موسوعة أهل البيت عليهم السلام المجلد 20

اشارة

موسوعه اهل البيت عليهم السلام

نويسنده: السيد علي عاشور

دارالنظير عبود - بيروت - لبنان

مشخصات ظاهري: 20 ج

1427ه - 2006م

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 3

ص: 4

الجزء العشرون

شمائل الإمام المهدي و أوصافه عجل اللّه فرجه

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في العلوي:أبيض مشرب حمرة،عن الصادق عليه السّلام:أسمر يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل.عن أهل السنّة:لونه لون عربي،و جسمه جسم إسرائيلي و جسم إسرائيلي في طول القامة و عظم الجثّة.و في العلوي:شاب مربوع.في النبوي:أجلي الجبينين (1).

و عن الصادق:مقرون الحاجبين أقني الأنف.و عن العلوي:حسن الوجه و نور وجهه يعلو سواد لحيته و رأسه (2).

و عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:وجهه كالدينار،علي خدّه الأيمن خال كأنّه كوكب درّي (3).

و عن علي عليه السّلام:أفلج الثنايا حسن الشعر،يسيل شعره علي منكبيه (4).

و في خبر سعد بن عبد اللّه:و علي رأسه فرق بين و فرتين كأنّه ألف بين واوين (5).

و عن الباقر عليه السّلام:مشرب الحاجبين،غائر العينين بوجهه أثر (6).

و عن الصادق عليه السّلام:شامة في رأسه،منتدح البطن (7).

و عن علي عليه السّلام:مبدح البطن (8).و أيضا عنه عليه السّلام:ضخيم البطن (9)،و كلّها متقاربة.

و عن الباقر عليه السّلام:واسع الصدر مترسل المنكبين عريض ما بينهما (10).و عنه أيضا:عريض ما بين المنكبين (11).

ص: 5


1- غيبة الطوسي:226 و فيه:صلت الجبين.
2- الإرشاد:382/2 و الاختصاص:45 مسائل عبد الله بن سلام.
3- غيبة الشيخ:266 و الخرائج و الجرائح:787 باب 15.
4- شرح النهج لابن أبي الحديد:130/19 نبذة من غريب كلامه.و مجموعة ورام:19/1.
5- كمال الدين:457 باب من شاهده و دلائل الإمامة:275.
6- الفتن لنعيم بن حمّاد:425،و مقتل الحسين لأبي مخنف:374.
7- كمال الدين:653 و أعلام الوري:465 فصل 4 و فيهما:مبدح.
8- المصدر السابق.
9- مجموعة ورام:19/1.و فيه:فخم.
10- بصائر الدرجات:188 ح 56 باب ما عند الأئمّة من سلاح و فيه:مسترسل.
11- كتاب الفتن لنعيم:236،و السنن الكبري النسائي:412/5.

و عن الصادق عليه السّلام:بعيد ما بين المنكبين.

و عن علي عليه السّلام:عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان؛شامة علي لون جلده و شامة علي شبه شامة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (1).

و عن علي عليه السّلام:كثّ اللحية أكحل العينين برّاق الثنايا في وجهه خال في كتفه علائم نبوة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عريض الفخذين.و عنه عليه السّلام:أذيل الفخذين علي فخذه اليمني شامة.

و عن الصادق عليه السّلام:أحمش الساقين (2).

و عن الصادق و الباقر عليهما السّلام:شامة بين كتفيه من جانبه الأيسر،تحت كتفيه ورقة مثل الآس (3).

و عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:أسنانه كالمنشار و سيفه كحريق النار (4).

و عنه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أيضا:كأنّ وجهه كوكب دريّ،في خدّه الأيمن خال أسود أفرق الثنايا (5).

و عنه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:المهدي طاووس أهل الجنّة،وجهه كالقمر الدريّ عليه جلابيب النور (6).

و عن الرضا عليه السّلام:عليه جيوب النور تتوقّد بشعاع ضياء القدس (7).

و عن علي بن إبراهيم بن مهزيار:كأقحوانة و أرجوان قد تكاثف عليها الندي،و أصابها ألم الهوي كغصن بان أو كقضيب ريحان،ليس بالطويل الشامخ و لا بالقصير اللازق،مربوع القامة مدوّر الهامة صلت الجبين أزج الحاجبين أقني الأنف سهل الخدّين،علي خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك علي رضاضة عنبر (8).

و في خبر آخر عنه:رأيت وجها مثل فلقة قمر،لا بالخرق و لا بالنزق،أدعج العينين (9).

و في خبر آخر:واضح الجبين أبيض الوجه دريّ المقلتين شثن الكفين معطوف الركبتين (10).

و في خبر إبراهيم بن مهزيار:ناصع اللون واضح الجبين أبلج الحاجب مسنون الخدّ.إن شاء اللّه (11).

صفته و جماله عجل اللّه فرجه

في إكمال الدين (12)عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:المهدي من ولدي،إسمه إسمي و كنيته كنيتي،

ص: 6


1- كمال الدين:653.
2- فلاح السائل:200 فصل 21.
3- غيبة النعماني:216.
4- غيبة النعماني:247.
5- كشف الغمة:470/2 ذكر علاماته.
6- الصراط المستقيم:241/2.
7- غيبة النعماني:180.
8- الخرائج و الجرائح:787 باب 15.
9- كمال الدين:468.
10- كمال الدين:407 و الخرائج و الجرائح:958.
11- كمال الدين:446.
12- إكمال الدين:287/1 باب 25 ذيل 4.

أشبه الناس بي خلقا و خلقا،يكون له غيبة و حيرة يضل فيها الأمم،يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

و فيه أيضا (1)بسند صحيح عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال:قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:المهدي من ولدي،اسمه إسمي،و كنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا و خلقا تكون له غيبة و حيرة حتي يضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب،فيملأها قسطا و عدلا،كما ملئت ظلما و جورا.

و فيه أيضا (2)مسندا عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في حديث ابن عباس:و جعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري،و يحفظون وصيتي التاسع منهم قائم أهل بيتي،و مهدي أمتي،أشبه الناس بي في شمائله،و أقواله و أفعاله.الحديث.

و من طريق المخالفين عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (3)قال:المهدي طاووس أهل الجنة.

و عنه (4)قال:المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي و جسمه جسم إسرائيلي علي خده الأيمن خال كأنه كوكب دري.

و عنه قال (5):المهدي منا أجلي الجبين أقني الأنف.

و في كتاب تبصرة الولي (6)فيمن رأي القائم المهدي عليه السّلام عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري قال:وجه قوم من المفوضة و المقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلي أبي محمد عليه السّلام قال كامل:فقلت في نفسي:أسأله عليه السّلام لا يدخل الجنة إلاّ من يعرف معرفتي،و قال بمقالتي.

فلما دخلت علي سيدي أبي محمد عليه السّلام نظرت إلي ثياب بياض ناعمة عليه،فقلت في نفسي، ولي اللّه و حجته يلبس الناعم من الثياب،و يأمر بمواساة الإخوان،و ينهانا عن لباس مثله،فقال عليه السّلام متبسما:يا كامل و حسر عن ذراعيه،فإذا مسح أسود خشن علي جلده.فقال:هذا لله،و هذا لكم، فسلمت و جلست إلي باب عليه ستر مرخي،فجاءت الريح،فكشفت طرفه،فإذا أنا بفتي كأنه فلقة قمر،من أبناء أربع سنين أو مثلها.فقال يا كامل بن إبراهيم-و اقشعررت من ذلك-و ألهمت أن قلت:لبيك يا سيدي.فقال:جئت إلي ولي اللّه و حجته و بابه تسأله هل يدخل الجنة إلاّ من يعرف معرفتك و قال بمقالتك؟فقلت:أي و الله،فقال عليه السّلام:إذا و اللّه يقل داخلها و اللّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية.

قلت:يا سيدي و من هم؟قال عليه السّلام:قوم من حبهم لعلي عليه السّلام يحلفون بحقه،و لا يدرون ما5.

ص: 7


1- إكمال الدين:286/1 باب 25 ذيل 1.
2- إكمال الدين:257/1 باب 24 ذيل 2.
3- العمدة لابن البطريق:429،و المنتخب من الصحاح الستة:212.
4- بحار الأنوار:95/51 باب ما ورد من الأخبار ح 17.
5- بحار الأنوار:80/54 ذيل 10.
6- تبصرة الوالي:765.

حقه و فضله،ثم سكت صلوات اللّه عليه ثم قال:و جئت تسأله عن مقالة المفوضة كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة اللّه،فإذا شاء شئنا و اللّه يقول: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ ثم رجع الستر الي حالته و لم أستطع كشفه و نظر إليّ أبو محمد عليه السّلام متبسما فقال:يا كامل ما جلوسك و قد أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي،فقمت و خرجت و لم أعاينه بعد ذلك.

و في قضية محمد بن عبيد اللّه القمّي المنقولة في البحار (1)عن غيبة الشيخ الطوسي قال:لم أر قط في حسن صورته و اعتدال قامته،الخ،و الأخبار في هذا المعني كثيرة جدا و لعلنا نذكر بعضها في غير هذا الباب و اللّه الهادي إلي نهج الصواب و لله در من قال:

قمر تكامل في نهاية حسنه مثل القضيب علي رشاقة قده

فالبدر يطلع من ضياء جبينه و الشمس تغرب في شقائق خده

ملك الجمال بأسره فكأنما حسن البرية كلها من عنده

زهده عجل اللّه فرجه

في الكافي (2)بإسناده عن حماد بن عثمان قال:حضرت أبا عبد اللّه عليه السّلام،و قال له رجل أصلحك اللّه،ذكرت أن علي بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس الخشن:يلبس القميص بأربعة دراهم و ما أشبه ذلك،و نري عليك اللباس الجديد،فقال عليه السّلام له:إن علي بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر و لو لبس مثل ذلك اليوم شهر به فخير لباس كل زمان لباس أهله،غير أن قائمنا أهل البيت عليه السّلام إذا قام لبس ثياب علي عليه السّلام و سار بسيرة علي عليه السّلام.

و فيه (3)عن المعلي بن خنيس قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يوما:جعلت فداك ذكرت آل فلان و ما هم فيه من النعيم،فقلت لو كان هذا إليكم لعشنا معكم،فقال:هيهات هيهات يا معلي!أما و اللّه أن لو كان ذاك ما كان إلاّ سياسة الليل،و سياحة النهار،و لبس الخشن و أكل الجشب،فزوي ذلك عنّا،فهل رأيت ظلامة قط صيرها اللّه تعالي نعمة إلاّ هذه؟

و في البحار (4)عن الشيخ الطوسي بإسناده،عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:ما تستعجلون بخروج القائم فو الله ما لباسه إلاّ الغليظ،و لا طعامه إلاّ الشعير الجشب،و ما هو إلاّ بالسيف،و الموت تحت ظل السيف.

و منه (5)عن الرضا عليه السّلام قال أنتم أرخي بالا منكم يومئذ قال الراوي:و كيف قال:لو قد خرج

ص: 8


1- بحار الأنوار:3/52.
2- الكافي:411/1 باب سيرة الإمام ح 4.
3- الكافي:410/1 باب سيرة الإمام ح 2.
4- بحار الأنوار:354/52 باب 27 ذيل 115.
5- بحار الأنوار:358/52 باب 27 ذيل 126.

قائمنا لم يكن إلا العلق و العرق،و القوم علي السروج،و ما لباس القائم إلاّ الغليظ،و ما طعامه إلاّ الجشب.

سخاؤه عجل اللّه فرجه

في البحار (1)عن النعماني (2)عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال:كأنني بدينكم هذا لا يزال موليا يفحص بدمه ثم لا يرده عليكم إلاّ رجل منا أهل البيت،فيعطيكم في السنة عطاءين و يرزقكم في الشهر رزقين،و تؤتون الحكمة في زمانه حتي إن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب اللّه تعالي و سنة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و في حديث آخر عنه (3)قال:و تجتمع إليه أموال الدنيا كلها،من بطن الأرض و ظهرها فيقال للناس:تعالوا إلي ما قطعتم فيه الأرحام و سفكتم فيه الدم الحرام و ركبتم فيه المحارم،فيعطي عطاء لم يعطه أحد قبله.

و عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (4)من طريق العامة أنه قال:فيجيء إليه الرجل فيقول يا مهدي أعطني،قال:

فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.

و في حديث آخر (5)من طريقهم عنه:و المال يومئذ كدوس يقوم الرجل فيقول:يا مهدي أعطني،فيقول:خذ.

و في غاية المرام (6)من طريقهم عنه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في حديث أبي سعيد الخدري:يكون المال كدوسا، يأتيه الرجل فيسأله،فيجيء له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.

و في حديث أبي هريرة (7)قال:قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بلا عدد.

كرمه عجل اللّه فرجه

و منها:ما في البحار (8)عن أبي جعفر عليه السّلام إذا ظهر القائم و دخل الكوفة بعث اللّه تعالي من ظهر الكوفة سبعين ألف صديق،فيكونون في أصحابه و أنصاره و يرد السواد إلي أهله و هم أهله،

ص: 9


1- بحار الأنوار:352/52 باب 27 ذيل 106.
2- غيبة النعماني:125.
3- بحار الأنوار:390/52 باب 27 ذيل 212.
4- بحار الأنوار:88/51 باب 6.
5- بحار الأنوار:88/51 باب ما ورد في الأخبار،كشف الغمة:279/3،سنن ابن ماجه:1367/2.
6- غاية المرام:/698ح 67،مسند أحمد:22/3.
7- غاية المرام:/698ح 68،بحار الأنوار:105/51،كتاب الفتن للمروزي:221.
8- بحار الأنوار:390/52 باب 27 ح 212.

و يعطي الناس عطايا مرتين في السنة،و يرزقهم في الشهر رزقين،و يساوي بين الناس،حتي لا تري محتاجا إلي الزكاة،و يجيء أصحاب الزكاة بزكاتهم إلي المحاويج من شيعته فلا يقبلونها فيصرونها و يدورون في دورهم فيخرجون إليهم،فيقولون:لا حاجة لنا في دراهمكم.

قال المجلسي رحمه اللّه:و تجتمع إليه أموال أهل الدنيا كلها من بطن الأرض و ظهرها،فيقال للناس:تعالوا إلي ما قطعتم فيه الأرحام و سفكتم فيه الدم الحرام،و ركبتم فيه المحارم،فيعطي عطاء لم يعطه أحد قبله.

علمه عجل اللّه فرجه

و في كمال الدين (1)عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إن العلم بكتاب اللّه و سنة نبيه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لينبت في قلب مهدينا كما ينبت الزرع علي أحسن نباته فمن بقي منكم حتي يراه،فليقل حين يراه:السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة و النبوة و معدن العلم و موضع الرسالة.

و في البحار (2)عن النعماني بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام عن أبيه،عن جده،عن الحسين بن علي عليه السّلام قال:جاء رجل إلي أمير المؤمنين عليه السّلام،فقال له:يا أمير المؤمنين نبئنا بمهديكم هذا؟فقال عليه السّلام:إذا درج الدارجون و قل المؤمنون،و ذهب المجلبون،فهناك.

فقال:يا أمير المؤمنين عليك السلام،ممن الرجل؟فقال:من بني هاشم،من ذروة طود العرب و بحر مغيضها إذا وردت،و مجفوّ أهلها إذا أتت،و معدن صفوتها إذا اكتدرت،لا يجبن إذا المنايا هلعت،و لا يجوز إذا المؤمنون اكتنفت،و لا ينكل إذا الكماة اصطرعت،مشمر مغلولب، ظفر ضرغامة حصد،مخدش ذكر،سيف من سيوف اللّه،رأس قثم،نشق رأسه في باذخ السؤدد، و غارز مجده في أكرم المحتد،فلا يصرفنك عن تبعته (3)صارف عارض،ينوص إلي الفتنة كل مناص،إن قال فشر قائل،و إن سكت فذو دعائر.

ثم رجع إلي صفة المهدي،فقال:أوسعكم كهفا (4)و أكثركم علما و أوصلكم رحما،اللهم فاجعل بيعته خروجا من الغمة،و اجمع به شمل الأمة.فإن جاز لك فاعزم و لا تنثن عنه إن وفقت له،و لا تجيزن عنه إن هديت إليه هاه-و أومي بيده إلي صدره-شوقا إلي رؤيته.

ص: 10


1- إكمال الدين:653/2 باب 57 ذيل 18.
2- بحار الأنوار:115/51 ذيل 14.
3- كذا في البحار و المناسب بيعته كما لا يخفي(لمؤلفه).
4- كذا في البحار و المناسب كفا كما لا يخفي(لمؤلفه).

عدله عجل اللّه فرجه

و هو من صفاته كما في الدعاء المروي عنه (1)لليالي شهر رمضان (2):اللّهم و صلّ علي ولي أمرك القائم المؤمل،و العدل المنتظر.

و في حديث أبيّ المروي في كمال الدين،و غيره عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال في وصفه عليه السّلام:أول العدل و آخره(الخ).

و عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في كمال الدين (3):إن خلفائي و أوصيائي و حجج اللّه علي الخلق بعدي الإثنا عشر،أولهم أخي،و آخرهم ولدي.قيل:يا رسول اللّه،و من أخوك؟قال:علي بن أبي طالب.قيل فمن ولدك؟قال:المهدي الذي يملأها قسطا و عدلا،كما ملئت جورا و ظلما،و الذي بعثني بالحق بشيرا،لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد،لطول اللّه ذلك اليوم،حتي يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح اللّه عيسي ابن مريم،فيصلي خلفه،و تشرق الأرض بنوره،و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب.

و عن سيد الشهداء (4)قال:لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم،حتي يخرج رجل من ولدي،فيملأها عدلا و قسطا،كما ملئت جورا و ظلما كذلك سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول.

عبادته عجل اللّه فرجه

روي عن الكاظم عليه السّلام في وصفه عليه السّلام:يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل (5).

و قال الفاضل المحدث النوري:يعني كالدينار في الصفاء و التلألؤ و اللّه العالم.

و في البحار (6)عن الكاظم عليه السّلام و بعده:بأبي من ليله يرعي النجوم ساجدا و راكعا.

كمالاته عجل اللّه فرجه

ما رواه الشيخ الأجل،محمد بن الحر العاملي رحمه اللّه في كتاب إثبات الهداة (7)بالنصوص و المعجزات،عن كتاب إثبات الرجعة،للفضل بن شاذان رحمه اللّه أنه روي بإسناد صحيح،عن الصادق عليه السّلام،أنه قال:ما من معجزة من معجزات الأنبياء و الأوصياء إلاّ و يظهر اللّه تبارك و تعالي مثلها في يد قائمنا لإتمام الحجة علي الأعداء.انتهي.

و يدل علي المقصود أيضا ما رواه الفاضل العلامة المجلسي رحمه اللّه في البحار (8)عن أبي عبد

ص: 11


1- راجع المفاتيح.
2- تهذيب الأحكام:111/3.
3- إكمال الدين:280/1 باب 24 ذيل 28.
4- إكمال الدين:318 باب 30 ح 4.
5- بحار الأنوار:82/83.
6- بحار الأنوار:81/86.
7- إثبات الهداة:/357/7ح 137.
8- بحار الأنوار:9/53.

اللّه عليه السّلام في رواية المفضل رضي اللّه عنه قال و سيدنا القائم مسند ظهره إلي الكعبة،و يقول:يا معشر الخلائق،ألا و من أراد أن ينظر إلي آدم و شيث فها أنا ذا آدم و شيث،ألا و من أراد أن ينظر إلي نوح و ولده سام،فها أنا ذا نوح و سام،ألا و من أراد أن ينظر إلي إبراهيم و إسماعيل،فها أنا ذا إبراهيم و إسماعيل.ألا و من أراد أن ينظر إلي موسي و يوشع،فها أنا ذا موسي و يوشع،ألا و من أراد أن ينظر إلي عيسي و شمعون،فها أنا ذا عيسي و شمعون،ألا و من أراد أن ينظر إلي محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام،فها أنا ذا محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام،ألا و من أراد أن ينظر إلي الحسن و الحسين عليهما السّلام فها أنا ذا الحسن و الحسين عليهما السّلام،ألا و من أراد أن ينظر الي الأئمة من ولد الحسين فها أنا ذا الأئمة عليهم السّلام أجيبوا إلي مسألتي،فإني أنبئكم بما نبئتم به،و ما لم تنبّأوا به،الخ (1).

لواؤه عجل اللّه فرجه

ففي كمال الدين (2)عن أمير المؤمنين عليه السّلام،أنه قال علي المنبر:يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون،مشرب بالحمرة مبدح البطن،عريض الفخذين،عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان علي لون جلده و شامته علي شبه شامة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم له إسمان:إسم يخفي،و اسم يعلن؛ فأما الذي يخفي فأحمد و أما الذي يعلن فمحمد إذا هزّ رايته أضاء لها ما بين المشرق و المغرب و وضع يده علي رؤوس العباد،فلا يبقي مؤمن إلاّ صار قلبه أشد من زبر الحديد و أعطاه اللّه تعالي قوة أربعين رجلا،و لا يبقي ميت من المؤمنين إلاّ دخلت عليه تلك الفرحة في قلبه و هو في قبره، و هم يتزاورون في قبورهم،و يتباشرون بقيام القائم عليه السّلام.

و في الإكمال (3)أيضا روي أنه يكون في راية المهدي عليه السّلام الرفعة (4)للّه عزّ و جلّ.

و فيه (5)عن أمير المؤمنين عليه السّلام:إن لنا أهل البيت راية،من تقدمها مرق،و من تأخر عنها زهق،و من تبعها لحق.

و عن (6)الصادق عليه السّلام قال:كأني أنظر إلي القائم عليه السّلام علي ظهر النجف فإذا استوي علي ظهر النجف ركب فرسا أدهم أبلق ما بين عينيه شمراخ (7)ثم ينتفض به فرسه فلا يبقي أهل بلدة إلاّ و هم يظنون أنه معهم في بلادهم،فإذا نشر راية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انحط إليه ثلاثة عشر ألف ملكا و ثلاثة عشر ملكا كلهم ينظرون إلي القائم عليه السّلام،الخبر.

و عن أبي حمزة (8)قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:كأني أنظر إلي القائم عليه السّلام قد ظهر علي ظهر

ص: 12


1- بحار الأنوار:9/53.
2- إكمال الدين:653/2 باب 57 ح 17.
3- إكمال الدين:654/2 باب 57 ح 22.
4- في نسخة ثانية:البيعة.
5- إكمال الدين:654/2 باب 57 ح 23.
6- إكمال الدين:671/2 باب 58 ح 24.
7- الشمراخ:بياض في غرة الفرس.
8- إكمال الدين:672/2 باب 58 ح 23.

النجف بالكوفة،فإذا ظهر علي النجف نشر راية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عمودها من عمود (1)عرش اللّه تعالي و سائرها من نصر اللّه جلّ جلاله،و لا يهوي بها إلي أحد إلاّ أهلكه اللّه تعالي.

قال:قلت:تكون معه أو يؤتي بها؟

قال:بل يؤتي بها يأتيه بها جبرائيل عليه السّلام.

و فيه (2)أيضا عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و في حديث طويل قال:له علم إذا حان وقت خروجه،انتشر ذلك العلم من نفسه،و أنطقه اللّه تبارك و تعالي فناداه العلم:أخرج يا ولي اللّه،فاقتل أعداء اللّه.و له رايتان،و علامتان،و له سيف مغمد،فإذا حان وقت خروجه إقتلع ذلك السيف من غمده و أنطقه اللّه عز و جل فناداه السيف:أخرج يا ولي اللّه فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء اللّه،الخبر.

و في البحار (3)عن أبي بصير،قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام،لما التقي أمير المؤمنين عليه السّلام و أهل البصيرة،و نشر الراية راية رسول اللّه عليه السلام فتزلزلت أقدامهم فما اصفرت الشمس حتي قالوا:

أمتنا يابن أبي طالب،فعند ذلك قال عليه السّلام:لا تقتلوا الأسراء،و لا تجهزوا علي جريح،و لا تتبعوا مولّيا،و من ألقي سلاحه فهو آمن،و من أغلق بابه فهو آمن.و لما كان يوم صفين سألوه نشر الراية، فأبي عليهم فتحملوا عليه بالحسن و الحسين و عمار بن ياسر،فقال عليه السّلام للحسن:يا بني إن للقوم مدة يبلغونها و إن هذه راية لا ينشرها بعدي إلاّ القائم عليه السّلام.

و في حديث آخر عن أبي جعفر عليه السّلام (4)في وصف رايته قال:ما هي و اللّه من قطن و لا كتان و لا قز و لا حرير.

قال الراوي:فقلت:من أي شيء هي؟

قال عليه السّلام:من ورق الجنة نشرها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم بدر ثم لفها و دفعها إلي علي عليه السّلام،فلم تزل عنده حتي كان يوم البصرة فنشرها أمير المؤمنين،ففتح اللّه عليه،ثم لفها،و هي عندنا هناك، لا ينشرها أحد حتي يقوم القائم عليه السّلام فإذا قام نشرها فلم يبق في المشرق و المغرب أحد إلاّ لقيها، و يسير الرعب قدامها شهرا،و عن يمينها شهرا و عن يسارها شهرا.

ثم قال عليه السّلام إنه يخرج موتورا غضبان أسفا لغضب اللّه علي هذا الخلق،عليه قميص رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الذي كان عليه يوم أحد و عمامته السحاب،و درع رسول اللّه السابغة،و سيف رسول اللّه ذو الفقار،يجرّد السيف علي عاتقه ثمانية أشهر،يقتل هرجا،الخبر.

***9.

ص: 13


1- في نسخة:عمد.
2- إكمال الدين:268/1 باب 24 ح 11.
3- بحار الأنوار:367/52 باب 27 ح 151.
4- بحار الأنوار:360/52 باب 27 ح 129.

دعاء القائم عجل اللّه فرجه المستجاب

عن محمد بن يوسف الشاشي قال:خرج بي ناصور علي مقعدتي فأريته الأطباء و أنفقت عليه مالا فقالوا:لا نعرف له دواء،فكتبت رقعة أسأل الدّعاء فوقّع عليه السّلام إليّ:ألبسك اللّه العافية و جعلك معنا في الدنيا و الآخرة.قال:فما أتت عليّ جمعة حتّي عوفيت و صار مثل راحتي،فدعوت طبيبا من أصحابنا و أريته إيّاه،فقال:ما عرفنا لهذا دواء (1).

و زاد في إرشاد المفيد:«و ما جاءتك إلاّ من قبل اللّه تعالي بغير احتساب» (2).

أقول جاء في هامش شرح الكافي:قوله«ما عرفنا لهذا دواء»الناصور قرحة لا يندمل و سر ذلك أنه ينبت غشاء علي جدار القرحة من داخلها كجلد البدن و هو مانع عن الإلتحام إلاّ أن يخرق الغشاء حتي يماس لحوم أطراف القرحة بعضها ببعض أو يوضع عليه الدواء حتي يفني الغشاء و اللحم الفاسد الردي و ينبت اللحم الصحيح و يندمل،قال في شرح الأسباب:و في كلا العلاجين خطر و ينبغي أن يترك و يحتمل أذاه مدة العمر و ليس له أذي أكثر من الرشح و السيلان،و نظير هذه المعجزة المنقولة عن الإمام عليه السّلام وقعت في العصور الأخيرة في النصاري و اشتهرت بينهم و حكوا في كتبهم أن عالمهم المشهور في العالم بتحقيقاته الرياضية و الطبيعية المسمي بپاسكال كان شديد التمسك بدينهم،قوي الإعتقاد فيه لأنّ امرأة من أقاربه ابتليت بناصور في جفن عينها و كانت آيسة من علاجها إلاّ أنها التجات إلي الكنيسة و توسلت بالمسيح عليه السّلام و تبركت بشوك محفوظ هناك يقال:إنه من بقايا شوك جعله اليهود كالتاج علي رأس المسيح استهزاء به لما أرادوا قتله و المسيح ملك اليهود عندهم فعوفيت المرأة من علتها بغتة،و لما رأي العالم المذكور ذلك قوي إيمانه باللّه و بالآخرة و انحاز إلي العبادة.و أقبل علي الدين بكليته،و بالجملة فالناصور لا علاج له إلاّ بالعمل باليد و الشفاء منه معجزة.و هذه الواقعة التي نقلتها النصاري مما لا يمكن القدح فيها،و الوجه أن المرأة المذكورة كانت مستضعفة معذورة في دينها توجهت إلي اللّه و توسلت بنبي من أنبيائه و اقتضي اللطف الإلهي إجابتها برحمته العامة.و لا ينافي ذلك كون دينها منسوخا و اعتقادها باطلا واقعا (3).

***

القيام عند ذكر لقب القائم عجل اللّه فرجه

عن تنزيه الخواطر:سئل الصادق عليه السّلام عن سبب القيام عند ذكر لفظ القائم من ألقاب الحجّة.

قال:لأنّ له غيبة طولانية،و من شدّة الرأفة إلي أحبّته ينظر إلي كلّ من يذكره بهذا اللقب المشعر

ص: 14


1- الكافي:519/1.
2- الإرشاد:258/2.
3- شرح أصول الكافي:344/7.

بدولته و الحسرة بغربته،و من تعظيمه أن يقوم العبد الخاضع لصاحبه عند نظر المولي الجليل إليه بعينه الشريفة،فليقم و ليطلب من اللّه جل ذكره تعجيل فرجه.

و روي أيضا عن الرضا عليه السّلام في مجلسه بخراسان أنّه قام عند ذكر لفظة القائم،و وضع يديه علي رأسه الشريف و قال:اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه،و ذكر من خصائص دولته.

ذكر المحدّث النوري طاب ثراه في كتابه النجم الثاقب ما ترجمته بالعربية:هذا القيام و التعظيم خصوصا عند ذكر ذلك اللقب المخصوص سيرة تمام أبناء الشيعة في كل البلاد من العرب و العجم و الترك و الهند و الديلم و غيرها،بل و عند أبناء أهل السنّة و الجماعة أيضا (1).

و عن العالم المتبحّر الجليل السيّد عبد اللّه سبط المرحوم العلاّمة الجزائري في بعض تصانيفه أنّه رأي هذه الرواية المنسوبة إلي الصادق عليه السّلام،و عند أهل السنّة هذه السنّة جارية (2).

و روي أنّه اجتمع عند الإمام السبكي جمع من علماء عصره فإذا قرأ أحد الشعراء:

قليل لمح المصطفي الخط بالذهب علي ورق من خط أحسن من كتب

و إن نهض (3)الأشراف عند سماعه قياما صفوفا أو جثيّا علي الركب

فإذا قاموا كلّهم تعظيما (4).

و في علل الشرائع:سئل الباقر عليه السّلام:يابن رسول اللّه أفلستم كلّكم قائمين بالحقّ؟

قال:بلي.

قيل:فلم سمّي القائم قائما؟

قال:لمّا قتل جدّي الحسين ضجّت الملائكة إلي اللّه عزّ و جلّ بالبكاء و النحيب قالوا:إلهنا و سيّدنا أتغفل عمّن قتل صفوتك و ابن صفوتك و خيرتك من خلقك؟فأوحي اللّه عزّ و جلّ إليهم:قرّوا ملائكتي،فو عزّتي و جلالي لأنتقمنّ منهم و لو بعد حين،ثمّ كشف اللّه عزّ و جلّ عن الأئمّة من ولد الحسين للملائكة فسرّت الملائكة بذلك،فإذا أحدهم قائم يصلّي فقال اللّه عزّ و جلّ:بذلك القائم أنتقم منهم (5).

***1.

ص: 15


1- النجم الثاقب:605 باب 9،و النسخة الفارسية.
2- النجم الثاقب:605.
3- في النجم الثاقب:تنهض.
4- النجم الثاقب:606.
5- علل الشرائع:160 باب العلّة التي سمّي علي أمير المؤمنين باب 129 ح 1.

بركات القائم المهدي عجل اللّه فرجه في غيبته و ظهوره

إغاثة الملهوفين

ففي توقيعه (1)إلي الشيخ المفيد:إنّا غير مهملين لمراعاتكم،و لا ناسين لذكركم،لو لا ذلك لنزل بكم اللأواء،و اصطلمكم الأعداء،الخ.

ذكر من فاز بلقاء الحجة عليه السّلام:

قال الحاج ميرزا حسين النوري:حدّثني العالم الجليل و الحبر النبيل،مجمع الفضائل و الفواضل الصفي الوفي،المولي علي الرشتي طاب ثراه،و كان عالما برا تقيا زاهدا حاويا لأنواع العلم،بصيرا ناقدا،من تلامذة السيد السند الأستاذ الأعظم دام ظله:و لما طال شكوي أهل الأرض حدود فارس و من والاه إليه من عدم وجود عالم عامل كامل،نافذ الحكم فيهم،أرسله إليهم عاش فيهم سعيدا و مات هناك حميدا،رحمه اللّه و قد صاحبته مدة سفرا و حضرا،و لم أجد في خلقه و فضله نظيرا إلاّ يسيرا.

قال:رجعت مرة من زيارة أبي عبد اللّه عليه السّلام عازما للنجف الأشرف من طريق الفرات،فلما ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء و طويرج،رأيت أهلها من أهل الحلّة و من طويرج،تفترق طريق الحلة و النجف،و اشتغل الجماعة باللهو و اللعب و المزاح،رأيت واحدا منهم لا يدخل في عملهم،عليه آثار السكينة و الوقار،و لا يمازح و لا يضحك،و كانوا يعيبون علي مذهبه، و يقدحون فيه،و مع ذلك كان شريكا في أكلهم و شربهم،فتعجبت منه إلي أن وصلنا إلي محل كان الماء قليلا،فأخرجنا صاحب السفينة،فكنا نمشي علي شاطيء النهر،فاتفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق،فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه،و ذمّهم إياه و قدحهم فيه،فقال:هؤلاء من أقاربي من أهل السنة،و أبي منهم،و أمي من أهل الإيمان،و كنت أيضا منهم،و لكن اللّه منّ علي ببركة الحجة صاحب الزمان عليه السّلام.فسألت عن كيفية إيمانه.

فقال:اسمي ياقوت،و أنا أبيع الدهن عند جسر الحلة فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن من أهل البراري خارج الحلة،فبعدت عنها بمراحل،إلي أن قضيت و طري من شراء ما كنت أريد منه و حملته علي حماري و رجعت مع جماعة من أهل الحلة،و نزلنا في بعض المنازل و نمنا، و انتبهت،فما رأيت أحدا منهم و قد ذهبوا جميعا،و كان طريقنا في برية قفر،ذات سباع كثيرة،ليس في أطرافها معمورة،إلاّ بعد فراسخ كثيرة،فقمت و جعلت الحمل علي الحمار و مشيت خلفهم، فضل عني الطريق،و بقيت متحيرا خائفا من السباع و العطش في يومه،فأخذت أستغيث بالخلفاء و المشايخ و أسألهم الإعانة،و جعلتهم شفعاء عند اللّه تعالي،و تضرعت كثيرا فلم يظهر منهم شيء،

ص: 16


1- الاحتجاج:323/2.

فقلت في نفسي إني سمعت من أمي،أنها كانت تقول إنّ لنا إماما حيا يكني أبا صالح،يرشد الضال و يغيث الملهوف و يعين الضعيف،فعاهدت اللّه تعالي أن أستغيث به فإن أغاثني أدخل في دين أمي فناديته،و استغثت به،فإذا بشخص في جنبي و هو يمشي معي،و عليه عمامة خضراء.

قال رحمه اللّه:و أشار حينئذ الي نبات حافة النهر و قال كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات،ثم دله علي الطريق،و أمره بالدخول في دين أمه،و ذكر كلمات نسيتها.

و قال:ستضل عن قريب إلي قرية أهلها جميعا من الشيعة،قال:فقلت:يا سيدي أنت لا تجيء معي إلي هذه القرية؟فقال عليه السّلام ما معناه:لا،لأنه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد، أريد أن أغيثهم،ثم غاب عني،فما مشيت إلاّ قليلا حتي وصلت إلي القرية و كان في مسافة بعيدة، و وصل الجماعة إليها بعدي بيوم.

فلما دخلت الحلّة ذهبت إلي سيد الفقهاء السيد مهدي القزويني،طاب ثراه،و ذكرت له القصة فعلمني معالم ديني،فسألت عنه عملا أتوصل به إلي لقائه مرة أخري،فقال زر أبا عبد اللّه عليه السّلام أربعين ليلة جمعة.

قال:فكنت أزوره من الحلة في ليالي الجمع إلي أن بقي واحدة،فذهبت من الحلة في يوم الخميس،فلما وصلت إلي باب البلد،فإذا جماعة من أعوان الظلمة يطالبون الواردين التذكرة،و ما كان عندي تذكرة و لا قيمتها،فبقيت متحيرا،و الناس متزاحمون علي الباب،فأردت مرارا أن أتخفي و أجوز عنهم،فما تيسر لي،و إذا بصاحبي صاحب الأمر عليه السّلام في زي لباس طلبة الأعاجم،عليه عمامة بيضاء في داخل البلد فلما رأيته استغثت به،فخرج و أخذني معه و أدخلني من الباب فما رآني أحد.

فلما دخلت البلد افتقدته من بين الناس و بقيت متحسّرا علي فراقه (1).

أمن السبل و البلاد بظهوره عجل اللّه فرجه

في البحار (2)من إرشاد الديلمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا قام القائم حكم بالعدل، و ارتفع في أيامه الجور،و أمنت به السبل،و أخرجت الأرض بركاتها وردّ كل حق الي أهله،الخ و في حديث آخر عنه:تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب،و لا يهيجها أحد،و في آخر عنه في قوله تعالي: سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ قال عليه السّلام:مع قائمنا أهل البيت (3).

ص: 17


1- البحار:294/53.
2- بحار الأنوار:/338/52ح 27 ذيل 83.
3- البحار:294/53.

إحياء دين اللّه و إعلاء كلمة الله

في دعاء الندبة:أين محيي معالم الدين و أهله.و في الحديث القدسي الذي ذكرناه في الباب السابق و لأظهرنّ به ديني...،الخ.

و في تفسير قوله تعالي: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ (1)بظهور القائم.

و في البحار (2)في حديث طويل عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:التاسع منهم قائم أهل بيتي و مهدي أمتي، أشبه الناس بي،في شمائله و أقواله و أفعاله،ليظهر بعد غيبة طويلة،و حيرة مضلة،فيعلي أمر اللّه، و يظهر دين اللّه،و يؤيد بنصر اللّه،و ينصر بملائكة اللّه،فيملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.

انتقامه عجل اللّه فرجه من أعداء الله

في البحار (3)عن العلل، (4)بإسناده عن عبد الرحيم القصير،عن أبي جعفر قال:أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء حتي يجلدها الحد،و حتي ينتقم لابنة محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فاطمة منها،قلت:

جعلت فداك و لم يجلدها الحد،قال:لفريتها علي أم إبراهيم،قلت:فكيف أخّر اللّه ذلك للقائم؟ فقال له:إن اللّه تبارك و تعالي بعث محمدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رحمة،و بعث القائم نقمة.

و فيه (5)عن المزار الكبير بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:إذا قام قائمنا انتقم للّه و لرسوله و لنا أجمعين.

و فيه (6)عن ارشاد الديلمي عنه عليه السّلام أيدي بني شيبة و علقها علي باب الكعبة،و كتب عليها هؤلاء سراق الكعبة.

و في الاحتجاج (7)عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في خطبة الغدير،قال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدي صلوات اللّه عليه،ألا إنه الظاهر علي الدين كله ألا إنه المنتقم من الظالمين ألا إنه فاتح الحصون و هادمها،ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك،ألا إنه مدرك بكل ثأر لأولياء اللّه عزّ و جلّ،ألاّ إنه الناصر لدين اللّه،ألا إنه الغراف من بحر عميق،ألا إنه يسم كل ذي فضل بفضله، و كل ذي جهل بجهله،ألا إنه خيرة اللّه و مختاره،ألا إنه وارث كل علم و المحيط به،ألا إنه المخبر عن ربه عز و جل و المنبه (8)بأمر إيمانه،ألا إنه الرشيد السديد،ألا إنه المفوض إليه،ألا إنه قد بشر

ص: 18


1- سورة الفتح،الآية:38.
2- بحار الأنوار:379/52 باب 27 ذيل 187.
3- بحار الأنوار:314/52 ب 27 ذيل 9.
4- علل الشرائع:267/2-385 ح 10.
5- بحار الأنوار:376/52.
6- بحار الأنوار:338/52 ب 27 ذيل 80.
7- الاحتجاج:80/1 ح الغدير.
8- في نسخة ثانية:المشيد.

به من سلف بين يديه،ألا إنه الباقي حجة و لا حجة بعده،و لا حق إلاّ معه،و لا نور إلاّ عنده،ألا إنه لا غالب له،و لا منصور عليه،ألا و إنه ولي اللّه في أرضه،و حكمه في خلقه و أمينه في سرّه و علانيته.

و قال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في موضع آخر من هذه الخطبة:معاشر الناس،النور من اللّه عزّ و جلّ فيّ مسلوك ثم في علي ثم في النسل منه إلي القائم المهدي،الذي يأخذ بحق اللّه،و بكل حق هو لنا،الخ.

و في القمي (1)في قوله تعالي: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (2)لوقت بعث القائم،فينتقم لي من الجبارين،و الطواغيت من قريش،و بني امية و سائر الناس.

إقامة حدود اللّه

في الدعاء المروي عنه عليه السّلام بتوسط العمري،رحمه اللّه:و أقم به الحدود المعطّلة،و الأحكام المهملة.

و في البحار (3)عن الصادق عليه السّلام:دمان في الإسلام حلال من اللّه عزّ و جلّ،لا يقضي فيهما أحد بحكم اللّه عزّ و جلّ،حتي يبعث اللّه القائم من أهل البيت،فيحكم فيهما بحكم اللّه عز و جلّ، لا يريد فيه بينة،الزاني المحصن يرجمه و مانع الزكاة يضرب رقبته.

تأليف القلوب

في دعاء الندبة (4):أين مؤلف شمل الصلاح و الرضا.

و في دعاء أمير المؤمنين عليه السّلام له:و اجمع به شمل الأمة.

و في حديث آخر:و يؤلف به بين القلوب المختلفة.

و في الكافي (5)عن الصادق:و يؤلف اللّه بين القلوب المختلفة.

و في البحار (6)في حديث مروي عن أمير المؤمنين قال:قلت:يا رسول اللّه أمنّا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟فقال رسول اللّه:لا بل منا،يختم اللّه به الدين،كما فتح بنا و بنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك،و بنا يؤلف اللّه بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا،كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم.

ص: 19


1- تفسير القمي:416/2،تأويل الآيات 785/2.
2- سورة الطارق،الآية:17.
3- بحار الأنوار:325/52 ب 27 ذيل 39.
4- راجع المفاتيح.
5- الكافي:334/1 باب نادر في حال الغيبة ح 2.
6- بحار الأنوار:84/51.

تلطّفه عجّل اللّه فرجه بنا

في الاحتجاج: (1)إنه أنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدين،و ما دخلهم من الشك و الحيرة،في ولاة أمرهم فغمنا ذلك لكم لا لنا و ساءنا فيكم لا فينا لأن اللّه معنا فلا فاقة بنا إلي غيره،و الحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنا،و نحن صنائع ربنا و الخلق بعد صنائعنا.

الخبر.

ترك حقه عجّل اللّه فرجه لنا في الدنيا و الآخرة

فقد روي في البحار (2)في المجلد الثالث،عن الصادق عليه السّلام أنه قال:إذا كان يوم القيامة جعل اللّه حساب شيعتنا علينا فما كان بينهم و بين اللّه استوهبه محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ما كان فيما بينهم و بين الناس من المظالم أداه محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عنهم،و ما كان فيما بيننا و بينهم وهبناه لهم،حتي يدخلوا الجنّة بغير حساب.

تشييع أمواتنا

يدل عليه ما روي في البحار (3)من كتاب المناقب،أنه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور، و اختاروا محمد بن علي النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار و خمسين ألف درهم،و شقة من الثياب،و أتت شطيطة بدرهم صحيح و شقة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم،فقالت:إن اللّه لا يستحيي من الحق قال فثنيت درهمها،و جاؤوا بجزء فيه مسائل ملء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة،و باقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها،و قد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم،و ختم عليها بثلاث خواتيم علي كل حزام خاتم و قالوا:إدفع إلي الإمام ليلة،و خذ منه في غد فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم:فاكسر منها خمسة و انظر هل أجاب عن المسائل،فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحق للمال،فادفع إليه،و إلاّ فردّ إلينا أموالنا.

فدخل علي الأفطح عبد اللّه بن جعفر،و جربه،و خرج عنه قائلا(ربي اهدني إلي سواء الصراط)،قال:فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول:أجب من تريد فأتي بي دار موسي بن جعفر عليه السّلام،فلما رآني قال:لم تقنط يا أبا جعفر و لم تفزع إلي اليهود و النصاري؟إليّ فأنا حجة اللّه و وليه،ألم يعرفك أبو حمزة علي باب مسجد جدي؟و قد أجبتك عمّا في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به و بدرهم شطيطة الذي وزنه درهم و دانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازواري،و الشقة التي في رزمة الأخوين البلخيّين،قال فطار عقلي من مقاله، و أتيت بما أمرني،و وضعت ذلك قبله،فأخذ درهم شطيطة و إزارها ثم استقبلني،و قال:إنّ اللّه لا

ص: 20


1- الاحتجاج:278/2 توقيعات الناحية المقدسة.
2- بحار الأنوار:274/7 باب 11 ح 48.
3- بحار الأنوار:73/48 ح 100.

يستحيي من الحق يا أبا جعفر،أبلغ شطيطة سلامي و أعطها هذه الصرة،و كانت أربعين درهما.

ثم قال و أهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا،قرية فاطمة عليها السلام و غزل اختي حليمة ابنة أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام.

ثم قال:و قل لها ستعيشين تسعة عشر يوما من وصول أبي جعفر،و وصول الشقة و الدراهم، فأنفقي علي نفسك منها ستة عشر درهما،و اجعلني أربعة و عشرين صدقة عنك،و ما يلزم عنك و أنا أتولي الصلاة عليك،فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ فإنه أبقي لنفسك.

ثم قال عليه السّلام:واردد الأموال إلي أصحابها،و افكك هذه الخواتيم عن الجزء،و انظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزء فوجدت الخواتيم صحيحة ففتحت منها واحدا من وسطها،فوجدت فيه مكتوبا:ما يقول العالم عليه السّلام في رجل قال:نذرت للّه لأعتقن كل مملوك كان في رقي قديما،و كان له جماعة من العبيد؟الجواب بخطه:ليعتقن من كان في ملكه من قبل ستة أشهر.

و الدليل علي صحة ذلك قوله تعالي: وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ الآية،و الحديث من ليس له ستة أشهر و فككت الختام الثاني فوجدت ما تحته:ما يقول العالم في رجل قال:و اللّه لأتصدقن بمال كثير فيما يتصدق.

الجواب تحته بخطه:إن كان الذي حلف من أرباب شياه،فليتصدق بأربع و ثمانين شاة،و إن كان من أصحاب النعم،فليتصدق بأربع و ثمانين بعيرا و إن كان من أرباب الدراهم،فليتصدق بأربع و ثمانين درهما.

و الدليل عليه قوله تعالي: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ فعددت مواطن رسول اللّه قبل نزول تلك الآية (1)فكانت أربعة و ثمانين موطنا.فكسرت الخاتم الثالث فوجدت تحته مكتوبا،ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت و قطع رأس الميت و أخذ الكفن.

الجواب بخطه:يقطع السارق لأخذ الكفن من وراء الحرز،و يلزم مائة دينار لقطع رأس الميت،لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح،فجعلنا في النطفة عشرين دينارا...المسألة إلي آخرها،فلما وافي خراسان،وجد الذين رد عليهم أموالهم ارتدوا إلي الفطحية،و شطيطة علي الحق،فبلغها سلامه و أعطاها صرته و شقته فعاشت كما قال عليه السّلام فلما توفيت شطيطة جاء الإمام علي بعير له،فلما فرغ من تجهيزها،ركب بعيره و انثني نحو البرية،و قال عليه السّلام:

عرّف أصحابك و أقرئهم مني السلام و قل لهم:إني و من يجري مجراي من الأئمة عليهم السّلام لا بد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم فاتقوا اللّه في أنفسكم.5.

ص: 21


1- سورة التوبة،الآية:25.

تجديده عجّل اللّه فرجه الإسلام بعد اندراسه و انمحائه

ففي الدعاء المروي عنه عليه السّلام (1)بتوسط العمري رحمه اللّه:وجدد به ما امتحي من دينك.

و في الدعاء المروي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام (2)وجدد به ما محي من دينك و بدل من حكمك حتي تعيد دينك به و علي يديه جديدا غضا.

و من كتاب غيبة النعماني (3)رحمه اللّه عن أبي جعفر عليه السّلام في سيرة القائم عليه السّلام:يقوم بأمر جديد و سنة جديدة و قضاء جديد علي العرب شديد.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (4)في جواب من سأل عن سيرة المهدي عليه السّلام قال:يصنع ما صنع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،يهدم ما كان قبله،كما هدم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أمر الجاهلية،و يستأنف الإسلام جديدا.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (5):الإسلام بدأ غريبا،و سيعود غريبا كما بدأ،فطوبي للغرباء،قال أبو بصير فقلت:اشرح لي هذا أصلحك اللّه،فقال:يستأنف الداعي منا دعاء جديدا كما دعي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

تعليمه عجل اللّه فرجه الناس كتاب اللّه الكريم

في البحار (6)نقلا عن غيبة النعماني (7)عن أمير المؤمنين عليه السّلام:كأني أنظر إلي شيعتنا بمسجد الكوفة،و قد ضربوا الفساطيط،يعلمون الناس القرآن كما أنزل.

و عنه عليه السّلام كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن كما أنزل.قال أصبغ بن نباتة:قلت يا أمير المؤمنين،أ و ليس هو كما أنزل؟قال:لا محي منه سبعون من قريش بأسمائهم و أسماء آبائهم و ما ترك أبو لهب إلاّ للإزراء علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لأنه عمه.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام كأني بشيعة علي في أيديهم المثاني يعلمون الناس.

و عن إرشاد الديلمي عن أبي جعفر عليه السّلام:إذا قام قائم آل محمد ضرب فساطيط لمن يعلم

ص: 22


1- بحار الأنوار:/189/53ح 18.
2- جمال الأسبوع:308.
3- غيبة النعماني:122 في سيرة القائم.
4- غيبة النعماني:121 في سيرة القائم.
5- غيبة النعماني:173 الإسلام بدأ غريبا.
6- بحار الأنوار:364/52 باب 27 ذيل ح 139.
7- النعماني اسمه محمد بن إبراهيم بن جعفر قال في أمل الآمل شيخ من أصحابنا عظيم القدر شريف المنزلة صحيح العقيدة كثير الحديث قدم بغداد و خرج إلي الشام مات بها قاله العلامة النجاشي إلي أن قال و هذا من تلامذة محمد بن يعقوب الكليني(ره)و من مؤلفاته تفسير القرآن رأيت قطعة منه و رأيت كتاب الغيبة و هو حسن جامع.انتهي(لمؤلفه).

الناس القرآن علي ما أنزل اللّه جل جلاله فأصعب ما يكون علي من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف.

أخذه بثأر الحسين و الشهداء معه صلوات اللّه عليهم

في المجمع:الثائر الذي لا يبقي علي شيء حتي يدرك ثأره.انتهي.

و في زيارة عاشوراء:«فأسأل اللّه الذي أكرم مقامك،و أكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك،مع إمام منصور من أهل بيت محمد».

و في البحار (1)عن النعماني،عن أبي جعفر في وصفه:ليس شأنه إلاّ القتل لا يستبقي أحدا.

و عن العياشي (2)عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السّلام في تفسير قوله تعالي: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً قال:هو الحسين بن علي عليه السّلام،قتل مظلوما و نحن أولياؤه و القائم منّا إذا قام طلب بثأر الحسين عليه السّلام فيقتل حتي يقال قد أسرف في القتل.

و عن الصادق عليه السّلام (3)قال:إذا خرج القائم عليه السّلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها.

جمعه عجل اللّه فرجه الكلم علي التوحيد و الإسلام

ففي دعاء الندبة (4):أين جامع الكلم علي التقوي،و في كتاب المحجة (5)و غيره عن أمير المؤمنين في قوله تعالي: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ (6)الخ،حتي لا تبقي قرية إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و أن محمدا رسول اللّه بكرة و عشيا.

و عن ابن عباس(الذي قال أكثر ما قلت في التفسير مأخوذ عن أمير المؤمنين عليه السّلام)قال:لا يكون ذلك حتي لا يبقي يهودي و لا نصراني،و لا صاحب ملة إلاّ صار إلي الحق:الإسلام،حتي تأمن الشاة و الذئب،و البقرة و الأسد،و الإنسان و الحية،حتي لا تقرض الفأرة جرابا،و حتي توضع الجزية،و يكسر الصليب و يقتل الخنزير،و هو قوله تعالي: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (7)و ذلك يكون عند قيام القائم عليه السّلام.

و قال علي بن إبراهيم (8)عند تفسير هذه الآية:إنها نزلت في قائم آل محمد عليهم السّلام.

و في كتاب المحجة عن العياشي (9)في تفسيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالي: وَ لَهُ

ص: 23


1- بحار الأنوار:231/52 باب علامات الظهور ذيل 96.
2- تفسير العياشي:/290/2ح 67.
3- بحار الأنوار:/313/52ح 6.
4- بحار الأنوار:107/102.
5- المحجة:732.
6- سورة الفتح،الآية:28.
7- سورة التوبة،الآية:33.
8- تفسير القمي:/264/2سورة التوبة.
9- تفسير العياشي:183/1 ذيل ح 81.

أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً (1) قال:إذا قام القائم لا يبقي أرض إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

جمع العقول

في كمال الدين (2)عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إذا قام قائمنا وضع اللّه يده علي رؤوس العباد فجمع بها عقولهم و كملت بها أحلامهم.

و في الخرائج:و أكمل به أخلاقهم،بدل الجزء الأخير.

و في أصول الكافي (3)بإسناده عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إذا قام قائمنا وضع اللّه يده علي رؤوس العباد فجمع بها عقولهم و كملت به أحلامهم.

قال العلامة المجلسي الثاني في مرآة العقول:الضمير في قوله يده إما راجع إلي اللّه أو إلي القائم و علي التقديرين كناية عن الرحمة و الشفقة أو القدرة و الاستيلاء،و علي الأخير يحتمل الحقيقة،و قوله:فجمع بها عقولهم يحتمل وجهين أحدهما أنه يجعل عقولهم مجتمعة علي الإقرار بالحق فلا يقع بينهم اختلاف و يتفقون علي التصديق و ثانيهما أنه يجتمع عقل كل واحد منهم،و يكون جمعه باعتبار مطاوعة القوي النفسانية للعقل،فلا يتفرق لتفرقها كذا قيل،و الأول أظهر و الضمير في (بها)راجع إلي اليد و في(به)إلي الوضع،او إلي القائم عليه السّلام و الأحلام جمع الحلم بالكسر و هو العقل.انتهي كلامه رحمه اللّه.

حمايته عجّل اللّه فرجه للإسلام

في البحار (4)عن النعماني بإسناده (5)عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال:كأني بدينكم هذا لا يزال موليا يفحص بدمه ثم لا يرده عليكم إلاّ رجل منّا أهل البيت(الحديث)و يأتي تمامه في سخائه و في كشف العلوم إن شاء اللّه تعالي.

حياة الأرض به عجّل اللّه فرجه

روي الصدوق رحمه اللّه في كمال الدين (6)بإسناده عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (7) قال:يحييها اللّه عز و جل بالقائم عليه السّلام بعد موتها.يعني بموتها كفر أهلها،و الكافر ميت.

ص: 24


1- سورة آل عمران،الآية:83.
2- إكمال الدين:67/2 باب 58 ذيل 30.
3- الكافي:25/1 باب العقل ح 21.
4- بحار الأنوار:352/52 باب 27 ذيل 106.
5- غيبة النعماني:125.
6- من لا يحضره الفقيه:668/2 باب 58 ذيل 13.
7- سورة الحديد،الآية:17.

و في كتاب المحجة (1)عن ابن عباس في قوله تعالي: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها يعني يصلح اللّه الأرض بقائم آل محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد موتها،يعني من بعد جور أهل مملكتها قَدْ بَيَّنّا لَكُمُ الْآياتِ بقائم آل محمد لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .

و عن أبي إبراهيم عليه السّلام (2)في قول اللّه عزّ و جلّ: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال ليس يحييها بالقطر،و لكن يبعث اللّه عز و جل رجالا فتحيي الأرض لإحياء العدل،و لإقامة الحد فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.

و في الجواهر (3)عن سدير قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:حد يقام في الأرض أزكي فيها من مطر أربعين ليلة و أيامها.

و في المحجة (4)عن الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال عليه السّلام:العدل بعد الجور.حلمه يظهر مما يأتي في خلقه إن شاء اللّه تعالي.

حكمه عجّل اللّه فرجه بالحق

روي في كمال الدين (5)بإسناده،عن أبان بن تغلب،قال:قال أبو عبد اللّه،سيأتي في مسجدكم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،يعني مسجد مكة،يعلم أهل مكة أنه لم يلدهم آباؤهم و لا أجدادهم،عليهم السيوف،مكتوب علي كل سيف كلمة تفتح ألف كلمة،فيبعث اللّه تبارك و تعالي ريحا،فتنادي بكل واد:هذا المهدي يقضي بقضاء داود و سليمان عليهما السّلام و لا يريد عليه بينة.

و فيه أيضا (6)عنه قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا قام القائم عليه السّلام،لم يقم بين يديه أحد من خلق الرّحمن إلاّ عرفه،صالح هو أم طالح،لأنّ فيه آية للمتوسمين و هي بسبيل مقيم.

و في البحار (7)عن كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد رحمه اللّه بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال يقضي القائم بقضايا ينكرها بعض أصحابه ممن قد ضرب قدامه بالسيف و هو قضاء آدم فيقدمهم فيضرب أعناقهم ثم يقضي الثانية فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف، و هو قضاء داود عليه السّلام فيقدمهم فيضرب أعناقهم،ثم يقضي الثالثة فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف و هو قضاء إبراهيم عليه السّلام،فيقدمهم فيضرب أعناقهم،ثم يقضي الرابعة و هو قضاء محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلا ينكرها أحد عليه.

ص: 25


1- المحجة:752.
2- المحجة:752.
3- و أصلها في الكافي:/174/7ح 1.
4- المحجة:753.
5- إكمال الدين:671/2 باب 58 ذيل 19.
6- إكمال الدين:671/2 باب 58 ذيل 20.
7- بحار الأنوار:389/52 باب 27 ذيل 207.

حكمه عجّل اللّه فرجه بالباطن بمقتضي علمه صلوات اللّه عليه

في البحار (1)عن النعماني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:بينا الرجل علي رأس القائم يأمره و ينهاه إذ قال:أديروه فيديرونه إلي قدامه،فيأمر بضرب عنقه فلا يبقي في الخافقين شيء إلاّ خافه.

و عن ارشاد الديلمي (2)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إذا قام قائم آل محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حكم بين الناس بحكم داود،لا يحتاج إلي بينة يلهمه اللّه تعالي فيحكم بعلمه و يخبر كل قوم بما استبطنوه،و يعرف وليه من عدوه بالتوسم،قال اللّه سبحانه إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ .

و عن عبد اللّه بن المغيرة (3)عنه عليه السّلام قال:إذا قام القائم أقام خمس مائة من قريش فضرب أعناقهم.

ثم أقام خمسمائة أخري،حتي يفعل ذلك ست مرات،قلت:و يبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال عليه السّلام:نعم منهم و من مواليهم.

و عنه عليه السّلام (4)قال:إذا قام القائم هدم المسجد الحرام حتي يرده إلي أساسه،و حول المقام إلي الموضع الذي كان فيه،و قطع أيدي بني شيبة،و علقها علي باب الكعبة،و كتب عليها هؤلاء سراق الكعبة.

أقول:قد مرّ ما يدل عليه و يأتي إن شاء اللّه تعالي في قتل الكافرين،و في هدم أبنية الكفر و الشقاق و النفاق.

دعاؤه عجّل اللّه فرجه للمؤمنين

ففي التوقيع المروي في آخر الاحتجاج (5)عنه عليه السّلام لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض و السماء فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب.

و قال السيد الأجل علي بن طاوس رحمه اللّه في المهج،و كنت أنا بسر من رأي فسمعت سحرا دعاءه عليه السّلام فحفظت منه من الدعاء لمن ذكره من الأحياء و الأموات:و أبقهم-أو قال و أحيهم-في عزنا و ملكنا و سلطاننا و دولتنا،و كان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة.انتهي كلامه رفع مقامه.

و في الكافي (6)بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في خطبته في مسجد الخيف

ص: 26


1- بحار الأنوار:355/52 باب 27 ذيل 117.
2- بحار الأنوار:339/52 باب 27 ذيل 86.
3- بحار الأنوار:338/52 باب 27 ذيل 79.
4- بحار الأنوار:338/52 باب 27 ذيل 80.
5- الاحتجاج:324/2 توقيعات الناحية المقدسة.
6- الكافي:403/1 باب ما أمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالنصيحة ح 1.

قال ثلاث لا يغل عليهن قلب امريء مسلم:إخلاص العمل للّه و النصيحة لأئمة المسلمين و اللزوم لجماعتهم فإن دعوتهم محيطة من ورائهم.

و في الكافي (1)أيضا بإسناده عن رجل من قريش من أهل مكة قال:قال سفيان الثوري:إذهب بنا إلي جعفر بن محمد عليه السّلام قال فذهبت معه إليه،فوجدناه قد ركب دابته،فقال له سفيان:يا أبا عبد اللّه،حدثنا بحديث خطبة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في مسجد الخيف قال:دعني حتي أذهب في حاجتي، فإني قد ركبت،فإذا جئت حدثتك،فقال:أسألك بقرابتك من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لما حدثتني،قال:

فنزل فقال له سفيان من لي بدواة و قرطاس حتي أثبته فدعي به.

ثم قال عليه السّلام:اكتب:بسم اللّه الرحمن الرحيم خطبة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في مسجد الخيف:نضر اللّه عبدا سمع مقالتي فوعاها و بلغها من لم تبلغه يا أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب،فرب حامل فقه ليس بفقيه،و رب حامل فقه إلي من هو أفقه منه،ثلاث لا يغل عليهن قلب إمريء مسلم:إخلاص العمل لله،و النصيحة لأئمة المسلمين،و اللزوم لجماعتهم فإن دعوتهم محيطة من ورائهم،المؤمنون إخوة،تتكافا دماؤهم و هم يد علي من سواهم،يسعي بذمتهم أدناهم.

فكتبه سفيان،ثم عرضه عليه،و ركب أبو عبد اللّه عليه السّلام،و جئت أنا و سفيان فلما كنا في بعض الطريق فقال لي:كما أنت حتي أنظر في هذا الحديث.

فقلت له:قد و اللّه ألزم أبو عبد اللّه رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال:و أي شيء ذلك؟فقلت له:ثلاث لا يغل عليهن قلب امريء مسلم:إخلاص العمل للّه قد عرفناه،و النصيحة لأئمة المسلمين،من هؤلاء الأئمة الذين تجب علينا نصيحتهم؟معاوية بن أبي سفيان،و يزيد بن معاوية و مروان بن الحكم،و كل من لا يجوز شهادته عندنا،و لا يجوز الصلاة خلفهم؟

و قوله:و اللزوم لجماعتهم فأي الجماعة مرجيء يقول:من لم يصلّ و لم يصم و لم يغتسل من جنابة و هدم الكعبة و نكح أمه،فهو علي إيمان جبرائيل و ميكائيل؟أو قدري يقول:لا يكون ما شاء اللّه عزّ و جلّ،و يكون ما شاء إبليس؟أو حروري يبرأ من علي بن أبي طالب و شهد عليه بالكفر؟أو جهمي يقول:إنما هي معرفة اللّه وحده،ليس الإيمان شيء غيرها.

قال:ويحك و أي شيء يقولون؟فقلت:يقولون إن علي بن أبي طالب و اللّه الإمام الذي يجب علينا نصيحته،و لزوم جماعتهم أهل بيته.قال:فأخذ الكتاب فخرقه،ثم قال لا تخبر بها أحدا.2.

ص: 27


1- الكافي:403/1 باب ما أمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالنصيحة ح 2.

دفع البلاء عنا بوجوده عجّل اللّه فرجه

و في الإكمال (1)و الأمالي (2)بسنده (3)عن سيد العابدين عليه السّلام قال:نحن أئمة المسلمين و حجج اللّه علي العالمين،و سادة المؤمنين،و قادة الغر المحجلين،و موالي المؤمنين و نحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء،و نحن الذين بنا يمسك اللّه السماء أن تقع علي الأرض إلاّ بإذنه و بنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها،و بنا ينزل الغيث،و بنا ينشر الرحمة و يخرج بركات الأرض،و لو لا ما في الأرض منا لساخت بأهلها.

ثم قال عليه السّلام:و لم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم من حجة للّه فيها ظاهر مشهور،أو غائب مستور،و لا تخلو إلي أن تقوم الساعة من حجة للّه و لو لا ذلك لم يعبد اللّه.

قال سليمان:فقلت للصادق عليه السّلام:فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟قال عليه السّلام:

كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب.

و عن (4)سيد الساجدين عليه السّلام قال:إذا قام قائمنا أذهب اللّه عزّ و جلّ عن شيعتنا العاهة و جعل قلوبهم كزبر الحديد(الخ).

ذلة الأعداء بيده و بعد ظهوره عجّل اللّه فرجه

في الكافي (5)عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إذا قام القائم عرض الإيمان علي كل ناصب فإن دخل فيه بحقيقة و إلاّ ضرب عنه أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة و يشد علي وسطه الهميان و يخرجهم من الأمصار إلي السواد.

و في الكافي (6)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن للحق دولة و للباطل دولة و كل واحد منهما في دولة صاحبه ذليل(الحديث).

و في البحار عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالي: تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (7)قال عليه السّلام:يعني يوم خروج القائم عليه السّلام.

ص: 28


1- إكمال الدين:207/1 باب 21 ذيل 22.
2- الأمالي للشيخ الصدوق:112.
3- سند الحديث هكذا:ابن بابويه قال:حدثنا محمد بن أحمد السناني(ره)،قال حدثنا أحمد بن يحيي بن زكريا القطان،قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب،قال حدثنا الفضل بن صقر العبدي،قال حدثنا أبو معاوية عن سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام عن أبيه محمد بن علي عليه السّلام عن أبيه علي بن الحسين عليه السّلام قال-الخ(لمؤلفه).
4- بحار الأنوار:/316/52ح 12.
5- الكافي:/227/8ح 288.
6- عن غيبة النعماني:172،غاية المرام:754.
7- سورة المعارج،الآية:44.

و في تفسير علي بن إبراهيم (1)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالي: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً (2)قال:هي و اللّه للنصاب،قال معاوية بن عمار:جعلت فداك قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتي ماتوا،قال عليه السّلام:ذلك و اللّه في الرجعة يأكلون العذرة.

راحة الخلائق بظهوره و في دولته عجّل اللّه فرجه

في البحار (3)عن ابن عباس في قوله تعالي: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال:لا يكون ذلك حتي لا يبقي يهودي و لا نصراني و لا صاحب ملة إلاّ دخل في الإسلام حتي يأمن الشاة و الذئب و البقرة و الأسد و الإنسان و الحية و حتي لا تقرض فأرة جرابا(الخبر إلي أن قال)و ذلك يكون عند قيام القائم.

و في البحار (4)عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصفه عليه السّلام:و تصطلح في ملكه السباع و تخرج الأرض نبتها و تنزل السماء بركتها،الخبر.

و في حديث آخر (5)عنه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يرضي عنه ساكن السماء و ساكن الأرض يقسم المال صحاحا، فقال له رجل:و ما صحاحا؟قال:السوية بين الناس.

طهارة الأرض به عجّل اللّه فرجه من الجور

في كمال الدين (6)عن الصادق عليه السّلام:إن اللّه تبارك و تعالي خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام،فهي أرواحنا فقيل له:يابن رسول اللّه،و من الأربعة عشر؟فقال محمد و علي،و فاطمة،و الحسن و الحسين،و الأئمة من ولد الحسين،آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته، فيقتل الدجال،و يطهر الأرض من كل جور و ظلم...

طلب حقوق الأئمة و المؤمنين و دمائهم

في البحار (7)عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:أما و اللّه لأقتلن أنا و ابناي هذان،و ليبعثن اللّه رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا،و ليغيبن عنهم تمييزا لأهل الضلالة،حتي يقول الجاهل ما للّه في آل محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من حاجة.

ص: 29


1- تفسير القمي:424/2.
2- سورة طه،الآية:124.
3- بحار الأنوار:61/51 باب آيات المؤولة ذيل 59.
4- بحار الأنوار:280/52.
5- بحار الأنوار:81/51 باب ما ورد من الأخبار ذيل 81.
6- إكمال الدين:335/2 باب 33 ذيل 7.
7- بحار الأنوار:112/51 ذيل 7.

عزة الأولياء بظهوره عجّل اللّه فرجه

في دعاء الندبة (1):أين معز الأولياء،و مذل الأعداء؟

و في كمال الدين (2)عن أبي جعفر عليه السّلام قال:كأني بأصحاب القائم عليه السّلام قد أحاطوا ما بين الخافقين،ليس من شيء إلاّ و هو مطيع لهم حتي سباع الأرض و سباع الطير تطلب رضاهم في كل شيء،حتي تفخر الأرض علي الأرض و تقول مرّ بي اليوم رجل من أصحاب القائم عليه السّلام.

عذاب الأعداء

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3)في قوله تعالي: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلي أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قال:

العذاب خروج القائم،و الأمة المعدودة،أهل بدر و أصحابه.

و قال علي بن إبراهيم (4)في قوله تعالي: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (5)سئل أبو جعفر عليه السّلام عن معني هذا؟فقال:نار تخرج من المغرب.و ملك يسوقها من خلفها،حتي تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم،فلا تدع دارا لبني أمية إلاّ أحرقتها و أهلها،و لا تدع دارا فيها وتر لآل محمد إلاّ أحرقتها و ذلك المهدي عليه السّلام.

غني المؤمنين ببركة ظهوره عجّل اللّه فرجه

عن الصادق عليه السّلام في حديث و يطلب الرجل منكم من يصله بماله،و يأخذ من زكاته لا يوجد أحد يقبل منه ذلك استغني الناس بما رزقهم اللّه من فضله (6).

فصله عجل اللّه فرجه بين الحق و الباطل

يدل عليه ما في البحار (7)عن العياشي في تفسيره عن عجلان أبي صالح قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:لا تمضي الأيام و الليالي حتي ينادي مناد من السماء:يا أهل الحق اعتزلوا يا أهل الباطل اعتزلوا،فيعزل هؤلاء من هؤلاء،و يعزل هؤلاء من هؤلاء،قال:قلت:أصلحك اللّه، يخالط هؤلاء بعد ذلك النداء؟قال:كلا إنه يقول في الكتاب: ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلي ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّي يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ .

و فيه في حديث (8)طويل عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وقائع زمان ظهور القائم و خروجه:و ينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر:يا أهل الهدي اجتمعوا،و ينادي مناد من قبل

ص: 30


1- بحار الأنوار:107/102.
2- إكمال الدين:673/2 باب 58 ذيل 25.
3- الغيبة:241.
4- تفسير القمي:695/2.
5- سورة المعارج،الآية:1.
6- الإرشاد للشيخ المفيد:381/2.
7- بحار الأنوار:222/52 باب علامات الظهور ذيل 86.
8- بحار الأنوار:274/52.

المغرب بعد ما يغيب الشفق يا أهل الباطل اجتمعوا و من الغد عند الظهر تتلون الشمس،تصفر فتصير سوداء مظلمة،و يوم الثالث يفرق اللّه بين الحق و الباطل،و تخرج دابة الأرض،و تقبل الروم إلي ساحل البحر عند كهف الفتية،فيبعث اللّه الفتية من كهفهم مع كلبهم منهم رجل يقال له مليخا،و آخر حملاها،و هما الشاهدان المسلّمان للقائم عليه السّلام.

و عن غيبة النعماني (1)عن أبان بن تغلب قال:سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام يقول:

لا تذهب الدنيا حتي ينادي مناد من السماء:يا أهل الحق اجتمعوا فيصيرون في صعيد واحد،ثم ينادي مرة أخري يا أهل الباطل اجتمعوا فيصيرون في صعيد واحد،قلت:فيستطيع هؤلاء أن يدخلوا في هؤلاء؟قال:لا و اللّه و ذلك قول اللّه عز و جل ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلي ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّي يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ .

فرج المؤمنين علي يده عجل اللّه فرجه

يدل عليه قوله عليه السّلام في التوقيع المروي في الاحتجاج (2):و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم،لأن الظاهر كون إسم الإشارة إشارة إلي الفرج،يعني أن فرجكم يحصل بظهوره و فرجه،صلوات اللّه عليه و عجّل اللّه تعالي فرجه.

و يدل عليه أيضا زيارة يوم الجمعة (3)و هذا يوم الجمعة و هو يومك المتوقع فيه ظهورك، و الفرج فيه للمؤمنين علي يدك،و قتل الكافرين بسيفك،الخ.

و يدل عليه أيضا ما في كمال الدين (4)بإسناده عن إبراهيم الكرخي قال:دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام و إني لجالس عنده إذ دخل أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السّلام و هو غلام فقمت إليه فقبلته، و جلست معه،فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام يا إبراهيم أما أنت فهذا صاحبك من بعدي،أما ليهلكن فيه أقوام و يسعد آخرون،فلعن اللّه قاتله،و ضاعف عليه العذاب،أما ليخرجن اللّه من صلبه خير أهل الأرض في زمانه سميّ جده و وارث علمه و أحكامه في قضاياه،معدن الإمامة و رأس الحكمة يقتله جبار بني فلان بعد عجائب طريفة حسدا له و لكن اللّه جل و عز بالغ أمره و لو كره المشركون.

و يخرج اللّه عزّ و جلّ من صلبه تكملة إثني عشر مهديا،اختصهم اللّه بكرامته،و أحلهم دار قدسه،المنتظر الثاني عشر منهم،المقرّ به كالشاهر سيفه بين يدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يذب عنه.

قال:فدخل رجل من موالي بني أمية،فانقطع كلامه،فعدت إلي أبي عبد اللّه عليه السّلام إحدي

ص: 31


1- غيبة النعماني:172 ذكر الشيعة عند خروج القائم.
2- الاحتجاج:284/2 توقيعات الناحية المقدسة.
3- راجع المفاتيح.
4- إكمال الدين:334/1 باب 33 ذيل 5.

عشرة مرة،أريد منه أن يتم الكلام،فما قدرت علي ذلك فلما كان عام القابل من السنة الثانية، دخلت عليه و هو جالس فقال:يا إبراهيم هو مفرج الكرب عن شيعته بعد ضنك شديد،و بلاء طويل و جزع و خوف فطوبي لمن أدرك ذلك الزمان،حسبك يا إبراهيم،قال إبراهيم:فما رجعت بشيء هو آنس من هذا لقلبي و لا أقر لعيني.

و عن أمير المؤمنين في ذكر حال المؤمنين في زمان الجائرين:حتي لا يكون لأحدكم موضع قدمه و حتي تكونوا علي الناس أهون من الميتة عند صاحبها فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر اللّه و الفتح، و هو قول ربي عز و جل في كتابه حَتّي إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا .

و في البحار (1)عن غيبة الشيخ،عن وهب بن منبه،عن ابن عباس في حديث طويل أنه قال:

يا وهب ثم يخرج المهدي عليه السّلام،قلت من ولدك؟قال:لا و اللّه ما هو من ولدي و لكن من ولد علي عليه السّلام فطوبي لمن أدرك زمانه و به يفرج اللّه عن الأمة حتي يملأها قسطا و عدلا،إلي آخر الخبر.

فتح مدائن الكفرة و بلادهم

في كمال الدين (2)عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:الأئمة من بعدي اثنا عشر،أولهم أنت يا علي و آخرهم القائم الذي يفتح اللّه عز و جل علي يديه مشارق الأرض و مغاربها.

و في تاسع البحار (3)عن أمالي الشيخ الطوسي عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في حديث جابر:فختم اللّه بي النبوة،و ولد علي فختمت به الوصية،ثم اجتمعت النطفتان مني و من علي فولدنا الجهر و الجهير الحسنان،فختم اللّه بهما أسباط النبوة،و جعل ذريتي منهما و الذي يفتح مدينة أو قال مدائن الكفر، و يملأ أرض اللّه عدلا بعد ما ملئت جورا،الخ.

أقول:الجهر و الجهير بمعني الجميل الحسن المنظر كما ذكره أهل اللغة.

و في الثالث عشر من البحار (4)عن أبي جعفر عليه السّلام قال:يملك القائم ثلاثمائة سنة و يزداد تسعا كما لبث أهل الكهف في كهفهم،يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا فيفتح اللّه له شرق الأرض و غربها و يقتل الناس حتي لا يبقي إلاّ دين محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و يسير بسيرة سليمان بن داود عليه السّلام و يدعو الشمس و القمر فيجيبانه و تطوي له الأرض و يوحي إليه فيعمل بالوحي بأمر اللّه.

و في غاية المرام و غيره (5)من طريق العامة عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:المهدي من ولدي ابن أربعين

ص: 32


1- بحار الأنوار:76/51 ذيل 31.
2- إكمال الدين:282/1 باب 24 ذيل 35.
3- بحار الأنوار:46/37.
4- بحار الأنوار:290/52 باب 27 ذيل 212.
5- غاية المرام:692 المقصد الثاني باب 141 ح 9،كشف الغمة:269/3.

سنة،كأن وجهه كوكب دري،في خده الأيمن خال أسود،عليه عباءتان قطوانيتان كأنه من رجال بني إسرائيل،يستخرج الكنوز و يفتح مدائن الشرك.

و عنه (1)أيضا قال:لا تقوم الساعة حتي يملك رجل من أهل بيتي،يفتح اللّه القسطنطينية و جبل الديلم علي يده،و لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتي يفتحها.

و في البحار (2)عن الصادق عليه السّلام قال:إذا قام القائم أقام في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلا يقول عهدك كفك،فإذا ورد عليك ما لا تفهمه و لا تعرف القضاء فيه فانظر إلي كفك و اعمل بما فيها.

قال:و يبعث جندا إلي القسطنطينية،فإذا بلغوا إلي الخليج،كتبوا علي أقدامهم شيئا و مشوا علي الماء،قالوا هؤلاء أصحابه يمشون علي الماء فكيف هو!فعند ذلك يفتحون لهم باب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها بما يريدون.

فتح الجفر الأحمر لطلب ثأر الأئمة عجّل اللّه فرجهم

في الكافي (3)عن الصادق قال لابن أبي يعفور:و عندي الجفر الأحمر،قال:قلت:و أي شيء في الجفر الأحمر،قال:السلاح و ذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل،الخبر.

قتل الشيطان الرجيم

روي في البحار (4)عن كتاب الأنوار المضيئة،في حديث مرفوع عن إسحاق بن عمار،قال:

سألته عن إنظار اللّه تعالي إبليس وقتا معلوما ذكره في كتابه فقال: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلي يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قال:الوقت المعلوم يوم قيام القائم،فإذا بعثه اللّه تعالي كان في مسجد الكوفة،و جاء إبليس حتي يجثو علي ركبتيه،فيقول:يا ويلاه من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه،فذلك يوم الوقت المعلوم منتهي أجله (5).

قوة أبدان المؤمنين و قلوبهم و جوارحهم في زمان ظهوره عجّل اللّه فرجه

يدل علي ذلك ما روي في البحار (6)عن الخصال،بإسناده عن سيد العابدين علي بن الحسين عليه السّلام،قال:إذا قام قائمنا أذهب اللّه عزّ و جلّ عن شيعتنا العاهة،و جعل قلوبهم كزبر الحديد،و جعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلا و يكونون حكام الأرض و سنامها.

ص: 33


1- غاية المرام:695 المقصد الثاني باب 141 ح 26،كشف الغمة:274/3.
2- بحار الأنوار:365/52 باب 27 ذيل 144.
3- الكافي:240/1 باب ذكر الصحيفة و الجفر ح 3.
4- بحار الأنوار:376/52 باب 27 ذيل 178.
5- تفسير البرهان:343/2 ذيل 6 سورة الحجر،الآية:38.
6- بحار الأنوار:316/52 باب 27 ح 12.

و في البصائر في حديث (1)عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام:فإذا وقع أمرنا،و جاء مهدينا كان الرجل من شيعتنا أجرأ من ليث،و أمضي من سنان،يطأ عدونا برجليه،و يضربه بكفيه و ذلك عند نزول رحمة اللّه و فرجه علي العباد.

و في كمال الدين (2)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ما كان قول لوط لقومه: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلي رُكْنٍ شَدِيدٍ إلاّ تمنيا لقوة القائم و لا ركن (3)إلاّ شدة أصحابه،و إن الرجل منهم يعطي قوة أربعين رجلا،و إن قلبه لأشد من زبر الحديد،و لو مروا بجبال الحديد لقطعوها،لا يكفّون سيوفهم حتي يرضي اللّه عزّ و جلّ.

و في البحار (4)عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إنه لو كان كذلك أعطي الرجل منكم قوة أربعين رجلا و جعل قلوبكم كزبر الحديد لو قذفتم بها الجبال فلقتها.

و في روضة الكافي (5)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إن قائمنا إذا قام مدّ اللّه لشيعتنا في أسماعهم و أبصارهم حتي لا يكون بينهم و بين القائم يريد يكلمهم فيسمعون و ينظرون إليه و هو في مكانه.

و في حديث آخر عنه عليه السّلام (6)قال:إنّ المؤمن في زمان القائم و هو بالمشرق ليري أخاه الذي في المغرب،و كذا الذي في المغرب يري أخاه الذي في المشرق.

قضاء دين المؤمنين

في الكافي (7)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام،قال:قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:أيما مؤمن أو مسلم مات و ترك دينا لم يكن في فساد و لا إسراف فعلي الإمام أن يقضيه فإن لم يقض فعليه إثم ذلك،الخبر.

و في كتاب المحجّة و البحار (8)عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث طويل،قال:ثم يقبل الي الكوفة،فيكون منزله بها،فلا يترك عبدا مسلما إلاّ اشتراه و أعتقه،و لا غارما إلاّ قضي دينه،و لا مظلمة لأحد من الناس إلاّ ردّها،و لا يقتل منهم عبد إلاّ أدي ثمنه دية مسلمة إلي أهله و لا يقتل قتيل إلاّ قضي عنه دينه،و ألحق عياله في العطاء حتي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و عدوانا،و يسكن هو و أهل بيته الرحبة،و الرحبة إنما كانت مسكن نوح،هي أرض طيبة زاكية.

و في البحار (9)عن الصادق عليه السّلام قال:أول ما يبتديء المهدي أن ينادي في جميع العالم:ألا

ص: 34


1- بصائر الدرجات:24 الجزء الأول ذيل 17.
2- إكمال الدين:673/2 باب 58 ذيل 26.
3- في نسخة:ذكر.
4- بحار الأنوار:335/52 باب 27 ح 69.
5- الكافي:240/8 ذيل 329.
6- بحار الأنوار:/391/52ح 213.
7- الكافي:407/1 باب حق الإمام علي الرعية ح 7.
8- بحار الأنوار:/224/52ح 87.
9- بحار الأنوار:34/53.

من له عند أحد من شيعتنا دين فليذكره،حتي يرد الثومة و الخردلة فضلا عن القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الأملاك فيوفيه إياه.

كشف العلوم للمؤمنين

ففي البصائر (1)بإسناده عن سعد بن طريف،عن الأصبغ بن نباتة،قال كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا وقف الرجل بين يديه قال:يا فلان إستعد و أعدّ لنفسك ما تريد فإنك تمرض في يوم كذا و كذا، في ساعة كذا و كذا و سبب مرضك كذا و كذا،و تموت في شهر كذا و كذا في يوم كذا و كذا في ساعة كذا و كذا.

قال سعد:فقلت هذا الكلام لأبي جعفر عليه السّلام فقال:كان ذاك،فقلت:جعلت فداك فكيف لا تقول أنت فلا تخبرنا فنستعد له قال عليه السّلام هذا باب أغلق الجواب فيه علي بن الحسين عليه السّلام حتي يقوم قائمنا عليه السّلام.

و في البحار (2)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:العلم سبعة و عشرون حرفا فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتي اليوم غير حرفين،فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة و العشرين حرفا فبثها في الناس و ضم إليها الحرفين حتي يبثها سبعة و عشرين حرفا.

و فيه (3)عن أبي جعفر عليه السّلام في وصف آداب القائم عليه السّلام في زمان ظهوره قال في حديث طويل قال:ثم يرجع إلي الكوفة،فيبعث الثلاثمائة و البضعة عشر رجلا إلي الآفاق كلها،فيمسح بين أكتافهم،و علي صدورهم،فلا يتعايون في قضاء،و لا تبقي أرض إلاّ نودي فيها شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو قوله وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (4)و لا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية،كما قبلها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو قول اللّه (5)وَ قاتِلُوهُمْ حَتّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ إلخ.

و في حديث آخر عنه عليه السّلام (6)قال:و تؤتون الحكمة في زمانه حتي إن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب اللّه و سنة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

و في حديث آخر عنه عليه السّلام (7)إذا قام القائم أقام في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلا يقول عهدك كفك،فإذا ورد عليك ما لا تفهمه و لا تعرف القضاء فيه،فانظر إلي كفك،و اعمل بما فيها، الخبر.

ص: 35


1- بصائر الدرجات:/262الجزء السادس ح 1.
2- بحار الأنوار:336/52 باب 27 ح 73.
3- بحار الأنوار:345/52 باب 27 ح 91.
4- سورة آل عمران،الآية:83.
5- سورة البقرة،الآية:193.
6- بحار الأنوار:352/52.
7- بحار الأنوار:365/52 باب 27 ح 144.

و في كتاب الخرائج (1)عنه عن سيد الشهداء:ثم إن اللّه ليهب لشيعتنا كرامة لا يخفي عليهم شيء في الأرض،و ما كان فيها،حتي إن الرجل منهم يريد أن يعلم عمل أهل بيته فيخبرهم بعلم ما يعملون.

و في البحار عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل قال:و يقذف في قلوب المؤمنين العلم، فلا يحتاج مؤمن إلي ما عند أخيه من علم،فيومئذ تأويل هذه الآية: يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ و تخرج لهم الأرض كنوزها،و يقول القائم: كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ الخبر (2).

بركته و نفعه عجّل اللّه فرجه

في البحار (3)عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصف ظهور القائم عليه السّلام قال:و تعطي السماء قطرها و الشجر ثمرها،و الأرض نباتها و تتزين لأهلها،و تأمن الوحوش حتي ترتعي في أطراف الأرض كأنعامهم،الخبر.

و عن الصادق عليه السّلام،في البحار (4)و غيره قال:إذا قام القائم أذهب اللّه عن كل مؤمن العاهة، ورد إليه قوته.و طول أعمارهم،و مشاهدتهم كيف ينتقم القائم عليه السّلام من أعدائهم،و غير ذلك من المنافع الكثيرة.

و في المحجة (5)عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالي شأنه: وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ قال:في قبورهم بقيام القائم.

و في البحار (6)عن الصادق عليه السّلام قال:و إذا آن قيامه مطر الناس جمادي الآخرة و عشرة أيام من رجب مطرا لم تر الخلائق مثله،فينبت اللّه به لحوم المؤمنين و أبدانهم في قبورهم،و كأني أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة،ينفضون شعورهم من التراب.

نوره عجّل اللّه فرجه

منها:ما ورد في وصفه في بعض الزيارات الجامعة (7):نور الأنوار الذي تشرق به الأرض عمّا قليل.

و في زيارة أخري (8):و نوره في سمائه و أرضه.

و في زيارة يوم الجمعة (9):السلام عليك يا نور اللّه الذي يهتدي به المهتدون.

ص: 36


1- الخرائج و الجرائح:138.
2- بحار الأنوار:86/53.
3- بحار الأنوار:85/53.
4- بحار الأنوار:364/52 باب 27 ح 138.
5- المحجة:746.
6- بحار الأنوار:337/52 باب 27 ح 77.
7- راجع المفاتيح.
8- بحار الأنوار:227/102.
9- بحار الأنوار:215/102.

و في دعاء ليلة نصف شعبان في وصف صاحب الزمان:نورك المتألق،و ضياءك المشرق، الخ.

و منها:ما رواه السيد ابن طاووس في فلاح السائل،و المجلسي في البحار (1)عن عباد بن محمد المدائني قال:دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام بالمدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر،و قد رفع يديه إلي السماء و هو يقول:أي سامع كل صوت إلي آخر الدعاء.....قال:أليس قد دعوت لنفسك جعلت فداك؟قال:دعوت لنور آل محمد و سابقهم،و المنتقم بأمر اللّه من أعدائهم،قلت:

متي يكون خروجه جعلني اللّه فداك؟قال:إذا شاء من له الخلق و الأمر...

و منها ما روي في تفسير البرهان (2)و غيره عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري،قال:دخلت إلي مسجد الكوفة و أمير المؤمنين عليه السّلام يكتب بإصبعه و يتبسم،فقلت له:يا أمير المؤمنين،ما الذي يضحكك؟

فقال:عجبت لمن يقرأ هذه الآية و لم يعرفها حق معرفتها فقلت له أي آية يا أمير المؤمنين؟ فقال قوله تعالي: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ المشكاة محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فِيها مِصْباحٌ أنا اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزجاجة الحسن و الحسين عليهما السّلام كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ و هو علي بن الحسين عليه السّلام يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ محمد بن علي زَيْتُونَةٍ جعفر بن محمد لا شَرْقِيَّةٍ موسي بن جعفر وَ لا غَرْبِيَّةٍ علي بن موسي يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ محمد بن علي وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ :علي بن محمد نُورٌ عَلي نُورٍ :الحسن بن علي يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ القائم المهدي وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3).

إشراق نوره عجّل اللّه فرجه في عالم الدنيا

كمال الدين (4)عن محمد بن عثمان العمري قدس اللّه روحه،قال:لما ولد الخلف المهدي عليه السّلام،سطع نور من فوق رأسه إلي عنان السماء،ثم سقط لوجهه ساجدا لربه تعالي ذكره، ثم رفع رأسه و هو يقول شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ إلي آخر الآية و كان مولده عليه السّلام يوم الجمعة (5).

في رواية أخري (6)عن جارية أبي محمد عليه السّلام:أنه لما ولد السيد عليه السّلام،رأت له نورا ساطعا، قد ظهر منه و بلغ افق السماء،و رأت طيورا بيضا تهبط من السماء،و تمسح أجنحتها علي رأسه

ص: 37


1- بحار الأنوار:62/86 باب 39 ح 1.
2- تفسير البرهان:136/3 ح 16.
3- موسوعة الامام الجواد:185/1.
4- إكمال الدين:433/2 باب 42 ح 13.
5- لا تنافي بين هذه الرواية و رواية أخري التي تدل علي أنه ولد ليلا لأن ميلاده كان عند طلوع الفجر فيصح ان يحسب من الليل و من النهار(لمؤلفه).
6- إكمال الدين:431/2 باب 42 ح 7.

و وجهه و سائر جسده،ثم تطير،فأخبرنا أبا محمد عليه السّلام بذلك فضحك،ثم قال:تلك الملائكة، نزلت للتبرك بهذا المولود،و هي أنصاره إذا خرج.

و في رواية ثالثة (1)عن حكيمة قالت:و إذا أنا بها،و عليها من أثر النور ما غشي بصري،إلي آخر الرواية،و هي طويلة مذكورة في كمال الدين و البحار و غيرهما.

و أما القسم الثاني و هو إشراقه في زماني الحضور و الغيبة،كليهما،فعلي نحوين:

أحدهما:إشراقه بلا واسطة،و قد تشرّف برؤية هذا الإشراق جمع من أهل الوفاق:

منهم أبو هارون المذكور في رواية كمال الدين (2)عن محمد بن الحسن الكرخي،قال:

سمعت أبا هارون رجلا من أصحابنا،يقول:رأيت صاحب الزمان عليه السّلام و وجهه يضيء كأنه القمر ليلة البدر،الخبر.

***

ذكر غيبة الأنبياء عليهم السّلام

الأوّل:إدريس النبي عليه السّلام،

فقد غاب عن شيعته حتّي آل الأمر إلي أن تعذّر عليهم القوت، و قتل الجبّار من قتل منهم و أفقر و أخاف باقيهم،ثمّ ظهر فوعد شيعته بالفرج و بقيام القائم من ولده و هو نوح،ثمّ رفع اللّه عزّ و جلّ إدريس فلم تزل الشيعة يتوقّعون قيام نوح قرنا بعد قرن و خلفا عن سلف،صابرين من الطواغيت علي العذاب المهين حتّي ظهرت نبوّة نوح (3).

الثاني:صالح عليه السّلام

فقد غاب عن قومه زمانا و كان يوم غاب عنهم كهلا،فلمّا رجع إليهم لم يعرفوه من طول المدّة (4).

الثالث:إبراهيم عليه السّلام

فإنّ غيبته تشبه غيبة مولانا القائم عليه السّلام،لأنّ اللّه سبحانه قد غيّب أثر إبراهيم و هو في بطن أمّه حتّي حوّله عزّ و جلّ بقدرته من بطنها إلي ظهرها،ثمّ أخفي أمر ولادته إلي وقت بلوغ الكتاب أجله،و ذلك أنّ منجّم نمرود أخبره بأنّ مولودا يولد في أرضنا فيكون هلاكنا علي يده و كان فيما أوتي المنجّم من العلم:سيحرق بالنار و لم يكن أوتي أنّ اللّه سينجيه،فحجب النساء عن الرجال،فلمّا حملت أمّ إبراهيم به بعث القوابل إليها فلم يعرفن شيئا من الحمل،فلمّا ولد ذهبت به أمّه إلي غار ثمّ وضعته و جعلت علي الباب صخرة ثمّ انصرفت عنه،فجعل اللّه عزّ و جلّ رزقه في إبهامه فجعل يمصّها و يشرب لبنا،و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة،فجعل يكبر في الغار و يشبّ حتّي قام بأمر اللّه تعالي.و قد غاب غيبة أخري سار فيها في البلاد بعد نجاته

ص: 38


1- إكمال الدين:428 باب 42 ح 2.
2- إكمال الدين:434/2 باب 44 ح 1.
3- راجع كمال الدين:127.
4- كمال الدين:136 غيبة صالح.

من النار.و نقل أنّه كانت له غيبة أخري حين هاجر إلي الشام.

و كذا ورد أنّ لموسي غيبة أخري في التيه.و غيبة يونس بن متي حين التقطه الحوت.و كذا غاب سليمان حين أخذ الماء خاتمه.و نقل بعض أهل التواريخ أنّ مريم هربت بعيسي عن اليهود إلي مصر إثنتي عشرة سنة (1).

و في نهج المحجّة روي عن الصادق عليه السّلام:غيبة إلياس في الجبل عن الملك أجب سبع سنين إلي أن رفعه اللّه إليه و استخلف اليسع علي بني إسرائيل (2).

الرابع:غيبة يوسف عليه السّلام

فإنّها كانت عشرين سنة،و كان هو بمصر و يعقوب عليه السّلام بفلسطين و بينهما مسيرة تسعة أيّام فاختلفت الأحوال عليه في غيبته حتّي إنّه روي عن الصادق عليه السّلام أنّه قدم أعرابي علي يوسف يشتري منه طعاما فباعه فلمّا فرغ قال له يوسف:أين منزلك؟قال:بموضع كذا.

فقال له:إذا مررت بوادي كذا و كذا فقف فناد:يا يعقوب يا يعقوب،فإنّه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم و سيم فقل له:رأيت رجلا بمصر و هو يقرئك السلام و يقول لك:إنّ وديعتك عند اللّه عزّ و جلّ لن تضيع.قال:فمضي الأعرابي حتّي انتهي إلي الموضع فقال لغلمانه:إحفظوا عليّ الإبل ثمّ نادي:يا يعقوب يا يعقوب،فخرج إليه رجل أعمي طويل جميل يتّقي الحائط بيده حتّي أقبل فقال الرجل:أنت يعقوب؟فقال:نعم،فأبلغه ما قال يوسف،فسقط مغشيا عليه ثمّ أفاق فقال:يا أعرابي ألك حاجة إلي اللّه تعالي عزّ و جلّ؟فقال:نعم،إنّي رجل كثير المال ولي بنت عمّ و ليس لي ولد منها فأحبّ أن تدعو اللّه عزّ و جلّ يرزقني ولدا،فتوضّأ يعقوب و صلّي ركعتين ثمّ دعا اللّه عزّ و جلّ فرزقه اللّه أربعة أبطن أو قال:ستّة أبطن في كلّ بطن إبنان.و كان يعقوب يعلم أنّ يوسف حيّ لا يموت و أنّ اللّه تعالي ذكره سيظهره له بعد غيبته.

و الدليل عليه:أنّه لمّا رجع إليه بنوه يبكون قال لهم:يا بني ما لكم تبكون و تدعون بالويل و الثبور؟و ما لي لا أري فيكم حبيبي يوسف؟قالوا:يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق و تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب و ما أنت بمؤمن لنا و لو كنّا صادقين،و هذا قميصه قد أتيناك به.قال:ألقوه إلي،فألقوه علي وجهه فخرّ مغشيّا عليه،فلمّا أفاق قال لهم:يا بنيّ ألستم تزعمون أنّ الذئب أكل حبيبي يوسف؟قالوا:نعم،قال:ما لي لا أشمّ ريح لحمه و ما لي أراه صحيحا،هبوا أنّ القميص انكشف من أسفله،أرأيتم ما كان في منكبه و عنقه كيف خلص عنه الذئب من غير أن يخرقه؟إنّ هذا الذئب مكذوب عليه،و إنّ ابني لمظلوم،بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل و اللّه المستعان علي ما تصفون،فتولّي عنهم ليلتهم تلك لا يكلّمهم و أقبل يرثي يوسف و يقول:حبيبي يوسف الذي كنت أؤثره علي جميع أولادي فاختلس منّي،حبيبي يوسف الذي كنت أرجوه من بين أولادي،فاختلس

ص: 39


1- كمال الدين:137.
2- راجع منار الهدي:632.

منّي،حبيبي يوسف الذي كنت أوسده يميني و أدثّره بشمالي،فاختلس منّي،حبيبي يوسف الذي كنت أؤمن به وحشتي و أصل به وحدتي،فاختلس منّي،حبيبي يوسف،ليت شعري في أيّ الجبال طرحوك؟أو في أيّ البحار أغرقوك؟حبيبي يوسف ليتني كنت معك فيصيبني الذي أصابك (1).

و قال الصادق عليه السّلام:قال يعقوب عليه السّلام لملك الموت:الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرّقة؟ فقال:بل متفرّقة.فقال:هل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح؟قال:لا.فعند ذلك قال لبنيه (2)يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ (3).

فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب الزمان حال يعقوب في معرفته بيوسف و غيبته،و حال الجاهلين به و بغيبته و المعاندين في أمره حال إخوة يوسف الذين من جهلهم بأمر يوسف و غيبته قالوا لأبيهم يعقوب تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (4).

الخامس:غيبة موسي

فقد روي عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:لما حضرت يوسف الوفاة جمع شيعته و أهل بيته،فحمد اللّه و أثني عليه ثمّ حدّثهم شدّة تنالهم،يقتل فيها الرجال و تشقّ فيها بطون الحبالي و تذبح الأطفال حتّي يظهر الحقّ من ولد لاوي بن يعقوب،و هو رجل أسمر طويل،و نعته لهم بنعته، فتمسّكوا بذلك،و وقعت الغيبة و الشدّة علي بني إسرائيل و هم منتظرون قيام القائم أربعمائة سنة حتّي إذا بشّروا بولادته و رأوا علامات ظهوره و اشتدّت البلوي عليهم و حمل عليهم بالحجارة و الخشب، و طلبوا الفقيه الذي كانوا يستريحون إلي أحاديثه فاستتر،فراسلوه و قالوا:كنّا مع الشدّة نستريح إلي حديثك،فخرج بهم إلي بعض الصحاري و جعل يحدّثهم حديث القائم و نعته و قرب الأمر و كانت له فترة،فبينما هم كذلك إذا طلع عليهم موسي،و كان في ذلك الوقت حدث السنّ،و خرج من عند فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه و أقبل إليهم و تحته بغلة و عليه طيلسان خزّ،فلمّا رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام إليه و أكبّ علي قدمه ثمّ قال:الحمد للّه الذي لم يمتني حتّي رأيتك،فلمّا رأي الشيعة ذلك علموا أنّه صاحبهم فأكبّوا علي الأرض شكرا للّه عزّ و جلّ،فلم يزدهم علي أن قال:أرجو أن يعجّل اللّه فرجكم،ثمّ غاب بعد ذلك و خرج إلي مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام،فكانت الغيبة الثانية أشدّ من الاولي،و كانت نيفا و خمسين سنة،اشتدّت البلوي عليهم و استتر الفقيه،فبعثوا إليه بأنّه لا صبر لنا علي استتارك عنّا،فخرج إلي بعض الصحاري و استدعاهم و طيّب نفوسهم و أعلمهم أنّ اللّه عزّ و جلّ أوحي إليه أنّه مفرّج عنهم بعد أربعين سنة،فقالوا بأجمعهم:الحمد لله.فأوحي اللّه عزّ و جلّ إليه:قل لهم قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم الحمد لله.

فقالوا:كلّ نعمة من اللّه،فأوحي اللّه:قد جعلتها عشرين سنة.

ص: 40


1- كمال الدين:141.
2- روضة الكافي:199/8.
3- سورة يوسف،الآية:87.
4- سورة يوسف،الآية:95.

فقالوا:لا يأتي بالخير إلاّ اللّه،فأوحي اللّه عزّ و جلّ إليه:قل لهم لا يرجعوا،فقد أذنت في فرجهم،فبينما هم كذلك إذ طلع موسي راكبا حمارا فأراد الفقيه أن يعرّف الشيعة ما يستبصرون به فيه،و جاء موسي حتّي وقف عليهم فسلّم فقال الفقيه:ما اسمك؟قال:موسي،فقال:ابن من؟ فقال:ابن عمران.قال:ابن من؟قال:ابن قاهب بن لاوي بن يعقوب.قال:بماذا جئت؟قال:

بالرسالة من عند اللّه عزّ و جلّ.فقام إليه فقبّل يده ثمّ جلس بينهم و طيّب نفوسهم ثمّ أمرهم ثمّ فرّقهم،و كان بين ذلك الوقت و بين فرجهم لغرق فرعون لعنه اللّه أربعون سنة (1).

السادس:غيبة أوصياء موسي:

أوّلهم يوشع بن نون فإنّه قام بالأمر بعد موته صابرا من طواغيت زمانه علي الجهد و البلاء حتّي مضي منه ثلاث طواغيت فقوي بعدهم أمره،فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسي بصفراء بنت شعيب إمرأة موسي في مائة ألف رجل فقاتلوا يوشع بن نون فغلبهم،و قتل منهم مقتلة عظيمة و هزم الباقين بإذن اللّه تعالي،و أسر صفراء بنت شعيب ثمّ قال لها:قد عفوت عنك في الدنيا إلي أن تلقي نبي اللّه موسي فأشكو ما لقيت منك و من قومك.فقالت صفراء:واويلاه و اللّه لو أبيحت لي الجنّة لاستحييت أن أري فيها رسول اللّه و قد هتك حجابه علي و خرجت علي وصيّه بعده (2).

و اعلم أنّه قد وقع مثل هذا في هذه الامّة حذو النعل بالنعل،فإنّ وصي نبي هذه الامّة إنّما استقلّ بالأمر بعد مضي الثلاثة،و لمّا استقل خرجت عليه أخت صفيراء-و هي حميراء-أخرجها المنافقان إلي أن أسرها علي عليه السّلام في حرب البصرة،و لكن الفرق بين الإمرأتين أنّ الأولي ندمت علي ما فعلته و الثانية لم تندم.

ثمّ إنّ الأئمّة قد استتروا بعد يوشع إلي زمان داود أربعمائة سنة و كانوا أحد عشر،فكان قوم كلّ واحد منهم يختلفون إليهم و يأخذون معالم دينهم حتّي انتهي الأمر إلي آخرهم،فغاب عنهم ثمّ ظهر و بشّرهم بداود و أخبرهم أنّ داود هو الذي يأخذ الملك من جالوت و جنوده،و يكون فرجهم في ظهوره و كانوا ينتظرونه،فلمّا كان زمان داود كان له أربعة أخوة،و كان لهم أب شيخ كبير،و كان داود من بينهم خامل الذكر و هو أصغرهم،فخرجوا إلي قتال جالوت و خلفوا داود يرعي الغنم تحقيرا لشأنه فلمّا اشتدّت الحرب و أصاب الناس جهد رجع أبوه و قال لداود عليه السّلام:احمل إلي إخوتك طعاما،فخرج داود و القوم متقاربون فمّر داود علي حجر فناداه:يا داود خذني و اقتل بي جالوت فإنّي خلقت لقتله،فأخذه و وضعه في مخلاته التي كانت فيها حجارته التي ترعي بها غنمه،فلمّا دخل العسكر رآهم يعظمون أمر جالوت فقال:تعظمون من أمره فو الله لئن أتيته لأقتلنّه،فأدخلوه علي طالوت فقال له:يا بني ما عندك من القوّة؟

قال:قد كان الأسد يعدو علي الشاة من غنمي فأدركه و أفكّ لحييه عن الشاة و أخلّصها من

ص: 41


1- كمال الدين:145.
2- راجع كمال الدين:26.

فيه،و كان أوحي اللّه إلي طالوت أنّه لا يقتل جالوت إلاّ من لبس درعك فملأها،فدعا بدرعه فلبسها داود فاستوي عليه فراع ذلك طالوت و من حضره من بني إسرائيل،فلمّا أصبحوا و التقي الناس قال داود عليه السّلام:أروني جالوت،فلمّا رآه أخذ الحجر فرماه فصك بين عينيه و قتله و قال الناس:قتل داود عليه السّلام جالوت،فاجتمعت عليه بنو إسرائيل و أنزل اللّه عليه الزبور و ليّن له الحديد و أمر الجبال و الطير أن تسبّح معه،و أعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا و أقام في بني إسرائيل نبيّا (1).

و هكذا يكون سبيل القائم عجّل اللّه فرجه فإنّ له سيفا مغمدا،إذا حان وقت خروجه إقتلع ذلك السيف من غمده و أنطقه اللّه عزّ و جلّ فناداه السيف:أخرج يا ولي اللّه فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء اللّه،فيخرج فيقتلهم.

ثمّ إنّ داود أراد أن يستخلف سليمان لأنّ اللّه عزّ و جلّ أوحي إليه يأمره بذلك،فلمّا أخبر بني إسرائيل ضجّوا من ذلك و قالوا:تستخلف علينا حدثا و فينا من هو أكبر منه،فدعا أسباط بني إسرائيل و قال لهم:قد بلغتني مقالتكم فأروني عصيّكم فأيّ عصا أثمرت فصاحبها ولي الأمر من بعدي.فقالوا:رضينا.قال:ليكتب كلّ واحد منكم إسمه علي عصاه،فكتبوا،ثمّ جاء سليمان بعصاه فكتب عليها إسمه،ثمّ أدخلت بيتا و أغلق الباب و حرسته رؤوس أسباط بني إسرائيل،فلمّا أصبح فتح الباب فأخرج عصيهم و قد أورقت عصا سليمان و أثمرت فسلّموا ذلك لداود فقال:إنّ هذا خليفتي من بعدي.

ثم أخفي سليمان بعد ذلك و تزوّج بامرأة استتر في بيتها عن شيعته ما شاء اللّه،ثمّ إنّ امرأته قالت له ذات يوم:بأبي أنت و أمّي ما أكمل خصالك و أطيب ريحك،و لا أعلم لك خصلة أكرهها إلاّ أنّك في مؤونة أبي،فلو دخلت السوق فتعرّضت لرزق اللّه رجوت أن لا يخيبك.فقال لها سليمان:إنّي و اللّه ما عملت عملا قط و لا أحسنه،فدخل السوق يومه ذلك فرجع و لم يصب شيئا فقال لها:ما أصبت شيئا؟قالت:لا عليك إن لم يكن اليوم كان غدا.

فلمّا كان من الغد خرج إلي السوق فجال يومه فلم يقدر علي شيء فرجع فأخبرها فقالت:غدا يكون إن شاء اللّه،فلمّا كان اليوم الثالث مضي حتّي انتهي إلي ساحل البحر فإذا هو بصيّاد فقال له:

هل لك أن أعينك و تعطيني شيئا؟

قال:نعم،فأعانه فلمّا فرغ أعطاه الصياد سمكتين.فأخذهما و حمد اللّه،ثمّ إنّه شقّ بطن إحداهما فإذا هو بخاتم في بطنها فأخذه و صيّره في ثوبه،و حمد اللّه عزّ و جلّ و أصلح السمكتين و جاء بهما إلي منزله و فرحت امرأته بذلك فرحا شديدا و قالت له:إنّي أريد أن تدعو والديّ حتّي يعلما أنّك قد كسبت،فدعاهما فأكلا معه فلمّا فرغوا قال لهم:هل تعرفوني؟5.

ص: 42


1- بحار الأنوار:366/13 و 445.

قالوا:لا و اللّه إلاّ أنّا لم نر منك إلاّ خيرا.

قال:فأخرج خاتمه فلبسه و خرّ عليه الطير و الريح و غشيه الملك،و حمل الجارية و والديها إلي بلاد اصطخر و اجتمعت إليه الشيعة و استبشروا به،ففرّج اللّه عنهم ممّا كانوا فيه من حيرة غيبته،فلمّا حضرته الوفاة أوحي إلي آصف بن برخيا بأمر اللّه تعالي،فلم يزل بينهم تختلف إليه الشيعة و يأخذون منه معالم دينهم.

ثمّ غيّب اللّه تعالي آصف غيبة طال أمدها،ثمّ ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء اللّه،ثمّ إنّه ودّعهم فقالوا له:أين الملتقي؟قال:علي الصراط،فغاب عنهم ما شاء اللّه فاشتدّت البلوي علي بني إسرائيل بغيبته،و تسلّط عليهم بخت نصر فجعل يقتل من يظفر به منهم و يطلب من يهرب و يسبي ذراريهم،فاصطفي من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال،و اصطفي من ولد هارون عزيزا،و هم حينئذ صبية صغار فمكثوا في يده،و بنو إسرائيل في العذاب المهين،و الحجّة دانيال أسر في يد بخت نصر لعنه اللّه تسعين سنة،فلمّا عرف فضله و سمع أنّ بني إسرائيل ينتظرون خروجه و يرجون الفرج من ظهوره و علي يده،أمر أن يجعل في جبّ عظيم واسع و يجعل معه أسد ليأكله، فلم يقربه و أمر أن لا يطعم،و كان اللّه تبارك و تعالي يأتيه بطعامه و شرابه علي يدي نبي من أنبيائه، فكان دانيال يصوم النهار و يفطر بالليل علي ما يدلي إليه من الطعام.

و اشتدّت البلوي علي شيعته و قومه المنتظرين لظهوره و شكّ أكثرهم في الدين لطول الأمد، فلمّا تناهي البلاء بدانيال و قومه رأي بخت نصر لعنه اللّه في المنام كأنّ ملائكة السماء هبطت إلي الأرض أفواجا إلي الجبّ الذي فيه دانيال مسلّمين عليه يبشّرونه بالفرج،فلمّا أصبح ندم علي ما أتي إلي دانيال،فأمر بأن يخرج من الجبّ فلمّا أخرج اعتذر إليه ممّا ارتكب منه،ثمّ فوّض إليه النظر في أمور ممالكه و القضاء بين الناس،فظهر من كان مستترا من بني إسرائيل،و رفعوا رؤوسهم و اجتمعوا إلي دانيال موقنين بالفرج،فلم يثبت إلاّ القليل علي ذلك الحال حتّي مات،و أفضي الأمر بعده إلي عزيز فكانوا يجتمعون إليه و يأنسون به و يأخذون منه معالم دينهم،فغيّب اللّه تعالي عنهم شخصه مائة عام ثمّ بعثه و غابت الحجج بعده و اشتدّت البلوي علي بني إسرائيل حتّي ولد يحيي بن زكريا و ترعرع،فظهر و له تسع سنين فقام في الناس خطيبا فحمد اللّه و أثني عليه و ذكّرهم بأيّام اللّه عزّ و جلّ،و أخبرهم أنّ محن الصالحين إنّما كانت لذنوب بني إسرائيل و أنّ العاقبة للمتّقين،و وعدهم الفرج بقيام المسيح بعد نيف و عشرين سنة من هذا القول،فلمّا ولد المسيح أخفي اللّه ولادته و غيّب اللّه شخصه؛لأنّ مريم لما حملته انتبذت به مكانا قصيا،ثمّ إنّ زكريا و خالتها أقبلا يقصّان أمرها حتّي هجما عليها و قد وضعت ما في بطنها و هي تقول: يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (1).3.

ص: 43


1- سورة مريم،الآية:23.

فأطلق اللّه تعالي ذكره لسانه بعذرها و إظهار حجّتها،فلمّا ظهر اشتدّت البلوي و الطلب علي بني إسرائيل و أكبّ الجبابرة و الطواغيت عليهم حتّي كان من أمر المسيح ما قد أخبر اللّه تعالي به.

و استتر شمعون بن حمون و الشيعة،ثمّ أفضي بهم الإستتار إلي جزيرة من جزائر البحر فأقاموا بها ففجّر اللّه لهم فيها العيون العذبة،و أخرج لهم من كل الثمرات و جعل لهم فيها الماشية،و بعث إليهم سمكة تدعي القمل لا لحم لها و لا عظم و إنّما هي جلد و دم فخرجت من البحر،فأوحي اللّه عزّ و جلّ إلي النحل أن يركبها فركبها فأتت بالنحل إلي تلك الجزيرة،و نهض النحل و تعلّق بالشجر فعرس و بني و كثر العسل،و لم يكونوا يفقدون من أخبار المسيح شيئا (1).

و روي أنّ له غيبات يسيح فيها في الأرض فلا يعرف قومه و شيعته خبره،ثمّ ظهر فأوحي إلي شمعون بن حمون،فلمّا مضي شمعون غاب الحجج بعده و اشتدّ الطلب و عظمت البلوي و درس الدين و أميتت الفروض و السنن،و ذهب الناس يمينا و شمالا لا يعرفون أيّا من أي،فكانت الغيبة مائتين و خمسين سنة (2).

و عن الصادق عليه السّلام:كان بين عيسي و بين محمّد خمسمائة عام،منها مائتان و خمسون عاما ليس فيها نبي و لا عالم ظاهر.قيل:فما كانوا؟قال:كانوا متمسّكين بدين عيسي (3).

و أمّا النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فغيبته المشهورة كانت في الغار و كل المسلمين أطبقوا علي أنّ غيبته في الغار إنّما كانت تقية عن المشركين و خوفا علي نفسه،حتّي أنّه لو لم يذهب إلي الغار لقتلوه؛لأنّهم مهّدوا له القتل و سوّل لهم الشيطان و علّمهم لطائف الحيل في قتله،و أخذ معه أبا بكر خوفا منه أيضا لئلاّ يدلّ الناس عليه كما قالوه في كتبهم،و استشهد العامّة بهذا بأنّه فوق الصحابة،و جوابه هو الذي أجاب به إمام زماننا في سؤالات سعد بن عبد اللّه و ذكرناه بعيد هذا في الفرع التاسع من الغصن الخامس في عداد التوقيعات.

قال في إلزام الناصب:الثامن ممّن غاب سليمان بن داود.و التاسع آصف بن برخيا غاب عن قومه مدّة طال أمدها ثمّ رجع إليهم.و العاشر دانيال.و الحادي عشر عزيز.و الثاني عشر مسيح (4).

و غيبة نبيّنا ثلاث سنين في شعب أبي طالب حين حاصرت قريش بني هاشم،و له غيبة أخري قبلها،بمعني اختفائه بالدعوة خمس سنين و ذلك بعد البعثة حتّي أنزل اللّه عزّ و جلّ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (5)و له صلّي اللّه عليه و آله و سلّم غيبة أخري في الغار.4.

ص: 44


1- بطوله في كمال الدين:159 ح 17،و بحار الأنوار:449/13.
2- كمال الدين:160.
3- كمال الدين:161.
4- راجع لذلك كمال الدين:136 باب 7 ح 17 و ما بعده.
5- سورة الحجر،الآية:94.

المعمّرون

أوّل الناس:آدم عمره تسعمائة و ثلاثون سنة.

الثاني:شيث و عمره تسعمائة و اثنتا عشرة سنة.

الثالث:نوح و عمره ألفان و خمسمائة سنة.

الرابع:إدريس و عمره تسعمائة و خمس و ستّون سنة.

الخامس:سليمان بن داود و عمره سبعمائة و اثنتا عشرة سنة.

السادس:عوج بن عنقا و عمره ثلاثة آلاف و خمسمائة سنة،و عمر أمّه عنق بنت آدم أزيد من ثلاثة آلاف سنة.

في غيبة الطوسي (1):أفريدون العادل عاش فوق ألف سنة،و يقولون:إنّ الملك الذي أحدث المهرجان عاش ألفي سنة و خمسمائة سنة استتر منها عن قومه ستمائة سنة،و منهم عمرو بن عامر مزيقيا عاش ثمانمائة سنة أربعمائة سنة في حياة أبيه و أربعمائة سنة ملكا،و كان في سني ملكه يلبس في كل يوم حلتين،فإذا كان بالعشيّ مزّقت الحلّتان عنه لئلاّ يلبسهما غيره فسمّي مزيقيا.

السابع:أصحاب الكهف بعمرهم اللّه أعلم (2).

الثامن:الخضر عليه السّلام و بعمره اللّه أعلم.

التاسع:إلياس و بعمره اللّه أعلم.

العاشر:سلمان الفارسي عمره علي المشهور أربعمائة سنة.و في رواية العوالم لقي عيسي ابن مريم (3).

الحادي عشر:ذو القرنين و بعمره اللّه أعلم.

الثاني عشر:ضحاك و عمره ألف سنة.

الثالث عشر:كرشاسب و عمره خمس و سبعمائة سنة.

الرابع عشر:رستم و عمره ستمائة سنة.

الخامس عشر:زال و عمره خمسون و ستمائة سنة.

السادس عشر:حبيب الذي استدعي من النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم معجزة شق القمر و عمره.....

ص: 45


1- غيبة الشيخ:123 الكلام علي الواقفة.
2- فإنّ القرآن و إن أخبر عن مقدار نومهم لكنه لم يخبرنا عن مقدار عمرهم قبل نومهم.
3- بحار الأنوار:205/51.

السابع عشر:رئيس نصاري نجران.....

الثامن عشر:دقيانوس.....

التاسع عشر:فرعون.....

العشرون:شداد بن عاد و عمره سبعمائة سنة.

الحادي و العشرون:لقمان بن عاد و عمره ثلاثة آلاف و خمسمائة سنة.

الثاني و العشرون:عزيز مصر و عمره سبعمائة سنة.

الثالث و العشرون:ريان بن دومغ والد عزيز مصر و عمره ألف و سبعمائة سنة.

الرابع و العشرون:دومغ والد ريان و عمره ثلاثة آلاف سنة (1).

الخامس و العشرون:عبيد بن شريد الجرهمي (2)،في الإكمال أنّه معروف و عاش ثلاثمائة و خمسين سنة فأدرك النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و حسن إسلامه و عمّر بعد ما قبض النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حتي قدم علي معاوية في أيام تغلبه و ملكه فقال معاوية:أخبرني يا عبيد عمّا رأيت و سمعت و أدركت و كيف رأيت الدهر؟ فقال:أمّا الدهر فرأيت ليلا يشبه ليلا،و نهارا يشبه نهارا،و مولودا يولد و ميتا يموت و لم أدرك أهل زمان إلاّ و هم يذمّون زمانهم،و أدركت من قد عاش ألف سنة و حدّثني عمّن كان قبله عاش ألفي سنة... (3).

السادس و العشرون من المعمّرين ربيع بن ضبيع الفراوي (4).

السابع و العشرون من المعمّرين:علي بن عثمان بن خطاب بن مرّة بن مؤيّد المعروف بأبي الدنيا (5).

الثامن و العشرون في كنز الفوائد للكراچكي و في البحار:و كذلك حال المعمر الآخر المشرقي و وجوده بمدينة من أرض المشرق يقال لها سهرورد إلي الآن،و رأينا جماعة رأوه و حدّثوا حديثه، و أنّه كان أيضا خادما لأمير المؤمنين،و الشيعة تقول أنّهما يجتمعان عند ظهور الإمام المهدي عليه و علي آبائه أفضل السلام.و قال:هذا رجل مقيم ببلاد العجم من أرض الجبل،يذكر أنّه رأي أمير المؤمنين عليه السّلام،يعرفه الناس بذلك علي مرّ السنين و الأعوام،و يقول أنّه لحقه ما لحق المغربي من الشجّة في وجهه،و أنّه صحب أمير المؤمنين عليه السّلام و خدمه (6).1.

ص: 46


1- راجع قصته في إلزام الناصب.
2- هكذا في بعض النسخ،و هو تصحيف و الصحيح عبيد بن شرية.
3- كمال الدين:/547ح 1 باب 51.
4- انظر كمال الدين:549-551 ح 1 باب 52.
5- انظر كمال الدين:542 ح 7 باب 50.
6- البحار:261/51.

التاسع و العشرون من المعمّرين سربايل ملك الهند في بلاد تسمّي صوح عاش تسعمائة سنة و خمس و عشرون سنة و هو مسلم (1).

***

غيبات المعمرين و الاستدلال بها علي غيبته عجّل اللّه فرجه

كمال الدين:بإسناده عن الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن صالحا عليه السّلام غاب عن قومه زمانا،و كان يوم غاب عنهم كهلا مبدح البطن حسن الجسم وافر اللحية خميص البطن خفيف العارضين ربعة من الرجال،فلمّا رجع إلي قومه لم يعرفوه بصورته،فرجع إليهم و هم علي ثلاث طبقات:طبقة جاحدة لا ترجع أبدا و أخري شاكّة فيه و أخري علي يقين،فبدأ عليه السّلام حيث رجع بطبقة الشكاك،فقال لهم:أنا صالح.

فكذبوه و شتموه و زجروه و قالوا:بريء اللّه منك،إن صالحا كان في غير صورتك.

قال:فأتي الجحّاد،فلم يسمعوا منه القول و نفروا منه أشدّ النفور،ثم انطلق إلي الطبقة الثالثة و هم أهل اليقين فقال لهم:أنا صالح.

فقالوا:أخبرنا خبرا لا نشك فيك معه أنك صالح،فإنّا لا نمتري أن اللّه تبارك و تعالي الخالق ينقل و يحوّل في أي الصور شاء،و قد أخبرنا و تدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء،و إنّما صحّ عندنا إذا أتي الخبر من السماء.

فقال لهم صالح:أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة.

فقالوا:صدقت و هي التي نتدارس،فما علاماتها؟

قال:لها شرب و لكم شرب يوم معلوم.

قالوا:آمنا باللّه و بما جئتنا به.

فعند ذلك قال اللّه تبارك و تعالي:إنّ صالحا مرسل من ربّه.

قال أهل اليقين:إنّا بما أرسل به مؤمنون.

قال الذين استكبروا و هم الشكّاك و الجحّاد:إنّا بالذي آمنتم به كافرون».

قلت:هل كان فيهم ذلك اليوم عالم؟

قال:«اللّه أعدل من أن يترك الأرض بغير عالم يدل علي اللّه تبارك و تعالي،و لقد مكث القوم

ص: 47


1- كمال الدين:642،و البحار:520/14 ح 5،و انظر إلزام الناصب.

بعد خروج صالح سبعة أيام علي فترة لا يعرفون إماما غير أنهم علي ما في أيديهم من دين اللّه عزّ و جلّ كلمتهم واحدة.

فلمّا ظهر صالح عليه السّلام اجتمعوا عليه،و إنما مثل القائم عليه السّلام مثل صالح عليه السّلام (1).

و عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سمعته يقول:«في القائم عليه السّلام سنّة من موسي بن عمران عليه السّلام».

فقلت:ما سنّته من موسي بن عمران؟

قال:«خفاء مولده و غيبته عن قومه».

فقلت:و كم غاب موسي عن قومه و أهله؟

قال:«ثماني و عشرين سنة» (2).

و عن أبي بصير قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول في صاحب هذا الأمر:«أربع سنن من أربعة أنبياء:سنّة من موسي و سنّة من عيسي و سنّة من يوسف و سنّة من محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

فأمّا من موسي فخائف يترقّب،و أمّا من يوسف فالسجن،و أمّا من عيسي فيقال أنه مات و لم يمت،و أمّا من محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فالسيف» (3).

و عن سعيد بن جبير عن سيد العابدين عليه السّلام قال:«في القائم منّا سنن من سنن الأنبياء عليهم السّلام سنّة من آدم و نوح و سنّة من إبراهيم و سنّة من موسي و سنّة من عيسي و سنّة من أيوب و سنّة من محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فأمّا من آدم و نوح فهو طول العمر و سنّة من إبراهيم عليه السّلام،و هو خفاء الولادة و اعتزال الناس و سنّة من موسي و هو الخوف و الغيبة و سنّة من عيسي و هو اختلاف الناس فيه و سنة من أيوب و هو الفرج بعد البلوي و سنّة من محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو الخروج بالسيف» (4).

و عن الباقر عليه السّلام:«إن فيه سنّة من يونس،و هو رجوعه من غيبته و هو شاب بعد كبر السن، و سنّة من عيسي و هو اختلاف من اختلف فيه حتي قالت طائفة منهم:ما ولد،و قالت طائفة:مات، و قالت طائفة:قتل و صلب.

و أمّا شبهه من جدّه المصطفي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فخروجه بالسيف و قتله أعداء اللّه و أعداء رسوله و الجبارين و الطواغيت،و أنه ينصر بالسيف و الرعب و أنه لا ترد له راية،و أن من علامات خروجه:4.

ص: 48


1- كمال الدين:136 ح 6،و البحار:387/11.
2- الإمامة و التبصرة:109 ح 95،و كمال الدين:152 ح 14.
3- كمال الدين:152 ح 16،و معجم أحاديث المهدي:240/3.
4- كمال الدين:322،و البحار:217/51 ح 4.

خروج السفياني من الشام،و خروج اليماني،و صيحة من السماء في شهر رمضان،و مناد ينادي من السماء باسمه و اسم أبيه» (1).

كمال الدين:و عن سدير الصيرفي قال:دخلت أنا و جماعة علي الصادق عليه السّلام فرأيناه جالسا علي التراب يبكي بكاء الثكلي و يقول:«سيّدي غيبتك نفت رقادي و ضيّقت عليّ مهادي و ابتزت مني راحة فؤادي.

سيدي:غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد،و فقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع و العدد، فما أحسّ بدمعة ترقي من عيني و أنيني يفتر من صدري عن دوارج الرزايا و سوالف البلايا إلاّ مثل بعيني عن غوابر أعظمها و أفظعها،و بواقي أشدّها و أنكرها،و نوائب مخلوطة بغضبك و نوازل معجونة بسخطك».

قال سدير:فاستطارت عقولنا و قلت:لا أبكي اللّه عينيك أي حالة حتمت عليك هذا المأتم؟

قال:فزفر زفرة إنتفخ منها جوفه.

و قال:«ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذ اليوم،و هو الكتاب المشتمل علي علم المنايا و البلايا و علم ما كان و ما يكون إلي يوم القيامة،الذي خص اللّه به محمدا و الأئمة من بعده عليه و عليهم السلام،و تأملت منه مولد قائمنا و غيبته و ابطاءه و طول عمره و بلوي المؤمنين من بعده في ذلك الزمان،و تولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته و ارتداد أكثرهم عن دينهم و خلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال اللّه تقدس ذكره: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ .

يعني الولاية،فأخذتني الرقة و استولت عليّ الأحزان».

قلت:يابن رسول اللّه شرّفنا في بعض ما أنت تعلمه من ذلك.

قال:«إن اللّه تبارك و تعالي أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل،قدّر مولده تقدير مولد موسي و قدّر غيبته تقدير غيبة عيسي و قدّر ابطاءه ابطاء نوح،و جعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر عليه السّلام دليلا علي عمره».

فقلت له:اكشف لنا يابن رسول اللّه عن وجوه هذه المعاني.

قال:«و أمّا مولد موسي فإن فرعون لمّا وقف علي أن زوال ملكه علي يده،أمر بإحضار الكهنة فدلّوه علي نسبه و أنه من بني إسرائيل،و لم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من بني إسرائيل حتي قتل في طلبه نيفا و عشرين ألف مولود حتي تعذر عليه الوصول إلي قتل موسي لحفظ اللّه تبارك و تعالي إيّاه،و كذلك بنو أمية و بنو العباس لمّا وقفوا علي أن زوال ملكهم و ملك الأمراء و الجبابرة علي يد القائم منّا،ناصبونا العداوة و وضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ابادة نسله1.

ص: 49


1- كمال الدين:327،و البحار:218/51.

طمعا منهم في الوصول إلي قتل القائم عليه السّلام،و يأبي اللّه أن ينكشف أمره لواحد من الظلمة إلي أن يتم نوره و لو كره المشركون.

و أمّا غيبة عيسي عليه السّلام فإن اليهود و النصاري اتفقت علي أنه قتل،فكذبهم اللّه بقوله: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (1).

كذلك غيبة القائم عليه السّلام فإن الأمّة تنكرها،فمن قائل بأنه:لم يولد،و قائل يقول:إنه ولد و مات،و قائل يكفر بقوله أن حادي عشرنا كان عقيما،و قائل يمرق بقوله:إنه يتعدي إلي ثلاث عشر فصاعدا،و قائل يعصي اللّه عزّ و جلّ بقوله:إن روح القائم تنطق في هيكل غيره.

و أمّا ابطاء نوح عليه السّلام فإنه لما استنزل العقوبة علي قومه من السماء،بعث اللّه عزّ و جلّ الروح الأمين عليه السّلام بسبعة نويات فقال:يا نبي اللّه إن اللّه تبارك و تعالي يقول لك:إن هؤلاء خلائقي و عبادي و لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلاّ بعد تأكيد الدعوة و إلزام الحجة،فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه،و اغرس هذا النوي فإن لك في نباتها و بلوغها و إدراكها إذا أثمرت الفرج و الخلاص،فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.

فلمّا نبتت الأشجار و بلغت و أثمرت بعد زمن طويل استنجز من اللّه سبحانه و تعالي العدة، فأمره اللّه تعالي أن يغرس من نوي تلك الأشجار و يعاود الصبر و الإجتهاد و يؤكد الحجة علي قومه، و أخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل و قالوا:لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وعد من وعد ربّه خلف.

ثم إن اللّه تبارك و تعالي لم يزل يأمره عند كل مرة أن يغرسها تارة بعد أخري إلي أن غرسها سبع مرات،فما زالت تلك الطوائف ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلي أن عاد إلي نيف و سبعين رجلا، فأوحي اللّه عزّ و جلّ عند ذلك إليه و قال:الآن أسفر الصبح عند الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفي من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة،فلو أني أهلكت الكفار و أبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك،لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك و اعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الأرض و أمكّن لهم دينهم و أبدّل خوفهم بالأمن،لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم،و كيف يكون الإستخلاف و التمكين و بدل الخوف بالأمن مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا و خبث طينتهم و سوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق،فلو أنهم تنسموا مني الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الإستخلاف إذا هلكت أعداؤهم لنشقوا روائح صفاته و كاشفوا إخوانهم بالعداوة و حاربوهم علي طلب الرئاسة، وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا .7.

ص: 50


1- سورة النساء،الآية:157.

و كذلك القائم تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه و يصفو الإيمان من الكذب بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشي عليهم النفاق إذا أحسوا بالإستخلاف و التمكين في عهد القائم عليه السّلام.

قال المفضل:فقلت يابن رسول اللّه إن النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر و عمر و عثمان و علي.

قال:«لا هدي اللّه قلوب النواصب،متي كان الدين الذي ارتضاه اللّه و رسوله متمكّنا بانتشار الأمن في الأمة و ذهاب الخوف من قلوبها و ارتفاع الشك من صدورها في عهد أحد هؤلاء و عهد علي عليه السّلام مع ارتداد المسلمين و الفتن التي كانت تثور في أيامهم و الحروب التي كانت تنشب بين الكفار و بينهم-ثم تلا الصادق عليه السّلام-: حَتّي إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (1).

و أمّا العبد الصالح الخضر عليه السّلام فإن اللّه تعالي ما طول عمره لنبوة قدّرها له و لا لكتاب ينزل عليه و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء و لا لإمامة يلزم عباده الإقتداء بها و لا لطاعة يفرضها له،بلي إن اللّه تبارك و تعالي لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السّلام في أيام غيبته ما يقدّر و علم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول،طول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك،إلاّ لعلة الإستدلال به علي عمر القائم عليه السّلام و ليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس علي اللّه حجة بعد الرسل».انتهي ملخصا (2).

و روي الصدوق قدّس اللّه ضريحه عن الأسواري عن مكي بن أحمد قال:سمعت إسحاق الطوسي يقول-و كان قد أتي عليه سبعة و تسعون سنة-علي باب يحيي بن منصور قال:رأيت سربانك ملك الهند في بلد تسمي صوح،فسألناه كم أتي عليك من السنين؟

قال:تسعمائة سنة و خمس و عشرون سنة،و هو مسلم فزعم أن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أنفذ إليه عشرة من أصحابه فأسلم فقلت له:ما طعامك؟

قال:آكل ماء اللحم و الكراث.

و سألته:هل يخرج منك شيء؟

فقال:في كل اسبوع مرة شيء يسير.

و سألته عن أسنانه؟1.

ص: 51


1- سورة يوسف،الآية:110.
2- كمال الدين:357،و البحار:222/51.

فقال:أبدلتها عشرين مرة.

و رأيت له في إصطبله شيئا من الدواب أكبر من الفيل يقال له:زند فيل.

فقلت:ما تصنع بهذا؟

قال:يحمل ثياب الخدم إلي القصار و مملكته مسيرة أربع سنين في مثلها و مدينته طولها خمسون فرسخا في مثلها،و علي كل باب منها عسكر في مائة ألف و عشرين ألفا إذا وقع في أحد الأبواب حدث خرجت تلك الفرقة إلي الحرب لا تستعين بغيرها و هو في وسط المدينة.

و سمعته يقول:دخلت إلي المغرب (1)فبلغت رمل عالج و صرت إلي قوم موسي عليه السّلام،فرأيت سطوح بيوتهم مستوية،و بيدر الطعام خارج القرية يأخذون منه القوت و الباقي يتركونه هناك، و قبورهم في دورهم،و بساتينهم من المدينة علي فرسخين،ليس فيهم شيخ و لا شيخة،و لم أر فيهم علة و لا يعتلون إلي أن يموتوا،و لهم أسواق إذا أراد الإنسان منهم شراء شيء صار إلي السوق فوزن لنفسه و أخذ ما يصيبه و صاحبه غير حاضر،و إذا أرادوا الصلاة حضروا فضلوا و انصرفوا لا يكون بينهم خصومة و لا كلام يكره إلاّ ذكر اللّه عزّ و جلّ و الصلاة و ذكر الموت.

قال الصدوق رحمه اللّه:اذا كان عند مخالفينا مثل هذا الحال لسربانك ملك الهند،فينبغي أن لا يحيلوا مثل ذلك في حجة اللّه من التعمير،و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم.

أقول:و من المعمّرين عمرو بن عامر ملك من ملوك اليمن،زعموا أنه كان يلبس كل يوم حلتين فيمزقهما بالعشي و يكره أن يعود فيهما،و يأنف أن يلبسهما أحد غيره (2).

عوالي اللئالي للفاضل ابن جمهور الأحسائي:بإسناده إلي الشيخ صدر الدين الساوي قال:

دخلت علي الشيخ بابا رتن و قد سقط حاجباه علي عينيه من الكبر،فرفعهما عن عينيه و نظر إليّ و قال:تري عيني هاتين،طالما نظرتا إلي وجه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و قد رأيته يوم حفر الخندق و كان يحمل علي ظهره التراب مع الناس،و سمعته يقول في ذلك اليوم:«اللّهم إني أسألك عيشة هنيئة و ميتة سوية و مردا غير مخذول و لا فاضح».

أقول:ذكر في القاموس:أن بابا رتن ظهر في الهند سنة ستمائة،و زعم أنه رأي أصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كثير من الناس يطعن في دينه (3).

و روي السيد علي بن عبد الحميد في الأنوار المضيئة:يرفعه إلي أبي الحسن الكاتب البصري و كان من الأدباء قال:في سنة إثنتين و تسعين و ثلثمائة منع الأمطار سنتين،و كانت البصرة رخيصة1.

ص: 52


1- في المخطوط:الرمل.
2- كمال الدين:643،و البحار:521/14.
3- عوالي اللئالي:29/1،و البحار:258/51.

فتسامع البدو بذلك و وردوها من الأقطار البعيدة،فخرجت مع جماعة نتصفح أحوالهم و نلتمس فائدة،فارتفع لنا بيت عال فقصدناه فوجدنا في كسره شيخا جالسا قد سقط حاجباه علي عينيه كبرا و حوله جماعة،فسلمنا عليه فرد التحية و قلنا:جئنا نلتمس الفائدة منك لعلو سنّك.

فقال الشيخ:إن الدنيا شغلتنا عمّا تبغونه مني،فإن أردتم الفائدة فاطلبوها عند أبي وها بيته.

فقصدنا البيت فوجدنا فيه شيخا منضجعا و حوله خدم،فسلمنا عليه و أخبرناه بكلام إبنه.

فقال:حيّاكم اللّه إن الذي أشغل ابني هو الذي أشغلني،و لكن الفائدة تجدونها عند والدي و أشار إلي بيت منيف.

فقلنا فيما بيننا:حسبنا من الفوائد مشاهدة والد هذا الشيخ الفاني.

فقصدناه فوجدنا حوله عبيدا و إماء،و إذا علي الوسادة رأس شيخ قد بلي،فجهرنا بالسلام فأحسن الرد و قلنا له:إنّ أولادك أرشدونا إليك للفائدة.

فقال للخدم:أجلسوني.

ثم قال:يا بني أخي إحفظوا حديثي:كان والدي لا يعيش له ولد فولدت له علي كبر ثم مات ولي سبع سنين فكفلني عمّي،فدخل بي يوما علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال:إن هذا ابن أخي و أنا كفيل بتربيته و إنني أنفس به علي الموت،فعلمني عوذة أعوذه بها ليسلم ببركتها.

فقال:«أين أنت عن ذات القلاقل».

فقال:يا رسول اللّه و ما ذات القلاقل؟

قال:«أن تعوّذه فتقرأ عليه سورة الجحد و سورة الإخلاص و سورة الفلق و سورة الناس».

و أنا إلي اليوم أتعوّذ بها كل غداة فما أصبت و لا أصيب لي مال و لا مرضت و لا افتقرت،و قد انتهي بي السن إلي ما ترون،فحافظوا عليها و استكثروا من التعوّذ بها.

ثم انصرفنا من عنده.

و قد ذكر الصدوق و المرتضي قدّس اللّه روحيهما من المعمّرين جماعة كثيرة للاحتجاج علي المخالفين في إنكارهم طول عمر المهدي عليه السّلام (1).

***1.

ص: 53


1- مستدرك الوسائل:392/4،و البحار:260/51.

من رآي القائم في حياة أبيه عليهما السّلام

الأوّل:ممن رآه حكيمة بنت محمد بن علي بن موسي عليهم السّلام عمّة الحسن العسكري،فإنّها رأت القائم ليلة مولده و بعد ذلك عن نسيم و مارية قالتا:لمّا خرج صاحب الزمان من بطن أمّه سقط جاثيا علي ركبتيه رافعا بسبابتيه نحو السماء فعطس فقال:الحمد للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علي محمّد و آله عبد اللّه أوّلا و آخرا غير مستنكف و لا مستكبر،ثمّ قال:زعمت الظلمة أنّ حجّة اللّه داحضة و لو أذن اللّه لنا لزال الشكّ (1).

الثاني:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:في كشف الغمّة عن أبي بصير الخادم قال:دخلت علي صاحب الزمان و هو في المهد فقال لي:عليّ بالصندل الأحمر،فأتيته به فقال:أتعرفني؟قلت:

نعم،أنت سيّدي و ابن سيّدي،فقال:ليس عن هذا سألتك،فقلت:فسّر لي.فقال:أنا خاتم الأوصياء،و بي يرفع اللّه البلاء عن أهلي و شيعتي (2).

الثالث:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:و فيه عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري قال:وجّه قوم من المفوضة كامل بن إبراهيم المدني إلي أبي محمد قال:فقلت في نفسي:لئن دخلت عليه أسأله عن الحديث المروي عنه:لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتي،و كنت جلست إلي باب عليه ستر مسبل،فجاءت الريح فكشفت طرفه و إذا أنا بفتي كأنّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها فقال لي:يا كامل بن إبراهيم،فاقشعررت من ذلك فقلت:لبيك يا سيّدي.قال:جئت إلي ولي اللّه تسأله:لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتك و قال بمقالتك؟قلت:إي و الله.قال:إذا و اللّه يقلّ داخلها و اللّه إنّه ليدخلنّها قوم يقال لهم«الحقّية».قلت:و من هم؟قال:هم قوم من حبّهم لعلي يحلفون بحقّه و لا يدرون ما حقّه و فضله،إنّهم قوم يعرفون ما تجب عليهم معرفته جملة لا تفصيلا من معرفة اللّه و رسوله و الأئمّة و نحوها.ثمّ قال:و جئت تسأل عن مقالة المفوّضة،كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة اللّه فإذا شاء اللّه شئنا و اللّه يقول وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (3)فقال لي أبو محمد:

ما جلوسك و قد أنبأك بحاجتك (4).

الرابع:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:و فيه عن نسيم خادم أبي محمّد عليه السّلام قال:دخلت علي صاحب الزمان عليه السّلام بعد مولده بعشرة أيّام فعطست عنده فقال:يرحمك اللّه.قال:ففرحت بذلك فقال لي:ألا أبشّرك في العطاس،هو أمان من الموت ثلاثة أيّام (5).

و فيه عن حكيمة قالت:دخلت علي أبي محمد بعد أربعين يوما من ولادة نرجس فإذا مولانا

ص: 54


1- الإرشاد للمفيد:351/2.
2- كمال الدين:441 و الغيبة للطوسي:246.
3- سورة الإنسان،الآية:30.
4- دلائل الإمامة:506.
5- كمال الدين:430.

صاحب الزمان يمشي في الدار،فلم أر لغة أفصح من لغته فتبسّم أبو محمّد فقال:إنّا معاشر الأئمّة ننشأ في كل يوم كما ينشأ غيرنا في الشهر،و ننشأ في الشهر كما ينشأ غيرنا في عصر السنة.قالت:

ثمّ كنت بعد ذلك أسأل أبا محمد عنه فقال:استودعناه الذي استودعت أمّ موسي ولدها عنده (1).

الخامس:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:و في البحار عن جماعة من الشيعة منهم علي بن بلال و أحمد بن هلال و محمد بن معاوية بن حكيم و الحسن بن أيوب بن نوح في خبر طويل مشهور قالوا جميعا:إجتمعنا إلي أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام نسأله عن الحجّة من بعده،و في مجلسه أربعون رجلا،فقام إليه عثمان بن سعيد العمري فقال له:يابن رسول اللّه أريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به منّي.فقال عليه السّلام له:إجلس يا عثمان،فقام مغضبا ليخرج فقال:لا يخرجنّ أحد،فلم يخرج منّا أحد إلي أن كان بعد ساعة،فصاح عليه السّلام بعثمان فقام علي قدميه قال:أخبركم لم جئتم؟قالوا:نعم يابن رسول اللّه.قال:جئتم تسألونني عن الحجّة من بعدي.قالوا:نعم.فإذا غلام كأنّه قطع قمر أشبه الناس بأبي محمّد عليه السّلام فقال:هذا إمامكم من بعدي و خليفتي عليكم،أطيعوه و لا تتفرّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم،ألا و إنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتّي يتمّ له عمر،فاقبلوا من عثمان ما يقوله و انتهوا إلي أمره و اقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم و الأمر إليه (2).

السادس:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:في الاحتجاج و تبصرة الولي باختلاف يسير عن سعد بن عبد اللّه القمي قال:كنت امرأ لهجا بجمع الكتب المشتملة علي غوامض العلوم و دقائقها، كلفا (3)باستظهار ما يصحّ من حقائقها،مغرما بحفظ مشتبهها و مستغلقها،شحيحا علي ما أظفر به من معاضلها و مشكلاتها،متعصّبا لمذهب الإمامية،راغبا عن الأمن و السلامة في انتظار التنازع و التخاصم و التعدّي إلي التباغض و التشاتم،معيبا للفرق ذوي الخلاف،كاشفا عن مثالب أئمّتهم، هتّاكا لحجب قادتهم إلي أن بليت بأشدّ النواصب منازعة و أطولهم مخاصمة و أكثرهم جدلا و أشنفهم سؤالا و أثبتهم علي الباطل قدما.

فقال ذات يوم و أنا أناظره:تبّا لك و لأصحابك يا سعد،إنّكم معاشر الرافضة تقصدون علي المهاجرين و الأنصار بالطعن عليهما و تجحدون من رسول اللّه ولايتهما و إمامتهما،هذا الصدّيق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته،أما علمتم أنّ رسول اللّه ما أخرجه مع نفسه إلي الغار إلاّ علما منه بأنّ الخلافة له من بعده،و أنّه هو المقلّد من أمر التأويل،و الملقي إليه أزمّة الامّة،و عليه المعوّل في شعب الصدع و لمّ الشعث و سدّ الخلل و إقامة الحدود و تسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك،كما أشفق علي نبوّته أشفق علي خلافته؛إذ ليس من حكم الإستتار و التواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة إلي مكان يستخفي فيه؟و لمّا رأينا النبيّ متوجّها إلي الانجحار (4)،و لم تكن الحال توجبر.

ص: 55


1- الخرائج و الجرائح:466/1.
2- غيبة الطوسي:357.
3- كلفا:أي مولعا.
4- الانجحار:الاستتار.

استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول اللّه بأبي بكر إلي الغار للعلّة التي شرحناها،و إنّما أبات عليا علي فراشه لما لم يكن ليكترث له و لم يحفل به و لاستثقاله،و لعلمه بأنّه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها.

قال سعد:فأوردت عليه أجوبة شتّي فما زال يقصد كلّ واحد منها بالنقض و الردّ علي ثمّ قال:

يا سعد دونكها أخري بمثلها تحطّم آناف الروافض،ألستم تزعمون أنّ الصدّيق المبرأ من دنس الشكوك،و الفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسرّان النفاق و استدللتم بليلة العقبة،أخبرني عن الصدّيق أسلم طوعا أو كرها.قال سعد:فاحتملت لدفع هذه المسألة عنّي خوفا من الإلزام و حذرا منّي إن أقررت لهما بطواعيتهما،و الإسلام احتج بأن بدوّ النفاق و نشوؤه في القلب لا يكون إلاّ عند هبوب روائح القهر و الغلبة و إظهار البأس الشديد في حمل المرء علي من ليس ينقاد له قلبه نحو قول اللّه عزّ و جلّ فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا (1).و إن قلت:أسلما كرها كان يقصدني بالطعن؛إذ لم يكن ثم سيوف منتضاة كانت تريهما البأس.

قال سعد:فصددت منه مزورا قد انتفخت أحشائي من الغضب،و تقطّع كبدي من الكرب و كنت قد اتخذت طومارا و أثبتّ فيه نيفا و أربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا علي أن أسأل فيها خير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمّد عليه السّلام،فارتحلت خلفه و قد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسرّ من رأي،فلحقته في بعض المناهل فلمّا تصافحنا قال:لخير لحاقك بي.قلت:الشوق ثمّ العادة في الأسئلة.قال:قد تكافينا هذه اللحظة الواحدة فقد برح بي العزم إلي لقاء مولانا أبي محمد،و أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل و مشاكل من التنزيل، فدونكها الصحبة المباركة فإنّها تقف بك علي ضفة بحر لا تنقضي عجائبه و لا تفني غرائبه و هو إمامنا،فوردنا سر من رأي فانتهينا منها إلي باب سيّدنا فاستأذن فخرج الإذن بالدخول عليه و كان علي عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساء طبري فيه ستّون و مائة صرّة من الدنانير و الدراهم،علي كلّ صرّة منها ختم صاحبها.

قال سعد:فما شبهت مولانا أبا محمد حين غشينا نور وجهه إلاّ بدرا قد استوفي من لياليه أربعا بعد عشر،و علي فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة و المنظر و علي رأسه فرق بيّن و قرطين كأنّه ألف بين واوين،و بين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة،و بيده قلم إذا أراد أن يسطر به علي البياض قبض الغلام علي أصابعه فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه و يشغله بردّها لئلاّ يصدّه عن كتبه ما أراد،فسلّمنا فألطف في الجواب و أومي إلينا بالجلوس،فلمّا فرغ من كتبة البياض الذي5.

ص: 56


1- سورة غافر:85.

كان بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه فنظر الهادي إلي الغلام و قال له:يا بني فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك.

فقال:يا مولاي أيجوز أن أمدّ يدا طاهرة إلي هدايا نجسة و أموال رجسة قد شيب أحلّها بأخرمها؟فقال مولاي:يابن إسحاق إستخرج ما في الجراب ليميّز بين الأحل و الأحرم منها،فأوّل صرّة بدأ أحمد بإخراجها فقال الغلام:هذه لفلان ابن فلان من محلّة كذا بقم تشتمل علي إثنين و ستين دينارا،فيها من ثمن حجرة باعها صاحبها و كانت إرثا له من أخيه خمسة و أربعون دينارا و من أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا،و فيها أجرة حوانيت ثلاثة عشر دينارا.فقال مولانا:صدقت يا بني.دلّ الرجل علي الحرام منها؟فقال:فتش علي دينار رازي السكة تاريخه السنة كذا قد انطمس من نصف إحدي صفحتيه نقشه،و قراضة آملية وزنها ربع دينار،و العلّة في تحريمها أنّ صاحب هذه الحملة وزن في شهر كذا من سنة كذا علي حائك من جيرانه من الغزل منّا و ربع منّ فأتت علي ذلك مدّة قيض انتهاؤها لذلك الغزل سارق،فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه،و استرد منه بدل ذلك منّا و نصف منّ غزلا أدقّ ممّا كان دفعه إليه،و اتخذ من ذلك ثوبا كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه، فلمّا فتح رأس الصرّة صادفه رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه و بمقدارها علي حسب ما قال،و استخرج الدينار و القراضة بتلك العلامة.ثمّ أخرج صرّة أخري فقال الغلام:هذه لفلان ابن فلان من محلّة كذا بقم تشتمل علي خمسين دينارا لا يحلّ لنا مسّها.

قال:و كيف ذلك؟قال:لأنّها ثمن حنطة خان صاحبها علي أكاره في المقاسمة،و ذلك أنّه قبض حصّة منها بكيل واف و كال ما خصّ الأكار بكيل بخس.فقال مولانا عليه السّلام:صدقت يا بني.ثمّ قال:يا بن إسحاق إحملها بأجمعها لتردّها أو توصي بردّها علي أربابها،فلا حاجة لنا في شيء منها و ائتنا بثوب العجوز.قال أحمد:و كان ذلك الثوب في حقيبة لي نفيسة فلمّا انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمّد عليه السّلام فقال:ما جاء بك يا سعد؟فقال:شوّقني أحمد بن إسحاق إلي لقاء مولانا.

قال:فالمسائل التي أردت أن تسأل عنها!قلت:علي حالها يا مولاي.قال:فسل قرّة عيني- و أومي إلي الغلام-عمّا بدا لك منها.فقلت له:مولانا و ابن مولانا إنّا روينا عنكم أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السّلام حتّي أرسل يوم الجمل إلي عائشة إنّك قد أربحت (1)علي الإسلام و أهله بفتنتك،و أوردت بنيك حيّا من الهلاك بجهلك فإن كففت عنّي عززتك و إلاّ طلّقتك، و نساء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد كان طلاقهن وفاته قال:ما الطلاق؟قلت:تخلية السبيل.قال:فإذا كان طلاقهنّ وفاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد خلّيت لهنّ السبيل،فلم لا يحلّ لهنّ الأزواج؟قلت:لأنّ اللّه تبارك و تعالي حرّم الأزواج عليهنّ.قال:و كيف و قد خلّي الموت سبيلهنّ؟قلت:فأخبرني يابن مولاي عنه.

ص: 57


1- أربحت تجارته إذا أربيتها له.

معني الطلاق الذي فوض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حكمه إلي أمير المؤمنين عليه السّلام قال عجّل اللّه فرجه:إنّ اللّه تبارك و تعالي عظّم شأن نساء النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فخصّهن بشرف الامّهات،فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يا أبا الحسن إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دمن للّه علي الطاعة،فأيّهنّ عصت اللّه بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج و أسقطها من شرف أمومة المؤمنين.

قلت:فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في أيّام عدّتها حلّ للزوج أن يخرجها من بيته؟قال:الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا،فإنّ المرأة إذا زنت و أقيم عليها الحدّ ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحدّ،و إذا سحقت وجب عليها الرجم و الرجم خزي، و من قد أمر اللّه عزّ و جلّ برجمه فقد أخزاه،و من أخزاه فقد أبعده فليس لأحد أن يقرّبه.

قلت:فأخبرني يابن رسول اللّه عن أمر اللّه تبارك و تعالي لنبيّه موسي فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُويً (1)فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة.فقال عليه السّلام:من قال ذلك فقد افتري علي موسي و استجهله في نبوّته؛لأنّه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين؛إمّا أن تكون صلاة موسي فيها جائزة أو غير جائزة،فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة،و إن كانت مقدّسة مطهّرة فليست بأقدس و أطهر من الصلاة،و إن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب علي موسي أنه لم يعرف الحلال من الحرام،و علم ما تجوز فيه الصلاة و ما لم تجز و هذا كفر.قلت:

فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما؟قال:إنّ موسي ناجي ربّه بالوادي المقدّس فقال:يا ربّ إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي و غسلت قلبي عمّن سواك،و كان شديد الحبّ لأهله فقال اللّه تعالي فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي إنزع حبّ أهلك عن قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة،و قلبك من الميل من سواي مغسولا.

قلت:فأخبرني يابن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عن تأويل كهيعص (2)؟قال:هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع اللّه عليها عبده زكريا ثمّ قصّها علي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و ذلك أنّ زكريا سأل ربّه أن يعلّمه الأسماء الخمسة،فأهبط عليه جبرائيل فعلّمه إيّاها فكان زكريا إذا ذكر محمّدا و عليا و فاطمة و الحسن سري عنه همّه و انجلي كربه،و إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة و وقعت عليه البهرة،فقال ذات يوم:إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين عليه السّلام تدمع عيني و تثور زفرتي؟فأنبأه اللّه تعالي عن قصّته و قال كهيعص فالكاف اسم كربلاء،و الهاء هلاك العترة،و الياء يزيد و هو ظالم الحسين،و العين عطشه،و الصاد صبره،فلمّا سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام و منع فيها الناس من الدخول عليه،و أقبل علي البكاء و النحيب و كانت ندبته:إلهي أتفجع خير خلقك بولده،أتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه،أتلبس عليا و فاطمة ثياب هذه المصيبة،إلهي أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما،ثمّ كان يقول:إلهي ارزقني ولدا تقرّ به عيني عند1.

ص: 58


1- سورة طه،الآية:12.
2- سورة مريم،الآية:1.

الكبر،و اجعله لي وارثا و وصيّا و اجعل محلّه منّي محلّ الحسين،فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ثمّ افجعني به كما تفجع محمّدا حبيبك بولده،فرزقه اللّه يحيي و فجعه به،و كان حمل يحيي ستّة أشهر و حمل الحسين كذلك و له قصّة طويلة.

قلت:فأخبرني يا مولاي عن العلّة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم؟قال:مصلح أو مفسد؟قلت:مصلح.قال:فهل يجوز أن تقع خيرتهم علي المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟قلت:بلي.قال:فهي العلّة أوردتها لك ببرهان يثق به عقلك، أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم اللّه و أنزل الكتب عليهم و أيّدهم بالوحي و العصمة،و هم أعلي الأمم و أهدي إلي الإختيار منهم مثل موسي و عيسي،هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا همّا بالإختيار أن تقع خيرتهما علي المنافق و هما يظنّان أنّه مؤمن؟قلت:لا.قال عليه السّلام:فهذا موسي كليم اللّه مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم و إخلاصهم فوقعت خيرته علي المنافقين،قال اللّه عزّ و جلّ وَ اخْتارَ مُوسي قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا إلي قوله: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّي نَرَي اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ بظلمهم (1)فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه اللّه للنبوّة واقعا علي الأفسد دون الأصلح و يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد،علمنا أن لا اختيار إلاّ لمن يعلم ما تخفي الصدور و تكنّ الضمائر و تتصرّف عليه السرائر،و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء علي ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.

ثمّ قال مولانا:يا سعد و حين ادّعي خصمك أنّ رسول اللّه ما أخرج مع نفسه مختار هذه الامّة إلي الغار إلاّ علما منه أنّ الخلافة له من بعده،و أنّه هو المقلّد لامور التأويل و الملقي إليه أزمة الامّة،المعول عليه في لمّ الشعث و سدّ الخلل و إقامة الحدود،و تسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر، فكما أشفق علي نبوّته أشفق علي خلافته؛إذ لم يكن من حكم الإستتار و التواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة من غيره إلي مكان يستخفي فيه،و إنّما أبات عليا علي فراشه لما لم يكن يكترث له و لا يحفل به،و لاستثقاله إيّاه و علمه بأنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها؛فهلا نقضت عليه دعواه بقولك:أليس قال رسول اللّه:الخلافة بعدي ثلاثون سنة فجعل هذه موقوفة علي أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم،و كان لا يجد بدّا من قوله:

بلي،فكنت تقول له حينئذ:أليس كما علم رسول اللّه أنّ الخلافة بعده لأبي بكر علم أنّها من بعد أبي بكر لعمر و من بعد عمر لعثمان و من بعد عثمان لعلي،فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك:

نعم،ثمّ كنت تقول له:فكان الواجب علي رسول اللّه أن يخرجهم جميعا علي الترتيب إلي الغار (2)ة.

ص: 59


1- سورة البقرة،الآية:155.
2- بتوضيح تأخير هجرة عمر و عثمان و إلاّ فإنّهما هاجرا قبل رسول اللّه إلي المدينة.

و يشفق عليهم كما أشفق علي أبي بكر،و لا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم و تخصيصه أبا بكر بإخراجه مع نفسه دونهم.

و لمّا قال:أخبرني عن الصدّيق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها لم لم تقل له:بل أسلما طمعا لأنّهما كانا يجالسان اليهود و يستخبرانهم عمّا كانوا يجدون في التوراة و سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم من حال إلي حال من قصة محمّد و من عواقب أمره؟فكانت اليهود تذكر أنّ محمّدا يسلّط علي العرب كما كان بخت نصر سلّط علي بني إسرائيل،و لا بدّ له من الظفر علي العرب كما ظفر بخت نصر ببني إسرائيل،غير أنّه كاذب في دعواه و أنّ هذا نبي.فأتيا محمّدا فساعداه علي قول شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،و بايعاه طمعا في أن ينال كلّ منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره و استتبت أحواله،فلما أيسا من ذلك تلثما و صعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين بغية أن يقتلوه،فدفع اللّه كيدهم وردّهم بغيظهم لم ينالوا خيرا،كما أتي طلحة و الزبير عليا فبايعاه،و طمع كلّ واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد،فلمّا أيسا نكثا بيعته و خرجا عليه،فصرع اللّه كلّ واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين.قال:ثمّ قال مولانا الحسن بن علي الهادي عليه السّلام إلي الصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما و طلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا.فقلت:ما أبطأك و أبكاك؟

قال:قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره.فقلت:لا عليك فأخبره،فدخل عليه مسرعا و انصرف من عنده متبسما و هو يصلّي علي محمّد و آل محمّد،فقلت:ما الخبر؟قال:وجدت الثوب مبسوطا تحت قدميّ مولانا عليه السّلام يصلّي عليه.قال سعد:فحمدنا اللّه جل ذكره علي ذلك، و جعلنا نختلف بعد ذلك إلي منزل مولانا أيّاما فلا نري الغلام بين يديه فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا و أحمد بن إسحاق و كهلان من أهل بلدنا و انتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما و قال:يابن رسول اللّه قد دنت الرحلة و اشتدّت المحنة و نحن نسأل اللّه أن يصلّي علي المصطفي جدّك و علي المرتضي أبيك و علي سيّدة النساء أمّك و علي سيدي شباب أهل الجنّة عمّك و أبيك و علي الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك،و أن يصلّي عليك و علي ولدك،و نرغب إلي اللّه أن يعلّي كعبك و يكبت عدوّك،و لا جعل اللّه هذا آخر عهدنا من لقائك.قال:فلمّا قال هذه الكلمة استعبر مولانا حتّي استهلت دموعه و تقاطرت عبراته ثمّ قال:يا بن إسحاق لا تكلّف في دعائك شططا فإنّك ملاقي اللّه في سفرك هذا،فخرّ أحمد مغشيا عليه فلمّا أفاق قال:سألتك باللّه و بحرمة جدّك إلاّ شرّفتني بخرقة أجعلها كفنا،فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال عليه السّلام:خذها و لا تنفق علي نفسك غيرها فإنك لن تعدم ما سألت،و إنّ اللّه تعالي لا يضيع أجر من أحسن عملا.

قال سعد:فلمّا صرنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان علي ثلاثة فراسخ حمّ أحمد بن إسحاق و صارت عليه علّة صعبة آيس من حياته فيها،فلمّا وردنا حلوان و نزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها،ثمّ قال:تفرّقوا عنّي هذه الليلة و اتركوني

ص: 60

وحدي،فانصرفنا عنه و رجع كلّ واحد منّا إلي مرقده.قال سعد:فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم،خادم مولانا أبي محمّد عليه السّلام و هو يقول:

أحسن اللّه بالخير عزاءكم،و جبر بالمحبوب رزيتكم،قد فرغنا من غسل صاحبكم و تكفينه فقوموا لدفنه فإنّه من أكرمكم محلاّ عند سيّدكم،ثمّ غاب عن أعيننا فاجتمعنا علي رأسه بالبكاء و النحيب و العويل حتّي قضينا حقّه و فرغنا من أمره رحمه اللّه تعالي (1).

السابع:ممّن رآه في حياة أبيه عليه السّلام:في تبصرة الولي عن أبي سهل إسماعيل النوبختي:

دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام في المرضة التي مات فيها،فأنا عنده إذ قال لخادمه عقيد و كان الخادم أسود نوبيّا قد خدم من قبله علي بن محمد عليه السّلام و هو ربّي الحسن عليه السّلام فقال له:يا عقيد اغل لي ماء بالمصطكي،فأغلي له،ثمّ جاءت به صيقل الجارية أمّ الخلف،فلمّا صار القدح قرب ثنايا الحسن عليه السّلام فتركه في يده و همّ بشربه فجعلت يده ترتعد حتّي ضرب القدح و قال للعقيد:

أدخل البيت فإنّك تري صبيا ساجدا فائتني به.قال أبو سهل:قال عقيد:فدخلت الحجرة فإذا بالصبي ساجدا رافعا سبابته نحو السماء فسلّمت عليه فأوجز لي صلاته فقلت:إنّ سيدي يدعوك إليه؛إذ جاءت أمّه صيقل فأخذت بيده و أخرجته إلي أبيه الحسن عليه السّلام.

قال أبو سهل:فلمّا مثل الصبي بين يديه سلّم فإذا هو دريّ اللون و في شعر رأسه قطط،مفلج الأسنان،فلمّا رآه الحسن عليه السّلام بكي و قال:يا سيّد أهل بيته اسقني إنّي ذاهب إلي ربّي،و أخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده ثمّ حرّك شفتيه ثمّ سقاه،فلمّا شربه قال:هيئوني للصلاة،فطرح في حجره منديلا فوضّأه الصبي واحدة واحدة و مسح علي رأسه و قدميه فقال له أبو محمّد عليه السّلام:أبشر يا بني فأنت صاحب الزمان و أنت المهدي و أنت الحجّة للّه في أرضه و أنت ولدي و وصيي،و أنا ولدتك و أنت محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،ولدك رسول اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين و أنت خاتم الأئمّة الطاهرين، و قد بشّر بك رسول اللّه و سمّاك و كنّاك،بذلك عهد إليّ أبي عن آبائك الطاهرين صلّي اللّه علي أهل البيت،ربّنا إنّه حميد مجيد،و مات الحسن بن علي عليه السّلام من وقته (2).

الثامن:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:في البحار عن أحمد بن إسحاق قال:دخلت علي أبي محمّد الحسن بن علي عليه السّلام و أنا أريد أن أسأله عن الخلف بعده فقال لي مبتدئا:يا أحمد بن إسحاق إنّ اللّه تبارك و تعالي لم يخل الأرض منذ خلق آدم،و لا تخلو إلي يوم القيامة من حجّة للّه علي خلقه،به يدفع البلاء عن أهل الأرض،و به ينزل الغيث،و به يخرج بركات الأرض.

قال:فقلت:يابن رسول اللّه فمن الإمام و الخليفة بعدك؟فنهض عليه السّلام فدخل البيت ثمّ خرج9.

ص: 61


1- بطوله في الاحتجاج:466 احتجاج الحجّة القائم عليه السّلام،و كمال الدين:454 و تبصرة الولي:771 ح 37.
2- غيبة الطوسي:273،و تبصرة الولي:782 ح 69.

و علي عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر،من أبناء ثلاث سنين فقال:يا أحمد بن إسحاق لو لا كرامتك علي اللّه و علي حججه ما عرضت عليك إبني هذا،إنّه سمي رسول اللّه و كنيّه الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الامّة مثل الخضر و مثله كمثل ذي القرنين،و اللّه ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلاّ من يثبته اللّه علي القول بإمامته، و وفّقه للدعاء بتعجيل فرجه.قال أحمد بن إسحاق:فقلت له:يا مولاي هل من علامة يطمئن إليها قلبي؟

فنطق الغلام عجّل اللّه فرجه بلسان عربي فصيح فقال:أنا بقية اللّه في أرضه و المنتقم من أعدائه،فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق.قال أحمد بن إسحاق:فخرجت مسرورا فرحا،فلمّا كان من الغد عدت إليه فقلت له:يابن رسول اللّه لقد عظم سروري بما أنعمت عليّ،فما السنّة الجارية فيه من الخضر و ذي القرنين؟فقال:طول الغيبة يا أحمد.فقلت له:يابن رسول اللّه و إنّ غيبته لتطول؟قال:إي و ربي حتّي يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به،فلا يبقي إلاّ من أخذ اللّه عهده بولايتنا و كتب في قلبه الإيمان و أيّده بروح منه.يا أحمد بن إسحاق هذا أمر من أمر اللّه، و سرّ من سرّ اللّه،و غيب من غيب اللّه فخذ ما آتيتك و كن من الشاكرين تكن غدا في العليين (1).

التاسع:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:في تبصرة الولي عن يعقوب بن منفوس:دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام و هو جالس علي دكان في الدار،عن يمينه بيت و عليه ستر مسبل فقلت له:يا سيّدي من صاحب هذا الأمر؟فقال عليه السّلام:ارفع الستر،فرفعته فخرج إلينا خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك،واضح الجبين،أبيض دريّ المقلتين،شثن الكفين معطوف الركبتين،في خدّه الأيمن خال و في رأسه ذؤابة،فجلس علي فخذ أبي محمد عليه السّلام ثمّ قال لي:هذا هو صاحبكم، ثمّ وثب فقال له:يا بني أدخل إلي الوقت المعلوم،فدخل البيت و أنا أنظر إليه ثمّ قال لي:يا يعقوب أنظر من في البيت فدخلت فما رأيت أحدا (2).

العاشر:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:فيه عن ظريف أبي نصر قال:دخلت علي صاحب الزمان فقال:عليّ بالصندل الأحمر،فأتيته به ثمّ قال:أتعرفني؟قلت:نعم.قال:من أنا؟فقلت:

أنت سيّدي و ابن سيّدي.فقال:ليس عن هذا أسألك.قال ظريف:قلت:جعلني اللّه فداك فبيّن لي قال:أنا خاتم الأوصياء،بي يدفع اللّه عزّ و جلّ البلاء عن أهلي و شيعتي (3).

الحادي عشر:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:فيه عن عبد اللّه الستوري قال:صرت إلي بستانه.

ص: 62


1- تبصرة الولي:777 ح 44،و كمال الدين:385.
2- كمال الدين:407،و تبصرة الولي:766 ح 24.
3- كمال الدين:441،و الهداية الكبري:358 و فيه زيادة:القوام بدين الله.

بني هاشم فرأيت غلمانا يلعبون في غدير ماء،و فتي جالس علي مصلّي واضعا كمه علي فيه،فقلت من هذا؟فقالوا:م ح م د بن الحسن بن علي عليه السّلام و كان في صورة أبيه (1).

الثاني عشر:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:و فيه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال:كنت مع أحمد بن إسحاق عند العمري رضي اللّه عنه فقلت للعمري:إنّي أسألك عن مسألة كما قال اللّه عزّ و جلّ في قصّة إبراهيم أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلي وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (2)هل رأيت صاحبي؟فقال لي:نعم و له عنق مثل ذي،و أومأ بيده جميعا إلي عنقه.قال:قلت له:فالإسم؟قال:إيّاك أن تبحث عن هذا فإنّ عند القوم أنّ هذا النسل قد انقطع (3).

الثالث عشر:ممّن رآه هو،أمّه نرجس و هذه في الحقيقة معجزة واضحة:إعلم أنّه لما علم خلفاء بني عبّاس بالأخبار النبوية و الآثار المروية عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمّة ما مضمونها:أنّ المهدي المنتظر سيظهر من صلب الحسن العسكري عليه السّلام،و يملأ اللّه به الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا،و ينتقم من أعداء آل محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم خصوصا من بني العبّاس و بني أمية،فلذلك صاروا في صدد إطفاء نوره،و يأبي اللّه إلاّ أن يتمّ نوره،و قد بالغوا و جدّوا و اجتهدوا فلم ينفعهم الجدّ حيث كانت يد اللّه فوق أيديهم وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُ وَ اللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (4).

و قد أخفي اللّه عزّ و جلّ حمل أمّه نرجس بنت يشوعا قيصر الروم عن عامّة الناس كما أخفي حمل أمّ موسي عن فرعون و قومه،مع أنّ الكهنة و المنجّمين قد عيّنوا سنة ولادته إلي أن بعث المعتمد العبّاسي القوابل سرّا و أمرهنّ أن يدخلن دور بني هاشم سيما دار العسكري عليه السّلام بلا استئذان،و في أي وقت كان ليفتشن أثره و يتطلعن خبره إلي أن نوّر الكون بقدومه إلي عالم الوجود، و تولّد عجّل اللّه فرجه قبل وفاة أبيه بسنتين،و قيل بخمس،في سامراء في منتصف شعبان،كما في نوحة الأحزان من مؤلفات العالم الفاضل محمد يوسف اللاهخوارماني الذي ألف في زمن شاه عباس الثاني رحمه اللّه:إنّه كان عليه السّلام يوما من الأيّام في حجر والدته في صحن الدار إذ أحسّت نرجس بالقوابل فاضطربت اضطرابا شديدا،و لم تجد فرصة حتّي تخفي ذلك النور،فهتف هاتف بها أن ألقي حجّة اللّه القهار في البئر التي في صحن الدار،فألقته في البئر و قد سمعت القوابل صوت الطفل فدخلن الدار بسرعة فبالغن في التفحّص فلم يجدن منه أثرا فخرجن و الهات حائرات،فلما فرغت الدار عن الأغيار أقبلت نرجس إلي البئر لكي تعلم ما جري علي قرّة عينها،فلمّا أشرفت علي البئر رأت الماء يفور إلي أن ساوي أرض الدار،و حجّة اللّه فوق الماء صحيحا سالما كالبدر الطالع،4.

ص: 63


1- ينابيع المودّة:330/3 عن كمال الدين:442.
2- سورة البقرة،الآية:260.
3- كمال الدين باب 44 ح 14،و أعلام الوري:396 باب 1.
4- سورة آل عمران،الآية:54.

و القماط (1)الذي عليه لم يبتل أبدا فتناولته و أرضعته و حمدت اللّه و سجدت له شكرا فهتف هاتف:

أن يا نرجس ألقيه إلي البئر أربعين يوما،فمتي أردت أن تسترضعيه نوصله إليك،فكانت كلّما أرادت إرضاعه تأتي إلي شفير البئر فيفور الماء،و حجّة اللّه فوقه فتأخذه و ترضعه و تقرّ عينها بجماله و ترده إلي البئر فينزل الماء إلي قراره،فبقي عجّل اللّه فرجه في البئر في تلك المدّة كما كان يوسف الصدّيق أيضا كذلك،و كان مستورا عن أعين الناس.

الرابع عشر:ممّن رآه في حياة أبيه عليهما السّلام:و فيه عن علي بن إبراهيم بن مهزيار الذي كان خادما له عليه السّلام أنّ الحسن العسكري كان يأمرني بإحضار حجّة اللّه من السرداب،و أنا أحضره عنده و هو يأخذه و يقبّله و يتكلّم معه،و هو يجاوب أباه بذلك و هو يشير إلي بردّه و أردّه إلي السرداب،حتّي أنّه عليه السّلام أمرني بإحضاره يوما من الأيّام فقال عليه السّلام:يابن مهزيار ائتني بولدي حجّة اللّه،فأتيت به إليه من السرداب،فأخذه منّي و أجلسه في حجره و قبّل وجهه و تكلّم معه بلغة لا أعرفها و هو يجاوب أباه بتلك اللغة،فأمرني بردّه إلي محلّه و مكانه،فذهبت به و رجعت إلي العسكري عليه السّلام،ثمّ رأيت أشخاصا من خواصّ المعتمد العبّاسي عند الإمام عليه السّلام يقولون:إنّ الخليفة يقرئك السلام و يقول:

بلغنا أنّ اللّه عزّ و جلّ أكرمك بولد و كبر فلم لا تخبرنا بذلك لكي نشاركك في الفرح و السرور؟و لا بدّ لك أن تبعثه إلينا فإنّا مشتاقون إليه.

قال ابن مهزيار:لمّا سمعت منهم هذه المقالة فزعت و تضجّرت و تفجّرت و اضطرب فؤادي فقال الإمام:يابن مهزيار إذهب بحجّة اللّه إلي الخليفة،فزاد اضطرابي و حيرتي؛لأني كنت متيقّنا أنّه أراد قتله فكنت أتعلّل و أنظر إلي سيّدي و مولاي العسكري عليه السّلام فتبسّم في وجهي و قال:لا تخف إذهب بحجّة اللّه إلي الخليفة،فأخذتني الهيبة و رجعت إلي السرداب فرأيته يتلألأ نوره كالشمس المضيئة فما كنت رأيته بذلك الحسن و الجمال،و كانت الشامة السوداء في خدّه الأيمن كوكبا دريّا، فحملته علي كتفي و كان عليه برقع،فلمّا أخرجته من السرداب تنوّرت سامراء من تلك الطلعة الغرّاء و سطع النور من وجهه إلي عنان السماء و اجتمع الناس رجالا و نساء في الطرق و الشوارع و صعدوا علي السطوح فانسدّ الطريق عليّ،فلم أقدر علي المشي إلي أن صار أعوان الخليفة يبعدون الناس من حولي حتّي أدخلوني دار الامارة.

فرفع الحجاب فدخلنا مجلس الخليفة،فلمّا نظر هو و جلساؤه إلي طلعته الغراء و إلي ذلك الجمال و البهاء أخذتهم الهيبة منه فتغيّرت ألوانهم و طاش لبهم و حارت عقولهم و خرست ألسنتهم، فصار الرجل منهم لا يتكلّم و لا يقدر أن يتحرّك من مكانه،فبقيت واقفا و النور الساطع و الضياء اللامع علي كتفي،فبعد برهة من الزمان قام الوزير و صار يشاور الخليفة،فأحسست أنّه يريد قتله فغلب عليّ الخوف من أجل سيّدي و مولاي،فإذا بالخليفة أشار إلي السيّافين أن اقتلوه،فكل واحدد.

ص: 64


1- القماط:خرقة عريضة تلفّ علي الصغير إذا شدّ في المهد.

منهم أراد سلّ سيفه من غمده،فلم يقدر عليه و لم يخرج السيف من غمده،و قال الوزير:هذا من سحر بني هاشم،و ليس هذا بعجيب و لكن ما أظن أنّ سحرهم يؤثر في السيوف التي في خزانة الخليفة،فأمر بإتيان السيوف من الخزانة فأتيت فلم يقدروا أيضا علي إخراجها من أغمادها،و جاؤوا بالمواسي و السكاكين فلم يقدروا علي فكّها.

ثمّ أمر الخليفة بإشارة من الوزير بالأسود الضارية من بركة السباع،فأتي بثلاثة من الأسود الضارية و السباع العادية فأشار إلي الخليفة و قال:ألقه نحو الأسود،فحار عقلي و طاش لبّي و قلت في نفسي:إنّي لا أفعل ذلك و لو أنّي أقتل،فقرب عجّل اللّه فرجه من أذني فقال لي:لا تخف و ألقني،فلمّا سمعت من سيدي و مولاي ذلك ألقيته نحو الأسود بلا تأمّل،فتبادرت و تسابقت الأسود نحوه و أخذوه بأيديهم في الهواء،و وضعوه علي الأرض برفق و لين و رجعوا إليّ القهقري مؤدّبين كأنّهم العبيد بين يدي الموالي واقفين،ثمّ تكلّم واحد منهم بلسان فصيح،و شهد بوحدانية الباري عزّ شأنه و برسالة النبي المصطفي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و بإمامة علي المرتضي و الزكي المجتبي و الشهيد بكربلا و عن الأئمّة واحدا واحدا،ثمّ قال:يابن رسول اللّه لي إليك الشكوي فهل تأذن لي؟فأذن له فقال:

إنّي هرم و هذان شابّان فإذا جيء إلينا بطعمة ما يراعياني،و يأكلان الطعمة قبل أن أكمل فأبقي جائعا،قال عجّل اللّه فرجه:مكافأتهما أن يصيرا مثلك و تصير مثلهما،فلمّا قال هذا الكلام فإذا صار كما قال،و صارا كما أراد،فعرض لهما الهرم و عاد له الشباب ما شاء اللّه،فلمّا رأي الحاضرون كبّروا جميعا من غير اختيار،و فزع الخليفة و من كان معه و تغيّرت ألوانهم،فأمر بردّه إلي أبيه العسكري عليه السّلام،فعدت ضاحكا شاكرا للّه حامدا له،فأتيت به إلي أبيه و قصصت عليه القصّة فأمرني بردّه إلي السرداب فذهبت به.

***

فيمن رآي المهدي بعد أبيه عليهما السّلام في غيبته الصغري

الأوّل:ممّن رآه في الغيبة الصغري:في البحار عن علي بن سنان الموصلي عن أبيه:لمّا قبض سيّدنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري وفد من قم و الجبال وفود بالأموال التي كانت تحمل علي الرسم،و لم يكن عندهم خبر وفاته،فلمّا أن وصلوا إلي سر من رأي سألوا عن سيّدنا الحسن بن علي عليه السّلام فقيل لهم إنّه قد فقد.قالوا:فمن وارثه؟قالوا:أخوه جعفر بن علي،فسألوا عنه فقيل لهم قد خرج متنزّها و ركب زورقا في الدجلة يشرب و معه المغنون.

قال:فتشاور القوم و قالوا:ليست هذه صفات الإمام،و قال بعضهم لبعض:امضوا بنا لنردّ هذه الأموال إلي أصحابها،فقال أبو العبّاس أحمد بن جعفر الحميري القمي:قفوا بنا حتّي ينصرف هذا الرجل و نختبر أمره علي الصحّة.قال:فلمّا انصرف دخلوا عليه فسلّموا عليه و قالوا:يا سيّدنا

ص: 65

نحن قوم من أهل قم و معنا جماعة من الشيعة و غيرها كنّا نحمل إلي سيّدنا أبي محمد الحسن بن علي الأموال،فقال:و أين هي؟قالوا:معنا قال(لع):احملوها إلي.

قالوا:إنّ لهذه الأموال خبرا طريفا.فقال:و ما هو؟قالوا:إنّ هذه الأموال تجمع و يكون فيها من عامّة الشيعة الدينار و الديناران،ثمّ يجعلونها في كيس و يختمون عليها،و كنّا إذا وردنا بالمال قال سيّدنا أبو محمد:جملة المال كذا و كذا دينارا؛من فلان كذا و من فلان كذا حتي يأتي علي أسماء الناس كلّهم و يقول ما علي الخواتيم من نقش.فقال جعفر:كذبتم،تقولون علي أخي ما لم يفعله هذا علم الغيب.

قال:فلمّا سمع القوم كلام جعفر جعل ينظر بعضهم إلي بعض،فقال لهم:إحملوا هذا المال إلي.فقالوا:إنّا قوم مستأجرون،و كلاء لأرباب المال و لا نسلّم المال إلاّ بالعلامات التي كنّا نعرفها من سيّدنا أبي محمد الحسن بن علي،فإن كنت الإمام فبيّن لنا و إلاّ رددناها إلي أصحابها يرون فيها رأيهم.

قال:فدخل جعفر علي الخليفة و كان بسر من رأي فاستعدي عليهم فلمّا حضروا قال الخليفة:

إحملوا هذا المال إلي جعفر.قالوا:أصلح اللّه أمير المؤمنين إنّا قوم مستأجرون،و كلاء لأرباب هذه الأموال و هي لجماعة أمرونا أن لا نسلّمها إلاّ بعلامة و دلالة،و قد جرت بهذا العادة مع أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام،فقال الخليفة:و ما الدلالة التي كانت لأبي محمّد عليه السّلام؟قال القوم:كان يصف الدنانير و أصحابها و الأموال و كم هي،فإذا فعل ذلك سلّمناها إليه،و قد وفدنا عليه مرارا فكانت هذه علامتنا منه و دلالتنا،و قد مات فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيم لنا أخوه و إلاّ رددناها إلي أصحابها.فقال جعفر:يا أمير المؤمنين إنّ هؤلاء قوم كذّابون، يكذبون علي أخي و هذا علم الغيب،فقال الخليفة:القوم رسل و ما علي الرسول إلاّ البلاغ المبين.

قال:فبهت جعفر و لم يحر جوابا.

فقال القوم:يتطوّل أمير المؤمنين بإخراج أمره إلي من يبذرقنا (1)حتّي نخرج من هذه البلدة.

قال:فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها،فلمّا أن خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجها كأنّه خادم فنادي:يا فلان بن فلان و يا فلان بن فلان أجيبوا مولاكم.قال:فقالوا له:أنت مولانا؟ قال:معاذ اللّه أنا عبد مولاكم فسيروا إليه،قالوا:فسرنا معه حتّي دخلنا دار مولانا الحسن بن علي فإذا ولده القائم قاعد علي سرير كأنّه فلقة القمر،عليه ثياب خضر فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام.

ثمّ قال:جملة المال كذا و كذا دينارا،حمل فلان كذا و فلان كذا،و لم يزل يصف حتّي وصف الجميع ثمّ وصف ثيابنا و رحالنا و ما كان معنا من الدواب،فخررنا سجّدا للّه عزّ و جلّ شكرا).

ص: 66


1- من البذرقة.و هي الجماعة التي تتقدم القافلة و تكون معها تحرسها.(مجمع:13/5).

لما عرفنا،و قبّلنا الأرض بين يديه،ثمّ سألناه عمّا أردنا و أجاب،فحملنا إليه الأموال،و أمرنا القائم أن لا نحمل إلي سر من رأي بعدها شيئا فإنّه ينصب لنا ببغداد رجلا نحمل إليه الأموال و يخرج من عنده التوقيعات.

قال:فانصرفنا من عنده و دفع إلي أبي جعفر محمد بن جعفر القمي الحميري شيئا من الحنوط و الكفن و قال له:أعظم اللّه أجرك في نفسك.

قال:فما بلغ أبو العبّاس عقبة همدان حتّي توفي رحمه اللّه،و كنّا بعد ذلك نحمل الأموال إلي بغداد،إلي الأبواب المنصوبين و يخرج من عنده التوقيعات (1).

قال الصدوق:هذا الخبر يدلّ علي أنّ الخليفة كان يعرف هذا الأمر،كيف هو و أين موضعه فلهذا كفّ عن القوم و عمّا معهم من الأموال،و دفع جعفر الكذّاب عنهم و لم يأمرهم بتسليمها إليه، إلاّ أنّه كان يحبّ أن يخفي هذا الأمر و لا يظهر لئلاّ يهتدي إليه الناس فيعرفونه،و قد كان جعفر حمل إلي الخليفة عشرين ألف دينار لمّا توفي الحسن بن علي عليه السّلام فقال له:يا أمير المؤمنين تجعل لي مرتبة أخي و منزلته؟فقال الخليفة:إعلم أنّ منزلة أخيك لم تكن بنا إنّما كانت باللّه عزّ و جلّ،نحن كنّا نجتهد في حطّ منزلته و الوضع منه،و كان اللّه عزّ و جلّ يأبي إلاّ أن يزيده كل يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة و حسن السمت و العلم و العبادة،فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا، و إن لم تكن عندهم بمنزلته و لم يكن فيك ما في أخيك لم نغن عنك في ذلك شيئا (2).

الثاني:ممّن رآه في غيبته الصغري:في تبصرة الولي عن أبي علي محمد بن أحمد المحمودي قال:حججت نيفا و عشرين سنة،كنت جميعها أتعلّق بأستار الكعبة و أقف علي الحطيم و الحجر الأسود و مقام إبراهيم،و أديم الدعاء في هذه المواضع،و أقف بالموقف و أجعل جلّ دعائي أن يريني مولاي صاحب الزمان،فإنني في بعض السنين قد وقفت بمكّة علي أن أبتاع حاجة و معي غلام في يده مشربة[حليج ملمعة] (3)فدفعت إلي الغلام الثمن و أخذت المشربة من يده،و تشاغل الغلام بمماكسة البيع و أنا واقف أترقّب؛إذ جذب ردائي جاذب،فحوّلت وجهي إليه فرأيت رجلا ذعرت حين نظرت إليه هيبة له فقال لي:تبيع المشربة،فلم أستطع ردّ الجواب و غاب عن عيني،فلم يلحقه بصري و ظننته مولاي،فإنّني في يوم من الأيّام كنت أصلّي بباب الصفا،فسجدت و جعلت مرفقي في صدري فحرّكني تحرّكا برجله فرفعت رأسي فقال:إفتح منكبك عن صدرك،ففتحت عيني فإذا الرجل الذي سألني عن المشربة و لحقني من هيبته ما حار بصري،فغاب عن عيني و أقمت علي رجائي و يقيني و مضيت مدّة و أنا أرجّح و أديم الدعاء في الموقف،فإنّني في آخر سنة جالس في الكعبة و معيث.

ص: 67


1- كمال الدين:479 ح 26 باب 43،و البحار:48/52 ح 34.
2- كمال الدين:479 ذيل ح 26 باب 43.
3- زيادة من دلائل الإمامة و فيه:المشربة إناء يشرب فيه،و الحليج اللبن الذي ينقع فيه التمر ثمّ يماث.

يمان بن الفتح بن دينار و محمد بن القاسم العلوي و علان الكناني و نحن نتحدّث إذا أنا بالرجل في الطواف و أشربت بالنظر إليه و قمت أسعي لأتبعه،فطاف حتّي إذا بلغ الحجر رأي سائلا واقفا علي الحجر،و يستحلف و يسأل الناس باللّه جلّ و عزّ أن يصدّق عليه،فإذا بالرجل قد طلع،فلمّا نظر السائل انكبّ إلي الأرض فأخذ منها شيئا و دفع إلي السائل،فسألته عمّا وهب لك فأبي أن يعلمني، فوهبت له دينارا فقلت له:أرني ما في يدك،ففتح يده فقدّرت أنّ فيها عشرين دينارا،فوقع في قلبي اليقين أنّه مولاي،و رجعت إلي مجلسي الذي كنت فيه و عيني ممدودة إلي الطواف حتّي إذا فرغ من طوافه عدل إلينا فلحقنا له هيبة شديدة و حارت أبصارنا جميعا،قمنا إليه فجلس فقلنا له:ممّن الرجل؟فقال:من العرب.

فقلت:من أيّ العرب؟فقال:من بني هاشم.فقلنا:من أيّ بني هاشم؟فقال:ليس يخفي عليكم،أتدرون ما كان يقول زين العابدين عند فراغه من صلاته في سجدة الشكر؟

قلنا:لا.قال:كان يقول:يا كريم مسكينك بفنائك،يا كريم فقيرك زائرك،حقيرك ببابك يا كريم.ثمّ انصرف عنّا و وقعنا نموج و نتذكّر و نتفكّر و لم نحقّق.و لمّا كان من الغد رأيناه في الطواف فامتدت عيوننا إليه فلمّا فرغ من طوافه خرج إلينا و جلس عندنا و أنس و تحدّث،ثمّ قال:أتدرون ما كان يقول زين العابدين في دعائه بعقب الصلاة؟قلنا:تعلّمنا.قال:كان يقول:اللهمّ إنّي أسألك باسمك الذي به تقوم السماء و الأرض،و باسمك الذي به تجمع المتفرّق،و به تفرّق بين المجتمع، و باسمك الذي تفرّق به بين الحقّ و الباطل،و باسمك الذي تعلم به كيل البحار و عدد الرمال و وزن الجبال أن تفعل بي كذا و كذا و أقبل عليّ،حتّي إذا صرنا بعرفات و أدمت الدعاء،فلمّا أفضنا و صرنا إلي المزدلفة و بتنا بها فرأيت رسول اللّه فقال لي:هل بلغت حاجتك،فتيقّنت عندها (1).

الثالث:ممّن رآه في غيبته الصغري:فيه عن أبي محمد الحسن بن وجنا النصيبي قال:كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع و خمسين حجّة بعد العتمة،و أنا أتضرّع في الدعاء إذ حرّكني محرّك فقال:قم يا حسن بن وجنا.قال:فقمت فإذا جارية صفراء نحيفة البدن أقول إنّها من أبناء أربعين فما فوقها،فمشت بين يدي و أنا لا أسألها عن شيء حتّي أتت بي دار خديجة و فيه بيت،بابه في وسط الحائط و له درجة سدج ترتقي إليه،فصعدت فوقفت بالباب فقال لي صاحب الزمان:يا حسن أتراك خفيت عليّ،و اللّه ما من وقت في حجّك إلاّ و أنا معك فيه،ثمّ جعل يعدّ عليّ أوقاتي فوقعت مغشيا علي وجهي فحسست بيد قد وقعت عليّ فقمت فقال لي:يا حسن الزم دار جعفر بن محمد و لا يهمنك طعامك و لا شرابك و لا ما يستر عورتك،ثمّ دفع إليّ دفترا فيه دعاء الفرج و صلاته عليه،فقال:بهذا فادع و هكذا صلّ عليّ،و لا تعطه إلاّ محقّي أوليائي فإنّ اللّه جلّ جلاله موفّقك.

فقلت:يا مولاي أراك بعدها؟8.

ص: 68


1- دلائل الإمامة:537،و مدينة المعاجز:114/8.

فقال:يا حسن إذا شاء اللّه.

قال:فانصرفت من حجّتي و لزمت دار جعفر بن محمد فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلاّ لثلاث خصال:لتجديد وضوء أو لنوم أو لوقت الإفطار،فأدخل بيتي وقت الإفطار فأصيب رباعيا مملوءا ماء و رغيفا علي رأسه و عليه ما تشتهي نفسي بالنهار،فآكل ذلك فهو كفاية لي،و كسوة الشتاء في وقت الشتاء و كسوة الصيف في وقت الصيف،و إنّي لأدخل الماء بالنهار و أرشّ البيت و أدخل الكوز فارغا فأوتي بالطعام و لا حاجة لي إليه فأتصدّق به كيلا يعلم بي من معي (1).

الرابع:ممّن رآه في غيبته الصغري عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الصنعائي قال:

دخلت إلي علي بن مهزيار الأهوازي فسألته عن آل أبي محمّد عليه السّلام قال:يا أخي لقد سألت عن أمر عظيم،حججت عشرين حجّة كل أطلب به عيان الإمام فلم أجد إلي ذلك سبيلا،فبينا أنا ذات ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلا يقول:يا علي بن إبراهيم قد أذن اللّه لك في الحجّ،فلم أعقل ليلتي حتّي أصبحت فأنا مفكّر في أمري،أرقب الموسم ليلي و نهاري،فلمّا كان وقت الموسم أصلحت أمري و خرجت متوجّها نحو المدينة،فما زلت كذلك حتّي دخلت يثرب فسألت عن آل أبي محمّد عليه السّلام فلم أجد له أثرا و لا سمعت له خبرا،فأقمت مفكّرا في أمري حتّي خرجت من المدينة أريد مكّة،فدخلت الجحفة و أقمت بها يوما و خرجت متوجّها نحو الغدير،و هو علي أربعة أميال من الجحفة فلمّا أن دخلت المسجد صلّيت و عفّرت و اجتهدت في الدعاء و ابتهلت إلي اللّه لهم و خرجت أريد عسفان،فما زلت كذلك حتّي دخلت مكّة،فأقمت بها أيّاما أطوف البيت و اعتكفت،فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتي حسن الوجه طيّب الرائحة يتبختر في مشيه،طائف حول البيت فحسّ قلبي به فقمت نحوه فحككته،فقال لي:من أين الرجل؟

فقلت:من أهل العراق،فقال لي:من أي العراق؟قلت:من الأهواز.فقال لي:أتعرف ابن الخضيب؟

فقلت:رحمه اللّه دعي فأجاب.فقال رحمه اللّه:فما كان أطول ليلته و أكثر تبتله و أغزر دمعته، أفتعرف علي بن إبراهيم المهزيار؟فقلت:أنا علي بن إبراهيم المهزيار.فقال:حيّاك اللّه أبا الحسن،ما فعلت بالعلامة التي بينك و بين أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام؟فقلت:معي.قال:

أخرجها،فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها،فلمّا أن رآها لم يتمالك أن غرقت عيناه و بكي منتحبا حتّي بلّ أطماره ثمّ قال:أذن لك الآن يابن المهزيار،صر إلي رحلك و كن علي أهبة من أمرك حتّي إذا لبس الليل جلبابه و غمر الناس ظلامه صر إلي شعب بني عامر فإنّك ستلقاني هناك،فصرت إلي منزلي فلمّا أحسست بالوقت أصلحت رحلي و قدمت راحلتي و عكمتها شديدا،و حملت و صرت في2.

ص: 69


1- الخرائج و الجرائح:961/2 و الثاقب في المناقب:612.

متنه،و أقبلت مجدّا في السير حتّي وردت الشعب فإذا أنا بالفتي قائم ينادي:إليّ يا أبا الحسن إليّ، فما زلت نحوه فلمّا قربت بدأني بالسلام و قال لي:سر بنا يا أخي فما زال يحدّثني و أحدّثه حتّي تخرقنا جبال عرفات و سرنا إلي جبال مني،و انفجر الفجر الأوّل و نحن قد توسّطنا جبال الطائف فلمّا أن كان هناك أمرني بالنزول و قال لي:إنزل فصلّ صلاة الليل،فصلّيت و أمرني بالوتر فأوترت و كانت فائدة منه.

ثمّ أمرني بالسجود و التعقيب ثمّ فرغ من صلاته و ركب و أمرني بالركوب،و سار و سرت معه حتّي علا ذروة الطائف فقال:هل تري شيئا؟قلت:نعم أري كثيب رمل عليه بيت شعر يتوقّد البيت نورا،فلمّا أن رأيته طابت نفسي فقال لي:هناك الأمل و الرجاء،ثمّ قال:سر بنا يا أخ،فسار و سرت بمسيره إلي أن انحدر من الذروة و سار في أسفله فقال:انزل فهاهنا يذلّ كل صعب و يخضع كلّ جبّار،ثمّ قال:خلّ عن زمام الناقة.قلت:فعلي من أخلفها.فقال:حرم القائم لا يدخله إلاّ مؤمن و لا يخرج منه إلاّ مؤمن،فخليت عن زمام راحلتي و سار و سرت معه إلي أن دنا من باب الخباء،فسبقني بالدخول و أمرني أن أقف حتّي يخرج إلي،ثمّ قال لي:أدخل هناك السلامة، فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتشح ببردة و اتّزر بأخري و قد كسر بردته علي عاتقه و هو كأقحوانة أرجوانة (1)قد تكاثف عليها الندي و أصابها ألم الهواء (2)،و إذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان سمحي سخي تقي نقي،ليس بالطويل الشامخ و لا بالقصير اللاصق،بل مربوع القامة،مدوّر الهامة، صلت الجبين،أزجّ الحاجبين،أقني الأنف سهل الخدّين،علي خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك علي رضاضة العنبر،فلمّا أن رأيته بدرته بالسلام فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه و شافهني و سألني عن أهل العراق،فقلت:سيدي قد ألبسوا جلباب الذلّة و هم بين القوم أذلاّء.فقال لي:يابن المهزيار لتملكونهم كما ملكوكم و هم يومئذ أذلاّء.فقلت:سيدي لقد بعد الوطن و طال المطلب.

فقال:يابن المهزيار أبي أبو محمد عهد إلي أن لا أجاور قوما غضب اللّه عليهم و لهم الخزي في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب أليم،و أمرني أن لا أسكن من الجبال إلاّ وعرها و من البلاد إلاّ قفرها، و اللّه مولاكم أظهر التقية فوكلها بي،فأنا في التقية إلي يوم يؤذن لي فأخرج.فقلت:يا سيدي متي يكون هذا الأمر؟

فقال:إذا حيل بينكم و بين سبيل الكعبة،و اجتمع الشمس و القمر و استدار بهما الكواكب و النجوم.فقلت:متي يابن رسول اللّه؟قال لي:في سنة كذا و كذا يخرج دابّة الأرض من بين الصفا و المروة،و معه عصا موسي و خاتم سليمان تسوق الناس إلي المحشر.

قال:فأقمت عنده أيّاما و أذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي و خرجت نحو منزلي،و اللّها.

ص: 70


1- أقحوان بابونج،أرجوانة الأحمر.
2- إصابة الندي تشبيه لما أصابه من العرق،و أصابه ألم الهواء لانكسار لون الحمرة و عدم اشتدادها.

لقد سرت من مكة إلي الكوفة و معي غلام يخدمني فلم ير إلاّ خيرا و صلّي اللّه علي محمّد و آله و سلّم (1).

الخامس:ممّن رآه في غيبته الصغري:فيه عن أبي الأديان:كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام، و أحمل كتبه إلي الأمصار فدخلت عليه في علّته التي توفي فيها فكتب معي كتبا فقال:تمضي بها إلي المدائن،فإنّك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلي سرّ من رأي يوم الخامس عشر و تسمع الواعية في داري و تجدني علي المغتسل.قال أبو الأديان:فقلت:يا سيدي فإذا كان ذلك فمن؟قال:من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي.فقلت:زدني؟فقال:من يصلّي علي فهو القائم بعدي.

فقلت:زدني؟فقال:من أخبر عمّا في الهميان فهو القائم من بعدي.ثمّ منعتني هيبته أن أسأله ما الهميان،و خرجت بالكتب إلي المدائن و أخذت جواباتها و دخلت سرّ من رأي يوم الخامس عشر كما قال عليه السّلام لي فإذا الواعية في داره و إذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار و الشيعة حوله يعزّونه و يهنئونه،فقلت في نفسي:إن يكن هذا الإمام فقد حالت الإمامة؛لأنّي كنت أعرفه يشرب النبيذ و يقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور،فتقدّمت و عزّيت و هنيت فلم يسألني عن شيء.

ثمّ خرج عقيد فقال:يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر بن علي و الشيعة من حوله يقدمهم السمان و الحسن بن قتيل المعتصم المعروف بسلمة،فلمّا صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي عليه السّلام مكفّنا فتقدّم جعفر بن علي ليصلّي علي أخيه،فلمّا همّ بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة،بشعره قطط،بأسنانه تفليج فجذب رداء جعفر بن علي و قال:تأخّر يا عمّ فأنا أحقّ بالصلاة علي أبي،فتأخّر جعفر و قد اربدّ وجهه،فتقدّم الصبي فصلّي عليه و دفن إلي جانب قبر أبيه ثمّ قال:يا بصري هات جوابات الكتب التي معك.فدفعتها إليه و قلت في نفسي:هذه اثنتان بقي الهميان،ثمّ خرجت إلي جعفر بن علي و هو يزفر،فقال له حاجز الوشاء:يا سيدي من الصبي لنقيم عليه الحجّة؟فقال:و اللّه ما رأيته و لا عرفته،فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي عليه السّلام فعرفوا موته فقالوا:فمن؟فأشار الناس إلي جعفر بن علي فسلّموا عليه و عزّوه و هنّأوه و قالوا:معنا كتب و مال فتقول ممّن الكتب و كم المال،فقام ينفض أثوابه و يقول:يريدون منّا أن نعلم الغيب.

قال:فخرج الخادم فقال:معكم كتب فلان و فلان و هميان فيه ألف دينار و عشر دنانير منها مطلسة،فدفعوا الكتب و المال و قالوا:الذي وجّه بك لأجل ذلك هو الإمام،فدخل جعفر بن علي علي المعتمد و كشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه،فقبضوا علي صيقل الجارية و طالبوها بالصبي3.

ص: 71


1- غيبة الطوسي:263.

فأنكرته و ادّعت حملا بها لتغطي علي حال الصبي،فسلّمت علي ابن أبي الشوارب و بلغتهم موت عبيد اللّه بن يحيي بن خاقان فجأة،و خروج صاحب الزنج بالبصرة،فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم،و الحمد للّه ربّ العالمين (1).

السادس:ممّن رآه في غيبته الصغري:و في كشف الغمّة عن رشيق حاجب المادري (2):بعث إلينا المعتضد و أمرنا أن نركب و نحن ثلاثة نفر و نخرج مخفين السروج و نجنب أخري (3)و قال:

الحقوا بسامراء و اكبسوا دار الحسن بن علي فإنّه توفي،و من رأيتم في داره فأتوني برأسه،فكبسنا الدار كما أمرنا فوجدناها دارا سرية كأن الأيدي رفعت عنها في ذلك الوقت،فرفعنا الستر و إذا سرداب في الدار الاخري فدخلناها و كأن بحرا فيها،و في أقصاه حصير،و قد علمنا أنّه علي الماء و فوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلّي فلم يلتفت إلينا و لا إلي شيء من أسبابنا،فسبق أحمد بن عبد اللّه ليخطي فغرق في الماء،و ما زال يضطرب حتّي مددت يدي إليه فجلست فخلّصته و أخرجته فغشي عليه و بقي ساعة،و عاد صاحبي الثاني إلي فعل ذلك فناله مثل ذلك،فبقيت مبهوتا فقلت لصاحب البيت:المعذرة إلي اللّه و إليك،فو الله ما علمت كيف الخبر و إلي من نجيء،و أنا تائب إلي اللّه،فما التفت إلي بشيء ممّا قلت فانصرفنا إلي المعتضد فقال:أكتموه و إلاّ ضربت رقابكم (4).

السابع:ممّن رآه في غيبته الصغري:في البحار عن يعقوب بن يوسف الضراب الغساني في منصرفه من أصفهان قال:حججت في سنة إحدي و ثمانين و مائتين،و كنت مع قوم مخالفين من أهل بلدنا فلمّا قدمنا مكّة تقدّم بعضهم فاكتري لنا دارا في زقاق بين سوق الليل،و هي دار خديجة تسمّي دار الرضا،و فيها عجوز سمراء فسألتها-لما وقفت علي أنّها دار الرضا-ما تكونين من أصحاب هذه الدار؟و لم سمّيت دار الرضا؟

فقالت:أنا من مواليهم و هذه دار الرضا علي بن موسي عليه السّلام،أسكننيها الحسن بن علي عليه السّلام فإنّي كنت من خدمه.

فلمّا سمعت ذلك منها أنست بها و أسررت الأمر عن رفقائي المنافقين المخالفين،فكنت إذا انصرفت من الطواف بالليل أنام معهم في رواق الدار،و تغلق الباب و نلقي خلف الباب حجرا كبيرا كنّا نديره خلف الباب،فرأيت غير ليلة ضوء السراج في الرواق الذي كنّا فيه شبيها بضوء المشعل، و رأيت الباب قد انفتح و لا أري أحدا فتحه من أهل الدار،و رأيت رجلا ربعة أسمر إلي الصفرةت.

ص: 72


1- كمال الدين:475،و تبصرة الولي:776 ح 41.
2- في المصدر:المادرائي.
3- في المصدر:محفين علي السروج و نجنب اخري.
4- كشف الغمّة:303/3،و فرج المهموم:248 بتفاوت.

مائل،قليل اللحم،في وجهه سجادة،عليه قميصان و إزار رقيق،قد تقنّع به و في رجله نعل طاق، فصعد إلي الغرفة في الدار حيث كانت العجوز تسكن،و كانت تقول لنا إنّ في الغرفة ابنة لا تدع أحدا يصعد إليها،فكنت أري الضوء الذي رأيته يضيء في الرواق علي الدرجة عند صعود الرجل إلي الغرفة التي يصعدها،ثمّ أراه في الغرفة من غير أن أري السراج بعينه،و كان الذين معي يرون مثل ما أري،فتوهّموا أنّ هذا الرجل يختلف إلي ابنة العجوز و أن يكون قد تمتّع بها،فقالوا:هؤلاء البلدية يرون المتعة و هذا حرام لا يحلّ فيما زعموا،و كنّا نراه يدخل و يخرج و يجيء إلي الباب و إذا الحجر علي حاله الذي تركناه،و كنّا نغلق هذا الباب خوفا علي متاعنا،و كنّا لا نري أحدا يفتحه أو يغلقه و الرجل يدخل و يخرج و الحجر خلف الباب إلي وقت ننحيه إذا خرجنا.

فلمّا رأيت هذه الأسباب ضرب علي قلبي و وقعت في قلبي فتنة،فتلطّفت العجوز و أحببت أن أقف علي خبر الرجل فقلت لها:يا فلانة إنّي أحبّ أن أسألك و أفاوضك من غير حضور من معي فلا أقدر عليه،فأنا أحبّ إذا رأيتني في الدار وحدي أن تنزلي إلي لأسألك عن أمر،فقالت لي مسرعة:و أنا أريد أن أسرّ إليك شيئا فلم يتهيّأ لي ذلك من أجل من معك،فقلت:ما أردت أن تقولي؟

فقالت:يقول لك-و لم تذكر أحدا-لا تخاشن أصحابك و شركاءك و لا تلاححهم فإنّهم أعداؤك و دارهم.فقلت لها:من يقول؟فقالت:أنا أقول،فلم أجسر لما دخل قلبي من الهيبة أن أراجعها فقلت:أيّ أصحابي تعنين؟و ظننت أنّها تعني رفقائي الذين كانوا حجّاجا معي.

قالت:شركاؤك الذين في بلدك و في الدار معك.و كان جري بيني و بين الذين معي في الدار شركة عنت في الدين،فسعوا إلي حتّي هربت و استترت بذلك السبب،فوقفت علي أنّها عنت أولئك،فقلت لها:ما تكونين أنت من الرضا؟فقالت:كنت خادمة للحسن بن علي عليه السّلام،فلمّا استيقنت ذلك قلت لأسألها عن النائب فقلت:باللّه عليك رأيته بعينك؟فقالت:يا أخي لم أره بعيني فإنّي خرجت و أختي حبلي و بشّرني الحسن بن علي عليه السّلام بأنّي سوف أراه في آخر عمري،و قال لي:

تكونين له كما كنت لي،و أنا اليوم منذ كذا بمصر،و إنّما قدمت الآن بكتابة و نفقة وجّه بها إلي علي يد رجل من أهل خراسان لا يفصح بالعربية و هي ثلاثون دينارا،و أمرني أن أحجّ سنتي هذه فخرجت رغبة منّي في أن أراه،فوقع في قلبي أنّ الرجل الذي كنت أراه هو،فأخذت عشرة دراهم صحاحا فيها ستّة رضوية و من ضرب الرضا عليه السّلام،قد كنت خبّأتها لالقيها في مقام إبراهيم،و كنت نذرت و نويت ذلك فدفعتها إليها و قلت في نفسي:أدفعها إلي قوم من ولد فاطمة أفضل ممّا ألقيها في المقام و أعظم ثوابا،فقلت لها:إدفعي هذه الدراهم إلي من يستحقّها من ولد فاطمة،و كان في نيّتي أنّ الذي رأيته هو الرجل،و إنّما تدفعها إليه فأخذت الدراهم و صعدت و بقيت ساعة ثمّ نزلت و قالت:

يقول لك:ليس لنا فيها حقّ إجعلها في الموضع الذي نويت،و لكن هذه الرضوية خذ منّا بدلها

ص: 73

و ألقها في الموضع الذي نويت،ففعلت و قلت في نفسي:الذي أمرت به عن الرجل.

ثمّ كان معي نسخة توقيع خرج إلي القاسم بن العلا بأذربايجان فقلت لها:تعرضين هذه النسخة علي إنسان قد رأي توقيعات الغائب؟فقالت:ناولني فإنّي أعرفه،فأريتها النسخة و ظننت أنّ المرأة تحسن أن تقرأ.

فقالت:لا يمكنني أن أقرأ في هذا المكان،فصعدت الغرفة ثمّ أنزلته فقالت:صحيح و في التوقيع:أبشّركم ببشري ما بشّرت به غيركم،ثمّ قالت:يقول لك:إذا صلّيت علي نبيّك كيف تصلّي؟فقلت:أقول:اللهمّ صلّ علي محمّد و آل محمّد و بارك علي محمّد و آل محمّد كأفضل ما صلّيت و باركت و ترحمت علي إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.فقالت:لا،إذا صلّيت فصلّ عليهم كلّهم و سمّهم.فقلت:نعم،فلمّا كان من الغد نزلت و معها دفتر صغير فقالت:يقول لك،إذا صلّيت علي النبيّ فصلّ عليه و علي أوصيائه علي هذه النسخة،فأخذتها و كنت أعمل بها،و رأيت عدّة ليال قد نزل من الغرفة وضوء السراج قائم و كنت أفتح الباب و أخرج علي أثر الضوء،و أنا أراه أعني الضوء و لا أري أحدا حتّي يدخل المسجد،و أري جماعة من الرجال من بلدان شتّي يأتون باب هذه الدار،فبعضهم يدفعون إلي العجوز رقاعا معهم،و رأيت العجوز قد دفعت إليهم كذلك الرقاع فيكلّمونها و تكلّمهم و لا أفهم عينهم،و رأيت منهم في منصرفنا جماعة في طريقي إلي أن قدمت بغداد.

و نسخة الدفتر الذي خرج:بسم اللّه الرّحمن الرحيم اللّهم صلّ علي محمّد سيّد المرسلين و خاتم النبيّين و حجّة ربّ العالمين،المنتخب في الميثاق،المصطفي في الظلال،المطهّر من كل آفة،البريء من كلّ عيب،المؤمّل للنجاة،المرتجي للشفاعة،المفوّض إليه دين اللّه.اللهمّ شرّف بنيانه و عظّم برهانه و أفلح حجّته و ارفع درجته و أضيء نوره و بيّض وجهه،و أعطه الفضل و الفضيلة و الدرجة و الوسيلة الرفيعة و ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأوّلون و الآخرون.

و صلّ علي أمير المؤمنين و وارث المرسلين و قائد الغرّ المحجّلين و سيّد الوصيّين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي الحسن بن علي إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي الحسين بن علي إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي علي بن الحسين إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي محمّد بن علي إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي جعفر بن محمّد إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي موسي بن جعفر إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي علي بن موسي إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين، و صلّ علي محمد بن علي إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي علي بن محمد إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي الحسن بن علي إمام

ص: 74

المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين،و صلّ علي الخلف الصالح الهادي المهدي إمام المؤمنين و وارث المرسلين و حجّة ربّ العالمين.

اللهمّ صلّ علي محمّد و أهل بيته الأئمّة الهادين المهديين العلماء الصادقين الأبرار المتّقين، دعائم دينك و أركان توحيدك و تراجمة وحيك و حجّتك علي خلقك و خلفائك في أرضك،الذين اخترتهم لنفسك و اصطفيتهم علي عبادك و ارتضيتهم لدينك و خصصتهم بمعرفتك و جللتهم بكرامتك و غشيتهم برحمتك و ربيتهم بنعمتك و غذيتهم بحكمتك و ألبستهم نورك و رفعتهم في ملكوتك و حففتهم بملائكتك و شرّفتهم بنبيّك.

اللهمّ صلّ علي محمّد و عليهم صلاة كثيرة دائمة طيّبة لا يحيط بها إلاّ أنت و لا يسعها إلاّ علمك و لا يحصيها أحد غيرك.

اللهمّ و صلّ علي وليّك المحيي سنّتك القائم بأمرك الداعي إليك الدليل عليك و حجّتك علي خلقك و خليفتك في أرضك و شاهدك علي عبادك،اللهمّ أعزّ نصره و مدّ في عمره و زيّن الأرض بطول بقائه،اللهمّ اكفه بغي الحاسدين و أعذه من شرّ الكائدين و ازجر عنه إرادة الظالمين و خلّصه من أيدي الجبّارين،اللهمّ أعطه في نفسه و ذريته و شيعته و رعيته و خاصّته و عامّته و عدوّه و جميع أهل زمانه ما تقرّ به عينه و تسرّ به نفسه،و بلّغه أفضل أمله في الدنيا و الآخرة إنّك علي كلّ شيء قدير.

اللهمّ جدّد به ما محي من دينك،و أحيي به ما بدّل من كتابك،و أظهر به ما غير من حكمك حتي يعود دينك به و علي يديه غضّا جديدا خالصا مخلصا لا شكّ فيه و لا شبهة معه و لا باطل عنده و لا بدعة لديه.اللهمّ نوّر بنوره كلّ ظلمة و هدّ بركنه كل بدعة و اهدم بعزّته كلّ ضلالة و اقسم به كلّ جبّار و أخمد بسيفه كلّ نار و أهلك بعدله كلّ جائر و أجر حكمه علي كلّ حكم و أذلّ بسلطانه كلّ سلطان.اللهمّ أذلّ كلّ من ناواه و أهلك كل من عاداه و امكر بمن كاده و استأصل من جحد حقّه و استهان بأمره و سعي في إطفاء نوره و أراد إخماد ذكره.

اللهمّ صلّ علي محمّد المصطفي و علي المرتضي و فاطمة الزهراء و الحسن الرضا و الحسين المصطفي و جميع الأوصياء مصابيح الدجي و أعلام الهدي و منار التقي و العروة الوثقي و الحبل المتين و الصراط المستقيم،و صل علي وليّك و ولاة عهده و الأئمّة من ولده و مدّ في أعمارهم و زد في آجالهم و بلغهم أقصي آمالهم دينا و دنيا و آخرة إنّك علي كلّ شيء قدير (1).

الثامن:ممّن رآه في غيبته الصغري:في الكافي عن أبي سعيد غانم الهندي قال:كنت بمدينة الهند المعروفة بقشمير الداخلة،و أصحاب لي يقعدون علي كراسي عن يمين الملك أربعون رجلا، كلّهم يقرأ الكتب الأربعة،التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم،نقضي بين الناس و نفقّههم في4.

ص: 75


1- بطوله في غيبة الشيخ:279 و بحار الأنوار:20/52 ح 14.

دينهم و نفيتهم في حلالهم و حرامهم،يفزع إلينا الملك و من دونه،فتجارينا ذكر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقلنا:

هذا النبي المذكور في الكتب قد خفي علينا أمره و يجب علينا الفحص عنه و طلب أثره،و اتفق رأينا و توافقنا علي أن أخرج فأرتاد لهم،فخرجت و معي مال جليل فسرت إثني عشر شهرا حتّي قربت من كابل،فعرض لي قوم من الترك فقطعوا علي و أخذوا مالي و جرحت جراحات شديدة،و دفعت إلي مدينة كابل فأنقذني ملكها لمّا وقف علي خبري إلي مدينة بلخ،و عليها إذ ذاك داود بن العباس بن أبي أسود فبلغه خبري و أنّي خرجت مرتادا من الهند،و تعلّمت الفارسية و ناظرت الفقهاء و أصحاب الكلام فأرسل إلي داود بن العبّاس فأحضرني مجلسه،و جمع عليّ الفقهاء فناظروني فأعلمتهم أنّي خرجت من بلدي أطلب هذا النبي الذي وجدته في الكتب.

فقال لي:من هو؟و ما اسمه؟فقلت:محمّد فقال:هو نبيّنا تطلب،فسألتهم عن شرائعه فأعلموني،فقلت لهم:أنا أعلم أنّ محمّدا لنبي و لا أعلمه هذا الذي تصفون أم لا،فأعلموني موضعه لأقصده فأسأله عن علامات عندي و دلالات،فإن كان صاحبي الذي طلبت آمنت به،فقالوا قد مضي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،قلت:فمن وصيّه و خليفته؟فقالوا:أبو بكر.قلت:فسمّوه لي فإنّ هذه كنيته؟قالوا:

عبد اللّه بن عثمان،و نسبوه إلي قريش.قلت:فانسبوا لي محمّدا،و هل لمحمّد قرابة إلي وصيّه و خليفته؟فنسبوه،فقلت:ليس هذا صاحبي الذي طلبت،صاحبي الذي أطلبه خليفته أخوه في الدين و ابن عمّه في النسب و زوج ابنته و أبو ولده،و ليس لهذا النبي ذريّة علي الأرض غير ولد هذا الرجل الذي هو خليفته.

قال:فوثبوا بي و قالوا:يا أيّها الأمير إنّ هذا قد خرج من الشرك إلي الكفر هذا حلال الدم.

فقلت لهم:يا قوم أنا رجل معي دين متمسّك به لا أفارقه حتّي أري ما هو أقوي منه،إنّي وجدت صفة الرجل في الكتب الذي أنزلها اللّه عزّ و جلّ علي أنبيائه،و إنّما خرجت من بلاد الهند و من العزّ الذي كنت فيه طلبا له،فلمّا فحصت عن أمر صاحبكم الذي ذكرتم لم يكن النبي الموصوف في الكتب فكفّوا عنّي،و بعث العامل إلي رجل يقال له الحسين بن أسكيب فدعاه فقال له:ناظر هذا الرجل الهندي،فقال له الحسين:أصلحك اللّه عندك الفقهاء و العلماء و هم أعلم و أبصر بمناظرته، فقال له:ناظره كما أقول لك و اخل به و الطف به،فقال لي الحسين بن أسكيب بعد ما فاوضته:إنّ صاحبك الذي تطلبه هو النبي الذي وصفه هؤلاء و ليس الأمر في خليفته كما قالوا،هذا النبيّ محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب و وصيّه علي بن أبي طالب بن عبد المطّلب و هو زوج فاطمة بنت محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أبو الحسن و الحسين سبطي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

قال غانم أبو سعيد:فقلت:اللّه أكبر هذا الذي طلبت فانصرفت إلي داود بن العبّاس فقلت له:أيّها الأمير وجدت ما طلبت و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه.قال:فبرّني و وصلني و قال للحسين تفقّده.قال:فمضيت إليه حتّي أنست به وفقّهني فيما احتجت إليه من الصلاة

ص: 76

و الصيام و الفرائض.قال:فقلت له:إنّا نقرأ في كتبنا أنّ محمّدا خاتم النبيّين لا نبي بعده و أنّ الأمر من بعده إلي وصيّه و خليفته من بعده،ثمّ إلي الوصي،لا يزال أمر اللّه جاريا في أعقابهم حتّي تنقضي الدنيا فمن وصي وصي محمد؟

قال:الحسن ثمّ الحسين عليهما السّلام إبنا محمّد،ثمّ ساق الأمر في الوصية حتّي انتهي إلي صاحب الزمان عليه السّلام،ثمّ أعلمني ما حدث فلم يكن لي همّة إلاّ طلب الناحية،فوافي قم وفد من أصحابنا في سنة أربع و ستّين،و خرج معهم حتي وافي بغداد و معه رفيق له من أهل السند كان صحبه علي المذهب،فحدّثني غانم قال:و أنكرت من رفيقي بعض أخلاقه فهجرته،و خرجت حتّي صرت إلي العبّاسية أتهيّأ للصلاة و أصلّي و أنا واقف متفكّرا فيما قصدت لطلبه إذا أنا بآت قد أتاني فقال:أنت فلان-اسمه بالهند-؟قلت:نعم،قال:أجب مولاك،فمضيت معه فلم يزل يتخلّد في الطرق حتّي أتي دارا و بستانا فإذا أنا به عليه السّلام جالس فقال:مرحبا يا فلان-بكلام الهند-كيف حالك و كيف خلفت فلانا و فلانا و فلانا،حتّي عدّ الأربعين كلّهم فسألني عنهم واحدا واحدا،ثمّ أخبرني بما تجاريناه كلّ ذلك بكلام الهند،ثمّ قال:أردت أن تحجّ مع أهل قم؟قلت:نعم يا سيدي.

فقال:لا تحجّ معهم و انصرف سنتك هذه و حجّ في قابل،ثمّ ألقي إليّ صرّة كانت بين يديه فقال لي:إجعلها نفقتك و لا تدخل إلي بغداد إلي فلان-سمّاه-و لا تطلعه علي شيء و انصرف إلينا إلي البلد،ثمّ وافانا بعض الفيوج فأعلمونا أنّ أصحابنا انصرفوا من العقبة،و مضي نحو خراسان فلمّا كان في قابل حجّ و أرسل إلينا بهدية من طرف خراسان فأقام بها مدّة ثمّ مات رحمه اللّه (1).

التاسع:ممّن رآه في غيبته الصغري:في البحار عن محمد بن أحمد بن خلف قال:نزلنا مسجدا في المنزل المعروف بالعبّاسية علي مرحلتين من فسطاط مصر،و تفرّق غلماني في النزول و بقي معي في المسجد غلام أعجمي،فرأيت في زاويته شيخا كثير التسبيح فلمّا زالت الشمس ركعت و صلّيت الظهر في أوّل وقتها و دعوت بالطعام و سألت الشيخ أن يأكل معي فأجابني،فلمّا طعمنا سألته عن اسمه و اسم أبيه و عن بلده و حرفته،فذكر أنّ اسمه محمد بن عبيد اللّه و أنّه من أهل قم، و ذكر أنّه يسيح منذ ثلاثين سنة في طلب الحقّ و ينتقل في البلدان و السواحل،و أنّه أوطن مكّة و المدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الأخبار و يتتبع الآثار،فلمّا كان في سنة ثلاث و تسعين و مائتين طاف بالبيت،ثمّ صار إلي مقام إبراهيم فركع فيه و غلبته عينه فأنبهه صوت دعاء لم يجر في سمعه مثله.

قال:فتأمّلت الداعي فإذا هو شاب أسمر لم أر قط في حسن صورته و اعتدال قامته،ثمّ صلّي فخرج و سعي فتبعته و أوقع اللّه في نفسي أنّه صاحب الزمان،فلمّا فرغ من سعيه قصد بعض الشعاب3.

ص: 77


1- الكافي:517/1 ح 3.

فقصدت أثره،فلمّا قربت منه إذا أنا بأسود مثل الفنيق (1)قد اعترضني فصاح بي بصوت لم أسمع أهول منه:ما تريد عافاك الله؟فإرتعدت و وقفت و زال الشخص عن بصري و بقيت متحيّرا،فلمّا طال بي الوقوف و الحيرة إنصرفت ألوم نفسي و أعذلها بانصرافي بزجرة الأسود،فخلوت بربّي عزّ و جلّ أدعوه و أسأله بحقّ رسوله و آله أن لا يخيب سعيي،و أن يظهر لي ما يثبّت به قلبي و يزيد في بصري، فلمّا كان بعد سنين زرت قبر المصطفي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،فبينا أنا في الروضة التي بين القبر و المنبر إذ غلبتني عيني فإذا محرّك يحرّكني فاستيقظت فإذا أنا بالأسود فقال:ما خبرك و كيف كنت؟

فقلت:أحمد اللّه و أذمّك.فقال:لا تفعل فإنّي أمرت بما خاطبتك،به و قد أدركت خيرا كثيرا فطب نفسا و ازدد من الشكر للّه عزّ و جلّ علي ما أدركت و عاينت،ما فعل فلان-و سمّي بعض إخواني المستبصرين-فقلت:ببرقة (2).فقال:صدقت ففلان؟-و سمّي رفيقا لي مجتهدا في العبادة مستبصرا في الديانة،فقلت:بالإسكندرية،حتّي سمّي لي عدّة من إخواني،ثمّ ذكر إسما غريبا فقال:ما فعل فقفور؟قلت:لا أعرفه.فقال:كيف لا تعرفه و هو رومي فيهديه اللّه فيخرج ناصرا من قسطنطينة.

ثمّ سألني عن رجل آخر فقلت:لا أعرفه.فقال:هذا رجل من أهل هيت من أنصار مولاي، امض إلي أصحابك فقل لهم:نرجو أن يكون قد أذن اللّه في الإنتصار للمستضعفين و في الإنتقام من الظالمين،و قد لقيت جماعة من أصحابي و أديت إليهم و أبلغتهم ما حملت و أنا منصرف،و أشير عليك أن لا تتلبّس بما يثقل به ظهرك و تتعب به جسمك،و أن تحبس نفسك علي طاعة ربّك فإنّ الأمر قريب إن شاء اللّه،فأمرت خازني فأحضر لي خمسين دينارا و سألته قبولها فقال:يا أخي قد حرّم اللّه علي أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه كما أحلّ لي أن آخذ منك الشيء إذا احتجت إليه.

فقلت:هل سمع هذا الكلام منك أحد غيري من أصحاب السلطان؟فقال:نعم أخوك أحمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بأذربايجان،و قد استأذن للحج أملا أن يلقي ما لقيت،فحجّ أحمد بن الحسين الهمداني رحمه اللّه في تلك السنة فقتله ركزويد بن مهرويه،و افترقنا و انصرفت إلي الثغر،ثمّ حججت فلقيت بالمدينة رجلا اسمه طاهر من ولد الحسين الأصغر يقال إنّه يعلم من هذا الأمر شيئا،فثابرت عليه حتّي أنس بي و سكن إلي،و وقف علي صحّة عقيدتي فقلت له:يابن رسول اللّه بحق آبائك الطاهرين لما جعلتني مثلك في العلم بهذا الأمر،فقد شهد عندي من توثقه،يقصد القاسم بن عبيد اللّه بن سليمان بن وهب،إيّاي بمذهبي و اعتقادي،و إنّه غزا بلادي مرارا فسلّمني اللّه منه.فقال:يا أخي أكتم ما تسمع منّي الخبر في هذه الجبال،و إنّما يري العجائب الذين يحملون الزاد في الليل و يقصدون به مواضع يعرفونها،فقد نهينا عن الفحص و التفتيش،فودّعته و انصرفت عنه (3).7.

ص: 78


1- الفنيق:الفحل من الابل المكرم.
2- قرية من قري قم.
3- بحار الأنوار:4/52 ح 2 و غيبة الشيخ:257.

العاشر:ممّن رآه في غيبته الصغري:في البحار عن يوسف بن أحمد الجعفري قال:حججت سنة ست و ثلاثمائة و جاورت بمكّة تلك السنة و ما بعدها إلي سنة تسع و ثلاثمائة ثمّ خرجت عنها منصرفا إلي الشام،فبينا أنا في بعض الطريق و قد فاتتني صلاة الفجر فنزلت من المحمل و تهيّأت للصلاة،فرأيت أربعة نفر في محمل فوقفت أعجب منهم فقال أحدهم:مم تعجب،تركت صلاتك و خالفت مذهبك؟فقلت للذي يخاطبني:و ما علمك بمذهبي؟فقال:تحبّ أن تري صاحب زمانك؟ فقلت:نعم،فأومي إلي أحد الأربعة.فقلت:إنّ له دلائل و علامات،فقال:أيّما أحبّ إليك أن تري الجمل و ما عليه صاعدا إلي السماء،أو تري المحمل صاعدا إلي السماء؟فقلت:أيّهما كان فهي دلالة؟فرأيت الجمل و ما عليه يرتفع إلي السماء،و كان الرجل أومي إلي رجل به سمرة و كأن لونه الذهب،بين عينيه سجادة (1).

الحادي عشر:ممّن رآه في غيبته الصغري:عن علي بن إبراهيم الأودي قبل سنة ثلاثمائة:بينا أنا في الطواف قد طفت ستّة و أريد أن أطوف السابعة،فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة و شاب حسن الوجه،طيّب الرائحة،هيوب و مع هيبته متقرّب إلي الناس،فلم أر أحسن من كلامه و لا أعذب من منطقه في حسن جلوسه فذهبت أكلّمه فزبرني (2)الناس،فسألت بعضهم:من هذا؟فقال:ابن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يظهر للناس في كلّ سنة يوما لخواصّه فيحدّثهم.فقلت:مسترشدا إيّاك فأرشدني هداك اللّه.

قال:فناولني حصاة فحوّلت وجهي فقال لي بعض جلسائه:ما الذي دفع إليك ابن رسول اللّه؟فقلت:حصاة،فكشفت عن يدي فإذا أنا بسبيكة من ذهب فذهبت،فإذا أنا به قد لحقني فقال:

ثبتت عليك الحجّة،و ظهر لك الحقّ،و ذهب عنك العمي أتعرفني؟فقلت:اللهمّ لا.قال:أنا المهدي،أنا قائم الزمان،أنا الذي أملأها عدلا كما ملئت جورا،إنّ الأرض لا تخلو من حجّة، و لا يبقي الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل،و قد ظهر أيّام خروجي،فهذه أمانة في رقبتك فحدّث بها إخوانك من أهل الحقّ (3).

الثاني عشر:ممّن رآه في غيبته الصغري:في البحار عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري قال:كنت حاضرا عند المستجار بمكّة و جماعة زهاء ثلاثين رجلا،لم يكن منهم مخلص غير محمّد بن القاسم العلوي،فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجّة سنة ثلاث و تسعين و مائتين؛إذ خرج علينا شاب من الطواف،عليه إزاران محرم بهما و في يده نعلان،فلمّا رأيناه قمنا جميعا هيبة له،و لم يبق منّا أحد إلاّ قام فسلّم علينا و جلس متوسّطا و نحن حوله،ثمّ التفت يمينا و شمالا ثمّ قال:أتدرون ما كان يقول أبو عبد اللّه عليه السّلام في دعائه الإلحاح؟قلنا:و ما كان يقول؟ه.

ص: 79


1- بحار الأنوار:5/52 ح 3 و غيبة الشيخ:258.
2- أي:زجرني و منعني.
3- غيبة الشيخ الطوسي:253 فصل ما روي من الأخبار المتضمّنة لمن رآه و هو لا يعرفه.

قال:كان يقول:اللهمّ إنّي أسألك باسمك الذي به تقوم السماء و به تقوم الأرض و به تفرّق بين الحقّ و الباطل و به تجمع بين المتفرّق و به تفرّق بين المجتمع،و به أحصيت عدد الرمال و زنة الجبال و كيل البحار،أن تصلّي علي محمّد و آل محمّد و أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا،ثمّ نهض و دخل الطواف فقمنا لقيامه حتّي انصرف،و نسينا أن نذكر أمره و أن نقول من هو و أي شيء هو إلي الغد في ذلك الوقت،فخرج علينا من الطواف فقمنا له كقيامنا بالأمس و جلس في مجلسه متوسّطا و توسّطنا،فنظر يمينا و شمالا و قال:أتدرون ما كان يقول أمير المؤمنين عليه السّلام بعد صلاة الفريضة؟فقلنا:و ما كان يقول؟

قال:كان يقول إليك رفعت الأصوات و دعيت الدعوة،و لك عنت الوجوه،و لك خضعت الرقاب،و إليك التحاكم في الأعمال،يا خير من سئل و يا خير من أعطي يا صادق يا بارئ،يا من لا يخلف الميعاد يا من أمر بالدعاء و وعد بالإجابة يا من قال اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (1)يا من قال: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (2)يا من قال: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلي أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (3)لبيك و سعديك،ها أنا ذا بين يديك المسرف و أنت القائل: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً (4)ثمّ نظر يمينا و شمالا بعد هذا الدعاء فقال:أتدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول في سجدة الشكر؟فقلت:و ما كان يقول؟

قال:كان يقول:يا من لا تزيده كثرة العطاء إلاّ سعة و عطاء،يا من لا تنفد خزائنه،يا من له خزائن السماوات و الأرض،يا من له خزائن ما دقّ و جلّ لا تمنعك إساءتي من إحسانك،أنت تفعل بي الذي أنت أهله فأنت أهل الجود و الكرم و العفو و التجاوز،يا رب يا اللّه لا تفعل بي الذي أنا أهله فإنّي أهل العقوبة و قد استحققتها لا حجّة لي و لا عذر لي عندك،أبوء لك بذنوبي كلّها و أعترف بها كي تعفو عنّي و أنت أعلم بها منّي،أبوء لك بكل ذنب أذنبته و كلّ خطيئة احتملتها و كلّ سيّئة عملتها،ربّ اغفر لي و ارحم و تجاوز عمّا تعلم إنّك أنت الأعزّ الأكرم.و قام فدخل الطواف فقمنا لقيامه،و عاد من الغد في ذلك الوقت فقمنا لإقباله كفعلنا فيما مضي،فجلس متوسطا و نظر يمينا و شمالا فقال:كان علي بن الحسين سيّد العابدين يقول في سجوده في هذا الموضع-و أشار بيده إلي الحجر تحت الميزاب-:عبيدك بفنائك،مسكينك بفنائك،فقيرك بفنائك،سائلك بفنائك يسألك ما لا يقدر عليه غيرك.

ثمّ نظر يمينا و شمالا و نظر إلي محمّد بن القاسم من بيننا فقال:يا محمّد بن القاسم أنت علي خير إن شاء اللّه،و كان محمد بن القاسم يقول بهذا الأمر،ثمّ قام فدخل الطواف فما بقي منّا أحد3.

ص: 80


1- سورة غافر،الآية:60.
2- سورة البقرة،الآية:186.
3- سورة الزمر،الآية:53.
4- سورة الزمر،الآية:53.

إلاّ و قد ألهم ما ذكره من الدعاء،و نسينا أن نتذاكر أمره إلاّ في آخر يوم،فقال لنا أبو علي المحمودي:يا قوم أتعرفون هذا؟هذا و اللّه صاحب زمانكم.فقلنا:و كيف علمت يا أبا علي؟فذكر أنّه مكث سبع سنين يدعو ربّه و يسأله معاينة صاحب الزمان،قال:فبينا نحن يوما عشية عرفة و إذا بالرجل بعينه يدعو بدعاء وعيته،فسألته ممّن هو؟فقال:من الناس.قلت:من أيّ الناس؟

قال:من عربها.قلت:من أيّ عربها؟قال:من أشرفها.قلت:و من هم؟قال:بنو هاشم.

قلت:من أيّ بني هاشم؟قال:من أعلاها ذروة و أسناها.قلت:ممّن؟قال:ممّن فلق الهام و أطعم الطعام و صلّي و الناس نيام.فقال:فعلمت أنّه علوي فأحببته علي العلويّة،ثمّ افتقدته من بين يديّ، فلم أدر كيف مضي،فسألت القوم الذين كانوا حوله تعرفون هذا العلوي؟قالوا:نعم يحجّ معنا في كلّ سنة ماشيا.فقلت:سبحان اللّه و اللّه ما أري به أثر مشي.

قال:فانصرفت إلي المزدلفة كئيبا حزينا علي فراقه و نمت من ليلتي تلك فإذا أنا برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال:يا أحمد رأيت طلبتك.فقلت:و من ذاك يا سيّدي؟فقال:الذي رأيته في عشيتك هو صاحب زمانك.قال:فلمّا سمعنا ذلك منه عاتبناه أن لا يكون أعلمنا ذلك،فذكر أنّه كان ينسي أمره إلي وقت ما حدثنا به (1).

الثالث عشر:ممّن رآه في غيبته الصغري:في البحار عن الزهري قال:طلبت هذا الأمر طلبا شافيا حتّي ذهب لي فيه مال صالح،فوقعت إلي العمري و خدمته و لزمته و سألته بعد ذلك عن صاحب الزمان فقال لي:ليس إلي ذلك وصول،فخضعت فقال لي:بكّر بالغداة،فوافيت و استقبلني و معه شاب من أحسن الناس وجها و أطيبهم رائحة بهيئة التجّار،و في كمّه شيء كهيئة التجّار،فلمّا نظرت إليه دنوت من العمري فأومي إلي فعدلت إليه و سألته فأجابني عن كلّ ما أردت،ثمّ مرّ ليدخل الدار و كانت من الدور التي لا نكترث لها،فقال العمري:إذا أردت أن تسأل سل فإنّك لا تراه بعد ذا، فذهبت لأسأل فلم يسمع و دخل الدار و ما كلّمني بأكثر من أن قال:ملعون ملعون من أخّر العشاء إلي أن تشتبك النجوم،ملعون ملعون من أخّر الغداة إلي أن تنقضي النجوم،و دخل الدار (2).

الرابع عشر:ممّن رآه في غيبته الصغري:في الكافي عن بعض أهل المدائن قال:كنت حاجّا مع رفيق لي فوافينا إلي الموقف فإذا شاب قاعد عليه إزار و رداء،و في رجله نعل صفراء،قوّمت الإزار و الرداء بمائة و خمسين دينارا،و ليس فيه أثر السفر،فدنا منّا سائل فرددناه فدنا من الشاب فسأله فحمل شيئا من الأرض و ناوله،فدعا له السائل و اجتهد في الدعاء و أطال فقام الشاب و غاب عنّا،فدنونا من السائل فقلنا له:ويحك ما أعطاك،فأرانا حصاة ذهب مضرسة قدرناها عشرين مثقالا فقلت لصاحبي:مولانا عندنا و نحن لا ندري،ثمّ ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كلّه فلم نقدر2.

ص: 81


1- غيبة الشيخ:259 ح 227،و البحار:8/52 ح 5.
2- البحار:15/52 ح 13 و الاحتجاج:479/2.

عليه،فسألنا من كان حوله من أهل مكّة و المدينة فقالوا:شاب علوي يحجّ في كلّ سنة ماشيا (1).

الخامس عشر:ممّن رآه في غيبته الصغري:في البحار عن أبي ذر أحمد بن أبي سورة و هو محمد بن الحسن بن عبد اللّه التميمي و كان زيديا قال:سمعت هذه الحكاية من جماعة يروونها عن أبي رحمه اللّه أنّه خرج إلي الحير قال:فلمّا صرت إلي الحير إذا شاب حسن الوجه يصلّي،ثمّ إنّه ودّع و ودّعت و خرجنا فجئنا إلي الشرعة فقال لي:يا أبا سورة،أين تريد؟فقلت:الكوفة.فقال لي:مع من؟قلت:مع الناس.قال لي:لا تريد نحن جميعا نمضي.قلت:و من معنا؟فقال:ليس نريد معنا أحدا.

قال:فمشينا ليلتنا فإذا نحن علي مقابر مسجد السهلة فقال لي:هو ذا منزلك فإن شئت فامض،فسألني الرجل عن حالي فأخبرته بضيقتي و بعيلتي،فلم يزل يماشيني حتي انتهيت إلي النواويس في السحر فجلسنا،ثمّ حفر بيده فإذا الماء قد خرج فتوضّأ ثمّ صلّي ثلاث عشرة ركعة ثمّ قال:إمض إلي أبي الحسن علي بن يحيي فأقرئه السلام و قل له:يقول لك الرجل إدفع إلي أبي سورة من السبعمائة دينار التي مدفونة في موضع كذا و كذا مائة دينار،و إنّي مضيت من ساعتي إلي منزله فدققت الباب فقيل:من هذا؟فقلت قولي لأبي الحسن:هذا أبو سورة،فسمعته يقول:ما لي و لأبي سورة ثمّ خرج إلي فسلّمت عليه،و قصصت عليه الخبر فدخل و أخرج إليّ مائة دينار فقبضتها فقال:صافحته؟فقلت:نعم فأخذ يدي فوضعها علي عينيه و مسح بها وجهه (2).

***

ذكر السفراء الأربعة

أوّلهم:أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري و كان من نوّاب أبي الحسن و أبي محمّد في الأوّل، و كانت توقيعات إمام العصر تخرج علي يدي عثمان بن سعيد و ابنه أبي جعفر محمد بن عثمان إلي شيعته و خواصّ أبيه أبي محمّد بالأمر و النهي عنه،و الأجوبة عمّا تسأل الشيعة،و تراجمه رحمه اللّه في البحار مفصّلا،و قبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام في شارع الميدان في أوّل الموضع المعروف بدرب حيلة (3).

الثاني:من السفراء ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري،قام مقام أبيه بنصّ أبي محمد و أبيه عثمان بأمر القائم عليه السّلام،و خرج التوقيع إليه في التعزية بأبيه رضي اللّه عنه،و في فصل من الكتاب:إنّا للّه و إنّا إليه راجعون،تسليما لأمره و رضا بفعله و بقضائه،عاش أبوك سعيدا و مات

ص: 82


1- الكافي:332/1 و الخرائج و الجرائح:694/2 بتفاوت.
2- غيبة الشيخ:270 و البحار:15/52 ح 12.
3- بحار الأنوار:347/51 و غيبة الطوسي:358.

حميدا فرحمه اللّه و ألحقه بأوليائه و مواليه فلم يزل مجتهدا في أمرهم،ساعيا فيما يقرّبه إلي اللّه عزّ و جلّ و إليهم،نضّر اللّه وجهه و أقال عثرته.

و في فصل آخر:أجزل اللّه لك الثواب و أحسن لك العزاء،رزيت و أوحشك فراقه و أوحشنا، فسرّه اللّه في منقلبه،و كان من كمال سعادته أن رزقه اللّه ولدا مثلك يخلفه من بعده و يقوم مقامه بأمره و يترحّم عليه،و أقول الحمد للّه فإنّ الأنفس طيّبة بمكانك و ما جعله اللّه عزّ و جلّ فيك و عندك، و أعانك اللّه و قوّاك و عضدك،و وفّقك و كان لك وليا و حافظا و راعيا.

و هما رأيا القائم عجّل اللّه فرجه،و قبره عند والدته في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره و منازله،و هو الآن في وسط الصحراء (1).

الثالث من السفراء:أبو القاسم حسين بن روح النوبختي،أقامه محمد بن عثمان بعد مقامه بأمر الإمام عجّل اللّه فرجه و هو من أعقل الناس عند الموافق و المخالف و كان يستعمل التقية.

في البحار:عن أبي جعفر محمد بن علي بن الأسود قال:كنت أحمل الأموال التي تحصل في باب الوقف إلي أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رحمه اللّه فيقبضها منّي،فحملت إليه يوما شيئا من الأموال في آخر أيّامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين،فأمرني بتسليمه إلي أبي القاسم الروحي رضي اللّه عنه،فكنت أطالبه بالقبوض فشكي ذلك إلي أبي جعفر رضي اللّه عنه،فأمرني أن لا أطالبه بالقبوض و قال:كلّ ما وصل إلي أبي القاسم فقد وصل إليّ،فكنت أحمل بعد ذلك الأموال إليه و لا أطالبه بالقبوض (2).

و فيه:عن جعفر بن أحمد بن منيل:لمّا حضرت أبا جعفر محمّد بن عثمان العمري الوفاة كنت جالسا عند رأسه أسأله و أحدّثه و أبو القاسم بن روح عند رجليه فالتفت إليّ ثمّ قال:أمرت أن أوصي إلي أبي القاسم الحسين بن روح.قال:فقمت من عند رأسه و أخذت بيد أبي القاسم و أجلسته في مكاني و تحوّلت إلي عند رجليه (3).

و حسين بن روح من أعقل الناس عند الموافق و المخالف و كان يستعمل التقيّة،و قبره رحمه اللّه في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ إلي التل و إلي الدرب الآخر و إلي قنطرة الشوك.و قد كانت العامّة تعظّمه رحمه اللّه حيّا و ميّتا،و قد تناظر اثنان في دار ابن يسار و هو رحمه اللّه حضر تقيّة فزعم واحد أنّ أبا بكر أفضل الناس بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ عمر ثمّ علي،و قال آخر:علي أفضل من أبي بكر و عمر فزاد الكلام بينهما،فقال أبو القاسم رضي اللّه عنه:الذي اجتمعت عليه5.

ص: 83


1- الاحتجاج:481 ذكر طرف ممّا خرج أيضا عنه من المسائل الفقهية.
2- البحار:354/51 ح 4 و كمال الدين:501.
3- الخرائج و الجرائح:1120/3 و البحار:254/51 ح 5.

الصحابة هو تقديم الصدّيق ثمّ بعده الفاروق ثمّ بعده عثمان ذو النورين ثمّ علي الوصيّ،و أصحاب الحديث علي ذلك و هو الصحيح عندنا،فبقي من حضر المجلس متعجّبا من هذا القول و كانت العامّة يرفعونه علي رؤوسهم،و كثر الدعاء له و الطعن علي من يرميه بالرفض.

فوقع عليّ الضحك فلم أزل أتصبّر و أمنع نفسي و أدسّ كمي في فمي فخشيت أن أفتضح، فوثبت عن المجلس،و نظر إليّ فتفطّن بي،فلمّا حصلت في منزلي فإذا بالباب يطرق فخرجت مبادرا فإذا بأبي القاسم بن روح راكبا بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيّه إلي داره فقال لي:يا عبد اللّه أيّدك اللّه لم ضحكت و أردت أن تهتف بي،كأن الذي قلته عندك ليس بحقّ؟فقلت له:كذاك هو عندي،فقال لي:اتق اللّه أيّها الشيخ فإنّي لا أجعلك في حلّ أن تستعظم هذا القول منّي.فقلت:يا سيدي رجل يري بأنّه صاحب الإمام عجّل اللّه فرجه و وكيله يقول ذلك القول لا يتعجّب منه و لا يضحك من قوله هذا!فقال لي:و حياتك لئن عدت لأهجرنّك،و ودّعني و انصرف (1).

الرابع من السفراء:أبو الحسن علي بن محمد السمري رحمه اللّه،أوصي أبو القاسم الحسين بن روح إلي أبي الحسن علي بن محمد السمري رحمه اللّه فلمّا حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصي قال للّه أمر هو بالغه،فالغيبة التامّة هي التي وقعت بعد مضيّ السمري (2).

***

توقيعات الحجة القائم عليه السّلام

اشارة

الأول:في الاحتجاج عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري رحمه اللّه:أنّه جاء بعض أصحابنا يعلمه أنّ جعفر بن علي كتب إليه كتابا يعرّفه نفسه،و يعلمه أنّه القيّم بعد أخيه و أنّ عنده من علم الحلال و الحرام ما يحتاج إليه و غير ذلك من العلوم كلّها.قال أحمد بن إسحاق:

فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلي صاحب الزمان و صيّرت كتاب جعفر في درجه فخرج إلي الجواب في ذلك:بسم اللّه الرّحمن الرحيم أتاني كتابك أبقاك اللّه و الكتاب الذي أنفذت في درجه و أحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه علي اختلاف ألفاظه و تكرّر الخطأ فيه،و لو تدبّرته لوقفت علي بعض ما وقفت عليه منه،و الحمد للّه ربّ العالمين حمدا لا شريك له علي إحسانه إلينا و فضله علينا،أبي اللّه عزّ و جلّ للحقّ إلاّ إتماما و للباطل إلاّ زهوقا،و هو شاهد عليّ ممّا أذكره،ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا لليوم الذي لا ريب فيه و يسألنا عمّا نحن فيه مختلفون،و إنّه لم يجعل لصاحب الكتاب علي المكتوب إليه و لا عليك و لا علي أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة و لا طاعة و لا ذمّة،و سأبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء اللّه:

ص: 84


1- غيبة الشيخ الطوسي:385 ح 347 ذكر إقامة أبي جعفر محمد بن عثمان العمري.
2- كمال الدين:433 ح 12،و الغيبة للطوسي:394.

يا هذا يرحمك اللّه إنّ اللّه تعالي لم يخلق الخلق عبثا و لا أهملهم سدي،بل خلقهم بقدرته و جعل لهم أسماعا و أبصارا و قلوبا و ألبابا،ثمّ بعث إليهم النبيّين مبشّرين و منذرين يأمرونهم بطاعته، و ينهونهم عن معصيته،و يعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم و دينهم،و أنزل عليهم كتابا و بعث إليهم ملائكة،و باين بينهم و بين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعل لهم عليهم،و ما آتاهم اللّه من الدلائل الظاهرة و البراهين الباهرة و الآيات الغالبة،فمنهم من جعل النار عليه بردا و سلاما و اتخذه خليلا، و منهم من كلّمه تكليما و جعل عصاه ثعبانا مبينا،و منهم من أحيي الموتي بإذن اللّه و أبرأ الأكمه و الأبرص بإذن اللّه،و منهم من علّمه منطق الطير و أوتي من كلّ شيء،ثمّ بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رحمة للعالمين و تمّم نعمته و ختم به أنبياءه،و أرسله إلي الناس كافّة،و أظهر من صدقه ما أظهر،و بيّن من آياته و علاماته ما بيّن،ثمّ قبضه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حميدا فقيدا سعيدا،و جعل الأمر من بعده إلي أخيه و ابن عمّه و وصيّه و وارثه علي بن أبي طالب عليه السّلام.

ثمّ إلي الأوصياء من ولده واحدا بعد واحد،أحيي بهم دينه،و أتمّ بهم نوره،و جعل بينهم و بين إخوانهم و بني عمّهم و الأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقا بيّنا تعرف به الحجّة من المحجوج و الإمام من المأموم،بأن عصمهم من الذنوب و برأهم من العيوب،و طهّرهم من الدنس و نزّههم من اللبس و جعلهم خزّان علمه و مستودع حكمته و موضع سرّه و أيّدهم بالدلائل،و لو لا ذلك لكان الناس علي سواء،و لادّعي أمر اللّه عزّ و جلّ كلّ أحد،و لما عرف الحقّ من الباطل و لا العلم من الجهل،و قد ادّعي هذا المبطل المدّعي علي اللّه الكذب بما ادّعاه،فلا أدري بأي حالة هي له رجا أن يتمّ دعواه في دين اللّه،فو الله ما يعرف حلالا من حرام و لا يفرّق بين خطأ و صواب،فما يعلم حقّا من باطل و لا محكما من متشابه،و لا يعرف حدّ الصلاة و لا وقتها،أم بورع،فاللّه شهيد علي تركه الصلاة الفريضة أربعين يوما يزعم ذلك لطلب الشعوذة (1)و لعلّ خبره تأدّي إليكم،و هاتيك طروق منكرة منصوبة و آثار عصيانه للّه عزّ و جلّ مشهودة قائمة،أم بآية فليأت بها أم بحجّة فليعمّها أم بدلالة فليذكرها قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّي وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ، قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلي يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَ إِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (2).

فالتمس تولّي اللّه توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك و امتحنه،و اسأله عن آية من كتاب اللّه يفسّرها أو صلاة يبيّن حدودها و ما يجب فيها لتعلم حاله و مقداره،و يظهر لك عواره و نقصانه و اللّه6.

ص: 85


1- الشعبذة.
2- سورة الأحقاف،الآيات:1-6.

حسيبه،حفظ اللّه الحقّ علي أهله و أقرّه في مستقرّه،و قد أبي اللّه عزّ و جلّ أن تكون الإمامة في أخوين إلاّ في الحسن و الحسين عليهما السّلام،و إذا أذن اللّه لنا في القول ظهر الحقّ و اضمحل الباطل و انحسر عنكم،و إلي اللّه أرغب في الكفاية و جميل الصنع و الولاية و حسبنا اللّه و نعم الوكيل و صلّي اللّه علي محمّد و آل محمّد (1).

الثاني:من التوقيعات و فيه:عن علي بن أحمد الدلاّل القمّي قال:اختلف جماعة من الشيعة في أنّ اللّه عزّ و جلّ فوّض إلي الأئمّة صلوات اللّه عليهم أن يخلقوا و يرزقوا،فقال قوم:هذا محال لا يجوز علي اللّه تعالي؛لأنّ الأجسام لا يقدر علي خلقها غير اللّه عزّ و جلّ.و قال آخرون:بل اللّه عزّ و جلّ أقدر الأئمّة علي ذلك،و فوّض إليهم فخلقوا و رزقوا،و تنازعوا في ذلك تنازعا شديدا.قال قائل:ما بالكم لا ترجعون إلي أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألونه عن ذلك ليوضّح لكم الحقّ فيه، فإنّه الطريق إلي صاحب الأمر عجّل اللّه فرجه،فرضيت الجماعة بأبي جعفر و سلّمت و أجابت إلي قوله فكتبوا المسألة و أنفذوها،فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته:إنّ اللّه تعالي هو الذي خلق الأجسام و قسّم الأرزاق لأنّه ليس بجسم و لا حالّ في جسم،ليس كمثله شيء و هو السميع البصير، و أمّا الأئمّة فإنّهم يسألون اللّه تعالي فيخلق و يسألونه فيرزق إيجابا لمسألتهم و إعظاما لحقّهم (2).

الثالث:من التوقيعات و فيه:عن أبي عمرو العمري،قال:تشاجر ابن أبي غانم القزويني و جماعة من الشيعة في الخلف و ذكر ابن أبي غانم أنّ أبا محمد مضي و لا خلف له،ثمّ إنّهم كتبوا في ذلك كتابا و أنفذوه إلي الناحية و أعلموه بما تشاجروا فيه،فورد جواب كتابهم بخطّه عليه السّلام و علي آله و آبائه:بسم اللّه الرّحمن الرحيم عافانا اللّه و إيّاكم من الفتن،و وهب لنا و لكم روح اليقين، و أجارنا و إيّاكم من سوء المنقلب،إنّه أنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدين و ما دخلهم من الشكّ و الحيرة في ولاة أمرهم فغمّنا ذلك لكم لا لنا،و ساءنا فيكم لا فينا؛لأنّ اللّه معنا فلا فاقة بنا إلي غيره،و الحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد،و نحن صنائع ربّنا و الخلق بعد صنائعنا،يا هؤلاء ما لكم في الريب تتردّدون،و في الحيرة تنعكسون؟

أو ما سمعتم اللّه عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)؟أو ما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون يحدث في أئمّتكم علي الماضين و الباقين منهم عليهم السلام؟أو ما رأيتم كيف جعل اللّه لكم معاقل تأوون إليها و أعلاما تهتدون بها من لدن آدم عليه السّلام إلي أن ظهر الماضي،كلّما غاب علم بدا علم،و إذا أفل نجم طلع نجم،فلمّا قبضه اللّه إليه ظننتم أن اللّه أبطل دينه و قطع بينه و بين خلقه؟كلاّ ما كان ذلك و ما يكون حتّي تقوم الساعة و يظهر أمر اللّه9.

ص: 86


1- الاحتجاج-الشيخ الطبرسي:281/2 إحتجاج الحجّة القائم عليه السّلام.
2- الاحتجاج:471 احتجاج الحجّة القائم عليه السّلام.
3- سورة النساء،الآية:59.

و هم كارهون،و إنّ الماضي مضي عليه السّلام سعيدا فقيدا علي منهاج آبائه عليهم السّلام حذو النعل بالنعل،و فينا وصيّه و علمه و منه خلفه و من يسدّ مسدّه،و لا ينازعنا موضعه إلاّ ظالم آثم و لا يدّعيه دوننا إلاّ كافر جاحد،و لو لا أنّ أمر اللّه لا يغلب،و سرّه لا يظهر و لا يعلن لظهر لكم من حقّنا ما تبتز منه عقولكم و يزيد شكوككم،ما شاء اللّه كان،و لكل أجل كتاب فاتّقوا اللّه و سلّموا لنا وردوا الأمر إلينا،فعلينا الإصدار كما كان منّا الإيراد،و لا تحاولوا كشف ما غطي عنكم،و لا تميلوا عن اليمين و تعدلوا إلي اليسار،و اجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة علي السنّة الواضحة فقد نصحت،و اللّه شاهد عليّ و عليكم.

و لو لا ما عندنا من محبّة صاحبكم و رحمتكم و الإشفاق عليكم لكنّا عن مخاطبتكم في شغل ممّا قد امتحنّا به من منازعة الظالم العتلّ الضالّ المتتابع في غيّه،المضاد لربّه،المدّعي ما ليس له، الجاحد حقّ من افترض اللّه طاعته،الظالم الغاصب،و في ابنة رسول اللّه صلي اللّه عليه و عليها لي أسوة حسنة و سيردي الجاهل رداء عمله و سيعلم الكافر لمن عقبي الدار،عصمنا اللّه و إيّاكم من المهالك و الأسواء و الآفات و العاهات كلّها برحمته،فإنّه ولي ذلك و القادر علي ما يشاء،و كان لنا و لكم وليّا حافظا،و السلام علي جميع الأوصياء و الأولياء و المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته،و صلّي اللّه علي محمّد النبي و آله و سلّم تسليما (1).

الرابعة:من التوقيعات فيه:عن الكافي عن إسحاق بن يعقوب قال:سألت محمد بن عثمان العمري رحمه اللّه أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عجّل اللّه فرجه:أمّا ما سألت عنه-أرشدك اللّه و ثبّتك و وقاك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا و بني عمّنا-فاعلم أنّه ليس بين اللّه و بين أحد قرابة،و من أنكرني فليس منّي و سبيله سبيل ابن نوح،أمّا سبيل عمّي جعفر و ولده فسبيل إخوة يوسف،و أمّا الفقاع فشربه حرام و لا بأس بالشلماب (2)،و أمّا أموالكم فلا نقبلها إلاّ لتطهروا،فمن شاء فليصل و من شاء فليقطع،و ما آتانا اللّه خير ممّا آتاكم.

و أمّا ظهور الفرج فإنّه إلي اللّه،و كذب الوقّاتون،و أمّا قول من زعم أنّ الحسين لم يقتل فكفر و تكذيب و ضلال.و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم و أنا حجّة اللّه،و أمّا محمد بن عثمان العمري فرضي اللّه عنه و عن أبيه من قبل فإنّه ثقتي و كتابه كتابي، و أمّا محمّد بن علي بن مهزيار الأهوازي فسيصلح اللّه قلبه و يزيل عنه شكّه،و أمّا ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب و طهر،و ثمن المغنية حرام،و أمّا محمد بن شاذان بن نعيم فإنّه رجل من شيعتنا أهل البيت،و أمّا أبو الخطّاب محمد بن أبي زينب الأجذع،فإنّه ملعون و أصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم فإنّي منهم بريء و آبائي منهم برآء،و أمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ منهاج.

ص: 87


1- الاحتجاج:466 احتجاج القائم عليه السّلام.
2- شراب يتخذ من الشيلم و هو الزوان الذي يكون في البرّ يشبه الشعير،فيه تخدير نظير البنج.

شيئا فأكله فإنّما يأكل النيران،و أمّا الخمس فقد أبيح لشيعتنا و جعلوا منه في حلّ إلي وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث.

و أمّا ندامة قوم شكّوا في دين اللّه علي ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال و لا حاجة لنا إلي صلة الشاكّين،و أمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (1)،إنّه لم يكن أحد من آبائي إلاّ و قد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، و إنّي أخرج حين أخرج و لا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي،و أمّا وجه الإنتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب،و إنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء،فأغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم،و لا تتكلّفوا علم ما قد كفيتم،و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإنّ ذلك فرجكم و السلام عليك يا إسحاق بن يعقوب و علي من اتّبع الهدي (2).

الخامسة:من التوقيعات فيه:عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال:كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رحمه اللّه مع جماعة منهم علي بن عيسي القصري فقام إليه رجل فقال له:إنّي أريد أن أسألك عن شيء،فقال له:سل عمّا بدا لك،فقال الرجل:أخبرني عن الحسين بن علي عليه السّلام أهو ولي اللّه؟قال:نعم.

قال:أخبرني عن قاتله لعنه اللّه أهو عدوّ لله؟قال:نعم.قال له الرجل:فهل يجوز أن يسلّط اللّه عزّ و جلّ عدوّه علي وليّه؟فقال له أبو القاسم قدّس اللّه روحه:افهم ما أقول لك:اعلم أنّ اللّه تعالي لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان و لا يشافههم بالكلام و لكنّه جلّت عظمته يبعث إليهم من أجناسهم و أصنافهم بشرا مثلهم،و لو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم و صورهم لنفروا عنهم و لم يقبلوا منهم،فلمّا جاؤوهم،و كانوا من جنسهم يأكلون الطعام و يمشون في الأسواق،قالوا لهم:أنتم مثلنا لا نقبل منكم حتّي تأتونا بشيء نعجز عن أن نأتي بمثله فنعلم أنّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه،فجعل اللّه عزّ و جلّ لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها؛فمنهم من جاء بالطوفان بعد الإعذار و الإنذار فغرق جميع من طغي و تمرّد،و منهم من ألقي في النار فكانت عليه بردا و سلاما، و منهم من أخرج من الحجر الصلد ناقة و أجري من ضرعها لبنا،و منهم من فلق له البحر و فجّر له من العيون و جعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون،و منهم من أبرأ الأكمه و الأبرص و أحيي الموتي بإذن اللّه،و أنبأهم بما يأكلون و ما يدّخرون في بيوتهم،و منهم من انشق له القمر و كلّمته البهائم مثل البعير و الذئب و غير ذلك.

فلمّا أتوا بمثل ذلك و عجز الخلق من أممهم عن أن يأتوا بمثله كان من تقدير اللّه جل جلالهم.

ص: 88


1- سورة المائدة،الآية:101.
2- البحار:180/53 ح 10 عن الكليني،و في الاحتجاج 469 احتجاج القائم عليه السلام.

و لطفه بعباده و حكمته أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين و أخري مغلوبين،و في حال قاهرين و أخري مقهورين،و لو جعلهم اللّه عزّ و جلّ في جميع أحوالهم غالبين و قاهرين و لم يبتلهم و لم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة من دون اللّه عزّ و جلّ،و لما عرف فضل صبرهم علي البلاء و المحن و الإختبار،و لكنّه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة و البلوي صابرين،و في حال العافية و الظهور علي الأعداء شاكرين،و يكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين و لا متجبّرين،و ليعلم العباد أنّ لهم إلها هو خالقهم و مدبّرهم فيعبدونه و يطيعون رسله، و تكون حجّة اللّه ثابتة علي من تجاوز الحدّ فيهم و ادّعي لهم الربوبية أو عاند و خالف و عصي و جحد بما أتت به الأنبياء و الرسل عليهم السّلام ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيي من حيّ عن بيّنة.

قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه اللّه:فعدت إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رحمه اللّه في الغد و أنا أقول في نفسي أ تراه ذكر لنا ما ذكر يوم أمس من عند نفسه،فابتدأني و قال:يا محمد بن إبراهيم لئن أخرّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين اللّه برأيي و من عند نفسي،بل ذلك عن الأصل و مسموع عن الحجّة صلوات اللّه و سلامه عليه (1).

السادس:من التوقيعات في الاحتجاج ممّا خرج من صاحب الزمان عجّل اللّه فرجه ردّا علي الغلاة من التوقيع جوابا لكتاب كتب إليه علي يدي محمد بن علي بن هلال الكرخي:يا محمد بن علي تعالي اللّه عزّ و جلّ عمّا يصفون،سبحانه و بحمده ليس نحن شركاءه في علمه و لا في قدرته،بل لا يعلم الغيب غيره كما قال في محكم كتابه تباركت أسماؤه قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللّهُ (2)و أنا و جميع آبائي من الأوّلين آدم و نوح و إبراهيم و موسي و غيرهم من النبيّين،و من الآخرين محمّد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و علي بن أبي طالب و الحسنين عليهم السّلام و غيرهم ممّن مضي من الأئمّة صلوات اللّه عليهم أجمعين إلي مبلغ أيّامي و منتهي عصري،عبيد اللّه عزّ و جلّ،يقول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمي قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمي وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسي (3).

يا محمد بن علي قد آذانا جهلاء الشيعة و حمقاؤهم،و من دينه جناح البعوضة أرجح منه فأشهد اللّه الذي لا إله إلاّ هو و كفي به شهيدا و رسوله محمّدا و ملائكته و أنبياءه و رسله و أولياءه عليهم السّلام، و أشهدك و أشهد كلّ من سمع كتابي هذا أنّي بريء إلي اللّه و إلي رسوله ممّن يقول إنّا نعلم الغيب أو نشاركه في ملكه،أو يحلّنا محلاّ سوي المحلّ الذي رضيه اللّه لنا و خلقنا له،أو يتعدّي بنا عمّا قد6.

ص: 89


1- البحار:273/44 ح 1 عن الكافي،و الاحتجاج:471 احتجاج القائم عليه السّلام و علل الشرائع:243/1 ح 1 علة جعل الأنبياء أئمة باب 178.و كمال الدين:509.
2- سورة النمل،الآية:65.
3- سورة طه،الآية:124-126.

فسّرته لك و بيّنته في صدر كتابي،و أشهدكم أنّ كلّ من نبرأ منه فإنّ اللّه يبرأ منه و ملائكته و رسله و أولياؤه،و جعلت هذا التوقيع الذي في هذا الكتاب أمانة في عنقك و عنق من سمعه أن لا يكتمه عن أحد من مواليّ و شيعتي،حتّي يظهر علي هذا التوقيع الكلّ من الموالي،لعلّ اللّه عزّ و جلّ يتلافاهم فيرجعون إلي دين اللّه الحقّ،و ينتهون عمّا لا يعلمون منتهي أمره و لا يبلغ منتهاه،فكل من فهم كتابي و لا يرجع إلي ما قد أمرته به و نهيته عنه فقد حلّت عليه اللعنة من اللّه و ممّن ذكرت من عباده الصالحين (1).

السابعة:من التوقيعات فيه:خرج التوقيع إلي الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان قدّس اللّه سرّه في التعزية بأبيه رحمه اللّه في فصل من الكتاب:إنّا للّه و إنّا إليه راجعون تسليما لأمره و رضا بقضائه، عاش أبوك سعيدا و مات حميدا فرحمه اللّه و ألحقه بأوليائه و مواليه عليهم السّلام،فلم يزل مجتهدا في أمرهم ساعيا فيما يقرّبه إلي اللّه عزّ و جلّ،نضّر اللّه وجهه و أقاله عثرته.

و في فصل آخر:أجزل اللّه لك الثواب و أحسن لك العزاء،رزيت و رزينا و أوحشك فراقه و أوحشنا،فسرّه اللّه في منقلبه،و كان من كمال سعادته أن رزقه اللّه ولدا مثلك تخلفه من بعده و تقوم مقامه بأمره و تترحّم عليه،و أقول:الحمد للّه فإنّ الأنفس طيّبة بمكانك و ما جعله اللّه عزّ و جلّ فيك و عندك،أعانك اللّه و قوّاك و عضدك و وفّقك،و كان لك وليّا و حافظا و راعيا و كافيا (2).

الثامنة:من التوقيعات فيه:إنّ أبا محمد الحسن السريعي كان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمّد عليه السّلام ثمّ الحسن بن علي عليه السّلام،و هو أوّل من ادّعي مقاما لم يجعله اللّه فيه من قبل صاحب الزمان عجّل اللّه فرجه،و كذب علي اللّه و حججه و نسب إليهم ما لا يليق بهم و ما هم منه برآء،ثمّ ظهر منه القول بالكفر و الإلحاد،و كذلك كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمّد عليه السّلام، فلمّا توفي ادّعي البابية لصاحب الزمان ففضحه اللّه تعالي بما ظهر منه من الإلحاد و الغلوّ و القول بالتناسخ،و كان يدّعي أنّه رسول نبي أرسله علي بن محمد و يقول فيه بالربوبية و يقول بالإجابة (3)للخادم،و كان أيضا من جملة الغلاة حمد بن هلال الكرخي و قد كان من قبل في عداد أصحاب أبي محمّد عليه السّلام،ثمّ تغيّر عمّا كان عليه و أنكر بابية أبي جعفر محمد بن عثمان،فخرج التوقيع بلعنه من قبل صاحب الأمر و الزمان و بالبراءة منه في جملة من لعن و تبرأ منه،و كذا كان أبو طاهر محمد بن علي بن بلال و الحسين بن منصور الحلاج و محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن العزافري لعنهم اللّه،فخرج التوقيع بلعنهم و البراءة منهم جميعا علي يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح و نسخته:

عرّف-أطال اللّه بقاك و عرفك اللّه الخير كلّه و ختم به عملك-من تثق بدينه و تسكن إلي نيّتهم.

ص: 90


1- الاحتجاج:473 احتجاج القائم عليه السّلام.
2- الاحتجاج:481 ذكر طرف ممّا خرج أيضا عن صاحب الزمان عليه السّلام.
3- بالإباحة للمحارم.

من إخواننا أدام اللّه سعادتهم بأنّ محمد بن علي المعروف بالشلمغاني،عجّل اللّه له النقمة و لا أمهله،قد ارتدّ عن الإسلام و فارقه و ألحد في دين اللّه و ادّعي ما كفر معه بالخالق جلّ و تعالي، و افتري كذبا و زورا و قال بهتانا و إثما عظيما،كذب العادلون باللّه و ضلّوا ضلالا بعيدا و خسروا خسرانا مبينا،و إنّا برئنا إلي اللّه و إلي رسوله-صلوات اللّه و سلامه و رحمته و بركاته عليه-منه و لعنّاه، عليه لعائن اللّه تتري في الظاهر منّا و الباطن،في السرّ و الجهر و في كلّ وقت و علي كلّ حال،و علي كل من شايعه و تابعه و بلغه هذا القول منّا فأقام علي تولّيه بعده،و أعلمه تولاكم اللّه أننّا في التوقي و المحاذرة منه علي مثل ما كنّا عليه ممّن تقدّمه من نظرائه من السريعي (1)و النميري و الهلالي و البلالي و غيرهم،و عادة اللّه جل ثناؤه مع ذلك قبله و بعده عندنا جميلة و به نثق و إيّاه نستعين،و هو حسبنا في كلّ أمورنا و نعم الوكيل (2).

التاسعة:من التوقيعات فيه:في ذكر طرف ممّا خرج أيضا عن صاحب الزمان عجل اللّه فرجه من المسائل الفقهية و غيرها في التوقيعات علي أيدي الأبواب الأربعة و غيرهم(رحمهم اللّه):عن الزهري قال:طلبت هذا الأمر طلبا شافيا حتّي ذهب لي فيه مال صالح،فرفعت إلي العمري و خدمته و لزمته،فسألته بعد ذلك عن صاحب الزمان عجل اللّه فرجه فقال:ليس إلي ذلك وصول،فخضعت له فقال لي:بكّر بالغداة،فوافيته فاستقبلني و معه شاب من أحسن الناس وجها و أطيبهم ريحا،و في كمّه شيء كهيئة التجّار،فلمّا نظرت إليه دنوت إلي العمري فأومي إلي،فعدلت إليه و سألته فأجابني عن كلّ ما أردت،ثمّ مرّ ليدخل الدار و كانت الدار التي لا يكترث بها فقال العمري:إن أردت أن تسأل فاسأل فإنّك لا تراه بعد ذا،فذهبت لأسأل فلم يستمع،و دخل الدار و ما كلّمني بأكثر من أن قال:ملعون ملعون من أخّر العشاء إلي أن تشتبك النجوم،ملعون ملعون من أخّر الغداة إلي أن تنقضي النجوم،و دخل الدار (3).

العاشرة:من التوقيعات و فيه:عن أبي الحسن محمد بن جعفر الأسدي قال:كان فيما ورد عليّ من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان قدّس اللّه روحه في جواب مسائلي إلي صاحب الزمان عجّل اللّه فرجه:أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها،فلئن كان كما يقول الناس أنّ الشمس تطلع بين قرني شيطان،و تغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان أفضل من الصلاة مثل صلاة الصبح،فصلّها و أرغم الشيطان أنفه.

و أمّا ما سألت عنه من أمر الوقوف علي ناحيتنا،و ما يجعل لنا ثمّ يحتاج إليه صاحبه فكلّ ما لم يسلم فصاحبه بالخيار،و كلّ ما سلم فلا خيار لصاحبه فيه احتاج أو لم يحتج،افتقر إليه أوم.

ص: 91


1- في الغيبة:الشريعي.
2- الغيبة للطوسي:411 ح 384،و الاحتجاج:474 احتجاج الحجّة القائم عليه السّلام.
3- الاحتجاج:479 ذكر طرف ممّا خرج أيضا عن صاحب الزمان عليه السّلام.

استغني عنه.و أمّا ما سألت عنه من أمر من يستحلّ ما في يده من أموالنا،و يتصرّف فيه تصرّفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه يوم القيامة،و قد قال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:

المستحلّ من عترتي ما حرّم اللّه ملعون علي لساني و لسان كلّ شيء يجاب،فمن ظلمنا كان في جملة الظالمين لنا،و كانت عليه لعنة اللّه لقوله عزّ و جلّ: أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَي الظّالِمِينَ (1)أمّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي نبتت غلفته بعد ما يختن مرّة أخري فإنّه يجب أن يقطع غلفته،فإنّ الأرض تضجّ إلي اللّه عزّ و جلّ من بول الأغلف أربعين صباحا.و أمّا ما سألت عنه من أمر المصلّي و النار و الصورة و السراج بين يديه،هل تجوز صلاته؟فإنّ الناس يختلفون في ذلك قبلك،فإنّه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام و النيران يصلّي و النار و الصورة و السراج بين يديه،و لا يجوز ذلك لمن يكون من أولاد عبدة الأوثان و النيران (2).

فأمّا ما سألت من أمر الضياع التي لناحيتنا،هل يجوز القيام بعمارتها و أداء الخراج و صرف ما يفضل من دخلها إلي الناحية احتسابا للأجر و تقرّبا إليكم؟فلا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه،فكيف يحلّ ذلك في مالنا،من فعل ذلك بغير أمرنا فقد استحلّ منّا ما حرّم عليه،و من أكل من أموالنا شيئا فإنّما يأكل في بطنه نارا و سيصلي سعيرا.و أمّا ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة،و يسلّمها من قيّم يقوم بها و يعمرها و يؤدّي من دخلها خراجها و مؤونتها، و يجعل ما يبقي من الدخل لناحيتنا،فإنّ ذلك جائز لمن جعل صاحب الضيعة قيما عليها،إنّما لا يجوز ذلك لغيره.و أمّا ما سألت عنه من الثمار من أموالنا،يمرّ به المارّ فيتناول منه و يأكل،هل يحلّ له ذلك؟فإنّه يحلّ له أكله و يحرم عليه حمله (3).

الحادية عشرة:من التوقيعات فيه:عن أبي الحسن الأسدي أيضا قال:ورد علي توقيع من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري(قدس سره)ابتداء لم يتقدّمه سؤال عنه،نسخته:بسم اللّه الرّحمن الرحيم لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين علي من استحل من أموالنا درهما.قال أبو الحسن رحمه اللّه:فوقع في نفسي أنّ ذلك فيمن استحل من مال الناحية درهما دون من أكل منه غير مستحلّ له،و قلت في نفسي أيضا:إنّ ذلك في جميع من استحلّ محرما فأيّ فضل في ذلك للحجّة علي غيره؟قال:فو الذي بعث محمّدا بالحقّ نبيّا بشيرا لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلي ما كان في نفسي نسخته:بسم اللّه الرّحمن الرحيم:لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين علي من أكل من مالنا درهما حراما (4).ا.

ص: 92


1- سورة هود،الآية:18.
2- روحي فداه أحلّ الصلاة لغير أولاد عبدة النيران مع كراهية ذلك كما هو مذكور في محلّه،و حرّمه علي من كان سابقا علي دينهم أو انتسب إليهم من أجل رفع الشبهة عنهم و خوفا من عودتهم إلي مثله.
3- الاحتجاج:479.
4- الاحتجاج:480 و فيه:من استحلّ من أموالنا درهما.

الثانية عشرة:من التوقيعات فيه:أيضا ممّا خرج عن صاحب الزمان من جوابات المسائل الفقهية أيضا ممّا سأله عنها محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري فيما كتب إليه و هو:بسم اللّه الرّحمن الرحيم أطال اللّه بقاك و أدام اللّه عزّك و تأييدك و سعادتك و سلامتك و أتمّ نعمته عليك و زاد في إحسانه إليك و جميل مواهبه لديك و فضله عندك و جعلني من السوء فداك و قدمني قبلك،الناس يتنافسون في الدرجات فمن قبلتموه كان مقبولا و من دفعتموه كان وضيعا،و الخامل من وضعتموه، و نعوذ باللّه من ذلك و ببلدنا-أيّدك اللّه-جماعة من الوجوه يتنافسون في المنزلة،و ورد-أيّدك اللّه- كتابك إلي جماعة منهم في أمر أمرتهم به من معاونة صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (1).و أخرج علي بن محمد بن الحسين بن الملك المعروف بملك بادوكة،و هو ختن رحمه اللّه من بينهم،فاغتمّ بذلك و سألني-أيّدك اللّه-أن أعلمك ما ناله من ذلك،فإن كان من ذنب فاستغفر اللّه منه و إن كان غير ذلك عرّفته ما تسكن نفسه إليه إن شاء اللّه.

التوقيع:لم نكاتب إلاّ من كاتبنا و قد عودتني-أدام اللّه عزّك-من تفضّلك ما أنت أهل أن تجريني علي العادة و قبلك-أعزّك اللّه-فقهاء قالوا:إنّا محتاجون إلي أشياء تسأل لنا عنها (2).

روي لنا عن العالم عليه السّلام أنّه سئل عن إمام قوم صلّي بهم بعض صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟فقال:يؤخّر و يقدّم بعضهم و يتمّ صلاتهم و يغتسل من مسّه.

التوقيع:ليس علي من نحّاه إلاّ غسل اليد،و إذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة تمّم صلاته مع القوم (3).

و روي عن العالم عليه السّلام أنّ من مسّ ميّتا بحرارته غسل يده،و من مسّه و قد برد فعليه الغسل، و هذا الإمام في هذه الحالة لا يكون إلاّ بحرارته فالعمل في ذلك علي ما هو،و لعلّه ينحيه بثيابه و لا يمسّه،فكيف يجب عليه الغسل؟

التوقيع:إذا مسّه علي هذه الحال لم يكن عليه إلاّ غسل يده (4).

و عن صلاة جعفر إذا سها في التسبيح في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود،و ذكره في حالة أخري قد صار فيها من هذه الصلاة،هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكرها أم يتجاوز في صلاته؟

التوقيع:إذا سها في حالة من ذلك ثمّ ذكر في حالة أخري قضي ما فاته في الحالة التي ذكره (5).ه.

ص: 93


1- هذا تعبير بالرمز للمصلحة.
2- الاحتجاج:481 ذكر طرف ممّا خرج أيضا عن صاحب الزمان.
3- الاحتجاج:481.
4- المصدر نفسه.
5- المصدر نفسه.

و عن المرأة يموت زوجها يجوز أن تخرج في جنازته أم لا؟

التوقيع:تخرج في جنازته (1).

و هل يجوز لها في عدّتها أن تزور قبر زوجها أم لا؟

التوقيع:تزور قبر زوجها و لا تبيت عن بيتها (2).

و هل يجوز لها أن تخرج في قضاء حقّ يلزمها،أم لا تبرح من بيتها و هي في عدّتها؟

التوقيع:إذا كان حقّ خرجت فيه و قضته،و إن كانت لها حاجة و لم يكن لها من ينظر فيها خرجت بها حتّي تقضيها،و لا تبيت إلاّ في بيتها (3).

و روي في ثواب القرآن في الفرائض و غيرها أنّ العالم عليه السّلام قال:عجبا لمن لم يقرأ في صلاته إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كيف تقبل صلاته.و روي:ما زكت صلاة لم يقرأ فيها قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و روي أنّ من قرأ في فرائضه الهمزة أعطي من الدنيا،فهل يجوز أن يقرأ الهمزة و يدع هاتين السورتين اللتين ذكرناهما مع ما قد روي أنّه لا تقبل صلاة و لا تزكو إلاّ بهما؟

التوقيع:الثواب في السور علي ما قد روي،و إذا ترك سورة ممّا فيها الثواب و قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و إِنّا أَنْزَلْناهُ لفضلهما أعطي ثواب ما قرأ و ثواب السورة التي ترك،و يجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين و تكون صلاته تامّة و لكن يكون قد ترك الفضل (4).

و عن وداع شهر رمضان متي يكون فقد اختلف فيه أصحابنا فبعضهم يقول:يقرأ في آخر ليلة منه،و بعضهم يقول:هو في آخر يوم منه إذا رأي هلال شوّال.

التوقيع:العمل في شهر رمضان في لياليه،و الوداع يقع هو في آخر ليلة منه،فإذا خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين (5).

و عن قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (6)أرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم المعني به؟ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ما هذه القوّة؟ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ما هذه الطاعة؟و أين هي؟ما خرج لهذه المسألة جواب،فرأيك-أدام اللّه عزّك-بالتفضّل علي بمسألة من تثق به من الفقهاء عن هذه المسائل، و إجابتي عنها منعما،مع ما يشرحه لي من أمر علي بن محمد بن الحسين بن الملك المتقدّم ذكره بما يسكن إليه و يعتدّ بنعمة اللّه عنده،و تفضّل علي بدعاء جامع لي و لإخواني في الدنيا و الآخرة،فعلت مثابا إن شاء اللّه.

التوقيع:جمع اللّه لك و لإخوانك خير الدنيا و الآخرة (7).3.

ص: 94


1- المصدر نفسه.
2- المصدر نفسه.
3- المصدر نفسه.
4- المصدر نفسه.
5- الاحتجاج:483.
6- سورة الحاقة،الآية:40.
7- الاحتجاج:483.

الثالثة عشرة:من التوقيعات كتاب آخر لمحمّد بن عبد اللّه الحميري أيضا إليه عليه الصلاة و السلام في مثل ذلك:فرأيك-أدام اللّه عزّك-في تأمّل رقعتي و التفضّل بما أسأل من ذلك لأضيفه إلي سائر أياديك عندي و مننك عليّ،و احتجت-أدام اللّه عزّك-أن تسأل لي بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأوّل إلي الركعة الثالثة،هل يجب عليه أن يكبّر فإنّ بعض أصحابنا قال:لا يجب عليه التكبير و يجزيه أن يقول:بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد.

الجواب:إنّ فيه حديثين؛أمّا أحدهما فإنّه إذا انتقل من حالة إلي حالة أخري فعليه التكبير، و أمّا الآخر فإنّه روي أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فكبّر ثمّ جلس ثمّ قام،فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير،و كذلك في التشهّد الأوّل تجري هذا المجري و بأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا.

و عن فصّ الجوهر،هل تجوز فيه الصلاة إذا كان في اصبعه؟

الجواب:فيه كراهية أن يصلّي فيه،و فيه إطلاق و العمل علي الكراهية.

و عن رجل اشتري هديا لرجل غائب عنه،و سأله أن ينحر عنه هديا بمني،فلمّا أراد نحر الهدي نسي اسم الرجل و نحر الهدي ثمّ ذكره بعد ذلك أيجزي عن الرجل أم لا؟

الجواب:لا بأس بذلك و قد أجزأ عن صاحبه.

و عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة و لا يغتسلون من الجنابة و ينسجون لنا ثيابا فهل تجوز الصلاة فيها قبل أن تغسل؟

الجواب:لا بأس بالصلاة فيها.

و عن المصلّي يكون في صلاة الليل في ظلمة،فإذا سجد يغلط بالسجادة و يضع جبهته علي مسح أو نطع،فإذا رفع رأسه وجد السجّادة،هل يعتدّ بهذه السجدة أم لا يعتدّ؟

الجواب:ما لم يستو جالسا فلا شيء عليه في رفع رأسه بطلب الجمرة.

و عن المحرم يرفع الظلال،هل يرفع الخشب العمارية أو الكنيسية و يرفع الجناحين أم لا؟

الجواب:لا شيء عليه في تركه و رفع الخشب.

و عن المحرم يستظلّ من المطر بنطع أو غيره حذرا علي ثيابه و ما في محمله أن يبتلّ،فهل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب:إذا فعل ذلك في المحمل في طريقه فعليه دم.

و عن الرجل يحجّ عن أحد،هل يحتاج أن يذكر الذي حجّ عنه عند عقد إحرامه أم لا؟و هل يجب أن يذبح عمّن حجّ عنه و عن نفسه أم يجزيه هدي واحد؟

ص: 95

الجواب:قد يجزيه هدي واحد و إن لم يفعل فلا بأس.

و هل يجوز للرجل أن يحرم في كساء خزّ أم لا؟

الجواب:لا بأس بذلك و قد فعله قوم صالحون.

و هل يجوز للرجل أن يصلّي في بطبط لا يغطي الكعبين أم لا يجوز؟

الجواب:جائز.

و عن الرجل يصلّي و في كمه أو سراويله سكين أو مفتاح حديد،هل يجوز ذلك؟

الجواب:جائز.

و عن الرجل يكون معه بعض هؤلاء و يكون متّصلا بهم،يحجّ و يأخذ علي الجادّة و لا يحرم هؤلاء من المسلخ،فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخّر إحرامه إلي ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة أم لا يجوز إلاّ أن يحرم من المسلخ؟

الجواب:يحرم من ميقاته ثمّ يلبس الثياب و يلبّي في نفسه،فإذا بلغ إلي ميقاتهم أظهر.

و عن لبس النعل المبطون،فإنّ بعض أصحابنا يذكر أنّ لبسه كريهة.

الجواب:جائز،و ذلك لا بأس به.

و عن الرجل من وكلاء الوقف مستحلاّ لما في يده،و لا يرع عن أخذ ماله،ربّما نزلت في قريته و هو فيها إذ أدخل منزله و قد حضر طعامه،فيدعوني إليه فإن لم آكل من طعامه عاداني عليه و قال:فلان لا يستحلّ أن يأكل من طعامنا،فهل يجوز أن آكل من طعامه و أتصدّق بصدقة؟و كم مقدار الصدقة؟و إن أهدي هذا الوكيل هدية إلي رجل آخر فأحضر فيدعوني إلي أن أنال منها،و أنا أعلم أنّ الوكيل لا يرع،إن أخذ ما في يده،فهل عليّ فيه شيء إن أنا نلت منها؟

الجواب:إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه و اقبل برّه و إلاّ فلا.

و عن الرجل ممّن يقول بالحقّ و يري المتعة و يقول بالرجعة إلاّ أنّ له أهلا موافقة له في جميع أموره،و قد عاهدها أن لا يتزوّج عليها و لا يتمتّع و لا يتسرّي،و قد فعل هذا منذ تسع عشرة سنة، و وفي بقوله فربّما غاب عن منزله الأشهر فلا يتمتّع و لا تتحرّك نفسه أيضا لذلك،و يري أنّ وقوف من معه من أخ و ولد و غلام و وكيل و حاشية ممّا يقلّله في أعينهم،و يحب المقام علي ما هو عليه محبّة لأهله و ميلا إليها و صيانة لها و لنفسه لا لتحريم المتعة،بل يدين اللّه بها،فهل عليه في ترك ذلك مأثم أم لا؟

الجواب:يستحبّ له أن يطيع اللّه تعالي بالمتعة ليزول عنه الخلف في المعصية و لو مرّة (1).ة.

ص: 96


1- بطوله في الاحتجاج:483 ذكر طرف ممّا خرج أيضا عن صاحب الزمان في المسائل الفقهية.

الرابعة عشرة:من التوقيعات في كتاب آخر لمحمّد بن عبد اللّه الحميري إلي صاحب الزمان عجل اللّه فرجه من جوابات مسائله التي سأله عنها في سنة سبع و ثلاثمائة:و سأل عن المحرم يجوز أن يشدّ المئزر من خلفه علي عقبه بالطول،و يرفع طرفيه إلي حقويه و يجمعهما إلي خاصرته و يعقدهما،و يخرج الطرفين الآخرين من بين رجليه و يرفعهما إلي خاصرته،و يشدّ طرفيه إلي وركيه فيكون مثل السراويل و يستر ما هناك،فإنّ المئزر الأوّل كنّا نتزر به إذا ركب الرجل جمله يكشف ما هناك و هذا أستر.

فأجاب:جاز أن يتّزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض و لا إبرة، يخرجه به عن حدّ المئزر و غزره غزرا و لم يعقده و لم يشدّ بعضه ببعض،و إذا غطّي سرّته و ركبتيه علاهما،فإنّ السنّة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرّة و الركبتين،و الأحبّ إلينا و الأفضل لكلّ أحد شدّه علي السبيل المألوفة المعروفة للناس جميعا إن شاء اللّه.

و سأل:هل يجوز أن يشدّ عليه مكان العقد تكّة؟

فأجاب:لا يشدّ المئزر بشيء سواه من تكة و لا غيرها.

و سأل عن التوجّه للصلاة أن يقول علي ملّة إبراهيم عليه السّلام و دين محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،فإنّ بعض أصحابنا ذكر أنّه إذا قال علي دين محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقد أبدع؛لأنّا لم نجده في شيء من كتب الصلاة خلا حديثا في كتاب القاسم بن محمد عن جدّه الحسن بن راشد أنّ الصادق عليه السّلام قال للحسن:كيف تتوجّه؟ فقال:أقول:لبّيك و سعديك.فقال له الصادق عليه السّلام:ليس عن هذا أسألك كيف تقول وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما؟قال الحسن:أقول.فقال له الصادق عليه السّلام:إذا قلت ذلك فقل علي ملّة إبراهيم و دين محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و منهاج علي بن أبي طالب عليه السّلام و الائتمام بآل محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين.

فأجاب:التوجّه كلّه ليس بفريضة و السنّة المؤكّدة فيه التي هي كالإجماع الذي لا خلاف فيه:

وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما علي ملّة إبراهيم و دين محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هدي علي أمير المؤمنين عليه السّلام و ما أنا من المشركين إنّ صلاتي و نسكي و محياي و مماتي للّه ربّ العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين،اللهمّ اجعلني من المسلمين،أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرّحمن الرحيم،ثمّ يقرأ الحمد.قال الفقيه الذي لا يشكّ في علمه:إنّ الدين لمحمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الهداية لعلي أمير المؤمنين لأنّها له عليه السّلام و ما في عقبه باقية إلي يوم القيامة،فمن كان كذلك فهو من المهتدين،و من شكّ فلا دين له و نعوذ باللّه من الضلالة بعد الهدي.

و سأله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه أن يرد يديه علي وجهه و صدره للحديث الذي روي أنّ اللّه عزّ و جلّ أجلّ من أن يرد يدي عبده صفرا،بل يملأها من رحمته أم لا يجوز فإنّ بعض أصحابنا عمل في الصلاة؟

ص: 97

فأجاب:ردّ اليدين من القنوت علي الرأس و الوجه غير جائز في الفرائض،و الذي عليه العمل فيه إذا أرجع يده في قنوت الفريضة،و فرغ من الدعاء أن يرد بطن راحته علي تمهل و يكبّر و يركع، و الخبر صحيح و هو في نوافل النهار و الليل دون الفرائض و العمل به فيها أفضل.

و سأل عن سجدة الشكر بعد الفريضة،فإنّ بعض أصحابنا ذكر أنّها بدعة،فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة،و إن جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة؟

فأجاب:سجدة الشكر من ألزم السنن و أوجبها،و لم يقل أنّ هذه السجدة بدعة إلاّ من أراد أن يحدث في دين اللّه بدعة،فأمّا الخبر مروي فيها بعد صلاة المغرب و الاختلاف في أنّها بعد الثلاث أو بعد الأربع فإنّ فضل الدعاء و التسبيح بعد الفرائض علي الدعاء بعقيب النوافل كفضل الفرائض علي النوافل،و السجدة دعاء و تسبيح،و الأفضل أن تكون بعد الفرض فإن جعلت بعد النوافل أيضا جاز.

و سأل أنّ لبعض إخواننا ممّن نعرفه ضيعة جديدة بجنب ضيعة خرابة،للسلطان فيها حصّة، و أكرته (1)ربّما زرعوا حدودها،و يؤذيهم عمّال السلطان و يتعرّض في الكلّ من غلاّت الضيعة،و ليس لها قيمة لخرابها و إنّما هي بائرة منذ عشرين سنة،و هو يتحرّج من شرائها؛لأنّه يقال إنّ هذه الحصّة من هذه الضيعة كانت قبضت عن الوقف قديما للسلطان،فإن جاز شراؤها من السلطان و كان ذلك صلاحا له و عمارة لضيعته،فإنّه يزرع هذه الحصّة من القرية البائرة لفضل ماء ضيعته العامرة و ينحسم عنه طمع أولياء السلطان و إن لم يجز ذلك عمل بما تأمره.

فأجابه:الضيعة لا يجوز ابتياعها إلاّ من مالكها أو بأمره و رضا منه.

و سأل عن رجل استحلّ امرأة خارجة من حجابها و كان يتحرّز من أن يقع له ولد،فجاءت بابن فتحرّج الرجل أن لا يقبله فقبله و هو شاكّ فيه،و جعل يجري عليه و علي أمّه حتّي ماتت الامّ،فهو ذا يجري عليه و هو شاكّ فيه ليس يخلطه بنفسه،فإن كان ممّن يجب أن يخلط بنفسه و يجعله كسائر ولده فعل ذلك،و إن جاز أن يجعل له شيئا من ماله دون حقّه فعل.

فأجاب:الإستحلال بالمرأة يقع علي وجوه،و الجواب مختلف فيها فليذكر الوجه الذي وقع الإستحلال به مشروحا ليعرف الجواب فيما يسأل عنه من أمر الولد إن شاء اللّه.

و سأله الدعاء.

فخرج الجواب:جاد اللّه عليه بما هو جلّ و تعالي أهله،إيجابنا لحقّه و رعايتنا لأبيه رحمه اللّه و قربه منّا،و قد رضينا بما علمناه من جميل نيّته و وقفنا عليه من مخالطة المقربة له من اللّه التي يرضي اللّهه.

ص: 98


1- عمّاله.

عزّ و جلّ و رسوله و أولياؤه عليهم السّلام بما بدأنا نسأل اللّه بمسألته ما أمّله من كلّ خير عاجل و آجل،و أن يصلح له من أمر دينه و دنياه ممّا يحبّ صلاحه إنّه ولي قدير (1).

الخامسة عشرة:من التوقيعات،كتب إليه صلوات اللّه عليه أيضا في سنة ثمان و ثلاثمائة كتابا سأله فيه عن مسائل أخري كتب فيه:بسم اللّه الرّحمن الرحيم أطال اللّه بقاك و أدام عزّك و كرامتك و سعادتك و سلامتك و أتمّ نعمته عليك،و زاد في إحسانه إليك و جميل مواهبه لديك و فضله عليك و جزيل قسمه لك،و جعلني من السوء كلّه فداك و قدمني قبلك،إنّ قبلنا مشايخ و عجائز يصومون رجبا منذ ثلاثين سنة و أكثر،و يصلون شعبان بشهر رمضان و روي لهم بعض أصحابنا أنّ صومه معصية.

فأجاب له:قال الفقيه:يصوم منه أيّاما إلي خمسة عشر يوما ثمّ يقطعه،إلاّ أن يصومه عن الثلاثة الأيّام الثابتة للحديث:إنّ نعم شهر القضاء رجب.

و سأله عن رجل يكون في محمله و الثلج كثير قدر قامة رجل فيتخوّف إن نزل الغوص فيه و ربّما يسقط الثلج و هو علي تلك الحال،و لا يستوي أن يلبد شيئا منه لكثرته و تهافته،هل يجوز له أن يصلّي في المحمل الفريضة،فقد فعلنا ذلك أيّاما فهل علينا في ذلك إعادة أم لا؟

الجواب:لا بأس به عند الضرورة و الشدّة.

و عن الرجل يلحق الإمام و هو راكع فيركع معه و يحتسب بتلك الركعة،فإنّ بعض أصحابنا قال:إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتدّ بتلك الركعة.

فأجاب:إذا لحق الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتدّ بتلك الركعة،و إن لم يسمع تكبيرة الركوع.

و سأل عن رجل صلّي الظهر ركعتين و دخل في صلاة العصر،فلمّا أن صلّي من صلاة العصر ركعتين استيقن أنّه صلّي الظهر ركعتين،كيف يصنع؟

فأجاب:إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين،و إذا لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمّة لصلاة الظهر بعد ذلك.

و سأل عن أهل الجنّة هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟

فأجاب:إنّ الجنّة لا حمل فيها للنساء و لا ولادة و لا طمث و لا نفاس و لا شقاء بالطفولية و فيها ما تشتهي الأنفس و تلذّ الأعين كما قال سبحانه،فإذا اشتهي المؤمن ولدا خلقه اللّه عزّ و جلّ بغير حمل و لا ولادة علي الصورة التي يريد كما خلق آدم عبرة.ه.

ص: 99


1- التوقيع بطوله في الاحتجاج:485 إلي 487 و فيه:ما يجب صلاحه.

و سأل عن رجل تزوّج امرأة بشيء معلوم إلي وقت معلوم و بقي عليها وقت،فجعلها في حلّ ممّا بقي له عليها،و قد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حلّ من أيّامها بثلاثة أيّام،أيجوز أن يتزوّجها رجل آخر بشيء معلوم إلي وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة أو يستقبل بها حيضة أخري؟

فأجاب:يستقبل حيضة غير تلك الحيضة لأنّ أقلّ تلك العدّة حيضة و طهرة تامّة.

و سأل عن الأبرص و المجذوم و صاحب الفالج هل تجوز شهادتهم فقد روي لنا أنّهم لا يؤمّون الأصحّاء؟

فأجاب:إن كان ما بهم حادثا جازت شهادتهم و إن كان ولادة لم تجز.

و سأل:هل للرجل أن يتزوّج إبنة امرأته؟

فأجاب:إن كانت ربيت في حجره فلا يجوز و إن لم تكن ربيت في حجره و كانت أمّها في غير عياله فقد روي أنّه جائز.

و سأل:هل يجوز أن يتزوّج بنت إبنة امرأة ثمّ يتزوّج جدّتها بعد ذلك أم لا؟

فأجاب:قد نهي عن ذلك.

و سأل عن رجل ادّعي علي رجل ألف درهم و أقام به البيّنة العادلة،و ادّعي عليه أيضا خمسمائة درهم في صكّ آخر،و له بذلك كلّه بيّنة عادلة،و ادّعي عليه أيضا ثلاثمائة درهم في صكّ آخر و مائتي درهم في صك آخر و له بذلك كلّه بيّنة عادلة،و يزعم المدّعي عليه أنّ هذه الصكوك كلّها قد دخلت في الصك الذي بألف درهم،و المدّعي منكر أن يكون كما زعم،فهل يجب الألف درهم مرّة واحدة أو يجب عليه كلّما يقيم البيّنة به و ليس في الصكاك استثناء إنّما هي صكاك علي وجهها؟

الجواب:يؤخذ من المدّعي عليه درهم مرّة و هي التي لا شبهة فيها،و يردّ اليمين في الألف الباقي علي المدّعي،فإن نكل فلا حقّ له.

و سأل عن طين القبر يوضع مع الميّت في قبره،هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب:يوضع مع الميّت في قبره و يخلط بحنوطه إن شاء اللّه.

و سأل فقال:روي لنا عن الصادق عليه السّلام أنّه كتب علي إزار إسماعيل ابنه:إسماعيل يشهد أن لا إله إلاّ اللّه.فهل يجوز لنا أن نكتب مثل ذلك بطين القبر أم غيره؟

الجواب:يجوز ذلك.

و سأل:هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر؟و هل فيه فضل؟

فأجاب:يسبح به فما من شيء من السبح أفضل،و من فضله أن الرجل ينسي التسبيح و يدير السبحة فيكتب له التسبيح.

ص: 100

و سأل عن السجدة علي لوح من طين القبر و هل فيه فضل؟

فأجاب:يجوز ذلك و فيه الفضل.

و سأل عن الرجل يزور قبور الأئمّة عليهم السّلام هل يجوز أن يسجد علي القبر أم لا؟و هل يجوز لمن صلّي عند بعض قبورهم أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة أو يقوم عند رأسه أو رجليه؟و هل يجوز أن يتقدّم القبر و يصلّي و يجعل القبر خلفه أم لا؟

فأجاب:أمّا السجود علي القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة،و الذي عليه أن يضع خدّه الأيمن علي القبر،و أمّا الصلاة فإنّها خلفه و يجعل القبر أمامه،و لا يجوز أن يصلّي بين يديه و لا عن يمينه و لا عن يساره لأنّ الإمام لا يتقدّم عليه و لا يساوي.

و سأل فقال:هل يجوز للرجل إذا صلّي الفريضة أو النافلة و بيده السبحة أن يديرها و هو في الصلاة؟

فأجاب:يجوز إذا خاف السهو أو الغلط.

و سأل:هل يجوز أن يدير السبحة بيده اليسري إذا سبّح أو لا يجوز؟

فأجاب:يجوز ذلك و الحمد للّه ربّ العالمين.

و سأل فقال:روي عن الفقيه في بيع الوقوف خبر مأثور:إذا كان الوقف علي قوم بأعيانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف علي بيعه و كان ذلك أصلح أن يبيعوه،فهل يجوز أن يشتري من بعضهم إن لم يجتمعوا كلّهم علي ذلك و عن الوقف الذي لا يجوز بيعه؟

فأجاب:إذا كان الوقف علي إمام المسلمين فيبيع كلّ قوم ما يقدرون علي بيعه مجتمعين و متفرّقين إن شاء اللّه.

و سأل:هل يجوز للمحرم أن يصير علي إبطه المرتك أو التوية لريح العرق أم لا يجوز؟

فأجاب:يجوز ذلك و بالله التوفيق.

و سأل عن الضرير إذا أشهد في حال صحّته علي شهادة ثمّ كفّ بصره و لا يري خطّه فيعرفه هل تجوز شهادته أم لا؟و إن ذكر هذا الضرير الشهادة،هل يجوز أن يشهد علي شهادته أم لا يجوز؟

فأجاب:إذا حفظ الشهادة و حفظ الوقت جازت شهادته.

و سأل عن الرجل يوقف ضيعة أو دابّة و يشهد علي نفسه باسم بعض وكلاء الوقف،ثمّ يموت هذا الوكيل أو يتغيّر أمره و يتولّي غيره،هل يجوز أن يشهد الشاهد لهذا الذي أقيم مقامه إذا كان أصل الوقف لرجل واحد؟

ص: 101

فأجاب:لا يجوز غير ذلك؛لأنّ الشهادة لم تقم للوكيل و إنّما قامت للمالك،و قد قال اللّه تعالي وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ (1).

و سأل عن الركعتين الأخيرتين قد كثرت فيها الروايات فبعض يروي أنّ قراءة الحمد وحدها أفضل،و بعض يروي أنّ التسبيح فيهما أفضل،و الفضل لأيّهما نستعمله؟

فأجاب:قد نسخت قراءة أمّ الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح،و الذي نسخ التسبيح قول العالم:كلّ صلاة لا قراءة فيها فهي خداج،إلاّ للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوّف بطلان الصلاة عليه.

و سأل فقال:يتّخذ عندنا ربّ الجوز لوجع الحلق و البحبحة،يؤخذ الجوز الرطب من قبل أن ينعقد و يدقّ دقّا ناعما و يعصر ماؤه و يصفّي و يطبخ علي النصف و يترك يوما و ليلة ثمّ ينصب علي النار،و يلقي علي كلّ ستّة أرطال منه رطل عسل،و يغلي و ينزع رغوته و يسحق من النوشادر و الشبّ اليماني (2)من كلّ واحد نصف مثقال،و يداف بذلك الماء و يلقي فيه درهم زعفران مسحوق و يغلي، و يؤخذ رغوته و يطبخ حتّي يصير مثل العسل ثخينا ثمّ ينزل عن النار و يبرّد و يشرب منه،فهل يجوز شربه أم لا؟

فأجاب:إن كان كثيرة يسكر أو يغيّر فقليله و كثيره حرام،و إن كان لا يسكر فهو حلال.

و سأل عن الرجل تعرض له حاجة ممّا لا يدري أن يفعلها أم لا فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما:نعم إفعل و في الآخر:لا تفعل،فيستخير اللّه مرارا ثمّ يري فيهما فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج،فهل يجوز ذلك أم لا؟و العامل به و التارك له أهو مثل الإستخارة أم هو سوي ذلك؟

فأجاب:الذي سنّة العالم عليه السّلام في هذه الإستخارة بالرقاع و الصلاة.

و سأل عن صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السّلام في أيّ أوقاتها أفضل أن يصلّي فيه؟و هل فيها قنوت؟و إن كان ففي أيّ ركعة منها؟

فأجاب:أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة ثمّ في أيّ الأيّام شئت،و أيّ وقت صلّيتها من ليل أو نهار فهو جائز،و القنوت فيها مرّتان في الثانية قبل الركوع و الرابعة.

و سأل عن الرجل أن ينوي إخراج شيء من ماله و أن يدفعه إلي رجل من إخوانه ثمّ يجد في أقربائه محتاجا،أيصرف ذلك عمّن نواه له في قرابته؟

فأجاب:يصرف إلي أدناهما و أقربهما من مذهبه،فإن ذهب إلي قول العالم:لا يقبل اللّهن.

ص: 102


1- سورة الطلاق،الآية:2.
2- في الوسائل:النوشاذر،و الشبّ حجارة الزاج يقطر من الجبل و ينجمد و يتبخّر،و أحسنها ما يجلب من اليمن.

الصدقة و ذووهم محتاجون،فليقسم بين القرابة و بين الذي نوي حتّي يكون قد أخذ بالفضل كلّه.

و سأل فقال:قد اختلف أصحابنا في مهر المرأة فقال بعضهم:إذا دخل بها سقط عنه المهر و لا شيء لها.و قال بعضهم:هو لازم في الدنيا و الآخرة فكيف ذلك؟و ما الذي يجب فيه؟

فأجاب:إن كان عليه بالمهر كتاب فيه ذكر دين فهو لازم له في الدنيا و الآخرة،و إن كان عليه كتاب فيه ذكر الصداق سقط إذا دخل بها،و إن لم يكن عليه كتاب فإذا دخل بها سقط باقي الصداق.

و سأل فقال:روي لنا عن صاحب العسكر عليه السّلام أنّه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغشي بوبر الأرانب،فوقّع:يجوز.و روي عنه أيضا أنّه لا يجوز،فأيّ الأمرين نعمل به؟

فأجاب:إنّما حرم في هذه الأوبار و الجلود،و أمّا الأوبار وحدها فحلال،و قد سئل بعض العلماء عن قول الصادق عليه السّلام:لا يصلّي في الثعلب و لا في الأرنب و لا في الثوب الذي يليه فقال:

إنّما عني الجلود دون غيرها.

و سأل فقال:نجد بأصفهان ثيابا عنابية علي عمل الوشي من قز أو ابريسم،هل تجوز الصلاة فيها أم لا؟

فأجاب:لا تجوز الصلاة إلاّ في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتّان.

و سأل عن المسح علي الرجلين بأيّهما يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعا معا؟

فأجاب:يمسح عليهما جميعا معا فإن بدأ بإحداهما قبل الاخري فلا يبتدئ إلاّ باليمين.

و سأل عن صلاة جعفر في السفر هل يجوز أن تصلّي أم لا؟

فأجاب:يجوز ذلك.

و سأل عن تسبيح فاطمة من سها فجاوز التكبير أكثر من أربع و ثلاثين،هل يرجع إلي أربع و ثلاثين أو يستأنف،و إذا سبّح تمام سبعة و ستّين هل يرجع إلي ستّة و ستّين أو يستأنف و ما الذي يجب في ذلك؟

فأجاب:إذا سها في التكبير حتّي تجاوز أربعا و ثلاثين عاد إلي ثلاث و ثلاثين و يبني عليها، و إذا سهي في التسبيح فتجاوز سبعا و ستّين تسبيحة عاد إلي ستّة و ستّين و يبني عليها،فإذا جاوز التحميد مائة فلا شيء عليه (1).

السادس عشر من التوقيعات:و فيه ورد من الناحية المقدّسة حرسها اللّه و رعاها في أيّام بقيت من صفر سنة عشرة و أربعمائة علي الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان أدام اللّه إعزازه من مستودع العهد المأخوذ علي العباد:5.

ص: 103


1- التوقيع بطوله في:الاحتجاج:487 إلي 492 و الوسائل:383/25.

بسم اللّه الرّحمن الرحيم أمّا بعد سلام اللّه عليك أيّها الولي المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين،فإنّا نحمد إليك اللّه الذي لا إله إلاّ هو و نسأله الصلاة علي سيّدنا و مولانا و نبيّنا محمّد و آله الطاهرين و نعلمك-أدام اللّه توفيقك لنصرة الحقّ و أجزل مثوبتك علي نطقك عنّا بالصدق-أنّه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة و تكليفك ما تؤدّيه عنّا إلي موالينا قبلك أعزّهم اللّه بطاعته و كفاهم المهمّ برعايته لهم و حراسته،فقف أمدّك اللّه بعونه علي أعدائه المارقين من دينه علي ما نذكره، و اعمل في ناديته إلي من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء اللّه نحن و إن كنّا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه اللّه تعالي من الصلاح و لشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين؛فإنّا نحيط علما بأنبائكم و لا يعزب عنّا شيء من أخباركم و معرفتنا بالأزل الذي من جنح كثير منكم إلي ما كان السلف الصالح عنه شاسعا،و نبذوا العهد المأخوذ منه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون أنّا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم،لو لا ذلك لنزل بكم اللأواء (1)و اصطلمكم الأعداء،فاتّقوا اللّه جلّ جلاله و ظاهرونا علي انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم يهلك فيها من حمّ أجله و يحمي عنها من أدرك أمله،و هي أمارة لازوف حركتنا (2)و مباثتكم بأمرنا و نهينا و اللّه متمّ نوره و لو كره المشركون.

اعتصموا بالتقيّة من شب نار الجاهلية يحششها عصب أموية تهول بها فرقة مهدية،أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن الخفية،و سلك في الطعن منها السبيل المرضية،إذا حل جمادي الاولي من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيها و استيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه، سيظهر لكم من السماء آية جلية،و من الأرض مثلها بالسوية،و يحدث في أرض المشرق ما يحزن و يقلق،و يغلب من بعد علي العراق طوائف عن الإسلام مرّاق،تضيق بسوء فعالهم علي أهله الأرزاق،ثمّ تنفرج الغمّة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار،ثمّ يستر بهلاكه المتّقون الأخيار و يتفق لمريدي الحجّ من الآفاق،ما يؤمّلونه منه علي توفير غلبة منهم و إنفاق،و لنا في تيسير حجّهم علي الإختيار منهم و الوفاق،شأن يظهر علي نظام و اتساق،فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبّتنا و يتجنّب ما يدنيه من كراهتنا و سخطنا،فإنّ أمرنا بغتة فجأة حين لا ينفعه توبة و لا ينجيه من عقابنا ندم علي حوبة،و اللّه يلهمكم الرشد و يلطف لكم في التوفيق برحمته.

التوقيع باليد العليا علي صاحبها السلام:هذا كتابنا إليك أيّها الأخ الولي و المخلص في ودّنا الصفيّ،و الناصر لنا الوفيّ،حرسك اللّه بعينه التي لا تنام،فاحتفظ به و لا تظهر علي خطّنا الذي سطّرناه و لا بما فيه ضمنّاه أحدا،و أدّ ما فيه إلي من تسكن إليه،و أوص جماعتهم بالعمل عليه إن شاء اللّه و صلّي اللّه علي محمّد و آله الطاهرين (3).ة.

ص: 104


1- اللأواء:الشدّة.
2- أي:هي علامة لاقتراب حركتنا.
3- الاحتجاج:495 ذكر طرف ممّا خرج عن صاحب الزمان من المسائل الفقهية.

السابع عشر من التوقيعات فيه أيضا:ورد عليه كتاب آخر من قبله صلوات اللّه عليه يوم الخميس الثالث و العشرين من ذي الحجّة سنة إثنتي عشرة و أربعمائة نسخته:من عبد اللّه المرابط في سبيله إلي ملهم الحق و دليله:بسم اللّه الرّحمن الرحيم سلام عليك أيّها الناصر للحقّ الداعي إليه بكلمة الصدق،فإنّا نحمد اللّه إليك الذي لا إله إلاّ هو إلهنا و إله آبائنا الأوّلين و نسأله الصلاة علي سيّدنا و مولانا محمّد خاتم النبيّين و علي أهل بيته الطاهرين و بعد:فقد كنّا نظرنا مناجاتك عصمك اللّه بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه و حرسك من كيد أعدائه و شفعنا ذلك الآن من مستقرّ لنا ينصب في شمراخ (1)من بهماء،صرنا إليه آنفا من عما ليل ألجأنا إليه السباديث (2)من الإيمان،و يوشك أن يكون هبوطنا إلي صحصح من غير بعد من الدهر و لا تطاول من الزمان،و يأتيك بناء منّا بما يتجدّد لنا من حال،فتعرف بذلك ما يعتمد من الزلفة إلينا بالأعمال و اللّه موفّقك لذلك برحمته،فلتكن حرسك اللّه بعينه التي لا تنام،أن تقابل بذلك فتنة تسبل نفوس قوم حرشت (3)باطلا لاسترهاب المبطلين،يبتهج لدمارها المؤمنون و يحزن لذلك المجرمون،و آية حركتنا من هذه اللوثة (4)حادثة بالحرم المعظم من رجس منافق مذمم مستحلّ للدم المحرّم،يعمل بكيده أهل الإيمان و لا يبلغ بذلك غرضه من الظلم لهم و العدوان؛لأنّنا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب من ملك الأرض و السماء.

فليطمئنّ بذلك من أوليائنا القلوب،و ليتّقوا بالكفاية منه و إن راعتهم به الخطوب،و العاقبة بجميل صنع اللّه سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب،و نحن نعهده إليك- أيّها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين أيّدك اللّه بنصره الذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين -أنّه من اتّقي ربّه من إخوانك في الدين و أخرج ممّا عليه إلي مستحقّيه كان آمنا من الفتنة المبطلة و محنها المظلمة المضلّة،و من يبخل منهم بما أعاده اللّه من نعمته علي من أمره بصلته،فإنّه يكون خاسرا بذلك لاولاه و آخرته،و لو أنّ أشياعنا وفّقهم اللّه لطاعته علي اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد لما تأخّر عنهم العمي بلقائنا،و لتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا علي حقّ المعرفة و صدقها منهم بنا،فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتّصل بنا ممّا نكره و لا نؤثره منهم و اللّه المستعان و هو حسبنا و نعم الوكيل و صلواته علي سيّدنا البشير النذير محمّد و آله الطاهرين و سلّم.

و كتب:في غرّة شوّال من سنة اثنتي عشرة و أربعمائة نسخة التوقيع باليد العليا صلوات اللّه عليس.

ص: 105


1- واحد شماريخ النخل و هي العثاكيل التي عليها البسرة،و العثكال ما يكون فيه الرطب،و الشمراخ غرة الغرس.
2- في الاحتجاج و التهذيب:39/1.من بهماء-أسباريت.
3- الاحتراش:أن يقصد الرجل إلي جحر الضبّ فيضربه بكفّه ليحسبه الضب أفعي.
4- اللوثة:الجرح و الاسترخاء،و اللوثة الشرّ و الدنس.

صاحبها:هذا كتابنا إليك أيّها الولي الملهم للحقّ العلي،بإملائنا و خطّ ثقتنا فأخفه عن كلّ أحد و اطوه و اجعل له نسخة تطلع عليها من تسكن إلي أمانته من أوليائنا شملهم اللّه ببركاتنا إن شاء اللّه، الحمد للّه و الصلاة علي سيّدنا محمّد النبيّ و آله الطاهرين (1).

***

توقيع الإمام الأخير عجل اللّه فرجه

كمال الدين:عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب قال:كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبي الحسن علي بن محمد السمري قدّس اللّه روحه،فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلي الناس توقيعا نسخته:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

«يا علي بن محمد السمري أعظم اللّه أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك و بين ستة أيام، فأجمع أمرك و لا توص إلي أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة،فلا ظهور حتي يأذن اللّه تعالي ذكره،و ذلك بعد طول الأمد و قسوة القلوب و امتلاء الأرض جورا،و سيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر،و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم»

فنسخنا هذا التوقيع و خرجنا من عنده،فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه و هو يجود بنفسه فقيل له:من وصيك من بعدك؟

فقال:للّه أمر هو بالغه و قضي،فهذا آخر كلام سمع منه (2).

***

انتظار فرج

عيون الأخبار:عن الرضا عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:أفضل أعمال أمتي انتظار فرج اللّه تعالي» (3).

الاحتجاج:عن أبي حمزة الثمالي عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليه السّلام قال:«تمتد

ص: 106


1- الاحتجاج:498 و تهذيب الأحكام:39/1.
2- كمال الدين:516 ح 44،و الغيبة:395 ح 365.
3- صحيفة الرضا:293،و الإمامة و التبصرة:163.

الغيبة بولي اللّه الثاني عشر،و أن أهل زمان غيبته القائلون بإمامته المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان،لأن اللّه تعالي أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة،و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالسيف،أولئك المخلصون حقا و شيعتنا صدقا و الدعاة إلي دين اللّه سرّا و جهرا» (1).

و قال عليه السّلام:«إنتظار الفرج من أعظم الفرج» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«طوبي لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية».

فقيل له:جعلت فداك و ما طوبي؟

قال:«شجرة أصلها في دار علي بن أبي طالب عليه السّلام و ليس من مؤمن إلاّ و في داره غصن من أغصانها،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: طُوبي لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ (3).

البصائر:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم و عنده جماعة من أصحابه:

اللهم لقّني إخواني».

فقال:من حوله من أصحابه:أما نحن إخوانك يا رسول اللّه؟

فقال:«لا،إنكم أصحابي،و إخواني قوم في آخر الزمان آمنوا بي و لم يروني،و لقد عرّفنيهم اللّه بأسمائهم و أسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم و أرحام أمهاتهم» (4).

و عنه عليه السّلام في قوله تعالي: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُديً لِلْمُتَّقِينَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (5).

قال:«المتّقون:شيعة علي عليه السّلام،و الغيب:الحجة الغائب» (6).

المحاسن:السندي عن جدّه قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما تقول فيمن مات علي هذا الأمر منتظرا له؟

قال:«هو بمنزلة من كان مع القائم عليه السّلام في فسطاطه».

ثم سكت هنيهة ثم قال:«هو كمن كان مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم» (7).

المحاسن:بإسناده إلي الحكم بن عيينة قال:لما قتل أمير المؤمنين عليه السّلام الخوارج يوم4.

ص: 107


1- الاحتجاج:50/2،و كمال الدين:320.
2- المصدر السابق.
3- معاني الأخبار:112،و البحار:123/52 ح 6.
4- البحار:124/52،و ميزان الحكمة:180/1.
5- سورة البقرة،الآية:2.
6- كمال الدين:18،و البحار:52/51.
7- محاسن البرقي:173/1 ح 146،و البحار:125/52 ح 14.

النهروان قام إليه رجل فقال:يا أمير المؤمنين طوبي لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف و قتلنا معك هؤلاء الخوارج.

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:«و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لقد شهدنا في هذا الموقف أناس لم يخلق اللّه آباءهم و لا أجدادهم بعد».

فقال الرجل:و كيف يشهدنا قوم لم يخلقوا؟

قال:«بلي،قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه و يسلمون لنا،فأولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّا حقّا» (1).

كمال الدين:بإسناده إلي أبي بصير قال:قال الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (2).

قال:«يعني يوم خروج القائم عليه السّلام المنتظر منّا».

ثمّ قال عليه السّلام:«يا أبا بصير طوبي لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته و المطيعين له في ظهوره،أولئك أولياء اللّه الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون» (3).

و فيه عن عبد اللّه بن سنان قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يري و لا إمام هدي،لا ينجو منها إلاّ من دعا بدعاء الغريق».

قلت:و كيف دعاء الغريق؟

قال:«يقول:يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبت قلبي علي دينك» (4).

الخرائج:خرج التوقيع إلي أبي الحسن السمّري في حديث طويل قال فيه:«و سيأتي من شيعتي من يدّعي المشاهدة،ألا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذّاب مفتر،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم» (5).

كمال الدين:بإسناده إلي ابن فضّال عن الرضا عليه السّلام قال:«إن الخضر عليه السّلام شرب من ماء الحياة،فهو حيّ لا يموت حتي ينفخ في الصور،و أنه ليأتينا فيسلّم علينا فنسمع صوته و لا نري شخصه،و أنه ليحضر حيث ذكر،فمن ذكره منكم فليسلّم عليه،و أنه ليحضر الموسم(كل سنة)4.

ص: 108


1- محاسن البرقي:262/1 ح 322،و البحار:131/52 ح 32.
2- سورة الأنعام،الآية:158.
3- كمال الدين:357 ح 54،و البحار:149/52.
4- كمال الدين:352،و البحار:149/52.
5- الخرائج و الجرائح:1129/3،و كمال الدين:516 ح 44.

فيقضي جميع المناسك و يقف بعرفة فيؤمّن علي دعاء المؤمنين،و سيؤنس اللّه به وحشة قائمنا في غيبته و يصل به وحدته» (1).

كتاب الغيبة للشيخ الطوسي طاب ثراه:بإسناده إلي عبد الأعلي مولي آل سام قال:خرجت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فلمّا نزلنا الروحاء نظر إلي جبلها مطلاّ عليها فقال لي:«تري هذا الجبل؟هذا جبل يدعي رضوي من جبال فارس،أحبّنا فنقله اللّه إلينا،أما إن فيه كل شجرة مطعم و نعم،أمان للخائف،أما إن لصاحب هذا الأمر غيبتين:واحدة قصيرة و الأخري طويلة» (2).

***

علامات خروج القائم عجل اللّه فرجه

قرب الإسناد:هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه عليه السّلام:«إن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:كيف بكم إذا فسد نساؤكم و فسق شبّانكم و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر؟

فقيل له:و يكون ذلك يا رسول اللّه؟

قال:نعم و شرّ من ذلك،كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف؟

قيل:يا رسول اللّه و يكون ذلك؟

قال:نعم و شرّ من ذلك،كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا؟» (3).

و في ذلك الكتاب:عن ابن عيسي عن البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال:«قدّام هذا الأمر قتل بيوح».

قلت:و ما البيوح؟

قال:«دائم لا يفتر» (4).

معاني الأخبار:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إنّا و آل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في اللّه، قلنا:صدق اللّه و قالوا:كذب اللّه،قاتل أبو سفيان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السّلام و قاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السّلام و السفياني يقاتل القائم عليه السّلام» (5).

كمال الدين:بإسناده إلي محمد بن مسلم قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:«القائم منّا

ص: 109


1- كمال الدين:390 ح 4،و الخرائج و الجرائح:1174/3.
2- كتاب الغيبة:163 ح 123،و البحار:153/52.
3- قرب الإسناد:178/55،و الكافي:59/5 ح 14.
4- قرب الإسناد:384 ح 1353،و البحار:182/52 ح 6.
5- معاني الأخبار:346،و البحار:308/31.

منصور بالرعب مؤيّد بالنصر،تطوي له الأرض و تظهر له الكنوز،و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب، و يظهر اللّه عزّ و جلّ به دينه علي الدين كله و لو كره المشركون،فلا يبقي في الأرض خراب إلاّ عمّر، و ينزل روح اللّه عيسي ابن مريم عليه السّلام فيصلي خلفه».

فقلت له:يابن رسول اللّه متي يخرج قائمكم؟

قال:«إذا تشبّه الرجال بالنساء و النساء بالرجال و اكتفي الرجال بالرجال و النساء بالنساء و ركب ذوات الفروج السروج و قبلت شهادات الزور و ردت شهادات العدول و استخف الناس بالدماء و ارتكاب الزنا و أكل الربا و اتّقي الأشرار مخافة السنتهم،و خرج السفياني من الشام و اليماني من اليمن و خسف بالبيداء و قتل غلام من آل محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بين الركن و المقام إسمه محمد بن الحسن النفس الزكية،و جاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه و في شيعته،فعند ذلك خروج قائمنا عليه السّلام فإذا خرج أسند ظهره إلي الكعبة و اجتمع إليه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا و أول ما ينطق به هذه الآية: بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثم يقول:أنا بقية اللّه في أرضه و خليفته و حجته عليكم،فلا يسلّم عليه مسلم إلاّ قال:السلام عليك يا بقية اللّه في أرضه،فإذا اجتمع إليه العقد و هو عشرة آلاف رجل خرج،فلا يبقي في الأرض معبود دون اللّه عزّ و جلّ من صنم و غيره إلاّ وقعت فيه نار فاحترق، و ذلك بعد غيبة طويلة،ليعلم اللّه من يطيعه بالغيب و يؤمن به» (1).

و في غيبة النعماني:في حديث طويل عن الباقر عليه السّلام ذكر فيه خروج الدجال و افتتان الخلق فيه ثم قال:«عليكم بمكة-إذا خرج الدجال-فإنها مجمعكم،و إنما فتنة حمل امرأة تسعة أشهر» (2).

كمال الدين:مسندا إلي النزال بن سبرة قال:خطبنا علي بن أبي طالب عليه السّلام فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال:«سلوني قبل أن تفقدوني».

فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال:يا أمير المؤمنين متي يخرج الدجال؟

فقال عليه السّلام:«إن لذلك علامات و إن شئت أنبأتك بها».

قال:نعم يا أمير المؤمنين.

فقال:«إحفظ،فإن علامة ذلك:إذا أمات الناس الصلاة و تركوا الأمانة و استحلوا الكذب و أكلوا الربا و أخذوا الرشا و شيدوا البنيان و باعوا الدين بالدنيا و استعملوا السفهاء و شاوروا النساء و قطعوا الأرحام و اتبعوا الأهواء و استخفوا بالدماء،و كان الحلم ضعفا و الظلم فخرا،و كانت الأمراء فجرة و الوزراء ظلمة و العرفاء خونة-أي القائمين بأمور الناس-و القرّاء فسقة،و حليت المصاحف و زخرفت المساجد و طولت المنارات و أكرم الأشرار و ازدحمت الصفوف و اختلفت القلوب و نقضت1.

ص: 110


1- كمال الدين:331 ح 16،و البحار:192/52 ح 24.
2- غيبة النعماني:301 ح 3،و البحار:141/52 ح 51.

العقود،و شارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا علي الدنيا،و علت أصوات الفسّاق و أستمع منهم،و كان زعيم القوم أرذلهم-أي سيد القوم و كبيرهم-و اتّقي الفاجر مخافة شرّه و صدق الكاذب و ائتمن الخائن،و اتخذت القيان-أي النساء المغنيات-و المعازف-يعني آلات اللهو كالعود و الطنبور-و شهد الشاهد من غير أن يستشهد و شهد الآخر قضاء لحق الذمام بغير حق عرفه- و الذمام الحق و الحرمة كالجوار و المصاحبة و القرابة-و تفقه لغير الدين و لبسوا جلود الضأن علي قلوب الذئاب-يعني بهم القلندرية أو الأعم-فعند ذلك الوحي الوحي العجل العجل،خير المساكن يومئذ بيت المقدس ليأتين علي الناس زمان يتمني أحدهم أنه من سكانه».

فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال:يا أمير المؤمنين من الدجال؟

فقال:«ألا إن الدجال صائد بن الصيد،فالشقي من صدّقه و السعيد من كذّبه،يخرج من بلدة يقال لها:أصبهان،من قرية تعرف باليهودية،عينه اليمني ممسوحة و الأخري في جبهته تضيء كأنها كوكب الصبح فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم،بين عينيه مكتوب كافر يقرأه كل كاتب و أمي،يخوض البحار و تسير معه الشمس،بين يديه جبل من دخان و خلفه جبل أبيض يري الناس أنه طعام يخرج في قحط شديد تحته حمار أقمر-يعني يميل إلي الخضرة-خطوة حماره ميل،تطوي له الأرض منهلا منهلا،لا يمرّ بماء إلاّ غار إلي يوم القيامة،ينادي بأعلي صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن و الإنس و الشياطين يقول:إليّ أوليائي أنا الذي خلق فسوي و قدّر فهدي أنا ربّكم الأعلي.

و كذب عدو اللّه إنه لأعور،يطعم الطعام و يمشي في الأسواق و أن ربّكم عزّ و جلّ ليس بأعور و لا يطعم و لا يمشي و لا يزول،ألا و إن أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا و أصحاب الطيالسة الخضر- الطيلسان شبه الرداء يوضع علي الرأس و الكتفين و الظهر يستعمله الآن علماء النصاري و العبّاد منهم- يقتله اللّه عزّ و جلّ بالشام علي عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة علي يدي من يصلي عيسي ابن مريم عليه السّلام خلفه،ألا إن بعد ذلك الطامة الكبري».

قلنا:و ما ذاك يا أمير المؤمنين؟

قال:«خروج دابة من الأرض من عند الصفا،معها خاتم سليمان و عصي موسي عليهما السّلام تضع الخاتم علي وجه كل مؤمن فيطبع فيه:هذا مؤمن حقا،و تضعه علي وجه كل كافر فيكتب فيه:هذا كافر حقا،حتي أن المؤمن لينادي:الويل لك يا كافر،و أن الكافر ينادي:طوبي لك يا مؤمن وددت أني اليوم مثلك فأفوز فوزا عظيما.

ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن اللّه تعالي بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة،فلا توبة تقبل و لا عمل يرفع و لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا».

ص: 111

ثمّ قال عليه السّلام:«لا تسألوني عمّا يكون بعد ذلك،فإنه عهد إليّ حبيبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أن لا أخبر به غير عترتي».الحديث (1).

و قال عليه السّلام:«ليس بين قيام قائم آل محمد و بين قتل النفس الزكية إلاّ خمسة عشر ليلة» (2).

و قال عليه السّلام:«لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس،أشقر أحمر أزرق يقول:يا ربّ ثأري ثلاثا،و لقد بلغ من خبثه أنه يدفن أم ولد له و هي حية مخافة أن تدل عليه» (3).

و عن ابن أبي منصور قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اسم السفياني؟

قال:«و ما تصنع باسمه،إذا ملك كنوز (4)الشام الخمس:دمشق و حمص و فلسطين و الأردن

و قنسرين،فتوقعوا عند ذلك الفرج».

قلت:يملك تسعة أشهر؟

قال:«لا،و لكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما» (5).

و عنه عليه السّلام:«أنه ينادي مناد من السماء أول النهار:ألا إن الحق في علي و شيعته،ثم ينادي إبليس لعنه اللّه في آخر النهار:ألا إن الحق في السفياني و شيعته،فيرتاب عند ذلك المبطلون» (6).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:«آيتان بين يدي هذا الأمر:خسوف القمر لخمس،و خسوف الشمس لخمسة عشر،و لم يكن ذلك منذ هبط آدم إلي الأرض و عند ذلك يسقط حساب المنجمين» (7).

و عن سليمان بن خالد قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«قدّام القائم عليه السّلام موتان:موت أحمر و موت أبيض حتي يذهب من كل سبعة خمسة،الموت الأحمر السيف و الموت الأبيض الطاعون».

كتاب الغيبة للشيخ الطوسي طاب ثراه:بإسناده إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:«لا تقوم الساعة حتي يخرج نحو من ستين كذّابا كلهم يقول أنا نبي» (8).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«لا يخرج القائم حتي يخرج إثنا عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلي نفسه» (9).2.

ص: 112


1- البحار:195/52.
2- كمال الدين:649،و البحار:203/52.
3- شرح أصول الكافي:389/12 ح 412.
4- في المصدر:كور.
5- الإمامة و التبصرة:134/130،و كتاب الغيبة 304.
6- كمال الدين:652 ح 14،و البحار:206/52.
7- كمال الدين:655،و البحار:207/52 ح 41.
8- كتاب الغيبة:434 ح 424.
9- كتاب الغيبة:437 ح 428،و البحار:209/52.

و عنه عليه السّلام:«إذا هدم حائط مسجد الكوفة مؤخره ممّا يلي دار عبد اللّه بن مسعود فعند ذلك زوال ملك بني فلان،أما إن هادمه لا يبنيه» (1).

و قال محمد بن الحنفية في كلام طويل:أني يكون هذا الأمر و لم يقم الزنديق من قزوين فيهتك ستورها و يغيّر سورها و يذهب ببهجتها،من فرّ منه أدركه و من حاربه قتله و من اعتزله افتقر و من تابعه كفر،حتي يقوم باكيان:باك يبكي علي دينه،و باك يبكي علي دنياه (2).

و فيه:عن ابن بشير قال:قلت لعلي بن الحسين عليه السّلام:صف لي خروج المهدي عليه السّلام و عرّفني دلائله و علاماته.

قال:«يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له:عوف السلمي بأرض الجزيرة،و يكون مأواه تكريت و قتله بمسجد دمشق،ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند،ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس و هو من ولد عتبة بن أبي سفيان،فإذا ظهر السفياني اختفي المهدي عليه السّلام ثم يخرج بعد ذلك» (3).

و في ذلك الكتاب:روي عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال:«يخرج رجل بقزوين اسمه اسم نبي فيسرع الناس إلي طاعته المشرك و المؤمن،يملأ الجبال خوفا» (4).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن قدّام القائم لسنة غيداقة (5)يفسد التمر في النخل فلا تشكّوا في ذلك».

و عن أبي لبيد قال:تغيّر الحبشة البيت فيكسرونه و يؤخذ الحجر فينصب في مسجد الكوفة (6).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كأنّي بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة فنادي مناديه:من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم،فيثب الجار علي جاره و يقول:هذا منهم،فيضرب عنقه و يأخذ ألف درهم،أما إن إمارتكم يومئذ لا تكون إلاّ لأولاد البغايا،و كأني أنظر إلي صاحب البرقع».

قلت:و من صاحب البرقع؟

قال:«رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع،فيحوشكم فيعرفكم و لا تعرفونه،فيغمز بكم رجلا رجلا،أما إنه لا يكون إلاّ ابن بغي» (7).2.

ص: 113


1- كتاب الغيبة:277 ح 57،و البحار:210/52.
2- شرح الأخبار:396/3،و البحار:212/52 ح 61.
3- كتاب الغيبة:444،و البحار:213/52.
4- مستدرك سفينة البحار:518/8.
5- الغيداق:المطر الكثير العام،أو المطر الكبار القطر.
6- كتاب الغيبة:449 ح 451،و البحار:215/52.
7- كتاب الغيبة:450 ح 453،و البحار:215/52.

كشف اليقين:بإسناده إلي أنس بن مالك قال:لمّا رجع أمير المؤمنين عليه السّلام من قتال أهل النهروان نزل براثا،و كان بها راهب في صومعة و كان إسمه الحباب،فلمّا سمع الراهب الصيحة و العسكر أشرف من صومعته إلي الأرض فنظر إلي عسكر أمير المؤمنين عليه السّلام فاستفظع ذلك فقال:من رئيس هذا العسكر؟

قالوا:أمير المؤمنين رجع من قتال الخوارج.

فجاء إليه و قال:السلام عليك يا أمير المؤمنين حقا حقا.

فقال:«و ما علمك بأني أمير المؤمنين حقا حقا؟»

قال:أخبرنا علماؤنا و أحبارنا.

فقال له:«يا حباب».

فقال له الراهب:و ما علمك باسمي؟

فقال:«أعلمني بذلك حبيبي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم».

فقال له الحباب:مدّ يدك،فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أن محمدا رسول اللّه و أنك علي بن أبي طالب وصيه.

فقال عليه السّلام:«إبن هنا مسجدا و سمّه باسم بانيه».

فبناه رجل إسمه(براثا)فسمّي المسجد ببراثا،ثم قال:«يا حباب سيبني جنب مسجدك هذا مدينة و تكثر الجبابرة فيها و يعظم البلاء حتي أنه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فإذا عظم بلاؤهم سلّط عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلدا إلاّ أهلكه و أهلك أهله».

ثم ذكر عليه السّلام خروج السفياني و الحديث طويل (1).

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السّلام عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء و حمرة تجلل السماء،و خسف ببغداد و خسف ببلدة البصرة و دماء تسفك بها و خراب دورها و فناء يقع في أهلها،و شمول أهل العراق خوف لا يكون معه قرار» (2).

غيبة النعماني:بإسناده عن الصادق عليه السّلام عن أبيه:أن أمير المؤمنين عليه السّلام حدّث عن أشياء تكون بعده إلي قيام القائم عليه السّلام فقال الحسين:«يا أمير المؤمنين متي يطهر اللّه الأرض من الظالمين؟».

قال:«لا يطهّر اللّه الأرض من الظالمين حتي يسفك الدم الحرام».3.

ص: 114


1- اليقين:423،و معجم أحاديث المهدي:114/3.
2- الإرشاد:378/2،و كشف الغمة:261/3.

ثم ذكر أمر بني أمية و بني العباس في حديث طويل و قال:«إذا قام القائم عليه السّلام بخراسان و غلب علي أرض كوفان و الملطان و جاز جزيرة بني كاوان و قام منّا قائم بجيلان و أجابته الأبر و الديلم و ظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار و الحرمات و كانوا بين هنات و هنات إذا خربت البصرة و قام أمير الأمرة»فحكي عليه السّلام حكاية طويلة ثم قال:«إذا جهّزت الألوف و صفّت الصفوف و قتل الكبش الخروف،هناك يقوم الآخر و يثور الثائر و يهلك الكافر ثم يقوم القائم المأمول و الإمام المجهول له الشرف و الفضل،و هو من ولدك يا حسين لا ابن مثله،يظهر بين الركنين في دريسين، يظهر علي الثقلين و لا يترك في الأرض دمين (1)،طوبي لمن أدرك زمانه و لحق أوانه و شهد أيامه» (2).

و عن الباقر عليه السّلام في حديث طويل أنه قال:«الصيحة لا تكون إلاّ في شهر رمضان و هي صيحة جبرئيل عليه السّلام من السماء باسم القائم و اسم أبيه،و لا يبقي أحد إلاّ سمعه،و ذلك في ليلة ثلاث و عشرين ليلة جمعة من شهر رمضان،و في آخر النهار ينادي إبليس اللعين من الأرض:ألا إن فلانا- يعني عثمان-قتل مظلوما،ليشكك الناس و يفتنهم،فكم في ذلك اليوم من شاك متحير قد هوي في النار» (3).

و عنه عليه السّلام:«إذا خرج السفياني من الشام بعث جيشا إلي الكوفة عدّتهم سبعون ألفا،فيصيبون من أهل الكوفة قتلا و صلبا و سبيا،فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان تطوي المنازل طيّا حثيثا و معهم نفر من أصحاب القائم عليه السّلام،ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعف فيقتله أمير جيش السفياني،و يبعث السفياني بعثا إلي المدينة فيفر المهدي منها إلي مكة،فيبعث السفياني جيشا علي أثره فلا(يدركه)حتي يدخل مكة خائفا يترقّب علي سنّة موسي بن عمران- قال-:و ينزل أمير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء:يا بيداء أبيدي القوم،فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر يحوّل اللّه وجوههم إلي أقفيتهم و هو من كلب،و فيهم نزلت هذه الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلي أَدْبارِها (4) الآية.

قال:«و القائم يومئذ بمكة و قد أسند ظهره إلي البيت الحرام مستجيرا به فينادي:أيها الناس إنّا أهل بيت نبيكم محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم».

ثم قال:«فيجمع اللّه عليه أصحابه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا و يجمعهم علي غير ميعاد،و هي7.

ص: 115


1- كذا في جل النسخ و في بعضها«الادنين»كما في البحار،و في نسخة«لا يترك في الأرض شرا»و كأن الكلمة في الأصل غير مقروءة فكتبها علي حسب اجتهاده،و يحتمل كونه«لا يترك في الأرض دنين»أو«لا يترك في الأرض المين».
2- كتاب الغيبة:275،و البحار:236/52.
3- البحار:230/52.
4- سورة النساء،الآية:47.

يا جابر الآية التي ذكرها اللّه في كتابه: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)فيبايعونه بين الركن و المقام».الحديث (2).

غيبة النعماني:مسندا إلي أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال:«كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه،ثم يطلبونه فلا يعطونه،فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم علي عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتي يقوموا،و لا يدفعونها إلاّ إلي صاحبكم قتلاهم شهداء،أما أني لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر» (3).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن للّه مائدة بقرقيسيا،يطلع مطلع من السماء فينادي:يا طير السماء و يا سباع الأرض هلموا إلي الشبع من لحوم الجبارين» (4).

و بيانه في حديث آخر عن الباقر عليه السّلام:«إن لولد العباس و المروان لوقعة بقرقيسيا يشيب فيها الغلام،و يرفع اللّه عنهم النصر و يوحي إلي طير السماء و سباع الأرض:إشبعي من لحوم الجبارين، ثم يخرج السفياني» (5).

جامع الأخبار:جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:حججت مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حجة الوداع فلمّا قضي الحج أتي مودّعا الكعبة فلزم حلقة الباب و نادي برفع صوته:«أيها الناس»فاجتمع أهل المسجد و أهل السوق فقال:«إسمعوا إني قائل ما هو بعدي كائن،فليبلغ شاهدكم غائبكم»ثم بكي و بكي الناس فقال:«إعلموا رحمكم اللّه إن مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه إلي أربعين و مائة سنة ثم يأتي من بعد ذلك شوك و ورق إلي مائتي سنة،ثم يأتي بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتي لا يري فيه إلاّ سلطان جائر أو غني بخيل أو عالم راغب في المال أو فقير كذّاب أو شيخ فاجر أو صبي وقح أو امرأة رعناء».

ثم بكي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،فقام إليه سلمان و قال:يا رسول اللّه أخبرنا متي يكون ذلك؟

فقال:«إذا قلّت علماؤكم و ذهب قرّاؤكم و قطعتم زكاتكم و أظهرتم منكراتكم و علت أصواتكم في مساجدكم و جعلتم الدنيا فوق رؤوسكم و العلم تحت أقدامكم و الكذب حديثكم و الغيبة فاكهتكم و الحرام غنيمتكم،و لا يرحم كبيركم صغيركم و لا يوقّر صغيركم كبيركم،فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم و تجعل بأسكم بينكم،فإذا أوتيتم هذه الخصال توقعوا الريح الحمراء أو مسخا أو قذفا بالحجارة،و تصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ و جلّ: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلي أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ3.

ص: 116


1- سورة البقرة،الآية:148.
2- البحار:239/52.
3- كتاب الغيبة:273 ح 50،و البحار:83/51.
4- كتاب الغيبة:278 ح 63،و البحار:246/52.
5- البحار:251/52،و معجم أحاديث الشيعة:272/3.

فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (1) .

فقام إليه جماعة من الصحابة فقالوا:يا رسول اللّه أخبرنا متي يكون ذلك؟

فقال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«عند تأخير الصلوات و اتّباع الشهوات و شرب القهوات و شتم الآباء و الأمهات حتي ترون الحرام مغنما و الزكاة مغرما،و أطاع الرجل زوجته و جفا جاره و قطع رحمه،و ذهبت رحمة الأكابر و قلّ حياء الأصاغر،و شيدوا البنيان و ظلموا العبيد و الإماء و شهدوا بالهوي و حكموا بالجور،و يسب الرجل أباه و يحسد الرجل أخاه و يقابل الشركاء بالخيانة،و قل الوفاء و شاع الزنا و تزين الرجل بثياب النساء و سلب عنهن قناع الحياء و دبّ الكبر في القلوب كدبيب السم في الأبدان، و قل المعروف و ظهرت الجرائم و هونت العظائم و طلبوا المدح بالمال و قل الورع و كثر الطمع و الهرج و المرج،و أصبح المؤمن ذليلا و المنافق عزيزا.

مساجدهم معمورة بالآذان و قلوبهم خالية من الإيمان،بما استخفوا بالقرآن،فعند ذلك تري وجوههم وجوه الآدميين و قلوبهم قلوب الشياطين،كلامهم أحلي من العسل و قلوبهم أمرّ من الحنظل،فهم ذئاب و عليهم ثياب،ما من يوم إلاّ يقول اللّه تبارك و تعالي:أفبي تغترون أم علي تجترؤن أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (2).

فوعزتي و جلالي لو لا من يعبدني مخلصا ما أمهلت من يعصيني طرفة عين و لو لا ورع الورعين من عبادي،لما أنزلت من السماء قطرة و لا أنبت ورقة خضراء،فواعجبا لقوم آلهتهم أموالهم و طالت آمالهم و قصرت آجالهم هم يطمعون في مجاورة مولاهم،و لا يصلون إلي ذلك إلاّ بالعمل و لا يتم العمل إلاّ بالعقل» (3).

و روي الشيخ أحمد بن فهد في كتاب المهذّب و غيره في غيره بأسانيدهم عن المعلي بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:قال:«يوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت و ولاة الأمر، و يظفره اللّه تعالي بالدجال فيصلبه علي كناسة الكوفة» (4).

و في كتاب المختصر:للحسن بن سليمان حديث طويل يسنده إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و فيه إن من جملة علامات ظهوره عليه السّلام أن اللّه سبحانه أوحي إليه:أن خراب البصرة علي يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج (5).

علل الشرائع:بإسناده إلي الصادق عليه السّلام في وصف الحجر و الركن الذي وضع فيه قال عليه السّلام:1.

ص: 117


1- سورة الأنعام،الآية:65.
2- سورة المؤمنون،الآية:115.
3- البحار:264/52.
4- البحار:276/52 ح 171.
5- كمال الدين:251،و البحار:70/51.

«و من ذلك الركن يهبط الطير علي القائم عليه السّلام،فأول من يبايعه ذلك الطير و هو و اللّه جبرئيل عليه السّلام و إلي ذلك المقام يسند ظهره،و هو الحجة و الدليل علي القائم عليه السّلام و هو الشاهد لمن وافي ذلك المكان» (1).

تفسير الثقة القمي:بإسناده إلي يحيي الخثعمي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:سمعته يقول:«حم عسق:عدد سني القائم عليه السّلام و قاف:جبل محيط بالدنيا من زمرّد أخضر،فخضرة السماء من ذلك الجبل و علم علي عليه السّلام كل شيء في عسق» (2).

الاحتجاج:بإسناده إلي الحسن بن علي عن أبيه عليه السّلام قال:«يبعث اللّه رجلا في آخر الزمان يؤيده اللّه بملائكته و يدين له عرض البلاد و طولها،لا يبقي كافر إلاّ آمن به و لا طالح إلاّ صلح، و تصطلح في ملكه السباع،و تظهر له الكنوز،يملك ما بين الخافقين أربعين عاما،فطوبي لمن أدرك أيامه و سمع كلامه» (3).

و عن الرضا عليه السّلام:«إن القائم عليه السّلام إذا خرج يكون شيخ السن شاب المنظر حتي أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها،و أن من علامته أن لا يهرم بمرور الأيام و الليالي حتي يأتي أجله» (4).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«أول من يبايعه جبرئيل عليه السّلام ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثم يضع رجلا علي بيت اللّه الحرام و رجلا علي بيت المقدس،ثم ينادي بصوت طلق ذلق تسمعه الخلائق:

أتي أمر اللّه فلا تستعجلوه» (5).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:«يخرج يوم السبت يوم عاشوراء،اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السّلام» (6).

و عنه عليه السّلام:«سيأتي في مسجدكم-يعني مسجد مكة-ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،عليهم السيوف مكتوب علي كل سيف كلمة تفتح ألف كلمة،فيبعث اللّه تبارك و تعالي ريحا فتنادي بكل واد:هذا المهدي يقضي بقضاء داود و سليمان عليهما السّلام لا يريد عليه بيّنة» (7).

و قال عليه السّلام:«نزلت هذه الآية في المفتقدين من أصحاب القائم عليه السّلام قوله عزّ و جلّ: أَيْنَ ما2.

ص: 118


1- علل الشرائع:426/2،و البحار:229/40.
2- تفسير القمي:268/2،و البحار:279/52.
3- الاحتجاج:11/2،و البحار:21/44.
4- كمال الدين:652 ح 12،و البحار:285/52 ح 16.
5- كتاب الغيبة:235،و كمال الدين:671 ح 18.
6- البحار:190/95 ح 3.
7- كمال الدين:671 ح 19،و البحار:286/52.

تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (1) إنهم لمفتقدون عن فرشهم ليلا فيصبحون بمكة و بعضهم يسير في السحاب نهارا يعرف إسمه و إسم أبيه و حليته و نسبه».

قال:فقلت:جعلت فداك أيّهم أعظم إيمانا؟

قال:«الذي يسير في السحاب نهارا» (2).

و عن حذيفة قال:سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر المهدي فقال:«إنه يبايع بين الركن و المقام اسمه أحمد و عبد اللّه و المهدي،فهذه أسماؤه ثلاثتها» (3).

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«يملك القائم ثلاثمائة و تسع سنين كما لبث أهل الكهف و يقتل الناس حتي لا يبقي إلاّ دين محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،يسير بسيرة سليمان بن داود عليه السّلام» (4).

و عن عبد الكريم الخثعمي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:كم يملك القائم عليه السّلام؟

قال:«سبع سنين تكون سبعين سنة من سنينكم هذه» (5).

و عنه عليه السّلام:«لا يخرج القائم عليه السّلام إلاّ في وتر من السنين سنة إحدي أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع» (6).

غيبة النعماني:مسندا إلي هشام بن سالم قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«هما صيحتان:

صيحة في أول الليل،و صيحة في آخر الليلة الثانية».

فقلت:و كيف ذلك؟

فقال:«واحدة من السماء و واحدة من إبليس».

فقلت:كيف تعرف هذه من هذه؟

فقال:«يعرفها من كان يسمع بها قبل أن تكون» (7).

الكافي:عن يعقوب السراج قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:متي فرج شيعتكم؟

قال:«إذا اختلف ولد العباس،و وها سلطانهم،و خلع العرب أعنتها،و ظهر الشامي،و تحرك الحسني،و خرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلي مكة بتراث رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم».5.

ص: 119


1- سورة البقرة،الآية:148.
2- كمال الدين:672،و البحار:286/52 ح 21.
3- كتاب الغيبة:454 ح 463،و البحار:291/52 ح 33.
4- دلائل الإمامة:456 ح 39،و الغيبة:474 ح 496.
5- روضة الواعظين:263،و الغيبة:453 ح 460.
6- الغيبة:265 ح 31،و البحار:295/52.
7- كتاب الغيبة:265.

فقلت:و ما تراث رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟

قال:«سيف رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و درعه و عمامته و بردته و قضيبه و رايته و لامته و سرجه،حتي ينزل مكة فيخرج السيف من غمده و يلبس الدرع و ينشر الراية و البردة و العمامة و يتناول القضيب بيده، و يستأذن اللّه في ظهوره،فيطلّع علي ذلك بعض موإليه،فيأتي الحسني فيخبره الخبر،فيبتدر الحسني إلي الخروج،فيثب عليه أهل مكة فيقتلونه و يبعثون برأسه إلي الشام،فيظهر عند ذلك صاحب هذا الأمر فيبايعه الناس و يتبعونه،و يبعث الشامي عند ذلك جيشا إلي المدينة،فيهلكهم اللّه عزّ و جلّ دونها و يهرب يومئذ من كان بالمدينة من ولد علي عليه السّلام إلي مكة فيلحقون بصاحب هذا الأمر و يقبل صاحب هذا الأمر نحو العراق و يبعث جيشا إلي المدينة،فيأمن أهلها و يرجعون إليها» (1).

كتاب الإختصاص:بإسناده إلي حذيفة قال:سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول:«إذا كان عند خروج القائم عليه السّلام ينادي مناد من السماء:أيها الناس قطع عنكم مدة الجبارين،و ولي الأمر خير أمّة محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فالحقوا بمكة،فيخرج النجباء من مصر،و الأبدال من الشام،و عصائب العراق،رهبان بالليل ليوث بالنهار،كأن قلوبهم زبر الحديد،فيبايعونه بين الركن و المقام».

قال عمران بن الحصين:يا رسول اللّه صف لنا هذا الرجل.

قال:«هو رجل من ولد الحسين عليه السّلام عليه عباءتان قطوانيتان إسمه إسمي،فعند ذلك تفرح الطيور في أوكارها،و الحيتان في بحارها،و تمد الأنهار،و تفيض العيون،و تنبت الأرض ضعف أكلها،ثم يسير مقدمته جبرئيل و ساقيه إسرافيل عليهما السّلام،فيملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما» (2).

و عن علي بن الحسين عليه السّلام:«إنه يخرج معه خمسون من أهل الكوفة و باقي الثلاثمائة و النيف من سائر الناس،يجتمعون في ساعة واحدة من غير تعارف بينهم» (3).

و في خبر آخر أنه:«ما من بلدة إلاّ و يخرج معه منهم طائفة،إلاّ أهل البصرة فإنه لا يخرج معه منها أحد» (4).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«له-أي للقائم عليه السّلام-كنز بالطالقان ما هو بذهب و لا فضة، و راية لم تنشر منذ طويت،و رجال كأن قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات اللّه أشد من الحجر،لو حملوا علي الجبال لأزالوها،لا يقصدون براياتهم بلدة إلاّ خربوها كأن علي خيولهم2.

ص: 120


1- شرح أصول الكافي:255/6 ح 5.
2- الاختصاص:208،و البحار:304/52 ح 73.
3- البحار:103/9.
4- شرح الأخبار:366/3،و البحار:307/52.

العقبان،يتمسحون بسرج الإمام عليه السّلام يطلبون بذلك البركة،و يحقّون به يقونه بأنفسهم في الحروب و يكفونه ما يريد،فيهم رجال لا ينامون الليل،لهم دوي في صلواتهم كدوي النحل يبيتون قياما علي أطرافهم و يصبحون علي خيولهم،رهبان بالليل ليوث بالنهار،هم أطوع له من الأمة لسيّدها، كالمصابيح كأن قلوبهم القناديل،و هم من خشية اللّه مشفقون يدعون بالشهادة و يتمنون أن يقتلوا في سبيل اللّه،شعارهم يالثارات الحسين عليه السّلام،إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر،بهم ينصر اللّه إمام الحق» (1).

قرب الإسناد:عن الباقر عليه السّلام:«إذا قام قائمنا عليه السّلام اضمحلت القطائع فلا قطائع» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«لو قد قام القائم عليه السّلام لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله:يقتل الشيخ الزاني،و يقتل مانع الزكاة،و يورّث الأخ أخاه في الأظلة» (3).

و عنه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:«إن للقائم عليه السّلام علما إذا حان وقت خروجه إنتشر ذلك العلم من نفسه و أنطقه اللّه عزّ و جلّ فناداه العلم:اخرج يا ولي اللّه فاقتل أعداء اللّه،و هما رايتان و علامتان» (4).

عيون الأخبار:عن الهروي قال:قلت للرضا عليه السّلام:ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال:«إذا خرج القائم عليه السّلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائهم».

فقال عليه السّلام:«هو كذلك».

فقلت:و قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْري (5)ما معناه؟

قال:«صدق اللّه في جميع أقواله،و لكن ذراري قتلة الحسين عليه السّلام يرضون بفعال آبائهم و يفتخرون بها،و من رضي شيئا كان كمن أتاه،و لو أن رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل،و إنّما يقتلهم القائم عليه السّلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم».

قال:قلت له:بأي شيء يبدأ القائم عليه السّلام منكم إذا قام؟

قال:«يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم،لأنهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ» (6).

و روي أنه دخل أبو حنيفة علي الصادق عليه السّلام فقال له عليه السّلام:«أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ:

سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ أين ذلك من الأرض؟»5.

ص: 121


1- البحار:308/52 ح 82،عصر الظهور:231.
2- قرب الإسناد:80.
3- الخصال:169 ح 223،و البحار:309/52 ح 2.
4- عيون الأخبار:65/2،و كمال الدين:155.
5- سورة الأنعام،الآية:164.
6- مسند الإمام الرضا:147/1 ح 195.

قال:«أحسبه ما بين مكة و المدينة.

فالتفت أبو عبد اللّه عليه السّلام إلي أصحابه فقال:«أ تعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة و مكة فتؤخذ أموالهم و لا يأمنون علي أنفسهم».

قال:فسكت أبو حنيفة.

فقال عليه السّلام:«يا أبا حنيفة أخبرني عن قول اللّه عزّ و جل: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (1)أين ذلك من الأرض؟».

قال:الكعبة.

قال:«أفتعلم أن الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق علي ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها؟»

قالت:فسكت.

فلمّا خرج قال أبو بكر الحضرمي:جعلت فداك الجواب في المسألتين.

فقال:«يا أبا بكر سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ -فقال-:مع قائمنا أهل البيت،و أمّا قوله: وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (2)فمن بايعه و دخل معه في عقد أصحابه كان آمنا» (3).

علل الشرائع:عن عبد الرحيم القصير قال:قال لي أبو جعفر عليه السّلام:«أما لو قام قائمنا عليه السّلام لقد ردت إليه الحميراء حتي يجلدها الحدّ و حتي ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السّلام منها».

قلت:جعلت فداك و لم يجلدها الحدّ؟

قال:«لفريتها علي أم إبراهيم عليها السّلام».

قلت:كيف أخرّه اللّه للقائم؟

فقال:«إن اللّه تبارك و تعالي بعث محمدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رحمة و بعث القائم عليه السّلام نقمة» (4).

و في الخصال:عن علي بن الحسين عليه السّلام قال:«إذا قام قائمنا عليه السّلام أذهب اللّه عزّ و جلّ عن شيعتنا العاهة و جعل قلوبهم كزبر الحديد،و جعل قوّة الرجل منهم قوة أربعين رجلا و يكونون حكام الأرض و سنامها» (5).

قصص الأنبياء للراوندي طاب ثراه:بإسناده إلي أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«يا أبا محمد كأني أري نزول القائم عليه السّلام في مسجد السهلة بأهله و عياله و هو منزل إدريس عليه السّلام و ما بعث اللّه6.

ص: 122


1- سورة سبأ،الآية:18.
2- سورة آل عمران،الآية:97.
3- البحار:294/52.
4- علل الشرائع:580/2 ح 17.
5- الخصال:541 ح 14،و روضة الواعظين:296.

نبيّا إلاّ و قد صلي فيه،و المقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ما من مؤمن و لا مؤمنة إلاّ و قلبه يحنّ إليه و ما من يوم و لا ليلة إلاّ و الملائكة يأوون إلي هذا المسجد يعبدون اللّه فيه،و لو كنت بالقرب منكم ما صليت إلاّ فيه» (1).

البصائر:عن رفيد مولي أبي هبيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قال لي:«يا رفيد كيف أنت إذا رأيت أصحاب القائم عليه السّلام قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة ثم أخرج المثال الجديد علي العرب شديد».

قال:قلت:جعلت فداك ما هو؟

قال:«الذبح».

قال:قلت:بأي شيء يسير فيهم،أيسير فيهم بما سار علي بن أبي طالب عليه السّلام في أهل السواد؟

قال:«لا يا رفيد إنّ عليّا سار بما في الجفر الأبيض و هو الكف و هو يعلم أنه سيظهر علي شيعته من بعده،و أن القائم عليه السّلام يسير بما في الجفر الأحمر و هو الذبح و هو يعلم أنه لا يظهر علي شيعته» (2).

البصائر:مسندا إلي الباقر عليه السّلام قال:«كانت عصا موسي لآدم عليه السّلام فصارت إلي شعيب ثم صارت إلي موسي عليه السّلام،و أنها لعندنا و أن عهدي بها آنفا و هي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها،و أنها لتنطق إذا استنطقت أعدّت لقائمنا عليه السّلام ليصنع بها كما كان موسي عليه السّلام يصنع بها، و أنها لتروغ و تلقف ما يأفكون(و تصنع ما تؤمر،و أنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون،تفتح لها شفتان إحداهما في الأرض و الأخري في السقف و بينهما أربعون ذراعا،و تلقف ما يأفكون بلسانها)» (3).

و فيه:عن معاوية الدهني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تعالي: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ (4).

فقال:«يا معاوية ما يقولون في هذا؟»

قلت:يزعمون أن اللّه تبارك و تعالي يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة،فيأمر بهم فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم فيلقون في النار.

فقال لي:«و كيف يحتاج الجبار تبارك و تعالي إلي معرفة خلق أنشأهم(و هم خلقه)؟»1.

ص: 123


1- مستدرك الوسائل:417/3،و البحار:317/52.
2- بصائر الدرجات:175،و البحار:318/52 ح 18.
3- الإمامة و التبصرة:116 ح 108،و البصائر:203.
4- سورة الرحمن،الآية:41.

فقلت:جعلت فداك و ما ذلك؟

قال:«لو قام قائمنا أعطاه اللّه السيماء،فيأمر بالكفّار فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم ثم يخبط بالسيف خبطا».أي يضرب ضربا شديدا (1).

و فيه:عن سورة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«أما إن ذا القرنين قد خيّر السحابين فاختار الذلول و ذخر لصاحبكم الصعب».

قلت:و ما الصعب؟

قال:«ما كان من سحاب فيه رعد و صاعقة و برق فصاحبكم يركبه،أما إنه سيركب السحاب و يرقي في الأسباب،أسباب السماوات السبع(و الأرضين السبع)خمس عوامر و اثنتان خرابان» (2).

و عن أبي هاشم الجعفري قال:كنت عند أبي محمد عليه السّلام فقال:«إذا قام القائم أمر بهدم المنار و المقاصير التي في المساجد،لأنها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي و لا حجة» (3).

كمال الدين:عن أبي الجارود قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«إذا قام القائم من مكة ينادي مناديه:ألا لا يحملن أحد طعاما و لا شرابا،و حمل معه حجر موسي بن عمران عليه السّلام و هو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلاّ انفجرت منه عيون،فمن كان جائعا شبع و من كان ظمآنا روي و رويت دوابهم حتي ينزل النجف من ظهر الكوفة» (4).

و فيه:مسندا إلي المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سمعته يقول:«أتدري ما كان قميص يوسف عليه السّلام؟»

قال:قلت:لا.

قال:«إن إبراهيم عليه السّلام لمّا أوقدت له النار نزل إليه جبرئيل عليه السّلام بالقميص و ألبسه إيّاه فلم يضرّه معه حرّ و لا برد،فلمّا حضرته الوفاة جعله في تميمة و علقه علي إسحاق عليه السّلام و علقه إسحاق علي يعقوب عليه السّلام فلمّا ولد يوسف عليه السّلام علقه عليه،و كان في عضده حتي كان من أمره ما كان،فلمّا أخرجه يوسف عليه السّلام بمصر من التميمة وجد يعقوب عليه السّلام ريحه و هو قوله عزّ و جلّ: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (5)فهو ذلك القميص الذي أنزل من الجنة».

قلت:جعلت فداك فإلي من صار هذا القميص؟4.

ص: 124


1- البصائر:376،و البحار:312/52 ح 26.
2- البصائر:429،و البحار:182/12.
3- مستدرك الوسائل:384/3 ح 23،و البحار:323/52 ح 32.
4- كمال الدين:671 ح 17،البحار:324/52.
5- سورة يوسف،الآية:94.

قال:«إلي أهله،و هو مع قائمنا عليه السّلام إذا خرج».

ثم قال:«كل نبي ورّث علما أو غيره فقد انتهي إلي محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم» (1).

و عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«إذا تناهت الأمور إلي صاحب هذا الأمر رفع اللّه تبارك و تعالي له كل منخفض من الأرض و خفض له كل مرتفع،حتي تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته، فأيكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها؟» (2).

كامل الزيارات:بإسناده إلي أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كأني بالقائم علي نجف الكوفة و قد لبس درع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و يركب فرسا أدهم بين عينيه غرّة بيضاء،لا يبقي أهل بلاد إلاّ و هم يرون أنه معهم في بلادهم،فينشر راية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فإذا هزّها لم يبق مؤمن إلاّ صار قلبه كزبر الحديد و يعطي المؤمن قوة أربعين رجلا،و لا يبقي مؤمن ميت إلاّ دخلت عليه تلك الفرحة في قبره،و يتزاورون في قبورهم و يتباشرون بقيام القائم عليه السّلام،فينحط عليه عشرة آلاف ملك و ثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكا،و هم الذين كانوا مع نوح في السفينة و مع موسي عليه السّلام حين فلق البحر و مع عيسي عليه السّلام حين رفعه اللّه إليه،و أربعة آلاف ملك مع النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مسوّمين و ألف مردفين و ثلاثمائة و ثلاثة عشر بدريين،و أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين عليه السّلام فلم يأذن لهم في القتال،فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلي يوم القيامة و رئيسهم ملك يقال له:منصور،فلا يزوره زائر إلاّ استقبلوه و لا يودعه مودّع إلاّ شيّعوه و لا يمرض مريض إلاّ عادوه و لا يموت ميت الاّ صلّوا علي جنازته و استغفروا له بعد موته،و كل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم إلي وقت خروجه عليه السّلام» (3).

غيبة الشيخ الطوسي:بإسناده إلي المفضل بن عمر قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها،و استغني العباد من ضوء الشمس،و يعمّر الرجل في ملكه حتي يولد له ألف ذكر لا يولد فيهم أنثي،و يبني في ظهر الكوفة-يعني بالغري-مسجدا له ألف باب،و تتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء و بالحرة،حتي يخرج الرجل يوم الجمعة علي بغلة سريعة السير يريد الجمعة فلا يدركها» (4).

و في حديث آخر:«و يحفر من خلف قبر الحسين عليه السّلام لهم نهرا يجري الماء إلي الغريين حتي ينبذ في النجف،و يعمل علي فوهته قناطر و ارحاء في السبيل،و كأني بالعجوز و علي رأسها مكتل فيه برّ حتي تطحنه بكربلاء» (5).2.

ص: 125


1- علل الشرائع:53/1 ح 2،و البحار:144/17 ح 30.
2- كمال الدين:674 ح 29،و البحار:328/52 ح 46.
3- كامل الزيارات:233 ح 5،و البحار:328/52.
4- الغيبة:468،و البحار:330/52.
5- الغيبة:469،و البحار:331/52.

و عن أبي جعفر عليه السّلام:«من أدرك منكم قائمنا فليقل حين يراه:السلام عليكم يا أهل بيت النبوة و معدن العلم و موضع الرسالة» (1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«القائم عليه السّلام يهدم المسجد الحرام حتي يردّه إلي أساسه و مسجد الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي أساسه،و يردّ البيت إلي موضعه و يقيمه علي أساسه،و يقطع أيدي بني شيبة السرّاق و يعلقها علي الكعبة» (2).

و في حديث رواه أبو بصير:«إذا قام القائم دخل الكوفة و أمر بهدم المساجد الأربعة،و يسيّرها عريشا كعريش موسي عليه السّلام،و تكون المساجد كلها جماء كما كانت علي عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و يوسع الطريق الأعظم فيصير ستين ذراعا،و يهدم كل مسجد علي الطريق و يسد كل كوّة إلي الطريق و كل جناح و كنيف و ميزاب إلي الطريق،و يأمر اللّه الفلك في زمانه فيبطيء في دورانه حتي يكون اليوم في أيامه كعشرة أيام و السنة كعشر سنين من سنينكم،و يفتح كابل شاه و هي مدينة لم يفتحها أحد قط غيره،فيفتحها ثم يتوجه إلي الكوفة فينزلها و تكون داره» (3).

الخرائج:عن أبي الربيع الشامي قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إن قائمنا عليه السّلام إذا قام مدّ اللّه لشيعتنا في أسماعهم و أبصارهم،حتي لا يكون بينهم و بين القائم عليه السّلام بريد يكلمهم فيسمعون و ينظرون إليه و هو في مكانه» (4).

و عنه عليه السّلام قال:«العلم سبعة و عشرون حرفا،فجميع ما جاءت به الرسل حرفان،فلم يعرف الناس حتي اليوم غير الحرفين،فإذا قام قائمنا عليه السّلام أخرج الخمسة و العشرين حرفا فبثّها في الناس و ضمّ إليها الحرفين حتي يبثّها سبعة و عشرين حرفا» (5).

الارشاد:عن الخثعمي قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:كم يملك القائم عليه السّلام؟

قال:«سبع سنين تطول له الأيام و الليالي حتي تكون السنة مقدار عشر سنين من سنيكم،و إذا قام مطر الناس جمادي الآخرة و عشرة أيام من رجب مطرا لم تر الخلائق مثله،فينبت اللّه به لحوم المؤمنين و أبدانهم في قبورهم،و كأني أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم من التراب، و في زمانه،تظهر الأرض كنوزها حتي يراها الناس علي وجهها و يطلب الرجل منكم من يصله بماله و يأخذ منه زكاته،فلا يوجد أحد يقبل منه ذلك،استغني الناس بما رزقهم اللّه من فضله» (6).7.

ص: 126


1- كمال الدين:653 ح 18،و البحار:36/51 ح 5.
2- روضة الواعظين:265،و الغيبة:472 ح 492.
3- الغيبة:475 ح 498،و البحار:333/52.
4- الخرائج و الجرائح:841/2 ح 58،و مختصر بصائر الدرجات:117.
5- البصائر:117،و البحار:336/52 ح 73.
6- الإرشاد:381/2،و الغيبة:474 ح 497.

و عنه عليه السّلام:«إذا قام القائم من آل محمد عليه السّلام أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم ثم أقام خمسمائة أخري فضرب أعناقهم يفعل ذلك ست مرات».

قلت:و يبلغ عدد هؤلاء هذا؟

قال:«نعم منهم و من مواليهم» (1).

و قال عليه السّلام:«دولتنا آخر الدول،و لم يبق أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا،لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا:إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء،و هو قول اللّه تعالي: وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (2)(3).

و قال عليه السّلام:«إن القائم عليه السّلام إذا قام لم يترك بدعة إلاّ أزالها و لا سنّة إلاّ أقامها،فيمكث علي ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنينكم هذه،ثم يفعل اللّه ما يشاء».

قيل له:جعلت فداك كيف تطول السنون؟

قال:«يأمر اللّه تعالي الفلك باللبوث و قلّة الحركة،فتطول الأيام لذلك».

قال أبو بصير:قلت له:إنهم يقولون إن الفلك إن تغير فسد؟

قال:«ذلك قول الزنادقة،فأمّا المسلمون فلا سبيل لهم إلي ذلك،و قد شق اللّه القمر لنبيه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون،و أخبر بطول يوم القيامة و أنه كألف سنة ممّا تعدّون» (4).

العياشي:عن ابن بكير قال:سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قوله تعالي: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً (5).

قال:«نزلت في القائم عليه السّلام إذا ظهر أخرج اليهود و النصاري و الصابئين و الزنادقة و أهل الردّة و الكفّار في شرق الأرض و غربها فعرض عليهم الإسلام،فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة و الزكاة و ما يؤمر به المسلم،و من لم يسلم يضرب عنقه حتي لا يبقي في المشارق و المغارب أحد إلاّ وحّد اللّه».

قلت له:جعلت فداك إن الخلق أكثر من ذلك؟

فقال:«إن اللّه إذا أراد أمرا قلّل الكثير و كثّر القليل» (6).

و روي حديثا طويلا عن الباقر عليه السّلام و فيه:«إن القائم عليه السّلام لا يقبل الجزية كما قبلها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هو قول اللّه: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (7).9.

ص: 127


1- روضة الواعظين:265،و البحار:338/52 ح 80.
2- سورة الأعراف،الآية:128.
3- روضة الواعظين:265،و الإرشاد:385/2.
4- تفسير نور الثقلين:176/5.
5- سورة آل عمران،الآية:83.
6- تفسير العياشي:184/1 ح 82،و البحار:320/52.
7- سورة الأنفال،الآية:39.

قال عليه السّلام:«يقاتلون و اللّه حتي يوحّد اللّه و لا يشرك به شيئا،و حتي تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب فلا يصحبها أحد» (1).

و قال عليه السّلام:«إذا قام قائم آل محمد عليه السّلام إستخرج من ظهر الكعبة سبعة و عشرين رجلا،خمسة عشر من قوم موسي الذين(يهدون)بالحق و به يعدلون،و سبعة من أصحاب الكهف،و يوشع وصي موسي،و مؤمن آل فرعون،و سلمان الفارسي،و أبا دجانة الأنصاري،و مالك الأشتر» (2).

غيبة النعماني:عن سدير الصيرفي عن رجل من أهل الجزيرة كان قد جعل علي نفسه نذرا في جارية،و جاء بها إلي مكة قال:فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها،و جعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلاّ قال:جئني بها و قد وفي اللّه نذرك.

فدخلني من ذلك وحشة شديدة،فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكة.

فقال لي:انظر الرجل الذي يجلس عند الحجر الأسود و حوله الناس،و هو محمد بن علي بن الحسين عليه السّلام فأته فاخبره بهذا الأمر فانظر ما يقول لك فاعمل به.

فأتيته فأخبرته بالنذر و بما قال لي الحجبة فقال:«يا عبد اللّه إن البيت لا يأكل و لا يشرب،فبع جاريتك و انظر أهل بلادك ممّن حجّ هذا البيت،فمن عجز منهم عن نفقته فأعطه حتي يقوي علي العود إلي بلاده».

ففعلت ذلك ثم أقبلت لا ألقي أحدا من الحجبة إلاّ قال:ما فعلت بالجارية.

فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفر عليه السّلام.

فقالوا:هذا كذّاب جاهل لا يدري ما يقول.

فذكرت مقالتهم لأبي جعفر عليه السّلام فقال:«قد بلّغتني فبلّغ عني،قل لهم:يقول لكم أبو جعفر:

كيف بكم لو قد قطعت أيديكم و أرجلكم و علقت في الكعبة ثم يقال لكم نادوا:نحن سرّاق الكعبة».

فلمّا ذهبت لأقوم قال:«إنني لست أنا أفعل ذلك،و إنما يفعله رجل مني» (3).

و فيه عن الباقر عليه السّلام قال:«إنّما سمّي المهدي،لأنه يهدي إلي أمر خفي،و يستخرج التوراة و سائر كتب اللّه عزّ و جلّ من غار أنطاكية،و يحكم بين أهل التوراة بالتوراة و بين أهل الإنجيل بالإنجيل و بين أهل الزبور بالزبور و بين أهل القرآن بالقرآن،و تجتمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض و ظهرها فيقول للناس:تعالوا إلي ما قطعتم فيه الأرحام و سفكتم فيه الدم الحرام،فيعطي2.

ص: 128


1- البحار:126/109.
2- البحار:326/52،و تفسير العياشي:320/2 ح 90.
3- كتاب الغيبة:237 ح 25،و البحار:350/52 ح 102.

شيئا لم يعطه أحد كان قبله،و يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما» (1).

الإرشاد:روي جابر عن أبي جعفر عليه السّلام:«إذا قام قائم آل محمد عليه السّلام ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن علي ما أنزله اللّه جلّ جلاله،فأصعب ما يكون علي من حفظه اليوم،لأنه يخالف فيه التأليف» (2).

غيبة النعماني:بإسناده إلي أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا ظهر القائم عليه السّلام ظهر براية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و خاتم سليمان و حجر موسي عليه السّلام و عصاه،ثم يأمر مناديه فينادي:ألا لا يحمل رجل منكم طعاما و لا شرابا و لا علفا.

فيقول أصحابه:إنه يريد أن يقتلنا و يقتل دوابنا من الجوع و العطش.

فيسير و يسيرون معه،فأول منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام و شراب و علف فيأكلون و يشربون و دوابهم حتي ينزل النجف بظهر الكوفة» (3).

و فيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن عليّا عليه السّلام قال:كان لي أن أقتل المولّي-يعني المدبر- و أجهز علي الجريح،و لكن تركت ذلك للعاقبة من أصحابي إن جرحوا لم يقتلوا،و القائم له أن يقتل المولّي و يجهز علي الجريح» (4).

و عنه عليه السّلام قال:«بينا الرجل علي رأس القائم عليه السّلام يأمره و ينهاه إذ قال:أديروه فيديرونه إلي قدّامه فأمر بضرب عنقه،فلا يبقي في الخافقين شيء إلاّ خافه» (5).

أقول:و ذلك أنه عليه السّلام إذا خرج يعمل بعلمه في الأحكام و غيرها،و من علم منه النفاق جاز له قتله حتي يخافه الناس،و لأنه يدعو المنافقين إلي تطهير قلوبهم من رذائل الأخلاق.

و فيه:مسندا إلي يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:«ألا أريك قميص القائم عليه السّلام الذي يقوم عليه؟».

فقلت:بلي.

فدعي بقمطر-و هو ما يصان به الكتب-ففتحه و أخرج منه قميص كرابيس فنشره،فإذا في كمّه الأيسر دم فقال:«هذا قميص رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الذي كان عليه يوم ضربت رباعيته،و فيه يقوم القائم عليه السّلام».7.

ص: 129


1- مستدرك سفينة البحار:505/10،كتاب الغيبة:237 ح 26.
2- الإرشاد:386/2،البحار:339/52 ح 85.
3- كتاب الغيبة:238 ح 28،و البحار:351/52.
4- الغيبة:232 ح 15،و البحار:353/52 ح 110.
5- الغيبة:239 ح 32،و البحار:355/52 ح 117.

فقبّلت الدم و وضعته علي وجهي،ثم طواه أبو عبد اللّه عليه السّلام و رفعه.

أقول:هذا قميصه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الذي لبسه في واقعة أحد،و خصّ هذا القميص بخروج القائم عليه السّلام به للإقتصاص ممّن حارب النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في تلك الواقعة و أجري الدم من رباعيته و من رأسه،فإن المشركين شجّوه شجّة عظيمة حتي سال دمه علي لحيته و وجهه،و كان يتلقي الدم بيده و يرمي به نحو السماء و الملائكة تختطفه و تتبرك به،و قال له في ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام فقال:«إن دمي إذا وقع علي الأرض يغضب اللّه سبحانه و تعالي علي أهل الأرض و يهلكهم بالعذاب،و قد بعثني ربّي رحمة للأمة فلا أكون نقمة عليها».

و كان في تلك الحالة يدعو لهم و يقول:«اللهم اهد قومي فإنّهم جهلوا قدري».

و هو كالإعتذار لهم عمّا أتوه،و أين رحمته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لأمته من قول نبي اللّه نوح علي نبينا و آله و عليه السلام:ربّ لا تذر علي الأرض من الكافرين ديّارا.

و فيه:عنه عليه السّلام:«إذا قام القائم عليه السّلام نزلت الملائكة ثلاثمائة و ثلاثة عشر،ثلث علي خيول شهب و ثلث علي خيول بلق و ثلث علي خيول حمر» (1).

و فيه:عن المفضل قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام بالطواف فنظر إليّ و قال:«يا مفضل مالي أراك مهموما متغير اللون؟».

فقلت:جعلت فداك نظري إلي بني العباس و ما في أيديهم من هذا الملك و السلطان و الجبروت فلو كان ذلك لكم لكنّا فيه معكم.

فقال:«يا مفضل أمّا لو كان ذلك لم يكن إلاّ قيام الليل و سياحة النهار و أكل الجشب و لبس الخشن شبه أمير المؤمنين عليه السّلام و إلاّ فالنار،فزوي ذلك عنّا فصرنا نأكل و نشرب،و هل رأيت ظلامة يجعلها اللّه نعمة مثل هذا» (2).

و فيه:عن الفضيل قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«إن قائمنا إذا قام أستقبل من جهلة الناس أشدّ ما استقبله رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من جهّال الجاهلية،لأن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أتي الناس و هم يعبدون الحجارة و الصخور و العيدان و الخشب المنحوتة،و أن قائمنا عليه السّلام إذا قام أتي الناس و كلهم يتأوّل عليه كتاب اللّه و يحتج عليه به» (3).

أقول:هذه إشارة إلي ما روي عنه عليه السّلام:«يا علي أنا قاتلت الناس علي تنزيل القرآن و أنت تقاتلهم بعدي علي تأويله» (4).1.

ص: 130


1- الغيبة:244 ح 44،و البحار:356/52.
2- الكافي:410/1 ح 2،البحار:359/52.
3- البحار:362/52.
4- الأمالي:547،و الاحتجاج:191/1.

و فيه:عنه عليه السّلام أنه قال:«ثلاثة عشر مدينة و طائفة يحارب القائم عليه السّلام أهلها و يحاربونه:أهل مكة و أهل المدينة و أهل الشام و بنو أمية و أهل البصرة و أهل دميسان-و هي قرية بالهراة-و الأكراد و الأعراب و ضبّة و غني و باهلة و أزد و أهل الري» (1).

و قال:«إذا خرج القائم عليه السّلام خرج من هذا الأمر من كان يري أنه أهله و دخل في سنّته عبدة الشمس و القمر» (2).

و فيه:مسندا إلي ابن نباتة قال:سمعت عليّا عليه السّلام يقول:«كأني بالعجم و فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلّمون الناس القرآن كما أنزلت».

قلت:يا أمير المؤمنين أو ليس هو كما أنزل؟

فقال:«لا،محي منه سبعون من قريش بأسمائهم و أسماء آبائهم و ما ترك أبو لهب إلاّ للازراء علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لأنه عمّه» (3).

و فيه:عن الصادق عليه السّلام قال:«إذا قام القائم في أقاليم الأرض عيّن في كل إقليم رجلا يقول:

عهدك كفّك فإذا ورد عليك ما لا تفهمه و لا تعرف القضاء فيه فانظر إلي كفّك و اعمل بما فيها».

قال:«و يبعث جندا إلي القسطنطينية،فإذا بلغوا إلي الخليج كتبوا علي أقدامهم شيئا و مشوا علي الماء،فإذا نظر إليهم الروم يمشون علي الماء قالوا:هؤلاء أصحابه يمشون علي الماء فكيف هو؟

فعند ذلك يفتحون لهم باب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها بما يريدون» (4).

و فيه:عن أبي بصير قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«ليعد أحدكم لخروج القائم عليه السّلام و لو سهما، فإن اللّه إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأن ينسئ في عمره حتي يدركه و يكون من أعوانه و أنصاره» (5).

و فيه:عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:اخبرني عن قول أمير المؤمنين عليه السّلام:«إن الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ فطوبي للغرباء».

فقال:«يا محمد إذا قام القائم إستأنف دعاءا جديدا كما دعا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم» (6).

أقول:حاصله أن الإسلام لمّا بدأ في دعوته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان غريبا لقلّة أهله،و إذا أظهر القائم عليه السّلام دعوته يدعو إلي الإسلام و الولاية،و الذين تقوم عليهم هذه الدعوة قليلون.

و قال عليه السّلام:«لمّا التقي أمير المؤمنين عليه السّلام و أهل البصرة،نشر راية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فتزلزلت أقدامهم و طلبوا الأمان فعند ذلك قال:لا تقتلوا أسيرا و لا تجهزوا علي جريح و لا تتبعوا مدبرا،8.

ص: 131


1- الغيبة:299 ح 6،و البحار:363/52.
2- كتاب الغيبة:317 ح 1.
3- الغيبة:318 ح 5،و البحار:364/52.
4- مستدرك سفينة البحار:545/8.
5- مستدرك سفينة البحار:112/7.
6- كمال الدين:66،و البحار:120/8.

و من ألقي سلاحه فهو آمن و من أغلق بابه فهو آمن،و لمّا كان يوم صفين سألوه نشر الراية فأبي عليهم،فتحمّلوا عليه بالحسن و الحسين و عمّار بن ياسر فقال للحسن عليه السّلام:يا بني إن للقوم مدّة يبلغونها و أن هذه راية لا ينشرها بعدي إلاّ القائم عليه السّلام و إذا نشرها لم يبق في المشرق و المغرب أحد إلاّ لقيها،و يسير الرعب قدّامها شهرا و عن يمينها شهرا و عن يسارها شهرا» (1).

الإختصاص للمفيد طاب ثراه:بإسناده إلي بريد العجلي قال:قيل لأبي جعفر عليه السّلام:إن أصحابنا بالكوفة جماعة كثيرة فلو أمرتهم لأطاعوك و اتبعوا أمرك.

فقال:«يجيء أحدهم إلي كيس أخيه فيأخذ منه حاجته؟»

فقال:لا.

قال:«فهم بدمائهم أبخل».

ثم قال:«إن الناس في هدنة تناكحهم و توارثهم و يقيم عليهم الحدود و تؤدي أمانتهم حتي إذا قام القائم عليه السّلام جاءت المزايلة و يأتي الرجل إلي كيس أخيه فيأخذ حاجته لا يمنعه».

تفسير ابن الفرات من علمائنا:قال رجل لجعفر بن محمد عليه السّلام:نسلّم علي القائم عليه السّلام بأمرة المؤمنين؟

قال:«لا،ذلك إسم سمّاه اللّه أمير المؤمنين عليه السّلام لا يسمّي به أحد قبله و لا بعده إلاّ كافر».

قال:فكيف نسلّم عليه؟

قال:«تقول:السلام عليك يا بقية اللّه-ثم قرأ عليه السّلام-: بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (2)(3).

و في ذلك الكتاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا قام القائم عليه السّلام عرضوا عليه كل ناصب فإن أقرّ بالإسلام و هي الولاية و إلاّ ضربت عنقه،أو أقرّ بالجزية فأداها كما يؤدون أهل الذمة» (4).

و روي الشيخ طاب ثراه في التهذيب:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصف مسجد الكوفة:في وسطه عين من لبن و عين من ماء شراب للمؤمنين».

و فيه:عن حبّة العرني قال:خرج أمير المؤمنين عليه السّلام إلي الحيرة فقال:«لتصلّن هذه بهذه- و أومي بيده إلي الكوفة و الحيرة-حتي يباع الذراع بينهما بدنانير،و ليبنينّ في الحيرة مسجدا له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم،لأن مسجد الكوفة ليضيق منهم،و ليصلينّ فيه اثنا عشر إماما عدلا».5.

ص: 132


1- البحار:367/52.
2- سورة هود،الآية:86.
3- البحار:373/52 ح 165.
4- البحار:373/52،و معجم أحاديث الشيعة:290/5.

قلت:يا أمير المؤمنين و يسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ؟

قال:«تبني له أربع مساجد:مسجد الكوفة أصغرها و هذا و مسجدان في طريق الكوفة من هذا الجانب»و أومي بيده نحو نهر البصرة و الغريين (1).

و في كتاب الاختصاص:عن الصادق عليه السّلام قال:«إذا قام القائم عليه السّلام أتي رحبة الكوفة فقال برجله هكذا-و أومأ بيده إلي موضع ثم قال:احفروا هاهنا.

فيحفرون فيستخرجون إثني عشر ألف درع و إثني عشر ألف سيف و إثنا عشر ألف بيضة لكل بيضة وجهان،ثم يدعو اثني عشر ألف رجل من الموالي و العجم فيلبسهم ذلك ثم يقول:من لم يكن عليه مثل ما عليكم فاقتلوه» (2).

و في الإرشاد:قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان القائم عليه السّلام و حوادث تكون أمام قيامه فمنها:

خروج السفياني،و ركود الشمس عند الزوال إلي أوسط أوقات العصر،و طلوعها من المغرب،و قتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين،و ذبح رجل هاشمي بين الركن و المقام،و هدم حائط مسجد الكوفة،و إقبال رايات سود من قبل خراسان،و خروج اليماني،و ظهور المغربي بمصر و تملكه الشامات،و نزول الترك الجزيرة،و نزول الروم الرملة،و طلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتي يكاد يلتقي طرفاه،و نار تظهر بالمشرق طويلا و تبقي في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام،و خلع العرب أعنّتها و تملكها البلاد و خروجها عن سلطان العجم، و قتل أهل مصر أميرهم،و خراب الشام و اختلاف ثلاث رايات فيه،و بثق في الفرات حتي يدخل الماء أزقة الكوفة،و خوف يشمل أهل العراق و بغداد،و موت ذريع-أي سريع-فيه،و جراد يأتي علي الزرع و الغلاّت،و اختلاف صنفين من العجم و سفك دماء كثيرة فيما بينهما،و خروج العبيد عن طاعات ساداتهم و قتلهم مواليهم،و مسخ لقوم من أهل البدع حتي يصيروا قردة و خنازير،و غلبة العبيد علي بلاد السادات،و نداء من السماء يسمعه أهل الأرض كل أهل لغة بلغتهم،و وجه و صدر يظهران للناس في عين الشمس،و أموات ينشرون من القبور حتي يرجعوا إلي الدنيا فيتعارفون فيها و يتراؤون ثم يختم ذلك بأربع و عشرين مطرة،فتحيي به الأرض بعد موتها،و يزول بعد ذلك كل عاهة من معتقدي الحق من شيعة المهدي عليه السّلام،فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة فيتجهون نحوه لنصرته،و من جملة هذه الأحداث محتومة و منها مشروطة،و اللّه أعلم،انتهي ملخصا (3).

***2.

ص: 133


1- تهذيب الأحكام:254/3 ح 19،و البحار:374/52.
2- الاختصاص:334،و البحار:377/52.
3- الإرشاد:368/2،و روضة الواعظين:262.

كراهيّة التوقيت و الغربلة

في كتاب المواعظ:مسندا إلي الصادق عليه السّلام قال:«و الله لتكسرنّ كسر الزجاج و أن الزجاج يعاد فيعود كما كان،و اللّه لتكسرنّ كسر الفخار و أن الفخار لا يعود كما كان،و اللّه لتميزنّ و اللّه لتمحصنّ و اللّه لتغربلنّ كما يغربل الزؤان من القمح،و اللّه لتساطنّ كما يساط القدر فيجعل أعلاكم أسفلكم و أسفلكم أعلاكم» (1).

و قال عليه السّلام:«ما وقّتنا فيما مضي و لا نوقّت فيما يستقبل» (2).

و قال عليه السّلام لمحمد بن مسلم:«من وقّت لك من الناس شيئا فلا تهابن أن تكذبه فلسنا نوقّت لأحد وقتا» (3).

و عن أبي حمزة الثمالي قال:قلت لأبي جعفر عليه السّلام أن عليّا عليه السّلام كان يقول:«إلي السبعين بلاء».

و كان يقول:«بعد البلاء رخاء».

و مضت السبعون و لم نر رخاء.

فقال عليه السّلام:«يا ثابت إن اللّه تعالي كان وقّت هذا الأمر في السبعين،فلمّا قتل الحسين عليه السّلام اشتدّ غضب اللّه علي أهل الأرض فأخّره إلي أربعين و مائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث و كشفتم قناع الستر،فأخّره اللّه و لم يجعل له بعد ذلك وقتا عندنا يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (4).

قال أبو حمزة:و قلت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام فقال:«قد كان ذلك» (5).

و في الكافي عن أبي حمزة الثمالي قال:سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:يا ثابت إنّ اللّه تبارك و تعالي قد كان وقّت هذا الأمر في السبعين،فلما أن قتل الحسين عليه السّلام اشتد غضب اللّه علي أهل الأرض فأخّره إلي أربعين و مائة،فحدّثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر،و لم يجعل اللّه بعد ذلك وقتا عندنا و يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (6)(7).

و فيه عن عبد الرّحمن بن كثير:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ دخل عليه مهزم فقال له:جعلت

ص: 134


1- الغيبة:340 ح 289،و البحار:101/52.
2- الغيبة:342 و البحار:103/52 ح 6.
3- مستدرك سفينة البحار:397/10،و ميزان الحكمة:183/1.
4- سورة الرعد،الآية:39.
5- الكافي:368/1،و الغيبة:293.
6- سورة الرعد،الآية:39.
7- الكافي:368/1 ح 1.

فداك أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظره متي هو؟فقال:يا مهزم كذب الوقّاتون و هلك المستعجلون و نجا المسلمون (1).

و عن أبي بصير سألت الصادق عليه السّلام عن القائم عليه السّلام قال:أبي اللّه إلاّ أن يخالف وقت الموقّتين (2).

و فيه عن فضيل بن يسار:سألت أبا جعفر عليه السّلام:ألهذا الأمر وقت؟فقال:كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون،كذب الوقّاتون،إنّ موسي لما خرج وافدا إلي ربّه واعدهم ثلاثين يوما،فلما زاده اللّه علي الثلاثين عشرا قال قومه:قد أخلفنا موسي فصنعوا ما صنعوا،فإذا حدّثناكم الحديث فجاء علي خلاف ما حدّثناكم به فقولوا صدق اللّه تؤجروا مرّتين (3).

و فيه عن إبراهيم بن مهزم عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:ذكرنا عنده ملوك آل بني عباس فقال:إنّما هلك الناس من استعجالهم لهذا الأمر-أي دولة الحق-إنّ اللّه لا يعجل لعجلة العباد، إنّ لهذا الأمر غاية ينتهي إليها،فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة و لم يستأخروا (4).

و في إثبات الهداة للحرّ العاملي رحمه اللّه في وصية النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لعلي عليه السّلام قال:يا علي أعجب الناس إيمانا و أعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان،لم يروا النبي،و حجب عنهم الحجّة فآمنوا بسواد علي بياض (5).

و في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام لمّا بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر و خطب بخطبة ذكرها،يقول فيها:ألا إنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه،و الذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة و لتغربلن غربلة حتي يعود أسفلكم أعلاكم و أعلاكم أسفلكم،و ليسبقنّ سبّاقون كانوا قصروا،و ليقصرنّ سباقون كانوا سبقوا،و اللّه ما كتمت وسمة و لا كذبت كذبة،و لقد نبّئت بهذا المقام و هذا اليوم (6).

و فيه عن أبي يعفور:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب.

قلت:جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟قال:نفر يسير.قلت:و اللّه إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير.قال:لأنه للناس أن يمحصوا و يميّزوا و يغربلوا،و يستخرج بالغربال خلق كثير (7).

و فيه عن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:يا منصور إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلاّ بعد إياس،لا و اللّه حتي يميّزوا،و لا و اللّه حتي يمحصوا،و لا و اللّه حتي يشقي من يشقي و يسعد من يسعد (8).3.

ص: 135


1- الكافي:368/1 ح 2.
2- الكافي:368/1 ح 4.
3- الكافي:368/1 ح 5.
4- الكافي:369/1 ح 7.
5- من لا يحضره الفقيه:466/4.
6- الكافي:369/1 ح 1.
7- الكافي:370/1 ح 2.
8- الكافي:370/1 ح 3.

و فيه عن منصور الصيقل قال:كنت أنا و الحارث بن مغيرة و جماعة من أصحابنا جلوسا،و أبو عبد اللّه يسمع كلامنا فقال لنا:في أي شيء أنتم؟هيهات هيهات لا و اللّه لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتّي تغربلوا،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّي تمحّصوا،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّي تميّزوا،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلاّ بعد إياس،لا و اللّه لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّي يشقي من يشقي و يسعد من يسعد (1).

و في إثبات الهداة عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال:إنّ للقائم عجل اللّه فرجه منّا غيبتين إحداهما أطول من الاخري-إلي أن قال:و أمّا الاخري فيطول أمدها حتّي يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به،فلا يثبت عليه إلاّ من قوي يقينه و صحّت معرفته،و لم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا و سلّم لنا أهل البيت (2).

و في العوالم:و الذي نفسي بيده ما ترون ما تحبّون حتّي يتفل بعضكم في وجوه بعض و حتّي يسمّي بعضكم بعضا كذّابين (3).

و فيه عن أبي جعفر عليه السّلام:لتمحصن يا شيعة آل محمّد تمحيص الكحل في العين،و إنّ صاحب الكحل يدري متي ما يقع الكحل في عينه،و لا يعلم متي يخرج منها،و كذلك يصبح الرجل علي شريعة من أمرنا و يمسي و قد خرج منها،و يمسي علي شريعة من أمرنا و يصبح و قد خرج منها (4).

و فيه عن إبراهيم بن هليل قلت لأبي الحسن عليه السّلام:جعلت فداك مات أبي علي هذا الأمر و قد بلغت من السنين ما قد تري،أموت و لا تخبرني بشيء،فقال:يا أبا إسحاق أنت تعجل.فقلت:إي و اللّه أعجل،و ما لي لا أعجل و قد بلغت أنا من السن ما قد تري؟قال:أما و اللّه يا أبا إسحاق ما يكون ذلك حتّي تميّزوا و تمحّصوا و حتي لا يبقي منكم إلاّ الأقل ثمّ صفر كفّه (5).

و فيه عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام:و اللّه لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتّي تمحّصوا و تميّزوا و حتّي لا يبقي منكم إلاّ الأندر (6).

و في إثبات الهداة للشيخ الحرّ العاملي عامله اللّه بالخير عن الرضا عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:و الذي بعثني بالحقّ بشيرا ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود إليه منّي حتّي يقول أكثر الناس:ما للّه في آل محمّد حاجة،و يشكّ آخرون في ولادته،فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه و لا يجعل للشيطان عليه سبيلا بشكّه فيزيله عن ملّتي و يخرجه عن ديني،فقد2.

ص: 136


1- الكافي:370/1 ح 6.
2- إثبات الهداة:467/3 ح 128 باب 32،و كمال الدين:324.
3- غيبة النعماني:26.
4- غيبة النعماني:206 ح 12 باب 12.
5- غيبة النعماني:208 ح 14 باب 12.
6- غيبة النعماني:208 ح 15 باب 12.

أخرج أبويكم من الجنّة من قبل،و إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون (1).

في العوالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أما إنّه لو قد قام لقال الناس:أنّي يكون هذا و قد بليت عظامه،هذا كذا و كذا (2).

و في البحار عن مفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أما و اللّه ليغيبنّ إمامكم سنينا من دهركم،و ليمحصن حتّي يقال:مات أو قتل و هلك،بأيّ واد سلك؟و لتدمعن عليه عيون المؤمنين و لتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر،فلا ينجو إلاّ من أخذ اللّه ميثاقه و كتب في قلبه الإيمان و أيّده بروح منه و لترفعنّ إثنا عشر راية مشتبهة لا يدري أي من أي.قال:فبكيت ثمّ قلت:فكيف نصنع؟

قال:فنظر إلي شمس داخلة في الصفة قال:يا أبا عبد اللّه تري هذه الشمس؟قلت:نعم، فقال:و اللّه لأمرنا أبين من هذه الشمس (3).

و عن الأصبغ بن نباتة قال:أتيت أمير المؤمنين عليه السّلام فوجدته متفكّرا ينكت في الأرض فقلت:

يا أمير المؤمنين ما لي أراك متفكّرا تنكت في الأرض،رغبة منك فيها؟فقال:لا و اللّه ما رغبت فيها و لا في الدنيا يوما قط،و لكن فكّرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما،يكون له غيبة و حيرة،تضلّ فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون.فقلت:يا أمير المؤمنين و كم تكون الحيرة و الغيبة؟قال:ستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ست سنين،فقلت:و إنّ هذا لكائن؟قال:نعم،كما أنّه مخلوق،و أنّي لك بهذا الأمر يا أصبغ؟ أولئك خيار هذه الامّة مع خيار أبرار هذه العترة.فقلت:ثمّ ما يكون بعد ذلك؟فقال:ثمّ يفعل اللّه ما يشاء فإنّ له بداءات و إرادات و غايات و نهايات (4).

و فيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:للقائم غيبتان:إحداهما قصيرة و الاخري طويلة،و الاولي لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة شيعته،و الاخري لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة مواليه (5).

و فيه عنه عليه السّلام:لصاحب هذا الأمر غيبتان:إحداهما يرجع منها إلي أهله و الاخري يقال:

هلك،في أيّ واد سلك؟قلت:كيف نصنع إذا كان كذلك؟

قال:إذا ادّعاها مدّع فاسألوه عن أشياء يخيب فيها مثله (6).0.

ص: 137


1- كمال الدين:51،و إثبات الهداة:459/3 ح 97.
2- كمال الدين:326.
3- الكافي:336/1 ح 3،و البحار:281/52 ح 9.
4- الكافي:338/1 ح 7،و البحار:134/51 ح 1.
5- البحار:324/53 و الكافي:340/1 ح 19.
6- البحار:324/53 و:21/50 ح 7 و الكافي:340/1 ح 20.

و فيه عن أبي حمزة:دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت:أنت صاحب هذا الأمر؟فقال:لا، فقلت:فولدك؟فقال:لا،فقلت له:فولد ولدك هو؟فقال:لا.فقلت:فولد ولد ولدك؟فقال:لا.

فقلت:من هو؟

قال:الذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما و جورا علي فترة من الأئمّة،إنّ رسول اللّه بعث علي فترة من الرسل (1).

و في غيبة النعماني عن سليمان بن صالح رفعه إلي أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام قال:

إنّ حديثكم هذا لتشمئزّ منه قلوب الرجال فانبذوه إليهم نبذا،فمن أقرّ به فزيدوه و من أنكره فذروه، إنّه لا بدّ أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة و وليجة حتّي يسقط من يشقّ الشعرة بشعرتين حتّي لا يبقي إلاّ نحن و شيعتنا (2).

و فيه أنّه دخل علي أبي عبد اللّه بعض أصحابه فقال له:جعلت فداك،إنّي و اللّه أحبّك و أحبّ من يحبّك يا سيدي ما أكثر شيعتكم.فقال عليه السّلام:أذكرهم؟

فقال:كثير.

فقال:تحصيهم؟

فقال:هم أكثر من ذلك.فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أما لو كملت العدّة الموصوفة ثلاثمائة و بضعة عشر كان الذي تريدون،و لكن شيعتنا من لا يعدو صوته و سمعه و لا شجاؤه (3)،و لا يمدح بنا غاليا و لا يخاصم بنا واليا و لا يجالس لنا عائبا و لا يحدث لنا ثالبا و لا يحبّ لنا مبغضا و لا يبغض لنا محبّا.

فقلت:فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنّهم يتشيّعون؟

فقال:فيهم التمييز و فيهم التمحيص و فيهم التبديل،يأتي عليهم سنون تفنيهم و سيف يقتلهم و اختلاف يبددهم،إنّما شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب و لا يطمع طمع الغراب و لا يسأل الناس بكفّه و إن مات جوعا.قلت:جعلت فداك،فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟

فقال:اطلبهم في أطراف الأرض،أولئك الخشن عيشهم،المنتقلة دراهم،الذين إن شهدوا لم يعرفوا و إن غابوا لم يفتقدوا،و إن مرضوا لم يعادوا و إن خطبوا لم يزوّجوا و إن ماتوا لم يشهدوا، أولئك الذين في أموالهم يتواسون و في قبورهم يتزاورون،و لا تختلف أهواؤهم و إن اختلفت بهم البلدان (4).2.

ص: 138


1- الكافي:341/1،البحار:39/51 ح 19.
2- غيبة النعماني:202 ح 3 باب 12.
3- في نسخة ثانية:شحناؤه.
4- غيبة النعماني:203 ح 4 باب 12.

و في تفسير العياشي:أبو لبيد المخزومي قال:قال أبو جعفر عليه السّلام:«يا أبا لبيد إنه يملك من ولد العباس إثنا عشر يقتل بعد الثامن منهم أربعة تصيب أحدهم الذبحة فتذبحه،هم فئة قصيرة أعمارهم قليلة مدتهم خبيثة سريرتهم،منهم الفويسق الملقّب بالهادي و الناطق و الغاوي،يا أبا لبيد إن في حروف القرآن المقطعة لعلما جمّا إن اللّه تعالي أنزل الم ذلِكَ الْكِتابُ فقام محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حتي ظهر نوره و ثبتت كلمته،و ولد يوم ولد و قد مضي من الألف السابع مائة سنة و ثلاث سنين».

ثم قال:«و تبيانه في كتاب اللّه في الحروف المقطعة،إذا عددتها من غير تكرار و ليس من حروف مقطعة حرف ينقضي الأيام إلاّ و قيام قائم من بني هاشم عند انقضائه».

ثم قال:«الألف واحد،و اللام ثلاثون،و الميم أربعون،و الصاد تسعون،فذلك مائة واحدي و ستون،ثم كان بدو خروج الحسين بن علي عليه السّلام(الم)اللّه،فلمّا بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند(المص)،و يقوم قائمنا عليه السّلام عند انقضائها ب(آلر)فافهم ذلك وعه و اكتمه».

قال العلامة المجلسي:إن الإمام عليه السّلام أشار إلي أن الحروف المقطعة التي في فواتح السور إشارة إلي ظهور ملك جماعة من أهل الحق و آخرين من أهل الباطل،فاستخرج عليه السّلام ولادة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من عدد أسماء الحروف المبسوطة بزبرها و بيناتها،كما يتلفظ بها عند قرائتها بحذف المكررات، كأن تعد(ألف لام ميم)تسعة و لا تعد مكررة بتكررها في خمس من السور،فإذا عددتها كذلك تصير مائة و ثلاثة أحرف،و هذا يوافق تاريخ ولادة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،لأنه كان قد مضي من الألف السابع من ابتداء خلق آدم عليه السّلام مائة سنة و ثلاث سنين و إليه أشار بقوله:(و تبيانه)أي بيان تاريخ ولادته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

ثم بيّن عليه السّلام أن كل واحدة من تلك الفواتح إشارة إلي ظهور دولة من بني هاشم عند انقضائها، ف(الم)الذي في سورة البقرة إشارة إلي ظهور دولة الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،لأن أول دولة ظهرت في بني هاشم كانت دولة عبد المطلب،فهو مبدأ التاريخ و من ظهور دولة الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و بعثته كان قريبا من إحدي و سبعين الذي هو عدد(ألم)،ف(ألم)ذلك إشارة إلي ذلك،و بعد ذلك في نظم القرآن(ألم)الذي في آل عمران،فهو إشارة إلي خروج الحسين عليه السّلام إذ كان خروجه عليه السّلام في أواخر سنة ستين من الهجرة و كان بعثته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قبل الهجرة نحوا من ثلاثة عشر سنة،و إنّما كان شيوع أمره صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ظهوره بعد سنتين من البعثة ثم بعد ذلك في نظم القرآن(المص)و قد ظهرت دولة بني العباس عند انقضائها،و يشكل هذا بأن ظهور دولتهم و ابتداء بيعتهم كان في سنة اثنتين و ثلاثين و مائة و قد مضي من البعثة مائة و خمس و أربعون سنة فلا يوافق ما في الخبر و يمكن التفصي منه بوجوه:

الأول:أن يكون مبدأ هذا التاريخ غير مبدأ(ألم)بأن يكون مبدؤه ولادة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مثلا،فإن بدو دعوة بني العباس كان في سنة مائة من الهجرة و ظهور بعض أمرهم في خراسان كان في سنة سبع أو ثمان و مائة،و من ولادته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي ذلك الزمان كان مائة و إحدي و ستين سنة.

ص: 139

الثاني:أن يكون المراد بقيام قائم ولد العباس استقرار دولتهم و تمكنهم،و ذلك كان في أواخر زمن المنصور و هو موافق هذا التاريخ من البعثة.

الثالث:أن يكون هذا الحساب مبنيّا علي حساب الأبجد القديم الذي ينسب إلي المغاربة.

و فيه(صعفض قرشت ثخذ ظغش)،فالصاد في حسابهم ستون فيكون مائة و إحدي و ثلاثين، و سيأتي التصريح بأن حساب(المص)مبني علي ذلك في خبر رحمة بن صدقة في كتاب القرآن، فيوافق تاريخه،تاريخ(الم)،إذ في سنة مائة و سبع عشرة من الهجرة ظهرت دعوتهم في خراسان فأخذوا و قتل بعضهم.

و يحتمل أن يكون مبدأ هذا التاريخ زمان نزول الآية،و هي إن كانت مكيّة كما هو المشهور فيحتمل أن يكون نزولها في زمان قريب من الهجرة فيقرب من بيعتهم الظاهرة،و إن كانت مدنيّة فيمكن أن يكون نزولها في زمان ينطبق علي بيعتهم بغير تفاوت.

و إذا رجعت إلي ما حققناه في كتاب القرآن في خبر رحمة بن صدقة،ظهر لك أن الوجه الثالث أظهر الوجوه و مؤيد بالخبر.

و مثل هذا التصحيف كثيرا ما يصدر من النساخ،لعدم معرفتهم بما عليه بناء الخبر،فيزعمون أن ستين غلط لعدم مطابقته لما عندهم من الحساب فيصحفونها علي ما يوافق زعمهم.

قوله:«فلمّا بلغت مدته»أي كملت المدة المتعلقة بخروج الحسين عليه السّلام،فإن ما بين شهادته صلوات اللّه عليه إلي خروج بني العباس كان من توابع خروجه،و قد انتقم اللّه له من بني أمية في تلك المدة إلي أن استأصلهم.

قوله عليه السّلام:«و يقوم قائمنا عند انقضائها ب(الر)»هذا يحتمل وجوها:

الأول:أن يكون من الأخبار المشروطة البدائية و لم يتحقق،لعدم تحقق شرطه كما تدل عليه أخبار هذا الباب.

الثاني:أن يكون تصحيف(الر)،و يكون مبتدأ التاريخ ظهور أمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قريبا من البعثة، كما لم يكن المراد بقيام القائم قيامه بالإمامة تورية،فإن إمامته عليه السّلام كانت في سنة ستين و مائتين فإذا أضيف عليه إحدي عشر سنة قبل البعثة يوافق ذلك.

الثالث:أن يكون المراد جميع أعداد كل(الم)تكون في القرآن و هي خمس،مجموعها ألف و مائة و خمسة و خمسون،و يؤيده أنه عليه السّلام عند ذكر(الم)لتكرره ذكر ما بعده ليتعين السورة المقصودة و تبيّن أن المراد واحد منها،بخلاف(الر)لكون المراد جميعا فتفطن.

و يؤيده أيضا ما سيأتي في خبر العسكري عليه السّلام.

ص: 140

الرابع:أن يكون المراد انقضاء جميع الحروف مبتدأ ب(الر)بأن يكون الغرض سقوط (المص)من العدد أو(الم)أيضا.

و علي الأول يكون ألفا و ستمائة و ستة و تسعين،و علي الثاني يكون ألفا و خمسمائة و خمسة و عشرين،و علي حساب المغاربة يكون علي الأول ألفين و ثلثمائة و خمسة و عشرين،و علي الثاني ألفين و مائة و أربعة و تسعين،و هذا أنسب بتلك القاعدة الكلية و هي قوله:و ليس من حرف ينقضي، إذ دولتهم عليهم السّلام آخر الدول لكنه بعيد لفظا و لا نرضي به،رزقنا اللّه تعجيل فرجه عليه السّلام (1).

و في كتاب المحتضر:للحسين بن سليمان تلميذ الشهيد رحمة اللّه عليهما قال:روي أنه وجد بخط مولانا أبي محمد العسكري عليه السّلام ما صورته:

«قد صعدنا ذري الحقائق بأقدام النبوة و الولاية-و ساقه إلي أن قال-:و سيسفر لهم ينابيع الحيوان بعد لظي النيران لتمام(ألم)و(طه)و الطواسين من السنين».

قال العلامة المجلسي:«لتمام(ألم)»يحتمل أن يكون المراد كل(ألم)و كل من اشتمل عليها من المقطعات أي(المص)،و المراد جميعها مع(طه)و الطواسين ترتقي إلي ألف و مائة و تسعة و خمسين و هو قريب من أظهر الوجوه التي ذكرناها في خبر أبي لبيد.

ثم إن هذه التوقيتات علي تقدير صحة أخبارها لا تنافي النهي عن التوقيت علي الحتم،لا علي وجه يحتمل البداء كما وقع في الأخبار السابقة أو عن التصريح به،فلا ينافي الرمز و البيان علي وجه يحتمل لوجوه كثيرة أو يخصص بغير المعصوم عليه السّلام،و ينافي الأخير بعض الأخبار و الأول أظهر.

و غرضنا من ذكر تلك الوجوه ابداء احتمال لا ينافي ما مرّ من هذا الزمان،فإن مرّ هذا الزمان و لم يظهر الفرج و العياذ باللّه كان من سوء فهمنا و اللّه المستعان،مع أن إحتمال البداء قائم في كل محتملاتها كما مرّت الإشارة إليه في خبر ابن يقطين و الثمالي فاحذر من وساوس الشيطان.

انتهي (2).

***

فيما يكون عند ظهور القائم عجل اللّه فرجه

رواية المفضل بن عمر،قال:سألت سيّدي الصادق عليه السّلام:هل للمأمول المنتظر المهدي عليه السّلام من وقت موقّت يعلمه الناس؟

فقال:«حاش للّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا».

ص: 141


1- تفسير العياشي:3/2،و البحار:109/52.
2- البحار:121/52.

قلت:يا سيّدي و لم ذاك؟

قال:«لأنه هو الساعة التي قال اللّه تعالي: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ،ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (1).

و هو الساعة التي قال اللّه تعالي: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها و قال: عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ (2)و لم يقل:إنها عند أحد.

و قال: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (3)الآية و قال: اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (4).

و قال: وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (5).

قلت:فما معني يمارون؟

قال:«يقولون متي ولد؟و من رآه؟و أين يكون؟و متي يظهر؟و كل ذلك استعجالا لأمر اللّه و شكّا في قضائه و دخولا في قدرته أولئك الذين خسروا الدنيا».

قلت:أفلا يوقّت له وقت؟

فقال:«يا مفضل لا أوقّت له وقتا و لا يوقّت له وقت،إن من وقّت لمهدينا وقتا فقد شارك اللّه تعالي في علمه و ادّعي أنه أظهر علي سرّه».

قال المفضل:يا مولاي فكيف يبدأ ظهور المهدي عليه السّلام و إليه التسليم؟

قال عليه السّلام:«يا مفضل يظهر في سنة من السنين فيعلو ذكره و ينادي باسمه و يكثر ذلك علي أفواه الموافقين و المخالفين لتلزمهم الحجة بمعرفتهم به،علي إنّا قد دللنا عليه و سمّيناه و كنيناه و قلنا:

سمي جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كنيّه،لئلاّ يقول الناس ما عرفنا له إسما و لا كنية و لا نسبا،و اللّه ليتحقق الإيضاح به و باسمه و نسبه و كنيته علي ألسنتهم حتي ليسميه بعضهم لبعض كل ذلك للزوم الحجة عليهم،ثم يظهره اللّه كما وعد به جدّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في قوله عزّ و جلّ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (6).

قال المفضّل:يا مولاي فما تأويل قوله تعالي: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ؟

قال عليه السّلام:«هو قوله تعالي: وَ قاتِلُوهُمْ حَتّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (7).3.

ص: 142


1- سورة الأعراف،الآية:187.
2- سورة لقمان،الآية:34.
3- سورة محمد،الآية:18.
4- سورة القمر،الآية:1.
5- سورة الأحزاب،الآية:63.
6- سورة التوبة،الآية:33.
7- سورة البقرة،الآية:193.

فو الله يا مفضّل ليرفع عن الملل و الأديان الإختلاف و يكون الدين كله واحدا كما قال جلّ ذكره: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ و قال: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (1).

قال المفضّل:قلت:يا سيّدي و الدين الذي في آبائه إبراهيم و نوح و موسي و عيسي و محمد صلي اللّه عليه و عليهم هو الإسلام؟

قال:«نعم يا مفضّل هو الإسلام لا غير».

قلت:يا مولاي أتجده في كتاب اللّه؟

قال:«نعم من أوله إلي آخره و منه هذه الآيات: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ (2)و قوله تعالي: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (3).

و منه قوله تعالي في قصة إبراهيم و إسماعيل: وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ و قوله تعالي في قصة فرعون: حَتّي إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ و في قصة سليمان و بلقيس: قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ و قولها:

وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و قول عيسي عليه السّلام: مَنْ أَنْصارِي إِلَي اللّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ آمَنّا بِاللّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ و قوله عزّ و جلّ: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً و قوله في قصة لوط عليه السّلام: فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ و قوله: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ و قوله تعالي: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ -إلي قوله- وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .

قلت:يا سيّدي كم الملل؟

قال:«أربعة و هي شرائع».

قال المفضل:قلت:يا سيّدي المجوس لم سمّوا المجوس؟

قال عليه السّلام:«لأنّهم تمجّسوا في السريانية و ادّعوا علي آدم و شيث عليهما السّلام و هو هبة اللّه أنهما أطلقا لهم نكاح الأمهات و الأخوات و البنات و الخالات و العمات و المحرمات من النساء،و أنهما أمراهم أن يصلوا إلي الشمس حيث وقفت في السماء،و لم يجعلا لصلواتهم وقتا و إنما هو افتراء علي اللّه الكذب و علي آدم و شيث».

قال المفضل:قلت:يا سيّدي لم سمّي قوم موسي اليهود؟

قال عليه السّلام:«لقول اللّه عزّ و جلّ إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ أي اهتدينا إليك».8.

ص: 143


1- سورة آل عمران،الآية:85.
2- سورة آل عمران،الآية:19.
3- سورة الحج،الآية:78.

قال:فالنصاري؟

قال عليه السّلام:«لقول عيسي مَنْ أَنْصارِي إِلَي اللّهِ ،الآية فسمّوا النصاري لنصرة دين اللّه».

فقلت:يا سيّدي فلم سمّي الصابئون؟

فقال عليه السّلام:«لأنهم صبوا إلي تعطيل الأنبياء و الرسل و الملل و الشرائع و قالوا:كلّما جاؤوا به باطل،فجحدوا توحيد اللّه تعالي و نبوّة الأنبياء و رسالة المرسلين و وصية الأوصياء،فهم بلا شريعة و لا كتاب و لا رسول و هم معطلة العالم».

قال:فقلت:سبحان اللّه ما أجلّ هذا من علم.

قال:«نعم،يا مفضّل فالقه إلي شيعتنا لئلا يشكوا في الدين».

قال:قلت:يا سيّدي ففي أي بقعة يظهر المهدي عليه السّلام؟

قال عليه السّلام:«لا تراه عين في وقت ظهوره إلاّ رأته كل عين،فمن قال لكم غير هذا فكذبوه».

قال المفضّل:يا سيّدي و لا يري وقت ولادته؟

قال:«بلي و اللّه ليري من ساعة ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة لثمان خلون من شعبان سنة سبع و خمسين و مائتين إلي يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ربيع الأول من سنة ستين و مائتين و هو يوم وفاة أبيه بالمدينة التي بشاطيء دجلة يبنيها المتكبر الجبار المسمّي باسم جعفر الضال الملقب بالمتوكل و هو المتآكل لعنه اللّه تعالي،و هي مدينة تدعي بسرّ من رأي و هي ساء من رأي،يري شخصه المؤمن المحق سنة ستين و مائتين و لا يراه المشكك المرتاب و ينفذ فيها أمره و نهيه و يغيب عنها،فيظهر بجانب المدينة في حرم جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيراه هناك من يسعده اللّه تعالي بالنظر إليه، ثم يغيب في آخر يوم من سنة ست و ستين و مائتين فلا تراه عين أحد حتي يراه كل أحد و كل عين».

قال:قلت:يا سيّدي فمن يخاطبه و لمن يخاطب؟

قال عليه السّلام:«تخاطبه الملائكة و المؤمنون من الجنّ و يخرج أمره و نهيه إلي ثقاته و ولاته و وكلائه و يقعد ببابه محمد بن نصير النميري،ثم يظهر بمكة و كأني أنظر إليه دخل مكة و عليه بردة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم المخصوفة و في يده هراوته عليه السّلام يسوق بين يديه عنازا عجافا حتي يصل بها نحو البيت ليس ثم أحد يعرفه و يظهر و هو شاب».

قال:قلت:فمن أين يظهر و كيف يظهر؟

قال عليه السّلام:«يا مفضّل يظهر وحده و يأتي البيت وحده و يلج الكعبة وحده و يجنّ عليه الليل وحده،فإذا نامت العيون و غسق الليل نزل إليه جبرئيل و ميكائيل عليهما السّلام و الملائكة صفوفا فيقول له جبرئيل عليه السّلام:يا سيّدي قولك مقبول و أمرك جائز،فيمسح يده علي وجهه و يقول:الحمد للّه الذي صدقنا وعده و أورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين،و يقف بين الركن و المقام

ص: 144

فيصرخ صرخة فيقول:يا معشر نقبائي و أهل خاصتي و من ذخرهم اللّه لنصرتي قبل ظهوري أئتوني طائعين.

فترد صيحته عليه السّلام عليهم و هم في محاريبهم و علي فرشهم في شرق الأرض و غربها فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل،فيجيئون نحوها و لا يمضي لهم إلاّ كلمحة بصر حتي يكون كلهم بين يديه عليه السّلام بين الركن و المقام،فيأمر اللّه عزّ و جلّ النور فيصير عمودا من الأرض إلي السماء فيستضيء به كل مؤمن علي وجه الأرض و يدخل عليه نور من جوف بيته فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور و هم لا يعلمون بظهور قائمنا أهل البيت عليه السّلام ثم يصبحون وقوفا بين يديه و هم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا بعدّة أصحاب بدر».

قال:قلت:يا سيّدي فالإثنان و سبعون رجلا الذين قتلوا مع الحسين عليه السّلام يظهرون معهم؟

قال:«يظهر منهم أبو عبد اللّه الحسين عليه السّلام في إثني عشر ألفا مؤمنين من شيعة علي عليه السّلام و عليه عمامة سوداء».

قال:قلت:يا سيّدي فبغير سنّة القائم عليه السّلام بايعوا له قبل ظهوره و قبل قيامه؟

فقال عليه السّلام:«يا مفضّل كل بيعة قبل ظهور القائم عليه السّلام فبيعته كفر و نفاق و خديعة لعن اللّه المبايع لها و المبايع له،بل يا مفضّل يسند القائم عليه السّلام ظهره إلي الحرم و يمدّ يده فتري بيضاء من غير سوء و يقول:هذه يد اللّه و عن اللّه و بأمر اللّه،ثم يتلو هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلي نَفْسِهِ (1)الآية.

فيكون أول من يقبّل يده جبرئيل عليه السّلام ثم يبايعه و تبايعه الملائكة و نجباء الجن ثم النقباء، و يصبح الناس بمكة فيقولون:من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة؟و ما هذا الخلق الذي معه؟و ما هذه الآية التي رأيناها الليلة و لم نر مثلها؟

فيقول بعضهم لبعض:هو صاحب العنيزات.

فيقول بعضهم لبعض:انظروا هل تعرفون أحدا ممّن معه؟

فيقولون:لا نعرف أحدا منهم إلاّ أربعة من أهل مكة و أربعة من أهل المدينة،و هم فلان و فلان و يعدونهم بأسمائهم و يكون هذا أول طلوع الشمس في ذلك اليوم،فإذا طلعت الشمس صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين يسمع من في السموات و الأرضين:يا معشر الخلائق هذا مهدي آل محمد-و يسميه باسم جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و يكنيه و ينسبه إلي أبيه الحسن الحادي عشر إلي الحسين بن علي-بايعوه تهتدوا.0.

ص: 145


1- سورة الفتح،الآية:10.

فأول من يقبّل يده الملائكة ثم الجن ثم النقباء و يقولون:سمعنا و أطعنا،و لا يبقي ذو أذن من الخلائق إلاّ سمع ذلك النداء،و يقبل الخلائق من البدو و البر و البحر يحدّث بعضهم بعضا و يستفهم بعضهم بعضا ما سمعوا بآذانهم،فإذا دنت الشمس للغروب صرخ صارخ من مغربها:يا معشر الخلائق قد ظهر ربّكم بوادي اليابس من أرض فلسطين و هو عثمان بن عنبسة الأموي من ولد يزيد بن معاوية لعنهم اللّه فبايعوه تهتدوا و لا تخالفوا عليه فتضلوا.

فترد عليه الملائكة و الجن و النقباء قوله و يكذبونه،و يقولون له:سمعنا و عصينا.

و لا يبقي ذو شك و لا مرتاب و لا منافق و لا كافر إلاّ ضلّ بالنداء الأخير،و سيدنا القائم عليه السّلام مسند ظهره إلي الكعبة و يقول:يا معشر الخلائق ألا و من أراد أن ينظر إلي آدم و شيث فها أنا ذا آدم و شيث،ألا و من أراد أن ينظر إلي نوح و ولده سام فها أنا ذا نوح و سام،ألا و من أراد أن ينظر إلي إبراهيم و إسماعيل عليهما السّلام فها أنا ذا إبراهيم و إسماعيل،ألا و من أراد أن ينظر إلي موسي و يوشع فها أنا ذا موسي و يوشع،ألا و من أراد أن ينظر إلي عيسي و شمعون فها أنا ذا عيسي و شمعون،ألا و من أراد أن ينظر إلي محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام فها أنا ذا محمد و أمير المؤمنين،ألا و من أراد أن ينظر إلي الحسن و الحسين عليهما السّلام فها أنا ذا الحسن و الحسين،ألا و من أراد أن ينظر إلي الأئمة من ولد الحسين عليه السّلام فها أنا ذا الأئمة عليهم السّلام.

اجيبوا إلي مسألتي فإني أنبئكم بما نبئتم به و ما لم تنبأوا به،و من كان يقرأ الكتب و الصحف فليسمع مني،ثم يبتدئ بالصحف التي أنزلها اللّه علي آدم و شيث عليهم السّلام و تقول أمة آدم و شيث و هو هبة اللّه:هذه و اللّه هي الصحف حقا و لقد أرانا ما لم نكن نعلمه فيها و ما كان خفي علينا و ما كان أسقط منها و ما بدّل و حرّف،ثم يقرأ صحف نوح و صحف إبراهيم عليهما السّلام و التوراة و الإنجيل و الزبور،فيقول أهل التوراة و الإنجيل و الزبور:هذه و اللّه صحف نوح و إبراهيم عليهما السّلام حقّا و ما أسقط منها و بدّل و حرّف منها،هذه و اللّه التوراة الجامعة و الزبور التام و الإنجيل الكامل و أنها أضعاف ما قرأنا منها، ثم يتلو القرآن فيقول المسلمون:هذا و اللّه القرآن حقا الذي أنزله اللّه علي محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ما أسقط منه و حرّف و بدّل،ثم تظهر الدابة بين الركن و المقام فيكتب في وجه المؤمن مؤمن و في وجه الكافر كافر ثم يقبل علي القائم عليه السّلام رجل وجهه إلي قفاه و قفاه إلي صدره و يقف بين يديه فيقول:يا سيّدي أنا بشير أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك و أبشّرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء.

فيقول له القائم عليه السّلام:بيّن قصتك و قصة أخيك.

فيقول الرجل:كنت و أخي في جيش السفياني و خرّبنا الدنيا من دمشق إلي الزوراء و تركناها جما،و خرّبنا الكوفة و خرّبنا المدينة و كسرنا المنبر وراثت بغالنا في مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و خرجنا منها و عددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد إخراب البيت و قتل أهله،فلمّا صرنا في البيداء عرسنا فيها فصاح بنا صائح:يا بيداء أبيدي القوم الظالمين،فانفجرت الأرض فابتلعت كل الجيش،فو الله ما

ص: 146

بقي علي وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري و غير أخي،فإذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلي ورائنا كما تري،فقال لأخي:ويلك يا نذير امض إلي الملعون السفياني بدمشق فانذره بظهور المهدي من آل محمد عليه السّلام و عرّفه أن اللّه قد أهلك جيشه بالبيداء،و قال لي:يا بشير إلحق بالمهدي بمكة و أبشره بهلاك الظالمين و تب علي يده فإنه يقبل توبتك.

فيمرّ القائم عليه السّلام يده علي وجهه فيردّه سويا كما كان و يبايعه و يكون معه».

قال المفضّل:يا سيّدي و تظهر الملائكة و الجن للناس؟

قال:«اي و اللّه يا مفضّل و يخاطبونهم كما يكون الرجل مع حاشيته و أهله».

قلت:يا سيّدي و يسيرون معه؟

قال:«أي و اللّه يا مفضّل و لينزلنّ أرض الهجرة بين الكوفة و النجف و عدد أصحابه حينئذ ستة و أربعون ألفا من الملائكة و ستة آلاف من الجن».

و في رواية أخري:«و مثلها من الجن بهم ينصره اللّه و يفتح علي يديه».

قال المفضّل:فما يصنع بأهل مكة؟

قال:«يدعوهم بالحكمة و الموعظة الحسنة فيطيعونه و يستخلف فيهم رجلا من أهل بيته و يخرج يريد المدينة».

قال المفضّل:و ما يصنع بالبيت؟

قال:«ينقصه فلا يدع منه إلاّ القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم عليه السّلام و الذي رفعه إبراهيم و إسماعيل عليهما السّلام عنها،و أن الذي بني بعدهما لم يبنه نبي و لا وصي،ثم يبنيه كما يشاء اللّه و ليعفينّ آثار الظالمين بمكة و المدينة و العراق و سائر الأقاليم و ليهدمنّ مسجد الكوفة و ليبنيه علي بنائه الأول،و ليهدمنّ القصر العتيق،ملعون ملعون من بناه».

قال المفضّل:يا سيّدي يقيم بمكة؟

قال:«لا يا مفضّل بل يستخلف فيها رجلا من أهله فإذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه فيرجع إليهم فيأتونه مهطعين مقنعي رؤوسهم يبكون و يتضرعون فيقولون:يا مهدي آل محمد التوبة التوبة.

فيعظهم و يحذرهم و يستخلف عليهم منهم خليفة فيسير،فيثبون عليه بعده فيقتلونه فيرد إليهم أنصاره من الجن و النقباء و يقول لهم:إرجعوا فلا يتقوا منهم بسرّ إلاّ من آمن.

فيرجعون إليهم،فو الله لا يسلم من المائة منهم واحد و لا من الألف واحد».

قال:قلت:يا سيّدي فأين تكون دار المهدي و مجمع المؤمنين؟

قال:«دار ملكه الكوفة و مجلس حكمه جامعها و بيت ماله و مقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة و موضع خلواته الذكوات البيض من الغريين».

ص: 147

قال المفضّل:يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة؟

قال:«إي و اللّه،لا يبقي مؤمن إلاّ كان بها أو حواليها،و ليبلغن مربط شاة فيها ألفي درهم، إي و اللّه و ليودّن أكثر الناس أنه اشتري شبرا من أرض السبع بشبر من ذهب-و السبع خطة من خطط همدان-و لتصيرنّ الكوفة أربعة و خمسين ميلا و ليجاوزنّ قصورها كربلاء و ليصيرنّ اللّه كربلاء معقلا و مقاما تختلف فيه الملائكة و المؤمنون،و ليكون لها شأنا من الشأن و ليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن و دعا ربّه بدعوة لأعطاه اللّه بدعوته واحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة».

ثم تنفس أبو عبد اللّه و قال:«يا مفضّل إن بقاع الأرض تفاخرت،ففخرت كعبة البيت الحرام علي بقعة كربلاء فأوحي اللّه إليها:أن أسكتي كعبة البيت الحرام و لا تفتخري علي كربلاء،فإنها البقعة المباركة التي نودي موسي عليه السّلام منها من الشجرة،و إنها الربوة التي أوت إليها مريم و المسيح عليه السّلام،و فيها الدالية التي غسلت فيها رأس الحسين عليه السّلام،و فيها غسلت مريم عيسي عليه السّلام و اغتسلت من ولادتها،و أنها خير بقعة عرج رسول اللّه منها».

قال المفضّل:يا سيّدي ثم يسير المهدي عليه السّلام إلي أين؟

قال:«إلي مدينة جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فإذا وردها كان له فيها مقام عجيب،يظهر فيه سرور المؤمنين و خزي الكافرين».

قال المفضّل:يا سيّدي ما هو ذاك؟

قال:«يرد إلي قبر جده صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيقول:يا معاشر الخلائق هذا قبر جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

فيقولون:نعم يا مهدي آل محمد.

فيقول:و من معه في القبر؟

فيقولون:صاحباه و ضجيعاه أبو بكر و عمر.

فيقول و هو أعلم بهما و الخلائق كلهم جميعا يسمعون:من أبو بكر و عمر؟و كيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟و عسي المدفون غيرهما.

فيقول الناس:يا مهدي آل محمد ما هاهنا غيرهما،إنهما دفنا معه لأنهما خليفتا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أبوا زوجتيه.

فيقول للخلق بعد ثلاث:أخرجوهما من قبريهما.

فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما و لم يشحب لونهما،فيقول:هل فيكم من يعرفهما؟

فيقولون:نعرفهما بالصفة و ليس ضجيعا جدك غيرهما.

فيقول:هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما؟

ص: 148

فيقولون:لا.

فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام،ثم ينشر الخبر في الناس و يحضر المهدي و يكشف الجدران عن القبرين و يقول للنقباء:إبحثوا عنهما و انبشوهما.

فيبحثون بأيديهم حتي يصلوا إليهما فيخرجان غضّين طريين كصورتهما،فيكشف عنهما أكفانهما و يأمر برفعهما علي دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها،فتحيي الشجرة و تورق و يطول فرعها.

فيقول المرتابون من أهل ولايتهما:هذا و اللّه الشرف حقا،و لقد قرنا بمحبّتهما و ولايتهما، و يخبر من أخفي نفسه ممّن في نفسه مقياس حبّة من محبّتهما و ولايتهما فيحضرونهما و يرونهما و يفتتنون بهما،و ينادي منادي المهدي عليه السّلام:كل من أحبّ صاحبي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ضجيعيه فلينفرد جانبا.

فتتجزأ الخلق جزءين:أحدهما موال و الآخر متبرئ منهما،فيعرض المهدي عليه السّلام علي أوليائهما البراءة منهما.

فيقولون:يا مهدي آل رسول اللّه،نحن لم نتبرّأ منهما و لسنا نعلم أن لهما عند اللّه و عندك هذه المنزلة،و هذا الذي بدا لنا من فضلهما أنتبرأ الساعة منهما و قد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت من نضارتهما و غضاضتهما و حياة الشجرة بهما؟بل و اللّه نبرأ منك و ممّن لا يؤمن بهما و من صلبهما و أخرجهما و فعل بهما ما فعل.

فيأمر المهدي عليه السّلام ريحا سوداء،فتهبّ عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية،ثم يأمر بإنزالهما فينزلان إليه فيحييهما بإذن اللّه تعالي،و يأمر الخلائق بالاجتماع ثم يقص عليهم قصص فعالهما في كل كور و دور،حتي يقص عليهم قتل هابيل بن آدم عليه السّلام،و جمع النار لإبراهيم عليه السّلام،و طرح يوسف عليه السّلام في الجب،و حبس يونس عليه السّلام في بطن الحوت،و قتل يحيي عليه السّلام،و صلب عيسي عليه السّلام، و عذاب جرجيس و دانيال عليهما السّلام،و ضرب سلمان الفارسي،و إشعال النار علي باب أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام لإحراقهم،و ضرب يد الصديقة الكبري فاطمة عليها السّلام بالسوط،و رفس بطنها،و إسقاطها محسنا،وسم الحسن عليه السّلام،و قتل الحسين عليه السّلام و ذبح أطفاله و بني عمّه و أنصاره، و سبي ذراري رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و إراقة دماء آل محمد عليهم السّلام،و كل دم سفك و كل فرج نكح حراما و كل ريّن و خبث و فاحشة و ظلم و إثم و جور و غشم،منذ عهد آدم إلي وقت قائمنا عليه السّلام.

كل ذلك يعدّده عليه السّلام عليهما و يلزمهما إياه،فيعترفان به ثم يأمر بهما فيقتصّ منهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر،ثم يصلبهما علي الشجرة و يأمر نارا تخرج من الأرض فتحرقهما و الشجرة،ثم يأمر ريحا فتنسفهما في اليمّ نسفا».

قال المفضّل:يا سيّدي ذلك آخر عذابهما؟

قال:«هيهات يا مفضل،و اللّه ليردن و ليحضرنّ السيد الأكبر محمد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الصديق

ص: 149

الأكبر أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السّلام،و كل من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا،و ليقتصّنّ منهما لجميعهم،حتي أنهما ليقتلان في كل يوم و ليلة ألف قتلة فيردّان إلي ما شاء ربّهما.

ثم يسير المهدي عليه السّلام إلي الكوفة و ينزل ما بين الكوفة و النجف و عنده أصحابه في ذلك اليوم ستة و أربعون ألفا من الملائكة،و مثلها من الجنّ و النقباء ثلاثمائة و ثلاثة عشر نقيبا».

قال المفضّل:يا سيّدي كيف تكون الزوراء في ذلك الوقت؟

قال:«في لعنة اللّه و سخطه،تخربها الفتن و تتركها جماء،فالويل لها و لمن بها كل الويل من الرايات الصفر،و رايات المغرب،و من يجلب بالجزيرة،و من الرايات التي تسير إليها من كل قريب أو بعيد،و اللّه لينزلنّ بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم المتمردة من أول الدهر إلي آخره، و لينزلنّ بها من العذاب ما لا عين رأت و لا أذن سمعت بمثله،و لا يكون طوفان أهلها إلاّ بالسيف، فالويل لمن أتخذ بها مسكنا،فإن المقيم بها يبقي لشقائه و الخارج منها برحمة اللّه،و اللّه ليصيرنّ أمرها في الدنيا حتي يقال إنها هي الدنيا،و إن دورها و قصورها هي الجنّة،و إن بناتها من الحور العين،و إن ولدانها هم الولدان،و ليظننّ أن اللّه لم يقسم رزق العباد إلاّ بها،و ليظهرن فيها من الإفتراء علي اللّه و علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الحكم بغير كتابه،و من شهادات الزور،و شرب الخمور،و (إتيان)الفجور،و أكل السحت،و سفك الدماء ما لا يكون في الدنيا كلها إلاّ دونه.

ثم ليخرّبها اللّه تعالي بتلك الفتن و تلك الرايات حتي ليمرّ عليها المار فيقول:ههنا كانت الزوراء،ثم يخرج الحسني الفتي الصبيح،الذي نحو الديلم يصيح،بصوت له فصيح:يا آل محمد اجيبوا الملهوف و المنادي من حول الضريح.

فتجيبه كنوز اللّه بالطالقان،كنوز و أي كنوز،ليست من فضة و لا ذهب،بل هي رجال كزبر الحديد،علي البراذين الشهب بأيديهم الحراب،و لم يزل يقتل الظلمة حتي يرد الكوفة و قد صفا أكثر الأرض،فيجعلها له معقلا فيتصل به و بأصحابه خبر المهدي عليه السّلام و يقولون:يابن رسول اللّه من هذا الذي قد نزل بساحتنا؟

فيقول:اخرجوا بنا إليه حتي ننظر من هو ما يريد؟

و هو و اللّه يعلم أنه المهدي عليه السّلام،و أنه ليعرفه و لم يرد بذلك الأمر إلاّ يعرّف أصحابه من هو، فيخرج الحسني فيقول:إن كنت مهدي آل محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأين هراوة جدّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و خاتمه و بردته و درعه الفاضل و عمامته السحاب و فرسه اليربوع و ناقته العضباء و بغلته الدلدل و حماره اليعفور و نجيبه البراق و مصحف أمير المؤمنين عليه السّلام؟

فيخرج له ذلك،ثم يأخذ الهراوة و يغرسها في الحجر الصلد و تورق،و لم يرد ذلك إلاّ أن يري أصحابه فضل المهدي عليه السّلام حتي يبايعونه.

ص: 150

فيقول الحسني:اللّه أكبر مدّ يدك يابن رسول اللّه حتي نبايعك.

فيمدّ يده فيبايعه و يبايعه سائر العسكر الذي مع الحسني،إلاّ أربعين ألفا أصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية،فإنّهم يقولون ما هذا إلاّ سحر عظيم.

فيختلط العسكران،فيقبل المهدي عليه السّلام علي الطائفة المنحرفة فيعظهم و يدعوهم ثلاثة أيام فلا يزدادون إلاّ طغيانا و كفرا،فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعا،ثم يقول لأصحابه:لا تأخذوا المصاحف و دعوها تكون عليهم حسرة كما بدلّوها و غيّروها و حرّفوها،و لم يعلموا بما فيها».

قال المفضّل:يا مولاي ثم ماذا يصنع المهدي عليه السّلام؟

قال:«يثّور سرايا علي السفياني إلي دمشق فيأخذونه و يذبحونه علي الصخرة،ثم يظهر الحسين عليه السّلام في إثني عشر ألف صدّيق و اثنين و سبعين رجلا أصحابه يوم كربلاء،فيالك عندها من كرّة زهراء بيضاء،ثم يخرج الصدّيق الأكبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام و ينصب له القبة بالنجف و يقام أركانها،ركن بالنجف و ركن بهجر و ركن بصنعاء و ركن بأرض طيبة،لكأني أنظر إلي مصابيحها تشرق في السماء و الأرض كأضوء من الشمس و القمر،فعندها تبلي السرائر و تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ (1)إلي آخر الآية،ثم يخرج السيد الأكبر محمد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في أنصاره و المهاجرين و من آمن به و صدّقه و استشهد معه،و يحضر مكذبوه و الشاكّون فيه و الرادّون عليه و القائلون فيه أنه ساحر و كاهن و مجنون و ناطق عن الهوي و من حاربه و قاتله حتي يقتصّ منهم بالحق،و يجازون بأفعالهم منذ وقت ظهور رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي ظهور المهدي عليه السّلام مع إمام إمام و وقت و وقت،و يحق تأويل هذه الآية: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (2).

قال المفضّل:يا سيّدي و من فرعون و هامان؟

قال عليه السّلام:«أبو بكر و عمر».

قال المفضّل:يا سيّدي و رسول اللّه و أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما يكونان معه؟

فقال:«لا بد أن يطأ الأرض إي و اللّه حتي ما وراء الحاف-أي جبل قاف المحيط بالدنيا-إي و اللّه و ما في الظلمات و ما في قعر البحار حتي لا يبقي موضع قدم إلاّ وطئاه و أقاما فيه الدين الواجب للّه تعالي،ثم لكأنّي أنظر يا مفضّل إلينا معاشر الأئمة بين يدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نشكو إليه ما نزل بنا من الأئمّة بعده،و ما نالنا من التكذيب و الردّ علينا و سبّنا و لعننا و تخويفنا بالقتل،و قصد طواغيتهم الولاة ترحيلنا عن الحرمين إلي دار ملكهم و قتلهم إيانا بالسم و الحبس.6.

ص: 151


1- سورة الحج،الآية:2.
2- سورة القصص،الآية:6.

فيبكي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيقول:يا بني ما نزل بكم إلاّ ما نزل بجدّكم قبلكم،ثم تبتدئ فاطمة عليها السّلام و تشكو ما نالها من أبي بكر و عمر،و أخذ فدك منها،و مشيها إليه في مجمع من المهاجرين و الأنصار،و خطابها له في أمر فدك و ما ردّ عليها من قوله:إن الأنبياء لا تورّث، و احتجاجها بقول زكريا و يحيي عليهما السّلام و قصة داود و سليمان عليهما السّلام،و قول عمر:هاتي صحيفتك التي ذكرت أن أباك كتبها لك،و إخراجها الصحيفة و أخذه إيّاها منها و نشره لها علي رؤوس الأشهاد من قريش و المهاجرين و الأنصار و سائر العرب و تفله فيها و تمزيقه إيّاها،و بكاؤها و رجوعها إلي قبر أبيها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم باكية حزينة تمشي علي الرمضاء قد أقلقتها،و استغاثتها باللّه و بأبيها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تمثلها بقول رقية بنت صيفي:

قد كان بعدك أنباء و هنبثة لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الأرض و إبلها و اختل أهلك فاشهدهم و لا تغب

أبدت رجال لنا فحوي صدورهم لمّا نأيت و حالت دونك الحجب

لكل قوم لهم قرب و منزلة عند الإله علي الأدنين مقترب

يا ليت قبلك كان الموت حلّ بنا أمل أناس ففازوا بالذي طلبوا.

و تقصّ عليه قصة أبي بكر و انفاذه خالد بن الوليد و قنفذ و عمر بن الخطاب و جمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين عليه السّلام من بيته إلي البيعة في سقيفة بني ساعدة،و اشتغال أمير المؤمنين عليه السّلام بنساء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و جمع القرآن و قضاء دينه و إنجاز عداته و هي ثمانون ألف درهم باغ فيها تليده و طارفه و قضاها عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و قول عمر:أخرج يا علي إلي ما أجمع عليه المسلمون و إلاّ قتلناك،و قول فضة جارية فاطمة عليها السّلام:إن أمير المؤمنين عليه السّلام مشغول و الحق له إن أنصفتم من أنفسكم و أنصفتموه،و جمعهم الجزل و الحطب علي الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين عليه السّلام و فاطمة و الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم عليهم السّلام و فضة،و إضرامهم النار علي الباب،و خروج فاطمة عليها السّلام إليهم و خطابها لهم من وراء الباب و قولها:ويحك يا عمر ما هذه الجرأة علي اللّه و علي رسوله صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟ تريد أن تقطع نسله من الدنيا و تفنيه و تطفيء نور اللّه و اللّه متم نوره؟

و إشهاره لها و قوله:كفي يا فاطمة فليس محمد حاضرا و لا الملائكة آتية بالأمر و النهي و الزجر من عند اللّه،و ما عليّ إلاّ كأحد من المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا.

فقالت و هي باكية:اللهم إليك نشكو فقد نبيّك و رسولك و صفيك و ارتداد أمته علينا و منعهم إيانا حقّنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل علي نبيّك المرسل.

فقال لها عمر:دعي عنك يا فاطمة حمقات النساء،فلم يكن اللّه ليجمع لكم النبوّة و الخلافة.

ص: 152

و أخذت النار في خشب الباب،و إدخال قنفذ لعنه اللّه يده يروم فتح الباب و ضرب عمر لها بالسوط علي عضدها حتي صار كالدملج الأسود،و ركل الباب برجله حتي أصاب بطنها و هي حاملة بمحسن لستة أشهر و إسقاطها إياه،و هجوم عمر و قنفذ و خالد بن الوليد و صفعه خدّها،حتي بدا قرطاها تحت خمارها و هي تجهر بالبكاء و هي تقول:وا أبتاه وا رسول اللّه ابنتك فاطمة تكذب و تضرب و يقتل جنين في بطنها،و خروج أمير المؤمنين عليه السّلام من داخل الدار محمرّ العين حاسرا حتي ألقي ملاءته عليها و ضمّها إلي صدره،و قوله لها:يا بنت رسول اللّه قد علمت أن أباك بعثه اللّه رحمة للعالمين فا للّه اللّه أن تكشفي خمارك و ترفعي ناصيتك،فو الله يا فاطمة لئن فعلت ذلك لا أبقي اللّه علي الأرض من يشهد أن محمدا رسول اللّه و لا موسي و لا عيسي و لا إبراهيم و لا نوح و لا دابة تمشي علي الأرض و لا طائر في السماء إلاّ أهلكه اللّه.

ثم قال:يابن الخطاب لك الويل من يومك هذا و ما بعده و ما يليه،أخرج قبل أن أشهر سيفي فأفني غابر الأمة.يعني ما بقي منها.

فخرج عمر و خالد بن الوليد و قنفذ و عبد الرحمن بن أبي بكر فصاروا خارج الدار،و صاح أمير المؤمنين عليه السّلام بفضة:يا فضة مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء.

فقد جاءها المخاض من الرفسة و ردت الباب فأسقطت محسنا عليه السّلام.

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:فإنه لاحق بجدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيشكو إليه.

و حمل أمير المؤمنين عليه السّلام لها في سوداء الليل و الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم عليهم السّلام إلي دار المهاجرين و الأنصار يذكرّهم با للّه و رسوله و عهده الذي بايعوا اللّه و رسوله،و بايعوه عليه في أربعة مواطن في حياة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تسليمهم عليه بأمرة المؤمنين في جميعها،فكل يعده بالنصر في اليوم المقبل،فإذا أصبح قعد جميعهم عنه.

ثم يشكوا إليه أمير المؤمنين عليه السّلام المحن العظيمة التي أمتحن بها بعده و قوله:لقد كانت قصتي مثل قصة هارون مع بني إسرائيل،و قولي كقوله لموسي عليه السّلام:يابن أم إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء و لا تجعلني مع القوم الظالمين،فصبرت محتسبا و سلمت راضيا، و كانت الحجة عليهم في خلافي،و نقضهم عهدي الذي عاهدتهم عليه يا رسول اللّه،و احتملت يا رسول اللّه ما لم يحتمل وصي نبي من سائر الأوصياء من سائر الأمم،حتي قتلوني بضربة عبد الرحمن بن ملجم اللعين،و كان اللّه الرقيب عليهم في نقضهم بيعتي و خروج طلحة و الزبير بعائشة إلي مكة يظهران الحج و العمرة،و سيرهم بها إلي البصرة و خروجي إليهم و تذكيري لهم اللّه و إياك و ما جئت به يا رسول اللّه،فلم يرجعا حتي نصرني اللّه عليهما،حتي أهرقت دماء عشرين ألف من المسلمين،و قطعت سبعون كفّا علي زمام الجمل،فما لقيت في غزواتك يا رسول اللّه و بعدك أصعب منه يوما أبدا،لقد كان من أصعب الحروب التي لقيتها و أهولها و أعظمها،فصبرت كما أدّبني اللّه بما

ص: 153

أدّبك به يا رسول اللّه في قوله عزّ و جلّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (1)و قوله:

وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ (2) .

و حق اللّه يا رسول اللّه تأويل الآية التي أنزلها اللّه في الأمة من بعدك في قوله عزّ و جلّ: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلي أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلي عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ (3).

يا مفضّل و يقوم الحسن عليه السّلام إلي جدّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيقول:يا جدّاه كنت مع أمير المؤمنين عليه السّلام في دار هجرته بالكوفة حتي استشهد بضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه،فوصاني بما وصيته يا جدّاه و بلغ اللعين معاوية قتل أبي،فأنفذ الداعي اللعين زيادا إلي الكوفة في مائة ألف و خمسين ألف مقاتل، فأمر بالقبض عليّ و علي أخي الحسين و سائر إخواني و أهل بيتي و شيعتنا و موالينا،و أن يأخذ علينا البيعة لمعاوية لعنه اللّه فمن يأبي منّا ضرب عنقه و سيّر إلي معاوية رأسه،فلمّا علمت ذلك من فعل معاوية خرجت من داري فدخلت جامع الكوفة للصلاة و رقأت المنبر و اجتمع الناس فحمدت اللّه و أثنيت عليه و قلت:

معشر الناس عفت الديار و محيت الآثار و قل الإصطبار،فلا قرار لي علي همزات الشياطين و حكم الخائنين الساعة،و اللّه صحّت البراهين و فصلت الآيات و بانت المشكلات،و لقد كنّا نتوقع تمام هذه الآية تأويلها قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلي أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلي عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ فلقد مات و اللّه جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و قتل أبي صلوات اللّه عليه،و صاح الوسواس الخناس في قلوب الناس،و نعق ناعق الفتنة و خالفتم السنّة،فيا لها من فتنة صمّاء عمياء لا يسمع لداعيها و لا يجاب مناديها و لا يخالف واليها،ظهرت كلمة النفاق،و تكالبت جيوش أهل المراق من الشام و العراق هلمّوا رحمكم اللّه إلي الإفتتاح و النور الوضاح.

أيها الناس تيقّظوا من رقدة الغفلة،فلئن قام إليّ منكم عصبة بقلوب صافية و نيّات مخلصة لأجاهدنّ بالسيف قدما قدما و لأضيقنّ من السيوف جوانبها و من الرماح أطرافها و من الخيل سنابكها فتكلموا رحمكم اللّه.

فكأنما الجموا بلجام الصمت عن اجابة الدعوة،إلاّ عشرون رجلا فإنّهم قاموا إليّ فقالوا:

يابن رسول اللّه ما نملك إلاّ أنفسنا و سيوفنا،فها نحن بين يديك لأمرك طائعون و عن رأيك صادرون فمرنا بما شئت.4.

ص: 154


1- سورة الأحقاف،الآية:35.
2- سورة النحل،الآية:127.
3- سورة آل عمران،الآية:144.

فنظرت يمنة و يسرة فلم أر أحدا غيرهم فقلت:لي أسوة بجدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين عبد ربّه سرا و هو يومئذ في تسعة و ثلاثين رجلا،فلمّا أكمل اللّه له الأربعين صار في عدة و أظهر أمر اللّه،فلو كان معي عدتهم جاهدت في اللّه حق جهاده.

ثم رفعت رأسي نحو السماء فقلت:

اللهم إني قد دعوت و أنذرت و أمرت و نهيت،و كانوا عن إجابة الداعي غافلين و عن نصرته قاعدين و عن طاعته مقصرين و لأعدائه ناصرين،اللهم فأنزل عليهم رجزك و بأسك و عذابك الذي لا يرد عن القوم الظالمين.

و نزلت ثم خرجت من الكوفة راحلا إلي المدينة،فجاؤوني يقولون:إن معاوية أسري سراياه إلي الأنبار و الكوفة و شنّ غاراته علي المسلمين،و قتل من لم يقاتله و قتل النساء و الأطفال،فأعلمتهم أنه لا وفاء لهم،فأنفذت معهم رجالا و جيوشا و عرفتهم أنهم يستجيبون لمعاوية و ينقضون عهدي و بيعتي،فلم يكن إلاّ ما قلت لهم و أخبرتهم.

ثم يقوم الحسين عليه السّلام مخضّبا بدمه و هو و جميع من قتل معه،فإذا رآه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بكي و بكي أهل السموات و الأرض لبكائه،و تصرخ فاطمة عليها السّلام فتزلزل الأرض و من عليها،و يقف أمير المؤمنين عليه السّلام و الحسن عن يمينه و فاطمة عليها السّلام عن شماله و يقبل الحسين عليه السّلام فيضمه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي صدره و يقول:يا حسين فديتك قرّت عيناك و عيناي فيك.

و عن يمين الحسين عليه السّلام حمزة أسد اللّه في أرضه،و عن شماله جعفر بن أبي طالب الطيار، و يأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السّلام و هن صارخات، و أمّه فاطمة تقول:

هذا يومكم الذي كنتم توعدون،اليوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تودّ لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا».

قال:فبكي الصادق عليه السّلام حتي أخضبت لحيته بالدموع ثم قال:«لا عين لا تبكي عند هذه الذكري».

قال:و بكي المفضّل بكاءا طويلا ثم قال:يا مولاي ما في الدموع؟

فقال:«ما لا يحصي إذا كان من محق».

فقال:يا مولاي ما تقول في قوله تعالي: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (1).

قال:«يا مفضّل الموؤدة و اللّه محسن،لأنه منّا لا غير،فمن قال غير هذا فكذبوه».9.

ص: 155


1- سورة التكوير،الآية:8-9.

ثم قال المفضّل:ثم ماذا يا مولاي؟

فقال عليه السّلام:«تقوم فاطمة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فتقول:اللهم انجز وعدك و موعدك لي فيمن ظلمني و غصبني و ضربني و أجزعني بكل أولادي.

فتبكيها ملائكة السموات السبع و حملة العرش و سكان الهواء و من في الدنيا و من تحت أطباق الثري صائحين صارخين إلي اللّه تعالي،فلا يبقي أحد ممّن قاتلنا و ظلمنا و رضي بما جري علينا إلاّ قتل في ذلك اليوم ألف قتلة دون من قتل في سبيل اللّه،فإنه لا يذوق الموت و هو كما قال عزّ و جلّ:

وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (1) .

قال المفضّل:يا مولاي فإن من شيعتكم من لا يقول برجعتكم؟

فقال عليه السّلام:«أما سمعوا قول جدّنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و نحن سائر الأئمة نقول:و لنذيقنهم من العذاب الأدني دون العذاب الأكبر،فالعذاب الأدني عذاب الرجعة و العذاب الأكبر عذاب يوم القيامة الذي تبدل الأرض غير الأرض و السموات و برزوا للّه الواحد القهار».

قال المفضّل:يا مولاي نحن نعلم أنكم اختيار اللّه في قوله: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ (2)اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (3)و قوله: إِنَّ اللّهَ اصْطَفي آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَي الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (4).

قال الصادق عليه السّلام:«يا مفضّل فأين نحن في هذه الآية؟».

قال المفضّل:قول اللّه: إِنَّ أَوْلَي النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (5)و قوله: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (6)و قوله عن إبراهيم:

وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ .

و قد علمنا أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام ما عبدا صنما و لا وثنا و لا أشركا با للّه طرفة عين،و قوله: وَ إِذِ ابْتَلي إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ (7)و العهد عهد الإمامة لا يناله ظالم.

قال:«يا مفضّل و ما علمك بأن الظالم لا ينال عهد الإمامة؟».4.

ص: 156


1- سورة البقرة،الآية:38.
2- سورة الأنعام،الآية:83.
3- سورة الأنعام،الآية:124.
4- سورة آل عمران،الآية:33-34.
5- سورة آل عمران،الآية:68.
6- سورة الحج،الآية:78.
7- سورة البقرة،الآية:124.

قال المفضّل:يا مولاي لا تمتحنني بما لا طاقة لي به و لا تختبرني و لا تبتليني،فمن علمكم علمت و من فضل اللّه عليكم أخذت.

قال الصادق عليه السّلام:«صدقت يا مفضّل و لو لا اعترافك بنعمة اللّه عليك في ذلك لما كنت هكذا فأين يا مفضّل الآيات من القرآن في أن الكافر ظالم».

قال:نعم يا مولاي قوله تعالي: وَ الْكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ (1)و الكافرون هم الفاسقون و من كفر و فسق و ظلم لا يجعله اللّه للناس إماما.

قال الصادق عليه السّلام:«أحسنت يا مفضّل فمن أين قلت برجعتنا و مقصرة شيعتنا تقول معني الرجعة أن يرد اللّه إلينا ملك الدنيا و أن يجعله للمهدي،ويحهم متي سلبنا الملك حتي يرده علينا».

قال المفضّل:لا و اللّه ما سلبتموه و لا تسلبونه،لأنه ملك النبوة و الرسالة و الوصية و الإمامة.

قال عليه السّلام:«يا مفضل لو تدبر القرآن شيعتنا لما شكّوا في فضلنا،أما سمعوا قوله عزّ و جلّ:

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (2) .

و الله يا مفضّل إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل و تأويلها فينا و أن فرعون و هامان:تيم و عدي».......

ثم يقوم جدّي علي بن الحسين و أبي الباقر عليهما السّلام فيشكوان إلي جدّهما رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما فعل بهما،ثم أقوم أنا فأشكوا إلي جدّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما فعل المنصور بي،ثم يقوم إبني موسي عليه السّلام فيشكو إلي جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما فعل به الرشيد،ثم يقوم علي بن موسي عليه السّلام فيشكو إلي جده رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،ما فعل به المأمون،ثم يقوم محمد بن علي عليه السّلام فيشكو إلي جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما فعل به المتوكل،ثم يقوم علي بن محمد عليه السّلام فيشكو إلي جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما فعل به المتوكل،ثم يقوم الحسن بن علي عليه السّلام فيشكو إلي جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما فعل به المعتز،ثم يقوم المهدي عليه السّلام سمي جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عليه قميص رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مضرّجا بدم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم شجّ جبينه و كسرت رباعيته و الملائكة تحفّه حتي يقف بين يدي جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيقول:يا جدّاه وصفتني و دللت عليّ و نسبتني و سميتني و كنيتني فجحدتني الأئمة و تمردت و قالت:ما ولد و لا كان و أين هو و متي كان و أين يكون و قد مات و لم يعقب و لو كان صحيحا ما أخّره اللّه تعالي إلي هذا الوقت المعلوم؟

فصبرت محتسبا و قد أذن اللّه لي فيها بإذنه يا جدّاه.6.

ص: 157


1- سورة البقرة،الآية:255.
2- سورة القصص،الآية:5-6.

فيقول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:الحمد للّه الذي صدقنا وعده و أورثنا الأرض نتبوأ من الجنّة حيث نشاء فنعم أجر العالمين.

و يقول:جاء نصر اللّه و الفتح و حق قول اللّه سبحانه و تعالي: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (1).

و يقرأ: إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ يَنْصُرَكَ اللّهُ نَصْراً عَزِيزاً (2).

فقال المفضّل:يا مولاي أي ذنب كان لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟

فقال الصادق عليه السّلام:«يا مفضّل إن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:اللهم حمّلني ذنوب شيعة أخي و أولادي الأوصياء ما تقدم منها و ما تأخر إلي يوم القيامة و لا تفضحني بين الأنبياء و المرسلين من شيعتنا،فحمّله اللّه إياها و غفر جميعها».

قال المفضّل:فبكيت بكاءا طويلا و قلت:يا سيّدي هذا بفضل اللّه علينا فيكم.

فقال:«يا مفضّل ما هو إلاّ أنت و أمثالك،بلي يا مفضّل لا تحدّث بهذا الحديث أصحاب الرخص من شيعتنا فيتكلمون علي هذا الفضل و يتركون العمل،فلا يغني عنهم من اللّه شيئا،لأنا كما قال اللّه تعالي فينا: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضي وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (3).

قال المفضّل:يا مولاي فقوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ (4)ما كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ظهر علي الدين كله؟

قال:«يا مفضّل لو كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ظهر علي الدين كله ما كانت مجوسية و لا يهودية و لا صابئة و لا فرقة و لا خلاف و لا شك و لا شرك و لا عبدة أصنام و لا أوثان و لا اللات و العزي و لا عبدة الشمس و القمر و لا النجوم و لا النار و لا الحجارة.

و إنّما قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ في هذا اليوم و هذ المهدي و هذه الرجعة،و هو قوله:

وَ قاتِلُوهُمْ حَتّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (5) .

قال المفضّل:أشهد أنكم من علم اللّه علمتم و بقدرته قدرتم و بحكمه نطقتم و بأمره تعملون.

ثم قال الصادق عليه السّلام:«ثم يعود المهدي عليه السّلام إلي الكوفة و تمطر السماء بها جرادا من ذهب كما أمطرها اللّه في بني إسرائيل علي أيوب عليه السّلام،و يقسم علي أصحابه كنوز الأرض من تبرها و لجينها و جوهرها».3.

ص: 158


1- سورة التوبة،الآية:33.
2- سورة الفتح،الآية:1-3.
3- سورة الأنبياء،الآية:28.
4- سورة التوبة،الآية:33.
5- سورة البقرة،الآية:193.

قال المفضّل:يا مولاي من مات من شيعتكم و عليه دين لإخوانه و أضداده فكيف يكون؟

قال الصادق عليه السّلام:«أول ما يبتديء المهدي عليه السّلام أن ينادي في جميع العالم:ألا من له عند أحد من شيعتنا دين،فيذكره حتي يرد الثومة و الخردلة فضلا عن القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الأملاك فيوفيه إياه».

قال المفضّل:يا مولاي ثم ماذا يكون؟

قال:«يأتي القائم عليه السّلام بعد أن يطأ شرق الأرض و غربها الكوفة و مسجدها،و يهدم المسجد الذي بناه يزيد بن معاوية لعنهما اللّه لمّا قتل الحسين بن علي عليه السّلام،و مسجد ليس للّه ملعون ملعون من بناه».

قال المفضّل:يا مولاي فكم تكون مدة ملكه عليه السّلام؟

فقال عليه السّلام:«قال اللّه عزّ و جلّ: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ (1)فأمّا الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق خالدين فيها مادامت السموات و الأرض إلاّ ما شاء ربّك إن ربك فعّال لما يريد،و أمّا الذين سعدوا ففي الجنّة خالدين فيها ما دامت السموات و الأرض إلاّ ما شاء ربّك إن عطاء ربك غير مجذوذ،و المجذوذ:المقطوع،أي عطاء غير مقطوع عنهم بل هو دائم أبدا و ملك لا ينفذ و حكم لا ينقطع و أمر لا يبطل،إلاّ باختيار اللّه و مشيئته و إرادته التي لا يعلمها إلاّ هو.

ثم القيامة و ما وصفه اللّه عزّ و جلّ في كتابه،و الحمد للّه ربّ العالمين و صلي اللّه علي خير خلقه محمد النبي و آله الطيبين الطاهرين» (2).

و روي هذا الخبر بزيادة جاء فيها:

«......لكأني أنظر إليهم علي البراذين الشهب،بأيديهم الحراب يتعاوون شوقا إلي الحرب كما تتعاوي الذئاب،أميرهم رجل من تميم يقال له:شعيب بن صالح،فيقبل الحسني فيهم وجهه كدائرة القمر يروع الناس جمالا،فيبقي علي أثر الظلمة فيأخذ سيفه الصغير و الكبير و الوضيع و العظيم ثم يسير بتلك الرايات كلها حتي يرد الكوفة و قد جمع بها أكثر أهل الأرض يجعلها له معقلا،ثم يتصل به و بأصحابه خبر المهدي عليه السّلام فيقولون له:يابن رسول اللّه من هذا الذي نزل بساحتنا؟

فيقول الحسني:اخرجوا بنا إليه حتي ننظر من هو و ما يريد؟

و هو يعلم و اللّه أنه المهدي عليه السّلام و أنه لم يرد بذلك الأمر إلاّ اللّه،فيخرج الحسني و بين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف و عليهم المسوح متقلدين بسيوفهم،فيقبل الحسني حتي ينزل3.

ص: 159


1- سورة هود،الآية:105.
2- البحار:34/53.

بقرب المهدي عليه السّلام فيقول:سائلوا عن هذا الرجل من هو و ماذا يريد؟

فيخرج بعض أصحاب الحسني إلي عسكر المهدي فيقول:أيها العسكر الجائل من أنتم حيّاكم اللّه و من صاحبكم هذا و ماذا يريد؟

فيقول أصحاب المهدي عليه السّلام:هذا مهدي آل محمد عليه السّلام و نحن أنصاره من الجنّ و الإنس و الملائكة.

ثم يقول الحسني:خلوا بيني و بين هذا.

فيخرج إليه المهدي عليه السّلام فيقفان بين العسكريين فيقول الحسني:إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.

يعني عصاه و خاتمه و بردته و درعه الفاضل و عمامته السحاب و فرسه و ناقته العضباء و بغلته الدلدل و حماره يعفور و نجيبه البراق و تاجه و المصحف الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السّلام بغير تغيير و لا تبديل.

فيحضر له السفط الذي فيه جميع ما طلبه».

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«أنه كان كله في السفط،و تركات جميع النبيين،حتي عصا آدم و نوح عليهما السّلام،و تركة هود و صالح عليهما السّلام،و مجموع إبراهيم عليه السّلام،و صاع يوسف،و مكيال شعيب و ميزانه،و عصا موسي و تابوته الذي فيه بقيّة ما ترك آل موسي و آل هارون تحمله الملائكة،و درع داود و خاتمه،و خاتم سليمان و تاجه،و رحل عيسي و ميراث النبيين و المرسلين عليهم السّلام في ذلك السفط.

و عند ذلك يقول الحسني:يابن رسول اللّه أسألك أن تغرز هراوة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في هذا الحجر الصلد و تسأل اللّه أن ينبتها فيه.

و لا يريد بذلك إلاّ أن يري أصحابه فضل المهدي عليه السّلام حتي يطيعوه و يبايعوه.

و يأخذ المهدي الهراوة فيغرزها فتنبت فتعلو و تفرع و تورق،حتي تظل عسكر الحسني.

فيقول الحسني:اللّه أكبر يابن رسول اللّه،مدّ يدك حتي أبايعك.

فيبايعه الحسني و سائر عسكره إلاّ أربعة آلاف من أصحاب المصاحف و المسوح الشعر المعروفون بالزيدية،فإنّهم يقولون:ما هذا إلاّ سحر عظيم».

ثم ذكر الحديث إلي قوله:«إن أنصفتم من أنفسكم و أنصفتموه»كما تقدم و لم يذكر بعده شيئا (1).

***2.

ص: 160


1- البحار:35/53،و مجمع النورين:322.

من ادّعي النيابة و السفارة كذبا و افتراء

فقال الشيخ رحمه اللّه في كتاب الغيبة. (1)

أولهم:المعروف بالشريعي:

و كان من أصحاب العسكريين عليهما السّلام،و هو أول من ادّعي مقاما لم يجعله اللّه فيه،و كذّب علي اللّه و علي حججه عليهم السّلام،و نسب إليهم ما لا يليق بهم،فلعنته الشيعة و تبرأت منه،و خرج التوقيع من الإمام عليه السّلام بلعنه و البراءة منه،ثم ظهر منه القول بالكفر و الالحاد.

و كل هؤلاء المدّعين إنّما يكون كذبهم أولا علي الإمام عليه السّلام و يدّعون أنهم وكلاءه فيدعون الضعفاء بهذا القول إلي موالاتهم،ثم يترقي الأمر بهم إلي قول الحلاجيّة كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني و نظرائه عليهم جميعا لعائن اللّه تتري.

و منهم:

محمد بن نصير النميري:كان من أصحاب الحسن العسكري عليه السّلام فلمّا توفي ادّعي مقام محمد بن عثمان العمري و أنه صاحب إمام الزمان عليه السّلام و ادّعي النيابة و فضحه اللّه تعالي بما ظهر له من الإلحاد و الجهل،و كان يدّعي أنه رسول نبي،و أن علي بن محمد عليه السّلام أرسله،و كان يقول بالتناسخ، و يغلو في أبي الحسن عليه السّلام و يقول فيه بالربوبية،و يقول بالإباحة للمحارم،و تحليل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم،و يزعم أن ذلك من التواضع و الإخبات و التذلل في المفعول به و أنه من الفاعل إحدي الشهوات و الطيبات و أن اللّه عزّ و جلّ لا يحرم شيئا من ذلك.

و كان محمد بن موسي بن الفرات يقوي أسبابه و يعضده (2).

و عن يحيي بن عبد الرحمن:أنه رآه عيانا و غلام له علي ظهره قال:فلقيته فعاتبته علي ذلك.

فقال:إن هذا من اللذات و هو من التواضع للّه و ترك التجبّر.

و منهم:

أحمد بن هلال الكرخي:و قد خرج التوقيع بلعنه و البراءة منه.

و منهم:

محمد بن علي بن بلال:و كانت عنده أموال الإمام عليه السّلام فامتنع من تسليمها و ادّعي أنه الوكيل حتي لعنه الشيعة،و خرج فيه التوقيع من الإمام عليه السّلام بعد ما أمره عليه السّلام بدفع ما عنده من المال إلي أبي جعفر العمري فامتنع (3).

ص: 161


1- كتاب الغيبة:397 ح 367.
2- كتاب الغيبة:398 ح 371،و البحار:368/51.
3- كتاب الغيبة:398،و البحار:368/51.

و منهم:

الحسين بن منصور الحلاج:روي عن هبة اللّه الكاتب قال:لمّا أراد اللّه تعالي أن يكشف أمر الحلاج و يظهر فضيحته،وقع له أن أبا سهل النوبختي ممّن يمكن أن يحتال عليه و ظن أنه مثل غيره من الضعفاء،و قد أراد أن يستجرّه إليه ثم يترقي به إلي غيره من الضعفاء،فكتب إليه:إني وكيل الإمام عليه السّلام و قد أمرت بمراسلتك و إظهار ما تريده من النصرة لك.

فأرسل إليه أبو سهل:إني أسألك أمرا يخف مثله عليك في جنب ما ظهر علي يديك من الدلائل و البراهين،و هو أني رجل أحبّ الجواري ولي منهنّ عدّة و الشيب يبعدني عنهنّ و أحتاج أن أخضبه في كل جمعة و أتحمّل منه مشقّة شديدة لأستر عنهنّ ذلك و إلاّ انكشف أمري عنهنّ،و أريد أن تغنيني عن الخضاب و تجعل لحيتي سوداء،فإني صائر إليك وداع إلي مذهبك.

فلمّا سمع ذلك الحلاج علم أنه قد أخطأ في مراسلته و جهل في الخروج إليه بمذهبه فأمسك عنه،و صيّره أبو سهل رضي اللّه عنه أحدوثة و مضحكة و شهر أمره عند الصغير و الكبير (1).

و روي أن الحلاج لمّا صار إلي قم أخرجه الحسين بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه منها.

و منهم:

ابن أبي العزاقر:روي عن أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري قالت:كان ابن أبي العزاقر وجيها عند بني بسطام،و ذلك أن الشيخ أبا القاسم رضي اللّه عنه كان قد جعل له عند الناس منزلة وجاها،فكان عند ارتداده يحكي كل كفر و كذب لبني بسطام عن كلامه و أمرهم بلعنه و البراءة منه،فلم ينتهوا و أقاموا علي توليه،و ذاك أنه كان يقول لهم:إنني أذعت السرّ و قد أخذ عليّ الكتمان فعوقبت بالإبعاد بعد الإختصاص،لأن الأمر عظيم لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن،فيؤكد في نفوسهم عظم الأمر.

فبلغ ذلك أبا القاسم رضي اللّه عنه فكتب إلي بني بسطام بلعنه،فأظهروه له فبكي بكاءا عظيما ثم قال:

إن لهذا القول باطنا عظيما،و هو أن اللعنة الإبعاد.

فمعني قوله:لعنه اللّه،أي باعده اللّه عن العذاب و النار،و الآن قد عرفت منزلتي،و مرّغ خديه علي التراب و قال:عليكم بالكتمان لهذا الأمر.

قالت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي اللّه عنه:و قد كنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أن أم أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوما و قد دخلنا إليها فاستقبلتني و زادت في إعظامي حتي انكبت علي رجلي1.

ص: 162


1- البحار:368/51.

تقبلها فأنكرت ذلك و قلت:مهلا يا ستي فإن هذا أمر عظيم،و انكببت علي يدها فبكت ثم قالت:

كيف لا أفعل بك هذا و أنت مولاتي فاطمة عليها السّلام.

فقلت:و كيف ذاك يا ستي؟

فقالت لي:إن أبا جعفر محمد بن علي خرج إلينا بالسرّ و كتمانه.

قالت:فقلت لها:و ما السرّ؟

قالت:قد أخذ علينا كتمانه،و أخاف إن أنا أذعته عوقبت.

فأعطيتها موثقا أني لا أكشفه لأحد،و أعتقدت في نفسي الإستثناء.

قالت:إنّ أبا جعفر محمد بن عثمان العمري قال لنا:إن روح رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنتقلت إلي أبيك محمد بن عثمان رضي اللّه عنه و روح أمير المؤمنين عليه السّلام انتقلت إلي بدن الحسين بن روح و روح مولاتنا فاطمة عليها السّلام انتقلت إليك،فكيف لا أعظمك يا ستّنا؟

فقلت لها:مهلا لا تفعلي فإن هذا كذب يا ستّنا.

فقالت لي:سرّ عظيم و قد أخذ علينا أن لا نكشفه لأحد.

فمضيت إلي أبي القاسم بن روح فأخبرته بالقصة.

فقال:يا بنية إياك أن تمضي إلي هذه المرأة،فهذا الذي قالته كفر با للّه و إلحاد و قد أحكمه هذا الرجل الملعون-يعني الشلمغاني-في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقا لأن يقول لهم:بأن اللّه تعالي أتحّد به و حلّ فيه،كما يقول النصاري في المسيح عليه السّلام و يعدو إلي قول الحلاج لعنه اللّه.

فهجرت بني بسطام و شاع الحديث و لعن الناس الشلمغاني (1).

و كان هذا الملعون يقول بالضد،و معناه:أنه لا يتهيأ إظهار فضيلة المولي إلاّ بطعن الضد فيه، لأنه يحمل السامع طعنه علي طلب فضيلة فإذا هو أفضل من المولي،إذ لا يتهيأ إظهار الفضل إلاّ به.

و ساقوا المذهب من وقت آدم الأول إلي آدم السابع،لأنهم قالوا:سبع عوالم و سبع أوادم، و نزلوا إلي موسي و فرعون و محمد و علي مع أبي بكر و معاوية.

و أمّا في الضد فقال بعضهم:الولي ينصب الضد و يحمله علي ذلك.

كما قال قوم من أصحاب الظاهر:إن علي بن أبي طالب نصّب أبا بكر في ذلك المقام.

فقال بعضهم:لا،و لكن هو قديم معه لم يزل.4.

ص: 163


1- الغيبة:404.

قالوا:و القائم الذي ذكروا أصحاب الظاهر أنه من ولد الحادي عشر فإنه يقوم:معناه إبليس، لأنه قال: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاّ إِبْلِيسَ (1)و لم يسجد.

ثم قال: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (2)فدلّ علي أنه كان قائما في وقت ما أمر بالسجود ثم قعد بعد ذلك.

و قوله:يقوم القائم،إنّما هو ذلك القائم الذي أمر بالسجود فأبي و هو إبليس (3).

و قال الشلمغاني لعنه اللّه:الحق واحد،و إنما تختلف قمصه،فيوم يكون في أبيض و يوم يكون في أحمر و يوم يكون في أزرق،و هو قول أصحاب الحلول (4).

و ذكر الشيخ الطوسي طاب ثراه جماعة من هذا الباب.

***

أعمال للقاء المهدي عليه السّلام في اليقظة أو المنام

في البحار: (5)عن جنة الأمان عن الصادق عليه السّلام أيضا أنه قال:من قال بعد صلاة الفجر، و بعد صلاة الظهر:اللهم صل علي محمد و آل محمد و عجل فرجهم،لم يمت حتي يدرك القائم من آل محمد عليهم السّلام.

و روي الشيخ الجليل الحسن بن الفضل الطبرسي،رحمه اللّه تعالي،في مكارم الأخلاق (6)مرسلا أن من دعا بهذا الدعاء عقيب كل فريضة و واظب علي ذلك عاش حتي يمل الحياة و يتشرف بلقاء صاحب الأمر عجل اللّه فرجه،و هو:اللهم صل علي محمد و آل محمد اللهم إن رسولك الصادق المصدق،إلي آخر الدعاء.و هو أيضا دعاء في فرج مولانا الحجة صلوات اللّه عليه.

***

الدعاء للكون من أنصاره عجل اللّه فرجه

في البحار (7)و الأنوار و المقياس و زاد المعاد (8)و غيرها من مؤلفات العلماء الأمجاد روي عن

ص: 164


1- سورة الحجر،الآية:30.
2- سورة الأعراف،الآية:16.
3- الغيبة:406 ح 379،و البحار:373/51.
4- الغيبة:408 ح 480،و البحار:374/51.
5- بحار الأنوار:77/68 باب 39:11.
6- مكارم الأخلاق:149.
7- بحار الأنوار:61/86 باب 38:69.
8- زاد المعاد:483.

الصادق عليه السّلام بحذف الإسناد و عبارة الأنوار النعمانية (1)هكذا:أنه قال:من دعا بهذا الدعاء أربعين صباحا كان من أنصار القائم عليه السّلام و إن مات قبل ظهوره عليه السّلام،أحياه اللّه تعالي حتي يجاهد معه، و يكتب له بعدد كل كلمة منه ألف حسنة،و يمحي عنه ألف سيئة،و هو هذابسم اللّه الرّحمن الرحيم، اللهم رب النور العظيم،و الكرسي الرفيع،إلي آخر الدعاء.

***

قصص في من رأي المهدي عجّل اللّه فرجه

روي في بحار الأنوار بعض حكايات صدرت في عصره أو ما قرب منه:

فمنها:ما أخبر به جماعة عن السيد الفاضل أمير علام قال:كنت في بعض الليالي في صحن الروضة العلوية المرتضوية الغروية علي مشرّفها ألف ألف صلواة و ألف ألف تحية أدور فيها،فإذا أنا بشخص مقبل إلي الروضة المقدسة فدنوت منه،فإذا هو أستاذنا الفاضل التقي المولي أحمد الأردبيلي قدّس اللّه ضريحه،فأخفيت نفسي عنه حتي أتي باب الروضة و كان مغلقا،فلمّا وصل إليه إنفتح له الباب فدخل الروضة،فسمعته يناجي و يتكلم مع رجل ثم خرج و تغلقت الأبواب،فمشيت خلفه حتي خرج من الغري و قصد مسجد الكوفة و كنت خلفه بحيث لا يراني،فلمّا صار إلي محراب أمير المؤمنين عليه السّلام مكث طويلا يتكلم مع شخص ثم أقبل إلي النجف،فلمّا قرب إلي الحنّانة أخذني سعال فالتفت إليّ و قال:أمير علام؟

قلت:نعم.قال:ما تصنع هاهنا؟

قلت:كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة إلي الآن،و أقسم عليك بحق صاحب القبر إلاّ ما أخبرتني بما كان.

فقال:أخبرك علي أن لا تخبر به أحدا ما دمت أنا حيّا.

فلمّا توثّق منّي بالأيمان قال:كنت أفكر في بعض المسائل و قد أغفلت عليّ،فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السّلام و أسأله عن ذلك،فلمّا وصلت إلي الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة و عرضت عليه،فسمعت صوتا من القبر المقدّس:أن أئت مسجد الكوفة و اسأل مولاك القائم عليه السّلام فإنه هناك.

فأتيت المحراب و سألته و حصل الجواب بحمد اللّه و توفيقه (2).

و منها:ما أخبر به المحدث الجزائري رحمه اللّه قال:كان في زماننا رجل شريف صالح يقال له:

ص: 165


1- الأنوار النعمانية:162.
2- بحار الأنوار:175/52.

أمير إسحاق الإسترأبادي و كان قد حجّ أربعين حجة ماشيا و اشتهر أنه كان تطوي له الأرض،فورد بعض السنين بلدة أصفهان،فأتيته و سألته عمّا اشتهر فيه.

فقال:كان سبب ذلك أني كنت في بعض السنين مع الحاج،فلمّا بلغنا إلي موضع كان بيننا و بين مكة شرّفها اللّه تعالي سبعة منازل أو تسعة تأخرت عن القافلة لبعض الأسباب حتي غابت عني و ضللت عن الطريق و تحيرت و غلبني العطش حتي أيست من الحياة فناديت:يا صالح يا أبا صالح أرشدونا إلي الطريق يرحمكم اللّه.

فرأيت شبحا فقرب إلي،فإذا هو رجل شاب حسن الوجه نقي الثياب أسمر علي هيئة الشرفاء راكبا علي جمل و معه إداوة،فشربت ثم قال:تريد أن تلحق القافلة؟

قلت:نعم.

فأردفني خلفه و توجه نحو مكة،و كان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كل يوم،فأخذت في قراءته فقال عليه السّلام في بعض المواضع:اقرأ هكذا،فما مضي لي إلاّ زمان يسير حتي قال لي:تعرف هذا الموضع؟

فنظرت فإذا أنا بالأبطح،فقال:إنزل.

فلمّا نزلت رجع و غاب عني،فعند ذلك علمت أنه القائم عليه السّلام فندمت علي مفارقته و عدم معرفته،فلمّا كان بعد سبعة أيام أتت القافلة فرأوني في مكة بعد ما أيسوا من حياتي،فلهذا اشتهرت بطي الأرض.

قال والدي رحمه اللّه:فقرأت عنده الحرز اليماني و صححته و أجازني و الحمد للّه.

و منها:

ما أخبر به جماعة عن جماعة عن السيد الفاضل ميرزا محمد الإسترأبادي نوّر اللّه مرقده قال:

إني كنت ذات ليلة أطوف حول بيت اللّه الحرام،إذ أتي شاب حسن الوجه فأخذ في الطواف فلمّا قرب مني أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه فأخذت منه و شممته و قلت له:من أين يا سيّدي؟

قال:من الخرابات.ثم غاب عني فلم أره (1).

و منها:ما أخبر به جماعة من أهل الغري علي مشرّفه السلام:أن رجلا من أهل قاشان أتي إلي النجف متوجها إلي الحج،فاعتلّ علّة شديدة حتي يبست رجلاه و لم يقدر علي المشي،فخلفه رفقاؤه و تركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدسة و ذهبوا إلي الحج،فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كل يوم و يذهب إلي الصحاري لأجل النزهة.2.

ص: 166


1- بحار الأنوار:176/52.

فقال له في بعض الأيام:إني قد ضاق صدري فاذهب بي معك و اطرحني في مكان و اذهب حيث شئت.

فحملني معه إلي مقام القائم عليه السّلام خارج النجف،فأقعدني هناك و غسل قميصه و طرحه علي شجرة كانت هناك و ذهب إلي الصحراء،و بقيت وحدي مغموما أفكر في أمري،فإذا أنا بشاب صبيح الوجه أسمر اللون دخل الصحن و سلّم عليّ و ذهب إلي بيت المقام و صلي عند المحراب ركعات بخضوع و خشوع،فلمّا فرغ من الصلاة أتاني و سألني عن حالي.

فقلت له:ابتليت بهذا البلاء فلا شفاء و لا موت أستريح.

فقال:لا تحزن سيعطيك اللّه كليهما و ذهب،فلمّا خرج رأيت القميص وقع علي الأرض، فقمت و أخذته و غسلته و طرحته علي الشجرة و تفكرت في أمري و قلت:إني لا أقدر علي القيام فكيف صرت أقدر؟و نظرت إلي نفسي فلم أجد شيئا ممّا كان بي،فعلمت أنه كان القائم عليه السّلام فخرجت إلي الصحراء فلم أر أحدا،فلمّا أتي صاحب الحجرة و سألني عن حالي و تحيّر في أمري فأخبرته بما جري،فتحسر علي ما فات منه و منّي و مشيت معه إلي الحجرة.

قالوا:و كان هذا الرجل سليما حتي قدم الحاج و رفقاؤه،فلمّا رآهم بقي معهم قليلا فمرض و مات و دفن في الصحن،و ظهر صحة ما أخبره به عليه السّلام من وقوع الأمرين.

و هذه القصة من المشهورات عند أهل المشهد (1).

و منها:ما أخبر به بعض الأفاضل الكرام قال:أخبرني بعض من أثق به يرويه عمّن يثق به و يطريه أنه قال:لمّا كانت بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج،جعلوا و إليها رجلا من المسلمين ليكون أدعي إلي تعميرها و أصلح بحال أهلها،و كان هذا الوالي من النواصب و له وزير أشدّ منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبّهم أهل البيت عليهما السّلام و يحتال في إهلاكهم و إضرارهم بكل حيلة،فلمّا كان في بعض الأيام دخل الوزير علي الوالي و بيده رمانة فأعطاها الوالي،فكان مكتوب عليها:لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه أبو بكر و عمر و عثمان و علي خلفاء رسول اللّه.

فتأمّل الوالي فرأي الكتابة من أصل الرمانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجب من ذلك و قال للوزير:هذه آية بيّنة و حجة قوية علي إبطال مذهب الرافضة،فما رأيك في أهل البحرين؟

فقال له:إن هؤلاء جماعة متعصبون و ينكرون البراهين و ينبغي لك أن تحضرهم و تريهم الرمانة،فإن قبلوا و رجعوا إلي مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك،و إن أبوا إلاّ المقام علي ضلالتهم فخيّرهم بين ثلاث:إمّا أن يؤدوا الجزية و هم صاغرون،أو يأتوا بجواب عن هذه الآية2.

ص: 167


1- البحار:177/52.

البيّنة التي لا محيص لهم عنها،أو تقتل رجالهم و تسبي نساؤهم و أولادهم و تأخذ بالغنيمة أموالهم.

فاستحسن الوالي رأيه و أرسل إلي العلماء و الأفاضل الأخيار و السادة الأبرار من أهل البحرين فأحضرهم و أراهم الرمانة و أخبرهم بما رأي فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف من القتل و الأسر و أخذ الأموال أو أخذ الجزية علي وجه الصغار كالكفار.

فتحيروا في الجواب،فقال كبراؤهم:أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بالجواب و إلاّ فاحكم بنا ما شئت.

فأمهلهم،فخرجوا خائفين متحيرين،فاتفق رأيهم علي أن يختاروا من صلحائهم عشرة ثم اختاروا من العشرة ثلاثة.

فقالوا لأحدهم:اخرج الليلة إلي الصحراء و اعبد اللّه فيها و استغث بإمام الزمان لعله يبيّن لك ما هو المخرج من هذه الداهية.

فخرج و بات علي عبادة و بكاء و خشوع فلم ير شيئا،فأصبح و قد أتي إليهم و أخبرهم.

فبعثوا الثاني فأتاهم كالأول،فازداد قلقهم و جزعهم،فاحضروا الثالث و كان تقيا فاضلا اسمه محمد بن عيسي،فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسر الرأس إلي الصحراء،و كانت ليلة مظلمة فدعا و بكي و توسل إلي اللّه تعالي و استغاث بصاحب الزمان عليه السّلام.

فلمّا كان آخر الليل إذا هو برجل يخاطبه:يا محمد بن عيسي مالي أراك إلي هذه الحالة؟

فقال:أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم لا أذكره إلاّ للإمام و لا أشكوه إلاّ إلي من يقدر علي كشفه عني.

فقال:يا محمد بن عيسي أنا صاحب الزمان فاذكر حاجتك.

فقال:إن كنت هو فأنت تعلم حاجتي.

فقال:نعم،خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة و ما كتب عليها و ما أوعدكم الأمير به.

قال:فلمّا سمعت ذلك توجهت إليه و قلت له:نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا و أنت إمامنا و ملجؤنا.

فقال عليه السّلام:يا محمد بن عيسي إن الوزير لعنه اللّه في داره شجرة رمان،فلمّا حملت تلك الشجرة عمد و صنع شيئا من الطين علي هيئة الرمانة و جعلها نصفين و كتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعها علي الرمانة و شدّهما عليها و هي صغيرة فأثر فيها و صارت هكذا،فإذا مضيتم غدا إلي الوالي فقل له:جئتك بالجواب و لكني لا أظهره إلاّ في دار الوزير،فإذا دخلتم داره فانظر عن يمينك غرفة فاصعد أنت و الوالي إليها و سيأتي الوزير فلا تقبل،و اصعد معه و لا تتركه يتقدم عليك،فإذا دخلت الغرفة رأيت كوّة فيها كيس أبيض فحلّه تري فيه تلك الطينة التي عملها لهذه

ص: 168

الحيلة،فضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها ليكشف له جليلة الحال.

و أيضا يا محمد بن عيسي قل للوالي:لنا معجزة أخري و هي أن هذه الرمانة ليس فيها إلاّ الرماد و الدخان و إن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها،فإذا كسرها طار الرماد و الدخان في وجهه و لحيته.

فلمّا سمع ذلك محمد بن عيسي من الإمام عليه السّلام فرح فرحا شديدا و قبّل ما بين يديه من الأرض و انصرف إلي أهله بالبشارة.

فلمّا أصبحوا مضوا إلي الوالي و فعل محمد بن عيسي كل ما أمره الإمام عليه السّلام و ظهر كل ما أخبره،فالتفت الوالي إلي محمد بن عيسي و قال له:من أخبرك بهذا؟

فقال:إمام زماننا و حجة اللّه علينا.

فقال:فأخبره بالأئمة واحدا بعد واحد إلي أن انتهي إلي صاحب الأمر عليه السّلام.

فقال الوالي:مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أن محمدا عبده و رسوله و أن الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي عليه السّلام.

ثم أقرّ بالأئمة عليهم السّلام إلي آخرهم و حسن إيمانه و أمر بقتل الوزير و اعتذر إلي أهل البحرين و أحسن إليهم،و هذه القصة مشهورة عند أهل البحرين و قبر محمد بن عيسي عندهم معروف يزورونه و يتبركونه و الحمد للّه (1).

و في البحار (2)عن السيد علي بن عبد الحميد،في كتاب سلطان المفرج عن أهل الإيمان، عند ذكر من رأي القائم عليه السّلام،قال:فمن ذلك ما اشتهر و ذاع،و ملأ البقاع،و شهد بالعيان أبناء الزمان،و هو قصة أبي راجح الحمامي بالحلة،و قد حكي ذلك جماعة من الأعيان الأماثل،و أهل الصدق الأفاضل:منهم الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون سلمه اللّه تعالي، قال:كان الحاكم بالحلة شخصا يدعي مرجان الصغير،فرفع إليه أن أبا راجح هذا يسب الصحابة، فأحضره و أمر بضربه فضرب ضربا شديدا مهلكا علي جميع بدنه حتي إنه ضرب علي وجهه فسقطت ثناياه،و أخرج لسانه فجعل فيه مسلة من الحديد و خرق انفه و وضع فيه شوكة من الشعر،و شد فيها حبلا و سلمه إلي جماعة من أصحابه،و أمرهم أن يدوروا به أزقّة الحلة،و الضرب يأخذ من جميع جوانبه حتي سقط إلي الأرض،و عاين الهلاك.

فأخبر الحاكم بذلك،فأمر بقتله فقال الحاضرون:إنه شيخ كبير،و قد حصل له ما يكفيه،و هو ميت لما به فاتركه،و هو يموت حتف أنفه،و لا تتقلد بدمه،و بالغوا في ذلك حتي أمر بتخليته،و قد انتفخ وجهه و لسانه،فنقله أهله في الموت،و لم يشك أحد أنه يموت من ليلته.5.

ص: 169


1- البحار:180/52.
2- بحار الأنوار:70/52 باب 18 ح 55.

فلما كان من الغد غدا عليه الناس،فإذا هو قائم يصلي علي أتم حالة،و قد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت،و اندملت جراحاته،و لم يبق لها أثر،و الشجة قد زالت من وجهه،فعجب الناس من حاله،و سألوه عن أمره،فقال إني عاينت الموت،و لم يبق لي لسان أسأل اللّه تعالي به فكنت أسأله بقلبي و استغثت إلي سيدي و مولاي صاحب الزمان عليه السّلام.

فلما جن علي الليل فإذا بالدار قد امتلأت نورا،و إذا بمولاي صاحب الزمان قد أمرّ يده الشريفة علي وجهي،و قال لي:أخرج و كدّ علي عيالك فقد عافاك اللّه تعالي فأصبحت كما ترون.

و حكي الشيخ شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال:و أقسم باللّه تعالي إن هذا أبو راجح كان ضعيفا جدا ضعيف التركيب،أصفر اللون،شين الوجه مقرض اللحية،و كنت دائما أدخل الحمام الذي هو فيه،و كنت دائما أراه علي هذه الحالة و هذا الشكل،فلما أصبحت كنت ممن دخل عليه،فرأيته،و قد اشتدت قوته و انتصبت قامته و طالت لحيته و احمر وجهه،و عاد كأنه ابن عشرين سنة،و لم يزل علي ذلك حتي أدركته الوفاة،إلي آخر ما قال (1).

و في البحار (2)قال:و من ذلك ما أخبرني من أثق به.و هو خبر مشهور عند أكثر أهل المشهد الشريف الغروي،سلام اللّه تعالي علي مشرفه،مأثور،صورته:إن الدار التي هي الآن سنة سبعمائة و تسع و ثمانين أنا ساكنها،كانت لرجل من أهل الخير و الصلاح يدعي حسين المدلل و به يعرف ساباط المدلل،ملاصقة جدران الحضرة الشريفة،و هو مشهور بالمشهد الشريف الغروي.

و كان الرجل له عيال و أطفال،فأصابه فالج،فمكث مدة لا يقدر علي القيام و إنما يرفعه عياله عند حاجته و ضروراته،و مكث علي ذلك مدة مديدة،فدخل علي عياله و أهله بذلك شدة شديدة، و احتاجوا إلي الناس،و اشتد عليهم البأس.

فلما كان سنة عشرين و سبعمائة هجرية،في ليلة من لياليها بعد ربع الليل أنبه عياله فانتبهوا في الدار،فإذا الدار و السطح قد امتلآ نورا يأخذ بالأبصار،فقالوا:ما الخبر؟فقال:إن الإمام عليه السّلام جاءني و قال لي:قم يا حسين،فقلت:يا سيدي أتراني أقدر علي القيام؟فأخذ بيدي و أقامني، فذهب ما بي،و ها أنا صحيح علي أتم ما ينبغي و قال لي:هذا الساباط دربي الي زيارة جدي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فأغلقه في كل ليلة،فقلت:سمعا و طاعة للّه و لك يا مولاي فقام الرجل و خرج إلي الحضرة الشريفة الغروية و زار الإمام و حمد اللّه تعالي علي ما حصل له من الأنعام،و صار هذا الساباط المذكور إلي الآن ينذر له عند الضرورات فلا يكاد يخيب ناذره من المراد ببركة الإمام القائم عليه السّلام.

قال العالم الرباني الحاج ميرزا حسين النوري رحمه اللّه في كتاب جنة المأوي (3)حدثني جماعة8.

ص: 170


1- بحار الأنوار:71/52.
2- بحار الأنوار:73/52 باب 18.
3- جنة المأوي:309 رقم الحكاية 58.

من الأتقياء الأبرار،منهم السيد السند و الحبر المعتمد العالم العامل،و الفقيه النبيه الكامل المؤيد المسدد السند محمد بن العالم الأوحد السيد أحمد بن العالم الجليل،و الحبر المتوحد النبيل،السيد حيدر الكاظمي أيده اللّه تعالي،و هو من أجلاء تلامذة المحقق الاستاذ الأعظم الأنصاري طاب ثراه،و أحد أعيان أتقياء بلد الكاظمين عليهما السّلام،و ملاذ الطلاب و الزوار و المجاورين،و هو و إخوته و آباؤه أهل بيت جليل،معروفون في العراق بالصلاح و السداد و العلم و الفضل و التقوي يعرفون ببيت السيد حيدر،جده سلمه اللّه تعالي قال-فيما كتبه إلي و حدثني به شفاها أيضا-قال محمد بن أحمد بن حيدر الحسني الحسيني:لما كنت مجاورا في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية و ذلك في حدود السنة الخامسة و السبعين بعد المأتين و الألف من الهجرة النبوية كنت أسمع من جماعة أهل العلم و غيرهم من أهل الديانة،يصفون رجلا يبيع البغل و شبهه،أنه رأي مولانا المنتظر سلام اللّه عليه و علي آبائه الطاهرين فطلبت معرفة شخصه حتي عرفته فوجدته رجلا صالحا متدينا و كنت أحب الاجتماع معه في مكان خال،لأستفهم منه كيفية رؤية مولانا الحجة عليه السّلام روحي فداه.

فصرت كثيرا ما أسلّم عليه و أشتري منه،مما يتعاطي بيعه حتي صار بيني و بينه نوع مودة كل ذلك مقدمة لتعرف خبره المرغوب في سماعه عندي،حتي اتفق لي أني توجهت إلي مسجد السهلة للاستجارة فيه،و الصلاة و الدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء،فلما وصلت إلي باب المسجد، رأيت الرجل المذكور علي الباب،فاغتنمت الفرصة و كلفته المقام معي تلك الليلة،فأقام معي حتي فرغنا من العمل الموظف في مسجد السهلة،و توجهنا إلي المسجد الأعظم مسجد الكوفة علي القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان،حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الإضافات الجديدة من الخدام و المساكين.

فلما وصلنا إلي المسجد الشريف،و استقر بنا المقام،و عملنا بعض الأعمال الموظفة فيه، سألته عن خبره و التمست منه أن يحدثني بالقصة تفصيلا،فقال ما معناه:إني كنت كثيرا ما أسمع من أهل المعرفة و الديانة أن من لازم عمل الإستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية بنية رؤية الإمام المنتظر عليه السّلام وفق لرؤيته،و أن ذلك قد جرب مرارا فاشتاقت نفسي إلي ذلك،و نويت ملازمة عمل الإستجارة في كل ليلة أربعاء و لم يمنعني من ذلك شدة حرّ و لا برد و لا مطر و لا غير ذلك حتي مضي لي ما يقرب من مدة سنة و أنا ملازم لعمل الإستجارة،و المبيت في مسجد الكوفة علي القاعدة المتعارفة.

ثم إني خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشيا علي عادتي،و كان الزمان شتاء و كانت تلك العشية مظلمة جدا لتراكم الغيوم مع قليل مطر،فتوجهت إلي المسجد و أنا مطمئن بمجيء الناس علي العادة المستمرة،حتي وصلت إلي المسجد و قد غربت الشمس،و اشتد الظلام و كثر الرعد و البرق،فاشتد بي الخوف،و أخذني الرعب من الوحدة،لأني لم أصادف في المسجد الشريف أحدا أصلا،حتي

ص: 171

إن الخادم المقرر للمجيء ليلة الأربعاء لم يجيء تلك الليلة،فاستوحشت لذلك للغاية،ثم قلت في نفسي ينبغي أن أصلي المغرب،و أعمل عمل الإستجارة عجالة و أمضي إلي مسجد الكوفة.

فصبرت نفسي،و قمت إلي صلاة المغرب،فصليتها ثم توجهت لعمل الإستجارة و صلاتها و دعائها،و كنت أحفظه فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت مني التفاتة إلي المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان عليه السّلام و هو في قبلة مكان مصلاي فرأيت فيه ضياء كاملا،و سمعت فيه قراءة مصلّ فطابت نفسي،و حصل لي كمال الأمن و الاطمئنان،و ظننت أن في المقام الشريف بعض الزوار،و أنا لم أطلع عليهم وقت قدومي المسجد،فأكملت عمل الإستجارة و أنا مطمئن القلب.

ثم توجهت نحو المقام الشريف و دخلته فرأيت فيه ضياء عظيما لكني لم أر بعيني سراجا، و لكني في غفلة عن التفكر في ذلك و رأيت فيه سيدا جليلا مهابا بصورة أهل العلم،و هو قائم يصلي فارتاحت نفسي إليه،و أنا أظن أنه من الزوار الغرباء،لأني تأملته في الجملة فعلمت أنه من سكنة النجف الأشرف.

فشرعت في زيارة مولانا الحجة سلام اللّه عليه عملا بوظيفة المقام،و صليت صلاة الزيارة فلما فرغت أردت أن أكلمه في المضي إلي مسجد الكوفة،فهبته و أكبرته،و أنا أنظر إلي خارج المقام فأري شدة الظلام و أسمع صوت الرعد و المطر،فالتفت إلي بوجهه الكريم برأفة و ابتسام، و قال لي:تحب أن تمضي إلي مسجد الكوفة،فقلت نعم يا سيدنا،عادتنا أهل النجف إذا تشرفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلي مسجد الكوفة و نبيت فيه لأن فيه مكانا و خداما و ماء.

فقام و قال قم بنا نمضي إلي مسجد الكوفة،فخرجت معه و أنا مسرور به و يحسن صحبته، فمشينا في ضياء و حسن هواء،و أرض يابسة،لا تعلق بالرجل،و أنا غافل عن حال المطر و الظلام الذي كنت أراه حتي وصلنا إلي باب المسجد و هو روحي فداه معي و أنا في غاية السرور و الأمن بصحبته،و لم أر ظلاما و لا مطرا.

فطرقت باب الخارجة عن المسجد و كانت مغلقة،فأجابني الخادم من الطارق؟فقلت:افتح الباب فقال:من أين أقبلت في هذه الظلمة و المطر الشديد؟فقلت من مسجد السهلة،فلما فتح الخادم الباب،التفتّ إلي ذلك السيد الجليل فلم أره،و إذا بالدنيا مظلمة للغاية و أصابني المطر فجعلت أنادي:يا سيدنا يا مولانا تفضل فقد فتحت الباب و رجعت إلي ورائي،أتفحص عنه و أنادي فلم أر أحدا أصلا و أضر بي الهواء و المطر و البرد في ذلك الزمان القليل،فدخلت المسجد، و انتبهت من غفلتي و كأني كنت نائما فاستيقظت،و جعلت ألوم نفسي علي عدم التنبه لما كنت أري من الآيات الباهرة و أتذكر ما شاهدته و أنا غافل من كراماته،من الضياء العظيم في المقام الشريف، مع أني لم أر سراجا،و لو كان في ذلك المقام عشرون سراجا لما وفي بذلك الضياء و ذكرت أن ذلك السيد الجليل سماني باسمي،مع أني لم أعرفه و لم أره قبل ذلك.

ص: 172

و تذكرت أني لما كنت في المقام كنت أنظر إلي فضاء المسجد فأري الظلام الشديد و أسمع صوت المطر و الرعد،و اني لما خرجت من المقام مصاحبا له سلام اللّه عليه كنت أمشي في ضياء، بحيث أري موضع قدمي و الأرض يابسة و الهواء عذب،حتي وصلنا إلي باب المسجد،و منذ فارقني شاهدت الظلمة و المطر و صعوبة الهواء،إلي غير ذلك،من الأمور العجيبة التي أفادتني اليقين بأنه الحجة صاحب الزمان الذي كنت أتمني من فضل اللّه تعالي التشرف برؤيته،و تحملت مشاق عمل الإستجارة عند قوة الحر و البرد لمطالعة حضرته سلام اللّه عليه،فشكرت اللّه تعالي شأنه و الحمد لله، إنتهي كلامه رفع مقامه (1).

***

ذكر الدجّال و بعض أخباره و حالاته

قال في إلزام الناصب:في الدمعة الساكبة عن مشكاة المصابيح عن أبي بكرة:قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يمكث أبوا الدجّال ثلاثين عاما لا يولد لهما ولد،ثمّ يولد لهما غلام أعور أخرس-أي عظيم السن-و أقلّه منفعة-تنام عيناه و لا ينام قلبه،ثمّ نعت لنا رسول اللّه أبويه فقال:أبوه طويل ضرب اللحم (2)،كأنّ أنفه منقار،و أمّه امرأة فرضاخية (3)طويلة اليدين،فقال أبو بكرة:فسمعنا بمولود في اليهود بالمدينة فذهبت أنا و الزبير بن العوّام حتّي دخلنا علي أبويه،فإذا نعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيهما،فقلنا:هل لكما ولد؟فقالا:مكثنا ثلاثين عاما لا يولد لنا ولد ثمّ ولد لنا غلام أعور أخرس و أقلّه منفعة،تنام عيناه و لا ينام قلبه.قال:فخرجنا من عندهما فإذا هو منجدل في الشمس في قطيفة و له همهمة فكشف عن رأسه فقال:ما قلتما؟قلنا:و هل سمعت ما قلنا؟قال:نعم تنام عيناي و لا ينام قلبي (4).

في الكافي عن ابن عمر:إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صلّي ذات يوم بأصحابه الفجر،ثمّ قام مع أصحابه حتّي أتي باب دار بالمدينة،فطرق الباب فخرجت إليه إمرأة فقالت:ما تريد يا أبا القاسم؟ فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:يا أمّ عبد اللّه إستأذني لي علي عبد اللّه،فقالت:يا أبا القاسم،و ما تصنع بعبد اللّه فو اللّه إنّه لمجهود (5)في عقله،يحدث في ثوبه،و إنّه ليراودني علي الأمر العظيم.فقال:إستأذني لي عليه،فقالت:أعلي ذمتك؟قال:نعم.قالت:أدخل فدخل فإذا هو في قطيفة يهينم (6)فيها.

ص: 173


1- البحار:312/53.
2- ضرب اللحم:خفيف اللحم المستدق كما في النهاية.
3- الفرضاخية:الضخمة العظيمة.
4- مصابيح البغوي:514/3 ح 4257 و المصنف لابن أبي شيبة:652/8 ح 27.
5- المجهود:المضروب.
6- الهينمة:الصوت الخفي.

فقالت أمّه:اسكت و اجلس،هذا محمّد أتاك،فسكت،فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:ما لها لعنها اللّه،لو تركتني لأخبرتكم أهو هو،ثمّ قال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:ما تري؟

قال:أري حقّا و باطلا و أري عرشا علي الماء،فقال:إشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أني رسول اللّه، فقال:بل تشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّي رسول اللّه،فما جعلك اللّه بذلك أحقّ منّي.فلمّا كان في اليوم الثاني صلّي بأصحابه الفجر ثمّ نهض فنهضوا معه حتّي طرق الباب،فقالت أمّه:أدخل فدخل فإذا هو في نخلة يفرد فيها،فقالت له أمّه:اسكت و انزل هذا محمّد قد أتاك،فسكت،فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:ما لها لعنها اللّه لو تركتني لأخبرتكم أهو هو،فلمّا كان في اليوم الثالث صلّي بأصحابه الفجر،ثمّ نهض فنهضوا معه حتّي أتي ذلك المكان فإذا هو في غنم ينعق بها،فقالت له أمّه:اسكت و اجلس هذا محمّد قد أتاك،و قد كانت نزلت في ذلك اليوم آيات من سورة الدخان،فقرأها لهم النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في صلاة الغداة ثمّ قال صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّي رسول اللّه فقال:بل تشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّي رسول اللّه،و ما جعلك اللّه بذلك أحقّ منّي،فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:إنّي قد خبّأت لك خبيئا،فقال:الدخ الدخ،فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:إخسأ فإنّك لن تعدو أجلك و لن تبلغ أملك و لن تنال إلاّ ما قدّر لك،ثمّ قال لأصحابه:أيّها الناس ما بعث اللّه نبيّا إلاّ و قد أنذر قومه الدجّال،و إنّ اللّه عزّ و جلّ ادخره إلي يومكم هذا،فمهما تشابه عليكم من أمره فإنّ ربّكم ليس بأعور،إنّه يخرج علي حمار،عرض ما بين أذنيه ميل،يخرج و معه جنّة و نار و جبل من خبز و نهر من ماء،أكثر أتباعه اليهود و النساء و الأعراب،يدخل آفاق الأرض كلّها إلاّ مكة و بيتها،و لا المدينة و لا أبنيتها (1).

قال الشيخ الحائري:الهيمنة صوت خفي.أهو أهو:أي أما تقولون ألوهية إله أم لا.أري عرشا علي الماء:أي عرش إبليس علي البحر.قد خبّأت لك خبيئا:أي أضمرت لك شيئا فأخبرني.

الدخ:بالضم و الفتح الدخان أراد بذلك يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (2).

و في عمدة ابن بطريق:إنطلق عمر مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في رهط إلي ابن صياد حتّي وجده يلعب مع الصبيان عند أطم (3)بني مغالة،و قد قارب ابن صياد يومئذ الحلم فلم يشعر حتّي ضرب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي ظهره بيده،ثمّ قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لابن صياد:إشهد أنّي رسول اللّه،فنظر إليه ابن صياد قال:أشهد أنك رسول الاميين،فقال ابن صياد لرسول اللّه:إشهد أني لرسول اللّه،فقال:

آمنت باللّه و برسوله،ثمّ قال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم:ماذا تري؟قال ابن صياد:يأتيني صادق و كاذب، فقال رسول اللّه:خلط عليك الأمر،ثمّ قال له رسول اللّه:إنّي خبأت لك خبيئا فقال ابن الصياد:

هو الدخ،فقال له رسول اللّه:اخسأ فلن تعدو قدرك،فقال عمر بن الخطّاب:ذرني يا رسول اللّه2.

ص: 174


1- الخرائج و الجرائح:1141/3.
2- سورة الدخان،الآية:10.
3- الأطم:الحصن كما في غريب الحديث:73/2.

أضرب عنقه؟فقال رسول اللّه:إن يكن هو فلن تسلّط عليه،و إن لم يكن هو فلا خير لك في قتله (1).

و فيه:انطلق رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد ذلك و أبي بن كعب إلي النخلة التي فيها ابن صياد حتّي إذا دخل رسول اللّه طفق يتقي بجذوع النخل،و هو يحتال أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد،فرآه رسول اللّه و هو مضطجع علي فراشه في قطيفة له فيها زمزمة،فرأت أمّ ابن صياد رسول اللّه و هو يتّقي بجذوع النخل،فقالت لابن صياد:يا صاف-و هو إسم ابن صياد-هذا محمد،فثار ابن صياد فقال رسول اللّه:لو تركته بان،فقام رسول اللّه في الناس فأثني علي اللّه تعالي بما هو أهله ثمّ ذكر الدجّال فقال:لانذركموه،و ما من نبي إلاّ و قد أنذر قومه،لقد أنذر نوح قومه،و لكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلّموا أنّه أعور و إنّ اللّه ليس بأعور (2).

و فيه إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان حذّر الناس الدجّال أنه مكتوب بين عينيه:كافر،يقرأه كلّ من كره عمله،أو يقرأه كلّ مؤمن.و قال:هلموا إنّه لن يري أحد منكم ربّه حتّي يموت،و ابن صياد هو الدجّال (3).

و فيه إنّ جابر بن عبد اللّه يحلف با للّه أنّ ابن صياد هو الدجّال.فقيل:تحلف بالله!قال:

سمعت عمر يحلف علي ذلك عند النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلم ينكره النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (4).

(في البيان)روي عن عامر بن شراحيل الشعبي:شعب شمذان دخل علي فاطمة بنت قيس أخت الضحّاك بن قيس و كانت من المهاجرات الاول فقال:حدّثيني حديثا سمعته عن رسول اللّه لا يسند إلي أحد غيره؟فقالت:لئن شئت لأفعلن.فقال لها:أجل حدّثيني.فقالت:نكحت ابن المغيرة، و كان من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب في أوّل الجهاد مع رسول اللّه،و لما تأيّمت (5)خطبني عبد الرّحمن بن عوف في نفر من أصحاب محمد،و خطبني رسول اللّه علي مولاه أسامة بن زيد و كنت حدثت أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال:من أحبّني فليحبّ أسامة،فلمّا كلّمني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قلت:أمري بيدك فأنكحني من شئت.فقال:انتقلي إلي بيت أمّ شريك،و أمّ شريك إمرأة غنية عظيمة النفقة في سبيل اللّه تنزل عليها الضيفان،فقلت:سأفعل،قال:لا تفعلي إنّ أمّ شريك كثيرة الضيفان فإنّي أكره أن يسقط عنك خمارك،و ينكشف الثوب عن ساقيك فيري القوم منك بعض ما تكرهين،و لكن انتقلي إلي ابن عمّك عبد اللّه بن عمرو بن أمّ مكتوم،و هو رجل من بني فهر قريش و هو من البطن الذي هي منه،فانتقلت إليه فلما انقضت عدّتي سمعت نداء المنادي،منادي رسول اللّه ينادي:الصلاة جامعة فخرجت إلي المسجد فصلّيت مع رسول اللّه،فكنت في الصفّ الذي يلي ظهور القوم.

فلمّا فرغ رسول اللّه من صلاته جلس علي المنبر و هو يضحك فقال:ليلزم كلّ إنسان مصلاّه ثمّي.

ص: 175


1- العمدة:440 بتفاوت و كمال الدين:528.
2- كتاب الفتن لنعيم:317،العمدة:441.
3- العمدة:441 ح 925.
4- المصدر السابق.
5- تأيمت:أصبحت من الأيامي.

قال:هل تدرون لم جمعتكم؟قالوا:اللّه و رسوله أعلم.فقال:إنّي و اللّه ما جمعتكم لرغبة و لا لرهبة و لكن جمعتكم لأنّ تميما كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع و أسلم،و حدّثني حديثا وافق الذي أحدّثكم عن مسيح الدجال،حدّثني أنّه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم و جذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفأوا إلي جزيرة في البحر حين مغرب الشمس،فجلسوا في ما يقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة،أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره لكثرة الشعر فقالوا:ويلك من أنت؟قالت:أنا الجسّاسة.قالوا:و ما الجسّاسة؟قالت:أيّها القوم إنطلقوا إلي هذا الرجل في الدير فإنّه إلي خبركم بالأشواق.قال:سمّت لنا رجلا فزعنا منها أن تكون شيطانة.

قال:إنطلقنا سريعا حتّي دخلنا الدير فإذا أعظم إنسان ما رأيناه قط خلقا و أشدّه وثاقا، مجموعة يداه إلي عنقه ما بين ركبتيه إلي كعبيه بالحديد قلنا:ويلك ما أنت؟قال:قدرتم علي خبري فأخبروني ما أنتم؟قلنا:نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثمّ أرفأنا إلي جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا:ويلك ما أنت؟قالت:أنا الجسّاسة.

قلنا:ما الجسّاسة؟قالت:إعمدوا إلي هذا الرجل في الدير فإنّه إلي خبركم بالأشواق.فأقبلنا إليك سراعا و فزعنا منها و لم نأمن أن تكون شيطانة.فقال:أخبروني عن هزبيسان؟قلنا:عن أي شأنها تستخبر؟قال:أسألكم عن نخلها هل يثمر؟فقلنا له:نعم،فقال:أما إنّه يوشك أن لا يثمر، قال:أخبرونا عن بحيرة طبرية.قلنا:عن أي شأنها تستخبر؟قال:هل فيها ماء؟قالوا:هي كثيرة الماء.قال:أما إنّ ماءها يوشك أن يذهب.قال:أخبروني عن عين زعز؟قلنا:عن أي شأنها تستخبر؟قال:هل في العين ماء؟و هل يزرع أهلها بماء العين؟قلنا له:نعم هي كثيرة الماء و أهلها يزرعون من مائها.قال:أخبروني عن نبي الاميين ما فعل؟قالوا:قد خرج مهاجرا من مكّة و نزل يثرب.قال:أقاتله العرب؟قلنا:نعم.قال:كيف صنع بهم؟قال:فأخبرناه أنّه قد ظهر علي من يليه من العرب و أطاعوه.قال لهم:قد كان ذاك؟قلنا:نعم.قال:أما إنّ ذاك خير لهم أن يطيعوه و إنّي أخبركم عنّي:إنّي أنا المسيح الدجّال،و إنّي أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلاّ هبطتها في أربعين ليلة غير مكة و طيبة فهما محرّمتان علي كلتاهما،كلّما أردت أن أدخل واحدة-أو واحدا-منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدّني عنها،و إنّ علي كلّ نقب منها ملائكة يحرسونها.

قالت:قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و طعن بمخصرته في المنبر:هذه طيبة،هذه طيبة،هذه طيبة يعني المدينة.ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟فقال الناس:نعم،[قال:]فإنّه أعجبني حديث تميم إنّه وافق الذي كنت أحدّثكم عنه و عن مكة و المدينة،ألا إنّه في بحر الشام أو بحر اليمن،لا بل من قبل المشرق،ما هو من قبل المشرق،ما هو من المشرق ما هو،و أومي بيده.

ص: 176

قالت:فحفظت هذا من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (1).

***

خطبة البيان

قال في إلزام الناصب:حدّثنا محمّد بن أحمد الأنباري قال:حدّثنا محمد بن أحمد الجرجاني قاضي الري قال:حدّثنا طوق بن مالك عن أبيه عن جدّه عن عبد اللّه بن مسعود رفعه إلي عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:لمّا تولّي الخلافة بعد الثلاثة أتي إلي البصرة فرقي جامعها و خطب الناس خطبة تذهل منها العقول و تقشعر منها الجلود،فلمّا سمعوا منه ذلك أكثروا البكاء و النحيب و علا الصراخ، قال:و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قد أسرّ إليه السرّ الخفي الذي بينه و بين اللّه عزّ و جلّ فلأجل ذلك انتقل النور الذي كان في وجه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلي وجه علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:و مات النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في مرضه الذي أوصي فيه لعلي أمير المؤمنين عليه السّلام و كان قد أوصي أمير المؤمنين عليه السّلام أن يخطب الناس خطبة البيان فيها علم ما كان و ما يكون إلي يوم القيامة قال:فأقام أمير المؤمنين عليه السّلام بعد موت النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم صابرا علي ظلم الامّة إلي أن قرب أجله و حان وصاية النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالخطبة التي تسمّي خطبة البيان فقام أمير المؤمنين عليه السّلام بالبصرة ورقي المنبر و هي آخر خطبة خطبها فحمد اللّه و أثني عليه و ذكر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال:أيّها الناس أنا و حبيبي محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كهاتين و أشار بسبابته و الوسطي و لو لا آية في كتاب اللّه لنبأتكم بما في السماوات و الأرض و ما في قعر هذا فما يخفي عليّ منه شيء و لا تعزب كلمة منه و ما أوحي إليّ بل هو علم علمنيه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،لقد أسرّ لي ألف مسألة في كلّ مسألة ألف باب و في كلّ باب ألف نوع،فاسألوني قبل أن تفقدوني،إسألوني عمّا دون العرش أخبركم و لو لا أن يقول قائلكم:إنّ علي بن أبي طالب عليه السّلام ساحر كما قيل في ابن عمّي،لأخبرتكم بمواضع أحلامكم و بما في غوامض الخزائن(المسائل)و لأخبرتكم بما في قرار الأرض (2).و هذه هي خطبته التي خطب و هي خطبة البيان:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه بديع السماوات و فاطرها و ساطح المدحيات و قادرها و مؤيّد الجبال و ساغرها (3)و مفجّر العيون و باقرها و مرسل الرياح و زاجرها و ناهي القواصف و آمرها و مزين السماء و زاهرها و مدبّر الأفلاك و مسيّرها و مظهر البدور و نائرها و مسخّر السحاب و ماطرها و مقسّم المنازل و مقدّرها و مدلج الحنادس (4)و عاكرها و محدث الأجسام و قاهرها و منشئ السحاب

ص: 177


1- سنن أبي داود:320/2 ح 4327 و كنز العمال:291/14 ح 38741.
2- بتفاوت في الآمان:68،و من لا يحضره الفقيه باختصار:175/4 ح 5402.
3- السغر:النفي(لسان العرب:740/4)و في المصدر:قافرها.
4- الحنادس:الليالي المظلمة.

و مسخّرها و مكوّر الدهور و مكرّرها و مورد الامور و مصدّرها و ضامن الأرزاق و مدبّرها و منشئ الرفات (1)و منشرها.أحمده علي آلائه و توافرها و أشكره علي نعمائه و تواترها و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له شهادة يؤدّي الإسلام ذاكرها و يؤمن من العذاب يوم الحساب ذاخرها،و أشهد أنّ محمّدا عبده الخاتم لما سبق من الرسالة و فاخرها و رسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة و ناشرها أرسله إلي أمّة قد شغل بعبادة الأوثان سائرها (2)و اغتلطس بضلالة دعاة الصلبان ماهرها و فخر بعمل الشيطان فاخرها و هداها عن لسان قول العصيان طائرها و ألمّ بزخرف الجهالات و الضلالات سوء ماكرها فأبلغ رسول اللّه في النصيحة و ساحرها و محا بالقرآن دعوة الشيطان و دامرها و أرغم معاطس (3)جهال العرب و أكابرها حتّي أصبحت دعوته بالحقّ ينطق ثامرها (4)و استقامت به دعوة العليا و طابت عناصرها،أيّها الناس سار المثل و حقّق العمل و كثر الوجل و قرب الأجل و دنا الرحيل و لم يبق من عمري إلاّ القليل فاسألوني قبل أن تفقدوني.

أيّها الناس أنا المخبر عن الكائنات أنا مبين الآيات أنا سفينة النجاة أنا سرّ الخفيّات أنا صاحب البيّنات أنا مفيض الفرات أنا معرب التوراة أنا المؤلّف للشتات أنا مظهر المعجزات أنا مكلّم الأموات أنا مفرّج الكربات أنا محلّل المشكلات أنا مزيل الشبهات أنا ضيغم الغزوات أنا مزيل المهمّات أنا آية المختار أنا حقيقة الأسرار أنا الظاهر علي حيدر الكرّار أنا الوارث علم المختار أنا مبيد الكفّار أنا أبو الأئمّة الأطهار أنا قمر السرطان (5)أنا شعر الزبرقان (6)أنا أسد الشرة (7)أنا سعد الزهرة أنا مشتري الكواكب أنا زحل الثواقب أنا عين الشرطين أنا عنق السبطين أنا حمل الإكليل أنا عطارد التعطيل أنا قوس العراك أنا فرقد السماك (8)أنا مريخ الفرقان أنا عيون الميزان أنا ذخيرة الشكور أنا مصحّح (9)الزبور أنا مؤوّل التأويل أنا مصحف الإنجيل أنا فصل الخطاب أنا أمّ الكتاب أنا منجد البررة أنا صاحب البقرة أنا مثقل الميزان أنا صفوة آل عمران أنا علم الأعلام و أنا جملة الأنعام أنا خامس أهل الكساء أنا تبيان النساء أنا صاحب الأعراف أنا مبيد الأسلاف أنا مدير الكرم أنا توبة (10)الندم أنا الصاد و الميم أنا سرّ إبراهيم أنا محكم الرعد أنا سعادةت.

ص: 178


1- الرفات:العظام البالية المتفرّقة.
2- في المصدر:شاعرها.
3- المعس:الأنف(كتاب العين:319/1).
4- الثامر:كل شيء خرج ثمره(لسان العرب:214/4).
5- البرج المعروف.
6- الزبرقان:ليلة خمس عشرة ليلة البدر(كتاب العين:255/5).
7- الشرة:النشاط و الرغبة و منه الحديث:لكل عابد شرة(النهاية:458/2).
8- السماك الأعزل و هو الكوكب في برج الميزان و طلوعه يكون في الصبح لخمس يخلون من تشرين الأول (مجمع البحرين:421/2).
9- في نسخة:مفصح.
10- في نسخة:تابوت.

الجد أنا علانية المعبود أنا مستنبط هود أنا نحلة الخليل أنا آية بني إسرائيل أنا مخاطب الكهف أنا محبوب الصحف أنا الطريق الأقوم أنا موضح مريم أنا السورة لمن تلاها أنا تذكرة آل طه أنا ولي الأصفياء أنا الظاهر مع الأنبياء أنا مكرّر الفرقان أنا آلاء الرحمن أنا محكم الطواسين أنا إمام آل ياسين أنا حاء الحواميم أنا قسم الم أنا سائق الزمر أنا آية القمر أنا راقب المرصاد أنا ترجمة صاد أنا صاحب الطور أنا باطن السرور أنا عتيد قاف أنا قارع الأحقاف أنا مرتّب الصافات أنا ساهم الذاريات أنا سورة الواقعة أنا العاديات و القارعة أنا نون و القلم أنا مصباح الظلم أنا مؤوّل القرآن أنا مبيّن البيان أنا صاحب الأديان أنا ساقي العطشان أنا عقد الإيمان أنا قسيم الجنان أنا كيوان الإمكان أنا تبيان الإمتحان أنا الأمان من النيران أنا حجّة اللّه علي الإنس و الجان أنا أبو الأئمّة الأطهار أنا أبو المهدي القائم في آخر الزمان قال:فقام إليه مالك الأشتر فقال:متي يقوم هذا القائم من ولدك يا أمير المؤمنين؟فقال عليه السّلام:إذا زهق الزاهق،و خفت الحقائق و لحق اللاحق و ثقلت الظهور و تقاربت الامور و حجب النشور و أرغم المالك و سلك السالك و دهش العدد و هاجت الوساوس و غيطل (1)العساعس (2)و ماجت الأمواج و ضعف الحاج و اشتد الغرام و ازدلف الخصام و اختلفت العرب و اشتد الطلب و نكص الهرب و طلبت الديون و ذرفت العيون و أغبن المغبون و شاط النشاط و حاط الهباط و عجز المطاع و أظلم الشعاع و صمّت الأسماع و ذهب العفاف و سجسج الإنصاف و استحوذ الشيطان و عظم العصيان و حكمت النسوان و فدحت الحوادث و نفثت النوافث و هجم الوابث و اختلفت الأهواء و عظمت البلوي و اشتدّت الشكوي و استمرّت الدعوي و قرض القارض و لمض اللاّمض و تلاحم الشداد و نقل الملحاد و عجت الفلاة و خجعج الولاة و نضل (3)البارخ و عمل الناسخ و زلزلت الأرض و عطل الفرض و كبتت الأمانة و بدت الخيانة و خشيت الصيانة و اشتد الغيض و أراع الفيض و قاموا الأدعياء و قعدوا الأولياء و خبثت الأغنياء و نالوا الأشقياء و مالت الجبال و أشكل الإشكال و شيع الكربال (4)و منع الكمال و ساهم المستحيح و مع الفليح و كفكف الترويح و خدخد البلوع و تكلكل الهلوع و فدفد المذعور و ندند الديجور و نكس المنشور و عبس العبوس و كسكس الهموس و أجلب الناموس و دعدع (5)الشقيق و جرثم الأنيق و نور الأفيق (6)و أذاد الذائد و راد الرائد وجد الجدود و مدّ المدود و كد الكدود و حدّ الحدود و نطل الطليل (7)و علعل العليل و فضل الفضيل و شتّت الشتات و شمت الشمات و كد الهرم و قضم القضم و سدم السدم و بال الزاهب و ذاب الذائبر.

ص: 179


1- الغيطل:شجر ملتف،و الغيطلة أصوات القوم و الغيطلة اسم الظلام و تراكمه(كتاب العين:386/4).
2- من العس من يسعي في الليل(كتاب العين:74/1).
3- أي فضله في مراماة فغلبه.
4- ما تكربل به الحنطة.
5- ملأ.
6- الأفيق:بين جوران و الغور و هو الأردن(تاج العروس:179/6)و قيل الجلد الذي لم يدبغ.
7- الطليل:الحصير.

و نجم ثاقب و ورور القرآن و احمر الدبران (1)و سدس الشيطان و ربع الزبرقان و ثلث الحمل و ساهم زحل و أقل العرا (2)و الزخار (3)و أنبت الأقدار و كملت العشرة و سدس الزهرة و غرمت الغمرة (4)و طهرت الأفاطس و توهم الكساكس و تقدّمتهم النفائس فيكدحون الجرائر و يملكون الجزائر و يحدثون كيسان و يخربون خراسان و يصرفون الحلسان و يهدمون الحصون و يظهرون المصون و يقتطفون الغصون و يفتحون العراق و يحجمون الشقاق بدم يراق فعند ذلك ترقّبوا خروج صاحب الزمان.

ثمّ إنّه جلس علي أعلي مرقاة من المنبر و قال:آه ثمّ آه لتعريض الشفاه و ذبول الأفواه،قال عليه السّلام فالتفت يمينا و شمالا و نظر إلي بطون العرب و ساداتهم و وجوه أهل الكوفة و كبار القبائل بين يديه و هم صموت كأنّ علي رؤوسهم الطير فتنفّس الصعداء و أنّ كمدا و تململ حزينا و سكت هنيهة فقام إليه سويد بن نوفل و هو كالمستهزئ و هو من سادات الخوارج فقال:يا أمير المؤمنين أ أنت حاضر ما ذكرت و عالم بما أخبرت؟قال:فالتفت إليه الإمام عليه السّلام و رمقه بعينه رمقة الغضب فصاح سويد بن نوفل صيحة عظيمة من عظم نازلة نزلت به فمات من وقته و ساعته فأخرجوه من المسجد و قد تقطّع إربا إربا فقال عليه السّلام:أبمثلي يستهزئ المستهزئون أم عليّ يتعرّض المتعرّضون؟أ و يليق لمثلي أن يتكلّم بما لا يعلم و يدّعي ما ليس له بحق،هلك و اللّه المبطلون،و أيم اللّه لو شئت ما تركت عليها من كافر با للّه و لا منافق برسوله و لا مكذّب بوصيّه و إنّما أشكو بثّي و حزني إلي اللّه و أعلم من اللّه ما لا تعلمون.

قال:فقام إليه صعصعة بن صوحان و ميثم و إبراهيم بن مالك الأشتر و عمر بن صالح فقالوا:يا أمير المؤمنين قل لنا بما يجري في آخر الزمان فإنّ قولك يحيي قلوبنا و يزيد في إيماننا.فقال:حبّا و كرامة،ثمّ نهض عليه السّلام قائما و خطب خطبة بليغة تشوّق إلي الجنّة و نعيمها و تحذّر من النار و جحيمها،ثمّ قال عليه السّلام:أيّها الناس إنّي سمعت أخي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول:تجتمع في أمّتي مائة خصلة لم تجتمع في غيرها فقامت العلماء و الفضلاء يقبّلون بواطن قدميه و قالوا:يا أمير المؤمنين نقسم عليك بابن عمّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أن تبيّن لنا ما يجري في طول الزمان بكلام يفهمه العاقل و الجاهل قال:ثمّ إنّه حمد اللّه و أثني عليه و ذكر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فصلّي عليه و قال:أنا مخبركم بما يجري من بعد موتي و بما يكون إلي خروج صاحب الزمان القائم بالأمر من ذريّة ولدي الحسين و إلي ما يكون في آخر الزمان حتّي تكونوا علي حقيقة من البيان فقالوا:متي يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السّلام:إذا وقع الموت في الفقهاء و ضيّعت أمّة محمّد المصطفي الصلاة و اتّبعوا الشهوات و قلّت الأمانات و كثرت الخيانات و شربوا القهوات و استشعروا شتم الآباء و الأمّهات و رفعت الصلاة منن.

ص: 180


1- اسم نجم.
2- نوع من الشجر(كتاب العين:86/1).
3- كثير الماء.
4- الماء الكثير كما في النهاية:384/3،و الغمرة الشدة كما في اللسان.

المساجد بالخصومات و جعلوها مجالس الطعامات و أكثروا من السّيئات و قلّلوا من الحسنات و عوصرت السماوات فحينئذ تكون السنة كالشهر و الشهر كالأسبوع و الأسبوع كاليوم و اليوم كالساعة و يكون المطر قيظا و الولد غيضا و يكون أهل ذلك الزمان لهم وجوه جميلة و ضمائر رديّة من رآهم أعجبوه و من عاملهم ظلموه،وجوههم وجوه الآدميين و قلوبهم قلوب الشياطين فهم أمرّ من الصبر و أنتن من الجيفة و أنجس من الكلب و أروغ من الثعلب و أطمع من الأشعب و ألزق من الجرب لا يتناهون عن منكر فعلوه إن حدّثتهم كذبوك و إن أمنتهم خانوك و إن ولّيت عنهم اغتابوك و إن كان لك مال حسدوك و إن بخلت عنهم بغضوك و إن وضعتهم شتموك،سمّاعون للكذب أكّالون للسحت، يستحلّون الزنا و الخمر و المقالات و الطرب و الغناء،و الفقير بينهم ذليل حقير و المؤمن ضعيف صغير و العالم عندهم وضيع و الفاسق عندهم مكرم و الظالم عندهم معظّم و الضعيف عندهم هالك و القويّ عندهم مالك لا يأمرون بالمعروف و لا ينهون عن المنكر،الغني عندهم دولة و الأمانة مغنمة و الزكاة مغرمة و يطيع الرجل زوجته و يعصي والديه و يجفوهما و يسعي في هلاك أخيه و ترفع أصوات الفجّار و يحبّون الفساد و الغناء و الزنا و يتعاملون بالسحت و الربا و يعار علي العلماء و يكثر ما بينهم سفك الدماء،و قضاتهم يقبلون الرشوة و تتزوّج الإمرأة بالإمرأة و تزفّ كما تزفّ العروس إلي زوجها و تظهر دولة الصبيان في كلّ مكان و يستحلّ الفتيان المغاني و شرب الخمر و تكتفي الرجال بالرجال و النساء بالنساء و تركب السروج الفروج،فتكون الإمرأة مستولية علي زوجها في جميع الأشياء؛و تحجّ الناس ثلاثة وجوه:الأغنياء للنزهة و الأوساط للتجارة و الفقراء للمسألة و تبطل الأحكام و تحبط الإسلام و تظهر دولة الأشرار و يحلّ الظلم في جميع الأمصار فعند ذلك يكذب التاجر في تجارته و الصائغ في صياغته و صاحب كلّ صنعة في صناعته فتقلّ المكاسب و تضيق المطالب و تختلف المذاهب و يكثر الفساد و يقلّ الرشاد فعندها تسودّ الضمائر و يحكم عليهم سلطان جائر و كلامهم أمرّ من الصبر و قلوبهم أنتن من الجيفة،فإذا كان كذلك ماتت العلماء و فسدت القلوب و كثرت الذنوب و تهجر المصاحف و تخرب المساجد و تطول الآمال و تقلّ الأعمال و تبني الأسوار في البلدان مخصوصة لوقع العظائم النازلات فعندها لو صلّي أحدهم يومه و ليلته فلا يكتب له منها شيء و لا تقبل صلاته لأنّ نيّته و هو قائم يصلّي يفكّر في نفسه كيف يظلم الناس و كيف يحتال علي المسلمين و يطلبون الرئاسة للتفاخر و المظالم و تضيق علي مساجدهم الأماكن و يحكم فيهم المتألف (1)و يجور بعضهم علي بعض و يقتل بعضهم بعضا عداوة و بغضا و يفتخرون بشرب الخمور و يضربون في المساجد العيدان و الزمر فلا ينكر عليهم أحد،و أولاد العلوج يكونون في ذلك الزمان الأكابر و يرعي القوم سفهاؤهم و يملك المال من لا يملكه و لا كان له بأهل لكع من أولاد اللكوع و تضع الرؤساء رؤوسا لمن لا يستحقّها و يضيق الذرع و يفسد الزرع و تفشو البدع و تظهر الفتن،كلامهم فحش و عملهم وحش و فعلهم خبثب.

ص: 181


1- في الصحاح:(1447/4)المتألف:السريع الوثب.

و هم ظلمة غشمة و كبراؤهم بخلة عدمة و فقهاؤهم يفتون بما يشتهون و قضاتهم بما لا يعلمون يحكمون و أكثرهم بالزور يشهدون،من كان عنده درهم كان عندهم مرفوعا،و من علموا أنّه مقلّ فهو عندهم موضوع،و الفقير مهجور و مبغوض و الغني محبوب و مخصوص،و يكون الصالح فيها مدلول الشوارب،يكبرون قدر كلّ نمّام كاذب و ينكس اللّه منهم الرؤوس و يعمي منهم القلوب التي في الصدور أكلهم سمان الطيور و الطياهيج (1)و لبسهم الخزّ اليماني و الحرير،يستحلّون الربا و الشبهات و يتعارضون للشهادات،يراؤون بالاعمال،قصراء الآجال لا يمضي عندهم إلاّ من كان نمّاما، يجعلون الحلال حراما،أفعالهم منكرات و قلوبهم مختلفات،يتدارسون فيما بينهم بالباطل و لا يتناهون عن منكر فعلوه،يخاف أخيارهم أشرارهم،يتوازرون في غير ذكر اللّه تعالي،يهتكون فيما بينهم بالمحارم و لا يتعاطفون،بل يتدابرون،إن رأوا صالحا ردّوه و إن رأوا نمّاما آثما استقبلوه و من أساءهم يعظّموه و تكثر أولاد الزنا،و الآباء فرحون بما يرون من أولادهم القبيح فلا ينهونهم و لا يردّونهم عنه و يري الرجل من زوجته القبيح فلا ينهاها و لا يردّها عنه و يأخذ ما تأتي به من كد فرجها و من مفسد خدرها حتّي لو نكحت طولا و عرضا لم تهمّه و لا يسمع ما قيل فيها من الكلام الرديء، فذاك هو الديّوث الذي لا يقبل اللّه له قولا و لا عدلا و لا عذرا فأكله حرام و منكحه حرام فالواجب قتله في شرع الإسلام و فضيحته بين الأنام و يصلي سعيرا في يوم القيام،و في ذلك يعلنون بشتم الآباء و الأمّهات و تذلّ السادات و تعلو الأنباط و يكثر الإختباط (2)فما أقلّ الأخوة في اللّه تعالي و تقل الدراهم الحلال و ترجع الناس إلي أشرّ حال فعندها تدور دول الشياطين و تتواثب علي أضعف المساكين و ثوب الفهد إلي فريسته و يشحّ الغني بما في يديه و يبيع الفقير آخرته بدنياه فيا ويل للفقير و ما يحلّ به من الخسران و الذلّ و الهوان في ذلك الزمان المستضعف بأهله و سيطلبون ما لا يحلّ لهم،فإذا كان كذلك أقبلت عليهم فتن لا قبل لهم بها،ألا و إنّ أوّلها الهجري القصير،و آخرها السفياني و الشامي و أنتم سبع طبقات فالطبقة الاولي[و فيها مزيد التقوي إلي سبعين سنة من الهجرة] أهل تنكيد و قسوة إلي السبعين سنة من الهجرة،و الطبقة الثانية أهل تباذل و تعاطف إلي المائتين و الثلاثين سنة من الهجرة.

و الطبقة الثالثة أهل تزاور و تقاطع إلي الخمسمائة و خمسين سنة من الهجرة،و الطبقة الرابعة أهل تكالب و تحاسد إلي السبعمائة من الهجرة،و الطبقة الخامسة أهل تشامخ و بهتان إلي الثمانمائة و عشرين سنة من الهجرة،و الطبقة السادسة أهل الهرج و المرج و تكالب الأعداء و ظهور أهل الفسوق و الخيانة إلي التسعمائة و الأربعين سنة من الهجرة،و الطبقة السابعة فهم أهل حيل و غدر و حرب و مكر و خدع و فسوق و تدابر و تقاطع و تباغض و الملاهي العظام و المغاني الحرام و الامور المشكلات في).

ص: 182


1- نوع من الطيور.
2- الاختباط:طلب المعروف و الكسب(لسان العرب:533/7).

ارتكاب الشهوات و خراب المدائن و الدور و انهدام العمارات و القصور،و فيها يظهر الملعون من الوادي الميشوم و فيها انكشاف الستر و البروج و هي علي ذلك إلي أن يظهر قائمنا المهدي صلوات اللّه و سلامه عليه،قال:فقامت إليه سادات أهل الكوفة و أكابر العرب و قالوا:يا أمير المؤمنين بيّن لنا أوان هذه الفتن و العظائم التي ذكرتها لنا لقد كادت قلوبنا أن تنفطر و أرواحنا أن تفارق أبداننا من قولك هذا،فوا أسفاه علي فراقنا إيّاك فلا أرانا اللّه فيك سوءا و لا مكروها،فقال علي عليه السّلام:قضي الأمر الذي فيه تستفتيان كلّ نفس ذائقة الموت قال:فلم يبق أحد إلاّ و بكي لذلك.

قال:ثمّ إنّ علي قال:ألا و إنّ تدارك الفتن بعدما أنبئكم به من أمر مكّة و الحرمين من جوع أغبر و موت أحمر،ألا ياويل لأهل بيت نبيّكم و شرفائكم من غلاء و جوع و فقر و وجل حتّي يكونوا في أسوأ حال بين الناس،ألا و إنّ مساجدكم في ذلك الزمان لا يسمع لهم صوت فيها و لا تلبّي فيها دعوة ثمّ لا خير في الحياة بعد ذلك،و إنّه يتولّي عليهم ملوك كفرة من عصاهم قتلوه و من أطاعهم أحبّوه،ألا إنّ أوّل من يلي أمركم بنو أميّة ثمّ تملك من بعدهم ملوك بني العبّاس فكم فيهم من مقتول و مسلوب.

ثمّ إنّه عليه السّلام قال:آه آه ألا يا ويل لكوفانكم هذه و ما يحلّ فيها من السفياني في ذلك الزمان، يأتي إليها من ناحية هجر بخيل سباق تقودها أسود ضراغمة و ليوث قشاعمة أوّل اسمه ش،إذا خرج الغلام الأشر فيأتي إلي البصرة فيقتل ساداتها و يسبي حريمها فإنّي لأعرف بها كم وقعة تحدث بها و بغيرها،و تكون بها وقعات بين تلول و آكام فيقتل بها اسم و يستعبد بها صنم ثمّ يسير فلا يرجع إلاّ بالجرم فعندها يعلو الصياح و يقتحم بعضها بعضا،فيا ويل لكوفانكم من نزوله بداركم،يملك حريمكم و يذبح أطفالكم و يهتك نساءكم،عمره طويل و شرّه غزير و رجاله ضراغمة و تكون له وقعة عظيمة،ألا و إنّها فتن يهلك فيها المنافقون و القاسطون و الذين فسقوا في دين اللّه تعالي و بلاده و لبسوا الباطل علي جادّة عباده فكأنّي بهم قد قتلوا أقواما تخاف الناس أصواتهم و تخاف شرّهم فكم من رجل مقتول و بطل مجدول يهابهم الناظر إليهم،قد تظهر الطامة الكبري فيلحقوا أوّلها آخرها،ألا و إنّ لكوفانكم هذه آيات و علامات و عبرة لمن اعتبر،ألا و إنّ السفياني يدخل البصرة ثلاث دخلات يذل العزيز و يسبي فيها الحريم،ألا يا ويل المؤتفكة و ما يحل بها من سيف مسلول و قتيل مجدول و حرمة مهتوكة،ثمّ يأتي إلي الزوراء الظالم أهلها فيحول اللّه بينها و بين أهلها فما أشدّ أهلها بينه و بينها و أكثر طغيانها و أغلب سلطانها.

ثمّ قال:الويل للديلم و أهل شاهون و عجم لا يفقهون،تراهم بيض الوجوه سود القلوب نائرة الحروب،قاسية قلوبهم سود ضمائرهم،الويل ثمّ الويل لبلد يدخلونها و أرض يسكنونها،خيرهم طامس و شرّهم لامس،صغيرهم أكثر همّا من كبيرهم تلتقيهم الأحزاب و يكثر فيما بينهم الضراب و تصحبهم الأكراد و أهل الجبال و سائر البلدان و تضاف إليهم أكراد همدان و حمزة و عدوان حتّي

ص: 183

يلحقوا بأرض الأعجام من ناحية خراسان فيحلون قريبا من قزوين و سمرقند و كاشان فيقتلون فيها السادات من أهل بيت نبيّكم ثمّ ينزل بأرض شيراز،ألا يا ويل لأهل الجبال و ما يحلّ فيها من الأعراب،ألا يا ويل لأهل هرموز و قلهات و ما يحلّ بها من الآفات من أهل الطراطر المذهبات،و يا ويل لأهل عمان و ما يحلّ بها من الذلّ و الهوان و كم وقعة فيها من الأعراب فتنقطع منهم الأسباب فيقتل فيها الرجال و تسبي فيها الحريم،و يا ويل لأهل أوال مع صابون من الكافور الملعون يذبح رجالهم و يستحيي نساءهم و إنّي لأعرف بها ثلاث عشرة وقعة؛الاولي بين القلعتين و الثانية في الصليب و الثالثة في الجنيبة و الرابعة عند نوپا و الخامسة عند أهل عراد و أكراد و السادسة في او كرخارقان و الكليا و في سارو بين الجبلين و بئر حنين و يمين الكثيب و ذروة الجبل و يمين شجرات النبق،ألا يا ويل للكنيس و ذكوان و ما يحلّ بها من الذلّ و الهوان من الجوع و الغلاء،و الويل لأهل خراسان و ما يحلّ بها من الذلّ الذي لا يطاق و يا ويل للري و ما يحلّ بها من القتل العظيم و سبي الحريم و ذبح الأطفال و عدم الرجال و يا ويل لبلدان الإفرنج و ما يحلّ بها من الأعراب و يا ويل لبلدان السند و الهند و ما يحلّ بها من القتل و الذبح و الخراب في ذلك الزمان فيا ويل لجزيرة قيس من رجل مخيف ينزل بها هو و من معه فيقتل جميع من فيها و يفتك بأهلها و إنّي لأعرف بها خمس وقعات عظام:فأوّل وقعة منها علي ساحل بحرها قريب من برّها و الثانية مقابلة كوشا و الثالثة من قرنها الغربي و الرابعة بين الزولتين و الخامسة مقابلة برّها،ألا يا ويل لأهل البحرين من وقعات تترادف عليها من كلّ ناحية و مكان فتؤخذ كبارها و تسبي صغارها،و إني لأعرف بها سبعة وقعات عظام فأوّل وقعة فيها في الجزيرة المنفردة عنها من قرنها الشمالي تسمّي سماهيج و الوقعة الثانية تكون في القاطع و بين النهر عن عين البلد و قرنها الشمالي الغربي و بين الأبلة و المسجد و بين الجبل العالي و بين التلتين المعروف بجبل حبوة،ثم يقبل الكرخ بين التل و الجادة و بين شجرات النبق المعروفة بالبديرات (1)بجانب سطر الماجي ثمّ الحورتين و هي سابعة الطامة الكبري و علامة ذلك يقتل فيها رجل من أكابر العرب في بيته و هو قريب من ساحل البحر فيقطع رأسه بأمر حاكمها فتغير العرب عليه فتقتل الرجال و تنهب الأموال فتخرج بعد ذلك العجم علي العرب و يتبعونهم إلي بلاد الخط،ألا يا ويل لأهل الخط من وقعات مختلفات يتبع بعضها بعضا فأوّلها وقعة بالبطحاء و وقعة بالديورة و وقعة بالصفصف و وقعة علي الساحل و وقعة بدارين و وقعة بسوق الجزارين و وقعة بين السكك و وقعة بين الزراقة و وقعة بالجرار و وقعة بالمدارس و وقعة بتاروت،ألا يا ويل لهجر و ما يحلّ بها ممّا يلي سورها من ناحية الكرخ و وقعة عظيمة بالعطر تحت التليل المعروف بالحسيني ثم بالفرحة ثمّ بالقزوين ثمّ بالأراكة ثمّ بأمّ خنور،ألا يا ويل نجد و ما يحلّ بها من القحط و الغلاء،و إني لأعرف بها وقعات عظام بين المسلمين،ألا يا ويل البصرة و ما يحلّ بها من الطاعون و من الفتن يتبع بعضها بعضا و إنّي لأعرفت.

ص: 184


1- في بعض النسخ:بالسديرات.

وقعات عظام بواسط و وقعات مختلفات بين الشط و المجينبة و وقعات بين العوينات،ألا يا ويل بغداد من الري من موت و قتل و خوف يشمل أهل العراق إذا حلّ فيما بينهم السيف فيقتل ما شاء اللّه و علامة ذلك إذا ضعف سلطان الروم و تسلّطت العرب و دبّت الناس إلي الفتن كدبيب النمل فعند ذلك تخرج العجم علي العرب و يملكون البصرة،ألا يا ويل لقسطنطين (1)و ما يحلّ بها من الفتن التي لا تطاق، ألا يا ويل لأهل الدنيا و ما يحلّ بها من الفتن في ذلك الزمان و جميع البلدان الغرب و الشرق و الجنوب و الشمال،ألا و انّه تركب الناس بعضهم علي بعض و تتواثب عليهم الحروب الدائمة و ذلك بما قدّمت أيديهم و ما ربّك بظلاّم للعبيد،ثمّ إنّه عليه السّلام قال:لا تفرحوا بالخلوع من ولد العبّاس يعني المقتدر فإنّه أوّل علامة التغيير،ألا و إنّي أعرف ملوكهم من هذا الوقت إلي ذلك الزمان.

قال:فقام إليه رجل اسمه القعقاء و جماعة من سادات العرب و قالوا له:يا أمير المؤمنين بيّن لنا أسماءهم فقال عليه السّلام:أوّلهم الشامخ فهو الشيخ و السهم المارد و المثير العجاج و الصفور و الفجور و المقتول بين الستور و صاحب الجيش العظيم و المشهور ببأسه و المحشور من بطن السباع و المقتول مع الحرم و الهارب إلي بلاد الروم و صاحب الفتنة الدهماء و المكبوب علي رأسه بالسوق و الملاحق المؤتمن و الشيخ المكتوف الذي ينهزم إلي نينوي و في رجعته يقتل رجل من ولد العبّاس،و مالك الأرض بمصر و ماحي الاسم و السباع الفتان و الدناح الأملح،و الثاني الشيخ الكبير الأصلع الرأس و النفاض المرتعد و المدل بالفروسة و اللسين الهجين و الطويل العمر و الرضاع لأهله و المارق للزور و الأبرش الأثلم و بنّاء القصور و رميم الامور و الشيخ الرهيج و المنتقل من بلد إلي بلد و الكافر المالك أرباب المسلمين و ضعيف البصر و قليل العمر،ألا و إنّ بعده تحلّ المصائب و كأنّي بالفتن و قد أقبلت من كلّ مكان كقطع الليل المظلم،ثمّ قال عليه السّلام:معاشر الناس لا تشكّوا في قولي هذا فإنّي ما ادّعيت و لا تكلّمت زورا،و لا أنبئكم إلاّ بما علّمني رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و لقد أودعني ألف مسألة يتفرّع من كلّ مسألة ألف باب من العلم،و يتفرّع من كلّ باب مائة ألف باب،و إنّما أحصيت لكم هذه لتعرفوا مواقيتها إذا وقعتم في الفتن مع قلّة اعتصابكم،فياكثرة فتنكم و خبث زمانكم و خيانة حكّامكم و ظلم قضاتكم و كلابة تجّاركم و شحّة ملوككم و فشي أسراركم و ما تنحل أجسامكم و تطول آمالكم و كثرة شكواكم،و يا قلّة معرفتكم و ذلّة فقيركم و تكبّر أغنيائكم و قلّة وقاكم،إنّا للّه و إنّا إليه راجعون من أهل ذلك الزمان،تحلّ فيهم المصائب و لا يتّعظون بالنوائب و لقد خالط الشيطان أبدانهم و ربح في أبدانهم و ولج في دمائهم و يوسوس لهم بالإفك حتّي تركب الفتن الأمصار و يقول المؤمن المسكين المحبّ لنا إنّي من المستضعفين،و خير الناس يومئذ من يلزم نفسه و يختفي في بيته عن مخالطة الناس و الذي يسكن قريبا من بيت المقدس طالبا لثأر (2)الأنبياء عليهم السّلام،معاشر الناس لا يستوي الظالم و المظلوم و لا الجاهل و العالم و لا الحقّ و الباطل و لا العدل و الجور ألا و إنّ له شرائع معلومةر.

ص: 185


1- في بعض النسخ:لفلسطين.
2- في بعض النسخ:لآثار.

غير مجهولة و لا يكون نبي إلاّ و له أهل بيت و لا يعيش أهل بيت نبي إلاّ و لهم أضداد يريدون اطفاء نورهم و نحن أهل بيت نبيّكم ألا و إن دعوكم إلي سبّنا فسبّونا و إن دعوكم إلي شتمنا فاشتمونا و إن دعوكم إلي لعننا فالعنونا و إن دعوكم إلي البراءة منّا فلا تتبرّأوا منّا و مدّوا أعناقكم للسيف و احفظوا يقينكم فإنّه من تبرّأ منّا بقلبه تبرّأ اللّه منه و رسوله،ألا و إنّه لا يلحقنا سب و لا شتم و لا لعن.

ثمّ قال:فيا ويل مساكين هذه الامّة و هم شيعتنا و محبّونا و هم عند الناس كفّار و عند اللّه أبرار و عند الناس كاذبون و عند اللّه صادقون و عند الناس ظالمون و عند اللّه مظلومون و عند الناس جائرون و عند اللّه عادلون و عند الناس خاسرون و عند اللّه رابحون فازوا و اللّه بالايمان و خسر المنافقون.

معاشر الناس إنّما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون،معاشر الناس كأنّي بطائفة منهم يقولون إنّ علي بن أبي طالب يعلم الغيب و هو الربّ الذي يحيي الموتي و يميت الأحياء و هو علي كلّ شيء قدير،كذبوا و ربّ الكعبة،أيّها الناس قولوا فينا ما شئتم و اجعلونا مربوبين،ألا و إنّكم ستختلفون و تتفرّقون،ألا و إنّ أوّل السنين إذا انقضت مائة و ثلاثة و ستين سنة توقّعوا أول الفتن فإنّها نازلة عليكم ثمّ يأتيكم في عقبها الدهماء تدهم الفتن فيها و الغزو تغزو بأهلها و السقطاء تسقط الأولاد من بطون أمّهاتهم و الكسحاء تكسح فيها الناس من القحط و المحن و الفتناء تفتن بها من أهل الأرض و النازحة تنزح بأهلها إلي الظلم و الغمراء تغمر فيها الظلم و المنفية نفت منهم الإيمان و الكراء كرت عليهم الخيل من كلّ جهة و البرشاء يخرج فيها الأبرش من خراسان و السؤلاء يخرج فيها ملك الجبال إلي جزائر البحر يقهرهم ثمّ يؤيّدهم اللّه بالنصر عليه ثمّ تخرج بعد ذلك العرب و يخرج صاحب علم أسود علي البصرة فتقصده الفتيان إلي الشام،ثم العناء عنت الخيل بأعنتها و الطحناء الأقوات من كلّ مكان و الفاتنة تفتن أهل العراق و المرحاء تمرح الناس إلي اليمن و السكتاء تسكت الفتن بالشام و الحدراء انحدرت الفتن إلي الجزيرة المعروفة أوال قبال البحرين و الطموح تطمح الفتن في خراسان و الجوراء جارت الفتن بأرض فارس و الهوجاء هاجت الفتن بأرض الخط و الطولاء طالت الخيل علي الشام و المنزلة نزلت الفتن بأرض العراق و الطائرة تطايرت الفتن بأرض الروم و المتّصلة اتصلت الفتن بأرض الروم و المحربة هاجت الأكراد من شهرزور و المرملة أرملت النساء من العراق و الكاسرة تكسّرت الخيل علي أهل الجزيرة و الناحرة نحرت الناس بالشام و الطامحة طمحت الفتنة بالبصرة و القتالة قتلت الناس علي القنطرة برأس العين و المقبلة أقبلت الفتنة إلي أرض اليمن و الحجاز و الصروخ مصرخة أهل العراق فلا تأمن لهم و المستمعة أسمعت أهل الإيمان في منامهم و السابحة سبحت الخيل في القتل إلي أرض الجزيرة و الأكراد يقتل فيها رجل من ولد العبّاس علي فراشه،و الكرباء أماتت المؤمنين بكربهم و حسراتهم و الغامرة غمرت الناس بالقحط و السائلة سال النفاق في قلوبهم و الغرقاء تغرقت أهل الخط و الحرباء نزل القحط بأرض الخط و هجر كل ناحية حتّي إنّ السائل يدور و يسأل فلا أحد يعطيه و لا يرحمه أحد و الغالية تغلو طائفة من شيعتي حتّي يتّخذوني ربّا و إني بريء ممّا يقولون و المكثاء تمكث الناس فربّما

ص: 186

ينادي فيها الصارخ مرّتين ألا و إنّ الملك في آل علي بن أبي طالب فيكون ذلك الصوت من جبرئيل و يصرخ إبليس لعنه اللّه:ألا و إنّ الملك في آل أبي سفيان،فعند ذلك يخرج السفياني فيتبعه مائة ألف رجل ثمّ ينزل بأرض العراق فيقطع ما بين جلولاء و خانقين فيقتل فيها الفجفاج فيذبح كما يذبح الكبش ثمّ يخرج شعيب بن صالح من بين قصب و آجام فهو أعور المخلد فالعجب كلّ العجب ما بين جمادي و رجب ممّا يحلّ بأرض الجزائر و عندها يظهر المفقود من بين التل يكون صاحب النصر فيواقعه في ذلك اليوم ثمّ يظهر برأس العين رجل أصفر اللون علي رأس القنطرة فيقتل عليها سبعين ألفا صاحب محلي و ترجع الفتنة إلي العراق و تظهر فتنة شهرزور و هي الفتنة الصماء و الداهية العظمي و الطامة الدهماء المسمّاة بالهلهم.

قال الراوي:فقامت جماعة و قالوا:يا أمير المؤمنين بيّن لنا من أين يخرج هذا الأصفر وصف لنا صفته؟

فقال عليه السّلام:أصفه لكم:مديد الظهر قصير الساقين سريع الغضب يواقع اثنتين و عشرين وقعة و هو شيخ كردي بهيّ طويل العمر تدين له ملوك الروم و يجعلون خدودهم و طاءهم علي سلامة من دينه و حسن يقينه،و علامة خروجه بنيان مدينة الروم علي ثلاثة من الثغور تجدّد علي يده ثمّ يخرب ذلك الوادي الشيخ صاحب السراق المستولي علي الثغور ثمّ يملك رقاب المسلمين و تنضاف إليه رجال الزوراء و تقع الواقعة ببابل فيهلك فيها خلق كثير و يكون خسف كثير و تقع الفتنة بالزوراء و يصيح صائح:الحقوا بإخوانكم بشاطئ الفرات و تخرج أهل الزوراء كدبيب النمل فيقتل بينهم خمسون ألف قتيل و تقع الهزيمة عليهم فيلحقون الجبال و يرجع باقيهم إلي الزوراء ثمّ يصيح صيحة ثانية فيخرجون فيقتل منهم كذلك فيصل الخبر إلي أرض الجزائر فيقولون الحقوا بإخوانكم فيخرج منهم رجل أصفر اللون و يسير في عصائب إلي أرض الخط و تلحقه أهل هجر و أهل نجد ثمّ يدخلون البصرة فتعلّق به رجالها و لم يزل يدخل من بلد إلي بلد حتّي يدخل مدينة حلب و تكون بها وقعة عظيمة فيمكثون فيها مائة يوم ثمّ إنّه يدخل الأصفر الجزيرة و يطلب الشام فيواقعه وقعة عظيمة خمسة و عشرين يوما و يقتل فيما بينهم خلق كثير و يصعد جيش العراق إلي بلاد الجبل و ينحدر الأصفر إلي الكوفة فيبقي فيها فيأتي خبر من الشام أنّه قد قطع علي الحاج،فعند ذلك يمنع الحاج جانبه فلا يحجّ أحد من الشام و لا من العراق و يكون الحجّ من مصر ثمّ ينقطع بعد ذلك و يصرخ صارخ من بلد الروم أنّه قد قتل الأصفر فيخرج إلي الجيش بالروم في ألف سلطان و تحت كلّ سلطان مائة ألف مقاتل صاحب سيف محلّي و ينزلون بأرض أرجون قريب مدينة السوداء ثمّ ينتهي إلي جيش المدينة الهالكة المعروفة بأمّ الثغور التي نزلها سام بن نوح فتقع الواقعة علي بابها فلا يرحل جيش الروم عنها حتّي يخرج عليهم رجل من حيث لا يعلمون و معه جيش فيقتل منهم مقتلة عظيمة و ترجع الفتنة إلي الزوراء فيقتل بعضهم بعضا ثمّ تنتهي الفتنة فلا يبقي غير خليفتين يهلكان في يوم واحد فيقتل أحدهما في الجانب الغربي و الآخر في الجانب الشرقي فيكون ذلك فيما يسمعونه أهل الطبقة السابعة فيكون في

ص: 187

ذلك خسف كثير و كسوف واضح فلا ينهاهم ذلك عمّا يفعلون من المعاصي.

قال:فقام إليه ابن يقطين و جماعة من وجوه أصحابه و قالوا:يا أمير المؤمنين إنّك ذكرت لنا السفياني الشامي و نريد أن تبيّن لنا أمره،قال:قد ذكرت خروجه لكم آخر السنة الكائنة.فقالوا:

اشرحه لنا فانّ قلوبنا قد ارتاعت حتّي نكون علي بصيرة من البيان،فقال عليه السّلام:علامة خروجه، تختلف ثلاث رايات:راية من العرب فياويل لمصر و ما يحلّ بها منهم و راية من البحرين من جزيرة أوال من أرض فارس و راية من الشام فتدوم الفتنة بينهم سنة ثمّ يخرج رجل من ولد العبّاس فيقول أهل العراق قد جاءكم قوم حفاة أصحاب أهواء مختلفة فتضطرب أهل الشام و فلسطين و يرجعون إلي رؤساء الشام و مصر فيقولون اطلبوا ولد الملك فيطلبوه ثمّ يوافقوه بغوطة دمشق بموضع يقال له صرتا فإذا حل بهم أخرج أخواله بني كلاب و بني دهانة و يكون له بالوادي اليابس عدّة عديدة فيقولون له:

يا هذا ما يحلّ لك أن تضيع الإسلام،أما تري إلي[ما]الناس فيه من الأهوال و الفتن فاتّق اللّه و اخرج لنصر دينك فيقول:أنا لست بصاحبكم فيقولون له:ألست من قريش و من أهل بيت الملك القائم؟ أما تتعصّب لأهل بيت نبيّك و ما قد نزل بهم من الذلّ و الهوان منذ زمان طويل؟فإنّك ما تخرج راغبا بالأموال و رغيد العيش،بل محاميا لدينك فلا يزال القوم يختلفون و هو أوّل منبر يصعده،ثمّ يخطب و يأمرهم بالجهاد و يبايعهم علي انّهم لا يخالفون أمره رضوه أم كرهوه،ثمّ يخرج إلي الغوطة و لا يلج بها حتّي تجتمع الناس عليه و يتلاحقون أهل الصقائر فيكون في خمسين ألف مقاتل فيبعث أخواله بني كلاب فيأتونه مثل السيل السائل فيأبون عن ذلك رجال يريدون يقاتلون رجال الملك ابن العبّاس فعند ذلك يخرج السفياني في عصائب أهل الشام فتختلف ثلاث رايات فراية للترك و العجم و هي سوداء و راية للبريين لابن العبّاس أوّل صفراء و راية للسفياني فيقتتلون ببطن الأزرقي قتالا شديدا فيقتل منهم ستّين ألفا ثمّ يغلبهم السفياني فيقتل منهم خلق كثير و يملك بطونهم و يعدل فيهم حتّي يقال فيه:و اللّه ما كان يقال عليه إلاّ كذبا،و اللّه إنّهم لكاذبون حتّي يسير فأول سيره إلي حمص و إنّ أهلها بأسوء حال ثمّ يعبر الفرات من باب مصر و ينزع اللّه من قلبه الرحمة و يسير إلي موضع يقال له قرية سبأ فيكون له بها وقعة عظيمة فلا تبقي بلد إلاّ و بلغهم خبره فيدخلهم من ذلك خوف و جزع فلا يزال يدخل بلدا بعد بلد إلاّ واقع أهلها فأوّل وقعة تكون بحمص ثمّ بالرقّة ثمّ بقرية سبأ و هي أعظم وقعة يواقعها بحمص ثمّ يرجع إلي دمشق و قد دانت له الخلق فيجيّش جيشا إلي المدينة و جيشا إلي المشرق فيقتل بالزوراء سبعين ألفا و يبقر بطون ثلاثمائة امرأة حامل و يخرج الجيش إلي كوفانكم هذه فكم من باك و باكية فيقتل بها خلق كثير،و أمّا جيش المدينة فإنّه إذا توسط البيداء صاح به جبرائيل صيحة عظيمة فلا يبقي منهم أحد إلاّ و خسف اللّه به الأرض و يكون في أثر الجيش رجلان أحدهما بشير و الآخر نذير فينظرون إلي ما نزل بهم فلا يرون إلاّ رؤوسا خارجة من الأرض فيقولان بما أصاب الجيش فيصيح بهما جبرائيل فيحوّل اللّه وجوههما إلي قهقري فيمضي أحدهما إلي المدينة و هو البشير فيبشّرهم بما سلمهم اللّه تعالي و الآخر نذير فيرجع إلي السفياني و يخبره بما أصاب

ص: 188

الجيش،قال:و عند جهينة الخبر الصحيح لأنّهما من جهينة بشير و نذير فيهرب قوم من أولاد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم،و هم أشراف إلي بلد الروم فيقول السفياني لملك الروم تردّ عليّ عبيدي فيردّهم إليه فيضرب أعناقهم علي الدرج الشرقي لجامع بدمشق فلا ينكر ذلك عليه أحد،ألا و إنّ علامة ذلك تجديد الأسوار بالمدائن فقيل:يا أمير المؤمنين اذكر لنا الأسوار فقال:تجدّد سور بالشام و العجوز و الحران يبني عليهما سوران و علي واسط سور و البيضاء يبني عليها سور و الكوفة يبني عليها سوران و علي شوشتر سور و علي أرمنية سور و علي موصل سور و علي همدان سور و علي ورقة سور و علي ديار يونس سور و علي حمص سور و علي مطردين سور و علي الرقطاء سور و علي الرهبة سور و علي دير هند سور و علي القلعة سور.

معاشر الناس ألا و إنّه إذا ظهر السفياني تكون له وقائع عظام فأوّل وقعة بحمص ثمّ بحلب ثمّ بالرقة ثمّ بقرية سبأ ثمّ برأس العين ثمّ بنصيبين ثمّ بالموصل و هي وقعة عظيمة ثمّ تجتمع إلي الموصل رجال الزوراء و من ديار يونس إلي اللخمة و تكون وقعة عظيمة يقتل فيها سبعين ألفا و يجري علي الموصل قتال شديد يحلّ بها ثمّ ينزل إلي السفياني و يقتل منهم ستّين ألفا و إنّ فيها كنوز قارون و لها أحوال عظيمة بعد الخسف و القذف و المسخ و تكون أسرع ذهابا في الأرض من الوتد الحديد في أرض الرجف قال:و لا يزال السفياني يقتل كلّ من اسمه محمد و علي و حسن و حسين و فاطمة و جعفر و موسي و زينب و خديجة و رقية بغضا و حنقا لآل محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ يبعث في جميع البلدان فيجمع له الأطفال و يغلي لهم الزيت فيقول له الأطفال:إن كان آباؤنا عصوك نحن فيما ذنبنا؟فيأخذ كلّ من اسمه علي ما ذكرت فيغليهم في الزيت ثمّ يسير إلي كوفانكم هذه فيدور فيها كما تدور الدوامة فيفعل بالرجال كما يفعل بالأطفال و يصلب علي بابها كلّ من اسمه حسن و حسين ثمّ يسير إلي المدينة فينهبها في ثلاثة أيّام و يقتل فيها خلق كثير و يصلب علي مسجدها كلّ من اسمه حسن و حسين فعند ذلك يغلي دماؤهم كما غلي دم يحيي بن زكريا فإذا رأي ذلك الأمر أيقن بالهلاك فيولّي هاربا و يرجع منهزما إلي الشام فلا يري في طريقه أحدا يخالف عليه إذا دخل عليه،فإذا دخل إلي بلده اعتكف علي شرب الخمر و المعاصي و يأمر أصحابه بذلك فيخرج السفياني و بيده حربة و يأمر بالإمرأة فيدفعها إلي بعض أصحابه فيقول له:إفجر بها في وسط الطريق،فيفعل بها ثمّ يبقر ببطنها و يسقط الجنين من بطن أمّه فلا يقدر أحد أن ينكر عليه ذلك.

قال:فعندها تضطرب الملائكة في السماوات و يأذن اللّه بخروج القائم من ذرّيتي و هو صاحب الزمان ثمّ يشيع خبره في كلّ مكان فينزل حينئذ جبرائيل علي صخرة بيت المقدس فيصيح في أهل الدنيا:قد جاء الحقّ و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا،ثمّ إنّه عليه السّلام تنفّس الصعداء فأنّ كمدا و جعل يقول:

بنيّ إذا ما جاشت الترك فانتظر ولاية مهديّ يقوم و يعدل

ص: 189

و ذلّ ملوك الظلم من آل هاشم و بويع منهم من يذلّ و يهزل

صبيّ من الصبيان لا رأي عنده و لا عنده حدّ و لا هو يعقل

و ثمّ يقوم القائم الحقّ منكم و بالحق يأتيكم و بالحق يعمل

سميّ رسول اللّه نفسي فداؤه فلا تخذلوه يا بنيّ و عجّلوا

قال:فيقول جبرائيل في صيحته:يا عباد اللّه إسمعوا ما أقول:إنّ هذا مهديّ آل محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم خارج من أرض مكّة فأجيبوه.قال:فقامت إليه الفضلاء و العلماء و وجوه أصحابه و قالوا:يا أمير المؤمنين صف لنا هذا المهدي فإنّ قلوبنا اشتاقت إلي ذكره؟فقال عليه السّلام:هو صاحب الوجه الأقمر و الجبين الأزهر و صاحب العلامة و الشامة،العالم غير المعلم و المخبر بالكائنات قبل أن تعلم معاشر الناس،ألا و إنّ الدين فينا قد قامت حدوده و أخذ علينا عهوده،ألا و إنّ المهدي يطلب القصاص ممّن لا يعرف حقّنا و هو الشاهد بالحقّ و خليفة اللّه علي خلقه،إسمه كاسم جدّه رسول اللّه،ابن الحسن بن علي من ولد فاطمة من ذريّة الحسين ولدي،فنحن الكرسي و أصل العلم و العمل فمحبّونا هم الأخيار و ولايتنا فصل الخطاب و نحن حجبة الحجاب،ألا و إنّ المهدي أحسن الناس خلقا و خلقة ثمّ إذا قام تجتمع إليه أصحابه علي عدّة أهل بدر و أصحاب طالوت و هم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا كلّهم ليوث قد خرجوا من غاباتهم مثل زبر الحديد،لو أنّهم همّوا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها فهم الذين وحّدوا اللّه تعالي حقّ توحيده،لهم بالليل أصوات كأصوات الثواكل حزنا من خشية اللّه تعالي،قوّام الليل صوّام النهار كأنّما ربّاهم أب واحد و أمّ واحدة، قلوبهم مجتمعة بالمحبّة و النصيحة،ألا و إنّي لأعرف أسماءهم و أمصارهم.

فقاموا إليه جماعة من الأصحاب و قالوا:يا أمير المؤمنين نسألك باللّه و بابن عمّك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أن تسمّيهم بأسمائهم و أمصارهم فلقد ذابت قلوبنا من كلامك فقال:اسمعوا أبيّن لكم أسماء أنصار القائم إنّ أوّلهم من أهل البصرة و آخرهم من الأبدال فالذين من أهل البصرة رجلان اسم أحدهما علي و الآخر محارب و رجلان من قاشان عبد اللّه و عبيد اللّه و ثلاثة رجال من المهجمة:

محمد و عمر و مالك و رجل من السند عبد الرحمن و رجلان من حجر موسي و عبّاس و رجل من الكورة إبراهيم و رجل من شيراز عبد الوهاب و ثلاثة رجال من سعداوة:أحمد و يحيي و فلاح و ثلاثة رجال من زين:محمد و حسن و فهد و رجلان من حمير مالك و ناصر و أربعة رجال من شيران و هم عبد اللّه و صالح و جعفر و إبراهيم و رجل من عقر أحمد و رجلان من المنصورية عبد الرحمن و ملاعب و أربعة رجال من سيراف:خالد و مالك و حوقل و إبراهيم و رجلان من خونخ:محروز و نوح و رجل من المثقة هارون و رجلان من الصين مقداد و هود و ثلاثة رجال من الهويقين:عبد السلام و فارس و كليب و رجل من الزناط جعفر و ستّة رجال من عمّان:محمد و صالح و داود و هواشب و كوش و يونس و رجل من العارة مالك و رجلان من صنعاء:يحيي و أحمد و رجل من كرمان عبد اللّه و أربعة

ص: 190

رجال من صنعا:جبرئيل و حمزة و يحيي و سميع و رجلان من عدن:عون و موسي و رجل من لونجه كوثر و رجلان من ممد:علي و صالح و ثلاثة رجال من الطائف:علي و سبا و زكريا و رجل من هجر عبد القدوس و رجلان من الخط:عزيز و مبارك و خمسة رجال من جزيرة أوال و هي البحرين:عامر و جعفر و نصير و بكير و ليث و رجل من الكبش فهد،و رجل من الجدا إبراهيم و أربعة رجال من مكة:

عمر و إبراهيم و محمد و عبد اللّه و عشرة من المدينة علي أسماء أهل البيت:علي و حمزة و جعفر و عبّاس و طاهر و حسن و حسين و قاسم و إبراهيم و محمد و أربعة رجال من الكوفة:محمد و غياث و هود و عتاب و رجل من مرو حذيفة و رجلان من نيشابور:علي و مهاجر و رجلان من سمرقند:علي و مجاهد و ثلاثة رجال من كازرون:عمر و معمر و يونس و رجلان من الأسوس:شيبان و عبد الوهاب و رجلان من دستر:أحمد و هلال و رجلان من الضيف:عالم و سهيل و رجل من طائف اليمن هلال و رجلان من مرقون:بشر و شعيب و ثلاثة رجال من بروعة:يوسف و داود و عبد اللّه و رجلان من عسكر:مكرم الطيب و ميمون و رجل من واسط عقيل و ثلاثة رجال من الزوراء:عبد المطلب و أحمد و عبد اللّه و رجلان من سر من رأي:مرائي و عامر و رجل من السهم جعفر و ثلاثة رجال من سيلان:

نوح و حسن و جعفر و رجل من كرخا بغداد قاسم و رجلان من نوبة:واصل و فاضل و ثمانية رجال من قزوين:هارون و عبد اللّه و جعفر و صالح و عمر و ليث و علي و محمد و رجل من البلخ حسن و رجل من المداغة صدقه و رجل من قم يعقوب و أربعة و عشرون من الطالقان و هم الذين ذكرهم رسول اللّه فقال إنّي أجد بالطالقان كنزا ليس من الذهب و لا فضّة فهم هؤلاء كنزهم اللّه فيها و هم:صالح و جعفر و يحيي و هود و فالح و داود و جميل و فضيل و عيسي و جابر و خالد و علوان و عبد اللّه و أيّوب و ملاعب و عمر و عبد العزيز و لقمان و سعد و قبضة و مهاجر و عبدون و عبد الرحمن و علي و رجلان من سحار:

أبان و علي و رجلان من سرخس:ناحية و حفص و رجل من الأنبار علوان و رجل من القادسية حصين و رجل من الدورق عبد الغفور.

و ستّة رجال من الحبشة:إبراهيم و عيسي و محمد و حمدان و أحمد و سالم و رجلان من الموصل:هارون و فهد و رجل من بلقا صادق و رجلان من نصيبين:أحمد و علي و رجل من سنجار محمد و رجلان من خراسان:نكبة و مسنون و رجلان من أرمنية:أحمد و حسين و رجل من اصفهان يونس و رجل من وهان حسين و رجل من الري مجمع و رجل من دنيا شعيب و رجل من هراش نهروش و رجل من سلماس هارون و رجل من بلقيس محمد و رجل من الكرد عون و رجل من الحبش كثير و رجلان من الخلاط:محمد و جعفر و رجل من الشوبا عمير و رجلان من البيضا:سعد و سعيد و ثلاثة رجال من الضيعة:زيد و علي و موسي و رجل من أوس محمد و رجل من الانطاكية عبد الرحمن و رجلان من حلب:صبيح و محمد و رجل من حمص جعفر و رجلان من دمشق:داود و عبد الرحمن و رجلان من الرملية طليق و موسي و ثلاثة رجال من بيت المقدس:بشر و داود و عمران و خمسة رجال من عسقلان:محمد و يوسف و عمر و فهد و هارون و رجل من عنزة عمير و رجلان من عكة:مروان

ص: 191

و سعد و رجل من عرفة فرخ و رجل من الطبرية فليح و رجل من البلسان عبد الوارث و أربعة رجال من الفسطاط من مدينة فرعون لعنه اللّه:أحمد و عبد اللّه و يونس و ظاهر و رجل من بالس نصير و أربعة رجال من الإسكندرية:حسن و محسن و شبيل و شيبان و خمسة رجال من جبل اللكام:عبد اللّه و عبيد اللّه و قادم و بحر و طالوت و ثلاثة رجال من السادة:صليب و سعدان و شبيب و رجلان من الإفرنج:

علي و أحمد و رجلان من اليمامة:ظافر و جميل.

و أربعة عشر رجلا من المعادة:سويد و أحمد و محمد و حسن و يعقوب و حسين و عبد اللّه و عبد القديم و نعيم و علي و خيان و ظاهر و تغلب و كثير و رجل من الموطة معشر و عشرة رجال من عبادان:

حمزة و شيبان و قاسم و جعفر و عمر و عامر و عبد المهيمن و عبد الوارث و محمد و أحمد و أربعة عشر من اليمن:جبير و حويش و مالك و كعب و أحمد و شيبان و عامر و عمّار و فهد و عاصم و حجرش و كلثوم و جابر و محمد و رجلان من بدو مصر:عجلان و دراج و ثلاثة رجال من بدو أعقيل:منبة و ضابط و عريان و رجل من بدو أغير عمر و رجل من بدو شيبان نهراش و رجل من تميم ريان و رجل من بدو قسين جابر و رجل من بدو كلاب مطر و ثلاثة رجال من موالي أهل البيت:عبد اللّه و مخنف و براك و أربعة رجال من موالي الأنبياء:صباح و صياح و ميمون و هود و رجلان مملوكان عبد اللّه و ناصح و رجلان من الحلّة محمد و علي و ثلاثة رجال من كربلاء:حسين و حسين و حسن و رجلان من النجف:جعفر و محمد و ستّة رجال من الأبدال كلّهم أسماءهم عبد اللّه فقال علي عليه السّلام:إنّهم هؤلاء يجتمعون كلّهم من مطلع الشمس و مغربها و سهلها و جبلها يجمعهم اللّه تعالي في أقلّ من نصف ليلة فيأتون إلي مكّة فلا يعرفونهم أهل مكة فيقولون كبستنا أصحاب السفياني فإذا تجلّي لهم الصبح يرونهم طائفين و قائمين و مصلّين فينكرونهم أهل مكّة،ثمّ إنّهم يمضون إلي المهدي و هو مختف تحت المنارة فيقولون له:أنت المهدي؟فيقول لهم:نعم يا أنصاري ثمّ إنّه يخفي نفسه عنهم لينظرهم كيف هم في طاعته فيمضي إلي المدينة فيخبرونهم أنّه لاحق بقبر جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيلحقونه بالمدينة فإذا أحسّ بهم يرجع إلي مكّة فلا يزالون علي ذلك ثلاثا ثمّ يتراءي لهم بعد ذلك بين الصفا و المروة فيقول:إنّي لست قاطعا أمرا حتّي تبايعوني علي ثلاثين خصلة تلزمكم لا تغيّرون منها شيئا و لكم عليّ ثماني خصال،فقالوا:سمعنا و أطعنا فاذكر لنا ما أنت ذاكره يابن رسول اللّه فيخرج إلي الصفا فيخرجون معه فيقول:أبايعكم علي أن لا تولّوا دبرا و لا تسرقوا و لا تزنوا و لا تفعلوا محرما و لا تأتوا فاحشة و لا تضربوا أحدا إلاّ بحقّ و لا تكنزوا ذهبا و لا فضّة و لا برّا و لا شعيرا و لا تخرّبوا مسجدا و لا تشهدوا زورا و لا تقبحوا علي مؤمن و لا تأكلوا ربا.

و أن تصبروا علي الضراء و لا تلعنون موحّدا و لا تشربون مسكرا و لا تلبسون الذهب و لا الحرير و لا الديباج و لا تتبعون هزيما و لا تسفكون دما حراما و لا تغدرون بمسلم و لا تبقون علي كافر و لا منافق و لا تلبسون الخزّ من الثياب و تتوسّدون التراب و تكرهون الفاحشة و تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر فإذا فعلتم ذلك فلكم عليّ أن لا أتّخذ صاحبا سواكم و لا ألبس إلاّ مثل ما تلبسون و لا

ص: 192

آكل إلاّ مثل ما تأكلون و لا أركب إلاّ كما تركبون و لا أكون إلاّ حيث تكونون و أمشي حيث ما تمشون و أرضي بالقليل و أملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا و نعبد اللّه حقّ عبادته و أوفي لكم أوفوا إليّ فقالوا:رضينا و بايعناك علي ذلك فيصافحهم رجلا رجلا.ثمّ إنّه بعد ذلك يظهر بين الناس فتخضع له العباد و تنقاد له البلاد و يكون الخضر ربيب دولته و أهل همدان وزراءه و خولان جنوده و حمير أعوانه و مضر قوّداه،و يكثر اللّه جمعه و يشتدّ ظهره ثمّ يسير بالجيوش حتّي يصير إلي العراق و الناس خلفه و أمامه علي مقدّمته رجل إسمه عقيل و علي ساقته رجل اسمه الحارث فيلحقه رجل من أولاد الحسن في إثني عشر ألف فارس و يقول:يابن العمّ أنا أحقّ منك بهذا الأمر لأنّي من ولد الحسن و هو أكبر من الحسين فيقول المهدي:إنّي أنا المهدي فيقول له:هل عندك آية أو معجزة أو علامة فينظر المهدي إلي طير في الهواء فيومي إليه فيسقط في كفّه فينطق بقدرة اللّه تعالي و يشهد له بالإمامة ثمّ يغرس قضيبا يابسا في بقعة من الأرض ليس فيها ماء فيخضرّ و يورق و يأخذ جلمودا كان في الأرض من الصخر فيفركه بيده و يعجنه مثل الشمع فيقول الحسني:الأمر لك فيسلّم و تسلّم جنوده و يكون علي مقدّمته رجل إسمه كاسمه ثمّ يسير حتّي يفتح خراسان ثمّ يرجع إلي مدينة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيسمع بخبره جميع الناس فتطيعه أهل اليمن و أهل الحجاز و تخالفه ثقيف.ثمّ إنّه يسير إلي الشام إلي حرب السفياني فتقع صيحة بالشام:ألا و إن الأعراب أعراب الحجاز قد خرجت إليكم فيقول السفياني لأصحابه:ما تقولون في هؤلاء؟

فيقولون:نحن أصحاب حرب و نبل و عدّة و سلاح،ثمّ إنّهم يشجعونه و هو عالم بما يراد به فقامت إليه جماعة من أهل الكوفة و قالوا:يا أمير المؤمنين ما اسم هذا السفياني؟فقال عليه السّلام:اسمه حرب بن عنبسة بن مرّة بن كليب بن ساهمة بن زيد بن عثمان بن خالد و هو من نسل يزيد بن معاوية بن أبي سفيان،ملعون في السماء و الأرض،أشرّ خلق اللّه تعالي و ألعنهم جدّا و أكثرهم ظلما،ثمّ إنّه يخرج بجيشه و رجاله و خيله في مائتي ألف مقاتل فيسير حتّي ينزل الحيرة،ثمّ إنّ المهدي(عج)يقدم بخيله و رجاله و جيشه و كتائبه و جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله و النصر بين يديه و الناس يلحقونه في جميع الآفاق حتّي يأتي أوّل الحيرة قريبا من السفياني و يغضب لغضب اللّه سائرا من خلقه حتّي الطيور في السماء ترميهم بأجنحتها و إنّ الجبال ترميهم بصخورها و يجري بين السفياني و بين المهدي(عج)حرب عظيم حتّي يهلك جميع عسكر السفياني فينهزم و معه شرذمة قليلة من أصحابه فيلحقه رجل من أنصار القائم اسمه صياح و معه جيش فيستأسره فيأتي به إلي المهدي و هو يصلّي العشاء الآخرة فيخفّف صلاته فيقول السفياني:يابن العم استبقني أكون لك عونا فيقول لأصحابه:ما تقولون فيما يقول فإنّي آليت علي نفسي لا أفعل شيئا حتّي ترضوه،فيقولون:و اللّه ما نرضي حتّي تقتله لأنّه سفك الدماء التي حرّم اللّه سفكها و أنت تريد أن تمنّ عليه بالحياة،فيقول لهم المهدي:شأنكم و إيّاه فيأخذه جماعة منهم فيضجعونه علي شاطئ الهجير تحت شجرة مدلاة بأغصانها فيذبحونه كما يذبح الكبش و عجّل اللّه بروحه إلي النار.

ص: 193

قال:فيتّصل خبره إلي بني كلاب أنّ حرب بن عنبسة قتل،قتله رجل من ولد علي بن أبي طالب عليه السّلام فيرجعون بنو كلاب (1)إلي رجل من أولاد ملك الروم يبايعونه علي قتال المهدي و الأخذ بثأر حرب بن عنبسة فتضمّ إليه بنو ثقيف فيخرج ملك الروم في ألف سلطان و تحت كلّ سلطان ألف مقاتل فينزل علي بلد من بلدان القائم تسمّي طرشوس فينهب أموالهم و أنعامهم و حريمهم و يقتلون رجالهم و ينقض أحجارها حجرا علي حجر و كأنّي بالنساء و هن مردفات علي ظهور الخيل خلف العلوج خيلهن تلوح في الشمس و القمر فينتهي الخبر إلي القائم فيسير إلي ملك الروم في جيوشه فيواقعه في أسفل الرقة بعشرة فراسخ فتصبح بها الوقعة حتّي يتغيّر ماء الشط بالدم و ينتن جانبها بالجيف الشديدة فيهزم ملك الروم إلي الإنطاكية فيتبعه المهدي إلي فئة العبّاس تحت القطوار فيبعث ملك الروم إلي المهدي و يؤدّي له الخراج فيجيبه إلي ذلك حتّي علي أن لا يروح من بلد الروم و لا يبقي أسير عنده إلاّ أخرجه إلي أهله فيفعل ذلك و يبقي تحت الطاعة،ثمّ إنّ المهدي يسير إلي حي بني كلاب من جانب البحيرة حتّي ينتهي إلي دمشق و يرسل جيشا إلي أحياء بني كلاب و يسبي نساءهم و يقتل أغلب رجالهم فيأتون بالأساري فيؤمنون به فيبايعونه علي درج دمشق بمسمومات البخس و النقض،ثمّ إنّ المهدي يسير هو و من معه من المؤمنين بعد قتل السفياني فينزلون علي بلد من بلاد الروم فيقولون:لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه فتتساقط حيطانها،ثمّ إنّ المهدي(عج)يسير هو و من معه فينزل قسطنطنية في محل ملك الروم فيخرج منها ثلاثة كنوز:كنز من الجواهر و كنز من الذهب و كنز من الفضّة ثمّ يقسّم المال علي عساكره بالقفافيز،ثمّ إنّ المهدي(عج)يسير حتّي ينزل أرمينية الكبري فإذا رأوه أهل أرمينية أنزلوا له راهبا من رهبانهم كثير العلم فيقولون:انظر ماذا يريدون هؤلاء فإذا أشرف الراهب علي المهدي(عج)فيقول الراهب:أ أنت المهدي؟

فيقول:نعم أنا المذكور في إنجيلكم أنا أخرج في آخر الزمان،فيسأله الراهب عن مسائل كثيرة فيجيبه عنها فيسلم الراهب و يمتنع أهل أرمينية فيدخلونها أصحاب المهدي فيقتلون فيها خمسمائة مقاتل من النصاري ثمّ يعلق مدينتهم بين السماء و الأرض بقدرة اللّه تعالي فينظر الملك و من معه إلي مدينتهم و هي معلّقة عليهم و هو يومئذ خارج عنها بجميع جنوده إلي قتال المهدي فإذا نظر إلي ذلك ينهزم و يقول لأصحابه خذوا لكم مهربا فيهرب أوّلهم و آخرهم فيخرج عليهم أسد عظيم فيزعق في وجوههم فيلقون ما في أيديهم من السلاح و المال و تتبعهم جنود المهدي فيأخذون أموالهم و يقسّمونها فيكون لكلّ واحد من تلك الألوف مائة ألف دينار و مائة جارية و مائة غلام،ثمّ إنّ المهدي يسير إلي بيت المقدس و يستخرج تابوت السكينة و خاتم سليمان بن داود عليهما السّلام و الألواح التي نزلت علي موسي،ثمّ يسير المهدي إلي مدينة الزنج الكبري و فيها ألف سوق و في كلّ سوق ألفع.

ص: 194


1- هذا علي لغة أكلوني البراغيث،و علي اللغة المشهورة كان ينبغي أن يقال:فيرجع بنو كلاب،و قد تكرر هذا في أكثر من موضع.

دكّان فيفتحها،ثمّ يأتي إلي مدينة يقال لها قاطع و هي علي البحر الأخضر المحيط بالدنيا و طول المدينة ألف ميل و عرضها ألف ميل فيكبّرون عليها ثلاث تكبيرات فتتساقط حيطانها و تنقطع جدرانها فيقتلون فيها مائة ألف مقاتل و يقيم المهدي فيها سبع سنين فيبلغ سهم الرجل من تلك المدينة مثل ما أخذوه من الروم عشر مرّات،ثمّ يخرج منها و معه مائة ألف موكب و كلّ موكب يزيد علي خمسين مقاتلا فينزل علي ساحل فلسطين بين عكّة و سور غزّة و عسقلان فيأتيه خبر الأعور الدجّال بأنّه قد أهلك الحرث و النسل؛و ذلك أنّ الأعور الدجّال يخرج من بلدة يقال لها يهوداء،و هي قرية من قري أصفهان و هي بلدة من بلدان الأكاسرة،له عين واحدة في جبهته كأنّها الكوكب الزاهر،راكب علي حمار خطوته مدّ البصر و طوله سبعون ذراعا و يمشي علي الماء مثل ما يمشي علي الأرض،ثمّ ينادي بصوته يبلغ ما يشاء اللّه و هو يقول:إليّ إليّ يا معاشر أوليائي فأنا ربّكم الأعلي الذي خلق فسوّي و الذي قدّر فهدي و الذي أخرج المرعي فتتبعه يومئذ أولاد الزنا و أسوأ الناس من أولاد اليهود و النصاري و تجتمع معه ألوف كثيرة لا يحصي عددهم إلاّ اللّه تعالي ثمّ يسير و بين يديه جبلان:جبل من اللحم و جبل من الخبز الثريد فيكون خروجه في زمان قحط شديد،ثمّ يسير الجبلان بين يديه و لا ينقص منه شيء فيعطي كلّ من أقرّ له بالربوبية.

فقال عليه السّلام:معاشر الناس ألا و إنّه كذّاب ملعون ألا فاعلموا أنّ ربّكم ليس بأعور و لا يأكل الطعام و لا يشرب الشراب و هو حيّ لا يموت بيده الخير و هو علي كلّ شيء قدير.

قال الراوي:فقامت إليه أشراف أهل الكوفة و قالوا:يا مولانا و ما بعد ذلك؟قال عليه السّلام:ثمّ إنّ المهدي يرجع إلي بيت المقدس فيصلّي بالناس أيّاما فإذا كان يوم الجمعة و قد أقيمت الصلاة فينزل عيسي ابن مريم في تلك الساعة من السماء عليه ثوبان أحمران و كأنّما يقطر من رأسه الدهن و هو رجل صبيح المنظر و الوجه أشبه الخلق بأبيكم إبراهيم فيأتي إلي المهدي و يصافحه و يبشّره بالنصر فعند ذلك يقول له المهدي:تقدّم يا روح اللّه و صلّ بالناس،فيقول عيسي:بل الصلاة لك يابن بنت رسول اللّه،فعند ذلك يؤذن عيسي و يصلّي خلف المهدي(عج)فعند ذلك يجعل عيسي خليفة علي قتال الأعور الدجّال ثمّ يخرج أميرا علي جيش المهدي و إنّ الدجّال قد أهلك الحرث و النسل و صاح علي أغلب أهل الدنيا و يدعو الناس لنفسه بالربوبية فمن أطاعه أنعم عليه و من أبي قتله و قد وطئ الأرض كلّها إلاّ مكّة و المدينة و بيت المقدس و قد أطاعته جميع أولاد الزنا من مشارق الأرض و مغاربها ثمّ يتوجّه إلي أرض الحجاز فيلحقه عيسي عليه السّلام علي عقبة هرشا فيزعق عليه عيسي زعقة و يتبعها بضربة فيذوب الدجّال كما يذوب الرصاص و النحاس في النار.ثمّ إنّ جيش المهدي يقتلون جيش الأعور الدجّال في مدّة أربعين يوما من طلوع الشمس إلي غروبها ثمّ يطهرون الأرض منهم و بعد ذلك يملك المهدي مشارق الأرض و مغاربها و يفتحها من جابرقا إلي جابرصا و يستتم أمره و يعدل بين الناس حتّي ترعي الشاة مع الذئب في موضع واحد و تلعب الصبيان بالحيّة و العقرب و لا

ص: 195

يضرّهم و يذهب الشرّ و يبقي الخير و يزرع الرجل الشعير و الحنطة فيخرج من كلّ منّ مائة منّ كما قال اللّه تعالي: فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (1).

و يرتفع الزنا و الربا و شرب الخمر و الغناء و لا يعمله أحد إلاّ و قتله المهدي و كذا تارك الصلاة و يعتكفون الناس علي العبادة و الطاعة و الخشوع و الديانة و كذا تطول الأعمار و تحمل الأشجار الأثمار في كلّ سنة مرّتين و لا يبقي أحد من أعداء آل محمّد المصطفي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ و هلك ثمّ إنّه تلا قوله تعالي: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّي بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسي وَ عِيسي أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَي الْمُشْرِكِينَ (2).

قال:ثمّ إنّ المهدي يفرّق أصحابه و هم الذين عاهدوه في أوّل خروجه فيوجّههم إلي جميع البلدان و يأمرهم بالعدل و الإحسان و كلّ رجل منهم يحكم علي إقليم من الأرض و يعمرون جميع مدائن الدنيا بالعدل و الإحسان ثمّ إنّ المهدي يعيش أربعين سنة في الحكم حتّي يطهّر الأرض من الدنس قال:فقامت إلي أمير المؤمنين عليه السّلام السادات من أولاد الأكابر و قالوا:و ما بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال عليه السّلام:بعد ذلك يموت المهدي و يدفنه عيسي بن مريم في المدينة بقرب قبر جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقبض الملك روحه من الحرمين و كذلك يموت عيسي و يموت أبو محمّد الخضر و يموت جميع أنصار المهدي و وزراؤه و تبقي الدنيا إلي حيث ما كانوا عليه من الجهالات و الضلالات و ترجع الناس إلي الكفر فعند ذلك يبدأ اللّه بخراب المدن و البلدان،فأمّا المؤتفكة فيطمي عليها الفرات و أمّا الزوراء فتخرب من الوقائع و الفتن و أمّا واسط فيطمي عليها الماء و أذربيجان يهلك أهلها بالطاعون و أمّا موصل فتهلك أهلها من الجوع و الغلاء و أمّا الهرات يخرّبها المصري و أمّا القرية تخرّب من الرياح و أمّا حلب تخرّب من الصواعق و تخرّب الإنطاكية من الجوع و الغلاء و الخوف و تخرّب الصعالية من الحوادث و تخرّب الخط من القتل و النهب و تخرب دمشق من شدّة القتل و تخرب حمص من الجوع و الغلاء،و أمّا بيت المقدس فإنّه محفوظ إلي يأجوج و مأجوج لأنّ بيت المقدس فيه آثار الأنبياء،و تخرّب مدينة رسول اللّه من كثرة الحرب و تخرّب الهجر بالرياح و الرمل و تخرب جزيرة أوال من البحرين و تخرب قيس بالسيف و تخرب كيش بالجوع.

ثمّ يخرج يأجوج و مأجوج و هم صنفان:الصنف الأوّل طول أحدهم مائة ذراع و عرضه سبعون ذراعا،و الصنف الثاني طول أحدهم ذراع و عرضه ذراع يفترش أحدهم أذنيه و يلتحف بالاخري و هم أكثر عددا من النجوم فيسيحون في الأرض فلا يمرّون بنهر إلاّ و شربوه و لا جبل إلاّ لحسوه و لا وردوا علي شط إلاّ نشفوه،ثمّ بعد ذلك تخرج دابة من الأرض لها رأس كرأس الفيل و لها وبر3.

ص: 196


1- سورة البقرة،الآية:261.
2- سورة الشوري،الآية:13.

و صوف و شعر و ريش من كلّ لون و معها عصا موسي و خاتم سليمان فتنكت وجه المؤمن بالعصا فتجعله أبيضا و تنكت وجه الكافر بالخاتم فتجعله أسودا و يبقي المؤمن مؤمنا و الكافر كافرا ثمّ ترفع بعد ذلك التوبة فلا تنفع نفس إيمانها إن لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.

قال الراوي:فقامت إليه أشراف العراق و قالوا له:يا مولانا يا أمير المؤمنين نفديك بالآباء و الامّهات بيّن لنا كيف تقوم الساعة و أخبرنا بدلالاتها و علاماتها،فقال عليه السّلام:من علامات الساعة يظهر صائح في السماء و نجم في السماء له ذنب في ناحية المغرب و يظهر كوكبان في السماء في المشرق ثمّ يظهر خيط أبيض في وسط السماء و ينزل من السماء عمود من نور ثمّ ينخسف القمر ثمّ تطلع الشمس من المغرب فيحرق حرّها شجر البراري و الجبال ثمّ تظهر من السماء فتحرق أعداء آل محمّد حتّي تشوي وجوههم و أبدانهم ثمّ يظهر كفّ بلا زند و فيها قلم يكتب في الهواء و الناس يسمعون صرير القلم و هو يقول:و اقترب الوعد الحقّ فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا،فتخرج يومئذ الشمس و القمر و هما منكسفتا النور فتأخذ الناس الصيحة،التاجر في بيعه و المسافر في متاعه و الثوب في مسداته و المرأة في غزلها (1)و إذا كان الرجل بيده طعام فلا يقدر أن يأكله،و يطلع الشمس و القمر و هما أسودا اللون و قد وقعا في زوال (2)خوفا من اللّه تعالي و هما يقولان:إلهنا و خالقنا و سيّدنا لا تعذّبنا بعذاب عبادك المشركين و أنت تعلم طاعتنا و الجهد فينا و سرعتنا لمضي أمرك و أنت علاّم الغيوب،فيقول اللّه تعالي:صدقتما و لكنّي قضيت في نفسي أنّي أبدأ و أعيد و أنّي خلقتكما من نور عزّتي فيرجعان إليه فيبرق كلّ واحد منهما برقة تكاد تخطف الأبصار و يختلطان بنور العرش فينفخ في الصور فصعق من في السماوات و من في الأرض إلاّ ما شاء اللّه تعالي،ثمّ ينفخ فيه أخري فإذا هم قيام ينظرون فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون.

قال الراوي:فبكي علي عليه السّلام بكاء شديدا حتّي بلّ لحيته بالدموع ثمّ انحدر عن المنبر و قد أشرفت الناس علي الهلاك من هول ما سمعوه.

قال الراوي:فتفرّقت الناس إلي منازلهم و بلدانهم و أوطانهم و هم متعجّبون من كثرة فهمه و غزارة علمه و قد اختلفوا في معناه اختلافا عظيما (3).

***ة.

ص: 197


1- في بعض النسخ:نسجها.
2- في بعض النسخ:زلازل.
3- الخطبة بطولها في نفحات الأزهار:80/12 بتفاوت،و انظر ينابيع المودّة:205/3 ط.دار الأسوة.

خطبة التطنجية

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي فتق الأجواء و خرق الهواء (1)و علق (2)الأرجاء و أضاء الضياء و أحيي الموتي و أمات الأحياء.أحمده حمدا سطع فارتفع و أينع و لمع و ابتدع فانفزع و هاع و لاع و شعشع فلمع،يتصاعد في السماء إرسالا و يذهب في الجو اعتدالا خلق السماوات (3)بلا دعائم و أقامها بغير قوائم و زيّنها بالكواكب المضيئات و حبس في الجو سحائب مكفهرات و خلق (4)الجبال و البحار علي تلاطم تيّار رفيق فتق رتاجها فتغطمطت (5)أمواجها (6)،أحمده و له الحمد و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله (7)انتخبه من البحبوحة (8)العليا و أرسله في العرب العرباء و ابتعثه هاديا مهديا و حلاحلا راضيا مرضيّا طلسميا،فأقام به الدلائل و ختم به الرسائل و نصر به المسلمين و أظهر به الدين صلّي اللّه عليه و آله الطاهرين.

أيّها الناس (9)أنيبوا إلي شيعتي و التزموا ببيعتي و واظبوا علي الدين بحسن اليقين و تمسّكوا بوصي نبيّكم الذي به نجاتكم و بحبّه يوم المحنة منجاتكم،فأنا الأمل و المأمول و الفاضل و وصي الرسول أنا قاسم الجنّة و النار أنا الواقف علي التطنجين (10)أنا الناظر في المشرقين و المغربين رأيت و اللّه الأفرودوس (11)من رأي العين و هو في البحر السابع الذي يجري فيه الفلك في ذخاخيرة (12)النجوم و الفلك و الحبك (13)و رأيت الأرض ملتفّة كالتفاف الثوب المقصور و هي في خرق من التطنج الأيمن من الجانب ممّا يلي المشرق،و التطنجان خليجان من ماء كأنّهما أيسار تطنجين و أنا المتولّي دائرتها و ما أفرودوس و ما هم فيه إلاّ كالخاتم في الإصبع،و لقد رأيت الشمس عند غروبها و هي

ص: 198


1- في بعض النسخ:الفضاء.
2- في بعض النسخ:شق.
3- في بعض النسخ:بلا عمد تحتها و لا علايق فوقها.
4- في بعض النسخ:خول.
5- التغطمط:شدة الغليان(تاج العروس:192/5).
6- في بعض النسخ:و أجراها بمعرفته و علمه و أحمده علي نعمه و أشكره علي قسمه و أستهديه إلي هدايته.
7- في بعض النسخ:و خيرته من خلقه أرسله خير البشر و أكرم به النذر و البحر العليا من مضر أهل الوفاء و الكرم و السخاء و الحرم و المآثر و القدم و السطوات و النعم.
8- البحبوحة:وسط الشيء.
9- في بعض النسخ:هلموا إلي بيعتي بحسن اليقين و المواظبة علي الدين و الإقرار بوصية نبيّكم الذي نجيتم بولايته و أفلحتم بحسن منقلبكم و مثواكم.
10- في الذريعة(201/7)التطنجان:خليجان من ماء.
11- في المشارق:رأيت رحمة الله و الفردوس.
12- في المشارق:زخاخيره.
13- الحبك:أخذ القول في القلب(كتاب العين:257/3).

كالطير المنصرف إلي وكره و لو لا اصطكاك رأس أفرودوس و اختلاط التطنجين و صرير الفلك لسمع من في السماوات و من في الأرض رميم حميم دخولها في الماء الأسود في العين الحمئة و لقد علمت (1)من عجائب خلق اللّه ما لا يعلمه إلاّ اللّه (2)و لقد كيّف لي فعرفت و علّمني ربّي فتعلّمت، ألا فعوا و لا تضجوا و لا ترتجوا فلو لا خوفي عليكم أن تقولوا جن أو ارتدّ لأخبرتكم[بما كان و ما يكون إلي يوم القيامة و ما يلقونه وقتا بوقت و يوما بيوم و عصرا بعد عصر و عاما بعد عام و لقد علمت علم اليقين إلي صاحب شريعتكم هذه]بما كانوا عليه و أنتم فيه و ما تلقونه إلي يوم القيامة،علم أوعي إليّ فعلمت و لقد ستر علمه عن جميع النبيّين إلاّ صاحب شريعتكم هذه صلّي اللّه عليه و آله فعلّمني علمه و علّمته علمي ألا إنّا نحن النذر الاولي و نحن النذر الآخرة و الاولي و نذر كلّ وقت و أوان بنا هلك من هلك و بنا نجا من نجا فلا (3)تستعظموا ذلك فينا.

فو الذي فلق الحبّة و برأ النسمة و تفرّد بالجبروت و العظمة لقد سخرت لي الشمس و الرياح و الجن و الهوام و الطيور و الأشجار و البحار،و إنّكم تستعظمون ملك سليمان و ما سليمان لو عرفتموه و كشف لكم رأيتموه سلكتم في أنفسكم،نحن كنّا مع آدم و كنّا مع نوح و كنّا مع موسي و كنّا مع عيسي و داود و سليمان و ما بينهم و بين النبيين فكلّ إلينا و فينا و بنا،فقال له رجل:يا أمير المؤمنين ألا فأديل و نقلناها عنك و نتحدّث فيها بعدك و نسأل عن معانيها فلا ندري ما هي فقال:هيهات هيهات لنسب لا سبب و عدل عادل هذا علم لا حدّ له جاش تياره فبعذر يجري فيقذف ما فيه لم يسعني السكوت عنه و إلا ما سأل عمّا أعطيت و أحاط به علمي،ألا و فوق ذلك و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة عرضت لي و أعرضت عنها،أنا سحاب الدنيا لوجهها فحتي متي يلحق بي اللاحق،لقد علمت ما فوق الفردوس الاولي و ما تحت السابعة السفلي و ما في السماوات العلي و ما بينها و ما تحت الثري،كلّ ذلك علم الإحاطة لا علم إخبار،أقسم بربّ العرش العظيم لو شئت أخبرتكم بآبائكم و أسلافكم أين كانوا ممّن كانوا و أين هم و ما صاروا إليه فكم من آكل منكم أكل لحم أخيه و شارب برأس أبيه و هو يشتاقه و يرتجيه غدا،هيهات هيهات إذا انكشف المسطور و يحصّل ما في الصدور و علم واردات الضمير و تعلمون المصير و أيم اللّه قد كورتم كورات و كررتم كرّات و كم من بين كرّة و كرّات و كم من آية و آيات و ما بين مقتول و ميّت و بعض في حواصل الطيور (4)و بعض في بطون الوحوش و الناس ما بين ماض و راج و رائح و غاد،لو كشف لكم ما كان مني في القديم الأوّلف.

ص: 199


1- في بعض النسخ:رأيت من.
2- في بعض النسخ:و علم ما كان و ما يكون و ما أنا إلي الزمن الأوّل مع من تقدّم مع آدم الأوّل.
3- في بعض النسخ:يعظم ذلك في أعينكم فوحق من سطح الأرض و دحاها و رفع السماء و بناها.
4- في بعض النسخ:ابن أمل فوق ما أملتموه و ملك أضعاف ما ملكتموه و الناس كذلك بين رائح و غاد لو كشف.

و ما يكون منّي في الآخر لرأيتم (1)عجائب مستعظمات و أمورا مستعجبات و صنائع و إحاطات،أنا صاحب الخلق الأوّل،أنا قبل نوح الأوّل و لو علمتم ما بين آدم و نوح من عجائب اصطنعتها و أمم أهلكتها فحق عليهم القول فبئس ما كانوا يفعلون،أنا صاحب الطوفان الأوّل.

[أنا صاحب بابل و الكارات،أنا صاحب الحيتان]أنا صاحب الطوفان الثاني أنا صاحب السيل العرم أنا صاحب الأسرار المكتومات أنا صاحب العاد و الجنات أنا صاحب ثمود و الآيات أنا مدمّرها أنا مزلزلها أنا مرجفها أنا مهلكها أنا مدبّرها أنا بانيها أنا داحيها أنا مميتها أنا محييها أنا الأوّل و أنا الآخر و أنا الباطن و أنا الظاهر أنا مع الكون و قبل الكون أنا في الذر و قبل الذر أنا مع الدور و قبل الدور أنا مع القلم قبل القلم أنا مع اللوح قبل اللوح أنا صاحب الأزلية الأوّلية[أنا مترك الترك و مدلس الأدليس أنا صاحب الوقوف و بهران]أنا صاحب جابلقا و جابرسا أنا صاحب الرفرف و بهام أنا مدبّر العالم الأوّل حين لا سماؤكم هذه و لا غبراؤكم فقام إليه (2)ابن صويرمة فقال:أنت أنت يا أمير المؤمنين فقال عليه السّلام:أنا أنا[سوي ربّي و ربّ الخلائق أجمعين خلق الأشياء بغير معين و دبّر الأشياء بقدرته و خضع كلّ شيء لهيبته]لا إله إلاّ اللّه ربّي و ربّ الخلائق أجمعين له الخلق و الأمر الذي دبّر الامور بحكمته و قامت السماوات و الأرضون بقدرته كأنّي بضعيفكم يقول:ألا تسمعون ما يدّعيه ابن أبي طالب في نفسه و بالأمس مكفهر (3)عليه عساكر أهل الشام فلا يخرج إليها؟و الذي بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و إبراهيم لأقتلن الشام بكم قتلات و أيّ قتلات،و حقّي و عظمتي لأقتلنّ بكم أهل الصفين سبعين قتلة و لأردنّ إلي كلّ مسلم حياة جديدة و لأسلمنّ إليه صاحبه و قاتله إلي أن يشفي غليل صدره منه،و لأقتلنّ بعمّار بن ياسر و أويس القرني ألف قتيل فسحقا للقوم الظالمين،أولي يقال:لا و كيف و أنّي و متي و أين و حتّي،فكيف بكم إذا رأيتم صاحب الشام ينشر بالمناشير و يقطع بالمساطير ثمّ لأذيقنّه أليم العذاب ألا فأبشروا (4)فإليّ يرد أمر الخلق غدا فلا تستعظم بما قلت فإنّا أعطينا علم المنايا و البلايا و التأويل و التنزيل و فصل الخطاب و علم النوازل و الوقائع فلا يعزب عنّا شيء و كأنّي بهذا[و أومي بيده إلي ولده يأتي من المدينة إلي كربلاء-و يقتل عطشانا و تقتل بين يديه رجال بايعوه علي الحقّ،و إنّي أراهم يفعل بهم كالإبل،تكاد الأرض تخسف بمن يفعل بهم،لو شئت سمّيت المقتولين رجلا رجلا و من يقتلهم بأسمائهم و أسماء أمّهاتهم و آبائهم و هاهم قريب منّي و أومي بيده إليهم فرأينا قبيله رجالا وجوههم أنور من القمر متغيّري الألوان نخاف الأجسام لم ير أحسن من وجوههم،لم تدر من أين أقبلوا هؤلاء الأنصار للحق،قال جابر:يا مولاي أين يكون هؤلاء؟ه.

ص: 200


1- في بعض النسخ:عظيما و دلائل بيّنات.
2- في بعض النسخ:فقال له رضيعه عرصه أين كنت يا أمير المؤمنين؟.
3- أي عابس قطوب.
4- في بعض النسخ:و إليّ يرد أمر الخلائق أجمعين أهلك من أريده و أنجي من أريده.

قال:يا جابر في ظهور آبائهم إلي الوقت المعلوم فينتقلون من الأصلاب الطاهرة إلي الأرحام الزاكية،ثمّ قال عليه السّلام:أنا أخلق و أرزق و أحيي و أميت تبارك اللّه و تقدّست أسماؤه.

قال جابر:يا مولاي فنحن علي الحقّ؟

قال:نعم و أنتم علي الحقّ و معه تكونون،يا جابر كيف بكم إذا صاح الناقوس]و أشار إلي الحسين عليه السّلام و قد نار نوره بين عينيه فأحضره بوقته بحنين طويل يزلزلها و يخسفها و صار معه المؤمنون من كلّ مكان و أيم اللّه لو شئت سمّيتهم رجلا رجلا بأسمائهم و أسماء آبائهم فهم يتناسلون من أصلاب الرجال و أرحام النساء إلي يوم الوقت المعلوم،ثمّ قال:يا جابر أنتم مع الحق و معه تكونون و فيه تموتون،يا جابر إذا صاح الناقوس و كبس الكابوس و تكلّم الجاموس فعند ذلك عجائب و أي عجائب،إذا أنار النار بأرض نصيبين و ظهرت راية العثمانية بوادي سود و اضطربت البصرة و غلب بعضهم بعضا و صبا كل قوم إلي قوم و اختلفت المقالات و حركت عساكر خراسان و تبع شعيب (1)بن صالح التميمي من بطن طالقان و بويع لسعيد السقوسي بخوزستان و عقدت الراية لعماليق كردان و تغلبت العرب علي بلاد الأرمن و السقلاب و أذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سفيان فتوقعوا ظهور مكلّم موسي من الشجرة علي الطور فيظهر،هذا ظاهر مكشوف و معاين موصوف،ألا و كم عجائب تركتها و دلائل كتمتها لا أجد لها حملة،أنا صاحب إبليس بالسجود و معذّبه و أنا معذّب جنوده عند التكبّر من السجود و أنا رافع إدريس مكانا عليا أنا منطق عيسي في المهد صبيا أنا مؤذن الميادين و واضع الأرض أنا قاسمها أخماسا فجعلت خمسا برا و خمسا بحرا و خمسا جبالا و خمسا عمارا و خمسا خرابا أنا خرقت القلزم من الرحيم و خرقت العقيم من الحميم و خرقت كلاّ من كل و خرقت بعضا من بعض أنا طيبوثا أنا جاينوثا أنا البارجلون أنا عليوثوتا أنا المشرف علي البحار في قواليم أقاليم الزخار عند التيار حتي يخرج لي ما أعد لي فيه من الخيل و الرجل فأتخذ ما أحببت و أترك ما أردت،ثمّ أسلّم إلي عمّار بن ياسر اثني عشر ألف أدهم علي كل أدهم منها محب للّه و لرسوله،مع كل واحد إثنا عشر ألف كتيبة لا يعلم عددها (2)إلاّ اللّه الذي خلقها و أعلم عددها،ألا فأبشروا فأنتم نعم الإخوان،ألا و إنّ لكم بعد الحين طرقة تعلمون بها بعض البيان و ينكشف لكم صنائع البرهان عند طلوع بهرام و كيوان علي دقائق الإقتران فعندها تتواتر الهدات (3)و الزلازل و تقبل الرايات من شاطئ جيحون إلي بلاد بابل.

أنا مبرج الأبراج و عاقد الرتاج و مفتح الأفراج و باسط الفجاج أنا صاحب الطور يوم التجلّي لموسي بن عمران أنا كاشف لما خرّ موسي صعقا،أنا ذلك النور الظاهر أنا صاحب موسي أنا صاحب المأوي أنا ذلك البرهان الباهر و إنّما كشف لموسي شقص من شقص الذر من المثقال و كلة.

ص: 201


1- في بعض النسخ:و بويع لشعيب.
2- في بعض النسخ:لا يعدّها.
3- في بعض النسخ:الفترة.

ذلك بعلم اللّه ذي الجلال،أنا صاحب جنّات عدن و الخلود أنا مجري الأنهار من ماء تيّار و أنهار من لبن و أنهار من عسل مصفي و أنهار من خمر لذّة للشاربين.أنا قاسم الجنان أنا دارس الإسلام أنا آخر الوقت أنا حميت جهنّم و سمّيتها جحيم و سجيل و جعلتها طبقات فمنها السعير و الثبور أعددتها للمنافقين و أخري عميوس أعددتها للظالمين أنا أودعت ذلك كلّه وادي برهوت و هو الفلق و ربّ ما فلق و يخلد فيها الجبت و الطاغوت و من عبدهما و من كفر بذي العزّ و الجبروت الحي الذي لا يموت.

أنا الجنان الموصوفات بوادي السلام و الدار الخلد أنا صانع الأقاليم و المنزل البركات من اللّه الحكيم العليم،أنا الكلمة التي بها تمّت الامور و دهرت الدهور أنا جعلت الأقاليم أرباعا و الجزائر سبعا فإقليم الجنوب معدن البركات و إقليم الشمال معدن السطوات و إقليم الصبا معدن الزلازل و إقليم الدبور معدن الهلكات فاستعيذوا من مهب الدبور (1)فمن هناك الصرصر الدبور بها أهلكت المتمرّدين حتّي جعلتهم كالرميم و أفنيت الأوّلين الذين تمرّدوا بالطغيان،ألا ويل لمدائنكم و أمصاركم من طغاة يظهرون فيعذبونكم إذا قضي من مضي من الجبابرة الذين لم يحسنوا سياسة المسلمين،إذا مضي الكهب و الكهيب و الكشير و القنير و النعمان و الشضيبان و المكسور و الكرشون و الشفصبان و الحوصبان و الهولب و الأقتم و الشهيط و النخيط هو قاتل الأقران و مفتي الشجعان و يأتي بعده الأديل و الأميل و الصعلوك و الصبي الدعوك يملك و يستوعب و يسير الآجال و يكثر الشدائد في دولة السلطان و النسوان،ثمّ يأتي بعد ذلك البهلول الأيدح (2)الأنددي الأريح (3)المشؤوم يومه، يظهر من بعده النوش (4)و ينشو العبوس؛إذ الأمر إلي العبد المعروف بالأرحب و مثله لما في الأرعب و استرعاها الديار و أسلمها العصيان و صارت إلي الصبيان فعند ذلك يتوقّع شنارها (5)و يكثر نفارها و ترتج الأقطار و الدعاة إلي كلّ باطل،هيهات هيهات توقّعوا حلول الفرج العظيم و إقباله فرجا فرجا إذا جعل اللّه حصيات النجف جواهر و جعلها تحت أقدام المؤمنين (6)و يهلك أهل النفاق و المارقين و يظهر معدن الياقوت الأحمر و خالص الدر و الجوهر،ألا و إن ذلك من أبين العلامات فإذا كان لاح ضياؤه و سطع نوره و كان ما تريدون فكم هنالك من عجائب جمة و أمور لمة و كيف بكم إذا دهمتكم رايات بني كندة مع عمال من عقبة من الشام يريد بها الأموية،هيهات أن يكون الحق في تيمي أو عدوي أو أموي.ثمّ بكي و قال:آه آه للأمم المشاهدة بني عتبة مع بني كنانة السائرون إلير.

ص: 202


1- الريح الدبور:الريح التي يقابل الصبا تهب من ناحية المغرب(مجمع البحرين:9/2).
2- الأيدح:الباطل(لسان العرب:1271/2).
3- الأريح:الواسع من كل شيء.
4- النوش:التناول(كتاب العين:286/6).
5- الشنار:أشد العار.
6- في بعض النسخ:و يبايع للخلاف و المنافقين و يبطل معه الياقوت الأحمر.

اللا يلا اللا يلا اللا تكون حلا حلا ليصلوا إلي جنب الجزيرة من مفارقة الأوبر (1)خلق عظيم فاحضر المعطد و ادعان شمخر (2)البيض الأضك الأبيض و الأبقع و ينتقص الأموال و الأنفس و الثمرات مع خوف شديد و بؤس و بشّر الصابرين،يريعون (3)في النعيم و السعور المقيم يحملكم نجائب و يحملكم الأملاك،فقال رجل:نحن منهم؟

فقال عليه السّلام:فيكم منهم.

قال:قالوا:بيّن لنا السعيد و الشقي.

فقال:فتّشوا سرائركم و اسألوا أحباركم و استدلّوا بذلك علي الطريق تفوزوا الفوز العظيم و النعيم المقيم و كم يجري في العالم أعجوبات و كم فيه آيات لا لمزية و أكثر العلامات بني قنطور (4)و ملكهم العراق و أطراف الشام تفتيكم ضوية تفتيكم النساء المخدّرات،أنا أكثرهم علما و أعظمهم حلما و ذلك تقدير العزيز الحكيم،ثمّ يملك الأناباط الأفكة و الأعراب المناسبة في فلك البصرة حتّي واسط و أعمالها إلي الأهواز و أظلالها و أوّل خراب العراق،في أيّامهم يكثر البلاء العظيم و القحط الشديد ثمّ يجري في عدد ذلك عجائب و أيّ عجائب،إذا رحل العاشر علي ديارهم و صالحوهم خوفا من شرّهم كلّ ذلك يكون في القرن الحادي عشر من الثلاثين يكون الفتك من فتك الجحيم و استئصال بيت اللّه الحرام و قتلهم الخاص و العام و ذلك إذا دهم البلاء الزوراء و تتصل البلايا و الرزايا بالعالم فيقتل الأنباط و جبابرتها و يملكون ديارها و ذراريها و كم يكون الثاني عشر في عشرها الأوّل ظهور الديلم واجبا و جيلان و قوم من خراسان يملكون التبريز و يؤمرون الأمير و يضطرب العراق بهم و العجب كل العجب من الأربعين إلي الخمسين من نوازل و زلازل و براهين و دلائل إذا وقعت الواقعة بين همدان و حلوان و يقتل خلق في حلوان إلي النهروان.و يزول ملك الديلم،يملكها أعرابي و هو عجمي اللسان يقتل صالحي ذلك العصر و هو أوّل الشاهد،ثمّ في العشر الثالث من الثلاثين تقبل الرايات من شاطئ جيحون لفارس و نصيبين،تترادف إليهم رايات العرب فينادي بلسانهم بقدر مجري السحاب و نقصان الكواكب و طلوع القطر التالي الجنوب كغراب الابنور و زلازل و هبات و آيات، هنالك يوضح الحق و يزول البلاء و يعزّ المؤمن و يذلّ الكافر المخالف و يملك بحار الكوفة البريء منهم لا المتغلبين فيّ،ألا إنّهم طغاة مردة فراعنة و تكون بنواحي البصرة حركة لست أذكرها و يظهر العرب علي العجم و يعدلون بالأهواز من دون الناس و كم أشياء أخفيتها لا يطيقها الوعي و لا يصبر علي حملها و أمور قد أهملتها خوفا أن يقال:متي علمتها؟و إنّي قد بلغت الغاية القصوي التين.

ص: 203


1- بنو الأوبر سكنوا براقش،و بنات الأوبر:كمأة صغار علي لون التراب(مجمع البحرين:460/4).
2- الشمخر:الجسيم من الفحول(كتاب العين:323/4).
3- في بعض النسخ:يرتعون.
4- في بعض النسخ:قنطورا من بنات نوح فولدت منهما الترك و الصين.

انتهيت و علي ما أمرت أبيت فلا يتّهمني المتّهمون،النار مثواهم لا يقضي عليهم فيموتوا و لا يخفّف من عذابها كذلك نجزي كلّ كفور،و شرط القيامة في الكور إذا بلغ الزور و جار الجور و حقت الكرة و كانت الرجعة و أتت الساعة بقائم يقوم في الناس يذهب البلاء عن المؤمنين و ينجلي عنهم الخوف و الرعب لا تتكلّم نفس إلاّ بإذنه منهم شقيّ و سعيد،أنا الدابّة التي توسم الناس أنا العارف بين الكفر و الإيمان و لو شئت أن أطلع الشمس من مغربها و أغيبها من مشرقها بإذن اللّه و أريكم آيات و أنتم تضحكون،أنا مقدر الأفلاك و مكوكب النجوم في السماوات و من بينها بإذن اللّه تعالي و عليتها بقدرته و سمّيتها الراقصات و لقبتها الساعات و كورت الشمس و أطلعتها و نورتها و جعلت البحار تجري بقدرة اللّه و أنا لها أهلا،فقال له ابن قدامة:يا أمير المؤمنين لو لا أنّك أتممت الكلام لقلنا:لا إله إلاّ أنت؟

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:يابن قدامة لا تعجب تهلك بما تسمع،نحن مربوبون لا أرباب نكحنا النساء و حمتنا الأرحام و حملتنا الأصلاب و علمنا ما كان و ما يكون و ما في السماوات و الأرضين بعلم ربّنا،نحن المدبّرون فنحن بذلك اختصاصا،نحن مخصوصون و نحن عالمون،فقال ابن قدامة:ما سمعنا هذا الكلام إلاّ منك.

فقال عليه السّلام:يابن قدامة أنا و ابناي شبرا و شبيرا و أمّهما الزهراء بنت خديجة الكبري الأئمّة فيها واحدا واحدا إلي القائم اثنا عشر إماما،من عين شربنا و إليها رددنا.قال ابن قدامة قد عرفنا شبرا و شبيرا و الزهراء و الكبري فما أسماء الباقي؟قال:تسع آيات بيّنات كما أعطي اللّه موسي تسع آيات، الأول علموثا علي بن الحسين و الثاني طيموثا الباقر و الثالث دينوثا الصادق و الرابع بجبوثا الكاظم و الخامس هيملوثا الرضا و السادس أعلوثا التقي و السابع ريبوثا النقي و الثامن علبوثا العسكري و التاسع ريبوثا و هو النذير الأكبر.

قال ابن قدامة:ما هذه اللغة يا أمير المؤمنين؟فقال عليه السّلام:أسماء الأئمّة بالسريانية و اليونانية التي نطق بها عيسي و أحيي بها الموتي و الروح و أبرأ الأكمه و الأبرص،فسجد ابن قدامة شكرا للّه ربّ العالمين،نتوسل به إلي اللّه تعالي نكن من المقرّبين.

أيّها الناس قد سمعتم خيرا فقولوا خيرا و اسألوا تعلموا و كونوا للعلم حملة و لا تخرجوه إلي غير أهله فتهلكوا،فقال جابر:فقلت:يا أمير المؤمنين فما وجه استكشاف؟

فقال:اسألوني و اسألوا الأئمّة من بعدي،الأئمّة الذين سمّيتهم فلم يخل منهم عصر من الأعصار حتّي قيام القائم فاسألوا من وجدتم منهم و انقلوا عنهم كتابي،و المنافقون يقولون علي نصّ علي نفسه بالربوبية فاشهدوا شهادة أسألكم عنها عند الحاجة،إنّ علي بن أبي طالب نور مخلوق و عبد مرزوق،من قال غير هذا لعنه اللّه.

ص: 204

و نزل عن المنبر و هو يقول:«تحصّنت بالحي الذي لا يموت ذي العزّ و الجبروت و القدرة و الملكوت من كل ما أخاف و أحذر»فأيما عبد (1)قالها عند نازلة به إلاّ و كشفها عنه.

قال ابن قدامة:نقول هذه الكلمات وحدها؟فقال عليه السّلام:تضيف إليها الإثني عشر إماما و تدعو بما أردت و أحببت يستجيب اللّه دعاءك (2).ت.

ص: 205


1- في بعض النسخ:أيّها الناس ما ذكر أحدكم هذه الكلمات عند نازلة و شدّة إلاّ و أزاحها الله عنه فقال جابر: وحدها يا أمير المؤمنين قال:و أضف الثلاثة عشر اسما و ضمّني ثمّ ركب و مضي.
2- معجم الإمام المهدي:27/3،و الخطبة بطولها في مشارق أنوار اليقين:263 إلي 267 ط.الأعلمي بتحقيقنا مع تفاوت.

المحتويات

شمائل الإمام المهدي و أوصافه عجل اللّه فرجه 5

صفته و جماله عجل اللّه فرجه 6

زهده عجل اللّه فرجه 8

سخاؤه عجل اللّه فرجه 9

كرمه عجل اللّه فرجه 9

علمه عجل اللّه فرجه 10

عدله عجل اللّه فرجه 11

عبادته عجل اللّه فرجه 11

كمالاته عجل اللّه فرجه 11

لواؤه عجل اللّه فرجه 12

دعاء القائم عجل اللّه فرجه المستجاب 14

القيام عند ذكر لقب القائم عجل اللّه فرجه 14

بركات القائم المهدي عجل اللّه فرجه في غيبته و ظهوره 16

إغاثة الملهوفين 16

أمن السبل و البلاد بظهوره عجل اللّه فرجه 17

إحياء دين اللّه و إعلاء كلمة الله 18

انتقامه عجل اللّه فرجه من أعداء الله 18

إقامة حدود اللّه 19

تأليف القلوب 19

تلطّفه عجّل اللّه فرجه بنا 20

ترك حقه عجّل اللّه فرجه لنا في الدنيا و الآخرة 20

تشييع أمواتنا 20

تجديده عجّل اللّه فرجه الإسلام بعد اندراسه و انمحائه 22

ص: 206

تعليمه عجل اللّه فرجه الناس كتاب اللّه الكريم 22

أخذه بثأر الحسين و الشهداء معه صلوات اللّه عليهم 23

جمعه عجل اللّه فرجه الكلم علي التوحيد و الإسلام 23

جمع العقول 24

حمايته عجّل اللّه فرجه للإسلام 24

حياة الأرض به عجّل اللّه فرجه 24

حكمه عجّل اللّه فرجه بالحق 25

حكمه عجّل اللّه فرجه بالباطن بمقتضي علمه صلوات اللّه عليه 26

دعاؤه عجّل اللّه فرجه للمؤمنين 26

دفع البلاء عنا بوجوده عجّل اللّه فرجه 28

ذلة الأعداء بيده و بعد ظهوره عجّل اللّه فرجه 28

راحة الخلائق بظهوره و في دولته عجّل اللّه فرجه 29

طهارة الأرض به عجّل اللّه فرجه من الجور 29

طلب حقوق الأئمة و المؤمنين و دمائهم 29

عزة الأولياء بظهوره عجّل اللّه فرجه 30

عذاب الأعداء 30

غني المؤمنين ببركة ظهوره عجّل اللّه فرجه 30

فصله عجل اللّه فرجه بين الحق و الباطل 30

فرج المؤمنين علي يده عجل اللّه فرجه 31

فتح مدائن الكفرة و بلادهم 32

فتح الجفر الأحمر لطلب ثأر الأئمة عجّل اللّه فرجهم 33

قتل الشيطان الرجيم 33

قوة أبدان المؤمنين و قلوبهم و جوارحهم في زمان ظهوره عجّل اللّه فرجه 33

قضاء دين المؤمنين 34

كشف العلوم للمؤمنين 35

بركته و نفعه عجّل اللّه فرجه 36

ص: 207

نوره عجّل اللّه فرجه 36

إشراق نوره عجّل اللّه فرجه في عالم الدنيا 37

ذكر غيبة الأنبياء عليهم السّلام 38

المعمّرون 45

غيبات المعمرين و الاستدلال بها علي غيبته عجّل اللّه فرجه 47

من رآي القائم في حياة أبيه عليهما السّلام 54

فيمن رآي المهدي بعد أبيه عليهما السّلام في غيبته الصغري 65

ذكر السفراء الأربعة 82

توقيعات الحجة القائم عليه السّلام 84

توقيع الإمام الأخير عجل اللّه فرجه 106

انتظار فرج 106

علامات خروج القائم عجّل اللّه فرجه 109

كراهيّة التوقيت و الغربلة 134

فيما يكون عند ظهور القائم عجل اللّه فرجه 141

من ادّعي النيابة و السفارة كذبا و افتراء 161

أعمال للقاء المهدي عليه السّلام في اليقظة أو المنام 164

الدعاء للكون من أنصاره عجل اللّه فرجه 164

قصص في من رأي المهدي عجّل اللّه فرجه 165

ذكر الدجّال و بعض أخباره و حالاته 173

خطبة البيان 177

خطبة التطنجية 198

ص: 208

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.