الصحیح من سیرة الإمام الحسین بن علي علیه السلام
نویسنده: سید هاشم بحرانی - علامه سید مرتضی عسکری و سید محمد باقر شریف قرشی
ناشر: مؤسسة التاريخ العربي
مکان نشر: لبنان - بيروت
سال نشر: 2009م , 1430ق
چاپ:1
موضوع:اسلام، تاریخ
زبان :عربی
تعداد جلد: 20
کد کنگره : /ع5ص3 41/4 BP
ص: 1
ص: 2
الجزء الخامس
الآيات النازلة في الإمام الحسين عليه السلام
في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (1)
الحديث الحادي عشر:محمد بن العباس الثقة في تفسيره قال:حدّثنا علي بن عبد اللّه بن أسد عن إبراهيم بن محمد عن عثمان بن سعيد عن إسحاق بن يزيد الفرا عن غالب الهمداني عن أبي إسحاق السبيعي قال:خرجت حاجا فلقيت محمد بن علي عليه السّلام فسألته عن هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فقال:«ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق؟»يعني أهل الكوفة.
قال:قلت:يقولون:إنها لهم،قال:«فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنة».
قلت:فما تقول أنت جعلت فداك؟
قال:«هي لنا خاصة يا أبا إسحاق أما السابقون بالخيرات فعلي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و الإمام عليه السّلام منّا و المقتصد فصائم بالنهار و قائم بالليل،و الظالم لنفسه ففيه ما في الناس و هو مغفور له،يا أبا اسحق بنا يفك اللّه رقابكم و بنا يحل اللّه رباق الذل من أعناقكم،و بنا يغفر ذنوبكم،و بنا يفتح و بنا يختم و نحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف و نحن سفينتكم كسفينة نوح و نحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل» (2).
محمد بن العباس قال:حدّثنا حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن7.
ص: 3
ابن أبي حمزة عن زكريا المؤمن عن أبي سلام عن سور بن كليب قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام ما معنى قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الآية قال:«الظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام».
قلت:فمن المقتصد؟
قال:«الذي يعرف الإمام».
قلت فمن السابق بالخيرات؟
قال:«الإمام».
قلت:فما لشيعتكم؟
قال:«تكفّر ذنوبهم و تقضى ديونهم و نحن باب حطتهم و بنا يغفر لهم» (1).
الحديث الثالث عشر:محمد بن العباس قال:حدّثنا محمد بن الحسن بن حميد عن جعفر بن عبد اللّه المحمدي عن كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا قال:«فهم آل محمد صفوة اللّه فمنهم ظالم لنفسه و هو الهالك و منهم مقتصد و هم الصالحون و منهم سابق بالخيرات بإذن اللّه و هو علي بن أبي طالب عليه السّلام يقول اللّه عزّ و جلّ: ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ يعني في القرآن يقول اللّه عزّ و جلّ: جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يعني آل محمد يدخلون قصور جنات كل قصر من لؤلؤء واحدة ليس فيها صدع و لا وصل و لو اجتمع أهل الإسلام فيها ما كان ذلك القصر إلاّ سعة لهم،له القباب من الزبرجد كل قبة لها مصراعان المصراع طوله اثنا عشر ميلا،يقول اللّه عزّ و جلّ: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ قالوا:و الحزن ما أصابهم في الدنيا من الخوف و الشدة» (2).
الطبرسي في(الإحتجاج)عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الآية0.
ص: 4
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا قال:«أي شيء تقول؟».
قلت:اني أقول إنها خاصة في ولد فاطمة فقال عليه السّلام:«أما من سل سيفه و دعا الناس إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة و غيرهم فليس بداخل في هذه الآية».
قلت:من يدخل فيها؟
قال:«الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال و لا هدى و المقتصد منّا أهل البيت هو العارف حق الإمام و السابق بالخيرات هو الإمام» (1).
ابن شهر آشوب عن محمد بن عبد اللّه بن الحسن عن آبائه و السدي عن أبي مالك عن ابن عباس و محمد الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ «و إنه لهو علي بن أبي طالب عليه السّلام» (2).
الطبرسي روى أصحابنا عن ميسر بن عبد العزيز عن الصادق عليه السّلام أنه قال:
«الظالم من لا يعرف حق الإمام،و المقتصد منّا العارف بحق الإمام،و السابق بالخيرات [هو]الإمام و هؤلاء كلهم مغفور لهم» (3).
عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السّلام:«أما الظالم لنفسه منّا فمن عمل عملا صالحا و آخر سيئا،و أما المقتصد فهو المتعبد المجتهد،و أما السابق بالخيرات فعلي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و من قتل من آل محمد شهيدا» (4).
صاحب ثاقب المناقب عن أبي هاشم الجعفري قال:كنت عند أبي محمد يعني الحسن العسكري عليه السّلام،فسألناه عن قول اللّه تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ قال عليه السّلام:
«كلهم من آل محمد عليهم السّلام الظالم لنفسه الذي لا يقر بالإمام،و المقتصد العارف بالإمام3.
ص: 5
و السابق بالخيرات بإذن اللّه الإمام»قال:فدمعت عيناي و جعلت افكر في نفسي عظم ما أعطى اللّه آل محمد فنظر إليّ و قال:«الأمر أعظم بما حدّثتك به نفسك من عظم شأن آل محمد فاحمد اللّه فقد جعلك متمسكا بحبلهم تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل اناس بإمامهم فأبشر يا أبا هاشم فإنك على خير» (1).6.
ص: 6
سعد عن علي بن أحمد بن علي بن سعيد الأشعري عن حمدان بن يحيى عن بشر بن حبيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام إنه سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ بَيْنَهُما حِجابٌ قال:«سور بين الجنّة و النار عليه قائم محمد صلّى اللّه عليه و آله و علي و الحسن و الحسين و فاطمة و خديجة الكبرى فينادون أين محبونا أين شيعتنا؟فيقبلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم و أسماء أبائهم و ذلك قوله عزّ و جلّ: يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ أي بأسمائهم فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم على الصراط و يدخلونهم الجنة».
ص: 7
(1) ما رواه صدر الأئمة عند العامة موفق بن أحمد قال:أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة أخبرنا محمد بن الحسين بن علي البزاز أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد العزيز أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر حدّثنا أبو بكر محمد بن عمرو الحافظ،قال:حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخراز من كتابه حدّثنا الحسن بن علي الهاشمي حدثني إسماعيل بن أبان حدّثنا أبو مريم عن ثوير بن أبي فاختة عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:قال أبي دفع النبي صلّى اللّه عليه و آله الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ففتح اللّه تعالى على يده و أوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة و قال له:«أنت منّي و أنا منك»و قال له:«تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل»و قال له:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى»و قال له:«أنا سلم لمن سالمك و حرب لمن حاربك»و قال له:
«أنت العروة الوثقى»و قال له:«أنت تبيّن لهم ما اشتبه عليهم من بعدي»و قال له:«أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي»و قال له:«أنت الذي أنزل اللّه فيه وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» .
و قال له:«أنت الآخذ بسنتي و الذاب عن ملتي»و قال له:«أنا أول من تنشق الأرض عنه و أنت معي»و قال له:«أنا عند الحوض و أنت معي»و قال له:«أنا أول من يدخل الجنة و أنت معي تدخلها و الحسن و الحسين و فاطمة»و قال له:«إن اللّه تعالى أوحى إلي بأن أقوم بفضلك فقمت به في الناس و بلّغتهم ما أمرني اللّه تعالى بتبليغه»و قال له:«إتق
ص: 8
الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتي أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون»ثم بكى صلّى اللّه عليه و آله فقيل له:مم بكاؤك يا رسول اللّه؟
قال:«أخبرني جبرئيل عليه السّلام أنهم يظلمونه و يمنعونه حقه و يقاتلونه و يقتلون ولده و يظلمونهم بعده،و أخبرني جبرائيل عليه السّلام عن اللّه عزّ و جلّ أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم و علت كلمتهم و اجتمعت الامة على محبتهم و كان الشانىء لهم قليلا و الكاره لهم ذليلا و كثر المادح لهم،و ذلك حين تغيّر البلاد و ضعف العباد و اليأس من الفرج فعند ذلك يظهر القائم فيهم»قال النبي صلّى اللّه عليه و آله«إسمه كإسمي و اسم أبيه كاسم أبي،هو من ولد ابنتي فاطمة يظهر اللّه ألحق بهم و يخمد الباطل بأسيافهم و تتبعهم الناس راغب إليهم و خائف منهم»قال:و سكن البكاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثم قال:«معاشر المسلمين أبشروا بالفرج فإن وعد اللّه لا يخلف،و قضاءه لا يرد و هو الحكيم الخبير،و إن فتح اللّه قريب اللهم إنهم اهلي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا اللّهم اكلأهم و ارعهم و كن لهم و انصرهم و أعزّهم و لا تذلّهم و اخلفني فيهم انك على ما تشاء قدير» (1).1.
ص: 9
ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي اللّه عنه قال:حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال:حدّثنا محمد بن زكريا قال:حدّثنا شعيب بن واقد قال:حدّثنا القاسم بن بهرام عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس و حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال:حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال:حدّثنا الحسن بن مهران قال:حدّثنا سلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قال:«مرض الحسن و الحسين عليه السّلام و هما صبيان صغيران فعادهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه رجلان فقال أحدهما:يا أبا الحسن لو نذرت في إبنيك نذرا إن عافاهما اللّه فقال:أصوم ثلاثة أيام للّه شكرا للّه عزّ و جلّ و كذلك قالت فاطمة عليها السّلام و قال الصبيان:و نحن أيضا نصوم ثلاثة أيام و كذلك قالت جاريتهم فضة فألبسهما اللّه العافية فأصبحوا صائمين و ليس عندهم طعام فانطلق علي عليه السّلام إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف فقال:هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك إبنة محمد بثلاثة أصوع من شعير قال:نعم،فأعطاه فجاء بالصوف و الشعير و أخبر فاطمة فقبلت و أطاعت ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص،و صلّى علي عليه السّلام مع النبي صلّى اللّه عليه و اله المغرب ثم أتى منزله فوضع الخوان و جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه السّلام إذا مسكين قد وقف بالباب فقال:السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده ثم قال:
ص: 10
فاطم ذات المجد و اليقين يا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكين جاء إلى الباب له حنين
يشكو إلى اللّه و يستكين يشكو إلينا جائع حزين
كل أمرء بكسبه رهين من يفعل الخير يكن حسين
موعده في جنة رهين حرّمها اللّه على الضّنين
و صاحب البخل يقف حزين تهوي به النار إلى سجين
شرابه الحميم و الغسلين
فأقبلت فاطمة تقول:
أمرك سمع يابن عم و طاعة ما بي من لؤم و لا ضراعة
غذيت باللب و بالبراعة أرجو إذا اشبعت من مجاعة
إن ألحق الأخيار و الجماعة و أدخل الجنة في شفاعة
و عمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين و باتوا جياعا و أصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح،ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرص و صلّى علي عليه السّلام المغرب مع النبي صلّى اللّه عليه و آله ثم أتى إلى منزله فلما وضع الخوان بين يديه و جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه السّلام إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال:
السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم اللّه على موائد الجنة فوضع علي عليه السّلام اللقمة من يده ثم قال:
فاطم بنت السيد الكريم بنت نبي ليس بالزنيم
قد جاءنا اللّه بذا اليتيم من يرحم اليوم فهو رحيم
موعده في جنة النعيم حرّمها اللّه على اللئيم
و صاحب البخل يقف ذميم تهوي به النار إلى الجحيم
شرابه الصديد و الحميم
ص: 11
فأقبلت فاطمة تقول:
فسوف أعطيه و لا أبالي و أوثر اللّه على عيالي
أمسوا جياعا و هم أشبالي أصغرهما يقتل في القتال
بكربلاء يقتل باغتيالي لقاتليه الويل مع وبال
يهوى في النار إلى سفالي كبوله زادت على الأكبال
ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان و باتوا جياعا لم يذوقوا إلاّ الماء القراح فأصبحوا صياما و عمدت فاطمة عليه السّلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف و طحنت الصاع الباقي و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص و صلّى علي عليه السّلام المغرب مع النبي صلّى اللّه عليه و آله ثم أتى منزله فقرّب إليه الخوان فجلسوا خمستهم،فأول لقمة كسرها علي عليه السّلام إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقالّ السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا و تشدوننا و لا تطعموننا فوضع علي عليه السّلام اللقمة من يده ثم قال:
فاطم يا بنت النبي أحمد بنت نبي سيد مسود
قد جاءك الأسير ليس يهتد مكبلا في غله مقيد
يشكو إلينا الجوع قد تقدد من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الموحد ما يزرع الزارع سوف يحصد
فأعطيه و لا تجعليه بنكد
فأقبلت فاطمة عليه السّلام و هي تقول:
لم يبق مما كان غير صاع قد دبرت كفي مع الذراع
شبلاي و اللّه هما جياع يا رب لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع عبل الذراعين طويل الباع
و ما على رأسي من قناع إلا عباء نسجها بصاع
و عمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه و باتوا جياعا و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شيء،قال شعيب في حديثه:و أقبل علي عليه السّلام بالحسن و الحسين عليهما السّلام نحو
ص: 12
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر بهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:«يا أبا الحسن أشد ما يسوءني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة عليها السّلام»فانطلقوا اليها و هي في محرابها قد لصق بطنها بظرها من شدة الجوع و غارت عيناها فلما رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ضمّها إليه و قال:«وا غوثاه باللّه أنتم منذ ثلاث فيما أرى»فهبط جبرائيل عليه السّلام:فقال:«يا محمد خذ ما هيألك في أهل بيتك»فقال:«و ما آخذ يا جبرائيل؟ قال: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ حتى بلغ إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً.
و قال الحسن بن مهران في حديثه:فوثب النبي صلّى اللّه عليه و آله حتى دخل منزل فاطمة عليها السّلام فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي و قال:«أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم»فهبط جبرائيل بهذه الآيات إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً قال:هي عين في دار النبي صلّى اللّه عليه و آله تفجر إلى دور الأنبياء و المؤمنين يُوفُونَ بِالنَّذْرِ يعني عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و جاريتهما فضة وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً عابسا كلوحا وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ يقول على شهوتهم:الطعام و ايثارهم له مسكينا من مساكين المسلمين،و يتيما من يتامى المسلمين،و أسيرا من أسارى المشركين و يقولون:إذا اطعموهم إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً قال:و اللّه ما قالوا اهذا لهم و لكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر اللّه بإضمارهم يقولون لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً تكافوننا به وَ لا شُكُوراً تثنون علينا به و لكنا إنما أطعمناكم لوجه اللّه و طلب ثوابه قال اللّه تعالى ذكره: فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً نضرة في الوجوه،و سرورا في القلوب وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً جنة يسكنونها و حريرا يفرشونه و يكسونه مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ و الأريكة السرير عليه الحجلة لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً قال ابن عباس:فبينا أن أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان فيقول أهل الجنة:يا رب إنك قلت
ص: 13
في كتابك لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً فيرسل اللّه جل اسمه إليهم جبرائيل عليه السّلام فيقول:
ليس هذه بشمس و لكن عليا و فاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، و نزلت هَلْ أَتى فيهم...إلى قوله: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (1).3.
ص: 14
ابن شهر اشوب من طريق الخاصة و العامة روى ذلك عن ابن عباس و ابن مسعود و جابر و البراء و أنس و امّ سلمة و السدي و ابن سيرين و الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً (1).
قال:«هو محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام»و في رواية«البشر الرسول و النسب فاطمة و الصهر علي» (2).
المالكي في(الفصول المهمة)عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً الآية،أنها نزلت في النبي و علي بن أبي طالب رضى اللّه عنه ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و زوج ابنته فاطمة فكان نسبا و صهرا (3).
ص: 15
إلى قوله: لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً
محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن همام قال:حدّثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال:حدّثني محمد بن أحمد عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تبارك و تعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور و نصب لمحمد و عليّ و الحسن و الحسين منابر من نور،فيصعدون عليها و يجمع لهم الملائكة و النبيّون و المؤمنون،و يفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:يا رب ميعادك الذي أوعدته في كتابك و هو هذه الآية وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الآية،و يقول الملائكة و النبيّون مثل ذلك ثم يخرّ محمد و عليّ و الحسن و الحسين سجّدا ثم يقولون:يا رب اغضب،يا رب اغضب،فإنّه انتهك حريمك و قتل أصفياؤك و أذلّ عبادك الصالحون» (1).
ابن بابويه قال:حدّثنا أبو المفضل محمد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني رحمه اللّه قال:
حدّثنا أبو مزاحم موسى بن عبد اللّه بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي قال:حدّثنا محمد بن حماد بن هامان الدباغ أبو جعفر قال:حدّثنا عيسى بن إبراهيم قال:حدّثنا الحرث بن تيهان قال:
ص: 16
حدّثنا عقبة بن يقطان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأصقع بن قرضاب عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخل جندب بن جنادة بن جبير على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:يا رسول اللّه أخبرني عمّا ليس للّه،و عمّا ليس عند اللّه،و عمّا لا يعلمه اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:(أمّا ما ليس للّه فليس له شريك و أمّا ما ليس عند اللّه فليس عند اللّه ظلم العباد،و أمّا ما لا يعلمه اللّه فذلك قولكم يا معشر اليهود:عزير ابن اللّه،و اللّه لا يعلم له ولدا»فقال جندل:أشهد أن لا اله إلاّ اللّه و أنّك محمد رسول اللّه حقا.
ثم قال:يا رسول اللّه إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال لي:
يا جندل أسلم على يد محمد و استمسك بالأوصياء من بعده،فقد أسلمت و رزقني اللّه ذلك فأخبرني عن الأوصياء من بعدك لأتمسك بهم فقال:«يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل»فقال:يا رسول اللّه إنّهم كانوا اثني عشر هكذا وجدناهم في التوراة قال:«نعم،الائمة بعدي إثنا عشر»قال:يا رسول اللّه كلهم في زمن واحد قال:(لا،و لكن خلف بعد خلف و إنّك لن تدرك منهم إلاّ ثلاثة،أولهم سيّد الأوصياء أبو الائمة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام،ثم ابناه الحسن و الحسين فاستمسك بهم من بعدي و لا يغرنّك جهل الجاهلين،فإذا كانت وقت ولادة ابنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين يقضي اللّه عليك،و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه».
فقال:يا رسول اللّه هكذا وجدت في التوراة:إليا يقطوا شبرا و شبيرا،فلم أعرف أسماءهم،فكم من الحسين عليه السّلام من الأوصياء و ما أسماؤهم؟
فقال:«تسعة من صلب الحسين و المهدي منهم،فإذا انقضت مدة الحسين قام بالأمر علي ابنه و يلقّب زين العابدين،فإذا انقضت مدة عليّ قام بالأمر من بعده محمد ابنه يدعى الباقر،فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده جعفر و يدعى بالصادق،فإذا انقضت مدة جعفر قام بالأمر بعده موسى و يدعى بالكاظم،ثم إذا انقضت مدة موسى قام بالأمر من بعده ابنه علي و يدعى بالرضا،فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر بعده محمد ابنه و يدعى بالزكي،فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده علي ابنه و يدعى
ص: 17
بالنقي،فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده ابنه الحسن و يدعى بالأمين،ثم يغيب عنهم إمامهم.
قال:يا رسول اللّه هو الحسن يغيب عنهم؟
قال«لا،و لكن ابنه»قال:يا رسول اللّه فما اسمه؟
قال:«لا يسمى حتى يظهر».
فقال جندل:يا رسول اللّه وجدنا ذكرهم في التوراة و قد بشّرنا موسى بن عمران بك و بالأوصياء من ذرّيتك،ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (1)فقال جندل:يا رسول اللّه فما خوفهم؟
قال:يا جندل في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه و يؤذيه،فإذا عجّل اللّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ما ملئت جورا و ظلما.ثم قال عليه السّلام:طوبى للصابرين في غيبته طوبى للمقيمين على محبتهم،أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (2)ثم قال:أولئك حزب اللّه ألا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (3).
قال ابن الأصقع:ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي ثم خرج إلى الطائف، فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال:دخلت عليه بالطائف و هو عليل ثم إنه دعا بشربة من لبن فشربه فقال:هكذا عهد لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن،ثم مات و دفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورارة (4).2.
ص: 18
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم الشعيري عن كثير بن كلثمة عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (1)قال:لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم و بحمدك عملت سوءا و ظلمت نفسي،فاغفر لي و أنت خير الغافرين،لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم و بحمدك،عملت سوءا و ظلمت نفسي،فاغفر لي و أنت أرحم الراحمين،لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم و بحمدك،عملت سوءا و ظلمت نفسي،فتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم.
قال الكليني:و في رواية أخرى في قوله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (2)
قال:سأله بحق محمد و علي و الحسن و الحسين و فاطمة صلّى اللّه عليهم (3).
ابن بابويه قال:حدّثني محمد بن موسى بن المتوكل قال:حدّثني يحيى بن أحمد عن العباس بن معروف عن بكر بن محمد قال:حدّثني أبو سعيد المدايني يرفعه في قول الله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (4)قال:سأله بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (5).
ص: 19
العياشي في تفسيره بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:
إنّ الله تبارك و تعالى عرض على آدم في الميثاق ذريّته،فمرّ به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو متّكئ على علي عليه السّلام،و فاطمة عليها السلام تتلوهما،و الحسن و الحسين عليهما السّلام يتلوان فاطمة، فقال الله:يا آدم إياك أن تنظر إليهم بحسد أهبطك من جواري.
فلمّا أسكنه الله الجنة مثل له النبي صلّى اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم،فنظر إليهم بحسد،ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها،فلمّا تاب إلى الله من حسده و أقرّ بالولاية و دعى بحق الخمسة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم غفر الله له،و ذلك قوله فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (1)الآية (2).
العياشي بإسناده عن محمد بن عيسى بن عبيد العلوي عن أبيه عن جده عن علي عليه السّلام قال:الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال:يا رب أسألك بحق محمد لما تبت عليّ،قال:و ما علمك بمحمد؟
قال:رأيته في سرادقك الأعظم مكتوبا و أنا في الجنة (3).
الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السّلام في تفسيره:قال الله تعالى فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (4)يقولها،فقالها فتاب اللّه عليه بها إنه هو التوّاب الرحيم،القابل للتوبات،الرحيم بالتائبين، قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً كان أمر في الأول أن يهبط، و في الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا لا يتقدم أحدكم الآخر،و الهبوط إنما كان هبوط آدم و حواء من الجنة،و هبوط الحية أيضا منها،فإنها كانت من أحسن دوابها، و هبوط إبليس من حواليها،فإنه كان محرّما عليه دخول الجنة فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي7.
ص: 20
هُدىً يأتيكم و أولادكم من بعدكم مني هدى يا آدم و يا إبليس فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (1)لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون،و لا يحزنون إذا يحزنون.
قال:فلمّا زلّت من آدم الخطيّة و اعتذر إلى ربه عزّ و جلّ قال:يا رب تب عليّ و اقبل معذرتي و أعدني إلى مرتبتي و ارفع لديك درجتي،لقد تبيّن نقص الخطيّة و ذلّها بأعضائي و سائر بدني.
قال الله تعالى:يا آدم أما تذكر أمري إياك أن تدعوني بمحمد و آله الطيبين عند شدائدك و دواهيك في النوازل ينهضك.
قال آدم:يا رب بلى،قال الله عزّ و جلّ:فهم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم خصوصا فادعني أجبك إلى ملتمسك و ازدك فوق مرادك،فقال آدم:يا رب يا إلهي و قد بلغ عندك من محلّهم أنك بالتوسل بهم تقبل توبتي و تغفر خطيئتي و أنا الذي أسجدت له ملائكتك،و أسكنته جنتك،و زوجته حواء أمتك،و أخدمته كرام ملائكتك،قال الله تعالى:يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك بالسجود لك إذ كنت وعاء لهذه الأنوار،و لو كنت سألتني بهم قبل خطيّتك أن أعصمك منها و أن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحرز منه لكنت قد فعلت ذلك و لكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي،فالآن فبهم فادعني لأجيبك،فعند ذلك قال آدم:اللهم بجاه محمد و آله الطيبين،بجاه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم لمّا تفضلت عليّ بقبول توبتي و غفران خطيئتي و إعادتي من كرامتك إلى مرتبتي،فقال الله عزّ و جلّ:قد قبلت توبتك و أقبلت برضائي عليك،و صرفت آلائي و نعمائي إليك،و أعدتك إلى مرتبتك من كرامتي،و وفّرت نصيبك من رحماتي،فذلك قوله عزّ و جلّ فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ8.
ص: 21
كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (1) ثم قال الله عزّ و جلّ للذين أهبطهم مع آدم و حواء و إبليس و الحية وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ مقام،فيها تعيشون و تحثكم لياليها و أيامها إلى السعي إلى الآخرة،فطوبى لمن تروضها لدار البقاء وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ لكم في الأرض منفعة إلى حين موتكم لأن الله تعالى يخرج زروعكم و ثماركم،و بها ينزهكم و ينعمكم،و فيها بالبلاء يمتحنكم،يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكّركم نعيم الآخرة الخالص مما ينقص نعيم الدنيا و يبطله و يزهّد فيه و يصغره و يحقره،و يمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي قد تكون في خلالها الرحمات و في تضاعيفها النقمات المجحفة،تدفع عن المبتلى بها مكارهها ليحذركم بذلك عذاب الأبد الذي لا يشوبه عافية،و لا يقع في تضاعيفه راحة و لا رحمة (2).
الإمام أبو محمد العسكري عليه السّلام:قال علي بن الحسين:حدّثني أبي عن أبيه عن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله قال:يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان اللّه تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره،رأى النور و لم يتبين الأشباح فقال:يا رب ما هذه الأنوار؟
قال:أنوار؟
قال:أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك،و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح،فقال آدم:يا رب لو بيّنتها ليّ،فقال الله عزّ و جلّ:أنظر يا آدم إلى ذروة العرش،فنظر آدم عليه السّلام فوقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش،فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا فقال:ما هذه الأشباح يا رب؟
قال الله تعالى:يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي و بريّاتي هذا محمد و أنا المحمود الحميد في أفعالي،شققت له اسما من اسمي،و هذا علي و أنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي،و هذه فاطمة و أنا فاطر السماوات و الأرض،فاطم أعدائي من رحمتي6.
ص: 22
يوم فصل قضائي،و فاطم أوليائي عما يعرهم و يسيئهم فشققت لها اسما من اسمي، و هذا الحسن و هذا الحسين و أنا المحسن المجمل شققت اسميهما من اسمي.
هؤلاء خيار خلقي،و كرام بريتي،بهم آخذ و بهم أعطي،و بهم أعاقب و بهم أثيب، فتوسل إليّ بهم يا آدم،و إذا دهتك داهية فاجعلهم لي شفعاءك فإني آليت على نفسي قسما حقا لا أخيب بهم آملا،و لا أردّ بهم سائلا،فذلك حين زلت منه الخطيئة و دعى الله عزّ و جلّ فتاب عليه و غفر له (1).
ابن بابويه بإسناده عن معمر بن راشد قال:سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السّلام يقول:أتى يهودي إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقام بين يديه و جعل يحد النظر إليه فقال:يا يهودي ما حاجتك؟
فقال:أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه الله و أنزل عليه التوراة و العصا و فلق له البحر و ظلله بالغمام؟
فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله:إنه يكره للعبد أن يزكّي نفسه،و لكني أقول:إنّ آدم لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال:اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لما غفرت لي، فغفرها الله له.
و إنّ نوحا لما ركب السفينة و خاف الغرق قال:اللهم إني أسألك بحق محمد و آل محمد لمّا أنجيتني من الغرق،فنجاه الله منه.
و إنّ إبراهيم لما ألقي في النار قال:اللهم إنّي اسألك بحق محمد و آل محمد لما أنجيتني منها،فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما.
و إنّ موسى لما ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال:اللهم إنّي أسألك بحق محمد و آل محمد لما أمنتي منها،فقال الله جل جلاله لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى.
يا يهودي لو أدركني موسى و لم يؤمن بي و بنبوّتي ما نفعه إيمانه شيئا و لا نفعته النبوة.2.
ص: 23
يا يهودي و من ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته فقدّمه و صلّى خلفه (1).
عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (2):إنّ الكلمات التي تلقاها آدم من ربه:اللهم بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب الله عليه (3).4.
ص: 24
عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد اللّه بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (1)ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال لكن هذا لتبكينّ عليه السماء و الأرض-و قال:و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ عليه السّلام» (2).
الثاني:أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات قال:حدّثني أبي رحمه اللّه و جماعة مشايخنا عن عليّ بن الحسين و محمّد بن الحسن عن سعد بن عبد اللّه عن يعقوب بن يزيد عن أحمد بن الحسن الميثمي عن عليّ الازرق عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج عليه الحسين بن عليّ عليهما السّلام من بعض أبواب المسجد فقال له:«أمّا هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض» (3).
الثالث:أبو القاسم هذا قال:حدّثني عليّ بن الحسين بن موسى عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمّد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا
ص: 25
مُنْظَرِينَ قال:«لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتّى قتل الحسين عليه السّلام فبكت عليه». (1)
الرابع:أبو القاسم هذا قال:حدّثني أبي و عليّ بن الحسين جميعا عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد البرقي عن محمّد بن خالد عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن عليّ بن زيد الحسني عن الحسن بن الحكيم النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال:
بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك عليّ ضحكا حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكين عليه السماء و الأرض» (2).
أبو القاسم هذا قال:حدّثني أبي عن سعد بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد الرقي عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني العلوي عن الحكم بن الحسن النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام بالرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام قال:
فضحك عليّ عليه السّلام حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكينّ عليه السماء و الأرض» (3).
أبو القاسم هذا،حدّثني أبي عن محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:
«كان الذي قتل الحسين ولد زنا و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا و قد احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة.6.
ص: 26
ثمّ قال:بكت السماء و الأرض على الحسين بن عليّ و يحيى بن زكريا و حمرتها بكاؤها» (1).
عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذا قبض اللّه نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما،و أمّا الحسين عليه السّلام فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما،و إن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليه السّلام و لم تر قبله أبدا و إن يوم قتله عليه السّلام لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم. (2)
الطبرسي عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«بكت السماء على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ أربعين صباحا و لم تبك إلاّ عليهما».
قلت:فما بكاؤها؟
قال:«كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء». (3)
عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول:أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السّلام و من معه حتّى تسيل على خده بوأه اللّه في الجنّة غرفا، و أيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتّى تسيل على خده لأذاء مسّنا من عدونا بوأه اللّه مبوأ صدق،و أيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتّى يسيل دمعه على خديه من مضاضته ما أوذى فينا؛صرف[اللّه]عن وجهه الأذى و آمنه يوم القيامة من سخطه و النار». (4)2.
ص: 27
عليّ بن إبراهيم قال:حدّثني أبي عن بكر بن محمّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضة غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر». (1)2.
ص: 28
ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضي الله عنه قال:
حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال:حدّثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب قال:حدّثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال:قال أبو عبد الله:إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام،فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات الله عليهم،فعرضها على السماوات و الأرض و الجبال فغشيها نورهم،فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال:هؤلاء أحبائي و أوليائي و حججي على خلقي و أئمة بريتي،ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منهم،و لمن تولاهم خلقت جنتي،و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري،فمن ادّعى منزلتهم مني و محلّهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري،و من أقرّ بولايتهم و لم يدّع منزلتهم مني و مكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي،و كان لهم فيها ما يشاؤون عندي،و أبحتهم كرامتي،و أحللتهم جواري،و شفّعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي،فولايتهم أمانة عند خلقي،فأيكم يحملها بأثقالها و يدّعيها لنفسه دون خيرتي؟فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها،و أشفقن من ادّعاء منزلتها و تمنّي محلّها من عظمة ربها.
فلما أسكن الله عزّ و جلّ آدم و زوجته الجنة قال لهما كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ -يعني شجرة الحنطة- فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ فنظرا إلى
ص: 29
منزلة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا:يا ربنا لمن هذه المنزلة؟
فقال الله جل جلاله:ارفعا رأسيكما إلى ساق عرشي،فرفعا رأسيهما فوجدا اسم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبّار جل جلاله فقالا:يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك!و ما أحبهم إليك!و ما أشرفهم لديك فقال الله جل جلاله لولاهم ما خلقتكما،هؤلاء خزنة علمي و أمنائي على سرّي،إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم عندي و محلّهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني فتكونا من الظالمين،قالا:ربنا و من الظالمون،قال:المدّعون منزلتهم بغير حق قالا:
ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك،فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من أنواع النكال و العذاب،و قال عزّ و جلّ:
مكان الظالمين لهم المدّعين لمنزلتهم في أسفل درك منها،كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها،و كلّما نضجت جلودهم بدّلوا سواها ليذوقوا العذاب.
يا آدم و يا حواء لا تنظرا إلى أنواري و حججي بعين الحسد فأهبطكما من جواري و أحلّ بكما هواني،فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما،و قال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين و قاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور،و حملهما على تمنّي منزلتهم،فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلاه شعيرا،فأصل الحنطة مما لم يأكلاه،و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه،فلمّا أكلا من الشجرة طار الحليّ و الحلل عن أجسادهما و بقيا عريانين، و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة و ناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة و أقل لكما إنّ الشيطان لكما عدو مبين قالا:ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين،قال:اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي
ص: 30
من يعصيني،فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش،فلمّا أراد الله عزّ و جلّ أن يتوب عليهما جاءهما جبرائيل فقال لهما:إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه،فسلا ربكما بحق هذه الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.
فقالا:اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلاّ تبت علينا و رحمتنا،فتاب الله عليهما،إنه هو التواب الرحيم، فلم يزل الأنبياء بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصياءهم و المخلصين من أممهم،فيأبون حملها و يشفقون من ادّعائها و حملها الإنسان الذي قد عرف،فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة،و ذلك قول الله عز و جل إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (1). (2)1.
ص: 31
عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:حدّثنا أبي قال:حدّثني سفيان عن أبي موسى عن الحسين بن علي عليه السّلام قال:فينا نزلت وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (1). (2)
أبو نعيم الحافظ عن رجاله عن أبي هريرة قال:قال علي بن أبي طالب عليه السّلام:يا رسول الله أيّما أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟
قال:فاطمة أحبّ إليّ منك،و أنت أعزّ عليّ منها،و كأني بك و أنت على حوضي تذود عنه الناس،و إنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء،و أنت و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين،أنت معي و شيعتك في الجنة،ثم قرأ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (3). (4)
إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة بحذف الإسناد بطوله و كثرة رواته عن زيد بن أرقم قال:دخلت على رسول الله صلّى اللّه عليه و آله مسجد المدينة فجعل يقول:أين فلان بن فلان؟و لم يزل يتفقدهم و يبعث خلفهم حتى اجتمعوا عدة،ثم ذكر حديث المواخاة إلى أن قال:فقال علي عليه السّلام:يا رسول الله ذهبت روحي و انقطع
ص: 32
ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري،فإن كان من سخطك عليّ فلك العتبى و الكرامة،قال:و الذي بعثني بالحق نبيّا ما أخّرتك إلاّ لنفسي،و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي،و أنت أخي و وارثي،قلت:يا رسول الله ما أرث منك؟
قال:ما أورثت الأنبياء قبلي،قال:ما أورثت الأنبياء قبلك؟
قال:كتاب الله و سنة رسوله،و أنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، و أنت أخي و رفيقي،ثم تلا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله هذه الآية إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ الأخلاّء في الله ينظر بعضهم إلى بعض،الحديث على رواية الحافظ أبي نصر. (1)3.
ص: 33
من تفسير مجاهد و أبي يوسف يعقوب بن سفيان قال ابن عباس في قوله تعالى وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً (1)إنّ دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة فنزل عند أحجار الزيت،ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه،فنفر الناس إليه إلاّ علي و الحسن و الحسين و فاطمة و سلمان و أبوذر و المقداد و صهيب،و تركوا النبي صلّى اللّه عليه و آله قائما يخطب على المنبر فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:لقد نظر الله إلى مسجدي يوم الجمعة،فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها نارا و حصبوا بالحجارة كقوم لوط و نزل فيهم رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ (2).
ص: 34
المالكي في الفصول المهمة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:علي و فاطمة يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (1)الحسن و الحسين،و رواه صاحب كتاب الدرر. (2)
محمد بن العباس من طريق العامة قال:حدّثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن صلت عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن الضحاك عن ابن عباس قال:قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:مرج البحرين علي و فاطمة عليهما السلام،بينهما برزخ لا يبغيان،قال:النبي صلى الله:
يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان،قال:الحسن و الحسين عليهما السلام. (3)
أبو علي الطبرسي روى من طريق العامة و غيرهم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه و سعيد بن جبير و سفيان الثوري أنّ البحرين علي و فاطمة عليهما السلام، بينهما برزخ محمد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله،يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان الحسن و الحسين عليهما السلام. (4)
ابن شهر آشوب من طريق العامة و غيرهم عن الخركوشي في كتاب اللوامع و شرف المصطفى،و أبو بكر الشيرازي في كتابه و أبي صالح و أبي إسحاق الثعلبي
ص: 35
و علي بن أحمد الطائي و ابن علوية القطان في تفاسيرهم،عن سعيد بن جبير و سفيان الثوري و أبو نعيم الأصفهاني فيما نزل في القرآن في أمير المؤمنين عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس و عن أبي مالك عن ابن عباس و القاضي النظيري عن سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق عليه السّلام و اللفظ له في قوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:عليّ و فاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه.
و في رواية بَيْنَهُما بَرْزَخٌ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال:
الحسن و الحسين عليهما السلام. (1)
عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي عباس أن فاطمة عليها السلام بكت للجوع و العري،فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله:إقنعي يا فاطمة بزوجك،فو الله إنه سيّد في الدّنيا سيّد في الآخرة،و أصلح بينهما فأنزل الله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (2)يقول:أنا اللّه أرسلت البحرين علي بن أبي طالب بحر العلوم و فاطمة بحر النبوة يلتقيان يتصلان،انا الله أوقعت الوصلة بينهما ثم قال: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ مانع،رسول الله يمنع علي بن أبي طالب أن يحزن لأجل الدّنيا،و يمنع فاطمة أن تخاصم بعلها لأجل الدّنيا.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما يا معشر الجن و الإنس تُكَذِّبانِ بولاية أمير المؤمنين و حبّ فاطمة الزهراء قال: اَللُّؤْلُؤُ الحسن وَ الْمَرْجانُ الحسين لأن اللؤلؤ الكبار و المرجان الصغار.
و لا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما و كثرة خيرهما،فإن البحر إنما سمي بحرا لسعته،و أجرى النبي عليه السّلام فرسا فقال:وجدته بحرا. (3)
كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة عن المبارك بن مسرور قال:أخبرني3.
ص: 36
القاضي أبو عبد الله قال:حدّثني أبي رحمه الله قال:أخبرني أبو غالب محمد بن عبد الله يرفعه إلى أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال:سئل ابن عباس عن قول الله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ فقال:علي و فاطمة بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (1)رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (2)الحسن و الحسين عليهما السلام. (3)
الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال:أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري قال:حدّثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله قال:قرأ أبي علي أبي محمد الحسن بن علوية القطان من كتابه و أنا أسمع،حدّثنا بعض أصحابنا، حدّثني رجل من أهل مصر يقال له:طسم،حدّثنا أبو حذيفة عن أبيه عن سفيان الثوري في قول الله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:
فاطمة و علي يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال:الحسن و الحسين.
قال الثعلبي:و روى هذا القول أيضا عن سعيد بن جبير و قال:بينهما برزخ محمد صلّى اللّه عليه و آله (4).
علي بن إبراهيم قال:حدّثنا محمد بن أبي عبد الله قال:حدّثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد العطار قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول في قول الله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ :أمير المؤمنين و فاطمة عليهما السلام يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (5)الحسن و الحسين عليهما السلام. (6)2.
ص: 37
ابن بابويه قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا أسعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد العطار قال:سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:علي و فاطمة بحران من العلم عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ الحسن و الحسين عليهما السلام. (1)
محمد بن العباس قال:حدّثنا أحمد بن محمد عن محفوظ بن بشير عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السّلام في قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ قال:لا يبغي علي على فاطمة،و لا فاطمة تبغي على علي يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (2)قال:الحسن و الحسين عليهما السلام. (3)
محمد بن العباس قال:حدّثنا جعفر بن سهل عن أحمد بن محمد عن عبد الكريم عن يحيى عن عبد الحميد عن قيس عن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد في قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:علي و فاطمة لا يبغي هذا على هذه، و لا هذه على هذا يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال:الحسن و الحسين صلوات الله عليهم أجمعين (4).
محمد بن العباس عن علي بن مخلد الدهان عن أحمد بن سليمان عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش عن كثير بن هشام عن كهمش بن الحسن عن أبي السليل عن أبي ذر رضي الله عنه في قوله عز و جل مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ قال:علي و فاطمة عليهما السلام يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (5)الحسن و الحسين عليهما السلام،0.
ص: 38
فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة علي و فاطمة و الحسن و الحسين؟و لا يحبهم إلاّ مؤمن و لا يبغضهم إلاّ كافر،فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت،و لا تكونوا كفارا ببغض أهل البيت فتلقوا في النار. (1)4.
ص: 39
ابن شهر آشوب عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان عن مجاهد و ابن عبّاس:أنّ المتّقين في ظلال و عيون من اتّقى الذنوب عليّ بن أبي طالب و الحسن و الحسين في ظلال من الشجر و الخيام من اللؤلؤ طول كلّ خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ،ثمّ ساق الحديث إلى قوله: إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ المطيعين للّه أهل بيت محمّد في الجنّة (1).
ص: 40
ابن شهر آشوب عن مالك بن أنس عن سميّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ يعني محمّدا وَ الصِّدِّيقِينَ يعني عليّا و كان أوّل من صدّقه وَ الشُّهَداءِ يعني عليّا و جعفرا و حمزة و الحسن و الحسين عليهم السّلام (1).
ابن بابويه قال:أخبرنا المعافى بن زكريا قال:حدّثنا أبو سليمان أحمد بن أبي هراسة عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري عن عثمان بن أبي شيبة قال:حدّثنا حريز عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم عن امّ سلمة قالت:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قول اللّه سبحانه: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً قال: اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ أنا و اَلصِّدِّيقِينَ عليّ بن أبي طالب و اَلشُّهَداءِ الحسن و الحسين و اَلصّالِحِينَ حمزة، و حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً الأئمّة الاثني عشر بعدي (2).
ابن بابويه في كتاب«مصباح الأنوار»عن أنس بن مالك قال:صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض الأيّام صلاة الفجر،ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت:يا رسول اللّه إن رأيت أن تفسّر لنا قول اللّه عزّ و جلّ: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
ص: 41
وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فقال صلّى اللّه عليه و آله:أمّا النبيّون فأنا، و أمّا الصدّيقون فأخي عليّ بن أبي طالب،و أمّا الشهداء فعمّي حمزة،و أمّا الصالحون فابنتي فاطمة و أولادها الحسن و الحسين،قال:و كان العبّاس حاضرا فوثب و جلس بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:ألسنا أنا و أنت و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين من نبعة واحدة؟
قال:و كيف ذلك يا عمّ؟
قال العبّاس:لأنّك تعرّف بعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين دوننا قال:فتبسّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال:أمّا قولك يا عمّ ألسنا من نبعة واحدة فصدقت،و لكن يا عمّ إنّ اللّه خلقني و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين قبل أن يخلق اللّه آدم حين لا سماء مبنيّة و لا أرض مدحيّة و لا ظلمة و لا نور و لا جنّة و لا نار و لا شمس و لا قمر،قال العبّاس:
و كيف كان بدء خلقكم يا رسول اللّه؟
قال:يا عمّ لمّا أراد اللّه أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نورا،ثمّ تكلّم بكلمة فخلق منها روحا،فمزج النور بالروح فخلقني و أخي عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح و نقدّسه حين لا تقديس،فلمّا أراد اللّه أن ينشيء الصنعة،فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري و نوري من نور اللّه و نوري أفضل من العرش،ثمّ فتق نور أخي عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور أخي عليّ و نور عليّ من نور اللّه و عليّ أفضل من الملائكة،ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة عليها السّلام فخلق منه السماوات و الأرض فالسماوات و الأرض من نور ابنتي فاطمة و نور ابنتي فاطمة من نور اللّه عزّ و جلّ و ابنتي فاطمة أفضل من السماوات و الأرض،ثمّ فتق نور ولدي الحسن و خلق منه الشمس و القمر فالشمس و القمر من نور ولدي الحسن و نور ولدي الحسن من نور اللّه و الحسن أفضل من الشمس و القمر،ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة و الحور العين فالجنّة و الحور العين من نور ولدي الحسين و نور ولدي من نور اللّه فولدي الحسين أفضل من
ص: 42
الجنّة و الحور العين،ثمّ أمر اللّه الظلمات أن تمرّ بسحائب الظلم فأظلمت السماوات على الملائكة،فضجّت الملائكة بالتسبيح و التقديس و قالت:إلهنا و سيّدنا منذ خلقتنا و عرّفتنا هذه الأشباح لم نر بأسا فبحقّ هذه الأشباح إلاّ ما كشفت عنّا هذه الظلمة فأخرج اللّه من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلّقها في بطنان العرش فأزهرت السماوات و الأرض ثمّ أشرقت بنورها فلأجل ذلك سمّيت الزهراء.فقالت الملائكة:
إلهنا و سيّدنا لمن هذا النور الزاهر الذي أشرقت به السماوات و الأرض،فأوحى اللّه إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي و زوجة وليّي و أخ نبيّي و أب حججي على عبادي أشهدكم يا ملائكتي إنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم و تقديسكم لهذه المرأة و شيعتها و محبّيها إلى يوم القيامة قال:فلمّا سمع العبّاس من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وثب قائما و قبّل ما بين عينيّ عليّ عليه السّلام و قال:و اللّه يا عليّ أنت الحجّة البالغة لمن آمن باللّه و اليوم الآخر (1).
العيّاشي بإسناده عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ الآية فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في هذا الموضع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و نحن الصدّيقون و الشهداء و أنتم الصالحون فتسمّوا بالصلاح كما سمّاكم اللّه (2).
عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه السّلام قال:قال:«النبيّين»رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله«و الصدّيقين»عليّ«و الشهداء»الحسن و الحسين«و الصالحين و حسن أولئك رفيقا»القائم من آل محمّد عليه الصلاة و السلام (3).1.
ص: 43
الشيخ الطوسي في أماليه حديثا بإسناده عن رجاله عن نعيم بن حكيم عن أبي هريرة عن أبي مريم الثقفي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:إنطلق بي رسول اللّه حتّى أتى بي إلى الكعبة فصعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على منكبي،ثمّ قال لي:إنهض فنهضت، فلمّا رأى ضعفا قال:إجلس فنزل ثمّ قال لي:يا علي إصعد على منكبي فصعدت على منكبيه،ثمّ نهض بي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خيّل لي انّي لو شئت لنلت افق السماء، فصعدت فوق الكعبة و تنحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال لي:إلق صنمهم الأكبر و كان من النحاس موتّدا بأوتاد حديد فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:عالجه فعالجته و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:جاء الحقّ و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا،فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه فقال لي:إقذفه فقذفته فتكسّر فنزلت من فوق الكعبة و انطلقت أنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خشينا أن يرانا أحد من قريش و غيرهم (1).
ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن يحيى المكتب قال:حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق قال:حدّثني بشر بن سعيد بن قولويه المعدّل بالمرافقة قال:حدّثنا عبد الجبّار بن كثير التميمي اليماني قال:سمعت محمّد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول:سألت جعفر بن محمّد عليه السّلام فقلت له:يا بن رسول اللّه في نفسي مسألة اريد أن أسألك عنها فقال:إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني و إن شئت فسل،قال:فقلت له:يا بن رسول اللّه و بأيّ شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي عنه؟
قال:بالتوسّم و التفرّس أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ
ص: 44
لِلْمُتَوَسِّمِينَ و قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:إتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه عزّ و جلّ، قال:فقلت له:يا بن رسول اللّه فأخبرني بمسألتي قال:أردت أن تسألني عن رسول اللّه لم يطق حمله عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عند حطّه الأصنام من سطح الكعبة مع قوّته و شدّته و ما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر و الرّمي به إلى ورائه أربعين ذراعا و كان لا يطيق حمله أربعون رجلا،و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يركب الناقة و الفرس و البغلة و الحمار و ركب البراق ليلة المعراج و كلّ ذلك دون عليّ عليه السّلام في القوّة و الشدّة.
قال:فقلت له:عن هذا و اللّه أردت أن أسألك يا بن رسول اللّه فاخبرني،فقال:إنّ عليّا عليه السّلام برسول اللّه تشرّف و به ارتفع و به وصل إلى إطفاء نار الشرك و إبطال كلّ معبود دون اللّه عزّ و جلّ و لو علاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لحطّ الأصنام لكان بعليّ مرتفعا و تشريفا و واصلا إلى حطّ الأصنام،فلو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه ألا ترى أنّ عليّا قال:لمّا علوت ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شرفت و ارتفعت حتّى لو شئت أنال السماء لنلتها،أما علمت أنّ المصباح هو الذي يهتدي به في الظلمة و انبعاث فرعه من أصله و قد قال عليّ عليه السّلام أنا من أحمد كالضوء من الضوء،أما علمت أنّ محمّدا و عليّا صلوات اللّه عليهما كانا نورا بين يدي اللّه عزّ و جلّ قبل خلق الخلق بألفيّ عام و أنّ الملائكة لمّا رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعّب منه شعاع لامع فقالوا:إلهنا و سيّدنا ما هذا النور؟
فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليهم هذا نور من نوري أصله نبوّة و فرعه إمامة،أمّا النبوّة فلمحمّد عبدي و رسولي،و امّا الإمامة لعليّ حجّتي و وليّي و لولاهما ما خلقت خلقي، أما علمت أنّ رسول اللّه رفع يدي عليّ عليه السّلام بغدير خمّ حتّى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين و إمامهم و قد احتمل الحسن و الحسين عليهما السّلام يوم حضيرة بني النجّار فلمّا قال له بعض أصحابه:ناولني أحدهما يا رسول اللّه.
قال صلّى اللّه عليه و آله:نعم الحاملان و نعم الراكبان و أبوهما خير منهما-و روي خبر آخر أنّ
ص: 45
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حمل الحسن و حمل جبرائيل الحسين و لهذا قال:نعم الحاملان- و كان الرسول صلّى اللّه عليه و اله يصلّي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلمّا سلّم قيل له يا رسول اللّه لقد أطلت هذه السجدة فقال عليه السّلام إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن اعجّله حتّى ينزل و انّما أراد عليه السّلام بذلك رفعهم و تشريفهم فالنبيّ إمام و نبيّ و عليّ عليه السّلام إمام ليس بنبيّ و لا رسول فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوّة؛قال محمّد بن حرب الهلالي:
فقلت له:زدني يابن رسول اللّه؟
فقال:إنّك لأهل للزيادة إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حمل عليّا على ظهره بذلك أنّه أبو ولده و إمام الأئمّة من صلبه و كما حوّل رداءه في صلاة الإستسقاء و أراد أن يعلم أصحابه بذلك أنّه قد حوّل الجدب خصبا.
قال:فقلت له:زدني يابن رسول اللّه؟
فقال:إحتمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليّا عليه السّلام يريد بذلك أن يعلم قومه أنّه هو الذي يخفف عن ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما عليه من الدّين و العدات و الأداء عنه من بعده.
فقلت:يابن رسول اللّه زدني.
فقال:إنّه قد احتمله ليعلم ذلك أنّه قد احتمله و ما حمله إلاّ لأنّه معصوم لا يحمل أوزارا فتكون أفعاله عند الناس حكما و صوابا و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لعليّ:يا عليّ إنّ اللّه تبارك و تعالى حمّلني ذنوب شيعتك ثمّ غفرها لي و ذلك قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ و لمّا أنزل اللّه تبارك و تعالى عليه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ قال النبيّ:يا أيّها الناس عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم و علي نفسي و أخي أطيعوا عليّا فإنّه مطهّر معصوم لا يضلّ و لا يشقى ثمّ تلا هذه الآية: قُلْ أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ.
قال محمّد بن حرب الهلالي:ثمّ قال لي جعفر بن محمّد عليه السّلام:أيّها الأمير لو
ص: 46
أخبرتك بما في حمل النبيّ صلّى اللّه عليه و اله عليّا عليه السّلام عند حطّ الأصنام من سطح الكعبة في المعاني التي أرادها به لقلت أنّ جعفر بن محمّد لمجنون فحسبك من ذلك ما قد سمعت؛فقمت و قبّلت رأسه و قلت اللّه أعلم حيث يجعل رسالته (1).1.
ص: 47
ابن شهر آشوب من تفسير مقاتل عن عطاء عن ابن عبّاس يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ لا يعذّب اللّه محمّدا وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ لا يعذّب عليّ بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر نُورُهُمْ يَسْعى يضيء على الصراط بعليّ و فاطمة مثل الدّنيا سبعين مرّة فيسعى نورهم بين أيديهم و يسعى عن أيمانهم و هم يتّبعونه،فيمضي أهل بيت محمّد أوّل الزمرة على الصراط مثل البرق الخاطف،ثمّ يمضي قوم مثل الريح،ثمّ قوم مثل عدو الفرس،ثمّ قوم مثل شدّ الرجل،ثمّ قوم مثل الحبو (1)،ثمّ قوم مثل الزحف و يجعله اللّه على المؤمنين عريضا و على المذنبين دقيقا،قال اللّه تعالى يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا حتى نجتاز به على الصراط قال:فيجوز أمير المؤمنين عليه السّلام في هودج من الزمرّد الأخضر و معه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر حولها سبعون ألف حور كالبرق اللاّمع (2).
أسند أبو نعيم إلى ابن عبّاس:أوّل ما يكسى من حلل الجنّة إبراهيم و محمّد ثمّ عليّ يزف بينهما ثمّ قرأ يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ (3).
ص: 48
في قوله تعالى: (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ)(1)
أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات من طريق العامّة قال:
حدّثني جعفر بن محمّد الزرار عن محمّد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن داود بن عيسى الأنصاري عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن إبراهيم النخعي قال:خرج أمير المؤمنين عليه السّلام فجلس في المسجد و اجتمع أصحابه حوله فجاء الحسين عليه السّلام حتّى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال:«يا بني إن اللّه عيّر أقواما بالقرآن فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و أيم اللّه لتقتلنّ من بعدي ثمّ تبكيك السماء و الأرض». (2)
أبو القاسم هذا قال:حدّثني أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن محمّد بن حسين بن أبي الخطاب بإسناده مثله (3).
الثعلبي في تفسيره قال السدي:لمّا قتل الحسين عليه السّلام بكت عليه السماء و بكاؤها حمرتها.
قال:و حكى ابن سيرين:أن الحمرة لم تر قبل قتله،و عن سليم القاضي:مطرنا دما أيام قتله (4).
ص: 49
إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال:أنبأنا السيد النسّابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي قال:أنبأنا والدي السيد شمس الدين شيخ شرف فخار الموسوي بروايته عن شاذان بن جبرائيل القمي عن جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قدّس سرّه قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن رضي اللّه عنهما قال:أنبأنا سعد بن عبد اللّه قال:نبأنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عمر بن اذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال:رأيت عليّا عليه السّلام في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خلافة عثمان و جماعة يتحدثون و يتذاكرون العلم و الفقه فذكروا قريشا و فضلها و سوابقها و هجرتها و ما قال فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الفضل مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله:«الأئمة من قريش»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«الناس تبع قريش و قريش أئمة العرب»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«لا تسبوا قريشا»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«إن للقرشي قوّة رجلين من غيرهم»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«من أبغض قريشا أبغضه اللّه»و قوله صلّى اللّه عليه و آله:«من أراد هوان قريش أهانه اللّه»و ذكروا الأنصار و فضلها و سوابقها و نصرتها و ما أثنى اللّه عليهم في كتابه و ما قال فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الفضل و ذكروا ما قال في سعد بن عبادة و غسيل الملائكة فلم يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حيّ منا فلان و فلان و قالت قريش منا رسول اللّه و منا حمزة و منا جعفر و منا عبيدة بن الحرث و زيد بن حارثة و أبو بكر و عمر و عثمان و أبو عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة و عبد الرّحمن بن عوف فلم يدعوا من الحيين أحدا
ص: 50
من أهل السابقة إلاّ سمّوه و في الحلقة أكثر من مائتي رجل فيهم علي بن أبي طالب- صلوات اللّه عليه و آله-و سعد بن أبي و قاص و عبد الرحمن بن عوف و طلحة و الزبير و عمار و المقداد و أبو ذر و هاشم بن عتبة و ابن عمر و الحسن و الحسين عليهما السّلام و ابن عباس و محمد بن أبي بكر و عبد اللّه بن جعفر و من الأنصار أبي ابن كعب و زيد بن ثابت و أبو أيوب الأنصاري و أبو الهيثم بن التيهان و محمد بن مسلمة و قيس بن سعد بن عبادة و جابر بن عبد اللّه و أنس بن مالك و زيد بن أرقم و عبد اللّه بن أبي أوفى و أبو ليلى و معه ابنه عبد الرّحمن قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه أمرد فجاء أبو الحسن البصري و معه ابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة قال:فجعلت أنظر إليه و إلى عبد الرّحمن بن أبي ليلى فلا أدري أيّهما أجمل غير أن الحسن أعظمهما و أطولهما فأكثر القوم و ذلك من بكرة إلى حين الزوال،و عثمان في داره لا يعلم بشيء ممّا هم فيه و علي بن أبي طالب عليه السّلام ساكت لا ينطق و لا أحد من أهل بيته،فأقبل القوم عليه فقالوا:يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم؟
فقال:«ما من الحيين إلاّ و قد ذكر فضلا و قال حقا فأنا أسألكم يا معشر قريش و الأنصار ممن أعطاكم اللّه هذا الفضل أبأنفسكم و عشائركم و أهل بيوتاتكم أم بغيركم»؟
قالوا:بل أعطانا اللّه و منّ به علينا بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و عشيرته لا بأنفسنا و عشائرنا و لا بأهل بيوتاتنا.
قال:«صدقتم يا معشر قريش و الأنصار ألستم تعلمون أن الذي نلتم من خير الدنيا و الآخرة منّا أهل البيت خاصة دون غيرهم و إن ابن عمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:إني و أهل بيتي كنّا نورا يسعى بين يدي اللّه تعالى قبل أن يخلق اللّه عزّ و جلّ آدم بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق اللّه آدم عليه السّلام،وضع ذلك النور في صلبه و أهبطه إلى الأرض ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه السّلام،ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم عليه السّلام ثم لم يزل اللّه عزّ و جلّ ينقلنا في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة و من الأرحام الطاهرة إلى
ص: 51
الأصلاب الكريمة من الآباء و الامهات لم يلق واحد منا على سفاح قط؟»
فقال أهل السابقة و القدمة و أهل بدر و أهل أحد:نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،ثم قال:«أنشدكم اللّه أتعلمون أن اللّه عزّ و جلّ فضّل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية،و أني لم يسبقني إلى اللّه عزّ و جلّ و إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحد من هذه الامة؟»قالوا:اللهم نعم.
قال:«فأنشدكم اللّه أتعلمون حيث نزلت وَ السّابِقُونَ(1) الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (2)سئل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:
أنزلها اللّه تعالى ذكره في الأنبياء و أوصيائهم فأنا أفضل أنبياء اللّه و رسله و علي بن أبي طالب وصيّي أفضل الأوصياء»
قالوا:اللهم نعم.
قال:«فأنشدكم اللّه أتعلمون حيث نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)و حيث نزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (4)و حيث نزلت لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً (5)قال الناس:يا رسول اللّه خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم فأمر اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلّى اللّه عليه و آله أن يعلمهم ولاة أمرهم و أن يفسّر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم و زكاتهم و حجّهم و نصبني للناس بغدير خم ثم خطب فقال:أيها الناس إن اللّه أرسلني برسالة ضاق بها صدري و ظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغنّها أو ليعذبني ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة ثم خطب فقال:أيها6.
ص: 52
الناس أتعلمون أن اللّه عزّ و جلّ مولاي و أنا مولى المؤمنين،و أنا أولى بهم من أنفسهم؟
قالوا:بلى يا رسول اللّه قال:قم يا علي فقمت،فقال:من كنت مولاه فعلي هذا مولاه اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه ولاء كماذا فقال ولاء كولايتي من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فأنزل اللّه تعالى ذكره اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1)فكبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:«اللّه أكبر تمام نبوتي و تمام دين اللّه ولاية علي بعدي»فقام أبو بكر و عمر فقالا:يا رسول اللّه هذه الآيات خاصة في علي عليه السّلام قال:«بلى فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة»قالا:يا رسول اللّه بيّنهم لنا؟
قال علي أخي و وزيري و وارثي و وصيي و خليفتي في امتي و ولي كل مؤمن من بعدي ثم ابني الحسن ثم الحسين ثم التسعة من ولد ابني الحسين واحدا بعد واحد القرآن معهم و هم مع القرآن لا يفارقونه و لا يفارقهم حتى يردّوا عليّ الحوض»فقالوا كلهم:
اللهم نعم قد سمعنا ذلك و شهدنا كما قلت سواء،أو قال بعضهم:قد حفظنا جل ما قلت لم نحفظ كله و هؤلاء الذين حفظوا أخيارنا و أفاضلنا:فقال علي-صلوات اللّه عليه و آله-:«صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ أنشد اللّه عزّ و جلّ من حفظ ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما قام فأخبر به».
فقام زيد بن أرقم و البراء بن عازب و سلمان و أبوذر و المقداد و عمار فقالوا:
نشهد لقد حفظنا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو قائم على المنبر و أنت الى جنبه و هو يقول:
«أيها الناس إن اللّه عزّ و جلّ أمرني أن انصّب لكم إمامكم و القائم فيكم بعدي و وصيي و خليفتي و الذي فرض اللّه عزّ و جلّ على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته و طاعتي و أمركم بولايته و إني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني أيها الناس إن اللّه أمركم في كتابه بالصلاة،و قد بيّنتها لكم و الزكاة و الصوم و الحج فبيّنتها لكم و فسّرتها و أمركم بالولاية،و إني اشهدكم أنها لهذا خاصة3.
ص: 53
و وضع يده على علي بن أبي طالب عليه السّلام ثم قال لابنيه بعده ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي حوضي.أيها الناس قد بيّنت لكم مفزعكم بعدي و إمامكم و دليلكم و هاديكم و هو أخي علي بن أبي طالب هو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم و أطيعوه في جميع أموركم،فإن عنده جميع ما علّمني اللّه من علمه و حكمته فسلوه و تعلّموا منه و من أوصيائه بعده،و لا تعلّموهم و لا تتقدموهم و لا تخلّفوا عنهم،فإنهم مع الحق و الحق معهم لا يزايلوه و لا يزايلهم».
ثم جلسوا قال سليم ثم قال علي عليه السّلام«أيها الناس أتعلمون أن اللّه أنزل في كتابه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)فجمعني و فاطمة و ابني حسنا و حسينا ثم ألقى علينا كساء و قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي و لحمي يؤلمني ما يؤلمهم و يؤذيني ما يؤذيهم و يحرجني ما يحرجهم فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،فقالت ام سلمة:و أنا يا رسول اللّه؟
فقال:أنت إلى خير إنما نزلت فيّ و في أخي علي بن أبي طالب و في ابني و في تسعة من ولد ابني الحسين خاصة،ليس معنا فيها لأحد شرك».
فقالوا كلهم:نشهد أن امّ سلمة حدّثتنا بذلك فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحدثنا كما حدثتنا ام سلمة فقال علي-صلوات اللّه عليه-:«أنشدكم اللّه ألستم أتعلمون أن اللّه عزّ و جلّ أنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (2)فقال سلمان:يا رسول اللّه عامة هذا أم خاصة؟
قال:أما المؤمنون فعامة المؤمنين امروا بذلك،و أما الصادقون فخاصة لأخي علي و أوصيائي من بعده إلى اليوم القيامة؟»قالوا:اللهم نعم.
قال«أنشدكم اللّه تعالى أتعلمون أني قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك:لم خلّفتني فقال:إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبّي9.
ص: 54
من بعدي؟»
قالوا:اللهم نعم.
قال:أنشدكم اللّه أتعلمون أن اللّه أنزل في سورة الحج يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ (1)...إلى آخر السورة فقام سلمان فقال:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد،و هم شهداء على الناس الذين اجتباهم اللّه و لم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم قال:عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الامة قال سلمان:بيّنهم لنا يا رسول اللّه قال:أنا و أخي علي واحد عشر من ولدي»قالوا:اللهم نعم.
فقال علي عليه السّلام:«أنشدكم اللّه أتعلمون أن رسول اللّه قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال:أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني و عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال يا رسول اللّه:أكل أهل بيتك؟
فقال:لا و لكن أوصيائي منهم أولهم أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في امتي و ولي كل مؤمن من بعدي و هو أولهم ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء اللّه في أرضه و حججه على خلقه و خزان علمه و معادن حكمته من أطاعهم فقد أطاع اللّه و من عصاهم عصى اللّه» فقال كلهم:نشهد أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال ذلك ثم تمادى بعلي عليه السّلام السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم اللّه فيه و سألهم عنه حتى أتى اعلى آخر مناقبه و ما قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا كل ذلك يصدقونه و يشهدون أنه حق (2).
ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى و علي بن محمد عن سهل ابن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير0.
ص: 55
قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال:«نزلت في علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين عليهم السّلام»فقلت له:إن الناس يقولون فما له لم يسمّ عليا و أهل بيته في كتاب اللّه عزّ و جلّ؟
قال:فقال:«قولوا لهم إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نزلت عليه الصلاة و لم يسم اللّه لهم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزل الحج فلم يقل لهم:طوفوا اسبوعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و نزلت في علي و الحسن و الحسين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:من كنت مولاه فعلي مولاه،و قال صلّى اللّه عليه و اله:أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي فإني سألت اللّه عزّ و جلّ أن لا يفرّق بينهما حتى يوردهما على الحوض فأعطاني ذلك،و قال:لا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم،و قال:إنهم لن يخرجوكم من باب هدى و لن يدخلوكم في باب ضلالة،فلو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان و آل فلان،لكن اللّه عزّ و جل أنزل في كتابه تصديقا لنبيّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فأدخلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء في بيت ام سلمة و قال:اللهمّ إن لكلّ نبي أهلا و ثقلا و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي فقالت ام سلمة:ألست من أهلك؟
فقال لها:إنك على خير و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي،فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه و إقامته للناس و أخذه بيده،فلما مضى علي فلم يكن علي يستطيع و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا واحد من ولده إذ لقال الحسن و الحسين:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك،و بلّغ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك،و أذهب عنا الرجس كما أذهب عنك،فلما مضى علي عليه السّلام كان الحسن أولى به لكبره،فلما توفي لم يستطع أن3.
ص: 56
يدخل ولده و لم يكن ليفعل ذلك و اللّه عزّ و جل يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1)فيجعلها في ولده إذ لقال الحسين عليه السّلام:أمر اللّه تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك،و بلّغ فيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك و في أبيك، و أذهب عني الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك،فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعي على أخيه و على أبيه لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه،و لم يكونا ليفعلا،ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي.
و قال عليه السّلام: اَلرِّجْسَ: هو الشك و اللّه لا نشك في ربّنا أبدا» (2).
ابن بابويه قال:حدثني غير واحد من أصحابنا قالوا حدّثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك الفرازي عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحارث قال:حدثني المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي قال:سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري[يقول:لما أنزل اللّه عزّ و جل على نبيه محمد صلّى اللّه عليه و اله:(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) قلت:يا رسول اللّه عرفنا اللّه و رسوله]فمن أولو الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟
فقال صلّى اللّه عليه و اله«هم خلفائي يا جابر و أئمة المسلمين من بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة ب(الباقر)ستدركه يا جابر،فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميّي و كنّيي حجة اللّه في أرضه و بقيته في عباده ابن الحسن بن علي ذاك الذي7.
ص: 57
يفتح اللّه تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض و مغاربها ذاك الذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان»قال جابر:
فقلت له:يا رسول اللّه فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟
فقال عليه السّلام:«و الذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس و إن تجلاها سحاب،يا جابر هذا من مكنون سر اللّه و مخزون علمه فاكتمه إلاّ عن أهله» (1).
محمد بن إبراهيم النعماني بإسناده عن عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن سليم ابن قيس الهلالي قال:قلت لعلي عليه السّلام و ذكر حديثا فيه قال:«كنت أنا أدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كل يوم دخلة و كل ليلة دخلة فيخلني فيها[خلوة أدور معه حيث دار]و قد علم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد[من الناس]غيري،و كنت إذا سألت أجابني،و إذا سكت ابتدأني (2)و دعى اللّه أن يحفظني و يفهمني فما نسيت شيئا أبدا منذ دعى لي،و إني قلت لرسول اللّه:يا نبي اللّه إنك منذ دعوت لي بما دعوت لم أنس شيئا مما تمليه علي فلم تأمرني بكتبه أتتخوف عليّ النسيان؟
قال:يا أخي لا أتخوف عليك النسيان و لا الجهل و قد أخبرني اللّه عزّ و جلّ أنه قد استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك و إنما تكتبه لهم قلت:يا رسول اللّه و من شركائي؟
قال الذين قرنهم اللّه بنفسه و بي فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قلت:يا نبي اللّه و من معنا؟
قال:الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد،لا يضرهم خذلان منن.
ص: 58
خذلهم هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم بهم تنصر امتي و يمطرون، و يدفع عنهم بعظائم دعواتهم،قلت:يا رسول اللّه سمّهم لي؟
فقال:ابني هذا و وضع يده على رأس الحسن،ثم ابني هذا و وضع يده على رأس الحسين ثم ابن له على اسمك يا علي،ثم ابن علي اسمه محمد بن علي،ثم أقبل على الحسين عليه السّلام فقال سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه منّي السلام،ثم تكلمه اثني عشر إماما،قلت:يا نبي اللّه سمّهم لي؟فسماهم رجلا رجلا،فهم و اللّه يا أخا بني هلال آخرهم مهدي امة محمد يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (1).0.
ص: 59
ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق رضي اللّه عنه قال:حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال:جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيّات قال:حدّثنا محمد بن زياد الأزدي عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام قال:سألته عن قول اللّه عز و جل:
وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ (1) ما هذه الكلمات قال:هي التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه و هو أنّه قال:يا رب اسألك بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت عليّ فتاب اللّه عليه إنّه هو التواب الرحيم».
فقلت له:يابن رسول اللّه فما يعني بقوله: فَأَتَمَّهُنَّ قال:«يعني أتمهنّ إلى القائم عليه السّلام اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين»و قول إبراهيم عليه السّلام وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي «من حرف تبعيض يعلم أن من الذرية من يستحق الإمامة و منهم من لا يستحقها هذا من جملة المسلمين و ذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم بالإمامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم فصحّ أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين،و الخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخصّ ثم المعصوم هو الخاص الأخص،و لو كان للتخصيص صورة أربى عليه لجعل ذلك من أوصاف الإمام و قد سمّى اللّه عز و جل عيسى من ذرية إبراهيم و كان ابن بنته من بعد و لما صحّ أن ابن البنت ذرية و دعى إبراهيم لذريته بالامامة وجب على محمد صلّى اللّه عليه و اله الاقتداء به
ص: 60
في وضع الإمامة في المعصومين من ذريته حذو النعل بالنعل بعد ما أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه و حكم عليه بقوله: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (1)الآية و لو خالف ذلك لكان داخلا في قوله: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (2)جلّ نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن ذلك و قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ (3)و هذا النبي و الذين آمنوا و أمير المؤمنين عليه السّلام أبو ذرية النبي صلّى اللّه عليه و اله و وضع الإمام فيه و وضعها في ذرية المعصومين بعد و قوله عزّ و جلّ: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ (4)يعني بذلك أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد وثنا أو صنما أو أشرك باللّه طرفة عين،و إن أسلم بعد ذلك و الظلم وضع الشيء في غير موضعه و أعظم الظلم الشرك قال عزّ و جلّ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (5).
و كذلك لا يصلح للإمامة من قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا،و إن تاب منه بعد ذلك و كذلك لا يقيم الحد من في جنبه حدّ،فإذا لا يكون الإمام إلاّ معصوما و لا تعلم عصمته إلاّ بنص اللّه عزّ و جلّ عليه على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و اله لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد و البياض و ما أشبه ذلك فهي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عزّ و جلّ» (6).ف.
ص: 61
علي بن إبراهيم في تفسيره قال:أخبرنا أحمد بن إدريس قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد اللّه عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال:«يجىء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في فرقة و علي عليه السّلام في فرقة و الحسن في فرقة و الحسين في فرقة و كل من مات في ظهراني قوم جاءوا معه» (1).
العياشي في تفسيره بإسناده عن الفضيل قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه:
يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.
فقال عليه السّلام:«يجيء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في قومه و علي عليه السّلام في قومه و الحسن عليه السّلام في قومه و الحسين عليه السّلام في قومه و كل من مات بين ظهراني إمام جاء معه» (2).
ص: 62
الثعلبي قال:أخبرني الحسين بن محمد حدّثنا عمر بن الخطاب حدّثنا عبد اللّه بن الفضل حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدّثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن شداد ابن عمار قال:دخلت على وايلة بن الأصقع و عنده قوم فذكروا عليا فشتموه فشتمه معهم فلما قاموا قال لي لم شتمت هذا الرجل قلت رأيت القوم يشتمونه فشتمته معهم فقال:ألا أخبرك بما رأيت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟
قلت:بلى.
قال:أتيت فاطمة صلوات اللّه عليها أسألها عن علي فقالت:«توجه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله»فجلست أنتظر حتى جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و معه علي و حسن و حسين أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل و أدنى عليا و فاطمة فأجلسهما بين يديه و أجلس حسنا و حسينا كل واحد منهما على فخذه ثم لفّ عليهم ثوبه أو قال:كساه ثم تلاهذه الآية:
«إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) »قال:«اللهم هؤلا أهل بيتي و أهل بيتي» (2).
و في حديث قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«اللهم إن لكلّ نبي أهلا و هؤلاء أهل بيتي»فأنزل اللّه عزّ و جلّ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقالت زينب:يا رسول اللّه ألا أدخل معكم؟
ص: 63
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«مكانك فإنك إلى خير إن شاء اللّه» (1).
الثعلبي أبو عبد اللّه حدّثنا أبو سعيد أحمد بن علي بن عمر بن حبيش الرازي حدّثنا أحمد بن عبد الرحيم السناني أبو عبد الرّحمن حدّثنا أبو نويب حدّثنا هشام ابن يونس عن أبي إسحاق عن نفيع عن أبي داود و عن أبي الحمرا قال:أقمت بالمدينة تسعة أشهر كيوم واحد و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يجيء كل غداة فيقوم على باب علي و فاطمة عليهما السّلام فيقول:«الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).
الثعلبي قال:أخبرني أبو عبد اللّه حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن يوسف بن مالك حدّثنا محمد بن إبراهيم بن زياد حدّثنا الحرث بن عبد اللّه الحاراثي حدّثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربيعي عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:
«قسم اللّه الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما فذلك قوله تعالى: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ، فأنا من خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلثا فذلك قوله تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ فأنا من السابقين و أنا من خير السابقين،ثم جعل إلا ثلاث قبائل فجعلني من خيرها قبيلة،فذلك قوله تعالى شُعُوباً وَ قَبائِلَ فأنا أتقى ولد آدم و أكرمهم على اللّه و لا فخر ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني من خيرها بيتا فذلك قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (3).
الحميدي قال:الرابع و الستون من المتفق عليه من الصحيحين عن البخاري و مسلم من مسند عائشة عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشةي.
ص: 64
قالت:خرج النبي صلّى اللّه عليه و اله ذات غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء عليّ فأدخله ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» أ و ليس لمصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة في مسند من الصحيحين غير هذا (1).
و من الجمع بين الصحاح الستة من موطأ مالك بن أنس الأصبحي و صحيح مسلم و البخاري و سنن أبي داود السجستاني و صحيح الترمذي و النسخة الكبيرة من صحيح النسائي من جمع الشيخ أبي الحسن رزين بن معاوية العبداري السرقسطي الأندلسي من صحيح أبي داود السجستاني و هو كتاب السنن في تفسير قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً عن عائشة قالت:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال:
و عن امّ سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و اله أن هذه الآية نزلت في بيتها إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت:و أنا جالسة عند الباب فقلت:يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟
فقال:«إنك إلى خير إنك من أزواج رسول اللّه»قالت:و في البيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و حسن و حسين عليهم السّلام فجلّلهم بكساء و قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» (2).
في سنن أبي داود و موطأ مالك عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر حين نزلت هذه الآية قريبا من ستة أشهر يقول:«الصلاة ياع.
ص: 65
أهل البيت إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (1).
و من الجزء الثالث من الكتاب-اعني جمع رزين-أيضا في باب مناقب الحسن و الحسين عليهما السّلام من صحيح أبي داود و هو السنن بالإسناد المقدم عن صفية بنت شيبة قالت:قالت عائشة:خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي عليه السّلام فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: «إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).
مسلم بن الحجاج في صحيحه قال:حدّثني زهير بن حرب حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني أبو حيان حدثني.يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال:قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله خطيبا بماء يدعي خمّا بين مكّة و المدينة فحمد اللّه و أثنى عليه و وعظ و ذكر ثم قال:«أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب،و أنا تارك فيكم ثقلين:أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور فخذوا بكتاب اللّه و استمسكوا به فحث على كتاب اللّه و رغّب فيه-ثم قال-و أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي».
فقال:حصين و من أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته و لكن أهل بيته من حرم عليه الصدقة بعده (3).
مسلم بن الحجاج أيضا في صحيحه قال:حدّثنا يزيد بن الريان حدّثنا حسان- يعني إبراهيم بن سعيد هو ابن مسروق-عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إني تارك فيكم الثقلين:أحدهما كتاب اللّه هو حبل اللّه من اتبعه كان على الهدى و من تركه كان على ضلالة،ثم أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي،ثلاث7.
ص: 66
مرات»فقلنا:من أهل بيته نساؤه؟
قال:لا و أيم اللّه إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلّقها فترجع إلى أهلها و قومها،أهل بيته أصله و عصبته الذين حرموا الصدقة من بعده (1).
موفق بن أحمد صدر الأئمة عند المخالفين خطيب الخطباء في كتابه(فضائل امير المؤمنين عليه السّلام)قال:أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصفهاني أخبرنا بكير بن أحمد بن سهل الصوفي بمكة حدّثنا موسى بن هارون قال:حدّثنا إبراهيم بن حبيب حدّثنا عبد اللّه بن سالم الملائي عن أبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جاء إلى باب علي عليه السّلام أربعين صباحا بعد ما دخل علي فاطمة فيقول:
«السلام عليكم أهل البيت و رحمة اللّه و بركاته الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).
موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة في كتابه هذا عن أبي سعيد الخدري أنه قال:لما نزل قوله: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ (3)و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يأتي باب فاطمة و علي عليهم السّلام تسعة أشهر في كل صلاة فيقول:الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (4).
موفق بن أحمد هذا بالإسناد المتقدم عن أحمد بن الحسين عن البيهقي قال:
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو بكر أحمد بن الحسين القاضي و أبو عبد الرّحمن السلمي قالوا:حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدّثنا الحسن بن مكرم حدّثنا0.
ص: 67
عثمان بن عمر حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن دينار عن شريك بن أبي نمر عن عطا بن يسار عن ام سلمة-رضي اللّه عنها-قالت:في بيتي نزلت إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت:فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال:«هؤلاء أهلي»فقلت:يا رسول اللّه ما أنا من أهل البيت؟
فقال:«بلى إن شاء اللّه» (1).
إبراهيم بن محمد الحميويني من أعيان علماء المخالفين في كتاب(فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و السبطين عليهم السّلام)قال:حدثني الشيخ الإمام نجم الدين أبو عمر عثمان بن الموفق بقراءتي عليه بأسفراين أواخر جمادى الآخرة سنة خمس و ستين و ستمائة و المشايخ الأئمة فريد الدين داود بن محمد بن روزبهان أبو أحمد الشيرازي و كمال الدين محمد بن عمر بن المظفر أبو المكارم المروزي،و قدوة الحكماء محمد بن عثمان بن أبي بكر بن الحاحي الخورشاهي المتطيب الخوريدي إجازة بروايتهم عن والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء و المحققين سعد الحق و الدين محمد بن المؤيد بن أبي بكر الحمويني رضي اللّه عنه و أرضاه إجازة بروايته عن شيخه شيخ الإسلام نجم الحق و الدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمد بن عبد اللّه الصوفي الحموقي المعروف بكبرى إجازة إن لم يكن سماعا قال:أنبأنا محمد بن عمر بن علي الطوسي بقراءتي عليه بنيسابور، أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي الفضل السّعاني أنبأنا أبو سعيد محمد بن طلحة الجنابذي قال أنبأنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد الأنصاري بدمشق نبأنا أبو عبد اللّه أحمد بن عطار الروذباري حدثني علي بن محمد بن عبيد حدّثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي حدّثنا يحيى بن معين حدّثنا أبو عبيدة نبأنا طريف بن عيسى حدثني يوسف بن عبد الحميد قال:قال لي ثوبان مولى رسول اللّه:أجلس رسول1.
ص: 68
اللّه صلّى اللّه عليه و اله الحسن و الحسين على فخذيه و فاطمة في حجره و اعتنق عليا عليه السّلام ثم قال:
«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (1).
إبراهيم بن محمد الحمويني قال:أخبرنا الإمام المفتي جلال الدين أحمد بن محمد عبد الجبار البكراني الأبهري بقراءتي عليه بداره في السابع عشر من شوال سنة سبع و ثمانين و ستمائة قال:أخبرني الإمام والدي نجم الدين محمد بن محمد و أخبرني الإمام نجد الدين أبو الفضائل محمد بن عبد اللّه بن الحسن الخراطي الآملي مشافهة بمدينة آمل طبرستان سنة ست و ستين و ستمائة قال:أنبأنا والدي الإمام مظهر الدين أبو الفضائل عبد اللّه بن الحسن إجازة و أخبرني إمام الدين يحيى بن الحسين بن عبد الكريم الكرخي إجازة بهمدان في شهور سنة إحدى و سبعين و ستمائة قالوا:أخبرنا الإمام رضي الدين أبو الخير أحمد بن الحسين الطالقاني القزويني إجازة قال:أنبأنا الشيخان أبو سعيد ناصر بن سهل بن أحمد البغدادي و أبو محمد محمد بن المنتصر بن أحمد بن حفص المتولي قالا:أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال:أخبرني الحسين بن محمد حدّثنا ابن حبش المقري نبأنا أبو زرعة حدثني عبد الرّحمن بن عبد الملك بن شيبة أخبرني ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ملائكة عن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه قال:لما نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إلى الرحمة هابطة من السماء قال:«من يدعو»مرتين،قالت زينب:أنا يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله، فقال لي:«ادعي إلي عليا و فاطمة و الحسن و الحسين»قال:فجعل حسنا عن يمناه و حسينا عن يسراه و عليا و فاطمة تجاهه ثم غشّاهم كساء خيبريا ثم قال:«اللهم إن لكل نبي أهل بيت و هؤلاء أهلي فأنزل اللّه عزّ و جلّ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فقالت زينب:يا رسول اللّه ألا أدخل معك؟0.
ص: 69
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مكانك فإنك إلى خير إن شاء اللّه تعالى» (1).
إبراهيم بن محمد الحمويني هذا أخبرني الإمامان ابن عمي الشيخ الزاهد نظام الدين محمد بن علي بن المؤيد الحمويني و القاضي نصير الدين محمد بن علي البناكتي ثم الاسفرائيني إجازة بروايتهما عن والدي شيخ الإسلام سلطان الأولياء و المحققين سعد الحق و الدين محمد بن المؤيد الحمويني رضي اللّه عنه قال:البناكتي قرأة عليه بأسفراين قال:أنبأنا شيخ الشيوخ تاج الدين عبد السلام بمدينة رها قال أنبأنا أبي شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن شيخ الإسلام نجم الدين أبي الحسن بن محمد ابن حمويه قال أنبأنا الإمام الأجل قطب الدين مسعود بن محمد النيسابوري قال:
أنبأنا الشيخ عبد الجبار بن محمد الخواري قال:أنبأنا الإمام الحافظ شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال:أنبأنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح القاضي بالكوفة قال:نبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال:نبأنا إبراهيم بن إسحاق الزهري قال:نبأنا جعفر يعني ابن عون و يعلى عن أبي حيان التيمي عن يزيد بن حيان قال:سمعت زيد بن أرقم قال:قام فينا ذات يوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال:«أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول اللّه فاجيب،و إني تارك فيكم الثقلين:أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور فاستمسكوا بكتاب اللّه و خذوا به فحث على كتاب اللّه عزّ و جلّ و رغّب فيه ثم قال:و أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي ثلاث مرات»فقال له حصين:يا زيد من أهل بيته أليس نساءه من أهل بيته؟
قال:بلى إن نسائه من أهل بيته و لكن أهل بيته من حرّم الصدقة بعده قال:و من هم؟
قال:آل علي و آل جعفر و آل العباس و آل عقيل فقال:كل هؤلاء يحرم الصدقة؟
قال:نعم.
قال:الشيخ أحمد البيهقي قلت قد بيّن زيد بن أرقم أن نساءه من أهل بيته و اسم2.
ص: 70
أهل البيت للنساء تحقيق و هو متناول الآل و اسم الآل لكل من حرّم الصدقة من أولاد هاشم و أولاد المطلب لقول النبي صلّى اللّه عليه و اله«إن الصدقة لا تحل لمحمد و لا لآل محمد» و إعطاؤه الخمس الذي عوّضهم من الصدقة بني هاشم و بني عبد المطلب و قد يسمّي أزواجه الاّ بمعنى التشبيه فأراد تخصيص الآل من أهل البيت بالذكر و لفظ النبي صلّى اللّه عليه و اله في الوصية بهم عامة يتناول الآل و الأزواج و قد أمرنا بالصلاة على جميعهم (1).
الحمويني هذا:قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد اللّه الحافظ،أنبأنا عبد اللّه بن محمد بن جعفر الحافظ،نبأنا محمد بن يحيى بن منده نبأنا حميد بن سعد،نبأنا حيّان الكرماني عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان قال:دخلنا على زيد بن أرقم فقال:خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:إني تارك فيكم الثقلين:أحدهما كتاب اللّه عزّ و جلّ من معه كان على الهدى و من تركه كان على ضلالة ثم أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي»ثلاث مرات قلنا:من أهل بيته نساؤه؟
قال:لا،أهل بيته عصبته الذين حرّموا الصدقة بعده آل علي و آل العباس و آل جعفر و آل عقيل (2).
الحمويني هذا بأسانيد إلى الحافظ أبي بكر البيهقي قال:أنبأنا أبو عبد اللّه الحافظ قال:أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صاحب كتاب النسب ببغداد قال:
أنبأنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السّلام قال:حدثني علي بن جعفر بن محمد بن علي عليهم السّلام قال:حدثني الحسين بن زيد بن علي عن عمّه عمر بن علي بن الحسين عن أبيه عليهم السّلام قال:خطب الحسن بن علي عليهما السّلام حين قتل علي عليه السّلام فقال:«لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون و لا0.
ص: 71
يدركه الآخرون و ما ترك على ظهر الأرض صفراء و لا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ثم قال«ألا يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا ابن النبي،و أنا ابن البشير،و أنا ابن النذير و أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنه و السراج المنير،و أنا من أهل البيت الذي كان جبرائيل عليه السّلام ينزل فينا و يصعد من عندنا، و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،و أنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودتهم على كل مسلم ثم قرأ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (1).
ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة و هو من أعيان علماء المعتزلة قال:قد بيّن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عترته من هي لمّا قال:«أنا تارك فيكم الثقلين»فقال:«و عترتي أهل بيتي» و بيّن في مقام آخر من أهل بيته حين طرح عليهم الكساء و قال حين نزل إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس»ثم قال ابن أبي الحديد:فإن قلت فمن هي العترة التي عناها أمير المؤمنين بهذا الكلام؟
قلت:نفسه و ولديه.
و الأصل في الحقيقة نفسه لأن ولديه تابعان له و نسبتهما إليه مع وجوده كنسبة الكواكب المضيئة مع طلوع الشمس المشرقة،و قد نبّه النبي صلّى اللّه عليه و اله على ذلك بقوله:
«و أبو كما خير منكما»قوله:«و هم أزمّة الحق»جمع زمام كأنه جعل الحق دائرا معهم حيث ما داروا ذاهبا معهم حيث ذهبوا كما أن الناقة طوع زمامها و قد نبّه الرسول صلّى اللّه عليه و اله على صدق هذه القضية بقوله:«و أدر الحق معه حيث دار»قوله:«و ألسنة الصدق من الألفاظ الشريفة القرآنية قال اللّه تعالى: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ» لما كان لا يصدر عنهم حكم و لا قول إلا و هو موافق للحق و الصواب جعلهم اللّه كأنهم ألسنة الصدق لا يصدر عنها قول كاذب أصلا،بل هي كالمطبوعة على الصدق قوله:«فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن»تحته سر عظيم و ذاك أنه أمر1.
ص: 72
المكلفين بأن يجروا العترة في إجلالها و إعظامها و الإنقياد لها و الطاعة لأوامرها مجرى القرآن ثم قال ابن أبي الحديد:فإن قلت:فهذا القول منه صلّى اللّه عليه و اله يشعر بأن العترة معصومة فما قول أصحابكم في ذلك قلت:نصّ أبو محمد بن مويه قدّس سرّه في كتاب (الكفاية)على أن عليا عليه السّلام معصوم،و إن لم يكن واجبا العصمة و لا العصمة شرط في الإمامة لكن أدلة النصوص قد دلّت على عصمته و القطع على باطنه و مغيبه و إن ذلك أمر اختص هو عليه السّلام به دون غيره من الصحابة و الفرق ظاهر بين قولنا:زيد معصوم و بين قولنا:زيد واجب العصمة لأنه إمام و من شرط الإمام أن يكوم معصوما، فالإعتبار الأول مذهبنا و الإعتبار الثاني مذهب الإمامية (1).
المالكي في كتاب الفصول المهمة عن الواحدي في كتابه المسمّى ب(أسباب النزول)يرفعه بسنده إلى ام سلمة-رضى اللّه عنها-أنها قالت:كان النبي في بيتها يوما فأتته فاطمة ببرمة فيها عصيدة (2)فدخلت بها.عليه فقال لها:«ادع لي زوجك و إبنيك»فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا فجلسوا يأكلون و النبي صلّى اللّه عليه و اله جالس على دكة تحته كساء خيبري قالت:و أنا في الحجرة قريبا منهم فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و اله الكساء فغشاهم به ثم قال:«اللهم أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»قالت:فأدخلت رأسي[في]البيت و قلت:و أنا معكم يا رسول اللّه؟
قال:«إنك إلى خير»فأنزل اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3).
المالكي أيضا قال:ذكر الترمذي في جامعه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان وقت نزول هذه الآية إلى قرب ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة ثم يقول: «إِنَّما2.
ص: 73
يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (1) .
أبو المؤيد موفق بن أحمد العامي المتقدم في كتاب(فضائل علي)عليه السّلام قال:أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة أخبرني محمد ابن الحسين بن علي البزاز أخبرني أبو منصور محمد بن علي بن عبد العزيز أخبرني هلال بن محمد بن جعفر حدّثنا أبو بكر محمد بن عمرو الحافظ حدثني أبو الحسن علي بن موسى الجزاز من كتابه حدثني الحسن بن علي الهاشمي حدثني إسماعيل بن أبان حدثني أبو مريم عن ثوير بن أبي فاخته عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:قال أبي دفع النبي صلّى اللّه عليه و اله الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام ففتح اللّه تعالى على يده و أوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة و قال:له:«أنت مني و أنا منك»و قال له:«تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل»، و قال له:«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»و قال له«أنا سلم لمن سالمت و حرب لمن حاربت»،و قال له«أنت العروة الوثقى»،و قال له:«أنت تبيّن لهم ما اشتبه عليهم من بعدي».
و قال له:«أنت إمام كلّ مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي»،و قال له:«أنت الذي أنزل اللّه فيك وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (2)»،و قال له:
«أنت الآخذ بسنتي و الذاب عن ملتي»،و قال له:«أنا أول من تنشق الأرض عنه و أنت معي»،و قال له:«أنا عند الحوض و أنت معي»،و قال له:«أنا أول من يدخل الجنة و أنت معي تدخلها أنت و الحسن و الحسين و فاطمة»و قال له:«إن اللّه تعالى أوحى إليّ أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس و بلغتهم ما أمرني اللّه بتبليغه»و قال له:«اتق الضعائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتى أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون»ثم بكى صلّى اللّه عليه و اله فقيل له:ممن بكاؤك يا رسول اللّه؟3.
ص: 74
قال:«أخبرني جبرائيل عليه السّلام أنهم يظلمونه و يمنعوهه حقه و يقاتلونه و يقتلون ولده و يظلمونهم بعده و أخبرني جبرائيل عليه السّلام عن اللّه عزّ و جلّ أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم و علت كلمتهم و اجتمعت الامة على محبتهم و كان الشانىء لهم قليلا و الكاره لهم ذليلا و كثر المادح لهم،و ذلك حين تغيّر البلاد و تضعف العباد و اليأس من الفرج فعند ذلك يظهر القائم فيهم»قال النبي صلّى اللّه عليه و اله«اسمه كاسمي و اسم أبيه كاسم أبي هو من ولد ابنتي يظهر اللّه الحق بهم،و يخمد الباطل بأسيافهم و يتبعهم الناس راغبا إليهم و خائفا منهم».
قال:و سكن البكاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم قال:«معاشر الناس أبشروا بالفرج فإن وعد اللّه لا يخلف و قضاؤه لا يردّ و هو الحكيم الخبير،و إن فتح اللّه قريب،اللهمّ إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،اللهمّ اكلاهم و ارعهم و كن لهم و انصرهم و أعزهم و لا تذلهم و اخلفني فيهم إنك على ما تشاء قدير» (1).
موفق بن أحمد هذا قال:أخبرني سيد الحفّاظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلى من همدان أخبرني أبو علي قال:أخبرني أبو نعيم أخبرني علي بن أحمد المصيصي حدّثنا أحمد بن خليد الحلبي أخبرني أبي توبة الربيع بن نافع حدثني يزيد بن ربيعة عن يزيد بن أبي مالك عن أبي الأزهر عن واثلة بن الأسقع قال:لما جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام تحت ثوبه قال:«أللهم قد جعلت صلواتك و رحمتك و مغفرتك و رضوانك على إبراهيم و آل إبراهيم،اللهمّ إنهم منّي و أنا منهم فاجعل صلواتك و رحمتك و مغفرتك و رضوانك علي و عليهم»قال واثلة:كنت واقفا بالباب فقلت و عليّ يا رسول اللّه بأبي أنت و امي قال:
«اللهم و على واثلة» (2).2.
ص: 75
و من كتاب(المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) (1)حدّث عبد الكريم بن روح عن عباد بن صهيب عن سعد بن أويس بن يحيى عن شريك بن عبد اللّه قال:رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم و هو قائم و أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله جلوس و هو يقول لهم:«أنشدكم الذي لا أعظم منه أفيكم أخ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غيري»؟
قالوا:لا،قال:«أنشدكم اللّه أفيكم من آمن باللّه و رسوله قبلي؟»فقالوا:لا،قال:
«فانشدكم اللّه أفيكم أحد صلّى القبلتين و بايع البيعتين قبلي»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم من له عمّ كعمّي حمزة أسد اللّه و أسد رسوله و سيّد الشهداء و غسيل الملائكة» قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد له زوجة تشبه زوجتي سليلة المصطفى و نبعة العلى و مريم الكبرى و فاطمة الزهراء و سيّدة نساء العالمين؟»
قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد له ولد يشبه ولدي الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة؟»فقالوا:لا،فقال:«انشدكم اللّه أفيكم أحد أقرب من محمد رسول اللّه غيري؟»
قالوا:لا قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد غسّله غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد غمض عيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غيري؟»
قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد فدى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بنفسه و نام على فراشه و بذل مهجته دونه غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه أفيكم أحد كان إذا قاتل كان جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد أمر اللّه بمودته حيث قال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى غيري؟» قالوا:لا.
قال:«فأنشدكم اللّه هل فيكم من طهره اللّه تعالى في كتابه حيث قال: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً غيري و أهل بيتي؟»قالوا:لا،قال:
«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بيده يوم غدير خم و قال:من كنت مولاها.
ص: 76
فعلي مولاه اللهمّ و ال من والاه و عاد من عاداه غيري؟»قالوا:لا،قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم أحد كان يأخذ ثلاثة أسهم:سهم القرابة و سهم الخاصة و سهم الهجرة غيري؟»
قالوا:لا.
قال:«فانشدكم اللّه هل فيكم من أمر اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و اله فتح بابه حيث سدّت الأبواب غيري،حتى قام عمي و قال:يا رسول اللّه أمرت بسد أبوابنا و فتحت باب علي؟
فقال:و اللّه ما أسكنت عليا بل اللّه أسكنه و أخرجكم»
فقالوا:صدقت،فقال:«اللهم اشهد و كفى باللّه شهيدا» (1).
محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً يعني الأئمة عليهم السّلام و ولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي صلّى اللّه عليه و اله (2).
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس و علي بن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال«نزلت في علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين»فقلت له:إن الناس يقولون فما له لم يسم عليّا و أهل بيته في كتاب اللّه عزّ و جلّ؟
فقال:«قولوا لهم:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نزلت عليه الصلاة و لم يسم اللّه لهم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزل الحج فلم يقل لهم طوفوا سبعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم و نزلت أَطِيعُوا اللّهَ4.
ص: 77
وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ نزلت في علي و الحسن و الحسين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في علي:من كنت مولاه فعلي مولاه،و قال صلّى اللّه عليه و اله:أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي فإني سألت اللّه عزّ و جل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك و قال:لا تعلّموهم فهم أعلم منكم،و قال:إنهم لن يخرجوكم من باب هدى و لن يدخلوكم في باب ضلالة فلو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان و آل فلان و لكن اللّه عزّ و جلّ أنزله في كتابه تصديقا لنبيّه صلّى اللّه عليه و اله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فأدخلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء في بيت امّ سلمة.
ثم قال:اللهم إن لكل نبي أهلا و ثقلا و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي،فقالت:ام سلمة ألست من أهلك؟
فقال:إنك إلى خير و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي،فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و إقامته للناس و أخذ بيده فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا أحد من ولده اذا لقال الحسن و الحسين:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك،و بلّغ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك،فلما مضى علي عليه السّلام كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى لم يستطع أن يدخل ولده و لم يكن ليفعل ذلك و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين عليه السّلام:أمر اللّه تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك و بلّغ فيّ رسول اللّه كما بلّغ فيك و في أبيك و أذهب اللّه عنّي الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك،فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعي على أخيه و على أبيه،و لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه،و لم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السّلام فجرى تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ، ثم صارت من بعد
ص: 78
الحسين لعلي بن الحسين،ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي،و قال:
اَلرِّجْسَ هو الشك و اللّه لا نشك في ربنا أبدا» (1).
محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد و الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر و عمران بن علي الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثل ذلك (2).
محمد بن الحسن الصفار في(بصائر الدرجات)عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«الرجس هو الشك و لا نشك في ديننا أبدا» (3).
ابن بابويه قال:حدّثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قالا:حدّثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:حدّثنا النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال:«الرجس هو الشك» (4).
ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن محمد قال:حدّثنا هارون بن موسى التلعكبري قال:حدّثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى قال:حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عن علي عليه السّلام قال:دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم سلمة و قد نزلت عليه هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:يا علي هذه الآية فيك و في سبطيّ و الأئمة من ولدك فقلت:يا رسول اللّه و كم الأئمة بعدك؟
قال:أنت يا علي ثم الحسن و الحسين و بعد الحسين علي ابنه و بعد علي محمد ابنه1.
ص: 79
و بعد محمد جعفر ابنه و بعد جعفر موسى ابنه و بعد موسى علي ابنه و بعد علي محمد ابنه و بعد محمد علي ابنه و بعد علي الحسن ابنه و الحجة من ولد الحسن هكذا أسماؤهم مكتوبة على ساق العرش فسألت اللّه تعالى عن ذلك فقال:يا محمد هؤلاء الأئمة مطهّرون معصومون و أعداؤهم ملعونون».
ابن بابويه قال:حدّثنا أبي قال:حدثني سعد بن عبد اللّه عن الحسن بن موسى الخشّاب عن علي بن حسان الواسطي عن عمّه عبد الرّحمن بن كثير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما عنى اللّه عزّ و جلّ بقوله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ؟
قال:«نزلت في النبي صلّى اللّه عليه و اله و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فلما قبض اللّه عزّ و جلّ نبيّه صلّى اللّه عليه و اله كان أمير المؤمنين ثم الحسن و الحسين،ثم وقع تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ و كان علي بن الحسين عليه السّلام اماما ثم جرت في الأئمة من ولد الأوصياء عليهم السّلام فطاعتهم طاعة اللّه و معصيتهم معصية اللّه عزّ و جلّ» (1).
ابن بابويه عن علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه قالا:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلت عن الرضا عليه السّلام في حديث المأمون و العلماء و سؤالهم الرضا في الفرق بين آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و الامة فكان في الحديث قال عليه السّلام:«فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم»فقال المأمون:من العترة الطاهرة؟
فقال الرضا عليه السّلام«الذين وصفهم اللّه تعالى في كتابه فقال جل و عز: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، و هم الذين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:إني مخلف فيكم الثقلين:كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما يا أيها الناس لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم».6.
ص: 80
و في الحديث قالت العلماء فأخبرنا هل فسّر اللّه تعالى الإصطفاء في الكتاب؟
فقال الرضا عليه السّلام:«فسّر الإصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موضعا و موطنا فأول ذلك قوله تعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ هكذا في قراءة ابي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد اللّه بن مسعود،و هذه منزلة رفيعة و فضل عظيم و شرف عال حين عنى اللّه بذلك الآل فذكره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فهذه واحدة، و الآية الثانية في الإصطفاء قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاندا أصلا لأنه فضل بعد طهارة تنتظر»و هذه الثانية و ساق الحديث بذكر الاثني عشر (1).
ابن بابويه قال:حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه قالا:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفي عن أبي الجارود و هشام أبي ساسان و أبي طارق السرّاج عن عامر بن واثلة قال:كنت في البيت يوم الشورى فسمعت عليا عليه السّلام و هو يقول:«إستخلف الناس أبا بكر و أنا و اللّه أحق بالأمر و أولى به منه،و استخلف أبو بكر عمر و أنا و اللّه أحق بالأمر و أولى به منه إلا أن عمر جعلني مع خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لهم علي فضلا و لو شاء لا حتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم و لا عجميهم المعاهد منهم و المشرك تغيير ذلك»
ثم ذكر عليه السّلام ما احتج به على أهل الشورى فقال في ذلك:«نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أنزل اللّه فيه آية التطهير على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كساء خيبريا فضمّني فيه و فاطمة و الحسن و الحسين ثم قال:يا رب إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»قالوا:اللهم لا (2).1.
ص: 81
ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد الحسني قال:حدّثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال:حدّثنا الحسن بن عبد الواحد قال:حدثني أحمد بن التغلبي قال:حدثني محمد بن عبد الحميد قال:حدثني حفص بن منصور العطّار قال:حدّثنا أبو سعيد الورّاق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عليه السّلام قال:لما كان من أمر أبي بكر و بيعة الناس له و فعلهم بعلي بن أبي طالب عليه السّلام ما كان لم يزل أبو بكر يظهر له الإنبساط و يرى منه انقباضا فكبر ذلك على أبي بكر فأحبّ لقاءه و استخراج ما عنده و المعذرة لما جتمع الناس عليه و تقليدهم إياه أمر الأمة و قلّة رغبته في ذلك و زهده فيه أتاه في وقت غفلة و طلب منه الخلوة و قال له:و اللّه يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطأة منّي و لا رغبة فيما وقعت فيه و لا حرصا عليه و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الامة لا قوة لي بمال و لا كثرة العشيرة و لا ابتزاز له دون غيري فما لك أن تضمر لي ما لا أستحق منك و تظهر لي الكراهه فيما صرت إليه و تنظر إلى بعين السأمة مني قال:فقال له علي عليه السّلام:«فأحملك عليه إذا لم ترغب فيه،و لا حرصت عليه و لا وثقت بنفسك في القيام به و بما يحتاج منك فيه»فقال أبو بكر بحديث سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله«إن اللّه لا يجمع امتي على ضلال»و لما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي صلّى اللّه عليه و اله و أحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى و أعطيتهم قود الإجابة و لو علمت أن أحدا يختلف لامتنعت.
قال:فقال علي عليه السّلام:«أما قولك ما ذكرت من حديث النبي صلّى اللّه عليه و اله لا تجتمع أمتي على ضلال أفكنت من الامة أو لم أكن»؟
قال:بلى و كذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان و عمار و أبي ذر و المقداد و ابن عبادة و من معه من الأنصار قال:كل من الامة فقال علي عليه السّلام:«فكيف تحتج بحديث النبي صلّى اللّه عليه و اله و أمثال هؤلاء قد تخلّفوا عنك و ليس في الامة فيهم طعن و لا في صحبة الرسول و نصيحته منهم تقصير»قال:ما علمت بتخلّفهم إلاّ من بعد إبرام الأمر
ص: 82
و خفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين و كان ممارستهم إلي أن أجبتهم أهون مؤونة على الدين و أبقى له من ضرب الناس بعضه بعضهم فيرجعون كفارا و علمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم و على أديانهم قال علي عليه السّلام:«أجل و لكن أخبرني عن الذي يستحق الأمر بما يستحقه؟»فقال أبو بكر:
بالنصيحة و الوفاء و رفع المداهنة و المحاباة و حسن السيرة و إظهار العدل و العلم بالكتاب و السنّة و فصل الخطاب مع الزهد في الدنيا و قلة الرغبة فيها و إنصاف المظلوم من الظالم القريب و البعيد ثم سكت فقال علي عليه السّلام:«أنشدتك اللّه يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو فيّ؟»قال:بل فيك مما جاء فيه عن اللّه سبحانه و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و في كل ذلك يعترف له أبو بكر بذلك إلى أن قال علي عليه السّلام فيما احتج به عليه:«فأنشدتك اللّه إليّ و لأهل بيتي و ولدي آية التطهير من الرجس أم لك و لأهل بيتك؟»قال:بل لك و لأهل بيتك،قال:«فأنشدتك باللّه أنا صاحب دعوة رسول اللّه و أهلي و ولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت؟»قال بل:أنت و أهلك و ولدك.
و ذكر له علي عليه السّلام سبعين منقبة ثم ذكر في الحديث بعد السبعين المنقبة فلم يزل عليه السّلام يعدّ مناقبه التي جعلها اللّه عزّ و جلّ له دونه و دون غير فقال له أبو بكر:بهذا و شبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد صلّى اللّه عليه و اله فقال له علي عليه السّلام:«فما الذي غرّك عن اللّه و عن رسوله و عن دينه و أنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه»قال:فبكى أبو بكر و قال:
صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا فأدبّر ما أنا فيه و ما سمعت منك قال:فقال له علي عليه السّلام:«لك ذلك يا أبا بكر»فرجع من عنده و خلا بنفسه يومه و لم يأذن لأحد إلى الليل و عمر يتردّد في الناس لما بلّغه خلوته بعلي عليه السّلام فبات في ليلته فرأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في منامه متمثلا له في مجلسه فقام إليه أبو بكر ليسلّم عليه فولّى وجهه فقال أبو بكر:يا رسول اللّه هل أمرت بأمر فلم أفعل فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أردّ السلام عليك و قد عاديت اللّه و رسوله و عاديت من ولاّه اللّه و رسوله رد الحق إلى أهله»قال:
ص: 83
فقلت من أهله؟
قال:«من عاتبك عليه و هو علي»قال فقد رددت عليه يا رسول اللّه بأؤمرك قال:
فأصبح و بكى و قال لعلي عليه السّلام أبسط يدك فبايعه و سلّم إليه الأمر و قال له:أخرج إلى مسجد رسول اللّه فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي و ما جرى بيني و بينك فأخرج نفسي من هذا الأمر و أسلّم عليك بالأمرة قال فقال له علي عليه السّلام:«نعم»فخرج من عنده متغيرا لونه فصادفه عمر و هو في طلبه فقال له:ما حالك يا خليفة رسول اللّه؟ فأخبره بما كان منه و ما رأى و ما جرى بينه و بين علي عليه السّلام فقال له عمر:أنشدك باللّه يا خليفة رسول اللّه أن تغترّ بسحر بني هاشم فليس بأول سحر منهم،فما زال به حتى ردّه عن رأيه و صرفه عن عزمه و رغّبه فيما هو فيه و أمره بالثبات عليه و القيام به؟!قال:فأتى علي عليه السّلام المسجد للميعاد فلم ير فيه أحدا فأحس بالشر منهم فقعد إلى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فمرّ به عمر فقال له:يا علي دون ما ترومه خرط القتاد فعلم بالأمر و قام و رجع إلى بيته (1).
ابن بابويه بالإسناد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق عن الحارث عن محمد بن الحنفية و عمرو بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن علي عليه السّلام في حديث طويل قال عليه السّلام:«و قد قبض محمد صلّى اللّه عليه و اله،و إن ولاية الامة في يده و في بيته لا في يد الأولى تناولوها و لا في بيوتهم و لأهل بيته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا أولى بالأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال»ثم التفت عليه السّلام إلى أصحابه فقال:«أليس كذلك؟»قالوا:بلى يا أمير المؤمنين (2).
ابن بابويه قال:حدّثنا أحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني و علي ابن موسى الدقّاق و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب و علي بن عبد اللّه الوراق رضي اللّه عنهم قالوا:حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان7.
ص: 84
قال:حدّثنا بكر بن عبد اللّه بن حبيب قال:حدّثنا تميم بن بهلول قال:حدّثنا سليمان بن حكيم عن ثور بن يزيد عن مكحول قال:قال أمير المؤمنين أبي علي بن أبي طالب عليه السّلام:«لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و اله أنّه ليس فيهم رجل له منقبة إلاّ قد شركته فيها و فضّلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم».
قلت:يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن فذكر أمير المؤمنين عليه السّلام المناقب إلى أن قال عليه السّلام:«و أمّا السبعون فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نام و نومني و زوجتي فاطمة و ابني الحسن و الحسين و ألقى علينا عباءة قطوانية فأنزل اللّه تبارك و تعالى فينا إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و قال جبرائيل:أنا منكم يا محمد فكان سادسنا جبرائيل عليه السّلام» (1).
علي بن ابراهيم قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن عيسى و حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث فدك قال:قال أمير المؤمنين عليه السّلام لأبي بكر:«يا أبا بكر تقرأ الكتاب؟»قال:نعم،قال:«فأخبرني عن قول اللّه تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فيمن نزلت فينا أم في غيرنا؟»قال:بل فيكم (2).
محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسير القرآن فيما نزل في أهل البيت قال:
حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن الحسن بن علي بن بزيع عن إسماعيل بن يسار الهاشمي عن قنبر بن محمد الأعشى عن هاشم بن البريد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عليه السّلام قال:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في بيت أم سلمة فأتى بحريرة فدعا عليا عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين عليه السّلام فأكلوا منها ثم جلل عليهم كساء خيبريا ثم قال:
«إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقالت:أمّ سلمة:
و أنا معهم يا رسول اللّه؟2.
ص: 85
قال:«أنت إلى خير» (1).
محمد بن العباس هذا قال:حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمارة قال:حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:قال علي بن أبي طالب عليه السّلام أن اللّه عزّ و جل فضّلنا أهل البيت و كيف لا يكون كذلك و اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقد طهّرنا اللّه من الفواحش ما ظهر منها و ما بطن فنحن على منهاج الحق» (2).
محمد بن العباس قال:حدّثنا عبد اللّه بن علي بن عبد العزيز عن إسماعيل بن محمد عن علي بن جعفر بن محمد عن الحسين بن يزيد عن عمر بن علي قال:خطب الحسن بن علي عليهما السّلام الناس حين قتل علي عليه السّلام فقال:«قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعلم و لا يدركه الآخرون ما ترك على ظهر الأرض صفراء و لا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله-ثم قال-أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي،و أنا ابن البشير النذير الداعي إلى اللّه بإذنه و السراج المنير،أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرائيل و يصعد،و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» (3).
محمد بن العباس قال:حدّثنا مظفر بن يونس بن مبارك عن عبد الأعلى بن حماد عن محمود بن إبراهيم عن عبد الجبار عن العباس عن عمار الذهبي عن عمرة بنت أفعى عن ام سلمة قالت:نزلت هذه الآية في بيتي،و في البيت سبعة جبرائيل و ميكائيل و رسول اللّه و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام قالت:و كنت على الباب فقلت:يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟5.
ص: 86
قال:«إنك إلى خير،إنك من أزواج النبي»و ما قال:إنك من أهل البيت (1).
الشيخ الطوسي في أماليه قال:أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن محمد-يعني المفيد- قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر قدّس سرّه قال:حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة قال:حدّثنا عبدوس بن محمد الحضرمي قال:حدّثنا محمد بن فرات عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يأتينا كل غداة فيقول الصلاة رحمكم اللّه الصلاة إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (2).
و رواه:الشيخ المفيد في أماليه قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر و ساق الحديث بباقي السند و المتن (3).
الشيخ في أماليه عن أبي عمر قال:أخبرنا أحمد بن محمد قال:حدّثنا الحسين ابن عبد الرّحمن بن محمد الأزدي قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا عبد النور بن عبد اللّه بن شيبان قال:حدّثنا سليمان بن قرم قال:حدثني أبو الجحاف و سالم بن أبي حفصة عن نفيع أبي داود عن أبي الحمراء قال:«شهدت النبي صلّى اللّه عليه و اله أربعين صباحا يجيء إلى باب علي و فاطمة فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول:«السلام عليكم أهل البيت و رحمة اللّه و بركاته الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (4).
الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن عبد اللّه بن محمد بن مهدي قال:حادثنا أحمد بن محمد يعني-ابن سعيد بن عقدة-قال:أخبرنا أحمد بن يحيى قال:حدّثنا عبد الرّحمن قال:حدّثنا أبي عن أبي إسحاق عن عبد اللّه بن المغيرة مولى9.
ص: 87
أم سلمة عن ام سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و اله أنها قالت:نزلت هذه الآية في بيتها إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن أرسل إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين فلما أتوه اعتنق عليا بيمينه و الحسن بشماله و الحسين على بطنه و فاطمة عند رجله ثم قال:«اللهم هؤلاء أهلي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» (1).
الشيخ في أماليه بإسناده عن علي بن الحسين عليه السّلام عن ام سلمة قالت:نزلت هذه الآية في بيتي و في يومي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عندي فدعا علي و فاطمة و الحسن و الحسين و جاء جبرائيل فمد عليهم كساء فدكيا ثم قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»قال:جبرائيل و أنا منكم يا محمد؟
فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«و أنت منّا يا جبرائيل»قالت ام سلمة:فقلت يا رسول اللّه و أنا من أهل بيتك فجئت لأدخل معهم،فقال:«كوني مكانك يا ام سلمة إنك إلى خير أنت من أزواج نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله»فقال جبرائيل:إقرأ يا محمد إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً في النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام (2).
الشيخ في أماليه قال:أخبرنا الحفّار قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ قال:حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه قال:حدثني الحسن بن علي الهاشمي قال:حدثني إسماعيل بن أبان قال:حدّثنا أبو مريم عن ثوير بن أبي فاخته عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال:قال أبي:دفع النبي صلّى اللّه عليه و اله الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب و فتح اللّه عليه و أوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن و مؤمنة قال له:«أنت منّي و أنا منك»،و قال له:«تقاتل على التأويل كما قاتلت أنا على التنزيل»و قال له:«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي»و قال له:«أنا سلم لمن سالمت و حرب لمن حاربت»و قال له:«أنت العروة4.
ص: 88
الوثقى»و قال له:«أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي»،و قال له:«أنت إمام كل مؤمن و مؤمنة و ولي كل مؤمن و مؤمنة بعدي»،و قال له:«أنت الذي أنزل اللّه فيه و اذان من اللّه و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر».
و قال له:«أنت الآخذ بسنتي و الذاب عن ملّتي»و قال له:«أنا أول من تنشق الأرض عنه و أنت معي»و قال له:«أنا عند الحوض و أنت معي»و قال له:«أنا أول من يدخل الجنة و أنت بعدي تدخلها و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام»و قال له:«إن اللّه أوحى إليّ أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس و بلّغتهم ما أمرني اللّه بتبليغه»و قال له:«اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتي أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون ثم بكى النبي صلّى اللّه عليه و اله فقيل له:ممّ بكاؤك يا رسول اللّه؟
قال:«أخبرني جبرائيل عليه السّلام أنهم يظلمونه و يمنعونه حقه و يقاتلونه و يقتلون ولده و يظلمونهم بعده،و أخبرني جبرائيل عليه السّلام عن ربّه عزّ و جلّ أن ذلك يزول إذا قام قائمهم و علت كلمتهم و اجتمعت الامة على محبتهم و كان الشانىء لهم قليلا و الكاره لهم ذليلا و كثر المادح لهم و ذلك حين تغيّر البلاد تضعف العباد و الإياس من الفرج،فعند ذلك يظهر القائم فيهم»
فقيل له:ما أسمه؟
قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«اسمه كاسمي و اسم أبيه كاسم أبي و هو من ولد ابنتي يظهر اللّه الحق بهم و يخمد الباطل بأسيافهم و يتبعهم الناس بين راغب فيهم و خائف لهم»قال:و سكن البكاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:معاشر المؤمنين أبشروا بالفرج فإن وعد اللّه لا يخلف و قضاؤه لا يرد و هو الحكيم الخبير فإن فتح اللّه قريب،اللهمّ إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا،اللهم أكلأهم و ارعهم و كن لهم و احفظهم و انصرهم و أعنهم و أعزهم و لا تذلهم و اخلفني فيهم إنك على كل شي قدير» (1).
و قد تقدّم هذا من طريق المخالفين في الباب السابق.6.
ص: 89
الشيخ في كتاب(المجالس)قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال:حدّثنا أحمد بن عبيد اللّه العدلي قال:حدّثنا الربيع بن يسار قال:حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر قدّس سرّه أن عليا عليه السّلام و عثمان و طلحه و الزبير و عبد الرّحمن بن عوف و سعد بن أبي و قاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلو بيتا و يغلقوا عليهم بابه و يتشاوروا في أمرهم و أجّلهم بينهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم قتل ذلك الرجل،و إن توافق أربعة و أبى اثنان قتل الإثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب عليه السّلام:«إني أحب أن تسمعوا منّي ما أقول لكم،فإن يكن حقا فاقبلوه،و إن يكن باطلا فأنكروه»قالوا:قل فذكر من فضائله عن اللّه سبحانه و عن رسوله اللّه صلّى اللّه عليه و اله و هم يوافقونه و يصدقونه فيما قال و كان فيما قال عليه السّلام:«فهل فيكم أحد أنزل اللّه فيه آية التطهير حيث يقول اللّه تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً غيري و زوجتي و ابني»
قالوا:لا (1).
الشيخ في مجالسه قال:حدّثنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران قال:حدّثنا أحمد بن الأسود أبو علي الحنفي القاضي قال:حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن حفص العائشي التيمي قال:حدثني أبي عن عمر بن اذينة العبدي عن وهب بن عبد اللّه بن أبي دبّي الهنائي قال:حدّثنا أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه أبي الأسود قال:لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب جعل الأمر بين ستة نفر علي بن أبي طالب عليه السّلام و عثمان بن عفان و عبد الرّحمن بن عوف و طلحة و الزبير و سعد بن مالك و عبد اللّه بن عمر معهم يشهد النجوى و ليس له في الأمر نصيب و ذكر حديث المناشدة نحوه (2).7.
ص: 90
الشيخ في مجالسه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جوريه الجندي سابوري من أصل كتابه قال:حدّثنا علي بن منصور الترجماني قال:أخبرنا الحسن بن عنبسه النهشلي قال:حدّثنا شريك بن عبد اللّه النخعي القاضي عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي أنه ذكر عنده علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال:إن قوما ينالون منه أولئك هم وقود النار و لقد سمعت عدة من أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و اله منهم حذيفة بن اليمان و كعب بن عجرة يقول كل رجل منهم:
لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر هو زوج فاطمة سيّدة نساء الأولين و الآخرين فمن رأى مثلها أو سمع أن تزوج بمثلها أحد في الأولين و الأخرين و هو أبو الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين و الآخرين فمن له أيها الناس مثلهما و رسول للّه صلّى اللّه عليه و اله حموه و هو وصيي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في أهله و أزواجه و سدّت الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه و هو صاحب باب خيبر و هو صاحب الراية يوم خيبر،و تفل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يومئذ في عينيه و هو أرمد فما اشتكاهما من بعد و لا وجد حرا أو بردا بعد يوم ذلك،و هو صاحب يوم غدير خمّ إذ نوّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله باسمه و ألزم أمته ولايته و عرّفهم بخطره و بيّن لهم مكانه فقال يومئذ:«أيها الناس من أولى بكم من انفسكم؟»قالوا:اللّه و رسوله،قال:«فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه و هو صاحب العباء و من أذهب اللّه عزّ و جلّ عنه الرجس و طهّره تطهيرا»و هو صاحب الطائر حين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«اللهم اتني بأحب خلقك إليك يأكل معي»فجاء علي عليه السّلام فأكل معه و هو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرائيل عليه السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد سار أبو بكر بالسورة فقال له:يا محمد إنه لا يبلغها إلاّ أنت أو علي إنه منك و أنت منه،فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله منه في حياته و بعد وفاته و هو عيبة علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و من قال له النبي صلّى اللّه عليه و اله:«أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها كما أمر اللّه فقال: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها (1)و هو مفرّج الكرب عن رسول9.
ص: 91
اللّه صلّى اللّه عليه و اله في الحروب،و هو أول من آمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و صدّقه و اتبعه،و هو أول من صلّى فمن أعظم فريّه على اللّه و على رسول اللّه ممن قاس به أحدا أو شبّه به بشرا عليه السّلام! (1).
الشيخ في مجالسه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرّحمن الهمداني بالكوفة قال:حدّثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال:حدّثنا علي بن حسان الواسطي قال:
حدّثنا عبد الرّحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عليه السّلام قال:«لما أجمع الحسن بن علي عليه السّلام على صلح معاوية خرج حتى لقيه،فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر و أمر الحسن عليه السّلام أن يقوم أسفل منه بدرجة ثم تكلم معاوية و قال:أيها الناس هذا الحسن بن علي و ابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا و لم ير نفسه لها أهلا قد أتانا ليبايع طوعا،ثم قال:قم يا حسن فقام الحسن عليه السّلام فخطب فقال:
الحمد للّه المستحمد بالآلاء و تتابع النعماء و صارف الشدائد و البلاء عند الفهماء و غير الفهماء،المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله و كبريائه و علوه من لحوق الأوهام ببقائه المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويّات عقول الرائين، و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده في ربوبيته و وجوده و وحدانيته صمدا لا شريك له فردا لا ظهير له،و أشهد أن محمد عبده و رسوله اصطفاه و انتجبه و ارتضاه و بعثه داعيا إلى الحق و سراجا منيرا و للعباد مما يخافون نذيرا و لما يأملون بشيرا فنصح للامة و صدع بالرسالة،و أبان لهم درجات العمالة شهادة عليها أموت و أحشر،و بها في الآجلة أقرب و أحبر،و أقول:معشر الخلائق فاسمعوا و لكم أفئدة و أسماع فعوا إنّا أهل بيت أكرمنا اللّه بالإسلام و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا و أذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا،و الرجس هو الشك فلا نشك في اللّه الحق و دينه أبدا و طهّرنا من كلّ أفن و غية،مخلصين إلى آدم نعمة منه،لم يفترق الناس فرقتين إلا جعلنا اللّه في خيرهما فأدت الامور و أفضت الدهور إلى8.
ص: 92
أن بعث اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و آله للنبوة و اختاره للرسالة و أنزل عليه كتابه ثم أمره بالدعاء إلى اللّه عزّ و جلّ فكان أبي عليه السّلام أول من استجاب للّه تعالى و لرسوله و أول من آمن و صدق اللّه و رسوله و قد قال اللّه تعالى في كتابه المنزل على نبيّه المرسل: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ فرسول اللّه الذي على بينة من ربه و أبي الذي يتلوه و هو شاهد منه.
و قد قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حين أمره أن يسير إلى مكة و الموسم ببراءة سربها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلاّ أنا أو رجل منّي و أنت هو يا علي،فعليّ من رسول اللّه و رسول اللّه منه،و قال له نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب عليه السّلام و مولاه زيد بن حارثة في ابنه حمزة أما أنت يا علي فمني و أنا منك و أنت ولي كل مؤمن بعدي فصدّق أبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله سابقا و وقاه بنفسه ثم لم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في كل موطن يقدّمه و لكل شديدة يرسله ثقة منه به و طمأنينة إليه لعلمه بنصيحة اللّه عزّ و جلّ و إنه أقرب من اللّه و رسوله،و قد قال اللّه عزّ و جل وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فكان أبي سابق السابقين إلى اللّه عز و جل و إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أقرب الأقربين و قد قال اللّه تعالى، لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا أولهم إلى اللّه و رسوله هجرة و لحوقا و أولهم على وجده و وسعة نفقة قال سبحانه وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فالناس من جميع الامم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيّه صلّى اللّه عليه و اله و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد و قد قال اللّه تعالى: وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ فهو سابق جميع السابقين،فكما أن اللّه عز و جل فضّل السابقين على المتخلفين و المتأخرين فضّل سابق السابقين على السابقين و قد قال اللّه عزّ و جلّ: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فكان أبي المؤمن باللّه و اليوم الآخر و المجاهد في سبيل اللّه
ص: 93
حقا و فيه نزلت هذه الآية و كان ممن استجاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عمّه حمزة و جعفر ابن عمه فقتلا شهيدين رضي اللّه عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فجعل اللّه تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم،و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم و ذلك لمكانهما من رسول اللّه و منزلتهما و قرابتهما منه صلّى اللّه عليه و اله و صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.
و كذلك جعل اللّه تعالى نساء النبي صلّى اللّه عليه و اله للمحسنة منهن أجرين و للمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهنّ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و جعل الصلاة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بألف صلاة في سائر المساجد إلاّ مسجد إبراهيم خليله عليه السّلام بمكة؛و ذلك لمكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من ربه و فرض اللّه عزّ و جل الصلاة على نبيه صلّى اللّه عليه و اله على كافة المؤمنين،فقالوا:يا رسول اللّه كيف الصلاة عليك؟
فقال:قولوا«اللهم صل على محمد و آل محمد»فحق على كل مسلم أن يصلّي علينا مع الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و اله فريضة واجبة.
و أحلّ اللّه تعالى خمس الغنيمة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أوجبها له في كتابه و أوجب لنا من ذلك ما أوجب له و حرّم عليه الصدقة منه و حرّمها علينا منه فأدخلنا فله الحمد فيما أدخل فيه نبيه و أخرجنا و نزّهنا مما أخرجه منه و نزّهه عنه كرامة أكرمنا اللّه عزّ و جلّ بها و فضيلة فضّلنا بها على سائر العباد فقال اللّه تعالى لمحمد حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فاخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الأنفس معه أبي و من البنين أنا و أخي و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه و نحن منه و هو منا و قد قال اللّه تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فلما أنزلت آية التطهير جمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنا و أخي و امي و أبي فجعلنا و نفسه في كساء لأمّ سلمة خيبري و ذلك في حجرتها و في يومها فقال:اللهم
ص: 94
هؤلاء أهل بيتي و هؤلاء أهلي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا فقالت:ام سلمة رضي اللّه عنها أنا أدخل معهم يا رسول اللّه؟
فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:يرحمك اللّه أنت على خير و إلى خير و ما أرضاني عنك، و لكنها خاصة لي و لهم،ثم مكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه اللّه إليه يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر و يقول:الصلاة يرحمكم اللّه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا فكلّموه في ذلك فقال:إني لم أسد أبوابكم و افتح باب علي من تلقاء نفسي و لكن اتبع ما أوحي إلي و إن اللّه أمر بسدها و فتح بابه فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و يولد له غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أبي عليهما السّلام تكرمة من اللّه تعالى لنا و تفضلا اختصّنا به على جميع الناس و هذا باب أبي قرين باب رسول اللّه في مسجده و منزلنا بين منازل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و ذلك إن اللّه أمر نبيّه عليه السّلام أن يبني مسجده فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه و أزواجه و عاشرها و هو متوسطها لأبي فها هو لبسبيل مقيم و البيت هو المسجد المطهر.
و هو الذي قال اللّه تعالى(أهل البيت)فنحن أهل البيت و نحن الذين أذهب اللّه عنا الرجس و طهرنا تطهيرا أيها الناس إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا اللّه عزّ و جلّ و خصّنا به من الفضل في كتابه و على لسان نبيّه لم أحصه،و أنا ابن النبي النذير البشير و السراج المنير الذي جعله اللّه رحمة للعالمين و أبي عليّ ولي المؤمنين و شبيه هارون،و أن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا و لم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية و أيم اللّه لأنا أولى الناس بالناس في كتاب اللّه و على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله غير أنّا لم نزل أهل البيت مخوفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فاللّه بيننا و بين من ظلمنا حقنا و نزل على رقابنا و حمل الناس على أكتافنا و منعنا سهمنا في كتاب اللّه من الفيء و الغنائم و منع امنا فاطمة إرثها من أبيها إنّا لا نسمّي أحدا.
و لكن أقسم باللّه قسما تاليا لو أن الناس سمعوا قول اللّه عزّ و جلّ و رسوله لأعطتهم
ص: 95
السماء قطرها و الأرض بركتها و لما اختلف في هذه الامة سيفان و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة و ما طمعت فيها يا معاوية و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت عن قواعدها،تنازعتها قريش بينها،و ترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية و أصحابك من بعدك و قد قال رسول اللّه ما ولّت امة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه إلاّ لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا و قد تركت بنو إسرائيل و كانوا أصحاب موسى هارون أخاه و خليفته و وزيره و عكفوا على العجل و أطاعوا فيه سامريهم و هم يعلمون أنه خليفة موسى.
و قد سمعت هذه الامة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول ذلك لأبي عليه السّلام:إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبّي بعدي،و قد رأوا رسول اللّه حين نصبه لهم بغدير خم و سمعوه و نادى له بالولاية ثم أمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب و قد خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حذارا من قومه إلى الغار لما أجمعوا على أن يمكروا به و هو يدعوهم لمّا لم يجد عليهم أعوانا و لو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم و قد كف أبي يده و ناشدهم و استغاث أصحابه فلم يغث و لم ينصر و لو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم و قد جعل في سعة كما جعل النبي صلّى اللّه عليه و اله في سعة و قد خذلتني الامة و بايعتك يابن حرب و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك و قد جعل اللّه عز و جل هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه،كذلك أنا و أبي في سعة حين تركتنا الامة و تابعت غيرنا و لم نجد عليهم أعوانا،و إنما هي السنن و الأمثال تتبع بعضها بعضا أيها الناس إنكم لو التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أبوه وصيي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لم تجدوا غيري و غير أخي فاتقوا اللّه و لا تضلوا بعد البيان،و كيف بكم و أنى ذلك منكم ألى و إني قد بايعت هذا و أشار إلى معاوية و إن أدري لعلّه فتنة لكم و متاع إلى حين أيها الناس أنه لا يعاب أحد بترك حقه و إنما يعاب أن يأخذ ما ليس له و كل صواب نافع و كل خطأ ضار لأهله و قد كانت القضية فهمها سليمان فنفعت سليمان و لم تضرّ داود،و أما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و اللّه للمؤمن أنفع قال رسول اللّه لعمه أبي طالب و هو في الموت قل:لا إله إلا اللّه أشفع لك بها
ص: 96
يوم القيامة و لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول له إلاّ ما يكون منه على يقين و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا أعني أبا طالب يقول اللّه عز و جل وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (1)أيها الناس إسمعوا و عوا و اتقوا اللّه و راجعوا و هيهات منكم الرجعة إلى الحق و قد صارعكم النكوص و خامركم الطغيان و الجحود أنلزمكموها و أنتم لها كارهون،و السلام على من اتبع الهدى قال:فقال معاوية:و اللّه ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض،و هممت أن أبطش به ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية» (2).
الشيخ في مجالسه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا عبد الرّحمن ابن محمد بن عبيد اللّه العرزمي عن أبيه عن عثمان أبي اليقظان عن أبي عمر زادان قال:لما ودّع الحسن بن علي عليه السّلام معاوية صعد معاوية المنبر و جمع الناس فخطبهم و قال:إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا و لم ير نفسه لها أهلا و كان الحسن عليه السّلام أسفل منه بمرقاة فلما فرغ من كلامه قام الحسن فحمد اللّه تعالى بما هو أهله ثم ذكر المباهلة فقال:«فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الأنفس بأبي و من الأبناء بي و بأخي و من النساء بامي،و كنّا أهله و نحن له،و هو منّا و نحن منه،و لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في كساء لأمّ سلمة-رضي اللّه عنها-خيبري ثم قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فلم يكن أحد في الكساء غيري و أخي و أبي و أمّي و لم يكن أحد يجنب في المسجد و يولد له فيه إلاّ النبي صلّى اللّه عليه و اله و أبي تكرمة من اللّه تعالى لنا و تفضيلا منه لنا و قد رأيتم مكان منزلتنا من رسول اللّه و أمر بسد الأبواب فسدّها و ترك بابنا فقيل له في ذلك فقال:أما إني لم أسدها و أفتح بابه و لكن اللّه عز و جل أمرني أن أسدها و أفتح بابه و إن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا و لم أر نفسي لها1.
ص: 97
أهلا فكذب معاوية نحن أولى الناس بالناس في كتاب اللّه و على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و اله،و لم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض اللّه تعالى نبيّه صلّى اللّه عليه و اله،فاللّه بيننا و بين من ظلمنا حقّنا و توثب على رقابنا و حمل الناس علينا و منعنا سهمنا من الفيء،و منع امّنا ما جعل لها رسول صلّى اللّه عليه و اله و أقسم باللّه لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لأعطتهم السماء قطرها و الأرض بركتها و ما طمعت فيها يا معاوية فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها فطمعت فيها الطلقاء و أبناء الطلقاء أنت و أصحابك،و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:ما ولّت امة أمرها رجلا و فيهم من هو أعلم منه إلاّ لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا فقد تركت بنو إسرائيل هارون،و هم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم و اتّبعوا السامري،و قد تركت هذه الأمة أبي و بايعوا غيره،و قد سمعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول:أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي.
فقد رأوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نصب أبي يوم غدير خم و أمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب،و قد هرب رسول اللّه من قومه و هو يدعوهم إلى اللّه تعالى حتى دخل الغار و لو وجد أعوانا ما هرب،و قد كف أبي يده حين ناشدهم و استغاث فلم يغث فجعل اللّه هارون في سعة حين استضعفوه و كادوا يقتلونه،و جعل اللّه النبي في سعة من اللّه حين دخل الغار و لم يجد أعوانا و كذلك أبي و أنا في سعة من اللّه حين خذلتنا الامة و بايعوك يا معاوية،و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس إنكم لو التمستم فيها بين المشرق و المغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري و أخي لم تجدوا و أني قد بايعت هذا،«و إن أدري لعلّه فتنة لكم و متاع إلى حين» (1).
الشيخ في مجالسه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا أبو علي أحمد ابن علي بن مهدي بن صدقة البرقي إملاء علي من كتابه قال:حدّثنا أبي قال:حدّثنا الرضا أبو الحسن علي بن موسى قال:«حدثني أبي،موسى بن جعفر قال:حدّثنا أبي9.
ص: 98
جعفر بن محمد قال:حدثني أبي محمد بن علي قال:حدثني أبي علي بن الحسين قال:
حدثني أبي الحسين بن علي قال:لما أتى أبو بكر و عمر إلى منزل أمير المؤمنين عليه السّلام و خاطباه في البيعة و خرجا من عنده خرج أمير المؤمنين عليه السّلام إلى المسجد فحمد اللّه و أثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت إذ بعث فيهم رسولا منهم و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا ثم قال:إن فلانا و فلانا أتياني و طالباني للبيعة لمن سبيله أن يبايعني أنا ابن عم النبي و أبو ابنيه و الصديق الأكبر و أخو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لا يقولها أحد غيري إلاّ كاذب،و أسلمت و صلّيت و أنا وصيه و زوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد و أبو الحسن و الحسين سبطي رسول،اللّه و نحن أهل بيت الرحمة بنا هداكم اللّه و بنا استنقذكم من الضلالة،و أنا صاحب يوم الدوح و في سنّه سورة من القرآن،و أنا الوصي على الأموات من أهل بيته عليهم السّلام،و أنا بقيته على الأحياء من امته فاتقوا اللّه يثّبت أقدامكم و يتم نعمته عليكم،ثم رجع إلى بيته» (1).
الشيخ في(مجالسه)قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدر قال:حدّثنا محمد بن حميد الرازي قال:حدّثنا جرير عن أبي أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:كنت عند معاوية و قد نزل بذي طوى فجاء سعد بن أبي و قاص فسلّم عليه فقال معاوية:يا أهل الشام هذا سعد و هو صديق علي قال:فطأطأ القوم رؤوسهم و سبّوا عليا عليه السّلام فبكى سعد فقال له معاوية:ما الذي أبكاك؟
قال و لم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يسب عندك و لا أستطيع أن أغير و قد كان في علي خصال لأن تكون فيّ واحدة منهنّ أحب إليّ من الدنيا و ما فيها أحدها:إن رجلا كان باليمن فجاءه علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال:لأشكونّك إلى رسول اللّه فقدم علي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فسأله عن علي عليه السّلام فأثنى عليه فقال:«أنشدك اللّه الذي أنزل عليّ الكتاب و اختصني بالرسالة أعن سخط تقول ما تقول في علي عليه السّلام»1.
ص: 99
قال:نعم يا رسول اللّه،قال:«ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم»قال:بلى قال:
«من كنت مولاه فعلي مولاه»و الثانية إنه بعث يوم خيبر عمر بن الخطاب إلى القتال فهزم و أصحابه فقال صلّى اللّه عليه و اله:«لأعطينّ الراية غدا إنسانا يحب اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله»فقعد المسلمون و علي عليه السّلام أرمد فدعاه فقال:«خذ الراية»فقال:«يا رسول اللّه إن عيني كما ترى»فتفل فيها فقام فأخذ الراية ثم مضى بها ففتح اللّه عليه.
و الثالثة خلّفه في بعض مغازيه فقال علي:«يا رسول اللّه خلّفتني مع النساء و الصبيان»فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ انه لا نبي بعدي».
و الرابعة سدّ الأبواب في المسجد إلاّ باب علي.
و الخامسة نزلت هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فدعا النبي صلّى اللّه عليه و اله عليا عليه السّلام و حسنا و حسينا و فاطمة عليهم السّلام فقال:«اللهم هؤلاء أهلي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا» (1).
أبو علي الطبرسي قدّس سرّه قال:ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال:حدثني شهر ابن خوشب عن ام سلمة-رضي اللّه عنها-قال:جاءت فاطمة إلى النبي صلّى اللّه عليه و اله تحمل حريرة لها فقال لها:«ادّعي زوجك و ابنيك»فجاءت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء خيبريا و قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» فقلت:يا رسول اللّه و أنا معهم؟
قال:«أنت إلى خير» (2).
علي بن إبراهيم في تفسيره قال:في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت:«نزلت هذه الآية في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام و ذلك8.
ص: 100
في بيت ام سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و اله فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام ثم ألبسهم كساء له خيبريا و دخل معهم فيه ثم قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا فنزلت هذه الآية فقالت ام سلمة:و أنا معهم يا رسول اللّه؟
فقال:أبشري يا ام سلمة إنك إلى خير»قال أبي الجاورد:و قال زيد بن علي بن الحسين:إن جهالا من الناس يزعمون إنما أراد بهذه الآية أزواج النبي صلّى اللّه عليه و اله و قد كذبوا و أثموا و أيم اللّه لو عنى بها أزواج النبي صلّى اللّه عليه و اله لقال:ليذهبن عنكن الرجس و يطهركن تطهيرا و لكان الكلام مؤنثا كما قال: وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ،...
...لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ (1) (2) .
ابن بابويه في أماليه قال:حدّثنا أبي قدّس سرّه قال:حدثني سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال:قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السّلام من آل محمد قال:«ذريته».
قلت:من أهل بيته قال:«الأئمة الأوصياء».
قلت:من عترته؟
قال:«أصحاب العباء»فقلت:من امته؟
قال:«المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند اللّه عز و جل المستمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما كتاب اللّه و عترته أهل بيته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا و هما الخليفتان على الامة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (3).
ابن بابويه في أماليه قال:حدّثنا أبي قدّس سرّه قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:حدّثنا علي بن أسباط قال:حدّثنا علي بن0.
ص: 101
أبي حمزة عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام قال:«يا أبا بصير نحن شجرة العلم و نحن أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و اله و في دارنا مهبط جبرايل عليهم السّلام و نحن خزان علم اللّه و نحن معادن وحي اللّه من تبعنا نجا و من تخلّف عنا هلك حقا على اللّه عز و جل» (1).
محمد بن علي بن شهر اشوب في كتاب(المناقب)قال:نزلت في علي عليه السّلام بالإجماع إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2).2.
ص: 102
في قوله تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ(1)
من صحيح مسلم من الجزء الرابع في ثالث كراس من أوله في باب فضائل علي ابن أبي طالب عليه السّلام قال:حدّثنا قتيبة بن سعيد و محمد بن عبّاد و تقاربا في اللفظ قالا:
حدّثنا حاتم و هو ابن إسماعيل عن بيكر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال:ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟
قال:أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول اللّه فلن أسبّه لئن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول حين خلّفه في بعض مغازيه فقال له علي عليه السّلام:«يا رسول اللّه خلفتي مع النساء و الصبيان،فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي»و سمعته يقول يوم خيبر:«لأعطين الراية رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال فتطاولنا لها فقال:«أدعوا إلي عليا»فأتي به أرمد العين فبصق في عينه و دفع الراية إليه ففتح اللّه على يده،و لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال:
«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (2).
من صحيح مسلم من الجزء المذكور سابقا في آخره على حد كراسين قال:
ص: 103
حدّثنا قتيبة بن سعيد و محمد بن عباد تقاربا في اللفظ قالا:حدّثنا حاتم-و هو ابن إسماعيل-عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال له:ما منعك أن تسب أبا تراب؟
فقال:أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلن أسبه لئن يكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول له حين خلفّه في بعض مغازيه فقال له عليّ يا رسول اللّه:«خلفتني مع النساء و الصبيان فقال:أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوة بعدي»و سمعته يقول يوم خيبر:
«لاعطين الراية رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال:فتطاولنا لها فقال:
«ادعوا إلي عليا»فأتى به أرمد فبصق في عينيه و دفع الراية إليه ففتح اللّه عليه و لما نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (1).
الثعلبي في تفسيره قال:قال مقاتل و الكلبي:لما قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هذه الآية على و فد نجران و دعاهم إلى المباهلة فقالوا له:حتى نرجع و ننظر في أمرنا و نأتيك غدا فخلا بعضهم الى بعض فقالوا للعاقب-و كان ديانهم و ذا رأيهم-يا عبد المسيح ما ترى؟
فقال:و اللّه لقد عرفتم يا معشر النصارى إن محمد نبي مرسل،و لقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم و اللّه ما لاعن قوم قط نبيّا فعاش كبيرهم،و لا نبت صغيرهم و لئن فعلتم ذلك لتهلكن و ان أبيتم إلا تلف دينكم و الإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد غدا رسول اللّه محتضنا الحسن و أخذ بيد الحسين و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفها و هو يقول لهم:«إذا أنا دعوت فآمّنوا»فقال أسقف نجران:يا معشر النصارى:
إن لأرى وجوها لو سألوا اللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا و لا7.
ص: 104
يبقى على وجه الأرض من نصراني إلى يوم القيامة قالوا:يا أبا القاسم لقد رأينا أن لا نلاعنك و أن نتركك على دينك و نثبت على ديننا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«فإن أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم»فأبوا فقال:«فإني أنابذكم»
فقالوا:ما لنا بحرب العرب طاقة و لكنا نصالحك على أن لا تغزونا و لا تخيفنا و لا تردّنا عن ديننا على أن نؤدّي إليك في كل عام ألفي حلة ألف في صفر و ألف في رجب فصالحهم النبي صلّى اللّه عليه و اله على ذلك و قال:«و الذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلّى على أهل نجران و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير و لاضطرم الوادي عليهم نارا و لاستأصل اللّه تعالى نجران و أهله حتى الطير على الشجر و لما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا فقال اللّه تعالى إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فإن تولوّا أي أعرضوا عن الإيمان فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (1)(2).
أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الواسطي في مناقبه قال:أخبرني محمد بن أحمد ابن عثمان قال:أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق قال:حدّثنا أبو بكر بن أبي داود قال:حدّثنا يحيى بن حاتم العسكري قال:حدّثنا بشر بن مهران قال:حدّثنا محمد ابن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر بن عبد اللّه قال:قدم و فد نجران على النبي صلّى اللّه عليه و اله العاقب و الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا:أسلمنا يا محمد قبلك قال:
«كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام؟»قالا:فهات أنبئنا قال:«حب الصليب و شرب الخمر و أكل الخنزير»فدعاهما إلى الملاعنة فوعداه أن يغادياه بالغداة فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخذ بيده علي و فاطمة و الحسن و الحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه فأقرّا له بالخراج فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالحق نبيّا لو فعلا لأمطر عليهما الوادي نارا»قال جابر:فيهم نزلت هذه الآية فقال فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ... الآية قال الشعبي أَبْناءَنا الحسن و الحسين وَ نِساءَناي.
ص: 105
فاطمة وَ أَنْفُسَنا علي بن أبي طالب عليه السّلام (1).
أبو المؤيد الموفق بن أحمد في كتاب فضائل علي و هو من أعيان علماء العامة قال أخبرنا قتيبة قال:حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن عمار عن عامر بن سعد ابن أبي وقاص عن أبيه قال:أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال:ما منعك أن تسب أبا تراب؟
قال:أما ذكرت ثلاثا قالهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لئن تكون إليّ واحدة منهن أحب الي من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعلي و قد خلّفه في بعض مغازيه قال له علي:
«يا رسول اللّه تخلّفني مع النساء و الصبيان فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوة بعدي»،و سمعته يقول يوم خيبر:«لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال فتطاولنا لها فقال:«أدعوا إلي عليا»فأتى علي و به رمد فبصق في عينه و دفع الراية إليه ففتح اللّه عليه و نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ... الآية دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في المباهلة عليا و فاطمة و حسنا و حسينا ثم قال:«اللهم هؤلاء أهلي».
قال أبو عيسى:هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه قال له صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى»أخرجه الشيخان في صحيحة بطرق كثيرة.انتهى كلام موفق ابن أحمد (2).
أبو نعيم صاحب حلية الأولياء بإسناده عن عامر بن سعد بن أبي و قاص عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا عليهم السّلام فقال:«اللهم هؤلاء أهل بيتي» (3).
أبو نعيم الحافظ بإسناده عن الشعبي عن جابر قال:قدم على رسول للّه صلّى اللّه عليه و اله1.
ص: 106
العاقب و الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا:أسلمنا يا محمد قبلك فقال:«كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام»فقالا:هات أنبئنا قال:«لحب الصليب و شرب الخمر و أكل لحم الخنزير»قال جابر:فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه إلى أن يغادياه بالغداة فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخذ بيد علي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و فاطمة فأرسل اليهما فأبيا أن يجيباه و أقرّا له بالخراج فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لأمطر اللّه عليهما الوادي نارا»قال جابر:فيهم نزلت نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ قال جابر أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي أَبْناءَنا الحسن و الحسين عليهما السّلام وَ نِساءَنا فاطمة عليها السّلام (1).
أبو نعيم الحافظ بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما جاء أهل نجران و أنزل اللّه تعالى: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و معه علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام و قال:«إذا أنا دعوت فأمّنوا»فأبوا أن يلاعنوه و صالحوه على الجزية (2).
من الجزء الثاني من كتاب(المغازي)عن ابن إسحاق قال:لما قدم و فد نجران على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و عليهم الحلل و خواتيم الذهب فسلّموا على النبي صلّى اللّه عليه و اله فلم يرد عليهم و تصدّوا لكلامه عليه السّلام نهارا طويلا فلم يكلمهم و عليهم تلك الحلل و الخواتيم الذهب فانطلقوا يبتغون عثمان بن عفان و عبد الرّحمن بن عوف و كانوا بمعرفة لهما [فوجدوهما في ناس من المهاجرين و الأنصار في مجلس فقالوا:يا عثمان و يا عبد الرحمن]إن نبيّكم قد كتب إلينا كتابا فأقبلنا إليه و سلّمنا عليه فلم يرد علينا السلام و تصدينا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلّمنا فما رأيكما أنعود أم نرجع؟
فقالا لعلي عليه السّلام:ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم،فقال علي لعثمان و لعبد الرّحمن:«أرى أن يضعوا حللهم هذه و خواتيمهم و يلبسوا ثياب سفرهم ثم1.
ص: 107
يعودوا إليه»،ففعل و فد نجران ذلك فوضعوا حللهم و خواتيمهم و أتوا النبي صلّى اللّه عليه و اله فسلّموا فرّد سلامهم ثم قال:«و الذي بعثني بالحق لقد أتوا المرة الاولى و إن إبليس لمعهم»ثم سألهم و سألوه فلم يزل به و بهم المسألة حتى قالوا:ما تقول في عيسى؟ فإنّا نرجع إلى قومنا و نحن نصارى ليسرنا إن كنت نبيّا أن نعلم ما تقول فيه؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«ما عندي في هذا شيء فأقيموا حتى أخبركم ما يقال لي في عيسى»فأصبح من الغد و قد أنزل اللّه تعالى عليه إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فأبوا أن يقرّوا بذلك فأصبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مشتملا على علي و الحسن و الحسين[في خميل له]و فاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة[و له يومئذ عدة نسوة] (1)فقال شرحبيل لصاحبه:يا عبد اللّه بن شرحبيل و يا جبار بن فضّ قد علمتم أن الوادي إذا اجتمع أعلاه و أسفله لم يردوا و لم يصدروا إلاّ عند رأيي فإني و اللّه أرى أمرا مقفلا (2)و اللّه إن كان هذا الرجل ملكا مبعوثا فكنّا أول العرب طعن في عيبته ورد عليه أمره،و لا يذهب لنا من صدور قومه حتى يصبونا بجائحة،و إنا لأدنى العرب منهم جوازا و لئن كان هذا الرجل نبيّا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر و لا ظفر إلاّ هلك.
فقال له صاحباه:فما الرأي يا أبا مريم فقد وضعتك الامور على ذراع فهات رأيك؟
فقال:رأيي أن أحكمه فإنّي أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا فقالا:أنت و ذاك،فتلقى شرحبيل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك فقال:«و ما هو»فقال:
شرحبيل حكمك اليوم و ليلتك إلى الصباح فبما حكمت فينا فهو جائز،فقال رسولا.
ص: 108
اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«لعل و راءك أحد يثرب عليك».
فقال له شرحبيل:سل صاحبيّ،فسألهما فقالا:ما يورد الوادي و لا يصدر إلاّ عن رأي شرحبيل،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«كافر جاحد موفق»فرجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يلاعنهم حتى إذا كان من الغداة أتوه و كتب لهم هذا الكتاب:
بسم اللّه الرّحمن الرحيم هذا ما كتبه محمد صلّى اللّه عليه و اله لنجران:أن كان عليهم حكمه في كل ثمرة و كل صفراء و بيضاء و سوداء و رقيق فأفضل عليهم و ترك ذلك كله على ألفي حلة في كل رجب ألف حلة،و في كل صفر ألف حلة أو قيمه ما زادت حلل الخرج أو نقصت [الى أن قال:بعثه رسول اللّه إلى نجران].ليجمع صدقاتهم و يقدم عليهم بجزيتهم» (1).
إبراهيم بن محمد الحمويني في كتاب(فرائد السمطين)و هو من أعيان علماء العامة قال:أنبأني عبد الحميد بن فخّار عن أبي طالب بن عبد السميع إجازة عن شاذان بن جبرئيل قرأة عليه عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي قال:أنبأنا أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد الصيرفي:قال أنبأنا أبو الحسين بن فاذشاه قال:أنبأنا سليمان بن أحمد قال:أنبأنا أحمد بن داود المكي و محمد بن زكريا الغلابي قالا:أنبأنا بشر بن مهران الخصّاف قال:حدّثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر قال:قدم على النبي صلّى اللّه عليه و اله العاقب الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا أسلمنا يا محمد قال:«كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام»قالا:فهات أنبئنا قال:«حبّكما الصليب و شرب الخمر و أكل لحم الخنزير»قال جابر فدعاهما إلى الملاعنة و واعداه أن يغادياه بالغداة فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أخذ بيده علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهم فأرسل إليهما فأبيا أن يجيباه و أقرّا له فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر عليهما الوادي نارا»قال جابر فيهم نزلت: نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ قال الشعبي:قالا.
ص: 109
جابر: وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ قال:رسول اللّه و علي صلوات اللّه عليهما وَ نِساءَنا فاطمة عليها السّلام أَبْناءَنا الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهما (1).
أبو المؤيد موفق بن أحمد المتقدم في الباب عن ابن عباس رضي اللّه عنه و الحسن و الشعبي و السّدي قالوا في حديث المباهلة:إن و فد نجران أتوا النبي صلّى اللّه عليه و اله ثم تقدّم الأسقف فقال:يا أبا القاسم موسى من أبوه؟
قال:«عمران»فقال:يوسف من أبوه؟
قال:«يعقوب»قال:فأنت من أبوك؟
قال:«عبد اللّه بن عبد المطلب»قال:فعيسى من أبوه؟فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ينتظر الوحي من السماء فهبط جبرئيل عليه السّلام بهذه الآية: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فقال الأسقف لا نجد هذا فيما اوحى إلينا قال:فبهط جبرئيل عليه السّلام بهذه الآية فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ قال:أنصفت متى نباهلك؟
قال:«غدا إن شاء اللّه تعالى»فانصرف القوم ثم قال الأسقف لأصحابه أنظروا إن خرج في عدة من أصحابه فباهلوه،فإنه كذّاب،و إن خرج في خاصة من أهله فلا تباهلوه فإنه نبي و لئن باهلنا لنهلكن و قالت النصارى:و اللّه إنا لنعلم أنه النبي الذي كنّا ننتظره و لئن باهلناه لنهلكن و لا نرجع إلى أهل و لا مال قالت اليهود و النصارى:
كيف نعمل؟
قال أبو الحرث الأسقف:رأيناه رجلا كريما نغدوا عليه فنسأله أن يقيلنا فلما أصبحوا بعث النبي صلّى اللّه عليه و اله إلى أهل المدينة و من حولها فلم تبق بكر لم تر الشمس إلاّ خرجت و خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي بن يديه و الحسن عن يمينه قابضا بيده و الحسين عن شماله و فاطمة خلفه ثم قال:«هلّموا فهؤلاء أبناءنا الحسن و الحسين5.
ص: 110
و هولاء أنفسنا لعلي و نفسه و هذه نساءنا لفاطمة»قال:فجعلوا يستترون بالأساطين و يستر بعضهم ببعض تخوفا أن يبدأهم بالملاعنة ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه و قالوا:أقلنا أقالك اللّه يا أبا القاسم قال صلّى اللّه عليه و اله:«أقلّتكم»و صالحوا على الفي حلة (1).
إبراهيم بن محمد الحمويني المتقدم من كتابه قال:أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرّحمن بن عيسى الدهقان في الكوفة من أصل كتابه قال:نبأنا الحسين بن الحكم الحبري قال:حدّثنا الحسن بن الحسين العرني قال:نبأنا حبان بن علي العنزي قال:نبأنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز و جل: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ نزلت في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و علي عليه السّلام نفسه وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ في فاطمة عليهما السّلام أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ في حسن و حسين صلوات اللّه عليهما و الدعاء على الكذابين نزلت في العاقب و السيد و عبد المسيح و أصحابه (2).
الحمويني هذا قال:أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني قال:نبأنا محمد بن بور عن ابن جريج في قوله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ بلغنا أن نصارى نجران قدم و فدهم على النبي صلّى اللّه عليه و اله فمنهم:السيد و العاقب و أخبرت أن معهما عبد المسيح و هما يومئذ سيدا أهل نجران فقالوا:يا محمد بن تشتم صاحبنا؟
قال:«و من صاحبكم؟»قال:عيسى ابن مريم تزعم أنه عبد قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«أجل هو عبد اللّه و كلمته ألقاها إلى مريم»فغضبوا و قالوا إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيي الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص و يخلق من الطين كهيئة الطير و لكنه اللّه فسكت النبي صلّى اللّه عليه و اله حتى جاءه جبرئيل فقال:يا محمد لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«إنهم قد سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى»قال جبرائيل: إِنَّ4.
ص: 111
مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ... فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ في عيسى يا محمد من بعد هذا فقل تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ... الآية إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ الآية،فأخذ النبي صلّى اللّه عليه و اله بيد علي و الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهم و جعلوا فاطمة عليهما السّلام و راءهم ثم قال:«هؤلاء أبناءنا و أنفسنا و نساؤنا فهلموا أنفسكم و أبناءكم و نساءكم و نجعل لعنة اللّه على الكاذبين»فأبى السيد و قالوا:
نصالحك فصالحوه على ألف حلة كل عام في كل رجب ألف حلة و قال النبي صلّى اللّه عليه و اله:
«و الذي نفسي بيده لو لا عنوني ما حال الحول و منهم بشر إلا أهلك اللّه الكاذبين» (1).
الحمويني هذا قال:حدّثنا أبو جعفر بن محمد بن نصير الخلدي قال:أنبأنا قتيبة ابن سعيد قال:حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال:لما نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا صلوات اللّه عليهم فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«اللهم هؤلاء أهلي» (2).
المالكي في(الفصول المهمة)قال:روى مسلم و الترمذي أن معاوية قال لسعد ابن أبي و قاص:ما منعك أن تسب عليا أبا تراب؟
فقال:أما ذكرت ثلاثة قالهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلن أسبّه و لئن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول و قد خلّفه في بعض مغازيه فقال علي:«خلفتي مع النساء و الصبيان»فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«أما ترضى أن تكن منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي»و سمعته يقول:يوم خيبر:«لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»فتطاولنا إليها فقال:«أدعوا لي عليا»فأتي به أرمد فبصق في عينيه فبرأ و دفع إليه الراية ففتح اللّه على يديه،و لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ7.
ص: 112
دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا و قال:«اللهم هؤلاء أهلي» (1).
المالكي في فصول المهمة و هو من أعيان علماء العامة قال أهل البيت على ما ذكره المفسرون في تفسير المباهلة و على ما روي عن ام سلمة رضي اللّه عنها هم النبي صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام أما آية المباهلة و هي قوله تعالى:
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و سبب نزول هذه الآية أنه لما قدم و فد نجران على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله دخلوا عليه المسجد بعد صلاة العصر و عليهم ثياب الحبرات و أردية الحرير،لابسين الحلل متختمين بخواتم الذهب،يقول من رآهم من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و اله:ما رأينا قبلهم و فدا مثلهم و فيهم ثلاثة من أشرافهم يؤول أمرهم إليهم و هم:العاقب و اسمه عبد المسيح كان أمير القوم و صاحب رأيهم و مشورتهم لا يصدرون إلاّ عن رأية و السيد و هو الأيهم و كان ثمالهم و صاحب رأيهم و مجتمعهم،و أبو حاتم بن علقة و كان أسقفهم و حبرهم و إمامهم و صاحب مدارسهم و كان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل و لكنه تنصّر فعظّمته الروم و ملوكها و شرّفوه،و بنوا له الكنائس و موّلوه و أخدموه،لما علموا من صلابته في دينهم،و قد كان يعرف[أمر]رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و شأنه و صفته[بما علمه]من الكتب المتقدمة،و لكنه حمله جهله على الاستمرار في النصرانية لما رأى من تعظيمه و وجاهته عند أهلها.
فتكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله مع أبي حاتم بن علقة و العاقب عبد المسيح و سألهما و سألاه،ثم إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بعد أن تكلم مع هذين الحبرين منهم دعاهم إلى الإسلام،فقالوا:قد أسلمنا فقال:«كذبتم إنّه يمنعكم من الإسلام ثلاثة:عبادتكم الصليب،و أكلكم الخنزير،و قولكم:للّه ولدا»فقالوا:هل رأيت ولدا بغير أب فمن أبو8.
ص: 113
عيسى؟فأنزل اللّه تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ...الآية فلما نزلت هذه الآية مصرّحة بالمباهلة دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و فد نجران إلى المباهلة و تلا عليهم الآية فقالوا:حتى ننظر في أمرنا و نأتيك غدا،فلمّا خلا بعضهم ببعض قالوا للعاقب صاحب مشورتهم:ما ترى في الرأي؟
فقال:[و اللّه لقد عرفتم يا معاشر النصارى أن محمدا نبي مرسل،و لقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم]و اللّه ما لاعن قوم قط نبيّا إلاّ هلكوا عن آخرهم،فاحذروا كلّ الحذر أن يكون آفة الاستئصال منكم،و إن أبيتم إلاّ ألف دينكم و الإقامة عليه فوادعوا الرجل و أعطوه الجزية ثم انصرفوا إلى مقركم،فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فخرج و هو محتضن الحسين آخذا بيد الحسن و فاطمة خلفه و علي خلفهم و هو يقول:«اللهم هؤلاء أهلي،إذا أنا دعوت أمّنوا»فلما رأى و فد نجران ذلك و سمعوا قوله قال كبيرهم:يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألت من اللّه تعالى أن يزيل جبلا لأزاله لا تبتهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجه الأرض نصراني منكم إلى يوم القيامة،فاقبلوا الجزية،فقبلوا الجزية ثم انصرفوا،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«و الذي نفس محمد بيده إن العذاب قد نزل على أهل نجران و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير،و لاضرم الوادي عليهم نارا و لاستأصل اللّه نجران و أهله حتى الطير على الشجر و لم يحل الحول على النصارى حتى هلكوا» (1)(2).
المالكي أيضا:قال جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه: أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ محمد صلّى اللّه عليه و اله و علي عليه السّلام أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الحسن و الحسين وَ نِساءَنا فاطمة رضوان اللّه عليهم أجمعين (3).
المالكي أيضا عن الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى و قال صحيح على3.
ص: 114
شرط مسلم مثله (1).
المالكي أيضا عن أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الشعبي مرسلا مثله (2).
علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره:قال حدثني أبي عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إن نصارى نجران لما وفدوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و كان سيدهم الأهتم و العاقب و السيد و حضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس و صلّوا فقال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يا رسول اللّه هذا في مسجدك؟
فقال:«دعوهم»فلما فرغوا دنوا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالوا له:إلى ما تدعونا؟
فقال:«إلى شهادة أن لا إله اللّه،و أني رسول اللّه و أن عيسى عبد مخلوق يأكل و يشرب و يحدث»فقالوا من أبوه؟فنزل الوحي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:قل لهم:ما تقولون في آدم أكان عبدا مخلوقا يأكل و شرب و ينكح؟فسألهم النبي صلّى اللّه عليه و اله فقالوا:نعم فقال:«فمن أبوه»فبهتوا فبقوا ساكتين فنزل اللّه إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إلى قوله فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«فباهلوني فإن كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم،و إن كنت كاذبا نزلت عليّ»فقالوا:أنصفت فتواعدوا للمباهلة فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساءهم السيد العاقب و الأهتم:إن باهلنا بقومه باهلناه،فإنه ليس بنبي و ان باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله،فإنّه لا يقدم على أهل بيته إلاّ و هو صادق فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و معه أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام فقال النصارى:من هؤلاء؟ فقيل لهم:هذا ابن عمّه و وصيه و ختنه علي بن أبي طالب و هذه ابنته فاطمة و هذان ابناه الحسن و الحسين،فعرفوا فقالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة فصالحهم رسول اللّه على الجزية و انصرفوا» (3).1.
ص: 115
الشيخ الطوسي في أماليه بالإسناد قال:حدّثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس قال:أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ قال:حدّثنا محمد بن إسحاق السراج قال:حدّثنا قتيبة بن سعيد قال:حدّثنا حاتم بن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي ثلاث:فلئن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول لعلي و قد خلّفه في بعض مغازيه فقال:«يا رسول اللّه تخلّفني مع النساء و الصبيان»؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي»و سمعته يقول يوم خيبر:«لأعطين الراية رجلا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله»قال:فتطاولنا لها فقال:«ادعوا لي عليا»فأتى علي عليه السّلام أرمد العين،فبصق في عينيه،و دفع إليه الراية ففتح اللّه تعالى عليه و لما نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليّا و فاطمة و حسنا و حسينا عليهم السّلام و قال:«اللهمّ هؤلاء أهلي» (1).
الشيخ في أماليه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرّحمن الهمداني بالكوفة قال:حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال:حدّثنا علي بن حسان الواسطي قال:
حدّثنا عبد الرّحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عليه السّلام عن عمه الحسن عليه السّلام قال:قال:الحسن عليه السّلام:«قال اللّه تعالى لمحمد صلّى اللّه عليه و اله حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجّوه فقل: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فاخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من الأنفس معه أبي و من البنين أنا و أخي و من النساء فاطمة امي من الناس جميعا فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه و نحن منه و هو منّا» (2).1.
ص: 116
الشيخ المفيد في كتاب(الإختصاص)عن محمد بن الحسن بن أحمد-يعني ابن الوليد-عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن إسماعيل العلوي قال:حدثني محمد بن الزّبرقان الدمغاني الشيخ قال:قال أبو الحسن موسى عليه السّلام قال:
«إجتمعت الامة برها و فاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي صلّى اللّه عليه و اله إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلاّ النبي صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال اللّه تبارك و تعالى فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ فكان تأويل أبنائنا الحسن و الحسين و نسائنا فاطمة و أنفسنا علي بن أبي طالب» (1).
الشيخ في مجالسه قال:أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:حدّثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال:حدّثنا أحمد بن عبيد اللّه العدلي قال:حدّثنا الربيع بن يسار قال:حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر رضي اللّه عنه أن عليا عليه السّلام و عثمان و طلحة و الزبير و عبد الرّحمن بن عوف و سعد بن أبي و قاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا و يغلقوا عليهم بابه و يتشاوروا في أمرهم و أجلّهم ثلاثة أيّام فإن توافق خمسة على قول واحد و أبى رجل منهم قتل ذلك الرجل،و ان توافق أربعة و أبى اثنان قتل الإثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب عليه السّلام:«إني أحب أن تسمعوا منّي ما أقول لكم،فإن يكن حقا فاقبلوا،و إن يكن باطلا فأنكروه»قالوا:قل و ذكر فضائله عليهم و هم يعترفون به قال لهم:«فهل فيكم أحد أنزل اللّه عزّ و جلّ فيه و في زوجته و ولديه آية المباهلة و جعل اللّه عزّ و جلّ نفسه نفس رسوله غيري»؟
قالوا:لا (2).
الشيخ المفيد في(الاختصاص)قال:حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم العلاف4.
ص: 117
الهمداني بهمدان قال:حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن شاذان البزار قال:حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن سعيد البزّاز المعروف ب(ابن المطبقي)و جعفر الدّقاق قالا:حدّثنا أبو الحسن محمد بن الفيض بن فيّاض الدمشقي بدمشق قال:
حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه ابن أخي عبد الرزاق قال:حدّثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال:حدّثنا معمر بن راشد قال:حدّثنا محمد بن المنكدر عن أبيه عن جده قال:لما قدم السيد و العاقب أسقفا نجران في سبعين راكبا و فدا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كنت معهم فبينا كرز يسير و كرز صاحب نفقاتهم إذ عثرت بغلته فقال:تعس من نأتيه-يعني النبي صلّى اللّه عليه و اله-فقال له صاحبه و هو العاقب:بل تعست و انتكست.
فقال:فلم ذلك؟
قال لأنك أتعست النبي الامي أحمد قال:و ما عملك بذلك؟
قال:أما تقرأ من المفتاح الرابع من الوحي إلى المسيح أن قل لبني إسرائيل ما أجهلكم تتطيّبون بالطيب لتطيّبوا به في الدنيا عند أهلها و أهلكم و أجوافكم عندي كجيفة الميتة (1)يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي الذي يكون في آخر الزمان و صاحب الوجه الأقمر و الجمل الأحمر المشرّب بالنورذي الجناب الحسن و الثياب الخشن و سيد الماضين عندي و أكرم الباقين على المستن بسنتي و الصابر في ذات جنبي،و المجاهد بيده المشركين من أجلي فبشر به بني إسرائيل،و مرّ بني إسرائيل أن يعزّروه،و أن ينصروه قال عيسى عليه السّلام:«قدوس قدوس من هذا العبد الصالح الذي قد أحبّه قلبي و لم تره عيني؟
قال:هو منك و أنت منه و هو صهرك على امك قليل الأولاد كثير الأزواج يسكن مكة من موضع أساس من وطىء إبراهيم نسله من مباركة و هي ضرة امك في الجنة له شأن من الشأن تنام عيناه،و لا ينام قلبه يأكل الهدية و لا يقبل الصدقة له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس حيث يغرب فيه شرابان من الرحيقة.
ص: 118
و التسنيم فيه أكواب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يضما بعدها أبدا و ذلك بتفضلي إياه على سائر المرسلين.
يوافق قوله فعله و سريرته علانيته فطوبى له و طوبى لامته الذين على ملته يحيون و على سنته يموتون و مع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين و يظهر في زمن قحط و جدب فيدعوني فترخى السماء عزاليها حتّى يرى أثر بركاتها في أكنافها و ابارك فيما يضع فيه يده قال:«إلهي سمّه»قال:نعم،هو أحمد و هو محمد رسولي إلى الخلق كافة و أقربهم منّي منزلة و أحضرهم عندي شفاعة لا يأمر إلا بما أحب و ينهى لما أكره قال له صاحبه فأين تعدّينا على من هذه صفته قال:نشهد أحواله و ننظر أيامه،فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة و نكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا،و إن يكن كاذبا كفينا بكذبه على اللّه عز و جل قال:و لم إذا رأيت العلامة لا تتبعه قال:أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم أكرّمونا و موّلونا و نصبوا لنا الكنائس و أعلوا فيه ذكرنا،فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف و الوضيع.
فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما رأينا و فدا من و فود العرب كانوا أجمل منهم لهم شعور و عليهم ثياب الحبر،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله متنائي عن المسجد و حضرت صلاتهم فقاموا فصلّوا في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تلقاء المشرق فهمّ بهم رجال من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بمنعهم،فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«دعوهم»فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه و ناظروه فقالوا:يا أبا القاسم حاجنا في عيسى قال:«هو عبد اللّه و رسوله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه»فقال أحدهما:بل هو ولده و ثاني اثنين،و قال آخر:بل هو ثالث ثلاثة أب و ابن و روح القدس،و قد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا و جعلنا و خلقنا،و لو كان واحد لقال:خلقت و جعلت و فعلت فتغشى النبي صلّى اللّه عليه و اله الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ إلى آخر الآية فقص عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله القصة و تلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد و اللّه أتاكم بالفضل من خبر صاحبكم،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن اللّه عزّ و جلّ قد أمرني بمباهلتكم».
فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ما رأينا و فدا من و فود العرب كانوا أجمل منهم لهم شعور و عليهم ثياب الحبر،و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله متنائي عن المسجد و حضرت صلاتهم فقاموا فصلّوا في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تلقاء المشرق فهمّ بهم رجال من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بمنعهم،فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«دعوهم»فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه و ناظروه فقالوا:يا أبا القاسم حاجنا في عيسى قال:«هو عبد اللّه و رسوله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه»فقال أحدهما:بل هو ولده و ثاني اثنين،و قال آخر:بل هو ثالث ثلاثة أب و ابن و روح القدس،و قد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا و جعلنا و خلقنا،و لو كان واحد لقال:خلقت و جعلت و فعلت فتغشى النبي صلّى اللّه عليه و اله الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ إلى آخر الآية فقص عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله القصة و تلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد و اللّه أتاكم بالفضل من خبر صاحبكم،فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن اللّه عزّ و جلّ قد أمرني بمباهلتكم».
فقالوا:إذا كان غدا باهلناك،فقال القوم بعضهم لبعض:حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة أتباعه من أوباش الناس أم بالقلة من أهل الصفوة و الطهارة،فإنهم و شج الأنبياء و موضع نهلهم،فلما كان من الغد غدا النبي صلّى اللّه عليه و اله بيمينه علي و بيساره الحسن و الحسين و من ورائهم فاطمة عليها السّلام عليهم النمار النجرانية (1)،و على كتف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كساء قرقف رقيق خشن ليس بكثيف و لا لين فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما و نشر الكساء عليهما و أدخلهم تحت الكساء و أدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع و رفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة و أشرف الناس ينظرون و اصفرّ لون السيد و العاقب و كرا حتى كاد أن يطيش عقولهما،فقال أحدهما لصاحبه:أنباهله؟
قال:أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيّا فنشأ صغيرهم أو بقي كبيرهم،و لكن أره إنّك غير مكترث و أعطه من المال و السلاح ما أراد فإن الرجل محارب،و قل له أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه تقدمت معرفتنا بفضله و فضل أهل بيته،فلما رفع النبي صلّى اللّه عليه و اله يده إلى السماء للمباهلة قال أحدهما لصاحبه و أي رهبانية دارك الرجل فإنه إن فاه بهبلة لم نرجع إلى أهل و لا مال فقالا:يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا قال:
«نعم هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى اللّه عز و جل وجهة و أقربهم إليه وسيلة»قال:فبصبصا-يعني ارتعدا و كرّا-و قالا له:يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف و ألف درع و ألف حجفة و ألف دينار كل عام على أن الدرع و السيف و الحجفة عندك إعارة حتى يأتي من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأيناه و شاهدناه فيكون الأمرد.
ص: 119
على ملأ منهم فأما الإسلام،و إمّا الجزية و إمّا المقاطعة في كل عام،فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله «قد قبلت ذلك منكم أما و الذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم اللّه عز و جل عليكم الوادي نارا تأجج تأججا حتى يسوقها إلى من وراءكم أسرع من طرفة عين فأحرقتهم»فهبط عليه جبرائيل الروح الامين فقال:يا محمد اللّه يقرئك السلام و يقول لك و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات و أهل الأرض لسقطت السماء كسفا متهافتة و لتقطعت الأرضون زبرا سائحة فلم يستقر عليها بعد ذلك فرفع النبي صلّى اللّه عليه و اله يديه حتى رئي بياض إبطيه ثم قال و على من ظلمكم حقكم و بخسني الأمر الذي افترضه اللّه فيكم عليهم بهلة اللّه تتابع إلى يوم القيامة (1).
ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلت عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في حديثه عليه السّلام مع المأمون و العلماء في الفرق بين العترة و الامة و فضل العترة على الامة و اصطفاء العترة و ذكر الحديث بطوله و الحديث قالت العلماء:هل فسّر اللّه تعالى الإصطفاء في الكتاب؟
فقال الرضا عليه السّلام:«فسّر الإصطفاء في الظاهر سوى الباطن في إثني عشر موضعا و ذكر المواضع من القرآن»و قال عليه السّلام:«و أمّا الثالثة حين ميّز اللّه تعالى الطاهرين من خلقه و أمر نبيّه صلّى اللّه عليه و اله بالمباهلة بهم في الآية الابتهال فقال عزّ و جلّ: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ»
قالت العلماء:عنى به نفسه؟
قال أبو الحسن عليه السّلام«غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب،و ممّا يدل على ذلك قول النبي صلّى اللّه عليه و اله حين قال لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي-يعني علي بن أبي طالب-و عنى بالأنباء الحسن و الحسين و عنى بالنساء فاطمة عليها السّلام فهذه خصوصية لا6.
ص: 120
يتقدم فيها أحد و فضل لا يلحقهم فيه بشر و شرف لا ييسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي كنفسه فهذه الثالثة و أما الرابعة»و ساق الحديث بذكر الإثنى عشر موضعا من القرآن (1).
ابن بابويه قال:حدّثنا أبو أحمد هاني بن أبي محمد بن محمود العبدي رضي اللّه عنه قال:
حدّثنا أبي بإسناده رفعه إلى موسى بن جعفر عليه السّلام في حديث له مع الرشيد قال الرشيد له عليه السّلام كيف قلتم:إنّا ذرية النبي و النبي لم يعقب و إنما العقب للذكر لا للأنثى و أنتم ولد البنت و لا يكون لها عقب فقلت:«أسألك بحق القرابة و القبر و من فيه إلا ما أعفيتني عن هذه المسألة»فقال:لا،أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي و أنت يا موسى يعسوبهم و إمام زمانهم كذا أنهي إليّ و لست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب اللّه أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شيء ألف و لا واو إلاّ و تأويله عندكم و احتججتم بقوله عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم فقلت:«تأذن لي في الجواب؟»
فقال:هات.
قلت:«أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرّحمن الرحيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟
فقال:ليس له أب.
فقلت:«إنما ألحقه بذراري الأنبياء عليهم السّلام من طريق مريم عليها السّلام،و كذلك ألحقنا اللّه تعالى بذراري النبي صلّى اللّه عليه و آله من قبل امّنا فاطمة عليها السّلام أزيدك يا امير المؤمنين؟»
قال:هات.
قلت:«قول اللّه عز و جل فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ1.
ص: 121
أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و لم يدع أحد أنه أدخل النبي صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام،فكان تأويل قوله عزّ و جلّ ابناءنا الحسن و الحسين و نساءنا فاطمة و أنفسنا علي بن أبي طالب» (1).
العياشي في تفسيره بإسناده عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ أمير المؤمنين سئل عن فضائله فذكر بعضها ثم قالوا له زدنا فقال:«إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى فأنزل اللّه هذه الآية إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ إلى آخر الآية فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فأخذ بيد علي و الحسن و الحسين و فاطمة ثم خرج و رفع كفه إلى السماء و فرج بين أصابعه و دعاهم إلى المباهلة-قال:و قال أبو جعفر عليه السّلام:و كذلك المباهلة يشبّك يده في يده يرفعهما إلى السماء فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه:و اللّه لئن كان نبيّا لنهلكنّ،و إن كان غير نبي كفانا قومه فكفا و انصرفا» (2).
العياشي عن محمد بن سعيد الازدني عن موسى بن محمد بن الرضا عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام أنه قال في هذه الآية: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و لو قال تعالوا نبتهل فنجعل لعنة اللّه عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة و قد علم أن نبيّه مؤدّ عنه رسالاته و ما هو من الكاذبين» (3).
العياشي بإسناده عن أبي جعفر الأحول قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ما تقول قريش في الخمس؟
قال:قلت:تزعم أنه لها،قال:«ما أنصفوا و اللّه لو كان مباهلة ليباهلن بنا و لئن كان5.
ص: 122
مبارزة ليبارزن بنا ثم نكون و هم على سواء» (1).
العياشي بإسناده عن الأحول قال:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:سيّما مما أنكر به الناس فقال:«قل لهم إن قريشا قالوا:نحن أولو القربى الذين هم لهم الغنيمة فقل لهم كان رسول اللّه لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته،و عند المباهلة جاء بعلي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام،أفيكون لنا المر و لهم الحلو» (2).
العياشي بإسناده عن المنذر قال:حدّثنا علي عليه السّلام قال:لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ.. الآية قال:«أخذ بيد علي و فاطمة و ابنيهما عليهم السّلام فقال رجل من النصارى:لا تفعلوا فتصيبكم عنت فلم يدعوه» (3).
العياشي بإسناده عن عامر بن سعد قال:قال معاوية لأبي ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟
قال:لثلاث رويتهنّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و اله لما نزلت آية المباهلة فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا...
الآية أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بيد علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام،قال:«هؤلاء أهلي» (4).
الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر قال:أخبرنا أحمد قال:أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن قال:حدّثنا أبي فقال حدّثنا هاشم بن المنذر عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي عليه السّلام قال:«خرج رسول اللّه حين خرج لمباهلة النصارى بي و بفاطمة و الحسن و الحسين رضوان اللّه عليهم» (5).7.
ص: 123
من مسند أحمد بن حنبل عن أبيه أحمد قال:و فيما كتب إلينا محمد بن عبد اللّه بن سليمان الحضرمي يذكر أن الحارث بن الحسن الطحّان حدّثه قال:حدّثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (1).
قالوا:يا رسول اللّه من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم قال:«علي و فاطمة و ابناهما» (2).
من الجزء السادس من(صحيح البخاري)على حدّ من أوله في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:حدثني محمد بن بشار قال:حدّثنا محمد بن جعفر قال:حدّثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال:سمعت طاووسا عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال سعيد بن جبير:قربى آل محمد صلوات اللّه عليهم (3).
من صحيح مسلم من الجزء الخامس في أوّله في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:سئل ابن عباس رضي اللّه عنه عن هذه الآية فقال ابن جبير:هي قربى آل محمد عليهم السّلام (4).
ص: 124
الثعلبي في تفسير قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً... الآية قال:اختلفوا في قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله الذين أمر اللّه تعالى بمودتهم قال:فأخبرني الحسين بن محمد الثقفي العدل حدّثنا برهان بن علي الصوفي حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن سليم الحضرمي حدّثنا حرب بن الحسن الطحّان حدّثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأشتر بن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟
قال:«علي و فاطمة و ابناهما صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين» (1).
و من(تفسير الثعلبي)أيضا قال:أنبأني عقيل بن محمد أخبرنا المعاني بن المبتلى حدّثنا محمد بن جرير حدثني محمد بن عمارة حدّثنا إسماعيل بن أبان حدّثنا الصباح بن يحيى المرى عن السدي عن أبي الديلم قال:لما جيء بعلي بن الحسين صلوات اللّه عليه أسيرا قائما على درج مسجد دمشق قام رجل من أهل الشام فقال:الحمد للّه الذي قتلكم و استأصل شأفتكم (2)و قطع قرن الفتنة فقال له علي بن الحسين عليه السّلام:«أ قرأت القرآن؟»
قال:نعم.
قال:«قرأت ال حم قال:قرأت القرآن و لم أقرأ آل حم.
قال:«قرأت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
قال:لأنتم هم؟!
قال:«نعم» (3).
ثم قال علي بن الحسين عليه السّلام:أفقرأت في بني اسرائيل وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُي.
ص: 125
قال:و أنكم القرابة التي أمر اللّه أن يؤتى حقه؟
قال:نعم.
الثعلبي أيضا في تفسيره قال:أخبرني ابن فيجويه حدّثنا ابن حبش حدّثنا أبو القاسم الفضل حدّثنا علي بن الحسين حدّثنا إسماعيل بن موسى حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن ابن مالك عن ابن عباس رضي اللّه عنه وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)قال:المودة لآل محمد صلّى اللّه عليه و اله (2).
و من(الجمع بين الصحاح الستة)لأبي الحسن رزين من الجزء الثاني من أجزاء أربعة في تفسير سورة حم قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال ابن جبير:قربى آل محمد عليهم السّلام (3).
و من الجمع بين الصحاح الستة أيضا بإسناده عن طاوس أن ابن عباس رضي اللّه عنه سئل عن قوله تعالى: إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقال سعيد بن جبير:قربى آل محمد عليهم السّلام (4).
محمد بن جرير برجاله في كتاب(المناقب)أن النبي صلّى اللّه عليه و اله قال لعلي عليه السّلام:«أخرج فناد في الناس ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة اللّه،ألا من تولّى غير مواليه لعنة اللّه ألا من سبّ أبويه فعليه لعنة اللّه»فنادى بذلك فدخل عمر و جماعة على النبي صلّى اللّه عليه و اله و قالوا:هل من تفسير لما نادى؟
قال:«نعم أمرته أن ينادي ألا من ظلم أجيرا أجره لعنه اللّه و إن اللّه يقول: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فمن ظلمنا فعليه لعنة اللّه و أمرته أن ينادي من تولّى غير مواليه فعليه لعنه اللّه و اللّه يقول النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم،و من كنت8.
ص: 126
مولاه فعلي مولاه فمن والى غيره و غير ذريته فعليه لعنة اللّه و أمرته أن ينادي من سب أبويه فعليه لعنة اللّه و أنا أشهد اللّه و أشهدكم أنا و علي أبوا المؤمنين فمن سبّ أحدنا فعليه لعنة اللّه»فلما خرجوا قال عمر:يا أصحاب محمد ما أكد النبي لعلي بغدير خم و لا في غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا قال خباب بن الإرث:كان ذلك قبل وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بتسعة عشر يوما (1).
إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان العامة قال:أخبرنا شيخنا العلاّمة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني بقراءتي عليه و أنا اسمع في رجب أو شعبان سنة خمس و ستين و ستمائة قال:أنبأنا الشيخ رضي الدين[المؤيد بن محمد بن علي الطوسي ثم النيشابوري و الشيخ الإمام شهاب الدين]أبو بكر بن أبي سعيد عبد اللّه ابن الصفّار النيسابوري بسماعه من والده و بإجازته من عبد الجبار بن محمد الخواري قال أنبأنا شيخ الدين عبد الجبار بن محمد الخواري البيهقي سماعا عليه قال:أنبأنا أبو حنان المزكي أنبأنا أبو العباس محمد بن إسحاق نبأنا الحسن بن علي بن زياد السري نبأنا يحيى بن عبد الحميد الحماني نبأنا حسين الأشقر نبأنا قيس نبأنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى.
قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين يأمرنا اللّه بمودتهم؟
قال:«علي و فاطمة و ولدهما عليهم السّلام» (2).
علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في كتاب(مقاتل الطالبين)قال:قال الحسن في خطبة له بعد موت أبيه:«أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد،أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنه،و أنا ابن السراج المنير و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا،9.
ص: 127
و الذين افترض اللّه مودتهم في كتابه إذ يقول: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)فالحسنة مودّتنا أهل البيت» (2).
موفق بن أحمد عن مقاتل و الكعبي لما نزلت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:هل رأيتم أعجب من هذا يسفّه أحلامنا و يشتم آلهتنا و يرى قتلنا و يطمع أن نحبّه فنزل قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ أي ليس لي من ذلك أجر لأن منفعة المودّة تعود إليكم و هو ثواب اللّه تعالى و رضاه (3).
أبو نعيم صاحب(حلية الأبرار)بإسناده إلى الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين يأمرنا اللّه بمودّتهم؟
قال:«علي و فاطمة و أولادهما» (4).
المالكي في(الفصول المهمة)قال:روى الإمام أبو الحسين البغوي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس رضي اللّه عنه قال:لما نزلت قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أمرنا اللّه بمودتهم؟
قال:«علي و فاطمة و ابناهما» (5).
المالكي قال:روى السدي عن ابن مالك عن ابن عباس رضي اللّه عنه في قوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:المودة لآل محمد صلّى اللّه عليه و اله فهؤلاء هم أهل بيتي (6).
ابن المغازلي الشافعي في كتاب(المناقب)أخبرنا أحمد بن محمد بنة.
ص: 128
عبد الوهاب إجازة أن أبا أحمد عمر بن عبد اللّه بن شوذب أخبرهم حدّثنا عثمان ابن أحمد الدقّاق حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال حدّثنا محمد بن الصباح الدّولابي قال:حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي في قوله تعالى: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:المودّة في آل محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:و في قوله تعالى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال:رضى محمد صلّى اللّه عليه و اله أن يدخل أهل بيته الجنة (1).
صاحب(المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة)قال:أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن صابر قال:حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن هاشم بدمشق عن عبد اللّه بن جعفر العسكري بالرقة عن يحيى بن عبد الحميد عن جعفر ابن الاشعري عن الأعمش عن سعد بن جبير عن ابن عباس رضى اللّه عنه قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أمر اللّه تعالى بمودتهم؟
قال:«علي و فاطمة و ولداهما» (2).
عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا عن المثنى عن زرارة عن عبد اللّه بن عجلان عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:«هم الأئمة عليهم السّلام» (3).
عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن إسماعيل بن عبد الخالق قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لأبي جعفر الأحول و أنا أسمع فقال:
«أتيت البصرة»قال:نعم فقال:«كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر و دخولهم فيه» فقال:و اللّه إنهم لقليل و قد فعلوا و ان ذلك لقليل فقال:«عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير»ثم قال:«ما يقول أهل البصرة في هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ7.
ص: 129
اَلْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟
قلت:جعلت فداك إنهم يقولون:إنهم لأقارب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين أصحاب الكساء عليهم السّلام» (1).
عبد اللّه بن جعفر الحميري في(قرب الإسناد)عن محمد بن خالد الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخالق قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام للأحول:«أتيت البصرة»و ذكر مثله إلا لفظة خاصة (2).
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم عن أبي مسروق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت إنا نكلّم الناس فنحتج عليهم بقول اللّه عز و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فيقولون:نزلت في أمراء السرايا فنحتج عليهم بقوله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ... إلى آخر الآية فيقولون:نزلت في المؤمنين و نحتج عليهم بقول اللّه عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فيقولون:نزلت في قربى المسلمين قال:فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا و شبهه إلاّ ذكرته فقال لي:«إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة».
قلت:و كيف اصنع؟
قال:«أصلح نفسك ثلاثا»و أظنه قال«و صم و اغتسل و ابرز أنت و هو إلى الجبال فشبّك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ثم أنصفه و ابدأ بنفسك و قل:اللهم رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع عالم الغيب و الشهادة الرّحمن الرحيم إن كان أبو مسروق جحد حقا و ادّعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ثم ردّ الدعوة عليه فقل:و إن كان فلان جحد حقا و ادّعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء8.
ص: 130
أو عذابا اليما»ثم قال لي:«فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه فو اللّه ما وجدت خلقا يجيبني إليه» (1).
ابن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو ابن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال:«من تولى الأوصياء من آل محمد و اتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين و المؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم عليه السّلام،و هو قول اللّه عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها يدخله الجنة و هو قول اللّه عز و جل: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ يقول:أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به و تنجون من عذاب يوم القيامة و قال لأعداء اللّه أولياء الشيطان أهل التكذيب و الإنكار:
قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ يقول متكلفا:إن أسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض.أما يكفي محمد أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا ما أنزل اللّه هذا و ما هو إلا شيء يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا (2)و لئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا و أراد اللّه عز و جل ذكره أن يعلم نبيّه صلّى اللّه عليه و اله الذي أخفوا في صدورهم و اسرّوا به فقال في كتابه عزّ و جلّ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ يقول:لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك و لا بمودتهم،و قد قال اللّه عز و جل: يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يقول الحق:
لأهل بيتك الولاية أنه عليم بذات الصدور و يقول بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك و الظلم بعدك:و هو قول اللّه عز و جل: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3).3.
ص: 131
ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (1)قال:«الإقتراف التسليم لنا و الصدق علينا و أن لا يكذب علينا» (2).
سعد بن عبد للّه في بصائر الدرجات عن محمد بن عيسى بن عبيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:
وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فقال:«الإقتراف الحسنة هو التصديق لنا و الصدق علينا» (3).
سعد هذا عن يعقوب و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد اللّه عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام مثله (4).
ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بن محمد بن مسرور قدّس سرّه قالا:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال حضر الرضا عليه السّلام مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان و ذكر حديث الفرق بين الآل و الامة و ذكر عليه السّلام آيات الاصطفاء للآل عليهم السّلام من القرآن في الظاهر دون الباطن و هي اثنتا عشرة إلى أن قال عليه السّلام:«السادسة قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (5)و هذه خصوصية للنبي صلّى اللّه عليه و اله إلى يوم القيامة و خصوصية للآل دون غيرهم، و ذلك أن اللّه عز و جل ذكر نوحا عليه السّلام في كتابه يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (6)9.
ص: 132
و حكى عز و جلّ عن هود عليه السّلام أنه قال: لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ (1)
و قال عز و جل لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله:قل يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً و لم يفرض اللّه مودتهم إلا و قد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا،و اخرى أن يكون الرجل و ادّا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوّا له فلا يسلم قلب الرجل له فأحبّ اللّه عز و جل أن لا يكون في قلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على المؤمنين شيء ففرض عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها و أحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أحب أهل بيته لم يستطع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يبغضه و من تركها و لم يأخذ بها و أبغض أهل بيته فعلى رسول اللّه أن يبغضه؛لأنه ترك فريضة من فرائض اللّه،فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟فأنزل اللّه هذه الآية على نبيّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أصحابه فحمد اللّه و أثنى عليه و قال:يا أيها الناس إن اللّه قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه فلم يجبه أحد فقال:يا أيها الناس إنّه ليس بذهب و لا فضة و لا مطعم و لا مشرب فقالوا:هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا:أما هذه فنعم فما و فى بها أكثرهم،و ما بعث اللّه عزّ و جلّ نبيا إلاّ أوحى إليه لا يسأل قومه أجرا لأن اللّه يوفي أجر الأنبياء و محمد صلّى اللّه عليه و آله فرض اللّه عز و جل مودة قرابته على امته و أمره أن يجعل أجره فيهم ليوادّوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب اللّه عز و جل لهم فإن المودة أنما تكون على قدر معرفة الفضل فلما أوجب اللّه ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فأخذ بها قوم أخذ اللّه ميثاقهم على الوفاء و عاند أهل الشقاق و النفاق و ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حدّه اللّه.
فقالوا:القرابة هم العرب كلها و أهل دعوته فعلى أي الحالين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي صلّى اللّه عليه و آله أولاهم بالمودة كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها،و ما أنصفوا نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حيطته و رأفته،و ما منّ اللّه به على امته مما تعجز1.
ص: 133
الألسن عن وصف الشكر عليه لا يودّوه في قرابته و ذريته و أهل بيته و أن لا يجعلوهم منهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حبا لنبيه فكيف و القرآن ينطق به و يدعو إليه و الأخبار ثابتة أنهم أهل المودة و الذين فرض اللّه مودتهم و وعد الجزاء عليها أنه ما وافى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلاّ استوجب الجنة؛لقول اللّه عزّ و جلّ في هذه الآية: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى مفسّرا و مبيّنا.
ثم قال أبو الحسن عليه السّلام:«حدثني أبي عن جدي عن أبائه عن الحسين بن علي عليهما السّلام قال:إجتمع المهاجرين و الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالوا:يا رسول اللّه إن لك مؤونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا أعط منها ما شئت و أمسك ما شئت من غير حرج فأنزل اللّه الروح الأمين فقال يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني تودّوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال المنافقون:ما حمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على ترك ما عرضنا عليه إلاّ ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلاّ شيء افتراه في مجلسه،و كان ذلك من قولهم عظيما فأنزل اللّه عز و جل أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فبعث إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال:هل من حدث؟
فقالوا:أي و اللّه قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فبكوا و اشتد بكاؤهم فأنزل اللّه عز و جل هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» (1).
ابن بابويه قال:حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال:حدّثنا محمد بن زكريا قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال حدثني أبو نعيم قال محمد بن إبراهيم بن1.
ص: 134
إسحاق ابن حاجب قال:حدثنا عبد اللّه بن زياد عن علي بن الحسين عليهم السّلام قال لرجل:
«أما قرأت كتاب اللّه عز و جل؟»قال:نعم.
قال:«أما قرأت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:بلى قال:«فنحن أولئك» (1).
محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم السّلام في القرآن و هو ثقة في الحديث قال:حدّثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي عن أبي محمد إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن محمد بن جعفر بن محمد قال:حدثني عمي علي ابن جعفر عن الحسين بن زيد عن الحسن بن زيد عن أبيه عن جده عليه السّلام قال:خطب الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام حين قتل علي عليه السّلام فقال:«و أنا من أهل بيت افترض اللّه مودّتهم على كل مسلم حيث يقول: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (2).
ابن العباس قال:حدّثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن محمد بن عبد اللّه الجشمي عن الهيثم بن عدي عن سعيد بن صفوان عن عبد الملك بن عمير عن الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما في قوله عز و جل: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:«إن القرابة التي أمر اللّه بصلتها و عظم حقها و جعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذين أوجب اللّه حقّنا على كل مسلم» (3).
أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب(المحاسن)عن الحسن بن علي الخزاز عن مثنى الحنّاط عن عبد اللّه بن عجلان قال:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال:«هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة و لا7.
ص: 135
تحل لهم» (1).
عبد اللّه بن جعفر الحميري في(قرب الإسناد)عن هارون بن مسلم قال:حدثني مسعدة بن صدقة قال:حدّثنا جعفر بن محمد عن آبائه أنه لما نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:
«أيها الناس إن اللّه تبارك و تعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟
قال:فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ثم قام فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث فلم يتكلم أحد فقال:أيها الناس إنه ليس من ذهب و لا فضة و لا مطعم و لا مشرب قالوا:فألقه إذا قال:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل عليّ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» قالوا:أما هذه فنعم فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:فو اللّه ما و فى بها إلاّ سبعة نفر سلمان و أبو ذر و عمار و المقداد بن الأسود الكندي و جابر بن عبد اللّه الأنصاري و مولى لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقال له:الكببيت (2)و زيد بن أرقم» (3).
المفيد في(الإختصاص)قال:حدثني جعفر بن الحسين عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم عن أبي الحسن الليثي عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السّلام و ذكر مثل الحديث السابق (4).
علي بن إبراهيم في تفسيره قال:حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول في قول اللّه: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى «يعني في أهل بيته قال:جاء الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالوا:إنا قد آوينا و نصرنا فخذ طائفة من أموالنا استغن بها على ما أنابك فأنزل اللّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً يعني على النبوة إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى أي في أهل بيته ثم3.
ص: 136
قال:ألا ترى إن الرجل يكون له صديق و في نفس ذلك الرجل شيء على أهل بيته فلا يسلم صدره فأراد اللّه أن لا يكون في نفس رسول اللّه شيء على امته ففرض عليهم المودة في القربى،فإن أخذوا أخذوا مفروضا و إن تركوا تركوا مفروضا».
قال:«فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول:عرضنا عليه أموالنا فقال قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي و قالت طائفة:ما قال هذا رسول اللّه و جحدوه و قالوا كما حكى اللّه تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فقال اللّه فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ قال لو افتريت وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ يعني يبطله وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يعني بالنبي و بالأئمة عليهم السّلام و القائم من آل محمد إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ثم قال وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ... إلى قوله: وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ يعني الذين قالوا:إن القول ما قال رسول اللّه ثم قال: وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (1).
و قال أيضا قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (2)قال:أجر النبوة أن لا تؤذوهم و لا تقطعوهم و لا تبغضوهم و تصلوهم و لا تنقضوا العهد فيهم لقوله تعالى:
اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (3) قال:«جاءت الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقالوا:إنا قد نصرنا و فعلنا فخذ من أموالنا ما شئت فأنزل اللّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني في أهل بيته ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بعد ذلك من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين،لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا،و هو محبة آل محمد ثم قال: وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً (4)و هي إقرار الإمامة لهم و الإحسان إليهم و برّهم وصلتهم نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً أي تكافىء ذلك3.
ص: 137
بالإحسان» (1).
الشيخ في أماليه بإسناده عن الحسن عليه السّلام في خطبة له قال:«فيما أنزل اللّه على محمد صلّى اللّه عليه و اله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً و اقتراف الحسنة مودّتنا» (2).
الطبرسي ذكر أبو أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال:حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبد اللّه بن العباس رضي اللّه عنه قال:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حين قدم المدينة و استحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها:نأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فنقول:إن تعرك امور هذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج و لا محظور فأتوه في ذلك فنزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فقرأها عليهم فقال:تودون قرابتي من بعدي، فخرجوا من عنده مسلمين لقوله،فقال المنافقون:إن هذا لشيء افتراه في مجلسه و أراد يذللنا لقرابته من بعده فنزلت أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً فأرسل إليهم فتلا عليهم فبكوا و اشتد بكاؤهم (3)فأنزل اللّه وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ الآية.فأرسل في أثرهم فبشّرهم و قال: وَ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا و هم الذين سلّموا لقوله.
ثم قال الطبرسي:ذكر أبو حمزة الثمالي عن السدي أنه قال:إن اقتراف الحسنة المودة لآل محمد صلّى اللّه عليه و اله،ثم قال:و صح عن الحسن بن علي عليه السّلام أنه خطب الناس فقال في خطبته:«إنا من[أهل البيت]الذين افترض اللّه مودتهم على كل مسلم فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت[أصحاب الكساء]» (4).
و قال أيضا في معنى الآية:إن معناه ألاّ تؤذوا قرابتي و عترتي و تحفظوني فيهم،ر.
ص: 138
عن علي بن الحسين عليه السّلام و سعيد بن جبير و عمر بن شعيب و جماعة،قال:و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السّلام (1).
الطبرسي قال:و أخبرنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني قال:أخبرنا الحاكم أبو القاسم[الحسكاني]قال:حدّثنا القاضي أبو بكر الحميري قال:أخبرنا أبو العباس الضّبعي قال:أخبرنا الحسن بن علي بن زياد السّري قال:أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال:أخبرنا الحسين بن الأشتر قال:أخبرنا قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً الآية قالوا:يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أمرنا اللّه بمودتهم؟
قال:«علي و فاطمة و ولدهما» (2).
قال:و أخبرنا السيد أبو الحمد قال:أخبرنا أبو القاسم الحاكم بالاسناد المذكور في كتاب(شواهد التنزيل لقواعد التفضيل)مرفوعا إلى أبي امامة الباهلي قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«إن اللّه تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى و خلقت أنا و علي من شجرة واحدة،فأنا أصلها و علي فرعها و فاطمة لقاحها و الحسن و الحسين ثمارها و أشياعنا أوراقها،فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا و من زاغ عنها هوى،و لو أن عبدا عبد اللّه بين الصفا و المروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي،ثم لم يدرك محبّتنا كبّه اللّه على منخريه في النار ثم تلا: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» (3).
الطبرسي قال:و روى زاذان عن علي عليه الصلاة و السلام قال:«فينا،في آل حم، آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن»ثم قرأ هذه الآية (4).9.
ص: 139
ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قدّس سرّه قال:حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال:أخبرنا محمد بن زكريا قال:حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال:حدّثنا أبو نعيم قال:حدثني حاجب عبيد اللّه بن زياد(لعنه اللّه)و ذكر حديث سبّي آل محمد و يسيرهم إلى يزيد إلى أن قال:و قال أهل الشام الجفاة ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم فقالت:سكينة بنت الحسين عليه السّلام نحن سبايا آل محمد فأقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا و فيهم علي بن الحسين عليه السّلام و هو يومئذ فتى شاب فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال لهم:الحمد للّه الذي قتلكم و أهلككم و قطع قرن الفتنة فلم يأل من شتمهم فلما انقضى كلامه قال له علي ابن الحسين عليه السّلام:
«أما قرأت كتاب اللّه عز و جل؟»قال:نعم،قال:«أما قرأت هذه الآية قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟»قال:بلى قال:«فنحن أولئك»ثم قال:«أما قرأت هذه الآية وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ؟»قال:بلى قال:«فنحن هم فهل قرأت هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ؟»قال:بلى«فنحن هم»فرفع الشامي رأسه إلى السماء ثم قال:اللهم إني أتوب إليك ثلاث مرات،اللهم إني أبرأ إليك من عدوّ آل محمد و من قتلة أهل بيت محمد لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم (1).
الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي في منزله بدرب الزعفراني ببغداد في الكرخ سنة عشرة و أربعمائة قال:أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة أملأ في مسجد براثا لثمان بقين من جمادى الاولى سنة ثلاثين و ثلاثمائة قال:حدّثنا علي ابن الحسين بن عبيد قال:حدّثنا إسماعيل بن أبان عن سلام بن أبي عمرة عن معروف عن أبي الطفيل قال:خطب الحسن بن علي عليهما السّلام بعد وفاة علي عليه السّلام و ذكر أمير المؤمنين فقال:«خاتم الوصيين و وصيي خاتم الأنبياء و أمير المؤمنين و الشهداء3.
ص: 140
و الصالحين»ثم قال:أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون و لا يدركه الآخرون لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يعطيه الراية فيقاتل جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح اللّه عليه،ما ترك ذهبا و لا فضة إلاّ شيء له على صبي له،و ما ترك في بيت المال إلاّ سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لام كلثوم».
ثم قال:«من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد النبي المصطفى صلّى اللّه عليه و اله»ثم تلا هذه الآية قول يوسف: «اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أنا ابن البشير و أنا ابن النذير و أنا ابن الداعي إلى اللّه و أنا ابن السراج المنير و أنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا و أنا من أهل البيت الذين كان جبرائيل ينزل عليهم و منهم كان يعرج و أنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودتهم و ولايتهم فقال فيما أنزل على محمد صلّى اللّه عليه و اله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً و اقتراف الحسنة مودّتنا» (1).9.
ص: 141
ما رواه ابن المغازلي الشافعي في كتاب(المناقب)يرفعه إلى علي بن جعفر قال:
سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ (1)قال:
«المشكاة فاطمة عليها السّلام و المصباح الحسن و الحسين عليهما السّلام و الزجاجة كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ قال:
كانت فاطمة كوكبا درّيا بين نساء العالمين يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ الشجرة المباركة إبراهيم لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ قال:يكاد العلم ينطق منها و لو لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ قال:فيها إمام بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ قال:يهدي اللّه لولايتنا من يشاء (2).
صاحب(المناقب الفاخرة)في العترة الطاهرة بإسناده إلى علي بن جعفر قال:
سألت أبا الحسن رضي اللّه عنه عن قول اللّه تعالى: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ قال:
«المشكاة فاطمة عليها السّلام و المصباح الحسن و الزجاجة الحسين كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ [قال:
كانت فاطمة كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ]من نساء العالمين توقد من شجرة مباركة،الشجرة إبراهيم عليه السّلام لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ معناه يكاد العلم ينطق منها نُورٌ عَلى نُورٍ منها إمام بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ [قال:يهدي لولايتنا من يشاء]» (3).
ابن يعقوب عن علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن
ص: 142
الحسن بن شمون عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الأصم عن عبد اللّه بن القاسم عن صالح بن سهل الهمداني قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فاطمة عليها السّلام فِيها مِصْباحٌ الحسن اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الحسين اَلزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة كوكب درّي بين نساء أهل الدنيا يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم عليه السّلام زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ يعني يكاد العلم ينفجر بها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه للائمة عليهم السّلام من يشاء وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ قلت أَوْ كَظُلُماتٍ قال الأول و صاحبه يَغْشاهُ مَوْجٌ الثالث مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ظلمات الثاني بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ معاوية لعنه اللّه و فتن بني امية إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ المؤمن في ظلمة فتنتهم لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً إماما من ولد فاطمة عليها السّلام فَما لَهُ مِنْ نُورٍ يوم القيامة (1).
ابن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو ابن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي و هو قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ يقول:
أنا هادي السماوات و الأرض مثل العلم الذي أعطيته و هو نوري الذي يهتدى به مثل كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ فالمشكاة قلب محمد صلّى اللّه عليه و اله و المصباح النور الذي فيه العلم و قوله اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ يقول:إني اريد أن اقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فأعلمهم فضل الوصي يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ فأصل الشجرة المباركة إبراهيم عليه السّلام و هو قول اللّه عز و جل رحمة اللّه و بركاته عليكم أهل البيت إنّه حميد مجيد،و هو قول اللّه عز و جل: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لا شرقية و لا غربية فيقول:لستم يهودا فتصلون قبل المغرب و لا نصارى5.
ص: 143
فتصلون قبل المشرق،و أنتم على ملة إبراهيم عليه السّلام و قد قال اللّه عز و جل: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ و قوله: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول:مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يتخذ من الزيتون: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يقول:يكادون أن يتكلموا بالنبوة و لو لم ينزل عليهم ملك» (1).
ابن بابويه قال:حدّثنا إبراهيم بن هارون الهيسي بمدينة السلام قال:
حدثني محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال:حدّثنا الحسين بن أيوب عن الحسين بن سليمان عن محمد بن هارون الذهبي عن الفضل بن يسار قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الصادق عليه السّلام: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال:كذلك اللّه عز و جل قال:قلت مَثَلُ نُورِهِ قال:«محمد صلّى اللّه عليه و اله».
قلت: كَمِشْكاةٍ قال«صدر محمد صلّى اللّه عليه و اله».
قلت: فِيها مِصْباحٌ قال:«فيه نور العلم يعني النبوة».
قلت اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ قال:«علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله صدر إلى قلب علي عليه السّلام».
قلت: كَأَنَّها قال:«لأي شيء تقرأ كَأَنَّها» فقلت:فكيف اقرأ جعلت فداك؟
قال: كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ قلت يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ قال:«ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام لا يهودي و لا نصراني».
قلت: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قال:«يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد صلّى اللّه عليه و اله من قبل أن ينطق به».
قلت: نُورٌ عَلى نُورٍ قال:«الإمام في أثر الإمام» (2).
ابن بابويه قال:حدّثنا إبراهيم بن هارون الهيسي قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن5.
ص: 144
أبي الثلج قال:حدّثنا جعفر بن محمد بن الحسين الزهري قال:حدّثنا أحمد بن صبيح قال:حدّثنا طريف بن ناصح عن عيسى بن راشد عن محمد بن علي بن الحسين في قول اللّه عز و جل: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ قال: «كَمِشْكاةٍ نور العلم في صدر محمد صلّى اللّه عليه و اله اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزجاجة صدر علي عليه السّلام صار علم النبي صلّى اللّه عليه و اله الى صدر علي عليه السّلام اَلزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ قال نور العلم لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ قال:لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قال:يكاد العالم من آل محمد عليهم السّلام يتكلم بالعلم قبل أن يسأل نُورٌ عَلى نُورٍ يعني إماما مؤيدا بنور العلم و الحكمة في أثر إمام من آل محمد عليهم السّلام و ذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة».
ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن عبد اللّه الورّاق قال:حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال:
حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن محمد بن أسلم الجبلي عن الخطاب ين عمرو مصعب بن عبد اللّه الكوفيين عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ «فالمشكاة صدر نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله فيه المصباح اَلْمِصْباحُ هو العلم فِي زُجاجَةٍ و الزجاجة أمير المؤمنين و علم نبي اللّه صلّى اللّه عليه و اله عنده» (1).
ابن بابويه رواه مرسلا عن الصادق عليه السّلام أنه سئل عن قول اللّه عز و جل اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ فقال:«هو مثل ضربه اللّه عز و جل لنا» (2).
علي بن إبراهيم قال:حدّثنا محمد بن همام قال:حدّثنا جعفر بن محمد قال:
حدّثنا محمد بن الحسين الصايغ قال:حدّثنا الحسن بن علي عن صالح بن سهل الهمداني قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ7.
ص: 145
وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ «المشكاة فاطمة عليها السّلام فيها مصباح الحسن المصباح و الحسين في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري كأن فاطمة عليها السّلام كوكب درّي بين نساء أهل الأرض يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ توقد من إبراهيم عليه السّلام لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يعني لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ يكاد العلم ينفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام منها بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه إلى الأئمة من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم مخلصا وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (1).
علي بن هاشم قال:حدثني أبي عن عبد اللّه بن جندب قال:كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام أسأله عن تفسير هذه الآية فكتب إليّ الجواب:«أما بعد فإن محمدا صلّى اللّه عليه و اله كان أمين اللّه في خلقه فلما قبض النبي صلّى اللّه عليه و اله كنا أهل البيت ورثته فنحن امناء اللّه في أرضه عندنا علم المنايا و البلايا و أنساب العرب و مولد الإسلام و ما من فئة تضل مائة و تهدي مائة إلاّ و نحن نعرف سائقها و قائدها و ناعقها،و إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان و حقيقة النفاق،و إن شيعتنا المكتوبون بأسمائهم أسماء آبائهم أخذ اللّه علينا و عليهم الميثاق و يردون موردنا و يدخلون مدخلنا ليس على ملة الإسلام غيرنا و غيرهم إلى يوم القيامة،نحن الآخذون بحجزة نبينا و نبيّنا آخذ بحجزة ربنا،و الحجزة النور و شيعتنا آخذون بحجزتنا من فارقنا هلك،و من تابعنا نجا و المفارق لنا و الجاحد لولايتنا كافر و متبعنا و تابع أوليائنا مؤمن لا يحبنا كافر و لا يبضغنا مؤمن و من مات و هو يحبنا كان حقا على اللّه أن يبعثه معنا نحن نور لمن تبعنا و هدى لمن اهتدى بنا،و من لم يكن منّا فليس من الإسلام في شيء بنا فتح اللّه الدين،و بنا يختمه و بنا أطعمكم اللّه عشب الأرض و بنا أنزل قطر السماء و بنا آمنكم اللّه من الغرق في بحركم و من الخسف في بركم و بنا نفعكم اللّه في حياتكم و في قبوركم و في محشركم و عند الصراط و عند الميزان و عند دخولكم الجنان مثلنا في كتاب اللّه مشكاة،و المشكاة في القنديل فنحن المشكاة فيها2.
ص: 146
مصباح المصباح محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله،و المصباح في زجاجة من عنصره الطاهر الزجاجة،كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية و لا دعية و لا منكرة يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ القرآن نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فالنور علي عليه السّلام يهدي اللّه لولايتنا من أحب و حق على اللّه أن بعث ولينا مشرقا وجهه منيرا برهانه طاهرا عند اللّه حجته حقا على اللّه أن يجعل أولياءنا المتقين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات،و لشهيد شيعتنا فضل على كل شهيد غيرنا بتسع درجات.
نحن النجباء و نحن أفراط الأنبياء و نحن أولاد الأوصياء و نحن المخصوصون في كتاب اللّه و نحن أولى الناس برسول اللّه و نحن الذين شرع اللّه لنا دينه فقال في كتابه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً و الذي أوحينا إليك يا محمد ما وصيّنا به إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب قد علمنا و بلّغنا ما علمنا و استودعنا علمهم و نحن ورثة الأنبياء و نحن ورثه أولي العلم و أولي العزم من الرسل و الأنبياء أن أقيموا الدين كما قال و لا تتفرقوا فيه و إن كبر على المشركين من أشرك بولاية علي ما تدعوهم إليه من ولاية اللّه يا محمد يهدي إليه من ينيب من يجيبك إلى ولاية علي عليه السّلام و قد بعثت بكتاب منه هدى فتدبّره و افهمه فإنه شفاء لما في الصدور» (1).
محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم السّلام قال:
حدّثنا محمد بن جعفر الحسني عن إدريس بن زياد الحنّاط عن أبي عبد اللّه أحمد بن عبد اللّه الخراساني عن يزيد بن إبراهيم أبي حبيب الساجي عن أبي عبد اللّه عن أبيه علي بن الحسين عليه السّلام أنّه قال:«مثلنا في كتاب اللّه كمثل مشكاة فنحن المشكاة و المشكاة الكوّة فيها مصباح،و المصباح في زجاجة و الزجاجة محمد صلّى اللّه عليه و اله كأنه كوكب دري يوقد من شجرة مباركة قال:علي عليه السّلام زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ2.
ص: 147
تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ القرآن يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي لولايتنا من أحب (1).
محمد بن العباس قال:حدّثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس ابن عبد الرّحمن قال:حدّثنا أصحابنا أن أبا الحسن عليه السّلام كتب إلى عبد اللّه بن جندب قال لي علي بن الحسين عليه السّلام:«إن مثلنا في كتاب اللّه كمثل المشكاة،و المشكاة في القنديل فنحن المشكاة فِيها مِصْباحٌ و المصباح محمد صلّى اللّه عليه و اله اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ نحن الزجاجة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ علي زَيْتُونَةٍ معروفة لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا منكرة و لا دعية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ القرآن عَلى نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا» (2).
محمد بن العباس بن محمد بن أبي الحسين الخطاب الزيّات قال:حدثني أبي عن موسى بن سعد عن عبد اللّه بن القاسم بإسناده إلى صالح بن سهل قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ قال:المشكاة فاطمة عليها السّلام فِيها مِصْباحٌ «الحسن اَلْمِصْباحُ الحسين فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فاطمة كوكب دريّ بين نساء أهل الجنة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ إبراهيم عليه السّلام زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهودية و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ أي يكاد العلم ينفجر منها وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ إمام بعد إمام يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه للأئمة من يشاء وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3).
المفيد في(الإختصاص)عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن2.
ص: 148
سنان عن عمار بن مروان عن المنحل بن جميل عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ «فهو محمد صلّى اللّه عليه و اله فيها مصباح هو العلم، اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ فزعم أنّه أمير المؤمنين و علم نبي اللّه عنده» (1).
أبو علي الطبرسي قال:روى عن الرضا عليه السّلام أنه قال:«نحن المشكاة فيها و المصباح هو محمد صلّى اللّه عليه و آله يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يهدي اللّه لولايتنا من أحب» (2).
جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخلت إلى مسجد الكوفة و أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه يكتب بإصبعيه و يتبسم،فقلت له:يا أمير المؤمنين ما الذي يضحكك؟
فقال:«عجبت لمن يقرأ هذه الاّية و لم يعرفها حق معرفتها»فقلت له:أي آية يا أمير المؤمنين؟
فقال:«قوله تعالى اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ المشكاة محمد صلّى اللّه عليه و اله فِيها مِصْباحٌ أنا اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ الحسن و الحسين كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ و هو علي بن الحسين يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ محمد ابن علي مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ جعفر بن محمد لا شَرْقِيَّةٍ موسى بن جعفر وَ لا غَرْبِيَّةٍ علي بن موسى الرضا يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ محمد بن علي وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ علي بن محمد نُورٌ عَلى نُورٍ الحسن بن علي يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ القائم المهدي وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (3).6.
ص: 149
عن أنس و بريدة قالا:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ إلى قوله اَلْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ (1)فقام رجل قال:أي بيوت هذه يا رسول اللّه؟
قال:«بيوت الأنبياء».
فقال:يا رسول اللّه هذا البيت منها بيت علي و فاطمة قال:«نعم من أفاضلها» (2).
من تفسير مجاهد و أبي يوسف يعقوب بن سفيان قال ابن عباس في قوله تعالى:
وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً أن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميره فنزل عند أحجار الزيت ثم ضرب بالطبول ليأذن بقدومه و مضى الناس إليه إلاّ على و الحسن و الحسين و فاطمة و سلمان و أبو ذر و المقداد و صهيب و تركوا النبي صلّى اللّه عليه و اله قائم يخطب على المنبر فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:«لقد نظر اللّه يوم الجمعة إلى مسجدي فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لاضطرمت المدينة على أهلها نارا و حصبوا بالحجارة كقوم لوط و نزل فيهم رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ» (3).
الثعلبي في تفسيره في تفسير الآية برفع الإسناد إلى أنس بن مالك قال قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هذه الآية فقام رجل فقال يا رسول اللّه أي بيوت هذه يا رسول اللّه؟
قال:«بيوت الأنبياء»فقام إليه أبو بكر فقال:يا رسول اللّه هذا البيت منها،يعني
ص: 150
بيت علي و فاطمة؟
قال:«نعم من أفاضلها» (1).
الثعلبي في تفسيره في معنى الآية قال:حدّثنا المنذر بن محمد القابوسي حدّثنا الحسين بن سعيد حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن مصقع بن الحرث عن أنس بن مالك و عن بريدة قالا:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:هذه الآية فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ...إلى قوله: وَ الْأَبْصارُ فقام إليه أبو بكر فقال:يا رسول اللّه هذا البيت منها يعني بيت علي و فاطمة قال نعم:«من أفاضلها» (2).
محمد بن العباس عن محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود قال:حدّثنا الإمام موسى بن جعفر عن أبيه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ... قال:«بيوت آل محمد صلّى اللّه عليه و اله بيت علي و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفر عليهم السّلام».
قلت: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ ؟
قال:«الصلاة في أوقاتها»قال:«ثم وصفهم اللّه عزّ و جل و قال: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ قال:«هم الرجال لم يخلط اللّه معهم غيرهم».
ثم قال: لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال:«ما اختصهم به من المودّة و الطاعة المفروضة و صيّر مأواهم الجنة و اللّه يرزق من يشاء بغير حساب» (3).
أبو علي الطبرسي في مجمع البيان قال:روي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أنّه قال:كنت في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و قد قرأ القارىء: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ.4.
ص: 151
فقلت:يا رسول اللّه ما البيوت (1)؟
فقال صلّى اللّه عليه و اله:«بيوت الأنبياء عليهم السّلام و أومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء عليها السّلام ابنته عليها السّلام» (2).ن.
ص: 152
الثعلبي في تفسير هذه الآية قال:حدّثنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد القاضي قال:
حدّثنا أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي قال:حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:حدّثنا أحمد بن ميثم بن نعيم قال:حدّثنا أبو عبادة السلولي عن الأعمش عن أبي واثل قال:
قرأت في مصحف عبد اللّه بن مسعود (إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (1)(2).
عن ابن عباس رضى اللّه عنه آل إبراهيم و آل عمران المؤمنون من آل إبراهيم و آل عمران و آل يس و آل محمد عليهم السّلام بقوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (3).
الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام قال:حدثني محمد بن عيسى عن هارون قال أبو عبد الصمّد إبراهيم عن أبيه عن جده و هو إبراهيم بن عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم قال:سمعت جعفر بن محمد عليهما السّلام يقرأ (إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) قال:هكذا نزلت (4).و قال الطبرسي
ص: 153
في مجمع البيان:و في قراءة أهل البيت:و آل محمد على العالمين (1).
علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره قال العالم عليه الرحمة:«نزل آل إبراهيم و آل عمران و آل محمد على العالمين» (2).
ابن بابويه قال:حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب و جعفر بن محمد بن مسرور رضى اللّه عنهما قال:حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصّلت قال:حضر الرضا عليه السّلام مجلس المأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان و ذكر الحديث إلى أن قال فيه:قال المأمون:هل فضّل اللّه العترة على سائر الناس؟
فقال أبو الحسن عليه السّلام«إن اللّه عزّ و جلّ أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه»فقال له المأمون:و أين ذلك من كتاب اللّه؟
فقال له الرضا عليه السّلام:«في قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ (3)قلت:يعني انّ العترة داخلون في آل إبراهيم عليهم السّلام لانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله من ولد إبراهيم عليه السّلام و هو دعوة أبيه إبراهيم على ما في رواية الخاصة و العامّة في قوله صلّى اللّه عليه و اله:«أنا دعوة أبي إبراهيم عليه السّلام»و عترة الرسول منه صلّى اللّه عليه و اله.
محمد بن إبراهيم المعروف ب(ابن زينب النعماني)في كتاب(الغيبة)عن أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني قال:حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه و حدثني محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران عن أحمد بن محمد بن عيسى و حدّثني علي بن محمد و غيره عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب و حدثنا عبد الواحد بن عبد اللّه الموصلي عن أبي عليّ أحمد بن محمد بن أبي ناشد عن أحمد بن3.
ص: 154
هلال عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر بن يزيد الجعفي قال:قال:أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام:«يا جابر إلزم الأرض و لا تحرك يدا و لا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها»و ذكر علامات القائم عليه السّلام إلى أن قال في الحديث:«فينادي-يعني القائم عليه السّلام-يا أيها الناس إنا نستنصر اللّه فمن أجابنا من النّاس،فإنّا أهل بيت نبيكم محمد و نحن أولى الناس باللّه و بمحمد فمن حاجني في آدم فإنّا أولى الناس بآدم،و من حاجني في نوح فإنّا أولى الناس بنوح،و من حاجني في إبراهيم فإنّا أولى الناس بابراهيم،و من حاجني في محمد صلّى اللّه عليه و اله فإنّا أولى الناس بمحمد صلّى اللّه عليه و اله و من حاجني في النبيين فإنّا أولى الناس بالنبيين،أليس اللّه يقول في محكم كتابه إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فإنّا بقية من آدم و ذخيرة من نوح و مصطفى من إبراهيم و صفوة من محمد صلى اللّه عليهم أجمعين» (1).
محمد بن الحسن الصفار في كتاب(بصائر الدرجات)عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد اللّه البرقي عن خلف بن حماد عن محمد القبطي قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«الناس غفلوا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله في علي يوم غدير خم كما غفلوا يوم مشربة إبراهيم أتاه الناس يعودونه فجاء علي عليه السّلام ليدنو من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يجد مكانا فلما رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنهم لا يوسعون لعلي نادى:يا معشر الناس أفرجوا لعلي ثم أخذ بيده و أقعده معه على فراشه ثم قال:يا معشر الناس هؤلاء أهل بيتي تستخفون بهم و أنا حي بين ظهرانيكم أما و اللّه لئن غبت عنكم فإن اللّه لا يغيب عنكم إنّ الروح و الراحة و الرضوان و البشر و البشارة و الحبّ و المحبة لمن ائتمّ بعلي و ولايته و سلّم له و للأوصياء من بعده حقا لأدخلنهم في شفاعتي لأنهم اتباعي و من تبعني فإنّه منّي مثل ما جرى فيمن اتّبع إبراهيم لأني من إبراهيم و إبراهيم منّي و ديني دينه و دينه ديني و سنّته سنّتي و فضله من فضلي،و أنا أفضل منه و فضلي له فضل تصديق قوله قولي ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ1.
ص: 155
بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و ثبت قدم في مشربة أم إبراهيم حين عاده الناس في مرضه قال هذا» (1).
أحمد بن محمد بن خالد البرقي في(المحاسن)عن علي بن الحكم عن سعد بن خلف عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الروح و الراحة و الفلح و الفلاح و النجاح و البركة و العفو و العافية و المعافاة و البشرى و النصرة و الرضى و القرب و القرابة و النصر و الظفر و التمكين و السرور و المحبة من اللّه تبارك و تعالى علي من أحب علي بن أبي طالب عليه السّلام و والاه و ائتمّ به و أقرّ بفضله و تولى الأوصياء من بعده حق عليّ أن أدخلهم في شفاعتي و حق على ربي أن يستجيب لي فيهم،و إنهم أتباعي و من تبعني فإنه منّي جرى في مثل إبراهيم عليه السّلام و في الأوصياء من بعدي لأني من إبراهيم و إبراهيّم منّي، دينه ديني و سنّته سنتي،و أنا أفضل منه و فضلي من فضله و فضله من فضلي و تصديق قولي قول ربي: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (2).
محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن حبان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ قال نحن منهم و نحن بقية تلك العترة» (3).
العياشي بإسناده عن هشام بن سالم قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:عن قول اللّه إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً فقال:«هو آل إبراهيم و آل محمد على العالمين فوضعوا اسما مكان اسم» (4).
العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«لما قضى محمد صلّى اللّه عليه و اله نبوّته و استكملت أيامه أوحى اللّه:يا محمد قد قضيت نبوّتك و استكملت أيامك فاجعل0.
ص: 156
العلم الذي عندك من الإيمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة في العقب من ذريتك فإني لم أقطع العلم و الإيمان و الإسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك و بين أبيك آدم و ذلك قول اللّه: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و إن اللّه تعالى لم يجعل العلم جهلا و لم يكل أمره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب،و لا إلى نبي مرسل،و لكنه أرسل رسلا من ملائكته فقال له كذا و كذا فأمرهم بما يحب و نهاهم عما يكره فقصّ عليه أمر خلقه بعلمه فعلّم ذلك العلم و علّم أنبياءه و أصفياءه من الأنبياء و الأعوان و الذرية التي بعضها من بعض فذلك قوله: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (1)فأما الكتاب فهو النبوّة،و أما الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء في الصفوة،و أما الملك العظيم فهم الأئمة الهداة في الصفوة و كل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقية و فيهم العاقبة و حفظ الميثاق و حتى تنقضي الدنياو للعلماء و لولاة الأمر الاستنباط للعلم و الهداية» (2).
العياشي بإسناده عن أبي عبد الرّحمن عن أبي كلدة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:الروح و الراحة و الرحمة و النصر و اليسر و اليسار و الرضى و الرضوان و المخرج و الفلح و القرب و المحبة من اللّه و من رسوله لمن أحب عليا و ائتمّ بالأوصياء من بعده حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي،و حق على ربي أن يستجيب لي فيهم،لأنهم أتباعي و من تبعني فإنّه منّي مثل إبراهيم جرى في ولايته منّي،و أنا منه دينه ديني و ديني دينه و سنّته سنتي و سنّتي سنّته و فضلي فضله و أنا أفضل منه و فضلي له فضل تصديق قول ربي: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (3).3.
ص: 157
العياشي بإسناده إلى أيوب قال:سمعني أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا أقول إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ فقال لي:«و آل محمد كانت فمحوها و تركوا آل إبراهيم و آل عمران» (1).
أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما الحجة في كتاب اللّه أن آل محمد هم أهل بيته؟
قال:«قول اللّه تبارك و تعالى: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ هكذا نزلت عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و لا يكون الذرية من القوم إلاّ نسلهم من أصلابهم و قال: اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ صلّى اللّه عليه و اله رواية أبي خالد القماط (2).
و عن الشيخ الطوسي قدّس سرّه روى أبو جعفر القلاني قال:حدّثنا الحسين بن الحسن قال:حدّثنا عمرو بن أبي المقدام عن يونس بن حباب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:ما بال اقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم و آل عمران فرحوا و استبشروا و إذا ذكر عندهم آل محمد اشمأزت قلوبهم و الذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل اللّه ذلك منه حتى يوافي بولايتي و ولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام» (3)و قال أيضا روح بن روح عن رجاله عن إبراهيم النخعي عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال:دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام فقلت:يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟
فقال:«سأخبركم إن اللّه اصطفى لكم الدين و ارتضاه و أتم عليكم نعمته إن كنتم أحق بها و أهلها،و إن اللّه أوحى إلى نبيه أن يوصي إليّ فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:يا علي احفظ وصيتيي.
ص: 158
و ارفع ذمامي و اوف بعهدي و انجز عداتي و اقض ديني و أحيي سنتي و ادع إلى ملتي؛ لأن اللّه تعالى اصطفاني و اختارني فذكرت دعوة أخي موسى عليه السّلام فقلت:اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى فأوحى اللّه عز و جل إليّ أنّ عليا و زيرك و ناصرك و الخليفة من بعدك ثم قال:يا علي أنت من أئمة الهدى و أولادك منك فأنتم قادة الهدى و التقى و الشجرة التي أنا أصلها و أنتم فروعها فمن تمسك بها فقد نجا و من تخلف عنها فقد هلك و هوى و أنتم الذين أوجب اللّه تعالى مودّتكم و ولايتكم و الذين ذكرهم اللّه في كتابه و وصفهم لعباده فقال عزّ و جلّ من قائل: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فأنتم صفوة اللّه من آدم و نوح و آل إبراهيم و آل عمران و أنتم الاسرة من إسماعيل و العترة الهادية من محمد صلى اللّه عليه و آله أجمعين» (1).4.
ص: 159
من مسند أحمد بن حنبل روى عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال:حدّثنا أسود بن عامر قال:حدّثنا شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد اللّه الأسدي عن علي عليه السّلام قال:«لما نزلت هذه الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (1)جمع النبي صلّى اللّه عليه و اله من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا و شربوا».
قال:فقال لهم:«من يضمن عني ديني و مواعيدي و يكون معي في الجنة و يكون خليفتي في أهلي،فقال رجل لم يسمه شريك:يا رسول اللّه أنت كنت تجد من يقوم بهذا؟
قال ثم قال لآخر:قال فعرض ذلك على أهل بيته،فقال علي:عليه السّلام أنا» (2).
عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال:حدّثنا أبو خيثمة قال:حدّثنا أسود بن عامر قال:
أخبرنا شريك عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد اللّه الأسدي عن علي عليه السّلام:«لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بأربعين رجلا من أهل بيته،و إن الرجل منهم لا تحل جذعة و إن كان شاربا فرقا،فقدّم إليهم فأكلوا حتى شبعوا،فقال لهم:من يضمن عني ديني و مواعيدي و يكون معي في الجنة و يكون خليفتي في أهلي؟فعرض ذلك على أهل بيته،فقال عليّ عليه السّلام:أنا»قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:
«علي يقضي ديني عني و ينجز مواعيدي»و لفظ الحديث للحماني و بعضه لحديث أبي
ص: 160
خيثمة (1).
الثعالبي في تفسيره في سورة الشعراء في تفسير هذه الآية قال:أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدّثنا موسى بن محمد حدّثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدّثنا عباد بن يعقوب حدّثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكرى بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال:لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بني عبد المطلب،و هم يؤمئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة و يشرب العس،فأمر عليا أن يدخل شاة فأدمها ثم قال:
«أدنوا بسم اللّه»فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا،ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة»ثم قال لهم:«إشربوا بسم اللّه»فشربوا حتى رووا،فبدرهم أبو لهب فقال:
هذا ما سحركم به الرجل،فسكت النبي صلّى اللّه عليه و اله يومئذ فلم يتكلم ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام و الشراب ثم أنذرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:«يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من اللّه عز و جل و البشير لما لم يجىء به أحد جئتكم بالدنيا و الآخرة فأسلموا و أطيعوني تهتدوا و من يواخيني و يوازرني و يكون ولييّ و وصييّ بعدي و خليفتي في أهلي و يقضي ديني؟»فسكت القوم و أعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم و يقول عليّ:«أنا»،فقال:أنت.
فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب:أطع ابنك فقد أمّر عليك.
و روى ذلك من طريق الثعلبي في تفسيره بالسند و المتن بتغيير يسير لا يضر بالمعنى (2).
ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة و هو من أعيان علماء العامة قال:ذكر الطبري في تاريخه عن عبد اللّه بن عباس عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:«لما نزلتي.
ص: 161
هذه الآية وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله دعاني فقال:يا علي إن اللّه أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا و علمت أنه متى ما أبادرهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت حتى جاءني جبرائيل فقال يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به يعذ بك ربك،فاصنع لنا صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املأ لنا عسا من لبن ثم اجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم و أبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم و هم يؤمئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا،فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب،فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به.
فلما وضعته تناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بضعة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال:كلوا بسم اللّه،فأكلوا حتى مالهم إلى شىء من حاجة،و أيم اللّه الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم،ثم قال:اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا،و أيم اللّه إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال:لشد ما سحركم صاحبكم فتفرّق القوم و لم يتكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال:من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرّق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس ثم اجمعهم لي،ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتى مالهم بشيء حاجة ثم قال:اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا منه جميعا حتى رووا ثم تكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ثم قال:يا بني عبد المطلب إني و اللّه ما أعلم أن شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به،إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم،فأحجم القوم عنها جميعا و قلت:أنا و إني لأحدثهم سنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و أحمشهم ساقا قال:قلت:أنا يا رسول اللّه أكون وزيرك
ص: 162
عليه فأعاد القول فأمسكوا،و أعدت ما قلت فأخذ برقبتي ثم قال لهم:هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب:قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع» (1).
ابن أبي الحديد في(شرح نهج البلاغة)قال:روى أبو جعفر الطبري أيضا في التاريخ أن رجلا قال لعلي عليه السّلام:يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمك؟
فقال علي عليه السّلام:«هاؤم ثلاث مرات حتى اشرأب الناس و نشروا أذانهم ثم قال:جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله بني عبد المطلب بمكة و هم رهط كلهم يأكل الجذعة و يشرب الفرق فصنع مدا من طعام حتى أكلوا و شبعوا و بقى الطعام كما هو كأنه لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا و رووا و بقي الشراب كأنه لم يشرب ثم قال:يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة و إلى الناس عامة،فأيكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي و وارثي فلم يقم عليه أحد فقمت إليه،و كنت من أصغر القوم فقال:إجلس قال ذلك ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول إجلس حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي،فعند ذلك ورثت ابن عمي دون عمي» (2).3.
ص: 163
علي بن إبراهيم قال:أخبرنا أحمد بن إدريس قال:حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إسماعيل بن عباد عن الحسين بن أبي يعقوب عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السّلام: «أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يعني يقتل في قتله بنت النبي صلّى اللّه عليه و اله يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً يعني الذي جهّز به النبي صلّى اللّه عليه و اله في جيش العسرة أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قال:فساد كان في نفسه أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ يعني رسول اللّه وَ لِساناً يعني أمير المؤمنين وَ شَفَتَيْنِ يعني الحسن و الحسين وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ إلى ولايتهما فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ يقول:ما أعلمك و كل شيء في القرآن و ما أدراك فهو ما أعلمك يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و المقربة قرباه أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ يعني أمير المؤمنين متربا بالعلم» (1).
ص: 164
محمد بن يعقوب عن أبي القاسم رضى اللّه عنه رفعه عن عبد العزيز بن مسلم و روى ابن بابويه في كتاب(معاني الأخبار)قال أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضى اللّه عنه قال:حدّثنا أبو أحمد القاسم بن أحمد بن محمد بن علي الهاروني قال:
حدّثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الزمام قال:
حدثني القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم و اللفظ لمحمد بن يعقوب قال كنا مع الرضا عليه السّلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة.و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي عليه السّلام فأعلمته خوض الناس في ذلك فتبسم عليه السّلام ثم قال:«يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن أديانهم إن اللّه عز و جل لم يقبض نبيه صلّى اللّه عليه و اله حتى أكمل لهم الدين و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء بيّن فيه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج الناس إليه كملا و قال عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره صلّى اللّه عليه و اله اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فأمر الإمامة من تمام الدين و لم يمض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حتى بيّن لامته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحق و أقام لهم عليا عليه السّلام علما و إماما و ما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلاّ بيّنه فمن زعم أن اللّه عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب اللّه،و من رد كتاب اللّه فهو كافر.
هل تعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدرا و أعظم شأنا و أعلى مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها
ص: 165
بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص ژ اللّه عزّ و جلّ بها إبراهيم الخليل عليه السّلام بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره فقال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً فقال الخليل عليه السّلام سرورا بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي ؟
قال اللّه تبارك و تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة فصارت في الصفوة ثم أكرمه اللّه تعالى بأن جعلها اللّه في ذريته أهل الصفوة و الطهارة فقال: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ.
فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورّثها اللّه عزّ و جلّ النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال جل و تعالى إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فكانت له خاصة فقلّدها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عليا عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على رسم ما فرضها اللّه فصارت في ذريته الأوصياء الذين آتاهم اللّه العلم و الإيمان بقوله جل و علا: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فهي في ولد علي عليه السّلام خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد صلّى اللّه عليه و اله فمن أين يختار هؤلاء الجهال الإمامة.
إن الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الأوصياء إن الإمامة خلافة اللّه و خلافة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و مقام أمير المؤمنين عليه السّلام و ميراث الحسن و الحسين عليهما السّلام،لقوله عزّ و جل وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ إن الإمامة زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا و عز المؤمنين،إن الإمامة اسّ الإسلام النامي و فرعه السامي بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الجهاد و توفير الفيء و الصدقات و امضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف و الإمام يحل حلال اللّه و يحرّم حرام اللّه و يقيم حدود اللّه و يذب عن دين اللّه و يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة بالحجة البالغة و الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم و هي في الافق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار،
ص: 166
و الإمام البدر المنير و السراج الزاهر و النور الساطع و النجم الهادي في غياهب الدجى، و البلدان القفار و لجج البحار،و الإمام الماء العذب على الظماء و الدال على الهدى المنجي من الردى،الإمام النار على اليفاع (1)الحار لمن اسطلى و الدليل في المهالك من فارقه فهالك.
الإمام السحاب الماطر و الغيث الهاطل و الشمس المضيئة و السماء الظليلة و الأرض البسيطة و العين الغزيرة و الغدير و الروضة الإمام الأنيس الرفيق و الوالد الشفيق و الأخ الشقيق و الام البّرة بالولد الصغير و مفزع العباد في الداعية الناد،الإمام أمين اللّه في خلقه و حجته على عباده و خليفته في بلاده و الداعي إلى اللّه و الذاب عن حرم اللّه،و الإمام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم نظام الدين و عز المسلمين و غيظ المنافقين و بوار الكافرين،و الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد و لا يعادله عالم لا يوجد عنه بدل و لا له مثل و لا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له و لا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب،فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟هيهات هيهات ضلت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب و خسئت العيون و تصاغرت العظماء و تحيّرت الحكماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الألبّاء وكّلت الشعراء و عجزت الأدباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرّت بالعجز و التقصير و كيف يوصف بكله أو ينعت بكنهه أو يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه.
لا و كيف و انى و هو بحيث النجم من أيدي المتناولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا؟!و أين العقول عن هذا؟!و أين يوجد مثل هذا أظنوا أن ذلك يوجد في غير آل محمد صلّى اللّه عليه و آله كذبتهم و اللّه أنفسهم و منّتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا).
ص: 167
تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم راموا إقامة الإمام بعقول جائرة بائرة ناقصة و آراء مضلة فلم يزدادوا منه إلاّ بعدا قاتلهم اللّه أنى يؤفكون و لقد راموا صعبا و قالوا افكا و ضلوا ضلالا بعيدا و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ و رغبوا عن اختيار اللّه و اختيار رسوله إلى اختيارهم و القرآن يناديهم وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللّهِ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ.
و قال عز و جل: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ و قال: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ.
و قال عز و جل: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها أم طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أم قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ أم قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا بل ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فكيف لهم باختيار الإمام؟!و الإمام عالم لا يجهل وداع لا ينكل معدن القدس و الطهارة و النسك و النزاهة و العلم و العبادة مخصوص بدعوة الرسول صلّى اللّه عليه و اله و نسل الطاهرة البتول لا مغمز فيه في نسب و لا يدانيه ذو حسب في النسب من قريش و الذروة من هاشم و العترة من الرسول صلّى اللّه عليه و اله و الرضى من اللّه جلّ و عزّ شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر اللّه عز و جل ناصح لعباد اللّه عز و جل حافظ لدين اللّه،إن الأنبياء و الأئمة صلوات اللّه عليهم يوفقهم اللّه و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم ليكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله جل و تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ و قوله تبارك و تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً
ص: 168
كَثِيراً و قوله في طالوت: إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و قال لنبيه صلّى اللّه عليه و اله أَنْزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً و قال في الأئمة من أهل بيت نبيه و عترته و ذريته صلوات اللّه عليهم: أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً.
و إن العبد إذا اختاره اللّه عز و جل لأمور عباده شرح لذلك صدره و أودع قلبه ينابيع الحكمة و ألهمه العلم إلهاما،فلم يع بعده بجواب و لا يحير فيه عن صواب فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطأ و الزلل و العثار،و يخصه بذلك ليكون حجته على عباده و شاهده على خلقه و ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فهل يقدرون على مثل هذا؟فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه بعدوا و بيت اللّه من الحق و نبذوا كِتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ و في كتاب اللّه الهدى و الشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم فذمهم اللّه و مقتهم و أنفسهم فقال جل و تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ و قال: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ و قال: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ و صلى اللّه على النبي و آله و سلم تسليما كثيرا» (1).1.
ص: 169
أبو نعيم الإصفهاني صاحب(حلية الأبرار)بإسناده إلى عون بن أبي جحيفة عن أبيه في قوله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (1)عن علي ابن أبي طالب عليه السّلام قال:«إلى ولايتنا» (2).
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن سدير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام و هو داخل و أنا خارج و أخذ بيدي ثم استقبل البيت فقال:«يا سدير إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا و هو قول اللّه تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ثم أومأ بيده إلى صدره إلى ولايتنا»ثم قال:«يا سدير فاريك الصادين عن دين اللّه»ثم نظر إلى أبي حنيفة و سفيان الثوري في ذلك الزمان و هم حلق في المسجد فقال:«هؤلاء الصادون عن دين اللّه تعالى بلا هدى من اللّه و لا كتاب مبين إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن اللّه تبارك و تعالى و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله حتى يأتونا فنخبرهم عن اللّه تبارك و تعالى و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله» (3).
محمد بن الحسن الصفار في كتاب(بصائر الدرجات)عن محمد بن عيسى عن
ص: 170
صفوان عن يعقوب بن شعيب قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه تبارك و تعالى:
وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«و من تاب من ظلم و آمن من كفر و عمل صالحا ثم اهتدى إلى ولايتنا»ثم أومأ بيده إلى صدره (1).
ابن بابويه قال:حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد اللّه عن أبيه عن محمد بن خالد قال:
حدّثنا سهل بن زياد الفارسي قال:حدّثنا محمد بن منصور عن عبد اللّه بن جعفر عن محمد بن الفيض بن المختار عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عليه السّلام قال:«خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ذات يوم و هو راكب،و خرج علي عليه السّلام و هو يمشي،فقال له:يا أبا الحسن إما أن تركب و إما أن تنصرف»و ذكر الحديث إلى أن قال فيه:«و اللّه يا علي ما خلقت إلا لتعبد ربك و ليشرف بك معالم الدين و يصلح بك دارس السبيل و لقد ضل من ضل عنك و لن يهتدي الى اللّه عزّ و جل من لم يهتد إليك و إلى ولايتك و هو قول ربي عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى يعني إلى ولايتك» (2).
علي بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثنا أحمد بن علي بن محمد قال:حدّثنا الحسن بن عبيد اللّه عن السندي بن محمد عن أبان عن الحارث بن يحيى عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «ألا ترى كيف اشترط و لم تنفعه التوبة و الإيمان و العمل الصالح حتى اهتدى و اللّه لو جهد أن يعمل بعمل ما قبل منه حتى يهتدي»قال:قلت:إلى من جعلني اللّه فداك؟
قال:«إلينا» (3).
محمد بن العباس قال:حدّثنا علي بن عباس البلخي قال:حدّثنا عباد بن يعقوب عن علي بن هاشم عن جابر بن الحر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله2.
ص: 171
تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولايتنا» (1).
محمد بن العباس قال:حدّثنا الحسين بن عامر عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام» (2).
الشيخ في أماليه قال:أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد اللّه بن محمد ابن مهدي قال:أخبرنا-أحمد يعني ابن عقدة-قال:أخبرنا الحسن بن علي بن بزيع قال:حدّثنا القاسم بن الضحاك قال:حدّثنا شهر بن خوشب أخو العوام عن أبي سعيد الهمداني عن أبي جعفر عليه السّلام إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً قال:«و اللّه لو أنه تاب و آمن و عمل صالحا و لم يهتد إلى ولايتنا و مودتنا و معرفة فضلنا ما اغنى عنه ذلك شيئا» (3).
محمد بن العباس قال:حدّثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز رجل:
وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولايتنا» (4).
أحمد بن محمد بن خالد البرقي في(المحاسن)عن أبيه عن حماد بن عيسى فيما أعلم عن يعقوب بن شعيب قال:سألت أبا عبد اللّه عن قول اللّه عز و جل:إلا من تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال:«إلى ولايتنا و اللّه أما ترى كيف اشترط اللّه عز و جل» (5).
أبو علي الطبرسي في(مجمع البيان)قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام:« ثُمَّ اهْتَدى إلى5.
ص: 172
ولايتنا[أهل البيت فو اللّه]لو أن رجلا عبد اللّه عمره ما بين الركن و المقام ثم مات و لم يجيء بولايتنا إلاّ أكبه (1)اللّه في النار على وجهه» (2).
الطبرسي قال:روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده و أورده العياشي في تفسيره من عدة طرق (3).
و عن محمد بن سليمان بإسناد عن داود بن كثير البرقي قال:دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت له:جعلت فداك قوله تعالى: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى فما هذا الاهتداء بعد التوبة و الإيمان و العمل الصالح؟
فقال:«معرفة الأئمة و اللّه إمام بعد إمام» (4).
علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الفضيل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى ثُمَّ اهْتَدى قال:«اهتدى إلينا» (5).2.
ص: 173
إسماعيل بن عبد اللّه محمّد بن عليّ قال:أخبرنا محمّد بن عبد اللّه بن المطلّب الشيباني رضى اللّه عنه قال:حدّثنا محمّد أبو بكر بن هارون الدينوري قال:حدّثنا محمّد بن العيّاش المصري قال:حدّثنا عبد اللّه بن إبراهيم الغفاري قال:حدّثنا حريز بن عبد اللّه الحذّاء قال:حدّثنا إسماعيل بن عبد اللّه قال:قال الحسين بن عليّ عليه السّلام:قال لمّا أنزل اللّه تبارك و تعالى هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن تأويلها فقال:و اللّه ما يعني بها غيركم و أنتم أولوا الأرحام فإذا متّ فأبوك عليّ أولى بي فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به فإذا مضى الحسن فأنت أولى به،قلت:يا رسول اللّه فمن بعدي؟
قال:ابنك عليّ أولى بك من بعدك فإذا مضى فابنه محمّد أولى به من بعده فإذا مضى محمّد فابنه جعفر أولى به من بعده و بمكانه فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده فإذا مضى موسى فابنه عليّ أولى به من بعده فإذا مضى عليّ فابنه محمّد أولى به من بعده فإذا مضى محمّد فابنه عليّ أولى به من بعده فإذا مضى عليّ فابنه جعفر أولى به من بعده و بمكانه فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك فهذه الأئمّة التسعة من صلبك أعطاهم اللّه علمي و فهمي،طينتهم من طينتي ما لقوم يؤذونني فيهم لا أنالهم اللّه شفاعتي (1).
محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:
ص: 174
إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً يعني الأئمة عليهم السّلام و ولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي صلّى اللّه عليه و اله (1).
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس و علي بن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جل: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فقال«نزلت في علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين»فقلت له:إن الناس يقولون فما له لم يسم عليّا و أهل بيته في كتاب اللّه عزّ و جلّ؟
فقال:«قولوا لهم:إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله نزلت عليه الصلاة و لم يسم اللّه لهم ثلاثا و لا أربعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزلت عليه الزكاة و لم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم،و نزل الحج فلم يقل لهم طوفوا سبعا حتى كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله هو الذي فسّر ذلك لهم و نزلت أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ نزلت في علي و الحسن و الحسين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في علي:من كنت مولاه فعلي مولاه،و قال صلّى اللّه عليه و اله:أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي فإني سألت اللّه عزّ و جل أن لا يفرّق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك و قال:لا تعلّموهم فهم أعلم منكم،و قال:إنهم لن يخرجوكم من باب هدى و لن يدخلوكم في باب ضلالة فلو سكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان و آل فلان و لكن اللّه عزّ و جلّ أنزله في كتابه تصديقا لنبيّه صلّى اللّه عليه و اله إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فكان علي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السّلام فأدخلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله تحت الكساء في بيت أمّ سلمة ثم قال:اللهم إن لكل نبي أهلا و ثقلا و هؤلاء أهل بيتي و ثقلي،فقالت:ام سلمة ألست من أهلك؟
فقال:إنك إلى خير و لكن هؤلاء أهلي و ثقلي،فلما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و إقامته للناس و أخذ بيده فلما مضى علي4.
ص: 175
لم يكن يستطيع علي و لم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي و لا العباس بن علي و لا أحد من ولده اذا لقال الحسن و الحسين:إن اللّه تبارك و تعالى أنزل فينا كما أنزل فيك و أمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك،و بلّغ فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله كما بلّغ فيك و أذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك،فلما مضى علي عليه السّلام كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى لم يستطع أن يدخل ولده و لم يكن ليفعل ذلك و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين عليه السّلام:أمر اللّه تبارك و تعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك و بلّغ فيّ رسول اللّه كما بلّغ فيك و في أبيك و أذهب اللّه عنّي الرجس كما أذهب عنك و عن أبيك،فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعى على أخيه و على أبيه،و لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه،و لم يكن ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السّلام فجرى تأويل هذه الآية وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ، ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين،ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي،و قال:
اَلرِّجْسَ هو الشك و اللّه لا نشك في ربنا أبدا» (1).1.
ص: 176
عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال:حدّثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد اللّه بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ الدخان:29.ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال لكن هذا لتبكينّ عليه السماء و الأرض-و قال:و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ عليه السّلام» (1).
عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية:« فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام من بعض أبواب المسجد فقال له:«أمّا هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض». (2)
عن أبي جميلة عن محمّد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى:
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ قال:«لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتّى قتل الحسين عليه السّلام فبكت عليه». (3)
عن كثير بن شهاب الحارثي قال:بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك عليّ ضحكا حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و الذي فلق الحبة
ص: 177
و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكين عليه السماء و الأرض» (1).
و عن داود بن فرقد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان الذي قتل الحسين ولد زنى و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنى و قد احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة.
ثمّ قال:بكت السماء و الأرض على الحسين بن عليّ و يحيى بن زكريا و حمرتها بكاؤها». (2)
و عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذا قبض اللّه نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما،و أمّا الحسين عليه السّلام فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما،و إن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليه السّلام و لم تر قبله أبدا و إن يوم قتله عليه السّلام لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم.
الطبرسي عن زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:«بكت السماء على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ أربعين صباحا و لم تبك إلاّ عليهما»
قلت:فما بكاؤها؟
قال:«كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء». (3)
و في الإحتجاج عن سعد بن عبد اللّه قال:سألت القائم عليه السّلام عن تأويل كهيعص فقال:هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع اللّه عليها عبده زكريا ثمّ قصّها على محمّد صلّى اللّه عليه و اله و ذلك أنّ زكريا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة فعلّمه إيّاها،فكان زكريا إذا ذكر محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن تجلّى عنه همّه،و إذا ذكر الحسين9.
ص: 178
خنقته العبرة فقال يوما:إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة تسلّيت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني؟فأنبأه اللّه تعالى عن قصّته.
فقال:(كهيعص)فالكاف اسم كربلاء و الهاء هلاك العترة و الياء يزيد و هو ظالم الحسين،و العين عطشه و الصاد صبره.
فلمّا سمع زكريا عليه السّلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام و منع فيهنّ الناس من الدخول عليه و أقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه:إلهي أتفجّع خيرة جميع خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزيّة بفنائه،إلهي أتلبس عليّا و فاطمة ثياب هذه المصيبة بساحتهما،ثمّ كان يقول:إلهي ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ثمّ افجعني به كما تفجع محمّدا حبيبك بولده فرزقه اللّه يحيى و فجعه به،و كان حمل يحيى ستّة أشهر و حمل الحسين عليه السّلام كذلك،الحديث.
و في الأمالي عن كعب الأخبار قال في كتابنا يعني التوراة:إنّ رجلا من ولد محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقتل و لا يجف عرق دواب أصحابه حتّى يدخلوا الجنّة فيعانقوا الحور العين فمرّ بنا الحسن عليه السّلام فقلنا:هو هذا؟
قال:لا،فمرّ بنا الحسين عليه السّلام فقلنا:هو هذا؟
قال:نعم (1).
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ* فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ قال:حسب فرأى ما يحلّ بالحسين عليه السّلام فقال:إنّي سقيم لما يحلّ بالحسين عليه السّلام (2).
السقم هنا ليس في بدن و إنما في النفس و القلب لأجل ما رأى فيما ينزل بالحسين عليه السّلام ولد خاتم الأنبياء من المصيبة و البلية في نفسه و أهله و ولده.
في تفسير العيّاشي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في تفسير هذه الآية: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ5.
ص: 179
قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ مع الحسن وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ... فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين... قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ إلى خروج القائم عليه السّلام فإنّ معه النصر و الظفر،قال اللّه: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى (1).
و في كنز الفوائد مسندا إلى الصادق عليه السّلام قال:إقرأوا سورة الفجر في نوافلكم و فرائضكم فإنّها سورة الحسين بن عليّ لقوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إنّما يعني الحسين بن علي فهو ذو النفس المطمئنّة الراضية المرضية و أصحابه من آل محمّد هم الراضون عن اللّه يوم القيامة و هو عنهم راض.
و هذه السورة في الحسين بن عليّ و شيعته،من أدمن قراءة و الفجر كان مع الحسين بن عليّ في درجته في الجنّة إنّ اللّه عزيز حكيم (2).
و روى صاحب الدرّ الثمين في تفسير قوله تعالى: فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ إنّه رأى على ساق العرش أسماء النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام فلقّنه جبرائيل:قل يا حميد بحقّ محمّد يا عالي بحقّ علي يا فاطر بحقّ فاطمة يا محسن بحقّ الحسن و الحسين و منك الإحسان،فلمّا ذكر الحسين سالت دموعه و قال:يا جبرائيل في ذكر الخامس تسيل عبرتي و ينكسر قلبي قال:هذا ولدك يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب؛ يقتل عطشانا غريبا وحيدا ليس له ناصر و لا معين و لو تراه يا آدم و هو يقول:
و اعطشاه و اقلّة ناصراه حتّى يحول العطش بينه و بين السماء كالدّخان فلم يجبه أحد إلاّ بالسيوف فيذبح ذبح الشاة من قفاه و ينهب رحله أعداؤه و تشهر رؤوسهم هو و أنصاره في البلدان و معهم النسوان فبكى آدم بكاء الثكلى (3).4.
ص: 180
عن سلام،عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا (1)قال:«إنّما عنى بذلك عليا عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين و جرت بعدهم في الأئمة عليهم السّلام، ثم يرجع القول من اللّه في النّاس فقال: فَإِنْ آمَنُوا يعني النّاس بمثل ما آمَنْتُمْ بِهِ (2)يعني عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السّلام فقد اهتدوا،و إن تولّوا فإنما هم في شقاق».
و عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السّلام قال:إنّ الله تبارك و تعالى عرض على آدم في الميثاق ذريّته،فمرّ به النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و هو متّكئ على علي عليه السّلام،و فاطمة عليها السلام تتلوهما،و الحسن و الحسين عليه السّلام يتلوان فاطمة،فقال الله:يا آدم إياك أن تنظر إليهم بحسد أهبطك من جواري.
فلمّا أسكنه الله الجنة مثل له النبي صلّى اللّه عليه و اله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم،فنظر إليهم بحسد،ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها،فلمّا تاب إلى الله من حسده و أقرّ بالولاية و دعا بحق الخمسة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم غفر الله له،و ذلك قوله فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ الآية (3).
و عن سماعة بن مهران،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال:الحسن و الحسين وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ (4)قال:إمام تأتمّون به.
قوله يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال علي بن إبراهيم:قوله عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ أي نصيبين من رحمته8.
ص: 181
أحديهما أن لا يدخل النار،و الثانية أن يدخل الجنة.
و قوله عزّ و جلّ: وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ يعني الإيمان.
ثم قال:أخبرني الحسين بن علي عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه في قوله تعالى: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال:الحسن و الحسين وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ قال:إمام تأتمون به (1).
ابن شهر اشوب من طريق الخاصة و العامة روى ذلك عن ابن عباس و ابن مسعود و جابر و البراء و أنس و امّ سلمة و السدي و ابن سيرين و الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً قال:«هو محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام»و في رواية«البشر الرسول و النسب فاطمة و الصهر علي» (2).
و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام إنه سئل عن قول اللّه عز و جل وَ بَيْنَهُما حِجابٌ (3)قال:
«سور بين الجنّة و النار عليه قائم آل محمد صلّى اللّه عليه و اله و علي و الحسن و الحسين و فاطمة و خديجة الكبرى فينادون أين محبونا أين شيعتنا؟فيقبلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و ذلك قوله عزّ و جلّ: يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ أي بأسمائهم فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم على الصراط و يدخلونهم الجنة».
و في تفسير عليّ بن إبراهيم رضى اللّه عنه بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال:مرّ عليه رجل عدوّ للّه و رسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (4).
ثمّ مرّ عليه الحسين عليه السّلام فقال:فقال هذا لتبكين عليه السماء و الأرض و ما بكت9.
ص: 182
السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما (1).
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ (2)ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال لكن هذا لتبكينّ عليه السماء و الأرض-و قال:و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا و على الحسين بن عليّ عليه السّلام». (3)
و عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام من بعض أبواب المسجد فقال له:«أمّا هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض». (4)
عن كثير بن شهاب الحارثي قال:بينا نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك عليّ ضحكا حتّى بدت نواجده ثمّ قال:«إن اللّه ذكر قوما فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ.
و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ليقتلن هذا و لتبكين عليه السماء و الأرض». (5)
و عن داود بن فرقد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«كان الذي قتل الحسين ولد زنى و الذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنى و قد احمرّت السماء حين قتل الحسين عليه السّلام سنة.
ثمّ قال:بكت السماء و الأرض على الحسين بن عليّ و يحيى بن زكريا و حمرتها بكاؤها». (6)5.
ص: 183
و عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذا قبض اللّه نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنة و إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما،و أمّا الحسين عليه السّلام فتبكي عليه السماء و الأرض طول الدهر و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما،و إن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليه السّلام و لم تر قبله أبدا و إن يوم قتله عليه السّلام لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وجد تحته دم. (1)
و عن أبي هريرة قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن قوله عز و جل: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (2)قال:جعل الامامة في عقب الحسين عليه السّلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمة،و منهم مهدي هذه الامة» (3).
و عن أبي أمامة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله:«الأئمة بعدي إثنا عشر كلهم من قريش تسعة من صلب الحسين و المهدي منهم» (4).
و نحوه عن أبي سعيد،و عمر بن عثمان عن أبيه،و عبد اللّه بن مسعود،و ابن السائب،و أبي ذر،و عمر بن الخطاب،و زيد بن ثابت جميعا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قال:«الأئمة بعدي إثنا عشر تسعة من صلب الحسين و التاسع مهديهم» (5).
و قريب منه ما روي عن سلمان و فاطمة عليها السّلام معا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،و يونس بن ضبيان و أبان عن الصادق عليه السّلام أبي مريم عن الباقر عليه السّلام (6).0.
ص: 184
عن فاطمة الزهراء عليها السّلام قالت:سألت أبي عن قول اللّه تبارك و تعالى وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (1).
قال:«هم الأئمة بعدي علي و سبطاي و تسعة من صلب الحسين» (2).6.
ص: 185
الآيات النازلة في الإمام الحسين عليه السلام
الآيات النازلة في الحسين عليه السلام 1
الآيات النازلة في الإمام الحسين عليه السلام 3
في قوله تعالى: (و على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) 7
في قوله تعالى: (و أذان من اللّه و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر 8
في قوله تعالى: (يوفون بالنذر و يخافون يوما كان شره مستطيرا) 10
في قوله تعالى: (و هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا و صهرا) 15
في قوله تعالى: وعد اللّه الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات 16
في قوله تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) 19
في قوله تعالى: (فما بكت عليهم السّماء و الأرض و ما كانوا منظرين) 25
في قوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض) 29
في قوله تعالى: و نزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانا 32
في قوله تعالى: (و إذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) 34
في قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) 35
في قوله تعالى: (إنّ المتّقين في جنّات و عيون) 40
في قوله تعالى: و من يطع اللّه و الرّسول فأولئك مع الّذين أنعم اللّه عليهم 41
في قوله تعالى: (و قل جاء الحقّ و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا) 44
في قوله تعالى: يوم لا يخزي اللّه النّبيّ و الّذين آمنوا 48
ص: 186
في قوله تعالى: (فما بكت عليهم السّماء و الأرض و ما كانوا منظرين) 49
في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول 50
في قوله تعالى: إني جاعلك للناس إماما قال و من ذرّيتي 60
في معنى قوله تعالى: (يوم ندعو كل اناس بإمامهم) 62
في قوله تعالى: إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت 63
في قوله تعالى: فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا 103
في قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودّة في القربى) 125
في قوله تعالى: (اللّه نور السماوات و الأرض مثل نوره كمشكاة) 143
في قوله تعالى: في بيوت اذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه 151
في قوله تعالى: إن اللّه اصطفى آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران 154
في قوله تعالى: (و أنذر عشيرتك الأقربين) 161
في قوله تعالى: (فلا اقتحم العقبة و ما ادراك ما العقبة فك رقبة) 165
في قوله تعالى: (و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة) 166
في قوله تعالى: (و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى) 171
في قوله تعالى: (و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه) 175
جملة ما نزل بالحسين عليه السلام من الآيات 178
الفهرس 187
ص: 187