الإمام المهدی علیه السلام فی بحار الأنوار / ج (2)
تألیف : الشیخ محمد باقر المجلسی قدس سره
إعداد : الشیخ یاسر الصالحی
الطبعة الأولی : 1430 ه
عدد النسخ : 1500
النجف الأشرف
جمیع الحقوق محفوظة
ص: 1
الإمَامِ المَهدِی في بِحَارِ الأنوَار
الجَامِعَة لِدُرَر اَخبَار الأئِمَة الأطهَار
الجُزء الثَّانِي
تألِیفُ : العَلَّامِة الشّیخ مُحَمَّد بَاقِر المَجلسي ( قَدَّسَ اللهُ سِرَّه)
إعداد : الشیخ یاسر الصالحي
ص: 2
ص: 3
ص: 4
بسم الله الرحمن الرحيم
1 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن حَاتِم النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْن طَاهِرٍ الْقُمَّيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَحْر بْن سَهْلٍ الشَّيْبَانِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مَسْرُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْقُمَّيَّ(1)، قَالَ: كُنْتُ امْرَأ لَهِجاً بِجَمْع الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى غَوَامِض الْعُلُوم وَدَقَائِقِهَا كَلِفاً بِاسْتِظْهَار مَا يَصِحُّ(2) مِنْ حَقَائِقِهَا، مُغْرَماً بِحِفْظِ مُشْتَبِهِهَا وَمُسْتَغْلِقِهَا، شَحِيحاً عَلَى مَا أظْفَرُ بِهِ مِنْ مَعَاضِلِهَ(3) وَمُشْكِلاَتِهَا، مُتَعَصّباً لِمَذْهَبِ الإمَامِيَّةِ، رَاغِباً عَن الأمْن وَالسَّلاَمَةِ، فِي انْتِظَار التَّنَازُع وَالتَّخَاصُم وَالتَّعَدَّي إِلَى التَّبَاغُض وَالتَّشَاتُم، مُعَيَّباً لِلْفِرَقِ ذَوي الْخِلاَفِ، كَاشِفاً عَنْ مَثَالِبِ أئِمَّتِهِمْ، هَتَّاكاً لِحُجُبِ قَادَتِهِمْ، إِلَى أنْ بُلِيتُ بِأشَدَّ النَّوَاصِبِ مُنَازَعَةً، وَأطْوَلِهِمْ مُخَاصَمَةً، وَأكْثَرهِمْ جَدَلاً، وَأشْنَعِهِمْ سُؤَالاً، وَأثْبَتِهِمْ عَلَى الْبَاطِل قَدَماً.
فَقَالَ ذَاتَ يَوْم وَأنَا اُنَاظِرُهُ: تَبّاً لَكَ وَلأصْحَابِكَ يَا سَعْدُ، إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الرَّافِضَةِ تَقْصِدُونَ عَلَى الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار بِالطَّعْن عَلَيْهِمَا وَتَجْحَدُونَ ).
ص: 5
مِنْ رَسُول اللهِ وَلاَيَتَهُمَا وَإِمَامَتَهُمَا، هَذَا الصّدَّيقُ الَّذِي فَاقَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ بِشَرَفِ سَابِقَتِهِ أمَا عَلِمْتُمْ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا أخْرَجَهُ مَعَ نَفْسِهِ إِلَى الْغَار إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ بِأنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأنَّهُ هُوَ الْمُقَلّدُ لأمْر التَّأويل، وَالْمُلْقَى إِلَيْهِ أزمَّةُ الاُمَّةِ، وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي شَعْبِ الصَّدْع وَلَمَّ الشَّعَثِ، وَسَدَّ الْخَلَل، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَتَسْريبِ الْجُيُوش لِفَتْح بِلاَدِ الشّرْكِ؟
فَكَمَا أشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَيْسَ مِنْ حُكْم الاسْتِتَار وَالتَّوَاري أنْ يَرُومَ الْهَاربُ مِنَ الشَّيْءِ(1) مُسَاعَدَةً إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ وَلَمَّا رَأيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم مُتَوَجَّهاً إِلَى الِانْجِحَار وَلَمْ تَكُن الْحَالُ تُوجِبُ اسْتِدْعَاءَ الْمُسَاعَدَةِ مِنْ أحَدٍ اسْتَبَانَ لَنَا قَصْدُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِأبِي بَكْرٍ إِلَى الْغَار لِلْعِلَّةِ الَّتِي شَرَحْنَاهَا وَإِنَّمَا أبَاتَ عَلِيّاً عليه السلام عَلَى فِرَاشِهِ لِمَا لَمْ يَكُنْ لِيَكْتَرثَ لَهُ وَلَمْ يَحْفِلْ بِهِ، وَلاسْتِثْقَالِهِ لَهُ، وَلِعِلْمِهِ بِأنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرهِ مَكَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا.
قَالَ سَعْدٌ: فَأوْرَدْتُ عَلَيْهِ أجْوبَةً شَتَّى فَمَا زَالَ يَقْصِدُ(2) كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالنَّقْض وَالرَّدَّ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا سَعْدُ دُونَكَهَا اُخْرَى بِمِثْلِهَا تُخْطَفُ(3) آنَافُ(4) الرَّوَافِض ألَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ الصّدَّيقَ الْمُبَرَّى مِنْ دَنَس الشُّكُوكِ، ).
ص: 6
وَالْفَارُوقَ الْمُحَامِيَ عَنْ بَيْضَةِ الإسْلاَم كَانَا يُسِرَّان النّفَاقَ، وَاسْتَدْلَلْتُمْ بِلَيْلَةِ الْعَقَبَةِ، أخْبِرْني عَن الصّدَّيقِ وَالْفَارُوقِ أسْلَمَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً؟
قَالَ سَعْدٌ: فَاحْتَلْتُ لِدَفْع هَذِهِ الْمَسْألَةِ عَنّي خَوْفاً مِنَ الإلْزَام، وَحَذَراً مِنْ أنّي إِنْ أقْرَرْتُ لَهُمَا بِطَوَاعِيَتِهِماَ(1) لِلإسْلاَم احْتَجَّ بِأنَّ بَدْءَ النّفَاقِ وَنَشْوَهُ فِي الْقَلْبِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عِنْدَ هُبُوبِ رَوَائِح الْقَهْر وَالْغَلَبَةِ، وَإِظْهَار الْبَأس الشَّدِيدِ فِي حَمْل الْمَرْءِ عَلَى مَنْ لَيْسَ يَنْقَادُ لَهُ قَلْبُهُ، نَحْوَ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا))(2).
وَإِنْ قُلْتُ: أسْلَمَا كَرْهاً، كَانَ يَقْصِدُنِي بِالطَّعْن إِذْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ(3) سُيُوفٌ مُنْتَضَاةٌ كَانَتْ تُريهِمُ(4) الْبَأسَ.
قَالَ سَعْدٌ: فَصَدَرْتُ عَنْهُ مُزْوَرّاً قَدِ انْتَفَخَتْ أحْشَائِي مِنَ الْغَضَبِ، وَتَقَطَّعَ كَبِدِي مِنَ الْكَرْبِ، وَكُنْتُ قَدِ اتَّخَذْتُ طُومَاراً وَأثْبَتُّ فِيهِ نَيَّفاً وَأرْبَعِينَ مَسْألَةً مِنْ صِعَابِ الْمَسَائِل لَمْ أجِدْ لَهَا مُجِيباً عَلَى أنْ أسْألَ فِيهَا خَيْرَ(5) أهْل بَلَدِي أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ صَاحِبَ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام.
فَارْتَحَلْتُ خَلْفَهُ، وَقَدْ كَانَ خَرَجَ قَاصِداً نَحْوَ مَوْلاَنَا بِسُرَّ مَنْ رَأى فَلَحِقْتُهُ فِي بَعْض الْمَنَاهِل(6)، فَلَمَّا تَصَافَحْنَا قَالَ: لِخَيْرٍ(7) ).
ص: 7
لَحَاقُكَ بِي؟ قُلْتُ: الشَّوْقُ ثُمَّ الْعَادَةُ فِي الأسْئِلَةِ، قَالَ: قَدْ تَكَافَأنَا عَلَى هَذِهِ الْخُطَّةِ _ أي الخصلة _ الْوَاحِدَةِ فَقَدْ بَرحَ بِيَ الْقَرَمُ(1) إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَاُريدُ أنْ أسْألَهُ عَنْ مَعَاضِلَ فِي التَّأويل، وَمَشَاكِلَ فِي التَّنْزيل.
فَدُونَكَهَا الصُّحْبَةَ الْمُبَارَكَةَ، فَإنَّهَا تَقِفُ بِكَ عَلَى ضَفَّةِ بَحْرٍ(2) لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ وَهُوَ إِمَامُنَا.
فَوَرَدْنَا سُرَّ مَنْ رَأى فَانْتَهَيْنَا مِنْهَا إِلَى بَابِ سَيَّدِنَا ع فَاسْتَأذَنَّا فَخَرَجَ (إِلَيْنَا)(3) الإذْنُ بِالدُّخُول عَلَيْهِ، وَكَانَ عَلَى عَاتِقِ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ جِرَابٌ قَدْ غَطَّاهُ بِكِسَاءٍ طَبَريًّ فِيهِ سِتُّونَ وَمِائَةُ صُرَّةٍ مِنَ الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم عَلَى كُلّ صُرَّةٍ مِنْهَا خَتْمُ صَاحِبهَا.
قَالَ سَعْدٌ: فَمَا شَبَّهْتُ مَوْلاَنَا أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام حِينَ غَشِيَنَا نُورُ وَجْهِهِ إِلاَّ بِبَدْرٍ قَدِ اسْتَوْفَى مِنْ لَيَالِيهِ أرْبَعاً بَعْدَ عَشْرٍ، وَعَلَى فَخِذِهِ الأيْمَن غُلاَمٌ يُنَاسِبُ الْمُشْتَريَ فِي الْخِلْقَةِ وَالْمَنْظَر، وَعَلَى رَأسِهِ فَرْقٌ بَيْنَ وَفْرَتَيْن كَأنَّهُ ألِفٌ بَيْنَ وَاوَيْن، وَبَيْنَ يَدَيْ مَوْلاَنَا رُمَّانَةٌ ذَهَبِيَّةٌ، تَلْمَعُ بَدَائِعُ نُقُوشِهَا وَسَطَ غَرَائِبِ الْفُصُوص الْمُرَكَّبَةِ عَلَيْهَا، قَدْ كَانَ أهْدَاهَا إِلَيْهِ بَعْضُ رُؤَسَاءِ أهْل الْبَصْرَةِ وَبيَدِهِ قَلَمٌ إِذَا أرَادَ أنْ يَسْطُرَ بِهِ عَلَى الْبَيَاض قَبَضَ الْغُلاَمُ عَلَى أصَابِعِهِ، فَكَانَ ).
ص: 8
مَوْلاَنَا عليه السلام يُدَحْرجُ الرُّمَّانَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَشْغَلُهُ بِرَدَّهَا لِئَلا(1) يَصُدَّهُ عَنْ كِتْبَةِ(2) مَا أرَادَ(3).
فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَألْطَفَ فِي الْجَوَابِ وَأوْمَأ إِلَيْنَا بِالْجُلُوس، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتْبَةِ الْبَيَاض الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ أخْرَجَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ جِرَابَهُ مِنْ طَيَّ كِسَائِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَظَرَ الْهَادِي عليه السلام(4) إِلَى الْغُلاَم وَقَالَ لَهُ: (يَا بُنَيَّ فُضَّ الْخَاتَمَ عَنْ هَدَايَا شِيعَتِكَ وَمَوَالِيكَ)، فَقَالَ: (يَا مَوْلاَيَ أيَجُوزُ أنْ أمُدَّ يَداً طَاهِرَةً إِلَى هَدَايَا نَجِسَةٍ وَأمْوَالٍ رَجِسَةٍ قَدْ شِيبَ أحَلُّهَا بِأحْرَمِهَا)، فَقَالَ مَوْلاَيَ عليه السلام: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ اسْتَخْرجْ مَا فِي الْجِرَابِ لِيُمَيَّزَ (مَا)(5) بَيْنَ الأحَلّ وَالأحْرَم(6) مِنْهَا).
فَأوَّلُ صُرَّةٍ بَدَأ أحْمَدُ بِإخْرَاجِهَا فَقَالَ الْغُلاَمُ: (هَذِهِ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْن وَسِتّينَ دِينَاراً فِيهَا مِنْ ثَمَن حُجَيْرَةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا، وَكَانَتْ إِرْثاً لَهُ مِنْ أخِيهِ(7) خَمْسَةٌ وَأرْبَعُونَ دِينَاراً وَمِنْ أثْمَان تِسْعَةِ أثْوَابٍ أرْبَعَةَ عَشَرَ دِينَاراً وَفِيهَا مِنْ اُجْرَةِ حَوَانِيتَ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ).).
ص: 9
فَقَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ، دُلَّ الرَّجُلَ عَلَى الْحَرَام مِنْهَا)، فَقَالَ عليه السلام: (فَتّشْ عَنْ دِينَارٍ رَازيَّ السَّكَّةِ تَاريخُهُ سَنَةُ كَذَا قَدِ انْطَمَسَ مِنْ نِصْفِ إِحْدَى صَفْحَتَيْهِ نَقْشُهُ وَقُرَاضَةٍ آمُلِيَّةٍ وَزْنُهَا رُبُعُ دِينَارٍ وَالْعِلَّةُ فِي تَحْريمِهَا أنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ(1) وَزَنَ فِي شَهْر كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى حَائِكٍ مِنْ جِيرَانِهِ مِنَ الْغَزْل مَنّاً وَرُبُعَ مَنٍّ فَأتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ قَيَّضَ (فِي) انْتِهَائِهَا لِذَلِكَ الْغَزْل سَارقا(2) فَأخْبَرَ بِهِ الْحَائِكُ صَاحِبَهُ فَكَذَّبَهُ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ بَدَلَ ذَلِكَ مَنّاً وَنِصْفَ مَنًّ غَزْلاً أدَقَّ مِمَّا كَانَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَاتَّخَذَ مِنْ ذَلِكَ ثَوْباً كَانَ هَذَا الدَّينَارُ مَعَ الْقُرَاضَةِ ثَمَنَهُ).
فَلَمَّا فَتَحَ رَأسَ الصُّرَّةِ صَادَفَ رُقْعَةً فِي وَسَطِ الدَّنَانِير بِاسْم مَنْ أخْبَرَ عَنْهُ وَبمِقْدَارهَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ وَاسْتَخْرَجَ الدَّينَارَ وَالْقُرَاضَةَ بِتِلْكَ الْعَلاَمَةِ.
ثُمَّ أخْرَجَ صُرَّةً اُخْرَى فَقَالَ الْغُلاَمُ عليه السلام: (هَذِهِ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسِينَ دِينَاراً لاَ يَحِلُّ لَنَا مَسُّهَا)، قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: (لأنَّهَا مِنْ ثَمَن حِنْطَةٍ حَافَ صَاحِبُهَا عَلَى أكَّارهِ فِي الْمُقَاسَمَةِ، وَذَلِكَ أنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِكَيْلٍ وَافٍ وَكَالَ(3) مَا خَصَّ الأكَّارَ بِكَيْلٍ بَخْسٍ)، فَقَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ).
ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ احْمِلْهَا بِأجْمَعِهَا لِتَرُدَّهَا أوْ تُوصِيَ بِرَدَّهَا عَلَى أرْبَابِهَا فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي شَيْ ءٍ مِنْهَا وَائْتِنَا بِثَوْبِ الْعَجُوز)، قَالَ أحْمَدُ: وَكَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ فِي حَقِيبَةٍ لِي فَنَسِيتُهُ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ لِيَأتِيَهُ بِالثَّوْبِ نَظَرَ إِلَيَّ مَوْلاَنَا أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ:).
ص: 10
(مَا جَاءَ بِكَ يَا سَعْدُ)، فَقُلْتُ: شَوَّقَنِي أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا، قَالَ: (فَالْمَسَائِلُ الَّتِي أرَدْتَ أنْ تَسْألَ عَنْهَا؟)، قُلْتُ: عَلَى حَالِهَا يَا مَوْلاَيَ. قَالَ: (فَسَلْ قُرَّةَ عَيْني _ وَأوْمَأ إِلَى الْغُلاَم(1) _ عَمَّا بَدَا لَكَ مِنْهَا).
فَقُلْتُ لَهُ: مَوْلاَنَا وَابْنَ مَوْلاَنَا! إِنَّا رُوَّينَا عَنْكُمْ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم جَعَلَ طَلاَقَ نِسَائِهِ بِيَدِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام حَتَّى أرْسَلَ يَوْمَ الْجَمَل إِلَى عَائِشَةَ: (أنَّكِ قَدْ أرْهَجْتِ عَلَى الإسْلاَم وَأهْلِهِ بِفِتْنَتِكِ، وَأوْرَدْتِ بَنيكِ حِيَاضَ الْهَلاَكِ بِجَهْلِكِ، فَإنْ كَفَفْتِ عَنّي غَرْبَكِ وَإِلاَّ طَلَّقْتُكِ)، وَنسَاءُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ كَانَ طلاقهنَّ(2) وَفَاتُهُ.
قَالَ: (مَا الطَّلاَقُ؟)، قُلْتُ: تَخْلِيَةُ السَّبِيل، قَالَ: (وَإِذَا كَانَ(3) وَفَاةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ خَلا(4) لَهُنَّ السَّبِيلَ، فَلِمَ لاَ يَحِلُّ لَهُنَّ الأزْوَاجُ؟)، قُلْتُ: لأنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَ الأزْوَاجَ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: (وَكَيْفَ وَقَدْ خَلَّى الْمَوْتُ سَبِيلَهُنَّ؟)، قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ مَوْلاَيَ عَنْ مَعْنَى الطَّلاَقِ الَّذِي فَوَّضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حُكْمَهُ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ.
قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَظَّمَ شَأنَ نِسَاءِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَخَصَّهُنَّ بِشَرَفِ الاُمَّهَاتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَا أبَا الْحَسَن إِنَّ هَذَا الشَّرَفَ بَاقٍ لَهُنَّ مَا دُمْنَ للهِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَأيَّتُهُنَّ عَصَتِ اللهَ بَعْدِي بِالْخُرُوج عَلَيْكَ، فَأطْلِقْ لَهَا فِي الأزْوَاج وَأسْقِطْهَا مِنْ شَرَفِ اُمُومَةِ الْمُؤْمِنينَ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني عَن الْفَاحِشَةِ الْمُبَيَّنَةِ الَّتِي إِذَا أتَتِ الْمَرْأةُ بِهَا فِي أيَّام ).
ص: 11
عِدَّتِهَا حَلَّ لِلزَّوْج أنْ يُخْرجَهَا (مِنْ بَيْتِهِ)(1)، قَالَ: (الْفَاحِشَةُ الْمُبَيَّنَةُ هِيَ السَّحْقُ دُونَ الزّنَى، فَإنَّ الْمَرْأةَ إِذَا زَنَتْ وَاُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ لَيْسَ لِمَنْ أرَادَهَا أنْ يَمْتَنِعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ التَّزْويج بِهَا لأجْل الْحَدَّ وَإِذَا سَحَقَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّجْمُ وَالرَّجْمُ خِزْيٌ وَمَنْ قَدْ أمَرَ اللهُ عزّ وجل بِرَجْمِهِ فَقَدْ أخْزَاهُ، وَمَنْ أخْزَاهُ فَقَدْ أبْعَدَهُ، وَمَنْ أبْعَدَهُ فَلَيْسَ لأحَدٍ أنْ يَقْرَبَهُ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ رَسُول اللهِ عَنْ أمْر اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيَّهِ مُوسَى عليه السلام: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً))(2) فَإنَّ فُقَهَاءَ الْفَريقَيْن يَزْعُمُونَ أنَّهَا كَانَتْ مِنْ إِهَابِ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ عليه السلام: (مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى مُوسَى وَاسْتَجْهَلَهُ فِي نُبُوَّتِهِ لأنَّهُ مَا خَلاَ الأمْرُ فِيهَا مِنْ خَطْبَيْن(3) إِمَّا أنْ تَكُونَ صَلاَةُ مُوسَى فِيهَا جَائِزَةً أوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ، فَإنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ جَائِزَةً جَازَ لَهُ لُبْسُهُمَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ (إِذْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّسَةً)(4) وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً فَلَيْسَ(5) بِأقْدَسَ وَأطْهَرَ مِنَ الصَّلاَةِ، وَإِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ فِيهِمَا، فَقَدْ أوْجَبَ عَلَى مُوسَى عليه السلام أنَّهُ لَمْ يَعْرفِ الْحَلاَلَ مِنَ الْحَرَام، وَعلم مَا جَازَ(6) فِيهِ الصَّلاَةُ وَمَا لَمْ تَجُزْ وَهَذَا كُفْرٌ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا مَوْلاَيَ عَن التَّأويل فِيهِمَا، قَالَ: (إِنَّ مُوسَى عليه السلام نَاجَى رَبَّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّس فَقَالَ: يَا رَبَّ إِنّي قَدْ أخْلَصْتُ لَكَ الْمَحَبَّةَ مِنّي، ).
ص: 12
وَغَسَلْتُ قَلْبِي عَمَّنْ سِوَاكَ، وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبَّ لأهْلِهِ، فَقَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ)) أي انْزعْ حُبَّ أهْلِكَ مِنْ قَلْبِكَ إِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُكَ لِي خَالِصَةً، وَقَلْبُكَ مِنَ الْمَيْل إِلَى مَنْ سِوَايَ مَغْسُولاً).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ رَسُول اللهِ عَنْ تَأويل: ((كهيعص))، قَالَ: (هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ، أطْلَعَ اللهُ عَلَيْهَا عَبْدَهُ زَكَريَّا عليه السلام، ثُمَّ قَصَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَذَلِكَ أنَّ زَكَريَّا عليه السلام سَألَ رَبَّهُ أنْ يُعَلّمَهُ أسْمَاءَ الْخَمْسَةِ، فَأهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ عليه السلام فَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا فَكَانَ زَكَريَّا إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ سُريَ عَنْهُ هَمُّهُ وَانْجَلَى كَرْبُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ (اسْمَ)(1) الْحُسَيْن خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الْبُهْرَةُ(2) فَقَالَ ذَاتَ يَوْم:
إِلَهِي مَا بَالِي إِذَا ذَكَرْتُ أرْبَعاً مِنْهُمْ تَسَلَّيْتُ بِأسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِي وَإِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَيْنَ تَدْمَعُ عَيْني وَتَثُورُ زَفْرَتِي؟
فَأنْبَأهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ قِصَّتِهِ وَقَالَ: ((كهيعص))، فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلاَءَ، وَالْهَاءُ هَلاَكُ الْعِتْرَةِ، وَالْيَاءُ يَزيدُ وَهُوَ ظَالِمُ الْحُسَيْن، وَالْعَيْنُ عَطَشُهُ، وَالصَّادُ صَبْرُهُ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَريَّا عليه السلام لَمْ يُفَارقْ مَسْجِدَهُ ثَلاَثَةَ أيَّام وَمَنَعَ فِيهَا النَّاسَ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ، وَأقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ وَكَانَتْ نُدْبَتُهُ: إِلَهِي أتُفَجَّعُ خَيْرَ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ، أتُنْزلُ بَلْوَى هَذِهِ الرَّزيَّةِ بِفِنَائِهِ، إِلَهِي أتُلْبِسُ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ ثِيَابَ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ، إِلَهِي أتُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِيعَةِ بِسَاحَتِهِمَا.
ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: إِلَهِي ارْزُقْنِي وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَيْني عَلَى الْكِبَر، وَاجْعَلْهُ د.
ص: 13
وَارثاً وَصِيّاً، وَاجْعَلْ مَحَلَّهُ (مِنّي) مَحَلَّ الْحُسَيْن فَإذَا رَزَقْتَنِيهِ فَافْتِنّي بِحُبَّهِ ثُمَّ أفْجِعْنِي بِهِ كَمَا تُفْجِعُ مُحَمَّداً حَبِيبَكَ بِوَلَدِهِ، فَرَزَقَهُ اللهُ يَحْيَى عليه السلام وَفَجَّعَهُ بِهِ.
وَكَانَ حَمْلُ يَحْيَى سِتَّةَ أشْهُرٍ، وَحَمْلُ الْحُسَيْن عليه السلام كَذَلِكَ وَلَهُ قِصَّةٌ طَويلَةٌ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا مَوْلاَيَ عَن الْعِلَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَوْمَ مِن اخْتِيَار إِمَام لأنْفُسِهِمْ، قَالَ: (مُصْلِح أوْ مُفْسِدٍ؟)، قُلْتُ: مُصْلِح، قَالَ: (فَهَلْ يَجُوزُ أنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمْ عَلَى الْمُفْسِدِ بَعْدَ أنْ لاَ يَعْلَمَ أحَدٌ بِمَا يَخْطُرُ بِبَال غَيْرهِ مِنْ صَلاَح أوْ فَسَادٍ؟!)، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (فَهِيَ الْعِلَّةُ اُوردُهَا لَكَ بِبُرْهَانٍ يَثِقُ بِهِ عَقْلُكَ.
أخْبِرْني عَن الرُّسُل الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللهُ وَأنْزَلَ الْكُتُبَ عَلَيْهِمْ، وَأيَّدَهُمْ بِالْوَحْي وَالْعِصْمَةِ، إِذْ هُمْ أعْلاَ(مُ)(1) الاُمَم وَأهْدَى إِلَى الِاخْتِيَار مِنْهُمْ مِثْلُ مُوسَى وَعِيسَى هَلْ يَجُوزُ مَعَ وُفُور عَقْلِهِمَا وَكَمَال عِلْمِهِمَا، إِذَا هَمَّا بِالِاخْتِيَار أنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمَا عَلَى الْمُنَافِقِ، وَهُمَا يَظُنَّان أنَّهُ مُؤْمِنٌ؟)، قُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: (هَذَا مُوسَى كَلِيمُ اللهِ مَعَ وُفُور عَقْلِهِ وَكَمَال عِلْمِهِ، وَنُزُول الْوَحْيِ عَلَيْهِ، اخْتَارَ مِنْ أعْيَان قَوْمِهِ وَوُجُوهِ عَسْكَرهِ لِمِيقَاتِ رَبَّهِ سَبْعِينَ رَجُلاً مِمَّنْ لاَ يَشُكُّ فِي إِيمَانِهِمْ وَإِخْلاَصِهِمْ، فَوَقَعَتْ خِيَرَتُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا...))(2) إِلَى قَوْلِهِ(3): لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ.ر.
ص: 14
فَلَمَّا وَجَدْنَا اخْتِيَارَ مَنْ قَدِ اصْطَفَاهُ اللهُ لِلنُّبُوَّةِ وَاقِعاً عَلَى الأفْسَدِ، دُونَ الأصْلَح وَهُوَ يَظُنُّ أنَّهُ الأصْلَحُ دُونَ الأفْسَدِ، عَلِمْنَا أنْ لاَ اخْتِيَارَ إِلاَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَتُكِنُّ الضَّمَائِرُ(1)، وَيَتَصَرَّفُ(2) عَلَيْهِ السَّرَائِرُ، وَأنْ لاَ خَطَرَ لِاخْتِيَار الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، بَعْدَ وُقُوع خِيَرَةِ الأنْبِيَاءِ عَلَى ذَوي الْفَسَادِ لَمَّا أرَادُوا أهْلَ الصَّلاَح).
ثُمَّ قَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (يَا سَعْدُ وَحِينَ ادَّعَى خَصْمُكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا أخْرَجَ مَعَ نَفْسِهِ مُخْتَارَ هَذِهِ الاُمَّةِ إِلَى الْغَار إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ أنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأنَّهُ هُوَ الْمُقَلّدُ اُمُورَ التَّأويل، وَالْمُلْقَى إِلَيْهِ أزمَّةُ الاُمَّةِ، الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي لَمَّ الشَّعْثِ وَسَدَّ الْخَلَل، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَتَسْريبِ الْجُيُوش لِفَتْح بِلاَدِ الْكُفْر، فَكَمَا أشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ أشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُكْم الاسْتِتَار وَالتَّوَاري أنْ يَرُومَ الْهَاربُ مِنَ الْبَشَر(3) مُسَاعَدَةً مِنْ غَيْرهِ إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ وَإِنَّمَا أبَاتَ عَلِيّاً عَلَى فِرَاشِهِ، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَكْتَرثُ لَهُ وَلاَ يَحْفِلُ بِهِ، وَلاسْتِثْقَالِهِ إِيَّاهُ وَعِلْمِهِ بِأنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرهِ مَكَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا.
فَهَلاَّ نَقَضْتَ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِكَ: ألَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: الْخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، فَجَعَلَ هَذِهِ مَوْقُوفَةً عَلَى أعْمَار الأرْبَعَةِ الَّذِينَ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي مَذْهَبِكُمْ؟، وَكَانَ لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ (لَكَ)(4): بَلَى، فَكُنْتَ تَقُولُ لَهُ حِينَئِذٍ: ألَيْسَ كَمَا عَلِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ الْخِلاَفَةَ ر.
ص: 15
بَعْدَهُ لأبِي بَكْرٍ، عَلِمَ أنَّهَا مِنْ بَعْدِ أبِي بِكْرٍ لِعُمَرَ، وَمِنْ بَعْدِ عُمَرَ لِعُثْمَانَ، وَمِنْ بَعْدِ عُثْمَانَ لِعليًّ؟ فَكَانَ أيْضاً لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ لَكَ: نَعَمْ.
ثُمَّ كُنْتَ تَقُولُ لَهُ: فَكَانَ الْوَاجِبَ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنْ يُخْرجَهُمْ جَمِيعاً عَلَى التَّرْتِيبِ إِلَى الْغَار، وَيُشْفِقَ عَلَيْهِمْ كَمَا أشْفَقَ عَلَى أبِي بَكْرٍ، وَلاَ يَسْتَخِفَّ بِقَدْر هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ بِتَرْكِهِ إِيَّاهُمْ وَتَخْصِيصِهِ أبَا بَكْرٍ بِإخْرَاجِهِ مَعَ نَفْسِهِ دُونَهُمْ.
وَلَمَّا قَالَ: أخْبِرْني عَن الصّدَّيقِ وَالْفَارُوقِ أسْلَمَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً؟ لِمَ لَمْ تَقُلْ لَهُ: بَلْ أسْلَمَا طَمَعاً؟، لأنَّهُمَا كَانَا يُجَالِسَان الْيَهُودَ وَيَسْتَخْبِرَانِهِمْ عَمَّا كَانُوا يَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ وَسَائِر الْكُتُبِ الْمُتَقَدَّمَةِ النَّاطِقَةِ بِالْمَلاَحِم، مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ مِنْ قِصَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمِنْ عَوَاقِبِ أمْرهِ، فَكَانَتِ الْيَهُودُ تَذْكُرُ أنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم يُسَلَّطُ عَلَى الْعَرَبِ كَمَا كَانَ بُخْتَ نَصَّرُ سُلّطَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنَ الظَّفَر بِالْعَرَبِ كَمَا ظَفِرَ بُخْتَ نَصَّرُ بِبَني إِسْرَائِيلَ غَيْرَ أنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ.
فَأتَيَا مُحَمَّداً فَسَاعَدَاهُ عَلَى (قَوْلِ)(1) شَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَبَايَعَاهُ طَمَعاً فِي أنْ يَنَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ جِهَتِهِ ولاَيَةَ بَلَدٍ إِذَا اسْتَقَامَتْ اُمُورُهُ وَاسْتَتَبَّتْ أحْوَالُهُ، فَلَمَّا أيِسَا مِنْ ذَلِكَ تَلَثَّمَا وَصَعِدَا الْعَقَبَةَ مَعَ أمْثَالِهِمَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ، عَلَى أنْ يَقْتُلُوهُ فَدَفَعَ اللهُ كَيْدَهُمْ، وَرَدَّهُمْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، كَمَا أتَى طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ عَلِيّاً عليه السلام فَبَايَعَاهُ وَطَمِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أنْ يَنَالَ مِنْ جِهَتِهِ ولاَيَةَ بَلَدٍ فَلَمَّا أيِسَا نَكَثَا بَيْعَتَهُ، وَخَرَجَا عَلَيْهِ فَصَرَعَ اللهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَصْرَعَ أشْبَاهِهِمَا مِنَ النَّاكِثِينَ).ر.
ص: 16
قَالَ (سَعْدٌ)(1): ثُمَّ قَامَ مَوْلاَنَا الْحَسَنُ بْنُ عليًّ الْهَادِي عليه السلام إِلَى الصَّلاَةِ مَعَ الْغُلاَم فَانْصَرَفْتُ عَنْهُمَا وَطَلَبْتُ أثَرَ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ فَاسْتَقْبَلَنِي بَاكِياً، فَقُلْتُ: مَا أبْطَأكَ وَأبْكَاكَ؟ قَالَ: قَدْ فَقَدْتُ الثَّوْبَ الَّذِي سَألَنِي مَوْلاَيَ إِحْضَارَهُ، فَقُلْتُ: لاَ عَلَيْكَ فَأخْبَرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ(2) وَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ مُتَبَسَّماً وَهُوَ يُصَلّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: مَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: وَجَدْتُ الثَّوْبَ مَبْسُوطاً تَحْتَ قَدَمَيْ مَوْلاَنَا عليه السلام يُصَلّي عَلَيْهِ.
قَالَ سَعْدٌ: فَحَمِدْنَا اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَعَلْنَا نَخْتَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَنْزل مَوْلاَنَا عليه السلام أيَّاماً فَلاَ نَرَى الْغُلاَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْوَدَاع دَخَلْتُ أنَا وَأحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَكَهْلاَنُ مِنْ أرْضِناَ(3)، وَانْتَصَبَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَائِماً وَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ قَدْ دَنَتِ الرَّحْلَةُ، وَاشْتَدَّتِ الْمِحْنَةُ، وَنَحْنُ نَسْألُ اللهَ أنْ يُصَلّيَ عَلَى الْمُصْطَفَى جَدَّكَ، وَعليًّ الْمُرْتَضَى أبِيكَ، وَعَلَى سَيَّدَةِ النّسَاءِ اُمَّكَ، وَعَلَى سَيَّدَيْ شَبَابِ أهْل الْجَنَّةِ عَمَّكَ وَأبِيكَ، وَعَلَى الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ مِنْ بَعْدِهِمَا آبَائِكَ، وَأنْ يُصَلّيَ عَلَيْكَ وَعَلَى وَلَدِكَ، وَنَرْغَبُ إِلَى اللهِ أنْ يُعْلِيَ كَعْبَكَ، وَيَكْبِتَ عَدُوَّكَ، وَلاَ جَعَلَ اللهُ هَذَا آخِرَ عَهْدِنَا مِنْ لِقَائِكَ.
قَالَ: فَلَمَّا قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، اسْتَعْبَرَ مَوْلاَنَا عليه السلام حَتَّى اسْتَهَلَّتْ دُمُوعُهُ، وَتَقَاطَرَتْ عَبَرَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ لاَ تَكَلَّفْ فِي دُعَائِكَ شَطَطاً فَإنَّكَ مُلاَقٍ اللهَ فِي صَدَركَ(4) هَذَا)، فَخَرَّ أحْمَدُ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَلَمَّا ).
ص: 17
أفَاقَ قَالَ: سَألْتُكَ بِاللهِ وَبُِرْمَةِ جَدَّكَ إِلاَّ شَرَّفْتَنِي بِخِرْقَةٍ أجْعَلُهَا كَفَناً، فَأدْخَلَ مَوْلاَنَا عليه السلام يَدَهُ تَحْتَ الْبِسَاطِ فَأخْرَجَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَماً فَقَالَ: (خُذْهَا وَلاَ تُنْفِقْ عَلَى نَفْسِكَ غَيْرَهَا، فَإنَّكَ لَنْ تَعْدَمَ مَا سَألْتَ وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لاَ يُضَيَّعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً).
قَالَ سَعْدٌ: فَلَمَّا صِرْناَ(1) بَعْدَ مُنْصَرَفِنَا مِنْ حَضْرَةِ مَوْلاَنَا عليه السلام مِنْ حُلْوَانَ عَلَى ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ حُمَّ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَارَتْ عَلَيْهِ(2) عِلَّةٌ صَعْبَةٌ أيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ فِيهَا، فَلَمَّا وَرَدْنَا حُلْوَانَ، وَنَزَلْنَا فِي بَعْض الْخَانَاتِ، دَعَا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِرَجُلٍ مِنْ أهْل بَلَدِهِ كَانَ قَاطِناً بِهَا ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّقُوا عَنّي هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَاتْرُكُوني وَحْدِي، فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ وَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إِلَى مَرْقَدِهِ.
قَالَ سَعْدٌ: فَلَمَّا حَانَ أنْ يَنْكَشِفَ اللَّيْلُ عَن الصُّبْح، أصَابَتْنِي فِكْرَةٌ فَفَتَحْتُ عَيْني فَإذَا أنَا بِكَافُورٍ الْخَادِم خَادِم مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَهُوَ يَقُولُ: أحْسَنَ اللهُ بِالْخَيْر عَزَاكُمْ، وَجَبَرَ بِالْمَحْبُوبِ رَزيَّتَكُمْ قَدْ فَرَغْنَا مِنْ غُسْل صَاحِبكُمْ وَتَكْفِينهِ(3)، فَقُومُوا لِدَفْنِهِ فَإنَّهُ مِنْ أكْرَمِكُمْ مَحَلّاً عِنْدَ سَيَّدِكُمْ، ثُمَّ غَابَ عَنْ أعْيُننَا، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى رَأسِهِ بِالْبُكَاءِ وَالْعَويل حَتَّى قَضَيْنَا حَقَّهُ وَفَرَغْنَا مِنْ أمْرهِ رحمه الله(4).1.
ص: 18
دلائل الإمامة للطبري: عن عبد الباقي بن يزداد، عن عبد الله بن محمّد الثعالبي، عن أحمد بن محمّد العطّار، عن سعد بن عبد الله، مثله(1).
الاحتجاج: عن سعد مثله، مع اختصار في إيراد المطالب(2).
بيان: (لهجاً) أي حريصاً، وكذا (كلفاً) و(مغرماً) بالفتح أي محبّاً مشتاقاً، و(تسريب الجيوش) بعثها قطعة قطعة، و(الازورار عن الشيء) العدول عنه.
و(القرم) بالتحريك شدّة شهوة اللحم والمراد هنا شدّة الشوق، وقال الفيروزآبادي: (الفرق) الطريق في شعر الرأس و(المفرق) كمقعد ومجلس وسط الرأس وهو الذي يفرق فيه الشعر(3).
قوله: (قيض انتهاءها) أي هيّأ انتهاء تلك المدّة سارقاً لذلك الغزل والاسناد.
مجازي وفي الاحتجاج (فأتى زمان كثير فسرقه سارق من عنده)(4).
و(الحقيبة) ما يجعل في مؤخّر القتب أو السرج من الخرج، ويقال لها بالفارسية: الهكبة، و(الارهاج) إثارة الغبار.
وقال الجوهري: غرب كلّ شيء حدّه، يقال: في لسانه غرب أي حدّة، وغرب الفرس حدثه وأوّل جريه، تقول: كففت من غربه(5) واستهلت دموعه: أي سالت، و(الشطط) التجاوز عن الحدّ، قوله: (في صدرك) أي في رجوعك.
أقول: قال النجاشي _ بعد توثيق سعد والحكم بجلالته _: (لقي
ص: 19
مولانا أبا محمّد عليه السلام ورأيت بعض أصحابنا يضعفون لقاءه لأبي محمّد عليه السلام ويقولون: هذه حكاية موضوعة عليه)(1).
أقول: الصدوق أعرف بصدق الأخبار والوثوق عليها من ذلك البعض الذي لا يعرف حاله، وردّ الأخبار التي تشهد متونها بصحّتها بمحض الظنّ والوهم مع إدراك سعد زمانه عليه السلام _ وإمكان ملاقاة سعد له عليه السلام إذ كان وفاته بعد وفاته عليه السلام بأربعين سنة تقريباً _ ليس للازراء بالأخبار وعدم الوثوق بالأخيار والتقصير في معرفة شأن الأئمّة الأطهار، إذ وجدنا أنَّ الأخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم، فهم إمَّا يقدحون فيها أو في راويها، بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجل إلاَّ نقل مثل تلك الأخبار.
* * *
ص: 20
ص: 21
ص: 22
1 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَانٍ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: لاَ بُدَّ لِلْغُلاَم مِنْ غَيْبَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: يَخَافُ الْقَتْلَ)(1).
2 _ علل الشرائع: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن الأشْعَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَرْوَانَ الأنْبَاريَّ، قَالَ: خَرَجَ مِنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ إِذَا كَرهَ لَنَا جِوَارَ قَوْم نَزَعَنَا مِنْ بَيْن أظْهُرهِمْ)(2).
3 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَنْ جَعْفَر بْن مَسْعُودٍ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم عليه السلام مِنَّا غَيْبَةً يَطُولُ أمَدُهَا)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَاكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل أبَى إِلاَّ أنْ يُجْريَ فِيهِ سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام فِي غَيْبَاتِهِمْ وَإِنَّهُ لاَ بُدَّ لَهُ يَا سَدِيرُ مِن اسْتِيفَاءِ مَدَدِ غَيْبَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ))(3) أيْ سَنَنا(4) عَلَى سَنَن مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(5).
بيان: قال البيضاوي: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)) حالاً بعد حال مطابقة 6.
ص: 23
لأختها في الشدّة وهو لما يطابق غيره، فقيل: للحال المطابقة، أو مراتب من الشدّة بعد المراتب وهي الموت ومواطن القيامة وأهوالها، أوهي وما قبلها من الدواهي على أنَّها جمع طبقة(1).
4 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَنْ أبِي قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ(2)، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْمَدَائِنيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْفَضْل الْهَاشِمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً لاَ بُدَّ مِنْهَا يَرْتَابُ فِيهَا كُلُّ مُبْطِلٍ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (لأمْرٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَنَا فِي كَشْفِهِ لَكُمْ).
قُلْتُ: فَمَا وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ؟ فَقَالَ: (وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَاتِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ حُجَج اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، إِنَّ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ لاَ يَنْكَشِفُ إِلاَّ بَعْدَ ظُهُورهِ كَمَا لاَ يَنْكَشِفُ وَجْهُ الْحِكْمَةِ لَمّاَ(3) أتَاهُ الْخَضِرُ عليه السلام مِنْ خَرْقِ السَّفِينَةِ، وَقَتْل الْغُلاَم، وَإِقَامَةِ الْجِدَار، لِمُوسَى عليه السلام إِلاَّ وَقْتَ افْتِرَاقِهِمَا.
يَا ابْنَ الْفَضْل إِنَّ هَذَا الأمْرَ أمْرٌ مِنْ أمْر اللهِ، وَسِرٌّ مِنَ اللهِ، وَغَيْبٌ مِنْ غَيْبِ اللهِ وَمَتَى عَلِمْنَا أنَّهُ عزّ وجل حَكِيمٌ، صَدَّقْنَا بِأنَّ أفْعَالَهُ كُلَّهَا حِكْمَةٌ، وَإِنْ كَانَ وَجْهُهَا غَيْرَ مُنْكَشِفٍ لَنَا)(4).1.
ص: 24
5 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْغُلاَم(1) غَيْبَةً قَبْلَ ظُهُورهِ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، قَالَ زُرَارَةُ: يَعْنِي الْقَتْلَ(2).
كمال الدين: العطّار، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن نجيح(3)، عن زرارة، مثله(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن عبد الله بن أحمد، عن محمّد بن عبد الله الحلبي، عن ابن بكير، عن زرارة، مثله(5).
أقول: وقد مرَّ بعض الأخبار المشتملة على العلّة في أبواب أخبار آبائه عليهم السلام بقيامه.
6 _ أمالي الصدوق: السَّنَانِيُّ، عَن ابْن زَكَريَّا، عَن ابْن حَبِيبٍ، عَن الْفَضْل بْن الصَّقْر، عَنْ أبِي مُعَاويَةَ، عَن الأعْمَش، عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (لَمْ تخلو (تَخْلُ) الأرْضُ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ حُجَّةٍ للهِ فِيهَا ظَاهِرٍ مَشْهُورٍ، أوْ غَائِبٍ مَسْتُورٍ، وَلاَ تَخْلُو إِلَى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ حُجَّةٍ للهِ فِيهَا، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَمْ يُعْبَدِ اللهُ)، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَقُلْتُ لِلصَّادِقِ عليه السلام: فَكَيْفَ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِالْحُجَّةِ الْغَائِبِ الْمَسْتُور؟ قَالَ: (كَمَا يَنْتَفِعُونَ بِالشَّمْس إِذَا سَتَرَهَا السَّحَابُ)(6).5.
ص: 25
7 _ الاحتجاج: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ أنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ: (وَأمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ))(1) إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ آبَائِي إِلاَّ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ، وَإِنّي أخْرُجُ حِينَ أخْرُجُ وَلاَ بَيْعَةَ لأحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي، وَأمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاع بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالِانْتِفَاع بِالشَّمْس إِذَا غَيَّبَهَا عَن الأبْصَار السَّحَابُ، وَإِنّي لأمَانٌ لأهْل الأرْض كَمَا أنَّ النُّجُومَ أمَانٌ لأهْل السَّمَاءِ، فَأغْلِقُوا أبْوَابَ السُّؤَال عَمَّا لاَ يَعْنِيكُمْ، وَلاَ تَتَكَلَّفُوا عَلَى(2) مَا قَدْ كُفِيتُمْ، وَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيل الْفَرَج، فَإنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى مَن اتَّبَعَ الْهُدى)(3).
كمال الدين: ابن عصام، عن الكليني، مثله(4).
8 _ كمال الدين: غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ(5)، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَارثِ، عَن الْمُفَضَّل، عَن ابْن ظَبْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِي، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ أنَّهُ سَألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم: هَلْ يَنْتَفِعُ الشَّيعَةُ بِالْقَائِم عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ؟ع.
ص: 26
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ إِنَّهُمْ لَيَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَيَسْتَضِيئُونَ بِنُور وَلاَيَتِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَانْتِفَاع النَّاس بِالشَّمْس وَإِنْ جَلَّلَهَا السَّحَابُ)(1).
أقول: تمامه في باب نصّ الرسول عليهم عليهم السلام(2).
بيان: التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب يؤمي إلى أمور:
الأوّل: أنَّ نورالوجود والعلم والهداية، يصل إلى الخلق بتوسطه عليه السلام إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنَّهم العلل الغائية لايجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم، وببركتهم والاستشفاع بهم، والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق، ويكشف البلايا عنهم، فلولاهم لاستحقَّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالى: ((وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ))(3) ولقد جرَّبنا مراراً لا نحصيها أنَّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل، والبعد عن جناب الحقّ تعالى، وانسداد أبواب الفيض، لما استشفعنا بهم، وتوسّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت، تنكشف تلك الأمور الصعبة، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثانى: كما أنَّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتقاع الناس بها ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها وظهورها، ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيّام غيبته عليه السلام، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره، في كلّ وقت و زمان، ولا ييأسون منه.3.
ص: 27
الثالث: أنَّ منكر وجوده عليه السلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.
الرابع: أنَّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد، من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته عليه السلام أصلح لهم في تلك الأزمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس: أنَّ الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة، عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدَّسة وبما يكون ظهوره أضرُّ لبصائرهم، ويكون سبباً لعماهم عن الحقّ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته، كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرَّر بذلك.
السادس: أنَّ الشمس قد يخرج من السحاب وينظر إليه واحد دون واحد فكذلك يمكن أن يظهر عليه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: أنَّهم عليهم السلام كالشمس في عموم النفع وإنَّما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسر به في الإخبار قوله تعالى: ((وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الآْخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً))(1).
الثامن: أنَّ الشمس كما أنَّ شعاعها تدخل البيوت، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع، فكذلك إنَّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية، والعلائق الجسمانية،2.
ص: 28
وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوابنه يغير حجاب.
فقد فتحت لك من هذه الجنّة الروحانية ثمانية أبواب، ولقد فتح الله عليَّ بفضله ثمانية أخرى تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب.
9 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أبِي عِيسَى، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَحُجِبَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَجُ اللهِ وَلاَ بَيَّنَاتُهُ، فَعِنْدَهَا فَلْيَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَإِنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَباً عَلَى أعْدَائِهِ إِذَا أفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ، فَلَمْ يُظْهِرْ لَهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ أنَّ أوْلِيَاءَهُ لاَ يَرْتَابُونَ، وَلَوْ عَلِمَ أنَّهُمْ يَرْتَابُونَ ماَ(1) أفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ)(2).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن المفضَّل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(3).
10 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: 2.
ص: 29
سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْغُلاَم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ)، قُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ وَعُنُقِهِ، ثُمَّ قَالَ: (وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ فَمِنْهُمْ (مَنْ)(1) يَقُولُ إِذَا مَاتَ أبُوهُ: مَاتَ وَلاَ عَقِبَ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَدْ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أبِيهِ بِسَنَتَيْن، لأنَّ اللهَ عزّ وجل يَجِبُ(2) أنْ يَمْتَحِنَ خَلْقَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(3).
11 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن غَزْوَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر تَعْمَى ولاَدَتُهُ عَلَى (هَذَا)(4) الْخَلْقِ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ)(5).
12 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْيَقْطِينيَّ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ مَعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيل بْن صَالِح، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُبْعَثُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ لأحَدٍ بَيْعَةٌ)(6).
13 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ وَالْحَسَن بْن طَريفٍ مَعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(7).3.
ص: 30
14 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي الْحَسَن عَلِيَّ بْن مُوسَى الرَّضَا عليه السلام (قَالَ)(1): (كَأنّي بِالشّيعَةِ عِنْدَ فِقْدَانِهِمُ(2) الثَّالِثَ(3) مِنْ وُلْدِي يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ يَجِدُونَهُ)، قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ قَالَ: (لأنَّ إِمَامَهُمْ يَغِيبُ عَنْهُمْ)، فَقُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا قَامَ بِالسَّيْفِ)(4).
15 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الكشي(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن غَزْوَانَ(6)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي ف.
ص: 31
عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر تَغِيبُ ولاَدَتُهُ عَنْ هَذَا الْخَلْقِ لِئَلا(1) يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ، وَيُصْلِحُ اللهُ عزّ وجل أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ)(2).
16 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا زُرَارَةُ لاَ بُدَّ لِلْقَائِم عليه السلام مِنْ غَيْبَةٍ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ(3).
17 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْوَرَّاقِ، عَنْ حَمْدَانَ بْن أحْمَدَ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ(4)، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام مِثْلَهُ(5).
18 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لِلْغُلاَم غَيْبَةٌ قَبْلَ قِيَامِهِ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الذَّبْحَ)(6).
19 _ علل الشرائع، وكمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمَّهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: 0.
ص: 32
مَا بَالُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام لَمْ يُقَاتِلْ مُخَالِفِيهِ فِي الأوَّل؟ قَالَ: (لآيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل: ((لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً))(1)، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا يَعْنِي بِتَزَايُلِهِمْ؟ قَالَ: (وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ (وَدَائِعَ مُؤْمِنينَ) فِي أصْلاَبِ قَوْم كَافِرينَ، فَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام لَنْ يَظْهَرَ أبَداً حَتَّى تَخْرُجَ وَدَائِعُ اللهِ عزّ وجل فَإذَا خَرَجَتْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ مِنْ أعْدَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جَلاَلُهُ فَقَتَلَهُمْ)(2).
علل الشرائع، وكمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله(3).
20 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ ظُهُورهِ)، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ الْقَتْلَ)(4).
21 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ عِيسَى(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام أنْ يُسَمَّيَ الْقَائِمَ حَتَّى ّ.
ص: 33
أعْرفَهُ بِاسْمِهِ، فَقَالَ: (يَا بَا خَالِدٍ! سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ لَوْ أنَّ بَنِي فَاطِمَةَ عَرَفُوهُ لَحَرَصُوا عَلَى أنْ يَقْطَعُوهُ بَضْعَةً بَضْعَةً)(1).
22 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تُرَاثُهُ(2))، قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، يَعْنِي الْقَتْلَ(3).
أقول: قال الشيخ: لا علّة تمنع من ظهوره عليه السلام إلاَّ خوفه على نفسه من القتل لأنَّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمَّل المشاق والأذى فإنَّ منازل الأئمّة وكذلك الأنبياء عليهم السلام إنَّما تعظم لتحمّلهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى.
فإن قيل: هلاَّ منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟
قلنا: المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والأمر بوجوب اتّباعه ونصرته، وإلزام(4) الانقياد له، وكلّ ذلك فعله تعالى، وأمَّا الحيلولة بينهم وبينه فإنَّه ينافي التكليف، وينقض الغرض لأنَّ بالتكليف استحقاق الثواب، والحيلولة تنافي ذلك، وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق، فلا يحسن من الله فعلها.
وليس هذا كما قال بعض أصحابنا: إنَّه لا يمتنع أن يكون في ).
ص: 34
ظهوره مفسدة وفي استتاره مصلحة، لأنَّ الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في كلّ حال ويطرق القول بأنَّها تجري مجرى الألطاف التي تتغيَّر بالأزمان والأوقات، والقهر والحيلولة ليس كذلك، ولا يمتنع أن يقال في ذلك مفسدة ولا يؤدّي إلى فساد وجوب الرئاسة.
فإن قيل: أليس آباؤه عليهم السلام كانوا ظاهرين، ولم يخافوا ولا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد؟
قلنا: آباؤه عليهم السلام حالهم بخلاف حاله لأنَّه كان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت وغيرهم أنَّهم لا يرون الخروج عليهم ولا يعتقدون أنَّهم يقومون بالسيف، ويزيلون الدول، بل كان المعلوم من حالهم أنَّهم ينتظرون مهديّاً لهم وليس يضرّ السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم(1).
وليس كذلك صاحب الزمان، لأنَّ المعلوم منه أنَّه يقوم بالسيف، ويزيل الممالك، ويقهر كلّ سلطان، ويبسط العدل، ويميت الجور، فمن هذه صفته يخاف جانبه ويتّقى ثورته(2) فيتتبّع ويرصد، ويوضع العيون عليه، ويعنى به خوفاً من وثبته، ورهبته من تمكّنه، فيخاف حينئذٍ، ويحوج(3) إلى التحرّز والاستظهار بأن يخفي شخصه عن كلّ من لا يأمنه من وليّ وعدوّ إلى وقت خروجه.
وأيضاً فآباؤه عليهم السلام إنَّما ظهروا لأنَّه كان المعلوم أنَّه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسدّ مسدّه من أولادهم وليس كذلك صاحب الزمان لأنَّ المعلوم أنَّه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف، فلذلك وجب استتاره وغيبته، وفارق حاله حال آبائه، وهذا واضح بحمد الله.ف.
ص: 35
فإن قيل: بأيّ شيء يعلم زوال الخوف وقت ظهوره، أبالوحي(1) من الله؟ فالإمام لا يوحى إليه، أو بعلم ضروري؟ فذلك ينافي التكليف، أو بأمارة توجب غلبة(2) الظنّ؟ ففي ذلك تغرير بالنفس.
قلنا: عن ذلك جوابان:
أحدهما: أنَّ الله أعلمه على لسان نبيه، وأوقفه عليه من جهة آبائه زمان غيبته المخوفة، وزمان زوال الخوف عنه فهو يتبع في ذلك ما شرع له وأوقف عليه، وإنَّما أخفي ذلك عنّا لما فيه من المصلحة، فأمَّا هو فعالم به، لا يرجع(3) إلى الظنّ.
والثاني: أنَّه لا يمتنع أن يغلب على ظنّه بقوّة الأمارت بحسب العادة قوّة سلطانه، فيظهر عند ذلك ويكون قد أعلم أنَّه متى غلب في ظنّه كذلك وجب عليه ويكون الظنّ شرطاً، والعمل عنده معلوماً، كما نقوله في تنفيذ الحكم عند شهادة الشهود، والعمل على جهات القبلة، بحسب الأمارات والظنون، وإن كان وجوب التنفيذ للحكم والتوجّه إلى القبلة معلومين، وهذا واضح بحمد الله(4).
وأمَّا ما روي من الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة، وصعوبة الأمر عليهم، واختبارهم للصبر عليه، فالوجه فيها الإخبار عمّا يتّفق من ذلك من الصعوبة والمشاقّ(5) لأنَّ الله تعالى غيَّب الإمام ليكون ذلك، وكيف يريد الله ذلك، وما ينال المؤمنين من جهة الظالمين ظلم ).
ص: 36
منهم(1) ومعصية، والله لا يريد ذلك بل سبب الغيبة هو الخوف على ما قلناه، وأخبروا بما يتّفق في هذه الحال، وما للمؤمن من الثواب على الصبر(2) على ذلك، والتمسك بدينه إلى أن يفرّج الله (تعالى) عنهم(3).
* * *5.
ص: 37
ص: 38
ص: 39
ص: 40
1 _ الغيبة للطوسي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي هَاشِم، عَنْ فُرَاتِ بْن أحْنَفَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَذَكَرَ الْقَائِمَ فَقَالَ: (لَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آل مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ)(1).
2 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيَّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ(2): (لَتُمْخَضُنَّ(3) يَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ شِيعَةِ آل مُحَمَّدٍ كَمَخِيض الْكُحْل فِي الْعَيْن لأنَّ صَاحِبَ الْكُحْل يَعْلَمُ مَتَى يَقَعُ فِي الْعَيْن، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَذْهَبُ فَيُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَهُوَ يَرَى أنَّهُ عَلَى شَريعَةٍ مِنْ أمْرنَا فَيُمْسِي وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا، وَيُمْسِي وَهُوَ عَلَى شَريعَةٍ مِنْ أمْرنَا فَيُصْبِحُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا)(4).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن علي بن إسماعيل، عن حماد ابن عيسى، مثله(5).
بيان: محص الذهب: أخلصه ممَّا يشوبه، و(التمحيص) الاختبار والابتلاء، و(مخض اللبن) أخذ زبده، فلعلَّه شبَّه ما يبقى من الكحل في 2.
ص: 41
العين باللبن الذي يمخض لأنَّها تقذفه شيئاً فشيئاً، وفي رواية النعماني(1): تمحيص الكحل.
3 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَن الرَّبيع بْن مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيَّ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ: (وَاللهِ لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الزُّجَاج وَإِنَّ الزُّجَاجَ يُعَادُ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ، وَاللهِ لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الْفَخَّار وَإِنَّ الْفَخَّارَ لاَ يَعُودُ كَمَا كَانَ(2)، وَاللهِ لَتُمَحَّصُنَّ وَاللهِ لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ(3) مِنَ الْقَمْح(4).
4 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَنْ عَلِيَّ بْن يَقْطِينٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو الْحَسَن عليه السلام: ((يَا عَلِيُّ)(5) إِنَّ الشّيعَةَ تُرَبَّى بِالأمَانِيَّ مُنْذُ مِائَتَيْ سَنَةٍ)، وَقَالَ يَقْطِينٌ لِابْنِهِ عليًّ: مَا بَالُنَا قِيلَ لَنَا فَكَانَ وَقِيلَ لَكُمْ فَلَمْ يَكُنْ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ الَّذِي قِيلَ لَكُمْ وَلَنَا مِنْ مَخْرَج وَاحِدٍ غَيْرَ أنَّ أمْرَكُمْ حَضَرَكُمْ فَاُعْطِيتُمْ مَحْضَهُ وَكَانَ كَمَا قِيلَ لَكُمْ، وَإِنَّ أمْرَنَا لَمْ يَحْضُرْ فَعُلّلْنَا بِالأمَانِيَّ، وَلَوْ قِيلَ لَنَا: إِنَّ هَذَا الأمْرَ لاَ يَكُونُ إِلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ أوْ ثَلاَثِمِائَةِ سَنَةٍ لَقَسَتِ الْقُلُوبُ، وَلَرَجَعَتْ عَامَّةُ النَّاس عَن الإسْلاَم، وَلَكِنْ قَالُوا: مَا أسْرَعَهُ وَمَا أقْرَبَهُ، تَألُّفاً لِقُلُوبِ النَّاس وَتَقْريباً لِلْفَرَج(6).2.
ص: 42
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن السياري، عن الحسن بن علي، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين، مثله(1).
بيان: قوله: (تربى بالأماني) أي يربيهم ويصلحهم أئمّتهم بأن يمنّوهم تعجيل الفرج، وقرب ظهور الحقّ لئلاّ يرتدّوا وييأسوا.
(والمائتان مبني على ما هو المقرَّر عند المنجّمين والمحاسبين من إتمام الكسور _ إن كانت أكثر من النصف _ وإسقاطها _ إن كانت أقل منه _ وإنَّما قلنا ذلك، لأنَّ صدور الخبر إن كان في أواخر حياة الكاظم عليه السلام كان أنقص من المائتين بكثير إذ وفاته عليه السلام كان في سنة ثلاث وثمانين ومائة، فكيف إذا كان قبل ذلك، فذكر المائتين بعد المائة المكسورة صحيحة لتجاوز النصف، كذا خطر بالبال.
وبدا لي وجه آخر أيضاً وهو أن يكون ابتداؤهما من أوّل البعثة، فإنَّ من هذا الزمان شرع بالإخبار بالأئمّة عليهم السلام ومدّة ظهورهم وخفائهم، فيكون على بعض التقادير قريباً من المائتين، ولو كان كسر قليل في العشر الأخير، يتمّ على القاعدة السالفة.
ووجه ثالث وهو أن يكون المراد التربية في الزمان السابق واللاحق معاً ولذا أتى بالمضارع، ويكون الابتداء من الهجرة، فينتهي إلى ظهور أمر الرضا عليه السلام وولاية عهده، وضرب الدنانير باسمه، فإنَّها كانت في سنة المائتين.
ورابع وهو أن يكون (تربى) على الوجه المذكور في الثالث شاملاً 4.
ص: 43
للماضي والآتي، لكن يكون ابتداء التربية بعد شهادة الحسين عليه السلام فإنَّها كانت الطامّة الكبرى، وعندها احتاجت الشيعة إلى أن تربى، لئلاّ يزلّوا فيها، وانتهاء المائتين أوّل إمامة القائم عليه السلام وهذا مطابق للمائتين بلا كسر.
وإنَّما وقّتت التربية والتنمية بذلك، لأنَّهم لا يرون بعد ذلك إماماً يمنّيهم وأيضاً بعد علمهم بوجود المهدي عليه السلام يقوى رجاؤهم، فهم مترقّبون بظهوره، لئلاّ يحتاجون إلى التنمية، ولعلَّ هذا أحسن الوجوه التي خطر بالبال، والله أعلم بحقيقة الحال)(1).
ويقطين كان من أتباع بني العبّاس، فقال لابنه علي الذي كان من خواص الكاظم عليه السلام: ما بالنا وعدنا دولة بني العبّاس على لسان الرسول والأئمّة صلوات الله عليهم، فظهر ما قالوا، ووعدوا وأخبروا بظهور دولة أئمّتكم فلم يحصل، والجواب متين ظاهر مأخوذ عن الإمام كما سيأتي.
5 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ كَرَّام، عَن الْفُضَيْل، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام: هَلْ لِهَذَا الأمْر وَقْتٌ؟ فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(2).
6 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْحُسَيْن بْن يَزيدَ الصَّحَّافِ، عَنْ مُنْذِرٍ الْجَوَّاز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَذَبَ الْمُوَقّتُونَ، مَا وَقَّتْنَا فِيمَا مَضَى، وَلاَ نُوَقّتُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ)(3).2.
ص: 44
7 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِهْزَمٌ الأسَدِيُّ فَقَالَ: أخْبِرْني جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى هَذَا الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَهُ؟ فَقَدْ طَالَ، فَقَالَ: (يَا مِهْزَمُ كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، وَهَلَكَ الْمُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَيْنَا يَصِيرُونَ)(1).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد ابن أبي أحمد، عن محمّد بن علي، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن، مثله(2).
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ)(3).
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كنت عنده إذ دخل... وذكر مثله(4).
8 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ وَقَّتَ لَكَ مِنَ النَّاس شَيْئاً فَلاَ تَهَابَنَّ أنْ تُكَذّبَهُ فَلَسْنَا نُوَقّتُ لأحَدٍ وَقْتاً)(5).4.
ص: 45
9 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ عُمَرَ بْن أسْلَمَ(1) الْبَجَلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ فِي حَدِيثٍ اخْتَصَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ أنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِبَني فُلاَنٍ مُلْكاً مُؤَجَّلاً حَتَّى إِذَا أمِنُوا وَاطْمَأنُّوا، وَظَنُّوا أنَّ مُلْكَهُمْ لاَ يَزُولُ صِيحَ فِيهِمْ صَيْحَةٌ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ رَاع يَجْمَعُهُمْ وَلاَ دَاع(2) يُسْمِعُهُمْ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَْرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَْنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَْمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))(3)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ لِذَلِكَ وَقْتٌ؟ قَالَ: لاَ، لأنَّ عِلْمَ اللهِ غَلَبَ عِلْمَ الْمُوَقّتِينَ، إِنَّ اللهَ وَعَدَ مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأتَمَّهَا بِعَشْرٍ لَمْ يَعْلَمْهَا مُوسَى وَلَمْ يَعْلَمْهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا جَازَ(4) الْوَقْتُ قَالُوا: غَرَّنَا مُوسَى، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ، وَلَكِنْ إِذَا كَثُرَتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ، وَأنْكَرَ فِي النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضا(5) فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا أمْرَ اللهِ صَبَاحاً وَمَسَاءً(6).
بيان: (الصيحة) كناية عن نزول الأمر بهم فجاءة.
10 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ 5.
ص: 46
سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ألِهَذَا الأمْر أمَدٌ نُريحُ إِلَيْهِ أبْدَانَنَا وَنَنْتَهِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: (بَلَى، وَلَكِنَّكُمْ أذَعْتُمْ فَزَادَ اللهُ فِيهِ)(1).
11 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (إِلَى السَّبْعِينَ بَلاَءٌ)، وَكَانَ يَقُولُ: (بَعْدَ الْبَلاَءِ رَخَاءٌ)، وَقَدْ مَضَتِ السَّبْعُونَ وَلَمْ نَرَ رَخَاءً، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا ثَابِتُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى كَانَ وَقَّتَ هَذَا الأمْرَ فِي السَّبْعِينَ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى أهْل الأرْض فَأخَّرَهُ إِلَى أرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، فَحَدَّثْنَاكُمْ فَأذَعْتُمُ الْحَدِيثَ، وَكَشَفْتُمْ قِنَاعَ السَّتْر فَأخَّرَهُ اللهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَنَا، وَ((يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ))(2).
قَالَ أبُو حَمْزَةَ: وَقُلْتُ ذَلِكَ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (قَدْ كَانَ ذَاكَ)(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (إنَّ الله تعالى قد (كان)(4) وقَّت... إلى آخر الخبر(5).
(بيان: قيل: السبعون إشارة إلى خروج الحسين عليه السلام، والمائة والأربعون إلى خروج الرضا عليه السلام إلى خراسان.
أقول: هذا لا يستقيم على التواريخ المشهورة، إذ كانت شهادة 0.
ص: 47
الحسين عليه السلام في أوّل سنة إحدى وستّين، وخروج الرضا عليه السلام في سنة مائتين من الهجرة.
والذي يخطر بالبال أنَّه يمكن أن يكون ابتداء التاريخ من البعثة، وكان ابتداء إرادة الحسين عليه السلام للخروج ومباديه قبل فوت معاوية بسنتين فإنَّ أهل الكوفة _ خذلهم الله _ كانوا يراسلونه في تلك الأيام وكان عليه السلام على الناس في المواسم كما مرَّ، ويكون الثاني إشارة إلى خروج زيد، فإنَّه كان في سنة اثنتين وعشرين ومائة من الهجرة، فإذا انضمَّ ما بين البعثة والهجرة إليها، يقرب ممّا في الخبر، أو إلى انقراض دولة بني أميّة أو ضعفهم، واستيلاء أبي مسلم إلى خراسان، وقد كتب إلى الصادق عليه السلام كتباً يدعوه إلى الخروج، ولم يقبله عليه السلام لمصالح، وقد كان خروج أبي مسلم إلى خراسان، في سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة فيوافق ما ذكر في الخبر من البعثة.
وعلى تقدير كون التاريخ من الهجرة يمكن أن يكون السبعون لاستيلاء المختار فإنَّه كان قتله سنة سبع وستين، والثاني لظهور أمر الصادق عليه السلام في هذا الزمان وانتشار شيعته في الآفاق مع أنَّه لا يحتاج تصحيح البداء إلى هذه التكلّفات)(1).
12 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي يَحْيَى التَّمْتَام السُّلَمِيَّ، عَنْ عُثْمَانَ النَّوَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (كَانَ هَذَا الأمْرُ فِيَّ فَأخَّرَهُ اللهُ وَيَفْعَلُ بَعْدُ فِي ذُرَّيَّتِي مَا يَشَاءُ)(2).8.
ص: 48
13 _ تفسير العياشي: أبُو لَبِيدٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا بَا لَبِيدٍ إِنَّهُ يَمْلِكُ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس اثْنَا عَشَرَ تُقْتَلُ بَعْدَ الثَّامِن مِنْهُمْ أرْبَعَةٌ، تُصِيبُ أحَدَهُمُ الذُّبَحَةُ، فَيَذْبَحُهُ هُمْ فِئَةٌ قَصِيرَةٌ أعْمَارُهُمْ قَلِيلَةٌ مُدَّتُهُمْ، خَبِيثَةٌ سِيرَتُهُمْ، مِنْهُمُ الْفُوَيْسِقُ الْمُلَقَّبُ بِالْهَادِي وَالنَّاطِقِ وَالْغَاوي.
يَا بَا لَبِيدٍ إِنَّ فِي حُرُوفِ الْقُرْآن الْمُقَطَّعَةِ لَعِلْماً جَمّاً، إِنَّ اللهَ تَعَالَى أنْزَلَ: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ))(1) فَقَامَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى ظَهَرَ نُورُهُ، وَثَبَتَتْ كَلِمَتُهُ، وَوُلِدَ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ مَضَى مِنَ الألْفِ السَّابِع مِائَةُ سَنَةٍ وَثَلاَثُ سِنِينَ).
ثُمَّ قَالَ: (وَتِبْيَانُهُ فِي كِتَابِ اللهِ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ إِذَا عَدَدْتَهَا مِنْ غَيْر تَكْرَارٍ وَلَيْسَ مِنْ حُرُوفٍ مُقَطَّعَةٍ حَرْفٌ يَنْقَضِي(2) إِلاَّ وَقِيَامُ قَائِم مِنْ بَنِي هَاشِم عِنْدَ انْقِضَائِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (الألِفُ وَاحِدٌ، وَاللاَّمُ ثَلاَثُونَ، وَالْمِيمُ أرْبَعُونَ، وَالصَّادُ تِسْعُونَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ، ثُمَّ كَانَ بَدْوُ خُرُوج الْحُسَيْن بْن عليًّ عليه السلام ((الم اللهُ)) فَلَمَّا بَلَغَتْ مُدَّتُهُ، قَامَ قَائِمُ وُلْدِ الْعَبَّاس عِنْدَ ((المص)) وَيَقُومُ قَائِمُنَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا بِ- ((الر)) فَافْهَمْ ذَلِكَ وَعِهِ وَاكْتُمْهُ)(3).
بيان: (الذبحة) كهمزة وجع في الحلق.
أقول: الذي يخطر بالبال في حلّ هذا الخبر الذي هو من معضلات الأخبار ومخبيات الأسرار، هو أنَّه عليه السلام بيَّن أنَّ الحروف المقطّعة التي في فواتح السور إشارة إلى ظهور ملك جماعة من أهل الحقّ، وجماعة 3.
ص: 49
من أهل الباطل، فاستخرج عليه السلام ولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم من عدد أسماء الحروف المبسوطة بزبرها وبيّناتها، كما يتلفّظ بها عند قراءتها بحذف المكرّرات، كأن تعد ألف لام ميم، تسعة، ولا تعد مكرّرة بتكرّرها في خمس من السور، فإذا عددتها كذلك تصير مائة وثلاثة أحرف وهذا يوافق تاريخ ولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّه كان قد مضى من الألف السابع من ابتداء خلق آدم عليه السلام مائة سنة وثلاث سنين، وإليه أشار بقوله: (وتبيانه) أي تبيان تاريخ ولادته عليه السلام.
ثُمَّ بيَّن عليه السلام أنَّ كلّ واحدة من تلك الفواتح إشارة إلى ظهور دولة من بني هاشم ظهرت عند انقضائها، ف- ((الم)) الذي في سورة البقرة إشارة إلى ظهور دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم إذ أوّل دولة ظهرت في بني هاشم كانت في دولة عبد المطلب فهو مبدأ التاريخ ومن ظهور دولته إلى ظهور دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وبعثته كان قريباً من أحد وسبعين الذي هو عدد ((الم)) ف- ((الم * ذلِكَ)) إشارة إلى ذلك.
وبعدد ذلك في نظم القرآن ((الم)) الذي في آل عمران، فهو إشارة إلى خروج الحسين عليه السلام إذ كان خروجه عليه السلام في أواخر سنة ستين من الهجرة، وكان بعثته صلى الله عليه وآله وسلّم قبل الهجرة نحواً من ثلاث عشر سنة وإنَّما كان شيوع أمره صلى الله عليه وآله وسلّم وظهوره بعد سنتين من البعثة.
ثُمَّ بعد ذلك في نظم القرآن ((المص)) وقد ظهرت دولة بني العبّاس عند انقضائها، ويشكل هذا بأنَّ ظهور دولتهم وابتداء بيعتهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقد مضى من البعثة مائة وخمس وأربعون سنة فلا يوافق ما في الخبر ويمكن التفصّي عنه بوجوه:
الأوّل: أن يكون مبدأ هذا التاريخ غير مبدأ ((الم)) بأن يكون مبدؤه
ص: 50
ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مثلاً، فإنَّ بدو دعوة بني العبّاس كان في سنة مائة من الهجرة، وظهور بعض أمرهم في خراسان كان في سنة سبع أو ثمان ومائة، ومن ولادته صلى الله عليه وآله وسلّم إلى ذلك الزمان كان مائة وإحدى وستين سنة.
الثاني: أن يكون المراد بقيام قائم ولد العبّاس استقرار دولتهم وتمكّنهم، وذلك كان في أواخر زمان المنصور، وهو يوافق هذا التاريخ من البعثة.
الثالث: أن يكون هذا الحساب مبنيّاً على حساب الأبجد القديم، الذي ينسب إلى المغاربة، وفيه: (صعفض، قرست، ثخذ، ظغش) فالصاد في حسابهم ستون فيكون مائة وإحدى وثلاثين، وسيأتي التصريح بأنَّ حساب ((المص)) مبني على ذلك في خبر رحمة بن صدقة في كتاب القرآن(1) فيوافق تاريخه ((الم)) إذ في سنة مائة وسبع عشرة من الهجرة ظهرت دعوتهم في خراسان فاُخذوا وقتل بعضهم.
ويحتمل أن يكون مبدأ هذا التاريخ زمان نزول الآية وهي إن كانت مكّية كما هو المشهور، فيحتمل أن يكون نزولها في زمان قريب من الهجرة، فيقرب من بيعتهم الظاهرة، وإن كانت مدنيّة فيمكن أن يكون نزولها في زمان ينطبق على بيعتهم بغير تفاوت.
وإذا رجعت إلى ما حقّقناه في كتاب القرآن في خبر رحمة بن صدقة ظهر لك أنَّ الوجه الثالث أظهر الوجوه، ومؤيّد بالخبر، ومثل هذا التصحيف كثيراً ما يصدر من النسّاخ، لعدم معرفتهم بما عليه بناء الخبر،).
ص: 51
فيزعمون أنَّ ستين غلط لعدم مطابقته لما عندهم من الحساب، فيصحّفونها على ما يوافق زعمهم.
قوله: (فلمّا بلغت مدّته) أي كملت المدّة المتعلّقة بخروج الحسين عليه السلام فإنَّ ما بين شهادته صلوات الله عليه إلى خروج بني العبّاس كان من توابع خروجه، وقد انتقم الله من بني أميّة في تلك المدّة إلى أن أستأصلهم.
قوله عليه السلام: (ويقوم قائمنا عند انقضائها ب- ((الر)) هذا يحتمل وجوهاً:
الأوّل: أن يكون من الأخبار المشروطة البدائية ولم يتحقّق لعدم تحقّق شرطه كما تدلُّ عليه أخبار هذا الباب.
الثاني: أن يكون تصحيف ((المر)) ويكون مبدء التاريخ ظهور أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قريباً من البعثة ك- ((الم)) ويكون المراد بقيام القائم قيامه بالإمامة تورية، فإنَّ إمامته عليه السلام كانت في سنة ستين ومائتين، فإذا ضيف إليه أحد عشر سنة قبل البعثة يوافق ذلك.
الثالث: أن يكون المراد جميع أعداد كلّ ((الر)) يكون في القرآن وهي خمس مجموعها ألف ومائة وخمسة وخمسون، ويؤيّده أنَّه عليه السلام عند ذكر ((الم)) لتكرّره، ذكر ما بعده، ليتعيَّن السورة المقصودة، ويتبيَّن أنَّ المراد واحد منها بخلاف ((الر)) لكون المراد جميعاً فتفطَّن.
الرابع: أن يكون المراد انقضاء جميع الحروف مبتدئاً ب- ((الر)) بأن يكون الغرض سقوط ((المص)) من العدد، أو ((الم)) أيضاً، وعلى الأوّل يكون ألفاً وستمائة وستة وتسعين، وعلى الثاني يكون ألفاً وخمسمائة
ص: 52
وخمسة وعشرين، وعلى حساب المغاربة يكون على الأوّل ألفين وثلاثمائة وخمسة وعشرين، وعلى الثاني ألفين ومائة وأربعة وتسعين، وهذه أنسب بتلك القاعدة الكلّية، وهي قوله: (وليس من حرف ينقضي) إذ دولتهم عليهم السلام آخر الدول، لكنَّه بعيد لفظاً، ولا نرضى به، رزقنا الله تعجيل فرجه عليه السلام.
هذا ما سمحت به قريحتي بفضل ربي في حلّ هذا الخبر المعضل وشرحه ((فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)) وأستغفر الله من الخطاء والخطل، في القول والعمل، إنَّه أرحم الراحمين.
14 _ تفسير العياشي: عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(1)، قَالَ: (إِذَا أخْبَرَ اللهُ النَّبِيَّ بِشَيْ ءٍ إِلَى وَقْتٍ فَهُوَ قَوْلُهُ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ)) حَتَّى يَأتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ)، وَقَالَ: (إِنَّ اللهَ إِذَا أخْبَرَ أنَّ شَيْئاً كَائِنٌ فَكَأنَّهُ قَدْ كَانَ)(2).
15 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (لاَ تَزَالُونَ تَنْتَظِرُونَ حَتَّى تَكُونُوا كَالْمَعْز الْمَهُولَةِ الَّتِي لاَ يُبَالِي الْجَازرُ أيْنَ يَضَعُ يَدَهُ مِنْهَا، لَيْسَ لَكُمْ شَرَفٌ تُشَرَّفُونَهُ وَلاَ سَنَدٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ اُمُورَكُمْ)(3).
بيان: (المهولة) أي المفزعة المخوفة، فإنَّها تكون أقلّ امتناعاً، و(الجازر) القصّاب.ه.
ص: 53
16 _ قرب الإسناد: ابْنُ أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَنْ مَسْألَةٍ لِلرُّؤْيَا فَأمْسَكَ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّا لَوْ أعْطَيْنَاكُمْ مَا تُريدُونَ لَكَانَ شَرّاً لَكُمْ وَاُخِذَ بِرَقَبَةِ صَاحِبِ هَذَا الأمْر)، قَالَ: وَقَالَ: (وَأنْتُمْ بِالْعِرَاقِ تَرَوْنَ أعْمَالَ هَؤُلاَءِ الْفَرَاعِنَةِ وَمَا اُمْهِلَ لَهُمْ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا، وَلاَ تَغْتَرُّوا بِمَنْ اُمْهِلَ لَهُ فَكَأنَّ الأمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكُمْ)(1).
17 _ قرب الإسناد: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ أصْحَابَنَا رَوَوْا عَنْ شِهَابٍ، عَنْ جَدَّكَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (أبَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنْ يُمَلّكَ أحَداً مَا مَلَّكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ثَلاَثاً وَعِشْرينَ سَنَةً)، قَالَ: (إِنْ كَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَهُ جَاءَ كَمَا قَالَ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأيَّ شَيْ ءٍ تَقُولُ أنْتَ؟ فَقَالَ: (مَا أحْسَنَ الصَّبْرَ وَانْتِظَارَ الْفَرَج، أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِح: ((وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ))(2)، وَ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(3) فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْر فَإنَّهُ إِنَّمَا يَجِي ءُ الْفَرَجُ عَلَى الْيَأس وَقَدْ كَانَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أصْبَرَ مِنْكُمْ.
وَقَدْ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: هِيَ وَاللهِ السُّنَنُ الْقُذَّةَ بِالْقُذَّةِ، وَمِشْكَاةً بِمِشْكَاةٍ وَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ فِيكُمْ مَا كَانَ فِي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَلَوْ كُنْتُمْ عَلَى أمْرٍ وَاحِدٍ كُنْتُمْ عَلَى غَيْر سُنَّةِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَلَوْ أنَّ الْعُلَمَاءَ وَجَدُوا مَنْ يُحَدَّثُونَهُمْ، وَيَكْتُمُ سِرَّهُمْ لَحَدَّثُوا وَلَبَثُّوا(4) الْحِكْمَةَ، وَلَكِنْ قَدِ ابْتَلاَكُمُ اللهُ عزّ وجل بِالإذَاعَةِ وَأنْتُمْ قَوْمٌ تُحِبُّونَّا بِقُلُوبكُمْ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ فِعْلُكُمْ، وَاللهِ مَا يَسْتَوي اخْتِلاَفُ أصْحَابِكَ وَلِهَذَا ).
ص: 54
اُسِرَّ(1) عَلَى صَاحِبكُمْ لِيُقَالَ: مُخْتَلِفِينَ. مَا لَكُمْ لاَ تَمْلِكُونَ أنْفُسَكُمْ، وَتَصْبِرُونَ حَتَّى يَجِي ءَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالَّذِي تُريدُونَ؟ إِنَّ هَذَا الأمْرَ لَيْسَ يَجِيءُ عَلَى مَا تُريدُ النَّاسُ إِنَّمَا هُوَ أمْرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَضَاؤُهُ وَالصَّبْرُ، وَإِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ.
إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَادَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَقَالَ لَهُ: يَا صَعْصَعَةُ لاَ تَفْتَخِرْ عَلَى إِخْوَانِكَ بِعِيَادَتِي إِيَّاكَ، وَانْظُرْ لِنَفْسِكَ، وَكَأنَّ الأمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكَ، وَلاَ يُلْهِيَنَّكَ الأمَلُ، وَقَدْ رَأيْتَ مَا كَانَ مِنْ مَوْلَى آل يَقْطِينٍ، وَمَا وَقَعَ مِنْ عِنْدِ الْفَرَاعِنَةِ مِنْ أمْركُمْ، وَلَوْ لاَ دِفَاعُ اللهِ عَنْ صَاحِبكُمْ، وَحُسْن تَقْدِيرهِ لَهُ وَلَكُمْ، هُوَ وَاللهِ مِنَ اللهِ وَدِفَاعِهِ عَنْ أوْلِيَائِهِ، أمَا كَانَ لَكُمْ فِي أبِي الْحَسَن صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عِظَةٌ؟ مَا تَرَى حَالَ هِشَام؟ هُوَ الَّذِي صَنَعَ بِأبِي الْحَسَن عليه السلام مَا صَنَعَ، وَقَالَ لَهُمْ وَأخْبَرَهُمْ، أتَرَى اللهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا رَكِبَ مِنَّا؟ وَقَالَ: لَوْ أعْطَيْنَاكُمْ مَا تُريدُونَ لَكَانَ شَرّاً لَكُمْ وَلَكِنَّ الْعَالِمَ يَعْمَلُ بِمَا يَعْلَمُ)(2).
18 _ علل الشرائع: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ بِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن يَقْطِينٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن مُوسَى عليه السلام: مَا بَالُ مَا رُويَ فِيكُمْ مِنَ الْمَلاَحِم لَيْسَ كَمَا رُويَ، وَمَا رُويَ فِي أعَادِيكُمْ قَدْ صَحَّ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: (إِنَّ الَّذِي خَرَجَ فِي أعْدَائِنَا كَانَ مِنَ الْحَقَّ فَكَانَ كَمَا قِيلَ، وَأنْتُمْ عُلّلْتُمْ بِالأمَانِيَّ فَخَرَجَ إِلَيْكُمْ كَمَا خَرَجَ)(3).
19 _ الاحتجاج: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ أنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهِ 6.
ص: 55
عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ: (أمَّا ظُهُورُ الْفَرَج فَإنَّهُ إِلَى اللهِ، وَكَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(1).
20 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا مَنْصُورُ إِنَّ هَذَا الأمْرَ لاَ يَأتِيكُمْ إِلاَّ بَعْدَ إِيَاسٍ، لاَ وَاللهِ(2) حَتَّى تُمَيَّزُوا، لاَ وَاللهِ(3) حَتَّى تُمَحَّصُوا، لاَ وَاللهِ(4) حَتَّى يَشْقَى مَنْ يَشْقَى، وَيَسْعَدَ مَنْ يَسْعَدُ)(5).
21 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ هَانِئ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً الْمُتَمَسَّكُ فِيهَا بِدِينهِ كَالْخَارطِ لِلْقَتَادِ) ثُمَّ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(6).
الغيبة للطوسي: سعد، عن اليقطيني، مثله(7).
بيان: (القتاد) شجر عظيم له شوك مثل الأبر، و(خرط القتاد) يضرب مثلاً للأمور الصعبة.
22 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَبْدِ اللهِ الأصَمَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُخْتَارٍ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ عَبْدِ 5.
ص: 56
الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ بِلاَ إِمَام هُدًى، وَلاَ عَلَم، يَبْرَاُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُمَيَّزُونَ وَتُمَحَّصُونَ وَتُغَرْبَلُونَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتِلاَفُ السَّنِينَ(1) وَإِمَارَةٌ مِنْ أوَّل النَّهَار، وَقَتْلٌ وَقَطْعٌ(2) فِي آخِر النَّهَار)(3).
بيان: (اختلاف السنين) أي السنين المجدبة والقحط، أو كناية عن نزول الحوادث في كلّ سنة.
23 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ جَمَاعَةً نَتَحَدَّثُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: (فِي أيَّ شَيْءٍ أنْتُمْ؟ أيْهَاتَ أيْهَاتَ لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُغَرْبَلُوا، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُوا(4)، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ إِلاَّ بَعْدَ إِيَاسٍ، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى يَشْقَى مَنْ شَقِيَ، وَيَسْعَدَ مَنْ سَعِدَ)(5).
الغيبة للنعماني: أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد المحمّدي من كتابه في سنة ثمان وستّين ومائتين، عن محمّد بن منصور الصيقل، عن أبيه، عن الباقر عليه السلام، مثله(6).6.
ص: 57
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أنَا وَالْحَارثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِنَا جُلُوساً عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام يَسْمَعُ كَلاَمَنَا، قَالَ... وَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلاَّ أنَّهُ يَقُولُ فِي كُلّ مَرَّةٍ: (لاَ وَاللهِ مَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْنَاقَكُمْ(1) بِيَمِينٍ)(2).
24 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو الْحَسَن عليه السلام: (أمَا وَاللهِ لاَ يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُوا وَتُمَحَّصُوا. وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأنْدَرُ)، ثُمَّ تَلاَ: (أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَم اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرينَ)(3).
25 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: (وَتُمَحَّصُوا ثُمَّ يَذْهَبُ مِنْ كُلّ عَشَرَةٍ شَيْءٌ وَلاَ يَبْقَى)(4).
26 _ الغيبة للطوسي: سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن الْحُسَيْن بْن عِيسَى الْعَلَويَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: (إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنَ الأئِمَّةِ فَاللهَ اللهَ فِي أدْيَانِكُمْ لاَ يُزيلَنَّكُمْ عَنْهَا أحَدٌ، يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللهِ امْتَحَنَ اللهُ بِهَا خَلْقَهُ)(5).4.
ص: 58
27 _ الغيبة للطوسي: الأسَدِيُّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم وَأبِي بَصِيرٍ، قَالاَ: سَمِعْنَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا النَّاس)، فَقُلْنَا: إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا النَّاس فَمَنْ يَبْقَى؟ فَقَالَ: (أمَا تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي)(1).
28 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَتَى يَكُونُ فَرَجُكُمْ؟ فَقَالَ: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لاَ يَكُونُ فَرَجُنَا حَتَّى تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا _ يَقُولُهَا ثَلاَثاً _ حَتَّى يَذْهَبَ الْكَدِرُ وَيَبْقَى الصَّفْوُ)(2).
29 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ(3)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هُلَيْلٍ(4)، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَاتَ أبِي عَلَى هَذَا الأمْر وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ السَّنِينَ مَا قَدْ تَرَى، أمُوتُ وَلاَ تُخْبِرُني بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: (يَا أبَا إِسْحَاقَ أنْتَ تَعْجَلُ)، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ أعْجَلُ، وَمَا لِي لاَ أعْجَلُ وَقَدْ بَلَغْتُ ).
ص: 59
مِنَ السَّنَّ مَا تَرَى؟ فَقَالَ: (أمَا وَاللهِ يَا أبَا إِسْحَاقَ مَا يَكُونُ ذَلِكَ، حَتَّى تُمَيَّزُوا وَتُمَحَّصُوا، وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأقَلُّ) ثُمَّ صَعَّرَ كَفَّهُ(1).
30 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، قَالَ: قَالَ أبُو الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: (وَاللهِ مَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ إِلَيْهِ حَتَّى تُمَحَّصُوا وَتُمَيَّزُوا وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأنْدَرُ فَالأنْدَرُ)(2).
31 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْمَغْرَاءِ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَمْ مَعَ الْقَائِم مِنَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: (شَيْءٌ يَسِيرٌ)، فَقُلْتُ: وَاللهِ إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الأمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ، فَقَالَ: (لاَ بُدَّ لِلنَّاس مِنْ أنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا وَيَخْرُجُ فِي الْغِرْبَال خَلْقٌ كَثِيرٌ)(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن عليّ، عن أبي المغراء، عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول... وذكر مثله(4).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري، 7.
ص: 60
عن أبيه، عن محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد الحميري، عن الأنباري، مثله(1).
32 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن(2) بْن عَلِيَّ بْن زيَادٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَتُمَيَّزُنَّ وَ(اللهِ)(3) لَتُمَحَّصُنَّ وَاللهِ لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ مِنَ الْقَمْح)(4).
33 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ مِسْكِينٍ الرَّحَّال، عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ نُفَيْلٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عليًّ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَبْرَأ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَحَتَّى يُسَمَّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ)(5).
34 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدٌ وَأحْمَدُ ابْنَا الْحَسَن(6)، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أبِي كَهْمَسٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ مَالِكِ بْن ضَمْرَةَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (يَا مَالِكَ بْنَ ضَمْرَةَ! كَيْفَ أنْتَ إِذَا اخْتَلَفَتِ الشّيعَةُ هَكَذَا؟) وَشَبَّكَ أصَابِعَهُ وَأدْخَلَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ ح.
ص: 61
الْمُؤْمِنينَ مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ يَا مَالِكُ، عِنْدَ ذَلِكَ يَقُومُ قَائِمُنَا فَيُقَدَّمُ سَبْعِينَ رَجُلاً يَكْذِبُونَ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ فَيَقْتُلُهُمْ، ثُمَّ يَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى أمْرٍ وَاحِدٍ)(1).
35 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَمَّر بْن خَلاَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام يَقُولُ: (((الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))(2))، ثُمَّ قَالَ لِي: (مَا الْفِتْنَةُ؟)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الَّذِي عِنْدَنَا أنَّ الْفِتْنَةَ فِي الدَّين، ثُمَّ قَالَ: (يُفْتَنُونَ كَمَا يُفْتَنُ الذَّهَبُ)، ثُمَّ قَالَ: (يُخْلَصُونَ كَمَا يُخْلَصُ الذَّهَبُ)(3).
36 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن صَالِح رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (إِنَّ حَدِيثَكُمْ هَذَا لَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ قُلُوبُ الرَّجَال، فَانْبِذُوا(4) إِلَيْهِمْ نَبْذاً فَمَنْ أقَرَّ بِهِ فَزيدُوهُ، وَمَنْ أنْكَرَهُ فَذَرُوهُ، إِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ أنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ حَتَّى يَسْقُطَ فِيهَا مَنْ يَشُقُّ الشَّعْرَةَ بِشَعْرَتَيْن حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ نَحْنُ وَشِيعَتُنَا)(5).
37 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ أبِي هَرَاسَةَ الْبَاهِلِيَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ صَبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ 3.
ص: 62
عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كُونُوا كَالنَّحْل فِي الطَّيْر لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْر إِلاَّ وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا، وَلَوْ عَلِمَتِ الطَّيْرُ مَا فِي أجْوَافِهَا مِنَ الْبَرَكَةِ لَمْ يَفْعَلْ(1) بِهَا ذَلِكَ، خَالِطُوا النَّاسَ بِألْسِنَتِكُمْ وَأبْدَانِكُمْ وَزَايِلُوهُمْ بِقُلُوبكُمْ وَأعْمَالِكُمْ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يُسَمَّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ _ أوْ قَالَ: مِنْ شِيعَتِي _ (إِلاَّ) كَالْكُحْل فِي الْعَيْن وَالْمِلْح فِي الطَّعَام وَسَأضْربُ لَكُمْ مَثَلاً، وَهُوَ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ لَهُ طَعَامٌ، فَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ أدْخَلَهُ بَيْتاً وَتَرَكَهُ فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإذَا هُوَ قَدْ (أصَابَهُ السُّوسُ فَأخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ ثُمَّ أعَادَهُ إِلَى الْبَيْتِ فَتَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإذَا هُوَ قَدْ)(2) أصَابَ(3) طَائِفَةً مِنْهُ السُّوسُ فَأخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ وَأعَادَهُ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ رزْمَةٌ كَرزْمَةِ الأنْدَر لاَ يَضُرُّهُ السُّوسُ شَيْئاً، وَكَذَلِكَ أنْتُمْ تُمَيَّزُونَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ عِصَابَةٌ لاَ تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ شَيْئاً)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن على بن التيملي، عن محمّد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي كهمس وغيره، رفع الحديث إلى أميرالمؤمنين عليه السلام وذكر مثله(5).
بيان: قوله عليه السلام: (كالنحل في الطير) أمر بالتقية، أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحقّ كما أنَّ النحل لا يظهر ما في بطنها على 7.
ص: 63
الطيور وإلاَّ لأفنوها، و(الرزمة) باكسر ما شدّ في ثوب واحد، و(الأندر) البيدر(1).
38 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس بْن عِيسَى، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ الْبَاقِرُ: (إِنَّمَا مَثَلُ شِيعَتِنَا مَثَلُ أنْدَرٍ يَعْنِي بِهِ بَيْتاً فِيهِ طَعَامٌ(2) فَأصَابَهُ آكِلٌ فَنُقّيَ ثُمَّ أصَابَهُ آكِلٌ فَنُقّيَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُ مَا لاَ يَضُرُّهُ الآكِلُ، وَكَذَلِكَ شِيعَتُنَا يُمَيَّزُونَ وَيُمَحَّصُونَ حَتَّى يَبْقَى(3) مِنْهُمْ عِصَابَةٌ لاَ تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ)(4).
39 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ الْمُحَمَّدِيَّ، عَن التَّفْلِيسِيَّ، عَن السَّمَنْدِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْمُؤْمِنُونَ يُبْتَلَوْنَ ثُمَّ يُمَيَّزُهُمُ اللهُ عِنْدَهُ، إِنَّ اللهَ لَمْ يُؤْمِن الْمُؤْمِنينَ مِنْ بَلاَءِ الدُّنْيَا وَمَرَائِرهَا، وَلَكِنَّهُ آمَنَهُمْ مِنَ الْعَمَى وَالشَّقَاءِ فِي الآخِرَةِ)، ثُمَّ قَالَ:8.
ص: 64
(كَانَ(1) الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام يَضَعُ قَتْلاَهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يَقُولُ: قَتْلاَنَا قَتْلَى النَّبِيَّينَ(2) وَآل النَّبِيَّينَ).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(3)، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ: مَا لِهَذَا الأمْر أمَدٌ يُنْتَهَى إِلَيْهِ وَنُريحُ(4) أبْدَانَنَا؟ قَالَ: (بَلَى وَلَكِنَّكُمْ أذَعْتُمْ فَأخَّرَهُ اللهُ)(5).
41 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَبَّاسِيَّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا مُحَمَّدُ مَنْ أخْبَرَكَ عَنَّا تَوْقِيتاً فَلاَ تَهَابُهُ(6) أنْ تُكَذّبَهُ، فَإنَّا لاَ نُوَقّتُ(7) وَقْتاً)(8).
42 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل(9) بْن إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ (وَمُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن الْقَطَوَانِيَّ)(10) جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ ر.
ص: 65
بْن عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (قَدْ كَانَ لِهَذَا الأمْر وَقْتٌ وَكَانَ فِي سَنَةِ أرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَحَدَّثْتُمْ بِهِ وَأذَعْتُمُوهُ فَأخَّرَهُ اللهُ عزّ وجل)(1).
43 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا إِسْحَاقُ إِنَّ هَذَا الأمْرَ قَدْ اُخّرَ مَرَّتَيْن)(2).
44 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ شُيُوخِهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَن الْقَائِم فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّا أهْلُ بَيْتٍ لاَ نُوَقّتُ)، ثُمَّ قَالَ: (أبَى اللهُ إِلاَّ أنْ يُخَالِفَ(3) وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ)(4).
45 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْخَزَّاز، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيَّ، عَن الْفَضْل(5) بْن يَسَارٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِهَذَا الأمْر وَقْتاً؟ فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا خَرَجَ وَافِداً إِلَى رَبَّهِ وَاعَدَهُمْ ثَلاَثِينَ يَوْماً فَلَمَّا زَادَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الثَّلاَثِينَ عَشْراً، قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: قَدْ أخْلَفَنَا مُوسَى فَصَنَعُوا مَا صَنَعُوا)، (قَالَ)(6): (فَإذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ، وَإِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى خِلاَفِ مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ، فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ تُؤْجَرُوا مَرَّتَيْن)(7).3.
ص: 66
46 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن إِسْمَاعِيلَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مِهْزَم(1)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَهُ مُلُوكَ بَنِي فُلاَنٍ فَقَالَ: (إِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ مِن اسْتِعْجَالِهِمْ لِهَذَا الأمْر، إِنَّ اللهَ لاَ يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ، إِنَّ لِهَذَا الأمْر غَايَةً يُنْتَهَى إِلَيْهَا فَلَوْ قَدْ بَلَغُوهَا لَمْ يَسْتَقْدِمُوا سَاعَةً وَلَمْ يَسْتَأخِرُوا)(2).
47 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّا لاَ نُوَقّتُ هَذَا الأمْرَ)(3).
48 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(4) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَازم(5)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى خُرُوجُ الْقَائِم عليه السلام؟ فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ لاَ نُوَقَّتُ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ عليه السلام: كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّ قُدَّامَ هَذَا ).
ص: 67
الأمْر خَمْسَ عَلاَمَاتٍ: أوَّلُهُنَّ النّدَاءُ فِي شَهْر رَمَضَانَ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَخُرُوجُ الْخُرَاسَانِيَّ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ).
ثُمَّ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ قُدَّامَ ذَلِكَ الطَّاعُونَان: الطَّاعُونُ الأبْيَضُ وَالطَّاعُونُ الأحْمَرُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّ شَيْءٍ الطَّاعُونُ الأبْيَضُ؟ وَأيُّ شَيْ ءٍ الطَّاعُونُ الأحْمَرُ؟ قَالَ: (الطَّاعُونُ الأبْيَضُ الْمَوْتُ الْجَاذِفُ(1)، وَالطَّاعُونُ الأحْمَرُ السَّيْفُ، وَلاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ حَتَّى يُنَادَى بِاسْمِهِ مِنْ جَوْفِ السَّمَاءِ فِي لَيْلَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ (فِي شَهْر رَمَضَانَ)(2) لَيْلَةَ جُمُعَةٍ)، قُلْتُ: بِمَ يُنَادَى؟ قَالَ: (بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ: ألاَ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأطِيعُوهُ، فَلاَ يَبْقَى شَيْءٌ خَلَقَ اللهُ فِيهِ الرُّوحَ إِلاَّ سَمِعَ الصَّيْحَةَ فَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَيَخْرُجُ إِلَى صَحْن دَارهِ، وَتَخْرُجُ الْعَذْرَاءُ مِنْ خِدْرهَا، وَيَخْرُجُ الْقَائِمُ مِمَّا يَسْمَعُ، وَهِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام(3).
بيان: (الجاذف) السريع.
49 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ اللهَ أوْحَى إِلَى عِمْرَانَ أنّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً سَويّاً مُبَارَكاً يُبْرئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإذْن اللهِ وَجَاعِلُهُ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَحَدَّثَ عِمْرَانُ امْرَأتَهُ حَنَّةَ بِذَلِكَ وَهِيَ 6.
ص: 68
اُمُّ مَرْيَمَ، فَلَمَّا حَمَلَتْ كَانَ حَمْلُهَا بِهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غلام، فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ: ((رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُْنْثى))(1) أيْ لاَ تَكُونُ الْبِنْتُ رَسُولاً. يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ)) فَلَمَّا وَهَبَ اللهُ لِمَرْيَمَ عِيسَى كَانَ هُوَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِمْرَانَ وَوَعَدَهُ إِيَّاهُ، فَإذَا قُلْنَا فِي الرَّجُل مِنَّا شَيْئاً فَكَانَ فِي وَلَدِهِ أوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلاَ تُنْكِرُوا ذَلِكَ)(2).
بيان: حاصل هذا الحديث وأضرابه أنَّه قد يحمل المصالح العظيمة الأنبياء والأوصياء عليهم السلام على أن يتكلّموا في بعض الأمور على وجه المجاز والتورية وبالأمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو والإثبات ثُمَّ يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأوّل فيجب عليهم أن لا يحملوه على الكذب ويعلموا أنَّ المراد منه غير ما فهموه كمعنى مجازي أو كان وقوعه مشروطاً بشرط لم يتحقّق.
ومن جملة ذلك زمان قيام القائم عليه السلام وتعيينه من بينهم عليهم السلام لئلاّ ييأس الشيعة ويسلوا أنفسهم من ظلم الظالمين بتوقّع قرب الفرج فربما قالوا: فلان القائم، ومرادهم القائم بأمر الإمامة كما قالوا: (كلّنا قائمون بأمرالله)، وربما فهمت الشيعة أنَّه القائم بأمر الجهاد والخارج بالسيف، أو أرادوا أنَّه إن أذن الله له في ذلك يقوم به، أو إن عملت الشيعة بما يجب عليهم من الصبر وكتمان السرّ وطاعة الإمام يقوم به، أو كما روي عن الصادق عليه السلام أنَّه قال: (ولدي هو القائم) والمراد به السابع من ولده لا ولده بلا واسطة.1.
ص: 69
ثُمَّ مثل ذلك بما أوحى الله سبحانه إلى عمران: أنّي واهب لك ذكراً، وكان المراد ولد الولد، وفهمت حنّة أنَّه الولد بلا واسطة فالمراد بقوله عليه السلام: (فإذا قلنا...) إلى آخره، أي بحسب فهم الناس أو ظاهر اللفظ، أو المراد أنَّه قيل فيه حقيقة ولكن كان مشروطاً بأمر لم يقع فوقع فيه البداء بالمعنى الذي حقّقناه في بابه ووقع في ولده.
وعلى هذا ما ذكر في أمر عيسى عليه السلام إنَّما ذكر على التنظير وإن لم تكن بينهما مطابقه تامّة أو كان أمر عيسى أيضاً كذلك بأنَّه كان قدّر في الولد بلا واسطة وأخبر به ثُمَّ وقع فيه البداء وصار في ولد الولد.
ويحتمل المثل ومضربه معاً وجهاً آخر وهو أن يكون المراد فيهما معنى مجازيّاً على وجه آخر، ففي المثل أطلق الذكر السوي على مريم عليها السلام لأنَّها سبب وجود عيسى عليه السلام إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، وكذا في المضرب أطلق القائم على من في صلبه القائم إمَّا على الوجه المذكور أو إطلاقاً لاسم الجزء على الكلّ وإن كانت الجزئية أيضاً مجازيّة والله يعلم مرادهم عليهم السلام.
50 _ كِتَابُ الْمُحْتَضَر لِلْحَسَن بْن سُلَيْمَانَ تِلْمِيذِ الشَّهِيدِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا: قَالَ: رُويَ أنَّهُ وَجَدَ بِخَطّ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريَّ عليه السلام مَا صُورَتُهُ: (قَدْ صَعِدْنَا ذُرَى الْحَقَائِقِ بِأقْدَام النُّبُوَّةِ وَالْوَلاَيَةِ...) وَسَاقَهُ إِلَى أنْ قَالَ: (وَسَيَسْفِرُ لَهُمْ يَنَابِيعُ الْحَيَوَان بَعْدَ لَظَى النّيرَان لِتَمَام ((الم)) وَ((طه)) وَالطَّوَاسِين مِنَ السَّنِينَ)(1).
بيان: يحتمل أن يكون المراد كلّ ((الم)) وكلّ ما اشتمل عليها من ا.
ص: 70
المقطعات أي ((المص)) والمراد جميعها مع ((طه)) والطواسين ترتقي إلى ألف ومائة وتسعة وخمسين وهو قريب من أظهر الوجوه التي ذكرناها في خبر أبي لبيد، ويؤيّده كما أومأنا إليه.
ثُمَّ إنَّ هذه التوقيتات على تقدير صحّة أخبارها لا ينافي النهي عن التوقيت إذ المراد بها النهي عن التوقيت على الحتم، لا على وجه يحتمل البداء كما صرّح في الأخبار السالفة، أو عن التصريح به فلا ينافي الرمز والبيان على وجه يحتمل الوجوه الكثيرة، أو يخصّص بغير المعصوم عليه السلام وينافي الأخير بعض الأخبار والأوّل أظهر.
وغرضنا من ذكر تلك الوجوه إبداء احتمال لا ينافي ما مرَّ من هذا الزمان فإن مرَّ هذا الزمان ولم يظهر الفرج والعياذ بالله كان ذلك من سوء فهمنا والله المستعان. مع أنَّ احتمال البداء قائم في كلّ من محتملاتها كما مرَّت الإشارة إليه في خبر ابن يقطين والثمالي وغيرهما، فاحذر من وساوس شياطين الإنس والجان وعلى الله التكلان.
* * *
ص: 71
ص: 72
ص: 73
ص: 74
1 _ الخصال: فِي خَبَر الأعْمَش، قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (مِنْ دِين الأئِمَّةِ الْوَرَعُ وَالْعِفَّةُ وَالصَّلاَحُ...) إِلَى قَوْلِهِ: (وَانْتِظَارُ الْفَرَج بِالصَّبْر)(1).
2 _ عيون أخبار الرضا: بِالأسَانِيدِ الثَّلاَثَةِ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أفْضَلُ أعْمَال اُمَّتِي انْتِظَارُ فَرَج اللهِ عزّ وجل)(2).
3 _ أمالي الطوسي: ابْنُ حَمَّوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن بَكْرٍ، عَن ابْن مُقْبِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَبِيبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ الْقَرَويَّ(3)، عَنْ سَعِيدِ بْن مُسْلِم، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عليًّ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ رَضِيَ عَن(4) اللهِ بِالْقَلِيل مِنَ الرَّزْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ(5) بِالْقَلِيل مِنَ الْعَمَل، وَانْتِظَارُ الْفَرَج عِبَادَةٌ)(6).
أقُولُ: سَيَأتِي فِي بَابِ مَوَاعِظِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ سَألَ عَنْهُ رَجُلٌ: أيُّ الأعْمَال أحَبُّ إِلَى اللهِ عزّ وجل؟ قَالَ: (انْتِظَارُ الْفَرَج).
4 _ الاحتجاج: عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (تَمْتَدُّ الْغَيْبَةُ بِوَلِيَّ اللهِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أوْصِيَاءِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالأئِمَّةِ بَعْدَهُ، يَا أبَا خَالِدٍ إِنَّ أهْلَ زَمَان غَيْبَتِهِ، الْقَائِلُونَ(7) ).
ص: 75
بِإمَامَتِهِ، الْمُنْتَظِرُونَ لِظُهُورهِ، أفْضَلُ أهْل كُلّ زَمَانٍ، لأنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُول وَالأفْهَام وَالْمَعْرفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزلَةِ الْمُشَاهَدَةِ، وَجَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان بِمَنْزلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالسَّيْفِ، اُولَئِكَ الْمُخْلَصُونَ حَقّاً، وَشِيعَتُنَا صِدْقاً، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِين اللهِ سِرّاً وَجَهْراً)، وَقَالَ عليه السلام: (انْتِظَارُ الْفَرَج مِنْ أعْظَم الْفَرَج)(1).
5 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن ابْن قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ بَعْدَ مَا قَضَيْنَا نُسُكَنَا فَوَدَّعْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: أوْصِنَا يَا ابْنَ رَسُول اللهِ، فَقَالَ: (لِيُعِنْ قَويُّكُمْ ضَعِيفَكُمْ، وَلْيَعْطِفْ غَنِيُّكُمْ عَلَى فَقِيركُمْ، وَلْيَنْصَح الرَّجُلُ أخَاهُ كَنُصْحِهِ(2) لِنَفْسِهِ، وَاكْتُمُوا أسْرَارَنَا، وَلاَ تَحْمِلُوا النَّاسَ عَلَى أعْنَاقِنَا.
وَانْظُرُوا أمْرَنَا وَمَا جَاءَكُمْ عَنَّا، فَإنْ وَجَدْتُمُوهُ فِي الْقُرْآن(3) مُوَافِقاً فَخُذُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مُوَافِقاً فَرُدُّوهُ، وَإِن اشْتَبَهَ الأمْرُ عَلَيْكُمْ فَقِفُوا عِنْدَهُ، وَرُدُّوهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَشْرَحَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا شُرحَ لَنَا، فَإذَا كُنْتُمْ كَمَا أوْصَيْنَاكُمْ وَلَمْ تَعَدَّوْا إِلَى غَيْرهِ فَمَاتَ مِنْكُمْ مَيَّتٌ قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ قَائِمُنَا كَانَ شَهِيداً، وَمَنْ أدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أجْرُ شَهِيدَيْن، وَمَنْ قَتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أجْرُ عِشْرينَ شَهِيداً)(4).
6 _ كمال الدين، ومعاني الأخبار: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن 0.
ص: 76
الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن الْعَمْرَكِيَّ الْبُوفَكِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (طُوبَى لِمَنْ تَمَسَّكَ بِأمْرنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا فَلَمْ يَزغْ قَلْبُهُ بَعْدَ الْهِدَايَةِ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا طُوبَى؟ قَالَ: (شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أصْلُهَا فِي دَار عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَلَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَفِي دَارهِ غُصْنٌ مِنْ أغْصَانِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ))(1).(2)
7 _ الخصال: الأرْبَعُمِائَةِ، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (انْتَظَرُوا الْفَرَجَ وَلاَ تَيْأسُوا مِنْ رَوْح اللهِ، فَإنَّ أحَبَّ الأعْمَال إِلَى اللهِ عزّ وجل انْتِظَارُ الْفَرَج)(3).
وَقَالَ عليه السلام: (مُزَاوَلَةُ قَلْع الْجِبَال أيْسَرُ مِنْ مُزَاوَلَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ، وَاسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، لاَ تُعَاجِلُوا الأمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الأمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ)(4).
وَقَالَ عليه السلام: (الآخِذُ بِأمْرنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظِيرَةِ الْقُدْس، وَالْمُنْتَظِرُ لأمْرنَا كَالْمُتَشَحَّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيل اللهِ)(5).
8 _ بصائر الدرجات: ابْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِهِ:0.
ص: 77
اللهُمَّ لَقّني إِخْوَانِي مَرَّتَيْن، فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أصْحَابِهِ: أمَا نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: لاَ، إِنَّكُمْ أصْحَابِي وَإِخْوَانِي قَوْمٌ فِي(1) آخِر الزَّمَان آمَنُوا(2) وَلَمْ يَرَوْني، لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ اللهُ بِأسْمَائِهِمْ وَأسْمَاءِ آبَائِهِمْ، مِنْ قَبْل أنْ يُخْرجَهُمْ مِنْ أصْلاَبِ آبَائِهِمْ وَأرْحَام اُمَّهَاتِهِمْ، لأحَدُهُمْ أشَدُّ بَقِيَّةً عَلَى دِينهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، أوْ كَالْقَابِض عَلَى جَمْر الْغَضَا، اُولَئِكَ مَصَابِيحُ الدُّجَى، يُنْجِيهِمُ اللهُ مِنْ كُلّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ)(3).
9 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(4)، قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِقِيَام الْقَائِم أنَّهُ حَقٌّ).
10 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيَّ، عَن النَّخَعِيَّ، عَن النَّوْفَلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي الْقَاسِم، قَالَ: سَألْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(5)، فَقَالَ: (الْمُتَّقُونَ شِيعَةُ عليًّ عليه السلام، وَالْغَيْبُ فَهُوَ الْحُجَّةُ الْغَائِبُ، وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(6))، ة.
ص: 78
فَأخْبَرَ عزّ وجل أنَّ الآيَةَ هِيَ الْغَيْبُ، وَالْغَيْبُ هُوَ الْحُجَّةُ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً))(1) يَعْنِي حُجَّةً(2).
بيان: قوله: (وشاهد ذلك) كلام الصدوق رحمه الله(3).
11 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْبَاقِر، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَج)(4).
12 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الشَّاهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(5)، عَنْ أحْمَدَ بْن خَالِدٍ الْخَالِدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن صَالِح التَّمِيمِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَاتِم الْقَطَّان، عَنْ حَمَّادِ بْن عَمْرٍو، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم لِعليًّ عليه السلام: (يَا عَلِيُّ! وَاعْلَمْ أنَّ أعْظَمَ النَّاس يَقِينا(6) قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِر الزَّمَان، لَمْ يَلْحَقُوا النَّبِيَّ وَحُجِبَ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ فَآمَنُوا بِسَوَادٍ فِي بَيَاضٍ)(7).
13 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بِسْطَامَ بْن مُرَّةَ، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ(8) سَيَّدُ الْعَابِدِينَ عليه السلام: (مَنْ ثَبَتَ عَلَى ).
ص: 79
وَلاَيَتِناَ(1) فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا أعْطَاهُ اللهُ أجْرَ ألْفِ شَهِيدٍ مِثْل(2) شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَاُحُدٍ)(3).
دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (مَنْ مَاتَ عَلَى مُوَالاَتِنَا)(4).
14 _ المحاسن: السَّنْدِيُّ(5)، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا تَقُولُ فِيمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا الأمْر مُنْتَظِراً لَهُ؟ قَالَ: (هُوَ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ: (هُوَ كَمَنْ كَانَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(6).
15 _ المحاسن: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى النُّمَيْريَّ، عَنْ عَلاَءِ بْن سَيَابَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الأمْر مُنْتَظِراً لَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِم عليه السلام)(7).
كمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن النميري، مثله(8).1.
ص: 80
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسن(1)، عن على بن عقبة، مثله(2).
16 _ المحاسن: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ الْكَلْبِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أصْلَحَكَ اللهُ، وَاللهِ لَقَدْ تَرَكْنَا أسْوَاقَنَا انْتِظَاراً لِهَذَا الأمْر حَتَّى أوْشَكَ الرَّجُلُ مِنَّا يَسْألُ فِي يَدَيْهِ، فَقَالَ: (يَا عَبْدَ الْحَمِيدِ أتَرَى مَنْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ لاَ يَجْعَلُ اللهُ لَهُ مَخْرَجاً؟، بَلَى وَاللهِ لَيَجْعَلَنَّ اللهُ لَهُ مَخْرَجاً، رَحِمَ اللهُ عَبْداً حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَيْنَا، رَحِمَ اللهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا)، قَالَ: قُلْتُ: فَإنْ مِتُّ قَبْلَ أنْ اُدْركَ الْقَائِمَ؟ فَقَالَ: (الْقَائِلُ مِنْكُمْ: إِنْ أدْرَكْتُ الْقَائِمَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ نَصَرْتُهُ كَالْمُقَارع مَعَهُ بِسَيْفِهِ، وَالشَّهِيدُ مَعَهُ لَهُ شَهَادَتَان)(3).
كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ(4)، عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (كَالْمُقَارع بِسَيْفِهِ، بَلْ(5) كَالشَّهِيدِ مَعَهُ)(6).
17 _ المحاسن: ابْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ مَالِكِ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْمَيَّتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الأمْر بِمَنْزلَةِ الضَّاربِ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيل اللهِ)(7).7.
ص: 81
18 _ المحاسن: عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَان، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ وَغَيْرهِ، عَن الْفَيْض بْن الْمُخْتَار، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِهَذَا الأمْر كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)، قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ: (لاَ بَلْ كَمَنْ قَارَعَ مَعَهُ بِسَيْفِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (لاَ وَاللهِ إِلاَّ كَمَن اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(1).
19 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (لَمَّا دَخَلَ سَلْمَانُ رضي الله عنه الْكُوفَةَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا ذَكَرَ مَا يَكُونُ مِنْ بَلاَئِهَا حَتَّى ذَكَرَ مُلْكَ بَنِي اُمَيَّةَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ)، ثُمَّ قَالَ: (فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْزَمُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى يَظْهَرَ الطَّاهِرُ بْنُ الطَّاهِر الْمُطَهَّر ذُو الْغَيْبَةِ الشَّريدُ الطَّريدُ)(2).
20 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَن الْقَاسِم بْن هِشَام اللُّؤْلُؤيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: الْعِبَادَةُ مَعَ الإمَام مِنْكُمُ الْمُسْتَتِر فِي السَّرَّ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل أفْضَلُ أم الْعِبَادَةُ فِي ظُهُور الْحَقَّ وَدَوْلَتِهِ مَعَ الإمَام الظَّاهِر مِنْكُمْ؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّارُ الصَّدَقَةُ فِي السَّرَّ وَاللهِ(3) أفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْعَلاَنِيَةِ، وَكَذَلِكَ عِبَادَتُكُمْ فِي السَّرَّ مَعَ إِمَامِكُمُ الْمُسْتَتِر فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل أفْضَلُ، لِخَوْفِكُمْ مِنْ عَدُوَّكُمْ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل وَحَال الْهُدْنَةِ، مِمَّنْ يَعْبُدُ اللهَ فِي ظُهُور الْحَقَّ مَعَ الإمَام الظَّاهِر ).
ص: 82
فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ، وَلَيْسَ الْعِبَادَةُ مَعَ الْخَوْفِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل مِثْلَ الْعِبَادَةِ مَعَ الأمْن فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ.
اعْلَمُوا أنَّ مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلاَةً فَريضَةً وُحْدَاناً مُسْتَتِراً بِهَا مِنْ عَدُوَّهِ فِي وَقْتِهَا فَأتَمَّهَا كَتَبَ اللهُ عزّ وجل لَهُ بِهَا خَمْس(1) وَعِشْرينَ صَلاَةً فَريضَةً وَحْدَانِيَّةً، وَمَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلاَةً نَافِلَةً فِي وَقْتِهَا فَأتَمَّهَا كَتَبَ اللهُ عزّ وجل لَهُ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ نَوَافِلَ، وَمَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ حَسَنَةً كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عِشْرينَ حَسَنَةً، وَيُضَاعِفُ اللهُ تَعَالَى حَسَنَاتِ الْمُؤْمِن مِنْكُمْ إِذَا أحْسَنَ أعْمَالَهُ، وَدَانَ اللهَ بِالتَّقِيَّةِ عَلَى دِينهِ، وَعَلَى إِمَامِهِ وَعَلَى نَفْسِهِ، وَأمْسَكَ مِنْ لِسَانِهِ. أضْعَافاً مُضَاعَفَةً كَثِيرَةً إِنَّ اللهَ عزّ وجل كَريمٌ).
قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ رَغَّبْتَنِي فِي الْعَمَل، وَحَثَثْتَنِي عَلَيْهِ، وَلَكِنّي اُحِبُّ أنْ أعْلَمَ: كَيْفَ صِرْنَا نَحْنُ الْيَوْمَ أفْضَلَ أعْمَالاً مِنْ أصْحَابِ الإمَام مِنْكُمُ الظَّاهِر فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ، وَنَحْنُ وَهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ دِينُ اللهِ عزّ وجل؟
فَقَالَ: (إِنَّكُمْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَى الدُّخُول فِي دِين اللهِ وَإِلَى الصَّلاَةِ وَالصَّوْم وَالْحَجَّ وَإِلَى كُلَّ فِقْهٍ وَخَيْرٍ، وَإِلَى عِبَادَةِ اللهِ سِرّاً مِنْ عَدُوَّكُمْ مَعَ الإمَام الْمُسْتَتِر، مُطِيعُونَ لَهُ، صَابِرُونَ مَعَهُ، مُنْتَظِرُونَ لِدَوْلَةِ الْحَقَّ، خَائِفُونَ عَلَى إِمَامِكُمْ وَعَلَى أنْفُسِكُمْ مِنَ الْمُلُوكِ، تَنْظُرُونَ إِلَى حَقَّ إِمَامِكُمْ وَحَقّكُمْ فِي أيْدِي الظَّلَمَةِ، قَدْ مَنَعُوكُمْ ذَلِكَ وَاضْطَرُّوكُمْ إِلَى جَذْبِ(2) الدُّنْيَا وَطَلَبِ الْمَعَاش، مَعَ الصَّبْر عَلَى دِينِكُمْ، وَعِبَادَتِكُمْ وَطَاعَةِ رَبَّكُمْ، وَالْخَوْفِ مِنْ عَدُوَّكُمْ، فَبِذَلِكَ ضَاعَفَ اللهُ أعْمَالَكُمْ فَهَنِيئاً لَكُمْ هَنِيئاً).).
ص: 83
قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا نَتَمَنَّى إِذاً أنْ نَكُونَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم عليه السلام فِي ظُهُور الْحَقَّ؟ وَنَحْنُ الْيَوْمَ فِي إِمَامَتِكَ وَطَاعَتِكَ أفْضَلُ أعْمَالاً مِنْ (أعْمَال)(1) أصْحَابِ دَوْلَةِ الْحَقَّ؟
فَقَالَ: (سُبْحَانَ اللهِ! أمَا تُحِبُّونَ أنْ يُظْهِرَ اللهُ عزّ وجل الْحَقَّ وَالْعَدْلَ فِي الْبِلاَدِ، وَيُحْسِنَ حَالَ عَامَّةِ النَّاس(2)، وَيَجْمَعَ اللهُ الْكَلِمَةَ، وَيُؤَلّفَ بَيْنَ الْقُلُوبِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلاَ يُعْصَى اللهُ فِي أرْضِهِ، وَيُقَامَ حُدُودُ اللهِ فِي خَلْقِهِ، وَيُرَدَّ الْحَقُّ إِلَى أهْلِهِ، فَيُظْهِرُوهُ حَتَّى لاَ يَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ مَخَافَةَ أحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ؟
أمَا وَاللهِ يَا عَمَّارُ لاَ يَمُوتُ مِنْكُمْ مَيَّتٌ عَلَى الْحَال الَّتِي أنْتُمْ عَلَيْهَا إِلاَّ كَانَ أفْضَلَ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً وَاُحُداً فَأبْشِرُوا)(3).
21 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مَعْرُوفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (أفْضَلُ أعْمَال اُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ اللهِ عزّ وجل)(4).
22 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: 3.
ص: 84
سَألْتُهُ عَنْ شَيْ ءٍ مِنَ الْفَرَج، فَقَالَ: (ألَيْسَ انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج(1)؟ إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(2))(3).
تفسير العياشي: عن محمّد بن الفضيل، مثله(4).
23 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ خَلَفِ بْن حَامِدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: قَالَ الرَّضَا عليه السلام: (مَا أحْسَنَ الصَّبْرَ وَانْتِظَارَ الْفَرَج، أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ((وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ))(5) وَقَوْلَهُ عزّ وجل: ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))؟ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْر فَإنَّهُ إِنَّمَا يَجِي ءُ الْفَرَجُ عَلَى الْيَأس، فَقَدْ كَانَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أصْبَرَ مِنْكُمْ)(6).
تفسير العياشي: عن البزنطي، مثله(7).
24 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَن الأسَدِيَّ، عَن النَّخَعِيَّ، عَن 2.
ص: 85
النَّوْفَلِيَّ، عَنْ أبِي إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَكُنْتُ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ أبُو الْحَسَن مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهما السلام، وَهُوَ غُلاَمٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَجَلَسْتُ.
فَقَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا بَا إِبْرَاهِيمَ أمَا إِنَّهُ صَاحِبُكَ مِنْ بَعْدِي، أمَا لَيَهْلِكَنَّ فِيهِ أقْوَامٌ وَيَسْعَدُ آخَرُونَ، فَلَعَنَ اللهُ قَاتِلَهُ، وَضَاعَفَ عَلَى رُوحِهِ الْعَذَابَ، أمَا لَيُخْرجَنَّ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ خَيْرَ أهْل الأرْض فِي زَمَانِهِ، بَعْدَ عَجَائِبَ تَمُرُّ بِهِ حَسَداً لَهُ، وَلَكِنَّ اللهَ بالِغُ أمْرهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
يُخْرجُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ صُلْبِهِ تَكْمِلَةَ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً مَهْدِيّاً اخْتَصَّهُمُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ، وَأحَلَّهُمْ دَارَ قُدْسِهِ، الْمُنْتَظِرُ لِلثَّانِي عَشَرَ كَالشَّاهِر سَيْفَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَذُبُّ عَنْهُ)، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي اُمَيَّةَ فَانْقَطَعَ الْكَلاَمُ، وَعُدْتُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً اُريدُ اسْتِتْمَامَ الْكَلاَم فَمَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقَالَ لِي: (يَا أبَا إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْمُفَرَّجُ لِلْكَرْبِ عَنْ شِيعَتِهِ، بَعْدَ ضَنْكٍ شَدِيدٍ، وَبَلاَءٍ طَويلٍ وَجَوْرٍ، فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَحَسْبُكَ يَا أبَا إِبْرَاهِيمَ).
قَالَ أبُو إِبْرَاهِيمَ: فَمَا رَجَعْتُ بِشَيْءٍ أسَرَّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا وَلاَ أفْرَحَ لِقَلْبِي مِنْهُ(1).
25 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ أيْمَنَ بْن مُحْرزٍ، عَنْ رفَاعَةَ بْن مُوسَى وَمُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام .
ص: 86
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ قَائِمَ أهْل بَيْتِي وَهُوَ مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ، يَتَوَلَّى وَلِيَّهُ، وَيَتَبَرَّاُ مِنْ عَدُوَّهِ، وَيَتَوَلَّى الأئِمَّةَ الْهَادِيَةَ مِنْ قَبْلِهِ، اُولَئِكَ رُفَقَائِي وَذُو وُدَّي وَمَوَدَّتِي، وَأكْرَمُ اُمَّتِي عَلَيَّ)، قَالَ رفَاعَةُ: (وَأكْرَمُ خَلْقِ اللهِ عَلَيَّ)(1).
26 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: سَيَأتِي قَوْمٌ مِنْ بَعْدِكُمْ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَهُ أجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ كُنَّا مَعَكَ بِبَدْرٍ وَاُحُدٍ وَحُنَيْنٍ، وَنَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَوْ تَحَمَّلُوا(2) لِمَا حُمَّلُوا لَمْ تَصْبِرُوا صَبْرَهُمْ)(3).
27 _ المحاسن: عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ قِنْوَةَ ابْنَةِ رُشَيْدٍ الْهَجَريَّ، قَالَتْ: قُلْتُ لأبِي: مَا أشَدَّ اجْتِهَادَكَ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ بَعْدَنَا بَصَائِرُهُمْ فِي دِينِهِمْ أفْضَلُ مِن اجْتِهَادِ أوَّلِيهِمْ(4).
28 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ خَالِدٍ الْعَاقُولِيَّ فِي حَدِيثٍ لَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (فَمَا تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ؟ فَمَا تَسْتَعْجِلُونَ؟ ألَسْتُمْ آمِنينَ؟ ألَيْسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فَيَقْضِي حَوَائِجَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ لَمْ يُخْتَطَفْ؟ إِنْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ(5) عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ لَيُؤْخَذُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فَتُقْطَعُ يَدَاهُ وَرجْلاَهُ ن.
ص: 87
وَيُصْلَبُ عَلَى جُذُوع النَّخْل وَيُنْشَرُ بِالْمِنْشَار ثُمَّ لاَ يَعْدُو ذَنْبَ نَفْسِهِ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ))(1))(2).
بيان: قوله: (ثُمَّ لا يعدو ذنب نفسه) أي لا ينسب تلك المصائب إلاَّ إلى نفسه وذنبه، أو لا يلتف مع تلك البلايا إلاَّ إلى إصلاح نفسه وتدارك ذنبه.
29 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَن الْحَسَن بْن الْجَهْم، قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَج، فَقَالَ: (أوَلَسْتَ تَعْلَمُ أنَّ انْتِظَارَ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج؟)، قُلْتُ: لاَ أدْري إِلاَّ أنَّ تُعَلّمَنِي، فَقَالَ: (نَعَمْ، انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج)(3).
30 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، قَالَ: اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَرَى هَذَا الأمْرَ، ثُمَّ خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام كَانَ لَهُ مِنَ الأجْر كَمَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ(4).
31 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْمُثَنَّى الْحَنَّاطِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ عَرَفَ هَذَا الأمْرَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ الْقَائِمُ عليه السلام كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْر مَنْ قُتِلَ مَعَهُ)(5).4.
ص: 88
32 _ المحاسن: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن شَمُّونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرو بْن الأشْعَثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَن الصَّبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن الْحَكَم بْن عُيَيْنَةَ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام الْخَوَارجَ يَوْمَ النَّهْرَوَان قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ (فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: طُوبَى لَنَا إِذْ شَهِدْنَا مَعَكَ هَذَا الْمَوْقِفَ وَقَتَلْنَا مَعَكَ هَؤُلاَءِ الْخَوَارجَ)(1)، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَقَدْ شَهِدَنَا فِي هَذَا الْمَوْقِفِ اُنَاسٌ لَمْ يَخْلُقِ اللهُ آبَاءَهُمْ وَلاَ أجْدَادَهُمْ بَعْدُ)، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَكَيْفَ يَشْهَدُنَا قَوْمٌ لَمْ يُخْلَقُوا؟ قَالَ: (بَلَى، قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِر الزَّمَان يَشْرَكُونَنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَيُسَلّمُونَ لَنَا، فَاُولَئِكَ شُرَكَاؤُنَا فِيمَا كُنَّا فِيهِ حَقّاً حَقّاً)(2).
33 _ المحاسن: النَّوْفَلِيُّ، عَن السَّكُونيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، قَالَ: (أفْضَلُ عِبَادَةِ الْمُؤْمِن انْتِظَارُ فَرَج اللهِ)(3).
34 _ تفسير العياشي: عَن الْفَضْل بْن أبِي قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أوْحَى اللهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أنَّهُ سَيُولَدُ لَكَ، فَقَالَ لِسَارَةَ فَقَالَتْ: ((أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ))(4)، فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أنَّهَا سَتَلِدُ وَيُعَذَّبُ أوْلاَدُهَا أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ بِرَدَّهَا الْكَلاَمَ عَلَيَّ، قَالَ: فَلَمَّا طَالَ عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَبَكَوْا إِلَى اللهِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَأوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ يُخَلّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ، فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ).2.
ص: 89
قَالَ: فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (هَكَذَا أنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللهُ عَنَّا فَأمَّا إِذْ لَمْ تَكُونُوا فَإنَّ الأمْرَ يَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَاهُ)(1).
35 _ تفسير العياشي: عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ))(2) إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الإمَام فَطَلَبُوا الْقِتَالَ، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ(3) مَعَ الْحُسَيْن قَالُوا: (((رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ))، وقوله:)(4) ((رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَريبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ))(5) أرَادُوا تَأخِيرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَائِم عليه السلام)(6).
36 _ مجالس المفيد: عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْن مِهْرَانَ، عَنْ أبِي يَشْكُرَ الْبَلْخِيَّ، عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، عَنْ عَوْفِ بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم: (يَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي)، فَقَالَ لَهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: أوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ آمَنَّا بِكَ وَهَاجَرْنَا مَعَكَ، قَالَ: (قَدْ آمَنْتُمْ وَهَاجَرْتُمْ، وَيَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي) فَأعَادَ الْقَوْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أنْتُمْ أصْحَابِي، وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ يَأتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ، يُؤْمِنُونَ بِي وَيُحِبُّونّي وَيَنْصُرُونّي وَيُصَدَّقُونّي، وَمَا رَأوْني، فَيَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي)(7). .
ص: 90
37 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن حَازم(1)، عَنْ عَبَّاس(2) بْن هِشَام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يَكُونُ فِتْرَةٌ لاَ يَعْرفُ الْمُسْلِمُونَ إِمَامَهُمْ فِيهَا؟ فَقَالَ: (يُقَالُ ذَلِكَ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَتَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الآخِرُ)(3).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ الصَّيْقَل، عَنْ أبِيهِ مَنْصُورٍ، (قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا أصْبَحْتَ وَأمْسَيْتَ يَوْماً لاَ تَرَى فِيهِ إِمَاماً مِنْ آل مُحَمَّدٍ فَأحِبَّ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، وَوَال مَنْ كُنْتَ تُوَالِي، وَانْتَظِر الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً).
محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علي العطّار، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن منصور)(4)، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(5).
مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْن(6) بْن طَريفٍ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ:).
ص: 91
دَخَلْتُ أنَا وَأبِي عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا صِرْتُمْ فِي حَالٍ لاَ يَكُونُ(1) فِيهَا إِمَامٌ هُدًى، وَلاَ عَلَمٌ(2) يُرَى، فَلاَ يَنْجُو مِنْ تِلْكَ الْحَيْرَةِ إِلاَّ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْحَريقِ(3))، فَقَالَ أبِي: هَذَا وَاللهِ الْبَلاَءُ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ جُعِلْتُ فِدَاكَ حِينَئِذٍ؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَلَنْ تُدْركَهُ فَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أيْدِيكُمْ حَتَّى يَصِحَّ لَكُمُ الأمْرُ)(4).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْن بْن طَريفٍ(5)، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ النَّصْريَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَرْوي بِأنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يُفْقَدُ زَمَاناً فَكَيْفَ نَصْنَعُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل الَّذِي أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَكُمْ)(6).
بيان: المقصود من هذه الأخبار عدم التزلزل في الدين والتحيّر في العمل أي تمسّكوا في أصول دينكم وفروعه بما وصل إليكم من أئمّتكم، ولا تتركوا العمل ولا ترتدّوا حتَّى يظهر إمامكم، ويحتمل أن يكون المعنى: لا تؤمنوا بمن يدّعي أنَّه القائم حتَّى يتبيَّن لكم بالمعجزات وقد مرَّ كلام في ذلك عن سعد بن عبد الله في باب الأدلّة التي ذكرها الشيخ.
38 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام بِإسْنَادِهِ (يَرْفَعُهُ)(7) إِلَى أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يُصِيبُهُمْ ر.
ص: 92
فِيهَا سَبْطَةٌ يَأرزُ الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ نَجْمٌ)، قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟ قَالَ: (الْفَتْرَةَ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (كُونُوا عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ نَجْمَكُمْ)(1).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا وَقَعَتِ السَّبْطَةُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن تَأرزُ(2) الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا، وَاخْتَلَفَتِ الشّيعَةُ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَيَتْفُلُ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ؟)، فَقُلْتُ: مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ _ يَقُولُهُ ثَلاَثاً _ وَقَدْ(3) قَرُبَ الْفَرَجُ).
الكليني، عن عدّة من رجاله، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن الحسين(4)، عن أبان بن تغلّب، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: (كيف أنت إذا وقعت السبطة(5)...) وذكر مثله بلفظه(6).
أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَا أبَانُ يُصِيبُ الْعَالَمَ سَبْطَةٌ يَأرزُ الْعِلْمُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا)، قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟ قَالَ: (دُونَ .
ص: 93
الْفَتْرَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ لَهُمْ نَجْمُهُمْ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ نَكُونُ(1) مَا بَيْنَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لِي: ((كُونُوا عَلَى)(2) مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَأتِيَكُمُ اللهُ بِصَاحِبهَا)(3).
بيان: قال الفيروزآبادي: أسبط سكت فرقاً، وبالأرض لصق وامتدّ من الضرب وفي نومه غمض، وعن الأمر تغابى، وانبسط، ووقع، فلم يقدر أن يتحرَّك(4)، انتهى.
وفي الكافي في خبر (أبان)(5) ابن تغلّب: (كيف أنت إذا وقعت البطشة(6) بين المسجدين، فيأرز العلم) فيكون إشارة إلى جيش السفياني واستيلائهم بين الحرمين، وعلى ما في الأصل لعلَّ المعنى يأرز العلم بسبب ما يحدث بين المسجدين، أو يكون خفاء العلم في هذا الموضع أكثر بسبب استيلاء أهل الجور فيه.
وقال الجزري فيه: إنَّ الاسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها أي ينضمّ إليه ويجتمع بعضه إلى بعض فيها(7).
39 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ يَمَانٍ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً الْمُتَمَسَّكُ فِيهَا بِدِينهِ كَالْخَارطِ لِشَوْكِ 7.
ص: 94
الْقَتَادِ بِيَدِهِ)، ثُمَّ أوْمَأ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام بِيَدِهِ هَكَذَا، قَالَ: (فَأيُّكُمْ تُمْسِكُ شَوْكَ الْقَتَادِ بِيَدِهِ؟)(1)، ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ عِنْدَ غَيْبَتِهِ(2) وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن صالح بن خالد، (عن يمان التمّار)(4)، قال: كنّا جلوساً عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: (إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة...) وذكر مثله سواء(5).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (قَالَ لِيَ أبِي عليه السلام: لاَ بُدَّ لَناَ(6) مِنْ آذَرْبيجَانَ لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ وَألْبِدُوا مَا ألْبَدْنَا، فَإذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرَّكُنَا فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً، وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَقَالَ: وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ)(7).
بيان: ألبد بالمكان: أقام به، ولبد الشيء بالأرض يلبد بالضمّ أي لصق.1.
ص: 95
41 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ عليه السلام: أوْصِنِي، فَقَالَ: (اُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ وَأنْ تَلْزَمَ بَيْتَكَ، وَتَقْعُدَ فِي دَهْمِكَ(1) هَؤُلاَءِ النَّاس، وَإِيَّاكَ وَالْخَوَارجَ مِنَّا فَإنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْ ءٍ وَلاَ إِلَى شَيْءٍ.
وَاعْلَمْ أنَّ لِبَني اُمَيَّةَ مُلْكاً لاَ يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أنْ تَرْدَعَهُ، وَأنَّ لأهْل الْحَقَّ دَوْلَةً إِذَا جَاءَتْ وَلاَّهَا اللهُ لِمَنْ يَشَاءَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ، مَنْ أدْرَكَهَا مِنْكُمْ كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَام الأعْلَى وَإِنْ قَبَضَهُ اللهُ قَبْلَ ذَلِكَ خَارَ لَهُ.
وَاعْلَمْ أنَّهُ لاَ تَقُومُ عِصَابَةٌ تَدْفَعُ ضَيْماً أوْ تُعِزُّ دِيناً إِلاَّ صَرَعَتْهُمُ الْبَلِيَّةُ حَتَّى تَقُومَ عِصَابَةٌ شَهِدُوا بَدْراً مَعَ رَسُول اللهِ، لاَ يُوَارَى قَتِيلُهُمْ، وَلاَ يُرْفَعُ صَريعُهُمْ، وَلاَ يُدَاوَى جَريحُهُمْ)، قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: (الْمَلاَئِكَةُ)(2).
توضيح: قوله عليه السلام: (في دهمك) يحتمل أن يكون مصدراً مضافاً إلى الفاعل أو إلى المفعول، من قولهم: دهمهم الأمر ودهمتهم الخيل، ويحتمل أن يكون اسماً بمعنى العدد الكثير، ويكون هؤلاء الناس بدل الضمير.).
ص: 96
قوله: (والخوارج منّا) أي مثل زيد وبني الحسن، قوله: (قتيلهم) أي الذين يقتلهم تلك العصابة، والحاصل أنَّ من يقتلهم الملائكة لا يوارون في التراب، ولا يرفع من صرعوهم، ولا يقبل الدواء من جرحوهم، أو المعنى أنَّ تلك عصابة لا يقتلون حتَّى يوارى قتيلهم، ولا يصرعون حتَّى يرفع صريعهم، وهكذا ويؤيّده الخبر الآتي.
42 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ مَعاً، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَن الْقَاسِم بْن الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيَّ، عَن الْحَارثِ الأعْوَر الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَلَى الْمِنْبَر:
(إِذَا هَلَكَ الْخَاطِبُ، وَزَاغَ صَاحِبُ الْعَصْر، وَبَقِيَتْ قُلُوبٌ تَتَقَلَّبُ مِنْ مُخْصِبٍ وَمُجْدِبٍ هَلَكَ الْمُتَمَنُّونَ، وَاضْمَحَلَّ الْمُضْمَحِلُّونَ، وَبَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ، وَقَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ ثَلاَثُمِائَةٍ أوْ يَزيدُونَ، تُجَاهِدُ مَعَهُمْ عِصَابَةٌ جَاهَدَتْ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ بَدْرٍ، لَمْ تُقْتَلْ وَلَمْ تَمُتْ).
قول(1) أميرالمؤمنين عليه السلام: (وزاغ صاحب العصر) أراد صاحب هذا الزمان الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق لتدبير الله الواقع.
ثُمَّ قال: (وبقيت قلوب تتقلَّب فمن مخصب ومجدب)، وهي قلوب الشيعة المنقلبة(2) عند هذه الغيبة والحيرة فمن ثابت منها على الحقّ مخصب، ومن عادل عنها إلى الضلال، وزخرف المحال(3) مجدب.
ثُمَّ قال: (هلك المتمنّون) ذمّاً لهم وهم الذين يستعجلون أمر الله،).
ص: 97
ولا يسلّمون له ويستطيلون الأمد، فيهلكون قبل أن يروا فرجاً ويبقي (الله)(1) من يشاء أن يبقيه (من)(2) أهل الصبر والتسليم حتَّى يلحقه بمرتبته وهم المؤمنون وهم المخلصون القليلون الذين ذكر أنَّهم ثلاثمائة أو يزيدون ممن يؤهّله الله لقوّة إيمانه، وصِحَّت يقينه، لنصرة وليه، وجهاد عدوّه، وهم كما جاءت الرواية عمّاله وحكّامه في الأرض، عند استقرار الدار، ووضع الحرب أوزارها.
ثُمَّ قال أمير المؤمنين عليه السلام: (يجاهد(3) معهم عصابة جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يوم بدر، لم تقتل ولم تمت)، يريد أنَّ الله عزّ وجل يؤيّد أصحاب القائم عليه السلام هؤلاء الثلاثمائة والنيف الخلَّص بملائكة بدر وهم أعدادهم، جعلنا الله ممّن يؤهّله لنصرة دينه مع وليّه عليه السلام، وفعل بنا في ذلك ما هو أهله(4).
بيان: لعلَّ المراد بالخاطب الطالب للخلافة، أو الخطيب الذي يقوم بغير الحقّ، أو بالحاء المهملة أي جالب الحطب لجهنم، ويحتمل أن يكون المراد من مرَّ ذكره، فإنَّ في بالي أنّي رأيت هذه الخطبة بطولها وفيها الأخبار عن كثير من الكائنات والشرح للنعماني(5).
43 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن زيَادٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح بْن الضَّحَّاكِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ سَيْفٍ التَّمَّار،ي.
ص: 98
عَنْ أبِي الْمُرْهِفِ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ)، قُلْتُ: وَمَا الْمَحَاضِيرُ؟ قَالَ: (الْمُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ، وَثَبَتَ الْحِصْنُ عَلَى أوْتَادِهَا، كُونُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ فَإنَّ الْفِتْنَةَ(1) عَلَى مَنْ أثَارَهَا، وَإِنَّهُمْ لاَ يُريدُونَكُمْ بِحَاجَةٍ إِلاَّ أتَاهُمُ اللهُ بِشَاغِلٍ لأمْرٍ يُعْرَضُ لَهُمْ)(2).
إيضاح: (المحاضير) جمع المحضير وهو الفرس الكثير العدو، و(المقرّبون) بكسر الراء المشدّدة أي الذين يقولون: الفرج قريب ويرجون قربه أو يدعون لقربه، أو بفتح الراء أي الصابرون الذي فازوا بالصبر بقربه تعالى.
قوله عليه السلام: (وثبت الحصن) أي استقرَّ حصن دولة المخالفين على أساسها بأن يكون المراد بالأوتاد الأساس مجازاً، وفي الكافي: (وثبتت الحصا على أوتادهم)(3)، أي سهلت لهم الأمور الصعبة كما أنَّ استقرار الحصا على الوتد صعب، أو أنَّ أسباب دولتهم تتزايد يوماً فيوماً أي لا ترفع الحصا عن أوتاد دولتهم بل يدقّ بها دائماً، أو المراد بالأوتاد الرؤساء والعظماء أي قدر ولزم نزول حصا العذاب على عظمائهم.
قوله عليه السلام: (الفتنة على من أثارها) أي يعود ضرر الفتنة على من أثارها أكثر من غيره كما أنَّ بالغبار يتضرَّر مثيرها أكثر من غيره.
44 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُوسُفَ بْن كُلَيْبٍ الْمَسْعُودِيَّ، عَن الْحَكَم بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن كَثِيرٍ، عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَأبَانٌ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَذَلِكَ م.
ص: 99
حِينَ ظَهَرَتِ الرَّايَاتُ السُّودُ بِخُرَاسَانَ، فَقُلْنَا: مَا تَرَى؟ فَقَالَ: (اجْلِسُوا فِي بُيُوتِكُمْ! فَإذَا رَأيْتُمُونَا قَدِ اجْتَمَعْنَا عَلَى رَجُلٍ فَانْهَدُوا إِلَيْنَا بِالسَّلاَح)(1).
توضيح: قال الجوهري: نهد إلى العدوّ ينهد بالفتح أي نهض(2).
45 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كُفُّوا ألْسِنَتَكُمْ وَالْزَمُوا بُيُوتَكُمْ فَإنَّهُ لاَ يُصِيبُكُمْ أمْرٌ تَخُصُّونَ بِهِ أبَداً، وَلاَ يُصِيبُ الْعَامَّةَ، وَلاَ تَزَالُ الزَّيْدِيَّةُ وقَاءً لَكُمْ أبَداً)(3).
46 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(4) قَالَ: (هُوَ أمْرُنَا أمْرُ اللهِ لاَ يُسْتَعْجَلُ بِهِ، يُؤَيَّدُهُ ثَلاَثَةُ أجْنَادٍ: الْمَلاَئِكَةُ، وَالْمُؤْمِنُونَ، وَالرُّعْبُ، وَخُرُوجُهُ عليه السلام كَخُرُوج رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ))(5))(6).
47 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ صَالِح بْن نَبَطٍ(7) وَبَكْرٍ الْمُثَنَّى(8) جَمِيعاً، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ).
ص: 100
قَالَ: (هَلَكَ أصْحَابُ الْمَحَاضِير، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ، وَثَبَتَ الْحِصْنُ عَلَى أوْتَادِهَا إِنَّ بَعْدَ الْغَمَّ فَتْحاً عَجِيباً)(1).
48 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْجُعْفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُثَنَّى الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْن زَيْدٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْبَاقِر عليهما السلام أنَّه قَالَ(2): (مَثَلُ مَنْ خَرَجَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم مَثَلُ فَرْخ طَارَ وَوَقَعَ فِي كُوَّةٍ(3) فَتَلاَعَبَتْ بِهِ الصّبْيَانُ)(4).
49 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَيْبَانَ(5)، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَنْ مُنَخَّل بْن جَمِيلٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (اسْكُنُوا مَا سَكَنَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ، أيْ لاَ تَخْرُجُوا عَلَى أحَدٍ فَإنَّ أمْرَكُمْ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ، ألاَ إِنَّهَا آيَةٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل لَيْسَتْ مِنَ النَّاس، ألاَ إِنَّهَا أضْوَاُ مِنَ الشَّمْس لاَ يَخْفَى(6) عَلَى بَرًّ وَلاَ فَاجِرٍ، أتَعْرفُونَ الصُّبْحَ؟ فَإنَّهُ(7) كَالصُّبْح لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ)(8).
أقول: قال النعماني رحمه الله: انظروا رحمكم الله إلى هذا التأديب من الأئمّة وإلى أمرهم ورسمهم في الصبر والكفّ والانتظار للفرج وذكرهم 7.
ص: 101
هلاك المحاضير والمستعجلين، وكذب المتمنّين، ووصفهم نجاة المسلمين، ومدحهم الصابرين الثابتين، وتشبيههم إيّاهم على الثبات كثبات(1) الحصن على أوتادها، فتأدبوا رحمكم الله بتأديبهم(2)، وسلّموا لقولهم، ولا تجاوزوا رسمهم... إلى آخر ما قال(3).
50 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْم: (ألاَ اُخْبِرُكُمْ بِمَا لاَ يَقْبَلُ اللهُ عزّ وجل مِنَ الْعِبَادِ عَمَلاً إِلاَّ بِهِ؟)، فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: (شَهَادَةُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَالإقْرَارُ بِمَا أمَرَ اللهُ، وَالْوَلاَيَةُ لَنَا، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ أعْدَائِنَا، يَعْنِي أئمّة(4) خَاصَّةً، وَالتَّسْلِيمُ لَهُمْ، وَالْوَرَعُ، وَالِاجْتِهَادُ، وَالطُّمَأنِينَةُ، وَالِانْتِظَارُ لِلْقَائِم)، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لَنَا دَوْلَةً يَجِي ءُ اللهُ بِهَا إِذَا شَاءَ).
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ سُرَّ(5) أنْ يَكُونَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم فَلْيَنْتَظِرْ وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَع وَمَحَاسِن الأخْلاَقِ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ، فَإنْ مَاتَ وَقَامَ الْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الأجْر مِثْلُ أجْر مَنْ أدْرَكَهُ، فَجِدُّوا وَانْتَظِرُوا هَنِيئاً لَكُمْ أيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ)(6).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن 6.
ص: 102
ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (اتَّقُوا اللهَ وَاسْتَعِينُوا عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ بِالْوَرَع، وَالِاجْتِهَادِ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَإِنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ أحَدُكُمْ اغْتِبَاطاً بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدَّين لَوْ قَدْ صَارَ فِي حَدَّ الآخِرَةِ، وَانْقَطَعَتِ الدُّنْيَا عَلَيْهِ(1)، فَإذَا صَارَ فِي ذَلِكَ الْحَدَّ عَرَفَ أنَّهُ قَدِ اسْتَقْبَلَ النَّعِيمَ وَالْكَرَامَةَ مِنَ اللهِ، وَالْبُشْرَى بِالْجَنَّةِ، وَأمِنَ مِمَّنْ كَانَ يَخَافُ، وَأيْقَنَ أنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، وَأنَّ مَنْ خَالَفَ دِينَهُ عَلَى بَاطِلٍ، وَأنَّهُ هَالِكٌ.
فَأبْشِرُوا ثُمَّ أبْشِرُوا! مَا الَّذِي تُريدُونَ؟ ألَسْتُمْ تَرَوْنَ أعْدَاءَكُمْ يَقْتُلُونَ(2) فِي مَعَاصِي اللهِ وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَى الدُّنْيَا دُونَكُمْ، وَأنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ آمِنينَ(3) فِي عُزْلَةٍ عَنْهُمْ، وَكَفَى بِالسُّفْيَانِيَّ نَقِمَةً لَكُمْ مِنْ عَدُوَّكُمْ، وَهُوَ مِنَ الْعَلاَمَاتِ لَكُمْ، مَعَ أنَّ الْفَاسِقَ لَوْ قَدْ خَرَجَ لَمَكَثْتُمْ شَهْراً أوْ شَهْرَيْن بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكُمْ مِنْهُ بَأسٌ حَتَّى يَقْتُلَ خَلْقاً كَثِيراً دُونَكُمْ).
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أصْحَابِهِ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالْعِيَال إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يَتَغَيَّبُ الرَّجَالُ مِنْكُمْ (عَنْهُ)(4) فَإنَّ خِيفَتَهُ وَشِرَّتَهُ فَإنَّماَ(5) هِيَ عَلَى شِيعَتِنَا، فَأمَّا النّسَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ بَأسٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى).
قِيلَ: إِلَى أيْنَ يَخْرُجُ الرَّجَالُ(6) وَيَهْرُبُونَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: (مَنْ أرَادَ أنْ يَخْرُجَ ف.
ص: 103
مِنْهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ أوْ إِلَى مَكَّةَ أوْ إِلَى بَعْض الْبُلْدَان)، ثُمَّ قَالَ: (مَا تَصْنَعُونَ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ جَيْشُ الْفَاسِقِ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَكَّةَ فَإنَّهَا مَجْمَعُكُمْ وَإِنَّمَا فِتْنَتُهُ حَمْلُ امْرَأةٍ تِسْعَةَ أشْهُرٍ وَلاَ يَجُوزُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ)(1).
52 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ)(2).
53 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ))(3)، فَقَالَ: (يَا فُضَيْلُ اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ إِمَامَكَ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر، كَانَ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ قَاعِداً فِي عَسْكَرهِ، لاَ بَلْ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ قَاعِداً تَحْتَ لِوَائِهِ).
قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُ أصْحَابِنَا: (بِمَنْزلَةِ مَن اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
54 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ إِلَى الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى الْفَرَجُ؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ أنْتَ مِمَّنْ يُريدُ الدُّنْيَا مَنْ عَرَفَ هَذَا الأمْرَ فَقَدْ فُرجَ عَنْهُ بِانْتِظَارهِ)(5).3.
ص: 104
55 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صَالِح بْن السَّنْدِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيَّ، قَالَ: سَألَ أبُو بَصِيرٍ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَأنَا أسْمَعُ فَقَالَ: أتَرَانِي اُدْركُ الْقَائِمَ عليه السلام؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ لَسْتَ تَعْرفُ إِمَامَكَ؟)، فَقَالَ: بَلَى وَاللهِ وَأنْتَ هُوَ، فَتَنَاوَلَ يَدَهُ وَقَالَ: (وَاللهِ مَا تُبَالِي يَا بَا بَصِيرٍ أنْ لاَ تَكُونَ مُحْتَبِياً بِسَيْفِكَ فِي ظِلّ روَاقِ الْقَائِم عليه السلام)(1).
بيان: احتبى الرجل جمع ظهره وساقه بعمامته أو غيرها.
56 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن النُّعْمَان، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارفٌ لإمَامِهِ لَمْ يَضُرَّهُ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارفٌ لإمَامِهِ كَانَ كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)(2).
57 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ عَمْرو(3) بْن أبَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (اعْرفِ الْعَلاَمَةَ فَإذَا عَرَفْتَ(4) لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أمْ تَأخَّرَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ))(5) فَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْمُنْتَظَر)(6).6.
ص: 105
الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا بْن شَيْبَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (اعْرفْ إِمَامَكَ...) وَفِي آخِرهِ: (كَانَ(1) فِي فُسْطَاطِ الْقَائِم عليه السلام)(2).
58 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ يَعْبُدُ مِنْ دُون اللهِ عزّ وجل)(3).
59 _ أقُولُ: قَدْ مَضَى بِأسَانِيدَ فِي خَبَر اللَّوْح: (ثُمَّ اُكْمِلُ ذَلِكَ بِابْنهِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ عَلَيْهِ كَمَالُ مُوسَى، وَبَهَاءُ عِيسَى، وَصَبْرُ أيُّوبَ، سَيَذِلُّ أوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ، وَيَتَهَادَوْنَ رُءُوسَهُمْ كَمَا يُتَهَادَى رُءُوسُ التُّرْكِ وَالدَّيْلَم، فَيُقْتَلُونَ وَيُحْرَقُونَ، وَيَكُونُونَ خَائِفِينَ مَرْعُوبينَ، وَجِلِينَ تُصْبَغُ الأرْضُ بِدِمَائِهِمْ، وَيَفْشُو الْوَيْلُ وَالرَّنينُ فِي نِسَائِهِمْ، اُولَئِكَ أوْلِيَائِي حَقّاً، بِهِمْ أرْفَعُ كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ، وَبِهِمْ أكْشِفُ الزَّلاَزلَ، وَأدْفَعُ الآصَارَ وَالأغْلاَلَ، اُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبَّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَاُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(4).
60 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الاثْنَيْ عَشَرَ(5)، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَغِيبُ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ لاَ ة.
ص: 106
يُسَمَّى حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ فَإذَا عَجَّلَ اللهُ خُرُوجَهُ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(1).
ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِلصَّابِرينَ فِي غَيْبَتِهِ، طُوبَى لِلْمُقِيمِينَ عَلَى مَحَجَّتِهِمْ، اُولَئِكَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(2)، وَقَالَ: ((أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))(3)).
61 _ تَفْسِيرُ النُّعْمَانِيَّ: بِالإسْنَادِ الآتِي فِي كِتَابِ الْقُرْآن، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا أبَا الْحَسَن حَقِيقٌ عَلَى اللهِ أنْ يُدْخِلَ أهْلَ الضَّلاَل الْجَنَّةَ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الْمُؤْمِنينَ الَّذِينَ قَامُوا فِي زَمَن الْفِتْنَةِ عَلَى الائْتِمَام بِالإمَام الْخَفِيَّ الْمَكَان، الْمَسْتُور عَن الأعْيَان، فَهُمْ بإمَامَتِهِ مُقِرُّونَ، وَبعُرْوَتِهِ مُسْتَمْسِكُونَ، وَلِخُرُوجِهِ مُنْتَظِرُونَ، مُوقِنُونَ غَيْرُ شَاكّينَ، صَابِرُونَ مُسْلِمُونَ، وَإِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ مَكَان إِمَامِهِمْ، وَعَنْ مَعْرفَةِ شَخْصِهِ.
يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا حَجَبَ عَنْ عِبَادِهِ عَيْنَ الشَّمْس الَّتِي جَعَلَهَا دَلِيلاً عَلَى أوْقَاتِ الصَّلاَةِ، فَمُوَسَّعٌ عَلَيْهِمْ تَأخِيرُ الْمُوَقَّتِ لِيَتَبَيَّنَ لَهُمُ الْوَقْتُ بِظُهُورهَا، وَيَسْتَيْقِنُوا أنَّهَا قَدْ زَالَتْ، فَكَذَلِكَ الْمُنْتَظِرُ لِخُرُوج الإمَام عليه السلام الْمُتَمَسَّكُ بِإمَامَتِهِ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ جَمِيعُ فَرَائِض اللهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، مَقْبُولَةٌ مِنْهُ بِحُدُودِهَا، غَيْرُ خَارج عَنْ مَعْنَى مَا فُرضَ عَلَيْهِ، فَهُوَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ لاَ تَضُرُّهُ غَيْبَةُ إِمَامِهِ)(4).ه.
ص: 107
62 _ الاختصاص: بِإسْنَادِهِ، عَن الْحَسَن بْن أحْمَدَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عليًّ(1)، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أيُّمَا أفْضَلُ نَحْنُ أوْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: (أنْتُمْ أفْضَلُ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم وَذَلِكَ أنَّكُمْ تُمْسُونَ وَتُصْبِحُونَ خَائِفِينَ عَلَى إِمَامِكُمْ وَعَلَى أنْفُسِكُمْ مِنْ أئِمَّةِ الْجَوْر، إِنْ صَلَّيْتُمْ فَصَلاَتُكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ صُمْتُمْ فَصِيَامُكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ حَجَجْتُمْ فَحَجُّكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ شَهِدْتُمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ...) وَعَدَّدَ أشْيَاءَ مِنْ نَحْو هَذَا مِثْلَ هَذِهِ، فَقُلْتُ: فَمَا نَتَمَنَّى الْقَائِمَ عليه السلام إِذَا كَانَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: (سُبْحَانَ اللهِ أمَا تُحِبُّ أنْ يَظْهَرَ الْعَدْلُ وَيَأمَنَ السُّبُلُ وَيُنْصَفَ الْمَظْلُومُ؟)(2).
63 _ نهج البلاغة: (الْزَمُوا الأرْضَ، وَاصْبِرُوا عَلَى الْبَلاَءِ، وَلاَ تُحَرَّكُوا بِأيْدِيكُمْ وَسُيُوفِكُمْ، وَهَوَى(3) ألْسِنَتِكُمْ، وَلاَ تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجَّلْهُ اللهُ لَكُمْ، فَإنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ عَلَى مَعْرفَةِ رَبَّهِ(4)، وَحَقَّ رَسُولِهِ وَأهْل بَيْتِهِ، مَاتَ شَهِيداً اُوْقِعَ (وَوَقَعَ) أجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَاسْتَوْجَبَ ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِح عَمَلِهِ، وَقَامَتِ النّيَّةُ مَقَامَ إصلائه بِسَيْفِهِ(5) فَإنَّ لِكُلّ شَيْ ءٍ مُدَّةً وَأجَلاً)(6).
64 _ أمالي الطوسي: أحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن 0.
ص: 108
الزُّبَيْر، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن رزْقٍ الْغُمْشَانِيَّ، عَنْ يَحْيَى بْن الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كُلُّ مُؤْمِنٍ شَهِيدٌ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَهُوَ كَمَنْ مَاتَ فِي عَسْكَر الْقَائِم عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ: (أيَحْبِسُ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ ثُمَّ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟)(1).
65 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (انْتِظَارُ الْفَرَج بِالصَّبْر عِبَادَةٌ)(2).
66 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُغِيرَةِ، عَن الْمُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام(3) أنَّهُ قَالَ: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ، فَيَا طُوبَى لِلثَّابِتِينَ عَلَى أمْرنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَان، إِنَّ أدْنَى مَا يَكُونُ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ أنْ يُنَادِيَهُمُ الْبَارئُ عزّ وجل: عِبَادِي(4) آمَنْتُمْ بِسِرَّي، وَصَدَّقْتُمْ بِغَيْبِي، فَأبْشِرُوا بِحُسْن الثَّوَابِ مِنّي، فَأنْتُمْ عِبَادِي وَإِمَائِي حَقّاً، مِنْكُمْ أتَقَبَّلُ، وَعَنْكُمْ أعْفُو، وَلَكُمْ أغْفِرُ، وَبكُمْ أسْقِي عِبَادِيَ الْغَيْثَ، وَأدْفَعُ عَنْهُمُ الْبَلاَءَ، وَلَوْلاَكُمْ لأنْزَلْتُ عَلَيْهِمْ عَذَابِي).
قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ فَمَا أفْضَلُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ قَالَ: (حِفْظُ اللّسَان وَلُزُومُ الْبَيْتِ)(5).
67 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن 5.
ص: 109
الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُمْ، إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللهِ(1)، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَّةُ اللهِ فَعِنْدَهَا فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ كُلَّ صَبَاح وَمَسَاءٍ، فَإنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَبُ اللهِ عَلَى أعْدَائِهِ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّتَهُ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ.
وَقَدْ عَلِمَ أنَّ أوْلِيَاءَهُ لاَ يَرْتَابُونَ وَلَوْ عَلِمَ أنَّهُمْ يَرْتَابُونَ لَمَا غَيَّبَ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ إِلاَّ عَلَى رَأس شِرَار النَّاس)(2).
68 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، مِثْلَهُ(3).
كمال الدين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمّد بن خالد، مثله(4).
الغيبة للطوسي: سعد، عن ابن عيسى، مثله(5).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن بعض رجاله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن رجل، عن المفضَّل، مثله(6).1.
ص: 110
69 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ مُنْتَظِراً لِهَذَا الأمْر كَانَ كَمَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ، لاَ بَلْ كَانَ بِمَنْزلَةِ الضَّاربِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالسَّيْفِ)(1).
70 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ.
ثُمَّ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ، (مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَاتَ أبُوهُ وَلَمْ يُخَلّفْ، وَ)(2) مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ حَمْلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ غَائِبٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا وُلِدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَدْ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أبِيهِ بِسَنَتَيْن، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ(3) غَيْرَ أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجِبَ(4) أنْ يَمْتَحِنَ الشّيعَةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ).
قَالَ زُرَارَةُ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإنْ أدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَأيَّ شَيْءٍ أعْمَلُ؟ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ إِنْ أدْرَكْتَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَالْزَمْ(5) هَذَا الدُّعَاءَ: اللهُمَّ عَرَّفْنِي نَفْسَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أعْرفْ نَبِيَّكَ، اللهُمَ ).
ص: 111
عَرَّفْنِي رَسُولَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أعْرفْ حُجَّتَكَ، اللهُمَّ عَرَّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِيني).
ثُمَّ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ لاَ بُدَّ مِنْ قَتْل غُلاَم بِالْمَدِينَةِ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ألَيْسَ يَقْتُلُهُ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ؟ قَالَ: (لاَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ جَيْشُ بَنِي فُلاَنٍ يَخْرُجُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ، فَلاَ يَدْري النَّاسُ فِي أيَّ شَيْءٍ دَخَلَ، فَيَأخُذُ الْغُلاَمَ فَيَقْتُلُهُ فَإذَا قَتَلَهُ بَغْياً وَعُدْوَاناً وَظُلْماً لَمْ يُمْهِلْهُمُ اللهُ عزّ وجل، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(1).
كمال الدين: الطالقاني، عن أبي علي بن همام، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد ابن هلال، عن عثمان بن عيسى، عن ابن نجيح، عن زرارة، مثله(2).
كمال الدين: ابن الوليد، عن الحميري، عن علي بن محمّد الحجال، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، مثله(3).
الغيبة للطوسي: سعد، عن جماعة من أصحابنا، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة، مثله(4).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن علي(5)، عن زرارة، مثله(6).6.
ص: 112
وعن الكليني، عن علي بن إبراهيم(1)، عن الخشاب، عن عبد الله بن موسى، عن ابن بكير، عن زرارة مثله(2).
وعن الكليني، عن الحسين بن (محمّد، عن)(3) أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى عن ابن نجيح، عن زرارة، مثله(4).
71 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن يَزيدَ مَعاً، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا أصْبَحْتَ وَأمْسَيْتَ لاَ تَرَى إِمَاماً تَأتَمُّ بِهِ فَأحْبِبْ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ عزّ وجل)(5).
72 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْيَقْطِينيَّ مَعاً، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عِيسَى بْن عَبْدِ اللهِ (بْن مُحَمَّدِ)(6) بْن عُمَرَ بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام عَنْ خَالِهِ الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنْ كَانَ كَوْنٌ وَلاَ أرَانِيَ اللهُ يَوْمَكَ فَبِمَنْ أئْتَمُّ؟ فَأوْمَأ إِلَى مُوسَى عليه السلام، فَقُلْتُ لَهُ: فَإنْ مَضَى فَإلَى مَنْ؟ قَالَ: (فَإلَى وَلَدِهِ)، قُلْتُ: فَإنْ مَضَى وَلَدُهُ وَتَرَكَ أخاً كَبِيراً ).
ص: 113
وَابْناً صَغِيراً فَبِمَنْ أئْتَمُّ؟ قَالَ: (بِوَلَدِهِ ثُمَّ هَكَذَا أبَداً)، فَقُلْتُ: فَإنْ أنَا لَمْ أعْرفْهُ وَلَمْ أعْرفْ مَوْضِعَهُ فَمَا أصْنَعُ؟ قَالَ: (تَقُولُ: اللهُمَّ إِنّي أتَوَلَّى مَنْ بَقِيَ مِنْ حُجَجِكَ، مِنْ وَلَدِ الإمَام الْمَاضِي، فَإنَّ ذَلِكَ يُجْزيكَ)(1).
كمال الدين: أبي، عن سعد والحميري معاً، عن ابن أبي الخطاب واليقطيني معاً، عن ابن أبي نجران، مثله(2).
73 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَن الْعُبَيْدِيَّ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى(3)، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سَتُصِيبُكُمْ شُبْهَةٌ فَتَبْقَوْنَ بِلاَ عَلَم يُرَى وَلاَ إِمَام هُدًى، لاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْغَريقِ)، قُلْتُ: وَكَيْفَ دُعَاءُ الْغَريقِ؟
قَالَ: (تَقُولُ: يَا اللهُ، يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ، يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ)، فَقُلْتُ(4): يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ وَالأبْصَار ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل مُقَلّبُ الْقُلُوبِ وَالأبْصَار وَلَكِنْ قُلْ كَمَا أقُولُ: يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ)(5).
74 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن ابْن عِيسَى، 9.
ص: 114
عَن الْيَقْطِينيَّ (وَعُثْمَانَ بْن عِيسَى بْن عُبَيْدٍ)(1)، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَمَّنْ أثْبَتَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ دَهْراً مِنْ عُمُركُمْ لاَ تَعْرفُونَ إِمَامَكُمْ؟)، قِيلَ لَهُ: فَإذَا كَانَ ذَلِكَ كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: (تَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل حَتَّى يُسْتَيْقَنَ)(2).
75 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ)، فَقُلْتُ لَهُ: مَا يَصْنَعُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ قَالَ: (يَتَمَسَّكُونَ بِالأمْر الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ)(3).
76 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن شُجَاع(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(5) قَالَ: (يَعْنِي يَوْمَ خُرُوج الْقَائِم الْمُنْتَظَر مِنَّا).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (يَا بَا بَصِيرٍ طُوبَى لِشِيعَةِ قَائِمِنَا، الْمُنْتَظِرينَ لِظُهُورهِ 8.
ص: 115
فِي غَيْبَتِهِ، وَالْمُطِيعِينَ لَهُ فِي ظُهُورهِ، اُولَئِكَ أوْلِيَاءُ اللهِ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(1).
77 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ أخِيهِ عليًّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي الْحَسَن(2) عليه السلام أسْألُهُ عَن الْفَرَج، فَكَتَبَ إِلَيَّ: (إِذَا غَابَ صَاحِبُكُمْ عَنْ دَار الظَّالِمِينَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(3).
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عمرو الكاتب، عن علي بن محمّد الصيمري، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت... وذكر نحوه(4).
* * * .
ص: 116
ص: 117
ص: 118
1 _ الاحتجاج: خَرَجَ التَّوْقِيعُ إِلَى أبِي الْحَسَن السَّمُريَّ: (يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ اسْمَعْ! أعْظَمَ اللهُ أجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإنَّكَ مَيَّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أيَّام، فَاجْمَعْ أمْرَكَ وَلاَ تُوص إِلَى أحَدٍ يَقُومُ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ، فَلاَ ظُهُورَ إِلاَّ بَعْدَ إِذْن اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُول الأمَدِ، وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ، وَامْتِلاَءِ الأرْض جَوْرا(1)، وَسَيَأتِي مِنْ شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ، ألاَ فَمَن ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيَّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيَّ الْعَظِيم)(2).
كمال الدين: الحسن بن أحمد المكتَّب، مثله(3).
بيان: لعلَّه محمول على من يدّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه عليه السلام إلى الشيعة، على مثال السفراء لئلاّ ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه السلام والله يعلم.
2 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ الْمُتَوَكّل وَمَاجِيلَوَيْهِ وَالْعَطَّارُ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يَفْقِدُ النَّاسُ إِمَامُهُمْ فَيَشْهَدُهُمُ الْمَوْسِمَ فَيَرَاهُمْ وَلاَ يَرَوْنَهُ)(4).3.
ص: 119
كمال الدين: أبي، عن سعد، عن الفزاري، مثله(1).
كمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن يحيى بن المثنى، مثله(2).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن الأسدي، عن سعد، عن الفزاري، مثله(3).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن يحيى بن المثنى، مثله(4).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد العطّار، (عن جعفر بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد)(5)، مثله(6).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن الحسن(7) بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل، عن يحيى بن المثنى، مثله(8).
3 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْخَضِرَ شَربَ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ فَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّور، وَإِنَّهُ لَيَأتِينَا فَيُسَلّمُ 6.
ص: 120
عَلَيْنَا فَنَسْمَعُ صَوْتَهُ وَلاَ نَرَى شَخْصَهُ وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ حَيْثُ(1) ذُكِرَ، فَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْكُمْ فَلْيُسَلّمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ الْمَوَاسِمَ(2) فَيَقْضِي جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ فَيُؤَمَّنُ عَلَى دُعَاءِ الْمُؤْمِنينَ وَسَيُؤْنسُ اللهُ بِهِ وَحْشَةَ قَائِمِنَا عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ وَيَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُ)(3).
4 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَاللهِ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يَحْضُرُ الْمَوْسِمَ كُلَّ سَنَةٍ فَيَرَى النَّاسَ وَيَعْرفُهُمْ وَيَرَوْنَهُ وَلاَ يَعْرفُونَهُ(4).
5 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُسْتَنِير، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن إِحْدَاهُمَا تَطُولُ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: مَاتَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمْ: قُتِلَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمْ: ذَهَبَ، حَتَّى لاَ يَبْقَى عَلَى أمْرهِ مِنْ أصْحَابِهِ إِلاَّ نَفَرٌ يَسِيرٌ، لاَ يَطَّلِعُ عَلَى مَوْضِعِهِ أحَدٌ مِنْ وُلْدِهِ، وَلاَ غَيْرهِ إِلاَّ الْمَوْلَى الَّذِي يَلِي أمْرَهُ)(5).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن 0.
ص: 121
أبي عبد الله عليه السلام(1)، وحدَّثنا القاسم بن محمّد ابن الحسين(2) بن حازم، عن عبيس بن هشام، عن ابن جبلة، عن ابن المستنير، عن المفضَّل، عنه عليه السلام، مثله(3).
6 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ(4)، عَن الْفَضْل، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ عُزْلَةٍ، وَلاَ بُدَّ فِي عُزْلَتِهِ مِنْ قُوَّةٍ، وَمَا بِثَلاَثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ، وَنِعْمَ الْمَنْزلُ طَيْبَةُ)(5).
7 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ أبِي جَيَّدٍ، عَن ابْن الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمْدَوَيْهِ بْن الْبَرَاءِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى مَوْلَى آل سَام، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَلَمَّا نَزَلْنَا الرَّوْحَاءَ نَظَرَ إِلَى جَبَلِهَا مُطِلّاً عَلَيْهَا فَقَالَ لِي: (تَرَى هَذَا الْجَبَلَ؟ هَذَا جَبَلٌ يُدْعَى رَضْوَى مِنْ جِبَال فَارسَ أحَبَّنَا فَنَقَلَهُ اللهُ إِلَيْنَا، أمَا إِنَّ فِيهِ كُلَّ شَجَرَةِ مَطْعَم، ).
ص: 122
وَنعْمَ أمَانٌ لِلْخَائِفِ مَرَّتَيْن أمَا إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر فِيهِ غَيْبَتَيْن وَاحِدَةٌ قَصِيرَةٌ وَالاُخْرَى طَويلَةٌ)(1).
8 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْن جَنَاح الْجُعْفِيَّ، عَنْ حَازم بْن حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ، إِنْ جَاءَكَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرهِ فَلاَ تُصَدَّقْهُ)(2).
9 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ الصَّادِقَ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر لَشَبَه(3) مِنْ يُوسُفَ)، فَقُلْتُ: فَكَأنَّكَ تُخْبِرُنَا بِغَيْبَةٍ أوْ حَيْرَةٍ؟ فَقَالَ: (مَا يُنْكِرُ هَذَا الْخَلْقُ الْمَلْعُونُ أشْبَاهُ الْخَنَازير مِنْ ذَلِكَ؟ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا عُقَلاَءَ ألِبَّاءَ أسْبَاطاً أوْلاَدَ أنْبِيَاءَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَكَلَّمُوهُ وَخَاطَبُوهُ وَتَاجَرُوهُ وَرَادُّوهُ(4) وَكَانُوا إِخْوَتَهُ وَهُوَ أخُوهُمْ، لَمْ يَعْرفُوهُ حَتَّى عَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ وَقَالَ لَهُمْ: ((أَنَا يُوسُفُ)) فَعَرَفُوهُ حِينَئِذٍ، فَمَا يُنْكِرُ(5) هَذِهِ الاُمَّةُ الْمُتَحَيَّرَةُ أنْ يَكُونَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ يُريدُ فِي وَقْتٍ (مِنَ الأوْقَاتِ)(6) أنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ، لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ، وَكَانَ ر.
ص: 123
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبِيهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَلَوْ أرَادَ أنْ يُعْلِمَهُ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ (وَاللهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أيَّامٍ مِنْ بَدْوهِمْ إِلَى مِصْرَ)(1).
فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الاُمَّةُ أنْ يَكُونَ اللهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أنْ(2) يَكُونَ صَاحِبُكُمُ الْمَظْلُومُ الْمَجْحُودُ حَقُّهُ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ وَيَمْشِي فِي أسْوَاقِهِمْ وَيَطَاُ فُرُشَهُمْ، وَلاَ يَعْرفُونَهُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ أنْ يُعَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أذِنَ لِيُوسُفَ حَتَّى(3) قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: إِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ، قَالَ: أنَا يُوسُفُ)(4).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، مثله(5).
دلائل الإمامة للطبري: عن علي بن هبة الله، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة، مثله(6).
10 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ عَمْرو(7) بْن عُثْمَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ).
ص: 124
أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (لِلْقَائِم غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا طَويلَةٌ وَالاُخْرَى قَصِيرَةٌ، فَالاُولَى يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا خَاصَّةٌ مِنْ شِيعَتِهِ، وَالاُخْرَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا (إِلاَّ)(1) خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينهِ)(2).
11 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لِلْقَائِم غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا قَصِيرَةٌ وَالاُخْرَى طَويلَةٌ، (الْغَيْبَةُ)(3) الاُولَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ (فِيهَا إِلاَّ خَاصَّةُ شِيعَتِهِ، وَالاُخْرَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا)(4) إِلاَّ خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينهِ)(5).
12 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْكُنَاسِيَّ(6)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن)، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (لاَ يَقُومُ (الْقَائِمُ)(7) وَ(لأحَدٍ)(8) فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(9).
13 _ الغيبة للنعماني: (ابْنُ عُقْدَةَ، عَن)(10) الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن س.
ص: 125
الْحُسَيْن(1) بْن حَازم مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْن جَنَاح، عَنْ حَازم بْن حَبِيبٍ(2)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: أصْلَحَكَ اللهُ إِنَّ أبَوَايَ هَلَكَا وَلَمْ يَحُجَّا، وَإِنَّ اللهَ قَدْ رَزَقَ وَأحْسَنَ فَمَا تَرَى(3) فِي الْحَجَّ عَنْهُمَا؟ فَقَالَ: (افْعَلْ فَإنَّهُ يَبْرُدُ لَهُمَا)، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ فَمَنْ جَاءَكَ يَقُولُ: إِنَّهُ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرهِ فَلاَ تُصَدَّقْهُ)(4).
14 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح الزُّهْريَّ(5)، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن الْحَسَن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو، عَنْ أبِي حَنِيفَةَ السَّائِقِ، عَن حَازم بْن حَبِيبٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبِي هَلَكَ وَهُوَ رَجُلٌ أعْجَمِيٌّ وَقَدْ أرَدْتُ أنْ أحُجَّ عَنْهُ وَأتَصَدَّقَ فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: افْعَلْ فَإنَّهُ يَصِلُ إِلَيْهِ)، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن...) وَذَكَرَ(6) الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءً(7).
15 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ(8)، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَن الْعَلاَءِ، د.
ص: 126
عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَتَيْن يُقَالُ فِي إِحْدَاهُمَا: هَلَكَ، وَلاَ يُدْرَى فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)(1).
16 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَنْ أبِي بَكْرٍ وَيَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَتَيْن يَرْجِعُ فِي إِحْدَاهُمَا وَالاُخْرَى(2) لاَ يُدْرَى أيْنَ هُوَ؟، يَشْهَدُ الْمَوَاسِمَ، يَرَى النَّاسَ وَلاَ يَرَوْنَهُ)(3).
بيان: لعلَّ المراد برجوعه رجوعه إلى خواص مواليه وسفرائه أو وصول خبره إلى الخلق.
17 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن قَيْسٍ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن(4) بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْقَطَوَانِيَّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ(5) الْخَارفِيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لِقَائِم آل مُحَمَّدٍ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى)، فَقَالَ: (نَعَمْ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْتَلِفَ سَيْفُ بَنِي فُلاَنٍ وَتَضَيَّقَ الْحَلْقَةُ، وَيَظْهَرَ السُّفْيَانِيُّ وَيَشْتَدَّ الْبَلاَءُ وَيَشْمَلَ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ يَلْجَئُونَ فِيهِ إِلَى حَرَم اللهِ وَحَرَم رَسُولِهِ)(6).7.
ص: 127
18 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن فِي إِحْدَاهُمَا يَرْجِعُ فِيهاَ(1) إِلَى أهْلِهِ، وَالاُخْرَى يُقَالُ(2): فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)، قُلْتُ: كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (إِن ادَّعَى مُدَّع فَاسْألُوهُ عَنْ تِلْكَ الْعَظَائِم الَّتِي يُجِيبُ فِيهَا مِثْلُهُ)(3).
19 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن نَضْرٍ(4)، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً يَقُولُ فِيهَا: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(5))(6).
20 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ (عليًّ)(7) أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ، وَلاَ بُدَّ لَهُ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ عُزْلَةٍ، وَنِعْمَ الْمَنْزلُ طَيْبَةُ، وَمَا بِثَلاَثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ)(8).1.
ص: 128
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، مثله(1).
(بيان: في الكافي في السند الأوّل عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير(2).
و(العزلة) بالضمّ اسم الاعتزال، و(الطيبة) اسم المدينة الطيبة، فيدلُّ على كونه عليه السلام غالباً فيها وفي حواليها وعلى أنَّ معه ثلاثين من مواليه خواصه إن مات أحدهم قام آخر مقامه).
21 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُفَضَّل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ(3) الأمْر بَيْتاً يُقَالُ لَهُ: بَيْتُ الْحَمْدِ، فِيهِ سِرَاجٌ يَزْهَرُ(4) مُنْذُ يَوْمَ وُلِدَ إِلَى يَوْم يَقُومُ بِالسَّيْفِ لاَ يُطْفَى)(5).1.
ص: 129
الغيبة للطوسي: محمّد الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عطاء، عن سلام بن أبي عميرة، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(1).
* * *3.
ص: 130
ص: 131
ص: 132
أقول: وجدت رسالة مشتهرة بقصّة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض(1) أحببت إيرادها لاشتمالها على ذكر من رآه، ولما فيه من الغرائب. وإنَّما أفردت لها باب لأنّي لم أظفر به في الأصول المعتبرة ولنذكرها بعينها كما وجدتها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لمعرفته، والشكر له على ما منحنا للاقتداء بسنن سيّد بريته، محمّد الذي اصطفاه من بين خليقته، وخصّنا بمحبّة عليّ والأئمّة المعصومين من ذريته، صلى الله عليهم أجمعين الطيبين الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً.).
ص: 133
وبعد: فقد وجدت في خزانة أمير المؤمنين عليه السلام، وسيّد الوصيين، وحجّة ربّ العالمين، وإمام المتّقين، عليّ بن أبي طالب عليه السلام بخطّ الشيخ الفاضل والعالم العامل، الفضل بن يحيى بن عليّ الطيبي الكوفي قدَّس الله روحه ما هذا صورته:
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمّد وآله وسلّم.
وبعد: فيقول الفقير إلى عفو الله سبحانه وتعالى الفضل بن يحيى بن عليّ الطيبي الإمامي الكوفي عفى الله عنه: قد كنت سمعت من الشيخين الفاضلين العالمين الشيخ شمس الدين بن نجيح الحلّي والشيخ جلال الدين عبد الله بن الحرام الحلّي قدَّس الله روحيهما ونوَّر ضريحيهما في مشهد سيّد الشهداء وخامس أصحاب الكساء مولانا وإمامنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام في النصف من شهر شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة من الهجرة النبويّة على مشرّفها محمّد وآله أفضل الصلاة وأتمّ التحيّة، حكاية ما سمعاه من الشيخ الصالح التقي الفاضل الورع الزكي زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني، المجاور بالغري _ على مشرّفيه السلام _ حيث اجتمعا به في مشهد الإمامين الزكيّين الطاهرين المعصومين السعيدين عليهما السلام بسُرَّ من رأى وحكى لهما حكاية ما شاهده ورآه في البحر الأبيض، والجزيرة الخضراء من العجائب فمرَّ بي باعث الشوق إلى رؤياه، وسألت تيسير لقياه، والاستماع لهذا الخبر من لقلقة فيه بإسقاط رواته، وعزمت على الانتقال إلى سُرَّ من رأى للاجتماع به.
فاتفق أنَّ الشيخ زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني انحدر من سُرَّ من رأى إلى الحلّة في أوائل شهر شوال من السنة المذكورة ليمضي على جاري عادته ويقيم في المشهد الغروي على مشرّفيه السلام.
ص: 134
فلمَّا سمعت بدخوله إلى الحلّة وكنت يومئذٍ بها قد أنتظر قدومه فإذا أنا به وقد أقبل راكباً يريد دار السيّد الحسيب، ذي النسب الرفيع، والحسب المنيع السيّد فخر الدين الحسن بن عليّ الموسوي المازندراني نزيل الحلّة أطال الله بقاه ولم أكن إذ ذاك الوقت أعرف الشيخ الصالح المذكور لكن خلج في خاطري أنَّه هو.
فلمَّا غاب عن عيني تبعته إلى دار السيّد المذكور فلمَّا وصلت إلى باب الدار رأيت السيّد فخر الدن واقفاً على باب داره مستبشراً فلمَّا رآني مقبلاً ضحك في وجهي وعرفني بحضوره فاستطار قلبي فرحاً وسروراً ولم أملك نفسى على الصبر على الدخول إليه في غير ذلك الوقت.
فدخلت الدار مع السيّد فخر الدين فسلَّمت عليه، وقبَّلت يديه، فسأل السيّد عن حالى، فقال له: هو الشيخ فضل بن الشيخ يحيى الطيبي صديقكم فنهض واقفاً وأقعدني في مجلسه ورحَّب بي وأحفى السؤال عن حال أبي وأخي الشيخ صلاح الدين لأنَّه كان عارفاً بهما سابقاً ولم أكن في تلك الأوقات حاضراً بل كنت في بلدة واسط، أشتغل في طلب العلم عند الشيخ العالم العامل الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الواسطي الإمامي تغمَّده الله برحمته، وحشره في زمرة أئمّته عليهم السلام.
فتحادثت مع الشيخ الصالح المذكور متَّع الله المؤمنين بطول بقائه فرأيت في كلامه أمارات تدلُّ على الفضل في أغلب العلوم من الفقه والحديث، والعربية بأقسامها، وطلبت منه شرح ما حدَّث به الرجلان الفاضلان العالمان العاملان الشيخ شمس الدين والشيخ جلال الدين الحلّيان المذكوران سابقاً عفى الله عنهما فقصَّ لي القصّة من أوّلها إلى آخرها بحضور السيّد الجليل السيّد فخر الدين نزيل الحلّة صاحب الدار،
ص: 135
وحضور جماعة من علماء الحلّة والأطراف، قد كانوا أتوا لزيارة الشيخ المذكور وفَّقه الله، وكان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر شوال سنة تسع وتسعين وستمائة وهذه صورة ما سمعته من لفظه أطال الله بقاءه وربّما وقع في الألفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير، لكن المعاني واحدة قال حفظه الله تعالى:
قد كنت مقيماً في دمشق الشام، منذ سنين، مشتغلاً بطلب العلم، عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي وفَّقه الله لنور الهداية في علمي الأصول والعربية، وعند الشيخ زين الدين عليّ المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنَّه كان عالماً فاضلاً عارفاً بالقراءات السبع وكان له معرفة في أغلب العلوم من الصرف، والنحو، والمنطق، والمعاني، والبيان، والأصولين(1)، و كان ليَّن الطبع لم يكن عنده معاندة في البحث ولا في المذهب لحسن ذاته. فكان إذا جرى ذكر الشيعة يقول: قال علماء الإمامية. بخلاف من المدرّسين فإنَّهم كانوا يقولون عند ذكر الشيعة: قال علماء الرافضة، فاختصصت به وتركت التردّد إلى غيره، فأقمنا على ذلك برهة من الزمان أقرأ عليه في العلوم المذكورة.
فاتفق أنَّه عزم على السفر من دمشق الشام، يريد الديار المصرية، فلكثرة المحبّة التي كانت بيننا عزَّ عليَّ مفارقته، وهو أيضاً كذلك فآل(2) الأمر إلى أنَّه هداه الله صمّم العزم على صحبتي له إلى مصر، وكان عنده جماعة من الغرباء مثلي، يقرؤون عليه فصحبه أكثرهم.ف.
ص: 136
فسرنا في صحبته إلى أن وصلنا مدينة بلاد مصر المعروفة بالفاخرة، وهي أكبر من مدائن مصر كلّها، فأقام بالمسجد الأزهر مدّة يدرَّس، فتسامع فضلاء مصر بقدومه، فوردوا كلّهم لزيارته وللانتفاع بعلومه، فأقام في قاهرة مصر مدّة تسعة أشهر، ونحن معه على أحسن حال وإذا بقافلة قد وردت من الأندلس ومع رجل منها كتاب من والد شيخنا الفاضل المذكور يعرّفه فيه بمرض شديد قد عرض له وأنَّه يتمنّى الاجتماع به قبل الممات، ويحثّه فيه على عدم التأخير.
فرقَّ الشيخ من كتاب أبيه وبكى، وصمّم العزم على المسير إلى جزيرة الأندلس، فعزم بعض التلامذة على صحبته، ومن الجملة أنا، لأنَّه هداه الله قد كان أحبّني محبّة شديدة وحسَّن لي المسير معه فسافرت إلى الأندلس في صحبته فحيث وصلنا إلى أوّل قرية من الجزيرة المذكورة، عرضت لي حمى منعتني عن الحركة.
فحيث رآني الشيخ على تلك الحالة رقَّ لي وبكى، وقال: يعزُّ عليَّ مفارقتك، فأعطى خطيب تلك القرية التي وصلنا إليها عشرة دراهم، وأمره أن يتعاهدني حتَّى يكون منّي أحد الأمرين، وإن منَّ الله بالعافية أتبعه إلى بلده هكذا عهد إليَّ بذلك وفَّقه الله بنور الهداية إلى طريق الحقّ المستقيم، ثُمَّ مضى إلى بلد الأندلس، ومسافة الطريق من ساحل البحر إلى بلده خمسة أيام.
فبقيت في تلك القرية ثلاثة أيّام لا أستطيع الحركة لشدّة ما أصابني من الحمى ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمى، وخرجت أدور في سكك تلك القرية فرأيت قَفَلاً قد وصل من جبال قريبة من شاطئ البحر الغربي يجلبون الصوف والسمن والأمتعة، فسألت عن
ص: 137
حالهم فقيل: إنَّ هؤلاء يجيئون من جهة قريبة من أرض البربر، وهي قريبة من جزائر الرافضة.
فحيث سمعت ذلك منهم ارتحت إليهم، وجذبني باعث الشوق إلى أرضهم فقيل لي: إنَّ المسافة خمسة وعشرون يوماً، منها يومان بغير عمارة ولا ماء، وبعد ذلك فالقرى متّصلة، فاكتريت معهم من رجل حماراً بمبلغ ثلاثة دراهم، لقطع تلك المسافة التي لا عمارة فيها، فلمَّا قطعنا معهم تلك المسافة، ووصلنا أرضهم العامرة، تمشّيت راجلاً وتنقّلت على اختياري من قرية إلى أخرى (إلى) أن وصلت إلى أوّل تلك الأماكن، فقيل لي: إنَّ جزيرة الروافض قد بقي بينك وبينها ثلاثة أيام، فمضيت ولم أتأخَّر.
فوصلت إلى جزيرة ذات أسوار أربعة، ولها أبراج محكمات شاهقات، وتلك الجزيرة بحصونها راكبة على شاطئ البحر، فدخلت من باب كبيرة يقال لها: باب البربر، فدرت في سككها أسأل عن مسجد البلد، فهديت عليه، ودخلت إليه فرأيته جامعاً كبيراً معظماً واقعاً على البحر من الجانب الغربي من البلد، فجلست في جانب المسجد لأستريح وإذا بالمؤذّن يؤذّن للظهر ونادى بحي على خير العمل ولمَّا فرغ دعا بتعجيل الفرج للإمام صاحب الزمان عليه السلام.
فأخذتني العبرة بالبكاء، فدخلت جماعة بعد جماعة إلى المسجد، وشرعوا في الوضوء، على عين ماء تحت الشجرة في الجانب الشرقي من المسجد، وأنا أنظر إليهم فرحاً مسروراً لما رأيته من وضوئهم المنقول عن أئمّة الهدى عليهم السلام.
ص: 138
فلمَّا فرغوا من وضوئهم وإذا برجل قد برز من بينهم بهيّ الصورة، عليه السكينة والوقار، فتقدَّم إلى المحراب، وأقام الصلاة، فاعتدلت الصفوف وراءه وصلّى بهم إماماً وهم به مأمومون صلاة كاملة بأركانها المنقولة عن أئمّتنا عليهم السلام على الوجه المرضي فرضاً ونفلاً وكذا التعقيب والتسبيح ومن شدّة ما لقيته من وعثاء السفر، وتعبي في الطريق لم يمكني أنَّ أصلّي معهم الظهر.
فلمَّا فرغوا ورأوني أنكروا عليَّ عدم اقتدائي بهم، فتوجّهوا نحوي بأجمعهم وسألوني عن حالي ومن أين أصلّي وما مذهبي؟ فشرحت لهم أحوالي وأنّي عراقي الأصل، وأمَّا مذهبي فإنّني رجل مسلم أقول أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله أرسله (بالهدى) ودين الحقّ ليظهره على الأديان كلّها ولو كره المشركون.
فقالوا لي: لم تنفعك هاتان الشهادتان إلاَّ لحقن دمك في دار الدنيا، لِمَ لا تقول الشهادة الأخرى لتدخل الجنّة بغير حساب؟ فقلت لهم: وما تلك الشهادة الأخرى؟ اهدوني إليها يرحمكم الله، فقال لي إمامهم: الشهادة الثالثة هي أن تشهد أنَّ أمير المؤمنين، ويعسوب المتّقين، وقائد الغر المحجّلين عليّ بن أبي طالب والأئمّة الأحد عشر من ولده أوصياء رسول الله، وخلفاؤه من بعده بلا فاصلة، قد أوجب الله عزّ وجل طاعتهم على عباده، وجعلهم أولياء أمره ونهيه، وحججاً على خلقه في أرضه، وأماناً لبريته، لأنَّ الصادق الأمين محمّداً رسول ربّ العالمين صلى الله عليه وآله وسلّم أخبربهم عن الله تعالى مشافهة من نداء الله عزّ وجل له عليه السلام في ليلة معراجه إلى السماوات السبع، وقد صار من ربّه كقاب قَوْسَيْن أو أدْنى، وسمّاهم له واحداً بعد واحد، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
ص: 139
فلمَّا سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه على ذلك، وحصل عندي أكمل السرور، وذهب عنّي تعب الطريق من الفرح، وعرَّفتهم أنّي على مذهبهم، فتوجّهوا إليَّ توجّه إشفاق، وعيّنوا لي مكاناً في زوايا المسجد، وما زالوا يتعاهدوني بالعزّة والإكرام مدّة إقامتي عندهم، وصار إمام مسجدهم لا يفارقني ليلاً ولا نهاراً.
فسألته عن ميرة بلده(1) من أين تأتي إليهم فإنّي لا أرى لهم أرضاً مزروعة، فقال: تأتي إليهم ميرتهم من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض، من جزائر أولاد الإمام صاحب الأمر عليه السلام، فقلت له: كم تأتيكم ميرتكم في السنة؟
فقال: مرَّتين، وقد أتت مرَّة وبقيت الأخرى فقلت: كم بقي حتَّى تأتيكم؟ قال: أربعة أشهر.
فتأثّرت لطول المدّة، ومكثت عندهم مقدار أربعين يوماً أدعو الله ليلاً ونهاراً بتعجيل مجيئها، وأنا عندهم في غاية الاعزاز والإكرام، ففي آخر يوم من الأربعين ضاق صدري لطول المدّة فخرجت إلى شاطئ البحر، أنظر إلى جهة المغرب التي ذكروا أهل البلد أنَّ ميرتهم تأتي إليهم من تلك الجهة.
فرأيت شبحاً من بعيد يتحرَّك، فسألت عن ذلك الشبح أهل البلد وقلت لهم: هل يكون في البحر طير أبيض؟ فقالوا لي: لا، فهل رأيت شيئاً؟ قلت: نعم، فاستبشروا وقالوا: هذه المراكب التي تأتي إلينا في كلّ سنة من بلاد أولاد الإمام عليه السلام.).
ص: 140
فما كان إلاَّ قليل حتَّى قدمت تلك المراكب، وعلى قولهم إنَّ مجيئها كان في غير الميعاد، فقدم مركب كبير وتبعه آخر وآخر حتَّى كملت سبعاً، فصعد(1) من المركب الكبير شيخ مربوع القامة، بهيّ المنظر، حسن الزي، ودخل المسجد فتوضّأ الوضوء الكامل على الوجه المنقول عن أئمّة الهدى عليهم السلام، وصلّى الظهرين، فلمَّا فرغ من صلاته التفت نحوي مسلّماً عليَّ فرددّت عليه السلام، فقال: ما اسمك وأظنّ أنَّ اسمك عليّ؟ قلت: صدقت، فحادثني بالسرّ محادثة من يعرفني فقال: ما اسم أبيك؟ ويوشك أن يكون فاضلاً، قلت: نعم، ولم أكن أشكّ في أنَّه قد كان في صحبتنا من دمشق.
فقلت: أيّها الشيخ! ما أعرفك بي وبأبي؟ هل كنت معنا حيث سافرنا من دمشق الشام إلى مصر؟ فقال: لا، قلت: ولا من مصر إلى الأندلس؟ قال: لا ومولاي صاحب العصر، قلت له: فمن أين تعرفني باسمي واسم أبي؟
قال: اعلم أنَّه قد تقدَّم إليَّ وصفك، وأصلك، ومعرفة اسمك وشخصك وهيئتك واسم أبيك، وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء.
فسررت بذلك حيث قد ذكرت ولي عندهم اسم، وكان من عدّته أنَّه لا يقيم عندهم إلاَّ ثلاثة أيّام فأقام أسبوعاً وأوصل الميرة إلى أصحابها المقرّرة لهم، فلمَّا أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرّر لهم، عزم على السفر، وحملني معه، وسرنا في البحر.
فلمَّا كان في السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض ل.
ص: 141
فجعلت اُطيل النظر إليه، فقال لي الشيخ واسمه محمّد: ما لي أراك تطيل النظر إلى هذا الماء؟ فقلت له: إنّي أراه على غير لون ماء البحر.
فقال لي: هذا هو البحر الأبيض، وتلك الجزيرة الخضراء، وهذا الماء مستدير حولها مثل السور من أيّ الجهات أتيته وجدته، وبحكمة الله تعالى إنَّ مراكب أعدائنا إذا دخلته غرقت وإن كانت محكمة ببركة مولانا وإمامنا صاحب العصر عليه السلام فاستعملته وشربت منه، فإذا هو كماء الفرات.
ثُمَّ إنّا لمَّا قطعنا ذلك الماء الأبيض، وصلنا إلى الجزيرة الخضراء لا زالت عامرة أهله، ثُمَّ صعدنا من المركب الكبير إلى الجزيرة ودخلنا البلد، فرأيته محصناً بقلاع وأبراج وأسوار سبعة واقعة على شاطئ البحر، ذات أنهار وأشجار مشتملة على أنواع الفواكه والأثمار المنوّعة، وفيها أسواق كثيرة، وحمّامات عديدة وأكثر عمارتها برخام شفاف وأهلها في أحسن الزيّ والبهاء فاستطار قلبي سروراً لما رأيته.
ثُمَّ مضى بي رفيقي محمّد بعدما استرحنا في منزله إلى الجامع المعظم، فرأيت فيه جماعة كثيرة وفي وسطهم شخص جالس عليه من المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر (أن) أصفه، والناس يخاطبونه بالسيّد شمس الدين محمّد العالم، ويقرؤون عليه القرآن والفقه، والعربية بأقسامها، وأصول الدين والفقه الذي يقرؤونه عن صاحب الأمر عليه السلام مسألة مسألة، وقضيّة قضيّة، وحكماً حكماً.
فلمَّا مثّلت بين يديه، رحَّب بي وأجلسني في القرب منه، وأحفى السؤال عن تعبي في الطريق وعرَّفني أنَّه تقدَّم إليه كلّ أحوالي، وأنَّ الشيخ محمّد رفيقي إنَّما جاء بي معه بأمر من السيّد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه.
ص: 142
ثُمَّ أمر لي بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد، وقال لي: هذا يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة، فنهضت ومضيت إلى ذلك الموضع، فاسترحت فيه إلى وقت العصر، وإذا أنا بالموكّل بي قد أتى إليَّ وقال لي: لا تبرح من مكانك حتَّى يأتيك السيّد وأصحابه لأجل العشاء معك، فقلت: سمعاً وطاعة.
فما كان إلاَّ قليل وإذا بالسيّد سلّمه الله قد أقبل، ومعه أصحابه، فجلسوا ومُدَّت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيّد لأجل صلاة المغرب والعشاء فلمَّا فرغنا من الصلاتين ذهب السيّد إلى منزله، ورجعت إلى مكاني وأقمت على هذه الحال مدّة ثمانية عشر يوماً ونحن في صحبته أطال الله بقاءه.
فأوّل جمعة صلّيتها معهم رأيت السيّد سلّمه الله صلّى الجمعة ركعتين فريضة واجبة، فلمَّا انقضت الصلاة قلت: يا سيّدي قد رأيتكم صلّيتم الجمعة ركعتين فريضة واجبة؟ قال: نعم لأنَّ شروطها المعلومة قد حضرت فوجبت، فقلت في نفسي: ربّما كان الإمام عليه السلام حاضراً.
ثُمَّ في وقت آخر سألت منه في الخلوة: هل كان الإمام حاضراً؟ فقال: لا ولكنّي أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه عليه السلام، فقلت: يا سيّدي وهل رأيت الإمام عليه السلام؟ قال: لا، ولكنّي حدَّثني أبي رحمه الله أنَّه سمع حديثه ولم يرَ شخصه، وأنَّ جدّي رحمه الله سمع حديثه ورأى شخصه.
فقلت له: ولِمَ ذاك يا سيّدي يختصّ بذلك رجل دون آخر؟ فقال لي: يا أخي إنَّ الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده، وذلك لحكمة بالغة وعظمة قاهرة، كما أنَّ الله تعالى اختصَّ من عباده الأنبياء والمرسلين، والأوصياء المنتجبين، وجعلهم أعلاماً لخلقه،
ص: 143
وحججاً على بريّته، ووسيلة بينهم وبينه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيَّنَةٍ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيَّنَةٍ، ولم يخل أرضه بغير حجّة على عباده للطفه بهم، ولا بدَّ لكلّ حجّة من سفير يبلّغ عنه.
ثُمَّ إنَّ السيّد سلّمه الله أخذ بيدي إلى خارج مدينتهم، وجعل يسير معي نحو البساتين، فرأيت فيها أنهاراً جارية، وبساتين كثيرة، مشتملة على أنواع الفواكه، عظيمة الحسن والحلاوة، من العنب والرمّان، والكمّثرى وغيرها ما لم أرَها في العراقين، ولا في الشامات كلّها.
فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر إذ مرَّ بنا رجل بهيّ الصورة، مشتمل ببردتين من صوف أبيض فلمَّا قرب منّا سلَّم علينا وانصرف عنّا، فأعجبتني هيئته فقلت للسيّد سلّمه الله: من هذا الرجل؟ قال لي: أتنظر إلى هذا الجبل الشاهق؟
قلت: نعم، قال: إنَّ في وسطه لمكاناً حسناً وفيه عين جارية، تحت شجرة ذات أغصان كثيرة، وعندها قبّة مبنيّة بالآجر، وإنَّ هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبّة، وأنا أمضي إلى هناك في كلّ صباح جمعة، وأزور الإمام عليه السلام منها واُصلّي ركعتين، وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين، فمهما تضمّنته الورقة أعمل به، فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام عليه السلام من القبّة.
فذهبت إلى الجبل فرأيت القبّة على ما وصف لي سلّمه الله، ووجدت هناك خادمين، فرحَّب بي الذي مرَّ علينا وأنكرني الآخر فقال له: لا تنكره فإنّي رأيته في صحبة السيّد شمس الدين العالم، فتوجَّه إليَّ ورحَّب بي وحادثاني وأتيا لي بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبّة، وتوضأت وصليت ركعتين.
وسألت الخادمين عن رؤية الإمام عليه السلام فقالا لي: الرؤية غير
ص: 144
ممكنة وليس معنا إذن في إخبار أحد، فطلبت منهم الدعاء، فدعيا لي، وانصرفت عنهما، ونزلت من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة.
فلمَّا وصلت إليها ذهبت إلى دار السيّد شمس الدين العالم، فقيل لي: إنَّه خرج في حاجة له، فذهبت إلى دار الشيخ محمّد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل، واجتماعي بالخادمين، وإنكار الخادم عليَّ فقال لي: ليس لأحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان، سوى السيّد شمس الدين وأمثاله، فلهذا وقع الانكار منه لك، فسألته عن أحوال السيّد شمس الدين أدام الله إفضاله، فقال: إنَّه من أولاد أولاد الإمام، وإنَّ بينه وبين الإمام عليه السلام خمسة آباء وإنَّه النائب الخاص عن أمر صدر منه عليه السلام.
قال الشيخ الصالح زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني المجاور بالغري على مشرّفه السلام: واستأذنت السيّد شمس الدين العالم، أطال الله بقاءه في نقل بعض المسائل التي يحتاج إليها عنه، وقراءة القرآن المجيد، ومقابلة المواضع المشكلة من العلوم الدينية وغيرها فأجاب إلى ذلك وقال: إذا كان ولا بدَّ من ذلك فابدء أوّلاً بقراءة القرآن العظيم.
فكان كلّما قرأت شيئاً فيه خلاف بين القرّاء أقول له: قرأ حمزة كذا، وقرأ الكسائي كذا، وقرأ عاصم كذا، وأبو عمرو بن كثير كذا.
فقال السيّد سلّمه الله: نحن لا نعرف هؤلاء، وإنَّما القرآن نزل على سبعة أحرف، قبل الهجرة من مكّة إلى المدينة وبعدها لمَّا حجّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حجّة الوداع، نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمّد اُتل عليَّ القرآن حتَّى اُعرفك أوائل السور، وأواخرها، وشأن نزوله(1).).
ص: 145
فاجتمع إليه عليّ بن أبي طالب، وولداه الحسن والحسين عليهم السلام واُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وحسّان بن ثابت، وجماعة رضي الله عن المنتجبين منهم، فقرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم القرآن من أوّله إلى آخره، فكان كلّما مرَّ بموضع فيه اختلاف بيَّنه له جبرئيل عليه السلام، وأمير المؤمنين عليه السلام يكتب ذاك في درج من أدم فالجميع قراءة أمير المؤمنين ووصي رسول ربّ العالمين.
فقلت له: يا سيّدي أرى بعض الآيات غير مرتبطة بما قبلها، وبما بعدها كأنَّ فهمي القاصر، لم يصر إلى غورية(1) ذلك.
فقال: نعم، الأمر كما رأيته وذلك (أنَّه) لمَّا انتقل سيّد البشر محمّد بن عبد الله من دار الفناء إلى دار البقاء وفعل صنما قريش ما فعلاه، من غصب الخلافة الظاهرية، جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن كلّه، ووضعه في إزار وأتى به إليهم وهم في المسجد.
فقال لهم: هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أن أعرضه إليكم لقيام الحجّة عليكم، يوم العرض بين يدي الله تعالى، فقال له فرعون هذه الأمّة ونمرودها: لسنا محتاجين إلى قرآنك، فقال عليه السلام: لقد أخبرني حبيبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بقولك هذا، وإنَّما أردت بذلك إلقاء الحجّة عليكم.
فرجع أمير المؤمنين عليه السلام به إلى منزله، وهو يقول: لا إله إلاَّ أنت، وحدك لا شريك لك لا راد لما سبق في علمك، ولا مانع لما اقتضته حكمتك، فكن أنت الشاهد لي عليهم يوم العرض عليك.).
ص: 146
فنادى ابن أبي قحافة بالمسلمين، وقال لهم: كلّ من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الرحمان بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، وأبو سعيد الخدري، وحسّان بن ثابت، وجماعات المسلمين وجمعوا هذا القرآن، وأسقطوا ما كان فيه من المثالب التي صدرت منهم، بعد وفاة سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلّم(1).
فلهذا ترى الآيات غير مرتبطة والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السلام بخطّه محفوظ عند صاحب الأمر عليه السلام فيه كلّ شيء حتَّى أرش الخدش، وأمَّا هذا اقرآن، فلا شكّ ولا شبهة في صحّته، وإنَّما كلام الله سبحانه هكذا صدر عن صاحب الأمر عليه السلام.
قال الشيخ الفاضل عليّ بن فاضل: ونقلت عن السيّد شمس الدين حفظه الله مسائل كثيرة تنوب على تسعين مسألة، وهي عندي، جمعتها في مجلد وسمّيتها بالفوائد الشمسية ولا أطّلع عليها إلاَّ الخاص من المؤمنين، وستراه إن شاء الله تعالى.
فلمَّا كانت الجمعة الثانية وهي الوسطى من جُمَع الشهر، وفرغنا من الصلاة وجلس السيّد سلّمه الله في مجلس الإفادة للمؤمنين وإذا أنا أسمع هرجاً ومرجاً وجزلة(2) عظيمة خارج المسجد، فسألت من السيّد عمّا سمعته، فقال لي: إن اُمراء عسكرنا يركبون في كلّ جمعة من وسط كلّ شهر، وينتظرون الفرج فاستأذنته في النظر إليهم فأذن لي، فخرجت لرؤيتهم، وإذا هم جمع كثير يسبّحون الله ويحمّدونه، ويهلّلونه عزّ وجل،م.
ص: 147
ويدعون بالفرج للإمام القائم بأمر الله والناصح لدين الله (م ح م د) بن الحسن المهدي الخلف الصالح، صاحب الزمان عليه السلام.
ثُمَّ عدت إلى مسجد السيّد سلَّمه الله فقال لي: رأيت العسكر؟ فقلت: نعم، قال: فهل عددت اُمراءهم؟ قلت: لا، قال: عدّتهم ثلاث مائة ناصر وبقي ثلاثة عشر ناصراً، ويعجّل الله لوليه الفرج بمشيّته إنَّه جواد كريم.
قلت: يا سيّدي ومتى يكون الفرج؟ قال: يا أخي إنَّما العلم عند الله والأمر متعلّق بمشيّته سبحانه وتعالى حتَّى أنَّه ربّما كان الإمام عليه السلام لا يعرف ذلك، بل له علامات وأمارات تدلُّ على خروجه.
من جملتها أن ينطق ذو الفقار بأن يخرج من غلافه، ويتكلّم بلسان عربي مبين: قم يا ولي الله على اسم الله، فاقتل بي أعداء الله.
ومنها: ثلاثة أصوات يسمعها الناس كلّهم، الصوت الأوّل: أزفَتِ الآزفَةُ يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ لآل محمّد عليهم السلام، والثالث: بدن يظهر فيرى في قرن الشمس يقول: إنَّ الله بعث صاحب الأمر (م ح م د) بن الحسن المهدي عليه السلام فاسمعوا له وأطيعوا.
فقلت: يا سيّدي قد روينا عن مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السلام أنَّه قال لمَّا اُمر بالغيبة الكبرى: من رآني بعد غيبتي فقد كذب فكيف فيكم من يراه؟ فقال: صدقت إنَّه عليه السلام إنَّما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العبّاس، حتَّى أنَّ الشيعة يمنع بعضها بعضاً عن التحدّث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدّة وأيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعنائهم، وببركته عليه السلام لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا.
ص: 148
قلت: يا سيّدي! قد روت علماء الشيعة حديثاً عن الإمام عليه السلام أنَّه أباح الخمس لشيعته، فهل رويتم عنه ذلك؟ قال: نعم، إنَّه عليه السلام رخَّص وأباح الخمس لشيعته من ولد عليّ عليه السلام، وقال: هم في حلّ من ذلك، قلت: وهل رخَّص للشيعة أن يشتروا الإماء والعبيد من سبي العامّة؟ قال: نعم، ومن سبي غيرهم لأنَّه عليه السلام قال: عاملوهم بما عاملوا به أنفسهم، وهاتان المسألتان زائدتان على المسائل التي سمّيتها لك.
وقال السيّد سلَّمه الله: إنَّه يخرج من مكّة بين الركن والمقام في سنة وتر فليرتقبها المؤمنون.
فقلت: يا سيّدي قد أحببت المجاورة عندكم إلى أن يأذن الله بالفرج فقال لي: اعلم يا أخي أنَّه تقدَّم إليَّ كلام بعودك إلى وطنك، ولا يمكنني وإيّاك المخالفة، لأنَّك ذو عيال وغبت عنهم مدّة مديدة، ولا يجوز لك التخلّف عنهم أكثر من هذا، فتأثّرت من ذلك وبكيت.
وقلت: يا مولاي وهل تجوز المراجعة في أمري؟ قال: لا، قلت: يا مولاي وهل تأذن لي في أن أحكي كلّما قد رأيته وسمعته؟ قال: لا بأس أن تحكي للمؤمنين لتطمئن قلوبهم، إلاَّ كيت وكيت وعيَّن ما لا أقوله.
فقلت: يا سيّدي أما يمكن النظر إلى جماله وبهائه عليه السلام؟ قال: لا، ولكن اعلم يا أخي أنَّ كلّ مؤمن مخلص يمكن أن يرى الإمام ولا يعرفه، فقلت: يا سيّدي أنا من جملة عبيده المخلصين، ولا رأيته.
فقال لي: بل رأيته مرّتين مرّة منها لمَّا أتيت إلى سُرَّ من رأى وهي أوّل مرّة جئتها، وسبقك أصحابك وتخلّفت عنهم، حتَّى وصلت إلى نهر لا ماء فيه فحضر عندك فارس على فرس شهباء، وبيده رمح طويل، وله سنان دمشقي، فلمَّا رأيته خفت على ثيابك فلمَّا وصل إليك قال لك: لا
ص: 149
تخف اذهب إلى أصحابك، فإنَّهم ينتظرونك تحت تلك الشجرة فأذكرني والله ما كان، فقلت: قد كان ذلك يا سيّدي.
قال: والمرّة الأخرى حين خرجت من دمشق تريد مصراً مع شيخك الأندلسي، وانقطعت عن القافلة، وخفت خوفاً شديداً، فعارضك فارس على فرس غرّاء محجّلة، وبيده رمح أيضاً، وقال لك: سر ولا تخف إلى قرية على يمينك ونم عند أهلها الليلة، وأخبرهم بمذهبك الذي ولدت عليه، ولا تتّق منهم فإنَّهم مع قرى عديدة جنوبي دمشق، مؤمنون مخلصون، يدينون بدين عليّ بن أبي طالب والأئمّة المعصومين من ذريته عليهم السلام، أكان ذلك يا ابن فاضل؟
قلت: نعم، و ذهبت إلى عند أهل القرية ونمت عندهم فأعزوني وسألتهم عن مذهبم، فقالوا لي _ من غير تقيّة منّي _: نحن على مذهب أمير المؤمنين، ووصي رسول ربّ العالمين عليّ بن أبي طالب والأئمّة المعصومين من ذريته عليهم السلام، فقلت لهم: من أين لكم هذا المذهب؟ ومن أوصله إليكم؟ قالوا: أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حين نفاه عثمان إلى الشام، ونفاه معاوية إلى أرضنا هذه، فعمّتنا بركته، فلمَّا أصبحت طلبت منهم اللحوق بالقافلة فجهّزوا معي رجلين ألحقاني بها، بعد أن صرَّحت لهم بمذهبي.
فقلت له: يا سيّدي هل يحجّ الإمام عليه السلام في كلّ مدّة بعد مدّة؟ قال لي: يا ابن فاضل! الدنيا خطوة مؤمن، فكيف بمن لم تقم الدنيا إلاَّ بوجوده ووجود آبائه عليهم السلام، نعم يحجّ في كلّ عام ويزور آباءه في المدينة والعراق، وطوس، على مشرّفيها السلام، ويرجع إلى أرضنا هذه.
ثُمَّ إنَّ السيّد شمس الدين حثَّ عليَّ بعدم التأخير بالرجوع إلى العراق
ص: 150
وعدم الإقامة في بلاد المغرب، وذكر لي أنَّ ذراهمهم مكتوب عليها: لا إله إلاَّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله، محمّد بن الحسن القائم بأمر الله. وأعطاني السيّد منها خمسة دراهم وهي محفوظة عندي للبركة.
ثُمَّ إنَّه سلمه الله وجّهني مع المراكب التي أتيت معها إلى أن وصلنا إلى تلك البلدة التي أوّل ما دخلتها من أرض البربر، وكان قد أعطاني حنطة وشعيراً فبعتها في تلك البلدة بمائة وأربعين ديناراً ذهباً، من معاملة(1) بلاد المغرب ولم أجعل طريقي على الأندلس امتثالاً لأمر السيّد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه وسافرت منها مع الحُجُج المغربي(2) إلى مكّة شرَّفها الله تعالى وحججت، وجئت إلى العراق واُريد المجاورة في الغري على مشرّفيها السلام حتَّى الممات.
قال الشيخ زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني: لم أرَ لعلماء الإمامية عندهم ذكراً سوى خمسة: السيّد المرتضى الموسوي، والشيخ أبو جعفر الطوسي، ومحمّد بن يعقوب الكليني، وابن بابويه، والشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلّي.
هذا آخر ما سمعته من الشيخ الصالح التقي والفاضل الزكي عليّ بن فاضل المذكور أدام الله إفضاله وأكثر من علماء الدهر وأتقيائه أمثاله، والحمد لله أوّلاً وآخراً، ظاهراً وباطناً، وصلى الله على خير خلقه سيّد البرية، محمّد وعلى آله الطاهرين المعصومين وسلَّم تسليماً كثيراً.
بيان: (اللقلقة) بفتح اللامين: الصوت، و(القَفَل) بالتحريك اسم ).
ص: 151
جمع للقافل، وهو الراجع من السفر، وبه سمّي القافلة، قوله: (تنوف) أي تشرف وترتفع وتزيد.
أقول: ولنلحق بتلك الحكاية، بعض الحكايات التي سمعتها عمَّن قرب من زماننا.
فمنها: ما أخبرني جماعة عن السيّد الفاضل أمير علام قال: كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدَّسة بالغري على مشرّفها السلام وقد ذهب كثير من الليل، فبينا أنا أجول فيها، إذ رأيت شخصاً مقبلاً نحو الروضة المقدّسة فأقبلت إليه فلمَّا قربت منه عرفت أنَّه أستاذنا الفاضل العالم التقي الذكي مولانا أحمد الأردبيلي قدَّس الله روحه.
فأخفيت نفسي عنه، حتَّى أتى الباب، وكان مغلقاً، فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة، فسمعته يكلّم كأنَّه يناجي أحداً ثُمَّ خرج، واُغلق الباب فمشيت خلفه حتَّى خرج من الغري وتوجّه نحو مسجد الكوفة.
فكنت خلفه بحيث لا يراني حتَّى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه عنده، ومكث طويلاً ثُمَّ رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري.
فكنت خلفه حتَّى قرب من الحنانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه، فالتفت إليَّ فعرفني، وقال: أنت مير علام؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع ههنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدّسة إلى الآن واُقسم عليك بحقّ صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة، من البداية إلى النهاية.
فقال: اُخبرك على أن لا تخبر به أحداً ما دمت حيّاً، فلمَّا توثّق
ص: 152
ذلك منّي قال: كنت اُفكر في بعض المسائل وقد أغلقت عليَّ، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السلام وأسأله عن ذلك، فلمَّا وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتاً من القبر: أن ائت مسجد الكوفة وسل عن القائم عليه السلام فإنَّه إمام زمانك، فأتيت عند المحراب، وسألته عنها واُجبت وها أنا أرجع إلى بيتي.
ومنها: ما أخبرني به والدي رحمه الله قال: كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له: أمير إسحاق الأستر آبادي، وكان قد حجَّ أربعين حجّة ماشياً وكان قد اشتهر بين الناس أنَّه تُطوى له الأرض.
فورد في بعض السنين بلدة أصفهان، فأتيته وسألته عمّا اشتهر فيه، فقال:
كان سبب ذلك أنّي كنت في بعض السنين مع الحاج متوجّهين إلى بيت الله الحرام فلمَّا وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكّة سبعة منازل أو تسعة تأخّرت عن القافلة لبعض الأسباب حتَّى غابت عنّي، وضللت عن الطريق، وتحيّرت وغلبني العطش حتَّى أيست من الحياة.
فناديت: يا صالح يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله، فتراءى لي في منتهى البادية شبح، فلمَّا تأمّلته حضر عندي في زمان يسير فرأيته شاباً حسن الوجه، نقي الثياب، أسمر، على هيئة الشرفاء، راكباً على جمل، ومعه أداوة، فسلَّمت عليه فردَّ عليَّ السلام وقال: (أنت عطشان؟)، قلت: نعم، فأعطاني الأداوة فشربت ثُمَّ قال: (تريد أن تلحق القافلة؟)، قلت: نعم، فأردفني خلفه، وتوجَّه نحو مكّة.
وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كلّ يوم، فأخذت في
ص: 153
قراءته، فقال عليه السلام في بعض المواضع: (اقرأ هكذا)، قال: فما مضى إلاَّ زمان يسير حتَّى قال لي: (تعرف هذا الموضع؟)، فنظرت فإذا أنا بالأبطح فقال: (انزل)، فلمَّا نزلت رجعت وغاب عنّي.
فعند ذلك عرفت أنَّه القائم عليه السلام فندمت وتأسفت على مفارقته، وعدم معرفته فلمَّا كان بعد سبعة أيام أتت القافلة، فرأوني في مكّة بعد ما أيسوا من حياتي فلذا اشتهرت بطيّ الأرض.
قال الوالد رحمه الله: فقرأت عنده الحرز اليماني وصحّحته وأجازني والحمد لله.
ومنها: ما أخبرني به جماعة عن جماعة عن السيّد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الأستر آبادي نوَّر الله مرقده أنَّه قال: إنّي كنت ذات ليلة أطوف حول بيت الله الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه، فأخذ في الطواف، فلمَّا قرب منّي أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه، فأخذت منه وشممته، وقلت له: من أين يا سيّدي؟ قال: (من الخرابات)، ثُمَّ غاب عنّي فلم أرَه.
ومنها: ما أخبرني به جماعة من أهل الغري على مشرّفه السلام أنَّ رجلاً من أهل قاشان أتى إلى الغري متوجّها إلى بيت الله الحرام، فاعتل علّة شديدة حتَّى يبست رجلاه، ولم يقدر على المشي، فخلَّفه رفقاؤه وتركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدّسة، وذهبوا إلى الحجّ.
فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كلّ يوم، ويذهب إلى الصحاري للتنزّه ولطلب الدراري التي تؤخذ منها، فقال له في بعض الأيام: إنّي قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان، فاذهب بي اليوم وأطرحني في مكان واذهب حيث شئت.
ص: 154
قال: فأجابني إلى ذلك، وحملني وذهب بي إلى مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف فأجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحها على شجرة كانت هناك، وذهب إلى الصحراء، وبقيت وحدي مغموماً اُفكر فيما يؤول إليه أمري فإذا أنا بشاب صبيح الوجه، أسمر اللون، دخل الصحن. وسلَّم عليَّ وذهب إلى بيت المقام، وصلّى عند المحراب ركعات، بخضوع وخشوع لم أرَ مثله قط، فلمَّا فرغ من الصلاة خرج وأتاني وسألني عن حالي فقلت له: ابتليت ببلية ضقت بها لا يشفيني الله فأسلم منها، ولا يذهب بي فأستريح، فقال: (لا تحزن سيعطيك الله كليهما)، وذهب.
فلمَّا خرج رأيت القميص وقع على الأرض، فقمت وأخذت القميص وغسلتها وطرحتها على الشجر، فتفكّرت في أمري وقلت: أنا كنت لا أقدر على القيام والحركة، فكيف صرت هكذا؟ فنظرت إلى نفسي فلم أجد شيئاً مما كان بي فعلمت أنَّه كان القائم صلوات الله عليه، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أرَ أحداً فندمت ندامة شديدة.
فلمَّا أتاني صاحب الحجرة، سألني عن حالي وتحيَّر في أمري فأخبرته بما جرى فتحسَّر على ما فات منه ومنّي، ومشيت معه إلى الحجرة.
قالوا: فكان هكذا سليماً حتَّى أتى الحاج ورفقاؤه، فلمَّا رآهم وكان معهم قليلاً، مرض ومات، ودفن في الصحن، فظهر صحّة ما أخبره عليه السلام من وقوع الأمرين معاً.
وهذه القصَّة من المشهورات عند أهل المشهد، وأخبرني به ثقاتهم وصلحاؤهم.
ص: 155
ومنها: ما أخبرني به بعض الأفاضل الكرام، والثقات الأعلام، قال: أخبرني بعض من أثق به يرويه عمَّن يثق به، ويطريه أنَّه قال: لمَّا كان بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج، جعلوا واليها رجلاً من المسلمين، ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير أشدُّ نصباً منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبّهم لأهل البيت عليهم السلام ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكلّ حيلة.
فلمَّا كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمّانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوباً عليها: (لا إله إلاَّ الله، محمَّد رسول الله، أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ خلفاء رسول الله) فتأمّل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرمّانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجَّب من ذلك وقال للوزير: هذه آية بيّنة، وحجّة قويّة، على إبطال مذهب الرافضة، فما رأيك في أهل البحرين؟
فقال له: أصلحك الله إنَّ هؤلاء جماعة متعصّبون، ينكرون البراهين، وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمّانة، فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإن أبوا إلاَّ المقام على ضلالتهم فخيّرهم بين ثلاث: إمَّا أن يؤدّوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها، أو تقتل رجالهم وتسبى نساءهم وأولادهم، وتأخذ بالغنيمة أموالهم.
فاستحسن الوالي رأيه، وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار، والنجباء والسادة الأبرار، من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمّانة، وأخبرهم بما رأى فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف: من القتل والأسر
ص: 156
وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفار، فتحيّروا في أمرها، ولم يقدروا على جواب، وتغيَّرت وجوههم وارتعدت فرائصهم.
فقال كبراؤهم: أمهلنا أيّها الأمير ثلاثة أيام لعلَّنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلاَّ فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم، فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيّرين.
فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك، فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهّادهم عشرة، ففعلوا، ثُمَّ اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اُخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بإمام زماننا، وحجّة الله علينا، لعلَّه يبيّن لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.
فخرج وبات طول ليلته متعبّداً خاشعاً داعياً باكياً يدعو الله، ويستغيث بالإمام عليه السلام، حتَّى أصبح ولم يرَ شيئاً، فأتاهم وأخبرهم فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم.
فأحضروا الثالث وكان تقيّاً فاضلاً اسمه محمّد بن عيسى، فخرج الليلة الثالثة حافياً حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى، وتوسَّل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان.
فلمَّا كان آخر الليل، إذا هو برجل يخاطبه ويقول: (يا محمّد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة، ولماذا خرجت إلى هذه البرية؟)، فقال له: أيّها الرجل دعني فإنّي خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم، لات أذكره إلاَّ لإمامي ولا أشكوه إلاَّ إلى من يقدر على كشفه عنّي.
ص: 157
فقال: (يا محمّد بن عيسى! أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك)، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم قصّتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: (نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمّانة، وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به)، قال: فلمَّا سمعت ذلك توجَّهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنّا.
فقال صلوات الله عليه: (يا محمّد بن عيسى إنَّ الوزير لعنه الله في داره شجرة رمّان فلمَّا حملت تلك الشجرة صنع شيئاً من الطين على هيئة الرمّانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كلّ نصف بعض تلك الكتابة ثُمَّ وضعهما على الرمانة، وشدّهما عليها وهي صغيرة فأثَّر فيها، وصارت هكذا.
فإذا مضيتم غداً إلى الوالي، فقل له: جئتك بالجواب ولكنّي لا اُبديه إلاَّ في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك، ترى فيها غرفة، فقل للوالي: لا اُجيبك إلاَّ في تلك الغرفة، وسيأبى الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك ولا ترض إلاَّ بصعودها فإذا صعد فاصعد معه، ولا تتركه وحده يتقدَّم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض، فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثُمَّ ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جليّة الحال.
وأيضاً يا محمّد بن عيسى قل للوالي: إنَّ لنا معجزة اُخرى وهي أنَّ هذه الرمّانة ليس فيها إلاَّ الرماد والدخان وإن أردت صحّة ذلك فاءمر الوزير بكسرها، فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته).
فلمَّا سمع محمّد بن عيسى ذلك من الإمام، فرح فرحاً شديداً وقبَّل بين يدي الإمام صلوات الله عليه، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور.
ص: 158
فلمَّا أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمّد بن عيسى كلّ ما أمره الإمام وظهر كلّ ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمّد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا، وحجّة الله علينا، فقال: ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمّة واحداً بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر صلوات الله عليهم.
فقال الوالي: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمّداً عبده ورسوله وأنَّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ثُمَّ أقرَّ بالأئمّة إلى آخرهم عليهم السلام وحسن إيمانه، وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم.
قال: وهذه القصّة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمّد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس.
* * *
ص: 159
ص: 160
ص: 161
ص: 162
1 _ أمالي الصدوق: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْجَلُودِيَّ، عَنْ هِشَام بْن جَعْفَرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ وَكَانَ قَارئاً لِلْكُتُبِ، قَالَ: قَرَأتُ فِي الإنْجِيل وَذَكَرَ أوْصَافَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم... إِلَى أنْ قَالَ تَعَالَى لِعِيسَى: أرْفَعُكَ إِلَيَّ ثُمَّ اُهْبِطُكَ فِي آخِر الزَّمَان لِتَرَى مِنْ اُمَّةِ ذَلِكَ النَّبِيَّ الْعَجَائِبَ وَلِتُعِينَهُمْ عَلَى اللَّعِين الدَّجَّال اُهْبِطُكَ فِي وَقْتِ الصَّلاَةِ لِتُصَلّيَ مَعَهُمْ إِنَّهُمْ اُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ(1).
2 _ قرب الإسناد: هَارُونُ، عَن ابْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ، وَفَسَقَ شُبَّانُكُمْ، وَلَمْ تَأمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَن الْمُنْكَر؟)، فَقِيلَ لَهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أمَرْتُمْ بِالْمُنْكَر وَنَهَيْتُمْ عَن الْمَعْرُوفِ؟)، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً؟)(2).
3 _ قرب الإسناد: عَنْهُمَ(3)، عَنْ حَنَانٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ خَسْفِ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: (أمَّا صِهْر(4) عَلَى الْبَريدِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً مِنَ الْبَريدِ الَّذِي بِذَاتِ الْجَيْش)(5).2.
ص: 163
4 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً))(1) (وَسَيُريكَ فِي آخِر الزَّمَان آيَاتٍ مِنْهَا: دَابَّةُ الأرْض، وَالدَّجَّالُ، وَنُزُولُ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا)(2).
وَعَنْهُ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ))(3) قَالَ: (هُوَ الدَّجَّالُ(4) وَالصَّيْحَةُ، ((أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)) وَهُوَ الْخَسْفُ، ((أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً)) وَهُوَ اخْتِلاَفٌ فِي الدَّين وَطَعْنُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ((وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)) وَهُوَ أنْ يَقْتُلَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَكُلُّ هَذَا فِي أهْل الْقِبْلَةِ)(5).
5 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن ابْن أسْبَاطٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ مَيْمُونٍ حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمَّيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (يَقُومُ قَائِمُنَا لِمُوَافَاةِ النَّاس سَنَةً)، قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ بِلاَ سُفْيَانِيّ؟، إِنَّ أمْرَ الْقَائِم حَتْمٌ مِنَ اللهِ، وَأمْرُ السُّفْيَانِيَّ حَتْمٌ مِنَ اللهِ، وَلاَ يَكُونُ قَائِمٌ إِلاَّ بِسُفْيَانِيّ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ؟ قَالَ: (مَا شَاءَ اللهُ)، قُلْتُ: يَكُونُ فِي الَّتِي يَلِيهَا؟ قَالَ: (يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)(6).9.
ص: 164
6 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (قُدَّامَ هَذَا الأمْر قَتْلٌ بُيُوحٌ)، قُلْتُ: وَمَا الْبُيُوحُ؟ قَالَ: (دَائِمٌ لاَ يَفْتُرُ)(1).
بيان: قال الفيروزآبادي: (البوح) بالضم الاختلاط في الأمر وباح ظهر وبسره بوحاً وبؤوحاً أظهره، وهو بؤوح بما في صدره، واستباحهم استأصلهم(2) وسيأتي تفسير آخر للبيوح(3).
7 _ قرب الإسناد: بِالإسْنَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (يَزْعُمُ ابْنُ أبِي حَمْزَةَ أنَّ جَعْفَراً زَعَمَ أنَّ أبِي الْقَائِمُ وَمَا عَلِمَ جَعْفَرٌ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ أمْر اللهِ، فَوَ اللهِ لَقَدْ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَحْكِي لِرَسُولِهِ(4) صلى الله عليه وآله وسلّم: ((وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ))(5) وَكَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: أرْبَعَةُ أحْدَاثٍ تَكُونُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم تَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهَا أحْدَاثٌ قَدْ مَضَى مِنْهَا ثَلاَثَةٌ وَبَقِيَ وَاحِدٌ)، قُلْنَا: جُعِلْنَا فِدَاكَ وَمَا مَضَى مِنْهَا؟ قَالَ: (رَجَبٌ خُلِعَ فِيهِ صَاحِبُ خُرَاسَانَ، وَرَجَبٌ وَثَبَ فِيهِ عَلَى ابْن زُبَيْدَةَ، وَرَجَبٌ يَخْرُجُ(6) فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِالْكُوفَةِ)، قُلْنَا لَهُ: فَالرَّجَبُ الرَّابِعُ مُتَّصِلٌ بِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا قَالَ أبُو جَعْفَرٍ)(7).
بيان: أي أجمل أبو جعفر عليه السلام ولم يبيّن اتّصاله، وخلع صاحب 0.
ص: 165
خراسان كأنَّه إشاره إلى خلع الأمين المأمون عن الخلافة وأمره بمحو اسمه عن الدراهم والخطب، والثاني إشارة إلى خلع محمّد الأمين، والثالث إشارة إلى ظهور محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن عليه السلام المعروف بابن طباطبا بالكوفة لعشر خلون من جمادى الآخرة في قريب من مائتين من الهجرة.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: (هكذا قال أبو جعفر عليه السلام) تصديق اتّصال الرابع بالثالث، فيكون الرابع إشارة إلى دخوله عليه السلام خراسان فإنَّه كان بعد خروج محمّد بن إبراهيم بسنة تقريباً، ولا يبعد أن يكون دخوله عليه السلام خراسان في رجب.
8 _ قرب الإسناد: بِالإسْنَادِ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَنْ قُرْبِ هَذَا الأمْر فَقَالَ: (قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام، حَكَاهُ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: أوَّلُ عَلاَمَاتِ الْفَرَج سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِي سَنَةِ سِتّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ تَخْلَعُ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا، وَفِي سَنَةِ سَبْع وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْفَنَاءُ، وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْجَلاَءُ)، فَقَالَ: (أمَا تَرَى بَنِي هَاشِم قَدِ انْقَلَعُوا بِأهْلِيهِمْ وَأوْلاَدِهِمْ؟)، فَقُلْتُ: لَهُمُ الْجَلاَءُ(1)؟ قَالَ: (وَغَيْرُهُمْ (غَيْرهِمْ)، وَفِي سَنَةِ تِسْع وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكْشِفُ اللهُ الْبَلاَءَ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَفِي سَنَةِ مِائَتَيْن يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ).
فَقُلْنَا لَهُ: جُعِلْنَا فِدَاكَ أخْبِرْنَا بِمَا يَكُونُ فِي سَنَةِ الْمِائَتَيْن، قَالَ: (لَوْ أخْبَرْتُ أحَداً لأخْبَرْتُكُمْ، وَلَقَدْ خُبَّرْتُ بِمَكَانِكُمْ، فَمَا كَانَ هَذَا مِنْ رَأيٍ أنْ يَظْهَرَ هَذَا مِنّي إِلَيْكُمْ، وَلَكِنْ إِذَا أرَادَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِظْهَارَ شَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ لَمْ يَقْدِر الْعِبَادُ عَلَى سَتْرهِ).).
ص: 166
فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ قُلْتَ لِي فِي عَامِنَا الأوَّل حَكَيْتَ عَنْ أبِيكَ أنَّ انْقِضَاءَ مُلْكِ آل فُلاَنٍ عَلَى رَأس فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ لَيْسَ لِبَني فُلاَنٍ سُلْطَانٌ بَعْدَهُمَا، قَالَ: (قَدْ قُلْتُ ذَاكَ لَكَ، فَقُلْتُ أصْلَحَكَ اللهُ إِذَا انْقَضَى مُلْكُهُمْ يَمْلِكُ أحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ الأمْرُ؟).
قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: (يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ أنْتَ وَأصْحَابُكَ)، قُلْتُ: تَعْنِي خُرُوجَ السُّفْيَانِيَّ؟ فَقَالَ: (لاَ)، فَقُلْتُ: فَقِيَامَ الْقَائِم؟ قَالَ: (يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)، قُلْتُ: فَأنْتَ هُوَ؟ قَالَ: (لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ).
وَقَالَ: (إِنَّ قُدَّامَ هَذَا الأمْر عَلاَمَاتٍ، حَدَثٌ يَكُونُ بَيْنَ الْحَرَمَيْن)، قُلْتُ: مَا الْحَدَثُ؟ قَالَ: (عَضْبَةٌ(1) تَكُونُ وَيَقْتُلُ فُلاَنٌ مِنْ آل فُلاَنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً)(2).
بيان: قوله: (أوّل علامات الفرج) إشارة إلى وقوع الخلاف بين الأمين و المأمون، وخلع الأمين المأمون عن الخلافة، لأنَّ هذا كان ابتداء تزلزل أمر بني العبّاس وفي سنة ست وتسعين ومائة، اشتدّ النزاع وقام الحرب بينهما، وفي السنة التي بعده كان فناء كثير من جندهم، وفيما بعده كان قتل الأمين وإجلاء أكثر بني العبّاس.
وذكر بني هاشم كان للتورية والتقيّة ولذا قال عليه السلام: (وغيرهم) وفي سنة تسع وتسعين كشف الله البلاء عن أهل البيت عليهم السلام لخذلان معانديهم، وكتب المأمون إليه عليه السلام يستمد منه ويستحضره.6.
ص: 167
وقوله: (وفي سنة مائتين يفعل الله ما يشاء) إشارة إلى شدّة تعظيم المأمون له وطلبه، وفي السنة التي بعده أعني سنة إحدى ومائتين دخل خراسان وفي شهر رمضان عقد مأمون له البيعة.
قوله عليه السلام: (ولقد خبرت بمكانكم) أي بمجيئكم في هذا الوقت، وسؤالكم منّي هذا السؤال، والمعنى: أنّي عالم بما يكون من الحوادث، لكن ليست المصلحة في إظهارها لكم.
وقوله عليه السلام: (ويقتل فلان) إشارة إلى بعض الحوادث التي وقعت على بني العبّاس في أواخر دولتهم أو إلى انقراضهم في زمن هلاكوخان.
9 _ تفسير القمي: أبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، بَلَغَنَا أنَّ لآل جَعْفَرٍ رَايَةً وَلآل الْعَبَّاس رَايَتَيْن، فَهَل انْتَهَى إِلَيْكَ مِنْ عِلْم ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: (أمَّا آلُ جَعْفَرٍ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلاَ إِلَى شَيْءٍ، وَأمَّا آلُ الْعَبَّاس فَإنَّ لَهُمْ مُلْكاً مُبْطِئا(1) يُقَرَّبُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُبَاعِدُونَ(2) فِيهِ الْقَريبَ، وَسُلْطَانُهُمْ عَسِيرٌ(3) لَيْسَ فِيهِ يَسِيرٌ(4)، حَتَّى إِذَا أمِنُوا مَكْرَ اللهِ، وَأمِنُوا عِقَابَهُ، صِيحَ فِيهِمْ صَيْحَةٌ لاَ يَبْقَى لَهُمْ مُنَادٍ(5) يَجْمَعُهُمْ وَلاَ يُسْمِعُهُمْ(6)، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ ...))(7) الآيَةَ).4.
ص: 168
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (أمَا إِنَّهُ لَمْ يُوَقَّتْ لَنَا فِيهِ وَقْتٌ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِشَيْءٍ فَكَانَ كَمَا نَقُولُ، فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنْ كَانَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، تُؤْجَرُوا مَرَّتَيْن.
وَلَكِنْ إِذَا اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ، وَأنْكَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا هَذَا الأمْرَ صَبَاحاً وَمَسَاءً).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا إِنْكَارُ النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟
قَالَ: يَأتِي الرَّجُلُ أخَاهُ فِي حَاجَةٍ فَيَلْقَاهُ بِغَيْر الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ وَيُكَلّمُهُ بِغَيْر الْكَلاَم الَّذِي كَانَ يُكَلّمُهُ)(1).
10 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: (((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً _ يَعْنِي لَيْلاً _ أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ))(2) فَهَذَا عَذَابٌ يَنْزلُ فِي آخِر الزَّمَان عَلَى فَسَقَةِ أهْل الْقِبْلَةِ وَهُمْ يَجْحَدُونَ نُزُولَ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ)(3).
11 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ))(4)، قَالَ: (مِنَ الصَّوْتِ، وَذَلِكَ الصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ)، وَقَوْلِهِ: ((وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))، قَالَ: (مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ خُسِفَ بِهِمْ)(5).6.
ص: 169
بيان: قال البيضاوي: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا)) عند الموت أو البعث أو يوم بدر وجواب ((لَوْ)) محذوف: لرأيت أمراً فظيعاً. ((فَلا فَوْتَ)) فلا يفوتون الله بهرب ولا تحصن(1)، ((وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)) من ظهر الأرض إلى بطنها أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى القليب، ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ)) ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولاً سهلا(2).
أقول: قال صاحب الكشّاف: روي عن ابن عبّاس أنَّها نزلت في خسف البيداء(3).
وَقَالَ الشَّيْخُ أمِينُ الدَّين الطَّبْرسِيُّ رحمه الله: قَالَ أبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن وَالْحَسَنَ بْنَ الْحَسَن بْن عليًّ عليهم السلام يَقُولاَن: (هُوَ جَيْشُ الْبَيْدَاءِ يُؤْخَذُونَ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَحُمْرَانُ بْنُ أعْيَنَ أنَّهُمَا سَمِعَا مُهَاجِراً الْمَكّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ اُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ، فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ جَيْشٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ بَيْدَاءِ الْمَدِينَةِ خُسِفَ بِهِمْ).
وَرُويَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ بَيْنَ أهْل الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، قَالَ: (فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمُ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس فِي فَوْر ذَلِكَ حَتَّى يَنْزلَ دِمَشْقَ فَيَبْعَثُ جَيْشَيْن جَيْشاً إِلَى الْمَشْرقِ وَآخَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَنْزلُوا بِأرْض بَابِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ الْمَلْعُونَةِ،3.
ص: 170
يَعْنِي بَغْدَادَ، فَيَقْتُلُونَ أكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ آلاَفٍ، وَيَفْضَحُونَ أكْثَرَ مِنْ مِائَةِ امْرَأةٍ، وَيَقْتُلُونَ (بِهَا)(1) ثَلاَثَمِائَةِ كَبْشٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاس.
ثُمَّ يَنْحَدِرُونَ إِلَى الْكُوفَةِ فَيُخَرَّبُونَ مَا حَوْلَهَا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجَّهِينَ إِلَى الشَّام فَتَخْرُجُ رَايَةُ هُدًى مِنَ الْكُوفَةِ، فَتَلْحَقُ ذَلِكَ الْجَيْشَ فَيَقْتُلُونَهُمْ، لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ، وَيَسْتَنْقِذُونَ مَا فِي أيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ وَالْغَنَائِم، وَيَحُلُّ الْجَيْشُ الثَّانِي بِالْمَدِينَةِ فَيَنْتَهِبُونَهَا ثَلاَثَةَ أيَّام بِلَيَالِيهَا.
ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجَّهِينَ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ، بَعَثَ اللهُ جَبْرَئِيلَ فَيَقُولُ: يَا جَبْرَئِيلُ! اذْهَبْ فَأبِدْهُمْ، فَيَضْربُهَا بِرجْلِهِ ضَرْبَةً يَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ عِنْدَهَا وَلاَ يُفْلِتُ مِنْهَا إِلاَّ رَجُلاَن مِنْ جُهَيْنَةَ)، فَلِذَلِكَ جَاءَ الْقَوْلُ: (وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ)(2) فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا ...)) إِلَى آخِرهَا، أوْرَدَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرهِ.
وروى(3) أصحابنا في أحاديث المهدي عليه السلام، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام مثله.
(وقالوا) أي ويقولون في ذلك الوقت وهو يوم القيامة، أو عند رؤية البأس أو عند الخسف، في حديث السفياني ((آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ ي.
ص: 171
التَّناوُشُ)) أي ومن أين لهم الانتفاع بهذا الإيمان الذي ألجئوا إليه، بيَّن سبحانه أنَّهم لا ينالون به نفعاً كما لا ينال أحد التناوش من مكان بعيد(1).
12 _ تفسير القمي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ))(2)، قَالَ: (إِنَّهُمْ طَلَبُوا الْمَهْدِيَّ عليه السلام(3) مِنْ حَيْثُ لاَ يُنَالُ وَقَدْ كَانَ لَهُمْ مَبْذُولاً مِنْ حَيْثُ يُنَالُ)(4).
بيان: قوله: (من حيث لا ينال) أي بعد سقوط التكليف وظهور آثار القيامة، أو بعد الموت أو عند الخسف، والأخير أظهر من جهة الخبر.
13 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح الْمَدَائِنيَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ(5)، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ الْقَائِمُ فَيَسِيرُ حَتَّى يَمُرَّ بِمُرًّ، فَيَبْلُغُهُ أنَّ عَامِلَهُ قَدْ قُتِلَ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ، وَلاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئاً، ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْبَيْدَاءِ فَيَخْرُجُ جَيْشَان لِلسُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ عزّ وجل الأرْضَ أنْ تَأخُذَ بِأقْدَامِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ ).
ص: 172
وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ)) يَعْنِي بِقِيَام الْقَائِم(1) ((... وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ...)) يَعْنِي بِقِيَام(2) آل مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ ((وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)))(3).
14 _ تفسير القمي: ((سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ))(4) قَالَ: سُئِلَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ مَعْنَى هَذَا فَقَالَ: (نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْمَغْربِ، وَمَلَكٌ يَسُوقُهَا مِنْ خَلْفِهَا، حَتَّى يَأتِيَ مِنْ جِهَةِ دَار بَنِي سَعْدِ بْن هَمَّام(5) عِنْدَ مَسْجِدِهِمْ، فَلاَ تَدَعُ دَاراً لِبَني اُمَيَّةَ إِلاَّ أحْرَقَتْهَا وَأهْلَهَا، وَلاَ تَدَعُ دَاراً فِيهَا وَتْرٌ لآل مُحَمَّدٍ إِلاَّ أحْرَقَتْهَا وَذَلِكَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام(6))(7).
بيان: أي من علاماته أو عند ظهوره عليه السلام.
15 _ الخصال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ظَريفِ بْن نَاصِح، عَنْ أبِي الْحُصَيْن، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَن السَّاعَةِ فَقَالَ: (عِنْدَ إِيمَانٍ بِالنُّجُوم وَتَكْذِيبٍ بِالْقَدَر)(8).
16 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عِيسَى الْعَلَويَّ، عَنْ ).
ص: 173
حَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الْكَشَّيَّ، عَنْ حَمْدَوَيْهِ بْن بِشْرٍ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُكَيْرٍ يَرْوي حَدِيثاً وَيَتَأوَّلُهُ وَأنَا اُحِبُّ أنْ أعْرضَهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: (مَا ذَاكَ الْحَدِيثُ؟)، قُلْتُ: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أيَّامَ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن(2) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِنَا فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَدْ خَرَجَ وَأجَابَهُ النَّاسُ فَمَا تَقُولُ فِي الْخُرُوج مَعَهُ؟
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (اسْكُنْ(3) مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ)، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ: فَإذَا كَانَ الأمْرُ هَكَذَا فَلَمْ يَكُنْ خُرُوجٌ مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ، فَمَا مِنْ قَائِم وَمَا مِنْ خُرُوج.
فَقَالَ أبُو الْحَسَن: (صَدَقَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام، وَلَيْسَ الأمْرُ عَلَى مَا تَأوَّلَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، إِنَّمَا قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: اسْكُنْ مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ مِنَ النّدَاءِ وَالأرْضُ مِنَ الْخَسْفِ بِالْجَيْش)(4).
17 _ معاني الأخبار: أبِي، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِيَّ بْن 6.
ص: 174
الرَّيَّان، عَن الدَّهْقَان، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، حَدِيثٌ كَانَ يَرْويهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: (وَمَا هُوَ؟)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: رُويَ عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ أنَّهُ لَقِيَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي السَّنَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن(1) فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذَا قَدْ آلَفَ الْكَلاَمَ وَسَارَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَمَا الَّذِي تَأمُرُ بِهِ؟ فَقَالَ: (اتَّقُوا اللهَ وَاسْكُنُوا مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ).
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ يَقُولُ: وَاللهِ لَئِنْ كَانَ عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ صَادِقاً فَمَا مِنْ خُرُوج وَمَا مِنْ قَائِم.
قَالَ: فَقَالَ لِي أبُو الْحَسَن عليه السلام: (الْحَدِيثُ عَلَى مَا رَوَاهُ عُبَيْدٌ، وَلَيْسَ عَلَى مَا تَأوَّلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ، إِنَّمَا عَنَى أبُو عَبْدِ اللهِ بِقَوْلِهِ: مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ مِنَ النّدَاءِ بِاسْم صَاحِبكَ، وَمَا سَكَنَتِ الأرْضُ مِنَ الْخَسْفِ بِالْجَيْش)(2).
18 _ معاني الأخبار، وأمالي الطوسي: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ مَعاً، عَن الأشْعَريَّ، عَن السَّيَّاريَّ، عَن الْحَكَم بْن سَالِم، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّا وَآلَ أبِي سُفْيَانَ أهْلُ بَيْتَيْن تَعَادَيْنَا فِي اللهِ، قُلْنَا: صَدَقَ اللهُ، وَقَالُوا: كَذَبَ اللهُ، قَاتَلَ أبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَقَاتَلَ مُعَاويَةُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَقَاتَلَ يَزيدُ بْنُ مُعَاويَةَ الْحُسَيْنَ بْنَ عليًّ عليهما السلام، وَالسُّفْيَانِيُّ يُقَاتِلُ الْقَائِمَ عليه السلام)(3).1.
ص: 175
19 _ بصائر الدرجات: مُعَاويَةُ بْنُ حُكَيْم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن(1) شُعَيْبِ بْن غَزْوَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَلْخ فَقَالَ لَهُ: (يَا خُرَاسَانِيُّ تَعْرفُ وَادِيَ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ صَدْعاً فِي الْوَادِي مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، (قَالَ:)(2) (مِنْ ذَلِكَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ).
قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْيَمَن، فَقَالَ لَهُ: (يَا يَمَانِيُّ أتَعْرفُ شِعْبَ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ شَجَرَةً فِي الشّعْبِ مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ صَخْرَةً تَحْتَ الشَّجَرَةِ؟)، قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: (فَتِلْكَ الصَّخْرَةُ الَّتِي حَفِظَتْ ألْوَاحَ مُوسَى عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(3).
20 _ ثواب الأعمال: أبِي، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن النَّوْفَلِيَّ، عَن السَّكُونيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (سَيَأتِي عَلَى اُمَّتِي زَمَانٌ تَخْبُثُ فِيهِ سَرَائِرُهُمْ، وَتَحْسُنُ فِيهِ عَلاَنِيَتُهُمْ طَمَعاً فِي الدُّنْيَا، لاَ يُريدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ اللهِ عزّ وجل، يَكُونُ أمْرُهُمْ ريَاءً لاَ يُخَالِطُهُ خَوْفٌ، يَعُمُّهُمُ اللهُ مِنْهُ(4) بِعِقَابٍ فَيَدْعُونَهُ دُعَاءَ الْغَريقِ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ)(5).
21 _ ثواب الأعمال: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (سَيَأتِي زَمَانٌ عَلَى اُمَّتِي لاَ يَبْقَى مِنَ الْقُرْآن إِلاَّ رَسْمُهُ، وَلاَ مِنَ الإسْلاَم إِلاَّ اسْمُهُ، يُسَمَّوْنَ بِهِ وَهُمْ أبْعَدُ النَّاس مِنْهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ 3.
ص: 176
الْهُدَى، فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَان شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلّ السَّمَاءِ، مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وَإِلَيْهِمْ تَعُودُ)(1).
22 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُغِيرَةِ بِإسْنَادِهِ، عَن السَّكُونيَّ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((إِنَّ)(2) الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَداَ(3)، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضل بن إبراهيم، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة، عن سعد بن عمر الجلاّب(5)، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، مثله(6).
23 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريبا(7)، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(8).
بيان: قال الجزري فيه: إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء(9)، أي إنَّه كان في أوّل أمره كالغريب الوحيد الذي لا 1.
ص: 177
أهل له عنده لقلّة المسلمين يومئذٍ، وسيعود غريباً كما كان أي يقلّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء، فطوبي للغرباء أي الجنّة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام، ويكونون في آخره، وإنَّما خصَّهم بها لصبرهم على أذى الكفّار أوّلاً وآخراً ولزومهم دين الإسلام.
24 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عليًّ الْقَزْوينيَّ(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (الْقَائِمُ(2) مَنْصُورٌ بِالرُّعْبِ مُؤَيَّدٌ بِالنَّصْر، تُطْوَى لَهُ الأرْضُ وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ، وَيَبْلُغُ سُلْطَانُهُ الْمَشْرقَ وَالْمَغْربَ، وَيُظْهِرُ اللهُ عزّ وجل بِهِ دِينَهُ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ، فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض خَرَابٌ إِلاَّ عُمِرَ، وَيَنْزلُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيُصَلّي خَلْفَهُ).
فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَتَى يَخْرُجُ قَائِمُكُمْ؟ قَالَ: (إِذَا تَشَبَّهَ الرَّجَالُ بِالنّسَاءِ، وَالنَّسَاءُ بِالرَّجَال، وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَال، وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّرُوجَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَاتُ الزُّور، وَرُدَّتْ شَهَادَاتُ الْعَدْل، وَاسْتَخَفَّ النَّاسُ بِالدَّمَاءِ، وَارْتِكَابِ الزّنَاءِ، وَأكْل الرَّبَا، وَاتُّقِيَ الأشْرَارُ مَخَافَةَ ألْسِنَتِهِمْ، وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الشَّام، وَالْيَمَانِيُّ مِنَ الْيَمَن، وَخُسِفَ بِالْبَيْدَاءِ، وَقُتِلَ غُلاَمٌ مِنَ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ، وَجَاءَتْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِأنَّ الْحَقَّ فِيهِ وَفِي شِيعَتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ قَائِمِنَا.).
ص: 178
فَإذَا خَرَجَ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَأوَّلُ مَا يَنْطِقُ بِهِ هَذِهِ الآيَةُ: ((بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))(1) ثُمَّ يَقُولُ: أنَا بَقِيَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ(2)، فَإذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْعِقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ خَرَجَ فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض مَعْبُودٌ دُونَ اللهِ عزّ وجل، مِنْ صَنَم وَغَيْرهِ إِلاَّ وَقَعَتْ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَ، وَذَلِكَ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَويلَةٍ، لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يُطِيعُهُ بِالْغَيْبِ وَيُؤْمِنُ بِهِ)(3).
25 _ المحاسن: مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ، عَن الْمُفَضَّل بْن صَالِح الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: مَنْ أبْغَضَنَا أهْلَ الْبَيْتِ بَعَثَهُ اللهُ يَهُودِيّاً، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ شَهِدَ الشَّهَادَتَيْن؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا احْتَجَبَ بِهَاتَيْن الْكَلِمَتَيْن عِنْدَ (عَنْ) سَفْكِ دَمِهِ أوْ يُؤَدَّيَ الْجِزْيَةَ وَهُوَ صَاغِرٌ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أبْغَضَنَا أهْلَ الْبَيْتِ بَعَثَهُ اللهُ يَهُودِيّاً، قِيلَ: وَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: إِنْ أدْرَكَ الدَّجَّالَ آمَنَ بِهِ)(4).
أقول: قد أوردنا في باب نصّ الصادق على القائم أنَّه عليه السلام يقتل الدجّال(5).
26 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْجَلُودِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُعَاذٍ، عَنْ قَيْس بْن حَفْصٍ، عَنْ يُونُسَ بْن أرْقَمَ، عَنْ أبِي سَيَّارٍ الشَّيْبَانِيَّ، عَن ة.
ص: 179
الضَّحَّاكِ بْن مُزَاحِم، عَن النَّزَّال بْن سَبْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
(سَلُوني أيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني _ ثَلاَثاً _)، فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى يَخْرُجُ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام: (اقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللهُ كَلاَمَكَ وَعَلِمَ مَا أرَدْتَ، وَاللهِ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأعْلَمَ مِنَ السَّائِل، وَلَكِنْ لِذَلِكَ عَلاَمَاتٌ وَهَيْئَاتٌ يَتْبَع بَعْضُهَا بَعْضاً كَحَذْو النَّعْل بِالنَّعْل وَإِنْ شِئْتَ أنْبَأتُكَ بِهَا)، قَالَ: نَعَمْ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ.
فَقَالَ عليه السلام: (احْفَظْ فَإنَّ عَلاَمَةَ ذَلِكَ إِذَا أمَاتَ النَّاسُ الصَّلاَةَ، وَأضَاعُوا الأمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ، وَأكَلُوا الرَّبَا، وَأخَذُوا الرَّشَا، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَبَاعُوا الدَّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النّسَاءَ، وَقَطَعُوا الأرْحَامَ، وَاتَّبَعُوا الأهْوَاءَ، وَاسْتَخَفُّوا بِالدَّمَاءِ.
وَكَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً، وَالظُّلْمُ فَخْراً، وَكَانَتِ الاُمَرَاءُ فَجَرَةً، وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً، وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةً، وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّور، وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ، وَقَوْلُ الْبُهْتَان، وَالإثْمُ وَالطُّغْيَانُ.
وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَزُخْرفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَطُوَّلَتِ الْمَنَارُ(1)، وَاُكْرمَ(2) الأشْرَارُ، وَازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ، وَاخْتَلَفَتِ الأهْوَاءُ(3)، وَنُقِضَتِ الْعُقُودُ(4)، وَاقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ، وَشَارَكَ النّسَاءُ أزْوَاجَهُنَّ فِي التّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَعَلَتْ أصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْم ).
ص: 180
أرْذَلَهُمْ، وَاتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرَّهِ، وَصُدَّقَ الْكَاذِبُ، وَاؤْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَاتُّخِذَتِ الْقِيَانُ وَالْمَعَازفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الاُمَّةِ أوَّلَهَا، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّرُوجَ.
وَتَشَبَّهَ النّسَاءُ بِالرَّجَال وَالرَّجَالُ بِالنّسَاءِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْر أنْ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الآخَرُ قَضَاءً لِذِمَام بِغَيْر حَقًّ عَرَفَهُ، وَتُفُقّهَ لِغَيْر الدَّين، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأن عَلَى قُلُوبِ الذّئَابِ، وَقُلُوبُهُمْ أنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ، وَأمَرُّ مِنَ الصَّبِر، فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا، الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَيْرُ الْمَسَاكِن يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِس لَيَأتِيَنَّ(1) عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَتَمَنَّى أحَدُهُمْ أنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ).
فَقَامَ إِلَيْهِ الأصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَن الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ: (ألاَ إِنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بْنُ الصَّيْدِ(2) فَالشَّقِيُّ مَنْ صَدَّقَهُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ كَذَّبَهُ، يَخْرُجُ مِنْ بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا: أصْبَهَانُ، مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِالْيَهُودِيَّةِ، عَيْنُهُ الْيُمْنَى مَمْسُوحَةٌ، وَالاُخْرَى فِي جَبْهَتِهِ، تُضِيءُ كَأنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْح، فِيهَا عَلَقَةٌ كَأنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّم، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: (كَافِرٌ)، يَقْرَأهُ كُلُّ كَاتِبٍ وَاُمَّيّ.
يَخُوضُ الْبِحَارَ، وَتَسِيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخَانٍ، وَخَلْفَهُ جَبَلٌ أبْيَضُ يَرَى النَّاسُ أنَّهُ طَعَامٌ، يَخْرُجُ(3) فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ، تَحْتَهُ حِمَارٌ أقْمَرُ(4) خُطْوَةُ حِمَارهِ مِيلٌ، تُطْوَى لَهُ الأرْضُ مَنْهَلاً مَنْهَلاً، وَلاَ يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلاَّ غَارَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ.د.
ص: 181
يُنَادِي بِأعْلَى صَوْتِهِ يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن، مِنَ الْجِنَّ وَالإنْس وَالشَّيَاطِين، يَقُولُ: إِلَيَّ أوْلِيَائِي أنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، أنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى. وَكَذَبَ عَدُوُّ اللهِ إِنَّهُ الأعْوَرُ يَطْعَمُ الطَّعَامَ، وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ عزّ وجل لَيْسَ بِأعْوَرَ، وَلاَ يَطْعَمُ وَلاَ يَمْشِي وَلاَ يَزُولُ (تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً)(1).
ألاَ وَإِنَّ أكْثَرَ أشْيَاعِهِ يَوْمَئِذٍ أوْلاَدُ الزّنَا، وَأصْحَابُ الطَّيَالِسَةِ الْخُضْر، يَقْتُلُهُ اللهُ عزّ وجل بِالشَّام عَلَى عَقَبَةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أفِيقٍ لِثَلاَثِ سَاعَاتٍ(2) مِنْ يَوْم الْجُمُعَةِ، عَلَى يَدَيْ مَنْ يُصَلّي الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ.
ألاَ إِنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى)، قُلْنَا: وَمَا ذَلِكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ:
(خُرُوجُ دَابَّةٍ مِنَ الأرْض، مِنْ عِنْدِ الصَّفَا، مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ، وَعَصَا مُوسَى، تَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلّ مُؤْمِنٍ، فَيُطْبَعُ فِيهِ: هَذَا مُؤْمِنٌ حَقّاً، وَتَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلّ كَافِرٍ فَيُكْتَبُ فِيهِ: هَذَا كَافِرٌ حَقّاً، حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنَادِي: الْوَيْلُ لَكَ يَا كَافِرُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يُنَادِي: طُوبَى لَكَ يَا مُؤْمِنُ! وَدِدْتُ أنّي الْيَوْمَ مِثْلُكَ فَأفُوزَ فَوْزاً، ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأسَهَا، فَيَرَاهَا مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَيْن بِإذْن اللهِ عزّ وجل، بَعْدَ طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوْبَةُ فَلاَ تَوْبَةٌ تُقْبَلُ، وَلاَ عَمَلٌ يُرْفَعُ، وَ((لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(3)).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (لاَ تَسْألُوني عَمَّا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإنَّهُ عَهِدَ إِلَيَّ حَبِيبي عليه السلام أنْ لاَ اُخْبِرَ بِهِ غَيْرَ عِتْرَتِي).8.
ص: 182
فَقَالَ النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ(1) لِصَعْصَعَةَ: مَا عَنَى أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِهَذَا الْقَوْل؟ فَقَالَ صَعْصَعَةُ: يَا ابْنَ سَبْرَةَ إِنَّ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ هُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنَ الْعِتْرَةِ، التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عليًّ، وَهُوَ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ مِنْ مَغْربهَا، يَظْهَرُ عِنْدَ الرُّكْن وَالْمَقَام، يُطَهَّرُ الأرْضَ، وَيَضَعُ مِيزَانَ الْعَدْل، فَلاَ يَظْلِمُ أحَدٌ أحَداً، فَأخْبَرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أنَّ حَبِيبَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَهِدَ إِلَيْهِ ألاَّ يُخْبِرَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ عِتْرَتِهِ الأئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ)(2).
كمال الدين: محمّد بن عمرو بن عثمان العقيلي، عن محمّد بن جعفر بن المظفر وعبد الله بن محمّد بن عبد الرحمان، وعبد الله بن محمّد بن موسى جميعاً، ومحمّد بن عبد الله بن صبيح(3) جميعاً، عن أحمد بن المثنّى الموصلي، عن عبد الأعلى، عن أيّوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، مثله سواء(4).
توضيح: قال الجزري: (العرفاء) جمع عريف، وهو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرَّف الأمير منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل(5)، و(الزعيم) سيد القوم ورئيسهم أو المتكلّم عنهم، و(القنية) الأمّة المغنية، و(المعازف) الملاهي كالعود والطنبور، و(الذمام) بالكسر الحقّ والحرمة.8.
ص: 183
وقال الفيروزآبادي: القمرة بالضم لون إلى الخضرة، أو بياض فيه كدرة حمار أقمر وأتان قمراء(1)، قوله لعنه الله: (إليَّ أوليائي) أي أسرعوا إليَّ يا أوليائي.
وفسَّر السيوطي وغيره الطيلسان بأنَّه شبه الأردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر(2)، وقال ابن الأثير في شرح مسند الشافعي(3): الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف، وقال الفيروزآبادي: الأفيق قرية بين حوران والغور، ومنه عقبة أفيق(4).
27 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْن عُثْمَانَ بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مَشَايِخِهِ، عَنْ أبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِي، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى بْن حَمَّادٍ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ نَافِع، عَن ابْن عُمَرَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم صَلَّى ذَاتَ يَوْم بِأصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ قَامَ مَعَ أصْحَابِهِ حَتَّى أتَى بَابَ دَارٍ بِالْمَدِينَةِ فَطَرَقَ الْبَابَ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ امْرَأةٌ فَقَالَتْ: مَا تُريدُ يَا أبَا الْقَاسِم؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا اُمَّ عَبْدِ اللهِ اسْتَأذِني لِي عَلَى عَبْدِ اللهِ)، فَقَالَتْ: يَا أبَا الْقَاسِم! وَمَا تَصْنَعُ بِعَبْدِ اللهِ؟ فَوَ اللهِ إِنَّهُ لَمَجْهُودٌ فِي عَقْلِهِ، يُحْدِثُ فِي ثَوْبهِ، وَإِنَّهُ لَيُرَاودُنِي عَلَى الأمْر الْعَظِيم.
فَقَالَ: (اسْتَأذِني لِي عَلَيْهِ)، فَقَالَتْ: أعَلَى ذِمَّتِكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قال: (فَقَالَتِ): ادْخُلْ، فَدَخَلَ فَإذَا هُوَ فِي قَطِيفَةٍ يُهَيْنِمُ فِيهَا، فَقَالَتْ اُمُّهُ: اسْكُتْ وَاجْلِسْ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أتَاكَ، فَسَكَتَ وَجَلَسَ، فَقَالَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا لَهَا 6.
ص: 184
لَعَنَهَا اللهُ لَوْ تَرَكَتْنِي لأخْبَرْتُكُمْ أهُوَ هُوَ؟)، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا تَرَى؟)، قَالَ: أرَى حَقّاً وَبَاطِلاً، وَأرَى عَرْشاً عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ: (اشْهَدْ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ!)، فَقَالَ: بَلْ تَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ، فَمَا جَعَلَكَ اللهُ بِذَلِكَ أحَقَّ مِنّي.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي صَلَّى عليه السلام بِأصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضُوا مَعَهُ حَتَّى طَرَقَ الْبَابَ، فَقَالَتْ اُمُّهُ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ فَإذَا هُوَ فِي نَخْلَةٍ يُغَرَّدُ فِيهَا، فَقَالَتْ لَهُ اُمُّهُ: اسْكُتْ وَانْزلْ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أتَاكَ، فَسَكَتَ فَقَالَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا لَهَا لَعَنَهَا اللهُ لَوْ تَرَكَتْنِي لأخْبَرْتُكُمْ أهُوَ هُوَ؟).
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِثِ صَلَّى عليه السلام بِأصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضُوا مَعَهُ حَتَّى أتَى ذَلِكَ الْمَكَانَ، فَإذَا هُوَ فِي غَنَم يَنْعِقُ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ اُمُّهُ: اسْكُتْ وَاجْلِسْ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أتَاكَ(1)، وَقَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْم آيَاتٌ مِنْ سُورَةِ الدُّخَان فَقَرَأهَا بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ ثُمَّ قَالَ: (اشْهَدْ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ)، فَقَالَ: بَلْ تَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ، وَمَا جَعَلَكَ اللهُ بِذَلِكَ أحَقَّ مِنّي.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنّي قَدْ خَبَأتُ لَكَ خِبَاءً(2))، فَقَالَ: الدَّخُّ(3) الدَّخُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اخْسَأ فَإنَّكَ لَنْ تَعْدُوَ أجَلَكَ، وَلَنْ تَبْلُغَ أمَلَكَ، وَلَنْ تَنَالَ إِلاَّ مَا قُدَّرَ لَكَ).ه.
ص: 185
ثُمَّ قَالَ لأصْحَابِهِ: (أيُّهَا النَّاسُ! مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ أنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَإِنَّ اللهَ عزّ وجل قَدْ أخَّرَهُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا، فَمَهْمَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ مِنْ أمْرهِ فَإنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأعْوَرَ، إِنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى حِمَارٍ عَرْضُ مَا بَيْنَ اُذُنَيْهِ مِيلٌ، يَخْرُجُ وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، وَجَبَلٌ مِنْ خُبْزٍ، وَنَهَرٌ مِنْ مَاءٍ، أكْثَرُ أتْبَاعِهِ الْيَهُودُ وَالنّسَاءُ وَالأعْرَابُ، يَدْخُلُ آفَاقَ الأرْض كُلَّهَا إِلاَّ مَكَّةَ وَلاَبَتَيْهَا، وَالْمَدِينَةَ وَلاَبَتَيْهَا)(1).
بيان: قولها: (إنَّه لمجهود في عقله) أي أصاب عقله جهد البلاء فهو مخبط، يقال: جهد المرض فلاناً هزله، وكأنَّ مراودته إيّاها كان لإظهار دعوى الألوهية أو النبوة، ولذا كانت تأبى عن أن يراه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، و(الهينمة) الصوت الخفي، وفي أخبار العامّة(2): (يهمهم)، قوله: (أهو هو) أي إمَّا تقولون بإلوهية إله أم لا(3).
أقُولُ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْفَرَّاءُ فِي شَرْح السُّنَّةِ بِإسْنَادِهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريَّ أنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا تَرَى؟)، قَالَ: أرَى عَرْشاً عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْر)، فَقَالَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أرَى صَادِقِينَ (صَادِقَيْن) وَكَاذِباً أوْ كَاذِبينَ (كَاذِبَيْن) وَصَادِقاً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لُبِسَ عَلَيْهِ دَعُوهُ)(4).
ويقال: غرَّد الطائر كفرح وغرَّد تغريداً وأغرد وتغرَّد، رفع صوته وطرب به، قوله: (قد خبّأت لك خباء) أي أضمرت لك شيئاً أخبرني به،7.
ص: 186
قال الجزري: فيه أنَّه قال لابن صياد: خبّأت لك خبيئاً قال: هو الدخ. بضم الدال وفتحها الدخان، قال: (عند رواق البيت يغشى الدخان) وفسَّر الحديث أنَّه أراد بذلك: ((يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)).
وقيل: إنَّ الدجّال يقتله عيسى بجبل الدخان، فيحتمل أن يكون المراد تعريضاً بقتله لأنَّ ابن الصيّاد كان يظنّ أنَّه الدجّال(1).
قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (اخسأ) يقال: خسأت الكلب أي طردته وأبعدته، قوله: (فإنَّك لن تعدو أجلك) قال في شرح السُنّة: قال الخطابي يحتمل وجهين: أحدهما أنَّه لا يبلغ قدره أن يطالع الغيب من قبل الوحي الذي يوحى به إلى الأنبياء، ولا من قبل الإلهام الذي يلقى في روع الأولياء(2) وإنَّما كان الذي جرى على لسانه شيئاً ألقاه الشيطان حين سمع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم يراجع به أصحابه قبل دخوله النخل، والآخر أنَّك لن تسبق قدر الله وفي أمرك(3).
وقال أبو سليمان(4): والذي عندي أنَّ هذه القصّة إنَّما جرت أيام مهادنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم اليهود وحلفاءهم وكان ابن الصيّاد منهم أو دخيلاً في جملتهم(5) وكان يبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم خبره وما يدّعيه من الكهانة، .=
ص: 187
فامتحنه بذلك، فلمَّا كلَّمه علم أنَّه مبطل، وأنَّه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه رئي الجنّ(1) أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلّم به، فلمَّا سمع منه قوله: (الدخ) زبره وقال: اخسأ فلن تعد وقدرك.
يريد أنَّ ذلك شيء ألقاه إليه الشيطان، وليس ذلك من قبل الوحي وإنَّما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعضها، وذلك معنى قوله: (يأتيني صادق وكاذب)، فقال له عند ذلك: (خلط عليك).
والجملة من أمره أنَّه كان فتنة قد امتحن الله به عباده ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ))(2) وقد افتتن(3) قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم واهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه(4)، انتهى كلامه.
أقول: اختلفت العامّة في أنَّ ابن الصيّاد هل هو الدجّال أو غيره، فذهب جماعة منهم إلى أنَّه غيره، لما روي أنَّه تاب عن ذلك، ومات ).
ص: 188
بالمدينة، وكشفوا عن وجهه حتَّى رأوه الناس ميّتا(1) ورووا عن أبي سعيد الخدري أيضاً ما يدلُّ على أنَّه ليس بدجّال(2).
وذهب جماعة إلى أنَّه هو الدجّال، رووه عن ابن عمر وجابر الأنصاري(3).
أقول: قال الصدوق عليه السلام بعد إيراد هذا الخبر: إنَّ أهل العناد والجحود يصدّقون بمثل هذا الخبر، ويروونه في الدجّال وغيبته وطول بقائه المدّة الطويلة وبخروجه في آخر الزمان ولا يصدّقون بأمر القائم عليه السلام وأنَّه يغيب مدّة طويلة ثُمَّ يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً بنصّ النبي والأئمّة بعده صلوات الله عليهم وعليه باسمه وعينه(4) ونسبه، وبأخبارهم بطول غيبته إرادة لاطفاء نور الله وإبطالاً لأمر ولي الله ويأبى الله إلاَّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.
وأكثر ما يحتجّون به في دفعهم لأمر الحجّة عليه السلام أنَّهم يقولون: ).
ص: 189
لم نرو هذه الأخبار التي تروونها في شأنه ولا نعرفها، وكذا يقول من يجحد نبوّة نبينا صلى الله عليه وآله وسلّم من الملحدين، والبراهمة واليهود والنصارى(1): إنَّه ما صحَّ عندنا شيء ممّا تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها، فنعتقد بطلان أمره لهذه الجهة، ومتى لزمنا ما يقولون لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهم أكثر عدداً منهم.
ويقولون أيضاً: ليس في موجب عقولنا أن يعمّر أحد في زماننا هذا عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان، فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل الزمان.
فنقول لهم: أتصدّقون على أنَّ الدجّال في الغيبة يجوز أن يعمّر عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان وكذلك إبليس، ولا تصدّقون بمثل ذلك لقائم آل محمّد عليهم السلام؟
مع النصوص الواردة فيه في الغيبة، وطول العمر، والظهور بعد ذلك للقيام بأمر الله عزّ وجل، وما روي في ذلك من الأخبار التي قد ذكرتها في هذا الكتاب ومع ما صحَّ عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّه قال: (كلّ ما كان في الأمم السالفة يكون في هذه الأمّة مثله، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة). وقد كان فيمن مضى من أنبياء الله عزّ وجل وحججه عليهم السلام معمّرون.
أمَّا نوح عليه السلام فإنَّه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة، ونطق القرآن بأنَّه لبث في قومه ((أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً))(2) وقد روي في الخبر الذي (قد)(3) أسندته في هذا الكتاب أنَّ في القائم سُنّة من نوح، وهي طول العمر، فكيف يدفع أمره ر.
ص: 190
ولا يدفع ما يشبهه من الأمور التي ليس شيء منها في موجب العقول، بل لزم الإقرار بها لأنَّها رويت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وهكذا يلزم الإقرار بالقائم عليه السلام من طريق السمع. وفي موجب أي عقل من العقول أنَّه يجوز أن يلبث أصحاب الكهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً؟ هل وقع التصديق بذلك إلاَّ من طريق السمع، فلِمَ لا يقع التصديق بأمر القائم عليه السلام أيضاً من طريق السمع؟
وكيف يصدّقون بما يرد من الأخبار عن وهب بن منبه وعن كعب الأحبار في المحالات التي لا يصحّ منها شيء في قول الرسول، ولا في موجب العقول، ولا يصدّقون بما يرد عن النبيّ والأئمّة عليهم السلام في القائم وغيبته، وظهوره بعد شكّ أكثر الناس في أمره. وارتدادهم عن القول به، كما تنطق به الآثار الصحيحة عنهم عليهم السلام، هل هذا إلاَّ مكابرة في دفع الحقّ وجحوده؟
وكيف لا يقولون: إنَّه لمَّا كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سُنّة الأوّلين بالتعمير في أشهر الأجناس تصديقاً لقول صاحب الشريعة عليه السلام، ولا جنس أشهر من جنس القائم عليه السلام لأنَّه مذكور في الشرق والغرب على ألسنة المقرّين(1) وألسنة المنكرين له، ومتى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السلام مع الروايات الصحيحة عن النبيّ أنَّه صلى الله عليه وآله وسلّم أخبر بوقوعها به عليه السلام بطلت نبوّته، لأنَّه يكون قد أخبر بوقوع الغيبة بمن لم يقع به، ومتى صحَّ كذبه في شيء لم يكن نبيّاً.).
ص: 191
وكيف يصدق في أمر عمّار أنَّه تقتله الفئة الباغية، وفي أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه تخضب لحيته من دم رأسه، وفي الحسن بن عليّ عليهما السلام أنَّه مقتول بالسم، وفي الحسين بن عليّ عليهما السلام أنَّه مقتول بالسيف، ولا يصدق فيما أخبر به من أمر القائم ووقوع الغيبة به، والنصّ(1) عليه باسمه ونسبه؟ بل هو صلى الله عليه وآله وسلّم صادق في جميع أقواله مصيب في جميع أحواله، ولا يصحّ إيمان عبد حتَّى لا يجد في نفسه حرجاً ممّا قضى ويسلّم له في جميع الأمور تسليماً لا يخالطه شكّ ولا ارتياب، وهذا هو الإسلام والإسلام هو الاستسلام والانقياد، ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ))(2).
ومن أعجب العجب أنَّ مخالفينا يروون أنَّ عيسى بن مريم عليهما السلام مرَّ بأرض كربلا فرأى عدّة من الظباء هناك مجتمعة فأقبلت إليه وهي تبكى، وأنَّه جلس وجلس الحواريون، فبكى وبكى الحواريون، وهم لا يدرون لِمَ جلس ولِمَ بكى؟
فقالوا: يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا: لا، قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد، وفرخ الحرّة(3) الطاهرة البتول شبيه اُمّي ويلحد فيها، هي أطيب من المسك لأنَّها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء وهذه الظباء تكلّمني وتقول إنَّها ترعى في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ (المستشهد)(4) المبارك وزعمت أنَّها آمنة في هذه الأرض.ر.
ص: 192
ثُمَّ ضرب بيده إلى بعر تلك الظباء فشمّها وقال: اللهم أبقها أبداً حتَّى يشمّها أبوه فتكون له عزاء وسلوة، وإنَّها بقيت إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام حتَّى شمّها وبكى وأبكى(1)، وأخبر بقصّتها لمَّا مرَّ بكربلا.
فيصدّقون بأنَّ بعر تلك الظباء تبقى زيادة على خمسمائة سنة لم تغيّرها الأمطار والرياح، ومرور الأيام والليالي والسنين عليها، ولا يصدّقون بأنَّ القائم من آل محمّد عليهم السلام يبقى حتَّى يخرج بالسيف فيبير أعداء الله ويظهر دين الله مع الأخبار الواردة عن النبي والأئمّة صلوات الله عليهم بالنصّ عليه باسمه ونسبه وغيبته المدّة الطويلة، وجري سنن الأوّلين فيه بالتعمير، هل هذا إلاَّ عناد وجحود للحقّ(2)؟
28 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ وَالعَلاَءِ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِقِيَام(3) الْقَائِم عَلاَمَاتٍ تَكُونُ مِنَ اللهِ عزّ وجل لِلْمُؤْمِنينَ)، قُلْتُ: وَمَا هِيَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ)) يَعْنِي الْمُؤْمِنينَ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام، ((بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ وَالأَْنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ))(4)).
قَالَ: (نَبْلُوهُمْ(5) بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ مِنْ مُلُوكِ بَني فُلاَنٍ فِي آخِر سُلْطَانِهِمْ، ((وَالْجُوعِ)) بِغَلاَءِ أسْعَارهِمْ، ((وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ)))، قَالَ: (كَسَادُ التّجَارَاتِ، وَقِلَّةُ ).
ص: 193
الْفَضْل، وَنَقْصٍ مِنَ الأنْفُس)، قَالَ: (مَوْتٌ ذَريعٌ، وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ قِلَّةِ رَيْع مَا يُزْرَعُ، ((وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)) عِنْدَ ذَلِكَ بِتَعْجِيل الْفَرَج)(1).
ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا مُحَمَّدُ هَذَا تَأويلُهُ، إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ))(2))(3).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن الحميري، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن مسلم، مثله(4).
بيان: الذريع السريع.
29 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ أخِيهِ عليًّ، عَن الأهْوَازيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَكِيم، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَان(5)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (خَمْسٌ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام: الْيَمَانِيُّ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْمُنَادِي يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ)(6).
30 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَن الْحَجَّال، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ صَالِح مَوْلَى بَنِي الْعَذْرَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ الصَّادِقَ عليه السلام يَقُولُ: (لَيْسَ بَيْنَ قِيَام قَائِم آل مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ قَتْل النَّفْس الزَّكِيَّةِ إِلاَّ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً)(7).2.
ص: 194
الغيبة للطوسي: الفضل، عن ابن فضال، عن ثعلبة، مثله(1).
الإرشاد: ثعلبة، مثله(2).
31 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن ابْن أبَانٍ، عَن الأهْوَازيَّ، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَان، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي فُسْطَاطِهِ، فَرَفَعَ جَانِبَ الْفُسْطَاطِ فَقَالَ: (إِنَّ أمْرَنَا لَوْ قَدْ كَانَ لَكَانَ أبْيَنَ مِنْ هَذَا الشَّمْس!)، ثُمَّ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ هُوَ الإمَامُ بِاسْمِهِ، وَيُنَادِي إِبْلِيسُ مِنَ الأرْض كَمَا نَادَى بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ)(3).
32 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عِيسَى بْن أعْيَنَ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ أمْرَ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الأمْر الْمَحْتُوم وَخُرُوجَهُ فِي رَجَبٍ)(4).
33 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ(5)، عَنْ حَمَّادِ بْن ر.
ص: 195
عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الصَّيْحَةُ الَّتِي فِي شَهْر رَمَضَانَ تَكُونُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَلاَثٍ وَعِشْرينَ مَضَيْنَ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ)(1).
34 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْن حَنْظَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام خَمْسُ عَلاَمَاتٍ مَحْتُومَاتٍ: الْيَمَانِيُّ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالصَّيْحَةُ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ)(2).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن الفزاري، عن عبد الله بن خالد التميمي، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي عمير، مثله(3)، وفيه: (والصيحة من السماء)(4).
35 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ بِاسْم الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ: خَاصٌّ أوْ عَامٌّ؟ قَالَ: (عَامٌّ، يَسْمَعُ كُلُّ قَوْم بِلِسَانِهِمْ)، قُلْتُ: فَمَنْ يُخَالِفُ الْقَائِمَ عليه السلام وَقَدْ نُودِيَ بِاسْمِهِ؟ قَالَ: (لاَ يَدَعُهُمْ إِبْلِيسُ حَتَّى يُنَادِيَ فِي آخِر اللَّيْل فَيُشَكّكُ النَّاسَ)(5). .
ص: 196
بيان: الظاهر (في آخر النهار) كما سيأتي في الأخبار(1) ولعلَّه من النسّاخ ولم يكن في بعض النسخ في آخر الليل أصلاً.
36 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْكُوفِيَّ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَالَ أبِي عليه السلام: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (يَخْرُجُ ابْنُ آكِلَةِ الأكْبَادِ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس، وَهُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ، وَحْشُ الْوَجْهِ، ضَخْمُ الْهَامَةِ، بِوَجْهِهِ أثَرُ الْجُدَريَّ، إِذَا رَأيْتَهُ حَسِبْتَهُ أعْوَرَ، اسْمُهُ عُثْمَانُ وَأبُوهُ عَنْبَسَةُ(2)، وَهُوَ مِنْ وُلْدِ أبِي سُفْيَانَ، حَتَّى يَأتِيَ أرْضَ ((قَرارٍ وَمَعِينٍ)) فَيَسْتَويَ عَلَى مِنْبَرهَا)(3).
بيان: وحش الوجه: أي يستوحش من يراه ولا يستأنس به أحد، أو بالخاء المعجمة(4) وهو الردي من كلّ شيء، والأرض ذات القرار الكوفة أو النجف كما فسّرت به في الأخبار.
37 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عُمَرَ بْن يَزيدَ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ الصَّادِقُ عليه السلام: (إِنَّكَ لَوْ رَأيْتَ السُّفْيَانِيَّ رَأيْتَ أخْبَثَ النَّاس، أشْقَرَ أحْمَرَ أزْرَقَ، يَقُولُ: يَا رَبَّ يَا رَبَّ يَا رَبَّ ثُمَّ لِلنَّار(5) وَلَقَدْ بَلَغَ مِنْ خُبْثِهِ أنَّهُ يَدْفِنُ اُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَهِيَ حَيَّةٌ مَخَافَةَ أنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ)(6).0.
ص: 197
بيان: قوله: (ثُمَّ للنار) أي ثُمَّ مع إقراره ظاهراً بالربّ يفعل ما يستوجب للنار ويصير إليها، والأظهر ما سيأتي يا ربّ ثاري والنار مكرّرا(1).
38 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي الْقَاسِم، عَن الْكُوفِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن سُفْيَانَ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَن اسْم السُّفْيَانِيَّ فَقَالَ: (وَمَا تَصْنَعُ بِاسْمِهِ؟ إِذَا مَلَكَ كُنُوزَ الشَّام الْخَمْسَ(2): دِمَشْقَ وَحِمْصَ وَفِلَسْطِينَ وَالاُرْدُنَّ وَقِنَّسْرينَ، فَتَوَقَّعُوا عِنْدَ ذَلِكَ الْفَرَجَ)، قُلْتُ: يَمْلِكُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ؟ قَالَ: (لاَ وَلَكِنْ يَمْلِكُ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ لاَ يَزيدُ يَوْماً)(3).
39 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْكُوفِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي الْمَغْرَاءِ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (صَوْتُ جَبْرَئِيلَ مِنَ السَّمَاءِ وَصَوْتُ إِبْلِيسَ مِنَ الأرْض فَاتَّبِعُوا الصَّوْتَ الأوَّلَ وَإِيَّاكُمْ وَالأخِيرَ أنْ تُفْتَنُوا بِهِ)(4).
40 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن ابْن عِيسَى، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ خُرُوجَ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الأمْر الْمَحْتُوم(5))، قَالَ لِي: (نَعَمْ، وَاخْتِلاَفُ وُلْدِ الْعَبَّاس مِنَ الْمَحْتُوم، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم عليه السلام مِنَ الْمَحْتُوم).و.
ص: 198
فَقُلْتُ لَهُ: فَكَيْفَ يَكُونُ(1) النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ فِي آخِر النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي السُّفْيَانِيَّ وَشِيعَتِهِ، فَيَرْتَابُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُبْطِلُونَ)(2).
41 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن ابْن أبَانٍ، عَن الأهْوَازيَّ، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَنْ حَكَم الْخَيَّاطِ(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ وَرْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (آيَتَان بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الأمْر: خُسُوفُ الْقَمَر لِخَمْسٍ وَخُسُوفُ الشَّمْس لِخَمْسَة عَشْرَةَ(4) وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ عليه السلام إِلَى الأرْض، وَعِنْدَ ذَلِكَ سَقَطَ حِسَابُ الْمُنَجَّمِينَ)(5).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن القاسم بن محمّد، عن عبيس بن هشام، عن ابن جبلة، عن الحكم بن أيمن، عن ورد أخي الكميت، مثله(6).
42 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْحَجَّاج، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (قُدَّامَ الْقَائِم عليه السلام مَوْتَان(7): مَوْتٌ أحْمَرُ وَمَوْتٌ أبْيَضُ حَتَّى ).
ص: 199
يَذْهَبَ مِنْ كُلّ سَبْعَةٍ خَمْسَةٌ، فَالْمَوْتُ الأحْمَرُ السَّيْفُ وَالْمَوْتُ الأبْيَضُ الطَّاعُونُ)(1).
43 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن السَّعْدَآبَادِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام)(2).
بيان: يحتمل وقوعهما معاً فلا تنافي، ولعلَّه سقط من الخبر شيء.
44 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالاَ: سَمِعْنَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا النَّاس)، فَقِيلَ لَهُ: فَإذَا ذَهَبَ ثُلُثَا النَّاس فَمَا يَبْقَى؟ فَقَالَ عليه السلام: (أمَا تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا الثُّلُثَ الْبَاقِيَ؟)(3).
45 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ نَضْر بْن اللَّيْثِ الْمَرْوَزيَّ، عَن ابْن طَلْحَةَ الْجَحْدَريَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن رَزينٍ، عَنْ عَمَّار بْن يَاسِرٍ أنَّهُ قَالَ: إِنَّ دَوْلَةَ أهْل بَيْتِ نَبِيَّكُمْ فِي آخِر الزَّمَان، وَلَهَا أمَارَاتٌ فَإذَا رَأيْتُمْ فَالْزَمُوا الأرْضَ وَكُفُّوا حَتَّى تَجِيءَ أمَارَاتُهَا.
فَإذَا اسْتَثَارَتْ عَلَيْكُمُ الرُّومُ وَالتُّرْكُ، وَجُهَّزَتِ الْجُيُوشُ، وَمَاتَ خَلِيفَتُكُمُ الَّذِي يَجْمَعُ الأمْوَالَ، وَاسْتُخْلِفَ بَعْدَهُ رَجُلٌ صَحِيحٌ، فَيُخْلَعُ بَعْدَ سِنِينَ مِنْ بَيْعَتِهِ، وَيَأتِي هَلاَكُ مُلْكِهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأ، وَيَتَخَالَفُ التُّرْكُ وَالرُّومُ، وَتَكْثُرُ الْحُرُوبُ فِي الأرْض.9.
ص: 200
وَيُنَادِي مُنَادٍ عَنْ سُور دِمَشْقَ: وَيْلٌ لأهْل الأرْض مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ، وَيُخْسَفُ بِغَرْبيَّ مَسْجِدِهَا حَتَّى يَخِرَّ حَائِطُهَا، وَيَظْهَرُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ بِالشَّام كُلُّهُمْ يَطْلُبُ الْمُلْكَ رَجُلٌ أبْقَعُ(1)، وَرَجُلٌ أصْهَبُ(2)، وَرَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِ أبِي سُفْيَانَ يَخْرُجُ فِي كَلْبٍ، وَيَحْضُرُ النَّاسُ بِدِمَشْقَ، وَيَخْرُجُ أهْلُ الْغَرْبِ إِلَى مِصْرَ.
فَإذَا دَخَلُوا فَتِلْكَ أمَارَةُ السُّفْيَانِيَّ، وَيَخْرُجُ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ يَدْعُو لآل مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَتَنْزلُ التُّرْكُ الْحِيرَةَ، وَتَنْزلُ الرُّومُ فِلَسْطِينَ، وَيَسْبِقُ عَبْدُ اللهِ (عَبْدَ اللهِ) حَتَّى يَلْتَقِيَ جُنُودُهُمَا بِقِرْقِيساَ(3) عَلَى النَّهَر، وَيَكُونُ قِتَالٌ عَظِيمٌ، وَيَسِيرُ صَاحِبُ الْمَغْربِ فَيَقْتُلُ الرَّجَالَ وَيَسْبِي النّسَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْسٍ حَتَّى يَنْزلَ الْجَزيرَةَ السُّفْيَانِيُّ فَيَسْبِقُ الْيَمَانِيَّ(4) وَيَحُوزُ السُّفْيَانِيُّ مَا جَمَعُوا.
ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَقْتُلُ أعْوَانَ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَقْتُلُ رَجُلاً مِنْ مسميهم (مُسَمَّاهُمْ) ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ عَلَى لِوَائِهِ شُعَيْبُ بْنُ صَالِح، فَإذَا رَأى أهْلُ الشَّام قَدِ اجْتَمَعَ أمْرُهَا عَلَى ابْن أبِي سُفْيَانَ الْتَحَقُوا(5) بِمَكَّةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْتَلُ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ وَأخُوهُ بِمَكَّةَ ضَيْعَةً، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ أمِيرَكُمْ فُلاَنٌ وَذَلِكَ هُوَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْرا(6).9.
ص: 201
بيان: قوله: (من حيث بدأ) أي من جهة خراسان فإنَّ هلا كو توجَّه من تلك الجهة كما أنَّ بدء ملكهم كان من تلك الجهة حيث توجَّه أبو مسلم منها إليهم.
46 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ السَّمَّاكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي طَالِبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم، عَنْ عَطَاءِ بْن السَّائِبِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ نَحْوٌ مِنْ سِتّينَ كَذَّاباً كُلُّهُمْ يَقُولُ(1): أنَا نَبِيٌّ)(2).
الإرشاد: يحيى بن أبي طالب، عن علي بن عاصم، مثله(3).
47 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَائِذٍ، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ حَتَّى يَخْرُجَ اثْنَا عَشَرَ مِنْ بَنِي هَاشِم كُلُّهُمْ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ)(4).
الإرشاد: الوشّاء، مثله(5).
48 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ فَضَّالٍ(6)، عَنْ حَمَّادٍ، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي نَصْرٍ، عَنْ عَامِر بْن وَاثِلَةَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ:ي.
ص: 202
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عَشْرٌ قَبْلَ السَّاعَةِ لاَ بُدَّ مِنْهَا: السُّفْيَانِيُّ، وَالدَّجَّالُ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّابَّةُ، وَخُرُوجُ الْقَائِم، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا، وَنُزُولُ عِيسَى عليه السلام، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرقِ، وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْر عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَر)(1).
49 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْن حَنْظَلَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خَمْسٌ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم مِنَ الْعَلاَمَاتِ: الصَّيْحَةُ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ، وَخُرُوجُ الْيَمَانِيَّ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ)(2).
50 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (قُلْتُ) لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَتَى يَكُونُ هَذَا الأمْرُ؟ فَقَالَ: (أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ يَا جَابِرُ، وَلَمَّا تَكْثُر الْقَتْلَى بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ)(3).
الإرشاد: عمرو بن شمر، مثله(4).
51 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُؤَخَّرُهُ مِمَّا يَلِي دَارَ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ أمَا إِنَّ هَادِمَهُ لاَ يَبْنيهِ)(5).2.
ص: 203
الإرشاد: محمّد بن سنان، مثله(1).
الغيبة للنعماني: عبد الواحد، عن محمّد بن جعفر، عن ابن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن الحسين بن المختار، عن خالد القلانسي، عنه عليه السلام، مثله(2).
52 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ الأزْدِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خُرُوجُ الثَّلاَثَةِ: الْخُرَاسَانِيَّ وَالسُّفْيَانِيَّ وَالْيَمَانِيَّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ فِي يَوْم وَاحِدٍ، وَلَيْسَ فِيهَا رَايَةٌ بِأهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيَّ يَهْدِي إِلَى الْحَقَّ)(3).
الإرشاد: ابن عميرة، مثله(4).
53 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: يَخْرُجُ قَبْلَ السُّفْيَانِيَّ مِصْريٌّ وَيَمَانِيٌّ(5).
54 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ دُرُسْتَ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَوْتَ عَبْدِ اللهِ أضْمَنْ لَهُ الْقَائِمَ)، ثُمَّ قَالَ: (إِذَا مَاتَ عَبْدُ اللهِ لَمْ يَجْتَمِع النَّاسُ بَعْدَهُ عَلَى أحَدٍ وَلَمْ يَتَنَاهَ هَذَا الأمْرُ دُونَ صَاحِبكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ وَيَذْهَبُ مُلْكُ سِنِينَ وَيَصِيرُ مُلْكَ الشُّهُور وَالأيَّام)، فَقُلْتُ: يَطُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (كَلاَّ)(6).5.
ص: 204
55 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَلاَّم بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ بَكْر بْن حَرْبٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَكُونُ فَسَادُ مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ سيفي(1) بَنِي فُلاَنٍ فَإذَا اخْتَلَفُوا(2) كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ فَسَادُ مُلْكِهِمْ)(3).
56 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (إِنَّ مِنْ عَلاَمَاتِ الْفَرَج حَدَثاً يَكُونُ بَيْنَ الْحَرَمَيْن(4))، قُلْتُ: وَأيَّ شَيْءٍ يَكُونُ الْحَدَثُ؟ فَقَالَ: (عَصَبِيَّةٌ(5)في الإرشاد: (فيما بين باب الفيل وأصحاب الصابون).(6) تَكُونُ بَيْنَ الْحَرَمَيْن وَيُقْتَلُ فُلاَنٌ مِنْ وُلْدِ فُلاَنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ كَبْشاً)(7).
57 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، وَابْن أبِي نَجْرَانَ(8)، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَذْهَبُ مُلْكُ هَؤُلاَءِ حَتَّى يَسْتَعْرضُوا النَّاسَ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى رُءُوسٍ تُنْدَرُ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ(8) وَأصْحَابِ الصَّابُون)(9).
بيان: قوله: (حتَّى يستعرضوا الناس) أي يقتلوهم بالسيف يقال: عرضتهم على السيف قتلاً.8.
ص: 205
58 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ أبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ الْعَامِريَّ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ نُفَيْلٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ بِنْتَ(1) الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَبْرَأ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَيَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وَجْهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يَشْهَدَ بَعْضُكُمْ بِالْكُفْر عَلَى بَعْضٍ)، قُلْتُ: مَا فِي ذَلِكَ خَيْرٌ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي ذَلِكَ، عِنْدَ ذَلِكَ يَقُومُ قَائِمُنَا فَيَرْفَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ)(2).
59 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي الْبِلاَدِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ الأوْدِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (بَيْنَ يَدَيِ الْقَائِم مَوْتٌ أحْمَرُ وَمَوْتٌ أبْيَضُ، وَجَرَادٌ فِي حِينهِ وَجَرَادٌ فِي غَيْر حِينهِ أحْمَرُ كَألْوَان الدَّم، فَأمَّا الْمَوْتُ الأحْمَرُ فَالسَّيْفُ، وَأمَّا الْمَوْتُ الأبْيَضُ فَالطَّاعُونُ)(3).
الإرشاد: محمّد بن أبي البلاد، مثله(4).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن(5)، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الأودي(6)، مثله(7).
60 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ أبِي لَهِيعَةَ، عَنْ أبِي 1.
ص: 206
زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن رَزينٍ، عَنْ عَمَّار بْن يَاسِرٍ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: دَعْوَةُ أهْل بَيْتِ نَبِيَّكُمْ فِي آخِر الزَّمَان فَالْزَمُوا الأرْضَ وَكُفُّوا حَتَّى تَرَوْا قَادَتَهَا، فَإذَا خَالَفَ التُّرْكُ الرُّومَ، وَكَثُرَتِ الْحُرُوبُ فِي الأرْض، وَيُنَادِي مُنَادٍ عَلَى سُور دِمَشْقَ: وَيْلٌ لاَزمٌ مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ، وَيُخَرَّ(بُ)(1) حَائِطُ مَسْجِدِهَا)(2).
61 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَدْ طَالَ هَذَا الأمْرُ حَتَّى مَتَى؟
قَالَ: فَحَرَّكَ رَأسَهُ ثُمَّ قَالَ: أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَعَضَّ الزَّمَانُ؟ أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْفُوا الإخْوَانُ؟ أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَظْلِم السُّلْطَانُ؟ أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُم الزَّنْدِيقُ مِنْ قَزْوينَ، فَيَهْتِكَ سُتُورَهَا، وَيُكَفّرَ صُدُورَهَا، وَيُغَيَّرَ سُورَهَا، وَيَذْهَبَ بِبَهْجَتِهَا؟ مَنْ فَرَّ مِنْهُ أدْرَكَهُ، وَمَنْ حَارَبَهُ قَتَلَهُ، وَمَن اعْتَزَلَهُ افْتَقَرَ، وَمَنْ تَابَعَهُ كَفَرَ، حَتَّى يَقُومَ بَاكِيَان: بَاكٍ يَبْكِي عَلَى دِينِهِ، وَبَاكٍ يَبْكِي عَلَى دُنْيَاهُ(3).
62 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (الْزَم الأرْضَ وَلاَ تُحَرَّكْ يَداً وَلاَ رجْلاً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ وَمَا أرَاكَ تُدْركُ(4): اخْتِلاَفُ بَنِي فُلاَنٍ(5)، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، ).
ص: 207
وَيَجِيئُكُمُ الصَّوْتُ مِنْ نَاحِيَةِ دِمَشْقَ بِالْفَتْح(1)، وَخَسْفُ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّام تُسَمَّى: الْجَابِيَةَ(2)، وَسَتُقْبِلُ إِخْوَانُ التُّرْكِ حَتَّى يَنْزلُوا الْجَزيرَةَ، وَسَتُقْبِلُ مَارقَةُ الرُّوم حَتَّى يَنْزلُوا الرَّمْلَ، فَتِلْكَ السَّنَةُ فِيهَا اخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ فِي كُلّ الأرْض مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْربِ، فَأوَّلُ أرْضٍ تُخْرَبُ الشَّامُ، يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ: رَايَةِ الأصْهَبِ، وَرَايَةِ الأبْقَع، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيَّ)(3).
63 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَن الْمُقَانِعِيَّ، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَنْ حَسَن بْن حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن إِسْمَاعِيلَ الأسَدِيَّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: السَّنَةُ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا الْمَهْدِيُّ تَمْطُرُ أرْبَعاً وَعِشْرينَ مَطْرَةً يُرَى أثَرُهَا وَبَرَكَتُهاَ(4).
64 _ وَرُويَ عَنْ كَعْبِ الأحْبَار أنَّهُ قَالَ: إِذَا مَلَكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاس يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ وَهُوَ ذُو الْعَيْن، بِهَا افْتَتَحُوا وَبِهَا يَخْتِمُونَ، وَهُوَ مِفْتَاحُ الْبَلاَءِ، وَسَيْفُ الْفَنَاءِ، فَإذَا قُرئَ لَهُ كِتَابٌ بِالشَّام مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ اللهِ أمِير الْمُؤْمِنينَ، لَمْ تَلْبَثُوا أنْ يَبْلُغَكُمْ أنَّ كِتَاباً قُرئَ عَلَى مِنْبَر مِصْرَ: مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَن أمِير الْمُؤْمِنينَ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: الْمُلْكُ لِبَني الْعَبَّاس حَتَّى يَبْلُغَكُمْ كِتَابٌ قُرئَ بِمِصْرَ: مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَن أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ زَوَالُ مُلْكِهِمْ، وَانْقِطَاعُ مُدَّتِهِمْ، فَإذَا قُرئَ عَلَيْكُمْ أوَّلَ النَّهَار: لِبَنِي الْعَبَّاس 5.
ص: 208
مِنْ عَبْدِ اللهِ أمِير الْمُؤْمِنينَ فَانْتَظِرُوا كِتَاباً يُقْرَاُ عَلَيْكُمْ مِنْ آخِر النَّهَار: مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَن أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَوَيْلٌ لِعَبْدِ اللهِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَن(1).
بيان: قوله: (وهو ذو العين) أي في أوّل اسمه العين، كما كان أوّلهم أبو العباس عبد الله بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس، وكان آخرهم عبد الله بن المستنصر الملقّب بالمستعصم، وسائر أجزاء الخبر لا يهمّنا تصحيحها لكونه مروياً عن كعب غير متّصل بالمعصوم.
65 _ الغيبة للطوسي: رَوَى حَذْلَمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيَّ بْن الْحُسَيْن: صِفْ لِي خُرُوجَ الْمَهْدِيَّ وَعَرَّفْنِي دَلاَئِلَهُ وَعَلاَمَاتِهِ، فَقَالَ: (يَكُونُ قَبْلَ خُرُوجِهِ خُرُوجُ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: عَوْفٌ السُّلَمِيُّ بِأرْض الْجَزيرَةِ وَيَكُونُ مَأوَاهُ تَكْريتَ وَقَتْلُهُ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، ثُمَّ يَكُونُ خُرُوجُ شُعَيْبِ بْن صَالِح مِنْ سَمَرْقَنْدَ، ثُمَّ يَخْرُجُ السُّفْيَانِيُّ الْمَلْعُونُ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس وَهُوَ مِنْ وُلْدِ عُتْبَةَ بْن أبِي سُفْيَانَ، فَإذَا ظَهَرَ السُّفْيَانِيُّ اخْتَفَى الْمَهْدِيُّ، ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ)(2).
66 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (يَخْرُجُ بِقَزْوينَ رَجُلٌ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ يُسْرعُ النَّاسُ إِلَى طَاعَتِهِ الْمُشْركُ وَالْمُؤْمِنُ، يَمْلاَ الْجِبَالَ خَوْفاً)(3).
67 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن أبِي نَصْرٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ بَدْر بْن الْخَلِيل الأزْدِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (آيَتَان تَكُونَان قَبْلَ الْقَائِم لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ عليه السلام إِلَى8.
ص: 209
الأرْض: تَنْكَسِفُ(1) الشَّمْسُ فِي النّصْفِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ وَالْقَمَرُ فِي آخِرهِ)، فَقَالَ الرَّجُلُ(2): يَا ابْنَ رَسُول اللهِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي آخِر الشَّهْر وَالْقَمَرُ فِي النّصْفِ، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنّي لأعْلَمُ بِمَا تَقُولُ(3)، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَان لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ عليه السلام)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن محمّد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبيد(5) بن الخليل، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(6).
الكافي: العدّة، عن سهل، عن البزنطي، عن ثعلبة، عن بدر، مثله(7).
68 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَن الْحَسَن بْن الْجَهْم، قَالَ: سَألَ رَجُلٌ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَن الْفَرَج، فَقَالَ لِي: (مَا تُريدُ الإكْثَارَ أوْ اُجْمِلُ لَكَ؟)، فَقُلْتُ(8): اُريدُ تُجْمِلُهُ لِي، فَقَالَ: (إِذَا).
ص: 210
تَحَرَّكَتْ(1) رَايَاتُ قَيْسٍ بِمِصْرَ، وَرَايَاتُ كِنْدَةَ بِخُرَاسَانَ) أوْ ذَكَرَ غَيْرَ كِنْدَةَ(2).
69 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ قُدَّامَ الْقَائِم لَسَنَةً غَيْدَاقَةً(3) يَفْسُدُ التَّمْرُ فِي النَّخْل فَلاَ تَشُكُّوا فِي ذَلِكَ)(4).
70 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ بْن سَالِم، عَنْ يَحْيَى بْن عليًّ، عَن الرَّبيع، عَنْ أبِي لَبِيدٍ، قَالَ: تُغِيرُ الْحَبَشَةُ الْبَيْتَ فَيَكْسِرُونَهُ وَيُؤْخَذُ الْحَجَرُ فَيُنْصَبُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ(5).
71 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ السُّفْيَانِيَّ يَمْلِكُ بَعْدَ ظُهُورهِ عَلَى الْكُوَر الْخَمْس حَمْلَ امْرَأةٍ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (أسْتَغْفِرُ اللهُ حَمْلَ جَمَلٍ، وَهُوَ مِنَ الأمْر الْمَحْتُوم الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ)(6).2.
ص: 211
72 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ الْكَلْبِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالسُّفْيَانِيَّ أوْ بِصَاحِبِ السُّفْيَانِيَّ قَدْ طَرَحَ رَحْلَهُ فِي رَحْبَتِكُمْ بِالْكُوفَةِ فَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ جَاءَ بِرَأس (رجل من)(1) شِيعَةِ عليًّ فَلَهُ ألْفُ دِرْهَم، فَيَثِبُ الْجَارُ عَلَى جَارهِ وَيَقُولُ: هَذَا مِنْهُمْ، فَيَضْربُ عُنُقَهُ وَيَأخُذُ ألْفَ دِرْهَم.
أمَا إِنَّ إِمَارَتَكُمْ يَوْمَئِذٍ لاَ يَكُونُ إِلاَّ لأوْلاَدِ الْبَغَايَا، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى صَاحِبِ الْبُرْقُع)، قُلْتُ: وَمَنْ صَاحِبُ الْبُرْقُع؟ فَقَالَ: (رَجُلٌ مِنْكُمْ، يَقُولُ بِقَوْلِكُمْ، يَلْبَسُ الْبُرْقُعَ فَيَحُوشُكُمْ(2) فَيَعْرفُكُمْ وَلاَ تَعْرفُونَهُ، فَيَغْمِزُ بِكُمْ رَجُلاً رَجُلاً، أمَا إِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ ابْنُ بَغِيّ)(3).
73 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيَّ، عَنْ أبِي نُعَيْم نَصْر بْن عِصَام بْن الْمُغِيرَةِ الْعَمْريَّ، عَنْ أبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْن نُعَيْم بْن عَمْرٍو قَرْقَارَةَ الْكَاتِبِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبَّاسٍ(4)، عَنْ مُهَاجِر بْن حَكِيم، عَنْ مُعَاويَةَ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ:
(إِذَا اخْتَلَفَ رُمْحَان بِالشَّام فَهُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى)، قِيلَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: (ثُمَّ رَجْفَةٌ تَكُونُ بِالشَّام، تَهْلِكُ(5) فِيهَا مِائَةُ ألْفٍ يَجْعَلُهَا اللهُ ).
ص: 212
رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْظُرُوا إِلَى أصْحَابِ الْبَرَاذِين الشُّهْبِ(1) وَالرَّايَاتِ الصُّفْر، تُقْبِلُ مِنَ الْمَغْربِ حَتَّى تَحُلَّ بِالشَّام فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا خَسْفاً بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّام، يُقَالُ لَهَا: خرشنا(2)، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا ابْنَ آكِلَةِ الأكْبَادِ بِوَادِي الْيَابِس)(3).
74 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ، عَن الْحَسَن بْن صَالِح بْن الأسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّار بْن الْعَبَّاس الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَمْ تَعُدُّونَ بَقَاءَ(4) السُّفْيَانِيَّ فِيكُمْ؟)، قَالَ: قُلْتُ حَمْلَ امْرَأةٍ تِسْعَةَ أشْهُرٍ، قَالَ: (مَا أعْلَمَكُمْ يَا أهْلَ الْكُوفَةِ)(5).
بيان: يحتمل أن يكون بعض أخبار مدّة السفياني محمولاً على التقيّة لكونه مذكوراً في رواياتهم، أو على أنَّه ممّا يحتمل أن يقع فيه البداء فيحتمل هذه المقادير، أو يكون المراد مدّة استقرار دولته، وذلك ممّا يختلف بحسب الاعتبار ويؤمئ إليه خبر موسى بن أعين الآتي(6) وخبر محمّد بن مسلم الذي سبق.
75 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ جَعْفَر بْن سَعْدٍ الْكَاهِلِيَّ، عَن الأعْمَش،).
ص: 213
عَنْ بَشِير(1) بْن غَالِبٍ، قَالَ: يُقْبِلُ السُّفْيَانِيُّ مِنْ بِلاَدِ الرُّوم مُتْنَصِراً فِي عُنُقِهِ صَلِيبٌ وَهُوَ صَاحِبُ الْقَوْم(2).
76 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الْمُقْري، عَن الْمُقَانِعِيَّ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن سَعْدٍ(3) الأسَدِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (عَامَ أوْ سَنَةَ الْفَتْح يَنْبَثِقُ(4) الْفُرَاتُ حَتَّى يَدْخُلَ أزقَّةَ الْكُوفَةِ)(5).
77 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ(6)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ السَّمَّاكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَانِئ، عَنْ نُعَيْم بْن حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي عُثْمَانَ(7)، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (تَنْزلُ الرَّايَاتُ ا.
ص: 214
السُّودُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى الْكُوفَةِ فَإذَا ظَهَرَ الْمَهْدِيُّ بُعِثَ إِلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ)(1).
78 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ الْحَمَّادِ(2)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ الأزْدِيَّ، عَنْ سُفْيَانَ بْن إِبْرَاهِيمَ الْجَريريَّ أنَّهُ سَمِعَ أبَاهُ يَقُولُ: النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ غُلاَمٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن يُقْتَلُ بِلاَ جُرْم وَلاَ ذَنْبٍ، فَإذَا قَتَلُوهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ، وَلاَ فِي الأرْض نَاصِرٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْعَثُ اللهُ قَائِمَ آل مُحَمَّدٍ فِي عُصْبَةٍ لَهُمْ أدَقُّ فِي أعْيُن النَّاس مِنَ الْكُحْل، فَإذَا خَرَجُوا بَكَى لَهُمُ النَّاسُ، لاَ يَرَوْنَ إِلاَّ أنَّهُمْ يَخْتَطِفُونَ، يَفْتَحُ اللهُ لَهُمْ مَشَارقَ الأرْض وَمَغَاربَهَا، ألاَ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، ألاَ إِنَّ خَيْرَ الْجِهَادِ فِي آخِر الزَّمَان(3).
79 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَن الْعَبَّاس بْن يَزيدَ الْبَحْرَانِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْن هَمَّام، عَنْ مُعَمَّرٍ، عَن ابْن طَاوُسٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عَبَّاسٍ، قَالَ: لاَ يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ حَتَّى تَطْلُعَ مَعَ الشَّمْس آيَةٌ(4).
80 _ كشف اليقين: وَجَدْتُ بِخَطّ الْمُحَدَّثِ الأخْبَاريَّ مُحَمَّدِ بْن الْمَشْهَدِيَّ بِإسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مَشَايِخِهِ، عَنْ(5) سُلَيْمَانَ الأعْمَش، عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ الأنْصَاريَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَكَانَ خَادِمَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ:ش.
ص: 215
لَمَّا رَجَعَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام مِنْ قِتَال أهْل النَّهْرَوَان نَزَلَ بَرَاثَا وَكَانَ بِهَا رَاهِبٌ فِي قَلاَّيَتِهِ وَكَانَ اسْمُهُ الْحُبَابَ، فَلَمَّا سَمِعَ الرَّاهِبُ الصَّيْحَةَ وَالْعَسْكَرَ أشْرَفَ مِنْ قَلاَّيَتِهِ إِلَى الأرْض فَنَظَرَ إِلَى عَسْكَر أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَاسْتَفْظَعَ ذَلِكَ، وَنَزَلَ مُبَادِراً فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ وَمَنْ رَئِيسُ هَذَا الْعَسْكَر؟ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَقَدْ رَجَعَ مِنْ قِتَال أهْل النَّهْرَوَان.
فَجَاءَ الْحُبَابُ مُبَادِراً يَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ حَقّاً حَقّاً، فَقَالَ لَهُ: (وَمَا عِلْمُكَ بِأنّي أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ حَقّاً حَقّاً؟)، قَالَ لَهُ: بِذَلِكَ أخْبَرَنَا عُلَمَاؤُنَا وَأحْبَارُنَا، فَقَالَ لَهُ: (يَا حُبَابُ)، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: وَمَا عِلْمُكَ بِاسْمِي؟ فَقَالَ: (أعْلَمَنِي بِذَلِكَ حَبِيبي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ لَهُ الْحُبَابُ: مُدَّ يَدَكَ فَأنَا أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَأنَّكَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَصِيُّهُ.
فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (وَأيْنَ تَأوي؟)، فَقَالَ: أكُونُ فِي قَلاَّيَةٍ لِي هَاهُنَا، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا لاَ تَسْكُنُ فِيهَا، وَلَكِن ابْن هَاهُنَا مَسْجِداً وَسَمَّهِ بِاسْم بَانِيهِ)، فَبَنَاهُ رَجُلٌ اسْمُهُ بَرَاثَا فَسَمَّى الْمَسْجِدَ بِبَرَاثَا بِاسْم الْبَانِي لَهُ.
ثُمَّ قَالَ: (وَمِنْ أيْنَ تَشْرَبُ يَا حُبَابُ!؟)، فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ دِجْلَةَ هَاهُنَا، قَالَ: (فَلِمَ لاَ تَحْفِرُ هَاهُنَا عَيْناً أوْ بِئْراً؟)، فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ كُلَّمَا حَفَرْنَا بِئْراً وَجَدْنَاهَا مَالِحَةً غَيْرَ عَذْبَةٍ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (احْفِرْ هَاهُنَا بِئْراً)، فَحَفَرَ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ لَمْ يَسْتَطِيعُوا قَلْعَهَا، فَقَلَعَهَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَانْقَلَعَتْ عَنْ عَيْنٍ أحْلَى مِنَ الشَّهْدِ وَألَذَّ مِنَ الزَّبَدِ.
ص: 216
فَقَالَ لَهُ: (يَا حُبَابُ يَكُونُ شُرْبُكَ مِنْ هَذِهِ الْعَيْن، أمَا إِنَّهُ يَا حُبَابُ سَتُبْنَى إِلَى جَنْبِ مَسْجِدِكَ هَذَا مَدِينَةٌ وَتَكْثُرُ الْجَبَابِرَةُ فِيهَا وَتَعْظُمُ الْبَلاَءُ حَتَّى إِنَّهُ لَيُرْكَبُ فِيهَا كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ سَبْعُونَ ألْفَ فَرْج حَرَام، فَإذَا عَظُمَ بَلاَؤُهُمْ شَدُّوا عَلَى مَسْجِدِكَ بِفَطْوَةٍ (بِقَنْطَرَةٍ) ثُمَّ _ وَابْنِهِ بنين (مَرَّتَيْن) ثُمَّ وَابْنِهِ لاَ يَهْدِمُهُ إِلاَّ كَافِرٌ ثُمَّ بَيْتاً _ فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ مُنِعُوا الْحَجَّ ثَلاَثَ سِنِينَ وَاحْتَرَقَتْ خُضْرُهُمْ وَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنْ أهْل السَّفْح لاَ يَدْخُلُ بَلَداً إِلاَّ أهْلَكَهُ وَأهْلَكَ أهْلَهُ، ثُمَّ ليعد (لَيَعُودُ) عَلَيْهِمْ مَرَّةً اُخْرَى ثُمَّ يَأخُذُهُمُ الْقَحْطُ وَالْغَلاَءُ ثَلاَثَ سِنِينَ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِمُ الْجَهْدُ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَدْخُلُ الْبَصْرَةَ فَلاَ يَدَعُ فِيهَا قَائِمَةً إِلاَّ سَخِطَهَا وَأهْلَكَهَا وَأسْخَطَ أهْلَهَا.
وَذَلِكَ إِذَا عُمَّرَتِ الْخَربَةُ وَبُنِيَ فِيهَا مَسْجِدٌ جَامِعٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ هَلاَكُ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَدِينَةً بَنَاهَا الْحَجَّاجُ يُقَالُ لَهَا: وَاسِطُ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ نَحْوَ بَغْدَادَ، فَيَدْخُلُهَا عَفْواً ثُمَّ يَلْتَجِئُ النَّاسُ إِلَى الْكُوفَةِ، وَلاَ يَكُونُ بَلَدٌ مِنَ الْكُوفَةِ (إِلاَّ)(1) تَشَوَّشَ الأمْرُ لَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ هُوَ وَالَّذِي أدْخَلَهُ بَغْدَادَ نَحْوَ قَبْري لِيَنْبُشَهُ فَيَتَلَقَّاهُمَا السُّفْيَانِيُّ فَيَهْزمُهُمَا ثُمَّ يَقْتُلُهُمَا وَيُوَجَّهُ جَيْشاً نَحْوَ الْكُوفَةِ، فَيَسْتَعْبِدُ بَعْضَ أهْلِهَا، وَيَجِيءُ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ فَيُلْجِئُهُمْ إِلَى سُورٍ فَمَنْ لَجَأ إِلَيْهَا أمِنَ، وَيَدْخُلُ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ إِلَى الْكُوفَةِ فَلاَ يَدَعُونَ أحَداً إِلاَّ قَتَلُوهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيَمُرُّ بِالدُّرَّةِ الْمَطْرُوحَةِ الْعَظِيمَةِ فَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهَا وَيَرَى الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ فَيَلْحَقُهُ فَيَقْتُلُهُ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَا حُبَابُ يُتَوَقَّعُ بَعْدَهَا، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ وَاُمُورٌ عِظَامٌ وَفِتَنٌ كَقِطَع اللَّيْل الْمُظْلِم فَاحْفَظْ عَنّي مَا أقُولُ لَكَ يَا حُبَابُ)(2).7.
ص: 217
بيان: قال الفيروزآبادي: القلى رؤوس الجبال(1)، والفطوا السوق الشديد(2).
اعلم أنَّ النسخة كانت سقيمة فأوردت الخبر كما وجدته.
81 _ منتخب البصائر(3): سَعْدٌ(4)، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِر بْن سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ يَقُولُ: مَنْ أرَادَ أنْ يُقَاتِلَ شِيعَةَ الدَّجَّال فَلْيُقَاتِل الْبَاكِيَ عَلَى دَم عُثْمَانَ، وَالْبَاكِيَ عَلَى أهْل النَّهْرَوَان، إِنَّ مَنْ لَقِيَ اللهَ مُؤْمِناً بِأنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً لَقِيَ اللهَ عزّ وجل سَاخِطاً عَلَيْهِ، وَلاَ يُدْركُ(5) الدَّجَّالَ.
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ فَإنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَيُبْعَثُ مِنْ قَبْرهِ حَتَّى لاَ يُؤْمِنَ(6) بِهِ وَإِنْ رَغَمَ أنْفُهُ)(7).
82 _ الإرشاد: قَدْ جَاءَتِ الآثَارُ(8) بِذِكْر عَلاَمَاتٍ لِزَمَان قِيَام الْقَائِم الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَحَوَادِثَ تَكُونُ أمَامَ قِيَامِهِ وَآيَاتٍ وَدَلاَلاَتٍ فَمِنْهَا خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَقَتْلُ الْحَسَنِيَّ وَاخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاس فِي الْمُلْكِ الدُّنْيَاويَّ، وَكُسُوفُ الشَّمْس فِي النَّصْفِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ، وَخُسُوفُ الْقَمَر فِي آخِرهِ عَلَى خِلاَفِ الْعَادَاتِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْربِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرقِ، وَرُكُودُ الشَّمْس مِنْ عِنْدِ ).
ص: 218
الزَّوَال إِلَى أوْسَطِ(1) أوْقَاتِ الْعَصْر وَطُلُوعُهَا مِنَ الْمَغْربِ، وَقَتْلُ نَفْسٍ زَكِيَّةٍ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَذَبْحُ رَجُلٍ هَاشِمِيٍّ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَهَدْمُ حَائِطِ مَسْجِدِ(2) الْكُوفَةِ، وَإِقْبَالُ رَايَاتٍ سُودٍ مِنْ قِبَل خُرَاسَانَ، وَخُرُوجُ الْيَمَانِيَّ، وَظُهُورُ الْمَغْربيَّ بِمِصْرَ وَتَمَلُّكُهُ الشَّامَاتِ، وَنُزُولُ التُّرْكِ الْجَزيرَةَ، وَنُزُولُ الرُّوم الرَّمْلَةَ.
وَطُلُوعُ نَجْم بِالْمَشْرقِ يُضِي ءُ كَمَا يُضِي ءُ الْقَمَرُ ثُمَّ يَنْعَطِفُ حَتَّى يَكَادَ يَلْتَقِي طَرَفَاهُ، وَحُمْرَةٌ يَظْهَرُ فِي السَّمَاءِ وَيُنْشَرُ فِي آفَاقِهَا، وَنَارٌ تَظْهَرُ بِالْمَشْرقِ طَويلا(3) وَتَبْقَى فِي الْجَوَّ ثَلاَثَةَ أيَّام أوْ سَبْعَةَ أيَّام، وَخَلْعُ الْعَرَبِ أعِنَّتَهَا وَتَمَلُّكُهَا الْبِلاَدَ، وَخُرُوجُهَا عَنْ سُلْطَان الْعَجَم، وَقَتْلُ أهْل مِصْرَ أمِيرَهُمْ، وَخَرَابُ الشَّام، وَاخْتِلاَفُ ثَلاَثِ رَايَاتٍ فِيهِ، وَدُخُولُ رَايَاتِ قَيْسٍ وَالْعَرَبِ إِلَى مِصْرَ، وَرَايَاتُ كِنْدَةَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَوُرُودُ خَيْلٍ مِنْ قِبَل الْعَرَبِ حَتَّى تُرْبَطَ بِفِنَاءِ الْحِيرَةِ، وَإِقْبَالُ رَايَاتٍ سُودٍ مِنَ الْمَشْرقِ نَحْوَهَا، وَبَثْقٌ فِي الْفُرَاتِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَاءُ أزقَّةَ الْكُوفَةِ.
وَخُرُوجُ سِتّينَ كَذَّاباً كُلُّهُمْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَخُرُوجُ اثْنَا (اثْنَيْ) عَشَرَ مِنْ آل أبِي طَالِبٍ كُلُّهُمْ يَدَّعِي الإمَامَةَ لِنَفْسِهِ، وَإِحْرَاقُ رَجُلٍ عَظِيم الْقَدْر مِنْ شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاس بَيْنَ جَلُولاَءَ وَخَانِقِينَ، وَعَقْدُ الْجِسْر مِمَّا يَلِي الْكَرْخَ بِمَدِينَةِ السَّلاَم، وَارْتِفَاعُ ريح سَوْدَاءَ بِهَا فِي أوَّل النَّهَار، وَزَلْزَلَةٌ حَتَّى يَنْخَسِفَ كَثِيرٌ مِنْهَا، وَخَوْفٌ يَشْمَلُ أهْلَ الْعِرَاقِ وَبَغْدَادَ(4) وَمَوْتٌ ذَريعٌ فِيهِ وَنَقْصٌ مِنَ الأمْوَال وَالأنْفُس وَالثَّمَرَاتِ.ر.
ص: 219
وَجَرَادٌ يَظْهَرُ فِي أوَانِهِ وَفِي غَيْر أوَانِهِ، حَتَّى يَأتِيَ عَلَى الزَّرْع وَالْغَلاَّتِ وَقِلَّةُ رَيْع لِمَا يَزْرَعُهُ النَّاسُ، وَاخْتِلاَفُ صِنْفَيْن مِنَ الْعَجَم وَسَفْكُ دِمَاءٍ كَثِيرَةٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَخُرُوجُ الْعَبِيدِ عَنْ طَاعَاتِ سَادَاتِهِمْ وَقَتْلُهُمْ مَوَالِيَهُمْ، وَمَسْخٌ لِقَوْم مِنْ أهْل الْبِدَع حَتَّى يَصِيرُوا قِرَدَةً وَخَنَازيرَ، وَغَلَبَةُ الْعَبِيدِ عَلَى بِلاَدِ السَّادَاتِ، وَنِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى يَسْمَعَهُ أهْلُ الأرْض كُلُّ أهْل لُغَةٍ بِلُغَتِهِمْ، وَوَجْهٌ وَصَدْرٌ يَظْهَرَان(1) لِلنَّاس فِي عَيْن الشَّمْس وَأمْوَاتٌ يُنْشَرُونَ مِنَ الْقُبُور حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا فَيَتَعَارَفُونَ فِيهَا وَيَتَزَاوَرُونَ.
ثُمَّ يُخْتَمُ ذَلِكَ بِأرْبَع وَعِشْرينَ مَطْرَةً يَتَّصِلُ(2) فَتَحْيَا بِهِ الأرْضُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتُعْرَفُ بَرَكَاتُهَا، وَيَزُولُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلُّ عَاهَةٍ عَنْ مُعْتَقِدِي الْحَقَّ مِنْ شِيعَةِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام، فَيَعْرفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ ظُهُورَهُ بِمَكَّةَ فَيَتَوَجَّهُونَ نَحْوَهُ لِنُصْرَتِهِ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الأخْبَارُ.
وَمِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الأحْدَاثِ مَحْتُومَةٌ، وَمِنْهَا مَشْرُوطَةٌ، وَاللهُ أعْلَمُ بِمَا يَكُونُ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا عَلَى حَسَبِ مَا ثَبَتَ فِي الاُصُول، وَتَضَمَّنَهَا الأثَرُ الْمَنْقُولُ وَبِاللهِ نَسْتَعِينُ)(3).
83 _ الإرشاد: عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُوسَى عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ))(4) قَالَ: (الْفِتَنَ فِي آفَاقِ الأرْض وَالْمَسْخَ فِي أعْدَاءِ الْحَقَّ)(5).3.
ص: 220
84 _ الإرشاد: وُهَيْبُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(1)، قَالَ: (سَيَفْعَلُ اللهُ ذَلِكَ بِهِمْ)، قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: (بَنُو اُمَيَّةَ وَشِيعَتُهُمْ)، قَالَ (قُلْتُ)(2): وَمَا الآيَةُ؟ قَالَ: (رُكُودُ الشَّمْس مِنْ(3) بَيْن زَوَال الشَّمْس إِلَى وَقْتِ الْعَصْر، وَخُرُوجُ صَدْر رَجُلٍ(4) وَوَجْهٍ فِي عَيْن الشَّمْس يُعْرَفُ بِحَسَبِهِ وَنَسَبِهِ، وَذَلِكَ فِي زَمَان السُّفْيَانِيَّ وَعِنْدَهَا يَكُونُ بَوَارُهُ وَبَوَارُ قَوْمِهِ)(5).
85 _ الإرشاد: الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ(6)، عَنْ مُنْذِرٍ الْجَوْزيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (يُزْجَرُ النَّاسُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام عَنْ مَعَاصِيهِمْ بِنَارٍ تَظْهَرُ لَهُمْ فِي السَّمَاءِ وَحُمْرَةٍ تُجَلّلُ السَّمَاءَ، وَخَسْفٍ ببَغْدَادَ، وَخَسْفٍ بِبَلْدَةِ الْبَصْرَةِ، وَدِمَاءٍ تُسْفَكُ بِهَا، وَخَرَابِ دُورهَا، وَفَنَاءٍ يَقَعُ فِي أهْلِهَا، وَشُمُول أهْل الْعِرَاقِ خَوْفٌ لاَ يَكُونُ(7) مَعَهُ قَرَارٌ)(8).
86 _ تفسير العياشي: عَنْ عَجْلاَنَ أبِي صَالِح، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ تَمْضِي الأيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا أهْلَ الْحَقَّ اعْتَزلُوا، يَا أهْلَ الْبَاطِل اعْتَزلُوا، فَيَعْزلُ هَؤُلاَءِ مِنْ هَؤُلاَءِ وَيَعْزلُ 8.
ص: 221
هَؤُلاَءِ مِنْ هَؤُلاَءِ)، قَالَ: قُلْتُ: أصْلَحَكَ اللهُ يُخَالِطُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ بَعْدَ ذَلِكَ النّدَاءِ؟ قَالَ: (كَلاَّ، إِنَّهُ يَقُولُ فِي الْكِتَابِ: ((ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))(1))(2).
87 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (الْزَم الأرْضَ لاَ تُحَرَّكَنَّ يَدَكَ وَلاَ رجْلَكَ أبَداً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ فِي سَنَةٍ، وَتَرَى مُنَادِياً يُنَادِي بِدِمَشْقَ، وَخُسِفَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا، وَيَسْقُطُ طَائِفَةٌ مِنْ مَسْجِدِهَا، فَإذَا رَأيْتَ التُّرْكَ جَازُوهَا، فَأقْبَلَتِ التُّرْكُ حَتَّى نَزَلَتِ الْجَزيرَةَ، وَأقْبَلَتِ الرُّومُ حَتَّى نَزَلَتِ الرَّمْلَةَ، وَهِيَ سَنَةُ اخْتِلاَفٍ فِي كُلّ أرْضٍ مِنْ أرْض الْعَرَبِ.
وَإِنَّ أهْلَ الشَّام يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ: الأصْهَبِ وَالأبْقَع وَالسُّفْيَانِيَّ مَعَ بَنِي ذَنَبِ الْحِمَار مُضَرُ، وَمَعَ السُّفْيَانِيَّ أخْوَالُهُ مِنْ كَلْبٍ فَيَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى بَنِي ذَنَبِ الْحِمَار، حَتَّى يَقْتُلُوا قَتْلاً لَمْ يَقْتُلْهُ شَيْءٌ قَطُّ.
وَيَحْضُرُ رَجُلٌ بِدِمَشْقَ فَيُقْتَلُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ قَتْلاً لَمْ يَقْتُلْهُ شَيْءٌ قَطُّ وَهُوَ مِنْ بَنِي ذَنَبِ الْحِمَار، وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((فَاخْتَلَفَ الأَْحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ))(3).
وَيَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ هِمَّةٌ إِلاَّ آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَشِيعَتَهُمْ، فَيَبْعَثُ بَعْثاً إِلَى الْكُوفَةِ فَيُصَابُ بِاُنَاسٍ مِنْ شِيعَةِ آل 7.
ص: 222
مُحَمَّدٍ بِالْكُوفَةِ قَتْلاً وَصَلْباً، وَيُقْبِلُ رَايَةٌ مِنْ خُرَاسَانَ حَتَّى يَنْزلَ سَاحِلَ الدَّجْلَةِ، يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي ضَعِيفٌ وَمَنْ تَبِعَهُ فَيُصَابُ بِظَهْر الْكُوفَةِ، وَيَبْعَثُ بَعْثاً إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَقْتُلُ بِهَا رَجُلاً وَيَهْرُبُ الْمَهْدِيُّ وَالْمَنْصُورُ مِنْهَا، وَيُؤْخَذُ آلُ مُحَمَّدٍ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ، لاَ يُتْرَكُ مِنْهُمْ أحَدٌ إِلاَّ حُبِسَ وَيَخْرُجُ الْجَيْشُ فِي طَلَبِ الرَّجُلَيْن.
وَيَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ مِنْهَا عَلَى سُنَّةِ مُوسَى خائِفاً يَتَرَقَّبُ حَتَّى يَقْدَمَ مَكَّةَ، وَيُقْبِلُ الْجَيْشُ حَتَّى إِذَا نَزَلُوا الْبَيْدَاءَ، وَهُوَ جَيْشُ الْهَمَلاَتِ(1) خُسِفَ بِهِمْ فَلاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلاَّ مُخْبِرٌ، فَيَقُومُ الْقَائِمُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام فَيُصَلّي وَيَنْصَرفُ، وَمَعَهُ وَزيرُهُ.
فَيَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَسَلَبَ حَقَّنَا، مَنْ يُحَاجُّنَا فِي اللهِ فَإنَّا أوْلَى بِاللهِ، وَمَنْ يُحَاجُّنَا فِي آدَمَ فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي نُوح فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِنُوح، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي إِبْرَاهِيمَ فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِإبْرَاهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنَا بِمُحَمَّدٍ فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي النَّبِيَّينَ فَنَحْنُ أوْلَى النَّاس بِالنَّبِيَّينَ، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي كِتَابِ اللهِ فَنَحْنُ أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ.
إِنَّا نَشْهَدُ وَكُلُّ مُسْلِم الْيَوْمَ أنَّا قَدْ ظُلِمْنَا، وَطُردْنَا، وَبُغِيَ عَلَيْنَا، وَاُخْرجْنَا مِنْ دِيَارنَا وَأمْوَالِنَا وَأهَالِينَا، وَقُهِرْنَا إِلاَّ أنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ الْيَوْمَ وَكُلَّ مُسْلِم.
وَيَجِيءُ وَاللهِ ثَلاَثُ مِائَةٍ وَبضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِيهِمْ خَمْسُونَ امْرَأةً يَجْتَمِعُونَ بِمَكَّةَ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ، قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ، يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً،).
ص: 223
وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(1) فَيَقُولُ رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم: وَهِيَ الْقَرْيَةُ الظَّالِمَةُ أهْلُهَا.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الثَّلاَثُمِائَةٍ وَبضْعَةَ عَشَرَ يُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، مَعَهُ عَهْدُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَرَايَتُهُ، وَسِلاَحُهُ، وَوَزيرُهُ مَعَهُ، فَيُنَادِي الْمُنَادِي بِمَكَّةَ بِاسْمِهِ وَأمْرهِ مِنَ السَّمَاءِ، حَتَّى يَسْمَعَهُ أهْلُ الأرْض كُلُّهُمْ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ.
مَا أشْكَلَ عَلَيْكُمْ فَلَمْ يُشْكِلْ عَلَيْكُمْ عَهْدُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَرَايَتُهُ وَسِلاَحُهُ وَالنَّفْسُ الزَّكِيَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن فَإنْ أشْكَلَ عَلَيْكُمْ هَذَا فَلاَ يُشْكِلُ عَلَيْكُمُ الصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِهِ وَأمْرهِ وَإِيَّاكَ وَشُذَّاذاً مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَإنَّ لآل مُحَمَّدٍ وَعليًّ رَايَةً وَلِغَيْرهِمْ رَايَاتٍ فَالْزَم الأرْضَ وَلاَ تَتَبَّعْ مِنْهُمْ رَجُلاً أبَداً حَتَّى تَرَى رَجُلاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن، مَعَهُ عَهْدُ نَبِيَّ اللهِ وَرَايَتُهُ وَسِلاَحُهُ، فَإنَّ عَهْدَ نَبِيَّ اللهِ صَارَ عِنْدَ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، ثُمَّ صَارَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ.
فَالْزَمْ هَؤُلاَءِ أبَداً، وَإِيَّاكَ وَمَنْ ذَكَرْتُ لَكَ، فَإذَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَعَهُ ثَلاَثُ مِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا، وَمَعَهُ رَايَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَامِداً إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَمُرَّ بِالْبَيْدَاءِ حَتَّى يَقُولَ: هَذَا مَكَانُ الْقَوْم الَّذِينَ يُخْسَفُ بِهِمْ، وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ: ((أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَْرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ))(2).د.
ص: 224
فَإذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أخْرَجَ مُحَمَّدَ بْنَ الشَّجَريَّ عَلَى سُنَّةِ يُوسُفَ ثُمَّ يَأتِي الْكُوفَةَ فَيُطِيلُ بِهَا الْمَكْثَ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَمْكُثَ حَتَّى يَظْهَرَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَأتِيَ الْعَذْرَاءَ(1) هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَدْ اُلْحِقَ بِهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَالسُّفْيَانِيُّ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي الرَّمْلَةِ.
حَتَّى إِذَا الْتَقَوْا وَهُمْ يَوْمَ الإبْدَال يَخْرُجُ اُنَاسٌ كَانُوا مَعَ السُّفْيَانِيَّ مِنْ شِيعَةِ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام، وَيَخْرُجُ نَاسٌ كَانُوا مَعَ آل مُحَمَّدٍ إِلَى السُّفْيَانِيَّ، فَهُمْ مِنْ شِيعَتِهِ حَتَّى يَلْحَقُوا بِهِمْ، وَيَخْرُجُ كُلُّ نَاسٍ إِلَى رَايَتِهِمْ، وَهُوَ يَوْمُ الإبْدَال.
قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: وَيَقْتُلُ يَوْمَئِذٍ السُّفْيَانِيَّ وَمَنْ مَعَهُمْ حَتَّى لاَ يُدْرَكَ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ، وَالْخَائِبُ يَوْمَئِذٍ مَنْ خَابَ مِنْ غَنِيمَةِ كَلْبٍ، ثُمَّ يُقْبِلُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَكُونُ مَنْزلُهُ بِهَا.
فَلاَ يَتْرُكُ عَبْداً مُسْلِماً إِلاَّ اشْتَرَاهُ وَأعْتَقَهُ، وَلاَ غَارماً إِلاَّ قَضَى دَيْنَهُ، وَلاَ مَظْلِمَةً لأحَدٍ مِنَ النَّاس إِلاَّ رَدَّهَا، وَلاَ يَقْتُلُ مِنْهُمْ عَبْداً إِلاَّ أدَّى ثَمَنَهُ ((دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ))(2)، وَلاَ يُقْتَلُ قَتِيلٌ إِلاَّ قَضَى عَنْهُ دَيْنَهُ وَألْحَقَ عِيَالَهُ فِي الْعَطَاءِ، حَتَّى يَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَعُدْوَاناً، وَيَسْكُنُهُ هُوَ وَأهْلُ بَيْتِهِ الرَّحْبَةَ.
وَالرَّحْبَةُ إِنَّمَا كَانَتْ مَسْكَنَ نُوح وَهِيَ أرْضٌ طَيَّبَةٌ، وَلاَ يَسْكُنُ رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَلاَ يُقْتَلُ إِلاَّ بِأرْضٍ طَيَّبَةٍ زَاكِيَةٍ، فَهُمُ الأوْصِيَاءُ الطَّيَّبُونَ)(3).ف.
ص: 225
88 _ مجالس المفيد: الْجِعَابِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ مَالِكِ بْن عُبَيْدِ اللهِ(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن مَعْبَدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن أبِي يَحْيَى الْكَعْبِيَّ، عَن السُّفْيَان الثَّوْريَّ، عَنْ مَنْصُورٍ الرَّبَعِيَّ، عَنْ خِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (يُمَيَّزُ اللهُ أوْلِيَاءَهُ وَأصْفِيَاءَهُ حَتَّى يُطَهَّرَ الأرْضَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالضَّالّينَ وَأبْنَاءِ الضَّالّينَ وَحَتَّى تَلْتَقِيَ بِالرَّجُل يَوْمَئِذٍ خَمْسُونَ امْرَأةً هَذِهِ تَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ اشْتَرني وَهَذِهِ تَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ آوني)(2).
89 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الدَّينَوَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن الْكُوفِيَّ، عَنْ عَمْرَةَ(3) بِنْتِ أوْسٍ، قَالَتْ: حَدَّثَنِي جَدَّيَ الْخَضِرُ(4) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمْزَةَ(5)، عَنْ كَعْبِ الأحْبَار أنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُشِرَ الْخَلْقُ عَلَى أرْبَعَةِ أصْنَافٍ: صِنْفٌ رُكْبَانٌ، وَصِنْفٌ عَلَى أقْدَامِهِمْ يَمْشُونَ، وَصِنْفٌ مُكَبُّونَ، وَصِنْفٌ عَلَى وُجُوهِهِمْ، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلا يَتَكَلَّمُونَ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ اُولَئِكَ الَّذِينَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ.
فَقِيلَ لَهُ: يَا كَعْبُ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ وَهَذِهِ الْحَالَةُ حَالُهُمْ؟
فَقَالَ كَعْبٌ: اُولَئِكَ كَانُوا فِي الضَّلاَل وَالارْتِدَادِ وَالنَّكْثِ، فَبِئْسَ ما ).
ص: 226
قَدَّمَتْ لَهُمْ أنْفُسُهُمْ إِذَا لَقُوا اللهَ بِحَرْبِ خَلِيفَتِهِمْ، وَوَصِيَّ نَبِيَّهِمْ، وَعَالِمِهِمْ(1) وَفَاضِلِهِمْ وَحَامِل اللّوَاءِ، وَوَلِيَّ الْحَوْض، وَالْمُرْتَجَى وَالرَّجَا دُونَ هَذَا الْعَالَم، وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي لاَ يُجْهَلُ وَالْحُجَّةُ(2) الَّتِي مَنْ زَالَ عَنْهَا عَطِبَ، وَفِي النَّار هَوَى.
ذَاكَ عَلِيٌّ وَرَبَّ الْكَعْبَةِ أعْلَمُهُمْ عِلْماً، وَأقْدَمُهُمْ سِلْماً، وَأوْفَرُهُمْ حِلْماً.
عَجِبَ كَعْبٌ مِمَّنْ قَدَّمَ عَلَى عليًّ غَيْرَهُ، وَمَنْ يَشُكُّ فِي(3) الْقَائِم الْمَهْدِيَّ الَّذِي يُبَدَّلُ الأرْض غَيْرَ الأرْض، وَبهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَحْتَجُّ عَلَى نَصَارَى الرُّوم وَالصّين، إِنَّ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ مِنْ نَسْل عليًّ أشْبَهُ النَّاس بِعِيسَى ابْن مَرْيَمَ خَلْقاً وَخُلُقاً وَسِيمَاءَ وَهَيْئَةً(4)، يُعْطِيهِ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ مَا أعْطَى الأنْبِيَاءَ، وَيَزيدُهُ وَيُفَضّلُهُ.
إِنَّ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِ عليًّ لَهُ غَيْبَةٌ كَغَيْبَةِ يُوسُفَ وَرَجْعَةٌ كَرَجْعَةِ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَتِهِ مَعَ طُلُوع النَّجْم الآخِر(5) وَخَرَابِ الزَّوْرَاءِ وَهِيَ الرَّيُّ وَخَسْفِ الْمُزَوَّرَةِ وَهِيَ بَغْدَادُ، وَخُرُوج السُّفْيَانِيَّ، وَحَرْبِ وَلَدِ الْعَبَّاس مَعَ فِتْيَان أرْمَنِيَّةَ(6) وَآذَرْبِيجَانَ.
تِلْكَ حَرْبٌ يُقْتَلُ فِيهَا اُلُوفٌ وَاُلُوفٌ، كُلٌّ يَقْبِضُ عَلَى سَيْفٍ ).
ص: 227
مَجْلِيٍّ(1) تَخْفِقُ عَلَيْهِ رَايَاتٌ سُودٌ، تِلْكَ حَرْبٌ يُسْتَبْشَرُ فِيهاَ(2) الْمَوْتُ الأحْمَرُ وَالطَّاعُونُ الأكْبَرُ(3).
90 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْخَضِر(4) بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عُمَر بْن سَعْدٍ(5)، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ(6) حَتَّى تُفْقَأ عَيْنُ الدُّنْيَا وَتَظْهَرَ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ، وَتِلْكَ دُمُوعُ حَمَلَةِ الْعَرْش عَلَى أهْل الأرْض، وَحَتَّى يَظْهَرَ فِيهِمْ قَوْمٌ(7) لا خَلاقَ لَهُمْ، يَدْعُونَ لِوَلَدِي وَهُمْ بِرَاءٌ(8) مِنْ وَلَدِي.
تِلْكَ عِصَابَةٌ رَدِيئَةٌ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ، عَلَى الأشْرَار مُسَلَّطَةٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ مُفْتِنَةٌ، وَلِلْمُلُوكِ مُبِيرَةٌ، يَظْهَرُ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ، يَقْدَمُهُمْ رَجُلٌ أسْوَدُ اللَّوْن وَالْقَلْبِ، رَثُّ الدَّيْن، لاَ خَلاَقَ لَهُ، مُهَجَّنٌ زَنيمٌ عُتُلٌّ، تَدَاوَلَتْهُ أيْدِي الْعَوَاهِر مِنَ الاُمَّهَاتِ، مِنْ شَرَّ نَسْلٍ لاَ سَقَاهَا اللهُ الْمَطَرَ، فِي سَنَةِ إِظْهَار غَيْبَةِ الْمُتَغَيَّبِ مِنْ وَلَدِي صَاحِبِ الرَّايَةِ الْحَمْرَاءِ، وَالْعَلَم الأخْضَر، أيُّ يَوْم لِلْمُخَيَّبينَ بَيْنَ الأنْبَار وَهِيتَ.
ذَلِكَ يَوْمٌ فِيهِ صَيْلَمُ الأكْرَادِ وَالشُّرَاةِ، وَخَرَابُ دَار الْفَرَاعِنَةِ،ف.
ص: 228
وَمَسْكَن الْجَبَابِرَةِ، وَمَأوَى الْوُلاَةِ الظَّلَمَةِ، وَاُمَّ الْبَلاَءِ، وَاُخْتِ الْعَار، تِلْكَ وَرَبَّ عليًّ يَا عُمَرَ(1) بْنَ سَعْدٍ بَغْدَادُ ألاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَبَنِي فُلاَنٍ(2)، الْخَوَنَةِ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الطَّيَّبينَ مِنْ وُلْدِي وَلاَ يُرَاقِبُونَ فِيهِمْ ذِمَّتِي، وَلاَ يَخَافُونَ اللهَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بِحُرْمَتِي.
إِنَّ لِبَني الْعَبَّاس يَوْماً كَيَوْم الطَّمُوح، وَلَهُمْ فِيهِ صَرْخَةٌ كَصَرْخَةِ الْحُبْلَى، الْوَيْلُ لِشِيعَةِ وُلْدِ الْعَبَّاس مِنَ الْحَرْبِ الَّتِي سَنَحَ بَيْنَ نَهَاوَنْدَ وَالدَّينَوَر، تِلْكَ حَرْبُ صَعَالِيكِ شِيعَةِ عليًّ، يَقْدَمُهُمْ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ اسْمُهُ عَلَى اسْم النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
مَنْعُوتٌ مَوْصُوفٌ بِاعْتِدَال الْخَلْقِ، وَحُسْن الْخُلُقِ، وَنَضَارَةِ اللَّوْن، لَهُ فِي صَوْتِهِ ضَحِكٌ(3)، وَفِي أشْفَارهِ وَطَفٌ(4)، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، فَرْقُ الشَّعْر، مُفَلَّجُ الثَّنَايَا، عَلَى فَرَسِهِ كَبَدْرٍ (تَمَام)(5)، تَجَلَّى عَنْهُ الْغَمَامُ(6)، تَسِيرُ بِعِصَابَةٍ خَيْر عِصَابَةٍ، آوَتْ وَتَقَرَّبَتْ وَدَانَتْ للهِ بِدِين تِلْكَ الأبْطَال مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَلْحَقُونَ حَرْبَ الْكَريهَةِ، وَالدَّبْرَةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الأعْدَاءِ إِنَّ لِلْعَدُوَّ يَوْمَ ذَاكَ الصَّيْلَمُ وَالاسْتِئْصَالُ)(7).ك.
ص: 229
أقول: إنَّما أوردت هذا الخبر مع كونه مصحّفاً مغلوطاً وكون سنده منتهياً إلى شرّ خلق الله عمر بن سعد لعنه الله لاشتماله على الأخبار بالقائم عليه السلام ليعلم تواطؤ المخالف والمؤالف عليه صلوات الله عليه.
91 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ زَائِدَةَ بْن قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام الْقَائِمُ فَقَالَ: (أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَدِر الْفُلْكُ، حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)، فَقُلْتُ: وَمَا اسْتِدَارَةُ الْفُلْكِ؟ فَقَالَ: (اخْتِلاَفُ الشّيعَةِ بَيْنَهُمْ)(1).
92 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح، عَنْ أبِي عليًّ الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ(2)، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ عليًّ عليه السلام أنَّهُ قَالَ:
(يَأتِيكُمْ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ اُمَرَاءُ كَفَرَةٌ، وَاُمَنَاءُ خَوَنَةٌ، وَعُرَفَاءُ فَسَقَةٌ، فَتَكْثُرُ التُّجَّارُ وَتَقِلُّ الأرْبَاحُ، وَيَفْشُو الرَّبَا، وَتَكْثُرُ أوْلاَدُ الزّنَا، (وَتُعْمَرُ السَّبَاخُ)(3)، وَتُتَنَاكَرُ الْمَعَارفُ، وَتُعَظَّمُ الأهِلَّةُ(4)، وَتَكْتَفِي النّسَاءُ بِالنّسَاءِ وَالرَّجَالُ بِالرَّجَال).ر.
ص: 230
فَحَدَّثَ رَجُلٌ عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام أنَّهُ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ حِينَ يُحَدَّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَكَيْفَ نَصْنَعُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ فَقَالَ: (الْهَرَبَ الْهَرَبَ، وَإِنَّهُ لاَ يَزَالُ عَدْلُ اللهِ مَبْسُوطاً عَلَى هَذِهِ الاُمَّةِ مَا لَمْ يَمِلْ قُرَّاؤُهُمْ إِلَى اُمَرَائِهِمْ، وَمَا لَمْ يَزَلْ أبْرَارُهُمْ يَنْهَى فُجَّارَهُمْ، فَإنْ لَمْ يَفْعَلُوا ثُمَّ اسْتَنْفَرُوا _ أي استنصروا _ فَقَالُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قَالَ اللهُ فِي عَرْشِهِ: كَذَبْتُمْ لَسْتُمْ بِهَا صَادِقِينَ)(1).
93 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِني، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ قُدَّامَ الْقَائِم سَنَةٌ تَجُوعُ فِيهَا النَّاسُ، وَيُصِيبُهُمْ خَوْفٌ شَدِيدٌ مِنَ الْقَتْل، وَنَقْصٌ مِنَ الأمْوَال وَالأنْفُس وَالثَّمَرَاتِ، فَإنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ لَبَيَّنٌ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ وَالأَْنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ))(2))(3).
94 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَفْصٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام عَنْ قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ))، فَقَالَ: (يَا جَابِرُ ذَلِكَ خَاصٌّ وَعَامٌّ، فَأمَّا الْخَاصُّ مِنَ الْجُوعِ بِالْكُوفَةِ(4)، يَخُصُّ اللهُ بِهِ أعْدَاءَ آل مُحَمَّدٍ فَيُهْلِكُهُمْ، وَأمَّا الْعَامُّ فَبِالشَّام، يُصِيبُهُمْ خَوْفٌ وَجُوعٌ مَا).
ص: 231
أصَابَهُمْ بِهِ(1) قَطُّ، وَأمَّا الْجُوعُ فَقَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام، وَأمَّا الْخَوْفُ فَبَعْدَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام)(2).
تفسير العياشي: عن الثمالي، عنه عليه السلام، مثله(3).
95 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ مَعْمَر بْن يَحْيَى(4)، عَنْ دَاوُدَ الدَّجَاجِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (سُئِلَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام (عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى)(5): ((فَاخْتَلَفَ الأَْحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ))(6)، فَقَالَ: انْتَظِرُوا الْفَرَجَ مِنْ ثَلاَثٍ، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَمَا هُنَّ؟ فَقَالَ: اخْتِلاَفُ أهْل الشَّام بَيْنَهُمْ وَالرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ خُرَاسَانَ وَالْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ.
فَقِيلَ: وَمَا الْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: أمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل فِي الْقُرْآن: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(7) آيَةٌ تُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا وَتُوقِظُ النَّائِمَ وَتُفْزعُ الْيَقْظَانَ)(8).
96 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، .
ص: 232
عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا رَأيْتُمْ نَاراً مِنَ(1) الْمَشْرقِ شِبْهَ الْهَرَويَّ(2) الْعَظِيم تَطْلُعُ ثَلاَثَةَ أيَّام أوْ سَبْعَةً، فَتَوَقَّعُوا فَرَجَ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام إِنْ شَاءَ اللهُ عزّ وجل إِنَّ اللهَ عَزيزٌ حَكِيمٌ).
ثُمَّ قَالَ: (الصَّيْحَةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ فِي شَهْر رَمَضَانَ شَهْر اللهِ وَهِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ إِلَى هَذَا الْخَلْقِ).
ثُمَّ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم عليه السلام فَيَسْمَعُ مَنْ بِالْمَشْرقِ وَمَنْ بِالْمَغْربِ لاَ يَبْقَى رَاقِدٌ إِلاَّ اسْتَيْقَظَ، وَلاَ قَائِمٌ إِلاَّ قَعَدَ، وَلاَ قَاعِدٌ إِلاَّ قَامَ عَلَى رجْلَيْهِ فَزَعاً مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ، فَرَحِمَ اللهُ مَن اعْتَبَرَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ فَأجَابَ، فَإنَّ الصَّوْتَ الأوَّلَ هُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوح الأمِين).
وَقَالَ عليه السلام(3): (الصَّوْتُ فِي شَهْر رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ لَيْلَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ فَلاَ تَشُكُّوا فِي ذَلِكَ وَاسْمَعُوا وَأطِيعُوا، وَفِي آخِر النَّهَار صَوْتُ إِبْلِيسَ اللَّعِين يُنَادِي: ألاَ إِنَّ فُلاَناً قُتِلَ مَظْلُوماً، لِيُشَكّكَ النَّاسَ وَيُفْتِنَهُمْ، فَكَمْ(4) ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ شَاكٍّ مُتَحَيَّرٍ قَدْ هَوَى فِي النَّار، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الصَّوْتَ فِي شَهْر رَمَضَانَ فَلاَ تَشُكُّوا ).
ص: 233
أنَّهُ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ وَعَلاَمَةُ ذَلِكَ أنَّهُ يُنَادِي بِاسْم الْقَائِم وَاسْم أبِيهِ حَتَّى تَسْمَعَهُ الْعَذْرَاءُ فِي خِدْرهَا فَتُحَرَّضُ أبَاهَا وَأخَاهَا عَلَى الْخُرُوج).
وَقَالَ عليه السلام: (لاَ بُدَّ مِنْ هَذَيْن الصَّوْتَيْن قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام صَوْتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَهُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ(1)، وَصَوْتٍ مِنَ الأرْض فَهُوَ صَوْتُ إِبْلِيسَ اللَّعِين، يُنَادِي بِاسْم فُلاَنٍ أنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً يُريدُ(2) الْفِتْنَةَ، فَاتَّبِعُوا الصَّوْتَ الأوَّلَ وَإِيَّاكُمْ وَالأخِيرَ أنْ تَفْتَتِنُوا بِهِ).
وَقَالَ عليه السلام: (لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ إِلاَّ عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّاس، وَزَلاَزلَ، وَفِتْنَةٍ وَبَلاَءٍ يُصِيبُ النَّاسَ، وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَيْفٍ قَاطِع بَيْنَ الْعَرَبِ، وَاخْتِلاَفٍ شَدِيدٍ بَيْنَ النَّاس، وَتَشْتِيتٍ فِي دِينِهِمْ، وَتَغْيِيرٍ فِي حَالِهِمْ، حَتَّى يَتَمَنَّى الْمُتَمَنّي (الْمَوْتَ)(3) صَبَاحاً وَمَسَاءً، مِنْ عِظَم مَا يَرَى مِنْ كَلَبِ النَّاس(4) وَأكْل بَعْضِهِمْ بَعْضاً.
فَخُرُوجُهُ عليه السلام إِذَا خَرَجَ يَكُونُ عِنْدَ الْيَأس وَالْقُنُوطِ مِنْ أنْ يَرَوْا فَرَجاً، فَيَا طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَهُ وَكَانَ مِنْ أنْصَارهِ، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْل لِمَنْ نَاوَاهُ _ أي عاداه _ وَخَالَفَهُ، وَخَالَفَ أمْرَهُ، وَكَانَ مِنْ أعْدَائِهِ).
وَقَالَ عليه السلام(5): (يَقُومُ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَسُنَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَقَضَاءٍ (جَدِيدٍ)(6) عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ شَأنُهُ إِلاَّ الْقَتْلَ، لاَ يَسْتَبْقِي أحَداً، وَلاَ يَأخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم).ر.
ص: 234
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (إِذَا اخْتَلَفَ بَنُو فُلاَنٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ (فَانْتَظِرُوا)(1) الْفَرَجَ وَلَيْسَ فَرَجُكُمْ(2) إِلاَّ فِي اخْتِلاَفِ (بَنِي)(3) فُلاَنٍ، فَإذَا اخْتَلَفُوا فَتَوَقَّعُوا الصَّيْحَةَ فِي شَهْر رَمَضَانَ بِخُرُوج الْقَائِم، إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ، وَلَنْ يَخْرُجَ الْقَائِمُ وَلاَ تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَخْتَلِفَ بَنُو فُلاَنٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ طَمَعَ النَّاسُ فِيهِمْ وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ، وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ).
وَقَالَ: (لاَ بُدَّ لِبَني فُلاَنٍ أنْ يَمْلِكُوا، فَإذَا مَلَكُوا ثُمَّ اخْتَلَفُوا تَفَرَّقَ ملكهم (4) وَتَشَتَّتَ أمْرُهُمْ حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ الْمَشْرقِ، وَهَذَا مِنَ الْمَغْربِ، يَسْتَبِقَان إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرَسَيْ رهَانٍ، هَذَا مِنْ هُنَا، وَهَذَا مِنْ هُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلاَكُ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى أيْدِيهِمَا، أمَا إِنَّهُمَا لاَ يُبْقُونَ مِنْهُمْ أحَداً).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ وَالْيَمَانِيَّ وَالْخُرَاسَانِيَّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي شَهْرٍ وَاحِدٍ فِي يَوْم وَاحِدٍ وَنظَام كَنِظَام الْخَرَز يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً فَيَكُونُ الْبَأسُ مِنْ كُلّ وَجْهٍ، وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُمْ.
وَلَيْسَ فِي الرَّايَاتِ(5) أهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيَّ هِيَ رَايَةُ هُدًى لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى صَاحِبكُمْ، فَإذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ حَرَّمَ بَيْعَ السَّلاَح عَلَى (النَّاس وَ)(6) كُلّ مُسْلِم وَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ فَانْهَضْ إِلَيْهِ، فَإنَّ رَايَتَهُ رَايَةُ هُدًى، وَلاَ ر.
ص: 235
يَحِلُّ لِمُسْلِم أنْ يَلْتَويَ عَلَيْهِ، فَمَنْ فَعَلَ فَهُوَ مِنْ أهْل النَّار، لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقَّ وَإِلى طَريقٍ مُسْتَقِيم).
ثُمَّ قَالَ لِي: (إِنَّ ذَهَابَ مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ كَقِصَع الْفَخَّار، وَكَرَجُلٍ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَخَّارَةٌ وَهُوَ يَمْشِي إِذْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ سَاهٍ عَنْهَا فَانْكَسَرَتْ، فَقَالَ حِينَ سَقَطَتْ: هَاهْ شِبْهَ الْفَزَع، فَذَهَابُ مُلْكِهِمْ هَكَذَا أغْفَلُ مَا كَانُوا عَنْ ذَهَابِهِ).
وَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ قَدَّرَ فِيمَا قَدَّرَ وَقَضَى(1) بِأنَّهُ كَائِنٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ، أخْذَ(2) بَنِي اُمَيَّةَ بِالسَّيْفِ جَهْرَةً وَأنَّ أخْذَ بَنِي فُلاَنٍ بَغْتَةً).
وَقَالَ عليه السلام: (لاَ بُدَّ مِنْ رَحًى تَطْحَنُ، فَإذَا قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا وَثَبَتَتْ عَلَى سَاقِهَا بَعَثَ اللهُ عَلَيْهَا عَبْداً عَسْفا(3) خَامِلاً أصْلُهُ، يَكُونُ النَّصْرُ مَعَهُ، أصْحَابُهُ الطَّويلَةُ شُعُورُهُمْ، أصْحَابُ السَّبَال، سُودٌ ثِيَابُهُمْ، أصْحَابُ رَايَاتٍ سُودٍ، وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُمْ، يَقْتُلُونَهُمْ هَرْجاً.
وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى أفْعَالِهِمْ، وَمَا يُلْقَى مِنَ الْفُجَّار مِنْهُمْ وَالأعْرَابِ الْجُفَاةِ يُسَلّطُهُمُ اللهُ عَلَيْهِمْ بِلاَ رَحْمَةٍ، فَيَقْتُلُونَهُمْ هَرْجاً عَلَى مَدِينَتِهِمْ بِشَاطِئ الْفُرَاتِ الْبَرَّيَّةِ وَالْبَحْريَّةِ جَزَاءً بِمَا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِظَلاَّم لِلْعَبِيدِ)(4).
بيان: لعلَّ المراد بالهروي الثياب الهروية، شُبَّهت بها في عظمها وبياضها، قوله: (أنَّ فلاناً قتل مظلوماً) أي عثمان.3.
ص: 236
97 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَر بْن وَهْبٍ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ عَبَّاس بْن عُبَيْدِ(1) اللهِ، عَنْ دَاوُدَ بْن سِرْحَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْعَامُ الَّذِي فِيهِ الصَّيْحَةُ قَبْلَهُ الآيَةُ فِي رَجَبٍ)، قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: (وَجْهٌ يَطْلُعُ فِي الْقَمَر، وَيَدٌ بَارزَةٌ(2))(3).
98 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَنْ زيَادِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (النّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَالسُّفْيَانِيُّ مِنَ الْمَحْتُوم(4)، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَكَفٌّ(5) يَطْلُعُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَحْتُوم).
قَالَ عليه السلام: (وَفَزْعَةٌ فِي شَهْر رَمَضَانَ تُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُفْزعُ الْيَقْظَانَ، وَتُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا)(6).
99 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (قَبْلَ هَذَا الأمْر السُّفْيَانِيُّ وَالْيَمَانِيُّ وَالْمَرْوَانِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ صَالِح، فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا هَذَا؟)(7).2.
ص: 237
بيان: أي كيف يقول هذا الذي خرج: إنّي القائم، يعني محمّد بن إبراهيم أو غيره.
100 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن مُخْتَارٍ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أمْسِكْ بِيَدِكَ هَلاَكَ الْفُلاَنِيَّ(2)، وَخُرُوجَ السُّفْيَانِيَّ، وَقَتْلَ النَّفْس، وَجَيْشَ الْخَسْفِ، وَالصَّوْتَ)، قُلْتُ: وَمَا الصَّوْتُ هُوَ الْمُنَادِي؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَبهِ يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الأمْر)، ثُمَّ قَالَ: (الْفَرَجُ كُلُّهُ هَلاَكُ الْفُلاَنِيَّ (مِنْ بَني الْعَبَّاس))(3).
بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحُسَيْن، عَن ابْن سَيَابَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَأنَا خَامِسُ خَمْسَةٍ وَأصْغَرُ الْقَوْم سِنّاً فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أخِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (إِنّي خَاتَمُ ألْفِ نَبِيّ وَإِنَّكَ خَاتَمُ ألْفِ وَصِيّ، وَكُلّفْتُ مَا لَمْ يُكَلَّفُوا).
فَقُلْتُ: مَا أنْصَفَكَ الْقَوْمُ (يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ)(4)، فَقَالَ: (لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ(5) يَا ابْنَ أخ، وَاللهِ (إِنّي)(6) لأعْلَمُ ألْفَ كَلِمَةٍ لاَ يَعْلَمُهَا غَيْري وَغَيْرَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَإِنَّهُمْ لَيَقْرَءُونَ مِنْهَا آيَةً فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَهِيَ: ((وَإِذا وَقَعَ ر.
ص: 238
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) وَمَا يَتَدَبَّرُونَهَا حَقَّ تَدَبُّرهَا، ألاَ اُخْبِرُكُمْ بِآخِر مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ؟).
قُلْنَا: بَلَى يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: (قَتْلُ نَفْسٍ حَرَام، فِي يَوْم حَرَام، فِي بَلَدٍ حَرَام، عَنْ قَوْم مِنْ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ مَا لَهُمْ مُلْكٌ بَعْدَهُ غَيْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً).
قُلْنَا: هَلْ قَبْلَ هَذَا مِنْ شَيْ ءٍ أوْ بَعْدَهُ(2)؟ فَقَالَ: (صَيْحَةٌ فِي شَهْر رَمَضَانَ تُفْزعُ الْيَقْظَانَ، وَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا)(3).
101 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا بْن شَيْبَانَ، عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (لاَ بُدَّ أنْ يَمْلِكَ بَنُو الْعَبَّاس فَإذَا مَلَكُوا وَاخْتَلَفُوا وَتَشَتَّتَ أمْرُهُمْ خَرَجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ الْمَشْرقِ، وَهَذَا مِنَ الْمَغْربِ، يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرَسَيْ رهَانٍ، هَذَا مِنْ هَاهُنَا وَهَذَا مِنْ هَاهُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلاَكُهُمْ عَلَى أيْدِيهِمَا، أمَا إِنَّهُمَا لاَ يُبْقُونَ مِنْهُمْ أحَداً (أبَداً))(4).
102 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الصَّامِتِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا مِنْ عَلاَمَةٍ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الأمْر؟ فَقَالَ: (بَلَى)، قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: (هَلاَكُ الْعَبَّاسِيَّ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ،).
ص: 239
وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ، وَالصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أخَافُ أنْ يَطُولَ هَذَا الأمْرُ، فَقَالَ: (لاَ إِنَّمَا (هُوَ)(1) كَنِظَام الْخَرَز يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً)(2).
103 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ(3) وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام(4) فِي وَتْرٍ مِنَ السَّنِينَ: تِسْع، وَاحِدَةٍ، ثَلاَثٍ، خَمْسٍ)، وَقَالَ: (إِذَا اخْتَلَفَتْ بَنُو اُمَيَّةَ ذَهَبَ مُلْكُهُمْ، ثُمَّ يَمْلِكُ بَنُو الْعَبَّاس، فَلاَ يَزَالُونَ فِي عُنْفُوَانٍ مِنَ الْمُلْكِ، وَغَضَارَةٍ مِنَ الْعَيْش، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، (فَإذَا اخْتَلَفُوا)(5) ذَهَبَ مُلْكُهُمْ، وَاخْتَلَفَ أهْلُ الشَّرْقِ وَأهْلُ الْغَرْبِ نَعَمْ وَأهْلُ الْقِبْلَةِ، وَيَلْقَى النَّاسَ جَهْدٌ شَدِيدٌ، مِمَّا يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْخَوْفِ.
فَلاَ يَزَالُونَ بِتِلْكَ الْحَال، حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَإذَا نَادَى فَالنَّفْرَ النَّفْرَ(6)، فَوَ اللهِ لَكَأنَّي أنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، يُبَايِعُ النَّاسَ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَسُلْطَانٍ جَدِيدٍ، مِنَ السَّمَاءِ، أمَا إِنَّهُ لاَ يُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ أبَداً حَتَّى يَمُوتَ)(7).
104 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، 2.
ص: 240
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ(1)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْعَلاَءِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليهما السلام أنَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام حَدَّثَ عَنْ أشْيَاءَ تَكُونُ بَعْدَهُ إِلَى قِيَام الْقَائِم، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: (يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَتَى يُطَهَّرُ اللهُ الأرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ؟)، قَالَ: (لاَ يُطَهَّرُ اللهُ الأرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ حَتَّى يُسْفَكَ الدَّمُ الْحَرَامُ...).
ثُمَّ ذَكَرَ أمْرَ بَنِي اُمَيَّةَ، وَبَنِي الْعَبَّاس فِي حَدِيثٍ طَويلٍ وَقَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بِخُرَاسَانَ، وَغَلَبَ عَلَى أرْض كُوفَانَ(2) وَالْمُلْتَان(3)، وَجَازَ جَزيرَةَ بَنِي كَاوَانَ، وَقَامَ مِنَّا قَائِمٌ بِجِيلاَنَ، وَأجَابَتْهُ الآبُرُ وَالدَّيْلَمُ، وَظَهَرَتْ لِوَلَدِي رَايَاتُ التُّرْكِ مُتَفَرَّقَاتٍ فِي الأقْطَار وَالْحَرَامَاتِ(4)، وَكَانُوا بَيْنَ هَنَاتٍ وَهَنَاتٍ.
إِذَا خَربَتِ الْبَصْرَةُ، وَقَامَ أمِيرُ الإمْرَةِ(5)...)، فَحَكَى عليه السلام حِكَايَةً طَويلَةً ثُمَّ قَالَ: (إِذَا جُهَّزَتِ الاُلُوفُ، وَصَفَّتِ الصُّفُوفُ، وَقُتِلَ الْكَبْشُ الْخَرُوفُ، هُنَاكَ يَقُومُ الآخِرُ، وَيَثُورُ الثَّائِرُ، وَيَهْلِكُ الْكَافِرُ، ثُمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ الْمَأمُولُ، وَالإمَامُ الْمَجْهُولُ، لَهُ الشَّرَفُ وَالْفَضْلُ، وَهُوَ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ، لاَ ابْنٌ مِثْلَهُ، يَظْهَرُ بَيْنَ الرُّكْنَيْن فِي دَريسَيْن بَالِيَيْن(6)، يَظْهَرُ عَلَى ).
ص: 241
الثَّقَلَيْن، وَلاَ يَتْرُكُ فِي الأرْض الأدْنَيْنَ(1)، طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ زَمَانَهُ، وَلَحِقَ أوَانَهُ، وَشَهِدَ أيَّامَهُ)(2).
بيان: القائم بخراسان هلاكو خان أو جنكيز خان، وكاوان جزيرة في بحر البصرة ذكره الفيروزآبادي(3)، والقائم بجيلان السلطان إسماعيل نوَّر الله مضجعه، والآبر قرية قرب الأسترآباد، والخروف كصبور الذكر من أولاد الضأن ولعلَّ المراد بالكبش السلطان عبّاس الأوّل طيَّب الله رمسه حيث قتل ولده الصفي ميرزا رحمه الله.
وقيام الآخر بالثار، يحتمل أن يكون إشارة إلى ما فعل السلطان صفي تغمَّده الله برحمته ابن المقتول بأولاد القاتل من القتل وسمل العيون وغير ذلك.
وقيام القائم عليه السلام بعد ذلك لا يلزم أن يكون بلا واسطة، وعسى أن يكون قريباً مع أنَّ الخبر مختصر من كلام طويل، فيمكن أن يكون سقط من بين الكلامين وقائع.
105 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ، وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، قَالَ...
وَقَالَ الْكُلَيْنيُّ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى(4)، عَن ).
ص: 242
ابْن عِيسَى وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ وَغَيْرهِ، عَنْ سَهْلٍ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، قَالَ...
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن أبِي يَاسِرٍ(1)، عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ(2)، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا جَابِرُ الْزَم الأرْضَ وَلاَ تُحَرَّكْ يَداً وَلاَ رجْلاً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ إِنْ أدْرَكْتَهَا.
أوَّلُهَا اخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاس، وَمَا أرَاكَ تُدْركُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ حَدَّثْ بِهِ (مِنْ)(3) بَعْدِي عَنّي، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَيَجِيئُكُمُ الصَّوْتُ مِنْ نَاحِيَةِ دِمَشْقَ بِالْفَتْح، وَتُخْسَفُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الشَّام تُسَمَّى الْجَابِيَةَ، وَتَسْقُطُ طَائِفَةٌ مِنْ مَسْجِدِ دِمَشْقَ الأيْمَن، وَمَارقَةٌ تَمْرُقُ مِنْ نَاحِيَةِ التُّرْكِ، وَيُعَقّبُهَا هَرْجُ الرُّوم، وَسَيُقْبِلُ إِخْوَانُ التُّرْكِ حَتَّى يَنْزلُوا الْجَزيرَةَ، وَسَتُقْبِلُ مَارقَةُ الرُّوم حَتَّى يَنْزلُوا الرَّمْلَةَ، فَتِلْكَ السَّنَةَ يَا جَابِرُ اخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ فِي كُلّ أرْضٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْربِ.
فَأوَّلُ أرْض الْمَغْربِ(4) أرْضُ الشَّام يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ: رَايَةِ الأصْهَبِ، وَرَايَةِ الأبْقَع، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيَّ، فَيَلْتَقِي السُّفْيَانِيُّ بِالأبْقَع فَيَقْتَتِلُونَ وَيَقْتُلُهُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ مَعَهُ وَيَقْتُلُ الأصْهَبَ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَهُ هِمَّةٌ إِلاَّ الإقْبَالَ نَحْوَ الْعِرَاقِ وَيَمُرُّ جَيْشُهُ بِقِرْقِيساَ(5)، فَيَقْتَتِلُونَ بِهَا فَيَقْتُلُ(6) ).
ص: 243
مِنَ الْجَبَّارينَ مِائَةَ ألْفٍ، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ جَيْشاً إِلَى الْكُوفَةِ، وَعِدَّتُهُمْ سَبْعُونَ ألْفاً، فَيُصِيبُونَ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ قَتْلاً وَصَلْباً وَسَبْياً.
فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أقْبَلَتْ رَايَاتٌ مِنْ قِبَل خُرَاسَانَ، تَطْوي الْمَنَازلَ طَيّاً حَثِيثاً، وَمَعَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي أهْل الْكُوفَةِ فِي ضُعَفَاءَ فَيَقْتُلُهُ أمِيرُ جَيْش السُّفْيَانِيَّ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ بَعْثاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَنْفِرُ الْمَهْدِيُّ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْلُغُ أمِيرَ جَيْش السُّفْيَانِيَّ أنَّ الْمَهْدِيَّ قَدْ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْعَثُ جَيْشاً عَلَى أثَرهِ فَلاَ يُدْركُهُ حَتَّى يَدْخُلَ مَكَّةَ خائِفاً يَتَرَقَّبُ عَلَى سُنَّةِ مُوسَى بْن عِمْرَانَ).
قَالَ: (وَيَنْزلُ أمِيرُ جَيْش السُّفْيَانِيَّ الْبَيْدَاءَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا بَيْدَاءُ أبِيدِي الْقَوْمَ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ فَلاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلاَّ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، يُحَوَّلُ اللهُ وُجُوهَهُمْ إِلَى أقْفِيَتِهِمْ وَهُمْ مِنْ كَلْبٍ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ...))(1) الآيَةَ).
قَالَ: (وَالْقَائِمُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، وَقَدْ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَام، مُسْتَجِيراً بِهِ يُنَادِي: يَا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ وَمَنْ أجَابَنَا مِنَ النَّاس، وَإِنَّا أهْلُ بَيْتِ نَبِيَّكُمْ مُحَمَّدٍ وَنَحْنُ أوْلَى النَّاس بِاللهِ وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم.
فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى النَّاس بِنُوح، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِإبْرَاهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيَّينَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِالنَّبِيَّينَ، ألَيْسَ اللهُ يَقُولُ 7.
ص: 244
فِي مُحْكَم كِتَابِهِ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(1)؟ فَأنَا بَقِيَّةٌ مِنْ آدَمَ، وَذَخِيرَةٌ مِنْ نُوح، وَمُصْطَفًى مِنْ إِبْرَاهِيمَ، وَصَفْوَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي سُنَّةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأنَا أوْلَى النَّاس بِسُنَّةِ رَسُول اللهِ، فَأنْشُدُ اللهَ مَنْ سَمِعَ كَلاَمِي الْيَوْمَ لَمَّا بَلَّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ.
وَأسْألُكُمْ بِحَقَّ اللهِ وَرَسُولِهِ وَبِحَقَّي _ فَإنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقَّ الْقُرْبَى مِنْ رَسُول اللهِ _ إِلاَّ أعْنَتُمُونَا وَمَنَعْتُمُونَا مِمَّنْ يَظْلِمُنَا، فَقَدْ اُخِفْنَا وَظُلِمْنَا وَطُردْنَا مِنْ دِيَارنَا وَأبْنَائِنَا وَبُغِيَ عَلَيْنَا، وَدُفِعْنَا عَنْ حَقّنَا، فَأوْتَرَ(2) أهْلُ الْبَاطِل عَلَيْنَا، فَاللهَ اللهَ فِينَا لاَ تَخْذُلُونَا وَانْصُرُونَا يَنْصُرْكُمُ اللهُ).
قَالَ: (فَيَجْمَعُ اللهُ عَلَيْهِ أصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَيَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ، قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ (وَهِيَ)(3) يَا جَابِرُ الآيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(4).
فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَمَعَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ تَوَارَثَتْهُ الأبْنَاءُ عَن الآبَاءِ، وَالْقَائِمُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن، يُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ، فَمَا أشْكَلَ عَلَى النَّاس مِنْ ذَلِكَ يَا جَابِرُ، فَلاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ ولاَدَتُهُ مِنْ رَسُول اللهِ، وَورَاثَتُهُ الْعُلَمَاءُ عَالِماً بَعْدَ عَالِم، فَإنْ أشْكَلَ هَذَا 8.
ص: 245
كُلُّهُ عَلَيْهِمْ فَإنَّ الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ لاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ وَاُمَّهِ)(1).
الاختصاص: عمرو بن أبي المقدام، مثله(2).
تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ(3): (يَا جَابِرُ أوَّلُ أرْض(4) الْمَغْربِ أرْضُ الشَّام يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ...) وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (فَنَرُدَّهَا عَلَى أدْبَارهَا) مِثْلَ الْخَبَر سَوَاءً(5).
106 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدِ (بْن مُسْلِم)(6)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ وَالْقَائِمُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ)(7).
107 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (بَيْنَا النَّاسُ وُقُوفاً بِعَرَفَاتٍ إِذْ أتَاهُمْ رَاكِبٌ عَلَى نَاقَةٍ ذِعْلِبَةٍ يُخْبِرُهُمْ بِمَوْتِ خَلِيفَةٍ، عِنْدَ مَوْتِهِ فَرَجُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام، وَفَرَجُ النَّاس جَمِيعاً)، وَقَالَ عليه السلام: (إِذَا رَأيْتُمْ عَلاَمَةً فِي السَّمَاءِ: نَاراً عَظِيمَةً 6.
ص: 246
مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ تَطْلُعُ لَيَالِيَ، فَعِنْدَهَا فَرَجُ النَّاس، وَهِيَ قُدَّامَ الْقَائِم بِقَلِيلٍ)(1).
108 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، قَالَ: (سَألَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَن الْغَضَبِ فَقَالَ: (هَيْهَاتَ الْغَضَبُ، هَيْهَاتَ مَوْتَاتٌ فِيهِنَّ(2) مَوْتَاتٌ، وَرَاكِبُ الذّعْلِبَةِ، وَمَا رَاكِبُ الذّعْلِبَةِ، مُخْتَلِطٌ جَوْفُهَا بِوَضِينهَا، يُخْبِرُهُمْ بِخَبَرٍ يَقْتُلُونَهُ، ثُمَّ الْغَضَبُ عِنْدَ ذَلِكَ)(3).
بيان: الذّعلبة بالكسر الناقة السريعة، قال الجزري: الوضين بطان منسوج بعضه على بعض يشدّ به الرحل على البعير كالحزام على السرج، ومنه الحديث: (إليك تغدو قلقاً وضينها)، أراد أنَّها هزلت ودقَّت للسير عليها(4)، انتهى.
أقول: في الخبر يحتمل أن يكون كناية عن السمن أو الهزال أو كثرة سير الراكب عليها وإسراعه، وقد مرَّ هذا الخبر على وجه آخر في باب أخبار أمير المؤمنين عليه السلام بالمغيّبات.
109 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن ابْن(5) أبِي مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي الْحَكَم،ر.
ص: 247
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ(1) الْمَكّيَّ، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان، قَالَ: يُقْتَلُ خَلِيفَةٌ مَا لَهُ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ، وَلاَ فِي الأرْض نَاصِرٌ، وَيُخْلَعُ خَلِيفَةٌ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى وَجْهِ الأرْض لَيْسَ لَهُ مِنَ الأمْر(2) شَيْءٌ، وَيَسْتَخْلِفُ ابْنَ السَّتَّةِ(3)، (قَالَ:)(4) فَقَالَ أبُو الطُّفَيْل: (يَا ابْنَ أخِي! لَيْتَنِي أنَا وَأنْتَ مِنْ كُورَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَلِمَ تَتَمَنَّى يَا خَال ذَلِكَ؟ قَالَ: لأنَّ حُذَيْفَةَ)(5) حَدَّثَنِي أنَّ الْمُلْكَ يَرْجِعُ فِي أهْل النُّبُوَّةِ(6).
110 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سُئِلَ أبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عليه السلام عَنْ تَفْسِير قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ))(7).
قَالَ: (يُريهِمْ فِي أنْفُسِهِمُ الْمَسْخَ، وَيُريهِمْ فِي الآفَاقِ انْتِقَاضَ الآفَاقِ عَلَيْهِمْ،3.
ص: 248
فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللهِ فِي أنْفُسِهِمْ وَفِي الآفَاقِ، فَقَوْلُهُ: ((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)) يَعْنِي بِذَلِكَ خُرُوجَ الْقَائِم، هُوَ الْحَقُّ مِنَ اللهِ عزّ وجل، يَرَاهُ هَذَا الْخَلْقُ لاَ بُدَّ مِنْهُ)(1).
111 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار(2)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُهُ عزّ وجل: ((عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الآْخِرَةِ أَخْزى))(3) مَا هُوَ عَذَابُ خِزْي الدُّنْيَا؟ قَالَ: (وَأيُّ خِزْيٍ يَا أبَا بَصِيرٍ أشَدُّ مِنْ أنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَحِجَالِهِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ وَسْطَ عِيَالِهِ إِذْ شَقَّ أهْلُهُ الْجُيُوبَ عَلَيْهِ وَصَرَخُوا، فَيَقُولُ النَّاسُ: مَا هَذَا؟ فَيُقَالُ: مُسِخَ فُلاَنٌ السَّاعَةَ؟)، فَقُلْتُ: قَبْلَ قِيَام الْقَائِم أوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: (لاَ بَلْ قَبْلَهُ)(4).
112 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن السَّرَّاج، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟ قَالَ: (إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاس وَوَهَى(5) سُلْطَانُهُمْ وَطَمِعَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ، وَخَلَعَتِ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا _ جمع العنان _، وَرَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ(6) صِيصِيَتَهُ، وَظَهَرَ السُّفْيَانِيُّ وَالْيَمَانِيُّ(7)، وَتَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ، خَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قُلْتُ: وَمَا تُرَاثُ ).
ص: 249
رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ فَقَالَ: (سَيْفُهُ، وَدِرْعُهُ، وَعِمَامَتُهُ، وَبُرْدُهُ(1)، وَقَضِيبُهُ، وَفَرَسُهُ، وَلأمَتُهُ، وَسَرْجُهُ)(2).
بيان: الصيصية شوكة الديك وقرن البقر والظباء والحصن، وكلّما امتنع به أي أظهر كلّ ذي قوّة قوته. ولأمة الحرب مهموزاً أداته.
113 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن جَابِرٍ(3)، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (قَبْلَ هَذَا الأمْر بُئُوحٌ)، فَلَمْ أدْر مَا الْبُئُوحُ فَحَجَجْتُ فَسَمِعْتُ أعْرَابِيّاً يَقُولُ: هَذَا يَوْمٌ بُئُوحٌ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا الْبُئُوحُ؟ فَقَالَ: الشَّدِيدُ الْحَرَّ(4).
114 _ الغيبة للنعماني: الْبَطَائِنيُّ(5)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (عَلاَمَةُ خُرُوج الْمَهْدِيَّ كُسُوفُ الشَّمْس فِي شَهْر رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْهُ)(6).7.
ص: 250
115 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْحُسَيْن(1) بْن عليًّ، عَن الصَّالِح بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِي قَوْلِهِ: ((سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ))(2)، فَقَالَ: (تَأويلُهَا يَأتِي عَذَابٌ يَقَعُ فِي الثُّوَيَّةِ يَعْنِي نَاراً حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْكُنَاسَةِ كُنَاسَةِ بَنِي أسَدٍ حَتَّى يَمُرَّ بِثَقِيفٍ لاَ يَدَعُ وَتْراً لآل مُحَمَّدٍ إِلاَّ أحْرَقَتْهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام)(3).
الغيبة للنعماني: أحمد بن هوذة، عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(4).
116 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(5)، عَنْ أبِيهِ(6)، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ، عَن الْحُسَيْن بْن مُوسَى، عَنْ مُعَمَّر بْن يَحْيَى بْن سَام، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِقَوْم قَدْ خَرَجُوا بِالْمَشْرقِ، يَطْلُبُونَ الْحَقَّ فَلاَ يُعْطَوْنَهُ، ثُمَّ يَطْلُبُونَهُ فَلاَ يُعْطَوْنَهُ، فَإذَا رَأوْا ذَلِكَ وَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَيُعْطَوْنَ مَا سَألُوا(7) فَلاَ يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَقُومُوا، وَلاَ يَدْفَعُونَهَا إِلاَّ إِلَى صَاحِبكُمْ، قَتْلاَهُمْ شُهَدَاءُ، أمَا إِنّي لَوْ أدْرَكْتُ ذَلِكَ لأبْقَيْتُ(8) نَفْسِي لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر)(9).0.
ص: 251
بيان: لا يبعد أن يكون إشارة إلى الدولة الصفويّة شيَّدها الله تعالى ووصلها بدولة القائم عليه السلام.
117 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(1)، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ زيَادٍ الْقَنْدِي، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبُوذَ، قَالَ: مَا دَخَلْنَا عَلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَطُّ إِلاَّ قَالَ: (خُرَاسَانَ خُرَاسَانَ، سِجِسْتَانَ سِجِسْتَانَ) كَانَ يُبَشّرُنَا بِذَلِكَ(2).
118 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عليًّ، عَن الْحَسَن وَمُحَمَّدٍ ابنا (ابْنَيْ) عَلِيَّ بْن يُوسُفَ، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ الْحَلَبِيَّ، عَنْ صَالِح بْن أبِي الأسْوَدِ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا ظَهَرَتْ بَيْعَةُ الصَّبِيَّ قَامَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ بِصِيصِيَتِهِ)(3).
119 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عليًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَا يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى لاَ يَبْقَى صِنْفٌ مِنَ النَّاس إِلاَّ (قَدْ)(4) وُلُّوا عَلَى النَّاس حَتَّى لاَ يَقُولَ (قَائِلٌ)(5): إِنَّا لَوْ وُلّينَا لَعَدَلْنَا ثُمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ وَالْعَدْل)(6).
120 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هِشَام، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: النّدَاءُ حَقٌّ؟ قَالَ: (إِي وَاللهِ، حَتَّى يَسْمَعَهُ كُلُّ قَوْم 3.
ص: 252
بِلِسَانِهِمْ)، وَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ تِسْعَةُ أعْشَار النَّاس)(1).
121 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن الْحَسَن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَقُومَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً كُلُّهُمْ يُجْمِعُ عَلَى قَوْل إِنَّهُمْ قَدْ رَأوْهُ فَيُكَذّبُونَهُمْ)(2).
122 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيَّ(3)، عَنْ أبِي الْحَسَن عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْن مَطَرٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: وَلاَ أعْلَمُهُ إِلاَّ مِسْمَعا(4) أبَا سَيَّارٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (قَبْلَ قِيَام الْقَائِم يُحَرَّكُ حَرْبُ قَيْسٍ)(5).
123 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ 9.
ص: 253
عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام السُّفْيَانِيُّ فَقَالَ: (أنَّى يَخْرُجُ ذَلِكَ وَلَمْ يَخْرُجْ كَاسِرُ عَيْنهِ(1) بِصَنْعَاءَ)(2).
124 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ وَمُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ بْن خَالِدٍ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن أبِي الْبِلاَدِ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاًعليه السلام(3) يَقُولُ:
(إِنَّ بَيْنَ يَدَي الْقَائِم سِنينَ خَدَّاعَةً، يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُقَرَّبُ فِيهَا الْمَاحِلُ)، (وَفِي حَدِيثٍ)(4): (وَيَنْطِقُ فِيهاَ(5) الرُّوَيْبضَةُ).
قُلْتُ: وَمَا الرُّوَيْبضَةُ؟ وَمَا الْمَاحِلُ؟ قَالَ: (أمَا تَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ قَوْلَهُ: ((وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ))(6)؟)، قَالَ: ((يُريدُ الْمَكْرَ))(7)، فَقُلْتُ: وَمَا الْمَاحِلُ؟ قَالَ: (يُريدُ الْمَكَّارَ)(8).
بيان: لعلَّ في الخبر سقطا(9)، وقال الجزري: في حديث أشراط ).
ص: 254
الساعة وأن ينطق الرويبضة في أمر العامّة، قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ فقال: (الرجل التافه ينطق في أمر العامّة)، الرويبضة تصغير الرابضة وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، وزيادة التاء للمبالغة(1)، و(التافه) الخسيس الحقير، فنقل في الحديث تفسير الماحل ولم ينقل تفسير الرويبضة.
125 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ للهِ مَائِدَةً _ وَفِي غَيْر هَذِهِ الرَّوَايَةِ: مَأدُبَةً _ بِقِرْقِيساَ(2) يَطْلُعُ مُطْلِعٌ مِنَ السَّمَاءِ فَيُنَادِي: يَا طَيْرَ السَّمَاءِ وَيَا سِبَاعَ الأرْض هَلُمُّوا إِلَى الشّبَع مِنْ لُحُوم الْجَبَّارينَ)(3).
بيان: المأدبة الطعام الذي يصنعه الرجل يدعو إليه الناس.
126 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام(4): (يُنَادَى بِاسْم الْقَائِم: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ (قُمْ!))(5).
127 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ(6) بْن يُونُسَ، (عَنْ ).
ص: 255
إِبْرَاهِيمَ بْن هَرَاسَةَ، عَنْ أبِيهِ)(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَزَوَّر(2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَشِيرٍ(3)، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ رحمه الله يَقُولُ:
إِنَّ قَبْلَ رَايَاتِنَا رَايَةً لآل جَعْفَرٍ، وَاُخْرَى لآل مِرْدَاسٍ، فَأمَّا رَايَةُ آل جَعْفَرٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَلاَ إِلَى شَيْءٍ، فَغَضِبْتُ وَكُنْتُ أقْرَبَ النَّاس إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ قَبْلَ رَايَاتِكُمْ (رَايَاتٍ)(4)؟ قَالَ: إِي وَاللهِ إِنَّ لِبَنِي مِرْدَاسٍ مُلْكاً مُوَطَّداً لاَ يَعْرفُونَ فِي سُلْطَانِهِمْ شَيْئاً مِنَ الْخَيْر، سُلْطَانُهُمْ عُسْرٌ لَيْسَ فِيهِ يُسْرٌ، يُدْنُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُقْصُونَ فِيهِ الْقَريبَ، حَتَّى إِذَا أمِنُوا مَكْرَ اللهِ وَعِقَابَهُ صِيحَ بِهِمْ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ لَهُمْ (رَاع يَجْمَعُهُمْ وَ)(5) مُنَادٍ يُسْمِعُهُمْ (يَسْمَعُهُمْ) وَلاَ جَمَاعَةٌ يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهَا وَقَدْ ضَرَبَهُمُ اللهُ مَثَلاً فِي كِتَابِهِ: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ ...))(6) الآيَةَ، ثُمَّ حَلَفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِاللهِ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ.
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ حَدَّثْتَنِي عَنْ هَؤُلاَءِ بِأمْرٍ عَظِيم، فَمَتَى يَهْلِكُونَ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ خَالَفَ عِلْمُهُ وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ وَإِنَّ مُوسَى عليه السلام وَعَدَ 4.
ص: 256
قَوْمَهُ (ثَلاَثِينَ يَوْماً)(1) وَكَانَ فِي عِلْم اللهِ عزّ وجل زيَادَةُ عَشَرَةِ أيَّام لَمْ يُخْبِرْ بِهَا مُوسَى فَكَفَرَ قَوْمُهُ، وَاتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ لَمَّا جَازَ عَنْهُمُ الْوَقْتُ.
وَإِنَّ يُونُسَ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ، وَكَانَ فِي عِلْم اللهِ أنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مِنْ أمْرهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَلَكِنْ إِذَا رَأيْتَ الْحَاجَةَ قَدْ ظَهَرَتْ، وَقَالَ الرَّجُلُ: بِتُّ اللَّيْلَةَ بِغَيْر عَشَاءٍ وَحَتَّى (يَلْقَاكَ الرَّجُلُ بِوَجْهٍ ثُمَّ)(2) يَلْقَاكَ بِوَجْهٍ آخَرَ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْحَاجَةُ قَدْ عَرَفْتُهَا وَالاُخْرَى أيُّ شَيْءٍ هِيَ؟ قَالَ: يَلْقَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَإذَا جِئْتَ تَسْتَقْرضُهُ قَرْضاً لَقِيَكَ بِغَيْر ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقَعُ الصَّيْحَةُ مِنْ قَريبٍ(3).
بيان: بنو مرداس كناية عن بني العبّاس إذ كان في الصحابة رجل كان يقال له عبّاس بن مرداس.
128 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن غَالِبٍ، عَنْ يَحْيَى بْن عُلَيْم، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأى الْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَمَعَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ السَّوْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ هَذَا يَكْذِبُ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، وَيَسْتَشْهِدُكَ.
فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (لَقَدْ أعْرَضَ وَأطْوَلَ يَقُولُ مَا ذَا؟)، قَالَ: يَذْكُرُ جَيْشَ الْغَضَبِ، فَقَالَ: (خَلّ سَبِيلَ الرَّجُل! اُولَئِكَ قَوْمٌ يَأتُونَ فِي آخِر الزَّمَان قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ، الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَن وَالثَّلاَثَةُ، فِي كُلّ قَبِيلَةٍ حَتَّى يَبْلُغَ تِسْعَةً، أمَا وَاللهِ إِنّي لأعْرفُ أمِيرَهُمْ وَاسْمَهُ وَمُنَاخَ ركَابِهِمْ)، ثُمَّ 7.
ص: 257
نَهَضَ وَهُوَ يَقُولُ: ((بَاقِراً)(1) بَاقِراً بَاقِراً)، ثُمَّ قَالَ: (ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ ذُرَّيَّتِي يَبْقُرُ الْحَدِيثَ بَقْراً)(2).
بيان: لقد أعرض وأطول: أي قال لك قولاً عريضاً طويلاً تنسبه إلى الكذب فيه ويحتمل أن يكون المعنى إنَّ السائل أعرض وأطول في السؤال.
129 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(3) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي حَمَّادٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن عَبْدِ اللهِ الأشْعَريَّ، عَنْ عُتَيْبَةَ بْن سَعْدَ(انَ)(4) بْن يَزيدَ، عَن الأحْنَفِ بْن قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عليًّ عليه السلام فِي حَاجَةٍ لِي فَجَاءَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَشَبَثُ بْنُ ربْعِيّ فَاسْتَأذَنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي عَلِيٌّ عليه السلام: (إِنْ شِئْتَ أنْ آذَنَ(5) لَهُمَا فَإنَّكَ أنْتَ بَدَأتَ بِالْحَاجَةِ)، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ فَأذَنْ لَهُمَا فَدَخَلاَ.
فَقَالَ: (مَا حَمَلَكُمَا عَلَى أنْ خَرَجْتُمَا عَلَيَّ بِحَرُوراَ(6)؟)، قَالاَ: أحْبَبْنَا أنْ تَكُونَ(7) مِنَ(8) الْغَضَبِ، فَقَالَ: (وَيْحَكُمَا وَهَلْ فِي وَلاَيَتِي غَضَبٌ؟ أوْ يَكُونُ الْغَضَبُ حَتَّى يَكُونَ مِنَ الْبَلاَءِ كَذَا وَكَذَا)(9).).
ص: 258
130 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عِيسَى بْن أعْيَنَ(1)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْمَحْتُوم وَخُرُوجُهُ (في رجب)(2) وَمِنْ أوَّل خُرُوجِهِ إِلَى آخِرهِ خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْراً: سِتَّةَ أشْهُرٍ يُقَاتِلُ فِيهَا فَإذَا مَلَكَ الْكُوَرَ الْخَمْسَ مَلَكَ تِسْعَةَ أشْهُرٍ وَلَمْ يَزدْ عَلَيْهَا يَوْماً)(3).
131 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن(4)، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَشِيرٍ الأحْوَل، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عِيسَى بْن أعْيَنَ، عَنْ مُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مِنَ الأمْر مَحْتُومٌ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِمَحْتُوم وَمِنَ الْمَحْتُوم خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ فِي رَجَبٍ)(5).
132 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن أعْيَنَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَجَرَى ذِكْرُ الْقَائِم عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: أرْجُو أنْ يَكُونَ عَاجِلاً وَلاَ يَكُونَ سُفْيَانِيٌّ، فَقَالَ: (لاَ وَاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْمَحْتُوم الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ)(6).
133 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(7)، عَنْ ).
ص: 259
مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ الأصَمَّ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنَ عليًّ عليهما السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ))(1)، قَالَ: (إِنَّهُمَا أجَلاَن أجَلٌ مَحْتُومٌ وَأجَلٌ مَوْقُوفٌ)، قَالَ لَهُ حُمْرَانُ: مَا الْمَحْتُومُ؟ قَالَ: (الَّذِي لاَ يَكُونُ غَيْرُهُ)، قَالَ: وَمَا الْمَوْقُوفُ؟ قَالَ: (هُوَ الَّذِي للهِ فِيهِ الْمَشِيَّةُ)، قَالَ حُمْرَانُ: إِنّي لأرْجُو أنْ يَكُونَ أجَلُ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الْمَوْقُوفِ، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لاَ وَاللهِ إِنَّهُ مِنَ الْمَحْتُوم)(2).
134 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم(3)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن الأزْدِيَّ، عَنْ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ الطَّويل، عَنْ أحْمَدَ بْن مُسْلِم، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ مِنَ الاُمُور اُمُوراً مَوْقُوفَةً وَاُمُوراً مَحْتُومَةً وَإِنَّ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الْمَحْتُوم الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ)(4).
135 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ خَلاَّدٍ الصَّائِغ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ فِي رَجَبٍ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أبَا عَبْدِ اللهِ! إِذَا خَرَجَ فَمَا حَالُنَا؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَإلَيْنَا)(5).
أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمّد بن 7.
ص: 260
وهبان، عن محمّد بن إسماعيل ابن حيان، عن محمّد بن الحسين بن حفص، عن عباد، مثله(1).
بيان: أي الأمر ينتهي إلينا ويظهر قائمنا، أي اذهبوا إلى بلد يظهر منه القائم عليه السلام فإنَّه لا يصل إليه، أو توسَّلوا بنا.
136 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَن السُّفْيَانِيَّ فَقَالَ: (وَأنَّى لَكُمْ بِالسُّفْيَانِيَّ؟ حَتَّى يَخْرُجَ قَبْلَهُ الشَّيْصَبَانِيُّ(2) يَخْرُجُ بِأرْض كُوفَانَ يَنْبُعُ كَمَا يَنْبُعُ الْمَاءُ فَيَقْتُلُ وَفْدَكُمْ فَتَوَقَّعُوا بَعْدَ ذَلِكَ السُّفْيَانِيَّ وَخُرُوجَ الْقَائِم عليه السلام)(3).
بيان: يظهر منه تعدد السفياني إلاَّ أن يكون الواو في قوله: (وخروج القائم) زائداً من النسّاخ.
137 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يَسَارٍ، عَن الْخَلِيل بْن رَاشِدٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، قَالَ: رَافَقْتُ أبَا الْحَسَن مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليهما السلام مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ يَوْماً لِي: (لَوْ أنَّ أهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض خَرَجُوا عَلَى بَنِي الْعَبَّاس لَسُقِيَتِ الأرْضُ دِمَاءَهُمْ حَتَّى يَخْرُجَ السُّفْيَانِيُّ)، قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي أمْرُهُ مِنَ الْمَحْتُوم؟ قَالَ: (مِنَ الْمَحْتُوم)، ثُمَّ أطْرَقَ(4) ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَقَالَ: (مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاس مَكْرٌ ).
ص: 261
وَخَدْعٌ يَذْهَبُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَتَجَدَّدُ حَتَّى يُقَالَ: مَا مَرَّ بِهِ شَيْءٌ)(1).
138 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ مُحَمَّدِ بْن (أحْمَدَ بْن)(2) عَبْدِ اللهِ الْخَالَنْجِيَّ، عَنْ دَاوُدَ بْن أبِي الْقَاسِم، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الرَّضَا عليهما السلام فَجَرَى ذِكْرُ السُّفْيَانِيَّ وَمَا جَاءَ فِي الرَّوَايَةِ مِنْ أنَّ أمْرَهُ مِنَ الْمَحْتُوم فَقُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: هَلْ يَبْدُو للهِ فِي الْمَحْتُوم؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْنَا لَهُ: فَنَخَافُ(3) أنْ يَبْدُوَ للهِ فِي الْقَائِم، قَالَ: (الْقَائِمُ مِنَ الْمِيعَادِ)(4).
بيان: لعلَّ للمحتوم معان يمكن البداء في بعضها وقوله: (من الميعاد) إشارة إلى أنَّه لا يمكن البداء فيه لقوله تعالى: ((إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ))(5).
والحاصل أنَّ هذا شيء وعد الله رسوله وأهل بيته، لصبرهم على المكاره التي وصلت إليهم من المخالفين، والله لا يخلف وعده.
ثُمَّ إنَّه يحتمل أن يكون المراد بالبداء في المحتوم البداء في خصوصياته لا في أصل وقوعه كخروج السفياني قبل ذهاب بني العبّاس ونحو ذلك.
139 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ 3.
ص: 262
الْقُرَشِيَّ، عَن الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيمَ(1)، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: أصْلَحَكَ اللهُ إِنَّهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ يَقُومُ وَقَدْ ذَهَبَ سُلْطَانُ بَنِي الْعَبَّاس، فَقَالَ: (كَذَبُوا إِنَّهُ لَيَقُومُ وَإِنَّ سُلْطَانَهُمْ لَقَائِمٌ)(2).
140 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَاقِرُ عليه السلام: (إِنَّ لِوُلْدِ الْعَبَّاس وَلِلْمَرْوَانِيَّ(3) لَوَقْعَةً بِقِرْقِيساَ(4) يَشِيبُ فِيهَا الْغُلاَمُ الْحَزَوَّرُ _ أي القوي _ وَيَرْفَعُ اللهُ عَنْهُمُ النَّصْرَ وَيُوحِي إِلَى طَيْر السَّمَاءِ وَسِبَاع الأرْض: اشْبَعِي مِنْ لُحُوم الْجَبَّارينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ السُّفْيَانِيُّ)(5).
بيان: الخرور بالخاء المعجمة ولعلَّ المعنى الذي يخر ويسقط في المشي لصغره أو بالمهملة أي الحار المزاج، فإنَّه أبعد عن الشيب(6).ا.
ص: 263
141 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِر بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الرَّبيع الأقْرَع، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر (بْن مُحَمَّدٍ)(1) عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا اسْتَوْلَى السُّفْيَانِيُّ عَلَى الْكُوَر الْخَمْس فَعُدُّوا لَهُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ)، وَزَعَمَ هِشَامٌ أنَّ الْكُوَرَ الْخَمْسَ دِمَشْقُ وَفِلَسْطِينُ وَالاُرْدُنُّ وَحِمْصُ وَحَلَبُ(2).
142 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَن الْحَسَن بْن الْمُبَارَكِ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ، عَن الْحَارثِ، عَنْ عليًّ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ أقْبَلُ، جَعْدٌ، بِخَدَّهِ خَالٌ، يَكُونُ مَبْدَؤُهُ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ فَيَمْلِكُ قَدْرَ حَمْل امْرَأةٍ تِسْعَةَ أشْهُرٍ يَخْرُجُ بِالشَّام فَيَنْقَادُ لَهُ أهْلُ الشَّام إِلاَّ طَوَائِفَ مِنَ الْمُقِيمِينَ عَلَى الْحَقَّ، يَعْصِمُهُمُ اللهُ مِنَ الْخُرُوج مَعَهُ، وَيَأتِي الْمَدِينَةَ بِجَيْشٍ جَرَّارٍ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى بَيْدَاءِ الْمَدِينَةِ خَسَفَ اللهُ بِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))(3))(4).
إيضاح: قال الفيروزآبادي: القبل في العين إقبال السواد على الأنف أو مثل الحول أو أحسن منه أو إقبال إحدى الحدقتين على الأخرى أو إقبالها على عرض الأنف أو على المحجر أو على الحاجب أو إقبال نظر كلّ من العينين على صاحبتها، فهو أقبل بين القبل كأنَّه ينظر 4.
ص: 264
إلى طرف أنفه(1)، وقال الجزري في صفة هارون عليه السلام: (في عينيه قبل) هو إقبال السواد على الأنف، وقيل: هو ميل كالحول(2)، انتهى.
أقول: محمول على فرد لا يكون موجباً لنقص بل لحسن في المنظر.
143 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْيَمَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ كَفَرَسَيْ رهَانٍ)(3).
144 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَنْ مُهَاجِر بْن حَلِيم(4)، عَن الْمُغِيرَةِ بْن سَعْدٍ(5)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام (أنَّهُ قَالَ)(6): (إِذَا اخْتَلَفَ رُمْحَان بِالشَّام لَمْ تَنْجَل(7) إِلاَّ عَنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ اللهِ، قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ: رَجْفَةٌ تَكُونُ بِالشَّام يَهْلِكُ فِيهَا أكْثَرُ مِنْ مِائَةِ ألْفٍ يَجْعَلُهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ، فَإذَا كَانَ كَذَلِكَ فَانْظُرُوا إِلَى أصْحَابِ الْبَرَاذِين الشُّهْبِ الْمَحْذُوفَةِ وَالرَّايَاتِ الصُّفْر تُقْبِلُ مِنَ الْمَغْربِ حَتَّى تَحِلَّ بِالشَّام وَذَلِكَ عِنْدَ الْجَزَع الأكْبَر وَالْمَوْتِ الأحْمَر، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْظُرُوا خَسْفَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى دِمَشْقَم.
ص: 265
يُقَالُ لَهَا: حرشا(1) فَإذَا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ ابْنُ آكِلَةِ الأكْبَادِ مِنَ الْوَادِي(2) حَتَّى يَسْتَويَ عَلَى مِنْبَر دِمَشْقَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا خُرُوجَ الْمَهْدِيَّ)(3).
توضيح: لعلَّ المراد بالمحذوفة مقطوعة الآذان أو الأذناب أو قصيرتهما.
145 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن وَهْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ(4)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ يَبْعَثُ جَيْشاً إِلَيْنَا وَجَيْشاً إِلَيْكُمْ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَائْتُونَا عَلَى (كُلّ)(5) صَعْبٍ وَذَلُولٍ)(6).
146 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح، عَنْ أبِي عليًّ الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ أحْمَرُ أشْقَرُ أزْرَقُ لَمْ يَعْبُدِ اللهَ قَطُّ وَلَمْ يَرَ مَكَّةَ وَلاَ الْمَدِينَةَ قَطُّ يَقُولُ: يَا رَبَّ ثَاري وَالنَّارَ، يَا رَبَّ ثَاري وَالنَّارَ(7))(8).
147 _ الكافي: فِي الرَّوْضَةِ(9) مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ وَعَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ ه.
ص: 266
جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَذُكِرَ هَؤُلاَءِ عِنْدَهُ وَسُوءُ حَال الشّيعَةِ عِنْدَهُمْ فَقَالَ: (إِنّي سِرْتُ مَعَ أبِي جَعْفَرٍ (الْمَنْصُور)(1) وَهِيَ فِي مَوْكِبهِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ خَيْلٌ وَمِنْ خَلْفِهِ خَيْلٌ، وَأنَا عَلَى حِمَارٍ إِلَى جَانِبِهِ، فَقَالَ لِي: يَا بَا عَبْدِ اللهِ قَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أنْ تَفْرَحَ بِمَا أعْطَانَا اللهُ مِنَ الْقُوَّةِ وَفَتَحَ لَنَا مِنَ الْعِزّ وَلاَ تُخْبِر النَّاسَ أنَّكَ أحَقُّ بِهَذَا الأمْر مِنَّا وَأهْلَ بَيْتِكَ فَتُغْريَنَا بِكَ وَبِهِمْ(2) _ أغرى الرجلَ بكذا حَضَّه عليه _ قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَنْ رَفَعَ هَذَا إِلَيْكَ عَنّي فَقَدْ كَذَبَ، فَقَالَ: أتَحْلِفُ عَلَى مَا تَقُولُ؟
قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ سَحَرَةٌ(3) _ يَعْنِي يُحِبُّونَ أنْ يُفْسِدُوا قَلْبَكَ عَلَيَّ _ فَلاَ تُمَكّنْهُمْ مِنْ سَمْعِكَ فَإنَّا إِلَيْكَ أحْوَجُ مِنْكَ إِلَيْنَا.
فَقَالَ لِي: تَذْكُرُ يَوْمَ سَألْتُكَ: هَلْ لَنَا مُلْكٌ؟ فَقُلْتَ: نَعَمْ، طَويلٌ عَريضٌ شَدِيدٌ، فَلاَ تَزَالُونَ فِي مُهْلَةٍ مِنْ أمْركُمْ وَفُسْحَةٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ حَتَّى تُصِيبُوا مِنَّا دَماً حَرَاماً فِي شَهْرٍ حَرَام فِي بَلَدٍ حَرَام(4)، فَعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ حَفِظَ :=
ص: 267
الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: لَعَلَّ اللهَ عزّ وجل أنْ يَكْفِيَكَ فَإنّي لَمْ أخُصَّكَ بِهَذَا إِنَّمَا هُوَ حَدِيثٌ رَوَيْتُهُ، ثُمَّ لَعَلَّ غَيْرَكَ مِنْ أهْل بَيْتِكَ أنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنّي.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى مَنْزلِي أتَانِي بَعْضُ مَوَالِينَا فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَاللهِ لَقَدْ رَأيْتُكَ فِي مَوْكِبِ أبِي جَعْفَرٍ وَأنْتَ عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ، وَقَدْ أشْرَفَ عَلَيْكَ يُكَلّمُكَ كَأنَّكَ تَحْتَهُ. فَقُلْتُ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِي: هَذَا حُجَّةُ اللهِ عَلَى الْخَلْقِ وَصَاحِبُ هَذَا الأمْر الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ وَهَذَا الآخَرُ يَعْمَلُ بِالْجَوْر وَيَقْتُلُ أوْلاَدَ الأنْبِيَاءِ وَيَسْفِكُ الدَّمَاءَ فِي الأرْض بِمَا لاَ يُحِبُّ اللهُ وَهُوَ فِي مَوْكِبهِ وَأنْتَ عَلَى حِمَارٍ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ حَتَّى خِفْتُ عَلَى دِيني وَنَفْسِي.
قَالَ: فَقُلْتُ: لَوْ رَأيْتَ مَنْ كَانَ حَوْلِي، وَبَيْنَ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِيني وَعَنْ شِمَالِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ لاَحْتَقَرْتَهُ وَاحْتَقَرْتَ مَا هُوَ فِيهِ، فَقَالَ: الآنَ سَكَنَ قَلْبِي.
ثُمَّ قَالَ: إِلَى مَتَى هَؤُلاَءِ يَمْلِكُونَ؟ أوْ مَتَى الرَّاحَةُ مِنْهُمْ؟ فَقُلْتُ: ألَيْسَ تَعْلَمُ أنَّ لِكُلّ شَيْ ءٍ مُدَّةً؟ قَالَ: بَلَى، فَقُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُكَ عِلْمُكَ؟ إِنَّ هَذَا الأمْرَ إِذَا جَاءَ كَانَ أسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْن، إِنَّكَ لَوْ تَعْلَمُ حَالَهُمْ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل وَكَيْفَ هِيَ كُنْتَ لَهُمْ أشَدَّ بُغْضاً وَلَوْ جَهَدْتَ وَجَهَدَ أهْلُ الأرْض أنْ
ص: 268
يُدْخِلُوهُمْ فِي أشَدَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الإثْم لَمْ يَقْدِرُوا، فَلاَ يَسْتَفِزَّنَّكَ الشَّيْطَانُ، فَإنَّ الْعِزَّةَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ.
ألاَ تَعْلَمُ أنَّ مَن انْتَظَرَ أمْرَنَا، وَصَبَرَ عَلَى مَا يَرَى مِنَ الأذَى وَالْخَوْفِ، هُوَ غَداً فِي زُمْرَتِنَا.
فَإذَا رَأيْتَ الْحَقَّ قَدْ مَاتَ وَذَهَبَ أهْلُهُ، وَرَأيْتَ الْجَوْرَ قَدْ شَمِلَ الْبِلاَدَ، وَرَأيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ خَلُقَ، وَاُحْدِثَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَوُجَّهَ عَلَى الأهْوَاءِ، وَرَأيْتَ الدَّينَ قَدِ انْكَفَأ كَمَا يَنْكَفِئُ الإنَاءُ(1).
وَرَأيْتَ أهْلَ الْبَاطِل قَدِ اسْتَعْلَوْا عَلَى أهْل الْحَقَّ، وَرَأيْتَ الشَّرَّ ظَاهِراً لاَ يُنْهَى عَنْهُ وَيُعْذَرُ أصْحَابُهُ، وَرَأيْتَ الْفِسْقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَال وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَرَأيْتَ الْمُؤْمِنَ صَامِتاً لاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَرَأيْتَ الْفَاسِقَ يَكْذِبُ وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَذِبُهُ وَفِرْيَتُهُ، وَرَأيْتَ الصَّغِيرَ يَسْتَحْقِرُ بِالْكَبِير، وَرَأيْتَ الأرْحَامَ قَدْ تَقَطَّعَتْ، وَرَأيْتَ مَنْ يَمْتَدِحُ (يُمْتَدَحُ) بِالْفِسْقِ يَضْحَكُ مِنْهُ وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ.
وَرَأيْتَ الْغُلاَمَ يُعْطِي مَا تُعْطِي الْمَرْأةُ، وَرَأيْتَ النّسَاءَ يَتَزَوَّجْنَ النّسَاءَ، وَرَأيْتَ الثَّنَاءَ قَدْ كَثُرَ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي غَيْر طَاعَةِ اللهِ فَلاَ يُنْهَى وَلاَ يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ، وَرَأيْتَ النَّاظِرَ يَتَعَوَّذُ بِاللهِ مِمَّا يَرَى الْمُؤْمِنَ فِيهِ مِنَ الِاجْتِهَادِ، وَرَأيْتَ الْجَارَ يُؤْذِي جَارَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَانِعٌ.
وَرَأيْتَ الْكَافِرَ فَرحاً لِمَا يَرَى فِي الْمُؤْمِن مَرحاً لِمَا يَرَى فِي الأرْض مِنَ الْفَسَادِ، وَرَأيْتَ الْخُمُورَ تُشْرَبُ عَلاَنِيَةً وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا مَنْ لاَ يَخَافُ اللهَ عزّ وجل، وَرَأيْتَ الآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِيلاً، وَرَأيْتَ الْفَاسِقَ فِيمَا لاَ ).
ص: 269
يُحِبُّ اللهُ قَويّاً مَحْمُوداً، وَرَأيْتَ أصْحَابَ الآيَاتِ يُحَقَّرُونَ وَيُحْتَقَرُ مَنْ يُحِبُّهُمْ، وَرَأيْتَ سَبِيلَ الْخَيْر مُنْقَطِعاً وَسَبِيلَ الشَّرَّ مَسْلُوكاً، وَرَأيْتَ بَيْتَ اللهِ قَدْ عُطّلَ وَيُؤْمَرُ بِتَرْكِهِ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ مَا لاَ يَفْعَلُهُ.
وَرَأيْتَ الرَّجَالَ يَتَسَمَّنُونَ لِلرَّجَال وَالنّسَاءَ لِلنّسَاءِ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ دُبُرهِ وَمَعِيشَةُ الْمَرْأةِ مِنْ فَرْجِهَا، وَرَأيْتَ النّسَاءَ يَتَّخِذْنَ الْمَجَالِسَ كَمَا يَتَّخِذُهَا الرَّجَالُ، وَرَأيْتَ التَّأنِيثَ فِي وُلْدِ الْعَبَّاس قَدْ ظَهَرَ، وَأظْهَرُوا الْخِضَابَ وَأمْشَطُوا كَمَا تَمْتَشِطُ الْمَرْأةُ لِزَوْجِهَا، وَأعْطَوُا الرَّجَالَ الأمْوَالَ عَلَى فُرُوجِهِمْ، وَتُنُوفِسَ فِي الرَّجُل وَتَغَايَرَ عَلَيْهِ الرَّجَالُ، وَكَانَ صَاحِبُ الْمَال أعَزَّ مِنَ الْمُؤْمِن، وَكَانَ الرَّبَا ظَاهِراً لاَ يُعَيَّرُ، وَكَانَ الزّنَا تُمْتَدَحُ بِهِ النّسَاءُ.
وَرَأيْتَ الْمَرْأةَ تُصَانِعُ زَوْجَهَا إِلَى نِكَاح الرَّجَال، وَرَأيْتَ أكْثَرَ النَّاس وَخَيْرَ بَيْتٍ مَنْ يُسَاعِدُ النَّسَاءَ عَلَى فِسْقِهِنَّ، وَرَأيْتَ الْمُؤْمِنَ مَحْزُوناً مُحْتَقَراً ذَلِيلاً، وَرَأيْتَ الْبِدَعَ وَالزَّنَا قَدْ ظَهَرَ، وَرَأيْتَ النَّاسَ يَعْتَدُّونَ بِشَاهِدِ الزُّور، وَرَأيْتَ الْحَرَامَ يُحَلَّلُ، وَرَأيْتَ الْحَلاَلَ يُحَرَّمُ، وَرَأيْتَ الدَّينَ بِالرَّأي، وَعُطّلَ الْكِتَابُ وَأحْكَامُهُ، وَرَأيْتَ اللَّيْلَ لاَ يُسْتَخْفَى بِهِ مِنَ الْجُرْأةِ عَلَى اللهِ.
وَرَأيْتَ الْمُؤْمِنَ لاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يُنْكِرَ إِلاَّ بِقَلْبِهِ، وَرَأيْتَ الْعَظِيمَ مِنَ الْمَال يُنْفَقُ فِي سَخَطِ اللهِ عزّ وجل.
وَرَأيْتَ الْوُلاَةَ يُقَرَّبُونَ أهْلَ الْكُفْر، وَيُبَاعِدُونَ أهْلَ الْخَيْر، وَرَأيْتَ الْوُلاَةَ يَرْتَشُونَ فِي الْحُكْم، وَرَأيْتَ الْولاَيَةَ قَبَالَةً لِمَنْ زَادَ.
وَرَأيْتَ ذَوَاتِ الأرْحَام يُنْكَحْنَ وَيُكْتَفَى بِهِنَّ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُقْتَلُ عَلَى (التُّهَمَةِ وَعَلَى)(1) الظَّنَّةِ وَيَتَغَايَرُ عَلَى الرَّجُل الذَّكَر فَيَبْذُلُ لَهُ نَفْسَهُ ر.
ص: 270
وَمَالَهُ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُعَيَّرُ عَلَى إِتْيَان النّسَاءِ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَأكُلُ مِنْ كَسْبِ امْرَأتِهِ مِنَ الْفُجُور، يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيُقِيمُ عَلَيْهِ، وَرَأيْتَ الْمَرْأةَ تَقْهَرُ زَوْجَهَا، وَتَعْمَلُ مَا لاَ يَشْتَهِي وَتُنْفِقُ عَلَى زَوْجِهَا.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُكْري امْرَأتَهُ وَجَاريَتَهُ، وَيَرْضَى بِالدَّنِيَّ مِنَ الطَّعَام وَالشَّرَابِ، وَرَأيْتَ الأيْمَانَ بِاللهِ عزّ وجل كَثِيرَةً عَلَى الزُّور، وَرَأيْتَ الْقِمَارَ قَدْ ظَهَرَ، وَرَأيْتَ الشَّرَابَ تُبَاعُ ظَاهِراً لَيْسَ عَلَيْهِ مَانِعٌ، وَرَأيْتَ النّسَاءَ يَبْذُلْنَ أنْفُسَهُنَّ لأهْل الْكُفْر، وَرَأيْتَ الْمَلاَهِيَ قَدْ ظَهَرَتْ يُمَرُّ بِهَا لاَ يَمْنَعُهَا أحَدٌ أحَداً وَلاَ يَجْتَرئُ أحَدٌ عَلَى مَنْعِهَا، وَرَأيْتَ الشَّريفَ يَسْتَذِلُّهُ الَّذِي يُخَافُ سُلْطَانُهُ، وَرَأيْتَ أقْرَبَ النَّاس مِنَ الْوُلاَةِ مَنْ يُمْتَدَحُ (يَمْتَدِحُ) بِشَتْمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَرَأيْتَ مَنْ يُحِبُّنَا يُزَوَّرُ وَلاَ يُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَرَأيْتَ الزُّورَ مِنَ الْقَوْل يُتَنَافَسُ فِيهِ.
وَرَأيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ ثَقُلَ عَلَى النَّاس اسْتِمَاعُهُ وَخَفَّ عَلَى النَّاس اسْتِمَاعُ الْبَاطِل، وَرَأيْتَ الْجَارَ يُكْرمُ الْجَارَ خَوْفاً مِنْ لِسَانِهِ، وَرَأيْتَ الْحُدُودَ قَدْ عُطّلَتْ وَعُمِلَ فِيهَا بِالأهْوَاءِ، وَرَأيْتَ الْمَسَاجِدَ قَدْ زُخْرفَتْ، وَرَأيْتَ أصْدَقَ النَّاس عِنْدَ النَّاس الْمُفْتَريَ الْكَذِبَ، وَرَأيْتَ الشَّرَّ قَدْ ظَهَرَ وَالسَّعْيَ بِالنَّمِيمَةِ، وَرَأيْتَ الْبَغْيَ قَدْ فَشَا، وَرَأيْتَ الْغِيبَةَ تُسْتَمْلَحُ وَيُبَشّرُ بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.
وَرَأيْتَ الْحَجَّ وَالْجِهَادَ لِغَيْر اللهِ، وَرَأيْتَ السُّلْطَانَ يُذِلُّ لِلْكَافِر الْمُؤْمِنَ، وَرَأيْتَ الْخَرَابَ قَدْ اُدِيلَ مِنَ الْعُمْرَان، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتَهُ مِنْ بَخْس الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، وَرَأيْتَ سَفْكَ الدَّمَاءِ يُسْتَخَفُّ بِهَا.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَطْلُبُ الرَّئَاسَةَ لِعَرَض الدُّنْيَا، وَيَشْهَرُ نَفْسَهُ بِخُبْثِ اللّسَان لِيُتَّقَى، وَتُسْنَدَ إِلَيْهِ الاُمُورُ، وَرَأيْتَ الصَّلاَةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِهَا، وَرَأيْتَ
ص: 271
الرَّجُلَ عِنْدَهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ لَمْ يُزَكّهِ مُنْذُ مَلَكَهُ، وَرَأيْتَ الْمَيَّتَ يُنْشَرُ(1) مِنْ قَبْرهِ وَيُؤْذَى وَتُبَاعُ أكْفَانُهُ، وَرَأيْتَ الْهَرْجَ قَدْ كَثُرَ.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُمْسِي نَشْوَانَ وَيُصْبِحُ سَكْرَانَ لاَ يَهْتَمُّ بِمَا (يَقُولُ)(2) النَّاسُ فِيهِ، وَرَأيْتَ الْبَهَائِمَ تُنْكَحُ، وَرَأيْتَ الْبَهَائِمَ تَفْرسُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَخْرُجُ إِلَى مُصَلاَّهُ وَيَرْجِعُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ، وَرَأيْتَ قُلُوبَ النَّاس قَدْ قَسَتْ وَجَمَدَتْ أعْيُنُهُمْ، وَثَقُلَ الذّكْرُ عَلَيْهِمْ، وَرَأيْتَ السُّحْتَ قَدْ ظَهَرَ بِتَنَافُسٍ فِيهِ، وَرَأيْتَ الْمُصَلّيَ إِنَّمَا يُصَلّي لِيَرَاهُ النَّاسُ.
وَرَأيْتَ الْفَقِيهَ يَتَفَقَّهُ لِغَيْر الدَّين يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَالرَّئَاسَةَ، وَرَأيْتَ النَّاسَ مَعَ مَنْ غَلَبَ، وَرَأيْتَ طَالِبَ الْحَلاَل يُذَمُّ وَيُعَيَّرُ، وَطَالِبَ الْحَرَام يُمْدَحُ وَيُعَظَّمُ، وَرَأيْتَ الْحَرَمَيْن يُعْمَلُ فِيهِمَا بِمَا لاَ يُحِبُّ اللهُ، لاَ يَمْنَعُهُمْ مَانِعٌ، وَلاَ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَمَل الْقَبِيح أحَدٌ، وَرَأيْتَ الْمَعَازفَ ظَاهِرَةً فِي الْحَرَمَيْن.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ وَيَأمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَن الْمُنْكَر فَيَقُومُ إِلَيْهِ مَنْ يَنْصَحُهُ فِي نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: هَذَا عَنْكَ مَوْضُوعٌ، وَرَأيْتَ النَّاسَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَيَقْتَدُونَ بِأهْل الشُّرُور، وَرَأيْتَ مَسْلَكَ الْخَيْر وَطَريقَهُ خَالِياً لاَ يَسْلُكُهُ أحَدٌ، وَرَأيْتَ الْمَيَّتَ يُهْزَ(ء)(3) بِهِ فَلاَ يَفْزَعُ لَهُ أحَدٌ.
وَرَأيْتَ كُلَّ عَام يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالشَّرَّ أكْثَرُ مِمَّا كَانَ،ر.
ص: 272
وَرَأيْتَ الْخَلْقَ وَالْمَجَالِسَ لاَ يُتَابِعُونَ إِلاَّ الأغْنِيَاءَ، وَرَأيْتَ الْمُحْتَاجَ يُعْطَى عَلَى الضَّحِكِ بِهِ، وَيُرْحَمُ لِغَيْر وَجْهِ اللهِ، وَرَأيْتَ الآيَاتِ فِي السَّمَاءِ لاَ يَفْزَعُ لَهَا أحَدٌ، وَرَأيْتَ النَّاسَ يَتَسَافَدُونَ كَمَا تَسَافَدُ الْبَهَائِمُ، لاَ يُنْكِرُ أحَدٌ مُنْكَراً تَخَوُّفاً مِنَ النَّاس، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْكَثِيرَ فِي غَيْر طَاعَةِ اللهِ، وَيَمْنَعُ الْيَسِيرَ فِي طَاعَةِ اللهِ.
وَرَأيْتَ الْعُقُوقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاسْتُخِفَّ بِالْوَالِدَيْن، وَكَانَا مِنْ أسْوَءِ النَّاس حَالاً عِنْدَ الْوَلَدِ وَيَفْرَحُ بِأنْ يَفْتَريَ عَلَيْهِمَا.
وَرَأيْتَ النّسَاءَ قَدْ غَلَبْنَ عَلَى الْمُلْكِ، وَغَلَبْنَ عَلَى كُلّ أمْرٍ لاَ يُؤْتَى إِلاَّ مَا لَهُنَّ فِيهِ هَوًى، وَرَأيْتَ ابْنَ الرَّجُل يَفْتَري عَلَى أبِيهِ وَيَدْعُو عَلَى وَالِدَيْهِ، وَيَفْرَحُ بِمَوْتِهِمَا، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَوْمٌ وَلَمْ يَكْسِبُ فِيهِ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ، مِنْ فُجُورٍ أوْ بَخْس مِكْيَالٍ أوْ مِيزَانٍ، أوْ غِشْيَان حَرَام، أوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ كَئِيباً حَزيناً يَحْسَبُ أنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ وَضَيْعَةٌ مِنْ عُمُرهِ.
وَرَأيْتَ السُّلْطَانَ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ، وَرَأيْتَ أمْوَالَ ذَوي الْقُرْبَى تُقْسَمُ فِي الزُّور وَيُتَقَامَرُ بِهَا وَيُشْرَبُ بِهَا الْخُمُورُ، وَرَأيْتَ الْخَمْرَ يُتَدَاوَى بِهَا، وَتُوصَفُ لِلْمَريض وَيُسْتَشْفَى بِهَا، وَرَأيْتَ النَّاسَ قَدِ اسْتَوَوْا فِي تَرْكِ الأمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَر وَتَرْكِ التَّدَيُّن بِهِ، وَرَأيْتَ ريَاحَ الْمُنَافِقِينَ وَأهْل النّفَاقِ دَائِمَةً وَريَاحَ أهْل الْحَقَّ لاَ تُحَرَّكُ.
وَرَأيْتَ الأذَانَ بِالأجْر وَالصَّلاَةَ بِالأجْر، وَرَأيْتَ الْمَسَاجِدَ مُحْتَشِيَةً مِمَّنْ لاَ يَخَافُ اللهَ مُجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلْغِيبَةِ وَأكْل لُحُوم أهْل الْحَقَّ، وَيَتَوَاصَفُونَ فِيهَا شَرَابَ الْمُسْكِر، وَرَأيْتَ السَّكْرَانَ يُصَلّي بِالنَّاس فَهُوَ لاَ يَعْقِلُ، وَلاَ يُشَانُ بِالسُّكْر، وَإِذَا سَكِرَ اُكْرمَ وَاتُّقِيَ وَخِيفَ، وَتُركَ لاَ يُعَاقَبُ وَيُعْذَرُ بِسُكْرهِ.
ص: 273
وَرَأيْتَ مَنْ أكَلَ أمْوَالَ الْيَتَامَى يُحَدَّثُ(1) بِصَلاَحِهِ، وَرَأيْتَ الْقُضَاةَ يَقْضُونَ بِخِلاَفِ مَا أمَرَ اللهُ، وَرَأيْتَ الْوُلاَةَ يَأتَمِنُونَ الْخَوَنَةَ لِلطَّمَع، وَرَأيْتَ الْمِيرَاثَ قَدْ وَضَعَتْهُ الْوُلاَةُ لأهْل الْفُسُوقِ وَالْجُرْأةِ عَلَى اللهِ، يَأخُذُونَ مِنْهَا وَيُخَلُّونَهُمْ وَمَا يَشْتَهُونَ وَرَأيْتَ الْمَنَابِرَ يُؤْمَرُ عَلَيْهَا بِالتَّقْوَى، وَلاَ يَعْمَلُ الْقَائِلُ بِمَا يَأمُرُ.
وَرَأيْتَ الصَّلاَةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِأوْقَاتِهَا، وَرَأيْتَ الصَّدَقَةَ بِالشَّفَاعَةِ لاَ يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللهِ وَتُعْطَى لِطَلَبِ النَّاس، وَرَأيْتَ النَّاسَ هَمُّهُمْ بُطُونُهُمْ وَفُرُوجُهُمْ، لاَ يُبَالُونَ بِمَا أكَلُوا وَبِمَا نَكَحُوا، وَرَأيْتَ الدُّنْيَا مُقْبِلَةً عَلَيْهِمْ، وَرَأيْتَ أعْلاَمَ الْحَقَّ قَدْ دَرَسَتْ.
فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ، وَاطْلُبْ مِنَ اللهِ عزّ وجل النَّجَاةَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّاسَ فِي سَخَطِ اللهِ عزّ وجل (وَإِنَّمَا يُمْهِلُهُمْ لأمْرٍ يُرَادُ بِهِمْ، فَكُنْ مُتَرَقّباً! وَاجْتَهِدْ لِيَرَاكَ اللهُ عزّ وجل)(2) فِي خِلاَفِ مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَإنْ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ وَكُنْتَ فِيهِمْ، عُجَّلْتَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ وَإِنْ اُخّرْتَ ابْتُلُوا وَكُنْتَ قَدْ خَرَجْتَ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجُرْأةِ عَلَى اللهِ عزّ وجل. وَاعْلَمْ أنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَأنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَريبٌ مِنَ الْمُحْسِنينَ)(3).
بيان: (الموكب) جماعة الفرسان، و(الإغراء) التحريص على الشرّ، قوله عليه السلام: (إنَّ الناس سحرة) قال الجزري: فيه إنَّ من البيان لسحراً أي منه ما يصرف قلوب السامعين وإن كان غير حقّ، والسحر في كلامهم صرف الشيء عن وجهه.7.
ص: 274
أقول: وفي بعض النسخ: (شجرة بغي).
و(الفسحة) بالضم السعة، قوله: (حتَّى تصيبوا منادماً) لعلَّ المراد دم رجل من أولاد الأئمّة عليهم السلام سفكوها قريباً من انقضاء دولتهم، وقد فعلوا مثل ذلك كثيراً ويحتمل أن يكون مراده عليه السلام هذا الملعون بعينه، والمراد بسفك الدم القتل ولو بالسم مجازاً، و(بالبلد الحرام) مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فإنَّه عليه السلام سم بأمره فيها على ما روي ولم يبقَ بعده إلاَّ قليلاً.
قوله عليه السلام: (أو متى الراحة) الترديد من الراوي، قوله: (إنَّ هذا الأمر) أي انقضاء دولتهم، أو ظهور دولة الحقّ.
وقال الجوهري: استفزَّه الخوف استخفّه(1)، و(الزمرة) الجماعة من الناس(2)، و(الانكفاء) الانقلاب.
قوله عليه السلام: (يمتدح) أي يفتخر ويطلب المدح، و(المرح) شدّة الفرح والنشاط فهو مرح بالكسر.
قوله عليه السلام: (ورأيت أصحاب الآيات) أي العلامات والمعجزات أو الذين نزلت فيهم الآيات، وهم الأئمّة عليهم السلام أو المفسّرين والقرّاء، وفي بعض النسخ: (أصحاب الآثار) وهم المحدّثون.
قوله عليه السلام: (رأيت الرجال يتسمّنون) أي يستعملون الأغذية والأدوية للسمن ليعمل بهم القبيح، قال الجزري فيه: يكون في آخر الزمان قوم يتسمّنون أي يتكثّرون بما ليس فيهم، ويدعون ما ليس لهم، من الشرف، وقيل: أراد جمعهم الأموال، وقيل: يحبّون التوسّع في المآكل والمشارب وهي أسباب السمن، ومنه الحديث الآخر: ويظهر 1.
ص: 275
فيهم السمن، وفيه: ويل للمسمّنات يوم القيامة من فترة في العظام أي اللاتي يستعملنَّ السمنة وهي دواء يتسمّنَّ به النساء(1).
قوله عليه السلام: (وأظهروا الخضاب) أي خضاب اليد والرجل فإنَّ المستحب لهم إنَّما هو خضاب الشعر كما سيأتي في موضعه.
قوله عليه السلام: (وأعطوا الرجال) أي أعطى ولد العبّاس أموالاً ليطؤوهم أو أنَّهم يعطون السلاطين والحكّام الأموال لفروجهم أو فروج نسائهم للدياثة ويمكن أن يقرء الرجال بالرفع وأعطوا على المعلوم أو المجهول من باب أكلوني البراغيث والأوّل أظهر، و(المنافسة) المغالبة على الشيء.
قوله عليه السلام: (تصانع زوجها) المصانعة الرشوة والمداهنة، والمراد إمَّا المصانعة لترك الرجال، أو للاشتغال بهم لتشتغل هي بالنساء، أو لمعاشرتها مع الرجال، قوله عليه السلام: (يعتدون) من الاعتداد أو الاعتداء، قوله عليه السلام: (لا يستخفى به) أي لا ينتظرون دخوله لارتكاب الفضائح، بل يعملونها في النهار علانية.
قوله عليه السلام: (ورأيت الولاية قبالة) أي يزيدون في المال ويشترون الولايات، و(الزور) الكذب والباطل والتهمة، و(الزخرفة) النقش بالذهب المشهور تحريمها في المساجد ويقال: استملحه أي عدَّه مليحاً، قوله عليه السلام: (ويبشربها الناس) كما هو الشائع في زماننا يأتي بعضهم بعضها يبشّره بأنّي أتيتك بغيبة حسنة، قوله عليه السلام: (قد اديل) الإدالة الغلبة، والمراد كثرة الخراب وقلّة العمران، قوله عليه السلام: (ورأيت الميّت) لعلَّ بيع 5.
ص: 276
الأكفان بيان للإيذاء أي يخرج من قبره لكفنه، ويحتمل أن يكون المراد أنَّه يخرجه من عليه دين فيضربه ويحرقه ويبيع كفنه لدينه.
قوله: (كما تتسافد البهائم) أي علانية على ظهر الطرق، قوله: (ورأيت رياح المنافقين) تطلق الريح على الغلبة والقوّة والرحمة والنصرة والدولة والنفس، والكلّ محتمل والأخير أظهر كناية عن كثرة تكلّمهم وقبول قولهم، قوله عليه السلام: (لأهل الفسوق) أي للذين يولّونهم على ميراث الأيتام أو الفاسق من الورثة، حيث يعطيهم الرشوة، فيحكمون بالمال له.
قوله عليه السلام: (بالشفاعة) أي لا يتصدَّقون إلاَّ لمن يشفع له شفيع، فيعطونها لوجه الشفيع لا لوجه الشفيع لا لوجه الله، أو يعطون لطلب الفقراء وإبرامهم، قوله عليه السلام: (لا يبالون بما أكلوا) أي من حلَّ أو حرام.
148 _ جامع الأخبار: رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأنْصَاريُّ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَجَّةَ الْوَدَاع فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا افْتُرضَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجَّ أتَى مُوَدَّعَ الْكَعْبَةِ فَلَزمَ حَلْقَةَ الْبَابِ، وَنَادَى بِرَفْع صَوْتِهِ: (أيُّهَا النَّاسُ!)، فَاجْتَمَعَ أهْلُ الْمَسْجِدِ وَأهْلُ السُّوقِ فَقَالَ: (اسْمَعُوا إِنّي قَائِلٌ مَا هُوَ بَعْدِي كَائِنٌ فَلْيُبَلَّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ)، ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى بَكَى لِبُكَائِهِ النَّاسُ أجْمَعِينَ فَلَمَّا سَكَتَ مِنْ بُكَائِهِ قَالَ: (اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أنَّ مَثَلَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْم كَمَثَل وَرَقٍ لاَ شَوْكَ فِيهِ إِلَى أرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ يَأتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ شَوْكٌ وَوَرَقٌ إِلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ ثُمَّ يَأتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ شَوْكٌ لاَ وَرَقَ فِيهِ حَتَّى لاَ يُرَى فِيهِ إِلاَّ سُلْطَانٌ جَائِرٌ، أوْ غَنِيٌّ بَخِيلٌ، أوْ عَالِمٌ رَاغِبٌ(1) فِي الْمَال، أوْ فَقِيرٌ كَذَّابٌ، أوْ شَيْخٌ فَاجِرٌ، أوْ صَبِيٌّ وَقِحٌ، أو امْرَأةٌ رَعْنَاءُ)، ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.ر.
ص: 277
فَقَامَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ الْفَارسِيُّ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أخْبِرْنَا مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا سَلْمَانُ إِذَا قَلَّتْ عُلَمَاؤُكُمْ، وَذَهَبَتْ قُرَّاؤُكُمْ، وَقَطَعْتُمْ زَكَاتَكُمْ، وَأظْهَرْتُمْ مُنْكَرَاتِكُمْ، وَعَلَتْ أصْوَاتُكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ، وَجَعَلْتُمُ الدُّنْيَا فَوْقَ رُءُوسِكُمْ وَالْعِلْمَ تَحْتَ أقْدَامِكُمْ، وَالْكَذِبَ حَدِيثَكُمْ، وَالْغِيبَةَ فَاكِهَتَكُمْ، وَالْحَرَامَ غَنِيمَتَكُمْ، وَلاَ يَرْحَمُ كَبِيرُكُمْ صَغِيرَكُمْ، وَلاَ يُوَقّرُ صَغِيرُكُمْ كَبِيرَكُمْ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْزلُ اللَّعْنَةُ عَلَيْكُمْ، وَيُجْعَلُ بَأسُكُمْ بَيْنَكُمْ، وَبَقِيَ الدَّينُ بَيْنَكُمْ لَفْظاً بِألْسِنَتِكُمْ.
فَإذَا اُوتِيتُمْ هَذِهِ الْخِصَالَ تَوَقَّعُوا الرَّيحَ الْحَمْرَاءَ أوْ مَسْخاً أوْ قَذْفاً بِالْحِجَارَةِ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآْياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))(1).
فَقَامَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أخْبِرْنَا مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عِنْدَ تَأخِير الصَّلَوَاتِ، وَاتّبَاع الشَّهَوَاتِ، وَشُرْبِ الْقَهَوَاتِ، وَشَتْم الآبَاءِ وَالاُمَّهَاتِ.
حَتَّى تَرَوْنَ الْحَرَامَ مَغْنَماً، وَالزَّكَاةَ مَغْرَماً، وَأطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَجَفَا جَارَهُ، وَقَطَعَ رَحِمَهُ، وَذَهَبَ رَحْمَةُ الأكَابِر، وَقَلَّ حَيَاءُ الأصَاغِر، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَظَلَمُوا الْعَبِيدَ وَالإمَاءَ، وَشَهِدُوا بِالْهَوَى، وَحَكَمُوا بِالْجَوْر، وَيَسُبُّ الرَّجُلُ أبَاهُ، وَيَحْسُدُ الرَّجُلُ أخَاهُ، وَيُعَامِلُ الشُّرَكَاءُ 5.
ص: 278
بِالْخِيَانَةِ، وَقَلَّ الْوَفَاءُ، وَشَاعَ الزّنَا، وَتَزَيَّنَ الرَّجَالُ بِثِيَابِ النّسَاءِ، وَسُلِبَ(1) عَنْهُنَّ قِنَاعُ الْحَيَاءِ، وَدَبَّ الْكِبْرُ فِي الْقُلُوبَ كَدَبِيبِ السَّمَّ فِي الأبْدَان، وَقَلَّ الْمَعْرُوفُ، وَظَهَرَتِ الْجَرَائِمُ، وَهُوَّنَتِ الْعَظَائِمُ، وَطَلَبُوا الْمَدْحَ بِالْمَال، وَأنْفَقُوا الْمَالَ لِلْغِنَاءِ، وَشُغِلُوا بِالدُّنْيَا عَن الآخِرَةِ، وَقَلَّ الْوَرَعُ، وَكَثُرَ الطَّمَعُ وَالْهَرْجُ وَالْمَرْجُ، وَأصْبَحَ الْمُؤْمِنُ ذَلِيلاً، وَالْمُنَافِقُ عَزيزاً، مَسَاجِدُهُمْ مَعْمُورَةٌ بِالأذَان، وَقُلُوبُهُمْ خَالِيَةٌ مِنَ الإيمَان، وَ(2) اسْتَخَفُّوا بِالْقُرْآن، وَبَلَغَ الْمُؤْمِنُ عَنْهُمْ كُلَّ هَوَانٍ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ تَرَى وُجُوهَهُمْ وُجُوهَ الآدَمِيَّينَ، وَقُلُوبَهُمْ قُلُوبَ الشَّيَاطِين، كَلاَمُهُمْ أحْلَى مِنَ الْعَسَل، وَقُلُوبُهُمْ أمَرُّ مِنَ الْحَنْظَل، فَهُمْ ذِئَابٌ، وَعَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، مَا مِنْ يَوْمٍ إِلاَّ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أفَبِي تَغْتَرُّونَ؟ أمْ عَلَيَّ تَجْتَرءُونَ؟ ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ))(3)؟
فَوَ عِزَّتِي وَجَلاَلِي لَوْ لاَ مَنْ يَعْبُدُنِي مُخْلِصاً مَا أمْهَلْتُ مَنْ يَعْصِيني طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَوْ لاَ وَرَعُ الْوَرعِينَ مِنْ عِبَادِي لَمَا أنْزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةً، وَلاَ أنْبَتُّ وَرَقَةً خَضْرَاءَ فَوَا عَجَبَاهْ لِقَوْم آلِهَتُهُمْ أمْوَالُهُمْ. وَطَالَتْ آمَالُهُمْ، وَقَصُرَتْ آجَالُهُمْ، وَهُمْ يَطْمَعُونَ فِي مُجَاوَرَةِ مَوْلاَهُمْ، وَلاَ يَصِلُونَ إِلَى ذَلِكَ إِلاَّ بِالْعَمَل، وَلاَ يَتِمُّ الْعَمَلُ إِلاَّ بِالْعَقْل)(4).
بيان: الوقاحة قلّة الحياء، والرعناء الحمقاء، والقهوة الخمر.0.
ص: 279
149 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَخْتَلِفَ بَنُو فُلاَنٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإذَا اخْتَلَفُوا طَمِعَ النَّاسُ وَتَفَرَّقَتِ الْكَلِمَةُ وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ)(1).
150 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ تَرَوْنَ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، حَتَّى تَكُونُوا كَالْمِعْزَى الْمَوَاتِ الَّتِي لاَ يُبَالِي الْخَابِسُ أيْنَ يَضَعُ يَدَهُ مِنْهَ(2) لَيْسَ لَكُمْ شَرَفٌ تَرْقَوْنَهُ وَلاَ سِنَادٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ أمْرَكُمْ)(3).
وَعَنْهُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، مِثْلَهُ.
قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيَّ بْن الْحَكَم: مَا الْمَوَاتُ مِنَ الْمَعْز؟ قَالَ: الَّتِي قَدِ اسْتَوَتْ لاَ يَفْضُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ(4).
151 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ الصَّيْقَل، عَنْ أبِي شُعَيْبٍ الْمَحَامِلِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاس زَمَانٌ يُظَرَّفُ فِيهِ الْفَاجِرُ، وَيُقَرَّبُ فِيهِ الْمَاجِنُ، وَيُضَعَّفُ فِيهِ الْمُنْصِفُ)، قَالَ: (فَقِيلَ لَهُ: مَتَى ذَاكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ فَقَالَ: (إِذَا اتُّخِذَتِ الأمَانَةُ مَغْنَماً، وَالزَّكَاةُ مَغْرَماً، وَالْعِبَادَةُ اسْتِطَالَةً، وَالصَّلَةُ مَنّاً)، قَالَ: (فَقِيلَ لَهُ: مَتَى ذَلِكَ يَا ك.
ص: 280
أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ فَقَالَ:((1) إِذَا تَسَلَّطْنَ النّسَاءُ، وَسُلّطْنَ الإمَاءُ، وَاُمَّرَ الصّبْيَانُ)(2).
بيان: المجون أن لا يبالي الإنسان بما صنع.
152 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ الْخُزَاعِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُوَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَمَّهِ حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُوَيْدٍ وَالْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ النَّهْدِيَّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُوَيْدٍ أنَّهُ كَتَبَ إِلَى أبِي الْحَسَن مُوسَى عليه السلام فِي الْحَبْس وَسَألَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا أجَابَهُ: (إِذَا رَأيْتَ الْمُشَوَّهَ الأعْرَابِيَّ فِي جَحْفَلٍ جَرَّارٍ فَانْتَظِرْ فَرَجَكَ وَلِشِيعَتِكَ الْمُؤْمِنينَ، وَإِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى السَّمَاءِ وَانْظُرْ مَا فَعَلَ اللهُ عزّ وجل بِالْمُؤْمِنينَ، فَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ جُمَلاً جُمَلاً وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأخْيَار)(3).
153 _ الكافي: حُمَيْدُ بْنُ زيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الدَّهْقَان، عَن ).
ص: 281
الطَّاطَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ، عَنْ أبَانٍ، عَنْ صَبَّاح بْن سَيَابَةَ، عَن ابْن خُنَيْسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ بِكِتَابِ عَبْدِ السَّلاَم بْن نُعَيْم وَسَدِيرٍ وَكُتُبِ غَيْر وَاحِدٍ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام حِينَ ظَهَرَتِ الْمُسَوَّدَةُ قَبْلَ أنْ يَظْهَرَ وُلْدُ الْعَبَّاس بِأنَّا قَدْ قَدَّرْنَا أنْ يَئُولَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْكَ، فَمَا تَرَى؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِالْكُتُبِ الأرْضَ، ثُمَّ قَالَ: (اُفًّ اُفًّ مَا أنَا لِهَؤُلاَءِ بِإمَام أمَا يَعْلَمُونَ أنَّهُ إِنَّمَا يَقْتُلُ السُّفْيَانِيَّ؟)(1).
154 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (مِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُمَّةِ إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَأغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلاَ كَبِيرٌ يَرْحَمُ صَغِيراً، وَلاَ صَغِيرٌ يُوَقّرُ كَبِيراً، فَيَبْعَثُ اللهُ عِنْدَ ذَلِكَ مَهْدِيَّنَا، التَّاسِعَ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْن، يَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلاَلَةِ وَقُلُوباً غُفْلاً، يَقُومُ فِي ).
ص: 282
الدَّين(1) فِي آخِر الزَّمَان كَمَا قُمْتُ بِهِ فِي أوَّل الزَّمَان، وَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)(2).
155 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَنْ عَلْقَمَةَ بْن قَيْسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ خُطْبَةَ اللُّؤْلُؤَةِ فَقَالَ فِيمَا قَالَ فِي آخِرهَا:
(ألاَ وَإِنّي ظَاعِنٌ عَنْ قَريبٍ، وَمُنْطَلِقٌ إِلَى الْمَغِيبِ، فَارْتَقِبُوا الْفِتْنَةَ الاُمَويَّةَ وَالْمَمْلَكَةَ الْكِسْرَويَّةَ، وَإِمَاتَةَ مَا أحْيَاهُ اللهُ، وَإِحْيَاءَ مَا أمَاتَهُ اللهُ، وَاتَّخِذُوا صَوَامِعَكُمْ(3) بُيُوتَكُمْ، وَعَضُّوا عَلَى مِثْل جَمْر الْغَضَا، وَاذْكُرُوا اللهَ(4) كَثِيراً فَذِكْرُهُ أكْبَرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
ثُمَّ قَالَ: (وَتُبْنَى مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا: الزَّوْرَاءُ، بَيْنَ دِجْلَةَ وَدُجَيْلٍ وَالْفُرَاتِ، فَلَوْ رَأيْتُمُوهَا مُشَيَّدَةً بِالْجِصّ وَالآجُرَّ، مُزَخْرَفَةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَاللاَّزْوَرْدِ وَالْمَرْمَر(5) وَالرُّخَام، وَأبْوَابِ الْعَاج(6)، وَالْخِيَم، وَالْقِبَابِ، وَالسَّتَارَاتِ(7).).
ص: 283
وَقَدْ عُلِيَتْ بِالسَّاج، وَالْعَرْعَر وَالصَّنَوْبَر وَالشَّبَّ(1)، وَشُيَّدَتْ(2) بِالْقُصُور، وَتَوَالَتْ عَلَيْهَا مُلْكُ بَنِي شَيْصَبَانَ(3) أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَلِك(4)، فِيهِمُ السَّفَّاحُ، وَالْمِقْلاَصُ، وَالْجَمُوحُ وَالْخَدُوعُ، وَالْمُظَفَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ، وَالنَّظَّارُ(5)، وَالْكَبْشُ(6)، وَالْمَهْتُورُ، وَالْعِثَارُ(7)، وَالْمُصْطَلِمُ، وَالْمُسْتَصْعِبُ، وَالْعَلاَّمُ(8)، وَالرُّهْبَانِيُّ، وَالْخَلِيعُ، وَالسَّيَّارُ(9)، وَالْمُتْرفُ، وَالْكَدِيدُ، وَالأكْتَبُ(10)، وَالْمُسْرفُ، وَالأكْلَبُ، وَالْوَسِيمُ(11)، وَالصَّيْلاَمُ(12)، وَالْعَيْنُوقُ(13).
وَتُعْمَلُ الْقُبَّةُ الْغَبْرَاءُ، ذَاتُ الْفَلاَةِ(14) الْحَمْرَاءِ، وَفِي عَقِبهَا قَائِمُ الْحَقَّ يُسْفِرُ عَنْ وَجْهِهِ بَيْنَ(15) الأقَالِيم، كَالْقَمَر الْمُضِيءِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ الدُّرَّيَّةِ.).
ص: 284
ألاَ وَإِنَّ لِخُرُوجِهِ عَلاَمَاتٍ عَشَرَةً أوَّلُهَا طُلُوعُ الْكَوْكَبِ ذِي الذَّنَبِ، وَيُقَاربُ مِنَ الْحَادِي(1) وَيَقَعُ فِيهِ هَرْجٌ وَمَرْجٌ وَشَغْبٌ، وَتِلْكَ عَلاَمَاتُ الْخِصْبِ.
وَمِنَ الْعَلاَمَةِ إِلَى الْعَلاَمَةِ عَجَبٌ، فَإذَا انْقَضَتِ الْعَلاَمَاتُ الْعَشَرَةُ إِذْ ذَاكَ يَظْهَرُ الْقَمَرُ(2) الأزْهَرُ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ الإخْلاَص للهِ عَلَى التَّوْحِيدِ)(3).
156 _ تهذيب الأحكام: بِإسْنَادِهِ، عَنْ سَالِم أبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَألَهُ رَجُلٌ وَأنَا أسْمَعُ فَقَالَ: إِنّي اُصَلّي الْفَجْرَ ثُمَّ أذْكُرُ اللهَ بِكُلّ مَا اُريدُ أنْ أذْكُرَهُ مِمَّا يَجِبُ عَلَيَّ فَاُريدُ أنْ أضَعَ جَنْبِي فَأنَامَ قَبْلَ طُلُوع الشَّمْس، فَأكْرَهُ ذَلِكَ، قَالَ: (وَلِمَ؟)، قَالَ: أكْرَهُ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ غَيْر مَطْلَعِهَا، قَالَ: (لَيْسَ بِذَلِكَ خَفَاءٌ، انْظُرْ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، فَمِنْ ثَمَّ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْ حَرَج أنْ تَنَامَ إِذَا كُنْتَ قَدْ ذَكَرْتَ اللهَ)(4).
أقول: قد مضى بعض الأخبار المناسبة للباب في كتاب المعاد.
157 _ كِتَابُ الإمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ لِعَلِيَّ بْن بَابَوَيْهِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ هَذَا الأمْر مَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: (إِنْ كُنْتُمْ تُؤَمَّلُونَ أنْ يَجِيئَكُمْ مِنْ وَجْهٍ(5) فَلاَ تُنْكِرُونَهُ)(6).
وَمِنْهُ، عَنْ هَارُونَ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن .
ص: 285
عَلِيَّ بْن خَلَفٍ، عَنْ مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (ظُهُورُ الْبَوَاسِير وَمَوْتُ الْفُجَاءَةِ وَالْجُذَام مِنَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ)(1).
158 _ إقبال الأعمال: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ الْمَلاَحِم لِلْبَطَائِنيَّ: عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ: (اللهُ أجَلُّ وَأكْرَمُ وَأعْظَمُ مِنْ أنْ يَتْرُكَ الأرْضَ بِلاَ إِمَام عَادِلٍ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأخْبِرْني بِمَا أسْتَريحُ إِلَيْهِ، قَالَ: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ لَيْسَ يَرَى اُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَرَجاً أبَداً مَا دَامَ لِوُلْدِ بَنِي فُلاَنٍ مُلْكٌ حَتَّى يَنْقَرضَ مُلْكُهُمْ، فَإذَا انْقَرَضَ مُلْكُهُمْ أتَاحَ اللهُ لاُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِرَجُلٍ(2) مِنَّا أهْلَ الْبَيْتَ، يُشِيرُ بِالتُّقَى، وَيَعْمَلُ بِالْهُدَى، وَلاَ يَأخُذُ فِي حُكْمِهِ الرَّشَا.
وَاللهِ إِنّي لأعْرفُهُ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ، ثُمَّ يَأتِينَا الْغَلِيظُ الْقَصَرَةِ، ذُو الْخَال وَالشَّامَتَيْن، الْقَائِدُ الْعَادِلُ، الْحَافِظُ لِمَا اسْتُودِعَ، يَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مَلأهَا الْفُجَّارُ جَوْراً وَظُلْماً)(3).
159 _ أقُولُ: وَرُويَ فِي كِتَابِ سُرُور أهْل الإيمَان(4): عَن السَّيَّدِ عَلِيَّ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْزَم الأرْضَ وَلاَ تُحَرَّكْ يَداً وَلاَ رجْلاً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ، وَمَا أرَاكَ تُدْركُ ذَلِكَ، اخْتِلاَفٌ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَخَسْفٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّام بِالْجَابِيَةِ، وَنُزُولُ التُّرْكِ الْجَزيرَةَ وَنُزُولُ الرُّوم الرَّمْلَةَ، وَاخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ عِنْدَ ذَلِكَ فِيا.
ص: 286
كُلَّ أرْضٍ حَتَّى تَخْرَبَ الشَّامُ وَيَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ اجْتِمَاعَ ثَلاَثِ رَايَاتٍ فِيهِ: رَايَةِ الأصْهَبِ، وَرَايَةِ الأبْقَع، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيَّ).
160 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ، رَفَعَهُ إِلَى بُرَيْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَا بُرَيْدُ اتَّقِ جَمْعَ الأصْهَبِ)، قُلْتُ: وَمَا الأصْهَبُ؟ قَالَ: (الأبْقَعُ)، قُلْتُ: وَمَا الأبْقَعُ؟ قَالَ: (الأبْرَصُ، وَاتَّقِ السُّفْيَانِيَّ، وَاتَّقِ الشَّريدَيْن مِنْ وُلْدِ فُلاَنٍ يَأتِيَان مَكَّةَ، يَقْسِمَان بِهَا الأمْوَالَ، يَتَشَبَّهَان بِالْقَائِم عليه السلام، وَاتَّقِ الشُّذَّاذَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ).
قُلْتُ: وَيُريدُ بِالشُّذَّاذِ الزَّيْدِيَّةَ، لِضَعْفِ مَقَالَتِهِمْ وَأمَّا كَوْنُهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ لأنَّهُمْ مِنْ بَنِي فَاطِمَةَ.
161 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَيْر بْن مُسْلِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: قُلْنَا لِمُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ بَلَغَنَا أنَّ لآل فُلاَنٍ رَايَةً، وَلآل جَعْفَرٍ رَايَةً، فَهَلْ عِنْدَكُمْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: أمَّا رَايَةُ بَنِي جَعْفَرٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَأمَّا رَايَةُ بَنِي فُلاَنٍ (فَإنَّ) لَهُمْ مُلْكاً يُقَرَّبُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُبَعَّدُونَ فِيهِ الْقَريبَ، عُسْرٌ لَيْسَ فِيهِمْ يُسْرٌ، تُصِيبُهُمْ فِيهِ فَزَعَاتٌ وَرَعَدَاتٌ كُلُّ ذَلِكَ يَنْجَلِي عَنْهُمْ كَمَا يَنْجَلِي السَّحَابُ حَتَّى إِذَا أمِنُوا وَاطْمَأنُّوا وَظَنُّوا أنَّ مُلْكَهُمْ لاَ يَزُولُ فَيَصِيحُ فِيهِمْ صَيْحَةً فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ رَاع يَجْمَعُهُمْ، وَلاَ دَاع يُسْمِعُهُمْ (يَسْمَعُهُمْ)، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَْمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))(1).(2)ة.
ص: 287
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ لِذَلِكَ وَقْتٌ؟ قَالَ: لاَ، لأنَّ عِلْمَ اللهِ غَلَبَ وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً فَأتَمَّهَا بِعَشْرٍ، وَلَمْ يَعْلَمْهَا مُوسَى وَلَمْ تَعْلَمْهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا جَازَ الْوَقْتُ قَالُوا: غَرَّنَا مُوسَى، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ، وَلَكِنْ إِذَا كَثُرَتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ فِي النَّاس، وَأنْكَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا أمْرَ اللهِ صَبَاحاً وَمَسَاءً.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أمَّا الْفَاقَةُ فَقَدْ عَرَفْتُهَا، فَمَا إِنْكَارُ النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ قَالَ: يَلْقَى الرَّجُلُ صَاحِبَهُ فِي الْحَاجَةِ بِغَيْر الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ، وَيُكَلّمُهُ بِغَيْر اللّسَان الَّذِي كَانَ يُكَلّمُهُ فِيهِ...، وَالْخَبَرُ طَويلٌ وَقَدْ رُويَ عَنْ أئِمَّتِنَا عليهم السلام مِثْلُ ذَلِكَ(1).
وَبِإسْنَادِهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ الأزْدِيَّ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا سَدِيرُ الْزَمْ بَيْتَكَ وَكُنْ حِلْساً مِنْ أحْلاَسِهِ، وَاسْكُنْ مَا سَكَنَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَإذَا بَلَغَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ قَدْ خَرَجَ فَارْحَلْ(2) إِلَيْنَا وَلَوْ عَلَى رجْلِكَ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، وَأشَارَ بِيَدِهِ بِثَلاَثِ أصَابِعِهِ إِلَى الشَّام وَقَالَ: (ثَلاَثُ رَايَاتٍ: رَايَةٌ حَسَنِيَّةٌ، وَرَايَةٌ اُمَويَّةٌ، وَرَايَةٌ قَيْسِيَّةٌ، فَبَيْنَا هُمْ (عَلَى ذَلِكَ) إِذْ قَدْ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ فَيَحْصُدُهُمْ حَصْدَ الزَّرْع مَا رَأيْتَ مِثْلَهُ قَطُّ)(3).
162 _ وَبِإسْنَادِهِ: إِلَى ابْن مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَا جَابِرُ لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَشْمَلَ أهْلَ الْبِلاَدِ فِتْنَةٌ يَطْلُبُونَ ).
ص: 288
مِنْهَا الْمَخْرَجَ فَلاَ يَجِدُونَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ، قَتْلاَهُمْ فِيهَا عَلَى السَّريَّ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ).
163 _ وَبِإسْنَادِهِ: إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: (لاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ خَارجٌ مِنْ آل أبِي سُفْيَانَ يَمْلِكُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ كَحَمْل الْمَرْأةِ، وَلاَ يَكُونُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ وُلْدِ الشَّيْخ، فَيَسِيرُ حَتَّى يُقْتَلَ بِبَطْن النَّجَفِ، فَوَ اللهِ كَأنّي أنْظُرُ إِلَى رمَاحِهِمْ وَسُيُوفِهِمْ وَأمْتِعَتِهِمْ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَان النَّجَفِ، يَوْمَ الاثْنَيْن، وَيُسْتَشْهَدَ يَوْمَ الأرْبعَاءِ).
164 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن عَاصِم الْحَافِظِ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِاخْتِلاَفِ الشَّام فِيمَا بَيْنَهُمْ فَالْهَرَبَ مِنَ الشَّام فَإِنَّ الْقَتْلَ بِهَا وَالْفِتْنَةَ)، قُلْتُ: إِلَى أيَّ الْبِلاَدِ؟ فَقَالَ: (إِلَى مَكَّةَ، فَإنَّهَا خَيْرُ بِلاَدٍ يَهْرُبُ النَّاسُ إِلَيْهَا)، قُلْتُ: فَالْكُوفَةُ؟ قَالَ: (الْكُوفَةُ مَا ذَا يَلْقَوْنَ؟ يُقْتَلُ الرَّجَالُ إِلاَّ شَامِيٌّ، وَلَكِنَّ الْوَيْلَ لِمَنْ كَانَ فِي أطْرَافِهَا، مَا ذَا يَمُرُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أذًى بِهِمْ، وَتُسْبَى بِهَا رجَالٌ وَنسَاءٌ، وَأحْسَنُهُمْ حَالاً مَنْ يَعْبُرُ الْفُرَاتَ وَمَنْ لاَ يَكُونُ شَاهِداً بِهَا)، قَالَ: فَمَا تَرَى فِي سُكَّان سَوَادِهَا؟ فَقَالَ بِيَدِهِ يَعْنِي لاَ.
ثُمَّ قَالَ: (الْخُرُوجُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الْمُقَام فِيهَا)، قُلْتُ: كَمْ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ نَهَارٍ)، قُلْتُ: مَا حَالُ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ؟ قَالَ: (لَيْسَ عَلَيْهِمْ بَأسٌ أمَّا إِنَّهُمْ سَيُنْقِذُهُمْ أقْوَامٌ مَا لَهُمْ عِنْدَ أهْل الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ قَدْرٌ أمَا لاَ يَجُوزُونَ بِهِمُ الْكُوفَةَ).
165 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ رَجَبٍ، قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرٌ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُعَظّمُهُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ الشَّهْرَ الأصَمَّ)، قُلْتُ: شَعْبَانُ، قَالَ: (تَشَعَّبَتْ فِيهِ
ص: 289
الاُمُورُ)، قُلْتُ: رَمَضَانُ، قَالَ: (شَهْرُ اللهُ تَعَالَى وَفِيهِ يُنَادَى بِاسْم صَاحِبكُمْ وَاسْم أبِيهِ)، قُلْتُ: فَشَوَّالٌ، قَالَ: (فِيهِ يَشُولُ أمْرُ الْقَوْم)، قُلْتُ: فَذُو الْقَعْدَةِ، قَالَ: (يَقْعُدُونَ فِيهِ)، قُلْتُ: فَذُو الْحِجَّةِ، قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرُ الدَّم)، قُلْتُ: فَالْمُحَرَّمُ، قَالَ: (يُحَرَّمُ فِيهِ الْحَلاَلُ وَيُحَلُّ فِيهِ الْحَرَامُ)، قُلْتُ: صَفَرٌ وَرَبِيعٌ، قَالَ: (فِيهَا خِزْيٌ فَظِيعٌ وَأمْرٌ عَظِيمٌ)، قُلْتُ: جُمَادَى، قَالَ: (فِيهَا الْفَتْحُ مِنْ أوَّلِهَا إِلَى آخِرهَا).
166 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ؟ قَالَ: (تُغَيَّبُ الرَّجَالُ وُجُوهَهَا مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْعِيَال بَأسٌ، فَإذَا ظَهَرَ عَلَى الأكْوَار الْخَمْس يَعْنِي كُوَرَ الشَّام فَانْفِرُوا إِلَى صَاحِبكُمْ).
167 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ إِسْحَاقَ يَرْفَعُهُ إِلَى الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ لِلنَّاس: (سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني لأنّي بِطُرُقِ السَّمَاءِ أعْلَمُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَبِطُرُقِ الأرْض أعْلَمُ مِنَ الْعَالِم، أنَا يَعْسُوبُ الدَّين، أنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَدَيَّانُ النَّاس يَوْمَ الدَّين، أنَا قَاسِمُ النَّار، وَخَازنُ الْجِنَان، وَصَاحِبُ الْحَوْض وَالْمِيزَان، وَصَاحِبُ الأعْرَافِ، فَلَيْسَ مِنَّا إِمَامٌ إِلاَّ وَهُوَ عَارفٌ بِجَمِيع أهْل وَلاَيَتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ))(1).
ألاَ أيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني (فَإنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْماً جَمّاً، فَسَلُوني قَبْلَ أنْ)(2) تَشْغَرَ بِرجْلِهَا فِتْنَةٌ شَرْقِيَّةٌ وَتَطَأ فِي خِطَامِهَا بَعْدَ ة.
ص: 290
مَوْتِهَا وَحَيَاتِهَا وَتُشَبَّ نَارٌ بِالْحَطَبِ الْجَزْل مِنْ غَرْبيَّ الأرْض، رَافِعَةً ذَيْلَهَا، تَدْعُو يَا وَيْلَهَا لِرَحْلِهِ وَمِثْلِهَا، فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، قُلْتُمْ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ فَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1).
وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلاَمَاتٌ، أوَّلُهُنَّ إِحْصَارُ الْكُوفَةِ بِالرَّصَدِ وَالْخَنْدَقِ، وَتَخْريقُ الرَّوَايَا فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ، وَتَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَشْفُ الْهَيْكَل، وَخَفْقُ رَايَاتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ الأكْبَر تَهْتَزُّ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار، وَقَتْلٌ سَريعٌ، وَمَوْتٌ ذَريعٌ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَالْمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَقَتْلُ الأسْقَع صَبْراً فِي بَيْعَةِ الأصْنَام.
وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ بِرَايَةٍ حَمْرَاءَ أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَلْبٍ، وَاثْنَيْ (اثْنَا) عَشَرَ ألْفَ عَنَانٍ مِنْ خَيْل السُّفْيَانِيَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: خُزَيْمَةُ، أطْمَسُ(2) الْعَيْن، الشّمَال عَلَى عَيْنهِ ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ(3)، يَتَمَثَّلُ بِالرَّجَال، لاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ حَتَّى يَنْزلَ الْمَدِينَةَ فِي دَارٍ يُقَالُ لَهَا: دَارُ أبِي الْحَسَن الاُمَويَّ، وَيَبْعَثُ خَيْلاً فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنْ آل مُحَمَّدٍ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الشّيعَةِ يَعُودُ إِلَى مَكَّةَ، أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ إِذَا تَوَسَّطَ الْقَاعَ الأبْيَضَ خُسِفَ بِهِمْ فَلاَ يَنْجُو إِلاَّ رَجُلٌ يُحَوَّلُ اللهُ ).
ص: 291
وَجْهَهُ إِلَى قَفَاهُ لِيُنْذِرَهُمْ، وَيَكُونَ آيَةً لِمَنْ خَلْفَهُمْ، وَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))(1).
وَيَبْعَثُ مِائَةً وَثَلاَثِينَ ألْفاً إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَنْزلُونَ الرَّوْحَاءَ وَالْفَارقَ، فَيَسِيرُ مِنْهَا سِتُّونَ ألْفاً حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ مَوْضِعَ قَبْر هُودٍ عليه السلام بِالنُّخَيْلَةِ، فَيَهْجُمُونَ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الزَّينَةِ وَأمِيرُ النَّاس جَبَّارٌ عَنِيدٌ، يُقَالُ لَهُ: الْكَاهِنُ السَّاحِرُ، فَيَخْرُجُ مِنْ مَدِينَةِ الزَّوْرَاءِ إِلَيْهِمْ أمِيرٌ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْكَهَنَةِ، وَيَقْتُلُ عَلَى جِسْرهَا سَبْعِينَ ألْفاً حَتَّى تَحَمَّى النَّاسُ مِنَ الْفُرَاتِ ثَلاَثَةَ أيَّام مِنَ الدَّمَاءِ وَنَتْن الأجْسَادِ، وَيُسْبَى مِنَ الْكُوفَةِ سَبْعُونَ ألْفَ بِكْرٍ، لاَ يُكْشَفُ عَنْهَا كَفٌّ وَلاَ قِنَاعٌ، حَتَّى يُوضَعْنَ فِي الْمَحَامِل، وَيَذْهَبَ بِهِنَّ إِلَى الثُّوَيَّةِ وَهِيَ الْغَريُّ.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ مِائَةُ ألْفٍ مَا بَيْنَ مُشْركٍ وَمُنَافِقٍ، حَتَّى يَقْدَمُوا دِمَشْقَ لاَ يَصُدُّهُمْ عَنْهَا صَادٌّ، وَهِيَ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، وَتُقْبِلُ رَايَاتٌ مِنْ شَرْقِيَّ الأرْض غَيْرَ مُعْلَمَةٍ، لَيْسَتْ بِقُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلاَ حَريرٍ، مَخْتُومٌ فِي رَأس الْقَنَاةِ بِخَاتَم السَّيَّدِ الأكْبَر يَسُوقُهَا رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ تَظْهَرُ بِالْمَشْرقِ، وَتُوجَدُ ريحُهَا بِالْمَغْربِ كَالْمِسْكِ الأذْفَر يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهَا بِشَهْرٍ حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ طَالِبينَ بِدِمَاءِ آبَائِهِمْ.
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أقْبَلَتْ خَيْلُ الْيَمَانِيَّ وَالْخُرَاسَانِيَّ يَسْتَبِقَان كَأنَّهُمَا فَرَسَيْ رهَانٍ شُعْثٌ غُبْرٌ جُرْدٌ أصْلاَبُ نَوَاطِي وَأقْدَاحٍ إِذَا نَظَرْتَ أحَدَهُمْ بِرجْلِهِ بَاطِنهِ(2)، فَيَقُولُ: لاَ خَيْرَ فِي مَجْلِسِنَا بَعْدَ يَوْمِنَا هَذَا اللهُمَّ فَإنَّا ه.
ص: 292
التَّائِبُونَ، وَهُمُ الأبْدَالُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزيز: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))(1)، وَنُظَرَاؤَهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ.
وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل نَجْرَانَ يَسْتَجِيبُ لِلإمَام، فَيَكُونُ أوَّلَ النَّصَارَى إِجَابَةً فَيَهْدِمُ بِيعَتَهُ، وَيَدُقُّ صَلِيبَهُ، فَيَخْرُجُ بِالْمَوَالِي وَضُعَفَاءِ النَّاس، فَيَسِيرُونَ إِلَى النُّخَيْلَةِ بِأعْلاَم هُدًى، فَيَكُونُ مَجْمَعُ النَّاس جَمِيعاً فِي الأرْض كُلّهَا بِالْفَارُوقِ فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ ألْفٍ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(2) بِالسَّيْفِ.
وَيُنَادِي مُنَادٍ فِي شَهْر رَمَضَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرقِ عِنْدَ الْفَجْر: يَا أهْلَ الْهُدَى اجْتَمِعُوا! وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَل الْمَغْربِ بَعْدَ مَا يَغِيبُ الشَّفَقُ: يَا أهْلَ الْبَاطِل اجْتَمِعُوا!
وَمِنَ الْغَدِ عِنْدَ الظُّهْر تَتَلَوَّنُ الشَّمْسُ وَتَصْفَرُّ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَيَوْمَ الثَّالِثِ يُفَرَّقُ اللهُ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، وَتَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض، وَتُقْبِلُ الرُّومُ إِلَى سَاحِل الْبَحْر عِنْدَ كَهْفِ الْفِتْيَةِ، فَيَبْعَثُ اللهُ الْفِتْيَةَ مِنْ كَهْفِهِمْ مَعَ كَلْبِهِمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيخَا، وَآخَرُ خملاها، وَهُمَا الشَّاهِدَان الْمُسْلِمَان لِلْقَائِم عليه السلام).
168 _ العدد القويّة: قَالَ سَلْمَانُ الْفَارسِيُّ رضي الله عنه: أتَيْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام خَالِيا(3) فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَتَى الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِكَ؟ ة.
ص: 293
فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَقَالَ: (لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَكُونَ اُمُورُ الصّبْيَان، وَيَضِيعَ(1) حُقُوقُ الرَّحْمَن، وَيَتَغَنَّى بِالْقُرْآن فَإذَا قُتِلَتْ مُلُوكُ بَنِي الْعَبَّاس اُولِي الْعَمَى وَالِالْتِبَاس، أصْحَابِ الرَّمْي عَن الأقْوَاس بِوُجُوهٍ كَالتّرَاس، وَخَربَتِ الْبَصْرَةُ، هُنَاكَ يَقُومُ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)(2).
169 _ العدد القويّة: قَدْ ظَهَرَ مِنَ الْعَلاَمَاتِ عِدَّةٌ كَثِيرَةٌ مِثْلُ خَرَابِ حَائِطِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَتْل أهْل مِصْرَ أمِيرَهُمْ، وَزَوَال مُلْكِ بَنِي الْعَبَّاس عَلَى يَدِ رَجُلٍ خَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَا مُلْكُهُمْ، وَمَوْتِ عَبْدِ اللهِ آخِر مُلُوكِ بَني الْعَبَّاس، وَخَرَابِ الشَّامَاتِ، وَمَدَّ الْجِسْر مِمَّا يَلِي الْكَرْخَ بِبَغْدَادَ، كُلُّ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَانْشِقَاقِ الْفُرَاتِ وَسَيَصِلُ الْمَاءُ إِنْ شَاءَ اللهُ إِلَى أزقَّةِ الْكُوفَةِ)(3).
170 _ أمالي الطوسي: الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن وَهْبَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الزَّعْفَرَانِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَذَكَرَ السُّفْيَانِيَّ فَقَالَ: (أمَّا الرَّجَالُ فَتُوَاري وُجُوهَهَا عَنْهُ وَأمَّا النّسَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ بَأسٌ.
وَبهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ طَالِبُ الْحَقَّ قِيلَ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: تَرْجُو(4) أنْ يَكُونَ هَذَا الْيَمَانِيَّ؟ فَقَالَ: (لاَ، الْيَمَانِيُّ يَتَوَالَى عَلِيّاً وَهَذَا يَبْرَاُ مِنْهُ)(5).5.
ص: 294
وَبِهَذَا الإسْنَادِ عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْيَمَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُ كَفَرَسَيْ رهَانٍ)(1).
171 _ أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ أحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي كِتَابِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرهِ فِي غَيْرهِ بِأسَانِيدِهِمْ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَوْمُ النَّيْرُوز هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ وَوُلاَةَ الأمْر، وَيُظْفِرُهُ اللهُ تَعَالَى بِالدَّجَّال فَيَصْلِبُهُ عَلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ)(2).
172 _ كِتَابُ الْمُحْتَضَر لِلْحَسَن بْن سُلَيْمَانَ: نَقْلاً مِنْ كِتَابِ الْمِعْرَاج لِلشَّيْخ الصَّالِح أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن، بِإسْنَادِهِ عَن الصَّدُوقِ(3)، عَن ابْن إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن آدَمَ النَّسَائِيَّ، عَنْ أبِيهِ آدَمَ بْن أبِي إِيَاسٍ، عَن الْمُبَارَكِ بْن فَضَالَةَ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبَّهٍ رَفَعَهُ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّهُ لَمَّا عُرجَ بِي رَبَّي جلّ جلاله، أتَانِي النّدَاءُ: يَا مُحَمَّدُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّ الْعَظَمَةِ لَبَّيْكَ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلاَ الأعْلَى؟ قُلْتُ: إِلَهِي لاَ عِلْمَ لِي، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ! هَل اتَّخَذْتَ مِنَ الآدَمِيَّينَ وَزيراً وَأخاً وَوَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَنْ أتَّخِذُ تَخَيَّرْ أنْتَ لِي يَا إِلَهِي.
فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ مِنَ الآدَمِيَّينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ، فَقُلْتُ إِلَهِي ابْنُ عَمَّي؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ عَلِيّاً وَارثُكَ ة.
ص: 295
وَوَارثُ الْعِلْم مِنْ بَعْدِكَ، وَصَاحِبُ لِوَائِكَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَصَاحِبُ حَوْضِكَ، يَسْقِي مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِنِي اُمَّتِكَ.
ثُمَّ أوْحَى إِلَيَّ أنَّي قَدْ أقْسَمْتُ عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقّاً لاَ يَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْحَوْض مُبْغِضٌ لَكَ وَلأهْل بَيْتِكَ وَذُرَّيَّتِكَ الطَّيَّبِينَ، حَقّاً (حَقّاً) أقُولُ يَا مُحَمَّدُ! لاَدْخِلَنَّ الْجَنَّةَ جَمِيعَ اُمَّتِكَ إِلاَّ مَنْ أبَى.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَأحَدٌ يَأبَى دُخُولَ الْجَنَّةِ؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: بَلَى يَأبَى، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَأبَى؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ اخْتَرْتُكَ مِنْ خَلْقِي وَاخْتَرْتُ لَكَ وَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدَكَ، وَألْقَيْتُ مَحَبَّتَهُ فِي قَلْبِكَ، وَجَعَلْتُهُ أباً لِوُلْدِكَ، فَحَقُّهُ بَعْدَكَ عَلَى اُمَّتِكَ، كَحَقّكَ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِكَ فَمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ جَحَدَ حَقَّكَ، وَمَنْ أبَى أنْ يُوَالِيَهُ فَقَدْ أبَى أنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ.
فَخَرَرْتُ للهِ عزّ وجل سَاجِداً شُكْراً لِمَا أنْعَمَ عَلَيَّ، فَإذَا مُنَادٍ يُنَادِي: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأسَكَ! سَلْنِي اُعْطِكَ، فَقُلْتُ: إِلَهِي اجْمَعْ اُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَلَى وَلاَيَةِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ، لِيَردُوا عَلَيَّ جَمِيعاً حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنّي قَدْ قَضَيْتُ فِي عِبَادِي قَبْلَ أنْ أخْلُقَهُمْ وَقَضَائِي مَاضٍ فِيهِمْ، لاَهْلِكُ بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَأهْدِي بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَقَدْ آتَيْتُهُ عِلْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ وَزيرَكَ، وَخَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى أهْلِكَ وَاُمَّتِكَ، عَزيمَةً مِنَّي: لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أبْغَضَهُ وَعَادَاهُ وَأنْكَرَ وَلاَيَتَهُ مِنْ بَعْدِكَ، فَمَنْ أبْغَضَهُ أبْغَضَكَ، وَمَنْ أبْغَضَكَ أبْغَضَنِي، وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَاكَ، وَمَنْ عَادَاكَ فَقَدْ عَادَانِي، وَمَنْ أحَبَّهُ فَقَدْ أحَبَّكَ، وَمَنْ أحَبَّكَ فَقَدْ أحَبَّنِي.
وَقَدْ جَعَلْتُ (لَهُ) هَذِهِ الْفَضِيلَةَ، وَأعْطَيْتُكَ أنْ اُخْرجَ مِنْ صُلْبِهِ أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً، كُلُّهُمْ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ، مِنَ الْبِكْر الْبَتُول، آخِرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُصَلّي
ص: 296
خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً. اُنْجِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَأهْدِي بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَاُبْرئُ بِهِ الأعْمَى، وَأشْفِي بِهِ الْمَريضَ.
قُلْتُ: إِلَهِي فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَأوْحَى إِلَيَّ عزّ وجل: يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ، وَظَهَرَ الْجَهْلُ، وَكَثُرَ الْقُرَّاءُ، وَقَلَّ الْعَمَلُ، وَكَثُرَ الْفَتْكُ(1)، وَقَلَّ الْفُقَهَاءُ الْهَادُونَ، وَكَثُرَ فُقَهَاءُ الضَّلاَلَةِ الْخَوَنَةُ، وَكَثُرَ الشُّعَرَاءُ.
وَاتَّخَذَ اُمَّتُكَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ، وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَزُخْرُفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَكَثُرَ الْجَوْرُ وَالْفَسَادُ، وَظَهَرَ الْمُنْكَرُ، وَأمَرَ اُمَّتُكَ بِهِ، وَنَهَوْا عَن الْمَعْرُوفِ، وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَال، وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَصَارَتِ الاُمَرَاءُ كَفَرَةً، وَأوْلِيَاؤُهُمْ فَجَرَةً، وَأعْوَانُهُمْ ظَلَمَةً، وَذَوُو الرَّأيِ مِنْهُمْ فَسَقَةً.
وَعِنْدَ (ذَلِكَ) ثَلاَثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْربِ، وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ، وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ يَتْبَعُهُ الزُّنُوجُ، وَخُرُوجُ وَلَدٍ مِنْ وُلْدِ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام، وَظُهُورُ الدَّجَّال يَخْرُجُ بِالْمَشْرقِ مِنْ سِجِسْتَانَ، وَظُهُورُ السُّفْيَانِيَّ.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَا يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْفِتَن؟ فَأوْحَى إِلَيَّ وَأخْبَرَني بِبَلاَءِ بَني اُمَيَّةَ، وَفِتْنَةِ وُلْدِ عَمَّي، وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، فَأوْصَيْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَمَّي حِينَ هَبَطْتُ إِلَى الأرْض، وَأدَّيْتُ الرَّسَالَةَ، فَللهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا حَمِدَهُ النَّبِيُّونَ، وَكَمَا حَمِدَهُ كُلُّ شَيْءٍ قَبْلِي، وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)(2).ا.
ص: 297
173 _ نهج البلاغة: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ وَلاَ يُطَرَّفُ (يُظَرَّفُ) فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَلاَ يُضَعَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ فِيهِ غُرْماً، وَصِلَةَ الرَّحِم مَنّاً، وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاس. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الإمَاءِ(1)، وَإِمَارَةِ الصّبْيَان، وَتَدْبِير الْخِصْيَان)(2).
بيان: قوله عليه السلام: (إلاَّ الماحل) أي يقرب الملوك وغيرهم إليهم السعاة إليهم بالباطل، والواشين والنمّامين مكان أصحاب الفضائل، وفي بعض النسخ: (الماجن) وهو أن لا يبالي ما صنع.
(ولا يطرف) بالمهملة أي لا يعد طريفاً، فإنَّ الناس يميلون إلى الطريف المستحدث، وبالمعجمة أي لا يعد ظريفاً كيّساً، (ولا يضعف) أي يعدونه ضعيف الرأي والعقل، أو يتسلّطون عليه، وفي النهاية: في حديث أشراط الساعة: (والزكاة مغرماً) أي يرى ربّ المال أنَّ إخراج زكاته غرامة يغرمها(3).
* * * 3.
ص: 298
ص: 299
ص: 300
1 _ الخصال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ...) الْخَبَرَ(1).
2 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الأشْعَريَّ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي وَصْفِ الْحَجَر وَالرُّكْن الَّذِي وُضِعَ فِيهِ قَالَ عليه السلام: (وَمِنْ ذَلِكَ الرُّكْن يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام فَأوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّيْرُ، وَهُوَ وَاللهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَإِلَى ذَلِكَ الْمَقَام يُسْنِدُ ظَهْرَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِم، وَهُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافَى ذَلِكَ الْمَكَانَ...)(2) تَمَامَ الْخَبَر.
3 _ الاحتجاج: حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ سَدِير بْن حُكَيْم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ عَقِيصَ(3)، عَن الْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: (مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ وَيَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلاَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يُخْفِي ولاَدَتَهُ وَيُغَيَّبُ شَخْصَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ ذَلِكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أخِي ).
ص: 301
الْحُسَيْن ابْن سَيَّدَةِ الإمَاءِ، يُطِيلُ اللهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابًّ ذو أرْبَعِينَ سَنَةً، ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أنَّ اللهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(1).
4 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ وَأحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويَّ عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَنْ يَحْيَى بْن مَيْسَرَةَ الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (((حم) * عسق)) عِدَادُ(2) سِنِي الْقَائِم، وَ((ق)) جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زُمُرُّدٍ أخْضَرَ فَخُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَل، وَعِلْمُ كُلّ شَيْءٍ فِي ((عسق)))(3).
5 _ قرب الإسناد: ابْنُ سَعْدٍ، عَن الأزْدِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَأبُو بَصِيرٍ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزيز مَعَنَا فَقُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أنْتَ صَاحِبُنَا؟ فَقَالَ: (إِنّي لَصَاحِبكُمْ!؟)، ثُمَّ أخَذَ جِلْدَةَ عَضُدِهِ فَمَدَّهَا فَقَالَ: (أنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَصَاحِبُكُمْ شَابٌّ حَدَثٌ)(4).
إيضاح: قوله: (إنّي لصاحبكم) استفهام إنكاري ويحتمل أن يكون المعنى: إنّي إمامكم لكن لست بالقائم الذي أردتم.
6 _ الاحتجاج: عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبٍ الْجُهَنِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ، عَنْ أبِيهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: (يَبْعَثُ اللهُ رَجُلاً فِي آخِر الزَّمَان، وَكَلَبٍ مِنَ الدَّهْر وَجَهْلٍ مِنَ النَّاس يُؤَيَّدُهُ اللهُ بِمَلاَئِكَتِهِ وَيَعْصِمُ أنْصَارَهُ وَيَنْصُرُهُ بِآيَاتِهِ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الأرْض، حَتَّى يَدِينُوا طَوْعاً أوْ كَرْهاً 2.
ص: 302
يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً وَبُرْهَاناً يَدِينُ لَهُ عَرْضُ الْبِلاَدِ وَطُولُهَا، لاَ يَبْقَى كَافِرٌ إِلاَّ آمَنَ، وَلاَ طَالِحٌ إِلاَّ صَلَحَ، وَتَصْطَلِحُ فِي مُلْكِهِ السَّبَاعُ، وَتُخْرجُ الأرْضُ نَبْتَهَا، وَتُنْزلُ السَّمَاءُ بَرَكَتَهَا، وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ يَمْلِكُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن أرْبَعِينَ عَاماً، فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ أيَّامَهُ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ)(1).
بيان: الأخبار المختلفة الواردة في أيام ملكه عليه السلام بعضها محمول على جميع مدّة ملكه وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة والله يعلم.
7 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن سُلَيْمَانَ الدَّهَاويَّ(2)، عَنْ مُعَاويَةَ بْن هِشَام، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ ابْن الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ)، وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: (يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ)(3).
8 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، (عَن ابْن هَمَّام)(4)، عَنْ جَعْفَر بْن ه.
ص: 303
مَالِكٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَارثِ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ قَالَ: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(1))(2).
9 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ جَمِيعاً، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِرٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسَاورٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويهَ أمَا وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ إِمَامُكُمْ سِنِيناً مِنْ دَهْركُمْ وَلَيُمَحَّصُ(3) حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَلَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ الْمُؤْمِنينَ وَلَتُكْفَؤُنَّ كَمَا تُكْفَاُ السُّفُنُ فِي أمْوَاج الْبَحْر، فَلاَ يَنْجُو إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ، وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الإيمَانَ، وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ، وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً، لاَ يُدْرَى أيٌّ مِنْ أي).
قَالَ: فَبَكَيْتُ، فَقَالَ (لِي): (مَا يُبْكِيكَ يَا بَا عَبْدِ اللهِ؟)، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ لاَ أبْكِي وَأنْتَ تَقُولُ: (تُرْفَعُ(4) اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لاَ يُدْرَى أيٌّ مِنْ أيًّ) فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: (يَا بَا ر.
ص: 304
عَبْدِ اللهِ تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (وَاللهِ لأمْرُنَا أبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْس)(1).
الغيبة للطوسي: أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة، عن ابن شاذان، عن ابن أبي نجران، مثله(2).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك والحميري معاً، عن ابن أبي الخطاب ومحمّد بن عيسى وعبد الله بن عامر جميعاً، عن ابن أبي نجران، مثله(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن ابن أبي نجران، مثله(4).
بيان: اللتنويه: التشهير أي لا تشهروا أنفسكم، أو لا تدعوا الناس إلى دينكم أو لا تشهروا ما نقول لكم من أمر القائم عليه السلام وغيره ممّا يلزم إخفاؤه عن المخالفين.
و(ليمحص) على بناء التفعيل المجهول من التمحيص، بمعنى الابتلاء والاختبار ونسبته إليه عليه السلام على المجاز، أو على بناء المجرد المعلوم، من محص الظبي(5) _ كمنع _ إذا عدا، ومحص مني: أي هرب، وفي بعض نسخ الكافي على بناء المجهول المخاطب، من التفعيل مؤكّداً بالنون، وهو أظهر، وقد مرَّ في النعماني: (وليخملن).ف.
ص: 305
ولعلَّ المراد بأخذ الميثاق قبوله يوم أخذ الله ميثاق نبيه وأهل بيته، مع ميثاق ربوبيته، كما مرَّ في الأخبار، و(كتب في قلبه الإيمان) إشارة إلى قوله تعالى: ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِْيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ))(1) والروح هو روح الإيمان كما مرَّ.
((مشتبهة) أي على الخلق أو متشابهة يشبه بعضها بعضاً ظاهراً، و(لا يدرى) على بناء المجهول، و(أيٌّ) مرفوع به، أي لا يدرى أيّ منها حقّ متميّزاً من أيّ منها هو باطل. فهو تفسير للاشتباه، وقيل: (أي) مبتدأ و(من أيّ) خبره أي كلّ راية منها لا يعرف كونه من أيّ جهة؟ من جهة الحقّ؟ أو من جهة الباطل؟ وقيل: لا يدرى أيّ رجل من أيّ راية، لتبدو النظام منهم، والأوّل أظهر).
10 _ كمال الدين: السَّنَانِيُّ(2)، عَن الأسَدِيَّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مُوسَى عليهم السلام: إِنّي لأرْجُو أنْ تَكُونَ الْقَائِمَ مِنْ أهْل بَيْتِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَقَالَ عليه السلام: (يَا أبَا الْقَاسِم مَا مِنَّا إِل(3) قَائِمٌ بِأمْر اللهِ عزّ وجل وَهَادٍ إِلَى دِينِهِ، وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهَّرُ اللهُ بِهِ الأرْضَ مِنْ أهْل الْكُفْر وَالْجُحُودِ، وَيَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ، وَهُوَ سَمِيُّ رَسُول اللهِ وَكَنِيُّهُ،).
ص: 306
وَهُوَ الَّذِي تُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَيَذِلُّ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ(1) أصْحَابُهُ عِدَّةَ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أقَاصِي الأرْض، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(2).
فَإذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أهْل الإخْلاَص أظْهَرَ أمْرَهُ، فَإذَا اُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ بِإذْن اللهِ عزّ وجل فَلاَ يَزَالُ يَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ عزّ وجل).
قَالَ عَبْدُ الْعَظِيم: فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي وَكَيْفَ يَعْلَمُ أنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ؟
قَالَ: (يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ، فَإذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ أخْرَجَ اللاَّتَ وَالْعُزَّى فَأحْرَقَهُمَا)(3).
الاحتجاج: عن عبد العظيم، مثله(4).
بيان: يعني باللات والعزى صنمي قريش أبا بكر وعمر.
11 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ تَفْسِير جَابِرٍ فَقَالَ: (لاَ تُحَدَّثْ بِهِ السَّفِلَةَ فَيُذِيعُونَهُ أمَا تَقْرَاُ كِتَابَ اللهِ: ((فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ))(5) إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً فَإذَا أرَادَ اللهُ إِظْهَارَ أمْرهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً فَظَهَرَ فَقَامَ بِأمْر اللهِ)(6).6.
ص: 307
رجال الكشي: آدم بن محمّد البلخي، عن عليّ بن الحسن بن هارون الدقّاق، عن عليّ بن أحمد، عن أحمد بن عليّ بن سليمان، عن ابن فضال، عن عليّ بن حسان، عن المفضّل مثله(1).
بيان: ذكر الآية لبيان أنَّ في زمانه عليه السلام يمكن إظهار تلك الأمور أو استشهاد بأنَّ من تفاسيرنا ما لا يحتمله عامّة الخلق مثل تفسير تلك الآية.
12 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أسَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُعَمَّرٍ الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن فُضَيْلٍ، عَن الْكَلْبِيَّ، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(2)، قَالَ: (هَذِهِ نَزَلَتْ فِينَا وَفِي بَنِي اُمَيَّةَ تَكُونُ لَنَا دَوْلَةٌ تَذِلُّ أعْنَاقُهُمْ لَنَا بَعْدَ صُعُوبَةٍ وَهَوَانٍ بَعْدَ عِزّ)(3).
13 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ ...)) الآيَةَ، قَالَ: (نَزَلَتْ فِي قَائِم آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يُنَادَى بِاسْمِهِ مِنَ السَّمَاءِ)(4).
14 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أبِي ق.
ص: 308
عُثْمَانَ، عَنْ مُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: انْتَظِرُوا الْفَرَجَ فِي ثَلاَثٍ، قِيلَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: اخْتِلاَفُ أهْل الشَّام بَيْنَهُمْ، وَالرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ خُرَاسَانَ، وَالْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا الْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ؟ قَالَ: أمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل فِي الْقُرْآن: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(1) قَالَ: إِنَّهُ يُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا وَيَسْتَيْقِظُ النَّائِمَ وَيُفْزعُ الْيَقْظَانَ)(2).
15 _ الغيبة للطوسي: الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْمُثَنَّى الْحَنَّاطِ، عَن الْحَسَن بْن زيَادٍ الصَّيْقَل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ لاَ يَقُومُ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ تَسْمَعُ الْفَتَاةُ فِي خِدْرهَا، وَيَسْمَعُ أهْلُ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3))(4).
16 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الأنْصَاريَّ، عَن الْهَرَويَّ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: مَا عَلاَمَةُ الْقَائِم عليه السلام مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ؟ قَالَ: (عَلاَمَتُهُ أنْ يَكُونَ شَيْخَ السَّنَّ شَابَّ الْمَنْظَر، حَتَّى إِنَّ النَّاظِرَ إِلَيْهِ لَيَحْسَبُهُ ابْنَ أرْبَعِينَ سَنَةً أوْ دُونَهَا وَإِنَّ مِنْ عَلاَمَتِهِ(5) أنْ لاَ يَهْرَمَ بِمُرُور الأيَّام وَاللَّيَالِي عَلَيْهِ حَتَّى يَأتِيَ أجَلُهُ)(6).2.
ص: 309
17 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازيَّ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَخْرُجُ الْقَائِمُ عليه السلام يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ الْيَوْمَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام)(1).
18 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يُبَايِعُ الْقَائِمَ عليه السلام جَبْرَئِيلُ عليه السلام يَنْزلُ فِي صُورَةِ طَيْرٍ أبْيَضَ فَيُبَايِعُهُ ثُمَّ يَضَعُ رجْلاً عَلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَام، وَرجْلاً عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِس ثُمَّ يُنَادِي بِصَوْتٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ تَسْمَعُهُ الْخَلاَئِقُ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(2))(3).
تفسير العياشي: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله، وفي رواية أخرى عن أبي جعفر عليه السلام، نحوه(4).
19 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سَيَأتِي فِي مَسْجِدِكُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً _ يَعْنِي مَسْجِدَ مَكَّةَ _ يَعْلَمُ أهْلُ مَكَّةَ أنَّهُ لَمْ يَلِدُ(هُمْ)(5) آبَاؤُهُمْ وَلاَ أجْدَادُهُمْ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ، مَكْتُوبٌ عَلَى كُلَّ سَيْفٍ كَلِمَةٌ تَفْتَحُ ألْفَ كَلِمَةٍ، فَيَبْعَثُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ريحاً فَتُنَادِي بِكُلّ وَادٍ: هَذَا الْمَهْدِيُّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام لاَ يُريدُ عَلَيْهِ بَيَّنَةً)(6).9.
ص: 310
20 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(1) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا ألْفُ كَلِمَةٍ كُلُّ كَلِمَةٍ مِفْتَاحُ ألْفِ كَلِمَةٍ)(2).
21 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْمُفْتَقَدِينَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم عليه السلام، قَوْلُهُ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3) إِنَّهُمْ لَمُفْتَقَدُونَ(4) عَنْ فُرُشِهِمْ لَيْلاً فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ وَبَعْضُهُمْ يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَارا(5) يُعْرَفُ اسْمُهُ(6) وَاسْمُ أبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ)، قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّهُمْ أعْظَمُ إِيمَاناً؟ قَالَ: (الَّذِي يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً)(7).
22 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْن طَرْخَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُمَرَ بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ وَلِيَّ اللهِ يُعَمَّرُ عُمُرَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيل عِشْرينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، وَيَظْهَرُ فِي صُورَةِ فَتًى مُوَفَّقٍ ابْن ثَلاَثِينَ سَنَةً)(8).7.
ص: 311
الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرهِ: (حَتَّى تَرْجِعَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاس، يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(1).
بيان: لعلَّ المراد عمره في ملكه وسلطنته أو هو ممّا بدا لله فيه.
23 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْعَاقُولِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لَوْ خَرَجَ الْقَائِمُ لَقَدْ أنْكَرَهُ النَّاسُ، يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابّاً مُوَفَّقاً فَلاَ يَلْبَثُ عَلَيْهِ إِلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرَّ الأوَّل)(2).
24 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(3) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ(4).
قَالَ: وَفِي غَيْر هَذِهِ الرَّوَايَةِ أنَّهُ عليه السلام قَالَ: (وَإِنَّ مِنْ أعْظَم الْبَلِيَّةِ أنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ شَابّاً وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ شَيْخاً كَبِيراً).
بيان: لعلَّ المراد بالموفّق المتوافق الأعضاء المعتدل الخلق(5)، أو هو كناية عن التوسّط في الشاب بل انتهاؤه أي ليس في بدء الشباب فإنَّ في مثل هذا السن يوفّق الإنسان لتحصيل الكمال.ها
ص: 312
25 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن الصَّبَّاح، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخاً يَذْكُرُهُ عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُور فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ: يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أبِي طَالِبٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: يَرْويهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَ(1) اُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ: لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنَ السَّمَاءِ، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ قَطُّ، فَقَالَ: يَا سَيْفُ(2) إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ(3) أمَا إِنَّهُ أحَدُ بَنِي عَمَّنَا، قُلْتُ: أيُّ بَنِي عَمَّكُمْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَعليها السلام.
ثُمَّ قَالَ: يَا سَيْفُ لَوْ لاَ أنّي سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ يُحَدَّثُنِي بِهِ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ أهْلُ الدُّنْيَا مَا قَبِلْتُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ(4).
الإرشاد: علي بن بلال، عن محمّد بن جعفر المؤدّب، عن أحمد بن إدريس، مثله(5).
26 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل:0.
ص: 313
((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(1)، قَالَ: (((الْخَيْراتِ)) الْوَلاَيَةُ، وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)) يَعْنِي أصْحَابَ الْقَائِم الثَّلاَثَمِائَةٍ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً)، قَالَ: (وَهُمْ وَاللهِ الاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ)(2)، قَالَ: (يَجْتَمِعُونَ وَاللهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ)(3).
27 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الْمَحْتُوم، وَالنّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنَ الْمَغْربِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَأشْيَاءُ كَانَ يَقُولُهَا مِنَ الْمَحْتُوم).
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (وَاخْتِلاَفُ بَنِي فُلاَنٍ مِنَ الْمَحْتُوم، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم).
قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار يَسْمَعُهُ كُلُّ قَوْمٍ بِألْسِنَتِهِمْ: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِر النَّهَار مِنَ الأرْض: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ(4) فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(5).
الإرشاد: ابن شاذان، مثله(6).خ.
ص: 314
28 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الزَّيْتُونيَّ وَ(1) الْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ اخْتَصَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ أنَّهُ قَالَ: (لاَ بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَبْكِي عَلَيْهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَأهْلُ الأرْض، وَكَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأسَّفٍ حَرَّانُ حَزينٌ، عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ الْمَعِين، كَأنّي بِهِمْ أسَرَّ مَا يَكُونُونَ، وَقَدْ نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، يَكُونُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ)، فَقُلْتُ: وَأيُّ نِدَاءٍ هُوَ؟ قَالَ: يُنَادَوْنَ فِي رَجَبٍ ثَلاَثَةَ أصْوَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ صَوْتاً مِنْهَا: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْقَوْم الظَّالِمِينَ(2)، وَالصَّوْتَ الثَّانِيَ: ((أَزِفَتِ الآْزِفَةُ))(3) يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالصَّوْتَ الثَّالِثَ يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً نَحْوَ عَيْن الشَّمْس: هَذَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ قَدْ كَرَّ فِي هَلاَكِ الظَّالِمِينَ)، وَفِي روَايَةِ الْحِمْيَريَّ: (وَالصَّوْتُ(4) بَدَنٌ يُرَى فِي قَرْن الشَّمْس يَقُولُ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ فُلاَناً فَاسْمَعُوا لَهُ وَأطِيعُوا، وَقَالاَ جَمِيعاً: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأتِي النَّاسَ الْفَرَجُ، وَتَوَدُّ النَّاسُ لَوْ كَانُوا أحْيَاءً وَيَشْفِي اللهُ صُدُورَ قَوْم مُؤْمِنينَ)(5).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن أحمد بن مابنداد(6) والحميري معاً، عن أحمد بن هلال، مثله(7).8.
ص: 315
29 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يُنَادَى بِاسْمِهِ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ وَيَقُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهم السلام)(1).
30 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حَيَّ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَأنّي بِالْقَائِم يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ السَّبْتِ قَائِماً بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام يُنَادِي: الْبَيْعَةَ للهِ، فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(2).
31 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ(3)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم)، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِر النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(4).
32 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم فَيَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ إِلَى الْمَغْربِ، فَلاَ يَبْقَى رَاقِدٌ إِلاَّ قَامَ، وَلاَ قَائِمٌ إِلاَّ قَعَدَ، وَلاَ قَاعِدٌ إِلاَّ قَامَ عَلَى رجْلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ، وَهُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوح الأمِين(5).2.
ص: 316
33 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ(1)، عَن الأعْمَش، عَنْ أبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَكَرَ الْمَهْدِيَّ فَقَالَ: (إِنَّهُ يُبَايَعُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، اسْمُهُ أحْمَدُ وَعَبْدُ اللهِ وَالْمَهْدِيُّ فَهَذِهِ أسْمَاؤُهُ ثَلاَثَتُهَا)(2).
34 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ يَمْلِكُ ثَلاَثَمِائَةٍ وَتِسْعَ سِنِينَ كَمَا لَبِثَ أهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، وَيَفْتَحُ اللهُ لَهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، وَيُقْتَلُ النَّاسُ حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ دِيْنُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ...) تَمَامَ الْخَبَر(3).
35 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَمْ يَمْلِكُ الْقَائِمُ؟ قَالَ: (سَبْعَ سِنِينَ يَكُونُ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ)(4).
36 _ الإرشاد: ابْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ إِلاَّ فِي وَتْرٍ مِنَ السَّنِينَ سَنَةِ إِحْدَى أوْ ثَلاَثٍ أوْ خَمْسٍ أوْ سَبْع أوْ تِسْع)(5).9.
ص: 317
37 _ تفسير العياشي: عَنْ أبِي سُمَيْنَةَ، عَنْ مَوْلًى لأبِي الْحَسَن، قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(1)، قَالَ: (وَذَلِكَ وَاللهِ أنْ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا يَجْمَعُ اللهُ إِلَيْهِ شِيعَتَنَا مِنْ جَمِيع الْبُلْدَان)(2).
38 _ الغيبة للنعماني: عَن الْوَاحِدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو وَمُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ حَمَّادِ بْن عَبْدِ الْكَريم الْجَلاَّبِ، قَالَ: ذُكِرَ الْقَائِمُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (أمَا إِنَّهُ لَوْ قَدْ قَامَ لَقَالَ النَّاسُ أنَّى يَكُونُ هَذَا وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ مُذْ كَذَا وَكَذَا)(3).
39 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن (مُحَمَّدِ بْن)(4) سَمَاعَةَ، عَن الْحَارثِ الأنْمَاطِيَّ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ))(5))(6).
(ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن نَضْرٍ(7)، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ:).
ص: 318
(إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً يَقُولُ فِيهَا: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(1))(2).
الغيبة للنعماني: عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن رباح، عن أحمد بن عليّ الحميري، عن الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم الخثعمي، عن أحمد بن الحارث، عن المفضل، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام، مثله(3).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ عَمْرو بْن عُثْمَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَسَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ هَمْدَانَ يَقُولُ (لَهُ)(4): إِنَّ هَؤُلاَءِ الْعَامَّةَ يُعَيَّرُونَّا وَيَقُولُونَ لَنَا: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ مُنَادِياً يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم صَاحِبِ هَذَا الأمْر، وَكَانَ مُتَّكِئاً فَغَضِبَ وَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ: (لاَ تَرْوُوهُ عَنّي وَارْوُوهُ عَنْ أبِي وَلاَ حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ، أشْهَدُ أنّي سَمِعْتُ أبِي عليه السلام يَقُولُ: وَاللهِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل لَبَيَّنٌ حَيْثُ يَقُولُ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(5).
فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض يَوْمَئِذٍ أحَدٌ إِلاَّ خَضَعَ وَذَلَّتْ رَقَبَتُهُ لَهَا فَيُؤْمِنُ أهْلُ الأرْض إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَشِيعَتِهِ، فَإذَا كَانَ الْغَدُ صَعِدَ إِبْلِيسُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى يَتَوَارَى 4.
ص: 319
عَنْ أهْل الأرْض ثُمَّ يُنَادِي: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ وَشِيعَتِهِ فَإنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً فَاطْلُبُوا بِدَمِهِ).
قَالَ: (فَيُثَبَّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْل الثَّابِتِ عَلَى الْحَقَّ وَهُوَ النّدَاءُ الأوَّلُ، وَيَرْتَابُ يَوْمَئِذٍ الَّذِينَ فِي قُلُوبهِمْ مَرَضٌ، وَالْمَرَضُ وَاللهِ عَدَاوَتُنَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَبَرَّءُونَ مِنَّا وَيَتَنَاوَلُونَّا فَيَقُولُونَ: إِنَّ الْمُنَادِيَ الأوَّلَ سِحْرٌ مِنْ سِحْر أهْل هَذَا الْبَيْتِ)، ثُمَّ تَلاَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: (((وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ))(1))(2).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضّل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسين (ومحمّد بن أحمد القطواني)(3) جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، مثله(4).
الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن حَازم، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن بَشِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام وَقَدْ سَألَهُ عُمَارَةُ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: أصْلَحَكَ اللهُ إِنَّ نَاساً يُعَيَّرُونَّا وَيَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أنَّهُ (سَيَكُونُ) صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ... وَذَكَرَ نَحْوَهُ(5).
41 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ الْحَلَبِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُوسَى، عَنْ فُضَيْل بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ 0.
ص: 320
أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (أمَا (إِنَّ)(1) النّدَاءَ الأوَّلَ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم فِي كِتَابِ اللهِ لَبَيَّنٌ)، فَقُلْتُ: أيْنَ هُوَ أصْلَحَكَ اللهُ؟ فَقَالَ: (فِي ((طسم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ))(2)، قَوْلُهُ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3))، قَالَ: (إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ أصْبَحُوا وَكَأنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ)(4).
بيان: قال الجزري في صفة الصحابة: كأنَّما على رؤسهم الطير، وصفهم بالسكون والوقار وأنَّهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة لأنَّ الطير لا تكاد تقع إلاَّ على شيء ساكن(5)، انتهى.
أقول: لعلَّ المراد هنا دهشتهم وتحيّرهم.
42 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن (ابْن)(6) الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ (وَوُهَيْبٍ)(7)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا صَعِدَ الْعَبَّاسِيُّ أعْوَادَ مِنْبَر مَرْوَانَ اُدْرجَ مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاس).
وَقَالَ عليه السلام: ((قَالَ لِي أبِي:)(8) _ يَعْنِي الْبَاقِرَ عليه السلام _ لاَ بُدَّ لِنَارٍ مِنْ آذَرْبيجَانَ لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ ر.
ص: 321
(وَألْبِدُوا مَا ألْبَدْنَا)(1) وَالنّدَاءُ (وَخَسْفٌ) بِالْبَيْدَاءِ(2) فَإذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرَّكٌ(3) فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً، وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ)، وَقَالَ: (وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ)(4).
43 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ ابْنَي الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ هَارُونَ بْن مُسْلِم، عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يُنَادَى بِاسْم الْقَائِم عليه السلام فَيُؤْتَى وَهُوَ خَلْفَ الْمَقَام، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ نُودِيَ بِاسْمِكَ فَمَا تَنْتَظِرُ؟ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِيَدِهِ فَيُبَايَعُ).
(قَالَ:)(5) وَقَالَ لِي زُرَارَةُ: الْحَمْدُ للهِ قَدْ كُنَّا نَسْمَعُ أنَّ الْقَائِمَ عليه السلام يُبَايَعُ مُسْتَكْرهاً فَلَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ وَجْهَ اسْتِكْرَاهِهِ، فَعَلِمْنَا أنَّهُ اسْتِكْرَاهٌ لاَ إِثْمَ فِيهِ(6).
44 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْن مُسْلِم، عَنْ (أبِي)(7) خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مِنَ الْمَحْتُوم (الَّذِي)(8) لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَالْمُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ)(9).5.
ص: 322
45 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ نَاجِيَةَ الْعَطَّار(1) أنَّهُ سَمِعَ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْمُنَادِيَ يُنَادِي: أنَّ الْمَهْدِيَّ(2) فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ، فَيُنَادِي الشَّيْطَانُ: إِنَّ فُلاَناً وَشِيعَتَهُ عَلَى الْحَقَّ، يَعْنِي رَجُلاً مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ)(3).
46 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أنَّ فُلاَناً هُوَ الأمِيرُ، وَيُنَادِي مُنَادٍ أنَّ عَلِيّاً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ).
قُلْتُ: فَمَنْ يُقَاتِلُ الْمَهْدِيَّ بَعْدَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يُنَادِي أنَّ فُلاَناً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ).
قُلْتُ: فَمَنْ يَعْرفُ الصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ؟ قَالَ: (يَعْرفُهُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْوُونَ(4) وَيَقُولُونَ إِنَّهُ يَكُونُ قَبْلَ أنْ يَكُونَ وَيَعْلَمُونَ أنَّهُمْ هُمُ الْمُحِقُّونَ الصَّادِقُونَ)(5).
47 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، (عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ)(6)، عَن الْمُثَنَّى(7)، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ ل.
ص: 323
عليه السلام: عَجِبْتُ أصْلَحَكَ اللهُ وَإِنّي لأعْجَبُ مِنَ الْقَائِم كَيْفَ يُقَاتَلُ مَعَ مَا يَرَوْنَ مِنَ الْعَجَائِبِ: مِنْ خَسْفِ الْبَيْدَاءِ بِالْجَيْش، وَمِنَ النّدَاءِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ السَّمَاءِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَدَعُهُمْ حَتَّى يُنَادِيَ كَمَا نَادَى بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ الْعَقَبَةِ)(1).
48 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْجَريريَّ أخَا إِسْحَاقَ يَقُولُ لَنَا: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: هُمَا نِدَاءَان فَأيُّهُمَا الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ؟ فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (قُولُوا لَهُ: إِنَّ الَّذِي أخْبَرَنَا بِذَلِكَ وَأنْتَ تُنْكِرُ أنَّ هَذَا يَكُونُ هُوَ الصَّادِقُ)(2).
49 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، (عَنْ هِشَام بْن سَالِم)(3)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (هُمَا صَيْحَتَان صَيْحَةٌ فِي أوَّل اللَّيْل وَصَيْحَةٌ فِي آخِر اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ)، قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (وَاحِدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ)، فَقُلْتُ: كَيْفَ تُعْرَفُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: (يَعْرفُهَا مَنْ كَانَ سَمِعَ بِهَا قَبْلَ أنْ تَكُونَ)(4).
50 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَسْلَمَةَ، قَالَ: 1.
ص: 324
قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ النَّاسَ يُوَبَّخُونَّا وَيَقُولُونَ: مِنْ أيْنَ يُعْرَفُ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِل إِذَا كَانَتَا؟
فَقَالَ: (مَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟)، قُلْتُ: فَمَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً، قَالَ: فَقَالَ: (قُولُوا لَهُمْ: يُصَدَّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ مُؤْمِناً بِهَا قَبْلَ أنْ تَكُونَ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(1))(2).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْع وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ وَمُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ بْن خَالِدٍ الْخَزَّاز، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّهُ يُنَادِي بِاسْم صَاحِبِ هَذَا الأمْر مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ(4): الأمْرُ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ فَفِيمَ الْقِتَالُ؟)(5).
52 _ الغيبة للنعماني: أبُو سُلَيْمَانَ(6) أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ فِي شَهْر رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْع وَعِشْرينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ الَّذِي ر.
ص: 325
تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ إِلَيْهِ(1) حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ألاَ إِنَّ فُلاَناً صَاحِبُ الأمْر فَعَلاَمَ الْقِتَالُ؟)(2).
53 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يَشْمَلُ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ حَتَّى يَلْجَأ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَرَم فَيُنَادِي مُنَادٍ صَادِقٌ مِنْ شِدَّةِ الْقِتَال: فِيمَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ؟ صَاحِبُكُمْ فُلاَنٌ)(4).
54 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الأشْعَريَّ(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أهْبَطَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَكاً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَصَبَ لِمُحَمَّدٍ وَعليًّ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهم السلام مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عِنْدَ الْبَيْتِ الْمَعْمُور فَيَصْعَدُونَ عَلَيْهَا وَيَجْمَعُ لَهُمُ الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيَّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَيَفْتَحُ أبْوَابَ السَّمَاءِ، فَإذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَا رَبَّ مِيعَادَكَ الَّذِي وَعَدْتَ فِي كِتَابِكَ وَهُوَ هَذِهِ الآيَةُ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا ي.
ص: 326
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...))(1) الآيَةَ، وَيَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَخِرُّ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سُجَّداً ثُمَّ يَقُولُونَ: يَا رَبَّ اغْضَبْ فَإنَّهُ قَدْ هُتِكَ حَريمُكَ، وَقُتِلَ أصْفِيَاؤُكَ وَاُذِلَّ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، فَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ وَذَلِكَ وَقْتٌ مَعْلُومٌ)(2).
55 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُنَادَى بِاسْم الْقَائِم: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ)(3).
56 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ)(4).
57 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَا جَابِرُ لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَشْمَلَ الشَّامَ(5) فِتْنَةٌ يَطْلُبُونَ الْمَخْرَجَ مِنْهَا فَلاَ يَجِدُونَهُ وَيَكُونُ قَتْلٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ قَتْلاَهُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ)(6).
بيان: (على سواء) أي في وسط الطريق.5.
ص: 327
58 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (تَوَقَّعُوا الصَّوْتَ يَأتِيكُمْ بَغْتَةً مِنْ قِبَل دِمَشْقَ فِيهِ لَكُمْ فَرَجٌ عَظِيمٌ)(1).
59 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ، عَنْ أبِيهِ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ(2)، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ الْحَلَبِيَّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مُلْكُ(3) الْقَائِم تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُرٌ)(4).
60 _ الغيبة للنعماني: أبُو سُلَيْمَانَ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مُلْكُ الْقَائِم مِنَّا تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُرٌ)(5).
61 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن(6)، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام ).
ص: 328
يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ(1) وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ لَهُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى يَوْم مَوْتِهِ)(2).
بيان: إشارة إلى ملك الحسين عليه السلام أو غيره من الأئمّة في الرجعة.
62 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ(3)، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ بْن سَعِيدٍ(4)، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ عليه السلام يَمْلِكُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُراً)(5).
63 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام: لأيَّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْن الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ الْحَجَرَ الأسْوَدَ وَهِيَ جَوْهَرَةٌ اُخْرجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ فَوُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الرُّكْن لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ، وَذَلِكَ أنَّهُ لَمَّا أخَذَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورهِمْ ذُرَّيَّتَهُمْ حِينَ أخَذَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذَلِكَ الْمَكَان، وَفِي ذَلِكَ الْمَكَان تَرَاءَى 4.
ص: 329
لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَكَان يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام فَأوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّيْرُ، وَهُوَ وَاللهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَإِلَى ذَلِكَ الْمَكَان يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِم...) تَمَامَ الْخَبَر(1).
64 _ الكافي: أبُو عليًّ الأشْعَريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْحَجَّال جَمِيعاً، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَسْلَمَةَ الْجَريريَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يُوَبَّخُونَّا وَيُكَذَّبُونَّا أنَّا نَقُولُ: إِنَّ صَيْحَتَيْن تَكُونَان، يَقُولُونَ: مِنْ أيْنَ تُعْرَفُ الْمُحِقَّةُ مِنَ الْمُبْطِلَةِ إِذَا كَانَتَا؟
قَالَ: (فَمَا ذَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟)، قُلْتُ: مَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً، قَالَ: (قُولُوا: يُصَدَّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا مِنْ قَبْلُ، إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(2))(3).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عن ثعلبه، مثله(4).
الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمّد، عن ابن فضال والحجال، عن داود بن فرقد، مثله(5).).
ص: 330
65 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ وَغَيْرهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن الصَّبَّاح، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخاً يَذْكُرُ عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي الدَّوَانِيقِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ: يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أبِي طَالِبٍ، (قُلْتُ: يَرْويهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَتْ اُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ: لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ)(1) قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ قَطُّ، فَقَالَ لِي: يَا سَيْفُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ أمَا إِنَّهُ أحَدُ بَنِي عَمَّنَا، قُلْتُ: أيُّ بَني عَمَّكُمْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا سَيْفُ لَوْ لاَ أنّي سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام يَقُولُهُ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ أهْلُ الأرْض مَا قَبِلْتُهُ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ(2).
66 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ: (إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاس وَوَهَى سُلْطَانُهُمْ، وَطَمِعَ فِيهِمْ (مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ فِيهِمْ)، وَخَلَعَتِ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا، وَرَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ، وَظَهَرَ الشَّامِيُّ، وَأقْبَلَ الْيَمَانِيُّ، وَتَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ، وَخَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم).
فَقُلْتُ: مَا تُرَاثُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (سَيْفُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَدِرْعُهُ، وَعِمَامَتُهُ، وَبُرْدُهُ، وَقَضِيبُهُ، وَرَايَتُهُ، وَلاَمَتُهُ، وَسَرْجُهُ، حَتَّى يَنْزلَ مَكَّةَ، فَيُخْرجُ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ، وَيَلْبَسُ الدَّرْعَ، وَيَنْشُرُ الرَّايَةَ وَالْبُرْدَةَ ة.
ص: 331
وَالْعِمَامَةَ، وَيَتَنَاوَلُ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ، وَيَسْتَأذِنُ اللهَ فِي ظُهُورهِ، فَيَطَّلِعُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ مَوَالِيهِ فَيَأتِي الْحَسَنِيَّ فَيُخْبِرُهُ الْخَبَرَ، فَيَبْتَدِرُ الْحَسَنِيُّ إِلَى الْخُرُوج، فَيَثِبُ عَلَيْهِ أهْلُ مَكَّةَ فَيَقْتُلُونَهُ، وَيَبْعَثُونَ بِرَأسِهِ إِلَى الشَّام.
فَيَظْهَرُ عِنْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر فَيُبَايِعُهُ النَّاسُ وَيَتَّبِعُونَهُ وَيَبْعَثُ الشَّامِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُهْلِكُهُمُ اللهُ عزّ وجل دُونَهَا، وَيَهْرُبُ يَوْمَئِذٍ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ وُلْدِ عليًّ عليه السلام إِلَى مَكَّةَ، فَيَلْحَقُونَ بِصَاحِبِ هَذَا الأمْر، وَيُقْبِلُ صَاحِبُ هَذَا الأمْر نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَيَبْعَثُ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَأمَنُ أهْلُهَا وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهَا)(1).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضّل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسين ابن عبد الملك ومحمّد بن أحمد جميعاً، عن ابن محبوب، مثله(2).
67 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ عِيص(3) بْن الْقَاسِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، وَانْظُرُوا لأنْفُسِكُمْ فَوَ اللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ الْغَنَمُ فِيهَا الرَّاعِي، فَإذَا وَجَدَ رَجُلاً هُوَ أعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي هُوَ فِيهَا، يُخْرجُهُ وَيَجِي ءُ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ أعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي كَانَ فِيهَا.ف.
ص: 332
وَاللهِ لَوْ كَانَتْ لأحَدِكُمْ نَفْسَان(1) يُقَاتِلُ بِوَاحِدَةٍ يُجَرَّبُ بِهَا، ثُمَّ كَانَتِ الاُخْرَى بَاقِيَةً فَعَمِلَ عَلَى مَا قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا، وَلَكِنْ لَهُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ إِذَا ذَهَبَتْ فَقَدْ وَاللهِ ذَهَبَتِ التَّوْبَةُ، فَأنْتُمْ أحَقُّ أنْ تَخْتَارُوا لأنْفُسِكُمْ إِنْ أتَاكُمْ آتٍ مِنَّا فَانْظُرُوا عَلَى أيَّ شَيْءٍ تَخْرُجُونَ؟ وَلاَ تَقُولُوا خَرَجَ زَيْدٌ، فَإنَّ زَيْداً كَانَ عَالِماً، وَكَانَ صَدُوقاً وَلَمْ يَدْعُكُمْ إِلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا دَعَاكُمْ إِلَى الرَّضَى مِنْ آل مُحَمَّدٍ وَلَوْ ظَهَرَ لَوَفَى بِمَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى سُلْطَانٍ مُجْتَمِع لَيَنْقُضَهُ.
فَالْخَارجُ مِنَّا الْيَوْمَ إِلَى أيَّ شَيْءٍ يَدْعُوكُمْ؟ إِلَى الرَّضَى مِنْ آل مُحَمَّدٍ؟
فَنَحْنُ نُشْهِدُكُمْ أنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِهِ، وَهُوَ يَعْصِينَا الْيَوْمَ، وَلَيْسَ مَعَهُ أحَدٌ، وَهُوَ إِذَا كَانَتِ الرَّايَاتُ وَالألْويَةُ أجْدَرُ أنْ لاَ يَسْمَعَ مِنَّا إِلاَّ (مَعَ)(2) مَن اجْتَمَعَتْ بَنُو فَاطِمَةَ مَعَهُ فَوَ اللهِ مَا صَاحِبُكُمْ إِلاَّ مَن اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ رَجَبٌ(3) فَأقْبِلُوا عَلَى اسْم اللهِ عزّ وجل، وَإِنْ أحْبَبْتُمْ أنْ تَتَأخَّرُوا إِلَى شَعْبَانَ فَلاَ ضَيْرَ، وَإِنْ أحْبَبْتُمْ أنْ تَصُومُوا فِي أهَالِيكُمْ فَلَعَلَّ ذَلِكَ أنْ يَكُونَ أقْوَى لَكُمْ، وَكَفَاكُمْ بِالسُّفْيَانِيَّ عَلاَمَةً)(4).
68 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ ربْعِيّ رَفَعَهُ، عَنْ عَلِي بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (وَاللهِ لاَ يَخْرُجُ وَاحِدٌ مِنَّا قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم إِلاَّ كَانَ مَثَلُهُ مَثَلَ فَرْخ طَارَ مِنْ وَكْرهِ، قَبْلَ أنْ يَسْتَويَ جَنَاحَاهُ فَأخَذَهُ الصَّبْيَانُ فَعَبِثُوا بِهِ)(5).2.
ص: 333
69 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا سَدِيرُ الْزَمْ بَيْتَكَ وَكُنْ حِلْساً مِنْ أحْلاَسِهِ وَاسْكُنْ مَا سَكَنَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَإذَا بَلَغَكَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ قَدْ خَرَجَ فَارْحَلْ إِلَيْنَا وَلَوْ عَلَى رجْلِكَ)(1).
70 _ الطرائف: رَوَى نِدَاءَ الْمُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَوُجُوبَ طَاعَتِهِ، أحْمَدُ بْنُ الْمُنَادِي في كتاب الملاحم، وأبو نعيم الحافظ في كتاب أخبار المهدي، وابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس، وأبو العلاء الحافظ في كتاب الفتن(2).
71 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَن الطَّيَّار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ))(3)، قَالَ: (خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ)، قَالَ: قُلْتُ: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ، قَالَ: (دَعْ ذَا ذَاكَ قِيَامُ الْقَائِم)(4).).
ص: 334
72 _ كفاية الأثر: أبُو الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيُّ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ سَلَمَةَ بْن الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الطَّيَالِسِيَّ، عَن ابْن أبِي عَمِيرَةَ وَصَالِح بْن عُقْبَةَ جَمِيعاً، عَنْ عَلْقَمَةَ بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عليًّ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا عَلِيُّ إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا خَرَجَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عَدَدَ رجَال بَدْرٍ فَإذَا حَانَ(1) وَقْتُ خُرُوجِهِ يَكُونُ لَهُ سَيْفٌ مَغْمُودٌ نَادَاهُ السَّيْفُ: قُمْ يَا وَلِيَّ اللهِ، فَاقْتُلْ أعْدَاءَ اللهِ)(2).
73 _ الاختصاص: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْقِلٍ الْقِرْمِيسِينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَاصِم، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْزُوقٍ، عَنْ عَامِرٍ السَّرَّاج، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْريَّ، عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم، عَنْ طَارقِ بْن شِهَابٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ:
(إِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوج الْقَائِم يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أيُّهَا النَّاسُ قُطِعَ عَنْكُمْ مُدَّةُ الْجَبَّارينَ وَوَلِيَ الأمْرَ خَيْرُ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَالْحَقُوا بِمَكَّةَ، فَيَخْرُجُ النُّجَبَاءُ مِنْ مِصْرَ وَالأبْدَالُ مِنَ الشَّام وَعَصَائِبُ الْعِرَاقِ رُهْبَانٌ بِاللَّيْل، لُيُوثٌ بِالنَّهَار، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام).
قَالَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْن: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: (هُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن كَأنَّهُ مِنْ رجَال شنسوة(3) عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قَطَوَانِيَّتَان اسْمُهُ اسْمِي، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُفَرَّخُ الطُّيُورُ فِي أوْكَارهَا، وَالْحِيتَان فِي بِحَارهَا، وَتُمَدُّ الأنْهَارُ، وَتَفِيضُ الْعُيُونُ، وَتُنْبِتُ الأرْضُ ضِعْفَ اُكُلِهَا، ثُمَّ ).
ص: 335
يُسَيَّرُ مُقَدَّمَتَهُ جَبْرَئِيلُ، وَسَاقَتَهُ(1) إِسْرَافِيلُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(2).
74 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ عُمَرَ بْن حَنْظَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (خَمْسُ عَلاَمَاتٍ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم: الصَّيْحَةُ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْخَسْفُ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَالْيَمَانِيُّ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنْ خَرَجَ أحَدٌ مِنْ أهْل بَيْتِكَ قَبْلَ هَذِهِ الْعَلاَمَاتِ أخْرُجُ مَعَهُ؟ قَالَ: (لاَ).
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَلَوْتُ هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3)، فَقُلْتُ لَهُ: أهِيَ الصَّيْحَةُ؟ فَقَالَ: (أمَا لَوْ كَانَتْ خَضَعَتْ أعْنَاقُ أعْدَاءِ اللهِ)(4).
75 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْحَلَبِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (اخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاس مِنَ الْمَحْتُوم، وَالنّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم)، قُلْتُ: وَكَيْفَ النّدَاءُ؟
قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ عَلِيّاً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ)، قَالَ: (وَيُنَادِي مُنَادٍ(5) آخِرَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ عُثْمَانَ وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ)(6).4.
ص: 336
أقول: هذا الباب وباب سيره عليه السلام مشتركان في كثير من الأخبار وسيأتي فيه كثير من أخبار هذا الباب وقد مرَّ كثير منها في الباب السابق.
76 _ وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ إِلَى أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ رَفَعَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْقَائِم عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ: كَيْفَ لَنَا أنْ نَعْلَمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَتَحْتَ رَأسِهِ صَحِيفَةٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)(1).
77 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ قَالَ: رُويَ أنَّهُ يَكُونُ فِي رَايَةِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام: اسْمَعُوا وَأطِيعُوا.
78 _ وَبِالإسْنَادِ عَن الْفَضْل، عَن ابْن مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا خُسِفَ بِجَيْش السُّفْيَانِيَّ...)، إِلَى أنْ قَالَ: (وَالْقَائِمُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ مُسْتَجِيراً بِهَا يَقُولُ: أنَا وَلِيُّ اللهِ أنَا أوْلَى بِاللهِ وَبمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى النَّاس بِنُوح، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيَّينَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِالنَّبِيَّينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(2).
فَأنَا بَقِيَّةُ آدَمَ، وَخِيَرَةُ نُوح، وَمُصْطَفَى إِبْرَاهِيمَ، وَصَفْوَةُ مُحَمَّدٍ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي سُنَّةِ رَسُول اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِسُنَّةِ رَسُول اللهِ وَسِيرَتِهِ، وَأنْشُدُ اللهَ مَنْ سَمِعَ كَلاَمِي لَمَّا يَبْلُغُ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.3.
ص: 337
فَيَجْمَعُ اللهُ لَهُ أصْحَابَهُ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَيَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(1) فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَمَعَهُ عَهْدُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ تَوَاتَرَتْ عَلَيْهِ الآبَاءُ فَإنْ أشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَإنَّ الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ لاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ).
79 _ وَبِالإسْنَادِ الْمَذْكُور يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام فِي ذِكْر الْقَائِم عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ قَالَ: (فَيَجْلِسُ تَحْتَ شَجَرَةِ سَمُرَةٍ، فَيَجِيئُهُ جَبْرَئِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ مَا يُجْلِسُكَ هَاهُنَا؟ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ إِنّي أنْتَظِرُ أنْ يَأتِيَني الْعِشَاءُ فَأخْرُجَ فِي دُبُرهِ إِلَى مَكَّةَ وَأكْرَهُ أنْ أخْرُجَ فِي هَذَا الْحَرَّ)، قَالَ: (فَيَضْحَكُ فَإذَا ضَحِكَ عَرَفَهُ أنَّهُ جَبْرَئِيلُ)، قَالَ: (فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ، وَيُسَلّمُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ لَهُ: قُمْ، وَيَجِيئُهُ بِفَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: الْبُرَاقُ فَيَرْكَبُهُ، ثُمَّ يَأتِي إِلَى جَبَل رَضْوَى، فَيَأتِي مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ فَيَكْتُبَان لَهُ عَهْداً مَنْشُوراً يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاس ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ وَالنَّاسُ يَجْتَمِعُونَ بِهَا).
قَالَ: (فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنْهُ فَيُنَادِي: أيُّهَا النَّاسُ هَذَا طَلِبَتُكُمْ قَدْ جَاءَكُمْ، يَدْعُوكُمْ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: (فَيَقُومُونَ)، قَالَ: (فَيَقُومُ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَيَقُولُ:
أيُّهَا النَّاسُ أنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ أنَا ابْنُ نَبِيَّ اللهِ، أدْعُوكُمْ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ نَبِيُّ اللهِ.
فَيَقُومُونَ إِلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ، فَيَقُومُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَيُنِيفُ عَلَى الثَّلاَثِمِائَةِ 8.
ص: 338
فَيَمْنَعُونَهُ مِنْهُ خَمْسُونَ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ، وَسَائِرُهُمْ مِنْ أفْنَاءِ النَّاس لاَ يَعْرفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً اجْتَمَعُوا عَلَى غَيْر مِيعَادٍ).
80 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ يَنْتَظِرُ مِنْ يَوْمِهِ ذِي طُوًى فِي عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً حَتَّى يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر وَيَهُزُّ الرَّايَةَ الْمُغَلَّبَةَ(1))، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ: ذَكَرْتُ ذَلِكَ لأبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام قَالَ: (وَكِتَابٌ مَنْشُورٌ).
81 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ إِلَى أنْ قَالَ: (يَقُولُ الْقَائِمُ عليه السلام لأصْحَابِهِ: يَا قَوْم إِنَّ أهْلَ مَكَّةَ لاَ يُريدُونَنِي، وَلَكِنّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لأحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ.
فَيَدْعُو رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ: امْض إِلَى أهْل مَكَّةَ فَقُلْ: يَا أهْلَ مَكَّةَ أنَا رَسُولُ فُلاَنٍ إِلَيْكُمْ وَهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الرَّسَالَةِ وَالْخِلاَفَةِ وَنَحْنُ ذُرَّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَسُلاَلَةُ النَّبِيَّينَ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاضْطُهِدْنَا، وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ فَانْصُرُونَا.
فَإذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلاَم أتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَهِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ، فَإذَا بَلَغَ ذَلِكَ الإمَامَ قَالَ لأصْحَابِهِ: ألاَ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ أهْلَ مَكَّةَ لاَ يُريدُونَنَا، فَلاَ يَدْعُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ طُوًى فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ حَتَّى يَأتِيَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَيُصَلّي فِيهِ عِنْدَ مَقَام إِبْرَاهِيمَ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر الأسْوَدِ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُصَلّي عَلَيْهِ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَم لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس.ف.
ص: 339
فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يَضْربُ عَلَى يَدِهِ وَيُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَيَقُومُ مَعَهُمَا رَسُولُ اللهِ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ فَيَدْفَعَان إِلَيْهِ كِتَاباً جَدِيداً هُوَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ بِخَاتَم رَطْبٍ، فَيَقُولُونَ لَهُ: اعْمَلْ بِمَا فِيهِ، وَيُبَايِعُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَقَلِيلٌ: مِنْ أهْل مَكَّةَ.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَكُونَ فِي مِثْل الْحَلْقَةِ)، قُلْتُ: وَمَا الْحَلْقَةُ؟ قَالَ: (عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ يَهُزُّ الرَّايَةَ الْجَلِيَّةَ(1) وَيَنْشُرُهَا وَهِيَ رَايَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّحَابَةُ، وَدِرْعُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّابِغَةُ- وَيَتَقَلَّدُ بِسَيْفِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذِي الْفَقَار).
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: (مَا مِنْ بَلْدَةٍ إِلاَّ يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلاَّ أهْلَ الْبَصْرَةِ، فَإنَّهُ لاَ يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْهَا أحَدٌ).
82 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَهُ كَنْزٌ بِالطَّالَقَان مَا هُوَ بِذَهَبٍ، وَلاَ فِضَّةٍ، وَرَايَةٌ لَمْ تُنْشَرْ مُنْذُ طُويَتْ، وَرجَالٌ كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ لاَ يَشُوبُهَا شَكٌّ فِي ذَاتِ اللهِ أشَدُّ مِنَ الْحَجَ،ر لَوْ حَمَلُوا عَلَى الْجِبَال لأزَالُوهَا، لاَ يَقْصِدُونَ بِرَايَاتِهِمْ بَلْدَةً إِلاَّ خَرَّبُوهَا، كَأنَّ عَلَى خُيُولِهِمُ الْعِقْبَانَ يَتَمَسَّحُونَ بِسَرْج الإمَام عليه السلام يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، وَيَحُفُّونَ بِهِ يَقُونَهُ بِأنْفُسِهِمْ فِي الْحُرُوبِ، وَيَكْفُونَهُ مَا يُريدُ فِيهِمْ.
رجَالٌ لاَ يَنَامُونَ اللَّيْلَ، لَهُمْ دَويٌّ فِي صَلاَتِهِمْ كَدَويَّ النَّحْل، يَبيتُونَ قِيَاماً عَلَى أطْرَافِهِمْ، وَيُصْبِحُونَ عَلَى خُيُولِهِمْ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْل لُيُوثٌ بِالنَّهَار، هُمْ أطْوَعُ لَهُ مِنَ الأمَةِ لِسَيَّدِهَا، كَالْمَصَابِيح كَأنَّ قُلُوبَهُمُ الْقَنَادِيلُ، وَهُمْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ مُشْفِقُونَ يَدْعُونَ بِالشَّهَادَةِ، وَيَتَمَنَّوْنَ أنْ يُقْتَلُوا فِي سَبِيل ة.
ص: 340
اللهِ، شِعَارُهُمْ: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْن، إِذَا سَارُوا يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهُمْ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، يَمْشُونَ إِلَى الْمَوْلَى إِرْسَالاً، بِهِمْ يَنْصُرُ اللهُ إِمَامَ الْحَقَّ).
83 _ وَبِالإسْنَادِ إِلَى الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يُبَايَعُ الْقَائِمُ بِمَكَّةَ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَيَسْتَعْمِلُ عَلَى مَكَّةَ، ثُمَّ يَسِيرُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَيَبْلُغُهُ أنَّ عَامِلَهُ قُتِلَ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ، وَلاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَالْوَلاَيَةِ لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوَّهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْبَيْدَاءَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ).
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: (يَخْرُجُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُقِيمُ بِهَا مَا شَاءَ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ وَيَسْتَعْمِلُ عَلَيْهَا رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَإذَا نَزَلَ الشَّفْرَةَ جَاءَهُمْ كِتَابُ السُّفْيَانِيَّ: إِنْ لَمْ تَقْتُلُوهُ لأقْتُلَنَّ مُقَاتِلِيكُمْ وَلأسْبِيَنَّ ذَرَاريَّكُمْ، فَيُقْبِلُونَ عَلَى عَامِلِهِ فَيَقْتُلُونَهُ.
فَيَأتِيهِ الْخَبَرُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ وَيَقْتُلُ قُرَيْشاً حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ إِلاَّ اُكْلَةُ كَبْشٍ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَسْتَعْمِلُ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَيُقْبِلُ وَيَنْزلُ النَّجَفَ).
84 _ أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ أحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرهِ بِأسَانِيدِهِمْ عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَوْمُ النَّيْرُوز هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَوُلاَةَ الأمْر، وَيُظْفِرُهُ اللهُ تَعَالَى بِالدَّجَّال، فَيَصْلِبُهُ عَلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ، وَمَا مِنْ يَوْم نَيْرُوزٍ إِلاَّ وَنَحْنُ نَتَوَقَّعُ فِيهِ الْفَرَجَ لأنَّهُ مِنْ أيَّامِنَا حَفِظَتْهُ الْفُرْسُ وَضَيَّعْتُمُوهُ)(1).
* * * 5.
ص: 341
ص: 342
ص: 343
ص: 344
1 _ قرب الإسناد: هَارُونُ، عَن ابْن زيَادٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليهما السلام، قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا اضْمَحَلَّتِ الْقَطَائِعُ فَلاَ قَطَائِعَ)(1).
2 _ الخصال: ابْنُ مُوسَى، عَنْ حَمْزَةَ بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ وَأبِي الْحَسَن عليهما السلام قَالاَ: (لَوْ قَدْ قَامَ الْقَائِمُ لَحَكَمَ بِثَلاَثٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا أحَدٌ قَبْلَهُ: يَقْتُلُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ، وَيَقْتُلُ مَانِعَ الزَّكَاةِ، وَيُوَرَّثُ الأخَ أخَاهُ فِي الأظِلَّةِ(2))(3).
3 _ الخصال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ مُصْعَبِ بْن يَزيدَ، عَن الْعَوَّام أبِي الزُّبَيْر، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يُقْبِلُ الْقَائِمُ عليه السلام فِي خَمْسَةٍ وَأرْبَعِينَ رَجُلاً مِنْ تِسْعَةِ أحْيَاءٍ: مِنْ حَيًّ رَجُلٌ، وَمِنْ حَيًّ رَجُلاَن، وَمِنْ حَيًّ ثَلاَثَةٌ، وَمِنْ حَيًّ أرْبَعَةٌ، وَمِنْ حَيًّ خَمْسَةٌ، وَمِنْ حَيًّ سِتَّةٌ، وَمِنْ حَيًّ سَبْعَةٌ، وَمِنْ حَيًّ ثَمَانِيَةٌ، وَمِنْ حَيًّ تِسْعَةٌ، وَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ لَهُ الْعَدَدُ)(4).
4 _ عيون أخبار الرضا: أحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الدَّوَالِيبيُّ(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن =
ص: 345
عَلِيَّ بْن عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم لاُبَيَّ بْن كَعْبٍ فِي وَصْفِ الْقَائِم عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى رَكَّبَ فِي صُلْبِ الْحَسَن عليه السلام(1) نُطْفَةً مُبَارَكَةً زَكِيَّةً طَيَّبَةً طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً، يَرْضَى بِهَا كُلُّ مُؤْمِنٍ مِمَّنْ قَدْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الْوَلاَيَةِ، وَيَكْفُرُ بِهَا كُلُّ جَاحِدٍ، فَهُوَ إِمَامٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ سَارٌّ مَرْضِيٌّ هَادٍ مَهْدِيٌّ يَحْكُمُ بِالْعَدْل وَيَأمُرُ بِهِ، يُصَدَّقُ اللهَ عزّ وجل وَيُصَدَّقُهُ اللهُ فِي قَوْلِهِ.
يَخْرُجُ مِنْ تِهَامَةَ حِينَ تَظْهَرُ الدَّلاَئِلُ وَالْعَلاَمَاتُ، وَلَهُ كُنُوزٌ لاَ ذَهَبٌ وَلاَ فِضَّةٌ إِلاَّ خُيُولٌ مُطَهَّمَةٌ(2)، وَرجَالٌ مُسَوَّمَةٌ، يَجْمَعُ اللهُ لَهُ مِنْ أقَاصِي الْبِلاَدِ عَلَى عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مَعَهُ صَحِيفَةٌ ني
ص: 346
مَخْتُومَةٌ فِيهَا عَدَدُ أصْحَابِهِ بِأسْمَائِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ وَطَبَائِعِهِمْ وَحُلاَهُمْ وَكُنَاهُمْ كَدَّادُونَ مُجِدُّونَ فِي طَاعَتِهِ).
فَقَالَ لَهُ اُبَيٌّ: وَمَا دَلاَئِلُهُ وَعَلاَمَاتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ لَهُ: (عَلَمٌ إِذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ انْتَشَرَ ذَلِكَ الْعَلَمُ مِنْ نَفْسِهِ، وَأنْطَقَهُ اللهُ عزّ وجل، فَنَادَاهُ الْعَلَمُ: اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللهِ فَاقْتُلْ أعْدَاءَ اللهِ، وَهُمَا آيَتَان، وَعَلاَمَتَان(1).
وَلَهُ سَيْفٌ مُغَمَّدٌ، فَإذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ اقْتَلَعَ ذَلِكَ السَّيْفُ مِنْ غِمْدِهِ وَأنْطَقَهُ اللهُ عزّ وجل فَنَادَاهُ السَّيْفُ: اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللهِ فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أنْ تَقْعُدَ عَنْ أعْدَاءِ اللهِ، فَيَخْرُجُ وَيَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَيْثُ ثَقِفَهُمْ، وَيُقِيمُ حُدُودَ اللهِ، وَيَحْكُمُ بِحُكْم اللهِ يَخْرُجُ وَجَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسْرَتِهِ، وَسَوْفَ تَذْكُرُونَ مَا أقُولُ لَكُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَاُفَوَّضُ أمْري إِلَى اللهِ عزّ وجل.
يَا اُبَيُّ! طُوبَى لِمَنْ لَقِيَهُ، وَطُوبَى لِمَنْ أحَبَّهُ، وَطُوبَى لِمَنْ قَالَ بِهِ، يُنْجِيهِمْ(2) مِنَ الْهَلَكَةِ، وَبالإقْرَار بِاللهِ وَبرَسُولِهِ وَبجَمِيع الأئِمَّةِ يَفْتَحُ اللهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ، مَثَلُهُمْ فِي الأرْض كَمَثَل الْمِسْكِ الَّذِي يَسْطَعُ ريحُهُ فَلاَ يَتَغَيَّرُ أبَداً، وَمَثَلُهُمْ فِي السَّمَاءِ كَمَثَل الْقَمَر الْمُنِير الَّذِي لاَ يُطْفَاُ نُورُهُ أبَداً).
قَالَ اُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ حَالُ بَيَان هَؤُلاَءِ الأئِمَّةِ عَن اللهِ عزّ وجل؟
قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى أنْزَلَ عَلَيَّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صَحِيفَةً اسْمُ كُلّ إِمَام عَلَى خَاتَمِهِ وَصِفَتُهُ فِي صَحِيفَتِهِ)(3).4.
ص: 347
بيان: تمام الخبر في باب النصّ على الاثني عشر عليهم السلام(1)، والمطهم كمعظم السمين الفاحش السمن والتام من كلّ شيء، وقال الجزري فيه أنَّه قال يوم بدر: سوّموا فإنَّ الملائكة قد سوَّمت أي اعلموا(2) لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضاً والسومة والسمة العلامة(3).
5 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا(4): ابْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ فُرَاتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْهَمْدَانِيَّ، عَن الْعَبَّاس بْن عَبْدِ اللهِ الْبُخَاريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الْهَرَويَّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمَّا عُرجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ نُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّي وَسَعْدَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ أنْتَ عَبْدِي وَأنَا رَبُّكَ فَإيَّايَ فَاعْبُدْ، وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ، فَإنَّكَ نُوري فِي عِبَادِي وَرَسُولِي إِلَى خَلْقِي، وَحُجَّتِي عَلَى بَريَّتِي لَكَ وَلِمَنْ تَبَعَكَ خَلَقْتُ جَنَّتِي، وَلِمَنْ خَالَفَكَ خَلَقْتُ نَاري، وَلأوْصِيَائِكَ أوْجَبْتُ كَرَامَتِي، وَلِشِيعَتِهِمْ أوْجَبْتُ ثَوَابِي.
فَقُلْتُ: يَا رَبَّ وَمَنْ أوْصِيَائِي؟ فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ أوْصِيَاؤُكَ الْمَكْتُوبُونَ إِلَى سَاقِ عَرْشِي، فَنَظَرْتُ وَأنَا بَيْنَ يَدَيْ رَبَّي جلّ جلاله إِلَى سَاقِ الْعَرْش، فَرَأيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ نُوراً فِي كُلّ نُورٍ سَطْرٌ أخْضَرُ عَلَيْهِ اسْمُ وَصِيًّ مِنْ أوْصِيَائِي أوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمْ مَهْدِيُّ اُمَّتِي.ً.
ص: 348
فَقُلْتُ: يَا رَبَّ هَؤُلاَءِ أوْصِيَائِي بَعْدِي؟ فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ هَؤُلاَءِ أوْلِيَائِي وَأحِبَّائِي وَأصْفِيَائِي، وَحُجَجِي بَعْدَكَ عَلَى بَريَّتِي، وَهُمْ أوْصِيَاؤُكَ وَخُلَفَاؤُكَ وَخَيْرُ خَلْقِي بَعْدَكَ، وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَظْهِرَنَّ بِهِمْ دِينِي وَلاَعْلِيَنَّ بِهِمْ كَلِمَتِي، وَلاَطَهَّرَنَّ الأرْضَ بِآخِرهِمْ مِنْ أعْدَائِي، وَلاَمَلّكَنَّهُ(1) مَشارقَ الأرْض وَمَغاربَهَا، وَلاَسَخّرَنَّ لَهُ الرَّيَاحَ، وَلاَذَلّلَنَّ لَهُ السَّحَابَ الصّعَابَ، وَلاَرَقّيَنَّهُ فِي الأسْبَابِ، وَلأنْصُرَنَّهُ بِجُنْدِي، وَلأمُدَّنَّهُ بِمَلاَئِكَتِي، حَتَّى يُعْلِنَ دَعْوَتِي، وَيَجْمَعَ الْخَلْقَ عَلَى تَوْحِيدِي ثُمَّ لاَدِيمَنَّ مُلْكَهُ، وَلاَدَاولَنَّ الأيَّامَ بَيْنَ أوْلِيَائِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ...).
بيان: تمام الخبر في باب فضلهم على الملائكة، والمراد بالأسباب طرق السماوات كما في قوله تعالى حكاية عن فرعون: ((لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَْسْبابَ * أَسْبابَ السَّماواتِ))(2) أو الوسائل التي يتوصّل بها إلى مقاصده كما في قوله تعالى: ((ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً))(3) والأوّل أظهر كما سيأتي في الخبر.
قال الطبرسي في تفسير الأولى: المعنى لعلّي أبلغ! الطرق من سماء إلى سماء، وقيل: أبلغ أبواب طرق السماوات، وقيل: منازل السماوات، وقيل: أتسبب وأتوصّل به إلى مرادي وإلى علم ما غاب عنّي(4).
6 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْهَرَويَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا تَقُولُ فِي حَدِيثٍ رُويَ عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ قَتَلَ ذَرَاريَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْن عليه السلام بِفِعَال آبَائِهَا)؟4.
ص: 349
فَقَالَ عليه السلام: (هُوَ كَذَلِكَ)، فَقُلْتُ: وَقَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى))(1) مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: (صَدَقَ اللهُ فِي جَمِيع أقْوَالِهِ، وَلَكِنْ ذَرَاريُّ قَتَلَةِ الْحُسَيْن عليه السلام يَرْضَوْنَ بِفِعَال آبَائِهِمْ وَيَفْتَخِرُونَ بِهَا، وَمَنْ رَضِيَ شَيْئاً كَانَ كَمَنْ أتَاهُ، وَلَوْ أنَّ رَجُلاً قُتِلَ بِالْمَشْرقِ فَرَضِيَ بِقَتْلِهِ رَجُلٌ بِالْمَغْربِ، لَكَانَ الرَّاضِي عِنْدَ اللهِ عزّ وجل شَريكَ الْقَاتِل، وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُمُ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا خَرَجَ لِرضَاهُمْ بِفِعْل آبَائِهِمْ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بِأيَّ شَيْءٍ يَبْدَاُ الْقَائِمُ مِنْكُمْ(2) إِذَا قَامَ؟ قَالَ: (يَبْدَاُ بِبَني شَيْبَةَ فَيَقْطَعُ أيْدِيَهُمْ لأنَّهُمْ سُرَّاقُ بَيْتِ اللهِ عزّ وجل)(3).
7 _ بصائر الدرجات: حَمْزَةُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الرَّبْعِيَّ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى ابْن هُبَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ يَسِيرُ الْقَائِمُ بِسِيرَةِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ فِي أهْل السَّوَادِ؟ فَقَالَ: (لاَ، يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ سَارَ فِي أهْل السَّوَادِ بِمَا فِي الْجَفْر الأبْيَض، وَإِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ فِي الْعَرَبِ بِمَا فِي الْجَفْر الأحْمَر)، قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا الْجَفْرُ الأحْمَرُ؟ قَالَ: فَأمَرَّ إِصْبَعَهُ عَلَى حَلْقِهِ فَقَالَ: (هَكَذَا _ يَعْنِي الذَّبْحَ _)، ثُمَّ قَالَ: (يَا رُفَيْدُ إِنَّ لِكُلّ أهْل بَيْتٍ نَجِيبا(4) شَاهِداً عَلَيْهِمْ شَافِعاً لأمْثَالِهِمْ)(5).
بيان: المراد بالنجيب كلّ الأئمّة عليهم السلام أو القائم عليه السلام، والأوّل أظهر.4.
ص: 350
8 _ علل الشرائع: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، (عَنْ سَعْدٍ)(1)، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِي زُهَيْرٍ شَبِيبِ بْن أنَسٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ أبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أخْبِرْني عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ))(2) أيْنَ ذَلِكَ مِنَ الأرْض؟).
قَالَ: أحْسَبُهُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَالْتَفَتَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِلَى أصْحَابِهِ فَقَالَ: (أتَعْلَمُونَ أنَّ النَّاسَ يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، فَتُؤْخَذُ أمْوَالُهُمْ، وَلاَ يَأمَنُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَيُقْتَلُونَ؟)، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَسَكَتَ أبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: (يَا بَا حَنِيفَةَ أخْبِرْني عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً))(3) أيْنَ ذَلِكَ مِنَ الأرْض؟).
قَالَ: الْكَعْبَةُ، قَالَ: (أفَتَعْلَمُ أنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حِينَ وَضَعَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى ابْن الزُّبَيْر فِي الْكَعْبَةِ فَقَتَلَهُ كَانَ آمِناً فِيهَا؟)، قَالَ: فَسَكَتَ.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ أبُو بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الْجَوَابُ فِي الْمَسْألَتَيْن؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَكْرٍ ((سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)) فَقَالَ: مَعَ قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَأمَّا قَوْلُهُ: ((وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)) فَمَنْ بَايَعَهُ وَدَخَلَ مَعَهُ وَمَسَحَ عَلَى يَدِهِ وَدَخَلَ فِي عَقْدِ أصْحَابِهِ كَانَ آمِناً...) الْخَبَرَ(4).م.
ص: 351
9 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْن النُّعْمَان، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أمَا لَوْ قَامَ قَائِمُنَا لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاءُ حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ وَحَتَّى يَنْتَقِمَ لِابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ عليها السلام مِنْهَا).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَلِمَ يَجْلِدُهَا الْحَدَّ؟ قَالَ: (لِفِرْيَتِهَا عَلَى اُمَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ أخَّرَهُ اللهُ لِلْقَائِم عليه السلام؟ فَقَالَ لَهُ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم رَحْمَةً وَبَعَثَ الْقَائِمَ عليه السلام نَقِمَةً)(1).
أقول: قد مرَّت قصَّة فريّتها في كتاب أحوال نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم(2) وكتاب الفتن.
10 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عليه السلام وَقَدْ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر ثُمَّ يَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى بِاللهِ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى بِآدَمَ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى بِنُوح، أيُّهَا ).
ص: 352
النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى بِإبْرَاهِيمَ عليه السلام، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُوسَى فَأنَا أوْلَى بِمُوسَى، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي عِيسَى فَأنَا أوْلَى بِعِيسَى، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأنَا أوْلَى بِمُحَمَّدٍ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى بِكِتَابِ اللهِ، ثُمَّ يَنْتَهِي إِلَى الْمَقَام فَيُصَلّي رَكْعَتَيْن وَيَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (هُوَ وَاللهِ الْمُضْطَرُّ فِي كِتَابِ اللهِ فِي قَوْلِهِ: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأَْرْضِ))(1) فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ ثُمَّ الثَّلاَثَمِائَةِ وَالثَّلاَثَةَ عَشَرَ، فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالْمَسِير وَافَى(2)، وَمَنْ لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِير فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: هُمُ الْمَفْقُودُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3))، قَالَ: (((الْخَيْرات)) الْوَلاَيَةُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَرَ: ((وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(4) وَهُمْ وَاللهِ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام يَجْتَمِعُونَ وَاللهِ إِلَيْهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإذَا جَاءَ إِلَى الْبَيْدَاءِ يَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ الأرْضَ فَتَأخُذُ بِأقْدَامِهِمْ(5)، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ)) يَعْنِي الْقَائِمَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ ).
ص: 353
مَكانٍ بَعِيدٍ...)) (إلى قوله:)(1) ((وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ)) يَعْنِي ألاَّ يُعَذَّبُوا، ((كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ)) يَعْنِي مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ(2) هَلَكُوا، ((إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ))(3))(4).
11 _ الخصال: الأرْبَعُمِائَةِ، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (بِنَا يَفْتَحُ اللهُ وَبِنَا يَخْتِمُ اللهُ وَبِنَا يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَبِنَا يُثْبِتُ وَبِنَا يَدْفَعُ اللهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ، وَبِنَا يُنَزَّلُ الْغَيْثَ، فَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ، مَا أنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ مُنْذُ حَبَسَهُ اللهُ عزّ وجل وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لأنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَلأخْرَجَتِ الأرْضُ نَبَاتَهَا، وَلَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ، وَاصْطَلَحَتِ السَّبَاعُ وَالْبَهَائِمُ، حَتَّى تَمْشِي الْمَرْأةُ بَيْنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّام، لاَ تَضَعُ قَدَمَيْهَا إِلاَّ عَلَى النَّبَاتِ، وَعَلَى رَأسِهَا زَبِيلُهاَ(5)، لاَ يُهَيَّجُهَا سَبُعٌ وَلاَ تَخَافُهُ)(6).
12 _ الخصال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ رَبِيع بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن ثُوَيْر بْن أبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا أذْهَبَ اللهُ عزّ وجل عَنْ شِيعَتِنَا الْعَاهَةَ، وَجَعَلَ قُلُوبَهُمْ كَزُبَر الْحَدِيدِ، وَجَعَلَ قُوَّةَ الرَّجُل مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً، وَيَكُونُونَ حُكَّامَ الأرْض وَسَنَامَهَا)(7).
13 _ قصص الأنبياء: بِالإسْنَادِ عَن الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ 4.
ص: 354
بْن الْمُفَضَّل، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمْدَانَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ مَرْيَمَ(1) بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أنَّهُ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، هُوَ مَنْزلُ إِدْريسَ عليه السلام، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ، وَمَا مِنْ يَوْم وَلاَ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَالْمَلاَئِكَةُ يَأوُونَ إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْبُدُونَ اللهَ فِيهِ، يَا بَا مُحَمَّدٍ أمَا إِنّي لَوْ كُنْتُ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ مَا صَلَّيْتُ صَلاَةً إِلاَّ فِيهِ، ثُمَّ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ اللهُ لِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(2).
14 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمِيَّ(3)، عَنْ أخَوَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ، عَنْ عَلِيَّ بْن يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيدِ بْن عُمَرَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل مِصْرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ قَائِمَنَا لَوْ قَدْ قَامَ لَقَدْ أخَذَ بَنِي شَيْبَةَ وَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وَطَافَ بِهِمْ وَقَالَ: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ اللهِ...) الْخَبَرَ(4).
15 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن ابْن قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أجْرُ ه.
ص: 355
شَهِيدَيْن، وَمَنْ قَتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أجْرُ عِشْرينَ شَهِيداً...)(1) الْخَبَرَ.
16 _ العدد القويّة: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَيَنْبُتُ فِي قَلْبِ مَهْدِيَّنَا كَمَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ عَلَى أحْسَن نَبَاتِهِ، فَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ حَتَّى يَرَاهُ فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الْعِلْم، وَمَوْضِعَ الرَّسَالَةِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ)(2).
17 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(3)، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْكُوفِيَّ، عَن الْحَسَن بْن حَمَّادٍ الطَّائِيَّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (حَدِيثُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْتَمِلُهُ إِلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، أوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أوْ مُؤْمِنٌ مُمْتَحَنٌ، أوْ مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ، فَإذَا وَقَعَ أمْرُنَا وَجَاءَ مَهْدِيُّنَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا أجْرَى مِنْ لَيْثٍ، وَأمْضَى مِنْ سِنَانٍ، يَطَاُ عَدُوَّنَا بِرجْلَيْهِ، وَيَضْربُهُ بِكَفَّيْهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُول رَحْمَةِ اللهِ وَفَرَجِهِ عَلَى الْعِبَادِ)(4).
18 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى أبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا رُفَيْدُ كَيْفَ أنْتَ إِذَا رَأيْتَ أصْحَابَ الْقَائِم قَدْ ضَرَبُوا فَسَاطِيطَهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ أخْرَجَ الْمِثَالَ الْجَدِيدَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ؟)(5).).
ص: 356
قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هُوَ؟ قَالَ: (الذَّبْحُ)، قَالَ: قُلْتُ: بِأيَّ شَيْءٍ يَسِيرُ فِيهِمْ، بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فِي أهْل السَّوَادِ؟ قَالَ: (لاَ، يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيّاً سَارَ بِمَا فِي الْجَفْر الأبْيَض، وَهُوَ الْكَفُّ، وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَإِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ بِمَا فِي الْجَفْر الأحْمَر وَهُوَ الذَّبْحُ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ لاَ يَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ)(1).
19 _ بصائر الدرجات: سَلَمَةُ بْنُ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنِيع بْن الْحَجَّاج الْبَصْريَّ، عَنْ مُجَاشِع، عَنْ مُعَلًّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَيْض، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: (كَانَ عَصَا مُوسَى عليه السلام لآِدَمَ فَصَارَتْ إِلَى شُعَيْبٍ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام وَإِنَّهَا لَعِنْدَنَا، وَإِنَّ عَهْدِي بِهَا آنِفاً وَهِيَ خَضْرَاءُ كَهَيْئَتِهَا حِينَ انْتُزعَتْ مِنْ شَجَرهَا، وَإِنَّهَا لَتَنْطِقُ إِذَا اسْتُنْطِقَتْ، اُعِدَّتْ لِقَائِمِنَا لِيَصْنَعَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَصْنَعُ بِهَا، وَإِنَّهَا لَتَرُوعُ وَتَلْقَفُ ما يَأفِكُونَ وَتَصْنَعُ كَمَا تُؤْمَرُ، وَإِنَّهَا حَيْثُ أقْبَلَتْ تَلْقَفُ(2) ما يَأفِكُونَ تُفْتَحُ لَهَا شَفَتَان(3) إِحْدَاهُمَا فِي الأرْض وَالاُخْرَى فِي السَّقْفِ (4) وَبَيْنَهُمَا أرْبَعُونَ ذِرَاعاً، وَتَلْقَفُ ما يَأفِكُونَ بِلِسَانِهَا)(5).
كمال الدين: أبي، عن محمّد بن يحيى، عن سلمة، مثله(6).
20 _ بصائر الدرجات: ابْنُ هَاشِم، عَن الْبَرْقِيَّ، عَن الْبَزَنْطِيَّ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْحَذَّاءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ:7.
ص: 357
جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي اُريدُ أنْ أمَسَّ(1) صَدْرَكَ، فَقَالَ: (افْعَلْ!)، فَمَسِسْتُ صَدْرَهُ وَمَنَاكِبَهُ، فَقَالَ: (وَلِمَ يَا بَا مُحَمَّدٍ؟).
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي سَمِعْتُ أبَاكَ وَهُوَ يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ وَاسِعُ الصَّدْر، مُسْتَرْسِلُ الْمَنْكِبَيْن، عَريضُ مَا بَيْنَهُمَا).
فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّ أبِي لَبِسَ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَانَتْ تُسْحَبُ عَلَى الأرْض وَإِنّي لَبِسْتُهَا فَكَانَتْ وَكَانَتْ، وَإِنَّهَا تَكُونُ مِنَ الْقَائِم كَمَا كَانَتْ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مُشَمَّرَةً كَأنَّهُ تُرْفَعُ نِطَاقُهَا بِحَلْقَتَيْن، وَلَيْسَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مَنْ جَازَ أرْبَعِينَ)(2).
الخرائج والجرائح: عَنْ أبِي بَصِيرٍ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (وَهِيَ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الأمْر مُشَمَّرَةٌ كَمَا كَانَتْ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(3).
إيضاح: قوله عليه السلام: (فكانت وكانت) أي كانت قريبة من الاستواء والتقدير وكانت مستوية وكانت زائدة، قوله عليه السلام: (مشمرة) أي مرتفعة أذيالها عن الأرض والمراد بنطاقها ما يرسل قدامها، والمعنى أنَّها كانت قصيرة عليه، بحيث يظنّ الرائي أنَّه رفع نطاقها وشدَّها على وسطه بحلقتين.
وفي بعض النسخ: (كانت) ولعلَّ المعنى أنَّه صلى الله عليه وآله وسلّم كان يشدّها لسهولة الحركات لا لطولها ويحتمل أن يكون المراد بالنطاق التي تشدّ فوق الدرع.
قوله عليه السلام: (من جاز أربعين) أي في الصورة أي صاحب هذا الأمر يرى دائماً أنَّه في سن أربعين ولا يؤثّر فيه الشيب ولا يغيّره.2.
ص: 358
21 _ بصائر الدرجات: عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حَريزٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لَنْ تَذْهَبَ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَحْكُمُ بِحُكْم دَاوُدَ(1) وَآل دَاوُدَ لاَ يَسْألُ النَّاسَ بَيَّنَةً)(2).
22 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنّي يَحْكُمُ بِحُكُومَةِ آل دَاوُدَ لاَ يَسْألُ عَنْ بَيَّنَةٍ، يُعْطِي كُلَّ نَفْسٍ حُكْمَهَا)(3).
23 _ بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أنْبِيَاءُ أنْتُمْ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ لاَ أتَّهِمُ أنَّكَ قُلْتَ إِنَّكُمْ أنْبِيَاءُ، قَالَ: (مَنْ هُوَ أبُو الْخَطَّابِ؟)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (كُنْتَ إِذاً أهْجَرَ (كُنْتُ إِذاً أهْجُرُ))، قَالَ: قُلْتُ: فَبِمَا تَحْكُمُونَ؟ قَالَ: (نَحْكُمُ بِحُكْم آل دَاوُدَ)(4).
بيان: قوله عليه السلام: (كنت إذاً أهجر) على صيغة الخطاب وأهجر على أفعل التفضيل من الهجر بمعنى الهذيان أي الآن حيث ظهر أنَّك اعتمدت على قول أبي الخطاب الكذّاب ظهر كثرة هذيانك، أو على 2.
ص: 359
صيغة التكلّم وكذا (أهجر) أيضاً على التكلّم ويكون على الاستفهام التوبيخي أي على قولك حيث تصدق أبا الخطاب في ذلك، فأنا عند هذا القول كنت هاذياً، إذ لا يصدر من العاقل مثل ذلك في حال العقل.
24 _ بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ فُضَيْلٍ الأعْوَر، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ، عَنْهُ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ حَكَمَ بِحُكْم دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لاَ يَسْألُ النَّاسَ بَيَّنَةً)(1).
25 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: عَن الْحَسَن بْن طَريفٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريَّ عليه السلام أسْألُهُ عَن الْقَائِم إِذَا قَامَ بِمَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاس؟ وَأرَدْتُ أنْ أسْألَهُ عَنْ شَيْءٍ لِحُمَّى الرَّبْع فَأغْفَلْتُ ذِكْرَ الْحُمَّى فَجَاءَ الْجَوَابُ: (سَألْتَ عَن الإمَام فَإذَا قَامَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاس بِعِلْمِهِ كَقَضَاءِ دَاوُدَ عليه السلام لاَ يَسْألُ الْبَيَّنَةَ...)(2) الْخَبَرَ.
26 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِم، عَنْ سُلَيْمَانَ(3) الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ مُعَاويَةَ الدُّهْنِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالأَْقْدامِ))(4)، فَقَالَ: (يَا مُعَاويَةُ مَا يَقُولُونَ فِي هَذَا؟)، قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أنَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْرفُ الْمُجْرمِينَ بِسِيمَاهُمْ فِي الْقِيَامَةِ، فَيَأمُرُ بِهِمْ، فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأقْدَامِهِمْ، فَيُلْقَوْنَ فِي النَّار، فَقَالَ لِي: (وَكَيْفَ يَحْتَاجُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى 1.
ص: 360
مَعْرفَةِ خَلْقٍ أنْشَأهُمْ وَهُمْ خَلْقُهُ(1)؟)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ: (لَوْ قَامَ قَائِمُنَا أعْطَاهُ اللهُ السَّيمَاءَ فَيَأمُرُ بِالْكَافِر فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأقْدَامِهِمْ ثُمَّ يَخْبِطُ بِالسَّيْفِ خَبْطاً)(2).
بيان: (الخبط) الضرب الشديد.
27 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ وَأبُو سَلاَّم، عَنْ سَوْرَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْن قَدْ خُيَّرَ السَّحَابَيْن فَاخْتَارَ الذَّلُولَ، وَذَخَرَ لِصَاحِبكُمُ الصَّعْبَ)، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الصَّعْبُ؟ قَالَ: (مَا كَانَ مِنْ سَحَابٍ فِيهِ رَعْدٌ وَصَاعِقَةٌ أوْ بَرْقٌ فَصَاحِبُكُمْ يَرْكَبُهُ أمَا إِنَّهُ سَيَرْكَبُ السَّحَابَ، وَيَرْقَى فِي الأسْبَابِ أسْبَابِ السَّمَاوَاتِ السَّبْع، وَالأرَضِينَ السَّبْع، خَمْسٌ عَوَامِرُ وَاثْنَتَان خَرَابَان)(3).
بصائر الدرجات: أحمد بن محمّد، عن علي بن سنان، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(4).
الاختصاص: ابن عيسى، عن ابن سنان، عمَّن حدَّثه، عن عبد الرحيم، مثله(5).
28 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ أبِي يَحْيَى، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ خَيَّرَ ذَا الْقَرْنَيْن 9.
ص: 361
السَّحَابَيْن الذَّلُولَ وَالصَّعْبَ، فَاخْتَارَ الذَّلُولَ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ بَرْقٌ وَلاَ رَعْدٌ، وَلَو اخْتَارَ الصَّعْبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لأنَّ اللهَ ادَّخَرَهُ(1) لِلْقَائِم عليه السلام)(2).
29 _ كمال الدين: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَعْبَدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرَّضَا عليه السلام: (لاَ دِينَ لِمَنْ لاَ وَرَعَ لَهُ، وَلاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ تَقِيَّةَ لَهُ، إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل أعْمَلُكُمْ بِالتَّقِيَّةِ(3) قَبْلَ خُرُوج قَائِمِنَا فَمَنْ تَرَكَهَا قَبْلَ خُرُوج قَائِمِناَ(4) فَلَيْسَ مِنَّا).
فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ وَمَن الْقَائِمُ مِنْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ؟ قَالَ: (الرَّابِعُ مِنْ وُلْدِي ابْنُ سَيَّدَةِ الإمَاءِ يُطَهَّرُ اللهُ بِهِ الأرْضَ مِنْ كُلّ جَوْرٍ، وَيُقَدَّسُهَا مِنْ كُلّ ظُلْم وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَإذَا خَرَجَ أشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُور رَبَّها(5)، وَوَضَعَ مِيزَانَ الْعَدْل بَيْنَ النَّاس، فَلاَ يَظْلِمُ أحَدٌ أحَداً.
وَهُوَ الَّذِي تُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ ظِلٌّ، وَهُوَ الَّذِي يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِهِ، يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أهْل الأرْض بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ، يَقُولُ: ألاَ إِنَّ حُجَّةَ اللهِ قَدْ ظَهَرَ عِنْدَ بَيْتِ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ، فَإنَّ الْحَقَّ مَعَهُ وَفِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(6))(7).5.
ص: 362
إعلام الورى: عن علي، مثله(1).
30 _ كمال الدين: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الرَّيَّان بْن الصَّلْتِ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر؟ فَقَالَ: (أنَا صَاحِبُ هَذَا الأمْر وَلَكِنّي لَسْتُ بِالَّذِي أمْلاَهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، وَكَيْفَ أكُونُ ذَاكَ عَلَى مَا تَرَى مِنْ ضَعْفِ بَدَنِي؟ وَإِنَّ الْقَائِمَ هُوَ الَّذِي إِذَا خَرَجَ كَانَ فِي سِنَّ الشُّيُوخ وَمَنْظَر الشَّبَابِ(2)، قَويّاً فِي بَدَنِهِ حَتَّى لَوْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى أعْظَم شَجَرَةٍ عَلَى وَجْهِ الأرْض لَقَلَعَهَا، وَلَوْ صَاحَ بَيْنَ الْجِبَال لَتَدَكْدَكَتْ صُخُورُهَا، يَكُونُ مَعَهُ عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ، ذَاكَ الرَّابِعُ مِنْ وُلْدِي يُغَيَّبُهُ اللهُ فِي سِتْرهِ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ يُظْهِرُهُ فَيَمْلاَ بِهِ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(3).
إعلام الورى: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرهِ: (كَأنّي بِهِمْ آيَسَ(4) مَا كَانُوا(5) نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُ مَنْ قَرُبَ يَكُونُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً لِلْكَافِرينَ)(6).
31 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ (مُحَمَّدِ بْن نُصَيْرٍ، عَنْ)(7) مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، (عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى)(8)، عَنْ ر.
ص: 363
عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِي، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْن كَانَ عَبْداً صَالِحاً جَعَلَهُ اللهُ حُجَّةً عَلَى عِبَادِهِ، فَدَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأمَرَهُمْ بِتَقْوَاهُ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ زَمَاناً حَتَّى قِيلَ مَاتَ أوْ هَلَكَ بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ ثُمَّ ظَهَرَ وَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنهِ(1).
ألاَ وَفِيكُمْ مَنْ هُوَ عَلَى سُنَّتِهِ، وَإِنَّ اللهَ عزّ وجل مَكَّنَ لَهُ(2) فِي الأرْض وَآتَاهُ(3) مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَباً، وَبَلَغَ الْمَشْرقَ وَالْمَغْربَ، وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيُجْري سُنَّتَهُ فِي الْقَائِم مِنْ وُلْدِي، وَيُبَلّغُهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا حَتَّى لاَ يَبْقَى سَهْلٌ وَلاَ مَوْضِعٌ(4) مِنْ سَهْلٍ وَلاَ جَبَلٍ (جَبَلٌ) وَطِئَهُ ذُو الْقَرْنَيْن إِلاَّ وَطِئَهُ، وَيُظْهِرُ اللهُ لَهُ كُنُوزَ الأرْض وَمَعَادِنَهَا وَيَنْصُرُهُ بِالرُّعْبِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(5).
32 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَنْ أبِي هَاشِم الْجَعْفَريَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ أمَرَ بِهَدْم(6) الْمَنَار وَالْمَقَاصِير الَّتِي فِي الْمَسَاجِدِ)، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لأيَّ مَعْنَى هَذَا؟ فَأقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: (مَعْنَى هَذَا أنَّهَا مُحْدَثَةٌ مُبْتَدَعَةٌ لَمْ يَبْنِهَا نَبِيٌّ وَلاَ حُجَّةٌ)(7).
33 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازيَّ،5.
ص: 364
عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَألَ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَمْ يَخْرُجُ مَعَ الْقَائِم عليه السلام؟ فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مَعَهُ مِثْلُ عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، قَالَ: (مَا يَخْرُجُ إِلاَّ فِي اُولِي قُوَّةٍ وَمَا يَكُونُ اُولُو الْقُوَّةِ أقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفٍ)(1).
بيان: المعنى أنَّه عليه السلام لا تنحصر أصحابه في الثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا العدد هم المجتمعون عنده في بدو خروجه.
34 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ ضُرَيْسٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ سَيَّدِ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (الْمَفْقُودُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةُ أهْل بَدْرٍ فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(2) وَهُمْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام)(3).
35 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ مُنْذِرٍ(4)، عَنْ بَكَّار بْن أبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْقَائِم عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ لَنَا بِعِلْم(5) ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (يُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَتَحْتَ رَأسِهِ صَحِيفَةٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: ((طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ))(6)).3.
ص: 365
وَرُويَ أنَّهُ يَكُونُ فِي رَايَةِ الْمَهْدِيَّ: الرَّفْعَةُ للهِ عزّ وجل(1).
36 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن السَّعْدَآبَادِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(2)، فَقَالَ: (وَاللهِ مَا نَزَلَ تَأويلُهَا بَعْدُ وَلاَ يَنْزلُ تَأويلُهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْقَائِمُ عليه السلام، فَإذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ بِاللهِ الْعَظِيم، وَلاَ مُشْركٌ بِالإمَام إِلاَّ كَرهَ خُرُوجَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرٌ أوْ مُشْركٌ فِي بَطْن صَخْرَةٍ لَقَالَتْ: يَا مُؤْمِنُ فِي بَطْنِي كَافِرٌ فَاكْسِرْني وَاقْتُلْهُ)(3).
37 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام مِنْ مَكَّةَ يُنَادِي مُنَادِيهِ: ألاَ لاَ يَحْمِلَنَّ أحَدٌ طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً، وَحَمَلَ مَعَهُ حَجَرُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام وَهُوَ وقْرُ بَعِيرٍ، فَلاَ يَنْزلُ مَنْزلاً إِلاَّ انْفَجَرَتْ مِنْهُ عُيُونٌ، فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ، وَمَنْ كَانَ ظَمْآناً رَويَ، وَرَويَتْ دَوَابُّهُمْ، حَتَّى يَنْزلُوا النَّجَفَ مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ)(4).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام ومحمّد بن الحسن بن جمهور، عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن أبي الجارود، مثله(5).9.
ص: 366
بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، عَنْ أبِيهِ عليه السلام مِثْلَهُ(1)، وَفِيهِ: (إِلاَّ انْبَعَثَ عَيْنٌ مِنْهُ)، وَفِيهِ: (وَمَنْ كَانَ ظَامِئا(2) رَويَ فَهُوَ زَادُهُمْ حَتَّى يَنْزلُوا...) إِلَى آخِرهِ(3).
38 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَقُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ أحَدٌ مِنْ خَلْقِ الرَّحْمَن إِلاَّ عَرَفَهُ صَالِحٌ هُوَ أمْ طَالِحٌ، ألاَ وَفِيهِ آيَةٌ لِلْمُتَوَسَّمِينَ وَهِيَ السَّبِيلُ الْمُقِيمُ)(4).
39 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (دَمَان فِي الإسْلاَم حَلاَلٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل لاَ يَقْضِي فِيهِمَا أحَدٌ بِحُكْم اللهِ عزّ وجل حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ الْقَائِمَ مِنْ أهْل الْبَيْتِ فَيَحْكُمُ فِيهِمَا بِحُكْم اللهِ عزّ وجل لاَ يُريدُ فِيهِ بَيَّنَةً: الزَّانِي الْمُحْصَنُ يَرْجُمُهُ، وَمَانِعُ الزَّكَاةِ يَضْربُ رَقَبَتَهُ)(5).
40 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (كَأنّي أنْظُرُ (إِلَى)(6) الْقَائِم عَلَى ظَهْر النَّجَفِ (فَإذَا اسْتَوَى عَلَى ر.
ص: 367
ظَهْر النَّجَفِ)(1) رَكِبَ فَرَساً أدْهَمَ أبْلَقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهِ فَرَسُهُ، فَلاَ يَبْقَى أهْلُ بَلْدَةٍ إِلاَّ وَهُمْ يَظُنُّونَ أنَّهُ مَعَهُمْ فِي بِلاَدِهِمْ، فَإذَا نَشَرَ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم انْحَطَّ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً كُلُّهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْقَائِمَ عليه السلام.
وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوح عليه السلام فِي السَّفِينَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيل عليه السلام حَيْثُ اُلْقِيَ فِي النَّار، وَكَانُوا مَعَ عِيسَى عليه السلام حِينَ رُفِعَ، وَأرْبَعَةُ آلاَفٍ مُسَوَّمِينَ وَمُرْدِفِينَ وَثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً يَوْمَ بَدْرٍ، وَأرْبَعَةُ آلاَفِ مَلَكٍ الَّذِينَ هَبَطُوا يُريدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْن بْن عليًّ عليهما السلام فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَصَعِدُوا فِي الِاسْتِئْذَان وَهَبَطُوا وَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَهُمْ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ عِنْدَ قَبْر الْحُسَيْن إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَمَا بَيْنَ قَبْر الْحُسَيْن إِلَى السَّمَاءِ مُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ)(2).
بيان: قال الجوهري: (الشمراخ) غرة الفرس إذا دقت وسالت، وجللت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة(3).
41 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن تَغْلِبَ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: ((كَأنّي)(4) أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم قَدْ ظَهَرَ عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ، فَإذَا ظَهَرَ عَلَى النَّجَفِ نَشَرَ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، عَمُودُهَا مِنْ عُمُدِ عَرْش اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْر اللهِ جلّ جلاله، لاَ يَهْوي(5) بِهَا ).
ص: 368
إِلَى أحَدٍ إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ عزّ وجل)، قَالَ: قُلْتُ: تَكُونُ مَعَهُ أوْ يُؤْتَى بِهَا؟ قَالَ: (بَلْ يُؤْتَى بِهَا، يَأتِيهِ بِهَا جَبْرَئِيلُ عليه السلام)(1).
42 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْكُوفِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (كَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ وَحَوْلَهُ أصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةَ أهْل بَدْرٍ، وَهُمْ أصْحَابُ الألْويَةِ وَهُمْ حُكَّامُ اللهِ فِي أرْضِهِ عَلَى خَلْقِهِ، حَتَّى يَسْتَخْرجَ مِنْ قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَم مِنْ ذَهَبٍ عَهْدٌ مَعْهُودٌ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَم(2)، فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ إِلاَّ الْوَزيرُ وَأحَدَ عَشَرَ نَقِيباً كَمَا بَقُوا مَعَ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام. فَيَجُولُونَ فِي الأرْض فَلاَ يَجِدُونَ عَنْهُ مَذْهَباً فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، وَاللهِ إِنّي لأعْرفُ الْكَلاَمَ الَّذِي يَقُولُ لَهُمْ فَيَكْفُرُونَ بِهِ)(3).
توضيح: أجفل القوم أي هربوا مسرعين.
43 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي هَرَاسَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِأصْحَابِ الْقَائِم وَقَدْ أحَاطُوا بِمَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن، لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَهُوَ مُطِيعٌ لَهُمْ، حَتَّى سِبَاعُ الأرْض وَسِبَاعُ الطَّيْر، تَطْلُبُ رضَاهُمْ (فِي)(4) كُلّ شَيْءٍ، حَتَّى تَفْخَرَ الأرْضُ عَلَى الأرْض، وَتَقُولَ: مَرَّ بِي الْيَوْمَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم)(5).5.
ص: 369
44 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمَّهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مَا كَانَ يَقُولُ لُوطٌ عليه السلام: ((لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ))(1) إِلاَّ تَمَنِيّاً لِقُوَّةِ الْقَائِم عليه السلام وَلاَ ذَكَرَ إِلاَّ شِدَّةَ أصْحَابِهِ فَإنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يُعْطَى(2) قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً، وَإِنَّ قَلْبَهُ لأشَدُّ مِنْ زُبَر الْحَدِيدِ، وَلَوْ مَرُّوا بِجِبَال الْحَدِيدِ لَقَطَعُوهاَ(3)، لاَ يَكُفُّونَ سُيُوفَهُمْ حَتَّى يَرْضَى اللهُ عزّ وجل)(4).
45 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاج، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ(5)، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (أتَدْري مَا كَانَ قَمِيصُ يُوسُفَ عليه السلام؟)، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا اُوقِدَتْ لَهُ النَّارُ، نَزَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام بِالْقَمِيص وَألْبَسَهُ(6) إِيَّاهُ فَلَمْ يَضُرَّهُ مَعَهُ حَرٌّ وَلاَ بَرْدٌ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَهُ فِي تَمِيمَةٍ وَعَلَّقَهُ عَلَى إِسْحَاقَ عليه السلام وَعَلَّقَهُ إِسْحَاقُ عَلَى يَعْقُوبَ عليه السلام فَلَمَّا وُلِدَ يُوسُفُ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي عَضُدِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ أمْرهِ مَا كَانَ.
فَلَمَّا أخْرَجَهُ يُوسُفُ عليه السلام مِنَ التَّمِيمَةِ وَجَدَ يَعْقُوبُ ريحَهُ وَهُوَ ).
ص: 370
قَوْلُهُ عزّ وجل(1): ((إِنِّي لأََجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ))(2) فَهُوَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ الَّذِي(3) مِنَ الْجَنَّةِ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإلَى مَنْ صَارَ هَذَا الْقَمِيصُ؟ قَالَ: (إِلَى أهْلِهِ، وَهُوَ مَعَ قَائِمِنَا إِذَا خَرَجَ)، ثُمَّ قَالَ: (كُلُّ نَبِيًّ وَرثَ عِلْماً أوْ غَيْرَهُ فَقَدِ انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
الخرائج والجرائح: عن المفضَّل، مثله(5).
46 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّهُ إِذَا تَنَاهَتِ الاُمُورُ إِلَى صَاحِبِ هَذَا الأمْر رَفَعَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ كُلَّ مُنْخَفِضٍ مِنَ الأرْض، وَخَفَضَ لَهُ كُلَّ مُرْتَفِع(6) حَتَّى تَكُونَ الدُّنْيَا عِنْدَهُ بِمَنْزلَةِ رَاحَتِهِ، فَأيُّكُمْ لَوْ كَانَتْ فِي رَاحَتِهِ شَعْرَةٌ لَمْ يُبْصِرْهَا)(7).
47 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ، عَنْ قُتَيْبَةَ الأعْشَى، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ مَوْلًى لِبَنِي شَيْبَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوس الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهَا عُقُولَهُمْ وَكَمُلَتْ بِهَا أحْلاَمَهُمْ)(8).0.
ص: 371
الكافي: الحسين بن محمّد، عن المعلّى، مثله(1).
48 _ كامل الزيارات: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ وَقَدْ لَبِسَ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَيَنْتَفِضُ هُوَ بِهَا فَتَسْتَدِيرُ عَلَيْهِ، فَيَغْشَاهَا بِخِدَاجَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، وَيَرْكَبُ فَرَساً أدْهَمَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ، فَيَنْتَفِضُ بِهِ انْتِفَاضَةً لاَ يَبْقَى أهْلُ بِلاَدٍ إِلاَّ وَهُمْ يَرَوْنَ أنَّهُ مَعَهُمْ فِي بِلاَدِهِمْ فَيَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَمُودُهَا مِنْ عَمُودِ الْعَرْش، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْر اللهِ، لاَ يَهْوي بِهَا إِلَى شَيْءٍ أبَداً إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ، فَإذَا هَزَّهَا لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ صَارَ قَلْبُهُ كَزُبَر الْحَدِيدِ، وَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً وَلاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ مَيَّتٌ إِلاَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَبْرهِ، وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورهِمْ وَيَتَبَاشَرُونَ بِقِيَام الْقَائِم، فَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ آلافَ (ألْفَ) مَلَكٍ وَثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً)، قُلْتُ: كُلُّ هَؤُلاَءِ الْمَلاَئِكَةُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوح فِي السَّفِينَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام حِينَ اُلْقِيَ فِي النَّار، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى حِينَ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى حِينَ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَأرْبَعَةُ آلاَفِ مَلَكٍ مَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم مُسَوَّمِينَ وَألْفٌ مُرْدِفِينَ وَثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ مَلاَئِكَةً بَدْريَّينَ، وَأرْبَعَةُ آلاَفِ مَلَكٍ هَبَطُوا يُريدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْن بْن عليًّ عليهما السلام فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي الْقِتَال فَهُمْ عِنْدَ قَبْرهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَرَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ فَلاَ يَزُورُهُ زَائِرٌ إِلاَّ اسْتَقْبَلُوهُ وَلاَ يُوَدَّعُهُ ).
ص: 372
مُوَدَّعٌ إِلاَّ شَيَّعُوهُ، وَلاَ يَمْرَضُ مَريضٌ إِلاَّ عَادُوهُ، وَلاَ يَمُوتُ مَيَّتٌ إِلاَّ صَلَّوْا عَلَى جِنَازَتِهِ، وَاسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكُلُّ هَؤُلاَءِ فِي الأرْض يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِم إِلَى وَقْتِ خُرُوجِهِ عليه السلام)(1).
الغيبة للنعماني: عبد الواحد، عن محمّد بن جعفر، عن أبي جعفر الهمداني، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان، مثله(2).
وعن ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن الحسن ومحمّد ابني علي بن يوسف، عن سعدان بن مسلم، عن ابن تغلّب، مثله(3).
بيان: الخداجة لم أرَ لها معنى مناسباً وفي (الغيبة للنعماني): الخدّاعة، وهي أيضاً كذلك، ولا يبعد أن يكون من الخدع والستر أي الثوب الذي يستر الدرع أو يخدع الناس لكون الدرع مستوراً تحته، ويمكن أن يكون الأوّل مصحَّف الخلاجة، والخلاج ككتان نوع من البرود لها خطط، وكونه من استبرق لا يخلو من إشكال ولعلَّه محمول على ما كان مخلوطاً بالقطن.
49 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الْمُثَنَّى، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَيَنْصُرَنَّ اللهُ هَذَا الأمْرَ بِمَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، وَلَوْ قَدْ جَاءَ أمْرُنَا لَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ مَنْ هُوَ الْيَوْمَ مُقِيمٌ عَلَى عِبَادَةِ الأوْثَان)(4).4.
ص: 373
بيان: لعلَّ المراد أنَّ أكثر أعوان الحقّ وأنصار التشيّع في هذا اليوم جماعة لا نصيب لهم في الدين ولو ظهر الأمر وخرج القائم يخرج من هذا الدين من يعلم الناس أنَّه كان مقيماً على عبادة الأوثان حقيقة أو مجازاً وكان الناس يحسبونه مؤمناً أو أنَّه عند ظهور القائم يشتغل بعبادة الأوثان، وسيأتي ما يؤيّده ولا يبعد أن يكون في الأصل لقد خرج معه، فتأمّل.
50 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْحِمَّانِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الأجْلَح، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن(1) الْهُذَيْل، قَالَ: لاَ يَقُومُ(2) السَّاعَةُ حَتَّى يَجْتَمِعَ كُلُّ مُؤْمِنٍ بِالْكُوفَةِ(3).
51 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ وَابْن بَزيع، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا دَخَلَ الْقَائِمُ الْكُوفَةَ لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ وَهُوَ بِهَا أوْ يَجِيءُ إِلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَيَقُولُ لأصْحَابِهِ: سِيرُوا بِنَا إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ فَيَسِيرُ إِلَيْهِ)(4).
إيضاح: وهو قول أمير المؤمنين، من كلام أبي جعفر عليه السلام ويحتمل الرواة، وفاعل (يقول) القائم عليه السلام ولعلَّ المراد بالطاغية السفياني.
52 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَبَشِيٍّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي نُعَيْم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن صَالِح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن غَزَالٍ، عَنْ مُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ 4.
ص: 374
قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُور رَبَّها وَاسْتَغْنَى الْعِبَادُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْس(1)، وَيُعَمَّرُ الرَّجُلُ فِي مُلْكِهِ حَتَّى يُولَدَ لَهُ ألْفُ ذَكَرٍ، لاَ يُولَدُ فِيهِمْ اُنْثَى، وَيَبْني فِي ظَهْر الْكُوفَةِ مَسْجِداً لَهُ ألْفُ بَابٍ وَيَتَّصِلُ بُيُوتُ الْكُوفَةِ بِنَهَر كَرْبَلاَءَ بِالْحِيرَةِ، حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى بَغْلَةٍ سَفْوَاءَ يُريدُ الْجُمُعَةَ فَلاَ يُدْركُهَا)(2).
إيضاح: بغلة سفواء: خفيفة سريعة.
53 _ الغيبة للطوسي: أبُو مُحَمَّدٍ الْمُحَمَّدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن الْفَضْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن بُنَانٍ الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن يَحْيَى بْن الْمُعْتَمِر، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ قَالَ: (يَدْخُلُ الْمَهْدِيُّ الْكُوفَةَ وَبِهَا ثَلاَثُ رَايَاتٍ قَدِ اضْطَرَبَتْ بَيْنَهَا، فَتَصْفُو لَهُ فَيَدْخُلُ حَتَّى يَأتِيَ الْمِنْبَرَ وَيَخْطُبَ، وَلاَ يَدْري النَّاسُ مَا يَقُولُ مِنَ الْبُكَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: كَأنّي بِالْحَسَنِيَّ وَالْحُسَيْنيَّ وَقَدْ قَادَاهَا فَيُسَلّمُهَا إِلَى الْحُسَيْنيَّ فَيُبَايِعُونَهُ، فَإذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ النَّاسُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ الصَّلاَةُ خَلْفَكَ تُضَاهِي الصَّلاَةَ خَلْفَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالْمَسْجِدُ لاَ يَسَعُنَا فَيَقُولُ: أنَا مُرْتَادٌ لَكُمْ(3) فَيَخْرُجُ إِلَى الْغَريَّ فَيَخُطُّ مَسْجِداً لَهُ ألْفُ بَابٍ يَسَعُ النَّاسَ عَلَيْهِ أصِيصٌ، وَيَبْعَثُ فَيَحْفِرُ مِنْ خَلْفِ قَبْر الْحُسَيْن عليه السلام لَهُمْ نَهَراً يَجْري إِلَى الْغَريَّيْن، حَتَّى يَنْبِذَ فِي النَّجَفِ، وَيَعْمَلُ عَلَى فُوَّهَتِهِ قَنَاطِرَ وَأرْحَاءَ فِي السَّبِيل، وَكَأنّي بِالْعَجُوز وَعَلَى رَأسِهَا مِكْتَلٌ فِيهِ بُرٌّ حَتَّى تَطْحَنَهُ بِكَرْبَلاَءَ)(4).5.
ص: 375
إعلام الورى، والإرشاد: في رواية عمرو بن شمر، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(1).
بيان: قال الفيروزآبادي: أص الشيء: برق، والأصيص كأمير: الرعدة والذعر، والبناء المحكم. والأصيصة: البيوت المتقاربة، وهم أصيصة واحدة أي مجتمعة وتأصصوا اجتمعوا(2).
54 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن أبِي الأسْوَدِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: ذُكِرَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ فَقَالَ: (أمَا إِنَّهُ مَنْزلُ صَاحِبنَا إِذَا قَدِمَ بِأهْلِهِ)(3).
الكافي: محمّد بن يحيى، عن علي بن الحسن، عن عثمان، مثله(4).
55 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أدْرَكَ مِنْكُمْ قَائِمَنَا فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الْعِلْم، وَمَوْضِعَ الرَّسَالَةِ)(5).
56 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ 0.
ص: 376
أصْحَابَ مُوسَى ابْتُلُوا بِنَهَرٍ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ))(1) وَإِنَّ أصْحَابَ الْقَائِم يُبْتَلَوْنَ بِمِثْل ذَلِكَ)(2).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد العطّار، عن محمّد بن الحسن(3) الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن ابن أبي هاشم، مثله(4).
57 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَن ابْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْقَائِمُ يَهْدِمُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى أسَاسِهِ، وَمَسْجِدَ الرَّسُول صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى أسَاسِهِ، وَيَرُدُّ الْبَيْتَ إِلَى مَوْضِعِهِ، وَأقَامَهُ عَلَى أسَاسِهِ، وَقَطَعَ أيْدِيَ بَنِي شَيْبَةَ السُّرَّاقِ، وَعَلَّقَهَا عَلَى الْكَعْبَةِ)(5).
58 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريَّ، عَنْ أبِي صَادِقٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (دَوْلَتُنَا آخِرُ الدُّوَل، وَلَنْ يَبْقَى أهْلُ بَيْتٍ لَهُمْ دَوْلَةٌ إِلاَّ مَلَكُوا قَبْلَنَا لِئَلاَّ يَقُولُوا إِذَا رَأوْا سِيرَتَنَا: إِذَا مَلِكْنَا سِرْنَا مِثْلَ سِيرَةِ هَؤُلاَءِ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))(6))(7).
59 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم 3.
ص: 377
وَالْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ جَاءَ بِأمْرٍ(1) غَيْر الَّذِي كَانَ)(2).
60 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الرَّبِيع بْن مُحَمَّدِ بْن الْمُسْلِيَّ، عَنْ سَعْدِ بْن طَريفٍ(3)، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ مَبْنِيّاً بِخَزَفٍ وَدِنَانٍ(4) وَطِينٍ، فَقَالَ: (وَيْلٌ لِمَنْ هَدَمَكَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ سَهَّلَ هَدْمَكَ، وَوَيْلٌ لِبَانِيكَ بِالْمَطْبُوخ، الْمُغَيَّر قِبْلَةَ نُوح، طُوبَى لِمَنْ شَهِدَ هَدْمَكَ مَعَ قَائِم أهْل بَيْتِي، اُولَئِكَ خِيَارُ الاُمَّةِ مَعَ أبْرَار الْعِتْرَةِ)(5).
61 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ(6) فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ دَخَلَ الْكُوفَةَ وَأمَرَ بِهَدْم الْمَسَاجِدِ الأرْبَعَةِ حَتَّى يَبْلُغَ أسَاسَهَا وَيُصَيَّرُهَا عَريشاً كَعَريش مُوسَى وَيَكُونُ الْمَسَاجِدُ كُلُّهَا جَمَّاءَ لاَ شُرَفَ لَهَا كَمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَيُوَسَّعُ الطَّريقَ الأعْظَمَ فَيَصِيرُ سِتّينَ ذِرَاعاً، وَيَهْدِمُ كُلَّ مَسْجِدٍ عَلَى الطَّريقِ، وَيَسُدُّ كُلَّ كُوَّةٍ إِلَى الطَّريقِ وَكُلَّ جَنَاح وَكَنِيفٍ وَمِيزَابٍ إِلَى الطَّريقِ، وَيَأمُرُ اللهُ الْفَلَكَ فِي زَمَانِهِ ).
ص: 378
فَيُبْطِئُ فِي دَوْرهِ حَتَّى يَكُونَ الْيَوْمُ فِي أيَّامِهِ كَعَشَرَةِ أيَّام(1)، وَالشَّهْرُ كَعَشَرَةِ أشْهُرٍ، وَالسَّنَةُ كَعَشْر سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ.
ثُمَّ لاَ يَلْبَثُ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهِ مَارقَةُ الْمَوَالِي بِرُمَيْلَةِ الدَّسْكَرَةِ عَشَرَةُ آلاَفٍ شِعَارُهُمْ: يَا عُثْمَانُ يَا عُثْمَانُ، فَيَدْعُو رَجُلاً مِنَ الْمَوَالِي فَيُقَلّدُهُ سَيْفَهُ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ، حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ أحَدٌ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى كَابُلْ شَاهَ، وَهِيَ مَدِينَةٌ لَمْ يَفْتَحْهَا أحَدٌ قَطُّ غَيْرُهُ، فَيَفْتَحُهَا ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَيُنْزلُهَا وَيَكُونُ دَارَهُ وَيُبَهْرجُ(2) سَبْعِينَ قَبِيلَةً مِنْ قَبَائِل الْعَرَبِ... تَمَامَ الْخَبَر.
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ أنَّهُ يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينيَّةَ وَالرُّومِيَّةَ وَبِلاَدَ الصّين(3).
62 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ أبِيهِ أسْبَاطِ بْن سَالِم، عَنْ مُوسَى الأبَّار(4)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (اتَّقِ الْعَرَبَ فَإنَّ لَهُمْ خَبَرَ سَوْءٍ أمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْقَائِم مِنْهُمْ وَاحِدٌ)(5).
63 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ عِمْرَانَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ حَكِيم بْن سَعْدٍ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (أصْحَابُ الْمَهْدِيَّ شَبَابٌ لاَ كُهُولٌ فِيهِمْ، إِلاَّ مِثْلَ كُحْل الْعَيْن وَالْمِلْح فِي الزَّادِ وَأقَلُّ الزَّادِ الْمِلْحُ)(6).1.
ص: 379
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن(1) الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي(2)، عن عبد الرحمن (بن)(3) أبي هاشم، مثله(4).
64 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ بْن مُسْلِم، عَن الْحَسَن بْن عُقْبَةَ النَّهْمِيَّ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ الْبَنَّاءِ(5)، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يُبَايِعُ الْقَائِمَ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام ثَلاَثُمِائَةٍ وَنَيَّفٌ عِدَّةُ أهْل بَدْرٍ، فِيهِمُ النُّجَبَاءُ مِنْ أهْل مِصْرَ، وَالأبْدَالُ مِنْ أهْل الشَّام، وَالأخْيَارُ مِنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَيُقِيمُ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يُقِيمَ)(6).
65 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَنْقُصُونَ حَتَّى لاَ يُقَالَ: اللهُ، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدَّين بِذَنَبِهِ، فَيَبْعَثُ اللهُ قَوْماً مِنْ أطْرَافِهَا، وَيَجِيئُونَ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ، وَاللهِ إِنّي لأعْرفُهُمْ وَأعْرفُ أسْمَاءَهُمْ وَقَبَائِلَهُمْ وَاسْمَ أمِيرهِمْ(7)، وَهُمْ قَوْمٌ يَحْمِلُهُمُ اللهُ كَيْفَ شَاءَ مِنَ الْقَبِيلَةِ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْن _ حَتَّى بَلَغَ تِسْعَةً _ فَيَتَوَافَوْنَ مِنَ الآفَاقِ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةَ أهْل بَدْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ ن.
ص: 380
عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(1) حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَحْتَبِي فَلاَ يَحُلُّ حِبْوَتَهُ حَتَّى يُبَلّغَهُ اللهُ ذَلِكَ)(2).
بيان: قال الجزري: اليعسوب السيّد والرئيس، والمقدم أصله فحل النحل ومنه حديث عليّ عليه السلام إنَّه ذكر فتنة فقال: (إذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه) أي فارق أهل الفتنة، وضرب في الأرض ذاهباً في أهل دينه وأتباعه الذين يتّبعونه على رأيه وهم الأذناب.
وقال الزمخشري: الضرب بالذنب ههنا مثل للإقامة والثبات، يعني أنَّه يثبت هو ومن تبعه على الدين(3).
66 _ صحيفة الرضا: عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام: (مَنْ قَاتَلَنَا فِي آخِر الزَّمَان فَكَأنَّمَا قَاتَلَنَا مَعَ الدَّجَّال)، قَالَ أبُو الْقَاسِم الطَّائِيُّ سَألْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرَّضَا عليه السلام عَمَّنْ قَاتَلَنَا فِي آخِر الزَّمَان قَالَ: (مَنْ قَاتَلَ صَاحِبَ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ وَهُوَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام)(4).
67 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بِمَكَّةَ وَأرَادَ أنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْكُوفَةِ نَادَى مُنَادِيهِ: ألاَ لاَ يَحْمِلُ أحَدٌ مِنْكُمْ طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً، وَيَحْمِلُ حَجَرَ مُوسَى الَّذِي انْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً فَلاَ يَنْزلُ مَنْزلاً إِلاَّ نَصَبَهُ، فَانْبَجَسَتْ(5) مِنْهُ الْعُيُونُ، فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ وَمَنْ كَانَ ظَمْآنَ ).
ص: 381
رَويَ، فَيَكُونُ زَادُهُمْ حَتَّى يَنْزلُوا النَّجَفَ مِنْ ظَاهِر الْكُوفَةِ، فَإذَا نَزَلُوا ظَاهِرَهَا انْبَعَثَ مِنْهُ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ دَائِماً، فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ، وَمَنْ كَانَ عَطْشَاناً رَويَ)(1).
68 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أدْرَكَ أهْلَ بَيْتِي مِنْ ذِي عَاهَةٍ بَرَأ وَمِنْ ذِي ضَعْفٍ قَويَ)(2).
69 _ الخرائج والجرائح: عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قُمْتُ مِنْ عِنْدِ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَاعْتَمَدْتُ عَلَى يَدِي فَبَكَيْتُ وَقُلْتُ: كُنْتُ أرْجُو أنْ اُدْركَ هَذَا الأمْرَ وَبِي قُوَّةٌ، فَقَالَ: (أمَا تَرْضَوْنَ أنَّ أعْدَاءَكُمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَأنْتُمْ آمِنُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ اُعْطِيَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً، وَجُعِلَ قُلُوبُكُمْ كَزُبَر الْحَدِيدِ، لَوْ قَذَفْتُمْ بِهَا الْجِبَالَ فَلَقَتْهَا، وَأنْتُمْ(3) قُوَّامُ الأرْض وَخُزَّانُهاَ(4))(5).
الكافي: محمّد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن الأهوازي، عن فضالة، عن ابن عميرة، عن الحضرمي، مثله(6).
بيان: قوله عليه السلام: (لو قذفتم بها الجبال) إمَّا ترشيح للتشبيه السابق أو 9.
ص: 382
المراد أنَّها تكون في قوّة العزم بحيث لو عزمت على فلق الجبال لتهيّأ لكم، وفي الكافي لقلعتها(1).
70 _ الخرائج والجرائح: عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ، عَن الْمُثَنَّى، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ نَزَعَ الْخَوْفَ مِنْ قُلُوبِ شِيعَتِناَ(2)، وَأسْكَنَهُ قُلُوبَ أعْدَائِناَ(3)، فَوَاحِدُهُمْ أمْضَى مِنْ سِنَانٍ وَأجْرَى مِنْ لَيْثٍ، يَطْعَنُ عَدُوَّهُ بِرُمْحِهِ وَيَضْربُهُ بِسَيْفِهِ، وَيَدُوسُهُ بِقَدَمِهِ)(4).
71 _ الخرائج والجرائح: عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ، عَن الْمُثَنَّى، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوس الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهِ عُقُولَهُمْ وَأكْمَلَ بِهِ أخْلاَقَهُمْ)(5).
72 _ الخرائج والجرائح: أيُّوبُ بْنُ نُوح، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَن الرَّبيع بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي الرَّبيع الشَّامِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ مَدَّ اللهُ لِشِيعَتِنَا فِي أسْمَاعِهِمْ وَأبْصَارهِمْ، حَتَّى (لاَ) يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقَائِم بَريدٌ(6) يُكَلّمُهُمْ فَيَسْمَعُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ)(7).
الكافي: أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العبّاس بن عامر، مثله(8).9.
ص: 383
73 _ الخرائج والجرائح: مُوسَى بْنُ عُمَرَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ صَالِح بْن حَمْزَةَ، عَنْ أبَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْعِلْمُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفاً فَجَمِيعُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَرْفَان فَلَمْ يَعْرفِ النَّاسُ حَتَّى الْيَوْم غَيْرَ الْحَرْفَيْن، فَإذَا قَامَ قَائِمُنَا أخْرَجَ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرينَ حَرْفاً فَبَثَّهَا فِي النَّاس، وَضَمَّ إِلَيْهَا الْحَرْفَيْن، حَتَّى يَبُثَّهَا سَبْعَةً وَعِشْرينَ حَرْفاً)(1).
74 _ الخرائج والجرائح: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أبِي عليًّ الْخُرَاسَانِيَّ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِطَائِرٍ أبْيَضَ فَوْقَ الْحَجَر فَيَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ رَجُلٌ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاس بِحُكْم آل دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لاَ يَبْتَغِي بَيَّنَةً)(2).
75 _ الإرشاد: الْحَجَّالُ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ وَقَدْ سَارَ إِلَيْهَا مِنْ مَكَّةَ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ: جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يُفَرَّقُ الْجُنُودَ فِي الْبِلاَدِ)(3).
76 _ الإرشاد: فِي روَايَةِ الْمُفَضَّل قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليه السلام بَنَى فِي ظَهْر الْكُوفَةِ مَسْجِداً لَهُ ألْفُ بَابٍ وَاتَّصَلَتْ بُيُوتُ الْكُوفَةِ بِنَهَر كَرْبَلاَءَ)(4).
77 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ الْكَريم الْخَثْعَمِيُّ قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَمْ يَمْلِكُ الْقَائِمُ عليه السلام؟ فَقَالَ: (سَبْعَ سِنِينَ، يَطُولُ الأيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى تَكُونَ السَّنَةُ 0.
ص: 384
مِنْ سِنِيهِ مِقْدَارَ عَشْر سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ، فَيَكُونُ (سِنُو)(1) مُلْكِهِ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ، وَإِذَا آنَ قِيَامُهُ مُطِرَ النَّاسُ جُمَادَى الآخِرَةَ، وَعَشَرَةَ أيَّام مِنْ رَجَبٍ، مَطَراً لَمْ تَرَ الْخَلاَئِقُ مِثْلَهُ، فَيُنْبِتُ اللهُ بِهِ لُحُومَ الْمُؤْمِنينَ وَأبْدَانَهُمْ فِي قُبُورهِمْ، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُقْبِلِينَ مِنْ قِبَل جُهَيْنَةَ يَنْفُضُونَ شُعُورَهُمْ مِنَ التُّرَابِ).
وَرَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُور رَبَّها، وَاسْتَغْنَى الْعِبَادُ عَنْ ضَوْءِ الشَّمْس، وَذَهَبَتِ الظَّلَمَةُ، وَيُعَمَّرُ الرَّجُلُ فِي مُلْكِهِ حَتَّى يُولَدَ لَهُ ألْفُ ذَكَرٍ لاَ تُولَدُ فِيهِمْ اُنْثَى، وَتُظْهِرُ الأرْضُ كُنُوزَهَا حَتَّى تَرَاهاَ(2) النَّاسُ عَلَى وَجْهِهَا، وَيَطْلُبُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ مَنْ يَصِلُهُ بِمَالِهِ، وَيَأخُذُ مِنْ زَكَاتِهِ، لاَ يُوجَدُ أحَدٌ يَقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ، اسْتَغْنَى النَّاسُ بِمَا رَزَقَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)(3).
78 _ الإرشاد: رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا أذِنَ اللهُ عزّ وجل لِلْقَائِم فِي الْخُرُوج، صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ وَنَاشَدَهُمْ بِاللهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى حَقّهِ، وَأنْ يَسِيرَ فِيهِمْ بِسِيرَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَعْمَلَ فِيهِمْ بِعَمَلِهِ، فَيَبْعَثُ اللهُ جلّ جلاله جَبْرَئِيلَ عليه السلام حَتَّى يَأتِيَهُ فَيَنْزلُ عَلَى الْحَطِيم ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: إِلَى أيَّ شَيْءٍ تَدْعُو؟ فَيُخْبِرُهُ الْقَائِمُ عليه السلام، فَيَقُولُ جَبْرَئِيلُ: أنَا أوَّلُ مَنْ يُبَايِعُكَ ابْسُطْ يَدَكَ، فَيَمْسَحُ عَلَى يَدِهِ، وَقَدْ وَافَاهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَيُبَايِعُونَهُ وَيُقِيمُ بِمَكَّةَ حَتَّى يَتِمَّ أصْحَابُهُ عَشَرَةَ آلاَفٍ أنْفُسٍ ثُمَّ يَسِيرُ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ)(4).3.
ص: 385
79 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ مِنْ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام أقَامَ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ أقَامَ خَمْسَمِائَةٍ (فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ)(1) اُخْرَى حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ سِتَّ مَرَّاتٍ)، قُلْتُ: وَيَبْلُغُ عَدَدُ هَؤُلاَءِ هَذَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، مِنْهُمْ وَمِنْ مَوَالِيهِمْ)(2).
80 _ الإرشاد: رَوَى أبُو بَصِيرٍ (قَالَ:)(3) قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ هَدَمَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى أسَاسِهِ، وَحَوَّلَ الْمَقَامَ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَقَطَعَ أيْدِيَ بَني شَيْبَةَ وَعَلَّقَهَا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهَا: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ الْكَعْبَةِ)(4).
81 _ الإرشاد: رَوَى أبُو الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ ع سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا بِضْعَةَ عَشَرَ آلاف (ألْفَ) أنْفُسٍ يُدْعَوْنَ الْبُتْريَّةَ(5) عَلَيْهِمُ السَّلاَحُ فَيَقُولُونَ لَهُ: ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي بَنِي فَاطِمَةَ فَيَضَعُ فِيهِمُ السَّيْفَ حَتَّى يَأتِيَ عَلَى آخِرهِمْ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْكُوفَةَ، فَيَقْتُلُ بِهَا كُلَّ مُنَافِقٍ مُرْتَابٍ، وَيَهْدِمُ قُصُورَهَا، وَيَقْتُلُ مُقَاتِلِيهَا حَتَّى يَرْضَى اللهُ عَزَّ وَعَلاَ)(6).4.
ص: 386
82 _ الإرشاد: رَوَى أبُو خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام جَاءَ بِأمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا دَعَا رَسُولُ اللهِ فِي بَدْو الإسْلاَم إِلَى أمْرٍ جَدِيدٍ)(1).
83 _ الإرشاد: رَوَى عَلِيُّ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ حَكَمَ بِالْعَدْل وَارْتَفَعَ فِي أيَّامِهِ الْجَوْرُ، وَأمِنَتْ بِهِ السُّبُلُ، وَأخْرَجَتِ الأرْضُ بَرَكَاتِهَا، وَرَدَّ كُلَّ حَقٍّ إِلَى أهْلِهِ، وَلَمْ يَبْقَ أهْلُ دِيْنٍ حَتَّى يُظْهِرُوا الإسْلاَمَ، وَيَعْتَرفُوا بِالإيمَان، أمَا سَمِعْتَ اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))(2).
وَحَكَمَ بَيْنَ النَّاس بِحُكْم دَاوُدَ وَحُكْم مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَحِينَئِذٍ تُظْهِرُ الأرْضُ كُنُوزَهَا وَتُبْدِي بَرَكَاتِهَا، وَلاَ يَجِدُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ مَوْضِعاً لِصَدَقَتِهِ وَلاَ لِبرَّهِ لِشُمُول الْغِنَى جَمِيعَ الْمُؤْمِنينَ).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ دَوْلَتَنَا آخِرُ الدُّوَل، وَلَمْ يَبْقَ أهْلُ بَيْتٍ لَهُمْ دَوْلَةٌ إِلاَّ مَلَكُوا قَبْلَنَا لِئَلاَّ يَقُولُوا إِذَا رَأوْا سِيرَتَنَا: إِذَا مَلَكْنَا سِرْنَا بِمِثْل سِيرَةِ هَؤُلاَءِ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ((وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))(3))(4).
84 _ الإرشاد: رَوَى أبُو بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَهَدَمَ بِهَا أرْبَعَةَ مَسَاجِدَ، وَلَمْ يَبْقَ مَسْجِدٌ عَلَى(5) الأرْض لَهُ شُرَفٌ إِلاَّ هَدَمَهَا، وَجَعَلَهَا جَمَّاءَ، وَوَسَّعَ).
ص: 387
الطَّريقَ الأعْظَمَ، وَكَسَرَ كُلَّ جَنَاح خَارج عَن الطَّريقِ، وَأبْطَلَ الْكُنُفَ وَالْمَيَازيبَ إِلَى الطُّرُقَاتِ، وَلاَ يَتْرُكُ بِدْعَةً إِلاَّ أزَالَهَا، وَلاَ سُنَّةً إِلاَّ أقَامَهَا، وَيَفْتَتِحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَالصَّينَ وَجِبَالَ الدَّيْلَم، فَيَمْكُثُ عَلَى ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ مِقْدَارُ كُلّ سَنَةٍ عَشْرُ سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ).
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ تَطُولُ السَّنُونَ؟ قَالَ: (يَأمُرُ اللهُ تَعَالَى الْفَلَكَ بِاللُّبُوثِ، وَقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فَتَطُولُ الأيَّامُ لِذَلِكَ وَالسَّنُونَ).
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ إِذَا تَغَيَّرَ فَسَدَ، قَالَ: (ذَلِكَ قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ فَأمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلاَ سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَقَدْ شَقَّ اللهُ الْقَمَرَ لِنَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَرَدَّ الشَّمْسَ مِنْ قَبْلِهِ لِيُوشَعَ بْن نُونٍ، وَأخْبَرَ بِطُول يَوْم الْقِيَامَةِ، وَأنَّهُ ((كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ))(1))(2).
85 _ الإرشاد: رَوَى جَابِرٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام ضَرَبَ فَسَاطِيطَ لِمَنْ يُعَلّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ، عَلَى مَا أنْزَلَ اللهُ جلّ جلاله، فَأصْعَبُ مَا يَكُونُ عَلَى مَنْ حَفِظَهُ الْيَوْمَ لأنَّهُ يُخَالِفُ فِيهِ التَّألِيفَ)(3).
86 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام حَكَمَ بَيْنَ النَّاس بِحُكْم دَاوُدَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَّنَةٍ، يُلْهِمُهُ اللهُ تَعَالَى فَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، وَيُخْبِرُ كُلَّ قَوْم بِمَا اسْتَبْطَنُوهُ، وَيَعْرفُ وَلِيَّهُ مِنْ عَدُوَّهِ بِالتَّوَسُّم، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: ((إِنَّ فِي ذلِكَ لآَياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ))(4))(5).6.
ص: 388
87 _ الإرشاد: رُويَ أنَّ مُدَّةَ دَوْلَةِ الْقَائِم تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، يَطُولُ أيَّامُهَا وَشُهُورُهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا أمْرٌ مُغَيَّبٌ عَنَّا وَإِنَّمَا اُلْقِيَ إِلَيْنَا، مِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ اللهُ تَعَالَى بِشَرْطٍ يَعْلَمُهُ مِنَ الْمَصَالِح الْمَعْلُومَةِ، جَلَّ اسْمُهُ، فَلَسْنَا نَقْطَعُ عَلَى أحَدِ الأمْرَيْن، وَإِنْ كَانَتِ الرَّوَايَةُ بِذِكْر سَبْع سِنِينَ أظْهَرَ وَأكْثَرَ(1).
88 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: قَالَ الْمُعَلَّى بْنُ خُنَيْسٍ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: لَوْ كَانَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْكُمْ لَعِشْنَا مَعَكُمْ، فَقَالَ: (وَاللهِ لَوْ كَانَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْنَا لَمَا كَانَ إِلاَّ أكْلُ الْجَشِبِ وَلُبْسُ الْخَشِن)(2).
وَقَالَ عليه السلام لِلْمُفَضَّل بْن عُمَرَ: (لَوْ كَانَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْنَا لَمَا كَانَ إِلاَّ عَيْشُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَسِيرَةُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(3).
89 _ تفسير العياشي: عَنْ رفَاعَةَ بْن مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(4)، قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ لاَ يَبْقَى أرْضٌ إِلاَّ نُودِيَ فِيهَا: شَهَادَةُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ)(5).
90 _ تفسير العياشي: عَن ابْن بُكَيْرٍ قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))، قَالَ: (اُنْزلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام إِذَا خَرَجَ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ وَالزَّنَادِقَةِ وَأهْل الرَّدَّةِ وَالْكُفَّار فِي شَرْقِ الأرْض وَغَرْبهَا، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإسْلاَمَ فَمَنْ أسْلَمَ طَوْعاً أمَرَهُ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، .
ص: 389
وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمُسْلِمُ، وَيَجِبُ للهِ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ ضَرَبَ عُنُقَهُ حَتَّى لاَ يَبْقَى فِي الْمَشَارقِ وَالْمَغَاربِ أحَدٌ إِلاَّ وَحَّدَ اللهَ).
قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الْخَلْقَ أكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ إِذَا أرَادَ أمْراً قَلَّلَ الْكَثِيرَ وَكَثَّرَ الْقَلِيلَ)(1).
91 _ تفسير العياشي: عَنْ عَبْدِ الأعْلَى الْحَلَبِيَّ قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَكُونُ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةٌ فِي بَعْض هَذِهِ الشّعَابِ _ ثُمَّ أوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةِ ذِي طُوًى _ حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِلَيْلَتَيْن انْتَهَى الْمَوْلَى الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَلْقَى بَعْضَ أصْحَابِهِ، فَيَقُولُ: كَمْ أنْتُمْ هَاهُنَا؟ فَيَقُولُونَ: نَحْوٌ مِنْ أرْبَعِينَ رَجُلاً، فَيَقُولُ: كَيْفَ أنْتُمْ لَوْ قَدْ رَأيْتُمْ صَاحِبَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَاللهِ لَوْ يَأوي بِنَا الْجِبَالَ لآوَيْنَاهَا مَعَهُ، ثُمَّ يَأتِيهِمْ مِنَ الْقَابِلَةِ فَيَقُولُ لَهُمْ: أشِيرُوا إِلَى ذَوي أسْنَانِكُمْ وَأخْيَاركُمْ عَشَرَةً(2)، فَيُشِيرُونَ لَهُ إِلَيْهِمْ فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ حَتَّى يَأتُونَ صَاحِبَهُمْ وَيَعِدُهُمْ إِلَى اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ وَقَدْ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر ثُمَّ يَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِاللهِ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى النَّاس بِنُوحٍ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمُ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُوسَى فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُوسَى، يَا أيُّهَا النَّاسُ (مَنْ يُحَاجَّنِي فِي عِيسَى فَأنَا أوْلَى النَّاس بِعِيسَى، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ ).
ص: 390
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، يَا أيُّهَا النَّاسُ)(1) مَنْ يُحَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ، ثُمَّ يَنْتَهِي إِلَى الْمَقَام فَيُصَلَّي عِنْدَهُ رَكْعَتَيْن ثُمَّ يَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (هُوَ وَاللهِ الْمُضْطَرُّ فِي كِتَابِ اللهِ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأَْرْضِ))(2) وَجَبْرَئِيلُ عَلَى الْمِيزَابِ فِي صُورَةِ طَائِرٍ أبْيَضَ، فَيَكُونُ أوَّلُ خَلْقِ اللهِ يُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ وَيُبَايِعُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً).
قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (فَمَن ابْتُلِيَ فِي الْمَسِير وَافَاهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَمَنْ لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِير فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ).
ثُمَّ قَالَ: (هُوَ وَاللهِ قَوْلُ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام: الْمَفْقُودُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3) أصْحَابُ الْقَائِم الثَّلاَثُمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً)، قَالَ: (هُمْ وَاللهِ الاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: ((وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(4))، قَالَ: (يَجْتَمِعُونَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ، فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ، فَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيُجِيبُهُ نَفَرٌ يَسِيرٌ، وَيَسْتَعْمِلُ عَلَى مَكَّةَ، ثُمَّ يَسِيرُ فَيَبْلُغُهُ أنْ قَدْ قُتِلَ عَامِلُهُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ لاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئاً _ يَعْنِي السَّبْيَ _.
ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلاَمُ، وَالْوَلاَيَةِ .
ص: 391
لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوَّهِ، وَلاَ يُسَمَّي أحَداً حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْبَيْدَاءِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ الأرْضَ فَيَأخُذُهُمْ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ))(1) يَعْنِي بِقَائِم آل مُحَمَّدٍ ((وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ)) يَعْنِي بِقَائِم آل مُحَمَّدٍ إِلَى آخِر السُّورَةِ.
فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ إِلاَّ رَجُلاَن يُقَالُ لَهُمَا: وَتْرٌ وَوُتَيْرَةٌ مِنْ مُرَادٍ، وُجُوهُهُمَا فِي أقْفِيَتِهِمَا يَمْشِيَان الْقَهْقَرَى يُخْبِرَان النَّاسَ بِمَا فُعِلَ بِأصْحَابِهِمَا.
ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ فَيَغِيبُ(2) عَنْهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ قُرَيْشٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام: وَاللهِ لَوَدَّتْ قُرَيْشٌ _ أيْ عِنْدَهَا مَوْقِفاً وَاحِداً _ جَزْرَ جَزُورٍ بِكُلّ مَا مَلَكَتْ وَكُلَّ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أوْ غَرَبَتْ، ثُمَّ يُحْدِثُ حَدَثاً فَإذَا هُوَ فَعَلَ قَالَتْ قُرَيْشٌ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ، فَوَ اللهِ أنْ لَوْ كَانَ مُحَمَّدِيّاً مَا فَعَلَ وَلَوْ كَانَ عَلَويّاً مَا فَعَلَ وَلَوْ كَانَ فَاطِمِيّاً مَا فَعَلَ، فَيَمْنَحُهُ اللهُ أكْتَافَهُمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ وَيَسْبِي الذُّرَّيَّةَ.
ثُمَّ يَنْطَلِقُ حَتَّى يَنْزلَ الشُّقْرَةَ فَيَبْلُغُهُ أنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا عَامِلَهُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ مَقْتَلَةً لَيْسَ قَتْلَ الْحَرَّةِ(3) إِلَيْهَا بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ ة.
ص: 392
نَبِيَّهِ، وَالْوَلاَيَةِ لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوَّهِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ إِلَى الثَّعْلَبِيَّةِ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ صُلْبِ أبِيهِ وَهُوَ مِنْ أشَدَّ النَّاس بِبَدَنِهِ، وَأشْجَعِهِمْ بِقَلْبِهِ مَا خَلاَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فَيَقُولُ: يَا هَذَا مَا تَصْنَعُ؟ فَوَ اللهِ إِنَّكَ لَتُجْفِلُ النَّاسَ إِجْفَالَ النَّعَم أفَبِعَهْدٍ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أمْ بِمَا ذَا؟ فَيَقُولُ الْمَوْلَى الَّذِي وَلِيَ الْبَيْعَةَ: وَاللهِ لَتَسْكُتَنَّ أوْ لأضْربَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ، فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ: اسْكُتْ يَا فُلاَنُ إِي وَاللهِ إِنَّ مَعِي عَهْداً مِنْ رَسُول اللهِ هَاتِ لِي يَا فُلاَنُ الْعَيْبَةَ أو الزّنْفِيلَجَةَ(1) فَيَأتِيهِ بِهَا فَيَقْرَؤُهُ الْعَهْدُ مِنْ رَسُول اللهِ، فَيَقُولُ: جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ أعْطِني رَأسَكَ اُقَبَّلْهُ فَيُعْطِيهِ رَأسَهُ فَيُقَبَّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ، جَدَّدْ لَنَا بَيْعَةً فَيُجَدَّدُ لَهُمْ بَيْعَةً).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُصْعِدِينَ مِنْ نَجَفِ الْكُوفَةِ ثَلاَثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارهِ، يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهُ شَهْراً وَخَلْفَهُ شَهْراً، أمَدَّهُ اللهُ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوَّمِينَ حَتَّى إِذَا صَعِدَ النَّجَفَ قَالَ لأصْحَابِهِ: تَعَبَّدُوا لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَيَبيتُونَ بَيْنَ رَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللهِ حَتَّى إِذَا أصْبَحَ قَالَ: خُذُوا بِنَا طَريقَ النُّخَيْلَةِ وَعَلَى الْكُوفَةِ خَنْدَقٌ مُخَنْدَقٌ)، قُلْتُ: خَنْدَقٌ مُخَنْدَقٌ(2)؟ قَالَ: (إِي وَاللهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام بِالنُّخَيْلَةِ، فَيُصَلّي فِيهِ رَكْعَتَيْن فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ مَنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ مِنْ ة؟
ص: 393
مُرْجِئِهَا وَغَيْرهِمْ مِنْ جَيْش السُّفْيَانِيَّ فَيَقُولُ لأصْحَابِهِ: اسْتَطْردُوا لَهُمْ، ثُمَّ يَقُولُ: كَرُّوا عَلَيْهِمْ).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: ((وَ)لاَ يَجُوزُ وَاللهِ الْخَنْدَقَ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ. ثُمَّ يَدْخُلُ الْكُوفَةَ فَلاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ كَانَ فِيهَا أوْ حَنَّ إِلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليًّ عليه السلام ثُمَّ يَقُولُ لأصْحَابِهِ: سِيرُوا إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ، فَيَدْعُو إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيُعْطِيهِ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْبَيْعَةِ سِلْماً، فَيَقُولُ لَهُ كَلْبٌ وَهُمْ أخْوَالُهُ: مَا هَذَا؟ مَا صَنَعْتَ؟ وَاللهِ مَا نُبَايِعُكَ عَلَى هَذَا أبَداً، فَيَقُولُ: مَا أصْنَعُ؟ فَيَقُولُونَ: اسْتَقْبِلْهُ، فَيَسْتَقْبِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: خُذْ حِذْرَكَ فَإنَّنِي أدَّيْتُ إِلَيْكَ وَأنَا مُقَاتِلُكَ، فَيُصْبِحُ فَيُقَاتِلُهُمْ، فَيَمْنَحُهُ اللهُ أكْتَافَهُمْ وَيَأخُذُ السُّفْيَانِيَّ أسِيراً فَيَنْطَلِقُ بِهِ (وَ)يَذْبَحُهُ بِيَدِهِ.
ثُمَّ يُرْسِلُ جَريدَةَ خَيْلٍ إِلَى الرُّوم لِيَسْتَحْضِرُوا بَقِيَّةَ بَنِي اُمَيَّةَ فَإذَا انْتَهَوْا إِلَى الرُّوم قَالُوا: أخْرجُوا إِلَيْنَا أهْلَ مِلَّتِنَا عِنْدَكُمْ، فَيَأبَوْنَ وَيَقُولُونَ: وَاللهِ لاَ نَفْعَلُ، فَيَقُولُ الْجَريدَةُ: وَاللهِ لَوْ أمَرَنَا لَقَاتَلْنَاكُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ(1) إِلَى صَاحِبهِمْ، فَيَعْرضُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: انْطَلِقُوا فَأخْرجُوا إِلَيْهِمْ أصْحَابَهُمْ فَإنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ أتَوْا بِسُلْطَانٍ عَظِيمٍ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)))، قَالَ: (يَعْنِي الْكُنُوزَ الَّتِي كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ، ((قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(2) لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ.
ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَبْعَثُ الثَّلاَثَمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً إِلَى الآفَاقِ كُلّهَا فَيَمْسَحُ بَيْنَ أكْتَافِهِمْ وَعَلَى صُدُورهِمْ، فَلاَ يَتَعَايَوْنَ فِي قَضَاءٍ وَلاَ تَبْقَى أرْضٌ إِلاَّ 5.
ص: 394
نُودِيَ فِيهَا شَهَادَةُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))(1) وَلاَ يَقْبَلُ صَاحِبُ هَذَا الأمْر الْجِزْيَةَ كَمَا قَبِلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(2)).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يُقَاتِلُونَ وَاللهِ حَتَّى يُوَحَّدَ اللهُ وَلاَ يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ وَحَتَّى يَخْرُجَ الْعَجُوزُ الضَّعِيفَةُ مِنَ الْمَشْرقِ تُريدُ الْمَغْربَ وَلاَ يَنْهَاهَا أحَدٌ، وَيُخْرجُ اللهُ مِنَ الأرْض بَذْرَهَا، وَيُنْزلُ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَهَا، وَيُخْرجُ النَّاسُ خَرَاجَهُمْ عَلَى رقَابِهِمْ إِلَى الْمَهْدِيَّ، وَيُوَسَّعُ اللهُ عَلَى شِيعَتِنَا، وَلَوْ لاَ مَا يُدْركُهُمْ مِنَ السَّعَادَةِ لَبَغَوْا.
فَبَيْنَا صَاحِبُ هَذَا الأمْر قَدْ حَكَمَ بِبَعْض الأحْكَام، وَتَكَلَّمَ بِبَعْض السُّنَن إِذْ خَرَجَتْ خَارجَةٌ مِنَ الْمَسْجِدِ يُريدُونَ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ لأصْحَابِهِ: انْطَلِقُوا، فَيَلْحَقُونَهُمْ(3) فِي التَّمَّارين فَيَأتُونَهُ بِهِمْ أسْرَى، فَيَأمُرُ بِهِمْ فَيُذْبَحُونَ، وَهِيَ آخِرُ خَارجَةٍ يَخْرُجُ عَلَى قَائِم آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَن ابْن بَزيع، وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأرْض)(5).
بيان: قوله: (جزر جزور) أي تودّ قريش أن يعطوا كلّ ما ملكوا، 0.
ص: 395
وكلّ ما طلعت عليه الشمس ويأخذوا موقفاً يقفون فيه، ويختفون منه عليه السلام قدر زمان ذبح بعير، ويحتمل المكان أيضاً، ولعلَّ المراد بأحداث إحراق الشيخين الملعونين فلذا يسمّونه عليه السلام بالطاغية.
قوله: (فيمنحه الله أكتافهم) أي يستولي عليهم كأنَّه يركب أكتافهم أو كناية عن نهاية الاقتدار عليهم كأنَّه يستخرج أكتافهم.
قوله عليه السلام: (لتجفل الناس) أي تسوقهم بإسراع.
وقال الجوهري: مطاردة الأقران في الحرب حمل بعضهم على بعض يقال: هم فرسان الطرّاد، وقد استطرد له وذلك ضرب من المكيدة(1)، وقال: يقال: جريدة من خيل جماعة جردت من سائرها لوجه(2). والتعايي من الاعياء والعجز والعي خلاف البيان.
92 _ تفسير العياشي: عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ اسْتَخْرَجَ مِنْ ظَهْر الْكَعْبَةِ سَبْعَةً وَعِشْرينَ رَجُلاً خمسة وعشرين مِنْ قَوْم مُوسَى الَّذِينَ يَقْضُونَ بِالْحَقَّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ(3)، وَسَبْعَةً مِنْ أصْحَابِ الْكَهْفِ، وَيُوشَعَ وَصِيَّ مُوسَى، وَمُؤْمِنَ آل فِرْعَوْنَ، وَسَلْمَانَ الْفَارسِيَّ، وَأبَا دُجَانَةَ الأنْصَاريَّ، وَمَالِكَ الأشْتَر)(4).
الإرشاد: عن المفضَّل مثله بتغيير، وسيأتي في الرجعة(5).0.
ص: 396
93 _ تفسير العياشي: عَنْ أبِي الْمِقْدَام، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1)، (يَكُونُ أنْ لاَ يَبْقَى أحَدٌ إِلاَّ أقَرَّ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم).
وَقَالَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: عَنْهُ، قَالَ: (لِيُظْهِرَهُ اللهُ فِي الرَّجْعَةِ)(2).
94 _ تفسير العياشي: عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))، قَالَ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ مُشْركٌ بِاللهِ الْعَظِيم وَلاَ كَافِرٌ إِلاَّ كَرهَ خُرُوجَهُ)(3).
95 _ تفسير العياشي: عَنْ سَعْدِ بْن عُمَرَ، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ مِمَّنْ حَضَرَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَرَجُلٍ يَقُولُ: قَدْ ثَبَتَ دَارُ صَالِح وَدَارُ عِيسَى بْن عليًّ وَذَكَرَ دُورَ الْعَبَّاسِيَّينَ، فَقَالَ رَجُلٌ: أرَانَاهَا اللهُ خَرَاباً أوْ خَرَّبَهَا بِأيْدِينَا، فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ تَقُلْ هَكَذَا بَلْ يَكُونُ مَسَاكِنَ الْقَائِم وَأصْحَابِهِ أمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُولُ: ((وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ))(4)؟)(5).
96 _ مجالس المفيد: الْجِعَابِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن عِيسَى بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْن عَامِر بْن عَبَّاسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُوَيْدٍ الأشْعَريَّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَلَى جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فَقَرَّبَ إِلَيْنَا تَمْراً فَأكَلْنَا وَجَعَلَ يُنَاولُ فِطْراً مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَيْفَ الْحَدِيثُ 9.
ص: 397
الَّذِي حَدَّثْتَنِي عَنْ أبِي الطُّفَيْل فِي الأبْدَال (فقال فطر: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت علياً عليه السلام يقول: (الأبدال)(1) مِنْ أهْل الشَّام، وَالنُّجَبَاءِ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ، يَجْمَعُهُمُ اللهُ لِشَرَّ يَوْم لِعَدُوَّنَا؟)، فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (رَحِمَكُمُ اللهُ، بِنَا يُبْدَاُ الْبَلاَءُ ثُمَّ بِكُمْ، وَبنَا يُبْدَاُ الرَّخَاءُ ثُمَّ بِكُمْ. رَحِمَ اللهُ مَنْ حَبَّبَنَا إِلَى النَّاس وَلَمْ يُكَرَّهْنَا إِلَيْهِمْ)(2).
97 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ عليه السلام يَقُولُ: (فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر شَبَهٌ مِنْ أرْبَعَةِ أنْبِيَاءَ: شَبَهٌ(3) مِنْ مُوسَى، وَشَبَهٌ مِنْ عِيسَى، وَشَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ، وَشَبَهٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم).
فَقُلْتُ: (وَ)مَا شَبَهُ مُوسَى؟ قَالَ: (خَائِفٌ يَتَرَقَّبُ)، قُلْتُ: وَمَا شَبَهُ عِيسَى؟ فَقَالَ: (قِيلَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي عِيسَى)، قُلْتُ: فَمَا شَبَهُ يُوسُفَ؟ قَالَ: (السَّجْنُ وَالْغَيْبَةُ)، قُلْتُ: وَمَا شَبَهُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (إِذَا قَامَ سَارَ بِسِيرَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلاَّ أنَّهُ يُبَيَّنُ آثَارَ مُحَمَّدٍ وَيَضَعُ السَّيْفَ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ هَرْجاً هَرْجاً حَتَّى يَرْضَى اللهُ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ يَعْلَمُ رضَا اللهِ؟ قَالَ: (يُلْقِي اللهُ فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ)(4).
98 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ(5) الْجُعْفِيَّ أبِي الْحَسَن مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ ).
ص: 398
وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَعَ الْقَائِم عليه السلام مِنَ الْعَرَبِ شَيْءٌ يَسِيرٌ)، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الأمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ، قَالَ: (لاَ بُدَّ لِلنَّاس مِنْ أنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا، وَسَيَخْرُجُ مِنَ الْغِرْبَال خَلْقٌ كَثِيرٌ)(1).
99 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ(2)، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُوسُفَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن ابْن حُمَيْدٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ (مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ)(3) يَقُولُ: (لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام لَنَصَرَهُ اللهُ بِالْمَلاَئِكَةِ الْمُسَوَّمِينَ وَالْمُرْدِفِينَ وَالْمُنْزَلِينَ وَالْكَرُوبيَّينَ، يَكُونُ جَبْرَائِيلُ أمَامَهُ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَمِينهِ وَإِسْرَافِيلُ عَنْ يَسَارهِ، وَالرُّعْبُ(4) مَسِيرَةَ شَهْرٍ أمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَعَنْ يَمِينهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَالْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ حِذَاهُ، أوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعَلِيٌّ عليه السلام الثَّانِي، وَمَعَهُ سَيْفٌ مُخْتَرَطٌ يَفْتَحُ اللهُ لَهُ الرُّومَ وَالصّينَ وَالتُّرْكَ(5) وَالدَّيْلَمَ وَالسَّنْدَ وَالْهِنْدَ وَكَابُلَ شَاهٍ وَالْخَزَرَ.
يَا أبَا حَمْزَةَ لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام إِلاَّ عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ، وَزَلاَزلَ وَفِتْنَةٍ وَبَلاَءٍ يُصِيبُ النَّاسَ، وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَيْفٍ قَاطِع بَيْنَ الْعَرَبِ،ر.
ص: 399
وَاخْتِلاَفٍ شَدِيدٍ بَيْنَ النَّاس وَتَشَتُّتٍ فِي دِينِهِمْ وَتَغَيُّرٍ مِنْ حَالِهِمْ حَتَّى يَتَمَنَّى الْمُتَمَنَّي الْمَوْتَ صَبَاحاً وَمَسَاءً مِنْ عِظَم مَا يَرَى مِنْ كَلَبِ النَّاس، وَأكْل بَعْضِهِمْ بَعْضاً، وَخُرُوجُهُ إِذَا خَرَجَ عِنْدَ الإيَاس وَالْقُنُوطِ.
فَيَا طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَهُ وَكَانَ مِنْ أنْصَارهِ، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْل لِمَنْ خَالَفَهُ وَخَالَفَ أمْرَهُ، وَكَانَ مِنْ أعْدَائِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (يَقُومُ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَسُنَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ شَأنُهُ إِلاَّ الْقَتْلَ، وَلاَ يَسْتَنِيبُ أحَداً وَلاَ تَأخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم)(1).
بيان: (لا يستنيب أحداً) أي يتولّى الأمور العظام بنفسه، وفي بعض النسخ بالتاء أي لا يقبل التوبة ممَّن علم أنَّ باطنه منطوٍ على الكفر، وقد مرَّ مثله، وفيه: لا يستبقي أحداً، وهو أظهر(2).
100 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن(3)، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ، عَنْ بِشْر بْن غَالِبٍ الأسَدِيَّ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام: (يَا بِشْرُ مَا بَقَاءُ قُرَيْشٍ إِذَا قَدَّمَ الْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ مِنْهُمْ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ صَبْراً، ثُمَّ قَدَّمَ خَمْسَمِائَةٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ (صَبْراً)(4)، ثُمَّ قَدَّمَ خَمْسَمِائَةٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ صَبْراً).
قَالَ: فَقُلْتُ (لَهُ): أصْلَحَكَ اللهُ أيَبْلُغُونَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ ر.
ص: 400
عليهما السلام: (إِنَّ مَوْلَى الْقَوْم مِنْهُمْ)، قَالَ: فَقَالَ (لِي) بَشِيرُ بْنُ غَالِبٍ أخُو بِشْر بْن غَالِبٍ: أشْهَدُ أنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عليًّ عَدَّ عَلَيَّ(1) سِتَّ عَدَّاتٍ(2).
101 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن زُرَارَةَ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ وَذَريح الْمُحَاربيَّ، قَالاَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مَا بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْعَرَبِ إِلاَّ الذَّبْحُ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ _)(4).
102 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْخَثْعَمِيَّ(5)، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل الْجَزيرَةِ كَانَ (قَدْ) جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْراً فِي جَاريَةٍ وَجَاءَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ، قَالَ: فَلَقِيتُ الْحَجَبَةَ فَأخْبَرْتُهُمْ بِخَبَرهَا وَجَعَلْتُ لاَ أذْكُرُ لأحَدٍ مِنْهُمْ أمْرَهَا إِلاَّ قَالَ: جِئْنِي بِهَا، وَقَدْ وَفَى اللهُ نَذْرَكَ.
فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ وَحْشَةٌ شَدِيدَةٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَجُلٍ مِنْ أصْحَابِنَا مِنْ أهْل مَكَّةَ فَقَالَ لِي: تَأخُذُ عَنّي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: انْظُر الرَّجُلَ الَّذِي يَجْلِسُ عِنْدَ(6) الْحَجَر الأسْوَدِ، وَحَوْلَهُ النَّاسُ، وَهُوَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهم السلام فَأتِهِ فَأخْبِرْهُ بِهَذَا الأمْر فَانْظُرْ مَا يَقُولُ لَكَ فَاعْمَلْ بِهِ.).
ص: 401
فَأتَيْتُهُ فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللهُ إِنّي رَجُلٌ مِنْ أهْل الْجَزيرَةِ وَمَعِي جَاريَةٌ جَعَلْتُهَا عَلَيَّ نَذْراً لِبَيْتِ اللهِ فِي يَمِينٍ كَانَتْ عَلَيَّ، وَقَدْ أتَيْتُ بِهَا وَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَجَبَةِ، وَأقْبَلْتُ لاَ ألْقَى مِنْهُمْ أحَداً إِلاَّ قَالَ: جِئْنِي بِهَا وَقَدْ وَفَى اللهُ نَذْرَكَ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ وَحْشَةٌ شَدِيدَةٌ، فَقَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّ الْبَيْتَ لاَ يَأكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَبِعْ جَاريَتَكَ وَاسْتَقْص وَانْظُرْ أهْلَ بِلاَدِكَ مِمَّنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَمَنْ عَجَزَ مِنْهُمْ عَنْ نَفَقَةٍ(1) فَأعْطِهِ حَتَّى يَقْوَى عَلَى الْعَوْدِ إِلَى بِلاَدِهِمْ)، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ.
ثُمَّ أقْبَلْتُ لاَ ألْقَى أحَداً مِنَ الْحَجَبَةِ إِلاَّ قَالَ: مَا فَعَلْتَ بِالْجَاريَةِ؟ فَأخْبَرْتُهُمْ بِالَّذِي قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام، فَيَقُولُونَ: هُوَ كَذَّابٌ جَاهِلٌ لاَ يَدْري مَا يَقُولُ، فَذَكَرْتُ مَقَالَتَهُمْ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَقَالَ: (قَدْ بَلَّغْتَنِي فَبَلّغْ(2) عَنّي)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: (قُلْ لَهُمْ: قَالَ لَكُمْ أبُو جَعْفَرٍ: كَيْفَ بِكُمْ لَوْ قَدْ قُطّعَتْ أيْدِيكُمْ وَأرْجُلُكُمْ، وَعُلّقَتْ فِي الْكَعْبَةِ؟ ثُمَّ يُقَالُ لَكُمْ: نَادُوا: نَحْنُ سُرَّاقُ الْكَعْبَةِ)، فَلَمَّا ذَهَبْتُ لأقُومَ قَالَ: (إِنَّنِي لَسْتُ أنَا أفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ رَجُلٌ مِنّي)(3).
103 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام فَقَالَ لَهُ: عَافَاكَ اللهُ اقْبِضْ مِنّي هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فَإنَّهَا زَكَاةُ مَالِي، فَقَالَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (خُذْهَا أنْتَ فَضَعْهَا فِي جِيرَانِكَ مِنْ أهْل الإسْلاَم وَالْمَسَاكِين مِنْ إِخْوَانِكَ الْمُسْلِمِينَ(4)).).
ص: 402
ثُمَ قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ أهْل الْبَيْتِ قَسَّمَ بِالسَّويَّةِ، وَعَدَلَ فِي الرَّعِيَّةِ، فَمَنْ أطَاعَهُ فَقَدْ أطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَإِنَّمَا سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ لأنَّهُ يُهْدَى إِلَى أمْرٍ خَفِيًّ، وَيَسْتَخْرجُ التَّوْرَاةَ وَسَائِرَ كُتُبِ اللهِ عزّ وجل مِنْ غَارٍ بِأنْطَاكِيَةَ، وَيَحْكُمُ بَيْنَ أهْل التَّوْرَاةِ بِالتَّوْرَاةِ، وَأهْل الإنْجِيل بِالإنْجِيل، وَبَيْنَ أهْل الزَّبُور بِالزَّبُور، وَبَيْن أهْل الْقُرْآن بِالْقُرْآن، وَيُجْمَعُ(1) إِلَيْهِ أمْوَالُ الدُّنْيَا مِنْ بَطْن الأرْض وَظَهْرهَا، فَيَقُولُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الأرْحَامَ وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدَّمَاءَ الْحَرَامَ وَرَكِبْتُمْ فِيهِ مَا حَرَّمَ اللهُ عزّ وجل، فَيُعْطِي شَيْئاً لَمْ يُعْطِهِ أحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ، وَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَشَرّاً)(2).
104 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل(3) وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدٍ الْقَطَوَانِيَّ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (كَانَتْ عَصَا مُوسَى قَضِيبَ آسٍ مِنْ غَرْس الْجَنَّةِ أتَاهُ بِهَا جَبْرَئِيلُ عليه السلام لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ وَهِيَ وَتَابُوتُ آدَمَ فِي بُحَيْرَةِ طَبَريَّةَ وَلَنْ يَبْلَيَا وَلَنْ يَتَغَيَّرَا حَتَّى يُخْرجَهَا الْقَائِمُ إِذَا قَامَ عليه السلام)(4).
105 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ 7.
ص: 403
اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ عليه السلام ظَهَرَ بِرَايَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَخَاتَم سُلَيْمَانَ، وَحَجَر مُوسَى وَعَصَاهُ، ثُمَّ يَأمُرُ مُنَادِيَهُ فَيُنَادِي: ألاَ لاَ يَحْمِلْ رَجُلٌ مِنْكُمْ طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً وَلاَ عَلَفاً، فَيَقُولُ أصْحَابُهُ: إِنَّهُ يُريدُ أنْ يَقْتُلَنَا وَيَقْتُلَ دَوَابَّنَا مِنَ الْجُوع وَالْعَطَش، فَيَسِيرُ وَيَسِيرُونَ مَعَهُ فَأوَّلَ مَنْزلٍ يَنْزلُهُ يَضْربُ الْحَجَرَ فَيَنْبُعُ مِنْهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ وَعَلَفٌ فَيَأكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَدَوَابُّهُمْ حَتَّى يَنْزلُوا النَّجَفَ بِظَهْر الْكُوفَةِ)(1).
106 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن بُكَيْرٍ(2)، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنَّنِي بِدِينكُمْ هَذَا لاَ يَزَالُ مُوَلّياً يَفْحَصُ(3) بِدَمِهِ، ثُمَّ لاَ يَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ إِلاَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ، فَيُعْطِيكُمْ فِي السَّنَةِ عَطَاءَيْن وَيَرْزُقُكُمْ فِي الشَّهْر رزْقَيْن، وَتُؤْتَوْنَ الْحِكْمَةَ فِي زَمَانِهِ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأةَ لَتَقْضِي فِي بَيْتِهَا بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
بيان: (يفحص) أي يسرع بدمه أي متلطخاً به(5) من كثرة ما أوذي بين الناس ولا يبعد أن يكون في الأصل (بذنبه) أي يضرب بذنبه الأرض سائراً تشبيهاً له بالحيّة المسرعة.
107 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ بَعْض ض.
ص: 404
رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عَلَى مِنْبَر (الْكُوفَةِ)(1) عَلَيْهِ قَبَاءٌ فَيُخْرجُ مِنْ وَرَيَان قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَم (مِنْ) ذَهَبٍ فَيَفُكُّهُ فَيَقْرَاُهُ عَلَى النَّاس فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَم فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ النُّقَبَاءُ، فَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَم، فَلاَ يَلْحَقُونَ مَلْجَأ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْهِ، وَإِنّي لأعْرفُ الْكَلاَمَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ)(2).
108 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن (الْحَسَن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن)(3) الْحَسَن بْن أبَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، عَنْ شَيْخ مِنَ الْفُقَهَاءِ _ يَعْنِي أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام _ قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ سِيرَةِ الْمَهْدِيَّ كَيْفَ سِيرَتُهُ؟ قَالَ: (يَصْنَعُ مَا صَنَعَ(4) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ كَمَا هَدَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَسْتَأنِفُ الإسْلاَمَ جَدِيداً)(5).
109 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(6) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: صَالِحٌ مِنَ الصَّالِحِينَ(7) سَمَّهِ لِي اُريدُ الْقَائِمَ عليه السلام، فَقَالَ: (اسْمُهُ اسْمِي)، قُلْتُ: أيَسِيرُ بِسِيرَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا زُرَارَةُ مَا يَسِيرُ ).
ص: 405
بِسِيرَتِهِ!)، (قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لِمَ؟)(1)، قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سَارَ فِي اُمَّتِهِ بِاللّين(2) كَانَ يَتَألَّفُ النَّاسَ، وَالْقَائِمُ عليه السلام يَسِيرُ بِالْقَتْل بِذَلِكَ اُمِرَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَهُ أنْ يَسِيرَ بِالْقَتْل وَلاَ يَسْتَتِيبَ أحَداً وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُ).
110 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ الْكُوفِيُّ(3)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن (أبِي)(4) هَاشِم، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام قَالَ: كَانَ لِي أنْ أقْتُلَ الْمُوَلّيَ وَاُجْهِزَ عَلَى الْجَريح وَلَكِنْ تَرَكْتُ ذَلِكَ لِلْعَاقِبَةِ مِنْ أصْحَابِي إِنْ جُرحُوا لَمْ يُقْتَلُوا وَالْقَائِمُ لَهُ أنْ يَقْتُلَ الْمُوَلّيَ وَيُجْهِزَ عَلَى الْجَريح)(5).
111 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَن الْحَسَن بْن هَارُونَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام جَالِساً فَسَألَهُ الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ: أيَسِيرُ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا سَارَ(6) بِخِلاَفِ سِيرَةِ عليًّ عليه السلام؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، وَذَاكَ أنَّ عَلِيّاً سَارَ بِالْمَنَّ وَالْكَفَّ لأنَّهُ عَلِمَ أنَّ شِيعَتَهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ، وَأنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ سَارَ فِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَالسَّبْي وَذَلِكَ أنَّهُ يَعْلَمُ أنَّ شِيعَتَهُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ أبَداً)(7).6.
ص: 406
تهذيب الأحكام: الصفّار، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضال، عن ثعلبة مثله(1).
112 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ رفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ عليه السلام فَقُلْتُ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام بِأيَّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاس؟ فَقَالَ: (يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَسْتَأنِفُ الإسْلاَمَ جَدِيداً)(2).
113 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا يَصْنَعُ الْقَائِمُ إِذَا خَرَجَ لأحَبَّ أكْثَرُهُمْ أنْ لاَ يَرَوْهُ مِمَّا يَقْتُلُ مِنَ النَّاس، أمَا إِنَّهُ لاَ يَبْدَاُ إِلاَّ بِقُرَيْشٍ فَلاَ يَأخُذُ مِنْهَا إِلاَّ السَّيْفَ وَلاَ يُعْطِيهَا إِلاَّ السَّيْفَ، حَتَّى يَقُولَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس: لَيْسَ هَذَا مِنْ آل مُحَمَّدٍ، لَوْ كَانَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ لَرَحِمَ)(4).8.
ص: 407
114 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَقُومُ الْقَائِمُ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، لَيْسَ شَأنُهُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ(1)، لاَ يَسْتَتِيبُ أحَداً، وَلاَ يَأخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم)(2).
115 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِخُرُوج الْقَائِم فَوَ اللهِ مَا لِبَاسُهُ إِلاَّ الْغَلِيظُ، وَلاَ طَعَامُهُ إِلاَّ الْجَشِبُ، وَمَا هُوَ إِلاَّ السَّيْفُ وَالْمَوْتُ تَحْتَ ظِلّ السَّيْفِ)(3).
الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَن الْبَطَائِنيَّ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (إِلاَّ الشَّعِيرُ الْجَشِبُ)(4).
116 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرَبِ وَقُرَيْشٍ إِلاَّ السَّيْفُ (مَا يَأخُذُ مِنْهَا إِلاَّ السَّيْفُ)(5)، وَمَا يَسْتَعْجِلُونَ بِخُرُوج الْقَائِم وَاللهِ مَا طَعَامُهُ إِلاَّ الشَّعِيرُ الْجَشِبُ، وَلاَ لِبَاسُهُ إِلاَّ الْغَلِيظُ، وَمَا هُوَ إِلاَّ السَّيْفُ وَالْمَوْتُ تَحْتَ ظِلَّ السَّيْفِ)(6).1.
ص: 408
117 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (بَيْنَا الرَّجُلُ عَلَى رَأس الْقَائِم عليه السلام يَأمُرُهُ وَيَنْهَاهُ إِذْ قَالَ: أدِيرُوهُ، فَيُدِيرُونَهُ إِلَى قُدَّامِهِ فَيَأمُرُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَلاَ يَبْقَى فِي الْخَافِقَيْن شَيْءٌ إِلاَّ خَافَهُ)(1).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد البندبيجي، عن عبيد الله بن موسى، عن البرقي، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(2).
118 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ عَمَّهِ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (ألاَ اُريكَ قَمِيصَ الْقَائِم الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ؟)، فَقُلْتُ: بَلَى، فَدَعَا بِقِمَطْرٍ فَفَتَحَهُ وَأخْرَجَ مِنْهُ قَمِيصَ كَرَابِيسَ فَنَشَرَهُ فَإذَا فِي كُمَّهِ الأيْسَر دَمٌ، فَقَالَ: (هَذَا قَمِيصُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الَّذِي عَلَيْهِ يَوْمَ ضُربَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَفِيهِ يَقُومُ الْقَائِمُ)، فَقَبَّلْتُ الدَّمَ وَوَضَعْتُهُ عَلَى وَجْهِي، ثُمَّ طَوَاهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَرَفَعَهُ(3).
بيان: (القِمَطْر) ما يصان فيه الكتب.
119 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، عَنْ 2.
ص: 409
أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(1)، قَالَ: (هُوَ أمْرُنَا، أمَرَ اللهُ عزّ وجل (أ)لاَّ نَسْتَعْجِلَ(2) بِهِ، يُؤَيَّدُهُ(3) بِثَلاَثَةِ أجْنَادٍ بِالْمَلاَئِكَةِ وَالْمُؤْمِنينَ وَالرُّعْبِ، وَخُرُوجُهُ كَخُرُوج رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ))(4))(5).
120 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، قَالَ: قَالَ عليه السلام: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام نَزَلَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ(6) عَشَرَ، ثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ شُهْبٍ، وَثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ بُلْقٍ، وَثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ حُوًّ)، قُلْتُ: وَمَا الْحُوُّ؟ قَالَ: (الْحُمْرُ)(7).
بيان: قوله عليه السلام: (بثلاثمائة) أي مع ثلاثمائة وثلاثة عشر من المؤمنين، وقال الجوهري: الحُوَّة لون يخالط الكمتة مثل صدإ الحديد، وقال الأصمعي: الحُوَّة حمرة تضرب إلى السواد(8).
121 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ ّ.
ص: 410
اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام نَزَلَتْ سُيُوفُ الْقِتَال عَلَى كُلّ سَيْفٍ اسْمُ الرَّجُل وَاسْمُ أبِيهِ)(1).
122 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ(2)، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّال، قَالَ.
وَحَدَّثَنِي أيْضاً عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُسْلِم(3)، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ بَشِيرٍ، وَاللَّفْظُ لِروَايَةِ ابْن عُقْدَةَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ انْتَهَيْتُ إِلَى مَنْزل أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَإذَا أنَا بِبَغْلَتِهِ مُسْرَجَةً بِالْبَابِ فَجَلَسْتُ حِيَالَ الدَّار فَخَرَجَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَنَزَلَ عَن الْبَغْلَةِ وَأقْبَلَ نَحْوي فَقَالَ لِي: (مِمَّن الرَّجُلُ؟)، قُلْتُ: مِنْ أهْل الْعِرَاقِ.).
ص: 411
قَالَ: (مِنْ أيَّهَا؟)، قُلْتُ: مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: (مَنْ صَحِبَكَ فِي هَذَا الطَّريقِ؟)، قُلْتُ: قَوْمٌ مِنَ الْمُحَدَّثَةِ، قَالَ: (وَمَا الْمُحَدَّثَةُ؟)، قُلْتُ: الْمُرْجِئَةُ، فَقَالَ: (وَيْحُ هَذِهِ الْمُرْجِئَةِ إِلَى مَنْ يَلْجَئُونَ غَداً إِذَا قَامَ قَائِمُنَا؟)، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَوْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ كُنَّا نَحْنُ وَأنْتُمْ فِي الْعَدْل سَوَاءً.
فَقَالَ: (مَنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أسَرَّ نِفَاقاً فَلاَ يُبَعَّدُ اللهُ غَيْرَهُ، وَمَنْ أظْهَرَ شَيْئاً أهْرَقَ اللهُ دَمَهُ)، ثُمَّ قَالَ: (يَذْبَحُهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا يَذْبَحُ الْقَصَّابُ شَاتَهُ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ _)، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ اسْتَقَامَتْ لَهُ الاُمُورُ فَلاَ يُهْرقُ مِحْجَمَةَ دَم، فَقَالَ: (كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى نَمْسَحَ وَأنْتُمُ الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى جَبْهَتِهِ _)(1).
بيان: (العلق) بالتحريك الدَّم الغليظ، و(مسح العرق والعلق) كناية عن ملاقاة الشدائد التي توجب سيلان العرق والجراحات المسيلة للدّم.
123 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم، عَنْ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّال مِثْلَهُ، إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: لَمَّا قُلْتُ(2) لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ لَوْ قَامَ لاَسْتَقَامَتْ لَهُ الاُمُورُ عَفْواً وَلاَ يُهَريقُ مِحْجَمَةَ دَم، فَقَالَ: (كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَو اسْتَقَامَتْ لأحَدٍ عَفْواً لاَسْتَقَامَتْ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حِينَ اُدْمِيَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى نَمْسَحَ نَحْنُ وَأنْتُمُ الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ _ ثُمَّ مَسَحَ جَبْهَتَهُ _)(3).
124 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْحَسَن بْن مُعَاويَةَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عِيسَى بْن سُلَيْمَانَ، عَن 2.
ص: 412
الْمُفَضَّل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَقَدْ ذَكَرَ الْقَائِمَ عليه السلام فَقُلْتُ: إِنّي لأرْجُو أنْ يَكُونَ أمْرُهُ فِي سُهُولَةٍ، فَقَالَ: (لاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى تَمْسَحُوا الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ)(1).
125 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ(2)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ أهْلَ الْحَقَّ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ كَانُوا فِي شِدَّةٍ أمَا إِنَّ ذَلِكَ إِلَى مُدَّةٍ قَريبَةٍ وَعَاقِبَةٍ(3) طَويلَةٍ)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن بعض رجاله، عن علي بن إسحاق بن عمّار، عن محمّد بن سنان، مثله(5).
126 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(6) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ مُعَمَّر بْن خَلاَّدٍ(7)، قَالَ: ذُكِرَ الْقَائِمُ عِنْدَ الرَّضَا عليه السلام فَقَالَ: (أنْتُمُ (الْيَوْمَ)(8) أرْخَى بَالاً مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ)، قَالَ(9): وَكَيْفَ؟ قَالَ: (لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُنَا عليه السلام لَمْ يَكُنْ إِلاَّ الْعَلَقُ ).
ص: 413
وَالْعَرَقُ، وَالْقَوْمُ(1) عَلَى السُّرُوج، وَمَا لِبَاسُ الْقَائِم عليه السلام إِلاَّ الْغَلِيظُ، وَمَا طَعَامُهُ إِلاَّ الْجَشِبُ)(2).
127 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْمُفَضَّل، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام بِالطَّوَافِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ لِي: (يَا مُفَضَّلُ مَا لِي أرَاكَ مَهْمُوماً مُتَغَيَّرَ اللَّوْن؟)، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ نَظَري إِلَى بَنِي الْعَبَّاس وَمَا فِي أيْدِيهِمْ مِنْ هَذَا الْمُلْكِ وَالسُّلْطَان وَالْجَبَرُوتِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمْ لَكُنَّا فِيهِ مَعَكُمْ، فَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ أمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ سِيَاسَةُ اللَّيْل، وَسِيَاحَةُ(3) النَّهَار، وَأكْلُ الْجَشِبِ، وَلُبْسُ الْخَشِن، شِبْهَ أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَإِلاَّ فَالنَّارُ فَزُويَ ذَلِكَ عَنَّا فَصِرْنَا نَأكُلُ وَنَشْرَبُ وَهَلْ رَأيْتَ ظُلاَمَةً جَعَلَهَا اللهُ نِعْمَةً مِثْلَ هَذَا)(4).
بيان: (إلاَّ سياسة الليل) أي سياسة الناس وحراستهم عن الشرّ بالليل ورياضة النفس فيها بالاهتمام لأمور الناس وتدبير معاشهم ومعادهم مضافاً إلى العبادات البدنية وفي النهاية السياسة القيام على الشيء بما يصلحه(5) و(سياحة النهار) بالدعوة إلى الحقّ والجهاد والسعي في حوائج المؤمن والسير في الأرض لجميع ذلك والسياسة بمعنى 1.
ص: 414
الصوم كما قيل غير مناسب هنا(1). (فزوي) أي صرف وأبعد (فهل رأيت) تعجب منه عليه السلام في صيرورة الظلم عليهم نعمة لهم وكأنَّ المراد بالظلامة هنا الظلم، وفي القاموس المظلمة بكسر اللام وكثمامة ما تظلمه الرجل(2).
128 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرو(4)، وَقَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي بَيْتِهِ وَالْبَيْتُ غَاصٌّ بِأهْلِهِ فَأقْبَلَ النَّاسُ يَسْألُونَهُ فَلاَ يُسْئَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أجَابَ فِيهِ فَبَكَيْتُ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَقَالَ: (مَا يُبْكِيكَ يَا عَمْرُو؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَكَيْفَ لاَ أبْكِي وَهَلْ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُكَ وَالْبَابُ مُغْلَقٌ عَلَيْكَ وَالسَّتْرُ لَمُرْخًى عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: (لاَ تَبْكِ يَا عَمْرُو نَأكُلُ أكْثَرَ الطَّيَّبِ وَنَلْبَسُ اللَّيَّنَ وَلَوْ كَانَ الَّذِي تَقُولُ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ أكْلُ الْجَشِبِ وَلُبْسُ الْخَشِن مِثْلَ أمِير الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَإِلاَّ فَمُعَالَجَةُ الأغْلاَل فِي النَّار)(5).
129 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ(6)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي (عَبْدِ اللهِ) جَعْفَر (بْنَ مُحَمَّدٍ)(7) عليه السلام أنَّهُ قَالَ:م.
ص: 415
(أبَى اللهُ إِلاَّ أنْ يُخْلِفَ وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ، وَهِيَ رَايَةُ(1) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ يَوْمَ بَدْرٍ سِيرَ بِهِ(2)).
ثُمَّ قَالَ: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ(3) مَا هِيَ وَاللهِ مِنْ قُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلاَ قَزّ وَلاَ حَريرٍ)، فَقُلْتُ: مِنْ(4) أيَّ شَيْءٍ هِيَ؟ قَالَ: (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، نَشَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ لَفَّهاَ(5) وَدَفَعَهَا إِلَى عليًّ عليه السلام فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَ عليًّ عليه السلام حَتَّى كَانَ يَوْمُ الْبَصْرَةِ فَنَشَرَهَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَفَّهَا وَهِيَ عِنْدَنَا هُنَاكَ لاَ يَنْشُرُهَا أحَدٌ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ عليه السلام، فَإذَا قَامَ ر.
ص: 416
نَشَرَهَا فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ أحَدٌ إِلاَّ لَعَنَهاَ(1)، وَيَسِيرُ الرُّعْبُ قُدَّامَهَا شَهْراً (وَوَرَاءَهَا شَهْراً)(2) وَعَنْ يَمِينهَا شَهْراً وَعَنْ يَسَارهَا شَهْراً).
ثُمَّ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ يَخْرُجُ مَوْتُوراً غَضْبَانَ أسِفاً لِغَضَبِ اللهِ عَلَى هَذَا الْخَلْقِ، عَلَيْهِ قَمِيصُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ اُحُدٍ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَدِرْعُ(3) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّابِغَةُ، وَسَيْفُ(4) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذُو الْفَقَار، يُجَرَّدُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ، يَقْتُلُ هَرْجاً، فَأوَّلُ مَا يَبْدَاُ بِبَني شَيْبَةَ فَيَقْطَعُ أيْدِيَهُمْ وَيُعَلّقُهَا فِي الْكَعْبَةِ وَيُنَادِي مُنَادِيهِ: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ اللهِ، ثُمَّ يَتَنَاوَلُ قُرَيْشاً فَلاَ يَأخُذُ مِنْهَا إِلاَّ السَّيْفَ وَلاَ يُعْطِيهَا إِلاَّ السَّيْفَ، وَلاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يُقْرَأ كِتَابَان: كِتَابٌ بِالْبَصْرَةِ وَكِتَابٌ بِالْكُوفَةِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عليًّ عليه السلام)(5).
130 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ(6)، عَنْ حَمَّادِ بْن أبِي طَلْحَةَ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا ثَابِتُ كَأنّي بِقَائِم أهْل بَيْتِي قَدْ أشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ هَذَا _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ (إِلَى)(7) نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ _ ر.
ص: 417
فَإذَا هُوَ أشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ نَشَرَ رَايَةَ رَسُول اللهِ فَإذَا هُوَ نَشَرَهَا انْحَطَّتْ عَلَيْهِ مَلاَئِكَةُ بَدْرٍ).
قُلْتُ: وَمَا رَايَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (عُودُهاَ(1) مِنْ عُمُدِ عَرْش اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْر اللهِ، لاَ يَهْوي بِهَا إِلَى شَيْءٍ إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ)، قُلْتُ: فَمَخْبُوءَةٌ (هِيَ)(2) عِنْدَكُمْ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ فَيَجِدَهاَ(3) أمْ يُؤْتَى بِهَا؟ قَالَ: (لاَ بَلْ يُؤْتَى بِهَا)، قُلْتُ: مَنْ يَأتِيهِ بِهَا؟ قَالَ: (جَبْرَئِيلُ عليه السلام)(4).
بيان: يمكن أن يكون نفي كونها عندهم تقية لئلاّ يطلب منهم سلاطين الوقت أو بعد الغيبة رفع إلى السماء ثُمَّ يأتي بها جبرئيل أو يكون راية أخرى غير ما مرَّ.
131 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ اسْتَقْبَلَ مِنْ جَهَلَةِ النَّاس أشَدَّ مِمَّا اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مِنْ جُهَّال الْجَاهِلِيَّةِ).
فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أتَى النَّاسَ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ وَالصُّخُورَ وَالْعِيدَانَ وَالْخُشُبَ الْمَنْحُوتَةَ وَإِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أتَى النَّاسَ وَكُلُّهُمْ يَتَأوَّلُ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ وَيَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (أمَا وَاللهِ لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْهِمْ عَدْلُهُ جَوْفَ بُيُوتِهِمْ كَمَا يَدْخُلُ الْحَرُّ وَالْقَرُّ)(5).1.
ص: 418
132 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْحُسَيْن بْن مُخْتَارٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر لَوْ قَدْ ظَهَرَ لَقِيَ مِنَ النَّاس مِثْلَ مَا لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم (وَأكْثَرَ))(1).
133 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ عليه السلام يَلْقَى فِي حَرْبهِ مَا لَمْ يَلْقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أتَاهُمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ الْمَنْقُورَةَ وَالْخَشَبَةَ الْمَنْحُوتَةَ، وَإِنَّ الْقَائِمَ يَخْرُجُونَ عَلَيْهِ فَيَتَأوَّلُونَ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ وَيُقَاتِلُونَهُ عَلَيْهِ)(2).
134 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ الأعْشَى، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا ظَهَرَتْ رَايَةُ الْحَقَّ لَعَنَهَا أهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أتَدْري لِمَ ذَلِكَ؟)، قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (لِلَّذِي يَلْقَى النَّاسُ مِنْ أهْل بَيْتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ)(3).
135 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ مَنْصُور بْن حَازم، 4.
ص: 419
عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا رُفِعَتْ رَايَةُ الْحَقَّ لَعَنَهَا أهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ)، قُلْتُ لَهُ: مِمَّ ذَلِكَ؟ قَالَ: (مِمَّا يَلْقَوْنَ مِنْ بَنِي هَاشِم)(1).
136 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى وَأحْمَدَ بْن عليًّ الأعْلَم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَدَقَةَ وَابْن اُذَيْنَةَ الْعَبْدِيَّ وَمُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ جَمِيعاً، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (ثَلاَثَ عَشْرَةَ مَدِينَةً وَطَائِفَةً يُحَاربُ الْقَائِمُ أهْلَهَا وَيُحَاربُونَهُ: أهْلُ مَكَّةَ، وَأهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأهْلُ الشَّام، وَبَنُو اُمَيَّةَ، وَأهْلُ الْبَصْرَةِ، وَأهْلُ دميسان(2)، وَالأكْرَادُ، وَالأعْرَابُ، وَضَبَّةُ، وَغَنِيٌّ، وَبَاهِلَةُ، وَأزْدٌ، وَأهْلُ الرَّيَّ)(3).
بيان: لعلَّ (الدميسان) مصحَّف دِيسَانَ وهو بالكسر قرية بهراة ذكره الفيروزآبادي وقال: دوميس بالضم ناحية بِأرَّانَ(4).
137 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن زيَادٍ(5)، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح، عَنْ (أبِي)(6) عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيَّ(7)، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: أخْبَرَني مَنْ سَمِعَ أبَا عَبْدِ اللهِ ك.
ص: 420
عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ خَرَجَ مِنْ هَذَا الأمْر مَنْ كَانَ يَرَى أنَّهُ (مِنْ)(1) أهْلِهِ وَدَخَلَ فِي سُنَّةِ عَبَدَةِ الشَّمْس وَالْقَمَر)(2).
138 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن الْمُفَضَّل بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ أذْهَبَ اللهُ عَنْ كُلّ مُؤْمِنٍ الْعَاهَةَ وَرَدَّ إِلَيْهِ قُوَّتَهُ)(3).
139 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن الْحَسَن وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ (عَلِيَّ بْن)(4) يُوسُفَ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ صَبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنيَّ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (كَأنّي أنْظُرُ إِلَى شِيعَتِنَا بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَقَدْ ضَرَبُوا الْفَسَاطِيطَ يُعَلّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا اُنْزلَ، أمَا إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ كَسَرَهُ وَسَوَّى قِبْلَتَهُ)(5).
140 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(6) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ(7)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الْحَجَّال، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِشِيعَةِ عليًّ فِي أيْدِيهِمُ الْمَثَانِي يُعَلّمُونَ النَّاسَ (الْمُسْتَأنَفَ))(8).4.
ص: 421
141 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ صَبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِالْعَجَم فَسَاطِيطُهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يُعَلّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا اُنْزلَ)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أوَلَيْسَ هُوَ كَمَا اُنْزلَ؟ فَقَالَ: (لاَ مُحِيَ مِنْهُ سَبْعُونَ مِنْ قُرَيْشٍ بِأسْمَائِهِمْ وَأسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَمَا تُركَ أبُو لَهَبٍ إِلاَّ لِلإزْرَاءِ(1) عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّهُ عَمُّهُ)(2).
142 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ جَعْفَر بْن يَحْيَى، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ لَوْ ضَرَبَ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام الْفَسَاطِيطَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَان؟ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَيْهِمُ الْمِثَالُ الْمُسْتَأنَفُ أمْرٌ جَدِيدٌ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ)(3).
143 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ أبِي طَاهِرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ أبِي الصَّبَّاح الْكِنَانِيَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ فَقَالَ: عَقَّنِي وَلَدِي وَجَفَانِي(4)، فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أوَمَا عَلِمْتَ أنَّ لِلْحَقَّ دَوْلَةً وَلِلْبَاطِل دَوْلَةً؟ وَكِلاَهُمَا ذَلِيلٌ فِي دَوْلَةِ صَاحِبهِ فَمَنْ أصَابَتْهُ دَوْلَةُ(5) الْبَاطِل اقْتُصَّ مِنْهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ)(6).7.
ص: 422
144 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (بَعَثَ)(1) فِي أقَالِيم الأرْض فِي كُلّ إِقْلِيم رَجُلاً يَقُولُ: عَهْدُكَ (فِي)(2) كَفّكَ، فَإذَا وَرَدَ عَلَيْكَ مَا لاَ تَفْهَمُهُ وَلاَ تَعْرفُ الْقَضَاءَ فِيهِ فَانْظُرْ إِلَى كَفّكَ وَاعْمَلْ بِمَا فِيهَا).
قَالَ: (وَيَبْعَثُ جُنْداً إِلَى الْقُسْطَنْطِينيَّةِ فَإذَا بَلَغُوا إِلَى الْخَلِيج كَتَبُوا عَلَى أقْدَامِهِمْ شَيْئاً وَمَشَوْا عَلَى الْمَاءِ (فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الرُّومُ يَمْشُونَ عَلَى الْمَاءِ)(3) قَالُوا: هَؤُلاَءِ أصْحَابُهُ يَمْشُونَ عَلَى الْمَاءِ فَكَيْفَ هُوَ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَفْتَحُونَ لَهُمْ بَابَ(4) الْمَدِينَةِ فَيَدْخُلُونَهَا فَيَحْكُمُونَ فِيهَا بِمَا يُريدُونَ)(5).
145 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا أهْلَ الْحَقَّ اجْتَمِعُوا، فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يُنَادِيَ مَرَّةً اُخْرَى: يَا أهْلَ الْبَاطِل اجْتَمِعُوا، فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ).
قُلْتُ: فَيَسْتَطِيعُ هَؤُلاَءِ أنْ يَدْخُلُوا فِي هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: (لاَ وَاللهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))(6))(7).9.
ص: 423
146 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لِيُعِدَّ(نَّ)(1) أحَدُكُمْ لِخُرُوج الْقَائِم وَلَوْ سَهْماً فَإنَّ اللهَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ رَجَوْتُ لأنْ يُنْسِئَ فِي عُمُرهِ حَتَّى يُدْركَهُ وَيَكُونَ مِنْ أعْوَانِهِ وَأنْصَارهِ)(2).
147 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ ابْنَي الْحَسَن، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ، وَعَنْ جُمَيْع الْكُنَاسِيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ كَامِلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ دَعَا النَّاسَ إِلَى أمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَإِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَدَأ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(3).
148 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الإسْلاَمُ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَدَأ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)، فَقُلْتُ: اشْرَحْ لِي هَذَا أصْلَحَكَ اللهُ، فَقَالَ: (يَسْتَأنِفُ الدَّاعِي مِنَّا دُعَاءً جَدِيداً كَمَا دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
وعن ابن مسكان، عن الحسين بن مختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(5).2.
ص: 424
149 _ الغيبة للنعماني: وَبهَذَا الإسْنَادِ(1)، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّمَا نَصِفُ (صَاحِبَ)(2) هَذَا الأمْر بِالصّفَةِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا أحَدٌ مِنَ النَّاس، فَقَالَ: (لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ أبَداً حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ وَيَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ)(3).
بيان: قوله: (بالصفة التي ليس بها أحد) أي نَصِف دولة القائم وخروجه على وجه لا يشبه شيئاً من الدول، فقال عليه السلام: لا يمكنكم معرفته كما هي حتَّى تروه، ويحتمل أن يكون مراد السائل كمال معرفة أمر التشيّع وحالات الأئمّة عليهم السلام.
150 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس بْن عِيسَى، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَدَّادِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أخْبِرْني عَنْ قَوْل أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)؟
فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام اسْتَأنَفَ دُعَاءً جَدِيداً كَمَا دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَقُلْتُ: أشْهَدُ أنَّكَ إِمَامِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اُوَالِي وَلِيَّكَ وَاُعَادِي عَدُوَّكَ وَأنَّكَ وَلِيُّ اللهِ، (فَقَالَ: (رَحِمَكَ اللهُ))(4).
151 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(5)، ).
ص: 425
عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ(1)، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي الْمَغْرَاءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَمَّا الْتَقَى أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَأهْلُ الْبَصْرَةِ نَشَرَ الرَّايَةَ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَتَزَلْزَلَتْ أقْدَامُهُمْ فَمَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ حَتَّى قَالُوا: أمَتَّناَ(2) يَا ابْنَ أبِي طَالِبٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: لاَ تَقْتُلُوا الاُسَرَاءَ وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَريح(3)، وَلاَ تَتْبَعُوا مُوَلَّياً وَمَنْ ألْقَى سِلاَحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفّينَ سَألُوهُ نَشْرَ الرَّايَةِ فَأبَى عَلَيْهِمْ فَتَحَمَّلُوا عَلَيْهِ بِالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَعَمَّار بْن يَاسِرٍ، فَقَالَ لِلْحَسَن: يَا بُنَيَّ إِنَّ لِلْقَوْم مُدَّةً يَبْلُغُونَهَا وَإِنَّ هَذِهِ رَايَةٌ لاَ يَنْشُرُهَا بَعْدِي إِلاَّ الْقَائِمُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ)(4).
152 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا بْن شَيْبَانَ، عَنْ يُونُسَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ مِنْ مَكَّةَ(5) حَتَّى تَكْمُلَ(6) الْحَلْقَةُ)، قُلْتُ: وَكَم(7) الْحَلْقَةُ؟ قَالَ: (عَشَرَةُ آلاَفٍ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارهِ، ثُمَّ يَهُزُّ الرَّايَةَ الْمُغَلَّبَةُ(8) وَيَسِيرُ بِهَا، فَلاَ يَبْقَى أحَدٌ فِي الْمَشْرقِ وَلاَ فِي الْمَغْربِ إِلاَّ لَعَنَهَا، ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ) مِنَ الْقَبَائِل مَا ر.
ص: 426
بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالاثْنَيْن وَالثَّلاَثَةِ وَالأرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالسَّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ وَالثَّمَانِيَةِ وَالتّسْعَةِ وَالْعَشَرَةِ)(1).
بيان: (الحلقة) الخيل، و(الجماعة) من الناس مستديرون.
153 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن الْحَسَن وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ عَلِيَّ بْن يُوسُفَ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ رَجُلٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا اُذِنَ الإمَامُ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْعِبْرَانِيَّ فَاُتِيحَتْ لَهُ صَحَابَتُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ وَهُمْ أصْحَابُ الألْويَةِ مِنْهُمْ مَنْ يُفْقَدُ عَنْ(2) فِرَاشِهِ لَيْلاً فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَى يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً يُعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ وَحِلْيَتِهِ وَنَسَبِهِ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّهُمْ أعْظَمُ إِيمَاناً؟ قَالَ: (الَّذِي يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً وَهُمُ الْمَفْقُودُونَ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3))(4).
تفسير العياشي: عن المفضَّل، مثله(5).
154 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ ضُرَيْسٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ 1.
ص: 427
الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن (أ)(1) وْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهم السلام أنَّهُ قَالَ: (الْفُقَدَاءُ قَوْمٌ يُفْقَدُونَ مِنْ فُرُشِهِمْ فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(2) وَهُمْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام)(3).
155 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي وَقَالَ: (يَا أبَانُ سَيَأتِي اللهُ بِثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا يَعْلَمُ أهْلُ مَكَّةَ أنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ آبَاؤُهُمْ وَلاَ أجْدَادُهُمْ بَعْدُ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ مَكْتُوبٌ عَلَى كُلّ سَيْفٍ اسْمُ الرَّجُل وَاسْمُ أبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ، ثُمَّ يَأمُرُ مُنَادِياً فَيُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لاَ يَسْألُ عَلَى ذَلِكَ بَيَّنَةً)(4).
بيان: قوله عليه السلام: (يعلم أهل مكّة) لعلَّه كناية عن أنَّهم لا يعرفونهم بوجه(5).
156 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ هَارُونَ بْن مُسْلِم، عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّويل(6)، ).
ص: 428
عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ))(1)، قَالَ: (اُنْزلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام وَجَبْرَئِيلُ عَلَى الْمِيزَابِ فِي صُورَةِ طَيْرٍ أبْيَضَ فَيَكُونُ أوَّلَ خَلْقٍ يُبَايِعُهُ وَيُبَايِعُهُ النَّاسُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ، فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالْمَسِير وَافَى تِلْكَ السَّاعَةَ وَمَنْ (لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِير)(2) فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: الْمَفْقُودُونَ عَنْ(3) فُرُشِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(4))، قَالَ: (الخيرات الْوَلاَيَةُ (لَنَا أهْلَ الْبَيْتِ))(5).
157 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أصْحَابُ الْقَائِم ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً أوْلاَدُ الْعَجَم، بَعْضُهُمْ يُحْمَلُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً يُعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ، وَبَعْضُهُمْ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَيُرَى فِي مَكَّةَ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ)(6).
158 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(7) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أنَّ الْقَائِمَ يَهْبِطُ مِنْ ثَنِيَّةِ ذِي طُوًى ).
ص: 429
فِي عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً حَتَّى يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر وَيَهُزُّ الرَّايَةَ الْغَالِبَةَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأبِي الْحَسَن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام فَقَالَ: (كِتَابٌ مَنْشُورٌ)(1).
بيان: أي هذا مثبت في الكتاب المنشور أو معه الكتاب أو الراية كتاب منشور.
159 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عليهما السلام: (بَيْنَا شَبَابُ الشّيعَةِ عَلَى ظُهُور سُطُوحِهِمْ نِيَامٌ إِذَا تَوَافَوْا إِلَى صَاحِبِهِمْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ)(2).
160 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَمْزَةَ وَمُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن حَمَّادٍ(3)، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن هَارُونَ الْعِجْلِيَّ(4)، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر مَحْفُوظٌ لَهُ لَوْ ذَهَبَ النَّاسُ جَمِيعاً أتَى اللهُ لَهُ بِأصْحَابِهِ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ اللهُ عزّ وجل: ((فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ))(5)، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: ((فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ))(6))(7).2.
ص: 430
161 _ كشف الغمّة: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل يُلْقِي فِي قُلُوبِ شِيعَتِنَا الرُّعْبَ، فَإذَا قَامَ قَائِمُنَا وَظَهَرَ مَهْدِيُّنَا كَانَ الرَّجُلُ أجْرَى مِنْ لَيْثٍ وَأمْضَى مِنْ سِنَانٍ)(1).
162 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن شَمُّونٍ، عَن الأصَمَّ، عَنْ مَالِكِ بْن عَطِيَّةَ، عَن ابْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (دَمَان فِي الإسْلاَم حَلاَلٌ مِنَ اللهِ لاَ يَقْضِي فِيهِمَا أحَدٌ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ قَائِمَنَا أهْلَ الْبَيْتِ، فَإذَا بَعَثَ اللهُ عزّ وجل قَائِمَنَا أهْلَ الْبَيْتِ حَكَمَ فِيهِمَا بِحُكْم اللهِ لاَ يُريدُ عَلَيْهِمَا بَيَّنَةً: الزَّانِي الْمُحْصَنُ يَرْجُمُهُ، وَمَانِعُ الزَّكَاةِ يَضْربُ عُنُقَهُ)(2).
163 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عَبْدِ اللهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن الْعَبَّاس بْن الْحَريش(3)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (بَيْنَا أبِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذَا رَجُلٌ مُعْتَجِرٌ قَدْ قُيَّضَ لَهُ فَقَطَعَ عَلَيْهِ اُسْبُوعَهُ(4) حَتَّى أدْخَلَهُ إِلَى دَارٍ جَنْبَ الصَّفَا فَأرْسَلَ إِلَيَّ فَكُنَّا ثَلاَثَةً، فَقَالَ: خ.
ص: 431
مَرْحَباً يَا ابْنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأسِي وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيكَ يَا أمِينَ اللهِ بَعْدَ آبَائِهِ يَا بَا جَعْفَرٍ(1) إِنْ شِئْتَ فَأخْبِرْني وَإِنْ شِئْتَ فَأخْبَرْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ سَلْنِي وَإِنْ شِئْتَ سَألْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَاصْدُقْنِي وَإِنْ شِئْتَ صَدَقْتُكَ، قَالَ: كُلَّ ذَلِكَ أشَاءُ...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: فَوَدِدْتُ أنَّ عَيْنَيْكَ تَكُونُ مَعَ مَهْدِيَّ هَذِهِ الاُمَّةِ وَالْمَلاَئِكَةُ بِسُيُوفِ آل دَاوُدَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْض تُعَذّبُ أرْوَاحَ الْكَفَرَةِ مِنَ الأمْوَاتِ وَيُلْحِقُ(2) بِهِمْ أرْوَاحَ أشْبَاهِهِمْ مِنَ الأحْيَاءِ، ثُمَّ أخْرَجَ سَيْفاً، ثُمَّ قَالَ: هَا إِنَّ هَذَا مِنْهَا)، قَالَ: (فَقَالَ أبِي: إِي وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّداً عَلَى الْبَشَر)، قَالَ: (فَرَدَّ الرَّجُلُ اعْتِجَارَهُ وَقَالَ: أنَا إِلْيَاسُ مَا سَألْتُكَ عَنْ أمْركَ وَلِي بِهِ جَهَالَةٌ غَيْرَ أنّي أحْبَبْتُ أنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قُوَّةً لأصْحَابِكَ...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى أنْ قَالَ: (ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ وَذَهَبَ فَلَمْ أرَهُ)(3).
164 _ الاختصاص: قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَكُونُ(4) شِيعَتُنَا فِي دَوْلَةِ الْقَائِم عليه السلام سَنَامَ الأرْض وَحُكَّامَهَا، يُعْطَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً)(5)، وَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (اُلْقِيَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِ شِيعَتِنَا مِنْ عَدُوَّنَا، فَإذَا وَقَعَ أمْرُنَا وَخَرَجَ مَهْدِيُّنَا كَانَ أحَدُهُمْ أجْرَى مِنَ اللَّيْثِ وَأمْضَى مِنَ السَّنَان يَطَاُ عَدُوَّنَا بِقَدَمَيْهِ وَيَقْتُلُهُ بِكَفَّيْهِ)(6).6.
ص: 432
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ربْعِيٍّ، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيَّ، قَالَ: قِيلَ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ أصْحَابَنَا بِالْكُوفَةِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ فَلَوْ أمَرْتَهُمْ لأطَاعُوكَ وَاتَّبَعُوكَ، فَقَالَ: (يَجِيءُ أحَدُهُمْ إِلَى كِيس أخِيهِ فَيَأخُذُ مِنْهُ حَاجَتَهُ؟)، فَقَالَ: لاَ، قَالَ: (فَهُمْ بِدِمَائِهِمْ أبْخَلُ).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ النَّاسَ فِي هُدْنَةٍ نُنَاكِحُهُمْ(1) وَنُوَارثُهُمْ وَنُقِيمُ(2) عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ وَنُؤَدَّي(3) أمَانَاتِهِمْ حَتَّى إِذْ قَامَ الْقَائِمُ جَاءَتِ الْمُزَامَلَةُ(4) وَيَأتِي الرَّجُلُ إِلَى كِيس أخِيهِ فَيَأخُذُ حَاجَتَهُ لاَ يَمْنَعُهُ)(5).
165 _ تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَاريُّ مُعَنْعَناً، عَنْ عِمْرَانَ بْن دَاهِرٍ(6)، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام: لَنُسَلّمُ عَلَى الْقَائِم بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: (لاَ، ذَلِكَ اسْمٌ سَمَّاهُ اللهُ(7) أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ لاَ يُسَمَّى بِهِ أحَدٌ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ إِلاَّ كَافِرٌ)، قَالَ: فَكَيْفَ نُسَلّمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: (تَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ)، قَالَ: ثُمَّ قَرَأ جَعْفَرٌ عليه السلام: (((بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))(8))(9).9.
ص: 433
166 _ تفسير فرات: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيَّ بْن بَزيع مُعَنْعَناً، عَنْ زَيْدِ بْن عليًّ، قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ مِنْ آل مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أيُّهَا النَّاسُ نَحْنُ الَّذِينَ وَعَدَكُمُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَْرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عاقِبَةُ الأُْمُورِ))(1))(2).
167 _ تفسير فرات: الْقَاسِمُ بْنُ عُبَيْدٍ مُعَنْعَناً، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَوْلُهُ تَعَالَى: ((الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَْرْضِ هَوْناً ...))(3) إِلَى قَوْلِهِ: ((حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)) ثَلاَثَ عَشْرَةَ آيَات(4)، قَالَ: (هُمُ الأوْصِيَاءُ ((يَمْشُونَ عَلَى الأَْرْضِ هَوْناً)) فَإذَا قَامَ الْقَائِمُ عَرَضُوا(5) كُلَّ نَاصِبٍ عَلَيْهِ فَإنْ أقَرَّ بِالإسْلاَم وَهِيَ الْوَلاَيَةُ وَإِلاَّ ضُربَتْ عُنُقُهُ أوْ أقَرَّ بِالْجِزْيَةِ فَأدَّاهَا كَمَا يُؤَدَّي أهْلُ الذّمَّةِ)(6).
168 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمِيَّ(7)، عَنْ أخَوَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ، عَنْ عَلِيَّ بْن يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيدِ بْن عُمَرَ(8) الْجُعْفِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل مِصْرَ،).
ص: 434
عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ قَائِمَنَا عليه السلام لَوْ قَدْ قَامَ لأخَذَ بَنِي شَيْبَةَ وَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وَطَافَ بِهِمْ وَقَالَ: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ اللهِ)(1).
169 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أوَّلُ مَا يُظْهِرُ الْقَائِمُ مِنَ الْعَدْل أنْ يُنَادِيَ مُنَادِيهِ أنْ يُسَلّمَ صَاحِبُ النَّافِلَةِ لِصَاحِبِ الْفَريضَةِ الْحَجَرَ الأسْوَدَ وَالطَّوَافَ)(2).
170 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَن الْحَلَبِيَّ، قَالَ: سُئِلَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَن الْمَسَاجِدِ الْمُظَلَّلَةِ أتُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِيهَا، فَقَالَ: (نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ يَضُرُّكُمُ الْيَوْمَ وَلَوْ قَدْ كَانَ الْعَدْلُ لَرَأيْتُمْ كَيْفَ يُصْنَعُ فِي ذَلِكَ)(3).
171 _ الكافي: الْحَسَنُ بْنُ عليًّ الْعَلَويُّ، عَنْ سَهْل بْن جُمْهُورٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم بْن عَبْدِ اللهِ الْعَلَويَّ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعُرَنيَّ، عَنْ عَمْرو بْن جُمَيْع، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَن الصَّلاَةِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمُصَوَّرَةِ فَقَالَ: (أكْرَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ لاَ يَضُرُّكُمُ(4) الْيَوْمَ وَلَوْ قَدْ قَامَ الْعَدْلُ لَرَأيْتُمْ كَيْفَ يُصْنَعُ فِي ذَلِكَ)(5).
172 _ تهذيب الأحكام: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن زَيْدٍ مَوْلَى الْكَاهِلِيَّ، عَنْهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام 6.
ص: 435
قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي وَصْفِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ: (فِي وَسَطِهِ عَيْنٌ مِنْ دُهْنٍ، وَعَيْنٌ مِنْ لَبَنٍ، وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ شَرَابٍ لِلْمُؤْمِنينَ، وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ طَهُورٍ لِلْمُؤْمِنينَ)(1).
173 _ تهذيب الأحكام: مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنيَّ، قَالَ: خَرَجَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام إِلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ: (لَيَتَّصِلَنَّ هَذِهِ بِهَذِهِ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ _ حَتَّى يُبَاعَ الذّرَاعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا بِدَنَانِيرَ، وَلَيَبْنيَنَّ بِالْحِيرَةِ مَسْجِداً لَهُ خَمْسُمِائَةِ بَابٍ يُصَلّي فِيهِ خَلِيفَةُ الْقَائِم عليه السلام، لأنَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ لَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ، وَلَيُصَلّيَنَّ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَدْلاً)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَيَسَعُ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ هَذَا الَّذِي تَصِفُ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (تُبْنَى لَهُ أرْبَعُ مَسَاجِدَ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ أصْغَرُهَا وَهَذَا وَمَسْجِدَان فِي طَرَفَي الْكُوفَةِ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَهَذَا الْجَانِبِ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ نَحْوَ نَهَر الْبَصْريَّينَ وَالْغَريَّيْن _)(2).
174 _ كتاب حسين بن سعيد والنوادر: أبُو الْحَسَن(3) بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ لِي: (يَا ابْنَ أبِي يَعْفُورٍ هَلْ قَرَأتَ الْقُرْآنَ؟)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ، قَالَ: (عَنْهَا سَألْتُكَ لَيْسَ عَنْ غَيْرهَا)، قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَلِمَ؟
قَالَ: (لأنَّ مُوسَى عليه السلام حَدَّثَ قَوْمَهُ بِحَدِيثٍ لَمْ يَحْتَمِلُوهُ عَنْهُ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ بِمِصْرَ فَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ، وَلأنَّ عِيسَى عليه السلام حَدَّثَ قَوْمَهُ بِحَدِيثٍ فَلَمْ يَحْتَمِلُوهُ عَنْهُ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ بِتَكْريتَ فَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ ).
ص: 436
فَقَتَلَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ))(1) وَإِنَّهُ أوَّلُ قَائِم يَقُومُ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يُحَدَّثُكُمْ بِحَدِيثٍ لاَ تَحْتَمِلُونَهُ فَتَخْرُجُونَ عَلَيْهِ بِرُمَيْلَةِ الدَّسْكَرَةِ فَتُقَاتِلُونَهُ فَيُقَاتِلُكُمْ فَيَقْتُلُكُمْ وَهِيَ آخِرُ خَارجَةٍ تَكُونُ)(2)، الْخَبَرَ.
بيان: قوله: ولِمَ؟ أي ولِمَ لم تسألني عن غير تلك القراءة وهي المنزلة التي ينبغي أن يعلم؟ فأجاب عليه السلام بأنَّ القوم لا يحتملون تغيير القرآن ولا يقبلونه واستشهد بما ذكر.
175 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الأحْوَل، عَنْ سَلاَّم بْن الْمُسْتَنِير، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يُحَدَّثُ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام عَرَضَ الإيمَانَ عَلَى كُلّ نَاصِبٍ فَإنْ دَخَلَ فِيهِ بِحَقِيقَةٍ وَإِلاَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ أوْ يُؤَدَّيَ الْجِزْيَةَ كَمَا يُؤَدَّيهَا الْيَوْمَ أهْلُ الذّمَّةِ، وَيَشُدُّ عَلَى وَسَطِهِ الْهِمْيَانَ وَيُخْرجُهُمْ مِنَ الأمْصَار إِلَى السَّوَادِ)(3).
176 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِح بْن أبِي حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن بَشِيرٍ، عَنْ عَيْثَم(4) بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا تَمَنَّى أحَدُكُمُ الْقَائِمَ فَلْيَتَمَنَّهُ فِي عَافِيَةٍ فَإنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم رَحْمَةً وَيَبْعَثُ الْقَائِمَ نَقِمَةً)(5).6.
ص: 437
177 _ أقُولُ: رُويَ فِي كِتَابِ مَزَارٍ لِبَعْض قُدَمَاءِ أصْحَابِناَ(1): عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم عليه السلام فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ كَانَ فِيهِ مَنْزلُ إِدْريسَ، وَكَانَ مَنْزلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيل الرَّحْمَن، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَفِيهِ مَسْكَنُ الْخَضِر (وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ)(2))، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لاَ يَزَالُ الْقَائِمُ فِيهِ أبَداً، قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: فَمِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْخَلْقِ)، قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ مِنْ أهْل الذّمَّةِ عِنْدَهُ(3)؟ قَالَ: (يُسَالِمُهُمْ كَمَا سَالَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)، قُلْتُ: فَمَنْ نَصَبَ لَكُمْ عَدَاوَةً؟ فَقَالَ: (لاَ يَا بَا مُحَمَّدٍ مَا لِمَنْ خَالَفَنَا فِي دَوْلَتِنَا مِنْ نَصِيبٍ إِنَّ اللهَ قَدْ أحَلَّ لَنَا دِمَاءَهُمْ عِنْدَ قِيَام قَائِمِنَا فَالْيَوْمَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ فَلاَ يَغُرَّنَّكَ أحَدٌ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(4).
178 _ أقُولُ: قَدْ مَضَى بَعْضُ الأخْبَار فِي سِيَرهِ عليه السلام فِي أكْثَر الأبْوَابِ السَّابِقَةِ، وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ الأنْوَار الْمُضِيئَةِ بِإسْنَادِهِ إِلَى أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ إِنْظَار اللهِ تَعَالَى إِبْلِيسَ وَقْتاً مَعْلُوماً ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: 4.
ص: 438
((فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ))(1)، قَالَ: الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ يَوْمُ قِيَام الْقَائِم، فَإِذَا بَعَثَهُ اللهُ كَانَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَجَاءَ إِبْلِيسُ حَتَّى يَجْثُوَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَيَقُولُ: يَا وَيْلاَهُ مِنْ هَذَا الْيَوْم، فَيَأخُذُ بِنَاصِيَتِهِ فَيَضْربُ عُنُقَهُ، فَذَلِكَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم مُنْتَهَى أجَلِهِ)(2).
179 _ الاختصاص: أبُو الْقَاسِم الشَّعْرَانِيُّ يَرْفَعُهُ، عَن ابْن ظَبْيَانَ، عَن ابْن الْحَجَّاج، عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام أتَى رَحْبَةَ الْكُوفَةِ فَقَالَ بِرجْلِهِ(3) هَكَذَا _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِع _ ثُمَّ قَالَ: احْفِرُوا هَاهُنَا، فَيَحْفِرُونَ فَيَسْتَخْرجُونَ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ دِرْع وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ سَيْفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ بَيْضَةٍ لِكُلّ بَيْضَةٍ وَجْهَان(4)، ثُمَّ يَدْعُو اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ رَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي (مِنَ الْعَرَبِ)(5) وَالْعَجَم فَيُلْبِسُهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْكُمْ فَاقْتُلُوهُ)(6).
عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام أتَى رَحْبَةَ الْكُوفَةِ فَقَالَ بِرجْلِهِ هَكَذَا _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِع _ ثُمَّ قَالَ: احْفِرُوا هَاهُنَا، فَيَحْفِرُونَ فَيَسْتَخْرجُونَ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ دِرْع وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ سَيْفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ بَيْضَةٍ لِكُلّ بَيْضَةٍ وَجْهَان، ثُمَّ يَدْعُو اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ رَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَم فَيُلْبِسُهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْكُمْ فَاقْتُلُوهُ).4.
ص: 439
180 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ بَدْر بْن خَلِيلٍ الأزْدِيَّ(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ))(2) قَالَ:
(إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام وَبَعَثَ إِلَى بَنِي اُمَيَّةَ بِالشَّام هَرَبُوا إِلَى الرُّوم فَيَقُولُ لَهُمُ الرُّومُ: لاَ نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَتَنَصَّرُوا، فَيُعَلّقُونَ فِي أعْنَاقِهِمُ الصُّلْبَانَ وَيُدْخِلُونَهُمْ، فَإذَا نَزَلَ بِحَضْرَتِهِمْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام طَلَبُوا الأمَانَ وَالصُّلْحَ فَيَقُولُ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام: لاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَدْفَعُوا إِلَيْنَا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَّا، قَالَ: فَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)))، قَالَ: (يَسْألُهُمُ الْكُنُوزَ وَهُوَ أعْلَمُ بِهَا)، قَالَ: (فَيَقُولُونَ: ((يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(3) بِالسَّيْفِ)(4).
181 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: قَوْلُ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(5)، قَالَ: (لَمْ يَجِئْ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم رَخَّصَ لَهُمْ لِحَاجَتِهِ وَحَاجَةِ أصْحَابِهِ،9.
ص: 440
فَلَوْ قَدْ جَاءَ تَأويلُهَا لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ حَتَّى يُوَحَّدَ اللهُ عزّ وجل وَحَتَّى لاَ يَكُونَ شِرْكٌ)(1).
182 _ الكافي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي نُصَيْرٍ(2)، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: وَأتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكُمْ أهْلُ بَيْتِ رَحْمَةٍ اخْتَصَّكُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا، فَقَالَ لَهُ: (كَذَلِكَ وَالْحَمْدُ للهِ، لاَ نُدْخِلُ أحَداً فِي ضَلاَلَةٍ وَلاَ نُخْرجُهُ مِنْ هُدًى، إِنَّ الدُّنْيَا لاَ تَذْهَبُ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ عزّ وجل رَجُلاً مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَعْمَلُ بِكِتَابِ اللهِ لاَ يَرَى مُنْكَراً إِلاَّ أنْكَرَهُ)(3).
183 _ أمالي الطوسي: الْفَحَّامُ، عَنْ عَمَّهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عليًّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أخِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، عَنْ أبِيهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ اللَّوْح: ((م ح م د) يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان عَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ بَيْضَاءُ تُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْس تُنَادِي بِلِسَانٍ فَصِيح يُسْمِعُهُ الثَّقَلَيْن وَالْخَافِقَيْن: هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ آل مُحَمَّدٍ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)(4).
184 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا، وأمالي الصدوق: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ الأزْدِيَّ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَن الثُّمَالِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الأئِمَّةُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أوَّلُهُمْ أنْتَ يَا 6.
ص: 441
عَلِيُّ وَآخِرُهُمُ الْقَائِمُ الَّذِي يَفْتَحُ اللهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى يَدَيْهِ مَشارقَ الأرْض وَمَغاربَهَا)(1).
185 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَن الصَّادِقِ عليه السلام، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لَمَّا اُسْريَ بِي أوْحَى إِلَيَّ رَبَّي جلّ جلاله...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (فَرَفَعْتُ رَأسِي فَإذَا أنَا بِأنْوَار عليًّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَعَلِيَّ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ وَجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْن جَعْفَرٍ وَعَلِيَّ بْن مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ وَالْحَسَن بْن عليًّ وَالْحُجَّةِ(2) بْن الْحَسَن الْقَائِم فِي وَسَطِهِمْ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ.
قُلْتُ: يَا رَبَّ مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الأئِمَّةُ، وَهَذَا الْقَائِمُ الَّذِي يُحِلُّ(3) حَلاَلِي وَيُحَرَّمُ حَرَامِي، وَبهِ أنْتَقِمُ مِنْ أعْدَائِي، وَهُوَ رَاحَةٌ لأوْلِيَائِي، وَهُوَ الَّذِي يَشْفِي قُلُوبَ شِيعَتِكَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَالْجَاحِدِينَ وَالْكَافِرينَ، فَيُخْرجُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى طَريَّيْن فَيُحْرقُهُمَا، فَلَفِتْنَةُ النَّاس بِهِمَا يَوْمَئِذٍ أشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الْعِجْل وَالسَّامِريَّ)(4).
186 _ الغيبة للنعماني: بِالإسْنَادِ الَّذِي سَبَقَ فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (آخِرُهُمُ اسْمُهُ 8.
ص: 442
عَلَى(1) اسْمِي يَخْرُجُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَأتِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَالُ كُدْسٌ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أعْطِني، فَيَقُولُ: خُذْ)(2).
187 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ السَّابِقِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَن ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ: (التَّاسِعُ مِنْهُمْ قَائِمُ أهْل بَيْتِي وَمَهْدِيُّ اُمَّتِي، أشْبَهُ النَّاس بِي فِي شَمَائِلِهِ وَأقْوَالِهِ وَأفْعَالِهِ، لَيَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَويلَةٍ وَحَيْرَةٍ مُضِلَّةٍ، فَيُعْلِي أمْرَ اللهِ وَيُظْهِرُ دِيْنَ اللهِ(3)، وَيُؤَيَّدُ بِنَصْر اللهِ وَيُنْصَرُ بِمَلاَئِكَةِ اللهِ، فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(4).
188 _ كفاية الأثر: بِالأسَانِيدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي مَضَتْ فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَنْ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَعْدَ عَدَّ الأئِمَّةِ عليهم السلام: ثُمَّ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ مَا شَاءَ اللهُ، وَيَكُونُ لَهُ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ فَقَالَ رَافِعاً صَوْتَهُ: الْحَذَرَ الْحَذَرَ إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنْ وُلْدِي).
قَالَ عَلِيٌّ: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا يَكُونُ (حَالُهُ) عِنْدَ غَيْبَتِهِ(5)؟
قَالَ: يَصْبِرُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ بِالْخُرُوج فَيَخْرُجُ (مِنَ الْيَمَن)(6) مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كَرْعَةُ(7)، عَلَى رَأسِهِ عِمَامَتِي، مُتَدَرَّعٌ بِدِرْعِي، مُتَقَلّدٌ بِسَيْفِي ذِي الْفَقَار، وَمُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ، يَمْلأ الأرْضَ ).
ص: 443
قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَذَلِكَ عِنْدَ مَا تَصِيرُ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَيَغَارُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلاَ الْكَبِيرُ يَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَلاَ الْقَويُّ يَرْحَمُ الضَّعِيفَ، فَحِينَئِذٍ يَأذَنُ اللهُ لَهُ بِالْخُرُوج)(1).
189 _ الكافي: بَعْضُ أصْحَابِنَا رَفَعَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ الرَّقّيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا مَعْنَى السَّلاَم عَلَى رَسُول اللهِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ نَبِيَّهُ وَوَصِيَّهُ وَابْنَتَهُ وَابْنَيْهِ وَجَمِيعَ الأئِمَّةِ وَخَلَقَ شِيعَتَهُمْ أخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ وَأنْ يَصْبِرُوا وَيُصَابِرُوا وَيُرَابِطُوا، وَأنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَوَعَدَهُمْ أنْ يُسَلّمَ لَهُمُ الأرْضَ الْمُبَارَكَةَ، وَالْحَرَمَ الأمْنَ، وَأنْ يُنَزّلَ لَهُمُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ، وَيُظْهِرَ لَهُمُ السَّقْفَ الْمَرْفُوعَ، وَيُريحَهُمْ مِنْ عَدُوَّهِمْ، وَالأرْضَ الَّتِي يُبَدَّلُهَا اللهُ مِنَ السَّلاَم، وَيُسَلّمُ مَا فِيهَا لَهُمْ لا شِيَةَ فِيها)، قَالَ: (لاَ خُصُومَةَ فِيهَا لِعَدُوَّهِمْ، وَأنْ يَكُونَ لَهُمْ فِيهَا مَا يُحِبُّونَ، وَأخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَلَى جَمِيع الأئِمَّةِ وَشِيعَتِهِمُ الْمِيثَاقَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا السَّلاَمُ(2) عَلَيْهِ تَذْكِرَةُ نَفْس الْمِيثَاقِ وَتَجْدِيدٌ لَهُ عَلَى اللهِ لَعَلَّهُ أنْ يُعَجَّلَهُ جَلَّ وَعَزَّ وَيُعَجَّلَ السَّلاَمَ لَكُمْ بِجَمِيع مَا فِيهِ)(3).
190 _ أقُولُ: رَوَى مُؤَلّفُ الْمَزَار الْكَبِير بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: 9.
ص: 444
(نَعَمْ، كَانَ فِيهِ مَنْزلُ إِدْريسَ، وَكَانَ مَنْزلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيل الرَّحْمَن، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَفِيهِ مَسْكَنُ الْخَضِر، وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَلاَ يَزُولُ الْقَائِمُ فِيهِ أبَداً؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: فَمِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْخَلْقِ)، قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ مِنْ أهْل الذّمَّةِ عِنْدَهُ؟ قَالَ: (يُسَالِمُهُمْ كَمَا سَالَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ).
قُلْتُ: فَمَنْ نَصَبَ لَكُمْ عَدَاوَةً؟ فَقَالَ: (لاَ يَا أبَا مُحَمَّدٍ مَا لِمَنْ خَالَفَنَا فِي دَوْلَتِنَا مِنْ نَصِيبٍ، إِنَّ اللهَ قَدْ أحَلَّ لَنَا دِمَاءَهُمْ عِنْدَ قِيَام قَائِمِنَا، فَالْيَوْمَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ فَلاَ يَغُرَّنَّكَ أحَدٌ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(1).
191 _ تهذيب الأحكام: الصَّفَّارُ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن هِلاَلٍ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَن الْقَائِم إِذَا قَامَ بِأيَّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاس؟ فَقَالَ: (بِسِيرَةِ مَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى يُظْهِرَ الإسْلاَمَ).
قُلْتُ: وَمَا كَانَتْ سِيرَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (أبْطَلَ مَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِالْعَدْل، وَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا قَامَ يُبْطِلُ مَا كَانَ فِي الْهُدْنَةِ مِمَّا كَانَ فِي أيْدِي النَّاس وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمُ الْعَدْلَ)(2).1.
ص: 445
تذييل
قال شيخنا الطبرسي في كتاب (إعلام الورى):
فإن قيل: إذا حصل الإجماع على أنَّ لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنتم قد زعمتم أنَّ القائم عليه السلام إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنَّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين وأمر بهدم المساجد والمشاهد وأنَّه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل(1) بيّنة وأشباه ذلك ممّا ورد في آثاركم وهذا تكون(2) نسخاً للشريعة وإبطالاً لأحكامها فقد أثبتم معنى النبوّة وإن لم تتلفّظوا باسمها فما جوابكم عنها؟
الجواب: إنّا لم نعرف ما تضمّنه السؤال من أنَّه عليه السلام لا يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنَّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به.
فأمَّا هدم المساجد والمشاهد فقد يجوز أن يختصّ بهدم ما بني من ذلك على غير تقوى الله تعالى وعلى خلاف ما أمر الله سبحانه به وهذا مشروع قد فعله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وأمَّا ما روي من أنَّه عليه السلام يحكم بحكم آل(3) داود لا يسأل عن بيّنة فهذا أيضاً غير مقطوع به وإن صحَّ فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه وإذا علم الإمام أو الحاكم أمراً من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل عنه(4)، وليس في هذا نسخ الشريعة.).
ص: 446
على أنَّ هذا الذي ذكروه: من ترك قبول الجزية واستماع البيّنة إن صحَّ لم يكن نسخاً للشريعة لأنَّ النسخ هو ما تأخَّر دليله عن الحكم المنسوخ ولم يكن مصطحباً فأمَّا إذا اصطحب الدليلان فلا يكون ذلك(1) ناسخاً لصاحبه وإن كان مخالفة في المعنى(2)، ولهذا اتّفقنا على أنَّ الله سبحانه لو قال: (الزموا السبت إلى وقت كذا ثُمَّ لا تلزموه)(3) لا يكون نسخاً لأنَّ الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب وإذا صحَّت هذه الجملة وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قد أعلمنا بأنَّ القائم من ولده يجب اتّباعه وقبول أحكامه فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم (به)(4) فينا وإن خالف بعض الأحكام المتقدّمة غير عاملين بالنسخ لأنَّ النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل(5)، انتهى.
192 _ أقُولُ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ فِي شَرْح السُّنَّةِ بِإسْنَادِهِ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أنْ يُنْزلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حُكْماً عَدْلاً يَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، فَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أحَدٌ)(6).ل.
ص: 447
ثُمَّ قال: قوله: (يكسَّر الصليب) يريد إبطال النصرانية والحكم بشرع الإسلام، ومعنى قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله وفيه بيان أنَّ أعيانها نجسة لأنَّ عيسى إنَّما يقتلها على حكم شرع الإسلام والشيء الطاهر المنتفع به لا يباح إتلافه. و قوله: (ويضع الجزية) معناه أنَّه يضعها من أهل الكتاب ويحملهم على الإسلام فقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في نزول عيسى عليه السلام(1): (ويهلك(2) في زمانه الملل كلّها إلاَّ الإسلام، ويهلك الدجّال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثُمَّ يتوفّى فيصلّي عليه المسلمون).
وقيل: معنى وضع الجزية أنَّ المال يكثر حتَّى لا يوجد محتاج ممن يوضع فيهم الجزية يدلُّ عليه قوله عليه السلام: (فيفيض المال حتَّى لا يقبله أحد)(3).
وَرَوَى الْبُخَاريُّ(4) بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ م.
ص: 448
صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟)، وهذا حديث متّفق على صحّته(1)، انتهى.
أقول: وقد أورد هو وغيره أخباراً أخر في ذلك فظهر أنَّ هذه الأمور المنقولة من سير القائم عليه السلام لا يختصّ بنا بل أوردها المخالفون أيضاً ونسبوه إلى عيسى عليه السلام لكن قد رووا أنَّ إمامكم منكم فما كان جوابهم فهو جوابنا والشبهة مشتركة بينهم وبيننا.
193 _ أقُولُ: ذَكَرَ السَّيَّدُ ابْنُ طَاوُسٍ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ (سَعْدِ السُّعُودِ): أنّي وَجَدْتُ فِي صُحُفِ إِدْريسَ النَّبِيَّ عليه السلام عِنْدَ ذِكْر سُؤَال إِبْلِيسَ وَجَوَابِ اللهِ لَهُ: ((قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))، قَالَ: لاَ وَلَكِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ إِلى يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، فَإنَّهُ يَوْمٌ قَضَيْتُ وَحَتَمْتُ أنْ اُطَهَّرَ الأرْضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكُفْر وَالشّرْكِ وَالْمَعَاصِي.
وَانْتَخَبْتُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ عِبَاداً لِي امْتَحَنْتُ قُلُوبَهُمْ لِلإيمَان وَحَشَوْتُهَا بِالْوَرَع(2) وَالإخْلاَص وَالْيَقِين وَالتَّقْوَى وَالْخُشُوع وَالصّدْقِ وَالْحِلْم وَالصَّبْر وَالْوَقَار وَالتُّقَى وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدِي(3)، وَأجْعَلُهُمْ دُعَاةَ الشَّمْس وَالْقَمَر، وَأسْتَخْلِفُهُمْ فِي الأرْض وَاُمَكّنُ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَيْتُهُ لَهُمْ، ثُمَّ يَعْبُدُونَنِي لا يُشْركُونَ بِي شَيْئاً، يُقِيمُونَ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ لِحِينهَا، وَيَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر.
وَاُلْقِيَ فِي تِلْكَ الزَّمَان الأمَانَةُ عَلَى الأرْض فَلاَ يَضُرُّ شَيْءٌ شَيْئاً وَلاَ يَخَافُ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ تَكُونُ الْهَوَامُّ وَالْمَوَاشِي بَيْنَ النَّاس فَلاَ يُؤْذِي ).
ص: 449
بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَاُنْزعَ حُمَةُ كُلّ ذِي حُمَةٍ مِنَ الْهَوَامَّ وَغَيْرهَا، وَاُذْهِبَ سَمُّ كُلّ مَا يَلْدَغُ، وَاُنْزلَ بَرَكَاتٌ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْض، وَتَزْهَرُ الأرْضُ بِحُسْن نَبَاتِهَا وَتُخْرجُ كُلَّ ثِمَارهَا وَأنْوَاعَ طِيبهَا.
وَاُلْقِيَ الرَّأفَةُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَهُمْ فَيَتَوَاسَوْنَ وَيَقْتَسِمُونَ بِالسَّويَّةِ فَيَسْتَغْنِي الْفَقِيرُ، وَلاَ يَعْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَيَرْحَمُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ، وَيُوَقّرُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ، وَيَدِينُونَ بِالْحَقَّ وَبهِ يَعْدِلُونَ وَيَحْكُمُونَ، اُولَئِكَ أوْلِيَائِي اخْتَرْتُ لَهُمْ نَبِيّاً مُصْطَفًى وَأمِيناً مُرْتَضًى فَجَعَلْتُهُ لَهُمْ نَبِيّاً وَرَسُولاً وَجَعَلْتُهُمْ لَهُ أوْلِيَاءَ وَأنْصَاراً، تِلْكَ اُمَّةٌ(1) اخْتَرْتُهَا لِنَبِيَّيَ الْمُصْطَفَى وَأمِينيَ الْمُرْتَضَى ذَلِكَ وَقْتٌ حَجَبْتُهُ فِي عِلْم غَيْبي وَلاَ بُدَّ أنَّهُ وَاقِعٌ اُبِيدُكَ يَوْمَئِذٍ وَخَيْلَكَ وَرَجِلَكَ وَجُنُودَكَ أجْمَعِينَ، فَاذْهَبْ فَإنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ(2) إِلى يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم(3).
بيان: أقول: ظاهر أنَّ هذه الآثار المذكورة مع إبادة الشيطان وخيله ورجله لم تكن في مجموع أيّام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأمّته بل يكفي أن يكون في بعض الأوقات بعد بعثته وما ذلك إلاَّ في زمن القائم عليه السلام كما مرَّ في الأخبار و سيأتي.
194 _ وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ (الْغَيْبَةِ)(4) بِإسْنَادِهِ عَن الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (إِذَا ظَهَرَ(5) قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام قَالَ:).
ص: 450
((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً))(1) خِفْتُكُمْ عَلَى نَفْسِي وَجِئْتُكُمْ لَمَّا أذِنَ لِي رَبَّي وَأصْلَحَ لِي(2) أمْري)(3).
195 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَوْ خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام بَعْدَ أنْ(4) أنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابّاً فَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرَّ الأوَّل)(5).
196 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى سَمَاعَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى(6) ذِي طُوًى قَائِماً عَلَى رجْلَيْهِ حَافِيا(7) يَرْتَقِبُ بِسُنَّةِ مُوسَى عليه السلام حَتَّى يَأتِيَ الْمَقَامَ فَيَدْعُو فِيهِ)(8).
197 _ وَبِإسْنَادِهِ عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلَ عَنْ يَسَارهِ)، وَعَنْهُ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ وَهُوَ بِهَا)(9).
198 _ وَمِنْ كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ رَفَعَهُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي 0.
ص: 451
مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: (لَمَوْضِعُ الرَّجُل فِي الْكُوفَةِ أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَارٍ فِي الْمَدِينَةِ).
وَعَنْهُ، عَنْ سَعْدِ بْن الأصْبَغ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ بِالْكُوفَةِ فَلْيَتَمَسَّكْ بِهَا)(1).
199 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَهْزمُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام السُّفْيَانِيَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ أغْصَانُهَا مُدْلاَةٌ فِي الْحِيرَةِ طَويلَةٌ)(2).
200 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى بَشِيرٍ النَّبَّال، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (هَلْ تَدْري أوَّلَ مَا يَبْدَاُ بِهِ الْقَائِمُ عليه السلام؟)، قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (يُخْرجُ هَذَيْن رَطْبَيْن غَضَّيْن(3) فَيُحْرقُهُمَا وَيُذْريهِمَا فِي الرَّيح وَيَكْسِرُ الْمَسْجِدَ)، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: عَريشٌ كَعَريش مُوسَى عليه السلام)، وَذَكَرَ أنَّ مُقَدَّمَ مَسْجِدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم كَانَ طِيناً وَجَانِبُهُ(4) جَريدَ النَّخْل(5).
201 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَدِمَ الْقَائِمُ عليه السلام وَثَبَ(6) أنْ يَكْسِرَ الْحَائِطَ الَّذِي عَلَى الْقَبْر، فَيَبْعَثُ اللهُ تَعَالَى ريحاً شَدِيدَةً وَصَوَاعِقَ وَرُعُوداً حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: إِنَّمَا ذَا لِذَا، فَيَتَفَرَّقُ أصْحَابُهُ عَنْهُ حَتَّى لاَ يَبْقَى مَعَهُ أحَدٌ(7)، فَيَأخُذُ الْمِعْوَلَ بِيَدِهِ فَيَكُونُ أوَّلَ مَنْ يَضْربُ بِالْمِعْوَل، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ أصْحَابُهُ إِذَا رَأوْهُ يَضْربُ الْمِعْوَلَ ).
ص: 452
بِيَدِهِ(1)، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَضْلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِقَدْر سَبْقِهِمْ إِلَيْهِ، فَيَهْدِمُونَ الْحَائِطَ، ثُمَّ يُخْرجُهُمَا غَضَّيْن رَطْبَيْن(2) فَيَلْعَنُهُمَا وَيَتَبَرَّاُ مِنْهُمَا وَيَصْلِبُهُمَا ثُمَّ يُنْزلُهُمَا وَيُحْرقُهُمَا ثُمَّ يُذْريهِمَا فِي الرَّيح)(3).
202 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَمْلِكُ الْقَائِمُ سَبْعَ سِنِينَ تَكُونُ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنيكُمْ هَذِهِ)(4).
وَعَنْهُ عليه السلام(5)، قَالَ: (كَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عليه السلام وَأصْحَابِهِ فِي نَجَفِ الْكُوفَةِ كَأنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ، قَدْ فَنِيَتْ أزْوَادُهُمْ وَخَلُقَتْ ثِيَابُهُمْ(6)، قَدْ أثَّرَ السُّجُودُ بِجِبَاهِهِمْ، لُيُوثٌ بِالنَّهَار رُهْبَانٌ بِاللَّيْل، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ، يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلا(7)، لاَ يَقْتُلُ أحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ كَافِرٌ أوْ مُنَافِقٌ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالتَّوَسُّم فِي كِتَابِهِ الْعَزيز بِقَوْلِهِ: ((إِنَّ فِي ذلِكَ لآَياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ))(8))(9).
203 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ رَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقْتُلُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَبْلُغَ السُّوقَ)، قَالَ: (فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ أبِيهِ: إِنَّكَ لَتُجْفِلُ النَّاسَ إِجْفَالَ النَّعَم، فَبِعَهْدٍ 6.
ص: 453
مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أوْ بِمَا ذَا؟)، قَالَ: (وَلَيْسَ فِي النَّاس رَجُلٌ أشَدَّ مِنْهُ بَأساً فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي فَيَقُولُ لَهُ: لَتَسْكُتَنَّ أوْ لأضْربَنَّ عُنُقَكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُخْرجُ الْقَائِمُ عليه السلام عَهْداً مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(1).
204 _ وَبِإسْنَادِهِ عَن الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (يَقْتُلُ الْقَائِمُ عليه السلام مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الأجْفَر(2)، وَيُصِيبُهُمْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ)، قَالَ: فَيَضِجُّونَ وَقَدْ نَبَتَتْ لَهُمْ ثَمَرَةٌ يَأكُلُونَ مِنْهَا وَيَتَزَوَّدُونَ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى شَأنُهُ: ((وَآيَةٌ لَهُمُ الأَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ))(3) ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ وَبَايَعُوا السُّفْيَانِيَّ)(4).
205 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقْدَمُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَأتِيَ النَّجَفَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكُوفَةِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ وَأصْحَابُهُ وَالنَّاسُ مَعَهُ وَذَلِكَ يَوْمُ الأرْبِعَاءِ فَيَدْعُوهُمْ وَيُنَاشِدُهُمْ حَقَّهُ وَيُخْبِرُهُمْ أنَّهُ مَظْلُومٌ مَقْهُورٌ وَيَقُولُ: مَنْ حَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِاللهِ...)، إِلَى آخِر مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ، (فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيكَ قَدْ خَبَّرْنَاكُمْ وَاخْتَبَرْنَاكُمْ، فَيَتَفَرَّقُونَ مِنْ غَيْر قِتَالٍ، فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يُعَاودُ فَيَجِيءُ سَهْمٌ فَيُصِيبُ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ، فَيُقَالُ: إِنَّ فُلاَناً قَدْ قُتِلَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَإذَا نَشَرَهَا انْحَطَّتْ عَلَيْهِ مَلاَئِكَةُ بَدْرٍ، فَإذَا زَالَتِ الشَّمْسُ هَبَّتِ الرَّيحُ لَهُ فَيَحْمِلُ عَلَيْهِمْ هُوَ وَأصْحَابُهُب.
ص: 454
فَيَمْنَحُهُمُ اللهُ أكْتَافَهُمْ وَيُوَلُّونَ فَيَقْتُلُهُمْ حَتَّى يُدْخِلَهُمْ أبْيَاتِ الْكُوفَةِ وَيُنَادِي مُنَادِيهِ: ألاَ لاَ تَتْبَعُوا مُوَلّياً وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَريح، وَيَسِيرُ بِهِمْ كَمَا سَارَ عَلِيٌّ عليه السلام يَوْمَ الْبَصْرَةِ).
206 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا بَلَغَ السُّفْيَانِيَّ أنَّ الْقَائِمَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ يَتَجَرَّدُ بِخَيْلِهِ حَتَّى يَلْقَى الْقَائِمَ، فَيَخْرُجُ فَيَقُولُ: أخْرجُوا إِلَيَّ ابْنَ عَمَّي، فَيَخْرُجُ عَلَيْهِ السُّفْيَانِيُّ فَيُكَلّمُهُ الْقَائِمُ عليه السلام فَيَجِيءُ السُّفْيَانِيُّ فَيُبَايِعُهُ، ثُمَّ يَنْصَرفُ إِلَى أصْحَابِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: أسْلَمْتُ وَبَايَعْتُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: قَبَّحَ اللهُ رَأيَكَ بَيْنَ مَا (بَيْنَمَا) أنْتَ خَلِيفَةٌ مَتْبُوعٌ فَصِرْتَ تَابِعاً فَيَسْتَقْبِلُهُ فَيُقَاتِلُهُ، ثُمَّ يُمْسُونَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ يُصْبِحُونَ لِلْقَائِم عليه السلام بِالْحَرْبِ فَيَقْتَتِلُونَ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَمْنَحُ الْقَائِمَ وَأصْحَابَهُ أكْتَافَهُمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ حَتَّى يُفْنُوهُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَخْتَفِي فِي الشَّجَرَةِ وَالْحَجَرَةِ فَتَقُولُ الشَّجَرَةُ وَالْحَجَرَةُ: يَا مُؤْمِنُ هَذَا رَجُلٌ كَافِرٌ فَاقْتُلْهُ فَيَقْتُلُهُ).
قَالَ: (فَتَشْبَعُ السَّبَاعُ وَالطُّيُورُ مِنْ لُحُومِهِمْ فَيُقِيمُ بِهَا الْقَائِمُ عليه السلام مَا شَاءَ)، قَالَ: (ثُمَّ يَعْقِدُ بِهَا الْقَائِمُ عليه السلام ثَلاَثَ رَايَاتٍ لِوَاءً إِلَى الْقُسْطَنْطِينيَّةِ يَفْتَحُ اللهُ لَهُ وَلِوَاءً إِلَى الصّين فَيَفْتَحُ لَهُ وَلِوَاءً إِلَى جِبَال الدَّيْلَم فَيَفْتَحُ لَهُ).
وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ إِلَى أنْ قَالَ: (وَيَنْهَزمُ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ حَتَّى يَلْحَقُوا بِأرْض الرُّوم فَيَطْلُبُوا إِلَى مَلِكِهَا أنْ يَدْخُلُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُمُ الْمَلِكُ: لاَ نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَدْخُلُوا فِي دِيننَا وَتَنْكِحُونَا وَنَنْكِحَكُمْ وَتَأكُلُوا لَحْمَ الْخَنَازير وَتَشْرَبُوا الْخَمْرَ وَتَعَلَّقُوا الصُّلْبَانَ فِي أعْنَاقِكُمْ وَالزَّنَانِيرَ فِي أوْسَاطِكُمْ فَيَقْبَلُونَ ذَلِكَ
ص: 455
فَيُدْخِلُونَهُمْ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ الْقَائِمُ عليه السلام أنْ أخْرجُوا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أدْخَلْتُمُوهُمْ، فَيَقُولُونَ: قَوْمٌ رَغِبُوا فِي دِيننَا وَزَهِدُوا فِي دِينِكُمْ، فَيَقُولُ عليه السلام: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُخْرجُوهُمْ وَضَعْنَا السَّيْفَ فِيكُمْ، فَيَقُولُونَ لَهُ: هَذَا كِتَابُ اللهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيتُ بِهِ فَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِ فَيَقْرَاُ عَلَيْهِمْ وَإِذَا فِي شَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِمْ أنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ مَنْ دَخَلَ إِلَيْهِمْ مُرْتَدّاً عَن الإسْلاَم وَلاَ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ رَاغِباً إِلَى الإسْلاَم فَإذَا قَرَأ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ وَرَأوْا هَذَا الشَّرْطَ لاَزماً لَهُمْ أخْرَجُوهُمْ إِلَيْهِ فَيَقْتُلُ الرَّجَالَ وَيَبْقُرُ بُطُونَ الْحَبَالَى وَيَرْفَعُ الصُّلْبَانَ فِي الرَّمَاح).
قَالَ: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَى أصْحَابِهِ يَقْتَسِمُونَ الدَّنَانِيرَ عَلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ تُسْلِمُ الرُّومُ عَلَى يَدِهِ فَيَبْني فِيهِمْ مَسْجِداً وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْصَرفُ).
207 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَقْضِي الْقَائِمُ بِقَضَايَا يُنْكِرُهَا بَعْضُ أصْحَابِهِ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ آدَمَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ يَقْضِي الثَّانِيَةَ فَيُنْكِرُهَا قَوْمٌ آخَرُونَ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ دَاوُدَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ يَقْضِي الثَّالِثَةَ فَيُنْكِرُهَا قَوْمٌ آخَرُونَ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ ثُمَّ يَقْضِي الرَّابِعَةَ وَهُوَ قَضَاءُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَلاَ يُنْكِرُهَا أحَدٌ عَلَيْهِ).
208 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى ابْن تَغْلِبَ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَبْقَ بَيْنَ يَدَيْهِ أحَدٌ إِلاَّ عَرَفَهُ صَالِحٌ أوْ طَالِحٌ).
209 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ
ص: 456
عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ أخْبِرْني عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر، قَالَ: (يُمْسِي مِنْ أخْوَفِ النَّاس وَيُصْبِحُ مِنْ آمَن النَّاس، يُوحَى إِلَيْهِ هَذَا الأمْرُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ).
قَالَ: قُلْتُ: يُوحَى إِلَيْهِ يَا بَا جَعْفَرٍ؟ قَالَ: (يَا بَا جَارُودٍ إِنَّهُ لَيْسَ وَحْيَ نُبُوَّةٍ وَلَكِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ كَوَحْيِهِ إِلَى مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَإِلَى اُمَّ مُوسَى وَإِلَى النَّحْل، يَا بَا الْجَارُودِ إِنَّ قَائِمَ آل مُحَمَّدٍ لأكْرَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَاُمَّ مُوسَى وَالنَّحْل).
210 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرَبِ وَالْفُرْس إِلاَّ السَّيْفُ لاَ يَأخُذُهَا إِلاَّ بِالسَّيْفِ وَلاَ يُعْطِيهَا إِلاَّ بِهِ).
وَعَنْهُ عليه السلام: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَنْدَرسَ أسْمَاءُ الْقَبَائِل وَيُنْسَبُ الْقَبِيلَةُ إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ فَيُقَالُ لَهَا: آلُ فُلاَنٍ، وَحَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ إِلَى حَسَبِهِ وَنَسَبِهِ وَقَبِيلَتِهِ فَيَدْعُوهُمْ فَإنْ أجَابُوهُ وَإِلاَّ ضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ).
211 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عليًّ عليه السلام: إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، فَمَنْ أخَذَ أرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَمَرَهَا فَلْيُؤَدَّ خَرَاجَهَا إِلَى الإمَام مِنْ أهْل بَيْتِي وَلَهُ مَا أكَلَ مِنْهَا حَتَّى يَظْهَرَ الْقَائِمُ عليه السلام (مِنْ أهْل بَيْتِي) بِالسَّيْفِ فَيَحْويهَا وَيُخْرجُهُمْ عَنْهَا كَمَا حَوَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلاَّ مَا كَانَ فِي أيْدِي شِيعَتِنَا فَإنَّهُ يُقَاطِعُهُمْ عَلَى مَا فِي أيْدِيهِمْ وَيَتْرُكُ الأرْضَ فِي أيْدِيهِمْ).
212 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أوَّلُ مَا يَبْدَاُ الْقَائِمُ عليه السلام بِأنْطَاكِيَةَ فَيَسْتَخْرجُ مِنْهَا التَّوْرَاةَ مِنْ غَارٍ فِيهِ عَصَا مُوسَى وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ)، قَالَ: (وَأسْعَدُ النَّاس بِهِ أهْلُ الْكُوفَةِ)، وَقَالَ: (إِنَّمَا سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ لأنَّهُ
ص: 457
يُهْدَى إِلَى أمْرٍ خَفِيٍّ حَتَّى إِنَّهُ يُبْعَثُ إِلَى رَجُلٍ لاَ يَعْلَمُ النَّاسُ لَهُ ذَنْباً فَيَقْتُلُهُ حَتَّى إِنَّ أحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ فِي بَيْتِهِ فَيَخَافُ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ).
وَعَنْهُ عليه السلام قَالَ: (يَمْلِكُ الْقَائِمُ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً كَمَا لَبِثَ أهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً فَيَفْتَحُ اللهُ لَهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، وَيَقْتُلُ النَّاسَ حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ دِينُ مُحَمَّدٍ، وَيَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ، وَيَدْعُو الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فَيُجِيبَانِهِ، وَتُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَيُوحَى إِلَيْهِ فَيَعْمَلُ بِالْوَحْي بِأمْر اللهِ).
وَعَنْهُ عليه السلام: (إِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ سَبْعِينَ ألْفَ صِدَّيقٍ فَيَكُونُونَ فِي أصْحَابِهِ وَأنْصَارهِ وَيَرُدُّ السَّوَادَ إِلَى أهْلِهِ هُمْ أهْلُهُ وَيُعْطِي النَّاسَ عَطَايَا مَرَّتَيْن فِي السَّنَةِ، وَيَرْزُقُهُمْ فِي الشَّهْر رزْقَيْن، وَيُسَوَّي بَيْنَ النَّاس حَتَّى لاَ تَرَى مُحْتَاجاً إِلَى الزَّكَاةِ، وَيَجِيءُ أصْحَابُ الزَّكَاةِ بِزَكَاتِهِمْ إِلَى الْمَحَاويج مِنْ شِيعَتِهِ فَلاَ يَقْبَلُونَهَا فَيَصُرُّونَهَ(1) وَيَدُورُونَ فِي دُورهِمْ فَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُونَ: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِي دَرَاهِمِكُمْ...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أمْوَالُ أهْل الدُّنْيَا كُلُّهَا مِنْ بَطْن الأرْض وَظَهْرهَا فَيُقَالُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الأرْحَامَ وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدَّمَ الْحَرَامَ وَرَكِبْتُمْ فِيهِ الْمَحَارمَ فَيُعْطِي عَطَاءً لَمْ يُعْطِهِ أحَدٌ قَبْلَهُ).
213 _ وَبِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن مُسْكَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي زَمَان الْقَائِم وَهُوَ بِالْمَشْرقِ لَيَرَى أخَاهُ الَّذِي فِي الْمَغْربِ، وَكَذَا الَّذِي فِي الْمَغْربِ يَرَى أخَاهُ الَّذِي فِي الْمَشْرقِ).).
ص: 458
214 _ العدد القوية: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (كَأنَّنِي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى ظَهْر النَّجَفِ لاَبِسٌ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَتَقَلَّصُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهَا فَيَسْتَدِيرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُغَشّي الدَّرْعَ بِثَوْبٍ إِسْتَبْرَقٍ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَرَساً لَهُ أبْلَقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ يَنْتَفِضُ بِهِ، لاَ يَبْقَى أهْلُ بَلَدٍ إِلاَّ أتَاهُمْ نُورُ ذَلِكَ الشّمْرَاخ حَتَّى يَكُونَ آيَةً لَهُ، ثُمَّ يَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ إِذَا نَشَرَهَا أضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ).
وَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (كَأنَّنِي بِهِ قَدْ عَبَرَ مِنْ وَادِي السَّلاَم إِلَى مَسِيل السَّهْلَةِ عَلَى فَرَسٍ مُحَجَّلٍ لَهُ شِمْرَاخٌ يَزْهَرُ يَدْعُو وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ حَقّاً حَقّاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِيمَاناً وَصِدْقاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ تَعَبُّداً وَرقّاً، اللهُمَّ مُعِزَّ كُلّ مُؤْمِنٍ وَحِيدٍ، وَمُذِلَّ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، أنْتَ كَنَفِي حِينَ تُعْيِيني الْمَذَاهِبُ وَتَضِيقُ عَلَيَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، اللهُمَّ خَلَقْتَنِي وَكُنْتَ غَنِيّاً عَنْ خَلْقِي، وَلَوْ لاَ نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ، يَا مُنْشِرَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَوَاضِعِهَا، وَمُخْرجَ الْبَرَكَاتِ مِنْ مَعَادِنهَا، وَيَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِشُمُوخ الرَّفْعَةِ، فَأوْلِيَاؤُهُ بِعِزّهِ يَتَعَزَّزُونَ، يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ(1) الْمَذَلَّةِ عَلَى أعْنَاقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ خَائِفُونَ، أسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي فَطَرْتَ بِهِ خَلْقَكَ فَكُلٌّ لَكَ مُذْعِنُونَ، أسْألُكَ أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَأنْ تُنْجِزَ لِي أمْري، وَتُعَجَّلَ لِي فِي الْفَرَج، وَتَكْفِيَني وَتَقْضِيَ حَوَائِجِي السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، إِنَّكَ عَلى كُلّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ)(2).
* * *ة.
ص: 459
ص: 460
تتمّة كتاب الغيبة، تتمّة أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه صلوات الله عليهم أجمعين.
سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام من النصوص على الاثني عشر عليهم السلام.
ص: 461
ص: 462
أقُولُ: رُوِيَ فِي بَعْض مُؤَلَّفَاتِ أصْحَابِناَ(1) عَن الْحُسَيْن بْن حَمْدَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ وَعَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ الْحَسَنِيَّ، عَنْ أبِي شُعَيْبٍ (وَ)مُحَمَّدِ بْن نُصَيْرٍ، عَنْ عَمْرو بْن الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ(2)، قَالَ: سَألْتُ سَيَّدِيَ الصَّادِقَ =
ص: 463
عليه السلام: هَلْ لِلْمَأمُور الْمُنْتَظَر الْمَهْدِيَّ عليه السلام مِنْ وَقْتٍ مُوَقَّتٍ يَعْلَمُهُ النَّاسُ؟
فَقَالَ: (حَاشَ للهِ أنْ يُوَقّتَ ظُهُورَهُ بِوَقْتٍ يَعْلَمُهُ شيعَتُنَا).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَلِمَ ذَاكَ؟
قَالَ: (لأنَّهُ هُوَ السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ ...))(1) الآيَةَ، وَهُوَ السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ 7.
ص: 464
أَيَّانَ مُرْساها))(1)، وَقَالَ: ((عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ))(2) وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهَا عِنْدَ أحَدٍ، وَقَالَ: ((فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها ...))(3) الآيَةَ، وَقَالَ: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ))(4)، وَقَالَ: ((وَما يُدْريكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَريباً))(5)، ((يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ))(6)).
قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى ((يُمارُونَ))؟
قَالَ: (يَقُولُونَ مَتَى وُلِدَ؟ وَمَنْ رَأى؟ وَأيْنَ يَكُونُ؟ وَمَتَى يَظْهَرُ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ اسْتِعْجَالاً لأمْر اللهِ وَشَكّاً فِي قَضَائِهِ وَدُخُولاً فِي قُدْرَتِهِ، اُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا الدُّنْيَا وَإِنَّ لِلْكَافِرينَ لَشَرَّ مَآبٍ).
قُلْتُ: أفَلاَ يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ؟
فَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لاَ اُوَقّتُ لَهُ وَقْتاً وَلاَ يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ، إِنَّ مَنْ وَقَّتَ لِمَهْدِيَّنَا وَقْتاً فَقَدْ شَارَكَ اللهَ تَعَالَى فِي عِلْمِهِ، وَادَّعَى أنَّهُ ظَهَرَ عَلَى سِرهِ، وَمَا للهِ مِنْ سِرًّ إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَ إِلَى هَذَا الْخَلْقِ الْمَعْكُوس الضَّال عَن اللهِ الرَّاغِبِ عَنْ أوْلِيَاءِ اللهِ، وَمَا للهِ مِنْ خَبَرٍ إِلاَّ وَهُمْ أخَصُّ بِهِ لِسِرهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا ألْقَى اللهُ إِلَيْهِمْ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ! فَكَيْفَ بَدْءُ ظُهُور الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَإِلَيْهِ التَّسْلِيمُ؟8.
ص: 465
قَالَ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ يَظْهَرُ فِي شُبْهَةٍ لِيَسْتَبِينَ، فَيَعْلُو ذِكْرُهُ، وَيَظْهَرُ أمْرُهُ، وَيُنَادَى بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَنَسَبِهِ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ عَلَى أفْوَاهِ الْمُحِقّينَ وَالْمُبْطِلِينَ وَالْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ لِتَلْزَمَهُمُ الْحُجَّةُ بِمَعْرفَتِهِمْ بِهِ عَلَى أنَّهُ قَدْ قَصَصْنَا وَدَلَلْنَا عَلَيْهِ، وَنَسَبْنَاهُ وَسَمَّيْنَاهُ وَكَنَيْنَاهُ، وَقُلْنَا: سَمِيُّ جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَنِيُّهُ، لِئَلاَ يَقُولَ النَّاسُ: مَا عَرَفْنَا لَهُ اسْماً وَلاَ كُنْيَةً وَلاَ نَسَباً.
وَاللهِ لَيَتَحَقَّقُ الإيضَاحُ بِهِ وَباسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَكُنْيَتِهِ عَلَى ألْسِنَتِهِمْ حَتَّى لَيُسَمّيهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، كُلُّ ذَلِكَ لِلُزُوم الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ كَمَا وَعَدَ بِهِ جَدُّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَمَا تَأوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))؟
قَالَ عليه السلام: (هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(2) فَوَ اللهِ يَا مُفَضَّلُ لَيُرْفَعُ عَن الْمِلَل وَالأدْيَان الاخْتِلاَفُ وَيَكُونُ الدَّينُ كُلُّهُ وَاحِداً، كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))(3).
وَقَالَ اللهُ: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ))(4)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَمَوْلاَيَ وَالدَّينُ الَّذِي فِي آبَائِهِ إِبْرَاهِيمَ وَنُوح وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم هُوَ الإسْلاَمُ؟
قَالَ: (نَعَمْ يَا مُفَضَّلُ، هُوَ الإسْلاَمُ لاَ غَيْرُ). .
ص: 466
قُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ أتَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ؟
قَالَ: (نَعَمْ مِنْ أوَّلِهِ إِلَى آخِرهِ وَمِنْهُ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ((مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ))(1). وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ: ((وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ))(2)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ: ((حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(3)، وَفِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ وَبلْقِيسَ: ((قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ))(4)، وَقَوْلِهَا: ((وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ))(5).
وَقَوْل عِيسَى عليه السلام: ((مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))(6)، وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(7)، وَقَوْلُهُ فِي قِصَّةِ لُوطٍ: ((فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(8)، وَقَوْلُهُ: ((قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))(9)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ((أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))(10)).3.
ص: 467
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي كَم الْمِلَلُ؟
قَالَ: (أرْبَعَةٌ وَهِيَ شَرَائِعُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي الْمَجُوسُ لِمَ سُمُّوا الْمَجُوسَ؟
قَالَ عليه السلام: (لأنَّهُمْ تَمَجَّسُوا فِي السُّرْيَانِيَّةِ وَادَّعَوْا عَلَى آدَمَ وَعَلَى شَيْثٍ وَهُوَ هِبَةُ اللهِ أنَّهُمَا أطْلَقَا لَهُمْ نِكَاحَ الاُمَّهَاتِ وَالأخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْخَالاَتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَأنَّهُمَا أمَرَاهُمْ أنْ يُصَلُّوا إِلَى الشَّمْسحَيْثُ وَقَفَتْ فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَجْعَلاَ لِصَلاَتِهِمْ وَقْتاً، وَإِنَّمَا هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَعَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ عليهما السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ وَسَيَّدِي لِمَ سُمَّيَ قَوْمُ مُوسَى الْيَهُودَ؟
قَالَ عليه السلام: (لِقَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ))(1) أي اهْتَدَيْنَا إِلَيْكَ).
قَالَ: فَالنَّصَارَى؟
قَالَ عليه السلام: (لِقَوْل عِيسَى عليه السلام: ((مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ ...))(2))، وَتَلاَ الآيَةَ إِلَى آخِرهَا، (فَسُمُّوا النَّصَارَى لِنُصْرَةِ دِين اللهِ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ فَلِمَ سُمَّيَ الصَّابِئُونَ الصَّابِئِينَ؟
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّهُمْ صَبَوْا إِلَى تَعْطِيل الأنْبِيَاءِ وَالرُّسُل وَالْمِلَل وَالشَّرَائِع، وَقَالُوا: كُلُّ مَا جَاءُوا بِهِ بَاطِلٌ، فَجَحَدُوا تَوْحِيدَ اللهِ تَعَالَى، وَنُبُوَّةَ الأنْبِيَاءِ، وَرسَالَةَ الْمُرْسَلِينَ، وَوَصِيَّةَ الأوْصِيَاءِ، فَهُمْ بِلاَ شَريعَةٍ وَلاَ كِتَابٍ وَلاَ رَسُولٍ، وَهُمْ مُعَطّلَةُ الْعَالَم).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: سُبْحَانَ اللهِ مَا أجَلَّ هَذَا مِنْ عِلْم؟2.
ص: 468
قَالَ عليه السلام: (نَعَمْ، يَا مُفَضَّلُ فَألْقِهِ إِلَى شيعَتِنَا لِئَلاَ يَشُكُّوا فِي الدَّين).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَفِي أيَّ بُقْعَةٍ يَظْهَرُ الْمَهْدِيُّ؟
قَالَ عليه السلام: (لاَ تَرَاهُ عَيْنٌ فِي وَقْتِ ظُهُورهِ إِلاَّ رَأتْهُ كُلُّ عَيْنٍ، فَمَنْ قَالَ لَكُمْ غَيْرَ هَذَا فَكَذّبُوهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَلاَ يُرَى وَقْتَ وِلاَدَتِهِ؟
قَالَ: (بَلَى وَاللهِ، لَيُرَى مِنْ سَاعَةِ وِلاَدَتِهِ إِلَى سَاعَةِ وَفَاةِ أبِيهِ سَنَتَيْن وَتِسْعَةَ أشْهُرٍ أوَّلُ وِلاَدَتِهِ وَقْتُ الْفَجْر مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ(1) سَنَةَ سَبْع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن إِلَى يَوْم الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبيع الأوَّل مِنْ سَنَةِ سِتّينَ وَمِائَتَيْن وَهُوَ يَوْمُ وَفَاةِ أبِيهِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي بِشَاطِئ دِجْلَةَ يَبْنِيهَا الْمُتَكَبَّرُ الْجَبَّارُ الْمُسَمَّى بِاسْم جَعْفَرٍ(2)، الضَّالُّ الْمُلَقَّبُ بِالْمُتَوَكّل وَهُوَ الْمُتَأكّلُ لَعَنَهُ اللهُ تَعَالَى وَهِيَ مَدِينَةٌ تُدْعَى بِسُرَّ مَنْ رَأى وَهِيَ سَاءَ مَنْ رَأى، يَرَى شَخْصَهُ الْمُؤْمِنُ الْمُحِقُّ سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن وَلاَ يَرَاهُ الْمُشَكّكُ الْمُرْتَابُ، وَيَنْفُذُ فِيهَا أمْرُهُ وَنَهْيُهُ، وَيَغِيبُ عَنْهَا فَيَظْهَرُ فِي الْقَصْر بِصَابِرٍ(3) بِجَانِبِ الْمَدِينَةِ فِي حَرَم جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَلْقَاهُ هُنَاكَ مَنْ يُسْعِدُهُ اللهُ بِالنَّظَر إِلَيْهِ، ثُمَّ يَغِيبُ فِي آخِر يَوْم مِنْ سَنَةِ سِتّ وَسِتّينَ وَمِائَتَيْن فَلاَ تَرَاهُ عَيْنُ أحَدٍ حَتَّى يَرَاهُ كُلُّ أحَدٍ وَكُلُّ عَيْنٍ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَمَنْ يُخَاطِبُهُ وَلِمَنْ يُخَاطِبُ؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (تُخَاطِبُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْجِن وَيَخْرُجُ ي.
ص: 469
أمْرُهُ وَنَهْيُهُ إِلَى ثِقَاتِهِ وَوُلاَتِهِ وَوُكَلاَئِهِ وَيَقْعُدُ بِبَابِهِ مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ النُّمَيْريُّ فِي يَوْم غَيْبَتِهِ بِصَابِرٍ ثُمَّ يَظْهَرُ بِمَكَّةَ.
وَوَاللهِ يَا مُفَضَّلُ كَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ بُرْدَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَعَلَى رَأسِهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، وَفِي رجْلَيْهِ نَعْلاَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَخْصُوفَةُ، وَفِي يَدِهِ هِرَاوَتُهُ عليه السلام، يَسُوقُ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنَازاً عِجَافا(1) حَتَّى يَصِلَ بِهَا نَحْوَ الْبَيْتِ لَيْسَ ثَمَّ أحَدٌ يَعْرفُهُ، وَيَظْهَرُ وَهُوَ شَابٌّ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي يَعُودُ شَابّاً أوْ يَظْهَرُ فِي شَيْبَةٍ؟
فَقَالَ عليه السلام: (سُبْحَانَ اللهِ وَهَلْ يُعْرَفُ ذَلِكَ؟ يَظْهَرُ كَيْفَ شَاءَ وَبأيَّ صُورَةٍ شَاءَ إِذَا جَاءَهُ الأمْرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَجْدُهُ وَجَلَّ ذِكْرُهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَمِنْ أيْنَ يَظْهَرُ وَكَيْفَ يَظْهَرُ؟
(قَالَ): (يَا مُفَضَّلُ يَظْهَرُ وَحْدَهُ وَيَأتِي الْبَيْتَ وَحْدَهُ، وَيَلِجُ الْكَعْبَةَ وَحْدَهُ، وَيَجُنُّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَحْدَهُ، فَإذَا نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَسَقَ اللَّيْلُ نَزَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ عليهما السلام وَالْمَلاَئِكَةُ صُفُوفاً، فَيَقُولُ لَهُ جَبْرَئِيلُ: يَا سَيَّدِي قَوْلُكَ مَقْبُولٌ، وَأمْرُكَ جَائِزٌ، فَيَمْسَحُ عليه السلام يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ))،(2) وَيَقِفُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام فَيَصْرُخُ صَرْخَةً فَيَقُولُ: يَا مَعَاشرَ نُقَبَائِي وَأهْلَ خَاصَّتِي وَمَنْ ذَخَرَهُمُ اللهُ لِنُصْرَتِي قَبْلَ ظُهُوري عَلَى وَجْهِ الأرْض! ائْتُونِي طَائِعِينَ! فَتَردُ صَيْحَتُهُ عليه السلام عَلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى مَحَاريبهِمْ،4.
ص: 470
وَعَلَى فُرُشهِمْ، فِي شَرْقِ الأرْض وَغَرْبهَا فَيَسْمَعُونَهُ فِي صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ فِي اُذُن كُل رَجُلٍ، فَيَجِيئُونَ نَحْوَهَا، وَلاَ يَمْضِي لَهُمْ إِلاَّ كَلَمْحَةِ بَصَرٍ، حَتَّى يَكُونَ كُلُّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ عليه السلام بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام.
فَيَأمُرُ اللهُ عزّ وجل النُّورَ فَيَصِيرُ عَمُوداً مِنَ الأرْض إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَضِيءُ بِهِ كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلَى وَجْهِ الأرْض، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ نُورٌ مِنْ جَوْفِ بَيْتِهِ، فَتَفْرَحُ نُفُوسُ الْمُؤْمِنينَ بِذَلِكَ النُّور، وَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ بِظُهُور قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام.
ثُمَّ يُصْبِحُونَ وُقُوفاً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً بِعِدَّةِ أصْحَابِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ بَدْرٍ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ يَا سَيَّدِي فَاثْنَان وَسَبْعُونَ رَجُلاً الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ عليهما السلام يَظْهَرُونَ مَعَهُمْ؟
قَالَ: (يَظْهَرُ مِنْهُمْ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فِي اثْنَيْ عَشَرَ ألْفاً مُؤْمِنينَ مِنْ شيعَةِ عَلِيًّ عليه السلام وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَبِغَيْر سُنَّةِ الْقَائِم عليه السلام بَايَعُوا لَهُ قَبْلَ ظُهُورهِ وَقَبْلَ قِيَامِهِ؟
فَقَالَ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ كُلُّ بَيْعَةٍ قَبْلَ ظُهُور الْقَائِم عليه السلام فَبَيْعَتُهُ كُفْرٌ وَنفَاقٌ وَخَدِيعَةٌ، لَعَنَ اللهُ الْمُبَايِعَ لَهَا وَالْمُبَايَعَ لَهُ، بَلْ يَا مُفَضَّلُ يُسْنِدُ الْقَائِمُ عليه السلام ظَهْرَهُ إِلَى الْحَرَم وَيَمُدُّ يَدَهُ فَتُرَى بَيْضَاءَ مِنْ غَيْر سُوءٍ وَيَقُولُ: هَذِهِ يَدُ اللهِ، وَعَن اللهِ، وَبأمْر اللهِ، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ...))(1) الآيَةَ.
فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يُقَبَّلُ يَدَهُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام ثُمَّ يُبَايِعُهُ وَتُبَايِعُهُ الْمَلاَئِكَةُ 0.
ص: 471
وَنُجَبَاءُ الْجِن، ثُمَّ النُّقَبَاءُ وَيُصْبِحُ النَّاسُ بِمَكَّةَ، فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بِجَانِبِ الْكَعْبَةِ؟ وَمَا هَذَا الْخَلْقُ الَّذِينَ مَعَهُ؟ وَمَا هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي رَأيْنَاهَا اللَّيْلَةَ وَلَمْ تُرَ مِثْلَهَا؟
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا الرَّجُلُ هُوَ صَاحِبُ الْعُنَيْزَاتِ(1).
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا هَلْ تَعْرفُونَ أحَداً مِمَّنْ مَعَهُ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ نَعْرفُ أحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ أرْبَعَةً مِنْ أهْل مَكَّةَ، وَأرْبَعَةً مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ، وَهُمْ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَيَعُدُّونَهُمْ بِأسْمَائِهِمْ، وَيَكُونُ هَذَا أوَّلَ طُلُوع الشَّمْس فِي ذَلِكَ الْيَوْم، فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأضَاءَتْ صَاحَ صَائِحٌ بِالْخَلاَئِقِ مِنْ عَيْن الشَّمْس بِلِسَانٍ عَرَبيًّ مُبِينٍ، يُسْمِعُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرَضِينَ: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ! هَذَا مَهْدِيُّ آل مُحَمَّدٍ، وَيُسَمَّيهِ بِاسْم جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَكْنِيهِ، وَيَنْسُبُهُ إِلَى أبِيهِ الْحَسَن الْحَادِيَ عَشَرَ إِلَى الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ صلوات الله عليهم أجمعين بَايِعُوهُ تَهْتَدُوا، وَلاَ تُخَالِفُوا أمْرَهُ فَتَضِلُّوا.
فَأوَّلُ مَنْ يُقَبَّلُ يَدَهُ الْمَلاَئِكَةُ، ثُمَّ الْجِنُّ، ثُمَّ النُّقَبَاءُ، وَيَقُولُونَ: سَمِعْنَا وَأطَعْنَا، وَلاَ يَبْقَى ذُو اُذُنٍ مِنَ الْخَلاَئِقِ إِلاَّ سَمِعَ ذَلِكَ النّدَاءَ، وَتُقْبِلُ الْخَلاَئِقُ مِنَ الْبَدْوِ وَالْحَضَر وَالْبَر وَالْبَحْر، يُحَدَّثُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيَسْتَفْهِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مَا سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ.
فَإذَا دَنَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ، صَرَخَ صَارخٌ مِنْ مَغْربهَا: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ قَدْ ظَهَرَ رَبُّكُمْ بِوَادِي الْيَابِس مِنْ أرْض فِلَسْطِينَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ ت.
ص: 472
عَنْبَسَةَ الاُمَويُّ مِنْ وُلْدِ يَزيدَ بْن مُعَاوِيَةَ فَبَايِعُوهُ تَهْتَدُوا، وَلاَ تُخَالِفُوا عَلَيْهِ فَتَضِلُّوا، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ وَالْجِنُّ وَالنُّقَبَاءُ قَوْلَهُ، وَيُكَذّبُونَهُ، وَيَقُولُونَ لَهُ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، وَلاَ يَبْقَى ذُو شَكًّ وَلاَ مُرْتَابٌ وَلاَ مُنَافِقٌ وَلاَ كَافِرٌ إِلاَّ ضَلَّ بِالنّدَاءِ الأخِير.
وَسَيَّدُنَا الْقَائِمُ عليه السلام مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ وَشَيْثٍ فَهَا أنَا ذَا آدَمُ وَشَيْثٌ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى نُوح وَوَلَدِهِ سَام فَهَا أنَا ذَا نُوحٌ وَسَامٌ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فَهَا أنَا ذَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى مُوسَى وَيُوشَعَ فَهَا أنَا ذَا مُوسَى وَيُوشَعُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى عِيسَى وَشَمْعُونَ فَهَا أنَا ذَا عِيسَى وَشَمْعُونُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَهَا أنَا ذَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام فَهَا أنَا ذَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى الأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليهم السلام فَهَا أنَا ذَا الأئِمَّةُ عليهم السلام، أجِيبُوا إِلَى مَسْألَتِي، فَإنّي اُنَبَّئُكُمْ بِمَا نُبَّئْتُمْ بِهِ وَمَا لَمْ تُنَبَّئُوا بِهِ.
وَمَنْ كَانَ يَقْرَاُ الْكُتُبَ وَالصُّحُفَ فَلْيَسْمَعْ مِنّي، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالصُّحُفِ الَّتِي أنْزَلَهَا اللهُ عَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ عليهما السلام، وَيَقُولُ اُمَّةُ آدَمَ وَشَيْثٍ هِبَةِ اللهِ: هَذِهِ وَاللهِ هِيَ الصُّحُفُ حَقّاً، وَلَقَدْ أرَانَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُهُ فِيهَا، وَمَا كَانَ خَفِيَ عَلَيْنَا، وَمَا كَانَ اُسْقِطَ مِنْهَا، وَبُدَّلَ وَحُرفَ.
ثُمَّ يَقْرَاُ صُحُفَ نُوح وَصُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَالزَّبُورَ فَيَقُولُ أهْلُ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيل وَالزَّبُور: هَذِهِ وَاللهِ صُحُفُ نُوح وَإِبْرَاهِيمَ
ص: 473
عليهما السلام حَقّاً، وَمَا اُسْقِطَ مِنْهَا وَبُدَّلَ وَحُرفَ مِنْهَا، هَذِهِ وَاللهِ التَّوْرَاةُ الْجَامِعَةُ وَالزَّبُورُ التَّامُّ وَالإنْجِيلُ الْكَامِلُ وَإِنَّهَا أضْعَافُ مَا قَرَأنَا مِنْهاَ(1).
ثُمَّ يَتْلُو الْقُرْآنَ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا وَاللهِ الْقُرْآنُ حَقّاً الَّذِي أنْزَلَهُ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا اُسْقِطَ مِنْهُ وَحُرفَ وَبُدَّلَ.
ثُمَّ تَظْهَرُ الدَّابَّةُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، فَتَكْتُبُ فِي وَجْهِ الْمُؤْمِن: مُؤْمِنٌ، وَفِي وَجْهِ الْكَافِر: كَافِرٌ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَقَفَاهُ إِلَى صَدْرهِ(2)، وَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا سَيَّدِي أنَا بَشيرٌ أمَرَني مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أنْ ألْحَقَ بِكَ وَاُبَشرَكَ بِهَلاَكِ جَيْش السُّفْيَانِيَّ بِالْبَيْدَاءِ فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ عليه السلام: بَيَّنْ قِصَّتَكَ وَقِصَّةَ أخِيكَ.
فَيَقُولُ الرَّجُلُ: كُنْتُ وَأخِي فِي جَيْش السُّفْيَانِيَّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ، وَخَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ، وَكَسَرْنَا الْمِنْبَرَ وَرَاثَتْ بِغَالُنَا فِي مَسْجِدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَرَجْنَا مِنْهَا وَعَدَدُنَا ثَلاَثُمِائَةِ ألْفِ رَجُلٍ نُريدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ، وَقَتْلَ أهْلِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ: يَا بَيْدَاءُ أبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَانْفَجَرَتِ الأرْضُ، وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْش، فَوَ اللهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأرْض عِقَالُ نَاقَةٍ فَمَا سِوَاهُ غَيْري وَغَيْرُ أخِي.ل.
ص: 474
فَإذَا نَحْنُ بِمَلَكٍ قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى، فَقَالَ لأخِي: وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ! امْض إِلَى الْمَلْعُون السُّفْيَانِيَّ بِدِمَشْقَ، فَأنْذِرْهُ بِظُهُور الْمَهْدِيَّ مِنْ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام، وَعَرفْهُ أنَّ اللهَ قَدْ أهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَالَ لِي: يَا بَشيرُ الْحَقْ بِالْمَهْدِيَّ بِمَكَّةَ وَبَشرْهُ بِهَلاَكِ الظَّالِمِينَ وَتُبْ عَلَى يَدِهِ، فَإنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ، فَيُمِرُّ الْقَائِمُ عليه السلام يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَويّاً كَمَا كَانَ، وَيُبَايِعُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَتَظْهَرُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْجِنُّ لِلنَّاس؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ، وَيُخَاطِبُونَهُمْ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ مَعَ حَاشيَتِهِ وَأهْلِهِ).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَيَسِيرُونَ مَعَهُ؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ، وَلَيَنْزلَنَّ أرْضَ الْهِجْرَةِ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالنَّجَفِ وَعَدَدُ أصْحَابِهِ عليه السلام حِينَئِذٍ سِتَّةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَسِتَّةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن _ وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: وَمِثْلُهَا مِنَ الْجِن _ بِهِمْ يَنْصُرُهُ اللهُ وَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَمَا يَصْنَعُ بِأهْل مَكَّةَ؟
قَالَ: (يَدْعُوهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَيُطِيعُونَهُ وَيَسْتَخْلِفُ فِيهِمْ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِهِ، وَيَخْرُجُ يُريدُ الْمَدِينَةَ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَمَا يَصْنَعُ بِالْبَيْتِ؟
قَالَ: (يَنْقُضُهُ فَلاَ يَدَعُ مِنْهُ إِلاَّ الْقَوَاعِدَ الَّتِي هِيَ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاس بِبَكَّةَ فِي عَهْدِ آدَمَ عليه السلام وَالَّذِي رَفَعَهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ عليهما السلام مِنْهَا وَإِنَّ الَّذِي بُنيَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَبْنهِ نَبِيٌّ وَلاَ وَصِيٌّ، ثُمَّ يَبْنيهِ كَمَا يَشَاءُ اللهُ وَلَيُعَفّيَنَّ آثَارَ الظَّالِمِينَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ وَسَائِر الأقَالِيم، وَلَيَهْدِمَنَّ
ص: 475
مَسْجِدَ الْكُوفَةِ، وَلَيَبْنيَنَّهُ عَلَى بُنْيَانِهِ الأوَّل، وَلَيَهْدِمَنَّ الْقَصْرَ الْعَتِيقَ، مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ بَنَاهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي يُقِيمُ بِمَكَّةَ؟
قَالَ: (لاَ يَا مُفَضَّلُ بَلْ يَسْتَخْلِفُ مِنْهَا رَجُلاً مِنْ أهْلِهِ، فَإذَا سَارَ مِنْهَا وَثَبُوا عَلَيْهِ فَيَقْتُلُونَهُ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَأتُونَهُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ، وَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ فَيَعِظُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ، وَيَحْذَرُهُمْ، وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ خَلِيفَةً وَيَسِيرُ، فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَيَقْتُلُونَهُ فَيَردُ إِلَيْهِمْ أنْصَارُهُ مِنَ الْجِن وَالنُّقَبَاءِ وَيَقُولُ لَهُمْ: ارْجِعُوا فَلاَ تُبْقُوا مِنْهُمْ بَشَراً إِلاَّ مَنْ آمَنَ، فَلَوْ لاَ أنَّ رَحْمَةَ رَبَّكُمْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَأنَا تِلْكَ الرَّحْمَةُ لَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ مَعَكُمْ، فَقَدْ قَطَعُوا الأعْذَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ، وَبَيْني وَبَيْنَهُمْ، فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ، فَوَ اللهِ لاَ يَسْلَمُ مِنَ الْمِائَةِ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، لاَ وَاللهِ وَلاَ مِنْ ألْفٍ وَاحِدٌ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَأيْنَ تَكُونُ دَارُ الْمَهْدِيَّ، وَمُجْتَمَعُ الْمُؤْمِنينَ؟
قَالَ: (دَارُ مُلْكِهِ الْكُوفَةُ، وَمَجْلِسُ حُكْمِهِ جَامِعُهَا، وَبَيْتُ مَالِهِ وَمَقْسَمُ غَنَائِم الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ، وَمَوْضِعُ خَلَوَاتِهِ الذَّكَوَاتُ الْبِيضُ مِنَ الْغَريَّيْن).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ كُلُّ الْمُؤْمِنينَ يَكُونُونَ بِالْكُوفَةِ؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ لاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ كَانَ بِهَا أوْ حَوَالَيْهَا، وَلَيَبْلُغَنَّ مَجَالَةُ فَرَسٍ مِنْهَا ألْفَيْ دِرْهَم وَلَيَوَدَّنَّ أكْثَرُ النَّاس أنَّهُ اشْتَرَى شبْراً مِنْ أرْض السَّبْع بِشبْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَالسَّبْعُ خِطَّةٌ مِنْ خِطَطِ هَمْدَانَ، وَلَيَصِيرَنَّ الْكُوفَةُ أرْبَعَةً وَخَمْسِينَ مِيلاً وَلَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُهَا كَرْبَلاَءَ، وَلَيُصَيَّرَنَّ اللهُ
ص: 476
كَرْبَلاَءَ مَعْقِلاً وَمَقَاماً تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَيَكُونَنَّ لَهَا شَأنٌ مِنَ الشَّأن، وَلَيَكُونَنَّ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ مَا لَوْ وَقَفَ مُؤْمِنٌ وَدَعَا رَبَّهُ بِدَعْوَةٍ لأعْطَاهُ اللهُ بِدَعْوَتِهِ الْوَاحِدَةِ مِثْلَ مُلْكِ الدُّنْيَا ألْفَ مَرَّةٍ).
ثُمَّ تَنَفَّسَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ إِنَّ بِقَاعَ الأرْض تَفَاخَرَتْ: فَفَخَرَتْ كَعْبَةُ الْبَيْتِ الْحَرَام، عَلَى بُقْعَةِ كَرْبَلاَءَ، فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهَا أن اسْكُتِي كَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَام، وَلاَ تَفْتَخِري عَلَى كَرْبَلاَءَ، فَإنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نُودِيَ مُوسَى مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَةِ، وَإِنَّهَا الرَّبْوَةُ الَّتِي أوَتْ إِلَيْهَا مَرْيَمُ وَالْمَسِيحُ، وَإِنَّهَا الدَّالِيَةُ(1) الَّتِي غُسِلَ فِيهَا رَأسُ الْحُسَيْن عليه السلام، وَفِيهَا غَسَلَتْ مَرْيَمُ عِيسَى عليه السلام وَاغْتَسَلَتْ مِنْ وِلاَدَتِهَا، وَإِنَّهَا خَيْرُ بُقْعَةٍ عَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مِنْهَا وَقْتَ غَيْبَتِهِ، وَلَيَكُونَنَّ لِشيعَتِنَا فِيهَا خِيَرَةٌ إِلَى ظُهُور قَائِمِنَا عليه السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ إِلَى أيْنَ؟
قَالَ عليه السلام: (إِلَى مَدِينَةِ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَإذَا وَرَدَهَا كَانَ لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَجِيبٌ يَظْهَرُ فِيهِ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ وَخِزْيُ الْكَافِرينَ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي مَا هُوَ ذَاكَ؟
قَالَ: (يَردُ إِلَى قَبْر جَدَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا مَعَاشرَ الْخَلاَئِقِ، هَذَا قَبْرُ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ، فَيَقُولُ: وَمَنْ مَعَهُ فِي الْقَبْر؟ فَيَقُولُونَ: صَاحِبَاهُ وَضَجِيعَاهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَيَقُولُ وَهُوَ أعْلَمُ بِهِمَا وَالْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ جَمِيعاً يَسْمَعُونَ: مَنْ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ وَكَيْفَ دُفِنَا مِنْ بَيْن الْخَلْقِ مَعَ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ وَعَسَى الْمَدْفُونُ غَيْرَهُمَا.ت.
ص: 477
فَيَقُولُ النَّاسُ: يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا هَاهُنَا غَيْرُهُمَا، إِنَّهُمَا دُفِنَا مَعَهُ لأنَّهُمَا خَلِيفَتَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأبَوَا زَوْجَتَيْهِ، فَيَقُولُ لِلْخَلْقِ بَعْدَ ثَلاَثٍ: أخْرجُوهُمَا مِنْ قَبْرَيْهِمَا، فَيُخْرَجَان غَضَّيْن طَريَّيْن لَمْ يَتَغَيَّرْ خَلْقُهُمَا، وَلَمْ يَشْحُبْ لَوْنُهُمَا، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَعْرفُهُمَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعْرفُهُمَا بالصّفَةِ وَلَيْسَ ضَجِيعَا جَدَّكَ غَيْرَهُمَا، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أحَدٌ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا أوْ يَشُكُّ فِيهِمَا؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، فَيُؤَخّرُ إِخْرَاجَهُمَا ثَلاَثَةَ أيَّام، ثُمَّ يَنْتَشرُ الْخَبَرُ فِي النَّاس وَيَحْضُرُ الْمَهْدِيُّ وَيَكْشفُ الْجُدْرَانَ عَن الْقَبْرَيْن، وَيَقُولُ لِلنُّقَبَاءِ: ابْحَثُوا عَنْهُمَا وَانْبُشُوهُمَا.
فَيَبْحَثُونَ بِأيْدِيهِمْ حَتَّى يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا، فَيُخْرَجَان غَضَّيْن طَريَّيْن كَصُورَتِهِمَا فَيَكْشفُ عَنْهُمَا أكْفَانَهُمَا وَيَأمُرُ بِرَفْعِهِمَا عَلَى دَوْحَةٍ يَابِسَةٍ نَخِرَةٍ فَيَصْلُبُهُمَا عَلَيْهَا، فَتَحْيَا الشَّجَرَةُ وَتُورقُ وَيَطُولُ فَرْعُهَ(1).
فَيَقُولُ الْمُرْتَابُونَ مِنْ أهْل وَلاَيَتِهِمَا: هَذَا وَاللهِ الشَّرَفُ حَقّاً وَلَقَدْ فُزْنَا بِمَحَبَّتِهِمَا وَوَلاَيَتِهِمَا، وَيُخْبَرُ مَنْ أخْفَى نَفْسَهُ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ مِقْيَاسُ حَبَّةٍ مِنْ مَحَبَّتِهِمَا وَوَلاَيَتِهِمَا، فَيَحْضُرُونَهُمَا وَيَرَوْنَهُمَا وَيُفْتَنُونَ بِهِمَا، وَيُنَادِي مُنَادِي الْمَهْدِيَّ عليه السلام: كُلُّ مَنْ أحَبَّ صَاحِبَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَضَجِيعَيْهِ فَلْيَنْفَردْ جَانِباً، فَتَتَجَزَّاُ الْخَلْقُ جُزْءَيْن أحَدُهُمَا مُوَالٍ وَالآخَرُ مُتَبَرئٌ مِنْهُمَا.
فَيَعْرضُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى أوْلِيَائِهِمَا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا فَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آل رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَحْنُ لَمْ نَتَبَرَّأ مِنْهُمَا، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أنَّ لَهُمَا عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَكَ هَذِهِ الْمَنْزلَةَ، وَهَذَا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْ فَضْلِهِمَا، أنَتَبَرَّاُ السَّاعَةَ ة.
ص: 478
مِنْهُمَا وَقَدْ رَأيْنَا مِنْهُمَا مَا رَأيْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ؟ مِنْ نَضَارَتِهِمَا وَغَضَاضَتِهِمَا، وَحَيَاةِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا؟ بَلْ وَاللهِ نَتَبَرَّاُ مِنْكَ وَمِمَّنْ آمَنَ بِكَ وَمَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهِمَا، وَمَنْ صَلَبَهُمَا، وَأخْرَجَهُمَا، وَفَعَلَ بِهِمَا مَا فَعَلَ، فَيَأمُرُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام ريحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ كَأعْجَازِ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ.
ثُمَّ يَأمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلاَن إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا بِإذْن اللهِ تَعَالَى وَيَأمُرُ الْخَلاَئِقَ بِالاجْتِمَاع، ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُل كُورٍ وَدُورٍ(1) حَتَّى يَقُصَّ عَلَيْهِمْ قَتْلَ هَابِيلَ بْن آدَمَ عليه السلام، وَجَمْعَ النَّار لإبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَطَرْحَ يُوسُفَ عليه السلام فِي الْجُبَّ، وَحَبْسَ يُونُسَ عليه السلام فِي الْحُوتِ، وَقَتْلَ يَحْيَى عليه السلام، وَصَلْبَ عِيسَى عليه السلام، وَعَذَابَ جِرْجِيسَ وَدَانِيَالَ عليهما السلام، وَضَرْبَ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ، وَإِشْعَالَ النَّار(2) عَلَى بَابِ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهم السلام لإحْرَاقِهِمْ بِهَا، وَضَرْبَ يَدِ الصّدَّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ، وَرَفْسَ بَطْنِهَا وَإِسْقَاطَهَا مُحَسَّناً، وَسَمَّ الْحَسَن عليه السلام، وَقَتْلَ الْحُسَيْن عليه السلام، وَذَبْحَ أطْفَالِهِ وَبَني عَمَّهِ وَأنْصَارهِ، وَسَبْيَ ذَرَاريَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَإِرَاقَةَ دِمَاءِ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَكُلُّ دَم سُفِكَ، وَكُلَّ فَرْج نُكِحَ حَرَاماً، وَكُلَّ رَيْنٍ وَخُبْثٍ وَفَاحِشَةٍ وَإِثْم وَظُلْم وَجَوْرٍ وَغَشْم مُنْذُ عَهْدِ آدَمَ عليه السلام إِلَى وَقْتِ قِيَام قَائِمِنَا عليه السلام كُلُّ ذَلِكَ يُعَدَّدُهُ عليه السلام عَلَيْهِمَا، وَيُلْزمُهُمَا إِيَّاهُ(3) فَيَعْتَرفَان بِهِ ثُمَّ يَأمُرُ بِهِمَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَظَالِم مَنْ م.
ص: 479
حَضَرَ، ثُمَّ يَصْلُبُهُمَا عَلَى الشَّجَرَةِ وَيَأمُرُ نَاراً تَخْرُجُ مِنَ الأرْض فَتُحْرقُهُمَا وَالشَّجَرَةَ، ثُمَّ يَأمُرُ ريحاً فَتَنْسِفُهُمَا فِي الْيَمَّ نَسْفاً).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي ذَلِكَ آخِرُ عَذَابِهِمَا؟
قَالَ: (هَيْهَاتَ يَا مُفَضَّلُ وَاللهِ لَيُرَدَّنَّ وَلَيَحْضُرَنَّ السَّيَّدُ الأكْبَرُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالصّدَّيقُ الأكْبَرُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً، وَلَيَقْتَصَّنَّ مِنْهُمَا لِجَمِيعِهِمْ حَتَّى إِنَّهُمَا لَيُقْتَلاَن فِي كُل يَوْم وَلَيْلَةٍ ألْفَ قَتْلَةٍ، وَيُرَدَّان إِلَى مَا شَاءَ رَبُّهُمَا.
ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام إِلَى الْكُوفَةِ وَيَنْزلُ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالنَّجَفِ، وَعِنْدَهُ أصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْم سِتَّةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَسِتَّةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن، وَالنُّقَبَاءُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ نَفْساً).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي كَيْفَ تَكُونُ دَارُ الْفَاسِقِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟
قَالَ: (فِي لَعْنَةِ اللهِ وَسَخَطِهِ تُخْربُهَا الْفِتَنُ وَتَتْرُكُهَا جَمَّاءَ فَالْوَيْلُ لَهَا وَلِمَنْ بِهَا كُلُّ الْوَيْل مِنَ الرَّايَاتِ الصُّفْر، وَرَايَاتِ الْمَغْربِ، وَمَنْ يَجْلِبُ الْجَزيرَةَ وَمِنَ الرَّايَاتِ الَّتِي تَسِيرُ إِلَيْهَا مِنْ كُلّ قَريبٍ أوْ بَعِيدٍ.
وَاللهِ لَيَنْزلَنَّ بِهَا مِنْ صُنُوفِ الْعَذَابِ مَا نَزَلَ بِسَائِر الاُمَم الْمُتَمَردَةِ مِنْ أوَّل الدَّهْر إِلَى آخِرهِ، وَلَيَنْزلَنَّ بِهَا مِنَ الْعَذَابِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأتْ وَلاَ اُذُنٌ سَمِعَتْ بِمِثْلِهِ وَلاَ يَكُونُ طُوفَانُ أهْلِهَا إِلاَّ بِالسَّيْفِ، فَالْوَيْلُ لِمَن اتَّخَذَ بِهَا مَسْكَناً فَإنَّ الْمُقِيمَ بِهَا يَبْقَى لِشَقَائِهِ، وَالْخَارجَ مِنْهَا بِرَحْمَةِ اللهِ.
وَاللهِ لَيَبْقَى مِنْ أهْلِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهَا هِيَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ دُورَهَا وَقُصُورَهَا هِيَ الْجَنَّةُ، وَإِنَّ بَنَاتِهَا هُنَّ الْحُورُ الْعِينُ، وَإِنَّ وِلْدَانَهَا هُمُ الْولْدَانُ، وَلَيَظُنَّنَّ أنَّ اللهَ لَمْ يَقْسِمْ رزْقَ الْعِبَادِ إِلاَّ بِهَا، وَلَيَظْهَرَنَّ فِيهَا مِنَ
ص: 480
الاُمَرَاءِ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَالْحُكْم بِغَيْر كِتَابِهِ، وَمِنْ شَهَادَاتِ الزُّور، وَشُرْبِ الْخُمُور، وَ(إِتْيَان) الْفُجُور، وَأكْل السُّحْتِ وَسَفْكِ الدَّمَاءِ مَا لاَ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا كُلِّهَا إِلاَّ دُونَهُ، ثُمَّ لَيُخْربُهَا اللهُ بِتِلْكَ الْفِتَن وَتِلْكَ الرَّايَاتِ، حَتَّى لَيَمُرُّ عَلَيْهَا الْمَارُّ فَيَقُولُ: هَاهُنَا كَانَتِ الزَّوْرَاءُ.
ثُمَّ يَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ الْفَتَى الْصَبِيحُ الَّذِي نَحْوَ الدَّيْلَم! يَصِيحُ بِصَوْتٍ لَهُ فَصِيح: يَا آلَ أحْمَدَ أجِيبُوا الْمَلْهُوفَ، وَالْمُنَادِيَ مِنْ حَوْل الضَّريح فَتُجِيبُهُ كُنُوزُ اللهِ بِالطَّالَقَان كُنُوزٌ وَأيُّ كُنُوزٍ، لَيْسَتْ مِنْ فِضَّةٍ وَلاَ ذَهَبٍ، بَلْ هِيَ رجَالٌ كَزُبَر الْحَدِيدِ، عَلَى الْبَرَاذِين الشُّهْبِ، بِأيْدِيهِمُ الْحِرَابُ، وَلَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ الظَّلَمَةَ حَتَّى يَردَ الْكُوفَةَ وَقَدْ صَفَا أكْثَرُ الأرْض، فَيَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً.
فَيَتَّصِلُ بِهِ وَبِأصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام، وَيَقُولُونَ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا؟ فَيَقُولُ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ مَنْ هُوَ؟ وَمَا يُريدُ؟
وَهُوَ وَاللهِ يَعْلَمُ أنَّهُ الْمَهْدِيُّ، وَإِنَّهُ لَيَعْرفُهُ، وَلَمْ يُردْ بِذَلِكَ الأمْر إِلاَّ لِيُعَرفَ أصْحَابَهُ مَنْ هُوَ؟
فَيَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ فَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ فَأيْنَ هِرَاوَةُ جَدَّكَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَاتَمُهُ، وَبُرْدَتُهُ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَفَرَسُهُ الْيَرْبُوعُ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ، وَبَغْلَتُهُ الدُّلْدُلُ، وَحِمَارُهُ الْيَعْفُورُ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ، وَمُصْحَفُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام؟
فَيَخْرُجُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ يَأخُذُ الْهِرَاوَةَ فَيَغْرسُهَا فِي الْحَجَر الصَّلْدِ وَتُورقُ، وَلَمْ يُردْ ذَلِكَ إِلاَّ أنْ يُريَ أصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيَّ عليه السلام حَتَّى يُبَايِعُوهُ.
ص: 481
فَيَقُولُ الْحَسَنِيُّ: اللهُ أكْبَرُ مُدَّ يَدَكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ حَتَّى نُبَايِعَكَ، فَيَمُدُّ يَدَهُ فَيُبَايِعُهُ وَيُبَايِعُهُ سَائِرُ الْعَسْكَر الَّذِي مَعَ الْحَسَنِيَّ إِلاَّ أرْبَعِينَ ألْفاً أصْحَابُ الْمَصَاحِفِ الْمَعْرُوفُونَ بِالزّيدِيَّةِ، فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ.
فَيَخْتَلِطُ الْعَسْكَرَان فَيُقْبِلُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُنْحَرفَةِ، فَيَعِظُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ ثَلاَثَةَ أيَّام، فَلاَ يَزْدَادُونَ إِلاَّ طُغْيَاناً وَكُفْراً، فَيَأمُرُ بِقَتْلِهِمْ فَيُقْتَلُونَ جَمِيعاً، ثُمَّ يَقُولُ لأصْحَابِهِ: لاَ تَأخُذُوا الْمَصَاحِفَ، وَدَعُوهَا تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً كَمَا بَدَّلُوهَا وَغَيَّرُوهَا وَحَرَّفُوهَا وَلَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا يَصْنَعُ الْمَهْدِيُّ؟
قَالَ: (يَثُورُ سَرَايَ(1) عَلَى السُّفْيَانِيَّ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَأخُذُونَهُ وَيَذْبَحُونَهُ عَلَى الصَّخْرَةِ.
ثُمَّ يَظْهَرُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِي اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ صِدَّيقٍ وَاثْنَيْن وَسَبْعِينَ رَجُلاً أصْحَابِهِ يَوْمَ كَرْبَلاَءَ، فَيَا لَكَ عِنْدَهَا مِنْ كَرَّةٍ زَهْرَاءَ بَيْضَاءَ.
ثُمَّ يَخْرُجُ الصّدَّيقُ الأكْبَرُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَيُنْصَبُ لَهُ الْقُبَّةُ بِالنَّجَفِ، وَيُقَامُ أرْكَانُهَا: رُكْنٌ بِالنَّجَفِ، وَرُكْنٌ بِهَجَرَ، وَرُكْنٌ بِصَنْعَاءَ، وَرُكْنٌ بِأرْض طَيْبَةَ، لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى مَصَابِيحِهِ تُشْرقُ فِي السَّمَاءِ وَالأرْض، كَأضْوَاءٍ مِنَ الشَّمْس وَالْقَمَر، فَعِنْدَهَا ((تُبْلَى السَّرائِرُ))(2)، وَ((تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ...))(3) إِلَى آخِر الآيَةِ.).
ص: 482
ثُمَّ يَخْرُجُ السَّيَّدُ الأكْبَرُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي أنْصَارهِ وَالْمُهَاجِرينَ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاسْتُشْهِدَ مَعَهُ، وَيَحْضُرُ مُكَذّبُوهُ وَالشَّاكُّونَ فِيهِ وَالرَّادُّونَ عَلَيْهِ وَالْقَائِلُونَ فِيهِ إِنَّهُ سَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَمَجْنُونٌ، وَنَاطِقٌ عَن الْهَوَى، وَمَنْ حَارَبَهُ وَقَاتَلَهُ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْهُمْ بِالْحَقَّ، وَيُجَازَوْنَ بِأفْعَالِهِمْ مُنْذُ وَقْتَ ظَهَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى ظُهُور الْمَهْدِيَّ مَعَ إِمَام إِمَام، وَوَقْتٍ وَقْتٍ، وَيَحِقُّ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)))(1).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَمَنْ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ؟
قَالَ: (أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَرَسُولُ اللهِ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليهما يَكُونَان مَعَهُ؟
فَقَالَ: (لاَ بُدَّ أنْ يَطَئَا الأرْضَ، إِي وَاللهِ حَتَّى مَا وَرَاءَ الْخَافِ، إِي وَاللهِ وَمَا فِي الظُّلُمَاتِ، وَمَا فِي قَعْر الْبِحَار، حَتَّى لاَ يَبْقَى مَوْضِعُ قَدَم إِلاَّ وَطِئَا وَأقَامَا فِيهِ الدَّينَ الْوَاجِبَ للهِ تَعَالَى.
ثُمَّ لَكَأنّي أنْظُرُ يَا مُفَضَّلُ إِلَيْنَا مَعَاشرَ الأئِمَّةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِنَا مِنَ الاُمَّةِ بَعْدَهُ، وَمَا نَالَنَا مِنَ التَّكْذِيبِ وَالرَّدِّ عَلَيْنَا وَسَبْينَا وَلَعْنِنَا وَتَخْوِيفِنَا بِالْقَتْل، وَقَصْدِ طَوَاغِيَتِهِمُ الْوُلاَةِ لامُورهِمْ مِنْ دُون الاُمَّةِ بِتَرْحِيلِنَا عَن الْحُرْمَةِ إِلَى دَار مُلْكِهِمْ، وَقَتْلِهِمْ إِيَّانَا بِالسَّمَّ وَالْحَبْس، فَيَبْكِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَقُولُ: يَا بَنيَّ مَا نَزَلَ بِكُمْ إِلاَّ مَا نَزَلَ بِجِدَّكُمْ قَبْلَكُمْ.6.
ص: 483
ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَاطِمَةُ عليها السلام وَتَشْكُو مَا نَالَهَا مِنْ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأخْذِ فَدَكَ مِنْهَا وَمَشْيِهَا إِلَيْهِ فِي مَجْمَع مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، وَخِطَابِهَا لَهُ فِي أمْر فَدَكَ، وَمَا رَدَّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الأنْبِيَاءَ لاَ تُورَثُ، وَاحْتِجَاجِهَا بِقَوْل زَكَريَّا وَيَحْيَى عليهما السلام وَقِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام.
وَقَوْل عُمَرَ: هَاتِي صَحِيفَتَكِ الَّتِي ذَكَرْتِ أنَّ أبَاكِ كَتَبَهَا لَكِ وَإِخْرَاجِهَا الصَّحِيفَةَ وَأخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهَا، وَنَشْرهِ لَهَا عَلَى رُءُوس الأشْهَادِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار وَسَائِر الْعَرَبِ وَتَفْلِهِ فِيهَا، وَتَمْزيقِهِ إِيَّاهَا وَبُكَائِهَا وَرُجُوعِهَا إِلَى قَبْر أبِيهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَاكِيَةً حَزينَةً تَمْشي عَلَى الرَّمْضَاءِ قَدْ أقْلَقَتْهَا، وَاسْتِغَاثَتِهَا بِاللهِ وَبأبِيهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَتَمَثُّلِهَا بِقَوْل رُقَيْقَةَ بِنْتِ صَيْفِي(1):
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُر الْخَطْبُ
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الأرْض وَابِلَهَا
وَاخْتَلَّ أهْلُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ لَعِبُوا
أبْدَتْ رجَالٌ لَنَا فَحْوَى صُدُورهِمْ
لَمَّا نَأيْتَ وَحَالَتْ دُونَكَ الْحُجُبُ
لِكُلّ قَوْم لَهُمْ قُرْبٌ وَمَنْزلَةٌ
عِنْدَ الإلَهِ عَلَى الأدْنَيْنَ مُقْتَربٌ
يَا لَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ حَلَّ بِنَا
أمَلُوا اُنَاسٌ فَفَازُوا بِالَّذِي طَلَبُوا
وَتَقُصُّ عَلَيْهِ قِصَّةَ أبِي بَكْرٍ وَإِنْفَاذِهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَقُنْفُذاً وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَمْعِهِ النَّاسَ لإخْرَاج أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْبَيْعَةِ ف.
ص: 484
فِي سَقِيفَةِ بَني سَاعِدَةَ وَاشْتِغَال أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام بَعْدَ وَفَاةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِضَمَّ أزْوَاجِهِ وَقَبْرهِ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَجَمْع الْقُرْآن وَقَضَاءِ دَيْنهِ، وَإِنْجَازِ عِدَاتِهِ، وَهِيَ ثَمَانُونَ ألْفَ دِرْهَم، بَاعَ فِيهَا تَلِيدَهُ وَطَارفَهُ وَقَضَاهَا عَنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وَقَوْل عُمَرَ: اخْرُجْ يَا عَلِيُّ إِلَى مَا أجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَإِلاَّ قَتَلْنَاكَ، وَقَوْل فِضَّةَ جَاريَةِ فَاطِمَةَ: إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مَشْغُولٌ وَالْحَقُّ لَهُ إِنْ أنْصَفْتُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ وَأنْصَفْتُمُوهُ(1)، وَجَمْعِهِمُ الْجَزْلَ وَالْحَطَبَ عَلَى الْبَابِ لإحْرَاقِ بَيْتِ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَزَيْنَبَ وَاُمَّ كُلْثُوم وَفِضَّةَ، وَإِضْرَامِهِمُ النَّارَ عَلَى الْبَابِ، وَخُرُوج فَاطِمَةَ إِلَيْهِمْ وَخِطَابِهَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ.
وَقَوْلِهَا: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ مَا هَذِهِ الْجُرْأةُ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ؟ تُريدُ أنْ تَقْطَعَ نَسْلَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَتُفْنِيَهُ وَتُطْفِئَ نُورَ اللهِ؟ وَاللهُ مُتِمُّ نُورهِ، وَانْتِهَارهِ لَهَا.
وَقَوْلِهِ: كُفّي يَا فَاطِمَةُ فَلَيْسَ مُحَمَّدٌ حَاضِراً وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ آتِيَةً بِالأمْر وَالنَّهْي وَالزَّجْر مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمَا عَلِيٌّ إِلاَّ كَأحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَاخْتَاري إِنْ شئْتِ خُرُوجَهُ لِبَيْعَةِ أبِي بَكْرٍ أوْ إِحْرَاقَكُمْ جَمِيعاً.
فَقَالَتْ وَهِيَ بَاكِيَةٌ: اللهُمَّ إِلَيْكَ نَشْكُو فَقْدَ نَبِيَّكَ وَرَسُولِكَ وَصَفِيَّكَ، وَارْتِدَادَ اُمَّتِهِ عَلَيْنَا، وَمَنْعَهُمْ إِيَّانَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لَنَا فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَل عَلَى نَبِيَّكَ الْمُرْسَل.
فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: دَعِي عَنْكِ يَا فَاطِمَةُ حُمْقَاتِ النّسَاءِ، فَلَمْ يَكُن اللهُ لِيَجْمَعَ لَكُمُ النُّبُوَّةَ وَالْخِلاَفَةَ، وَأخَذَتِ النَّارُ فِي خَشَبِ الْبَابِ.ت.
ص: 485
وَإِدْخَال قُنْفُذٍ يَدَهُ لَعَنَهُ اللهُ يَرُومُ فَتْحَ الْبَابِ، وَضَرْبِ عُمَرَ لَهَا بِالسَّوْطِ عَلَى عَضُدِهَا، حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُج الأسْوَدِ، وَرَكْل الْبَابِ بِرجْلِهِ، حَتَّى أصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلَةٌ بِالْمُحَسَّن، لِسِتَّةِ أشْهُرٍ وَإِسْقَاطِهَا إِيَّاهُ.
وَهُجُوم عُمَرَ وَقُنْفُذٍ وَخَالِدِ بْن الْوَلِيدِ وَصَفْقِهِ خَدَّهَا حَتَّى بَدَا قُرْطَاهَا تَحْتَ خِمَارهَا، وَهِيَ تَجْهَرُ بِالْبُكَاءِ، وَتَقُولُ: وَا أبَتَاهْ، وَا رَسُولَ اللهِ، ابْنَتُكَ فَاطِمَةُ تُكَذَّبُ وَتُضْرَبُ، وَيُقْتَلُ جَنِينٌ فِي بَطْنِهَا.
وَخُرُوج أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْ دَاخِل الدَّار مُحْمَرَّ الْعَيْن حَاسِراً، حَتَّى ألْقَى مُلاَءَتَهُ عَلَيْهَا، وَضَمَّهَا إِلَى صَدْرهِ، وَقَوْلِهِ لَهَا: يَا بِنْتَ رَسُول اللهِ قَدْ عَلِمْتِي أنَّ أبَاكِ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، فَاللهَ اللهَ أنْ تَكْشفِي خِمَارَكِ، وَتَرْفَعِي نَاصِيَتَكِ، فَوَ اللهِ يَا فَاطِمَةُ لَئِنْ فَعَلْتِ ذَلِكِ لاَ أبْقَى اللهُ عَلَى الأرْض مَنْ يَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَلاَ مُوسَى وَلاَ عِيسَى وَلاَ إِبْرَاهِيمَ وَلاَ نوح (نُوحاً) وَلاَ آدَمَ، وَلاَ دَابَّةً تَمْشي عَلَى الأرْض وَلاَ طَائِراً فِي السَّمَاءِ إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَكَ الْوَيْلُ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ وَمَا يَلِيهِ اخْرُجْ قَبْلَ أنْ أشْهَرَ سَيْفِي فَاُفْنِيَ غَابِرَ الاُمَّةِ.
فَخَرَجَ عُمَرُ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَقُنْفُذٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ أبِي بِكْرٍ فَصَارُوا مِنْ خَارج الدَّار، وَصَاحَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِفِضَّةَ: يَا فِضَّةُ مَوْلاَتَكِ فَاقْبَلِي مِنْهَا مَا تَقْبَلُهُ النّسَاءُ فَقَدْ جَاءَهَا الْمَخَاضُ مِنَ الرَّفْسَةِ وَرَدَّ الْبَابِ، فَأسْقَطَتْ مُحَسَّناً، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَإنَّهُ لاَحِقٌ بِجَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَشْكُو إِلَيْهِ.
وَحَمْل أمِير الْمُؤْمِنينَ لَهَا فِي سَوَادِ اللَّيْل وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَزَيْنَبَ وَاُمِّ كُلْثُوم إِلَى دُور الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، يُذَكّرُهُمْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَعَهْدِهِ
ص: 486
الَّذِي بَايَعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَبَايَعُوهُ عَلَيْهِ فِي أرْبَعَةِ مَوَاطِنَ فِي حَيَاةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم(1) وَتَسْلِيمِهِمْ عَلَيْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ فِي جَمِيعِهَا، فَكُلٌّ يَعِدُهُ بِالنَّصْر فِي يَوْمِهِ الْمُقْبِل، فَإذَا أصْبَحَ قَعَدَ جَمِيعُهُمْ عَنْهُ ثُمَّ يَشْكُو إِلَيْهِ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام الْمِحَنَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي امْتُحِنَ بِهَا بَعْدَهُ.
وَقَوْلِهِ: لَقَدْ كَانَتْ قِصَّتِي مِثْلَ قِصَّةِ هَارُونَ مَعَ بَني إِسْرَائِيلَ وَقَوْلِي كَقَوْلِهِ لِمُوسَى: ((ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَْعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))(2) فَصَبَرْتُ مُحْتَسِباً وَسَلَّمْتُ رَاضِياً وَكَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِي خِلاَفِي، وَنَقْضِهِمْ عَهْدِيَ الَّذِي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ.
وَاحْتَمَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ وَصِيُّ نَبِيًّ مِنْ سَائِر الأوْصِيَاءِ مِنْ سَائِر الاُمَم حَتَّى قَتَلُوني بِضَرْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مُلْجَم، وَكَانَ اللهُ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ فِي نَقْضِهِمْ بَيْعَتِي.
وَخُرُوج طَلْحَةَ وَالزُّبَيْر بِعَائِشَةَ إِلَى مَكَّةَ يُظْهِرَان الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَسَيْرهِمْ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَخُرُوجِي إِلَيْهِمْ وَتَذْكِيري لَهُمُ اللهَ وَإِيَّاكَ، وَمَا جِئْتَ بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمْ يَرْجِعَا حَتَّى نَصَرَنيَ اللهُ عَلَيْهِمَا حَتَّى اُهْرقَتْ دِمَاءُ عِشْرينَ ألف (ألْفاً) مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقُطِعَتْ سَبْعُونَ كَفّاً عَلَى زِمَام الْجَمَل، فَمَا لَقِيتُ فِي غَزَوَاتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَبَعْدَكَ أصْعَبَ يَوْماً مِنْهُ أبَداً، 0.
ص: 487
لَقَدْ كَانَ مِنْ أصْعَبِ الْحُرُوبِ الَّتِي لَقِيتُهَا، وَأهْوَلِهَا وَأعْظَمِهَا فَصَبَرْتُ كَمَا أدَّبَنيَ اللهُ بِمَا أدَّبَكَ بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ))(1)، وَقَوْلِهِ: ((وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ))(2) وَحَقَّ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ تَأوِيلُ الآيَةِ الَّتِي أنْزَلَهَا اللهُ فِي الاُمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ فِي قَوْلِهِ: ((وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ))(3).
يَا مُفَضَّلُ وَيَقُومُ الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى جَدَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا جَدَّاهْ كُنْتُ مَعَ أمِير الْمُؤْمِنينَ فِي دَار هِجْرَتِهِ بِالْكُوفَةِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ بِضَرْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مُلْجَم لَعَنَهُ اللهُ فَوَصَّانِي بِمَا وَصَّيْتَهُ يَا جَدَّاهْ، وَبَلَغَ اللَّعِينَ مُعَاوِيَةَ قَتْلُ أبِي فَأنْفَذَ الدَّعِيَّ اللَّعِينَ زِيَاداً إِلَى الْكُوفَةِ فِي مِائَةِ ألْفٍ وَخَمْسِينَ ألْفَ مُقَاتِلٍ(4) فَأمَرَ بِالْقَبْض عَلَيَّ وَعَلَى أخِيَ الْحُسَيْن وَسَائِر إِخْوَانِي وَأهْل بَيْتِي، وَشيعَتِنَا وَمَوَالِينَا وَأنْ يَأخُذَ عَلَيْنَا الْبَيْعَةَ لِمُعَاوِيَةَ، فَمَنْ يَأبَى مِنَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ وَسَيَّرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَأسَهُ.س.
ص: 488
فَلَمَّا عَلِمْتُ ذَلِكَ مِنْ فِعْل مُعَاوِيَةَ، خَرَجْتُ مِنْ دَاري، فَدَخَلْتُ جَامِعَ الْكُوفَةِ لِلصَّلاَةِ، وَرَقَأتُ الْمِنْبَرَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَحَمِدْتُ اللهَ وَأثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ:
مَعْشَرَ النَّاس عَفَتِ الدَّيَارُ، وَمُحِيَتِ الآثَارُ، وَقَلَّ الاصْطِبَارُ، فَلاَ قَرَارَ عَلَى هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين وَحُكْم الْخَائِنينَ، السَّاعَةَ وَاللهِ صَحَّتِ الْبَرَاهِينُ، وَفُصّلَتِ الآيَاتُ، وَبَانَتِ الْمُشْكِلاَتُ، وَلَقَدْ كُنَّا نَتَوَقَّعُ تَمَامَ هَذِهِ الآيَةِ تَأوِيلَهَا قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ))(1)، فَلَقَدْ مَاتَ وَاللهِ جَدَّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَقُتِلَ أبِي عليه السلام وَصَاحَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ فِي قُلُوبِ النَّاس وَنَعَقَ نَاعِقُ الْفِتْنَةِ، وَخَالَفْتُمُ السُّنَّةَ، فَيَا لَهَا مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ عَمْيَاءَ، لاَ يُسْمَعُ لِدَاعِيهَا وَلاَ يُجَابُ مُنَادِيهَا، وَلاَ يُخَالَفُ وَالِيهَا، ظَهَرَتْ كَلِمَةُ النّفَاقِ، وَسُيَّرَتْ رَايَاتُ أهْل الشقَاقِ، وَتَكَالَبَتْ جُيُوشُ أهْل الْمَرَاقِ، مِنَ الشَّام وَالْعِرَاقِ، هَلُمُّوا رَحِمَكُمُ اللهُ إِلَى الافْتِتَاح، وَالنُّور الْوَضَّاح، وَالْعِلْم الْجَحْجَاح، وَالنُّور الَّذِي لاَ يُطْفَى، وَالْحَقَّ الَّذِي لاَ يَخْفَى.
أيُّهَا النَّاسُ تَيَقَّظُوا مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ، وَمِنْ تَكَاثُفِ الظُّلْمَةِ(2) فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأ النَّسَمَةَ، وَتَرَدَّى بِالْعَظَمَةِ، لَئِنْ قَامَ إِلَيَّ مِنْكُمْ عُصْبَةٌ بِقُلُوبٍ صَافِيَةٍ وَنيَّاتٍ مُخْلِصَةٍ، لاَ يَكُونُ فِيهَا شَوْبُ نِفَاقٍ، وَلاَ نِيَّةُ افْتِرَاقٍ، لاَجَاهِدَنَّ بِالسَّيْفِ قُدُماً قُدُماً، وَلاَضِيقَنَّ مِنَ السُّيُوفِ جَوَانِبَهَ(3) وَمِنَ الرمَاح أطْرَافَهَا، وَمِنَ الْخَيْل سَنَابِكَهَا، فَتَكَلَّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ.م.
ص: 489
فَكَأنَّمَا اُلْجِمُوا بِلِجَام الصَّمْتِ عَنْ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ، إِلاَّ عِشْرُونَ رَجُلاً فَإنَّهُمْ قَامُوا إِلَيَّ فَقَالُوا: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا نَمْلِكُ إِلاَّ أنْفُسَنَا وَسُيُوفَنَا، فَهَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ لأمْركَ طَائِعُونَ، وَعَنْ رَأيِكَ صَادِرُونَ، فَمُرْنَا بِمَا شئْتَ! فَنَظَرْتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَمْ أرَ أحَداً غَيْرَهُمْ.
فَقُلْتُ: لِي اُسْوَةٌ بِجَدَّي رَسُول اللهِ حِينَ عَبَدَ اللهَ سِرّاً، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ رَجُلاً فَلَمَّا أكْمَلَ اللهُ لَهُ الأرْبَعِينَ صَارَ فِي عِدَّةٍ وَأظْهَرَ أمْرَ اللهِ، فَلَوْ كَانَ مَعِي عِدَّتُهُمْ جَاهَدْتُ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ.
ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي نَحْوَ السَّمَاءِ فَقُلْتُ: اللهُمَّ إِنّي قَدْ دَعَوْتُ وَأنْذَرْتُ، وَأمَرْتُ وَنَهَيْتُ، وَكَانُوا عَنْ إِجَابَةِ الدَّاعِي غَافِلِينَ، وَعَنْ نُصْرَتِهِ قَاعِدِينَ، وَعَنْ طَاعَتِهِ مُقَصّرينَ وَلأعْدَائِهِ نَاصِرينَ، اللهُمَّ فَأنْزِلْ عَلَيْهِمْ رجْزَكَ، وَبَأسَكَ وَعَذَابَكَ، الَّذِي لاَ يُرَدُّ عَن الْقَوْم الظَّالِمِينَ وَنَزَلْتُ.
ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ رَاحِلاً إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءُوني يَقُولُونَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ أسْرَى سَرَايَاهُ إِلَى الأنْبَار وَالْكُوفَةِ، وَشَنَّ غَارَاتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلَ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْهُ وَقَتَلَ النّسَاءَ وَالأطْفَالَ، فَأعْلَمْتُهُمْ أنَّهُ لاَ وَفَاءَ لَهُمْ، فَأنْفَذْتُ مَعَهُمْ رجَالاً وَجُيُوشاً وَعَرَّفْتُهُمْ أنَّهُمْ يَسْتَجِيبُونَ لِمُعَاوِيَةَ، وَيَنْقُضُونَ عَهْدِي وَبَيْعَتِي، فَلَمْ يَكُنْ إِلاَّ مَا قُلْتُ لَهُمْ، وَأخْبَرْتُهُمْ.
ثُمَّ يَقُومُ الْحُسَيْنُ عليه السلام مُخَضَّباً بِدَمِهِ هُوَ وَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ، فَإذَا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَكَى وَبَكَى أهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض لِبُكَائِهِ، وَتَصْرُخُ فَاطِمَةُ عليها السلام فَتُزَلْزَلُ الأرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَيَقِفُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنُ عليهما السلام عَنْ يَمِينهِ، وَفَاطِمَةُ عَنْ شمَالِهِ، وَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَيَضُمُّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى صَدْرهِ وَيَقُولُ: يَا حُسَيْنُ!
فَدَيْتُكَ قَرَّتْ عَيْنَاكَ وَعَيْنَايَ فِيكَ، وَعَنْ يَمِين الْحُسَيْن حَمْزَةُ أسَدُ
ص: 490
اللهِ فِي أرْضِهِ، وَعَنْ شمَالِهِ جَعْفَرُ بْنُ أبِي طَالِبٍ الطَّيَّارُ، وَيَأتِي مُحَسَّنٌ تَحْمِلُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أسَدٍ اُمُّ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُنَّ صَارخَاتٌ وَاُمُّهُ فَاطِمَةُ تَقُولُ: ((هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ))(1)، الْيَوْمَ ((تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً))(2)).
قَالَ: فَبَكَى الصَّادِقُ عليه السلام حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوع، ثُمَّ قَالَ: (لاَ قَرَّتْ عَيْنٌ لاَ تَبْكِي عِنْدَ هَذَا الذِّكْر).
قَالَ: وَبَكَى الْمُفَضَّلُ بُكَاءً طَويلاً ثُمَّ قَالَ: يَا مَوْلاَيَ مَا فِي الدُّمُوع يَا مَوْلاَيَ؟
فَقَالَ: (مَا لاَ يُحْصَى إِذَا كَانَ مِنْ مُحِقًّ).
ثُمَّ قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ))(3)؟
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ وَالْمَوْؤُدَةُ وَاللهِ مُحَسَّنٌ، لأنَّهُ مِنَّا لاَ غَيْرُ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَكَذّبُوهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (تَقُومُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَتَقُولُ: اللهُمَّ أنْجِزْ وَعْدَكَ وَمَوْعِدَكَ لِي فِيمَنْ ظَلَمَنِي وَغَصَبَني، وَضَرَبَني وَجَزَعَنِي بكُلّ أوْلاَدِي، فَتَبْكِيهَا مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ السَّبْع وَحَمَلَةُ الْعَرْش، وَسُكَّانُ الْهَوَاءِ، وَمَنْ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْ تَحْتَ أطْبَاقِ الثَّرَى، صَائِحِينَ صَارخِينَ إِلَى 9.
ص: 491
اللهِ تَعَالَى، فَلاَ يَبْقَى أحَدٌ مِمَّنْ قَاتَلَنَا وَظَلَمَنَا وَرَضِيَ بِمَا جَرَى عَلَيْنَا إِلاَّ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْم ألْفَ قَتْلَةٍ(1) دُونَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيل اللهِ، فَإنَّهُ لاَ يَذُوقُ الْمَوْتَ وَهُوَ كَمَا قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ))(2)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ إِنَّ مِنْ شيعَتِكُمْ مَنْ لاَ يَقُولُ بِرَجْعَتِكُمْ؟
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّمَا سَمِعُوا قَوْلَ جَدَّنَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَنَحْنُ سَائِرَ الأئِمَّةِ نَقُولُ: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(3)).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (الْعَذَابُ الأدْنَى عَذَابُ الرَّجْعَةِ، وَالْعَذَابُ الأكْبَرُ عَذَابُ يَوْم الْقِيَامَةِ، الَّذِي ((تُبَدَّلُ الأَْرْضُ غَيْرَ الأَْرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا للهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ))(4)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ نَحْنُ نَعْلَمُ أنَّكُمْ اخْتِيَارُ اللهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ))(5)، وَقَوْلِهِ: ((اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ))(6)، 4.
ص: 492
وَقَوْلِهِ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(1).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ فَأيْنَ نَحْنُ فِي هَذِهِ الآيَةِ؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَوَ اللهِ ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ))(2)، وَقَوْلِهِ: ((مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ))(3)، وَقَوْلِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ((وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَْصْنامَ))(4)، وَقَدْ عَلِمْنَا أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مَا عَبَدَا صَنَماً وَلاَ وَثَناً وَلاَ أشْرَكَا بِاللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ. وَقَوْلِهِ: ((وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))(5) وَالْعَهْدُ عَهْدُ الإمَامَةِ لاَ يَنَالُهُ ظَالِمٌ.
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ وَمَا عِلْمُكَ بِأنَّ الظَّالِمَ لاَ يَنَالُ عَهْدَ الإمَامَةِ؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ لاَ تَمْتَحِنَّي بِمَا لاَ طَاقَةَ لِي بِهِ، وَلاَ تَخْتَبِرْني وَلاَ تَبْتَلِني، فَمِنْ عِلْمِكُمْ عَلِمْتُ وَمِنْ فَضْل اللهِ عَلَيْكُمْ أخَذْتُ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا مُفَضَّلُ وَلَوْ لاَ اعْتِرَافُكَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ لَمَا كُنْتَ هَكَذَا، فَأيْنَ يَا مُفَضَّلُ الآيَاتُ مِنَ الْقُرْآن فِي أنَّ الْكَافِرَ ظَالِمٌ؟).4.
ص: 493
قَالَ: نَعَمْ يَا مَوْلاَيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ))،(1) (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الْفاسِقُونَ)، وَمَنْ كَفَرَ وَفَسَقَ وَظَلَمَ لاَ يَجْعَلُهُ اللهُ لِلنَّاس إِمَاماً.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أحْسَنْتَ يَا مُفَضَّلُ فَمِنْ أيْنَ قُلْتَ بِرَجْعَتِنَا؟ وَمُقَصّرَةُ شيعَتِنَا تَقُولُ: مَعْنَى الرَّجْعَةِ أنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيْنَا مُلْكَ الدُّنْيَا وَأنْ يَجْعَلَهُ لِلْمَهْدِيَّ، وَيْحَهُمْ مَتَى سُلِبْنَا الْمُلْكَ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْنَا؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: لاَ وَاللهِ وَمَا سُلِبْتُمُوهُ وَلاَ تُسْلَبُونَهُ لأنَّهُ مُلْكُ النُّبُوَّةِ وَالرسَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالإمَامَةِ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ لَوْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ شيعَتُنَا لَمَا شَكُّوا فِي فَضْلِنَا أمَا سَمِعُوا قَوْلَهُ عزّ وجل: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(2)؟
وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ إِنَّ تَنْزِيلَ هَذِهِ الآيَةِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَأوِيلَهَا فِينَا وَإِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ تَيْمٌ وَعَدِيٌّ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَالْمُتْعَةُ؟
قَالَ: (الْمُتْعَةُ حَلاَلٌ طِلْقٌ وَالشَّاهِدُ بِهَا قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ 6.
ص: 494
وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً))(1) أيْ مَشْهُوداً وَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْمُشْتَهَرُ بِالْوَلِيَّ وَالشُّهُودِ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى الْوَلِيَّ وَالشُّهُودِ فِي النّكَاح لِيَثْبُتَ النَّسْلُ وَيَصِحَّ النَّسَبُ وَيَسْتَحِقَّ الْمِيرَاثَ، وَقَوْلُهُ: ((وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)).(2)
وَجَعَلَ الطَّلاَقَ فِي النّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتِ غَيْرَ جَائِزٍ إِلاَّ بِشَاهِدَيْن ذَوَيْ عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ فِي سَائِر الشَّهَادَاتِ عَلَى الدَّمَاءِ وَالْفُرُوج وَالأمْوَال وَالأمْلاَكِ: ((وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ))(3).
وَبَيَّنَ الطَّلاَقَ عَزَّ ذِكْرُهُ فَقَالَ: ((يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ))(4) وَلَوْ كَانَتِ الْمُطَلَّقَةُ تَبِينُ بِثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ تَجْمَعُهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ أوْ أكْثَرُ مِنْهَا أوْ أقَلُّ لَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ للهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ))(5)، وَقَوْلِهِ: ((لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)) هُوَ نُكْرٌ يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْج وَزَوْجَتِهِ، فَيُطَلّقُ التَّطْلِيقَةَ الاُولَى بِشَهَادَةِ ذَوَيْ عَدْلٍ.2.
ص: 495
وَحَدُّ وَقْتِ التَّطْلِيقِ هُوَ آخِرُ الْقُرُوءِ، وَالْقُرْءُ هُوَ الْحَيْضُ، وَالطَّلاَقُ يَجِبُ عِنْدَ آخِر نُقْطَةٍ بَيْضَاءَ تَنْزلُ بَعْدَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ، وَإِلَى التَّطْلِيقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَا يُحْدِثُ اللهُ بَيْنَهُمَا، عَطْفاً أوْ زَوَالَ مَا كَرهَاهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))(1) هَذَا لِقَوْلِهِ فِي أنَّ لِلْبُعُولَةِ مُرَاجَعَةَ النّسَاءِ مِنْ تَطْلِيقَةٍ إِلَى تَطْلِيقَةٍ، إِنْ أرَادُوا إِصْلاَحاً وَلِلنّسَاءِ مُرَاجَعَةَ الرجَال فِي مِثْل ذَلِكَ.
ثُمَّ بَيَّنَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَقَالَ: ((الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)) وَفِي الثَّالِثَةِ، فَإنْ طَلَّقَ الثَّالِثَةَ بَانَتْ فَهُوَ قَوْلُهُ: ((فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ))(2) ثُمَّ يَكُونُ كَسَائِر الْخُطَّابِ لَهَا.
وَالْمُتْعَةُ الَّتِي أحَلَّهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ وَأطْلَقَهَا الرَّسُولُ عَن اللهِ لِسَائِر الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً))(3) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُتْعَةِ أنَّ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقاً وَلِلْمُتْعَةِ اُجْرَةً.
فَتَمَتَّعَ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ(4) عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الْحَجَّ ).
ص: 496
وَغَيْرهِ، وَأيَّام أبِي بَكْرٍ، وَأرْبَع سِنِينَ فِي أيَّام عُمَرَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى اُخْتِهِ عَفْرَاءَ فَوَجَدَ فِي حَجْرهَا طِفْلاً يَرْضَعُ مِنْ ثَدْيِهَا فَنَظَرَ إِلَى دِرَّةِ اللَّبَن فِي فَم الطّفْل فَاُغْضِبَ وَأرْعَدَ وَارْبَدَّ وَأخَذَ الطّفْلَ عَلَى يَدِهِ، وَخَرَجَ حَتَّى أتَى الْمَسْجِدَ، وَرَقَى الْمِنْبَرَ وَقَالَ: نَادُوا فِي النَّاس أنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةً، وَكَانَ غَيْرَ وَقْتِ صَلاَةٍ يَعْلَمُ النَّاسُ أنَّهُ لأمْرٍ يُريدُهُ عُمَرُ فَحَضَرُوا فَقَالَ: مَعَاشرَ النَّاس مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار وَأوْلاَدِ قَحْطَانَ مَنْ مِنْكُمْ يُحِبُّ أنْ يَرَى الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ مِنَ النّسَاءِ، وَلَهَا مِثْلُ هَذَا الطّفْل؟ قَدْ خَرَجَ مِنْ أحْشَائِهَا وَهُوَ يَرْضَعُ عَلَى ثَدْيِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَبَعَّلَةٍ؟ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْم: مَا نُحِبُّ هَذَا؟ فَقَالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اُخْتِي عَفْرَاءَ(1) بِنْتَ خَيْثَمَةَ اُمَّي وَأبِيَ الْخَطَّابِ غَيْرُ مُتَبَعَّلَةٍ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإنّي دَخَلْتُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَوَجَدْتُ هَذَا الطّفْلَ فِي حَجْرهَا فَنَاشَدْتُهَا أنَّى لَكِ هَذَا؟ فَقَالَتْ: تَمَتَّعْتُ.
فَأعْلِمُوا سَائِرَ النَّاس! أنَّ هَذِهِ الْمُتْعَةَ الَّتِي كَانَتْ حَلاَلاً لِلْمُسْلِمِينَ فِي عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ رَأيْتُ تَحْريمَهَا، فَمَنْ أبَى ضَرَبْتُ جَنْبَيْهِ بِالسَّوْطِ(2) فَلَمْ يَكُن
ص: 497
فِي الْقَوْم مُنْكِرٌ قَوْلَهُ، وَلاَ رَادٌّ عَلَيْهِ، وَلاَ قَائِلٌ: لاَ يَأتِي رَسُولٌ بَعْدَ رَسُول اللهِ أوْ كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ، لاَ نَقْبَلُ خِلاَفَكَ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَكِتَابِهِ، بَلْ سَلَّمُوا وَرَضُوا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَمَا شَرَائِطُ الْمُتْعَةِ؟
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لَهَا سَبْعُونَ شَرْطاً مَنْ خَالَفَ فِيهَا شَرْطاً وَاحِداً ظَلَمَ نَفْسَهُ).
قَالَ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي قَدْ أمَرْتُمُونَا أنْ لاَ نَتَمَتَّعَ بِبَغِيَّةٍ، وَلاَ مَشْهُورَةٍ بِفَسَادٍ، وَلاَ مَجْنُونَةٍ، وَأنْ نَدْعُوَ الْمُتْعَةَ إِلَى الْفَاحِشَةِ، فَإنْ أجَابَتْ فَقَدْ حَرُمَ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَأنْ نَسْألَ أفَارغَةٌ أمْ مَشْغُولَةٌ بِبَعْلٍ أوْ حَمْلٍ أوْ بِعِدَّةٍ؟ فَإنْ شُغِلَتْ بِوَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلاَثِ فَلاَ تَحِلُّ، وَإِنْ خَلَتْ فَيَقُولُ لَهَا: مَتّعِيني نَفْسَكِ
ص: 498
عَلَى كِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نِكَاحاً غَيْرَ سِفَاح أجَلاً مَعْلُوماً بِاُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ سَاعَةٌ أوْ يَوْمٌ أوْ يَوْمَان أوْ شَهْرٌ أوْ سَنَةٌ أوْ مَا دُونَ ذَلِكَ أوْ أكْثَرُ، وَالاُجْرَةُ مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ حَلْقَةِ خَاتَم أوْ شسْع نَعْلٍ أوْ شقَّ تَمْرَةٍ إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ مِنَ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أوْ عَرَضٍ تَرْضَى بِهِ، فَإنْ وَهَبَتْ لَهُ حَلَّ لَهُ كَالصَّدَاقِ الْمَوْهُوبِ مِنَ النّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِنَّ: ((فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً))(1).
ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: عَلَى ألاَ تَرثِيني وَلاَ أرثَكِ، وَعَلَى أنَّ الْمَاءَ لِي أضَعُهُ مِنْكِ حَيْثُ أشَاءُ، وَعَلَيْكِ الاسْتِبْرَاءُ خَمْسَةً وَأرْبَعِينَ يَوْماً أوْ مَحِيضاً وَاحِداً، فَإذَا قَالَتْ: نَعَمْ، أعَدْتَ الْقَوْلَ ثَانِيَةً وَعَقَدْتَ النّكَاحَ، فَإنْ أحْبَبْتَ وَأحَبَّتْ هِيَ الاسْتِزَادَةَ فِي الأجَل زِدْتُمَا، وَفِيهِ مَا رَوَيْنَاهُ(2) فَإنْ كَانَتْ تَفْعَلُ فَعَلَيْهَا مَا تَوَلَّتْ مِنَ الإخْبَار عَنْ نَفْسِهَا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ(3).ا.
ص: 499
وَقَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لَعَنَ اللهُ ابْنَ الْخَطَّابِ فَلَوْلاَهُ مَا زَنَى إِلاَّ شَقِيٌّ أوْ شَقِيَّةٌ(1) لأنَّهُ كَانَ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ غَنَاءٌ فِي الْمُتْعَةِ عَن الزّنَا)، ثُمَّ تَلاَ: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ * وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ))(2).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مَنْ عَزَلَ بِنُطْفَتِهِ عَنْ زَوْجَتِهِ فَدِيَةُ النُّطْفَةِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ كَفَّارَةً)(3)، وَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُتْعَةِ أنَّ مَاءَ الرَّجُل يَضَعُهُ حَيْثُ ق.
ص: 500
يَشَاءُ مِنَ الْمُتَمَتَّع بِهَا، فَإذَا وَضَعَهُ فِي الرَّحِم فَخُلِقَ مِنْهُ وَلَدٌ كَانَ لاَحِقاً بِأبِيهِ.
(ثُمَّ يَقُومُ جَدَّي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن وَأبِيَ الْبَاقِرُ عليهما السلام فَيَشْكُوَان إِلَى جَدَّهِمَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فُعِلَ بِهِمَا ثُمَّ أقُومُ أنَا فَأشْكُو إِلَى جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ الْمَنْصُورُ بِي، ثُمَّ يَقُومُ ابْنِي مُوسَى فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الرَّشيدُ، ثُمَّ يَقُومُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمَأمُونُ، ثُمَّ يَقُومُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمَأمُونُ، ثُمَّ يَقُومُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمُتَوَكّلُ، ثُمَّ يَقُومُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيًّ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمُعْتَزُّ.
ثُمَّ يَقُومُ الْمَهْدِيُّ سَمِيُّ جَدَّي رَسُول اللهِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُ رَسُول اللهِ مُضَرَّجاً بِدَم رَسُول اللهِ يَوْمَ شُجَّ جَبِينُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَالْمَلاَئِكَةُ تَحُفُّهُ حَتَّى يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا جَدَّاهْ وَصَفْتَنِي وَدَلَلْتَ عَلَيَّ، وَنَسَبْتَنِي وَسَمَّيْتَنِي وَكَنَيْتَنِي، فَجَحَدَتْنِي الاُمَّةُ وَتَمَرَّدَتْ وَقَالَتْ: مَا وُلِدَ، وَلاَ كَانَ، وَأيْنَ هُوَ؟ وَمَتَى كَانَ؟ وَأيْنَ يَكُونُ؟ وَقَدْ مَاتَ وَلَمْ يُعْقِبْ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحاً مَا أخَّرَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، فَصَبَرْتُ مُحْتَسِباً وَقَدْ أذِنَ اللهُ لِي فِيهَا بِإذْنِهِ يَا جَدَّاهْ.
فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ))(1)، وَيَقُولُ: ((جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ))(2)، وَحَقَّ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ 1.
ص: 501
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1)، وَيَقْرَاُ: ((إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً * وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً))(2)).
فَقَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ أيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟
فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: اللهُمَّ حَمِّلْنِي ذُنُوبَ شيعَةِ أخِي وَأوْلاَدِي الأوْصِيَاءِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا تَأخَّرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلاَ تَفْضَحْنِي بَيْنَ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ مِنْ شيعَتِنَا، فَحَمَّلَهُ اللهُ إِيَّاهَا وَغَفَرَ جَمِيعَهَا)(3).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَبَكَيْتُ بُكَاءً طَويلاً وَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي هَذَا بِفَضْل اللهِ عَلَيْنَا فِيكُمْ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ مَا هُوَ إِلاَّ أنْتَ وَأمْثَالُكَ، بَلَى يَا مُفَضَّلُ لاَ تُحَدَّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ أصْحَابَ الرُّخَص مِنْ شيعَتِنَا فَيَتَّكِلُونَ عَلَى هَذَا الْفَضْل، وَيَتْرُكُونَ الْعَمَلَ فَلاَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً لأنَّا كَمَا قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِينَا: ((لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ))(4)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَقَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)) مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ظَهَرَ عَلَى الدَّين كُلّهِ؟8.
ص: 502
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ظَهَرَ عَلَى الدَّين كُلّهِ مَا كَانَتْ مَجُوسِيَّةٌ وَلاَ يَهُودِيَّةٌ وَلاَ صَابِئِيَّةٌ وَلاَ نَصْرَانِيَّةٌ، وَلاَ فُرْقَةٌ وَلاَ خِلاَفٌ وَلاَ شَكٌ وَلاَ شرْكٌ، وَلاَ عَبَدَةُ أصْنَام، وَلاَ أوْثَانٍ، وَلاَ اللاَتِ وَالْعُزَّى، وَلاَ عَبَدَةُ الشَّمْس وَالْقَمَر، وَلاَ النُّجُوم، وَلاَ النَّار، وَلاَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)) فِي هَذَا الْيَوْم وَهَذَا الْمَهْدِيُّ وَهَذِهِ الرَّجْعَةُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(1)).
فَقَالَ الْمُفَضَّلُ: أشْهَدُ أنَّكُمْ مِنْ عِلْم اللهِ عَلِمْتُمْ، وَبسُلْطَانِهِ وَبقُدْرَتِهِ قَدَرْتُمْ وَبحُكْمِهِ نَطَقْتُمْ، وَبأمْرهِ تَعْمَلُونَ.
ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (ثُمَّ يَعُودُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام إِلَى الْكُوفَةِ، وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ بِهَا جَرَاداً مِنْ ذَهَبٍ، كَمَا أمْطَرَهُ اللهُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أيُّوبَ، وَيَقْسِمُ عَلَى أصْحَابِهِ كُنُوزَ الأرْض مِنْ تِبْرهَا وَلُجَيْنهَا وَجَوْهَرهَا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ مَنْ مَاتَ مِنْ شيعَتِكُمْ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لإخْوَانِهِ وَلأضْدَادِهِ كَيْفَ يَكُونُ؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أوَّلُ مَا يَبْتَدِئُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام أنْ يُنَادِيَ فِي جَمِيع الْعَالَم: ألاَ مَنْ لَهُ عِنْدَ أحَدٍ مِنْ شيعَتِنَا دَيْنٌ فَلْيَذْكُرْهُ حَتَّى يَرُدَّ الثُّومَةَ وَالْخَرْدَلَةَ فَضْلاً عَن الْقَناطِير الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالأمْلاَكِ فَيُوَفّيَهُ إِيَّاهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا يَكُونُ؟
قَالَ: (يَأتِي الْقَائِمُ عليه السلام بَعْدَ أنْ يَطَأ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، الْكُوفَةَ وَمَسْجِدَهَا، وَيَهْدِمُ الْمَسْجِدَ الَّذِي بَنَاهُ يَزيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُ اللهُ لَمَّا قَتَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيًّ عليهما السلام، وَ(هُوَ) مَسْجِدٌ لَيْسَ للهِ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ بَنَاهُ).8.
ص: 503
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَكَمْ تَكُونُ مُدَّةُ مُلْكِهِ عليه السلام؟
فَقَالَ: (قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَْرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَْرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ))(1) وَالْمَجْذُوذُ الْمَقْطُوعُ أيْ عَطَاءً غَيْرَ مَقْطُوع عَنْهُمْ، بَلْ هُوَ دَائِمٌ أبَداً، وَمُلْكٌ لاَ يَنْفَدُ، وَحُكْمٌ لاَ يَنْقَطِعُ، وَأمْرٌ لاَ يَبْطُلُ إِلاَّ بِاخْتِيَار اللهِ وَمَشيَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ، الَّتِي لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ، ثُمَّ الْقِيَامَةُ وَمَا وَصَفَهُ اللهُ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ.
وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى خَيْر خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ الطَّيَّبينَ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً كَثِيراً).
أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ مُنْتَخَبِ الْبَصَائِر هَذَا الْخَبَرَ(2) هَكَذَا: حَدَّثَنِي الأخُ الرُّشَيْدُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَسَّنٍ الطَّارَآبَادِيُّ أنَّهُ وَجَدَ بِخَطّ أبِيهِ الرَّجُل الصَّالِح إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَسَّنٍ هَذَا الْحَدِيثَ الآتِيَ ذِكْرُهُ، وَأرَانِي خَطَّهُ وَكَتَبْتُهُ مِنْهُ، وَصُورَتُهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ...، وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَمَا مَرَّ إِلَى قَوْلِهِ: (لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ عَلَى الْبَرَاذِين الشُّهْبِ بِأيْدِيهِمُ الْحِرَابُ، يَتَعَاوَوْنَ شَوْقاً إِلَى الْحَرْبِ كَمَا تَتَعَاوَى الذّئَابُ، أمِيرُهُمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيم يُقَالُ لَهُ: شُعَيْبُ بْنُ صَالِح، فَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِيهِمْ وَجْهُهُ كَدَائِرَةِ الْقَمَر، يَرُوعُ النَّاسَ جَمَالاً فَيَبْقَى عَلَى أثَر الظُّلْمَةِ فَيَأخُذُ سَيْفَهُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، وَالْعَظِيمَ وَالْوَضِيعَ.2.
ص: 504
ثُمَّ يَسِيرُ بِتِلْكَ الرَّايَاتِ كُلِّهَا حَتَّى يَردَ الْكُوفَةَ، وَقَدْ جُمِعَ بِهَا أكْثَرُ أهْل الأرْض يَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً، ثُمَّ يَتَّصِلُ بِهِ وَبأصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيَّ فَيَقُولُونَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَنْ هَذَا الَّذِي نَزَلَ بِسَاحَتِنَا؟ فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى تَنْظُرُوا مَنْ هُوَ وَمَا يُريدُ؟ وَهُوَ يَعْلَمُ وَاللهِ أنَّهُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام وَإِنَّهُ لَيَعْرفُهُ، وَإِنَّهُ لَمْ يُردْ بِذَلِكَ الأمْر إِلاَّ اللهَ، فَيَخْرُجُ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَبَيْنَ يَدَيْهِ أرْبَعَةُ آلاَفِ رَجُلٍ فِي أعْنَاقِهِمُ الْمَصَاحِفُ، وَعَلَيْهِمُ الْمُسُوحُ، مُقَلّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ، فَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام حَتَّى يَنْزلَ بِقُرْبِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام فَيَقُولُ: سَائِلُوا عَنْ هَذَا الرَّجُل مَنْ هُوَ وَمَا ذَا يُريدُ؟ فَيَخْرُجُ بَعْضُ أصْحَابِ الْحُسَيْن عليه السلام إِلَى عَسْكَر الْمَهْدِيَّ عليه السلام فَيَقُولُ: أيُّهَا الْعَسْكَرُ الْجَائِلُ مَنْ أنْتُمْ حَيَّاكُمُ اللهُ؟ وَمَنْ صَاحِبُكُمْ هَذَا؟ وَمَا ذَا يُريدُ؟ فَيَقُولُ أصْحَابُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام: هَذَا مَهْدِيُّ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَنَحْنُ أنْصَارُهُ مِنَ الْجِن وَالإنْس وَالْمَلاَئِكَةِ.
ثُمَّ يَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: خَلُّوا بَيْني وَبَيْنَ هَذَا، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ عليه السلام فَيَقِفَانِ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْن، فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأيْنَ هِرَاوَةُ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَخَاتَمُهُ، وَبُرْدَتُهُ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَفَرَسُهُ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ، وَبَغْلَتُهُ دُلْدُلٌ، وَحِمَارُهُ يَعْفُورٌ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ، وَتَاجُهُ وَالْمُصْحَفُ الَّذِي جَمَعَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلى الله عليه وآله وسلّم بِغَيْر تَغْيِيرٍ وَلاَ تَبْدِيلٍ؟ فَيُحْضِرُ لَهُ السَّفَطَ الَّذِي فِيهِ جَمِيعُ مَا طَلَبَهُ.
وَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّهُ كَانَ كُلُّهُ فِي السَّفَطِ، وَتَركَاتُ جَمِيع النَّبِيَّينَ حَتَّى عَصَا آدَمَ وَنُوح عليهما السلام، وَتَركَةُ هُودٍ وَصَالِح عليهما السلام، وَمَجْمُوعُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَصَاعُ يُوسُفَ عليه السلام، وَمِكْيَالُ شُعَيْبٍ عليه السلام وَمِيزَانُهُ، وَعَصَا
ص: 505
مُوسَى عليه السلام وَتَابُوتُهُ الَّذِي فِيهِ بَقِيَّةُ مَا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ، وَدِرْعُ دَاوُدَ عليه السلام وَخَاتَمُهُ، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام وَتَاجُهُ، وَرَحْلُ عِيسَى عليه السلام، وَمِيرَاثُ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ فِي ذَلِكَ السَّفَطِ.
وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ! أسْألُكَ أنْ تَغْرسَ هِرَاوَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي هَذَا الْحَجَر الصَّلْدِ وَتَسْألَ اللهَ أنْ يُنْبِتَهَا فِيهِ، وَلاَ يُريدُ بِذَلِكَ إِلاَّ أنْ يُريَ أصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيَّ عليه السلام حَتَّى يُطِيعُوهُ وَيُبَايِعُوهُ، وَيَأخُذُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام الْهِرَاوَةَ فَيَغْرسُهَا فَتَنْبُتُ فَتَعْلُو وَتَفَرَّعُ وَتُورقُ، حَتَّى تُظِلَّ عَسْكَرَ الْحُسَيْن عليه السلام.
فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: اللهُ أكْبَرُ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ، مُدَّ يَدَكَ حَتَّى اُبَايِعَكَ، فَيُبَايِعُهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَسَائِرُ عَسْكَرهِ إِلاَّ الأرْبَعَةُ آلاَفٍ مِنْ أصْحَابِ الْمَصَاحِفِ وَالْمُسُوح الشَّعَر(1) الْمَعْرُوفُونَ بِالزَّيْدِيَّةِ فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ).
أقُولُ: ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (إِنْ أنْصَفْتُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ وَأنْصَفْتُمُوهُ...) نَحْواً مِمَّا مَرَّ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ شَيْئا(2).
بيان: (الهود) التوبة والرجوع إلى الحقّ، وصبا يصبو: أي مال وصبأ بالهمز أي خرج من دين إلى دين.
واعلم أنَّ تاريخ الولادة مخالف لما مرَّ والمشهور أنَّ سُرَّ من رأى بناها المعتصم ولعلَّ المتوكّل أتمَّ بناءها وتعميرها فلذا نسبت إليه، وقال الفيروز آبادي: سُرَّ من من رأى بضمّ السين والراء أي سرور وبفتحهما 2.
ص: 506
وبفتح الأوّل وضمّ الثاني وسامرا ومدَّه البحتري في الشعر أو كلاهما لحن وساء من رأى بلد، لمَّا شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره فلمَّا انتقل بهم إليها سُرَّ كلّ منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم(1).
قوله: (فبغير سُنّة القائم) لعلَّ المعنى أنَّ الحسين عليه السلام كيف يظهر قبل القائم عليه السلام بغير سُنّته فأجاب عليه السلام بأنَّ ظهوره بعد القائم إذ كلّ بيعة قبله ضلالة.
قوله عليه السلام: (فها أنا ذا آدم) يعني في علمه وفضله وأخلاقه التي بها تتّبعونه وتفضّلونه، وشحب لونه كجمع ونصر وكرم وعنّي تغيّر، قوله عليه السلام: (ويلزمهما إيّاه) أقول: العلّة والسبب في إلزام ما تأخَّر عنهما من الآثام عليهما ظاهر، لأنَّهما بمنع أمير المؤمنين عليه السلام عن حقّه، ودفعه عن مقامه، صارا سببين لاختفاء سائر الأئمّة ومغلوبيَّتهم، وتسلّط أئمّة الجور وغلبتهم إلى زمان القائم عليه السلام وصار ذلك سبباً لكفر من كفر، وضلال من ضلَّ، وفسق من فسق، لأنَّ الإمام مع اقتداره واستيلائه وبسط يده يمنع من جميع ذلك، وعدم تمكّن أمير المؤمنين صلوات الله عليه من بعض تلك الأمور في أيام خلافته إنَّما كان لما أسساه من الظلم والجور.
وأمَّا ما تقدَّم عليهما، فلأنهما كانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحقّ عن مقامهم، وما يترتَّب على ذلك من الفساد، ولو كانا منكرين لذلك لم يفعلا مثل فعلهم، وكلّ من رضي بفعل فهو كمن أتاه، كما دلَّت عليه الآيات الكثيرة، حيث نسب الله تعالى فعال آباء اليهود إليهم، وذمَّهم عليها لرضاهم بها وغير ذلك، واستفاضت به أخبار الخاصّة والعامّة.8.
ص: 507
على أنَّه لا يبعد أن يكون لأرواحهم الخبيثة مدخلاً في صدور تلك الأمور عن الأشقياء كما أنَّ أرواح الطيّبين من أهل بيت الرسالة، كانت مؤيّدة للأنبياء والرسل، معينة لهم في الخيرات، شفيعة لهم في رفع الكربات، كما مرَّ في كتاب الإمامة.
ومع صرف النظر عن جميع ذلك يمكن أن يُأوّل بأنَّ المراد إلزام مثل فعال هؤلاء الأشقياء عليهما، وأنَّهما في الشقاوة مثل جميعهم لصدور مثل أفعال الجميع عنهما.
قوله: (والمنادي من حول الضريح) أي أجيبوا وانصروا أولاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم الملهوفين المنادين حول ضريح جدّهم.
قوله عليه السلام: (والخاف) أي الجبل المطيف بالدنيا، ولا يبعد أن يكون تصحيف القاف، والجزل بالفتح ما عظم من الحطب ويبس، والركل الضرب بالرجل وكذا الرفس.
قوله عليه السلام: (لداعيها) أي للدّاعي فيها إلى الحقّ، و(لا يجاب مناديها) أي المستغيث فيها، و(لا يخالف واليها) أي يطاع والي تلك الفتنة في كلّ ما يريد، والجحجاح السيد، قوله: (جوانبها) لعلَّه بدل بعض، وكذا نظائره.
قوله عليه السلام: قال الله عزّ وجل: ((فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)) لعلَّه عليه السلام فسَّر قوله تعالى: ((إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ)) بزمان الرجعة بأن يكون المراد بالجنّة والنار، ما يكون في عالم البرزخ، كما ورد في خبر آخر واستدلَّ عليه السلام بها على أنَّ هذا الزمان منوط بمشية الله كما قال تعالى، غير معلوم للخلق على التعيين، وهذا أظهر الوجوه التي ذكروها في تفسير هذه الآية.
* * *
ص: 508
ص: 509
ص: 510
1 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أعْيَنَ وَأبَا الْخَطَّابِ يُحَدِّثَان جَمِيعاً قَبْلَ أنْ يُحْدِثَ أبُو الْخَطَّابِ مَا أحْدَثَ(1) أنَّهُمَا سَمِعَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الأرْضُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام وَإِنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِعَامَّةٍ، وَهِيَ خَاصَّةٌ لاَ يَرْجِعُ إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ مَحَضَ الشرْكَ مَحْضاً)(2).
2 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، قَالَ: قَالَ لِي مَنْ لاَ أشُكُّ فِيهِ _ يَعْنِي أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام _: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعَلِيّاً سَيَرْجِعَان)(3).ق.
ص: 511
3 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ تَقُولُوا الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ، وَلاَ تَقُولُوا الرَّجْعَةَ، فَإنْ قَالُوا لَكُمْ: فَإنَّكُمْ قَدْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ ذَلِكَ فَقُولُوا: أمَّا الْيَوْمَ فَلاَ نَقُولُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ كَانَ يَتَألَّفُ النَّاسَ بِالْمِائَةِ ألْفِ دِرْهَم لِيَكُفُّوا عَنْهُ، فَلاَ تَتَألَّفُونَهُمْ بِالْكَلاَم(1)؟
بيان: أي لا تسمّوا الملعونين بهذين الاسمين أو لا تتعرَّضوا لهما بوجه.
4 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ هَذِهِ الاُمُور الْعِظَام مِنَ الرَّجْعَةِ وَأشْبَاهِهَا فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا الَّذِي تَسْألُونَ عَنْهُ لَمْ يَجِئْ أوَانُهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ))(2))(3).
5 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن يَزيدَ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْيَقْطِينيَّ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الطَّيَّار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(4)، فَقَالَ: (لَيْسَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ إِلاَّ سَيَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ، وَلاَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ مَاتَ إِلاَّ سَيَرْجِعُ حَتَّى يُقْتَلَ)(5).
6 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيَّ، عَنْ 5.
ص: 512
حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يُنْكِرُ أهْلُ الْعِرَاقِ الرَّجْعَةَ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (أمَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(1)؟)(2).
7 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِحُمْرَانَ بْن أعْيَنَ وَمُيَسَّر بْن عَبْدِ الْعَزيز يَخْبِطَان النَّاسَ بِأسْيَافِهِمَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)(3).
8 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ))(4)، فَقَالَ: (يَا جَابِرُ أتَدْري مَا سَبِيلُ اللهِ؟)، قُلْتُ: لاَ وَاللهِ إِلاَّ إِذَا سَمِعْتُ مِنْكَ، فَقَالَ: (الْقَتْلُ فِي سَبِيل عَلِيًّ عليه السلام وَذُريَّتِهِ فَمَنْ قُتِلَ فِي وَلاَيَتِهِ قُتِلَ فِي سَبِيل اللهِ، وَلَيْسَ أحَدٌ يُؤْمِنُ بِهَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ وَلَهُ قَتْلَةٌ وَمَيْتَةٌ، إِنَّهُ مَنْ قُتِلَ يُنْشَرُ(5) حَتَّى يَمُوتَ، وَمَنْ مَاتَ يُنْشَرُ حَتَّى يُقْتَلَ)(6).
تفسير العياشي: عن ابن المغيرة، مثله(7).2.
ص: 513
بيان: لعلَّ آخر الخبر تفسير لآخر الآية، وهو قوله: ((وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإَِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ))(1) بأن يكون المراد بالحشر الرجعة(2).
9 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ فَيْض بْن أبِي شَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ...))(3) الآيَةَ، قَالَ: (لَيُؤْمِنُنَّ بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَيَنْصُرُنَّ عَلِيّاً أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)، (قُلْتُ: وَلَيَنْصُرُنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟)(4) قَالَ عليه السلام: (نَعَمْ وَاللهِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ فَهَلُمَّ جَرّاً، فَلَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ رَدَّ جَمِيعَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يُقَاتِلُوا بَيْنَ يَدَيْ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(5).
تفسير العياشي: عن فيض بن أبي شيبة، مثله(6).
10 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن (أبِي)(7) الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَسْرُوقٍ، عَن الْمُنَخَّل بْن جَمِيلٍ، عَنْ جَابِر بْن ).
ص: 514
يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ))(1)، (يَعْنِي بِذَلِكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم وَقِيَامَهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا، وَقَوْلِهِ: ((إِنَّها لإَِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً))(2) يَعْنِي مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نَذِيراً لِلْبَشَر فِي الرَّجْعَةِ، وَفِي قَوْلِهِ: (إِنَّا أرْسَلْنَاكَ كَافَّةً لِلنَّاس)(3) فِي الرَّجْعَةِ)(4).
11 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ الْمُدَّثّرَ هُوَ كَائِنٌ عِنْدَ الرَّجْعَةِ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أحَيَاةٌ قَبْلَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ مَوْتٌ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: (نَعَمْ وَاللهِ لَكَفْرَةٌ مِنَ الْكُفْر بَعْدَ الرَّجْعَةِ أشَدُّ مِنْ كَفَرَاتٍ قَبْلَهَا)(5).
12 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: ((أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))(6) فَأبَى اللهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ((قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ))(7) فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، ظَهَرَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ فِي جَمِيع أشْيَاعِهِ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلَى يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم وَهِيَ آخِرُ كَرَّةٍ يَكُرُّهَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)، فَقُلْتُ: وَإِنَّهَا لَكَرَّاتٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِنَّهَا لَكَرَّاتٌ 7.
ص: 515
وَكَرَّاتٌ مَا مِنْ إِمَام فِي قَرْنٍ إِلاَّ وَيَكُرُّ مَعَهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فِي دَهْرهِ حَتَّى يُدِيلَ اللهُ الْمُؤْمِنَ (مِنَ)(1) الْكَافِر.
فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم كَرَّ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي أصْحَابِهِ وَجَاءَ إِبْلِيسُ فِي أصْحَابِهِ، وَيَكُونُ مِيقَاتُهُمْ فِي أرْضٍ مِنْ أرَاضِي الْفُرَاتِ يُقَالُ لَهُ: الرَّوْحَاءُ قَريبٌ مِنْ كُوفَتِكُمْ، فَيَقْتَتِلُونَ قِتَالاً لَمْ يُقْتَتَلْ مِثْلُهُ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ عزّ وجل الْعَالَمِينَ، فَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى أصْحَابِ عَلِيًّ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَدْ رَجَعُوا إِلَى خَلْفِهِمُ الْقَهْقَرَى مِائَةَ قَدَم وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ وَقَعَتْ بَعْضُ أرْجُلِهِمْ فِي الْفُرَاتِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْبِطُ الْجَبَّارُ عزّ وجل فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمام، وَالْمَلائِكَةُ، وَقُضِيَ الأمْرُ، رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أمَامَهُ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ مِنْ نُورٍ فَإذَا نَظَرَ إِلَيْهِ إِبْلِيسُ رَجَعَ الْقَهْقَرَى نَاكِصاً عَلَى عَقِبَيْهِ فَيَقُولُونَ لَهُ أصْحَابُهُ: أيْنَ تُريدُ وَقَدْ ظَفِرْتَ؟ فَيَقُولُ: إِنّي أرى ما لا تَرَوْنَ، إِنّي أخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ، فَيَلْحَقُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَطْعُنُهُ طَعْنَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَيَكُونُ هَلاَكُهُ وَهَلاَكُ جَمِيع أشْيَاعِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُعْبَدُ اللهُ عزّ وجل وَلاَ يُشْرَكُ بِهِ شَيْئاً، وَيَمْلِكُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أرْبَعاً وَأرْبَعِينَ ألْفَ سَنَةٍ حَتَّى يَلِدَ الرَّجُلُ مِنْ شيعَةِ عَلِيًّ عليه السلام ألْفَ وَلَدٍ مِنْ صُلْبِهِ ذَكَراً وَعِنْدَ ذَلِكَ تَظْهَرُ الْجَنَّتَان الْمُدْهَامَّتَان عِنْدَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَمَا حَوْلَهُ بِمَا شَاءَ اللهُ)(2).
بيان: هبوط الجبّار تعالى كناية عن نزول آيات عذابه وقد مضى تأويل الآية المضمنة في هذا الخبر في كتاب التوحيد، وقد سبق الرواية عن الرضا عليه السلام هناك أنَّها هكذا نزلت: (إلاَّ أن يأتيهم الله بالملائكة في 6.
ص: 516
ظلل من الغمام)(1) وعلى هذا يمكن أن يكون الواو في قوله: (والملائكة) هنا زائداً من النسّاخ.
13 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ الْمِنْقَريَّ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الَّذِي يَلِي حِسَابَ النَّاس قَبْلَ يَوْم الْقِيَامَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام، فَأمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإنَّمَا هُوَ بَعْثٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَبَعْثٌ إِلَى النَّار)(2).
14 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح وَالْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ مَعاً، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن رَاشدٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يَرْجِعُ لَجَارُكُمُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَيَمْلِكُ حَتَّى تَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر)(3).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى وابن عبد الجبّار وأحمد بن الحسن بن فضال جميعاً، عن الحسن بن فضال، عن أبي المغراء(4)، عن داود بن راشد مثله(5).2.
ص: 517
15 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ السَّيَّاريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن قَبِيصَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ))(1)، قَالَ: (يُكْسَرُونَ فِي الْكَرَّةِ كَمَا يُكْسَرُ الذَّهَبُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلَى شبْهِهِ يَعْنِي إِلَى حَقِيقَتِهِ)(2).
بيان: لعلَّه إشارة إلى ما مرَّ في الأخبار من المزج بين الطينتين(3)، أو المراد افتتانهم حتَّى يظهر حقائقهم.
16 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن الْقَاسِم، عَنْ جَدَّهِ الْحَسَن، عَنْ أبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، قَالَ: قَالَ: (لَتَرْجِعَنَّ نُفُوسٌ ذَهَبَتْ وَلَيُقْتَصَّنَّ يَوْمَ يَقُومُ وَمَنْ عُذّبَ يَقْتَصُّ بِعَذَابِهِ وَمَنْ اُغِيظَ أغَاظَ بِغَيْظِهِ وَمَنْ قُتِلَ اقْتَصَّ بِقَتْلِهِ، وَيُرَدُّ لَهُمْ أعْدَاؤُهُمْ مَعَهُمْ، حَتَّى يَأخُذُوا بِثَأرهِمْ، ثُمَّ يَعْمُرُونَ بَعْدَهُمْ ثَلاَثِينَ شَهْراً ثُمَّ يَمُوتُونَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ أدْرَكُوا ثَأرَهُمْ، وَشَفَوْا أنْفُسَهُمْ، وَيَصِيرُ عَدُوُّهُمْ إِلَى أشَدَّ النَّار عَذَاباً، ثُمَّ يُوقَفُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّار عزّ وجل فَيُؤْخَذُ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ)(4).
17 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن رَاشدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أبِي عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَجَرَى بَيْنَهُمَا حَدِيثٌ فَقَالَ أبِي لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا تَقُولُ فِي الْكَرَّةِ؟ قَالَ: (أقُولُ فِيهَا مَا قَالَ اللهُ عزّ وجل وَذَلِكَ أنَّ تَفْسِيرَهاَ(5) صَارَ إِلَى رَسُول اللهِ قَبْلَ أنْ يَأتِيَ هَذَا الْحَرْفُ بِخَمْسٍ ة.
ص: 518
وَعِشْرينَ لَيْلَةً قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ))(1) إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ يَقْضُوا ذُحُولَهُمْ)، فَقَالَ لَهُ أبِي: يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ * فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)) أيَّ شَيْءٍ أرَادَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: (إِذَا انْتَقَمَ مِنْهُمْ وَبَاتَتْ(2) بَقِيَّةُ الأرْوَاح سَاهِرَةً لاَ تَنَامُ وَلاَ تَمُوتُ)(3).
بيان: الذحول جمع الذحل، وهو طلب الثأر، ولعلَّ المعنى أنَّهم إنَّما وصفوا هذه الكرَّة بالخاسرة، لأنَّهم بعد أن قتلوا وعذّبوا لم ينته عذابهم، بل عقوبات القيامة معدَّة لهم، أو أنَّهم لا يمكنهم تدارك ما يفعل بهم من أنواع القتل والعقاب.
قوله عليه السلام: (ساهرة) لعلَّ التقدير: فإذا هم بالحالة الساهرة، على الإسناد المجازي أو في جماعة ساهرة.
قال البيضاوي: ((قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ)) ذات خسران أو خاسر أصحابنا، والمعنى أنَّها إن صحَّت فنحن إذاً خاسرون لتكذيبنا بها، وهو استهزاء منهم، ((فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ)) متعلّق بمحذوف، أي لا تستصعبوها فما هي إلاَّ صيحة واحدة يعني النفخة الثانية، ((فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)) فإذا هم أحياء على وجه الأرض، بعد ما كانوا أمواتاً في بطنها و(الساهرة) الأرض البيضاء المستوية سُمّيت بذلك لأنَّ السراب يجري فيها، من قولهم عين ساهرة للتي تجري(4) ماؤها وفي ضدَّها نائمة أو لأنَّ سالكها يسهر خوفاً، وقيل: اسم جهنم، انتهى(5).5.
ص: 519
أقول: على تأويله عليه السلام قولهم: ((تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ)) كلامهم في الرجعة على التحقيق لا في الحياة الأولى على الاستهزاء.
18 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَن ابْن أبِي عُثْمَانَ وَإِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: (وَجَعَلَكُمْ أنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً)(1)، فَقَالَ: (الأنْبِيَاءُ رَسُولُ اللهِ وَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَذُريَّتُهُ، وَالْمُلُوكُ الأئِمَّةُ عليهم السلام). قَالَ: فَقُلْتُ: وَأيَّ مُلْكٍ اُعْطِيتُمْ؟ فَقَالَ: (مُلْكَ الْجَنَّةِ، وَمُلْكَ الْكَرَّةِ)(2).
19 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيَّ وَمُحَمَّدٍ الْبَرْقِيَّ، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَن الْمُعَلَّى أبِي عُثْمَانَ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أوَّلُ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا، الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فَيَمْلِكُ حَتَّى يَسْقُطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر)، قَالَ: فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(3)، قَالَ: (نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلّم رَاجِعٌ إِلَيْكُمْ)(4).
20 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ الْوَاحِدَةِ: رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ الاُطْرُوش، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْبَجَلِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ(5)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام ).
ص: 520
قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أحَدٌ وَاحِدٌ، تَفَرَّدَ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَتْ نُوراً ثُمَّ خَلَقَ مِنْ ذَلِكَ النُّور مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَلَقَنِي وَذُريَّتِي، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَتْ رُوحاً فَأسْكَنَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ النُّور، وَأسْكَنَهُ فِي أبْدَانِنَا فَنَحْنُ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَاتُهُ، فَبِنَا احْتَجَّ عَلَى خَلْقِهِ، فَمَا زِلْنَا فِي ظُلَّةٍ خَضْرَاءَ، حَيْثُ لاَ شَمْسَ وَلاَ قَمَرَ وَلاَ لَيْلَ وَلاَ نَهَارَ، وَلاَ عَيْنَ تَطْرفُ، نَعْبُدُهُ وَنُقَدِّسُهُ وَنُسَبَّحُهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ وَأخَذَ مِيثَاقَ الأنْبِيَاءِ بِالإيمَان وَالنُّصْرَةِ لَنَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ))(1) يَعْنِي لَتُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَتَنْصُرُنَّ وَصِيَّهُ، وَسَيَنْصُرُونَهُ جَمِيعاً.
وَإِنَّ اللهَ أخَذَ مِيثَاقِي مَعَ مِيثَاقِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالنُّصْرَةِ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ، فَقَدْ نَصَرْتُ مُحَمَّداً وَجَاهَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَتَلْتُ عَدُوَّهُ، وَوَفَيْتُ للهِ بِمَا أخَذَ عَلَيَّ مِنَ الْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ، وَالنُّصْرَةِ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَمْ يَنْصُرْني أحَدٌ مِنْ أنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، وَذَلِكَ لِمَا قَبَضَهُمُ اللهُ إِلَيْهِ، وَسَوْفَ يَنْصُرُونَنِي، وَيَكُونُ لِي مَا بَيْنَ مَشْرقِهَا إِلَى مَغْربهَا وَلَيَبْعَثَنَّ(2) اللهُ أحْيَاءً مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم كُلَّ نَبِيًّ مُرْسَلٍ، يَضْربُونَ بَيْنَ يَدَيَّ بِالسَّيْفِ هَامَ الأمْوَاتِ وَالأحْيَاءِ وَالثَّقَلَيْن جَمِيعاً.
فَيَا عَجَباَ(3) وَكَيْفَ لاَ أعْجَبُ مِنْ أمْوَاتٍ يَبْعَثُهُمُ اللهُ أحْيَاءً يُلَبُّونَ زُمْرَةً زُمْرَةً بِالتَّلْبِيَةِ:).
ص: 521
لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ، قَدْ تَخَلَّلُوا بِسِكَكِ الْكُوفَةِ، قَدْ شَهَرُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ لَيَضْربُونَ بِهَا هَامَ الْكَفَرَةِ، وَجَبَابِرَتِهِمْ وَأتْبَاعِهِمْ مِنْ جَبَّارَةِ(1) الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ حَتَّى يُنْجِزَ اللهُ مَا وَعَدَهُمْ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(2) أيْ يَعْبُدُونَنِي آمِنينَ لاَ يَخَافُونَ أحَداً مِنْ عِبَادِي لَيْسَ عِنْدَهُمْ تَقِيَّةٌ.
وَإِنَّ لِي الْكَرَّةَ بَعْدَ الْكَرَّةِ، وَالرَّجْعَةَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ، وَأنَا صَاحِبُ الرَّجَعَاتِ وَالْكَرَّاتِ، وَصَاحِبُ الصَّوْلاَتِ وَالنَّقِمَاتِ، وَالدُّولاَتِ الْعَجِيبَاتِ(3) وَأنَا قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأنَا عَبْدُ اللهِ وَأخُو رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.
أنَا أمِينُ اللهِ وَخَازِنُهُ، وَعَيْبَةُ سِرهِ وَحِجَابُهُ وَوَجْهُهُ وَصِرَاطُهُ وَمِيزَانُهُ وَأنَا الْحَاشرُ إِلَى اللهِ، وَأنَا كَلِمَةُ اللهِ الَّتِي يَجْمَعُ بِهَا الْمُفْتَرقَ وَيُفَرقُ بِهَا الْمُجْتَمِعَ.
وَأنَا أسْمَاءُ اللهِ الْحُسْنَى، وَأمْثَالُهُ الْعُلْيَا، وَآيَاتُهُ الْكُبْرَى، وَأنَا صَاحِبُ الْجَنَّةِ وَالنَّار، اُسْكِنُ أهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَاُسْكِنُ أهْلَ (النَّار)(4) النَّارَ، وَإِلَيَّ تَزْوِيجُ أهْل الْجَنَّةِ وَإِلَيَّ عَذَابُ أهْل النَّار، وَإِلَيَّ إِيَابُ الْخَلْقِ جَمِيعاً، وَأنَا الإيَابُ الَّذِي يَئُوبُ ر.
ص: 522
إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَإِلَيَّ حِسَابُ الْخَلْقِ جَمِيعاً، وَأنَا صَاحِبُ الْهِبَاتِ(1)، وَأنَا الْمُؤَذّنُ عَلَى الأعْرَافِ(2)، وَأنَا بَارزُ الشَّمْس، أنَا دَابَّةُ الأرْض، وَأنَا قَسِيمُ النَّار(3) وَأنَا خَازِنُ الْجِنَان وَصَاحِبُ الأعْرَافِ(4).
وَأنَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبُ الْمُتَّقِينَ، وَآيَةُ السَّابِقِينَ، وَلِسَانُ النَّاطِقِينَ، وَخَاتَمُ الْوَصِيَّينَ، وَوَارثُ النَّبِيَّينَ، وَخَلِيفَةُ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصِرَاطُ رَبَّيَ الْمُسْتَقِيمُ، وَفُسْطَاطُهُ وَالْحُجَّةُ عَلَى أهْل السَّمَاوَاتِ وَالأرَضِينَ، وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا، وَأنَا الَّذِي احْتَجَّ اللهُ بِهِ عَلَيْكُمْ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِكُمْ، وَأنَا الشَّاهِدُ يَوْمَ الدَّين، وَأنَا الَّذِي عَلِمْتُ عِلْمَ الْمَنَايَا وَالْبَلاَيَا وَالْقَضَايَا، وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَالأنْسَابَ، وَاسْتُحْفِظْتُ آيَاتِ النَّبِيَّينَ الْمُسْتَخْفِينَ الْمُسْتَحْفَظِينَ.).
ص: 523
وَأنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم(1)، وَأنَا الَّذِي سُخّرَتْ لِيَ السَّحَابُ وَالرَّعْدُ وَالْبَرْقُ، وَالظُّلَمُ وَالأنْوَارُ، وَالريَاحُ وَالْجِبَالُ وَالْبِحَارُ، وَالنُّجُومُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ(2)، أنَا الْقَرْنُ الْحَدِيدُ(3)، وَأنَا فَارُوقُ الاُمَّةِ، وَأنَا الْهَادِي، وَأنَا الَّذِي أحْصَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً بِعِلْمِ اللهِ الَّذِي أوْدَعَنِيهِ، وَبسِرهِ الَّذِي أسَرَّهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأسَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَيَّ، وَأنَا الَّذِي أنْحَلَنِي رَبَّي اسْمَهُ وَكَلِمَتَهُ وَحِكْمَتَهُ وَعِلْمَهُ وَفَهْمَهُ.
يَا مَعْشَرَ النَّاس اسْألُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني، اللهُمَّ إِنّي اُشْهِدُكَ وَأسْتَعْدِيكَ عَلَيْهِمْ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيَّ الْعَظِيم، وَالْحَمْدُ للهِ مُتَّبِعِينَ أمْرَهُ)(4).
بيان: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ)) قال البيضاوي: قيل: إنَّه على ظاهره وإذا كان هذا حكم الأنبياء كان الأمم به أولى، وقيل: معناه أنَّه تعالى أخذ الميثاق من النبيّين وأممهم واستغنى بذكرهم عن ذكر أممهم، وقيل: إضافة الميثاق إلى النبيّين إضافة إلى الفاعل والمعنى إذ أخذ الله الميثاق الذي واثقه(5) الأنبياء على أممهم، وقيل: المراد أولاد النبيّين على حذف ).
ص: 524
المضاف وهم بنو إسرائيل أو سمّاهم نبيّين تهكّماً لأنَّهم كانوا يقولون: نحن أولى بالنبوّة من محمّد لأنّا أهل الكتاب والنبيّون كانوا منّا، انتهى(1).
وقال أكثر المفسَّرين: النصرة البشارة للأمم به ولا يخفى بعده وما في الخبر هو ظاهر الآية.
وقال الجزري: في حديث عمرو الأسقف قال: أجدك قرناً قال: قرن مه؟ قال: قرن من حديد، القرن: بفتح القاف الحصن(2).
أقول: قد مرَّ تفسير سائر أجزاء الخبر في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام(3).
21 _ تفسير العياشي: عَنْ صَالِح بْن مِيثَم قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عَنْ قَوْل اللهِ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(4) قَالَ: (ذَلِكَ حِينَ يَقُولُ عَلِيٌّ عليه السلام: أنَا أوْلَى النَّاس بِهَذِهِ الآيَةِ، ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((كاذِبِينَ))(5))(6).
22 _ أمالي الصدوق: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ عَامِر بْن مَعْقِلٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا حَمْزَةَ لاَ تَضَعُوا عَلِيّاً دُونَ مَا وَضَعَهُ اللهُ، وَلاَ تَرْفَعُوا عَلِيّاً فَوْقَ مَا رَفَعَهُ اللهُ، كَفَى بِعَلِيًّ أنْ يُقَاتِلَ أهْلَ الْكَرَّةِ وَأنْ يُزَوَّجَ أهْلَ الْجَنَّةِ)(7).4.
ص: 525
بصائر الدرجات: ابن عيسى، مثله(1).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عامر بن معقل، مثله(2).
23 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً مِنْ لَدُنْ آدَمَ فَهَلُمَّ جَرّاً إِلاَّ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا وَيَنْصُرُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ قَوْلُهُ: ((لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ))(3) يَعْنِي بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ((وَلَتَنْصُرُنَّ)) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ(4).
24 _ تفسير القمي: ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً))(5) فَإنَّهُ رُوِيَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِذَا رَجَعَ آمَنَ بِهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبِي، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ الْمِنْقَريَّ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ شَهْر بْن حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْحَجَّاجُ: يَا شَهْرُ(6)! آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ قَدْ أعْيَتْنِي، فَقُلْتُ: أيُّهَا الأمِيرُ أيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ فَقَالَ: قَوْلُهُ: ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)) وَاللهِ لَإنِّي(7) لَآمُرُ بِالْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ فَتُضْرَبُ عُنُقُهُ، ثُمَّ أرْمَقُهُ بِعَيْني فَمَا أرَاهُ يُحَركُ شَفَتَيْهِ ).
ص: 526
حَتَّى يُحْمَلَ(1)، فَقُلْتُ: أصْلَحَ اللهُ الأمِيرَ لَيْسَ عَلَى مَا تَأوَّلْتَ، قَالَ: كَيْفَ هُوَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عِيسَى يَنْزلُ قَبْلَ يَوْم الْقِيَامَةِ إِلَى الدُّنْيَا فَلاَ يَبْقَى أهْلُ مِلَّةٍ يَهُودِيًّ وَلاَ غَيْرُهُ(2) إِلاَّ آمَنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيُصَلّي خَلْفَ الْمَهْدِيَّ.
قَالَ: وَيْحَكَ أنَّى لَكَ هَذَا؟ وَمِنْ أيْنَ جِئْتَ بِهِ؟ فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام، فَقَالَ: جِئْتَ وَاللهِ بِهَا مِنْ عَيْنٍ صَافِيَةٍ(3).
25 _ تفسير القمي: ((بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ))(4) أيْ لَمْ يَأتِهِمْ تَأوِيلُهُ، ((كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ))، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الرَّجْعَةِ كَذَّبُوا بِهَا أيْ أنَّهَا لاَ تَكُونُ، ثُمَّ قَالَ: ((وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)).(5)
26 _ تفسير القمي: ((وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ)) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ ((ما فِي الأَْرْضِ)) جَمِيعاً ((لاَفْتَدَتْ بِهِ))(6) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَعْنِي الرَّجْعَةَ(7).
27 _ تفسير القمي: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(8) سُئِلَ الإمَامُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(9) قَالَ: (مَا .
ص: 527
يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا؟)، قُلْتُ: يَقُولُونَ إِنَّهَا فِي الْقِيَامَةِ، فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أيُحْشَرُ اللهُ فِي(1) الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَتْرُكُ(2) الْبَاقِينَ؟ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ، فَأمَّا آيَةُ الْقِيَامَةِ فَهَذِهِ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((مَوْعِداً)))(3).
28 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْمُسْتَنِير، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُ اللهِ: ((فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً))(4)، قَالَ: (هِيَ وَاللهِ لِلنُّصَّابِ)، قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ رَأيْنَاهُمْ دَهْرَهُمُ الأطْوَلَ فِي كِفَايَةٍ حَتَّى مَاتُوا؟ قَالَ: (ذَاكَ وَاللهِ فِي الرَّجْعَةِ، يَأكُلُونَ الْعَذِرَةَ)(5).
منتخب البصائر: سعد، عن أحمد بن محمّد، مثله(6).
29 _ تفسير القمي: قَوْلُهُ: ((وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ))(7) فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ وَأبِي جَعْفَرٍ عليهما السلام قَالاَ: (كُلُّ قَرْيَةٍ أهْلَكَ اللهُ أهْلَهُ بِالْعَذَابِ لاَ يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ فَهَذِهِ الآيَةُ مِنْ أعْظَم الدَّلاَلَةِ فِي الرَّجْعَةِ، لأنَّ أحَداً مِنْ أهْل الإسْلاَم لاَ يُنْكِرُ أنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ 5.
ص: 528
يَرْجِعُونَ إِلَى الْقِيَامَةِ، مَنْ هَلَكَ وَمَنْ لَمْ يَهْلِكْ، فَقَوْلُهُ: ((لا يَرْجِعُونَ))(1) عَنَى فِي الرَّجْعَةِ، فَأمَّا إِلَى الْقِيَامَةِ يَرْجِعُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ(2).
بيان: قال الطبرسي: اختلف في معناه على وجوه: أحدها أنَّ (لا) مزيدة والمعنى حرام على قرية مهلكة بالعقوبة أن يرجعوا إلى (دار)(3) الدنيا، وقيل: إنَّ معناه واجب عليها أنَّها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها، قد جاء الحرام بمعنى الواجب، وثانيها أنَّ معناه: حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أن يتقبَّل منهم عمل لأنَّهم لا يرجعون إلى التوبة، وثالثها أن معناه: حرام أن لات يرجعوا بعد الممات بل يرجعون أحياء للمجازات، ثُمَّ ذكر رواية محمّد بن مسلم(4).
30 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ جَمَعَ رَمْلاً وَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَيْهِ، فَحَرَّكَهُ بِرجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: قُمْ يَا دَابَّةَ اللهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ أنُسَمَّي بَعْضُنَا بَعْضاً بِهَذَا الاسْم؟ فَقَالَ: لاَ وَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ لَهُ خَاصَّةً، وَهُوَ الدَّابَّةُ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(5) ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَان أخْرَجَكَ اللهُ فِي أحْسَن صُورَةٍ، وَمَعَكَ مِيسَمٌ تَسِمُ بِهِ أعْدَاءَكَ). .
ص: 529
فَقَالَ الرَّجُلُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْعَامَّةَ(1) يَقُولُونَ: هَذِهِ الآيَةُ إِنَّمَا تُكَلّمُهُمْ؟(2) فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: (كَلَّمَهُمُ اللهُ فِي نَار جَهَنَّمَ إِنَّمَا هُوَ تُكَلّمُهُمْ مِنَ الْكَلاَم، وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ هَذَا فِي الرَّجْعَةِ قَوْلُهُ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))(3)).
قَالَ: (الآيَاتُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام.).
فَقَالَ الرَّجُلُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْعَامَّةَ تَزْعُمُ أنَّ قَوْلَهُ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)) عَنَى فِي الْقِيَامَةِ.
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (فَيَحْشُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَدَعُ الْبَاقِينَ، لاَ وَلَكِنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ، وَأمَّا آيَةُ الْقِيَامَةِ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(4)).
حَدَّثَنِي أبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)) قَالَ: (لَيْسَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ إِلاَّ يَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ، وَلاَ يَرْجِعُ إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ(5) مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً).
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّار بْن يَاسِرٍ: يَا أبَا الْيَقْظَان آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ قَدْ أفْسَدَتْ قَلْبِي وَشَكَّكَتْنِي، قَالَ عَمَّارٌ: وَأيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: ).
ص: 530
قَوْلُ اللهِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) الآيَةَ، فَأيَّةُ دَابَّةٍ هَذِهِ؟ قَالَ عَمَّارٌ: وَاللهِ مَا أجْلِسُ وَلاَ آكُلُ وَلاَ أشْرَبُ حَتَّى اُريَكَهَا.
فَجَاءَ عَمَّارٌ مَعَ الرَّجُل إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ وَهُوَ يَأكُلُ تَمْراً وَزُبْداً فَقَالَ: (يَا أبَا الْيَقْظَان هَلُمَّ)، فَجَلَسَ عَمَّارٌ وَأقْبَلَ يَأكُلُ مَعَهُ فَتَعَجَّبَ الرَّجُلُ مِنْهُ، فَلَمَّا قَامَ عَمَّارٌ قَالَ الرَّجُلُ: سُبْحَانَ اللهِ يَا أبَا الْيَقْظَان، حَلَفْتَ أنَّكَ لاَ تَأكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ وَلاَ تَجْلِسُ حَتَّى تُريَنيهَا؟ قَالَ عَمَّارٌ: قَدْ أرَيْتُكَهَا إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ(2).
31 _ تفسير القمي: ((سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها))(3) قَالَ(4): أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام إِذَا رَجَعُوا يَعْرفُهُمْ أعْدَاؤُهُمْ إِذَا رَأوْهُمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ الآيَاتِ هُمُ الأئِمَّةُ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (مَا للهِ آيَةٌ أعْظَمَ مِنّي)(5) فَإذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا يَعْرفُهُمْ أعْدَاؤُهُمْ إِذَا رَأوْهُمْ فِي الدُّنْياَ(6).
32 _ تفسير القمي: ((طسم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ)) ثُمَّ خَاطَبَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: ((نَتْلُوا عَلَيْكَ)) يَا مُحَمَّدُ ((مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَْرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ 2.
ص: 531
يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ))(1) أخْبَرَ اللهُ نَبِيَّهُ بِمَا نَالَ(2) مُوسَى وَأصْحَابَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ مِنَ الْقَتْل وَالظُّلْم، لِيَكُونَ تَعْزيَةً لَهُ فِيمَا يُصِيبُهُ فِي أهْل بَيْتِهِ مِنْ اُمَّتِهِ.
ثُمَّ بَشَّرَهُ بَعْدَ تَعْزيَتِهِ أنَّهُ يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَجْعَلُهُمْ خُلَفَاءَ فِي الأرْض وَأئِمَّةً عَلَى اُمَّتِهِ، وَيَرُدُّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا مَعَ أعْدَائِهِمْ حَتَّى يَنْتَصِفُوا مِنْهُمْ فَقَالَ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما))(3) وَهُمُ الَّذِينَ غَصَبُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ، وَقَوْلُهُ: ((مِنْهُمْ)) أيْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ ((ما كانُوا يَحْذَرُونَ)) أيْ مِنَ الْقَتْل وَالْعَذَابِ.
وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي مُوسَى وَفِرْعَوْنَ لَقَالَ: وَنُرىَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ أيْ مِنْ مُوسَى وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُمْ. فَلَمَّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً)) عَلِمْنَا أنَّ الْمُخَاطَبَةَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا وَعَدَ اللهُ رَسُولَهُ فَإنَّمَا يَكُونُ بَعْدَهُ وَالأئِمَّةُ يَكُونُونَ مِنْ وُلْدِهِ وَإِنَّمَا ضَرَبَ اللهُ هَذَا الْمَثَلَ لَهُمْ فِي مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِي أعْدَائِهِمْ بِفِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ(4).
فَقَالَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ قَتَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَظَلَمَ فَأظْفَرَ اللهُ مُوسَى بِفِرْعَوْنَ وَأصْحَابِهِ حَتَّى أهْلَكَهُمُ اللهُ، وَكَذَلِكَ أهْلُ بَيْتِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أصَابَهُمْ ).
ص: 532
مِنْ أعْدَائِهِمُ الْقَتْلُ وَالْغَصْبُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمُ اللهُ وَيَرُدُّ أعْدَاءَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَقْتُلُوهُمْ.
وَقَدْ ضَرَبَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي أعْدَائِهِ مَثَلاً مِثْلَ مَا ضَرَبَهُ اللهُ لَهُمْ فِي أعْدَائِهِمْ بِفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، فَقَالَ: (أيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أوَّلَ مَنْ بَغَى عَلَى اللهِ عزّ وجل عَلَى وَجْهِ الأرْض عَنَاقُ بِنْتُ آدَمَ عليه السلام(1) خَلَقَ اللهُ لَهَا عِشْرينَ إِصْبَعاً فِي كُل إِصْبَع مِنْهَا ظُفُرَان طَويلاَن كَالْمِنْجَلَيْن الْعَظِيمَيْن وَكَانَ مَجْلِسُهَا فِي الأرْض مَوْضِعَ جَريبٍ فَلَمَّا بَغَتْ بَعَثَ اللهُ لَهَا أسَداً كَالْفِيل، وَذِئْباً كَالْبَعِير، وَنَسْراً كَالْحِمَار، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْخَلْقِ الأوَّل فَسَلَّطَهُمْ عَلَيْهَا فَقَتَلُوهَا، ألاَ وَقَدْ قَتَلَ اللهُ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، وَخَسَفَ بِقَارُونَ، وَإِنَّمَا هَذَا مَثَلٌ لأعْدَائِهِ الَّذِينَ غَصَبُوا حَقَّهُ فَأهْلَكَهُمُ اللهُ).
ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَلَى أثَر هَذَا الْمَثَل الَّذِي ضَرَبَهُ: (وَقَدْ كَانَ لِي حَقٌّ حَازَهُ دُوني مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَلَمْ أكُنْ أشْرَكُهُ فِيهِ، وَلاَ تَوْبَةَ لَهُ إِلاَّ بِكِتَابٍ مُنْزَلٍ أوْ بِرَسُولٍ مُرْسَلٍ، وَأنَّى لَهُ بِالرسَالَةِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلاَ نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ، فَأنَّى يَتُوبُ وَهُمْ فِي بَرْزَخ الْقِيَامَةِ، غَرَّتْهُ الأمَانِيُّ وَغَرَّهُ بِاللهِ الْغَرُورُ، قَدْ أشْفَى(2) عَلَى جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ فِي نار جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
وَكَذَلِكَ مَثَلُ الْقَائِم عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ وَهَرَبهِ وَاسْتِتَارهِ، مَثَلُ مُوسَى عليه السلام خَائِفٌ مُسْتَتِرٌ إِلَى أنْ يَأذَنَ اللهُ فِي خُرُوجِهِ، وَطَلَبِ حَقّهِ وَقَتْل أعْدَائِهِ، فِي قَوْلِهِ: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ *).
ص: 533
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ))(1) وَقَدْ ضَرَبَ بِالْحُسَيْن بْن عَلِيًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا مَثَلاً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بِإدَالَتِهِمْ(2) مِنْ أعْدَائِهِمْ حَيْثُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن عليهما السلام لِمِنْهَال بْن عَمْرٍو: (أصْبَحْنَا فِي قَوْمِنَا مِثْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آل فِرْعَوْنَ يَذْبَحُونَ أبْنَاءَنَا وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَناَ(3))(4).
بيان: الخبر الأخير أوردناه في أحوال الحسين عليه السلام(5) وقوله: (فلمَّا تقدَّم) استدلال على أنَّ المراد بفرعون وهامان وجنوده أبو بكر وعمر وأتباعهما لأنَّ الله تعالى ذكر سابقاً عليه ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ)) وهذا وعد وظاهره عدم تحقّق الموعود بعد.
33 _ تفسير القمي: أبِي، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام فِي قَوْلِهِ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(6)، قَالَ: (يَرْجِعُ إِلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلّم)(7).
34 _ تفسير القمي: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(8)، قَالَ: (الْعَذَابُ الأدْنَى عَذَابُ الرَّجْعَةِ بِالسَّيْفِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ((لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) أيْ يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ حَتَّى يُعَذَّبُوا)(9).0.
ص: 534
35 _ تفسير القمي: ((فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ))(1)، يَعْنِي الْعَذَابَ إِذَا نَزَلَ بِبَني اُمَيَّةَ وَأشْيَاعِهِمْ فِي آخِر الزَّمَان(2).
36 _ تفسير القمي: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ...))(3) إِلَى قَوْلِهِ: ((مِنْ سَبِيلٍ))، قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ)(4).
بيان: أي أحد الإحيائين في الرجعة والآخر في القيامة، وإحدى الإمامتتين في الدنيا والأخرى في الرجعة، وبعض المفسَّرين صحَّحوا التثنية بالاحياء في القبر للسؤال والإماتة فيه، ومنهم من حمل الإماتة الأولى على خلقهم ميتين ككونهم نطفة.
37 _ تفسير القمي: قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ((وَيُرِيكُمْ آياتِهِ))(5) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ فِي الرَّجْعَةِ ((فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكينَ)) أيْ جَحَدْنَا بِمَا أشْرَكْنَاهُمْ ((فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتي قَدْ خَلَتْ في عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ))(6).(7)
38 _ تفسير القمي: ((وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))(8) يَعْنِي فَإنَّهُمْ يَرْجِعُونَ يَعْنِي الأئِمَّةَ إِلَى الدُّنْياَ(9).3.
ص: 535
39 _ تفسير القمي: ((فَارْتَقِبْ)) أيْ اصْبِرْ ((يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ))(1).
قَالَ: ذَلِكَ إِذَا خَرَجُوا فِي الرَّجْعَةِ مِنَ الْقَبْر تَغْشَى النَّاسَ كُلَّهُمُ الظُّلْمَةُ فَيَقُولُوا: ((هذا عَذابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ)) فَقَالَ اللهُ رَدّاً عَلَيْهِمْ: ((أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ)) أيْ رَسُولٌ قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ ((ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ)).
قَالَ: قَالُوا ذَلِكَ لَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأخَذَهُ الْغَشْيُ فَقَالُوا: هُوَ مَجْنُونٌ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ)) يَعْنِي إِلَى الْقِيَامَةِ وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: ((يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)) فِي الْقِيَامَةِ، لَمْ يَقُلْ: ((إِنَّكُمْ عائِدُونَ)) لأنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الآخِرَةِ وَالْقِيَامَةِ حَالَةٌ يَعُودُونَ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: ((يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى)) يَعْنِي فِي الْقِيَامَةِ ((إِنَّا مُنْتَقِمُونَ))(2).
بيان: قال الطبرسي رحمه الله: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم دعا على قومه لمَّا كذَّبوه فقال: (اللهم سنيناً كسني يوسف)(3) فأجدبت الأرض، فأصابت ر.
ص: 536
قريشاً المجاعة وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان، وأكلوا الميتة والعظام، ثُمَّ جاؤا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فسأل الله لهم(1) فكشف عنهم، وقيل: إنَّ الدخان من أشراط الساعة تدخل في مسامع الكفّار والمنافقين، وهو لم يأتِ بعد، وإنَّه يأتي قبل قيام الساعة، فيدخل أسماعهم حتَّى أنَّ رؤسهم تكون كالرأس الحنيذ ويصيب المؤمن منه مثل الزكمة، وتكون الأرض كلّها كبيت أوقد فيه، ليس فيه خصاص، ويمكث ذلك أربعين يوماً.
40 _ تفسير القمي: قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ((يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَْرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً))(2)، قَالَ: (فِي الرَّجْعَةِ)(3).
41 _ تفسير القمي: ((حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ))، قَالَ: الْقَائِمُ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليهما السلام فِي الرَّجْعَةِ، ((فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً))، قَالَ: هُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ لِزُفَرَ: (وَاللهِ يَا ابْنَ صُهَاكَ لَوْ لاَ عَهْدٌ مِنْ رَسُول اللهِ وَكِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَعَلِمْتَ أيُّنَا أضْعَفُ نَاصِراً وَأقَلُّ عَدَداً، قَالَ: فَلَمَّا أخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجْعَةِ قَالُوا: مَتَى يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ اللهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: ((إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً))، وَقَوْلُهُ: ((عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً))(4) قَالَ: يُخْبِرُ اللهُ رَسُولَهُ الَّذِي يَرْتَضِيهِ بِمَا 7.
ص: 537
كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الأخْبَار، وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ مِنْ أخْبَار الْقَائِم عليه السلام وَالرَّجْعَةِ وَالْقِيَامَةِ(1).
42 _ تفسير القمي: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ فِي قَوْلِهِ: ((فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ))(2)، قَالَ: (مَا لَهُ قُوَّةٌ يَقْوَى بِهَا عَلَى خَالِقِهِ، وَلاَ نَاصِرٌ مِنَ اللهِ يَنْصُرُهُ إِنْ أرَادَ بِهِ سُوءاً)، قُلْتُ: ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً))، قَالَ: (كَادُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَادُوا عَلِيّاً عليه السلام وَكَادُوا فَاطِمَةَ عليها السلام، فَقَالَ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ)) يَا مُحَمَّدُ ((أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً))(3) لِوَقْتِ بَعْثِ الْقَائِم عليه السلام فَيَنْتَقِمُ لِي مِنَ الْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَني اُمَيَّةَ وَسَائِر النَّاس)(4).
43 _ تفسير القمي: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَلَلآْخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُْولى))، قَالَ: (يَعْنِي الْكَرَّةَ هِيَ الآخِرَةُ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قُلْتُ: قَوْلُهُ: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى))(5)، قَالَ: (يُعْطِيكَ مِنَ الْجَنَّةِ فَتَرْضَى)(6).
44 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: رَوَى الشَّيْخُ الطُّوسِيُّ بِإسْنَادِهِ عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ يَرْفَعُهُ إِلَى بُرَيْدَةَ الأسْلَمِيَّ قَالَ: قَالَ 7.
ص: 538
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِعَلِيًّ: (يَا عَلِيُّ إِنَّ اللهَ أشْهَدَكَ مَعِي سَبْعَةَ مَوَاطِنَ...) وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَالْمَوْطِنُ السَّابِعُ أنَّا نَبْقَى حِينَ لاَ يَبْقَى أحَدٌ وَهَلاَكُ الأحْزَابِ بِأيْدِينَا)(1).
45 _ عيون أخبار الرضا: تَمِيمٌ الْقُرَيْشيُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ الأنْصَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن الْجَهْم، قَالَ: قَالَ الْمَأمُونُ لِلرضَا عليه السلام: يَا أبَا الْحَسَن مَا تَقُولُ فِي الرَّجْعَةِ؟ فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّهَا الْحَقُّ قَدْ كَانَتْ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ وَنَطَقَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِذَا خَرَجَ الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليهما السلام فَصَلَّى خَلْفَهُ، وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْحَقُّ إِلَى أهْلِهِ...) الْخَبَرَ(2).
46 _ معاني الأخبار: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَن الشَّعْبِيَّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِعَلِيًّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أرَأيْتَ قَوْلَكَ: (الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ)؟ قَالَ: (وَيْحَكَ يَا أعْوَرُ! هُوَ جَمْعُ أشْتَاتٍ، وَنَشْرُ أمْوَاتٍ، وَحَصْدُ نَبَاتٍ، وَهَنَاتٌ بَعْدَ هَنَاتٍ، مُهْلِكَاتٌ مُبِيرأتٌ، لَسْتُ أنَا وَلاَ أنْتَ هُنَاكَ)(3).
47 _ معاني الأخبار: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ الأسَدِيَّ، قَالَ: .
ص: 539
سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ مُشْتَكى(1) وَأنَا قَائِمٌ عَلَيْهِ: (لأبْنِيَنَّ(2) بِمِصْرَ مِنْبَراَ(3)، وَلأنْقُضَنَّ دِمَشْقَ حَجَراً حَجَراً، وَلأخْرجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ كُل كُوَر الْعَرَبِ وَلأسُوقَنَّ الْعَرَبَ بِعَصَايَ هَذِهِ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ كَأنَّكَ تُخْبِرُ أنَّكَ تَحْيَا بَعْدَ مَا تَمُوتُ؟ فَقَالَ: (هَيْهَاتَ يَا عَبَايَةُ ذَهَبْتَ فِي غَيْر مَذْهَبٍ يَفْعَلُهُ رَجُلٌ مِنّي).
قال الصدوق رضي الله عنه: إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام اتّقى عباية الأسدي في هذا الحديث واتّقى ابن الكوَّاء في الحديث الأوّل لأنَّهما كانا غير محتملين لأسرار آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم(4).
48 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح بْن مَسْعُودٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ)، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا هَذَا الْعَجَبُ الَّذِي لاَ تَزَالُ تَعْجَبُ مِنْهُ؟
فَقَالَ: (ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ وَأيُّ عَجَبٍ أعْجَبُ مِنْ أمْوَاتٍ يَضْربُونَ كُلَّ عَدُوٍّ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأهْل بَيْتِهِ، وَذَلِكَ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآْخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ))(5) فَإذَا اشْتَدَّ الْقَتْلُ قُلْتُمْ: مَاتَ أوْ هَلَكَ أوْ أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَذَلِكَ 3.
ص: 540
تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1))(2).
49 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ(3)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(4)؟)، قُلْتُ: يَقُولُونَ: إِنَّهَا فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ: (لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ، إِنَّ ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ، أيَحْشُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَدَعُ الْبَاقِينَ؟ إِنَّمَا آيَةُ الْقِيَامَةِ قَوْلُهُ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(5))(6).
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرَّجْعَةِ قَوْلُهُ: ((وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ))(7)، فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (كُلُّ قَرْيَةٍ أهْلَكَ اللهُ أهْلَهَا بِالْعَذَابِ لاَ يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ فَأمَّا إِلَى الْقِيَامَةِ فَيَرْجِعُونَ، وَمَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَهْلِكُوا بِالْعَذَابِ، وَمَحَضُوا الْكُفْرَ مَحْضاً يَرْجِعُونَ)(8).
50 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ر.
ص: 541
وَلَتَنْصُرُنَّهُ))(1)، قَالَ: (مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيَّنَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلاَّ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَنْصُرُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، وَقَوْلُهُ(2): ((لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ)) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ((وَلَتَنْصُرُنَّهُ)) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(3).
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ مِمَّا وَعَدَ اللهُ تَعَالَى الأئِمَّةَ عليهم السلام مِنَ الرَّجْعَةِ وَالنَّصْر، فَقَالَ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ)) يَا مَعْشَرَ الأئِمَّةِ ((وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...))(4) إِلَى قَوْلِهِ: ((لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)) فَهَذِهِ مِمَّا يَكُونُ إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ))(5) فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَكُونُ فِي الرَّجْعَةِ(6).
51 _ تفسير القمي: أبِي، عَنْ أحْمَدَ بْن النَّضْر، عَنْ عَمْرو بْن شمْرٍ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام(7) جَابِرٌ فَقَالَ: (رَحِمَ اللهُ جَابِراً لَقَدْ(8) بَلَغَ مِنْ عِلْمِهِ(9) أنَّهُ كَانَ يَعْرفُ تَأوِيلَ هَذِهِ الآيَةِ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(10) يَعْنِي الرَّجْعَةَ)(11).7.
ص: 542
52 _ الخرائج والجرائح: سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن فُضَيْلٍ، عَنْ سَعْدٍ الْجَلاَبِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ الْحُسَيْنُ عليه السلام لأصْحَابِهِ قَبْلَ أنْ يُقْتَلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ لِي: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ سَتُسَاقُ إِلَى الْعِرَاقِ، وَهِيَ أرْضٌ قَدِ الْتَقَى بِهَا النَّبِيُّونَ وَأوْصِيَاءُ النَّبِيَّينَ، وَهِيَ أرْضٌ تُدْعَى عموراء، وَإِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ بِهَا، وَيُسْتَشْهَدُ مَعَكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِكَ لاَ يَجِدُونَ ألَمَ مَس الْحَدِيدِ، وَتَلاَ: ((يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ))(1) يَكُونُ الْحَرْبُ بَرْداً وَسَلاَماً عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمْ، فَأبْشرُوا، فَوَ اللهِ لَئِنْ قَتَلُونَا فَإنَّا نَردُ عَلَى نَبِيَّنَا).
قَالَ: (ثُمَّ أمْكُثُ مَا شَاءَ اللهُ فَأكُونُ أوَّلَ مَنْ يَنْشَقُّ الأرْضُ عَنْهُ، فَأخْرُجُ خَرْجَةً يُوَافِقُ ذَلِكَ خَرْجَةَ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَقِيَامَ قَائِمِناَ(2)، ثُمَّ لَيَنْزلَنَّ عَلَيَّ وَفْدٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، لَمْ يَنْزلُوا إِلَى الأرْض قَطُّ وَلَيَنْزلَنَّ إِلَيَّ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، وَجُنُودٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، وَلَيَنْزلَنَّ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَأنَا وَأخِي وَجَمِيعُ مَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ، فِي حَمُولاَتٍ مِنْ حَمُولاَتِ الرَّبَّ خَيْلٍ بُلْقٍ مِنْ نُورٍ لَمْ يَرْكَبْهَا مَخْلُوقٌ، ثُمَّ لَيَهُزَّنَّ مُحَمَّدٌ لِوَاءَهُ وَلَيَدْفَعَنَّهُ إِلَى قَائِمِنَا مَعَ سَيْفِهِ، ثُمَّ إِنَّا نَمْكُثُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ يَخْرُجُ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ عَيْناً مِنْ دُهْنٍ وَعَيْناً مِنْ مَاءٍ وَعَيْناً مِنْ لَبَنٍ.
ثُمَّ إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَدْفَعُ إِلَيَّ سَيْفَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَبْعَثُنِي إِلَى الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، فَلاَ آتِي عَلَى عَدُوًّ للهِ إِلاَّ أهْرَقْتُ دَمَهُ وَلاَ أدَعُ صَنَماً إِلاَّ أحْرَقْتُهُ حَتَّى أقَعَ إِلَى الْهِنْدِ فَأفْتَحُهَا.).
ص: 543
وَإِنَّ دَانِيَالَ وَيُوشَعَ(1) يَخْرُجَان إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ يَقُولاَن: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَيَبْعَثُ اللهُ مَعَهُمَا إِلَى الْبَصْرَةِ سَبْعِينَ رَجُلاً فَيَقْتُلُونَ مُقَاتِلِيهِمْ وَيَبْعَثُ بَعْثاً إِلَى الرُّوم فَيَفْتَحُ اللهُ لَهُمْ.
ثُمَّ لأقْتُلَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ حَرَّمَ اللهُ لَحْمَهَا حَتَّى لاَ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الأرْض إِلاَّ الطَّيَّبُ، وَأعْرضُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِر الْمِلَل، وَلاَخَيَّرَنَّهُمْ بَيْنَ الإسْلاَم وَالسَّيْفِ فَمَنْ أسْلَمَ مَنَنْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَرهَ الإسْلاَمَ أهْرَقَ اللهُ دَمَهُ، وَلاَ يَبْقَى رَجُلٌ مِنْ شيعَتِنَا إِلاَّ أنْزَلَ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكاً يَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَيُعَرفُهُ أزْوَاجَهُ وَمَنْزِلَتَهُ فِي الْجَنَّةِ، وَلاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْض أعْمَى وَلاَ مُقْعَدٌ وَلاَ مُبْتَلًى، إِلاَّ كَشَفَ اللهُ عَنْهُ بَلاَءَهُ بِنَا أهْلَ الْبَيْت.
وَلَيَنْزلَنَّ الْبَرَكَةُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْض حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقْصِفُ بِمَا يُريدُ اللهُ فِيهَا مِنَ الثَّمَرَةِ، وَلَتَأكُلَنَّ ثَمَرَةَ الشتَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَثَمَرَةَ الصَّيْفِ فِي الشتَاءِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَْرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ))(2).
ثُمَّ إِنَّ اللهَ لَيَهَبُ لِشيعَتِنَا كَرَامَةً لاَ يَخْفَى عَلَيْهِمْ شَيْءٌ فِي الأرْض وَمَا كَانَ فِيهَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يُريدُ أنْ يَعْلَمَ عِلْمَ أهْل بَيْتِهِ فَيُخْبِرَهُمْ بِعِلْمِ مَا يَعْمَلُونَ(3).
منتخب البصائر: ممَّا رواه لي السيّد علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسني بإسناده عن سهل، مثله(4).0.
ص: 544
إيضاح: (لتقصف) أي تنكسر أغصانها لكثرة ما حملت من الثمار.
53 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَابْن يَزيدَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن(1) الْمِيثَمِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى الْحَنَّاطِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أيَّامُ اللهِ ثَلاَثَةٌ: يَوْمٌ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام، وَيَوْمُ الْكَرَّةِ، وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ)(2).
الخصال: العطّار، عن سعد، عن ابن يزيد، عن محمّد بن الحسن الميثمي(3)، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(4).
معاني الأخبار: أبي، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن المثنى، مثله(5).
54 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جَمِيل بْن دَرَّاج، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ وَزَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالاَ: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يَكُرُّ فِي الرَّجْعَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام، وَيَمْكُثُ فِي الأرْض أرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى يَسْقُطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ)(6).8.
ص: 545
55 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَن الْمُنَخَّل بْن جَمِيلٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَلَهُ قَتْلَةٌ وَمَوْتَةٌ، إِنَّهُ مَنْ قُتِلَ نُشرَ حَتَّى يَمُوتَ، وَمَنْ مَاتَ نُشرَ حَتَّى يُقْتَلَ).
ثُمَّ تَلَوْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام هَذِهِ الآيَةَ: (( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ))(1)، فَقَالَ: (وَمنشوره)، قُلْتُ: قَوْلُكَ: (وَمنشوره) مَا هُوَ؟ فَقَالَ: (هَكَذَا أنزل بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ومنشوره))، ثُمَّ قَالَ: (مَا فِي هَذِهِ الاُمَّةِ أحَدٌ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ إِلاَّ وَيُنْشَرُ، أمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيُنْشَرُونَ إِلَى قُرَّةِ أعْيُنِهِمْ، وَأمَّا الْفُجَّارُ فَيُنْشَرُونَ إِلَى خِزْي اللهِ إِيَّاهُمْ، ألَمْ تَسْمَعْ أنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(2)، وَقَوْلَهُ: ((يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ))(3) يَعْنِي بِذَلِكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم قِيَامَهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا، وَقَوْلَهُ: ((إِنَّها لإَِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ))(4) يَعْنِي مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نَذِيرٌ لِلْبَشَر فِي الرَّجْعَةِ.
وَقَوْلَهُ: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(5)).
قَالَ: (يُظْهِرُهُ اللهُ عزّ وجل فِي الرَّجْعَةِ، وَقَوْلَهُ: ((حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ))(6) هُوَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِذَا رَجَعَ فِي الرَّجْعَةِ).7.
ص: 546
قَالَ جَابِرٌ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ))(1)، قَالَ: هُوَ أنَا إِذَا خَرَجْتُ أنَا وَشيعَتِي وَخَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَشيعَتُهُ، وَنَقْتُلُ بَني اُمَيَّةَ فَعِنْدَهَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمَيْن)(2).
56 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَنْ أبِي دَاوُدَ، عَنْ بُرَيْدَةَ الأسْلَمِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتَ إِذَا اسْتَيْأسَتْ اُمَّتِي مِنَ الْمَهْدِيَّ فَيَأتِيهَا مِثْلُ قَرْن الشَّمْس يَسْتَبْشرُ بِهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَأهْلُ الأرْض؟).
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَعْدَ الْمَوْتِ؟ فَقَالَ: (وَاللهِ إِنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ هُدًى وَإِيمَاناً وَنُوراً)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أيَّ الْعُمُرَيْن أطْوَلُ؟ قَالَ: (الآخَرُ بِالضّعْفِ)(3).
بيان: قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (إنَّ بعد الموت) أي بعد موت سائر الخلق لا المهدي.
57 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ جَمِيل بْن دَرَّاج، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَْشْهادُ))(4)، قَالَ: (ذَلِكَ وَاللهِ فِي الرَّجْعَةِ أمَا عَلِمْتَ أنَّ (فِي)(5) أنْبِيَاءِ اللهِ كَثِيراً لَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا وَقُتِلُوا وَأئِمَّةٍ قَدْ قُتِلُوا وَلَمْ يُنْصَرُوا فَذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ، قُلْتُ: ((وَاسْتَمِعْ ر.
ص: 547
يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ))(1)، قَالَ: (هِيَ الرَّجْعَةُ)(2).
تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن عِيسَى مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (وَالأئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِمْ قُتِلُوا وَلَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا)(3).
بيان: لا يخفى أنَّ هذا أظهر ممّا ذكره المفسَّرون: إنَّ النصر بظهور الحجّة أو الانتقام لهم من الكفر في الدنيا غالباً.
58 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: كَرهْتُ أنْ أسْألَ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام (فِي الرَّجْعَةِ)(4) فَاحْتَلْتُ مَسْألَةً لَطِيفَةً لأبْلُغَ بِهَا حَاجَتِي مِنْهَا فَقُلْتُ: أخْبِرْني عَمَّنْ قُتِلَ مَاتَ؟ قَالَ: (لاَ، الْمَوْتُ مَوْتٌ، وَالْقَتْلُ قَتْلٌ)، فَقُلْتُ: مَا أحَد(5) (يُقْتَلُ إِلاَّ مَاتَ، قَالَ: فَقَالَ: (يَا زُرَارَةُ! قَوْلُ اللهِ أصْدَقُ مِنْ)(6) قَوْلِكَ، قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَتْل وَالْمَوْتِ فِي الْقُرْآن، فَقَالَ عزّ وجل: ((أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ))(7)، وَقَالَ: ((لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإَِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ))(8) فَلَيْسَ كَمَا قُلْتَ يَا زُرَارَةُ الْمَوْتُ مَوْتٌ، وَالْقَتْلُ قَتْلٌ، وَقَدْ 8.
ص: 548
قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا))(1).
قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ))(2) أفَرَأيْتَ مَنْ قُتِلَ لَمْ يَذُقِ الْمَوْتَ؟ فَقَالَ: (لَيْسَ مَنْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ كَمَنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشهِ، إِنَّ مَنْ قُتِلَ لاَ بُدَّ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَذُوقَ الْمَوْتَ)(3).
تفسير العياشي: عن زرارة، مثله(4).
59 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن الصَّفْوَان، عَن الرضَا عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي الرَّجْعَةِ: (مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ مَاتَ)(5).
60 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّهُ بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَنْ بَطْنَيْن مِنْ قُرَيْشٍ كَلاَمٌ تَكَلَّمُوا بِهِ، فَقَالَ: يَرَى مُحَمَّدٌ أنْ لَوْ قَدْ قَضَى أنَّ هَذَا الأمْرَ يَعُودُ فِي أهْل بَيْتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأعْلِمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَلِكَ فَبَاحَ فِي مَجْمَع مِنْ قُرَيْشٍ بِمَا كَانَ يَكْتُمُهُ فَقَالَ: كَيْفَ أنْتُمْ مَعَاشرَ قُرَيْشٍ وَقَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدِي ثُمَّ رَأيْتُمُوني فِي كَتِيبَةٍ مِنْ أصْحَابِي أضْربُ وُجُوهَكُمْ وَرقَابَكُمْ بِالسَّيْفِ؟).
قَالَ: (فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ أوْ يَكُونُ 9.
ص: 549
ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: أوْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام: وَاحِدَةٌ لَكَ وَاثْنَتَان لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَمَوْعِدُكُمُ السَّلاَمُ)، قَالَ أبَانٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَأيْنَ السَّلاَمُ؟ فَقَالَ عليه السلام: (يَا أبَانُ السَّلاَمُ مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ)(1).
61 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الْمُثَنَّى بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أحَدِهِمَا عليهما السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الآْخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً))(2)، قَالَ: (فِي الرَّجْعَةِ)(3).
تفسير العياشي: عن علي الحلبي، عن أبي بصير، مثله(4).
62 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ رفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كُنْتُ مَريضاً بِمِنًى وَأبِي عليه السلام عِنْدِي فَجَاءَهُ الْغُلاَمُ فَقَالَ: هَاهُنَا رَهْطٌ مِنَ الْعِرَاقِيَّينَ يَسْألُونَ الإذْنَ عَلَيْكَ، فَقَالَ أبِي عليه السلام: أدْخِلْهُمُ الْفُسْطَاطَ، وَقَامَ إِلَيْهِمْ فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ فَمَا لَبِثَ أنْ سَمِعْتُ ضَحِكَ أبِي عليه السلام قَدِ ارْتَفَعَ فَأنْكَرْتُ وَوَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ ضَحِكِهِ وَأنَا فِي تِلْكَ الْحَال.
ثُمَّ عَادَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أبَا جَعْفَرٍ عَسَاكَ وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ ضَحِكِي، فَقُلْتُ: وَمَا الَّذِي غَلَبَكَ مِنْهُ الضَّحِكُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ الْعِرَاقِيَّينَ 1.
ص: 550
سَألُوني عَنْ أمْرٍ كَانَ مَضَى مِنْ آبَائِكَ وَسَلَفِكَ، يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيُقِرُّونَ فَغَلَبَني الضَّحِكُ سُرُوراً أنَّ فِي الْخَلْقِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَيُقِرُّ، فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: سَألُوني عَن الأمْوَاتِ مَتَى يُبْعَثُونَ فَيُقَاتِلُونَ الأحْيَاءَ عَلَى الدَّين؟)(1).
منتخب البصائر: سعد، عن السندي بن محمّد، عن صفوان، عن رفاعة، مثله(2).
63 _ منتخب البصائر: بِالإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عَن الرَّجْعَةِ فَقَالَ: (الْقَدَريَّةُ تُنْكِرُهَا _ ثَلاَثاً _)(3).
64 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ وُهَيْبِ(4) بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ: إِنَّا نَتَحَدَّثُ أنَّ عُمَرَ بْنَ ذَرًّ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يُقَاتِلَ قَائِمَ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَالَ: (إِنَّ مَثَلَ ابْن ذَرًّ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ رَبَّهِ، وَكَانَ يَدْعُو أصْحَابَهُ إِلَى ضَلاَلَةٍ، فَمَاتَ فَكَانُوا يَلُوذُونَ بِقَبْرهِ وَيَتَحَدَّثُونَ عِنْدَهُ، إِذَا خَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْرهِ يَنْفُضُ التُّرَابَ مِنْ رَأسِهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: كَيْتَ وَكَيْتَ)(5).
65 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن هِشَام(6)، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ أوْ غَيْرهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَقَدْ أسْرَى بِي رَبَّي عزّ وجل فَأوْحَى إِلَيَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مَا أوْحَى، وَكَلَّمَنِي بِمَا كَلَّمَ بِهِ، وَكَانَ مِمَّا كَلَّمَنِي بِهِ أنْ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا عالِمُ ).
ص: 551
الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ... الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْركُونَ، إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا الْخالِقُ الْبارئُ الْمُصَوَّرُ، لِيَ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى، يُسَبَّحُ لِي مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْض، وَأنَا الْعَزيزُ الْحَكِيمُ.
يَا مُحَمَّدُ إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا الأوَّلُ فَلاَ شَيْءَ قَبْلِي، وَأنَا الآخِرُ فَلاَ شَيْءَ بَعْدِي، وَأنَا الظَّاهِرُ فَلاَ شَيْءَ فَوْقِي، وَأنَا الْبَاطِنُ فَلاَ شَيْءَ دُوني، وَأنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ.
يَا مُحَمَّدُ! عَلِيٌّ أوَّلُ مَا آخُذُ مِيثَاقَهُ(1) مِنَ الأئِمَّةِ، يَا مُحَمَّدُ! عَلِيٌّ آخِرُ مَنْ أقْبِضُ رُوحَهُ مِنَ الأئِمَّةِ، وَهُوَ الدَّابَّةُ الَّتِي تُكَلّمُهُمْ، يَا مُحَمَّدُ! عَلِيٌّ اُظْهِرُهُ عَلَى جَمِيع مَا اُوحِيهِ(2) إِلَيْكَ لَيْسَ لَكَ أنْ تَكْتُمَ مِنْهُ شَيْئاً، يَا مُحَمَّدُ اُبْطِنُهُ الَّذِي أسْرَرْتُهُ إِلَيْكَ فَلَيْسَ مَا بَيْني وَبَيْنَكَ سِرٌّ دُونَهُ، يَا مُحَمَّدُ عَلِيٌّ عَلِيٌّ، مَا خَلَقْتُ مِنْ حَلاَلٍ وَحَرَام عَلِيٌّ عَلِيمٌ بِهِ.
بَيَانٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلِيٌّ عَلِيٌّ) الأوَّلُ اسْمٌ وَالثَّانِي صِفَةٌ أيْ هُوَ عَالِي الشَّأن، أوْ كِلاَهُمَا اسْمَان وَخَبَرَان لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، كَمَا يُقَالُ: هُوَ فُلاَنٌ إِذَا كَانَ مُشْتَهَراً مَعْرُوفاً فِي الْكَمَال(3).
66 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ سُلَيْم بْن قَيْسٍ الْهِلاَلِيَّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ أبَانُ بْنُ أبِي عَيَّاشٍ، وَقَرَأ جَمِيعَهُ عَلَى سَيَّدِنَا عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام بِحُضُور جَمَاعَةِ أعْيَانٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أبُو الطُّفَيْل فَأقَرَّهُ عَلَيْهِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ عليه السلام وَقَالَ: (هَذِهِ أحَادِيثُنَا صَحِيحَةٌ).6.
ص: 552
قَالَ أبَانٌ: لَقِيتُ أبَا الطُّفَيْل بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَنْزلِهِ فَحَدَّثَنِي فِي الرَّجْعَةِ عَنْ اُنَاسٍ مِنْ أهْل بَدْرٍ وَعَنْ سَلْمَانَ وَالْمِقْدَادِ وَاُبَيَّ بْن كَعْبٍ وَقَالَ أبُو الطُّفَيْل: فَعَرَضْتُ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْهُمْ عَلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ سَلاَمُ اللهِ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: (هَذَا عِلْمٌ خَاصٌّ لاَ يَسَعُ الاُمَّةَ جَهْلُهُ، وَرَدُّ عِلْمِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى)، ثُمَّ صَدَّقَنِي بِكُل مَا حَدَّثُوني وَقَرَأ عَلَيَّ بِذَلِكَ قِرَاءَةً كَثِيرَةً فَسَّرَهُ تَفْسِيراً شَافِياً حَتَّى صِرْتُ مَا أنَا بِيَوْم الْقِيَامَةِ أشَدَّ يَقِيناً مِنّي بِالرَّجْعَةِ.
وَكَانَ مِمَّا قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أخْبِرْني عَنْ حَوْض النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الدُّنْيَا أمْ فِي الآخِرَةِ؟ فَقَالَ: (بَلْ فِي الدُّنْيَا)، قُلْتُ: فَمَن الذَّائِدُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: (أنَا بِيَدِي فَلْيَردَنَّهُ أوْلِيَائِي وَلْيُصْرَفَنَّ عَنْهُ أعْدَائِي)، وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: (وَلاَوردَنَّهُ أوْلِيَائِي وَلأصْرفَنَّ عَنْهُ أعْدَائِي).
فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) مَا الدَّابَّةُ؟ قَالَ: (يَا أبَا الطُّفَيْل ألْهُ عَنْ هَذَا)، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أخْبِرْني بِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: (هِيَ دَابَّةٌ تَأكُلُ الطَّعَامَ، وَتَمْشي فِي الأسْوَاقِ، وَتَنْكِحُ النّسَاءَ)، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ زِرُّ(2) الأرْض الَّذِي تَسْكُنُ الأرْضُ بِهِ)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: (صِدَّيقُ هَذِهِ الاُمَّةِ وَفَارُوقُهَا وَربَّيُّهَا وَذُو قَرْنَيْهَا)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: (الَّذِي ن.
ص: 553
قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ، وَالَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ، وَالَّذِي جاءَ بِالصّدْقِ، وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ)(1)، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ كَافِرُونَ غَيْرَهُ(2)).
قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَسَمَّهِ لِي، قَالَ: (قَدْ سَمَّيْتُهُ لَكَ يَا أبَا الطُّفَيْل وَاللهِ لَوْ اُدْخِلْتُ عَلَى عَامَّةِ شيعَتِي الَّذِينَ بِهِمْ اُقَاتِلُ، الَّذِينَ أقَرُّوا بِطَاعَتِي وَسَمَّوْني أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَاسْتَحَلُّوا جِهَادَ مَنْ خَالَفَنِي، فَحَدَّثْتُهُمْ بِبَعْض مَا أعْلَمُ مِنَ الْحَقَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم لَتَفَرَّقُوا عَنّي حَتَّى أبْقَى فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْحَقَّ قَلِيلَةٍ أنْتَ وَأشْبَاهُكَ مِنْ شيعَتِي)، فَفَزعْتُ وَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أنَا وَأشْبَاهِي مُتَفَرقٌ(3) عَنْكَ أوْ نَثْبُتُ مَعَكَ؟ قَالَ(4): (بَلْ تَثْبُتُونَ).
ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: (إِنَّ أمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَعْرفُهُ وَلاَ يُقِرُّ بِهِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ: مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، أوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ نَجِيبٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلإيمَان، يَا أبَا الطُّفَيْل إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قُبِضَ فَارْتَدَّ النَّاسُ ضُلاَلاً وَجُهَّالاً إِلاَّ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ بِنَا أهْلَ الْبَيْتِ)(5).
إيضاح: قوله عليه السلام: (وربيها) بكسر الراء إشارة إلى قوله تعالى: ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا))(6).6.
ص: 554
وقال البيضاوي: أي ربانيون علماء أتقياء(1) عابدون لربّهم، وقيل: جماعات(2) منسوب إلى الربّة وهي الجماعة(3).
أقول: رأيت في أصل كتاب سليم بن قيس مثله(4).
67 _ تفسير العياشي: عَنْ سَلاَم بْن الْمُسْتَنِير، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَقَدْ تَسَمَّوْا بِاسْم مَا سَمَّى اللهُ بِهِ أحَداً إِلاَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ، وَمَا جَاءَ تَأوِيلُهُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى يَجِيءُ تَأوِيلُهُ؟ قَالَ: (إِذَا جَاءَتْ جَمَعَ اللهُ أمَامَهُ النَّبِيَّينَ وَالْمُؤْمِنينَ حَتَّى يَنْصُرُوهُ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ))(5) فَيَوْمَئِذٍ يَدْفَعُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم اللّوَاءَ إِلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَيَكُونُ أمِيرَ الْخَلاَئِقِ كُلّهِمْ أجْمَعِينَ، يَكُونُ الْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ تَحْتَ لِوَائِهِ، وَيَكُونُ هُوَ أمِيرَهُمْ فَهَذَا تَأوِيلُهُ)(6).
68 _ تفسير العياشي: عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (((كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ))(7) لَمْ يَذُقِ الْمَوْتَ مَنْ قُتِلَ)، وَقَالَ: (لاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَرْجِعَ حَتَّى يَذُوقَ الْمَوْتَ)(8).
69 _ تفسير العياشي: عَنْ سِيرينَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِذْ قَالَ:0.
ص: 555
(مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ))، قَالَ: يَقُولُونَ: لاَ قِيَامَةَ وَلاَ بَعْثَ وَلاَ نُشُورَ، فَقَالَ: (كَذَّبُوا وَاللهِ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَكَرَّ مَعَهُ الْمُكِرُّونَ، فَقَالَ أهْلُ خِلاَفِكُمْ: قَدْ ظَهَرَتْ دَوْلَتُكُمْ يَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ وَهَذَا مِنْ كَذِبكُمْ تَقُولُونَ: رَجَعَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ(1) لاَ وَاللهِ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ، ألاَ تَرَى أنَّهُمْ قَالُوا: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ))؟ كَانَتِ الْمُشْركُونَ أشَدَّ تَعْظِيماً لِلاَتِ وَالْعُزَّى مِنْ أنْ يُقْسِمُوا بِغَيْرهَا فَقَالَ اللهُ: ((بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ * إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ))(2))(3).
70 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ وُهَيْبِ(4) بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ...))(5) إِلَى آخِر الآيَةِ، فَقَالَ: (ذَلِكَ فِي الْمِيثَاقِ)، ثُمَّ قَرَأتُ: ((التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ...))(6)، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لاَ تَقْرَأ هَكَذَا وَلَكِنْ اقْرَأ: (التَّائِبينَ الْعَابِدِينَ...) إِلَى آخِر الآيَةِ).
ثُمَّ قَالَ: (إِذَا رَأيْتَ هَؤُلاَءِ فَعِنْدَ ذَلِكَ هُمُ الَّذِينَ اشْتَرَى مِنْهُمْ أنْفُسَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ يَعْنِي (فِي)(7) الرَّجْعَةِ).ر.
ص: 556
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَلَهُ مَيْتَةٌ وَقَتْلَةٌ: مَنْ مَاتَ بُعِثَ حَتَّى يُقْتَلَ، وَمَنْ قُتِلَ بُعِثَ حَتَّى يَمُوتَ)(1).
تفسير العياشي: عن أبي بصير، مثله(2).
71 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن عَبْدِ الْجَبَّار وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْن الْمُثَنَّى، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أبِي الصَّبَّاح، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أكْرَهُ أنْ اُسَمَّيَهَا لَهُ، فَقَالَ لِي هُوَ: (عَن الْكَرَّاتِ تَسْألُنِي؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: (تِلْكَ الْقُدْرَةُ وَلاَ يُنْكِرُهَا إِلاَّ الْقَدَريَّةُ، لاَ تُنْكِرْهُ(3) تِلْكَ الْقُدْرَةُ لاَ تُنْكِرْهَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم اُتِيَ بِقِنَاع مِنَ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ عِذْقٌ يُقَالُ لَهُ: سُنَّةٌ، فَتَنَاوَلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(4).
بيان: قوله عليه السلام: (تلك القدرة) أي هذه من قدرة الله تعالى، ولا ينكرها إلاَّ القدرية من المعتزلة الذين ينكرون كثيراً من قدرة الله تعالى. و(القناع) بالكسر طبق من عسب النخل، وبعث هذا كان لإعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّه يقع في أمّته ما وقعت في الأمم السابقة، وقد وقعت الرجعة في الأمم السابقة مرَّات شتّى.
72 _ منتخب البصائر: ابْنُ عِيسَى، عَن الْحَسَن، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن دَاوُدَ الْعَبْدِيَّ، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أبِي بَكْرٍ الْيَشْكُريَّ قَامَ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ سَلاَمُ اللهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أمِيرَ 1.
ص: 557
الْمُؤْمِنينَ إِنَّ أبَا الْمُعْتَمِر تَكَلَّمَ آنِفاً بِكَلاَم لاَ يَحْتَمِلُهُ قَلْبِي، فَقَالَ: (وَمَا ذَاكَ؟)، قَالَ: يَزْعُمُ أنَّكَ حَدَّثْتَهُ أنَّكَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (إِنَّا قَدْ رَأيْنَا أوْ سَمِعْنَا بِرَجُلٍ أكْبَرَ سِنّاً مِنْ أبِيهِ)؟ فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (فَهَذَا الَّذِي كَبُرَ عَلَيْكَ؟)، قَالَ: نَعَمْ فَهَلْ تُؤْمِنُ أنْتَ بِهَذَا وَتَعْرفُهُ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ(1) افْقَهْ عَنّي اُخْبِرْكَ عَنْ ذَلِكَ، أنَّ عُزَيْراً خَرَجَ مِنْ أهْلِهِ وَامْرَأتِهِ فِي شَهْرهاَ(2) وَلَهُ يَوْمَئِذٍ خَمْسُونَ سَنَةً، فَلَمَّا ابْتَلاَهُ اللهُ عزّ وجل بِذَنْبِهِ أمَاتَهُ مِائَةَ عام ثُمَّ بَعَثَهُ، فَرَجَعَ إِلَى أهْلِهِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِينَ سَنَةً، فَاسْتَقْبَلَهُ ابْنُهُ وَهُوَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَرَدَّ اللهُ عُزَيْراً (إِلَى)(3) الَّذِي كَانَ بِهِ).
فَقَالَ: مَا تَزيدُ(4)؟ فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ)، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اُنَاساً مِنْ أصْحَابِكَ يَزْعُمُونَ أنَّهُمْ يُرَدُّونَ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (نَعَمْ تَكَلَّمْ بِمَا سَمِعْتَ وَلاَ تَزدْ فِي الْكَلاَم، فَمَا قُلْتَ لَهُمْ؟)، قَالَ: قُلْتُ: لاَ اُؤْمِنُ بِشَيْءٍ مِمَّا قُلْتُمْ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (وَيْلَكَ إِنَّ اللهَ عزّ وجل ابْتَلَى قَوْماً بِمَا كَانَ مِنْ ذُنُوبهِمْ فَأمَاتَهُمْ قَبْلَ آجَالِهِمُ الَّتِي سُمَّيَتْ لَهُمْ ثُمَّ رَدَّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا لِيَسْتَوْفُوا أرْزَاقَهُمْ، ثُمَّ أمَاتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ).
قَالَ: فَكَبُرَ عَلَى ابْن الْكَوَّاءِ وَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (وَيْلَكَ تَعْلَمُ أنَّ اللهَ عزّ وجل قَالَ فِي كِتَابِهِ: ((وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا))(5) فَانْطَلَقَ بِهِمْ مَعَهُ لِيَشْهَدُوا لَهُ إِذَا رَجَعُوا عِنْدَ الْمَلإ مِنْ بَنِي 5.
ص: 558
إِسْرَائِيلَ إِنَّ رَبَّي قَدْ كَلَّمَنِي فَلَوْ أنَّهُمْ سَلَّمُوا ذَلِكَ لَهُ، وَصَدَّقُوا بِهِ، لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى عليه السلام: ((لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً))، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(1) أتَرَى يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ بَعْدَ مَا مَاتُوا؟)، فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ: وَمَا ذَاكَ ثُمَّ أمَاتَهُمْ فَكَأنَّهُمْ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لاَ وَيْلَكَ أ وَلَيْسَ قَدْ أخْبَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ يَقُولُ: ((وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى))(2) فَهَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ إِذْ بَعَثَهُمْ.
وَأيْضاً مِثْلُهُمْ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ، الْمَلاَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَيْثُ يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(3)، وَقَوْلُهُ أيْضاً فِي عُزَيْرٍ حَيْثُ أخْبَرَ اللهُ عزّ وجل فَقَالَ: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ))(4) وَأخَذَهُ بِذَلِكَ الذَّنْبِ ((مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)) وَرَدَّهُ إِلَى الدُّنْيَا فَ- ((قالَ كَمْ))؟، فَ- ((قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ)) فَلاَ تَشُكَّنَّ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ فِي قُدْرَةِ اللهِ عزّ وجل)(5).
73 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن الْقَصِير، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قَرَأ هَذِهِ 2.
ص: 559
الآيَةَ: ((إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ))(1) فَقَالَ: (هَلْ تَدْري مَنْ يَعْنِي؟)، فَقُلْتُ: يُقَاتِلُ الْمُؤْمِنُونَ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، فَقَالَ: (لاَ وَلَكِنْ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ رُدَّ حَتَّى يَمُوتَ، وَمَنْ مَاتَ رُدَّ حَتَّى يُقْتَلَ، وَتِلْكَ الْقُدْرَةُ فَلاَ تُنْكِرْهَا)(2).
تفسير العياشي: عن عبد الرحيم، مثله(3).
74 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ لاَ يَكُونُ هَاهُنَا مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: (لاَ)، فَقُلْتُ: فَحَدَّثْنِي عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(4) حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ ثُمَّ أمَاتَهُمْ مِنْ يَوْمِهِمْ أوْ رَدَّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: (بَلْ رَدَّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى سَكَنُوا الدُّورَ، وَأكَلُوا الطَّعَامَ، وَنَكَحُوا النّسَاءَ، وَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ مَاتُوا بِالآجَال)(5).
75 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرو بْن شمْرٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِعَلِيًّ عليه السلام فِي الأرْض كَرَّةً مَعَ الْحُسَيْن ابْنهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا يُقْبِلُ بِرَايَتِهِ حَتَّى يَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَمُعَاوِيَةَ وَآل مُعَاوِيَةَ وَمَنْ شَهِدَ حَرْبَهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِمْ بِأنْصَارهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ 3.
ص: 560
ثَلاَثِينَ ألْفاً وَمِنْ سَائِر النَّاس سَبْعِينَ ألْفاً فَيَلْقَاهُمْ بِصِفّينَ مِثْلَ الْمَرَّةِ الاُولَى حَتَّى يَقْتُلَهُمْ، وَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِراً، ثُمَّ يَبْعَثُهُمُ اللهُ عزّ وجل فَيُدْخِلُهُمْ أشَدَّ عَذَابِهِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَآل فِرْعَوْنَ.
ثُمَّ كَرَّةً اُخْرَى مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى يَكُونَ خَلِيفَةً فِي الأرْض وَتَكُونَ الأئِمَّةُ عليهم السلام عُمَّالَهُ وَحَتَّى يَبْعَثَهُ(1) اللهُ عَلاَنِيَةً، فَتَكُونَ عِبَادَتُهُ عَلاَنِيَةً فِي الأرْض كَمَا عَبَدَ اللهَ سِرّاً فِي الأرْض).
ثُمَّ قَالَ: (إِي وَاللهِ وَأضْعَافَ ذَلِكَ _ ثُمَّ عَقَدَ بِيَدِهِ أضْعَافاً _ يُعْطِي اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم مُلْكَ جَمِيع أهْل الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ الدُّنْيَا إِلَى يَوْم يُفْنِيهَا حَتَّى يُنْجِزَ لَهُ مَوْعُودَهُ فِي كِتَابِهِ كَمَا قَالَ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(2))(3).
76 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن يَحْيَى، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: سَمَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أبَا بَكْرٍ صِدَّيقاً؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، إِنَّهُ حَيْثُ كَانَ مَعَهُ أبُو بَكْرٍ فِي الْغَار، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِنّي لأرَى سَفِينَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَضْطَربُ فِي الْبَحْر ضَالَّةً، فَقَالَ لَهُ أبُو بَكْرٍ: وَإِنَّكَ لَتَرَاهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ تَقْدِرُ أنْ تُريَنيهَا؟ فَقَالَ: ادْنُ مِنّي، فَدَنَا مِنْهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: انْظُرْ، فَنَظَرَ أبُو بَكْرٍ فَرَأى السَّفِينَةَ تَضْطَربُ فِي الْبَحْر، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى قُصُور أهْل الْمَدِينَةِ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: الآنَ صَدَّقْتُ أنَّكَ سَاحِرٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: صِدَّيقٌ أنْتَ!).9.
ص: 561
فَقُلْتُ: لِمَ سُمَّيَ عُمَرُ الْفَارُوقَ؟ قَالَ: (نَعَمْ، ألاَ تَرَى أنَّهُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، وَأخَذَ النَّاسُ بِالْبَاطِل؟).
فَقُلْتُ: فَلِمَ سُمَّيَ سَالِماً الأمِينُ؟ قَالَ: (لَمَّا أنْ كَتَبُوا الْكُتُبَ، وَوَضَعُوهَا عَلَى يَدِ سَالِم، فَصَارَ الأمِينَ). قُلْتُ: فَقَالَ: اتَّقُوا دَعْوَةَ سَعْدٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (إِنَّ سَعْداً يَكُرُّ فَيُقَاتِلُ عَلِيّاً عليه السلام)(1).
77 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُلَيْمَانَ بْن رُشَيْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيًّ الْخَزَّازِ، قَالَ: دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ عَلَى أبِي الْحَسَن الرضَا عليه السلام فَقَالَ لَهُ: أنْتَ إِمَامٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، فَقَالَ لَهُ: إِنّي سَمِعْتُ جَدَّكَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ الإمَامُ إِلاَّ وَلَهُ عَقِبٌ)، فَقَالَ: (أنَسِيتَ يَا شَيْخُ أمْ تَنَاسَيْتَ؟ لَيْسَ هَكَذَا قَالَ جَعْفَرٌ، إِنَّمَا قَالَ جَعْفَرٌ: لاَ يَكُونُ الإمَامُ إِلاَّ وَلَهُ عَقِبٌ إِلاَّ الإمَامَ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فَإنَّهُ لاَ عَقِبَ لَهُ)، فَقَالَ لَهُ: صَدَقْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَكَذَا سَمِعْتُ جَدَّكَ يَقُولُ(2).
78 _ تفسير العياشي: عَنْ رفَاعَةَ بْن مُوسَى قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يَكُرُّ إِلَى الدُّنْيَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام وَأصْحَابُهُ، وَيَزيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأصْحَابُهُ فَيَقْتُلُهُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، ثُمَّ قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (((رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(3))(4).3.
ص: 562
79 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ أبِي الْحَسَن الدَّيْلَمِيُّ بِإسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ))(1)، قَالَ: (الْمَوْعُودُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ، وَعَدَهُ اللهُ أنْ يَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ أعْدَائِهِ فِي الدُّنْيَا وَوَعَدَهُ الْجَنَّةَ لَهُ وَلأوْلِيَائِهِ فِي الآخِرَةِ)(2).
80 _ مجالس المفيد: الْكَاتِبُ، عَن الزَّعْفَرَانِيَّ، عَن الثَّقَفِيَّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَن الْفَضْل بْن الزُّبَيْر، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ الأسَدِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ وَفِيَّ سُنَّةٍ مِنْ أيُّوبَ(3)، وَاللهِ لَيَجْمَعَنَّ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جَمَعُوا لِيَعْقُوبَ)(4).
81 _ رجال الكشي: أبُو صَالِح خَلَفُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ سَهْل بْن زِيَادٍ(5)، عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِعَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ الْعَامِريَّ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَذُؤَابَتَاهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مُصْعِداً فِي لِحْفِ الْجَبَل بَيْنَ يَدَيْ قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ فِي أرْبَعَةِ آلاَفٍ مُكَبَّرُونَ وَمُكِرُّونَ)(6).
بيان: (اللحف) بالكسر أصل الجبل.
82 _ رجال الكشي: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَائِذٍ، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنّي سَألْتُ اللهَ فِي إِسْمَاعِيلَ أنْ يُبْقِيَهُ بَعْدِي فَأبَى وَلَكِنَّهُ قَدْ أعْطَانِي فِيهِ مَنْزلَةً اُخْرَى ).
ص: 563
إِنَّهُ يَكُونُ أوَّلَ مَنْشُورٍ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أصْحَابِهِ وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَريكٍ وَهُوَ صَاحِبُ لِوَائِهِ)(1).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى، وابن أبي الخطاب معاً، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة سالم بن مكرم الجمّال، مثله. وفيه: وفيهم عبد الله ابن شريك العامري، وفيهم صاحب الراية(2).
83 _ رجال الكشي: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن بُنْدَارَ الْقُمِّيَّ، بِخَطّهِ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن فُضَيْلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن فُرَاتٍ: لَقِيتَ أنْتَ الأصْبَغَ؟ قَالَ: نَعَمْ لَقِيتُهُ مَعَ أبِي فَرَأيْتُهُ شَيْخاً أبْيَضَ الرَّأس وَاللّحْيَةِ طِوَالاً، قَالَ لَهُ أبِي: حَدَّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَر: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ وَفِيَّ شَبَهٌ(3) مِنْ أيُّوبَ وَلَيَجْمَعَنَّ اللهُ لِي شَمْلِي كَمَا جَمَعَهُ لأيُّوبَ)، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ أنَا وَأبِي مِنَ الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: فَمَا مَضَى بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى تُوُفّيَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ(4).
84 _ رجال الكشي: طَاهِرُ بْنُ عِيسَى، عَن الشُّجَاعِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن بَشَّارٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيَّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنّي قَدْ كَبِرْتُ وَدَقَّ عَظْمِي اُحِبُّ أنْ يُخْتَمَ عُمُري(5) بِقَتْلٍ فِيكُمْ، فَقَالَ: وَمَا مِنْ هَذَا بُدٌّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَاجِلَةِ تَكُونُ فِي الآجِلَةِ(6).6.
ص: 564
85 _ رجال النجاشي(1): أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن غَالِبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن خَفْقَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أبَانُ بْنُ تَغْلِبَ: مَرَرْتُ بِقَوْم يَعِيبُونَ عَلَيَّ روَايَتِي عَنْ جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ تَلُومُوني فِي روَايَتِي عَنْ رَجُلٍ مَا سَألْتُهُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: فَمَرَّ صِبْيَانٌ وَهُمْ يُنْشدُونَ: (الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ) فَسَألْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: لِقَاءُ الأحْيَاءِ بِالأمْوَاتِ(2).
86 _ منتخب البصائر: وَقَفْتُ عَلَى كِتَابِ خُطَبٍ لِمَوْلاَنَا أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَعَلَيْهِ خَطُّ السَّيَّدِ رَضِيَّ الدَّين عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن طَاوُسٍ مَا صُورَتُهُ: هَذَا الْكِتَابُ ذَكَرَ كَاتِبُهُ رَجُلَيْن بَعْدَ الصَّادِقِ عليه السلام فَيُمْكِنُ أنْ يَكُونَ تَاريخُ كِتَابَتِهِ بَعْدَ الْمِائَتَيْن مِنَ الْهِجْرَةِ لأنَّهُ عليه السلام انْتَقَلَ بَعْدَ سَنَةِ مِائَةٍ وَأرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقَدْ رَوَى بَعْضَ مَا فِيهِ عَنْ أبِي رَوْح فَرَج بْن فَرْوَةَ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، وَبَعْضَ مَا فِيهِ عَنْ غَيْرهِمَا، ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ الْمُشَار إِلَيْهِ خُطْبَةً لأمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام تُسَمَّى الْمَخْزُونَ وَهِيَ:
(الْحَمْدُ للهِ الأحَدِ الْمَحْمُودِ الَّذِي تَوَحَّدَ بِمُلْكِهِ، وَعَلاَ بِقُدْرَتِهِ، أحْمَدُهُ عَلَى مَا عَرَّفَ مِنْ سَبِيلِهِ، وَألْهَمَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَعَلَّمَ مِنْ مَكْنُون حِكْمَتِهِ، فَإنَّهُ مَحْمُودٌ بِكُل مَا يُولِي، مَشْكُورٌ بِكُل مَا يُبْلِي، وَأشْهَدُ أنَّ قَوْلَهُ عَدْلٌ، وَحُكْمَهُ فَصْلٌ، وَلَمْ يَنْطِقْ فِيهِ نَاطِقٌ بِكَانَ إِلاَّ كَانَ قَبْلَ كَانَ.
وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَسَيَّدُ عِبَادِهِ، خَيْرُ مَنْ أهَلَّ أوَّلاً وَخَيْرُ مَنْ أهَلَّ آخِراً، فَكُلَّمَا نَسَجَ اللهُ الْخَلْقَ فَريقَيْن جَعَلَهُ فِي خَيْر الْفَريقَيْن، لَمْ يُسْهَمْ فِيهِ عَائِرٌ وَلاَ نِكَاحُ جَاهِلِيَّةٍ.7.
ص: 565
ثُمَّ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْكُمْ رَسُولاً مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، فَاتَّبِعُوا ما اُنْزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ، فَإنَّ اللهَ جَعَلَ لِلْخَيْر أهْلاً، وَلِلْحَقَّ دَعَائِمَ، وَلِلطَّاعَةِ عِصَماً يُعْصَمُ بِهِمْ، وَيُقِيمُ مِنْ حَقّهِ فِيهِمْ، عَلَى ارْتِضَاءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَجَعَلَ لَهَا رُعَاةً وَحَفَظَةً يَحْفَظُونَهَا بِقُوَّةٍ وَيُعِينُونَ عَلَيْهَا، أوْلِيَاءَ ذَلِكَ بِمَا وُلُّوا مِنْ حَقَّ اللهِ فِيهَا.
أمَّا بَعْدُ، فَإنَّ رُوحَ الْبَصَر رُوحُ الْحَيَاةِ الَّذِي لاَ يَنْفَعُ إِيمَانٌ إِلاَّ بِهِ، مَعَ كَلِمَةِ اللهِ وَالتَّصْدِيقِ بِهَا، فَالْكَلِمَةُ مِنَ الرُّوحِ وَالرُّوحُ مِنَ النُّور، وَالنُّورُ نُورُ السَّمَاوَاتِ فَبِأيْدِيكُمْ سَبَبٌ وَصَلَ إِلَيْكُمْ مِنْهُ إِيْثَارٌ وَاخْتِيَارٌ، نِعْمَةَ اللهِ لاَ تَبْلُغُوا شُكْرَهَا، خَصَّصَكُمْ بِهَا، وَاخْتَصَّكُمْ لَهَا، وَتِلْكَ الأمْثالُ نَضْربُها لِلنَّاس وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ.
فَأبْشرُوا بِنَصْرٍ مِنَ اللهِ عَاجِلٍ، وَفَتْح يَسِيرٍ يُقِرُّ اللهُ بِهِ أعْيُنَكُمْ، وَيَذْهَبُ بِحُزْنكُمْ كُفُّوا مَا تَنَاهَى النَّاسُ عَنْكُمْ، فَإنَّ ذَلِكَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُل طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللهِ، يَقُولُ عَلَى الألْسُن، وَيَثْبُتُ عَلَى الأفْئِدَةِ، وَذَلِكَ عَوْنُ اللهِ لأوْلِيَائِهِ يَظْهَرُ فِي خَفِيَّ نِعْمَتِهِ لَطِيفاً، وَقَدْ أثْمَرَتْ لأهْل التَّقْوَى أغْصَانَ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَإِنَّ فُرْقَاناً مِنَ اللهِ بَيْنَ أوْلِيَائِهِ وَأعْدَائِهِ، فِيهِ شفَاءٌ لِلصُّدُور، وَظُهُورٌ لِلنُّور، يُعِزُّ اللهُ بِهِ أهْلَ طَاعَتِهِ، وَيُذِلُّ بِهِ أهْلَ مَعْصِيَتِهِ.
فَلْيُعِدَّ امْرُؤٌ لِذَلِكَ عُدَّتَهُ، وَلاَ عُدَّةَ لَهُ إِلاَّ بِسَبَبِ بَصِيرَةٍ، وَصِدْقِ نِيَّةٍ وَتَسْلِيم سَلاَمَةُ أهْل الْخِفَّةِ فِي الطَّاعَةِ، ثِقْلُ الْمِيزَان، وَالْمِيزَانُ بِالْحِكْمَةِ، وَالْحِكْمَةُ فَضَاءٌ(1) لِلْبَصَر، وَالشَّكُّ وَالْمَعْصِيَةُ فِي النَّار، وَلَيْسَا مِنَّا وَلاَ لَنَا وَلاَ ).
ص: 566
إِلَيْنَا، قُلُوبُ الْمُؤْمِنينَ مَطْويَّةٌ عَلَى الإيمَان إِذَا أرَادَ اللهُ إِظْهَارَ مَا فِيهَا فَتَحَهَا بِالْوَحْي، وَزَرَعَ فِيهَا الْحِكْمَةَ، وَإِنَّ لِكُلّ شَيْءٍ إِنّى(1) يَبْلُغُهُ لاَ يُعَجَّلُ اللهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَبْلُغَ إِنَاهُ وَمُنْتَهَاهُ.
فَاسْتَبْشرُوا بِبُشْرَى مَا بُشرْتُمْ(2)، وَاعْتَرفُوا بِقُرْبَان مَا قُربَ لَكُمْ، وَتَنَجَّزُوا مَا وَعَدَكُمْ، إِنَّ مِنَّا دَعْوَةً خَالِصَةً يُظْهِرُ اللهُ بِهَا حُجَّتَهُ الْبَالِغَةَ، وَيُتِمُّ بِهَا نِعَمَهُ السَّابِغَةَ وَيُعْطِي بِهَا الْكَرَامَةَ الْفَاضِلَةَ، مَن اسْتَمْسَكَ بِهَا أخَذَ بِحِكْمَةٍ، مِنْهَا آتَاكُمُ اللهُ رَحْمَتَهُ وَمِنْ رَحْمَتِهِ نُورُ الْقُلُوبِ، وَوَضَعَ عَنْكُمْ أوْزَارَ الذُّنُوبِ، وَعَجَّلَ شفَاءَ صُدُوركُمْ وَصَلاَحَ اُمُوركُمْ، وَسَلاَمٌ مِنَّا دَائِماً عَلَيْكُمْ، تَعْلَمُونَ(3) بِهِ فِي دُوَل الأيَّام، وَقَرَار الأرْحَام، فَإِنَّ اللهَ اخْتَارَ لِدِينهِ أقْوَاماً انْتَخَبَهُمْ(4) لِلْقِيَام عَلَيْهِ، وَالنُّصْرَةِ لَهُ، بِهِمْ ظَهَرَتْ كَلِمَةُ الإسْلاَم، وَأرْجَاءُ مُفْتَرَض الْقُرْآن، وَالْعَمَل بِالطَّاعَةِ فِي مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربهَا.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ خَصَّصَكُمْ(5) بِالإسْلاَم، وَاسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ لأنَّهُ اسْمُ سَلاَمَةٍ، وَجِمَاعُ كَرَامَةٍ(6) اصْطَفَاهُ اللهُ فَنَهَجَهُ، وَبَيَّنَ حُجَجَهُ، وَأرَّفَ اُرَفَهُ وَحَدَّهُ وَوَصَفَهُ وَجَعَلَهُ رضًى كَمَا وَصَفَهُ، وَوَصَفَ أخْلاَقَهُ وَبَيَّنَ أطْبَاقَهُ، وَوَكَّدَ مِيثَاقَهُ، مِنْ ظَهْرٍ وَبَطْنٍ ذِي حَلاَوَةٍ وَأمْنٍ، فَمَنْ ظَفَرَ بِظَاهِرهِ، رَأى عَجَائِبَ ).
ص: 567
مَنَاظِرهِ فِي مَوَاردِهِ وَمَصَادِرهِ وَمَنْ فَطَنَ بِماَ(1) بَطَنَ، رَأى مَكْنُونَ الْفِطَن، وَعَجَائِبَ الأمْثَال وَالسُّنَن.
فَظَاهِرُهُ أنِيقٌ، وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ، فِيهِ يَنَابِيعُ النّعَم، وَمَصَابِيحُ الظُّلَم، لاَ تُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتِيحِهِ، وَلاَ تَنْكَشفُ الظُّلَمُ إِلاَّ بِمَصَابِيحِهِ، فِيهِ تَفْصِيلٌ وَتَوْصِيلٌ، وَبَيَانُ الاسْمَيْن الأعْلَيْن اللَّذَيْن جُمِعَا فَاجْتَمَعَا لاَ يَصْلُحَان إِلاَّ مَعاً يُسَمَّيَان فَيُعْرَفَان وَيُوصَفَان فَيَجْتَمِعَان قِيَامُهُمَا فِي تَمَام أحَدِهِمَا فِي مَنَازِلِهِمَا، جَرَى بِهِمَا وَلَهُمَا نُجُومٌ، وَعَلَى نُجُومِهِمَا نُجُومٌ سِوَاهُمَا، تُحْمَى حِمَاهُ وَتُرْعَى مَرَاعِيهِ وَفِي الْقُرْآن بَيَانُهُ وَحُدُودُهُ وَأرْكَانُهُ وَمَوَاضِعُ تَقَادِير مَا خُزِنَ بِخَزَائِنِهِ وَوُزِنَ بِمِيزَانِهِ مِيزَانُ الْعَدْل، وَحُكْمُ الْفَصْل.
إِنَّ رُعَاةَ الدَّين فَرَّقُوا بَيْنَ الشَّكِّ وَالْيَقِين، وَجَاءُوا بِالْحَقَّ الْمُبِين، قَدْ بَيَّنُوا الإسْلاَمَ تِبْيَاناً وَأسَّسُوا لَهُ أسَاساً وَأرْكَاناً، وَجَاءُوا عَلَى ذَلِكَ شُهُوداً وَبُرْهَاناً، مِنْ عَلاَمَاتٍ وَأمَارَاتٍ، فِيهَا كِفَاءٌ لِمُكْتَفٍ، وَشفَاءٌ لِمُشْتَفٍ، يَحْمَوْنَ حِمَاهُ، وَيَرْعَوْنَ مَرْعَاهُ، وَيَصُونُونَ مَصُونَهُ، وَيَهْجُرُونَ مَهْجُورَهُ، وَيُحِبُّونَ مَحْبُوبَهُ، بِحُكْم اللهِ وَبرهِ، وَبعَظِيم أمْرهِ، وَذِكْرهِ بِمَا يَجِبُ أنْ يُذْكَرَ بِهِ، يَتَوَاصَلُونَ بِالْوَلاَيَةِ، وَيَتَلاَقَوْنَ بِحُسْن اللَّهْجَةِ وَيَتَسَاقَوْنَ بِكَأس الرَّوِيَّةِ، وَيَتَرَاعَوْنَ بِحُسْن الرعَايَةِ، بِصُدُورٍ بَريَّةٍ، وَأخْلاَقٍ سَنِيَّةٍ لم يولم عليها، وبقلوب(2) رَضِيَّةٍ، لاَ يُشْرَبُ فِيهِ(3) الدَّنِيَّةُ، وَلاَ تُشْرَعُ فِيهِ(4) الْغِيبَةُ.).
ص: 568
فَمَن اسْتَبْطَنَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً اسْتَبْطَنَ خُلُقاً سَنِيّاً وَقَطَعَ أصْلَهُ وَاسْتَبْدَلَ مَنْزلَهُ بِنَقْصِهِ مُبْرماً، وَاسْتِحْلاَلِهِ مُجْرماً، مِنْ عَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ، وَعَقْدٍ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ، بِالْبِر وَالتَّقْوَى، وَإِيْثَار سَبِيل الْهُدَى، عَلَى ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ، وَآخَى اُلْفَتَهُمْ، فَعَلَيْهِ يَتَحَابُّونَ وَبهِ يَتَوَاصَلُونَ، فَكَانُوا كَالزَّرْع، وَتَفَاضُلُهُ يَبْقَى فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَفْنَى، وَبَيْعَتُهُ(1) التَّخْصِيصُ وَيَبْلُغُ مِنْهُ التَّخْلِيصُ، فَانْتَظِرْ(2) أمْرَهُ فِي قِصَر أيَّامِهِ، وَقِلَّةِ مَقَامِهِ فِي مَنْزلِهِ(3) حَتَّى يَسْتَبْدِلَ مَنْزلاً لِيَضَعَ مَنْحُولَهُ، وَمَعَارفَ مُنْقَلَبِهِ(4).
فَطُوبَى لِذِي قَلْبٍ سَلِيم أطَاعَ مَنْ يَهْدِيهِ، وَتَجَنَّبَ مَا يُرْدِيهِ، فَيَدْخُلُ مَدْخَلَ الْكَرَامَةِ، فَأصَابَ سَبِيلَ السَّلاَمَةِ سَيُبْصِرُ بِبَصَرهِ، وَأطَاعَ هَادِيَ أمْرهِ، دُلَّ أفْضَلَ الدَّلاَلَةِ وَكَشَفَ غِطَاءَ الْجَهَالَةِ الْمُضِلَّةِ الْمُلْهِيَةِ، فَمَنْ أرَادَ تَفَكُّراً أوْ تَذَكُّراً فَلْيَذْكُرْ رَأيَهُ وَلْيُبْرزْ بِالْهُدَى، مَا لَمْ تُغْلَقْ أبْوَابُهُ وَتُفَتَّحْ أسْبَابُهُ، وَقَبِلَ نَصِيحَةَ مَنْ نَصَحَ بِخُضُوع وَحُسْن خُشُوع، بِسَلاَمَةِ الإسْلاَم وَدُعَاءِ التَّمَام، وَسَلاَم بِسَلاَم، تَحِيَّةً دَائِمَةً لِخَاضِع مُتَوَاضِع يَتَنَافَسُ بِالإيمَان، وَيَتَعَارَفُ عِدْلَ الْمِيزَان، فَلْيَقْبَلْ أمْرَهُ وَإِكْرَامَهُ بِقَبُولٍ وَلْيَحْذَرْ قَارعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا.
إِنَّ أمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْتَمِلُهُ إِلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلإيمَان لاَ يَعِي حَدِيثَنَا إِلاَّ حُصُونٌ حَصِينَةٌ، أوْ صُدُورٌ أمِينَةٌ أوْ أحْلاَمٌ رَزِينَةٌ يَا عَجَباً كُلَّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ).
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيس: مَا هَذَا الْعَجَبُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟).
ص: 569
قَالَ: (وَمَا لِيَ لاَ أعْجَبُ وَسَبَقَ الْقَضَاءُ فِيكُمْ وَمَا تَفْقَهُونَ الْحَدِيثَ، إِلاَّ صَوْتَاتٍ بَيْنَهُنَّ مَوْتَاتٌ، حَصْدُ نَبَاتٍ وَنَشْرُ أمْوَاتٍ، وَا عَجَبَا كُلَّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ.
قَالَ أيْضاً رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا هَذَا الْعَجَبُ الَّذِي لاَ تَزَالُ تَعْجَبُ مِنْهُ؟
قَالَ: (ثَكِلَتِ الآخَرَ اُمُّهُ وَأيُّ عَجَبٍ يَكُونُ أعْجَبَ مِنْهُ أمْوَاتٌ يَضْربُونَ هَامَ(1) الأحْيَاءِ).
قَالَ: أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟
قَالَ: (وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ، كَأنّي أنْظُرُ قَدْ تَخَلَّلُوا سِكَكَ الْكُوفَةِ وَقَدْ شَهَرُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى مَنَاكِبهِمْ، يَضْربُونَ كُلَّ عَدُوٍّ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنينَ وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآْخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ))(2).
ألاَ يَ(3) أيُّهَا النَّاسُ! سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني إِنّي بِطُرُقِ السَّمَاءِ أعْلَمُ مِنَ الْعَالِم بِطُرُقِ الأرْض، أنَا يَعْسُوبُ الدَّين(4)، وَغَايَةُ السَّابِقِينَ، وَلِسَانُ الْمُتَّقِينَ، وَخَاتَمُ الْوَصِيَّينَ، وَوَارثُ النَّبِيَّينَ، وَخَلِيفَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أنَا قَسِيمُ النَّار، وَخَازِنُ الْجِنَان، وَصَاحِبُ الْحَوْض، وَصَاحِبُ الأعْرَافِ،).
ص: 570
وَلَيْسَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ إِمَامٌ إِلاَّ عَارفٌ بِجَمِيع أهْل وَلاَيَتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ))(1).
ألاَ يَا أيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أنْ تَشْغَرَ(2) بِرجْلِهَا فِتْنَةٌ شَرْقِيَّةٌ تَطَاُ فِي خِطَامِهاَ(3) بَعْدَ مَوْتٍ وَحَيَاةٍ أوْ تَشبَّ نَارٌ بِالْحَطَبِ الْجَزْل غَرْبيَّ الأرْض رَافِعَةً ذَيْلَهَا تَدْعُو يَا وَيْلَهَا بِذَحْلَةٍ أوْ مِثْلِهَا.
فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، قُلْتُ: مَاتَ أوْ هَلَكَ بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(4).
وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلاَمَاتٌ، أوَّلُهُنَّ إِحْصَارُ الْكُوفَةِ بِالرَّصَدِ وَالْخَنْدَقِ، وَتَخْريقُ الزَّوَايَا فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ(5) وَتَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَتَخْفِقُ رَايَاتٌ ثَلاَثٌ حَوْلَ الْمَسْجِدِ الأكْبَر، يُشْبِهْنَ بِالْهُدَى، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار، وَقَتْلٌ كَثِيرٌ وَمَوْتٌ ذَريعٌ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَالْمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَقَتْلُ الأسْبَغ الْمُظَفَّر صَبْراً فِي بَيْعَةِ الأصْنَام، مَعَ كَثِيرٍ مِنْ شَيَاطِين الإنْس.
وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ بِرَايَةٍ خَضْرَاءَ، وَصَلِيبٍ مِنْ ذَهَبٍ، أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ عِنَان مَنْ يَحْمِلُ السُّفْيَانِيَّ مُتَوَجَّهاً إِلَى مَكَّةَ ).
ص: 571
وَالْمَدِينَةِ، أمِيرُهَا أحَدٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: خُزَيْمَةُ أطْمَسُ الْعَيْن الشمَال عَلَى عَيْنهِ طَرْفَةٌ(1)، يَمِيلُ(2) بِالدُّنْيَا فَلاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ حَتَّى يَنْزلَ الْمَدِينَةَ فَيَجْمَعَ رجَالاً وَنسَاءً مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَحْبِسَهُمْ فِي دَارٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا: دَارُ أبِي الْحَسَن الاُمَويَّ.
وَيَبْعَثُ خَيْلاً فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ رجَالٌ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ أمِيرُهُمْ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا الصَّفَائِحَ الأبْيَضَ بِالْبَيْدَاءِ، يُخْسَفُ بِهِمْ، فَلاَ يَنْجُو مِنْهُمْ أحَدٌ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ يُحَوِّلُ اللهُ وَجْهَهُ فِي قَفَاهُ لِيُنْذِرَهُمْ، وَلِيَكُونَ آيَةً لِمَنْ خَلْفَهُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))(3)، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ مِائَةً وَثَلاَثِينَ ألْفاً إِلَى الْكُوفَةِ فَيَنْزلُونَ بِالرَّوْحَاءِ وَالْفَارُوقِ وَمَوْضِع مَرْيَمَ وَعِيسَى عليهما السلام بِالْقَادِسِيَّةِ وَيَسِيرُ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ ألْفاً حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ مَوْضِعَ قَبْر هُودٍ عليه السلام بِالنُّخَيْلَةِ فَيَهْجُمُوا عَلَيْهِ يَوْمَ زِينَةٍ وَأمِيرُ النَّاس جَبَّارٌ عَنِيدٌ يُقَالُ لَهُ: الْكَاهِنُ السَّاحِرُ فَيَخْرُجُ مِنْ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهُ: الزَّوْرَاءُ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْكَهَنَةِ، وَيَقْتُلُ عَلَى جِسْرهَا سَبْعِينَ ألْفاً حَتَّى يَحْتَمِيَ النَّاسُ الْفُرَاتَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ مِنَ الدَّمَاءِ، وَنَتْن الأجْسَادِ، وَيَسْبِي مِنَ الْكُوفَةِ أبْكَاراً لاَ يُكْشَفُ عَنْهَا كَفٌّ وَلاَ قِنَاعٌ، حَتَّى يُوضَعْنَ فِي الْمَحَامِل يُزْلِفُ بِهِنَّ الثُّوَيَّةَ وَهِيَ الْغَريَّيْن.1.
ص: 572
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ مِائَةُ ألْفٍ بَيْنَ مُشْركٍ وَمُنَافِقٍ، حَتَّى يَضْربُونَ دِمَشْقَ لاَ يَصُدُّهُمْ عَنْهَا صَادٌّ، وَهِيَ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، وَتُقْبِلُ رَايَاتُ شَرْقِيَّ الأرْض لَيْسَتْ بِقُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلاَ حَريرٍ، مُخَتَّمَةً فِي رُءُوس الْقَنَا بِخَاتَم السَّيَّدِ الأكْبَر، يَسُوقُهَا رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ تُطَيَّرُ بِالْمَشْرقِ يُوجَدُ ريحُهَا بِالْمَغْربِ، كَالْمِسْكِ الأذْفَر، يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهَا شَهْراً.
وَيَخْلُفُ أبْنَاءُ سَعْدٍ السَّقَّاءِ بِالْكُوفَةِ طَالِبِينَ بِدِمَاءِ آبَائِهِمْ، وَهُمْ أبْنَاءُ الْفَسَقَةِ حَتَّى يَهْجُمَ(1) عَلَيْهِمْ خَيْلُ الْحُسَيْن عليه السلام يَسْتَبِقَان كَأنَّهُمَا فَرَسَا رهَانٍ، شُعْثٌ غُبْرٌ أصْحَابُ بَوَاكِي وَقَوَارحَ(2) إِذْ يَضْربُ أحَدُهُمْ بِرجْلِهِ بَاكِيَةً، يَقُولُ: لاَ خَيْرَ فِي مَجْلِسٍ بَعْدَ يَوْمِنَا هَذَا، اللهُمَّ فَإنَّا التَّائِبُونَ الْخَاشعُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ، فَهُمُ الأبْدَالُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))(3) وَالْمُطَهَّرُونَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل نَجْرَانَ رَاهِبٌ يَسْتَجِيبُ الإمَامَ(4)، فَيَكُونُ أوَّلَ النَّصَارَى إِجَابَةً، وَيَهْدِمُ صَوْمَعَتَهُ وَيَدُقُّ صَلِيبَهَا، وَيَخْرُجُ بِالْمَوَالِي وَضُعَفَاءِ النَّاس وَالْخَيْل فَيَسِيرُونَ إِلَى النُّخَيْلَةِ بِأعْلاَم هُدًى، فَيَكُونُ مَجْمَعُ ).
ص: 573
النَّاس جَمِيعاً مِنَ الأرْض كُلِّهَا بِالْفَارُوقِ وَهِيَ مَحَجَّةُ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْبُرْس وَالْفُرَاتِ، فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(1) بِالسَّيْفِ وَتَحْتَ ظِل السَّيْفِ.
وَيَخْلُفُ مِنْ بَنِي أشْهَبَ الزَّاجِرُ اللَّحْظِ فِي اُنَاسٍ مِنْ غَيْر أبِيهِ هُرَّاباً حَتَّى يَأتُونَ سِبَطْرَى عُوَّذاً بِالشَّجَر فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: (( فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ))(2) وَمَسَاكِنُهُمُ الْكُنُوزُ الَّتِي غَنِمُوا مِنْ أمْوَال الْمُسْلِمِينَ وَيَأتِيهِمْ يَوْمَئِذٍ الْخَسْفُ وَالْقَذْفُ وَالْمَسْخُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))(3).
وَيُنَادِي مُنَادٍ فِي (شَهْر)(4) رَمَضَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرقِ، عِنْدَ طُلُوع الشَّمْس: يَا أهْلَ الْهُدَى(5) اجْتَمِعُوا، وَيُنَادِي مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْربِ بَعْدَ مَا تَغِيبُ الشَّمْسُ: يَا أهْلَ الْهُدَى اجْتَمِعُوا، وَمِنَ الْغَدِ عِنْدَ الظُّهْر بَعْدَ تَكَوُّر الشَّمْس، فَتَكُونُ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، بِخُرُوج دَابَّةِ الأرْض وَتُقْبِلُ ).
ص: 574
الرُّومُ إِلَى قَرْيَةٍ بِسَاحِل الْبَحْر، عِنْدَ كَهْفِ الْفِتْيَةِ، وَيَبْعَثُ اللهُ الْفِتْيَةَ مِنْ كَهْفِهِمْ إِلَيْهِمْ، (مِنْهُمْ)(1) رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيخاَ(2) وَالآخَرُ كمسلمينا وَهُمَا الشَّاهِدَان الْمُسْلِمَان(3) لِلْقَائِم(4).
فَيَبْعَثُ أحَدَ الْفِتْيَةِ إِلَى الرُّوم، فَيَرْجِعُ بِغَيْر حَاجَةٍ، وَيَبْعَثُ بِالآخَر، فَيَرْجِعُ بِالْفَتْح فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(5).
ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً لِيُريَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(6) وَالْوَزَعُ خَفَقَانُ أفْئِدَتِهِمْ.
وَيَسِيرُ الصّدَّيقُ الأكْبَرُ بِرَايَةِ الْهُدَى، وَالسَّيْفِ ذِي(7) الْفَقَار، وَالْمِخْصَرَةِ(8) حَتَّى يَنْزلَ أرْضَ الْهِجْرَةِ مَرَّتَيْن وَهِيَ الْكُوفَةُ، فَيَهْدِمُ مَسْجِدَهَا وَيَبْنِيهِ عَلَى بِنَائِهِ الأوَّل، وَيَهْدِمُ مَا دُونَهُ مِنْ دُور الْجَبَابِرَةِ، وَيَسِيرُ ب.
ص: 575
إِلَى الْبَصْرَةِ حَتَّى يُشْرفَ عَلَى بَحْرهَا، وَمَعَهُ التَّابُوتُ، وَعَصَا مُوسَى، فَيَعْزمُ عَلَيْهِ فَيَزْفَرُ فِي الْبَصْرَةِ زَفْرَةً فَتَصِيرُ بَحْراً لُجَّيّاً لاَ يَبْقَى فِيهَا غَيْرُ مَسْجِدِهَا كَجُؤْجُؤِ السَّفِينَةِ، عَلَى ظَهْر الْمَاءِ.
ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى حَرُوراَ(1) حَتَّى يُحْرقَهَا وَيَسِيرَ مِنْ بَابِ بَنِي أسَدٍ حَتَّى يَزْفِرَ زَفْرَةً فِي ثَقِيفٍ، وَهُمْ زَرْعُ فِرْعَوْنَ، ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى مِصْرَ فَيَصْعَدُ(2) مِنْبَرَهُ، فَيَخْطُبُ النَّاسَ فَتَسْتَبْشرُ الأرْضُ بِالْعَدْل، وَتُعْطِي السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَالشَّجَرُ ثَمَرَهَا، وَالأرْضُ نَبَاتَهَا، وَتَتَزَيَّنُ لأهْلِهَا، وَتَأمَنُ الْوُحُوشُ حَتَّى تَرْتَعِيَ فِي طُرُقِ(3) الأرْض كَأنْعَامِهِمْ، وَيُقْذَفُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ الْعِلْمُ فَلاَ يَحْتَاجُ مُؤْمِنٌ إِلَى مَا عِنْدَ أخِيهِ مِنْ عِلْم، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ))(4).
وَتُخْرجُ لَهُمُ الأرْضُ كُنُوزَهَا، وَيَقُولُ الْقَائِمُ: كُلُوا هَنِيئاً بِما أسْلَفْتُمْ فِي الأيَّام الْخالِيَةِ، فَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أهْلُ صَوَابٍ لِلدَّين، اُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلاَم فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا))(5) فَلاَ يَقْبَلُ اللهُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ دِينَهُ الْحَقَّ ألا للهِ الدَّينُ الْخالِصُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الأَْرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَ فَلا يُبْصِرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ))(6).0.
ص: 576
فَيَمْكُثُ فِيمَا بَيْنَ خُرُوجِهِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَنَيَّفٍ، وَعِدَّةُ أصْحَابِهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَسَبْعُونَ مِنَ الْجِن وَمِائَتَان وَأرْبَعَةٌ وَثَلاَثُونَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ الَّذِينَ غَضِبُوا لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِذْ هَجَمَتْهُ(1) مُشْركُو قُرَيْشٍ فَطَلَبُوا إِلَى نَبِيَّ اللهِ أنْ يَأذَنَ لَهُمْ فِي إِجَابَتِهِمْ فَأذِنَ لَهُمْ حَيْثُ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(2) وَعِشْرُونَ مِنْ أهْل الْيَمَن مِنْهُمُ الْمِقْدَادُ بْنُ الأسْوَدِ وَمِائَتَان وَأرْبَعَةَ عَشَرَ الَّذِينَ كَانُوا بِسَاحِل الْبَحْر مِمَّا يَلِي عَدَنَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ نَبِيُّ اللهِ بِرسَالَةٍ فَأتُوا مُسْلِمِينَ(3).
وَمِنْ أفْنَاءِ النَّاس ألْفَان وَثَمَانُمِائَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ وَمِنَ الْمَلاَئِكَةِ أرْبَعُونَ ألْفاً، مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُسَوِّمِينَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ، وَمِنَ الْمُرْدِفِينَ خَمْسَةُ آلاَفٍ.
فَجَمِيعُ أصْحَابِهِ عليه السلام سَبْعَةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً وَمِائَةٌ وَثَلاَثُونَ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةُ رُءُوسٍ مَعَ كُل رَأسٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أرْبَعَةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن وَالإنْس، عِدَّةَ يَوْمِ بَدْرٍ، فَبِهِمْ(4) يُقَاتِلُ وَإِيَّاهُمْ يَنْصُرُ اللهُ، وَبهِمْ يَنْتَصِرُ وَبهِمْ يُقَدَّمُ النَّصْرُ وَمِنْهُمْ نَضْرَةُ الأرْض).
كَتَبْتُهَا كَمَا وَجَدْتُهَا وَفِيهَا نَقْصُ حُرُوفٍ(5).
بيان: (لم ينطق فيه ناطق بكان) أي كلّما عبَّر عنه بكان فهو لضرورة العبارة إذ كان يدلُّ على الزمان، وهو معرى عنه. موجود قبل حدوثه.2.
ص: 577
قوله عليه السلام: (من أهل) أي جعله أهلاً للنبوّة والخلافة، قوله عليه السلام: (كلّما نسج الله) أي جمعهم مجازاً، قوله عليه السلام: (لم يسهم) أي لم يشرك فيه، والعائر من السهام الذي لا يدري راميه، كناية عن الزنا واختلاط النسب، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من العار وكأنَّه تصحيف عاهر.
قوله عليه السلام: (فإنَّ روح البصر) لعلَّ خبر إنَّ (مع كلمة الله) وروح الحياة بدل من روح البصر أي روح الإيمان الذي يكون مع المؤمن، وبه يكون بصيراً وحيّاً حقيقة، لا يكون إلاَّ مع كلمة الله، أي إمام الهدى، فالكلمة من الروح: أي معه أو هو أيضاً آخذ من الروح أي روح القدس والروح يأخذ من النور والنور هو الله تعالى كما قال: ((اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ)) فبأيديكم سبب من كلمة الله وصل إليكم من الله ذلك السبب آثركم واختاركم وخصَّصكم به وهو نعمة من الله خصَّصكم بها لا يمكنكم أن تؤدّوا شكرها.
قوله عليه السلام: (يظهر) أي العون أو هو تعالى، قوله عليه السلام: (وإنَّ فرقاناً) خبر (إنَّ) إمَّا محذوف أي بين ظاهر، أو هو قوله: (يعزُّ الله) أو قوله: (فليعد) بتأويل مقول في حقّه، والمراد بالفرقان القرآن، وقوله: (سلامة) مبتدأ و(ثقل الميزان) خبره، أي سلامة من يخف في الطاعة ولا يكسل فيها، إنَّما يظهر عند ثقل الميزان في القيامة أو هو سبب لثقله، ويحتمل أن يكون التسليم مضافاً إلى السلامة أي التسليم الموجب للسلامة و(أهل) مبتدأ (وثقل) بالتشديد على صيغة الجمع خبره.
قوله: (والميزان بالحكمة) أي ثقل الميزان بالعمل إنَّما يكون إذا كان مقروناً بالحكمة فإنَّ عمل الجاهل لا وزن له، فتقديره: الميزان يثقل بالحكمة.
ص: 578
والحكمة فضاء للبصر، أي بصر القلب يجول فيها، قوله: (إني) بالكسر والقصر أي وقتاً، قوله: (واعترفوا بقربان ما قرب لكم) أي اعترفوا وصدَّقوا بقرب ما أخبركم أنَّه قريب منكم، قوله عليه السلام: (وأرف أرفه) الأرف كصرد جمع الآرفة وهي الحدّ أي حدد حدوده وبينها، ثُمَّ الظاهر أنَّه قد سقط كلام مشتمل على ذكر القرآن قبل قوله: (من ظهر وبطن) فإنَّما ذكر بعده أوصاف القرآن وما ذكر قبله أوصاف الإسلام، وإن أمكن أن يستفاد ذكر القرآن من الوصف والتبيين والتحديد المذكورة في وصف الإسلام لكن الظاهر على هذا السياق أن يكون جميع ذلك أوصاف الإسلام.
والمراد بالاسمين الأعلين محمّد وعليّ صلوات الله عليهما، و(لهما نجوم) أي سائر أئمّة الهدى، و(على نجومهما نجوم) أي على كلّ من تلك النجوم دلائل وبراهين من الكتاب والسُنّة والمعجزات الدالة على حقيتهم، ويحتمل أن يكون المراد بالاسمين الكتاب والعترة.
قوله: (تحمى) على بناء المعلوم، والفاعل (النجوم). أو على المجهول، وعلى التقديرين الضمير في (حماه ومراعيه) راجع إلى (الإسلام) وكذا الضمائر بعدهما وكان في الأصل بعد قوله: (وأخلاق سنيّة) بياض.
و(الطرفة) بالفتح: نقطة حمراء من الدمّ تحدث في العين من ضربة ونحوها.
أقول: هكذا وجدتها في الأصل سقيمة محرَّفة، وقد صحَّحت بعض أجزائها من بعض مؤلّفات بعض أصحابنا، ومن الأخبار الأخر، وقد اعترف صاحب الكتاب بسقمها، ومع ذلك يمكن الانفتاع بأكثر فوائدها،
ص: 579
ولذا أوردتها، مع ما أرجو من فضله تعالى أن يتيسَّر نسخة يمكن تصحيحها بها، وقد سبق كثير من فقراتها في باب علامات ظهوره عليه السلام.
87 _ الكافي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم بْن أبِي سَلْمَةَ، عَن الْحَسَن بْن شَاذَانَ الْوَاسِطِيَّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي الْحَسَن الرضَا عليه السلام أشْكُو جَفَاءَ أهْل وَاسِطَ وَحَمْلَهُمْ عَلَيَّ، وَكَانَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْعُثْمَانِيَّةِ تُؤْذِيني، فَوَقَّعَ بِخَطّهِ:
(إِنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أخَذَ مِيثَاقَ أوْلِيَائِنَا عَلَى الصَّبْر فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل، فَاصْبِرْ لِحُكْم رَبَّكَ، فَلَوْ قَدْ قَامَ سَيَّدُ الْخَلْقِ لَقَالُوا: ((يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ))(1))(2).
88 _ تفسير القمي: ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآْخِرَةِ))(3) يَعْنِي الْقَائِمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَأصْحَابَهُ ((لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ)) يَعْنِي تَسْوَدُّ وُجُوهُهُمْ ((وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأصْحَابَهُ وَأمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَأصْحَابَهُ(4).
89 _ تفسير القمي: ((حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ))(5)، قَالَ: الْقَائِمُ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليهم(6).
90 _ تفسير العياشي: عَنْ صَالِح بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام 1.
ص: 580
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ))(1) قَالَ: (خُرُوجُ الْحُسَيْن عليه السلام فِي الْكَرَّةِ فِي سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ، عَلَيْهِمُ الْبِيضُ الْمُذَهَّبَةُ لِكُل بَيْضَةٍ وَجْهَان...)(2) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي بَابِ الآيَاتِ الْمُؤَوَّلَةِ بِالْقَائِم عليه السلام.
91 _ الإرشاد: مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ(3) وَفِيَّ سُنَّةٍ مِنْ أيُّوبَ، وَسَيَجْمَعُ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جَمَعَ لِيَعْقُوبَ شَمْلَهُ، وَذَلِكَ إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، وَقُلْتُمْ: مَاتَ(4) أوْ هَلَكَ...)(5) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي بَابِ إِخْبَار أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام(6) بِالْقَائِم عليه السلام(7).
92 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِر بْن سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: مَنْ أرَادَ أنْ يُقَاتِلَ شيعَةَ الدَّجَّال، فَلْيُقَاتِل الْبَاكِيَ عَلَى دَم عُثْمَانَ، وَالْبَاكِيَ عَلَى أهْل النَّهْرَوَان، إِنَّ مَنْ لَقِيَ اللهَ مُؤْمِناً بِأنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً لَقِيَ اللهَ عزّ وجل سَاخِطاً عَلَيْهِ، وَلاَ يُدْركُ الدَّجَّالَ.ة.
ص: 581
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ فَإنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَيُبْعَثُ مِنْ قَبْرهِ حَتَّى يُؤْمِنَ بِهِ وَإِنْ رَغَمَ أنْفُهُ)(1).
93 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْن النُّعْمَان، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أمَا لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاءُ حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ وَحَتَّى يَنْتَقِمَ لابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ عليها السلام مِنْهَا...)(2) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي بَابِ سِيَرهِ عليه السلام.
94 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ الْكَريم الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا آنَ قِيَامُ الْقَائِم مُطِرَ النَّاسُ جُمَادَى الآخِرَةِ وَعَشْرَةَ أيَّام مِنْ رَجَبٍ مَطَراً لَمْ تَرَ الْخَلاَئِقُ مِثْلَهُ فَيَنْبُتُ اللهُ بِهِ لُحُومَ الْمُؤْمِنينَ وَأبْدَانَهُمْ فِي قُبُورهِمْ، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُقْبِلِينَ مِنْ قِبَل جُهَيْنَةَ، يَنْفُضُونَ شُعُورَهُمْ مِنَ التُّرَابِ)(3).
95 _ إعلام الورى، والإرشاد: رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ مَعَ(4) الْقَائِم عليه السلام مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ رَجُلاً خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ قَوْم مُوسَى عليه السلام (الَّذِينَ كَانُوا يَهْدُونَ بِالْحَقَّ وَبهِ يَعْدِلُونَ)(5) وَسَبْعَةٌ مِنْ أهْل الْكَهْفِ، وَيُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَسَلْمَانُ، ).
ص: 582
وَأبُو دُجَانَةَ الأنْصَاريُّ، وَالْمِقْدَادُ، وَمَالِكٌ الأشْتَرُ، فَيَكُونُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ أنْصَاراً وَحُكَّاماً)(1).
تفسير العياشي: عن المفضَّل، مثله بتغيير ما وقد مرَّ(2).
96 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ (مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ)(3)، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُوسُفَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن ابْن حُمَيْدٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ لَنَصَرَهُ اللهُ بِالْمَلاَئِكَةِ وَأوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ الثَّانِي...) إِلَى آخِر مَا مَرَّ(4).
97 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيًّ الزَّيْتُونيَّ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الرضَا عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ فِي عَلاَمَاتِ ظُهُور الْقَائِم عليه السلام قَالَ: (وَالصَّوْتُ الثَّالِثُ يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً نَحْوَ عَيْن الشَّمْس: هَذَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ قَدْ كَرَّ فِي هَلاَكِ الظَّالِمِينَ...)(5) الْخَبَرَ.
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن أحمد بن مابنداذ، والحميري معاً، عن أحمد بن هلال مثله(6).1.
ص: 583
98 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشيرٍ، عَنْ خَالِدِ (بْن) أبِي عُمَارَةَ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: ذَكَرْنَا الْقَائِمَ عليه السلام وَمَنْ مَاتَ مِنْ أصْحَابِنَا يَنْتَظِرُهُ، فَقَالَ لَنَا أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا قَامَ أتَى الْمُؤْمِنَ فِي قَبْرهِ فَيُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ صَاحِبُكَ! فَإنْ تَشَأ أنْ تَلْحَقَ بِهِ فَالْحَقْ وَإِنْ تَشَأ أنْ تُقِيمَ فِي كَرَامَةِ رَبَّكَ فَأقِمْ)(1).
99 _ من لا يحضره الفقيه: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن مُوسَى وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن أحْمَدَ الْكَاتِبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيَّ، عَنْ مُوسَى بْن عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الثَّالِثِ عليه السلام فِي الزِّيَارَةِ الْجَامِعَةِ، وَسَاقَ الزِّيَارَةَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثَارَكُمْ، وَيَسْلُكُ سُبُلَكُمْ، وَيَهْتَدِي بِهُدَاكُمْ، وَيُحْشَرُ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَيَكُرُّ فِي رَجْعَتِكُمْ، وَيُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِكُمْ، وَيُشَرَّفُ فِي عَافِيَتِكُمْ وَيُمَكَّنُ فِي أيَّامِكُمْ، وَتَقَرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ).
وَفِي زِيَارَةِ الْوَدَاع: (وَمَكَّنَنِي فِي دَوْلَتِكُمْ وَأحْيَانِي فِي رَجْعَتِكُمْ)(2).
تهذيب الأحكام: عن الصدوق، مثله(3).
100 _ تهذيب الأحكام: جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ هَارُونَ بْن مُوسَى التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مَعْمَرٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن مَسْعَدَةَ وَالْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ الْجَمَّال، عَن الصَّادِقِ عليه السلام فِي زِيَارَةِ الأرْبَعِينَ: (وَأشْهَدُ أنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَبإيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِع دِيني وَخَوَاتِيم عَمَلِي)(4).7.
ص: 584
101 _ من لا يحضره الفقيه: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَرَّتِنَا وَ(لَمْ)(1) يَسْتَحِلَّ مُتْعَتَنَا)(2).
102 _ الكافي: جَمَاعَةٌ، عَنْ سَهْل بْن زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ))(3)، قَالَ: فَقَالَ لِي: (يَا أبَا بَصِيرٍ مَا تَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ؟)، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ الْمُشْركِينَ يَزْعُمُونَ وَيَحْلِفُونَ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ اللهَ لاَ يَبْعَثُ الْمَوْتَى، قَالَ: فَقَالَ: (تَبّاً لِمَنْ قَالَ هَذَا، سَلْهُمْ: هَلْ كَانَ الْمُشْركُونَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ أمْ بِاللاَتِ وَالْعُزَّى؟)، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأوْجِدْنِيهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: (يَا أبَا بَصِيرٍ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِ قَوْماً مِنْ شيعَتِنَا قِبَاعُ(4) سُيُوفِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ شيعَتِنَا لَمْ يَمُوتُوا، فَيَقُولُونَ: بُعِثَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ مِنْ قُبُورهِمْ وَهُمْ مَعَ الْقَائِم، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ عَدُوَّنَا فَيَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الشيعَةِ مَا أكْذَبَكُمْ؟ هَذِهِ دَوْلَتُكُمْ فَأنْتُمْ تَقُولُونَ فِيهَا الْكَذِبَ، لاَ وَاللهِ مَا عَاشَ هَؤُلاَءِ وَلاَ يَعِيشُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)، قَالَ: (فَحَكَى اللهُ قَوْلَهُمْ فَقَالَ: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)))(5).4.
ص: 585
تفسير العياشي: عن أبي بصير، مثله(1).
أقول: روى السيّد في كتاب سعد السعود من كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام تأليف المفيد رحمه الله: عن ابن أبي هراسة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، مثله(2).
103 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن شَمُّونٍ، عَن الأصَمَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْبَطَل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَْرْضِ مَرَّتَيْنِ))(3)، قَالَ: (قَتْلُ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَطَعْنُ الْحَسَن عليه السلام)، ((وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً))، قَالَ: (قَتْلُ الْحُسَيْن عليه السلام، ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما)) إِذَا جَاءَ نَصْرُ دَم الْحُسَيْن ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)) قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللهُ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم فَلاَ يَدَعُونَ وَتَراً لآِل مُحَمَّدٍ إِلاَّ قَتَلُوهُ ((وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)) خُرُوجُ الْقَائِم عليه السلام.
((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ)) خُرُوجُ الْحُسَيْن عليه السلام فِي سَبْعِينَ مِنْ أصْحَابِهِ عَلَيْهِمُ الْبِيضُ الْمُذَهَّبَةُ لِكُلّ بَيْضَةٍ وَجْهَان الْمُؤَدُّونَ إِلَى النَّاس: إِنَّ هَذَا الْحُسَيْنَ قَدْ خَرَجَ حَتَّى لاَ يَشُكَّ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَلاَ شَيْطَانٍ، وَالْحُجَّةُ الْقَائِمُ بَيْنَ أظْهُرهِمْ، فَإذَا اسْتَقَرَّتِ الْمَعْرفَةُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ أنَّهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام جَاءَ الْحُجَّةَ الْمَوْتُ، فَيَكُونُ الَّذِي يُغَسَّلُهُ وَيُكَفّنُهُ وَيُحَنّطُهُ وَيَلْحَدُهُ فِي حُفْرَتِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام وَلاَ يَلِي الْوَصِيَّ إِلاَّ الْوَصِيُّ)(4).0.
ص: 586
104 _ المصباحين: رَوَى لَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن قُضَاعَةَ بْن صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ الْجَمَّال، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ صَفْوَانَ، قَالَ: اسْتَأذَنْتُ الصَّادِقَ عليه السلام لِزيَارَةِ مَوْلاَنَا الْحُسَيْن عليه السلام وَسَألْتُهُ أنْ يُعَرفَنِي مَا أعْمَلُ عَلَيْهِ... وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ عليه السلام فِي الزّيَارَةِ: (وَاُشْهِدُ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ أنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَبإيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِع دِيني، وَخَوَاتِيم عَمَلِي)(1).
105 _ المصباحين: فِي زِيَارَةِ الْعَبَّاس: (أنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَبإيَابِكُمْ مِنَ الْمُوقِنينَ)(2).
106 _ المصباحين، ومصباح الزائر: زِيَارَةٌ رَوَاهَا ابْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن الْحُسَيْن بْن رَوْح، قَالَ: زُرْ أيَّ الْمَشَاهِدِ كُنْتَ بِحَضْرَتِهَا فِي رَجَبٍ تَقُولُ إِذَا دَخَلْتَ... وَسَاقَ الزّيَارَةَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَ(أنْ) يَرْجِعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِع إِلَى جَنَابٍ مُمْرع(3)، مُوَسَّع، وَدَعَةٍ وَمَهَلٍ إِلَى حِين الأجَل، وَخَيْر مَصِيرٍ وَمَحَلّ فِي النَّعِيم الأزَل وَالْعَيْش الْمُقْتَبَل وَدَوَام الاُكُل، وَشُرْبِ الرَّحِيقِ وَالسَّلْسَبِيل، وَعَسَلٍ(4) وَنَهَلٍ، لاَ سَأمَ مِنْهُ وَلاَ مَلَلَ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ، حَتَّى الْعَوْدِ إِلَى حَضْرَتِكُمْ وَالْفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ)(5).
107 _ إقبال الأعمال، والمصباحين: خَرَجَ إِلَى أبِي الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ الْهَمَدَانِيَّ وَكِيل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّ مَوْلاَنَا الْحُسَيْنَ عليه السلام وُلِدَ يَوْمَ الْخَمِيس 9.
ص: 587
لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ فَصُمْهُ وَادْعُ فِيهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ... وَسَاقَ الدُّعَاءَ إِلَى قَوْلِهِ: (وَسَيَّدِ الاُسْرَةِ، الْمَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ الْكَرَّةِ الْمُعَوَّض مِنْ قَتْلِهِ أنَّ الأئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ وَالشفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَالْفَوْزَ مَعَهُ فِي أوْبَتِهِ، وَالأوْصِيَاءَ مِنْ عِتْرَتِهِ بَعْدَ قَائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ، حَتَّى يُدْركُوا الأوْتَارَ، وَيَثْأرُوا الثَّأرَ، وَيُرْضُوا الْجَبَّارَ، وَيَكُونُوا خَيْرَ أنْصَارٍ...) إِلَى قَوْلِهِ: (فَنَحْنُ عَائِذُونَ بِقَبْرهِ نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ، وَنَنْتَظِرُ أوْبَتَهُ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)(1).
108 _ مصباح الزائر: فِي زِيَارَةِ الْقَائِم عليه السلام فِي السَّرْدَابِ: (وَوَفّقْنِي يَا رَبَّ لِلْقِيَام بِطَاعَتِهِ، وَلِلثَّوَى(2) فِي خِدْمَتِهِ، وَالْمَكْثِ فِي دَوْلَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، فَإنْ تَوَفَّيْتَنِي اللهُمَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَاجْعَلْنِي يَا رَبَّ فِيمَنْ يَكُرُّ فِي رَجْعَتِهِ، وَيُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِهِ، وَيَتَمَكَّنُ فِي أيَّامِهِ، وَيَسْتَظِلُّ تَحْتَ أعْلاَمِهِ، وَيُحْشَرُ فِي زُمْرَتِهِ، وَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ)(3).
109 _ مصباح الزائر: فِي زِيَارَةٍ اُخْرَى لَهُ عليه السلام: (وَإِنْ أدْرَكَنِيَ الْمَوْتُ قَبْلَ ظُهُوركَ فَإنّي أتَوَسَّلُ بِكَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ أنْ يُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَأنْ يَجْعَلَ لِي كَرَّةً فِي ظُهُوركَ، وَرَجْعَةً فِي أيَّامِكَ، لأبْلُغَ مِنْ طَاعَتِكَ مُرَادِي، وَأشْفِيَ مِنْ أعْدَائِكَ فُؤَادِي)(4).
110 _ مصباح الزائر: فِي زِيَارَةٍ اُخْرَى: (اللهُمَّ أرنَا وَجْهَ وَلِيَّكَ الْمَيْمُون فِي حَيَاتِنَا وَبَعْدَ الْمَنُون، اللهُمَّ إِنِّي أدِينُ لَكَ بِالرَّجْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ)(5).7.
ص: 588
111 _ مصباح الزائر: عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً بِهَذَا الْعَهْدِ كَانَ مِنْ أنْصَار قَائِمِنَا، فَإنْ مَاتَ قَبْلَهُ أخْرَجَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ قَبْرهِ وَأعْطَاهُ بِكُلّ كَلِمَةٍ ألْفَ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ ألْفَ سَيَّئَةٍ)، وَهُوَ هَذَا:
(اللهُمَّ رَبَّ النُّور الْعَظِيم، وَ(رَبَّ)(1) الْكُرْسِيَّ الرَّفِيع، وَرَبَّ الْبَحْر الْمَسْجُور، وَمُنْزلَ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيل وَالزَّبُور، وَرَبَّ الظّل وَالْحَرُور، وَمُنْزلَ الْقُرْآن الْعَظِيم، وَرَبَّ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبينَ، وَالأنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ.
اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ بِوَجْهِكَ الْكَريم، وَبِنُور وَجْهِكَ الْمُنِير، وَمُلْكِكَ الْقَدِيم، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، أسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أشْرَقَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ وَالأرَضُونَ(2)، يَا حَيُ قَبْلَ كُل حَيًّ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنْتَ.
اللهُمَّ بَلّغْ مَوْلاَنَا الإمَامَ الْهَادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقَائِمَ بِأمْركَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الطَّاهِرينَ عَن الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، فِي مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربهَا، سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا بَرهَا وَبَحْرهَا، وَعَنّي وَعَنْ وَالِدَيَّ مِنَ الصَّلَوَاتِ زِنَةَ عَرْش اللهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَمَا أحْصَاهُ عِلْمُهُ، وَأحَاطَ بِهِ كِتَابُهُ.
اللهُمَّ إِنّي اُجَدَّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا وَمَا عِشْتُ مِنْ أيَّامِي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لاَ أحُولُ عَنْهَا، وَلاَ أزُولُ أبَداً، اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أنْصَارهِ وَأعْوَانِهِ وَالذَّابَّينَ عَنْهُ، وَالْمُسَارعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَالْمُحَامِينَ عَنْهُ وَالسَّابِقِينَ إِلَى إِرَادَتِهِ، وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.خ.
ص: 589
اللهُمَّ إِنْ حَالَ بَيْني وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً، فَأخْرجْنِي مِنْ قَبْري، مُؤْتَزراً كَفَنِي، شَاهِراً سَيْفِي، مُجَرداً قَنَاتِي، مُلَبَّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي، فِي الْحَاضِر وَالْبَادِي.
اللهُمَّ أرني الطَّلْعَةَ الرَّشيدَةَ، وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ نَاظِري بِنَظْرَةٍ مِنّي إِلَيْهِ، وَعَجَّلْ فَرَجَهُ، وَسَهَّلْ مَخْرَجَهُ، وَأوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، فَأنْفِذْ أمْرَهُ، وَاشْدُدْ أزْرَهُ، وَاعْمُر اللهُمَّ بِهِ بِلاَدَكَ، وَأحْي بِهِ عِبَادَكَ، فَإنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: ((ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ))(1).
فَأظْهِر اللهُمَّ لَنَا وَلِيَّكَ، وَابْنَ بِنْتِ نَبِيَّكَ الْمُسَمَّى بِاسْم رَسُولِكَ حَتَّى لاَ يَظْفَرَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَاطِل إِلاَّ مَزَّقَهُ، وَيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُحَقّقَهُ، وَاجْعَلْهُ اللهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُوم عِبَادِكَ، وَنَاصِراً لِمَنْ لاَ يَجِدُ لَهُ نَاصِراً غَيْرَكَ، وَمُجَدَّداً لِمَا عُطّلَ مِنْ أحْكَام كِتَابِكَ، وَمُشَيَّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أعْلاَم دِينكَ وَسُنَن نَبِيَّكَ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَاجْعَلْهُ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأس الْمُعْتَدِينَ.
اللهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم بِرُؤْيَتِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى دَعْوَتِهِ، وَارْحَم اسْتِكَانَتَنَا بَعْدَهُ، اللهُمَّ اكْشفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ عَن الاُمَّةِ بِحُضُورهِ، وَعَجَّلْ لَنَا ظُهُورَهُ(2)، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَريباً، الْعَجَلَ يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ الزَّمَان(3)، بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ).
ثُمَّ تَضْربُ عَلَى فَخِذِكَ الأيْمَن بِيَدِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَتَقُولُ: (الْعَجَلَ يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ الزَّمَان) ثَلاَثا(4).ه.
ص: 590
112 _ مصباح الزائر: رُوِيَ عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (مَنْ أرَادَ أنْ يَزُورَ قَبْرَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالأئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعِيدٍ، فَلْيَقُلْ...) وَسَاقَ الزّيَارَةَ إِلَى قَوْلِهِ: (إِنّي مِنَ الْقَائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ، مُقِرٌّ بِرَجْعَتِكُمْ لاَ اُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً، وَلاَ أزْعُمُ إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ)(1).
أقول: أكثر هذه الأخبار المتعلّقة بالزّيارات والأدعية مذكورة في كتب الزّيارات التي عندنا من الشهيد والمفيد وغيرهما وفي كتابنا العتيق وفي كتاب زوائد الفوائد لولد السيَّد عليّ بن طاوس.
113 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَمَّنْ سَمِعَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ فِي صِفَةِ قَبْض رُوح الْمُؤْمِن(2) قَالَ: (ثُمَّ يَزُورُ آلَ مُحَمَّدٍ فِي جِنَان رَضْوَى فَيَأكُلُ مَعَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَيَشْرَبُ مَعَهُمْ(3) مِنْ شَرَابِهِمْ، وَيَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ، حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ، فَإذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَهُمُ اللهُ فَأقْبَلُوا مَعَهُ يُلَبُّونَ زُمَراً زُمَرا(4) فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَيَضْمَحِلُّ الْمُحِلُّونَ، وَقَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ، هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ.
مِنْ أجْل ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِعَلِيًّ عليه السلام: أنْتَ أخِي وَمِيعَادُ مَا بَيْني وَبَيْنَكَ وَادِي السَّلاَم)(5).
بيان: قال الفيروزآبادي: رجل محل منتهك للحرام أو لا يرى 4.
ص: 591
للشهر الحرام حرمة(1)، انتهى. (المقرَّبون) بفتح الراء أي الذين لا يستعجلون هم المقرَّبون وأهل التسليم، أو بكسر الراء أي الذين يقولون الفرج قريب ولا يستبطؤنه.
روى الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المحتضر(2) من كتاب القائم للفضل بن شاذان، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن سنان، مثله.
114 _ وَعَن الْكِتَابِ الْمَذْكُور، عَن الْفَضْل، عَنْ صَالِح بْن حَمْزَةَ، عَن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (أنَا الْفَارُوقُ الأكْبَرُ، وَصَاحِبُ الْمِيسَم، وَأنَا صَاحِبُ النَّشْر الأوَّل، وَالنَّشْر الآخِر، وَصَاحِبُ الْكَرَّاتِ، وَدَوْلَةِ الدُّوَل، وَعَلَى يَدِي يَتِمُّ مَوْعِدُ اللهِ وَتَكْمُلُ كَلِمَتُهُ، وَبي يَكْمُلُ الدِّينُ).
أقول: تمامه في أبواب علمهم عليهم السلام.
115 _ كامل الزيارات: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعْدٍ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم قَائِدِ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أصْحَابِنَا، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْن عليه السلام... إِلَى قَوْلِهِ: (وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ، وَيَبْعَثَكُمْ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوَّكُمْ، إِنّي مِنَ الْمُؤْمِنينَ بِرَجْعَتِكُمْ، لاَ اُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً، وَلاَ اُكَذّبُ لَهُ مَشيَّةً، وَلاَ أزْعُمُ أنَّ مَا شَاءَ لاَ يَكُونُ)(3).
116 _ كامل الزيارات: أبُو عَبْدِ الرَّحْمَن مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْعَسْكَريُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن 7.
ص: 592
مَهْزِيَارَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَن الصَّادِقِ عليه السلام فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْن عليه السلام: (وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يُحْيِيَكُمُ اللهُ لِدِينهِ وَيَبْعَثَكُمْ، وَأشْهَدُ أنَّكُمُ الْحُجَّةُ، وَبكُمْ تُرْجَى الرَّحْمَةُ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوَّكُمْ، إِنّي (بِإيَا)(1) بِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، لاَ اُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً وَلاَ اُكَذّبُ مِنْهُ بِمَشيَّةٍ).
ثُمَّ قَالَ: (اللهُمَّ صَل عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عَبْدِكَ وَأخِي رَسُولِكَ...)، إِلَى أنْ قَالَ: (اللهُمَّ أتْمِمْ بِهِ كَلِمَاتِكَ، وَأنْجِزْ بِهِ وَعْدَكَ، وَأهْلِكْ بِهِ عَدُوَّكَ، وَاكْتُبْنَا فِي أوْلِيَائِهِ وَأحِبَّائِهِ، اللهُمَّ اجْعَلْناَ(2) شيعَةً وَأنْصَاراً وَأعْوَاناً عَلَى طَاعَتِكَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَمَا وَكَلْتَ بِهِ وَاسْتَخْلَفْتَهُ عَلَيْهِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ)(3).
117 _ كامل الزيارات: أبِي وَجَمَاعَةُ مَشَايِخِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَتٍّ الْجَوْهَريُّ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن يَحْيَى، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْن أخِي شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيَّ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا أتَيْتَ عِنْدَ قَبْر الْحُسَيْن عليه السلام وَيُجْزيكَ عِنْدَ قَبْر كُلّ إِمَام...) وَسَاقَ إِلَى قَوْلِهِ: (اللهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ قَبْر ابْن نَبِيَّكَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينكَ، وَتَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ، فَإنَّكَ وَعَدْتَهُ، وَأنْتَ الرَّبُّ الَّذِي لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) وَكَذَلِكَ تَقُولُ عِنْدَ قُبُور كُلّ الأئِمَّةِ عليهم السلام(4).1.
ص: 593
118 _ إقبال الأعمال: يُسْتَحَبُّ أنْ يُدْعَى فِي يَوْم دَحْو الأرْض بِهَذَا الدُّعَاءِ... وَسَاقَهُ إِلَى قَوْلِهِ: (وَابْعَثْنَا فِي كَرَّتِهِ حَتَّى نَكُونَ فِي زَمَانِهِ مِنْ أعْوَانِهِ)(1).
119 _ تفسير القمي: ((قُتِلَ الإِْنْسانُ ما أَكْفَرَهُ))، قَالَ: هُوَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: ((ما أَكْفَرَهُ)) أيْ مَا ذَا فَعَلَ وَأذْنَبَ حَتَّى قَتَلُوهُ، ثُمَّ قَالَ: ((مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ))، قَالَ: يَسَّرَ لَهُ طَريقَ الْخَيْر، ((ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ))، قَالَ: فِي الرَّجْعَةِ، ((كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ)) أيْ لَمْ يَقْض أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ مَا قَدْ أمَرَهُ، وَسَيَرْجِعُ حَتَّى يَقْضِيَ مَا أمَرَهُ.
أخْبَرَنَا أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن أبِي نَصْرٍ(2)، عَنْ جَمِيل بْن دَرَّاج، عَنْ أبِي سَلَمَةَ(3)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ: ((قُتِلَ الإِْنْسانُ ما أَكْفَرَهُ))، قَالَ: (نَعَمْ، نَزَلَتْ فِي أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، ((ما أَكْفَرَهُ)) يَعْنِي بِقَتْلِكُمْ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَسَبَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَنَسَبَ خَلْقَهُ وَمَا أكْرَمَهُ اللهُ بِهِ، فَقَالَ: ((مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)) يَقُولُ: مِنْ طِينَةِ الأنْبِيَاءِ خَلَقَهُ، فَقَدَّرَهُ لِلْخَيْر، ((ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)) يَعْنِي سَبِيلَ الْهُدَى، ثُمَّ أماتَهُ مِيتَةَ الأنْبِيَاءِ، ((ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ)))، (قُلْتُ: مَا قَوْلُهُ: ((ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ))؟)(4)، قَالَ: (يَمْكُثُ بَعْدَ قَتْلِهِ فِي الرَّجْعَةِ فَيَقْضِي مَا أمَرَهُ)(5).3.
ص: 594
كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن إدريس، مثله(1).
بيان: قوله: ((ما أَكْفَرَهُ)) في خبر (بي سلمة يحتمل أن يكون ضميره راجعاً إلى أمير المؤمنين عليه السلام بأن يكون استفهاماً إنكارياً كما مرَّ في الخبر السابق ويحتمل أن يكون راجعاً إلى القاتل بقرينة المقام فيكون على التعجُّب أي ما أكفر قاتله، ويؤيَّد الأوّل الخبر الأوّل، ويؤيَّد الثاني أنَّ في رواية محمّد بن العبّاس يعني قاتله بقتله إيّاه.
120 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَوْماً فَقَالَ: (أنَا دَابَّةُ الأرْض)(2).
أقُولُ: قَدْ سَبَقَ فِي بَابِ عَلاَمَاتِ ظُهُورهِ عليه السلام عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْر قَتْل الدَّجَّال: (إِلاَّ أنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى)، قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ: (خُرُوجُ دَابَّةٍ (مِنَ) الأرْض، مِنْ عِنْدِ الصَّفَا، مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَعَصَا مُوسَى، تَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلّ مُؤْمِنٍ فَيَنْطَبِعُ فِيهِ: هَذَا مُؤْمِنٌ حَقّاً، وَيَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلّ كَافِرٍ فَيُكْتَبُ فِيهِ: هَذَا كَافِرٌ حَقّاً...) إِلَى آخِر مَا مَرَّ(3).
121 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلامة.
ص: 595
(يَقُولُ)(1): (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ يَزْدَادُ تِسْعاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْقَائِم)، قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ فَيَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن وَدِمَاءِ أصْحَابِهِ فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَّاحُ)(2).
بيان: الظاهر أنَّ المراد بالمنتصر الحسين، وبالسفَّاح أمير المؤمنين صلوات الله عليهما كما سيأتي(3).
122 _ الاختصاص: عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ:(وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ لَهُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: فَقَالَ: (تِسْعَةَ عَشَرَ(4) مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى يَوْم مَوْتِهِ).
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَيَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْهَرْجُ؟ قَالَ: (نَعَمْ خَمْسِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَطْلُبُ بِدَمِهِ وَدِمَاءِ أصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي، حَتَّى يُقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ ذُريَّةِ الأنْبِيَاءِ، مَا قَتَلَ النَّاسَ كُلَّ هَذَا الْقَتْل، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ أبْيَضُهُمْ وَأسْوَدُهُمْ فَيَكْثُرُونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْجِئُوهُ إِلَى حَرَم اللهِ، فَإذَا اشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ الْمُنْتَصِرُ خَرَجَ السَّفَّاحُ مِنَ(5) الدُّنْيَا غَضَباً لِلْمُنْتَصِر، فَيَقْتُلُ كُلَّ عَدُوًّ لَنَا.).
ص: 596
وَهَلْ تَدْري مَن الْمُنْتَصِرُ وَالسَّفَّاحُ يَا جَابِرُ؟ الْمُنْتَصِرُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ، وَالسَّفَّاحُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام(1).
123 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الريَاحِيَّ، عَنْ أبِي الصَّامِتِ الْحُلْوَانِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليه: (لَقَدْ اُعْطِيتُ السَّتَّ: عِلْمَ الْمَنَايَا وَالْبَلاَيَا (وَالْوَصَايَا)(2) وَفَصْلَ الْخِطَابِ، وَإِنّي لَصَاحِبُ الْكَرَّاتِ، وَدَوْلَةِ الدُّوَل، وَإِنّي لَصَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم، وَالدَّابَّةُ الَّتِي تُكَلّمُ النَّاسَ(3).
بصائر الدرجات: عن علي بن حسّان، مثله(4).
124 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليه كَثِيراً مَا يَقُولُ: أنَا قَسِيمُ اللهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّار، وَأنَا الْفَارُوقُ الأكْبَرُ، وَأنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم...) الْخَبَرَ(5).
الكافي: الحسين بن محمّد، عن المعلّى، عن محمّد بن جمهور، عن محمّد بن سنان، مثله(6).1.
ص: 597
الكافي: علي بن محمّد، ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(1).
125 _ تهذيب الأحكام، والكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ بُرَيْدِ بْن مُعَاوِيَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام (قَالَ)(2): (وَاللهِ لاَ تَذْهَبُ الأيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يُحْيِيَ اللهُ الْمَوْتَى، وَيُمِيتَ الأحْيَاءَ، وَيَرُدَّ(3) الْحَقَّ إِلَى أهْلِهِ، وَيُقِيمَ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ...) إِلَى آخِر مَا أوْرَدَاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ(4).
126 _ تفسير القمي: ((وَوَصَّيْنَا الإِْنْسانَ بِوالِدَيْهِ))(5) إِنَّمَا عَنَى الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عليهما السلام ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْحُسَيْن فَقَالَ: ((حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً)) وَذَلِكَ أنَّ اللهَ أخْبَرَ رَسُولَ اللهِ وَبَشَّرَهُ بِالْحُسَيْن قَبْلَ حَمْلِهِ، وَأنَّ الإمَامَةَ يَكُونُ فِي وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ أخْبَرَهُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْقَتْل وَالْمُصِيبَةِ فِي نَفْسِهِ وَوُلْدِهِ، ثُمَّ عَوَّضَهُ بِأنْ جَعَلَ الإمَامَةَ فِي عَقِبهِ وَأعْلَمَهُ أنَّهُ يُقْتَلُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَى الدُّنْيَا، وَيَنْصُرُهُ حَتَّى يَقْتُلَ أعْدَاءَهُ وَيُمَلّكَهُ الأرْضَ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ ...))(6) الآيَةَ، وَقَوْلُهُ: ((وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ...))(7) الآيَةَ، 5.
ص: 598
فَبَشَّرَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ أهْلَ بَيْتِكَ يَمْلِكُونَ الأرْضَ، وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهَا، وَيَقْتُلُونَ أعْدَاءَهُمْ، فَأخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَاطِمَةَ عليها السلام بِخَبَر الْحُسَيْن عليه السلام وَقَتْلِهِ، فَحَمَلَتْهُ كُرْهاً).
ثُمَّ قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (فَهَلْ رَأيْتُمْ أحَداً يُبَشَّرُ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ فَيَحْمِلُهُ كُرْهاً أيْ إِنَّهَا اغْتَمَّتْ وَكَرهَتْ لَمَّا اُخْبِرَتْ بِقَتْلِهِ، وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً لِمَا عَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ بَيْنَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام طُهْرٌ وَاحِدٌ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِي بَطْن اُمِّهِ سِتَّةَ أشْهُرٍ وَفِصَالُهُ أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْراً، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً))(1))(2).
127 _ تفسير القمي: قَوْلُهُ: ((وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا))(3) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ ((عَذاباً دُونَ ذلِكَ))، قَالَ: عَذَابُ الرَّجْعَةِ بِالسَّيْفِ(4).
128 _ تفسير القمي: ((وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ)) أي الثَّانِي(5) ((أَساطِيرُ الأَْوَّلِينَ)) أيْ أكَاذِيبُ الأوَّلِينَ ((سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ))(6)، قَالَ: فِي الرَّجْعَةِ إِذَا رَجَعَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَيَرْجِعُ(7) أعْدَاؤُهُ فَيَسِمُهُمْ بِمِيسَم مَعَهُ، كَمَا تُوسَمُ الْبَهَائِمُ عَلَى الْخَرَاطِيم: الأنْفُ وَالشَّفَتَين(8).1.
ص: 599
129 _ تفسير القمي: قَوْلُهُ تَعَالَى: ((قُمْ فَأَنْذِرْ))(1)، قَالَ: هُوَ قِيَامُهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهاَ(2).
130 _ منتخب البصائر: مِمَّا رَوَاهُ لِي السَّيَّدُ الْجَلِيلُ بَهَاءُ الدَّين عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحُسَيْنيُّ رَوَاهُ بِطَريقِهِ عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى أحْمَدَ بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام سُئِلَ عَن الرَّجْعَةِ أحَقٌّ هِيَ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ أوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ؟ قَالَ: (الْحُسَيْنُ يَخْرُجُ عَلَى أثَر الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ: وَمَعَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ؟ قَالَ: (لاَ بَلْ كَمَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ((يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً))(3) قَوْمٌ بَعْدَ قَوْم)(4).
وَعَنْهُ عليه السلام: (وَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِي أصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ، وَمَعَهُ سَبْعُونَ نَبِيّاً كَمَا بَعَثُوا مَعَ مُوسَى بْن عِمْرَانَ، فَيَدْفَعُ إِلَيْهِ الْقَائِمُ عليه السلام الْخَاتَمَ، فَيَكُونُ الْحُسَيْنُ عليه السلام هُوَ الَّذِي يَلِي غُسْلَهُ وَكَفْنَهُ وَحَنُوطَهُ وَيُوَاريهِ فِي حُفْرَتِهِ)(5).
وَعَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ مِنّاَ(6) أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ إِلَى الدُّنْيَا وَهُوَ الْحُسَيْنُ ر.
ص: 600
عليه السلام، فَيَطْلُبُ بِدَمِهِ وَدَم أصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَّاحُ وَهُوَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(1).
وَرُوِيَتْ عَنْهُ أيْضاً بِطَريقِهِ إِلَى أسَدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ حِينَ سُئِلَ عَن الْيَوْم الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مِقْدَارَهُ فِي الْقُرْآن: ((فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ))(2) وَهِيَ كَرَّةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَكُونُ مُلْكُهُ فِي كَرَّتِهِ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ وَيَمْلِكُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ فِي كَرَّتِهِ أرْبَعَةً وَأرْبَعِينَ ألْفَ سَنَةٍ(3).
بيان: أقول: عندي كتاب الأنوار المضيئة(4) تصنيف الشيخ عليّ بن عبد الحميد والأخبار موجودة فيه، وروى أيضاً بإسناده، عن الفضل بن شاذان، بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: (إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صدّيق، فيكونون في أصحابه وأنصاره).
131 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ السُّلْطَان الْمُفَرج عَنْ أهْل الإيمَان تَصْنِيفِ السَّيَّدِ الْجَلِيل بَهَاءِ الدَّين عَلِيَّ بْن عَبْدِ الْكَريم الْحَسَنِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ قَالَ: كُنْتُ نَائِماً فِي مَرْقَدِي إِذْ رَأيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَائِلاً يَقُولُ: (حُجَّ السَّنَةَ فَإنَّكَ تَلْقَى صَاحِبَ الزَّمَان...) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ(5)، ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ مَهْزيَارَ إِنَّهُ إِذَا فُقِدَ الصِّينيُّ وَتَحَرَّكَ الْمَغْربيُّ، وَسَارَ الْعَبَّاسِيُّ، وَبُويِعَ السُّفْيَانِيُّ، يُؤْذَنُ لِوَلِيَّ اللهِ، فَأخْرُجُ بَيْنَ ة.
ص: 601
الصَّفَا وَالْمُرْوَةِ، فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ فَأجِيءُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَأهْدِمُ مَسْجِدَهَا، وَأبْنيهِ عَلَى بِنَائِهِ الأوَّل وَأهْدِمُ مَا حَوْلَهُ مِنْ بِنَاءِ الْجَبَابِرَةِ.
وَأحُجُّ بِالنَّاس حَجَّةَ الإسْلاَم، وَأجِيءُ إِلَى يَثْربَ، فَأهْدِمُ الْحُجْرَةَ، وَاُخْرجُ مَنْ بِهَا وَهُمَا طَريَّان، فَآمُرُ بِهِمَا تُجَاهَ الْبَقِيع وَآمُرُ بِخَشَبَتَيْن يُصْلَبَان عَلَيْهِمَا فَتُورقَان مِنْ تَحْتِهِمَا، فَيَفْتَتِنُ النَّاسُ بِهِمَا أشَدَّ مِنَ الاُولَى، فَيُنَادِي مُنَادٍ الْفِتْنَةُ مِنَ السَّمَاءِ: يَا سَمَاءُ انْبِذِي، وَيَا أرْضُ خُذِي! فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْض إِلاَّ مُؤْمِنٌ قَدْ أخْلَصَ قَلْبَهُ لِلإيمَان).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (الْكَرَّةُ الْكَرَّةُ الرَّجْعَةُ)(1)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(2))(3).
أقول: ورأيت في أصل كتابه مثله(4).
132 _ كامل الزيارات: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ(5)، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أخْبِرْني عَنْ إِسْمَاعِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ يَقُولُ: ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا))(6) أكَانَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عليهما السلام؟ فَإنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أنَّهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.4.
ص: 602
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّ إِسْمَاعِيلَ مَاتَ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ حُجَّةً للهِ قَائِماً صَاحِبَ شَريعَةٍ، فَإلَى مَنْ اُرْسِلَ إِسْمَاعِيلُ إِذاً؟).
قُلْتُ: فَمَنْ كَانَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (ذَاكَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حِزْقِيلَ النَّبِيُّ عليه السلام بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَقَتَلُوهُ وَسَلَخُوا فَرْوَةَ(1) وَجْهِهِ، فَغَضِبَ اللهُ لَهُ عَلَيْهِمْ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ سطاطائيل مَلَكَ الْعَذَابِ، فَقَالَ لَهُ: يَا إِسْمَاعِيلُ أنَا سطاطائيل مَلَكُ الْعَذَابِ وَجَّهَنِي رَبُّ الْعِزَّةِ إِلَيْكَ لاعَذّبَ قَوْمَكَ بِأنْوَاع الْعَذَابِ كَمَا شئْتَ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ يَا سطاطائيل.
فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: فَمَا حَاجَتُكَ يَا إِسْمَاعِيلُ؟ فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَا رَبَّ إِنَّكَ أخَذْتَ الْمِيثَاقَ لِنَفْسِكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَلِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ، وَلأوْصِيَائِهِ بِالْوَلاَيَةِ، وَأخْبَرْتَ خَلْقَكَ بِمَا تَفْعَلُ اُمَّتُهُ بِالْحُسَيْن بْن عَلِيًّ عليهما السلام مِنْ بَعْدِ نَبِيَّهَا، وَإِنَّكَ وَعَدْتَ الْحُسَيْنَ أنْ تَكُرَّهُ إِلَى الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَقِمَ بِنَفْسِهِ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، فَحَاجَتِي إِلَيْكَ يَا رَبَّ أنْ تَكُرَّني إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى أنْتَقِمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِي مَا فَعَلَ، كَمَا تَكُرُّ الْحُسَيْنَ(2).
فَوَعَدَ اللهُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حِزْقِيلَ ذَلِكَ فَهُوَ يَكُرُّ مَعَ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ عليهما السلام).
133 _ كامل الزيارات: الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن سَالِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الْبَصْريَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن الأصَمَّ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ الْبَزَّازِ، عَنْ حَريزٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أقَلَّ بَقَاءَكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ وَأقْرَبَ آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، مَعَ حَاجَةِ هَذَا الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ: (إِنَّ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنَّا 3.
ص: 603
صَحِيفَةً فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أنْ يَعْمَلَ بِهِ فِي مُدَّتِهِ، فَإذَا انْقَضَى مَا فِيهَا مِمَّا اُمِرَ بِهِ، عَرَفَ أنَّ أجَلَهُ قَدْ حَضَرَ، وَأتَاهُ النَّبِيُّ يَنْعَى إِلَيْهِ نَفْسَهُ، وَأخْبَرَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ اللهِ.
وَإِنَّ الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ قَرَأ صَحِيفَتَهُ الَّتِي اُعْطِيَهَا وَفُسَّرَ لَهُ مَا يَأتِي وَمَا يَبْقَى وَبَقِيَ مِنْهَا أشْيَاءُ لَمْ تَنْقَض، فَخَرَجَ إِلَى الْقِتَال وَكَانَتْ تِلْكَ الاُمُورُ الَّتِي بَقِيَتْ أنَّ الْمَلاَئِكَةَ سَألَتِ اللهَ فِي نُصْرَتِهِ فَأذِنَ لَهُمْ فَمَكَثَتْ تَسْتَعِدُّ لِلْقِتَال وَتَتَأهَّبُ لِذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ، فَنَزَلَتْ وَقَدِ انْقَطَعَتْ مُدَّتُهُ، وَقُتِلَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ.
فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: يَا رَبَّ أذِنْتَ لَنَا فِي الانْحِدَار، وَأذِنْتَ لَنَا فِي نُصْرَتِهِ، فَانْحَدَرْنَا وَقَدْ قَبَضْتَهُ؟ فَأوْحَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيْهِمْ أن: الْزَمُوا قُبَّتَهُ حَتَّى تَرَوْنَهُ قَدْ خَرَجَ فَانْصُرُوهُ، وَابْكُوا عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ، وَإِنَّكُمْ خُصّصْتُمْ بِنُصْرَتِهِ وَالْبُكَاءِ عَلَيْهِ، فَبَكَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَقَرُّباً وَجَزَعاً عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ، فَإذَا خَرَجَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَكُونُونَ أنْصَارَهُ)(1).
134 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَن الْقَاسِم بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيَّ بْن خَالِدٍ الْعَاقُولِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ))(2)، قَالَ: (الرَّاجِفَةُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام، وَالرَّادِفَةُ عَلِيُّ بْنُ أبِي 7.
ص: 604
طَالِبٍ عليه السلام، وَأوَّلُ مَنْ يَنْفُضُ عَنْ رَأسِهِ التُّرَابَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فِي خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ ألْفاً، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَْشْهادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ))(1))(2).
تفسير فرات: أبُو الْقَاسِم الْعَلَويُّ مُعَنْعَناً، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، مِثْلَهُ. وَفِيهِ: (فِي خَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ ألْفاً)(3).
الفضائل لابن شاذان: عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(4).
135 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ التَّنْزيل وَالتَّحْريفِ، أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّيَّاريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن نَجِيح الْيَمَانِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ))(5)، قَالَ: (النَّعِيمُ الَّذِي أنْعَمَ اللهُ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ))، قَالَ: (الْمُعَايَنَةُ)، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ))، قَالَ: (مَرَّةً بِالْكَرَّةِ وَاُخْرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(6).
136 _ الفهرست للنجاشي: كَانَتْ لِمُؤْمِن الطَّاقِ مَعَ أبِي حَنِيفَةَ حِكَايَاتٌ كَثِيرَةٌ فَمِنْهَا أنَّهُ قَالَ لَهُ يَوْماً: يَا أبَا جَعْفَرٍ! تَقُولُ بِالرَّجْعَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: أقْرضْنِي مِنْ كِيسِكَ هَذَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، فَإذَا عُدْتُ أنَا وَأنْتَ رَدَدْتُهَا إِلَيْكَ، فَقَالَ 4.
ص: 605
لَهُ فِي الْحَال: اُريدُ ضَمِيناً يَضْمَنُ لِي أنَّكَ تَعُودُ إِنْسَاناً، وَإِنّي أخَافُ أنْ تَعُودَ قِرْداً فَلاَ أتَمَكَّنُ مِن اسْتِرْجَاع مَا أخَذْتَ منّي(1).
الاحتجاج: مثله بتغيير ما(2).
137 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ الْغَارَاتِ لإبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيَّ رَوَى حَدِيثاً عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْهُ قِيلَ لَهُ: فَمَا ذُو الْقَرْنَيْن؟ قَالَ عليه السلام: (رَجُلٌ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنهِ فَمَاتَ، ثُمَّ أحْيَاهُ اللهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنهِ الآخَر فَمَاتَ، ثُمَّ أحْيَاهُ اللهُ، فَهُوَ ذُو الْقَرْنَيْن، لأنَّهُ ضُربَتْ قَرْنَاهُ).
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: (وَفِيكُمْ مِثْلُهُ) يُريدُ نَفْسَهُ(3).
وَمِنْهُ أيْضاً: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ اُسَيْدٍ الْكِنْدِيُّ وَكَانَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيس، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: إِنّي لَجَالِسٌ مَعَ النَّاس عِنْدَ عَلِيًّ عليه السلام إِذْ جَاءَ ابْنُ مُعِزّ وَابْنُ نَعْج مَعَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَدْ جَعَلاَ فِي حَلْقِهِ ثَوْباً يَجُرَّانِهِ فَقَالاَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ اقْتُلْهُ وَلاَ تُدَاهِن الْكَذَّابِينَ، قَالَ: (ادْنُهْ)، فَدَنَا فَقَالَ لَهُمَا: (فَمَا يَقُولُ؟)، قَالاَ: يَزْعُمُ أنَّكَ دَابَّةُ الأرْض وَأنَّكَ تُضْرَبُ عَلَى هَذَا قُبَيْلَ هَذَا يَعْنُونَ رَأسَهُ إِلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ: (مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ؟).
قَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ حَدَّثْتُهُمْ حَدِيثاً حَدَّثَنِيهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، قَالَ: (اتْرُكُوهُ فَقَدْ رَوَى عَنْ غَيْرهِ يَا ابْنَ اُمِّ السَّوْدَاءِ، إِنَّكَ تَبْقَرُ الْحَدِيثَ بَقْراً، خَلُّوا سَبِيلَ الرَّجُل فَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِيبُني الَّذِي يَقُولُ)(4).4.
ص: 606
وَمِنْهُ أيْضاً: عَنْ عَبَايَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ وَفِيَّ سُنَّةٌ مِنْ أيُّوبَ) لأنَّ أيُّوبَ ابْتُلِيَ ثُمَّ عَافَاهُ اللهُ مِنْ بَلْوَاهُ، وَآتَاهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ، كَمَا حَكَى اللهُ سُبْحَانَهُ، فَرُوِيَ أنَّهُ أحْيَا لَهُ أهْلَهُ الَّذِينَ قَدْ مَاتُوا وَكَشَفَ ضُرَّهُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أنَّهُ: (كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُهُ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، وَقَدْ قَالَ: إِنَّ فِيهِ عليه السلام شبْهَهُ.
وَقَوْلُهُ(1): (وَاللهِ لَيَجْمَعَنَّ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جُمِعُوا لِيَعْقُوبَ عليه السلام فَإنَّ يَعْقُوبَ فُرقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أهْلِهِ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَان ثُمَّ جُمِعُوا لَهُ).
فَقَدْ حَلَفَ عليه السلام أنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَيَجْمَعُ لَهُ وُلْدَهُ كَمَا جَمَعَهُمْ لِيَعْقُوبَ وَقَدْ كَانَ اجْتِمَاعُ يَعْقُوبَ بِوُلْدِهِ فِي دَار الدُّنْيَا فَيَكُونُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا يُجْمَعُونَ لَهُ فِي رَجْعَتِهِ عليه السلام وَوُلْدُهُ الأئِمَّةُ عليهم السلام(2)، وَهُمُ الْمَنْصُوصُونَ عَلَى رَجْعَتِهِمْ فِي أحَادِيثِهِمُ الصَّحِيحَةِ الصَّريحَةِ ((وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))(3) وَهُمُ الْمُتَّقُونَ(4).
138 _ منتخب البصائر: وَمِنْ كِتَابِ تَأوِيل مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآن فِي النَّبِيَّ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ تَألِيفِ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس بْن مَرْوَانَ، وَعَلَى هَذَا الْكِتَابِ خَطُّ السَّيَّدِ رَضِيَّ الدَّين عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن طَاوُسٍ مَا صُورَتُهُ:
قَالَ النَّجَاشيُّ فِي كِتَابِ الْفِهْرسْتِ، مَا هَذَا لَفْظُهُ:4.
ص: 607
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس ثِقَةٌ ثِقَةٌ فِي أصْحَابِنَا عَيْنٌ سَدِيدٌ، لَهُ كِتَابُ الْمُقْنِع فِي الْفِقْهِ، كِتَابُ الدَّوَاجِن، (كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام)(1)، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِنَا إِنَّهُ لَمْ يُصَنَّفْ فِي مَعْنَاهُ مِثْلُهُ(2).
روَايَةُ عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن طَاوُسٍ، عَنْ فَخَّار بْن مَعَدًّ الْعَلَويَّ وَغَيْرهِ، عَنْ شَاذَانَ بْن جَبْرَئِيلَ، عَنْ رجَالِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3).
(1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن أسَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُعَمَّرٍ الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن فَضْلٍ، عَن الْكَلْبِيَّ(4)، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))، قَالَ: هَذِهِ نَزَلَتْ فِينَا وَفِي بَنِي اُمَيَّةَ، يَكُونُ لَنَا عَلَيْهِمْ دَوْلَةٌ فَتَذِلُّ أعْنَاقُهُمْ لَنَا بَعْدَ صُعُوبَةٍ، وَهَوَانٍ بَعْدَ عِزّ(5).
(2) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: (( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)).
قَالَ: (تَخْضَعُ لَهَا رقَابُ بَنِي اُمَيَّةَ)، قَالَ: (ذَلِكَ بَارزٌ عِنْدَ زَوَال الشَّمْس)، قَالَ: (وَذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ صلوات الله عليه، يَبْرُزُ عِنْدَ زَوَال الشَّمْس عَلَى رُءُوس النَّاس سَاعَةً حَتَّى يَبْرُزَ وَجْهُهُ يَعْرفُ النَّاسُ حَسَبَهُ وَنَسَبَهُ).6.
ص: 608
ثُمَّ قَالَ: (أمَا إِنَّ بَنِي اُمَيَّةَ لَيَخْبِيَنَّ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِلَى جَنْبِ شَجَرَةٍ فَتَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ فَاقْتُلُوهُ)(1).
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (الْعَبَّاس، عَنْ)(3) جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ مُحَمَّدٍ _ يَعْنِي ابْنَ الْجُنَيْدِ _، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيًّ عليه السلام يَوْماً فَقَالَ: (أنَا دَابَّةُ الأرْض)(3).
(4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن حَاتِم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِسْحَاقَ الرَّاشدِيَّ، عَنْ خَالِدِ بْن مَخْلَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن يَعْقُوبَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَقَالَ: (ألاَ اُحَدَّثُكَ ثَلاَثاً قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ وَعَلَيْكَ دَاخِلٌ؟)، (قُلْتُ: بَلَى! فَقَالَ:)(4) (أنَا عَبْدُ اللهِ، أنَا دَابَّةُ الأرْض صِدْقُهَا وَعِدْلُهَا وَأخُو نَبِيَّهَا وَأنَا عَبْدُ اللهِ. ألاَ اُخْبِرُكَ بِأنْفِ الْمَهْدِيَّ وَعَيْنهِ؟)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرهِ فَقَالَ: (أنَا)(5).
(5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن الصَّبَّاح، عَن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الْقَاشيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ، عَنْ أبِي دَاوُدَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيًّ ة.
ص: 609
عليه السلام فَقَالَ: (اُحَدَّثُكَ بِسَبْعَةِ أحَادِيثَ إِلاَّ أنْ يَدْخُلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ)، قَالَ: قُلْتُ: افْعَلْ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: (أتَعْرفُ أنْفَ الْمَهْدِيَّ وَعَيْنَهُ؟)، قَالَ: قُلْتُ: أنْتَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: (وَحَاجِبَا الضَّلاَلَةِ(1) تَبْدُو مَخَازِيهِمَا فِي آخِر الزَّمَان)، قَالَ: قُلْتُ: أظُنُّ وَاللهِ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أنَّهُمَا فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَقَالَ: (الدَّابَّةُ وَمَا الدَّابَّةُ عِدْلُهَا وَصِدْقُهَا وَمَوْقِعُ بَعْثِهَا، وَاللهُ مُهْلِكٌ مَنْ ظَلَمَهَا...) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ(2).
(6) حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَن الْحَسَن السُّلَمِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ، قَالَ: أتَى رَجُلٌ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَقَالَ: حَدَّثْنِي عَن الدَّابَّةِ، قَالَ: (وَمَا تُريدُ مِنْهَا؟)، قَالَ: أحْبَبْتُ أنْ أعْلَمَ عِلْمَهَا، قَالَ: (هِيَ دَابَّةٌ مُؤْمِنَةٌ تَقْرَاُ الْقُرْآنَ، وَتُؤْمِنُ بِالرَّحْمَن، وَتَأكُلُ الطَّعَامَ، وَتَمْشي فِي الأسْوَاقِ)(3).
(7) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرهِ: قَالَ: مَنْ هُوَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ: (هُوَ عَلِيٌّ ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ)(4).
(8) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الزُّبَيْر الْقُرَشيَّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم أنَّ عَبَايَةَ حَدَّثَهُ أنَّهُ كَانَ عِنْدَ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام (وَهُوَ)(5) يَقُولُ: (حَدَّثَنِي أخِي أنَّهُ خَتَمَر.
ص: 610
ألْفَ نَبِيًّ وَإِنّي خَتَمْتُ ألْفَ وَصِيًّ وَإِنّي كُلّفْتُ مَا لَمْ يُكَلَّفُوا، وَإِنّي لأعْلَمُ ألْفَ كَلِمَةٍ مَا يَعْلَمُهَا غَيْري وَغَيْرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا مِنْهَا كَلِمَةٌ إِلاَّ مِفْتَاحُ ألْفِ بَابٍ بَعْدَ مَا تَعْلَمُونَ مِنْهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، غَيْرَ أنَّكُمْ تَقْرَءُونَ مِنْهَا آيَةً وَاحِدَةً فِي الْقُرْآن: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) وَمَا تَدْرُونَهَا مَنْ)(2).
(9) حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن ،مُسْتَنِيرٍ عَنْ جَعْفَر بْن عُثْمَانَ وَهُوَ عَمُّهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَبَّاحٌ الْمُزَنيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِير بْن بَشير بْن عَمِيرَةَ الأزْدِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيًّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام خَامِسَ خَمْسَةٍ... وَذَكَرَ نَحْوَهُ(3).
(10) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أيُّوبَ الْمَخْزُومِيَّ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي بُكَيْرٍ، عَنْ أبِي حَريزٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن زَيْدِ بْن جُذْعَانَ، عَنْ خَالِدِ بْن أوْسٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (تَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض وَمَعَهَا عَصَا مُوسَى عليه السلام وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام تَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِن بِعَصَا مُوسَى عليه السلام وَتَسِمُ وَجْهَ الْكَافِر بِخَاتَم سُلَيْمَانَ عليه السلام)(4).
(11) حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْفَقِيهُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُبَيْدِ بْن نَاصِح، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ سَعْدِ بْن طَريفٍ، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ يَأكُلُ خُبْزاً وَخَلّاً وَزَيْتاً، ق.
ص: 611
فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ))(1) فَمَا هَذِهِ الدَّابَّةُ؟ قَالَ: (هِيَ دَابَّةٌ تَأكُلُ خُبْزاً وَخَلّاً وَزَيْتاً)(2).
(12) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى(3)، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ سَمَاعَةَ بْن مِهْرَانَ، عَن الْفَضْل بْن الزُّبَيْر، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: يَا مَعْشَرَ الشيعَةِ تَزْعُمُونَ أنَّ عَلِيّاً عليه السلام دَابَّةُ الأرْض؟ فَقُلْتُ: نَحْنُ نَقُولُ وَالْيَهُودُ تَقُولُ، فَأرْسَلَ إِلَى رَأس الْجَالُوتِ فَقَالَ: وَيْحَكَ تَجِدُونَ دَابَّةَ الأرْض عِنْدَكُمْ (مَكْتُوبَةً)(4)؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَا هِيَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ، فَقَالَ: أتَدْري مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، اسْمُهُ إِلْيَا، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا أصْبَغُ! مَا أقْرَبَ إِلْيَا مِنْ عَلِيّاَ(5).
(13) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أيُّ شَيْءٍ يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ))؟)، فَقَالَ: (هُوَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(6).
(14) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن الصَّبَّاح، عَن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ (بْن) الْحَكَم، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ وَيَعْقُوبَ بْن ق.
ص: 612
شُعَيْبٍ، عَنْ صَالِح بْن مِيثَم، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: حَدَّثْنِي! قَالَ: فَقَالَ: (أمَا سَمِعْتَ الْحَدِيثَ مِنْ أبِيكَ؟)، قُلْتُ: لاَ كُنْتُ صَغِيراً، قَالَ: قُلْتُ: فَأقُولُ فَإنْ أصَبْتُ، قُلْتَ: نَعَمْ، وَإِنْ أخْطَأتُ رَدَدْتَنِي عَن الْخَطَاءِ، قَالَ: (مَا أشَدَّ شَرْطَكَ)، قَالَ: قُلْتُ: فَأقُولُ فَإنْ أصَبْتُ سَكَتَّ وَإِنْ أخْطَأتُ رَدَدْتَنِي، قَالَ: (هَذَا أهْوَنُ عَلَيَّ)، قُلْتُ: تَزْعُمُ أنَّ عَلِيّاً عليه السلام دَابَّةُ الأرْض(1).
(15) حَدَّثَنَا حَمِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن أحْمَدَ بْن نَهِيكٍ، عَنْ عِيسَى بْن هِشَام، عَنْ أبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ، عَنْ صَالِح بْن مِيثَم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: حَدَّثْنِي، قَالَ: (ألَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ (أبَاكَ)(2)؟)، قُلْتُ: هَلَكَ أبِي وَأنَا صَبِيٌّ، قَالَ: قُلْتُ: فَأقُولُ فَإنْ أصَبْتُ سَكَتَّ وَإِنْ أخْطَأتُ رَدَدْتَنِي عَن الْخَطَاءِ، قَالَ: (هَذَا أهْوَنُ)، قَالَ: قُلْتُ: فَإنّي أزْعُمُ أنَّ عَلِيّاً دَابَّةُ الأرْض، قَالَ: وَسَكَتَ.
قَالَ: فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَأرَاكَ وَاللهِ سَتَقُولُ إِنَّ عَلِيّاً رَاجِعٌ إِلَيْنَا) وَقَرَأ: (((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(3))، قَالَ: قُلْتُ: وَاللهِ قَدْ جَعَلْتَهَا فِيمَا اُريدُ أنْ أسْألَكَ عَنْهَا فَنَسِيتُهَا، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أفَلاَ اُخْبِرُكَ بِمَا هُوَ أعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ ((وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً))(4) لاَ تَبْقَى أرْضٌ إِلاَّ نُودِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى آفَاقِ الأرْض _)(5).9.
ص: 613
(16) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبَانٍ الأحْمَر رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (مَا أحْسَبُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلاَّ سَيَطَّلِعُ عَلَيْكُمْ اطّلاَعَةً)(1).
(17) حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن مَرْوَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي مَرْوَانَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))، قَالَ: فَقَالَ لِي: (لاَ وَاللهِ لاَ تَنْقَضِي الدُّنْيَا وَلاَ تَذْهَبُ حَتَّى يَجْتَمِعُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعَلِيٌّ بِالثُّوَيَّةِ فَيَلْتَقِيَان وَيَبْنيَان بِالثُّوَيَّةِ مَسْجِداً لَهُ اثْنَا عَشَرَ ألْفَ بَابٍ) يَعْنِي مَوْضِعاً بِالْكُوفَةِ.
حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ أبِي مَرْيَمَ الأنْصَاريَّ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام... وَذَكَرَ مِثْلَهُ، قَوْلُهُ: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(2).(3)
(18) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (((الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ)) الرَّجْعَةُ)(5).ر.
ص: 614
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (((الْعَذابِ الأَْدْنى)) دَابَّةُ الأرْض)(1).
(19) حَدَّثَنَا هَاشمُ بْنُ (أبِي)(2) خَلَفٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن يَحْيَى بْن سَلَمَةَ بْن كُهَيْلٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْن كُهَيْلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاع: (لأقْتُلَنَّ الْعَمَالِقَةَ فِي كَتِيبَةٍ)، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام: أوْ عَلِيٌّ، قَالَ: (أوْ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام)(3).
(20) مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَن الْحَسَن بْن مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ كَرَّام، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَوْ كَانَ النَّاسُ رَجُلَيْن لَكَانَ أحَدُهُمَا الإمَامَ عليه السلام)، وَقَالَ: (إِنَّ آخِرَ مَنْ يَمُوتُ الإمَامُ عليه السلام لِئَلاَ يَحْتَجَّ أحَدٌ عَلَى اللهِ أنَّهُ تَرَكَهُ بِغَيْر حُجَّةٍ (للهِ)(4) عَلَيْه(5).
الْمُرَادُ بِالإمَام هُنَا الَّذِي هُوَ آخِرُ مَنْ يَمُوتُ: الْحُسَيْنُ عليه السلام(6)، لأنَّ الْحُجَّةَ تَقُومُ عَلَى الْخَلْقِ بِمُنْذِرٍ أوْ هَادٍ فِي الْجُمْلَةِ دُونَ الْمُشَار إِلَيْهِ صلى الله عليه وآله وسلّم(7) عَلَى مَا وَرَدَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيًّ عليهما السلام هُوَ الَّذِي يُغَسَّلُ الْمَهْدِيَّ وَيَحْكُمُ بَعْدَهُ فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ اللهُ،م.
ص: 615
وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يُقِرُّ لآل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالإمَامَةِ وَفَرْض الطَّاعَةِ، أنْ يُسَلّمَ إِلَيْهِمْ فِيمَا يَقُولُونَ، وَلاَ يَرُدَّ شَيْئاً مِنْ حَدِيثِهِمُ الْمَرْوِيَّ عَنْهُمْ إِذَا لَمْ يُخَالِفِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ(1).
(21) مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ بْن مُوسَى الدَّقَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيَّ، عَنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ النَّخَعِيَّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْن بْن يَزيدَ النَّوْفَلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ سَمِعْتُ مِنْ أبِيكَ أنَّهُ قَالَ: (يَكُونُ بَعْدَ الْقَائِم عليه السلام اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً)، فَقَالَ: (قَدْ قَالَ: اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً، وَلَمْ يَقُلْ: اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ شيعَتِنَا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مُوَالاَتِنَا وَمَعْرفَةِ حَقّنَا).
اعلم هداك الله بهداه أنَّ علم آل محمّد ليس فيه اختلاف، بل بعضه يصدَّق بعضاً وقد روينا أحاديث عنهم صلوات الله عليهم جمَّة في رجعة الأئمّة الاثني عشر فكأنَّه عليه السلام عرف من السائل الضعف عن احتمال هذا العلم الخاص الذي خصَّ الله سبحانه من شاء من خاصّته، وتكرَّم به على من أراد من بريّته، كما قال سبحانه وتعالى: ((ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))(2)، فأوَّله بتأويل حسن بحيث لا يصعب عليه فينكر قلبه فيكفر.
فَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ عليهم السلام: (مَا كُلُّ مَا يُعْلَمُ يُقَالُ، وَلاَ كُلُّ مَا يُقَالُ حَانَ وَقْتُهُ، وَلاَ كُلُّ مَا حَانَ وَقْتُهُ حَضَرَ أهْلُهُ).4.
ص: 616
وَرُوِيَ أيْضاً: (لاَ تَقُولُوا: الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ، وَتَقُولُوا: الرَّجْعَةَ، فَإنْ قَالُوا: قَدْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ، قُولُوا: الآنَ لاَ نَقُولُ)، وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّقِيَّةِ الَّتِي تَعَبَّدَ اللهُ بِهَا عِبَادَهُ فِي زَمَن الأوْصِيَاءِ(1).
(22) وَمِنْ كِتَابِ الْبِشَارَةِ لِلسَّيَّدِ رَضِيَّ الدَّين عَلِيَّ بْن طَاوُسٍ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ تَألِيفِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ الْكُوفِيَّ بِإسْنَادِهِ إِلَى حُمْرَانَ قَالَ: عُمُرُ الدُّنْيَا مِائَةُ ألْفِ سَنَةٍ لِسَائِر النَّاس عِشْرُونَ ألْفَ سَنَةٍ، وَثَمَانُونَ ألْفَ سَنَةٍ لآل مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلاَمُ.
قَالَ السَّيَّدُ رَضِيُّ الدَّين رحمه الله: وَأعْتَقِدُ أنَّنِي وَجَدْتُ فِي كِتَابِ طُهْر(2) بْن عَبْدِ اللهِ أبْسَطَ مِنْ هَذِهِ الروَايَةِ(3).
أقول: إلى هنا كان مأخوذاً من كتاب الحسن بن سليمان وقد روى في كتاب كنز الفوائد الأخبار التي رواها عن محمّد بن العبّاس بإسناده عنه(4).
139 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ الْمَشيخَةِ لِلْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ بِإسْنَادِي الْمُتَّصِل إِلَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(5)، قَالَ عليه السلام: (هُوَ خَاصٌّ لأقْوَام فِي الرَّجْعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَجْري فِي الْقِيَامَةِ فَبُعْداً لِلْقَوْم الظَّالِمِينَ)(6).4.
ص: 617
140 _ كامل الزيارات: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل(1)، عَن ابْن صَدَقَةَ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِسَريرٍ مِنْ نُورٍ قَدْ وُضِعَ وَقَدْ ضُربَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، مُكَلَّلَةٍ بِالْجَوْهَر، وَكَأنّي بِالْحُسَيْن عليه السلام جَالِساً عَلَى ذَلِكَ السَّرير، وَحَوْلَهُ تِسْعُونَ ألْفَ قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، وَكَأنّي بِالْمُؤْمِنينَ يَزُورُونَهُ وَيُسَلّمُونَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللهُ عزّ وجل لَهُمْ: أوْلِيَائِي سَلُوني! فَطَالَمَا اُوذِيتُمْ وَذُلّلْتُمْ وَاضْطُهِدْتُمْ فَهَذَا يَوْمٌ لاَ تَسْألُونّي حَاجَةً مِنْ حَوَائِج الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلاَّ قَضَيْتُهَا لَكُمْ، فَيَكُونُ أكْلُهُمْ وَشُرْبُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَهَذِهِ وَاللهِ الْكَرَامَةُ)(2).
بيان: سؤال حوائج الدنيا يدلُّ على أنَّ هذا في الرجعة إذ هي لا تسأل في الآخرة.
141 _ الغيبة للطوسي، والاحتجاج: فِيمَا كَتَبَ الْحِمْيَريُّ إِلَى الْقَائِم عليه السلام عَن الرَّجُل يَقُولُ بِالْحَقَّ وَيَرَى الْمُتْعَةَ، وَيَقُولُ بِالرَّجْعَةِ... إِلَى آخِر مَا سَيَأتِي فِي تَوْقِيعَاتِهِ عليه السلام(3).
142 _ الاحتجاج: فِيمَا خَرَجَ مِنَ النَّاحِيَةِ إِلَى مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريَّ عَلَى مَا سَيَأتِي: (أشْهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللهِ أنْتُمُ الأوَّلُ وَالآخِرُ، وَأنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لاَ رَيْبَ فِيهَا، يَوْمَ ((لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(4))(5).8.
ص: 618
143 _ مِنْ كِتَابِ عِلَل الشَّرَائِع، لِمُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشم وَكَانَتْ عِنْدَنَا مِنْهُ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ: قَالَ: أخْبَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي كِتَابِهِ مَا يُصِيبُ أهْلَ بَيْتِهِ بَعْدَهُ مِنَ الْقَتْل وَالْغَصْبِ وَالْبَلاَءِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَيَقْتُلُونَ أعْدَاءَهُمْ وَيُمَلّكُهُمُ الأرْضَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ))(1)، وَقَوْلُهُ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...))(2) الآيَةَ(3).
144 _ وَفِي رسَالَةِ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ فِي أنْوَاع آيَاتِ الْقُرْآن بِروَايَةِ ابْن قُولَوَيْهِ وَكَانَتْ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ مِنْهَا عِنْدَنَا: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (نَزَلَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الآيَةِ هَكَذَا: (فَإنَّ لِلظَّالِمِينَ) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أكْثَرَ النَّاس لاَ يَعْلَمُونَ)(4) يَعْنِي عَذَاباً فِي الرَّجْعَةِ)(5).
145 _ المناقب لابن شهرآشوب: قَالَ الرضَا عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ))(6)، قَالَ: (عَلِيٌّ عليه السلام)(7).
146 _ المناقب لابن شهرآشوب: أبُو عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيُّ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (أنَا دَابَّةُ الأرْض)(8).ق.
ص: 619
147 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ)) (يَعْنِي كُفَّاراً غَيْرَ مُؤْمِنينَ، وَأمَّا قَوْلُهُ: ((وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)) فَإنَّهُ يَعْنِي أنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَأنَّهُمْ يُشْركُونَ ((إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)) فَإنَّهُ كَمَا قَالَ اللهُ، وَأمَّا قَوْلُهُ: ((فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ))(1) فَإنَّهُ يَعْنِي لاَ يُؤْمِنُونَ بِالرَّجْعَةِ أنَّهَا حَقٌّ)(2).
تفسير العياشي: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(3).
148 _ تفسير فرات: عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ مُعَنْعَناً، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها))(4)، قَالَ: يَعْنِي الأئِمَّةَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَمْلِكُونَ الأرْضَ فِي آخِر الزَّمَان فَيَمْلَئُونَهَا عَدْلاً وَقِسْطا(5).
149 _ تَفْسِيرُ النُّعْمَانِيَّ: فِيمَا رَوَاهُ عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (وَأمَّا الرَّدُّ عَلَى مَنْ أنْكَرَ الرَّجْعَةَ فَقَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(6) أيْ إِلَى الدُّنْيَا، فَأمَّا مَعْنَى حَشْر الآخِرَةِ فَقَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(7)، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ((وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ))(8) فِي الرَّجْعَةِ فَأمَّا فِي الْقِيَامَةِ فَهُمْ يَرْجِعُونَ، وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ 5.
ص: 620
وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ))(1) وَهَذَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي الرَّجْعَةِ.
وَمِثْلُهُ مَا خَاطَبَ اللهُ بِهِ الأئِمَّةَ وَوَعَدَهُمْ مِنَ النَّصْر وَالانْتِقَام مِنْ أعْدَائِهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(2) وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا.
وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ))(3)، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(4) أيْ رَجْعَةِ الدُّنْيَا.
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(5)، وَقَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا))(6) فَرَدَّهُمُ اللهُ تَعَالَى بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى الدُّنْيَا وَشَربُوا وَنَكَحُوا، وَمِثْلُهُ خَبَرُ الْعُزَيْر(7).ة.
ص: 621
150 _ بصائر الدرجات: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيَّ، عَنْ بَعْض مَنْ رَفَعَهُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (إِنّي لَصَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم...) الْخَبَرَ(1).
151 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (أنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم)(2).
152 _ بصائر الدرجات: أبُو الْفَضْل الْعَلَويُّ، عَنْ سَعْدِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْحَكَم بْن ظُهَيْرٍ(3)، عَنْ أبِيهِ، عَنْ شَريكِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى، عَنْ أبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (أنَا صَاحِبُ الْمِيسَم، وَأنَا الْفَارُوقُ الأكْبَرُ، وَأنَا صَاحِبُ الْكَرَّاتِ، وَدَوْلَةِ الدُّوَل...) الْخَبَرَ(4).
153 _ المناقب لابن شهرآشوب: عَن الْبَاقِر عليه السلام فِي شَرْح قَوْل أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (عَلَى يَدَيَّ تَقُومُ السَّاعَةُ)، قَالَ: (يَعْنِي الرَّجْعَةَ قَبْلَ الْقِيَامَةِ)، (يَنْصُرُ اللهُ بِي وَبذُريَّتِي الْمُؤْمِنينَ)(5).ف.
ص: 622
154 _ تفسير القمي: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ(1) اللهِ بْن مُوسَى، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً))، قَالَ: (كَادُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَكَادُوا عَلِيّاً عليه السلام، وَكَادُوا فَاطِمَةَ عليها السلام، فَقَالَ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ)) يَا مُحَمَّدُ ((أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً))(2) لَوْ قَدْ(3) بُعِثَ الْقَائِمُ عليه السلام فَيَنْتَقِمُ لِي مِنَ الْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي اُمَيَّةَ وَسَائِر النَّاس)(4).
155 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس(5)، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَن الْحَلَبِيَّ.
وَرَوَاهُ أيْضاً عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَن الْفَضْل بْن(6) الْعَبَّاس، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها))، قَالَ: (فِي الرَّجْعَةِ)، ((وَلا يَخافُ عُقْباها))(7)، قَالَ: (لاَ يَخَافُ مِنْ مِثْلِهَا إِذَا رَجَعَ)(8).
أقول: قد مضى تمامه وشرحه في باب غرائب التأويل فيهم عليهم السلام.
156 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: فِي تَفْسِير أهْل الْبَيْتِ عليهم السلام قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ، عَنْ عُمَرَ بْن 7.
ص: 623
عَبْدِ الْعَزيز(1)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن نَجِيح، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُهُ عزّ وجل: ((كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ))(2)، قَالَ: (يَعْنِي مَرَّةً فِي الْكَرَّةِ وَمَرَّةً اُخْرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(3).
157 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: رُوِيَ مَرْفُوعاً بِالإسْنَادِ إِلَى مُحَمَّدِ(4) بْن خَالِدٍ، عَن ابْن سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُيَسَّرٍ(5)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ))(6)، قَالَ: (يَعْنِي يَوْمَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام)(7).
158 _ رجال الكشي: قَالَ أحْمَدُ بْنُ عَلِيَّ بْن كُلْثُوم: كَانَ أحْكَمُ بْنُ بَشَّارٍ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ الرَّجْعَةُ فَأنْكَرَهَا فَنَقُولُ: أحَدُ الْمُكَذّبِينَ(8).
159 _ رجال الكشي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيًّ الْقُمِّيُّ، عَنْ إِدْريسَ بْن أيُّوبَ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزيز الْعَبْدِيَّ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (جَابِرٌ يَعْلَمُ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(9))(10).ة.
ص: 624
160 _ رجال الكشي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحُسَيْن، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم وَزُرَارَةَ، قَالاَ: سَألْنَا أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ أحَادِيثَ نُرَوَّاهَا عَنْ جَابِرٍ، فَقُلْنَا: مَا لَنَا وَلِجَابِرٍ؟ فَقَالَ: (بَلَغَ مِنْ إِيمَان جَابِرٍ أنَّهُ كَانَ يَقْرَاُ هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)))(1).
رجال الكشي: بهذا الإسناد، عن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن ابن أذينة، عن زرارة مثله(2).
161 _ كِتَابُ صِفَاتِ الشيعَةِ لِلصَّدُوقِ: عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن أحْمَدَ بْن أبِي عَبْدِ اللهِ الْبَرْقِيَّ بِإسْنَادِهِ عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِسَبْعَةِ أشْيَاءَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ)، وَذَكَرَ مِنْهَا الإيمَانَ بِالرَّجْعَةِ(3).
وَرَوَى أيْضاً فِيهِ: عَن ابْن عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن الرضَا عليه السلام قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِتَوْحِيدِ اللهِ...) وَسَاقَ الْكَلاَمَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَأقَرَّ بِالرَّجْعَةِ وَالْمُتْعَتَيْن، وَآمَنَ بِالْمِعْرَاج، وَالْمُسَاءَلَةِ فِي الْقَبْر، وَالْحَوْض وَالشَّفَاعَةِ، وَخَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّار، وَالصّرَاطِ وَالْمِيزَان، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُور، وَالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً وَهُوَ مِنْ شيعَتِنَا أهْلَ الْبَيْتِ)(4).
تذييل
اعلم يا أخي! أنّي لا أظنّك ترتاب بعد ما مهَّدت وأوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار، 0.
ص: 625
واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار، حتَّى نظموها في أشعارهم، واحتجّوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم وشنع المخالفون عليهم في ذلك، وأثبتوه في كتبهم وأسفارهم.
منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما وقد مرَّ كلام ابن أبي الحديد حيث أوضح مذهب الإماميّة في ذلك(1) ولولا مخافة التطويل من غير طائل لأوردت كثيراً من كلماتهم في ذلك.
وكيف يشكُّ مؤمن بحقية الأئمّة الأطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام، والعلماء الأعلام، في أزيد من خمسين من مؤلّفاتهم كثقة الإسلام الكليني، والصدوق محمّد ابن بابويه، والشيخ أبي جعفر الطوسي، والسيَّد المرتضى، والنجاشي، والكشي، والعياشي، وعليّ بن إبراهيم، وسليم الهلالي، والشيخ المفيد، والكراجكي، والنعماني، والصفّار، وسعد بن عبد الله، وابن قولويه، وعليّ بن محمّد الحميد، والسيَّد عليّ بن طاووس، وولده صاحب كتاب زوائد الفوائد، ومحمّد بن عليّ بن إبراهيم، وفرات بن إبراهيم، ومؤلّف كتاب التنزيلة.
ص: 626
والتحريف، وأبي الفضل الطبرسي، وإبراهيم بن محمّد الثقفي، ومحمّد بن العبّاس بن مروان، والبرقي، وابن شهر آشوب، والحسن بن سليمان، والقطب الراوندي، والعلاّمة الحلّي، والسيَّد بهاء الدين عليّ بن عبد الكريم، وأحمد بن داود بن سعيد، والحسن بن عليّ بن أبي حمزة، والفضل بن شاذان، والشيخ الشهيد محمّد بن مكّي، والحسين بن حمدان، والحسن بن محمّد بن جمهور العمي مؤلّف كتاب الواحدة، والحسن ابن محبوب، وجعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، وطهر بن عبد الله، وشاذان بن جبرئيل، وصاحب كتاب الفضائل، ومؤلّف كتاب العتيق، ومؤلّف كتاب الخطب وغيرهم من مؤلّفي الكتب التي عندنا، ولم نعرف مؤلّفه على التعيين، ولذا لم ننسب الأخبار إليهم، وإن كان بعضها موجوداً فيها.
وإذا لم يكن مثل هذا متواتراً ففي أيُّ شيء يمكن دعوى التواتر، مع ما روته كافة الشيعة خلفاً عن سلف.
وظنّي أنَّ من يشكُّ في أمثالها فهو شاكٌّ في أئمّة الدَّين، ولا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين، فيحتال في تخريب الملّة القويمة، بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين، وتشكيكات الملحدين ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ))(1).
ولنذكر لمزيد التشييد والتأكيد أسماء بعض من تعرَّض لتأسيس هذا المدّعى وصنَّف فيه أو احتجَّ على المنكرين، أو خاصم المخالفين. سوى ما ظهر ممّا قدَّمنا في ضمن الأخبار، والله الموفق. .
ص: 627
فمنهم: أحمد بن داود بن سعيد الجرجاني، قال الشيخ في الفهرست: له كتاب المتعة والرجعة(1).
ومنهم: الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني، وعدَّ النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة(2).
ومنهم: الفضل بن شاذان النيسابوري، ذكر الشيخ في الفهرست والنجاشي أنَّ له كتاباً في إثبات الرجعة(3).
ومنهم: الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه، فإنَّه عدَّ النجاشي من كتبه كتاب الرجعة(4).
ومنهم: محمّد بن مسود العياشي، ذكر الشيخ والنجاشي في الفهرست كتابه في الرجعة(5).
ومنهم: الحسن بن سليمان على ما روينا عنه الأخبار(6).
وأمَّا سائر الأصحاب فإنَّهم ذكروها فيما صنَّفوا في الغيبة، ولم يفردوا لها رسالة وأكثر أصحاب الكتب من أصحابنا أفردوا كتاباً في الغيبة، وقد عرفت سابقاً من روى ذلك من عظماء الأصحاب وأكابر المحدَّثين الذين ليس في جلالتهم شكٌّ ولا ارتياب.ه.
ص: 628
وقال العلاّمة رحمه الله في خلاصة الرجال، في ترجمة ميسر بن عبد العزيز: وقال العقيقي: أثنى عليه آل محمّد، وهو ممن يجاهد(1) في الرجعة(2)، انتهى.
أقول: قيل: المعنى أنَّه يرجع بعد موته مع القائم عليه السلام، ويجاهد معه والأظهر عندي أنَّ المعنى أنَّه كان يجادل مع المخالفين ويحتجُّ عليهم في حقّية الرجعة.
وقال الشيخ أمين الدَّين الطبرسي في قوله تعالى: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ))(3): أي وجب العذاب والوعيد عليهم، وقيل: معناه: إذا صاروا بحيث لا يفلح أحد منهم ولا أحد بسببهم، وقيل: إذا غضب الله عليهم، وقيل: إذا نزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة، ((أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ)) تخرج بين الصفا والمروة، فتخبر المؤمن بأنَّه مؤمن، والكافر بأنَّه كافر، وعند ذلك يرتفع التكليف، ولا تقبل التوبة وهو علم من أعلام الساعة، وقيل: لا يبقى مؤمن إلاَّ مسحته، ولا يبقى منافق إلاَّ خطمته تخرج ليلة جمع، والناس يسيرون إلى منى عن ابن عمر.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ الرَّحْمَن عَلَيْهِ عَن الدَّابَّةِ، فَقَالَ: (أمَا وَاللهِ مَا لَهَا ذَنَبٌ وَإِنَّ لَهَا لَلِحْيَةً) وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أنَّهَا مِنَ الإنْس.
وروي عن ابن عبّاس أنَّها دابة من دواب الأرض لها زغب وريش، ولها أربع قوائم. .
ص: 629
وَعَنْ حُذَيْفَةَ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (دَابَّةُ الأرْض طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعاً لاَ يُدْركُهَا طَالِبٌ، وَلاَ يَفُوتُهَا هَاربٌ، فَتَسِمُ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَتَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: مُؤْمِنٌ، وَتَسِمُ الْكَافِرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَتَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، وَمَعَهَا عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام، فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِن بِالْعَصَا، وَتَحْطِمُ أنْفَ الْكَافِر بِالْخَاتَم، حَتَّى يُقَالَ: يَا مُؤْمِنُ وَيَا كَافِرُ).
وَرُوِيَ(1) عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ يَكُونُ لِلدَّابَّةِ ثَلاَثُ خَرْجَاتٍ مِنَ الدَّهْر: فَتَخْرُجُ خُرُوجاً بِأقْصَى الْمَدِينَةِ، فَيَفْشُو ذِكْرُهَا فِي الْبَادِيَةِ، وَلاَ يَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ يَعْنِي مَكَّةَ، ثُمَّ تَمْكُثُ زَمَاناً طَويلاً، ثُمَّ تَخْرُجُ خَرْجَةً اُخْرَى قَريباً مِنْ مَكَّةَ، فَيَفْشُو ذِكْرُهَا فِي الْبَادِيَةِ، وَيَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ يَعْنِي مَكَّةَ.
ثُمَّ صَارَ النَّاسُ يَوْماً فِي أعْظَم الْمَسَاجِدِ عَلَى اللهِ حُرْمَةً وَأكْرَمِهَا عَلَى اللهِ، يَعْنِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، لَمْ تَرُعْهُمْ(2) إِلاَّ وَهِيَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، تَدْنُو (وَتَرْغُو)(3) مَا بَيْنَ الرُّكْن الأسْوَدِ إِلَى بَابِ بَنِي مَخْزُوم، عَنْ يَمِين الْخَارج، فِي وَسَطٍ مِنْ ذَلِكَ فَيُرْفَضُ النَّاسُ عَنْهَا، وَتَثْبُتُ لَهَا عِصَابَةٌ عَرَفُوا أنَّهُمْ لَنْ يُعْجِزُوا اللهَ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ تَنْفُضُ رَأسَهَا مِنَ التُّرَابِ فَمَرَّتْ بِهِمْ، فَجَلَّتْ عَنْ وُجُوهِهِمْ، حَتَّى تَرَكَتْهَا كَأنَّهَا الْكَوْكَبُ الدُّريُّ(4)، ثُمَّ وَلَّتْ فِي الأرْض لاَ يُدْركُهَا طَالِبٌ، وَلاَ يُعْجِزُهَا هَاربٌ.).
ص: 630
حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَقُومُ فَيَتَعَوَّذُ مِنْهَا بِالصَّلاَةِ، فَتَأتِيهِ مِنْ خَلْفِهِ فَتَقُولُ: يَا فُلاَنُ الآنَ تُصَلّي؟ فَيُقْبِلُ عَلَيْهَا بِوَجْهِهِ فَتَسِمُهُ فِي وَجْهِهِ، فَيَتَجَاوَرُ النَّاسُ فِي دِيَارهِمْ وَيَصْطَحِبُونَ فِي أسْفَارهِمْ، وَيَشْتَركُونَ فِي الأمْوَال يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِر، فَيُقَالُ لِلْمُؤْمِن: يَا مُؤْمِنُ، وَلِلْكَافِر: يَا كَافِرُ(1).
وروي عن وهب أنَّه قال: وجهها وجه رجل، وسائر خلقها خلق الطير، ومثل ذلك لا يعرف إلاَّ من النبوّات الإلهية.
وقوله: ((تُكَلِّمُهُمْ))(2) أي تكلمهم بما يسوءهم وهو أنَّهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه. وقيل: تحدَّثهم بأنَّ هذا مؤمن وهذا كافر، وقيل: بأن تقول لهم: ((أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))، وهو الظاهر.
((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(3) أي يدفعون، وقيل: يحبس أوَّلهم على آخرهم.
واستدلّ بهذه الآية على صحّة الرجعة، من ذهب إلى ذلك من الإماميّة بأن قال: دخول (من) في الكلام يوجب التبعيض، فدلَّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(4).
وقد تظاهرت الأخبار عن الأئمّة الهدى من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بأنَّ الله سيعيد عند قيام القائم قوماً ممَّن تقدَّم موتهم من أوليائه وشيعته، 7.
ص: 631
ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقّونه من العذاب في القتل، على أيدي شيعته، وليبتلوا بالذلّ والخزي، بما يشاهدون من علو كلمته.
ولا يمتري عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدّة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسّرناه في موضعه.
وَصَحَّ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَوْلُهُ: (سَيَكُونُ فِي اُمَّتِي كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ أنَّ أحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبًّ لَدَخَلْتُمُوهُ).
عَلَى أنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ تَأوَّلُوا مَا وَرَدَ مِنَ الأخْبَار فِي الرَّجْعَةِ عَلَى رُجُوع الدَّوْلَةِ وَالأمْر وَالنَّهْي، دُونَ رُجُوع الأشْخَاص(1) لِمَا ظَنُّوا أنَّ الرَّجْعَةَ تُنَافِي التَّكْلِيفَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لأنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يُلْجِئُ إِلَى فِعْل الْوَاجِبِ وَالامْتِنَاع مِنَ الْقَبِيح، وَالتَّكْلِيفُ يَصِحُّ مَعَهَا كَمَا يَصِحُّ مَعَ ظُهُور الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ وَالآيَاتِ الْقَاهِرَةِ كَفَلْقِ الْبَحْر، وَقَلْبِ الْعَصَا ثُعْبَاناً، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
وَلأنَّ الرَّجْعَةَ لَمْ يَثْبُتْ بِظَوَاهِر الأخْبَار الْمَنْقُولَةِ فَيَتَطَرَّقَ التَّأوِيلُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا الْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ عَلَى إِجْمَاع الشيعَةِ الإمَامِيَّةِ وَإِنْ كَانَتِ الأخْبَارُ تَعْضُدُهُ وَتُؤَيَّدُهُ(2)، انْتَهَى.
أقول: استدلَّ الشيخ في تفسيره التبيان أيضاً على مذهب القائلين بالرجعة وإنَّما ذكرنا هذا الكلام بطوله لكثرة فوائده، وليعلم أقوال ر.
ص: 632
المخالفين في الدابّة وأنَّه يظهر من أخبارهم أيضاً أنَّ الدابة تكون صاحب العصا والميسم، وقد رووا ذلك في جميع كتبهم، وليعلم المراد ممَّا استفيض عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه ذكر في المواطن الكثيرة: (أنا صاحب العصا والميسم).
وروى الزمخشري في الكشّاف أنَّها تخرج من الصفا، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، فتضرب المؤمن في مسجده، أو فيما بين عينيه بعصا موسى، فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتَّى يضئ لها وجهه كأنَّه كوكب درّي وتكتب بين عينيه: مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتَّى يسوَّد لها وجهه وتكب بين عينيه: كافر.
ثُمَّ قال: وقرئ: ((تُكَلِّمُهُمْ)) من الكلم وهو الجرح. والمراد به الوسم بالعصا والخاتم، ويجوز أن يستدلَّ بالتخفيف على أنَّ المراد بالتكليم التجريح(1)، انتهى.
وقال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد: اعتقادنا في الرجعة أنَّها حقّ وقد قال الله عزّ وجل: (( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(2)، كان هؤلاء سبعين ألف بيت، وكان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة، فيخرج الأغنياء لقوّتهم، ويبقى الفقراء لضعفهم فيقل الطاعون في الذين يخرجون، ويكثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون. ويقول الذين خرجوا: لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.
فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم، إذا كان وقت 3.
ص: 633
الطاعون فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر، فلمَّا وضعوا رحالهم ناداهم الله: موتوا! فماتوا جميعاً فكنستهم المارة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله تعالى.
ثُمَّ مرَّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: أرميا، فقال: لو شئت يا ربّ لأحييتهم فيعمّروا بلادك، ويلدوا عبادك، وعبدوك مع من يعبدك، فأوحى الله تعالى إليه: أفتحبّ أن أحييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم الله له(1)، وبعثهم معه، فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلى الدنيا ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزّ وجل: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(2)، فهذا مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها، ثُمَّ مات بأجله وهو عزير.
وقال الله تعالى في قصة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه: ((ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(3) ذلك لمَّا سمعوا كلام الله قالوا لا نصدق ((حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً))(4)، ((فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ))(5) بظلمهم فماتوا، فقال موسى عليه السلام: يا ربّ ما أقول ببني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟3.
ص: 634
فأحياهم الله له، فرجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء، وولد لهم الأولاد ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزّ وجل لعيسى عليه السلام: ((وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي))(1) وجميع الموتى الذين أحياهم عيسى عليه السلام بإذن الله، رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وأصحاب الكهف ((لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً))(2) ثُمَّ بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليسألوا بينهم وقصتهم معروفة.
فإن قال قائل: إنَّ الله عزّ وجل قال: ((وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ))(3)، قيل له: فإنَّهم كانوا موتى وقد قال الله عزّ وجل: ((قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ))(4)، وإن قالوا كذلك فإنَّهم كانوا موتى ومثل هذا كثير.
إنَّ(5) الرجعة كانت في الأمم السالفة، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، فَيَجِبُ عَلَى هَذَا الأصْل أنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ رَجْعَةٌ.
وقد نقل مخالفونا أنَّه إذا خرج المهدي نزل عيسى بن مريم فصلّى ).
ص: 635
خلفه ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته لأنَّ الله تعالى قال: ((إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ))(1).
وقال عزّ وجل: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(2)، وقال عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا))(3) فاليوم الذي يحشر فيه الجميع غير اليوم الذي يحشر فيه فوج.
وقال الله عزّ وجل: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ))(4) يعني في الرجعة وذلك أنَّه يقول: ((لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ)) والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة وسأجرّد في الرجعة كتاباً أبيّن فيها كيفيتها، والدلالة على صحّة كونها إن شاء الله.
والقول بالتناسخ باطل، ومن دان بالتناسخ فهو كافر، لأنَّ في التناسخ إبطال الجنّة والنار(5).
وقال الشيخ المفيد في أجوبة المسائل العكبرية حين سئل عن قوله تعالى: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا))(6) وأجاب بوجوه فقال: وقد قالت الإماميّة: إنَّ الله تعالى ينجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم والكرَّة التي وعد بها المؤمنين في العاقبة(7).
وروى قدس الله روحه في كتاب الفصول عن الحارث بن عبد الله 4.
ص: 636
الربعي أنَّه قال: كنت جالساً في مجلس المنصور، وهو بالجسر الأكبر، وسوار القاضي عنده والسيَّد الحميري ينشده:
إنَّ الإله الذي لا شيء يشبهه
آتاكم الملك للدنيا وللدّين
آتاكم الله ملكاً لا زوال له
حتَّى يقاد إليكم صاحب الصين
وصاحب الهند مأخوذ برمته
وصاحب الترك محبوس على هون
حتَّى أتى على القصيدة والمنصور مسرور، فقال سوار: إنَّ هذا والله يا أمير المؤمنين يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه، والله إنَّ القوم الذين يدين بحبّهم لغيركم، وإنَّه لينطوي على عداوتكم، فقال السيَّد: والله إنَّه لكاذب، وإنَّني في مدحتك(1) لصادق، وإنَّه حمله الحسد إذ رآك على هذه الحال، وإنَّ انقطاعي إليكم ومودَّتي لكم أهل البيت لمعرق فينا من أبوي، وإنَّ هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والإسلام، وقد أنزل الله عزّ وجل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم في أهل بيت هذا: ((إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ))(2).
فقال المنصور: صدقت، فقال سوار: يا أمير المؤمنين إنَّه يقول بالرجعة، ويتناول الشيخين بالسبّ والوقيعة فيهما، فقال السيَّد: أمَّا قوله إنّي أقول بالرجعة، فإنّي أقول بذلك على ما قال الله تعالى: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(3)، وقد قال في موضع آخر: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(4)، فعلمنا أنَّ ههنا حشرين أحدهما عام والآخر خاص، وقال سبحانه: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا7.
ص: 637
بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(1)، وقال تعالى: ((فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ))(2)، وقال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(3)، فهذا كتاب الله.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يُحْشَرُ الْمُتَكَبَّرُونَ فِي صُورَةِ الذَّر يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمْ يَجْر فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ إِلاَّ وَيَكُونُ فِي اُمَّتِي مِثْلُهُ حَتَّى الْخَسْفُ وَالْمَسْخُ وَالْقَذْفُ).
وقال حذيفة: والله ما أبعد أن يمسخ الله عزّ وجل كثيراً من هذه الأمّة قردة وخنازير.
فالرجعة التي أذهب(4) إليها ما نطق به القرآن، وجاءت به السُنّة، وإنّي لأعتقد أنَّ الله عزّ وجل يرد هذا يعني سواراً إلى الدنيا كلباً أو قرداً أو خنزيراً أو ذرة فإنَّه والله متجبَّر متكبَّر كافر.
قال: فضحك المنصور وأنشأ السيَّد يقول:
جاثيت سواراً أبا شملة
عند الإمام الحاكم العادل
إلى آخر الأبيات(5).
وقال رحمه الله في الكتاب المذكور: سأل بعض المعتزلة شيخاً من أصحابنا الإماميّة، وأنا حاضر في مجلس فيهم جماعة كثيرة من أهل النظر والمتفقّهة، فقال له: إذا كان من قولك أنَّ الله عزّ وجل يرد الأموات إلى 5.
ص: 638
دار الدنيا قبل الآخرة عند القائم، ليشفي المؤمنين كما زعمتم من الكافرين، وينتقم لهم منهم كما فعل ببني إسرائيل فيما ذكرتموه، حيث تتعلَّقون بقوله تعالى: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1) فخبَّرني ما الذي يؤمنك أن يتوب يزيد وشمر وعبد الرحمن بن ملجم، ويرجعوا عن كفرهم وضلالهم ويصيروا في تلك الحال إلى طاعة الإمام، فيجب عليك ولاتهم، والقطع بالثواب لهم، وهذا نقض مذاهب الشيعة.
فقال الشيخ المسؤل: القول بالرجعة إنَّما قلته من طريق التوقيف، وليس للنظر فيه مجال، وأنا لا أجيب عن هذا السؤال لأنَّه لا نصَّ عندي فيه، وليس يجوز لي أن أتكلَّف من غير جهة النصّ الجواب فشنع السائل وجماعة المعتزلة عليه بالعجز والانقطاع.
فقال الشيخ أيَّده الله فأقول أنا: إنَّ عن(2) هذا السؤال جوابين:
أحدهما: أنَّ العقل لا يمنع من وقوع الإيمان ممن ذكره السائل، لأنَّه يكون إذ ذاك قادراً عليه ومتمكّناً منه، ولكن السمع الوارد عن أئمّة الهدى عليهم السلام بالقطع عليهم بالخلود في النار، والتديُّن بلعنهم والبراءة منهم إلى آخر الزمان منع من الشكّ في حالهم، وأوجب القطع على سوء اختيارهم فجروا في هذا الباب مجرى فرعون وهامان وقارون، ومجرى من قطع الله عزّ وجل على خلوده في النار، ودلَّ القطع على أنَّهم لا يختارون أبداً الإيمان ).
ص: 639
ممَّن قال الله تعالى(1): ((وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ ءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ))(2) يريد إلاَّ أن يلجئهم الله، والذين قال الله تعالى فيهم: ((إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لأََسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ))(3).
ثُمَّ قال جل قائلا(4) في تفصيلهم وهو يوجَّه القول إلى إبليس: ((لأََمْلأََنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ))(5)، وقوله تعالى: ((وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ))(6)، وقوله تعالى: ((تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ * سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ))(7) فقطع بالنار عليه وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب، وإذا كان الأمر على ما وصفناه، بطل ما توهَّمتموه(8) على هذا الجواب.
والجواب الآخر: أنَّ الله سبحانه إذا ردَّ الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة، وجروا في ذلك مجرى فرعون لمَّا أدركه الغرق ((قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(9) قال 0.
ص: 640
الله سبحانه له: ((آلآْنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ))(1) فردَّ الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه، وكأهل الآخرة الذين لا يقبل الله لهم توبة ولا ينفعهم ندم لأنَّهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل، ولأنَّ الحكمة تمنع من قبول التوبة أبداً، ويوجب اختصاص بعض الأوقات بقبولها دون بعض.
وهذا هو الجواب الصحيح، على مذهب أهل الإمامة، وقد جاءت به آثار متظاهرة عن آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم فروي(2) عنهم في قوله تعالى: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ))(3) فقالوا: إنَّ هذه الآية هو القائم عليه السلام فإذا ظهر لم يقبل توبة المخالف، وهذا يسقط ما اعتمده السائل.
سؤال: فإن قالوا: في هذا الجواب ما أنكرتم أن يكون الله تعالى على ما أصَّلتموه قد أغرى عباده بالعصيان، وأباحهم الهرج والمرج والطغيان، لأنَّهم إذا كانوا يقدرون على الكفر وأنواع الضلال، وقد يئسوا من قبول التوبة لم يدعهم داع إلى الكفَّ عمَّا في طباعهم، ولا انزجروا عن فعل قبيح يصلون به إلى النفع العاجل ومن وصف الله تبارك وتعالى باغراء خلقه بالمعاصي، وإباحتهم الذنوب، فقد أعظم الفريّة عليه.
جواب: قيل لهم: ليس الأمر على ما ظننتموه، وذلّ أنَّ الدواعي لهم إلى المعاصي ترتفع إذ ذاك، ولا يحصل لهم داع إلى قبيح على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب لأنَّهم يكونون قد علموا بما 8.
ص: 641
سلف لهم من العذاب وقت الرجعة على خلاف أئمّتهم عليهم السلام ويعلمون في الحال أنَّهم معذبون على ما سبق لهم من العصيان وأنَّهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب، ولا يكون لهم عند ذلك طبع يدعوهم إلى ما يتزايد عليهم به العذاب، بل يتوفَّر لهم دواعي الطباع والخواطر، كلّها إلى إظهار الطاعة، والانتقال عن العصيان.
وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الإسلام مثله في أهل الآخرة وحالهم في إبطال توبتهم وكون ندمهم غير مقبول، فمهما أجاب الموحَّدون لمن ألزمهم ذلك فهو جوابنا بعينه.
سؤال آخر: وإن سألوا على المذهب الأوَّل والجواب المتقدّم، فقالوا: كيف يتوهَّم من القوم الإقامة على العناد، والإصرار على الخلاف، وقد عاينوا فيما تزعمون(1) عقاب القبور، وحلَّ بهم عند الرجعة العذاب على ما تزعمون أنَّهم مقيمون عليه، وكيف يصحُّ أن يدعوهم الدواعي إلى ذلك، ويخطر لهم في فعله الخواطر ما أنكرتم أن تكونوا في هذه الدعوى مكابرين.
جواب: قيل لهم: يصحُّ ذلك على مذهب من أجاب بما حكيناه من أصحابنا بأن يقول: إنَّ جميع ما عددتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف، لأنَّ القوم يظنّون أنَّهم إنَّما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم، وليلوا الدنيا كما كانوا، ويظنّون أنَّ ما اعتقدوه في العذاب السالف لهم كان غلطاً منهم، وإذا حلَّ بهم العقاب ثانية توهَّموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أنَّ ذلك ليس من طريق الاستحقاق، وأنَّه من الله تعالى، لكنَّه كما يكون الدول، وكما حلَّ بالأنبياء عليهم السلام.).
ص: 642
ولأصحاب هذا الجواب أن يقولوا: ليس ما ذكرناه في هذا الباب بأعجب من كفر قوم موسى عليه السلام وعبادتهم العجل، وقد شاهدوا منه الآيات، وعاينوا ما حلَّ بفرعون وملائه على الخلاف، ولا هو بأعجب من إقامة أهل الشرك على خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وهم يعلمون عجزهم عن مثل ما أتى به من القرآن، ويشهدون معجزاته وآياته عليه السلام ويجدون مخبرات أخباره على حقائقها من قوله تعالى: ((سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ))(1)، وقوله عزّ وجل: ((لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ))(2)، وقوله عزّ وجل: ((الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَْرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ))(3)، وما حلَّ بهم من العقاب بسيفه عليه السلام وهلاك كلّ من توعَّده بالهلاك، هذا وفيمن أظهر الإيمان به المنافقون ينضافون في خلافه إلى أهل الشرك والضلال.
على أنَّ هذا السؤال، لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة، لأنَّهم يزعمون أنَّ أكثر المخالفين على الأنبياء كانوا من أهل العناد وأنَّ جمهور المظهرين الجهل بالله تعالى يعرفونه على الحقيقة، ويعرفون أنبياءه وصدقهم، ولكنَّهم في الخلاف على اللجاجة والعناد، فلا يمتنع أن يكون الحكم في الرجعة وأهلها على هذا الوصف الذي حكيناه وقد قال الله تعالى: ((وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ))(4).8.
ص: 643
فأخبر سبحانه أنَّ أهل العقاب لو ردَّهم إلى الدنيا لعادوا إلى الكفر والعناد مع ما شاهدوا في القبور وفي المحشر من الأهوال وما ذواقوا من أليم العذاب(1).
وقال رحمه الله في الإرشاد عند ذكر علامات ظهور القائم عليه السلام: وأموات ينشرون من القبور حتَّى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون(2).
وفي المسائل السروية أنَّه سئل الشيخ قدس الله روحه عَمَّا يُرْوَى عَنْ مَوْلاَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عليهما السلام فِي الرَّجْعَةِ، وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَقُلْ بِمُتْعَتِنَا وَيُؤْمِنْ بِرَجْعَتِنَا)(3) أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمن أو لغيره من الظلمة الجبارين قبل يوم القيامة؟
فكتب الشيخ رحمه الله بعد الجواب عن المتعة: وأمَّا قوله عليه السلام: (من لم يقل برجعتنا فليس منّا) فإنَّما أراد بذلك ما يختصَّه من القول به في أنَّ الله تعالى يحشر(4) قوماً من أمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختصُّ به آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم، والقرآن شاهد به، قال الله عزّ وجل في ذكر الحشر الأكبر ).
ص: 644
يوم القيامة: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(1)، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(2) فأخبر أنَّ الحشر حشران: عام وخاص.
وقال سبحانه مخبراً عمَّن يحشر من الظالمين أنَّه يقول يوم الحشر الأكبر: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(3).
وللعامّة في هذه الآية تأويل مردود، وهو أن قالوا: إنَّ المعنيُّ بقوله: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ)) أنَّه خلقهم أمواتاً، ثُمَّ أماتهم بعد الحياة، وهذا باطل لا يستمر(4) على لسان العرب، لأنَّ الفعل لا يدخل إلاَّ على من كان بغير الصفة التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه الله أمواتاً لا يقال(5) له أماته، وإنَّما يقال ذلك فيمن طرء عليه الموت بعد الحياة، كذلك لا يقال: أحيا الله ميّتاً إلاَّ أن يكون قد كان قبل إحيائه ميّتا(6) وهذا بيّن لمن تأمَّله.
وقد زعم بعضهم أنَّ المراد بقوله: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ)) الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمساءلة فتكون الأولى قبل الإقبار، والثانية بعده، وهذا أيضاً باطل من وجه آخر وهو أنَّ الحياة للمساءلة ليست للتكليف فيندم الإنسان على ما فاته في حاله، وندم القوم على ما فاتهم ر.
ص: 645
في حياتهم المرَّتين يدلُّ على أنَّه لم يرد حياة المسألة لكنَّه أراد حياة الرجعة، التي تكون لتكليفهم الندم على تفريطهم، فلا يفعلون ذلك فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك(1).
فصل
والرجعة عندنا يختصُّ بمن محض الإيمان ومحض الكفر، دون من سوى هذين الفريقين، فإذا أراد الله تعالى على ما ذكرناه أوهم الشياطين أعداء الله عزّ وجل أنَّهم إنَّما ردُّوا إلى الدنيا لطغيانهم على الله، فيزدادوا عتواً، فينتقم الله تعالى منهم بأوليائه المؤمنين، ويجعل لهم الكرَّة عليهم، فلا يبقى منهم إلاَّ من هو مغموم بالعذاب، والنقمة والعقاب، وتصفو الأرض من الطغاة، ويكون الدين لله تعالى.
والرجعة إنَّما هي لممحضي الإيمان من أهل الملّة، وممحضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية(2).
فصل
وقد قال قوم من المخالفين لنا: كيف يعود كفّار الملّة بعد الموت إلى طغيانهم وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ، وتيقَّنوا بذلك أنَّهم مبطلون، فقلت لهم:5.
ص: 646
ليس ذلك بأعجب من الكفّار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحلُّ بهم من العذاب ويعلمونه ضرورة، بعد الموافقة(1) لهم والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا فيقولون(2): ((يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ))، فقال الله عزّ وجل: ((بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ))(3) فلم يبق للمخالف بعد هذا الاحتجاج شبهة يتعلَّق بها فيما ذكرناه والمنَّة لله(4).
وقال السيَّد الشريف المرتضى رضي الله عنه وحشره مع آبائه الطاهرين في أجوبة المسائل التي وردت عليه من بلد الري حيث سألوا عن حقيقة الرجعة، لأنَّ شذاذ الإماميّة يذهبون إلى أنَّ الرجعة رجوع دولتهم في أيام القائم عليه السلام من دون رجوع أجسامهم:
الجواب: اعلم أنَّ الذي تذهب الشيعة الإماميّة إليه أنَّ الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي عليه السلام قوماً ممَّن كان قد تقدَّم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ومشاهدة دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم فيلتذّوا بما يشاهدون من ظهور الحقّ، وعلو كلمة أهله.
والدلالة على صحَّة هذا المذهب أنَّ الذي ذهبوا إليه ممَّا لا شبهة على عاقل في أنَّه مقدور لله تعالى، غير مستحيل في نفسه، فإنّا نرى كثيراً من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة، وإذا 6.
ص: 647
ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور، فالطريق إلى إثباتها إجماع الإماميّة على وقوعها، فإنَّهم لا يختلفون في ذلك، وإجماعهم قد بيّنا في مواضع من كتبنا أنَّه حجّة لدخول قول الإمام عليه السلام فيه، وما يشتمل على قول المعصوم من الأقوال، لا بدَّ فيه من كونه صواباً.
وقد بيّنا أنَّ الرجعة لا تنافي التكليف وأنَّ الدواعي متردّدة معنا حين لا يظنُّ ظانًّ أنَّ تكليف من يعاد باطل، وذكرنا أنَّ التكليف كما يصحُّ مع ظهور المعجزات الباهرة، والآيات القاهرة، فكذلك مع الرجعة، فإنَّه ليس في جميع ذلك ملجئ إلى فعل الواجب، والامتناع من فعل القبيح.
فأمَّا من تأوَّل الرجعة في أصحابنا على أنَّ معناها رجوع الدولة والأمر والنهي، من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، فإنَّ قوماً من الشيعة لمَّا عجزوا عن نصرة الرجعة، وبيان جوازها، وأنَّها تنافي التكليف، عوَّلوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة.
وهذا منهم غير صحيح، لأنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيطرق التأويلات عليها، فكيف يثبت ما هو مقطوع على صحَّته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم وإنَّما المعوَّل في إثبات الرجعة على إجماع الإماميّة على معناها بأنَّ الله تعالى يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليه السلام من أوليائه وأعدائه على ما بيّناه فكيف يطرق التأويل على ما هو معلوم فالمعنى غير محتمل(1)، انتهى.
وقال السيَّد ابن طاوس نوَّر الله ضريحه في كتاب الطرائف: روى مسلم في صحيحه في أوائل الجزء الأوَّل بإسناده إلى الجراح بن مليح ة.
ص: 648
قال: سمعت جابراً يقول: عندي سبعون ألف حديث، عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم تركوها كلّها(1)، ثُمَّ ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمّد بن عمر الرازي قال: سمعت حريزاً يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنَّه كان يؤمن بالرجعة.
ثُمَّ قال: اُنظر رحمك الله كيف حرَّموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلّم برواية أبي جعفر عليه السلام الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسُّك بهم.
ثُمَّ وإنَّ أكثر المسلمين أو كلّهم قد رووا إحياء الأموات في الدنيا وحديث إحياء الله تعالى الأموات في القبور للمساءلة، وقد تقدَّمت روايتهم عن أصحاب الكهف وهذا كتابهم يتضمَّن: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(2)، والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة مع موسى عليه السلام، وحديث العزير عليه السلام، ومن أحياه عيسى بن مريم عليهما السلام، وحديث جريج الذي أجمع على صحَّته أيضاً، وحديث الذين يحييهم الله تعالى في القبور للمساءلة.
فأيُّ فرق بين هؤلاء وبين ما رواه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم من الرجعة؟ وأيُ ذنب كان لجابر في ذلك حتَّى يسقط حديثه(3)؟
وقال رحمه الله أيضاً في كتاب سعد السعود: قال الشيخ في تفسيره 0.
ص: 649
التبيان عند قوله تعالى: ((ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(1): استدلّ بهذه الآية قوم من أصحابنا على جواز الرجعة، فإن استدلّ بها على جوازها كان صحيحاً لأنَّ من منع منه وأحاله فالقرآن يكذّبه، وإن استدلّ به على وجوب الرجعة وحصولها فلا(2).
ثُمَّ قال السيَّد رحمه الله: اعلم أنَّ الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فيهم: (أنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض) لا يختلفون في إحياء الله جلّ جلاله قوماً بعد مماتهم في الحياة الدنيا من هذه الأمّة تصديقاً لما روى المخالف والمؤالف عن صاحب النبوة صلى الله عليه وآله وسلّم:
أما المخالف فروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: (لتتبعنَّ سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتَّى لو دخلوا جحر ضبًّ لتبعتموهم) قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال:(فمن)(3).
وروى الزمخشري في الكشّاف عن حذيفة: أنتم أشبه الأمم سمتاً ببني إسرائيل لتركبنَّ طريقهم حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة، حتَّى أنّي لا أدري أتعبدون العجل أم لا؟
قال السيَّد: فإذا كانت هذه بعض رواياتهم في متابعة الأمم الماضية، وبني إسرائيل واليهود، فقد نطق القرآن الشريف والأخبار المتواترة أنَّ خلقاً من الأمم الماضية واليهود لمَّا قالوا: لن نؤمن لك حتَّى نرى الله جهرة فأماتهم الله ثُمَّ أحياهم فيكون على هذا في أمّتنا من يحييهم الله في الحياة الدنيا.ه.
ص: 650
ورأيت في أخبارهم زيادة على ما تقوله الشيعة من الإشارة إلى أنَّ مولانا عليّاً يعود إلى الدنيا بعد ضرب ابن ملجم وبعد وفاته كما رجع ذو القرنين:
فمنها ما ذكره الزمخشري في الكشّاف في حديث ذي القرنين، وعن عليّ عليه السلام سخَّر له السحاب ومدَّت له الأسباب وبسط له النور. وسئل عنه فقال: أحبَّ الله فأحبَّه، وسأل(1) ابن الكواء: ما ذو القرنين؟ أملك أم نبيّ؟ فقال: ليس بملك ولا نبي لكن كان عبداً صالحاً ضرب على قرنه (الأيمن)(2) في طاعة الله فمات، ثُمَّ بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات، فبعثه الله وسُمّي ذا القرنين وفيكم مثله.
ورأيت أيضاً في كتب أخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين أنَّهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وبعد الدفن، وتكلَّموا وتحدَّثوا ثُمَّ ماتوا، فمن ذلك ما رواه الحاكم النيسابوري في تاريخه في حديث حسام بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جدَّه، وكان قاضي نسابور، دخل عليه رجل فقيل له: إنَّ عند هذا حديثاً عجبا فقال: يا هذا ما هو؟ فقال: اعلم أنّي كنت رجلاً نبّاشاً أنبش القبور فماتت امرأة فذهبت لأعرف قبرها فصلّيت عليها، فلمَّا جنَّ الليل قال: ذهبت لأنبش عنها وضربت يدي إلى كفنها لأسلبها، فقالت: سبحان الله رجل من أهل الجنّة تسلب امرأة من أهل الجنّة؟ ثُمَّ قالت: ألم تعلم أنَّك ممَّن صلّيت عليَّ وأنَّ الله عزّ وجل قد غفر لمن صلّى عليَّ؟
قال السيَّد: فإذا كان هذا قد رووه ودوَّنوه عن نبّاش القبور فهلاَّ كان لعلماء أهل البيت عليهم السلام اُسوة به، ولأيّ حال تقابل روايتهم عليهم السلام ر.
ص: 651
بالنفور، وهذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمّات الأمور؟ والرجعة التي يعتقدها علماؤنا وأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم تكون من جملة آيات النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ومعجزاته، ولأيّ حال تكون منزلته عند الجمهور دون موسى وعيسى ودانيال؟ وقد أحيى الله جلّ جلاله على أيديهم أمواتاً كثيرة بغير خلاف عند العلماء لهذه الأمور(1).
(162 _ أقُولُ: وَرَوَى الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ الْمُحْتَضَر مِمَّا رَوَاهُ مِنْ كِتَابِ السَّيَّدِ الْجَلِيل حَسَن بْن كَبْشٍ مِمَّا أخَذَهُ مِنْ كِتَابِ الْمُقْتَضَبِ(2) بِإسْنَادِهِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْماً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللهَ عزّ وجل لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنْ أهْل الْكِتَابَيْن، قَالَ: (يَا سَلْمَانُ فَهَلْ عَلِمْتَ مَنْ نُقَبَائِي الاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ لِلإمَامَةِ مِنْ بَعْدِي؟)، فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: (يَا سَلْمَانُ خَلَقَنِيَ اللهُ مِنْ صَفْوَةِ نُورهِ وَدَعَانِي فَأطَعْتُهُ، وَخَلَقَ مِنْ نُوري عَلِيّاً فَدَعَاهُ فَأطَاعَهُ، وَخَلَقَ مِنْ نُوري وَنُور عَلِيًّ فَاطِمَةَ فَدَعَاهَا فَأطَاعَتْهُ، وَخَلَقَ مِنّي وَمِنْ عَلِيًّ وَفَاطِمَةَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَدَعَاهُمَا فَأطَاعَا فَسَمَّانَا اللهُ عزّ وجل بِخَمْسَةِ أسْمَاءٍ مِنْ أسْمَائِهِ: فَاللهُ الْمَحْمُودُ وَأنَا مُحَمَّدٌ، وَاللهُ الْعَلِيُّ وَهَذَا عَلِيٌّ، وَاللهُ فَاطِرٌ وَهَذِهِ فَاطِمَةُ، وَاللهُ ذُو الإحْسَان وَهَذَا الْحَسَنُ، وَاللهُ الْمُحْسِنُ وَهَذَا الْحُسَيْنُ.
ثُمَّ خَلَقَ مِنَّا وَمِنْ نُور الْحُسَيْن تِسْعَةَ أئِمَّةٍ فَدَعَاهُمْ فَأطَاعُوا قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ اللهُ عزّ وجل سَمَاءً مَبْنيَّةً وَأرْضاً مَدْحِيَّةً، أوْ هَوَاءً أوْ مَاءً أوْ مَلَكاً أوْ بَشَراً، وَكُنَّا بِعِلْمِهِ أنْوَاراً نُسَبِّحُهُ وَنَسْمَعُ لَهُ وَنُطِيعُ).ا.
ص: 652
فَقَالَ سَلْمَانُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأبِي أنْتَ وَاُمَّي مَا لِمَنْ عَرَفَ هَؤُلاَءِ؟ فَقَالَ: (يَا سَلْمَانُ مَنْ عَرَفَهُمْ حَقَّ مَعْرفَتِهِمْ وَاقْتَدَى بِهِمْ فَوَالَى وَلِيَّهُمْ وَتَبَرَّأ مِنْ عَدُوَّهِمْ فَهُوَ وَاللهِ مِنَّا، يَردُ حَيْثُ نَردُ، وَيَسْكُنُ حَيْثُ نَسْكُنُ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَهَلْ يَكُونُ إِيمَانٌ بِهِمْ بِغَيْر مَعْرفَةٍ بِأسْمَائِهِمْ وَأنْسَابِهِمْ؟ فَقَالَ: (لاَ يَا سَلْمَانُ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأنَّى لِي بِهِمْ؟ قَالَ: (قَدْ عَرَفْتَ إِلَى الْحُسَيْن)، قَالَ: (ثُمَّ سَيَّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ بَاقِرُ عِلْم الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ مِنَ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِسَانُ اللهِ الصَّادِقُ، ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ غَيْظَهُ صَبْراً فِي اللهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرضَا لأمْر اللهِ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ اللهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَادِي إِلَى اللهِ، ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيًّ الصَّامِتُ الأمِينُ عَلَى دِين اللهِ، ثُمَّ (م ح م د) سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ابْنُ الْحَسَن الْمَهْدِيُّ النَّاطِقُ الْقَائِمُ بِحَقِّ اللهِ).
قَالَ سَلْمَانُ: فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأنَّى لِسَلْمَانَ لإدْرَاكِهِمْ؟ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ إِنَّكَ مُدْركُهُمْ وَأمْثَالُكَ وَمَنْ تَوَلاَهُمْ حَقِيقَةَ الْمَعْرفَةِ)، قَالَ سَلْمَانُ: فَشَكَرْتُ اللهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنّي مُؤَجَّلٌ إِلَى عَهْدِهِمْ؟ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ اقْرَأ: ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1)).
قَالَ سَلْمَانُ: فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَشَوْقِي وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِعَهْدٍ مِنْكَ؟ فَقَالَ: (إِي وَالَّذِي أرْسَلَ مُحَمَّداً إِنَّهُ لَبِعَهْدٍ مِنّي وَلِعَلِيًّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن 6.
ص: 653
وَالْحُسَيْن، وَتِسْعَةِ أئِمَّةٍ وَكُلّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَمَظْلُومٌ فِينَا، إِي وَاللهِ يَا سَلْمَانُ ثُمَّ لَيَحْضُرَنَّ إِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ (مَحْضاً) وَمَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً حَتَّى يُؤْخَذَ بِالْقِصَاص وَالأوْتَار وَالثَّارَاتِ وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَداً وَنَحْنُ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(1)).
قَالَ سَلْمَانُ: فَقُمْتُ مِنْ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أوْ لَقِيَهُ(2).
أقول: رواه ابن عياش في المقتضب عن أحمد بن محمّد بن جعفر الصولي، عن عبد الرحمن بن صالح، عن الحسين بن حميد بن الربيع، عن الأعمش، عن محمّد بن خلف الطاطري، عن شاذان، عن سلمان، وذكر مثله(3).
ثُمَّ قال ابن عياش: سألت أبا بكر بن محمّد بن عمر الجعابي، عن محمّد بن خلف الطاطري قال: هو محمّد بن خلف بن موهب الطاطري ثقة مأمون وطاطر سيف من أسياف البحر تنسج فيها ثياب تسمّى الطاطرية كانت تنسب إليها(4).
وروى أيضاً عن صالح بن الحسين النوفلي قال: أنشدني أبو سهل النوشجاني لأبيه مصعب بن وهب: .
ص: 654
فإن تسألاني ما الذي أنا دائن
به فالذي أبديه مثل الذي أخفي
اُدين بأنَّ الله لا شيء غيره
قوي عزيز بارئ الخلق من ضعف
وأن رسول الله أفضل مرسل
به بشَّر الماضون في محكم الصحف
وأنَّ عليّاً بعده أحد عشرة(1)
من الله وعد ليس في ذاك من خلف
أئمّتنا الهادون بعد محمّد
لهم صفو ودّي ما حييت لهم أصفي
ثمانية منهم مضوا لسبيلهم
وأربعة يرجون للعدد الموف
ولي ثقة بالرجعة الحقّ مثل ما
وثقت برجع الطرف منّي إلى الطرف(2)
ووجدت بخطّ بعض الأعلام نقلاً من خطّ الشهيد قدس الله روحه قال:
رَوَى الصَّفْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ بِإسْنَادِهِ قَالَ: سُئِلَ الرضَا عليه السلام عَنْ تَفْسِير: ((أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ ...))(3) الآيَةَ، قَالَ: (وَاللهِ مَا هَذِهِ الآيَةُ إِلاَّ فِي الْكَرَّةِ)(4)).
* * *ا.
ص: 655
ص: 656
ص: 657
ص: 658
1 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيَّ، (عَن النَّخَعِيَّ، عَن النَّوْفَلِيَّ)(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سَمِعْتُ مِنْ أبِيكَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَكُونُ بَعْدَ الْقَائِم اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً)، فَقَالَ: (إِنَّمَا قَالَ: اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً وَلَمْ يَقُلْ: اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ شيعَتِنَا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مُوَالاَتِنَا، وَمَعْرفَةِ حَقّنَا)(2).
2 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ أنَّهُ قَالَ: (يَا أبَا حَمْزَةَ إِنَّ مِنَّا بَعْدَ الْقَائِم أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)(3).
3 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ يَزْدَادُ تِسْعاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْقَائِم)، قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ فَيَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن وَدِمَاءِ أصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَّاحُ)(4).5.
ص: 659
4 _ الإرشاد: لَيْسَ بَعْدَ دَوْلَةِ الْقَائِم لأحَدٍ دَوْلَةٌ إِلاَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الروَايَةُ مِنْ قِيَام وُلْدِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَردْ عَلَى الْقَطْع وَالثَّبَاتِ، وَأكْثَرُ الروَايَاتِ أنَّهُ لَنْ يَمْضِيَ مَهْدِيُّ الاُمَّةِ إِلاَّ قَبْلَ الْقِيَامَةِ بِأرْبَعِينَ يَوْماً يَكُونُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَعَلاَمَةُ خُرُوج الأمْوَاتِ، وَقِيَامُ السَّاعَةِ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ. وَاللهُ أعْلَمُ(1).=
ص: 660
5 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: قُلْتُ: فَمَتَى ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم)، قَالَ: قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى مَوْتِهِ)، قَالَ: قُلْتُ: فَيَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَرْجٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، خَمْسِينَ سَنَةً).
قَالَ: (ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَنْصُورُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَطْلُبُ دَمَهُ وَدَمَ أصْحَابِهِ فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يُقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ ذُريَّةِ الأنْبِيَاءِ، مَا قَتَلَ النَّاسَ كُلَّ هَذَا الْقَتْل، فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ أبْيَضُهُمْ وَأسْوَدُهُمْ، فَيَكْثُرُونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْجِئُونَهُ إِلَى حَرَم اللهِ فَإذَا اشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِ، مَاتَ الْمُنْتَصِرُ، وَخَرَجَ السَّفَّاحُ إِلَى الدُّنْيَا غَضَباً لِلْمُنْتَصِر، فَيَقْتُلُ كُلَّ عَدُوًّ لَنَا جَائِرٍ، وَيَمْلِكُ الأرْضَ كُلَّهَا، وَيُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ، وَيَعِيشُ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا جَابِرُ وَهَلْ تَدْري مَن الْمُنْتَصِرُ وَالسَّفَّاحُ؟ يَا جَابِرُ الْمُنْتَصِرُ الْحُسَيْنُ، وَالسَّفَّاحُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ)(1).).
ص: 661
6 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن سِنَانٍ الْمَوْصِلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْخَلِيل، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ الْمِصْريَّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا وَفَاتُهُ لِعَلِيًّ عليه السلام: (يَا أبَا الْحَسَن أحْضِرْ صَحِيفَةً وَدَوَاةً)، فَأمْلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَصِيَّتَهُ حَتَّى انْتَهَى (إِلَى) هَذَا الْمَوْضِع، فَقَالَ: (يَا عَلِيُّ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً وَمَنْ بَعْدَهُمْ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً، فَأنْتَ يَا عَلِيُّ أوَّلُ الاثْنَيْ عَشَرَ الإمَام...).
وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَلْيُسَلِّمْهَا الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى ابْنهِ (م ح م د) الْمُسْتَحْفَظِ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً فَإِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَلْيُسَلّمْهَا إِلَى ابْنِهِ أوَّل الْمَهْدِيَّينَ(1) لَهُ ثَلاَثَةُ أسَامِي اسْمٌ كَاسْمِي وَاسْم أبِي وَهُوَ عَبْدُ اللهِ وَأحْمَدُ وَالاسْمُ الثَّالِثُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ أوَّلُ الْمُؤْمِنينَ)(2).
7 _ منتخب البصائر: مِمَّا رَوَاهُ السَّيَّدُ عَلِيُّ(3) بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّ مِنَّا بَعْدَ الْقَائِم عليه السلام اثْناَ(4) عَشَرَ مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام(5).8.
ص: 662
8 _ كامل الزيارات: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْجَامُورَانِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن سَيْفٍ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ وَأبِي عَبْدِ اللهِ عليهما السلام قَالاَ فِي ذِكْر الْكُوفَةِ: (فِيهَا مَسْجِدُ سُهَيْلٍ الَّذِي لَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ عَدْلُ اللهِ، وَفِيهَا يَكُونُ قَائِمُهُ وَالْقُوَّامُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهِيَ مَنَازِلُ النَّبِيَّينَ وَالأوْصِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ)(1).
بيان: هذه الأخبار مخالفة للمشهور، وطريق التأويل أحد وجهين:
الأوَّل: أن يكون المراد بالاثني عشر مهديّاً النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وسائر الأئمّة سوى القائم عليه السلام بأن يكون ملكهم بعد القائم عليه السلام وقد سبق أنَّ الحسن بن سليمان أوَّلها بجميع الأئمّة وقال برجعة القائم عليه السلام بعد موته وبه أيضاً يمكن الجمع بين بعض الأخبار المختلفة التي وردت في مدَّة ملكه عليه السلام.
والثاني: أن يكون هؤلاء المهديون من أوصياء القائم هادين للخلق في زمن سائر الأئمّة الذين رجعوا لئلاَّ يخلو الزمان من حجّة، وإن كان أوصياء الأنبياء والأئمّة أيضاً حججاً والله تعالى يعلم(2).
* * *).
ص: 663
ص: 664
ص: 665
ص: 666
1 _ الغيبة للطوسي: أخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ الْقُمَّيَّ قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطّ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ النَّوْبَخْتِيَّ وَإِمْلاَءِ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه، عَلَى ظَهْر كِتَابٍ فِيهِ جَوَابَاتٌ وَمَسَائِلُ اُنْفِذَتْ مِنْ قُمَّ، يُسْألُ عَنْهَا هَلْ هِيَ جَوَابَاتُ الْفَقِيهِ عليه السلام أوْ جَوَابَاتُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ الشَّلْمَغَانِيَّ، لأنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: هَذِهِ الْمَسَائِلُ أنَا أجَبْتُ عَنْهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ عَلَى ظَهْر كِتَابِهِمْ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، قَدْ وَقَفْنَا عَلَى هَذِهِ الرُّقْعَةِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ، فَجَمِيعُهُ جَوَابُناَ(1) وَلاَ مَدْخَلَ لِلْمَخْذُول الضَّال الْمُضِل الْمَعْرُوفِ بِالْعَزَاقِريَّ لَعَنَهُ اللهُ فِي حَرْفٍ مِنْهُ وَقَدْ كَانَتْ أشْيَاءُ خَرَجَتْ إِلَيْكُمْ عَلَى يَدَيْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ(2) وَغَيْرهِ مِنْ نُظَرَائِهِ وَكَانَ مِن ارْتِدَادِهِمْ عَن الإسْلاَم مِثْلُ مَا كَانَ مِنْ هَذَا عَلَيْهِمْ لَعَنَةُ اللهِ وَغَضَبُهُ).
فَاسْتَثْبَتُّ قَدِيماً فِي ذَلِكَ(3).ل.
ص: 667
فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (ألاَ مَن اسْتَثْبَتَ فَإنَّهُ لاَ ضَرَرَ فِي خُرُوج مَا خَرَجَ عَلَى أيْدِيهِمْ وَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ).
وَرُوِيَ قَدِيماً عَنْ بَعْض الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَالصَّلاَةُ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ مِثْل هَذَا بِعَيْنهِ فِي بَعْض مَنْ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَقَالَ عليه السلام: (الْعِلْمُ عِلْمُنَا، وَلاَ شَيْ ءَ عَلَيْكُمْ مِنْ كُفْر مَنْ كَفَرَ، فَمَا صَحَّ لَكُمْ مِمَّا خَرَجَ عَلَى يَدِهِ بِروَايَةِ غَيْرهِ مِنَ الثّقَاتِ رحمهم الله، فَاحْمَدُوا اللهَ وَاقْبَلُوهُ، وَمَا شَكَكْتُمْ فِيهِ أوْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ إِلاَّ عَلَى يَدِهِ فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا لِنُصَحَّحَهُ أوْ نُبْطِلَهُ، وَاللهُ تَقَدَّسَتْ أسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلِيُّ تَوْفِيقِكُمْ، وَحَسِيبُنَا فِي اُمُورنَا كُلّهَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ).
وَقَالَ ابْنُ نُوح: أوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهَذَا التَّوْقِيع أبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن تَمَّام، وَذَكَرَ أنَّهُ كَتَبَهُ مِنْ ظَهْر الدَّرْج الَّذِي عِنْدَ أبِي الْحَسَن بْن دَاوُدَ، فَلَمَّا قَدِمَ أبُو الْحَسَن بْنُ دَاوُدَ وَقَرَأتُهُ عَلَيْهِ، ذَكَرَ أنَّ هَذَا الدَّرْجَ بِعَيْنهِ كَتَبَ بِهَا أهْلُ قُمَّ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم وَفِيهِ مَسَائِلُ فَأجَابَهُمْ عَلَى ظَهْرهِ بِخَطّ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ النَّوْبَخْتِيَّ وَحَصَلَ الدَّرْجُ عِنْدَ أبِي الْحَسَن بْن دَاوُدَ.
نُسْخَةُ الدَّرْج:
مَسَائِلُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريَّ:
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَأدَامَ عِزَّكَ وَتَأيِيدَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ، وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ (عليك)(1) وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبهِ لَدَيْكَ وَفَضْلِهِ عِنْدَكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ، النَّاسُ يَتَنَافَسُونَ فِي الدَّرَجَاتِ، فَمَنْ قَبِلْتُمُوهُ كَانَ مَقْبُولاً وَمَنْ ر.
ص: 668
دَفَعْتُمُوهُ كَانَ وَضِيعاً، وَالْخَامِلُ مَنْ وَضَعْتُمُوهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ، وَببَلَدِنَا أيَّدَكَ اللهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْوُجُوهِ، يَتَسَاوَوْنَ وَيَتَنَافَسُونَ فِي الْمَنْزلَةِ.
وَوَرَدَ: أيَّدَكَ اللهُ كِتَابُكَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ فِي أمْرٍ أمَرْتَهُمْ بِهِ مِنْ مُعَاوَنَةِ (ص).
وَأخْرَجَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ بِمَالِكِ بادوكة، وَهُوَ خَتَنُ (ص) رحمهم الله مِنْ بَيْنِهِمْ، فَاغْتَمَّ بِذَلِكَ وَسَألَنِي أيَّدَكَ اللهُ أنْ اُعْلِمَكَ مَا نَالَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإنْ كَانَ مِنْ ذَنْبٍ اسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهُ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ عَرَّفْتَهُ مَا يَسْكُنُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
التَّوْقِيعُ: (لَمْ نُكَاتِبْ إِلاَّ مَنْ كَاتَبَنَا)(1).
وَقَدْ عَوَّدْتَنِي أدَامَ اللهُ عِزَّكَ مِنْ تَفَضُّلِكَ مَا أنْتَ أهْلٌ أنْ تُجْزيَني عَلَى الْعَادَةِ وَقِبَلَكَ أعَزَّكَ اللهُ فُقَهَاءُ، أنَا مُحْتَاجٌ إِلَى أشْيَاءَ تُسْألُ لِي عَنْهَا فَرُوِيَ لَنَا عَن الْعَالِم عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَنْ إِمَام قَوْم صَلَّى بِهِمْ بَعْضَ صَلاَتِهِمْ وَحَدَثَتْ عَلَيْهِ حَادِثَةٌ كَيْفَ يَعْمَلُ مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ: (يُؤَخَّرُ وَيُقَدَّمُ بَعْضُهُمْ وَيُتِمُّ صَلاَتَهُمْ وَيَغْتَسِلُ مَنْ مَسَّهُ).
التَّوْقِيعُ: (لَيْسَ عَلَى مَنْ نَحَّاهُ إِلاَّ غَسْلُ الْيَدِ، وَإِذَا لَمْ تَحْدُثْ حَادِثَةٌ تَقْطَعُ الصَّلاَةَ تَمَّمَ صَلاَتَهُ مَعَ الْقَوْم).
وَرُوِيَ عَن الْعَالِم عليه السلام أنَّ مَنْ مَسَّ مَيَّتاً بِحَرَارَتِهِ غَسَلَ يَدَهُ، وَمَنْ مَسَّهُ وَقَدْ بَرَدَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَهَذَا الإمَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ يَكُونُ مَسُّهُ إِلاَّ بِحَرَارَتِهِ وَالْعَمَلُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ، وَلَعَلَّهُ يُنَحَّيهِ بِثِيَابِهِ وَلاَ يَمَسُّهُ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ؟ى.
ص: 669
التَّوْقِيعُ: (إِذَا مَسَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَال، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلاَّ غَسْلُ يَدِهِ).
وَعَنْ صَلاَةِ جَعْفَرٍ إِذَا سَهَا فِي التَّسْبِيح فِي قِيَام أوْ قُعُودٍ أوْ رُكُوع أوْ سُجُودٍ وَذَكَرَهُ فِي حَالَةٍ اُخْرَى قَدْ صَارَ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الصَّلاَةِ، هَلْ يُعِيدُ مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ التَّسْبِيح فِي الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أمْ يَتَجَاوَزُ فِي صَلاَتِهِ؟
التَّوْقِيعُ: (إِذَا هُوَ سَهَا فِي حَالِةٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي حَالَةٍ اُخْرَى قَضَى مَا فَاتَهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرَ).
وَعَن المَرْأةِ يَمُوتُ زَوْجُهَا هَلْ يَجُوزُ أنْ تَخْرُجَ فِي جَنَازَتِهِ أمْ لاَ؟
التَّوْقِيعُ: (يَخْرُجُ فِي جَنَازَتِهِ).
وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا أنْ تَزُورَ قَبْرَ زَوْجِهَا أمْ لاَ؟
التَّوْقِيعُ: (تَزُورُ قَبْرَ زَوْجِهَا، وَلاَ تَبِيتُ عَنْ بَيْتِهَا).
وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أنْ تَخْرُجَ فِي قَضَاءِ حَقًّ يَلْزَمُهَا أمْ لاَ تَبْرَحُ مِنْ بَيْتِهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا؟
التَّوْقِيعُ: (إِذَا كَانَ حَقٌّ خَرَجَتْ وَقَضَتْهُ، وَإِذَا كَانَتْ لَهَا حَاجَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَنْظُرُ فِيهَا خَرَجَتْ لَهَا حَتَّى تَقْضِيَ، وَلاَ تَبِيتُ عَنْ مَنْزلِهَا).
وَرُوِيَ فِي ثَوَابِ الْقُرْآن فِي الْفَرَائِض وَغَيْرهِ أنَّ الْعَالِمَ عليه السلام قَالَ: (عَجَباً لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ فِي صَلاَتِهِ: ((إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) كَيْفَ تُقْبَلُ صَلاَتُهُ؟).
وَرُوِيَ: (مَا زَكَتْ صَلاَةٌ لَمْ يُقْرَأ فِيهَا بِ- ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))).
وَرُوِيَ أنَّ مَنْ قَرَأ فِي فَرَائِضِهِ الْهُمَزَةَ اُعْطِيَ مِنَ الدُّنْيَا، فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَقْرَأ الْهُمَزَةَ، وَيَدَعَ هَذِهِ السُّوَرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؟ مَعَ مَا قَدْ رُوِيَ أنَّهُ لاَ تُقْبَلُ الصَّلاَةُ وَلاَ تَزْكُو إِلاَّ بِهِمَا؟
التَّوْقِيعُ: (الثَّوَابُ فِي السُّوَر عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ وَإِذَا تَرَكَ سُورَةً مِمَّا فِيهَا الثَّوَابُ وَقَرَأ ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) وَ((إِنَّا أَنْزَلْناهُ)) لِفَضْلِهِمَا اُعْطِيَ ثَوَابَ مَا
ص: 670
قَرَأ وَثَوَابَ السُّورَةِ الَّتِي تَرَكَ، وَيَجُوزُ أنْ يَقْرَأ غَيْرَ هَاتَيْن السُّورَتَيْن، وَتَكُونُ صَلاَتُهُ تَامَّةً، وَلَكِنْ يَكُونُ قَدْ تَرَكَ الْفَضْلَ).
وَعَنْ وَدَاع شَهْر رَمَضَانَ مَتَى يَكُونُ؟ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أصْحَابُنَا، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَقْرَاُ فِي آخِر لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ فِي آخِر يَوْم مِنْهُ إِذَا رَأى هِلاَلَ شَوَّالٍ.
التَّوْقِيعُ: (الْعَمَلُ فِي شَهْر رَمَضَانَ فِي لَيَالِيهِ، وَالْوَدَاعُ يَقَعُ فِي آخِر لَيْلَةٍ مِنْهُ، فَإنْ خَافَ أنْ يَنْقُصَ جَعَلَهُ فِي لَيْلَتَيْن).
وَعَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)) أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَعْنِيُّ بِهِ، ((ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ)) مَا هَذِهِ الْقُوَّةُ؟ ((مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ))(1) مَا هَذِهِ الطَّاعَةُ؟ وَأيْنَ هِيَ؟ فَرَأيُكَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ بِالتَّفَضُّل عَلَيَّ بِمَسْألَةِ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِل وَإِجَابَتِي عَنْهَا مُنْعِماً، مَعَ مَا تَشْرَحُهُ لِي مِنْ أمْر مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن مَالِكٍ الْمُقَدَّم ذِكْرُهُ، بِمَا يَسْكُنُ إِلَيْهِ وَيَعْتَدُّ بِنِعْمَةِ اللهِ عِنْدَهُ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِدُعَاءٍ جَامِع لِي وَلإخْوَانِي لِلدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللهُ.
التَّوْقِيعُ: (جَمَعَ اللهُ لَكَ وَلإخْوَانِكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ، وَتَأيِيدَكَ وَكَرَامَتَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبِهِ لَدَيْكَ، وَفَضْلِهِ عِنْدَكَ وَجَعَلَنِي مِنْ كُلّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ فِدَاكَ وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أجْمَعِينَ(2).
بيان: ذكر في الاحتجاج من قوله: (أطال الله بقاك...) إلى قوله: (ولإخوانك خير الدنيا والآخرة).5.
ص: 671
أقول: قوله: (فاستثبت) من تتمة ما كتب السائل أي كنت قديماً أطلب إثبات هذه التوقيعات، هل هي منكم أو لا؟ ولمَّا كان جواب هذه الفقرة مكتوباً تحتها أفردها للإشعار بذلك.
قوله: (نسخة الدرج) أي نسخة الكتاب المدرج المطوي، كتبه أهل قم وسألوا عن بيان صحَّته، فكتب عليه السلام أنَّ جميعه صحيح، وعبَّر عن المعان برمز (ص) للمصلحة، وحاصل جوابه عليه السلام أنَّ هؤلاء كاتبوني وسألوني فأجبتهم، وهو لم يكاتبني من بينهم فلذا لم أدخله فيهم، وليس ذلّ من تقصير وذنب.
قوله: (وقبلك أعزَّك الله) خطاب للسفير المتوسَّط بينه وبين الإمام عليه السلام، أو للإمام تقية، وقول: (أطال الله بقاءك) آخراً كلام الحميري ختم به كتابه، وسائر أجزاء الخبر شرحناها في الأبواب المناسبة لها(1).
2 _ الغيبة للطوسي: مِنْ كِتَابٍ آخَرَ: فَرَأيُكَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ فِي تَأمُّل رُقْعَتِي، وَالتَّفَضُّل بِمَا يُسَهَّلُ لاضِيفَهُ إِلَى سَائِر أيَادِيكَ عَلَيَّ، وَاحْتَجْتُ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ أنْ تَسْألَ لِي بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَن الْمُصَلّي إِذَا قَامَ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّل لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يُكَبَّرَ؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا قَالَ: لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ، وَيُجْزيهِ أنْ يَقُولَ: بِحَوْل اللهِ وَقُوَّتِهِ أقُومُ وَأقْعُدُ.
الْجَوَابُ: قَالَ: (إِنَّ فِيهِ حَدِيثَيْن: أمَّا أحَدُهُمَا فَإنَّهُ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ اُخْرَى فَعَلَيْهِ تَكْبِيرٌ، وَأمَّا الآخَرُ: فَإنَّهُ رُوِيَ أنَّهُ إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَكَبَّرَ ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلْقِيَام بَعْدَ الْقُعُودِ تَكْبِيرٌ، وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ الأوَّلُ، يَجْري هَذَا الْمَجْرَى، وَبأيَّهِمَا أخَذْتَ مِنْ جِهَةِ التَّسْلِيم كَانَ صَوَاباً).ه.
ص: 672
وَعَن الْفَص الْخُمَاهَن(1) هَلْ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ إِذَا كَانَ فِي إِصْبَعِهِ؟
الْجَوَابُ: (فِيهِ كَرَاهَةُ أنْ يُصَلّيَ فِيهِ، وَفِيهِ إِطْلاَقٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ).
وَعَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى هَدْياً لِرَجُلٍ غَائِبٍ عَنْهُ، وَسَألَهُ أنْ يَنْحَرَ عَنْهُ هَدْياً بِمِنًى فَلَمَّا أرَادَ نَحْرَ الْهَدْي نَسِيَ اسْمَ الرَّجُل وَنَحَرَ الْهَدْيَ، ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أيُجْزئُ عَن الرَّجُل أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِذَلِكَ، وَقَدْ أجْزَأ عَنْ صَاحِبهِ).
وَعِنْدَنَا حَاكَةٌ مَجُوسٌ يَأكُلُونَ الْمَيْتَةَ، وَلاَ يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَنْسِجُونَ لَنَا ثِيَاباً، فَهَلْ يَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهَا مِنْ قَبْل أنْ يُغْسَلَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِالصَّلاَةِ فِيهَا).
وَعَن الْمُصَلّي يَكُونُ فِي صَلاَةِ اللَّيْل فِي ظُلْمَةٍ، فَإذَا سَجَدَ يَغْلَطُ بِالسَّجَّادَةِ، وَيَضَعُ جَبْهَتَهُ عَلَى مِسْح أوْ نَطْع(2) فَإذَا رَفَعَ رَأسَهُ وَجَدَ السَّجَّادَةَ، هَلْ يَعْتَدُّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ أمْ لاَ يَعْتَدُّ بِهَا؟).
ص: 673
الْجَوَابُ: مَا لَمْ يَسْتَو جَالِساً فَلاَ شَيْ ءَ عَلَيْهِ فِي رَفْع رَأسِهِ لِطَلَبِ الْخُمْرَةِ(1)).
وَعَن الْمُحْرم يَرْفَعُ الظِّلاَلَ هَلْ يَرْفَعُ خَشَبَ الْعَمَّاريَّةِ أوِ الْكَنِيسَةِ(2) وَيَرْفَعُ الْجَنَاحَيْن أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ شَيْ ءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ وَجَمِيع الْخَشَبِ).
وَعَن الْمُحْرم يَسْتَظِلُّ مِنَ الْمَطَر بِنَطْع أوْ غَيْرهِ حَذَراً عَلَى ثِيَابِهِ وَمَا فِي مَحْمِلِهِ أنْ يَبْتَلَّ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: (إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَحْمِل فِي طَريقِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ(3)).
وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنْ آخَرَ، هَلْ يَحْتَاجُ أنْ يَذْكُرَ الَّذِي حَجَّ عَنْهُ عِنْدَ عَقْدِ إِحْرَامِهِ أمْ لاَ؟ وَهَلْ يَجِبُ أنْ يَذْبَحَ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ، أمْ يُجْزيهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ؟
الْجَوَابُ: (يَذْكُرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ بَأسَ).
وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يُحْرمَ فِي كِسَاءِ خَزّ أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِذَلِكَ وَقَدْ فَعَلَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ(4)).ي.
ص: 674
وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يُصَلّيَ وَفِي رجْلِهِ بَطِيطٌ(1) لاَ يُغَطّي الْكَعْبَيْن أمْ لاَ يَجُوزُ؟
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ).
وَيُصَلّي الرَّجُلُ وَمَعَهُ فِي كُمَّهِ أوْ سَرَاوِيلِهِ سِكّينٌ أوْ مِفْتَاحُ حَدِيدٍ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ).
وَعَن الرَّجُل يَكُونُ مَعَ بَعْض هَؤُلاَءِ وَمُتَّصِلاً بِهِمْ يَحُجُّ، وَيَأخُذُ عَلَى الْجَادَّةِ وَلاَ يُحْرمُونَ هَؤُلاَءِ مِنَ الْمَسْلَخ فَهَلْ يَجُوزُ لِهَذَا الرَّجُل أنْ يُؤَخّرَ إِحْرَامَهُ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ(2) فَيُحْرمَ مَعَهُمْ، لِمَا يَخَافُ مِنَ الشُّهْرَةِ أمْ لاَ يَجُوزُ أنْ يُحْرمَ إِلاَّ مِنَ الْمَسْلَخ؟
الْجَوَابُ: (يُحْرمُ مِنْ مِيقَاتِهِ ثُمَّ يَلْبَسُ الثّيَابَ وَيُلَبِّي فِي نَفْسِهِ، فَإذَا بَلَغَ إِلَى مِيقَاتِهِمْ أظْهَرَ).
وَعَنْ لُبْس النَّعْل الْمَعْطُون(3) فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا يَذْكُرُ أنَّ لُبْسَهُ كَريهٌ.
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ ذَلِكَ وَلاَ بَأسَ).0.
ص: 675
وَعَن الرَّجُل مِنْ وُكَلاَءِ الْوَقْفِ يَكُونُ مُسْتَحِلاً لِمَا فِي يَدِهِ لاَ يَرعُ(1) عَنْ أخْذِ مَالِهِ، رُبَّمَا نَزَلْتُ فِي قَرْيَةٍ وَهُوَ فِيهَا أوْ أدْخُلُ مَنْزلَهُ وَقَدْ حَضَرَ طَعَامُهُ فَيَدْعُوني إِلَيْهِ، فَإنْ لَمْ آكُلْ مِنْ طَعَامِهِ عَادَانِي عَلَيْهِ، وَقَالَ: فُلاَنٌ لاَ يَسْتَحِلُّ أنْ يَأكُلَ مِنْ طَعَامِنَا، فَهَلْ يَجُوزُ لِي أنْ آكُلَ مِنْ طَعَامِهِ وَأتَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ؟ وَكَمْ مِقْدَارُ الصَّدَقَةِ؟ وَإِنْ أهْدَى هَذَا الْوَكِيلُ هَدِيَّةً إِلَى رَجُلٍ آخَرَ فَأحْضَرَ فَيَدْعُوني أنْ أنَالَ مِنْهَا وَأنَا أعْلَمُ أنَّ الْوَكِيلَ لاَ يَرعُ عَنْ أخْذِ مَا فِي يَدِهِ، فَهَلْ(2) فِيهِ شَيْءٌ إِنْ أنَا نِلْتُ مِنْهَا؟
الْجَوَابُ: (إِنْ كَانَ لِهَذَا الرَّجُل مَالٌ أوْ مَعَاشٌ غَيْرُ مَا فِي يَدِهِ، فَكُلْ طَعَامَهُ وَاقْبَلْ بِرَّهُ وَإِلاَّ فَلاَ).
وَعَن الرَّجُل يَقُولُ بِالْحَقَّ وَيَرَى الْمُتْعَةَ، وَيَقُولُ بِالرَّجْعَةِ، إِلاَّ أنَّ لَهُ أهْلاً مُوَافِقَةً لَهُ فِي جَمِيع أمْرهِ، وَقَدْ عَاهَدَهَا أنْ لاَ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهاَ(3) وَلاَ يَتَسَرَّى(4) وَقَدْ فَعَلَ هَذَا مُنْذُ بِضْع عَشْرَةَ سَنَةً، وَوَفَى بِقَوْلِهِ، فَرُبَّمَا غَابَ عَنْ مَنْزلِهِ الأشْهُرَ فَلاَ يَتَمَتَّعُ وَلاَ يَتَحَرَّكُ نَفْسُهُ أيْضاً لِذَلِكَ، وَيَرَى أنَّ وُقُوفَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أخ وَوَلَدٍ وَغُلاَم وَوَكِيلٍ وَحَاشيَةٍ مِمَّا يُقَلِّلُهُ فِي أعْيُنِهِمْ وَيُحِبُّ الْمُقَامَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً لأهْلِهِ وَمَيْلاً إِلَيْهَا، وَصِيَانَةً لَهَا وَلِنَفْسِهِ، لاَ يُحَرمُ الْمُتْعَةَ، بَلْ يَدِينُ اللهَ بِهَا، فَهَلْ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ ذَلِكَ مَأثَمٌ أمْ لاَ؟4.
ص: 676
الْجَوَابُ: (فِي ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يُطِيعَ اللهَ تَعَالَى(1) لِيَزُولَ عَنْهُ الْحَلْفُ فِي الْمَعْصِيَةِ(2) وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً).
فَإنْ رَأيْتَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ أنْ تَسْألَ لِي عَنْ ذَلِكَ وَتَشْرَحَهُ لِي وَتُجِيبَ فِي كُلّ مَسْألَةٍ بِمَا الْعَمَلُ بِهِ، وَتُقَلّدَنِي الْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ جَعَلَكَ اللهُ السَّبَبَ فِي كُلّ خَيْرٍ وَأجْرَاهُ عَلَى يَدِكَ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللهُ.
أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَأدَامَ عِزَّكَ وَتَأيِيدَكَ وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ وَكَرَامَتَكَ وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي عَنْكَ وَقِبَلَكَ الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً.
قَالَ ابْنُ نُوح: نَسَخْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنَ الدَّرْجَيْن الْقَدِيمَيْن اللَّذَيْن فِيهِمَا الْخَطُّ وَالتَّوْقِيعَاتُ(3).
أقُولُ: رَوَى فِي الاحْتِجَاج مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (لِيَزُولَ عَنْهُ الْحَلْفُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً)(4).
3 _ الاحتجاج: فِي كِتَابٍ آخَرَ لِمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْحِمْيَريَّ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام مِنْ جَوَابَاتِ(5) مَسَائِلِهِ الَّتِي سَألَهُ عَنْهَا فِي سَنَةِ سَبْع وَثَلاَثِمِائَةٍ:
سَألَ عَن الْمُحْرم يَجُوزُ أنْ يَشُدَّ الْمِئْزَرَ مِنْ خَلْفِهِ إِلَى عُنُقِهِ(6) ).
ص: 677
بِالطُّول وَيَرْفَعَ طَرَفَيْهِ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَيَجْمَعَهُمَا فِي خَاصِرَتِهِ وَيَعْقِدَهُمَا، وَيُخْرجَ الطَّرَفَيْن الآخَرَيْن مِنْ بَيْن رجْلَيْهِ وَيَرْفَعَهُمَا إِلَى خَاصِرَتِهِ، وَيَشُدَّ طَرَفَيْهِ إِلَى وَركَيْهِ، فَيَكُونَ مِثْلَ السَّرَاوِيل يَسْتُرُ مَا هُنَاكَ، فَإنَّ الْمِئْزَرَ الأوَّلَ كُنَّا نَتَّزرُ بِهِ(1) إِذَا رَكِبَ الرَّجُلُ جُمْلَةً يَكْشفُ مَا هُنَاكَ وَهَذَا أسْتَرُ.
فَأجَابَ عليه السلام: (جَائِزٌ أنْ يَتَّزرَ الإنْسَانُ كَيْفَ شَاءَ إِذَا لَمْ يُحْدِثْ فِي الْمِئْزَر حَدَثاً بِمِقْرَاضٍ وَلاَ إِبْرَةٍ يُخْرجُهُ بِهِ عَنْ حَدَّ الْمِئْزَر، وَغَرَزَهُ غَرْزاً، وَلَمْ يَعْقِدْهُ وَلَمْ يَشُدَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، إِذَا غَطَّى سُرَّتَهُ وَرُكْبَتَيْهِ كِلاَهُمَا، فَإنَّ السُّنَّةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا بِغَيْر خِلاَفٍ تَغْطِيَةُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَتَيْن، وَالأحَبُّ إِلَيْنَا وَالأفْضَلُ لِكُلّ أحَدٍ شَدُّهُ عَلَى السَّبِيل الْمَعْرُوفَةِ لِلنَّاس جَمِيعاً إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَ رحمه الله: هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشُدَّ عَلَيْهِ مَكَانَ الْعَقْدِ تِكَّةً؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ يَجُوزُ شَدُّ الْمِئْزَر بِشَيْءٍ سِوَاهُ مِنْ تِكَّةٍ وَلاَ غَيْرهَا).
وَسَألَ عَن التَّوَجُّهِ لِلصَّلاَةِ أيَقُولُ: (عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ)؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهُ إِذَا قَالَ: (عَلَى دِين مُحَمَّدٍ) فَقَدْ أبْدَعَ، لأنَّا لَمْ نَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الصَّلاَةِ خَلاَ حَدِيثاً فِي كِتَابِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ عَنْ جَدَّهِ(2) الْحَسَن بْن رَاشدٍ أنَ الصَّادِقَ عليه السلام قَالَ لِلْحَسَن: (كَيْفَ تَتَوَجَّهُ؟)، قَالَ: أقُولُ: (لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ)، فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ عليه السلام: (لَيْسَ عَنْ هَذَا أسْألُكَ، كَيْفَ تَقُولُ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً؟)، قَالَ الْحَسَنُ: أقُولُهُ، فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ عليه السلام: (إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ).
ص: 678
فَقُلْ: عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ، وَمِنْهَاج عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ وَالائْتِمَام بِآل مُحَمَّدٍ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما أنَا مِنَ الْمُشْركِينَ).
فَأجَابَ عليه السلام: (التَّوَجُّهُ كُلُّهُ لَيْسَ بِفَريضَةٍ وَالسُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ فِيهِ الَّتِي هِيَ كَالإجْمَاع الَّذِي لاَ خِلاَفَ فِيهِ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ، وَهُدَى أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَما أنَا مِنَ الْمُشْركِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ، لا شَريكَ لَهُ وَبذلِكَ اُمِرْتُ وَأنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أعُوذُ بِاللهِ السَّمِيع الْعَلِيم مِنَ الشَّيْطَان الرَّجِيم، بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، ثُمَّ يَقْرَاُ الْحَمْدَ.
قَالَ الْفَقِيهُ الَّذِي لاَ يُشَكُّ فِي عِلْمِهِ: إنَّ(1) الدَّينُ لِمُحَمَّدٍ، وَالْهِدَايَةُ لِعَلِيًّ أمِير الْمُؤْمِنينَ، لأنَّهَا لَهُ وَفِي عَقِبهِ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ، وَمَنْ شَكَّ فَلاَ دِينَ لَهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ فِي ذَلِكَ(2) مِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ الْهُدَى).
وَسَألَهُ عَن الْقُنُوتِ فِي الْفَريضَةِ إِذَا فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ يجوز(3) أنْ يَرُدَّ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرهِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أنَّ اللهَ عزّ وجل أجَلُّ مِنْ أنْ يَرُدَّ يَدَيْ عَبْدِهِ صِفْراً بَلْ يَمْلاَهَا مِنْ رَحْمَتِهِ(4) أمْ لاَ يَجُوزُ؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهُ عَمِلَ فِي الصَّلاَةِ.ت.
ص: 679
فَأجَابَ عليه السلام: (رَدُّ الْيَدَيْن مِنَ الْقُنُوتِ عَلَى الرَّأس وَالْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْفَرَائِض وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِ إِذَا رَفَعَ يَدَهُ فِي قُنُوتِ الْفَريضَةِ، وَفَرَغَ مِنَ الدُّعَاءِ أنْ يَرُدَّ بَطْنَ رَاحَتَيْهِ مَعَ صَدْرهِ تِلْقَاءَ رُكْبَتَيْهِ عَلَى تَمَهُّلٍ، وَيُكَبَّرُ وَيَرْكَعُ، وَالْخَبَرُ صَحِيحٌ وَهُوَ فِي نَوَافِل النَّهَار وَاللَّيْل، دُونَ الْفَرَائِض، وَالْعَمَلُ بِهِ فِيهَا أفْضَلُ).
وَسَألَ عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْر بَعْدَ الْفَريضَةِ، فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهَا بِدْعَةٌ فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَسْجُدَهَا الرَّجُلُ بَعْدَ الْفَريضَةِ؟ وَإِنْ جَازَ فَفِي صَلاَةِ الْمَغْربِ هِيَ بَعْدَ الْفَريضَةِ أوْ بَعْدَ الأرْبَع رَكَعَاتِ النَّافِلَةِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (سَجْدَةُ الشُّكْر مِنْ ألْزَمِ السُّنَن وَأوْجَبِهَا، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ هَذِهِ السَّجْدَةَ بِدْعَةٌ إِلاَّ مَنْ أرَادَ أنْ يُحْدِثَ فِي دِين اللهِ بِدْعَةً، وَأمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ فِيهَا بَعْدَ صَلاَةِ الْمَغْربِ وَالاخْتِلاَفُ فِي أنَّهَا بَعْدَ الثَّلاَثِ أوْ بَعْدَ الأرْبَع، فَإنَّ فَضْلَ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيح بَعْدَ الْفَرَائِض عَلَى الدُّعَاءِ بِعَقِيبِ(1) النَّوَافِل، كَفَضْل الْفَرَائِض عَلَى النَّوَافِل وَالسَّجْدَةُ دُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ، وَالأفْضَلُ أنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَرْض، فَإنْ جَعَلْتَ بَعْدَ النَّوَافِل أيْضاً جَازَ).
وَسَألَ أنَّ لِبَعْض إِخْوَانِنَا مِمَّنْ نَعْرفُهُ ضَيْعَةً جَدِيدَةً بِجَنْبِ ضَيْعَةٍ خَرَابٍ لِلسُّلْطَان فِيهَا حِصَّةٌ، وَأكَرَتُهُ(2) رُبَّمَا زَرَعُوا حُدُودَهَا، وَتُؤْذِيهِمْ عُمَّالُ السُّلْطَان، وَيَتَعَرَّضُ(3) فِي الأكْل مِنْ غَلاَتِ ضَيْعَتِهِ، وَلَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ لِخَرَابِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ بَائِرَةٌ مُنْذُ عِشْرينَ سَنَةً، وَهُوَ يَتَحَرَّجُ مِنْ شرَائِهَا لأنَّهُ ).
ص: 680
يُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ، كَانَتْ قُبِضَتْ عَن الْوَقْفِ قَدِيماً لِلسُّلْطَان، فَإنْ جَازَ شرَاؤُهَا مِنَ السُّلْطَان، وَكَانَ ذَلِكَ صَوَاباً كَانَ ذَلِكَ صَلاَحاً لَهُ وَعِمَارَةً لِضَيْعَتِهِ، وَإِنَّهُ يَزْرَعُ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنَ الْقَرْيَةِ الْبَائِرَةِ لِفَضْل(1) مَاءِ ضَيْعَتِهِ الْعَامِرَةِ، وَيَنْحَسِمُ عَنْهُ طَمَعُ أوْلِيَاءِ السُّلْطَان، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَمِلَ بِمَا تَأمُرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَأجَابَهُ عليه السلام: (الضَّيْعَةُ لاَ يَجُوزُ ابْتِيَاعُهَا إِلاَّ مِنْ مَالِكِهَا أوْ بِأمْرهِ وَرضًا مِنْهُ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَحَلَّ بِامْرَأةٍ(2) مِنْ حُجَّابِهَا، وَكَانَ يَتَحَرَّزُ مِنْ أنْ يَقَعَ وَلَدٌ فَجَاءَتْ بِابْنٍ فَتَحَرَّجَ الرَّجُلُ أنْ لاَ يَقْبَلَهُ فَقَبِلَهُ وَهُوَ شَاكٌّ فِيهِ(3)، لَيْسَ يَخْلِطُهُ بِنَفْسِهِ، فَإنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ أنْ يَخْلِطَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَجْعَلَهُ كَسَائِر وُلْدِهِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ جَازَ أنْ يَجْعَلَ لَهُ شَيْئاً مِنْ مَالِهِ دُونَ حَقّهِ فَعَلَ.
فَأجَابَ عليه السلام: (الاسْتِحْلاَلُ بِالْمَرْأةِ يَقَعُ عَلَى وُجُوهٍ، وَالْجَوَابُ يُخْتَلَفُ فِيهَا، فَلْيَذْكُر الْوَجْهَ الَّذِي وَقَعَ الاسْتِحْلاَلُ بِهِ مَشْرُوحاً لِيَعْرفَ الْجَوَابَ فِيمَا يَسْألُ عَنْهُ مِنْ أمْر الْوَلَدِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَهُ الدُّعَاءَ لَهُ، فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (جَادَ اللهُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أهْلُهُ إِيْجَابَنَا لِحَقّهِ وَرعَايَتَنَا لأبِيهِ رحمه الله، وَقُرْبهِ مِنَّا بِمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ جَمِيل نِيَّتِهِ، وَوَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَطَتِهِ(4) الْمَقَربَةِ لَهُ مِنَ اللهِ الَّتِي تُرْضِي اللهَ عزّ وجل وَرَسُولَهُ وَأوْلِيَاءَهُ).
ص: 681
عليهم السلام بِمَا بَدَأنَا نَسْألُ اللهَ بِمَسْألَتِهِ مَا أمَّلَهُ مِنْ كُلّ خَيْرٍ عَاجِلٍ وَآجِلٍ، وَأنْ يُصْلِحَ لَهُ مِنْ أمْر دِينهِ وَدُنْيَاهُ مَا يُحِبُّ صَلاَحَهُ إِنَّهُ وَلِيٌّ قَدِيرٌ)(1).
4 _ الاحتجاج: وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أيْضاً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِمِائَةٍ كِتَاباً سَألَهُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ اُخْرَى، كَتَبَ فِيهِ:
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ وَكَرَامَتَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ، وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبهِ لَدَيْكَ، وَفَضْلِهِ عَلَيْكَ، وَجَزيل قِسْمِهِ لَكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ كُلّهِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ، إِنَّ قِبَلَنَا مَشَايِخَ وَعَجَائِزَ يَصُومُونَ رجب (رَجَباً) مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَأكْثَرَ، وَيَصِلُونَ شَعْبَانَ بِشَهْر رَمَضَانَ، وَرَوَى لَهُمْ بَعْضُ أصْحَابِنَا أنَّ صَوْمَهُ مَعْصِيَةٌ.
فَأجَابَ: قَالَ الْفَقِيهُ عليه السلام(2): (يَصُومُ مِنْهُ أيَّاماً إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، ثُمَّ يَقْطَعُهُ إِلاَّ أنْ يَصُومَهُ عَن الثَّلاَثَةِ الأيَّام الْفَائِتَةِ لِلْحَدِيثِ(3): إنْ نِعْمَ شَهْرُ الْقَضَاءِ رَجَبٌ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي مَحْمِلِهِ، وَالثَّلْجُ كَثِيرٌ بِقَامَةِ رَجُلٍ، فَيَتَخَوَّفُ إِنْ نَزَلَ الْغَوْصَ فِيهِ وَرُبَّمَا يَسْقُطُ الثَّلْجُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَال، وَلاَ يَسْتَوِي لَهُ أنْ يُلَبَّدَ شَيْئاً مِنْهُ لِكَثْرَتِهِ وَتَهَافُتِهِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أنْ يُصَلّيَ فِي الْمَحْمِل الْفَريضَةَ؟ فَقَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ أيَّاماً فَهَلْ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ إِعَادَةٌ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ بَأسَ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالشدَّةِ).).
ص: 682
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَلْحَقُ الإمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَيَحْتَسِبُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ، فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا قَالَ: إِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوع فَلَيْسَ لَهُ أنْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ.
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا لَحِقَ مَعَ الإمَام مِنْ تَسْبِيح الرُّكُوع تَسْبِيحَةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوع).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الظُّهْرَ وَدَخَلَ فِي صَلاَةِ الْعَصْر، فَلَمَّا أنْ صَلَّى مِنْ صَلاَةِ الْعَصْر رَكْعَتَيْن اسْتَيْقَنَ أنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْن، كَيْفَ يَصْنَعُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ أحْدَثَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْن حَادِثَةً يَقْطَعُ بِهَا الصَّلاَةَ أعَادَ الصَّلاَتَيْن، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أحْدَثَ حَادِثَةً جَعَلَ الرَّكْعَتَيْن الأخِيرَتَيْن تَتِمَّةً لِصَلاَةِ الظُّهْر وَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ أهْل الْجَنَّةِ، هَلْ يَتَوَالَدُونَ إِذَا دَخَلُوهَا أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنَّ الْجَنَّةَ لاَ حَمْلَ فِيهَا لِلنّسَاءِ، وَلاَ وِلاَدَةَ، وَلاَ طَمْثَ، وَلاَ نِفَاسَ، وَلاَ شَقَاءَ بِالطُّفُولِيَّةِ، ((وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الأَْنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَْعْيُنُ))(1)، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ، فَإذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ وَلَداً خَلَقَهُ اللهُ عزّ وجل بِغَيْر حَمْلٍ وَلاَ وِلاَدَةٍ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي يُريدُ كَمَا خَلَقَ آدَمَ عليه السلام عِبْرَةً).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأةً بِشَيْءٍ مَعْلُوم إِلَى وَقْتٍ مَعْلُوم، وَبَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا وَقْتٌ فَجَعَلَهَا فِي حِلّ مِمَّا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَتْ طَمِثَتْ قَبْلَ أنْ يَجْعَلَهَا فِي حِلّ مِنْ أيَّامِهَا بِثَلاَثَةِ أيَّام أيَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ بِشَيْءٍ مَعْلُوم إِلَى وَقْتٍ مَعْلُوم عِنْدَ طُهْرهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ أوْ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَيْضَةً اُخْرَى؟1.
ص: 683
فَأجَابَ عليه السلام: (يَسْتَقْبِلُ حَيْضَةً غَيْرَ تِلْكَ الْحَيْضَةِ، لأنَّ أقَلَّ تِلْكَ الْعِدَّةِ حَيْضَةٌ وَطَهَارَةٌ(1) تَامَّةٌ).
وَسَألَ عَن الأبْرَص وَالْمَجْذُوم، وَصَاحِبِ الْفَالِج، هَلْ يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ؟ فَقَدْ رُوِيَ لَنَا أنَّهُمْ لاَ يَؤُمُّونَ الأصِحَّاءَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ مَا بِهِمْ حادث (حَادِثاً)، جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ وِلاَدَةً لَمْ تَجُزْ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ امْرَأتِهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَتْ رُبَّيَتْ فِي حَجْرهِ فَلاَ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُبَّيَتْ فِي حَجْرهِ وَكَانَتْ اُمُّهَا فِي غَيْر حِبَالِهِ(2) فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ جَائِزٌ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنَةِ امْرَأةٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَ جَدَّتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أمْ لا(3)؟
فَأجَابَ عليه السلام: (قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ ألْفَ دِرْهَم، أقَامَ بِهَا الْبَيَّنَةَ الْعَادِلَةَ، وَادَّعَى عَلَيْهِ أيْضاً خَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ(4) وَلَهُ بِذَلِكَ كُلّهِ بَيَّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَادَّعَى عَلَيْهِ أيْضاً بِثَلاَثِ مِائَةِ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ، وَمِائَتَيْ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ، وَلَهُ بِذَلِكَ كُلّهِ بَيَّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَيَزْعُمُ الْمُدَّعَى ه.
ص: 684
عَلَيْهِ أنَّ هَذِهِ الصّكَاكَ كُلَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي الصَّكَّ الَّذِي بِألْفِ دِرْهَم، وَالْمُدَّعِي يُنْكِرُ أنْ يَكُونَ كَمَا زَعَمَ، فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الألْفُ الدَّرْهَم مَرَّةً وَاحِدَةً أوْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا يُقِيمُ الْبَيَّنَةَ بِهِ؟ وَلَيْسَ فِي الصّكَاكِ اسْتِثْنَاءٌ إِنَّمَا هِيَ صِكَاكٌ عَلَى وَجْهِهَا.
فَأجَابَ عليه السلام: (يُؤْخَذُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ألْفُ دِرْهَم، وَهِيَ الَّتِي لاَ شُبْهَةَ فِيهَا وَتُرَدُّ الْيَمِينُ فِي الألْفِ الْبَاقِي عَلَى الْمُدَّعِي، فَإنْ نَكَلَ فَلاَ حَقَّ لَهُ).
وَسَألَ عَنْ طِين الْقَبْر، يُوضَعُ مَعَ الْمَيَّتِ فِي قَبْرهِ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يُوضَعُ مَعَ الْمَيَّتِ فِي قَبْرهِ وَيُخْلَطُ بِحَنُوطِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ لَنَا عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّهُ كَتَبَ عَلَى إِزَار إِسْمَاعِيلَ ابْنُهُ: (إِسْمَاعِيلُ يَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) فَهَلْ يَجُوزُ لَنَا أنْ نَكْتُبَ مِثْلَ ذَلِكَ بِطِين الْقَبْر أمْ غَيْرهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يُسَبَّحَ الرَّجُلُ بِطِين الْقَبْر وَهَلْ فِيهِ فَضْلٌ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يُسَبَّحُ بِهِ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ التَّسْبِيح أفْضَلَ مِنْهُ، وَمِنْ فَضْلِهِ أنَّ الرَّجُلَ يَنْسَى التَّسْبِيحَ وَيُدِيرُ السُّبْحَةَ فَيُكْتَبُ لَهُ التَّسْبِيحُ).
وَسَألَ عَن السَّجْدَةِ عَلَى لَوْح مِنْ طِين الْقَبْر وَهَلْ فِيهِ فَضْلٌ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ وَفِيهِ الْفَضْلُ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَزُورُ قُبُورَ الأئِمَّةِ عليهم السلام هَلْ يَجُوزُ أنْ يَسْجُدَ عَلَى الْقَبْر أمْ لاَ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى عِنْدَ بَعْض قُبُورهِمْ عليهم السلام أنْ يَقُومَ وَرَاءَ الْقَبْر وَيَجْعَلَ الْقَبْرَ قِبْلَةً أمْ يَقُومُ عِنْدَ رَأسِهِ أوْ رجْلَيْهِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ الْقَبْرَ وَيُصَلّيَ وَيَجْعَلَ الْقَبْرَ خَلْفَهُ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (أمَّا السُّجُودُ عَلَى الْقَبْر فَلاَ يَجُوزُ فِي نَافِلَةٍ وَلاَ فَريضَةٍ وَلاَ
ص: 685
زِيَارَةٍ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أنْ يَضَعَ خَدَّهُ الأيْمَنَ عَلَى الْقَبْر، وَأمَّا الصَّلاَةُ فَإنَّهَا خَلْفَهُ وَيَجْعَلُ الْقَبْرَ أمَامَهُ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يُصَلّيَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينهِ، وَلاَ عَنْ يَسَارهِ، لأنَّ الإمَامَ عليه السلام لاَ يُتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَلاَ يُسَاوَى).
وَسَألَ فَقَالَ: هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل إِذَا صَلَّى الْفَريضَةَ أوِ النَّافِلَةَ وَبيَدِهِ السُّبْحَةُ أنْ يُدِيرَهَا وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا خَافَ السَّهْوَ وَالْغَلَطَ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يُدِيرَ السُّبْحَةَ بِيَدِهِ الْيَسَار إِذَا سَبَّحَ أوْ لاَ يَجُوزُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ للهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ عَن الْفَقِيهِ فِي بَيْع الْوُقُوفِ خَبَرٌ مَأثُورٌ (إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْم بِأعْيَانِهِمْ وَأعْقَابِهِمْ فَاجْتَمَعَ أهْلُ الْوَقْفِ عَلَى بَيْعِهِ وَكَانَ ذَلِكَ أصْلَحَ لَهُمْ أنْ يَبيعُوهُ) فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْتَريَ مِنْ بَعْضِهِمْ إِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْبَيْع؟ أمْ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ أنْ يَجْتَمِعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَن الْوَقْفِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى إِمَام الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْم مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَبعْ كُلُّ قَوْم مَا يَقْدِرُونَ عَلَى بَيْعِهِ مُجْتَمِعِينَ وَمُتَفَرقِينَ إِنْ شَاءَ اللهُ)(1).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُحْرم أنْ يُصَيَّرَ عَلَى إِبْطِهِ الْمَرْتَكَ أوِ التُّوتِيَاءَ(2) لِريحِ الْعَرَقِ أمْ لاَ يَجُوزُ؟ق.
ص: 686
فَأجَابَهُ: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَن الضَّرير إِذَا اُشْهِدَ فِي حَال صِحَّتِهِ عَلَى شَهَادَةٍ ثُمَّ كُفَّ بَصَرُهُ وَلاَ يَرَى خَطَّهُ فَيَعْرفَهُ، هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ (وَباللهِ التَّوْفِيقُ)(1) أمْ لاَ؟ وَإِنْ ذَكَرَ هَذَا الضَّريرُ الشَّهَادَةَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أمْ لاَ يَجُوزُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا حَفِظَ الشَّهَادَةَ وَحَفِظَ الْوَقْتَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يُوقِفُ ضَيْعَةً أوْ دَابَّةً، وَيُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ بِاسْم بَعْض وُكَلاَءِ الْوَقْفِ، ثُمَّ يَمُوتُ هَذَا الْوَكِيلُ أوْ يَتَغَيَّرُ أمْرُهُ، وَيَتَوَلَّى غَيْرُهُ، هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ لِهَذَا الَّذِي اُقِيمَ مَقَامَهُ، إِذَا كَانَ أصْلُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أمْ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ لأنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَقُمْ لِلْوَكِيل وَإِنَّمَا قَامَتْ لِلْمَالِكِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ للهِ))(2)).
وَسَألَ عَن الرَّكْعَتَيْن الاُخْرَاوَيْن(3) قَدْ كَثُرَتْ فِيهِمَا الروَايَاتُ، فَبَعْضٌ يَرْوِي أنَّ قِرَاءَةَ الْحَمْدِ وَحْدَهَا أفْضَلُ وَبَعْضٌ يَرْوِي أنَّ التَّسْبِيحَ فِيهِمَا أفْضَلُ، فَالْفَضْلُ لأيَّهِمَا لِنَسْتَعْمِلَهُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (قَدْ نَسَخَتْ قِرَاءَةُ اُمّ الْكِتَابِ فِي هَاتَيْن الرَّكْعَتَيْن التَّسْبِيحَ، وَالَّذِي نَسَخَ التَّسْبِيحَ قَوْلُ الْعَالِم عليه السلام: كُلُّ صَلاَةٍ لاَ قِرَاءَةَ فِيهَا ).
ص: 687
فَهِيَ خِدَاجٌ(1) إِلاَّ لِلْعَلِيل أوْ مَنْ يَكْثُرُ عَلَيْهِ السَّهْوُ، فَيُتَخَوَّفُ بُطْلاَنُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: يُتَّخَذُ عِنْدَنَا رُبُّ الْجَوْزِ(2) لِوَجَع الْحَلْقِ وَالْبَحْبَحَةِ يُؤْخَذُ الْجَوْزُ الرَّطْبُ مِنْ قَبْل أنْ يَنْعَقِدَ، وَيُدَقُّ دَقّاً نَاعِماً، وَيُعْصَرُ مَاؤُهُ، وَيُصَفَّى وَيُطْبَخُ عَلَى النّصْفِ، وَيُتْرَكُ يَوْماً وَلَيْلَةً، ثُمَّ يُنْصَبُ عَلَى النَّار، وَيُلْقَى عَلَى كُلّ سِتَّةِ أرْطَالٍ مِنْهُ رطْلُ عَسَلٍ، وَيُغْلَى وَيُنْزَعُ رَغْوَتُهُ، وَيُسْحَقُ مِنَ النُّوشَادُر وَالشَّبَّ الْيَمَانِيَّ مِنْ كُلّ وَاحِدٍ نِصْفُ مِثْقَالٍ، وَيُدَافُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَاءِ، وَيُلْقَى فِيهِ دِرْهَمُ زَعْفَرَانٍ مَسْحُوقٍ وَيُغْلَى وَيُؤْخَذُ رَغْوَتُهُ، وَيُطْبَخُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْعَسَل ثَخِيناً ثُمَّ يُنْزَلُ عَن النَّار، وَيَبْرُدُ وَيُشْرَبُ مِنْهُ، فَهَلْ يَجُوزُ شُرْبُهُ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا كَانَ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ أوْ يُغَيَّرُ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُسْكِرُ فَهُوَ حَلاَلٌ).ه.
ص: 688
وَسَألَ عَن الرَّجُل تَعْرضُ لَهُ حَاجَةٌ مِمَّا لاَ يَدْري أنْ يَفْعَلَهَا أمْ لاَ؟ فَيَأخُذُ خَاتَمَيْن فَيَكْتُبُ فِي أحَدِهِمَا: (نَعَم افْعَلْ)، وَفِي الآخَر: (لاَ تَفْعَلْ) فَيَسْتَخِيرُ اللهَ مِرَارا(1) ثُمَّ يَرَى فِيهِمَا فَيُخْرجُ أحَدَهُمَا فَيَعْمَلُ بِمَا يَخْرُجُ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أمْ لاَ؟ وَالْعَامِلُ بِهِ وَالتَّاركُ لَهُ، أهُوَ (يَجُوزُ)(2) مِثْلَ الاسْتِخَارَةِ أمْ هُوَ سِوَى ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (الَّذِي سَنَّهُ الْعَالِمُ عليه السلام فِي هَذِهِ الاسْتِخَارَةِ بِالرقَاع وَالصَّلاَةِ).
وَسَألَ عَنْ صَلاَةِ جَعْفَر بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فِي أيَّ أوْقَاتِهَا أفْضَلُ أنْ تُصَلَّى فِيهِ وَهَلْ فِيهَا قُنُوتٌ؟ وَإِنْ كَانَ فَفِي أيَّ رَكْعَةٍ مِنْهَا؟
فَأجَابَ عليه السلام: (أفْضَلُ أوْقَاتِهَا صَدْرُ النَّهَار مِنْ يَوْم الْجُمُعَةِ، ثُمَّ فِي أيَّ الأيَّام شئْتَ، وَأيَّ وَقْتٍ صَلَّيْتَهَا مِنْ لَيْلٍ أوْ نَهَارٍ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْقُنُوتُ(3) مَرَّتَان فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوع وَالرَّابِعَةِ)(4).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَنْوي إِخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَأنْ يَدْفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ، ثُمَّ يَجِدُ فِي أقْربَائِهِ مُحْتَاجاً أيَصْرفُ ذَلِكَ عَمَّنْ نَوَاهُ لَهُ إِلَى قَرَابَتِهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَصْرفُهُ إِلَى أدْنَاهُمَا وَأقْرَبهِمَا مِنْ مَذْهَبِهِ، فَإنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ الْعَالِم رحمه الله: لاَ يَقْبَلُ اللهُ الصَّدَقَةَ وَذُو رَحِم مُحْتَاجٌ(5)، فَلْيَقْسِمْ بَيْنَ الْقَرَابَةِ، وَبَيْنَ الَّذِي نَوَى حَتَّى يَكُونَ قَدْ أخَذَ بِالْفَضْل كُلّهِ).2.
ص: 689
وَسَألَ فَقَالَ: قَدِ اخْتَلَفَ أصْحَابُنَا فِي مَهْر الْمَرْأةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ الْمَهْرُ، وَلاَ شَيْءَ لَهاَ(1)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ لاَزِمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ فِيهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ عَلَيْهِ بِالْمَهْر كِتَابٌ فِيهِ(2) دَيْنٌ، فَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ الصَّدَقَاتِ سَقَطَ إِذَا دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كِتَابٌ فَإذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ بَاقِي الصَّدَاقِ)(3).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ صَاحِبِ الْعَسْكَر عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَن الصَّلاَةِ فِي الْخَزّ الَّذِي يُغَشُّ بِوَبَر الأرَانِبِ، فَوَقَّعَ: (يَجُوزُ)، وَرُوِيَ عَنْهُ أيْضاً أنَّهُ لاَ يَجُوزُ فَأيَّ الأمْرَيْن نَعْمَلُ بِهِ؟ر.
ص: 690
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنَّمَا حَرُمَ فِي هَذِهِ الأوْبَار وَالْجُلُودِ، فَأمَّا الأوْبَارُ وَحْدَهَا فَحَلاَلٌ)(1).
وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ مَعْنَى قَوْل الصَّادِقِ عليه السلام: (لاَ يُصَلَّى فِي الثَّعْلَبِ ولا في الأرنب(2) وَلاَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَلِيهِ).
فَقَالَ: (إِنَّمَا عَنَى الْجُلُودَ دُونَ غَيْرهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: نجد(3) بِأصْفَهَانَ ثِيَابٌ عُنَّابِيَّةٌ(4) عَلَى عَمَل الْوَشْي مِنْ قَزّ وَإِبْريسَم هَلْ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهَا أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ إِلاَّ فِي ثَوْبٍ سَدَاهُ أوْ لَحْمَتُهُ قُطْنٌ أوْ كَتَّانٌ).
وَسَألَ عَن الْمَسْح عَلَى الرجْلَيْن بِأيَّهِمَا يَبْدَاُ بِالْيَمِين أوْ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا جَمِيعا(5)؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً مَعا(6) فَإنْ بَدَأ بِإحْدَاهُمَا قَبْلَ الاُخْرَى فَلاَ يَبْتَدِئُ إِلاَّ بِالْيَمِين).
وَسَألَ عَنْ صَلاَةِ جَعْفَرٍ فِي السَّفَر هَلْ يَجُوزُ أنْ تُصَلَّى أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ تَسْبِيح فَاطِمَةَ عليها السلام مَنْ سَهَا فَجَازَ التَّكْبِيرَ أكْثَرَ مِنْ أرْبَع ن.
ص: 691
وَثَلاَثِينَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى أرْبَع وَثَلاَثِينَ أوْ يَسْتَأنِفُ؟ وَإِذَا سَبَّحَ تَمَامَ سَبْعَةٍ وَسِتّينَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى سِتَّةٍ وَسِتّينَ أوْ يَسْتَأنِفُ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ فِي ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا سَهَا فِي التَّكْبِير حَتَّى تَجَاوَزَ أربع (أرْبَعاً) وَثَلاَثِينَ عَادَ إِلَى ثَلاَثٍ وَثَلاَثِينَ وَيَبْني عَلَيْهَا، وَإِذَا سَهَا فِي التَّسْبِيح فَتَجَاوَزَ سَبْعاً وَسِتِّينَ تَسْبِيحَةً عَادَ إِلَى سِتّ وَسِتّينَ وَبَنَى عَلَيْهَا، فَإذَا جَاوَزَ التَّحْمِيدَ مِائَةً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ)(1).
5 _ الاحتجاج: وَعَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريَّ أنَّهُ قَالَ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ حَرَسَهَا اللهُ تَعَالَى بَعْدَ الْمَسَائِل:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، لاَ لأمْر اللهِ تَعْقِلُونَ، وَلاَ مِنْ أوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ، ((حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ))(2) عَنْ قَوْم لا يُؤْمِنُونَ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، إِذَا أرَدْتُمُ التَّوَجُّهَ بِنَا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَيْنَا، فَقُولُوا كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: سَلامٌ عَلى آلِ يس، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ وَرَبَّانِيَّ آيَاتِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللهِ وَدَيَّانَ دِينهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللهِ وَنَاصِرَ حَقّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ وَدَلِيلَ إِرَادَتِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللهِ وَتَرْجُمَانَهُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَأطْرَافِ نَهَاركَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مِيثَاقَ اللهِ الَّذِي أخَذَهُ وَوَكَّدَهُ.
السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللهِ الَّذِي ضَمِنَهُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ، وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ، وَالْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَعْدٌ غَيْرُ 5.
ص: 692
مَكْذُوبٍ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَاُ وَتُبَيَّنُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلّي وَتَقْنُتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَتَسْتَغْفِرُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلّلُ وَتُكَبَّرُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصْبِحُ وَتُمْسِي، السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْل إِذا يَغْشى وَالنَّهار إِذا تَجَلَّى.
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الإمَامُ الْمَأمُونُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأمُولُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ بِجَوَامِع السَّلاَم.
أشْهَدُ مَوَالِيَّ أنّي(1) اُشْهِدُكَ يَا مَوْلاَيَ إِنّي اُشْهَدُكَ(2) أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لاَ حَبِيبَ إِلاَّ هُوَ وَأهْلُهُ، وَاُشْهِدُكَ أنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ حُجَّتُهُ، وَالْحَسَنَ حُجَّتُهُ، وَالْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن حُجَّتُهُ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيًّ حُجَّتُهُ، وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَمُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيًّ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيًّ حُجَّتُهُ.
وَأشْهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللهِ، أنْتُمُ الأوَّلُ وَالآخِرُ، وَأنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لاَ رَيْبَ فِيهَا، يَوْمَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً وَأنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ، وَأنَّ نَاكِراً وَنَكِيراً حَقٌّ، وَأشْهَدُ أنَّ النَّشْرَ وَالْبَعْثَ حَقٌّ، وَأنَّ الصّرَاطَ وَالْمِرْصَادَ حَقٌّ، وَالْمِيزَانَ وَالْحِسَابَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ بِهِمَا حَقٌّ.
يَا مَوْلاَيَ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ، وَسَعِدَ مَنْ أطَاعَكُمْ، فَاشْهَدْ عَلَى مَا أشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَأنَا وَلِيٌّ لَكَ، بَريءٌ مِنْ عَدُوَّكَ، فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ، ).
ص: 693
وَالْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ وَالْمَعْرُوفُ مَا أمَرْتُمْ بِهِ، وَالْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ، فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللهِ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَبرَسُولِهِ وَبأمِير الْمُؤْمِنينَ(1) وَبكُمْ يَا مَوْلاَيَ أوَّلِكُمْ وَآخِركُمْ، وَنُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ، وَمَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ آمِينَ آمِينَ).
الدُّعَاءُ عَقِيبَ هَذَا الْقَوْل:
(اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيَّ رَحْمَتِكَ، وَكَلِمَةِ نُوركَ، وَأنْ تَمْلأ قَلْبِي نُورَ الْيَقِين، وَصَدْري نُورَ الإيمَان، وَفِكْري نُورَ الثَّبَاتِ، وَعَزْمِي نُورَ الْعِلْم، وَقُوَّتِي نُورَ الْعَمَل، وَلِسَانِي نُورَ الصّدْقِ، وَدِيني نُورَ الْبَصَائِر مِنْ عِنْدِكَ، وَبَصَري نُورَ الضّيَاءِ، وَسَمْعِي نُورَ(2) الْحِكْمَةِ، وَمَوَدَّتِي نُورَ الْمُوَالاَةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ عليهم السلام حَتَّى ألْقَاكَ وَقَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ، فَتُغَشيَني(3) رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ.
اللهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن حُجَّتِكَ فِي أرْضِكَ، وَخَلِيفَتِكَ فِي بِلاَدِكَ، وَالدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ، وَالْقَائِم بِقِسْطِكَ، وَالسَّائِر بِأمْركَ، وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ، وَبَوَار الْكَافِرينَ، وَمُجَلّي الظُلْمَةِ، وَمُنِير الْحَقَّ، وَالنَّاطِقِ بِالْحِكْمَةِ وَالصّدْقِ، وَكَلِمَتِكَ التَّامَّةِ فِي أرْضِكَ، الْمُرْتَقِبِ الْخَائِفِ، وَالْوَلِيَّ النَّاصِح، سَفِينَةِ النَّجَاةِ، وَعَلَم الْهُدَى، وَنُور أبْصَار الْوَرَى، وَخَيْر مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَى، وَمُجَلّي الْغَمَّاتِ(4)، الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً إِنَّكَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.).
ص: 694
اللهُمَّ صَل عَلَى وَلِيَّكَ وَابْن أوْلِيَائِكَ، الَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ، وَأوْجَبْتَ حَقَّهُمْ، وَأذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً.
اللهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ لِدِينكَ، وَانْصُرْ بِهِ(1) أوْلِيَاءَكَ وَأوْلِيَاءَهُ وَشيعَتَهُ وَأنْصَارَهُ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ.
اللهُمَّ أعِذْهُ مِنْ شَر كُلّ بَاغ وَطَاغ، وَمِنْ شَر جَمِيع خَلْقِكَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينهِ وَعَنْ شمَالِهِ، وَاحْرُسْهُ وَامْنَعْهُ مِنْ أنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَآلَ رَسُولِكَ، وَأظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَأيَّدْهُ بِالنَّصْر، وَانْصُرْ نَاصِريهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَاقْصِمْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْر، وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَجَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ، حَيْثُ كَانُوا مِنْ مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربِهَا بَرهَا وَبَحْرهَا، وَامْلأ بِهِ الأرْضَ عَدْلاً، وَأظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيَّكَ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنِي اللهُمَّ مِنْ أنْصَارهِ وَأعْوَانِهِ وَأتْبَاعِهِ وَشيعَتِهِ، وَأرني فِي آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام مَا يَأمَلُونَ، وَفِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ، إِلَهَ الْحَقَّ آمِينَ، يَا ذَا الْجَلاَل وَالإكْرَام يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ)(2).
أقول: قال مؤلف المزار الكبير: حدَّثنا الشيخ الأجل الفقيه العالم أبو محمّد عربي بن مسافر العبادي رضي الله عنه قراءة عليه بداره بالحلّة في شهر ربيع الأوَّل سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وحدَّثني الشيخ العفيف أبو البقاء هبة الله بن نماء بن عليّ بن حمدون رحمه الله قراءة عليه أيضاً بالحلّة قالا جميعاً: حدَّثنا الشيخ الأمين أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمّد بن عليّ بن طحال المقدادي رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي 8.
ص: 695
طالب صلوات الله عليه، في الطرز الكبير الذي عند رأس الإمام عليه السلام في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، قال: حدَّثنا الشيخ الأجل المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي رضي الله عنه بالمشهد المذكور على صاحبه أفضل السلام في الطرز المذكور في العشر الأواخر من ذي القعدة سنة تسع وخمسمائة، قال: حدَّثنا السيَّد السعيد الوالد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن أشناس البزاز، قال: أخبرنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن يحيى القمّي، قال: حدَّثنا محمّد بن عليّ بن زنجويه القمّي، قال: حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، قال أبو علي الحسن بن أشناس: وأخبرنا أبو المفضل محمّد بن عبد الله الشيباني أن أبا جعفر محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له جميع ما رواه أنَّه خرج إليه من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل والصلاة والتوجه أوَّله:
(بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمر الله تعقلون...) وذكر نحواً ممَّا مرَّ(1) مع اختلاف أوردناه في كتاب المزار في باب زيارة القائم عليه السلام، وإنَّما أوردنا سنده ههنا ليعلم أسانيد تلك التوقيعات.
6 _ أقُولُ: ثُمَّ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُور: قَالَ أبُو عَلِيًّ الْحَسَنُ بْنُ أشْنَاسَ: أخْبَرَنَا أبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّعْجَلِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن شَبِيبٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ شَوْقِي إِلَى رُؤْيَةِ مَوْلاَنَا عليه السلام فَقَالَ لِي: مَعَ الشَّوْقِ 3.
ص: 696
تَشْتَهِي أنْ تَرَاهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ، فَقَالَ لِي: شَكَرَ اللهُ لَكَ شَوْقَكَ، وَأرَاكَ وَجْهَهُ فِي يُسْرٍ وَعَافِيَةٍ، لاَ تَلْتَمِسْ يَا أبَا عَبْدِ اللهِ أنْ تَرَاهُ فَإنَّ أيَّامَ الْغَيْبَةِ يُشْتَاقُ إِلَيْهِ، وَلاَ يُسْألُ الاجْتِمَاعُ مَعَهُ، إِنَّهُ عَزَائِمُ اللهِ، وَالتَّسْلِيمُ لَهَا أوْلَى وَلَكِنْ تَوَجَّهْ إِلَيْهِ بِالزّيَارَةِ، فَأمَّا كَيْفَ يُعْمَلُ وَمَا أمْلاَهُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ فَانْسَخُوهُ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ التَّوَجُّهُ إِلَى الصَّاحِبِ بِالزّيَارَةِ بَعْدَ صَلاَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَقْرَاُ ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) فِي جَمِيعِهَا رَكْعَتَيْن رَكْعَتَيْن ثُمَّ تُصَلّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَقُولُ قَوْلَ اللهِ جَلَّ اسْمُهُ: (سَلاَمٌ عَلَى آل يَاسِينَ، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَاللهُ ذُو الْفَضْل الْعَظِيم، إِمَامُهُ مَنْ يَهْدِيهِ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، قَدْ آتَاكُمُ اللهُ خِلاَفَتَهُ يَا آلَ يَاسِينَ).
وَذَكَرْنَا فِي الزّيَارَةِ(1) وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيَّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ(2).
7 _ الاحتجاج: ذُكِرَ كِتَابٌ وَرَدَ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ حَرَسَهَا اللهُ وَرَعَاهَا فِي أيَّام بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَأرْبَعِمِائَةٍ عَلَى الشَّيْخ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَريحَهُ، ذَكَرَ مُوصِلُهُ أنَّهُ تَحْمِلُهُ مِنْ نَاحِيَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْحِجَازِ، نُسْخَتُهُ:
(لِلأخ السَّدِيدِ، وَالْوَلِيَّ الرَّشيدِ، الشَّيْخ الْمُفِيدِ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان أدَامَ اللهُ إِعْزَازَهُ مِنْ مُسْتَوْدَع الْعَهْدِ الْمَأخُوذِ عَلَى الْعِبَادِ.
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أمَّا بَعْدُ، سَلاَمٌ عَلَيْكَ أيُّهَا الْمَوْلَى الْمُخْلِصُ فِي الدَّين الْمَخْصُوصُ فِينَا بِالْيَقِين، فَإنَّا نَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، وَنَسْألُهُ الصَّلاَةَ عَلَى سَيَّدِنَا وَمَوْلاَنَا نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَنُعْلِمُكَ أدَامَ اللهُ تَوْفِيقَكَ لِنُصْرَةِ الْحَقَّ وَأجْزَلَ مَثُوبَتَكَ عَلَى نُطْقِكَ عَنَّا بِالصّدْقِ، أنَّهُ .
ص: 697
قَدْ اُذِنَ لَنَا فِي تَشْريفِكَ بِالْمُكَاتَبَةِ وَتَكْلِيفِكَ مَا تُؤَدَّيهِ عَنَّا إِلَى مَوَالِينَا قِبَلَكَ، أعَزَّهُمُ اللهُ بِطَاعَتِهِ، وَكَفَاهُمُ الْمُهِمَّ بِرعَايَتِهِ لَهُمْ وَحِرَاسَتِهِ.
فَقِفْ أمَدَّكَ(1) اللهُ بِعَوْنِهِ عَلَى أعْدَائِهِ الْمَارقِينَ مِنْ(2) دِينهِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَاعْمَلْ فِي تَأدِيَتِهِ إِلَى مَنْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ بِمَا نَرْسِمُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، نَحْنُ وَإِنْ كُنَّا ثَاوِينَ بِمَكَانِنَا النَّائِي عَنْ مَسَاكِن الظَّالِمِينَ حَسَبَ الَّذِي أرَانَاهُ اللهُ تَعَالَى لَنَا مِنَ الصَّلاَح، وَلِشيعَتِنَا الْمُؤْمِنينَ فِي ذَلِكَ، مَا دَامَتْ دَوْلَةُ الدُّنْيَا لِلْفَاسِقِينَ، فَإنَّا يُحِيطُ عِلْمُناَ(3) بِأنْبَائِكُمْ، وَلاَ يَعْزُبُ عَنَّا شَيْءٌ مِنْ أخْبَاركُمْ، وَمَعْرفَتُنَا بِالزَّلَل(4) الَّذِي أصَابَكُمْ، مُذْ جَنَحَ كَثِيرٌ مِنْكُمْ إِلَى مَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَنْهُ شَاسِعاً، وَنَبَذُوا الْعَهْدَ الْمَأخُوذَ مِنْهُمْ وَراءَ ظُهُورهِمْ كَأنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
إِنَّا غَيْرُ مُهْمِلِينَ لِمُرَاعَاتِكُمْ، وَلاَ نَاسِينَ لِذِكْركُمْ، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَنَزَلَ بِكُمُ اللأوَاءُ وَاصْطَلَمَكُمُ الأعْدَاءُ، فَاتَّقُوا اللهَ جلّ جلاله، وَظَاهِرُونَا عَلَى انْتِيَاشكُمْ مِنْ فِتْنَةٍ قَدْ أنَافَتْ عَلَيْكُمْ، يَهْلِكُ فِيهَا مَنْ حُمَّ أجَلُهُ، وَيُحْمَى عَلَيْهِ(5) مَنْ أدْرَكَ أمَلَهُ، وَهِيَ أمَارَةٌ لازُوفِ حَرَكَتِنَا وَمُبَاثَّتِكُمْ بِأمْرنَا وَنَهْيِنَا، وَاللهُ مُتِمُّ نُورهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
اعْتَصِمُوا بِالتَّقِيَّةِ مِنْ شَبِّ نَار الْجَاهِلِيَّةِ، يَحْشُشْهَا عَصَبٌ اُمَويَّةٌ تَهُولُ بِهَا فِرْقَةً مَهْدِيَّةً أنَا زَعِيمٌ بِنَجَاةِ مَنْ لَمْ يَرُمْ مِنْهاَ(6) الْمَوَاطِنَ الْخَفِيَّةَ، وَسَلَكَ ).
ص: 698
فِي الطَّعْن(1) مِنْهَا السُّبُلَ الرَّضِيَّةَ(2)، إِذَا حَلَّ جُمَادَى الاُولَى مِنْ سَنَتِكُمْ هَذِهِ، فَاعْتَبِرُوا بِمَا يَحْدُثُ فِيهِ وَاسْتَيْقِظُوا مِنْ رَقْدَتِكُمْ لِمَا يَكُونُ مِنَ الَّذِي يَلِيهِ، سَتَظْهَرُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةٌ جَلِيَّةٌ وَمِنَ الأرْض مِثْلُهَا بِالسَّويَّةِ، وَيَحْدُثُ فِي أرْض الْمَشْرقِ مَا يَحْزُنُ وَيُقْلِقُ، وَيَغْلِبُ مِنْ بَعْدُ عَلَى الْعِرَاقِ طَوَائِفُ عَن الإسْلاَم مُرَّاقٌ، يَضِيقُ بِسُوءِ فِعَالِهِمْ عَلَى أهْلِهِ الأرْزَاقُ.
ثُمَّ تَتَفَرَّجُ الْغُمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ، بِبَوَار طَاغُوتٍ مِنَ الأشْرَار(3)، يُسَرُّ بِهَلاَكِهِ الْمُتَّقُونَ الأخْيَارُ، وَيَتَّفِقُ لِمُريدِي الْحَجَّ مِنَ الآفَاقِ، مَا يَأمُلُونَهُ عَلَى تَوْفِير غَلَبَةٍ(4) مِنْهُمْ وَاتّفَاقٍ، وَلَنَا فِي تَيْسِير حَجَّهِمْ عَلَى الاخْتِيَار مِنْهُمْ وَالْوفَاقِ، شَأنٌ يَظْهَرُ عَلَى نِظَام وَاتّسَاقٍ. فَيَعْمَلُ كُلُّ امْرئٍ مِنْكُمْ مَا يَقْرُبُ بِهِ مِنْ مَحَبَّتِنَا وَلِيَتَجَنَّبَ مَا يُدْنِيهِ مِنْ كَرَاهِيَتِنَا وَسَخَطِنَا، فَإنَّ امْرَأ يَبْغَتُهُ فَجْأةٌ حِينَ لاَ تَنْفَعُهُ تَوْبَةٌ، وَلاَ يُنَجَّيهِ مِنْ عِقَابِنَا نَدَمٌ عَلَى حَوْبَةٍ، وَاللهُ يُلْهِمُكَ(5) الرُّشْدَ، وَيَلْطُفُ لَكُمْ بِالتَّوْفِيقِ بِرَحْمَتِهِ).
نُسْخَةُ التَّوْقِيع بِالْيَدِ الْعُلْيَا عَلَى صَاحِبهَا السَّلاَمُ:
(هَذَا كِتَابُنَا عَلَيْكَ أيُّهَا الأخُ الْوَلِيُّ، وَالْمُخْلِصُ فِي وُدَّنَا الصَّفِيُّ، وَالنَّاصِرُ لَنَا الْوَفِيُّ، حَرَسَكَ اللهُ بِعَيْنهِ الَّتِي لاَ تَنَامُ، فَاحْتَفِظْ بِهِ وَلاَ تُظْهِرْ عَلَى خَطّنَا الَّذِي سَطَرْنَاهُ بِمَا لَهُ ضَمِنَّاهُ أحَداً، وَأدَّ مَا فِيهِ إِلَى مَنْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ، وَأوْص جَمَاعَتَهُمْ بِالْعَمَل عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ)(6).9.
ص: 699
إيضاح: (الشاسع البعيد) و(الانتياش) التناول، و(حم) على بناء المجهول أي قدر، و(يحمى) على بناء المعلوم أو المجهول من الحماية والدفع، وتقول: (حششت النار) أحشها إذا أوقدتها.
8 _ الاحتجاج: وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ آخَرُ مِنْ قِبَلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَمِيس الثَّالِثِ وَالْعِشْرينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأرْبَعِمِائَةٍ نُسْخَتُهُ:
(مِنْ عَبْدِ اللهِ الْمُرَابِطِ فِي سَبِيلِهِ إِلَى مُلْهَم الْحَقَّ وَدَلِيلِهِ.
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم سَلاَمٌ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّاصِرُ لِلْحَقَّ الدَّاعِي إِلَى كَلِمَةِ(1) الصّدْقِ، فَإنَّا نَحْمَدُ اللهَ إِلَيْكَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِلَهَنَا وَإِلَهَ آبَائِنَا الأوَّلِينَ وَنَسْألُهُ الصَّلاَةَ عَلَى نَبِيَّنَا وَسَيَّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ خَاتَم النَّبِيَّينَ وَعَلَى أهْل بَيْتِهِ الطَّيَّبِينَ الطَّاهِرينَ.
وَبَعْدُ فَقَدْ كُنَّا نَظَرْنَا مُنَاجَاتَكَ عَصَمَك اللهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي وَهَبَهُ لَكَ مِنْ أوْلِيَائِهِ وَحَرَسَكَ مِنْ كَيْدِ أعْدَائِهِ، وَشَفَّعَنَا ذَلِكَ الآنَ مِنْ مُسْتَقَرًّ لَنَا، يُنْصَبُ فِي شمْرَاخ مِنْ بَهْمَاءَ (بُهْمَى) صِرْنَا إِلَيْهِ آنِفاً مِنْ غَمَالِيلَ ألْجَا(2) إِلَيْهِ السَّبَاريتُ مِنَ الإيمَان، وَيُوشكُ أنْ يَكُونَ هُبُوطُنَا مِنْهُ إِلَى صَحْصَح مِنْ غَيْر بُعْدٍ مِنَ الدَّهْر، وَلاَ تَطَاوُلٍ مِنَ الزَّمَان، وَيَأتِيكَ نَبَأ مِنَّا بِمَا يَتَجَدَّدُ لَنَا مِنْ حَالٍ، فَتَعْرفُ بِذَلِكَ مَا تَعْتَمِدُهُ مِنَ الزُّلْفَةِ إِلَيْنَا بِالأعْمَال وَاللهُ مُوَفّقُكَ لِذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ.
فَلْتَكُنْ حَرَسَكَ اللهُ بِعَيْنهِ الَّتِي لاَ تَنَامُ أنْ تُقَابِلَ بِذَلِكَ، فَفِيهِ(3) تُبْسَلُ نُفُوسُ قَوْم حَرَثَتْ بَاطِلاً لاسْتِرْهَابِ الْمُبْطِلِينَ وَتَبْتَهِجُ لِدَمَارهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَيَحْزَنُ لِذَلِكَ الْمُجْرمُونَ.).
ص: 700
وَآيَةُ حَرَكَتِنَا مِنْ هَذِهِ اللُّوثَةِ(1) حَادِثَةٌ بِالْحَرَم الْمُعَظَّم، مِنْ رجْس مُنَافِقٍ مُذَمَّم، مُسْتَحِلّ لِلدَّم الْمُحَرَّم، يَعْمِدُ بِكَيْدِهِ أهْلَ الإيمَان، وَلاَ يَبْلُغُ بِذَلِكَ غَرَضَهُ مِنَ الظُّلْم لَهُمْ وَالْعُدْوَان، لأنَّنَا مِنْ وَرَاءِ حِفْظِهِمْ بِالدُّعَاءِ الَّذِي لاَ يُحْجَبُ عَنْ مَلِكِ الأرْض وَالسَّمَاءِ، فَلْيَطْمَئِنَّ بِذَلِكَ مِنْ أوْلِيَائِنَا الْقُلُوبُ وَلِيَثِقُوا بِالْكِفَايَةِ مِنْهُ، وَإِنْ رَاعَتْهُمْ بِهِمُ الْخُطُوبُ، وَالْعَاقِبَةُ لِجَمِيل(2) صُنْع اللهِ سُبْحَانَهُ تَكُونُ حَمِيدَةً لَهُمْ، مَا اجْتَنَبُوا الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ.
وَنَحْنُ نَعْهَدُ إِلَيْكَ أيُّهَا الْوَلِيُّ الْمُخْلِصُ الْمُجَاهِدُ فِينَا الظَّالِمِينَ، أيَّدَكَ اللهُ بِنَصْرهِ الَّذِي أيَّدَ بِهِ السَّلَفَ مِنْ أوْلِيَائِنَا الصَّالِحِينَ، أنَّهُ مَن اتَّقَى رَبَّهُ مِنْ إِخْوَانِكَ فِي الدَّين وَخَرَجَ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مُسْتَحِقُّهُ(3) كَانَ آمِناً مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُظِلَّةِ(4)، وَمِحَنِهَا الْمُظْلِمَةِ الْمُضِلَّةِ، وَمَنْ بَخِلَ مِنْهُمْ بِمَا أعَارَهُ اللهُ مِنْ نِعْمَتِهِ، عَلَى مَنْ أمَرَهُ بِصِلَتِهِ، فَإنَّهُ يَكُونُ خَاسِراً بِذَلِكَ لاولاَهُ وَآخِرَتِهِ، وَلَوْ أنَّ أشْيَاعَنَا وَفَّقَهُمُ اللهُ لِطَاعَتِهِ، عَلَى اجْتِمَاع مِنَ الْقُلُوبِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ، لَمَا تَأخَّرَ عَنْهُمُ الْيُمْنُ بِلِقَائِنَا، وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ، السَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا، عَلَى حَقَّ الْمَعْرفَةِ وَصِدْقِهَا مِنْهُمْ بِنَا، فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلاَّ مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ، وَلاَ نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ، وَاللهُ الْمُسْتَعانُ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيَّدِنَا الْبَشير النَّذِير، مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ).).
ص: 701
وَكَتَبَ فِي غُرَّةِ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأرْبَعِمِائَةٍ، نُسْخَةُ التَّوْقِيع بِالْيَدِ الْعُلْيَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَى صَاحِبهَا:
(هَذَا كِتَابُنَا إِلَيْكَ أيُّهَا الْوَلِيُّ الْمُلْهَمُ لِلْحَقَّ الْعَلِيُّ بِإمْلاَئِنَا وَخَطّ ثِقَتِنَا فَأخْفِهِ عَنْ كُلّ أحَدٍ، وَاطْوهِ وَاجْعَلْ لَهُ نُسْخَةً يَطَّلِعُ عَلَيْهَا مَنْ تَسْكُنُ إِلَى أمَانَتِهِ مِنْ أوْلِيَائِنَا، شَمِلَهُمُ اللهُ بِبَرَكَتِنَا (وَدُعَائِنَا)(1) إِنْ شَاءَ اللهُ، وَالْحَمْدُ للهِ وَالصَّلاَةُ عَلَى سَيَّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ)(2).
توضيح: (الشمراخ) رأس الجبل، وفي العبارة تصحيف ولعلَّه كان هكذا: (وشفعنا لك الآن) أي لنجح حاجتك التي طلبت، (في مستقر لنا) أي مخيم تنصب لنا في رأس جبل، (من مفازة بهماء) أي مجهولة، (والغماليل) جمع الغملول بالضم وهو الوادي أو الشجر أو كلّ مجتمع أظلم وتراكم من شجر أوغمام أو ظلمة، و(السباريت) جمع السبروت بالضم، وهو القفر لا نبات فيه، والفقير ولعلَّ الأخير أنسب، و(أبسلت فلاناً) أسلمته للهلكة، و(اللوثة) بالضم الاسترخاء والبطوء وكانت النسخ سقيمة أوردناه كما وجدنا.
التَّوْقِيعُ الَّذِي خَرَجَ فِيمَن ارْتَابَ فِيهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ
9 _ الاحتجاج: عَن الشَّيْخ الْمُوَثَّقِ أبِي عُمَرَ الْعَامِريَّ(3) رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: تَشَاجَرَ ابْنُ أبِي غَانِم الْقَزْوِينيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشيعَةِ فِي الْخَلَفِ فَذَكَرَ ابْنُ أبِي غَانِم أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام مَضَى وَلاَ خَلَفَ لَهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ كَتَبُوا ).
ص: 702
فِي ذَلِكَ كِتَاباً وَأنْفَذُوهُ إِلَى النَّاحِيَةِ، وَأعْلَمُوا بِمَا تَشَاجَرُوا فِيهِ فَوَرَدَ جَوَابُ كِتَابِهِمْ بِخَطّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْفِتَن، وَوَهَبَ لَنَا وَلَكُمْ رُوحَ الْيَقِين، وَأجَارَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ، إِنَّهُ اُنْهِيَ إِلَيَّ ارْتِيَابُ جَمَاعَةٍ مِنْكُمْ فِي الدَّين، وَمَا دَخَلَهُمْ مِنَ الشَّكًّ وَالْحَيْرَةِ فِي وُلاَةِ أمْرهِمْ، فَغَمَّنَا ذَلِكَ لَكُمْ لاَ لَنَا وَسَأوْنَ(1) فِيكُمْ لاَ فِينَا، لأنَّ اللهَ مَعَنَا فَلاَ فَاقَةَ بِنَا إِلَى غَيْرهِ، وَالْحَقُّ مَعَنَا فَلَنْ يُوحِشَنَا مَنْ قَعَدَ عَنَّا، وَنَحْنُ صَنَائِعُ رَبَّنَا، وَالْخَلْقُ بَعْدَ صَنَائِعِنَا.
يَا هَؤُلاَءِ مَا لَكُمْ فِي الرَّيْبِ تَتَرَدَّدُونَ وَفِي الْحَيْرَةِ تَنْعَكِسُونَ(2) أوَمَا سَمِعْتُمُ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ))(3)؟ أوَمَا عَلِمْتُمْ مَا جَاءَتْ بِهِ الآثَارُ مِمَّا يَكُونُ وَيَحْدُثُ فِي أئِمَّتِكُمْ عَلَى الْمَاضِينَ وَالْبَاقِينَ مِنْهُمْ عليهم السلام؟ أوَمَا رَأيْتُمْ كَيْفَ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَعَاقِلَ تَأوُونَ إِلَيْهَا، وَأعْلاَماً تَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أنْ ظَهَرَ الْمَاضِي عليه السلام كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ، وَإِذَا أفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ ظَنَنْتُمْ أنَّ اللهَ أبْطَلَ دِينَهُ، وَقَطَعَ السَّبَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَلاَ مَا كَانَ ذَلِكَ وَلاَ يَكُونُ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَيَظْهَرَ أمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارهُونَ.
وَإِنَّ الْمَاضِيَ عليه السلام مَضَى سَعِيداً فَقِيداً عَلَى مِنْهَاج آبَائِهِ عليهم السلام حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَفِينَا وَصِيَّتُهُ وَعِلْمُهُ، وَمَنْ هُوَ خَلَفُهُ، وَمَنْ يَسُدُّ مَسَدَّهُ، وَلاَ 9.
ص: 703
يُنَازِعُنَا مَوْضِعَهُ إِلاَّ ظَالِمٌ آثِمٌ، وَلاَ يَدَّعِيهِ دُونَنَا إِلاَّ جَاحِدٌ كَافِرٌ، وَلَوْ لاَ أنَّ أمْرَ اللهِ لاَ يُغْلَبُ، وَسِرَّهُ لاَ يَظْهَرُ وَلاَ يُعْلَنُ، لَظَهَرَ لَكُمْ مِنْ حَقّنَا مَا تَبْهَرُ(1) مِنْهُ عُقُولُكُمْ، وَيُزيلُ شُكُوكَكُمْ، لَكِنَّهُ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَلِكُل أجَلٍ كِتَابٌ.
فَاتَّقُوا اللهَ، وَسَلّمُوا لَنَا، وَرُدُّوا الأمْرَ إِلَيْنَا، فَعَلَيْنَا الإصْدَارُ، كَمَا كَانَ مِنَّا الإيرَادُ، وَلاَ تُحَاوِلُوا كَشْفَ مَا غُطّيَ عَنْكُمْ، وَلاَ تَمِيلُوا عَن الْيَمِين، وَتَعْدِلُوا إِلَى الْيَسَار، وَاجْعَلُوا قَصْدَكُمْ إِلَيْنَا بِالْمَوَدَّةِ عَلَى السُنَّةِ الْوَاضِحَةِ، فَقَدْ نَصَحْتُ لَكُمْ وَاللهُ شَاهِدٌ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ، وَلَوْ لاَ مَا عِنْدَنَا مِنْ مَحَبَّةِ صَلاَحِكُمْ وَرَحْمَتِكُمْ، وَالإشْفَاقِ عَلَيْكُمْ، لَكُنَّا عَنْ مُخَاطَبَتِكُمْ فِي شُغُلٍ مِمَّا قَدِ امْتُحِنَّا مِنْ مُنَازَعَةِ الظَّالِم الْعُتُل الضَّال الْمُتَابِع فِي غَيَّهِ، الْمُضَادَّ لِرَبَّهِ، الْمُدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ، الْجَاحِدِ حَقَّ مَن افْتَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُ، الظَّالِم الْغَاصِبِ.
وَفِي ابْنَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِي اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَسَيُرَدَّى الْجَاهِلُ ردَاءَ عَمَلِهِ(2) وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّار، عَصَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمَهَالِكِ وَالأسْوَاءِ، وَالآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ كُلِّهَا بِرَحْمَتِهِ فَإنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ، وَالْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ، وَكَانَ لَنَا وَلَكُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَالسَّلاَمُ عَلَى جَمِيع الأوْصِيَاءِ، وَالأوْلِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَسَلَّمَ تَسْلِيما(3).
الغيبة للشيخ الطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن عليّ الرازي، عن الحسين ابن محمّد القمّي، عن محمّد بن عليّ بن زبيان(4)).
ص: 704
الطلحي الآبي، عن عليّ بن محمّد بن عبدة النيسابوري، عن عليّ بن إبراهيم الرازي، قال: حدَّثني الشيخ الموثوق به بمدينة السلام، قال: تشاجر ابن أبي غانم... إلى آخر الخبر(1).
بيان: (الصنيعة) من تصطنعه وتختار لنفسك، و(الظالم العتل) جعفر الكذّاب، ويحتمل خليفة ذلك الزمان.
10 _ الاحتجاج: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ، قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ رحمه الله أنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَألْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أشْكَلَتْ عَلَيَّ، فَوَرَدَ التَّوْقِيعُ بِخَطّ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (أمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ أرْشَدَكَ اللهُ وَثَبَّتَكَ مِنْ أمْر الْمُنْكِرينَ لِي مِنْ أهْل بَيْتِنَا وَبَني عَمَّنَا، فَاعْلَمْ أنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللهِ عزّ وجل وَبَيْنَ أحَدٍ قَرَابَةٌ، مَنْ أنْكَرَني فَلَيْسَ مِنّي وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ ابْن نُوح، وَأمَّا سَبِيلُ عَمَّي جَعْفَرٍ وَوُلْدِهِ، فَسَبِيلُ إِخْوَةِ يُوسُفَ عليه السلام، وَأمَّا الْفُقَّاعُ فَشُرْبُهُ حَرَامٌ وَلاَ بَأسَ بِالشَّلَمَابِ(2)، وَأمَّا أمْوَالُكُمْ فَمَا نَقْبَلُهَا إِلاَّ لِتَطَهَّرُوا فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصِلْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ فَمَا آتَانَا اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ.
وَأمَّا ظُهُورُ الْفَرَج فَإنَّهُ إِلَى اللهِ وَكَذَبَ الْوَقَّاتُونَ.
وَأمَّا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أنَّ الْحُسَيْنَ عليه السلام لَمْ يُقْتَلْ، فَكُفْرٌ وَتَكْذِيبٌ وَضَلاَلٌ.
وَأمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَأنَا حُجَّةُ اللهِ عَلَيْهِمْ.ت.
ص: 705
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ أبِيهِ مِنْ قَبْلُ فَإنَّهُ ثِقَتِي وَكِتَابُهُ كِتَابِي.
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازِيُّ فَسَيُصْلِحُ اللهُ قَلْبَهُ، وَيُزيلُ عَنْهُ شَكَّهُ.
وَأمَّا مَا وَصَلْتَنَا بِهِ فَلاَ قَبُولَ عِنْدَنَا إِلاَّ لِمَا طَابَ وَطَهُرَ، وَثَمَنُ الْمُغَنّيَةِ حَرَامٌ.
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بْن نُعَيْم فَإنَّهُ رَجُلٌ مِنْ شيعَتِنَا أهْلَ الْبَيْتِ.
وَأمَّا أبُو الْخَطَّابِ مُحَمَّدُ بْنُ أبِي زَيْنَبَ الأجْدَعُ فَإنَّهُ مَلْعُونٌ وَأصْحَابُهُ مَلْعُونُونَ فَلاَ تُجَالِسْ أهْلَ مَقَالَتِهِمْ فَإنّي مِنْهُمْ بَريءٌ وَآبَائِي عليهم السلام مِنْهُمْ بِرَاءٌ.
وَأمَّا الْمُتَلَبَّسُونَ بِأمْوَالِنَا فَمَن اسْتَحَلَّ شَيْئاً مِنْهَا فَأكَلَهُ فَإنَّمَا يَأكُلُ النّيرَانَ.
وَأمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ اُبِيحَ لِشيعَتِنَا وَجُعِلُوا مِنْهُ فِي حِلّ إِلَى وَقْتِ ظُهُور أمْرنَا لِتَطِيبَ وِلاَدَتُهُمْ وَلاَ تَخْبُثَ.
وَأمَّا نَدَامَةُ قَوْم شَكُّوا فِي دِين اللهِ عَلَى مَا وَصَلُونَا بِهِ فَقَدْ أقَلْنَا مَن اسْتَقَالَ وَلاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى صِلَةِ الشَّاكّينَ.
وَأمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ))(1) إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ آبَائِي إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ وَإِنّي أخْرُجُ حِينَ أخْرُجُ وَلاَ بَيْعَةَ لأحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي.1.
ص: 706
وَأمَّا وَجْهُ الانْتِفَاع بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالانْتِفَاع بِالشَّمْس إِذَا غَيَّبَهَا عَن الأبْصَار السَّحَابُ، وَإِنّي لأمَانٌ لأهْل الأرْض كَمَا أنَّ النُّجُومَ أمَانٌ لأهْل السَّمَاءِ، فَأغْلِقُوا أبْوَابَ السُّؤَال عَمَّا لاَ يَعْنِيكُمْ وَلاَ تَتَكَلَّفُوا عِلْمَ مَا قَدْ كُفِيتُمْ وَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيل الْفَرَج، فَإنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى مَن اتَّبَعَ الْهُدى)(1).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن ابن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما(2)، عن الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، مثله(3).
كمال الدين: ابن عصام، عن الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، مثله(4).
11 _ الاحتجاج: عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأسَدِيَّ قَالَ: كَانَ فِيمَا وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي جَوَابِ مَسَائِلِي إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام:
(أمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنَ الصَّلاَةِ عِنْدَ طُلُوع الشَّمْس وَعِنْدَ غُرُوبهَا، فَلَئِنْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ بَيْن قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَمَا اُرْغِمَ أنْفُ الشَّيْطَان بِشَيْءٍ مِثْل(5) الصَّلاَةِ، فَصَلّهَا وَأرْغِمْ أنْفَ الشَّيْطَان.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْوَقْفِ عَلَى نَاحِيَتِنَا وَمَا يُجْعَلُ لَنَا ثُمَّ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ، فَكُلُّ مَا لَمْ يُسَلّمْ فَصَاحِبُهُ فِيهِ بِالْخِيَار، وَكُلُّ مَا سَلَّمَ فَلاَ خِيَارَ لِصَاحِبهِ فِيهِ احْتَاجَ أوْ لَمْ يَحْتَجْ، افْتَقَرَ إِلَيْهِ أوِ اسْتَغْنَى عَنْهُ.).
ص: 707
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر مَنْ يَسْتَحِلُّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ أمْوَالِنَا أوْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ مِنْ غَيْر أمْرنَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مَلْعُونٌ وَنَحْنُ خُصَمَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: الْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِي وَلِسَان كُلّ نَبِيًّ مُجَابٍ، فَمَنْ ظَلَمَنَا كَانَ فِي جُمْلَةِ الظَّالِمِينَ لَنَا وَكَانَتْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عزّ وجل: ((أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ))(1).
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْمَوْلُودِ الَّذِي نَبَتَتْ قُلْفَتُهُ(2) بَعْدَ مَا يُخْتَنُ، هَلْ يُخْتَنُ مَرَّةً اُخْرَى؟ فَإنَّهُ يَجِبُ أنْ تُقْطَعَ قُلْفَتُهُ (مَرَّةً اُخْرَى)(3) فَإنَّ الأرْضَ تَضِجُّ إِلَى اللهِ عزّ وجل مِنْ بَوْل الأغْلَفِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْمُصَلّي، وَالنَّارُ وَالصُّورَةُ وَالسَّرَاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ هَلْ تَجُوزُ صَلاَتُهُ؟ فَإنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ قَبْلَكَ، فَإنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أوْلاَدِ عَبَدَةِ الأوْثَان وَالنّيرَان، يُصَلّي وَالصُّورَةُ وَالسَّرَاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ مِنْ أوْلاَدِ عَبَدَةِ الأوْثَان وَالنّيرَان.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الضّيَاع الَّتِي لِنَاحِيَتِنَا هَلْ يَجُوزُ الْقِيَامُ بِعِمَارَتِهَا وَأدَاءِ الْخَرَاج مِنْهَا، وَصَرْفِ مَا يَفْضُلُ مِنْ دَخْلِهَا إِلَى النَّاحِيَةِ، احْتِسَاباً لِلأجْر، وَتَقَرُّباً إِلَيْكُمْ، فَلاَ يَحِلُّ لأحَدٍ أنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَال غَيْرهِ بِغَيْر إِذْنِهِ، فَكَيْفَ يَحِلُّ ذَلِكَ فِي مَالِنَا؟ مَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ بِغَيْر أمْرنَا فَقَدِ اسْتَحَلَّ مِنَّا مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أكَلَ مِنْ أمْوَالِنَا شَيْئاً فَإنَّمَا يَأكُلُ فِي بَطْنِهِ نَاراً وَسَيَصْلَى سَعِيراً.ر.
ص: 708
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الرَّجُل الَّذِي يَجْعَلُ لِنَاحِيَتِنَا ضَيْعَةً، وَيُسَلّمُهَا مِنْ قَيَّم يَقُومُ بِهَا وَيَعْمُرُهَا، وَيُؤَدَّي مِنْ دَخْلِهَا خَرَاجَهَا وَمَئُونَتَهَا، وَيَجْعَلُ مَا يَبْقَى مِنَ الدَّخْل لِنَاحِيَتِنَا، فَإنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَنْ جَعَلَهُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ قَيَّماً عَلَيْهَا إِنَّمَا لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرهِ.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنَ الثّمَار مِنْ أمْوَالِنَا يَمُرُّ بِهِ الْمَارُّ، فَيَتَنَاوَلُ مِنْهُ وَيَأكُلُ هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؟ فَإنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أكْلُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ)(1).
كمال الدين: محمّد بن أحمد الشيباني وعليّ بن أحمد بن محمّد الدقّاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن أحمد بن هشام، وعلي بن عبد الله الورّاق جميعاً، عن محمّد بن جعفر الأسدي، مثله(2).
12 _ كمال الدين: أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيُّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: وَرَدَ عَلَيَّ تَوْقِيعٌ مِنَ الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سُؤَالٌ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجْمَعِينَ عَلَى مَن اسْتَحَلَّ مِنْ أمْوَالِناَ(3) دِرْهَماً).
قَالَ أبُو الْحُسَيْن الأسَدِيُّ رضي الله عنه: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أنَّ ذَلِكَ فِيمَن اسْتَحَلَّ مِنْ مَال النَّاحِيَةِ دِرْهَماً دُونَ مَنْ أكَلَ مِنْهُ غَيْرَ مُسْتَحِلّ لَهُ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيع مَن اسْتَحَلَّ مُحَرَّماً فَأيُّ فَضْلٍ فِي ذَلِكَ لِلْحُجَّةِ عليه السلام عَلَى غَيْرهِ؟ قَالَ: فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقَّ بَشيراً لَقَدْ نَظَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التَّوْقِيع فَوَجَدْتُهُ قَدِ انْقَلَبَ إِلَى مَا كَانَ فِي نَفْسِي.).
ص: 709
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجْمَعِينَ عَلَى مَنْ أكَلَ مِنْ مَالِنَا دِرْهَماً حَرَاماً).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ رحمه الله: أخْرَجَ إِلَيْنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيُّ هَذَا التَّوْقِيعَ حَتَّى نَظَرْنَا فِيهِ وَقَرَأنَاهُ(1).
الاحتجاج: عن أبي الحسين الأسدي، مثله(2).
13 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْعَيَّاشيَّ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاقِ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم الْكُوفِيَّ، قَالَ: خَرَجَ فِي تَوْقِيعَاتِ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَمَّانِي فِي مَحْفِلٍ مِنَ النَّاس)(3).
14 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَلِيًّ مُحَمَّدَ بْنَ هَمَّام يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ بِخَطّهِ أعْرفُهُ: (مَنْ سَمَّانِي فِي مَجْمَع مِنَ النَّاس بِاسْمِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ).
وَكَتَبْتُ أسْألُهُ عَنْ ظُهُور الْفَرَج، فَخَرَجَ فِي التَّوْقِيع: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(4).
15 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: أنَّ أهْلَ بَيْتِي 3.
ص: 710
يُؤْذُونَنِي وَيَقْرَعُونَنِي بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيَّ عَنْ آبَائِكَ عليهم السلام أنَّهُمْ قَالُوا: (قُوَّامُنَا وَخُدَّامُنَا شرَارُ خَلْقِ اللهِ)، فَكَتَبَ عليه السلام: (وَيْحَكُمْ أمَا قَرَأتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: ((وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً))(1) وَنَحْنُ وَاللهِ الْقُرَى الَّتِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا وَأنْتُمُ الْقُرَى الظَّاهِرَةُ).
قال عبد الله بن جعفر: وحدَّثني بهذا الحديث عليّ بن محمّد الكليني، عن محمّد ابن صالح، عن صاحب الزمان عليه السلام(2).
16 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَبْرَئِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَي الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ أنَّهُ وَرَدَ الْعِرَاقَ شَاكّاً مُرْتَاداً فَخَرَجَ إِلَيْهِ: (قُلْ لِلْمَهْزيَار(3): قَدْ فَهِمْنَا مَا حَكَيْتَهُ عَنْ مَوَالِينَا بِنَاحِيَتِكُمْ، فَقُلْ لَهُمْ: أمَا سَمِعْتُمُ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ))(4) هَلْ أمَرَ إِلاَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ؟ أوَلَمْ تَرَوْا أنَّ اللهَ عزّ وجل جَعَلَ لَهُمْ مَعَاقِلَ يَأوُونَ إِلَيْهَا وَأعْلاَماً يَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أنْ ظَهَرَ الْمَاضِي(5) صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ، وَإِذَا أفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللهُ عزّ وجل إِلَيْهِ، ظَنَنْتُمْ أنَّ اللهَ قَدْ قَطَعَ السَّبَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَلاَ مَا كَانَ ذَلِكَ، وَلاَ يَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَيَظْهَرُ أمْرُ اللهِ وَهُمْ كارهُونَ.
يَا مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ لاَ يَدْخُلُكَ الشَّكُّ فِيمَا قَدِمْتَ لَهُ فَإنَّ اللهَ لاَ ).
ص: 711
يُخَلّي الأرْضَ مِنْ حُجَّةٍ، ألَيْسَ قَالَ لَكَ أبُوكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ: أحْضِر السَّاعَةَ مَنْ يُعَيَّرُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الَّتِي عِنْدِي، فَلَمَّا اُبْطِئَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَخَافَ الشَّيْخُ عَلَى نَفْسِهِ الْوَحاَ(1) قَالَ لَكَ: عَيَّرْهَا عَلَى نَفْسِكَ، وَأخْرَجَ إِلَيْكَ كِيساً كَبِيراً وَعِنْدَكَ بِالْحَضْرَةِ ثَلاَثَةُ أكْيَاسٍ وَصُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ مُخْتَلِفَةُ النَّقْدِ، فَعَيَّرْتَهَا وَخَتَمَ الشَّيْخُ عَلَيْهَا بِخَاتَمِهِ، وَقَالَ لَكَ: اخْتِمْ مَعَ خَاتَمِي فَإنْ أعِشْ فَأنَا أحَقُّ بِهَا، وَإِنْ أمُتْ فَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ أوَّلاً ثُمَّ فِيَّ فَخَلّصْنِي، وَكُنْ عِنْدَ ظَنّي بِكَ؟
أخْرجْ رَحِمَكَ اللهُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي اسْتَفْضَلْتَهَا مِنْ بَيْن النَّقْدَيْن مِنْ حِسَابِنَا وَهِيَ بِضْعَةَ عَشَرَ دِينَاراً وَاسْتَردَّ مِنْ قِبَلِكَ فَإنَّ الزَّمَانَ أصْعَبُ مَا كَانَ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنعْمَ الْوَكِيلُ(2).
17 _ كمال الدين: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكِنْدِيُّ: كَتَبَ جَعْفَرُ بْنُ حَمْدَانَ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْمَسَائِلُ: اسْتَحْلَلْتُ بِجَاريَةٍ وَشَرَطْتُ عَلَيْهَا أنْ لاَ أطْلُبَ وَلَدَهَا وَلَمْ اُلْزمْهَا مَنْزلِي، فَلَمَّا أتَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ قَالَتْ لِي: قَدْ حَبِلْتُ، فَقُلْتُ لَهَا: كَيْفَ وَلاَ أعْلَمُ أنِّي طَلَبْتُ مِنْكِ الْوَلَدَ، ثُمَّ غِبْتُ وَانْصَرَفْتُ، وَقَدْ أتَتْ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ، فَلَمْ اُنْكِرْهُ وَلاَ قَطَعْتُ عَنْهَا الإجْرَاءَ وَالنَّفَقَةَ، وَلِي ضَيْعَةٌ قَدْ كُنْتُ قَبْلَ أنْ تَصِيرَ إِلَيَّ هَذِهِ الْمَرْأةُ سَبَّلْتُهَا عَلَى وَصَايَايَ، وَعَلَى سَائِر وُلْدِي، عَلَى أنَّ الأمْرَ فِي الزّيَادَةِ وَالنُّقْصَان مِنْهُ إِلَى أيَّام حَيَاتِي، وَقَدْ أتَتْ هَذِهِ بِهَذَا الْوَلَدِ، فَلَمْ اُلْحِقْهُ فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَدَّم الْمُؤَبَّدِ وَأوْصَيْتُ إِنْ حَدَثَ بِيَ الْمَوْتُ أنْ يَجْريَ عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيراً، فَإذَا كَبُرَ اُعْطِيَ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ جُمْلَةً مِائَتَيْ دِينَارٍ غَيْرَ مُؤَبَّدٍ، وَلاَ يَكُونَ لَهُ وَلاَ لِعَقِبِهِ 5.
ص: 712
بَعْدَ إِعْطَائِهِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ شَيْءٌ، فَرَأيَكَ أعَزَّكَ اللهُ فِي إِرْشَادِي فِيمَا عَمِلْتُهُ، وَفِي هَذَا الْوَلَدِ بِمَا أمْتَثِلُهُ وَالدُّعَاءِ لِي بِالْعَافِيَةِ وَخَيْر الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
جَوَابُهَا: (أمَّا الرَّجُلُ الَّذِي اسْتَحَلَّ بِالْجَاريَةِ وَشَرَطَ عَلَيْهَا أنْ لاَ يَطْلُبَ وَلَدَهَا فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ شَريكَ لَهُ فِي قُدْرَتِهِ شَرْطٌ عَلَى الْجَاريَةِ(1) شَرْطٌ عَلَى اللهِ عزّ وجل؟
هَذَا مَا لاَ يُؤْمَنُ أنْ يَكُونَ، وَحَيْثُ عَرَضَ(2) فِي هَذَا الشَّكَّ، وَلَيْسَ يَعْرفُ الْوَقْتَ الَّذِي أتَاهَا فِيهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُوجِبٍ لِبَرَاءَةٍ فِي وَلَدِهِ، وَأمَّا إِعْطَاءُ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ وَإِخْرَاجُهُ(3) مِنَ الْوَقْفِ، فَالْمَالُ مَالُهُ فَعَلَ فِيهِ مَا أرَادَ).
قَالَ أبُو الْحُسَيْن: حُسِبَ الْحِسَابُ (قَبْلَ الْمَوْلُودِ)(4) فَجَاءَ الْوَلَدُ مُسْتَوياً، وَقَالَ: وَجَدْتُ فِي نُسْخَةِ أبِي الْحَسَن الْهَمْدَانِيَّ: أتَانِي أبْقَاكَ اللهُ كِتَابُكَ الَّذِي أنْفَذْتَهُ، وَرَوَى هَذَا التَّوْقِيعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ عَن الشَّاريَّ.
بيان: (شرط على الجارية) مبتدأ و(شرط على الله) خبر، أو هما فعلان، والأوّل استفهام إنكاري، وقوله: (قال أبو الحسين...) إلى آخره كأنَّه إشاره إلى توقيعات أخر إجمالا(5).(6)5.
ص: 713
18 _ كمال الدين: أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أحْمَدَ الْمُكَتّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ هَمَّام بِهَذَا الدُّعَاءِ، وَذَكَرَ أنَّ الشَّيْخَ(1) قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أمْلاَهُ عَلَيْهِ، وَأمَرَهُ أنْ يَدْعُوَ بِهِ، وَهُوَ الدُّعَاءُ فِي غَيْبَةِ الْقَائِم عليه السلام:
(اللهُمَّ عَرفْنِي نَفْسَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أعْرفْ رَسُولَكَ(2)، اللهُمَّ عَرفْنِي رَسُولَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أعْرفْ حُجَّتَكَ، اللهُمَّ عَرفْنِي حُجَّتَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِيني.
اللهُمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَلاَ تُزغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، اللهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي بِوَلاَيَةِ مَنْ فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلَيَّ مِنْ وُلاَةِ أمْركَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى وَالَيْتُ وُلاَةَ أمْركَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَى وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، اللهُمَّ فَثَبَّتْنِي عَلَى دِينكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ، وَلَيَّنْ قَلْبِي لِوَلِيَّ أمْركَ، وَعَافِني مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبَّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَلِيَّ أمْركَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فَبِإذْنِكَ غَابَ عَنْ بَريَّتِكَ، وَأمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَأنْتَ الْعَالِمُ غَيْرُ مُعَلَّم بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلاَحُ أمْر وَلِيَّكَ فِي الإذْن لَهُ، بِإظْهَار أمْرهِ وَكَشْفِ سِرهِ، وَصَبَّرْني(3) عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لاَ اُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أخَّرْتَ، وَلاَ تَأخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، وَلاَ أكْشفَ عَمَّا سَتَرْتَهُ وَلاَ أبْحَثَ عَمَّا كَتَمْتَهُ، وَلاَ اُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيركَ، وَلاَ أقُولَ: لِمَ وَكَيْفَ؟ وَمَا بَالُ وَلِيَّ أمْر اللهِ(4) لاَ يَظْهَرُ؟ وَقَدِ امْتَلأتِ الأرْضُ مِنَ الْجَوْر، وَاُفَوَّضُ اُمُوري كُلَّهَا إِلَيْكَ.).
ص: 714
اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ أنْ تُريَني وَلِيَّ أمْركَ ظَاهِراً نَافِذاً لأمْركَ مَعَ عِلْمِي بِأنَ لَكَ السُّلْطَانَ، وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ، وَالْحُجَّةَ وَالْمَشيَّةَ، وَالإرَادَةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ فَافْعَلْ ذَلِكَ بِي وَبجَمِيع الْمُؤْمِنينَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَلِيَّكَ ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ، وَاضِحَ الدَّلاَلَةِ هَادِياً مِنَ الضَّلاَلَةِ، شَافِياً مِنَ الْجَهَالَةِ، أبْرزْ يَا رَبَّ مَشَاهِدَهُ، وَثَبَّتْ قَوَاعِدَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُنُا بِرُؤْيَتِهِ، وَأقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ، وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ.
اللهُمَّ أعِذْهُ مِنْ شَر جَمِيع مَا خَلَقْتَ وَبَرَأتَ وَذَرَأتَ وَأنْشَأتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينهِ وَعَنْ شمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ، بِحِفْظِكَ الَّذِي لاَ يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ.
اللهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمُرهِ، وَزِدْ فِي أجَلِهِ، وَأعِنْهُ عَلَى مَا أوْلَيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ، وَزِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ، فَإنَّهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ(1)، الْقَائِمُ الْمُهْتَدِي(2)، الطَّاهِرُ، التَّقِيُّ، النَّقِيُّ، الزَّكِيُّ، الرَّضِيُّ، الْمَرْضِيُّ، الصَّابِرُ، الْمُجْتَهِدُ، الشَّكُورُ.
اللهُمَّ وَلاَ تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ لِطُول الأمَدِ فِي غَيْبَتِهِ، وَانْقِطَاع خَبَرهِ عَنَّا، وَلاَ تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَانْتِظَارَهُ وَالإيمَانَ بِهِ، وَقُوَّةَ الْيَقِين فِي ظُهُورهِ، وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالصَّلاَةَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يُقَنّطَنَا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ ظُهُورهِ وَقِيَامِهِ، وَيَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيَقِينِنَا فِي قِيَام رَسُول اللهِ(3) صلى الله عليه وآله وسلم، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَتَنْزيلِكَ، قَوَّ قُلُوبَنَا عَلَى الإيمَان بِهِ حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدِهِ مِنْهَاجَ ).
ص: 715
الْهُدَى، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطَى، وَقَوَّنَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَثَبَّتْنَا عَلَى مُشَايَعَتِهِ(1)، وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَأعْوَانِهِ وَأنْصَارهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَلاَ تَسْلُبْنَا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا، وَلاَ عِنْدَ وَفَاتِنَا، حَتَّى تَتَوَفَّانَا، وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ شَاكّينَ وَلاَ نَاكِثِينَ وَلاَ مُرْتَابِينَ وَلاَ مُكَذّبِينَ.
اللهُمَّ عَجَّلْ فَرَجَهُ، وَأيَّدْهُ بِالنَّصْر، وَانْصُرْ نَاصِريهِ، وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَدَمْدِمْ(2) عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ، وَأظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ، وَأمِتْ بِهِ الْجَوْرَ(3)، وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنينَ مِنَ الذُّل، وَانْعَشْ بِهِ الْبِلاَدَ، وَاقْتُلْ بِهِ الْجَبَابِرَةَ الْكَفَرَةَ، وَاقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ الضَّلاَلَةِ، وَذَلّلْ بِهِ الْجَبَّارينَ وَالْكَافِرينَ، وَأبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ، وَجَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُلْحِدِينَ، فِي مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربهَا، وَبَحْرهَا وَبَرهَا، وَسَهْلِهَا وَجَبَلِهَا، حَتَّى لاَ تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلاَ تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً، وَتُطَهَّرَ مِنْهُمْ بِلاَدَكَ.
وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ، وَجَدَّدْ بِهِ مَا امْتَحَى مِنْ دِينكَ، وَأصْلِحْ بِهِ مَا بُدَّلَ مِنْ حُكْمِكَ، وَغُيَّرَ مِنْ سُنَّتِكَ، حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَى يَدِهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لاَ عِوَجَ فِيهِ، وَلاَ بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الْكَافِرينَ، فَإنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ دِينكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَأطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ، وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرجْس، وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَس.
اللهُمَّ فَصَل عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، وَعَلَى شيعَتِهِمُ الْمُنْتَجَبِينَ، وَبَلّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ أفْضَلَ مَا يَأمُلُونَ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً ).
ص: 716
مِنْ كُل شَكًّ وَشُبْهَةٍ وَريَاءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّى لاَ نُريدَ بِهِ غَيْرَكَ وَلاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلاَّ وَجْهَكَ.
اللهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيَّنَا، وَغَيْبَةَ وَلِيَّنَا، وَشدَّةَ الزَّمَان عَلَيْنَا، وَوُقُوعَ الْفِتَن (بِنَا)(1)، وَتَظَاهُرَ الأعْدَاءِ(2)، وَكَثْرَةَ عَدُوَّنَا، وَقِلَّةَ عَدَدِنَا.
اللهُمَّ فَافْرُجْ ذَلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجَّلُهُ، وَبصَبْرٍ مِنْكَ تُيَسَّرُهُ(3)، وَإِمَام عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ أنْ تَأذَنَ لِوَلِيَّكَ فِي إِظْهَار عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ وَقَتْل أعْدَائِكَ فِي بِلاَدِكَ حَتَّى لاَ تَدَعَ لِلْجَوْر(4) دِعَامَةً إِلاَّ قَصَمْتَهَا وَلاَ بَنيَّةً(5) إِلاَّ أفْنَيْتَهَا، وَلاَ قُوَّةً إِلاَّ أوْهَنْتَهَا، وَلاَ رُكْناً إِلاَّ هَدَدْتَهُ، وَلاَ حَدّاً إِلاَّ فَلَلْتَهُ، وَلاَ سِلاَحاً إِلاَّ كَلَلْتَهُ، وَلاَ رَايَةً إِلاَّ نَكَّسْتَهَا، وَلاَ شُجَاعاً إِلاَّ قَتَلْتَهُ، وَلاَ حَيّاً إِلاَّ خَذَلْتَهُ(6).
ارْمِهِمْ يَا رَبَّ بِحَجَركَ الدَّامِغ، وَاضْربْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِع، وَببَأسِكَ الَّذِي لاَ يُرَدُّ عَن الْقَوْم الْمُجْرمِينَ، وَعَذّبْ أعْدَاءَكَ وَأعْدَاءَ دِينكَ وَأعْدَاءَ رَسُولِكَ، بِيَدِ وَلِيَّكَ وَأيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنينَ.
اللهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أرْضِكَ هَوْلَ عَدُوَّهِ، وَكِدْ مَنْ كَادَهُ، وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ، وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ أرَادَ بِهِ سُوءاً، ).
ص: 717
وَاقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ، وَأرْعِبْ بِهِ قُلُوبَهُمْ، وَزَلْزلْ لَهُ أقْدَامَهُمْ، وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبَغْتَةً.
شَدَّدْ عَلَيْهِمْ عِقَابَكَ، وَأخْزهِمْ فِي عِبَادِكَ، وَالْعَنْهُمْ فِي بِلاَدِكَ، وَأسْكِنْهُمْ أسْفَلَ نَاركَ، وَأحِطْ بِهِمْ أشَدَّ عَذَابِكَ، وَأصْلِهِمْ نَاراً، وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً، وَأصْلِهِمْ حَرَّ نَاركَ، فَإنَّهُمْ أضاعُوا الصَّلاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، وَأذِلُّوا عِبَادَكَ.
اللهُمَّ وَأحْي بِوَلِيَّكَ الْقُرْآنَ، وَأرنَا نُورَهُ سَرْمَداً لاَ ظُلْمَةَ فِيهِ، وَأحْي بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيَّتَةَ، وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ، وَاجْمَعْ بِهِ الأهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقَّ، وَأقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ، وَالأحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ، حَتَّى لاَ يَبْقَى حَقٌّ إِلاَّ ظَهَرَ، وَلاَ عَدْلٌ إِلاَّ زَهَرَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّ مِنْ أعْوَانِهِ، وَمِمَّنْ يُقَوَّي سُلْطَانَهُ، وَالْمُؤْتَمِرينَ لأمْرهِ، وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَالْمُسَلّمِينَ لأحْكَامِهِ، وَمِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ.
أنْتَ يَا رَبَّ الَّذِي تَكْشفُ السُّوءَ، وَتُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ، وَتُنَجَّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم، فَاكْشفِ الضُّرَّ عَنْ وَلِيَّكَ، وَاجْعَلْهُ خَلِيفَتَكَ(1) فِي أرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ.
اللهُمَّ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ خُصَمَاءِ آل مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ أعْدَاءِ آل مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أهْل الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آل مُحَمَّدٍ، فَإنّي أعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ، فَأعِذْنِي وَأسْتَجِيرُ بِكَ فَأجِرْني.
اللهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ)(2).3.
ص: 718
19 _ كمال الدين: تَوْقِيعٌ مِنْهُ عليه السلام كَانَ خَرَجَ إِلَى الْعَمْريَّ وَابْنِهِ رضي الله عنهما رَوَاهُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ الشَّيْخُ أبُو جَعْفَرٍ رضي الله عنه: وَجَدْتُهُ مُثْبَتاً بِخَطّ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه:
(وَفَّقَكُمَا اللهُ لِطَاعَتِهِ، وَثَبَّتَكُمَا عَلَى دِينهِ، وَأسْعَدَكُمَا بِمَرْضَاتِهِ، انْتَهَى إِلَيْنَا مَا ذَكَرْتُمَا أنَّ الْمِيثَمِيَّ أخْبَرَكُمَا عَن الْمُخْتَار، وَمُنَاظَرَتِهِ مَنْ لَقِيَ، وَاحْتِجَاجِهِ بِأنْ لاَ خَلَفَ غَيْرُ جَعْفَر بْن عَلِيًّ، وَتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُ، وَفَهِمْتُ جَمِيعَ مَا كَتَبْتُمَا بِهِ مِمَّا قَالَ أصْحَابُكُمَا عَنْهُ، وَأنَا أعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْعَمَى بَعْدَ الْجِلاَءِ، وَمِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ الْهُدَى، وَمِنْ مُوبقَاتِ الأعْمَال، وَمُرْدِيَاتِ الْفِتَن، فَإنَّهُ عزّ وجل يَقُولُ: ((الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))(1).
كَيْفَ يَتَسَاقَطُونَ فِي الْفِتْنَةِ، وَيَتَرَدَّدُونَ فِي الْحَيْرَةِ، وَيَأخُذُونَ يَمِيناً وَشمَالاً فَارَقُوا دِينَهُمْ أم ارْتَابُوا، أمْ عَانَدُوا الْحَقَّ، أمْ جَهِلُوا مَا جَاءَتْ بِهِ الروَايَاتُ الصَّادِقَةُ وَالأخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، أوْ عَلِمُوا ذَلِكَ فَتَنَاسَوْا، أمَا تَعْلَمُونَ(2) أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً، وَإِمَّا مَغْمُوراً، أوَلَمْ يَعْلَمُوا انْتِظَامَ أئِمَّتِهِمْ بَعْدَ نَبِيَّهِمْ صلى الله عليه وآله وسلم وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى أنْ أفْضَى الأمْرُ بِأمْر اللهِ عزّ وجل إِلَى الْمَاضِي _ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ _، فَقَامَ مَقَامَ آبَائِهِ عليهم السلام يَهْدِي إِلَى الْحَقَّ وَإِلَى طَريقٍ مُسْتَقِيم.
كَانَ نُوراً سَاطِعا(3) وَقَمَراً زَهْراً، اخْتَارَ اللهُ عزّ وجل لَهُ مَا عِنْدَهُ، فَمَضَى عَلَى مِنْهَاج آبَائِهِ عليهم السلام حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، عَلَى عَهْدٍ عَهِدَهُ، وَوَصِيَّةٍ ).
ص: 719
أوْصَى بِهَا إِلَى وَصِيًّ سَتَرَهُ اللهُ عزّ وجل بِأمْرهِ إِلَى غَايَةٍ، وَأخْفَى مَكَانَهُ بِمَشيَّتِهِ، لِلْقَضَاءِ السَّابِقِ وَالْقَدَر النَّافِذِ، وَفِينَا مَوْضِعُهُ، وَلَنَا فَضْلُهُ، وَلَوْ قَدْ أذِنَ اللهُ عزّ وجل فِيمَا قَدْ مَنَعَهُ(1) وَأزَالَ عَنْهُ مَا قَدْ جَرَى بِهِ مِنْ حُكْمِهِ، لأرَاهُمُ الْحَقَّ ظَاهِراً بِأحْسَن حِلْيَةٍ، وَأبْيَن دَلاَلَةٍ، وَأوْضَح عَلاَمَةٍ، وَلأبَانَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَامَ بِحُجَّتِهِ، وَلَكِنَّ أقْدَارَ اللهِ عزّ وجل لاَ تُغَالَبُ، وَإِرَادَتَهُ لاَ تُرَدُّ، وَتَوْفِيقَهُ لاَ يُسْبَقُ.
فَلْيَدَعُوا عَنْهُمُ اتّبَاعَ الْهَوَى، وَلْيُقِيمُوا عَلَى أصْلِهِمُ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ، وَلاَ يَبْحَثُوا عَمَّا سُتِرَ عَنْهُمْ فَيَأثَمُوا، وَلاَ يَكْشفُوا سَتْرَ اللهِ عزّ وجل فَيَنْدَمُوا، وَلْيَعْلَمُوا أنَّ الْحَقَّ مَعَنَا وَفِينَا، لاَ يَقُولُ ذَلِكَ سِوَانَا إِلاَّ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ يَدَّعِيهِ غَيْرُنَا إِلاَّ ضَالٌّ غَويٌّ، فَلْيَقْتَصِرُوا مِنَّا عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ دُونَ التَّفْسِير، وَيَقْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ بِالتَّعْريض دُونَ التَّصْريح، إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى)(2).
20 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّر الْمِصْريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الدَّاوُدِيَّ(3)، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي الْقَاسِم (الْحُسَيْن)(4) بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فَسَألَهُ رَجُلٌ مَا مَعْنَى قَوْل الْعَبَّاس لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ عَمَّكَ أبَا طَالِبٍ قَدْ أسْلَمَ بِحِسَابِ الْجُمَّل وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلاَثَةً وَسِتّينَ(5)، قَالَ: .وأمَّا الأعشار: فالمسبحة والإبهام، فالعشرة أن يجعل ظفر المسبحة في مفصل الإبهام من جنبها، والعشرون وضع رأس الإبهام بين المسبحة والوسطى، والثلاثون ضمّ رأس المسبحة مع رأس الإبهام، والأربعون أن تضع الإبهام معكوفة الرأس إلى ظاهر الكفّ والخمسون أن تضع الإبهام على باطن الكفّ معكوفة الأنملة ملصقة بالكفّ، والستون أن تنشر الإبهام وتضمّ إلى جانب الكفّ أصل المسبحة، والسبعون عكف باطن المسبحة على باطن رأس الإبهام، والثمانون ضمّ الإبهام وعكف باطن المسبحة على ظاهر أنملة الإبهام المضمومة، والتسعون ضمّ المسبحة إلى أصل الإبهام ووضع الإبهام عليها، وإذا أردت آحاداً وأعشاراً عقدت من الآحاد ما شئت مع ما شئت من الأعشار المذكورة.
وأمَّا المئات فهي عقد أصابع الآحاد من اليد اليسرى فالمائة كالواحد والمائتان كالاثنين وهكذا إلى التسعمائة.
وأمَّا الألوف وهي عقد أصابع عشرات منها، فالألف كالعشر والألفان كالعشرين إلى التسعة آلاف.
وكيف كان، المعول في إيمان أبي طالب على ذبَّه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طيلة حياته وأشعاره المستفيضة المصرَّحة بأنَّه كان مؤمناً في قلبه ولكنَّه لم يظهره لئلاَّ يسقط عن أنظار قريش، فيفوته الذبّ عنه ولذلك قال:
لو لا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
وأمَّا إيمانه بحساب الجُمل وإن كان ورد من طرقنا أيضاً، لكن الأصل في ذلك ما رواه شعبة، عن قتادة، عن الحسن كما عرفت، والحسين بن روح النوبختي إنَّما فسَّر الحديث المرسل، لا غير.
على أنَّه لو كان يتّقي الملامة أو السبّة أو المعرّة كما في رواية أخرى كان ذلك حين يتطاول على قريش بالذبَّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم وأمَّا عند الممات، فلا وجه للتقية أبداً، فلم يسلم بحساب الجُمل ولم يظهر إسلامه صريحاً، ولو صحَّ الحديث مع غرابته لم يفد في المقام شيئاً فإنَّه ليس بأصرح من قوله:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا * نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتب
ص: 720
ص: 721
(عَنَى بِذَلِكَ (إِلَهٌ أحَدٌ جَوَادٌ) وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أنَّ الألِفَ وَاحِدٌ، وَاللاَمَ ثَلاَثُونَ، وَالْهَاءَ خَمْسَةٌ، وَالألِفَ وَاحِدٌ، وَالْحَاءَ ثَمَانِيَةٌ، وَالدَّالَ أرْبَعَةٌ،
ص: 722
وَالْجِيمَ ثَلاَثَةٌ، وَالْوَاوَ سِتَّةٌ، وَالألْفَ وَاحِدٌ، وَالدَّالَ أرْبَعَةٌ، فَذَلِكَ ثَلاَثَةٌ وَسِتُّونَ)(1).
21 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيًّ، عَن الأسَدِيَّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أنَّهُ جَاءَهُ بَعْضُ أصْحَابِنَا يُعْلِمُهُ أنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَلِيًّ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَاباً يُعَرفُهُ فِيهِ نَفْسَهُ وَيُعْلِمُهُ أنَّهُ الْقَيَّمُ بَعْدَ أبِيهِ(2)، وَأنَّ عِنْدَهُ مِنْ عِلْم الْحَلاَل وَالْحَرَام مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُوم كُلّهَا.
قَالَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا قَرَأتُ الْكِتَابَ كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام وَصَيَّرْتُ كِتَابَ جَعْفَرٍ فِي دَرْجِهِ، فَخَرَجَ الْجَوَابُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أتَانِي كِتَابُكَ أبْقَاكَ اللهُ، وَالْكِتَابُ الَّذِي أنْفَذْتَهُ دَرْجَهُ، وَأحَاطَتْ مَعْرفَتِي بِجَمِيع مَا تَضَمَّنَهُ عَلَى اخْتِلاَفِ ألْفَاظِهِ، وَتَكَرُّر الْخَطَاءِ فِيهِ، وَلَوْ تَدَبَّرْتَهُ لَوَقَفْتَ عَلَى بَعْض مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ حَمْداً لاَ شَريكَ لَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْنَا وَفَضْلِهِ عَلَيْنَا، أبَى اللهُ عزّ وجل لِلْحَقَّ إِلاَّ إِتْمَاماً وَلِلْبَاطِل إِلاَّ زُهُوقاً، وَهُوَ شَاهِدٌ عَلَيَّ بِمَا أذْكُرُهُ، وَلِيٌّ عَلَيْكُمْ بِمَا أقُولُهُ، إِذَا اجْتَمَعْنَا لِيَوْم لا رَيْبَ فِيهِ، وَيَسْألُنَا عَمَّا نَحْنُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، إِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ عَلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، وَلاَ عَلَيْكَ وَلاَ عَلَى أحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِمَامَةً مُفْتَرَضَةً، وَلاَ طَاعَةً وَلاَ ذِمَّةً، وَسَاُبَيَّنُ لَكُمْ ذِمَّةً(3) تَكْتَفُونَ بِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ.
يَا هَذَا يَرْحَمُكَ اللهُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ عَبَثاً وَلاَ أهْمَلَهُمْ ).
ص: 723
سُدًى، بَلْ خَلَقَهُمْ بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَ لَهُمْ أسْمَاعاً وَأبْصَاراً وَقُلُوباً وَألْبَاباً، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمُ النَّبِيَّينَ عليهم السلام مُبَشرينَ وَمُنْذِرينَ يَأمُرُونَهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَيُعَرفُونَهُمْ مَا جَهِلُوهُ مِنْ أمْر خَالِقِهِمْ وَدِينِهِمْ، وَأنْزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلاَئِكَةً يَأتِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ بَعَثَهُمْ إِلَيْهِمْ بِالْفَضْل الَّذِي جَعَلَهُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَمَا آتَاهُمْ مِنَ الدَّلاَئِل الظَّاهِرَةِ وَالْبَرَاهِين الْبَاهِرَةِ، وَالآيَاتِ الْغَالِبَةِ.
فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ النَّارَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاَماً وَاتَّخَذَهُ خَلِيلاً، وَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ تَكْلِيماً وَجَعَلَ عَصَاهُ ثُعْبَاناً مُبِيناً، وَمِنْهُمْ مَنْ أحْيَا الْمَوْتَى بِإذْن اللهِ وَأبْرَأ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإذْن اللهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّمَهُ مَنْطِقَ الطَّيْر وَاُوتِيَ مِنْ كُلّ شَيْءٍ، ثُمَّ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَتَمَّمَ بِهِ نِعْمَتَهُ، وَخَتَمَ بِهِ أنْبِيَاءَهُ، وَأرْسَلَهُ إِلَى النَّاس كَافَّةً، وَأظْهَرَ مِنْ صِدْقِهِ مَا أظْهَرَ (وَبَيَّنَ)(1) مِنْ آيَاتِهِ وَعَلاَمَاتِهِ مَا بَيَّنَ.
ثُمَّ قَبَضَهُ صلى الله عليه وآله وسلم حَمِيداً فَقِيداً سَعِيداً، وَجَعَلَ الأمْرَ بَعْدَهُ إِلَى أخِيهِ وَابْن عَمِّهِ وَوَصِيَّهِ وَوَارثِهِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام، ثُمَّ إِلَى الأوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهِ وَاحِداً وَاحِداً، أحْيَا بِهِمْ دِينَهُ، وَأتَمَّ بِهِمْ نُورَهُ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِمْ وَبَني عَمَّهِمْ وَالأدْنَيْنَ فَالأدْنَيْنَ مِنْ ذَوِي أرْحَامِهِمْ فُرْقَانا(2) بَيَّناً يُعْرَفُ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الْمَحْجُوج، وَالإمَامُ مِنَ الْمَأمُوم، بِأنْ عَصَمَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأهُمْ مِنَ الْعُيُوبِ، وَطَهَّرَهُمْ مِنَ الدَّنَس، وَنَزَّهَهُمْ مِنَ اللَّبْس، وَجَعَلَهُمْ خُزَّانَ عِلْمِهِ، وَمُسْتَوْدَعَ حِكْمَتِهِ، وَمَوْضِعَ سِرهِ، وَأيَّدَهُمْ بِالدَّلاَئِل، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَكَانَ النَّاسُ عَلَى سَوَاءٍ، وَلاَدَّعَى أمْرَ اللهِ عزّ وجل كُلُّ أحَدٍ وَلَمَا عُرفَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِل، وَلاَ الْعَالِمُ مِنَ الْجَاهِل.).
ص: 724
وَقَدِ ادَّعَى هَذَا الْمُبْطِلُ الْمُفْتَري عَلَى اللهِ الْكَذِبَ بِمَا ادَّعَاهُ، فَلاَ أدْري بِأيَّةِ حَالَةٍ هِيَ لَهُ رَجَاءَ أنْ يُتِمَّ دَعْوَاهُ، أبِفِقْهٍ فِي دِين اللهِ؟ فَوَ اللهِ مَا يَعْرفُ حَلاَلاً مِنْ حَرَام وَلاَ يَفْرُقُ بَيْنَ خَطَاءٍ وَصَوَابٍ، أمْ بِعِلْم؟ فَمَا يَعْلَمُ حَقّاً مِنْ بَاطِلٍ، وَلاَ مُحْكَماً مِنْ مُتَشَابِهٍ، وَلاَ يَعْرفُ حَدَّ الصَّلاَةِ وَوَقْتَهَا، أمْ بِوَرَع؟ فَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى تَرْكِهِ الصَّلاَةَ الْفَرْضَ أرْبَعِينَ يَوْماً يَزْعُمُ ذَلِكَ لِطَلَبِ الشَّعْوَذَةِ، وَلَعَلَّ خَبَرَهُ قَدْ تَأدَّى إِلَيْكُمْ، وَهَاتِيكَ ظُرُوفُ مُسْكِرهِ مَنْصُوبَةٌ، وَآثَارُ عِصْيَانِهِ للهِ عزّ وجل مَشْهُورَةٌ قَائِمَةٌ، أمْ بِآيَةٍ؟ فَلْيَأتِ بِهَا، أمْ بِحُجَّةٍ؟ فَلْيُقِمْهَا، أمْ بِدَلاَلَةٍ؟ فَلْيَذْكُرْهَا.
قَالَ اللهُ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ: ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * حم * تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالأَْرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ * قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الأَْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ * وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ))(1).
فَالْتَمِسْ تَوَلَّي اللهُ تَوْفِيقَكَ مِنْ هَذَا الظَّالِم، مَا ذَكَرْتُ لَكَ، وَامْتَحِنْهُ وَسَلْهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ يُفَسَّرْهَا أوْ صَلاَةِ فَريضَةٍ يُبَيَّنْ حُدُودَهَا، وَمَا يَجِبُ فِيهَا، لِتَعْلَمَ حَالَهُ وَمِقْدَارَهُ، وَيَظْهَرَ لَكَ عُوَارُهُ وَنُقْصَانُهُ، وَاللهُ حَسِيبُهُ.
حَفِظَ اللهُ الْحَقَّ عَلَى أهْلِهِ، وَأقَرَّهُ فِي مُسْتَقَرهِ، وَقَدْ أبَى اللهُ عزّ وجل أنْ تَكُونَ (الإمَامَةُ)(2) فِي أخَوَيْن بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام وَإِذَا أذِنَ اللهُ لَنَا ر.
ص: 725
فِي الْقَوْل ظَهَرَ الْحَقُّ، وَاضْمَحَلَّ الْبَاطِلُ، وَانْحَسَرَ عَنْكُمْ، وَإِلَى اللهِ أرْغَبُ فِي الْكِفَايَةِ، وَجَمِيل الصُّنْع وَالْوَلاَيَةِ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنعْمَ الْوَكِيلُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ)(1).
بيان: (الشعوذة) خِفة في اليد وأخذ كالسحر يري الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين ذكره الفيروزآبادي(2)، و(العوار) بالفتح وقد يضمّ: العيب.
22 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الصَّدُوقِ، عَنْ عَمَّار بْن الْحُسَيْن بْن إِسْحَاقَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن أبِي صَالِح الْخُجَنْدِيَّ وَكَانَ قَدْ ألَحَّ فِي الْفَحْص وَالطَّلَبِ وَسَارَ فِي الْبِلاَدِ. وَكَتَبَ عَلَى يَدِ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ إِلَى الصَّاحِبِ عليه السلام يَشْكُو تَعَلُّقَ قَلْبِهِ، وَاشْتِغَالِهِ بِالْفَحْص وَالطَّلَبِ، وَيَسْألُ الْجَوَابَ بِمَا تَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَيُكْشَفُ لَهُ عَمَّا يَعْمَلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيَّ تَوْقِيعٌ نُسْخَتُهُ:
(مَنْ بَحَثَ فَقَدْ طَلَبَ، وَمَنْ طَلَبَ فَقَدْ دُلَّ، وَمَنْ دُلَّ(3) فَقَدْ أشَاطَ، وَمَنْ أشَاطَ فَقَدْ أشْرَكَ(4)).
قَالَ: فَكَفَفْتُ عَن الطَّلَبِ، وَسَكَنَتْ نَفْسِي، وَعُدْتُ إِلَى وَطَنِي مَسْرُوراً وَالْحَمْدُ للهِ(5).
23 _ الخرائج والجرائح: رُوِيَ عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي رَوْح، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى 1.
ص: 726
بَغْدَادَ فِي مَالٍ لأبِي الْحَسَن الْخَضِر بْن مُحَمَّدٍ لاوصِلَهُ وَأمَرَني أنْ أدْفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ فَأمَرَني أنْ (لا)(1) أدْفَعَهُ إِلَى غَيْرهِ، وَأمَرَني أنْ أسْألَ(2) الدُّعَاءَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأسْألَهُ عَن الْوَبَر يَحِلُّ لُبْسُهُ؟
فَدَخَلْتُ بَغْدَادَ، وَصِرْتُ إِلَى الْعَمْريَّ، فَأبَى أنْ يَأخُذَ الْمَالَ وَقَالَ: صِرْ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ وَادْفَعْ إِلَيْهِ فَإنَّهُ أمَرَهُ بِأنْ يَأخُذَهُ، وَقَدْ خَرَجَ الَّذِي طَلَبْتُ فَجِئْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ فَأوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ، فَأخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً فِيهَا:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، سَألْتَ الدُّعَاءَ عَن الْعِلَّةِ الَّتِي تَجِدُهَا، وَهَبَ اللهُ لَكَ الْعَافِيَةَ، وَدَفَعَ عَنْكَ الآفَاتِ، وَصَرَفَ عَنْكَ بَعْضَ مَا تَجِدُهُ مِنَ الْحَرَارَةِ، وَعَافَاكَ وَصَحَّ جِسْمُكَ، وَسَألْتَ مَا يَحِلُّ أنْ يُصَلَّى فِيهِ مِنَ الْوَبَر وَالسَّمُّور وَالسَّنْجَابِ وَالْفَنَكِ وَالدَّلَقِ وَالْحَوَاصِل، فَأمَّا السَّمُّورُ وَالثَّعَالِبُ فَحَرَامٌ عَلَيْكَ وَعَلَى غَيْركَ الصَّلاَةُ فِيهِ وَيَحِلُّ لَكَ جُلُودُ الْمَأكُول مِنَ اللَّحْم إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ(3) غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَا تُصَلّي(4) فِيهِ، فَالْحَوَاصِلُ جَائِزٌ لَكَ أنْ تُصَلّيَ فِيهِ، الْفِرَاءُ مَتَاعُ الْغَنَم مَا لَمْ يُذْبَحْ بأرمنية (إِرْمِينيَةَ) يَذْبَحُهُ النَّصَارَى عَلَى الصَّلِيبِ، فَجَائِزٌ لَكَ أنْ تَلْبَسَهُ إِذَا ذَبَحَهُ أخٌ لَكَ (أوْ مُخَالِفٌ تَثِقُ بِهِ))(5).
* * *ر.
ص: 727
إلى هنا انتهى ما أردت إيراده في كتاب الغيبة وأرجو من فضله تعالى أن يجعلني من أنصار حجَّته، والقائم بدينه، ومن أعوانه والشهداء تحت لوائه، وأن يقرَّ عيني وعيون والدي وإخواني وأصحابي وعشايري وجميع المؤمنين برؤيته، وأن يكحل عيوننا بغبار مواكب أصحابه، فإنَّه المرجو لكلّ خير وفضل.
ألتمس ممَّن ينظر في كتابي أن يترحَّم عليَّ ويدعو بالمغفرة لي في حياتي وبعد موتي، والحمد لله أوَّلاً وآخراً وصلّى الله على محمّد وأهل بيته الطاهرين وكتب بيمناته الجانية، مؤلّفه أحقر عباد الله الغني محمّد باقر بن محمّد تقي، عفي عنهما بالنبيّ وآله الأكرمين، في شهر رجب الأصب من شهور سنة ثمان وسبعين بعد الألف من الهجرة النبويّة(1).
* * *ة.
ص: 728
الإحتجاج: الطبرسي/ مطبعة النعمان/ النجف الأشرف/ 1368ه- .
الاختصاص: الشيخ المفيد/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ قم.
اختيار معرفة الرجال: الشيخ الطوسي/ 1404ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الإرشاد: الشيخ المفيد/ ت مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ مط دار المفيد.
اُسد الغابة: ابن الأثير/ منشورات إسماعيليان/ طهران.
إعلام الورى: الطبرسي/ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث/ ط 1/ 1417ه-/ قم.
إقبال الأعمال: ابن طاووس/ ط 1/ 1414ه-/ مطبع ونشر مكتب الإعلام الإسلامي.
الأمالي: الشريف المرتضى/ ت النعساني الحلبي/ ط 1/ 1325ه- .
الأمالي: الشيخ الصدوق/ ت قسم الدراسات/ قم/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسسة البعثة.
الأمالي: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1414ه-/ دار الثقافة/ قم.
الأمالي: الشيخ المفيد/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ قم.
الإمامة والتبصرة: ابن بابويه القمي/ ط 1/ 1409ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الأنساب: السمعاني/ دار الجنان/ بيروت/ 1408 ه- .
الإيقاظ من الهجعة: الحر العاملي/ ت مشتاق المظفر/ ط 1/ مط نكارش.
بصائر الدرجات: محمّد بن الحسن الصفار/ ط 1404ه-/ مط أحمدي/ طهران.
بغية الوعاة: السيوطي/ دار الفكر/ 1399ه-/ بيروت.
البيان في أخبار صاحب الزمان: ابن عبد الله محمّد الكنجي.
تفسير البيضاوي: البيضاوي/ دار الفكر/ بيروت.
ص: 729
تفسير العياشي: العياشي/ المكتبة العلمية الإسلاميّة/ طهران/ 1380ه- .
تفسير القمي: عليّ بن إبراهيم القمي/ ط 3/ 1404ه-/ مؤسسة دار الكتاب/ قم.
التفسير الكبير: الفخر الرازي/ ط 3.
تفسير فرات: فرات بن إبراهيم الكوفي/ ط 1/ 1410ه-/ ت محمّد الكاظم.
تهذيب الأحكام: الشيخ الطوسي/ ط 3/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران.
تهذيب التهذيب: ابن حجر/ دار الفكر/ 1404ه-/ بيروت.
التوحيد: الشيخ الصدوق/ 1387ه-/ جماعة المدرسين/ قم.
ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق/ مط أمير/ ط 2/ 1368ه-/ منشورات الرضي/ قم.
جامع الأخبار: السبزواري/ تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
جامع الأصول: ابن الأثير/ ط الثانية عام 1400/ دار إحياء التراث العربي.
خاتمة المستدرك: الميرزا النوري/ ط1/ 1416ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
خاتمة مستدرك الوسائل: النوري/ ط 1/ 1415ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الخرائج والجرائح: قطب الدين الراوندي/ مؤسسة الإمام الهادي عليه السلام/ قم.
الخصال: الصدوق/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ 1403ه- .
خلاصة الأقوال: العلاّمة الحلّي/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسسة نشر الفقاهة.
الدر المنثور: السيوطي/ ط 1/ 1365ه-/ مط الفتح جدة/ دار المعرفة.
الدروس: الشهيد الأوّل/ مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم.
الدعوات: قطب الدين الراوندي/ مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام/ قم.
دلائل الإمامة: الطبري/ ت قسم الدراسات الإسلاميّة/ ط 1/ 1413 ه- .
رجال الطوسي: الشيخ الطوسي/ ت جواد القيومي/ ط 1/ 1415ه- .
رجال النجاشي: النجاشي/ ط 5/ 1416ه-/ جماعة المدرسين/ قم.
رسائل المرتضى: الشريف المرتضى/ 1405ه-/ دار القرآن الكريم/ قم.
ص: 730
روضة الكافي: الكليني/ دار الكتب الإسلامية/ طهران (الطبعة الثالثة)/ 1388ه- .
رياض العلماء: الميرزا عبد الله الأفندي/ ت أحمد الحسيني/ المرعشي/ قم.
ريحانة الأدب: محمّد عليّ المدرس التبريزي/ ط طهران.
سعد السعود: ابن طاووس/ 1363ه-/ منشورات الرضي/ قم.
سنن أبي داود: السجستاني/ مط دار الفكر بيروت/ ط 1/ 1410ه- .
السيرة النبوية: ابن هشام/ مكتبة محمّد علي صبيح/ ميدان الأزهر بمصر.
شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد/ مط المرعشي/ دار إحياء الكتب العربية.
الصحاح: إسماعيل بن حماد الجوهري/ دار العلم للملايين/ بيروت/ 1407ه- .
صحيح البخاري: البخاري/ دار الفكر/ ط1/ 1411ه- .
صحيح مسلم: مسلم ابن الحجاج النيسابوري/ دار الفكر/ بيروت.
صحيفة الرضا عليه السلام: جواد القيومي/ ط1/ 1373ش/ مؤسسة النشر الإسلامي.
صفات الشيعة: الشيخ الصدوق/ الناشر عابدي/ طهران.
الطرائف: السيد عليّ ابن طاووس الحسيني/ ط 1/ الخيام/ 1371ه- .
العدد القوية: علي بن يوسف الحلي/ مكتبة المرعشي/ قم/ 1408 ه- .
علل الشرائع: الشيخ الصدوق/ مط الحيدرية/ النجف/ ط 1386ه- .
العمدة: ابن البطريق/ ت ونشر جماعة المدرسين/ قم/ ط 1/ 1407ه- .
عوالي اللئالي: ابن أبي جمهور الأحسائي/ الطبعة الأولى/ 1403ه-/ قم.
عيون أخبار الرضا عليه السلام: الصدوق/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1404 ه- .
الغيبة: الطوسي/ مؤسسة المعارف الإسلاميّة/ ط1/ 1411ه- .
الغيبة: محمّد بن إبراهيم النعماني/ منشورات أنوار الهدى/ قم/ الطبعة الأولى.
الفائق في غريب الحديث: الزمخشري/ 1417ه-/ دار الكتب العلمية/ بيروت.
فرج المهموم: السيّد ابن طاووس/ منشورات الشريف الرضي.
ص: 731
الفصول المهمة: ابن الصباغ المالكي/ ط النجف الأشرف/ ط 1/ 1950م.
الفضائل: شاذان بن جبرئيل القمي/ 1381ه-/ مط الحيدرية/ النجف الأشرف.
الفهرست: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسسة نشر الفقاهة.
قاموس الرجال: محمّد تقي التستري/ ط 1/ 1419ه-/ مؤسسة النشر الإسلامي.
قرب الإسناد: عبد الله بن جعفر الحميري/ نشر مؤسسة آل البيت/ ط 1/ 1413ه- .
الكافي: الشيخ الكليني/ ت عليّ أكبر غفاري/ ط 3/ 1388ه-/ مط حيدري.
كامل الزيارات: ابن قولويه/ ط 1/ 1417ه-/ مط مؤسسة النشر الإسلامي.
الكامل في التاريخ: ابن الأثير/ دار صادر/ 1386ه-/ بيروت.
كتاب الفتن: ابن حماد المروزي/ ت سهيل زكار/ ط 1414ه-/ مط دار الفكر.
الكشاف عن حقائق التنزيل: الزمخشري الخوارزمي/ 1318ه-/ مصر.
كشف الغمّة: الأربلي/ مط دار الأضواء بيروت/ ط 2/ 1405ه-/ دار الأضواء.
كفاية الأثر: علي بن محمد الخزاز القمي/ انتشارات بيدار/ قم/ 1401ه- .
كفاية الطالب: الكنجي الشافعي/ ط 3/ 1404ه-/ دار إحياء تراث أهل البيت.
كمال الدين: الشيخ الصدوق/ 1405ه-/ جماعة المدرسين.
كنز الفوائد: أبو الفتح الكراجكي/ ط 2/ 1369ش/ مكتبة المصطفوي/ قم.
لسان الميزان: ابن حجر العسقلاني/ ط 2/ 1390ه-/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت.
مجمع البيان: الفضل بن الحسن الطبرسي/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1415ه- .
المحاسن: البرقي/ ت جلال الدين الحسيني/ دار الكتب الإسلاميّة.
مختصر بصائر الدرجات: الحسن بن سليمان الحلي/ ط 1/ 1370ه-/ مط الحيدرية/ النجف.
المزار الكبير: محمّد بن المشهدي/ ط1/ 1419ه-/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.
المزار: الشهيد الأوّل/ ط 1/ 1410ه-/ مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام/ قم.
ص: 732
مشارق أنوار اليقين: الحافظ رجب البرسي/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1999م.
مشكاة المصابيح: الخطيب التبريزي/ ط دمشق.
مصباح الزائر: السيّد بن طاووس/ المخطوطة.
مصباح المتهجد: الشيخ الطوسي/ مؤسسة فقه الشيعة/ بيروت/ 1411 ه- .
المصباح: الكفعمي/ مؤسسة فقه الشيعة/ بيروت/ 1411 ه- .
معاني الأخبار: الشيخ الصدوق/ ت الغفاري/ 1361ه-/ انتشارات إسلامي.
المغني: عبد الله بن قدامة/ دار الكتاب العربي/ بيروت.
مقتضب الأثر: أحمد بن عياش الجوهري/ مكتبة الطباطبائي/ قم.
الملل والنحل: الشهرستاني/ ت محمّد سيّد كيلاني/ دار المعرفة/ بيروت.
من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق/ ط 2/ 1404ه-/ جماعة المدرسين.
منتخب الأنوار المضيئة: السيد النيلي/ ت مؤسسة الإمام الهادي/ ط 1/ قم.
مهج الدعوات: السيّد علي بن موسى بن طاووس/ ط حجرية.
المهذب البارع: ابن فهد/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم/ 1407 ه- .
نقد الرجال: التفرشي/ ط1/ 1418ه-/ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث/ قم.
نهج البلاغة: خطب الإمام عليّ عليه السلام/ ت محمّد عبده/ دار المعرفة/ بيروت.
وسائل الشيعة (الإسلاميّة): الحر العاملي/ ط 5/ 1403ه-/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
وفيات الأعيان: ابن خلكان/ ت محمّد محي الدين/ ط 1/ 1367ه-/ مصر.
* * *
ص: 733