الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام المجلد 10

اشارة

الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام

نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی

ناشر: مؤسسة التاريخ العربي

مکان نشر: لبنان - بيروت

سال نشر: 2009م , 1430ق

چاپ:1

موضوع:اسلام، تاریخ

زبان :عربی

تعداد جلد: 20

کد کنگره : /ع5ص3 41/4 BP

ص: 1

اشارة

ص: 2

الجزء العاشر(الأخبار بشهادة الحسين عليه السّلام و نصرته و عذاب و لعن خاذله)

إخبار اللّه تعالى أنبياءه و نبينا بشهادة الإمام الحسين

سعد بن عبد اللّه قال:سألت القائم عليه السّلام عن تأويل كهيعص قال عليه السّلام:هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع اللّه عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد عليه و آله السلام، و ذلك أن زكريا سأل اللّه ربه أن يعلّمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل عليه السّلام فعلّمه إياها،فكان زكريا إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن عليهم السلام سري عنه همه،و انجلى كربه،و إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة،و وقعت عليه البهرة، فقال عليه السّلام ذات يوم:إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي،و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي؟فأنبأه اللّه تبارك و تعالى عن قصته فقال:كهيعص،فالكاف اسم كربلا،و الهاء هلاك العترة الطاهرة،و الياء يزيد و هو ظالم الحسين،و العين عطشه،و الصاد صبره.

فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام،و منع فيهن الناس من الدخول عليه،و أقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه:إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟ إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما.

ثم كان يقول:إلهي ارزقني ولدا تقربه عيني على الكبر،فإذا رزقتنيه فافتني بحبه،ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده،فرزقه اللّه يحيى وفجعه به، و كان حمل يحيى ستة أشهر،و حمل الحسين عليه السّلام كذلك،الخبر (1).

بيان:سري عنه همه بضم السين و كسر الراء المشددة:انكشف و البهرة بالضم

ص: 3


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 1،و الاحتجاج:239.

تتابع النفس،و زفر:أخرج نفسه بعد مده إياه،و الزفرة و يضم التنفس كذلك.

عن ابن المتوكل،عن محمد العطار،عن ابن عيسى،عن علي بن الحكم،عن عمر بن حفص،عن زياد بن المنذر،عن سالم بن أبي جعدة قال:سمعت كعب الاحبار يقول:إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول اللّه يقتل و لا يجف عرق دواب أصحابه حتى يدخلوا الجنة فيعانقوا الحور العين،فمر بنا الحسن عليه السّلام فقلنا:

هو هذا؟

قال:لا،فمر بنا الحسين فقلنا:هو هذا؟

قال:نعم (1).

أبي،عن سعد،عن ابن أبي الخطاب،عن نصر بن مزاحم،عن عمر بن سعد، عن أبي شعيب التغلبي،عن يحيى بن يمان،عن إمام لبني سليم،عن أشياخ لهم قالوا:غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا:

أيرجو معشر قتلوا حسينا شفاعة جده يوم الحساب

قالوا:فسألنا منذكم هذا في كنيستكم؟قالوا:قبل أن يبعث نبيكم بثلاث مائة عام (2).

قال عفر بن نما في مثير الاحزان:روى النطنزي،عن جماعة،عن سليمان الاعمش قال:بينا أنا في الطواف أيام الموسم إذا رجل يقول:اللهم اغفرلي و أنا أعلم أنك لا تغفر،فسألته عن السبب فقال:كنت أحد الاربعين الذين حملوا رأس الحسين إلى يزيد على طريق الشام،فنزلنا أول مرحلة رحلنا من كربلا على دير للنصارى و الرأس مركوز على رمح،فوضعنا الطعام و نحن نأكل إذا بكف على حائط الدير يكتب عليه بقلم حديد سطرا بدم.3.

ص: 4


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 2،و أمالي الصدوق المجلس 29 الرقم 4.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 3.

أترجوا أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب.

فجزعنا جزعا شديدا و أهوى بعضنا إلى الكف ليأخذه فغابت،فعاد أصحابي.

و حدّث عبد الرحمان بن مسلم،عن أبيه أنه قال:غزونا بلاد الروم فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من القسطنطينية و عليها شيء مكتوب فسألنا أناسا من أهل الشام يقرأون بالرومية فإذا هو مكتوب هذا البيت.

و ذكر أبو عمرو الزاهد في كتاب الياقوت قال:قال عبد اللّه بن الصفار صاحب أبي حمزة الصوفي:غزونا غزاة و سبينا سبيا و كان فيهم شيخ من عقلاء النصارى فأكرمناه و أحسنا إليه فقال لنا:أخبرني أبي،عن آبائه أنهم حفروا في بلاد الروم حفرا قبل أن يبعث[محمد]العربي بثلاث مائة سنة فأصابوا حجرا عليه مكتوب بالمسند هذا البيت:

أترجو عصبة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب

و السند كلام أولاد شيث عليه السّلام (1).

أبي،عن حبيب بن الحسين التغلبي،عن عباد بن يعقوب،عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (2)قال:كان النبي صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم سلمة فقال لها:لا يدخل علي أحد فجاء الحسين عليه السّلام و هو طفل فما ملكت معه شيئا حتى دخل على النبي فدخلت أم سلمة على أثره فإذا الحسين على صدره و إذا النبي يبكي و إذا في يده شيء يقلبه.

فقال النبي:يا أم سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني أن هذا مقتول و هذه التربة التي يقتل عليها فضعيه عندك،فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي،فقالت أم سلمة:يا رسول اللّه سل اللّه أن يدفع ذلك عنه؟م.

ص: 5


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 4.
2- في المصدر:عن أبي جعفر عليه السّلام.

قال:قد فعلت فأوحى اللّه عز و جل إلي أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين، و أن له شيعة يشفعون فيشفعون،و أن المهدي من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين و شيعته هم و اللّه الفائزون يوم القيامة (1).

عن ابن عبدوس،عن ابن قتيبة،عن الفضل قال:سمت الرضا عليه السّلام يقول:لما أمر اللّه عز و جل إبراهيم عليه السّلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنّى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده و أنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده،فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى اللّه عز و جل إليه:يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟

فقال:يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد،فأوحى اللّه إليه:أفهو أحب إليك أم نفسك؟

قال:بل هو أحب إلي من نفسي،قال:فولده أحب إليك أم ولدك؟

قال:بل ولده،قال:بذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟

قال:يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال:يا إبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من أمة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا كما يذبح الكبش،و يستوجبون بذلك سخطي،فجزع إبراهيم لذلك و توجّع قلبه و أقبل يبكي،فأوحى اللّه عز و جل:يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين و قتله،و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب و ذلك قول اللّه عز و جل: وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (2).

ص: 6


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 5،و المصدر المجلس 29 تحت الرقم 3.
2- سورة الصافات:107،بحار الأنوار:229/40-237 ح 6،و الحديث في عيون أخبار الرضا عليه السّلام باب 17،ج 209/1.

أقول:قد أورد على هذا الخبر إعضال و هو أنه إذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين عليه السّلام لا يكون المفدى عنه أجلّ رتبة من المفدى به فإن أئمتنا صلوات اللّه عليهم أشرف من أولي العزم عليهم السلام فكيف من غيرهم؟مع أن الظاهر من استعمال لفظ الفداء،التعويض عن الشيء بما دونه في الخطر و الشرف.و أجيب بأن الحسين عليه السّلام لما كان من أولاد إسماعيل فلو كان ذبح إسماعيل لم يوجد نبينا و كذا سائر الائمة و سائر الأنبياء عليهم السلام من ولد إسماعيل عليه السّلام فإذا عوّض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه و أولاده و هو الحسين عليه السّلام فكأنه عوّض عن ذبح الكل و عدم وجودهم بالكلية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه و لا شك في أن مرتبة كل السلسلة أعظم و أجل من مرتبة الجزء بخصوصه.

و أقول:ليس في الخبر أنه فدى إسماعيل بالحسين،بل فيه أنه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل،بجزعه على الحسين عليه السّلام،و ظاهر أن الفداء على هذا ليس على معناه بل المراد التعويض،و لما كان أسفه على مافات منه من ثواب الجزع على ابنه، عوضّه اللّه بما هو أجل و أشرف و أكثر ثوابا،و هو الجزع على الحسين عليه السّلام.

و الحاصل أن شهادة الحسين عليه السّلام كان أمرا مقررا و لم يكن لرفع قتل إسماعيل حتى يرد الإشكال،و على ما ذكرنا فالآية تحتمل وجهين:الأول أن يقدر مضاف، أي فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن و الثاني أن يكون الباء سبيية أي فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه و على التقديرين لا بد من تقدير مضاف أو تجوز في إسناد في قوله«فديناه و اللّه يعلم.

عن الصفار،عن ابن يزيد،عن ابن أبي عمير و محمد بن سنان،عمن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن إسماعيل الذي قال اللّه عز و جل في كتابه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ1.

ص: 7

إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا (1) لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الأنبياء،بعثه اللّه عز و جل إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه،فأتاه ملك فقال:إن اللّه جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت،فقال:لي أسوة بما يصنع بالحسين عليه السّلام (2).

عن أبي،عن سعد،عن ابن عيسى و ابن أبي الخطاب و ابن يزيد جميعا عن محمد ابن سنان مثله.

عن أبي،عن سعد،عن ابن يزيد،عن محمد بن سنان،عن عمار بن مروان عن سماعة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أن إسماعيل كان رسولا نبيا سلّط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه و فروة رأسه،فأتاه رسول من رب العالمين فقال له:

ربك يقرئك السلام و يقول:قد رأيت ما صنع بك،و قد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت،فقال:يكون لي بالحسين بن علي أسوة (3).

عن أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،و ابن أبي الخطاب و ابن يزيد جميعا،عن محمد بن سنان مثله.

عن محمد بن الحسن،عن أبيه،عن جده،عن علي بن مهزيار،عن محمد بن سنان،عمن ذكره،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله (4).

عن ابن حشيش،عن أبي المفضل الشيباني،عن محمد بن علي بن معمر عن ابن أبي الخطاب،عن ابن أبي عمير و محمد بن سنان،عن هارون بن خارجة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:بينا الحسين عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذ8.

ص: 8


1- سورة مريم:54،و الحديث في المصدر ج 1 ص 73.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 7.
3- علل الشرائع ج 1 ص 73 و 74.
4- بحار الأنوار:229/40-237 ح 8.

أتاه جبرئيل فقال:يا محمد أتحبه؟

قال:نعم،قال:أما إن أمتك ستقتله فحزن رسول اللّه لذلك حزنا شديدا فقال جبرئيل:أيسرك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟

قال:نعم،قال:فخسف جبرئيل ما بين مجلس رسول اللّه إلى كربلا حتى التقت القطعتان هكذا و جمع بين السبابتين فتناول بجناحيه من التربة فناولها رسول اللّه صلىّ اللّه عليه و آله ثم دحيت الأرض أسرع من طرف العين،فقال رسول اللّه:طوبى لك من تربة،و طوبى لمن يقتل فيك.

محمد بن جعفر الرزاز،عن محمد بن الحسين،عن محمد بن سنان مثله (1).

بيان:أقول قد بينت معنى التقاء القطعتين في باب أحوال بلقيس في كتاب النبوة (2).

عن محمد بن مسلمة،عن يونس بن أرقم،عن الاعمش،عن سالم بن أبي الجعد عن أنس بن مالك أن عظيما من عظاماء الملائكة استأذن ربه عز و جل في زيارة النبي فأذن له فبينما هو عنده إذ دخل عليه الحسين فقبله النبي و أجلسه في حجره فقال له الملك:أتحبه؟ض.

ص: 9


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 9.
2- عنه،عن أبي المفضل،عن ابن عقدة،عن إبراهيم بن عبد اللّه النحوي قال قدس سره في باب قصة سليمان مع بلقيس تحت الرقم 11،ج 14 ص 115،من الطبعة الحديثة:ظاهر اكثر تلك الأخبار ان الأرض التى كانت بينه و بين السرير انخسفت و تحركت الأرض التى كان السرير عليها،حتى أحضرته عنده. فإن قيل:كيف انخسفت الابنية التى كانت عليها؟قلنا:يحتمل أن تكون تلك الابنية تحرك بأمره تعالى يمينا و شمالا،و كذا ما عليها من الحيوانات و الاشجار و غيرها.و يمكن أن يكون حركة السرير من تحت الأرض بأن غار في الأرض و طويت و تكاثفت الطبقة التحتانية حتى خرج من تحت سريره ثم دحيت تلك الطبقة من تحت الأرض.

قال:أجل أشد الحب إنه ابني،قال له:إن أمتك ستقتله قال:أمتي تقتل ولدي؟

قال:نعم،و إن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها قال:نعم،فأراه تربة حمراء طيبة الريح،فقال:إذا صارت هذه التربة دما عبيطا فهو علامة قتل ابنك هذا.

قال سالم بن أبي الجعد:أخبرت أن الملك كان ميكائيل عليه السّلام (1).

عنه عن أبي المفضل،عن هاشم بن نقية الموصلي،عن جعفر بن محمد بن جعفر المدائني،عن زياد بن عبد اللّه المكاري،عن ليث بن أبي سليم،عن عبد اللّه المازني،عن زيد مولى زينب بنت جحش قالت:كان رسول اللّه ذات يوم عندي نائما فجاء الحسين فجعلت أعلله مخافة أن يوقظ النبي فغفلت عنه فدخل و أتبعته فوجدته قد قعد على بطن النبي صلّى اللّه عليه و اله فوضع زبيته في سرة النبي فجعل يبول عليه.

فأردت أن آخذه عنه فقال رسول اللّه:دعي ابني يا زينب حتى يفرغ من بوله،فلما فرغ توضأ النبي صلّى اللّه عليه و اله و قام يصلي فلما سجد ارتحله الحسين فلبث النبي صلّى اللّه عليه و آله حتى نزل فلما قام عاد الحسين فحمله حتى فرغ من صلاته.فبسط النبي يده و جعل يقول:أرني أرني يا جبرئيل،فقلت:يا رسول اللّه فقد رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك صنعته قط قال:نعم،جاءني جبرئيل فعزاني في ابني الحسين و أخبرني أن أمتي تقتله و أتاني بتربة حمراء.

فقال زياد بن عبد اللّه:أنا شككت في اسم الشيخ حدير أو حدمر بن عبد اللّه (2)و قد أثنى عليه ليث خيرا و ذكر من فضله (3).

من تاريخ محمد النجار شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصرية بإسناد مرفوع1.

ص: 10


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 10.
2- لم نر في كتب الرجال من يسمى حدمر نعم في القاموس:الحذمر بالكسر القصير،و لعل الصواب هو الأول حدير بالتصغير كما في الاصابة،و لعله أبو فوزة السلمى فراجع.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 11.

إلى أنس بن مالك،عن النبي صلّى اللّه عليه و اله أنه قال:لما أراد اللّه أن يهلك قوم نوح أوحى إليه أن شق ألواح الساج،فلما شقّها لم يدر ما يصنع بها.

فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة و معه تابوت به مائة ألف مسمار و تسعة و عشرون ألف مسمار فسمّر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأشرق بيده،و أضاء كما يضيئ الكوكب الدري في أفق السماء فتحير نوح،فأنطق اللّه المسمار بلسان طلق ذلق:أنا على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

فهبط جبرئيل فقال له:يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟

فقال:هذا باسم سيد الأنبياء محمد بن عبد اللّه أسمره على أولها على جانب السفينة الايمن،ثم ضرب بيده إلى مسمار ثان فأشرق و أنار فقال نوح:و ما هذا المسمار؟

فقال:هذا مسمار أخيه و ابن عمه سيد الاوصياء علي بن أبي طالب فأسمره على جانب السفينة الايسر في أولها،ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر و أشرق و أنار فقال جبرئيل:هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسمار أبيها،ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر و أنار،فقال جبرئيل:هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه،ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر و أنار و أظهر النداوة فقال جبرئيل:هذا مسمار الحسين فأسمره إلى جانب مسمار أبيه،فقال نوح:يا جبرئيل ما هذه النداوة؟

فقال:هذا الدم فذكر قصة الحسين عليه السّلام و ما تعمل الامة به،فلعن اللّه قاتله و ظالمه و خاذله (1).

عنه عن أبي المفضل،عن العباس بن خليل،عن محمد بن هاشم،عن سويد بن2.

ص: 11


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 12.

عبد العزيز،عن داود بن عيسى الكوفي،عن عمارة بن عرية،عن محمد بن إبراهيم التيمي،عن أبي سلمة،عن عائشة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أجلس حسينا على فخذه و جعل يقبله،فقال جبرئيل:أتحب ابنك هذا؟

قال:نعم،قال:فإن أمتك ستقتله بعدك،فدمعت عينا رسول اللّه فقال له:إن شئت أريتك من تربته التي يقتل عليها؟

قال:نعم،فأراه جبرئيل ترابا من تراب الأرض التي يقتل عليها و قال:تدعى الطف (1).

عنه،عن الحسين بن الحسن بن عامر،عن محمد بن دليل بن بشر عن علي بن سهل،عن مؤمل،عن عمارة بن زاذان،عن ثابت،عن أنس أن ملك المطر استأذن أن يأتي رسول اللّه فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله لأم سلمة:أملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد فجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب حتى دخل فجعل يثب على منكبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يقعد عليهما.

فقال له الملك:أتحبه؟

قال:نعم،قال،فإن أمتك ستقتله،و إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه،فمد يده فإذا طينة حمراء.فأخذتها أم سلمة فصيرتها إلى طرف خمارها قال ثابت:

فبلغنا أنه المكان الذي قتل به بكربلا (2).

محمد بن جعفر الرزاز،عن ابن أبي الخطاب،عن محمد بن سنان عن سعيد بن يسار أو غيره قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام:يقول:لما أن هبط جبرئيل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بقتل الحسين،أخذ بيد علي فخلابه مليا من النهار فغلبتهما عبرة فلم يتفرقا حتى هبط عليهما جبرئيل أو قال:رسول اللّه رب العالمين،فقال لهما:ربكما4.

ص: 12


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 13.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 14.

يقرئكما السلام و يقول:قد عزمت عليكما لما صبرتما قال:فصبرا (1).

عن أبي،عن سعد،عن ابن يزيد،عن ابن سنان،عن سعيد مثله (2).

عن أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،عن الوشاء،عن أحمد بن عائذ عن سالم بن مكرم،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لما حملت فاطمة بالحسين عليه السّلام جاء جبرئيل إلى رسول اللّه فقال:إن فاطمة ستلد ولدا تقتله أمتك من بعدك،فلما حملت فاطمة الحسين كرهت حمله و حين وضعته كرهت وضعه ثم قال أبو عبد اللّه عله السلام:

هل رأيتم في الدنيا أما تلد غلاما فتكرهه و لكنها كرهته لأنها علمت أنه سيقتل قال:

و فيه نزلت هذه الآية: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (3).

بيان:قوله عليه السّلام لما حملت لعل المعنى قرب حملها أو المراد بقوله«جاء جبرئيل»مجيئه قبل ذلك أو بقوله حملت ثانيا شعرت به و لعله على هذا التأويل الباء في قوله بوالديه للسببية،و حسنا مفعول وصينا و في بعض القراءات حسنا بالتحريك فهو صفة لمصدر محذوف أي إيصاء حسنا،فعلى هذا يحتمل أن يكون المراد بقوله وصينا جعلناه وصيا قال في مجمع البيان:قرأ أهل الكوفة إحسانا و الباقون حسنا و روي عن علي عليه السّلام و أبي عبد الرحمان السمني حسنا بفتح الحاء و السين انتهى.و الوالدان رسول اللّه و أمير المؤمنين كما في سائر الأخبار و يحتمل الظاهر أيضا.

محمد بن جعفر الرزاز،عن ابن أبي الخطاب،عن محمد بن عمرو بن سعيد،عن6.

ص: 13


1- المصدر ص 55 و هكذا ما يليه.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 15.
3- سورة الأحقاف:15،بحار الأنوار:229/40-237 ح 16،و الحديث في كامل الزيارات ص 55 و 56.

رجل من أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أن جبرئيل نزل على محمد صلّى اللّه عليه و اله فقال:يا محمد إن اللّه يقرأ عليك السلام،و يبشرك بمولود يولد من فاطمة عليها السّلام تقتله أمتك من بعدك،فقال:يا جبرئيل و على ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمتي من بعدي،قال:فعرج جبرئيل ثم هبط فقال له مثل ذلك فقال:يا جبرئيل و على ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي فعرج جبرئيل إلى السماء ثم هبط فقال له:يا محمد إن ربك يقرئك السلام و يبشرك أنه جاعل في ذريته الامامة و الولاية و الوصية فقال:قد رضيت.

ثم أرسل إلى فاطمة:أن اللّه يبشرني بمولود يولد منك تقتله أمتي من بعدي فأرسلت إليه:أن لا حاجة لي في مولود يولد مني تقتله أمتك من بعدك فأرسل إليها أن اللّه جاعل في ذريته الامامة و الولاية و الوصية فأرسلت إليه أني قد رضيت حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي (1)فلو أنه قال:أصلح لي ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة.

و لم يرضع الحسين عليه السّلام من فاطمة و لا من أنثى و لكنه كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين و الثلاثة،فينبت لحم الحسين من لحم رسول اللّه،و دمه،و لم يولد مولود لستة أشهر إلا عيسى ابن مريم و الحسين بن علي عليهم السلام (2).

عن سعد،عن محمد بن حماد،عن أخيه أحمد،عن محمد بن عبد اللّه،عن أبيه قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:أتى جبرئيل رسول اللّه فقال له:السلام عليك يا7.

ص: 14


1- سورة الأحقاف:15 و الحديث في المصدر ص 57.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 17.

محمد ألا أبشرك بغلام تقتله أمتك من بعدك؟

فقال:لا حاجة لي فيه[قال:فانقض إلى السماء ثم عاد إليه الثانية فقال مثل ذلك فقال:لا حاجة لي فيه فانعرج إلى السماء ثم انقض عليه الثالثة فقال له مثل ذلك فقال:

لا حاجة لي فيه] (1).

فقال:إن ربك جاعل الوصية في عقبه فقال:نعم.

ثم قام رسول اللّه فدخل على فاطمة فقال لها:إن جبرئيل أتاني فبشرني بغلام تقتله أمتي من بعدي فقالت:لا حاجة لي فيه،فقال لها:إن ربي جاعل الوصية في عقبه فقالت:نعم،إذن.

قال:فأنزل اللّه تبارك و تعالى عند ذلك هذه الآية فيه حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً لموضع إعلام جبرئيل إياها بقتله،فحملته كرها بأنه مقتول،و وضعته كرها لأنه مقتول (2).

عن أبي و ابن الوليد معا،عن الصفار،عن ابن عيسى،عن ابن فضال عن ابن بكير،عن بعض أصحابنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:دخلت فاطمة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عيناه تدمع فسألته مالك؟

فقال:إن جبرئيل أخبرني أن أمتي تقتل حسينا،فجزعت و شق عليها،فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها و سكنت (3).

عن ابن الوليد،عن سعد،عن اليقطيني،عن صفوان،عن الحسين بن أبي غندر، عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام:زارنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد أهدت لنا أم أيمن لبنا و زبدا و تمرا فقدّمنا منه فأكل ثم قام إلى9.

ص: 15


1- ما بين العلامتين ساقط عن نسخة الكمبانى.راجع المصدر ص 56.
2- بحار الأنوار:229/40 الى ص 237 ح 18.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 19.

زاوية البيت فصلى ركعات فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا فلم يسأله أحد منا إجلالا و إعظاما له.

فقام الحسين في حجره و قال له:يا أبه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشيء كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء غمنا فما أبكاك؟

فقال:يا بني أتاني جبرئيل عليه السّلام آنفا فأخبرني أنكم قتلى،و أن مصارعكم شتى فقال:يا أبه فما لمن يزور قبورنا،على تشتتها؟

فقال:يا بني أولئك طوائف من أمتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة،و حقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتى أخلّصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم و يسكنهم اللّه الجنة (1).

الحسين بن إبراهيم القزويني،عن محمد بن وهبان،عن علي بن حبيش عن ا لعباس بن محمد بن الحسين،عن أبيه،عن صفوان مثله.

ابن الوليد،عن محمد بن أبي القاسم،عن محمد بن علي القرشي،عن عبيد بن يحيى الثوري،عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين،عن أبيه،عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:زارنا رسول اللّه ذات يوم فقدمنا إليه طعاما و أهدت إلينا أم أيمن صحفة من تمر وقعبا من لبن و زبد،فقدّمنا إليه فأكل منه فلما فرغ قمت فسكبت على يده ماء فلما غسل يده مسح وجهه و لحيته ببلة يديه ثم قام إلى مسجد في جانب البيت فخر ساجدا فبكى فأطال البكاء ثم رفع رأسه فما اجترأ منا أهل البيت أحد يسأله عن شيء.

فقام الحسين يدرج حتى يصعد على فخذي رسول اللّه فأخذ برأسه إلى صدره و وضع ذقنه على رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم قال:يا أبه ما يبكيك؟

فقال:يا بني إني نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم مثله قط،0.

ص: 16


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 20.

فهبط إلي جبرئيل فأخبرني أنكم قتلى،و أن مصارعكم شتى،فحمدت اللّه على ذلك، و سألته لكم الخيرة.

فقال له:يا أبه!فمن يزور قبورنا و يتعاهدها على تشتتها؟

قال:طوائف من أمتي يريدون بذلك بري وصلتي،أتعاهدهم في الموقف و آخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله و شدائده (1).

أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،عن الاهوازي،عن النضر،عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة،عن أبي بصير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن جبرئيل أتى رسول اللّه و الحسين يلعب بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأخبره أن أمته ستقتله،قال:

فجزع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:ألا اريك التربة التي يقتل فيها؟

قال:فخسف ما بين مجلس رسول اللّه إلى المكان الذي قتل فيه حتى التقت القطعتان فأخذ منها و دحيت في أسرع من طرفة العين فخرج (2)و هو يقول:طوبى لك من تربة و طوبى لمن يقتل حولك.

قال:و كذلك صنع صاحب سليمان تكلم باسم اللّه الاعظم فخسف ما بين سرير سليمان و بين العرش من سهولة الأرض و حزونتها حتى التقت القطعتان فاجتر العرش قال سليمان:يخيل إلي أنه خرج من تحت سريري قال:و دحيت في أسرع من طرفة العين (3).

أبي،عن سعد،عن محمد بن عبد الحميد،عن أبي جميلة،عن زيد الشحام،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:نعى جبرئيل عليه السّلام الحسين عليه السّلام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم2.

ص: 17


1- كامل الزيارات ص 58،و بحار الأنوار:229/40-237 ح 21.
2- كذا في نسخة الأصل نسخة المصنف و هكذا المصدر ص 59 و فى نسخة كمباني:فجزع و هو تصحيف.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 22.

سلمة فدخل عليه الحسين و جبرئيل عنده،فقال:إن هذا تقتله أمتك فقال رسول اللّه:

أرني من التربة التي يسفك فيها دمه،فتناول جبرئيل قبضة من تلك التربة فإذا هي تربة حمراء (1).

أبي،عن سعد،عن علي بن إسماعيل و ابن أبي الخطاب و ابن هاشم جميعا،عن عثمان بن عيسى،عن سماعة،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله و زاد فيه:فلم تزل عند أم سلمة حتى ماتت رحمها اللّه (2).

أبي،عن سعد،عن محمد بن الوليد الخزاز،عن حماد بن عثمان عن عبد الملك ابن أعين قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إن رسول اللّه كان في بيت أم سلمة و عنده جبرئيل فدخل عليه الحسين فقال له جبرئيل:إن أمتك تقتل ابنك هذا،ألا اريك من تربة الأرض التي يقتل فيها؟

فقال رسول اللّه:نعم،فأهوى جبرئيل بيده و قبض قبضة منها فأراها النبي صلّى اللّه عليه و آله (3).

أبي،عن سعد،عن ابن عيسى،عن الوشاء،عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لما ولدت فاطمة الحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللّه فقال له:إن أمتك تقتل الحسين من بعدك،ثم قال:ألا اريك من تربتها؟فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراه إياها ثم قال:هذه التربة التي يقتل عليها (4).

أحمد بن عبد اللّه بن علي،عن جعفر بن سليمان،عن أبيه،عن عبد الرحمان الغنوي،عن سليمان قال:و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلى رسول اللّه يعزيه6.

ص: 18


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 23.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 24.
3- بحار الأنوار:229/40-237 ح 25.
4- بحار الأنوار:229/40-237 ح 26.

في ولده الحسين؟و يخبره بثواب اللّه إياه،و يحمل إليه تربته مصروعا عليها، مذبوحا مقتولا،طريحا مخذولا،فقال رسول اللّه:اللهم اخذل من خذله،و اقتل، و اذبح من ذبحه،و لا تمتعه بما طلب.

قال عبد الرحمان:و اللّه لقد عوجل الملعون يزيد،و لم يتمتع بعد قتله و لقد أخذ مغافصة بات سكرانا و أصبح ميتا متغيرا،كأنه مطلي بقار،أخذ على أسف و ما بقي أحد ممن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلا أصابه جنون أو جذام أو برص و صار ذلك وراثة في نسلهم لعنهم اللّه.

عن عبيد اللّه بن الفضل،عن جعفر بن سليمان مثله (1).

الحسين بن علي الزعفراني،عن محمد بن عمرو الاسلمي،عن عمرو بن عبد اللّه ابن عنبسة،عن محمد بن عبد اللّه بن عمرو،عن أبيه،عن ابن عباس قال:الملك الذي جاء إلى محمد صلّى اللّه عليه و اله يخبره بقتل الحسين كان جبرئيل الروح الامين منشور الاجنحة،باكيا صارخا قد حمل من تربته،و هو يفوح كالمسك فقال رسول اللّه:

و تفلح أمة تقتل فرخي؟أو قال:فرخ ابنتي؟

قال جبرئيل:يضربها اللّه بالاختلاف فيختلف قلوبهم.

عن عبيد اللّه بن الفضل بن هلال،عن محمد بن عمرة الاسلمي،عن عمر بن عبد اللّه بن عنبسة مثله (2).

محمد بن جعفر الرزاز،عن ابن أبي الخطاب،و أحمد بن الحسن بن فضال،عن الحسن بن فضال،عن مروان بن مسلم،عن بريد العجلي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

يا ابن رسول اللّه أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره اللّه في كتابه حيث يقول: وَ اذْكُرْ7.

ص: 19


1- بحار الأنوار:229/40-237 ح 27.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 27.

فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا (1) أكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم.

فقال عليه السّلام:إن إسماعيل مات قبل إبراهيم و إن إبراهيم كان حجة للّه قائدا صاحب شريعة فإلى من ارسل إسماعيل إذن؟

قلت:فمن كان جعلت فداك؟

قال ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي بعثه اللّه إلى قومه فكذبوه و قتلوه و سلخوا وجهه فغضب اللّه عليهم[له]فوجّه إليه سطاطائيل ملك العذاب فقال له:يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب وجّهني رب العزة إليك لأعذّب قومك بأنواع العذاب إن شئت فقال له إسماعيل:لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل.

فأوحى اللّه إليه فما حاجتك يا إسماعيل؟

فقال إسماعيل:يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية،و لمحمد بالنبوة، و لأوصيائه بالولاية،و أخبرت خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي عليهما السّلام من بعد نبيها،و إنك وعدت الحسين أن تكرّه إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به، فحاجتي إليك يا رب أن تكرّني إلى الدنيا حتى أنتقم ممن فعل ذلك بي ما فعل،كما تكرّ الحسين فوعد اللّه إسماعيل بن حزقيل ذلك،فهو يكرّ مع الحسين بن علي عليهما السّلام (2).

أبي،عن سعد،عن اليقطيني،عن محمد بن سنان،عن أبي سعيد القماط،عن ابن أبي يعفور،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في منزل فاطمة و الحسين في حجره إذ بكى و خر ساجدا ثم قال:يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي إلا على تراءى الي في بيتك هذا ساعتي هذه في أحسن صورة و أهيأ هيئة و قال لي:يا8.

ص: 20


1- سورة مريم:54.
2- بحار الأنوار:229/40-237 ح 28.

محمد أتحب الحسين؟

فقلت:نعم قرة عيني،و ريحانتي،و ثمرة فؤادي،و جلدة ما بين عيني،فقال لي:

يا محمد و وضع يده على رأس الحسين بورك من مولود عليه بركاتي و صلواتي و رحمتي و رضواني،و لعنتي و سخطي و عذابي و خزيي و نكالي على من قتله و ناصبه و ناوأه و نازعه،أما إنه سيد الشهداء من الأولين و الآخرين في الدنيا و الآخرة و سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين و أبوه أفضل منه و خير فأقرئه السلام و بشره بأنه راية الهدى،و منار أوليائي و حفيظي و شهيدي على خلقي و خازن علمي و حجتي على أهل السماوات و أهل الارضين و الثقلين الجن و الانس (1).

بيان:«إن العلي الاعلى»أي رسوله جبرئيل أو يكون الترائي كناية عن غاية الظهور العلمي،و حسن الصورة كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له،و وضع اليد كناية عن إفاضة الرحمة.

روى الاوزاعي،عن عبد اللّه بن شداد،عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالت:يا رسول اللّه رأيت الليلة حلما منكرا قال:و ما هو؟

قالت:إنه شديد،قال:و ما هو؟

قالت:رأيت كأن قطعة من جسدك قد قطعت و وضعت في حجري فقال رسول اللّه:خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك.

فولدت فاطمة عليهما السّلام الحسين عليه السّلام قالت:و كان في حجري كما قال رسول اللّه فدخلت به يوما على النبي فوضعته في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم حانت مني التفاتة، فإذا عينا رسول اللّه تهرقان بالدموع،فقلت:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه مالك؟

قال:أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي تقتل ابني هذا و أتاني بتربة حمراء من9.

ص: 21


1- المصدر ص 67،و بحار الأنوار:237/40-245 ح 29.

تربته (1).

روى سماك،عن ابن المخارق،عن أم سلمة قالت:بينا رسول اللّه ذات يوم جالسا و الحسين جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع،فقلت[له]يا رسول اللّه ما لي أراك تبكي جعلت فداك؟

قال:جاءني جبرئيل فعزاني بابني الحسين و أخبرني أن طائفة من أمتي تقتله، لا أنالها اللّه شفاعتي.

و روي بإسناد آخر عن أم سلمة رضي اللّه عنها أنها قالت:خرج رسول اللّه من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا،ثم جاءنا و هو أشعث أغبر،و يده مضمومة فقلت له:يا رسول اللّه ما لي أراك شعثا مغبرا؟

فقال:أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلا فأريت فيه مصرع الحسين ابني و جماعة من ولدي و أهل بيتي فلم أزل ألقط دماءهم فها هو في يدي و بسطها إلي فقال:خذيها فاحتفظي بها فأخذتها فإذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة و شددت رأسها و احتفظت بها.

فلما خرج الحسين عليه السّلام من مكة متوجها نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم و ليلة و أشمها و أنظر إليها ثم أبكي لمصابه،فلما كان[في]اليوم العاشر من المحرم و هو اليوم الذي قتل فيه عليه السّلام أخرجتها في أول النهار و هي بحالها ثم عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط فصحت في بيتي و بكيت و كظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسرعوا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت و اليوم حتى جاء الناعي ينعاه فحقق ما رأيت (2).1.

ص: 22


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 30،و إرشاد المفيد ص 234.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 31.

قال سعد بن أبي وقاص:إن قس بن ساعدة الأيادي (1)قال قبل مبعث النبي:

تخلف المقدار منهم عصبة ثاروا بصفين و في يوم الجمل و التزم الثار الحسين بعده و احتشدوا على ابنه حتى قتل (2).

بيان:«تخلف المقدار»أي جازوا قدرهم و تعدوا طورهم،أو كثروا حتى لا يحيط بهم مقدار و عدد،قوله:ثاروا من الثوران أو من الثأر من قولهم ثأرت القتيل أي قتلت قاتله،فإنهم كانوا يدّعون طلب دم عثمان و من قتل منهم في غزوات الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و يؤيده قوله:و التزم الثار أي طلبوا الثأر بعد ذلك من الحسين عليه السّلام لأجل من قتل منهم في الجمل و صفين و غير ذلك،أو المعنى أنهم قتلوه حتى لزم ثأره (3).

باسناده عن حذيفة،عن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال:لما أسري بي أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة،و أنا مسرور فإذا أنا بشجرة من نور مكللة بالنور،في أصلها ملكان يطويان الحلي و الحلل إلى يوم القيامة،ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أر تفاحا هو أعظم منه،فأخذت واحدة ففلقتها فخرجت علي منها حوراء كأن أجفانها مقاديم أجنحة النسور،فقلت:لمن أنت؟فبكت و قال:لابنك المقتول ظلما الحسين ابن علي بن أبي طالب.

ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد،و أحلى من العسل،فأخذت رطبة2.

ص: 23


1- هو قس بن ساعدة بن جذامة بن زفر بن اياد بن نزار الايادي،البليغ الخطيب المشهور،مات قبل البعثة و ذكره أبو حاتم السجستانى في المعمرين و قال انه عاش ثلاث مائة و ثمانين سنة،و قيل انه عاش ستمائة سنة و هو أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية،و أول من كتب من فلان إلى فلان و أول من توكأ على عصا في الخطبة،و أول من قال أما بعد،و في رواية ابن الكلبى انه قال في خطبة له:لو على الأرض دين افضل من دين قد أظلكم زمانه و أدرككم أوانه،فطوبى لمن أدركه فاتبعه، و ويل لمن خالفه،و فيه قال رسول اللّه يرحم اللّه قسا انى لارجو يوم القيامة أن يبعث أمة وحده.
2- مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 62.
3- بحار الأنوار:237/40-245 ح 32.

فأكلتها و أنا أشتهيها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي،فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة (1).

أقول:قد مضى كثير من الأخبار في ذلك في باب ولادته صلوات اللّه عليه.

و روي في بعض كتب المناقب المعتبرة،عن الحسن بن أحمد الهمداني عن أبي علي الحداد،عن محمد بن أحمد الكاتب،عن عبد اللّه بن محمد،عن أحمد بن عمرو، عن إبراهيم بن سعيد،عن محمد بن جعفر بن محمد،عن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن أبي سلمة،عن أبيه،عن جده،عن أم سلمة قالت:جاء جبرئيل إلى النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال:إن أمتك تقتله يعني الحسين بعدك ثم قال:ألا أريك من تربته؟

قالت:فجاء بحصيات فجعلهن رسول اللّه في قارورة فلما كان ليلة قتل الحسين قالت أم سلمة:سمعت قائلا يقول:أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب و التنكيل قد لعنتم على لسان داود و موسى و صاحب الانجيل قالت:فبكيت ففتحت القارورة فإذا قد حدث فيها دم (2).

و روي في مؤلفات بعض الاصحاب عن أم سلمة قالت:دخل رسول اللّه ذات يوم و دخل في أثره الحسن و الحسين عليهما السّلام و جلسا إلى جانبيه فأخذ الحسن على ركبته اليمني،و الحسين على ركبته اليسرى،و جعل يقبل هذا تارة و هذا اخرى و إذا بجبرئيل قد نزل و قال:يا رسول اللّه إنك لتحب الحسن و الحسين؟

فقال:و كيف لا أحبهما و هما ريحانتاي من الدنيا و قرتا عيني.

فقال جبرئيل:يا نبي اللّه إن اللّه قد حكم عليهما بأمر فاصبر له،فقال:و ما هو يا أخي؟4.

ص: 24


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 33،و تفسير فرات ص 10 و الحديث مختصر.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 34.

فقال:قد حكم على هذا الحسن أن يموت مسموما،و على هذا الحسين أن يموت مذبوحا و إن لكل نبي دعوة مستجابة،فإن شئت كانت دعوتك لولديك الحسن و الحسين فادع اللّه أن يسلّمهما من السم و القتل،و إن شئت كانت مصيبتهما ذخيرة في شفاعتك للعصاة من أمتك يوم القيامة.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:يا جبرئيل أنا راض بحكم ربي لا أريد إلا ما يريده،و قد أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من أمتي و يقضي اللّه في ولدي ما يشاء (1).

و روي أن رسول اللّه كان يوما مع جماعة من أصحابه مارا في بعض الطريق، و إذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق،فجلس النبي صلّى اللّه عليه و اله عند صبي منهم و جعل يقبل ما بين عينيه و يلاطفه،ثم أقعده على حجره و كان يكثر تقبيله،فسئل عن علة ذلك،فقال صلّى اللّه عليه و اله:إني رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين و رأيته يرفع التراب من تحت قدميه،و يمسح به وجهه و عينيه،فأنا أحبه لحبه لولدي الحسين،و لقد أخبرني جبرئيل أنه يكون من أنصاره في وقعة كربلا (2).

و روي مرسلا أن آدم لما هبط إلى الأرض لم يرحواء فصار يطوف الأرض في طلبها فمر بكربلا فاغتم،و ضاق صدره من غير سبب،و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين،حتى سال الدم من رجله،فرفع رأسه إلى السماء و قال:إلهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به؟فإني طفت جميع الأرض،و ما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض.فأوحى اللّه إليه يا آدم ما حدث منك ذنب،و لكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه،فقال آدم:يا رب أيكون الحسين نبيا قال:لا،و لكنه سبط النبي محمد،فقال:و من القاتل له؟6.

ص: 25


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 35.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 36.

قال:قاتله يزيد لعين أهل السماوات و الأرض،فقال آدم:فأي شيء أصنع يا جبرئيل؟

فقال:إلعنه يا آدم فلعنه أربع مرات و مشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حواء هناك (1).

و روي أن نوحا لما ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا فلما مرت بكربلا أخذته الأرض،و خاف نوح الغرق فدعى ربه و قال:إلهي طفت جميع الدنيا و ما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض فنزل جبرئيل و قال:يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمد خاتم الأنبياء،و إبن خاتم الاوصياء فقال:و من القاتل له يا جبرئيل؟

قال:قاتله لعين أهل سبع سماوات و سبع أرضين،فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتى بلغت الجودي و استقرت عليه (2).

و روي أن إبراهيم عليه السّلام مر في أرض كربلا و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شج رأسه و سال دمه،فأخذ في الإستغفار و قال:إلهي أي شيء حدث مني؟فنزل إليه جبرئيل و قال:يا إبراهيم ما حدث منك ذنب،و لكن هنا يقتل سبط خاتم الأنبياء،و ابن خاتم الأوصياء،فسال دمك موافقة لدمه.

قال:يا جبرئيل و من يكون قاتله؟

قال:لعين أهل السماوات و الارضين و القلم جرى على اللوح بلعنه بغير إذن ربه، فأوحى اللّه تعالى إلى القلم إنك استحققت الثناء بهذا اللعن.

فرفع إبراهيم عليه السّلام يديه و لعن يزيد لعنا كثيرا و أمّن فرسه بلسان فصيح فقال إبراهيم لفرسه:أي شيء عرفت حتى تؤمن على دعائي؟8.

ص: 26


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 37.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 38.

فقال:يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت و سقطت عن ظهري عظمت خجلتي و كان سبب ذلك من يزيد لعنه اللّه تعالى (1).

و روي أن إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات،فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما فسأل ربه عن سبب ذلك فنزل جبرئيل و قال:يا إسماعيل سل غنمك فانها تجيبك عن سبب ذلك؟

فقال لها:لم لا تشربين من هذا الماء؟

فقالت بلسان فصيح؟قد بلغنا أن ولدك الحسين عليه السّلام سبط محمد يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه،فسألها عن قاتله فقالت يقتله لعين أهل السماوات و الارضين و الخلائق أجمعين،فقال إسماعيل:اللهم العن قاتل الحسين عليه السّلام (2).

و روي أن موسى كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون،فلما جاء إلى أرض كربلا انخرق نعله،و انقطع شراكه،و دخل الحسك في رجليه،و سال دمه،فقال:

إلهي أي شيء حدث مني؟فأوحى إليه أن هنا يقتل الحسين عليه السّلام و هنا يسفك دمه، فسال دمك موافقة لدمه فقال:رب و من يكون الحسين؟فقيل له:هو سبط محمد المصطفى،و ابن علي المرتضى،فقال:و من يكون قاتله؟فقال:هو لعين السمك في البحار،و الوحوش في القفار،و الطير في الهواء،فرفع موسى يديه و لعن يزيد و دعى عليه و أمّن يوشع بن نون على دعائه و مضى لشأنه (3).

و روي أن سليمان كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء،فمر ذات يوم و هو سائر في أرض كربلا فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتى خاف السقوط1.

ص: 27


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 39.
2- بحار الأنوار:237/40-245 ح 40.
3- بحار الأنوار:237/40-245 ح 41.

فسكنت الريح،و نزل البساط في أرض كربلا.

فقال سليمان للريح:لم سكنتي؟

فقالت:إن هنا يقتل الحسين عليه السّلام فقال و من يكون الحسين؟

فقالت:هو سبط محمد المختار،و ابن علي الكرار،فقال:و من قاتله؟

قالت:لعين أهل السماوات و الأرض يزيد،فرفع سليمان يديه و لعنه و دعى عليه و أمّن على دعائه الإنس و الجن،فهبت الريح و سار البساط (1).

و روي أن عيسى كان سائحا في البراري،و معه الحواريون،فمروا بكربلا فرأوا أسد كاسرا (2)قد أخذ الطريق فتقدم عيسى إلى الأسد،فقال له:لم جلست في هذا الطريق؟

و قال:لا تدعنا نمر فيه؟

فقال الاسد بلسان فصيح:إني لن أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين عليه السّلام فقال عيسى عليه السّلام:و من يكون الحسين؟

قال:هو سبط محمد النبي الأمي و ابن علي الولي قال:و من قاتله؟

قال:قاتله لعين الوحوش و الذباب و السباع أجمع خصوصا أيام عاشوراء فرفع عيسى يديه و لعن يزيد و دعى عليه و أمّن الحواريون على دعائه فتنحى الاسد عن طريقهم و مضوا لشأنهم (3).و روى صاحب الدار الثمين في تفسير قوله تعالى:

فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (4) أنه رأى ساق العرش و أسماء النبي و الائمة عليهم السلام فلقنه جبرئيل قل:يا حميد بحق محمد،يا عالي بحق علي،يا فاطر بحق7.

ص: 28


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 42.
2- أسد كاسر:أي قوي يكسر فريسته.
3- بحار الأنوار:237/40-245 ح 43.
4- سورة البقرة:37.

فاطمة،يا محسن بحق الحسن و الحسين و منك الاحسان.

فلما ذكر الحسين سالت دموعه و انخشع قلبه،و قال:يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي و تسيل عبرتي؟

قال جبرئيل عليه السّلام:ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب،فقال:يا أخي و ما هي؟

قال:يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر و لا معين،و لو تراه يا آدم و هو يقول:و اعطشاه و اقلة ناصراه،حتى يحول العطش بينه و بين السماء كالدخان،فلم يجبه أحد إلا بالسيوف،و شرب الحتوف،فيذبح ذبح الشاة من قفاه، و ينهب رحله أعداؤه و تشهر رؤوسهم هو و أنصاره في البلدان،و معهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنان،فبكى آدم و جبرئيل بكاء الثكلى (1).

و روي عن بعض الثقاة الأخيار أن الحسن و الحسين عليهما السّلام دخلا يوم عيد إلى حجرة جدهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالا:يا جداه،اليوم يوم العيد،و قد تزين أولاد العرب بألوان اللباس،و لبسوا جديد الثياب،و ليس لنا ثوب جديد و قد توجهنا لذلك إليك،فتأمل النبي حالهما و بكى،و لم يكن عنده في البيت ثياب تليق بهما،و لا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما،فدعى ربه و قال:إلهي اجبر قلبهما و قلب أمهما.

فنزل جبرئيل و معه حلتان بيضاوان من حلل الجنة،فسر النبي صلّى اللّه عليه و اله و قال لهما:

يا سيدي شباب أهل الجنة خذا أثوابا خاطها خياط القدرة على قدر طولكما،فلما رأيا الخلع بيضا قالا:يا جداه كيف هذا و جميع صبيان العرب لا بسون ألوان الثياب،فأطرق النبي ساعة متفكرا في أمرهما.

فقال جبرئيل:يا محمد طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة اللّه عز و جل يقضي لهما هذا الأمر و يفرّح قلبيهما بأي لون شاءا،فأمر يا محمد بإحضار الطست4.

ص: 29


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 44.

و الإبريق فاحضرا فقال جبرئيل:يا رسول اللّه أنا أصب الماء على هذه الخلع و أنت تفركهما بيدك فتصبغ لهما بأي لون شاءا.

فوضع النبي حلة الحسن في الطست فأخذ جبرئيل يصب الماء ثم أقبل النبي على الحسن و قال له:يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك؟

فقال:أريدها خضراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء،فأخذت بقدرة اللّه لونا أخضر فائقا كالزبرجد الأخضر،فأخرجها النبي و أعطاها الحسن،فلبسها.

ثم وضع حلة الحسين في الطست و أخذ جبرئيل يصب الماء فالتفت النبي إلى نحو الحسين،و كان له من العمر خمس سنين و قال له:يا قرة عيني أي لون تريد حلتك؟

فقال الحسين:يا جداه أريدها حمراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر فلبسها الحسين فسرّ النبي بذلك و توجّه الحسن و الحسين إلى أمهما فرحين مسرورين.

فبكى جبرئيل عليه السّلام لما شاهد تلك الحال فقال النبي:يا أخي جبرئيل في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي و تحزن؟فباللّه عليك إلا ما أخبرتني فقال جبرئيل:

إعلم يا رسول اللّه أن اختيار ابنيك على اختلاف اللون،فلا بد للحسن أن يسقوه السم و يخضر لون جسده من عظم السم و لا بد للحسين أن يقتلوه و يذبحوه و يخضب بدنه من دمه،فبكى النبي و زاد حزنه لذلك (1).

و روى الشيخ جعفر بن نما في مثير الاحزان بإسناده عن زوجة العباس بن عبد المطلب و هي أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت:رأيت في النوم قبل مولد الحسين عليه السّلام كأن قطعة من لحم رسول اللّه قطعت و وضعت في حجري،فقصصت الرؤيا على رسول اللّه،فقال:إن صدقت رؤياك فإن فاطمة ستلد غلاما و أدفعه إليك5.

ص: 30


1- بحار الأنوار:245/40-253 ح 45.

لترضعيه،فجرى الأمر على ذلك،فجئت به يوما فوضعته في حجري فبال، فقطرت منه قطرة على ثوبه صلّى اللّه عليه و اله فقرصته فبكى.

فقال كالمغضب:مهلا يا أم الفضل فهذا ثوبي يغسل و قد أوجعت ابني،قالت:

فتركته و مضيت لآتيه بماء،فجئت فوجدته صلّى اللّه عليه و اله يبكي فقلت:مم بكاؤك يا رسول اللّه فقال:إن جبرئيل أتاني و أخبرني أن أمتي تقتل ولدي هذا (1).

قال:و قال أصحاب الحديث فلما أتت على الحسين سنة كاملة،هبط على النبي اثنا عشر ملكا على صور مختلفة أحدهم على صورة بني آدم يعزونه و يقولون إنه سينزل بولدك الحسين ابن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل،و سيعطى مثل أجر هابيل،و يحمل على قاتله مثل وزر قابيل،و لم يبق ملك إلا نزل إلى النبي يعزونه و النبي يقول:اللهم اخذل خاذله،و اقتل قاتله،و لا تمتعه بما طلبه.

و عن أشعث بن عثمان،عن أبيه،عن أنس بن أبي سحيم قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:إن ابني هذا يقتل بأرض العراق،فمن أدركه منكم فلينصره فحضر أنس مع الحسين كربلا و قتل معه.

و رويت عن عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش،عن شيخه أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي،عن رجاله،عن عائشة قالت:دخل الحسين على النبي و هو غلام يدرج فقال:أي عائشة ألا أعجبك لقد دخل علي آنفا ملك ما دخل علي قط فقال:إن ابنك هذا مقتول،و إن شئت أريتك من تربته التي يقتل بها فتناول ترابا أحمر فأخذته أم سلمة فخزنته في قارورة فأخرجته يوم قتل و هو دم.

و روي مثل هذا عن زينب بنت جحش.

و عن عبد اللّه بن يحيى قال:دخلنا مع علي إلى صفين فلما حاذى نينوى نادىر.

ص: 31


1- ترى الحديث في تذكرة خواص الامة ص 133 نقلا عن ابن سعد في الطبقات و قد ترك ذيل الخبر.

صبرا يا أبا عبد اللّه،فقال:دخلت على رسول اللّه و عيناه تفيضان فقلت:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه ما لعينيك تفيضان؟أغضبك أحد؟

قال:لا،بل كان عندي جبرئيل فأخبرني أن الحسين يقتل بشاطئ الفرات،و قال:

هل لك أن أشمك من تربته؟

قلت:نعم فمد يده فأخذ قبضة من تراب فأعطانيها،فلم أملك عيني أن فاضتا، و اسم الأرض كربلا.

فلما أتت عليه سنتان خرج النبي إلى سفر فوقف في بعض الطريق و استرجع و دمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال:هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها كربلا يقتل فيها ولدي الحسين و كأني أنظر إليه و إلى مصرعه و مدفنه بها، و كأني أنظر إلى السبايا على أقتاب المطايا و قد أهدي رأس ولدي الحسين إلى يزيد لعنه اللّه،فو اللّه ما ينظر أحد إلى رأس الحسين و يفرح إلا خالف اللّه بين قلبه و لسانه، و عذّبه اللّه عذابا أليما.

ثم رجع النبي من سفره مغموما مهموما كئيبا حزينا فصعد المنبر و أصعد معه الحسن و الحسين و خطب و وعظ الناس فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن و يده اليسرى على رأس الحسين عليهما السّلام،و قال:اللهم إن محمدا عبدك و رسولك و هذان أطائب عترتي،و خيار أرومتي،و أفضل ذريتي و من أخلفهما في أمتي و قد أخبرني جبرئيل أن ولدي هذا مقتول بالسم و الآخر شهيد مضرج بالدم اللهم فبارك له في قتله،و اجعله من سادات الشهداء اللهم و لا تبارك في قاتله و خاذله و أصله حر نارك،و احشره في أسفل درك الجحيم.

قال:فضج الناس بالبكاء و العويل،فقال لهم النبي:أيها الناس أتبكونه و لا تنصرونه،اللهم فكن أنت له وليا و ناصرا،ثم قال:يا قوم إني مخلف فيكم الثقلين:

كتاب اللّه و عترتي و أرومتي و مزاج مائي،و ثمرة فؤادي،و مهجتي،لن يفترقا حتى

ص: 32

يردا علي الحوض ألا و إني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم عنه، أسألكم عن المودة في القربى،و احذروا أن تلقوني غدا على الحوض و قد آذيتم عترتي،و قتلتم أهل بيتي و ظلمتموهم.

ألا إنه سيرد علي يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامة:الاولى راية سوداء مظلمة قد فزعت منها الملائكة فتقف علي فأقول لهم:من أنتم؟فينسون ذكري، و يقولون:نحن أهل التوحيد من العرب،فأقول لهم:أنا أحمد نبي العرب و العجم، فيقولون:نحن من أمتك،فأقول:كيف خلفتموني من بعدي في أهل بيتي و عترتي و كتاب ربي؟فيقولون:أما الكتاب فضيعناه،و أما العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي،فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية اخرى أشد سوادا من الاولى،فأقول لهم:كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين كتاب اللّه و عترتي؟فيقولون:أما الاكبر فخالفناه،و أما الاصغر فمزقناهم كل ممزق،فأقول:إليكم عني فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية تلمع وجوههم نورا فأقول لهم:من أنتم؟فيقولون:نحن أهل كلمة التوحيد و التقوى من أمة محمد المصطفى،و نحن بقية أهل الحق،حملنا كتاب ربنا و حلّلنا حلاله و حرّمنا حرامه و أحببنا ذرية نبينا محمد،و نصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا،و قاتلنا معهم من ناوأهم،فأقول لهم:أبشروا فأنا نبيكم محمد و لقد كنتم في الدنيا كما قلتم،ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين مستبشرين ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين (1).

و عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و يعقوب بن يزيد جميعا عن محمد بن سنان عمن ذكره6.

ص: 33


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 46.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن إسماعيل الذي قال اللّه تعالى في كتابه وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا لم يكن إسماعيل بن إبراهيم عليه السّلام كان نبيا من الأنبياء بعثه اللّه إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه و وجهه فأتاه ملك عن اللّه تبارك و تعالى فقال إن اللّه بعثني إليك فمرني بما شئت فقال لي أسوة بما يصنع بالحسين عليه السّلام.

عن عبد اللّه عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنه كان للّه رسولا نبيا تسلط عليه قومه فقشروا جلده وجهه و فروة رأسه فأتاه رسول من رب العالمين فقال له ربك يقرئك السلام و يقول قد رأيت ما صنع بك و قد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت فقال يكون لي بالحسين أسوة.

محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن محمد ابن سنان عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن إسماعيل الذي قال اللّه تعالى في كتابه وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ أخذ فسلخت فروة وجهه و رأسه فأتاه ملك فقال إن اللّه بعثني إليك فمرني بما شئت فقال لي أسوة بالحسين ابن علي عليه السّلام (1).6.

ص: 34


1- كامل الزيارات:66.

ما أخبر به النبي و علي و الحسين عليهم السلام بشهادته

بإسناد أخي دعبل،عن الرضا،عن آبائه،عن علي بن الحسين عليهم السلام قال:حدّثتني أسماء بنت عميس الخثعمية قالت:قبلت (1)جدتك فاطمة بنت رسول اللّه بالحسن و الحسين،قالت:فلما ولدت الحسن جاء النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا أسماء هاتي ابني،قالت فدفعته إليه في خرقة صفراء،فرمى بها و قال:ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء،و دعا بخرقة بيضاء فلفه بها،ثمّ أذن في أذنه اليمني،و أقام في أذنه اليسرى،و قال لعلي عليه السّلام:بما سميت ابني هذا؟

قال:ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول اللّه قال:و أنا ما كنت لأسبق ربي عز و جل قال:فهبط جبرئيل قال:إن اللّه يقرأ عليك السلام و يقول لك:يا محمد علي منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك،فسم ابنك باسم ابن هارون،قال:

النبي صلّى اللّه عليه و آله و ما اسم ابن هارون؟

قال جبرئيل:شبر،قال:و ما شبر؟

قال:الحسن قالت أسماء:فسمّاه الحسن.

قالت أسماء:فلما ولدت فاطمة الحسين عليه السّلام نفستها به فجاءني النبي فقال:هلم ابني يا أسماء،فدفعته إليه في خرقة بيضاء،ففعل به كما فعل بالحسن.

قالت:و بكى رسول اللّه ثم قال:إنه سيكون له حديث!اللهم العن قاتله،لا تعلمي فاطمة عليهما السّلام بذلك.

ص: 35


1- قبل المرأة كعلم قبالة بالكسر كانت قابلة و هى المرأة التى تأخذ الولد عند الولادة.

قالت أسماء:فلما كان في يوم سابعه جاءني النبي فقال:هلمي ابني فأتيته به:

ففعل به كما فعل بالحسن و عق عنه كما عق عن الحسن كبشا أملح (1)و أعطى القابلة الورك و رجلا و حلق رأسه و تصدق بوزن الشعر ورقا،و خلق رأسه بالخلوق و قال:إن الدم من فعل الجاهلية (2)قالت:ثم وضعه في حجره ثم قال:يا أبا عبد اللّه عزيز علي ثم بكى.فقلت:بأبي أنت و أمي فعلت في هذا اليوم و في اليوم الأول فما هو؟

قال:أبكي على ابني هذا تقتله فئة باغية كافرة من بني أمية لعنهم اللّه لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة،يقتله رجل يثلم الدين و يكفر باللّه العظيم.ثم قال:اللهم إني أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريته اللهم أحبهما و أحب من يحبهما،و العن من يبغضهما ملء السماء و الأرض (3).

بيان:نفستها به:لعل المعنى كنت قابلتها و إن لم يرد بهذا المعنى فيما عندنا منع.

ص: 36


1- الملحة بياض يخالطه سواد،يقال:كبش أملح و تيس أملح:إذا كان شعره خليسا،و قد املح الكبش املحاحا:صار أملح ذكره الجوهرى،و الخلوق،طيب معروف مركب من الزعفران و غيره من أنواع الطيب و تغلب عليه الصفرة و الحمرة.
2- روى ابو داود في سننه ج 2 ص 96 باسناده عن أبي بريدة يقول:كنا في الجاهلية إذا ولد لاحدنا غلام ذبح شاة و لطخ رأسه بدمها،فلما جاء اللّه بالاسلام كنا نذبح شاة و نحلق رأسه و نلطخه بزعفران. نعم قد روى أبو داود عن حفص بن عمر النمرى عن همام عن قتادة،عن الحسن،عن سمرة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:كل غلام رهينة بعقيقة تذبح عنه يوم السابع و يحلق رأسه و يدمى قال:فكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به؟ قال:إذا ذبحت رأسه أخذت منها صوفة و استقبلت به أو داجها ثم توضع على يا فوخ الصبى حتى يسيل على العقيقة مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد و يحلق. لكهنم و هموا هماما في روايته ذلك و قالوا:إن الصحيح من الحديث يسمى بدل يدمي.
3- قد مر مثله في ج 43 ص 238 240 ب 11 تحت الرقم 4 عن الصدوق في عيون أخبار الرضا و عن ابن شهر آشوب في المناقب،فراجع.

اللغة،يحتمل أن يكون من نفس به بالكسر بمعنى ضن،أي ضننت به و أخذته منها، و خلقه تخليقا طيّبه.

قوله صلّى اللّه عليه و اله عزيز علي أي قتلك قال الجزري:عز علي يعز أن أراك بحال سيئة أي يشتد و يشق علي (1).

السناني،عن ابن زكريا،عن ابن حبيب،عن ابن بهلول،عن علي بن عاصم،عن الحصين بن عبد الرحمان،عن مجاهد،عن ابن عباس قال:كنت مع أمير المؤمنين عليه السّلام في خرجته إلى صفين فلما نزل بنينوى و هو بشط الفرات قال بأعلا صوته:يا ابن عباس أتعرف هذا الموضع؟

قلت له:ما أعرفه يا أمير المؤمنين فقال عليه السّلام:لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي.

قال:فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته،و سالت الدموع على صدره،و بكينا معا و هو يقول:أوه أوه مالي و لآل أبي سفيان؟مالي و لآل حرب حزب الشيطان؟ و أولياء الكفر؟صبرا يا أبا عبد اللّه فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم.ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة فصلى ما شاء اللّه أن يصلي ثم ذكر نحو كلامه الأول إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته و كلامه ساعة ثم انتبه فقال:يا ابن عباس فقلت:ها أنا ذا، فقال:ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟

فقلت:نامت عيناك و رأيت خيرا يا أمير المؤمنين.

قال:رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلدوا سيوفهم و هي بيض تلمع،و قد خطوا حول هذه الأرض خطة ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط و كأني بالحسين سخلي و فرخي و مضغتي و مخي قد غرق فيه يستغيث فيه فلا يغاث،و كأن الرجال البيض1.

ص: 37


1- بحار الأنوار:237/40-245 ح 1.

قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون:صبرا آل الرسول،فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس،و هذه الجنة يا أبا عبد اللّه إليك مشتاقة،ثم يعزونني و يقولون:يا أبا الحسن أبشر،فقد أقر اللّه به عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين.ثم انتبهت هكذا، و الذي نفس علي بيده،لقد حدّثني الصادق المصدّق أبو القاسم صلّى اللّه عليه و اله أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا،و هذه أرض كرب و بلاء،يدفن فيها الحسين عليه السّلام و سبعة عشر رجلا من ولدي و ولد فاطمة و إنها لفي السماوات معروفة،تذكر أرض كرب و بلاء،كما تذكر بقعة الحرمين،و بقعة بيت المقدس.

ثم قال لي:يا ابن عباس أطلب لي حولها بعر الظباء فو اللّه ما كذبت و لا كذبت و هي مصفرة لونها لون الزعفران،قال ابن عباس فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي،فقال علي عليه السّلام:

صدق اللّه و رسوله.

ثم قام عليه السّلام يهرول إليها فحملها و شمّها،و قال:هي هي بعينها،أتعلم يا ابن عباس ما هذه الأبعار؟هذه قد شمّها عيسى بن مريم،و ذلك أنه مربها و معه الحواريون فرأى ههنا الظباء مجتمعة و هي تبكي فجلس عيسى،و جلس الحواريون معه،فبكى و بكى الحواريون،و هم لا يدرون لم جلس و لم بكى.

فقالوا:يا روح اللّه و كلمته ما يبكيك؟

قال:أتعلمون أي أرض هذه؟

قالوا:لا.

قال:هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد صلّى اللّه عليه و اله و فرخ الحرة الطاهرة البتول، شبيهة أمي،و يلحد فيها طينة أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد،و هكذا يكون طينة الأنبياء و أولاد الأنبياء،فهذه الظباء تكلّمني و تقول:إنها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك و زعمت أنها آمنة في هذه الأرض.

ص: 38

ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران (1)فشمها و قال:هذه بعر الظباء على هذه الطيب لمكان حشيشها اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه فيكون له عزاء و سلوة قال، فبقت إلى يوم الناس هذا و قد اصفرت لطول زمنها و هذه أرض كرب و بلاء.

ثم قال بأعلى صوته:يا رب عيسى بن مريم!لا تبارك في قتلته،و المعين عليه و الخاذل له.

ثم بكى بكاء طويلا و بكينا معه حتى سقط لوجهه و غشي عليه طويلا ثم أفاق فأخذ البعر فصرّه في ردائه و أمرني أن أصرّها كذلك ثم قال:يا ابن عباس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا،و يسيل منها دم عبيط،فاعلم أن أبا عبد اللّه قد قتل بها،و دفن.

قال ابن عباس:فو اللّه لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لبعض ما افترض اللّه عز و جل علي و أنا لا أحلها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا،و كان كمي قد امتلأ دما عبيطا،فجلست و أنا باك و قلت قد قتل و اللّه الحسين،و اللّه ما كذبني علي قط في حديث حدّثني و لا أخبرني بشيء قط أنه يكون إلا كان كذلك لأن رسول اللّه كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره.

ففزعت و خرجت و ذلك عند الفجر فرأيت و اللّه المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين ثم طلعت الشمس و رأيت كأنها منكسفة،و رأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط،فجلست و أنا باك فقلت:قد قتل و اللّه الحسين،و سمعت صوتا من ناحية البيت و هو يقول:إصبروا آل الرسول قتل الفرخ النحول (2)نزل الروح الامين ببكاء و عويل ثم بكى بأعلى صوته و بكيت فأثبت عندي تلك الساعة و كان شهرم.

ص: 39


1- الصيران:جمع صوار كغراب و كتاب و من معانيها وعاء المسك،كأنه أراد تشبيه البعر بنافجة المسك لطيبها،و يحتمل أن يكون جمع صور بالفتح و أراد به الحشيش الملتف النابت في تلك الأرض.
2- كذا في النسخ كلها و الصواب النحيل صفة من النحول و هو الانسب بقافية النظم.

المحرم يوم عاشورا لعشر مضين منه،فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره و تاريخه كذلك فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه،فقالوا:و اللّه لقد سمعنا ما سمعت و نحن في المعركة و لا ندري ما هو،فكنا نرى أنه الخضر عليه السّلام (1).

أحمد بن محمد بن الحسن القطان،و كان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الري، يعرف بأبي علي بن عبد ربه،عن أحمد بن يحيى بن زكريا بالإسناد المتقدم مثله سواء (2).

بيان:قال الجوهري:قولهم عند الشكاية أوه من كذا ساكنة الواو إنما هو توجع، و ربما قلبوا الواو ألفا فقالوا:آه من كذا،و ربما شددوا الواو و كسروها و سكنوا الهاء،فقالوا:أوه من كذا و قال:«المضغة»قطعة لحم،و قلب الانسان مضغة من جسده.

قوله عليه السّلام:«و لا كذبت»على بناء المجهول،من قولهم كذب الرجل أي أخبر بالكذب أي ما أخبرني رسول اللّه بكذب قط و يحتمل أن يكون على بناء التفعيل أي ما أظهر أحد كذبي و الأول أظهر،و الضباب بالفتح ندى كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان.قوله«أثر عين»أي من الاعيان الموجودة في الخارج و النحول من النحل (3)بمعنى الهزال.

القفطان،عن السكري،عن الجوهري،عن قيس بن حفص الدارمي،عن حسينب.

ص: 40


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 2،و أمالي الصدوق المجلس 87 تحت الرقم:5.
2- كمال الدين ج 2 ص 214 217 ب 51 الرقم 4،و بحار الأنوار:253/40-261 ح 3.
3- النحل بالضم:الاسم من النحلة بالضم و هى الدقة و الهزال،و فى حديث معبد لم تعبه نحلة نقله الشرتونى في ذيل أقرب الموارد عن التاج.و لكن في سائر المعاجم النحل بالضم:مصدر نحل ينحل كقطع يقطع بمعنى اعطاء الشيء من غير عوض بطيب نفس و أما الذى بمعنى الهزال فهو النحول،و أظن ما ذكره التاج من كلام المولدين. ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب.

الاشقر،عن منصور بن الاسود،عن أبي حسان التيمي،عن نشيط بن عبيد،عن رجل منهم،عن جرداء بنت سمين،عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم قال:غزونا مع علي بن أبي طالب عليه السّلام صفين فلما انصرفنا نزل بكربلا فصلى بها الغداة ثم رفع إليه من تربتها فشمها ثم قال:واها لك أيتها التربة فرجع هرثمة إلى زوجته و كانت شيعة لعلي عليه السّلام فقال:ألا أحدثك عن وليك أبي الحسن نزل بكربلا فصلى ثم رفع إليه من تربتها فقال:واها لك أيتها التربة ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب قالت:أيها الرجل فإن أمير المؤمنين عليه السّلام لم يقل إلا حقا.

فلما قدم الحسين عليه السّلام قال هرثمة:كنت في البعث الذين بعثهم عبيد اللّه بن زياد لعنهم اللّه،فلما رأيت المنزل و الشجر ذكرت الحديث فجلست على بعيري ثم صرت إلى الحسين عليه السّلام فسلمت عليه و أخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين،فقال:معنا أنت أم علينا؟

فقلت:لا معك و لا عليك،خلفت صبية أخاف عليهم عبيد اللّه بن زياد قال:فامض حيث لا ترى لنا مقتلا و لا تسمع لنا صوتا فو الذي نفس حسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلا كبّه اللّه لوجهه في[نار]جهنم (1).

بيان:قال الجوهري:إذا تعجبت من طيب الشيء قلت:واها له ما أطيبه.

أقول:لعل المراد أن مع سماع الواعية و ترك النصرة العذاب أشد و إلا فالظاهر وجوب نصرتهم على أي حال.

أبي،عن الكميداني،عن ابن عيسى،عن ابن أبي نجران،عن جعفر بن محمد الكوفي،عن عبيد السمين،عن ابن طريف،عن أصبغ بن نباته قال:بينا أمير المؤمنين عليه السّلام يخطب الناس و هو يقول:«سلوني قبل أن تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن0.

ص: 41


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 4،و المصدر:المجلس 28،الرقم:6.و ترى مثله في شرح النهج لابن أبي الحديد ج 1 ص 350.

شيء مضى و لا عن شيء يكون إلا نبأتكم به»فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال:يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي و لحيتي من شعرة؟

فقال له:أما و اللّه لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنك ستسألني عنها،و ما في رأسك و لحيتك من شعرة إلا و في أصلها شيطان جالس، و إن في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني،و عمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه (1).

أبي،عن سعد،عن محمد بن عبد الجبار،عن ابن أبي نجران،عن جعفر بن محمد بن حكيم،عن عبيد السمين يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال:كان أمير المؤمنين عليه السّلام يخطب الناس و ذكر مثله (2).

ابن مسرور،عن ابن عامر،عن عمه،عن الازدي،عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب،عن عكرمة،عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من سره أن يحيى حياتي،و يموت ميتتي،و يدخل جنة عدن منزلي،و يمسك قضيبا غرسه ربيه.

ص: 42


1- المصدر المجلس 28،تحت الرقم:1،و لا يخفى ما في الحديث من تسمية الرجل السائل المتعنت بأنه سعد بن أبي وقاص،حيث ان سعد بن أبي وقاص اعتزل عن الجماعة و امتنع عن بيعة أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السّلام فاشترى أرضا و اشتغل بها فلم يكن ليجىء إلى الكوفة و يجلس إلى خطبة على عليه السّلام.على أن عمر بن سعد قد ولد في السنة التى مات فيها عمر بن الخطاب و هى سنة ثلاث و عشرين كما نص عليه ابن معين فكان عمر بن سعد حين يخطب على عليه السّلام هذه الخطبة بالكوفة غلاما بالغا أشرف على عشرين لا انه سخل في بيته. و لما كان أصل القصة مسلمة مشهورة،عدل الشيخ المفيد في الارشاد على ما سيأتى تحت الرقم 7 عن تسمية الرجل،و تبعه الطبرسى في اعلام الورى 186،و لعل الصحيح ما ذكره ابن أبي الحديد حيث ذكر الخطبة في شرحه على النهج ج 1 ص 253 عن كتاب الغارات لابن هلال الثقفى عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد بن على عليهما السّلام و قال في آخره:و الرجل هو سنان بن أنس النخعى.
2- بحار الأنوار:253/40-261 ح 5،و راجع كامل الزيارات ص 74.و قال فيه المحشى في عبيد السين:الظاهر انه.

عز و جل ثم قال له:كن فكان،فليتول علي بن أبي طالب و ليأتم بالاوصياء من ولده، فإنهم عترتي،خلقوا من طينتي،إلى اللّه أشكو أعداءهم من أمتي المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي،و أيم اللّه ليقتلن ابني بعدي الحسين لا أنالهم اللّه شفاعتي (1).

جاء في الآثار أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يخطب فقال في خطبته سلوني قبل أن تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن فئة تضل مائة و تهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها و سائقها إلى يوم القيامة.

فقام إليه رجل فقال:أخبرني كم في رأسي و لحيتي من طاقة شعر؟

فقال أمير المؤمنين:و اللّه لقد حدثني خليلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بما سألت عنه و إن على كل طاقة شعر في رأسك ملك يلعنك،و على كل طاقة شعر في لحيتك شيطان يستفزك و إن في بيتك لسخلا يقتل ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آية ذلك مصداق ما خبرتك به و لو لا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به و لكن آية ذلك ما أنبأتك به من لعنتك و سخلك الملعون،و كان ابنه في ذلك الوقت صبيا صغيرا يحبو.

فلما كان من أمر الحسين ما كان تولى قتله كما قال أمير المؤمنين عليه السّلام (2).

بيان:استنفره أي استخفه و أزعجه.

محمد بن عيسى،عن القداح،عن جعفر بن محمد،عن أبيه عليهما السّلام قال:مر علي بكربلا في اثنين من أصحابه قال:فلما مر بها ترقرقت عيناه للبكاء ثم قال:هذا مناخ ركابهم،و هذا ملقى رحالهم،و ههنا تهرق دماؤهم،طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبة (3).0.

ص: 43


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 6،و أمالي الصدوق المجلس 9 تحت الرقم 11.
2- بحار الأنوار:253/40-261 ح 7،و الارشاد:ص 156،الاحتجاج:ص 132 و اللفظ له.
3- بحار الأنوار:253/40-261 ح 8،و المصدر ص 20.

محمد بن الحسين،عن يزيد شعر،عن هارون بن حمزة،عن أبي عبد الرحمان، عن سعد الاسكاف،عن محمد بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:قال رسول اللّه:من سره أن يحيى حياتي،و يموت ميتتي،و يدخل جنة ربي التي و عدني،جنة عدن منزلي،قضيب من قضبانه غرسه ربي تبارك و تعالى بيده فقال له:كن!فكان،فليتول علي بن أبي طالب و الأوصياء من ذريته،إنهم الائمة من بعدي،هم عترتي من لحمي و دمي،رزقهم اللّه فضلي و علمي و ويل للمنكرين فضلهم من أمتي،القاطعين صلتي،و اللّه ليقتلن ابني لا أنا لهم اللّه شفاعتي (1).

بيان:قوله قضيب أي فيها قضيب.

سلام بن أبي عمرة الخراساني،عن أبان بن تغلب،عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام، أنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من أراد أن يحيى حياتي و يموت ميتتي،و يدخل جنة ربي-جنة عدن غرسه ربي-فليتول عليا و ليعاد عدوه،و ليأتم بالأوصياء من بعده، فإنهم أئمة الهدى من بعدي أعطاهم اللّه فهمي و علمي،و هم عترتي من لحمي و دمي، إلى اللّه أشكو من أمتي المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتي،و أيم اللّه ليقتلن ابني يعني الحسين لا أنا لهم اللّه شفاعتي (2).

عبد اللّه بن محمد،عن ابن محبوب،عن أبي حمزة،عن سويد بن غفلة قال:أنا عند أمير المؤمنين عليه السّلام إذ أتاه رجل فقال:يا أمير المؤمنين جئتك من وادي القرى، و قد مات خالد بن عرفطة فقال له أمير المؤمنين:إنه لم يمت فأعادها عليه،فقال له علي عليه السّلام:لم يمت و الذي نفسي بيده لا يموت،فأعادها عليه الثالثة فقال:سبحان اللّه أخبرك أنه مات،و تقول لم يمت؟

فقال له علي عليه السّلام:لم يمت و الذي نفسي بيده،لا يموت حتى يقود جيش ضلالة0.

ص: 44


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 9،و كامل الزيارات ص 69 و فيه:عن أبي جعفر عليه السّلام.
2- بحار الأنوار:253/40-261 ح 10.

يحمل رايته حبيب بن جماز (1).

قال:فسمع بذلك حبيب فأتى أمير المؤمنين فقال له:أنا شدك في و إني لك شيعة، و قد ذكرتني بأمر لا و اللّه ما أعرفه من نفسي،فقال له علي عليه السّلام:إن كنت حبيب بن جماز فتحملنها[فولى حبيب بن جماز و قال:إن كنت حبيب بن جماز لتحملنها] (2).

قال أبو حمزة:فو اللّه مامات حتى بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي عليه السّلام و جعل خالد بن عرفطة على مقدمته،و حبيب صاحب رايته (3).

الحسن بن محبوب،عن ثابت الثمالي،عن أبي إسحاق السبيعي عن سويد بن غفلة عنه عليه السّلام مثله و زاد في آخره:و سار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل (4).

أبي،و ابن الوليد معا،عن سعد،عن اليقطيني،عن صفوان و جعفر بن عيسى، عن الحسين بن أبي غندر،عمن حدثه،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الحسين بن علي ذات يوم في حجر النبي صلّى اللّه عليه و اله يلاعبه و يضاحكه،فقالت عائشة:يا رسول اللّه ما أشد إعجابك بهذا الصبي؟

فقال لها:ويلك و كيف لا أحبه و لا أعجب به،و هو ثمرة فؤادي،و قرة عيني؟أما إن أمتي ستقتله،فمن زاره بعد وفاته كتب اللّه له حجة من حججي.

قالت:يا رسول اللّه حجة من حججك؟

قال:نعم،و حجتين من حججي قالت:يا رسول اللّه حجتين من حججك؟

قال:نعم،و أربعة قال:فلم تزل تزاده و يزيد و يضعف حتى بلغ تسعين حجة3.

ص: 45


1- ضبطه في الاصابة:حبيب بن حمار.
2- ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى.
3- بحار الأنوار:253/40-261 ح 11،و بصائر الدرجات:ص 85.
4- الارشاد:ص 155 و مثله في الاختصاص:ص 280،اعلام الورى:ص 177،شرح النهج لابن أبي الحديد:ج 1 ص 253.

من حجج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بأعمارها (1).

الحسين بن إبراهيم القزويني،عن محمد بن وهبان،عن علي بن جيش عن العباس بن محمد بن الحسين،عن أبيه،عن صفوان،عن الحسين مثله (2).

محمد الحميري،عن أبيه،عن ابن أبي الخطاب،عن محمد بن حماد الكوفي،عن إبراهيم بن موسى الانصاري،عن مصعب،عن جابر،عن محمد بن علي عليهما السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من سرّه أن يحيى حياتي،و يموت مماتي و يدخل جنتي:جنة عدن غرسها ربي بيده،فليتول عليا و يعرف فضله و الأوصياء من بعده،و يتبرأ من عدوي،أعطاهم اللّه فهمي،و علمي،هم عترتي من لحمي و دمي،أشكو إليك ربي عدوهم من أمتي المنكرين لفضلهم،القاطعين فيهم صلتي و اللّه ليقتلن ابني ثم لا تنالهم شفاعتي (3).

الحسن بن عبد اللّه بن محمد،عن أبيه،عن ابن محبوب،عن علي بن شجرة،عن عبد اللّه بن محمد الصنعاني،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا دخل الحسين عليه السّلام اجتذبه إليه ثم يقول لأمير المؤمنين عليه السّلام:أمسكه،ثم يقع عليه فيقبله و يبكي،فيقول:يا أبه لم تبكي؟فيقول:يا بني أقبل موضع السيوف منك و أبكي قال:يا أبه و أقتل؟

قال:إي و اللّه و أبوك و أخوك و أنت قال:يا أبه فمصارعنا شتى؟

قال:نعم،يا بني قال:فمن يزورنا من أمتك؟

قال:لا يزورني و يزور أباك و أخاك و أنت إلا الصديقون من أمتي (4).0.

ص: 46


1- المصدر ص 68.
2- أمالي الشيخ ص 62.
3- بحار الأنوار:253/40-261 ح 13،و كامل الزيارات ب 22 الرقم 7.
4- بحار الأنوار:253/40-261 ح 14،و المصدر ص 70.

محمد بن جعفر الرزاز،عن خاله ابن أبي الخطاب،عن علي بن النعمان،عن عبد الرحمان بن سيابه،عن أبي داود البصري،عن أبي عبد اللّه الجدلي قال:دخلت على أمير المؤمنين عليه السّلام و الحسين إلى جنبه فضرب بيده على كتف الحسين ثم قال:

إن هذا يقتل و لا ينصره أحد،قال:قلت يا أمير المؤمنين!و اللّه إن تلك لحياة سوء قال:إن ذلك لكائن (1).

أبي،عن سعد و الحميري و محمد العطار جميعا،عن ابن أبي الخطاب مثله.

عن محمد بن جعفر،عن خاله ابن أبي الخطاب،عن نصر بن مزاحم عن عمرو ابن سعيد،عن يزيد بن إسحاق،عن هانئ بن هانئ،عن علي عليه السّلام قال:ليقتل الحسين قتلا و إني لأعرف تربة الأرض التي يقتل عليها قريبا من النهرين.

عن أبي،عن سعد،عن ابن أبي الخطاب مثله (2).

محمد بن جعفر،عن خاله ابن أبي الخطاب،و حدثني أبي و جماعة عن سعد و محمد العطار معا عن ابن أبي الخطاب،عن نصر بن مزاحم،عن عمرو بن سعيد، عن علي بن حماد،عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال علي للحسين:يا أبا عبد اللّه أسوة أنت قدما؟

فقال:جعلت فداك ما حالي؟

قال:علمت ما جهلوا و سينتفع عالم بما علم،يا بني إسمع و أبصر من قبل أن يأتيك فو الذي نفسي بيده ليسفكن بنو أمية دمك ثم لا يريدونك عن دينك،و لا ينسونك ذكر ربك،فقال الحسين عليه السّلام:و الذي نفسي بيده حسبي،و أقررت بما أنزل اللّه و أصدّق نبي اللّه و لا أكذّب قول أبي (3).7.

ص: 47


1- بحار الأنوار:253/40-261 ح 15،و المصدر ص 71 و فيه عن ابى داود السبيعى.
2- بحار الأنوار:261/40-269 ح 16.
3- بحار الأنوار:261/40-269 ح 17.

بيان:الأسوة و يضم القدوة،و ما يأتسي به الحزين أي ثبت قديما أنك أسوة الخلق يقتدون بك،أو يأتسي بذكر مصيبتك كل حزين.

قوله عليه السّلام:«لا يريدونك»أي لا يريدون صرفك عن دينك و الأصوب لا يردونك (1).

روى إسماعيل بن صبيح،عن يحيى بن المسافر العابدي،عن إسماعيل بن زياد [قال]إن عليا عليه السّلام قال للبراء بن عازب ذات يوم:يا براء يقتل ابني الحسين و أنت حي لا تنصره،فلما قتل الحسين عليه السّلام كان البراء بن عازب يقول:صدق و اللّه علي بن أبي طالب،قتل الحسين و لم أنصره،ثم يظهر على ذلك الحسرة و الندم (2).

روى عبد اللّه بن شريك العامري قال:كنت أسمع أصحاب علي إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد يقولون هذا قاتل الحسين،و ذلك قبل أن يقتل بزمان طويل (3).

روى سالم بن أبي حفصة قال:قال عمر بن سعد للحسين عليه السّلام:يا أبا عبد اللّه إن قبلنا ناسا سفهاء يزعمون أني أقتلك فقال له الحسين:إنهم ليسوا سفهاء و لكنهم حلماء أما إنه يقر عيني أن لا تأكل بر العراق بعدي إلا قليلا (4).

ابن عباس:سألت هند عائشة أن تسأل النبي تعبير رؤيا فقال:قولي لها:

فلتقصص رؤياها فقالت:رأيت كأن الشمس قد طلعت من فوقي،و القمر قد خرج من مخرجي،و كأن كوكبا خرج من القمر أسود فشد على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعها فاسود الأفق لابتلاعها ثم رأيت كواكب بدت8.

ص: 48


1- بل الصحيح:«لا يزيلونك»كما في المصدر ص 72،و يريدونك تصحيف منه ظاهر.
2- بحار الأنوار:261/40-269 ح 18،و الارشاد:ص 156.
3- بحار الأنوار:261/40-269 ح 19،و كشف الغمة:ج 2 ص 178،ارشاد المفيد:ص 235.
4- بحار الأنوار:261/40-269 ح 20،و ارشاد المفيد:ص 235،كشف الغمة:ج 2 ص 178.

من السماء و كواكب مسودة في الأرض إلا أن المسودة أحاطت بأفق الأرض من كل مكان.

فاكتحلت عين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بدموعه ثم قال:هي هند أخرجي يا عدوة اللّه مرتين فقد جددت علي أحزاني و نعيت إلي أحبابي فلما خرجت قال:اللهم العنها و العن نسلها.

فسئل عن تفسيرها فقال عليه السّلام:أما الشمس التي طلعت عليها فعلي بن أبي طالب عليه السّلام و الكوكب الذي خرج كالقمر أسود فهو معاوية مفتون فاسق جاحد للّه، و تلك الظلمة التي زعمت،و رأت كوكبا يخرج من القمر أسود فشد على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعها فاسودت فذلك ابني الحسين عليه السّلام يقتله ابن معاوية فتسود الشمس و يظلم الأفق،و أما الكواكب السود في الأرض أحاطت بالارض من كل مكان فتلك بنو أمية (1).

جعفر بن محمد الفزاري معنعنا،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الحسين مع أمه تحمله فأخذه النبي صلّى اللّه عليه و آله و قال:لعن اللّه قاتلك،و لعن اللّه سالبك و أهلك اللّه المتوازرين عليك،و حكم اللّه بيني و بين من أعان عليك.

قالت فاطمة الزهراء:يا أبت أي شيء تقول؟

قال:يا بنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي و بعدك من الأذى و الظلم و الغدر و البغي، و هو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء،و يتهادون إلى القتل،و كأني أنظر إلى معسكرهم،و إلى موضع رحالهم و تربتهم.

قالت:يا أبه و أين هذا الموضع الذي تصف؟

قال:موضع يقال له كربلا و هي دار كرب و بلاء علينا و على الأمة (2)يخرج عليهمل.

ص: 49


1- بحار الأنوار:261/40-269 ح 21.
2- الائمة خ ل.

شرار أمتي لو أن أحدهم شفع له من في السماوات و الأرضين ما شفّعوا فيه،و هم المخلدون في النار.

قالت:يا أبه فيقتل؟

قال:نعم يا بنتاه،و ما قتل قتلته أحد كان قبله و تبكيه السماوات و الارضون، و الملائكة،و الوحش،و النباتات،و البحار،و الجبال و لو يؤذن لها ما بقي على الأرض متنفس،و يأتيه قوم من محبينا ليس في الأرض أعلم باللّه و لا أقوم بحقنا منهم،و ليس على ظهر الأرض أحد يلتفت إليه غيرهم أولئك مصابيح في ظلمات الجو،و هم الشفعاء،و هم واردون حوضي غدا أعرفهم إذا وردوا علي بسيماهم، و كل أهل دين يطلبون أئمتهم،و هم يطلبوننا لا يطلبون غيرنا،و هم قوام الأرض، و بهم ينزل الغيث.

فقالت فاطمة الزهراء عليها السّلام:يا أبه إنا للّه،و بكت فقال لها:يا بنتاه!إن أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدنيا،بذلوا أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا،فما عند اللّه خير من الدنيا و ما فيها قتلة أهون من ميتة،و من كتب عليه القتل،خرج إلى مضجعه،و من لم يقتل فسوف يموت.

يا فاطمة بنت محمد أما تحبين أن تأمري غدا بأمر فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب؟أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش؟أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة؟أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه و يذود عنه أعداءه؟أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار:

يأمر النار فتطيعه،يخرج منها من يشاء و يترك من يشاء.أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك و إلى ما تأمرين به،و ينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق و هو يخاصمهم عند اللّه فما ترين اللّه صانع بقاتل ولدك و قاتليك و قاتل

ص: 50

بعلك إذا أفلجت حجته على الخلائق،و أمرت النار أن تطيعه؟

أما ترضين أن تكون الملائكة تبكي لابنك،و تأسف عليه كل شيء؟أما ترضين أن يكن من أتاه زائرا في ضمان اللّه و يكون من أتاه بمنزلة من حج إلى بيت اللّه و اعتمر،و لم يخل من الرحمة طرفة عين،و إذا مات مات شهيدا و إن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي،و لم يزل في حفظ اللّه و أمنه حتى يفارق الدنيا.قالت:يا أبه سلّمت،و رضيت و توكلت على اللّه،فمسح على قلبها و مسح عينيها،و قال:إني و بعلك و أنت و ابنيك في مكان تقر عيناك،و يفرح قلبك (1).

محمد الحميري،عن أبيه،عن علي بن محمد بن سالم،عن محمد بن خالد عن عبد اللّه بن حماد البصري،عن عبد اللّه بن عبد الرحمان الاصم،عن مسمع بن عبد الملك،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله إلى قوله:بهم ينزل الغيث ثم قال:و ذكر هذا الحديث بطوله (2).

بيان:قوله:«يتهادون إلى القتل»إما من الهدية كأنه يهدي بعضهم بعضا إلى القتل،أو من قولهم:تهادت المرأة:تمايلت في مشيتها،أو من قولهم هداه أي تقدمه أي يتسابقون،و على التقديرات كناية عن فرحهم و سرورهم بذلك،و الذود الطرد و الدفع.

أقول:قد مر بعض الأخبار في باب الولادة.

و روي في بعض الكتب المعتبرة عن لوط بن يحيى،عن عبد اللّه بن قيس قال:

كنت مع من غزى مع أمير المؤمنين عليه السّلام في صفين و قد أخذ أبو أيوب الاعور السلمي (3)الماء و حرزه عن الناس فشكى المسلمون العطش فأرسل فوارس علىته

ص: 51


1- تفسير فرات:ص 55و56.
2- بحار الأنوار:261/40-269 ح 22،و كامل الزيارات ص 69.
3- هو عمرو بن سفيان بن عبد شمس ينتهى نسبه إلى ثعلبة بن بهثة بن سليم،و هو مشهور بكنيته و هى أبو الاعور و لم نرفى أصحاب التراجم من كناه بأبى أيوب،كان مع معاوية و كان من أشد من عنده على على عليه السّلام و كان عليه السّلام يذكره في القنوت في صلاة الغداة و يدعو عليه،و هو الذى كان لى المشارع يوم صفين حين منعوا الماء عن عسكر على عليه السّلام،و المشهور أن الذى طردهم عن المشرعة، الاشتر في اثنى عشر ألفا من أهل العراق.

كشفه فانحرفوا خائبين،فضاق صدره،فقال له ولده الحسين عليه السّلام أمضي إليه يا أبتاه؟

فقال:إمض يا ولدي،فمضى مع فوارس فهزم أبا أيوب عن الماء،و بنى خيمته و حط فوارسه،و أتى إلى أبيه و أخبره.

فبكى علي عليه السّلام فقيل له:ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟و هذا أول فتح ببركة الحسين عليه السّلام فقال:ذكرت أنه سيقتل عطشانا بطف كربلا،حتى ينفر فرسه و يحمحم و يقول:«الظليمة لأمة قتلت ابن بنت نبيها».

و روى ابن نماره في مثير الاحزان،عن ابن عباس قال:لما اشتد برسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مرضه الذي مات فيه،ضم الحسين عليه السّلام إلى صدره يسيل من عرقه عليه و هو يجود بنفسه،و يقول:ما لي و ليزيد لا بارك اللّه فيه اللهم العن يزيد ثم غشي عليه طويلا و أفاق و جعل يقبل الحسين و عيناه تذرفان،و يقول:أما إن لي و لقاتلك مقاما بين يدي اللّه عز و جل (1).

في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السّلام:

حسين إذا كنت في بلدة غريبا فعاشر بآدابها

فلا تفخرن فيهم بالنهى فكل قبيل بألبابها

و لو عمل ابن أبي طالب بهذا الامور كأسبابها

و لكنه اعتام أمر الإله فأحرق فيهم بأنيابها

عذيرك من ثقة بالذي ينيلك دنياك من طابها4.

ص: 52


1- بحار الأنوار:261/40-269 ح 24.

فلا تمرحن لاوزارها و لا تضجرن لا وصابها

قس الغد بالامس كى تستريح فلا تبتغي سعي رغابها

كأني بنفسي و أعقابها و بالكربلاء و محرابها

فتخضب منا اللحى بالدماء خضاب العروس بأثوابها

أراها و لم يك رأي العيان و اوتيت مفتاح أبوابها

مصائب تأباك من أن ترد فأعدد لها قبل منتابها

سقى اللّه قائمنا صاحب القيامة و الناس في دأبها

هو المدرك الثأر لي يا حسين بل لك فاصبر لأتعابها

لكل دم ألف ألف و ما يقصر في قتل أحزابها

هناك لا ينفع الظالمين قول بعذر و إعتابها

حسين فلا تضجرن للفراق فديناك أضحت لتخرابها

سل الدور تخبر و أفصح بها بأن لا بقاء لأربابها

أنا الدين لا شك للمؤمنين بآيات وحي و إيجابها

لناسمة الفخر في حكمها فصلّت علينا بإعرابها

فصل على جدك المصطفى

و سلم عليه لطلابها (1).

بيان:«و لو عمل»لو للتمني،و قال الجوهري:العيمة بالكسر خيار المال و اعتام الرجل إذا أخذ العيمة،و قال:حرقت الشيء حرقا بردته و حككت بعضه ببعض، و منه قولهم حرق نابه يحرقه و يحرقه أي سحقه حتى سمع له صريف.

و قال:«عذيرك من فلان»أي هلم من يعذرك منه،بل يلومه و لا يلومك.

و قال الرضي:معنى من فلان:من أجل الإساءة إليه و إيذائه أي أنت ذو عذر فيما5.

ص: 53


1- بحار الأنوار:261/40-269 ح 25.

تعامله به من المكروه،و إضافة الدنيا إلى المخاطب للإشعار بأن لا علاقة بينه عليه السّلام و بين الدنيا.

و قال الجوهري:الطاب الطيب،و قال:المرح شدة الفرح،و قال:الوصب المرض.

و قوله«سعي»إما مفعول به لقوله لا تبتغي أو مفعول مطلق من غير اللفظ و المحراب محل الحرب،و العروس نعت يستوي فيه الرجل و المرأة،و المنتاب مصدر ميمي من قولهم انتاب فلان القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى.

و وصف القائم عليه السّلام بصاحب القيامة لا تصال زمانه بها أو لرجعة بعض الأموات في زمانه،و الدأب مصدر دأب في عمله أي جد و تعب أو العادة و الشأن،و الأتعاب بالفتح جمع التعب و الإعتاب الإرضاء،و التخراب بالفتح مبالغة في الخراب و تخبر على بناء الفاعل أو المفعول،و أفصح بها للتعجب،و الحمل في أنا الدين للمبالغة، و إشارة إلى قوله تعالى: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (1)و إلى أن الإسلام لا يتم إلا بولايته لقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ (2).

و قوله عليه السّلام:للمؤمنين متعلق بالنسبة بين أنا و الدين أو خبر لا و بآيات متعلق بالنسبة أو بالمؤمنين قوله«و إيجابها»أي إيجاب الآيات طاعتي و ولايتي على الناس و المصراع بعده إشارة إلى ما نزل في شأن أهل البيت عليهم السلام عموما و إسناد الصلاة إلى الآيات مجاز،و الإعراب الإظهار و البيان.

و قال شارح الديوان:المصراع الذي بعده إشارة إلى قراءة نافع و ابن عامر و يعقوب آل ياسين بالاضافة و إلى ما روي أن يس اسم محمد صلّى اللّه عليه و اله أو إلى قوله تعالى: «وَ سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى» و لطف إعرابها على التوجيه الأول8.

ص: 54


1- سورة المائدة:7.
2- سورة آل عمران:18.

غير خفي انتهى.

أقول:لا وجه للتخصيص غير التعصب،بل ربع القرآن نازل فيهم عليهم السلام كما عرفت و ستعرفه (1).5.

ص: 55


1- بحار الأنوار:269/40 ح 25.

الإخبارات العامة بقتل الحسين عليه السلام

عن أبي اليمان،عن إمام لبني سليم،عن أشياخ له،قالوا:غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنائسها مكتوبا:

أ ترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

فقلنا للروم:من كتب هذا في كنيستكم؟

قالوا:قبل مبعث نبيكم بثلاثمائة عام،كذا قال.و إنما هو يحيى بن اليمان (1).

و عن ابن عباس،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيما يرى النائم بنصف النهار أغبرا أشعثا،و بيده قارورة فيها دم،فقلت:بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه ما هذا؟

قال:هذا دم الحسين و أصحابه،لم أزل منذ اليوم ألتقطه.

فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ.

و عن علي بن زيد بن جدعان،قال:استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع و قال:

قتل الحسين و اللّه.

فقال له أصحابه:كلا يا ابن عباس،كلا،قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه زجاجة من دم،فقال:ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي؟قتلوا ابني الحسين،و هذا دمه و دم أصحابه أرفعها إلى اللّه عزّ و جلّ.

قال:فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه،و تلك الساعة،قال:فما لبثوا إلاّ أربعة

ص: 56


1- سير الأعلام:2653/6.

و عشرين يوما حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قتل ذلك اليوم،و تلك الساعة.

و عن سلمى،قالت:دخلت على أم سلمة و هي تبكي،فقلت:ما يبكيك؟

قالت:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام و على رأسه و لحيته التراب.

فقلت:ما لك يا رسول اللّه؟

قال:شهدت قتل الحسين آنفا (1).

عن رأس الجالوت،قال:كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها،فلما قتل حسين،جعلت أسير بعد ذلك على هيئتي (2).

و عن أشياخ بني سليم قالوا:غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا شعرا:

أيرجو معشر قتلوا حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

فسألنا منذكم هذا في كنيستكم؟

قالوا:قبل أن يبعث نبيّكم بثلاثمائة عام (3).

و عن الأعمش قال:بينا أنا في الطواف إذا برجل يقول:اللهم أغفر لي و أنا أعلم أنك لا تغفر،فسألته عن السبب فقال:كنت أحد الأربعين الذين حملوا رأس الحسين عليه السّلام الى يزيد على طريق الشام فنزلنا أول مرحلة من رحلتنا من كربلاء على دير للنصارى و الرأس مركوز على رمح،فوضعنا الطعام و نحن نأكل إذ كف3.

ص: 57


1- سنن الترمذي(50)كتاب المناقب،(31)باب مناقب الحسن و الحسين(ح:3771)ج 657/5: و فيه«رزين».
2- تاريخ الطبري:393/5.
3- الامالي:193 ح 203.

على حائط الدير مكتوب عليه بقلم حديد سطّر بالدم:

أترجو أمّة قتلت حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

فجزعنا جزعا شديدا و أهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذه فغاب (1).

و في كتاب الأمالي عن الصادق عليه السّلام قال:بينا الحسين عليه السّلام عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إذ أتاه جبرائيل عليه السّلام فقال:يا محمّد أتحبّه؟

قال:نعم،قال:أما إنّ أمّتك ستقتله،فحزن لذلك حزنا شديدا فقال جبرائيل عليه السّلام:

أيسرّك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟

قال:نعم،قال:فخسف جبرائيل عليه السّلام ما بين مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا،و جمع بين السبابتين فتناول بجناحه من التربة فناولها الرسول صلّى اللّه عليه و اله و سلّم ثمّ دحيت الأرض أسرع من طرف العين.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم:طوبى لك من تربة و طوبى لمن يقتل فيك (2).

و في المناقب عن ابن عبّاس قال:سألت هند عائشة أن تسأل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم عن تعبير رؤيا فقال قولي لها تقصص رؤياها.

قالت:رأيت كأنّ الشمس طلعت من فوقي و القمر قد خرج من مخرجي و كأنّ كوكبا قد خرج من القمر أسود فشد على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعتها فاسودّ الأفق لابتلاعها ثمّ رأيت كواكب بدت من السماء و كواكبا مسودّة في الأرض إلاّ أنّ المسودّة أحاطت بافق الأرض من كلّ مكان فاكتحلت عين رسول اللّه بدموعه ثمّ قال:أخرجي يا عدوّة اللّه مرّتين فقد جدّدت عليّ أحزاني و نعيت إلي أحبابي،فلمّا خرجت قال اللّهم العنها و العن نسلها.8.

ص: 58


1- الأمالي:193،و الخرائج و الجرائح:578/2.
2- أمالي الطوسي:314 ح 638.

فسئل عن تفسيرها،فقال عليه السّلام:أمّا الشمس التي طلعت عليها فعليّ بن أبي طالب و الكوكب الذي خرج كالقمر أسود فهو معاوية مفتون فاسق و تلك الظلمة التي زعمت و رأت كوكبا يخرج من القمر أسود فشدّ على شمس خرجت من الشمس أصغر من الشمس فابتلعتها فاسودّت فذلك ابني الحسين يقتله ابن معاوية فتسودّ الشمس و يظلم الافق،و أمّا الكواكب السود في الأرض أحاطت بالأرض من كلّ مكان فتلك بنو أميّة.

و عن أم سلمة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«يقتل حسين على رأس ستين من مهاجري» (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال:مرّ عليّ عليه السّلام بكربلاء في إثنين من أصحابه فترقرقت عيناه بالبكاء ثمّ قال:هذا و اللّه مناخ ركابهم و هذا ملقى رحالهم و هاهنا تهرق دماؤهم طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبّة (2).

و منها ما رواه عن الخصيبي مسندا عن أبي حمزة الثّمالي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:أرسل رسول الله صلّى اللّه عليه و اله سرية فقال:تصلون ساعة كذا و كذا من الليل أرضا لا تهتدون فيها سيرا فإذا وصلتم إليها فخذوا ذات الشمال فإنكم تمرّون برجل فاضل خيّر فتستر شدونه فيأبى أن يرشدكم حتى تأكلوا من طعامه و يذبح لكم كبشا فيطعمكم ثم يقوم معكم فيرشدكم إلى الطريق فاقرئوه مني السلام و أعلموه أني قد ظهرت في المدينة.

فمضوا فلمّا وصلوا إلى الموضع في الوقت ضلّوا،فقال قائل منهم:ألم يقل لكم رسول الله صلّى اللّه عليه و اله خذوا ذات الشمال،ففعلوا فمرّوا بالرجل الذي وصفه رسول الله صلّى اللّه عليه و اله فاسترشدوه الطريق فقال:إنّي لا أرشدكم حتى تأكلوا من طعامي فذبح7.

ص: 59


1- مجمع الزوائد:191/9.
2- قرب الاسناد:26 ح 87.

لهم كبشا فأكلوا من طعامه و قام معهم فأرشدهم إلى الطريق فقال:أظهر النبي بالمدينة؟

فقالوا:نعم،فأبلغوه سلامه فخلّف في شأنه من خلّف و مضى إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله،و هو عمرو بن الحمق الخزاعي بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن درّاج بن عمرو بن سعد بن كعب،فلبث معه ما شاء الله.

ثمّ قال له رسول الله صلّى اللّه عليه و اله:إرجع إلى الموضع الذي هاجرت إليّ منه فإذا نزل أخي أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة و جعلها دار هجرته فآته.

فانصرف عمرو بن الحمق إلى شأنه حتى إذا نزل أمير المؤمنين عليه السّلام أتاه فأقام معه في الكوفة.

فبينا أمير المؤمنين عليه السّلام جالس و عمرو بين يديه فقال له:يا عمرو ألك دار؟

قال:نعم،قال:بعها و اجعلها في الأزد فإني غدا لو قد غبت عنكم لطلبت فتتبعك الأزد حتى تخرج من الكوفة متوجها نحو الموصل،فتمر برجل نصراني فتقعد عنده فتستسقيه الماء فيسقيكه و يسألك عن شأنك فتخبره و ستصادفه مقعدا فادعه إلى الإسلام فإنّه يسلم فإذا أسلم فأمرر بيدك على ركبتيه فإنّه ينهض صحيحا سليما و يتبعك.

و تمر برجل محجوب جالس على الجادّة فتستسقيه الماء فيسقيك و يسألك عن قصّتك و ما الذي أخافك و ممن تتوقع فحدّثه بأن معاوية طلبك ليقتلك و يمثل بك لإيمانك بالله و رسوله صلّى اللّه عليه و اله و طاعتك لي و إخلاصك في ولايتي و نصحك لله تعالى في دينك فادعه إلى الإسلام فإنّه يسلم،فأمرر يدك على عينيه فإن يرجع بصيرا بإذن الله فيتبعانك و يكونان معك و هما اللذان يواريان جثتك في الأرض.

ثمّ تصير إلى الدير على نهر يدعى بالدّجلة فإن فيه صديقا عنده من علم المسيح ما تجده لك أعون الأعوان على سرّك و ما ذاك إلاّ ليهديه الله بك فإذا أحسّت بك

ص: 60

شرطة ابن أم الحكم و هو خليفة معاوية بالجزيرة و يكون مسكنه بالموصل فاقصد إلى الصديق الذي في الدير في أعلى الموصل فناده فإنه يمتنع عليك فاذكر اسم الله الذي علّمتك إياه فإنّ الدير يتواضع لك حتى تصير في ذروته فإذا رآك ذلك الراهب الصديق قال لتلميذ معه:ليس هذا أوان المسيح هذا شخص كريم و محمد قد توفاه الله و وصيّه قد استشهد بالكوفة و هذا من حواريه ثم يأتيك ذليلا خاشعا فيقول لك أيّها الشخص العظيم قد أهلتني لما لم أستحقه فبم تأمرني؟فتقول أستر تلميذي هذين عندك و تشرف على ديرك هذا فانظر ماذا ترى،فإذا قال لك إنّي أرى خيلا غامرة نحونا.

فخلّف تلميذيك عنده و انزل و اركب فرسك و أقصد نحو غار على شاطىء الدجلة تستتر فيه فإنه لا بد من أن يسترك و فيه فسقة من الجن و الإنس،فإذا استترت فيه عرفك فاسق من مردة الجن يظهر لك بصورة تنين فينهشك نهشا يبالغ في إضعافك فينفر فرسك فتبدر بك الخيل فيقولون هذا فرس عمرو و يقفون أثره.

فإذا أحسست بهم دون الغار فابرز إليهم بين دجلة و الجادة فقف لهم في تلك البقعة فإن الله جعلها حفرتك و حرمك فالقهم بسيفك فاقتل منهم ما استطعت حتى يأتيك أمر الله فإذا غلبوك حزّوا رأسك و شهروه على قناة إلى معاوية و رأسك أول رأس يشهر في الإسلام من بلد إلى بلد.

ثم بكى أمير المؤمنين عليه السّلام و قال:بنفسي ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و ثمرة فؤاده و قرّة عينه ابني الحسين عليه السّلام فإني رأيته يسير و ذراريه بعدك يا عمرو من كربلا بغربي الفرات إلى يزيد بن معاوية عليهما لعنة الله.

ثم ينزل صاحبك المحجوب و المقعد فيواريان جسدك في موضع مصرعك و هو من الدير و الموصل على مائة و خمسين خطوة من الدير (1).3.

ص: 61


1- مدينة المعاجز:182/3.

أنباء باستشهاد الحسين عليه السلام قبل وقوعه

1-خبر رأس الجالوت:

قال السيد مرتضى العسكري:روى الطبري و البلاذري و الطبراني و ابن سعد و اللفظ للأول عن رأس الجالوت عن أبيه قال:ما مررت بكربلا،إلاّ و أنا أركض دابتي حتى أخلف المكان،قال:قلت:لم؟

قال:كنا نتحدث أن ولد نبي مقتول في ذلك المكان و كنت أخاف أن أكون أنا، فلما قتل الحسين قلنا:هذا الذي كنا نتحدث،و كنت بعد ذلك إذا مررت بذلك المكان أسير و لا أركض (1).

ص: 62


1- 1)تاريخ الطبري 223/6 و ترجمة الإمام الحسين بمعجم الطبراني الكبير تأليف أبى القاسم سليمان بن أحمد(ت:360 ه)،ح-61. ص 128 و قد طبع ضمن مجموعة باسم الحسين و السنة اختيار و تنظيم السيد عبد العزيز الطباطبائي بمطبعة مهر قم. و في المجموعة بالإضافة إليه فضائل الحسين من كتاب فضائل امام الحنابلة أحمد بن حنبل،و فى تاريخ ابن عساكر ح-641 و فى لفظه فلما قتل حسين كنت أسير على هيئتي،و سير النبلاء /3 195 بإيجاز.

2-خبر كعب

روى الذهبي و الهيثمي و العسقلاني و ابن كثير عن عمار الدهني قال:مر علي عليه السّلام على كعب فقال:يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلّى اللّه عليه و اله،فمر حسن عليه السّلام فقالوا:هذا؟

قال:لا،فمر حسين عليه السّلام فقالوا:هذا؟

قال:نعم (1).

و قال المجلسي:وجدت في بعض مؤلّفات المعاصرين أنّه لمّا جمع ابن زياد لعنه اللّه قومه لحرب الحسين عليه السّلام كانوا سبعين ألف فارس فقال:أيّها الناس من منكم يتولّى قتل الحسين و له ولاية أيّ بلد شاء؟فلم يجبه أحد فاستدعى بعمر بن سعد لعنه اللّه و قال له:أريد أن تتولّى حرب الحسين بنفسك،فقال:اعفني من ذلك، فقال:قد أعفيتك فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الرّي فقال:إمهلني الليلة فانصرف إلى منزله و جعل يستشير من يثق به فلم يشر عليه أحد و كان عنده رجل من أهل الخير يقال له كامل و كان صديقا لأبيه من قبله فقال له:يا عمر ما الذي أنت عازم عليه؟

قال:إنّي ولّيت أمر هذا الجيش في حرب الحسين و إنّما قتله عندي و أهل بيته كشربة ماء و إذا قتلته خرجت إلى ملك الري،فقال له كامل:أف لك يابن سعد تريد قتل الحسين ابن بنت رسول اللّه؟!إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و ما الذي تقول غدا

ص: 63


1- معجم الطبراني الكبير ح 85،و طبقات ابن سعد بترجمة الإمام الحسين ح 27،تاريخ ابن عساكر ح-639 و 640،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و سير النبلاء له 195/3،و مجمع الزوائد 193/9،و فى مقتل الخوارزمي أخبار من كعب بقتل الحسين 165/1،و تهذيب التهذيب 347/2،و الروض النضبر شرح مجموع الفقه الكبير تأليف الحسين بن أحمد بن الحسين السياغي الحيمي الصنعاني(ت:1221 ه)و فى لفظ بعضهم مع بعض اختلاف.

لرسول اللّه إذا وردت عليه و إنّه في زماننا هذا كجدّه في زمانه و طاعته فرض علينا و أشهد اللّه أنّك إن أعنت على قتله لا تلبث بعده في الدّنيا إلاّ قليلا.

فقال عمر:بالموت تخوّفني و إنّي إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس و أتولّى ملك الري؟

فقال له كامل:إنّي أحدّثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله؛ إعلم انّي سافرت مع أبيك إلى الشام فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي و عطشت فلاح لي دير راهب فأتيت إلى باب الدّير و قلت للراهب إنّي عطشان فقال لي:أنت من أمّة هذا النبيّ الذين يقتل بعضهم بعضا على حبّ الدّنيا؟

فقلت له:أنا من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فقال:إنّكم شرّ أمّة و قد غدوتم إلى عترة نبيّكم تسبون نساءه و تنهبون أمواله، فقلت:يا راهب نحن نفعل ذلك؟

قال:نعم،و إنّكم إذا فعلتم ذلك عجّت السماوات و الأرضون و البحار و الجبال و الوحوش و الأطيار باللعنة على قاتله و لا يلبث قاتله في الدّنيا إلاّ قليلا ثمّ يظهر رجل يطلب بثأره فلا يدع أحدا شارك في قتله إلاّ قتله و عجّل اللّه بروحه إلى النار،ثمّ قال الراهب:إنّي لأرى لك قرابة من قاتل هذا الإبن الطيّب و اللّه أنّي لو أدركت أيّامه لوقيته بنفسي من حرّ السيوف،فقلت:إنّي أعيذ نفسي من أن اقاتل ابن بنت رسول اللّه،فقال:إن لم تكن أنت فرجل قريب منك و أنّ عذاب قاتله أشدّ من عذاب فرعون و هامان ثمّ رد الباب في وجهي و أبى أن يسقيني ماء فركبت فرسي و لحقت أصحابي فحدّثت أباك سعدا بقصّة الراهب فقال لي:صدقت ثمّ إنّ سعدا أخبرني أنّه نزل بدير هذا الراهب مرّة من قبلي فأخبره أنّه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول اللّه فخاف أبوك من ذلك و خشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك فاحذر يا عمر من قتله،فبلغ الخبر ابن زياد فطلب كامل و قطع لسانه فعاش يوما أو بعض

ص: 64

يوم (1).

و أخرج ابن قولويه(ت:367 ه)أربع روايات في باب علم الأنبياء بمقتل الحسين من كتابه كامل الزيارة،و في باب علم الملائكة حديثا واحدا،و في باب لعن اللّه و لعن الأنبياء لقاتليه روايتين إحداهما ما رواها عن كعب أن إبراهيم و موسى و عيس أنبأوا بقتله و لعنوا قاتله (2).

3-حديث أسماء بنت عميس

عن علي بن الحسين عليه السّلام قال:حدثتني أسماء بنت عميس قالت:قبلت جدتك فاطمة بالحسن و الحسين...

فلما ولد الحسين فجاءني النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء،فأذّن في أذنه اليمنى،و أقام في اليسرى،ثم وضعه في حجره و بكى، قالت أسماء:فقلت فداك أبي و أمي مم بكاؤك؟

قال:على ابني هذا.

ص: 65


1- مدينة الامعاجز:66/4 ح 1088.
2- تاريخ الطبري 223/6 و ترجمة الإمام الحسين بمعجم الطبراني الكبير تأليف أبى القاسم سليمان بن أحمد(ت:360 ه)،ح-61. ص 128 و قد طبع ضمن مجموعة باسم الحسين و السنة اختيار و تنظيم السيد عبد العزيز الطباطبائي بمطبعة مهر قم. و في المجموعة بالإضافة إليه فضائل الحسين من كتاب فضائل امام الحنابلة أحمد بن حنبل،و فى تاريخ ابن عساكر ح-641 و فى لفظه فلما قتل حسين كنت أسير على هيئتي،و سير النبلاء /3 195 بإيجاز.

قلت:انه ولد الساعة.

قال:يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم اللّه شفاعتي،ثم قال:يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا،فإنها قريبة عهد بولادته.الحديث (1).

4-حديث أم الفضل

في مستدرك الصحيحين و تأريخ ابن عساكر و مقتل الخوارزمي و غيرها و اللفظ للأول عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت:يا رسول اللّه إني رأيت حلما منكرا الليلة،قال:و ما هو؟

قالت:إنه شديد قال:و ما هو؟

قالت:رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:رأيت خيرا،تلد فاطمة-إن شاء اللّه-غلاما فيكون في حجرك،فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري-كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله-فدخلت يوما إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوضعته في حجره،ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تهريقان من الدموع قالت:فقلت:يا نبي اللّه بأبي أنت و أمي مالك؟

قال:أتاني جبرئيل عليه الصلاة و السلام فأخبرني ان أمتي ستقتل ابني هذا،

ص: 66


1- معجم الطبراني الكبير ح 85،و طبقات ابن سعد بترجمة الإمام الحسين ح 277،تاريخ ابن عساكر ح-639 و 640،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و سير النبلاء له 195/3،و مجمع الزوائد 193/9،و فى مقتل الخوارزمي أخبار من كعب بقتل الحسين 165/1،و تهذيب التهذيب 347/2،و الروض النضبر شرح مجموع الفقه الكبير تأليف الحسين بن أحمد بن الحسين السياغي الحيمي الصنعاني(ت:1221 ه)و فى لفظ بعضهم مع بعض اختلاف. نقلنا هذا الخبر عن كعب مع عدم اعتمادنا عليه،لتواتر الاخبار عن رسول اللّه أنه أنبأ بقتل الحسين فلعل كعبا سمع ممن سمع من النبي و من الجائز أنه قرأ شيئا من ذلك في كتب أهل الكتاب.

فقلت:هذا؟

فقال:نعم،و أتاني بتربة من تربته حمراء.

قال الحاكم:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه (1).

5-في مقتل الخوارزمي

لما أتى على الحسين من ولادته سنة كاملة هبط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اثنا عشر ملكا محمرة وجوههم قد نشروا أجنحتهم و هم يقولون:يا محمد سينزل بولدك الحسين ما نزل بهابيل من قابيل،و سيعطى مثل أجر هابيل،و يحمل على قاتله مثل وزر قابيل،قال:و لم يبق في السماء ملك إلاّ و نزل على النبي يعزيه بالحسين و يخبره بثواب ما يعطي،و يعرض عليه تربته،و النبي يقول:اللهم اخذل من خذله، و اقتل من قتله،و لا تمتعه بما طلبه.و لما أتت على الحسين من مولده سنتان كاملتان خرج النبي في سفر فلما كان في بعض الطريق وقف فاسترجع و دمعت عيناه،فسئل عن ذلك فقال:هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها:

كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة،فقيل:من يقتله يا رسول اللّه؟

فقال:رجل يقال له يزيد،لا بارك اللّه في نفسه،و كأني أنظر إلى منصرفه و مدفنه بها،و قد أهدي رأسه،و اللّه ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلاّ

ص: 67


1- مستدرك الصحيحين 176/3 و باختصار في ص 179 منه،و تاريخ ابن عساكر ح-631، و قريب منه في ح-630،و فى مجمع الزوائد 179/9،و مقتل الخوارزمي 159/1 و فى 162 بلفظ آخر،و تاريخ ابن كثير 230/6 و أشار إليه في 199/8،و أمالي السجري ص 188. و راجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 145،و الروض النضير 89/1،و الصواعق 115 و فى ط 190،و راجع كنز العمال ط القديمة 223/6،و الخصائص الكبرى 125/2. و فى كتب اتباع مدرسة أهل البيت ورد في مثير الأحزان ص 8 و اللهوف لابن طاوس 6-7.

خالف اللّه بين قلبه و لسانه-يعني ليس في قلبه ما يكون بلسانه من الشهادة.

قال:ثم رجع النبي من سفره ذلك مغموما فصعد المنبر فخطب و وعظ و الحسين بين يديه مع الحسن،فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسين و رفع رأسه إلى السماء و قال:اللهم إني محمد عبدك و نبيك و هذان أطائب عترتي و خيار ذريتي و أرومتي و من أخلفهما بعدي.

اللهم و قد أخبرني جبريل بان ولدي هذا مقتول مخذول،اللهم فبارك لي في قتله و اجعله من سادات الشهداء انك على كل شيء قدير،اللهم و لا تبارك في قاتله و خاذله.

قال:فضج الناس في المسجد بالبكاء،فقال النبي:أتبكون و لا تنصرونه؟اللهم فكن له أنت وليا و ناصرا (1).

6-رواية زينب بنت جحش في بيتها

في تاريخ ابن عساكر و مجمع الزوائد و تأريخ ابن كثير و غيرها و اللفظ للأول عن زينب،قالت:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيتي و حسين عندي حين درج،فغفلت عنه، فدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:دعيه-إلى قولها-ثم قام فصلى فلما قام احتضنه إليه فإذا ركع أو جلس وضعه ثم جلس فبكى،ثم مديده فقلت حين قضى الصلاة:

يا رسول اللّه إني رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك تصنعه؟

قال:إن جبريل أتاني فأخبرني ان هذا تقتله أمتي،فقلت:فأرني تربته،فأتاني

ص: 68


1- مقتل الخوارزمي 163/1-164 و قد أوردنا ما ذكره باختصار.

بتربة حمراء (1).

7-حديث أنس بن مالك

في مسند أحمد و معجم الكبير للطبراني و تأريخ ابن عساكر و غيرها و اللفظ للأول عن أنس بن مالك،قال:استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلّى اللّه عليه و اله فأذن له و كان في يوم أم سلمة،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:يا أم سلمة احفظي علينا الباب،لا يدخل علينا أحد قال:فبينا هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي عليه السّلام فاقتحم ففتح الباب فدخل فجعل النبي صلّى اللّه عليه و اله يلتزمه و يقبله فقال الملك:أتحبه؟

قال:نعم.

قال:إن أمتك ستقتله،ان شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه؟

قال:نعم.

قال:فقبض قبضة من المكان الذي قتل فيه فأراه فجاء بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها.

قال ثابت:فكنا نقول إنها كربلاء (2)

ص: 69


1- تاريخ ابن عساكر ح-629 و مجمع الزوائد 188/9،و كنز العمال 112/13،و أشار إليه ابن كثير بتاريخه 199/8 و ورد في كتب اتباع مدرسة أهل البيت بأمالي الشيخ الطوسي 323/1،و مثير الأحزان ص 7-8،و ورد قسم منه في ص 9-10 و فى آخره تتمة مهمة و كذلك في اللهوف:7-9.
2- مسند أحمد 242/3 و 265،تاريخ ابن عساكر ح-615 و 617،و تهذيبه 325/4 و اللفظ له، و بترجمة الحسين من المعجم الكبير للطبراني ح-47،و مقتل الخوارزمي 160/1-162، و الذهبي في تاريخ الإسلام 10/3،و سير النبلاء 194/3،و ذخائر العقبى ص 146-147، و مجمع الزوائد 187/9،و فى ص 190 منه بسند آخر و قال:اسناده حسن،و فى باب الاخبار بمقتل الحسين من تاريخ ابن كثير 229/6 في لفظه"و كنا نسمع يقتل بكربلاء"،و في ج 199/8، و كنز العمال 266/16،و الصواعق ص 115،و راجع الدلائل للحافظ أبي نعيم 202/3،و الروض النضير 192/1،و المواهب اللدنية للقسطلاني 195/2،و الخصائص للسيوطي 25/2،و موارد الظمآن بزوائد صحيح ابن حبان لأبي بكر الهيتمي ص 554. و في كتب اتباع مدرسة أهل البيت بأمالي الشيخ الطوسي(ت:460 ه)ط-النعمان بالنجف سنة 1384 ه 221/1 و فى لفظه:ان عظيما من عظماء الملائكة.

8-حديث ابي أمامة

في تاريخ ابن عساكر و الذهبي و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للأول عن أبي أمامة.

قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لنسائه:لا تبكوا هذا الصبي يعني حسينا.

قال:و كان يوم أم سلمة فنزل جبرئيل فدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله الداخل و قال لأم سلمة:لا تدعي أحدا يدخل عليّ،فجاء الحسين فلما نظر إلى النبي صلّى اللّه عليه و اله في البيت أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته و جعلت تناغيه و تسكته فلما اشتد في البكاء خلّت عنه،فدخل حتى جلس في حجر النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال جبريل للنبي صلّى اللّه عليه و اله إن أمتك ستقتل ابنك هذا،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:يقتلونه و هم مؤمنون بي؟

قال:نعم يقتلونه.

فتناول جبريل تربة فقال:مكان كذا و كذا،فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد احتضن حسينا كاسف البال،مهموما.

فظنت أم سلمة انه غضب من دخول الصبي عليه فقالت:يا نبي اللّه جعلت لك الفداء إنك قلت لنا:لا تبكوا هذا الصبي،و أمرتني أن لا أدع أحدا يدخل عليك،فجاء فخلّيت عنه،فلم يرد عليها،فخرج إلى أصحابه و هم جلوس فقال:«إن أمتي يقتلون

ص: 70

هذا»و في القوم أبو بكر و عمر،و في آخر الحديث:فأراهم تربته (1).

9-روايات أم سلمة

أ-عن عبد اللّه بن وهب بن زمعة:في مستدرك الصحيحين و طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر و غيرها و اللفظ للأول-قال:أخبرتني أم سلمة:رضي اللّه عنها:

إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ و هو حائر (2)ثم اضطجع فرقد ثم استيقظ و هو حائر دون ما رأيت به المرة الأولى ثم اضطجع فاستيقظ و في يده تربة حمراء يقبلها (3)فقلت:ما هذه التربة يا رسول اللّه؟

قال:أخبرني جبريل(عليه الصلاة و السلام)ان هذا يقتل بأرض العراق-للحسين -فقلت لجبريل:أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها.

فقال:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه (4).

ص: 71


1- تاريخ ابن عساكر ح-618،و تهذيبه 325/4،تاريخ الإسلام للذهبي 10/3،و سير النبلاء له 10/3،و مجمع الزوائد 189/9،و تاريخ ابن كثير 199/8،و أمالي الشجري ص 186 و فى الروض النضير 93/1-94 اسناده حسن،و أبو امامة هذا صدى بن عجلان.
2- كذا في لفظ الحاكم و البيهقي و فى غيرهما من الأصول:خائر،و فى النهاية:أصبح رسول اللّه و هو خائر النفس،أي ثقيل النفس غير طيب و لا نشيط ه.
3- في الحديث الآتي يقلبها.
4- مستدرك الصحيحين 398/4،و المعجم الكبير للطبراني ح-55،و تاريخ ابن عساكر ح-619 -621،و ترجمة الحسين بطبقات ابن سعد بترجمة الحسين ح-267،و الذهبي في تاريخ الإسلام 11/3،و سير النبلاء 194/3-195،و الخوارزمي في المقتل 158/1-159 باختصار، و المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 148-149،و تاريخ ابن كثير 230/6،و كنز العمال للمتقي 266/16.

ب-عن صالح بن أربد:روى الطبراني و ابن أبي شيبة و الخوارزمي و غيرهم و اللفظ للأول،عن صالح بن أربد عن أم سلمة رضي اللّه عنها قالت:قال رسول اللّه:

إجلسي بالباب،و لا يلجن علي أحد،فقمت بالباب إذ جاء الحسين رضي اللّه عنه فذهبت أتناوله فسبقني الغلام فدخل على جده،فقلت:يا نبي اللّه جعلني اللّه فداك أمرتني أن لا يلج عليك أحد،و ان ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني،فلما طال ذلك تطلعت من الباب فوجدتك تقلب بكفيك شيئا و دموعك تسيل و الصبي على بطنك؟

قال:نعم،أتاني جبريل عليه السّلام فأخبرني أن أمتي يقتلونه،و أتاني بالتربة التي يقتل عليها فهي التي أقلب بكفي (1).

ج-عن المطلب بن عبد اللّه بن حنطب:في معجم الطبراني و ذخائر العقبى و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للأول،عن المطلب بن عبد اللّه بن حنطب عن أم سلمة قالت:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جالسا ذات يوم في بيتي فقال:لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين رضي اللّه عنه فسمعت نشيج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يبكي فاطلعت فإذا حسين في حجره و النبي صلّى اللّه عليه و اله يمسح جبينه و هو يبكي فقلت:و اللّه ما علمت حين دخل فقال:إن جبريل عليه السّلام كان معنا في البيت فقال:أتحبه؟

قلت:أما من الدنيا فنعم.

قال:إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها:كربلاء.

فتناول جبريل عليه السّلام من تربتها فأراها النبي صلّى اللّه عليه و اله.

فلما أحيط بحسين حين قتل قال:ما اسم هذه الأرض؟ر.

ص: 72


1- ترجمة الحسين في المعجم الكبير للطبراني ح-54-ص 124،و طبقات ابن سعد ح-268، و مقتل الخوارزمي 158/1،و كنز العمال 226/16 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج 12 بلفظ آخر.

قالوا:كربلاء،قال:صدق اللّه و رسوله،أرض كرب و بلاء (1).

د-عن شقيق بن سلمة:في معجم الطبراني و تأريخ ابن عساكر و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للأول،عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت:كان الحسن و الحسين رضي اللّه عنهما يلعبان بين يدي النبي صلّى اللّه عليه و اله في بيتي فنزل جبريل عليه السّلام فقال:يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين،فبكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و وضعه إلى صدره،ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:وديعة عندك هذه التربة، فشمّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قال:ويح كرب و بلاء.

قالت:و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل،قال:فجعلتها أم سلمة في قارورة.

ثم جعلت تنظر إليها كل يوم و تقول:إن يوما تجولين دما ليوم عظيم (2).

ه-عن سعيد بن أبي هند:في تاريخ ابن عساكر و ذخائر العقبى و تذكرة خواص الأمة و غيرها و اللفظ للأول عن عبد اللّه بن سعيد بن أبي هند عن أبيه قال:

قالت أم سلمة رضي اللّه عنها.كان النبي صلّى اللّه عليه و اله نائما في بيتي فجاء حسين رضي اللّه عنه يدرج فقعدت على الباب فأمسكته مخافة أن يدخل فيوقظه،ثم غفلت في شيء فدب فدخل فقعد على بطنه قالت:فسمعت نحيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فجئت فقلت:يا رسول اللّه و اللّه ما علمت به فقال:إنما جاءني جبريل عليه السّلام-و هو على بطني قاعد-3.

ص: 73


1- معجم الطبراني ح-53 ص 125،مجمع الزوائد 188/9-189،و كنز العمال 265/16، و فى ذخائر العقبى ص 147 بإيجاز،و راجع نظم الدرر ص 215 للحافظ جمال الدين الزرندي.
2- معجم الطبراني ح-51 ص 124،و تاريخ ابن عساكر ح 622،و تهذيبه 325/4،و بايجاز في ذخائر العقبى ص 147،و مجمع الزوائد 189/9،و راجع طرح التثريب للحافظ العراقي 42/1، و المواهب اللدنية 195/2،و الخصائص الكبرى للسيوطي 152/2،و الصراط السوي للشيخاني المدني 93،و جوهرة الكلام ص 120،و الروض النضير 92/1-93.

فقال لي:أتحبه؟

فقلت:نعم.

قال:إن أمتك ستقتله،ألا أريك التربة التي يقتل بها؟

قال:فقلت:بلى قال:فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة.

قالت:و إذا في يده تربة حمراء و هو يبكي و يقول:يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟ (1).

و-عن شهر بن حوشب:في فضائل ابن حنبل و تاريخ ابن عساكر و ذخائر العقبى و غيرها و اللفظ للأول،عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت:كان جبريل عند النبي صلّى اللّه عليه و اله معي فبكى فتركته فدنا من النبي صلّى اللّه عليه و اله فقال جبريل:أتحبه يا محمد؟

فقال:نعم،قال:إن أمتك ستقتله و ان شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، فأراه إياها فإذا الأرض يقال لها:كربلاء (2)2.

ز-عن داود:في تأريخ ابن عساكر و غيره و اللفظ له،عن داود،قال:قالت أم سلمة:دخل الحسين على رسول اللّه ففزع،فقالت أم سلمة:مالك يا رسول اللّه؟

قال:إن جبريل أخبرني أن ابني هذا يقتل و انه اشتد غضب اللّه على من يقتله (3).3.

ص: 74


1- تاريخ ابن عساكر ح-626،و ذخائر العقبى ص 147،و راجع الفصول المهمة ص 154، و تذكرة خواص الأمة 142 نقلا عن الإمام الحسين عليه السلام و أمالي الشجري ص 163 و 166 و 181.
2- فضائل الحسن و الحسين عن كتاب الفضائل تأليف أحمد بن حنبل ح-44 ص 23 من المجموعة و طبقات ابن سعد ح-272،و تاريخ ابن عساكر ح-624،و العقد الفريد في الخلفاء و تواريخهم و قد أسنده إلى أم سلمة،و ذخائر العقبى ص 147.
3- تاريخ ابن عساكر ح-623،و تهذيبه 325/4،كنز العمال 112/23،و الروض النضير /1 93.

ح-في معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و غيرهما و اللفظ للأول،عن أم سلمة قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقتل الحسين بن علي عليه السّلام على رأس ستين من مهاجري (1).

ط-في معجم الطبراني عن أم سلمة،قالت:قال رسول اللّه يقتل الحسين حين يعلوه القتير.

قال الطبراني:القتير:الشيب (2).

10-روايات عائشة

أ-عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في تاريخ ابن عساكر و مقتل الخوارزمي و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ للثاني،عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، قالت:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أجلس حسينا على فخذه فجاء جبريل إليه،فقال:هذا ابنك؟

قال:نعم.

قال:أما ان أمتك ستقتله بعدك،فدمعت عينا رسول اللّه،فقال جبريل:إن شئت أريتك الأرض التي يقتل فيها؟

قال:نعم فأراه جبريل ترابا من تراب الطف.

و في لفظ آخر:فأشار له جبريل إلى الطف بالعراق فأخذ تربة حمراء،فأراه إياها

ص: 75


1- ترجمة الحسين ح-41 ص 121 من المجموعة،و تاريخ ابن عساكر ح-634،و تهذيبه /4 325،و مجمع الزوائد 189/9،و مقتل الخوارزمي 161/1،و أمالي الشجري ص 184.
2- ترجمة الحسين من معجم الطبراني ح-42 ص 121 من المجموعة،و أمالي الشجري ص 184.

فقال:هذه من تربة مصرعه (1).

ب-عن عروة بن الزبير:في مجمع الطبراني و غيره و اللفظ له،عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي اللّه عنها،قالت:دخل الحسين بن علي رضي اللّه عنه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو يوحي إليه فنزا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هو منكب و لعب على ظهره فقال جبريل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:أتحبه يا محمد؟

قال:يا جبريل و مالي لا أحب ابني؟

قال:فإن أمتك ستقتله من بعدك،فمد جبريل عليه السّلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال:

في هذه الأرض يقتل ابنك هذا يا محمد و اسمها الطف،فلما ذهب جبريل عليه السّلام من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و التربة في يده يبكي فقال:يا عائشة ان جبريل عليه السّلام أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطف،و ان أمتي ستفتتن بعدي،ثم خرج إلى أصحابه،فيهم علي و أبو بكر و عمر و حذيفة و عمار و أبو ذر،رضي اللّه عنهم و هو يبكي فقالوا:ما يبكيك يا رسول اللّه؟

فقال:أخبرني جبريل:إن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف و جاءني بهذه التربة و أخبرني أن فيها مضجعه (2).

ج-عن المقبري:في طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر و اللفظ للثاني،عن عثمان بن مقسم عن المقبري عن عائشة قالت:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله راقد إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحيته عنه ثم قمت لبعض أمري فدنا منه فاستيقظ يبكي.6.

ص: 76


1- طبقات ابن سعد ح-269 تاريخ ابن عساكر بترجمة الحسين ح-627،و مقتل الخوارزمي /1 159 و اللفظ له.
2- بترجمة الحسين(ع)من معجم الطبراني ح-48 و ص 123 من المجموعة،و مجمع الزوائد 9 187/،و راجع اعلام النبوة للماوردي ص 83،و أمالي الشجري ص 166.

فقلت:ما يبكيك؟

قال:إن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين،فاشتد غضب اللّه على من يسفك دمه،و بسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء فقال:يا عائشة و الذي نفسي بيده انه ليحزنني،فمن هذا من أمتي يقتل حسينا بعدي (1)؟

د-عن عبد اللّه بن سعيد،في طبقات ابن سعد و معجم الطبراني و غيرهما و اللفظ للأخير عن عبد اللّه بن سعيد عن أبيه عن عائشة:إن الحسين بن علي دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله،يا عائشة ألا أعجبك لقد دخل علي ملك آنفا ما دخل علي قط فقال:إن ابني هذا مقتول،و قال:إن شئت أريتك تربة يقتل فيها،فتناول الملك بيده فأراني تربة حمراء (2).

و عن أم سلمة أو عائشة،كما في مسند أحمد و فضائله و طبقات ابن سعد و تاريخ الإسلام و سير النبلاء للذهبي و مجمع الزوائد و اللفظ للأول،عن عبد اللّه بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة-شك عبد اللّه أن النبي قال لإحداهما:لقد دخل على البيت ملك لم يدخل علي قبلها،فقال لي:إن ابنك هذا حسين مقتول،و ان شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها،قال:فأخرج تربة حمراء (3).ح.

ص: 77


1- ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح-270 و تاريخ ابن عساكر ح-628.
2- حديث ابن عساكر ح-627،و معجم الطبراني ح-49 ص 124 من المجموعة،و كنز العمال 113/13،و تاريخ ابن كثير 199/8.
3- مسند أحمد 294/6 و بترجمة الحسين من فضائل أحمد ح-10،و تاريخ ابن عساكر ح- 625،و قال الذهبي في تاريخ الاسلام 11/3،اسناده صحيح.

11-رواية معاذ بن جبل:

في معجم الطبراني و مقتل الخوارزمي و كنز العمال و اللفظ للأول،عن عبد اللّه ابن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أخبره قال:خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله متغير اللون فقال:أنا محمد أوتيت فواتح الكلام و خواتمه،فأطيعوني ما دمت بين أظهركم،فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب اللّه عزّ و جلّ أحلّوا حلاله،و حرّموا حرامه، أتتكم المؤتية بالروح و الراحة،كتاب اللّه من اللّه سبق،أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، كلما ذهب رسل جاء رسل،تناسخت النبوة فصارت ملكا رحم اللّه من أخذها بحقها،و خرج منها كما دخلها.

أمسك يا معاذ و احص،قال:فلما بلغت خمسة.

قال:يزيد لا يبارك اللّه في يزيد،ثم ذرفت عيناه،ثم قال:نعي إلي حسين، و أوتيت بتربته،و أخبرت بقاتله،و الذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلاّ خالف اللّه بين صدورهم و قلوبهم،و سلّط عليهم شرارهم و ألبسهم شيعا،ثم قال:واها لفراخ آل محمد صلّى اللّه عليه و اله من خليفة مستخلف مترف،يقتل خلفي و خلف الخلف.الحديث (1).

12-رواية سعيد بن جمهان

في تاريخ ابن عساكر و الذهبي و ابن كثير و اللفظ للأول،عن سعيد بن جمهان:

أن النبي صلّى اللّه عليه و اله أتاه جبريل بتراب من تراب القرية التي يقتل بها الحسين،فقال:اسمها

ص: 78


1- معجم الطبراني ح-95 ص 140،و مقتل الخوارزمي 160-161،و كنز العمال 113/13.

كربلاء،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كرب و بلاء (1).

13-روايات ابن عباس

أ-أبو الضحى:في مقتل الخوارزمي،عن أبي الضحى،عن ابن عباس قال:ما كنا نشك أهل البيت و هم متوافرون ان الحسين بن علي يقتل بالطف (2).

ب-سعيد بن جبير:في تاريخ ابن عساكر،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس، قال:أوحى اللّه تعالى:يا محمد،إني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا،و اني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا،و سبعين ألفا (3).

و سنذكر بقية رواياته في باب سبب استشهاد الحسين عليه السّلام إن شاء اللّه تعالى.

و روى ابن قولويه في باب قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن الحسين عليه السّلام تقتله أمته من بعده في كامل الزيارة سبع روايات عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله (4).

14-رواية أنس بن الحارث و استشهاده

في تاريخ البخاري و ابن عساكر و الاستيعاب و غيرها ان أنس بن الحارث بن نبيه قتل مع الحسين،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:ان ابني هذا-يعنى الحسين-يقتل بأرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك فلينصره،فخرج أنس ابن

ص: 79


1- تاريخ ابن عساكر ح-632،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و تاريخ ابن كثير 200/8.
2- مقتل الخوارزمي 16/1.
3- تاريخ ابن عساكر ح-684،و تهذيبه 339/4،و أمالي الشجري ص 160.
4- كامل الزيارة ص 68-71 الباب 22.

الحارث إلى كربلاء فقتل بها مع الحسين.

و في مثير الأحزان:خرج أنس بن الحارث الكاهلي و هو يقول:

قد علمت كاهلنا و ذودان و الخندفيون و قيس علان

بأن قومي آفة للأقران يا قوم كونوا كأسود خفان

و استقبلوا القوم بضرب الان آل علي شيعة الرحمن

و آل حرب شيعة الشيطان (1)

15-رجل من بنى أسد:

روى كل من ابن سعد و ابن عساكر عن العريان بن هيثم بن الأسود النخعي الكوفي الأعور،قال:كان أبي يتبدى (2)فينزل قريبا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين،فكنا لا نبدو (3)إلاّ وجدنا رجلا من بني أسد هناك،فقال له أبي:إني أراك ملازما هذا المكان؟

قال:بلغني ان حسينا يقتل هاهنا،فأنا اخرج لعلي أصادفه،فأقتل معه،فلما قتل الحسين،قال أبي:إنطلقوا ننظر،هل الأسدي في من قتل؟و اتينا المعركة فطوفنا فإذا الأسدي مقتول (4).

أوردنا في ما سبق من الأحاديث التي فيها إنباء باستشهاد الإمام الحسين قبل وقوعه،ما رواها الفريقان أو ما تفرّد بروايتها أتباع مدرسة الخلفاء،و تركنا ايراد

ص: 80


1- ترجمة أنس بن الحارث في الجرح و التعديل للرازي 287/1،و تاريخ البخاري الكبير 30/1 رقم الترجمة 1583.
2- يتبدى أي يقيم في البادية.
3- نبدو أي نخرج إلى البادية.
4- بترجمة الحسين من كل من طبقات ابن سعد ح-280،و تاريخ ابن عساكر ح-666.

ما تفرّد بروايتها أتباع مدرسة أهل البيت (1)و تخيرنا في ما رواها الفريقان لفظ روايات مدرسة الخلفاء،و ينبغي ان نبحث بعد هذا عن سبب استشهاد الإمام الحسين و نرجع في هذا البحث في ما يلي إلى كتب الفريقين المشهورة دونما تخير رواية فريق على آخر (2).6.

ص: 81


1- مثل ما روى الصدوق في أماليه ط.النجف،ص 112،و ط.دار الكتب الإسلامية طهران سنة 1355 ش هش ص 126-127 عن ميثم رواية مفصلة و ما ورد في أمالي الشيخ الطوسي(ره)/1 323-4،و مثير الأحزان ص 9-13.
2- معالم المدرستين للعسكري:/3-4426.

16-روايات الإمام علي عليه السلام

أ-عن أبي حبرة:في ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام بمعجم الطبراني عن أبي حبرة، قال:صحبت عليا عليه السّلام حتى أتى الكوفة فصعد المنبر،فحمد اللّه و أثنى عليه،ثم قال:

كيف أنتم إذا نزل بذرية نبيكم بين ظهرانيكم؟

قالوا:إذن نبلي اللّه فيهم بلاءا حسنا،فقال:و الذي نفسي بيده لينزلن بين ظهرانيكم و لتخرجن إليهم فلتقتلنهم ثم أقبل يقول:

هم أوردوهم بالغرور و عردوا أجيبوا نجاة لا نجاة و لا عذرا (1).

ب-عن هانئ بن هانئ في معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و تاريخ الإسلام للذهبي و غيرها و اللفظ لابن عساكر عن هانئ بن هانئ عن علي،قال:يقتل الحسين ابن علي قتلا و اني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها،يقتل بقرية(بتربة)قريبة من النهرين (2).

ج-في مقتل الخوارزمي:إن أمير المؤمنين علي عليه السّلام لما سار إلى صفين نزل بكربلاء و قال لابن عباس:أتدري ما هذه البقعة؟

ص: 82


1- معجم الطبراني ح-57 ص 128،و فى مجمع الزوائد 191/9"أجيبوا دعاه،و أنساب الأشراف للبلاذري ص 38 عن مجاهد بإيجاز.
2- معجم الطبراني ح-57،ص-128،و فى لفظه:ليقتلن الحسين قتلا،و انى لأعرف التربة التي يقتل فيها قريبا من النهرين،و تاريخ الإسلام للذهبي 11/3،و سير النبلاء له 195/3، و مجمع الزوائد 190/9،و كنز العمال 279/16،و من كتب حديث أهل البيت بكامل الزيارة ص- 72.

قال:لا،قال:لو عرفتها لبكيت بكائي،ثم بكى بكاء شديدا،ثم قال:مالي و لآل أبي سفيان؟ثم التفت إلى الحسين.

و قال:صبرا يا بني فقد لقى أبوك منهم مثل الذي تلقى بعده (1).

د-عن الحسن بن كثير،في صفين:عن الحسن بن كثير،عن أبيه:إن عليا أتى كربلاء فوقف بها،فقيل:يا أمير المؤمنين هذه كربلاء؟

قال:ذات كرب و بلاء،ثم أوما بيده إلى مكان فقال هاهنا موضع رحالهم،و مناخ ركابهم،و أومأ إلى موضع آخر فقال:هاهنا مهراق دمائهم (2).

ه-عن الأصبغ بن نباتة:و في ذخائر العقبى و غيره،عن الأصبغ بن نباتة قال:

أتينا مع علي فمررنا بموضع قبر الحسين،فقال علي:هاهنا مناخ ركابهم،و هاهنا موضع رحالهم،هاهنا مهراق دمائهم،فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكى عليهم السماء و الأرض (3).

و-عن غرفة الأزدي:في أسد الغابة،عن غرفة الأزدي قال:دخلني شك من شأن على خرجت معه على شاطئ الفرات فعدل عن الطريق و وقف،و وقفنا حوله، فقال بيده:هذا موضع رواحلهم و مناخ ركابهم و مهراق دمائهم بأبي من لا ناصر له في الأرض و لا في السماء إلاّ اللّه،فلما قتل الحسين خرجت حتى أتيت المكان الذي قتلوا فيه فإذا هو كما قال ما أخطأ شيئا قال:فاستغفرت اللّه مما كان منى من الشك،ه.

ص: 83


1- مقتل الخوارزمي 162/1.
2- صفين لنصر بن مزاحم ص 142،و شرح نهج البلاغة 278/1.
3- ذخائر العقبى ص 97،و راجع دلائل النبوة لأبي نعم 211/3،و فى تذكرة خواص الأمة ص 142 هذا مصرع الرجل ثم ازداد بكاؤه.

و علمت أن عليا رضي اللّه عنه لم يقدم إلاّ بما عهد إليه فيه (1).

ز-عن أبي جحيفة:في صفين لنصر بن مزاحم عن أبي جحيفة قال:جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب،فسأله و أنا أسمع،فقال:حديث حدثتنيه عن علي بن أبي طالب،قال:نعم،بعثني مخنف بن سليم إلى علي فأتيته بكربلاء،فوجدته يشير بيده و يقول:هاهنا،هاهنا فقال له رجل:و ما ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال:ثقل لآل محمد ينزل هاهنا فويل لهم منكم،و ويل لكم منهم فقال له الرجل:ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين قال:ويل لهم منكم تقتلونهم،و ويل لكم منهم:يدخلكم اللّه بقتلهم النار.

و قد روى هذا الكلام على وجه آخر:أنه عليه السّلام قال فويل لكم منهم و ويل لكم عليهم قال الرجل:أما ويل لنا منهم فقد عرفت و ويل لنا عليهم ما هو؟

قال:ترونهم يقتلون و لا تستطيعون نصرهم (2).

و روي بوجه ثالث قال:جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب فسأله و أنا أسمع، فقال:حديث حدثتنيه عن عليّ بن أبي طالب قال:نعم،بعثني مخنف بن سليم إلى علي فأتيته بكربلا فوجدته يشير بيده و يقول:

«هاهنا،هاهنا».

فبدر إليه رجل فقال له:

«ما ذلك يا أمير المؤمنين؟».

قال عليه السّلام:«ثقل لآل محمد ينزل هاهنا فويل لهم منكم،و ويل لكم منهم».

و لم يعرف الرجل معنى كلامه،فقال:2.

ص: 84


1- أسد الغابة 169/4
2- صفين نصر بن مزاحم ص 142.

«ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟!!».

فقال عليه السّلام:«ويل لهم منكم تقتلونهم،و ويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم النار» (1).

ح-عون بن أبي جحيفة:في تاريخ ابن عساكر،عن عون بن أبي جحيفة،قال:

إنا لجلوس عند دار أبى عبد اللّه الجدلي،فأتانا ملك بن صحار الهمداني،فقال:

دلوني على منزل فلان،قال:قلنا له:ألا ترسل فيجئ؟إذ جاء فقال:أتذكر إذ بعثنا أبو مخنف إلى أمير المؤمنين و هو بشاطئ الفرات،فقال:ليحلن هاهنا ركب من آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يمر بهذا المكان فيقتلونهم فويل لكم منهم و ويل لهم منكم (2).

ط-في تاريخ ابن كثير:روى محمد بن سعد و غيره من غير وجه عن علي بن أبي طالب:انه مر بكربلاء عند أشجار الحنظل و هو ذاهب إلى صفين فسأل عن اسمها فقيل:كربلاء.

فقال:كرب و بلاء،فنزل و صلى عند شجرة هناك ثم قال:يقتل هاهنا شهداءهم خير الشهداء غير الصحابة،يدخلون الجنة بغير حساب-و أشار إلى مكان هناك- فعلّموه بشيء،فقتل فيه الحسين (3).

ي-عن نجى الحضرمي:في مسند أحمد و معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و غيرها و اللفظ للأول،عن عبد اللّه بن نجي عن أبيه:أنه سار مع علي رضي اللّه عنه، فلما جاءوا نينوى و هو منطلق إلى صفين،فنادى على:إصبر أبا عبد اللّه إصبر أبا عبد اللّه!بشط الفرات،قلت:و ماذا؟

قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ذات يوم و عيناه تفيضان.9.

ص: 85


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:306/1.
2- تاريخ ابن عساكر ح-635 و تهذيبه 325/4.
3- تاريخ ابن كثير 199/8-200،و مجمع الزوائد 191/9.

قلت:يا نبي اللّه أغضبك أحد؟ما شأن عينيك تفيضان؟

قال:بل قام من عندي جبريل قبل،فحدثني:أن الحسين يقتل بشط الفرات،قال فقال:هل لك إلى أن أشهدك من تربته؟

قال:قلت:نعم،فمديده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها،فلم أملك عيني أن فاضتا (1).

و في رواية:و كان صاحب مطهرته فلما حاذوا نينوى و هو منطلق إلى صفين نادى على:صبرا أبا عبد اللّه صبرا أبا عبد اللّه بشط الفرات،قلت:و من ذا أبو عبد اللّه..هل لك أن أشمك من تربته. (2)

ك-عن عامر الشعبي:في طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر و الذهبي و تذكرة خواص الأمة عن عامر الشعبي:أن عليا قال و هو بشط الفرات:صبرا أبا عبد اللّه ثم قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عيناه تفيضان،فقلت:أحدث حدث؟

قال:أخبرني جبريل أن حسينا يقتل بشاطئ الفرات ثم قال:أتحب أن أريك من تربته؟

قلت:نعم،فقبض قبضة من تربتها فوضعها في كفي فما ملكت عيني أن فاضتا (3).

ل-عن كدير الضبي:في تاريخ ابن عساكر عن كدير الضبي قال:بينا أنا مع علي بكربلاء،بين أشجار الحرمل،-إذ-أخذ بعرة ففركها،ثم شمّها،ثم قال:2.

ص: 86


1- في مسند أحمد 85/1.
2- كما في أحاديث تاريخ ابن كثير،و الروض النضير 92/1.
3- طبقات ابن سعد ح-173،و تاريخ ابن عساكر ح-614 ص 393،و تاريخ الإسلام للذهبي /3 10،و النبلاء 194/3،و أشار إليه ابن كثير في 199/8 من تاريخه و تذكره خواص الأمة ص 142.

ليبعثن اللّه من هذا الموضع قوما يدخلون الجنة بغير حساب (1).

م-عن هرثمة:في معجم الطبراني عن هرثمة،كنت مع علي عليه السّلام بنهري كربلا فمر بشجرة تحتها بعر غزلان فأخذ منه قبضة فشمّها،ثم قال:يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب (2).

حدّث هرثمة بن سليم قال:غزونا مع علي بن أبي طالب غزوة صفين،فلما نزلنا بكربلا صلى بنا صلاة،فلما سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ثم قال:«واها لك أيتها التربة،ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب».

و بهر هرثمة.و ظل حديث الإمام يراوده في كل فترة،و كان منكرا له فلما رجع إلى زوجته جرداء بنت سمير،و كانت شيعة لعلي حدّثها بما سمعه من الإمام، فقالت له:

«دعنا منك أيها الرجل فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا».

و لم تمض الأيام حتى بعث ابن زياد بجيوشه لحرب ريحانة رسول الله و كان فيهم هرثمة فلما انتهى إلى كربلا و رأى الحسين و أصحابه تذكر قول الإمام أمير المؤمنين فكره حربه،و أقبل على الإمام الحسين،و أخبره بما سمعه من أبيه،فقال له الإمام:

-معنا أنت أو علينا؟

-لا معك،و لا عليك،تركت أهلي و ولدي،و أخاف عليهم من ابن زياد.

فنصحه الإمام،و قال له:

«ولّ هاربا حتى لا ترى لنا مقتلا،فو الذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم8.

ص: 87


1- تاريخ ابن عساكر ح-638،و تهذيبه 326/4.
2- معجم الطبراني ح-59 ص 128.

رجل،و لا يغيثنا إلا أدخله الله النار..».

و انهزم هرثمة من كربلا و لم يشهد مقتل الإمام الحسين (1).

و قد روى عن هرثمة حضوره مع الإمام علي بكربلاء و ما تبع ذلك غير واحد و كل راو يؤيد ما قاله الآخر كما نذكره في ما يلي:

1-رواية نشيط مولى هرثمة:في مقتل الخوارزمي بسنده إلى نشيط أبى فاطمة قال:جاء مولاي هرثمة من صفين فأتيناه فسلّمنا عليه فمرّت شاة و بعرت فقال:لقد ذكرتني هذه الشاة حديثا.

أقبلنا مع علي و نحن راجعون من صفين فنزلنا كربلاء،فصلّى بنا الفجر بين شجرات ثم أخذ بعرات من بعر الغزال ففتها في يده،ثم شمّها فالتفت إلينا و قال:

يقتل في هذا المكان قوم يدخلون الجنة بغير حساب (2).

2-رواية أبى عبد اللّه الضبي:في طبقات ابن سعد و تاريخ ابن عساكر بسنده عن أبي عبد اللّه الضبي قال:دخلنا على ابن هرثم (3)الضّبي حين أقبل من صفّين، و هو مع علي-و هو جالس على دكان له-و له امرأة يقال لها جرداء هي أشد حبا لعلي و أشد لقوله تصديقا-فجاءت شاة له فبعرت فقال لها:لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثا لعلي،قالوا:و ما علم[عليّ]بهذا؟

قال:أقبلنا مرجعنا من صفّين فنزلنا كربلاء،فصلّى بنا علي صلاة الفجر بينة.

ص: 88


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:306/1.
2- مقتل الخوارزمي 165/1-166 و فى لفظ أبو هرثمة.
3- في نسخة:هرثمة.

شجيرات و دوحات حرمل (1)،ثم أخذ كفا من بعر الغزلان فشمّه ثم قال:أوه أوه يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب،قال:قالت جرداء:و ما تنكر من هذا؟هو أعلم بما قال منك،نادت بذلك و هي في جوف البيت (2).

3-عن هرثمة بن سليم:عن أبي عبيدة،عن هرثمة بن سليم قال:غزونا مع علي بن أبي طالب غزوة صفين،فلما نزلنا بكربلاء صلّى بنا صلاة،فلما سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ثم قال:واها لك أيتها التربة،ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

فلما رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته-و هي جرداء بنت سمير،و كانت شيعة لعلى فقال لها زوجها هرثمة:ألا أعجبك من صديقك أبى الحسين؟لما نزلنا كربلا رفع إليه من تربتها فشمّها و قال:واها لك يا تربة،ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب و ما علمه بالغيب؟

فقالت:دعنا منك أيها الرجل،فإن أمير المؤمنين لم يقل إلاّ حقا.

فلما بعث عبيد اللّه بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن علي و أصحابه،قال:

كنت فيهم في الخيل التي بعث إليهم،فلما انتهيت إلى القوم و حسين و أصحابه عرفت المنزل الذي نزل بنا علي فيه و البقعة التي رفع إليه من ترابها،و القول الذي قاله،فكرهت مسيري،فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسين،فسلّمت عليه، و حدّثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل،فقال الحسين عليه السّلام:معنا أنت أو علينا؟

فقلت يا ابن رسول اللّه لا معك و لا عليك.

تركت أهلي و ولدي و عيالي أخاف عليهم من ابن زياد.ت.

ص: 89


1- حرمل:نبات حبة كحبة السمسم.
2- في طبقات ابن سعد ح-276،و تاريخ ابن عساكر ح-636،و فى مقتل الخوارزمي 165/1 عن نشيط أبى فاطمة قال:جاء مولاي أبو هرثمة من صفين فاتيناه فسلمنا عليه فمرت شاة فبعرت.

فقال الحسين:فول هربا حتى لا ترى لنا مقتلا،فو الذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل و لا يغيثنا إلاّ أدخله اللّه النار.

قال:فأقبلت في الأرض هاربا حتى خفى علي مقتلهم (1).

4-عن جرداء بنت سمير:عن زوجها هرثمة بن سلمى،قال:خرجنا مع علي في بعض غزواته،فسار حتى انتهى إلى كربلاء،فنزل إلى شجرة فصلّى تحتها فأخذ تربة من الأرض فشمّها،ثم قال:واها لك تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

قال:فقفلنا من غزوتنا و قتل علىّ و نسيت الحديث،قال:و كنت في الجيش الذين ساروا إلى الحسين فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة،فذكرت الحديث،فتقدمت على فرس لي فقلت:أبشرك يا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و حدثته الحديث،قال:معنا أو علينا؟

قلت:لا معك و لا عليك،تركت عيالا و تركت-كذا و كذا- (2)قال:أما لا فول في الأرض،فو الذي نفس حسين بيده،لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلاّ دخل جهنم.

فانطلقت هاربا موليا في الأرض حتى خفي على مقتله (3).

ن-عن شيبان بن مخرم في معجم الطبراني و تاريخ ابن عساكر و مجمع الزوائد و غيرها و اللفظ لابن عساكر عن ميمون عن شيبان بن مخرم-و كان عثمانيا يبغض عليا-قال:رجعنا مع علي إلى صفين فانتهينا إلى موضع،قال:4.

ص: 90


1- صفين لابن مزاحم ص 140-141،و تاريخ ابن عساكر ح 636 و 638 باختصار و أمالي الشجري ص 184.
2- تهذيب ابن عساكر 328/4.
3- تاريخ ابن عساكر ح 677،و أمالي الشجري ص 184.

فقال:ما إسم هذا الموضع؟

قال:قلنا:كربلاء قال:كرب و بلاء.

قال:ثم قعد على دابته،و قال يقتل هاهنا قوم أفضل شهداء على ظهر الأرض لا يكون شهداء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:قلت بعض كذباته و رب الكعبة.

قال:فقلت لغلامي،و ثمة حمار ميت:جئني برجل هذا الحمار فأوتدته في المقعد الذي كان فيه قاعدا،فلما قتل الحسين قلت لأصحابنا:إنطلقوا ننظر،فانتهينا إلى المكان فإذا جسد الحسين على رجل الحمار و إذا أصحابه ربضة حوله (1).

و أخرج ابن قولويه في باب قول أمير المؤمنين في قتل الحسين من كامل الزيارة أربعة أحاديث (2).

خبر عبد اللّه بن يحيى:

-روى عبد الله بن يحيى عن أبيه أنه سافر مع علي إلى صفين،و كان صاحب مطهرته،فلما حاذوا نينوى،تأثر الإمام،و رفع صوته قائلا:

«صبرا أبا عبد الله،صبرا أبا عبد الله،بشط الفرات!».

فذهل يحيى،و انبرى يقول:«من ذا أبو عبد الله؟».

فأجابه الإمام و قلبه يتقطع ألما و حزنا قائلا:

«دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عيناه تفيضان،فقلت يا نبي الله أغضبك أحد؟ما شأن عينيك تفيضان؟

ص: 91


1- ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح-275،و تاريخ ابن عساكر ح-675،و تهذيب ابن عساكر 337/4-338
2- كامل الزيارة باب 23 ص 71-72.

قال:قام من عندي حبرائيل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات،و قال:هل لك أن أشمك من تربته؟

قال:قلت:نعم فقبض قبضة فأعطانيها،فلم أملك عيني أن فاضتا» (1).

خبر سويد بن غفلة

-روى ثابت عن سويد بن غفلة أن عليا عليه السّلام خطب ذات يوم فقام رجل من تحت منبره،فقال:

يا أمير المؤمنين إني مررت بوادي القرى،فوجدت خالد بن عرفطة قد مات، فاستغفر له فقال عليه السّلام:

«و الله ما مات و لا يموت حتى يقود جيش ضلالة،صاحب لوائه حبيب بن حمار».

فقام إليه رجل و رفع عقيرته قائلا:

«يا أمير المؤمنين،أنا حبيب بن حمار،و إني لك شيعة و محب».

فقال الإمام:

«أنت حبيب بن حمار؟».

«نعم».

و كرر الإمام قوله:«أنت حبيب»و هو يقول:نعم،فقال عليه السّلام:

«إي و الله إنك لحاملها،و لتحملنها،و لتدخلن من هذا الباب-و أشار إلى باب الفيل بمسجد الكوفة-.».

قال ثابت:و الله ما مت حتى رأيت ابن زياد،و قد بعث عمر بن سعد إلى الحسين

ص: 92


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:305/1.

ابن علي،و جعل خالد بن عرفطة على مقدمته،و حبيب بن حمار صاحب رايته فدخل بها من باب الفيل (1).

خبر البراء

-قال عليه السّلام للبراء بن عازب:«يا براء أيقتل الحسين و أنت حي فلا تنصره؟!»

فقال البراء:لا كان ذلك يا أمير المؤمنين،و لما قتل الحسين ندم البراء و تذكر مقالة الإمام أمير المؤمنين فكان يقول:«أعظم بها حسرة إذ لم أشهده و أقتل دونه» (2).

ما رواه ابن أبي الحديد

-و خطب الإمام أمير المؤمنين فكان من جملة خطابه:«سلوني قبل أن تفقدوني، فو الله لا تسألوني عن فئة تضل مائة،أو تهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها و سائقها،و لو شئت لأخبرت كل واحد منكم بمخرجه و مدخله،و جميع شأنه»فانبرى إليه الوغد الخبيث تميم بن أسامة التميمي فقال ساخرا و مستهزئا:

«كم في رأسي طاقة شعر؟..».

فرمقه الإمام بطرفه و قال له:

«أما و الله إني لأعلم ذلك،و لكن أين برهانه لو أخبرتك به،و لقد أخبرتك بقيامك و مقالك،و قيل لي:إن على كل شعرة من شعر رأسك ملكا يلعنك،و شيطانا

ص: 93


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:308/1.
2- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:308/1

يستفزك،و آية ذلك أن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله صلّى اللّه عليه و اله،و يحض على قتله..».

يقول ابن أبي الحديد:«فكان الأمر بموجب ما أخبر به عليه السّلام كان ابنه حصين- بالصاد المهملة-يومئذ طفلا صغيرا يرضع اللبن،ثم عاش إلى أن صار على شرطة عبيد الله بن زياد،و أخرجه عبيد الله إلى عمرو بن سعد يأمره بمناجزة الحسين و يتوعده على لسانه إن أرجأ ذلك،فقتل عليه السّلام صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته» (1).

كما رواه الطبراني:

-روى الطبراني بسنده عن علي أنه قال:«ليقتلن الحسين،و اني لأعرف التربة التي يقتل فيها بين النهرين» (2).

ما رواه القرشي

-قال أمير المؤمنين:«كأني بالقصور و قد شيدت حول قبر الحسين عليه السّلام و كأني بالأسواق و قد حفّت حول قبره،و لا تذهب الأيام و الليالي حتى يسار إليه من الآفاق، و ذلك بعد انقطاع بني مروان».

و تحقق ما أخبر به الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام الذي هو باب مدينة علم النبي صلّى اللّه عليه و اله و مستودع أسراره و حكمته،فإنه لم تكد تنقرض الدولة الأموية حتى ظهر مرقد ريحانة رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و أصبح حرم الله الأكبر الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين،

ص: 94


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:308/1.
2- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:306/1.

و تتلهف على زيارته ملايين المسلمين،و تشد إليه الرحال من كل فج عميق، فالسعيد السعيد الذي يحظى بالتبرك بزيارته و يلثم أعتاب مرقده.

لقد أصبح مرقده العظيم عند المسلمين و غيرهم رمزا للكرامة الإنسانية و منارا مشرقا لكل تضحية تقوم على الحق و العدل،و عنوانا فذا لأقدس ما يشرف به هذا الحي من بين سائر الأحياء في جميع الأعصار و الآباد.

و بهذا ينتهي بنا الحديث عن الحلقة الأولى من هذا الكتاب،و نستقبل الإمام الحسين عليه السّلام في الحلقة الثانية و هي تعرض للأحداث الرهيبة التي منيت بها الخلافة الإسلامية في عهد الإمام علي عليه السّلام،و التي امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا،فقد أدت إلى خذلانه،و إجبار الإمام الحسن على التنازل عن الخلافة و تسلط الطغمة الأموية على رقاب المسلمين،و إخضاعهم للذل،و إرغامهم على ما يكرهون، و تدميرهم للقيم العليا التي جاء هذا الدين ليقيمها في ربوع الأرض (1).

و عن الإمام علي عليه السّلام قال:ليقتل الحسين بن علي قتلا و إني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها،يقتل بقرب قريب من النهرين (2).3.

ص: 95


1- انظر حياة الإمام الحسين للقرشي:305/1-310.
2- سير الأعلام:290/3.

علم الملائكة بقتل الحسين عليه السّلام

1-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز الكوفي قال:حدثني خالي محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:حدثني موسى بن سعدان الحناط عن عبد اللّه بن القاسم الحضرمي عن إبراهيم بن شعيب الميثمي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول إن الحسين بن علي عليه السّلام لما ولد أمر اللّه عز و جل جبرئيل عليه السّلام أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من اللّه و من جبرئيل عليه السّلام قال:و كان مهبط جبرئيل عليه السّلام على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له فطرس كان من الحملة فبعث في شيء فأبطأ فيه فكسر جناحه و ألقي في تلك الجزيرة يعبد اللّه فيها ستمائة عام حتى ولد الحسين عليه السّلام فقال الملك لجبرئيل عليه السّلام أين تريد قال:إن اللّه تعالى أنعم على محمد صلّى اللّه عليه و اله بنعمة فبعثت أهنئه من اللّه و مني فقال يا جبرئيل إحملني معك لعل محمدا صلّى اللّه عليه و اله يدعو اللّه لي قال:فحمله فلما دخل جبرئيل على النبي صلّى اللّه عليه و اله و هنأه من اللّه و هنأه منه و أخبره بحال فطرس فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يا جبرئيل أدخله فلما أدخله أخبر فطرس النبي صلّى اللّه عليه و اله بحاله فدعى له النبي صلّى اللّه عليه و اله و قال له:تمسح بهذا المولود و عد إلى مكانك.

قال:فتمسح فطرس بالحسين عليه السّلام و ارتفع و قال:يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أما إن أمتك ستقتله و له علي مكافاة أن لا يزوره زائر إلا بلّغته عنه و لا يسلّم عليه مسلم إلا بلّغته سلامه و لا يصلّي عليه مصل إلا بلّغته عليه صلاته قال ثم ارتفع (1).

ص: 96


1- كامل الزيارات:67.

الأمر بنصرة الحسين عليه السلام

أنس بن الحارث يقول:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول:«إن ابني هذا-يعني الحسين- يقتل بأرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره» (1).

عن جابر بن عبد اللّه-قال:و حدّثنا مرة أخرى عن أبيه عن جابر-قال:رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو يفحج بين فخذي الحسين و يقبل زبيبته و يقول:«لعن اللّه قاتلك».

قال جابر:فقلت:يا رسول اللّه و من قاتله؟قال:«رجل من أمتي يبغض عترتي لا تناله شفاعتي كأن بنفسه بين أطباق النيران يرسب تارة و يطفو أخرى و إن جوفه ليقول غق غق» (2).

و عن ابن عباس قال:أوحى اللّه تعالى[إلى]محمد صلّى اللّه عليه و سلّم أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا،و أنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا (3).

و في كتاب التخريج عن ابن عبّاس قال:رأيت الحسين عليه السّلام قبل أن يتوجّه إلى العراق على باب الكعبة و كفّ جبرائيل في كفّه و جبرائيل ينادي هلمّوا إلى بيعة اللّه عزّ و جلّ (4).

و عن شريك يرفعه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة في لمة من نسائها فيقال لها:ادخلي الجنة،فتقول:لا أدخل حتى أعلم ما صنع بولديّ

ص: 97


1- أسد الغابة:123/1 ترجمة أنس بن الحارث و 349/1،و ذخائر العقبى:146.
2- تاريخ بغداد:290/3 في ترجمة محمد بن مزيد أبي بكر الخزاعي.
3- تاريخ بغداد:142/1 في ترجمة الحسين بن علي.
4- مناقب آل أبي طالب:211/3.

من بعدي،فيقال لها:انظري في قلب القيامة،فتنظر إلى الحسين عليه السّلام قائما و ليس عليه رأس فتصرخ صرخة و أصرخ لصراخها و تصرخ الملائكة لصراخنا،فيغضب الله لنا عند ذلك فيأمر نارا يقال لها هبهب قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودّت لا يدخلها روح أبدا و لا يخرج منها غمّ أبدا،فيقال لها:التقطي قتلة الحسين عليه السّلام و حملة القرآن،فتلتقطهم فإذا صاروا في حوصلتها صهلت و صهلوا بها و شهقت و شهقوا بها و زفرت و زفروا بها،فينطقون بألسنة زلقة طلقة:يا ربنا بما أوجبت النار لنا قبل عبدة الأوثان؟فيأتيهم الجواب عن الله عز و جل إن من علم ليس كمن لا يعلم (1).

و عن محمد بن سنان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله قال:قال رسول الله صلّى اللّه عليه و اله إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة قبّة من نور و أقبل الحسين رأسه على يده،فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرّب و لا نبي مرسل و لا عبد مؤمن إلا بكى لها،فيمثل الله عز و جل رجلا لها في أحسن صورة و هو يخاصم قتلته بلا رأس،فيجمع الله قتلته،و المجهزين عليه و من شارك في قتله فيقتلهم حتى يأتي على آخرهم،ثم ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين عليه السّلام،ثم ينشرون فيقتلهم الحسن،ثم ينشرون فيقتلهم الحسين عليه السّلام،ثم ينشرون فلا يبقى من ذرّيتنا أحد إلا قتلهم قتلة،فعند ذلك يكشف الله الغيظ و ينسي الحزن.ثم قال أبو عبد الله:رحم الله شيعتنا،شيعتنا و الله هم المؤمنون فقد و الله شاركونا في المصيبة بطول الحزن و الحسرة (2).

و عن أبي عبد الله قال:إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد فينادي مناد:غضّوا أبصاركم و نكّسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد الصراط.7.

ص: 98


1- بحار الأنوار:127/7 ح 6.
2- بحار الأنوار:222/43 ح 7.

قال:فتغضّ الخلائق أبصارهم،فتأتي فاطمة سلام الله عليها على نجيب من نجب الجنة يشيّعها سبعون ألف ملك،فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة،ثم تنزل من نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي عليهما الصلاة و السلام بيدها مضمخا بدمه،و تقول:يا ربّ هذا قميص ولدي الحسين عليه السّلام و قد علمت ما صنع به، فيأتيها النداء من قبل الله عزّ و جلّ:يا فاطمة لك عندي الرضى،فتقول:يا رب انتصر لي من قاتله،فيأمر الله تعالى عنقا من النار فتخرج من جهنم،فتلتقط قتلة الحسين بن علي صلوات الله و سلامه عليهما كما يلتقط الطير الحب،ثم يعود العنق بهم إلى النار،فيعذّبون فيها بأنواع العذاب.

ثم تركب فاطمة سلام الله عليها نجيبها حتى تدخل الجنة و معها الملائكة المشيّعون لها و ذرّيتها بين يديها و أولياؤهم من الناس عن يمينها و شمالها (1).

كأنني بالبتول الطّهر واقفة في الحشر تشكو إلى الرحمن باريها

تأتي و قد ضمخت ثوب الحسين دما فيض النحور البحاري ويل مجريها

تدعو ألا أين مسمومي و يا أسفا على ذبيحي و أسرى من ذراريها

تقول و احزني بل آه وا حسني هذا حسيني قتيل في فيافيها

هذا حسيني رضيض الجسم منجدلا تسفى على جسمه العاري سوافيها

آه على جثث بالطف قد قطعت رؤوسها و هجير السيف يصليها

آه على جثث فيها القنا لعبت و أركضت ماضيات في تراقيها

يا فتية ذبحت في كربلا وثوت على الوجوه عرايا في صحاريها

بنتم فبان لكم سلوان فاطمة و لا عج الوجد بالوجدان يشجيها

ألا لعنة الله على القوم الظالمين،و سيعلم الذين ظلموا آل محمد صلّى الله عليه و عليهم حقّهم أي منقلب ينقلبون.6.

ص: 99


1- الامالي:130 ح 6.

أثر ترك نصرة الإمام الحسين عليه السلام

نقل سبط بن الجوزي عن الواقدي عن ابن الرماح قال:كان بالكوفة شيخ أعمى قد شهد قتل الحسين بن علي،فسألناه عن ذهاب بصره،قال:كنت في القوم و كنا عشرة غير أني لم أضرب بالسيف و لم أطعن برمح،و لا رميت بسهم،فلما قتل الحسين و حمل رأسه رجعت الى منزلي،و أنا صحيح و عيناي كأنهما كوكبان، فنمت تلك الليلة فأتاني آت في منامي و قال:أجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله.

فقلت:ما لي و لرسول اللّه،فأخذ بيدي و انتهرني و لزم بلباتي و انطلق بي الى مكان فيه جماعة و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جالس،و هو مغتم و معتجر حاسر عن ذراعيه، و بيده سيف و بين يديه نطع،فإذا أصحابي العشرة مذبوحون فسلّمت عليه،فقال:

لا سلّم اللّه عليك و لا حياك يا عدو اللّه الملعون،أما استحييت مني تهتك حرمتي،و لم ترع حقي.

قلت يا رسول اللّه:ما قاتلت.

قال:نعم،و لكنك كثّرت السواد،و إذا بطشت عن يمينه فيه دم الحسين عليه السّلام.

فقال:أقعد فجثوت بين يديه،فأخذ مرودا أحماه فكحل به عيني،فأصبحت كما ترون (1).

ص: 100


1- تذكرة الخواص:252 فصل في عقوبة قاتلي الحسين،و جواهر العقدين:419 باب 14 و نقل قصة أخرى عن السري مشابهة،و المشرع الروي:50/1-51.

ما جرى على من لم ينصر الحسين عليه السلام

و عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي كنت بالحيرة ليلة عرفة و كنت أصلّي و ثمّ نحو من خمسين ألفا من الناس جميلة وجوههم طيّبة أرواحهم و أقبلوا يصلّون بالليل أجمع.

فلمّا طلع الفجر سجدت ثمّ رفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّه مرّ بالحسين عليه السّلام خمسون ألف ملك و هو يقتل فلم ينصروه فأهبطوا إلى الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى يوم القيامة (1).

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا أعمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه،فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا.

فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (2).

و في أمالي المفيد عن محمّد بن سليمان عن عمّه قال:صرنا إلى كربلاء و ليس بها موضع نسكنه فبنينا كوخا،فلمّا جاء الليل أشعلنا نفطا و صرنا نتذاكر أمر

ص: 101


1- البحار:226/45 ح 20.
2- مدينة المعاجز:84/4.

الحسين و من قتله.

فقلنا:ما بقي أحد من قتلة الحسين عليه السّلام إلاّ رماه اللّه ببليّة في بدنه.

فقال ذلك الرجل:أنا كنت فيمن قتله و ما أصابني مكروه و أنّكم تكذبون فأمسكنا عنه و قام ليصلح الفتيلة بإصبعه فأخذت النار كفّه فألقى نفسه إلى الفرات فرأيناه يدخل رأسه في الماء و النار على وجه الماء فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك (1).

و عن سعيد المسيّب قال:لمّا قتل مولاي الحسين عليه السّلام حججت البيت فبينما أنا أطوف بالكعبة و إذا أنا برجل مقطوع اليدين و وجهه كالليل المظلم متعلّق بأستار الكعبة و يقول:اللّهم اغفرلي و ما أظنّك تفعل و لو تشفع فيّ سكّان السماوات و الأرض،فاجتمع عليه الناس.

و قالوا:يا ويلك كيف تيأس من رحمة اللّه؟

فقال:يا قوم أنا أعرف بذنبي؛إنّي كنت جمّالا للحسين عليه السّلام لمّا خرج من المدينة إلى العراق و كنت أراه إذا أراد الوضوء يضع سراويله عندي فأرى تكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها و كنت أتمنّاها تكون لي الى أن صرنا بكربلاء و قتل الحسين و هي معه فدفنت نفسي في مكان من الأرض،فلمّا صار الليل خرجت فرأيت من تلك المعركة نورا لا ظلمة و نهارا لا ليلا و القتلى مطروحين على وجه الأرض فذكرت التكة فطلبت الحسين فوجدته مكبوبا على وجهه و هو جثّة بلا رأس و نوره مشرق مرمّل بدمائه فنظرت إلى سراويله كما كنت أراها فضربت يدي إلى التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة حتّى حللت عقدة منها فمدّ يده اليمنى و وضعها على التكة فدعتني نفسي إلى أن أقطع يده فوجدت قطعة سيف فقطعتها و نحّيتها عن التكة فمدّ يده اليسرى و وضعها على التكة فطعنتها بالسيف و مددت1.

ص: 102


1- أمالي الطوسي:163 ح 21.

يدي على التكة فإذا الأرض ترجف و السماء تهتزّ و إذا بجلبة عظيمة و قائل يقول:وا أبتاه وا مقتولاه و اذبيحاه و احسيناه وا غريباه يا بني قتلوك و ما عرفوك و من شرب الماء منعوك.

فرميت نفسي بين القتلى و إذا بثلاث نفر و امرأة و حولهم خلائق وقوف و قد امتلأت الأرض بأجنحة الملائكة و إذا بالحسين قد جلس و رأسه على بدنه و هو يقول:يا جدّاه يا رسول اللّه و يا أبتاه يا أمير المؤمنين و يا امّاه يا فاطمة الزهراء و يا أخاه المقتول بالسمّ عليكم منّي السلام ثمّ بكى و قال:يا جدّاه قتلوا رجالنا و ذبحوا أطفالنا يعزّ و اللّه عليك أن ترى حالنا و ما فعلوا بنا و إذا هم جلسوا يبكون حوله و فاطمة تقول:يا أباه أما ترى ما فعلت أمّتك بولدي فأخذت من دمه و مسحت شعرها و قالت:ألقى اللّه عزّ و جلّ و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين و أخذ منه رسول اللّه و عليّ بن أبي طالب و الحسن و مسحوا به صدورهم و أيديهم إلى المرافق.

و سمعت رسول اللّه يقول:فديتك يا حسين يعزّ عليّ و اللّه أن أراك مقطوع الرأس مكبوبا على قفاك مقطوع الكفّين،يا بني من قطع يدك اليمنى و ثنّى باليسرى؟

فقال:يا جدّاه كان معي جمّال من المدينة و حكى له كما فعلته به.

فبكى النبيّ و أتى إليّ بين القتلى فقال:ما لي و ما لك يا جمّال تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل و ملائكة اللّه و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين سوّد اللّه وجهك يا جمّال في الدّنيا و الآخرة و قطع اللّه يديك و رجليك فشلّت يداي و اسودّ وجهي و بقيت على هذه الحالة فجئت إلى هذا البيت أستشفع و أنا أعلم أنّه لا يغفر لي أبدا،فلم يبق بمكّة أحد إلاّ لعنه و خرج من مكّة (1).

و في كتاب الإحتجاج بالإسناد إلى العسكري عليه السّلام أنّ عليّ بن الحسين عليه السّلام كان يذكر حال من مسخهم اللّه قردة ثمّ قال:إنّ اللّه تعالى مسخ أولئك القوم لاصطياد3.

ص: 103


1- مدينة المعاجز:83/3.

السمك فكيف ترى حال من قتل أولاد رسول اللّه و إن لم يمسخهم في الدّنيا فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

فقيل له:يابن رسول اللّه قال لنا بعض النصّاب إن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم من صيد السمك في السبت فما كان يغضب على قاتليه كما غضب على صيّادي السّمك؟

قال عليّ بن الحسين عليه السّلام:قل لهؤلاء النصاب فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه فأهلك اللّه من شاء منهم كقوم نوح و فرعون و لم يهلك إبليس و هو أولى بالهلاك فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس في عمل الكبائر الموبقة و أمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات ألا كان ربّنا حكيما بتدبيره فيمن أهلك و فيمن استبقى،فكذلك هؤلاء الصيّادون في السبت و هؤلاء القاتلون للحسين يفعل في الفريقين ما يعلم أنّه أولى بالحكمة لا يسأل عمّا يفعل و عباده يسألون (1).

و في كتاب الفردوس قال ابن عبّاس:أوحى اللّه تعالى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّي قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا و أقتل بابن بنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا.

و قال الصادق عليه السّلام:قتل بالحسين صلوات اللّه عليه مائة ألف و ما طلب بثأره و سيطلب بثأره عليّ بن الحسين (2).

و في كتاب المناقب روي أنّ الحسين عليه السّلام قال لعمر بن سعد إنّه ممّا تقرّ به عيني أنّك لا تأكل من برّ العراق بعدي إلاّ قليلا،فقال مستهزئا:يا أبا عبد اللّه في الشعير خلف فكان كما قال لم يصل إلى الري و قتله المختار.

و في أمالي القطان عن ابن عيينة قال:أدركت من قتلة الحسين رجلين أمّا3.

ص: 104


1- الاحتجاج:41/2.
2- مناقب آل أبي طالب:234/3.

أحدهما فإنّه طال ذكره حتّى كان يلفّه.

و في رواية كان يحمله على عاتقه،و أمّا الآخر فكان يستقبل الرواية فيشربها و لا يروى و ذلك إنّه نظر إلى الحسين و قد أهوى إلى فيه بماء و هو يشرب فرماه بسهم فقال الحسين عليه السّلام:لا أرواك اللّه فعطش الرجل حتّى ألقى نفسه في الفرات و شرب حتّى مات (1).

و في خبر أنّه لمّا رماه الدارمي بسهم فأصاب حنكه جعل يتلقّى الدم و يرميه إلى السماء فكان هذا الرجل يصيح من الحرّ في بطنه و البرد في ظهره بين يديه المراوح و الثلج و خلفه الكانون و النار و هو يقول اسقوني فيشرب القربة ثمّ يقول اسقوني أهلكني العطش فانقدّت بطنه و مات لا رحمه اللّه (2).

و في أحاديث ابن الحاشر قال:كان عندنا رجل خرج على الحسين عليه السّلام و انتهب من عسكره زعفرانا و جملا،فلمّا دقّوا الزعفران ضار نارا و كلّ امرأة لطخت منه صارت برصاء و نحروا البعير فخرجت منه النار و طبخوه فضارت القدر نارا (3).

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا به عمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه.

فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا،فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ3.

ص: 105


1- مناقب آل أبي طالب:214/3.
2- مناقب آل أبي طالب:214/3.
3- أمالي الطوسي:727 ح 3.

فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (1).

عن عامر بن سعد البجلي قال:لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام فقال:إن رأيت البراء بن عازب فأقرئه مني السلام،و أخبره أن قتلة الحسين ابن علي في النار،و إن كاد اللّه أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم.

قال:فأتيت البراء فأخبرته،فقال:صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتصور بي» (2).

و عن الفضل بن الزبير،قال:كنت جالسا[عند شخص]فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته رائحة القطران،فقال له:يا هذا أتبيع القطران؟قال:ما بعته قط،قال:فما هذه الرائحة؟قال:كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد،و كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فلمّا جنّ عليّ الليل رقدت[فرأيت في نومي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه علي،يسقي القتلى من أصحاب الحسين]فقلت له:اسقني فأبى،فقلت:يا رسول اللّه مره يسقيني فقال:

ألست ممن عاون علينا؟فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،و لكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فقال:يا علي اسقه فناولني قعبا مملوءا قطرانا فشربت منه قطرانا،و لم أزل أبول القطران أياما ثم انقطع ذلك البول عني،و بقيت الرائحة في جسمي.

فقال له السّدي:يا عبد اللّه كل من برّ العراق و اشرب من ماء الفرات فما أراك تعاين محمدا أبدا (3).

و عن ثابت بن إسماعيل،عن أبي النضر الجرمي،قال:رأيت رجلا سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال:كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد،فلما جاء7.

ص: 106


1- مدينة المعاجز:84/4.
2- بستان العارفين:18،و مسند الروباني:175/1،و الفردوس:635/3 ح 6406-5989.
3- مختصر ابن منظور:157/7.

الليل رقدت فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام بين يديه طشت فيها دم و ريشة في الدم، و هو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد،فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم فأتي بي، فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،قال:

أفلم تكثّر عدونا؟فأدخل إصبعيه في الدم-السبابة و الوسطى-و أهوى بهما إلى عيني فأصبحت و قد ذهب بصري.

و روي أنّ رجلا كان في الكوفة من أعيان أهلها من امراء الكوفة و جنودها و كان له ديانة و ميل إلى الشيعة قال:و كان ذات ليلة نائما على سطح داره،فلمّا أصبح تخيّل إليه أنّ يستخير اللّه سبحانه في طريق النزول فاستخار أن ينزل من الدرج فكانت الاستخارة نهيا،و كذلك استخار على وضع درج ينزل منه و كلّما يستخير اللّه سبحانه على طريق تأتي الاستخارة نهيا حتّى استخار أن يرمي بنفسه من فوق السطح فجاءت موافقة الأمر فرمى بنفسه و انكسرت رجله فحمل إلى داخل منزله وشدّ عليها الجبائر و بقي يداويها فاتّفق في ذلك الوقت أنّ ابن زياد أرسل عساكر الكوفة لقتال الحسين عليه السّلام فأرسل إلى ذلك الرجل ليكون مع الجند،فقيل له:إنّه مريض و أنّ رجله مكسورة لا يقدر على الركوب.

فقال:إذا لم يقدر على المسير فليحمل و يوضع على باب الكوفة يكتب العساكر التي تخرج إلى قتال الحسين.

فحمل على بساط و وضع على باب الكوفة و أحصى في دفتر أسماء الخارجين إلى القتال و كان ذلك الدفتر عنده حتّى طابت رجله و خرج المختار و كان يتبع من خرج في العسكر فتارة يعرفهم و تارة لا يعرفهم لكثرتهم لأنّه كما سبق كانوا سبعين ألفا فأتى ذلك الرجل إلى المختار و طلب منه الأمان و دفع إليه ذلك الدفتر فكان يقتل بني أميّة و من خرج من ذلك الدفتر حتّى أتى على آخرهم (1).ط.

ص: 107


1- رياض الأبرار للجزائري،مخطوط.

لعن قتلة الحسين عليه السلام

عن عبد الرحمن الغنوي عن سلمان قال:و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلى رسول اللّه يعزّيه في ولده الحسين و يحمل إليه تربته مصروعا عليها مذبوحا مقتولا طريحا مخذولا فقال رسول اللّه:اللّهمّ اخذل من خذله و اقتل من قتله و لا تمتّعه بما طلب.

قال عبد الرحمن:فو اللّه لقد عوجل الملعون يزيد و لم يتمتّع بعد قتله و لقد بات سكرانا و أصبح ميّتا متغيّرا كأنّه مطلي بقار،و ما بقي أحد ممّن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلاّ أصابه جنون أو جذام أو برص و صار ذلك وراثة في نسلهم (1).

و روي في بعض مؤلّفات أصحابنا مرسلا أنّ نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد لعنه اللّه و قد حضر المجلس الذي أتي فيه برأس الحسين عليه السّلام،فبكى النصراني و صاح ثمّ قال:إعلم يا يزيد إنّي دخلت المدينة تاجرا في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسألت أصحابه أيّ شيء أحبّ إليه من الهدايا؟

فقالوا:الطيب،فحملت إليه من المسك و العنبر و هو يومئذ في بيت زوجته أمّ سلمة فرأيت نورا ساطعا فتعلّق قلبي بمحبّته فقلت:هذا هدية محقرة فقال لي:إن قبلت منّي الإسلام و أنا وزير ملك الروم و لمّا كنت في حضرة النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم رأيت هذا الذي رأسه بين يديك دخل على جدّه من باب الحجرة و النبيّ فاتح باعه ليأخذه فوضعه في حجره و جعل يقبّل شفتيه و ثناياه و يقول:لعن اللّه من قتلك يا حسين

ص: 108


1- كامل الزيارات:132.

و أعان على قتلك و هو مع ذلك يبكي،فلمّا كان اليوم الثاني كنت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم في مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن و قال:يا جدّاه قد تصارعت مع أخي الحسن و لم يغلب أحدنا الآخر و إنّما نريد أن تعلم أيّنا أشدّ قوّة من الآخر،فقال:يا حبيبي إنّ التصارع لا يليق بكما و لكن اذهبا فتكاتبا فمن كان خطّه أحسن كذلك تكون قوّته أكثر فكتب كلّ واحد منهما سطرا و أتيا جدّهما فأعطياه اللوح ليقضي بينهما فنظر و لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:إنّي امّي لا أعرف الخط إذهبا إلى أبيكما يحكم بينكما،فقام النبي معهما و دخلوا بيت فاطمة فما كان إلاّ ساعة حتّى أقبل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و سلمان الفارسي فقلت:يا سلمان بحقّ دين الإسلام إلاّ ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما؟

فقال:لمّا أتيا إلى أبيهما لم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال:امضيا إلى أمّكما فعرضا عليها ما كتبا فتفكّرت و قالت:إنّي أقطع قلادتي على رأسيكما فأيّكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطّه أحسن و قوّته أكثر و كان في قلادتها سبع لؤلؤات فقطعت القلادة فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات و التقط الحسين ثلاث لؤلؤات فبقيت الاخرى فمدّا أيديهما إليها فأمر اللّه تعالى جبرئيل أن يقدّها بجناحه نصفين فأخذ كلّ واحد منهما نصفا فانظر يا يزيد كيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و أمير المؤمنين و فاطمة و ربّ العزّة لم يريدوا كسر قلب أحدهما و أنت هكذا تفعل بابن بنت رسول اللّه؟!أف لك يا يزيد.

ثمّ قام النصراني إلى رأس الحسين و جعل يقبّله و يبكي و يقول:يا حسين اشهد لي عند جدّك المصطفى و عند أبيك المرتضى و عند أمّك فاطمة الزهراء صلوات اللّه عليهم أجمعين (1).

و عن الفضل عن الرّضا عليه السّلام قال:من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر5.

ص: 109


1- البحار:142/45.

الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد يمحو اللّه عزّ و جلّ بذلك ذنوبه و لو كانت كعدد النجوم (1).

سبب ذلك أنّ الملعون يزيد لمّا وضع عنده رأس الحسين عليه السّلام لعب بالشطرنج و شرب خمر الفقاع و كان كلّما غلب صاحبه صبّ على رأس الحسين عليه السّلام بقيّة القدح من الفقاع.

و عنه عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم:إنّ قاتل الحسين بن عليّ عليه السّلام في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدّنيا و قد شدّت يداه و رجلاه بسلاسل من نار منكس في النار حتّى يقع في قعر جهنّم و له ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربّهم من شدّة نتنه و هو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع على قتله كلّما نضجت جلودهم بدّلهم عزّ و جلّ جلودا غيرها حتّى يذوقوا العذاب الأليم لا يفتر عنهم ساعة و يسقون من حميم جهنّم فالويل لهم من عذاب النار (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:إنّ في النار منزلة لم يكن يستحقّها أحد من الناس إلاّ بقتل الحسين بن علي و يحيى بن زكريا (3).

و في ثواب الأعمال عن عيص بن القاسم قال:ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام قاتل الحسين عليه السّلام فقال بعض أصحابه:كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدّنيا فقال:

كأنّك تستقلّ له عذاب اللّه و ما عند اللّه أشدّ عذابا و أشدّ نكالا (4).

و عن داود الرّقي قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ استسقى الماء،فلمّا شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثمّ قال لي:يا داود لعن اللّه قاتل الحسين6.

ص: 110


1- الدعوات:162 ح 447.
2- البحار:300/44.
3- البحار:301/44.
4- ثواب الاعمال:216.

فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله إلاّ كتب اللّه له مائة ألف حسنة و حطّ عنه مائة ألف سيّئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنّما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد (1).

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّه قال:لعن اللّه قتله الحسين و محبيهم و ناصريهم و الساكتين عن لعنهم من غير تقيّة تسكتهم،إلا و صلّى اللّه على الباكين على الحسين رحمة و شفقة،و اللاعنين لأعدائهم و الممتلئين عليهم غيظا و حنقا (2).

و عن أنس بن مالك عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّه قال:لمّا أراد اللّه سبحانه أن يهلك قوم نوح أوحى إليه أن شق ألواح الساج،فلمّا شقّها لم يدر ما يصنع بها فهبط جبرئيل عليه السّلام و أراه هيئة السفينة و معه تابوت بها مائة ألف مسمار و تسع و عشرون ألف مسمار فسمّر السفينة بالمسامير كلّها إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأضاء كالكوكب الدّري فتحيّر نوح فأنطق اللّه المسمار فقال:أنا على اسم خير الأنبياء محمّد بن عبد اللّه فقال له جبرئيل:أسمره على جانب السفينة الأيمن ثمّ ضرب يده على مسمار ثان فأضاء و أنار فقال نوح:ما هذا المسمار؟

فقال:هذا مسمار أخيه عليّ بن أبي طالب،فأسمره على جانب السفينة الأيسر في أوّلها ثمّ ضرب يده إلى مسمار ثالث فأشرق،فقال:هذا مسمار فاطمة فأسمره على جانب مسمار أبيها ثمّ ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر و أنار.

فقال:هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه ثمّ ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر و أنار و أظهر النداوة.

فقال جبرئيل:هذا مسمار الحسين فأسمره إلى جانب مسمار أبيه؟8.

ص: 111


1- الدروس:48/3.
2- العوالم:598.

فقال نوح:يا جبرئيل ما هذه النداوة؟

فقال:هذا الدم.فذكر قصّة الحسين عليه السّلام و ما تعمل الامّة فلعن قاتله و ظالمه و خاذله (1).

و روي أنّ آدم عليه السّلام لمّا هبط إلى الأرض لم ير حوّاء فصار يطوف الأرض في طلبها فمرّ بكربلاء فاغتمّ و ضاق صدره من غير سبب و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين حتّى سال الدم من رجله،فقال:إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به،فأوحى إليه:يا آدم يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه و هو سبط النبيّ و قاتله يزيد.

فقال:أيّ شيء أصنع؟

قال:العنه أربع مرّات،فلعنه و مشى إلى جبل عرفات فوجد حوّاء هناك.

و أنّ نوحا لمّا ركب في السفينة طافت به جميع الدّنيا،فلمّا مرّت بكربلاء أخذته الأرض و خاف نوح الغرق فقال:إلهي أصابني فزع في هذه الأرض فقال جبرئيل عليه السّلام:يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء قاتله لعين أهل السماوات فلعنه نوح أربع مرّات،و سارت السفينة حتّى استقرّت على الجودي.

و أنّ إبراهيم عليه السّلام مرّ بأرض كربلاء و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شجّ رأسه و سال دمه فأخذ في الإستغفار،فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فقال:يا إبراهيم ما حدث منك ذنب،و لكن هنا يقتل سبط الأنبياء فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين أهل السماوات و الأرضين و القلم جرى على اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه،فأوحى اللّه تعالى إلى القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن فلعن إبراهيم عليه السّلام يزيدا لعنا كثيرا و قال فرسه:آمين.9.

ص: 112


1- نوادر المعجزات:65 ح 29.

فقال إبراهيم لفرسه:أيّ شيء عرفت حتّى تؤمّن على دعائي؟

فقال:يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك عليّ،فلمّا عثرت و سقطت عن ظهري خجلت، و كان سبب ذلك يزيد لعنه اللّه.

و إنّ إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات فأخبره الراعي أنّها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما،فسأل ربّه عن ذلك،فقال جبرئيل عليه السّلام:سل غنمك فإنّها تجيبك عن سبب ذلك،فقال لها:لم لا تشربين من هذا الماء؟

فقالت بلسان فصيح:قد بلغنا أنّ ولدك الحسين يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه فسألها عن قاتله فقالت:يقتله لعين أهل السماوات و الأرض فلعنه إسماعيل.

و أنّ موسى عليه السّلام كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون،فلمّا جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجله و سال دمه فقال:إلهي أيّ شيء حدث منّي؟

فأوحى اللّه إليه أنّ هنا يقتل الحسين فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطير في الهواء،فلعن موسى يزيدا و أمّن يوشع على دعائه.

و أنّ سليمان عليه السّلام كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء فمرّ بأرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتّى خافوا السقوط،فسكنت الريح و نزل البساط،فقال سليمان للريح:لم سكنتي؟

فقالت:إنّ هنا يقتل الحسين عليه السّلام و هو سبط محمّد المختار و قاتله يزيد،فلعنه سليمان و أمّن على دعائه الإنس و الجنّ فهبّت الريح و سار البساط.

و أنّ عيسى عليه السّلام كان سائحا في البراري و معه الحواريّون فمرّوا بكربلاء فرأوا أسدا قد أخذ الطريق،فقال عيسى للأسد:لم جلست في هذا الطريق لا تدعنا نمرّ فيه؟

ص: 113

فقال بلسان فصيح:إنّي لم أدعكم تمرّوا حتّى تلعنوا يزيدا قاتل الحسين سبط محمّد و قاتله لعين الوحوش و الذئاب و السباع خصوصا أيّام عاشوراء،فلعنه و أمّن الحواريّون فتنحّى الأسد عن الطريق (1).

و عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألته في طريق المدينة و نحن نريد مكّة مالي أراك حزينا منكسرا؟

فقال:لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مساءلتي.

فقلت:و ما الذي تسمع؟

قال:دعاء الملائكة على قتلة أمير المؤمنين و قتلة الحسين و نوح الجنّ و بكاء الملائكة الذين حوله و شدّة جزعهم فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم (2).

و روى الصدوق في كتاب المعراج عن الصادق عليه السّلام:إنّ اللّه عزّ و جلّ صوّر صورة عليّ عليه السّلام في السماء الخامسة لتنظر إليه الملائكة إذا اشتهت النظر إلى عليّ عليه السّلام و لمّا ضربه اللعين ابن ملجم على رأسه صارت تلك الضربة في صورته التي في السماء و لمّا قتل الحسين عليه السّلام هبطت الملائكة و حملته حتّى أوقفته مع صورة عليّ عليه السّلام في السماء الخامسة فكلّما هبطت الملائكة أو صعدت لزيارة صورة علي و النظر إليه و إلى الحسين عليه السّلام متشحّطا بدمه لعنوا يزيدا و ابن زياد و قتلة الحسين إلى يوم القيامة،و قال عليه السّلام:هذا مكنون العلم و مخزونه لا تخرجوه إلاّ إلى أهله (3).

و في الكافي عن داود بن فرقد قال:كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه فنظرت إلى حمام راغبي يقرقر فقال:يا داود هذا الطير يدعو على قتلة الحسين عليه السّلام فاتّخذوه في5.

ص: 114


1- البحار:244/44 ح 43.
2- كامل الزيارات:187 ح 23.
3- البحار:229/45.

منازلكم. (1)

و في حديث آخر:إنّها تلعن قتلة الحسين.

حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني عن محمد بن سنان عن أبي سعيد القماط عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في منزل فاطمة عليه السّلام و الحسين في حجره إذ بكى وخر ساجدا ثم قال يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي الأعلى تراءى لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة و أهيأ هيئة و قال لي يا محمد أتحب الحسين عليه السّلام فقلت نعم قرة عيني و ريحانتي و ثمرة فؤادي و جلدة ما بين عيني فقال لي يا محمد و وضع يده على رأس الحسين عليه السّلام بورك من مولود عليه بركاتي و صلواتي و رحمتي و رضواني و لعنتي و سخطي و عذابي و خزيي و نكالي على من قتله و ناصبه و ناوأه و نازعه أما إنه سيد الشهداء من الأولين و الآخرين في الدنيا و الآخرة و ذكر الحديث.

و حدثني أبو الحسين محمد بن عبد اللّه بن علي الناقد قال:حدثني أبو هارون العيسي(العبسي)عن أبي الأشهب جعفر بن حنان(حيان)عن خالد الربعي قال:حدثني من سمع كعبا يقول أول من لعن قاتل الحسين بن علي عليه السّلام:

إبراهيم خليل الرحمن لعنه و أمر ولده بذلك و أخذ عليهم العهد و الميثاق ثم لعنه موسى بن عمران و أمر أمته بذلك ثم لعنه داود و أمر بني إسرائيل بذلك ثم لعنه عيسى و أكثر أن قال يا بني إسرائيل العنوا قاتله و إن أدركتم أيامه فلا تجلسوا عنه فإن الشهيد معه كالشهيد مع الأنبياء مقبل غير مدبر و كأني أنظر إلى بقعته و ما من نبي إلا و قد زار كربلاء و وقف عليها و قال:إنك لبقعة كثيرة الخير فيك يدفن القمر الأزهر.

حدثني الحسين بن علي الزعفراني بالري قال:حدثنا محمد بن عمر النصيبي6.

ص: 115


1- الكافي:/5476.

عن هشام بن سعد قال:أخبرني المشيخة أن الملك الذي جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخبره بقتل الحسين بن علي عليه السّلام كان ملك البحار و ذلك أن ملكا من ملائكة الفردوس نزل على البحر فنشر أجنحته عليها ثم صاح صيحة و قال يا أهل البحار البسوا أثواب الحزن فإن فرخ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مذبوح ثم حمل من تربته في أجنحته إلى السماوات فلم يبق ملك فيها إلا شمّها و صار عنده لها أثر و لعن قتلته و أشياعهم و أتباعهم (1).6.

ص: 116


1- كامل الزيارات ص:76.

دعاء الحمام و لعنها على قاتل الحسين عليه السّلام

1-حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين عن(علي بن هارون)عن علي ابن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم فإنها تلعن قتلة الحسين عليه السّلام.

2-حدثني أبي و أخي و علي بن الحسين و محمد بن الحسن جميعا عن أحمد بن إدريس بن أحمد عن أبي عبد اللّه الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن صندل(صفوان)عن داود بن فرقد قال:كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه عليه السّلام فنظرت إلى الحمام الراعبي يقرقر طويلا فنظر إلي أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال:يا داود أتدري ما يقول هذا الطير؟

قلت:لا و اللّه جعلت فداك؟

قال:تدعو على قتلة الحسين بن علي عليه السّلام فاتخذوه في منازلكم و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه الجاموراني بإسناده مثله (1).

ص: 117


1- كامل الزيارات:98.

ثواب من شرب الماء و ذكر الحسين عليه السّلام و لعن قاتله

حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي عن محمد بن الحسين عن الخشاب عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقي قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ استسقى الماء فلما شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي:يا داود لعن اللّه قاتل الحسين عليه السّلام فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السّلام و لعن قاتله إلا كتب اللّه له مائة ألف حسنة وحط عنه مائة ألف سيئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه تعالى يوم القيامة ثلج الفؤاد حدثني محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي عن سعد بن سعد مثله (1).

ص: 118


1- كامل الزيارات:106.

كفر قتلة الحسين و ثواب لعنهم و شدة عذابهم

عن الريان بن شبيب،عن الرضا عليه السّلام قال:يا ابن شبيب إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي و آله،فالعن قتلة الحسين عليه السّلام،يا ابن شبيب إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه السّلام فقل متى ما ذكرته يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما الخبر (1).

أقول:قد أوردنا في باب ما وقع في الشام عن ابن عبدوس،عن ابن قتيبة عن الفضل،عن الرضا عليه السّلام قال:من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر

الحسين عليه السّلام و ليلعن يزيد و آل زياد،يمحو اللّه عز و جل بذلك ذنوبه،و لو كانت كعدد النجوم (2).

بالاسانيد الثلاثة،عن الرضا،عن آبائه عليهم السلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:

إن قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام في تابوت من نار،عليه نصف عذاب أهل الدنيا،و قد شديداه و رجلاه بسلاسل من نار،منكس في النار،حتى يقع في قعر جهنم،و له ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتنه،و هو فيها خالد ذائق العذاب الاليم،مع جميع من شايع على قتله،كلما نضجت جلودهم بدّل اللّه عزّ و جل عليهم الجلود

ص: 119


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 1،و أمالي الصدوق المجلس 27 الرقم 5،و قد مر في باب 34 تحت الرقم 23..
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 2،و راجع عيون أخبار الرضا ج 6 ص 22 باب 30 الرقم 50 في حديث.

[غيرها]حتى يذوقوا العذاب الأليم لا يفتر عنهم ساعة،و يسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب النار (1).

عنه عليه السّلام مثله.

بهذا الإسناد قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إن موسى بن عمران عليه السّلام سأل ربه عز و جل فقال:يا رب إن أخي هارون مات فاغفر له،فأوحى اللّه عز و جل إليه:يا موسى لو سألتني في الأولين و الآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين بن علي فإني أنتقم له من قاتله (2).

باسناد التميمي،عن الرضا،عن آبائه عليهم السلام قال:قال النبي صلّى اللّه عليه و اله يقتل الحسين شر الامة و يتبرأ من ولده من يكفر بي (3).

حمزة العلوي،عن أحمد الهمداني،عن يحى بن الحسن،عن محمد بن ميمون، عن عبد اللّه بن ميمون،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن علي بن الحسين عليهم السلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:ستة لعنهم اللّه و كل نبي مجاب:الزائد في كتاب اللّه، و المكذب بقدر اللّه،و التارك لسنّتي،و المستحل من عترتي ما حرّم اللّه،و المتسلّط بالجبروت ليذل من أعزه اللّه و يعز من أذله اللّه،و المستأثر بفىء المسلمين المستحل له (4).

أقول:قد مضى مثل هذا الخبر بأسانيد متعددة في باب القضاء و القدر (5).

المفيد،عن أحمد بن الوليد،عن أبيه،عن الصفار،عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير،عن الحسن بن أبي فاختة قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني أذكر الحسين بنة.

ص: 120


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 3،و المصدر:ج 2 ص 47 باب 31 الرقم 178 و 179.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 4،و المصدر:ج 2 ص 47 باب 31 الرقم 178 و 179.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 5.
4- بحار الأنوار:302/40-310 ح 6.
5- راجع ج 5 ص 87 و 88 من الطبعة الحديثة.

علي عليهما السّلام فأي شيء أقول إذا ذكرته؟

فقال:قل صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه!تكررها ثلاثا الخبر (1).

أبي،عن سعد،عن ابن يزيد،عن زياد القندي،عن محمد بن أبي حمزة،عن عيص بن القاسم قال:ذكر عند أبي عبد اللّه قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام فقال بعض أصحابه:كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدنيا فقال:كأنك تستقل له عذاب اللّه، و ما عند اللّه أشد عذابا و أشد نكالا (2).

ابن الوليد،عن الصفار،عن ابن هاشم،عن عثمان بن عيسى عن عمرو بن شمر،عن جابر،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إن في النار منزلة لم يكن يستحقها أحد من الناس إلا بقتل الحسين بن علي و يحيى ابن زكريا عليهما السّلام (3).

عن أبي،عن سعد،عن ابن هاشم مثله (4).

محمد بن عبد اللّه بن علي الناقد،عن أبي هارون العبسي،عن جعفر بن حيان، عن خالد الربعي قال:حدثني من سمع كعبا يقول:أول من لعن قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام إبراهيم خليل الرحمن،و أمر ولده بذلك،و أخذ عليهم العهد و الميثاق ثم لعنه موسى بن عمران و أمر أمته بذلك،ثم لعنه داود و أمر بني إسرائيل بذلك.ثم لعنه عيسى و أكثر أن قال:يا بني إسرائيل إلعنوا قاتله،و إن أدركتم أيامه فلا تجلسوا عنه،فإن الشهيد معه كالشهيد مع الأنبياء،مقبل غير مدبر و كأني أنظر إلى بقعته،و ما من نبي إلا و قد زار كربلا،و وقف عليها،و قال:إنك لبقعة كثيرة الخير، فيك يدفن القمر الازهر (5).7.

ص: 121


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 7.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 8.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 9.
4- كامل الزيارات:ص 77 و 78.
5- بحار الأنوار:302/40-310 ح 10،و المصدر:ص 67.

بيان:قوله«مقبل»الاصوب مقبلا أي كشهيد استشهد معهم حال كونه مقبلا على القتال غير مدبر،و على ما في النسخ،صفة لقوله كالشهيد،لأنه في قوة النكرة.

محمد الحميري،عن الحسن بن علي بن زكريا،عن عمرو بن المختار،عن إسحاق بن بشر،عن العوام مولى قريش قال:سمعت مولاي عمر بن هبيرة قال:

رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الحسن و الحسين في حجره يقبل هذا مرة و يقبل هذا مرة و يقول للحسين:الويل لمن يقتلك (1).

عن ابن الوليد،عن الصفار،عن اليقطيني،عن زكريا المؤمن عن أيوب بن عبد الرحمان،و زيد أبي الحسن و عباد جميعا،عن سعد الاسكاف قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من سرّه أن يحيى حياتي و يموت مماتي و يدخل جنة عدن،قضيب غرسه ربي بيده،فليتول عليا و الأوصياء من بعده،و ليسلّم لفضلهم فإنهم الهداة المرضيون،أعطاهم اللّه فهمي،و علمي،و هم عترتي من لحمي و دمي إلى اللّه أشكو عدوهم من أمتي،المنكرين لفضلهم،القاطعين فيهم صلتي و اللّه ليقتلن ابني لا نالتهم شفاعتي (2).

أبي،و جماعة مشايخي،عن سعد،عن ابن عيسى،و ابن أبي الخطاب،عن جعفر بن بشير،عن حماد،عن كليب بن معاوية،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا،و كان قاتل الحسين عليه السّلام ولد زنا،و لم تبك السماء إلا عليهما (3).

ابن الوليد و محمد بن أحمد بن الحسين معا،عن الحسن بن علي بن مهزيار عنه.

ص: 122


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 11،و كامل الزيارات:ص 70.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 12،و المصدر:الباب 22 الرقم 3،راجع ص 69.
3- المصدر:ص 77 و هكذا ما يليه.

أبيه،عن الحسن،عن فضالة،عن كليب بن معاوية مثله (1).

عن ابن الوليد،عن الصفار،عن ابن عيسى،عن ابن فضال،عن مروان بن مسلم،عن إسماعيل بن كثير،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

أبي،و ابن الوليد معا،عن الصفار،عن ابن عيسى،عن ابن فضال،عن ابن بكير، عن زرارة،عن عبد الخالق،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام ولد زنا،و قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا (2).

محمد بن جعفر،عن محمد بن الحسين،عن صفوان،عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

أبي،عن سعد،عن ابن هاشم،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن ابن مسكان،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام ولد زنا (3).

محمد بن جعفر،عن محمد بن الحسين،عن الخشاب،عن علي بن حسان،عن عبد الرحمن بن كثير،عن داود الرقي قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذا استسقى الماء،فلما شربه رأيته قد استعبر،و اغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي:يا داود لعن اللّه قاتل الحسين عليه السّلام فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله،إلا كتب اللّه له مائة ألف حسنة،و حط عنه مائة ألف سيئة،و رفع له مائة ألف درجة،و كأنما أعتق مائة ألف نسمة،و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد (4).

عن الكليني،عن علي بن محمد،عن سهل،عن جعفر بن إبراهيم،عن سعد ابن سعد مثله (5).

ص: 123


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 13.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 14.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 15.
4- المصدر:ص 106،و بحار الأنوار:302/40-310 ح 16.
5- كذا في نسخ الكتاب حتى نسخة الأصل نسخة المؤلف قدس سره و هكذا المصدر ص 107:ذكر السند بلفظه بعد الحديث المتقدم بلا فصل.و الظاهر اختلال نسخة المصدر،حيث ان الكلينى رحمه اللّه انما روى الحديث في كتاب الاشربة باب النوادر تحت الرقم 6(راجع ج 6 ص 390) و سنده هكذا:محمد بن يحيى،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن جعفر،عمن ذكره(و أظنه محمد بن الحسين).

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لما نزلت وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ الآية (1)في اليهود أي الذين نقضوا عهد اللّه،و كذّبوا رسل اللّه،و قتلوا أولياء اللّه:أفلا أنبئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الامة؟

قالوا:بلى يا رسول اللّه قال:قوم من أمتي ينتحلون أنهم من أهل ملتي،يقتلون أفاضل ذريتي و أطائب أرومتي،و يبدّلون شريعتي و سنّتي،و يقتلون ولدي الحسن و الحسين كما قتل أسلاف اليهود زكريا و يحيى.ألا و إن اللّه يلعنهم كما لعنهم،و يبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم ألا و لعن اللّه قتلة الحسين عليه السّلام و محبيهم و ناصريهم،و الساكنين عن لعنهم من غير تقية يسكتهم.

ألا و صلّى اللّه على الباكين على الحسين رحمة و شفقة،و اللاعنين لأعدائهم و الممتلئين عليهم غيظا و حنقا،ألا و إن الراضين بقتل الحسين شركاء قتلته ألا و إن قتلته و أعوانهم و أشياعهم و المقتدين بهم براء من دين اللّه.

إن اللّه ليأمر ملائكته المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين إلى الخزان في الجنان،فيمزجوها بماء الحيوان،فتزيد عذوبتها و طيبها ألف ضعف و إن الملائكة ليتلقون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين يتلقّونها في الهاوية و يمزجونها بحميمها و صديدها و غساقها و غسلينها فيزيد في شدة حرارتها و عظيم عذابها ألف ضعف يشدد بها على المنقولين إليها من أعداء آل محمدر.

ص: 124


1- سورة البقرة 84 و الخبر في المصدر ص 148 مع اختلاف يسير.

عذابهم (1).

العدة،عن أحمد بن محمد،عن الجالموراني،عن ابن أبي حمزة،عن صندل عن داود بن فرقد قال:كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه عليه السّلام فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر،فنظر لي أبو عبد اللّه عليه السّلام،فقال:يا داود أتدري ما يقول هذا الطير؟قلت:لا و اللّه جعلت فداك،قال:يدعو على قتلة الحسين عليه السّلام فاتخذو في منازلكم (2).

عن علي،عن أبيه،عن النوفلي،عن السكوني،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم فانها تلعن قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام و لعن اللّه قاتله (3).

أقول:وجدت في بعض مؤلفات المعاصرين أنه لما جمع ابن زياد لعنه اللّه قومه لحرب الحسين عليه السّلام كانوا سبعين ألف فارس،فقال ابن زياد:أيها الناس من منكم يتولى قتل الحسين و له ولاية أي بلد شاء؟فلم يجبه أحد منهم،فاستدعى بعمر بن سعد لعنه اللّه و قال له يا عمر أريد أن تتولى حرب الحسين بنفسك.

فقال له:اعفني من ذلك فقال ابن زياد:قد أعفيتك يا عمر فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الري.

فقال عمر:أمهلنا الليلة فقال له:قد أمهلتك،فانصرف عمر بن سعد إلى منزله، و جعل يستشير قومه و إخوانه،و من يثق به من أصحابه،فلم يشر عليه أحد بذلك، و كان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يقال له:كامل،و كان صديقا لأبيه من قبله.م.

ص: 125


1- بحار الأنوار:302/40-310 ح 17.
2- بحار الأنوار:302/40-310 ح 18.
3- بحار الأنوار:302/40-310 ح 19،و الكافي كتاب الدواجن باب الحمام الرقم 10 و 13، و الحمام الراعبى جنس من الحمام.

فقال له:يا عمر مالي أراك بهيئة و حركة،فما الذي أنت عازم عليه؟و كان كامل كاسمه ذا رأي و عقل و دين كامل.

فقال له ابن سعد لعنه اللّه:إني قد وليت أمر هذا الجيش في حرب الحسين و إنما قتله عندي و أهل بيته كأكلة آكل أو كشربة ماء،و إذا قتلته خرجت إلى ملك الري فقال له كامل:اف لك يا عمر بن سعد تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول اللّه؟اف لك ولدينك يا عمر أسفهت الحق و ضللت الهدى،أما تعلم إلى حرب من تخرج؟ و لمن تقاتل؟إنا للّه و إنا إليه راجعون.

و اللّه لو أعطيت الدنيا و ما فيها على قتل رجل واحد من أمة محمد لما فعلت فكيف تريد تقتل الحسين ابن بنت رسول اللّه عليه السّلام؟و ما الذي تقول غدا لرسول اللّه إذا وردت عليه و قد قتلت ولده و قرة عينه و ثمرة فؤاده و ابن سيدة نساء العالمين و ابن سيد الوصيين و هو سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين و إنه في زماننا هذا بمنزلة جده في زمانه،و طاعته فرض علينا كطاعته،و إنه باب الجنة و النار فاختر لنفسك ما أنت مختار و إني أشهد باللّه إن حاربته أو قتلته أو أعنت عليه أو على قتله لا تلبث في الدنيا بعده إلا قليلا.

فقال له عمر بن سعد:فبالموت تخوفني و إني إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس،و أتولى ملك الري،فقال له كامل:إني أحدثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله.

إعلم أني سافرت مع أبيك سعد إلى الشام فانقطعت بي مطيتي عن أصحابي و تهت و عطشت،فلاح لي دير راهب فملت إليه،و نزلت عن فرسي،و أتيت إلى باب الدير لأشرب ماء فأشرف علي راهب من ذلك الدير و قال:ما تريد؟

فقلت له:إني عطشان،فقال لي:أنت من أمة هذا النبي الذين يقتل بعضهم بعضا على حب الدنيا مكالبة:و يتنافسون فيها على حطامها؟فقلت له:أنا من الأمة

ص: 126

المرحومة أمة محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فقال إنّكم أشر أمة فالويل لكم يوم القيامة و قد غدوتم إلى عترة نبيكم و تسبون نساءه و تنهبون أمواله،فقلت له:يا راهب نحن نفعل ذلك؟

قال:نعم و إنّك إذا فعلتم ذلك عجّت السماوات و الأرضون:و البحار،و الجبال، و البراري و القفار،و الوحوش،و الأطيار باللعنة على قاتله،ثم لا يلبث قاتله في الدنيا إلا قليلا،ثم يظهر رجل يطلب بثأره،فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله و عجّل اللّه بروحه إلى النار،ثم قال الراهب:إني لأرى لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيب، و اللّه إني لو أدركت أيامه لوقيته بنفسي من حر السيوف.

فقلت:يا راهب إني اعيذ نفسي أن أكون ممن يقاتل ابن بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله.

فقال:إن لم تكن أنت فرجل قريب منك،و إن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار، و إن عذابه أشد من عذاب فرعون و هامان،ثم ردم الباب في وجهي و دخل يعبد اللّه تعالى،و أبى أن يسقيني الماء.

قال كامل:فركبت فرسي و لحقت أصحابي،فقال لي أبوك سعد:ما أبطأك عنا يا كامل؟فحدّثته بما سمعته من الراهب،فقال لي:صدقت.

ثم إن سعدا أخبرني أنه نزل بدير هذا الراهب مرة من قبلي فأخبره أنه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول اللّه،فخاف أبوك سعد من ذلك و خشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك،فاحذر يا عمر أن تخرج عليه،يكون عليك نصف عذاب أهل النار،قال:فبلغ الخبر ابن زياد لعنه اللّه،فاستدعى بكامل و قطع لسانه فعاش يوما أو بعض يوم و مات رحمه اللّه.

قال:و حكي أن موسى بن عمران رآه إسرائيلي مستعجلا و قد كسته الصفرة و اعترى بدنه الضعف،و حكم بفرائصه الرجف،و قد اقشعر جسمه،و غارت عيناه

ص: 127

و نحف،لأنه كان إذا دعاه ربه للمناجاة يصير عليه ذلك من خيفة اللّه تعالى،فعرفه الاسرائيلي و هو ممن آمن به،فقال له:يا نبي اللّه أذنبت ذنبا عظيما فاسأل ربك أن يعفو عني فأنعم،و سار،فلما ناجى ربه قال له:يا رب العالمين أسألك و أنت العالم قبل نطقي به فقال تعالى:يا موسى ما تسألني أعطيك،و ما تريد أبلغك،قال:رب إن فلانا عبدك الإسرائيلي أذنب ذنبا و يسألك العفو،قال:يا موسى أعفو عمن استغفرني إلا قاتل الحسين،قال موسى:يا رب و من الحسين؟

قال له:الذي مر ذكره عليك بجانب الطور،قال:يا رب و من يقتله؟

قال تقتله أمة جده الباغية الطاغية في أرض كربلا و تنفر فرسه و تحمحم و تصهل،و تقول في صهيلها:الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها فيبقى ملقى على الرمال من غير غسل و لا كفن،و ينهب رحله،و يسبى نساؤه في البلدان، و يقتل ناصره،و تشهر رؤوسهم مع رأسه على أطراف الرماح يا موسى صغيرهم يميته العطش،و كبيرهم جلده منكمش،يستغيثون و لا ناصر و يستجيرون و لا خافر (1).

قال:فبكى موسى عليه السّلام و قال:يا رب و ما لقاتليه من العذاب؟

قال:يا موسى عذاب يستغيث منه أهل النار بالنار،لا تنالهم رحمتي،و لا شفاعة جده،و لو لم تكن كرامة له لخسفت بهم الأرض.

قال موسى برئت إليك اللهم منهم و ممن رضي بفعالهم،فقال سبحانه:يا موسى كتبت رحمة لتابعيه من عبادي،و اعلم أنه من بكى عليه أو أبكى أو تباكى حرمت جسده على النار.

تذنيب:قال مؤلف كتاب إلزام النواصب و غيره:إن ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها،فحملت يزيد لعنه اللّه و إلى هذا أشار النسابة الكلبيه.

ص: 128


1- خفره و به و عليه خفرا:أجاره و منعه و حماه و أمنه.

بقوله

فإن يكن الزمان أتى علينا بقتل الترك و الموت الوحي

فقد قتل الدعي و عبد كلب بأرض الطف أولاد النبي

أراد بالدعي عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه فإن أباه زياد بن سمية كانت أمه سمية مشهورة بالزنا،و ولد على فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف فادعى معاوية أن أبا سفيان زنى بام زياد فأولدها زيادا،و أنه أخوه،فصار اسمه الدعي و كانت عائشة تسميه زياد بن أبيه لأنه ليس له أب معروف،و مراده بعبد كلب:يزيد بن معاوية،لأنه من عبد بجدل الكلبي.

و أما عمر بن سعد لعنه اللّه فقد نسبوا أباه سعدا إلى غير أبيه و أنه من رجل من بني عذرة كان خدنا لامه:و يشهد بذلك قول معاوية لعنه اللّه حين قال سعد لمعاوية:أنا أحق بهذا الأمر منك فقال له معاوية يأبى عليك ذلك بنو عذرة، و ضرط له،روى ذلك النوفلي ابن سليمان من علماء السنة،و يدل على ذلك قول السيد الحميري:

قدما تداعوا زنيما ثم سادهم لو لا خول بني سعد لما سادوا (1)0.

ص: 129


1- بحار الأنوار:310/40.

عذاب من شارك في القتل

و روى ابن لهيعة و غيره قال:كنت أطوف بالبيت فإذا برجل يقول:اللّهم اغفرلي و ما أراك فاعلا.

فقلت له:يا عبد اللّه اتّق اللّه فإنّه غفور رحيم،قال:قصّتي إنّنا كنّا خمسين نفرا ممّن سار مع رأس الحسين إلى الشام و كنّا إذا أمسينا وضعنا الرأس في تابوت و شربنا الخمر،فشرب أصحابي ليلة و لم أشرب،فلمّا جنّ الليل سمعت رعدا و برقا فإذا السماء قد فتحت و نزل آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و معهم جبرئيل و خلق من الملائكة فدنا جبرئيل من التابوت فأخرج الرأس و ضمّه إلى صدره و قبّله و كذلك فعل الأنبياء و بكى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على رأس الحسين فقال جبرئيل:يا محمّد إنّ اللّه أمرني أن أطيعك فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض و جعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط،فقال:لا يا جبرئيل إنّ لي معهم موقفا يوم القيامة بين يدي اللّه،ثمّ صلّوا عليه ثمّ أتى قوم من الملائكة و قالوا:إنّ اللّه تعالى أمرنا بقتل الخمسين.

فقال لهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:شأنكم بهم فجعلوا يضربونهم بالحربات ثمّ قصدني واحد منهم بحربة.

فقلت:الأمان الأمان يا رسول اللّه.

فقال صلّى اللّه عليه و اله:إذهب فلا غفر اللّه لك فلمّا أصبحت رأيت أصحابي كلّهم رمادا (1).

ص: 130


1- بحار الأنوار:126/45.

عذاب من لم ينصر الحسين عليه السلام و إن لم يقاتل

و عن إسحاق بن عمّار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّي كنت بالحيرة ليلة عرفة و كنت اصلّي و ثمّ نحو من خمسين ألفا من الناس جميلة وجوههم طيّبة أرواحهم و أقبلوا يصلّون بالليل أجمع.

فلمّا طلع الفجر سجدت ثمّ رفعت رأسي فلم أر منهم أحدا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:إنّه مرّ بالحسين عليه السّلام خمسون ألف ملك و هو يقتل فلم ينصروه فأهبطوا إلى الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى يوم القيامة (1).

و عن الفضل بن الزبير،قال:كنت جالسا[عند شخص]فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته رائحة القطران،فقال له:يا هذا أتبيع القطران؟قال:ما بعته قط،قال:فما هذه الرائحة؟قال:كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد،و كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فلمّا جنّ عليّ الليل رقدت[فرأيت في نومي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه علي،يسقي القتلى من أصحاب الحسين]فقلت له:اسقني فأبى،فقلت:يا رسول اللّه مره يسقيني فقال:

ألست ممن عاون علينا؟فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،و لكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد،فقال:يا علي اسقه فناولني قعبا مملوءا قطرانا فشربت منه قطرانا،و لم أزل أبول القطران أياما ثم انقطع ذلك البول عني،و بقيت الرائحة في جسمي.

فقال له السّدي:يا عبد اللّه كل من برّ العراق و اشرب من ماء الفرات فما أراك

ص: 131


1- البحار:226/45 ح 20.

تعاين محمدا أبدا (1).

و عن ثابت بن إسماعيل،عن أبي النضر الجرمي،قال:رأيت رجلا سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال:كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد،فلما جاء الليل رقدت فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام بين يديه طشت فيها دم و ريشة في الدم، و هو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد،فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم فأتي بي، فقلت:يا رسول اللّه،و اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت بسهم،قال:

أفلم تكثّر عدونا؟فأدخل إصبعيه في الدم-السبابة و الوسطى-و أهوى بهما إلى عيني فأصبحت و قد ذهب بصري.7.

ص: 132


1- مختصر ابن منظور:157/7.

ما حصل بقاتلي الحسين عليه السلام

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا أعمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه،فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا.

فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدمّ فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (1).

و في أمالي المفيد عن محمّد بن سليمان عن عمّه قال:صرنا إلى كربلاء و ليس بها موضع نسكنه فبنينا كوخا،فلمّا جاء الليل أشعلنا نفطا و صرنا نتذاكر أمر الحسين و من قتله.

فقلنا:ما بقي أحد من قتلة الحسين عليه السّلام إلاّ رماه اللّه ببليّة في بدنه.

فقال ذلك الرجل:أنا كنت فيمن قتله و ما أصابني مكروه و أنّكم تكذبون فأمسكنا عنه و قام ليصلح الفتيلة بإصبعه فأخذت النار كفّه فألقى نفسه إلى الفرات فرأيناه يدخل رأسه في الماء و النار على وجه الماء فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك (2).

ص: 133


1- مدينة المعاجز:84/4.
2- أمالي الطوسي:163 ح 21.

و عن سعيد المسيّب قال:لمّا قتل مولاي الحسين عليه السّلام حججت البيت فبينما أنا أطوف بالكعبة و إذا أنا برجل مقطوع اليدين و وجهه كالليل المظلم متعلّق بأستار الكعبة و يقول:اللّهم اغفر لي و ما أظنّك تفعل و لو تشفع فيّ سكّان السماوات و الأرض،فاجتمع عليه الناس.

و قالوا:يا ويلك كيف تيأس من رحمة اللّه؟

فقال:يا قوم أنا أعرف بذنبي؛إنّي كنت جمّالا للحسين عليه السّلام لمّا خرج من المدينة إلى العراق و كنت أراه إذا أراد الوضوء يضع سراويله عندي فأرى تكة تغشي الأبصار بحسن إشراقها و كنت أتمنّاها تكون لي الى أن صرنا بكربلاء و قتل الحسين و هي معه فدفنت نفسي في مكان من الأرض،فلمّا صار الليل خرجت فرأيت من تلك المعركة نورا لا ظلمة و نهارا لا ليلا و القتلى مطروحين على وجه الأرض فذكرت التكة فطلبت الحسين فوجدته مكبوبا على وجهه و هو جثّة بلا رأس و نوره مشرق مرمّل بدمائه فنظرت إلى سراويله كما كنت أراها فضربت يدي إلى التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة حتّى حللت عقدة منها فمدّ يده اليمنى و وضعها على التكة فدعتني نفسي إلى أن أقطع يده فوجدت قطعة سيف فقطعتها و نحّيتها عن التكة فمدّ يده اليسرى و وضعها على التكة فطعنتها بالسيف و مددت يدي على التكة فإذا الأرض ترجف و السماء تهتزّ و إذا بجلبة عظيمة و قائل يقول:وا أبتاه و امقتولاه و اذبيحاه و احسيناه و اغريباه يا بني قتلوك و ما عرفوك و من شرب الماء منعوك.

فرميت نفسي بين القتلى و إذا بثلاث نفر و امرأة و حولهم خلائق وقوف و قد امتلأت الأرض بأجنحة الملائكة و إذا بالحسين قد جلس و رأسه على بدنه و هو يقول:يا جدّاه يا رسول اللّه و يا أبتاه يا أمير المؤمنين و يا أمّاه يا فاطمة الزهراء و يا أخاه المقتول بالسمّ عليكم منّي السلام ثمّ بكى و قال:يا جدّاه قتلوا رجالنا و ذبحوا

ص: 134

أطفالنا يعزّ و اللّه عليك أن ترى حالنا و ما فعلوا بنا و إذا هم جلسوا يبكون حوله و فاطمة تقول:يا أباه أما ترى ما فعلت أمّتك بولدي فأخذت من دمه و مسحت شعرها و قالت:ألقى اللّه عزّ و جلّ و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين و أخذ منه رسول اللّه و عليّ بن أبي طالب و الحسن و مسحوا به صدورهم و أيديهم إلى المرافق.

و سمعت رسول اللّه يقول:فديتك يا حسين يعزّ عليّ و اللّه أن أراك مقطوع الرأس مكبوبا على قفاك مقطوع الكفّين،يا بني من قطع يدك اليمنى و ثنّى باليسرى؟

فقال:يا جدّاه كان معي جمّال من المدينة و حكى له كما فعلته به.

فبكى النبيّ و أتى إليّ بين القتلى فقال:ما لي و ما لك يا جمّال تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل و ملائكة اللّه و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين سوّد اللّه وجهك يا جمّال في الدّنيا و الآخرة و قطع اللّه يديك و رجليك فشلّت يداي و اسودّ وجهي و بقيت على هذه الحالة فجئت إلى هذا البيت أستشفع و أنا أعلم أنّه لا يغفر لي أبدا،فلم يبق بمكّة أحد إلاّ لعنه و خرج من مكّة (1).3.

ص: 135


1- مدينة المعاجز:83/3.

إنتقام القائم من قتلة الحسين عليهما السلام

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:لمّا كان من أمر الحسين عليه السّلام ما كان ضجّت الملائكة إلى اللّه بالبكاء و قالت:يفعل هذا بالحسين صفيّك و ابن نبيّك؟

قال:فأقام اللّه لهم ظلّ القائم عليه السّلام و قال:بهذا أنتقم لهذا (1).

و في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السّلام عن الهروي قال:قلت للرضا عليه السّلام:ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام إنّه قال:إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها؟

فقال عليه السّلام:هو كذلك،فقلت:قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (2)ما معناه؟

قال عليه السّلام:إنّ ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم و يفتخرون بها،و من رضي شيئا كان كمن أتاه و لو أنّ رجلا قتل بالمشرق فرضي رجل بقتله بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل.

قلت:بأيّ شيء يبدأ القائم إذا قام؟

قال عليه السّلام يقطع أيدي بني شيبة لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ. (3)

ص: 136


1- الكافي:465/1 ح 1.
2- سورة الانعام:164.
3- وسائل الشيعة:139/16 ح 4.

عذاب قتلة الحسين عليه السلام

و في كتاب الإحتجاج بالإسناد إلى العسكري عليه السّلام أنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام كان يذكر حال من مسخهم اللّه قردة ثمّ قال:إنّ اللّه تعالى مسخ أولئك القوم لاصطياد السمك فكيف ترى حال من قتل أولاد رسول اللّه و إن لم يمسخهم في الدّنيا فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.

فقيل له:يابن رسول اللّه قال لنا بعض النصّاب إن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم من صيد السمك في السبت فما كان يغضب على قاتليه كما غضب على صيّادي السّمك؟

قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام:قل لهؤلاء النصاب فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه فأهلك اللّه من شاء منهم كقوم نوح و فرعون و لم يهلك إبليس و هو أولى بالهلاك فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس في عمل الكبائر الموبقة و أمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات إلا كان ربّنا حكيما بتدبيره فيمن أهلك و فيمن استبقى،فكذلك هؤلاء الصيّادون في السبت و هؤلاء القاتلون للحسين يفعل في الفريقين ما يعلم أنّه أولى بالحكمة لا يسأل عمّا يفعل و عباده يسألون (1).

و في كتاب الفردوس قال ابن عبّاس:أوحى اللّه تعالى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّي قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا و أقتل بابن بنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا.

ص: 137


1- الاحتجاج:41/2.

و قال الصادق عليه السّلام:قتل بالحسين صلوات اللّه عليه مائة ألف و ما طلب بثأره و سيطلب بثأره عليّ بن الحسين (1).

و في كتاب المناقب روي أنّ الحسين عليه السّلام قال لعمر بن سعد إنّه ممّا تقرّ به عيني أنّك لا تأكل من برّ العراق بعدي إلاّ قليلا،فقال مستهزئا:يا أبا عبد اللّه في الشعير خلف فكان كما قال لم يصل إلى الري و قتله المختار.

و في أمالي القطان عن ابن عيينة قال:أدركت من قتلة الحسين رجلين أمّا أحدهما فإنّه طال ذكره حتّى كان يلفّه.

و في رواية كان يحمله على عاتقه،و أمّا الآخر فكان يستقبل الرواية فيشربها و لا يروى و ذلك إنّه نظر إلى الحسين و قد أهوى إلى فيه بماء و هو يشرب فرماه بسهم فقال الحسين عليه السّلام:لا أرواك اللّه فعطش الرجل حتّى ألقى نفسه في الفرات و شرب حتّى مات (2).

و في خبر أنّه لمّا رماه الدارمي بسهم فأصاب حنكه جعل يتلقّى الدم و يرميه إلى السماء فكان هذا الرجل يصيح من الحرّ في بطنه و البرد في ظهره بين يديه المراوح و الثلج و خلفه الكانون و النار و هو يقول اسقوني فيشرب القربة ثمّ يقول اسقوني أهلكني العطش فانقدّت بطنه و مات لا رحمه اللّه (3).

و في أحاديث ابن الحاشر قال:كان عندنا رجل خرج على الحسين عليه السّلام و انتهب من عسكره زعفرانا و جملا،فلمّا دقّوا الزعفران صار نارا و كلّ امرأة لطخت منه صارت برصاء و نحروا البعير فخرجت منه النار و طبخوه فضارت القدر نارا (4).3.

ص: 138


1- مناقب آل أبي طالب/:234/3.
2- مناقب آل أبي طالب:214/3.
3- مناقب آل أبي طالب:214/3.
4- أمالي الطوسي:727 ح 3.

و سأل عبد اللّه بن رياح القاضي رجلا به عمى فقال:كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت فنمت فرأيت شخصا هائلا قال لي:أجب رسول اللّه.

فجرّني إليه فوجدته حزينا و في يده حربة و قدّامه نطع و ملك بين يديه قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثمّ يحيون و يقتلون أيضا هكذا،فقلت:يا رسول اللّه ما ضربت بسيف و لا طعنت و لا رميت.

فقال:ألست كثّرت السواد،فأخذ من طشت فيه دم فكحّلني من ذلك الدّم فاحترقت عيناي،فلمّا انتبهت كنت أعمى (1).4.

ص: 139


1- مدينة المعاجز:84/4.

شدة عذاب قتلة الحسين عليه السلام في النار

عن عامر بن سعد البجلي قال:لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام فقال:إن رأيت البراء بن عازب فاقرئه مني السلام،و أخبره أن قتلة الحسين ابن علي في النار،و إن كاد اللّه أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم.

قال:فأتيت البراء فأخبرته،فقال:صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتصور بي» (1).

و في كتاب الأمالي عن يحيى الرازي قال:كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله جرير عن خبر الناس.

فقال:تركت الرشيد و قد كرب قبر الحسين عليه السّلام و أمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت قال:فرفع جرير يديه و قال:اللّه أكبر جاءنا فيه حديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم إنّه قال:لعن اللّه قاطع السدرة،ثلاثا (2).

فلم نقف على معناه حتّى الآن لأنّ القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين عليه السّلام حتّى لا يقف الناس على قبره (3).

و عن محمّد بن فرج عن أبيه عن عمّه قال:أنفذني المتوكّل في تخريب قبر الحسين فصرت إليه و أمرت بالبقر فمرّ بها على القبور كلّها،فلمّا بلغت قبر الحسين

ص: 140


1- بستان العارفين:18،و مسند الروباني:175/1،و الفردوس:635/3 ح 6406-5989.
2- .مالي الطوسي:325 ح 98.
3- أمالي الطوسي:325 ح 98.

لم تمرّ عليه.

قال عمّي:فأخذت العصا بيدي فما زلت أضربها حتّى انكسرت العصا في يدي فو اللّه ما جازت على قبره و لا تخطّته.

و في ذلك الكتاب عن موسى بن عبد العزيز قال:لقيني يوحنا النصراني المتطيّب فقال لي:بحقّ دينك من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟

قلت:هو ابن بنته.

فقال:له عندي حديث طريف و هو أنّه وجّه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل إليه و مضينا حتّى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي فوجدناه زائل العقل متّكئا على وسادة و إذا بين يديه طشت فيها حشو جوفه و كان الرشيد استحضره من الكوفة فأقبل سابور على خادم كان من خاصّة موسى فقال له:

ويحك ما خبره؟

فقال له:أخبرك إنّه كان من ساعته جالسا و حوله ندماؤه و هو من أصحّ الناس جسما و أطيبهم نفسا إذ جرى ذكر الحسين بن علي.

قال يوحنّا:هذا الذي سألتك عنه،فقال موسى:إنّ الرافضة ليغلون فيه حتّى أنّهم يجعلون تربته دواء يتداوون به فقال له رجل من بني هاشم قد كانت بي علّة فتعالجت لها بكلّ علاج فما نفعني حتّى وصف لي كاتبي لآخذ من هذه التربة فأخذتها فنفعني اللّه بها و زال عنّي ما كنت أجده.

قال:فبقي عندك منها شيء؟

قال:نعم،فوجّه فجاءه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى فأخذها عيسى فاستدخلها دبره استهزاء بمن يتداوى بها و احتقارا و تصغيرا لهذا الرجل الذي هي تربته يعني الحسين عليه السّلام فما هو إلاّ أن استدخلها دبره حتّى صاح النار النار الطشت الطشت فجئناه بالطشت فأخرج فيها ما ترى فانصرف الندماء و صار المجلس

ص: 141

مأتما فأقبل علي سابور.

فقال:أنظر هل لك فيه حيلة فدعوت بشمعة فنظرت فإذا كبده و طحاله وريّته و فؤاده خرجت منه في الطشت فنظرت إلى أمر عظيم فقال لي سابور:كن هاهنا في الدار إلى أن يظهر أمره فبتّ عندهم فمات في وقت السحر ثمّ كان يوحنّا يزور قبر الحسين و هو على دينه ثمّ أسلم بعد هذا و حسن إسلامه.

أخذ المسترشد العبّاسي من مال الحائر و كربلاء و قال:إنّ القبر لا يحتاج إلى الخزانة و أنفق على العسكر،فلمّا خرج قتل هو و ابنه الراشد (1).

و عن الأعمش قال:أحدث رجل على قبر الحسين عليه السّلام فأصابه و أهل بيته جنون و جذام و برص و هم يتوارثون الجذام إلى الساعة.

و روى جماعة من الثقاة أنّه لمّا أمر المتوكّل بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يجرى الماء عليه من العلقمي أتى زيد المجنون و بهلول المجنون إلى كربلاء فنظرا إلى القبر و إذا هو معلّق بالقدرة في الهواء فقال زيد: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (2)و ذلك أنّ الحرّاث حرث سبع عشرة مرّة و القبر يرجع إلى حاله،فلمّا نظر الحرّاث إلى ذلك آمن باللّه و حلّ البقر فأخبر المتوكّل فأمر بقتله (3).

و عن سليمان الأعمش قال:كنت نازلا بالكوفة و كان لي جار من النواصب فقلت:

آتيه ليلة الجمعة و اكلّمه في فضائل الحسين فإن رأيته مصرّا على حاله قتلته،فلمّا كان السحر أتيته فقالت لي امرأته:إنّه خرج إلى زيارة الحسين من أوّل الليل فسرت في إثره إلى زيارة الحسين عليه السّلام،فلمّا دخلت إلى القبر فإذا بالشيخ ساجد يدعو1.

ص: 142


1- أمالي الطوسي:321 ح 96.
2- سورة الصف:8.
3- البحار:401/45 ح 11.

و يسأل اللّه التوبة ثمّ رفع رأسه فقلت له:يا شيخ كنت تقول بالأمس:زيارة الحسين بدعة و كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار و اليوم تزوره؟

فقال:يا سليمان لا تلمني فإنّي ما كنت أثبت لأهل البيت إمامة حتّى كانت ليلتي تلك فرأيت رؤيا هالتني رأيت رجلا جليل القدر لا أقدر أن أصفه من عظم جماله و جلاله و بين يديه فارس على رأسه تاج و التاج له أربعة أركان في كلّ ركن جوهرة تضيء من مسيرة ثلاثة أيّام،فقلت لبعض خدّامه:من هذا؟

قال:هذا محمّد المصطفى و الآخر عليّ المرتضى ثمّ نظرت فإذا أنا بناقة من نور عليها هودج من نور و فيه امرأتان و الناقة تطير بين السماء و الأرض،فقلت:لمن هذه الناقة؟

فقال:لخديجة الكبرى و فاطمة الزهراء و هذا الغلام الحسن بن عليّ يريدون زيارة المقتول ظلما شهيد كربلاء الحسين بن عليّ،ثمّ قصدت نحو الهودج الذي فيه الزهراء عليهما السّلام و إذا برقاع مكتوبة تسقط من السماء فقيل هذه رقاع فيها أمان من النار لزوّار الحسين في ليلة الجمعة فطلبت منه رقعة فقال لي:إنّك تقول زيارته بدعة فإنّك لا تنالها حتّى تزور الحسين و تعتقد فضله و شرفه،فانتبهت من نومي فزعا و قصدت إلى زيارة سيّدي الحسين و أنا تائب إلى اللّه و لا افارق قبر الحسين حتّى تفارق روحي جسدي (1).

و روى الثقاة عن دعبل الخزاعي قال:لمّا انصرفت عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام بقصيدتي التائية نزلت بالريّ و أنّي في ليلة أصوغ قصيدة و قد ذهب من الليل شطره فإذا طارق يطرق الباب،فقلت:من هذا؟

قال:أخ لك،ففتحت الباب فدخل رجل اقشعرّ منه بدني،فقال لي:لا تخف أنا أخوك من الجنّ ولدت في الليلة التي ولدت فيها و نشأت معك و أنّي جئت أحدّثك بما2.

ص: 143


1- مستدرك الوسائل:296/10 ح 42.

يسرّك و يقوّي بصيرتك.

فقال:يا دعبل إنّي كنت من أشدّ الناس عداوة لعليّ بن أبي طالب فخرجت في نفر من الجنّ المردة العتاة فمررت بنفر يريدون زيارة الحسين قد جنّهم الليل فهممنا بهم و إذا ملائكة تزجرنا من السماء و ملائكة في الأرض تزجر عنهم هوامها فكأنّي كنت نائما فانتبهت و علمت أنّ ذلك لعناية اللّه تعالى بمن تشرّفوا بزيارته فأحدثت توبة وزرت مع القوم و دعوت بدعائهم و حججت بحجّهم تلك السنة وزرت قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و مررت برجل حوله جماعة فقلت:من هذا؟

قالوا:هذا ابن رسول اللّه الصادق عليه السّلام فدنوت منه و سلّمت عليه.

فقال لي:مرحبا بك يا أخ أهل العراق أتذكر ليلتك ببطن كربلاء و ما رأيت من كرامة اللّه تعالى لأوليائنا؛إنّ اللّه قد قبل توبتك.

فقلت:الحمد للّه الذي منّ عليّ بكم،فحدّثني يا ابن رسول اللّه بحديث أنصرف به إلى أهلي و قومي،فقال:حدّثني أبي عن أبيه عن الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم:يا عليّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى أدخلها أنا،و على الأوصياء حتّى تدخلها أنت و على الامم حتّى تدخلها أمّتي و على امّتي حتّى يقرّوا بولايتك،يا عليّ و الذي بعثني بالحقّ لا يدخل الجنّة أحد إلاّ من أخذ منك بسبب أو نسب.

ثمّ قال:خذها يا دعبل فلن تسمع بمثلها من مثلي أبدا ثمّ ابتلعته الأرض فلم أره.

و روي أنّ المتوكّل العبّاسي كان شديد العداوة لأهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و هو الذي أمر الحارث بحرث قبر الحسين عليه السّلام و أن يخربوا بنيانه و يخفوا آثاره و أن يجروا عليه الماء من النهر العلقمي حتّى لا يبقى له أثر،و توعّد الناس ممّن زار قبره و جعل رصدا من أجناده يقتلون كلّ من يزور الحسين ليطفئوا نور اللّه،فبلغ الخبر رجلا من أهل الخير يقال له زيد المجنون و لكنّه ذو عقل سديد و إنّما لقّب بالمجنون

ص: 144

لأنّه أفحم كلّ لبيب و قطع حجّة كلّ أديب فعظم ذلك عليه و اشتدّ حزنه و تجدّد مصابه بالحسين و كان يسكن مصر،فلمّا سمع أن يحرث قبر الإمام خرج من مصر ماشيا هائما على وجهه حتّى بلغ الكوفة و كان البهلول بها فلقيه زيد المجنون و سلّم عليه فردّ عليه السلام.

فقال له البهلول:من أين لك معرفتي و لم ترني؟

فقال زيد:قلوب المؤمنين جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف،فقال له البهلول:ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابّة و لا مركوب؟

فقال:بلغني أنّ هذا اللعين أمر بحرث قبر الحسين و خراب بنيانه و قتل زوّاره فهذا الذي أخرجني و أجرى دموعي.

فقال له البهلول:و أنا و اللّه كذلك،فقال له:قم إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد عليّ المرتضى،فوصلا إلى قبر الحسين و إذا هو على حاله لم يتغيّر و قد هدّموا بنيانه و كلّما أجروا عليه الماء غار و حار و استدار و كان القبر إذا جاءه الماء ترتفع أرضه بإذن اللّه تعالى.

فقال زيد المجنون:أنظر يا بهلول يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم.

و لم يزل المتوكّل يأمر بحرث قبر الحسين مدّة عشرين سنة و القبر على حاله لم يتغيّر و لا يعلوه قطرة من الماء،فلمّا نظر الحارث إلى ذلك قال:آمنت باللّه و بمحمّد رسول اللّه،و اللّه لأهر بن على وجهي و أهيم في البراري و لا أحرث قبر الحسين و أنّ لي مدّة عشرين سنة اشاهد براهين آل بيت رسول اللّه و لا أتّعظ،ثمّ إنّه حلّ الثيران و طرح الفدان و أقبل نحو زيد المجنون و قال:يا شيخ لأيّ شيء جئت إلى هنا و أنّي لأخشى عليك من القتل؟

فبكى زيد و قال:و اللّه قد بلغني حرث قبر الحسين فأحزنني فانكبّ الحارث على أقدام زيد يقبّلهما و يقول:فداك أبي و أمّي فو اللّه يا شيخ من حين أقبلت إلي أقبلت إليّ

ص: 145

الرحمة و استنار قلبي بنور اللّه و أنّ لي مدّة عشرين سنة أحرث هذه الأرض و كلّما أجريت الماء غار و حار و استدار و لم يصل إلى القبر منه قطرة و كأنّي كنت في سكر و أفقت الآن ببركة قدومك،فبكى زيد و قال له الحارث:ها أنا الآن ماض إلى المتوكّل بسرّ من رأى أعرّفه بصورة الحال إن شاء أن يقتلني و إن شاء أن يتركني.

فقال له زيد:و أنا أسير معك،فلمّا دخل الحارث على المتوكّل و خبّره بما شاهد من برهان قبر الحسين عليه السّلام ازداد بغضا لأهل البيت و أمر بقتل الحارث و صلبه،.

و أمّا زيد فازداد حزنه و صبر حتّى أنزلوه من الصلب و ألقوه على مزبلة فاحتمله زيد إلى الدجلة و غسّله و كفّنه و صلّى عليه و دفنه و بقي ثلاثة أيّام يتلو عنده القرآن فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع صراخا عاليا و نساء منشرات الشعور و الناس كافّة في اضطراب شديد و إذا بجنازة محمولة على أعناق الرّجال و قد نشرت لها الأعلام و انسدّت الطرق من الرجال و النساء قال زيد:ظننت أنّ المتوكّل مات، فسألت فقيل لي:هذه جارية المتوكّل ماتت؛جارية سوداء حبشية و إسمها ريحانة و كان المتوكّل يحبّها.

فلمّا نظر زيد إلى ذلك زادت أحزانه و جعل يلطم وجهه و يقول:وا أسفاه يا حسين أتقتل بالطفّ غريبا و تسبى نساؤك و بناتك و تذبح أطفالك و لم يبك عليك أحد من الناس و تدفن بغير غسل و لا كفن و يحرث بعد ذلك قبرك ليطفئوا نورك و أنت ابن عليّ المرتضى و ابن فاطمة الزهراء و يكون هذا الشأن العظيم لموت جارية سوداء!و لم يزل يبكي حتّى غشي عليه،فلمّا أفاق أنشد يقول،شعرا:

أيحرث بالطف قبر الحسين و يعمر قبر بني الزانية

لعلّ الزمان بهم قد يعود و يأتي بدولتهم ثانية

ألا لعن اللّه أهل الفساد و من يأمن الدنية الفانية

فكتب هذه الأبيات في ورقة و سلّمها لبعض حجّاب المتوكّل.

ص: 146

فلمّا قرأها المتوكّل أمر بقتله،فلمّا مثل بين يديه سأله عن أبي تراب من هو استحقارا له،فقال:و اللّه إنّك عارف به و بفضله و لا يجحده إلاّ كلّ كافر فأمر المتوكّل بحبسه،فلمّا أسدل الظلام جاء إلى المتوكّل هاتف و رفسه برجله و قال له:قم و أخرج زيدا من حبسه و إلاّ أهلك اللّه عاجلا،فقام بنفسه و أخرج زيدا و خلع عليه خلعة سنية و قال له:أطلب ما تريد؟

قال:اريد عمارة قبر الحسين عليه السّلام و أن لا يتعرّض أحد لزوّاره،فأمر له بذلك فخرج من عنده فرحا مسرورا و جعل يدور في البلدان و يقول:من أراد زيارة الحسين عليه السّلام فله الأمان طول الأزمان (1).

و في كتاب بحار الأنوار عن الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي قال:خرجت في آخر زمان بني مروان إلى قبر الحسين عليه السّلام مستخفيا من أهل الشام حتّى انتهيت إلى كربلاء فاختفيت في ناحية القرية حتّى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحوه حتّى إذا دنوت منه خرج إليّ رجل فقال:يا هذا إنّك لن تصل إليه.

فقلت له:عافاك اللّه و لم لا أصل إليه و قد أقبلت من الكوفة اريد زيارته فلا تحل بيني و بينه و أنا أخاف أن أصبح فيقتلني أهل الشام.

فقال:إصبر قليلا فإنّ موسى بن عمران صلوات اللّه عليه سأل اللّه أن يأذن له في زيارة قبر الحسين فأذن له فهبط من السماء في سبعين ألف ملك فهم بحضرته من أوّل الليل ينتظرون طلوع الفجر ثمّ يعرجون إلى السماء.

فقلت:من أنت؟

قال:أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين و الإستغفار لزوّاره فانصرفت فقد كاد يطير عقلي لما سمعت منه،فلمّا طلع الفجر أقبلت نحوه و دعوت2.

ص: 147


1- البحار:407/45 ح 12.

اللّه على قتلته و صلّيت الصبح و أقبلت مسرعا مخافة أهل الشام (1).

و روي عن الأعمش قال:أحدث رجل على قبر الحسين عليه السّلام فأصابه و أهل بيته جنون و جذام و برص و هم يتوارثون الجذام إلى الساعة (2).3.

ص: 148


1- مستدرك الوسائل:405/10.
2- مناقب ال أبي طالب:221/3.

قصة في من تخلف عن الحسين عليه السلام

روي أنّ رجلا كان في الكوفة من أعيان أهلها من امراء الكوفة و جنودها و كان له ديانة و ميل إلى الشيعة قال:و كان ذات ليلة نائما على سطح داره،فلمّا أصبح تخيّل إليه أنّ يستخير اللّه سبحانه في طريق النزول فاستخار أن ينزل من الدرج فكانت الاستخارة نهيا،و كذلك استخار على وضع درج ينزل منه و كلّما يستخير اللّه سبحانه على طريق تأتي الاستخارة نهيا حتّى استخار أن يرمي بنفسه من فوق السطح فجاءت موافقة الأمر فرمى بنفسه و انكسرت رجله فحمل إلى داخل منزله و شدّ عليها الجبائر و بقي يداويها فاتّفق في ذلك الوقت أنّ ابن زياد أرسل عساكر الكوفة لقتال الحسين عليه السّلام فأرسل إلى ذلك الرجل ليكون مع الجند،فقيل له:إنّه مريض و أنّ رجله مكسورة لا يقدر على الركوب.

فقال:إذا لم يقدر على المسير فليحمل و يوضع على باب الكوفة يكتب العساكر التي تخرج إلى قتال الحسين.

فحمل على بساط و وضع على باب الكوفة و أحصى في دفتر أسماء الخارجين إلى القتال و كان ذلك الدفتر عنده حتّى طابت رجله و خرج المختار و كان يتبع من خرج في العسكر فتارة يعرفهم و تارة لا يعرفهم لكثرتهم لأنّه كما سبق كانوا سبعين ألفا فأتى ذلك الرجل إلى المختار و طلب منه الأمان و دفع إليه ذلك الدفتر فكان يقتل بني اميّة و من خرج من ذلك الدفتر حتّى أتى على آخرهم (1).

ص: 149


1- رياض الأبرار للجزائري،مخطوط.

ما استدل به على قتل الحسين بن علي في البلاد

1-حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن رجل عن يحيى بن بشير قال سمعت أبا بصير يقول قال أبو عبد اللّه عليه السّلام بعث هشام بن عبد الملك إلى أبي فأشخصه إلى الشام فلما دخل عليه قال له:يا أبا جعفر أشخصناك لنسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري و لا أعلم في الأرض خلقا ينبغي أن يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلا واحدا فقال أبي ليسألني أمير المؤمنين عما أحب فإن علمت أجبت ذلك و إن لم أعلم قلت:لا أدري و كان الصدق أولى بي فقال هشام أخبرني عن الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب عليه السّلام بما استدل به الغائب عن المصر الذي قتل فيه على قتله و ما العلامة فيه للناس فإن علمت ذلك و أجبت فأخبرني هل كان تلك العلامة لغير علي عليه السّلام في قتله فقال له أبي يا أمير المؤمنين أنه لما كانت تلك الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين عليه السّلام لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها هارون أخو موسى عليه السّلام و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون و كذلك كانت الليلة التي رفع فيها عيسى ابن مريم إلى السماء و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها شمعون بن حمون الصفا و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب عليه السّلام و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها الحسين بن علي عليه السّلام قال فتربد وجه هشام حتى انتقع لونه و هم أن يبطش بأبي فقال له أبي يا أمير المؤمنين الواجب على العباد الطاعة لإمامهم و الصدق له بالنصيحة و إن

ص: 150

الذي دعاني إلى أن أجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي إياه بما يجب له علي من الطاعة فليحسن أمير المؤمنين علي الظن فقال له هشام إنصرف إلى أهلك إذا شئت قال فخرج فقال له هشام عند خروجه أعطني عهد اللّه و ميثاقه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحد حتى أموت فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه و ذكر الحديث بطوله.

2-حدثني أبو الحسين أحمد بن عبد اللّه بن علي الناقد قال:حدثني عبد الرحمن البلخي(السلمي)قال لي أبو الحسين و أخبرني عمي عن أبيه عن أبي نصر عن رجل من أهل بيت المقدس أنه قال و اللّه لقد عرفنا أهل بيت المقدس و نواحيها عشية قتل الحسين بن علي عليه السّلام قلت:و كيف ذاك قال ما رفعنا حجرا و لا مدرا و لا صخرا إلا و رأينا تحتها دما عبيطا يغلي و احمرت الحيطان كالعلق و مطر ثلاثة أيام دما عبيطا و سمعنا مناديا ينادي في جوف الليل يقول:

أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب

معاذ اللّه لا نلتم يقينا شفاعة أحمد و أبي تراب

قتلتم خير من ركب المطايا و خير الشيب طرا و الشباب

و انكسفت الشمس ثلاثة أيام ثم تجلّت عنها و انشبكت النجوم فلما كان من غد أرجفنا بقتله فلم يأت علينا كثير شيء حتى نعي إلينا الحسين عليه السّلام.

3-حدثنا أبو الحسين أحمد بن عبد اللّه بن علي الناقد بإسناده قال:قال عمر بن سعد قال:حدثني أبو معشر عن الزهري قال لما قتل الحسين عليه السّلام لم يبق في بيت المقدس حصاة إلا وجد تحتها دم عبيط (1).8.

ص: 151


1- كامل الزيارات:78.

ما جاء في قاتل الحسين و قاتل يحيى بن زكريا عليه السّلام

1-حدثني أبي رحمه اللّه تعالى و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد ابن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عن حماد عن كليب بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا و كان قاتل الحسين عليه السّلام ولد زنا و لم تبك السماء إلا عليهما حدثني محمد بن الحسن و محمد بن أحمد بن الحسين جميعا عن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن الحسن عن فضالة بن أيوب عن كليب بن معاوية الأسدي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله.

2-و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن هاشم عن عثمان ابن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إن في النار لمنزلة لم يكن يستحقها أحد من الناس إلا قاتل الحسين بن علي و يحيى ابن زكريا عليه السّلام.

3-حدثني أبي رحمه اللّه و علي بن الحسين عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:تقتل و اللّه ذراري قتلة الحسين بفعل آبائها.

4-حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن عبد الخالق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان قاتل الحسين عليه السّلام ولد زنا و قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا.

ص: 152

5-حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن النعمان عن مثنى عن سدير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:

إن اللّه جعل قتل أولاد النبيين من الأمم الماضية على يدي أولاد زنا.

6-و عنه عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:كان الذي قتل الحسين بن علي عليه السّلام ولد زنا و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا.

7-و عنه عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن إسماعيل بن أبي زياد عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول فرعون ذروني أقتل موسى فقيل له من كان يمنعه قال:كان لرشده لأن الأنبياء و الحجج لا يقتلها إلا أولاد زنا و البغايا و حدثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخي عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف عن محمد بن الحسين بهذا الحديث(بهذه الأحاديث).

8-و حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قاتل الحسين بن علي ولد زنا.

9-و حدثني أبي رحمه اللّه و محمد بن الحسن عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم ابن هاشم عن عثمان بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:لا يقتل النبيين و أولاد النبيين إلا أولاد زنا.

10-حدثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه محمد بن خالد عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن علي الحسني عن الحسن بن الحسين العمري عن الحسين بن شداد الجعفي عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:لا يقتل الأنبياء و أولاد الأنبياء إلا ولد زنا.

ص: 153

11-حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن الفضال عن مروان بن مسلم عن إسماعيل بن كثير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول كان قاتل الحسين بن علي ولد زنا و كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا و لم تبك السماء و الأرض إلا لهما و ذكر الحديث (1).0.

ص: 154


1- كامل الزيارات:80.

العلة التى من أجلها أخّر اللّه العذاب عن قتلة الحسين

الهمداني،عن علي،عن أبيه،عن الهروي قال:قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام:يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال:إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها؟

فقال عليه السّلام:هو كذلك فقلت:و قول الله عز و جل: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (1).

ما معناه؟

قال:صدق الله في جميع أقواله،و لكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم،و يفتخرون بها،و من رضي شيئا كان كمن أتاه،و لو أن رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عز و جل شريك القاتل و إنما يقتلهم القائم عليه السّلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم قال:قلت له:بأي شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟

قال:يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم لانهم سراق بيت الله عزّ و جل.

بالإسناد إلى أبي محمد العسكري،عن آبائه عليهم السلام أن علي بن الحسين عليه السّلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل و يحكي قصتهم فلما بلغ آخرها قال:إن الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطياد السمك فكيف ترى عند الله يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلى الله عليه و آله و هتك حريمه إن الله تعالى و إن لم يمسخهم في الدنيا فإن المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ،فقيل له:يا ابن رسول الله فإنا قد سمعنا منك هذا الحديث

ص: 155


1- سورة الانعام:164،و الحديث في العيون ج 1 ص 273،علل الشرائع ج 1 ص 219.

فقال لنا بعض النصاب:فإن كان قتل الحسين باطلا فهو أعظم من صيد السمك في السبت،أفما كان يغضب على قاتليه كما غضب على صيادي السمك؟

قال علي بن الحسين عليه السّلام:قل لهؤلاء النصاب:فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه،فأهلك الله من شاء منهم كقوم نوح و فرعون و لم يهلك إبليس و هو أولى بالهلاك فما باله أهلك هؤلاء الذين قصّروا عن إبليس في عمل الموبقات و أمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات؟ألا كان ربنا عز و جل حكيما بتدبيره و حكمه فيمن أهلك و فيمن استبقى فكذلك هؤلاء الصائدون في السبت و هؤلاء القاتلون للحسين عليه السّلام،يفعل في الفريقين ما يعلم أنه أولى بالصواب و الحكمة لا يسأل عما يفعل و عباده يسألون.

و قال الإمام الباقر عليه السّلام:لما حدّث علي بن الحسين بهذا الحديث قال له بعض من في مجلسه:يا ابن رسول الله كيف يعاتب الله و يوبّخ هؤلاء الأخلاف على قبائح أتى بها أسلافهم؟و هو يقول: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ؟

فقال زين العابدين عليه السّلام:إن القرآن نزل بلغة العرب،فهو يخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم يقول الرجل التميمي قد أغار قومه على بلد و قتلوا من فيه:أغرتم على بلد كذا و يقول العربي أيضا:و نحن فعلنا ببني فلان و نحن سبينا آل فلان و نحن خربنا بلد كذا،لا يريد أنهم باشروا ذلك،و لكن يريد هؤلاء بالعذل،و أولئك بالإفتخار أن قومهم فعلوا كذا،و قول الله عز و جل في هذه الآية إنما هو توبيخ لأسلافهم و توبيخ العذل على هؤلاء الموجودين لأن ذلك هو اللغة التي أنزل بها القرآن،و لأن هؤلاء الأخلاف أيضا راضون بما فعل أسلافهم مصوّبون ذلك لهم،فجاز أن يقال لهم:

أنتم فعلتم،أي إذ رضيتم قبيح فعلهم (1).

ابن الوليد،عن الصفار،عن أحمد بن محمد،عن محمد بن سنان،عن إسماعيل بن0.

ص: 156


1- كتاب الاحتجاج ص 160.

جابر،عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:سمعته يقول:القائم و الله يقتل ذراري قتلة الحسين بفعال آبائها.

محمد بن جعفر الرزاز،عن محمد بن الحسين،عن عثمان بن عيسى عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السّلام في قول الله تبارك و تعالى: فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ (1)قال:أولاد قتلة الحسين عليه السّلام.

عن سعد،عن ابن هاشم و ابن أبي الخطاب،عن عثمان بن عيسى مثله (2).

بيان:لعل المراد بالعدوان ما يسمّى ظاهرا عدوانا،و إن كان في الواقع موافقا للعدل.

عن سعد،عن ابن عيسى،عن ابن معروف،عن صفوان عن حكم الحناط (3)عن ضريس،عن أبي خالد الكابلي،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول في قول الله عز و جل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (4)قال:علي و الحسن و الحسين عليهم السلام.

محمد بن جعفر القرشي الرزاز،عن ابن أبي الخطاب،عن موسى بن سعدان الحناط،عن عبد الله بن القاسم الحضرمي،عن صالح بن سهل،عن أبي عبد الله عليه السّلام في قول الله عز و جل: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ (5)قال:قتل أمير المؤمنين و طعن الحسن بن علي عليهما السلام وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ،قتل الحسين بن علي عليه السّلام فإذا جاء وعد أولاهما.2.

ص: 157


1- سورة البقرة:193.
2- كامل الزيارات ص 64.
3- يظهر من حديث في الكافى ج 5 ص 274 أنه كان خياطا،قال:قلت لابى عبد الله عليه السلام انى اتقبل الثوب بدرهم و أسلمه بأكثر من ذلك الحديث.
4- سورة الحج:39،راجع المصدر ص 63.
5- سورة أسرى:4 و 5،راجع المصدر ص 62.

قال: إِذا جاءَ نَصْرُ الحسين بن علي بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قوما يبعثهم الله قبل قيام القائم لا يدعون وترا لآل محمد إلا أحرقوه وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً (1).

عن سعد،عن ابن عيسى،عن محمد بن سنان،عن علي بن أبي حمزة،عن أبي بصير،عن أبي جعفر عليه السّلام قال:تلاهذه الآية إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (2)قال:الحسين بن علي منهم و لم ينصر بعد ثم قال:و الله لقد قتل قتلة الحسين و لم يطلب بدمه بعد.

ابن الوليد،عن الصفار،عن ابن معروف،عن محمد بن سنان،عن رجل قال:

سألت عن أبا عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (3)قال:ذلك قائم آل محمد يخرج فيقتل بدم الحسين بن علي فلو قتل أهل الارض لم يكن سرفا و قوله تعالى: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ لم يكن ليصنع شيئا يكون سرفا ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يقتل و الله ذراري قتلة الحسين بفعال آبائها.

عن الحسن بياع الهروي يرفعه،عن أحدهما عليهما السلام في قوله:«لا عدوان إلا على الظالمين»قال:إلا على ذرية قتلة الحسين (4).

عن إبراهيم،عمن رواه،عن أحدهما قال:قلت: فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ قال:

لا يعتدي الله على أحد إلا على نسل ولد قتلة الحسين عليه السّلام.

تاريخ بغداد و خراسان و الابانة و الفردوس قال:ابن عباس:أوحى الله تعالى إلى

ص: 158


1- بحار الأنوار:297/41-305.
2- سورة غافر:51،راجع كامل الزيارات ص 63.
3- سورة أسرى:33،راجع المصدر ص 63.
4- تفسير العياشى ج 1 ص 86 و هكذا ما يليه ص 87.

محمد صلى الله عليه و آله أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا و أقتل بابن بنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا.

الصادق عليه السّلام:قتل بالحسين مائة ألف و ما طلب بثأره،و سيطلب بثأره (1).

علي بن الحسين قال:خرجنا مع الحسين فما نزل منزلا و لا ارتحل عنه إلا و ذكر يحيى بن زكريا و قال يوما:من هو ان الدنيا على الله أن رأس يحيى أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.

و في حديث مقاتل،عن زين العابدين(عن أبيه)أن امرأة ملك بني إسرائيل كبرت و أرادت أن تزوج ابنتها منه للملك،فاستشار الملك يحيى بن زكريا فنهاه عن ذلك فعرفت المرأة ذلك و زيّنت ابنتها و بعثتها إلى الملك فذهبت و لعبت بين يديه،فقال لها الملك:ما حاجتك؟

قالت:رأس يحيى بن زكريا فقال الملك:يا بنية حاجة غير هذا،قالت:ما أريد غيره،و كان الملك إذا كذب فيهم عزل عن ملكه،فخيّر بين ملكه و بين قتل يحيى فقتله،ثم بعث برأسه إليها في طست من ذهب فأمرت الارض فأخذتها و سلّط اللّه عليهم بختنصر فجعل يرمي عليهم بالمناجيق و لا تعمل شيئا فخرجت إليه عجوز من المدينة فقالت:أيها الملك إن هذه مدينة الأنبياء لا تنفتح إلا بما أدلك عليه قال:لك ما سألت قالت:إرمها بالخبث و العذرة ففعل فتقطّعت فدخلها فقال:علي بالعجوز فقال لها:ما حاجتك؟

قالت:في المدينة دم يغلي فاقتل عليه حتى يسكن فقتل عليه سبعين ألفا حتى سكن،يا ولدي يا علي و الله لا يسكن دمي حتى يبعث اللّه المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفا (2).4.

ص: 159


1- المناقب ج 4 ص 81.
2- المناقب:81/4.

فهرس الموضوعات

إخبار اللّه تعالى أنبياءه و نبينا بشهادة الإمام الحسين 3

ما أخبر به النبي و علي و الحسين عليهم السلام بشهادته 35

الإخبارات العامة بقتل الحسين عليه السلام 56

أنباء باستشهاد الحسين عليه السلام قبل وقوعه 62

1-خبر رأس الجالوت:62

2-خبر كعب 63

3-حديث أسماء بنت عميس 65

4-حديث أم الفضل 66

5-في مقتل الخوارزمي 67

6-رواية زينب بنت جحش في بيتها 68

7-حديث أنس بن مالك 69

8-حديث أبي أمامة 70

9-روايات أم سلمة 71

10-روايات عائشة 75

11-رواية معاذ بن جبل:78

12-رواية سعيد بن جمهان 78

13-روايات ابن عباس 79

14-رواية أنس بن الحارث و استشهاده 79

ص: 160

15-رجل من بنى أسد:80

16-روايات الإمام علي عليه السلام 82

خبر عبد اللّه بن يحيى:91

خبر سويد بن غفلة 92

خبر البراء 93

ما رواه ابن أبي الحديد 93

كما رواه الطبراني:94

ما رواه القرشي 94

علم الملائكة بقتل الحسين عليه السّلام 96

الأمر بنصرة الحسين عليه السلام 97

أثر ترك نصرة الإمام الحسين عليه السلام 100

ما جرى على من لم ينصر الحسين عليه السلام 101

لعن قتلة الحسين عليه السلام 108

دعاء الحمام و لعنها على قاتل الحسين عليه السّلام 117

ثواب من شرب الماء و ذكر الحسين عليه السّلام و لعن قاتله 118

كفر قتلة الحسين و ثواب لعنهم و شدة عذابهم 119

عذاب من شارك في القتل 130

عذاب من لم ينصر الحسين عليه السلام و إن لم يقاتل 131

ما حصل بقاتلي الحسين عليه السلام 133

إنتقام القائم من قتلة الحسين عليهما السلام 136

عذاب قتلة الحسين عليه السلام 137

ص: 161

شدة عذاب قتلة الحسين عليه السلام في النار 140

قصة في من تخلف عن الحسين عليه السلام 149

ما استدل به على قتل الحسين بن علي في البلاد 150

ما جاء في قاتل الحسين و قاتل يحيى بن زكريا عليه السّلام 152

العلة التى من أجلها أخّر اللّه العذاب عن قتلة الحسين 155

ص: 162

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.