كلّ ما كان من الحوادث في الدنيا.

و أمّا«المزبور»فانه أشار به الى المسطور في الكتاب الالهية و الأسرار الفرقانية المنزلة من السماء على المرسلين و الأنبياء(صلوات اللّه و سلامه عليهم).

و أمّا«الكتاب المسطور»فانه أشار به الى أنّه مرقوم في اللوح المحفوظ.

و أمّا قوله«نقر في الاسماع»فانّه أشار به الى أنّه كلام علي و خطاب جلي،لا ينفر منه الطبع،و لا يكرهه السمع،لأنه كلام غيب يسمعونه و لا يرون قائله، فيؤمنون بالغيب.

و أمّا«الجفر الأبيض»فإنه أشار به الى أنّه وعاء فيه كتب اللّه المنزلة و أسرارها

ص: 199

المكنونة و تأويلاتها.

و أمّا«الجفر الاحمر»فانّه أشار به الى أنّه وعاء فيه سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو عند من له الأمر،و لا يظهر حتى يقوم رجل من أهل البيت.

و أمّا«الجفر الأكبر»فانه أشار به الى المصادر الوفقية التي هي من«ألف» «با»«تا»«ثا»الى آخرها،و هي ألف وفق.

و أمّا«الجفر الأصغر»فانّه أشار به الى المصادر الوفقية التي هي مركبة من أبجد الى قرشت و هي سبعمائة وفق.

و أمّا«الجامعة»فانه أشار به الى كتاب فيه علم ما كان و ما يكون الى يوم القيامة.

و أمّا«الصحيفة»فهي صحيفة فاطمة(رضي اللّه عنها)فانّه أشار بها الى ذكر الوقائع و الفتن و الملاحم و ما هو كائن الى يوم القيامة.

و أمّا«كتاب علي»فانه أشار به الى كتاب أملاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من فلق فيه -أي من شقّ فمه-و لسانه المبارك،و كتبه علي،و أثبت فيه كلّما يحتاج إليه من الشرائع الدينية،و الأحكام و القضايا حتى فيه الجلدة و نصف الجلدة.

و الجفر من حيث اللغة فانه رقّ الجدي.

6- و قال جعفر الصادق أيضا: منا الفرس الغواص،و الفارس القناص.

12- و قيل: انّه يظهر في آخر الزمان مع محمد المهدي و لا يعرفه على الحقيقة إلاّ هو رضي اللّه عنه.

12- و قيل: إنّ المهدي رضي اللّه عنه يستخرج كتبا من غار بمدينة أنطاكية،و يستخرج الزبور من بحيرة طبرية فيها مما ترك آل موسى و هارون تحمله الملائكة،و فيها الألواح و عصا موسى(عليه الصلاة و السّلام).و المهدي أكثر الناس علما و حلما و على خده الأيمن خال أسود و هو من ولد الحسين بن علي(رضي اللّه عنهم).

ص: 200

و أمّا«الجامعة»فهو عبارة عن سفر آدم،و سفر شيث،و سفر إدريس،و سفر نوح،و سفر إبراهيم(عليهم الصلاة و السّلام).و قد تناقله أهل البصائر كابرا عن كابر الى زماننا و الى ما شاء اللّه.

قال بعض العارفين: إنّ الحروف سرّ من أسرار اللّه تعالى،و العلم بها من أشرف العلوم المخزونة،و هو من العلم المكنون المخصوص به أهل القلوب الطاهرة من الأنبياء و الأولياء(عليهم الصلاة و السّلام)،و هو الذي يقول فيه محمد بن علي الحكيم الترمذي:«علم الأولياء فافهم».

و لا بد للشارع في علم الحروف من معرفة علم التصحيف؛كتب علي(كرّم اللّه وجهه)خراب البصرة بالريح-يعني بالزنج-.

قال الحافظ الذهبي: ما علم تصحيف هذه الكلمة إلاّ بعد المائتين من الهجرة، لأنّ بالغرمط الزنجي خربت البصرة.

و اعلم أنّ اللّه-تبارك و تعالى-قال: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها (1)يعني الحروف المحيطة بكلّ نطق،و هي اثنان و ثلاثون حرفا،تحوي جميع لغات الناطقين في الموجودات كلّها مع اختلاف ألسنتهم و لغاتهم.فمنها ثمانية و عشرون عربية بعدد منازل القمر،و منها أربعة عجمية،و هي«پ،چ،ژ،گ».

6- قال جعفر الصادق رضي اللّه عنه: علّم اللّه آدم الأسماء بالقلم الذي في اللوح المحفوظ.

و قيل:إنّ الحروف كانت تتشكل لآدم عليه السّلام في قوالب نورانية مسماها،و هي خاصته التي اختصه اللّه بها،و علّمه اللّه سبعين ألف باب من العلم،و علّمه ألف حرفة،و أنزل عليه تحريم الميتة و الدم و لحم الخنزير،و أنزل عليه الحروف المعجم في إحدى و عشرين ورقة،و هي أول كتاب كان في الدنيا،و كونها في إحدى و عشرين ورقة إشارة الى أنّ الدنيا سبعة أدوار-أي سبعة آلاف سنة-،/.

ص: 201


1- البقرة31/.

و أنزل عليه عشر صحائف و فيها ألف لغة،و قد بين اللّه فيها أخبار الدنيا و ما يكون فيها في أهل كلّ زمان،و ذكر صورهم و سيرهم مع أنبيائهم و أممهم و ملوكهم و عبيدهم و رعاياهم،و ما يحدث في الأرض.

14- >cs<روي عن أبي ذر الغفاري رضي اللّه عنه قال: قلت:يا رسول اللّه أي كتاب أنزل اللّه تعالى على آدم عليه السّلام؟

قال:كتاب الحروف المعجم«أ،ب،ت،ث،»الى آخرها فهي تسعة و عشرون حرفا.قلت:يا رسول اللّه عددت ثمانية و عشرين حرفا.

فغضب صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى احمرت عيناه فقال:يا أبا ذر،و الذي بعثني بالحق نبيا،ما أنزل اللّه على آدم في اللغة العربية إلاّ تسعة و عشرين حرفا.

قلت:يا رسول اللّه أ ليس فيها«لام،و الف»؟

قال:لام ألف حرف واحد،قد أنزله اللّه على آدم في صحيفة واحدة و معه سبعون ألف ملك،من خالف لام ألف فقد كفر بما أنزل اللّه عليّ.

قال تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً (1)قال بعض المفسرين:ذلك هو الاسم الأعظم تركب من الحروف الواردة في فواتح السور،و كان مكتوبا على خاتم سليمان بن داود،و به لان الحديد لداود،و سخر الجن لسليمان،و طوى الأرض للخضر،و به تعلم العلم اللّدني،و به اوتي عرش بلقيس،و به يحيي عيسى الطير،و كان مكتوبا على عصا موسى عليه السّلام و سيف علي(كرّم اللّه وجهه).

3- >cs<و كما بلغنا عن الامام الحسين بن علي(رضي اللّه عنهما) انه سأله رجل عن معنى«كهيعص».فقال له:لو فسرتها لك لمشيت على الماء.

فأوّل الاقلام قلم السرياني،و منه تفرعت سائر الاقلام،و هو أول قلم كان في الدنيا،و به كان آدم عليه السّلام قد وضع سفره./.

ص: 202


1- النمل15/.

الباب الثامن و الستون

اشارة

في إيراد بعض ما في كتاب«الدر المنظم»للشيخ الامام

كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة الحلبي الشافعي

(قدس اللّه أسراره و أفاض علينا علومه و فيوضه)

و الغرض من هذا السر الباهر و الرمز الفاخر إظهار لوائح لأرباب الذوق؛لأنّه من العلوم الجسيمة،الفاتحة لأبواب المدينة،لا يمسّه ناسوتي،و لا ينظر به إلاّ لاهوتي،و هذا هو العلم الذي خصّ به آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و العلم الذي محمد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مدينته و علي بابها.

4- قال الامام زين العابدين رضي اللّه عنه:

إنّي لأكتم من علمي جواهره *** كيلا يرى الحقّ ذو جهل فيفتتنا

و قد تقدّم في هذا أبو حسن *** الى الحسين و وصى قبله الحسنا

يا رب جوهر علم لو أبوح به *** لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

و لاستحل رجال مسلمون دمي *** يرون أقبح ما يأتونه حسنا (1)

.

1- قال الإمام علي(كرّم اللّه وجهه المكرم): لو حدثتكم ما سمعت من فم أبي القاسم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لخرجتم من عندي و أنتم تقولون:إنّ عليا من أكذب الكذابين و أفسق الفاسقين،قال تعالى بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ (2).

ص: 203


1- سفينة راغب 76 ط.استنبول 1282 ه.
2- يونس39/.

و قد ذكرت في هذا الكتاب الناطق بالصواب جفر الامام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه،و هو ألف و سبعمائة مصدر من مفاتيح العلوم،و مصابيح النجوم، المعروف عند علماء الحروف بالجفر الجامع،و النور اللامع،و هو عبارة عن لوح القضاء و القدر عند الصوفية؛و قيل:مفتاح اللوح و القلم؛و قيل:سر القضاء و القدر؛و قيل:مفتاح علم اللّدني.

و هما كتابان جليلان أحدهما ذكر الامام علي(كرّم اللّه وجهه)على المنبر و هو قائم يخطب بالكوفة على ما سيأتي بيانه،و هو المسمى بخطبة البيان.

و الآخر أسرّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هذا العلم المكنون،و هو المشار إليه

14- بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا مدينة العلم و علي بابها. و أمره بتدوينه،فكتبه الامام علي رضي اللّه عنه حروفا مفرقة على طريقة سفر آدم عليه السّلام في جفر-يعني في ورق-قد صنع من جلد البعير،و اشتهر بين الناس بالجفر الجامع و النور اللامع،و قيل:

الجفر و الجامعة،و فيه ما جرى للأولين و ما يجري للآخرين.

و الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه قد جعل في خافية الباب الكبير«ا ت ث»الى آخرها:و الباب الصغير«أبجد»الى«قرشت».

6- قال الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه: منا الجفر الأبيض،و منا الجفر الأحمر،و منا الجفر الجامع.

و كانت الأئمة الراسخون من أولاده يعرفون أسرار هذا الشأن العظيم،

8- و: لمّا كتب بعض الخلفاء،و هو المأمون بن هارون الرشيد،الى علي بن موسى الرضا على أن يبايعه فقال:إنّك عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤك،و إنّك تريد المبايعة لي إلاّ أنّ الجفر الجامع لا يدلّ على مبايعتك.

و قد ستر اللّه علمه عن أكثر العلماء،و لم يأذن اللّه للأكابر أن يعرفوا منه إلاّ

ص: 204

ببعض أسراره التي يشتمل عليها بتركيبها الخاص المنتج أنواع التسخيرات و التأثيرات من القهر و الاستيلاء و العزل و الاماتة و الاحياء،و غير ذلك من الفوائد و الجواهر.و فيه اسم اللّه الأعظم،و تاج آدم،و خاتم سليمان،و حجاب آصف بن برخيا عليهم السّلام.

و قد ازدحم على باب علي(كرّم اللّه وجهه)الراسخون من العلماء،و الحاذقون من الحكماء،فاخترت من أسراره ما سرّه أشمل،و العمل به أكمل،بعد أن قرأت سفر آدم،و سفر شيث،و سفر إدريس،و سفر نوح،و سفر إبراهيم (عليهم الصلاة و السّلام)،ثم طالعت كتاب ينبوع الحكمة لآصف بن برخيا بن شمويل،و كتاب سرّ السرّ،و كتاب الجمهرة و المصحف الخفي و العهد الكبير، و كتاب الأجناس،و كتاب اللوح و القلم،ثم حللت رموز الخافية القمرية، و الخافية الشمسية،الى أن أشرقت في سماء روحانيتي شمس المعارف الالهية و الأسرار الذوقية،مع فوائد شددت إليها الرحال،و خدمت لأجلها الرجال.

14,1- و قد ثبت عند علماء الطريقة و مشايخ الحقيقة بالنقل الصحيح و الكشف الصريح:

أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(كرّم اللّه وجهه)قام على المنبر بالكوفة و هو يخطب (1)فقال:

بسم اللّه الرحمن الرحيم،الحمد للّه بديع السموات و الأرض و فاطرها،و ساطح المدحيات و وازرها،و مطود الجبال و قافرها،و مفجر العيون و نافرها،و مرسل الرياح و زاجرها،و ناهي القواصف و آمرها،و مزين السماء و زاهرها،و مدبر الأفلاك و مسيرها،و مقسم المنازل و مقدرها،و منشئ السحاب و مسخرها،ا.

ص: 205


1- انظر خطبة البيان:الزام الناصب(ط حق بين قم)178/2 و ما بعدها.

و مولج الحنادس و منورها،و محدث الأجسام و مقررها،و مكور الدهور و مكدرها،و مورد الأمور و مصدرها،و ضامن الأرزاق و مدبّرها،و محيي الرفاة و ناشرها.

أحمده على آلائه و توفرها،و أشكره على نعمائه و تواترها.و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،شهادة تؤدي الى السلامة ذاكرها،و تؤمن من العذاب ذاخرها،و أشهد أنّ محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الخاتم لما سبق من الرسل و فاخرها، و رسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة و ناشرها،أرسله الى أمّة قد شعر بعبادة الأوثان شاعرها،فأبلغ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في النصيحة وافرها،و أنار منار أعلام الهداية و منابرها،و محا بمعجز القرآن دعوة الشيطان و مكاثرها،و أرغم معاطيس غواة العرب و كافرها،حتى أصبحت دعوته الحقّ بأول زائرها،و شريعته المطهرة الى المعاد يفخر فاخرها(صلّى اللّه عليه و على آله الدوحة العليا و طيب عناصرها).

أيها الناس سار المثل،و حقّق العمل،و تسلّمت الخصيان،و حكمت النسوان، و اختلفت الأهواء،و عظمت البلوى،و اشتدت الشكوى،و استمرت الدعوى، و زلزلت الأرض،و ضيّع الفرض،و كتمت الأمانة،و بدت الجناية،و قام الأدعياء،و نال الأشقياء،و تقدمت السفهاء،و تأخرت الصلحاء،و ازور القران،و احمر الدبران،و كملت الفترة،و سدست الهجرة،و ظهرت الأفاطس، فحسمت الملابس،يملكون السرائر،و يهتكون الحرائر،و يجيئون كيسان، و يخربون خراسان،فيهدمون الحصون،و يظاهرون المصون،و يفتحون العراق بدم يراق،فاه آه،ثم آه آه،لعريض الأفواه،و ذبول الشفاه.

ثم التفت يمينا و شمالا،و تنفّس الصعداء ملالا،و تأوّه خشوعا،و تغير خضوعا،

ص: 206

فقام إليه سويد بن نوفل الهلالي فقال:يا أمير المؤمنين أنت حاضر بما ذكرت و عالم به!

فالتفت إليه بعين الغضب و قال له:ثكلتك الثواكل،و نزلت بك النوازل،يا ابن الجبان الخبائث،و المكذب الناكث،سيقصر بك الطول،و يغلبك الغول،أنا سرّ الأسرار،أنا شجرة الأنوار،أنا دليل السموات،أنا أنيس المسبحات،أنا خليل جبرائيل،أنا صفي ميكائيل،أنا قائد الأملاك،أنا سمندل الأفلاك،أنا سرير الصراح،أنا حفيظ الألواح،أنا قطب الديجور،أنا البيت المعمور،أنا مزن السحائب،أنا نور الغياهب،أنا فلك الحجج،أنا حجّة الحجج،أنا مسدد الخلائق،أنا محقّق الحقائق،أنا مأوّل التأويل،أنا مفسر الانجيل،أنا خامس الكساء،أنا تبيان النساء،أنا الفة الايلاف،أنا رجال الأعراف،أنا سرّ إبراهيم،أنا ثعبان الكليم،أنا وليّ الأولياء،أنا ورثة الأنبياء،أنا أوريا الزبور، أنا حجاب الغفور،أنا صفوة الجليل،أنا إيليا الإنجيل،أنا شديد القوى،أنا حامل اللوا،أنا إمام المحشر،أنا ساقي الكوثر،أنا قسيم الجنان،أنا مشاطر النيران،أنا يعسوب الدين،أنا إمام المتقين،أنا وارث المختار،أنا ظهير الاظهار،أنا مبيد الكفرة،أنا أبو الأئمة البررة،أنا قالع الباب،أنا مفرق الاحزاب،أنا الجوهرة الثمينة،أنا باب المدينة،أنا مفسر البينات،أنا مبين المشكلات،أنا النون و القلم،أنا مصباح الظلم،أنا سؤال متى،أنا ممدوح هل أتى،أنا النبأ العظيم،أنا الصراط المستقيم،أنا لؤلؤ الأصداف،أنا جبل قاف، أنا سر الحروف،أنا نور الظروف،أنا الجبل الراسخ،أنا العلم الشامخ،أنا مفتاح الغيوب،أنا مصباح القلوب،أنا نور الأرواح،أنا روح الأشباح،أنا الفارس الكرار،أنا نصرة الأنصار،أنا السيف المسلول،أنا الشهيد المقتول،أنا جامع

ص: 207

القرآن،أنا بنيان البيان،أنا شقيق الرسول،أنا بعل البتول،أنا عمود الاسلام، أنا مكسر الأصنام،أنا صاحب الأذن،أنا قاتل الجن،أنا صالح المؤمنين،أنا إمام المفلحين،أنا إمام أرباب الفتوة،أنا كنز أسرار النبوة،أنا المطّلع على أخبار الأوّلين،أنا المخبر عن وقائع الآخرين،أنا قطب الأقطاب،أنا حبيب الأحباب،أنا مهدي الأوان،أنا عيسى الزمان،أنا و اللّه وجه اللّه،أنا و اللّه أسد اللّه،أنا سيد العرب،أنا كاشف الكرب،أنا الذي قيل في حقّه«لا فتى إلاّ علي» أنا الذي قال في شأنه«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»،أنا ليث بني غالب، أنا علي بن أبي طالب.

قال:فصاح السائل صيحة عظيمة و خرّ ميتا.

فعقب أمير المؤمنين(كرّم اللّه وجهه)كلامه بان قال:

الحمد للّه بارئ النسم،و ذارىء الأمم و الصلوات على الاسم الأعظم، و النور الأقدم،محمد و آله و سلّم.

ثم قال:سلوني عن طرق السماء فانّي أعلم بها من طرق الأرض،سلوني قبل أن تفقدوني،فانّ بين جنبي علوما كثيرة كالبحار الزواخر.

فنهض إليه الرسخ من العلماء،و المهرة من الحكماء،و أحدق به الكمل من الأولياء،و الندر من الأصفياء،يقبلون مواطئ قدميه،و يقسمون بالاسم الأعظم عليه،بان يتم كلامه،و يكمل نظامه.فقال بحر الراسخين،و حبر العارفين،الامام الغالب علي بن أبي طالب(كرّم اللّه وجهه):

يظهر صاحب الراية المحمدية،و الدولة الأحمدية،القائم بالسيف،و الحال الصادق في المقال،يمهد الأرض،و يحيي السنة و الفرض.

ثم قال:أيّها المحجوب عن شأني،الغافل عن حالي،إنّ العجائب آثار

ص: 208

خواطري،و الغرائب أسرار ضمائري،لأنّي قد خرقت الحجاب،و أظهرت العجاب،و أتيت بالباب،و نطقت بالصواب،و فتحت خزائن الغيوب،و فتقت دقائق القلوب،و كنزت لطائف المعارف،و رمزت عوارف اللطائف،فطوبى لمن استمسك بعروة هذا الكلام،و صلّى خلف هذا الإمام،فانه يقف على معاني الكتاب المسطور،و الرق المنشور،ثم يدخل الى البيت المعمور،و البحر المسجور،ثم أنشد يقول:

لقد حزت علم الأولين و إنّني *** ضنين بعلم الآخرين كتوم

و كاشفت أسرار الغيوب بأسرها *** و عندي حديث حادث و قديم

و إنّي لقيّوم على كلّ قيم *** محيط بكلّ العالمين عليم

ثم قال:لو شئت لأوقرت من تفسير الفاتحة سبعين بعيرا.

ثم قال: ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ كلمات خفيات الأسرار،و عبارات جليات الآثار،ينابيع عوارف القلوب،من مشكاة لطائف الغيوب،لمحات العواقب كالنجوم الثواقب،نهاية الفهوم بداية العلوم،الحكمة ضالة كلّ حكيم،سبحان القديم يفتح الكتاب،و يقرأ لجواب،يا أبا العباس أنت إمام الناس،سبحان من يحيي الأرض بعد موتها،و يردّ الولايات الى بيوتها،يا منصور تقدم الى بناء السور،ذلك تقدير العزيز العليم.

و هذا آخر ما سمعته من لفظه النوراني،و أضبطه من كلامه الروحاني في هذا الباب:

14- قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا مدينة العلم و علي بابها،قال اللّه تعالى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ،فمن أراد العلم فعليه بالباب.

و قد أظهر إحكام اللفظ بقوله الفاعل مرفوع،و المفعول منصوب،و المضاف إليه مجرور.

ص: 209

و قد تكلّم بالطالع و المتوسّط و الغارب.

1- >cs<و قال: الكيميا أخت النبوة،و أم الفتوة،و عصمة المروة.

1- >cs<و قال: الفقه للأديان،و الطب للأبدان،و الهندسة للبنيان،و النحو للسان، و النجوم للزمان.

1- >cs<و قال: لا تسافروا و القمر بالعقرب.

1- >cs<و قال: قمرنا أو قمرهم-جوابا للقائل له القمر في العقرب عند خروجه الى قتال أهل النهروان-و اللّه لن يفلت منهم إلاّ أقل من عشرة،و لن يقتل منّا إلاّ أقل من عشرة.

قوله:«قمرنا أو قمرهم»إشارة الى أصل كبير في علم أسرار الغيوب،و كان الخوارج اثنى عشر الفا،فرجع منهم ثمانية آلاف الى طاعة الامام علي رضي اللّه عنه، و قتل منهم أربعة آلاف إلاّ تسعة هربوا،و منهم نشأت الأزارقة،و لم يقتل من أصحابه سوى ثمانية أنفس.

17- >cs<و قال ابن عباس: ما من شهر إلاّ و فيه سبعة أيام نحسات.

1- و للّه در الامام علي(كرّم اللّه وجهه)حيث قال:

محبّك يرعى هواك فهل *** تعود ليال بضد الامل

فما كان منقوط ذانحة *** و ما كان مهمل خير حصل

.

و اعلم أنّ يوم الأربعاء من آخر شهر نحس لأن اللّه تعالى أرسل فيه الريح العقيم على قوم عاد.

1- >cs<و من أغرب ما قال: لا تعادوا الأيام فتعاديكم.

1- >cs<و قال ابن عباس: أعطي الامام علي تسعة أعشار العلم،و إنّه لأعلمهم بالعشر الباقي.

ص: 210

1- >cs<و قال أيضا: أخذ بيدي الامام علي ليلة فخرج بي الى البقيع،و قال:اقرأ يا بن عباس،فقرأت بسم اللّه الرحمن الرحيم،فتكلم في أسرار الباء الى بزوغ الفجر.

1- >cs<و: قد أرسل هرقل ملك الروم رسولا الى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يسأله عن خواص سواقط الفاتحة و أسرارها،فأخبره بها علي رضي اللّه عنه فحصل لرسول ملك الروم غم و حزن لمعرفة الامام علي أسرار هذه الحروف.

1- >cs<و قال: الكلمة:اسم و فعل و حرف.

1- و قال: سلوني عن أسرار الغيوب،فانّي وارث علوم الأنبياء و المرسلين عليهم السّلام.

14,1- >cs<و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حقّه: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي.

14,1- >cs<و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خلقت أنا،و هارون بن عمران،و يحيى بن زكريا،و علي بن أبي طالب من طينة واحدة.

1- >cs<و قال يوما على المنبر: لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا و أنهارا و رياضا و أزهارا.

1- >cs<و قال: ويل للعرب من شرّ قد اقترب.

>cs<قال اللّه-تبارك و تعالى-: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ. بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ.

يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ محمد و علي و فاطمة و حسن و حسين.

فالفرد إشارة الى البحر الأزلي،و الزوج إشارة الى البحر الأبدي،و البرزخ إشارة الى السرّ المحمدي،يخرج من بحر الأزل اللؤلؤ،و من بحر الأبد المرجان فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ .

و اعلم أنّ محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هو صورة العنصر الأعظم،و الإمام علي صورة العقل الكلّ،و هو القلم الأعلى لهذا العالم،و فاطمة هي صورة النفس الكلّية،و هي

ص: 211

اللوح المحفوظ،و الحسن هو صورة العرش،و الحسين هو صورة الكرسي،و أئمة الاثنا عشر صورة البروج الاثني عشر،و الامام محمد المهدي صورة العالم.

و اعلم أنّ جميع أسرار اللّه-تعالى-في الكتاب السماوية،و جميع ما في الكتاب السماوية في القرآن،و جميع ما في القرآن في الفاتحة،و جميع ما في الفاتحة في البسملة،و جميع ما في البسملة في باء البسملة،و جميع ما في باء البسملة في النقطة التي هي تحت الباء.

1- >cs<قال الامام علي رضي اللّه عنه: أنا النقطة التي هي تحت الباء.

1- >cs<قال أيضا: العلم نقطة كثّرها الجاهلون،و الألف واحدة عرفها الراسخون، و الباء مدّة قطعها العارفون،و الجيم حفرة تأهلها الواصلون،و الدال درجة قدّسها الصادقون.

>cs<و قد اتفق أهل الملل الأربع،يعني المسلمين و النصارى و اليهود و المجوس،أنّ عمر الدنيا سبعة آلاف سنة.

14- >cs<و يؤيد ذلك ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: مدّة عمر الدنيا سبعة آلاف سنة،و إنّي بعثت في ألف الأخير.

14- >cs<و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: بعثت أنا و الساعة كهاتين-و أشار باصبعه السبابة و الوسطى منضمين-و نسبة فضل الوسطى على السبابة نسبة السبع.

1- >cs<و قال الامام علي رضي اللّه عنه: الباقي الى خراب الدنيا ألف سنة،و في التوراة أيضا كذلك.

17- >cs<و قال ابن عباس(رضي اللّه عنهما): إنّ دنياكم هذه أسبوع من أسابيع الآخرة،و إنّكم في آخر يوم منه،قال اللّه تعالى: وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (1)./.

ص: 212


1- الحج47/.

16- >cs<و في رواية: الدنيا جمعة من جمع الآخرة،و هي سبعة آلاف سنة،و إنّ اللّه-تبارك و تعالى-يبعث في كلّ ألف سنة نبيا بمعجزات واضحة،و براهين قاطعة،لرفع أعلام دينه القويم،و ظهور صراطه المستقيم،فكان في أوّل الألف الأولى آدم؛ و في الألف الثانية إدريس؛و في الألف الثالثة نوح؛و في الألف الرابعة إبراهيم؛ و في الألف الخامسة موسى؛و في الألف السادسة عيسى عليهم السّلام؛و في الألف السابعة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الذي ختمت به النبوة،و تمت به ألف الدنيا.

فالألف الأولى للزحل؛و الألف الثانية للمشتري؛و الألف الثالثة للمريخ؛ و الألف الرابعة للشمس؛و الألف الخامسة للزهرة؛و الألف السادسة للعطارد؛ و الألف السابعة للقمر.

فالمستولي على ألف آدم حرف الألف؛و المستولي على ألف إدريس حرف الباء؛و المستولي على ألف نوح حرف الجيم؛و المستولي على ألف إبراهيم عليه السّلام حرف الدال؛و المستولي على ألف موسى حرف الهاء؛و المستولي على ألف عيسى حرف الواو؛و المستولي على ألف محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حرف الزاء.

14- >cs<قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه يبعث لهذه الأمّة على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد لها دينها.

14- >cs<و قال أنس بن مالك: لمّا دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة أضاء منها كلّ شيء، فلمّا كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كلّ شيء،و ما نفضنا أيدينا عن التراب و انّا لفي دفنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى أنكرنا قلوبنا.

و قد ولد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الألف السابعة في عهد كسرى انوشيروان- الملك العادل عام الفيل.

فهو صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاتحة كتاب الوجود عند أرباب الكشف و الشهود،كما

14- قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

ص: 213

أوّل ما خلق اللّه نوري.

فهو كلمة حمد افتتح بها الحقّ كتاب الوجود فانّه أمر ذو بال فلو لم يبدأ فيه بحمد اللّه الذي هو محمد و خلقه أحمد لكان الوجود أجذم.

فهو صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الفاتح و الخاتم كما هو الحمد،و كما افتتح اللّه به كتاب الأبد فكذلك يفتح به تعالى كتاب الاعادة،كما

14- قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا أوّل من تنشق عنه الأرض.

و كذلك خصّ بسورة الحمد التي هي فاتحة كتابه،و هي كنز من تحت العرش، فهي لم ينفح منه إلاّ اسمه محمد و أحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

14- >cs<قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض اللّه اللّه لهما من العدد.

(132)بعدد اسمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم محمد و هو عدد اسلام،و هذا العدد له من الحروف قلب،فهو صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قلب هذا العالم.

[كلام في آخر الزمان و الامام المهدي القائم عج الله تعالى فرجه الشريف]

>cs<و إنّ للّه-تبارك و تعالى-خليفة يخرج في آخر الزمان،و قد امتلأت الأرض جورا و ظلما فيملأها قسطا و عدلا،و لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد حتى يلي هذا الخليفة من ولد فاطمة الزهرا(رضي اللّه عنها)و هو أقنى الأنف أكحل الطرف،و على خدّه الأيمن خال،يعرفه أرباب الحال،اسمه محمد،و هو مربوع القامة،حسن الوجه و الشعر،و سيميت اللّه به كلّ بدعة،و يحيي به كلّ سنة، يسقي خيله من أرض صنعاء و عدن،أسعد الناس به أهل الكوفة،و يقسم المال بالسوية،و يعدل في الرعية،و يفصل في القضية،في أيامه لا تدع السماء من قطرها شيئا إلاّ صبّته،و لا تدع الأرض من نباتها شيئا إلاّ أخرجته.

و هذا الامام المهدي القائم بأمر اللّه،يرفع المذاهب فلا يبقى إلاّ الدين الخالص، يبايعونه العارفون من أهل الحقائق عن شهود و كشف و تعريف إلهي،فلا يترك

ص: 214

بدعة إلاّ و يزيلها،و لا سنة إلاّ و يقيمها.

5- و روي عن الباقر رضي اللّه عنه: إنّه يلبث ثلاثمائة و تسع سنين كما لبثوا أهل الكهف.

و قيل:إنّه يموت قبل القيامة بأربعين يوما،و اللّه أعلم بالصواب.

و قد:آتاه اللّه في حال الطفولية الحكمة و فصل الخطاب.

و أمّا أمّه فاسمها نرجس،و هي من أولاد الحواريين.

و إذا خرج هذا الامام المهدي فليس له عدو مبين إلاّ الفقهاء خاصة،هو و السيف اخوان،و لو لا أنّ السيف بيده لأفتوا الفقهاء في قتله،و لكن اللّه يظهره بالسيف و الكرم،فيطيعون و يخافون،فيقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه.

و قد تكلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(كرّم اللّه وجهه)في هذا السرّ المصون،و اللؤلؤ المكنون،على شأن الماضي و المستقبل،و هو ألف و سبعمائة مصدر،و هو محتو على ثمانية و عشرين صورة بعدد منازل القمر.

و قد ذكر أرباب الحقائق أنّ صورة من هذه الصور احتوت على سبعين ملكا، فجعنا أعداد هذه الملوك فوجدناها ألفا و تسعمائة و ستين ملكا،و فيه أيضا سبعة أشكال بعدد الكواكب السيارة،قد ذكر الامام علي فيها شأن أربعة عشر ملكا من بني أميّة؛أوّلها معاوية و آخرهم مروان بن محمد،و خلص لهم الأمر (83)سنة كاملة و هي ألف شهر.ثم فيه اثنا عشر شكلا بعدد حقائق البروج قد ذكر فيها أسرار خلفاء العباسية أوّلها أبو العباس السفاح و اسمه عبد اللّه بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس(رضي اللّه عنهم).و قد بويع له في ربيع الأول في عام(132)من الهجرة،و كانت خلافته أربع سنين و عشرة أشهر كخلافة الامام علي(كرّم اللّه وجهه)،و آخرهم الإمام المستكفي باللّه،و صفا

ص: 215

-لهم الزمان خمسمائة و تسعة و ستون سنة،و كلّهم تسعة و ثلاثون خليفة.

و هذا الامام المهدي يبايعه أهل اللّه في شوال،و قد ذكر فيه أرباب أسرار الملاحم الفتن من ابتداء ظهور المهدي الى انقراض العالم.

و قد ورث هذا الكتاب النوراني و اللباب الصمداني الامام المهدي،و هو ورثه من أبيه الحسن العسكري و هو ورثه من أبيه علي النقي،و هو ورثه من أبيه محمد التقي،و هو ورثه من أبيه علي الرضا،و هو ورثه من أبيه موسى الكاظم، و هو ورثه من أبيه جعفر الصادق،و هو ورثه من أبيه محمد الباقر،و هو ورثه من أبيه زين العابدين،و هو ورثه من أبيه الحسين،و هو ورثه من أبيه الامام علي(رضي اللّه عنهم أجمعين)

و أما الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه فهو الذي غاص في تياره و استخرج جواهره، و أظهر كنوزه،و فسّر رموزه.و قد صنف الخافية في أسرار الحروف،و نقل عنه أنّه كان يتكلم بغوامض الحقائق و هو ابن سبع سنين.

16- و هو الذي قال: لقد تجلى اللّه لعباده في كلامه و لكن لا يبصرون.

و قد ذكر فيه وزراء الأقاليم السبعة و أمراءها و ما يتفق و يحدث لهم الى أن تقوم الساعة.

16- و قال: نحن الجبال الرواسخ لا تحرّكنا الرياح العواصف.

و هذه الأقاليم السبعة ليست أقساما حسية،و لكنّها خطوط و هميّة وضعها الأولون من الملوك و الأنبياء الذين طافوا الربع المسكون من الأرض مثل أفريدون النبطي،و تبع الحميري،و سليمان بن داود الاسرائيلي نبي اللّه عليهما السّلام، و اسكندر اليوناني،و اردشير بن بابك الفارسي.

ص: 216

[حروف أوائل السور]

و اعلم أنّ حروف أوائل السور رموز،و إنّ تحت كلّ حرف من ذلك خواص و أسرار و منافع و آثار لا يعملها إلاّ اللّه و الراسخون في العلم.

14- و قد ذكر الكندي أي الحكيم أبو إسحاق الكندي في كتابه الذي سير فيه طالع حلّة العرب: إنّ أحبار اليهود جاءوا الى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقالوا:يا محمد بلغنا انّه أنزل عليك الم .

فقال:نعم.

فقالوا:أ تأمرنا أن ندخل في ملّة تكون مدّتها إحدى و سبعين سنة؟

فقال:إنّه قد أنزل عليّ غير هذا.

فقالوا:و ما هو؟

قال: المص و المر و حم و كهيعص و طس و طسم .

فقاموا من عنده و قالوا:قد أشكل علينا أمرك يا محمد.

ثم إنّ أرباب الأسرار بناء على هذا السرّ حسبوا أعداد هذه الحروف فوجدوها بحساب الجمل تسعمائة و ثلاث،و هي ملك العرب،و الحروف التي هي أكثر تكرارا،فملك العرب أقوى و أعزّ،و ما ليس مكرر فالملك فيها ضعيف.

و قال حذيفة: أوّل ما تفقدون من دينكم الخشوع،و لا تقوم الساعة حتى يموت قلب الرجل كما يموت بدنه.قال تعالى اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ و قال تعالى اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ و قال تعالى وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً .

و قد ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من خروج الملاحم و أصحاب الفتن، قال حذيفة: و اللّه ما ترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قائد فتنة الى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا إلاّ و قد سمّاه لنا باسمه و اسم أبيه و اسم قبيلته.

ص: 217

و قد أخبر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عمّا وقع بعده من الفتوح على المسلمين،و عمّا ظهر من الفتن التي الامساك عن الخوض فيها من أحسن الحسن،و عمّا ورد من أحاديث الملاحم و أمثالها،و ظهور الفتن و أحوالها.

و لقد أخبر عن ملاحم الروم فحصلت،و عن قتال الترك فقوتلت.

قال تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً .

و قد بيّن اللّه في كتابه ما جرى للأولين و ما يجري للآخرين إذ ما من سرّ من الأسرار إلاّ و هو مخبوء فيه.

قال تعالى: لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ .

و قال(عزّ و جلّ) ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ .

1- >cs<قال الامام علي رضي اللّه عنه: ما من شيء إلاّ و علمه في القرآن و لكن عقول الرجال تعجز عنه.

1- >cs<قال أيضا إنّ لكلّ كتاب صفوة و صفوة هذا كتاب حروف التهجّي.

17- >cs<و قال ابن عباس(رضي اللّه عنهما): لو ضاع لأحدكم عقال بعير لوجده في القرآن.

حتى أنّ ابن برجان قد استخرج فتح بيت المقدس سنة ثلاث و ثمانين و خمسمائة من قوله تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ فكان كما قال.

و مع ما ذكرنا أنّه علم من علوم آدم عليه السّلام.ثم إنّ الحروف التي كان آدم عليه السّلام يستخرج بها الأسرار الغيبية،و الآثار الكونية،هي موجودة عندنا نستدلّ بها على أحوالنا و تصرفها في أفعالنا الظاهرة و الباطنة،إذ كلّ حرف له معان ظاهرة و معان باطنة،فبمعانيه الظاهرة نعرف مدد السفلية،و بمعانيه الباطنة نعرف مدد العلوية،و كلّ حرف منها تحتوي على علوم جليلة الشأن و أسرار عظيمة البرهان و لقد تقدّم ذكرها.

ص: 218

قال يحيى بن أعقب معلم السبطين(رضي اللّه عنهم)شعرا:

فستبدو عجائب منكرات *** لكرهت الحياة لو كنت حيّا

بين آل النبي و أطول حزني *** فتنا هو لها يشيب الصبيّا

يوم صفين لو عقلت عليما *** لقتال يردى الشجاع الكميّا

و على كربلا مقام شنيع *** دهرا و يعزّ الشام عزّا قويّا

و ترى السيد العزيز ذليلا *** هائل منكر يؤذي عليّا

بعدها تملك الأعاريب *** و ترى الوغد مستطيلا قويّا

و يعم الشام جورا الى أن *** يبلغ الشطّ و الجسور سويّا

و بعشرين من مؤرخة التسعين *** لا بد أن يظهر إمام المهديّا

أسمر اللون مشرق الوجه بالنور *** ملتح المعاطف طريا جنيّا

يظهر الحقّ و البراهين و العدل *** فتلقى إذا إماما عليّا

و تطيع البلاد من مشرق الأرض *** الى المغربين طوعا جليّا

و ترى الذئب عنده الشاة ترعى *** ذاك بالعدل و الأمان حفيّا

يحكم الأربعين في الأرض ملكا *** و يوفي و كلّ حيّ وفيّا

قال معلم السبطين حقا *** يقوم بأمر اللّه إماما قويّا

و أمّا معلم السبطين(رضي اللّه عنهم)هو يحيى بن أعقب،و هو مدفون بمصر القاهرة،قبره يزار و يتبارك به.

16- و قد قيل: إنّ جبرائيل عليه السّلام جاء الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو جالس في المسجد بتفاحتين من الجنّة،فدخل عليه الحسن و الحسين،فناول الواحدة للحسن و الأخرى للحسين،و هما جاءا الى معلمهما فوهباها،فأكلها فانطقه اللّه-تبارك و تعالى-بذكر المغيبات،فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا ابن أعقب قدم و أخر. و هذه الحكاية مستفاضة بمصر و الشام و الحجاز عند الخواص و العام.

ص: 219

[علامات ظهور المهدى عليه السلام]

و أمّا الدجال فانّ خروجه يكون من خراسان من أرض المشرق يوضع الفتن، تتبعه الأتراك و اليهود،و يمرّ الدجال بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك،فتتبعه كنوزها،و هو قصير القامة،كهل،أعور اليمنى،مكتوب بين عينيه(ك ف ر) و لبثه في الأرض أربعون يوما،يوم كسنة،و يوم كشهر،و يوم كجمعة،و سائر أيامه كأيام الناس،و يقتله عيسى عليه السّلام بباب مدينة لدّ.و إذا قتل الدجال فلا يبقى في الأرض مشرك،و لا شيء من الأهواء المختلفة.

قال أهل التفسير: تخرج دابة الأرض و معها عصا موسى و خاتم سليمان عليهما السّلام فيجلو وجه المؤمن بالعصا،و يختم أنف الكافر بالخاتم.

و من أمارات ظهور الامام المهدي عليه السّلام خروج السفياني،هو يرسل ثلاثين الفا الى مكة،و في البيداء تخسفهم الأرض،فلا ينجو منهم إلاّ رجلان،و تكون مدّة حكمه ثمانية أشهر،و ظهور المهدي عليه السّلام في هذه السنة.

قال مقاتل في تفسيره: و الصيحة التي تكون في شهر رمضان تكون في ليلة الجمعة،و يكون ظهور المهدي عليه السّلام عقبه في شوال.

و من أمارات خروج الامام المهدي عليه السّلام مناد ينادي ألا إنّ صاحب الزمان قد ظهر،و هو في ليلة الثالث و العشرين من شهر رمضان،فلا يبقى راقد إلاّ قام، و لا قائم إلاّ قعد،و إنّه يخرج في شوال في وتر من السنين،و يبايعه بين الركن و المقام ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا من الأخيار،كلّهم شبان لا كهل فيهم، و يكون دار ملكه الكوفة،و يا بنى له في ظهر الكوفة مسجد له ألف باب.

ص: 220

الباب التاسع و الستون

في إيراد ما في كتاب«الدر المكنون و الجوهر المصون لحلّ

الصحيفات الجفرية بالقواعد الجعفرية»للشيخ محي الدين

العربي الطائي الحنفي الاندلسي(قدس اللّه سره

و نور روحه و وهب لنا فيوضاته و فتوحاته)

و إنّه ذكر في هذا الكتاب ما ذكر في«درة المعارف»للشيخ عبد الرحمن البسطامي،و إنّي أورد ما ذكره في«الدرّ المكنون»و لم يوجد في«درّة المعارف» و قد أورد ما وجد فيها للتأكيد قال:

و قد شرح كتاب إدريس عليه السّلام تنكلو شاه البابلي،و ثابت بن قرة الحراني،و لمّا أطلعني اللّه على العوالم الماضية سألت إدريس عليه السّلام عن شرحيهما فقال:إنّهما لم يعلما إلاّ ظاهره،و إنّه الى الآن مقفل فحلّه لي.

و الامام علي رضي اللّه عنه ورث علم الحروف من سيدنا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إليه الإشارة

14- بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا مدينة العلم و علي بابها،فمن أراد العلم فعليه بالباب.

و قد ورث علي(كرّم اللّه وجهه)علم الأولين و الآخرين،و ما رأيت فيمن اجتمعت بهم أعلم منه.

1- قال ابن عباس(رضي اللّه عنهما): أعطي الامام علي(كرّم اللّه وجهه)تسعة أعشار العلم،و إنّه لأعلمهم بالعشر الباقي.

ص: 221

و هو أوّل من وضع مربع مائة في مائة في الاسلام،و قد صنف الجفر الجامع في أسرار الحروف،و فيه ما جرى للأوّلين و ما يجري للآخرين،و فيه اسم اللّه الأعظم،و تاج آدم،و خاتم سليمان،و حجاب آصف عليهم السّلام.

و كانت الأئمة الراسخون من أولاده(رضي اللّه عنهم)أسرار هذا الكتاب الرباني و اللباب النوراني،و هو ألف و سبعمائة مصدر المعروف بالجفر الجامع و النور اللامع،و هو عبارة عن لوح القضاء و القدر.

ثم الامام الحسين رضي اللّه عنه ورث علم الحروف عن أبيه(كرّم اللّه وجهه).

ثم الامام زين العابدين ورث من أبيه(رضي اللّه عنهما).

ثم الامام محمد الباقر ورث من أبيه(رضي اللّه عنهما).

ثم الامام جعفر الصادق ورث من أبيه(رضي اللّه عنهما)،و هو الذي غاص في أعماق أغواره و استخرج درره من أصداف أسراره،و حلّ معاقد رموزه و صنف الخافية في علم الجفر،و جعل في خافيته الباب الكبير«ابتث»،و في الباب الصغير«ابجد»الى«قرشت»،و نقل انّه يتكلّم بغوامض الأسرار، و العلوم الحقيقة،و هو ابن سبع سنين.

6- و قال الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه: علمنا غابر و مزبور،و كتاب مسطور في رق منشور و نكت في القلوب،و مفاتيح أسرار الغيوب،و نقر في الاسماع،و لا ينفر عنه الطباع،و عندنا الجفر الابيض،و الجفر الاحمر،و الجفر الأكبر،و الجفر الأصغر و منّا الفرس الغواص،و الفارس القناص،فافهم هذا اللسان الغريب، و البيان العجيب.

قيل:إنّ الجفر يظهر آخر الزمان مع الامام محمد المهدي رضي اللّه عنه و لا يعرفه على الحقيقة إلاّ هو.

ص: 222

و كان الامام علي رضي اللّه عنه من أعلم الناس بعلم الحروف و أسرارها.

1- و قال الإمام علي(كرّم اللّه وجهه): سلوني قبل أن تفقدوني،فان بين جنبي علوما كالبحار الزواخر.

و اعلم أنّ هذا الجفر هو التكسير الكبير الذي ليس فوقه شيء،و لم يهتد الى وضعه من لدن آدم عليه السّلام الى الاسلام غير الامام علي(كرّم اللّه وجهه)،كلّ ذلك ببركة تعليم خير الأنام،و مصباح الظلام،محمد(عليه أفضل الصلاة و أتمّ السّلام).

و لمّا كنت في بلدة بجلية سنة 610 اجتمعت بادريس عليه السّلام و حللت عليه الثمانية و العشرون سفرا بكمالها؛و أهدى إليّ علمه على أحسن حال،فهذا الذي حملني على إخراج كتاب السهل الممتنع،و ما سلم من الخطاء إلاّ المعصوم و ما منا إلاّ له مقام معلوم.

و إنّ الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه وضع وفقا مسدسا على عدد حرف ألف الذي هو كافي،و كان يخرج منه علوما كالبحار الزواخر،و إن أردت حلّه على الحقيقة فانظر في كتاب«شقّ الجيب»يظهر لك سرّ ذلك،و كان لسيدي الشيخ أبو الحسن الشاذلي له فيه تصرف غريب.

قال سيدي الشيخ أبو مدين المغربي: ما رأيت شيئا إلاّ رأيت مشكل الباء فيه، فلذلك كان أوّل البسملة،و هي آية من كلّ سورة.

و قال:ما من رسم يرسم إلاّ و له خاصية،حتى الحية إذا مشت على التراب.

و قد أودع الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه في السر الأكبر من الجفر الأحمر سر كبير،و لا ينبئك إلاّ مثله إمام خبير،فان عرفت سرّه و وضعه وضعت الجفر جميعه،و ذكرت بعض هذه الأسرار في الفتوحات المكية.

ص: 223

فلمّا أراد اللّه أن يثبت الحجة لآدم عليه السّلام على الملائكة،و أراد أن يعلمهم أنّ آدم عليه السّلام أحقّ بالخلافة منهم قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ (1)فلمّا نبأهم بأسمائهم ثبت العجز على الملائكة بالمسألة التي سألهم إياها و عجزوا عن علمها،فجعل آدم خليفة لكونه أحقّ بالخلافة منهم لفضل علمه،فمن وصل الى هذه الفضيلة فقد اختصه اللّه-تبارك و تعالى-من بين عباده،و جعله أفضل أهل زمانه و لم يهتدوا الى سر يقع إلاّ إمام العلوم باب مدينة المعصوم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أعلى اللّه مقامه لديه.و حللنا نزرا يسيرا في«شقّ الجيب»فيما يتعلق بالمهدي عليه السّلام و خروجه.

أخرج يا إمام تعطل الاسلام، إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ .

إذا دار الزمان على حروف *** ببسم اللّه فالمهديّ قاما

و يخرج بالحطيم عقيب صوم *** ألا فاقرأه من عندي السلاما/.

ص: 224


1- البقرة33/.

الباب السبعون

في إيراد ما أخرجه صاحب كتاب المطالب العالية من

تعريف الاشياع و الاتباع لأهل البيت،و إيراد كلام

السلف في تفضيل الخلفاء بعضا من بعض

1- و في الصواعق المحرقة ما أخرجه صاحب المطالب العالية عن علي(كرّم اللّه وجهه)و من جملته:

انّه مر على جمع فأسرعوا إليه قياما فقال:من القوم أنتم؟

قالوا:من شيعتك يا أمير المؤمنين.

فقال لهم خيرا،ثم قال لهم:يا هؤلاء ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا،و حلية أحبائنا؟

فأمسكوا عن الجواب حياء فقال من معه:نسألك بالذي أكرمكم أهل البيت، و خصّكم و حباكم،أنبئنا صفة شيعتكم.

قال:شيعتنا هم العارفون باللّه،العاملون بأمر اللّه،هم أهل الفضائل،الناطقون بالصواب،مأكولهم القوت،و ملبوسهم الاقتصاد،و مشيهم التواضع،خشعوا للّه بطاعته،و خضعوا إليه بعبادته،مضوا غامضين أبصارهم عمّا حرم اللّه عليهم،رامقين اسماعهم على العلم بربّهم،رضوا عن اللّه بالقضاء،فلولا الآجال التي كتب اللّه عليهم لما استقرت أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا

ص: 225

الى لقاء اللّه تعالى و الثواب و خوفا من أليم العقاب،عظم الخالق في أنفسهم و صغر ما دونه في أعينهم،فهم و الجنّة كمن رآها،فهم على أرائكها متكئون و هم و النار كمن رآها فهم فيها معذّبون،صبروا أياما قليلة فأعقبتهم راحة طويلة،أرادتهم الدنيا فلم يريدوها،و طلبتهم الدنيا فامتنعوا عنها.

أمّا الليل فصافّون أقدامهم،تالون لأجزاء القرآن ترتيلا،يعظون أنفسهم بأمثاله،و يستشفون بلاءهم بدوائه تارة،و تارة يفترشون جباههم و أكفّهم و ركبهم و أطراف أقدامهم على الأرض،تجري دموعهم على خدودهم،يمجّدون جبارا عظيما،يلتجئون إليه في فكاك رقابهم،هذا ليلهم.

و أمّا النهار،فعلماء حكماء،بررة أتقياء،بادروا الى اللّه تعالى بالأعمال الزاكية، لا يرضون عنها هم بالقليل،و لا يستكثرونها بالجزيل،فهم لأنفسهم متهمون، و من أعمالهم مشفقون،و يرى لأحدهم قوة في دين،و حزما في لين،و إيمانا في يقين،و حرصا على علم،و فهما في فقه،و علما في حلم،و كيسا في قصد، و قصدا في غناء،و تحملا في فاقة،و صبرا في مشقة،و خشوعا في عبادة،و رحمة لجمهور،و عطاء في حقّ،و رفقا في كسب،و طلبا في حلال،و نشاطا في هدى، و اعتصاما في شهوة،و عمله الذكر،و همه الشكر،يبيت حذرا من سنة الغافلة، و يصبح فرحا بما أصاب من الفضل و الرحمة،و رغبته فيما يبقى،و زهادته فيما يفنى،قد قرن العلم بالعمل،و العلم بالحلم،دائما نشاطه،بعيدا كسله،قريبا أمله،قليل زلله،متوقع قلبه،شاكرا ربّه،مانعا نفسه،محرزا دينه،كاظما غيظه،آمنا منه جاره،سهلا أمره،معدوما كبره،بيّنا صبره،كثيرا ذكره، لا يعمل شيئا من الخير رياء و لا يتركه حياء،أولئك شيعتنا و أحبتنا،و منّا و معنا،آها شوقا إليهم.

ص: 226

فصاح بعض من معه،و هو همام بن عباد بن خشيم،و كان من المتعبدين صيحة فوقع مغشيا عليه،فحرّكوه فاذا هو فارق الدنيا،فغسل و صلّى عليه أمير المؤمنين و من معه (1).

14- و في المناقب:عن نوف البكالي رضي اللّه عنه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا نوف أ تدري من شيعتي؟

قلت:لا أدري،و اللّه.

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:شيعتي هم الذبل الشفاه،الخمص البطون،الذين تعرف الرهبانية و الربانية في وجوههم،رهبان بالليل أسد بالنهار،الذين إذا جنّهم الليل اتزروا على أوساطهم و ارتدوا على أطرافهم،و صفّوا أقدامهم،و افترشوا جباههم، تجري دموعهم على خدودهم،يلجئون الى اللّه تعالى في فكاك أعناقهم،و أمّا النهار،فحكماء علماء،كرام أبرار أتقياء.

يا نوف،شيعتي من لم يهر هرير الكلب،و لم يطمع طمع الغراب،و لم يسأل الناس و لو مات جوعا،إن رأى مؤمنا أكرمه،و إن رأى فاسقا هجره،هؤلاء و اللّه شيعتي.

و في كتاب«المعارف»لمسلم بن قتيبة:قال:أبو الطفيل آخر الصحابة و كان يحبّ عليا(كرّم اللّه وجهه)و يفضله.

و في كتاب الاصابة:أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني الليثي،قال:أدركت ثماني سنين من حياة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و كان يعترف بفضل أبي بكر و عمر،لكنّه يقدّم عليا(رضي اللّه عنهم)،و هو آخر من مات من الصحابة بالاتفاق (2).ل.

ص: 227


1- الصواعق المحرقة:154-155.
2- الاصابة 113/4 ترجمة 676 حرف الطاء القسم الأول.

و في جواهر العقدين: إنّ أهل السنة لم تكفّر من قال بتفضيل علي على أبي بكر(رضي اللّه عنهما)و هو الذي مال إليه القاضي أبو بكر الباقلاني،و اختاره إمام الحرمين في الارشاد،و إنّ التفضيل بينهما ظنيّ لا قطعي،و به جزم صاحب «المفهم في شرح مسلم».و انّ الامام الأشعري الى أنّه قطعي (1).

و قال ابن عبد البر في كتابه الاستيعاب في ترجمة عمر رضي اللّه عنه:ذكر عبد الرزاق عن معمر قال:لو أنّ رجلا قال عمر أفضل من أبي بكر ما عنّفته،و كذلك لو قال:علي عندي أفضل من أبي بكر و عمر لم أعنّفه.

قلت:و إليه يشير ما حكاه الخطابي عن بعض مشايخه أنّه كان يقول:أبو بكر خير و علي أفضل.

و قال ابن عبد البر أيضا:إنّ السلف اختلفوا في تفضيل أبي بكر و علي(رضي اللّه عنهما).

و قال قبل ذلك في ترجمة علي أيضا:

1- و روي عن سلمان و أبي ذر و المقداد و خباب بن الأرت و جابر بن عبد اللّه الأنصاري و أبي سعيد الخدري و زيد بن أرقم: إنّ علي بن أبي طالب أول من أسلم و فضله هؤلاء على غيره (2)(انتهى) .

و قال أيضا:إنّ جماعة من أئمة السلف من أهل السنة وقفوا في علي و عثمان فلم يفضلوا واحدا منهما على صاحبه؛منهم مالك بن أنس و يحيى بن سعيد القطان و ابن معين (3).

أخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة سفيان الثوري:عن زيد بن الحباب قال:ق.

ص: 228


1- جواهر العقدين 368/2.
2- جواهر العقدين 369/2.
3- المصدر السابق.

كان رأي سفيان الثوري رأي الكوفيين،يفضل عليا على أبي بكر و عمر(رضي اللّه عنهم)،فلمّا سار الى البصرة رجع يعني الى القول بتفضيلهما عليه (1).

1- و أخرج الأئمة الحافظ،منهم الدار قطني و غيره: أنّ عليا رضي اللّه عنه بلغه أنّ عبد اللّه بن سبأ يفضله على أبي بكر و عمر(رضي اللّه عنهما)فهمّ علي بقتله فقال ابن سبأ:

أ تقتل رجلا أحبّك و فضّلك.فقال:لا جرم لا تساكنن في بلدة أنا فيها، فأخرجه الى المدائن (2).

5,1- و أخرج الدار قطني في الفضائل من طريق مالك بن أنس،عن جعفر بن محمد، -هو الصادق-،عن أبيه-هو الباقر-: إنّ عليا وقف على عمر بن الخطاب و هو مسجى(رضي اللّه عنهما)قال:ما أقلت الغبراء و لا أظلت الخضراء أحدا أحبّ إلي أن القى اللّه بصحيفة من هذا المسجى.

قال الدار قطني عقيبه:هذا حديث صحيح عن مالك عن جعفر الصادق، و روي من طريق أخرى مثله (3).

و قول ابراهيم الحجى للإمام الشافعي رحمه اللّه فيما رواه البيهقي:ما رأيت هاشميا قدّمهما-يعني الشيخين-على علي غيرك.

فأجابه بأنّ عليا ابن عمي،و ابن خالتي،و أنا رجل من بني عبد مناف،و أنت رجل من بني عبد الدار و لو كانت هذه مكرمة لكنت أولى بها منك،و لكن ليس الأمر على ما تحسب(انتهى).

و قوله:«ابن خالته»إنّ أمّ جدّه الأعلى خليدة بنت أسد بن هاشم،و أم علي(رضي2.

ص: 229


1- حلية الأولياء 31/7.
2- جواهر العقدين 182/2.
3- جواهر العقدين 360/2.

اللّه عنهما)فاطمة بنت أسد بن هاشم (1).

17- و روي: انّ جماعة كانوا عند الحسن بن علي الأطروش بن محمد البطحاني بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب(رضي اللّه عنهم) بمصر و كان عنده رجل من بني الزبير ينازعه و يقول له:أنتم معشر العلويين إذا ولّيتم تستحلون الأموال و تستعبدون الأحرار و تقولون الناس خول لنا.

فأنشأ الحسن في ذلك المجالس:

تقول الناس بأنّا نقول *** بأنّ الانام عبيد لنا

فلا و الذي جعل المصطفى *** أبانا و فاطمة أمّنا

و والد سبطي نبي الهدى *** و سبطا نبي الهدى فخرنا

فما صدقوا في مقالاتهم *** علينا و لكن رأوا فضلنا

فأعزوا بنا ليروا مثلنا *** فانى و لن يدركوا ما بلغنا

فان صدقوا قد كفيناهم *** و ان كذبوا سفها قولنا

فباللّه ندفع ما لا نطق *** فما زال سبحانه حسبنا (2)

.

14,1- أخرج ابن السمان في الموافقة:عن قيس بن أبي حازم،قال: التقى أبو بكر و علي(رضي اللّه عنهما)فتبسم أبو بكر في وجه علي،فقال له:مالك تبسمت؟

فقال:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز (3).

10- و أخرج المسعودي في«مروج الذهب»: انّ المعتمد أدخل علي النقي على صحن7.

ص: 230


1- جواهر العقدين 182/2.
2- جواهر العقدين 371/2.
3- جواهر العقدين 353/2،337.

الدار التي فيه سباع فلم تضره و هو يمسح رءوسها بكمّه.

و انّ يحيى بن عبد اللّه المحض ابن الحسن المثنى لمّا هرب الى الديلم،ثم أتي به عند الرشيد،فأمر بقتله ألقاه في بركة فيها سباع قد جوعت فلا تضر و هو سالم (1).

و في عمدة الطالب للشريف أبي العباس بن عتبة نحو هذا (2).

14- و قد روى المسعودي:إنّ عبد اللّه بن مصعب الزبيري قال: إنّ موسى الملقّب بالجون ابن عبد اللّه المحض أرادني على البيعة له،جمع الرشيد بينهما قال موسى:يا أمير المؤمنين هذا شكى باطلا،و اللّه كنت رأيته مع أخي محمد الملقّب بالنفس الزكية ابن عبد اللّه المحض على جدّك المنصور و هو القائل بأبيات:

قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتها *** إنّ الخلافة فيكم يا بني حسن

في شعر طويل.و قد قال عليّ باطلا و أنا مستحلفه.

فقال له موسى:قل تبرأت من حول اللّه و قوته الى حولي و قوتي إن لم يكن ما حكيته صدقا،فحلف له.

فقال موسى:حدثني أبي عن آبائه(رضي اللّه عنهم)عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال:ما حلف أحد بهذه اليمين و هو كاذب إلاّ عجل اللّه عليه العقوبة قبل ثلاثة أيام.

قال الفضل بن الربيع:فو اللّه ما صلّيت العصر في ذلك اليوم إلاّ مات ابن مصعب الزبيري فأعطى الرشيد موسى ألف دينار.

ثم قال المسعودي:قيل:إنّ صاحب هذا الخبر هو يحيى بن عبد اللّه المحضق.

ص: 231


1- جواهر العقدين 379/2.
2- المصدر السابق.

أخو موسى الجون (1).

5- و روى الحافظ ابن الأخضر في«معالم العترة الطاهرة»من طريق أبي نعيم:

عن ابن علي الرضا محمد الجواد،قال:قد قال محمد الباقر: رحم اللّه أخي زيدا فانّه أتى أبي فقال:إني أريد الخروج على هذه الطاغية،بني مروان،فقال له:لا تفعل يا زيد إنّي أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة،أ ما علمت يا زيد أنّه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد السلاطين قبل خروج السفياني إلاّ قتل،فكان الأمر كما قال له أبي (2). (انتهى جواهر العقدين) .

14,1,15- و في المناقب: إنّ أمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليه)قال للخوارج و يناشدهم:

معاشر الناس أنشد اللّه تعالى كلّ مسلم سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:ما من دعاء إلاّ بينه و بين السماء حجاب حتى يصلّى على محمد و آل محمد،فاذا فعل ذلك انخرق الحجاب فدخل الدعاء،و إذا لم يفعل ردّ الدعاء فلم يجد مدخلا؟ فقال كثير من الناس:نعم سمعناه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرارا.

ثم قال:و اللّه إنّني لمن لباب آل محمد و صميمهم الذين صلّى عليهم،فمن نال مني منالا،أو ارتكب منّي مرتكبا،فانّما يناله و يرتكبه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فالحذر الحذر عباد اللّه أن تلقوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في القيامة معرضا عنكم من أجلي، فمن أعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أعرض اللّه بوجهه الكريم عنه،و اللّه لقد سمع قوم منه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول في خطبته في حجة الوداع،على المنبر:من آذى أحدا من أهل بيتي قطع ما بيني و بينه،و من انقطع ما بيني و بينه انقطعت ما بينه و بين اللّه2.

ص: 232


1- جواهر العقدين 379/2-381.
2- جواهر العقدين 345/2.

العلوم التي توجب الجنّة،و اللّه إنّني الرجل الذي احتمله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على ظهره حتى أصعده على سطح الكعبة المكرمة لالقاء الصنم الكبير الذي كان مركوزا عليها فقال لي:اقذفه و أركسه قوّى اللّه عضدك،فقذفته فتكسر كالقوارير،ثم نزلت و جعلنا نستبق البيوت خشية أن تلقانا كفار قريش،فأين من يدانيني أو يرقى مرقاي،و اللّه إنّني الرجل الذي آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم به نفسه حين آخى بين أصحابه،و اللّه إنّني منّي لتمام خلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم التي أخبر عنها،تكون بعده ثلاثين سنة،ثم تكون بعده ملكا عضوضا و لقد شكت فاطمة(سلام اللّه عليها)شططا (1)من العيش و ضيق الحال فقال لها:أ ما ترضين يا فاطمة أنّ اللّه اطلع الى أهل الأرض فاختار منهم رجلين و جعل أحدهما أباك و الآخر بعلك،فانا مختار اللّه لابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.ا.

ص: 233


1- في(أ):شنطا و الصحيح شظفا.

ص: 234

الباب الحادي و السبعون

اشارة

في إيراد ما في كتاب«المحجة فيما نزل في القائم الحجة»

للشيخ الكامل العلامة الشريف هاشم بن سليمان بن اسماعيل

الحسيني البحراني(قدس اللّه سره و وهب لنا علومه)

[في تفسير بعض الآيات التي في الإمام المهدى القائم عليه السلام]

6,12- (1)عن أبي خالد الكابلي،عن الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه: في قول اللّه(عزّ و جلّ):

فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (1) ،قال:

يعني أصحاب القائم الثلاثمائة و بضع عشر،و هم و اللّه الأمّة المعدودة،يجتمعون في ساعة واحدة كقزع الخريف.

6,12- (2)و: في سورة البقرة: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ (2)الى آخرها.

عن محمد بن مسلم،عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه قال: إنّ قدّام[قيام] (3)القائم عليه السّلام علامات بلوى من اللّه للمؤمنين.

قلت:و ما هي؟

ص: 235


1- البقرة148/. ([2]) غاية المرام:726 حديث 3.
2- البقرة155/.
3- الزيادة من(ن).

قال:هذه الآية قال تعالى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ :نلقيهم بالأسقام، وَ الْجُوعِ بغلاء أسعارهم، وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ بالقحط، وَ الْأَنْفُسِ بموت ذائع، وَ الثَّمَراتِ بعدم المطر، وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ عند ذلك[بخروج القائم].ثم قال:يا محمد هذا تأويله و ما يعلم تأويله إلاّ اللّه و الراسخون في العلم،و نحن الراسخون في العلم.

6,12- (1)و عن رفاعة بن موسى قال:سمعت جعفر الصادق رضي اللّه عنه يقول: في قوله تعالى في سورة آل عمران: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً (2)قال:

إذا قام القائم المهدي لا يبقى أرض إلاّ نودي فيها شهادة«أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه».

5,12- (4)و عن يزيد بن معاوية العجلي،عن محمد الباقر رضي اللّه عنه: في قوله تعالى-في سورة الأنفال-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا (3).

قال:اصبروا على أداء الفرائض،و صابروا على أذية عدوكم،و رابطوا إمامكم المهدي المنتظر.

5,12- (5)و عن جابر الجعفي،عن محمد الباقر رضي اللّه عنه: في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا على عبدنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها (3)./.

ص: 236


1- النساء47/.
2- آل عمران83/. ([4]) غاية المرام:727 حديث 5.
3- آل عمران200/. ([5]) غاية المرام:727-728 حديث 6.

قال:لا يفلت من جيش السفياني الهالكين في خسف البيداء إلاّ ثلاثة نفر، يحوّل اللّه وجوههم في أقفيتهم،و ذلك عند قيام القائم المهدي عليه السّلام.

5,12- (1)و عن محمد بن مسلم عن محمد الباقر رضي اللّه عنه: في قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (2).

قال:إنّ عيسى عليه السّلام ينزل قبل يوم القيامة الى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة، يهودي و لا غيره،إلاّ آمنوا به قبل موتهم،و يصلّي عيسى خلف المهدي عليهما السّلام.

6,12- (3)و عن أبي الربيع الشامي،عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه: في قوله تعالى: وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ (4)في المائدة.

قال:سيذكرون ذلك الحظ،و سيخرج مع القائم عليه السّلام هنا عصابة منهم.

6,12- (5)و عن سليمان بن هارون العجلي قال:سمعت جعفر الصادق رضي اللّه عنه: إنّ صاحب هذا الأمر-يعني القائم المهدي-محفوظ لو ذهب الناس جميعا اتى اللّه بأصحابه،و هم الذين قال اللّه فيهم: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (6)،و هم الذين قال اللّه فيهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ (7)./.

ص: 237


1- غاية المرام:728 حديث 10.
2- النساء159/.
3- غاية المرام:729 حديث 11.
4- المائدة14/.
5- غاية المرام:729 حديث 12.
6- الأنعام89/.
7- المائدة54/.

6,12- (1)و عن علي بن رباب،عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه: في قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (2).

قال:الآيات الأئمة من أهل البيت،و بعض آيات ربّك القائم المنتظر عليه السّلام،فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل عند قيامه بالسيف،و إن آمنت بمن تقدمه من آبائه عليهم السّلام.

6,12- (3)و عن أبي بصير قال:قال جعفر الصادق:تفسير هذه الآية المذكورة نحوه.

ثم قال: يا أبا بصير طوبى لمحبّي قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته،و المطيعين له في ظهوره،أولياؤه أولياء اللّه،لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.

14,12- (4)و في أحاديث الأربعين للشيخ بهاء الدين العاملي صاحب الكشكول رحمه اللّه باسناده عن جابر الجعفي قال:

سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري(رضي اللّه عنهما)يقول:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: المهدي من ولدي الذي يفتح اللّه به مشارق الأرض و مغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القوم بامامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للايمان.

فقلت:يا رسول اللّه هل لأوليائه الانتفاع به في غيبته؟

فقال:و الذي بعثني بالحق نبيا،إنّهم يستضيئون بنوره،و ينتفعون بولايته في0.

ص: 238


1- غاية المرام:729 حديث 15.
2- الأنعام158/.
3- غاية المرام:729 حديث 15.
4- أربعين البهائي:220.

غيبته كانتفاع الناس بالشمس إذا سترها سحاب،يا جابر هذا من مكنون سرّ اللّه و مخزون علمه فاكتمه إلاّ عن أهله.

6,12- (1)و عن محمد بن مسلم قال:

قلت للباقر رضي اللّه عنه:ما تأويل قوله تعالى في الأنفال: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (2)؟

قال:لم يجيء تأويل هذه الآية،فاذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتى يوحدوا اللّه(عزّ و جلّ)،و حتى لا يكون شرك و ذلك في قيام قائمنا.

5,12- (3)و عن زرارة قال: سئل الباقر رضي اللّه عنه عن قوله تعالى: وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (4)حتى لا يكون شركا وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ .

قال:لم يجيء تأويل هذه الآية،و إذا قام قائمنا بعد يرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية،و ليبلغن دين محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما بلغ الليل و النهار،حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض،كما قال اللّه(عزّ و جلّ).

6,12- (5)و عن أبي بصير،و عن سماعة،هما،عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه: في قوله تعالى:

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (6) .

قال:و اللّه ما يجيء تأويلها حتى يخرج القائم المهدي عليه السّلام فاذا خرج القائم لم/.

ص: 239


1- غاية المرام:730 حديث 21.
2- الأنفال39/.
3- غاية المرام:730 حديث 21.
4- التوبة36/.
5- غاية المرام:732 حديث 22.
6- التوبة33/،الصف9/.

يبق مشرك إلاّ كره خروجه و لا يبقى كافر إلاّ قتل،حتى لو كان كافر في بطن صخرة قالت:يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني و اقتله.

و هذه الآية في ثلاث سور:في سورة التوبة،و سورة الصف،و فيهما: وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و في سورة الفتح.

1- (1)و عن عباية بن ربعي قال:قال أمير المؤمنين علي(كرّم اللّه وجهه): في هذه الآية:و الذي نفسي بيده،لا تبقى قرية إلاّ نودي فيها بشهادة أن«لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه»بكرة و عشيا.

4,5,12- (2)و عن زين العابدين،و عن الباقر(رضي اللّه عنهما)قال: إنّ الاسلام قد يظهره اللّه على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السّلام.

12- (3)عن مجاهد،عن ابن عباس(رضي اللّه عنهما)في هذه الآية قال:

لا يبقى صاحب ملّة إلاّ صار الى الاسلام،حتى تأمن الشاة من الذئب،و البقر من الأسد،و الانسان من الحيّة،و حتى لا تقرض الفأرة جرابا،و ذلك عند قيام القائم عليه السّلام.

5- (4)و عن زرارة عن الباقر رضي اللّه عنه قال: يقاتلون حتى يوحدوا اللّه و لا يشرك به شيئا، و تخرج العجوزة الضعيفة من المشرق تريد المغرب لا يؤذيها أحد،و يخرج اللّه من الأرض نباتها و ينزل من السماء قطرها.

6,12- (5)و عن يحيى بن أبي القاسم قال:قال جعفر الصادق رضي اللّه عنه: في قوله تعالى في6.

ص: 240


1- غاية المرام:732 حديث 22.
2- غاية المرام:753 حديث 99.
3- غاية المرام:732 حديث 22.
4- غاية المرام:732 حديث 21.
5- غاية المرام:734 حديث 26.

سورة يونس: وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (1).

قال:الغيب في هذه الآية هو الحجة القائم عليه السّلام.

5,6,12- (2)و عن الباقر و الصادق(رضي اللّه عنهما): في قوله تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ (3).

قالا:إنّ الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،كعدّة أهل بدر،يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف.

6,12- (4)و عن أبي بصير قال:قال جعفر الصادق رضي اللّه عنه: ما كان قول لوط عليه السّلام لقومه لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (5)إلاّ تمنيا لقوة القائم المهدي و شدّة أصحابه،و هم الركن الشديد،فان الرجل منهم يعطي قوة أربعين رجلا،و إنّ قلب رجل منهم أشدّ من زبر الحديد،لو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت،لا يكفون سيوفهم حتى يرضى اللّه(عزّ و جلّ).

6,12- (6)و عن صالح بن سعد،عن الصادق رضي اللّه عنه: في هذه الآية قال:

قوة القائم عليه السّلام،و الركن الشديد أصحابه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا.0.

ص: 241


1- يونس20/.
2- غاية المرام:735 حديث 20.
3- هود8/.
4- غاية المرام:736 حديث 30.
5- هود80/.
6- غاية المرام:736 حديث 30.

1,12- (1)و عن المفضل،عن الصادق،عن أبيه،عن آبائه،عن أمير المؤمنين علي(رضي اللّه عنهم)قال: ما يجيء نصر اللّه حتى تكونوا أهون على الناس من الميتة، و هو قول ربّي(عزّ و جلّ)في كتابه في سورة يوسف: حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (2)،و ذلك عند قيام قائمنا المهدي عليه السّلام.

5,6,12- (3)عن مثنى الحناط،عن الباقر و الصادق(رضي اللّه عنهما): في قوله تعالى في سورة إبراهيم: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ (4)قال:

أيام اللّه ثلاثة:يوم يقوم القائم عليه السّلام،و يوم الكرة،و يوم القيامة.

6,12- (5)و عن وهب بن جمع قال: سألت جعفر الصادق رضي اللّه عنه عن قوله تعالى في سورة الحجر: قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (6)أيّ يوم هو؟

قال:يا وهب هو يوم يقتله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد قيام قائمنا المهدي عليه السّلام.

8,6,12,3- (7)عن عبد السّلام بن صالح الهروي قال:

قلت لعلي الرضا بن موسى الكاظم(رضي اللّه عنهما):يا بن رسول اللّه ما تقول في حديث روي عن جدّك جعفر الصادق رضي اللّه عنه أنّه قال:إذا قائم قائمنا المهدي3.

ص: 242


1- غاية المرام:736 حديث 31.
2- يوسف110/.
3- غاية المرام:736 حديث 32.
4- ابراهيم5/.
5- غاية المرام:736 حديث 36.
6- الحجر36/-38.
7- غاية المرام:731 حديث 43.

قتل ذراري قتلة الحسين رضي اللّه عنه بفعال آبائهم؟

فقال:هو ذلك.

قلت:فقول اللّه(عزّ و جلّ): وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (1)ما معناه؟

فقال:صدق اللّه في جميع أقواله لكن ذراري قتلة الحسين رضي اللّه عنه يرضون و يفخرون بفعال آبائهم،و من رضي شيئا كمن فعله،و لو أنّ رجلا قتل في المشرق فرضى بقتله رجل في المغرب لكان شريك القاتل و قوله (2)تعالى:

وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (3) نزل في الحسين و المهدي عليهما السّلام.

5,12,3- (4)و عن جابر الجعفي،و سلام بن المستنير،هما،عن الباقر رضي اللّه عنه: في هذه الآية قال:

إنّ الحسين عليه السّلام قتل مظلوما،و نحن أولياؤه،و القائم منّا يطلب ثار الحسين عليه السّلام فيقتل من رضي بقتله،حتى يقال قد أسرف في القتل.

5,6,12- (5)و عن الباقر و الصادق(رضي اللّه عنهما): في قوله تعالى: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ (6).

قالا:هم القائم و أصحابه.

5,12- (7)و: قوله تعالى في سورة الحج: اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ3.

ص: 243


1- الأنعام164/،الإسراء33/.
2- في(أ):«فقوله».
3- الإسراء33/.
4- غاية المرام:740 حديث 43.
5- غاية المرام:740 حديث 51.
6- الأنبياء105/.
7- غاية المرام:742 حديث 53.

وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (1) .

عن أبي الجارود عن الباقر رضي اللّه عنه قال: هذه الآية نزلت في المهدي و أصحابه يملّكهم اللّه مشارق الأرض و مغاربها و يظهر اللّه بهم الدين حتى لا يرى أثر من الظلم و البدع.

و عن الصادق نحوه.

6,12,14- (2)و: قوله تعالى: وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (3).

عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه قال في تفسير هذه الآية: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا أخرجته قريش من مكة و هرب منهم الى الغار و طلبوه ليقتلوه فعوقب،ثم في بدر عاقب لأنّه قتل عتبة بن ربيعة،و شيبة بن ربيعة،و الوليد بن عتبة،و حنظلة ابن أبي سفيان،و أبو جهل،و غيرهم،فلمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بغى عليه ابن هند بنت عتبة بن ربيعة بخروجه عن طاعة أمير المؤمنين عليه السّلام و بقتل ابنه يزيد الامام الحسين عليه السّلام بغيا و عدوانا،و قائلا شعرا:

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** وقعة الخزرج من وقع الاسل

لأهلوا و استهلوا فرحا *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

قد قتلنا القرم من ساداتهم *** و عدلناه ببدر فاعتدل

ثم قال تعالى: لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ يعني:بالقائم المهدي من ولده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم./.

ص: 244


1- الحج41/.
2- غاية المرام:742 حديث 54.
3- الحج60/.

4,12- (1)و: قوله تعالى: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (2).

عن إسحاق بن عبد اللّه عن الامام زين العابدين رضي اللّه عنه قال: هذه الآية نزلت في القائم المهدي عليه السّلام.

4,12- و أيضا قال: قوله تعالى: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ (3)أي إنّ قيام قائمنا لحقّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (4).

6,5,12- (5)و روي عن الباقر و الصادق(رضي اللّه عنهما): في قوله تعالى: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ قالا:نزلت في القائم و أصحابه.

4,12,14- (6)و في تفسير العياشي: إنّ علي بن الحسين(رضي اللّه عنهما)قرأ آية: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ قال:و اللّه هم محبّينا أهل البيت،يفعل اللّه ذلك بهم على يد رجل منّا،و هو مهدي هذه الأمّة،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطول اللّه ذلك اليوم حتى يأتي رجل من عترتي،اسمه اسمي،يملأ الأرض قسطا و عدلا،كما ملئت ظلما و جورا.

6,12- (7)و: في سورة الشعراء: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ0.

ص: 245


1- غاية المرام:742 حديث 57.
2- النور55/.
3- الذاريات23/.
4- المصدر السابق.
5- غاية المرام:742 حديث 57.
6- غاية المرام:743 حديث 57.
7- غاية المرام:743 حديث 60.

لَها خاضِعِينَ (1)

عن عمر بن حنظلة قال: سألت جعفر الصادق رضي اللّه عنه عن علامات قيام القائم.

قال:خمس علامات قبل قيام القائم عليه السّلام:الصيحة،و خروج السفياني، و الخسف،و قتل النفس الزكية،و اليماني.

قال:فتلوت هذه الآية،فقلت له:أ هي الصيحة؟

قال:نعم،لو كانت الصيحة خضعت أعناق أعداء اللّه(عزّ و جلّ).

5,12- (2)و عن أبي بصير و أبي الورد،هما،عن الباقر رضي اللّه عنه قال: هذه الآية نزلت في القائم و ينادي مناد باسمه و اسم أبيه من السماء.

6,12- (3)و: في سورة الروم: وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ (4).

عن أبي بصير عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه قال: عند قيام القائم عليه السّلام يفرح المؤمنون بنصر اللّه.

6,12- (5)و: قوله تعالى: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (6).

عن ابن دراج قال:سمعت جعفر الصادق رضي اللّه عنه يقول في هذه الآية يوم الفتح، يوم تفتح الدنيا على القائم عليه السّلام،و لا ينفع أحدا تقرّب بالايمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا،و أمّا من كان قبل هذا الفتح موقنا بامامته،و منتظرا بخروجه، فذلك الذي ينفعه إيمانه،و يعظم اللّه(عزّ و جلّ)عنده قدره و شأنه،و هذا أجر/.

ص: 246


1- الشعراء4/.
2- غاية المرام:744 حديث 60.
3- غاية المرام:746 حديث 65.
4- الروم4/.
5- غاية المرام:746 حديث 67.
6- السجدة29/.

الموالين لأهل البيت.

12- (1)و: في سورة سبأ: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (2).

عن محمد بن صالح الهمداني قال: كتبت الى صاحب الزمان عليه السّلام:إنّ أهل بيتي يؤذونني بالحديث الذي روي عن آبائك عليهم السّلام أنّهم قالوا:قوامنا شرار خلق اللّه.

فكتب و يحكم ما تقرءون ما قال اللّه تعالى: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً فنحن و اللّه القرى التي بارك اللّه فيها،و أنتم القرى الظاهرة.

و هذا التفسير أيضا روي عن الباقر و الصادق و الكاظم(رضي اللّه عنهم) .

1,12- (3): قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ. وَ قالُوا آمَنّا بِهِ وَ أَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (4)الى آخر السورة.

عن الحارث عن علي(كرّم اللّه وجهه)في هذه الآية قال: قبيل قيام قائمنا المهدي يخرج السفياني،فيملك قدر حمل المرأة تسعة أشهر،و يأتي المدينة جيشه حتى إذا انتهى الى البيداء خسف اللّه به.

5,12- (5)و: في سورة ص: وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (6).

عن عاصم بن حميد عن الباقر رضي اللّه عنه قال: لتعلمن نبأه أي نبأ القائم عليه السّلام عند خروجه./.

ص: 247


1- غاية المرام:746 حديث 68.
2- سبأ18/.
3- غاية المرام:746 حديث 69.
4- سبأ51/-52.
5- غاية المرام:747 حديث 71.
6- ص88/.

5,12- (1)و: قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (2).

عن أبي بصير قال:سئل الباقر رضي اللّه عنه عن هذه الآية قال: يرون قدرة اللّه في الآفاق و في أنفسهم الغرائب و العجائب،حتى يتبين لهم أنّ خروج القائم عليه السّلام هو الحقّ من اللّه(عزّ و جلّ)يراه الخلق لا بد منه.

و عن الصادق نحوه.

6,12- (3)و: قوله تعالى: اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ. مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (4).

عن أبي بصير عن جعفر الصادق رضي اللّه عنه قال: يرزق اللّه المودّة في القربى من يشاء من عباده،هي حرث الآخرة،يستوفي اللّه نصيب من يريد المودّة في القربى، و من يريد حرث الدنيا المحض التي ليست فيها المودّة ليس له في قيام القائم عليه السّلام من نصيب من فيضه و بركاته.

1,12- (5)و: في سورة الزخرف: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (6).

عن ثابت الثمالي،عن علي بن الحسين،عن أبيه،عن جدّه علي بن أبي طالب(رضي اللّه عنهم)قال:/.

ص: 248


1- غاية المرام:748 حديث 75.
2- فصلت53/.
3- غاية المرام:748 حديث 48.
4- الشورى19/ و 20.
5- غاية المرام:750 حديث 83.
6- الزخرف28/.

فينا نزلت هذه الآية،و جعل اللّه الإمامة في عقب الحسين الى يوم القيامة،و إن للغائب منّا غيبتين احداهما أطول من الأخرى،فلا يثبت على إمامته إلاّ من قوي يقينه،و صحّت معرفته.

5,12,14- (1)و عن جابر الجعفي قال:

قلت للباقر رضي اللّه عنه:يا بن رسول اللّه إنّ قوما يقولون إنّ اللّه تعالى جعل الإمامة في عقب الحسن رضي اللّه عنه.

قال:يا جابر إنّ الأئمة هم الذين نصّ عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بامامتهم،و هم اثنا عشر.

و قال:لمّا أسري بي الى السماء وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش بالنور،اثنا عشر اسما،أوّلهم علي،و سبطاه،و علي،و محمد،و جعفر، و موسى،و علي،و محمد،و علي،و الحسن،و محمد القائم الحجة المهدي عليهم السّلام و تنفس الصعداء و قال:إنّ الأمّة لا يعلمون بكلام ربّهم الذي أوجب المودّة فينا عليهم،ثم أنشأ شعرا:

إنّ اليهود لحبّهم لنبيهم *** أمنوا بوائق حادث الأزمان

و ذوو الصليب بحبّ عيسى أصبحوا *** يمشون زهوا في قرى نجران

و المؤمنون بحبّ آل محمد *** يرمون في الآفاق بالنيران

.

5,12- (2): قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ (3).

عن زرارة بن أعين قال:سألت الباقر رضي اللّه عنه عن هذه الآية قال: هي ساعة/.

ص: 249


1- غاية المرام:750 حديث 83.
2- غاية المرام:750 حديث 84.
3- الزخرف66/.

القائم عليه السّلام تأتيهم بغتة.

5,6,7,12- (1)و: في سورة الدخان: حم. وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (2).

عن عبد اللّه بن مسكان عن الباقر و الصادق و الكاظم(رضي اللّه عنهم)قالوا:

أنزل اللّه-تبارك و تعالى-القرآن في ليلة مباركة،و هي ليلة القدر،أنزل القرآن فيها الى البيت المعمور جملة واحدة،ثم أنزل من البيت المعمور على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في طول ثلاث و عشرين سنة.

يقدر اللّه كلّ أمر من الحقّ و الباطل و ما يكون في تلك السنة،و له فيها البداء و المشيئة،يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء من الآجال و الأرزاق و الأمن و السلامة و العافية،و غير ذلك،و يلقيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى أمير المؤمنين علي عليه السّلام،و هو الى الأئمة من أولاده عليهم السّلام،حتى ينتهي الى صاحب الزمان المهدي عليه السّلام.

6,12- (3)و: في سورة الجاثية: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ (4).

عن الصادق رضي اللّه عنه قال: أيام المرجو ثلاثة:يوم قيام القائم المهدي عليه السّلام،و يوم الكرّة،و يوم القيامة.

و قد تقدم في قوله تعالى: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ في سورة إبراهيم.

6,12- (5)و: في سورة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ7.

ص: 250


1- غاية المرام:750 حديث 85.
2- الدخان1/-4.
3- غاية المرام:750 حديث 86.
4- الجاثية14/.
5- غاية المرام:750 حديث 87.

أَشْراطُها فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (1) .

عن المفضل،عن الصادق رضي اللّه عنه قال: ساعة قيام القائم عليه السّلام.

قلت:ما معنى أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (2)؟

قال:يقولون متى ولد؟و من رآه؟و أين هو؟و متى يظهر؟كلّ ذلك شكا في قضائه و قدرته،أولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا و الآخرة.

12- و: قوله تعالى: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (3)وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ (4)أي الساعة قيام القائم عليه السّلام قريب.

6,12- (5)و: في سورة الفتح: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (6).

عن الصادق رضي اللّه عنه قال في هذه الآية: إنّ للّه ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين و منافقين،و قائمنا لن يظهر حتى تخرج ودائع اللّه،فاذا خرجت ظهر فيقتل الكفار و المنافقين.

6,12- (7)و: في سورة«ق»: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ. يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (8).

عن الصادق رضي اللّه عنه قال: ينادي المنادي باسم القائم و اسم أبيه عليهما السّلام،و الصيحة2.

ص: 251


1- محمد18/.
2- الشورى18/.
3- القمر1/.
4- الشورى17/.
5- غاية المرام:750 حديث 88.
6- الفتح25/.
7- غاية المرام:751 حديث 90.
8- ق41/-42.

في هذه الآية صيحة من السماء،و ذلك يوم خروج القائم عليه السّلام.

4,12- (1)و: في سورة الذاريات: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (2).

عن إسحاق بن عبد اللّه عن الامام زين العابدين رضي اللّه عنه قال في هذه الآية: إنّ قيام القائم عليه السّلام لحقّ،و فيه نزلت وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ (3)الى آخرها.

6,12- (4)و: في سورة الرحمن: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ (5).

عن معاوية بن عمار،عن الصادق رضي اللّه عنه قال: لو قام قائمنا عليه السّلام يعرف أعداءنا بسيماهم فيأخذ بنواصيهم و أقدامهم،يخبطهم هو و أصحابه بالسيف خبطا.

5,12- (6): قوله تعالى: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (7).

عن سلام بن المستنير عن الباقر رضي اللّه عنه قال: يحيها اللّه بالقائم عليه السّلام فيعدل فيها، فيحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم.

و عن الصادق و الكاظم و ابن عباس(رضي اللّه عنهم) نحوه.

4,12- (8)و: في سورة الصف: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ9.

ص: 252


1- غاية المرام:751 حديث 91.
2- الذاريات23/.
3- النور55/.
4- غاية المرام:752 حديث 95.
5- الرحمن41/.
6- غاية المرام:752 حديث 97.
7- الحديد17/.
8- غاية المرام:753 حديث 99.

كَرِهَ الْكافِرُونَ (1) .

عن محمد بن الفضيل عن علي بن الحسين(رضي اللّه عنهما)قال: النور في هذه الآية الامامة،و اللّه متمّ الامامة عند قيام القائم عليه السّلام.

7,12- (2)و: في سورة الملك: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (3).

عن علي بن جعفر الصادق،عن أخيه موسى الكاظم(رضي اللّه عنهم)في هذه الآية قال: إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بامام جديد غيره.

4,12- (4)و: في سورة الجن: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (5).

عن محمد بن الفضيل،عن علي بن الحسين(رضي اللّه عنهما)قال: ما يوعدون في هذه الآية القائم المهدي و أصحابه و أنصاره،و أعداؤه تكون أضعف ناصرا و أقل عددا،إذا ظهر القائم عليه السّلام.

6,12- (6)و: في سورة المدثر: فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (7).

عن المفضل عن الصادق رضي اللّه عنه قال: إذا نودي في أذن القائم عليه السّلام بالإذن في قيامه فيقوم،فذلك اليوم عسير على الكافرين،قال:و القرآن ضرب فيه الأمثال0.

ص: 253


1- الصف8/.
2- غاية المرام:754 حديث 100.
3- الملك30/.
4- غاية المرام:754 حديث 105.
5- الجن24/.
6- غاية المرام:755 حديث 106.
7- المدثر8/-10.

و نحن نعلمه فلا يعلمه غيرنا.

5,12- (1): قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ (2).

عن هانئ قال:سألت هذه الآية عن الباقر رضي اللّه عنه قال: الخنس إمام يخنس، أي يرجع من الظهور الى الغيبة سنة ستين و مائتين ثم يبدو كالشهاب الثاقب.

14,1,12- (3)قوله تعالى: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (4)عن الأصبغ بن نباتة قال:سمعت ابن عباس(رضي اللّه عنهما)يقول:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا السماء،و أمّا البروج فالأئمة من أهل بيتي و عترتي،أوّلهم علي و آخرهم المهدي،و هم اثنا عشر./.

ص: 254


1- غاية المرام:756 حديث 110.
2- التكوير15/-16.
3- غاية المرام:756 حديث 112.
4- البروج1/.

الباب الثاني و السبعون

في الأحاديث التي ذكرها صاحب مشكاة المصابيح

14- (1)في باب أشراط الساعة:عن جابر بن سمرة قال:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ بين يدي الساعة كذّابين فاحذروهم (رواه مسلم) .

14- (2)و عن جابر بن سمرة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تقوم الساعة حتى يكثر المال و يفيض،حتى يخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه،و حتى تعود أرض العرب مروجا و أنهارا (رواه مسلم).

و في رواية: تبلغ المساكن أهاب أو يهاب.

14- (3)و عن جابر بن عبد اللّه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال و لا يعدّه.

و في رواية: يكون في آخر أمّتي خليفة يحثي المال حثا و لا يعدّه عدا (رواه مسلم و أحمد) .

ص: 255


1- مشكاة المصابيح 1498/3 حديث 5438(باب اشراط الساعة الفتن).صحيح مسلم 675/2 حديث 2923.
2- مشكاة المصابيح 4198/3 حديث 5440.
3- مشكاة المصابيح 4199/3 حديث 5441.صحيح مسلم 672/2 حديث 2913.

14- (1)و عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب،فمن حضر فلا يأخذ منه شيئا(متفق عليه).

14- (2)و عنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانة من الذهب و الفضة فيجيء القاتل فيقول:في هذا قتلت،و يجيء القاطع فيقول:في هذا قطعت رحمي،و يجيء السارق فيقول:في هذا قطعت يدي،ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا (رواه مسلم) .

14,12- (3)و عن ابن مسعود قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي،يواطئ اسمه اسمي (رواه الترمذي و أبو داود) .

14,12- و في رواية له:قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث اللّه فيه رجلا منّي أو من أهل بيتي،يواطئ اسمه اسمي،و اسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

14,12- (4)و عن أم سلمة قالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: المهدي من عترتي من أولاد فاطمة. (رواه أبو داود) .

14,12- (5)و عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المهدي منّي،أجلى1.

ص: 256


1- مشكاة المصابيح 4199/3 حديث 5442.صحيح مسلم 663/2 باب 8 حديث 30.
2- مشكاة المصابيح 4199/3 حديث 5444.
3- مشكاة المصابيح 1501/3 حديث 5452.سنن الترمذي 343/3 حديث 2331 و 2332.سنن أبي داود 309/3 حديث 4282.
4- مشكاة المصابيح 1501/3 حديث 5453.سنن أبي داود 310/3 حديث 4284.
5- مشكاة المصابيح 1501/3 حديث 5454.سنن أبي داود 310/3 حديث 4285.فرائد السمطين 330/2 حديث 581.

الجبهة،أقنى الأنف،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،يملك سبع سنين (رواه أبو داود).

أيضا رواه الحمويني و ابن الجوزي و قال ابن الجوزي: الأجلى الذي انحسر الشعر عن جبهته الى نصف رأسه،و القنى احديداب في الأنف.

14,12- (1)و عن أبي سعيد الخدري،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: في قصة المهدي قال:فيجيء إليه الرجل فيقول:يا مهدي أعطني أعطني أعطني (2).قال:فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله (رواه الترمذي) .

14,12- (3)و عن أمّ سلمة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: يكون اختلاف عند موت خليفة،فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا الى مكة،فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه (4)و هو كاره،فيبايعونه بين الركن و المقام،و يبعث إليه بعث من الشام،فيخسف بهم بالبيداء بين مكة و المدينة،فاذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام،و عصائب أهل العراق فيبايعونه،ثم ينشأ[رجل]من قريش،أخواله كلب،فيبعث إليهم بعثا،فيظاهرون عليهم،و ذلك بعث كلب،و يعمل في الناس بسنة نبيهم،و يلقي الاسلام بجرانه في الأرض،فيلبث سبع سنين،ثم يتوفى، و يصلي عليه المسلمون(رواه أبو داود). (و رواه أحمد و ابو يعلى و البيهقي،كما في جواهر العقدين) .».

ص: 257


1- مشكاة المصابيح 1501/3 حديث 5455.سنن الترمذي 343/3 حديث 4333.
2- لا توجد«أعطني»الثالثة في المصدر.
3- مشكاة المصابيح 1502/3 حديث 5456.سنن أبي داود 310/3 حديث 4286.جواهر العقدين 228/2.
4- في المصدر:«الناس...فيخرجوه».

14,12- (1)و عن أبي سعيد قال:ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بلاء يصيب هذه الأمّة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم،فيبعث اللّه رجلا من عترتي و أهل بيتي، فيملأ به الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،يرضى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض،لا تدع السماء من قطرها شيئا إلاّ صبته مدرارا،و لا تدع الأرض من نباتها شيئا إلاّ أخرجته،حتى يتمنى الأحياء الاموات،يعيش في ذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين (رواه الحاكم في مستدركه و قال:

صحيح) .

14,12- (2)و عن علي قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يخرج رجل من وراء النهر يقال له«الحارث حراث»، على مقدمته رجل يقال له«منصور»يوطن أو يمكّن لآل محمد كما مكّنت قريش لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،وجب على كلّ مؤمن نصره،أو قال:إجابته، (رواه أبو داود) .

14- (3)و عن أبي سعيد الخدري قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلّم السباع الانس،و حتى تكلّم الرجل عذبة سوطه،و شراك نعله،و يخبره فخذه بما أحدث أهله بعده (رواه الترمذي) .2.

ص: 258


1- مشكاة المصابيح 1502/3 حديث 5457.المستدرك للحاكم 465/4.
2- مشكاة المصابيح 1503/3 حديث 5458.سنن أبي داود 311/3 حديث 4290.
3- مشكاة المصابيح 1503/3 حديث 5459.عقد الدرر:334.سنن الترمذي 322/3 باب 17 حديث 2272.

14- (1)و عن أبي قتادة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الآيات بعد المائتين (رواه ابن ماجة) .

14- (2)و عن ثوبان قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فاتوها فان فيها خليفة اللّه المهدي (رواه أحمد و البيهقي في دلائل النبوة) .

1,14,12,3- (3)و عن أبي إسحاق قال:

قال علي و نظر الى ابنه الحسين،قال: إنّ ابني هذا سيد كما سمّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيكم،يشبهه في الخلق و لا يشبهه في الخلق.ثم ذكر قصة،يملأ الأرض عدلا (رواه أبو داود و لم يذكر القصة) .

14- (4)و في باب نزول عيسى عليه السّلام:عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الذي نفسي بيده،ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم، حكما عدلا،فيكسر الصليب،و يقتل الخنزير،و يضع الجزية،و يفيض المال، حتى لا يقبله أحد،حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا و ما فيها.

ثم يقول أبو هريرة:فاقرءوا إن شئتم وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (5)الآية (متفق عليه) .

16- و في رواية لهما قال: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم./.

ص: 259


1- مشكاة المصابيح 1503/3 حديث 5460.سنن ابن ماجة 1348/2 باب 38 حديث 4057.
2- مشكاة المصابيح 1503/3 حديث 5461.
3- مشكاة المصابيح 1503/3 حديث 5462.سنن أبي داود 311/3 حديث 4290.
4- مشكاة المصابيح 1523/3 حديث 5505.
5- النساء159/.

14- (1)و عن جابر قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تزل طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين الى يوم القيامة،قال:فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم:تعال صلّ لنا،فيقول:

لا إنّ بعضكم على بعض أمراء تكرمة من اللّه لهذه الأمّة (رواه مسلم) .7.

ص: 260


1- مشكاة المصابيح 1523/3 حديث 5507.صحيح مسلم 86/1 حديث 247.

الباب الثالث و السبعون

في الأحاديث التي ذكرها صاحب جواهر العقدين

14,1,2,3- (1)فقد جاء في الخبر: إنّ جبرئيل عليه السّلام أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يسميهما باسمي ابنيّ هارون عليه السّلام شبرا و شبيرا،لأنّ عليا منه بمنزلة هارون من موسى.

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:إنّ لساني عربي.

فقال:سمّيتهما حسنا و حسينا.

(2) و قد ظهرت بركات دعائه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وقت تزويج علي بفاطمة(رضي اللّه عنهما) في نسل الحسن و الحسين،فكان من نسلهما من مضى و من يأتي،و لو لم يأت في الآتيين إلاّ الامام المهدي.

14,12,15- فعن أمّ سلمة قالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة (أخرجه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة و البيهقي و صاحب المصابيح و آخرون) .

12- (3)و حديث قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب:أحقّ المهدي؟

ص: 261


1- جواهر العقدين 225/2.
2- جواهر العقدين 225/2.سنن ابن ماجة 1368 باب 34 حديث 4086.سنن أبي داود 310/3 حديث 4284.
3- جواهر العقدين 225/2-226.

قال:نعم هو حقّ،هو من أولاد فاطمة.

قلت:من أي ولد فاطمة؟

قال:حسبك الآن.

14,12- (1)و عن علي رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث اللّه رجلا من أهل بيتي،يملأها عدلا كما ملئت جورا (رواه أبو داود و أحمد و الترمذي و ابن ماجة) .

1,12- (2)و لأحمد و ابن ماجة و غيرهما عن علي رضي اللّه عنه رفعه: المهدي منّا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة.

16,12- (3)و للطبراني عنه رفعه: المهدي منّا يختم الدين بنا كما فتح بنا.

16,12- (4)و لأحمد: لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما و عدوانا،ثم يخرج من عترتي من يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

14,12- (5)و عن ابن مسعود قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (رواه الترمذي)قال:

و في الباب:عن علي و أبي سعيد و أم سلمة و أبي هريرة،هذا حديث حسن صحيح .

14,12- (6)و لابن ماجة من طريق إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال:8.

ص: 262


1- جواهر العقدين 226/2.
2- المصدر السابق.
3- المصدر السابق.
4- جواهر العقدين 227/2.
5- جواهر العقدين 227/2.سنن الترمذي 343/3 باب 44 حديث 2231.
6- جواهر العقدين 227/2.سنن ابن ماجة 1366/2 باب 34 حديث 408.

بينا نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ أقبل فتية من بني هاشم،فلمّا رآهم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اغرورقت عيناه و تغيّر لونه.

فقلت:يا رسول اللّه ما نزال نرى في وجهك شيئا تكرهه.

فقال:إنّا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا و إنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء و تشريدا و تطريدا،حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود،فيسألون الخير فلا يعطونه،فيقاتلون فينصرون،فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يدفعوها الى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملئوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم و لو حبوا على الثلج.

14,12- (1)و عن عائشة(رضي اللّه عنها)عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال:

المهدي رجل من عترتي يقاتل على سنتي كما قاتلت أنا على الوحي (أخرجه نصير بن حماد) .

14,12- (2)و عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ليبعثنّ اللّه رجلا من عترتي،أفرق الثنايا،أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلا و يفيض المال (أخرجه أبو نعيم) .

14,12- (3)و عن حذيفة بن اليمان قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المهدي رجل من ولدي،وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي،و الجسم إسرائيلي،يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى بخلافته أهل السماء و أهل الأرض و الطير في الجوّ،يملك عشرين سنة8.

ص: 263


1- جواهر العقدين 227/2.
2- المصدر السابق.
3- جواهر العقدين 227/2-228.

(أخرجه الروياني و الطبراني و أبو نعيم و الديلمي في مسنده) .

16,12- (1)و عن حذيفة رفعه: يلتفت المهدي و قد نزل عيسى بن مريم عليهما السّلام كأنّما يقطر من شعره الماء.

فيقول المهدي له:تقدّم صلّى بالناس.

فيقول:إنّما أقيمت الصلاة لك،فيصلّي خلف رجل من ولدي. (أخرجه الطبراني و ابن حبان في صحيحه من حديث عاقبة بن عامر في إمامة المهدي نحوه).

1,12- (2)و عن علي رضي اللّه عنه قال: إذا قام قائم آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جمع اللّه له أهل المشرق و أهل المغرب،فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف،فأمّا الرفقاء فمن أهل الكوفة،و أمّا الأبدال فمن أهل الشام (أخرجه ابن عساكر) .

14,1,15,2,3,12- (3)و عن عباية بن ربعي،عن أبي أيوب الأنصاري قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لفاطمة(رضي اللّه عنها): منّا خير الأنبياء و هو أبوك، و منّا خير الأوصياء و هو بعلك،و منّا خير الشهداء و هو عم أبيك حمزة،و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء،و هو ابن عم أبيك جعفر،و منّا سبطا هذه الأمّة سيدا شباب أهل الجنّة الحسن و الحسين،و هما ابناك،و منّا المهدي و هو من ولدك (أخرجه الطبراني في الأوسط) .

16- (4)و أمّا ما روي من حديث الحسن البصري عن أنس بن مالك رفعه: لا يزداد الأمر إلاّ شدّة،و لا الدنيا إلاّ إدبارا،و لا الناس إلاّ شحّا،و لا تقوم الساعة إلاّ9.

ص: 264


1- جواهر العقدين 228/2.
2- المصدر السابق.
3- جواهر العقدين 228/2-229.
4- جواهر العقدين 230/2.سنن ابن ماجة 1340/2 باب 24 حديث 4039.

على شرّ الخلق،و لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم.

أخرجه الشافعي و ابن ماجة في سننه،و الحاكم في مستدركه،و قال:أوردته تعجبا لا محتجا به.و قال البيهقي:تفرد به محمد بن خالد،و قد قال الحاكم:إنّه مجهول،و صرح النسائي بأنّه منكر،و قال ابن ماجة:لم يروه عن ابن خالد إلاّ الشافعي .

يقول مؤلف هذا الكتاب:إنّ وضع هذا الحديث من ابن خالد ظاهر بوجوه:

الوجه الأول:لو كان هذا الحديث صحيحا لزم أن يزداد الظلم و الفساد الذي كان في زمن يزيد و الحجاج،و لم يبق في العالم خير و صلاح الى الآن،و الحمد للّه بعدهما في زمان عمر بن عبد العزيز و خلفاء العباسية الى الآن فيه خير و صلاح.

الوجه الثاني:إنّ خبر المهدي لم يكن قبل بعثة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بين العرب،بأن يردّه بقوله لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم.

الوجه الثالث:إنّ اللّه أشار الى المهدي في كتابه في الآيات الكثيرة كما تقدّمت، فلذلك بشّر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمّته بهذه البشارات العظمى،كما بشّر الأنبياء المتقدّمين عليهم السّلام بظهور نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و أحوال المهدي،و قد ذكرت بشاراتهم في «مشرق الأكوان».

و نذكر باقي الأحاديث التي ذكرها ابن ماجة.

14,12- (1)عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: يكون في أمّتي المهدي،إن قصر فسبع و إلاّ فتسع،فتنعم فيه أمّتي نعمة لم يسمعوا مثلها قط،تؤتى أكلها3.

ص: 265


1- سنن ابن ماجة 1397/2 حديث 4083.

و لا يدخر منها شيئا،و المال يومئذ كدوس،فيقوم الرجل فيقول:يا مهدي أعطني،فيقول:خذ.

14,12- (1)عن سعيد بن المسيب قال:كنّا عند أمّ سلمة فتذاكرنا المهدي فقالت:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: المهدي من ولد فاطمة.

14,12,1,2,3- (2)و عن أنس بن مالك قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: نحن ولد عبد المطلب سادات أهل الجنة:أنا و حمزة و علي و جعفر و الحسن و الحسين و المهدي.

أيضا أخرجه أبو نعيم و الثعلبي و صاحب الأربعين و الحمويني و الحاكم و الديلمي .

14,12- (3)و عن عبد اللّه بن الحارث بن جزء الزبيدي قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يخرج الناس من أهل المشرق فيوطئون للمهدي-يعني سلطانه-.

و نذكر ما في«كنوز الحقائق»للمناوي المصري:

14,12,15- (4): أبشري يا فاطمة أمّا المهدي منك (للحاكم) .

14,12- (5): منّا الذي يصلّي عيسى خلفه (لأبي نعيم الحافظ) .

14,12- (6): المهدي طاوس أهل الجنّة (للديلمي) .1.

ص: 266


1- جواهر العقدين 225/2.سنن ابن ماجة 1368/2 حديث 4086.
2- جواهر العقدين 228/2.سنن ابن ماجة 1368/2 حديث 4087.المستدرك للحاكم 211/3.فرائد السمطين 32/2 حديث 370.الفردوس 284/4 حديث 6840.المناقب لابن المغازلي:48 حديث 71.
3- سنن ابن ماجة 1368/2 حديث 4088.
4- كنوز الحقائق:3.
5- كنوز الحقائق:144.
6- كنوز الحقائق:164.الفردوس 497/4 حديث 6941.

14,12- (1): و الذي نفسي بيده ليعودنّ هذا الأمر كما بدأ (للديلمي) .

و نذكر ما في فصل الخطاب:

12- (2)عن ابن عمر:انه قال: يخرج المهدي من قرية باليمن يقال لها«كرعة».

قال شهاب الدين فضل اللّه في كتابه المعتمد:لم تكن في اليمن قرية بهذا الاسم.

14,12- (3)و عن ابن عمر قال:سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: يظهر ملك من السماء ينادي و يحسب الناس عليه،و يقول:إنّه المهدي فأجيبوه.

12- و عن نوف انه قال: راية المهدي فيها مكتوب البيعة للّه.

و نذكر ما في كتاب«مسامرة الأخيار»للشيخ محي الدين العربي قدّس سرّه:

(4) ان ابن إسمانوس جاء بيت المقدس و حارب بني إسرائيل،و أخذ حلي بيت المقدس،و أحرق منه ما أحرق،و حمل منه ألف و سبعمائة سفينة خالية،فأراد أن يورده في رومية غرقت السفن.أخبره بذلك حذيفة بن اليمان.

و ذكر فيه:

14,12- إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: ليستخرجن المهدي ذلك من البحر حتى يؤديه الى بيت المقدس ثم يسير المهدي و من معه الى البحر المحيط.0.

ص: 267


1- كنوز الحقائق:175.الفردوس 222/4 حديث 6668.
2- كافية الطالب:511 باب 14.
3- كافية الطالب:512 باب 16.فرائد السمطين 316/2 حديث 569.
4- كفاية الطالب:517 باب 20.

و نذكر ما في سنن الترمذي:

14,12- (1)حدثنا عبيد بن اسباط بن محمد القرشي،حدثنا أبي،أنبأنا سفيان الثوري، عن عاصم بن بهذلة،عن زر،عن عبد اللّه بن مسعود قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي،يواطئ اسمه اسمي.

و في الباب عن علي،و أبي سعيد،و أم سلمة،و أبي هريرة.(هذا حديث حسن صحيح) .

14,12- (2)حدثنا عبد الجبار بن العلا العطار،حدثنا سفيان بن عيينة،عن عاصم،عن زر،عن ابن مسعود،عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. (هذا حديث حسن صحيح) .

14,12- (3)و عن أبي سعيد:إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: يجيء الى المهدي الرجل فيقول:يا مهدي أعطني أعطني،فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. (هذا حديث حسن) .

14- (4)و عن أبي هريرة:إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: و الذي نفسي بيده،ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا،فيكسر الصليب،و يقتل الخنزير،و يضع الجزية،و يفيض المال حتى لا يقبله أحد. (هذا حديث حسن صحيح) .

14- (5)و عن مجمع بن جارية الأنصاري قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: يقتل ابن5.

ص: 268


1- سنن الترمذي 343/3 حديث 2331.
2- سنن الترمذي 343/3 حديث 2332.
3- سنن الترمذي 343/3 حديث 2333.
4- سنن الترمذي 344/3 حديث 2334.
5- سنن الترمذي 300/3 حديث 2345.

مريم الدجال بباب لد.

و في الباب:عن عمران بن حصين،و نافع بن عاقبة،و أبي برزة،و حذيفة بن أسيد،و أبي هريرة،و كيسان،و عثمان بن أبي العاص،و جابر،و أبي أمامة،و ابن مسعود،و ابن عمر،و سمرة بن جندب،و النواص بن سمعان،و عمرو بن عوف،و حذيفة بن اليمان(هذا حديث صحيح) .

و نذكر ما في المناقب لابن المغازلي الشافعي:

14,1,15,2,3,12- (1)عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه قال: إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرض فأتته فاطمة(رضي اللّه عنها)و بكت،فقال:يا فاطمة إنّ لكرامة اللّه إياك زوّجك من هو أقدمهم سلما و أكثرهم علما إنّ اللّه تعالى اطلع الى أهل الأرض اطلاعة،فاختارني منهم فجعلني نبيا مرسلا،ثم اطلع اطلاعة ثانية،فاختار منهم بعلك،فأوحى إليّ أن أزوجه إياك،و أتخذه وصيا.

يا فاطمة منّا خير الأنبياء و هو أبوك،و منّا خير الأوصياء،و هو بعلك،و منّا خير الشهداء،و هو حمزة عم أبيك،و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث شاء،و هو جعفر ابن عم أبيك،و منّا سبطا هذه الأمّة و سيدا شباب أهل الجنّة الحسن و الحسين،و هما ابناك،و الذي نفسي بيده منّا مهدي هذه الأمّة و هو من ولدك.

أيضا أخرجه محمد بن إبراهيم الحمويني الشافعي في كتابه«فرائد السمطين» .1.

ص: 269


1- المناقب لابن المغازلي:101 حديث 144.فرائد السمطين 92/1 حديث 61.

14,12- (1)و أخرج أيضا محمد بن إبراهيم الحمويني الشافعي في كتابه«فرائد السمطين»:

عن علي بن الهلالي،عن أبيه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إذا تظاهرت الفتن،و أغار بعضهم بعضا،يبعث اللّه المهدي،يفتح حصون الضلالة،و قلوبا غلفا،يقوم في آخر الزمان،و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

14,12- (2)و أخرج أبو نعيم الحافظ: ليبعثن اللّه رجلا من عترتي،أفرق الثنايا،أجلى الجبهة،يملأ الأرض عدلا،يفيض المال فيضا.

و أمّا في«الصواعق»ذكر فيها ما ذكر في«جواهر العقدين»،فلذلك لم نورد من«الصواعق».2.

ص: 270


1- فرائد السمطين 84/2 حديث 403(في حديث).
2- فرائد السمطين 331/2 حديث 580،582.

الباب الرابع و السبعون

في إيراد الكلمات القدسية لعلي(كرّم اللّه وجهه)

التي ذكرها في شأن المهدي(رضي اللّه عنهما)

في كتاب نهج البلاغة في خطاباته

1- (1)بقوله: الزموا الأرض،و اصبروا على البلاء،و لا تحرّكوا بأيديكم و سيوفكم و هوى ألسنتكم،و لا تستعجلوا بما لا يعجله اللّه لكم،فإنّه من مات على فراشه و هو على معرفة حقّ ربّه و حقّ رسوله و أهل بيته مات شهيدا،و وقع أجره على اللّه،و استوجب ثواب ما نوى من صالح عمله،و قامت النية مقام إصلاته بسيفه،فانّ لكلّ شيء مدّة و أجلا.

1,12- (2)و بقوله: المهدي يعطف الهوى على الهدى،إذا عطفوا الهدى على الهوى؛ و يعطف الرأي على القرآن،إذا عطفوا القرآن على الرأي.

1,12- (3)و بقوله: و تخرج له الأرض أفاليذ كبدها،و تلقي إليه سلما مقاليدها،فيريكم كيف عدل السيرة،و يحيي ميت الكتاب و السنة.

1,12- (4)و بقوله: منّا المهدي يسري في الدنيا بسراج منير،و يحذو فيها على مثال الصالحين،

ص: 271


1- نهج البلاغة:282 خطبة 190.
2- نهج البلاغة:195 خطبة 138.
3- نهج البلاغة:196 خطبة 138.
4- نهج البلاغة:208 خطبة 150.

ليحلّ ربقا،و يعتق رقّا،و يصدع شعبا،و يشعب صدعا،في سترة عن الناس، لا يبصر القائف أثره و لو تابع نظره.

1,12- (1)و بقوله: فهو-أي المهدي-مغترب إذا اغترب الاسلام،و ضرب بعسيب ذنبه، و ألصق الأرض بجرانه،بقية من بقايا حجته،خليفة من خلائف أنبيائه.

1,12- (2)و بقوله: فاذا كان ذلك،ضرب يعسوب الدين بذنبه،فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف.

1,12- (3)و بقوله: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها،و تلا عقيب ذلك وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (4).

و أشار الى أصحاب المهدي(رضي اللّه عنهم).

1,12- (5)بقوله: ألا بأبي و أمي هم من عدّة،أسماؤهم في السماء معروفة،و في الأرض مجهولة،ألا فتوقعوا من إدبار أموركم و انقطاع وصلكم،و استعمال صغاركم، ذاك حيث تكون ضربة السيف على المؤمن أهون من درهم من حلّه،ذاك حيث تسكرون من غير شراب،بل من النعمة و النعيم،و يحلفون من غير اضطرار،و يكذبون من غير اخراج،ذاك إذا عضّكم البلاء كما يعضّ القتب غارب البعير،ما أطول هذا العناء،و أبعد هذا الرجاء.7.

ص: 272


1- نهج البلاغة:263 خطبة 182.
2- نهج البلاغة:517 قصار الجمل 1.
3- نهج البلاغة:506 قصار الجمل 209.
4- القصص5/.
5- نهج البلاغة:277 خطبة 187.

1,12- (1)و بقوله: يجاهدهم في اللّه قوم أذلّة عند المتكبرين،في الأرض مجهولون،و في السماء معروفون.

1,12- (2)و بقوله: قد طلع طالع،و لمع لامع،و لاح لائح،و اعتدل مائل،و استبدل اللّه بقوم قوما،و بيوم يوما،و انتظرنا الغير انتظار المجدب المطر،و إنمّا الأئمة قوام اللّه على خلقه،و عرفاؤه على عباده،لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و أنكروه.

1,12- (3)و بقوله: و طال الأمد بالناس،ليستكملوا الخزي،و يستوجبوا الغير،حتى إذا اخلولق الأجل،قوم لم يمنعوا على اللّه بالصبر،و لم يستعظموا بذل أنفسهم في الحقّ،حتى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدّة البلاء،حملوا بصائرهم على أسيافهم،و دانوا لربّهم بأمر و اعظهم.

1,12- (4)و بقوله: ثم ليشحذنّ فيها قوم شحذ (5)القين (6)النصل،تجلى بالتنزيل أبصارهم، و يرمى بالتفسير في مسامعهم،و يغبقون (7)كأس الحكمة بعد الصبوح (8).

1,3,12- و أما كلامه(كرّم اللّه وجهه):

حسين إذا كنت في بلدة *** غريبا فعاشر بآدابهاح.

ص: 273


1- نهج البلاغة:148 خطبة 102.
2- نهج البلاغة:212 خطبة 152.
3- نهج البلاغة:209 خطبة 150.
4- نهج البلاغة:208 خطبة 150.
5- شحذ:من شحذ السكين إذا حدّدها.
6- القين:الحداد.
7- يغبقون-مبني للمجهول-:يسقون بالمساء.
8- الصبوح:ما يشرب وقت الصباح.

كأني بنفسي و أعقابها *** و بالكربلاء و محرابها

فتخضب منّا اللحى بالدماء *** خضاب العروس بأثوابها

أراها و لم يك رأي العيان *** و أوتيت مفتاح أبوابها

سقى اللّه قائمنا صاحب ال *** قيامة و الناس في دابها

هو المدرك الثأر لي يا حسين *** بل لك فاصبر لأتعابها

لكلّ دم ألف ألف و ما *** يقصر في قتل أحزابها

هنالك لا ينفع الظالمين *** قول بعذر و أعقابها

أنا الدين لا شكّ للمؤمنين *** بآيات وحي بايجابها

لنا سمة الفخر في حكمها *** فصلت علينا بأعرابها

فصلّ على جدّك المصطفى *** و سلّم عليه لمطلابها

.

1,12- و قال في منظومته من غير ديوانه:

إنّي علي من سلالة هاشم *** ترى ذكرنا كتبها في الملاحم

و إنّي قلعت الباب في غزوة خيبر *** و جاز جميع الجيش فوق المعاصم

أصول على الأبطال صولة قادر *** و أتركهم رزق النسور الحوائم

و في يوم بدر قد نصرنا على العدا *** و أرديتهم وسط القليب بصارم

قتلنا أبا جهل اللعين و عتبة *** نصرنا بدين اللّه و الحق قائم

و في يوم أحد جاء جبرئيل قاصدا *** بذات فقار للجماجم قاصم

قتلنا ايابا و الليام و من بغى *** وصلنا على أعرابها و الأعاجم

و يوم حنين قد تفرّق جمعنا *** و صالت علينا كفرتها بالصوارم

رددت جميع القوم عنهم و لم أزل *** أردّ جيوش المشركين اللوائم

و أسقيتهم كاسا من الموت مزعجا *** و ما طعمه إلاّ كطعم العلاقم

ص: 274

و في غزوة الأحزاب عمرا قتلته *** و قد بات (1)الاحزاب بقتلى عازم

وصلت عليهم صولة هاشمية *** و قسمتهم قسمين من حدّ صارم

كسرنا جيوش المشركين بهمة *** و أحزابهم ولّوا كشبه الأغانم

نصرنا على أعدائنا بمحمد *** نبي الهدى المبعوث من نسل هاشم

و ما قلت إلاّ الحقّ و الصدق شيمتي *** و ما جرت يوما كنت فيه بحاكم

رفعت منار الشرع في الحكم و القضاء *** و أثبت حكما للملوك القوادم

فللّه درّه من إمام صميدع *** يذلّ جيوش المشركين بصارم

و يظهر هذا الدين في كلّ بقعة *** و يرغم أنف المشركين الغواشم

فيا ويل أهل الشرك من سطوة القنا *** و يا ويل كلّ الويل كان لظالم

ينقي بساط الأرض من كل آفة *** و يرغم فيها كلّ من كان غاشم

و يأمر بمعروف و ينهى لمنكر *** و يطلع نجم الحقّ بالحق قائم

و ينشر بساط العدل شرقا و مغربا *** و ينصر لدين اللّه و الحقّ عالم

و ما قلت هذا القول فخرا و إنمّا *** قد أخبرني المختار من آل هاشم

.

قال الشيخ صلاح الدين الصفوي قدّس سرّه:نظرت في تفاسير كتب الحروف للامام علي(كرّم اللّه وجهه)فرأيت فيها لكلّ قرن حوادث تختصّ هي به كليات و جزئيات عدلت عنها لكثرتها.خ.

ص: 275


1- هكذا في جميع النسخ.

ص: 276

الباب الخامس و السبعون

في ذكر شدّة إصابة أهل البيت الطيبين

حتى يظهر قائمهم(رضي اللّه عنهم)

>cs<في الشفاء:إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخبر بخروج المهدي و ما ينال أهل بيته و تقتيلهم و تشريدهم (1).و في حديث ابن ماجة مذكور تقدم.

1,2,3- (1)و في المناقب:عن الامام محمد الباقر رضي اللّه عنه قال لبعض أصحابه: إنّ العرب نكثت بيعة أمير المؤمنين علي،و نصبت الحرب له،و لم يزل صاحب الأمر كان في صعود كئود حتى قتل،فبويع الحسن ابنه و عوهد،ثم غدر به،و وثب عليه بعض أهل العراق حتى طعن بخنجر في فخذه،و عالجته خلاخيل أمهات أولاده،فصالح معاوية،و حقن دمه و دماء أهل بيته،و هم قليل،ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا ثم غدروا به،و خرجوا عليه و بيعته في أعناقهم،فقتلوه بأصحابه(رضي اللّه عنه و عنهم)،ثم لم نزل أهل البيت نستذلّ و نقتل و نخاف،و لا نأمن على دمائنا و دماء موالينا،و وجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم و جحودهم موضعا يتقربون الى ولاتهم السوء،و قضاة السوء،و عمال السوء،في كلّ بلدة،يحدثونهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة،و رووا عنا ما لم نقله و لم نفعله ليبغضونا الى الناس.

ص: 277


1- الشفاء 338/1.

و كان عظم ذلك و كبره زمن معاوية بعد موت الحسن،فقتل موالينا و محبّينا بكلّ بلدة،و قطعت الأيدي و الأرجل على الظنة،و كان من ذكر محبّتنا و الانقطاع إلينا سجن أو هدمت داره،ثم لم يزل البلاء يشتدّ و يزداد الى زمن عبيد اللّه بن زياد،و قاتل الحسين و أصحابه(رضي اللّه عنه و عنهم)،ثم جاء الحجاج فقتلهم كلّ قتلة،و أخذهم بكلّ ظنة،حتى أنّ الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحبّ إليه من أن يقال له محبّ علي.

5- و: لمّا استشار زيد بن علي أخاه محمد الباقر(رضي اللّه عنهم)في الخروج نهاه و قال:أخشى أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة،أ ما علمت انّه لا يخرج أحد من ولد فاطمة قبل خروج السفياني إلاّ قتل،و بعده يخرج قائمنا المهدي.

و لمّا خرج زيد،فقتل و صلب بالكوفة كما قال أخوه.

1,12,15,2,3,12- (1)أخرج موفق بن أحمد أخطب خطباء خوارزم:بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،عن أبيه قال:

دفع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الراية يوم خيبر الى علي ففتح اللّه بيده.

ثم في غدير خم أعلم الناس أنّه مولى كلّ مؤمن و مؤمنة.

و قال له:أنت منّي و أنا منك.

و أنت تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل.

و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى.

و أنا سلم لمن سالمك و حرب لمن حاربك.

و أنت العروة الوثقى.1.

ص: 278


1- المناقب للخوارزمي:61 حديث 31.

و أنت تبيّن ما اشتبه عليهم من بعدي.

و أنت إمام و وليّ كلّ مؤمن و مؤمنة بعدي.

و أنت الذي أنزل اللّه فيه وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ .

و أنت الآخذ بسنتي و ذاب البدع عن ملّتي.

و أنا أوّل من انشقّ الأرض عنه و أنت معي في الجنّة،و أول من يدخلها أنا و أنت و الحسن و الحسين و فاطمة.

و إنّ اللّه أوحى إليّ أن أخبر فضلك،فقمت به بين الناس،و بلغتهم ما أمرني اللّه بتبليغه،و ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الى آخر الآية.

ثم قال:يا علي اتّق الضغائن التي هي في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي، أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون.

ثم بكى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال:أخبرني جبرئيل أنّهم يظلمونه بعدي،و أنّ ذلك الظلم يبقى حتى إذا قام قائمهم،و علت كلمتهم،و اجتمعت الأمّة على محبّتهم،و كان الشانئ لهم قليلا،و الكاره لهم ذليلا و كثر المادح لهم،و ذلك حين تغيّرت البلاد،و ضعف العباد،و اليأس من الفرج،فعند ذلك يظهر القائم المهدي من ولدي بقوم يظهر اللّه الحقّ بهم،و يخمد الباطل بأسيافهم،و يتبعهم الناس راغبا إليهم أو خائفا.

ثم قال:معاشر الناس أبشروا بالفرج،فانّ وعد اللّه حقّ لا يخلف،و قضاؤه لا يرد،و هو الحكيم الخبير،و إنّ فتح اللّه قريب،اللّهم إنّهم أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،اللّهم اكلأهم و ارعهم،و كن لهم،و انصرهم، و أعزّهم و لا تذلهم،و اخلفني فيهم،إنّك على ما تشاء قدير.

ص: 279

ص: 280

الباب السادس و السبعون

في بيان الأئمة الاثني عشر بأسمائهم

14,1,2,3,4,5,6,7,8,9,10,11,12- (1)و في فرائد السمطين:بسنده عن مجاهد،عن ابن عباس(رضي اللّه عنهما)قال:

قدم يهودي يقال له نعثل (1)،فقال:يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فان أجبتني عنها أسلمت على يديك.

قال:سل يا أبا عمارة.

فقال:يا محمد صف لي ربّك.

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه،و كيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه و الأوهام أن تناله،و الخطرات أن تحدّه،و الأبصار أن تحيط به،جلّ و علا عمّا يصفه الواصفون،نائي في قربه،و قريب في نأيه،هو كيّف الكيف،و أيّن الأين،فلا يقال له أين هو؟،و هو منقع الكيفية، و الأينونية،فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه،و الواصفون لا يبلغون نعته، لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ .

قال:صدقت يا محمد،فأخبرني عن قولك إنّه واحد لا شبيه له،أ ليس اللّه واحد و الإنسان واحد؟

ص: 281


1- في(أ):«معثل».

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:اللّه(عزّ و علا)واحد حقيقي،أحدي المعنى،أي لا جزء و لا تركب له،و الإنسان واحد ثنائي المعنى،مركب من روح و بدن.

قال:صدقت،فأخبرني عن وصيّك من هو؟فما من نبي إلاّ و له وصيّ،و إنّ نبينا موسى بن عمران أوصى يوشع بن نون.

فقال:إنّ وصيّي علي بن أبي طالب،و بعده سبطاي الحسن و الحسين،تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين.

قال:يا محمد فسمّهم لي؟

قال:إذا مضى الحسين فابنه علي،فاذا مضى علي فابنه محمد،فاذا مضى محمد فابنه جعفر،فاذا مضى جعفر فابنه موسى،فاذا مضى موسى فابنه علي،فاذا مضى علي فابنه محمد،فاذا مضى محمد فابنه علي،فاذا مضى علي فابنه الحسن،فاذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي،فهؤلاء اثنا عشر.

قال:أخبرني كيفية موت علي و الحسن و الحسين؟

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يقتل علي بضربة على قرنه،و الحسن يقتل بالسم و الحسين بالذبح.

قال:فأين مكانهم؟

قال:في الجنّة في درجتي.

قال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و انّك رسول اللّه،و أشهد أنّهم الأوصياء بعدك، و لقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة،و فيما عهد إلينا موسى بن عمران عليه السّلام إنّه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له أحمد و محمد،هو خاتم الأنبياء،لا نبي بعده،فيكون أوصياؤه بعده اثنا عشر؛أولهم ابن عمه و ختنه،و الثاني و الثالث كانا أخوين من ولده،و يقتل أمّة النبي:الأول بالسيف،و الثاني بالسم،و الثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف و بالعطش،في موضع الغربة،فهو كولد الغنم

ص: 282

يذبح و يصبر على القتل لرفع درجاته و درجات أهل بيته و ذريّته،و لإخراج محبّيه و أتباعه من النار،و تسعة الأوصياء منهم من أولاد الثالث،فهؤلاء الاثنا عشر عدد الأسباط.

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:أ تعرف الأسباط؟

قال:نعم كانوا اثنا عشر أولهم لاوي بن برخيا،و هو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة ثم عاد،فأظهر اللّه به شريعته بعد اندراسها،و قاتل قرسطيا الملك حتى قتل الملك.

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل،حذو النعل بالنعل،و القذة بالقذة،و انّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى،و يأتي على أمّتي بزمن لا يبقى من الاسلام إلاّ اسمه و لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه،فحينئذ يأذن اللّه -تبارك و تعالى-له بالخروج،فيظهر اللّه الاسلام به و يجدّده،طوبى لمن أحبّهم و تبعهم،و الويل لمن أبغضهم و خالفهم،و طوبى لمن تمسّك بهداهم.

فأنشأ نعثل شعرا:

صلّى الإله ذو العلى عليك يا خير البشر *** أنت النبي المصطفى و الهاشمي المفتخر

بكم هدانا ربّنا و فيك نرجو ما أمر *** و معشر سمّيتهم أئمة اثنا عشر

حباهم ربّ العلى ثم اصطفاهم من كدر *** قد فاز من والاهم و خاب من عادى الزهر

آخرهم يسقي الظما و هو الامام المنتظر *** عترتك الأخيار لي و التابعين ما أمر

من كان عنهم معرضا *** فسوف تصلاه سقر

.

14,1,2,3,4,5,6,7,8,9,10,11,12- (1)و في المناقب عن واثلة بن الأسقع بن قرخاب،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فقال:7.

ص: 283


1- غاية المرام:743 حديث 57.

يا محمد أخبرني عمّا ليس للّه،و عمّا ليس عند اللّه،و عمّا لا يعلمه اللّه؟

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:أمّا ما ليس للّه،فليس للّه شريك،و أمّا ما ليس عند اللّه،فليس عند اللّه ظلم للعباد،و أمّا ما لا يعلمه اللّه،فذلك قولكم يا معشر اليهود إنّ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ ،و اللّه لا يعلم ان له ولد بل يعلم أنّه مخلوقه و عبده.

فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّك رسول اللّه حقّا و صدقا.

ثم قال:إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران عليه السّلام فقال:يا جندل أسلم على يد محمد خاتم الأنبياء و استمسك أوصياءه من بعده،فقلت:أسلم،فللّه الحمد أسلمت و هداني بك.

ثم قال:أخبرني يا رسول اللّه عن أوصيائك من بعدك لأتمسّك بهم.

قال:أوصيائي الاثنا عشر.

قال جندل:هكذا وجدناهم في التوراة،و قال:يا رسول اللّه سمّهم لي.

فقال:أوّلهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي،ثم ابناه الحسن و الحسين، فاستمسك بهم و لا يغرنّك جهل الجاهلين،فاذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي اللّه عليك،و يكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه.

فقال جندل:وجدنا في التوراة و في كتب الأنبياء عليهم السّلام إيليا و شبرا و شبيرا،فهذه اسم علي و الحسن و الحسين،فمن بعد الحسين؟و ما اساميهم؟

قال:إذا انقضت مدّة الحسين فالامام ابنه علي و يلقّب بزين العابدين،فبعده ابنه محمد يلقّب بالباقر،فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق،فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم،فبعده ابنه علي يدعى بالرضا،فبعده ابنه محمد يدعى بالتقي و الزكي،فبعده ابنه علي يدعى بالنقي و الهادي،فبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري،فبعده ابنه محمد يدعى بالمهدي و القائم و الحجة،فيغيب ثم يخرج،

ص: 284

فاذا خرج يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،طوبى للصابرين في غيبته،طوبى للمقيمين على محبّتهم،أولئك الذين وصفهم اللّه في كتابه،و قال هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (1)،ثم قال تعالى أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2).

فقال جندل:الحمد للّه الذي وفقني بمعرفتهم.

ثم عاش الى أن كانت ولادة علي بن الحسين،فخرج الى الطائف،و مرض، و شرب لبنا،و قال:أخبرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن،و مات و دفن بالطائف بالموضع المعروف بالكوزارة.

14,1,12- (3)و في المناقب:عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: جاء يهودي من يهود المدينة الى علي(كرّم اللّه وجهه)قال:إنّي أسألك عن ثلاث و ثلاث،و عن واحدة.

فقال علي:لم لا تقول أسألك عن سبع.

قال:أسألك عن ثلاث،فان أصبت فيهن سألتك عن الثلاث الآخر،فان أصبت فيهن سألتك عن الواحدة.

فقال علي:ما تدري إذا سألتني فأجبتك أخطأت أم أصبت.

فأخرج اليهودي من كمّه كتابا عتيقا قال:هذا ورثته عن آبائي و أجدادي عن هارون جدّي إملاء موسى بن عمران،و خط هارون بن عمران عليهما السّلام،و فيه هذه المسألة التي أسألك عنها.

قال علي:إن أجبتك بالصواب فيهن لتسلم؟

فقال:و اللّه أسلم الساعة على يديك إن أجبتني بالصواب فيهن.6.

ص: 285


1- البقرة2/ و 3.
2- المجادلة22/.
3- كتاب الغيبة للنعماني:66.

قال له:سل.

قال:أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الأرض.

و عن أوّل شجرة نبتت على وجه الأرض.

و عن أوّل عين نبعت على وجه الأرض.

قال:أمّا أوّل حجر وضع على وجه الأرض فان اليهود يزعمون أنّها صخرة بيت المقدس،و كذبوا،و لكن هو الحجر الأسود نزل به آدم عليه السّلام من الجنّة فوضعه في ركن البيت،و الناس يتمسّحون به و يقبّلونه و يجدّدون العهد و الميثاق به؛لأنّه كان ملكا ابتلع كتاب العهد و الميثاق،و كان مع آدم في الجنّة، فلمّا خرج آدم خرج هو فصار حجرا.

قال اليهودي:صدقت.

قال علي:و أمّا أوّل شجرة نبتت على الأرض فان اليهود يزعمون أنّها الزيتونة،و كذبوا،و لكنها نخلة من العجوة نزل بها آدم عليه السّلام من الجنّة،فأصل كلّ النخلة العجوة.

قال اليهودي:صدقت.

قال علي(كرّم اللّه وجهه):و أمّا أول عين نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون أنّها العين التي كانت تحت صخرة بيت المقدس،و كذبوا،و لكنّها عين الحياة التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة،فلمّا أصابها ماء العين حييت و عاشت و شربت منه،فاتبعها موسى و صاحبه الخضر عليهما السّلام.

قال اليهودي:صدقت.

قال علي:سل عن الثلاث الآخر.

قال:أخبرني كم لهذه الأمة بعد نبيها من إمام؟

ص: 286

و أخبرني عن منزل محمد أين هو في الجنّة؟

و أخبرني من يسكن معه في منزله؟

قال علي:لهذه الأمّة بعد نبيها اثنا عشر إماما،لا يضرّهم خلاف من خالفهم.

قال اليهودي:صدقت.

قال علي:ينزل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في جنّة عدن،و هي وسط الجنان و أعلاها و أقربها من عرش الرحمن(جلّ جلاله).

قال اليهودي:صدقت.

قال علي:و الذي يسكن معه في الجنّة هؤلاء الأئمة الاثنا عشر،أوّلهم أنا و آخرنا القائم المهدي.

قال:صدقت.

قال علي:سل عن الواحدة.

قال:أخبرني كم تعيش بعد نبيك،و هل تموت أو تقتل؟

قال:أعيش بعده ثلاثين سنة،و تخضب هذه-أشار بلحيته-من هذا-أشار برأسه الشريف-.

فقال اليهودي:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أشهد أنّ محمدا رسول اللّه،و أشهد أنّك وصيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ص: 287

ص: 288

الباب السابع و السبعون

[في تحقيق حديث«بعدي اثنا عشر خليفة»

14,12- (1)و في جمع الفوائد:جابر بن سمرة رفعه:

لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة،كلّهم تجتمع عليه (2)الأمّة،فسمعت كلاما من النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم أفهمه ،فقلت لأبي:ما يقول؟

قال:كلّهم من قريش (للشيخين و الترمذي و أبي داود بلفظه) .

ذكر يحيى بن الحسن في كتاب«العمدة»من عشرين طريقا في أن الخلفاء بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش،في البخاري من ثلاثة طرق، و في مسلم من تسعة طرق،و في أبي داود من ثلاثة طرق،و في الترمذي من طريق واحد،و في الحميدي من ثلاثة طرق (3).

14- (2)و في البخاري:عن جابر رفعه:

يكون بعدي اثنا عشر أميرا؛فقال كلمة لم أسمعها،فسألت أبي:ما ذا قال؟ قال:قال:كلّهم من قريش.

ص: 289


1- جمع الفوائد 315/1 الخلافة و الامارة.
2- في المصدر:«عليهم».
3- العمدة لابن البطريق:416 و ما بعدها.سنن أبي داود 309/3 حديث 4279.صحيح البخاري 104/8 و ما بعدها(الأحكام).صحيح مسلم 183/2 و ما بعدها.الترمذي 340/3 باب 40 حديث 2323. ([2]) صحيح البخاري 104/8(الأحكام).

14- (1)و في مسلم:عن عامر بن سعد قال:

كتبت الى ابن سمرة:أخبرني بشيء سمعته من النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.فكتب إليّ:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم الجمعة عشية رجم الأسلمي يقول:لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة،و يكون عليهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش.

14- (2)و في المودّة العاشرة من كتاب«مودّة القربى»للسيد علي الهمداني(قدس اللّه سره و أفاض علينا بركاته و فتوحه):

عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال:

كنت مع أبي عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسمعته يقول:بعدي اثنا عشر خليفة،ثم أخفى صوته،فقلت لأبي:ما الذي أخفى صوته؟

قال:قال:كلّهم من بني هاشم.

و عن سماك بن حرب مثل ذلك .

14- (3)و عن الشعبي،عن مسروق قال:

بينا نحن عند ابن مسعود نعرض مصاحفنا عليه إذ قال له فتى:هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده خليفة؟

قال:إنّك لحديث السن،و إنّ هذا شيء ما سألني عنه أحد قبلك،نعم عهد إلينا نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل.

14,12- (4)و عن علي(كرّم اللّه وجهه)قال:ق.

ص: 290


1- صحيح مسلم 184/2 حديث 1822.
2- مودة القربى:29 المودة العاشرة.
3- المصدر السابق.
4- المصدر السابق.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمّتي رجل من ولد الحسين يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما.

17- (1)و عن عباية بن ربعي،عن جابر قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا سيد النبيين،و علي سيد الوصيين،و إنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر،أوّلهم علي،و آخرهم القائم المهدي.

14,12,3- (2)و عن سليم بن القيس الهلالي،عن سلمان الفارسي رضي اللّه عنه قال:

دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاذا الحسين على فخذيه،و هو يقبّل خديه و يلثم فاه، و يقول:أنت سيد ابن سيد أخو سيد،و أنت إمام ابن إمام أخو إمام،و أنت حجة ابن حجة أخو حجة،أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم المهدي.

أيضا أخرجه الحمويني و موفق بن أحمد الخوارزمي .

14,1,2,3- (3)و عن ابن عباس(رضي اللّه عنهما)قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون.

أيضا أخرجه الحمويني .

14,1- (4)و عن علي(كرّم اللّه وجهه)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحبّ أن يركب سفينة النجاة،و يستمسك بالعروة الوثقى،و يعتصم بحبل اللّه المتين،فليوال عليا و ليعاد عدوّه،و ليأتمّ بالائمة الهداة9.

ص: 291


1- مودة القربى:29.
2- مودة القربى:29.كتاب سليم:23 حديث 7.فرائد السمطين 313/2 حديث 563.
3- مودة القربى:29.عيون أخبار الرضا عليه السّلام 262/2 حديث 43.
4- مودة القربى:29.

من ولده،فانّهم خلفائي و أوصيائي،و حجج اللّه على خلقه من بعدي، و سادات أمّتي،و قواد الأنقياء الى الجنّة،حزبهم حزبي،و حزبي حزب اللّه، و حزب أعدائهم حزب الشيطان.

14,1,12- (1)و عن ابن عباس قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه فتح هذا الدين بعلي،و إذا قتل فسد الدين و لا يصلحه إلاّ المهدي.

14- (2)و عن علي(كرّم اللّه وجهه)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الأئمة من ولدي فمن أطاعهم فقد أطاع اللّه و من عصاهم فقد عصى اللّه هم العروة الوثقى و الوسيلة الى اللّه(جلّ و علا). (انتهى كتاب مودّة القربى).

قال بعض المحققين:إنّ الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة،فبشرح الزمان و تعريف الكون و المكان، علم أنّ مراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من حديثه هذا الائمة الاثنا عشر من أهل بيته و عترته،إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه، لقلتهم عن اثني عشر،و لا يمكن أن يحمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر،و لظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز،و لكونهم غير بني هاشم،لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال«كلّهم من بني هاشم»في رواية عبد الملك عن جابر،و إخفاء صوته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في هذا القول يرجح هذه الرواية؛لأنّهم لا يحسنون خلافة بني هاشم،و لا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهمق.

ص: 292


1- مودة القربى:30.
2- المصدر السابق.

على العدد المذكور،و لقلّة رعايتهم الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و حديث الكساء،فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثنى عشر من أهل بيته و عترته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم و أجلّهم و أورعهم و أتقاهم،و أعلاهم نسبا،و أفضلهم حسبا،و أكرمهم عند اللّه،و كان علومهم عن آبائهم متصلا بجدّهم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بالوراثة و اللدنية،كذا عرفهم أهل العلم و التحقيق و أهل الكشف و التوفيق.

و يؤيد هذا المعنى أي أن مراد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته و يشهده و يرجحه حديث الثقلين،و الأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب و غيرها.

14- و أمّا قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «كلّهم تجتمع عليه الأمة» في رواية عن جابر بن سمرة .

فمراده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ الأمّة تجتمع على الاقرار بامامة كلّهم وقت ظهور قائمهم المهدي(رضي اللّه عنهم).

1- (1)و في نهج البلاغة من خطبة علي(كرّم اللّه وجهه):

أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذبا و بغيا علينا أن رفعنا اللّه و وضعهم،و أعطانا و حرمهم،و أدخلنا و أخرجهم،بنا يستعطى الهدى،و بنا يستجلى العمى،و إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحقّ و لا أظهر من الباطل،و لا أكثر من الكذب على اللّه و رسوله،و ليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته،و لا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه،و لا في البلاد شيء أنكر من المعروف،و لا أعرف من المنكر.7.

ص: 293


1- نهج البلاغة:201 خطبة 144؛و 204 خطبة 147.

و اعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه،و لن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه،و لن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله،فانّهم عيش العلم و موت الجهل،هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم،و صمتهم عن منطقهم،و ظاهرهم عن باطنهم،لا يخالفون الدين و لا يختلفون فيه،و هو بينهم شاهد صادق،و صامت ناطق (1).

5,14- (2)و في المناقب:عن جعفر الصادق،عن أبيه محمد الباقر قال:

أتيت جابر بن عبد اللّه فقلت له:أخبرني عن حجة الوداع؟فذكر حديثا طويلا،ثم قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:إنّي تارك فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي و إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض،ثم قال:اللّهم اشهد،اللّهم اشهد،اللّهم اشهد،ثلاثا.

أيضا رواه الامام علي الرضا عن آبائه(رضي اللّه عنهم) .3.

ص: 294


1- نهج البلاغة:205 خطبة 147.
2- إكمال الدين 236/1 حديث 53.

الباب الثامن و السبعون

في إيراد ما في كتاب«فرائد السمطين»و غيره

14,12- (1)و في كتاب«فرائد السمطين»للشيخ محمد بن إبراهيم الجويني الخراساني الحمويني المحدث الفقيه الشافعي:بسنده عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن يعقوب الكلابادي البخاري،بسنده،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري(رضي اللّه عنهما)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد، و من أنكر نزول عيسى فقد كفر،و من أنكر خروج الدجال فقد كفر.

14,1,12- (2)و في هذا الكتاب:عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ خلفائي و أوصيائي و حجج اللّه على الخلق بعدي الاثنا عشر،أوّلهم علي،و آخرهم ولدي المهدي،فينزل روح اللّه عيسى بن مريم فيصلّي خلف المهدي،و تشرق الأرض بنور ربّها،و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب.

14,1,12- (3)و فيه:بسنده عن عباية بن ربعي،عن ابن عباس قال:

ص: 295


1- فرائد السمطين 334/2 حديث 585.
2- فرائد السمطين 312/2 حديث 562.
3- فرائد السمطين 313/2 حديث 564.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا سيد النبيين،و علي سيد الوصيين،و إنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر،أوّلهم علي،و آخرهم المهدي.

14,12- (1)و فيه:بسنده عن أبي أمامة الباهلي قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: بينكم و بين الروم سبع سنين.

فقيل:يا رسول اللّه من إمام الناس يومئذ؟

قال:المهدي من ولدي ابن أربعين سنة،كأنّ وجهه كوكب دريّ،و في خدّه الأيمن خال أسود،عليه عبايتان قطوانيتان،كأنّه من رجال بني إسرائيل، يملك عشرين سنة،يستخرج الكنوز،و يفتح مدائن الشرك.

و في كتاب«الاصابة» نحوه.

14,12- (2)و فيه:عن أبي نعيم الحافظ،عن ابن عمر قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يخرج المهدي و على رأسه ملك ينادي:هذا المهدي خليفة اللّه فاتبعوه.

14,12- (3)و فيه:عن الباقر،عن أبيه و جدّه،عن علي عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المهدي من ولدي،تكون له غيبة،إذا ظهر يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

14,1,12- (4)و فيه:عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس(رضي اللّه عنهما)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ عليا وصيّي،و من ولده القائم المنتظر المهدي،الذي9.

ص: 296


1- فرائد السمطين 314/2 حديث 565.
2- فرائد السمطين 316/2 حديث 569.
3- فرائد السمطين 334/2 حديث 586-587.
4- فرائد السمطين 334/2 حديث 589.

يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و الذي بعثني بالحقّ بشيرا و نذيرا،إنّ الثابتين على القول بامامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.

فقام إليه جابر بن عبد اللّه فقال:يا رسول اللّه،و للقائم من ولدك غيبة؟

قال:إي و ربّي،ليمحّص اللّه الذين آمنوا و يمحق الكافرين.

ثم قال:يا جابر،إنّ هذا أمر من أمر اللّه،و سرّ من سرّ اللّه،فاياك و الشكّ،فان الشكّ في أمر اللّه(عزّ و جلّ)كفر.

8,12- (1)و فيه:عن الحسن بن خالد قال:

قال علي بن موسى الرضا رضي اللّه عنه: لا دين لمن لا ورع له،و إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقاكُمْ :أي أعملكم بالتقوى.

ثم قال:إنّ الرابع من ولدي ابن سيدة الاماء يطهر اللّه به الأرض من كلّ جور و ظلم،و هو الذي يشكّ الناس في ولادته،و هو صاحب الغيبة،فاذا خرج أشرقت الأرض بنور ربّها،و وضع ميزان العدل بين الناس،فلا يظلم أحد أحدا،و هو الذي تطوى له الأرض،و لا يكون له ظلّ،و هو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض:ألا إنّ حجة اللّه قد ظهر عند بيت اللّه فاتبعوه،فانّ الحقّ فيه و معه،و هو قول اللّه(عزّ و جلّ): إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (2).و قول اللّه(عزّ و جلّ) يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ. يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (3)أي خروج ولدي القائم المهدي عليه السّلام.2.

ص: 297


1- فرائد السمطين 336/2 حديث 590.
2- الشعراء4/.
3- ق41/-42.

5,12- (1)أبو نعيم الحافظ:أخرج عن الباقر رضي اللّه عنه قال: إنّ اللّه يلقي في قلوب محبينا و أتباعنا الرعب،فاذا قام قائمنا المهدي عليه السّلام كان الرجل من محبينا أجرى من سيف و أمضى من سنان.

14,12- (2)صاحب الأربعين:أخرج عن حذيفة بن اليمان قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: ويح هذه الأمّة من ملوك جبابرة،كيف يقتلون و يطردون المسلمين إلاّ من أظهر طاعتهم،فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه،و يفرّ منهم بقلبه،فاذا أراد اللّه-تبارك و تعالى-أن يعيد الاسلام عزيزا قصم كلّ جبار عنيد،و هو القادر على ما يشاء،و أصالح الأمّة بعد فسادها.

يا حذيفة،لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي يظهر الاسلام،و اللّه لا يخلف وعده،و هو على وعده قدير.

14,12- (3)صاحب الأربعين:عن أبي جعفر المنصور الدوانيقي العباسي،عن أبيه،عن جدّه،عن ابن عباس قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لن تهلك أمّة أنا في أوّلها،و عيسى بن مريم في آخرها، و المهدي في وسطها.

1,12- (4)أخرج محمد بن يوسف الكنجي الشافعي:عن علي(كرّم اللّه وجهه)قال: بخ بخ للطالقان،فانّ للّه تعالى كنوزا ليست من ذهب و لا فضة،و لكن بها رجال معرفون،عرفوا اللّه حقّ معرفته،و هم أيضا أنصار المهدي عليه السّلام في آخر الزمان.1.

ص: 298


1- غاية المرام:698 باب 41 حديث 63.
2- عقد الدرر:62-63.
3- كفاية الطالب:508 حديث 1274.
4- كفاية الطالب:491.

14- (1)أخرج الكنجي:عن جابر بن عبد اللّه(رضي اللّه عنهما)قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين الى يوم القيامة،فينزل عيسى بن مريم فيقول له أميرهم:تعال صلّ بنا،فيقول:لا إنّ بعضكم على بعض أمراء تكرمة من اللّه-تبارك و تعالى- لهذه الأمّة.

قال:هذا حديث حسن صحيح.أيضا رواه مسلم في صحيحه .

14,12- (2)أخرج الكنجي:بسنده عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كيف أنتم إذا نزل بكم ابن مريم عليه السّلام فيكم و إمامكم منكم.

قال:هذا حديث حسن صحيح.أيضا رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما .

14,12- (3)أخرج الكنجي:بسنده عن ابن عمر قال:

قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يخرج المهدي من قرية يقال لها«كرعة»و على رأس المهدي ملك ينادي:ألا إنّ هذا المهدي فاتبعوه.

قال:هذا حديث حسن.

أيضا رواه أبو نعيم و الطبراني و غيرهما .

14,12- (4)و في كتاب«الفتن»للحافظ نعيم بن حماد:بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: منّا الذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه.6.

ص: 299


1- كفاية الطالب:496 حديث 1251.صحيح مسلم 86/1 حديث 247.
2- كفاية الطالب:496.صحيح البخاري 143/4.صحيح مسلم 86/1 حديث 244.
3- كفاية الطالب:510 حديث 1277؛و 512 حديث 1279.
4- كفاية الطالب:500 حديث 1256.

12- و فيه:بسنده عن هاشم بن محمد قال: المهدي الذي يؤم عيسى بن مريم عليهما السّلام.

14,12- (1)و في كتاب«فضل الكوفة»لمحمد بن علي العلوي:بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يملك المهدي أمر الناس سبعا أو عشرا أسعد الناس به أهل الكوفة.4.

ص: 300


1- فضل الكوفة:260 حديث 3(تحقيق:الأستاذ محمد سعيد الطريحي).كفاية الطالب:494.

الباب التاسع و السبعون

في ذكر ولادة القائم المهدي عليه السّلام

و زايجة ولادته و زايجة عيسى عليه السّلام

11,12- >cs<و في كتاب«الغيبة»للشيخ محمد بن علي بن الحسين قدّس سرّه:عن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى الكاظم(رضي اللّه عنهم)قال:

حدثتني حكيمة بنت الامام محمد التقي الجواد: بعث إليّ الامام أبو محمد الحسن العسكري فقال:يا عمة اجعلي إفطارك الليلة عندنا،فانّها ليلة النصف من شعبان،فان اللّه-تبارك و تعالى-يظهر في هذه الليلة حجته في أرضه.

قالت:فاستقمت و نمت،ثم قمت وقت السحر،و قرأ الم السجدة و يس فاضطربت نرجس،فكشف الثوب عنها فاذا به المولود ساجدا،فنادى أبو محمد:هلمّي إليّ ابني يا عمة،فجئت به إليه،فوضع قدميه على صدره،و أدخل لسانه في فيه،و أمرّ يده على عينيه و أذنه و مفاصله.

ثم قال:تكلّم يا بني.

فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له،و أشهد أنّ محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.ثم صلّى على أمير المؤمنين و على الأئمة الى أن صلّى على أبيه.

ثم قال أبو محمد:يا عمّة اذهبي به الى أمّه يسلّم عليها و ائتيني به،فذهبت به، فسلّم على أمّه،ثم رددته فوضعته عنده.

ص: 301

فقال:يا عمة إذا كان يوم السابع ائتينا،فلمّا كان يوم السابع جئت،فقال لي أبو محمد:يا عمة هلمّي إليّ ابني،فجئت ففعل به كفعله الأول و قال:تكلّم يا بني،فشهد الشهادتين،و صلّى على آبائه واحدا بعد واحد،ثم تلا وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (1).

قالت حكيمة:جئت يوما و كشفت الستر فلم أره،فقلت:جعلت فداك ما فعل سيدي؟

فقال:يا عمة استودعناه اللّه الحفيظ القدير الذي استودعته أمّ موسى موسى عليهما السّلام.

ثم قال موسى بن محمد:فسألت عقيد الخادم عن هذا فقال:صدقت حكيمة (عليها الرأفة و الرضوان) (2).

11,10,12- >cs<و في هذا الكتاب:عن محمد بن عبد اللّه المطهري قال: سألت حكيمة عن ولادة القائم عليه السّلام قالت:كانت لي جارية يقال لها«نرجس»فزارني ابن أخي أبو محمد الحسن و جعل يحدّ النظر إليها،فقلت له:أهويتها لأهبها لك؟

فقال:لا و لكن أتعجب منها إنّه سيخرج منها ولد كريم على اللّه(عزّ و جلّ)يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا.

فقلت:أرسلها إليك.

فقال:استأذني أبي.

قالت:أتيت عند أخي علي النقي الهادي و قال:يا حكيمة هي نرجس لابني أبي محمد الحسن.

فقلت:يا سيدي الى هذا قصدتك و جئتك لأن أستأذنك في ذلك.1.

ص: 302


1- القصص5/.
2- اكمال الدين 424/2 حديث 1.غاية المرام:758 حديث 1.

فقال لي:يا أختي يا مباركة إنّ اللّه-تبارك و تعالى-أحبّ أن يشركك في الأجر،و يجعل لك في الخير نصيبا.

قال:فزيّنتها و وهبتها لأبي محمد و جمعت بينه و بينها في بيت في داري،فأقام عندي أياما ثم جاء بها عند والده علي النقي.

و جلس أبو محمد مكان والده بالامامة،و كنت أزوره،و قالت لي نرجس:يا مولاتي أنا أخلع خفّك و أخدمك.

فقلت:بل أنت سيدتي،و اللّه لا أدفع إليك خفي لتخلعيه بل أخدمك على بصري.فقصدت الانصراف.

قال لي أبو محمد:يا عمة اجعلي إفطارك الليلة عندنا، ثم ذكرت حكيمة بواقي القصة نحو ما ذكرته لموسى بن محمد (1).

و أيضا قال:محمد بن اسماعيل الحسيني عن حكيمة سمعت القصة المذكورة.

و أيضا محمد بن القاسم العلوي قال: دخلنا جماعة من العلوية على حكيمة فقالت:جئتم تسألوني عن ميلاد ولي اللّه؟قلنا:نعم و اللّه،فقالت الأخبار التي ذكرتها.

و أيضا عبد اللّه المطهري سمع حكيمة قالت الخبر المذكور.

و أيضا قال الحسين بن حمدان:حدثني من أثق به من المشايخ عن حكيمة الخبر المذكور .

12- و عن نسيم و مارية الخادمان قالا: سقط صاحب الزمان من بطن أمّه جاثيا على ركبتيه،رافعا سبابتيه الى السماء،ثم عطس فقال:الحمد للّه رب العالمين7.

ص: 303


1- اكمال الدين 426/2 حديث 2.غاية المرام:759 و 760.الغيبة للطوسي:238 حديث 206 و 234 حديث 204؛و 239 حديث 207.

و صلّى اللّه على محمد و آله.

و قالت نسيم:عطست عند صاحب الزمان بعد مولده بليلة فقال لي:يرحمك اللّه،و قال:العطاس أمان من الموت الى ثلاثة أيام (1).

>cs<و في فصل الخطاب للسيد الشيخ الكامل العالم العامل خواجه محمد پارسا أسبق خلفاء بهاء الدين محمد الملقب بشاه نقشبند(قدس سرهما و أفاض علينا فتوحهما و بركاتهما):

و من أئمه أهل البيت الطيبين أبو محمد الحسن العسكري،ولد سنة إحدى و ثلاثين و مائتين يوم الجمعة السادس من ربيع الأول،و دفن بجنب أبيه، و كانت مدّة بقاء الحسن العسكري بعد أبيه(رضي اللّه عنهما)ست سنين،و لم يخلف ولدا غير أبي القاسم محمد المنتظر،المسمّى بالقائم،و الحجة،و المهدي، و صاحب الزمان،و خاتم الأئمة الاثنى عشر عند الامامية.

و كان مولد المنتظر ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين أمّه أم ولد يقال لها«نرجس»،توفي أبوه و هو ابن خمس سنين فاختفى الى الآن.

و أبو محمد الحسن العسكري ولده محمد المنتظر المهدي(رضي اللّه عنهما)معلوم عند خاصة أصحابه و ثقات أهله.

11,12- و يروى: أنّ حكيمة بنت أبي جعفر محمد الجواد التقي كانت عمّة أبي محمد الحسن العسكري تحبّه و تدعو له و تتضرّع الى اللّه تعالى أن يريها ولده،فلمّا كانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين دخلت حكيمة عند الحسن العسكري فقال لها:يا عمة كوني الليلة عندنا لأمر،فأقامت.فلمّا كان5.

ص: 304


1- اكمال الدين 430/2 حديث 5.

وقت الفجر اضطربت نرجس،فقامت إليها حكيمة،فوضعت نرجس المولود المبارك.فلمّا رأته حكيمة أتت به أبا محمد الحسن العسكري(رضي اللّه عنهم) و هو مختون،فأخذه و مسح بيده على ظهره و عينيه،و أدخل لسانه في فيه،و أذّن في أذنه اليمنى و أقام في الأخرى،ثم قال:يا عمّة اذهبي به الى أمّه،فذهبت به و رددته الى أمّه.

قالت حكيمة:ثم جئت من بيتي الى أبي محمد الحسن فاذا المولود بين يديه في ثياب صفر،و عليه من البهاء و النور أخذ بمجامع قلبي،فقلت:يا سيدي هل عندك من علم في هذا المولود المبارك؟

فقال:يا عمة هذا المنتظر الذي بشرنا به.

قالت حكيمة:فخرت للّه ساجدة شكرا على ذلك.

ثم كنت أتردد الى أبي محمد الحسن فلا أرى المولود،فقلت:يا مولاي ما فعل سيدنا و منتظرنا؟

قال:استودعناه اللّه الذي استودعته أمّ موسى عليهما السّلام ابنها.

و قالوا:آتاه اللّه-تبارك و تعالى-الحكمة و فصل الخطاب في طفوليته،و جعله آية للعالمين،كما قال تعالى يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا و قال تعالى: قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا. قالَ إِنِّي عَبْدُ اللّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا و طوّل اللّه-تبارك و تعالى-عمره كما طوّل عمر الخضر عليه السّلام. (انتهى فصل الخطاب) .

11,12- >cs<و في«الصواعق المحرقة»للشيخ ابن حجر الهيثمي المكي الشافعي:

أبو محمد الحسن الخالص العسكري،ولد سنة اثنين و ثلاثين و مائتين.و لمّا حبسه المعتمد بن المتوكل وقع قحط شديد،فخرج المسلمون للاستسقاء ثلاثة

ص: 305

أيام لم يسقوا،فخرج النصارى و معهم راهب،فلمّا مدّ يده الى السماء غيّمت فأمطرت في اليوم الأول،ثم في اليوم الثاني كذلك،فشكّ بعض جهلة المسلمين، و ارتدّ بعضهم،فشقّ ذلك على المعتمد،فأمر باحضار الحسن العسكري و قال له:أدرك أمّة جدّك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبل أن يهلكوا،فقال الحسن في اطلاق أصحابه من السجن فأطلق كلّهم له.

فلمّا رفع الراهب يده مع النصارى غيمت السماء فأمر الحسن رضي اللّه عنه رجلا بالقبض بما في يد الراهب،فقبض فاذا عظم آدمي في يده،فأخذه من يده و قال:استسق،فرفع يده الى السماء فزال الغيم و ظهرت الشمس،فعجب الناس من ذلك فقال المعتمد:ما هذا يا أبا محمد؟

فقال:هذا عظم نبي قد ظفر به هذا الراهب،و ما كشف عظم نبي تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر،و امتحنوا ذلك العظم الشريف،و زالت الشبهة عن الناس و رجع الحسن الى داره.

و توفي رضي اللّه عنه،و يقال انه مات بالسم،و لم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، و عمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن آتاه اللّه تعالى الحكمة،و يسمّى القائم المنتظر،لأنّه ستر و غاب فلم يعرف أين ذهب (1)(انتهت الصواعق) .

فالخبر المعلوم المحقق عند الثقات أنّ ولادة القائم عليه السّلام كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين في بلدة سامراء عند القران الأصغر الذي كان في القوس و هو رابع القران الأكبر الذي كان في القوس، و كان الطالع الدرجة الخامسة و العشرين من السرطان.8.

ص: 306


1- الصواعق المحرقة:207-208.

و زايجته المباركة في أفق سامراء هذه:

و لمّا كان اجتماع القائم المهدي و عيسى بن مريم عليهم السّلام أمر محقّق أوردت زايجة عيسى عليه السّلام للتبارك و هذه صورتها (1)خ.

ص: 307


1- البياض في جميع النسخ.

ص: 308

الباب الثمانون

في قصة كلام الامام علي الرضا و الامام جعفر الصادق

في شأن القائم المهدي(رضي اللّه عنهم)

8,14,12- (1)أخرج الحمويني الشافعي في«فرائد السمطين»:عن أحمد بن زياد،عن دعبل ابن علي الخزاعي قال:

أنشدت قصيدة لمولاي الامام علي الرضا رضي اللّه عنه،أولها:

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات

أرى فيئهم في غيرهم متقسما *** و أيديهم من فيئهم صفرات

و قبر ببغداد لنفس زكية *** تضمنها الرحمن في الغرفات

قال لي الرضا:أ فلا ألحق البيتين بقصيدتك؟!

قلت:بلى يا بن رسول اللّه.

فقال:

و قبر بطوس يا لها من مصيبة *** ألحّت على الأحشاء بالزفرات

الى الحشر حتى يبعث اللّه قائما *** يفرّج عنا الهم و الكربات

قال دعبل:ثم قرأت باقي القصيدة عنده،فلمّا انتهيت الى قولي:

خروج إمام لا محالة واقع *** يقوم على اسم اللّه و البركات

يميّز فينا كلّ حقّ و باطل *** و يجزي على النعماء و النقمات

ص: 309


1- فرائد السمطين 337/2 حديث 591.

بكى الرضا بكاء شديدا،ثم قال:يا دعبل نطق روح القدس بلسانك،أ تعرف من هذا الامام؟

قلت:لا إلاّ أنّي سمعت خروج إمام منكم يملأ الأرض قسطا و عدلا.

فقال:إنّ الامام بعدي ابني محمد،و بعد محمد ابنه علي،و بعد علي ابنه الحسن، و بعد الحسن ابنه الحجة القائم،و هو المنتظر في غيبته،المطاع في ظهوره،فيملأ الأرض قسطا و عدلا،كما ملئت جورا و ظلما،و أمّا متى يقوم،فاخبار عن الوقت،لقد حدثني أبي،عن آبائه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلاّ بغتة.

6,12- (1)و في المناقب:عن سدير الصيرفي قال:

دخلت أنا،و المفضل بن عمر،و أبو بصير،و ابان بن تغلب على مولانا أبي عبد اللّه جعفر الصادق رضي اللّه عنه فرأيناه جالسا على التراب،و هو يبكي بكاء شديدا و يقول:سيدي غيبتك نفت رقادي،و أسلبت منّي راحة فؤادي.

قال سدير:تصدّعت قلوبنا جزعا فقلنا:لا أبكى اللّه-يا ابن خير الورى- عينيك،فزفر زفرة انتفخ منها جوفه،فقال:نظرت في كتاب الجفر الجامع صبيحة هذا اليوم،و هو الكتاب المشتمل على علم ما كان و ما يكون الى يوم القيامة،و هو الذي خص اللّه به محمدا و الأئمة من بعده(صلوات اللّه عليه و عليهم)،و تأملت فيه مولد قائمنا المهدي،و طول غيبته،و طول عمره،و بلوى المؤمنين في زمان غيبته،و تولد الشكوك في قلوبهم من إبطاء ظهوره،و خلعهم ربقة الاسلام عن أعناقهم قال اللّه(عزّ و جلّ): وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي).

ص: 310


1- اكمال الدين 352/2 حديث 50(في حديث طويل).

عُنُقِهِ (1) يعني ولاية الامام،فأخذتني الرقة،و استولت عليّ الأحزان.

و قال:قدّر اللّه مولده تقدير مولد موسى،و قدّر غيبته تقدير غيبة عيسى، و إبطاءه كابطاء نوح،و جعل عمر العبد الصالح الخضر دليلا على عمره.

أمّا مولد موسى عليه السّلام فان فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه بيد مولود من بني إسرائيل أمر بقتل كلّ مولود ذكر من بني إسرائيل،حتى قتل نيفا و عشرين ألف مولودا،فحفظ اللّه موسى،كذلك بنو أمية و بنو العباس وقفوا على أنّ زوال الجبابرة على يد القائم منّا قصدوا قتله،و يأبى اللّه أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلاّ أن يتم نوره.

و أمّا غيبته كغيبة عيسى عليهما السّلام فان اليهود و النصارى اتفقت على أنّه قتل فكذبهم اللّه(عزّ و جلّ ذكره)بقوله وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (2)، كذلك غيبة القائم فانّ الناس استنكرها لطولها.

فمن قائل بغير هدى:بانّه لم يولد.

و قائل يقول:انه ولد و مات.

و قائل يقول:إنّ حادي عشرنا كان عقيما.

و قائل يقول:إنّه يتعدّى الى ثالث و ما عداه.

و قائل يقول:إنّ روح القائم ينطق في هيكل غيره.و كلّها باطل.

و أمّا إبطاؤه كابطاء نوح عليه السّلام فانّه لمّا استنزل العقوبة على قومه بعث اللّه الروح الأمين فقال:يا نبي اللّه إنّ اللّه يقول لك:إنّ هؤلاء خلائقي و عبادي لست أهلّكم إلاّ بعد تأكيد الدعوة،و إلزام الحجة،و اغرس النوى،فان لك الخلاص/.

ص: 311


1- الإسراء13/.
2- النساء157/.

إذا أثمرت،فاذا أثمرت قال اللّه له:اغرس النوى و اصبر و اجتهد،فاخبر ذلك للذين آمنوا به،فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل،ثم إنّ اللّه يأمر عند ثمرها كلّ مرّة بان يغرسها مرّة بعد أخرى الى أن غرسها سبع مرات،فما زال منهم يرتدّ الى أن بقي بالايمان نيف و سبعون رجلا،فأوحى اللّه إليه:الآن صفى الحقّ عن الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة،فكذلك القائم منّا فانّه تمتد غيبته،ثم تلا حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (1).

و أما الخضر ما طوّل اللّه عمره لنبوة قدرها له،و لا لكتاب ينزل عليه،و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله،و لا لأمّة يلزم اقتدائهم به،و لا لطاعة يفرضها له،بل طول عمره للاستدلال به على طول عمر القائم عليهما السّلام،و لينقطع بذلك حجة المعاندين،لئلا يكون للناس على اللّه حجة./.

ص: 312


1- يوسف110/.

الباب الحادي و الثمانون

اشارة

في خوارق المهدي و كراماته التي ظهرت للناس

(1) قال الشيخ علي بن عيسى الأربلي (1)في كتابه«كشف الغمة»:

إنّ الناس ينقلون قصصا و أخبارا في خوارق العادات للامام المهدي رضي اللّه عنه يطول شرحها،و أنا أذكر من ذلك قصتين قرب عهدهما بزماني و حدّثني بهما جماعة من ثقات إخواني:

الأولى:

إنّه كان في بلد الحلة بين الفرات و الدجلة رجل اسمه إسماعيل بن الحسن قال اخواني:حكى لنا إسماعيل:انّه خرج على فخذي الأيسر ثوثة مقدار قبضة الانسان،فعجزت الأطباء عن علاجها،فجاء بغداد و رآه أطباء الافرنج فقالوا:لا علاج لها.

فتوجه الى سامراء و زار الامامين علي الهادي و الحسن العسكري(رضي اللّه عنهما)،و نزل السرداب و دعا اللّه تعالى تضرعا إليه،و استغاث بالامام المهدي رضي اللّه عنه،ثم مضى الى دجلة فاغتسل ثم لبس ثوبه،فرأى أربعة فرسان خارجين من باب سور البلد،و واحد منهم شيخ بيده رمح،و شاب آخر عليه

ص: 313


1- و هو بهاء الدين أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى أبي الفتح الأربلي المنشأ،نزيل بغداد و دفينها،توفي 693.

فرجية ملونة،فصاحب الرمح يمين الطريق،و الشابان يسار الطريق،و الشاب صاحب الفرجية على الطريق.

فقال له صاحب الفرجية:أنت تروح غدا الى أهلك؟

فقال:نعم.

فقال صاحب الفرجية له:تقدّم إليّ حتى أبصار ما يوجعك.

فقدم إليه و مدّ يده إليه فعصر التوثة بيده فأوجعه ثم استوى على سرجه.

فقال الشيخ صاحب الرمح:أفلحت يا اسماعيل،هذا الامام.

ثم ذهبوا و هو مشى معهم فقال الامام:ارجع.

فقال:لا أفارقك أبدا.

فقال الامام:المصلحة في رجوعك.

فقال:لا أفارقك أبدا.

فقال الشيخ:يا إسماعيل ما تستحي؟يقول لك الامام ارجع مرتين فتخالفه؟

فوقف،و تقدّم الامام خطوات،ثم التفت إليه و قال:يا إسماعيل إذا وصلت الى بغداد فلا بد أن يطلبك أبو جعفر يعني الخليفة المستنصر باللّه،فاذا حضرت عنده و أعطاك شيئا فلا تأخذه،و قل لولدنا الرضي ليكتب لك الى علي بن عوض فانّني أوصيه يعطيك الذي تريد.

ثم سار مع أصحابه،فلم يزل قائما يبصرهم حتى غابوا،ثم قعد على الأرض ساعة متأسفا محزونا و باكيا عن مفارقتهم،ثم جاء الى سامراء فاجتمع القوم حوله و قالوا:نرى وجهك متغيرا،فما أصابك؟

فقال:هل عرفتم الفرسان الذين خرجوا من البلد و ساروا ساحل الشط؟

قالوا:هم الشرفاء أرباب الغنم.

ص: 314

فقال لهم:بل هم الامام و أصحابه الشابان،و صاحب الفرجية هو الامام،مسّ بيده المباركة مرضي.

فقالوا:أرينه.فكشف فخذه فلم يروا له أثرا،فمزقوا ثيابه،و أدخلوه في خزانة،و منعوا الناس عنه لكيلا يزدحموا عليه.

ثم إنّ الناظر من طرف الخليفة جاء الخزانة و سأله عن هذا الخبر،و عن اسمه و نسبه و وطنه،و عن خروجه من بغداد أول هذا الأسبوع،ثم ذهب عنه فبات إسماعيل في الخزانة،فصلّى الصبح و خرج مع الناس الى أن بعد من سامراء، فرجع القوم و وادعوه،فسار منفردا حتى وصل الى موضع فرأى الناس مزدحمين على القناطرة العتيقة يسألون عمّن ورد عليهم عن اسمه و نسبه و موضع مجيئه،فلمّا لا قوة عرفوه بالعلامات المذكورة،فمزقوا ثيابه و أخذوها تبرّكا،و كان الناظر كتب الى بغداد و عرفهم الحال،و كان الوزير طلب السعيد رضي الدين ليعرفه صحة الخبر،فخرج رضي الدين الذي هو كان من أصدقاء إسماعيل،و كان ضيفه قبل خروجه الى سامراء،فلمّا رآه رضي الدين و جماعة معه فنزلوا عن دوابهم،و أراهم فخذه فلم يروا شيئا،فغشي على رضي الدين ساعة،ثم أخذه بيده و أدخله عند الوزير القمي،و يبكي و يقول:هذا أخي و أقرب الناس إلى قلبي،فسأله الوزير عن القصة فحكاها له،فأحضر الأطباء الذين رأوا مرضه،و سألهم متى رأيتموه؟

قالوا:منذ عشرة أيام.

فكشف الوزير فخذ إسماعيل فليس فيها أثر قالوا:هذا عمل المسيح عليه السّلام.

فقال الوزير:نحن نعرف من عملها.

ثم أحضره الوزير عند الخليفة،فسأله عن القصة،فحكى له ما جرى فأعطى له

ص: 315

ألف دينار.

فقال:ما أجسر أن آخذ منه ذرّة.

فقال الخليفة:ممّن تخاف؟

فقال:من الذي فعل بي هذا،قال لي:لا تأخذ من أبي جعفر شيئا،فبكى الخليفة.

ثم قال علي بن عيسى:كنت أحكي هذه القصة لجماعة عندي،و كان شمس الدين ولده حاضرا عندي لا أعرفه قال:أنا ابنه من صلبه.

فقلت:هل رأيت فخذ أبيك و هي مجروحة؟

قال:إنّي كنت صبيا في وقت جراحة فخذه،و لكن سمعت القصة من أبي و أمي و أقربائي و جيراني،و رأيت فخذه بعد ما صلحت و لا أثر فيها،و نبت في موضعها شعر.

و قال أيضا:سألت السيد صفي الدين محمد بن محمد و نجم الدين حيدر بن الأيسر رحمهما اللّه:أخبراني بصحة هذه القصة،و انّهما رأيا إسماعيل في مرضه و صحته، و حكى لي ولده أنّ أباه ذهب الى سامراء بعد صحته أربعين مرة طمعا أن يعود له الوقت الذي رآه.

g[الثانية:]g

حكى لي السيد باقي بن عطوة العلوي الحسني:إنّ أباه عطوة لا يعترف بوجود الامام محمد المهدي رضي اللّه عنه و يقول:إذا جاء الامام فيبرئني من هذا المرض أصدّق قولكم،و يكرر هذا القول.

فبينا نحن مجتمعون وقت العشاء الأخيرة صاح أبونا فأتيناه سراعا فقال:

ص: 316

الحقوا الامام،في هذه الساعة خرج من عندي؛فخرجنا فلم نر أحدا فجئنا إليه،و قال:إنّه دخل إلي شخص و قال:يا عطوة.

فقلت:لبيك من أنت؟

قال:أنا المهدي قد جئت إليك أن أشفي مرضك.ثم مدّ يده المباركة و عصر و ركي،و راح،فصار مثل الغزال.

قال علي بن عيسى:سألت عن هذه القصة غير ابنه فأقرّ بها.

11,12,14- (1)و في كتاب الغيبة:عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال:

دخلت على أبي محمد الحسن العسكري رضي اللّه عنه و أنا أريد أن أسأله عن الخلف بعده،قال لي قبل إظهاري:يا أحمد إنّ اللّه-تبارك و تعالى-لم يخل الأرض منذ خلق آدم(عليه الصلاة و السّلام)الى أن تقوم الساعة من حجة على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض،و به ينزل الغيث،و به تخرج بركات الأرض.

قال:فقلت له:يا ابن رسول اللّه جعلت فداك فمن الامام و الخليفة بعدك؟

فنهض مسرعا و دخل بيته،ثم خرج و على عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر،من أبناء ثلاث سنين،فقال:يا أحمد لو لا كرامة اللّه عليك ما عرضت عليك ابني هذا،إنّه سمّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كنيته بكنيته،و هو الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

يا أحمد مثله مثل الخضر في طول العمر،و في العلم اللدني،و اللّه ليغيبن غيبة لا ينجو الناس من زمان غيبته من ضعف الدين إلاّ من أثبته اللّه(عزّ و جلّ)على2.

ص: 317


1- اكمال الدين 384/2 حديث 2.

القول بامامته.

فقال أحمد:قلت:يا مولاي هل من علامة له يطمئن قلبي؟

فنطق الصبي و قال:يا أحمد أنا بقية خلفاء اللّه في أرضه،و أنا المنتقم من أعدائه، فلا تطلب إماما غيري من بعد أبي،أنا أمر من أمر اللّه،و سر من سر اللّه، و غيب من غيبه،فخذ ما آتيتك و كن من الشاكرين،تكن غدا معنا في عليين.

قال:ففرحت له فرحة عظيمة،و قلت:للّه الحمد و المنّة على إحسانه.

12- (1)و في كتاب الغيبة: كان في غيبته الصغرى النواب المنصوبون واحدا بعد واحد، يخرج من عندهم توقيعاته و أوامره و نواهيه و أخباره عن مغيبات الأمور،الى أن صار نائبه و وكيله أبو الحسن علي بن محمد السمري فاستقام في النيابة الى آخر عمره،فدخل يوما في بيت تظهر التوقيعات فيه رأى مكتوبا فيه:يا علي ابن محمد إنّك بعد ستة أيام تلقى اللّه(عزّ و جلّ)و تنقل من الدنيا،و أنت آخر نوابي فلا أجعل بعدك نائبا الى ظهوري.فمات بعد ستة أيام سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة رحمه اللّه.

12- (2)و في كتاب الغيبة عن شقيق الأرزاني قال: أمرنا المعتضد باللّه الخليفة العباسي و نحن ثلاثة نفر و قال لنا:اذهبوا الى سامراء مختفين،و وصف لنا محلّة و دارا، فاذا رأيتم في هذه الدار رجلا آتوني به،فجئنا الى سامراء،و دخلنا الدار فلم نر فيها أحدا،ثم رأينا فيها سترا،فرفعنا الستر فاذا فيها بيت كبير كان فيه ماء و في أقصى البيت حصير على الماء،و فوقه رجل من أحسن الناس هيئة و هو قائم يصلّي،فسبق أحمد بن عبد اللّه و دخل في الماء فغرق و اضطرب،فأخرجته6.

ص: 318


1- اكمال الدين 516/2 حديث 24.
2- غيبة الطوسي:248 حديث 228.غاية المرام:765 باب 7 حديث 15.البحار 51/52 حديث 36.

بيدي و غشي عليه ساعة،ثم أفاق ،ثم فعل صاحبي الثاني فعل صاحبي الأول، فنال ما ناله الأول،و بقينا متحيّرين،فقلنا لصاحب البيت:المعذرة الى اللّه و إليك،و إنّا تائبون الى اللّه،فما التفت الى ما قلنا،فهالنا ذلك و انصرفنا عنه.

و كان المعتضد ينتظرنا فدخلنا عنده في الليل فحكينا ما رأيناه فقال:هل لقيتم أحدا قبلي و جرى منكم الى أحد قول؟قلنا:لا بل كتمناه عن الناس و اللّه، و حلفنا بأشدّ أيمان أن لا نخبر أحدا ما دام المعتضد حيّا،لأنّه لو بلغ إليه خبر ليضربن أعناقنا و لم نحدث به إلاّ من بعده.

11,12- (1)و في كتاب الغيبة:عن سعد بن عبد اللّه القمي قال: كنت رجلا مشتغلا بغوامض العلوم،و أثبت في دفتر نيفا و أربعين مسألة من صعاب المسائل على أن أسأل خير بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد الحسن العسكري و قد خرج قاصدا نحو مولانا بسامراء،فلحقته فدخلنا بالاذن عند مولانا،و على عاتق أحمد بن إسحاق جراب فيه مائة و ستون صرّة من الدنانير و الدراهم، و على كلّ صرة منها ختم صاحبها،و على الفخذ الأيمن لمولانا غلام كالقمر، و بين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها و غرائب الفصوص المركبة عليها،قد أهداها إليه بعض رؤساء البصرة و بيده قلم يسطر،و قبض الغلام أصابعه و مولانا يدحرج الرمانة و يشغله بادارتها كيلا يمنعه عن كتابته،فلمّا فرغ من الكتابة أخرج أحمد جرابه من كسائه.

فقال مولانا:يا بني فض الخاتم عن هدايا مواليك.

فقال:يا مولاي أ يجوز أن أمدّ يدا طاهرة الى هدايا نجسة و أموال رجسة.1.

ص: 319


1- اكمال الدين 453/2-464 حديث 21.

فقال مولانا:يا ابن إسحاق أخرج ما في الجراب،فأول صرّة أخرجها ابن إسحاق قال الغلام:هذه لفلان بن فلان من محلّة كذا بقم،تشتمل على اثنين و ستين دينارا من مال حرام،لأن صاحبها وزن في شهر كذا في سنة كذا على حائك من جيرانه من الصوف منّا و ربع من،فسرقه سارق من عنده،فأخبر به الحائك فكذبه،فأخذ منه بدل ذلك منّا و ربع منّ غزلا،و اتخذ منه ثوبا فباع الثوب و ثمنه هذه الدنانير.

فلمّا فتح الصرّة وجد رقعة باسم من أخبر عنه و عددها مطابق لما قال فقال مولانا:صدقت يا بني.

ثم أخرج ابن إسحاق صرّة أخرى فقال الغلام:هذه لفلان بن فلان من محلّة كذا بقم،تشتمل على خمسين دينارا لا يحلّ لنا مسّها،لأنّها ثمن حنطة خان صاحبها،أخذ بكيل واف و باع بكيل بخس،فقال مولانا:صدقت يا بني.

ثم قال مولانا:يا ابن إسحاق احملها بأجمعها لتردّها على أربابها و آتنا بثوب العجوزة،فلمّا انصرف ابن إسحاق ليأتيه الثوب قال لي مولانا:يا سعد ما جاء بك؟

قلت:شوقا الى لقائك.

قال:فالمسائل التي أردت أن تسألها سل من قرة عيني،و أومأ الى الغلام.

فقال الغلام:سل عما بدا لك.

فسألت مسائلي واحدا بعد واحد،فأجابني بجواب شاف.

من جملة مسائله سأله عن تأويل كهيعص .

قال:فالكاف كربلا،و الهاء هلاك العترة،و الياء يزيد الملعون،و العين عطش العترة،و الصاد صبره.

ص: 320

و سأله عن تأويل فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (1).

قال:كان موسى عليه السّلام شديد الحبّ لأهله،فقال تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي انزع حبّ أهلك عن قلبك.

ثم انصرفت عنهما فاستقبلني ابن إسحاق الوكيل باكيا و قال:فقدت ثوب العجوزة.

فقلت:رأيته مبسوطا تحت قدمي مولانا.

فدخل عليه و خرج متبسما،و قال:خبرك صحيح.

12- (2)و في كتاب الغيبة:عن محمد بن علي القمي قال: إنّ علي بن الحسين بن موسى كان تحته بنت عمه،و لم يرزق منها ولدا،و كتب الى الشيخ أبي القاسم بن روح الذي كان وكيلا للامام في غيبته بعد موت وكيله محمد بن عثمان العمري،أن يسأل الامام أن يدعو اللّه-تبارك و تعالى-أن يرزقه أولادا من بنت عمّه، فخرج الجواب:يا علي،إنّك لا ترزق ولدا من بنت عمك،و ستملك جارية ديلمية ترزق منها ولدين فقيهين،و أوسطهما زاهد غير فقيه،فرزق محمدا و الحسين فقيهين باهرين،و كان بينهما أخ زاهد لا فقه له.1.

ص: 321


1- طه12/.
2- الغيبة للطوسي:308 حديث 261.

ص: 322

الباب الثاني و الثمانون

في بيان الامام أبو محمد الحسن العسكري

أرى ولده القائم المهدي لخواص مواليه و أعلمهم

أنّ الامام من بعده ولده(رضي اللّه عنهما)

11,12- (1)و في كتاب الغيبة:عن أبي غانم الخادم قال: ولد لأبي محمد الحسن مولود فسماه محمدا،فعرضه على أصحابه يوم الثالث و قال:هذا إمامكم من بعدي، و خليفتي عليكم،و هو القائم الذي تمتد عليه الأعناق بالانتظار،فاذا امتلأت الأرض جورا و ظلما خرج فملأها قسطا و عدلا.

11,12- (2)و في هذا الكتاب:عن جعفر بن مالك قال معاوية بن حكيم و محمد بن أيوب و محمد بن عثمان: إنّ أبا محمد الحسن عرض ولده علينا و نحن في منزله،و كنّا أربعين رجلا،فقال:هذا إمامكم من بعدي،و خليفتي عليكم،أطيعوه و لا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم،أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا.

12- (3)عن حمدان القلانسي قال:

قلت لمحمد بن عثمان العمري:مضى أبو محمد؟

ص: 323


1- اكمال الدين 431/2 حديث 8.غاية المرام:774 باب 6.
2- اكمال الدين 435/2 حديث 2.غاية المرام:774 باب 7 حديث 8.
3- أصول الكافي 329/1 حديث 4.غاية المرام:764 باب 7 حديث 8.

فقال لي:قد مضى و لكن قد خلف فينا من رقبتنا في بيعته.

11,12- (1)و عن عمر الأهوازي قال: أراني أبو محمد ابنه(رضي اللّه عنهما)و قال:هذا إمامكم من بعدي.

11,12- (2)و عن الخادم الفارسي قال:

كنت بباب الدار خرجت جارية من البيت و معها شيء مغطى.

فقال لها أبو محمد:اكشفي عمّا معك،فكشفت فاذا غلام أبيض حسن الوجه.

فقال:هذا إمامكم من بعدي.

قال:فما رأيته بعد ذلك.

11,12- (3)و عن محمد بن إسماعيل بن موسى الكاظم(رضي اللّه عنهم)-كان أسن بني الكاظم-قال: رأيت ولد أبي محمد الحسن العسكري و هو غلام.

11,12- (4)و عن أبي علي بن مطهر قال: رأيت ولد أبي محمد و له قدر جليل.

11,12- (5)و عن كامل بن إبراهيم المدني قال: دخلت على أبي محمد الحسن و على باب البيت ستر،فجاءت الريح فكشفت طرف الستر،فإذا غلام كأنّه القمر،فقال أبو محمد:يا كامل قد أنبأك بحاجتك،هذا الحجة من بعدي.

12- (6)و عن إبراهيم بن إدريس قال: رأيت المهدي بعد أن مضى أبو محمد(رضي اللّه عنهما)غلاما حين أيفع،و قبلت يديه و رأسه الشريف.2.

ص: 324


1- الغيبة للطوسي:243 حديث 203.أصول الكافي 328/1 حديث 3.غاية المرام:763 باب 9.
2- اكمال الدين 436/2 حديث 4.غاية المرام:764 حديث 10.
3- الغيبة للطوسي:268 حديث 230.غاية المرام:765 حديث 12.
4- غاية المرام:365 حديث 13.
5- الغيبة للطوسي:246 حديث 216(في حديث).
6- الغيبة للطوسي:268 حديث 232.

11,12- (1)و عن يعقوب بن منفوس قال: دخلت على أبي محمد الحسن العسكري و على باب البيت ستر مسبل.

فقلت له:يا سيدي من صاحب هذا الأمر بعدك؟

فقال:ارفع الستر،فرفعته،فخرج غلام فجلس على فخذ أبي محمد(رضي اللّه عنهما)و قال لي أبو محمد:هذا إمامكم من بعدي،ثم قال:يا بني ادخل البيت، فدخل البيت و أنا أنظر إليه،ثم قال:يا يعقوب انظر في البيت فدخلته فما رأيت أحدا.

12- (2)و عن محمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر بن قنبر الكبير قال: خرج صاحب الزمان على عمه جعفر الذي تعرض في مال أبي محمد و قال:يا عم مالك تتعرض في حقوقي؟فتحيّر عمّه جعفر و بهت،ثم غاب،و لمّا ماتت أم الحسن جدّة صاحب الزمان و هي أوصت أن يدفنوها في الدار،فنازع و قال:

هي داري،فخرج صاحب الزمان فقال:يا عم ما دارك هي،ثم غاب.

11,12- (3)و عن أبي الأديان قال: كنت أخدم أبا محمد الحسن العسكري و أبلغ كتبه الى الأمصار،فكتب كتبا و قال لي:انطلق بها الى المدائن فانّك تغيب خمسة عشر يوما و تدخل سامراء يوم الخامس عشر،و تسمع الناعية في داري،و تجدني على المغتسل.

فقلت:يا سيدي من هو القائم بعدك؟

قال:من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي.2.

ص: 325


1- اكمال الدين 407/2 حديث 2.
2- اكمال الدين 442/2 حديث 15.
3- اكمال الدين 475/2.

فقلت:زدني.

فقال:من يصلّي عليّ فهو القائم من بعدي.

فقلت:زدني.

قال:من أخبر ما في الهميان فهو القائم من بعدي.

ثم منعتني هيبته عن السؤال،و خرجت بالكتب الى المدائن،و أخذت جواباتها فدخلت سامراء يوم الخامس عشر،و سمعت الناعية في داره و هو على المغتسل، ثم كفن،فلمّا همّ أخوه جعفر أن يصلّي عليه ظهر صبي فجذب رداء جعفر و قال:يا عم تأخّر فأنا أحقّ بالصلاة على أبي.فتقدّم الصبي فصلّى عليه،ثم قال:يا أبا الأديان هات جوابات الكتاب التي كانت معك،فدفعتها إليه،فقلت في نفسي:هذه اثنتان،بقي الهميان.

قال:فبينا نحن جلوس إذ قدم نفر من قم و قالوا:إنّ معنا كتبا و مالا.فسألنا جعفر عن أصحاب الكتاب و كم المال.قال:لا أعلم الغيب،فخرج الخادم و قال:إنّ صاحب الزمان وجّهني إليكم إن أرباب الكتاب فلان و فلان و فلان، و ما في الهميان ألف دينار و عشرة دنانير يطلبه،فدفعوا إليه الكتاب و المال.

12- (1)و عن علي بن سنان الموصلي،عن أبيه قال:

لمّا قبض سيدنا أبو محمد جاء وفد من قم بالأموال.

فقال جعفر:احملوها إليّ.

فقالوا:كنّا إذا وردنا بالمال على أبي محمد يقول جملة المال كذا و كذا دينارا من عند فلان و فلان.6.

ص: 326


1- اكمال الدين 476/2 حديث 26.

فقال جعفر:هذا علم الغيب لا يعلمه إلاّ اللّه.

فشكى جعفر الى الخليفة و هو كان بسامراء فقال الخليفة للوفد:احملوا هذا المال الى جعفر.

فقالوا:يا أمير المؤمنين إن يكن جعفر صاحب الأمر فليبيّن لنا ما بيّن أخوه الامام و إلاّ رددنا الى أصحابه.

فقال الخليفة:هؤلاء القوم رسل و ما على الرسل إلاّ البلاغ.

فلمّا خرجوا بالمال من البلد خرج إليهم غلام فصاح يا فلان بن فلان و يا فلان ابن فلان أجيبوا مولاكم فسيروا إليه.

قالوا:فسرنا معه حتى دخلنا دار مولانا أبي محمد الحسن،فاذا ولده قاعد على سرير كأنّه القمر،عليه ثياب خضر،فقال:جملة المال كذا و كذا دينارا ،حمل فلان كذا من فلان بن فلان،و حمل فلان بن فلان من فلان بن فلان،حتى وصف رحالنا و دوابنا،ثم أمرنا مولانا أن لا نحمل الى سامراء من بعد شيئا، و نصب لنا ببغداد رجلا نحمل إليه الأموال،و تخرج من عنده التوقيعات، فانصرفنا من عند مولانا،و نحمل الأموال الى بغداد الى النائب المنصوب الذي يخرج من عنده أوامره و نواهيه.

10,11- (1)و عن الحسين بن حمدان المحضيبي عن هارون بن مسلم،و سعدان البصري، و محمد بن أحمد البغدادي،و أحمد بن اسحاق،و سهل بن زياد،و عبد اللّه بن جعفر،جميعا،سمعوا عدّة من المشايخ الثقات الذين كانوا مجاورين للامامين سيدنا علي الهادي و أبي محمد الحسن العسكري قالوا:سمعناهما يقولان:1.

ص: 327


1- البحار 24/51.

إنّ اللّه-تبارك و تعالى-إذا أراد أن يخلق الامام أنزل قطرة من ماء الجنّة في ماء المزن،فتسقط في ثمار الأرض و بقلتها،فيأكلها أبو الامام و تكونت نطفته منها فاذا استقرت النطفة في الرحم،فيمضي لها أربعة أشهر يسمع الصوت،و كتب على عضده وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (1)فإذا ولد قام بأمر اللّه،و رفع له عمود من نور ينظر منه الخلائق و أعمالهم و سرائرهم،و العمود نصبت بين عينه حيث تولّى و نظر.

و قالوا:قال أبو محمد الحسن العسكري قصة هبة عمّته نرجس له نحو ما تقدم./.

ص: 328


1- الأنعام115/.

الباب الثالث و الثمانون

في بيان من رأى صاحب الزمان المهدي عليه السّلام

بعد غيبته الكبرى

17- (1)في كتاب الغيبة:عن أبي عبد اللّه بن صالح قال: رأيت المهدي عليه السّلام عند الحجر الأسود،و الناس يزدحمون عليه،و هو يقول:ما بهذا أمروا.

17- (2)و عن غانم الهندي قال: أتيت بغداد في طلب المهدي عليه السّلام و قد مشيت على الجسر مفكرا أين أجده،إذ أتاني آت فقال لي:أجب مولاك،فلم يزل يمشي معي حتى أدخلني دارا و بستانا،فاذا مولاي قاعد،فلمّا نظر إليّ قال:يا غانم أهلا و سهلا،فكلّمني بالهندية و سلّم عليّ،و قال:أنت تريد الحج في هذه السنة مع أهل قم،فلا تحج في هذه السنة و انصرف الى خراسان،و حجّ من عام قابل و ألقى إليّ صرّة و قال:اجعل هذه نفقتك،و لا تخبر بشيء ممّا رأيت.

17- (3)و عن محمد بن شاذان الكابلي قال: كنت لم أزل أطلب المهدي عليه السّلام،و أقمت في المدينة و لا ذكرته لأحد إلاّ استهزأ بي،فلقيت شيخا من بني هاشم،و هو يحيى ابن محمد العريضي فقال لي:إنّ الذي تريد بصرياء،فأتيت صرياء و دخلت

ص: 329


1- الارشاد:350.البحار 60/52 حديث 46.
2- اكمال الدين 437/2 حديث 6(في حديث).
3- اكمال الدين 440/2 ذيل الحديث 6.

في الدكان،فزجرني غلام أسود و قال:قم من هذا المكان،فقلت:لا أخرج، فدخل الدار ثم خرج و قال لي:أدخل،فدخلت فاذا مولاي قاعد بوسط الدار،و سماني باسم لم يعرفه أحد إلاّ أهلي بكابل،و أخبرني بأشياء ثم انصرفت عنه،ثم أتيت السنة الثانية فلم أجده.

12- (1)و عن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال: سألت محمد بن عثمان العمري عن رؤيته صاحب الزمان قال:رأيته عند البيت الحرام يقول:اللّهم انجز لي ما وعدتني، و رأيته أيضا كان متعلقا بأستار الكعبة و يدعو و يناجي ربّه.

17- (2)و عن ظريف أبي نصر قال: دخلت على صاحب الزمان عليه السّلام.

قال لي:من أنا؟

قلت:أنت سيدي ابن سيدي

فقال:أنا خاتم الأوصياء فبي يدفع اللّه البلاء عن أهل الأرض.

17- (3)و عن عبد اللّه المسوري قال: دخلت في بستان بني هاشم فرأيت غلمانا يسبحون في غدير ماء و فتى جالس على مصلّى واضعا كمّه على فيه،فقلت لهم:من هذا؟فقالوا:محمد بن الحسن العسكري،و كان في صورة أبيه عليهما السّلام.

(4) و عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي الأسدي:إنّه ذكر عدد من رأى صاحب الزمان و كراماته عليه السّلام من الوكلاء ببغداد محمد بن عثمان العمري و ابنه حاجز و البلالي و العطار،و من أهل الكوفة العاصمي،و من الأهواز محمد بن إبراهيم بن مهزيار،6.

ص: 330


1- اكمال الدين 440/2 حديث 9 و 10.
2- اكمال الدين 441/2 حديث 12.
3- اكمال الدين 441/2 حديث 13.
4- اكمال الدين 442/2 حديث 16.

و من قم أحمد بن إسحاق،و من همدان محمد بن صالح،و من الري البسامي و الأسدي-عنى نفسه-،و من آذربيجان القاسم بن العلا،و من نيشابور محمد ابن شاذان النعيمي،فهؤلاء اثنا عشر رجلا من الوكلاء.و أمّا من غير الوكلاء ثلاثة و خمسون رجلا،أسماؤهم مكتوبة في كتاب الغيبة مفصلا.

17- (1)و عن الحسن بن وجنا النصيبي قال: كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربعة و خمسين حجة منّي،و أنا أطلب صاحب الزمان بالتضرع و الدعاء إذ حركتني جارية فقالت:قم يا حسن،فمشت معي حتى أتت بي دار خديجة(رضي اللّه عنها)فوقفت بالباب،فقال لي صاحب الزمان عليه السّلام:يا حسن و اللّه ما من حجّ حجّك إلاّ و أنا معك في حجّك فالزم دار جعفر بن محمد الباقر عليهما السّلام و لا يهمّنك طعامك و ستر عورتك،و علّمني دعاء و قال:أدع و صلّ عليّ و لا تعطه إلاّ محقّ أوليائي،و لزمت ذلك الدار و لم أزل أجد فيها وقت إفطاري ماء و رغيفا و إداما، و أجد كسوة الشتاء في الشتاء و كسوة الصيف في الصيف.

17- (2)عن علي بن أحمد الكوفي عن الأزدي قال:

بينا أنا في طواف فاذا شاب حسن الوجه طيّب الرائحة يتكلّم إلي.

فقلت:يا سيدي من أنت؟

قال:أنا المهدي،و أنا صاحب الزمان،و أنا القائم الذي أملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،و إنّ الأرض لا تخلو من حجّة،و لا يبقى الناس في فترة،فهذه إمامة لا تحدّث بها إلاّ اخوانك من الحقّ،ثم ألق حصاة إلي فاذا سبيكة ذهب.

و قال بعضهم:إنّه يظهر في كلّ سنة يوما لخواصه يحدّثهم.8.

ص: 331


1- اكمال الدين 443/2 حديث 17.
2- المصدر السابق:حديث 18.

17- (1)عن راشد الهمداني قال: لمّا انصرفت من الحج ضللت الطريق،فوقعت في أرض خضراء نضرة،و تربتها أطيب تربة،و فيها فسطاط،فلمّا بلغته رأيت الخادمين و قالا:اجلس فقد أراد اللّه بك خيرا،فدخل أحدهما،ثم خرج فقال:أدخل.فدخلت فاذا فتى جالس و قد علق فوق رأسه سيف طويل، فسلمت عليه فرد السلام عليّ.

فقال:من أنا؟

فقلت:لا أعلم.

فقال:أنا القائم،أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف فأملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

فسقطت على وجهي فقال:لا تسجد لغير اللّه،ارفع رأسك،و أنت راشد من بلد همدان أ تحبّ أن ترجع الى أهلك؟

قلت:نعم؛و ناولني صرّة و أومأ الى الخادم،فهو مشى معي خطوات فرأيت أسدآباد فقال:هذه أسدآباد امض يا راشد،فالتفت فلم أره،فدخلت أسدآباد و في الصرّة خمسون دينارا ،فدخلت همدان و بشّرت بأهلي،و لم نزل بخير ما بقي معنا من تلك الدنانير.

17- (2)و عن أبي نعيم الأنصاري قال: كنت في المسجد الحرام في اليوم السادس من ذي الحجة سنة ثلاث و تسعين و مائتين إذ رأينا شابا فقمنا لهيبته،فجلس و قال:أ تدرون ما كان جعفر الصادق يقول في دعائه؟

قلنا:و ما كان يقول؟4.

ص: 332


1- اكمال الدين 453/2 حديث 20.
2- اكمال الدين 470/2-473 حديث 24.

قال:كان يقول:اللّهم إنّي أسألك باسمك الذي به تقوم السماء و الأرض،و به تفرق بين الحق و الباطل،و به تجمع بين المتفرق،و به تفرق بين المجتمع،و به أحصيت عدد الرمال،وزنة الجبال،وكيل البحار،أن تصلّي على محمد و آل محمد،و أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا.

ثم انصرف،فلمّا كان الغد في ذلك الوقت خرج من الطواف و جلس و قال لنا:

أ تدرون ما كان يقول أمير المؤمنين عليه السّلام في الدعاء بعد الفريضة؟

فقلنا:و ما كان يقول؟

قال:كان يقول:اللّهم إليك رفعت الأصوات و دعيت الدعوات،و لك عنت الوجوه،و لك خضعت الرقاب،و إليك التحاكم في الأعمال،يا خير من سئل، و خير من أعطى،يا صادق،يا بارئ،يا من لا يخلف الميعاد،يا من أمر بالدعاء و تكفل بالاجابة،يا من قال: اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (1)يا من قال:

وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (2) يا من قال: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (3).

ثم قال:أ تدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول في سجدة الشكر؟

قلنا:و ما كان يقول؟

قال:يقول:يا من لا يزيده إلحاح الملحين إلاّ كرما و جودا،يا من له خزائن/.

ص: 333


1- غافر60/.
2- البقرة186/.
3- الزمر53/.

السموات و الأرض،يا من له الفضل العظيم،لا تمنعك إساءتي من إحسانك إليّ،أسألك أن تفعل بي ما أنت أهله،و أنت أهل الجود و الكرم و العفو،يا اللّه، يا ربّي،يا اللّه،افعل بي ما أنت أهله،و أنت قادر على العقوبة،و قد استحقيتها، لا حجة لي عندك و لا عذر لي عندك،أبوء إليك بذنوبي كلّها،و أعترف بها كي تعفو عنّي،و أنت أعلم بها منّي برئت إليك بكلّ ذنب أذنبته،و كلّ خطيئة أخطأتها،و كلّ سيئة عملتها.يا رب اغفر و ارحم و تجاوز عما تعلم،إنّك أنت الأعزّ الأكرم.

قال:و انصرف ثم عاد من غد في ذلك الوقت فجلس و قال:كان علي بن الحسين عليهما السّلام سيد العابدين يقول في سجوده في هذا الموضع و أشار بيده الى الحجر الأسود:عبيدك بفنائك،مسكينك بفنائك،فقيرك بفنائك،سائلك بفنائك،يسألك ما لا يقدر عليه سواك.

قال:ثم نظر الى محمد بن القاسم العلوي فقال:يا محمد بن القاسم أنت على خير،لأنّه كان يطلب صاحب الزمان،و قام و انصرف.

فقال المحمودي:يا قوم أ تعرفون هذا؟

قلنا:لا.

قال:هذا و اللّه صاحب الزمان.

فقال:إنّي دعوت ربّي أن يريني صاحب الزمان قبل سبع سنين[قال:فبينا أنا يوما في]عشية عرفة،و هو يقرأ دعاء عشية عرفة فقلت:من أنت؟

قال:من بني هاشم.

فقلت:ممّن؟

قال:ممّن فلق الهام،و أطعم الطعام و صلّى بالليل و الناس نيام.

ص: 334

فعلمت أنّه علوي،ثم غاب فلم أدر صعد في السماء أو نزل في الأرض،فسألت القوم الذين كانوا حوله:أ تعرفون هذا العلوي؟

فقالوا:نعم يحج معنا كلّ سنة ماشيا.

فقلت لهم:ما أرى به أثر مشي.

ثم انصرفت الى المزدلفة حزينا على فراقه،و نمت في ليلتي تلك،فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام فقال:يا محمودي رأيت مطلوبك،و هو صاحب زمانكم، عشية عرفة.

و هذه القصة من طرق ثلاثة ذكروها.

17- (1)و عن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي قال:

قدمت المدينة و مكة لطلب صاحب الزمان،فبينا أنا في الطواف قال لي رجل أسمر اللون:من أي البلاد أنت؟

قلت:من الأهواز.

قال:أ تعرف إبراهيم بن مهزيار.

قلت:أنا هو.فعانقني.

فقلت له:هل تعرف من أخبار صاحب الزمان؟

قال لي:فارتحل معي الى الطائف في خفية من أصحابك.

فمشينا الى الطائف من رملة الى رملة حتى وصلنا الى الفلاة،فبدت لنا خيمة قد أشرقت بها الرمال و تتلألأ بها تلك البقاع،ثم أسرعنا حتى وصلنا إليها فبالاذن دخلت على صاحب الزمان عليه السّلام قال لي:مرحبا بك يا أبا إسحاق.9.

ص: 335


1- اكمال الدين 445/2-450 حديث 19.

فقلت:بأبي و أمي ما زلت أتفحص عن أمرك بلدا فبلدا حتى منّ اللّه عليّ بمن أرشدني إليك.

ثم قال:يا أبا إسحاق ليكن هذا المجالس مكتوما عندك.

قال إبراهيم:فمكثت عنده حينا أقتبس منه موضحات الأعلام و نيّرات الأحكام،فأذن لي في الرجوع الى الأهواز و أردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند اللّه لي و لعقبي و قرابتي،و عرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم و سألته أن يتفضل بقبوله،فتبسم و قال:يا أبا إسحاق استعن به على منصرفك و لا تحزن لإعراضنا عنه،و بارك اللّه فيما خولك،و أدام لك ما حولك،و كتب لك أحسن ثواب المحسنين،و استودعه نفسك وديعة لا تضيع بمنّه و لطفه إن شاء اللّه تعالى.

ص: 336

الباب الرابع و الثمانون

في إيراد أقوال أهل اللّه من أصحاب الشهود و الكشوف

و علماء الحروف في بيان المهدي الموعود عليه السّلام

قال الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني (قدس اللّه سره و وهب لنا فيوضه و علومه):

في يمن أمن يكون لأهلها *** الى أن ترى نور الهداية مقبلا

بميم مجيد من سلالة حيدر *** و من آل بيت طاهرين بمن علا

يسمى بمهدي من الحقّ ظاهر *** بسنة خير الخلق يحكم أولا

و قال الشيخ الكبير عبد الرحمن البسطامي صاحب كتاب«درة المعارف» (قدس اللّه سره و أفاض علينا فتوحه و غوامض علومه):

و يظهر ميم المجد من آل أحمد *** و يظهر عدل اللّه في الناس أوّلا

كما قد روينا عن علي الرضا *** و في كنز علم الحرف أضحى محصّلا

و قال أيضا:

و يخرج حرف الميم من بعد شينه *** بمكة نحو البيت بالنصر قد علا

فهذا هو المهدي بالحقّ ظاهر *** سيأتي من الرحمن للخلق مرسلا

و يملأ كلّ الأرض بالعدل رحمة *** و يمحو ظلام الشرك و الجور أوّلا

ولايته بالأمر من عند ربّه *** خليفة خير الرسل من عالم العلا

و قال بعض من أهل اللّه و أصحاب الكشف و الشهود و علماء الحروف: إنّني

ص: 337

ناقل عن

1- الامام علي(كرّم اللّه وجهه): سيأتي اللّه بقوم يحبّهم اللّه و يحبّونه.

و يملك من هو بينهم غريب،و هو المهدي،أحمر الوجه،بشعره صهوبة،يملأ الأرض عدلا بلا صعوبة،يعتزل في صغره عن أمّه و أبيه،و يكون عزيزا في مرباه فيملك بلاد المسلمين بأمان،و يصفو له الزمان،و يسمع كلامه و يطيعه الشيوخ و الفتيان،و يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،فعند ذلك كملت إمامته،و تقررت خلافته،و اللّه يبعث من في القبور،فأصبحوا لا ترى إلاّ مساكنهم،و تعمر الأرض و تصفو،و تزهو الأرض بمهديها،و تجري به أنهارها، و تعدم الفتن و الغارات،و يكثر الخير و البركات،و لا حاجة لي فيما أقوله بعد ذلك،و منّي على الدنيا السّلام.

قال الشيخ محي الدين العربي (قدس اللّه سره و أفاض فيوضاته و فتوحاته)في كتابه«عنقاء المغرب»في بيان المهدي الموعود و وزرائه:

فعند فنا خاء الزمان و دالها (1)*** على فاء مدلول الكرور يقوم

مع السبعة الاعلام و الناس غفل *** عليهم بتدبير الأمور حكيم (2)

فأشخاصنا خمس و خمس و خمسة *** عليهم ترى أمر الوجود يقيم (3)

و من قال أنّ الأربعين نهاية *** لهم فهو قول يرتضيه كليم

و إن شئت أخبر عن ثمان و لا تزد *** طريقهم (4)فرد إليه قويم

فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها *** و ثامنهم عند النجوم لزيم (5)ر.

ص: 338


1- في المصدر:فعذر فناخا الزمان و جيمها.
2- في المصدر:«حليم».
3- في المصدر:«يقوم».
4- في المصدر:«طريقا».
5- عنقاء المغرب:4 ط.مصر.

و ذكر أيضا في«الفتوحات المكية» في الباب السادس و الستون و ثلاثمائة:

منزل وزراء المهدي الظاهر في آخر الزمان الذي بشّر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو من أهل البيت:

إنّ للّه خليفة يخرج و قد امتلأت الأرض جورا و ظلما فيملأها قسطا و عدلا،لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم طوّل اللّه ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة من عترة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يبايع بين الركن و المقام،أسعد الناس به أهل الكوفة،و يقسم المال بالسوية،و يعدل في الرعية،و يفصل في القضية،يخرج على فترة من الدين، و من أبى قتل،و من نازعه خذل،يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيا لحكم به،يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلاّ الدين الخالص،و أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد،فيدخلون كرها تحت حكمه،خوفا من سيفه و سطوته،و رغبة فيما لديه،يفرح به عامة المسلمين، يبايعه العارفون باللّه تعالى من أهل الحقائق عن شهود و كشف بتعريف إلهي، و له رجال إلهيون يقيمون دعوته و ينصرونه،و هم الوزراء،يحملون أثقال المملكة.

قال:

هو السيد المهدي من آل أحمد *** هو الوابل الوسمي حين يجود

و هو خليفة مسدد،يفهم منطق الحيوان،و يسري عدله في الانس و الجان، و وزراؤه من الأعاجم،ما فيهم عربي،لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربية،لهم حافظ ليس من جنسهم،ما عصى اللّه قط،هو أخص الوزراء و أفضل الأمناء (1).ر.

ص: 339


1- الفتوحات المكية 327/3 ط.دار صادر.

و قال الشيخ صدر الدين القونوي (قدس اللّه سره و أفاض علينا فيوضه و علومه)في شأن المهدي الموعود عليه السّلام شعرا:

يقوم بأمر اللّه في الأرض ظاهرا *** على رغم شيطانين يمحق للكفر

يؤيد شرع المصطفى و هو ختمه *** و يمتد من ميم بأحكامها يدري

و مدّته ميقات موسى و جنده *** خيار الورى في الوقت يخلو عن الحصر

على يده محق اللئام جميعهم *** بسيف قوي المتن علّك أن تدري

حقيقة ذاك السيف و القائم الذي *** تعين للدين القويم على الأمر

لعمري هو الفرد الذي بان سره *** بكل زمان في مظاء له يسري

تسمّى بأسماء المراتب كلّها *** خفاء و إعلانا كذاك الى الحشر

أ ليس هو النور الأتم حقيقة *** و نقطة ميم منه إمدادها يجري

يفيض على الأكوان ما قد أفاضه *** عليه إله العرش في أزل الدهر

فما ثم إلاّ الميم لا شيء غيره *** و ذو العين من نوابه مفرد العصر

هو الروح فاعلمه و خذ عهده إذا *** بلغت الى مدّ مديد من العمر

كأنّك بالمذكور تصعد راقيا *** الى ذروة المجد الأثيل على القدر

و ما قدره إلاّ ألوف بحكمة *** على حدّ مرسوم الشريعة بالأمر

بذا قال أهل الحلّ و العقد فاكتفى *** بنصهم المثبوت في صحف الزبر

فان تبغ ميقات الظهور فانّه *** يكون بدور جامع مطلع الفجر

بشمس تمدّ الكلّ من ضوء نورها *** و جمع دراري الأوج فيها مع البدر

و صلّ على المختار من آل هاشم *** محمد المبعوث بالنهي و الأمر

عليه صلاة اللّه ما لاح بارق *** و ما أشرقت شمس الغزالة في الظهر

و آل و أصحاب أولي الجود و التقى *** صلاة و تسليما يدومان للحشر

و قال الشيخ صدر الدين لتلاميذه في وصاياه: إنّ الكتاب التي كانت لي من كتب الطب و كتب الحكماء و كتب الفلاسفة بيعوها و تصدقوا بثمنها للفقراء،و أمّا

ص: 340

كتب التفاسير و الأحاديث و التصوف فاحفظوها في دار الكتاب،و اقرءوا كلمة التوحيد لا إله إلاّ اللّه سبعين ألف مرة ليلة الأولى بحضور القلب،و بلّغوا منّي سلاما الى المهدي عليه السّلام.

ص: 341

ص: 342

الباب الخامس و الثمانون

في إيراد بعض ما في كتاب«إسعاف الراغبين»

للشيخ علامة زمانه و فريد أوانه محمد الصبان المصري رحمه اللّه

14,12- >cs<أخرج الروياني و الطبراني و غيرهما مرفوعا: المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري،اللون لون عربي،و الجسم جسم إسرائيلي-أي طويل-يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،يرضى لخلافته أهل السماء و أهل الأرض.

14,12- >cs<و ورد أيضا: انّه شاب أكحل العينين،أزج الحاجبين،أقنى الأنف،كثّ اللحية، على خدّه الأيمن خال،و على يده اليمنى خال.

14,12- >cs<و أخرج الطبراني مرفوعا: يلتفت المهدي و قد نزل عيسى عليه السّلام كأنّما يقطر من شعره الماء،فيقول المهدي:تقدم فصلّ بالناس،فيقول عيسى:إنّما أقيمت الصلاة لك،فيصلّي خلف رجل من ولدي.

14,12- >cs<و في صحيح ابن حبان في إمامة المهدي نحوه.

14,12- >cs<و صحّ مرفوعا: ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي:تعال صلّ بنا، فيقول:لا،إنّما بعضكم أئمة على بعض،تكرمة من اللّه لهذه الأمّة (1).

14,12- و أخرج أبو نعيم عن ابن عباس مرفوعا: لن تهلك أمّة أنا أوّلها و عيسى بن مريم آخرها،و المهدي وسطها.و المراد بالوسط ما قبل الآخر (2).

ص: 343


1- اسعاف الراغبين:133 ط.الهند.
2- اسعاف الراغبين:134.

14,12- >cs<و أخرج أحمد و الماوردي:انّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: أبشروا بالمهدي،رجل من قريش من عترتي،يخرج في اختلاف من الناس و زلزال،فيملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا،و يرضى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض،و يقسم المال بالسوية،و يملأ قلوب أمّة محمد غنى،و يسعهم عدله حتى أنّه يأمر مناديا فينادي:من له حاجة الى المال يأتيه،فما يأتيه أحد إلاّ رجل واحد يأتيه فيسأله،فيقول له المهدي:ائت السادن حتى يؤتيك،فيأتيه فيقول:أنا رسول المهدي أرسلني إليك لتعطيني فيقول:أحث،فيحثي فلا يستطيع أن يحمله، فيلقي حتى يكون قدر ما يستطيع أن يحمله،فيخرج به،فيندم فيقول:أنا كنت أجشع الأمّة نفسا،كلّهم دعي الى هذا المال فتركوه غيري،فيردّ عليه،فيقول السادن:انّا لا نقبل شيئا أعطيناه،فيلبث في ذلك ستا أو سبعا أو ثمانيا أو تسع سنين،و لا خير في الحياة بعده (1).

و القول بأنّه يخرج من المغرب لا أصل له كما نبّه عليه العلقمي.

16,12- >cs<و جاء في روايات: انّه عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملك:هذا المهدي خليفة اللّه فاتبعوه.فيذعن له الناس و يشربون حبّه،و انّه يملك الأرض شرقها و غربها،و أنّ اللّه تعالى يمدّه بثلاثة آلاف من الملائكة،و أنّ أهل الكهف من أعوانه...و أنّ جبرئيل على مقدمة جيشه،و ميكائيل على ساقته...و أنّ المهدي يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية،و أسفار التوراة من جبل بالشام،يحاجّ بها اليهود فيسلم كثير منهم (2).

14,12- و قد تواترت الأخبار عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: بخروج المهدي،و انّه من أهل بيته،و انّه5.

ص: 344


1- اسعاف الراغبين:134-135؛مسند أحمد 37/3.
2- اسعاف الراغبين:135.

يملأ الأرض عدلا،و انّه يساعد عيسى عليهما السّلام على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين،و انّه يؤم هذه الأمّة و يصلّي عيسى خلفه (1).

16,12- و في بعض الآثار: انّه يخرج في وتر من السنين إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع،و أنّ السنة من سنينه تكون مقدار عشر سنين،و أنّه يبلغ سلطانه المشرق و المغرب،و تظهر له الكنوز و لا يبقى في الأرض خراب إلاّ يعمر (2).

12- >cs<قال مقاتل بن سليمان و من تبعه من المفسرين: في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ (3):إنّها نزلت في المهدي عليه السّلام.

و في رواية:مدّته أربعون سنة و في رواية عشرون سنة،و في رواية أربع عشرة سنة،و روي غير ذلك أيضا (4).

12- و قال سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه«اليواقيت و الجواهر»في المبحث الخامس و الستون: المهدي من ولد الامام الحسن العسكري،و مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين،و هو باق الى أن يجتمع بعيسى ابن مريم، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي عن الامام المهدي حين اجتمع به،و وافقه على ذلك سيدي علي الخواص(رحمهما اللّه تعالى) (5).

و قال الشيخ محي الدين في«الفتوحات المكية»: إنّ المهدي يحكم بما ألقى إليه ملك الالهام من الشريعة،كما في

16,12- حديث: المهدي يقفو أثري لا يخطئ (6).).

ص: 345


1- اسعاف الراغبين:138.
2- اسعاف الراغبين:138-139.
3- الزخرف61/.
4- اسعاف الراغبين:138-139.
5- اسعاف الراغبين:139-140.
6- اسعاف الراغبين:141(مختصر جدا).

و يقول مؤلف هذا الكتاب:إنّ الشيخ عبد الوهاب الشعراني قدّس سرّه قال في كتابه «أنوار القدسية»إنّ بعض مشايخنا قال:نحن بايعنا المهدي عليه السّلام بدمشق الشام،و كنّا عنده سبعة أيام.

و قال لي الشيخ عبد اللطيف الحلبي سنة ألف و مائتين و ثلاث و سبعين:إنّ أبي الشيخ إبراهيم رحمه اللّه قال:سمعت بعض مشايخي من مشايخ مصر يقول:بايعنا الامام المهدي(انتهى).

و كان الشيخ إبراهيم في طريقة القادرية،و من كبار مشايخ حلب الشهباء المحروسة،نفعنا اللّه من فيضه،لا سيما حضرات الكيلانيين،أعني الشيخ إسماعيل الأول و ذريته الشيخ عبد الجواد،و ابنه الشيخ إسماعيل الثاني و ابنيه الشيخ محمد و الشيخ عبد القادر،و هو شيخي و سيدي و سندي و معتمدي (قدس اللّه أسرارهم و أعلى اللّه مقامهم و رفع درجاتهم)هم غيوث المؤمنين، و ملاذ المسلمين،و هم من العترة الطيبين،و سلالة أئمة الهادين،و حفظ اللّه من كان حيّا من أولادهم،الشيخ طه و أولاده،و بارك فيهم بمزيد سعادة الدارين و بركات الكونين آمين،و أفاض علينا بركاتهم و سعاداتهم،و حظظنا من إمداد أرواحهم و إشراق أنوارهم،و إفاضة أسرارهم،اللّهم ثبتنا على مودّتهم آمين يا رب العالمين بالنبي و آله الطيبين،و صلّى اللّه على محمد و على آله و صحبه الفائزين فوزا عظيما.

ص: 346

الباب السادس و الثمانون

في إيراد أقوال ممّن صرح

من علماء الحروف و المحدثين أن المهدي الموعود

ولد الامام الحسن العسكري(رضي اللّه عنهما)

قال الشيخ الجليل العالم الكامل من أسرار الحروف،كمال الدين أبو سالم محمد ابن طلحة بن محمد بن الحسن الحلبي الشافعي(قدس اللّه سره)في كتابه«مطالب السئول في مناقب آل الرسول»:المهدي هو ابن أبي محمد الحسن العسكري، و مولده بسامراء (1)،و هكذا ذكر أيضا في كتابه«الدر المنظم»كما تقدم.

(2) و قال الشيخ الكبير الكامل بأسرار الحروف صلاح الدين الصفدي في«شرح الدائرة»:إنّ المهدي الموعود هو الامام الثاني عشر من الأئمة،أوّلهم سيدنا علي و آخرهم المهدي(رضي اللّه عنهم و نفعنا اللّه بهم).

و قال الشيخ المحدث الفقيه أبو عبد اللّه محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي رحمه اللّه في كتابه«البيان في أخبار صاحب الزمان»في آخر الباب الخامس و العشرين،و هو آخر الأبواب:إنّ المهدي ولد الحسن العسكري، فهو حيّ موجود باق منذ غيبته الى الآن،و لا امتناع في بقائه بدليل بقاء

ص: 347


1- مطالب السئول:89 ط.1287 ه.
2- اكمال الدين 440/2 ذيل الحديث 6.

عيسى و الخضر و الياس عليهم السّلام (1).

و قال الشيخ المحدث الفقيه نور الدين علي بن محمد المالكي في كتابه«الفصول المهمة»:إنّ المهدي الموعود ابن أبي محمد الحسن العسكري بن علي النقي(رضي اللّه عنهم) (2).

8,9,10,11,12- و قال الشيخ المحدث الفقيه محمد بن إبراهيم الجويني الحمويني الشافعي في كتابه«فرائد السمطين»:عن دعبل الخزاعي،عن علي الرضا بن موسى الكاظم قال: إنّ الامام من بعدي ابني الجواد التقي،ثم الامام من بعده ابنه علي الهادي النقي،ثم الامام من بعده ابنه الحسن العسكري،ثم الامام من بعده ابنه محمد الحجة المهدي المنتظر في غيبته،المطاع في ظهوره، كما تقدم في الباب الثمانين (3).

و أمّا شيخ المشايخ العظام أعني حضرة شيخ الاسلام أحمد الجامي النامقي، و الشيخ عطار النيشابوري،و شمس الدين التبريزي،و جلال الدين مولانا الرومي،و السيد نعمة اللّه الولي،و السيد النسيمي،و غيرهم(قدس اللّه أسرارهم و وهب لنا عرفانهم و بركاتهم)ذكروا في أشعارهم في مدائح من أهل البيت الطيبين(رضي اللّه عنهم)مدح المهدي في آخرهم متصلا بهم فهذه أدلّة على أنّ المهدي ولد أوّلا رضي اللّه عنه و من تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحا عيانا.1.

ص: 348


1- البيان(طبع مع كفاية الطالب):521 باب 25.
2- الفصول المهمة:277 ط.الحيدرية 1381.
3- فرائد السمطين 337/2 حديث 591.

الباب السابع و الثمانون

في إيراد بعض أشعار أهل اللّه الكاملين في

مدائح الأئمة الاثني عشر الهادين(رضي اللّه عنهم)

و كلام سعد الدين الحموي

قال الشيخ عبد الرحمن الجامي في كتابه«النفحات»:إنّ الشيخ أحمد الجامي النامقي(قدس اللّه سره)دخل في غار جبل قرب بلد جام بجذب قوي من اللّه -جلّ شأنه-و كان أمّيا لا يعرف الحروف و لا الكتاب،و سنّه كان اثنين و عشرين سنة،و استقام في الغار ثماني عشرة سنة من غير طعام و يأكل أوراق الأشجار و عروقها،و عبد اللّه فيه الى أن بلغ سنه أربعين سنة،ثم أمره اللّه بارشاد الناس،و صنّف كتابا قدره ألف ورقة تحيّر فيه العلماء و الحكماء من غموض معانيه،و هو عجيب في هذه الأمّة،و بلغ عدد من دخل في طريقته من المريدين ستمائة ألف.و تفصيل كراماته و خوارق عاداته في النفحات مذكور (1).

و من كلماته(قدس اللّه أسراره و وهب اللّه لنا فيوضاته و بركاته)بالفارسية:

من ز مهر حيدرم هر لحظه اندر دل صفاست ***

از پى حيدر حسن ما را امام و رهنماست ***

ص: 349


1- نفحات الأنس:357 ط.محمودى.

همچو كلب افتاده ام بر آستان بو الحسن ***

خاك نعلين حسين بر هر دو چشمم توتياست ***

عابدين تاج سر و باقر دو چشم روشنم ***

دين جعفر بر حق است و مذهب موسى رواست ***

اى موالى وصف سلطان خراسان را شنو ***

ذره اى از خاك قبرش دردمندان را دواست ***

پيشواى مؤمنان است اى مسلمانان تقى ***

گر نقى را دوست دارى بر همه مذهب رواست ***

عسكرى نور دو چشم عالم است و آدم است ***

همچو يك مهدى سپهسالار در عالم كجاست ***

قلعۀ خيبر گرفته آن شهنشاه عرب ***

زانكه در بازوى حيدر نامۀ الاّ فتى است ***

شاعران از بهر سيم و زر سخنها گفته اند ***

أحمد جامى غلام خواص شاه اولياست ***

و من كلمات الشيخ عطار النيشابوري(قدس اللّه سره و أفاض علينا علومه و بركاته)في كتابه«مظهر الصفات»:

مصطفى ختم رسل شد در جهان *** مرتضى ختم ولايت در عيان

جمله فرزندان حيدر أوليا *** جمله يك نورند حق كرد اين ندا

و بعد تعداد أسماء الأئمة الأحد عشر قال:

صد هزاران اوليا روى زمين *** از خدا خواهند مهدي را يقين

يا الهى مهديم از غيب آر *** تا جهان عدل گردد آشكار

مهدى هادى است تاج اتقيا *** بهترين خلق برج اوليا

اى ولاى تو معين آمده *** بر دل و جانها همه روشن شده

ص: 350

اى تو ختم اولياى اين زمان *** وز همه معنى نهانى جان جان

اى تو هم پيدا و پنهان آمده *** بنده عطارت ثنا خوان آمده (1)

و من كلمات جلال الدين الرومي(قدس اللّه سره و وهب لنا بركاته و فيوضاته) في ديوانه الكبير الذي جمع على ترتيب حروف الهجاء:

اى سرور مردان على مردان سلامت مى كنند ***

وى صفدر مردان على مردان سلامت مى كنند ***

الى أن قال:

با قاتل كفار گو با دين و با ديندار گو ***

با حيدر كرار گو مستان سلامت مى كنند ***

با درج دو گوهر بگو با برج دو اختر بگو ***

با شبر و شبير گو مستان سلامت مى كنند ***

با زين دين عابد بگو با نور دين باقر بگو ***

با جعفر صادق بگو مستان سلامت مى كنند ***

با موسى كاظم بگو با طوسى عالم بگو ***

با تقى قائم بگو مستان سلامت مى كنند ***

با مير دين هادى بگو با عسكرى مهدى بگو ***

با آن ولى مهدى بگو مستان سلامت مى كنند ***

با باد نوروزى بگو با بخت فيروزى بگو ***

با شمس تبريزى بگو مستان سلامت مى كنند ***

و لقد قال الإمام محمد بن ادريس الشافعي في شعره:

لو فتشوا قلبي لألفوا به *** سطرين قد خطّا بلا كاتبى.

ص: 351


1- مظهر العجائب و مظهر الأسرار:7 ط.سنائى.

العدل و التوحيد في جانب *** و حبّ أهل البيت في جانب

و قال أيضا على ما نقل عنه ابن حجر في صواعقه المحرقة (1):

يا راكبا نحو المحصب من منى *** اهتف بساكن خيفها و الناهض

سحرا إذا فاض الحجيج الى منى *** فيضا كمنحلّ الفرات الفائض

و أخبرهم أنّي من النفر الذي *** لولاء أهل البيت ليس بناقض

إن كان رفضا حبّ آل محمد *** فليشهد الثقلان أنّي رافضي

و قال بعض الشافعية في قصيدته الدالية المشهورة إلى أن قال:

و سائلي عن حبّ أهل البيت هل *** أسر إعلانا بهم أم أجحد

و اللّه مخلوط بلحمي و دمي *** حبّهم هم الهدى و الرشد

حيدرة و الحسنان بعده *** ثم علي و ابنه محمد

و جعفر الصادق و ابن جعفر *** موسى و يتلوه علي السند

أعني الرضا ثم ابنه محمد *** ثم علي و ابنه المسدد

و الحسن التالي و يتلو تلوه *** محمد بن الحسن الممجد

فانّهم ائمّتي و سادتي *** و إن لحاني معشر و فندوا

أئمّة أكرم بهم أئمّة *** أسماؤهم مسرودة تطرد

هم حجج اللّه على عباده *** و هم إليه منهج و مقصد

هم النهار صوّم لربّهم *** و في الدياجي ركع و سجد

قوم لهم مكة و الأبطح و ال *** خيف و جمع و البقيع الغرقد

قوم منى و المشعران لهم *** و المروتان لهم و المسجد

قوم لهم في كلّ أرض مشهد *** لا بل لهم في كلّ قلب مشهد

و في كتاب الشيخ عزيز بن محمد النسفي رحمه اللّه شيخ الشيوخ سعد الدين الحموي(قدس3.

ص: 352


1- الصواعق المحرقة:133.

اللّه سره)مى فرمايد كه:پيش از پيغمبر ما محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم در اديان سابق،اسم ولى نبود،و اسم نبى بود،و مقربان حضرت خداى را كه وارثان صاحب شريعتند جمله را انبيا مى گفتند،و در هر دينى از يك صاحب شريعت زياده نبود،پس در دين آدم عليه السّلام چندين پيغمبر بودند كه وارثان او بودند،خلق را به دين او،و بشريعت او،دعوت مى كردند،و همچنين در دين نوح،و در دين ابراهيم،و در دين موسى،و در دين عيسى عليهم السّلام و چون دين جديد،و شريعت جديده،بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نازل شد،از نزد خداى اسم ولى در دين محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم پيدا آمد،حق تعالى دوازده كس از اهل بيت محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم را برگزيد،و وارثان او گردانيد،و مقرب حضرت خود كرد،و به ولايت خود مخصوص گردانيد، و ايشان را نائبان محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وارثان او گردانيد،كه

14- حديث «العلماء ورثة الأنبياء». در حق اين دوازده كس فرمود،

14- و حديث «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل». در حق ايشان فرمود،امّا ولى آخرين كه نائب آخرين است، و ولى دوازدهم،و نائب دوازدهم مى باشد،خاتم اولياست،و مهدى صاحب الزمان نام اوست،و شيخ مى فرمايد كه:اوليا در عالم بيش از دوازده نيستند، و امّا آن سيصد و پنجاه و شش كس،كه از رجال الغيب اند ايشان را اوليا نمى گويند،و ايشان را أبدال مى گويند.

و من كلمات الشيخ العارف الكامل ابن معتوق المصري (قدس اللّه سره و أفاض علينا فيوضه)في ديوانه في نعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عترته الطيبين(سلام اللّه عليهم):

قد جلّ عن سائر التشبيه رتبته *** إذ فوقه ليس إلاّ اللّه في العظم

هواه ديني و إيماني و معتقدي *** و حبّ عترته عوني و معتصمي

ذرية مثل ماء المزن قد طهروا *** و طيبوا فصفت أوصاف ذاتهم

ص: 353

أئمّة أخذ اللّه العهود لهم *** على جميع الورى من قبل خلقهم

قد حقّقت سورة الأحزاب ما *** جحدت أعداؤهم و أبانت فضل حبّهم

كفاهم ما بعم و الضحى شرفا *** و النور و النجم من آي أتت بهم

سل الحواميم هل في غيرهم نزلت *** و هل أتى هل أتى إلاّ بمدحهم

أكارم كرمت أخلاقهم فبدت *** مثل النجوم بماء في صفاتهم

أطايب يجد المشتاق تربتهم *** ريحا تدلّ بما في طيب ذاتهم

شكرا لآلاء ربّي حيث ألهمني *** ولاهم و سقاني كأس حبّهم

ص: 354

الباب الثامن و الثمانون

في الأحاديث الواردة في طلوع الشمس من المغرب،و كون

أرض العرب مروجا و أنهارا،و كون سيحان و جيحان

و الفرات و النيل من أنهار الجنّة،و كون طبائع

الناس متوافقة من غير الحسد و المخالفة

14- (1)في فصل الخطاب:أبو أمامة الباهلي رفعه: أوّل الآيات طلوع الشمس من مغربها.

14- (2)أبو هريرة رفعه: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها،فاذا طلعت آمن الناس كلّهم أجمعون،فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا (للشيخين و أبي داود) .

14- (3)أبو سعيد الخدري رفعه: في قوله تعالى: أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ (2)طلوع الشمس من مغربها (للترمذي) .

14- (4)ابن عمر رفعه: إنّ أوّل الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها،و خروج

ص: 355


1- مجمع الزوائد 9/8.عقد الدرر في أخبار المنتظر:315.جمع الفوائد 292/2. ([2]) صحيح البخاري 195/5(سورة الأنفال).صحيح مسلم 86/1 حديث 248(باب الزمن الذي لا ينفع فيه الايمان).سنن أبي داود 317/3 حديث 4312.جمع الفوائد 292/2. ([3]) سنن الترمذي 329/4 حديث 5066.
2- الانعام158/. ([4]) سنن أبي داود 316/3 حديث 431.المستدرك للحاكم 548/4.(قال الحاكم:صحيح للشيخين و لم يخرجاه).

الدابة على الناس ضحى،و أيّهما كانت قبل صاحبها فالأخرى على أثرها قريبا (لمسلم و أبي داود) .

14,12- (1)ابن عمر رفعه: ملك من السماء ينادي و يحثّ الناس و يقول:إنّه المهدي فأجيبوه (انتهى فصل الخطاب) .

14- (2)و في جمع الفوائد:ابن عمرو بن العاص رفعه: إذا طلعت الشمس من مغربها خرّ إبليس ساجدا ينادي و يجهر:إلهي مرني أن أسجد لمن شئت،فيجتمع (3)إليه زبانيته فيقولون له:ما هذا التضرع؟فيقول:إنّما سألت ربّي أن ينظرني الى الوقت المعلوم،و هذا الوقت المعلوم،ثم دابة الأرض تخرج من صدع في الصفا، فأوّل خطوط تضعها بأنطاكية فتأتي إبليس فتقتله (4)(للكبير و الأوسط) .

14- (5)أبو هريرة رفعه: لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا و أنهارا (للشيخين) .

قال سعيد بن عبد العزيز:جزيرة العرب ما بين وادي القرى الى أقصى اليمن، و ما بين البحر الى تخوم العراق.

14- (6)أبو هريرة رفعه: سيحان و جيحان و الفرات و النيل من أنهار الجنّة (لمسلم) .

14- (7)و في باب تفسير سورة الأنعام:أبو هريرة رفعه: ثلاث إذا خرجن لا يَنْفَعُ نَفْساً9.

ص: 356


1- فرائد 316/2 حديث 569.
2- جمع الفوائد 292/2(الملاحم).
3- في المصدر:«فتجتمع».
4- في المصدر:«فتلطمه».
5- جمع الفوائد 292/2.
6- صحيح مسلم 641/2 حديث 2839 باب 10(ما في الدنيا من أنهار الجنّة).
7- جمع الفوائد 89/2.سنن الترمذي 329/4 حديث 5067.صحيح مسلم 87/1 حديث 249.

إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ :طلوع الشمس من مغربها،و الدجال،و دابة الأرض (لمسلم و الترمذي) .

14- (1)ابن (2)عمر رفعه: يا عائشة إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً (3)هم أصحاب البدع و الأهواء،ليس لهم توبة،أنا منهم بريء و هم مني براء (للصغير) .

14- (4)عائشة رفعته: يكون في آخر هذه الأمّة خسف و مسخ و قذف.

قلت:يا رسول اللّه أ نهلك و فينا صالحون؟

قال:نعم،إذا أكثر الخبث (للترمذي)(انتهى جمع الفوائد) .

14- (5)و في المشكاة في باب نزول عيسى عليه السّلام:عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و اللّه لينزلن ابن مريم حكما عادلا،فليكسرن الصليب، و ليقتلنّ الخنزير،و ليضعنّ الجزية،و ليتركنّ القلاص (6)فلا يسعى عليها، و لتذهبنّ الشحناء و التباغض و التحاسد،و ليدعونّ الى المال فلا يقبله أحد (رواه مسلم) .

16- و في رواية لهما: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم.ة.

ص: 357


1- جمع الفوائد 89/2.
2- لا يوجد في المصدر:«ابن».
3- الأنعام159/.
4- جمع الفوائد 292/2.
5- مشكاة المصابيح 1523/3 حديث 5506.
6- القلاص-جمع قلوص-:و هي الناقة الشابة.

ص: 358

الباب التاسع و الثمانون

في كلمات أئمة أهل البيت في وصف الامام(رضي اللّه عنهم)

4- أخرج الحافظ الجعاني:إنّ الامام زين العابدين رضي اللّه عنه قال:

نحن الفلك الجارية في اللجج الغامرة.يأمن من ركبها و يغرق من تركها،و إنّ اللّه-تبارك و تعالى-أخذ ميثاق من يحبّنا و هو في أصلاب آبائهم فلا يقدرون على ترك ولايتنا،لأنّ اللّه(عزّ و جلّ)جعل جبليتهم على ذلك(انتهى).

4- (1)و في المناقب:عن ثابت الثمالي عن علي بن الحسين(رضي اللّه عنهما)قال:

ليس بين اللّه و بين حجته حجاب،و لا للّه دون حجته سر،نحن أبواب اللّه، و نحن الصراط المستقيم،و نحن عيبة علم اللّه و تراجمة وحيه،و نحن أركان توحيده و موضع سرّه.

5- (2)أخرج الشيخ محمد بن إبراهيم الشافعي الحمويني في«فرائد السمطين»:

بسنده عن أبي بصير،عن خيثمة الجعفي قال:سمعت أبا جعفر محمد الباقر رضي اللّه عنه يقول:

نحن جنب اللّه،و نحن صفوته،و نحن خيرته،و نحن مستودع مواريث الأنبياء، و نحن أمناء اللّه(عزّ و جلّ)و نحن حجج اللّه،و نحن أركان الايمان،و نحن دعائم

ص: 359


1- غاية المرام:247 باب 41 حديث 12.
2- فرائد السمطين 253/2 حديث 523.

الاسلام،و نحن من رحمة اللّه على خلقه،و بنا يفتح اللّه،و بنا يختم،و نحن الأئمة الهداة و الدعاة الى اللّه،و نحن مصابيح الدجى و منار الهدى،و نحن العلم المرفوع للحقّ،من تمسّك بنا لحق،و من تأخّر عنّا غرق،و نحن قادة الغرّ المحجّلين، و نحن الطريق الواضح و الصراط المستقيم الى اللّه،و نحن من نعمة اللّه (عزّ و جلّ)على خلقه،و نحن معدن النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة، و نحن المنهاج،و نحن السراج لمن استضاء بنا،و نحن السبيل لمن اقتدى بنا، و نحن الأئمة الهداة الى الجنّة،و نحن عرى الاسلام،و نحن الجسور و القناطر، من مضى عليها لحق و من تخلّف عنها محق،و نحن السنام الأعظم،و بنا ينزل اللّه(عزّ و جلّ)الرحمة على خلقه،و بنا يسقون الغيث،و بنا يصرف عنكم العذاب،فمن عرفنا و نصرنا و عرف حقّنا و أخذ بأمرنا فهو منّا و إلينا.

4,6,12- (1)و أخرج الشيخ الحمويني في«فرائد السمطين»:بسنده عن سليمان الأعمش بن مهران عن جعفر الصادق عن أبيه،عن جدّه علي بن الحسين(رضي اللّه عنهم)قال:

نحن أئمة المسلمين،و حجج اللّه على العالمين،و سادات المؤمنين،و قادة الغرّ المحجّلين و موالي المسلمين،و نحن أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء،و بنا يمسك السماء أنّ تقع على الأرض إلاّ باذنه،و بنا ينزل اللّه الغيث و تنشر الرحمة و تخرج بركات الأرض،و لو لا ما على الأرض منّا لساخت بأهلها.

ثم قال:و لم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم عليه السّلام من حجة اللّه فيها،إما ظاهر1.

ص: 360


1- فرائد السمطين 45/1 حديث 11.

مشهور أو غائب مستور،و لا تخلو الأرض الى أن تقوم الساعة من حجة فيها،و لو لا ذلك لم يعبد اللّه.

قال سليمان:فقلت لجعفر الصادق رضي اللّه عنه:كيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال:كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب.

6- (1)و في المناقب:إنّ جعفر الصادق رضي اللّه عنه قال في خطبته:

إنّ اللّه أوضح بأئمّة الهدى من أهل بيت نبينا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دينه،و أبلج بهم عن باطن ينابيع علمه،فمن عرف من الأمة واجب حقّ إمامه وجد حلاوة إيمانه، و علم فضل طلاوة إسلامه،لأنّ اللّه و رسوله نصب الامام علما لخلقه،و حجة على أهل عالمه،و ألبسه تاج الوقار،و غشاه نور الجبار،يمدّه بسيب من السماء لا ينقطع مواده،و لا ينال ما عند اللّه إلاّ بجهة أسبابه،و لا يقبل اللّه معرفة العباد إياه إلاّ بمعرفة الامام،فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي،و معميات السنن،و مشتبهات الفتن،فلم يزل اللّه-تبارك و تعالى-يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السّلام من عقب كلّ إمام،و يصطفيهم لذلك و يجتبيهم و يرضى بهم عن خلقه و يرتضيهم،و كلّ ما مضى منهم إمام نصب اللّه لخلقه من عقب الامام إماما،و علما بينا،و منارا نيرا،أئمة من اللّه يهدون بالحقّ و به يعدلون،و هم خيرة من ذرية آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل،و صفوة من عترة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اصطنعهم اللّه في عالم الذر قبل خلق جسمه عن يمين عرشه،خصّوا بالحكمة في علم الغيب عنده،و جعلهم اللّه حياة للأنام و دعائم الاسلام.

8- (2)و في عيون الأخبار:عن أبي الصلت الهروي قال:قال الامام علي الرضا ابن1.

ص: 361


1- الغيبة للنعماني:149.
2- عيون أخبار الرضا عليه السّلام 197/2 حديث 1.

الامام الكاظم(رضي اللّه عنهما):

الامام وحيد دهره،لا يدانيه أحد،و لا يعادله عالم،و لا يوجد منه بدل،و لا له مثل و لا نظير،فهو مخصوص بفضل اللّه من غير طلب منه له و لا اكتساب منه، بل اختصاص من المفضل الوهاب،فمن ذا الذي يبلغ معرفة الامام و يمكنه اختياره،هيهات،هيهات،ضلّت العقول،و تاهت الحلوم،و حارت الألباب، و حسرت العيون،و تصاغرت العظماء،و تحيرت الحلماء،و تقاصرت الحكماء، و حصرت الخطباء،و كلّت الشعراء،و عجزت الأدباء،و عمت البلغاء عن وصف شأن من شئونه أو فضيلة من فضائله،فأقرّت بالعجز و التقصير، و كيف يوصف أو ينعت بكنهه،أو يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقام مقامه!و كيف هو!و أنّى هو!بحيث يبلغه مدح المتناولين و وصف الواصفين! فأين الاختيار من هذا؟و أين إدراك العقول من هذا؟و أين يوجد مثل هذا؟.

6- (1)و في المناقب:عن عبد الأعلى بن أعين قال:سمعت جعفر الصادق رضي اللّه عنه يقول:

قد ولدني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا أعلم بكتاب اللّه و فيه خبر بدء الخلق و ما هو كائن الى يوم القيامة،و فيه خبر السماء،و خبر الأرض،و خبر الجنّة،و خبر النار،و خبر ما كان و ما يكون،و أنا أعلم ذلك كلّه كأنّما أنظر الى كفّي،إنّ اللّه يقول:فيه تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (2)و يقول تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا (3)فنحن الذين اصطفاهم اللّه(عزّ و جلّ)،و نحن أورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كلّ شيء./.

ص: 362


1- بصائر الدرجات 127/3 باب 6 حديث 2؛و 197/4 باب 8 حديث 2.غاية المرام:538 باب 44 حديث 6.
2- النحل89/.
3- فاطر32/.

الباب التسعون

في إيراد خطبة الحسن بن علي(رضي اللّه عنهما)

2,14,1,15,3- (1)أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي المدني في«درر السمطين»:بسنده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة،و جعفر بن حبان قال: خطب الحسن بن علي (رضي اللّه عنهما)بعد شهادة أبيه قال:

أيّها الناس،أنا ابن البشير،و أنا ابن النذير،و أنا ابن السراج المنير،و أنا ابن الذي أرسله اللّه رحمة للعالمين،و أنا ابن الداعي الى اللّه،و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،و أنا من أهل البيت الذين كان جبرئيل عليه السّلام ينزل عليهم،و أنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودّتهم على المؤمنين فقال سبحانه و تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)و اقتراف الحسنة مودّتنا.

و لمّا نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (2)فقالوا:

يا رسول اللّه كيف الصلاة عليك.

قال:قولوا:اللّهم صلّ على محمد و على آل محمد،فحقّ على كلّ مسلم أن

ص: 363


1- الشورى23/.
2- الأحزاب56/.

يصلّي علينا فريضة واجبة.

و أحلّ اللّه خمس الغنيمة و حرم الصدقة علينا كما أحلّه اللّه و حرمها على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فأخرج جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم المباهلة من الأنفس أبي،و من البنين أنا و أخي الحسين،و من النساء أمي فاطمة،فنحن أهله و لحمه و دمه،و نحن منه و هو منّا.

و هو يأتينا كلّ يوم عند طلوع الفجر فيقول:الصلاة يا أهل البيت يرحمكم اللّه، ثم يتلو إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1).

و قد قال اللّه تعالى أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (2)فجدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على بينة من ربّه و أبي الذي يتلوه،و هو شاهد منه.

و أمر اللّه رسوله أن يبلغ أبي سورة براءة في موسم الحج.

و قال جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين قضى بين أبي و بين أخيه جعفر و مولاه زيد بن حارثة في ابنة عمّه حمزة:أمّا أنت يا علي فمنّي و أنا منك،و أنت ولي كلّ مؤمن بعدي.

و كان أبي أوّلهم إيمانا،فهو سابق السابقين و فضّل اللّه السابقين على المتأخرين، كذلك فضل سابق السابقين على السابقين.

و إنّ اللّه(عزّ و جلّ)بمنّه و رحمته فرض عليكم الفرائض لا لحاجة منه إليه بل رحمة منه،لا إله إلاّ هو ليميز الخبيث من الطيب،و ليبتلي اللّه ما في صدوركم و ليمحّص ما في قلوبكم،لتتسابقوا الى رحمة و لتتفاضل منازلكم في جنته.

2,3,14- (2)و في التفسير المنسوب الى الأئمة من أهل البيت الطيبين(رضي اللّه عنهم)عنا.

ص: 364


1- الأحزاب33/.
2- هود17/. ([2]) أمالي الشيخ الطوسي 268/2 و ما بعدها.

جعفر الصادق،عن أبيه،عن جدّه: انّ الحسن ابن أمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليهم)خطب على المنبر و قال:

إنّ اللّه(عزّ و جلّ)بمنّه و رحمته لمّا فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه،بل رحمة منه،لا إله إلاّ هو،ليميز الخبيث من الطيب،و ليبتلي ما في صدوركم،و ليمحّص ما في قلوبكم،و لتتسابقوا الى رحمة،و لتتفاضل منازلكم في جنّته،ففرض عليكم الحج و العمرة،و أقام الصلاة،و إيتاء الزكاة، و الصوم،و الولاية لنا أهل البيت،و جعلها لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض، و مفتاحا الى سبيله،و لو لا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أوصياؤه كنتم حيارى لا تعرفون فرضا من الفرائض،و هل تدخلون دارا إلاّ من بابها،فلمّا منّ اللّه عليكم باقامة الأولياء بعد نبيكم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)ففرض عليكم لأوليائه حقوقا،و أمركم بأدائها إليهم،ليحلّ لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم و أموالكم و مآكلكم و مشاربكم،و يعرّفكم بذلك البركة و النماء و الثروة،و ليعلم من يطيعه منكم بالغيب،ثم قال اللّه(عزّ و جلّ) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (2).

و اعملوا أنّ من يبخل المودّة فانّما يبخل عن نفسه،إنّ اللّه هو الغني و أنتم الفقراء إليه،فاعملوا من بعد ما شئتم وَ سَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (3)وَ الْعاقِبَةُ/.

ص: 365


1- المائدة3/.
2- الشورى23/.
3- التوبة94/.

لِلْمُتَّقِينَ (1) و فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ (2).

سمعت جدي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:خلقت أنا من نور اللّه،و خلق أهل بيتي من نوري، و خلق محبّيهم من نورهم،و سائر الناس في النار.

2,14,1,15,3- (3)و أيضا عن جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر،عن جدّه علي بن الحسين: إنّ الحسن بن علي(سلام اللّه عليهم)قال في خطبته الأخرى بعد الحمد و الثناء على اللّه،و بعد التصلية على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

إنّا أهل بيت أكرمنا اللّه،و اختارنا و اصطفانا،و أذهب عنّا الرجس و طهّرنا تطهيرا،و لم تفترق الناس فرقتين إلاّ جعلنا اللّه في خيرهما،من آدم الى جدّي محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فلمّا بعثه للنبوة و اختاره للرسالة،و أنزل عليه كتابه،فكان أبي أوّل من آمن و صدق اللّه و رسوله،و قد قال اللّه في كتابه المنزل على نبيه المرسل أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (3)فجدّي الذي على بينة من ربّه و أبي الذي يتلوه،و هو شاهد منه.

و قد قال له جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أمره أن يسير الى مكة في موسم الحج بسورة براءة:سر بها يا علي فانّي أمرت أن لا يسير بها إلاّ أنا أو رجل منّي،و أنت منّي.فأبي من جدّي،و جدّي من اللّه.

و قال له جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين قضى بينه و بين أخيه جعفر و مولاه زيد بن حارثة في ابنة عمّه حمزة:أمّا أنت يا علي فمنّي و أنا منك،و أنت وليّ كلّ مؤمن و مؤمنة بعدي./.

ص: 366


1- القصص83/.
2- البقرة193/. ([3]) أمالي الشيخ الطوسي 174/2 و ما بعدها.
3- هود17/.

فلم يزل أبي وقى جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بنفسه،و في كلّ موطن يقدّمه جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لكلّ شدّة يرسله،ثقة منه و طمأنينة له.

و قال اللّه-جلّ شأنه- وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (1)فكان أبي سابق السابقين،و أقرب المقرّبين الى اللّه و الى رسوله،و ذلك انّه لم يسبقه الى الايمان أحد غير خديجة(سلام اللّه عليها)،فكما أنّ اللّه(عزّ و جلّ)فضل السابقين على المتأخرين،فضل سابق السابقين.

و قد قال اللّه(عزّ و جلّ) أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ (2)نزلت هذه الآية في أبي.

و كان حمزة و جعفر قتلا شهيدين في قتلى كثيرة من الصحابة،فجعل اللّه حمزة سيد الشهداء من بينهم،و جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة كيف يشاء من بينهم،و ذلك لقرابتهما من جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صلّى جدّي على عمّه حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء يوم أحد.

و كذلك جعل اللّه تعالى لنساء نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المحسنة منهن أجرين و للمسيئة منهم و زرين ضعفين لمكانهن من جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و جعل اللّه الصلاة في مسجد نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بألف صلاة من بين سائر المساجد إلاّ المسجد الحرام لمكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فلمّا نزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (3)قالوا:يا رسول اللّه كيف نصلّي عليك؟فقال:قولوا:اللّهم صلّ على محمد و آل محمد.فحقّ/.

ص: 367


1- الواقعة10/-11.
2- التوبة19/.
3- الأحزاب56/.

على كلّ مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فريضة واجبة.

و أحلّ اللّه خمس الغنيمة لرسوله و أوجبها في كتابه،و أوجب لنا من ذلك ما أوجب له،و حرم عليه الصدقة و حرمها علينا.

فللّه الحمد نزّهنا ممّا نزّهه،و طيّب لنا ما طيّب له،كرامة أكرمنا اللّه بها، و فضيلة فضلنا على سائر عباده.

و قال تعالى لجدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجّوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (1)فأخرج جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم معه من الأنفس أبي،و من البنين أنا و أخي الحسين،و من النساء أمي فاطمة،فنحن أهله،و لحمه،و دمه، و نفسه،و نحن منه و هو منّا.

و قد قال اللّه-تبارك و تعالى-: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2)فلمّا نزلت هذه جمعنا جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إياى و أخي و أمي و أبي و نفسه في كساء خيبري في حجرة أم سلمة(رضي اللّه عنها)فقال:اللّهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

فقالت أم سلمة:أنا أدخل معهم يا رسول اللّه؟

فقال لها:قفي مكانك يرحمك اللّه،أنت على خير،و إنّها خاصة لي و لهم.

و لمّا نزلت وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها (3)يأتينا جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كلّ يوم عند طلوع الفجر يقول:الصلاة يا أهل البيت يرحمكم اللّه، إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ/.

ص: 368


1- آل عمران61/.
2- الأحزاب33/.
3- طه132/.

لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً .

و أمر بسدّ الأبواب في مسجده غير بابنا،فكلّموه في ذلك.

فقال:إنّي لم أسدّ أبوابكم و لم أفتح باب علي من تلقاء نفسي،و لكن أتّبع ما أوحي إلي،إنّ اللّه أمرني بسدّ أبوابكم و فتح باب علي.

و قد سمعت هذه الأمّة جدّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:ما ولّت أمّة أمرها رجلا و فيهم من هو أعلم منه إلاّ لم يزل يذهب أمرهم سفالا حتى يرجعوا الى ما تركوه.

و سمعوه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول لأبي:أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي.و قد رأوه و سمعوه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أخذ بيد أبي بغدير خم و قال لهم:من كنت مولاه فعلي مولاه،اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه.ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب.

ثم قال الحسن بن علي(سلام اللّه عليهما):أيّها الناس إنّكم لو التمستم ما بين جابلقا و جابلسا رجلا جدّه نبي و أبوه وصيّه لم تجدوا غيري و غير أخي فاتقوا اللّه و لا تضلوا.

أيّها الناس لو أذكر الذي أعطانا اللّه-تبارك و تعالى-و خصّنا به من الفضائل في كتابه و على لسان نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم أحصه،و أنا ابن البشير،و أنا ابن النذير، و أنا ابن السراج المنير،الذي جعله رحمة للعالمين،و أقسم باللّه لو تمسّكت الأمّة بالثقلين لأعطتهم السماء قطرها،و الأرض بركتها،و لأكلوا نعمتها خضراء من فوقهم و من تحت أرجلهم من غير اختلاف بينهم الى يوم القيامة.قال اللّه(عزّ و جلّ): وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ

ص: 369

فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ (1) الآية.

و قال(عزّ و جلّ): وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (2).

نحن أولى الناس بالناس في كتاب اللّه و على لسان نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

أيّها الناس اسمعوا و عوا و اتقوا اللّه و ارجعوا إليه،هيهات منكم الرجعة الى الحقّ،و قد صارعكم النكوص و خامركم الطغيان و الجحود أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (3)وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (4)./.

ص: 370


1- المائدة66/.
2- الأعراف96/.
3- هود28/.
4- طه47/.

الباب الحادي و التسعون

في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (1)

و بعض كلمات علي(كرّم اللّه وجهه)

14- (1)في باب التفسير:عن جمع الفوائد:عن أبي هريرة قال:

تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هذه الآية (2)و قال (3):

يدعى أحدهم فيعطى كتاب بيمينه،و يمدّ له في جسمه ستون ذراعا و يبيض وجهه،و يجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ،فينطلق الى أصحابه الذين كانوا يجتمعون إليه في الدنيا،فيرونه من بعيد فيقولون:اللّهم ائتنا بهذا،فيأتيهم فيقول:أبشروا لكلّ رجل منكم مثل هذا المتبوع على الهدى.

و أمّا الكافر،فيعطى كتابه بشماله،و يسود وجهه،و يمدّ له في جسمه ستون ذراعا،و يلبس تاجا من نار،إذا رآه أصحابه يقولون:نعوذ باللّه من شرّ هذا، اللّهم لا تأتنا به،فيأتيهم فيقولون:اللّهم أخره.فيقول لهم:أبعدكم اللّه،فان لكلّ رجل منكم مثل هذا (للترمذي) .

ص: 371


1- الإسراء71/. ([1]) جمع الفوائد 98/2.
2- يعني قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ .
3- في المصدر:«أبو هريرة رفعه: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ :يدعى...».

6- (1)و في التفسير المنسوب الى الائمة من أهل البيت:عن بشير بن الدهان عن جعفر الصادق(سلام اللّه عليه)قال:

يا بشير أنتم و اللّه على دين اللّه،ثم تلا يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ،ثم قال:

علي إمامنا،و محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نبينا،و إمامنا،و كم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه و يلعنونه،و نحن ذريّة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمّنا فاطمة(صلوات اللّه عليها).

6,14- (2)و عن عمار الساباطي عن جعفر الصادق(سلام اللّه عليه)قال: لا تترك الأرض بغير إمام يحلّ حلال اللّه و يحرم حرام اللّه،و هو قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ .

ثم قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.

ثم قال الصادق:يا عمار ليست جاهلية الجهلاء.

1- (3)و في نهج البلاغة و من خطبة لأمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليه): فاتقوا سكرات النعمة و اعوجاج الفتنة عند طلوع جنينها،و ظهور كمينها،و انتصاب قطبها،و مدار رحاها،يتوارثها الظلمة بالعهود،أوّلهم قائد لآخرهم،و آخرهم مقتد بأوّلهم،يتنافسون في دنيا دنية،و يتكالبون على جيفة مريحة،و عن قليل يتبرأ التابع من المتبوع،و القائد من المقود،فيتزايلون بالبغضاء،و يتلاعنون عند اللقاء،فلا تكونوا أنصاب الفتن،و أعلام البدع،و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة،و بنيت عليه أركان الطاعة،و أقدموا على اللّه مظلومين و لا تقدموا1.

ص: 372


1- تفسير العياشي 303/2 حديث 120.
2- تفسير العياشي 303/2 حديث 119.
3- نهج البلاغة:210 الخطبة 151.

عليه ظالمين.

1- (1)و في سنن الدارقطني (2):بسنده عن الأعمش،عن مسلم الأعور،عن حبة بن جوين قال:

قال علي(كرّم اللّه وجهه): لو أن رجلا صام الدهر كلّه،و قام الدهر كلّه،ثم قتل بين الركن و المقام،لحشره اللّه يوم القيامة مع من يرى أنّه كان على هدى.

1- (3)و قال أيضا: خالطوا الناس بألسنتكم و أجسادكم و زايلوهم بأعمالكم و قلوبكم،فان للمرء ما اكتسب و هو يوم القيامة مع من أحبّ.ق.

ص: 373


1- سنن الدارمي 92/1.
2- في(أ)و(ن):«الدارمي»بدل«الدارقطني».
3- المصدر السابق.

ص: 374

الباب الثاني و التسعون

في إيراد جواب المأمون الخليفة العباسي عن سؤال

أقربائه حين أراد أن يبايع علي الرضا رضي اللّه عنه

ذكر ابن مسكويه صاحب التاريخ في كتابه«نديم الفريد»:

إن المأمون كتب الى بني العباس و لفظه:«فقد عرف أمير المؤمنين كتابكم،أمّا بعد:إنّ اللّه تعالى بعث محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على فترة من الرسل،و كان أوّل من آمن به خديجة بنت خويلد،ثم آمن به علي بن أبي طالب و له سبع سنين،لم يشرك باللّه شيئا،و لم يشاكل الجاهلية في جهالاتهم،و أبوه أبو طالب،فانّه كفل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أحبّه و ربّاه،و لم يزل مدافعا عنه ما يؤذيه،و مانعا منه،فلمّا قبض حكم بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم القوم ليقتلوه،فهاجر الى المدينة الى القوم الأنصار، و لم يقم معه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أحد كقيام علي بن أبي طالب،فانّه وقاه بنفسه و نام في مضجعه،و لا يولّي عن جيش،تأمر على الجيش و لا تأمر عليه أحد،و هو أشدّهم وطأة على المشركين و أعظمهم جهادا في اللّه،و أفقههم في دين اللّه،و هو صاحب الولاية في حديث غدير خم،و فاتح خيبر،و قاتل عمرو بن عبد ود، و أخو النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين آخى بين المسلمين،و هو صاحب الآية وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً (1)،و هو ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا كفله

ص: 375


1- الانسان8/.

و ربّاه،و هو نفس النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم المباهلة،و إنّ اللّه تعالى قال: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ (1)و اللّه جمع المناقب و الآيات المادحة فيه.

ثم نحن و بنو عليّ كنّا يدا واحدة،حتى قضى اللّه الأمر إلينا ضيقنا عليهم، و قتلناهم أكثر من قتل بني أميّة إياهم،هيهات إنّه مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ،هيهات مالكم إلاّ السيف،يأتيكم الحسيني الثائر فيحصدكم حصدا، و يحصد السفياني المرغم القائم المهدي،و عند القائم المهدي تحقن دماؤكم،و أنا أردت البيعة لعلي بن موسى الرضا إرادة أن أكون الحاقن لدمائكم باستدامة المودّة بيننا و بينهم،و أرجو بها قطع الصراط،و الأمن و النجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر،و لا أظن عملا أزكى عندي من البيعة لعلي الرضا.

و قولكم إنّي سفهت آراء آبائكم،و أحلام أسلافكم،فكذلك قال مشركو قريش: إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (2)ويلكم إنّ الدين لا يؤخذ من الآباء،و إنّما يؤخذ من الأمناء،و لعمري فمجوسي أسلم خير من مسلم ارتدّ،و لا قوة لأمير المؤمنين إلاّ باللّه،و عليه توكلت و هو حسبي(انتهى).

قال طويلا لكن اختصرت بحاصل معناه./.

ص: 376


1- التوبة19/.
2- الزخرف23/.

الباب الثالث و التسعون

في ذكر خليفة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

مع أوصيائه(سلام اللّه عليهم)

14,1,12- (1)أخرج صاحب المناقب:حدثنا الحسن بن محمد بن سعد،حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي،حدثنا محمد بن أحمد الهمداني،حدثني أبو الفضل العباس بن عبد اللّه البخاري،حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم،حدثنا عبد السّلام بن صالح الهروي،عن علي بن موسى الرضا،عن أبيه،عن آبائه،عن علي بن أبي طالب(سلام اللّه عليهم)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما خلق اللّه خلقا أفضل منّي،و لا أكرم عليه منّي.

قال علي:فقلت:يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرائيل؟

فقال:يا علي إنّ اللّه-تبارك و تعالى-أفضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين،و فضّلني على جميع النبيين و المرسلين،و الفضل بعدي لك يا علي، و للأئمة من ولدك من بعدك،فان الملائكة من خدّامنا و خدام محبّينا.

يا علي اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (1)بولايتنا.

ص: 377


1- غافر7/.

يا علي لو لا نحن ما خلق اللّه آدم و لا حواء و لا الجنّة و لا النار و لا السماء و لا الأرض،فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم الى معرفة ربّنا و تسبيحه و تهليله و تقديسه؟؛لأنّ أول ما خلق اللّه(عزّ و جلّ)أرواحنا فأنطقنا بتوحيده و تحميده،ثم خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا،فسبّحنا لتعلم الملائكة انّا خلق مخلوقون و إنّه تعالى منزّه عن صفاتنا،فسبّحت الملائكة بتسبيحنا،و نزّهته عن صفاتنا،فلمّا شهدوا عظم شأننا هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ اللّه،و أنّا عبيد و لسنا بآلهة يجب أن تعبد معه أو دونه،فقالوا:لا إله إلاّ اللّه.فلمّا شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا لتعلم الملائكة أنّ اللّه أكبر فلا ينال مخلوقه عظم المحل إلاّ به.فلمّا شاهدوا ما جعله اللّه لنا من العزّ و القوة قلنا:لا حول و لا قوة إلاّ باللّه لتعلم الملائكة أن لا حول و لا قوة إلاّ باللّه.فلمّا شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا و أوجبه لنا من فرض طاعة الخلق إيانا قلنا:الحمد للّه،لتعلم الملائكة أن الحمد للّه على نعمته،فقالت الملائكة:الحمد للّه.فبنا اهتدوا الى معرفه توحيد اللّه و تسبيحه و تهليله و تكبيره و تحميده.

و إنّ اللّه-تبارك و تعالى-خلق آدم عليه السّلام فأودعنا في صلبه و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما و إكراما له،و كان سجودهم للّه عبودية،و لآدم إكراما و طاعة لأمر اللّه لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون؟و إنّه لمّا عرج بي الى السماء أذّن جبرائيل مثنى مثنى،و أقام مثنى مثنى،ثم قال:تقدّم يا محمد.

فقلت:يا جبرائيل أتقدّم عليك؟

فقال:نعم،إنّ اللّه-تبارك و تعالى-فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين، و فضّلك خاصة على جميعهم.فتقدمت فصلّيت بهم و لا فخر.

ص: 378

فلمّا انتهيت الى حجب النور قال لي جبرائيل:تقدّم يا محمد،و تخلّف هو عنّي.

فقلت:يا جبرائيل:في مثل هذا الموضع تفارقني؟!

فقال:يا محمد إنّ هذا انتهاء حدّ الذي وضعني اللّه فيه،فان تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدّي حدود ربّي(جلّ جلاله)فزج بي النور زجة حتى انتهيت الى حيث ما شاء اللّه من علو ملكه.

فنوديت:يا محمد أنت عبدي و أنا ربّك،فاياي فاعبد،و عليّ فتوكّل،و خلقتك من نوري،و أنت رسولي الى خلقي،و حجتي على بريّتي،لك و لمن اتّبعك خلقت جنتي،و لمن خالفك خلقت ناري،و لأوصيائك أوجبت كرامتي.

فقلت:يا رب و من أوصيائي؟

فنوديت:يا محمد أوصياؤك المكتوبون على سرادق عرشي.

فنظرت فرأيت اثني عشر نورا،و في كلّ نور سطر أخضر عليه اسم وصيّ من أوصيائي،أولهم علي و آخرهم القائم المهدي.

فقلت:يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي؟

فنوديت:يا محمد هؤلاء أوليائي و أحبّائي و أصفيائي و حججي بعدك على بريّتي، و هم أوصياؤك،و عزّتي و جلالي،لأطهّرن الأرض بآخرهم المهدي من الظلم، و لأملّكنّه مشارق الأرض و مغاربها،و لأسخّرنّ له الرياح،و لأذلّلنّ له السحاب الصعاب،و لأرقينّه في الأسباب،و لأنصرنّه بجندي،و لأمدنّه بملائكتي،حتى تعلو دعوتي و يجمع الخلق على توحيدي،ثم لأديمنّ ملكه،و لأداولنّ الأيام بين أوليائي الى يوم القيامة.

ص: 379

14,1,15,2,3,4,5,6,7,8,9,10,11,12- (1)أخرج أبو المؤيد موفق بن أحمد الخوارزمي:بسنده عن أبي سليمان راعي رسول اللّه قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: ليلة أسري بي الى السماء قال لي الجليل(جلّ جلاله): آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ (2).

فقلت:و المؤمنون.

قال:صدقت.

قال:يا محمد إنّي اطلعت الى أهل الأرض اطلاعة فاخترتك منهم فشققت لك اسما من أسمائي،فلا أذكر في موضع إلاّ ذكرت معي،فأنا المحمود و أنت محمد،ثم اطلعت الثانية فاخترت منهم عليا فسمّيته باسمي.

يا محمد خلقتك و خلقت عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولد الحسين من نوري،و عرضت ولايتكم على أهل السموات و الأرض،فمن قبلها كان عندي من المؤمنين،و من يجحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد لو أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع،أو يصير كالشن البالي،ثم جاءني جاحدا لولايتكم ما غفرت له.

يا محمد تحبّ أن تراهم؟

قلت:نعم يا رب.

قال لي:أنظر الى يمين العرش.

فنظرت،فاذا علي،و فاطمة،و الحسن،و الحسين،و علي بن الحسين،و محمد ابن علي،و جعفر بن محمد،و موسى بن جعفر،و علي بن موسى،و محمد بن/.

ص: 380


1- مقتل الحسين للخوارزمي:95 حديث 203.فرائد السمطين 319/2 حديث 571.
2- البقرة285/.

علي،و علي بن محمد،و الحسن بن علي،و محمد المهدي بن الحسن كأنّه كوكب درّي بينهم.

و قال:يا محمد هؤلاء حججي على عبادي و هم أوصياؤك،و المهدي منهم، الثائر من قاتل عترتك،و عزّتي و جلالي إنّه المنتقم من أعدائي و الممدّ لأوليائي.

أيضا أخرجه الحمويني .

ص: 381

ص: 382

الباب الرابع و التسعون

في إيراد ما في كتاب«غاية المرام»الذي جمع فيه

الأحاديث الواردة في المهدي الموعود(سلام اللّه عليه)

14,12- (1)أخرج إبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي في كتابه«فرائد السمطين»:بسنده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري رفعه:

من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد،و من أنكر نزول عيسى عليه السّلام فقد كفر،و من أنكر خروج الدجال فقد كفر.

14,12- (2)و في«فرائد السمطين»:أبو سعيد الخدري رفعه:

أبشركم بالمهدي يبعث في أمّتي على اختلاف من الناس و زلازل،فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،يرضى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض، يقسم المال بالسوية بين الناس.

14,1,12- (3)و فيه أي في هذا الكتاب:عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس رفعه:

إنّ أوصيائي و حجج اللّه على الخلق بعدي الاثنا عشر،أوّلهم أخي و آخرهم ولدي.

قيل:يا رسول اللّه من أخوك؟

ص: 383


1- غاية المرام:692 حديث 3.فرائد السمطين 334/2 حديث 585.
2- غاية المرام:692 حديث 5.فرائد السمطين 310/2 حديث 561.
3- غاية المرام:692 حديث 6.فرائد السمطين 312/2 حديث 562.

قال:علي.

قيل:من ولدك؟

قال:المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و الذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا،لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي،فينزل روح اللّه عيسى بن مريم فيصلّي خلف ولدي،و تشرق الأرض بنور ربّها،و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب.

14,1,15,2,3- (1)و فيه:عن الأصبغ بن نباتة،عن ابن عباس رفعه:

أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون.

14,1,12- (2)و فيه:عن عباية بن ربعي عن ابن عباس رفعه:

أنا سيد النبيّين و علي سيد الوصيّين،و انّ أوصيائي بعدي اثنا عشر،أوّلهم علي و آخرهم المهدي.

14,12- (3)و فيه:عن أبي أمامة الباهلي رفعه:

بينكم و بين الروم سبع سنين.

فقال له رجل من بني عبد القيس يقال له«المستورد»:يا رسول اللّه من إمام الناس يومئذ؟

قال:المهدي من ولدي ابن أربعين سنة،كأنّ وجهه كوكب دري،في خدّه الأيمن خال أسود،عليه عبايتان قطوانيتان،كأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز،و يفتح مدائن الشرك.5.

ص: 384


1- غاية المرام:693 حديث 7.
2- غاية المرام:693 حديث 8.فرائد السمطين 313/2 حديث 563 و 564.
3- غاية المرام:693 حديث 9.فرائد السمطين 314/2 حديث 565.

14,12- (1)و فيه:عن أبي سعيد الخدري رفعه:

يكون في أمّتي إن قصر عمره فسبع سنين،و إلاّ فثمان،و إلاّ فتسع سنين،تتنعم أمّتي في زمانه نعيما لم يتنعم مثله قط،و البر و الفاجر عنده سواء،ترسل السماء مدرارا،و لم تدّخر الأرض شيئا من نباتها.

14,12- (2)و فيه:عن ابن عمر رفعه:

يخرج المهدي و على رأسه ملك ينادي:هذا المهدي خليفة اللّه فاتبعوه.

14,12- (3)و فيه:عن أبي سعيد الخدري رفعه:

تملأ الأرض جورا و ظلما فيخرج رجل من عترتي يملك الأرض سبعا أو تسعا فيملأ الأرض قسطا و عدلا.

14,12- (4)و فيه:عن أبي سعيد الخدري رفعه:

لا تقوم الساعة حتى يملك الأرض من أهل بيتي أجلى الجبهة،أقنى الأنف،يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما،يكون سبع سنين.

14,12,3- (5)و فيه:عن حذيفة بن اليمان قال:

خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فذكرنا ما هو كائن فقال:لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من ولدي اسمه اسمي،فقام سلمان الفارسي.

فقال:يا رسول اللّه من أيّ ولدك هو؟5.

ص: 385


1- غاية المرام:693 حديث 10.فرائد السمطين 315/2 حديث 566.
2- غاية المرام:693 حديث 12.فرائد السمطين 316/2 حديث 569.
3- غاية المرام:693 حديث 15.فرائد السمطين 322/2 حديث 573.
4- غاية المرام:694 حديث 16.فرائد السمطين 324/2 حديث 574.
5- غاية المرام:694 حديث 17.فرائد السمطين 325/2 حديث 575.

قال:من ولدي هذا.و ضرب بيده على الحسين(سلام اللّه عليه).

14,12- (1)و فيه عن ابن مسعود رفعه:

لا تقوم الساعة حتى يأتي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.

14,12- (2)و فيه:عن أبي سعيد رفعه:

المهدي منّا أهل البيت،أشمّ الأنف،يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

14,12- (3)و فيه:عن عبد الرحمن بن عوف رفعه:

ليبعثنّ اللّه تعالى من عترتي رجلا،أفرق الثنايا،أجلى الجبهة،يملأ الأرض عدلا،يفيض المال عليه فيضا.

1,12- (4)و فيه:عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي بن أبي طالب رفعه:

المهدي منّا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة.

14,12- (5)و فيه:عن جابر بن عبد اللّه رفعه:

المهدي من ولدي اسمه اسمي،و كنيته كنيتي،أشبه الناس بي خلقا و خلقا، يكون له غيبة و حيرة يضلّ فيها الأمم،يقبل كالشهاب الثاقب،يملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

14,12- (6)و فيه:عن الباقر عن آبائه عن علي بن أبي طالب(سلام اللّه عليهم)رفعه:

المهدي من ولدي يكون له غيبة و حيرة تضل فيها الأمم،يأتي به خير الأنبياء0.

ص: 386


1- غاية المرام:694 حديث 18.فرائد السمطين 326/2 حديث 576.
2- غاية المرام:694 حديث 22.فرائد السمطين 330/2 حديث 580.
3- غاية المرام:694 حديث 24.فرائد السمطين 331/2 حديث 582.
4- غاية المرام:694 حديث 25.فرائد السمطين 331/2 حديث 583.
5- غاية المرام:695 حديث 29.فرائد السمطين 334/2 حديث 586-589.
6- غاية المرام:695 حديث 30.

فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

14,1,12- (1)و فيه:عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس رفعه:

إنّ عليا إمام أمّتي بعدي،و من ولده القائم المنتظر الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و الذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا،إنّ الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.

فقام إليه جابر بن عبد اللّه فقال:يا رسول اللّه و للقائم من ولدك غيبة؟

قال:إي و ربّي،و يمحّص اللّه الذين آمنوا و يمحق الكافرين.

يا جابر إنّ هذا أمر من أمر اللّه،و سرّ من سرّ اللّه فاياك و الشكّ فيه،فان الشك في أمر اللّه(عزّ و جلّ)كفر.

8,12- (2)و فيه:عن الحسن بن خالد قال:

قال علي بن موسى الرضا: الوقت المعلوم و هو يوم خروج قائمنا.

فقيل له:من القائم منكم؟

قال:الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء،يطهّر اللّه به الأرض من كلّ جور، و يقدسها من كلّ ظلم،و هو الذي يشكّ الناس في ولادته،و هو صاحب الغيبة قبل خروجه،فاذا خرج أشرقت الأرض بنوره،و وضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا،و هو الذي تطوى له الأرض،و لا يكون له ظل، و هو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض:ألا انّ حجة اللّه قد ظهر عند بيت اللّه فاتبعوه فان الحق فيه و معه،و قول اللّه-تبارك و تعالى-:

إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (3) ./.

ص: 387


1- غاية المرام:696 حديث 32.
2- غاية المرام:696 حديث 33.فرائد السمطين 336/2 حديث 590.
3- الشعراء4/.

و فيه قصة دعبل الخزاعي قد تقدّمت في الباب الثمانين.(انتهى فرائد السمطين).

14,12- (1)أبو هريرة رفعه:

كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم (للبخاري و مسلم) .

14,12- (2)و في صحيح النسائي مرفوعا:

أبشروا و بشّروا إنّما أمّتي كالغيث لا يدرى آخره خير أم أوله،أو كحديقة أطعم منها فوج عاما،ثم أطعم منها فوج عاما،لعلّ آخرها فوجا يكون أعرضها عرضا،و أعمقها عمقا،و أحسنها حسنا،كيف تهلك أمّة أنا أوّلها و المهدي أوسطها و المسيح آخرها؟!و لكن بين ذلك شيخ أعوج ليسوا منّي و لا أنا منهم.

14,12- (3)و أخرج صاحب كتاب«غريب الحديث»:عن عروة بن رويم رفعه:

خيار أمّتي أولها و آخرها،و بين ذلك شيخ أعوج ليس منّا و لست منه.

قال ابن قتيبة:الشيخ الوسط.

16- و قد جاءت آثار انّه ذكر آخر الزمان فقال: المستمسك منهم بدينه كالقابض على الجمر.

16- و الحديث الآخر: الشهيد منهم يومئذ كشهيد بدر.

14- و في حديث آخر: انه سئل عن القرباء فقال:الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي. الحديث .

فاذا نزل عيسى لم ينسخ شيئا ممّا أتى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لم يتقدّم عيسى على الامام من أمّته بل يقدّمه و يصلّي خلفه.1.

ص: 388


1- صحيح البخاري 143/4.صحيح مسلم 86/1 حديث 244.
2- غاية المرام:697 حديث 43.عقد الدرر:146.
3- غاية المرام:698 حديث 51.

14,12- (1)ابن عباس رفعه: المهدي طاوس أهل الجنّة (للديلمي) .

14,12- (2)ابن مسعود رفعه: لا تذهب الدنيا حتى يملك الرجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (لأبي نعيم) .

5,12- (3)أبو جعفر الباقر قال: إنّ اللّه تعالى يلقي في قلوب محبّينا الرعب،فاذا قام قائمنا و ظهر مهدينا كان الرجل أجرأ من ليث و أمضى من سنان (لأبي نعيم في الجزء الثالث من حلية الأولياء) .

14,12,15,1,2,3- (4)و في كتاب«فضائل الصحابة»لأبي المظفر السمعاني:عن أبي سعيد الخدري قال:

دخلت فاطمة على أبيها صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مرضه و بكت و قالت:يا أبي أخشى الضيعة من بعدك.

فقال:يا فاطمة إنّ اللّه اطلع الى أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباك فبعثه رسولا،ثم اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأمرني أن أزوّجك منه،فزوجتك منه،و هو أعظم المسلمين حلما،و أكثرهم علما،و أقدمهم إسلاما،إنّا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين،و لا يدركها أحد من الآخرين:

نبينا خير الأنبياء و هو أبوك،و وصينا خير الأوصياء و هو بعلك،و شهيدنا خير الشهداء و هو عم أبيك حمزة،و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء و هو جعفر،و منّا سبطا هذه الأمّة و هما ابناك،و منّا مهدي هذه الأمّة.

16,12- قال أبو هارون العبدي: لقيت وهب بن منبه أيام الموسم فعرضت عليه هذا1.

ص: 389


1- غاية المرام:698 حديث 57.الفردوس 222/4 حديث 6668.
2- غاية المرام:698 حديث 61.حلية الأولياء 75/5.
3- غاية المرام:698 حديث 61.
4- غاية المرام:699 حديث 71.

الحديث فقال:إنّ موسى لمّا فتن قومه و اتخذوا العجل الها فكبر على موسى قال اللّه:يا موسى من كان قبلك من الأنبياء افتتن قومه،و انّ أمّة أحمد أيضا ستصيبهم فتنة عظيمة من بعده حتى يلعن بعضهم بعضا،ثم يصالح اللّه أمرهم برجل من ذرية أحمد،و هو المهدي.

أخرج الحافظ أبو نعيم أربعين حديثا في المهدي(سلام اللّه عليه):

14,12,15- (1)فمنها:عن علي بن بلال عن أبيه قال هذا الحديث المذكور من غير كلام وهب ابن منبه و زاد:

يا فاطمة إذا صارت الدنيا هرجا و مرجا،و صارت الفتن،و انقطعت السبل، و أغار بعضهم على بعض،فلا كبير يرحم صغيرا،و لا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث اللّه عند ذلك المهدي من ولدك،يفتح حصون الضلالة و قلوبا غلفا، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان،و يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

14,12,3- (2)و منها:عن حذيفة بن اليمان قال: خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فذكر ما هو كائن ثم قال:

لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول اللّه تعالى ذلك اليوم حتى يبعث اللّه رجلا من ولدي اسمه اسمي.

فقام سلمان و قال:يا رسول اللّه من أي ولدك هو؟

قال:من ولد هذا.و ضرب بيده على رأس الحسين(سلام اللّه عليه).8.

ص: 390


1- غاية المرام:699 حديث 77.
2- غاية المرام:699 حديث 78.

14,12- (1)و منها:عن أبي أمامة قال: خطبنا النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر الدجال و قال:

فتنقى المدينة الخبث كما ينقي الكير خبث الحديد،و يدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.

فقالت أمّ شريك:فأين العرب يومئذ يا رسول اللّه؟

قال:هم يومئذ قليل،و جلّهم ببيت المقدس،و إمامهم المهدي،و هو رجل صالح.

14,12- (2)و منها:عن حذيفة رفعه: ويح هذه الأمّة من ملوك جبابرة،كيف يقتلون و يطردون إلاّ من أظهر طاعتهم،فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه و يفرّ منهم بقلبه،فاذا أراد اللّه تعالى أن يعيد الاسلام عزيزا قصم كلّ جبار عنيد،و هو القادر على ما يشاء،و أصالح الأمّة بعد فسادها.

يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي الملاحم في يديه و يظهر الاسلام و اللّه لا يخلف وعده و هو سريع الحساب.

14,12- (3)و منها:عن ثوبان رفعه: يقتتل عند كرّتكم ثلاثة كلّهم ابن خليفة،ثم لا يصير الى أحد،ثم تجيء الرايات السود فيقتلونهم قتلا لم يقتله قوم مثله،ثم يجيء خليفة اللّه المهدي،فاذا سمعتم به فأتوه فبايعوه فانه خليفة اللّه المهدي.

14,12- (4)و منها:عن ثوبان رفعه: تجيء الرايات السود من قبل المشرق كأنّ قلوبهم من حديد،فمن سمع بهم فليأتهم و لو حبوا على الثلج.

1,14,12- (5)و منها:عن علي قال:5.

ص: 391


1- غاية المرام:700 حديث 86.
2- غاية المرام:700 حديث 99.
3- غاية المرام:700 حديث 103.
4- غاية المرام:700 حديث 104.
5- غاية المرام:700 حديث 105.

قلت:يا رسول اللّه أمنّا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟

فقال:بل منّا يختم به الدين كما فتح بنا،و به ينقذون من الفتن كما نقذوا من الشرك بنا،و بنا يؤلف اللّه بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألّف بينهم بعد عداوة الشرك،اخوانا في دينهم.

14,12- (1)و منها:عن أبي سعيد رفعه: منّا الذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه.

14,12- (2)و منها:عن جابر بن عبد اللّه رفعه: ينزل عيسى بن مريم فيقول أميركم المهدي:

تعال صلّ بنا فيقول:لا،ألا انّ بعضكم على بعض أمراء تكرمة من اللّه لهذه الأمّة.

8,11,12- (3)و منها:عن ابن الخشاب قال:حدثنا صدقة بن موسى قال:حدثنا أبي عن علي الرضا بن موسى الكاظم قال:

الخلف الصالح من ولد الحسن بن علي العسكري هو صاحب الزمان و هو المهدي(سلام اللّه عليهم).

6- (4)و منها:عن ابن الخشاب قال:حدثني أبو القاسم الطاهر بن هارون بن موسى الكاظم،عن أبيه،عن جدّه قال:قال سيدي جعفر بن محمد:

الخلف الصالح من ولدي و هو المهدي،اسمه محمد و كنيته أبو القاسم،يخرج في آخر الزمان يقال لأمّه«نرجس»و على رأسه غمامة تظلّه عن الشمس تدور معه حيث ما دار،تنادي بصوت فصيح:هذا المهدي فاتبعوه(سلام اللّه عليه).

و أمّا بواقي الأحاديث الأربعين التي جمعها أبو نعيم فهي مذكورة في هذا الكتاب3.

ص: 392


1- غاية المرام:701 حديث 109.
2- غاية المرام:701 حديث 110.
3- غاية المرام:701 حديث 112.
4- غاية المرام:701 حديث 113.

في ضمن الأحاديث المذكورة.

و أورد أبو عبد اللّه محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي صاحب كتاب «كفاية الطالب»و كتاب«البيان في أخبار صاحب الزمان»الأحاديث الكثيرة،فيورد مؤلف ينابيع المودة لذي القربى منها الحديث الذي لم يذكر في هذا الكتاب.

1,12- (1)منها:إنّ ابن الأعسم الكوفي في كتابه«الفتوح»عن علي(كرّم اللّه وجهه)انه قال: ويحا للطالقان فان للّه تعالى كنوزا ليست من ذهب و لا فضة،و لكن بها رجال معروفون و هم عرفوا اللّه حقّ معرفته،و هم أيضا أنصار المهدي(سلام اللّه عليه)في آخر الزمان.

1,12- (2)و منها:و في كتاب عقد الدرر يسند الى الحسن بن علي(رضي اللّه عنهما)انه قال:

لو قام المهدي لأنكره الناس لأنّه يرجع إليهم شابا و هم يحسبونه شيخا كبيرا.

14,12- (3)و منها:في كتاب الفتن للحافظ أبي عبد اللّه نعيم بن حماد عن أبي سعيد الخدري رفعه:

منّا الذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه.

16,12- و حديث آخر: المهدي هو الذي يؤم عيسى بن مريم.

14,12- (4)و منها:و في كتاب العرائس لأبي إسحاق الثعلبي بسنده الى تميم الداري رفعه:

إنّ غارا في أنطاكية من غيران فيها رصاص من ألواح موسى،و ما سحابة2.

ص: 393


1- غاية المرام:701 حديث 124.
2- عقد الدرر:41 و 42.
3- غاية المرام:704 حديث 59-60.عقد الدرر:25 و 157 و 230.
4- غاية المرام:704 حديث 162.

شرقية و لا غربية تمر عليها إلاّ ألقت عليها من بركتها،و لن تذهب الأيام و الليالي حتى يملكها رجل من أهل بيتي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

14,12- (1)و منها:في كتاب«فضل الكوفة»لأبي عبد اللّه محمد بن علي العلوي:عن أبي سعيد الخدري رفعه:

يملك المهدي سبعا أو عشرا أسعد الناس به أهل الكوفة.

14,12,15,3- (2)و منها:أخرج الدارقطني في كتابه الجرح و التعديل:عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرض مرضة ثقيلة،فدخلت عليه فاطمة و أنا جالس عنده،و لمّا رأت ما به من الضعف خنقتها العبرة. الحديث... و هو انّه ضرب على منكب الحسين و قال:من هذا مهدي هذه الأمّة(سلام اللّه عليهم).

و قال الكنجي: قد ذكر الترمذي الحديث و لم يذكر«اسم أبيه اسم أبي».و ذكر أبو داود في معظم روايات الحفاظ الثقات من نقلة الأخبار«اسمه اسمي»فقط، و الذي روى«و اسم أبي اسم أبيه»فهو زيادة (3).

14,12,3- (4)و منها:في كتاب المناقب لموفق بن أحمد الخوارزمي أخطب خطباء خوارزم:

بسنده عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال:

دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إذا الحسين بن علي على فخذه و هو يقبّل عينيه و يلثم فاه،و هو يقول:أنت سيد ابن سيد أخو سيد،أنت إمام ابن إمام أخو إمام،أنت حجة ابن حجة أخو حجة،و أنت أبو حجج تسع تاسعهم قائمهم.0.

ص: 394


1- فضل الكوفة:26 حديث 3.
2- البحار:51-91 في حديث باب 9.
3- كفاية الطالب:482.سنن أبي داود 309/3.
4- مقتل الحسين للخوارزمي:146 حديث 320.

14,12,3- (1)و في كتاب المناقب:حدثنا محمد بن علي،حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي،عن محمد بن علي القرشي،عن ابن سنان،عن المفضل بن عمر،عن أبي حمزة الثمالي،عن محمد الباقر،عن أبيه علي بن الحسين،عن أبيه الحسين بن علي(سلام اللّه عليهم)قال:

دخلت على جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأجلسني على فخذه و قال لي:إنّ اللّه اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم،و كلّهم في الفضل و المنزلة عند اللّه سواء.

14,12,1- (2)و في المناقب:حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار،حدثنا أبي،عن محمد بن عبد الجبار،عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي،عن ابان بن عثمان،عن ثابت ابن دينار ،عن زين العابدين علي بن الحسين،عن أبيه سيد الشهداء الحسين، عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليهم)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الأئمة بعدي اثنا عشر،أوّلهم أنت يا علي و آخرهم القائم الذي يفتح اللّه(عزّ و جلّ)على يديه مشارق الأرض و مغاربها.

14,12- (3)و في المناقب:حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور،حدثنا الحسين بن محمد بن عامر،عن عمّه عبد اللّه بن عامر،عن محمد بن أبي عمير،عن أبي جميلة المفضل بن صالح،عن جابر بن يزيد،عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري(رضي اللّه عنهما)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المهدي من ولدي اسمه اسمي،و كنيته كنيتي،أشبه الناس1.

ص: 395


1- اكمال الدين 269/1 حديث 12.
2- اكمال الدين 282/1 حديث 35.
3- فرائد السمطين 335/2 حديث 586.اكمال الدين 286/1 حديث 1.

بي خلقا،و خلقا،تكون له غيبة و حيرة تضلّ فيها الأمم،ثم يقبل كالشهاب الثاقب،يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

14,12,5- (1)و في المناقب:حدثنا محمد بن الحسن،قال:حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن الحسين بن سعيد،عن محمد بن جمهور،عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن وهب،عن أبي حمزة الثمالي،عن أبي جعفر محمد الباقر(سلام اللّه عليه)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي و هو يأتم به في غيبته قبل قيامه،و يتولّى أولياءه و يعادي أعداءه،ذلك من رفقائي و ذوي مودّتي و أكرم أمّتي عليّ يوم القيامة.

و عن جعفر الصادق(سلام اللّه عليه)نحوه و زاد بعد قوله و هو يأتم به: و يأتم بأئمة الهدى من قبله.

14,12- (2)و في المناقب:حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن المتوكل قالا:حدثنا سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر و محمد بن يحيى العطار،جميعا قالوا:حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى و ابراهيم بن هاشم قالا:حدثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قالا:حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب البزار،عن داود بن الحصين،عن أبي بصير،عن الصادق جعفر بن محمد،عن آبائه،عن أمير المؤمنين(سلام اللّه عليهم)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المهدي من ولدي اسمه اسمي،و كنيته كنيتي،و هو أشبه الناس بي خلقا و خلقا،تكون له غيبة و حيرة في الأمم حتى تضلّ الخلق عن5.

ص: 396


1- اكمال الدين 286/1 حديث 2 و 3.
2- اكمال الدين 287/1 حديث 4 و 5.

أديانهم،فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب،فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

و عن الباقر نحوه و زاد: و يأتي المهدي بذخيرة الأنبياء عليهم السّلام.

14,12- (1)و في المناقب:حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيشابوري.

قال:حدثنا حمدان بن سليمان النيشابوري،عن محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عاقبة،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد الباقر،عن أبيه،عن جدّه أمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليهم)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المهدي من ولدي اسمه اسمي،و كنيته كنيتي،و هو أشبه الناس بي خلقا و خلقا،تكون له غيبة و حيرة في الأمم حتى تضل الخلق عن أديانهم،فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب،يأتي بذخيرة الأنبياء عليهم السّلام فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

14,12- (2)و بهذا الاسناد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أفضل العبادة انتظار الفرج،أي انتظار الفرج بظهور المهدي(سلام اللّه عليه).

14,1,12- (3)و في المناقب:حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل،قال:حدثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي،قال:حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي،عن علي بن عثمان، عن محمد بن الفرات،عن ثابت بن دينار ،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس (رضي اللّه عنهما)قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ عليا إمام أمّتي من بعدي،و من ولده القائم المنتظر7.

ص: 397


1- فرائد السمطين 335/2 حديث 587.
2- فرائد السمطين 335/2 حديث 588.اكمال الدين 287/1 حديث 6.
3- فرائد السمطين 335/2 حديث 589.اكمال الدين 288/1 حديث 7.

الذي إذا ظهر يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما،و الذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا،إنّ الثابتين على القول بامامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.

فقام إليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه لولدك القائم غيبة؟

قال:إي و ربّي ليمحصنّ الذين آمنوا و يمحق الكافرين.يا جابر إنّ هذا الأمر من أمر اللّه و سرّ من سرّ اللّه مطوي من عباد اللّه،فاياك و الشكّ فيه فان الشكّ في أمر اللّه(عزّ و جلّ)كفر.

14,1,12- (1)و في المناقب:حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المرورودي قال:

حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين،قال:حدثنا أبو يزيد أحمد بن خالد الخالدي،قال:حدثنا محمد بن أحمد بن الصالح التميمي،قال:حدثنا محمد بن حاتم القطان،عن حماد بن عمر،عن الامام جعفر الصادق،عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليهم)في حديث طويل في وصيته يذكر فيها:

انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: يا علي أعجب الناس إيمانا و أعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان،لم يلحقوا النبي و حجبت عنهم الحجة،فآمنوا بسواد على بياض،أي بالأحاديث التي كتبت على القرطاس.

14,1,2,3,4,5,6,7,8,9,10,11,12- (2)و في المناقب:حدثنا أصحابنا و قالوا:حدثنا محمد بن همام،قال:حدثنا جعفر ابن محمد بن مالك الفزاري،قال:حدثني الحسين بن محمد بن سماعة قال:

حدثني أحمد بن الحارث،قال:حدثني المفضل بن عمر،عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفي قال:سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري يقول:3.

ص: 398


1- اكمال الدين 288/1 حديث 8.
2- كشف الغمة 299/3.

قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:يا جابر إنّ أوصيائي و أئمة المسلمين من بعدي أوّلهم علي،ثم الحسن،ثم الحسين،ثم علي بن الحسين،ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فاذا لقيته فاقرأه منّي السّلام،ثم جعفر بن محمد،ثم موسى بن جعفر،ثم علي بن موسى،ثم محمد بن علي،ثم علي بن محمد،ثم الحسن بن علي،ثم القائم اسمه اسمي و كنيته كنيتي محمد بن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح اللّه-تبارك و تعالى-على يديه مشارق الأرض و مغاربها،ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بامامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان.

قال جابر:فقلت:يا رسول اللّه فهل للناس الانتفاع به في غيبته؟

فقال:إي و الذي بعثني بالنبوة،إنّهم يستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس و إن سترها سحاب،هذا من مكنون سر اللّه،و مخزون علم اللّه،فاكتمه إلاّ عن أهله.

قال جابر الجعفي: إنّ جابر بن عبد اللّه الأنصاري دخل على علي بن الحسين (سلام اللّه عليهم)إذ خرج محمد بن علي من عند نسائه فقال له جابر:يا مولاي إنّ جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لي:إذا لقيته فاقرأه مني السلام،و قد أخبرني أنّكم الأئمة الهداة من أهل بيته من بعده،أحلم الناس صغارا،و أعلمهم كبارا،و قال:لا تعلّموهم فانّهم أعلم منكم.

قال الباقر:و لقد أوتيت الحكم صبيا ذلك بفضل اللّه و رحمته علينا أهل البيت.

ص: 399

ص: 400

الباب الخامس و التسعون

في تفسير قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ

و في تفسير: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ و كلام الخضر عليه السّلام

1- (1)في المناقب:عن أبي بصير،عن جعفر الصادق قال:

قال أمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليه)في خطبته: أنا الهادي،و أنا المهتدي، و أنا أبو اليتامى و المساكين،و زوج الأرامل،و أنا ملجأ كلّ ضعيف و مأمن كلّ خائف،و أنا قائد المؤمنين الى الجنّة،و أنا حبل اللّه المتين،و أنا العروة الوثقى و كلمة التقوى،و أنا عين اللّه و باب اللّه و لسان اللّه الصادق،و أنا جنب اللّه الذي يقول اللّه تعالى فيه أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ (1)،و أنا يد اللّه المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة،و أنا باب حطّة، من عرفني و عرف حقّي فقد عرف ربّه،لأني وصيّ نبيّه في أرضه و حجته على خلقه،لا ينكر هذا إلاّ راد على اللّه و رسوله.

ص: 401


1- الزمر56/.

7,1,12- (1)و عن علي بن سويد،عن موسى الكاظم في هذه الآية قال: جنب اللّه أمير المؤمنين علي،و كذلك ما بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع الى أن ينتهي الأمر الى آخرهم المهدي(سلام اللّه عليهم).

6,1- (3)و عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألت جعفر الصادق عن قوله تعالى عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (2).و سألته عن قوله تعالى هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ (2)قال:ولاية أمير المؤمنين علي(سلام اللّه عليه)، كان يقول:ما للّه نبأ هو أعظم مني،و لا للّه آية أكبر مني.

و عن الباقر و الرضا نحوه.

14,1- (4)و عن ياسر الخادم،عن علي الرضا،عن أبيه،عن آبائه،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

يا علي أنت حجة اللّه،و أنت باب اللّه،و أنت الطريق الى اللّه،و أنت النبأ العظيم، و أنت الصراط المستقيم،و أنت المثل الأعلى،و أنت إمام المسلمين،و أمير المؤمنين، و خير الوصيين،و سيد الصديقين.

يا علي أنت الفاروق الأعظم،و أنت الصديق الأكبر،و إن حزبك حزبي و حزبي حزب اللّه،و إنّ حزب أعدائك حزب الشيطان.

14,1- (5)و عن يحيى بن سعيد البلخي،عن علي الرضا،عن أبيه،عن آبائه،عن علي3.

ص: 402


1- الكهف44/. ([4]) غاية المرام:344 باب 44 حديث 7. ([5]) عيون أخبار الرضا عليه السّلام 12/1 حديث 23.
2- النبأ1/-3.

ابن أبي طالب(سلام اللّه عليهم)قال:

بينا أنا أمشي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض طرق المدينة إذ لقينا شيخ طويل كثّ اللحية بعيد ما بين المنكبين،فسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و رحّب به،ثم التفت إليّ فقال:السّلام عليك يا رابع الخلفاء و رحمة اللّه و بركاته،ثم قال:

أ ليس كذلك هو يا رسول اللّه؟

فقال له:بلى.

ثم مضى فقلت:يا رسول اللّه ما معنى قول هذا الشيخ الذي قال لي و تصديقك قوله؟

قال:أنت كذلك و الحمد للّه،إنّ اللّه-تبارك و تعالى-قال في كتابه: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (1).

و قال: يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ (2).

و قال حكاية عن موسى حين قال لهارون: اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ (3)إذ استخلفه موسى في قومه.

و قال تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (4).

فكنت أنت المبلّغ عن اللّه تعالى و عن رسوله،و أنت وصيي،و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي،فأنت رابع الخلفاء كما قال لك الشيخ.

قلت:من هو؟

قال:ذاك أخوك الخضر عليه السّلام فاعلمه./.

ص: 403


1- البقرة30/.
2- ص26/.
3- الأعراف142/.
4- التوبة3/.

ص: 404

الباب السادس و التسعون

[في ذكر بشارة عيسى بن مريم عليه السّلام بنبوة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

و بوصيّة علي(كرّم اللّه وجهه)و ذكره

المهدي(سلام اللّه عليهما)و خطبته]

1,14- (1)في شرح نهج البلاغة:قال نصر بن مزاحم في كتاب«صفين»:حدثنا عبد العزيز بن سبأ،قال:حدثنا حبيب بن أبي ثابت،قال:حدثنا سعيد التيمي المعروف بعقيصا قال:

كنّا مع علي(كرّم اللّه وجهه)في مسيره الى الشام حتى إذا كنا بظهر الكوفة من جانب هذا السواد عطش الناس،فانطلق بنا علي(كرّم اللّه وجهه)حتى أتى الى صخرة ضرس في الأرض فأمرنا بقلعها،فاقلعناها فخرج لنا من تحتها ماء،فشرب الناس و ارتووا،ثم أمرنا فأكفأناها عليه،و سار بالناس حتى إذا مضى قليلا قال علي:أ منكم أحد يعلم مكان هذا الماء الذي شربتم منه؟قالوا:

نعم يا أمير المؤمنين.قال:فانطلقوا إليه،فانطلق منّا رجال ركبانا و مشاة حتى انتهينا الى المكان الذي نرى الصخرة فيه فطلبناها فلم نجدها،ثم انطلقنا الى دير قريب منّا فسألناهم أين هذا الماء الذي عندكم؟

قالوا:ليس قربنا ماء.

ص: 405


1- وقعة صفين:144،146،147،148.

فقلنا:إنّا شربنا منه.

قالوا:أنتم شربتم منه؟

قلنا:نعم.

فقال رئيس الدير:و اللّه ما بني هذا الدير إلاّ بذلك الماء،و ما استخرجه إلاّ نبي أو وصي نبي.

ثم سار بنا حتى أتى الرقة،و لمّا نزل علي(كرّم اللّه وجهه)الرقة نزل بموضع يقال له«البلخ»على جانب الفرات،فخرج راهب هناك من صومعته فقال لعلي(كرّم اللّه وجهه):إنّ عندنا كتابا ورثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى ابن مريم عليهما السّلام ما أملاه عيسى عن اللّه تعالى أعرضه عليك؟

قال:نعم.فقرأ الراهب الكتاب المترجم بالعربية:

« بسم اللّه الرحمن الرحيم ،الذي قضى فيما قضى و سطر فيما قدر،انّني باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب و الحكمة و يدلهم على سبيل اللّه،لا فظ و لا غليظ،و لا صخاب في الأسواق،و لا يجزي بالسيئة السيئة،بل يعفو و يصفح،و أمّته الحمادون الذين يحمدون اللّه على كلّ نشر،و على كلّ صعود و هبوط،و ألسنتهم بالتكبير و التهليل و التسبيح،و ينصره اللّه على من عاداه، و اختلفت أمّته من بعده ما شاء اللّه،فيمرّ رجل هو وصيّه و صالح أمّته على شاطئ الفرات،يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر،و يقضي بالحق،و الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح،و الموت أهون عنده من شرب الماء على الظمان،يخاف اللّه في السرّ و العلانية،و ينصح الأمة لا يخاف في اللّه لومة لائم،فمن أدرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فامن به كان ثوابه رضواني و الجنّة،و من أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فان القتل معه شهادة».

ص: 406

ثم أسلم الراهب ثم قال:أنا مصاحبك فلا أفارقك حتى يصيبني ما أصابك.

فبكى علي(كرّم اللّه وجهه)ثم قال:الحمد للّه الذي لم أكن عنده منسيا،الحمد للّه الذي ذكرني عند نبيه و كتب شأني في كتب الأبرار.

فمضى الراهب معه فكان يتغدّى مع أمير المؤمنين و يتعشّى حتى أصيب يوم صفين،فلمّا خرج الناس يدفنون قتلاهم قال أمير المؤمنين:اطلبوه.فلمّا وجدوه صلّى عليه و دفنه و قال:هذا منّا أهل البيت،و استغفر له مرارا.

و روى هذا الخبر نصر بن مزاحم أيضا في كتاب«صفين»عن عمر بن سعد عن مسلم الأعور،عن حبة العرني،و رواه أيضا إبراهيم بن ديزيل الهمداني بهذا الإسناد في كتاب«صفين».

و يقول المؤلف: قوله تعالى«و اختلف أمّته من بعده ما شاء اللّه»إشارة الى أن اختلاف هذه الأمّة لا يستمر الى يوم القيامة بل ينقضي بظهور المهدي الموعود(سلام اللّه عليه)و بشارات الأنبياء عليهم السّلام بظهور نبوة نبينا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اشاراتهم الى ظهور المهدي.

1,12- (1)و في شرح نهج البلاغة:و روى قاضي القضاة،عن كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عباد باسناد متصل بعلي(كرّم اللّه وجهه): انه ذكر المهدي و قال:

إنّه من ولد الحسين(سلام اللّه عليهم).

و ذكر حليته فقال: رجل أجلى الجبين،أقنى الأنف،ضخم البطن،أزيل الفخذين،أبلج الثنايا،بفخذه اليمنى شامة.

و ذكر هذا الحديث بعينه عبد اللّه بن قتيبة في كتاب غريب الحديث .2.

ص: 407


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 281/1-282.

6,1,12- (1)و في رواية جعفر الصادق عن آبائه: إنّ أمير المؤمنين(سلام اللّه عليهم)قال في أول خطبة خطبها بالمدينة في خلافته:

ألا إنّ أبرار عترتي و أطايب أرومتي،أحلم الناس صغارا،و أعلم الناس كبارا، ألا و إنّا أهل بيت من علم اللّه علمنا،و بحكم اللّه حكمنا،و من قول الصادق سمعنا،فان تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا،و ان لم تفعلوا يهلككم اللّه بأيدينا، معنا راية الحقّ من تبعها لحق و من تأخر عنها غرق.ألا و بنا يدرك ترة كلّ مؤمن،و بنا تخلع ربقة الذلّ عن أعناقكم،و بنا فتح لا بكم و يختم لا بكم.

و قوله:«و بنا يختم لا بكم»إشارة الى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان (2)(سلام اللّه عليه).

1,12- (3)و قوله(كرّم اللّه وجهه): فانظروا أهل بيت نبيكم فان لبدوا فالبدوا،و ان استنصروكم فانصروهم،فليفرّجنّ اللّه الفتنة برجل منّا أهل البيت،بأبي هذا ابن خيرة الاماء لا يعطيهم إلاّ السيف هرجا هرجا حتى تقول قريش:لو كان هذا من ولد فاطمة رحمنا،أين ما ثقفوا أخذوا و قتلوا تقتيلا.7.

ص: 408


1- شرح نهج البلاغة 276/1.
2- شرح النهج 281/1.
3- شرح نهج البلاغة 58/7.

الباب السابع و التسعون

في إيراد كلام أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه

في تمييز الأحاديث الصحيحة

1,14- (1)في نهج البلاغة و قد سأل عليا(سلام اللّه عليه)سائل عن أحاديث أهل البدع و عمّا في أيدي الناس من اختلاف الخبر.

فقال عليه السّلام:إنّ في أيدي الناس حقا و باطلا،و صدقا و كذبا،و ناسخا و منسوخا، و عامّا و خاصا،و محكما و متشابها،و حفظا و وهما،و قد كذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على عهده حتى قام خطيبا فقال:من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.

و إنّما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس:

رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام،لم يتأثّم و لا يتحرّج،يكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متعمدا،فلو علم الناس انّه منافق كاذب لم يقبلوا منه،و لم يصدقوا قوله،و لكنّهم قالوا:صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رآه و سمع منه و لقف عنه،فيأخذون بقوله،و قد أخبرك اللّه عن المنافقين بما أخبرك،و وصفهم بما وصفهم به لك،ثم بقوا بعده عليه السّلام فتقرّبوا الى أئمة الضلال،و الدعاة الى النار بالزور و البهتان،فولّوهم الأعمال،و جعلوهم على رقاب الناس،فأكلوا بهم

ص: 409


1- نهج البلاغة:320 خطبة 210.

الدنيا،و إنمّا الناس مع الملوك و الدنيا إلاّ من عصم اللّه،فهذا أحد الأربعة.

و رجل سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شيئا لم يحفظه على وجهه فوهم فيه و لم يتعمّد كذبا،فهو في يديه،يرويه و يعمل به و يقول:أنا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلو علم المسلمون انّه و هم فيه لم يقبلوا منه،و لو علم هو انّه كذلك لرفضه.

و رجل ثالث سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شيئا يأمر به ثم نهى عنه و هو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به و هو لا يعلم،فحفظ المنسوخ و لم يحفظ الناسخ،فلو يعلم انّه منسوخ لرفضه،و لو علم المسلمون إذ سمعوه منه انّه منسوخ لرفضوه.

و آخر رابع لم يكذب على اللّه و لا على رسوله،مبغض للكذب خوفا للّه و تعظيما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،و لم يهم بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به على ما سمعه، لم يزد فيه و لم ينقص منه،و حفظ الناسخ فعمل به،و حفظ المنسوخ فجنب عنه،و عرف الخاص و العام فوضع كلّ شيء موضعه،و عرف المتشابه و المحكم، و قد كان يكون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الكلام له و جهان،فكلام خاص و كلام عام،فيسمعه من لا يعرف ما عنى اللّه به و لا ما عنى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيحمله السامع و يوجهه على غير معرفة بمعناه و ما قصد به و ما خرج من أجله،و ليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يسأله و يستفهمه حتى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي أو الطارئ فيسأله عليه السّلام حتى يسمعوا،و كان لا يمر بي شيء من ذلك إلاّ سألت عنه و حفظته،فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم،و عللهم في رواياتهم.

ص: 410

الباب الثامن و التسعون

اشارة

في إيراد بعض الأدعية و المناجاة التي تكون في

الصحيفة الكاملة (1)للامام الهمام زين العابدين

و هي زبور أهل البيت الطيبين(سلام اللّه عليهم)

بسم اللّه الرحمن الرحيم

4- الحمد للّه الأول بلا أول كان قبله،و الآخر بلا آخر يكون بعده،الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين،و عجزت عن وصفه أوهام الواصفين،تقدست أسماؤه،و تظاهرت آلاؤه،لا يسأل عما يفعل و هم يسألون.

و الحمد للّه الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده،على ما أبلاهم من مننه المتتابعة،و أسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة،لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، و توسعوا في رزقه فلم يشكروه،و لو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الانسانية الى حدّ البهيمية،فكانوا كما وصف في محكم كتابه إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (2).

و الحمد للّه على ما عرفنا من نفسه،و ألهمنا من شكره،و فتح لنا من أبواب العلم بربوبيته،و دلّنا عليه من الإخلاص له في توحيده،و جنبنا من الالحاد و الشكّ في أمره.

ص: 411


1- نقل المؤلف شذرات و مقتطفات من الصحيفة السجادية و لم ينقل الأدعية كاملة.
2- الفرقان44/.

حمدا نعمر به في من حمده من خلقه،و نسبق به من سبق الى رضاه و عفوه.

حمدا يضيء لنا به ظلمات البرزخ،و يسهل علينا به سبيل المبعث،و يشرف به منازلنا عند مواقف الاشهاد وَ لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ .

حمدا يرتفع منّا الى أعلى عليين في كتاب مرقوم يشهده المقربون.

حمدا تقرّ به عيوننا إذا برقت الأبصار،و تبيض به وجوهنا إذا اسودت الأبشار.

حمدا نعتق به من أليم نار اللّه الى كريم جوار اللّه.

حمدا نزاحم به ملائكته المقربين،و نضام به أنبياءه المرسلين،في دار المقامة التي لا تزول،و محل كرامته التي لا تحول.

و الحمد للّه الذي اختار لنا محاسن الخلق،و أجرى علينا طيبات الرزق،و جعل لنا الفضيلة بالملكة على جميع الخلق،فكل خليقته منقادة لنا بقدرته،و صائرة الى طاعتنا بعزته.

و الحمد للّه الذي أغلق عنّا باب الحاجة إلاّ إليه،فكيف نطيق حمده،أم متى نؤدي شكره...

و الحمد للّه بكلّ ما حمده أدنى ملائكته إليه،و أكرم خليقته عليه،و أرضى حامديه لديه.

حمدا يفضل سائر الحمد كفضل ربّنا على جميع خلقه.

ثم له الحمد مكان كلّ نعمة له علينا و على جميع عباده الماضين و الباقين عدد ما أحاط به علمه من جميع الأشياء و مكان كلّ واحدة منها عددها أضعافا مضاعفة أبدا سرمدا الى يوم القيامة.

ص: 412

حمدا لا منتهى لحدّه[و لا حساب لعدده]و لا مبلغ لغايته و لا انقطاع لأمده.

حمدا نسعد به في السعداء من أوليائه،و نصير به في نظم الشهداء بسيوف أعدائه.

إنّه ولي حميد.

و من دعائه بعد هذا التحميد الصلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

4- و الحمد للّه الذي منّ علينا بمحمد نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دون الأمم الماضية و القرون السالفة،فختم بنا على جميع من ذرأ،و جعلنا الشهداء على من جحد،و كثّرنا بمنّه على من قلّ.

اللّهم فصل على محمد أمينك على وحيك،و نجيبك من خلقك،و صفيّك من عبادك،إمام الرحمة،و قائد الخير،و مفتاح البركة.

اللّهم فارفعه بما كدح فيك الى الدرجة العليا من جنتك حتى لا يساوى في منزلة،و لا يكافأ في مرتبة،و لا يوازيه لديك ملك مقرب،و لا نبي مرسل، و عرفه في أهله الطاهرين،و أمّته المؤمنين من حسن الشفاعة أجلّ ما وعدته.

يا نافذ العدّة،و يا وافي القول،يا مبدّل السيئات بأضعافها من الحسنات.إنّك ذو الفضل العظيم.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)في الصلاة على الملائكة

4- اللّهم و حملة عرشك الذين لا يفترون من تسبيحك،و لا يسأمون من تقديسك، و لا يستحسرون من عبادتك،و إسرافيل صاحب الصور الشاخص الذي ينتظر منك الاذن و حلول الأمر،فينبه بالنفخة صرعى رهائن القبور،و ميكائيل ذو الجاه عندك و المكان الرفيع من طاعتك،و جبريل الأمين على وحيك،

ص: 413

المطاع في أهل سماواتك،المكين لديك،المقرب عندك،و الروح الذي هو على ملائكة الحجب،و الروح الذي هو من أمرك.

اللّهم فصلّ عليهم و على الملائكة الذين من دونهم من سكان سماواتك،و أهل الأمانة على رسالاتك،و الذين لا تدخلهم سامة من دؤب،و لا إعياء من لغوب،قد طالت رغبتهم فيما لديك،المشتهرون بذكر آلائك،و المتواضعون دون عظمتك و جلال كبريائك،و الذين يقولون إذا نظروا الى جهنم تزفر على أهل معصيتك:سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك؛فصلّ عليهم و على الروحانيين من ملائكتك،و أهل الزلفة عندك،و حمّال الغيب الى رسلك، و المؤتمنين على وحيك،و قبائل الملائكة الذين اختصصتهم لنفسك و أسكنتهم بطون أطباق سماواتك،و خزان المطر،و زواجر السحاب،و الذي لصوت زجره يسمع رجل الرعود،و اذا سبّحت به خفيفة السحاب التمعت صواعق البروق،و مشيعي الثلج و البرد،و الهابطين مع قطر المطر إذا نزل،و القوام على خزائن الرياح،و الموكلين بالجبال فلا تزول،و الذين عرفتهم مثاقيل المياه وكيل ما تحويه لواعج الأمطار و عوالجها،و رسلك من الملائكة الى أهل الأرض بمكروه ما ينزل من البلاء و محبوب الرخاء،و السفرة الكرام البررة، و الحفظة الكرام الكاتبين،و ملك الموت و أعوانه،و منكر و نكير،و رومان فتان القبور،و الطائفين بالبيت المعمور،و مالك و الخزنة،و رضوان و سدنة الجنان، و الذين لا يعصون اللّه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون،و الذين يقولون: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ ،و الزبانية الذين إذا قيل لهم: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ابتدروه سراعا و لم ينظروه،و من أوهمنا ذكره و لم نعلم مكانه منك و بأي أمر و كلته،و سكان الهواء و الأرض و الماء،و من منهم على

ص: 414

الخلق.فصلّ عليهم يوم تأتي كلّ نفس معها سائق و شهيد،و صلّ عليهم صلاة تزيدهم كرامة على كرامتهم،و طهارة على طهارتهم.

اللّهم و اذا صلّيت على ملائكتك و رسلك و بلغتهم صلواتنا عليهم فصلّ عليهم بما فتحت لنا من حسن القول فيهم.إنّك جواد كريم.

و من دعائه في مكارم الأخلاق

4- اللّهم صلّ على محمد و آله،و حلّني بحلية الصالحين،و ألبسني زينة المتقين،في بسط العدل،و كظم الغيظ،و إطفاء النائرة،و ضمّ أهل الفرقة،و إصلاح ذات البين،و إفشاء العارفة،و ستر العائبة،و لين العريكة،و خفض الجناح،و حسن السيرة و السبق الى الفضيلة،و إيثار التفضل،و ترك التعيير،و ترك الافضال على غير المستحقّ،و القول بالحقّ و إن عزّ،و استقلال الخير و إن كثر من قولي و فعلي،و استكثار الشرّ و إن قلّ من قولي و فعلي،و أكمل ذلك لي بدوام الطاعة،و لزوم الجماعة،و رفض أهل البدع،و مستعمل الرأي المخترع.

و من دعائه إذا سأل العافية و شكرها

4- اللّهم امنن عليّ بالحج و العمرة و زيارة قبر رسولك صلواتك و رحمتك و بركاتك عليه و على آل رسولك عليهم السّلام أبدا،و أعذني و ذريتي من الشيطان الرجيم و من شر السامة و الهامة و العامة و اللامة،و من شرّ كلّ شيطان مريد،و من شر كلّ سلطان عنيد،و من شر كلّ من نصب لرسولك و لأهل بيته حربا من الجن و الانس،و من شر كلّ دابة أنت آخذ بناصيتها.إنّك على صراط المستقيم.

ص: 415

و من دعائه لأبويه(سلام اللّه عليهما)

4- اللّهم صلّ على محمد عبدك و رسولك و أهل بيته الطاهرين،و اخصصهم بأفضل صلواتك و رحمتك و بركاتك و سلامك،و اخصص اللّهم والديّ بالكرامة لديك و الصلاة منك يا أرحم الراحمين.

اللّهم صلّ على محمد و آله كما شرّفتنا به،و صلّ على محمد و آله كما أوجبت لنا الحقّ على الخلق بسببه.

اللّهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف،و أبرّهما برّ الأمّ الرءوف،و اجعل طاعتي لوالديّ و برّي بهما أقرّ لعيني من رقدة الوسنان،و أثلج لصدري من شربة الظمان حتى أوثر على هواي هواهما،و أقدّم على رضاي رضاهما.

اللّهم لا تنسني ذكرهما في ادبار صلواتي و في آن من آناء ليلي و في ساعة من ساعات نهاري حتى نجتمع برأ فتك في دار كرامتك و محلّ مغفرتك و رحمتك.

إنّك ذو الفضل العظيم و المنّ القديم،و أنت أرحم الراحمين.

و من دعائه لأولاده(سلام اللّه عليهم

4- اللّهم و منّ عليّ ببقاء ولدي و باصلاحهم لي و بامتاعي بهم.إلهي امدد لي في أعمارهم،و زد لي في آجالهم و ربّ لي صغيرهم،و قوّ لي ضعيفهم،و أصحّ لي أبدانهم و أديانهم و أخلاقهم و عافهم في أنفسهم و في جوارحهم و في كلّ ما عنيت به من أمرهم،و ادرر لي و على يدي أرزاقهم،و اجعلهم أبرارا أتقياء بصراء،سامعين مطيعين لك،و لأوليائك محبّين مناصحين،و لجميع أعدائك معاندين و مبغضين.آمين.

اللّهم اشدد بهم عضدي،و أقم بهم أودي،و كثر بهم عددي،و زين بهم

ص: 416

محضري،و أحي بهم ذكري،و اكفني بهم في غيبتي،و أعنّي بهم على حاجتي، و اجعلهم لي محبّين و عليّ حدبين مقبلين،مستقيمين لي مطيعين غير عاصين و لا عاقين و لا مخالفين و لا خاطئين،و أعني على تربيتهم و تأديبهم و برّهم، وهب لي من لدنك معهم أولادا ذكورا و اجعلهم لي عونا على ما سألتك.

و أعذني و ذريتي من الشيطان الرجيم.اللّهم فاقهر سلطانه عنا بسلطانك حتى تحبسه عنا بكثرة الدعاء لك فنصبح من كيده في المعصومين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)لجيرانه و أوليائه

4- اللّهم صلّ على محمد و آله و تولّني في جيراني و موالي العارفين بحقّنا و المنابذين لأعدائنا بأفضل ولايتك،و وفّقهم لاقامة سنّتك و الأخذ بمحاسن أدبك و اجعل لي أوفى الحظوظ فيما عندهم،و زدهم بصيرة في حقّي و معرفة بفضلي حتى يسعدوا بي و أسعد بهم.آمين رب العالمين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)إذا ابتلى أو رأى مبتلى بذنب

4- و صلّ على خيرتك اللّهم من خلقك محمد و عترته الصفوة من بريّتك الطاهرين و اجعلنا لهم سامعين و مطيعين كما أمرت.

أي بقولك: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1).

و من دعائه(سلام اللّه عليه)عند ختم القرآن

4- اللّهم إنّك أعنتني على ختم كتابك الذي أنزلته نورا و جعلته مهيمنا على كلّ كتاب أنزلته،و فضّلته على كلّ حديث قصصته،و فرقانا فرقت بين حلالك

ص: 417


1- النساء59/.

و حرامك،و قرآنا أعربت به عن شرائع أحكامك،و كتابا فصلته لعبادك تفصيلا،و وحيا أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه و آله تنزيلا،و جعلته نورا نهتدي به من ظلم الضلالة و الجهالة باتّباعه،و شفاء لمن أنصت بفهم التصديق الى استماعه،و ميزان قسط لا يحيف عن الحقّ لسانه،و نور هدى لا يطفأ عن الشاهدين برهانه،و علم نجاة لا يضلّ من أمّ قصد سنته،و لا تنال أيدي الهلكات من تعلّق بعروة عصمته.

اللّهم فاذا أفدتنا المعونة على تلاوته،و سهّلت جواسي ألسنتنا بحسن عبارته، فاجعلنا ممّن يرعاه حقّ رعايته،و يدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته و يفزع الى الاقرار بمتشابهه و موضحات بيناته.

اللّهم إنّك أنزلته على نبيك محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مجملا،و ألهمته علم عجائبه مكملا، و ورثتنا علمه مفسرا،و فضلتنا على من جهل علمه،و قويتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله.

اللّهم فكما جعلت قلوبنا له حملة،و عرفتنا برحمتك شرفه و فضله،فصلّ على محمد الخطيب به و على آله الخزان له.

اللّهم و كما نصبت به محمدا علما للدلالة عليك،و انهجت بآله سبل الرضاء إليك،فصلّ على محمد و آله،و اجعل القرآن وسيلة لنا الى أشرف منازل الكرامة،و سلما نعرج فيه الى محل السلامة،و سببا نجزي به النجاة في عرصة القيامة،و ذريعة نقدم بها على نعيم دار المقامة،و اجعل لنا في صدور المؤمنين ودّا و لا تجعل الحياة علينا نكدا.

اللّهم صلّ على محمد عبدك و رسولك كما بلّغ رسالتك و صدع بأمرك و نصح لعبادك.

ص: 418

اللّهم اجعل نبينا صلواتك عليه و على آله يوم القيامة أقرب النبيين منك مجلسا،و أمكنهم منك شفاعة،و أجلّهم عندك قدرا،و أوجههم عندك جاها، و أحينا على سنّته،و توفنا على ملّته،و خذ بنا منهاجه،و اسلك بنا سبيله، و اجعلنا من أهل طاعته،و احشرنا في زمرته،و أوردنا حوضه،و اسقنا بكأسه.

اللّهم اجزه بما بلّغ من رسالاتك،و أدّى من آياتك،و نصح لعبادك،و جاهد في سبيلك،أفضل ما جزيت أحدا من ملائكتك المقربين،و أنبيائك المرسلين المصطفين،و السّلام عليه و على آله الطيبين الطاهرين و رحمة اللّه و بركاته.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)إذا نظر الى الهلال

4- أيّها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في منازل التقدير،المتصرف في فلك التدبير،آمنت بمن نوّر بك الظلم،و أوضح بك البهم،و جعلك آية من آيات ملكه،و علامة من علامات سلطانه،و أنت له مطيع،و الى إرادته سريع، سبحانه ما أعجب ما دبر في أمرك،و ألطف ما صنع في شأنك،جعلك مفتاح شهر حادث،فأسأل اللّه ربّي و ربّك،و خالقي و خالقك،و مقدّري و مقدّرك، و مصوّري و مصوّرك أن يصلّي على محمد و آل محمد،و أن يجعلك هلال بركة لا تمحقها الأيام،و طهارة لا تدنّسها الآثام،هلال أمن من الآفات،و سلامة من السيئات،هلال سعد لا نحس فيه،و يمن لا نكد معه،و يسر لا يمازجه عسر،و خير لا يشوبه شر،هلال أمن و إيمان،و نعمة و إحسان،و سلامة و إسلام.

اللّهم صلّ على محمد و آله،و اجعلنا من أرضى من طلع عليه،و أزكى من نظر إليه،و أسعد من تعبد لك فيه،و وفقنا فيه للتوبة،و اعصمنا فيه من الحوبة،

ص: 419

و احفظنا فيه من مباشرة معصيتك،و أوزعنا فيه شكر نعمتك،و ألبسنا فيه جنن العافية،و أتمم علينا باستكمال طاعتك فيه المنّة.إنّك أنت اللّه المنان الحميد،و صلّى اللّه على محمد و آله الطيبين الطاهرين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)إذا دخل شهر رمضان

4- الحمد للّه الذي هدانا لحمده،و جعلنا من أهله،لنكون لإحسانه من الشاكرين،و ليجزينا على ذلك جزاء المحسنين.

و الحمد للّه الذي حبانا بدينه،و اختصنا بملّته،و سبلنا في سبل إحسانه، لنسلكها بمنّه الى رضوانه حمدا يتقبّله منّا،و يرضى به عنّا.

و الحمد للّه الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان،شهر الصيام، و شهر الاسلام،و شهر الطهور،و شهر التمحيص،و شهر القيام اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ فأبان فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من الحرمات الموفورة،و الفضائل المشهورة،فحرّم فيه ما أحلّ في غيره إعظاما،و حجر فيه المطاعم و المشارب إكراما،ثم فضّل ليلة واحدة من لياليه على ليالي ألف شهر،و سمّاها ليلة القدر تنزل الملائكة و الروح فيها باذن ربّهم من كلّ أمر،سلام دائم البركة الى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه.

اللّهم صلّ على محمد و آله و ألهمنا معرفة فضله،و إجلال حرمته،و التحفّظ ممّا حظرت فيه،و أعنّا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك،و استعمالها فيه بما يرضيك،حتى لا نصغي بأسماعنا الى لغو،و لا نسرع بأبصارنا الى لهو،و حتى لا نبسط أيدينا الى محظور،و نخطو بأقدامنا الى محجور،و حتى لا تعي بطوننا

ص: 420

إلاّ ما أحللت،و لا تنطق ألسنتنا إلاّ بما مثلت.

اللّهم اشحنه بعبادتنا إياك،و زين أوقاته بطاعتنا لك،و أعنّا في نهاره على صيامه و في ليله على الصلاة و التضرّع إليك و الخشوع لك و الذلّة بين يديك حتى لا يشهد نهاره علينا بغافلة و لا ليله بتفريط.

اللّهم و اجعلنا في سائر الشهور و الأيام كذلك ما عمرتنا،و اجعلنا من عبادك الصالحين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون،و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم و جلة انّهم الى ربّهم راجعون،و من الذين يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون.

اللّهم صلّ على محمد و آله في كلّ وقت و كلّ أوان و على كلّ حال عدد ما صلّيت على من صلّيت عليه و أضعاف ذلك كلّه بالأضعاف التي لا يحصيها غيرك إنّك فعال لما تريد.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)في يوم عرفة

4- الحمد للّه رب العالمين.اللّهم لك الحمد بديع السماوات و الأرض ذا الجلال و الإكرام رب الأرباب.أنت الذي قصرت الأوهام عن ذاتيتك،و عجزت الأفهام عن كيفيتك،و لم تدرك الأبصار موضع أينيتك.أنت الذي لا تحدّ فتكون محدودا،و لم تلد و لم تولد فتكون والدا و مولودا.أنت الذي لا ضدّ معك فيعاندك،و لا عدل معك فيعاشرك،و لا ندّ لك فيعارضك.و لك الحمد حمدا يدوم بدوامك،و لك الحمد حمدا خالدا بنعمتك،حمدا يتضاعف على كرور الأزمنة و يتزايد أضعافا مترادفة،حمدا يعجز عن إحصائه الحفظة و يزيد على ما أحصته في كتابك الكتبة،حمدا يوازن عرشك المجيد و يعادل كرسيك

ص: 421

الرفيع،حمدا لم يحمدك خلق مثله و لا يعرف أحد سواك فضله،حمدا يجب لكرم وجهك و يقابل عز جلالك.

ربّ صلّ على محمد و آل محمد المنتجب المصطفى المكرم المقرب أفضل صلواتك و بارك عليه أتمّ بركاتك،و ترحّم عليه أمتع رحماتك.

ربّ صلّ على محمد و آله صلاة زاكية لا تكون صلاة أزكى منها،و صلّ عليه و آله صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها،و صلّ عليه و آله صلاة راضية لا تكون صلاة فوقها.

ربّ صلّ على أطائب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك،و جعلتهم خزنة علمك،و حفظة دينك،و خلفائك في أرضك و حججك على عبادك،و طهّرتهم من الرجس و الدنس تطهيرا بارادتك،و جعلتهم الوسيلة إليك و المسلك الى جنتك.

ربّ صلّ على محمد و آله صلاة تجزل لهم بها من نحلك و كرامتك،و تكمل لهم الأشياء من عطاياك و نوافلك،و توفر عليهم الحظ من عوائدك و فوائدك.

ربّ صلّ عليه و عليهم صلاة لا أمد في أولها،و لا غاية لأمدها،و لا نهاية لآخرها.

ربّ صلّ عليهم زنة عرشك و ما دونه،و ملأ سماواتك و ما فوقهن،و عدد أرضيك و ما تحتهن و ما بينهن،صلاة تقربهم منك زلفى،و تكون لك و لهم رضى،و متصلة بنظائرهن أبدا.

اللّهم إنّك أيّدت دينك في كلّ أوان بامام أقمته علما لعبادك و منارا في بلادك بعد أن وصلت حبله بجبلك،و جعلته الذريعة الى رضوانك،و افترضت طاعته و حذرت معصيته،و أمرت بامتثال أمره و الانتهاء عند نهيه و ألا يتقدّمه متقدّم

ص: 422

و لا يتأخر عنه متأخر،فهو عصمة اللائذين،و كهف المؤمنين،و عروة المتمسكين،و بهاء العالمين.اللّهم أقم به كتابك و حدودك و شرائعك و سنن رسولك،صلواتك اللّهم عليه و آله،و أحي به ما أماته الظالمون عن معالم دينك،و أجل به صدأ الجور عن طريقتك،و أبن به الضراء عن سبيلك،و أزل به الناكبين عن صراطك،و ألن جانبه لأوليائك،و ابسط يده على أعدائك، وهب لنا رأفته و رحمته و تعطفه و تحنّنه،و اجعلنا له سامعين مطيعين و في رضاه ساعين،و الى نصرته و المدافعة عنه منكفين،و إليك و الى رسولك صلواتك اللّهم عليه و آله بذلك متقربين.

اللّهم و صلّ على أوليائهم،المعترفين بمقامهم،المتّبعين منهجهم،المقتفين آثارهم،المستمسكين بعروتهم،المتمسكين بولايتهم،المؤتمّين بامامتهم، المسلمين لأمرهم،المجتهدين في طاعتهم،المنتظرين أيامهم،المادّين إليهم أعينهم،الصلوات المباركات الزاكيات الناميات الغاديات الرايحات،و سلّم عليهم و على أرواحهم،و اجمع على التقوى أمرهم و اصالح لهم شئونهم،و تب عليهم.إنّك أنت التوّاب الرحيم و خير الغافرين،و اجعلنا معهم في دار السّلام برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللّهم هذا يوم عرفة،يوم شرّفته و كرّمته و عظّمته،نشرت فيه رحمتك،و مننت فيه بعفوك،و أجزلت فيه عطيّتك و تفضّلت به على عبادك.اللّهم و أنا عبدك الذي أنعمت عليه قبل خلقك له و بعد خلقك إياه فجعلته ممّن هديته لدينك، و وفّقته لحقّك،و عصمته بحبلك،و أدخلته في حزبك و أرشدته لموالاة أوليائك و معاداة أعدائك،و اجعل لي في هذا اليوم نصيبا أنال به حظّا من رضوانك، و إنّي و إن لم أقدّم ما قدّموه من الصالحات فقد قدّمت توحيدك و نفي الأضداد

ص: 423

و الأنداد و الأشباه عنك،و آتيتك من الأبواب التي أمرت أن تؤتى منها، و تقرّبت إليك بما لا يقرب أحد منك إلاّ بالتقرّب به،و حلّني حلية المتقين، و اجعل لي لسان صدق في الغابرين،و ذكرا ناميا في الآخرين،و جاور بي الأطيبين من أوليائك في الجنان التي زينتها لأصفيائك،و جلّلني شرائف نحلك في المقامات المعدّة لأحبائك،و اجزل لي قسم المواهب من نوالك،و وفّر عليّ حظوظ الاحسان من افضالك،و صن وجهي عن الطلب الى أحد من العالمين، و ذبّني عن التماس ما عند الفاسقين،و لا تجعلني للظالمين ظهيرا و لا لهم على محو كتابك يدا و نصيرا،و اجعل باقي عمري في الحج و العمرة ابتغاء وجهك يا ربّ العالمين،و صلّى اللّه على محمد و آل محمد الأبرار الطيبين الطاهرين و السّلام عليه و عليهم أبد الآبدين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)في يوم الأضحى و يوم الجمعة

4- اللّهم هذا يوم مبارك و المسلمون فيه مجتمعون في أقطار أرضك يشهد السائل منهم و الطالب و الراغب و الراهب،و أنت الناظر في حوائجهم،فأسألك بجودك و كرمك و هوان ما سألتك عليك أن تصلّي على محمد و آله،و أسألك اللّهم ربّنا بان لك الملك و لك الحمد لا إله إلاّ أنت الحليم الكريم الحنان المنان ذو الجلال و الإكرام بديع السماوات و الأرض أن تصلّي على محمد و آل محمد عبدك و رسولك و حبيبك و صفوتك و خيرتك من خلقك،و على آل محمد الأبرار الطاهرين الأخيار صلاة لا يقوى على إحصائها إلاّ أنت.

اللّهم فصلّ على محمد و آل محمد،و لا تخيّب اليوم ذلك من رجائي يا من لا يحفيه سائل،و لا ينقصه نائل،فانّي لم آتك ثقة مني بعمل صالح قدّمته

ص: 424

و لا شفاعة مخلوق رجوته،إلاّ شفاعة محمد و أهل بيته عليه و عليهم سلامك.

اللّهم إنّ هذا المقام لخلفائك و أصفيائك و مواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها و أنت المقدّر لذلك لا يغالب أمرك و لا يجاوز المحتوم من تدبيرك،كيف شئت،و أنّى شئت،و لما أنت أعلم به غير متهم على خلقك و لا لارادتك حتى عاد صفوتك و خلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا و كتابك منبوذا و فرائضك محرّفة عن جهات إشراعك و سنن نبيك متروكة.

اللّهم اجز أعداءهم جزاء السوء و من رضي بفعالهم و أشياعهم و أتباعهم.

اللّهم صل على محمد و آل محمد انّك حميد مجيد كصلواتك و بركاتك و تحياتك على أصفيائك إبراهيم و آل إبراهيم،و عجّل الفرج و الروح و النصرة و التمكين و التأييد لهم.

اللّهم و اجعلني من أهل التوحيد و الإيمان بك و التصديق برسولك و الأئمة الذين حتمت طاعتهم ممّن يجرى ذلك به و على يديه.آمين رب العالمين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)في دفاع كيد الأعداء

4- إلهي هديتني فلهوت،و وعظت فقسوت،و قد فررت إليك بنفسي،و إليك مفرّ المسيء،و مفزع المضيع لحظّ نفسه الملتجئ.فكم من عدو انتضى عليّ سيف عداوته،و شحذ لي ظبّة مديته،و سدد نحوي صوائب سهامه،و لم تنم عنّي عين حراسته،و أضمر أن يسومني المكروه،و يجرّعني زعاق مرارته،فنظرت يا إلهي الى ضعفي عن احتمال الفوادح،و عجزي عن الانتصار ممّن قصدني بمحاربته،و وحدتي في كثير عدد من ناوأني و أرصد لي بالبلاء فيما لم أعمل فيه

ص: 425

فكري،و كم من باغ بغاني بمكائده،و نصب لي شرك مصائده،و وكّل بي تفقد رعايته،و أضبأ الي إضباء السبع لطريدته انتظارا لانتهاز الفرصة لفريسته، و هو يظهر لي بشاشته الملق،و ينظرني على شدّة الحنق،فلمّا رأيت يا إلهي تباركت و تعاليت دغل سريرته،و قبح ما انطوى عليه،أركسته لأم رأسه، و رددته في مهوى حفرته،فانقمع بعد استطالته ذليلا.و كم من حاسد قد شرق بي بغصّته،و شجى مني بغيظه،و سلقني بحدّ لسانه و جعل عرضي غرضا لمراميه،و وخزني بكيده،و قصدني بمكيدته،فناديتك يا إلهي مستغيثا بك واثقا بسرعة إجابتك،فحصنتني من بأسه بقدرتك.و كم من سحائب مكروه جليتها عنّي،و سحائب نعم أمطرتها عليّ،و جداول رحمة نشرتها،و عافية ألبستها، و أعين أحداث طمستها،و غواشي كربات كشفتها.اللّهم فانّي أتقرّب إليك بالمحمدية الرفيعة،و العلوية البيضاء،و أتوجه إليك بهما أن تعيذني من شر كذا و كذا،فهب لي يا إلهي من رحمتك و دوام توفيقك ما أتخذه سلّما أعرج به الى رضوانك،و آمن به من عقابك.يا أرحم الراحمين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)في الرهبة

4- و لو أن أحدا استطاع الهرب من ربّه لكنت أنا أحقّ بالهرب منك.

و من دعائه في الالحاح على اللّه تعالى

4- يا اللّه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض و لا في السماء،و كيف يخفى عليك يا إلهي ما أنت خلقته،سبحانك،أخشى خلقك لك أعلمهم بك،و أخضعهم لك أعلمهم بطاعتك،و أهونهم عليك من أنت ترزقه و هو يعبد غيرك،سبحانك

ص: 426

لا ينقص سلطانك من أشرك بك و كذب رسلك و لا يعمر في الدنيا من كره لقاءك فتباركت و تعاليت لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك،آمنت بك،و صدقت رسلك،و قبلت كتابك،و كفرت بكلّ معبود غيرك،و برئت ممّن عبد سواك، أسألك بحقّك الواجب على جميع خلقك و باسمك الأعظم الذي أمرت رسولك أن يسبحك به،و بجلال وجهك الكريم الذي لا يبلى و لا يتغير و لا يحول و لا يفنى أن تصلّي على محمد و آل محمد،و أن تغنيني عن كلّ شيء بعبادتك،و عليك أتوكّل و على جودك و كرمك أتّكل.

و من دعائه في ذكر آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

4- اللّهم يا من خصّ محمدا و آله بالكرامة،و حباهم بالرسالة،و خصصهم بالوسيلة،و جعلهم ورثة الأنبياء،و ختم بهم الأوصياء و الأئمة،و علّمهم علم ما كان و ما بقي،و جعل أفئدة من الناس تهوي إليهم صلّ على محمد و آله الطاهرين و افعل بنا ما أنت أهله في الدين و الدنيا و الآخرة إنّك على كلّ شيء قدير.

و من دعائه في الصلاة على آدم عليه السّلام

4- اللّهم و آدم بديع فطرتك،و أول معترف من الطين بربوبيتك،و بدء حجتك على عبادك و بريتك،و الدليل على الاستجارة بعفوك من عقابك،و الناهج سبل توبتك،و المتوسل بين الخلق و بين معرفتك،و الذي لقّنته ما رضيت به عنه بمنّك عليه و رحمتك له،و المنيب الذي لم يصرّ على معصيتك،و سابق المتذلّلين بحلق رأسه في حرمك،و المتوسّل بعد المعصية بالطاعة الى عفوك،و أبو الأنبياء

ص: 427

الذين أوذوا في جنبك،و أكثر سكان الأرض سعيا في طاعتك،فصلّ عليه يا رحمن،و ملائكتك و سكان سماواتك و أرضك كما عظم حرماتك و دلّنا على سبيل مرضاتك يا أرحم الراحمين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)مما يحذر و يخافه

4- إلهي إنّه ليس يردّ غضبك إلاّ حلمك،و لا ينجي من عقابك إلاّ عفوك،و لا يخلّص منك إلاّ رحمتك و التضرع إليك،فهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي ميت البلاد،و بها تنشر أرواح العباد،و لا تهلكني و عرّفني الاجابه يا ربّ فانّي ضعيف متضرع إليك يا رب،و أعوذ بك منك فأعذني،و أستجير بك من كلّ بلاء فأجرني يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه صلّ على محمد و آله الطيبين الطاهرين و سلّم تسليما كثيرا.

من دعائه(سلام اللّه عليه)في الصلاة

على أتباع الرسل و مصدقيهم

4- اللّهم و أتباع الرسل و مصدّقوهم من أهل الأرض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب و الاشتياق الى المرسلين بحقائق الايمان في كلّ دهر و زمان أرسلت فيه رسولا و أقمت لأهله دليلا من لدن آدم عليه السّلام الى محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أئمة الهدى و قادة أهل التقى(على جميعهم السّلام)فاذكرهم منك بمغفرة و رضوان.

اللّهم و أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خاصة الذين أحسنوا الصحابة،و الذين أبلوا البلاء الحسن في نصره و كانفوه،و أسرعوا الى وفادته،و سابقوا الى دعوته،

ص: 428

و استجابوا له حيث أسمعهم حجّة رسالاته،و فارقوا الأزواج و الأولاد في إظهار كلمته،و قاتلوا الآباء و الأبناء في تثبيت نبوته،و انتصروا به،و من كانوا منطوين على محبّته يرجون تجارة لن تبور في مودّته،و الذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته،و انتفت منهم القرابات إذ سكنوا في مودّته،و الذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته،و انتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظلّ قرابته،فلا تنس لهم اللّهم ما تركوا لك و فيك،و أرضهم من رضوانك و بما حاشوا الخلق عليك و كانوا مع رسولك دعاة لك إليك،و اشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، و خروجهم من سعة المعاش الى ضيقه،و من كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم.

اللّهم و أوصل الى التابعين لهم باحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا و لاخواننا الذين سبقونا بالايمان خير جزائك الذين قصدوا سمتهم،و تحروا و جهتهم، و مضوا على شاكلتهم،و لم يثنهم ريب في بصيرتهم،و لم يختلجهم شكّ في قفو آثارهم و الائتمام بهداية منارهم،مكانفين و موازرين لهم،يدينون بدينهم، و يهتدون بهداهم،يتفقون عليهم و لا يتهمونهم فيما أدوا إليهم.

اللّهم و صلّ على التابعين من يومنا هذا الى يوم الدين و على أزواجهم و على ذرياتهم و على من أطاعك منهم صلاة تعصمهم بها من معصيتك،و تفسح لهم بها في رياض جنّتك،و تمنعهم بها من كيد الشيطان،و تعنهم بها على ما استعانوك عليه من برّ،و تقيهم طوارق الليل و النهار إلاّ طارق يطرق بخير، و تبعثهم بها على اعتقاد حسن الرجاء لك و الطمع فيما عندك،و تزهّدهم في سعة العاجل و تحبّب إليهم العمل للآجل،و الاستعداد لما بعد الموت ليصيروا بذاك ناجين من العذاب،فائزين بجزيل الثواب،و تهوّن عليهم كلّ كرب يحلّ بهم يوم خروج الأنفس من أبدانها،و تعافيهم ممّا تقع به الفتنة من محذوراتها، و كبة النار و طول الخلود فيها،و تصيّرهم الى أمن من مقيل المتقين.

ص: 429

و من دعائه(سلام اللّه عليه)لنفسه و أهل ولايته

4- اللّهم يا من لا تنقضي عجائب عظمته صلّ على محمد و آله و احجبنا عن الالحاد في عظمتك،و يا من لا تنتهي مدّة ملكه صلّ على محمد و آله و اعتق رقابنا من نقمتك،و يا من لا تفنى خزائن رحمته صلّ على محمد و آله و اجعل لنا نصيبا في رحمتك.

اللّهم أغننا عن هبة الوهابين بهبتك،و اكفنا وحشة القاطعين بصلتك.

اللّهم صلّ على محمد و آله و كد لنا و لا تكد علينا،و امكر لنا و لا تمكر بنا، و أدل لنا و لا تدل منا،اللّهم صلّ على محمد و آله و اجعل سلامة قلوبنا في ذكر عظمتك،و فراغ أبداننا في شكر نعمتك،و انطلاق ألسنتنا في وصف منتك.

اللّهم صلّ على محمد و آله و اجعلنا من دعاتك الداعين إليك،و هداتك الدالين عليك،و من خاصتك الخاصين لديك.يا أرحم الراحمين.

و من دعائه(سلام اللّه عليه)في التذلل للّه(عزّ و جلّ)

4- ربّ فأنا الأسير ببليتي،المرتهن بعملي،المتردّد في خطيئتي،قد أوقفت نفسي موقف الأذلاء المذنبين،فأنا المقرّ بذنبي،المعترف بخطيئتي،و هذه يدي و ناصيتي،مولاي و ارحمني في حشري و نشري،و اجعل في ذلك اليوم مع أوليائك موقفي و في أحبائك مصدري،و في جوارك مسكني يا ربّ العالمين.

ص: 430

الباب التاسع و التسعون

في إيراد الكلمات الحكمية و المقالات الروحية و الجواهر

القدسية و المعارف الربانية من المواعظ و النصائح و الوصايا

لأمير المؤمنين و إمام المتقين مولانا و مولى الثقلين ليث بني غالب

علي بن أبي طالب(سلام اللّه و تحياته و بركاته عليه و على

أولاده الأئمة الهداة من أهل البيت الطيبين أبدا سرمدا)

1,14- (1)في نهج البلاغة من خطبته(سلام اللّه عليه):

عباد اللّه إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللّه على نفسه فاستشعر الحزن و تجلبب الخوف،فزهر مصباح الهدى في قلبه،و أعدّ القرى ليومه النازل به، فقرّب على نفسه البعيد،و هوّن الشديد،نظر فأبصر،و ذكر فاستكثر،و ارتوى من عذب فرات سهلت له موارده،فشرب نهلا،و سلك سبيلا جداد،قد خلع سرابيل الشهوات،و تخلّى عن الهموم إلاّ همّا واحدا انفرد به،فخرج من صفة العمى و مشاركة أهل الهوى،و صار من مفاتيح أبواب الهدى،و مغاليق أبواب الردى،قد أبصار طريقه،و سلك سبيله،و عرف مناره،و قطع غماره، و استمسك من العرى بأوثقها،و من الحبال بأمتنها،فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس،قد نصب نفسه للّه سبحانه مصباح ظلمات،كشّاف عشوات،

ص: 431


1- نهج البلاغة:118 الخطبة 87.

مفتاح مبهمات،دفّاع معضلات،دليل فلوات،يقول فيفهم،و يسكت فيسلم، قد أخلص للّه فاستخلصه،فهو من معادن دينه،و أوتاد أرضه،قد ألزم نفسه [العدل]فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه،يصف الحقّ و يعمل به،لا يدع للخير غاية إلاّ أمّها و لا مظنة إلاّ قصدها،قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده و إمامه،يحلّ حيث كان[حلّ]ثقله،و ينزل حيث كان منزله.

و آخر قد تسمّى عالما و ليس به،فاقتبس جهائل من جهّال،و أضاليل من ضلاّل،و نصب للناس أشراكا من حبائل غرور،و قول زور،قد حمل الكتاب على آرائه،و عطف الحقّ على أهوائه،يؤمن الناس من العظائم،و يهوّن كبير الجرائم،يقول:أقف عند الشبهات و فيها وقع،و يقول:اعتزل البدع و بينها اضطجع،فالصورة صورة إنسان و القلب قلب حيوان،لا يعرف باب الهدى فيتبعه،و لا باب العمى فيصدّ عنه،فذلك ميت الأحياء.

فأين تذهبون و أنّى تؤفكون و الأعلام قائمة،و الآيات واضحة،و المنار منصوبة،فأين يتاه بكم،بل كيف تعمهون و بينكم عترة نبيكم،و هم أزمّة الحق،و ألسنة الصدق،فانزلوهم بأحسن منازل القران،وردوهم ورود الهيم العطاش.

أيّها الناس خذوها عن خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و آله و سلّم«انّه يموت من مات منّا و ليس بميت،و يبلى من بلى[منّا]و ليس ببال»،فلا تقولوا بما لا تعرفون فانّ أكثر الحقّ فيما تنكرون،و أعذروا من لا حجة لكم عليه،و أنا هو (1)،أ لم أعمل فيكم بالثقل الأكبر،و أترك فيكم الثقل الأصغر،و (2)ركزت فيكم راية الايمان،».

ص: 432


1- في المصدر:«و هو أنا».
2- في المصدر:«قد».

و وقفتكم على حدود الحلال و الحرام،و ألبستكم العافية من عدلي و أفرشتكم (1)المعروف من قولي و فعلي،و أريتكم كرائم الأخلاق من نفسي،فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر،و لا يتغلغل إليه الفكر.

و[منها]:حتى يظن الظانّ أنّ الدنيا معقولة على بني أمية،تمنحهم درّها، و توردهم صفوها،و لا يرفع عن هذه الأمّة سوطها و لا سيفها،و كذب الظان لذلك بل هي مجّة من لذيذ العيش يتطعمونها برهة ثم يلفظونها.

1- (2)و من خطبته(سلام اللّه عليه): ألا إنّ لكلّ دم ثائرا،و لكلّ حقّ طالبا،و إنّ الثائر في دمائنا كالحاكم في حقّ نفسه و هو اللّه الذي لا يعجزه من طلب و لا يفوته من هرب،فاقسم باللّه يا بني أميّة عمّا قليل لتعرفنّها في أيدي غيركم و في دار عدوكم.

1- (3)و من خطبته(سلام اللّه عليه): أيّها الناس فإنّي فقأت عين الفتنة و لم يكن ليجترئ عليها أحد غيري بعد أن ماج به (2)غيهبها و اشتد كلبها،فاسألوني قبل أن تفقدوني،فوالذي نفسي بيده،لا تسألوني عن شيء فيما بينكم و بين الساعة،و لا عن فئة تهدي مائة أو (3)تضل مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها و قائدها و سائقها و مناخ ركابها،و محطّ رحالها،و من يقتل من أهلها قتلا،و من يموت منهم موتا،و لو قد فقدتموني[و]نزلت بكم كرائه الأمور،و حوازب الخطوب،».

ص: 433


1- في المصدر:«فرشتكم». ([2]) نهج البلاغة:151 خطبة 105. ([3]) نهج البلاغة:137 خطبة 93.
2- لا يوجد في المصدر:«به».
3- في المصدر:«و».

و كانت الدنيا عليكم ضيقة (1)تستطيلون[معه]أيام البلاء عليكم حتى يفتح اللّه لبقية الأبرار منكم.

1- (2)و روى المدائني في كتاب«صفين»قال: خطب علي بعد انقضاء أمر النهروان فذكر طرفا من الملاحم و قال:

ذلك أمر اللّه و هو كائن وقتا مريحا،فيا ابن خيرة الاماء متى تنتظر أبشر بنصر قريب من ربّ رحيم،فبأبي و أمي من عدّة قليلة،أسماؤهم في الأرض مجهولة، قد دان حينئذ ظهورهم،يا عجبا كلّ العجب بين جمادى و رجب،و من جمع أشتات،و حصد نبات،و من أصوات بعد أصوات.

ثم قال:سبق القضاء سبق.

قال رجل من أهل البصرة الى رجل من أهل الكوفة في جنبه:أشهد أنّه كاذب.

قال الكوفي:و اللّه ما نزل علي من المنبر حتى فلج الرجل،فمات من ليلته.

و لو أردنا استقصاء اخباره عن الغيوب الصادقة التي شاهدوا صدقها عيانا لبلغ كراريس كثيرة(انتهى الشرح).

1- (3)و من كلامه(سلام اللّه عليه)يومىء به الى وصف الأتراك: كأنّي أراهم قوما كأنّ وجوههم المجان المطرقة،يلبسون السرق و الديباج،و يعتقبون الخيل العتاق،و يكون هناك استحرار قتل حتى يمشي المجروح على المقتول،و يكون المفلت أقلّ من المأسور.

فقال له بعض أصحابه:لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب.8.

ص: 434


1- في المصدر:«و ضاقت الدنيا عليكم ضيقا».
2- شرح نهج البلاغة 134/6 في خطبة طويلة.
3- نهج البلاغة:186 خطبة 128.

فضحك سلام اللّه عليه و قال للرجل-و كان كلبيا-:يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب،و إنما هو تعلم من ذي علم،و إنما علم الغيب علم الساعة،و ما عدده اللّه سبحانه بقوله إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ (1)الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى،و قبيح أو جميل،و سخي أو بخيل،و شقي أو سعيد، و من يكون للنار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه،و ما سوى ذلك فعلم علمه اللّه نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فعلّمنيه،و دعا لي بأن يعيه صدري،و تضطم عليه جوانحي.

في شرحه: و اعلم أنّ هذا الغيب أخبر عنه قد رأيناه نحن في زماننا و كان الناس يسمعونه من أول الاسلام حتى ساقه القضاء و القدر الى عصرنا،و هم التتار الذين خرجوا من المشرق و الشمال حتى وردت خيلهم العراق و الشام.

1- (2)و من خطبته(سلام اللّه عليه): و اللّه لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه و جميع شأنه لفعلت،و لكن أخاف أن تكفروا فيّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ألا و إنّي مفيضه الى الخاصة ممّن يؤمن ذلك منه،و الذي بعثه بالحقّ و اصطفاه على الخلق،ما أنطق إلاّ صادقا،و لقد عهد إليّ بذلك كلّه،و بمهلك من هلك، و منجى من ينجو،و مال هذا الأمر،و ما أبقى شيئا يمرّ على رأسي إلاّ أفرغه في أذني،و أفضى به إليّ.

أيّها الناس إنّي و اللّه ما أحثكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها،و لا أنهاكم عن معصية إلاّ و أتناهى قبلكم عنها.

1- (3)و من كلامه(سلام اللّه عليه): و لقد بلغني أنّكم تقولون علي يكذب،قاتلكم1.

ص: 435


1- لقمان34/.
2- نهج البلاغة:250 خطبة 175.
3- نهج البلاغة:100 خطبة 71.

اللّه،فعلى من أكذب؛أ على اللّه؟فأنا أوّل من آمن به؛أم على نبيه؟فأنا أوّل من صدقه؛كلاّ و اللّه،و لكنّها لهجة غبتم عنها،و لم تكونوا من أهلها وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (1).

1,14- (2)و من خطبته(سلام اللّه عليه): و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّي لم أردّ على اللّه و لا على رسوله ساعة قط،و لقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال،و تتأخر[منها]الأقدام،نجدة أكرمني اللّه بها.

و لقد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إنّ رأسه لعلى صدري،و قد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها على وجهي،و لقد وليت غسله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الملائكة أعواني،فضجّت الدار و الأفنية ملأ يهبط و ملأ يعرج،و ما فارقت سمعي هينمة منهم يصلّون عليه حتى واريناه في ضريحه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمن ذا أحقّ به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منّي حيّا و ميتا (صلوات اللّه و سلامه عليه و آله)؟فانفذوا على بصائركم،و لتصدق نياتكم في جهاد عدوّكم،فوالذي لا إله إلاّ هو،إنّي لعلى جادة الحقّ و إنّهم لعلى مزلة الباطل.أقول ما تسمعون و أستغفر اللّه لي و لكم.

14,1- (3)و من خطبته(سلام اللّه عليه): انتفعوا ببيان اللّه،و اتعظوا بمواعظ اللّه،و اقبلوا نصيحة اللّه،فان اللّه قد أعذر إليكم بالجلية،و أخذ عليكم الحجة،و بيّن لكم محابه من الأعمال و مكارهه منها،لتتبعوا هذه و تجتنبوا هذه،فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول:«إنّ الجنّة حفت بالمكاره و إنّ النار حفت بالشهوات».

و اعلموا أنّه ما من طاعة اللّه شيء إلاّ يأتي في كره،و ما من معصية اللّه شيء إلاّ يأتي في شهوة،فرحم اللّه امرأ نزع عن شهوته،و قمع هوى نفسه.6.

ص: 436


1- ص88/.
2- نهج البلاغة:311 خطبة 197.
3- نهج البلاغة:251 خطبة 176.

إنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم،و إن افترض لكم علما فاهتدوا بعلمكم،و إنّ للاسلام غاية فانتهوا الى غايته،و اخرجوا الى اللّه ممّا افترض عليكم من حقّه،و بيّن لكم من وظائفه،أنا شاهد لكم و حجيج يوم القيامة عنكم.

ألا و إنّ القدر السابق قد وقع،و القضاء الماضي قد تورد،و إنّي متكلّم بعدة اللّه و حجته،قال اللّه(جلّ ذكره): إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (1)و قلتم ربّنا اللّه فاستقيموا على كتابه،و على منهاج أمره،و على الطريقة الصالحة من عبادته،ثم لا تمرقوا منها،و لا تبتدعوا فيها،و لا تخالفوا عنها،فان أهل المروق منقطع بهم عند اللّه يوم القيامة.

ألا و إنّ الظلم ثلاثة:فظلم لا يغفر،و ظلم لا يترك،و ظلم مغفور لا يطلب.

فأمّا الظلم الذي لا يغفر فالشرك باللّه تعالى،قال اللّه سبحانه: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (2).و أمّا الظلم الذي يغفر،فظلم العبد نفسه عند بعض الهفات.

و أمّا الظلم الذي لا يترك،فظلم العباد بعضهم بعضا،القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى،و لا ضربا بالسياط،لكنّه ما يستصغر ذلك معه، فاياكم و التلوّن في دين اللّه...فان اللّه سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممّن مضى و لا ممّن بقى.

يا أيّها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس،و طوبى لمن لزم بيته و أكل قوته و اشتغل بطاعته و بكى على خطيئته فكان من نفسه في شغل و الناس منه في راحة.6.

ص: 437


1- فصلت30/.
2- النساء48/ و 116.

1,2- (1)و من وصيته لابنه الحسن(سلام اللّه عليهما)كتبها إليه ب«حاضرين»عند انصرافه من«صفين»:

من الوالد الفاني...:

أمّا بعد...

حيث تفرّد بي دون هموم الناس همّ نفسي...فأفضى بي الى جدّ لا يكون فيه لعب،و صدق لا يشوبه كذب،وجدتك بعضي بل وجدتك كلّي،حتى كأنّ شيئا لو أصابك أصابني،فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي...

فانّي أوصيك بتقوى اللّه-أي بني-و لزوم أمره،و عمارة قلبك بذكره، و الاعتصام بحبله،و أيّ سبب أوثق من سبب بينك و بين اللّه(عزّ و جلّ)إن أنت أخذت به.

أحي قلبك بالموعظة،و أمته بالزهادة،و قوّه باليقين،و نوّره بالحكمة،و ذلّله بذكر الموت،و قرره بالفناء،و بصّره فجائع الدنيا،و حذّره صولة الدهر، و فحش تقلّب الليالي و الأيام،...و ذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأولين...فأصالح مثواك و لا تبع آخرتك بدنياك،ودع القول فيما لا تعرف، و أمسك عن طريق إذا خفت ضلالته،و أمر بالمعروف تكن من أهله،و أنكر المنكر بيدك و لسانك،و باين من فعله بجاهدك،و جاهد في اللّه حقّ جهاده،و لا تأخذك في اللّه لومة لائم،و تفقّه في الدين،و عوّد نفسك الصبر على المكروه، فنعم الخلق التصبّر،و ألجئ نفسك في الأمور (2)كلّها الى إلهك فانك تلجئها الى كهف حريز،و مانع عزيز،و أخلص في المسألة لربّك،فان بيده العطاء».

ص: 438


1- نهج البلاغة:391 الكتاب 31.
2- في المصدر:«أمورك».

و الحرمان،و أكثر الاستخارة،و تفهم وصيتي[و لا تذهبن عنك صفحا]فان خير القول ما نفع،و اعلم أنّه لا خير في علم لا ينفع و لا ينتفع بعلم لا يحقّ تعلمه.

أي بني و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك،و يشتغل لبّك،لتستقبل بجدّ رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته و تجربته،فتكون قد كفيت مئونة الطلبة (1)،و عوفيت من علاج التجربة،فأتاك من ذلك ما قد كنّا نأتيه، و استبان لك ما ربّما أظلم علينا منه.

أي بني[إنّي]و إن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي،فلقد (2)نظرت في أعمالهم، و فكّرت في أخبارهم،و سرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم،بل كأني بما انتهى الي من أمورهم قد عمّرت مع أولهم الى آخرهم،فعرفت صفو ذلك من كدره،و نفعه من ضرره،فاستخلصت لك من كلّ أمر جليله (3)،و توخّيت [لك]جميله،و صرفت عنك مجهوله،و رأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق،و أنت ذو نية سليمة،و نفس صافية،و أن أبتدئك بتعليم كتاب اللّه(عزّ و جلّ)و تأويله و شرايع الإسلام و أحكامه و حلاله و حرامه لا أجاوز

[ذلك]بك الى غيره،ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم و آرائهم مثل الذي التبس عليهم،فكان إحكام ذلك على ما كرهت من تنبيهك له أحبّ إليّ من إسلامك الى أمر لا آمن عليك فيه (4)الهلكة،».

ص: 439


1- في المصدر:«الطلب».
2- في المصدر:«فقد».
3- في المصدر:«نخيله».
4- في المصدر:«به».

و رجوت أن يوفّقك اللّه فيه لرشدك،و أن يهديك لقصدك،و اعلم يا بني إنّ أحبّ ما أنت آخذ به[إليّ]من وصيتي تقوى اللّه و الاقتصار على ما افترضاه (1)اللّه عليك،و أخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك،و الصالحون من أهل بيتك...

و اعلم يا بنيّ (2)إنّ مالك الموت هو مالك الحياة،و انّ الخالق هو المميت،و انّ المغني هو المعيد و انّ المبتلي هو المعافي،و انّ الدنيا لم تكن لتستقر إلاّ على ما جعلها اللّه(عزّ و جلّ)عليه من النعماء و الابتلاء و الجزاء في المعاد،و ما شاء اللّه ممّا لا تعلم...ثم تبصره بعد ذلك...

و اعلم يا بني أنّ أحدا لم ينبىء عن اللّه سبحانه كما أنبأ عنه نبينا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فارض به رائدا و الى النجاة قائدا...يا بني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك و بين غيرك،فأحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك[و اعلم انّ الاعجاب ضد الصواب و آفة الألباب]فاسع في كدحك و لا تكن خازنا لغيرك...

و اعلم أنّ الذي بيده خزائن السماوات و الأرض قد أذن لك في الدعاء،و تكفّل لك بالاجابة،و أمرك أن تسأله ليعطيك،و تسترحمه ليرحمك،و لم يجعل بينك و بينه من يحجبك عنه،و لم يلجئك الى من يشفع لك إليه،و لم يمنعك إن أسأت من التوبة،و لم يؤتيك من الرحمة بل جعل نزوعك من الذنب حسنة،و حسب سيئتك واحدة و حسب حسنتك عشرا،و فتح لك باب المتاب،فاذا ناديته سمع نداك،و اذا ناجيته علم نجواك،و شكوت إليه همومك،و استكشفته كروبك [و استعنته على أمورك]و سألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه».

ص: 440


1- في المصدر:«فرضه».
2- لا يوجد في المصدر:«يا بني».

غيره،من زيادة الأعمار،و صحة الأبدان،و سعة الأرزاق...،فمتى شئت ذلك استفتحت بالدعاء أبواب نعمته و استمطرت شابيب رحمته فلا يقنطنك إبطاء إجابته،فانّ العطية على قدر النية،و ربّما أخرت عنك الاجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل،و أجزل لعطاء الآمل،و ربّما سألت الشيء فلا تعطاه (1)، و أوتيت خيرا منه عاجلا و آجلا،أو صرف عنك لما هو خير لك،فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته،فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله،و ينفى عنك وباله،فالمال لا يبقى لك و لا تبقى له.

و اعلم يا بني[انّك]إنّما خلقت للآخرة لا للدنيا...فخفّض في الطلب،و أجمل في المكتسب،فانّه ربّ طلب قد جرّ الى حرب،فليس كلّ طالب بمرزوق، و لا كلّ مجمل بمحروم،و أكرم نفسك عن كلّ دنية و إن ساقتك إليها الرغائب...

و لا تكن عبد غيرك و قد جعلك اللّه حرا...و إن استطعت أن لا يكون بينك و بين اللّه ذو نعمة فافعل،فانّك مدرك قسمك،و آخذ سهمك،و إنّ اليسير من اللّه سبحانه أكرم و أعظم من الكثير من خلقه،و إن كان كلّ منه...و احفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء،و حفظ ما في يديك أحبّ إليّ من طلب ما في يد غيرك...قارن أهل الخير تكن منهم،و باين أهل الشرّ تبن عنهم...

لا تتخذنّ عدوّ صديقك صديقا فتعادي صديقك،و امحض أخاك النصيحة حسنة أو قبيحة،و تجرّع الغيظ،فانّي لم أر جرعة أحلى منها عاقبة...وجد (2)على عدوّك بالفضل فانّه أحلى الظفرين،و من ظنّ بك خيرا فصدّق ظنه،و لا تضيعنّ حقّ أخيك.».

ص: 441


1- في المصدر:«تؤتاه».
2- في المصدر:«و خذ».

و اعلم يا بني إنّ الرزق رزقان:رزق تطلبه،و رزق يطلبك،فان أنت لم تأته أتاك...

و استدل على ما لم يكن بما قد كان،فان الأمور أشباه...

و اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر و حسن اليقين...

ربّ بعيد أقرب من قريب،و قريب أبعد من بعيد.

و الغريب من لم يكن له حبيب.

من تعدّى الحقّ ضاق مذهبه.

و من اقتصر على قدره كان أبقى له.

و أوثق سبب أخذت به سبب بينك و بين اللّه سبحانه.

و من لم يبالك فهو عدوّك...

و قطيعة الجاهل تعدل عند اللّه (1)صلة العاقل.

من أمن الزمان خانه.و من أعظمه أهانه...

إذا تغيّر السلطان تغيّر الزمان.

سل عن الرفيق قبل الطريق،و عن الجار قبل الدار.

إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا و إن حكيت ذلك عن غيرك.

و إياك و مشاورة النساء...

و لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها،فان المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة...

و إياك و التغاير في غير موضع غيرة فان ذلك يدعو الصحيحة الى السقم...

و أكرم عشيرتك فانّهم جناحك الذي به تطير،و أصلك الذي إليه تصير،و يدك».

ص: 442


1- لا يوجد في المصدر:«عند اللّه».

التي بها تصول.

استودع اللّه دينك و دنياك و اسأله خير القضاء لك في العاجلة و الدنيا و الآخرة إن شاء اللّه-تبارك و تعالى-.

1,2,3- (1)و قال(سلام اللّه عليه)بصفين: و قد رأى الحسين أو الحسن(سلام اللّه عليهما) يتسرع الى الحرب:املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني فانّي أنفس بهذين-يعني الحسنين(سلام اللّه عليهما)-على الموت لئلا ينقطع به نسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

1- (2)و من خطبته(سلام اللّه عليه)عن نوف البكالي قال: خطبنا أمير المؤمنين (سلام اللّه عليه)بالكوفة،و هو قائم على حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومي،و عليه مدرعة من صوف،و حمائل سيفه ليف،في رجليه نعلان من ليف،و كأنّ جبينه ثفنة بعير فقال:

...قد لبس للحكمة جنتها،و أخذها بجميع أدبها من الاقبال عليها و المعرفة بها و التفرغ لها،فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها،و حاجته التي يسأل عنها، فهو مغترب إذا اغترب الاسلام،و ضرب الأرض (3)بعسيب ذنبه،و ألصق الأرض بجرانه،بقية من بقايا حجته،خليفة من خلائف أنبيائه.

ثم قال:[أيّها الناس]إنّي قد بيّنت (4)لكم المواعظ التي وعظ بها الأنبياء(عليهم السّلام)أممهم،و أدّيت إليكم ما أدّت الأوصياء الى من بعدهم،و أدّبتكم بسوطي فلم تستقيموا،و حدتكم بالزواجر فلم تستوسقوا،للّه أنتم،أ تتوقعون».

ص: 443


1- نهج البلاغة:323 الخطبة 207.شرح النهج 25/11.
2- نهج البلاغة:260،263 خطبة 182.
3- لا يوجد في المصدر:«الأرض».
4- في المصدر:«بثثت».

إماما غيري يطأ بكم الطريق،و يرشدكم السبيل.

ألا إنّه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلا،و أقبل منها ما كان مدبرا،و أزمع الترحال عباد اللّه الاخيار،[و]باعوا قليلا من الدنيا لا يبقى بكثير من الآخرة لا يفنى،ما ضرّ اخواننا الذين سفكت دماؤهم[و هم]بصفين أن لا يكونوا اليوم أحياء يسيغون الغصص،و يشربون الرنق،قد و اللّه لقوا اللّه فوفاهم أجورهم،و أحلّهم دار الأمن بعد خوفهم.

أين اخواني الذين ركبوا الطريق و مضوا على الحق؟

أين عمار و أين ابن التيهان؟و أين ذو الشهادتين؟و أين نظرائهم؟...

ثم قال (1)بأعلى صوته:الجهاد الجهاد عباد اللّه،ألا و إنّي معسكر في يومي هذا، فمن أراد الرواح الى اللّه فليخرج.

قال نوف:و عقد للحسن(سلام اللّه عليهما)عشرة آلاف،و لقيس بن سعد بن عبادة في عشرة آلاف،و لأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف،و لغيرهم على أعداد أخر،و هو يريد الرجعة الى صفين فما دارت الجمعة حتى ضربه ابن ملجم-من الخوارج-لعنه اللّه،فتراجعت العساكر،فكنّا كأغنام فقدت راعيها تختطفها الذئاب من كلّ مكان.

1,2,3- (2)و من وصيته للحسن و الحسين(سلام اللّه عليهما)لمّا ضربه ابن ملجم:

أوصيكما بتقوى اللّه،و أن لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما،و لا تأسفا على شيء منها زوي عنكما،و قولا بالحق،و اعملا للأجر،و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا.

أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى اللّه تعالى،و نظم أمركم،7.

ص: 444


1- في المصدر:«نادى».
2- نهج البلاغة:421 الكتاب 47.

و صلاح ذات بينكم،فانّي سمعت جدّكما صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:«صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام».

اللّه اللّه في الأيتام فلا تغبّوا أفواههم ،و لا يضيعوا بحضرتكم.

و اللّه اللّه في جيرانكم فانّهم وصية نبيكم،ما زال يوصي بهم حتى ظننّا أنّه سيورثهم.

و اللّه اللّه في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم.

و اللّه اللّه في الصلاة فانّها عمود دينكم.

و اللّه اللّه في بيت ربّكم لا تخلوه ما بقيتم،فانه إن ترك لم تناظروا.

و اللّه اللّه في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم في سبيل اللّه.

و عليكم بالتوصل و التباذل،و إياكم و التدابر و التقاطع،و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

ثم قال:يا بني عبد المطلب لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون «قتل أمير المؤمنين»ألا لا تقتلنّ بي إلاّ قاتلي.

انظروا إذا[أنا]متّ من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة،و لا يمثّل (1)بالرجل فانّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:«إيّاكم و المثلة و لو بالكلب العقور».

1- (2)و من كتابه(سلام اللّه عليه)الى الحارث الهمداني:

...[و]اعتبر بما مضى من الدنيا لما بقي منها،فان بعضها يشبه بعضها، و آخرها لاحق بأوّلها،و أكثر ذكر الموت و ما بعده،و لا تتمنّ الموت إلاّ بشرط وثيق...و اسكن الأمصار العظام فانّها جماع المسلمين،و احذر منازل الغافلة9.

ص: 445


1- في المصدر:«و لا تمثلوا».
2- نهج البلاغة:459 الكتاب 69.

و الجفاء[و قلّة الأعوان على طاعة اللّه،و اقصر رأيك على ما يعنيك]و إياك و مقاعد الأسواق،فانّها محاضر الشيطان و معاريض الفتن...و خادع نفسك في العبادة،و ارفق بها و لا تقهرها،و خذ عفوها و نشاطها،إلاّ ما كان مكتوبا عليك من الفريضة،فانّه لا بد من أدائها،...و إياك و مصاحبة الفساق فان الشر بالشر ملحق،و وقر اللّه(عزّ و جلّ)،و أحبّ أحباءه،و احذر الغضب فانه جند عظيم من جنود إبليس،و أكثر أن تنظر الى من فضلت عليه فان ذلك من أبواب الشكر،و لا تسافر في يوم جمعة حتى تشهد الصلاة إلاّ فاصلا في سبيل اللّه أو في أمر متعذر تعذر به،و أطع اللّه في جلّ أمورك.

1- (1)و من كتابه(سلام اللّه عليه)الى والي الشام:

...بنعمة اللّه أحدث إنّ قوما استشهدوا في سبيل اللّه من المهاجرين و الأنصار، و لكلّ فضل،حتى إذا استشهد شهيدنا قيل سيد الشهداء،و خصّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه،أو لا ترى[ان]قوما قطعت أيديهم في سبيل اللّه،و لكلّ فضل،حتى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم قيل:الطيار في الجنّة[و]ذو الجناحين،و لو لا ما نهى اللّه عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة تعرفها قلوب المؤمنين،و لا تمجّها آذان السامعين، فدع عنك من مالت الرمية،فانّا صنائع ربّنا و الناس بعد صنائع لنا،و منّا النبي و منكم المكذب،و منّا أسد اللّه و منكم أسد الأحلاف،و منّا سيدا شباب أهل الجنّة و منكم صبية النار،و منّا خيرة نساء العالمين و منكم حمالة الحطب،في كثير ممّا لنا و عليكم.8.

ص: 446


1- نهج البلاغة:386 الكتاب 28.

فاسلامنا ما (1)قد سمع و جاهليتكم لا تدفع،و كتاب اللّه يجمع لنا ما شذّ عنّا، و هو قوله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ و قوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فنحن مرّة أولى بالقرابة،و تارة أولى بالطاعة...و قد (2)ذكرت أنّه ليس لي و لأصحابي عندك إلاّ السيف،فلقد أضحكت بعد استعبار، متى ألفيت بني عبد المطلب عن الأعداء ناكلين،و بالسيوف (3)مخوفين.

«فلبث قليلا يدرك (4)الهيجا حمل».

فسيطلبك من تطلب،و يقرب منك ما تستبعد،و انا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين و الأنصار و التابعين لهم باحسان،شديد زحامهم،ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت،أحبّ اللقاء إليهم لقاء ربّهم و قد صحبتهم ذريّة بدريّة،و سيوف هاشمية،قد عرفت مواقع نصالها في أخيك و خالك و جدّك و أهلك،و ما هي من الظالمين ببعيد(انتهى نهج البلاغة).

1,3- (5)و من وصيته لابنه الحسين(سلام اللّه عليهما): يا بني أوصيك بتقوى اللّه (عزّ و جلّ)في السر و العلانية،و كلمة الحقّ في الرضا و الغضب،و القصد في الغنى و الفقر،و العدل في الصديق و العدو،و العمل في النشاط و الكسل،و الرضا عن اللّه(عزّ و جلّ)في الشدّة و الرخاء.

يا بني ما شرّ بعده الجنّة بشرّ،و لا خير بعده النار بخير،و كلّ نعيم دون الجنّة).

ص: 447


1- لا يوجد في المصدر:«ما».
2- لا يوجد في المصدر:«قد».
3- في المصدر:«بالسيف».
4- في المصدر:«يلحق».
5- نهج البلاغة:قصار الجمل 349(باختصار).

محقور،و كلّ بلاء دون النار عافية.

اعلم يا بني انّه من أبصار عيب نفسه شغل عن عيب غيره،و من رضي بقسم اللّه لم يحزن على ما فاته،و من حفر لأخيه بئرا وقع فيها،و من هتك حجاب أخيه انكشف عورات بيته،و من نسى خطيئته استعظم خطيّة غيره،و من عاتب الأمور عطب،و من أعجب برأيه ضلّ،و من استغنى بعقله زلّ،و من تكبّر على الناس ذلّ،و من دخل مدخل السوء اتّهم،و من خالط الأراذل حقّر،و من جالس العلماء وقّر،و من مزح استخفّ به،و من أكثر من شيء عرف به،و من كثر كلامه كثر خطاؤه،و من كثر خطاؤه قلّ حياؤه،و من قلّ حياؤه قلّ ورعه،و من قلّ ورعه مات قلبه،و من مات قلبه دخل النار.

يا بني من نظر في عيوب الناس و رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه،و من تفطّن اعتبر،و من اعتبر اعتزل عن الناس،و من اعتزل سلم،و من ترك الشهوات كان حرّا،و عزّ المؤمن غناؤه عن الناس،و القناعة كنز لا ينفذ،و من أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا بالقليل،و من علم أنّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما ينفعه.

ص: 448

الباب المكمل للمائة

في فضائل الأئمة من أهل البيت الطيبين

(سلام اللّه و تحياته و بركاته عليهم دائما)

1- (1)في نهج البلاغة:و من خطبة أمير المؤمنين،و إمام المتقين و قائد الغر المحجلين،و يعسوب الدين،مولانا و مولى الإنس و الجن،أسد اللّه الغالب علي ابن أبي طالب(سلام اللّه عليه و على الأئمة من أولاده دائما أبدا متزايدا متناميا متكاثرا باقيا سرمدا)بعد انصرافه من صفين:

منها:يعني آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هم موضع سرّه و ملجأ أمره،و عيبة علمه، و موئل حكمه،و كهوف كتبه،و جبال دينه،بهم أقام انحناء ظهره،و أذهب ارتعاد فرائصه.

منها في المنافقين:زرعوا الفجور،و سقوا الغرور،و حصدوا الثبور،لا يقاس بآل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من هذه الأمّة أحد،و لا يساوي بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا،هم أساس الدين،و عماد اليقين،إليهم يفيء الغالي،و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حقّ الولاية،و فيهم الوصية و الوراثة الآن إذ رجع الحقّ الى أهله،و نقل الى منتقله.

ص: 449


1- نهج البلاغة:47 خطبة 2.

1- (1)و من خطبته(سلام اللّه عليه): بنا اهديتم في الظلماء،و تسنمتم العلياء،و بنا انفجرتم عن السرار،ما شككت في الحق مذ أريته،لم يوجس موسى خيفة على نفسه،بل أشفق من غلبة الجهال،و دول الضلال.

1- (2)و من كلام له(سلام اللّه عليه) إنّي لعلى بيّنة من ربّي،و منهاج من نيّتي،و إنّي لعلى الطريق الواضح.انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم،و اتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى،و لن يعيدوكم في ردى،فان لبدوا فالبدوا،و إن نهضوا فانهضوا،و لا تسبقوهم فتضلّوا،و لا تتأخّروا عنهم فتهلكوا.

1- (3)و من خطبته(سلام اللّه عليه): ألا إنّ مثل آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم.

نحن شجرة النبوة،و مهبط الرسالة،و مختلف الملائكة،و معادن العلم،و ينابيع الحكم،ناصرنا و محبّنا ينتظر الرحمة،و عدونا و مبغضنا ينتظر السطوة.

1- (4)و من خطبته(سلام اللّه عليه): أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا،كذبا و بغيا علينا،أن رفعنا اللّه و وضعهم،و أعطانا و حرمهم،و أدخلنا و أخرجهم،بنا يستعطى الهدى،و بنا يستجلى العمى.

1- (5)و إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحقّ،و لا أظهر من الباطل،و لا أكثر من الكذب على اللّه و رسوله،و ليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته،و لا أنفق منه إذا حرف عن7.

ص: 450


1- نهج البلاغة:51 خطبة 4.
2- نهج البلاغة:142 خطبة 97.
3- نهج البلاغة:146 خطبة 100؛و 162 خطبة 109.
4- نهج البلاغة:201 خطبة 144.
5- نهج البلاغة:204 و 205 خطبة 147.

مواضعه،و لا في البلاد شيء أنكر من المعروف،و لا أعرف من المنكر.

و اعلموا انّكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه،و لن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نفضه،و لن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله،فانّهم عيش العلم،و موت الجهل،هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم،و صمتهم عن منطقهم،و ظاهرهم عن باطنهم،لا يخالفون الدين و لا يختلفون فيه،و هو بينهم شاهد صادق،و صامت ناطق.

1- (1)و من خطبته(سلام اللّه عليه): قد طلع طالع،و لمع لامع،و لاح لائح،و اعتدل مائل،و استبدل اللّه بقوم قوما و بيوم يوما،و انتظرنا الغير انتظار المجدب المطر،و إنّما الأئمة قوام اللّه على خلقه و عرفاؤه على عباده،لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم و عرفوه،و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و أنكروه.

1- (2)و من خطبته(سلام اللّه عليه): نحن الشعائر و الأصحاب،و الخزنة و الأبواب، و لا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها،فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقا.

و منها:فيهم كرايم الايمان،و هم كنوز الرحمن،إن نطقوا صدقوا،و إن صمتوا لم يسبقوا،فالناظر بالقلب،العامل بالبصر،يكون مبتدأ عمله ان يعلم أعمله عليه أم له؟فان كان له مضى فيه،و إن كان عليه وقف عنه،فان العامل بغير علم كالسائر على غير الطريق،فلا يزيده بعده عن الطريق إلاّ بعدا عن حاجته، و العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح،فلينظر ناظر أ سائر هو أم راجع؟.

1- (3)و من خطبته(سلام اللّه عليه): أن بعثه بالنور المضيء،و البرهان الجلي،1.

ص: 451


1- نهج البلاغة:212 خطبة 152.
2- نهج البلاغة:215 خطبة 152.
3- نهج البلاغة:229 خطبة 161.

و المنهاج البادي،و الكتاب الهادي،أسرته خير أسرة،و شجرته خير شجرة، أغصانها معتدلة،و ثمارها متهدّلة،مولده بمكة،و هجرته بطيبة،علا بها ذكره، و امتدّ منها صوته،أرسله اللّه بحجة كافية،و موعظة شافية،و دعوة متلافية، أظهر به الشرائع المجهولة،و قمع به البدع المدحولة،و بين به الأحكام المعضولة،فمن يبتغ غير الاسلام دينا فتحقّق شقوته،و تنفصم عروته،و تعظم كبوته،و يكن مثابه الى الحزن الطويل،و العذاب الوبيل.

1- (1)و من خطبته(سلام اللّه عليه): فمن الايمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب، و منه ما يكون عواري في القلوب،و منه ما يكون عواري بين القلوب و الصدور الى أجل معلوم،فاذا كانت لكم براءة من أحد فقفوه حتى يحضر الموت،فعند ذلك يقع حدّ البراءة.

[لا يقع اسم]الهجرة على أحد بمعرفة الحجة في الأرض فمن عرفها و أقرّ بها فهو مهاجر،و لا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجة،فسمعتها أذنه،و وعاه قلبه.

إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للايمان،و لا تعي (2)حديثنا إلاّ صدور أمينة و أحلام رزينة،أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني،فلأنا بطرق السماء أعلم منّي بطرق الأرض،قبل أن تشغر برجلها فتنة،تطأ في خطامها،و تذهب بأحلام قومها.

1- (3)و من خطبته(سلام اللّه عليه): استعملنا اللّه و إياكم بطاعته و طاعة رسوله،0.

ص: 452


1- نهج البلاغة:279 خطبة 189.
2- في المصدر:«يعي».
3- نهج البلاغة:282 خطبة 190.

و عفى عنّا و عنكم بفضل رحمته،الزموا الأرض،و اصبروا على البلاء،و لا تحرّكوا بأيديكم و سيوفكم و هوى ألسنتكم،و لا تستعجلوا بما لم يعجله اللّه لكم،فانّه من مات منكم على فراشه و هو على معرفة حقّ ربّه و حقّ رسوله و أهل بيته مات شهيدا،و وقع أجره على اللّه،و استوجب ثواب ما نوى من صالح عمله،و قامت النية مقام إصلاته بسيفه،فانّ لكلّ شيء مدّة و أجلا.

1- (1)و من خطبته(سلام اللّه عليه)يذكر فيها آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: هم عيش العلم، و موت الجهل،يخبركم حلمهم عن علمهم،و ظاهرهم عن باطنهم،و صمتهم عن حكم منطقهم،لا يخالفون الحقّ،و لا يختلفون فيه،هم دعائم الاسلام، و ولائج الاعتصام،بهم عاد الحق في نصابه،و انزح الباطل عن مقامه،و انقطع لسانه عن منبته،عقلوا الدين عقل وعاية و رعاية،لا عقل سماع و رواية،و إن رواة العلم كثير و رعاته قليل.

1- (2)كلامه(سلام اللّه عليه)لكميل بن زياد النخعي:

قال كميل بن زياد: أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(صلوات اللّه عليه) بيدي فأخرجني الى الجبانة،فلمّا أصحر تنفس الصعداء ثم قال:

يا كميل إنّ هذه القلوب أوعية،فخيرها أوعاها،فاحفظ عنّي ما أقول لك:

الناس ثلاثة:عالم رباني،و متعلّم على سبيل النجاة،و همج رعاع أتباع كلّ ناعق،يميلون مع كلّ ريح،لم يستضيئوا بنور العلم و لم يلجئوا الى ركن وثيق.

يا كميل العلم خير من المال،و العلم يحرسك و أنت تحرس المال،و المال تنقصه النفقة و العلم يزكو على الانفاق،و صنيع المال يزول بزواله.7.

ص: 453


1- نهج البلاغة:357 خطبة 239.
2- نهج البلاغة:495 قصار الجمل 147.

يا كميل معرفة العلم دين يدان به،يكسب الانسان الطاعة في حياته،و جميل الأحدوثة بعد وفاته.و العلم حاكم و المال محكوم عليه.

يا كميل هلك خزان الأموال و هم أحياء،و العلماء باقون و هم أموات ما بقي الدهر،أعيانهم مفقودة،و أمثالهم في القلوب موجودة.

ها إنّ هنا لعلما جما-و أشار بيده الى صدره المبارك المكرم-و لو أصبت له حملة،بل أصيب لقنا غير مأمون عليه،مستعملا آلة الدين للدنيا،و مستظهرا بنعم اللّه على عباده،و بحجته على أوليائه،أو منقادا لحملة الحقّ لا بصيرة له في أحنائه،ينقدح الشكّ في قلبه لأول عارض من شبهة،ألا لا ذا و لا ذاك،أو منهوما باللذة،سلس القياد للشهوة،أو مغرما بالجمع و الادخار،هما ليسا من رعاة الدين في شيء،أقرب شبها بهما الأنعام السائمة،كذلك يموت العلم بموت حامليه.

اللّهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحججه،إمّا ظاهرا مشهورا،و إمّا خائفا مغمورا،لئلا تبطل حجج اللّه و بيناته،و كم ذا؟و أين أولئك؟أولئك و اللّه الأقلون عددا،و الأعظمون عند اللّه قدرا،بهم يحفظ اللّه حججه و بيناته،حتى يودعوها نظراءهم،و يزرعوها في قلوب أشباههم،هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة،و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون،و آنسوا بما استوحش منه الجاهلون،و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحلّ الأعلى.أولئك خلفاء اللّه في أرضه،و الدعاة الى دينه،آه آه شوقا الى رؤيتهم.

يا كميل انصرف إذا شئت.

ص: 454

1- (1)و من خطبته(سلام اللّه عليه)في صفة آباء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فاستودعهم اللّه في أفضل مستودع،و أقرّهم في خير مستقر،تناسختهم كرائم الأصلاب الى مطهّرات الأرحام،كلّما مضى سلف قام منهم بدين اللّه خلف،حتى أفضت كرامة اللّه سبحانه الى محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأخرجه من أفضل المعادن منبتا،و أعزّ الأرومات مغرسا،من الشجرة التي صدع منها أنبياءه،و انتخب منها أمناءه، عترته خير العتر،و أسرته خير الأسر،و شجرته خير الشجر،نبتت في حرم و بسقت في كرم،لها فروع طوال،و ثمر لا ينال،فهو إمام من اتّقى،و بصيرة من اهتدى،سراج لمع ضوؤه،و شهاب سطع نوره،و زند برق لمعه،سيرته القصد،و سنته الرشد،و كلامه الفصل،و حكمه العدل،أرسله على حين فترة من الرسل،و هفوة من العمل،و غباوة من الأمم (انتهى نهج البلاغة) .

1- (2)و في غرر الحكم: إنّ ل«لا إله إلاّ اللّه»شروطا،و إنّي و ذريّتي من شروطها.

أنا قسيم النار و خازن الجنان،و صاحب الحوض،و صاحب الأعراف،و ليس منّا أهل البيت إمام إلاّ و هو عارف بأهل ولايته،و ذلك لقول اللّه تعالى، إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (3).

و أنا يعسوب المؤمنين،و المال يعسوب الفجار،من أطاع امامه فقد أطاع ربّه (انتهى غرر الحكم) .

و أمّا الفضائل التي كانت في نهج البلاغة فهي مذكورة في غرر الحكم أيضا فلا أوردها لئلا يلزم التكرار./.

ص: 455


1- نهج البلاغة:138 خطبة 94.
2- غرر الحكم 220/1 حديث 103؛و 255 حديث 1،256.
3- الرعد7/.

14- (1)و في الأربعين للشيخ بهاء الدين العاملي قدّس سرّه صاحب الكشكول و الأوراد،قال:

إنّ الحديث المتفق عليه بين العامة و الخاصة:

من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.

و كذا في كتاب الملل و النحل لمحمد الشهرستاني هذا الحديث موجود.

و قد ذكرت الارجوزة التي كانت في جنة الأسماء في مشرق الأكوان و أذكر بعضها في هذا الكتاب تيمنا به و تبركا:

فانّما نحن ملوك الأرض *** و حكمنا في الخافقين يمضي

فكلّ علم من علوم فاخرة *** من مبدأ الدنيا ليوم الآخرة

قد صار كشفا عندنا مصانا *** و كلّ ذي شدة غدا مهانا

و كلّ ما قد جاء فيه النص *** فهو الذي من جفرنا يقص

فمن أراد غبطة الأمان *** في كلّ عصر مع كلّ آن

فليتمسك بحبال قولنا *** و لا يزغ يوما بعون أمرنا

فانّما نحن على التحقيق *** غوث لكلّ كربة و ضيق

(2) و في خطبته البيان:

لقد حزت علم الأولين و إنني *** ظنين بعلم الآخرين كتوم

و كاشفت أسرار العلوم بأسرها *** و عندي حديث حادث و قديم

و إنّي لقيوم على كلّ قيم *** محيط بكلّ العالمين عليم

و قال:لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير سورة الفاتحة.2.

ص: 456


1- أربعين البهائي:219.الملل و النحل 192/1.
2- الزام الناصب 178/2.

(الخاتمة)

قد تمّ بحمد اللّه و فضله تأليف«ينابيع المودة لذي القربى من أهل العبا»-صلّى اللّه على سيدنا و مولانا محمد و على آله و عترته و أهل بيته و صحبه و ذريته دائما متزايدا أبدا،و الحمد للّه رب العالمين حمدا كما هو أهله باقيا ناميا سرمدا.

ثم الحمد للّه أحمده حمدا معترفا بالعجز عن أداء حقّ حمده،و مقرا بالقصور عن إتيان شيء من شكره،فهو المتطوّل المتفضّل المنّان الحنّان الجواد الكريم، تقدّست أسماؤه،و تعالت آلاؤه وحده لا شريك له و لا معبود سواه،و هو ذو الجلال و الاكرام و ذو الاحسان و الانعام-.وقت الضحى يوم الاثنين اليوم التاسع من شهر رمضان سنة الف و مائتين و إحدى و تسعين.

ثم الحمد للّه ميمونة،و أطرافها و أكنافها محروسة،في عصر الخاقان المعظم المحتشم ابن الخواقين المظفرين المحترمين،السلطان المعزّز المكرّم ابن السلاطين الفاتحين المبشّرين بالحديث«لتفتحن القسطنطينية،و لنعم الأمير أميرها،و لنعم الجيش ذلك الجيش»-كما في كتاب الإصابة (1)عن بشر الغنوي-آل أبي المكارم المؤيد بتأييدات الرحمن،المنصور المكرم بتكريمات الحنّان،مكرّم أرباب العلم و العرفان،و مروّج أصحاب التحقيق و البرهان، السلطان عبد العزيز خان(طوّل اللّه عمره و أدام ملكه).اللّهم انصره نصرا

ص: 457


1- الاصابة 157/1 ترجمة 685.

عزيزا،و افتح له فتحا مبينا.اللّهم اجعل هيبته و شوكته على الأعداء متزايدة، و برّه و إحسانه على الأتباع دائمة،و آثار خيره بين العباد باقية،و عدله و ترحّمه على الناس جارية،و ظله الممدود على رءوس الخلائق شاملة.اللّهم إنّك جعلت آباءه محاور الآثار المستحسنة،و مصادر الأشياء المتبرّكة،جعلت أيضا بفضلك شهنشاه البرين،و خاقان البحرين مركز الآثار الخيرية،و منبع الأمور الجميلة.

اللّهم إنّك قلت: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (1)و قلت: وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (2)

14- و قال رسولك الذي صليت عليه مع ملائكتك: «من لم يشكر الناس لم يشكر اللّه» (3). فبتوفيقك إيّاي أشكرك بتحديث نعمتك،و بشكر من جعلته ولي النعمة بالمدح و الثناء،و بذكر الجميل و الدعاء،أقول:يا ربّي بمنّك و فضلك إنّ هذين الكتابين«مشرق الأكوان»و«ينابيع المودة لذي القربى» بلطفك و عونك إنّهما طلعا على أفق الوجود و الظهور،و لمعا على عالم الكون مثل النور،و تلألآ كالكوكب الدرّي،و سطعا كالبدر الجلي،لجامعيتهما بخلاصة جواهر المعاني الثمينة،و زبدة المقاصد من العلوم النافعة،على طريق التحقيق،و سبيل التدقيق،من الآيات القرآنية،و الأحاديث النبوية، و لاحاطتهما بالمواعظ المنجية،و الجواهر القدسية،و الأسرار الروحانية، و المعارف الربانية،لائمة الهدى،و مصابيح الدجى،و ينابيع الحسنى،و كنوز القربى،صلوات اللّه و تسليماته و تحياته و بركاته على سيدنا و مولانا محمد8.

ص: 458


1- ابراهيم7/.
2- الضحى11/.
3- مجمع الزوائد 181/8.

و عليهم،و على من اقتدى بهم و اهتدى.

و لمّا كان سبب وجودهما و باعث ظهورهما ظلّ مرحمة جمجاه الأنام،و شمول رأفة جهجاه الاسلام،و بلوغ تلطّف ذي الشوكة و الاحتشام،و وصول تعطف ولي النعمة و الإنعام،نشتغل بدعاء زيادة النصرة و الظفر،و امتداد العمر و الأثر و نقول:اللّهم كما جعلت هذين الكتابين نتيجتين من نتائج برّه و ألطافه،و ثمرين من ثمار عدله و انصافه،و أثرين من آثار خيره و احسانه،و فائدتين من فوائد أيام أمنه و أمانه،و شاهدين على حسن سريرة ذاته،و ناطقين على ذكر جميل صفاته،اجعلهما أيضا بسببه منتشرا في البلاد،و متداولا بين العباد،و باقيا الى يوم الفصل و الميعاد.

اللّهم اجعل حبّك و حبّ رسولك ساريا سرّه و أخلاقه،و زد الى العلوم النافعة ميله و اشتياقه،و اجعل عمره طولا طويلا،و ملكه مدّا مديدا،و حكمه دائما سديدا،و زاد سعادته في الدارين كرامته في الكونين آمين يا رب العالمين.

اين دعا را از همه خلق جهان آمين باد ***

حافظ وظيفۀ تو دعا كردن است و بس ***

و الحمد للّه ربّ العالمين على إتمام هذا الكتاب بعونه و لطفه.يا ربّ العالمين بمنّك العميم،و فضلك العظيم،اغفر لنا و لوالدينا و لمن توالدا و لآبائهما و أمّهاتهما الى آدم و حوا(صلّى اللّه على محمد و آله و عليهما)و ارحمنا معهم.

اللّهم اهدنا صراطك المستقيم و نجّنا من العذاب الأليم بحرمة محمد و آله الذين صلّيت عليهم،حيث قال محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:معرفة آل محمد براءة من النار،و حبّ آل محمد جواز على صراط،و الولاية لآل محمد أمان من العذاب.

اللّهم اجعلنا فيما يرضاك ساعين،و في نيل ما عندك من الفوز و البركات

ص: 459

شائقين،و حصل لنا السعادة التي هي بقاء بلا فناء،و علم بلا جهل،و قدرة بلا عجز،و غناء بلا فقر،و راحة مخلّدة،و حياة مؤبدة،و تنعّمات أبدية،و تقرّبات سرمدية،و كمالات تامة دائمة.و اجعل سعينا في جميع الآيات و الأحاديث مشكورا،و جدّنا و جاهدنا في تأليف الكتاب مأجورا.

اللّهم اجعلنا من الذين فازوا فوزا عظيما،و من الذين يملكون ملكا كبيرا، و اجعل موالاتنا لأهل العباء و عترتهم كاملة،و اجعل فيهم مودّتنا-التي هي وسيلة لرضاك و دخول الجنّة-في سريرتنا و علانيتنا ثابتة.و بحبّهم كنّا عند اللّه مرضيين لأنّا نؤدي فرضه الذي أثبته بقوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (1)،و نؤدي فرضه الذي هو شرط التوحيد،

1- يقول أمير المؤمنين و إمام المتقين القائل علم اليقين علي(سلام اللّه عليه): إنّ للا إله إلاّ اللّه شرطا و إنّي و ذريتي من شروطها.

اللّهم اجعلنا ورّادا على الحوض الذي ورد عليه الثقلان مصاحبين و المؤمنون، و اجعلنا رواة من مائه ببركة مودّة أهل العباء(صلوات اللّه و سلامه عليهم)، و اجعلنا معهم مصاحبين إخوانا على سرر متقابلين في دار اصطنعتها لنفسك، ظلّها عرشك،و نورها بهجتك و بهاءك،و زوّارها ملائكتك و رفقاؤها رسلك و انبياؤك و أولياؤك و مختارك و مصطفاك،بكمال قدرتك،و عظيم رحمتك،و تجلّي بهائك،و تجمّل برهانك و كمالك،بوعدك على لسان نبيك الصادق[الذي] صلّيت عليه مع ملائكتك:

14,1,15,2,3- «من أحبّني و أحبّ هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة».

14- و «أنت مع من أحببت»،.

14- و «المرء مع من أحبّ»./.

ص: 460


1- الشورى23/.

14- و «من أحب قوما فهو منهم».

14- و «سلمان منّا أهل البيت» (1).

و يا أكرم الأكرمين،و يا أجود الأجودين،و يا أرحم الراحمين،اجعلنا من زمرتهم كما جعلتنا من ذريّتهم،و اجعلنا معهم في دار السّلام يا ذا الجلال و الاكرام.آمين يا ربّ العالمين،و صلّى اللّه على محمد و آله صلاة نامية دائمة بدوام اللّه،و متزايدة باقية ببقاء اللّه،و الحمد للّه أولا و آخرا،و ظاهرا و باطنا عدد خلقه،وزنة عرشه،و رضاء نفسه،و مداد كلماته،في كلّ آن و لحظة،و في كلّ حين و لحمة،ناميا دائما بدوامه،و جاريا باقيا ببقائه،و صلوات اللّه و تحياته و بركاته على جميع الأنبياء و المرسلين،و الأولياء و الصالحين و على الملائكة كلّهم أجمعين.ثم صلوات اللّه و صلوات ملائكته و صلوات أنبيائه و رسله و جميع خلقه على محمد و على آله و السّلام عليه و عليهم و رحمة اللّه و بركاته.

اللّهم اجعلنا من الذين قلت في شأنهم:

«و آخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين»

تم و لمّا كان سبب تأليف كتاب أجمع الفوائد و كتاب مشرق الاكوان و كتاب ينابيع المودة لاهل العباء عليهم سلام اللّه ربنا الأعلى ظل مرحمة ذي الشوكة و الاحتشام و ولي النعمة و الانعام مكرم ارباب العلم و العرفان و مروج اصحاب التحقيق و البرهان السلطان عبد العزيز خان لا زالت ظلال رأفته على المسلمين متزايدة و عدله و ترحمه على الناس جارية و ظل تعطفه على رءوس الخلائق شاملة و آثاره الخيرات بين العباد باقية اللّهم كما جعلت هذا الكتابا.

ص: 461


1- مر تخريجها.

نتيجة من نتائج بره و ألطافه و ثمرة من ثمار عدله و انصافه و أثرا من آثار خيره و احسانه و فائدة من فوائد أيام أمنه و أمانه اجعلها يا رب العالمين نافعة للصالحين من العباد و منتشرة في البلاد متداولة بين العباد و باقية الى يوم الفصل و الميعاد.

ص: 462

فهرس ما في هذا الجزء

الموضوع الصفحة الباب الستون:

في الأحاديث الواردة في شهادة الحسين عليه السّلام 7

الباب الحادي و الستون:

في إيراد ما في الكتاب المسمى ب«مقتل أبي مخنف»الذي ذكر فيه شهادة الحسين و أصحابه مفصّلا:53

خروج الحسين عليه السّلام من المدينة 54

مقتل مسلم بن عقيل رضي اللّه عنه 57

خروج الحسين عليه السّلام من مكة 59

كتاب الحسين عليه السّلام الى اهل الكوفة 61

اعتراض الحر 62

واقعة الطف 66

مقتل العباس 67

وعظ الحسين عليه السّلام و أصحابه لأهل الكوفة 68

الاستعداد للحرب 70

مقتل أصحاب الحسين عليه السّلام 71

وداع الحسين عليه السّلام 79

ص: 463

مقتل الحسين عليه السّلام 80

بلوغ خبر مقتل الحسين للنساء و بكاؤهن 84

دخول السبايا الى الكوفة 86

في مجلس ابن زياد 87

السبايا في طريقها الى الشام 88

أخذ الراهب لرأس الحسين عليه السّلام و إعلان إسلامه 90

دخول السبايا على يزيد 91

الرجوع الى كربلاء 92

دخول المدينة المنورة 93

الباب الثاني و الستون:

في إيراد مدائح الامام الشافعي،و تفسير بعض الآيات،و الأحاديث الواردة في كثرة ثواب من بكى على الحسين و أهل بيته 97

الباب الثالث و الستون:

في إيراد ما في كتاب«الصواعق»من فضائل أئمة الهدى و أهل البيت الطيبين 105

الباب الرابع و الستون:

في ذكر رؤيا الشاعر ابن عنين فاطمة الزهراء عليها السّلام و كرامتها،و ذكر أبيات الامام زين العابدين، و أبيات الامام محمد الباقر عليه السّلام 133

الباب الخامس و الستون:

في إيراد ما في كتاب«فصل الخطاب»من الفضائل للسيد الكامل المحدث العالم محمد خواجة بارساي البخاري 137

الباب السادس و الستون:

في إيراد ما في«جواهر العقدين»من القصص العجيبة و بركات أهل البيت النبوي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للعلاّمة

ص: 464

السيد الشريف نور الدين علي السمهودي المصري 175

الباب السابع و الستون:

في إيراد بعض ما في«درّة المعارف»للشيخ الامام عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد البسطامي 195

الباب الثامن و الستون:

في إيراد بعض ما في كتاب«الدر المنظم»للشيخ الامام كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة الحلبي 203

الباب التاسع و الستون:

في إيراد ما في كتاب«الدر المكنون و الجوهر المصون لحلّ الصحيفات الجفرية بالقواعد الجعفرية» للشيخ محي الدين العربي 221

الباب السبعون:

في إيراد ما أخرجه صاحب كتاب«المطالب العالية»من تعريف الاشياع و الاتباع لأهل البيت، و إيراد كلام السلف في تفضيل الخلفاء بعضا على بعض 225

الباب الحادي و السبعون:

في إيراد ما في كتاب«المحجة فيما نزل في القائم المحجة»للسيد هاشم بن سليمان بن اسماعيل الحسيني البحراني 235

الباب الثاني و السبعون:

في الأحاديث التي ذكرها صاحب«مشكاة المصابيح»255

الباب الثالث و السبعون:

في الأحاديث التي ذكرها صاحب«جواهر العقدين»261

الباب الرابع و السبعون:

في إيراد الكلمات القدسية لعلي عليه السّلام التي ذكرها في شأن المهدي(عج)في كتاب«نهج البلاغة»

ص: 465

في خطاباته 271

الباب الخامس و السبعون:

في ذكر شدّة إصابة أهل البيت الطيبين حتى يظهر القائم(عج)277

الباب السادس و السبعون:

في بيان الأئمة الاثني عشر بأسمائهم 281

الباب السابع و السبعون:

في تحقيق حديث بعدي اثنا عشر خليفة 289

الباب الثامن و السبعون:

في إيراد ما في كتاب«فرائد السمطين»و غيره 295

الباب التاسع و السبعون:

في ذكر ولادة القائم المهدي(عج)و زايجة ولادته و زايجة عيسى عليه السّلام 301

الباب الثمانون:

في قصة كلام الامام علي الرضا و الامام جعفر الصادق عليهما السّلام في شأن القائم المهدي(عج)309 الباب الحادي و الثمانون:

في خوارق المهدي و كراماته التي ظهرت للناس 313

الباب الثاني و الثمانون:

في بيان الامام أبو محمد الحسن العسكري أرى ولده القائم المهدي لخواص مواليه و أعلمهم أنّ الامام من بعده ولده عليه السّلام 323

الباب الثالث و الثمانون:

في بيان من رأى صاحب الزمان المهدي(عج)بعد غيبته الكبرى 329

الباب الرابع و الثمانون:

في إيراد أقوال أهل اللّه من أصحاب الشهود و الكشوف و علماء الحروف في بيان المهدي

ص: 466

الموعود(عج)337

الباب الخامس و الثمانون:

في إيراد بعض ما في كتاب«إسعاف الراغبين»للشيخ علامة زمانه و فريد أوانه محمد الصبان المصري 343

الباب السادس و الثمانون:

في إيراد أقوال ممّن صرح من علماء الحروف و المحدثين أن المهدي الموعود ولد الامام الحسن العسكري عليه السّلام 347

الباب السابع و الثمانون:

في إيراد بعض أشعار أهل اللّه الكاملين في مدائح الأئمة الاثني عشر الهادين:و كلام سعد الدين الحموي 349

الباب الثامن و الثمانون:

في الأحاديث الواردة في طلوع الشمس من المغرب،و كون أرض العرب مروجا و أنهارا،و كون «سيحان»و«جيحان»و«الفرات»و«النيل»من أنهار الجنّة،و كون طبائع الناس متوافقة من غير الحسد و المخالفة 355

الباب التاسع و الثمانون:

في كلمات أئمة أهل البيت في وصف الامام المهدي(عج)359

الباب التسعون:

في إيراد خطبة الحسن بن علي عليهم السّلام 363

الباب الحادي و التسعون:

في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ و بعض كلمات علي عليه السّلام 371

الباب الثاني و التسعون:

في إيراد جواب المأمون الخليفة العباسي عن سؤال أقربائه حين يبايع علي الرضا عليه السّلام 375

ص: 467

الباب الثالث و التسعون:

في ذكر خليفة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع أوصيائه 377

الباب الرابع و التسعون:

في إيراد ما في كتاب«غاية المرام»الذي جمع فيه الأحاديث الواردة في المهدي الموعود(عج)383

الباب الخامس و التسعون:

في تفسير قوله تعالى أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ ،و في تفسير عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ و كلام الخضر عليه السّلام 401

الباب السادس و التسعون:

في ذكر بشارة عيسى بن مريم عليه السّلام بنبوة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بوصيّة علي عليه السّلام و ذكره المهدي(عج) و خطبته 405 الباب السابع و التسعون:

في إيراد كلام أمير المؤمنين علي عليه السّلام في تمييز الأحاديث الصحيحة 409

الباب الثامن و التسعون:

في إيراد بعض الأدعية و المناجاة من الصحيفة الكاملة للامام الهمام زين العابدين و هي زبور أهل البيت الطيبين 411

الباب التاسع و التسعون:

في إيراد الكلمات الحكمية و المقالات الروحية و الجواهر القدسية و المعارف الربانية من المواعظ و النصائح و الوصايا لأمير المؤمنين علي عليه السّلام 431

الباب المكمل للمائة:

في فضائل الأئمة من أهل البيت الطيبين 449

الخاتمة 457

ص: 468

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.