موسوعة أهل البيت عليهم السلام المجلد 19

اشارة

موسوعه اهل البيت عليهم السلام

نويسنده: السيد علي عاشور

دارالنظير عبود - بيروت - لبنان

مشخصات ظاهري: 20 ج

1427ه - 2006م

ص: 1

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 3

ص: 4

الجزء التاسع عشر

مولد صاحب الزمان عجل اللّه فرجه

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الكافي:ولد عليه السّلام للنصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين (1).

و قيل في حديث غياث بن أسد:أن مولده لثمان خلون من شعبان سنة ست و خمسين و مائتين.

و في حديث ابن نوبخت:أنه ولد ليلة الجمعة من شهر رمضان من سنة أربع و خمسين و مائتين.

و المشهور حتي صار كالمتواتر،أنّ ولادته عليه السّلام ليلة النصف من شعبان،و هذا الإختلاف لإجمال الأمور رعاية لجانب التقية (2).

و عن أحمد بن محمد قال:خرج عن أبي محمد عليه السّلام حين قتل الزّبيري:هذا جزاء من افتري علي اللّه في أوليائه،زعم أنه يقتلني و ليس لي عقب فكيف رأي قدرة اللّه.و ولد له ولد سمّاه«م ح م د»سنة ست و خمسين و مائتين (3).

في إرشاد المفيد:كان الإمام القائم عليه السّلام بعد أبي محمد ابنه المسمّي باسم رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم المكنّي بكنيته،و لم يخلف أبوه ولدا ظاهرا و لا باطنا غيره،و خلّفه غائبا مستترا و كان مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين و أمّه أمّ ولد يقال لها نرجس،و كان سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين،آتاه اللّه فيها الحكمة و فصل الخطاب و جعله آية للعالمين،و آتاه اللّه الحكمة كما آتاها يحيي صبيا،و جعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسي ابن مريم في المهد نبيّا، و له قبل قيامه غيبتان:إحداهما أطول من الأخري كما جاءت بذلك الأخبار؛فأمّا القصري منهما منذ وقت مولده إلي انقطاع السفارة بينه و بين شيعته و عدم السفراء بالوفاة،و أمّا الطولي فهي بعد الأولي و في آخرها يقوم بالسيف،قال اللّه عزّ و جلّ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (4)و قال جلّ اسمه وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ (5)و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:لن تنقضي الأيّام و الليالي حتّي يبعث اللّه رجلا من أهل بيتي يواطي إسمه إسمي يملؤها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا (6).

ص: 5


1- الكافي:514/1،و مستدرك سفينة البحار:503/10.
2- كمال الدين:432.
3- الكافي:329/1 ح 5.
4- سورة القصص،الآية:5.
5- سورة الأنبياء،الآية:105.
6- الإرشاد:346 باب ذكر الإمام القائم.

و روي الصدوق بإسناده عن حكيمة بنت محمد بن علي بن موسي عليهم السّلام قالت:بعث إليّ أبو محمد الحسن بن علي عليهما السّلام فقال:يا عمة اجعلي إفطارك الليلة عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان فإن اللّه تبارك و تعالي سيظهر في هذه الليلة الحجّة و هو حجّته في أرضه»الحديث،و قيل:ولد عليه السّلام يوم الجمعة سنة ست و خمسين و مائتين (1).

قال المازندراني:قد يوجّه (2)بأنّ الخمس سنة شمسية و الست أي أوائلها سنة قمرية فلا منافاة (3).

و في كمال الدين:عن علاّن الرازي:قال:أخبرني بعض أصحابنا أنه لمّا حملت جارية أبي محمد عليه السّلام قال:«ستحملين ذكرا و اسمه محمد و هو القائم من بعدي» (4).

و فيه:عن موسي بن محمد بن القاسم قال:حدّثتني حكيمة بنت محمد بن علي الرضا عليه السّلام قالت:بعث إليّ أبو محمد الحسن بن علي عليه السّلام فقال:«يا عمّة إجعلي إفطارك الليلة عندنا،فإنها ليلة النصف من شعبان،فإن اللّه تبارك و تعالي سيظهر في هذه الليلة الحجة،و هو حجة اللّه في أرضه».

قالت:فقلت:و من أمّه؟

قال لي:«نرجس».

فقلت له:جعلني اللّه فداك ما بها أثر؟

فقال:«هو ما أقول لك».

قالت:فجئت فلمّا سلمت و جلست جاءت تنزع خفّي و قالت:يا سيّدتي كيف أمسيت؟

فقلت:بل أنت سيّدتي و سيّدة أهلي.

فأنكرت قولي و قالت:ما هذا يا عمّة؟4.

ص: 6


1- كمال الدين:424 باب 42 ح 1.
2- قال في هامش شرح الكافي:قوله«سنة قمرية فلا منافاة»لا أدري ما مقصود القائل فكل معني يفرض ليحمل الكلام عليه غير صحيح،مع أن تحديد السنين من الهجرة بالشمسية غير معهود بين المسلمين إلي زماننا هذا.بل هو عمل غير عقلاني يشوش به ضبط التواريخ و الوقائع،و لا يمكن أن يقدم عليه عاقل و لو بني بعض الناس علي ضبط الحوادث بالسنين الشمسية و أكثرهم علي القمرية كان مبدأ خلافة بني العباس بالقمرية سنة 132 و بالشمسية 127 و ولادة الصاحب عليه السّلام بالقمرية 266 و بالشمسية 247.و إذا اختلط أحدهما بالآخر علي الناظرين في التاريخ و رأوا وفاة الإمام الهادي عليه السّلام سنة 254 مثلا ذهب ذهن بعضهم إلي أن الحجة عليه السّلام ولد في حياة الإمام الهادي عليه السّلام في سنة قتل المتوكل أعني 247 قمرية و تحير أكثر الناس و لم يهتدوا إلي ضبط الوقائع.(ش).
3- شرح أصول الكافي:335/7.
4- كمال الدين:408 ح 4،و كفاية الأثر:294.

فقلت لها:يا بنيّة إن اللّه تبارك و تعالي سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيّدا في الدنيا و الآخرة.

قالت:فخجلت و استحيت،فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت و أخذت مضجعي و رقدت و كان في جوف الليل قمت إلي الصلاة و هي نائمة ليس بها حادث،ثم جلست معقّبة،ثم اضطجعت،ثم انتبهت فزعة و قامت و صلّت.

قالت حكيمة:فدخلتني الشكوك،فصاح بي أبو محمد عليه السّلام من المجلس قال:«لا تعجلي يا عمّة فإن الأمر قد قرب».

قالت:فقرأت آلم السجدة و يس،فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت:إسم اللّه عليك.

ثم قلت لها:أتحسّين شيئا؟

قالت:نعم يا عمّة.

فقلت لها:إجمعي نفسك فهو ما قلت لك.

قالت حكيمة:ثم أخذتني فترة و أخذتها فترة فانتبهت بحسّ سيّدي فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السّلام ساجدا يتلقي الأرض بمساجده،فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف منظّف.

فصاح بي أبو محمد عليه السّلام:«هلمي بابني يا عمّة».

فجئت به إليه،فوضع يديه تحت إليتيه و ظهره و وضع قدميه علي صدره،ثم أدخل لسانه في فيه و أمرّ يده علي سمعه و بصره و مفاصله ثم قال:«تكلم يا بني».

فقال:«أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم».

ثم صلّي علي أمير المؤمنين و علي الأئمة إلي أن وقف علي أبيه ثم سكت،فقال أبو محمد عليه السّلام:«يا عمّة إذهبي به إلي أمّه ليسلّم عليها و أئتني به».

فذهبت به فسلّم عليها فرددته و وضعته في المجلس ثم قال:«يا عمّة إذا كان يوم السابع فأتينا».

قالت حكيمة:فلمّا أصبحت جئت لأسلم علي أبي محمد عليه السّلام فكشفت الستر لأفتقد سيّدي عليه السّلام فلم أره فقلت له:جعلت فداك ما فعل سيّدي؟

فقال:«يا عمّاه إستودعناه الذي استودعته أم موسي عليه السّلام».

قالت حكيمة:فلمّا كان في اليوم السابع جئت و سلّمت و جلست فقال:«هلمي إلي إبني».

فجئت بسيدي في الخرقة،ففعل به كفعلته الأولي،ثم أدلي لسانه في فيه كأنه يغذيه لبنا أو عسلا،ثم قال:«تكلم يا بني».

ص: 7

فقال عليه السّلام:«أشهد أن لا إله إلاّ اللّه»و ثنّي بالصلاة علي محمد و علي أمير المؤمنين و الأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين،حتي وقف علي أبيه ثم تلا هذه الآية: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (1)(2).

و عن أبي جعفر العمري قال:لمّا ولد السيد عليه السّلام قال أبو محمد عليه السّلام:«إبعثوا إلي أبي عمرو».

فبعث إليه فصار إليه فقال:«إشتر عشرة آلاف رطل خبزا و عشرة آلاف رطل لحما و فرّقه في بني هاشم،و عقّ عنه بكذا و كذا شاة» (3).

و في البحار عن محمّد بن عبد اللّه المطهري قال:قصدت حكيمة بنت محمد بعد مضيّ أبي محمد أسألها عن الحجّة و ما قد اختلفت فيه الناس من الحيرة التي هم فيها.فقالت لي:إجلس، فجلست،ثمّ قالت لي:يا محمد إنّ اللّه تبارك و تعالي لا يخلي الأرض من حجّة ناطقة أو صامتة، و لم يجعلها في أخوين بعد الحسن و الحسين عليهما السّلام تفضيلا للحسن و الحسين و تمييزا لهما أن يكون في الأرض عديلهما،إلاّ أنّ اللّه تبارك و تعالي خصّ ولد الحسين بالفضل علي ولد الحسن كما خصّ ولد هارون علي ولد موسي و إن كان موسي حجّة علي هارون و الفضل لولده إلي يوم القيامة.و لا بدّ للأمّة من حيرة يرتاب فيها المبطلون و يخلص فيها المحقّقون لئلاّ يكون للناس علي اللّه حجّة بعد الرسل،و إنّ الحيرة لا بدّ واقعة بعد مضيّ أبي محمّد الحسن عليه السّلام.

فقلت:يا مولاتي هل كان للحسن ولد؟فتبسّمت ثمّ قالت:إذا لم يكن للحسن عقب فمن الحجّة من بعده،و قد أخبرتك أنّ الإمامة لا تكون للأخوين بعد الحسن و الحسين.فقلت:يا سيّدتي حدّثيني بولادة مولاي و غيبته؟قالت:نعم،كانت لي جارية يقال لها نرجس فزارني ابن أخي و أقبل يحدّ النظر إليها فقلت له:يا سيدي لعلّك هويتها فأرسلها إليك؟فقال:لا يا عمّة لكن أتعجّب منها.

فقلت:و ما أعجبك؟فقال عليه السّلام:سيخرج منها ولد كريم علي اللّه عزّ و جلّ الذي يملأ اللّه به الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما.قلت:فأرسلها إليك يا سيّدي؟فقال:استأذني في ذلك أبي عليه السّلام.

قالت:فلبست ثيابي و أتيت منزل أبي الحسن فسلّمت و جلست فبدأني و قال:يا حكيمة إبعثي بنرجس إلي ابني أبي محمّد.

قالت:فقلت:يا سيدي علي هذا قصدتك أن أستأذنك في ذلك،فقال:يا مباركة إنّ اللّه تبارك9.

ص: 8


1- سورة القصص،الآية:5.
2- كمال الدين:424،و البحار:2/51.
3- كمال الدين:431 ح 6،و البحار:5/51 ح 9.

و تعالي أحبّ أن يشركك في الأجر و يجعل لك في الخير نصيبا.قالت حكيمة:فلم ألبث أن رجعت إلي منزلي و زيّنتها و وهبتها لأبي محمّد و جمعت بينه و بينها في منزلي،فأقام عندي أيّاما ثمّ مضي إلي والده و وجّهت بها معه،قالت حكيمة:فمضي أبو الحسن و جلس أبو محمد مكان والده،و كنت أزوره كما كنت أزور والده فجاءتني نرجس يوما تخلع خفي و قالت:يا مولاتي ناوليني خفك.

فقلت:بل أنت سيدتي و مولاتي،و اللّه ما رفعت إليك خفّي لتخلعيه لا خدمتني،بل أخدمك علي بصري،فسمع أبو محمد ذلك،فقال:جزاك اللّه خيرا يا عمّة،فجلست عنده إلي غروب الشمس فصحت بالجارية و قلت:ناوليني ثيابي لأنصرف،فقال:يا عمّتاه بيتي الليلة عندنا فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم علي اللّه عزّ و جلّ،الذي يحيي اللّه عزّ و جلّ به الأرض بعد موتها.

قلت:ممّن يا سيدي و لست أري بنرجس شيئا من أثر الحمل؟فقال:من نرجس لا من غيرها.

قالت:فوثبت إلي نرجس فقلبتها ظهرا لبطن فلم أر بها أثرا من حمل،فعدت إليه فأخبرته بما فعلت،فتبسّم ثمّ قال لي:إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحمل؛لأنّ مثلها مثل أمّ موسي لم يظهر بها الحمل و لم يعلم بها أحد إلي وقت ولادتها؛لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالي في طلب موسي و هذا نظير موسي.

قالت حكيمة:فلم أزل أرقبها إلي وقت طلوع الفجر و هي نائمة بين يدي لا تقلب جنبا إلي جنب،حتّي إذا كان في آخر الليل وقت طلوع الفجر و ثبت فزعة فضممتها إلي صدري و سمّيت عليها فصاح أبو محمد و قال:إقرأي عليها: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و قلت لها:ما حالك؟قالت:ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي،فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني،فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ و سلّم علي.

قالت حكيمة:ففزعت لما سمعت،فصاح بي أبو محمد:لا تعجبي من أمر اللّه عزّ و جلّ،إنّ اللّه تبارك و تعالي ينطقنا بالحكمة صغارا و يجعلنا حجّة في أرضه كبارا،فلم يستتم الكلام حتّي غيّبت عنّي نرجس فلم أرها،كأنّه ضرب بيني و بينها حجاب،فعدوت نحو أبي محمّد و أنا صارخة فقال لي:إرجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.

قالت:فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني و بينها و إذا أنا بها و عليها من أثر النور ما غشّي بصري،و إذا أنا بالصبي ساجدا علي وجهه جاثيا علي ركبتيه رافعا سبابتيه نحو السماء و هو يقول:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّ جدّي رسول اللّه و أنّ أبي أمير المؤمنين،ثمّ عدّ إماما إماما إلي أن بلغ إلي نفسه فقال عجّل اللّه فرجه:اللهمّ أنجز لي وعدي و أتمم لي أمري و ثبّت و طأتي و املأ الأرض بي عدلا و قسطا.فصاح أبو محمّد الحسن عليه السّلام فقال:يا عمّة تناوليه فهاتيه،فتناولته و أتيت به نحوه،فلمّا مثلت بين يدي أبيه و هو علي يدي،سلّم علي أبيه فتناوله

ص: 9

الحسن و الطير ترفرف علي رأسه فصاح بطير منها فقال له:إحمله و احفظه و ردّه إلينا في كل أربعين يوما فتناوله الطائر و طار به في جوّ السماء،و اتبعه سائر الطير،و سمعت أبا محمد يقول:إستودعتك الذي استودعته أمّ موسي موسي،فبكت نرجس فقال لها:أسكتي فإنّ الرضاع محرم عليه إلاّ من ثديك و سيعاد إليك كما ردّ موسي إلي أمّه،و ذلك قوله عزّ و جلّ: فَرَدَدْناهُ إِلي أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ (1).

قالت حكيمة:فقلت:ما هذا الطائر؟قال:هذا روح القدس الموكّل بالأئمّة،يفّقهم و يسدّدهم و يربيهم بالعلم.قالت حكيمة:فلمّا أن كان بعد أربعين يوما ردّ الغلام و وجّه إليّ ابن أخي فدعاني فدخلت عليه فإذا أنا بصبي متحرّك يمشي بين يديه فقلت:سيدي هذا ابن سنتين؟فتبسّم عليه السّلام ثمّ قال:إنّ أولاد الأنبياء و الأوصياء إذا كانوا أئمّة ينشأون بخلاف ما ينشأ غيرهم،و إنّ الصبي منّا إذا أتي عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة،و إنّ الصبي منّا ليتكلّم في بطن أمّه و يقرأ القرآن و يعبد ربّه عزّ و جلّ،و عند الرضاع تطيعه الملائكة و تنزل عليهم صباحا و مساء.

قالت حكيمة:فلم أزل أري ذلك الصبي كلّ أربعين يوما إلي أن رأيته رجلا قبل مضيّ أبي محمّد عليه السّلام بأيّام قلائل فلم أعرفه فقلت لأبي محمّد:من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال:ابن نرجس و خليفتي من بعدي و عن قليل تفقدوني فاسمعي له و أطيعي.قالت حكيمة:فمضي أبو محمّد بأيّام قلائل و افترق الناس كما تري،و اللّه إنّي لأراه صباحا و مساء و إنّه لينبئني عمّا تسألونني عنه فأخبركم،و و الله إنّي لأريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به،و إنّه ليرد عليّ الأمر فيخرج إليّ منه جوابه من ساعته من غير مسألتي،و قد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ و أمرني أن أخبرك بالحقّ.قال محمّد بن عبد اللّه:فو الله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطّلع عليها إلاّ اللّه عزّ و جلّ، فعلمت أنّ ذلك صدق و عدل من اللّه تعالي،و أنّ اللّه عزّ و جلّ قد أطلعه علي ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه (2).

***

نور المهدي عجّل اللّه فرجه عند الولادة

و عن جارية له عليه السّلام:أنه لمّا ولد السيّد عليه السّلام رأت له نورا ساطعا قد ظهر منه و بلغ في أفق السماء،و رأت طيورا بيضاء تهبط من السماء و تمسح أجنحتها علي رأسه و وجهه و سائر بدنه ثم تطير.

ص: 10


1- سورة القصص،الآية:13.
2- كمال الدين:429،و مدينة المعاجز:68/8،و البحار:12/51 ح 14.

قالت:فأخبرنا أبا محمد عليه السّلام بذلك.

فضحك ثم قال:«تلك ملائكة السماء نزلت لتتبرك به،و هي أنصاره إذا خرج» (1).

في أنه ولد ساجدا

و عن نسيم و مارية:أنه عليه السّلام لمّا سقط في الأرض من بطن أمّه،سقط جاثيا علي ركبتيه رافعا سبابتيه إلي السماء ثم عطس فقال:«الحمد للّه ربّ العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله زعمت الظلمة أن حجة اللّه داحضة،و لو أذن لنا في الكلام لزال الشك» (2).

كنيته عجل اللّه فرجه

يكنّي:أبا القاسم،و يقال:أبو جعفر.

سبب تسميته بالقائم عجل اللّه فرجه

علل الشرائع:مسندا إلي الثمالي قال:سألت الباقر عليه السّلام:يا بن رسول اللّه أ لستم كلكم قائمين بالحق؟قال:«بلي».

قلت:فلم سمّي القائم قائما؟

قال:«لمّا قتل جدي الحسين عليه السّلام ضجّت الملائكة إلي اللّه عزّ و جلّ بالبكاء و النحيب و قالوا:

إلهنا و سيّدنا أتغفل عمّن قتل صفوتك و ابن صفوتك و خيرتك من خلقك؟

فأوحي اللّه عزّ و جلّ إليهم:قرّوا ملائكتي،فوعزتي و جلالي لأنتقمنّ منهم و لو بعد حين.

ثم كشف اللّه عزّ و جلّ عن الأئمة من ولد الحسين عليه السّلام للملائكة فسرّت الملائكة بذلك فإذا أحدهم قائم يصلي.

فقال اللّه عزّ و جلّ:بذلك القائم أنتقم منهم» (3).

معاني الأخبار:أنه إنّما سمّي القائم قائما،لأنه يقوم بعد موت ذكره (4).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«سمّي القائم لقيامه بالحق» (5).

ص: 11


1- كمال الدين:431 ح 7،و البحار:5/51 ح 10.
2- الخرائج و الجرائح:457/1 ح 2،و البحار:4/51.
3- علل الشرائع:160/1 ح 1،و البحار:294/37 ح 8.
4- كمال الدين:378 ح 3.
5- روضة الواعظين:265،و البحار:30/51 ح 7.

سبب تسميته بالمهدي عجل اللّه فرجه

و فيه:عن عمرو بن شمر عن جابر عن الباقر عليه السّلام قال:«إنّما سمّي المهدي لأنه يهدي لأمر خفي،يستخرج التوراة و سائر كتب اللّه من غار بأنطاكية،فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة و بين أهل الإنجيل بالإنجيل و بين أهل الزبور بالزبور و بين أهل الفرقان بالفرقان و تجمع إليه أموال الدنيا كلها ما في بطن الأرض و ظهرها،فيقول للناس:تعالوا إلي ما قطعتم فيه الأرحام و سفكتم فيه الدماء و ركبتم فيه محارم اللّه.فيعطي شيئا لم يعط أحدا كان قبله» (1).

***

في النهي عن التسمية

في الكافي عن أبي الحسن العسكري عليه السّلام يقول:الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟فقلت:و لم جعلني اللّه فداك؟قال:إنّكم لا ترون شخصه و لا يحلّ لكم ذكره باسمه.فقلت:و كيف نذكره؟فقال:قولوا الحجّة من آل محمّد (2).

و فيه عن أبي عبد اللّه الصالحي قال:سألني أصحابنا بعد مضيّ أبي محمد أن أسأل عن الإسم و المكان،فخرج الجواب:إن دللتهم علي الإسم أذاعوه و إن عرفوا المكان دلّوا عليه (3).

و فيه سئل الرضا عليه السّلام عن القائم فقال:لا يري جسمه و لا يسمّي اسمه (4).

و فيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:صاحب هذا الأمر لا يسمّيه باسمه إلاّ كافر (5).

و فيه عن محمد بن عثمان العمري قدّس روحه:خرج توقيع بخط أعرفه:من سمّاني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة اللّه (6).

و في البحار:خرج في توقيعات صاحب الزمان:ملعون ملعون من سمّاني في محفل من الناس (7).

و فيه عن موسي بن جعفر عليه السّلام أنّه قال عند ذكر القائم عجّل اللّه فرجه:يخفي علي الناس ولادته،و لا تحلّ لهم تسميته حتّي يظهره اللّه عزّ و جلّ فيملأ به الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (8).

ص: 12


1- علل الشرائع:161/1 ح 3،و البحار:29/51.
2- الكافي:328/1 ح 3.
3- الكافي:333/1 ح 2.
4- الكافي:333/1 ح 3.
5- الكافي:333/1 ح 4.
6- أعلام الوري:423 باب 3 فصل 3.
7- وسائل الشيعة:488/11 باب 33 ح 12 و البحار:33/51.
8- البحار:32/51 ح 5.

و عن أبي خالد الكابلي قال:دخلت علي الباقر عليه السّلام فقلت له:قد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفته لو رأيته في بعض الطرق لأخذت بيده.

قال:«فتريد ما ذا؟»

قال:أريد أن تسميه لي حتي أعرفه باسمه.

فقال:«سألتني يا أبا خالد عن أمر (1)لو كنت محدّثا به أحدا لحدّثتك،و لقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا علي أن يقطّعوه بضعة بضعة» (2).

علل الشرائع:عن الجعفري قال:سمعت أبا الحسن العسكري عليه السّلام يقول:«الخلف من بعدي الحسن ابني،فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟»

قلت:لم جعلني اللّه فداك؟

فقال:«لأنكم لا ترون شخصه و لا يحل لكم ذكره».

قلت:فكيف نذكره؟

قال:«قولوا الحجة من آل محمد صلوات اللّه عليهم» (3).

التوحيد،عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام أنه قال في القائم عليه السّلام:«لا يحل ذكره باسمه حتي يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا» (4).

و عن الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام قال:«المهدي من ولدي الخامس من ولدي السابع يغيب عنكم شخصه و لا يحل لكم تسميته» (5).

و روي أيضا عن عبد العظيم الحسني عن محمد بن علي عليه السّلام قال:«القائم هو الذي يخفي علي الناس ولادته و يغيب عنهم شخصه و يحرم عليهم تسميته،و هو سمّي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و كنيّه» (6).

و عن الحميري في حديث قال:قلت للعمري:فالإسم؟

قال:إيّاك أن تبحث عن هذا،فإنّ عند القوم أن هذا النسل قد انقطع (7).

الكافي:عن الصالحي قال:سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد عليه السّلام عن الإسم و المكان7.

ص: 13


1- في المصدر زيادة:ما كنت محدّثا به أحد...
2- كتاب الغيبة:288.
3- علل الشرائع:245/1 ح 5،و الصراط المستقيم:170/2.
4- التوحيد:82،و البحار:32/51 ح 3.
5- كمال الدين:333 ح 1،البحار:32/51 ح 4.
6- البحار:157/51،و الاحتجاج:250/2.
7- كمال الدين:442 ح 14،و البحار:/33/51ح 7.

فخرج الجواب:«إن دللتهم علي الإسم أذاعوه و إن عرفوا المكان دلّوا عليه» (1).

و في كمال الدين:عن علي بن عاصم الكوفي قال:خرج في توقيعات صاحب الزمان عليه السّلام:

«ملعون ملعون من سمّاني في محفل من الناس» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«صاحب هذا الأمر رجل لا يسمّيه باسمه إلاّ كافر» (3).

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«سأل عمر أمير المؤمنين عليه السّلام عن المهدي فقال:يا بن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما اسمه؟

قال:أمّا اسمه فلا،لأن حبيبي و خليلي عهد إليّ أن لا أحدّث باسمه حتي يبعثه اللّه عزّ و جلّ و هو ممّا استودع اللّه عزّ و جلّ رسوله في علمه» (4).

و في كتاب المحتضر:عن الحسين بن علوان أن الصادق عليه السّلام أشار إلي ابنه موسي عليه السّلام فقال:

«و الخامس من ولده يغيب شخصه و لا يحلّ ذكره باسمه».

سبب المنع

قال السيد نعمة اللّه الجزائري في الرياض::إنّ الأحاديث الواردة في النهي الأكيد عن تسميته عليه السّلام مستفيضة و جمهور علمائنا رضوان اللّه عليهم علي هذا،خصوصا القدماء من أهل الحديث،حتي أنه جاء في بعض أخبار اللوح التصريح باسمه عليه السّلام فقال الصدوق رحمه اللّه:جاء هذا الحديث هكذا بتسميته القائم عليه السّلام و الذي أذهب إليه النهي عن تسميته عليه السّلام.

و قد بالغ صاحب كشف الغمة،حتي أنه ردّ علي الشيخ المفيد طاب ثراه في قوله:إنّ اسمه كاسم النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم.

قال:إنّ هذا أيضا تسمية للمهدي عليه السّلام فكيف يجوّزه مع أنّ مذهبه المنع؟

لكن الظاهر أنّ هذا من باب التفهيم لا من باب التسمية.

و في بعض الأخبار المتقدمة دلالة عليه.

و ذهب جماعة من أصحابنا إلي أنّ النهي مخصوص بزمان الغيبة الصغري و مقدارها ستون سنة لاشتداد الخوف و التقية.

و بعض المعاصرين من أهل الحديث،أوّل الأخبار الدالة علي تحديد النهي بخروجه عليه السّلام

ص: 14


1- الكافي:333/1 ح 2.
2- كمال الدين:482،و البحار:33/51 ح 9.
3- الإمامة و التبصرة:117 ح 109،و الكافي:333/1 ح 4.
4- كمال الدين:648 ح 3،و البحار:34/51.

بحملها علي وجود التقية إلي أن يظهر،يعني إذا وجدت التقيّة في هذه الأعصار السابقة علي أعصار ظهوره عليه السّلام حرمت التسمية و إلاّ فلا.

و بعض الأخبار و إن استفيد منها الإشارة إلي تعليل النهي بالخوف و التقية،إلاّ أنّ الكثير منها مطلق،و الأولي هو العمل بأخبار النهي المطلق لوضوحها و استفاضتها و إن أريد تسميته عليه السّلام فلتكن بالحروف المقطعة م ح م د كما ورد في النصوص الصحيحة (1).

كمال الدين:مسندا إلي الإمام علي بن الحسين عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام و هو علي المنبر:

يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان،أبيض اللون مشرب بالحمرة،مبدح (2)البطن،عريض الفخذين،عظيم مشاش (3)المنكبين،بظهره شامتان:شامة علي لون جلده و شامة علي شبه شامة النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم،له إسمان:إسم يخفي و إسم يعلن،فأمّا الذي يخفي فأحمد و أمّا الذي يعلن فمحمد، فإذا هزّ رايته أضاء له ما بين المشرق و المغرب و وضع يده علي رؤوس العباد فلا يبقي مؤمن إلاّ صار قلبه أشدّ من زبر الحديد،و أعطاه اللّه قوة أربعين رجلا،و لا يبقي ميت إلاّ دخلت عليه تلك الفرحة في قلبه و في قبره و هم يتزاورون في قبورهم و يتباشرون بقيام القائم عليه السّلام» (4).

و روي:أنّ التسليم علي القائم عليه السّلام أن يقال:«السلام عليك يا بقية اللّه في أرضه» (5).

***

خبر أم القائم عليه السّلام

و فيه أيضا:عن محمد بن يحيي الشيباني قال:وردت كربلاء سنة ست و ثمانين و مائتين، و زرت قبر غريب رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم ثم رجعت إلي بغداد،فلمّا وصلت إلي مشهد الكاظم عليه السّلام و استنشقت نسيم تربته بكيت،و إذا أنا بشيخ قد انحني صلبه و ثفنت جبهته و هو يقول لآخر معه عند القبر:يا بن أخي،لقد نال عمّك شرفا بما حمّله السيدان من شرائف العلوم،و قد أشرف عمّك علي انقضاء المدة و ليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسرّه.

قلت:يا نفس لا يزال العناء و المشقة ينالان منك بأتعاب الخف و الحافر في طلب العلم،و قد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل علي علم جسيم،فقلت:أيها الشيخ و من السيّدان؟

ص: 15


1- انظر البحار:309/26 ح 73.
2- مبدح:عريض.
3- المشاش:العظام.
4- كمال الدين:653 ح 17،البحار:35/51.
5- كمال الدين:331 ح 16،و البحار:212/24.

قال:النجمان المغيّبان في الثري بسرّ من رأي.

فقلت:إني أقسم بشرفهما إني خاطب علماهما و باذل من نفسي الأيمان المؤكدة علي حفظ أسرارهما.

قال:إن كنت صادقا فيما تقول،فأحضر ما صحبك من أخبارهم.

فلمّا فتش الكتب قال:صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن و أبي محمد عليهما السّلام و جارهما بسرّ من رأي.

قلت:فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما.

قال:كان مولاي أبو الحسن فقّهني في علم الرقيق و اجتنبت بذلك موارد الشبهات،فبينا أنا ذات ليلة في منزلي بسرّ من رأي إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعا،فإذا بكافور الخادم رسول أبي الحسن علي بن محمد عليه السّلام يدعوني إليه،فلمّا دخلت عليه رأيته يحدّث إبنه أبا محمد عليه السّلام و أخته حكيمة من وراء الستر.

فلمّا جلست قال:«يا بشر إنك من ولد الأنصار و هذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف و أنتم ثقاتنا أهل البيت،و أني مشرّفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بها،بسرّ أطلعك عليه و أنفذك فيه في ابتياع أمة».

فكتب كتابا لطيفا بخط رومي و لغة رومية و طبع عليه خاتمه و أخرج خريطة صفراء فيها مائتان و عشرون دينارا،فقال:«خذها و توجّه بها إلي بغداد و احضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا،فإذا وصلت إلي جانبك زواريق السبايا و برزن الجواري تستحدق بهن طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس و شرذمة من فتيان العرب،فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد علي المسمّي عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك،إلي أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا و كذا لابسة حريرتين صفيقتين،تمتنع من العرض و الإنقياد لمن يحاول لمسها و تصرخ صرخة رومية من وراء ستر رقيق،فاعلم أنها تقول:

وا هتك ستراه.

فيقول بعض المبتاعين:عليّ بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة.

فتقول له بالعربية:لو برزت في زي سليمان بن داود علي شبه ملكه،ما بدت لي فيك رغبة، فاشفق علي مالك.

فيقول النخاس:فما الحيلة و لا بدّ من بيعك.

فتقول الجارية:و ما العجلة و لا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه و إلي وفائه و أمانته.

فعند ذلك قم إلي النخاس و قل له:أن معي كتابا ملصقا لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية و خط رومي و وصف فيه كرمه و وفاه،فناولها تتأمل منه أخلاق صاحبه،فإن مالت إليه و رضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.

ص: 16

قال بشر:فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسن عليه السّلام في أمر الجارية،فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاءا شديدا و قالت للنخاس:بعني من صاحب هذا الكتاب،و حلفت أنه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها.

فما زلت أشاحه في ثمنها حتي استقر الأمر علي مقدار ما كان أصحبنيه مولاي من الدنانير، فاستوفاه و تسلّمت الجارية ضاحكة مستبشرة،و انصرفت بها إلي حجرتي ببغداد،فما أخذها القرار حتي أخرجت كتاب مولانا عليه السّلام من جيبها و هي تلثمه و تطبقه علي جفنها و تضعه علي خدّها و تمسحه علي بدنها.

فقلت تعجبا منها:تلثمين كتابا لا تعرفين صاحبه؟

فقالت:أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء أعرني سمعك و فرّغ قلبك،أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم و أمي من ولد الحواريين تنسب إلي وصي المسيح شمعون أخبرك بالعجب،جدّي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه و أنا من بنات ثلاثة عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين و الرهبان ثلثمائة رجل و من ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل،و جمع من أمراء الأجناد و ملوك العشائر أربعة آلاف و أبرز من بهيّ ملكه عرشا مصاغا من أصناف الجوهر و رفعه فوق أربعين مرقاة،فلمّا صعد ابن أخيه و أحدقت به الصلبان و قامت الأساقفة عكّفا و نشرت أسفار الإنجيل،تساقطت الصلب من الأعلي و تقوضت أعمدة العرش فانهارت إلي القرار و خرّ الصاعد من العرش مغشيا عليه،فتغيرت ألوان الأساقفة و ارتعدت فرائصهم.

فقال كبيرهم لجدّي:أيها الملك إعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة علي زوال هذا الدين المسيحي.

فتطير جدّي من ذلك و قال للأساقفة:أقيموا هذه الأعمدة و ارفعوا الصلبان و احضروا أخا هذا المدبر المنكوس جدّه لأزوجه هذه الصبية،فيدفع نحوسه عنكم بسعوده.

و لمّا فعلوا ذلك حدث علي الثاني مثل ما حدث علي الاول و تفرّق الناس،و قام جدّي قيصر مغتمّا فدخل منزل النساء و أرخيت الستور.

و رأيت في تلك الليلة كأن المسيح و شمعون و عدّة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدّي و نصبوا فيه منبرا من نور يباري السماء علوا و ارتفاعا في الموضع الذي كان نصب جدّي فيه عرشه، و دخل عليه محمدا صلي اللّه عليه و اله و سلّم و ختنه و وصيه عليه السّلام و عدّة من أبنائه عليهما السّلام فتقدّم المسيح إليه و اعتنقه،فيقول له محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يا روح اللّه إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لإبني هذا،و أومي بيده إلي أبي محمد عليه السّلام ابن صاحب هذا الكتاب.

فنظر المسيح إلي شمعون و قال له:قد أتاك الشرف،فصل رحمك برحم آل محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم.

قال:قد فعلت.

ص: 17

و صعدوا ذلك المنبر،فخطب محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و زوجني من ابنه و شهد المسيح و شهد أبناء محمد عليهم السّلام و الحواريون.

فلمّا استيقظت أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا علي أبي و جدّي مخافة القتل فكنت أسرّها، و ضرب صدري بمحبة أبي محمد عليه السّلام حتي امتنعت من الطعام و الشراب فضعفت نفسي و دق شخصي و مرضت مرضا شديدا،فما بقي في مدائن الروم طبيب إلاّ أحضره جدّي و سأله عن دوائي.

فلمّا برح به اليأس قال:يا قرّة عيني هل يخطر ببالك شهوة فأزودكها في هذه الدنيا؟

فقلت:يا جدّي أري أبواب الفرح عليّ مغلقة،فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من أساري المسلمين و فككت عنهم الأغلال و تصدّقت عليهم و منّيتهم بالخلاص،رجوت أن يهب المسيح و أمّه لي عافية.

فلمّا فعل ذلك تجلدت في إظهار الصحة من بدني قليلا و تناولت يسيرا من الطعام،فسرّ بذلك و أقبل علي إكرام الأساري و إعزازهم.

فأريت أيضا بعد أربع عشرة ليلة كأن سيدة نساء العالمين فاطمة عليه السّلام قد زارتني و معها مريم بنت عمران و ألف من وصائف الجنان فتقول لي مريم:هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد عليه السّلام فأتعلق بها و أبكي و أشكو إليها امتناع أبي محمد عليه السّلام من زيارتي.

فقالت سيدة النساء عليه السّلام:إنّ ابني أبا محمد لا يزورك و أنت مشركة باللّه علي مذهب النصاري و هذه أختي مريم بنت عمران تبرأ إلي اللّه من دينك،فإن ملت إلي رضا اللّه و رضا المسيح و مريم و زيارة أبي محمد إياك،فقولي:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ أبي محمدا رسول اللّه.

فلمّا تكلمت بهذه الكلمة ضمّتني إلي صدرها سيدة نساء العالمين و طيّبت نفسي و قالت:الآن توقعي زيارة أبي محمد و أني منفذته إليك.

فانتبهت و أنا أقول:و آشوقاه إلي لقاء أبي محمد.

ثم زارني بعد ذلك فكأني أقول له:لم جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك.

فقال:«ما كان تأخري إلاّ لشركك،فقد أسلمت و أنا زائرك في كل ليلة إلي أن يجمع اللّه شملنا في العيان».

فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلي هذه الغاية.

قال بشر:فقلت لها:و كيف وقعت في الأساري؟

فقالت:أخبرني أبو محمد عليه السّلام ليلة من الليالي أنّ جدّك سيسيّر جيشا إلي قتال المسلمين يوم كذا و كذا ثم يتبعهم،فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا.

ص: 18

ففعلت ذلك فوقعت علينا طلائع المسلمين حتي كان من أمري ما رأيت و ما شعر بأني ابنة ملك الروم إلي هذه الغاية أحد سواك بإطلاعي إياك عليه،و لقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن إسمي فأنكرته و قلت:نرجس.

فقال:إسم الجواري.

قلت:العجب أنك رومية و لسانك عربي.

قالت:نعم،من ولوع جدّي و حمله إياي علي تعلم الآداب،أن أوعز إلي امرأة ترجمانة له في الإختلاف إليّ،و كانت تقصدني صباحا و مساءا و تفيدني العربية حتي استمر لساني عليها.

قال بشر:فلمّا انكفأت بها إلي سرّ من رأي دخلت علي مولاي أبي الحسن عليه السّلام.

فقال:«كيف أراك اللّه عزّ الإسلام و ذل النصرانية و شرف محمد و أهل بيته عليهم السّلام».

قالت:كيف أصف لك يا بن رسول اللّه،ما أنت أعلم به مني؟

قال:«فإني أحبّ أن أكرمك فأيّما أحبّ إليك،عشرة آلاف دينار أم بشري لك بشرف الأبد؟»

قالت:بشري بولد لي.

قال لها:«أبشري بولد يملك الدنيا شرقا و غربا و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا».

قالت:ممّن؟

قال:«ممّن خطبك رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم ليلة كذا في شهر كذا في سنة كذا بالرومية».

قال لها:«ممّن زوجك المسيح و وصيه؟»

قالت:من ابنك أبي محمد عليه السّلام.

فقال:«هل تعرفينه؟»

قالت:و هل خلت ليلة لم يزرني فيها منذ الليلة التي أسلمت علي يد سيدة النساء صلوات اللّه عليها.

قال:فقال مولانا:«يا كافور أدع اختي حكيمة».

فلمّا دخلت قال لها:«ها هيه».

فاعتنقتها طويلا،فقال لها أبو الحسن عليه السّلام:«يا بنت رسول اللّه خذيها إلي منزلك و علّميها الفرائض و السنن،فإنها زوجة أبي محمد و أم القائم عليه السّلام» (1).6.

ص: 19


1- كمال الدين:423،و دلائل الإمامة:496.

و في ذلك الكتاب أيضا:حديث طويل رواه عن محمد بن عبد اللّه المطهري عن حكيمة و فيه صفة ولادة القائم عليه السّلام و ساق الحديث إلي قول أبي محمد عليه السّلام لحكيمة:«إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل،لأن مثلها مثل أم موسي لم يظهر بها الحبل إلي وقت ولادتها،لأن فرعون كان يشق بطون الحبالي في طلب موسي و هذا نظير موسي».

قالت حكيمة:فلم أزل أرقبها إلي طلوع الفجر،ثم وثبت و ضممتها إلي صدري و صاح بي أبو محمد:«إقرأي عليها إنا أنزلناه».

فأقبلت أقرأ عليها،فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ،و سلّم عليّ ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبو محمد عليه السّلام:«لا تعجبي من أمر اللّه عزّ و جل،إن اللّه تبارك و تعالي ينطقنا بالحكمة صغارا و يجعلنا حجّة في أرضه كبارا».

فلم يستتم الكلام حتي غيبت عني نرجس،فلم أرها كأنه ضرب بيني و بينها حجاب،فعدوت نحو أبي محمد و أنا صارخة.

فقال:«ارجعي يا عمّة فإنك ستجديها في مكانها».

فرجعت و كشف الحجاب بيني و بينها،و إذا أنا بصبي ساجدا علي وجهه جاثيا علي ركبتيه رافعا سبابتيه نحو السماء و هو يتشهد،ثم عدّ إماما إماما إلي أن بلغ إلي نفسه فقال:«اللّهم أنجز لي وعدي و أتمم لي أمري و ثبّت و طأتي و املأ الأرض بي عدلا و قسطا».

فصاح بي أبو محمد عليه السّلام:«تناوليه فهاتيه».

فأتيت به نحوه،فلمّا مثلت بين يدي أبيه و هو علي يدي سلّم علي أبيه فتناوله و الطير ترفرف علي رأسه،فصاح بطير منها فقال له:«إحمله و احفظه و ردّه إلينا في كل أربعين يوما».

فتناوله الطائر و طار به في جو السماء و اتبّعه سائر الطير.

فقال أبوه:«أستودعك الذي استودعته أم موسي».

فبكت نرجس،فقال لها:«أسكتي فإن الرضاع محرّم إلاّ من ثديك و سيعاد إليك كما ردّ موسي إلي أمّه و ذلك قوله عزّ و جلّ: فَرَدَدْناهُ إِلي أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ (1).

فقالت:ما هذا الطائر؟

قال:«هذا روح القدس الموكّل بالأئمة عليهم السّلام يوفّقهم و يسدّدهم و يربّيهم بالعلم».

فلمّا كان بعد أربعين يوما ردّ الغلام و وجّه إلي ابن أخي،فدعاني فدخلت عليه فإذا أنا بصبي يمشي بين يديه فقلت:سيّدي هذا ابن سنتين؟3.

ص: 20


1- سورة القصص،الآية:13.

فتبسم عليه السّلام و قال:«إنّ أولاد الأنبياء و الأوصياء إذا كانوا أئمة ينشأون بخلاف ما ينشأ غيرهم، و أنّ الصبي منّا إذا أتي عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة و أنّ الصبي منّا ليتكلم في بطن أمّه و يقرأ القرآن و يعبد ربّه عزّ و جلّ و عند الرضاع تطيعه الملائكة و تنزل عليه صباحا و مساءا».

فلم أزل أري ذلك الصبي كل أربعين يوما إلي أن رأيته رجلا قبل مضي أبي محمد عليه السّلام بأيام قلائل فلم أعرفه،فقلت لأبي محمد:من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟

فقال:«ابن نرجس و هو خليفتي من بعدي و عن قليل تفقدوني و و الله إني لأراه صباحا و مساءا و إنه ليخبرني قبل أن أسأله،و قد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ و أمرني أن أخبرك بالحق» (1).

***

تكلمه عجّل اللّه فرجه بالصغر

و في بحار الأنوار:حديثا عن سيدنا أبي الحسن و أبي محمد عليهما السّلام قالا:«إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أراد أن يخلق الإمام أنزل قطرة من ماء الجنة في المزن فتسقط في ثمرة من ثمار الأرض فيأكلها الحجّة في الزمان،فإذا استقرت فيه فيمضي له أربعون يوما سمع الصوت،فإذا أتت له أربعة أشهر و قد حمل كتب علي عضده الأيمن وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (2).

فإذا ولد قام بأمر اللّه و رفع له عمود من نور في كل مكان ينظر فيه إلي الخلائق و أعمالهم و ينزل أمر اللّه إليه في ذلك العمود و العمود نصب عينه حيث تولي و نظر».

ثم ساق الحديث في كيفية تولده عن حكيمة إلي أن قالت:لمّا تولد أخذه أبوه فقال:«يا بني إقرأ ممّا أنزل اللّه علي أنبيائه و رسله.

فابتدأ بصحف آدم،فقرأها بالسريانية و كتاب إدريس و كتاب نوح و كتاب هود و كتاب صالح و صحف إبراهيم و توراة موسي و زبور داود و إنجيل عيسي و فرقان جدي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم ثم قصّ قصص الأنبياء و المرسلين إلي عهده».

ثم قالت:فعدت بعد أربعين يوما فلم أره،فقال أبو محمد عليه السّلام:«إستودعناه الذي استودعته أم موسي».

ثم قال عليه السّلام:«لمّا وهب لي ربّي مهدي هذه الأمة أرسل ملكين فحملاه إلي سرادق العرش حتي وقفا بين يدي اللّه عزّ و جلّ،فقال له:مرحبا بك عبدي لنصرة ديني و إظهار أمري و مهدي

ص: 21


1- كمال الدين:423،و غيبة الشيخ الطوسي:213 و البحار:8/51 ح 12.
2- سورة الأنعام،الآية:115.

عبادي،آليت أني بك آخذ و بك أعطي و بك أغفر و بك أعذب،رداه أيها الملكان علي أبيه ردا رفيقا و أبلغاه أنه في ضماني و كنفي و بعيني إلي أن أحق به الحق و أزهق به الباطل و يكون الدين واصبا» (1).

و قالت نسيم خادم أبي محمد عليه السّلام:دخلت علي صاحب الزمان عليه السّلام بعد مولده بليلة فعطست، فقال لي:«يرحمك اللّه».

قالت نسيم:ففرحت بذلك.

فقال عليه السّلام:«ألا أبشرك في العطاس؟»

فقلت:بلي يا مولاي.

قال:«هو أمان من الموت ثلاثة أيام» (2).

***

احتجاج القائم عجّل اللّه فرجه في الصغر

كمال الدين:مسندا إلي سعد بن عبد اللّه القمي قال:كنت حريصا علي جمع الكتب المشتملة علي غوامض العلوم معيبا للفرق ذوي الخلاف،إلي أن بليت بأشد النواصب منازعة و أشنعهم سؤالا.

فقال ذات يوم في المناظرة:تبّا لك و لأصحابك يا سعد،إنكم معاشر الرافضة تقصدون علي المهاجرين و الأنصار بالطعن عليهما،و تجحدون من رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم إمامتهما،هذا الصدّيق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته،أما علمتم أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم ما أخرجه مع نفسه إلي الغار إلاّ علما منه بأنّ الخلافة له من بعده،و أنه هو المقلد للتأويل و الملقي إليه أزمّة الأمة،كما أشفق علي نبوته أشفق علي خلافته،إذ ليس من حكم الإستتار و التواري أن يروم الهارب المساعدة إلي مكان يستخفي فيه،فلما رأينا النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم متوجها إلي الإستخفاء و لم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد،استبان لنا أنّ قصده من استصحابه معه الي الغار العلة المذكورة،و إنما أبات عليّا علي فراشه لمّا لم يكن يبالي به و لاستثقاله له،و لعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها.

قال سعد:فأوردت عليه أجوبة شتي و نقضها كلها.

ثم قال:يا سعد دونكها أخري بمثلها تخطم أنوف الروافض،أ لستم تزعمون أنّ الصدّيق

ص: 22


1- البحار:27/51،و مدينة المعاجز:26/8.
2- كمال الدين:430 ح 5،و الخرائج و الجرائح:466/1 ح 11.

و الفاروق كانا يسرّان النفاق،و استدللتم بليلة العقبة،أخبرني عنهما أسلما طوعا أو كرها؟

قال سعد:فاحتلت لدفع هذه المسألة خوفا من الإلزام و حذرا من أني إن أقررت بطواعيتهما للإسلام احتجّ بأن بدو النفاق في القلب لا يكون إلاّ عند القهر و الغلبة و إظهار البأس الشديد في حمل المرء علي ما ليس ينقاد له قلبه،نحو قول اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمّا رَأَوْا بَأْسَنا.

و إن قلت:أسلما كرها،كان يقصدني بالطعن،إذ لم يكن ثم سيوف منتضاة كانت تريهم البأس.

قال سعد:فصدرت عنه مزورا قد تقطع كبدي من الكرب،و كنت قد اتخذت طومارا و أثبت فيه نيفا و أربعين مسألة علي أن أسأل فيها أحمد بن إسحاق صاحب أبي محمد عليه السّلام فارتحلت خلفه و قد كان قاصدا نحو مولانا بسرّ من رأي،فلمّا تصافحنا قال:لخير لحاقك بي.

قلت:الشوق ثم العادة في الأسئلة.

فقال:و أنا قاصد إلي مولانا للسؤال.

فوردنا سرّ من رأي فانتهينا إلي بابه عليه السّلام فأذن لنا بالدخول،و كان علي عاتق أحمد بن أسحاق جراب فيه مائة و ستون صرّة من الدنانير و الدراهم علي كل صرّة منها خاتم صاحبها.

قال سعد:فما شبّهت مولانا أبا محمد عليه السّلام حين غشينا نور وجهه إلاّ بدرا قد استوفي من لياليه أربعا بعد عشر،و علي فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة و المنظر،و علي رأسه فرق بين و فرتين كأنه(ألف)بين(واوين)،و بين يدي مولانا عليه السّلام رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها،قد كان أهداها إليه بعض رؤساء البصرة و بيده قلم إذا أراد أن يكتب قبض الغلام علي إصبعه.

و كان عليه السّلام يدحرج الرمانة بين يديه و يشغله بردها لئلا يصدّه عن كتابة ما أراد عليه السّلام،فسلّمنا عليه و ألطف في الجواب و أومي إلينا بالجلوس.

فلمّا فرغ من كتابة البياض أخرج أحمد بن اسحاق جرابه و وضعه بين يديه،فنظر عليه السّلام إلي الغلام و قال له:«يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك و مواليك».

فقال:«يا مولاي أيجوز أن أمدّ يدا طاهرة إلي هدايا نجسة و أموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها؟»

فقال عليه السّلام:«يا بن إسحاق إستخرج ما في الجراب ليميّز بين الأحل و الأحرم منها».

فأول صرّة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام:«هذه لفلان ابن فلان من محلة كذا بقم تشتمل علي الاثنين و ستين دينارا،فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها و كانت إرثا له من أبيه خمسة و أربعون

ص: 23

دينارا،و من أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا،و فيها من أجرة حوانيت ثلاثة دنانير».

فقال مولانا عليه السّلام:«صدقت يا بني دلّ الرجل علي الحرام منها».

فقال عليه السّلام:«فتش علي دينار رازي السكة تاريخه سنة كذا قد انطمس من نصف إحدي صفحتيه نقشه و قراضة آملية وزنها ربع دينار،و العلة في تحريمها أنّ صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا علي حائك من جيرانه من الغزل منّا و ربع من،فأتت علي ذلك مدّة فسرق الغزل فأخبر به الحائك صاحبه،فكذّبه و استردّ منه بدل ذلك منّا و نصف من غزلا أدق ممّا كان دفعه إليه و اتخذ من ذلك ثوبا كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه».

فلمّا فتح رأس الصرّة،صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه و بمقدارها علي حسب ما قال و استخرج الدينار و القراضة بتلك العلامة،ثم أخرج صرّة أخري فقال الغلام عليه السّلام:

«هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم،تشتمل علي خمسين دينارا لا يحلّ لنا مسّها».

قال:«و كيف ذلك؟»

قال:«لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها علي إكارة في المقاسمة،و ذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف و كال ما خص الإكار بكيل بخس».

فقال عليه السّلام:«صدقت يا بني».

فقال:«يا ابن إسحاق إحملها لتردها علي أربابها فلا حاجة لنا في شيء منها،و اتنا بثوب العجوز».

قال أحمد:و كان ذلك الثوب في خرج لي فنسيته.

فلمّا انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب،نظر إليّ مولانا أبو محمد عليه السّلام فقال:«ما جاء بك يا سعد؟»

فقلت:شوّقني أحمد بن إسحاق إلي لقاء مولانا عليه السّلام.

قال:«و المسائل التي أردت أن تسأل عنها».

قلت:علي حالها يا مولاي.

قال:«فسل قرّة عيني»،و أومي إلي الغلام.

فقلت له:مولانا و ابن مولانا إنّا روينا عنكم أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلّم جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السّلام حتي أرسل يوم الجمل إلي عائشة:

«إنك أرهجت علي الإسلام بفتنتك و أوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك،فإن كففت عنّي و إلاّ طلّقتك».

ص: 24

و نساء رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم قد كان طلاقهن وفاته.

قال:«ما الطلاق؟»

قلت:تخلية السبيل.

قال:«فإذا كان وفاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم خلي لهن السبيل؟»

قلت:فأخبرني يا مولاي عن معني الطلاق الذي فوضّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم حكمه إلي أمير المؤمنين عليه السّلام؟

قال:«إن اللّه تبارك و تعالي عظّم شأن نساء النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم فخصهنّ بشرف الأمهات،فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهنّ ما دمن للّه علي الطاعة،فأيهنّ عصت اللّه بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج و أسقطها من شرف أمومة المؤمنين».

قلت:فأخبرني عن الفاحشة المبيّنة التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدّتها حلّ للزوج أن يخرجها؟

قال:«الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزنا،فإنّ المرأة إذا زنت و أقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن تمنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحد،و إذا سحقت وجب عليها الرجم،و الرجم خزي،و من قد أمر اللّه عزّ و جلّ برجمه فقد أخزاه و من أخزاه فقد أبعده و من أبعده فليس لأحد أن يقربه».

قلت:فأخبرني يا بن رسول اللّه عن أمر اللّه تبارك و تعالي لنبيّه موسي عليه السّلام:فاخلع نعليك إنك في الوادي المقدّس طوي،فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنه كانت من أهاب الميتة.

فقال عليه السّلام:«من قال ذلك فقد افتري علي موسي عليه السّلام و استجهله في نبوته،لأنه ما خلي الأمر فيها من خطبين:إمّا أن تكون صلاة موسي عليه السّلام فيها جائزة أو غير جائزة،فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسها في تلك البقعة،و إن كانت مقدّسة مطهّرة فليس بأقدس و أطهر من الصلاة،و إن كانت صلاته غير جائزة فيها،فقد أوجب علي موسي أنه لم يعرف الحلال من الحرام،و علم ما جازت فيه الصلاة و ما لم تجز و هذا كفر».

قلت:فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما.

قال عليه السّلام:«إنّ موسي عليه السّلام ناجي ربّه بالوادي المقدّس و قال:يا ربّ إني قد أخلصت لك المحبّة مني و غسلت قلبي عمّن سواك.

و كان شديد الحبّ لأهله،فقال اللّه تبارك و تعالي: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أي حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبتك إليّ خالصة و قلبك من الميل إلي من سواي مغسولا».

قلت:فأخبرني يا بن رسول اللّه عن تأويل: كهيعص.

ص: 25

قال:«هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع اللّه عليها عبده زكريا ثم قصّها علي محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و ذلك أن زكريا عليه السّلام سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة،فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها فكان زكريا عليه السّلام إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن صلوات اللّه عليهم سري عنه همّه و انجلي كربه، و إذا ذكر إسم الحسين عليه السّلام خنقته العبرة،فقال ذات يوم:إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين عليه السّلام تدمع عيني و تثور زفرتي؟

فأنبأه اللّه تبارك و تعالي عن قصته و قال: كهيعص.

فالكاف:إسم كربلاء،و الهاء:هلاك العترة:و الياء:يزيد و هو ظالم الحسين،و العين:

عطشه،و الصاد:صبره.

فلمّا سمع ذلك زكريا عليه السّلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام و منع فيه الناس من الدخول عليه و أقبل علي البكاء و النحيب،و كانت ندبته:

إلهي أتفجع خير خلقك بولده؟إلهي أتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه؟إلهي أتلبس عليّا و فاطمة ثياب هذه المصيبة؟إلهي أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟.

ثم كان يقول:إلهي ارزقني ولدا تقرّ به عيني علي الكبر و اجعله وارثا و وصيّا و اجعل محله منّي محل الحسين،فإذا ارزقتنيه فافتني بحبّه ثم افجعني به كما تفجع محمدا نبيّك بولده.

فرزقه اللّه يحيي عليه السّلام و فجعه به و كان حمل يحيي عليه السّلام ستة أشهر و حمل الحسين عليه السّلام كذلك».

قلت:فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم؟

قال:«مصلح أو مفسد؟»

قلت:مصلح.

قال:«فهل يجوز أن تقع خيرتهم علي المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟».

قلت:بلي.

قال:«فهذه العلة أوردها لك ببرهان يثق به عقلك،أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم اللّه و أنزل الكتب عليهم و أيّدهم بالوحي و العصمة إذ هم أعلام الأمم و أهدي إلي الإختيار منهم مثل موسي و عيسي عليهما السّلام هل يجوز مع وفور عقلهما و كمال علمهما إذا همّا بالإختيار أن يقع خيرتهما علي المنافق و هما يظنان أنه مؤمن؟»

قلت:لا.

قال:«هذا موسي كليم اللّه مع وفور عقله و كمال علمه و نزول الوحي عليه إختار من أعيان قومه و وجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشك في إيمانهم و إخلاصهم،فوقعت خيرته

ص: 26

علي المنافقين قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اخْتارَ مُوسي قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا إلي قوله: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّي نَرَي اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ.

فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه اللّه للنبوة واقعا علي الأفسد دون الأصلح و هو يظن أنه الأصلح دون الأفسد،علمنا أن لا اختيار إلاّ لمن يعلم ما تخفي الصدور و تكن الضمائر و أن لا خطر لاختيار المهاجرين و الأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء علي ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح».

ثم قال مولانا عليه السّلام:«يا سعد و حين ادعي خصمك أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم ما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلي الغار إلاّ علما منه أن الخلافة له من بعده و أنه هو الملقي إليه أزمّة الأمة،فكما أشفق علي نبوته أشفق علي خلافته،إذ لم يكن من حكم الإستتار و التواري أن يروم الهارب من البشر مساعدة من غيره إلي مكان يستخفي به،و إنما أبات عليّا عليه السّلام علي فراشه لما لم يكن يكترث به و لاستثقاله إيّاه و علمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها؟ فهّلا نقضت عليه دعواه بقولك:أ ليس قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:الخلافة بعدي ثلاثون سنة،فجعل هذه موقوفة علي أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم،و كان لا يجد بدّا من قوله بلي.

فكنت تقول له حينئذ:أ ليس كما علم رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم أن الخلافة بعده لأبي بكر،علم أنها من بعد أبي بكر لعمر و من بعد عمر لعثمان و من بعد عثمان لعلي،فكان أيضا لا يجد بدّا من قوله لك:

نعم.

ثم كنت تقول له:فكان الواجب علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم أن يخرجهم جميعا علي الترتيب إلي الغار و يشفق عليهم كما أشفق علي أبي بكر،و لا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم و تخصيصه أبا بكر بإخراجه مع نفسه دونهم.

و لمّا قال:أخبرني عن الصدّيق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها؟

لم لم تقل له:بل أسلما طمعا،لأنهما كانا يجالسان اليهود و يستخبرانهم عمّا كانوا يحدثون في التوراة و سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلي حال من قصة محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و من عواقب أمره.

فكانت اليهود تذكر أنّ محمدا صلي اللّه عليه و اله و سلّم يسلط علي العرب كما كان بخت نصر سلط علي بني إسرائيل و لا بدّ له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصر ببني إسرائيل غير أنه كاذب في دعواه أنه نبي،فأتيا محمدا صلي اللّه عليه و اله و سلّم فساعداه علي قول شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و تابعاه طمعا في أن ينال كل منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أمورهما (1)،فلمّا أيسا من ذلك تلثّما و صعدا العقبة مع أمثالهما من المنافقين علي أن يقتلوه،فدفع اللّه كيدهم و ردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا،كما أتي طلحة و الزبيره.

ص: 27


1- زيادة من المصدر و في المخطوط:أموره.

عليا عليه السّلام فبايعاه و طمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد،فلمّا أيسا نكثا بيعته و خرجا عليه،فصرع اللّه كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين» (1).

***

النص علي الإمام المهدي الحجة القائم عجل اللّه فرجه

و ذلك من طرق:

الطريق الاول:أنه أفضل أهل زمانه و أعلمهم و أحلمهم

*الطريق الاول:أنه أفضل أهل زمانه و أعلمهم و أحلمهم (2)و أشجعهم و أزهدهم و أورعهم علي ما في كتب التاريخ (3).

حتي قيل أنه أفضل من عيسي عليه السّلام (4).

و أخرج أبو نعيم في الاربعين عن عون بن منبه و محمد بن سيرين،و ابن أبي شيبة بسند صحيح (5)في المصنف عن محمد بن سيرين؛تفضيل الإمام المهدي علي الشيخين أبو بكر و عمر، بل قال:قد كاد يفضل الأنبياء (6).

و أخرجه ابن عدي عن ابن سيرين عن أبي هريرة (7).

و قد ثبت بدلالة العقول تقدم الفاضل علي المفضول و قبح تقدم الجاهل علي العالم.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام في شجاعته عجل اللّه فرجه:«أعطاه اللّه عزّ و جلّ قوة أربعين رجلا» (8).

ص: 28


1- كمال الدين:457،و دلائل الإمامة:509،و الاحتجاج،الشيخ الطبرسي:268/2-273.
2- ينابيع المودة:401/2 ط.استانبول 1301 ه و 284 ط.قم باب 67،و تاريخ الخميس:288/2 289 الفصل الثاني من الخاتمة ذكر الأئمة الاثني عشر،و الفصول المهمة:281.
3- راجع ينابيع المودة:401/2 ط.استانبول 1301 ه و 482 ط.النجف باب 67.
4- البيان للكنجي:111 الباب السابع.
5- رمز له السيوطي بالصحة عن المصنف في اللآليء المصنوعة:395/2 ذيل كتاب الفتن.
6- لوامع الأنوار البهية:85/2 فصل في أشراط الساعة،تتمة:للمهدي فضل دون فضل الصحابة،و المصنف لابن ابي شيبة:513/7 ح 37639 كتاب الفتن و عبارته في المطبوع:(يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر و لا عمر)،و تاريخ الخميس:288/2-289 الفصل الثاني من الخاتمة-ذكر الأئمة الاثني عشر،و الفصول المهمة:281،و الحاوي للفتاوي:153/2 العرف الوردي في أخبار المهدي،و الرسائل العشرة للسيوطي رسالة العرف الوردي في أخبار المهدي:241 الربع الأخير من الرسالة،اللآليء المصنوعة:395/2 ذيل كتاب الفتن.
7- اللآليء المصنوعة:395/2 ذيل كتاب الفتن.
8- أعلام الوري:435.

و قال ابن عربي في فتوحاته:(...يصبح أعلم الناس و أكرم الناس و أشجع الناس يصلحه اللّه في ليلة) (1).

و يكفي في ثبوت فضل مولانا الحجة المنتظر عجل اللّه فرجه علي غيره كونه سمي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم خلقا و خلقا كما تواترت الروايات في ذلك (2).

و في مناظراته ما يكشف عن فضله صلوات اللّه عليه (3).

و جاء في دعاء الندبة:«أين بقية اللّه التي لا تخلو منه العترة الهادية،أين المعد لقطع دابر الظلمة،أين المنتظر لاقامة الأمت و العوج،أين المرتجي لأزالة الجور و العدوان اين المدخر لتجديد الفرائض و السنن،أين المتخيّر لإعادة الملة و الشريعة،أين المؤمل لإحياء الكتاب و حدوده،أين محي معالم الدين و أهله...بنفسي أنت من عقيد عزّ لا يسامي،بنفسي أنت من أثيل مجد لا يجاري،بنفسي أنت من تلاد نعم لا تضاهي،بنفسي أنت من نصيف شرف لا يساوي» (4).

و وصفه ابن عربي بصلواته قائلا:(صلوات اللّه...علي سرّ السرائر العلية و خفي الارواح القدّسية،معراج العقول،موصل الاصول،قطب رحي الوجود،مركز دائرة الشهود،كمال النشأة و منشأ الكمال،جمال الجميع و مجمع الجمال،الوجود المعلوم و العلم الموجود،...ناموس اللّه الأكبر،غاية البشر،اب الوقت مولي الزمان،الذي للخلق أمان،ناظم مناظم السرّ و العلن،أبي القاسم م ح م د بن الحسن صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين) (5).

الطريق الثاني:وجوب الإمامة في كل زمان بحكم العقل و عدم خلو الأرض من الحجّة

*الطريق الثاني:وجوب الإمامة في كل زمان بحكم العقل و عدم خلو الأرض من الحجّة و لقوله تعالي: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (6)كما ياتي.

و إمامة الحجة القائم مقطوعة التحقق لعصمته دون غيره بنص آية التطهير عليه و علي آبائه صلوات اللّه عليهم أجمعين.

علي أنه لم يدع أحد الإمامة لغيره في عصر الغيبة.

الطريق الثالث:النص عليه من رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:

قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لن تنقضي الأيام و الليالي حتي يبعث اللّه رجلا من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي،

ص: 29


1- الفتوحات المكية:327/8 ط.مصر دار الكتب العربية الباب بمصر 366 الباب 366.
2- راجع كفاية الأثر:291،و أعلام الوري:399 و يأتي هنا بعض المصادر الأخري.
3- راجع الاحتجاج:461/2.
4- عبائر من دعاء الندبة راجع البحار:104/102.
5- وسيلة الخادم إلي المخدوم:297 و تاتي تمام صلواته علي أهل البيت في الأبحاث شاء اللّه.
6- سورة الرعد،الآية:7.

يملؤها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا» (1).

و في رواية أخري قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتي يبعث اللّه فيه رجلا من ولدي،يواطيء اسمه اسمي،يملؤها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا» (2).

و اخرج الديلمي عن أبي هريرة و الشاشي عن ابن مسعود:«لا تقوم الساعة حتي يملك رجل من أهل بيتي يفتح القسطنطينية و جبل الديلم؛و لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتي يفتحهما» (3).

و الروايات في ذلك متواترة لا تكاد تحصي و و تقدم جلّها في القسم الثاني من النصوص (4).

الطريق الرابع:النص عليه من ابيه عليهما السّلام:

قال عمرو الأهوازي:أراني ابو محمد ابنه عليه السّلام و قال:«هذا صاحبكم بعدي (5).

و قريب منه عن كامل بن إبراهيم المدني و الخادم الفارسي (6).

و قال محمد بن عثمان:عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي عليه السّلام و نحن في منزله و كنا أربعين رجلا فقال:«هذا إمامكم من بعدي و خليفتي عليكم أطيعوه و لا تتفرقوا من بعدي في اديناكم فتهلكوا،اما انكم لا ترونه بعد يومكم هذا» (7).

ص: 30


1- مسند أحمد:371/1 ط.دار الفكر،و تاريخ بغداد:388/4 ط.المدينة المنورة،و الفصول المهمة:291 ط.النجف،المصنف لعبد الرزاق:371/11 ح 20770 باب المهدي،و المعجم الكبير:134/1 ترجمة الأعمش-الاختلاف في حديث عبد الله ح 10219،و المصنف لابن ابي شيبة:513/7 ح 37636 كتاب الفتن مع تفاوت.
2- الفصول المهمة:282-284 ط.بيروت و 294 ط.النجف و طهران،و اثبات الوصية:229،و المعجم الكبير:135/10 ترجمة الاعمش الاختلاف عنه في حديث عبد الله ح 10222 و له عدة ألفاظ مشابهة ذكرها الطبراني مفصلا فتراجع،و الإرشاد:340/2،و سنن أبي داوود:106/4 ط.دار الفكر ب.،و سنن الترمذي:505/4 ط.إحياء التراث،و غيبة الشيخ:112،و دلائل الإمامة:240،و المصنف لابن ابي شيبة:513/7 ح 37637 كتاب الفتن مع تفتوت،و سنن أبي داود 106/46 ح 4282 كتاب المهدي.
3- الفردوس:82/5 ح 7523 ط.دار الكتب العلمية و 222 ح 7675 ط.دار الكتاب،و مسند الشاشي:/2 109 ح 632.
4- راجع علي سبيل المثال:المصنف لعبد الرزاق:371/11 ح 20769 و ما بعده،و فرائد السمطين 310/2 إلي 341 الباب 61 ح 561،و مسند الشاشي:109/2-110-111 ح 632 إلي 636.
5- الإرشاد:348/2،و غيبة الشيخ:140،و أعلام الوري:414،و البحار:60/52،و ينابيع المودة:/2 460 ط.استانبول 1301 ه و 551 ط.النجف باب 82.
6- ينابيع المودة:461/2 ط.استانبول 1301 ه و 552 ط.النجف باب 82.
7- كمال الدين:435/2 ح 2 باب 43.

و قال يعقوب بن منقوش:دخلت علي ابي محمد الحسن بن علي عليه السّلام و هو جالس علي دكان في الدار و عن يمينه بيت و عليه ستر مسبل،فقلت له:يا سيدي من صاحب هذا الامر؟

فقال:ارفع الستر فرفعته،فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك،واضح الجبين،ابيض الوجه،دري المقلتين،شثن الكفين،معطوف الركبتين في خدّه الايمن خال،و في رأسه ذوابة فجلس علي فخذ ابي محمد عليه السّلام.ثم قال لي:«هذا هو صاحبكم».

ثم وثب فقال له:«يا بني ادخل إلي الوقت المعلوم».

فدخل البيت و أنا انظر اليه ثم قال لي:يا يعقوب انظر إلي من في البيت؟فدخلت فما رأيت أحدا (1).

و في رواية قال أبو محمد الحسن العسكري عند ولادة الحجة عجّل اللّه فرجه:

«زعم الظلمة انهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل،فكيف رأوا قدرة اللّه،و سماه المؤمّل» (2).

و نحو ذلك من النصوص (3).

شبهة و ردّها

تسالمت الإمامية و بعض العامة علي وجود منقذ للبشرية بعد الإمام الحسن العسكري عليه السّلام و أنه من ولده.

كما و تسالمت علي ولادته في حياة ابيه و بقائه حتي الساعة مستدلين ببعض الروايات و الوقائع التارخية.

و لكن و في العصور الأخيرة أخذت بعض الفرق و جملة من الأفراد بالتشكيك بولادته عجل اللّه تعالي فرجه الشريف،مع إيمان الكثير منهم بضرورته و أنه يولد في آخر الزمان.

و منه يأتي الشك لآثار وجوده و البركات المترتبة علي وجود الإمام عليه السّلام.

و للرد علي هذه الشبهة نورد بعض الأدلة العقلية و النقلية الدالة علي ولادته و استمراريته حتي خروجه.

ثم نختم الكلام حول الغيبة و علتها و انها لا تمنع الآثار التكوينية المترتبة علي الإمام،و لا تفوت المنافع الدينية،نعم هي تفوت بعض المنافع المادية،مع ذكر وجوه الشبه بين الإمام و نور الشمس.

ص: 31


1- كمال الدين:437/2 باب 43 ح 5.
2- غيبة الشيخ:134.
3- راجع إثبات الوصية:217،و الفصول المهمة:282 ط.بيروت و 292 ط.النجف و طهران،و روضة الواعظين:252-260،و الكافي:328/1،و كمال الدين:384/2 باب 38 ح 1-72.

المهدي من أهل البيت عليهم السّلام

تواتر الروايات أن المهدي من عترة رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم من أهل البيت من ولد علي و فاطمة عليهم السّلام.

قال أبو الحسن السحري:قد تواترت الأخبار و استفاضت بكثرة رواتها عن المصطفي صلي اللّه عليه و اله و سلّم بمجيء المهدي و أنه من أهل البيت (1).

و قد أحصيت من الرواة:علي و أبي سعيد و أم سلمة و ابن مسعود و أبي هريرة و ابن عمر و عبد الرحمن بن عوف و قيس بن جابر عن جده و حذيفة و الحسين بن علي و عوف بن مالك و ابن عباس و كعب و الصدفي.

أخرج ذلك:الطبراني و أبو داود و نعيم بن حماد في الفتن و الحاكم و أبو نعيم و ابن ماجة و أحمد و البارودي في المعرفة و الترمذي و الدار قطني و ابن أبي شيبة و أبو يعلي و الحارث بن أبي أسامة و الحسن بن سفيان و ابن منده و ابن عساكر و الروياني في مسنده و الخطيب في المتفق (2).

***

بقاء الإمام المهدي عليه السّلام

لا امتناع عادة في بقاء الإمام المهدي عجل اللّه فرجه حيا مع طول الزمان،إذ ليس هو من الامور الخارجة عن مقدور اللّه تعالي،فلا مانع منه لسبب ما،و لن يكون السبب المدعي أسوء حالا من بقاء إبليس،الذي في بقائه ضلالة للعالمين إلاّ من عصم اللّه تعالي.

علي أنّ الأخبار دلّت أنّ سبب غياب المهدي هو الهداية المطلقة و اضمحلال الظلم و الظلام.

و الدليل علي بقاء الإمام عليه السّلام هو بقاء عيسي و الياس و الخضر من الاولياء و بقاء الدجال و ابليس من أعداء اللّه.

قال تعالي: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (3).

ص: 32


1- الحاوي للفتاوي:165/2 العرف الوردي في أخبار المهدي،و الرسائل العشرة للسيوطي رسالة العرف الوردي في أخبار المهدي:253 ذيل الرسالة.
2- المصنف لابن أبي شيبة:512/7-513-527 ح 37628-37630-37633-37636-37637- 37716-37723 كتاب الفتن،و الحاوي للفتاوي:123/2 إلي 166 العرف الوردي في أخبار المهدي، و الرسائل العشرة للسيوطي رسالة العرف الوردي في أخبار المهدي:213 إلي 253،و مجمع الزوائد:/7 313 ط.مصر 1352 و بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد:610/7 إلي 617 ح 12393 و ما بعده-كتاب الفتن باب ما جاء في المهدي،و المستدرك:442/4-464-465-520-557-558 كتاب الفتن و الملاحم،و موارد الظمآن:463 ح 1876 عن عدة.
3- سورة النساء،الآية:159.

و لم تؤمن كافة أهل الكتاب بعيسي لحد الساعة فلا بد من كونه في آخر الزمان.

و روي ابو نعيم و الطبري و غيرهما،بقاء خضر و الياس(اليسع)،و انهما يسيران في أرض اللّه (1).

قال الزمخشري:من الأنبياء أربعة أحياء اثنان في السماء عيسي و إدريس و اثنان في الأرض إلياس و الخضر عليهم السّلام (2).

و المرتضي قول الحياة فكم له حجج تجّل الدهر عن احصاء

خضر و الياس بأرض مثل ما عيسي و إدريس بقوا بسماء

هذا جواب ابن السيوطي الذي يرجو من الرحمن خير جزاء (3)

و روي أبو نعيم بقاء عامر بن فهرة و العلاء بن الحضرمي علي قيد الحياة و أنهما رفعا الي السماء كعيسي (4).

و أما بقاء الدجال فمجمع عليه و فيه روايات كثيرة (5)و قيل أنه في الدير و قيل في بئر (6).

و بقاء إبليس صريح القرآن الكريم قالَ أَنْظِرْنِي إِلي يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (7).

و ما بقاء ياجوج و ماجوج ببعيد (8).2.

ص: 33


1- البيان للكنجي:149 الباب الخامس و العشرون عن الطبري،و دلائل النبوة:549/2 الفصل 30 ط.الهند- دكن،و الفردوس:202/2 ح 3000 ط.دار الكتب العلمية و 320 ح 2822 ط.دار الكتاب،و المطالب العالية:278/3 ح 3474.
2- ربيع الأبرار:397/1،و مشارق الأنوار:21 فصل 3 بلب 1.
3- الحاويط للفتاوي:250/2 ذيل رسالة تنزيه الاعتقاد عن الحلول.
4- دلائل النبوة:550/2 الفصل 30 ط.دكن 1369.
5- المسند:330/2 و 353 ط.ب و 154 و 166 ط.م،و المصنف لعبد الرزاق:389/11 إلي 399 ح 20817 و ما بعده باب الدجال،و البيان 149-150-153 الباب الخامس و العشرون و شرح صحيح مسلم للنووي 71/18-45-86،و كمال الدين 525/2 باب 46،و الشريعة للآجري:375،و المعجم الكبير: 401/20 ترجمة قيس بن ابي حازم ما روي عنه إسماعيل و 268/23 ترجمة ام سلمة ما روي عنها عروة و 278/24 ترجمة رزينة،و 397 و 402 ترجمة بنت قيس،و 146/8 ترجمة أبي امامة ما روي عنه عمرو الحضرمي،و 155/18 ترجمة عمران بن حصين ما روي عنه علي بن يزيد عن الحسن:53/2 ما أسند تميم الداري.
6- البيان:159،و المعجم الكبير:397/24 ترجمة فاطمة بنت قيس ما روي عنها عامر الشعبي.
7- سورة الأعراف،الآية:15.
8- فتح القدير:311/3 مورد الآية،و المعجم الكبير:355/9 ترجمة و كنز العمال:457/2 ح 4495 و 521 ح 4652 و 338/14 ح 38864 و 621 ح 39732.

هذا إضافة الي ما روي في التعمير من الأنبياء عليهم السّلام و بقائهم الي اعمار طويلة (1).

و إضافة الي المعمرين التي لم تخل منهم بقاع الأرض علي طول الزمان كما يأتي (2).

***

دلائل شيخ الطائفة علي الغيبة

قال الشيخ رحمه اللّه:اعلم أنّ لنا في الكلام في غيبة صاحب الزمان عليه السّلام طريقين:

أحدهما:

أن نقول:إذا ثبت وجوب الإمامة في كل حال و أنّ الخلق مع كونهم غير معصومين،لا يجوز أن يخلو من رئيس في وقت من الأوقات،و أن من شرط الرئيس أن يكون مقطوعا علي عصمته،فلا يخلو ذلك الرئيس من أن يكون ظاهرا معلوما أو غائبا مستورا،فإذا علمنا أن كل من يدعي له الإمامة ظاهرا ليس بمقطوع علي عصمته بل ظاهر أحوالهم و أفعالهم تنافي العصمة،علمنا أن من يقطع علي عصمته غائب مستور،و إذا علمنا أن كل من يدعي له العصمة قطعا ممّن هو غائب من الكيسانية و الناووسية و الفطحية و الواقفة و غيرهم قولهم باطل،علمنا بذلك صحّة إمامة ابن الحسن عليه السّلام و صحّة غيبته و ولايته،و لا نحتاج إلي تكلّف الكلام في اثبات ولادته و سبب غيبته مع ثبوت ما ذكرناه.

ثم استدل طاب ثراه علي وجوب الرئاسة بما ثبت من كونها لطفا في الواجبات العقلية، فصارت واجبة كالمعرفة التي لا يعري مكلف من وجوبها عليه،لأن من المعلوم أن من ليس بمعصوم من الخلق متي خلوا من رئيس مهيب يردع المعاند و يؤدب الجاني وقع الفساد و قل الصلاح،و متي كان لهم رئيس هذه صفته شمل الصلاح و زال الفساد،و العلم بذلك ضروري.

ثم ذكر ما اعترض به بعض المخالفين علي كلام المرتضي طاب ثراه:بأن الفائدة في الإمامة هو كونه مبعدا من القبيح علي قولكم،و هذا لا يحصل مع وجوده غائبا فلم ينفصل وجوده من عدمه، و إذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه،لم يقتض دليلهم وجوب وجوده مع الغيبة.

و أجاب طاب ثراه:بأن انبساط يده عليه السّلام و الخوف من تأديبه إنما فات المكلفين بما يرجع إليهم،لأنهم أحوجوه إلي الاستتار بأن أخافوه و لم يمكّنوه،فأتوا من قبل أنفسهم و جري ذلك مجري أن يقول قائل:من لم يحصل له معرفة اللّه تعالي في تكليفه وجه قبح،لأنه لم يحصل له ما

ص: 34


1- راجع كمال الدين:523/2 باب 46 ح 1 و ما بعده و ذكر عدة روايات تدل علي تعمير جملة من الأنبياء، و كنز الفوائد:243-245-248-265 رسالة في صحة طول المهدي.
2- راجع كمال الدين:532/2 باب 48 ح 1 و ما بعده و قد ذكر جملة من المعمرين،و كنز الفوائد:243.

هو لطف له من المعرفة،فينبغي أن يقبح تكليفه،فما يقولونه هاهنا:من أن الكافر أتي من قبل نفسه،لأن اللّه قد نصب له الدلالة علي معرفته و مكّنه من الوصول إليها،فإذا لم ينظر و لم يعرف أتي في ذلك من قبل نفسه و لم يقبح ذلك تكليفه،فكذلك نقول:انبساط يد الإمام و إن فات المكلف فانما أتي من قبل نفسه و لو مكّنه لظهر و انبسطت يده فحصل لطفه فلم يقبح تكليفه،لأنّ الحجة عليه لا له.

ثم قال:فإن قيل:لم زعمتم أنه يجب إيجاده في حال الغيبة،و هلاّ جاز أن يكون معدوما؟.

قلنا:إنما أوجبنا ذلك من حيث إن تصرفه الذي هو لطفنا إذا لم يتم إلاّ بعد وجوده و ايجاده لم يكن في مقدورنا.

قلنا عند ذلك:إنه يجب علي اللّه ذلك،و إلاّ أدي إلي أن لا نكون مزاجي العلة بفعل اللطف، فنكون أتينا من قبله تعالي لا من قبلنا،و إذا أوجده و لم نمكّنه من انبساط يده أتينا من قبل نفوسنا، فحسن التكليف و في الأول لم يحسن.

ثم تكلم طاب ثراه علي اعتراضات القوم و أجاب عنها و أبطلها ثم قال:فإن قيل:فالحدود في حال الغيبة ما حكمها؟فإن سقطت علي الجاني علي ما يوجبها الشرع،فهذا نسخ الشريعة و إن كانت باقية فمن يقيمها؟

قلنا:الحدود المستحقة باقية في جنوب مستحقيها،فإن ظهر الإمام و مستحقوها باقون أقامها عليهم بالبينة أو الإقرار،و إن كان فات ذلك بموته كان الإثم في تفويتها علي من أخاف الإمام و ألجأه إلي الغيبة،و ليس هذا نسخا لإقامة الحدود،لأن الحدّ إنما يجب إقامته مع التمكّن و زوال المانع و يسقط مع الحيلولة،و إنما يكون ذلك نسخا لو سقط إقامتها مع الإمكان و زوال المانع، و يقال لهم:ما يقولون في الحال التي لا يتمكن أهل الحل و العقد من اختيار الإمام،ما حكم الحدود؟

فإن قلتم:سقطت فهذا نسخ علي ما ألزمتموناه،و إن قلتم:هي باقية في جنوب مستحقيها فهو جوابنا بعينه (1).

***

دلائل ابن طلحة الشافعي علي الغيبة

قال الشافعي:الباب الخامس و العشرون في الدلالة علي كون المهدي حيّا باقيا مذ غيبته إلي الآن،و لا امتناع في بقائه بدليل بقاء عيسي و الخضر و الياس من أولياء اللّه تعالي،و بقاء الدجال

ص: 35


1- كتاب الغيبة:11،و البحار:173/51.

و إبليس اللعين من أعداء اللّه تعالي،و هؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب و السنّة و قد اتفقوا عليه ثم أنكروا جواز إبقاء المهدي من وجهين:أحدهما طول الزمان،و الثاني:أنه في سرداب من غير أن يقوم أحد بإطعامه و شرابه و هذا ممتنع عادة.

قال مؤلف الكتاب محمد بن يوسف:أمّا عيسي فالدليل علي بقائه قوله تعالي: وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (1)و لم يؤمن به منذ نزول هذه الآية إلي يومنا هذا و لا بدّ أن يكون ذلك في آخر الزمان.

و أمّا السنّة:

فما رواه مسلم في صحيحه:في قصة الدجال قال:«فينزل عيسي ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيّه علي أجنحة ملكين» (2).

و قوله صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم».

و أمّا الخضر و الياس فقال الطبري:باقيان يسيران في الأرض (3).

و عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«الدجال يأتي و هو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلي بعض السباخ التي تلي المدينة،فيخرج إليه يومئذ رجل و هو خير الناس فيقول له:أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم حديثه.

فيقول الدجال:أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكّون في الأمر؟

فيقولون:لا.

فيقتله ثم يحيه فيقول حين يحييه:و اللّه ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن.

قال:فيريد الدجال أن يقتله ثانيا فلا يسلط عليه».

قال أبو إسحق إبراهيم بن سعيد:يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السّلام.

قال:هذا لفظ مسلم في صحيحه.

أمّا الدليل علي بقاء الدجال،فقد أورد حديثا صحيحا يدل عليه،و أمّا الدليل علي إبقاء إبليس اللعين فآي الكتاب العزيز: إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ.

و أمّا بقاء المهدي عليه السّلام فقد جاء في الكتاب و السنّة:

أمّا الكتاب:1.

ص: 36


1- سورة النساء،الآية:159.
2- البحار:98/51،و معجم أحاديث الإمام المهدي:528/1.
3- البحار:301/6،و معجم أحاديث الإمام المهدي:520/1.

فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله عزّ و جلّ: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (1).

قال:هو المهدي من عترة فاطمة.

و أمّا من قال:إنه عيسي،فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للإمام علي ما تقدم.

و أمّا الجواب عن طول الزمان،فمن حيث النص و المعني.

أمّا النص،فما تقدم من الأخبار علي أنه لا بدّ من وجود الثلاثة في آخر الزمان و أنه ليس فيهم متبوع غير المهدي بدليل أنه إمام الأمة في آخر الزمان،و أن عيسي عليه السّلام يصلي خلفه كما ورد في الصحاح و يصدقه دعواه.

و الثالث:هو الدجال اللعين،و قد ثبت أنه حي موجود،و أمّا المعني في بقائهم فلا يخلو من أحد قسمين:إمّا أن يكون بقاؤهم في مقدور اللّه تعالي أو لا يكون،و مستحيل أن يخرج عن مقدور اللّه تعالي،ثم أطال في تفاصيل الفوائد الإلهية في بقاء من سبق.

أمّا عيسي عليه السّلام فليؤمن به أهل الكتاب و يعاون المهدي عليه السّلام،و أمّا الدجال و إبليس فللإبتلاء و الاختبار،و أمّا المهدي عليه السّلام فليظهره علي الدين كله.

و أجاب عن حكاية الأكل و الشرب،مع أنّ المهدي عليه السّلام في السرداب:بأنّ الدجال في الدير علي ما تقدم بأشد الوثاق مجموعة يداه إلي عنقه ما بين ركبتيه إلي كعبيه بالحديد.

و في رواية:في بئر موثوق.

فإذا كان بقاء الدجال ممكنا علي الوجه المذكور من غير أحد يقوم به فما المانع من بقاء المهدي عليه السّلام مكرما من غير الوثاق إذ الكل في مقدور اللّه تعالي،فثبت أنه غير ممتنع شرعا و لا عادة (2).

***

ذكر من رآه قبل وفاة أبيه عجل اللّه فرجه

عن ضوء بن علي العجلي،عن رجل من أهل فارس سمّاه،قال:أتيت سرّ من رأي و لزمت باب أبي محمد عليه السّلام فدعاني من غير أن أستأذن،فلمّا دخلت و سلّمت قال لي:يا أبا فلان كيف حالك؟

ص: 37


1- سورة التوبة،الآية:33.
2- البحار:98/51،و كشف الغمة:292/3.

ثم قال لي:أقعد يا فلان،ثم سألني عن جماعة من رجال و نساء من أهلي،ثم قال لي:ما الذي أقدمك؟

قلت:رغبة في خدمتك.

قال:فقال:فالزم الدار،قال:فكنت في الدّار مع الخدم ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق و كنت أدخل عليه من غير إذن إذا كان في دار الرجال،فدخلت عليه يوما و هو في دار الرجال،فسمعت حركة في البيت فناداني:مكانك لا تبرح،فلم أجسر أن أخرج و لا أدخل، فخرجت علي جارية معها شيء مغطّي ثم ناداني:أدخل،فدخلت و نادي الجارية فرجعت فقال لها:

اكشفي عمّا معك.

فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه و كشفت عن بطنه فإذا شعر نابت من لبّته إلي سرته أخضر ليس بأسود،فقال:هذا صاحبكم.

ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتي مضي أبو محمد عليه السّلام فقال ضوء بن علي:فقلت للفارسي:كم كنت تقدّر له من السنين؟

قال:سنتين،قال العبدي:فقلت لضوء:كم تقدّر له أنت؟

قال:أربع عشرة.

قال أبو علي و أبو عبد اللّه:و نحن نقدّر له إحدي و عشرين سنة (1).

***

ذكر بعض المعترفين بولادته من أهل السنّة و الجماعة

الأوّل:أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي النصيبي:و لا يكاد يوجد منكر من أهل السنّة و الجماعة لنفسه و لكتابه المسمّي بمطالب السؤول،قال في كتابه:الباب الثاني عشر في أبي القاسم م ح م د بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضي أمير المؤمنين عليه السّلام بن أبي طالب،المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر عجل اللّه فرجه و رحمة اللّه و بركاته:

فهذا الخلف الحجّة قد أيّده الله هدانا منهج الحق و آتاه سجاياه

و أعلاه ذري العليا و بالتأييد رقّاه و آتاه حلي فضل عظيم فتحلاه

و قد قال رسول اللّه قولا قد رويناه و ذو العلم بما قال إذا أدركت معناه

ص: 38


1- الكافي:515/1.

يري الأخبار في المهدي جاءت بمسمّاه و قد أبداه بالنسبة و الوصف و سمّاه

و يكفي قوله:مني لإشراق محياه و من بضعته الزهراء مجراه و مرساه

و لن يبلغ ما أوتيه أمثال و أشباه فإن قالوا هو المهدي ما ماتوا بما فاهوا

مولده فبسرّ من رأي في الثالث و العشرين من رمضان سنة ثمان و خمسين و مائتين للهجرة.و أمّا نسبه أبا و أمّا فأبوه الحسن الخالص بن علي المتوكّل-إلي أن قال:ابن علي المرتضي أمير المؤمنين -إلي أن قال:و أمّا اسمه فمحمّد و كنيته أبو القاسم و لقبه الحجّة و الخلف الصالح،و قيل:

المنتظر (1).

الثاني:أبو عبد اللّه محمد بن يوسف الكنجي الشافعي الذي يعبّر عنه ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمّة:بالإمام الحافظ،و وثّقه و بجّله جمع من العلماء،و لا يوجد له معارض في أهل السنّة و الجماعة قال في كتابه كفاية الطالب بعد ذكر تاريخ ولادة أبي محمّد عليه السّلام و وفاته:

و خلّف ابنه،و هو الإمام المنتظر (2).

الثالث:نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي،و وثّقه و بجّله جلّ من العلماء منهم محمد بن عبد الرّحمن السخاوي البصري تلميذ الحافظ بن حجر العسقلاني،قال في الفصول المهمّة:الفصل الثاني عشر في ذكر أبي القاسم الحجّة الخلف الصالح ابن أبي محمد الحسن الخالص،و هو الإمام الثاني عشر و تاريخ ولادته و دلائل إمامته (3).

الرابع:شمس الدين يوسف بن قز علي بن عبد اللّه البغدادي الحنفي،سبط العالم الواعظ أبي الفرج عبد الرّحمن بن جوزي في آخر كتابه الموسوم بتذكرة خواص الأمّة بعد ترجمة العسكري عليه السّلام:

ذكر أولاده منهم(م ح م د)الإمام فقال:هو(م ح م د)بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام،و كنيته أبو عبد اللّه و أبو القاسم،و هو الخلف الحجّة صاحب الزمان القائم و المنتظر و التالي،و هو آخر الأئمّة (4).

الخامس:الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي في الباب السادس و الستّين و ثلاثمائة من الفتوحات:و اعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدي عجل اللّه فرجه لكن لا يخرج حتّي تمتلئ الأرض جورا و ظلما فيملأها قسطا و عدلا،و لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد طوّل اللّه ذلك اليوم حتّي يلي ذلك الخليفة،و هو من عترة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلّم من ولد فاطمة عليها السّلام،جدّه الحسين بن علي بن أبيم.

ص: 39


1- مطالب السؤول:باب 12 و كشف الغمة:233/3 عنه.
2- كفاية الطالب:458 ذيل الباب الثامن.
3- الفصول المهمّة.
4- تذكرة الخواص:325 فصل في ذكر الحجّة المهدي عليه السّلام.

طالب عليه السّلام،و والده الحسن العسكري بن الإمام علي النقي-بالنون-بن الإمام محمد التقي-بالتاء- بن الإمام علي الرضا بن موسي الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام،يواطيء اسمه اسم رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم،يبايعه المسلمون ما بين الركن و المقام،يشبه رسول اللّه في الخلق-بفتح الخاء-و ينزل عنه في الخلق-بضمّها-إذ لا يكون أحد مثل رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم في أخلاقه،و اللّه تعالي يقول: وَ إِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ (1)و هو أجلي الجبهة،أقني الأنف،أسعد الناس به أهل الكوفة يقسم المال بالسوية و يعدل في الرعية،يمشي الخضر بين يديه،يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا،يقفو أثر رسول اللّه،له ملك يسدّده من حيث لا يراه،يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفا من المسلمين، يعزّ اللّه به الإسلام بعد ذلّه،و يحييه بعد موته،و يضع الجزية و يدعو إلي اللّه بالسيف فمن أبي قتل و من نازعه خذل،يحكم بالدين الخالص عن الرأي.إلي آخر كلامه (2).

السادس:الشيخ العارف عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه المسمّي باليواقيت قال في المبحث الخامس و الستّين من الجزء الثاني من الكتاب المذكور:في بيان أنّ جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلّها قبل قيام الساعة،و ذلك لخروج المهدي عجّل اللّه فرجه ثمّ الدجّال ثمّ نزول عيسي-إلي أن قال-إلي انتهاء الألف،ثمّ تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلي أن يصير الدين غريبا كما بدأ،و ذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر،فهناك يترقّب خروج المهدي عجل اللّه فرجه،و هو من أولاد الإمام الحسن العسكري و مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين،و هو باق إلي أن يجتمع بعيسي ابن مريم فيكون عمره إلي وقتنا هذا-و هو سنة ثمان و خمسين و تسعمائة-سبعمائة و ثلاث سنين (3).

السابع:نور الدين عبد الرّحمن بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي في شواهد النبوّة (4).

الثامن:الحافظ أبو الفتح محمد بن أبي الفوارس في أربعينه (5).

التاسع:أبو المجد عبد الحقّ الدهلوي البخاري قال في رسالته في المناقب قال في الرسالة:

و أبو محمد العسكري،ولده(محم د)معلوم عند خواص أصحابه و ثقاته (6).

العاشر:السيّد جمال الدين عطاء اللّه بن السيّد غياث الدين فضل اللّه بن السيّد عبد الرّحمن المحدث المعروف صاحب كتاب:روضة الأحباب بالفارسية:إمام دوازدهم(م ح م د)بن2.

ص: 40


1- سورة القلم،الآية:4.
2- الفتوحات المكية:419/3 باب 366 ط.بولاق-مصر،اليواقيت و الجواهر:422-423.
3- اليواقيت و الجواهر:422 المبحث الخامس و الستّون.
4- راجع غيبة النعماني:14.
5- راجع مقتضب الأثر:12.
6- راجع كشف الغمة:498/2.

الحسن عليه السّلام تولد همايون آن در درج ولايت و جوهر معدن هدايت در منتصف شعبان سنة دويست و پنجاه و پنج در سامره اتفاق آفتاد و گفته شده در بيست و سيم از شهر رمضان سنة دويست و پنجاه و هشت و مادر آن عالي گهرام ولد بوده و مسماة بصيقل يا سوسن (1).

الحادي عشر:الشيخ العالم الأريب الأوحد أبو محمد عبد اللّه بن أحمد بن محمد بن الخشّاب عن صدقة بن موسي (2).

الثاني عشر:عبد اللّه بن محمد المطري عن الإمام جمال الدين السيوطي في رسالة إحياء الميت بفضائل أهل البيت أنّ من ذريّة الحسين بن علي المهدي عليه السّلام المبعوث في آخر الزمان،إلي أن قال:الحادي عشر ابنه محمد القائم المهدي و قد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم و هو صاحب السيف القائم المنتظر إلي آخر ما قال (3).

الثالث عشر:شهاب الدين المعروف بملك العلماء شمس الدين بن عمر الهندي صاحب تفسير البحر الموّاج في كتابه الموسوم ب هداية السعداء عن جابر بن عبد اللّه دخلت علي فاطمة بنت رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و بين يديها ألواح فيها أسماء أئمّة ولدها،إلي أن قال:أوّلهم زين العابدين-أي التسعة من ولد الحسين عليهم السّلام-و الثاني الإمام محمد الباقر،إلي أن قال:و التاسع الإمام حجّة اللّه القائم الإمام المهدي ابنه،و هو غائب و له عمر طويل كما بين المؤمنين عيسي و الياس و خضر و في الكافرين الدجّال و السامري (4).

الرابع عشر:العالم المعروف فضل بن روزبهان شارح الشمائل للترمذي،قال:و نعم ما قلت في الأئمة منظوما:

سلام علي المصطفي المجتبي سلام علي السيّد المرتضي

سلام علي ستنا فاطمة من اختارها اللّه خير النسا

سلام من المسك أنفاسه علي الحسن الألمعي الرضا

سلام علي الأورعي الحسين شهيد يري جسمه كربلا

سلام علي سيّد العابدين علي ابن الحسين المجتبي

سلام علي الباقر المهتدي سلام علي الصادق المقتدي2.

ص: 41


1- راجع غيبة النعماني:14 و مقتضب الأثر:12.
2- تاريخ مواليد الأئمّة لابن الخشّاب:45،و كشف الغمة:265/3.
3- أقول:في رسالة إحياء الميت للسيوطي المطبوعة بهامش كتاب الاتحاف بحبّ الأشراف(ط.مصر الأدبية) لا يوجد كلام عن الإمام المهدي عليه السّلام فتأمّل!.
4- في مقدّمة غيبة النعماني اسمه:شهاب الدين آبادي:15 و كذا في الغدير:68/6،و حديث اللوح ذكره جملة من العلماء،راجع:كشف الغمة:246/3،و فرائد السمطين:136/2 ح 432.

سلام علي الكاظم الممتحن رضي السجايا إمام التقي

سلام علي الثامن المؤتمن علي الرضا سيّد الأصفيا

سلام علي المتّقي التقي محمد الطيب المرتجي

سلام علي الأريحي النقي علي المكرّم هادي الوري

سلام علي السيّد العسكري إمام يجهز جيش الصفا

سلام علي القائم المنتظر أبي القاسم العرم نور الهدي

سيطلع كالشمس في غاسق ينجيه من سيفه المنتقي

قوي يملأ الأرض من عدله كما ملئت جور أهل الهوي

سلام عليه و آبائه و أنصاره ما تدوم السما (1)

الخامس عشر:العالم العابد العارف الورع البارّ الألمعي الشيخ سليمان بن خواجة كلان الحسين القندوزي البلخي صاحب كتاب«ينابيع المودّة»قد بالغ فيه في إثبات كون المهدي الموعود هو الحجّة بن الحسن العسكري عليه السّلام في طي أبواب فلا حاجة لذكر كلماته (2).

السادس عشر:العارف المشهور بشيخ الإسلام الشيخ أحمد الجامي قال:قال عبد الرّحمن الجامي في كتابه النفحات (3).

السابع عشر:قال ابن خلكان في تاريخه:ذكر ابن الأزرق في تاريخ ميافارقين:أنّ الحجّة المذكور ولد في تاسع شهر ربيع الأوّل سنة ثمان و خمسين و مائتين،و قيل:في ثامن من شعبان سنة ست و خمسين و هو الأصحّ،و أنّه لما دخل السرداب كان عمره أربع سنين و قيل:خمس سنين، و قيل:إنّه دخل السرداب سنة خمس و سبعين و مائتين و عمره سبع عشرة سنة و اللّه أعلم أيّ ذلك كان،سلام اللّه و رحمته عليه (4).

الثامن عشر:عن الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي في كتاب معراج الوصول إلي معرفة فضل آل الرسول:الإمام الثاني عشر،صاحب الكرامات المشتهر،الذي عظم قدره بالعلم و اتباع الحقّ و الأثر القائم-مولده علي ما نقلته الشيعة ليلة الجمعة للنصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين بالحقّ و الداعي إلي منهج الحقّ الإمام أبو القاسم محمد بن الحسن،و كان بسر من رأي في زمان المعتمد و أمّه نرجس بنت قيصر الرومية أمّ ولد.انتهي.2.

ص: 42


1- راجع:كتاب چهارده معصوم:31 المقدمة.
2- ينابيع المودّة:89/1 باب 73.
3- ينابيع المودّة:349/3،و بالهامش:نفحات الأنس:357 ط.المحمودي.
4- الصواعق المحرقة:314،و 247 الآية 12.

التاسع عشر:عن الشيخ محمد بن محمود الحافظ البخاري في كتابه ما لفظه:و أبو محمد الحسن العسكري،ولده محمد معلوم عند خاصّة أصحابه و ثقات أهله (1).

العشرون:عن الشيخ عبد اللّه بن محمد المطيري الشافعي في الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ صلي اللّه عليه و اله و سلّم و عترته الطاهرة:ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ من رأي ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة (2).

***

الأدلة النقلية علي ولادة صاحب الزمان عجل اللّه فرجه

و هي علي نوعين منها صريح في ولادة الإمام عليه السّلام،و منها في عدم خلو الأرض من الحجّة الي يوم القيامة و منها ما كان بلسان وجوب معرفة إمام الزمان،و منها ما كان بحفظ الأرض بالإمام، و منها ما كان بلسان حديث الثقلين الآتي.

الروايات الصريحة في ولادة صاحب الزمان:

و هذه الروايات علي قسمين منها ما روي نصا في ولادة القائم المنتظر عليه السّلام و منها ما روي بلسان من رآه في الغيبة الصغري و بعد ولادته مباشرة في حياة أبيه،و منها بلسان الغيبة المقتضية لولادته،و سوف نذكر الطائفة الأولي مفصلا و نجمل الثانية و الثالثة.

1-ما رويناه عن حكيمة قالت:بعث الي ابو محمد الحسن بن علي عليه السّلام فقال:«يا عمة إجعلي افطارك الليلة عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان فإنّ اللّه تبارك و تعالي سيظهر في هذه الليلة الحجة و هو حجته في أرضه».

فقلت له:و من امه؟.

قال لي:«نرجس...الي أن قال.

قالت:فأخذتني فترة و أخذتها فترة فانتبهت بحسّ سيدي فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عجل اللّه فرجه ساجدا يتلقي الأرض بمساجده فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف متنظف،فصاح بي أبو محمد عليه السّلام:«هلمي إليّ ابني يا عمة».

فجئت به إليه فوضع يديه تحت أليته و ظهره و وضع قدميه علي صدره،ثم أدلي لسانه في فيه و أمرّ يده علي عينيه و سمعه و مفاصله ثم قال:«تكلم يا بنيّ».

فقال عجل اللّه فرجه:«أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمدا رسول اللّه»

ص: 43


1- ينابيع المودّة:304/3.
2- ذكر ذلك كله الحائري في إلزام الناصب.

ثم صلي علي أمير المؤمنين و علي الأئمة إلي أن وقف علي أبيه ثم أحجم (1).

2-ما رويناه عن الحسين بن خالد عن علي بن موسي الرضا عند ما قيل له:

من القائم منكم أهل البيت؟

قال:«الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء يطهر اللّه به الأرض و يقدسها من كل ظلم و هو الذي يشك الناس في ولادته و هو صاحب الغيبة قبل خروجه» (2).

3-ما رويناه عن معلّي بن محمد البصري قال:خرج عن ابي محمد عليه السّلام حين قتل الزبيري:

«هذا جزاء من افتري علي اللّه تبارك و تعالي في أوليائه،زعم انه يقتلني و ليس لي عقب فكيف رأي قدرة اللّه عزّ و جلّ»و ولد له ولد و سمّاه-م ح م د-سنة ست و خمسين و مائتين (3).

4-و قال علي بن محمد:ولد الصاحب عجل اللّه فرجه للنصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين (4).

5-و عن أبي غانم الخادم قال:ولد لأبي محمد عليه السّلام ولد فسماه محمدا،فعرضه علي أصحابه يوم الثالث،و قال:«هذا صاحبكم من بعدي و خليفتي عليكم،و هو القائم الذي تمتد إليه الاعناق بالإنتظار فاذا امتلأت الارض جورا و ظلما خرج فملأها قسطا و عدلا» (5).

6-ما رويناه عن غياث بن اسيد قال:ولد الخلف المهدي عليه السّلام يوم الجمعة و أمه ريحانة و يقال لها نرجس (6).

7-ما رويناه عن محمد بن عثمان العمري قال:لما ولد الخلف المهدي عليه السّلام سطع نور من فوق رأسه الي أعناق السماء،ثم سقط لوجهه ساجدا لربه تعالي ذكره،ثم رفع راسه و هو يقول:

«شهد اللّه أنه لا إله إلاّ هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم إن الدين عند اللّه الاسلام».

قال:و كان مولده يوم الجمعة (7).

8-ما رويناه عن طريق أبو نصر قال:دخلت علي صاحب الزمان فقال:«علي بالصندل الأحمر»فاتيته به،ثم قال:«اتعرفني؟»3.

ص: 44


1- ينابيع المودة:450/2 ط.استانبول 1301 ه و 540 ط.النجف الباب 79 ذكر ولادة القائم،و الأنوار النعمانية:16/2،و الهداية الكبري:361.
2- فرائد السمطين:337/2 ح 590 باب 61.
3- كمال الدين:430/2 باب 42 ح 3.
4- كمال الدين:430/2 باب 42 ح 4.
5- كمال الدين:431/2 باب 42 ح 8،و ينابيع المودة:460/2 ط.استانبول 1301 ه و 551 ط.النجف الباب 82.
6- كمال الدين:432/2 باب 42 ح 12.
7- كمال الدين:433/2 باب 42 ح 13.

قلت:نعم.

فقال:«من أنا؟».

فقلت:أنت سيدي و ابن سيدي.

فقال:«ليس عن هذا سألتك».

قال طريف:فقلت جعلني اللّه فداك فبين لي.

قال عليه السّلام:«أنا خاتم الأوصياء و بي يدفع اللّه عزّ و جلّ البلاء عن أهلي و شيعتي» (1).

9-ما روي بسند الي السياري عن نسيم (2).

10-ما روي بسند الي أبي جعفر العمري (3).

11-ما روي بسند الي أبي علي الخيزراني عن جارية له (4).

12-ما روي بسند الي أبي هارون (5).

13-ما روي بسند الي محمد بن إبراهيم الكوفي (6).

14-ما روي بسند الي حمزة بن أبي الفتح (7).

15-ما روي بسند إلي أبي الفضل الحسن بن الحسين العلوي (8).

16-ما روي بسند إلي أحمد بن اسحاق (9).

17-ما روي بسند إلي أبي سهل إسماعيل النوبختي (10).

18-ما روي بسند إلي يعقوب بن منفوس (11).

19-ما روي بسند إلي عبد اللّه الستوري (12).

***1.

ص: 45


1- كمال الدين:441/2 باب 43 ح 12،و إلزام الناصب:340/1 الفرع الرابع من رآه.
2- كمال الدين:430/2 باب 42 ح 5.
3- كمال الدين:430/2.
4- كمال الدين:431/2.
5- كمال الدين:432/2.
6- كمال الدين:432/2.
7- كمال الدين:432/2.
8- كمال الدين:434/2.
9- إلزام الناصب:352/1 الفرع الرابع.
10- إلزام الناصب:351/1 الفرع الرابع.
11- إلزام الناصب:353/1 الفرع الرابع،و ينابيع المودة:461/2 ط.استانبول 1301 ه و 552 ط.النجف باب 82.
12- إلزام الناصب:354/1.

روايات ولادة الإمام عجّل اللّه فرجه

و من الروايات الدالة دلالة صريحة علي ولادته عجل اللّه فرجه تلك التي يرويها لنا الاصحاب عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و هي التي يذكر فيها النبي غيبة الإمام بعد تسلمه منصبه الإمام بعد ابيه الإمام الحسن العسكري و نكتفي هنا بذكر ما ورد عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم.

و يأتي منها ما روي عن أهل البيت عليهم السّلام و بقية الاصحاب (1).

فعن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«إنّ علي بن أبي طالب إمام أمتي و خليفتي عليها من بعدي و من ولده القائم المنتظر الذي يملأ اللّه به الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا.

و الذي بعثني بالحق بشيرا إن الثابتين علي القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر».

فقام إليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه و للقائم من ولدك غيبة.

قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«أي و ربي ليمحّص اللّه به الذين آمنوا و يمحق الكافرين.

يا جابر إنّ هذا الأمر من أمر اللّه و سرّ من سرّ اللّه علمه مطويّ عن عباده فإياك و الشك فيه فان الشك في أمر اللّه كفر» (2).

و عن جابر قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«المهدي من ولدي اسمه اسمي و كنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا و خلقا،تكون له غيبة و حيرة يضل فيها الأمم يقبل كالشهاب الثاقب يملؤها عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما» (3).

و نحوه عن علي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم (4).

و هناك روايات مستفيضة بنحو ذلك ذكرها الأجلاّء و المتقدمين من علمائنا في كتبهم حول الغيبة (5).

***

دلالة في الاحاديث

و المتتبع في أحاديث الإمام المهدي عليه السّلام يخرج بنتيجة حتمية وجوده و ولادته حتي الساعة،إذ

ص: 46


1- يأتي هنا نموذج منها و ياتي في القسم الثاني من النصوص التفصيلية و المجملة.
2- فرائد السمطين:335/2-336 الباب الحادي و الستون ح 589.
3- فرائد السمطين:335/2 باب 61 ح 586.
4- فرائد السمطين:335/2 باب 61 ح 288.
5- تعرف من مراجعة المصادر المتقدمة و الآتية.

التعابير فيها منحصرة بين:«يبعث اللّه المهدي» (1)أو«يخرج» (2)أو«يجيء خليفة اللّه» (3)أو«يصلحه اللّه في ليلة».

و هي إما مقتضية لتولده السابق و يخرج من غيبته،و إمّا أنّها تنبئ عن مبعثه،و لا شيء من الروايات يشير عن قريب أو بعيد مع كثرتها الي تولده في آخر الزمان.

و سوف تقف علي حقيقة ذلك في الروايات الآتية.

روايات عدم خلو الأرض من الحجة و وجوب معرفته

و هذه الروايات بمثابة الروايات الصريحة في دلالتها علي عدم خلو الزمان و المكان بعد الإمام الحسن العسكري عليه السّلام من الحجّة و الإمام،و إذا ثبت ذلك ثبت ضرورة وجود إمام بعد الإمام العسكري عليه السّلام و إلي زماننا هذا،و هو يثبت ولادة الإمام المهدي عليه السّلام و أنه ابنه محمد:اما لعدم الفصل بين القائلين بوجود إمام و بين كونه الحجّة بن الحسن عجّل اللّه فرجه.

و إما للروايات المتواترة باسمه و إسم أبيه.

و إما لإجماع الشيعة الإمامية علي أن الإمام بعد العسكري هو ابنه محمد الحجة المنتظر عجل اللّه فرجه و أنه حي يرزق.

و للروايات المتقدمة الدالة عليه و أنه ابن أبيه عليهما السّلام.

و إما لأقوال بعض العامة كما تقدم.

قال ابن حجر:و في أحاديث الحث علي التمسك بأهل البيت إشارة الي عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به الي يوم القيامة كما أن الكتاب العزيز كذلك و لهذا كانوا أمانا لأهل الارض،كما يأتي و شهد لذلك الخبر السابق:«في كل خلق في أمتي عدول من أهل بيتي» (4).

يشير بذلك الي أحاديث الثقلين و سوف يأتي تفصيل ذلك في القسم الثاني من النصوص فنرجئه الي هناك.

روايات عدم خلو الأرض من الحجة

أخرج الملاّ في سيرته عن عمر:«في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين...» (5).

ص: 47


1- و هي من أكثر التعابير.
2- راجع البيان:60 ح 83-88-89-90-129-131 الباب 14 و 15 و 141 الباب 21.
3- راجع البيان:98 الباب الرابع و 46 الباب 24.
4- الصواعق المحرقة:151 ط.مصر و ط.بيروت 232 باب الآيات النازلة فيهم-الآية الرابعة-.
5- الصواعق المحرقة:151 ط.مصر و ط.بيروت 231 الباب الحادي عشر-الفصل الاول:الآيات الواردة فيهم الاية الرابعة و 352،و ذخائر العقبي:17 ذكر أخباره انهم سيلقون بعده أثرة.

و قريب منه عن الصادق عن آبائه عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم (1).

و خطب أمير المؤمنين خطبة بليغة قال فيها:«اللهم لا بد لك من حجج في أرضك حجة بعد حجة علي خلقك يهدونهم الي دينك و يعلمونهم علمك لئلا يتفرق اتباع أولئك ظاهر غير مطاع أو مكتتم خائف يترقب» (2).

و عن اسحاق بن عمار قال:سمعت أبا عبد اللّه يقول:«إن الأرض لا تخلو إلاّ و فيها عالم كيما إن أراد المؤمنون شيئا ردهم و ان نقصوا شيئا أتمه لهم».

و في رواية:«و لو لا ذلك لم يعرف الحق من الباطل» (3).

و عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«و اللّه ما ترك اللّه أرضه منذ قبض آدم إلاّ، و فيها إمام يهدي به الي اللّه و هو حجته علي عباده و لا تبقي الأرض بغير إمام حجة للّه علي عباده» (4).

-و منها ما روي بلسان:«لا يزال الدين قائما حتي تقوم الساعة و يكون عليهم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش»رواه جابر عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم (5).

و عن ابن عمر:«لا يزال هذا الشأن الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان»،رواه مسلم و البخاري و الثعلبي (6).

و قال النووي:هذا الحديث مستمر الي يوم القيامة ما بقي من الناس اثنان (7).

و قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام:«الأئمة من ولد علي و فاطمة الي ان تقوم الساعة» (8).

و عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال:«لو لم يبق في الارض إلاّ اثنان لكان الثاني منهما الحجة علي الارض و هو الباقي بعد صاحبه حجة» (9).

و عنه عليه السّلام:«الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق» (10).5.

ص: 48


1- كمال الدين:221/1 باب 22 ح 7.
2- غيبة النعماني:87 الباب الثامن،و علل الشرائع:195/1 باب 153 مع تفاوت.
3- غيبة النعماني:88-89.
4- غيبة النعماني:89.
5- الصواعق:21 ط.مصر و ط.بيروت 34 باب 1 فصل 3،و صحيح مسلم:409/12 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش 4688.
6- صحيح مسلم:406/12 كتاب الإمارة ح 4681،و البخاري:16/5 كتاب المناقب باب مناقب قريش ح 34 و 701/9 كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش ح 1959،و الدر المنثور:399/6،و كنز العمال:49/6 ح 14794 كتاب الإمارة.
7- صحيح مسلم:406/12.
8- كمال الدين:222/1 باب 22 ح 8.
9- غيبة النعماني:90 باب 9،و كمال الدين:203/1 باب 21 ح 10.
10- كمال الدين:221/1 باب 22 ح 5.

و عن الرضا علي بن موسي عليه السّلام:«إن الأرض لا تخلو من ان يكون فيها إمام منا» (1).

و قريب منه عن جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام (2).

و أمير المؤمنين علي عليه السّلام (3).

و عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام:«لم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم من حجّة للّه فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور،و لا تخلو الي أن تقوم الساعة من حجة اللّه فيها و لو لا ذلك لم يعبد اللّه» (4).

قال صاحب المواقف:تواتر اجماع المسلمين في الصدر الأول بعد وفاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم علي امتناع خلو الوقت من امام (5).

روايات حفظ الأرض بوجود الإمام

و ما دلّ علي ذلك و إنّه لو لا الإمام من آل محمد لساخت الأرض بمن فيها،فإنّه يدل لا محالة علي ولادة هذا الإمام في فترة غيبته منذ وفاة الإمام الحسن العسكري و حتي قيام الساعة،و إلاّ لما صدقت هذه الأحاديث.

منها ما روي عن علي بن الحسين عليه السّلام قال:«نحن الذين بنا يمسك السماء أن تقع علي الأرض إلاّ باذنه،و بنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها و بنا ينزل الغيث و بنا ينشر الرحمة و يخرج بركات الأرض،و لو لا ما في الأرض منا لساخت بأهلها و لم تخل الأرض مذ خلق اللّه آدم من حجة اللّه فيها ظاهر مشهود أو غائب مستور و لا تخلو إلي أن تقوم الساعة من حجة اللّه منها و لو لا ذلك لم يعبد اللّه» (6).

و قريب منه عن الحسن بن علي (7)،و عن علي بن موسي الرضا (8).

و عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام قال:«لم يزل علي وجه الدهر في الأرض سبعة مسلمون فصاعدا فلو لا ذلك هلكت الأرض و من عليها»صحيح علي شرط الشيخين أخرجه ابن المنذر في التفسير و عبد الرزاق في المصنف (9).

و قال سعيد بن سليمان قلت للرضا عليه السّلام:تخلو الأرض من حجة؟

ص: 49


1- كمال الدين:228/1 ح 23-29.
2- كمال الدين:228/1 ح 23-29.
3- العقد الفريد:75/2،و دلائل الإمامة:229.
4- بحار الأنوار:92/52.
5- شرح المواقف:264/2 ط.مصر عنه احقاق الحق:308/2.
6- ينابع المودة:573/2 باب 81،و فرائد السمطين:45/1 السمط الأول-الباب الثاني 12،و روضة الواعظين 199 مجلس في ذكر امامة زين العابدين،و كمال الدين:207/1 باب 21 ح 22.
7- أهل البيت لتوفيق أبي العلم:73 الباب الثاني-وجوب محبة أهل البيت.
8- كمال الدين:202/1 باب 21 ح 6.
9- نجاة أباء الرسول للسيوطي-مخطوطة:46.

فقال:«لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها» (1).

و قريب منه عن الوشا عن الرضا عليه السّلام (2).

و قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام:«اللّهم بلي لن تخلو الأرض من قائم للّه بحجته لكيلا تبطل حجج اللّه علي عباده أولئك هم الأقلون عددا الأعلون عند اللّه قدرا بهم يحفظ اللّه دينه حتي يؤدونه الي نظرائهم و يزرعونه في قلوب أشباههم» (3).

و عن أبي حمزة قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أتبقي الأرض بغير إمام؟

فقال:«لو بقيت الأرض بغير إمام ساعة لساخت» (4).

و قريب منه عن الرضا عليه السّلام (5).

و عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام:«لو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لساخت بأهلها و ماجت كما يموج البحر بأهله» (6).

و عن جابر بن سمرة و أنس بن مالك معا عن رسول اللّه:«لا يزال هذا الدين قائما الي اثني عشر أميرا من قريش فإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها»أخرجه الطبراني (7).

و جاء في خطبة رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم يوم تزويجه فاطمة عليها السّلام:«...فجمع اللّه شملهما و بارك لهما و طاب نسلهما،و جعل نسلهما مفاتيح الرحمة و معادن الحكمة و أمن الأمة» (8).

هذا و سوف ياتي تفصيل حديث أنّ أهل البيت أمان لأهل الأرض،المروي عن ابن عباس و المكندر و علي و سلمة و جابر و ابي سعيد و انس و ابي موسي الاشعري (9).

و أخرج الملاّ في سيرته عن عمر:«في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضاليّن و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين ألا و إن أئمتكم وفدكم الي اللّه عزّ و جلّ فانظروا من توفدون» (10).ة.

ص: 50


1- علل الشرائع:199/1 باب 153،و كمال الدين:204/1 ح 15 باب 21.
2- غيبة النعماني:89 الباب الثامن.
3- تذكرة الخواص:132 الباب السادس وصيته لكميل بن زياد،و خصائص الرضي:82.
4- غيبة النعماني:89 الباب الثامن،و كمال الدين:201/1 الباب الحادي و العشرون ح 1.
5- غيبة النعماني:89 الباب الثامن،و كمال الدين:202/1 ح 5.
6- غيبة النعماني:89 الباب الثامن و 92 الباب العاشر،و كمال الدين:202/1 مع تفاوت يسير.
7- المعجم الكبير:197/2 ح 1801 ترجمة جابر ما أسند عنه عامر الشعبي،و مناقب آل أبي طالب:290/1.
8- نور الأبصار:53 ط.الهند و 97 ط.قم الفصل الثامن-ذكر فاطمة.
9- يأتي في النوع السادس من أنواع النصوص و النوع الثاني-الدليل الثالث.
10- الصواعق:151 ط.مصر و ط.بيروت 231 باب 11 فصل 1 الآيات النازلة فيهم الاية الرابعة،و ذخائر العقبي:17 ذكر أخباره بأنهم سيلقون بعده اثرة.

و نحوه عن جعفر بن محمد الصادق عن ابائه عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم (1).

*قال ابن حجر:و في الأحاديث الحث علي التمسك بأهل البيت إشارة الي عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به الي يوم القيامة كما ان الكتاب العزيز كذلك و لهذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما يأتي و شهد له الخبر السابق في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي (2).

و قال في الفتاوي:لا يبعد أن تكون هي الحكمة(طهارة الزهراء)في بقاء نسلها في العالم أمنا له من عموم الفتن و المحن،كما أخبر به الصادق المصدوق (3).

روايات وجوب معرفة الإمام في كل زمان

تواترت الروايات علي أنّ«من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»كما يشهد له إجماع أهل الآثار (4).

و روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة تأتي مفصلا عن كل من الإمام علي بن موسي الرضا و محمد الباقر و جعفر الصادق و عبد اللّه بن عمر و معاوية و ابن عباس و معاذ بن جبل و أبي هريرة و نافع و عبد اللّه بن عامر عن أبيه و عبد الملك لابن المسيب و سليم بن قيس الهلالي و سلمان و أبي ذر و المقداد و جابر (5).

منها ما روي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«من مات و ليس له إمام مات ميتة جاهلية و لا يعذر الناس حتي يعرفوا إمامهم» (6).

ص: 51


1- كمال الدين:221/1 باب 22 ح 7.
2- الصواعق:151 ط.مصر و ط.بيروت 231 باب 11 فصل 1 الآيات النازلة فيهم الآية الرابعة،و ذخائر العقبي:17 ذكر أخباره بأنهم سيلقون بعده أثرة.
3- الفتاوي الحديثة:119 ط.مصر الاولي 1353.
4- علي حد تعبير المفيد في مصنفاته:12/7-11-رسالة في الغيبة.
5- إضافة إلي ما يأتي من هوامش:صحيح مسلم:442/12-443 ح 5-10-12 كتاب الإمارة باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين،المعجم الأوسط:384/6 ح 5816،و ربيع الأبرار:221/4 باب الملك و السلطان و الإمارة،و العقد الفريد:25/1 كتاب اللؤلؤة في السلطان-نصيحته-،و شرح العقائد النسفية:97،و الطبقات الكبري:110/5،و المعجم الكبير:388/19 ترجمة معاوية ما روي عنه شريح و 289/10 ح 10187 ترجمة ابن عباس ما روي سعيد بن المسيب عنه،و 86/20 ترجمة معاذ بن جبل ما روي عنه أبو إدريس الخولاني،و كنز العمال:207/1 ح 1035 باب التمسك بالكتاب و ألسنة 103/1 ح 1463 أحكام البيعة و 52/6 ح 14810 و 89 ح 1470.و كمال الدين:412/2 باب 39 ح 10 و 15 و باب 58 ح 11،و كنز الفوائد:151 رسالة في وجوب الإمامة،و الاختصاص:268،و غيبة النعماني:80-81 -82-84-85-86 الباب السابع،و عيون أخبار الرضا 58/2 باب 7 ح 1،و الكافي:377/1 ح 3.
6- كمال الدين:412 باب 39 ح 10.

و عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:قال:«من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته و مات فقد مات ميتة جاهلية» (1).

و عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«من شك في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل اللّه تبارك و تعالي أحدها:معرفة الإمام في كل زمان و أوان بشخصه و نعته» (2).

و قال أبان بن تغلب:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:من عرف الأئمة و لم يعرف الإمام الذي في زمانه أمؤمن هو؟

قال:«لا».

قلت:أمسلم هو؟

قال:«نعم» (3).

***

الأدلة العقلية علي ولادة صاحب الزمان عجل اللّه فرجه

إعلم أنه كل ما دلّ علي عدم خلو الأرض من الإمام أو علي الحاجة إليه،دال بالملازمة علي ولادة هذا الإمام و وجوده في كل زمان.

بتقريب:أنّ القول بوجوده أو ضرورته أو الحاجة اليه ملازم لتنقله بين الناس لمعرفة أحوالهم و تسديد أقوالهم يري ما يرون و يراقب ما يفعلون.

و أيضا كل ما دلّ علي وجوب نصب الإمام دلّ بالملازمة علي ولادته و وجوده بين الناس الي يوم القيامة (4).

قال الشيخ الطبرسي:قد ثبت بالدلالة القاطعة وجوب الإمامة في كل زمان لكونها لطفا في فعل الواجبات (5)،و الإمتناع من المقبّحات فأنا نعلم ضرورة عند وجود الرئيس المهيب يكثر الصلاح من الناس و يقل الفساد (6).

و قال الشريف المرتضي:الذي يوجبه و يقتضيه العقل و الرياسة المطلقة...و الذي يدل علي

ص: 52


1- كمال الدين:12 باب 39 ح 12.
2- كمال الدين:413 باب 39 ح 14.
3- كمال الدين:410 باب 39 ح 3.
4- فصّل العلامة الحلي ذلك في كتابه الألفين مع الأدلة:21 البحث السادس.
5- اللطف اصطلاحا:كل ما يقرب المكلفين إلي الطاعة و يبعدهم عن المعاصي-عن الالفين:15 البحث الرابع.
6- الذخيرة في علم الكلام:409-410 الكلام في الإمامة.

ما ادعيناه أن كل عاقل عرف العادة و خالط الناس يعلم ضرورة أن وجود الرئيس المهيب النافذ الأمر السديد التدبير يرتفع عنده التظالم (1).

و استدل أصحابنا علي وجوب الإمامة في كل عصر أنّ شريعة نبينا صلي اللّه عليه و اله و سلّم مؤيدة غير منسوخة الي يوم القيامة،فلا بد لها من حافظ،لأنه لو جاز أن يخلي من حافظ جاز أن يخلي من مؤدّ،فما اقتضي وجوب أدائها يقتضي وجوب حفظها (2).

و هذا الدليل بنفسه يقتضي ولادة هذا الإمام ليصدق حفظ شريعة محمد إلي يوم القيامة.

***

علة غيبة الإمام الثاني عشر عجل اللّه فرجه

لم تكشف الأخبار عن حكمة الغياب المطلق المقدس للإمام المنتظر أرواح العالمين فداه.

قال عبد اللّه بن الفضيل:سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام يقول:«إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها يرتاب فيها كل مبطل».

فقلت له:و لم جعلت فداك؟

قال عليه السّلام:«لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم».

قلت:فما وجه الحكمة في غيبته؟

فقال عليه السّلام:«وجه الحكمة في غيبته؛وجه الحكمة في غياب من تقدمه من حجج اللّه تعالي ذكره،إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره،كما لا ينكشف وجه الحكمة لما اتاه الخضر من خرق السفينة و قتل الغلام و اقامة الجدار لموسي عليه السّلام إلاّ وقت افتراقهما.

يا ابن الفضل:أنّ هذا الأمر أمر من أمر اللّه،و سر من سر اللّه،و غيب من غيب اللّه،و متي علمنا انه عزّ و جلّ حكيم،صدّقنا بأنّ أفعاله كلها حكمة و إن كان وجهها غير منكشف لنا» (3).

و يعلم من هذه الرواية عظمة سرّ الإمام المهدي و حركته.

كما و يعلم منها عدم استحالة الغيبة إذ وقعت من كثير من الحجج السابقة أمثال إدريس و إبراهيم و نوح و يوسف و موسي و ما بعده من الأوصياء علي نبينا و آله و عليهم أفضل التحية و السلام (4).

ص: 53


1- أعلام الوري:162.
2- الذخيرة في علم الكلام:424.
3- البحار:91/52،و كمال الدين:482/2 باب 44 ح 11.
4- فصّل ذلك الصدوق في كمال الدين مع روايتها:127/1 إلي 159 الباب الأول و ما بعده.

نعم وردت بعض العلل في عدة أخبار،و هي لا تنافي ما تقدّم إذ المقصود منه بيان تمام علة غيبة الإمام عليه السّلام،أو يقال أنّ الرواية محمولة علي التقية.

و من تلك الروايات ما روي عن جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام قال:«يا زرارة لا بد للقائم عجل اللّه فرجه من غيبة».

قلت:و لم؟

قال عليه السّلام:«يخاف علي نفسه،و أومأ الي بطنه» (1).

و قريب منه عن الإمام الباقر محمد بن علي عليه السّلام (2).

و ليس المراد خوف الإمام أرواحنا فداه علي نفسه المساوق للجبن و الضعف،كيف و هو من أهل بيت العصمة و الطهارة الذين أذهب اللّه عنهم كل نقص و عيب-ظاهر و باطن-و هو الذي تسير الجبال بين يديه و جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله كما تقدم في الكتاب الأول الولاية التكوينية.

نعم هو خوف علي الدين و عدم اقامة دولة أهل البيت المنتظرة في آخر الزمان،فهو الثاني عشر من الائمة خاتمهم و قائمهم و مهديهم صلوات اللّه عليهم أجمعين،و الناس كلها كانت تعرف و تنتظر دولة الحق و سمعت ذلك من زمن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم إلي زمن الإمام الحسن العسكري عليه السّلام، و الحكام الظلمة كذلك كانوا مستعدين لقتل الإمام المهدي عجل اللّه فرجه باعتقادهم،و باعتقادنا كانوا عاجزين و لكن يؤدي الي تعجيل الظهور و هو بعيد مع قلة الأنصار و بعد العلامات.

و هذا غير عشق امامنا المفدي للشهادة في سبيل اللّه تعالي،فعشقه لها لا يجعله يخرج لقتال الظلمة مع قلة الأنصار،كما فعل جده الحسين بن علي عليه السّلام،و ذلك انه آخر الحجج و لا حجّة بعده،علي العكس في أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام.

إضافة للظروف الموضوعية المختلفة بينهما.

و عنه عليه السّلام قال:«صاحب هذا الأمر تعمي ولادته علي هذا الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج» (3).

و قريب منه عن الإمام علي بن موسي الرضا عليه السّلام (4).

و هذا لا يدل علي أن الأئمة من أبائه كان في أعناقهم بيعة لحكام أزمنتهم،أمّا أمير المؤمنين4.

ص: 54


1- كمال الدين:481/2،و البحار:97/52.
2- كمال الدين:481/2 باب 44 علة الغيبة و ذكر عدة روايات مشابهة.
3- كمال الدين:479/2 باب علة غيبته 44 ح 1.
4- كمال الدين:480/2 ح 4.

فتقدم تصريحه بأحقيته للخلافة،و إنها نص من اللّه و هي غير قابلة للتنازل فكيف يقال ببيعته لأبي بكر و عمر و عثمان.

نعم إذا أريد من البيعة السكوت الذي فهم منه الناس الرضي بالبيعة،فقد حصل،و تقدم أنّ سكوته كان لمصلحة الاسلام و المسلمين و خوفه من ارتدادهم.

و الإمام الحسن عليه السّلام حارب معاوية فلما خذله اصحابه سكت عن مقارعته،و هو أعم من البيعة.

و كيف يبايع أمير المؤمنين أو الحسن عليهما السّلام و يخلع الخلافة من رقبته و هو القميص الذي ألبسه اللّه إياه!!،أم أن عثمان فقط لا يجوز له أن يخلع قميصه و يتخلي عن خلافته و يبايع غيره،اما امير الخلق و ابنه سيد شباب أهل الجنة فيجوز لهما ذلك؟!

أما الإمام الحسين عليه السّلام فشهادته كانت من أجل تأكيد عدم جواز التخلي عن الإمامة و حرمة البيعة للحكام الظلمة و مهما اقتضت الضرورة،فإنها لا تتعدي السكوت عن أفعالهم لمصلحة الإسلام و المسلمين ما لم تغير معالمه كما كان في زمن يزيد.

و أما بقية الأئمة الثمانية:فالمسألة كانت أوضح إذ عاشوا في معزل عن الأوضاع السياسية- الظاهرية-مما جعل من الحكام عدم مطالبتهم بالبيعة،خاصة بعد الاثر الذي تركه قتل ابي عبد اللّه الحسين عليه السّلام.

و ولاية العهد للامام الرضا عليه السّلام و قبوله إياها لا تكشف عن بيعته للمأمون انما كان لها ظروفها الموضوعية أوجبت قبوله بها و هو أعم من البيعة منه.

و من روايات علل الغيبة أيضا ما روي عن ابي عبد اللّه الصادق عليه السّلام من طريق سدير قال:«إن للقائم منا غيبة يطول أمدها».

فقلت له:يا ابن رسول اللّه و لم ذلك؟

قال:«لأن اللّه عزّ و جلّ أبي إلاّ أن تجري فيه سنن الأنبياء عليهم السّلام في غيباتهم،و إنه لا بد يا سدير من استيفاء مدة غيباتهم،قال اللّه تعالي لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (1)أي سنن من كان قبلكم» (2).

فكما تري هذه الروايات تذكر بعض الاسباب التي أدت أو اقتضت غياب المفدي الإمام المهدي عليه السّلام،و هي لا تنافي كون علة الغيبة الحقيقية أمر من اللّه و سر من سر اللّه لا يكشف عن وجهه إلاّ صاحب هذه الغيبة عجّل اللّه فرجه.6.

ص: 55


1- سورة الانشقاق،الآية:19.
2- كمال الدين:480/2 ح 6.

و في علل الشرائع:مسندا إلي الصادق عليه السّلام قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لا بدّ للغلام من غيبة».

فقيل له:و لم يا رسول اللّه؟

قال:«يخاف القتل» (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:«إنّ اللّه إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم» (2).

و عنه عليه السّلام:«إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها».

فقيل له:و لم ذاك يا بن رسول اللّه؟

قال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ أبي إلاّ أن يجري فيه سنن الأنبياء عليهم السّلام في غيباتهم،قال اللّه عزّ و جلّ:

لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (3) أي سننا علي سنن من كان قبلكم» (4).

كمال الدين:بإسناده إلي عبد اللّه بن الفضل الهاشمي قال:سمعت الصادق عليه السّلام يقول:«إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها يرتاب فيها كل مبطل».

فقلت له:و لم جعلت فداك؟

قال:«لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم».

قلت:فما وجه الحكمة في غيبته؟

فقال:«وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج اللّه تعالي ذكره،إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره،كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السّلام من خرق السفينة و قتل الغلام و إقامة الجدار لموسي عليه السّلام إلاّ وقت افتراقهما،يا بن الفضل إن هذا الأمر أمر من أمر اللّه و سرّ من سرّ اللّه و غيب من غيب اللّه،و متي علم أنّ اللّه عزّ و جلّ حكيم،صدّقنا بأن أفعاله كلها حكمة و إن كان وجهها غير منكشف لنا» (5).

الخرائج:الكليني عن اسحاق بن يعقوب أنه ورد عليه من الناحية المقدسة علي يد محمد بن عثمان:

«و أمّا علة ما وقع من الغيبة فإن اللّه عزّ و جلّ يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (6)إنه لم يكم أحد من آبائي عليهم السّلام إلاّ وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه،و إني1.

ص: 56


1- البحار:90/52،و علل الشرائع:243/1.
2- البحار:90/52.
3- سورة الانشقاق،الآية:19.
4- البحار:143/51،و علل الشرائع:245/1 ح 7.
5- كمال الدين:482،و علل الشرائع:246/1.
6- سورة المائدة،الآية:101.

أخرج حين أخرج و لا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي،و أمّا وجه الإنتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غّيبها عن الأبصار السحاب،و إني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء،فاغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم و لا تتكفلوا علم ما قد كفيتم و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم،و السلام عليكم يا إسحاق بن يعقوب و علي من اتبع الهدي».

العلل:عن ابن أبي عمير عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قلت له:ما بال أمير المؤمنين عليه السّلام لم يقاتل مخالفيه في الأول؟

قال:«لآية في كتاب اللّه عزّ و جلّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (1).

قال:قلت:و ما يعني بتزايلهم؟

قال:«ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين،و كذلك القائم عليه السّلام لن يظهر أبدا حتي تخرج ودائع اللّه عزّ و جلّ،فإذا خرجت ظهر علي من ظهر من أعداء اللّه عزّ و جلّ فقتلهم».

قال الشيخ رحمه اللّه:لا علة تمنع من ظهوره عليه السّلام إلاّ خوفه علي نفسه من القتل،لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الإستتار و كان يتحمل المشاق و الأذي،فإن منازل الأئمة و الأنبياء عليهم السّلام إنما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات اللّه تعالي.

فإن قيل:هلاّ منع اللّه من قتله بما يحول بينه و بين من يريد قتله؟

قلنا:المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه و الأمر بوجوب اتباعه و نصرته و التزام الإنقياد و كل ذلك فعله تعالي،و أمّا الحيلولة بينهم و بينه فإنه ينافي التكليف و ينقض الغرض،لأن الغرض بالتكليف استحقاق الثواب و الحيلولة تنافي ذلك،و ربّما كان في الحيلولة و المنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق فلا يحسن من اللّه فعلها.

فإن قيل:أ ليس آباؤه عليهم السّلام كانوا ظاهرين و لم يخافوا و لا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد.

قلنا:آباؤه عليهم السّلام حالهم بخلاف حاله،لأنه كان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت و غيرهم أنهم لا يرون الخروج عليهم و لا يعتقدون أنهم يقومون بالسيف و يزيلون الدول،بل كان المعلوم من حالهم أنهم ينتظرون مهديا لهم،و ليس يضر السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم علي مملكتهم،و ليس كذلك صاحب الزمان عليه السّلام،لأن المعلوم منه أنه يقوم بالسيف و يزيل الممالك و يقهر كل سلطان و يبسط العدل و يميت الجور،فمن هذه صفته يخاف جانبه و يتقي فورته فيتبع و يرصد و توضع العيون عليه،فيخاف حينئذ و يحوج إلي التحرّز و الإستظهار،بأن يخفي شخصه عن كل من لا يأمنه من ولي و عدو إلي وقت خروجه.5.

ص: 57


1- سورة الفتح،الآية:25.

و أيضا فآباؤه عليهم السّلام إنّما ظهروا،لأنه كان المعلوم أنه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه و يسدّ مسدّه من أولادهم،و ليس كذلك صاحب الزمان عليه السّلام،لأن المعلوم أنه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف،فلذلك وجب استتاره و غيبته و فارق حاله حال آبائه و هذا واضح بحمد اللّه.

فإن قيل:بأي شيء يعلم زوال الخوف وقت ظهوره،أبوحي من اللّه؟فالإمام لا يوحي إليه، أو بعلم ضروري؟فذلك ينافي التكليف،أو بإمارة توجب عليه الظن؟ففي ذلك تعذير بالنفس.

قلنا:عن ذلك جوابان:أحدهما:أنّ اللّه أعلمه علي لسان نبيه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و أوقفه من جهة آبائه عليهم السّلام زمان غيبته المخوفة و زمان زوال الخوف عنه،فهو يتبع في ذلك ما شرّع له و أوقف عليه،و إنّما أخفي ذلك عنّا لما فيه من المصلحة.

و الثاني:أنه لا يمتنع أن يغلب علي ظنه بقوة الإمارة بحسب العادة قوة سلطانه،فيظهر عند ذلك و يكون قد أعلم أنه متي غلب في ظنه كذلك وجب عليه،و يكون الظن شرطا و العلم عنده معلوما،كما نقوله في تنفيذ الحكم عند شهادة الشهود و العمل علي جهات القبلة بسحب الإمارات و الظنون،و إن كان وجوب التنفيذ للحكم و التوجه إلي القبلة معلومين.

و أمّا ما روي في الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة و صعوبة الأمر عليهم و اختبارهم للصبر عليه،فالوجه فيها الأخبار عمّا يتفق من ذلك من الصعوبة و المشاق،لأن اللّه تعالي غيّب الإمام ليكون ذلك و كيف يريد اللّه ذلك،بل سبب الغيبة هو الخوف علي ما قلناه و أخبروا بما يتفق في ذلك الحال،و ما للمؤمنين من الثواب علي الصبر علي ذلك و التمسك بدينه إلي أن يفرّج اللّه عنهم.

انتهي (1).

***

غياب الفيض أم فيض الغائب

تقدّم ذكر عدم خلو الأرض من حجّة و لو خلت طرفة عين لساخت بأهلها،كيف و بالامام تمطر السماء و تنبت الأرض و يعبد اللّه تعالي (2).

و عليه فكيف نروي ذلك و نؤمن بجواز غياب هذا الإمام؟

و هل يعني أن غياب الإمام غياب لفيوضاته و آثاره علينا و علي السماء و الأرض؟

ص: 58


1- الغيبة:للطوسي:335،و البحار:100/52.
2- تقدمت الروايات مفصلا في الكتاب الأول-الولاية التكوينية.

الإيمان بعدم خلو الأرض من حجة و انها تسيخ لو عدم لا ينافي وجود الإمام و غياب شخصه عن الناس أو عن بعض الناس،بل قد نعتقد بانّ الإمام لم يغب انما غاب عنه من تخلي عن أهل بيت العصمة و الطهارة (1).

ذلك أنّ ضرورة الإمام اعم من وجوده بين الناس فعلا و من وجوده بينهم،و لكنه غاب عن مشاهدتهم أو أبصارهم لمصلحة ما بتقدير اللّه عزت الآؤه.

و تقدم في الروايات ما يشير الي ذلك.

و غياب الإمام لا يعني عدم تدخله في هذه الأمة و رعاية مصالحها المهمة،بل مع غيابه يتدخل في المسائل المصيرية الشخصية منها و النوعية،و من راجع قصص الأولياء الذين تشرفوا بلقاء الإمام عجل اللّه فرجه و التوقيعات الصادرة عنه أدرك صحة ذلك (2).

و امّا الفيوضات المرتبة علي وجود الإمام عليه السّلام فهي إما منافع دنيوية و إما دينية.

و المنافع الدنيوية علي قسمين،فمنها ما هو تكويني لا ينفك عن وجود الإمام،و منها ما هو اعتباري.

و المنافع التكوينية لا تنفك عن وجود و ولادة الإمام عليه السّلام فمتي وجد وجدت،من قبيل حفظ الأرض و من عليها و عدم وقوعها و استقرارها،و نزول الغيث من السماء و نشر الرحمة،و خروج بركات الأرض كما تقدم نصه في الروايات.

و تقدم ما يفيد في ذلك عند الكلام عن كونهم أمان الأمة و أن قطب الاقطاب لا يكون الا منهم،و كذا عند الكلام علي كونهم الواسطة بيننا و بين اللّه تعالي،و تقدم ما يفيد في ذلك عند تفسير الولاية التكوينبة و حدودها لهم.

و هذه المنافع التكوينية حاصلة فعلا ينتفع منها كل الناس العاصي منهم و الطائع،قال تعالي:

وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (3) .

و إليه أشار التوقيع الصادر من الناحية المقدسة علي يد ابو جعفر محمد بن عثمان العمري ثاني السفراء الأربعة ما خطه:«أما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيّبتها عن الابصار السحاب،و اني لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء» (4).3.

ص: 59


1- تقدم تفصيل ذلك عند الكلام عن رؤية أهل البيت:و امكانها و معناها و ذكرنا طرفا من ذلك في كتابنا عبرة أولي الاباب:341 شروط رؤية الإمام و طرقه الشرعية.
2- راجع بحار الأنوار:174/52 و 176/53-226-225-302،و كمال الدين:482/2 إلي 522 باب 45 ح 1 إلي 52.
3- سورة الإسراء،الآية:20.
4- كمال الدين:485/2 الباب الخامس و الاربعون-ذكر التوقيعات-ح 4،و الاحتجاج:263.

و أما المنافع غير التكوينية كالمنافع المادية الشخصية و النوعية كإعطاء الأموال للفقراء و المحتاجين،و الانتقام للمظلوم و لشيعته من أعدائهم و نحو ذلك؛فانها منافع دنيوية يجوز تأخيرها و الضرر الحاصل منها-ان كان-أقل من الضرر الذي يحصل ما لو خرج الإمام في غير موعده و تقدير اللّه.

و بعبارة أخري:علة غياب الإمام لا تندفع بذلك الضرر الحاصل و الذي يستوفي بعد حين.

إضافة الي أنّ بعض هذه المنافع قد تحصل من بقية شيعته عليه السّلام الأغنياء منهم أم العلماء الذين هم نوابه علي الأرض حال غيبته.

-علي أن الإمام روحي فداه و من باب اللطف و رحمته لامته نراه يعطي الناس و يساعد المحتاجين سواء عن طريق الرؤيا أو بالمشاهدة العينية،و قد نقل لنا علماؤنا الابرار و الصالحين كثيرا من هذه الوقائع،و كيف أنّ الإمام كان يأتي اليهم ليهدي من ضل طريقه أو من وقع في حيرة أو من احتاج إليه في أية مسألة كانت،و مساعدته للمجاهدين في جهادهم ضد أعداء الإسلام،بل و ألفت الكتب في ذلك (1).

بل قد يقال أنّ مساعدة الإمام أرواحنا لتراب مقدمه الفداء في زمن الغيبة أشد و أكثر ما لو كان حاضرا،و ذلك بالنظر الي حرقة قلوب الشيعة علي إمامها لفقدهم إياه و انتظارهم لخروجه المبارك، و في مساعدته إياهم ما يقويّ هذه العلاقة و يزيل الشك من نفوسهم،ليزرع عوضا عنه اليقين بوجوده و أنه آت لا محال في يوم كلمح البصر أو هو أقرب،جعلنا اللّه من جنده و خدمه و من المستشهدين بين يديه.

أما المنافع الدينية الشرعية فهي منافع يقتضيها التكليف و لا يجوز تأخيرها،من قبيل تأديب الشيعة و اقامة الحد عليهم و رعايتهم و تبليغهم الأحكام الفقهية،و هذه المنافع حاصلة مع غيابه و لا تفوت بها،فشيعته يعتقدون بوجوده بينهم و أنه يري كل أعمالهم و تعرض عليه كل يوم (2)،و هو يجعل الشيعة تخاف من ارتكاب الحرام و تتركه و لو حياء من الإمام عليه السّلام.

علي أن هناك من يقوم بهذه الوظيفة في حال غيبته و هم علماء أمة محمد الذي أرجع الناس إليهم في التوقيع الصادر عن محمد بن عثمان العمري قال فيه:

«و امّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة اللّه عليهم» (3).4.

ص: 60


1- ككتاب قصص الأحرار للشيخ محمد كاظم ياسين العاملي طبع في بيروت بعدة أجزاء،و قد ذكر فيه الكثير من الكرامات لشباب حزب الله في جنوب لبنان في مواجهته للعدو الصهيوني.
2- كما تقدم.
3- كمال الدين:484/2 الباب 45 ح 4.

فهولاء العلماء الاعلام يؤدبون شيعتهم و يرعونهم من المخاطر،و يبينون لهم الأحكام الشرعية من مصادرها المقررة.

بل و في ظل الدولة الاسلامية و بسط يد ولي أمر المسلمين أعزه اللّه يقيمون الحدود الشرعية و التعزيرات علي حسب الموازين المقررة في الفقه.

بل و كان عليه السّلام يساعد الكثير من العلماء الأبرار في تسديدهم و توجيههم و مساعدتهم علي حلّ الامور العلمية المعضلة،خاصة من توسل إليه في ذلك.

فكما تري عزيزي القاريء فإن الإمام لا يرضي من نفسه أن يري شيعته بحاجة إليه و لا يهب لمساعدتهم.

و بالجملة فالمنافع التكوينية لا تنفك عن وجود الإمام عليه السّلام.

و الشرعية حاصلة مع غيابه عجل اللّه فرجه،إما من شخصه أو من شيعته،و سوف يأتي مزيد تفصيل حول ذلك.

أما ما تقدم في التوقيع من تشبيه أنوار الإمام و الانتفاع بها بنور الشمس و الانتفاع بها حتي لو غيبها السحاب؛فإنه فيه نوع خفاء،فلا بأس بذكر ملخص ما ذكره العلامة المجلسي(قده)و التي سماها أبواب فتحت من الجنة الروحانية،كشف قدس سره عن ثمانية منها،و اغمض عن البعض الآخر لضيق العبارة.

و أنا أفتح علي عينيك ثمانية أخري من الأرض العاملية إن شاء الولي.

قال في موسوعته بحار الأنوار (1):

الوجه الأول:أن نور الوجود و الهداية يصل الي الخلق بتوسّطه عجل اللّه فرجه،لانه الواسطة بين العباد و ربهم كبقية أهل البيت عليهم السّلام،إذ لولاهم لانسد باب اللطف و الفيض عنّا (2).

الوجه الثاني:أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب إضافة الي الانتفاع الحاصل منها يبقي الناس ينتظرون جلاء السحاب عنها لتزيد المنفعة فكذلك شيعة أهل البيت عليهم السّلام،يبقون ينتظرون زيادة المنفعة بخروج الإمام عجل اللّه فرجه.

الوجه الثالث:أنّ منكر وجود الإمام أرواحنا فداه مع ظهور آثاره و نعمه،كمنكر وجود الشمس المغطاة بالسحاب.

الوجه الرابع:أنّ الشمس غيابها في السحاب اصلح للعباد من ظهورها و لو ببعض الأزمان أوه.

ص: 61


1- بحار الأنوار:92/52.
2- كونهم الواسطة في الفيض من مختصات هذه الموسوعة و تقدم الكلام فيه.

الأمكنة،فكذلك غيبة الإمام عجّل اللّه فرجه أصلح للناس من ظهوره في تلك الأزمان السابقة لأن ظهوره قبل أوانه مخل بالغيبة و حكمتها.

*الوجه الخامس:أن الإنسان لا يمكنه النظر الي الشمس بدون سحاب إذ قد تعميه،فكذلك لا يقدر علي النظر الي نور الإمام المهدي عجل اللّه فرجه إذ قد يكون سببا لعماه عن الحق (1).

الوجه السادس:أنّه عليه السّلام كالشمس في عموم النفع،إنما لا ينتفع بهم من كان أعمي.

الوجه السابع:أن الشمس قد تخرج من السحاب للبعض،فكذلك الإمام عليه السّلام قد يخرج لبعض الاشخاص.

الوجه الثامن:أنّ الشمس انّما تدخل البيوت بقدر ما للبيت من نوافذ و بقدر رفع الموانع، فكذلك نور الإمام،أرواح العالمين له الفدي تنتفع به الناس بقدر ما يطهرون قلوبهم لتلقي ذلك النور المبارك.

انتهي كلامه رفع من مقامه.

هذه وجوه العلامة المجلسي قدس سره،و قد خطر بالبال القاصر وجوها أخري:

الوجه التاسع:أن الناس يستفيدون من الشمس علي حسب حاجاتهم فصاحب الأرض لأرضه و صاحب الثمر لثمره و صاحب المرض لمرضه،فكذلك الإمام روحي فداه كل يستفيد منه علي حسب حاجته.

الوجه العاشر:و هو تفصيل لوجه العلامة المتقدم(الوجه السادس)قال:«إن نفع الشمس عام إلاّ لعديم البصر فكذلك الإمام».

*أقول:نفع الشمس علي نحوين:نحو لا ينتفع به إلا من له بصر كالانتفاع بنورها للضوء.

و نحو ينتفع به الأعمي و البصير كالانتفاع الحاصل منها للحياة الدنيا.

فكذلك الإمام عليه السّلام فنفع خاص لصاحب البصر و البصيرة و هو من عرف حقيقة الإمام و مراده و تعرّف علي طرق رؤيته و محا حجب القلب.

و نفع عام لجميع الناس المؤمن و العاصي كالنفع الحاصل من بركة وجود الإمام من حفظ الأرض و أهلها و استقرارها و نزول الغيث كما تقدم.

الوجه الحادي عشر:أنّ الشمس منزّهة عن الأيدي لعلو مكانها و قوة نورها فكذلك الإمام عليه السّلام منزّه عن الأيدي لعلو شأنه و قوة نوره.

الوجه الثاني عشر:أنّ الشمس لا ينقطع عطاؤها و هو مستمر باستمرارها،فكذلك الإمام عليه السّلام لا ينقطع عطاؤه.ي.

ص: 62


1- نعم إذا كان النظر ممن رفع عنه الحجاب فلا عمي.

الوجه الثالث عشر:أنّ الشمس لا ينظر إليها إلاّ القليل لشدّة نورها إلاّ صاحب البصر القوي فكذلك الإمام لا ينظر إليه إلاّ القليل ممن قويت بصيرته.

الوجه الرابع عشر:أنّ الشمس آمان للسماء و كواكبها فكذلك الإمام أمان للارض و أهلها و لولاه لساخت بمن فيها كما تقدم.

الوجه الخامس عشر:أنّ الشمس نورها ذاتي تعطي و لا تأخذ و لا تنفذ علي عكس المرآة أو الشمعة،و كذلك الإمام عليه السّلام نور ذاتي و علمه ذاتي يعطي و لا يأخذ و لا ينفذ إلاّ من اللّه عزت آلاؤه كالشمس.

الوجه السادس عشر:أنّ الشمس لا تغيب و نورها لا يعدم إنّما تنتقل من مكان الي آخر، و كذلك الإمام لا يغيب إنما ينتقل من مكان لآخر.

هذه جملة من الأبحاث التي تتعلق بالامام المهدي عجل اللّه فرجه من النص عليه و إثبات ولادته و استمرارها الي آخر الزمان،و الآثار المترتبة عليه،و علة غيبته،و المنافع الحاصلة منه، و وجوه تشبيهه بالشمس و نورها.

***

تأويل أن المهدي عجل اللّه فرجه أوسط الأمة

في كتاب كفاية الطالب:بإسناده عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لن تهلك أمة أنا في أولها و عيسي في آخرها و المهدي في وسطها».

قال:هذا حديث حسن.

و معني قوله:«و عيسي آخرها»لم يرد به صلي اللّه عليه و اله و سلّم أن عيسي يبقي بعد المهدي عليه السّلام لأن ذلك لا يجوز لوجوه:

منها:أنه قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لا خير في الحياة بعده»،و في رواية:«لا خير في العيش بعده».

و منها:أنّ المهدي عليه السّلام إذا كان إمام آخر الزمان و لا إمام بعده مذكور في رواية أحد من الأئمة و هذا غير ممكن أنّ الخلق يبقي بغير إمام،فإن قيل:إن عيسي يبقي بعده إمام الأمة.

قلت:لا يجوز هذا القول و ذلك أنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم صرح أنه لا خير بعده و إذا كان في قوم لا يجوز أن يقال:لا خير فيهم و أيضا لا يجوز أن يقال:إنه نائبه،لأنه جلّ منصبه عن ذلك.

و لا يجوز أن يقال:إنه يستقل بالأمة،لأن ذلك يوهم العوام انتقال الملة المحمدية إلي الملة العيسوية و هذا كفر،فوجب حمله علي الصواب و هو أنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم أول داع إلي ملة الإسلام و المهدي أوسط داع و المسيح آخر داع،فهذا معني الخبر عندي.

ص: 63

و يحتمل أن يكون معناه:المهدي أوسط هذه الأمة،يعني خيرها إذ هو إمامها و بعده ينزل عيسي مصدقا للإمام و عونا له و مبيّنا للأمة صحة ما يدّعيه الإمام،فعلي هذا يكون المسيح آخر المصدّقين علي وفق النص.

قال الفقير إلي اللّه تعالي علي بن عيسي أثابه اللّه بمنّه و كرمه:قوله:«المهدي أوسط الأمة»، يعني خيرها،يوهم أنّ المهدي عليه السّلام خير من عليّ عليه السّلام و هذا لا قائل به،و الذي أراه:أنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم أول داع و المهدي عليه السّلام لمّا كان تابعا و من أهل ملّته جعل وسطا لقربه ممّن هو تابعه و علي شريعته، و عيسي عليه السّلام لمّا كان صاحب ملّة أخري و دعا في آخر زمانه إلي شريعة غير شريعته حسن أن يكون آخرها و اللّه أعلم.

***

في ذكر جملة من معاجزه و دلائله عجل اللّه فرجه

الأولي:في كشف الغمّة عن أبي الحسن المسترق الضرير قال:كنت يوما في مجلس حسن بن عبد اللّه بن حمدان ناصر الدولة فتذاكر لي أمر الناحية قال:كنت أزري عليها إلي أن حضرت مجلس عمّي الحسين يوما فأخذت أتكلّم في ذلك فقال:يا بني قد كنت أقول بمقالتك هذه إلي أن ندبت إلي ولاية قم حين استصعبت علي السلطان،و كان كلّ من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها،فسلّم إلي جيش و خرجت نحوها،فلمّا خرجت إلي ناحية طرز و خرجت إلي الصيد ففاتتني طريدة فاتبعتها و أوغلت في أثرها حتّي بلغت إلي نهر فسرت فيه،كلّما سرت يتسع النهر،فبينا أنا كذلك إذ طلع علي فارس تحته شهباء و هو متعمّم بعمامة خزّ خضراء،لا أري منه سوي سواد عينيه، و في رجليه خفّان أحمران فقال لي:يا حسين.و ما أمّرني و ما كنّاني فقلت:ما ذا تريد؟فقال:لم تزري علي الناحية؟و لم تمنع أصحابي خمس مالك؟

و كنت رجلا وقورا لا أخاف شيئا فأرعدت و تهيبته و قلت له:أفعل يا سيدي ما تأمر به.فقال:

إذا أتيت إلي الموضع الذي أنت متوجّه إليه،فدخلته عفوا و كسبت ما كسبته فيه تحمل خمسه إلي مستحقّه.فقلت:السمع و الطاعة.فقال:امض راشدا و لوي عنان دابته و انصرف،فلم أدر أي طريق سلك فطلبته يمينا و شمالا فخفي عليّ أمره،فازددت رعبا و انكفأت راجعا إلي عسكري و تناسيت الحديث.

فلمّا بلغت قم و عندي أنني أريد محاربة القوم خرج إلي أهلها و قالوا:كنّا نحارب من يجيئنا لخلافهم لنا،و أمّا إذ وافيت أنت فلا خلاف بيننا و بينك،أدخل البلدة فدبّرها كما تري،فأقمت فيها زمانا و كسبت أموالا زائدة علي ما كنت أتوقّع ثمّ وشي القواد بي إلي السلطان،و حسدت علي طول مقامي و كثرة ما اكتسبت،فعزلت و رجعت إلي بغداد فابتدأت بدار السلطان فسلّمت و أقبلت إلي

ص: 64

منزلي،و جاءني فيمن جاءني محمد بن العثمان العمري فتخطّي رقاب الناس حتّي اتكأ علي متكئي، فاغتظت من ذلك،و لم يزل قاعدا لا يبرح و الناس يدخلون و يخرجون،و أنا أزداد غيظا فلمّا تصرّم المجلس دنا مني و قال بيني و بينك سرّ فاسمعه.فقلت:قل.فقال:صاحب الشهباء و النهر يقول:قد وفينا بما وعدنا.فذكرت الحديث و ارتعشت من ذلك و قلت:السمع و الطاعة،فقمت و أخذت بيده و فتحت الخزائن،فلم يزل يخمسها إلي أن خمّس شيئا قد كنت أنسيته ممّا كنت قد جمعته و انصرف، و لم أشكّ بعد ذلك و تحقّقت الأمر،فأنا منذ سمعت هذا من عمّي أبي عبد اللّه زال ما كان اعترضني من شكّ (1).

المعجزة الثانية:في كشف الغمّة عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال:لمّا وصلت بغداد في سنة سبع و ثلاثين للحجّ،و هي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر إلي مكانه من البيت، كان أكبر همّي بمن ينصب الحجر لأنّي مضي عليّ في أثناء الكتب قصّة أخذه و أنّه ينصبه في مكانه الحجّة في الزمان،كما في زمن الحجّاج وضعه زين العابدين في مكانه فاستقرّ،فاعتللت علّة صعبة خفت فيها علي نفسي و لم يتهيأ لي ما قصدت له فاستنبت المعروف بابن هشام،و أعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدّة عمري و هل تكون المنية في هذه العلّة أم لا،و قلت:همّي إيصال هذه الرقعة إلي واضع الحجر في مكانه و أخذ جوابه و إنّما أندبك لهذا،فقال المعروف بابن هشام:لما حصلت بمكّة و عزم علي إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكّنت معها من الكون بحيث أري واضع الحجر في مكانه،فأقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس،فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب و لم يستقم،فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله و وضعه في مكانه،فاستقام كأنّه لم يزل عنه،و علت لذلك الأصوات فانصرف خارجا من الباب فنهضت من مكاني أتبعه و أدفع الناس عنّي يمينا و شمالا حتّي ظنّ بي الاختلاط في العقل،و الناس يفرجون لي،و عيني لا تفارقه حتّي انقطع عنّي الناس و كنت أسرع الشدّة خلفه و هو يمشي علي تؤدة و لا أدركه،فلمّا حصل بحيث لا يراه أحد غيري وقف و التفت إلي فقال:هات ما معك فناولته الرقعة،فقال من غير أن ينظر فيها:

قل له لا خوف عليك في هذه العلّة،و يكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة.قال:فوقع علي الزمع (2)حتّي لم أطق حراكا و تركني و انصرف.

قال أبو القاسم:فأعلمني بهذه الجملة فلمّا كانت سنة سبع و ستّين اعتلّ أبو القاسم،فأخذ ينظر في أمره و تحصيل جهازه إلي قبره،و كتب وصيّته و استعمل الجدّ في ذلك فقيل له:ما هذا الخوف و نرجو أن يتفضّل اللّه بالسلامة فما عليك مخوفة،فقال:هذه السنة التي وعدت و خوفت منها فمات في علّته (3).2.

ص: 65


1- كشف الغمّة:501/2 الباب 25.
2- الزمع:الدهش.
3- كشف الغمّة:502/2 باب 25،و الخرائج و الجرائح:665/2،و البحار:60/52.

المعجزة الثالثة:في البحار عن أبي محمد عيسي بن مهدي الجوهري قال:خرجت في سنة ثمان و ستّين و مائتين إلي الحجّ،و كان قصدي المدينة حيث صحّ عندنا أنّ صاحب الزمان عجّل اللّه فرجه قد ظهر،فاعتللت و قد خرجنا من فيل (1)فتعلّقت نفسي بشهوة السمك و التمر،فلمّا وردت المدينة و لقيت بها إخواننا و بشّروني بظهوره بصابر فصرت إلي صابر فلمّا أشرفت علي الوادي رأيت عنيزات عجافا،فدخلت القصر فوقفت أرقب الأمر إلي أن صلّيت العشاءين و أنا أدعو و أتضرّع و أسأل،فإذا أنا ببدر الخادم يصيح بي:يا عيسي ابن مهدي الجوهري أدخل،فكبّرت و هلّلت و أكثرت من حمد اللّه عزّ و جلّ و الثناء عليه،فلمّا صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة،فمرّ بي الخادم إليها فأجلسني عليها و قال لي:مولاك يأمرك أن تأكل ما اشتهيت في علّتك و أنت خارج من فيل.فقلت:حسبي بهذا برهانا فكيف آكل و لم أر سيدي و مولاي؟

فصاح:يا عيسي كل من طعامك فإنّك تراني فجلست علي المائدة فإذا عليها سمك حار يفور و تمر إلي جانبه أشبه التمور بتمرنا،و بجانب التمر لبن فقلت في نفسي عليل و سمك و تمر و لبن فصاح بي:يا عيسي أتشكّ في أمرنا فأنت أعلم بما ينفعك و يضرّك؟فبكيت و استغفرت اللّه تعالي و أكلت من الجميع،و كلّما رفعت يدي منه لم يتبيّن موضعها فيه فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا فأكلت منه كثيرا حتّي استحييت،فصاح بي لا تستحي يا عيسي فإنّه من طعام الجنّة لم تصنعه يد مخلوق، و أكلت فرأيت نفسي لا تنتهي عنه من أكله فقلت:يا مولاي حسبي.فصاح بي أقبل إليّ،فقلت في نفسي:آتي مولاي و لم أغسل يدي،فصاح بي يا عيسي و هل لما أكلت غمر؟فشممت يدي و إذا هي أعطر من المسك و الكافور،فدنوت منه فبدا لي نور غشّي بصري و رهبت حتّي ظننت أنّ عقلي قد اختلط،فقال عجّل اللّه فرجه:يا عيسي ما كان لك أن تراني لو لا المكذّبون القائلون:بأين هو؟ و متي كان؟و أين ولد؟و من رآه؟و ما الذي خرج إليكم منه؟و بأيّ شيء نبّأكم؟و أي معجز أتاكم؟

أما و اللّه لقد دفعوا أمير المؤمنين عليه السّلام مع ما رووه و قدّموا عليه و كادوه و قتلوه و كذلك آبائي، و لم يصدقوهم و نسبوهم إلي السحر و خدمة الجنّ إلي ما تبين،يا عيسي فخبّر أولياءنا ما رأيت و إيّاك أن تخبر عدوّنا فتسلبه،فقلت:يا مولاي أدع لي بالثبات،فقال:لو لم يثبّتك اللّه ما رأيتني،و امض بنجحك راشدا،فخرجت أكثر حمدا لله (2).

المعجزة الرابعة:في مدينة المعاجز:سئل محمد بن عبد الحميد البزاز و محمد بن يحيي و محمد بن ميمون الخراساني و حسين بن مسعود الفزاري عن جعفر الكذّاب و ما جري من أمره قبل غيبة سيّدنا أبي الحسن و أبي محمد صاحبي العسكري عليه السّلام،و بعد غيبة سيّدنا أبي محمّد عليه السّلام،و ما ادّعاه جعفر و ما ادّعي له.فحدّثوا أنّ سيّدنا أبا الحسن كان يقول:تجنّبوا ابني جعفرا فإنّه منّي بمنزلة4.

ص: 66


1- في البحار و الهداية و إثبات الهداة:فيد،و هي قلعة في طريق مكّة،و فيل هو باب في مسجد الكوفة.
2- الهداية الكبري:373،و إثبات الهداة:700/3 ح 138،البحار:69/52 ح 54.

نمرود من نوح الذي قال اللّه عزّ و جلّ فيه:قال نوح إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي قال اللّه يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ (1)و أنّ أبا محمد عليه السّلام كان يقول لنا:بعد أبي الحسن اللّه الله أن يظهر لكم أخي جعفر علي سرّ،فو اللّه ما مثلي و مثله إلاّ مثل هابيل و قابيل ابني آدم حيث حسد قابيل هابيل علي ما أعطاه من فضله فقتله،و لو تهيّأ لجعفر قتلي لفعل و لكنّ اللّه غالب علي أمره،و لقد عهدنا بجعفر و كلّ من في البلد و كل من في العسكر من الحاشية و الرجال و النساء و الخدم يشكون إلينا إذا وردنا أمر جعفر فيقولون:إنّه يلبس المضي من النساء (2)و يضرب له بالعيدان و يشرب الخمر و يبذل الدراهم و الخلع لمن في داره علي كتمان ذلك عليه،فيأخذون منه و لا يكتمون.

و إنّ الشيعة بعد أبي محمّد عليه السّلام أرادوا هجره و تركوا السلام عليه،و قالوا:لا تقية بيننا و بينه نتجمل به،و إن نحن لقيناه و سلّمنا عليه و دخلنا داره و ذكرناه نحن فنضل الناس فيه و عملوا علي ما يروننا نفعله فيكون ذلك من أهل النار،و إنّ جعفرا لمّا كان في ليلة وفاة أبي محمد ختم علي الخزائن و كلّ ما في الدار،و أصبح و لم يبق في الخزائن و لا في الدار إلاّ شيء يسير نزر و جماعة من الخدم و الإماء فقالوا:لا تضربنا فو الله لقد رأينا الأمتعة و الذخائر تحمل و توقر بها جمال في الشارع،و نحن لا نستطيع الكلام و لا الحركة إلي أن سارت الجمال و تغلّقت الأبواب كما كانت، فولّي جعفر علي رأسه أسفا علي ما أخرج من الدار و إنّه بقي يأكل ما كان له معه و يبيع حتّي لم يبق له قوت يوم،و كان له من الولد أربعة و عشرون ولدا،بنين و بنات و أمّهات أولاد،حشم و خدم و غلمان فبلغ به الفقر إلي أن أمر الجدّة و جدّة أمّ أبي محمد أن يجري عليه من مالها الدقيق و اللحم و الشعير لدوابه و كسوة أولاده و أمّهاتهم و حشمه و غلمانه و نفقاتهم،و لقد ظهرت منه أشياء أكثر ممّا وصفناه،و نسأل اللّه العصمة و العافية من البلاء في الدنيا و الآخرة (3).

المعجزة الخامسة:في البحار عن أحمد الدينوري السراج المكنّي بأبي العبّاس الملقّب بأستارة قال:انصرفت من أردبيل إلي دينور و أريد أن أحجّ،و ذلك بعد مضيّ أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام بسنة أو سنتين،و كان الناس في حيرة فاستبشر أهل دينور بموافاتي و اجتمع الشيعة عندي فقالوا:

اجتمع عندنا ستّة عشر ألف دينار من مال الموالي و نحتاج أن تحملها معك و تسلّمها بحيث يجب تسليمها.قال:فقلت:يا قوم هذه حيرة و لا نعرف الباب في هذا الوقت؟قال:فقالوا:إنّما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك و كرمك،فاعمل علي أن لا تخرجه من يديك إلاّ بحجّة.قال:

فحمل إليّ ذلك المال في صرر باسم رجل رجل،فحملت ذلك المال و خرجت،فلمّا وافيت قرميسين كان أحمد بن الحسن بن الحسن مقيما بها فصرت إليه مسلّما،فلمّا لقيني استبشر بي ثمّ2.

ص: 67


1- سورة هود،الآية:45-46.
2- في الهداية:يلبس المصنعات من ثياب النساء،و في مدينة المعاجز:المصبغات.
3- مدينة المعاجز:527/7،و الهداية الكبري للخصيبي:382.

أعطاني ألف دينار في كيس و تخوت ثياب ألوان معكمة لم أعرف ما فيها ثمّ قال لي:احمل هذا معك و لا تخرجه عن يدك إلاّ بحجّة.قال:فقبضت المال و التخوت بما فيها من الثياب،فلمّا وردت بغداد لم يكن لي همّة غير البحث عمّن أشير إليه بالنيابة فقيل لي:إنّ هاهنا رجلا يعرف بالباقطاني يدّعي النيابة و آخر يعرف بإسحاق الأحمر يدّعي النيابة و آخر يعرف بأبي جعفر العمري يدّعي النيابة.

قال:فبدأت بالباقطاني و صرت إليه فوجدته شيخا مهيبا له مروّة ظاهرة و فرس عربي و غلمان كثير،و يجتمع إليه الناس يتناظرون قال:فدخلت إليه و سلّمت عليه فرحّب و سرّ و قرّب قال:فأطلت القعود إلي أن أخرج أكثر الناس قال:فسألني عن ديني فعرّفته أنّي رجل من أهل دينور وافيت و معي شيء من المال أحتاج أن أسلّمه،فقال لي:احمله.قال:فقلت:أريد حجّة.قال:تعود إلي في غد.قال:فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجّة و عدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجّة.

قال:فصرت إلي إسحاق الأحمر فوجدته شابّا نظيفا منزله أكبر من منزل الباقطاني و فرسه و لباسه و مروته أسري و غلمانه أكثر من غلمانه و يجتمع عنده من الناس أكثر ممّا يجتمع عند الباقطاني قال:فدخلت و سلّمت فرحّب و قرّب،قال:فصبرت إلي أن خفّ الناس قال:فسألني عن حاجتي.

فقلت له كما قلت للباقطاني و عدت إليه ثلاثة أيّام فلم يأت بحجّة.قال:فصرت إلي أبي جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا عليه مبطنة بيضاء،قاعد علي لبد في بيت صغير ليس له غلمان و لا له من المروة و الفرس ما وجدت لغيره،قال:فسلّمت فردّ الجواب و أدناني و بسط منّي ثمّ سألني عن حالي فعرّفته أنّي وافيت من الجبل و حملت مالا،قال:فقال:إن أحببت أن يصل هذا الشيء إلي من يجب أن يصل إليه تخرج إلي سرّ من رأي و تسأل دار ابن الرضا عليه السّلام و عن فلان بن فلان الوكيل -و كانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها-فإنّك تجد هناك ما تريد.

قال:فخرجت من عنده و مضيت نحو سرّ من رأي فصرت إلي دار ابن الرضا عليه السّلام،و سألت عن الوكيل فذكر البوّاب أنّه مشتغل في الدار و أنّه يخرج آنفا،فقعدت علي الباب أنتظر خروجه فخرج بعد ساعة،فقمت و سلّمت عليه و أخذ بيدي إلي بيت كان له و سألني عن حالي و ما وردت له، فعرّفته أنّي حملت شيئا من المال من ناحية الجبل و أحتاج أن أسلّمه بحجّة.

قال:فقال:نعم،ثمّ قدّم إليّ طعاما و قال لي:تغدّ بهذا و استرح فإنّك تعبت فإنّ بيننا و بين الصلاة الاولي ساعة فإنّي أحمل إليك ما تريد.

قال:فأكلت و نمت فلمّا كان وقت الصلاة نهضت و صلّيت و ذهبت إلي المشرعة و اغتسلت و انصرفت إلي بيت الرجل و سكنت إلي أن مضي من الليل ربعه،فجاءني بعد أن مضي من الليل ربعه و معه درج فيه:بسم اللّه الرّحمن الرحيم وافي أحمد بن محمد الدينوري و حمل ستّة عشر ألف دينار في كذا و كذا صرّة فيها صرّة فلان بن فلان كذا و كذا دينار،إلي أن عدّد الصرر كلّها و صرّة فلان بن فلان الزراع ستّة عشر دينارا،قال:فوسوس لي الشيطان فقلت:إنّ سيّدي أعلم بهذا منّي فما زلت

ص: 68

أقرأ ما ذكره صرّة صرّة و ذكر صاحبها حتّي أتيت عليها عند آخرها،ثمّ ذكر:قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادرائي أخي الصوان كيس ألف دينار و كذا و كذا تختا من الثياب منها ثوب فلان و ثوب لونه كذا حتّي نسب الثياب إلي آخرها بأنسابها و ألوانها،قال:فحمدت اللّه و شكرته علي ما منّ به عليّ من إزالة الشكّ عن قلبي،فأمر بتسليم جميع ما حملت إلي حيث يأمرك أبو جعفر العمري.

قال:فانصرفت إلي بغداد و صرت إلي أبي جعفر العمري،قال:و كان خروجي و انصرافي في ثلاثة أيّام قال:فلمّا بصر بي أبو جعفر قال:لم لم تخرج؟فقلت:يا سيّدي من سرّ من رأي انصرفت،قال:فأنا أحدّث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة علي أبي جعفر العمري من مولانا صاحب الأمر و معها درج مثل الدرج الذي كان معي،فيه ذكر المال و الثياب و أمر أن يسلّم جميع ذلك إلي أبي جعفر محمّد بن أحمد بن جعفر بن القطان القمي،فلبس أبو جعفر العمري ثيابه و قال لي:

احمل ما معك إلي منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي.قال:فحملت المال و الثياب إلي منزل محمد بن أحمد بن القطان و سلّمتها إليه و خرجت إلي الحجّ،فلمّا رجعت إلي دينور اجتمع عندي الناس فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا عليه السّلام إليّ و قرأته علي القوم فلمّا سمع بذكر الصرّة باسم الزراع سقط مغشيا عليه،و ما زلنا نعلّله حتّي أفاق،فلمّا أفاق سجد شكرا للّه عزّ و جلّ و قال:الحمد للّه الذي منّ علينا بالهداية،الآن علمت أنّ الأرض لا تخلو من حجّة،هذه الصرّة دفعها إليّ هذا الزراع،لم يقف علي ذلك إلاّ اللّه عزّ و جلّ.

قال:فخرجت و لقيت بعد ذلك أبا الحسن المادرائي و عرّفته الخبر و قرأت عليه الدرج،فقال:

يا سبحان اللّه ما شككت في شيء فلا تشكّ في أنّ اللّه عزّ و جلّ لا يخلي أرضه من حجّة،اعلم أنّه لما عرك أذكوتكين يزيد بن عبد اللّه بشهرزور و ظفر ببلاده و احتوي علي خزائنه،صار إلي رجل و ذكر أن يزيد بن عبد اللّه جعل الفرس الفلاني و السيف الفلاني في باب مولانا،قال:فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد اللّه إلي أذكوتكين أولا فأوّلا و كنت أدافع بالفرس و السيف إلي أن لم يبق شيء غيرهما،و كنت أرجو أن أخلص ذلك لمولانا عليه السّلام،فلمّا اشتدّت مطالبة أذكوتكين إيّاي و لم يمكنّي مدافعته جعلت السيف و الفرس في نفسي ألف دينار و وزنتها و دفعتها إلي الخازن و قلت له:إرفع هذه الدنانير في أوثق مكان و لا تخرجنّ إليّ في حال من الأحوال و لو اشتدّت الحاجة إليها،و سلمت الفرس و السيف.

قال:فأنا قاعد في مجلسي بالري أبرم الامور و أوفي القصص و آمر و أنهي؛إذ دخل أبو الحسن الأسدي و كان يتعاهدني الوقت بعد الوقت و كنت أقضي حوائجه،فلمّا طال جلوسه و عليه بؤس كثير قلت له:ما حاجتك؟قال:أحتاج منك إلي خلوة فأمرت الخازن أن يهيّئ لنا مكانا من الخزانة،فدخلنا الخزانة فأخرج إليّ رقعة صغيرة من مولانا فيها:يا أحمد بن الحسن الألف دينار

ص: 69

التي عندك ثمن الفرس و السيف سلّمها إلي أبي الحسن الأسدي.قال:فخررت للّه ساجدا شكرا لما منّ به علي،و عرفت أنّه حجّة اللّه حقّا،لأنّه لم يكن وقف علي هذا أحد غيري،فأضفت إلي ذلك المال ثلاثة الآف دينار أخري سرورا بما منّ اللّه عليّ بهذا الأمر (1).

المعجزة السادسة:في البحار عن محمد بن أحمد الصفواني قال:رأيت القاسم بن العلا و قد عمّر مائة سنة و سبع عشرة سنة،منها ثمانون سنة صحيح العينين،لقي مولانا أبا الحسن و أبا محمد العسكريين و حجب بعد الثمانين و ردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام؛و ذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة ألوان من أرض أذربايجان و كان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عجّل اللّه فرجه علي يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري،و بعده علي يد أبي القاسم الحسين بن روح قدّس اللّه أرواحهما،فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فقلق رحمه اللّه لذلك،فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البوّاب مستبشرا فقال له:فيج العراق لا يسمّي بغيره،فاستبشر القاسم و حوّل وجهه إلي القبلة فسجد،و دخل كهل قصير يري أثر الفيوج عليه،و عليه جبّة مضربة و في رجله نعل محاملي و علي كتفه مخلاة،فقام القاسم فعانقه و وضع المخلاة عن عنقه و دعا بطست و ماء فغسل يده و أجلسه إلي جانبه،فأكلنا و غسلنا أيدينا،فقام الرجل فأخرج كتابا أفضل من نصف المدرج،فناوله القاسم فأخذه و قبّله و دفعه إلي كاتب له يقال له ابن أبي سلمة،فأخذه أبو عبد اللّه ففضّه و قرأه حتّي أحسّ القاسم بنكاية فقال:يا أبا عبد اللّه بخير؟فقال:خير،فقال:و يحك خرج فيّ شيء؟

فقال أبو عبد اللّه:ما تكره فلا.

قال القاسم:فما هو؟قال:نعي الشيخ إلي نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما و قد حمل إليه سبعة أثواب،فقال القاسم:في سلامة من ديني؟فقال:في سلامة من دينك،فضحك رحمه اللّه فقال:ما أؤمل بعد هذا العمر،فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر و حبرة يمانية حمراء و عمامة و ثوبين و منديلا،و كان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليه السّلام،و كان له صديق يقال له عبد الرّحمن بن محمد السنيزي و كان شديد النصب،و كان بينه و بين القاسم نضّر اللّه وجهه مودّة في أمور الدنيا شديدة،و كان القاسم يودّه و قد كان عبد الرّحمن وافي إلي الدار لإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني و بين ختنه ابن القاسم،فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه،أحدهما يقال له أبو حامد عمران المفلس و الآخر أبو علي بن جحدر أن أقرئا هذا الكتاب عبد الرّحمن بن محمد فإنّي أحبّ هدايته و أرجو أن يهديه اللّه بقراءة هذا الكتاب.فقال له:

اللّه الله اللّه فإنّ الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد الرّحمن بن محمد فقال:أنا أعلم أنّي مفش لسرّ لا يجوز لي إعلانه لكن من محبّتي لعبد الرّحمن بن محمد و شهوتي أن يهديه عزّ و جلّ لهذا الأمر هو ذا أقرئه الكتاب.9.

ص: 70


1- بطوله في محاسن البرقي:39/1،و بحار الأنوار:300/51 ح 19.

فلمّا مرّ ذلك اليوم و كان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب دخل عبد الرّحمن بن محمّد و سلّم عليه،فأخرج القاسم الكتاب فقال له:اقرأ هذا الكتاب و انظر لنفسك،فقرأ عبد الرّحمن الكتاب فلمّا بلغ إلي موضع النعي رمي الكتاب عن يده و قال للقاسم:يا أبا محمد اتق اللّه فإنّك رجل فاضل في دينك متمكّن من عقلك،و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ (1)و قال: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلي غَيْبِهِ أَحَداً (2)فضحك القاسم و قال:أتمّ الآية إِلاّ مَنِ ارْتَضي مِنْ رَسُولٍ و مولاي هو الرضا من الرسول، و قال:قد علمت أنّك تقول هذا و لكن أرّخ اليوم،فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرّخ في هذا الكتاب فاعلم أنّي لست علي شيء،و إن أنا متّ فانظر لنفسك،فأرّخ عبد الرّحمن اليوم و افترقوا.

و حمّ القاسم يوم السابع من ورود الكتاب و اشتدّت به في ذلك اليوم العلّة و استند في فراشه إلي الحائط،و كان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا علي شرب الخمر،و كان متزوّجا إلي أبي عبد اللّه بن حمدون الهمداني،و كان جالسا و رداؤه مستور علي وجهه في ناحية من الدار،و أبو حامد في ناحية،و أبو جعفر بن جحدر و أنا و جماعة من أهل البلد نبكي إذ اتّكي القاسم علي يديه إلي خلف و جعل يقول:يا محمد يا علي يا حسن يا حسين يا مواليّ كونوا شفعائي إلي اللّه عزّ و جلّ و قالها الثانية و قالها الثالثة فلمّا بلغ في الثالثة:يا موسي يا علي تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان،و انتفخت حدقته و جعل يمسح بكمّه عينيه و خرج من عينيه شبيه بماء اللحم ثمّ مدّ طرفه إلي ابنه فقال:يا حسن إليّ يا أبا حامد،إليّ يا أبا علي فاجتمعنا حوله و نظرنا إلي الحدقتين صحيحتين.

فقال له أبو حامد:تراني!و جعل يده علي كلّ واحد منّا و شاع الخبر في الناس و العامّة.و أتاه الناس من العوامّ ينظرون إليه و ركب القاضي إليه و هو أبو السبائب عتبة بن عبيد اللّه المسعودي و هو قاضي القضاة ببغداد،فدخل عليه فقال له:يا أبا محمد ما هذا الذي بيدي،و أراه خاتما فصّه فيروزج فقرّبه منه فقال:عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم رحمه اللّه فلم يمكنه قراءته و خرج الناس متعجّبين يتحدّثون بخبره،و التفت القاسم إلي ابنه الحسن فقال له:إنّ اللّه منزلك منزلة و مرتبك مرتبة فاقبلها بشكر.فقال له الحسن:يا أبه قد قبلتها.قال القاسم:علي ما ذا؟قال:علي ما تأمرني به يا أبه.قال:علي أن ترجع عمّا أنت عليه من شرب الخمر.

قال الحسن:يا أبه و حقّ من أنت في ذكره لأرجعن عن شرب الخمر و مع الخمر أشياء لا تعرفها،فرفع القاسم يده إلي السماء و قال:اللهمّ ألهم الحسن طاعتك و جنبه معصيتك،ثلاث مرّات،ثمّ دعا بدرج فكتب وصيّته بيده رحمه اللّه،و كانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه أبوه6.

ص: 71


1- سورة لقمان،الآية:34.
2- سورة الجنّ،الآية:26.

و كان فيما أوصي الحسن أن قال:يا بني إن أهّلت لهذا الأمر-يعني الوكالة لمولانا-فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة،و سائر ما أملك لمولاي،و إن لم تؤهل له فاطلب خيرك من حيث يتقبّل اللّه،و قبل الحسن وصيته علي ذلك،فلمّا كان في يوم الأربعين و قد طلع الفجر مات القاسم رحمه اللّه فوافاه عبد الرّحمن يعدو في الأسواق حافيا حاسرا و هو يقول:وا سيداه،فاستعظم الناس ذلك منه و جعل الناس يقولون:ما الذي تفعل بذلك فقال:اسكتوا فقد رأيت ما لم تروه، و تشيّع و رجع عمّا كان عليه و وقف الكثير من ضياعه و تولّي أبو علي بن جحدر غسل القاسم،و أبو حامد يصبّ عليه الماء و كفن في ثمانية أثواب،علي بدنه قميص مولاه أبي الحسن عليه السّلام و ما يليه السبعة الأثواب التي جاءته من العراق،فلمّا كان بعد مدّة يسيرة ورد كتاب تعزية علي الحسن مولانا في آخره دعاء:ألهمك اللّه طاعته و جنّبك معصيته،و هو الدعاء الذي كان دعا به أبوه و كان آخره:قد جعلنا أباك إماما لك و فعاله لك مثالا (1).

المعجزة السابعة:و فيه عن محمد بن الحسن الصيرفي المقيم بأرض بلخ:أردت الخروج إلي الحجّ و كان معي مال بعضه ذهب و بعضه فضّة،فجعلت ما كان معي من الذهب سبائك،و ما كان معي من فضّة نقرا،و كان قد دفع ذلك المال إليّ لاسلّمه إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح(قدس سره).قال:فلمّا نزلت سرخس ضربت خيمتي علي موضع فيه رمل،و جعلت أميز تلك السبائك و النقر،فسقطت سبيكة من تلك السبائك منّي و غاصت في الرمل و أنا لا أعلم.قال:فلمّا دخلت همدان ميّزت تلك السبائك و النقر مرّة أخري اهتماما منّي بحفظهما،ففقدت منها سبيكة وزنها مائة مثقال و ثلاثة مثاقيل أو قال:ثلاثة و تسعون مثقالا فسبكت مكانها من مالي بوزنها سبيكة و جعلتها بين السبائك.

فلمّا وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح قدّس اللّه روحه،و سلّمت إليه ما كان معي من السبائك و النقر فمدّ يده من بين السبائك إلي السبيكة التي كنت سبكتها من مالي بدلا ممّا ضاع منّي،فرمي بها إليّ و قال لي:ليست هذه السبيكة لنا،سبيكتنا ضيّعتها بسرخس حيث ضربت خيمتك في الرمل،فارجع إلي مكانك و انزل حيث نزلت و اطلب السبيكة هناك تحت الرمل فإنّك ستجدها و تعود إليّ هاهنا فلا تراني،فرجعت إلي سرخس و نزلت حيث كنت نزلت و وجدت السبيكة و انصرفت إلي بلدي فلمّا كان بعد ذلك حججت و معي السبيكة فدخلت مدينة السلام،و قد كان الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رحمه اللّه مضي،و لقيت أبا الحسن السمري رضي اللّه عنه فسلّمت إليه السبيكة (2).

المعجزة الثامنة:في البحار عن الحسين بن علي بن محمد القمّي المعروف بأبي علي البغدادي8.

ص: 72


1- بطوله في غيبة الشيخ:315،و بحار الأنوار:315/51 ح 37.
2- البحار:340/51 ح 68.

قال:كنت ببخاري فدفع إلي المعروف بابن جاوشير عشر سبائك ذهبا و أمرني أن أسلّمها بمدينة السلام إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح(قدس سره)،فحملتها معي فلمّا بلغت أموية ضاعت منّي سبيكة من تلك السبائك،و لم أعلم بذلك حتّي دخلت مدينة السلام،فأخرجت السبائك لاسلّمها فوجدتها ناقصة واحدة منها فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها و أضفتها إلي التسع سبائك، فدخلت علي أبي القاسم الروحي رحمه اللّه و وضعت السبائك بين يديه فقال لي:خذ تلك السبيكة التي اشتريتها و أشار إليها بيده،فإنّ السبيكة التي ضيّعتها قد وصلت إلينا و هو ذا هي،ثمّ أخرج إليّ تلك السبيكة التي كانت ضاعت منّي باموية فنظرت إليها و عرفتها.

فقال الحسين بن علي المزبور:و رأيت تلك السنة بمدينة السلام امرأة تسألني عن وكيل مولانا عجل اللّه فرجه من هو؟فأخبرها بعض القمّيين أنّه أبو القاسم الحسين بن روح رحمه اللّه،و أشار لها إليه فدخلت عليه و أنا عنده فقالت له:أيّها الشيخ أيّ شيء معي؟فقال:ما معك فألقيه في دجلة،ثمّ ائتني حتّي أخبرك فذهبت المرأة و حملت ما كان معها فألقته في دجلة ثمّ رجعت،و دخلت إلي أبي القاسم الروحي رحمه اللّه فقال أبو القاسم لمملوكة له:أخرجي إليّ الحقّة،فأخرجت إليه حقّة فقال للمرأة:هذه الحقّة التي كانت معك و رميت بها في دجلة أخبرك بما فيها أو تخبرين؟فقالت له:بل أخبرني.فقال:في هذه الحقّة زوج سوار ذهب و حلقة كبيرة فيها جوهر و حلقتان صغيرتان فيهما جوهر و خاتمان أحدهما فيروزج و الآخر عقيق،و كان الأمر كما ذكر لم يغادر منه شيئا،ثمّ فتح الحقّة فعرض عليّ ما فيها و نظرت المرأة إليه فقالت:هذا الذي حملته بعينه و رميت به في دجلة، فغشي عليّ و علي المرأة فرحا بما شاهدناه من صدق الدلالة.

قال الحسين لي بعد ما حدّثني بهذا الحديث:أشهد باللّه تعالي أنّ هذا الحديث كما ذكرته لم أزد فيه و لم أنقص منه،و حلف بالأئمّة الاثني عشر عليهم السّلام لقد صدق فيما حدّث به ما زاد فيه و لا نقص منه (1).

المعجزة التاسعة:في البحار عن أحمد بن فارس عن بعض إخوانه:أنّ بهمدان ناسا يعرفون ببني راشد و هم كلّهم يتشيّعون،و مذهبهم مذهب أهل الإمامة،فسألت عن سبب تشيّعهم من بين أهل همدان،فقال لي شيخ منهم رأيت فيه صلاحا و سمتا:إنّ سبب ذلك أنّ جدّنا الذي ننسب إليه خرج حاجّا فقال أنّه لما صدر من الحج و ساروا منازل في البادية قال:فنشطت في النزول و المشي فمشيت طويلا حتّي أعييت و تعبت،و قلت في نفسي:أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت.

قال:فما انتبهت إلاّ بحرّ الشمس،فلم أر أحدا فتوحّشت،و لم أر طريقا و لا أثرا فتوكّلت علي اللّه عزّ و جلّ و قلت أسير حيث وجّهني،و مشيت غير طويل فوقعت في أرض خضراء نضرة كأنّها9.

ص: 73


1- كمال الدين:518،و البحار:342/51 ح 69.

قريبة عهد بغيث،و إذا تربتها أطيب تربة و نظرت في سواء (1)تلك الأرض إلي قصر يلوح كأنّه سيف فقلت:يا ليت شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده و لم أسمع به،فقصدته فلمّا بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين،فسلّمت عليهما فردّا عليّ ردّا جميلا فقالا:اجلس فقد أراد اللّه بك خيرا،و قام أحدهما فدخل و احتبس غير بعيد ثمّ خرج فقال:قم فادخل،فدخلت قصرا لم أر بناء أحسن من بنائه و لا أضوأ منه،و تقدّم الخادم إلي ستر علي بيت فرفعه ثمّ قال لي:ادخل فدخلت البيت فإذا فتي جالس في وسط البيت و قد علّق علي رأسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته تمسّ رأسه،و الفتي بدر يلوح في ظلام فسلّمت فردّ السلام بألطف الكلام و أحسنه ثمّ قال لي:أتدري من أنا؟فقلت:لا و الله.

فقال:أنا القائم من آل محمّد أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف-و أشار إليه-فأملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما،فسقطت علي وجهي و تعفّرت فقال:لا تفعل،ارفع رأسك،أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها همدان.قلت:صدقت يا سيدي و مولاي.قال:فتحبّ أن تؤوب إلي أهلك؟قلت:نعم يا سيدي و أبشّرهم بما أتاح اللّه عزّ و جلّ لي.فأومي إلي الخادم فأخذ بيدي و ناولني صرّة و خرج و مشي معي خطوات،فنظرت إلي أطلال و أشجار و منارة مسجد فقال:أتعرف هذا البلد؟قلت:إنّ بقرب بلدنا بلدة تعرف باستاباد و هي تشبهها.قال:فقال هذه استاباد،امض راشدا،فالتفتّ فلم أره و دخلت استاباد و إذا في الصرّة أربعون أو خمسون دينارا، فوردت همدان و جمعت أهلي و بشّرتهم بما أتاح اللّه لي و يسّره عزّ و جلّ،و لم نزل بخير ما بقي معنا من تلك الدنانير (2).

قال الشيخ الحائري:استاباد هي التي تعرف اليوم بأسدآباد و هي قريب من همدان و بينهما عقبة كؤود،و سمعت أنّ قبر هذا الرجل بأسدآباد معروف و اللّه تعالي العالم.

المعجزة العاشرة:في البحار:لمّا كانت بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج جعلوا و اليها رجلا من المسلمين ليكون أدعي إلي تعميرها و أصلح بحالها،و كان هذا الوالي من النواصب و له وزير أشدّ نصبا منه،يظهر العداوة لأهل البحرين لحبّهم لأهل البيت عليهم السّلام،و يحتال في إهلاكهم و إضرارهم بكل حيلة،فلمّا كان في بعض الأيام دخل الوزير علي الوالي و بيده رمّانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوبا عليها:لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه أبو بكر و عثمان و عمر و علي خلفاء رسول اللّه،فتأمّل الوالي و رأي الكتابة من أصل الرمّانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون صناعة بشر فتعجّب من ذلك و قال للوزير:هذه آية بيّنة و حجّة قويّة علي إبطال مذهب الرافضة،فما رأيك في أهل البحرين؟

فقال له:أصلحك اللّه إنّ هؤلاء جماعة متعصّبون ينكرون البراهين،و ينبغي لك أن تحضرهم0.

ص: 74


1- سواء تلك الأرض:أي وسطها.
2- الثاقب في المناقب:606،و البحار:41/52 ح 30.

و تريهم هذه الرمّانة فإن قبلوا و رجعوا إلي مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك،و إن أبوا إلاّ المقام علي ضلالتهم فخيّرهم بين ثلاث:إمّا أن يؤدّوا الجزية و هم صاغرون،أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البيّنة التي لا محيص لهم عنها،أو تقتل رجالهم و تسبي نساءهم و أولادهم و تأخذ الغنيمة.

فاستحسن الوالي رأيه و أرسل إلي العلماء و الأفاضل الأخيار و النجباء و السادة الأبرار من أهل البحرين،و أحضرهم و أراهم الرمّانة و أخبرهم بما رأي فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف من القتل و الأسر و أخذ الأموال و أخذ الجزية علي وجه الصغار كالكفّار،فتحيّروا في أمرها و لم يقدروا علي جواب و تغيّرت وجوههم فارتعدت فرائصهم فقال كبراؤهم:أمهلنا أيّها الأمير ثلاثة أيّام لعلّنا نأتيك بجواب ترتضيه و إلاّ فاحكم فينا ما شئت،فأمهلهم فخرجوا من عنده خاشعين مرعوبين متحيّرين، فاجتمعوا في مجلس و أجالوا الرأي في ذلك فاتفق رأيهم علي أن يختاروا من صلحاء البحرين و زهّادهم عشرة،ففعلوا ثمّ اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم:خرج الليلة إلي الصحراء و اعبد اللّه فيها و استغث بإمام زماننا و حجّة اللّه علينا لعلّه يبيّن لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء، فخرج و بات طول ليلته متعبّدا خاشعا داعيا باكيا يدعو اللّه و يستغيث بالإمام عجّل اللّه فرجه حتّي أصبح و لم ير شيئا،فأتاهم و أخبرهم.فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم،فرجع كصاحبه و لم يأتهم بخبر.

فازداد قلقهم و جزعهم فأحضروا الثالث و كان تقيّا فاضلا اسمه محمد بن عيسي فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسر الرأس إلي الصحراء،و كانت ليلة مظلمة فدعا و بكي و توسّل إلي اللّه تعالي في خلاص هؤلاء المؤمنين و كشف هذه البلية عنهم،و استغاث بصاحب الزمان،فلمّا كان آخر الليل إذا هو برجل يخاطبه و يقول:يا محمّد بن عيسي ما لي أراك علي هذه الحالة و لما ذا خرجت إلي هذه البرية؟فقال له:أيّها الرجل دعني فإنّي خرجت لأمر عظيم و خطب جسيم لا أذكره إلاّ لإمامي و لا أشكوه إلاّ إلي من يقدر علي كشفه عنّي.فقال عجل اللّه فرجه:يا محمّد بن عيسي أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك؟فقال:إن كنت هو فأنت تعلم قصّتي و لا تحتاج إلي أن أشرحها لك.فقال:نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمّانة و ما كتب عليها و ما أوعدكم الأمير به.

قال:فلمّا سمعت ذلك منه توجّهت إليه و قلت له:نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا و أنت إمامنا و ملاذنا و القادر علي كشفه عنّا،فقال صلوات اللّه عليه:يا محمّد بن عيسي إنّ الوزير لعنه اللّه في داره شجرة رمّان فلمّا حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين علي هيئة الرمّانة و جعلها نصفين و كتب في داخل كلّ نصف بعض تلك الكتابة ثمّ وضعهما علي الرمّانة و شدّها عليها و هي صغيرة فأثّر فيها و صارت هكذا،فإذا مضيتم غدا إلي الوالي فقل له جئتك بالجواب و لكنّي لا أبديه إلاّ في دار الوزير،فإذا مضيتم إلي داره فانظر عن يمينك تري فيها غرفة فقل للوالي:لا أجيبك إلاّ في تلك الغرفة،و سيأبي الوزير عن ذلك و أنت بالغ في ذلك و لا ترض إلاّ بصعودها فإذا صعد فاصعد معه

ص: 75

و لا تتركه وحده يتقدّم عليك،فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض فانهض إليه و خذه،و تري فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة،ثمّ ضعها أمام الوالي وضع الرمّانة فيها لينكشف له جلية الحال.

و أيضا يا محمّد بن عيسي قل للوالي:إنّ لنا معجزة أخري و هي أنّ هذه الرمّانة ليس فيها إلاّ الرماد و الدخان و إن أردت صحّة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد و الدخان علي وجهه و لحيته،فلمّا سمع محمد بن عيسي ذلك من الإمام فرح فرحا شديدا و قبّل يدي الإمام صلوات اللّه عليه،و انصرف إلي أهله بالبشارة و السرور،فلمّا أصبحوا مضوا إلي الوالي ففعل محمد بن عيسي كلّ ما أمره الإمام عجّل اللّه فرجه و ظهر كلّ ما أخبره فالتفت الوالي إلي محمد بن عيسي و قال:من أخبرك بهذا؟فقال:إمام زماننا و حجّة اللّه علينا.فقال:و من إمامكم؟فأخبره بالأئمّة عليهم السّلام واحدا بعد واحد إلي أن انتهي إلي صاحب الأمر صلوات اللّه عليهم.

فقال الوالي:مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله و أنّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي عليه السّلام،ثمّ أقرّ بالأئمّة إلي آخرهم عليهم السّلام و حسن إيمانه و أمر بقتل الوزير و اعتذر إلي أهل البحرين و أحسن إليهم و أكرمهم،قال من قال:و هذه القصّة مشهورة عند أهل البحرين،و قبر محمّد بن عيسي عندهم معروف يزوره الناس (1).

المعجزة الحادية عشرة:في البحار:عن أبي الحسن بن أبي البغل الكاتب قال:تقلّدت عملا من أبي منصور بن صالحان،و جري بيني و بينه ما أوجب استتاري فطلبني و أخافني فمكثت مستترا خائفا،ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة و اعتمدت المبيت هناك للدعاء و المسألة و كانت ليلة ريح و مطر فسألت أبا جعفر القيم أن يغلق الأبواب،و أن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما أريده من الدعاء و المسألة،و آمن من دخول إنسان لم آمنه و خفت من لقائي له،ففعل و قفل الأبواب و انتصف الليل و ورد من الريح و المطر ما قطع الناس عن الموضع،و مكثت أدعو و أزور و أصلّي.

فبينا أنا كذلك إذ سمعت وطئا عند مولانا موسي عليه السّلام و إذا برجل يزور فسلّم علي آدم و أولي العزم ثمّ الأئمّة عليهم السّلام واحدا بعد واحد إلي أن انتهي إلي صاحب الزمان عجل اللّه فرجه فلم يذكره، فعجبت من ذلك و قلت:لعلّه نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل،فلمّا فرغ من زيارته صلّي ركعتين و أقبل إلي عند مولانا أبي جعفر عليه السّلام فزار مثل تلك الزيارة و ذلك السلام و صلّي ركعتين،و أنا خائف منه إذ لم أعرفه،و رأيته شابّا تامّا من الرجال،عليه ثياب بيض و عمامة محنك و ذؤابة،و رداء علي كتفه مسبل فقال:يا أبا الحسن بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج؟فقلت:

و ما هو يا سيّدي؟1.

ص: 76


1- بطوله في بحار الأنوار:180/52-181.

فقال:تصلّي ركعتين و تقول:يا من أظهر الجميل و ستر القبيح يا من لم يؤاخذ بالجريرة و لم يهتك الستر يا كريم الصفح يا عظيم المنّ يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا منتهي كلّ نجوي و يا غاية كلّ شكوي يا عون كل مستعين يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها يا ربّاه، عشر مرّات،يا سيّداه،عشر مرّات،يا مولاه،عشر مرّات،يا غايتاه،عشر مرّات،يا منتهي غاية رغبتاه،عشر مرّات،أسألك بحقّ هذه الأسماء و بحقّ محمّد و آله الطاهرين إلاّ ما كشفت كربي و نفّست همّي و فرّجت غمّي و أصلحت حالي،و تدعو بعد ذلك ما شئت و تسأل حاجتك ثمّ تضع خدّك الأيمن علي الأرض و تقول مائة مرّة في سجودك:يا محمّد يا علي يا علي يا محمّد اكفياني فإنّكما كافياي و انصراني فانّكما ناصراي،و تضع خدّك الأيسر علي الأرض و تقول مائة مرّة:

أدركني،و تكرّرها كثيرا و تقول:الغوث الغوث الغوث،حتّي ينقطع النفس،و ترفع رأسك فإنّ اللّه بكرمه يقضي حاجتك إن شاء اللّه.

فلمّا شغلت بالصلاة و الدعاء خرج فلمّا فرغت خرجت إلي أبي جعفر لأسأله عن الرجل و كيف دخل فرأيت الأبواب علي حالها مغلقة مقفلة،فعجبت من ذلك و قلت لعلّه باب هاهنا و لم أعلم فانتهيت إلي أبي جعفر القيّم،فخرج إلي عندي من بيت الزيت فسألته عن الرجل و دخوله،فقال:

الأبواب مقفلة كما تري و ما فتحتها،فحدّثته بالحديث فقال:هذا مولانا صاحب الزمان،و قد شاهدته مرارا في مثل هذه الليلة عند خلوّها من الناس،فتأسّفت علي ما فاتني منه،و خرجت عند قرب الفجر و قصدت الكرخ إلي الموضع الذي كنت مستترا فيه،فما أضحي النهار إلاّ و أصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي و يسألون عنّي أصدقائي،و معهم أمان من الوزير و رقعة بخطّه فيها كلّ جميل فحضرته مع ثقة من أصدقائي عنده،فقام و التزمني و عاملني بما لم أعهده منه،و قال:انتهت بك الحال إلي أن تشكوني إلي صاحب الزمان صلوات اللّه عليه.

فقلت:قد كان منّي دعاء و مسألة.فقال:ويحك رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان صلوات اللّه عليه في النوم،يعني ليلة الجمعة-و هو يأمرني بكلّ جميل و يجفو علي في ذلك جفوة خفتها فقلت:لا إله إلاّ اللّه أشهد أنّهم الحق و منتهي الحقّ،رأيت البارحة مولانا في اليقظة و قال لي كذا و كذا و شرحت ما رأيته في المشهد فعجب من ذلك و جرت منه أمور عظام حسان في هذا المعني، و بلغت منه غاية ما لم أظنّه ببركة مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه و سلّم (1).

المعجزة الثانية عشرة:في مهج الدعوات عن محمّد بن علي العلوي الحسيني و كان يسكن بمصر قال:دهمني أمر عظيم و همّ شديد من قبل صاحب مصر،و خشيته علي نفسي و كان قد سعي بي إلي أحمد بن طولون،فخرجت من مصر حاجّا و سرت من الحجاز إلي العراق،فقصدت مشهد مولاي الحسين بن علي عليه السّلام عائذا به و لائذا بقبره و مستجيرا به من سطوة من كنت أخافه،فأقمت9.

ص: 77


1- البحار:305/51 ح 19.

في الحائر خمسة عشر يوما أدعو و أتضرّع ليلي و نهاري،فتراءي لي قيّم الزمان و ولي الرّحمن و أنا بين النائم و اليقظان،فقال لي:يقول لك الحسين يا بني خفت فلانا؟فقلت:نعم،أراد هلاكي فلجأت إلي سيّدي أشكو إليه عظيم ما أراد بي،فقال:هلاّ دعوت اللّه ربّك و ربّ آبائك بالأدعية التي دعا بها من سلف من الأنبياء،فقد كانوا في شدّة فكشف اللّه عنهم ذلك.قلت:و ما ذا أدعوه؟فقال:

إذا كان ليلة الجمعة فاغتسل و صلّ صلاة الليل،فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء و أنت بارك علي ركبتيك،فذكر لي دعاء.

قال:و رأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني و أنا بين النائم و اليقظان قال:و كان يأتيني خمس ليال متواليات يكرّر عليّ هذا القول و الدعاء حتّي حفظته،و انقطع عنّي مجيئه ليلة الجمعة،فاغتسلت و غيّرت ثيابي و تطيّبت و صلّيت صلاة الليل و سجدت سجدة الشكر،و جثوت علي ركبتي و دعوت اللّه جلّ و تعالي بهذا الدعاء،فأتاني ليلة السبت فقال:قد أجيبت دعوتك يا محمّد و قتل عدوّك عند فراغك من الدعاء عند من و شي بك إليه،فلمّا أصبحت ودّعت سيّدي و خرجت متوجّها إلي مصر، فلمّا بلغت الأردن و أنا متوجّه إلي مصر رأيت رجلا من جيراني بمصر و كان مؤمنا،فحدّثني أنّ خصمي قبض عليه أحمد بن طولون فأمر به فأصبح مذبوحا من قفاه قال:و ذلك في ليلة الجمعة و أمر به فطرح في النيل،و كان ذلك فيما أخبرني جماعة من أهلنا و إخواننا الشيعة أنّ ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي عليه السّلام (1).

المعجزة الثالثة عشرة:في البحار:أنّ الحسن بن نضر و أبا صدام و جماعة تكلّموا بعد مضيّ أبي محمّد عليه السّلام فيما في أيدي الوكلاء،و أرادوا الفحص فجاء الحسن بن نضر إلي أبي صدام فقال:

إنّي أريد الحجّ،فقال أبو صدام:أخّره هذه السنة،فقال له الحسن:إنّي أفزع في المنام و لا بدّ من الخروج،و أوصي إلي أحمد بن يعلي بن حمدان و أوصي للناحية بمال،و أمره أن لا يخرج شيئا من يده إلي يد غيره بعد ظهوره،فقال الحسن:لمّا وافيت بغداد اكتريت دارا فنزلتها فجاءني أحد الوكلاء بثياب و دنانير و خلّفها عندي فقلت له:ما هذا؟

قال:هو ما تري،ثمّ جاءني آخر بمثلها و آخر حتّي كبسوا الدار ثمّ جاءني أحمد بن إسحاق بجميع ما كان معه فتعجّبت و بقيت متفكّرا فوردت علي رقعة الرجل:إذا مضي من النهار كذا و كذا فاحمل ما معك،فرحلت و حملت ما معي،و في الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستّين رجلا فاجتزت عليه و سلّمني اللّه منه،فوافيت العسكر و نزلت فوردت عليّ رقعة أن احمل ما معك فصببته في صنان الحمّالين،فلمّا بلغت الدهليز فإذا فيه أسود قائم فقال:أنت الحسن بن النضر؟فقلت:

نعم.قال:أدخل،فدخلت الدار و دخلت بيتا و فرغت ما في صنان الحمّالين،فإذا في زاوية البيت خبز كثير فأعطي كلّ واحد من الحمّالين رغيفين و أخرجوا،و إذا بيت علي ستر فنوديت منه:يا حسن9.

ص: 78


1- مهج الدعوات:279.

بن النضر احمد اللّه علي ما منّ به عليك و لا تشكّنّ،فودّ الشيطان أنّك شككت.و أخرج إليّ ثوبين و قيل لي:خذهما فتحتاج إليهما،فأخذتهما.قال سعد بن عبد اللّه راوي الحديث:فانصرف الحسن بن النضر و مات في شهر رمضان و كفّن في الثوبين (1).

المعجزة الرابعة عشرة:في العوالم عن إكمال الدين عن محمد بن عيسي بن أحمد الزوجي قال:رأيت بسر من رأي رجلا شابّا في المسجد المعروف بمسجد زيد،و ذكر أنّه هاشمي من ولد موسي بن عيسي فلمّا كلّمني صاح بجارية و قال:يا غزال و يا زلال،فإذا أنا بجارية مسنّة فقال لها:

يا جارية حدّثي مولاك بحديث الميل و المولود.فقالت:كان لنا طفل وجع فقالت لي مولاتي أدخلي إلي دار الحسن بن علي عليه السّلام فقولي لحكيمة تعطينا شيئا نستشفي به مولودنا،فدخلت عليها و سألتها ذلك فقالت حكيمة:ائتوني بالميل الذي كحل به المولود الذي ولد البارحة-يعني ابن الحسن بن علي-فأتيت بالميل فدفعته إليّ و حملته إلي مولاتي فكحلت به المولود فعوفي و بقي عندنا،و كنّا نستشفي به ثمّ فقدناه (2).

المعجزة الخامسة عشرة:في البحار عن الخرائج عن أحمد بن أبي روح قال:وجّهت إلي امرأة من دينور فأتيتها فقالت:يا بن أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا دينا و ورعا،و إنّي أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤدّيها و تقوم بها،فقلت:أفعل إن شاء اللّه،فقالت:هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحلّه و لا تنظر فيه حتّي تؤديه إلي من يخبرك بما فيه،و هذا قرطي يساوي عشرة دنانير،و فيه ثلاث حبّات تساوي عشرة دنانير،ولي إلي صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها،فقلت:و ما الحاجة؟قالت:عشرة دنانير استقرضتها أمّي في عرس،و لا أدري ممّن استقرضتها،و لا أدري إلي من أدفعها،قالت:إن أخبرك بها فادفعها إلي من يأمرك بها.

قال:[فقلت في نفسي:]و كيف أقول لجعفر بن علي؟

فقلت:هذه المحنة بيني و بين جعفر بن علي،فحملت المال و خرجت حتّي دخلت بغداد، فأتيت حاجز بن يزيد الوشا فسلّمت عليه و جلست قال:ألك حاجة؟قلت:هذا مال دفع إلي لا أدفعه إليك حتّي تخبرني كم هو و من دفعه إلي فإن أخبرتني دفعته إليك.

قال:يا أحمد بن أبي روح توجّه به إلي سرّ من رأي،فقلت:لا إله إلاّ اللّه لهذا أجلّ شيء أردته،فخرجت و وافيت سرّ من رأي فقلت أبدا بجعفر،ثمّ تنكّرت فقلت:أبدا بهم فإن كانت المحنة من عندهم و إلاّ مضيت إلي جعفر،فدنوت من دار أبي محمّد فخرج إلي خادم فقال:أنت أحمد بن أبي روح؟قلت:نعم.

قال:هذه الرقعة اقرأها فإذا فيها مكتوب:بسم اللّه الرّحمن الرحيم يا بن أبي روح أودعتك1.

ص: 79


1- البحار:308/51 ح 25.
2- كمال الدين:517 ح 46 باب 45،و البحار:343/51 ح 1.

عاتكة بنت الدنياري كيسا فيه ألف درهم بزعمك،و هو خلاف ما تظنّ و قد أدّيت فيه الأمانة و لم تفتح الكيس و لم تدر ما فيه،و فيه ألف درهم و خمسون دينارا و معك قرط زعمت المرأة أنّه يساوي عشرة دنانير صدقت مع الفصّين اللذين فيه،و فيه ثلاث حبّات لؤلؤا شراؤها عشرة دنانير و يساوي أكثر،فادفع ذلك إلي خادمتنا فلانة فإنّا قد وهبناه لها،و صر إلي بغداد و ادفع المال إلي الحاجز و خذ منه ما يعطيك لنفقتك إلي منزلك،و أمّا عشرة الدنانير التي زعمت أن أمّها استقرضتها في عرسها و هي لا تدري من صاحبها،بل هي تعلم لمن،هي لكلثوم بنت أحمد و هي ناصبية،فتحرّجت أن تعطيها و أحبّت أن تقسّمها في أخواتها،فاستأذنتنا في ذلك فلتفرّقها في ضعفاء أخواتها،و لا تعودنّ يا بن أبي روح إلي القول بجعفر و المحنة له،و ارجع إلي منزلك فإنّ عمّك قد مات،و قد رزقك اللّه أهله و ماله،فرجعت إلي بغداد و ناولت الكيس حاجزا،فوزنه فإذا فيه ألف درهم و خمسون دينارا فتاولني ثلاثين دينارا و قال:أمرت بدفعها إليك لنفقتك،فأخذتها و انصرفت إلي الموضع الذي نزلت فيه،و قد جاءني من يخبرني أنّ عمّي قد مات و أهلي يأمروني بالانصراف إليهم،فرجعت فإذا هو قد مات و ورثت منه ثلاثة آلاف دينار و مائة ألف درهم (1).

المعجزة السادسة عشرة:فيه:عن رجل من أهل استراباد قال:صرت إلي العسكر و معي ثلاثون دينارا في خرقة،منها دينار شامي فوافيت الباب،و إنّي لقاعد إذ خرج إليّ جارية أو غلام- الشكّ من الراوي-قال:هات ما معك؟قلت:ما معي شيء،فدخل ثمّ خرج و قال:معك ثلاثون دينارا في خرقة خضراء منها دينار شامي،و خاتم كنت نسيته،فأوصلته و أخذت الخاتم (2).

المعجزة السابعة عشرة:في الإرشاد عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار:شككت عند مضي أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام،و اجتمع عند أبي مال جليل فحمله و ركبت السفينة معه مشيّعا له، فوعك وعكا شديدا فقال:يا بني ردّني فهو الموت و قال لي:اتق اللّه في هذا المال،و أوصي إلي و مات بعد ثلاثة أيّام فقلت في نفسي:لم يكن أبي يوصي بشيء غير صحيح،أحمل هذا المال إلي العراق و أكتري دارا علي الشط و لا أخبر أحدا بشيء،فإن وضح لي شيء كوضوحه في أيّام أبي محمد أنفذته،و إلاّ أنفقه في ملاذّي و شهواتي،فقدمت العراق و اكتريت دارا علي الشط،و بقيت أيّاما فإذا أنا برقعة مع رسول فيها:يا محمّد معك كذا و كذا،حتّي قصّ عليّ جميع ما معي،و ذكر في جملته شيئا لم أحط به علما فسلّمته إلي الرسول و بقيت أيّاما لا أرفع لي رأسا فاغتممت فخرج إلي:قد أقمناك مقام أبيك فاحمد اللّه (3).

المعجزة الثامنة عشرة:فيه:عن محمد بن عبد اللّه السياري قال:أوصلت أشياء للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهب فقبلت و ردّ علي السوار،و أمرت بكسره فكسرته فإذا في وسطه مثاقيل حديدم.

ص: 80


1- البحار:296/51 ح 11.
2- البحار:294/51 ح 6.
3- الإرشاد:355/2 باب طرف من دلائل صاحب الزمان عليه السّلام.

و نحاس و صفر،فأخرجته فأنفذت الذهب بعد ذلك فقبل (1).

المعجزة التاسعة عشرة:فيه:عن علي بن محمّد:أوصل رجل من أهل السواد مالا فردّ عليه و قيل له:أخرج حقّ ولد عمّك منه و هو أربعمائة درهم،و كان الرجل في يده ضيعة لولد عمّه فيها شركة قد حبسها عنهم،فنظر فإذا الذي لولد عمّه من ذلك المال أربعمائة درهم فأخرجها و أنفذ الباقي فقبل (2).

المعجزة العشرون:فيه:عن أبي عبد اللّه بن صالح:خرجت سنة من السنين إلي بغداد، فاستأذنت في الخروج فلم يؤذن لي،فأقمت اثنين و عشرين يوما بعد خروج القافلة إلي النهروان،ثمّ أذن لي بالخروج يوم الأربعاء و قيل لي:أخرج فيه،فخرجت و أنا آيس من القافلة بأن ألحقها، فوافيت النهروان و القافلة مقيمة،فما كان إلاّ أن علفت جملي حتّي رحلت القافلة فرحلت و قد دعي لي بالسلامة فلم ألق سوءا و الحمد لله (3).

المعجزة الحادية و العشرون:فيه:عن محمد بن يوسف الشاشي قال:خرج بي ناسور فأريته الأطبّاء و أنفقت عليه مالا فلم يصنع الدواء فيه شيئا،فكتبت رقعة أسأل الدعاء فوقع إلي:ألبسك اللّه العافية،و جعلك معنا في الدنيا و الآخرة،فما أتت علي جمعة حتّي عوفيت،و صار الموضع مثل راحتي فدعوت طبيبا من أصحابنا و أريته إيّاه فقال:ما عرفنا لهذا دواء و ما جاءتك العافية إلاّ من قبل اللّه بغير احتساب (4).

المعجزة الثانية و العشرون:فيه:عن حسن بن الفضل،قال:وردت العراق و عملت علي أن لا أخرج إلاّ عن بيّنة من أمري،و نجاح من حوائجي،و لو احتجت أن أقيم بها حتّي أتصدّق.قال:

و في خلال ذلك تضيّق صدري بالمقام و أخاف أن يفوتني الحجّ قال:فجئت يوما إلي محمد بن أحمد -و كان السفير يومئذ-أتقاضاه فقال لي:سر إلي مسجد كذا و كذا فإنّه يلقاك رجل.قال:فصرت إليه فدخل عليّ رجل،فلمّا نظر إلي ضحك و قال لي:لا تغتمّ فإنّك ستحجّ في هذه السنة،و تنصرف إلي أهلك و ولدك سالما،فاطمأننت و سكن قلبي و قال:هذا مصداق ذلك.

قال:ثمّ وردت العسكر فخرجت إليّ صرّة فيها دنانير و ثوب،فاغتممت و قلت في نفسي:

جري عند القوم هذا و استعملت الجهل فرددتها،ثمّ ندمت بعد ذلك ندامة شديدة و قلت في نفسي:

كفرت بردّي علي مولاي،و كتبت رقعة أعتذر من فعلي و أبوء بالإثم و أستغفر من زللي،و أنفذتها و قمت أ تطهّر للصلاة،و أنا إذ ذاك أفكّر في نفسي و أقول:إن ردّت علي الدنانير لم أحلل شدّها، و لم أحدث فيها شيئا حتّي أحملها إلي أبي فإنّه أعلم منّي،فخرج إليّ الرسول الذي حمل الصرّة و قال لي:أقبل أسأت إذ لم تعلم الرجل،إنّا ربّما فعلنا ذلك بموالينا ابتداء،و ربّما سألونا ذلكه.

ص: 81


1- الإرشاد:356/2.
2- الإرشاد:356/2.
3- الإرشاد:357/2.
4- المصدر نفسه.

يتبرّكون به،و خرج إليّ:أخطأت في ردّك برّنا،فإذ استغفرت اللّه فاللّه تعالي يغفر لك،و إذا كانت عزيمتك و عقد نيّتك فيما حملناه إليك ألاّ تحدث فيه حدثا إذا رددناه إليك و لا تنتفع به في طريقك فقد صرفنا عنك،و أمّا الثوب فخذه لتحرم فيه،قال:و كتبت في معينين و أردت أن أكتب في الثالث، فامتنعت منه مخافة أن يكره ذلك،فورد الجواب:المعينين و الثالث الذي طويت مفسّرا و الحمد لله.

قال:كنت وافقت جعفر بن إبراهيم النيشابوري بنيشابور علي أن أركب معه إلي الحجّ و أزامله،فلمّا وافيت بغداد بدا لي و ذهبت أطلب عديلا فلقيني ابن الوجناء،و كنت قد صرت إليه و سألته أن يكتري لي فوجدته كارها،فلمّا لقيني قال لي:أنا في طلبك،و قد قيل:إنّه يصحبك فأحسن عشرته و اطلب له عديلا و اكتر له (1).

المعجزة الثالثة و العشرون:فيه:عن الحسن بن عبد الحميد:شككت في أمر حاجز فجمعت شيئا ثمّ صرت إلي العسكر،فخرج إلي:ليس فينا شكّ و لا فيمن يقوم مقامنا،بأمرنا تردّ ما معك إلي حاجز بن يزيد (2).

المعجزة الرابعة و العشرون:فيه:عن محمّد بن صالح:لمّا مات أبي و صار الأمر إليّ كان لأبي علي الناس سفاتيج من مال الغريم،يعني صاحب الأمر عجّل اللّه فرجه.قال الشيخ المفيد رحمه اللّه:و هذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديما بينها،و يكون خطابها عليه للتقية.قال:فكتبت إليه أعلمه و كتب إليّ:طالبهم و استقض عليهم،فقضاني الناس إلاّ رجل واحد،و كان عليه سفتجة بأربعمائة دينار،فجئت إليه أطلبه فمطلني و استخف بي ابنه وسفه علي،فشكوته إلي أبيه فقال:و كان ما ذا!فقبضت علي لحيته و أخذت برجله،فسحبته إلي وسط الدار فخرج ابنه مستغيثا بأهل بغداد يقول:قمي رافضي قد قتل والدي،فاجتمع علي منهم خلق كثير فركبت دابتي و قلت:أحسنتم يا أهل بغداد تميلون مع الظالم علي الغريب المظلوم،أنا رجل من أهل همدان من أهل السنّة،و هذا ينسبني إلي قم و يرميني بالرفض ليذهب بحقّي و مالي.قال:فمالوا عليه و أرادوا أن يدخلوا إلي حانوته حتّي سكنتهم،و طلب إليّ صاحب السفتجة أن آخذ مالي و حلف بالطلاق أن يوفيني مالي في الحال فاستوفيته منه (3).

المعجزة الخامسة و العشرون:فيه:عن أحمد بن الحسن قال:وردت الجبل و أنا لا أقول بالإمامة و لا أحبّهم جملة،إلي أن مات يزيد بن عبيد اللّه فأوصي في علّته أن يدفع الشهري الفرس السمند و سيفه و منطقته إلي مولاه،فخفت إن لم أدفع الشهري (4)إلي اذكوتكين (5)نالني منهس.

ص: 82


1- الإرشاد:360/2.
2- الإرشاد:361/2.
3- الإرشاد:362/2،و البحار:297/51 ح 13.
4- الشهري:ضرب من البرذون،و في المجمع(357/3)اسم فرس.
5- اسم أحد أمراء الترك من أتباع بني العبّاس.

استخفاف،فقومت الدابة و السيف و المنطقة بسبعمائة دينار في نفسي و لم أطلع عليه أحدا،و دفعت الشهري إلي اذكوتكين،فإذا الكتاب قد ورد علي من العراق:أن وجّه السبعمائة دينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري و السيف و المنطقة (1).

المعجزة السادسة و العشرون:و فيه:عن حسين بن عيسي العريضي:لمّا مضي أبو محمد الحسن بن علي عليه السّلام،ورد رجل من أهل مصر بمال إلي مكّة لصاحب الأمر عجل اللّه فرجه فاختلف عليه و قال بعض الناس:إنّ أبا محمّد عليه السّلام قد مضي من غير خلف،و قال آخرون:الخلف من بعده جعفر،و قال آخرون:الخلف من بعده ولده،فبعث رجلا يكنّي أبا طالب إلي العسكر يبحث عن الأمر و صحّته و معه كتاب،فصار الرجل إلي جعفر و سأله عن برهان فقال له جعفر:لا تتهيّأ في هذا الوقت،فصار الرجل إلي الباب و أنفذ الكتاب إلي أصحابنا الموسومين بالسفارة فخرج إليه:آجرك اللّه في صاحبك فقد مات و أوصي بالمال الذي كان معه إلي ثقة يعمل فيه بما يجب،و أجيب عن كتابه و كان الأمر كما قيل له (2).

المعجزة السابعة و العشرون:و فيه:حمل رجل من أهل أبة شيئا يوصله،و نسي سيفا بأبة كان أراد حمله،فلمّا وصل الشيء كتب إليه بوصوله،و قيل في الكتاب:ما خبر السيف الذي أنسيته (3)؟

المعجزة الثامنة و العشرون:فيه:عن محمد بن شاذان النيشابوري:اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص عشرون درهما،فلم أحب أن أنفذها ناقصة فوزنت من عندي عشرين درهما،و بعثتها إلي الأسدي و لم أكتب مالي فيها،فورد الجواب:وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما (4).

المعجزة التاسعة و العشرون:و فيه:كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا،فكتب إليه:إنّك تحتاج إليه في سنة ثمانين،و بعث إليه بالكفن قبل موته (5).

المعجزة الثلاثون:و فيه:عن محمد بن هارون الهمداني:كان للناحية عليّ خمسمائة دينار فضقت بها ذرعا ثمّ قلت في نفسي:لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة و ثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار و لم أنطق بذلك،فكتب إلي محمد بن جعفر:اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عليه (6).

المعجزة الحادية و الثلاثون:ذكر المحدّث الجليل البارع الفاضل النراقي في خزائنه قال:ن.

ص: 83


1- الإرشاد:363/2.و المحاسن للبرقي:32/1.
2- الإرشاد:364/2.
3- الإرشاد:365/2.
4- المصدر نفسه.
5- الإرشاد:366/2.
6- الإرشاد:366/2 باب طرف من دلائل صاحب الزمان.

حدّثني الشيخ الجليل محمد جعفر النجفي(قدس سره)-و هو من مشايخ إجازتي-في مسافرتي معه إلي زيارة العسكريين و السرداب المقدّس في سرّ من رأي أنّه كان لي في تلك البلدة المشرّفة صاحب من أهلها و لكن أحيانا إذا تشرّفت للزيارة أنزل عنده،فأتيته في بعض الأحيان علي فوجدته مريضا في غاية الضعف و النقاهة،مشرفا علي الموت،فسألته عن ذلك،قال لي:إنّه قدم علينا من سرّ من رأي في هذا الأوان جمع من الزوّار،و فيهم من أهل تبريز فقمت علي عادتنا من الخدمة في شراء الزوّار و تزاورنا إيّاهم و اكتسابنا منهم،و إذا بشابّ فيهم في غاية إنّه الصلاح و نهاية الصفاء و الطراوة قد أشرف علي الدجلة و نزل و اغتسل في الشط،ثمّ لبس الثياب الطيّبة النفيسة و تقدّم إلي الزيارة في غاية الخضوع و نهاية التذلّل و الخشوع،حتّي انتهي إلي الروضة المقدّسة و وقف علي باب الرواق،و بيده كتابه المزار،فأخذ في الدعاء و الإستئذان و الدموع تسيل علي خدّيه،فأعجبني غاية خشوعه و رقّته و بكاؤه فأتيته و جررت رداءه و قلت:أريد أن أزورك فمدّ يده في جيبه و أخرج دينارا من ذهب،و أشار لي بالرجوع عنه و عدم التعرّض له،فلمّا نظرت إلي الدنانير طار قلبي و تحرّكت عروق الطمع؛إذ كنت في أيّام لم يحصل لي من صناعتي عشر من أعشار ذلك المبلغ،فأخذني الطمع أن أتعرّضه أيضا فرجعت إليه ثانية و هو في بكائه و حضور من قلبه فزاحمته،و أعدت إليه ما قلته فدفع إلي نصف دينار،و أشار لي بالرجوع و عدم التعرّض.

فرجعت و نار الطمع تشتعل في جوارحي و أنا أقول:لا يفوتك الرجل فنعم الصيد صيدك،إلي أن رجعت إليه ثالثة و زاحمته و كرّرت عليه الكلام،و أمرته بإلقاء الكتاب و جررت رداءه و هو في عين تخشّعه و بكائه،فدفع إلي في هذه المرّة ريالا و اشتغل بما هو فيه،و أنا لم أزل فيما أنا عليه إلي أن أقامني الطمع ذلك المقام رابعا،فانصرف الرجل عمّا هو فيه و تمّ حضور قلبه و طبق كتاب المزار، و خرج من غير زيارة فندمت من ذلك فأتيته و قلت له:إرجع إلي ما كنت عليه فلا أتعرّضك بعد أبدا، فأجابني و دموعه تنحدر أنّه لم يبق لي حال الزيارة و قد زال ما بي من الخشوع،فأسفت علي ما فعلت و لمت نفسي و رجعت إلي الدار،فلمّا دخلت الفضاء و إذا بثلاثة واقفين علي السطح و هم يحاذونني،و الذي بينهم أقصر سنّا و بيده قوس و سهم،ينظر إليّ نظرة الغضب،و قائل:لم منعت زائرنا و صرفته عن حاله،ثمّ وضع السهم في كبد قوسه فما شعرت إلاّ و قد اخترق صدري،فغابوا عن بصري و احترق صدري،فجرح بعد يومين و قد زاد الآن كما تري،فكشف عن صدره و إذا قد أخذ مجموع صدره،فما مضي أيّام إلاّ و مات (1).

المعجزة الثانية و الثلاثون:و فيه:قال رحمه اللّه:أخبرني الورع التقي الحاج جواد الصبّاغ،و هو من أعاظم التجّار و ثقاتهم و كان ناظرا علي تعمير الروضة المقدّسة و السرداب من قبل بانيه جعفر قلي خان الخوئي،أخبرني حين تشرّفي إلي زيارة المشهد المقدّس و السرداب المشرّف و ذلك في سنةه.

ص: 84


1- الخزائن للنراقي:427 و الكتاب مخطوط بين العربي و الفارسي و هذه القصّة مترجمة منه.

عشر و مائتين بعد الألف،أيّام مسافرتي إلي بيت اللّه الحرام فمضيت إلي سرّ من رأي،و اتّفق لي مصاحبته في تلك البلدة،فحكي لي عن رجل ناصبي يدعي بسيد علي،و كان مأمورا هناك من والي بغداد و حكومة العثماني،و كان حاكما علي أهلها-و ذلك في سنة خمس و مائتين بعد الألف-و يأخذ من كلّ زائر ريالا للدخول في الروضة المقدّسة و يسوم ساقهم،و يعلمهم علامة لا يشتبه بغيره بعد ذلك.

فبينما ذات يوم هو جالس علي سرير له بباب الصحن و بين يديه المأمورون،و بيده خشبة طويلة يسوق بها الزوّار بعد أخذ الريال منهم و سوم ساقهم إذ أقبل شاب من زوّار العجم و معه زوجته،و هم من أهل بيت الشرف و العفّة،و دفع إليه ريالين فطبع ساقه و أشار إلي زوجته بالطبع فقال الشاب:دع الإمرأة و أنا أعطي لكل دخول لها في الروضة المقدّسة ريالا من غير أن يكشف لها ساق،و لم أرض بهذه الفضيحة،فصاح عليه الناصبي-السيد علي المذكور-و شتمه بالرفض و العصبية و قال:أتغير عليها يا فلان؟

فأجابه الشاب باللين و الرفق.فصاح ثانيا بأنّه لا يمكن لها الدخول في الحرم إلاّ و أكشف عن ساقها و أطبع عليها،فأخذ الشاب بيدها و قال:إرجعي فقد كفتنا هذه الزيارة،فاغتاظ الناصبي لذلك و صاح عليه قائلا:يا رافضي استثقلت ما أمرتك فيها،ثمّ مدّ يده و أخذ الخشبة الطويلة التي كانت عنده و ركنها إلي صدر المرأة و أوقعها علي الأرض و جانب بعض ثيابها و كشف عن بدنها،فأقامها الشاب و توجّه إلي الحرم الشريف و دموعه تنحدر و تجري و قال:يا سيّدي أترضي به فإنّي راض برضاكم-يعني حاشاك أن ترضي-ثمّ أخذ بيدها و عاد إلي منزله.

قال الحاج جواد:كنت حينئذ في الدار إذ طرق عليّ طارق معجلا بعد ثلاث أو أربع ساعات و هو يقول:أجب والدة السيّد علي و أدركه،فقمت مسرعا و لم أخرج و لم أصل إليه إلي أن تواتر عليّ الرسل،فدخلت عليه،فإذا به ملقي علي فراشه يتململ تململ السليم و ينادي و يشكو من وجع القلب و عياله حوله،فلمّا رأتني أمّه و زوجته و بناته و أخواته إجتمعن حولي بالبكاء،و استدعين منّي الذهاب إلي الشاب المزبور و الإسترضاء عنه،هذا و هو ينادي في فراشه و يقول:إلهي أسأت و ظلمت و بئس ما صنعت،فأتيت منزل الشابّ و أخبرته بالخبر و سألته الرضا عنه فقال:أمّا أنا فقد رضيت عنه،و لكن أين عنّي ذلك القلب المنكسر و الحالة التي كنت فيها؟فما رجعت إلاّ و قد ارتج دار السيد علي بالبكاء،و النساء ناشرات الشعر لاطمات الخدّ مشرفات بالحرم،يردن الشفاء من الضريح المطهّر و أسمع أنين السيّد علي من الدار إلي الصحن الشريف،فحضر فريضة المغرب و العشاء و أتيت و قمت للصلاة فما أتممت صلاتي إلاّ و نودي نداء موته،و ضجّت عياله بالبكاء عليه فغسل في ساعته و أتي بالجنازة لتوضع في الرواق إلي الصبح.

و لمّا كانت مفاتيح الروضة المقدّسة في تلك الأوقات لتعمير الحرم الشريف عندي و بيدي،

ص: 85

فأمرت بسدّ الأبواب و التجسّس في أطراف الحرم و الرواق،و بالغنا في التخلية عن جميع من يكون و ذلك لحفظ الخزانة و الآلات المعلّقات و غيرها حتّي اطمأننا،فوضعت الجنازة في الرواق و سددت الأبواب بيدي و أخذت المفاتيح،فلمّا جئت وقت السحر لفتح الأبواب ففتحتها جاء الخادم و علق الشموع،و إذا بكلب أسود قد خرج من الرواق إلي الصحن فامتلأت غضبا علي الخدمة و المأمورين الذين كانوا معي في الرواق بالتجسس فحلفوا،و أنا أعلم أنّهم لم يقصّروا و لم يكن شيء قطّ في الحرم و قالوا:إنّا تفحّصنا غاية التفحّص،فلمّا كان غداة غد إجتمع الناس لدفن السيّد علي و إذا بالتابوت و فيه كفن خال ممّا فيه،فتعجّبت و اعتبرت كما تعجّب الناس و تفرّقوا،و هذا ممّا شاهدته بعيني (1).

و في كتاب النجاشي قال:إجتمع علي بن الحسين بن بابويه مع أبي القاسم الحسين بن روح و سأله مسائل،ثم كاتبه بعد ذلك علي يد علي بن جعفر بن الأسود يسأله أن يوصل له رقعة إلي الصاحب عليه السّلام و يسأله فيها الولد.

فكتب إليه:«قد دعونا اللّه لك بذلك و سترزق ولدين ذكرين خيّرين».

فولد له أبو جعفر و أبو عبد اللّه من أم ولد،و كان الحسين بن عبيد اللّه يقول:سمعت أبا جعفر يقول:أنا ولدت بدعوة صاحب الأمر عليه السّلام و يفتخر بذلك (2).

و عن علي بن أحمد الرازي قال:خرج بعض إخواني من أهل الري مرتادا بعد مضي أبا محمد عليه السّلام فبينا هو في مسجد الكوفة متفكرا يبحث حصي المسجد بيده فخرجت له حصاة فيها مكتوب:محمد،فنظرت فإذا هي كتابة نابتة (3)مخلوقة غير منقوشة (4).

و في كتاب المواعظ:مسندا إلي علي بن الحسين الصائغ القمي و محمد بن أحمد الصيرفي القمي و غيرهما من مشايخ أهل قم:أن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه كانت تحته ابنة عمّه محمد بن موسي بن بابويه فلم يرزق منها ولدا،فكتب إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي اللّه عنه أن يسأل الحضرة أن يدعو اللّه أن يرزقه أولادا فقهاء.

فجاء الجواب:«إنك لا ترزق من هذه،و ستملك جارية ديلمية و ترزق منها ولدين فقيهين».

قال:و قال لي أبو عبد اللّه بن سورة حفظه اللّه:و لأبي الحسن بن بابويه رحمه اللّه ثلاثة أولاد محمد و الحسين فقيهان ماهران في الحفظ يحفظان ما لا يحفظ غيرهما من أهل قم،و لهما أخ اسمه الحسن و هو الأوسط مشتغل بالعبادة و الزهد لا يختلط بالناس و لا فقه له.6.

ص: 86


1- المصدر السابق.
2- معجم أحاديث المهدي:309/4،و البحار:306/51.
3- في بعض النسخ:ناتئة و في بعض المصادر:ثابتة.
4- كمال الدين:408 ح 5،و البحار:313/51 ح 36.

قال ابن سورة:كلما روي أبو جعفر و أبو عبد اللّه إبنا علي بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما و يقولون لهما:هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الإمام عليه السّلام لكما.

و هذا أمر مستفيض في أهل قم (1).

كمال الدين:محمد بن علي الأسود رضي اللّه عنه قال:سألني علي بن الحسين بن موسي بن بابويه رضي اللّه عنه بعد موت محمد بن عثمان العمري رحمه اللّه أن أسأل أبا القاسم الروحي رضي اللّه عنه أن يسأل مولانا صاحب الأمر صلوات اللّه عليه أن يدعو اللّه عزّ و جلّ أن يرزقه ولدا ذكرا.

قال:فسألته فأنهي ذلك،ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعي لعلي بن الحسين و أنه سيولد له ولد مبارك ينفع اللّه به و بعده أولاده.

قال أبو جعفر محمد بن علي بن الأسود:و سألته في أمر نفسي أن يدعو اللّه لي أن أرزق ولدا ذكرا.

فلم يجبني إليه و قال:«ليس إلي هذا سبيل».

قال:فولد لعلي بن الحسين رضي اللّه عنه تلك السنة إبنه محمد و بعده أولاد و لم يولد لي.

قال الصدوق رحمه اللّه:كان أبو جعفر محمد بن علي الأسود رضي اللّه عنه كثيرا ما يقول لي إذا رآني:

أختلف الي مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه و ارغب في كتب العلم و حفظه، ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم و أنت ولدت بدعاء الإمام (2).

و قال أبو عبد اللّه ابن بابويه:عقدت المجلس و لي دون العشرين سنة فربّما كان يحضر مجلسي أبو جعفر محمد بن علي الأسود فإذا نظر إلي إسراعي في الأجوبة في الحلال و الحرام يكثر التعجب لصغر سنّي ثم يقول:لا عجب لأنك ولدت بدعاء الإمام عليه السّلام (3).

***

في أسرار أبي صالح المهدي عجّل اللّه فرجه

قال رجب البرسي:فمن ذلك ما رواه الحسن بن حمدان عن حكيمة بنت محمد بن علي الجواد قالت:كان مولد القائم ليلة النصف من شعبان سنة 250 و أمّه نرجس بنت ملك الروم فقالت حكيمة:فلما وضعته سجد،و إذا علي عضده مكتوب بالنور:جاء الحق و زهق الباطل،قال:فجئت به إلي الحسن عليه السّلام فمسح يده الشريفة علي وجهه و قال:تكلّم يا حجّة اللّه و بقية الأنبياء،و خاتم

ص: 87


1- معجم أحاديث المهدي:310/4،و الإمامة و التبصرة:165.
2- الأمالي:3،و البحار:335/51.
3- معاني الأخبار:74،و البحار:336/51 ح 61.

الأوصياء،و صاحب الكرة البيضاء،و المصباح من البحر العميق الشديد الضياء،تكلّم يا خليفة الأتقياء،و نور الأوصياء.

فقال:أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،و أشهد أن محمدا عبده و رسوله،و أشهد أن عليا ولي اللّه،ثم عدّ الأوصياء،فقال له الحسن عليه السّلام:إقرأ ما نزل علي الأنبياء،فابتدأ بصحف إبراهيم فقرأها بالسريانية،ثم قرأ كتاب نوح و إدريس،و كتاب صالح،و توراة موسي،و إنجيل عيسي،و فرقان محمد صلّي اللّه عليه و عليهم أجمعين،ثم قص قصص الأنبياء إلي عهده عليه السّلام (1).

هذا بقيّة اللّه في خلقه،و وجه اللّه في عباده،و وديعته المستحفظة،و كلمته الباقية،و هذا بقية أغصان شجرة طوبي،هذا القاف،و سدرة المنتهي،هذا ريحان جنّة المأوي،هذا خليفة الأبرار، هذا بقيّة الأطهار،هذا خازن الأسرار،هذا منتهي الأدوار،هذا ابن التسمية البيضاء،و الوحدانية الكبري،و حجاب اللّه الأعظم الأعلي،هذا السبب المتصل من الأرض إلي السماء،هذا الوجه الذي يتوجّه إليه الأولياء هذا الولي الذي بيمنه رزق الوري و ببقائه بقيت الدنيا،و بوجوده ثبتت الأرض و السماء،هذا الحجة من الحجج،هذا نسخة الوجود و الموجود،هذا غوث المؤمنين، و خاتم الوصيين و بقية النبيين،و مستودع علم الأوّلين و الآخرين،هذا خاتم الألقاب الذاتية، و الأشخاص المحمدية،و العترة الهاشمية،هذا البقيّة من النور القويم،و النبأ العظيم،و الصراط المستقيم،خلفاء النبي الكريم،و أبناء الرؤوف الرحيم،و أمناء العلي العظيم،ذرية بعضها من بعض،و اللّه سميع عليم (2).

***

معاجزه عجل اللّه فرجه مع من رآه

و في كتاب المواعظ:عن الأودي قال:بينا أنا في الطواف و قد طفت ستة و أريد أن أطوف السابعة،فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة و شاب حسن الوجه طيّب الرائحة هيوب و مع هيبته متقرّب إلي الناس،فتكلم فلم أر أحسن من كلامه و لا أعذب من منطقه،فذهبت أكلمه فزبرني الناس، فسألت بعضهم من هذا؟

فقالوا:هو ابن رسول اللّه يظهر في كل سنة يوما لخواصه فيحدثهم.

فقلت:مسترشد أتاك فارشدني هداك اللّه.

فناولني حصاة فحولت وجهي،فقال لي بعض جلسائه:ما الذي دفع إليك ابن رسول اللّه؟ فقال:حصاة.

ص: 88


1- بحار الأنوار:27/51 ح 37.
2- البحار:173/25،و مجمع النورين:29.

فكشفت عن يدي فإذا أنا بسبيكة من ذهب،فإذا أنا به قد لحقني فقال:«ثبتت عليك الحجة و ظهر لك الحق و ذهب عنك العمي أتعرفني؟»

فقلت:اللهم لا.

قال:«أنا المهدي أنا قائم الزمان أنا الذي أملاها عدلا كما ملئت جورا،إن الأرض لا تخلو من حجة و لا يبقي الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل،و قد ظهر أيام خروجي فهذه أمانة في رقبتك فحدّث بها إخوانك من أهل الحق» (1).

و في الخرائج و الجرائح:مسندا إلي يوسف الجعفري قال:حججت سنة ست و ثلاثمائة و جاورت بمكة تلك السنة و ما بعدها إلي سنة تسع و ثلاثمائة ثم خرجت عنها منصرفا إلي الشام،فبينا أنا في بعض الطريق و قد فاتتني صلاة الفجر فنزلت من المحمل و تهيأت للصلاة،فرأيت أربعة نفر في محمل فوقفت أعجب منهم،فقال لي أحدهم:مم تعجب و تركت صلاتك و خالفت مذهبك؟

فقلت للذي يخاطبني:و ما علمك بمذهبي؟

فقال:تحبّ أن تري صاحب زمانك؟

فقلت:نعم.فأومي إلي أحد الأربعة.

فقلت له:إن له دلائل و علامات.

فقال:أيّما أحبّ إليك أن تري الجمل و ما عليه صاعدا إلي السماء أو تري المحمل صاعدا إلي السماء؟

فقلت:أيّهما كان فهي دلالة.

فرأيت الجمل و ما عليه يرتفع إلي السماء.

و كان الرجل أومي إلي رجل به سمرة،و كأن لونه الذهب،بين عينيه سجادة (2).

و عن حبيب بن محمد الصغاني قال:دخلت إلي علي بن إبراهيم الأهوازي فسألته عن الإمام عليه السّلام.

فقال:لقد سألت عن أمر عظيم،حججت عشرين حجة كلاّ أطلب عيان الإمام عليه السّلام فلم أجد إلي ذلك سبيلا،فبينا ليلة أنا نائم إذ رأيت قائلا يقول:يا علي بن إبراهيم قد أذن لي في الحج.

فأصبحت مفكّرا في أمري،فلمّا كان وقت الموسم خرجت متوجها إلي المدينة و منها إلي مكة،فأقمت أياما أطوف بالبيت،فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتي حسن الوجه طيّب الرائحة5.

ص: 89


1- الغيبة:253 ح 223،و الخرائج و الجرائح:784/2.
2- غيبة للطوسي:258 ح 225.

يتبختر في مشيته،طائف حول البيت،فحسّ قلبي به،فقمت نحوه فحككته.

فقال لي:«من أين الرجل؟»

فقلت:من الأهواز.

فقال لي:«تعرف علي بن إبراهيم؟»

قلت:أنا علي بن إبراهيم.

قال:«حيّاك اللّه،ما فعلت بالعلامة التي بينك و بين أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام؟»

فقلت:معي.قال:«اخرجها».

فأخرجتها،فلمّا أن رآها بكي ثم قال:«أذن لك الآن،صر إلي رحلك فإذا اختلط الظلام صر إلي شعب بني عامر فإنك ستلقاني هناك».

فسرت إلي منزلي و قدمت راحلتي و أقبلت أجدّ في السير حتي وردت الشعب،فإذا أنا بالفتي فأبدأني بالسلام و قال:«سر بنا يا أخ».

فما زال يحدثني و أحدثه حتي خرقنا جبال عرفة و انفجر الفجر و توسطنا جبال الطائف فقال:

«هل تري شيئا؟»

فقلت:نعم أري كثيب رمل عليه بيت شعر يتوقّد البيت نورا.

فلمّا أن رأيته طابت نفسي و قال لي:«هناك الأمل و الرجاء».

فسرنا إلي أن انحدر من الجبل فقال:«انزل فهاهنا يذل كل صعب و يخضع كل جبار».

فلمّا قربنا من الخباء سبقني بالدخول و أمرني أن أقف حتي يخرج إليّ،ثم قال لي:«ادخل».

فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتشح ببردة و أتزر بأخري،و هو كأقحوانة أرجوان-يعني في البياض و الحمرة-و إذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان،سمح سخي تقي نقي،ليس بالطويل الشامخ و لا بالقصير اللازق،بل مربوع القامة،مدّور الهامة،صلت الجبين-أي واسعة-أزجّ الحاجبين-أي مقوسهما كالقوس-أقني الأنف،سهل الخدين،علي خدّه الأيمن خال كأنه فتات مسك علي رضراضه عنبر.

فلمّا أن رأيته بدأته بالسلام فردّ علي و سألني عن أهل العراق.

فقلت:سيّدي قد ألبسوا جلباب الذلة و هم بين القوم أذلاء.

فقال:«لتملكونهم كما ملكوكم و هم يومئذ أذلاء».

فقلت:يا سيّدي لقد بعد الوطن و طال المطلب.

فقال:«إن أبي عهد إليّ أن لا أجاور قوما غضب اللّه عليهم،و أمرني أن لا أسكن من الجبال

ص: 90

إلاّ وعرها و من البلاد إلاّ قفرها،و اللّه مولاكم أظهر التقية فوكّلها بي فأنا في التقية إلي يوم يؤذن لي فأخرج».

فقلت:يا سيّدي متي يكون هذا الأمر؟

فقال:«إذا حيل بينكم و بين سبيل الكعبة،و اجتمع الشمس و القمر،و استنار بهما الكواكب و النجوم».

فقلت:متي يا بن رسول اللّه؟

فقال لي:«في سنة كذا و كذا تخرج دابة الأرض بين الصفا و المروة،و معه عصا موسي و خاتم سليمان لتسوق الناس إلي المحشر».

فأقمت عنده أياما و أذن لي بالخروج،و خرجت نحو منزلي إلي الكوفة.انتهي ملخصا (1).

الأمالي:عن الفحّام عن أبي الطيب أحمد بن محمد بن بطة،و كان لا يدخل المشهد و يزور من وراء الشباك فقال لي:جئت يوم عاشوراء نصف النهار و الشمس تغلي و الطريق خال و أنا خائف من أهل البلاد الجفاة،إلي أن بلغت الحائط الذي أمضي منه إلي(الشباك)فرأيت رجلا جالسا علي الباب ظهره إليّ كأنه ينظر في دفتر فقال لي:يا أبا الطيب،بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن جعفر بن الرضا،فقلت:هذا حسين قد جاء يزور أخاه.

قلت:يا سيّدي أمضي أزور من الشباك و أجيئك.

قال:و لم لا تدخل يا أبا الطيب؟

فقلت له:الدار لها مالك لا أدخلها من غير إذنه.

فقال:يا أبا الطيب تكون مولانا رقّا و توالينا حقّا و نمنعك تدخل الدار؟أدخل يا أبا الطيب.

فجئت إلي الباب و ليس عليه أحد ففتح الخادم لي الباب فدخلت فكان يقول:أ ليس كنت تدخل من الباب.

فقال:أمّا أنا فقد أذنوا لي و بقيتم أنتم.

أقول:الذي أذن له بالدخول هو مولانا الإمام المهدي عليه السّلام،و فيه دلالة علي جواز دخول الشيعة الإمامية علي ضرائحهم عليهم السّلام لزيارة قبورهم،و بعض علمائنا من أهل الصلاح يزورون من الباب و يرجعون نظرا إلي عدم الإذن في الدخول.

و المستفاد من كيفيّة الزيارات الواردة لأبي عبد اللّه عليه السّلام و لأمير المؤمنين عليه السّلام هو الجواز و يمكن أن يقال:بالفرق،فإن العسكريين عليهما السّلام في بيوتهما و هي بيوتهم إلي هذا الآن.2.

ص: 91


1- الخرائج و الجرائح:467/1،و الغيبة:266،و البحار:12/52.

و أمّا الحسين عليه السّلام و أمير المؤمنين عليه السّلام فلم يدفنا في بيوتهم و إنما هي قباب مجدّده بناها الناس لزوارهما عليهما السّلام و كذلك الكاظميين عليهما السّلام.

و بالجملة:فالظاهر أنّ الرخصة موجودة في جميع ضرائحهم المطهرة (1).

كمال الدين:بإسناده إلي الحسن بن وجناء النصيبي قال:كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع أربع و خمسين حجة بعد العتمة و أنا أتضرّع في الدعاء،إذ حرّكني محرك فقال:قم يا بن وجناء.

قال:فقمت فإذا جارية صفراء،فمشت بين يدي حتي أتت بي دار خديجة عليها السّلام و فيها بيت بابه في وسط الحائط و له درجة ساج يرتقي إليه،فصعدت الجارية و جاءني النداء:اصعد يا حسن.

فصعدت فوقفت في الباب فقال لي صاحب الزمان عليه السّلام:«يا حسن أتراك خفيت علي،و اللّه ما من وقت في حجّك إلاّ و أنا معك فيه».

ثم جعل يعدّ علي أوقاتي،فوقعت علي وجهي،فحسست بيده قد وقعت عليّ،فقال لي:«يا حسن الزم بالمدينة دار جعفر بن محمد عليه السّلام و لا يهمنّك طعامك و شرابك و لا ما يستر عورتك».

ثم دفع إليّ دفترا فيه دعاء الفرج و صلاة عليه.

فقال:«فبهذا فادع و هكذا صل عليّ فإن اللّه موفقك».

قلت:يا مولاي لا أراك بعدها؟

فقال:«إذا شاء اللّه يا حسن».

فانصرفت من حجتي و لزمت دار جعفر بن محمد عليه السّلام فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلاّ لثلاث خصال:لتجديد وضوء أو لنوم أو لوقت الإفطار،فأدخل بيتي وقت الإفطار فأصيب كوزا مملوءا ماء و رغيفا علي رأسه عليه ما تشتهي نفسي بالنهار،فآكل ذلك فهو كفاية لي و كسوة الشتاء في وقت الشتاء و كسوة الصيف في وقت الصيف،و أني لأدخل بالنهار فأرش البيت بالماء و أدع الكوز فارغا و أوتي بالطعام و لا حاجة لي فيه،فأتصدق به ليلا لكي لا يعلم بي من معي (2).

و روي كامل بن إبراهيم المدني قال:قلت:للصاحب عليه السّلام و هو ابن أربع سنين:لا يدخل الجنة إلاّ من عرف معرفتي و قال بمقالتي (3).

فقال عليه السّلام:«إذن و اللّه يقلّ داخلها،و اللّه إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقّية».

قلت:يا سيّدي و من هم؟ك.

ص: 92


1- أمالي الطوسي:288،و البحار:23/52.
2- كمال الدين:444،و الخرائج و الجرائح:962/2.
3- في بعض المصادر:معرفتك و مقالتك.

قال:«قوم من حبّهم لعلي يحلفون بحقّه لا يدرون ما حقّه و فضله» (1).

و روي في الخرائج و الجرائح:عن رشيق حاجب المادرائي قال:بعث إلينا المعتضد و نحن ثلاثة نفر،فأمرنا أن نركب كل واحد منّا فرسا و قال:الحقوا بسامراء،و اكبسوا دار الحسن بن علي فإنه توفي و من رأيتم فيه فآتوني برأسه و وصف لنا محلة و دارا و قال:إذا اتيتموها تجدوا علي الباب خادما أسودا فاكبسوا الدار،فمن رأيتم فيها فأتوني برأسه.

فوافينا سامراء فوجدنا الأمر كما وصفه،و في الدهليز خادم أسود و في يده تكة ينسجها، فسألناه عن الدار و من فيها.

فقال:صاحبها.

و ما التفت إلينا و لم يكترث بنا،فكبسنا الدار فوجدناها دارا سرية،و مقابل الدار ستر ما رأيت مثله،و لم يكن في الدار أحد،فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأن بحرا فيه،و في أقصي البيت حصير قد علمنا أنه علي الماء و فوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي،فلم يلتفت إلينا فسبق أحمد بن عبد اللّه ليتخطي البيت فغرق في الماء و ما زال يضطرب حتي مددت إليه يدي فخلّصته و أخرجته و غشي عليه و بقي ساعة،و عاد صاحبي الثاني إلي فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك،و بقيت مبهوتا فقلت لصاحب البيت:المعذرة إلي اللّه و إليك فو الله ما علمت كيف الخبر و لا إلي من أجيء و أنا تائب إلي اللّه.

فما التفت إلي شيء ممّا قلنا و ما انتقل عمّا كان فيه،فهالنا ذلك فانصرفنا عنه و قد كان المعتضد ينتظرنا،فرأيناه في بعض الليالي فسألنا عن الخبر فحكينا له ما رأينا.

فقال:و يحكم لقيكم أحد قبلي؟

قلنا:لا.

فحلف أشدّ أيمان إن بلغه هذا الخبر ليضربنّ أعناقنا،فما جسرنا أن نحدّث به إلاّ بعد موته (2).

كشف الغمة:قال:و أنا أذكر من ذلك قصتين قرب عهدهما من زماني و حدّثني بهما جماعة من ثقات إخواني:كان في بلد الحلة شخص اسمه إسماعيل بن الحسين الهرقلي من قرية يقال لها هرقل مات في زماني و ما رأيته،حكي لي ولده شمس الدين قال:حكي لي والدي أنه خرج فيه و هو شاب علي فخذه الأيسر توثة-و في بعض النسخ لوثة،و هي الجراحة و كانت مقدار قبضة الإنسان- و كانت كل ربيع تتشقق و يخرج منها دم وقيح،و يقطعه ألمها عن كثير من أشغاله و كان مقيما بهرقل،3.

ص: 93


1- كتاب الغيبة:247،و الخرائج و الجرائح:459/1.
2- الخرائج و الجرائح:460/1،و كشف الغمة:303/3.

فحضر إلي الحلة يوما و دخل إلي مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاووس رضي اللّه عنه و شكي إليه ما يجده منها و قال:أريد أن أداويها.

فأحضر له أطباء الحلة و أراهم الموضع.

فقالوا:هذه التوثة فوق العرق الأكحل،و متي قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت.

فقال له السعيد رضي الدين قدّس اللّه روحه:أنا متوجه إلي بغداد و ربّما كان أطباؤها أعرف و أحذق من هؤلاء فاصحبني،فاصعد معه و أحضر الأطباء،فقالوا كما قال أولئك،فضاق صدره.

فقال له السيد:إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب و عليك الاجتهاد في الاحتراس و لا تغرر بنفسك،فإن اللّه تعالي قد نهي عن ذلك و رسوله.

فقال له والدي:إذا كان الأمر هكذا فاتوجه إلي زيارة المشهد الشريف بسرّ من رأي علي مشرفه السلام،ثم أنحدر إلي أهلي.

فحسّن له ذلك،فتوجه.

قال:دخلت المشهد و زرت الأئمة عليهم السّلام و نزلت السرداب و استغثت باللّه تعالي و بالإمام عليه السّلام، و قضيت بعض الليالي في السرداب،و بقيت في المشهد إلي الخميس ثم مضيت إلي دجلة و اغتسلت و لبست ثوبا نظيفا و ملأت إبريقا كان معي و صعدت أريد المشهد،فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور،و كان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم،فالتقينا فرأيت شابين أحدهما عبد مخطوط و كل واحد منهم متقلد بسيف و شيخا منتقبا بيده رمح و الآخر متقلد بسيف و عليه فرجيّة ملونة فوق السيف و هو متحنك.

فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق و وضع كعب رمحه في الأرض و وقف الشابان عن يسار الطريق و بقي صاحب الفرجيّة علي الطريق مقابل والدي،ثم سلموا عليه فردّ عليهم السّلام فقال له صاحب الفرجيّة:أنت غدا تروح إلي أهلك.

فقال له:نعم.

فقال له:تقدم حتي أبصر ما يوجعك.

قال:فكرهت ملامستهم و قلت:أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة،و أنا خرجت من الماء و قميصي مبلول،ثم إني مع ذلك تقدمت إليه،فلزمني بيده و مدّني إليه و جعل يلمس جانبي من كتفي إلي أن أصابت يده التوثة فعصرها بيده فأوجعني،ثم استوي في سرج فرسه فقال لي الشيخ:أفلحت يا إسماعيل.

فتعجبت من معرفته باسمي فقلت:أفلحنا و أفلحتم إن شاء اللّه.

فقال لي الشيخ:هذا الإمام عليه السّلام.

ص: 94

فتقدمت إليه و احتضنته و قبّلت فخذه.

ثم إنه ساق و أنا أمشي معه محتضنه،فقال:ارجع.

فقلت:لا أفارقك أبدا.

فقال:المصلحة رجوعك.

فأعدت عليه مثل القول الأول.

فقال الشيخ:يا إسماعيل أما تستحي يقول لك الإمام مرتين و تخالفه.

فجبهني بهذا القول،فوقف و تقدم خطوات و التفت إليّ و قال:إذا وصلت بغداد فلا بدّ أن يطلبك الخليفة المستنصر،فإذا حضرت عنده و أعطاك شيئا فلا تأخذه،و قل لولدنا الرضي ليكتب لك إلي علي بن عوض فإنني أوصيه يعطيك الذي تريد.

ثم سار و أصحابه معه،فلم أزل قائما أبصرهم حتي بعدوا،و حصل عندي أسف لمفارقته، فقعدت إلي الأرض ساعة ثم مشيت إلي المشهد،فاجتمع القوم حولي و قالوا:نري وجهك متغيرا أوجعك شيء؟

قلت:لا.

قالوا:خاصمك أحد؟

قلت:لا،ليس عندي ممّا تقولون خبر،لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟

فقالوا:هم من الشرفاء أرباب الغنم.

فقلت:بل هو الإمام عليه السّلام.

فقالوا:الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجيّة؟

فقلت:صاحب الفرجيّة.

فقالوا:أريته المرض الذي فيك؟

فقلت:هو قبضه بيده و أوجعني.

ثم كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثرا فتداخلني الشك من الدهش،فأخرجت رجلي الأخري فلم أر شيئا،فانطبق الناس عليّ و مزقوا قميصي،فأدخلني القوّام خزانة و منعوا الناس عني، و كان الناظر بين النهرين بالمشهد فسمع الضجة و سأل الخبر فعرّفوه،فجاء إلي الخزانة و سألني منذ كم خرجت من بغداد؟

فقلت:أول الأسبوع.

فبتّ في المشهد و صليت الصبح و خرجت و خرج الناس معي إلي أن بعدت عن المشهد،فلمّا

ص: 95

وصلت إلي بغداد رأيت الناس مزدحمين علي القنطرة العتيقة يسألون من ورد عليهم عن اسمه، فسألوني فعرّفتهم،فاجتمعوا عليّ و مزّقوا ثيابي و لم يبق لي في روحي حكم،ثم حملوني إلي بغداد، لأن ناظر المشهد الشريف كتب إليهم قصتي فازدحم الناس علي.

و كان الوزير القمي رحمه اللّه قد طلب السعيد رضي الدين رحمه اللّه و تقدم أن يعرّفه صحت الخبر.

قال:فخرج السيد رضي الدين و معه جماعة،فلمّا رآني قال:أعنك يقولون؟

قلت:نعم.

فنزل عن دابته و كشف فخذي فلم ير شيئا فغشي عليه ساعة،و أخذ بيدي و أدخلني علي الوزير و هو يبكي و يقول:يا مولانا هذا أخي و أقرب الناس إلي قلبي.

فسألني الوزير عن القصة،فحكيت له،فأحضر الأطباء الذين أشرفوا عليها و أمرهم بمداواتها.

فقالوا:ما دواؤها إلاّ القطع بالحديد و متي قطعها مات.

فقال لهم الوزير:فبتقدير أن تقطع و لا يموت في كم تبرأ؟

فقالوا:في شهرين،و يبقي في مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر.

فسألهم الوزير:متي رأيتموه؟

قالوا:منذ عشرة أيام.

فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم،فإذا هي مثل أختها ليس فيها أثر أصلا.

فصاح أحد الحكماء:هذا عمل المسيح.

فقال الوزير:حيث لم يكن عملكم،فنحن نعرف من عملها.

ثم إنه أحضر عند الخليفة المستنصر،فسأله عن القصة فعرّفه بها كما جري فتقدم له بألف دينار فلمّا أحضرت قال:خذ هذه فانفقها.

فقال:ما أجسر أن آخذ منه حبة واحدة.

فقال الخليفة:ممّن تخاف؟

فقال:من الذي فعل معي هذا،قال لي:لا تأخذ من أبي جعفر شيئا.

فبكي الخليفة و تكدّر و خرج من عنده و لم يأخذ شيئا.

قال علي بن عيسي رحمه اللّه:كنت في بعض الأيام أحكي هذه القصة لجماعة عندي،و كان شمس الدين محمد ولده عندي و أنا لا أعرفه،فلمّا انقضت الحكاية قال:أنا ولده لصلبه.

فتعجبت من هذا الاتفاق فقلت له:هل رأيت فخذه و هي مريضة؟

ص: 96

قال:لا لأني أصبو عن ذلك،و لكني رأيتها بعد ما صلحت و لا أثر فيها و قد نبت في موضعها شعر و كان والدي بعد ذلك شديد الحزن لفراقه عليه السّلام حتي أنه جاء إلي بغداد و أقام بها في فصل الشتاء و كان كل يوم يزور سامراء و يعود إلي بغداد،فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعا أن يعود له الوقت الذي مضي أو يقضي له الحظ بما قضي و من الذي أعطاه دهره الرضا أو ساعده بمطالبته صرف القضا فمات بحسرته و انتقل إلي الآخرة بغصته (1).

و روي السيد علي بن عبد الحميد في كتاب(السلطان المفرّج عن أهل الإيمان)القصة المشهورة،قصة أبو راجح الحمامي بالحلة.

قال:كان الحاكم بالحلة شخصا اسمه مرجان الصغير،فرفع إليه:أن أبا راجح هذا يسبّ الصحابة.

فأحضره و أمر بضربه،فضرب ضربا مهلكا،حتي أنه ضرب علي وجهه فسقطت ثناياه،و أخرج لسانه فجعل فيه مسلّة من الحديد،و خرق أنفه و وضع فيه شركة من الشعر،و شدّ فيه حبلا و سلمه إلي جماعة من أصحابه و أمرهم أن يدوروا به أزقة الحلة،و الضرب يأخذ من جميع جوانبه حتي سقط إلي الأرض.

فأخبر الحاكم بذلك فأمر بقتله.

فقال الحاضرون:إنه يموت من هذا الضرب و لا تتقلد بدمه.

فخلاّه و قد انتفخ وجهه و لسانه،و لم يشك أهله أنه يموت من ليلته،فلمّا كان من الغد غدا عليه الناس،فإذا هو قائم يصلي علي أتم حال و قد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت و اندملت جراحاته و لم يبق لها أثر و الشجة قد زالت من وجهه.

فعجب الناس من حاله و سألوه عن أمره.

فقال:إني لمّا عاينت الموت و لم يبق لي لسان أسأل اللّه به،فكنت أسأله بقلبي و استغثت إلي سيّدي و مولاي صاحب الزمان عليه السّلام.

فلمّا جنّ الليل فإذا الدار قد امتلأت نورا،و إذا بمولاي صاحب الزمان قد أمرّ يده الشريفة علي وجهي و قال لي:«اخرج و كد علي عيالك فقد عافاك اللّه تعالي»،فأصبحت كما ترون.

و كان ضعيفا جدا،ضعيف التركيب،أصفر اللون،شين الوجه،مقرض اللحية،فأصبح و قد اشتدت قوته و انتصبت قامته و طالت لحيته و أحمرّ وجهه و عاد كأنّه ابن عشرين سنة،و لم يزل علي ذلك حتي أدركته الوفاة.2.

ص: 97


1- كشف الغمة:299/3،و البحار:61/52.

و لمّا شاع هذا الخبر،طلبه الحاكم و أحضره عنده،و قد كان رآه بالأمس علي تلك الحالة و هو الآن علي ضدها،فداخل الحاكم من ذلك رعب عظيم،فصار بعد ذلك يتلطف بأهل الحلة و يتجاوز عن مسيئهم و لم ينفعه ذلك إلي أن مات (1).

و من ذلك:ما حدّث به الشيخ المحترم العالم العامل شمس الدين محمد قال:كان من أصحاب السلاطين المعمّر بن شمس يضمن القرية المعروفة ببرسو وقف العلويين،و كان له نائب يقال له:ابن الخطيب،و غلام يتولي نفقاته يدعي:عثمان،و كان ابن الخطيب من أهل الصلاح و الإيمان بالضد من عثمان،و كانا دائما يتجادلان،فاتفقا أنهما حضرا في مقام إبراهيم الخليل عليه السّلام بمحضر جماعة من الرعية و العوام،فقال ابن الخطيب لعثمان:يا عثمان الآن اتضح الحق أنا أكتب علي يدي من أتولاه و هم:علي و الحسن و الحسين عليهم السّلام و اكتب أنت من تتولاه:أبو بكر و عمر و عثمان، ثم تشد يدي و يدك،فأينا احترقت يده بالنار كان علي الباطل،و من سلمت يده كان علي الحق.

فنكل عثمان و أبي أن يفعل،فأخذ الحاضرون بالصياح عليه.

هذا و كانت أم عثمان مشرفة عليهم تسمع كلامهم،فلعنت الحضور الذين كانوا يصيحون علي ولدها و شتمتهم،فعميت في الحال،فلمّا أحسّت بذلك نادت إلي رفائقها فصعدن إليها،فإذا هي صحيحة العينين و لكن لا تري شيئا،فأنزلوها و مضوا بها إلي الحلة و شاع خبرها،فأحضروا لها الأطباء فلم يقدروا علي علاجها.

فقال لها نسوة مؤمنات:إن الذي أعماك هو القائم عليه السّلام فإن تشيعتي و توليتي و تبرأتي ضمنا لك العافية علي اللّه تعالي.

فرضيت بذلك،فلمّا كانت ليلة الجمعة أدخلنها القبّة الشريفة في مقام صاحب الزمان عليه السّلام و بتن بأجمعهن في باب القبة،فلمّا كان ربع الليل فإذا هي قد خرجت عليهنّ و قد ذهب العمي عنها و هي تعدّهن و تصف ثيابهن،فسررن بذلك و حمدن اللّه سبحانه و قلن لها:كيف كان ذلك؟

فقالت:لمّا جعلتني في القبّة و خرجتن عني،أحسست بيد قد وضعت علي يدي و قائل يقول:

«أخرجي قد عافاك اللّه تعالي».

فانكشف العمي عني و رأيت القبّة قد امتلأت نورا و رأيت الرجل فقلت له:من أنت يا سيّدي؟

فقال:«محمد بن الحسن».

ثم غاب عني،فقمن إلي بيوتهن و تشيعت و تشيع ولدها عثمان و اشتهرت القصة.

فاعتقدوا وجود الإمام،و كان ذلك في سنة أربع و أربعين و سبعمائة (2).2.

ص: 98


1- بحار الأنوار:71/52.
2- البحار:72/52.

و عن محيي الدين الأربلي:أنه حضر عند أبيه و معه رجل فنعس فوقعت عمامته من رأسه، فبدت في رأسه ضربة هائلة فسألته عنها فقال:هي من صفين.

فقيل له:و كيف ذلك و وقعة صفين قديمة؟

فقال:كنت مسافرا إلي مصر فصاحبني إنسان،فلمّا كنّا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين، فقال لي الرجل:لو كنت في وقعة صفين لرويت سيفي من علي و أصحابه.

فقلت:لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من معاوية و أصحابه،و ها أنا و أنت من أصحاب علي و معاوية،فاعتركنا و اضطربنا،فما أحسست بنفسي إلاّ مرميا لما بي،فبينا أنا مرمي و إذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه،ففتحت عيني فنزل إليّ و مسح الضربة فتلاءمت فقال:«البث هنا».

ثم غاب قليلا و عاد و معه رأس مخاصمي مقطوعا و الدواب معه،فقال لي:«هذا رأس عدوك و أنت نصرتنا فنصرناك،و لينصرن اللّه من نصره».

فقلت:من أنت؟فقال:فلان بن فلان.يعني صاحب الأمر عليه السّلام.

ثم قال لي:«و إذا سئلت عن هذه الضربة فقل:ضربتها في صفين» (1).

***

إخبار الحجة القائم بالغيب

عن سعد بن عبد اللّه قال:إنّ الحسن بن النضر و أبا صدام و جماعة تكلّموا بعد مضي أبي محمد عليه السّلام فيما في أيدي الوكلاء و أرادوا الفحص فجاء الحسن بن النضر إلي أبي الصدام فقال:إنّي أريد الحجّ فقال له:أبو صدام أخّره هذه السنة،فقال له الحسن بن النضر:إنّي أفزع في المنام و لا بدّ من الخروج و أوصي إلي أحمد بن يعلي بن حمّاد و أوصي للناحية بمال و أمره أن لا يخرج شيئا إلاّ من يده إلي يده بعد ظهوره قال:فقال الحسن:لمّا وافيت بغداد اكتريت دارا فنزلتها فجاءني بعض الوكلاء بثياب و دنانير و خلّفها عندي فقلت له:ما هذا؟

قال:هو ما تري،ثم جاءني آخر بمثلها و آخر حتي كبسوا الدار،ثم جاءني أحمد بن إسحاق بجميع ما كان معه فتعجبت و بقيت متفكرا فوردت عليّ رقعة الرجل عليه السّلام:إذا مضي من النهار كذا و كذا فاحمل ما معك.

فرحلت و حملت ما معي و في الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلا فاجتزت عليه و سلّمني اللّه منه فوافيت العسكر و نزلت،فوردت عليّ رقعة:أن احمل ما معك.

فعبّيته في صنان الحمّالين،فلمّا بلغت الدهليز إذا فيه أسود قائم فقال:أنت الحسن بن النضر؟

ص: 99


1- البحار:75/52.

قلت:نعم.

قال:أدخل،فدخلت الدار و دخلت بيتا و فرغت صنان الحمّالين و إذا في زاوية البيت خبز كثير فأعطي كلّ واحد من الحمّالين رغيفين و أخرجوا و إذا بيت عليه ستر فنوديت منه:يا حسن بن النضر احمد اللّه علي ما منّ به عليك و لا تشكّنّ،فودّ الشيطان أنّك شككت.

و أخرج إليّ ثوبين و قيل:خذها فستحتاج إليهما،فأخذتهما و خرجت.

قال سعد:فانصرف الحسن بن النضر و مات في شهر رمضان و كفّن في الثوبين (1).

و عن أبي سعيد غانم الهندي قال:كنت بمدينة الهند المعروفة بقشمير الداخلة و أصحاب لي يقعدون علي كراسيّ عن يمين الملك،أربعون رجلا كلّهم يقرأ الكتب الأربعة:التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم،نقضي بين الناس و نفقّههم في دينهم و نفتيهم في حلالهم و حرامهم،يفزع الناس إلينا،الملك فمن دونه (2)،فتجارينا ذكر رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم فقلنا:هذا النبي المذكور في الكتب قد خفي علينا أمره و يجب علينا الفحص عنه و طلب أثره و اتّفق رأينا،و توافقنا علي أن أخرج فأرتاد لهم.

فخرجت و معي مال جليل،فسرت اثني عشر شهرا حتي قربت من كابل،فعرض لي قوم من الترك فقطعوا عليّ و أخذوا مالي و جرحت جراحات شديدة و دفعت إلي مدينة كابل،فأنفذني ملكها لمّا وقف علي خبري إلي مدينة بلخ و عليها إذ ذاك داود بن العباس بن أبي أسود،فبلغ خبري و أني خرجت مرتادا من الهند و تعلّمت الفارسية و ناظرت الفقهاء و أصحاب الكلام،فأرسل إلي داود بن العباس فأحضرني مجلسه و جمع علي الفقهاء فناظروني فأعلمتهم أنّي خرجت من بلدي أطلب هذا النبي الذي وجدته في الكتب.

فقال لي:من هو و ما اسمه؟

فقلت محمد.

فقال:هو نبينا الذي تطلب،فسألتهم عن شرائعه،فأعلموني،فقلت لهم:أنا أعلم أن محمدا نبيّ و لا أعلمه هذا الذي تصفون أم لا؟فأعلموني موضعه لأقصده فأسائله عن علامات عندي و دلالات،فإن كان صاحبي الذي طلبت آمنت به،فقالوا:قد مضي صلي اللّه عليه و اله و سلّم فقلت:فمن وصيّه و خليفته فقالوا:أبو بكر.

قلت:فسمّوه لي فإنّ هذه كنيته؟).

ص: 100


1- الكافي:518 ح 4،و مدينة المعاجز:77/8.
2- قوله«الملك فمن دونه»يدل علي أن أهل قشمير و ملكهم كانوا مسيحيين في ذلك العهد و هو غير صحيح، و الخبر ضعيف مجهول الراوي و محمد بن محمد العامري و كذا أبو سعيد غانم الهندي لا يعرفها أصحاب الرجال و لا نحتاج مع الأدلة الكثيرة علي أصول مذهبنا إلي أمثال هذه الأخبار المجهولة.(ش).

قالوا:عبد اللّه بن عثمان و نسبوه إلي قريش:قلت،فإنسبوا لي محمدا نبيكم فنسبوه لي، فقلت:ليس هذا صاحبي الذي طلبت،صاحبي الذي أطلبه خليفته،أخوه في الدّين و ابن عمّه في النسب و زوج ابنته و أبو ولده،ليس لهذا النبي ذريّة علي الأرض غير ولد هذا الرجل الذي هو خليفته،قال:فوثبوا بي و قالوا:أيّها الأمير إنّ هذا قد خرج من الشرك إلي الكفر هذا حلال الدّم، فقلت لهم:يا قوم أنا رجل معي دين متمسّك به لا أفارقه حتي أري ما هو أقوي منه،إنّي وجدت صفة هذا الرجل في الكتب التي أنزلها اللّه علي أنبيائه،و إنّما خرجت من بلاد الهند و من العز الذي كنت فيه طلبا له،فلمّا فحصت عن أمر صاحبكم الذي ذكرتم لم يكن النبي الموصوف في الكتب فكفّوا عنّي.

و بعث العامل إلي رجل يقال له:الحسين بن اشكيب فدعاه،فقال له:ناظر هذا الرجل الهندي،فقال له الحسين:أصلحك اللّه عندك الفقهاء و العلماء و هم أعلم و أبصر بمناظرته،فقال له:

ناظره كما أقول لك و اخل به و الطف له،فقال لي الحسين بن اشكيب بعد ما فاوضته:إنّ صاحبك الذي تطلبه هو النبي الذي وصفه هؤلاء و ليس الأمر في خليفته كما قالوا،هذا النبي محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب و وصيّه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب و هو زوج فاطمة بنت محمد و أبو الحسن و الحسين سبطي محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم.

قال غانم أبو سعيد:فقلت:اللّه أكبر هذا الذي طلبت فانصرفت إلي داود بن العباس فقلت له:أيّها الأمير وجدت ما طلبت و أنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أن محمدا رسول اللّه،قال:فبرّني و وصلني و قال للحسين:تفقّده،قال:فمضيت إليه حتّي آنست به و فقّهني فيما احتجت إليه من الصلاة و الصيام و الفرائض.

قال:فقلت له:إنّا نقرأ في كتبنا أن محمدا صلي اللّه عليه و اله و سلّم خاتم النبيين لا نبي بعده و أن الأمر من بعده إلي وصيّه و وارثه و خليفته من بعده،ثم إلي الوصي بعد الوصي،لا يزال أمر اللّه جاريا في أعقابهم حتي تنقضي الدنيا،فمن وصي وصي محمد؟

قال:الحسن ثم الحسين ابنا محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،ثم ساق الأمر في الوصية حتي انتهي إلي صاحب الزمان عليه السّلام ثمّ أعلمني ما حدث،فلم يكن لي همّة إلاّ طلب الناحية فوافي قم و قعد مع أصحابنا في سنة أربع و ستين و مائتين و خرج معهم حتي وافي بغداد و معه رفيق له من أهل السند كان صحبه علي المذهب،قال:فحدّثني غانم قال:و أنكرت من رفيقي بعض أخلاقه فهجرته،و خرجت حتي سرت إلي العباسيّة أتهيّأ للصلاة و أصلّي و إنّي لواقف متفكّر فيما قصدت لطلبه إذا أنا بآت قد أتاني فقال:

أنت فلان؟-اسمه بالهند-فقلت:نعم.

فقال:أجب مولاك،فمضيت معه فلم يزل يتخلّل بي الطريق حتي أتي دارا و بستانا فإذا أنا به عليه السّلام جالس.

ص: 101

فقال:مرحبا يا فلان-بكلام الهند-كيف حالك؟و كيف خلّفت فلانا و فلانا؟حتي عدّ الأربعين كلّهم فسألني عنهم واحدا واحدا،ثم أخبرني بما تجارينا كل ذلك بكلام الهند،ثم قال:

أردت أن تحجّ مع أهل قم؟

قلت:نعم يا سيدي.

فقال:لا تحجّ معهم و انصرف سنتك هذه و حجّ في قابل،ثم ألقي إلي صرّة كانت بين يديه، فقال لي:اجعلها نفقتك و لا تدخل إلي بغداد إلي فلان سمّاه،و لا تطلعه علي شيء،و انصرف إلينا إلي البلد،ثم وافانا بعض الفيوج فأعلمونا أن أصحابنا انصرفوا من العقبة و مضي نحو خراسان فلمّا كان في قابل حجّ و أرسل إلينا بهديّة من طرف خراسان فأقام بها مدة،ثمّ مات رحمه اللّه (1).

و عن علي بن الحسين اليماني،قال:كنت ببغداد فتهيأت قافلة لليمانين فأردت الخرج معها، فكتبت ألتمس الإذن في ذلك،فخرج:لا تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة و أقم بالكوفة.

قال:و أقمت و خرجت القافلة فخرجت عليهم حنظلة فاجتاحتهم و كتبت أستأذن ركوب الماء، فلم يؤذن لي،فسألت عن المراكب التي خرجت في تلك السنة في البحر فما سلم منها مركب،خرج عليها القوم من الهند يقال لهم:البوارح،فقطعوا عليها،و زرت العسكر فأتيت الدرب مع المغيب و لم أكلّم أحدا و لم أتعرف إلي أحد و أنا أصلّي في المسجد بعد فراغي من الزيارة إذا بخادم قد جاءني فقال لي:قم فقلت له:إذن إلي أين؟

فقال لي:إلي المنزل.

قلت:و من أنا لعلّك أرسلت إلي غيري،فقال:لا ما أرسلت إلاّ إليك أنت علي بن الحسين رسول جعفر بن إبراهيم،فمرّ بي حتي أنزلني في بيت الحسين بن أحمد ثم سارّه،فلم أدر ما قال له،حتي آتاني جميع ما أحتاج إليه و جلست عنده ثلاثة أيّام و استأذنته في الزيارة من داخل فأذن لي فزرت ليلا (2).

و عن علي بن محمد،عمّن حدّثه قال:ولد لي ولد فكتبت أستأذن في طهره يوم السابع فورد:

لا تفعل،فمات يوم السابع أو الثامن،ثم كتبت بموته فورد:ستخلّف غيره و غيره تسميّه أحمد و من بعد أحمد جعفرا،فجاء كما قال،قال:و تهيّأت للحجّ و ودعت الناس و كنت علي الخروج فورد:

نحن لذلك كارهون و الأمر إليك،قال:فضاق صدري و اغتممت و كتبت أنا مقيم علي السّمع و الطاعة غير أنّي مغتم بتخلفي عن الحج فوقّع:لا يضيقنّ صدرك فإنّك ستحج من قابل إن شاء اللّه،1.

ص: 102


1- الكافي:517/1،و مدينة المعاجز:75/8.
2- الكافي:520/1.

قال:و لمّا كان من قابل كتبت أستأذن،فورد الإذن فكتبت:إنّي عادلت محمد بن العباس و أنا واثق بديانته و صيانته،فورد:الأسدي نعم العديل،فإن قدم فلا تختر عليه،فقدم الأسدي و عادلته (1).

و عن الحسن بن علي العلوي قال:أودع المجروح مرداس بن علي مالا للناحية و كان عند مرداس مال لتميم بن حنظلة فورد علي مرداس:أنفذ مال تميم مع ما أودعك الشيرازي (2).

و عن أبي الحسن علي بن سنان الموصلي،عن أبيه قال:لما قبض أبو محمد عليه السّلام وفد من قم و الجبال وفود بالأموال فلما وصلوا الي سر من رأي و علموا أنه عليه السّلام مات سألوا عن وارثه فقالوا:

أخوه جعفر بن علي فسألوا عنه فقيل لهم:إنه خرج متنزها و ركب زورقا في الدجلة يشرب،و معه المغنون.

قال:فتشاور القوم و قالوا:ليست هذه صفات الإمام،و قال بعضهم لبعض:امضوا بنا لنرد هذه الأموال علي أصحابها فقال أبو العباس أحمد بن جعفر الحميري القمي:قفوا بنا حتي ينصرف هذا الرجل و نختبر أمره علي الصحة فلما انصرف دخلوا عليه فسلموا عليه و قالوا:يا سيدي نحن قوم من أهل قم و معنا جماعة من الشيعة و غيرها و كنا نحمل إلي سيدنا أبي محمد عليه السّلام الأموال فقال:

و أين هي؟

قالوا:معنا،قال:احملوا إلي،قالوا:لا إن لهذه الأموال خبرا و طريقا فقال:و ما هو؟

قالوا:إن هذه الأموال تجمع و يكون فيها من عامة الشيعة الدينار،و الديناران.ثم يجعلونها في كيس و يختمون عليها،و كنا إذا وردنا بالمال قال:سيدنا أبو محمد عليه السّلام:جملة المال كذا و كذا دينارا من فلان كذا و من فلان كذا حتي يأتي علي أسماء الناس كلهم،و يقول ما علي الخواتيم من نقش.

فقال جعفر:كذبتم تقولون علي أخي ما لم يفعله هذا علم الغيب قال:فلما سمع القوم كلام جعفر جعل ينظر بعضهم إلي بعض فقال لهم:احملوا هذا المال إليّ فقالوا:إنا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب المال و لا نسلم المال إلاّ بالعلامات التي كنا نعرفها من سيدنا أبي محمد عليه السّلام،فإن كنت الإمام فبرهن لنا و إلا رددناها إلي أصحابها يرون فيها رأيهم قال:فدخل جعفر علي الخليفة و كان بسر من رأي فاستعدي عليهم فلما حضروا قال الخليفة:احملوا هذا المال إلي جعفر قالوا:

أصلح اللّه أمير المؤمنين إنا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب هذه الأموال و هي لجماعة أمرونا أن لا نسلّمها إلاّ بعلامة و دلالة قد جرت بهذه العادة مع أبي محمد عليه السّلام فقال الخليفة:و ما الدلالة التي لأبي محمد؟

قال القوم:كان يصف الدنانير و أصحابها و الأموال و كم هي فإذا فعل ذلك سلمناها إليه،و قد8.

ص: 103


1- المحاسن:40/1،و الكافي:522/1.
2- الكافي:523/1 ح 18.

وفدنا مرارا فكانت هذه علامتنا و دلالتنا و قد مات فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيم لنا أخوه و إلا رددناها إلي اصحابها فقال:جعفر:يا أمير المؤمنين إن هؤلاء قوم كذابون يكذبون علي أخي و هذا علم الغيب فقال الخليفة:القوم رسل و ما علي الرسول إلاّ البلاغ المبين قال:فبهت جعفر و لم يحر جوابا فقال القوم:يتطول أمير المؤمنين بإخراج أمره إلي من يبدر معنا حتي نخرج من هذه البلدة قال:فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها.

فلما أن خرجوا منها خرج عليهم غلام أحسن الناس وجها كأنه خادم فنادي يا فلان ابن فلان و يا فلان ابن فلان أجيبوا مولاكم،فقال له:أنت مولانا قال:معاذ اللّه أنا عبد مولاكم فسيروا إليه قالوا:فسرنا معه حتي دخلنا دار مولانا الحسن بن علي عليه السّلام فإذا ولده عليه السّلام قاعد علي سرير كأنه فلقة القمر عليه ثياب خضر فسلمنا عليه فرد علينا السلام.

ثم قال:جملة المال كذا و كذا دينارا حمل فلان كذا،و فلان كذا؛لم يزل يصف حتي وصف الجميع ثم وصف ثيابنا و رحالنا و ما كان معنا من الدواب فخررنا سجدا للّه عزّ و جلّ شكرا لما عرفنا و قبلنا الأرض بين يديه ثم سألناه عما أردنا و أجاب فحملنا إليه الأموال،و أمرنا القائم عليه السّلام أن لا نحمل إلي سر من رأي بعدها شيئا فإنه ينصب لنا ببغداد رجلا تحمل إليه الأموال،و تخرج من عنده التوقيعات فانصرفنا من عنده و دفع إلي أبي العباس محمد بن جعفر القمي الحميري شيئا من الحنوط و الكفن و قال له:أعظم اللّه أجرك في نفسك.

قال:فما بلغ أبو العباس عقبة همدان حتي توفي-رحمه اللّه-و كان بعد ذلك تحمل الأموال إلي بغداد إلي النواب المنصوبين بها و تخرج من عندهم التوقيعات،ثم قال الصدوق:هذا الخبر يدل علي أن الخليفة كان يعرف هذا الأمر كم هو و أين موضعه،و لهذا كف عن القوم و عما معهم من الأموال و دفع جعفر الكذاب عنهم،و لم يأمرهم بتسليمها إليه إلاّ إنه كان يجب أن يخفي هذا الأمر و لا يظهر لئلا يهتدي إليه الناس فيعرفوه.

أقول إنما لم يؤاخذ الخليفة هؤلاء القوم و لم يؤذهم و لم يفتش حال من بعث الأموال مع شدة عداوته لمظهري هذا الأمر لأنّ اللّه تعالي قد يجعل عدوه شفيقا علي أوليائه كما جعل فرعون شفيقا علي كليمه موسي عليه السّلام (1).

و عن الحسن بن خفيف،عن أبيه قال:بعث بخدم إلي مدينة الرسول صلي اللّه عليه و اله و سلّم و معهم خادمان و كتب إلي خفيف أن يخرج معهم فخرج معهم فلمّا وصلوا إلي الكوفة شرب أحد الخادمين مسكرا فما خرجوا من الكوفة حتي ورد كتاب من العسكر بردّ الخادم الذي شرب المسكر و عزل عن الخدمة (2).1.

ص: 104


1- شرح أصول الكافي:352/7.
2- الكافي:523/1.

و عن أحمد بن الحسن قال:أوصي يزيد بن عبد اللّه بدابّة و سيف و مال و أنفذ ثمن الدابة و غير ذلك و لم يبعث السيف فورد:كان مع ما بعثتهم سيف فلم يصل-أو كما قال- (1).

و عن الحسين بن محمد الأشعري قال:كان يرد كتاب أبي محمد عليه السّلام في الاجراء علي الجنيد قاتل فارس و أبي الحسن و آخر،فلمّا مضي أبو محمد عليه السّلام ورد:استئناف من الصاحب لاجراء أبي الحسن و صاحبه و لم يرد في أمر الجنيد بشيء قال:فاغتممت لذلك فورد نعي الجنيد بعد ذلك (2).

و عن علي بن محمد قال:كان ابن العجمي جعل ثلثه للناحية و كتب ذلك و قد كان قبل إخراجه الثلث دفع مالا لابنه أبي المقدام،لم يطّلع عليه أحد.فكتب إليه:فأين المال الذي عزلته لأبي المقدام (3).

و عن أبي عقيل عيسي بن نصر قال:كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا،فكتب إليه:إنّك تحتاج إليه في سنة ثمانين،فمات في سنة ثمانين و بعث إليه بالكفن قبل موته بأيّام (4).

و عن علي بن محمد قال:باع جعفر فيمن باع صبيّة جعفريّة كانت في الدار يربّونها،فبعث بعض العلويين و أعلم المشتري خبرها فقال المشتري:قد طابت نفسي بردّها و أن لا أرزأ من ثمنها شيئا،فخذها،فذهب العلويّ فأعلم أهل الناحية الخبر فبعثوا إلي المشتري بأحد و أربعين دينارا و أمروه بدفعها إلي صاحبها (5).

و عن الحسين بن الحسن العلوي قال:كان رجل من ندماء روز حسني و آخر معه فقال له:هو ذا يجبي الأموال و له وكلاء و سمّوا جميع الوكلاء في النواحي و أنهي ذلك إلي عبيد اللّه بن سليمان الوزير،فهمّ الوزير بالقبض عليهم فقال السلطان:اطلبوا أين هذا الرجل فإنّ هذا أمر غليظ،فقال عبيد اللّه بن سليمان:نقبض علي الوكلاء،فقال السلطان:لا و لكن دسّوا لهم قوما لا يعرفون بالأموال،فمن قبض منهم شيئا قبض عليه،قال:فخرج بأن يتقدم إلي جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئا و أن يمتنعوا من ذلك و يتجاهلوا الأمر،فاندسّ لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه و خلا به فقال:معي مال أريد أن أوصله،فقال له محمد:غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئا،فلم يزل يتلطّفه و محمد يتجاهل عليه،و بثّوا الجواسيس و امتنع الوكلاء كلّهم لما كان تقدّم إليهم (6).

و عن علي بن محمد قال:خرج نهي عن زيارة مقابر قريش و الحيرة فلمّا كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي فقال له:الق بني الفرات و البرسيّين و قل لهم:لا يزوروا مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقّد كلّ من زار فيقبض عليه (7).1.

ص: 105


1- الكافي:523/1.
2- الكافي:524/1 ح 24.
3- الكافي:524/1 ح 26.
4- الكافي:524/1 ح 27.
5- الكافي:524/1 ح 29.
6- الكافي:525/1 ح 30.
7- الكافي:525/1 ح 31.

الآيات النازلة في الإمام المهدي عليه السّلام

اشارة

جلّ هذه الآيات مأخوذة من كتابي إلزام الناصب و إكمال الكمال.

الآية الاولي:قوله عزّ و جلّ: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُديً لِلْمُتَّقِينَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ

الآية الاولي:قوله عزّ و جلّ: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُديً لِلْمُتَّقِينَ* اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (1)

عن الصادق عليه السّلام:المتّقون شيعة علي و الغيب هو الحجّة عليه السّلام (2)،و شاهد ذلك قوله تعالي: وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (3)عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:طوبي للصابرين في غيبته،طوبي للمقيمين علي محبّتهم أولئك من وصفهم اللّه في كتابه فقال تعالي اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قال:أولئك حزب اللّه ألا إنّ حزب اللّه هم الغالبون (4).

الآية الثانية:قوله تعالي فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً

الآية الثانية:قوله تعالي فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً (5)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:يعني أصحاب القائم عجّل اللّه فرجه الثلاثمائة و البضعة عشر.

قال عليه السّلام:هم و اللّه الأمّة المعدودة يجتمعون و اللّه في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف، فيبايعونه بين الركن و المقام و معه عهد من رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و قد توارثته الأبناء عن الآباء (6).و في ذيل هذه الآية نقل رحمه اللّه عن كتاب مسند فاطمة سلام اللّه عليها أسماء الأصحاب و بلدهم و عددهم ذكرناها في الفرع الرابع من الغصن السابع لا حاجة بذكرهم.

و في غيبة النعماني:قال الصادق عليه السّلام:نزلت الآية في القائم و أصحابه يجمعون علي غير ميعاد (7).

في المجمع عنهم عليهم السّلام:إنّ المراد به أصحاب المهدي في آخر الزمان.و عن الرضا عليه السّلام:

و ذلك و اللّه أن لو قام قائمنا يجمع اللّه جميع شيعتنا من جميع البلدان (8).

الآية الثالثة:قوله تعالي وَ إِذِ ابْتَلي إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ

الآية الثالثة:آية أخري جعلتها رابعة و الرابعة خامسة و هكذا قوله تعالي وَ إِذِ ابْتَلي إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (9)الآية في الخصال عن مفضل بن عمر عن الصادق عليه السّلام قال:سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ إِذِ ابْتَلي إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ما هذه الكلمات؟قال:هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه و هو أنّه قال:يا رب أسألك بحقّ محمّد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت علي،فتاب اللّه عليه إنّه هو التوّاب الرحيم.فقلت:يا بن رسول اللّه فما يعني عزّ و جلّ بقوله

ص: 106


1- سورة البقرة،الآية:1-3.
2- كمال الدين:340 ح 20 باب 33.
3- سورة الأعراف،الآية:71.
4- ينابيع المودّة:285/3،و البحار:306/36.
5- سورة البقرة،الآية:148.
6- تفسير البرهان:162/1 ح 4.
7- غيبة النعماني:160.
8- مجمع البيان:429/1.
9- سورة البقرة،الآية:124.

فَأَتَمَّهُنَّ ؟قال:يعني فأتمهنّ إلي القائم إثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين...الحديث (1).

الآية قوله تعالي مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ (2).

في تفسير البرهان عن العياشي عن الفضل بن محمّد الجعفي عن الصادق عليه السّلام قال:الحبّة فاطمة و السبعة السنابل سبعة من ولدها سابعها قائمهم.قلت:الحسن.قال:إنّ الحسن إمام من اللّه مفترض الطاعة و لكن ليس من السنابل السبعة أوّلهم الحسين و آخرهم القائم.قلت:قوله فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ فقال:يولد للرجل منهم في الكوفة مائة من صلبه و ليس ذاك إلاّ هؤلاء السبعة (3).

قال الشيخ الحائري:ينافي هذا الخبر من أنّ الحسين و التسعة من ولده عشرة و عاشرهم قائمهم:أن يحمل السبعة سبعة أسماء و هم حسين و عليّون ثلاث و محمّدان اثنان و جعفر و موسي و الحسن و القائم.

قوله تعالي: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ (4)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:لا بدّ و أن يكون قدام قيام القائم سنة يجوع فيها الناس و يصيبهم خوف شديد من القتل و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و إنّ ذلك في كتاب اللّه لبيّن (5).

و عن أبي جعفر عليه السّلام:الجوع جوع خاصّ و جوع عامّ،فأمّا العام فهو بالشام فإنّه عام،و أمّا الخاص بالكوفة يخصّ و لا يعمّ و لكن يخصّ بالكوفة أعداء آل محمّد فيهلكهم اللّه بالجوع،و أمّا الخوف فإنّه عام بالشام و ذلك الخوف إذا قام القائم و أمّا الجوع فقبل قيام القائم عليه السّلام (6).

في الإكمال عن محمد بن مسلم سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:إنّ لقيام القائم علامات تكون من اللّه عزّ و جلّ للمؤمنين.قلت:و ما هي جعلني اللّه فداك؟قال:قول اللّه عزّ و جلّ وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ يعني المؤمنين قبل خروج القائم بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ قال:نبلوهم بشيء من اَلْخَوْفِ ملوك بني فلان في آخر سلطانهم وَ الْجُوعِ بغلاء أسعارهم وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ قال:كساد التجارات و قلّة الفضل و نقص من الأنفس قال:موت ذريع (7)وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ قلّة ريع ما يزرع وَ بَشِّرِ الصّابِرِينَ عند ذلك بخروج القائم (8).7.

ص: 107


1- الخصال:304 الكلمات التي ابتلي إبراهيم ربّه فأتمهن ح 84.
2- سورة البقرة،الآية:261.
3- تفسير العياشي:147/1.
4- سورة البقرة،الآية:155.
5- غيبة النعماني:168.
6- المصدر السابق.
7- الموت الذريع:السريع و الفجأة.
8- كمال الدين:649 ح 3 باب 57.

الآية الرابعة:قوله تعالي مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ

الآية الرابعة:في أواخر سورة البقرة قوله تعالي مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ (1)في غيبة النعماني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الذي قال اللّه تعالي مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ و إنّ أصحاب القائم عليه السّلام يبتلون بمثل ذلك (2).

قوله تعالي في سورة آل عمران وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (3)عن أبي الحسن عليه السّلام:أنزلت في القائم إذا خرج باليهود و النصاري و الصابئين و الزنادقة و أهل الردة و الكفّار في شرق الأرض و غربها فعرض عليه السّلام عليهم الإسلام فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة و الزكاة و ما يؤمر به المسلم و يوحّد اللّه،و من لم يسلم ضرب عنقه حتّي لا يبقي في المشارق و المغارب أحد إلاّ وحّد اللّه.قلت:جعلت فداك إنّ الخلق أكثر من ذلك؟فقال:إنّ اللّه إذا أراد أمرا قلّل الكثير و كثّر القليل (4).

الآية الخامسة:قوله تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

الآية الخامسة:قوله تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (5)

عن الباقر عليه السّلام:إصبروا علي أداء الفرائض و صابروا عدوّكم و رابطوا إمامكم المنتظر (6).

الآية السادسة:قال اللّه تعالي تِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ

الآية السادسة:قال اللّه تعالي تِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ (7)

في البحار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:ما زال منذ خلق اللّه آدم دولة للّه و دولة لإبليس فأين دولة الله؟ما هو إلاّ قائم واحد (8).

الآية السابعة:قال اللّه تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلي أَدْبارِها

الآية السابعة:قال اللّه تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلي أَدْبارِها (9)

عن أبي جعفر عليه السّلام لجابر الجعفي:إلزم الأرض و لا تحرّك يدا و لا رجلا حتّي تري علامات أذكرها لك و ما أراك تدرك ذلك،و لكن حدّث به بعدي..

إلي أن يقول:و لا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر يحوّل اللّه وجوههم في أقفيتهم و هم من كلب،و فيهم نزلت هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ الخ (10).

الآية الثامنة:قال اللّه تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

الآية الثامنة:قال اللّه تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (11)

ص: 108


1- سورة البقرة،الآية:249.
2- غيبة النعماني:316 ح 13 باب 12.
3- سورة آل عمران،الآية:83.
4- تفسير العياشي:183/1 في سورة آل عمران ح 82.
5- سورة آل عمران،الآية:200.
6- تأويل الآيات:133 و غيبة النعماني:199 ح 13 باب 11.
7- سورة آل عمران،الآية:140.
8- البحار:54/51 ح 38.
9- سورة النساء،الآية:47.
10- الاختصاص:255 حديث في زيارة المؤمن لله.و غيبة النعماني:279.
11- سورة النساء،الآية:59.

عن جابر بن يزيد الجعفي قال:سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري يقول:لما أنزل اللّه علي نبيّه محمّد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الخ قلت:يا رسول اللّه عرفنا اللّه و رسوله فمن أولي الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟فقال:هم خلفائي يا جابر و أئمّة المسلمين من بعدي؛أوّلهم علي بن أبي طالب ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثمّ علي بن الحسين ثمّ محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ستدركه يا جابر فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام،ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ثمّ موسي بن جعفر ثمّ علي بن موسي ثمّ محمّد بن علي ثمّ علي بن محمّد ثمّ الحسن بن علي ثمّ سميّي و كنيّي حجّة اللّه في أرضه و بقيّته في عباده ابن الحسن بن علي عليهم السّلام،ذاك الذي يفتح اللّه تعالي ذكره مشارق الأرض له،ذاك الذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبة لا يثبت فيها علي القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان.قال جابر:قلت له:يا رسول اللّه فهل يقع لشيعته الإنتفاع به في غيبته؟فقال عليه السّلام:إي و الذي بعثني بالنبوّة إنّهم يستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس و إن تجلاّها سحاب.يا جابر هذا من مكنون سرّ اللّه و مخزون علمه فاكتمه إلاّ عن أهله (1).

الآية التاسعة:قال اللّه تعالي وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً

الآية التاسعة:قال اللّه تعالي وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (2)

في الدمعة عن تفسير القمي عن الصادق عليه السّلام:النبيّين رسول اللّه و الصدّيقين علي و الشهداء الحسن و الحسين و الصالحين الأئمّة وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً القائم من آل محمّد (3).

الآية العاشرة:قوله تعالي أَ لَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ إلي قوله تعالي لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلي أَجَلٍ قَرِيبٍ

الآية العاشرة:قوله تعالي أَ لَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ إلي قوله تعالي لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلي أَجَلٍ قَرِيبٍ (4)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال:و الله،الذي صنعه الحسن بن علي كان خيرا لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس،فو اللّه لقد نزلت هذه الآية أَ لَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنّما هي طاعة الإمام و طلب القتال فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين عليه السّلام قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلي أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ (5)أرادوا تأخير ذلك إلي القائم (6).

الآية الحادية عشرة:قوله تعالي وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً

الآية الحادية عشرة:قوله تعالي وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (7)

عن الباقر عليه السّلام:إنّ عيسي قبل القيامة ينزل إلي الدنيا فلا يبقي أهل ملّة يهودي و لا غيره إلاّ آمن به قبل موته و يصلّي خلف المهدي عليه السّلام (8).

ص: 109


1- كمال الدين:253 ح 3 باب نص الله عليه.
2- سورة النساء،الآية:69.
3- تفسير القمّي:104/2.
4- سورة النساء،الآية:77-78.
5- سورة إبراهيم،الآية:44.
6- تفسير العياشي:258/1 ح 196.
7- سورة النساء،الآية:159.
8- تفسير القمي:158/1 من سورة النساء.

الآية الثانية عشرة:قوله تعالي اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ

الآية الثانية عشرة:قوله تعالي اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ (1)

.

في البحار:يوم يقوم القائم يئس بنو أمية فهم الذين كفروا يئسوا من آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم (2).

الآية الثالثة عشرة:قال اللّه تعالي وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصاري أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ

الآية الثالثة عشرة:قال اللّه تعالي وَ مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصاري أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ (3)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:لا تشتروا من السودان أحدا فإن كان و لا بدّ فمن النوبة فإنّهم مِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنّا نَصاري أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ أما إنهم سيذكرون ذلك الحظّ و سيخرج مع القائم منّا عصابة منهم،و لا تنكحوا من الأكراد أحدا فإنّهم جنس من الجنّ كشف عنهم الغطاء (4).

الآية الرابعة عشرة:قوله تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ -إلي قوله-

أَعِزَّةٍ عَلَي الْكافِرِينَ (5)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ صاحب هذا الأمر محفوظ له،لو ذهب الناس جميعا أتي اللّه بأصحابه و هم الذين قال اللّه فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (6)و هم الذين قال اللّه فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكافِرِينَ (7).

الآية الخامسة عشرة:قوله تعالي فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّي إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ

الآية الخامسة عشرة:قوله تعالي فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّي إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (8)

عن أبي جعفر عليه السّلام:أمّا قوله فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني دولتهم في الدنيا و ما بسط لهم فيها،و أمّا قوله حَتّي إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ يعني قيام القائم (9).

الآية السادسة عشرة:قوله تعالي فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ

الآية السادسة عشرة:قوله تعالي فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (10)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية أي قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ إلي أَعِزَّةٍ عَلَي الْكافِرِينَ (11).

الآية السابعة عشرة:قوله تعالي هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ

الآية السابعة عشرة:قوله تعالي هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (12)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:الآيات الأئمّة و الآية المنتظرة

ص: 110


1- سورة المائدة،الآية:3.
2- البحار:55/51 ح 39.
3- سورة المائدة،الآية:14.
4- عوالي اللئالي:302/3 باب النكاح.
5- سورة الحجرات،الآية:54.
6- سورة الأنعام،الآية:89.
7- تأويل الآيات:155.
8- سورة الأنعام،الآية:44.
9- تفسير القمي:200/1 مورد الآية من الأنعام.
10- سورة الأنعام،الآية:89.
11- تفسير العياشي:326/1 من المائدة ح 135 و 369 ح 56.
12- سورة الأنعام،الآية:158.

القائم فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف و إن آمنت بما تقدّم من آبائه (1).

الآية الثامنة عشرة:قوله تعالي المص

الآية الثامنة عشرة:قوله تعالي المص (2)

في البحار و الدمعة و المحجّة (3)عن أبي جعفر عليه السّلام لأبي لبيد:إنّه يملك من ولد العبّاس إثنا عشر يقتل بعد الثامن منهم أربعة فتصيب أحدهم الذبحة فتذبحه فئة قصيرة أعمارهم،قليلة مدّتهم،خبيثة سيرتهم منهم الفويسق الملقّب بالهادي و الناطق و الغاوي.يا أبا لبيد إنّ في حروف القرآن المقطّعة لعلما جمّا،إنّ اللّه تعالي أنزل الم ذلِكَ الْكِتابُ (4)فقام محمد حتّي ظهر نوره و ثبتت كلمته،و ولد يوم ولد و قد مضي من الألف السابع مائة سنة و ثلاث سنين،ثمّ قال:و تبيانه في كتاب اللّه في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار، و ليس من الحروف المقطعة حرف لا تنقضي الأيّام إلاّ و قائم من بني هاشم عند انقضائه،ثمّ الألف واحد«و اللام»ثلاثون«و الميم»أربعون«و الصاد»تسعون،فذلك مائة و إحدي و ستّون.ثمّ كان بدء خروج الحسين بن علي الم اَللّهُ فلمّا بلغت مدّته قام قائم ولد العبّاس من عند المص و يقوم قائمنا عند انقضائها ب المر فافهم ذلك وعه و اكتمه (5).

فاكهة قال الشيخ الأوحد الشيخ أحمد الإحسائي في بيان الرمز:كان في زماننا رجل من أهل الخلاف يدّعي معرفة الحقيقة و الرمز،فاجتمع ببعض إخواننا المعاصرين لنا و هو شيخنا الشيخ موسي بن محمد الصائغ،فكان بينهما كلام في بعض المسائل فأخبرني بمجلسهما و أنّه كثير الدعوي و هو علي مذهب أهل الخلاف في أنّ الصاحب عليه السّلام في الأصلاب،فأشار إليّ أن أكتب مسألة فيها رمز لا يفهمها حتّي ينكسر،و إن فهمها انكسر؛لأنّها تلزمه مذهب الحقّ ضرورة و عيانا و مشاهدة و كشفا و إشارة و دلالة و حسّا و جفرا و شرعا و غير ذلك حتّي لا يكون له و لمنكره سبيل في أرض أو سماء إلاّ الإقرار أو الانكسار و هي:بسم اللّه الرّحمن الرحيم.

قال الشيخ الحائري:روي أنّه بعد انقضاء المص ب المر يقوم المهدي و الألف قد أتي علي آخر الصاد و الصاد عندكم أوسع من الفخذين فكيف يكون احداهما.و أيضا الواو ثلاثة أحرف ستّة و ألف و ستّة و قد مضت ستّة الأيام و الألف هو التمام و لا كلام فكيف الستّة و الأيّام الأخر و إلاّ لما حصل العود لأنّه سر التنكيس لرمز الرئيس،فإن حصل من الغير الإقرار بالستّة الباقية تمّ الأمر بالحجّة و ظهر الاسم الأعظم بالألفين القائمين بالحرف الذي هو حرفان من الله؛إذ هما أحد عشر

ص: 111


1- كمال الدين:18،و مستدرك سفينة البحار:265/1،و شرح أصول الكافي:262/5.
2- سورة الأعراف،الآية:1.
3- بحار الأنوار للمجلسي 106/52،و انظر الدمعة الساكبة للبهبهاني و المحجة البيضاء للكاشاني.
4- سورة البقرة،الآية:1-2.
5- تفسير العياشي:3/2 في سورة الأعراف ح 3 مع تفاوت.

و بهما ثلاثة عشر فظهروا و الذي هو هاء فأين الفصل؟و لكن الواحد ما بين الستّة و الستّة مقدر بانقضاء المص ب المر فظهر الستّة و الستين في سدسها الذي هو ربعها و تمام السدس الذي هو الربع بالألف المندمجين فيه و سرّه تنزل الألف من النقطة الواسعة بالستّة و الستّة الثاني في الليلة المباركة بالأحد عشر و هي هو الذي هو الستر و الاسم المستتر الأوّل الظاهر في سرّ يوم الخميس، فيستتم السرّ يوم الجمعة و يجري الماء المعين يوم تأتي السماء بدخان مبين،هذا و الكلّ في الواو المنكوسة من الهاء المهموسة فأين الوصل عند مثبت الفصل؟ليس في الواحد و لا بينه غير و إلاّ لكان غير واحد وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (1)تمّ كلامه (2).

قال بعض الفضلاء في حلّ هذا الرمز:هذا الحديث من أخبارهم الصعبة المستصعبة،هذا و احتمال البداء في أخبارهم من غير الحتمية جار،و هو يرفع إشكال عدم المطابقة في بعض التواريخ كما عرفت بل يمكن أن يخبروا بخبر في رجل فيقع في ولده أو يخبروا في ولده فيقع في ولد ولده، فعن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ اللّه أوحي إلي عمران إنّي واهب لك ذكرا سويا مباركا يبرئ الأكمه و الأبرص و يحيي الموتي بإذن اللّه و جاعله رسولا إلي بني إسرائيل،فحدّث عمران بذلك امرأته حنّة و هي أمّ مريم فلمّا حملت بها كان حملها عند نفسها غلاما فلمّا وضعتها قالت: إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثي وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثي (3)أي لا تكون البنت رسولا،يقول اللّه عزّ و جلّ وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ فلمّا وهب اللّه لمريم عيسي كان هو الذي بشّر به عمران و وعده إيّاه،فإذا قلنا في الرجل منّا شيئا فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك (4).

و في العوالم عن غيبة الطوسي قال أبو عبد اللّه:كان هذا الأمر فيّ فأخّره اللّه و يفعل بعد بذريّتي ما يشاء (5).و قال:قد يقوم الرجل بعدل أو يجور و ينسب إليه،و لم يكن قام به فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده و هو (6)،انتهي.فإذا إذا صدر عنهم توقيت علي حسب التقدير ذلك اليوم و لم يقع في الموعد و لعلّه يقع بعد أيام أو شهور أو سنين،و لا حرج إذا أخبروا عن مجري التقدير و لا كذب.و قد قلنا إنّه لا يقع إذا أخبروا حال التحدّي و إقامة الحجّة فإنّ أغلب توقيتاتهم التي أخبروا عنها و تحيّر العلماء في تطبيقها يحمل علي ذلك و لا تحير بعد هذا،و يمكن أن يكون العدد عدد الأيّام أو الأسابيع أو الشهور أو السنين أو القرون،و يمكن أن يكون نفس العدد العدد الكبير أو العدد الوسيط أو العدد الصغير أو العدد المجموعي أو عدد الزبر أو عدد البيّنات أو هما معا أو عدد3.

ص: 112


1- سورة العنكبوت،الآية:43.
2- في تفسير العياشي قريب منه:203/2 ح 2.
3- سورة آل عمران،الآية:36.
4- تفسير القمي:101/1 في سورة آل عمران.
5- غيبة الشيخ:428 فصل في بيان عمره.
6- الكافي:535/1 ح 3.

الحروف أو الأبجد المعروف أو أبجد المغاربة أو غيرهم أو عدد كبير الأبجد أو عدد صغير الأبجد أو غير ذلك.و من كان من أهل الجفر يقدر علي تطبيق الأعداد مع الحوادث الماضية بوجه من الوجوه و لكن الحوادث الآتية فلا يحصل منها العلم،لأنّ الإنسان لا يعلم أن يحاسب بأي تلك الأعداد و لا علم عندي في قول الإنسان يحتمل و يحتمل،و لا فضل فيه.و قال الفاضل المذكور عند شرح قوله:و أيضا الواو ثلاثة أحرف ستّة ألف و ستّة إلي الرمز الرئيس.

قال الشيخ الحائري:قد مضت الإشارة إلي شرح ذلك و نزيد بيانا بالسر الجفري أنّ اسم الواو و يكتب واو و ألف و واو كما تري،فالواو الأوّل ستّة و هو إشارة إلي الستّة الأيّام في القوس النزولية أو الغيب أو الدهر و الواو الآخر إشارة إلي الستّة الأيّام في الغيب في القوس الصعودية أو الشهادة و الزمان.و قد علم أولوا الألباب أنّ الاستدلال علي ما هنالك لا يعلم إلاّ بما هاهنا،فكما أنّ نزول الأشياء لم يكن إلاّ في الحدود الستّة،صعودها أيضا لا يكون إلاّ في الحدود الستة،و الألف القائم في الواوين هو الولي الواقف علي الطتنجين الناظر في المغربين و المشرقين،و الواو فخذاه و هو قائم بهما قيام ظهور،و هما حيتان قائمتان به،و قد عرفت أنّ الحدود الستّة لا قوام لها بدون جوهر يكون ركن وجودها و قوام شهودها،فلا قوام للواو الأوّل إلاّ بالألف بداهة و هو التمام و لا كلام،فإنّه لا يضرّ بالمخالف فإذا كان العود علي جهة البدء كما قال سبحانه كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (1)فلا بدّ و أن يكون للواو الآخر أيضا ألف،و لما كان الألفان واحدا بين الرئيس في رمزه الحرف بالتنكيس ليعود علي الأوّل فتبيّن و ظهر لمن نظر و أبصر أنّ الواو الثاني يحتاج إلي الألف كما يحتاج إليه الواو الأوّل،فلأجل ذلك نكس الواو الرئيس عجّل اللّه فرجه في رمزه في الاسم الأعظم و هو هذا*111 مم-1111 ه،فنكس الواو ليدل علي دورانه علي الألف الأوّل هكذا وا،فأشار بتنكيس الواو إلي دورانه علي الألف الذي هو قطبها و عليه يدور رحاهما،ظاهر بهما و به قوامهما.إلي هنا مقدار حاجتنا.

الآية التاسعة عشرة:قوله تعالي قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ

الآية التاسعة عشرة:قوله تعالي قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ (2)

،عن كتاب التحصين لابن فهد الحلّي صاحب العدّة في صفات العارفين في القطب الثالث منه عن كتاب زهد النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم بإسناده عن عميرة بن نفيل قال:سمعت النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم يقول:و أقبل علي أسامة بن زيد فقال:يا أسامة.و ساق الحديث إلي أن قال:ثمّ بكي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم حتّي علا بكاؤه و اشتد نحيبه و زفيره و شهيقه،و هاب القوم أن يكلّموه فظنّوا أنّه لأمر قد حدث من السماء،ثمّ إنّه رفع رأسه فتنفّس الصعداء ثمّ قال:أوه أوه،بؤسا لهذه الأمّة،ما ذا يلقي منهم من أطاع اللّه، و يضربون و يكذبون من أجل أنّهم أطاعوا اللّه فأذلّوهم بطاعة اللّه،ألا و لا تقوم الساعة حتّي يبغض الناس من أطاع اللّه و يحبّون من عصي اللّه،فقال عمر:يا رسول اللّه و الناس يومئذ علي الإسلام؟

ص: 113


1- سورة الأعراف،الآية:29.
2- سورة الأعراف،الآية:32.

قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:و أين الإسلام يومئذ يا عمر،إنّ المسلم كالغريب الشريد،ذلك زمان يذهب فيه الإسلام،و لا يبقي إلاّ اسمه،و يندرس فيه القرآن فلا يبقي إلاّ رسمه.قال عمر:يا رسول اللّه و فيما يكذبون من أطاع اللّه و يطردونهم و يعذّبونهم؟فقال:يا عمر ترك القوم الطريق و ركنوا إلي الدنيا و رفضوا الآخرة و أكلوا الطيّبات و لبسوا الثياب المزيّنات و خدمتهم أبناء فارس و الروم،فهم يغتذون في طيب الطعام و لذيذ الشراب و زكي الذبح و مشيد البنيان و مزخرف البيوت و منجد المجالس،يتبرّج الرجل منهم كما تتبرّج الزوجة لزوجها و تتبرّج النساء بالحلي و الحلل المزيّنة،رأيتهم بزيّ يومئذ ذي الملوك الجبابرة يتباهون بالجاه و اللباس،و أولياء اللّه عليهم الفناء،شجية ألوانهم من السهر، و منحنية أصلابهم من القيام،قد لصقت بطونهم بظهورهم من طول الصيام،قد أذهلوا أنفسهم و ذبحوها بالعطش طلبا لرضي اللّه و شوقا إلي جزيل ثوابه و خوفا من أليم عقابه،فإذا تكلّم منهم بحق متكلّم أو تفوّه بصدق قيل له:اسكت فأنت قرين الشيطان و رأس الضلالة،يتأوّلون كتاب اللّه علي غير تأويله و يقولون قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ إلي قوله تعالي هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ عن الصادق عليه السّلام فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها قال:ذلك بعد قيام القائم،و يقول يوم القيامة يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ أي تركوه قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا قال:هذا يوم القيامة أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ أي بطل ما كانُوا يَفْتَرُونَ (1)(2).

الآية العشرون:قوله تعالي قالَ مُوسي لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

الآية العشرون:قوله تعالي قالَ مُوسي لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (3)

.في الدمعة عن الكافي عن أبي جعفر عليه السّلام عن كتاب علي:أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض و نحن المتقون و الأرض كلها لنا فمن أحيي أرضا من المسلمين فليعمرها،و ليؤدّ خراجها إلي الإمام من أهل بيتي و له ما أكل حتّي يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها منهم و يخرجهم كما حواها رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و منعها إلاّ ما كان في أيدي شيعتنا، يقاطعهم علي ما في أيديهم و يترك الأرض في أيديهم (4).

الآية الحادية و العشرون:قوله تعالي اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ إلي قوله اَلْمُفْلِحُونَ

الآية الحادية و العشرون:قوله تعالي اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ إلي قوله اَلْمُفْلِحُونَ (5)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يعني النبي و الوصي و القائم عليهم السّلام،يأمرهم بالمعروف إذا قام و ينهاهم

ص: 114


1- سورة الأعراف،الآية:53.
2- الحديث بتفاوت في التحصين لابن فهد:21 القطب الثالث في فوائدها.
3- سورة الأعراف،الآية:128.
4- الكافي:407/1 ح 1 و تأويل الآيات:184.
5- سورة الأعراف،الآية:157.

عن المنكر،و المنكر من أنكر فضل الإمام و جحده وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أخذ العلم من أهله وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ قول من خالف وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و هي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام و الأغلال التي كانت عليهم وَ الْأَغْلالَ ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام فلمّا عرفوا فضل الإمام وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ و الإصر الذنوب ثمّ نسبهم فقال فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ يعني بالإمام وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يعني الذين اجتنبوا الجبت و الطاغوت أن يعبدوها،و الجبت و الطاغوت فلان و فلان و فلان،و العبادة طاعة الناس لهم،ثمّ قال وَ أَنِيبُوا إِلي رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ (1)ثمّ جزاهم فقال لَهُمُ الْبُشْري فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ (2)و الإمام يبشّرهم بقيام القائم و بظهوره و بقتل أعدائهم و بالنجاة في الآخرة و الورود علي محمّد-صلي اللّه عليه و اله و سلّم الصادقين-علي الحوض (3).

الآية الثانية و العشرون:قوله تعالي وَ مِنْ قَوْمِ مُوسي أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ

الآية الثانية و العشرون:قوله تعالي وَ مِنْ قَوْمِ مُوسي أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (4)

عن المفضل بن عمر،قال أبو عبد اللّه عليه السّلام،إذا ظهر القائم من ظهر هذا البيت (5)بعث اللّه معه سبعة و عشرين رجلا،منهم أربعة عشر رجلا من قوم موسي و هم الذين قال اللّه وَ مِنْ قَوْمِ مُوسي أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ، و أصحاب الكهف سبعة و المقداد و جابر الأنصاري و مؤمن آل فرعون و يوشع بن نون وصيّ موسي (6).

الآية الثالثة و العشرون:قوله تعالي وَ قاتِلُوهُمْ حَتّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ

الآية الثالثة و العشرون:قوله تعالي وَ قاتِلُوهُمْ حَتّي لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ (7)

عن أبي جعفر عليه السّلام:لم يجئ تأويل هذه الآية،و لو قام قائمنا بعد سيري من يدرك ما يكون من تأويل هذه الآية ليبلغن دين محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم ما بلغ الليل حتّي لا يكون شرك علي ظهر الأرض (8).

الآية الرابعة و العشرون:قوله تعالي إِذا تُتْلي عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ

الآية الرابعة و العشرون:قوله تعالي إِذا تُتْلي عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (9)

.

في البحار:يعني تكذيبهم بقائم آل محمد؛إذ يقولون له:لسنا نعرفك و لست من ولد فاطمة كما قال المشركون لمحمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم (10).

الآية الخامسة و العشرون:قوله تعالي وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَي النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ

الآية الخامسة و العشرون:قوله تعالي وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَي النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ (11)

في البحار،قال:خروج القائم و أذان دعوته إلي نفسه (12).

ص: 115


1- سورة الزمر،الآية:54.
2- سورة يونس،الآية:64.
3- الكافي:495/1 باب 108 ح 83 و للحديث صدر.
4- سورة الأعراف،الآية:159.
5- أي بيت الله الحرام،الكعبة المشرفة.
6- دلائل الإمامة:247 معرفة وجوب القائم.
7- سورة الأنفال،الآية:39.
8- تفسير العياشي:56/2 سورة الأنفال ح 48.
9- سورة القلم،الآية:15،و سورة المطففين،الآية 13.
10- البحار:280/24 ح 6.
11- سورة التوبة،الآية:3.
12- البحار:55/51 ح 40.

الآية السادسة و العشرون:قوله تعالي هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

الآية السادسة و العشرون:قوله تعالي هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (1)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:و اللّه ما أنزل تأويلها حتّي يخرج القائم، فإذا خرج القائم لم يبق كافر باللّه و لا مشرك بالإمام إلاّ كره خروجه،حتّي لو كان كافر في بطن صخرة قالت:يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني و اقتله (2).

الآية السابعة و العشرون:قوله تعالي وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ

الآية السابعة و العشرون:قوله تعالي وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (3)

.

في البحار و المحجّة و الدمعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:موسع علي شعيتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف،فإذا قام قائمنا حرم علي كلّ ذي كنز كنزه حتّي يأتيه فيستعين به علي عدوّه،و هو قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (4).

الآية الثامنة و العشرون:قوله تعالي إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ

الآية الثامنة و العشرون:قوله تعالي إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ (5)

عن جابر الجعفي:سألت أبا جعفر عليه السّلام عن تأويل قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ قال:فتنفّس سيدي الصعداء ثمّ قال عليه السّلام:يا جابر أمّا السنة فهي جدّي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و شهورها اثنا عشر شهرا فهو أمير المؤمنين عليه السّلام و إلي الحسن و إلي الحسين و إلي أبي علي زين العابدين و إليّ و إلي ابني جعفر و ابنه موسي و ابنه علي و ابنه محمد و ابنه علي و إلي ابنه الحسن و إلي ابنه محمد الهادي المهدي اثنا عشر إماما،حجج اللّه علي خلقه و أمناؤه علي وحيه و علمه،و الأربعة الحرم الذين هم الدين القيم أربعة منهم يخرجون باسم واحد علي أمير المؤمنين و أبي علي بن الحسين و علي بن موسي و علي بن محمد،فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيم فلا تظلموا أنفسكم، أي قولوا بهم جميعا تهتدوا (6).

الآية التاسعة و العشرون:قوله تعالي وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً

الآية التاسعة و العشرون:قوله تعالي وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (7)

عن أبي جعفر عليه السّلام:قاتلوا المشركين كافّة كما يقاتلونكم كافّة حتّي لا يكون شرك و يكون الدين كلّه لله.

فقال:و لم يجئ تأويل هذه الآية،و لو قد قام قائمنا بعد سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه

ص: 116


1- سورة التوبة،الآية:33.
2- كمال الدين:670 ح 16 و تفسير فرات:481 ح 627.
3- سورة الحجرات،الآية:34.
4- تفسير العياشي:87/2 سورة براءة.
5- سورة التوبة،الآية:36.
6- البرهان:123/2 ح 5.
7- سورة التوبة،الآية:36.

الآية،و ليبلغن دين محمّد ما بلغ الليل حتّي لا يكون شرك علي ظهر الأرض كما قال اللّه تعالي (1).

الآية الثلاثون:قوله تعالي وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ

الآية الثلاثون:قوله تعالي وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (2)

عن الصادق عليه السّلام:المتّقون شيعة علي،و الغيب الحجّة القائم (3).

الآية الحادية و الثلاثون:قوله تعالي قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ

الآية الحادية و الثلاثون:قوله تعالي قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (4)

في الدمعة عن أبي جعفر عليه السّلام:فهو عذاب ينزل في آخر الزمان علي فسقة أهل القبلة و هم يجحدون نزول العذاب عليهم (5).

الآية الثانية و الثلاثون:قوله تعالي حَتّي إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً

الآية الثانية و الثلاثون:قوله تعالي حَتّي إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً (6)

عن الصادق عليه السّلام قال:نزلت في بني فلان ثلاث آيات:

قوله عزّ و جلّ حَتّي إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ إلي أَوْ نَهاراً يعني القائم بالسيف فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ و قوله عزّ و جلّ و لو فتحنا عليهم بركات كُلِّ شَيْءٍ حَتّي إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (7)قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:بالسيف،و قوله عزّ و جلّ فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلي ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ يعني القائم يسأل بني فلان عن كنوز بني أمية (8).

و في غيبة النعماني عن محمد بن بشير قال:سمعت محمد ابن الحنفية أنّ قبل رايتنا راية لآل جعفر و أخري لآل مرداس-بنو مرداس كناية عن بني العبّاس-فأمّا راية آل جعفر فليست بشيء و لا إلي شيء،فغضبت و كنت أقرب الناس إليه فقلت:جعلت فداك إنّ قبل راياتكم رايات؟

قال:أي و اللّه إن لبني مرداس ملكا موطدا لا يعرفون في سلطانهم شيئا من الخير،سلطانهم عسر ليس فيه يسر،يدنون فيه البعيد و يقصون فيه القريب حتّي إذا أمنوا مكر اللّه و عقابه صيح بهم صيحة لم يبق لهم مناد يسمعهم و لا جماعة يجتمعون إليها و قد ضربهم اللّه مثلا في كتابه حَتّي إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً الآية،ثمّ حلف محمد ابن الحنفية باللّه أنّ هذه الآية نزلت فيهم فقلت:جعلت فداك لقد حدّثتني عن هؤلاء بأمر عظيم فمتي يهلكون؟

فقال:ويحك يا محمد إنّ اللّه خالف علمه علم الموقّتين،و إنّ موسي وعد قومه و كان في علم

ص: 117


1- تفسير العياشي:56/2 سورة الأنفال.
2- سورة يونس،الآية:20.
3- كمال الدين:340 ح 20 باب ما روي عن الصادق من النصّ علي القائم(33).
4- سورة يونس،الآية:51.
5- تفسير القمي:312/1 في سورة يونس.
6- سورة يونس،الآية:24.
7- سورة الأنعام،الآية:45.
8- دلائل الإمامة:469 ح 456 ط.مؤسسة البعثة.

اللّه زيادة عشرة أيّام لم يخبر بها موسي فكفر قومه و اتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت، و إنّ يونس وعد قومه العذاب و كان في علم اللّه أن يعفو عنهم و كان من أمره ما قد علمت،و لكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت و قال الرجل بتّ بغير عشاء حتّي يلقاك الرجل بوجه ثمّ يلقاك بوجه آخر قلت هذه الحاجة قد عرفتها فما الأخري و أي شيء هي؟قال:يلقاك بوجه طلق فإذا جئت تستقرضه قرضا لقيك بغير ذلك الوجه فعند ذلك تقع الصيحة من قريب (1).

الآية الثالثة و الثلاثون:قوله تعالي قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدي فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ

الآية الثالثة و الثلاثون:قوله تعالي قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدي فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (2)

عن عبد الرّحمن بن مسلمة الجريري قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يوبخوننا و يكذّبوننا أنّا نقول:صيحتان يكونان،يقولون:من أين يعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟قال:فما تردّون عليهم؟قلت:ما نردّ عليهم شيئا.قال:قولوا يصدق بها إذا كان من يؤمن بها من قبل إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدي فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (3).

الآية الرابعة و الثلاثون:قوله تعالي في سورة هود مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمي وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَ فَلا تَذَكَّرُونَ

الآية الرابعة و الثلاثون:قوله تعالي في سورة هود مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمي وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَ فَلا تَذَكَّرُونَ (4)

في مجمع النورين و ملتقي البحرين للشيخ أبي الحسن المرندي عن عبد اللّه البشار الأخ الرضاعي للحسين بن علي عليهما السّلام في حديث طويل له عن الحسين عليه السّلام قال:اختلاف الصنفين من العجم في لفظ كلمة عدل إلي أن يقول:و يسفك فيهم دماء كثيرة و يقتل منهم ألوف ألوف ألوف و خروج الشروس من بلاد الأرومية إلي أذربايجان يسمّي بالتبريز،يريد وراء الري الجبل الأحمر بالجبل الأسود لزيق جبال طالقان-فتكون بين الشروس (5)و المروزي وقعة صيلمانية يشيب منه الصغير و يهرم منه الكبير،اللّه الله فتوقّعوا خروجه إلي الزوراء و هي بغداد و هي أرض مشؤومة،هي أرض ملعونة،و يبعث جيشه إلي الزوراء،مائة و ثلاثون ألف و يقتل علي جسرها إلي مدّة ثلاثة أيّام سبعون ألف نفس و يفتض اثنا عشر ألف بكر،و تري ماء الدجلة محمّرا من الدم و من نتن الأجساد (6).

من سورة الشعراء و من سورة هود قوله تعالي وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلي أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ (7)عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:العذاب خروج القائم و الأمّة المعدودة أهل بدر و أصحابه (8).

الآية الخامسة و الثلاثون:قوله تعالي لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلي رُكْنٍ شَدِيدٍ

الآية الخامسة و الثلاثون:قوله تعالي لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلي رُكْنٍ شَدِيدٍ (9)

عن أبي

ص: 118


1- غيبة النعماني:290 باب ما جاء في المنع عن التوقيت.
2- سورة يونس،الآية:35.
3- البرهان:185/2 ح 3.
4- سورة هود،الآية:24.
5- في المصدر:السروسي.
6- كمال الدين:469 باب ذكر من شاهد القائم ح 22 بتفاوت.
7- سورة هود،الآية:8.
8- غيبة النعماني:241 ح 36 باب صفته.
9- سورة هود،الآية:80.

عبد اللّه عليه السّلام قال:قوّة القائم و الركن الشديد الثلاثمائة و الثلاثة عشر أصحابه،و قال عليه السّلام:ما كان قول لوط عليه السّلام لقومه لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلي رُكْنٍ شَدِيدٍ إلاّ تمنيا لقوّة القائم،و لا الركن إلاّ شدّة أصحابه فإنّ الرجل منهم يعطي قوّة أربعين رجلا و إنّ قلبه أشدّ من زبر الحديد،لو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت،لا يكفون سيوفهم حتّي يرضي اللّه عزّ و جلّ (1).

الآية السادسة و الثلاثون:قوله تعالي حَتّي إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا

الآية السادسة و الثلاثون:قوله تعالي حَتّي إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (2)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:جاء رجل إلي أمير المؤمنين عليه السّلام فشكا إليه طول دولة الجور فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام:و اللّه لا يكون ما تأملون حتّي يهلك المبطلون و يضمحل الجاهلون و يأمن المتّقون،و قليل ما يكون حتّي لا يكون لأحدكم موضع قدمه،و حتّي تكونوا علي الناس أهون من الميتة عند صاحبها،فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر اللّه و الفتح و هو قول ربّي عزّ و جلّ في كتابه حَتّي إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (3).

الآية السابعة و الثلاثون: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسي بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَي النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ

الآية السابعة و الثلاثون: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسي بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَي النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ (4)

.

تفسير علي بن إبراهيم:قال:«أيام اللّه ثلاثة:يوم القائم صلوات اللّه عليه،و يوم الموت، و يوم القيامة».

أقول:معني أيام اللّه،أيام عذابه و سطوته،كما يقال:أيام العرب،و يراد وقائعها و حروبها (5).

الآية الثامنة و الثلاثون:قوله تعالي قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ ...

الآية الثامنة و الثلاثون:قوله تعالي قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ (6)رَبَّنا أَخِّرْنا إِلي أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ (7)

عن أبي جعفر عليه السّلام:أرادوا تأخير ذلك إلي القائم (8).

الآية التاسعة و الثلاثون:قوله تعالي وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ

الآية التاسعة و الثلاثون:قوله تعالي وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (9)

عن غير واحد ممّن حضر عند أبي عبد اللّه عليه السّلام رجل يقول:قد بنيت دار صالح و دار عيسي بن علي و ذكر دور العباسية،فقال رجل:أرانا اللّه خرابها أو خرّبها بأيدينا،فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام:لا تقل هكذا،بل يكون مساكن القائم و أصحابه،أما سمعت اللّه يقول وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (10).

ص: 119


1- كمال الدين:673 ح 27 باب في نوادر الكتاب.
2- سورة يوسف،الآية:110.
3- دلائل الإمامة:251 معرفة وجوب القائم.
4- سورة إبراهيم،الآية:5.
5- تفسير القمي:367/1،و تفسير الصافي:80/3،و الصراط المستقيم:264/2.
6- سورة النساء،الآية:77.
7- سورة إبراهيم،الآية:44.
8- تفسير العياشي:258/1 مورد الآية.
9- سورة إبراهيم،الآية:45.
10- تفسير العياشي:235/2 مورد الآية.

الآية الأربعون:قوله تعالي وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ

الآية الأربعون:قوله تعالي وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (1)

،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

إنّ مكر بني العبّاس بالقائم لتزول منه قلوب الرجال (2).

الآية الحادية و الأربعون:قوله تعالي شَدِيدُ الْمِحالِ

الآية الحادية و الأربعون:قوله تعالي شَدِيدُ الْمِحالِ (3)

،في غيبة النعماني عن علي عليه السّلام:

إنّ بين يدي القائم سنين خداعة،يكذّب فيها الصادق و يصدّق فيها الكاذب،و يقرّب فيها الماحل و ينطق فيها الرويبضة.فقلت:و ما الرويبضة؟و ما الماحل؟قال عليه السّلام:أو ما تقرأون القرآن قوله وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ قال:يريد المكر،فقلت:و ما الماحل؟قال:يريد المكّار (4).

الآية قوله تعالي أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَ اللّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (5).عن الطبرسي في المجمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:نقصانها ذهاب عالمها (6).و عن القمي قال:موت علمائها (7).

و عن الكافي عن الصادق عليه السّلام نَنْقُصُها يعني بالموت من العلماء،قال:نقصانها ذهاب علمائها (8).

و عن الجوامع:يريد أرض الكفر ننقصها من أطرافها بما يفتح علي المسلمين من بلادهم فننقص بلاد الحرب و نزيد في بلاد الإسلام (9).

الآية الثانية و الأربعون:قوله تعالي قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلي يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلي يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

الآية الثانية و الأربعون:قوله تعالي قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلي يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلي يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (10)

عن الصادق عليه السّلام:أي وقت قيام قائمنا فيأخذ بناصيته و يضرب عنقه،فذلك إلي يوم الوقت المعلوم (11).

الآية الثالثة و الأربعون:قوله تعالي وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ

الآية الثالثة و الأربعون:قوله تعالي وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (12)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ ظاهرها الحمد و باطنها ولد الولد و السابع منها القائم عليه السّلام (13).

الآية الرابعة و الأربعون من سورة النحل:قوله تعالي أَتي أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يُشْرِكُونَ

الآية الرابعة و الأربعون من سورة النحل:قوله تعالي أَتي أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يُشْرِكُونَ (14)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ أوّل من يبايع القائم عليه السّلام جبرئيل،ينزل بصورة طير أبيض فيبايعه،ثمّ يضع رجلا علي بيت اللّه الحرام و رجلا علي بيت المقدس،ثمّ ينادي بصوت ذلق فيسمع الخلائق أَتي أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ (15)(16).

ص: 120


1- سورة إبراهيم،الآية:46.
2- تفسير العياشي:252/2 ح 50.
3- سورة الرعد،الآية:13.
4- غيبة النعماني:278 باب 14.
5- سورة الرعد،الآية:41.
6- مجمع البيان:52/6.
7- تفسير القمّي:367/1 مورد الآية.
8- الكافي:38/1 ح 6.
9- بحار الأنوار:311/3 عن الطبرسي.
10- سورة الحجر،الآية:36-38.
11- دلائل الإمامة:240 معرفة وجوب القائم.
12- سورة الحجر،الآية:87.
13- تفسير العياشي:270/2 سورة الحجر.
14- سورة النحل،الآية:1.
15- سورة النحل،الآية:1.
16- البرهان:360/2 ح 3.

و في غيبة النعماني عن الصادق عليه السّلام قال:هو أمرنا أمر اللّه عزّ و جلّ فلا تستعجل به،يؤيّده بثلاثة أجناد:بالملائكة و بالمؤمنين و بالرعب،و خروجه كخروج رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و ذلك قوله عزّ و جلّ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (1)(2).

الآية الخامسة و الأربعون:قوله تعالي وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلي وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ

الآية الخامسة و الأربعون:قوله تعالي وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلي وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (3)

عن أبي بصير قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ الخ الآية.فقال لي:يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟قلت:إنّ المشركين يزعمون و يحلفون لرسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم أن اللّه لا يبعث الموتي.قال:فقال:تبّا لمن قال هذا،هل كان المشركون يحلفون باللّه أم باللاّت و العزّي؟قال:قلت:جعلت فداك فأوجدنيه.قال:فقال:يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث اللّه إليه قوما من شيعتنا قباع سيوفهم علي عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون:بعث فلان و فلان و فلان من قبورهم و هم مع القائم عليه السّلام فبلغ ذلك قوما من عدوّنا فيقولون:يا معشر الشيعة ما أكذبكم،هذه دولتكم و أنتم تقولون فيها الكذب،لا و اللّه ما عاش هؤلاء و لا يعيشون إلي يوم القيامة.قال:فحكي اللّه قولهم وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ (4).

الآية السادسة و الأربعون:قوله تعالي أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ

الآية السادسة و الأربعون:قوله تعالي أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (5)

سئل أبو عبد اللّه عن قول اللّه في هذه الآية، قال:هم أعداء اللّه و هم يمسخون (6)و يقذفون و يسيحون في الأرض (7).

و في كتاب المحجّة و عن البحار و العوالم عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام يقول:الزم الأرض و لا تحركن يدك و لا رجلك أبدا حتّي تري علامات أذكرها لك في سنة وتر،و تري مناديا ينادي بدمشق،و خسف بقرية من قراها،و تسقط طائفة من مسجدها فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلت الترك حتّي نزلت الجزيرة و أقبلت الروم حتّي نزلت الرملة،و هي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب،و إنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك علي ثلاث رايات:الأصهب و الأبقع و السفياني مع بني ذنب الحمار مضر،و مع السفياني أخواله كلب،يظهر السفياني و من معه علي بني ذنب الحمار و هي الآية التي يقول اللّه تبارك و تعالي فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (8).

و يظهر السفياني و من معه حتّي لا يكون له همّة إلاّ آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و شيعتهم فيبعث بعثا إلي

ص: 121


1- سورة الأنفال،الآية:5.
2- غيبة النعماني:243 ح 43 باب 13.
3- سورة النحل،الآية:38.
4- تأويل الآيات:258 مورد الآية.
5- سورة النحل،الآية:45.
6- الظاهر انّ المراد قوم السفياني خ ل.
7- تفسير العياشي:261/2 سورة النحل.
8- سورة مريم،الآية:37.

الكوفة فيصاب بأناس من شيعة آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم بالكوفة قتلا و صلبا،و تقبل راية من خراسان حتّي تنزل ساحل الدجلة،يخرج رجل من الموالي ضعيف و من تبعه فيصاب بظهر الكوفة و يبعث بعثا إلي المدينة فيقتل بها رجلا و يهرب المهدي و المنصور منها و يؤخذ آل محمّد صغيرهم و كبيرهم لا يترك منهم أحد إلاّ حبس،و يخرج الجيش في طلب الرجلين و يخرج المهدي عجل اللّه فرجه منها علي سنّة موسي خائفا يترقّب حتّي يقدم مكّة و يقبل الجيش حتّي إذا نزلوا البيداء و هو جيش الهملات و خسف بهم فلا يفلت منهم إلاّ مخبر،فيقوم القائم عجل اللّه فرجه بين الركن و المقام فيصلّي و ينصرف و معه وزيره فيقول:يا أيّها الناس إنّا نستنصر اللّه علي من ظلمنا و سلب حقّنا من يحاجّنا في اللّه فإنّا أولي الناس باللّه،و من يحاجّنا في آدم فإنّا أولي الناس بآدم،و من حاجّنا في نوح فإنّا أولي الناس بنوح و من حاجّنا في إبراهيم فإنّا أولي الناس بإبراهيم عليه السّلام،و من حاجّنا بمحمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم فإنّا أولي الناس بمحمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،و من حاجّنا في النبيّين فنحن أولي الناس بالنبيّين،و من حاجّنا في كتاب اللّه فنحن أولي الناس بكتاب اللّه،إنّا نشهد و كلّ مسلم اليوم أنّا قد ظلمنا و طردنا و بغي علينا و أخرجنا من ديارنا و أموالنا و أهالينا.إنّا نستغفر اللّه اليوم و كل مسلم،و يجيء و اللّه ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكّة علي غير ميعاد قزعا كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضا و هي الآية التي قال اللّه تعالي: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)فيقول رجل من آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم اخرج منها و هي القرية الظالم أهلها ثمّ يخرج من مكة هو و من معه الثلاثمائة و بضعة عشر يبايعونه بين الركن و المقام،معه عهد نبي اللّه و رايته و سلاحه و وزيره معه،فينادي المنادي بمكة باسمه و أمره من السماء حتّي يسمعه أهل الأرض كلّهم،اسمه اسم نبي ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي اللّه و رايته و سلاحه و النفس الزكية من ولد الحسين عليه السّلام فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه و أمره،و إيّاك و شذاذ من آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم فإنّ لآل محمّد و علي راية و لغيرهم رايات فالزم الأرض و لا تتبع منهم رجلا أبدا حتي تري رجلا من ولد الحسين عليه السّلام معه عهد نبي اللّه و رايته و سلاحه فإنّ عهد نبي اللّه صار عند علي بن الحسين ثمّ صار عند محمد بن علي و يفعل اللّه ما يشاء،فالزم هؤلاء أبدا و إيّاك و من ذكرت لك فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا و معه راية رسول اللّه عامدا إلي المدينة حتّي يمرّ بالبيداء حتّي يقول هذا مكان القوم الذي يخسف بهم و هي الآية التي قال اللّه أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا (2)إلي فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (3).

فإذا قدم المدينة أخرج محمد بن الشجري علي سنّة يوسف،ثمّ يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء اللّه أن يمكث حتّي يظهر عليها،ثمّ يسير حتّي يأتي العذرا هو و من معه و قد لحق به ناس كثير6.

ص: 122


1- سورة البقرة،الآية:148.
2- سورة النحل،الآية:45.
3- سورة النحل،الآية:46.

و السفياني يومئذ بوادي الرملة حتّي إذا التقوا و هم يوم الأبدال يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و يخرج ناس كانوا مع آل محمد إلي السفياني،فهم من شيعته حتي يلحقوا بهم، و يخرج كل ناس إلي رايتهم و هو يوم الأبدال.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام:يقتل يومئذ السفياني و من معه حتّي لا يترك منهم مخبر،و الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب،ثم يقبل إلي الكوفة فيكون منزله بها فلا يترك عبدا مسلما إلاّ اشتراه و أعتقه و لا غارما إلاّ قضي دينه و لا مظلمة لأحد من الناس إلاّ ردّها و لا يقتل منهم عبد إلاّ أدّي ثمنه دية مسلمة إلي أهلها و لا يقتل قتيل إلاّ قضي عنه دينه و ألحق عياله في العطاء حتّي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا و عدوانا و يسكن هو و أهل بيته الرحبة،و الرحبة إنّما كان مسكن نوح و هي أرض طيّبة و لا يسكن رجل من آل محمّد و لا يقتل إلاّ بأرض طيّبة زاكية فهم الأوصياء الطيّبون (1).

الآية السابعة و الأربعون:قوله تعالي وَ قَضَيْنا إِلي بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ إلي قوله تعالي وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً

الآية السابعة و الأربعون:قوله تعالي وَ قَضَيْنا إِلي بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ إلي قوله تعالي وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (2)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في هذه الآية لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ قال:قتل أمير المؤمنين عليه السّلام و طعن الحسن بن علي وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً قال:قتل الحسين،و الكرّة الرجعة (3).

و في الصافي في ذيل(لكم الكرة)أن في الحديث:هي خروج الحسين في سبعين من أصحابه،عليهم البيض المذهبة لكل بيضة و جهان،يؤدّون إلي الناس أنّ هذا الحسين قد خرج حتّي لا يشكّ المؤمنون فيه،و أنّه ليس بدجّال و لا شيطان،و الحجّة القائم بين أظهرهم،فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين جاء الحجّة الموت فيكون هو الذي يغسّله و يكفّنه و يحنّطه و يلحده في حفرته،و لا يلي الوصي إلاّ الوصي فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما قال:إذا جاء نصر الحسين بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قوم يبعثهم اللّه قبل قيام القائم عليه السّلام ثمّ لا يدعون لآل محمّد وترا إلاّ أخذوه وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولاً (4).

و عن كتاب سرور أهل الايمان و في البحار عن أصبغ بن نباتة قال:سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول للناس:سلوني قبل أن تفقدوني لأنّي بطرق السماء أعلم من العلماء و بطرق الأرض أعلم من العالم،أنا يعسوب الدين أنا يعسوب المؤمنين و إمام المتّقين و ديّان الناس يوم الدين،أنا قسيم النار و خازن الجنان و صاحب الحوض و الميزان و صاحب الأعراف فليس منّا إمام إلاّ و هو عارف بجميع

ص: 123


1- بحار الأنوار:225/52 ح 87 باب 25.
2- سورة الإسراء،الآية:4-5.
3- تفسير العياشي:281/2 سورة الإسراء،ح 20.
4- تفسير الصافي:3 ح 179.

أهل ولايته و ذلك قوله تعالي: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ألا أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني قبل أن تشغر برجلها (1)فتنة شرقية و تطأ في خطامها بعد موتها و حياتها و تشبّ نار بالحطب الجزل من غربي الأرض رافعة ذيلها تدعو يا ويلها لرحله و مثلها فإذا استدار الفلك قلتم:مات أو هلك بأي واد سلك فيومئذ تأويل هذه الآية ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً.

و لذلك آيات أوّلهن إحصار الكوفة بالرصد و الخندق و تخريق الزوايا في سكك الكوفة و تعطيل المساجد أربعين ليلة و كشف الهيكل و خفق رايات حول المسجد الأكبر تهتزّ،القاتل و المقتول في النار،و قتل سريع و موت ذريع،و قتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين و المذبوح بين الركن و المقام و قتل الأسقع (2)صبرا في بيعة الأصنام و خروج السفياني براية حمراء أميرها رجل من بني كلب،و اثنا عشر ألف عنان من خيل السفياني يتوجّه إلي مكّة و المدينة،أميرها رجل من بني أميّة يقال له خزيمة،أطمس العين الشمال علي عينه ظفرة غليظة،يتمثّل بالرجال،لا ترد له راية حتّي ينزل المدينة في دار يقال لها دار أبي الحسن الأموي،و يبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد و قد اجتمع إليه ناس من الشيعة،يعود إلي مكّة،أميرها رجل من غطفان إذا توسط القاع الأبيض خسف بهم فلا ينجو إلاّ رجل يحوّل اللّه وجهه إلي قفاه لينذرهم و يكون آية لمن خلفهم و يومئذ تأويل هذه الآية وَ لَوْ تَري إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (3).

و يبعث مائة و ثلاثين ألفا إلي الكوفة و ينزلون الروحاء و الفاروق فيسير منها ستّون ألفا حتّي ينزلوا الكوفة موضع قبر هود بالنخيلة فيهجمون عليهم يوم الزينة و أمير الناس جبّار عنيد يقال له الكاهن الساحر فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة و يقتل علي جسرها سبعون ألفا حتّي تحمي الناس من الفرات ثلاثة أيّام من الدماء و نتن الأجساد و يسبي من الكوفة سبعون ألف بكر لا يكشف عنها كفّ و لا قناع حتي يوضعن في المحامل و يذهب بهن إلي الثوية و هي الغري،ثمّ يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك و منافق حتّي يقدموا دمشق لا يصدّهم عنها صاد و هي إرم ذات العماد،و تقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة،ليست بقطن و لا كتّان و لا حرير،مختوم في رأس القنا بخاتم السيّد الأكبر،يسوقها رجل من آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم تظهر بالمشرق و توجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر يسير الرعب أمامها بشهر حتّي ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم،فبينما هم علي ذلك إذ أقبلت خيل اليماني و الخراساني تستبقان كأنّهما فرسي رهان،شعث غبر جرد أصحاب نواطي و أقداح،إذا نظرت أحدهم برجله باطنه (4)فيقول:لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا،اللهمّ فإنّا التائبون،و هم الأبدال الذين وصفهم اللّه في كتابه العزيز إِنَّ اللّهَ يُحِبُّر.

ص: 124


1- تشغر برجلها:ترفعها لتبول.
2- في بعض المصادر:الاسبغ.
3- سورة السبأ،الآية:51.
4- كذا في المصدر.

اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (1) و نظراؤهم من آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و يخرج رجل من أهل نجران يستجيب للإمام فيكون أوّل النصاري إجابة فيهدم بيعته و يدق صليبه فيخرج بالموالي و ضعفاء الناس فيسيرون إلي النخيلة بأعلام هدي فيكون مجمع الناس جميعا في الأرض كلّها بالفاروق،فيقتل يومئذ ما بين المشرق و المغرب ثلاثة آلاف ألف يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتّي جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (2)بالسيف،و ينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر:يا أهل الهدي اجتمعوا،و ينادي مناد من قبل المغرب بعد ما يغيب الشفق:يا أهل الباطل اجتمعوا،و من الغد عند الظهر تتلوّن الشمس و تصفرّ فتصير سوداء مظلمة،و يوم الثالث يفرّق اللّه بين الحقّ و الباطل و تخرج دابة الأرض و تقبل الروم إلي ساحل البحر عند كهف الفتية فيبعث اللّه الفتية من كهفهم مع كلبهم،منهم رجل يقال له تمليخا و آخر حملاها و هما الشاهدان المسلمان للقائم عجل اللّه فرجه (3).

الآية الثامنة و الأربعون:قوله تعالي عَسي رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا

الآية الثامنة و الأربعون:قوله تعالي عَسي رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا (4)

عن الصادق عليه السّلام عَسي رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ أن ينصركم علي عدوّكم ثمّ خاطب بني أمية فقال: وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا يعني عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (5).

الآية التاسعة و الأربعون:قوله تعالي وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً

الآية التاسعة و الأربعون:قوله تعالي وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (6)

سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قوله تعالي وَ مَنْ قُتِلَ إلي إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً قال عليه السّلام:ذلك قائم آل محمّد صلوات اللّه عليه يخرج فيقتل بدم الحسين،فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا و قوله فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ أي لم يكن ليضيع شيئا فيكون مسرفا،ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:يقتل و اللّه ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائهم.

و عنه عليه السّلام:إذا قام القائم عليه السّلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها.فقال:هو كذلك.

قلت:فقول اللّه عزّ و جلّ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْري (7)ما معناه؟فقال:صدق اللّه في جميع أقواله،لكن ذراري قتلة الحسين عليه السّلام يرضون أفعال آبائهم و يفتخرون بها،و من رضي شيئا كمن أتاه،و لو أنّ رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل،و إنّما يقتلهم بالقائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.قال:فقلت له:بأي شيء يبدأ

ص: 125


1- سورة البقرة،الآية:222.
2- سورة الأنبياء،الآية:15.
3- بحار الأنوار:275/52 ح 167 باب 25.
4- سورة الإسراء،الآية:8.
5- تفسير القمي:14/2 مورد الآية.
6- سورة الإسراء،الآية:33.
7- سورة الأنعام،الآية:164.

القائم فيكم؟قال:يبدأ ببني شيبة و يقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ (1).

الآية الخمسون:سورة بني إسرائيل قوله تعالي وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً

الآية الخمسون:سورة بني إسرائيل قوله تعالي وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (2)

عن أبي جعفر عليه السّلام:إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل (3).

قوله تعالي فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (4)عن جابر الجعفي عن الصادق عليه السّلام يقول:الزم الأرض و لا تحرّك يدك و لا رجلك أبدا حتّي تري علامات أذكرها لك في سنة وتر،و تري مناديا ينادي بدمشق و خسف بقرية من قراها و تسقط طائفة من مسجدها،فإذا رأيت الترك جاوزوها فأقبلت الترك حتّي نزلت الجزيرة و أقبلت الروم حتّي نزلت الرملة،و سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب،و أنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك علي ثلاث رايات الأصهب و الأبقع و السفياني مع بني ذنب الحمار مضر،و مع السفياني أخواله كلب،يظهر السفياني و من معه علي بني ذنب الحمار حتّي يقتلوا قتلا لم يقتله شيئا قط،و يحضر رجل بدمشق فيقتل هو و من معه قتلا و هو من بني ذنب الحمار و هي الآية التي يقول اللّه تعالي فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ إلي يَوْمٍ عَظِيمٍ (5)و الحديث طويل فاطلبه في محلّه (6).

الآية الحادية و الخمسون:قوله تعالي حَتّي إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً

الآية الحادية و الخمسون:قوله تعالي حَتّي إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً (7)

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ إِذا تُتْلي عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا (8)قال:كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم دعا قريشا إلي ولايتنا فنفروا و أنكروا،فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا؛الذين أقرّوا لأمير المؤمنين و لنا أهل البيت:أي الفريقين خير مقاما و أحسن نديّا تعييرا منهم فقال اللّه ردّا عليهم: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ من الأمم السالفة هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْياً قلت:قوله قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا (9)قال:كلّهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السّلام و لا بولايتنا فكانوا ضالّين مضلّين،فيمدّ لهم في ضلالتهم و طغيانهم حتّي يموتوا فيصيّرهم اللّه شرّ مكانا و أضعف جندا.

قلت:قوله حَتّي إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَ إِمَّا السّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً قال:أمّا قوله حَتّي إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فهو خروج القائم و هو الساعة،

ص: 126


1- عيون أخبار الرضا:273/1 ح 5 باب 28.
2- سورة الإسراء،الآية:81.
3- الفصول العشرة بتفاوت:74 فصل 4.
4- سورة مريم،الآية:37.
5- سورة مريم،الآية:37.
6- تفسير العيّاشي:64/1 سورة البقرة ح 117.
7- سورة مريم،الآية:75.
8- سورة مريم،الآية:73.
9- سورة مريم،الآية:75.

فسيعلمون ذلك اليوم و ما نزل بهم من اللّه علي يدي وليّه فذلك قوله مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً نعني عند القائم وَ أَضْعَفُ جُنْداً.

قلت:قوله وَ يَزِيدُ اللّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُديً (1)قال:يزيدهم ذلك اليوم هدي علي هدي باتّباعهم القائم حيث لا يجحدونه و لا ينكرونه.

قلت:قوله لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (2)قال:إلاّ من دان اللّه بولاية أمير المؤمنين عليه السّلام و الأئمّة من بعده فهو العهد عند اللّه.

قلت:قوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (3)قال:ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام هو الودّ الذي قال اللّه.

قلت:قوله فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (4)قال:إنّما يسّرناه علي لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه السّلام علما فبشّر به المؤمنين و أنذر به الكافرين و هم الذين ذكرهم اللّه في كتابه لُدًّا أي كفّارا (5).

الآية الثانية و الخمسون:قوله تعالي يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً

الآية الثانية و الخمسون:قوله تعالي يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (6)

عن الصادق عليه السّلام قال:ما بين أيديهم ما مضي من أخبار الأنبياء،و ما خلفهم من أخبار القائم (7).

الآية الثالثة و الخمسون:قوله تعالي وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلي آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً

الآية الثالثة و الخمسون:قوله تعالي وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلي آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (8)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال:أخذ اللّه الميثاق علي النبيين و قال أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلي و أن هذا محمّدا رسولي،و أن عليا أمير المؤمنين و الأوصياء من بعده ولاة أمري و خزّان علمي،و أنّ المهدي أنتصر به لديني و أظهر به دولتي فأنتقم به من أعدائي و أعبد به طوعا و كرها قالوا أقررنا ربنا و شهدنا و لم يجحد آدم و لم يقرّ فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي و لم يكن لآدم عزيمة علي الإقرار و هو قول اللّه تعالي وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلي آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (9).

الآية الرابعة و الخمسون:قوله تعالي فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدي

الآية الرابعة و الخمسون:قوله تعالي فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدي (10)

عن موسي بن جعفر عليهما السّلام:سألت أبي عن هذه الآية قال:الصراط هو القائم، و المهدي و من اهتدي إلي طاعته (11).و مثلها في كتاب اللّه وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ

ص: 127


1- سورة مريم،الآية:76.
2- سورة مريم،الآية:87.
3- سورة مريم،الآية:96.
4- سورة مريم،الآية:97.
5- تفسير القمي:57/2 سورة مريم.
6- سورة طه،الآية:110.
7- تفسير القمي:65/2 سورة طه.
8- سورة طه،الآية:115.
9- تأويل الآيات:313 سورة طه.
10- سورة طه،الآية:135.
11- تأويل الآيات:317 سورة طه.

صالِحاً ثُمَّ اهْتَدي (1) قال:إلي ولايتنا.و في كثير من الروايات أنّها في الأئمّة و ولايتهم (2).

الآية الخامسة و الخمسون:قوله تعالي وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ إلي قوله لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ إلي قوله تعالي خامِدِينَ

الآية الخامسة و الخمسون:قوله تعالي وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ إلي قوله لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ إلي قوله تعالي خامِدِينَ (3)

عن أبي جعفر عليه السّلام يقول في قول اللّه عزّ و جلّ فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلي ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (4)قال:إذا قام القائم و بعث إلي بني أمية بالشام هربوا إلي الروم فيقول لهم الروم:لا ندخلنّكم حتّي تتنصروا فيعلّقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم،فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان و الصلح،فيقول أصحاب القائم عليه السّلام:لا نفعل حتّي تدفعوا إلينا من قبلكم.قال:فيدفعونهم إليهم فذلك قوله اِرْجِعُوا إِلي ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قال:يسألهم عن الكنوز و هو أعلم بها.قال فيقولون: يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتّي جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (5)بالسيف،و هو سعيد بن عبد الملك الأموي صاحب سعيد بالرحبة (6).

الآية السادسة و الخمسون:قوله تعالي وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ

الآية السادسة و الخمسون:قوله تعالي وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ (7)

عن الصادق عليه السّلام:الكتب كلّها ذكر اللّه أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ قال:القائم عليه السّلام و أصحابه (8).و عن أبي جعفر عليه السّلام أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ هم أصحاب المهدي في آخر الزمان (9).

الآية السابعة و الخمسون:قوله تعالي أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلي نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ

الآية السابعة و الخمسون:قوله تعالي أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلي نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (10)

عن أبي جعفر عليه السّلام:في القائم عليه السّلام و أصحابه (11).و عن الصادق عليه السّلام:العامّة يقولون نزلت في رسول اللّه لما أخرجته قريش من مكة،و إنّما هو القائم عليه السّلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السّلام،و هو قوله:نحن أولياؤكم في الدم و طلب الدية (12).

الآية الثامنة و الخمسون:قوله تعالي اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ

الآية الثامنة و الخمسون:قوله تعالي اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (13)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال:هذه لآل

ص: 128


1- سورة طه،الآية:82.
2- تأويل الآيات:309 و البصائر:78 و تفسير فرات:257 سورة طه.
3- سورة الأنبياء،الآية:11-15.
4- سورة الأنبياء،الآية:13.
5- سورة الأنبياء،الآية:14-15.
6- تأويل الآيات بتفاوت:320 سورة الأنبياء.
7- سورة الأنبياء،الآية:105.
8- تفسير القمي:77/2 سورة الأنبياء.
9- مجمع البيان:66/7 و تأويل الآيات:332/1.
10- سورة الحج،الآية:39.
11- تأويل الآيات:334 سورة الحج.
12- تفسير القمي:84/2 سورة الحج.
13- سورة الحج،الآية:41.

محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،المهدي و أصحابه يملّكهم اللّه مشارق الأرض و مغاربها و يظهر الدين و يميت اللّه عزّ و جلّ به و أصحابه البدع و الباطل كما أمات السفهة الحقّ حتّي لا يري أثر من الظلم،و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و لله عاقبة الأمور (1).

الآية التاسعة و الخمسون:قوله تعالي وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ لَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ

الآية التاسعة و الخمسون:قوله تعالي وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ لَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (2).

في البحار في باب النصوص من اللّه و من آبائهم عليهم السّلام عن كعب الأحبار قال في الخلفاء:هم اثنا عشر فإذا كان عند انقضائهم و أتي طبقة صالحة مدّ اللّه لهم في العمر،كذلك وعد اللّه هذه الأمّة ثمّ قرأ وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (3)قال:و كذلك فعل اللّه عزّ و جلّ ببني إسرائيل،و ليس بعزيز أن يجمع هذه الأمّة يوما أو نصف يوم وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (4).

الآية الستّون:قوله تعالي ذلِكَ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ

الآية الستّون:قوله تعالي ذلِكَ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (5)

في تفسير علي بن إبراهيم هو رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم لمّا أخرجته قريش من مكّة و هرب منهم إلي الغار و طلبوه ليقتلوه فعاقبهم اللّه يوم بدر،فقتل عتبة و شيبة و الوليد و أبا جهل و حنظلة بن أبي سفيان و غيرهم فلمّا قبض رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و طلب بدمائهم فقتل الحسين عليه السّلام و آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم بغيا و عدوانا و هو قول يزيد حين تمثّل بهذا الشعر:

ليت أشياخي ببدر شهدوا وقعة (6)الخزرج من وقع الأسل

لأهلّوا و استهلّوا فرحا ثمّ قالوا يا يزيد لا تشل

لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل

قد قتلنا القرم من ساداتهم و عدلناه ببدر فاعتدل

و قال أيضا:

يا ليت أشياخنا الماضين بالحضر حتّي يقيسوا قياسا لا يقاس به

أيّام بدر فكان الوزن بالقدر

فقال اللّه تعالي وَ مَنْ عاقَبَ يعني رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ حين أرادوا أن يقتلوه ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّهُ يعني بالقائم عليه السّلام من ولده (7).

ص: 129


1- تفسير القمي:87/2.
2- سورة الحج،الآية:47.
3- سورة النور،الآية:55.
4- البحار:73/25 ح 63.
5- سورة الحج،الآية:60.
6- في المصدر:جزع.
7- تفسير القمّي:87/2.

الآية الحادية و الستّون:قوله تعالي فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ

الآية الحادية و الستّون:قوله تعالي فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (1)

عن أبي الحسن موسي عليه السّلام:إنّ اللّه تبارك و تعالي خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثمّ خلق الأبدان بعد ذلك،فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض و ما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض،فإذا قام القائم ورث الأخ في الدين و لم يورث الأخ في الولادة،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (2)(3).

الآية الثانية و الستّون:قوله تعالي اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ إلي قوله تعالي يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ الآية

الآية الثانية و الستّون:قوله تعالي اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ إلي قوله تعالي يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (4)الآية

.عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال:دخلت إلي مسجد الكوفة و أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه يكتب بإصبعه و تبسّم،فقلت له:يا أمير المؤمنين ما الذي يضحكك؟فقال عليه السّلام:عجبت لمن يقرأ هذه الآية و لم يعرفها حقّ معرفتها!فقلت له:أي آية يا أمير المؤمنين؟فقال عليه السّلام:قوله تعالي اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ المشكاة محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم فِيها مِصْباحٌ أنا المصباح فِي زُجاجَةٍ الزجاجة الحسن و الحسين كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ هو علي بن الحسين يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ محمّد بن علي زَيْتُونَةٍ جعفر بن محمد لا شَرْقِيَّةٍ موسي بن جعفر وَ لا غَرْبِيَّةٍ علي بن موسي الرضا يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ محمد بن علي وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ علي بن محمّد نُورٌ عَلي نُورٍ الحسن بن علي يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ القائم المهدي عليه السّلام وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (5)و الروايات في أنّ الآية نزلت في أهل البيت كثيرة (6).

الآية الثالثة و الستّون:قوله تعالي وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

الآية الثالثة و الستّون:قوله تعالي وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (7)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:نزلت في علي بن أبي طالب عليه السّلام و الأئمّة من ولده وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضي لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً قال:عني به ظهور القائم (8).

في كنز الواعظين للفاضل المحدّث البرغاني عن غيبة النعماني عن الصادق عليه السّلام:إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالي ملائكة إلي سماء الدنيا،فإذا طلع الفجر نصب لمحمد و علي و الحسن و الحسين منابر من نور عند البيت المعمور فيصعدون عليها و يجمع لهم الملائكة و النبيّين و المؤمنين

ص: 130


1- سورة المؤمنون،الآية:101.
2- سورة المؤمنون،الآية:1 و 101.
3- البرهان:120/3 ح 6.
4- سورة النور،الآية:35.
5- مصباح الهداية:250،و غاية المرام:317 و بصائر الدرجات:200 ح 19.
6- تأويل الآيات:365 مورد الآية.
7- سورة النور،الآية:55.
8- تأويل الآيات:365 مورد الآية.

و تفتح أبواب السماء،فإذا زالت الشمس قال رسول اللّه:يا ربّ،ميعادك الذي وعدت في كتابك و هو هذه الآية وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الخ.و يقول الملائكة و النبيّون مثل ذلك،ثمّ يخرّ محمّد و علي و الحسن و الحسين سجّدا ثمّ يقولون:يا ربّ اغضب فإنّه قد هتك حريمك و قتل أوصياؤك و أذلّ عبادك الصالحون،فيفعل اللّه ما يشاء و ذلك وقت معلوم (1).

الآية الرابعة و الستّون:قوله تعالي بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً

الآية الرابعة و الستّون:قوله تعالي بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (2)

عن مفضّل قلت لأبي عبد اللّه:ما قول اللّه في هذه الآية؟قال:الليل اثنتا عشرة ساعة و الشهور اثنا عشر شهرا و الأئمّة اثنا عشر إماما و النقباء اثنا عشر نقيبا،و إنّ عليا ساعة من اثنتي عشرة ساعة و هو قول اللّه عزّ و جلّ بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً.

و عنه عليه السّلام:إنّ الليل و النهار اثنتا عشرة ساعة و إنّ علي بن أبي طالب أشرف ساعة من اثنتي عشرة ساعة و هو قوله تعالي بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (3).

الآية الخامسة و الستّون:قوله تعالي اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَي الْكافِرِينَ عَسِيراً

الآية الخامسة و الستّون:قوله تعالي اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَي الْكافِرِينَ عَسِيراً (4)

عن محمّد بن الحسن عن علي بن أسباط قال:روي أصحابنا في قول اللّه اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الخ.قال:الملك للرحمن اليوم و قبل اليوم و بعد اليوم،و لكن إذا قام القائم عليه السّلام لم يعبد إلاّ اللّه عزّ و جلّ (5).

الآية السادسة و الستّون:قوله تعالي إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ

الآية السادسة و الستّون:قوله تعالي إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (6)

عن عبد اللّه بن سنان قال:كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فسمعت رجلا من همدان يقول:إنّ هؤلاء العامّة يغيّرون و يقولون:إنّكم تزعمون أن مناديا ينادي باسم صاحب هذا الأمر، و كان متّكئا فغضب و جلس،ثمّ قال:لا ترووه عنّي وارووه عن أبي،و لا حرج عليكم في ذلك، أشهد أنّي سمعت أبي يقول:و اللّه إنّ ذلك في كتاب اللّه عزّ و جلّ لبيّن حيث يقول إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ فلا يبقي في الأرض يومئذ أحد إلاّ خضع و ذلّت رقبته لها،فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء،ألا إنّ الحقّ في علي بن أبي طالب عليه السّلام و شيعته.

قال:فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّي يتواري عن أهل الأرض ثمّ ينادي ألا إنّ

ص: 131


1- بحار الأنوار:297/52 و غيبة النعماني:147-276 ح 56 باب 14.
2- سورة الفرقان،الآية:11.
3- الغيبة للنعماني:54.
4- سورة الفرقان،الآية:26.
5- تأويل الآيات:173/1 و تفسير البرهان:162/3.
6- سورة الشعراء،الآية:4.

الحقّ في عثمان بن عفّان فإنّه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه.قال: يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ علي الحقّ و هو النداء الأوّل،و يرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض،و المرض و اللّه عداوتنا،فعند ذلك يتبرّؤون منّا و يتناولوننا و يقولون:إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت،ثمّ تلا أبو عبد اللّه عليه السّلام وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (1)(2).

الآية السابعة و الستّون:قوله تعالي أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ

الآية السابعة و الستّون:قوله تعالي أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (3)

الآية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:في هذه الامّة خروج القائم عليه السّلام ما أَغْني عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (4)قال:هم بنو أمية الذين متّعوا بدنياهم (5).

الآية الثامنة و الستّون:قوله تعالي وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

الآية الثامنة و الستّون:قوله تعالي وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (6)

عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:من أحبّ أن يتمسّك بديني و يركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب و ليعاد عدوّه و ليوال وليّه،فإنّه خليفتي و وصيّي علي أمّتي في حياتي و بعد وفاتي،و هو أمير كلّ مسلم و أمير كلّ مؤمن بعدي،قوله قولي و أمره أمري و نهيه نهيي و تابعه تابعي و ناصره ناصري و خاذله خاذلي،ثمّ قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:من فارق عليا بعدي لم يرني و لم أره يوم القيامة،و من خالف عليا حرّم اللّه عليه الجنّة و جعل مأواه النار،و من خذل عليّا خذله اللّه يوم يعرض عليه،و من نصر عليا نصره اللّه يوم يلقاه و لقّاه حجّته عند المنازلة،ثمّ قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:الحسن و الحسين إماما أمّتي بعد أبيهما و سيّدا شباب أهل الجنّة،و أمّهما سيّدة نساء العالمين،و أبوهما سيّد الوصيّين،و ولد الحسين عليه السّلام تسعة أئمّة،تاسعهم القائم عليه السّلام من ولدي،طاعتهم طاعتي و معصيتهم معصيتي،إلي اللّه أشكو المنكرين لفضلهم و المضيّعين لحقّهم بعدي و كفي باللّه وليّا و كفي باللّه نصيرا لعترتي و أئمّة أمّتي و منتقما من الجاحدين لحقّهم وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (7).

الآية التاسعة و الستّون:قوله تعالي أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ

الآية التاسعة و الستّون:قوله تعالي أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ (8)

أوّل المضطرّ بالمهدي:عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:إنّ القائم عليه السّلام إذا خرج دخل المسجد الحرام فيستقبل القبلة و يجعل ظهره إلي المقام،ثمّ يصلّي ركعتين،ثمّ يقوم فيقول:يا أيّها الناس أنا أولي الناس بآدم،يا أيّها الناس أنا أولي الناس بإبراهيم،يا أيّها الناس أنا أولي الناس بإسماعيل،يا أيّها الناس أنا أولي الناس بمحمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،ثمّ يرفع يديه إلي السماء و يدعو و يتضرّع حتّي يقع علي وجهه و هو قول اللّه عزّ و جلّ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ

ص: 132


1- سورة القمر،الآية:2.
2- غيبة النعماني:173 ح 20.
3- سورة الشعراء،الآية:206.
4- سورة الشعراء،الآية:207.
5- تأويل الآيات:393/1 و البحار:372/24 ح 96.
6- سورة الشعراء،الآية:227.
7- كمال الدين:261 ح 6.
8- سورة النمل،الآية:62.

اَلْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (1) .

الآية السبعون:قوله تعالي وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ

الآية السبعون:قوله تعالي وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (2)

عن الباقر و الصادق عليه السّلام:إنّ فرعون و هامان هاهنا،هما شخصان من جبابرة قريش يحييهما اللّه تعالي عند قيام القائم عليه السّلام من آل محمّد في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا (3).

و الروايات في أنّ هذه الآية نزلت في الأئمّة من آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم كثيرة،ذكر جلّها السيّد الأجلّ المحدّث البحراني في تفسير البرهان و غيره.

الآية الحادية و السبعون:من سورة العنكبوت قوله تعالي: الم أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ

الآية الحادية و السبعون:من سورة العنكبوت قوله تعالي: الم أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (4)

روي المفيد في الإرشاد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:لا يكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتّي تميّزوا و تمحّصوا فلا يبقي منكم إلاّ الأندر ثمّ قرأ قوله: الم أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ ثمّ قال:من علامات الفرج حدث يكون بين المسجدين و يقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب (5).

الآية الثانية و السبعون:قوله تعالي وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ ...

الآية الثانية و السبعون:قوله تعالي وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ (6)يعني القائم عليه السّلام لَيَقُولُنَّ إِنّا كُنّا مَعَكُمْ أَ وَ لَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (7).

الآية الثالثة و السبعون:قوله تعالي الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَي الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ إلي قوله تعالي وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ

الآية الثالثة و السبعون:قوله تعالي الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَي الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ إلي قوله تعالي وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ (8)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام حين سئل عن تفسير الم غُلِبَتِ الرُّومُ قال عليه السّلام:هم بنو أمية و إنّما أنزلها اللّه عزّ و جلّ: الم غُلِبَتِ الرُّومُ بنو أمية فِي أَدْنَي الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ عند قيام القائم عليه السّلام.و عن علي عليه السّلام:قوله تعالي: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فينا و في بني أمية (9).

الآية الرابعة و السبعون:قوله تعالي وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْني دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ

الآية الرابعة و السبعون:قوله تعالي وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْني دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ (10)

الآية

،عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:الأدني عذاب السقر و الأكبر المهدي عليه السّلام بالسيف في آخر الزمان (11).

ص: 133


1- البحار:59/51 ح 56،و تفسير البرهان:208/3 ح 5.
2- سورة القصص،الآية:5.
3- تفسير البرهان:220/3 ح 1.
4- سورة العنكبوت،الآية:1-2.
5- الإرشاد:375/2 باب ذكر علامات قيام القائم و فيه:إلاّ القليل،و بالهامش:الأندر.
6- سورة العنكبوت،الآية:10.
7- البحار:229/9 ح 118.
8- سورة الروم،الآية:1-3.
9- تفسير البرهان:257/3 ح 1 و تأويل الآيات:434/1 ح 2.
10- سورة السجدة،الآية:21.
11- معجم أحاديث الإمام المهدي:342/5 عن المحجّة:173 و فيه:الأدني القحط و الجدب.

الآية الخامسة و السبعون:قوله تعالي قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ

الآية الخامسة و السبعون:قوله تعالي قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (1)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:يوم الفتح يوم تفتح الدنيا علي القائم عليه السّلام،لا ينفع أحدا تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا و بعد هذا الفتح موقنا،فذلك الذي ينفعه إيمانه،و يعظم اللّه عنده قدره و شأنه،و يزخرف له يوم القيامة و البعث جنانه،و تحجب عنه نيرانه،و هذا أجر الموالين لأمير المؤمنين عليه السّلام و لذرّيته الطيبين (2).

الآية السادسة و السبعون:في سورة لقمان وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً

الآية السادسة و السبعون:في سورة لقمان وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً (3)

في الدمعة عن الكفاية عن محمد بن زياد الأزدي قال:سألت سيّدي موسي بن جعفر عليهما السّلام عن هذه الآية قال عليه السّلام:النعمة الظاهرة الإمام الظاهر و الباطنة الإمام الغائب.قال:فقلت له:فيكون في الأئمّة من يغيب؟قال:نعم يغيب عن أبصار الناس شخصه و لا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره،و هو الثاني عشر منّا،يسهّل اللّه تعالي له كلّ عسير،و يذلّل كلّ صعب،و يظهر له كنوز الأرض،و يقرّب عليه كلّ بعيد (4).

الآية السابعة و السبعون:قوله تعالي مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً

الآية السابعة و السبعون:قوله تعالي مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً (5).

في كنز البرغاني عن ابن أبي الحديد في شرح خطبة نهج البلاغة المشتملة علي ذكر بني أمية ثمّ قال:و منها:فانظروا أهل بيت نبيّكم،فإن لبدوا فالبدوا،و إن استنصروكم فانصروهم،ليفرجنّ اللّه برجل منّا أهل البيت،بأبي ابن خيرة الإماء لا يعطيهم إلاّ السيف هرجا هرجا موضوعا علي عاتقه ثمانية أشهر حتّي تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا،يغريه اللّه ببني أميّة حتّي يجعلهم حطاما و رفاتا مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً .ثمّ قال ابن أبي الحديد:فإن قيل:من هذا الرجل الموعود؟قيل:أمّا الإمامية فيزعمون أنّه إمامهم الثاني عشر و أنه ابن أمة اسمها نرجس.و أمّا أصحابنا فيزعمون أنّه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لام ولد و ليس موجودا الآن.فإن قيل:فمن يكون من بني أمية في ذلك الوقت موجودا حتّي يقول عليه السّلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم؟قال:أمّا الإمامية فيقولون بالرجعة و يزعمون أنّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أمية و غيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر و أنه يقطع أيدي أقوام و أرجلهم و يسمل عيون بعضهم و يصلب قوما آخرين و ينتقم من أعداء آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم المتقدّمين و المتأخّرين إلي آخر كلامه (6).

ص: 134


1- سورة السجدة،الآية:29.
2- تأويل الآيات:445/2 ح 9.
3- سورة لقمان،الآية:20.
4- بحار الأنوار:150/51 ح 2.
5- سورة الأحزاب،الآية:62.
6- شرح النهج لابن أبي الحديد:58/7 الخطبة 97.

الآية قوله تعالي يَسْئَلُكَ النّاسُ عَنِ السّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللّهِ وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (1)في تفسير مفتاح الجنان عن البحار عن المفضّل عن الصادق عليه السّلام هل للمأمول المنتظر المهدي من وقت موقت يعلمه الناس؟فقال:حاش للّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.

قلت:يا سيدي لم ذلك؟

قال:لأنّه هو الساعة التي قال اللّه تعالي يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الآية،و هو الساعة التي قال اللّه تعالي يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها (2)و قال وَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ (3)و لم يقل إنّها عند واحد،و قال فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (4)و قال اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (5)و قال ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (6)قلت:فما معني يمارون؟ قال:يقولون:متي ولد؟و من رآه؟و أين يكون؟و متي يظهر؟كلّ ذلك استعجالا لأمر اللّه و شكّا في قضائه.الخبر (7).

و عن الكافي مسندا عن الصادق عليه السّلام في حديث:أمّا قوله حَتّي إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ (8)فهو خروج القائم عليه السّلام و هو الساعة،فسيعلمون ذلك اليوم و ما نزل بهم من اللّه علي يدي قائمه-الخبر- قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللّهِ لا يعلمها غيره وَ ما يُدْرِيكَ يا محمّد:أي شيء يعلمك عن الساعة متي يكون قيامها،أي أنت لا تعرفه،ثمّ قال لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (9)أي قريبا مجيئها (10).

قوله تعالي وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بارَكْنا فِيها قُريً ظاهِرَةً وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيّاماً آمِنِينَ (11)عن محمد بن صالح الهمداني كتبت إلي صاحب الزمان:إنّ أهل بيتي يؤذونني و يقرعونني بالحديث الذي روي عن آبائك أنّهم قالوا:خدّامنا و قوّامنا شرار خلق اللّه.

فكتب:و يحكم أما تقرؤون ما قال اللّه وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بارَكْنا فِيها قُريً ظاهِرَةً (12)فنحن و اللّه القري التي بارك اللّه فيها و أنتم القري الظاهرة (13).5.

ص: 135


1- سورة الأحزاب،الآية:63.
2- سورة الأحزاب،الآية:63.
3- سورة الزخرف،الآية:85.
4- سورة محمد،الآية:18.
5- سورة القمر،الآية:1.
6- سورة الشوري،الآية:18.
7- البحار:2/53 باب 25،و ينابيع المودّة:251/3.
8- سورة مريم:75،و سورة الجن،الآية:24.
9- سورة الأحزاب،الآية:63.
10- أصول الكافي:431/1 ح 90 و البحار:332/24.
11- سورة سبأ،الآية:18.
12- سورة سبأ،الآية:18.
13- كتاب الغيبة للطوسي:345.

الآية الثامنة و السبعون:قوله تعالي وَ لَوْ تَري إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنّا بِهِ وَ أَنّي لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ إلي آخر السورة

الآية الثامنة و السبعون:قوله تعالي وَ لَوْ تَري إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنّا بِهِ وَ أَنّي لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (1)إلي آخر السورة

،عن أبي جعفر عليه السّلام:يكون لصاحب هذا الأمر غيبة-و ذكر حديثا طويلا يتضمّن غيبة صاحب الأمر و ظهوره إلي أن قال-فيدعو الناس-يعني القائم عليه السّلام-إلي كتاب اللّه و سنّة نبيّه و الولاية لعلي بن أبي طالب عليه السّلام و البراءة من عدوّه،و لا يسمّي أحدا حتّي ينتهي إلي البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر اللّه الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم و هو قول اللّه تعالي وَ لَوْ تَري إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنّا بِهِ يعني بقائم آل محمّد وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ يعني بقائم آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم إلي آخر السورة.

فلا يبقي منهم إلاّ رجلان يقال لهما:وتر و وتيرة من مراد،وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقري فيخبران الناس بما فعل بأصحابهم (2).و الحديث طويل اكتفينا بقدر الحاجة.

الآية في سورة يس وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (3).

عن كتاب الغيبة للسيّد علي عن السجّاد عليه السّلام قال:يقتل القائم من أهل المدينة حتّي ينتهي إلي الأجفر و يصيبهم مجاعة شديدة،قال عليه السّلام:فيصبحون و قد نبتت لهم ثمرة يأكلون منها و يتزوّدون و هو قوله تعالي وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (4)الخبر (5)..

الآية التاسعة و السبعون:قوله تعالي وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ

الآية التاسعة و السبعون:قوله تعالي وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (6)

سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمد الصادق عليهما السّلام عن تفسير هذه الآية،فقال:إنّ اللّه سبحانه لمّا خلق إبراهيم كشف له عن بصره فنظر فرأي نورا إلي جنب العرش فقال:إلهي ما هذا النور؟فقيل له:هذا نور محمد صفوتي من خلقي،و رأي نورا إلي جنبه فقال:إلهي ما هذا النور؟فقيل له:هذا نور علي بن أبي طالب عليه السّلام ناصر ديني،و رأي إلي جنبهما ثلاثة أنوار فقال:إلهي و ما هذه الأنوار؟فقيل:هذه فاطمة فطمت محبّيها من النار،و نور ولديها الحسن و الحسين،فقال:إلهي و أري تسعة أنوار قد حفّوا بهم؟

قيل:يا إبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولد علي و فاطمة،فقال إبراهيم:بحقّ هؤلاء إلاّ ما عرّفتني من التسعة،فقال:يا إبراهيم أوّلهم علي بن الحسين و ابنه محمد و ابنه جعفر و ابنه موسي و ابنه علي و ابنه محمد و ابنه علي و ابنه الحسن و الحجّة القائم ابنه،فقال إبراهيم:إلهي و سيّدي أري أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلاّ أنت؟قيل:يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم،شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام،فقال إبراهيم:و بما تعرف شيعتهم؟قال:بصلاة إحدي و خمسين و الجهر ببسم اللّه

ص: 136


1- سورة سبأ،الآية:51.
2- بحار الأنوار:342/52.
3- سورة يس،الآية:33.
4- سورة يس،الآية:33.
5- البحار:387/52 عن الغيبة،و تفسير العياشي:56/2 في سورة الأنفال.
6- سورة الصافات،الآية:83.

الرّحمن الرحيم و القنوت قبل الركوع و التختّم في اليمين،فعند ذلك قال إبراهيم:اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين،قال:فأخبر اللّه في كتابه فقال وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (1).

الآية الثمانون:قوله تعالي وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ

الآية الثمانون:قوله تعالي وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (2)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال:عند خروج القائم (3).

الآية الحادية و الثمانون:قوله تعالي وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها

الآية الحادية و الثمانون:قوله تعالي وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها (4)

عن مفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:ربّها أي ربّ الأرض،أي إمام الأرض،قلت:فإذا خرج يكون ما ذا؟قال:إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس و نور القمر و يحتظون بنور الإمام (5).

و عنه عليه السّلام:إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها و استغني العباد عن ضوء الشمس و صار الليل و النهار واحدا و عاش الرجل في زمانه ألف سنة،يولد له كلّ سنة غلام لا يولد له جارية، يكسوه الثوب فيطول عليه كلّما طال،و يكون عليه أي لون شاء (6).

الآية الثانية و الثمانون:قوله تعالي وَ أَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمي عَلَي الْهُدي

الآية الثانية و الثمانون:قوله تعالي وَ أَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمي عَلَي الْهُدي (7)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قوله كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (8)قال:ثمود رهط من الشيعة فإنّ اللّه سبحانه يقول وَ أَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمي عَلَي الْهُدي فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ (9)فهو السيف إذا قام القائم (10).

الآية الثالثة و الثمانون:قوله تعالي سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ

الآية الثالثة و الثمانون:قوله تعالي سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (11)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:أي أنّه القائم عليه السّلام (12).و سئل أبو جعفر عليه السّلام عن تفسير قوله عزّ و جلّ سَنُرِيهِمْ آياتِنا إلي أَنَّهُ الْحَقُّ فقال عليه السّلام:يريهم اللّه في أنفسهم المسخ و يريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم،فيرون قدرة اللّه في أنفسهم و في الآفاق،و قوله حَتّي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ يعني بذلك خروج القائم و هو الحقّ من اللّه عزّ و جلّ،يراه هذا الخلق لا بدّ منه (13).

الآية الرابعة و الثمانون:قوله تعالي حم عسق

الآية الرابعة و الثمانون:قوله تعالي حم عسق (14)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال: (حم عسق) عدد

ص: 137


1- تأويل الآيات:495/2 و مدينة المعاجز:40/4.
2- سورة ص،الآية:86.
3- روضة الكافي:287/8.
4- سورة الزمر،الآية:69.
5- تفسير القمّي:253/2 سورة الزمر،و فيه:و يجتزون بنور الإمام.
6- دلائل الإمامة:454 ح 433.
7- سورة فصلت،الآية:17.
8- سورة الشمس،الآية:11.
9- سورة فصلت،الآية:17.
10- بحار الابحار الأنوار:72/24.
11- سورة فصلت،الآية:53.
12- تأويل الآيات:541/2 ح 16 و 17.
13- غيبة النعماني:269.
14- سورة الشوري،الآية:2.

سنيّ القائم و قاف جبل محيط بالدنيا من زمرّد أخضر،و خضرة السماء من ذلك الجبل و علم كلّ شيء في عسق (1).

و عنه عليه السّلام:(حم)حتم و عين عذاب و سين سنون كسني يوسف،و ق قذف و مسخ يكون في آخر الزمان بالسفياني و أصحابه،و ناس من كلب خال السفياني و بنو كلب و بنو خالد ثلاثون ألفا يخرجون معه و ذلك حين يخرج القائم بمكّة،و هو مهدي هذه الأمّة (2).

الآية الخامسة و الثمانون:قوله تعالي مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ

الآية الخامسة و الثمانون:قوله تعالي مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (3)

.في الصافي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب (4).

الآية السادسة و الثمانون:قوله تعالي يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقّ

الآية السادسة و الثمانون:قوله تعالي يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ (5)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لمفضل بن عمر:يا مفضّل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية؟قال:قلت:يا سيدي و أي آية؟قال عليه السّلام:قول اللّه تعالي«يستعجل بها الذين آمنوا و الذين لا يؤمنون مشفقون منها»فقلت:يا سيدي كذا تقرأ.فقال:كيف تقرأ؟فقلت: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ قال:ويحك أتدري ما هي؟ فقلت:اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم.فقال عليه السّلام:و اللّه ما هي إلاّ قيام القائم،فكيف يستعجل به من لا يؤمن به؟و اللّه ما يستعجل به إلاّ المؤمنون و لكنّهم حرّفوها حسدا لكم،فاعلم ذلك يا مفضّل.

إلي آخر الحديث (6).

الآية السابعة و الثمانون:قوله تعالي اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ

الآية السابعة و الثمانون:قوله تعالي اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (7)

عن أبي بصير قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ. قال:ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام،قلت: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ، قال:معرفة أمير المؤمنين و الأئمّة.

نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، قال:نزيده منها.قال:يستوفي نصيبه من دولتهم وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ قال:ليس له في دولة الحقّ مع القائم عليه السّلام نصيب (8).

الآية الثامنة و الثمانون:قوله تعالي وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ

الآية الثامنة و الثمانون:قوله تعالي وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (9)

ص: 138


1- تفسير القمي:240/2.
2- البرهان:115/4 ح 4.
3- سورة الشوري،الآية:20.
4- أصول الكافي:436/1 ح 92 و تفسير الصافي:371/4.
5- سورة الشوري،الآية:18.
6- دلائل الإمامة:238 معرفة وجوب القائم.
7- سورة الشوري،الآية:19-20.
8- تفسير البرهان:121/4 ح 2 عن الكافي كما تقدّم.
9- سورة الشوري،الآية:21.

عن أبي جعفر عليه السّلام:لو لا ما تقدّم فيهم من أمر اللّه عزّ و جلّ ما أبقي منهم القائم واحدا (1).

الآية التاسعة و الثمانون:قوله تعالي أَمْ يَقُولُونَ افْتَري عَلَي اللّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلي قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ

الآية التاسعة و الثمانون:قوله تعالي أَمْ يَقُولُونَ افْتَري عَلَي اللّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلي قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ (2)

عن أبي جعفر عليه السّلام:جاءت الأنصار إلي رسول اللّه فقالوا:إنّا قد آوينا و نصرنا فخذ طائفة من أموالنا استعن بها علي ما أنابك،فأنزل اللّه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً يعني علي النبوّة إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبي (3)أي في أهل بيته،ثمّ قال:ألا تري أن الرجل يكون له صديق،و في ذلك شيء علي أهل بيته فلا يسلم صدره،فأراد اللّه أن لا يكون في نفس رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم شيء علي أمّته ففرض عليهم المودّة في القربي،فإن أخذوا أخذوا مفروضا و إن تركوا تركوا مفروضا،قال:فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول:عرضنا عليه أموالنا فقال:قاتلوا عن أهل بيتي.و قال طائفة:ما قال هذا رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و جحدوا و قالوا كما حكي اللّه أَمْ يَقُولُونَ افْتَري عَلَي اللّهِ كَذِباً فقال اللّه فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلي قَلْبِكَ قال:لو افتريت وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ يعني سيبطله وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يعني بالأئمّة و القائم من آل محمّد إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ثمّ قال وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ إلي قوله وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ (4)يعني الذين قالوا:القول ما قال رسول اللّه،ثمّ قال:و الكافرون لهم عذاب شديد (5).

الآية التسعون:قوله تعالي وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ

الآية التسعون:قوله تعالي وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (6)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ يعني القائم و أصحابه فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ و القائم إذا قام انتصر من بني أمية و من المكذّبين و النصّاب هو و أصحابه،و هو قول اللّه تبارك و تعالي إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَي الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (7)(8).

الآية الحادية و التسعون:قوله تعالي وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ

الآية الحادية و التسعون:قوله تعالي وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ (9)

عن أبي جعفر عليه السّلام: مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ يعني القائم عليه السّلام (10).

الآية الثانية و التسعون:قوله تعالي وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

الآية الثانية و التسعون:قوله تعالي وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (11)

عن جابر بن يزيد عن الباقر عليه السّلام قال:قلت له:يا بن رسول اللّه إنّ قوما يقولون إنّ اللّه تبارك و تعالي جعل الأئمّة في عقب الحسن دون الحسين عليهما السّلام،قال:كذبوا و اللّه أو لم يسمعوا أنّ اللّه تعالي ذكره يقول

ص: 139


1- روضة الكافي 8:287 ح 432.
2- سورة الشوري،الآية:24.
3- سورة الشوري،الآية:23.
4- سورة الشوري،الآية:24-25.
5- تفسير القمّي:275/2 سورة الشوري.
6- سورة الشوري،الآية:41.
7- سورة الشوري،الآية:42.
8- تفسير القمي:278/2 سورة الشوري.
9- سورة الشوري،الآية:45.
10- تأويل الآيات:535 سورة حمعسق.
11- سورة الزخرف،الآية:28.

وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فهل جعلها إلاّ في عقب الحسين عليه السّلام.فقال:يا جابر إنّ الأئمّة هم الذين نصّ عليهم رسول اللّه بالإمامة،و هم الذين قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:لما أسري بي إلي السماء وجدت أسماءهم مكتوبة علي ساق العرش بالنور اثني عشر اسما،منهم علي و سبطاه و علي و محمد و جعفر و موسي و علي و محمد و علي و الحسن و الحجّة القائم عليهم السّلام،فهذه الأئمّة من أهل بيت الصفوة و الطهارة،و اللّه ما يدّعيه أحد غيرنا إلاّ حشره اللّه تعالي مع إبليس و جنوده،ثمّ تنفّس عليه السّلام و قال:لا رعي حقّ هذه الأمّة فإنّها لم ترع حقّ نبيّها،و اللّه لو تركوا الحقّ علي أهله لما اختلف في اللّه اثنان، ثمّ أنشأ يقول:

إنّ اليهود لحبّهم لنبيّهم أمنوا بوائق حادث الأزمان

و ذوو الصليب بحبّ عيسي أصبحوا يمشون صحوا في قري نجران

و المؤمنون بحبّ آل محمّد يرمون في الآفاق بالنيران

قلت:يا سيدي أ ليس هذا الأمر لكم؟قال:نعم.قلت:فلم قعدتم عن حقّكم و دعواكم و قد قال اللّه تبارك و تعالي وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ (1)فما بال أمير المؤمنين قعد عن حقّه؟قال:فقال:حيث لم يجد ناصرا،ألم تسمع اللّه يقول في قصّة لوط قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلي رُكْنٍ شَدِيدٍ (2)و يقول حكاية عن نوح عليه السّلام فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (3)و يقول في قصّة موسي عليه السّلام إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (4)فإذا كان النبي هكذا فالوصي أعذر،يا جابر مثل الإمام مثل الكعبة تؤتي و لا تأتي (5).

و عن علي بن أبي طالب عليه السّلام:فينا نزلت هذه الآية وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فالإمامة في عقب الحسين إلي يوم القيامة،و إنّ للغائب منّا غيبتين؛إحداهما أطول من الأخري:أمّا الأولي فستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ست سنين،و أمّا الأخري فيطول أمدها حتّي يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به،فلا يثبت عليه إلاّ من قوي يقينه و صحّت معرفته و لم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا و سلم لنا أهل البيت (6).

الآية الثالثة و التسعون:قوله تعالي هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ

الآية الثالثة و التسعون:قوله تعالي هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ (7)

عن أبي جعفر عليه السّلام:هي ساعة ظهور القائم تأتيهم بغتة (8).

الآية الرابعة و التسعون:قوله تعالي حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ

الآية الرابعة و التسعون:قوله تعالي حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا

ص: 140


1- سورة الحج،الآية:78.
2- سورة هود،الآية:80.
3- سورة القمر،الآية:10.
4- سورة المائدة،الآية:25.
5- كفاية الأثر:197 باب ما جاء عن فاطمة.
6- كمال الدين:323 ح 8 باب 31.
7- سورة الزخرف،الآية:66.
8- تأويل الآيات:552 سورة الزخرف.

مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (1) عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام:الليلة المباركة ليلة القدر و أنزل اللّه القرآن فيها إلي البيت المعمور جملة واحدة،ثمّ نزل من البيت المعمور علي النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم في طول عشرين سنة فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ يعني في ليلة القدر كلّ أمر حكيم،أي يقدّر اللّه كلّ أمر من الحقّ و الباطل،و ما يكون في تلك السنة،و له فيها البداء و المشيئة،يقدّم ما يشاء و يؤخّر ما يشاء من الآجال و الأرزاق و البلايا و الأمراض،و يزيد فيها ما يشاء و ينقص ما يشاء،و يلقيه رسول اللّه إلي أمير المؤمنين و يلقيه أمير المؤمنين إلي الأئمّة حتّي ينتهي ذلك إلي صاحب الزمان،و يشترط له ما فيه البداء و المشيئة و التقديم و التأخير (2).

الآية الخامسة و التسعون:قوله تعالي قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ

الآية الخامسة و التسعون:قوله تعالي قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ (3)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:الأيّام المرجوّة ثلاثة:يوم قيام القائم و يوم الكرّة و يوم القيامة،كما ذكر في ذيل آية وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ (4)في سورة إبراهيم.

الآية في سورة الأحقاف فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ (5)عن الكراجكي عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالي وَ اصْبِرْ عَلي ما يَقُولُونَ يا محمّد من تكذيبهم إيّاك، فأنا منتقم منهم برجل منك و هو قائمي الذي سلّطته علي دماء الظلمة (6).

الآية السادسة و التسعون:قوله تعالي فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنّي لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ

الآية السادسة و التسعون:قوله تعالي فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنّي لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (7)

عن مفضّل بن عمر:سألت سيّدي أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام:هل للمأمول المنتظر المهدي وقت موقّت تعلمه الناس؟فقال:حاش للّه أن يوقّت له وقتا.

قال:قلت:مولاي و لم ذلك؟قال:لأنّه الساعة التي قال اللّه تعالي يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (8)و قوله وَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ و لم يقل:عند أحد دونه،و قوله فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنّي لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ و قوله اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (9)و قوله وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (10)قلت:يا مولاي ما معني يمارون؟

ص: 141


1- سورة الدخان،الآية:2.
2- تفسير القمّي:290/2 سورة الدخان.
3- سورة الجاثية،الآية:14.
4- سورة إبراهيم،الآية:5.
5- سورة الأحقاف،الآية:35.
6- تأويل الآيات:492 سورة ص.
7- سورة محمد،الآية:18.
8- سورة الأعراف،الآية:187.
9- سورة القمر،الآية:1.
10- سورة الشوري،الآية:17-18.

قال:يقولون:متي ولد؟و من رآه؟و أين هو؟و متي يظهر؟كلّ ذلك استعجالا لأمره و شكّا في قضائه و قدرته،أولئك الذين خسروا أنفسهم في الدنيا و الآخرة و إنّ للكافرين لشرّ مآب.قال المفضّل:يا مولاي فلا يوقّت له وقت؟

قال عليه السّلام:يا مفضّل لا توقّت فإنّه من وقّت لمهديّنا وقتا فقد شارك اللّه في عمله و ادّعي أنّه أظهره علي علمه و سرّه (1).

الآية السابعة و التسعون:قوله تعالي لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً

الآية السابعة و التسعون:قوله تعالي لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (2)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام لرجل قال له:أصلحك اللّه ألم يكن علي قويّا في دين الله؟قال:بلي.قال:

فكيف ظهر عليه القوم؟و كيف لم يدفعهم؟و ما منعه من ذلك؟قال:آية في كتاب اللّه عزّ و جلّ منعته.قال:و أيّ آية؟قال:قوله لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً إنّه كان للّه عزّ و جلّ ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين و منافقين،فلم يكن علي ليقتل الآباء حتّي تخرج الودائع،فلمّا خرجت الودائع ظهر علي علي من ظهر و قاتله،و كذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّي تظهر ودائع اللّه عزّ و جلّ،فإذا ظهرت ظهر علي من ظهر فقتله (3).

الآية الثامنة و التسعون:قوله تعالي هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ

الآية الثامنة و التسعون:قوله تعالي هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ (4)

عن الصادق عليه السّلام:هو الإمام الذي يظهره علي الدين كلّه،فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما،و هذا من الذي تأويله بعد تنزيله (5).

الآية التاسعة و التسعون:قوله تعالي وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ

الآية التاسعة و التسعون:قوله تعالي وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (6)

عن الصادق عليه السّلام:ينادي المنادي باسم القائم و اسم أبيه.قوله يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ قال:صيحة القائم من السماء،و ذلك يوم الخروج (7).

الآية المائة:قوله تعالي وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ

الآية المائة:قوله تعالي وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (8)

عن ابن عبّاس:هو خروج المهدي (9).

الآية الحادية و المائة:قوله تعالي فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ

الآية الحادية و المائة:قوله تعالي فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (10)

عن علي بن الحسين عليه السّلام قوله: إِنَّهُ لَحَقٌّ قيام القائم عليه السّلام،و فيه نزلت وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا

ص: 142


1- الصراط المستقيم:257/2 فصل علامات القائم عليه السّلام.
2- سورة الفتح،الآية:25.
3- علل الشرائع:147 ح 3 باب 122.
4- سورة التوبة،الآية:33.
5- تفسير القمي:317/2 سورة الفتح.
6- سورة ق،الآية:41-42.
7- تفسير القمي:327/2 سورة ق.
8- سورة الذاريات،الآية:22.
9- غيبة الطوسي:175 الكلام علي الواقفة.
10- سورة الذاريات،الآية:23.

وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضي لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (1) (2) .

الآية الثانية و مائة:قوله تعالي وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ

الآية الثانية و مائة:قوله تعالي وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:الليلة التي يقوم فيها قائم آل محمد ينزل رسول اللّه و أمير المؤمنين و جبرئيل علي حراء فيقول له جبرئيل أجب فيخرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم رقّا من حجزة إزاره فيدفعه إلي علي فيقول له:اكتب:بسم اللّه الرّحمن الرحيم.هذا عهد من اللّه و من رسوله و من علي بن أبي طالب لفلان بن فلان باسمه و اسم أبيه،و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ و هو الكتاب الذي كتبه علي بن أبي طالب عليه السّلام و الرقّ المنشور الذي أخرجه رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم من حجزة إزاره.قلت:

و البيت المعمور أهو رسول اللّه؟قال:نعم المملي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و الكاتب علي عليه السّلام (4).

الآية الثالثة و مائة:قوله تعالي اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ

الآية الثالثة و مائة:قوله تعالي اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (5)

قد مرّ الحديث في ذلك من سورة محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم.

الآية الرابعة و مائة:قوله تعالي وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ

الآية الرابعة و مائة:قوله تعالي وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (6)

قد مرّ الحديث في ذلك من سورة الشعراء،في ذيل آية إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ.

الآية الخامسة و مائة:قوله تعالي يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ

الآية الخامسة و مائة:قوله تعالي يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ (7)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:اللّه يعرفهم،و لكن هذه أنزلت في القائم و هو يعرفهم بسيماهم فيخبطهم [بالسيف]هو و أصحابه خبطا (8).

و عن معاوية الدهني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تعالي يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ فقال عليه السّلام:يا معاوية ما يقولون في هذا؟قلت:يزعمون أنّ اللّه تبارك و تعالي يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة،فيأمر بهم،فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم فيلقون في النار.فقال لي:و كيف يحتاج تبارك و تعالي إلي معرفة خلق أنشأهم و هو خلقهم؟فقلت:جعلت فداك و ما ذلك؟قال:ذلك لو قام قائمنا أعطاه السيماء فيأمر بالكفّار فيؤخذ بنواصيهم و أقدامهم ثمّ يخبط بالسيف خبطا،و قرأ أبو عبد اللّه عليه السّلام:هذه جهنّم التي كنتما بها تكذبان تصليانها و لا تموتان فيها و لا تحييان (9).

ص: 143


1- سورة النور،الآية:55.
2- غيبة النعماني:269 ح 40 باب ما جاء في العلامات.
3- سورة الطور،الآية:1-3.
4- البرهان:232/4.
5- سورة القمر،الآية:1.
6- سورة القمر،الآية:2.
7- سورة الرّحمن،الآية:41.
8- غيبة النعماني:242 ح 39 باب 13 و ما بين معكوفين زيادة من المصدر.
9- البرهان:268/4.

الآية السادسة و مائة:قوله تعالي وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ

الآية السادسة و مائة:قوله تعالي وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (1)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:نزلت هذه الآية في أهل زمان الغيبة و أيّامها دون غيرهم،و الأمد أمد الغيبة (2).

الآية السابعة و مائة:قوله تعالي اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها

الآية السابعة و مائة:قوله تعالي اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها (3)

عن أبي جعفر:

يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها بكفر أهلها،و الكافر ميّت فيحييها اللّه بالقائم عليه السّلام فيعدل فيها فيحيي الأرض و يحيي أهلها بعد موتهم (4).

و عن ابن عبّاس اِعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها يعني:يصلح اللّه الأرض بقائم آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم بعد موتها،يعني من بعد جور أهل مملكتها قَدْ بَيَّنّا لَكُمُ الْآياتِ بقائم آل محمّد لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ عن أبي إبراهيم عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال:ليس يحييها بالقطر و لكن يبعث اللّه عزّ و جلّ رجالا فيحيون العدل فتحيي الأرض لإحياء العدل،و لاقامة العدل فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا (5).

الآية الثامنة و مائة:قوله تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ

الآية الثامنة و مائة:قوله تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (6)

عن علي عليه السّلام:العجب كلّ العجب بين جمادي و رجب،فقام رجل و قال:يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تتعجّب منه؟فقال عليه السّلام:

ثكلتك أمّك و أي العجب أعجب من أموات يضربون كلّ عدوّ للّه و لرسوله و لأهل بيته و ذلك تأويل هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلي مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ فإذا اشتدّ القتل قلتم:مات و هلك و أي واد سلك؟و ذلك تأويل هذه الآية ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (7)(8).

الآية التاسعة و مائة:قوله تعالي يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ

الآية التاسعة و مائة:قوله تعالي يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (9)

عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي قال:سألته عن الآية قال:يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم.قلت: وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ. قال:و اللّه متمّ الإمامة لقوله عزّ و جلّ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا (10)فالنور هو الإمام،قلت: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ قال:هو أمر رسوله محمّد بالولاية لوصيّه،و الولاية هي دين الحقّ.قلت:

لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ قال:يظهره علي جميع الأديان عند قيام القائم.قال:يقول اللّه وَ اللّهُ

ص: 144


1- سورة الحديد،الآية:16.
2- غيبة النعماني:24.
3- سورة الحديد،الآية:17.
4- تأويل الآيات:638 سورة الحديد.
5- تأويل الآيات:638.
6- الممتحنة:13.
7- الإسراء:6.
8- تأويل الآيات:659 سورة الممتحنة.
9- سورة الصف،الآية:8.
10- سورة التغابن،الآية:8.

مُتِمُّ نُورِهِ بولاية القائم وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بولاية علي.قلت:هذا تنزيل.قال:نعم،أمّا هذا الحرف فتنزيل،أمّا غيره فتأويل (1).

الآية العاشرة و مائة:قوله تعالي وَ أُخْري تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ

الآية العاشرة و مائة:قوله تعالي وَ أُخْري تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ (2)

في تفسير الإمام يعني في الدنيا بفتح القائم عليه السّلام (3).

الآية الحادية عشرة و مائة:قوله تعالي هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

الآية الحادية عشرة و مائة:قوله تعالي هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (4)

عن أبي بصير سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الآية فقال:و اللّه ما نزل تأويلها.قلت:جعلت فداك و متي ينزل تأويلها؟قال:حتي يقوم القائم إن شاء اللّه،فإذا خرج القائم لم يبق كافر و مشرك إلاّ كره خروجه،حتّي لو أن كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة:يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله فيجيئه فيقتله (5).

الآية الثانية عشرة و مائة:قوله تعالي قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِين

الآية الثانية عشرة و مائة:قوله تعالي قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (6)

عن علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السّلام قال:سألته عن هذه الآية،فقال:إذا فقدتم إمامكم فلم تروه،فماذا تصنعون؟ (7).

و عن عمّار بن ياسر قال:كنت مع رسول اللّه في بعض غزواته،و قتل علي أصحاب الألوية و فرّق جمعهم و قتل جمعا،أتيت رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم فقلت له:يا رسول اللّه إنّ عليّا قد جاهد في اللّه حقّ جهاده.فقال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:لأنّه منّي و أنا منه و إنّه وارث علمي و قاضي ديني و منجز وعدي و الخليفة من بعدي،و لولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي،حربه حربي و حربي حرب اللّه و سلمه سلمي و سلمي سلم اللّه،ألا إنّه أبو سبطيّ و الأئمّة،من صلبه يخرج اللّه تعالي الأئمة الراشدين و منهم مهدي هذه الامّة.فقلت:بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه من هذا المهدي؟

قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يا عمّار إنّ اللّه تبارك و تعالي عهد إليّ أنّه يخرج من صلب الحسين أئمّة تسعة و التاسع من ولده يغيب عنهم و ذلك قوله عزّ و جلّ قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم و يثبت عليها آخرون،فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،و يقاتل علي التأويل كما قاتلت علي التنزيل،و هو سميّي و أشبه الناس بي.

يا عمّار سيكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا و اصحبه فإنّه مع الحقّ و الحقّ معه،يا

ص: 145


1- عيون أخبار الرضا عليه السّلام:214 دلالة أخري.
2- سورة الصف،الآية:13.
3- مجمع البيان:520/7.
4- سورة التوبة،الآية:33.
5- حلية الأبرار:648/2.
6- سورة الملك،الآية:30.
7- كمال الدين:360 ح 3 باب ذكر كلام هشام.

عمّار إنّك ستقاتل بعدي مع علي صنفين:الناكثين و القاسطين ثمّ تقتلك الفئة الباغية،قال:يا رسول اللّه أ ليس ذلك علي رضا اللّه و رضاك؟قال:نعم علي رضا اللّه و رضاي،و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه،فلمّا كان يوم صفّين خرج عمّار بن ياسر إلي أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له:يا أخا رسول اللّه أتأذن لي في القتال؟فقال:مهلا رحمك اللّه،فلمّا كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله،فأعاد عليه ثالثا فبكي أمير المؤمنين عليه السّلام فنظر إليه عمّار فقال:يا أمير المؤمنين إنّه اليوم الذي وصفه لي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم،فنزل علي أمير المؤمنين عليه السّلام عن بغلته و عانق عمّارا و ودّعه ثمّ قال:يا أبا اليقظان جزاك اللّه عن نبيّك و عنّي خيرا،فنعم الأخ كنت و نعم الصاحب كنت ثمّ بكي عليه السّلام و بكي عمّار ثمّ قال:و اللّه يا أمير المؤمنين ما تبعتك إلاّ ببصيرة فإنّي سمعت رسول اللّه يقول يوم خيبر:يا عمّار ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا و حزبه فإنّه مع الحقّ و الحقّ معه،و ستقاتل بعدي الناكثين و القاسطين،فجزاك اللّه يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء فلقد أديت و أبلغت و نصحت،ثمّ ركب و ركب أمير المؤمنين عليه السّلام ثمّ برز إلي القتال ثمّ دعا بشربة من ماء،فقيل:ما معنا ماء،فقام إليه رجل من الأنصار و سقاه شربة من لبن فشربه فقال:هكذا عهد إليّ رسول اللّه أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن،ثمّ حمل علي القوم فقتل ثمانية عشر نفسا،فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه و قتل رحمه اللّه،فلمّا كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليه السّلام في القتلي فوجد عمّارا ملقي بين القتلي فجعل رأسه علي فخذه ثمّ بكي عليه و أنشأ يقول:

ألا أيّها الموت الذي ليس تاركي أرحني فقد أفنيت كلّ خليل

أيا موت كم هذا التفرّق عنوة فلست تبقّي خلّة لخليل

أراك بصيرا بالذين أحبّهم كأنّك تمضي نحوهم بدليل (1)

الآية الثالثة عشرة و مائة:قوله تعالي إِذا تُتْلي عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ

الآية الثالثة عشرة و مائة:قوله تعالي إِذا تُتْلي عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (2)

في تفسير الإمام عليه السّلام:إذا تتلي عليه قال:كنّي عن الثاني،أساطير الأوّلين أي أكاذيب الأوّلين سَنَسِمُهُ عَلَي الْخُرْطُومِ (3)قال:في الرجعة إذا رجع (4).و في الدمعة عن تأويل الآيات إِذا تُتْلي عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني تكذيبه بقائم آل محمّد؛إذ يقول له لسنا نعرفك و لست من ولد فاطمة،كما قال المشركون لمحمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم (5).

الآية الرابعة عشرة و مائة:قوله تعالي سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ

الآية الرابعة عشرة و مائة:قوله تعالي سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ (6)

سئل أبو جعفر عليه السّلام عن معني هذا،قال:نار تخرج من المغرب و ملك يسوقها من

ص: 146


1- كفاية الأثر:120 باب ما جاء عن عمّار بن ياسر.
2- سورة القلم،الآية:15.
3- سورة القلم،الآية:16.
4- تفسير القمّي:381/2 سورة القلم.
5- تأويل الآيات:748/2 سورة المطففين.
6- سورة المعارج،الآية:1-3.

خلفها حتّي تأتي دار سعد بن همام عند مسجدهم،فلا تدع دارا لبني أمية إلاّ أحرقتها و أهلها،و لا تدع دارا فيها وتر لآل محمّد إلاّ أحرقتها و ذلك المهدي (1).

و روي أنّ تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية يعني حتّي ينتهي إلي الكناسة كناسة بني أسد حتّي تمرّ بثقيف و لا تدع وترا لآل محمّد صلي اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ أحرقته و ذلك قبل خروج القائم عجّل اللّه تعالي فرجه (2).

الآية الخامسة عشرة و مائة:قوله تعالي وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ

الآية الخامسة عشرة و مائة:قوله تعالي وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (3)

عن أبي جعفر عليه السّلام قال:بخروج القائم (4).

الآية السادسة عشرة و مائة:قوله تعالي خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ

الآية السادسة عشرة و مائة:قوله تعالي خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (5)

عن أبي جعفر عليه السّلام:يعني يوم خروج القائم (6).

الآية السابعة عشرة و مائة:قوله تعالي حَتّي إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً

الآية السابعة عشرة و مائة:قوله تعالي حَتّي إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (7)

عن أبي جعفر عليه السّلام:يعني بذلك القائم و أنصاره.و عن الصادق عليه السّلام إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ قال:القائم و أمير المؤمنين في الرجعة فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً قال:

هو قول أمير المؤمنين عليه السّلام لزفر:و اللّه يا بن صهاك لو لا عهد من رسول اللّه و عهد من اللّه سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا و أقلّ عددا،قال:فلمّا أخبرهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم ما يكون من الرجعة،قالوا:متي يكون هذا؟قال:قل يا محمّد إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربّي أمدا (8).

الآية الثامنة عشرة و مائة:قوله تعالي فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَي الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ

الآية الثامنة عشرة و مائة:قوله تعالي فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَي الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (9)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد سئل عن هذه الآية قال:إنّ منّا إماما مظفرا مستترا،فإذا أراد اللّه عزّ و جلّ اظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر اللّه (10).

الآية التاسعة عشرة و مائة:قوله تعالي ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً الآية

عن أبي جعفر عليه السّلام:

يعني بهذه الآية إبليس اللعين،خلقه وحيدا من غير أب و لا أمّ،و قوله وَ جَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً يعني هذه الدولة إلي يوم الوقت المعلوم يوم يقوم القائم وَ بَنِينَ شُهُوداً وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلاّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (11)يقول:معاندا للأئمّة يدعو إلي غير سبيلها و يصدّ الناس عنها و هي آيات اللّه (12).

ص: 147


1- تفسير القمي:385/2 سورة المعارج.
2- غيبة النعماني:272 ح 48 باب 14.
3- سورة غافر،الآية:27.
4- الكافي:287/8.
5- سورة المعارج،الآية:44.
6- تأويل الآيات:726/21 و تفسير البرهان:386/4 ح 1.
7- سورة الجن،الآية:34.
8- تفسير القمّي:391/2 سورة الجنّ.
9- سورة المدّثر،الآية:8.
10- غيبة الطوسي:164 الكلام عن الواقفة.
11- سورة المدّثر،الآية:11-16.
12- تأويل الآيات:709 سورة المدّثر.

الآية العشرون و مائة:قوله تعالي فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ

الآية العشرون و مائة:قوله تعالي فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (1)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً قال:الوحيد ولد الزنا و هو زفر وَ جَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً قال:أجل ممدود إلي مدّة وَ بَنِينَ شُهُوداً قال:أصحابه الذين شهدوا أنّ رسول اللّه لا يورث وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ملكه الذي ملكته مهّدته له ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلاّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً قال:

لولاية أمير المؤمنين عليه السّلام جاحدا معاندا لرسول اللّه سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فيما أمر به من الولاية،و قدر أي مضي رسول اللّه لا يسلم لأمير المؤمنين البيعة الذي بايعه بها علي عهد رسول اللّه فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ قال:عذاب بعد عذاب يعذّبه القائم، ثُمَّ نَظَرَ إلي رسول اللّه و أمير المؤمنين ف عَبَسَ وَ بَسَرَ ممّا أمر به ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ و قال: إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ.

قال:إنّ زفر قال:إنّ رسول اللّه سحر الناس لعلي إِنْ هذا إِلاّ قَوْلُ الْبَشَرِ أي ليس بوحي من اللّه عزّ و جلّ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ إلي آخر الآية،فيه نزلت (2).

الآية الحادية و العشرون و مائة: وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ

الآية الحادية و العشرون و مائة: وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (3)

المراد بالصبح القائم.قوله تعالي وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً (4)لأهل المشرق و المغرب، و الملائكة هم الذين يملكون علم آل محمّد.قوله وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا قال:

يعني المرجئة.و قوله لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ قال:هم الشيعة و هم أهل الكتاب و هم الذين أوتوا الكتاب و الحكم و النبوّة.و قوله تعالي وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أي لا يشكّ الشيعة في أمر القائم وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني بذلك الشيعة و ضعفاءها و الكافرين ما ذا أَرادَ اللّهُ بِهذا مَثَلاً فقال اللّه عزّ و جلّ لهم: كَذلِكَ يُضِلُّ اللّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فالمؤمن يسلّم و الكافر يشكّ.و قوله تعالي وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ فجنود ربّك هم الشيعة و هم شهداء اللّه في الأرض.و قوله وَ ما هِيَ إِلاّ ذِكْري لِلْبَشَرِ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ عنه،و قوله كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ قال:هم أطفال المؤمنين،قال اللّه تبارك و تعالي(و ألحقنا بهم ذريّاتهم بإيمان)قال:إنّه بالميثاق.

و قوله وَ كُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ قال:بيوم الدين خروج القائم و قولهم فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ.

قال:بالتذكرة ولاية أمير المؤمنين كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ قال:كأنّهم حمر وحش فرّت من قسورة أي الأسد حين رأته و كذلك المرجئة إذا سمعت بفضل آل محمّد تعرّت عن الحقّ،ثمّ قال اللّه تعالي بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتي صُحُفاً مُنَشَّرَةً.

ص: 148


1- سورة المدّثر،الآية:20.
2- تفسير القمّي:703 ط.القديمة و تأويل الآيات:733/2.
3- سورة المدّثر،الآية:34.
4- سورة المدثر،الآية:31.

قال:يريد كلّ رجل من المخالفين أن ينزّل عليهم كتابا من السماء ثمّ قال اللّه تعالي كَلاّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ قال:هي دولة القائم،ثمّ قال تعالي بعد أن عرفهم[أنّ]التذكرة هي الولاية كَلاّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ وَ ما يَذْكُرُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوي وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ فالتقوي هي النبي و المغفرة علي أمير المؤمنين عليه السّلام (1).

الآية الثانية و العشرون و مائة:قوله تعالي فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ

الآية الثانية و العشرون و مائة:قوله تعالي فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ (2)

عن أبي جعفر عليه السّلام:الخنّس إمام يخنس في زمانه عند انقطاع عن عمله عند الناس سنة ستّين و مائتين،ثمّ يبدو كالشهاب الثاقب في ظلمة الليل،فإن أدركت ذلك قرّت عيناك (3).

الآية الثالثة و العشرون و مائة:قوله تعالي لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ

الآية الثالثة و العشرون و مائة:قوله تعالي لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (4)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها فقلت له:و لم ذاك يا بن رسول الله؟قال:إنّ اللّه عزّ و جلّ أبي أن لا يجري فيه سنن الأنبياء في غيباتهم،و إنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم،قال اللّه عزّ و جلّ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي علي سنن من كان قبلكم (5).

الآية الرابعة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ

الآية الرابعة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (6)

عن الأصبغ عن ابن عبّاس عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:ذكر اللّه عزّ و جلّ عبادة و ذكري عبادة و ذكر علي عبادة و ذكر الأئمّة من ولده عبادة،و الذي بعثني بالنبوّة و جعلني خير البرية إن وصيّي لأفضل الأوصياء،و إنّه لحجّة اللّه علي عباده و خليفته علي خلقه،و من ولده الأئمّة الهداة،بهم يحبس اللّه العذاب عن أهل الأرض،و بهم يمسك السماء أن تقع علي الأرض إلاّ بإذنه،و بهم يمسك الجبال أن تميد بهم،و بهم يسقي خلقه الغيث،و بهم يخرج النبات،أولئك أولياء اللّه حقّا و خلفاؤه صدقا،و عدّتهم عدّة الشهور و هي اثنا عشر شهرا،و عدّتهم عدّة نقباء موسي بن عمران ثمّ تلا هذه الآية وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ.

ثمّ قال:أتقدّر يا بن عبّاس أنّ اللّه يقسم بالسماء ذات البروج يعني به السماء و بروجها!قلت:

يا رسول اللّه فما ذاك؟قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:فأمّا السماء فأنا،و أمّا البروج فالأئمّة بعدي أوّلهم علي و آخرهم المهدي (7).

الآية الخامسة و العشرون و مائة:قوله تعالي إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً

الآية الخامسة و العشرون و مائة:قوله تعالي إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (8)

عن أبي بصير في قوله فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ (9)قال:ما قوّة يقوي بها علي

ص: 149


1- بطوله في تأويل الآيات:735/2-736 سورة المدّثر.
2- سورة التكوير،الآية:16.
3- أصول الكافي:341/1 ح 23.
4- سورة الانشقاق،الآية:19.
5- علل الشرائع:245/1 ح 7.
6- سورة البروج،الآية:1.
7- الاختصاص:224 حديث في الدعاء و أوقاته-بتفاوت-و إثبات الهداة:635/1 ح 747.
8- سورة الطارق،الآية:17.
9- سورة الطارق،الآية:10.

خالقه،و لا ناصر من اللّه ينصره إن أراد به سوءا.قلت: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً (1)؟

قال:كادوا رسول اللّه و كادوا عليا و كادوا فاطمة فقال:يا فاطمة إنّهم يكيدون كيدا و أكيد كيدا فمهّل الكافرين يا محمّد أمهلهم رويدا،الوقت بعد بعث القائم فينتقم من الجبابرة و الطواغيت من قريش و بني أمية و سائر الناس (2).

الآية السادسة و العشرون و مائة:قوله تعالي هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلي ناراً حامِيَةً

الآية السادسة و العشرون و مائة:قوله تعالي هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلي ناراً حامِيَةً (3)

عن سهل بن محمّد عن أبيه عن أبي عبد اللّه قال:قلت: أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قال:يغشاهم القائم بالسيف قال:قلت وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ لا تطيق الامتناع.

قال:قلت: عامِلَةٌ قال:عملت بغير ما أنزل اللّه،قال:قلت: ناصِبَةٌ قال:نصبت غير ولاة الأمر،قال:قلت: تَصْلي ناراً حامِيَةً قال:تصلي نار الحرب في الدنيا علي عهد القائم،و في الآخرة نار جهنّم (4).

الآية السابعة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ الْفَجْرِ وَ لَيالٍ عَشْرٍ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ

الآية السابعة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ الْفَجْرِ وَ لَيالٍ عَشْرٍ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (5)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:قوله عزّ و جلّ وَ الْفَجْرِ الفجر هو القائم و الليالي العشر الأئمّة من الحسن إلي الحسن وَ الشَّفْعِ أمير المؤمنين و فاطمة وَ الْوَتْرِ هو اللّه وحده لا شريك له وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ هي دولة جبت فهي تسري إلي دولة القائم (6).

الآية الثامنة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها

الآية الثامنة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (7)

عن سليمان الديلمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:سألت عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها.

قال:الشمس رسول اللّه أوضح للناس دينهم.قلت: وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها قال:ذاك أمير المؤمنين تلا رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم اَلنَّهارِ إِذا جَلاّها قال:ذلك الإمام من ذرية فاطمة نسل رسول اللّه فيجلي ظلام الجور و الظلم،فحكي اللّه سبحانه عنه و قال اَلنَّهارِ إِذا جَلاّها يعني به القائم عليه السّلام.

قلت: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها قال:ذاك أئمّة الجور الذين استبدّوا بالأمور دون آل الرسول صلي اللّه عليه و اله و سلّم و جلسوا مجلسا كان الرسول أولي به منهم،فغشوا دين اللّه بالجور و الظلم فحكي اللّه سبحانه فعلهم فقال وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (8).

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها الشمس أمير المؤمنين عليه السّلام و ضحاها قيام

ص: 150


1- سورة الطارق،الآية:15.
2- تفسير القمي:416/2.
3- سورة الغاشية،الآية:4.
4- الكافي:50/8 ح 13.
5- سورة الفجر،الآية:1.
6- تأويل الآيات بتفاوت:793/2.
7- سورة الشمس،الآية:1-4.
8- روضة الكافي:50/8 ح 12.

القائم عليه السّلام؛لأنّ اللّه سبحانه قال وَ أَنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحًي (1)وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها الحسن و الحسين عليهما السّلام وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها هو قيام القائم عليه السّلام وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها الجبت و دولته قد غشا عليه الحقّ،و أمّا قوله وَ السَّماءِ وَ ما بَناها قال:هو محمد هو السماء الذي يسيمون إليه الخلق في العلم،و قوله وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها قال:الأرض الشيعة وَ نَفْسٍ وَ ما سَوّاها قال:

هو المؤمن المستوي علي الخلق،و قوله فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها.

قال:عرفت الحقّ من الباطل فذلك قوله وَ نَفْسٍ وَ ما سَوّاها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها قد أفلحت نفس زكّاها اللّه وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها و قوله كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها قال:ثمود رهط من الشيعة فإنّ اللّه تعالي يقول وَ أَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمي عَلَي الْهُدي فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ فهو السيف إذا قام القائم عليه السّلام،و قوله فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ناقَةَ اللّهِ وَ سُقْياها قال:الإمام الناقة الذي فهم عن اللّه،و سقياها أي عنده منتقي العلم فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوّاها قال:في الرجعة وَ لا يَخافُ عُقْباها قال:لا يخاف من مثلها إذا رجع (2).

الآية التاسعة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشي وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّي

الآية التاسعة و العشرون و مائة:قوله تعالي وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشي وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّي (3)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشي قال:دولة إبليس لعنه اللّه إلي يوم القيامة و هو قيام القائم وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّي و هو القائم إذا قام،و قوله فَأَمّا مَنْ أَعْطي وَ اتَّقي (4)أعطي نفسه الحقّ و اتّقي الباطل فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْري وَ أَمّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْني (5)يعني بنفسه عن الحقّ و استغني بالباطل عن الحقّ، وَ كَذَّبَ بِالْحُسْني بولاية علي بن أبي طالب و الأئمّة من بعده فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْري يعني النار، و أمّا قوله إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدي يعني إنّ عليّا هو الهدي وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولي فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّي قال:القائم عليه السّلام إذا قام بالغضب فيقتل من كلّ ألف تسعمائة و تسعة و تسعين لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَي قال:هو عدوّ آل محمّد وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَي قال:ذاك أمير المؤمنين و شيعته (6).

و عن أبي جعفر قال:الليل في هذا الموضع الثاني يغشي أمير المؤمنين عليه السّلام في دولته التي جرت له عليه،و أمير المؤمنين عليه السّلام يصير في دولتهم حتّي تنقضي قال: وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّي قال:

النهار هو القائم عليه السّلام منّا أهل البيت إذا قام غلبت دولته الباطل،و القرآن ضرب فيه الأمثال و خاطب نبيّه و نحن،فليس يعلمه غيرنا (7).

ص: 151


1- سورة طه،الآية:59.
2- إثبات الهداة:566/3 ح 660 و البرهان:467/4 ح 11.
3- سورة الليل،الآية:1-2.
4- سورة الليل،الآية:5.
5- سورة الليل،الآية:8.
6- تأويل الآيات:807/2 و إثبات الهداة:566/3 ح 662.
7- وسائل الشيعة:205/27 ح 33611 و فيه:و نحن نعلمه فليس،و البحار:72/24،و تفسير نور الثقلين:/5 588.

الآية الثلاثون و مائة:قوله تعالي سَلامٌ هِيَ حَتّي مَطْلَعِ الْفَجْرِ

الآية الثلاثون و مائة:قوله تعالي سَلامٌ هِيَ حَتّي مَطْلَعِ الْفَجْرِ (1)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قال أبو محمد:قرأ علي بن أبي طالب عليه السّلام إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (2)و عنده الحسن و الحسين فقال الحسنان:يا أبتاه كأن بها فيك من حلاوة،قال له:يا بن رسول اللّه و ابني،اعلم أنّي أعلم فيها ما لم تعلم،إنّها لما أنزلت بعث إليّ جدّك رسول اللّه فقرأها عليّ فضرب علي كتفي الأيمن و قال:يا أخي و وصيّي و وليّي علي أمّتي و حرب أعدائي إلي يوم يبعثون،هذه السورة لك من بعدي و لولديك من بعدك،إنّ جبرئيل أخي من الملائكة أحدث إليّ أحداث أمّتي في سنتها و إنّه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوّة،و لها نور ساطع في قلبك و قلوب أوصيائك إلي مطلع فجر القائم.و سئل أبو عبد اللّه عن ما يفرق في ليلة القدر،هل هو ما يقدّر سبحانه و تعالي فيها؟قال:لا توصف قدرة اللّه تعالي سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء،و أمّا قوله خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)يعني فاطمة،و قوله تعالي تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها (4)و الملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمّد، و الروح روح القدس و هي فاطمة مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ يقول:كلّ أمر سلّمه حتّي مطلع الفجر يعني حتّي يقوم القائم عليه السّلام (5).

الآية الحادية و الثلاثون و مائة:قوله تعالي وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

الآية الحادية و الثلاثون و مائة:قوله تعالي وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (6)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:دين القيمة إنما هو ذلك دين القائم عليه السّلام (7).

الآية الثانية و الثلاثون و مائة:قوله تعالي وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا

الآية الثانية و الثلاثون و مائة:قوله تعالي وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا (8)

الآيات عن مفضّل:سألت الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ فقال:العصر عصر القائم عليه السّلام إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ يعني أعداءنا إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا بآياتنا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ يعني بمواساة الإخوان وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ يعني بالإمامة وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ يعني في الفترة (9).

الآية الثالثة و الثلاثون و مائة: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ

الآية الثالثة و الثلاثون و مائة: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ (10)

من المواضع التي أوّل بزمان قيام القائم عليه السّلام كما عن كتاب تنزيل و تحريف لأحمد بن محمد السيار في آية إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ فتح قائم آل محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم (11).

ص: 152


1- سورة القدر،الآية:5.
2- سورة القدر،الآية:1.
3- سورة القدر،الآية:3.
4- سورة القدر،الآية:4.
5- تفسير البرهان:487/4 ح 24 و تأويل الآيات:818/2.
6- سورة البيّنة،الآية:5.
7- المحجّة:257،تأويل الآيات:831/2.
8- سورة العصر،الآية:2.
9- كمال الدين:656 في نوادر الكتاب ح 1.
10- سورة النصر،الآية:1.
11- خمسمائة آية في أمير المؤمنين،و ذكره رجب البرسي في كتابه.لم أجده في المصادر بهذه الألفاظ،نعم ورد في تفسير الآية قول النبي:بنا فتح الله و بنا يختم»راجع ملاحم ابن طاووس:84 باب 191.

الآية الرابعة و الثلاثون و مائة:قوله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ

الآية الرابعة و الثلاثون و مائة:قوله: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (1).

عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«تخضع رقابهم يعني بني أمية و هي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر عليه السّلام» (2).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالي: مُدْهامَّتانِ (3).

قال:«يتصل ما بين مكة و المدينة نخلا» (4).

الآية الخامسة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

الآية الخامسة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (5).

في تأويل الآيات:عن ابن عباس قال:لا يكون ذلك حتي لا يبقي يهودي و لا نصراني و لا صاحب ملّة إلاّ دخل في الإسلام حتي يأمن الشاة و الذئب و البقر و الأسد و الإنسان و الحيّة و حتي لا تعرض فأرة جرابا،و حتي توضع الجزية و يكسر الصليب و يقتل الخنزير و ذلك قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و ذلك يكون عند قيام القائم عليه السّلام (6).

الآية السادسة و الثلاثون و مائة:ذكر الثعلبي في تفسير: حم عسق

الآية السادسة و الثلاثون و مائة:ذكر الثعلبي في تفسير: حم عسق بإسناده قال:«السين»:

سناء المهدي،و«القاف»:قوة عيسي حين ينزل،فيقتل النصاري و يخرّب البيع (7).

الآية السابعة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي: ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلي ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّي يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ

الآية السابعة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي: ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلي ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّي يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (8)

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:لا تمضي الأيّام و الليالي حتّي ينادي مناد من السماء يا أهل الحقّ اعتزلوا يا أهل الباطل اعتزلوا،فيعزل هؤلاء من هؤلاء و هؤلاء من هؤلاء قلت:

أصلحك اللّه يخالط هؤلاء و هؤلاء بعد ذلك النداء؟قال:كلاّ إنّه يقول في الكتاب: ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الآية (9).

الآية الثامنة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي ثُمَّ قَضي أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّي عِنْدَهُ

الآية الثامنة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي ثُمَّ قَضي أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّي عِنْدَهُ (10)

عن حمران

ص: 153


1- سورة الشعراء،الآية:4.
2- تفسير القمي:118/2،و البحار:228/9.
3- سورة الرحمن،الآية:64.
4- تفسير القمي:346/2،و تفسير نور الثقلين:200/5 ح 68.
5- سورة التوبة،الآية:33.
6- البحار:61/51،و تأويل الآيات:689/2.
7- البحار:367/36،و مستدرك سفينة البحار:440/2.
8- سورة آل عمران،الآية:179.
9- تفسير العياشي:207/1 سورة آل عمران:179.
10- سورة الأنعام،الآية:2.

بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال:إنّهما أجلان أجل محتوم و أجل موقوف.قال له حمران:ما المحتوم؟قال:الذي لا يكون غيره،قال:و ما الموقوف؟قال:هو الذي للّه فيه المشيئة،قال حمران:إنّي لأرجو أن يكون السفياني من الموقوف فقال أبو جعفر عليه السّلام:لا و اللّه انّه من المحتوم (1).

الآية التاسعة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي: قُلْ إِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلي أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ

الآية التاسعة و الثلاثون و مائة:قوله تعالي: قُلْ إِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلي أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (2)

عن القمي عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالي: إِنَّ اللّهَ قادِرٌ عَلي أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً و سيريك في آخر الزمان آيات منها دابّة الأرض و الدجّال و نزول عيسي بن مريم و طلوع الشمس من مغربها (3).

الآية الأربعون و مائة:قوله تعالي: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلي أَنْ يَبْعَثَ إلي لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ

الآية الأربعون و مائة:قوله تعالي: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلي أَنْ يَبْعَثَ إلي لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (4)

عن القمي عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: هُوَ الْقادِرُ عَلي أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ هو الدجّال و الصيحة أو مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ و هو الخسف أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً و هو اختلاف في الدين و طعن بعضكم علي بعض وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ و هو أن يقتل بعضكم بعضا و كلّ هذا في أهل القبلة بقول اللّه اُنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (5).

الآية الحادي و الأربعون و مائة:قوله تعالي: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ

الآية الحادي و الأربعون و مائة:قوله تعالي: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (6)

عن غيبة النعماني عن عباية بن ربعي قال:

دخلت علي أمير المؤمنين عليه السّلام و أنا خامس خمسة و أصغر القوم سنّا فسمعته يقول:حدّثني أخي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم قال:إنّي خاتم ألف نبي و انّك خاتم ألف وصي و كلّفت ما لم يكلّفوا فقلت:ما أنصفك القوم يا أمير المؤمنين،فقال:ليس حيث تذهب يا بن أخي و اللّه لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري و غير محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و إنّهم ليقرأون منها آية في كتاب اللّه عزّ و جلّ و هي وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ و ما يتدبّرونها حقّ تدبّرها.ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟

قلنا:بلي يا أمير المؤمنين،قال:قتل نفس حرام في يوم حرام في بلد حرام عن قوم من قريش و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة،قلنا:هل قبل هذا من شيء أو بعده من شيء؟فقال:صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان و توقظ النائم و تخرج الفتاة من خدرها (7).

الآية الثاني و الأربعون و مائة:قوله تعالي: لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

الآية الثاني و الأربعون و مائة:قوله تعالي: لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا (8)

في

ص: 154


1- غيبة النعماني:301.
2- سورة الأنعام،الآية:37.
3- غيبة الشيخ:436.
4- سورة الأنعام،الآية:65.
5- تفسير القمي:204/2.
6- سورة النمل،الآية:82.
7- غيبة النعماني:258 ح 17 باب 14.
8- سورة فصّلت،الآية:16.

غيبة النعماني عن الصادق عليه السّلام قول اللّه تعالي: عَذابَ الْخِزْيِ ما هو عذاب خزي في الدنيا؟

فقال:أيّ خزي أخزي يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته و أصحابه و علي اخوانه وسط عياله إذ شق أهله الجيوب عليه و صرخوا فيقول الناس:ما هذا؟فيقال:مسخ فلان الساعة،فقلت:

قبل قيام القائم عجّل اللّه فرجه أو بعده؟قال:لا،بل قبله (1).

***

بشارات التوراة بقيام القائم عجل اللّه فرجه

في التوراة،في سفر التكوين،في الفصل السابع عشر في الآية العشرين ممّا ترجمته بالعربية:

يقول اللّه تعالي مخاطبا لهاجر توصية لإسماعيل:يا إبراهيم إنّا قد سمعنا دعاءك و تضرّعك في إسماعيل فباركت لك فيه و سأرفع له مكانا رفيعا و مقاما عليا،و سأظهر منه إثني عشر نقيبا و ستكون له أمّة عظيمة (2).

و قال القاضي جواد الساباطي (3):البرهان الأوّل من المقالة الثالثة من التبصرة الثالثة من البراهين الساباطية ما ورد في الفصل الثاني في الآية السابعة من الرؤيا التي ترجمتها بالعربية:من كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنائس:إنّي سأطعم المظفّر من شجرة الحياة التي هي في جنّة اللّه (4).

و في الآية الحادية عشرة:من كانت له أذن سامعة فليسمع ما تقول الروح للكنائس:فإنّ المظفّر لا تضرّه الموتة الثانية (5).

و في الآية السابعة عشرة:من كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنائس:إنّي سأطعم المظفّر من المن المكنون و أعطيته حجرة بيضاء مكتوبا عليها إسم مرتجل لا يفهمه إلاّ من يناله (6).

و في الآية السادسة و العشرين:و سأعطي المظفّر الذي يحفظ جميع أفعالي سلطانا علي الأمم، فيرعاهم بقضيب من حديد و يسحقهم كآنية الفخار كما أخذت من أبي و أعطيه أيضا نجمة الصبح، فمن كانت له أذن سامعة فليسمع ما تقول الروح للكنائس (7).

ص: 155


1- غيبة النعماني:269 ح 41 باب 14.
2- سفر التكوين:92،الإصحاح:17 رقم 20-18 ط.دار المشرق بيروت.
3- في كتابه«البراهين الساباطية»و كان نصرانيا فأسلم.
4- العهد الجديد،رؤيا يوحنا:2،الآية 7 و فيه تفاوت:من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة.
5- العهد الجديد،رؤيا يوحنا الثانية،و فيه:من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني.
6- المصدر بتفاوت.
7- المصدر بتفاوت و فيه:كوكب الصبح.

و في الفصل الثالث في الآية الخامسة:المظفّر يلبس ثيابا بيضاء،و لا أمحو اسمه من سفر الحياة،و أعترف باسمه أمام أبي و أمام ملائكته،فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنائس (1).

و في الآية السادسة عشرة (2)منه:المظفّر أجعله عمودا في الهيكل الإلهي،و لا يخرج خارجا، و أكتب عليه إسم إلهي و إسم مدينة إلهي أورشليم الجديدة التي نزلت من السماء من عند إلهي، و أكتب عليه إسمي الجديد،فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنائس (3).

و في الآية الحادية و العشرين (4)منه:المظفّر أهب له الجلوس معي علي كرسيّي،كما ظفرت أنا أيضا و جلست مع أبي علي كرسيّه،فمن كانت له أذن سامعة فليستمع ما تقول الروح للكنائس (5).

قال القاضي الساباطي:البرهان الثالث ما ترجمته:و سيولم ربّ الجنود لجميع الناس في هذا الجنود و يدلي بحاجته إلي النجاح و ينتظم في حزب نجمة الصباح.جعلني اللّه في تأويل هذا النصّ، فقال اليهود:إنّ المراد بربّ الجنود هو المسيح المزمع بالإتيان.و قال النصاري:بل هو عيسي ابن مريم عليه السّلام لأنّه كان قد صيّر الماء في قانا الجليل خمرا كما حرّر في الفصل الثاني في الآية الأولي من يوحنا،و ليس بشيء،لأنّ قوله:ربّ الجنود لا يتناول عيسي ابن مريم لأنّه لم يكن ذا جند، و لأنّ الضيافة المذكورة هاهنا لا بدّ أن تكون لجميع الناس أو لأعظم النصفين،أو أن يكون فيها من كلّ حزب من بني آدم جماعة،و ضيافة الجليل لم تكن إلاّ وليمة عرس،فلا يصدق عليها.

و المراد بربّ الجنود و هو المهدي عليه السّلام فيكون هو المقصود من هذا النصّ.

قال القاضي الساباطي:البرهان الرابع في الفصل الحادي عشر في الآية الأولي من كتاب شعيا ما ترجمته بالعربية:و سيخرج من قيس الآس عصا و ينبت من عروقه غصن و ستستقر عليه روح الرب أعني روح الحكمة و المعرفة،و روح الشوري و العدل،و روح العلم و خشية اللّه،و تجعله ذا فكرة وقّادة،مستقيما في خشية الربّ،فلا يقضي كذا عجائبات الوجوه و لا يدين بمجرّد السمع (6).

قال القاضي الساباطي:البرهان الخامس في الفصل الحادي و العشرين في الآية العاشرة من كتاب الرؤيا من كتب العهد الجديد (7)ترجمتها بالعربية:فأخذتني الروح إلي جبل عظيم شامخ،ي.

ص: 156


1- العهد الجديد،رؤيا يوحنا الثالثة،الآية الخامسة بتفاوت.
2- في العهد الجديد،الآية الثانية عشرة.
3- المصدر السابق الآية الثانية عشرة.
4- المصدر السابق،بتفاوت كبير،و في اللفظ دون المعني.
5- نفحات الأزهار:303/10 ط.قم.
6- العهد القديم،و هو التوراة،كتاب شعيا الفصل الحادي عشر،الآية الأولي.
7- العهد الجديد،رؤيا يوحنا؛الفصل 21 أو الرؤية 21،الآية العاشرة،و فيه تفاوت في اللفظ دون المعني.

و أرتني المدينة العظيمة أورشليم المقدّسة نازلة من السماء من عند اللّه و فيها مجد اللّه،وضؤها كالحجر الكريم،كحجر اليشم و البلور،و كان لها سور عظيم عال و اثنا عشر بابا،و علي الأبواب اثنا عشر ملكا،و كان قد كتب عليها أسماء أسباط بني إسرائيل الاثني عشر.

قال الشيخ الحائري:لا تأويل لهذا النصّ بحيث أن يدلّ علي غير مكّة شرّفها اللّه تعالي، و المراد بمجد اللّه بعثته محمّدا صلي اللّه عليه و اله و سلّم فيها،و الضوء عبارة عن الحجر الأسعد،و تشبيهه باليشم و البلور إشارة إلي صحيح الروايات التي وردت في أنّه لمّا نزل كان أبيضا.و المراد بالسور هو ربّ الجنود و الأبواب الاثني عشر أولاده الأحد عشر و ابن عمّه علي (1).

قال القاضي الساباطي:البرهان السادس ما ورد في الفصل الحادي و العشرين أيضا في الآية الرابعة عشرة من كتاب الرؤيا ما ترجمته بالعربية:و لسور المدينة اثنا عشر أساسا،و عليها أسماء رسل الحمل الاثني عشر (2).

قال القاضي الساباطي:البرهان السابع ما ورد في الفصل الحادي و العشرين من الآية الحادية و العشرين من الرؤيا من كتب العهد الجديد ما ترجمته بالعربية:و الأبواب الاثنا عشر لؤلؤا كلّ واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة،و ساحة المدينة من الذهب الابريز كالزجاج الشفّاف (3).

قال القاضي الساباطي:البرهان الثامن ما ورد في الفصل الثاني و العشرين في الآية الاولي من كتاب الرؤيا ما ترجمته بالعربية:قوله:و أراني في وسطها نهرا معينا من ماء الحياة،مضيئا كالبلّور خارجا من كرسي اللّه و الحمل،و في أزقّتها و علي كلّ طرف من طرفي النهر شجرة الحياة تثمر في كلّ شهر اثنتي عشرة ثمرة،و أوراق الأشجار شفاء الامم (4).

قال القاضي الساباطي:البرهان الحادي عشر ما ورد في الفصل الثالث من الآية الرابعة من لوقا (5)،و في الفصل الخامس و الأربعين في الآية الثالثة من كتاب أشعيا (6)ما ترجمته بالعربية:

صوت صارخ في البرية،أعدّوا طرق الرب و هيّئوا سبله فإنّ كلّ واد سيمتلئ،و كلّ جبل و أكمة (7)ة.

ص: 157


1- راجع إلزام الناصب.
2- العهد الجديد،رؤيا يوحنا الحادية و العشرون الآية 14 و فيه:و سور المدينة كان له إثنا عشر أساسا و عليها أسماء رسل الحروف الاثني عشر.
3- المصدر السابق،الآية 21،و فيه:و سوق المدينة ذهب نقي كزجاج شفاف.
4- العهد الجديد،الرؤيا 22 ليوحنا،الآية الاولي،و عبارته:و أراني نهرا صافيا من ماء حياة،لا معا كبلور، خارجا من عرش الله،و الحروف في وسط سوقها،و علي النهر من هنا و من هناك شجرة حياة تضع اثنتي عشرة ثمرة و تعطي كلّ شهر ثمرها،و ورق الشجرة لشفاء الأمم.
5- إنجيل لوقا من العهد الجديد:75 الإصحاح الثالث الفصل التاسع،مع تفاوت في المطبوع.
6- كتاب العهد القديم كتاب أشعياء:1064 باب 45.
7- أي الجبابرة.

ستتضع،و تعتدل المعوجات و تلين الصعاب و يشاهد خلاص اللّه كلّ ذي جسد.

أقول:قد شرح هذه البراهين السيد الحائري في الجزء الاول من إلزام الناصب و استدلّ لها.

و في الدمعة الساكبة عن المقتضب عن حاجب بن سليمان أبو موزج السدوي قال:لقيت ببيت المقدس عمران بن خاقان الوافد إلي المنصور علي يهود الجزيرة و غيرها،أسلم علي يد أبي جعفر المنصور،و كان قد غلب حجج اليهود ببيانه و علمه،و كانوا لا يستطيعون جحده لما في التوراة من علامات رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و الخلفاء من بعده،فقال لي يوما:يا أبا موزج إنّا نجد في التوراة ثلاثة عشر اسما منها محمد و اثنا عشر بعده من أهل بيته هم أوصياؤه و خلفاؤه،مذكورون في التوراة،و ليس فيهم القائمون بعده من تيم و لا عدي و لا بني أمية،و إنّي لأظنّ ما تقول هؤلاء الشيعة حقّا.

قلت:فأخبرني به.

قال:لتعطيني عهد اللّه و ميثاقه أن لا تخبر الشيعة بشيء من ذلك فيظهروه عليّ.

قلت:و ما تخاف من ذلك و القوم من بني هاشم؟قال:ليست أسماؤهم أسماء هؤلاء،بل هم من ولد الأوّل منهم و هم محمد و من بقيّته في الأرض من بعده،فأعطيته ما أراد من المواثيق،و قال لي:حدّث به بعدي إن تقدمتك و إلاّ فلا عليك أن لا تخبر به أحدا:نجدهم في التوراة عبارة ذكر ترجمتها:إنّ شموعل يخرج من صلبه ابن مبارك-صلواتي عليه-يلد اثني عشر ولدا،يكون ذكرهم باقيا إلي يوم القيامة،و عليهم القيامة تقوم،طوبي لمن عرفهم بحقيقتهم (1).

و عن الإقبال عن أبي المفضل في حديث طويل:أنّ علماء نصاري نجران أحضروا صحيفة آدم الكبري و نقلوا منها كلاما طويلا في الإخبار بالنبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم و نعته و صفة أهل بيته و أوصيائه و منازلهم و مرتبتهم عند اللّه عزّ و جلّ،إلي أن قال:ثمّ صار القوم إلي ما نزل علي موسي فألغوا في السفر الثاني من التوراة:إنّي باعث في الاميين من ولد إسماعيل رسولا أنزل عليه كتابي و أبعثه بالشريعة القيّمة إلي جميع خلقي،أوتيه حكمي و أؤيّده بملائكتي و جنودي،يكون ذريته من ابنة له مباركة باركتها ثمّ من شبلين لها كإسماعيل و إسحاق،أصلين شعبين عظيمين،أكبرهم جدّا جدّا،يكون منهم اثنا عشر قيّما،أكمل لمحمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و بما أرسله به من بلاغ و حكمة ديني،و أختم به أنبيائي و رسلي،فعلي محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و أمّته تقوم الساعة.الحديث (2).

و عن علي بن عيسي في كشف الغمّة:حكي لي بعض اليهود و رأيته أنا في توراة معرّبة و قد نقله الرواة أيضا:إسماعيل قبلت صلواته و باركت فيه و أنميته و كثّرت عدده بمادماد،و قيل:معناه محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و عدد حروفه اثنان و تسعون حرفا،سأخرج اثنا عشر إماما ملكا من نسله و أعطيه قوما كثير2.

ص: 158


1- مقتضب الأثر:39 و بحار الأنوار:225/36.
2- إقبال الأعمال:340/2.

العدد.و أوّل هذا الفصل بالعبري:لا شموعيل شمعثخوا.انتهي (1).

عن كتاب إثّبات الهداة عن الشيخ المفيد في جواب المسائل السروية:قد بشّر الله عزّ و جلّ بالنبي و الأئمّة في الكتب الاولي فقال في بعض كتبه التي أنزلها علي أنبيائه و أهل الكتب يقرؤونه و اليهود يعرفونه:أنه ناجي إبراهيم في مناجاته:إنّي قد عظّمتك و باركت عليك و علي إسماعيل، و جعلت منه اثني عشر عظيما و كبّرتهم جدّا جدّا،و جعلت منهم شعبا عظيمة لامّة عظيمة،و أشباه ذلك كثيرة في كتب اللّه تعالي،انتهي (2).

و عن الشيخ زين الدين علي بن محمد بن يونس البياضي في كتاب الصراط المستقيم:في السفر الأوّل من التوراة:نزل الملك علي إبراهيم عليه السّلام و قال:إسماعيل يلد اثني عشر عظيما (3).

عن كتاب الغيبة ما هذا نصّه:فما ثبت في التوراة ممّا يدلّ علي الأئمّة الإثني عشر ما ذكر في السفر الأوّل فيها من قصّة إسماعيل بعد انقضاء قصة سارة،و ما خاطب اللّه به إبراهيم في أمرها و ولدها قوله عزّ و جلّ:و قد أجبتك دعاءك في إسماعيل و قد أسمعتك ما باركته و سأكثره جدّا جدّا، و سيلد اثني عشر عظيما أجعلهم أئمّة كشعب عظيم.ثمّ قال:و أقرأني عبد الحكيم بن الحسن السمري رحمه اللّه ما أملاه عليه رجل من اليهود بإرجال يقال له الحسن بن سليمان من علماء اليهود، بها من أسماء الأئمّة بالعبرانية و عدّتهم،و قد أثبته علي لفظه و كان فيها قراءة:إنّه يبعث من ولد إسماعيل-و إسم إسماعيل في التوراة اشموعيل-ميمي مايد يعني محمّدا،يكون سيّدا و يكون من آله اثنا عشر رجلا أئمّة و سادة يقتدي بهم:تقوبيث قيذوا دبيرا مغسورا مسموعا دوموه مشبو هذار يثيمو بطور توقس قيذموا.

و سئل هذا اليهودي عن هذه الأسماء في أي سورة هي فذكر أنّها في سدّ سليمان،أي في قصّة سليمان،و قرأ منها أيضا كلاما تفسيره و ترجمته:إنّه يخرج من صلب إسماعيل ولد مبارك عليه صلواتي و عليه رحمتي يلد منه اثنا عشر رجلا يرتفعون و ينجلون،و يرتفع إسم هذا الرجل و يحلو بعلو ذكره،و قرأ هذا الكلام و التفسير علي موسي بن عمران بن زكريا اليهودي و قال فيه إسحاق بن إبراهيم يحسبونه اليهودي العيسوي مثل ذلك،و قال سليمان ابن داود النوشجاني مثل ذلك.آخر كلام النعماني (4).

و عن المقتضب عن سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب:كنت مع أبي عند كعب الأحبار فسمعته يقول:إنّ الأئمّة من هذه الامّة بعد نبيّها علي عدد نقباء بني إسرائيل،و أقبل علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال كعب:هذا المقبل أوّلهم و أحد عشر من ولده،و سمّاهم كعب بأسمائهم في4.

ص: 159


1- مناقب آل أبي طالب:246/1.
2- المسائل السروية للمفيد:43.
3- الصراط المستقيم:55/1.
4- غيبة النعماني:108 ح 38 باب 4.

التوراة:تقوبيث قيذوا دبيرا مغسورا مسموعا دوموه مشيو هذار يتيمو (1)بطور توقس قيذموا.

قال أبو عامر هشام الدستواني:لقيت يهوديا بالحيرة يقال له:عثوا بن أوسوا (2)و كان حبرا لليهود و عالمهم فسألته عن هذه الأسماء و تلوتها عليه.فقال لي:من أين عرفت هذه النعوت؟

قلت:هي أسماء.

قال:ليست أسماء لو كانت أسماء لتطرّزت في تواطي الأسماء،و لكنّها نعوت لأقوام و أوصاف بالعبرانية صحيحة نجدها عندنا في التوراة،و لو سألت عنها غيري لعمي عن معرفته أو تعامي.قلت:و لم ذلك؟قال:أمّا العمي فللجهل بها،و أمّا التعامي لئلاّ يكون علي دينه ظهيرا و به خبيرا،و إنّما أقررت لك بهذه النعوت لأني رجل من ولد هارون بن عمران،مؤمن بمحمّد،أسر بذلك عن بطانتي من اليهود الذين لم أظهر لهم الإسلام و لن أظهره لأحد بعدك حتّي أموت.

قلت:و لم ذلك؟

قال:لأنّي أجد في كتب آبائي الماضين من ولد هارون أن لا نؤمن بهذا النبي الذي اسمه محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم ظاهرا و نؤمن به باطنا حتّي يظهر المهدي القائم عليه السّلام من ولده،فمن أدركه منّا فليؤمن به، و به نعت الأخير من الأسماء.قلت:و بما نعت به؟قال:نعت بأنّه يظهر علي الدين كلّه،و يخرج إليه المسيح فيدين به و يكون له صاحبا.قال:فانعت لي هذه النعوت لأعلم علمها؟

قال:نعم فعه عنّي و صنه إلاّ عن أهله و موضعه:أمّا تقوبيث فهو أول الأوصياء و وصي آخر الأنبياء،أما قيذوا فهو ثاني الأوصياء و أوّل العترة الأصفياء.و أمّا دبيرا فهو ثالث الأوصياء و ثاني العترة و سيّد الشهداء،و أمّا مغسورا فهو سيّد عبد اللّه من عباده،و أمّا مسموعا فهو وارث علم الأوّلين و الآخرين،و أمّا دوموه فهو المدره الناطق عن اللّه الصادق،و أمّا مشيو فهو خير المسجونين في سجن الظالمين،و أمّا هذار فهو المنخوع (3)بحقّه النازح عن الأوطان الممنوع،و أمّا يثيمو فهو القصير العمر الطويل الأثر،و أمّا بطور فهو رابع أي رابع من سمي بهذا الاسم اسمه،و أمّا توقس فهو سميّ محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،و أمّا قيذموا فهو المفقود من أبيه و أمّه،الغائب بأمر اللّه بعلمه و القائم بحكمه (4).

و عن كتاب ضياء العالمين عن الشيخ محمد بن علي الكراچكي و بعض علماء اليهود بعد إسلامه،في رسالته التي ألّفها في بشارات اللّه و أنبيائه بمجيء نبيّنا محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،ثمّ قال:و قد صرّح جمع بأنّها في السفر الأوّل من التوراة،في ذكر البشارة لإبراهيم في قبول دعائه في حقّ إسماعيل، ثمّ ذكر العبارة و لغته ملخّص ما فيه:و في إسماعيل سمعت دعاءك،ها أنا باركته و أثمرته و كثّرته8.

ص: 160


1- في البحار:يثمو.
2- في المقتضب:عتو بن لوسو.
3- المنخوع:الممنوع.
4- مقتضب الأثر:28-29،و البحار:224/36 و غيبة النعماني:109 ح 38.

بعظيم عظيم أو بمحمّد و اثني عشر شريفا يولدون منه،و أعطيته لقوم عظيم كبير (1).

و في قوام الأمّة عن مكاشفات يوحنا في الباب الثاني عشر في الآية الاولي ما ترجمته:إنّه ظهر في السماء علامة و هي امرأة لبست الشمس،و تحت رجليها القمر،و علي رأسها تاج من اثني عشر كوكبا،فبينما هي حامل و إذا بثعبان سيمتلئ،و كلّ جبل و أكمة ستتضع و تعتدل المعوجات و تلين الصعاب،تلك الكواكب علي الأرض و الثعبان واقفة عند المرأة الحاملة علي الوضع لتأخذ مولودها بعد وضعها،فوضعت ذكرا سويا يحكم علي جميع الطوائف بعصا من حديد،فاجتلب و أخذ إلي اللّه و بلغ إلي مقرره و سريره،انتهي (2).

في حسام الشيعة (3)عن الفصل العاشر من كتاب عزير (4)أنّ أهل سامراء يشرّدون سلطانهم و رئيسهم علي وجه الماء كزبد البحر....إنّه يهجم بهم علي سامراء لأنّ أهلها أغضبوا ربّهم، و يقطّع أطفالهم إربا إربا و يشقّ بطون نسائهم الحبليات،و المواعيد المعلومة كناية عن مهاجمتها، و قد وقع جميع ذلك بعد غيبته (5).

و فيه:مما ناجي اللّه داود في السفر الحادي و السبعين من الزبور قوله:اللهمّ أعط قيامتك للسلطان و حجّتك لذريته،إلي أن يقول:و سيظهر في دولته حجّة و يزيد العدل و القسط إلي أن يزول القمر،و يحكم من البحر إلي البحر،و من الوادي إلي جميع ما علي وجه البسيطة،و تنعطف له العالم،و تقبّل رجله الجيش،و تلسع الأرض عنده الأعداء،و تهدي إليه الهدايا من سلاطين الجزائر و يقدم له من سلاطين العرب و اليمن التقديمات و يسجدون له و يثني عنده جميع سلاطين الأرض و ملوك العجم عنده (6).

و فيه:عن الفصل الأوّل من كتاب ميلكيس (7)و هو الذي يقول بنو إسرائيل بنبوّته،يقول اللّه سبحانه:إنّه يأتي زمان كالتنور المسجرة،و الظلمة فيه كالذرة فتحترق فيه أهل الظلم بحيث لا يبقي منهم عرق،و سيطلع عليكم أيها الخائفين عن اسمي من تحت جناحه شمس العدالة و الشفاء،إلي أن يقول عزّ و جلّ:إنّا سنبعث عليكم قبله الإيليا (8).ب.

ص: 161


1- كتاب الأربعين لمحمّد طاهر القمي:358 و الصراط المستقيم:238/2.
2- قوام الامّة في رد شياطين الكفرة للشيخ محمد تقي،مخطوط بالفارسية.
3- للسيّد محمد علي الحسيني السدهي الاصفهاني،الذريعة:12/7.
4- لم نجد في التوراة إسم هذا الكتاب،نعم يوجد كتاب اسمه:عزرا.
5- انظر إلزام الناصب.
6- العهد القديم،و هو التوراة،كتاب الزبور السفر الواحد و السبعون،بتفاوت في اللفظ.
7- لم أجد في العهد القديم و العهد الجديد هذا الاسم.
8- انظر إلزام الناصب.

و فيه:عن الفصل السابع و الثلاثين من كتاب زكيال النبي (1)قوله:إنّي أجمع أهل الإسلام و ألمّ شعثهم و آتي بهم علي الأرض،و يحكم علي جميعهم سلطان حاكم،فلا ينقادون بعد ذلك لسلطانين،و لا يذلّون و لا يكرهون من سوء اختيارهم و فعالهم و عصيانهم بعبادة الأصنام قط، و سأطهّرهم من رجسها،و أنا اللّه ربّهم،و عبدي داود نبيّهم و سلطانهم،و ينفرد الراعي علي جميعهم، فيمشون في حججي و يحفظون أحكامي (2).

و فيه:عن الفصل الثاني من كتاب«حورل النبي» (3)أن ارفعوا أصواتكم في جبلي المقدس لأنّه إلي يوم الصاحب و قرب يوم الظلمة و يوم تموج الهواء و يوم العجاج و المطر،و فيه تنتشر كثير من الامّة و الشجعان،لم يكن مثلهم في الأوّلين و لا يأتي كمثلهم في الآخرين،ينتشرون في الجبال و تكون بين أعينهم نار محرقة[و]من ورائهم نار موقدة ذات زفير و شهيق،و تكون بين عينيه الأرض كالبساتين المخضرة،و من ورائه الأرض القفراء و لا يقدر أحد علي الانهزام منه.

و يتراكض جنده كالخيل القوي المسرع،و أصواتهم يري كصوت الجنود العظيمة المرتفعة في قلل الجبال،و هم كالنار المحرقة للقشاش،و هم مستعدّون للحرب بين يديه كالامّة القوية و الشجعان العلية،و تبتلي الامّة بغضبة و تسودّ به الوجوه،و أمّة الصاحب يركضون كالشجعان و يعلون الحيطان، آخذين طريقهم نصب أعينهم،غير تاركيه يوم يفرّ المرء من أخيه و لا ينجيه،و تتزلزل به الأراضي و تتحرك به السماوات و تظلم الشمس و القمر.إلي أن يقول:فيصيح الصاحب قبالة جنده لأنّهم كثيرون و هم الشجعان و هم مطيعوه،فيوم الصاحب يوم عظيم مهول و من يطيق علي ذلك اليوم، انتهي (4).

و في حسام الشيعة عن الفصل الأوّل من كتاب صفنيا النبي من قوله:قرب زمان الصاحب، و يكون ذلك اليوم يوم مرّ تهرب منه الشجعان و يوم ضيق القلب و اضطراب الحال،و الظلمة و العجة و الرياح العاصفة و الصوت العظيم في البلاد المعمورة و الأماكن و الغرف العالية،فيضطرب الناس فيمشون مشي الأعمي لعصيانهم بالصاحب،و تهرق دماؤهم و تطحن أجسادهم،فلا ينجيهم ذهبهم و فضّتهم يوم غضب الصاحب؛لأنّه حين غضبه تحرق جميع وجه الأرض (5).

و في سيف الامّة (6)عن يوحنا في الفصل الحادي و العشرين من كتاب ابكليس (7)ما ترجمته:ة.

ص: 162


1- لم نجد في التوراة المطبوع هذا الاسم.
2- انظر إلزام الناصب.
3- لم أجد في التوراة هذا الاسم.
4- انظر إلزام الناصب.
5- العهد القديم،التوراة،كتاب صفنيا،الاصحاح الأول بتفاوت في اللفظ.
6- سيف الأمّة و برهان الملّة في الردّ علي الغادري النصراني،تأليف ملاّ أحمد بن مهدي الكاشاني المتوفي 1244 ه،طبع بإيران بالفارسية علي الطبع الحجري.
7- لم نجد هذا الكتاب في التوراة.

إنّ للجنّة اثني عشر بابا من ألوان الجواهر،مكتوب علي الأبواب الأسماء الاثنا عشر المنسوبون من عند من سبقوا العالمين في طاعتهم إيّاه،و تشبّه بعض منهم بقتله في سبيل طاعته بالشاة (1).

و فيه:عن شعيا النبي في كتابه في السيمان السادس و العشرين و السابع و العشرين،في بيان إخباره بالمهدي الموعود،ففي السيمان السادس و العشرين (2)قوله في عدة باسوق بحذف الزوائد:

إنّه يقرأ في أرض يهودا،أي في البيت المقدس و توابعه،تسبيحك و تقديسك و شكرك،و ستقول أنّك شافعنا فيبقي في ذلك الحصن،افتحوا الأبواب لدخول الأخيار فإنّهم أهل الخير و حافظو الخير، إلي قوله:إنّي مدمّر ساكني أعاليكم و البلد التي أعلي بلدانكم،و تطأها أقدام الفقراء و المساكين لاستقامة طريق المتنسكين و طريقة للمشائين فيها مستقيم.

ثمّ يقول شعيا:يا نور اللّه إن ذكرك و اسمك أقصي مقاصدنا،و ظهورك لنا في الليالي أسني مرامنا،و لأجله استيقظت في طلوع الصبح أرواحنا،يا نور الله؛إذ قلعت من علي الأرض المجانين،تعلّم العدل منك ساكنيها،و لذلك لم ترحم المنافق لأنّه حينئذ لا يتعلّم العدل منك مع ذلك لمعصية في أرض يسكنها المقدسون،فيا نور اللّه تعلو يدك القاهرة إن شاء اللّه،فلا يرون و يرون،و تندم حسّادك و تحرق أعاديك نار غضبك،فيا نور اللّه كنّا في غيبتك و عدم حضورك و استتارك مأسورا متصرّفا،و مع ذلك كنّا نسلّي قلوبنا بذكرك فلا ترجع أهل النار فتنكسر و تنعدم من كنّا في تصرّفه و أذاه،حيث يمحي عن الأرض ذكره و اسمه.

يا نور اللّه ليست جلالتك بديعة،بل إنّما هي قديمة،و تابعوك تفحّصوا عنك في ضيقهم، و حديثك دينهم و طريقتهم في الشدّة،و سيقولون في رخائهم:إنّا كنّا في غيبتك كالمرأة الحامل المتحملة لضيق المخاض و وجع الارتياض،و نقرّ بسوء أعمالنا و إن بسببه و إدبارنا عن العدل أصابنا ما أصابنا،و لم ينقطع آثار الجبّارين عنّا،فلو أنا سمعنا ما أقرعت أسماعنا من كلام ربّنا و وعينا لقطعت عنّا أذي الجبّارين من قبل،و لأدركنا زمان الفرج و الراحة،فما جرعناها من أذاهم ليست إلاّ بما كسبت أيدينا،فإنّا لم نخلص أعمالنا فأخّرنا ظهورك،فنحن السبب في استتارك.

إلي قوله في السيمان السابع و العشرين في الباسوق السابع و العشرين في خطاب شعيا لقومه:

يا قوم ادخلوا مساكنكم و أغلقوا عليكم أبوابكم مدّة انقضاء الغضب،فإنّ هذا نور اللّه سيظهر لديوان العاصين و قلعهم من الأرض رادا عصيانهم إليهم،و ستظهر الأرض حينئذ دماءها و قتلاها و سينتقم يومئذ نور اللّه منهم،أي الجبابرة و القتلة بسيفه القوي الشديد.

و في العبارة:و ينتقم من ليوياتان،و ليوياتان يطلق في اصطلاحهم بالعبري تارة علي:بالإجماع و الاتّفاق،و تارة علي:التحالف و التواخي في الخدعة و الاحتيال،مأخوذ من ليوتان و هي الآلة6.

ص: 163


1- انظر إلزام الناصب.
2- كتاب العهد القديم،كتاب أشعيا:1036 باب 26.

الملتفة طرفاها بها تجذب الأشياء من العالي إلي السافل،محتوية بالعقد و زيادة الاعوجاج،و المراد انتقامه من هؤلاء،إلي قوله:و سيطلب نور اللّه بستانه و حديقة مهره و صداقه إلي باسوق آخر بعده، و إني أحافظها و أتعوض بها ما غصبته و اجتلبته الليوياتان (1).

قال الشيخ الحائري:فالمنصف لو تأمّل فيما ذكرت من الآيات يري أنّ ما أخبر به نبيّنا في ولده و قضية ليوياتان صريح في اتّفاقهم و عهدهم و مواخاتهم في غصب حقوق آباء الحجّة المنتقم عجّل اللّه فرجه،و طلبه البستان و الحديقة في فدك التي غصبها و حازها الليوياتان الآخرين صريح في المقصود،سيما بعد ضميمة ما يظهر من كلام شعيا في السيمان الثاني و الثلاثين (2)من كتاب من أوّل الباسوق إلي آخره ما خلاصته و محصّله:إنّه يقوم في سلطنته بالعدل،و أبناء السلاطين أقرب من بحضرته،و يكون يومئذ يوما يكون فيه ذلك الرجل-و لعلّ المراد بالرجل هو الليوياتان-كالمنهزم من الطوفان،ينهزم من مكان إلي مكان مختفيا هاربا من الرعد و البرق و ما نزل من الحدثان،و يكون ذلك السلطان منقذا كالشط الجاري للظامئين في العطش الشديد،أو كظل شجرة عظيمة في القفر، فلا تنصدع يومئذ العيون و تقرب الآذان بالسماع و القلوب بالإدراك،و يتكلّم و يفصح الأخرس و لا يأتم الجاهل الغبي و لا يستعظم المنافق الشقي،إلي قوله:فيمهد للمنافق بئس الأوقات و أسوأ الساعات؛لأنّ فكره دائما لإضاعة الحقوق و تكلّمه بكلمات لأذيّة المظلوم (3).

و فيه:ما أخبر به شعيا في آخر السيمان الثاني و الأربعين من كتابه:ألا أنبئكم بحدث الأخبار و أعلمكم بها قبل وقوعها،ستقرون و تثنون لنور اللّه ثناء جديدا،و منتهي الأرض في البحر و الجزائر عند سكنة تلك الجزائر (4).

و فيه:ما أخبر به شعيا في السيمان التاسع و الأربعين من قوله:و لقد سمع اللّه دعاءك و قد حميتك و أوثقتك لأمّة لإحيائك،و تصرّفك المواريث المنتهية و إخراجك المحبوسين المقيّدين، و بشائرك بظهور من كان مبتلي بظلمة الغيبة (5).

و في سيف الأمّة عن كتاب جاماسب بعد ذكر نبذة من أحوال النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم من أنّ سبطه من بنته المسمّاة بخورشيد جهان و شاه زنان يصير ملكا بحكم اليزدان،يكون وصي ذلك النبي و تتصل دولته بالقيامة،فتتمّ الدنيا بعد سلطنته و تنطبق السماوات بعد دولته،و تخسف الأرض في الماء و تزول الجبال و تقيد،و تحبس الاهرمن الذي هو بضد اليزدان،و العبد العاصي للإله الديان،و يأخذ9.

ص: 164


1- كتاب العهد القديم،كتاب أشعيا:1038-1039 باب 27.
2- المصدر السابق:1045 باب 32.
3- انظر إلزام الناصب.
4- العهد القديم،كتاب أشعيا،الباب الثاني و الأربعون:1060 ط.لندن-فارسي.كمال الدين:158 عن بشارة عيسي.و بحار الأنوار:276/53.
5- العهد القديم،كتاب أشعيا:1069 باب 49.

السمندع و قزح و عبائل و قنفذ من رؤساء الاهرمن،و يكون اسمه و مذهبه برهان القاطع فيحضر عنده البشر و السروش و الاسمان،و المراد بهم ميكائيل و جبرائيل و عزرائيل.

و ينزل عليه البهرام و هو الملك الموكل بالمسافرين و فرخ زاد الموكّل بالأرض و بهمن الموكّل بالثيران و الشاة و آذر الملك الموكّل بأوّل يوم من شهر مهرماه و آذر كشب الموكّل بالنار.و كذا ينزل روان بخش-و المراد منه روح القدس-و يحيي كثيرا من الخلائق من السعداء و الأشقياء،و كثيرا من الأنبياء كملكان و مهراس والدي الخضر،و الإلياس و لغوماس و الدارسطاليس و يحيي و آصف بن برخيا وزير حوسب و هو سليمان،و كذا يحيي أرسطو الماقدوني و سام بن فريدون و هو نوح و شمسون العابد،و كذا سولان و شادول و شموئل و بحذقل و سيينا و شعيا و حيو أوّل و حوقوق و زخويا،و يحضر عنده رخ.

و من الطلحاء و الأشقياء يحيي سورپوس و هو النمرود فيحرقه بالنار،و پرع و قرح و هما الفرعون و قارون و يحيي هامان وزير فرعون فيصلبه حيّا،و يخرج الضحاك من البئر و يكافيه بسوء ظلامته، و يحرق بخت النصر الذي يخرب الهجة و هو البيت المقدس،و يحيي الشمامو مخرّب دين البهلويين، و كذا سدوم قاضي قوم لوط و أسقف قاضي مجوس واود و باغ مبدع عمل قوم لوط،و كذا زردون من أكابر الفرس،و يحيي شيذرنكر أو صائب اللذين أبدعا عبادة النجوم،و كذا الكيوان فيحرقهم جميعا، ثمّ يحيي سلاطين الجور و الفتن من عشيرته و بني عمومته الذين أطفأوا السنن و أظهروا البدع و قتلوا الصالحين.

و من الشجعان يحيي رستم بن زال و كيخسرو و يكون إسم هذا السلطان بهرام،و هو من بطن خورشيد جهان،و شاه زنان بنت السنين،و السنين بالبهلوي إسم محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و من ذلك قوله تعالي مخاطبا لنبيّه عليه السّلام يس، و ظهوره إنّما هو في الدنيا و يكون عمره بقدر عمر سبعة نسور و يكون يوم ظهوره و خروجه قاضيا ثلاثين قرنا،و يقتل في أيّام خروجه الوردر يعني الدجّال و هو رجل أعمي، راكب علي حمار له،يدّعي الألوهية و يكون معه ذو حياء و هو عيسي أو اسكندر بن دارا و هو ذو القرنين،و يفتح القسطنطينية و الهند و ينشر فيها أعلام الإسلام،و معه عصا سرخ شبان باهودار يعني موسي،و معه خاتم ذهيم يعني سليمان و هو من ولد زمان العظيم،و المراد به إبراهيم و هو اذروكشب يعني به المطيع لله،و هو الاتابك العظيم،و هو الكياوند و الشيروية يعني صاحب عظمة و أبّهة و هو من بنت السنين.

إلي قوله:و يدوم سلطنته و ملكه في مدة اند و هو عبارة عن خمسمائة قرن،و يمضي إلي مقدونية دار الفيلقوس،و يخيم في ساحل بحر إقيانوس الذي هو آخر الدنيا و يتّحد به أديان العالمين،فلا يبقي من المجوس و طريقته أثر،ثمّ يرجع من المغرب و يدخل الظلمات و يخرب جزيرة النسناس (1).ط.

ص: 165


1- سيف الأمة و برهان الملّة،مخطوط.

و فيه أيضا:إنّي رأيت في كتاب جاماسب بعض السوانح المستقبلة و الأخبار الآتية،فممّا شاهدت فيه تعبيره عن موسي بسرخ شبان باهودار،و كتب:إنّ النبي الخاتم يخرج من صلب هاشم دوال پشت،و ذكر بعض أوصافه فمنها:إنّه ليس له عقب من ذكور،و منها أنّه يغصب حق وصيّه، و ذكر في آخرها:إنّ ابنه عليه السّلام يظهر و تخضر الدنيا بوجوده (1).

و فيه:عن كتاب پاتنكل و هو من أعظم كتب كفرة الهند في باب عمر الدنيا:إنّ عمر الدنيا أربعة أطوار،كلّ طور أربعة أكوار،كلّ كور أربعة أدوار،كل دور أربعة آلاف سنة،فإذا انقضي الدور و استكملت العدّة و تمام المدّة يأتي صاحب الملك و هو من ولد مقتدائين،أحدهما ناموس خاتم النبيّين صلي اللّه عليه و اله و سلّم و الآخر وصيّه و خليفته الأكبر الذي اسمه بش،فيكون ملكا بحق و يحكم في البرية في مقام الأنبياء كإبراهيم و خضر الحي،و يكون كثير المعجزات و الآيات،من اعتصم به و اختار دين آبائه يكون محمّر اللون،فتطول دولته و عمره أكثر من سائر ولد الناموس الأكبر،و به تختم الدنيا و يسخر من ساحل بحر المحيط و قبر آدم و جبال القمر و شمال هيكل الزهرة إلي سيف البحر (2).

و فيه:عن كتاب الشاكيوني تزعم كفرة هند أنّه نبي،صاحب كتاب،مبعوث علي الخطا و الختن،و مولده بلدة كيلواس ما ملخّصه:إنّ زوال الدنيا و دولتها و حكومتها إنّما يكون بابن سيّد الخلائق و مميت العالم،السيّد العظيم و هو الحاكم علي أعالي جبال المشرق و المغرب،و يركب السحاب و عمّاله الملائكة،و يتصرّف من السودان الذي هو تحت خط الاستواء إلي عرض فلسطين الذي هو تحت خط قطب الشمال،و ما وراء الاقليم السابع و جنّة الإرم،و به يتّحد دين اللّه (3).

و فيه:عن كتاب ناسك أحد أنبياء كفرة هند و هم يزعمون أنّ الإنسان حاله كالنبت ينبت فيخضرّ ثمّ يصفرّ و يذبل فييبس و يبلي،لعنهم اللّه،و هو أنّ زوال الدنيا بملك في آخر الزمان يكون إمام الملائكة و الإنس و هو من أولاد خاتم النبيين صلي اللّه عليه و اله و سلّم و معه الحق و الصدق،و يخرج ما في الجبال و البحار و الأرضين (4).

و فيه:عن ماهي شور أحد أنبياء كفرة هند في كتابه في باب خراب الدنيا و زوالها أنّه سيظهر في آخر الزمان ملك يؤمّ الخلائق،و يملك الدنيا و يتصرّف في العالم و يدخلهم في دينه من المؤمن و الكافر،يعرفه الجميع و يعطيه اللّه تعالي ما سأله (5).

و فيه:ما ذكره صاحب الوش المسمّي يحوك:إنّ اليوم الآخر من الدنيا تدور بمن يحب اللّه، و هو من المقرّبين إلي اللّه و إمام الخلق بالحق،يحيي الخلق بحكم من الجائن أي بحكم اللّه،و يحييق.

ص: 166


1- انظر إلزام الناصب.
2- سيف الأمّة،مخطوط.
3- المصدر السابق.
4- المصدر السابق.
5- المصدر السابق.

المبتدعين الضالّين و من أضاع حقوق النبيّين فيحرقهم أجمعين،فيجدّد الدنيا،و دولته الملك و الكرور،و به و بعشيرته تدور السلطنة و الملك (1).

و في العوالم:عن عبد اللّه بن سليمان و كان قارئا للكتب قال:قرأت في الإنجيل،و ذكر أوصاف النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم إلي أن قال تعالي لعيسي:أرفعك إليّ ثمّ أهبطك في آخر الزمان؛لتري من أمّة ذلك النبي العجائب،و لتعينهم علي اللعين الدجّال،أهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم،إنّهم أمّة مرحومة (2).

أقول:قد شرح هذه البراهين السيد الحائري في الجزء الاول من إلزام الناصب و استدل لها.

***

إخبار النبي و الأئمّة بقيام المهدي من طرق العامّة

في غاية المرام عن أبي سعيد عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يكون في أمّتي المهدي عليه السّلام إن قصر عمره فسبع و إلاّ فثمان و إلاّ فتسع،تتنعّم أمّتي في زمانه نعيما لم يتنعّم مثله قط البرّ و الفاجر،ترسل السماء مدرارا و لا تدّخر الأرض شيئا من نباتها (3).

و في الفصول المهمّة لابن صباغ عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يخرج المهدي عجل اللّه فرجه و علي رأسه غمامة فيها ملك ينادي هذا خليفة اللّه المهدي فاتبعوه (4).

و عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:بينكم و بين الروم أربع هدن،تتم الرابعة علي يد رجل من أهل هرقل،تدوم سبع سنين،فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستور بن غيلان:يا رسول اللّه من إمام الناس يومئذ؟قال:المهدي من ولدي،ابن أربعين سنة،كأنّ وجهه كوكب درّيّ،في خدّه الأيمن خال أسود،عليه عبايتان قطويتان،كأنّه من رجال بني إسرائيل،يستخرج الكنوز و يفتح مدائن الشرك (5).

و فيه عنه عليه السّلام:لا تقوم الساعة حتّي يملك رجل من أهل بيتي القسطنطينية و جبل الديلم،و لو لم يبق إلاّ يوم لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّي يفتحها (6).

ص: 167


1- سيف الأمة،مخطوط.
2- أعلام الوري:60/1 و كمال الدين:159 ح 18.
3- كتاب الفتن لنعيم بن حمّاد:223 و ملاحم ابن طاووس:69.
4- تلخيص المتشابه للبغدادي:417/1.
5- مجمع الزوائد:319/7 و فيه:قطوايتان و كذا في كنز العمّال:268/14 ح 38681.
6- كشف الغمة:274/3 و حديث خيثمة:192 ط.دار الكتاب العربي.

و فيه عنه عليه السّلام:سيكون بعدي الخلفاء و من بعد الخلفاء أمراء و من بعد الأمراء ملوك جبابرة، ثمّ يخرج المهدي عليه السّلام من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (1).

و فيه عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:تتنعّم أمّتي في زمن المهدي عليه السّلام نعمة لم تتنعّم مثلها قط،يرسل السماء عليهم مدرارا،و لا تدع الأرض شيئا من نباتها إلاّ أخرجته (2).

و فيه عن هارون العبدي قال:أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له:هل شهدت بدرا؟قال:نعم، قلت:أفلا تحدّثني بما سمعت من رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم في علي عليه السّلام و فضله؟قال:بلي أخبرك أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم مرض مرضه الذي فقد منه،فدخلت عليه فاطمة عليها السّلام و أنا جالس عن يمين النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم،فلمّا رأت فاطمة عليها السّلام ما برسول اللّه من الضعف خنقتها العبرة حتّي بدت دموعها علي خدّها فقال لها رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:ما يبكيك يا فاطمة؟

قالت:أخشي الضيعة يا رسول اللّه.

فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يا فاطمة إنّ اللّه اطلع علي الأرض اطلاعة علي خلقه فاختار منهم أباك فبعثه نبيّا،ثمّ اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأوحي إليّ أن أنكحه فاطمة فأنكحته إيّاك و اتخذته وصيّا،أما علمت أنك بكرامة اللّه إيّاك زوّجك أغزرهم علما و أكثرهم حلما و أقومهم سلما فاستبشرت،فأراد رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم أن يزيدها عن مزيد الخير الذي قسمه اللّه تعالي لمحمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم فقال لها:يا فاطمة،و لعليّ ثمانية أضراس يعني مناقب:إيمانه باللّه و رسوله و حكمته و زوجته و سبطاه الحسن و الحسين و أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر.

يا فاطمة إنّا أهل بيت أعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأوّلين،و لم يدركها أحد من الآخرين غيرنا،نبيّنا خير الأنبياء و هو أبوك و وصينا خير الأوصياء و هو بعلك،و شهيدنا خير الشهداء و هو عمّ أبيك،و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء و هو جعفر،و منّا سبطا هذه الأمّة و هما ابناك،و منّا مهدي هذه الأمّة الذي يصلّي خلفه عيسي ابن مريم عليه السّلام،ثمّ ضرب علي منكب الحسين و قال:من هذا مهدي هذه الأمّة (3).

و في عمدة ابن بطريق عن صحيح مسلم و غيره عن أبي نضرة قال:كنّا عند جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يوشك أهل العراق أن لا يجبي إليهم قفيز و لا درهم.قلنا:من أين؟قال:من قبل العجم،يمنعون ذلك،ثمّ قال:يوشك أهل الشام أن لا يجبي إليهم دينار و لا مدّ.قلنا:من أين؟

قال:من قبل الروم،ثمّ سكت هنيهة،ثمّ قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يكون في آخر أمّتي خليفة7.

ص: 168


1- حديث خيثمة:202 و البحار:84/51.
2- كتاب الفتن لنعيم:223 و الفصول المهمّة:298 الفصل 12.
3- منتخب الأثر:156 ح 47.

يحثو المال حثوا لا يعدّه عدّا.قلنا:أتري أنه عمر بن عبد العزيز،قال:لا.و عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال و لا يعدّه (1).

و فيه عن تفسير الثعلبي في تفسير حم* عسق (2)قال سين سناء المهدي عليه السّلام،قاف قوّة عيسي حين ينزل فيقتل النصاري و يخرب البيع (3).

و فيه أيضا عن الثعلبي في تفسير قوله تعالي: إِذْ أَوَي الْفِتْيَةُ إِلَي الْكَهْفِ (4)و ذكر حديث البساط و مسيرهم إلي الكهف و يقظتهم ثمّ قال:و أخذوا مضاجعهم فصاروا إلي رقدتهم إلي آخر الزمان عند خروج المهدي عليه السّلام فقال:إنّ المهدي يسلّم عليهم فيحييهم اللّه عزّ و جلّ،ثمّ يرجعون إلي رقدتهم و لا يقومون إلي يوم القيامة (5).

و فيه عن أمّ سلمة عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:المهدي من عترتي من ولد فاطمة (6).

و فيه عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:المهدي منّي و هو أجلي الجبهة،أقني الأنف يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،يملك سبع سنين (7).

و فيه عنه عليه السّلام:يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلي مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه و هو كاره فيبايعونه بين الركن و المقام،و يبعث إليهم بعثا من الشام،فيخسف بهم بالبيداء بين مكّة و المدينة،فإذا رأي الناس ذلك أتاه أبدال الشام و عصائب أهل العراق فيبايعونه،ثمّ ينشأ رجل أخواله كلب فيبعث إليه بعثا فيظهرون عليهم،و ذلك بعث كلب، و الخيبة لمن يشهد غنيمة كلب،فيقسم المال و يعمل بسنّتي-أو قال بسنّة نبيّهم-و يلقي الإسلام بجرانه إلي الأرض فيثبت سبع سنين،و عن بعض الرواة تسع سنين (8).

و فيه عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم في قصة المهدي:فيجيء إليه الرجل فيقول يا مهدي أعطني،فيجبي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله (9).

و فيه عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:المهدي طاووس أهل الجنّة (10).7.

ص: 169


1- العمدة:424 ح 885 و صحيح مسلم:185/8 ط.دار الفكر و مسند أحمد:317/3.
2- سورة الشوري،الآية:1-2.
3- العمدة:429 ح 898 و إثبات الهداة:604/3 ح 97.
4- سورة الكهف،الآية:10.
5- العمدة:373 ح 733.
6- العمدة:433 ح 909،و سنن أبي داود:310/2 ح 4284.
7- تحفة الأحوذي:403/6.
8- العمدة:433 و مسند ابن راهويه:170/4.
9- كشف الغمة:279/3 و كنز العمّال:273/14 ح 38701 و فيهما و في بقية المصادر فيحثي.
10- العمدة:439 ح 922 و الفردوس:221/4 ح 6667.

و فيه عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:المهدي من ولدي،وجهه كالقمر الدريّ،اللون لون عربي،و الجسم جسم إسرائيلي،يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا،يرضي بخلافته أهل السماوات و الأرض و الطير في الجو،يملك عشرين سنة.

و فيه عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:يصيب هذه الامّة بلاء حتّي لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم،فيبعث إليها رجلا من عترتي فيملأ به الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا،يرضي عنه ساكن السماوات و الأرض،لا تدع السماء من قطرها شيئا إلاّ صبّته مدرارا و لا تدع الأرض من نباتها شيئا إلاّ أخرجته حتّي يتمنّي الأحياء الأموات،تعيش في ذلك سبع سنين أو تسع سنين (1).

و فيه عن الصحاح من قول النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:كيف تهلك أمّة أنا أوّلها و المهدي أوسطها و المسيح آخرها (2).و لا يتوهّم أن عيسي يبقي بعد المهدي،و ذلك لا يجوز؛لأنّ المهدي إذا كان إمام آخر الزمان و مات فلا إمام بعده.مذكور في رواية أحد من الأئمّة،فقد بقيت الامّة بغير إمام،و هذا ما لا يمكن أنّ الخلق تبقي بغير إمام،فإن قيل:إنّ عيسي عليه السّلام يبقي بعده و تقتدي الامّة به،فغير ممكن أيضا لأنّ عيسي لا يجوز أن يكون إماما لامّة محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،و لو كان ذلك جائزا لانتقلت الملة المحمّدية إلي ملّة عيسي،فلا يمكن أن يكون ذلك.

و ذلك لا يقوله عاقل و لا محصل،بل للخبر معني صحيح يحمل عليه و هو أنه قد تقدّم معنا من الأخبار في هذا الباب أنّ عيسي ينزل و قد صلّي الإمام-و هو المهدي-بالناس العصر و قيل:

الصبح،فيتأخّر فيقدّمه عيسي و يصلّي خلفه.و ما نزل عيسي علي مقتضي هذه الأخبار إلاّ بعد نفوذ دعوة الإمام و اجتماع الناس عليه،فيكون مصدّقا لدعوة الإمام دعواه،و قوّة له و عونا إلاّ أنّه لا يغيّر شيئا ممّا جاء به النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم،فيكون فائدة الخبر أنّ النبي أولها لأنّه هو الداعي إلي الإسلام، و المهدي أوسطها و إن كان آخر الأئمّة فجعله وسطا إذ ظهوره قبل نزول عيسي فيكون في نزوله آخر المصدّقين بهذه الملّة،و المهدي عليه السّلام قبله صدّق بهذه الملّة قبل نزوله،و النبي فهو صاحب الملة لا بدّ أن يكون أولا،فعلي هذا يكون آخر المصدّقين و المعتنين لأنّه آخر الامّة.

يشهد بصحّة هذا التأويل لفظ الخبر لأنّه قال:كيف تهلك أمّة أنا أوّلها و المهدي أوسطها و المسيح آخرها،و المسيح ليس من أمّتنا هذه و إنّما نبيّها منها بلا خلاف لأنّه إمام آخر الزمان،و من ولد رسول اللّه،و من ولد علي و فاطمة،و المسيح ليس من النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم و لا من علي و فاطمة،و لا من أمّة محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،بل هو آخر من ينزل لنصرة ملّة محمّد و آخر من يدعو إليها،لأنّ المهدي يكون قبل نزوله و قد تبعته الامّة و قد دخلت تحت أمره و نهيه،بدليل ما ورد في هذه الأخبار الصحاح أن المسيح يصلّي خلفه،إمّا صلاة الصبح أو صلاة العصر كما تقدّمت الرواية،فصار آخر هذه الامّة2.

ص: 170


1- مصنف عبد الرزاق:372/11 ح 20770.
2- العمدة:223،و مسند أبي يعلي:165/1،و صحيح ابن حبان:176/9 ح 7182.

داعيا و مصدّقا،لأنّه منفرد ببقاء الدولة،و النبي أوّل داع إلي ملّة الإسلام و المهدي أوسط داع و المسيح آخر داع،فهذا معني هذا الخبر،فلله الحمد و المنّة.

و فيه عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:لا تذهب الدنيا حتّي يملك العرب رجل من أهل بيتي،يواطئ اسمه اسمي و إسم أبيه إسم أبي،يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما (1).

قال الشيخ الحائري:أورد أنّ بعض هذه الصفات لا ينطبق عليه عليه السّلام،فإنّ إسم أبيه عليه السّلام لا يوافق إسم والد النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم،و يمكن أن يجاب شيوع إطلاق لفظ الأب علي الجدّ الأعلي كقوله تعالي: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ (2)،و في حديث الإسراء أنّ جبرئيل قال:هذا أبوك إبراهيم (3).و يمكن أن يجاب:إطلاق الاسم علي الكنية و اللقب كما سمّي علي أبو تراب فكان كنية أبيه أبو محمد كما كان كنية أب النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم أبو محمد،و يمكن أن يكون أبي مصحّف ابني كما هو الظاهر.

و فيه عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:المهدي من عترتي و من ولد فاطمة (4).و قال صلي اللّه عليه و اله و سلّم:المهدي منّا أهل البيت، يصلحه اللّه عزّ و جلّ في ليلة (5).

و عن الحمويني عن ابن عبّاس:قال رسول اللّه:إنّ علي بن أبي طالب إمام أمّتي و خليفتي عليها بعدي،و من ولده القائم المنتظر الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، و الذي بعثني بالحقّ بشيرا و نذيرا الثابتون علي القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.فقام إليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقال:يا رسول اللّه و للقائم من ولدك غيبة؟قال:إي و ربّي ليمحص الذين آمنوا و يمحق الكافرين،يا جابر إنّ هذا الأمر من أمر اللّه و سرّ من سرّ اللّه علّته مطوية عن عباده فإيّاك و الشكّ،فإنّ الشكّ في أمر اللّه عزّ و جلّ كفر (6).

و عنه أيضا عن حسن بن خالد عن علي بن موسي الرضا عليه السّلام:لا دين لمن لا ورع له،و لا إيمان لمن لا تقية له،و إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم،أي أعملكم بالتقيّة،فقيل:إلي متي يا بن رسول اللّه؟قال:إلي يوم الوقت المعلوم،و هو يوم خروج قائمنا،فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منّا.فقيل له:يا بن رسول اللّه و من القائم منكم أهل البيت؟قال:الرابع من ولدي،ابن سيّدة الإماء،يطهّر اللّه به الأرض من كلّ جور و يقدّسها من كلّ ظلم،و هو الذي يشكّ الناس في ولادته، و هو صاحب الغيبة قبل خروجه،فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره و وضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا،و هو الذي تطوي له الأرض و لا يكون له ظلّ،و هو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض للدعاء إليه يقول:ألا إنّ حجّة اللّه قد ظهر عند بيت اللّه فاتبعوه فإنّ الحقّ9.

ص: 171


1- العمدة:436 و مسند أحمد:376/1 ط.الميمنية.
2- سورة الحج،الآية:78.
3- روضة الواعظين:58.
4- كنز العمال:264/14 ح 38662.
5- مسند أبي يعلي:359/1 ح 465.
6- أعلام الوري:227/2،و فرائد السمطين:334/2 ح 589.

فيه و معه،و هو قول اللّه إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (1)(2).

و عن تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالي: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ (3)قال:ذاك عيسي ابن مريم (4).و روي ذلك جماعة.قال:و قرأ ابن عبّاس و أبو هريرة و قتادة و مالك بن دينار و ضحاك:

و إنّه لعلم للساعة،أي أمارة و علامة (5).

في الحديث:أنّ عيسي ينزل بثوبين مهرودين أو مصبوغين بالهرد و هو الزعفران (6).و في الحديث:ينزل عيسي في ثنية من الأرض المقدّسة يقال لها:اثبني و عليه ممصرتان و شعر رأسه دهين و بيده حربة و هي التي يقتل بها الدجّال،فيأتي بيت المقدس و الناس في صلاة العصر و الإمام يؤمّ بهم فيتأخّر الإمام فيقدّمه عيسي و يصلّي خلفه علي شريعة محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم،ثمّ يقتل الخنازير و يكسر الصليب و يخرّب البيع و الكنائس و يقتل النصاري إلاّ من آمن به (7).و برواية:و يقبض أموال القائم و يمشي خلفه أهل الكهف،و هو الوزير الأيمن للقائم و حاجبه و نائبه و يبسط في المشرق و المغرب الأمن كرامة الحجّة بن الحسن عليه السّلام (8).

قال الشيخ الحائري:فإن قال معترض:هذه الأحاديث النبويّة متّفق علي صحّتها و مجمع علي نقلها عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم،و هي صحيحة صريحة في كون المهدي عليه السّلام من ولد فاطمة عليه السّلام و أنّه من رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و أنّه من عترته و أنّه من أهل بيته و أنّ اسمه يواطئ اسمه و أنّه يملأ الأرض قسطا و عدلا و أنّه من ولد عبد المطلب و أنّه من سادات الجنّة و ذلك ممّا لا نزاع فيه،غير أنّ ذلك لا يدلّ علي أنّ المهدي الموصوف بما ذكر من الصفات و العلامات هو هذا أبو القاسم محمد بن الحسن الحجّة الخلف الصالح،فإنّ ولد فاطمة كثيرة،و كل من يولد من ذريتها إلي يوم القيامة يصدق عليه أنّه من ولد فاطمة و أنّه من العترة الطاهرة و أنّه من أهل البيت،فيحتاجون مع هذه الأحاديث المذكورة إلي زيادة دليل يدلّ علي أنّ المهدي المراد هو الحجّة المذكور ليتمّ مرامكم.

فجوابه أنّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم لمّا وصف المهدي عليه السّلام بصفات متعدّدة من ذكر اسمه و نسبه و مرجعه إلي فاطمة و إلي عبد المطلب،و أنّه أجلي الجبهة أقني الأنف،و عدّد من الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث المذكورة آنفا،و جعلها علامة و دلالة علي أنّ الشخص الذي يسمّي بالمهدي و ثبتت له الأحكام المذكورة هو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه،ثمّ وجدنا تلك الصفات المجعولة علامة و دلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره فيلزم القول بثبوت4.

ص: 172


1- سورة الشعراء،الآية:4.
2- أعلام الوري:241/2 و كفاية الأثر:270.
3- سورة الزخرف،الآية:61.
4- منتخب الأثر:149 ح 24 و الفصول المهمّة:300.
5- تفسير الثعلبي،مخطوط،ذيل الآية 61 من الزخرف.
6- العمدة:430 ح 901.
7- المستدرك:595/2 و العمدة:430 ح 901.
8- حلية الأبرار:620/2 ب 34.

تلك الأحكام و أنّه صاحبها،و إلاّ فلو جاز وجود ما هو علامة و دليل و لا يثبت ما هو مدلوله قدح ذلك في تعينها علامة و دلالة من رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و ذلك ممتنع.

قال الشيخ الحائري:سلّمنا لكن مع انضمام الأخبار الآتية عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم و الأئمّة عليهم السّلام بأعيان الأئمّة في الفرع الرابع من طرق أهل السنّة و الجماعة يثبت المدّعي و المطلوب (1).

***

إخبار اللّه عزّ و جلّ عن القائم عليه السّلام

الأمالي:مسندا إلي محمد بن حمران قال:قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:«لمّا كان من أمر الحسين بن علي عليه السّلام ما كان،ضجّت الملائكة إلي اللّه عزّ و جلّ و قالت:يا ربّ يفعل هذا بالحسين صفيّك و ابن نبيّك؟

فأقام اللّه لهم ظل القائم عليه السّلام و قال:بهذا انتقم له من ظالميه» (2).

كمال الدين:عن ابن عباس قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لمّا عرج بي ربّي جلّ جلاله قال لي:

يا محمد هلاّ اتخذت من الآدميين وزيرا و أخا و وصيا من بعدك؟فقلت:إلهي و من أتخذ؟تخيّر لي أنت يا إلهي.فقال:اخترت لك من الآدميين عليّا.فقلت:إلهي ابن عمّي.

فأوحي اللّه إليّ:يا محمد إنّ عليّا وارثك و وارث العلم من بعدك و صاحب لوائك،لواء الحمد يوم القيامة و صاحب حوضك يسقي من ورد عليه من مؤمني أمتك،و لأدخلن الجنّة جميع أمتك إلاّ من أبي.فقلت:إلهي و أحد يأبي دخول الجنة؟فقال اللّه عزّ و جلّ:بلي.فقلت:و كيف يأبي؟

قال:إني اخترتك من خلقي و اخترت لك وصيّا من بعدك و جعلته منك بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنه لا نبي بعدك،و جعلته أبا ولدك،فحقه بعدك علي أمتك كحقك عليهم في حياتك، فمن جحد حقه فقد جحد حقك،و من أبي أن يواليه فقد أبي أن يواليك،و من أبي أن يواليك فقد أبي أن يدخل الجنة.

فخررت للّه ساجدا شكرا لما أنعم عليّ،فإذا مناد ينادي:ارفع يا محمد رأسك و سلني أعطك.

فقلت:إلهي اجمع أمتي من بعدي علي ولاية علي بن أبي طالب ليردوا جميعا علي حوضي يوم القيامة.

فأوحي اللّه إليّ:يا محمد إني قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم و قضائي ماض فيهم،لأهلك

ص: 173


1- انظر إلزام الناصب.
2- أمالي الطوسي:418 ح 89،و البحار:221/45 ح 3.

به من أشاء و أهدي به من أشاء،و قد آتيته علمك من بعدك و جعلته وزيرك و خليفتك من بعدك علي أهلك و أمتك،عزيمة منّي لأدخل الجنة من أحبّه و لا أدخل الجنة من أبغضه و عاداه و أنكر ولايته بعدك،فمن أبغضه أبغضك و من أبغضك أبغضني،و من عاداه فقد عاداني،و من أحبّه فقد أحبّني، و أعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من البكر البتول،و آخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسي ابن مريم،يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا،أنجي به من الهلكة و أهدي به من الضلالة،و أبريء به من العمي،و أشفي به المريض.

فقلت:إلهي متي يكون ذلك؟

فأوحي إليّ:إذا رفع العلم و ظهر الجهل،و كثر القرّاء،و قلّ العمل،و كثر القتل،و قلّ الفقهاء الهادون و كثر فقهاء الضلالة و الخونة،و كثر الشعراء،و اتخذت أمتك قبورهم مساجدا،و حليت المصاحف،و زخرفت المساجد،و كثر الجور و الفساد،و ظهر المنكر و أمر أمتك به و نهوا عن المعروف،و اكتفي الرجال بالرجال و النساء بالنساء،و صار الأمراء كفرة،و أولياؤهم فجرة و أعوانهم ظلمة،و ذوو الرأي منهم فسقة،و عند ذلك ثلاث خسوف:خسف بالمشرق و خسف بالمغرب و خسف بجزيرة العرب،و خراب البصرة علي يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج،و خروج رجل من ولد الحسين بن علي،و ظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان و ظهور السفياني.

فقلت:إلهي ما يكون بعدي من الفتن؟

فأخبرني ببلاء بني أمية لعنهم اللّه و فتنة ولد عمّي و ما يكون و ما هو كائن إلي يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلي الأرض و أديت الرسالة».انتهي ملخصا.

قال في الرياض قوله:«و خراب البصرة»اشارة إلي قصة صاحب الزنج الذي خرج في البصرة سنة ست أو خمس و خمسين و مائتين،و وعد كل من أتي إليه من السودان بالاعتاق و الاكرام، فاجتمع إليه منهم خلق كثير و بذلك علا أمره.

و لقّب بصاحب الزنج و كان يزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسي بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام.

و قال ابن أبي الحديد:و أكثر الناس يقدحون في نسبه،و خصوصا الطالبيين و جمهور النسابين علي أنه من عبد القيس،و أنه علي بن محمد بن عبد الرحيم و أمّه أسديّه من أسد بني خزيمة،جدّها محمد بن حكيم الأسدي من أهل الكوفة (1).

و مثله قال ابن الأثير في الكامل و المسعودي في مروج الذهب.

و يظهر من هذا الخبر أن نسبه كان صحيحا،و لكن تقدم ما يعارضه و أنه ليس من العلويين1.

ص: 174


1- شرح النهج:126/8،و البحار:71/51.

و هذه العلامات لا يلزم كونها مقارنة لظهوره عليه السّلام،إذا الغرض كما قيل:كون هذه العلامات تحدث قبل ظهوره،كما أن أشراط الساعة التي روتها العامة و الخاصة ظهرت قبل ذلك بأعوام كثيرة،و قصة صاحب الزنج كما تقدم كانت مقارنة لولادته عليه السّلام هي أول العلامات إلي أن يظهر.

و قيل:الغرض أنها من علامات تولده عليه السّلام،و هو بعيد.

و يحتمل أن يراد خراب البصرة بعد هذا مقارنا لزمان ظهوره عليه السّلام و يتبع الخارج لخرابها الزنوج أيضا كما تبعوا صاحب الزنج.

و قد شاهدنا خراب البصرة مرة في عشر السبعين بعد الألف،لمّا أتي عسكر السلطان محمد علي واليها،و هاجت بينهم فتن و حروب لا يمكن وصفها،فأمر واليها بخرابها حتي لم يبق بها كلب و لا نحوه و أحرقها،و أوّل ما أحرق قصوره و منازله و كنت ممّن حضر تلك الواقعة،و في وقت كتابة هذه الكلمات كانت أيضا في معرض الخراب و فيها الفتن و الوقائع و لا يعلم أين ينتهي حالها،و كل ما ينتهي إليه أمرها نكتبه في الحاشية أو نلحقه بالكتاب،و ما زالت الفتن بها منذ خرج واليها عنها إلي بلاد الهند،تقريبا من ثلاثين سنة إلي يومنا هذا (1).

***

إخبار النبي عن القائم عليهما السّلام

و عن جابر الأنصاري قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«المهدي من ولدي اسمه اسمي و كنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا و خلقا،تكون له غيبة و حيرة تضل فيها الأمم،ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا» (2).

كشف الغمة:وقع إليّ أربعون حديثا جمعها الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه رحمه اللّه في أمر المهدي عليه السّلام أوردتها سردا كما أوردها و اقتصرت علي ذكر الراوي عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم (3):

الأول:عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم أنه قال:«يكون من أمتي المهدي،إن قصر عمره فسبع سنين و إلاّ فثمان و إلاّ فتسع،تتنعم أمتي في زمانه نعيما لم يتنعموا مثله قط البر و الفاجر، يرسل السماء عليهم مدرارا و لا تدخر الأرض شيئا من نباتها» (4).

أقول:المراد من الفاجر هنا:فسّاق المؤمنين.

و من الأحاديث الأربعين:«المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي و جسمه جسم إسرائيلي علي خدّه الأيمن خال كأنه كوكب درّي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يرضي في خلافته أهل

ص: 175


1- كمال الدين:250 ح 1،و البحار:69/51 ح 9.
2- البحار:72/45 ح 13،و كفاية الأثر:67.
3- كشف الغمة:267/3،و البحار:78/51 ح 37.
4- البحار:369/36.

الأرض و أهل السماء و الطير في الجو» (1).

و منها:قوله صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«المهدي من ولدي ابن أربعين سنة» (2).

و منها:قوله صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء و تشريدا حتي يأتي قوم من قبل المشرق و معهم رايات سود،فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون و ينصرون فيعطون ما سألوا،فلا يقبلون حتي يدفعوه إلي رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملأوها جورا،فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم و لو حبوا علي الثلج» (3).

و روي ابن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح:عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال:«ويحا للطالقان فإن للّه عزّ و جلّ فيها كنوزا ليست من ذهب و لا فضة و لكن بها رجال مؤمنون عرفوا اللّه حق معرفته و هم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان» (4).

قيل:كنوز الطالقان رجالها الذين يخرجون مع الحسين عليه السّلام وقت ظهور المهدي عليه السّلام و هم اثنا عشر ألف رجل.

و في قصة أصحاب الكهف عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«أن المهدي عليه السّلام يسلّم عليهم و يحيهم اللّه عزّ و جلّ له ثم يرجعون إلي رقدتهم فلا يقومون إلي يوم القيامة» (5).

و في كتاب النصوص:عنه صلي اللّه عليه و اله و سلّم أنه قال لعلي عليه السّلام:«بأبي و أمي سميي و شبيه ابن عمران عليه جيوب النور،تتوقد من شعاع القدس كأني بهم آيس ما كانوا نودوا بنداء يسمع من البعد كما يسمع من القرب يكون رحمة علي المؤمنين و عذابا علي المنافقين».

قال علي عليه السّلام:«و ما ذاك النداء؟».

قال:«ثلاثة أصوات في رجب:الأول:ألا لعنة اللّه علي الظالمين،الثاني:أزف ت الأزفة، الثالث:يرون بدنا بارزا مع قرن الشمس ينادي:ألا إن اللّه قد بعث فلان بن فلان حتي ينسبه إلي علي عليه السّلام فيه هلاك الظالمين،فعند ذلك يأتي الفرج و يشفي اللّه صدورهم و يذهب غيظ قلوبهم».

قلت:«يا رسول اللّه كم يكون بعدي من الأئمة؟»

قال:«بعد الحسين تسعة و التاسع قائمهم» (6).

زيادة«إسم أبيه»«إسم أبي»و تأويلها

و روي أبو داود و الترمذي في صحيحهيما:يرفعانه إلي عبد اللّه بن مسعود قال:قال رسول

ص: 176


1- البحار:37/50.
2- البحار:80/51.
3- ذخائر العقبي:17.
4- البحار:87/51،و مستدرك سفينة البحار:573/6.
5- العمدة:373 ح 733،و البحار:367/36.
6- كفاية الأثر:159،و دلائل الإمامة:461.

للّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل اللّه ذلك اليوم حتي يبعث اللّه رجلا منّي أو من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي و اسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا» (1).

و عن زر بن عبد اللّه قال:قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«لا تذهب الدنيا حتي يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي» (2).

و قال:و زاد زائدة في روايته:و اسم أبيه اسم أبي.

قال الكنجي:و قد ذكر الترمذي الحديث في جامعه و لم يذكر اسم أبيه اسم أبي؟

و ذكره أبو داود في معظم روايات الحفّاظ و الثقات من نقلة الأخبار:اسمه اسمي فقط،و الذي روي:اسم أبيه اسم أبي،فهو زائدة و هو يزيد في الحديث.

و إن صحّ فمعناه:و اسم أبيه اسم أبي الحسين عليه السّلام،و كنيته:أبو عبد اللّه،فجعل الكنية اسما كناية عن أنه من ولد الحسين دون الحسن،و يحتمل أن يكون الراوي توهم قول:«ابني»فصحّفه فقال:«أبي»فوجب حمله علي هذا جمعا بين الروايات.

قال علي بن عيسي عفي اللّه عنه:أمّا أصحابنا الشيعة،فلا يصحّحون هذا الحديث،لما ثبت عندهم من اسمه و اسم أبيه عليهما السّلام.

و أمّا الجمهور فقد نقلوا أن زائدا كان يزيد في الأحاديث فوجب المصير إلي أنه من زياداته ليكون جمعا بين الأقوال و الروايات،انتهي.

قال ابن طلحة:فإن قيل هذه الصفات لا تنطبق علي الخلف الصالح،فإن اسم أبيه لا يوافق اسم والد النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم ثم أجاب بعد تمهيد مقدمتين:

الأول:أنه شائع في لسان العرب اطلاق لفظة الأب علي الجد الأعلي كقوله تعالي: أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ.

و الثاني:أن لفظة الاسم تطلق علي الكنية و علي الصفة كما روي البخاري و مسلم:أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم سمّي عليا أبا تراب و لم يكن اسم أحبّ إليه منه،فاطلق لفظ الاسم علي الكنية.

و لمّا كان الحجة من ولد أبي عبد اللّه الحسين فاطلق النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم علي الكنية لفظ الاسم اشارة إلي أنه من ولد الحسين عليه السّلام بطريق جامع موجز،انتهي.

و ذكر بعض المتأخرين وجها آخر و هو:أنّ كنية الحسن العسكري عليه السّلام أبو محمد،و عبد اللّه أبو النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم أبو محمد،فتتوافق الكنيتان و الكنية داخلة تحت الاسم.

و الأولي هو كون«أبي»مصحّف ابني (3).1.

ص: 177


1- الإمامة و التبصرة:153،و كمال الدين:280 ح 27.
2- شرح أصول الكافي:256/6.
3- كتاب الغيبة:181،و البحار:103/51.

إخبار علي عن القائم عليهما السّلام

كمال الدين:مسندا إلي أمير المؤمنين عليه السّلام قال:«للقائم منّا غيبة أمدها طويل كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعي فلا يجدونه،الا فمن ثبت منهم علي دينه لم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه،فهو معي في درجتي يوم القيامة»

ثم قال عليه السّلام:«إن القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة فلذلك تخفي ولادته و يغيب شخصه» (1).

كتاب المقتضب لابن عيّاش:بإسناده إلي الحارث الهمداني قال:كنّا عند علي بن أبي طالب عليه السّلام فكان إذا أقبل ابنه الحسن عليه السّلام يقول:«مرحبا بابن رسول اللّه».

و إذا أقبل الحسين عليه السّلام يقول:«بأبي أنت و أمي يا أبا ابن خيرة الإماء».

فقيل:يا أمير المؤمنين ما بالك تقول هذا للحسن و تقول هذا للحسين؟

و من ابن خيرة الإماء؟

فقال:«ذاك الفقيد الطريد الشريد م ح م د بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين هذا»و وضع يده علي رأس الحسين عليه السّلام (2).

نهج البلاغة:قال عليه السّلام:«قد لبس للحكمة جنتها،و أخذها بجميع أدبها،من الاقبال عليها و المعرفة بها و التفرغ لها،و هي عند نفسه ضالته التي يطلبها و حاجته التي يسأل عنها،فهو مغترب إذا اغترب الإسلام و ضرب بعسيب ذنبه و الصق الأرض بجرانه،بقية من بقايا حجته،خليفته من خلائف أنبيائه».

قيل:قوله:مغترب،أي كالغريب يخفي نفسه إذا ظهر الفسق و الجور و اغترب الإسلام بفقد العدل و الصلاح.

و العسيب:عظم الذنب.

و الصاق الأرض بجرانه:كناية عن ضعفه و قلة نفعه،فإن البعير أقل ما يكون نفعه حال بروكه.

و قال ابن أبي الحديد المعتزلي:قالت الإمامية:المراد به الإمام المنتظر عليه السّلام،و الصوفية يزعمون أنه ولي اللّه،و عندهم أن الدنيا لا تخلو عن الأبدال و هم أربعون و عن الأوتاد و هم سبعة و عن القطب و هو واحد،و الفلاسفة يزعمون أن المراد به العارف.

و عند أهل السنّة:هو المهدي الذي سيخلق.

ص: 178


1- كمال الدين:303 ح 14،و البحار:109/51.
2- البحار:110/51،و معجم المهدي:/3.43.

و قد وقع اتفاق الفرق من المسلمين علي أن الدنيا و التكليف لا ينقضي إلاّ علي المهدي.

و قال في موضع آخر من الشرح:فإن قيل:من هذا الرجل الموعود؟

قيل:إن الإمامية يزعمون أنه إمامهم الثاني عشر و أنه ابن أمه اسمها نرجس.

و أمّا أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لأم ولد و ليس بموجود الآن.

فإن قيل:فمن يكون من بني أمية في ذلك الوقت موجودا حتي يقول عليه السّلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم؟

قيل:أمّا الإمامية فيقولون بالرجعة،فيزعمون أنه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أمية و غيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر،و أنه يقطع أيدي أقوام و أرجلهم و يسمل عيون بعضهم و يصلب قوما آخرين و ينتقم من أعداء آل محمد عليهم السّلام المتقدمين و المتأخرين.

و أمّا أصحابنا،فيزعمون أنه سيخلق اللّه تعالي في آخر الزمان رجلا من ولد فاطمة ينتقم و يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا من الجائرين و ينكل بهم أشد النكال،و أن اسمه كاسم رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و أنه يظهر بعد أن يستولي علي كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أمية و هو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح من ولد أبي سفيان بن حرب بن أمية،و أن الفاطمي يقتله و أشياعه من بني أمية و غيرهم،و حينئذ ينزل المسيح عليه السّلام من السماء و تبدو أشراط الساعة و تظهر دابة الأرض و يبطل التكليف و يتحقق قيام الأجساد عند نفخ الصور كما نطق به الكتاب العزيز (1).

إخبار الأئمة عن القائم عليهم السّلام

كمال الدين:مسندا إلي الحسين عليه السّلام قال:«في التاسع من ولدي سنّة من يوسف و سنّة من موسي بن عمران،و هو قائمنا أهل البيت يصلح اللّه تبارك و تعالي أمره في ليلة واحدة».

سنّة موسي و هي خفاء الولادة و قد تقدمت،و أمّا سنّة يوسف فهو قد عرف إخوته و ما عرفوه، و كذلك قائم أهل البيت عليه السّلام يمشي بين الناس و يخالطهم و لا يعرفونه (2).

و فيه:بإسناده إلي الحسن عليه السّلام قال:«القائم من ولد أخي الحسين عليه السّلام ابن سيدة الإماء يطيل اللّه عمره في غيبته ثم يظهر بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة،و ذلك ليعلم أن اللّه علي كل شيء قدير» (3).

و بإسناده:عن علي بن الحسين عليه السّلام قال:«فينا نزلت هذه الآية: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (4)و الإمامة في عقب الحسين عليه السّلام إلي يوم القيامة،و أن للقائم منّا غيبتين:إحداهما أطول

ص: 179


1- بحار الأنوار:121/51.
2- كمال الدين:28،و البحار:133/51 ح 2.
3- كمال الدين:316،و البحار:19/44.
4- سورة الزخرف:28.

من الأخري،أمّا الأولي فستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين،و أمّا الأخري فيطول أمدها حتي يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به».

الترديد في الست،يجوز أن يكون إشارة إلي ما وقع في الغيبة من البداء كما رواه الكليني:

بإسناده عن الأصبغ في حديث طويل،و فيه:قلت:يا أمير المؤمنين و كم تكون الحيرة و الغيبة؟

فقال:«ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين».

فقلت:و إن هذا لكائن؟

فقال:«نعم كما أنه مخلوق و أنّي لك بهذا الأمر يا أصبغ،أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة».

قلت:ثم ما يكون بعد ذلك؟

فقال:«ثم يفعل اللّه ما يشاء،فإن له بداءات و إرادات و غايات» (1).

و فيه دلالة علي أن هذا الأمر قابل للبداء و الترديد قرينة ذلك.

و ذكر شيخنا المحدّث أبقاه اللّه تعالي:أنه إشارة إلي اختلاف أحواله عليه السّلام في غيبته،فإنه في ستة أيام لم يطلع عليه خواص شيعته،و بعد ست سنين لمّا توفي أبوه عليه السّلام إطلع عليه كثير من شيعته أو أنه بعد إمامته لم يطّلع علي خبره أحد إلي ستة أيام،ثم أنه بعد ستة أشهر إنتشر أمره و بعد ست سنين ظهر للسفراء و غيرهم.

و قال عليه السّلام:«كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا، جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله و إسرافيل أمامه،معه راية رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم قد نشرها لا يهوي بها إلي قوم إلاّ أهلكهم اللّه عزّ و جلّ» (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام مسندا قال:«يا أبا الجارود إذا دار الفلك و قال الناس:مات القائم أو هلك بأي واد سلك،و قال الطالب:أنّي يكون ذلك و قد بليت عظامه فعند ذلك فارجوه،فإذا سمعتم به فاتوه و لو حبوا علي الثلج» (3).

و في كتاب الغيبة:بإسناده إليه عليه السّلام قال في قوله عزّ و جلّ في محكم كتابه: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ (4)و معرفة الشهور-المحرم و صفر و ربيع و ما بعده و الحرم منها هي رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم-و ذلك لا يكون دينا قيّما،لأن اليهود و النصاري و المجوس و سائر الملل و الناس جميعا من المنافقين و المخالفين يعرفون هذه الشهور و يعدّونها بأسمائها و ليس هو كذلك،و إنما عني بهم الأئمة القوّامين بدين اللّه،و الحرم منها أمير المؤمنين عليه السّلام6.

ص: 180


1- الكافي:338/1 ح 7،و كمال الدين:324.
2- أمالي المفيد:45،و البحار:135/51.
3- كمال الدين:326 ح 5،و البحار:136/51.
4- سورة التوبة،الآية:36.

الذي اشتق اللّه سبحانه له إسما من أسمائه العلي كما اشتق لمحمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم إسما من أسمائه المحمود، و ثلاثة من ولده أسماؤهم علي:علي بن الحسين و علي بن موسي و علي بن محمد،و لهذا الإسم المشتق من أسماء اللّه عزّ و جلّ حرمة به،يعني أمير المؤمنين عليه السّلام (1).

علل الشرائع:مسندا إلي سدير قال:سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«في القائم عليه السّلام سنّة من يوسف».

قلت:كأنك تذكر حيرته أو غيبته؟

قال:«و ما تنكر من هذه الأمة أشباه الخنازير،إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا بيوسف و باعوه و خاطبوه و هم إخوته و هو أخوهم،فلم يعرفوه حتي قال لهم يوسف:أنا يوسف،فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يكون اللّه عزّ و جلّ في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجّتة،لقد كان يوسف أحبّ إليه من ملك مصر و كان بينه و بين والده مسيرة ثمانية عشر يوما،فلو أراد اللّه عزّ و جلّ أن يعرّف مكانه لقدر علي ذلك،و اللّه لقد سار يعقوب و ولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلي مصر،فما تنكر هذه الأمة أن يكون اللّه أن يفعل بحجته ما فعل بيوسف و أن يكون يسير في أسواقهم و يطأ بسطهم و هم لا يعرفونه حتي يأذن اللّه عزّ و جلّ أن يعرّفهم نفسه كما أذن ليوسف حين قال:هل علمتم ما فعلتم بيوسف و أخيه إذ أنتم جاهلون.

قالوا:أئنك لأنت يوسف؟

قال:أنا يوسف و هذا أخي» (2).

و قال عليه السّلام:«إن للغائب منّا غيبة يطول أمدها».

فقال سدير:و لم ذلك يا بن رسول اللّه؟

قال:«إن اللّه عزّ و جلّ أبي إلاّ أن يجري فيه سنن الأنبياء عليهم السّلام في غيباتهم و أنه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدّة غيباتهم قال اللّه عزّ و جلّ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (3)أي سننا علي سنن من كان قبلكم» (4).

و عنه عليه السّلام مسندا:«من أقرّ بالأئمة من آبائي و ولدي و جحد المهدي من ولدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء عليهم السّلام و جحد محمدا صلي اللّه عليه و اله و سلّم نبوته»الحديث.

أقول:جحد المهدي عليه السّلام إمّا بإنكار وجوده الآن كما ذهب إليه أكثر المخالفين،و إنكارهم له مثل إنكار اليهود و النصاري محمدا صلي اللّه عليه و اله و سلّم،لأنهم يقولون أنه في الأصلاب،و سيأتي بعد هذا.1.

ص: 181


1- غيبة النعماني:87،و البحار:242/24.
2- علل الشرائع:244/1،و كمال الدين:144.
3- سورة الانشقاق،الآية:19.
4- علل الشرائع:245/1 ح 7،و البحار:143/51.

و إمّا بإنكاره أصلا كما يقوله جماعة ممّن يزعم الإسلام (1).

النعماني في كتاب الغيبة:بإسناده إلي الصادق عليه السّلام قال:«و الله ليغيبنّ القائم(سنينا)من الدهر و ليخملن-يعني ذكره-حتي يقال:مات أو هلك بأي واد سلك؟و لتفيضنّ عليه أعين المؤمنين و ليكفأن (2)كتكفئي السفينة في أمواج البحر حتي لا ينجو إلاّ من أخذ اللّه ميثاقه و كتب الإيمان في قلبه و أيّده بروح منه،و لتعرفنّ إثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي».

قال المفضّل:فبكيت.

فقال:«و ما يبكيك؟»

قلت:جعلت فداك كيف لا أبكي و أنت تقول:ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي؟

قال:فنظر إلي كوة في البيت الذي تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال:«أهذه الشمس مضيئة؟».

قلت:نعم.

قال:«و الله لأمرنا أضوأ منها» (3).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن القائم إذا قام يقول الناس:أني ذلك و قد بليت عظامه» (4).

كتاب مقتضب الأثر في النص علي الأئمة الإثني عشر:بإسناده إلي وهب بن منبه قال:إن موسي عليه السّلام نظر ليلة الخطاب إلي كل شجرة في الطور و كل حجر و نبات تنطق بذكر محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و إثني عشر وصيا له من بعده،فقال موسي عليه السّلام:«إلهي لا أري شيئا خلقته إلاّ و هو ناطق بذكر محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و أوصيائه الإثني عشر،فما منزلة هؤلاء عندك؟

قال:«يا بن عمران إني خلقتهم قبل خلق الأنوار و جعلتهم في خزانة قدسي يرتعون في رياض مشيئتي،و يتنسّمون من روح جبروتي و يشاهدون أقطار ملكوتي،حتي إذا شيّئت مشيئتي أنفذت قضاي و قدري.

يا بن عمران إني سبقت بهم استباقا حتي أزخرف بهم جناني.

يا بن عمران تمسّك بذكرهم،فإنّهم خزنة علمي و عيبة حكمتي و معدن نوري».

قال حسين بن علوان:فذكرت ذلك لجعفر بن محمد عليه السّلام فقال:«حق ذلك هم إثنا عشر من4.

ص: 182


1- كمال الدين:338 ح 12،و البحار:145/51 ح 10.
2- في بعض المصادر:لتكفأن.
3- كتاب الغيبة:152،و الكافي:336/1 ح 3.
4- كمال الدين:326 ح 5،و كتاب الغيبة:12154.

آل محمد صلي اللّه عليه و اله و سلّم:علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و من شاء اللّه».

قلت:جعلت فداك إنما سألتك لتفتيني بالحق؟

قال:«أنا و إبني هذا-و أومي إلي ابنه موسي-و الخامس من ولده يغيب شخصه و لا يحل ذكره باسمه» (1).

و عن العباس بن عامر قال:سمعت أبا الحسن موسي عليه السّلام يقول:«صاحب هذا الأمر من يقول الناس:لم يولد بعد» (2).

و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صفة المهدي صلوات اللّه عليه قال:«شبيه موسي بن عمران عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس».الحديث.

قال الشيخ:لعل المعني أن جيوب الأشخاص النورانية من كمل المؤمنين و الملائكة المقرّبين و أرواح المرسلين تشتعل للحزن علي غيبته و حيرة الناس فيه،و إنّما ذلك لنور إيمانهم الساطع من شموس عوالم القدس.

و يحتمل أن يكون المراد بجيوب النور:الجيوب المنسوبة إلي النور و التي يسطع منها أنوار فضله و فيضه تعالي (3).

و يؤيده ما وقع في رواية محمد بن الحنفية عن النبي صلي اللّه عليه و اله و سلّم:«عليه جلابيب النور».

و يحتمل أن تكون«علي»تعليلية،أي:ببركة هدايته و فيضه عليه السّلام يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم و المعارف الربّانية.

كتاب كفاية الأثر:مسندا إلي عبد العظيم الحسني قال:قلت لمحمد بن علي بن موسي عليهما السّلام:

إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

فقال:«يا أبا القاسم ما منّا إلاّ قائم بأمر اللّه و هادي إلي دين اللّه،و لست القائم الذي يطهّر اللّه به الأرض من أهل الكفر و الجحود و يملأها قسطا و عدلا،و هو الذي يخفي علي الناس ولادته و يغيب عنهم شخصه و يحرم عليهم تسميته،و هو سمي رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم و كنيّه،و هو الذي تطوي له الأرض و يذل له كل صعب،و يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4).8.

ص: 183


1- مقتضب الأثر:41،و البحار:309/26.
2- الإمامة و التبصرة:109،و كمال الدين:360 ح 2.
3- الإمامة و التبصرة:114،و كمال الدين:371 ح 3.
4- سورة البقرة،الآية:148.

فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل(الاخلاص)ظهر أمره،فإذا كمل العقد و هو عشرة آلاف رجل خرج بإذن اللّه،فلا يزال يقتل أعداء اللّه حتي يرضي اللّه تبارك و تعالي».

قال عبد العظيم:قلت له:يا سيّدي و كيف يعلم أن اللّه قد رضي؟

قال:«يلقي في قلبه الرحمة» (1).

و روي ابن عياش في المقتضب:بإسناده إلي النوشجان قال:لمّا جلي الفرس عن القادسية و بلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم و إدالة العرب عليه و ظن أن رستم قد هلك و الفرس جميعا، و جاء مبادر و أخبره بيوم القادسية و انجلائها عن خمسين ألف قتيل،خرج يزدجرد هاربا في أهل بيته و وقف بباب الإيوان و قال:السلام عليك أيّها الإيوان ها أنا ذا منصرف عنك و راجع إليك أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه و لا آن أوانه.

قال سليمان الديلمي:فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فسألته عن ذلك و قلت له:ما قوله أو رجل من ولدي؟فقال:«ذلك صاحبكم القائم بأمر اللّه عزّ و جلّ،السادس من ولدي قد ولده يزدجرد فهو ولده و منه» (2).

***

إخبار الأمم السابقة عن القائم عجل اللّه فرجه

بإسناده إلي الشعبي قال:إن عبد الملك بن مروان دعاني فقال:يا أبا عمرو إن موسي بن نضير العبدي كتب إليّ-و كان عامله علي المغرب-يقول:بلغني أن مدينة من صفر كان ابتناها نبي اللّه سليمان بن داود عليه السّلام،أمر الجن أن يبنوها له،فاجتمعت العفاريت من الجن علي بنائها،و أنها من عين القطر التي ألانها اللّه لسليمان بن داود عليه السّلام و أنها في مفازة الأندلس،و أنّ فيها من الكنوز التي استودعها سليمان عليه السّلام،و قد أردت أن أتعاطي الإرتحال إليها،فأعلمني الغلام بهذا الطريق أنه صعب لا يقطع إلاّ بالإستعداد من الظهور و الأزواد الكثيرة مع بعد المسافة و صعوبتها،و أن أحدا لم يهتم بها إلاّ قصر عن بلوغها إلاّ دارا بن دارا،فلما قتله الإسكندر قال:و اللّه لقد جئت (3)الأرض و الأقاليم كلها و دان لي أهلها،و ما أرض إلاّ و قد وطأتها إلاّ هذه الأرض من الأندلس،فقد أدركها دارا بن دارا و أني لجدير بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا.

فتجهز الاسكندر و استعد للخروج عاما،فلمّا ظنّ أنه قد استعد لذلك و قد كان بعث روّاده

ص: 184


1- كمال الدين:378،و البحار:283/52 ح 10.
2- البحار:164/51،و معجم أحاديث المهدي:352/3.
3- في نسخة:جبت.

فأعلموه أن موانعا دونها.

فكتب عبد الملك إلي موسي بن نضير يأمره بالاستعداد و الاستخلاف علي عمله،فاستعد و خرج فرآها و ذكر أحوالها،فلما رجع كتب إلي عبد الملك بحالها.

و قال في آخر الكتاب:فلمّا مضت الأيام و فنيت الأزواد سرنا نحو بحيرة ذات شجر،و سرت مع سور المدينة فصرت إلي مكان من السور فيه كتاب بالعربية،فوقفت علي قراءته و أمرت بانتساخه فإذا هو شعر:

ليعلم المرء ذو العزّ المنيع و من يرجو الخلود و ما حيّ بمخلود

لو أن خلقا ينال الخلد في مهل لنال ذاك سليمان بن داود

سالت له القطر عين القطر فائضة بالقطر سنّة عطاء غير مصدود

فقال للجن:إبنوا لي به أثرا يبقي إلي الحشر لا يبلي و لا يودي

فصيّروه صفاحا ثم هيل له إلي السماء بأحكام و تجويد

و أفرغ القطر فوق السور منصلتا فصار أصلب من صمّاء صيخود

و بثّ فيه كنوز الأرض قاطبة و سوف يظهر يوما غير محدود

و صار في قعر بطن الأرض مضطجعا مصمّدا بطوابيق الجلاميد

لم يبق من بعده للملك سابقة حتي يضمن رمسا غير أخدود

و هذا ليعلم أن الملك منقطع إلاّ من اللّه ذي النعماء و الجود

حتي إذا ولدت عدنان صاحبها من هاشم كان منها خير مولد

و خصّه اللّه بالآيات منبعثا إلي الخليقة منها البيض و السود

له مقاليد أهل الأرض قاطبة و الأوصياء له أهل المقاليد

هم الخلائف اثنا عشرة حججا من بعدها الأوصياء و السادة الصيد

حتي يقوم بأمر اللّه قائمهم من السماء إذا ما باسمه نودي

فلمّا قرأ عبد الملك الكتاب و أخبره طالب بن مدرك-و كان رسوله إليه-بما عاين من ذلك و عنده محمد بن شهاب الزهري قال:ما تري في هذا الامر العجيب؟

فقال الزهري:أري و أظن أنّ جنّا كانوا موكلين بما في تلك المدينة حفظة لها يخيلون إلي من كان صعدها.

قال عبد الملك:فهل علمت من أمر المنادي باسمه من السماء شيئا؟

قال:إله عن هذا يا أمير المؤمنين.

ص: 185

قال عبد الملك:و كيف ألهو عن ذلك و هو أكبر أوطاري،لتقولنّ بأشدّ ما عندك في ذلك ساءني أم سرّني.

فقال الزهري:أخبرني علي بن الحسين عليه السّلام أن هذا المهدي من ولد فاطمة بنت رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و سلّم.

فقال عبد الملك:كذبتما،لا تزالان تدحضان في بولكما و تكذبان في قولكما،ذلك رجل منّا.

قال الزهري:أمّا أنا فرويته لك عن علي بن الحسين،فإن شئت فاسأله عن ذلك و لا لوم عليّ فيما قلته لك،فإن يك كاذبا فعليه كذبه،و إن يكن صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم.

فقال عبد الملك:لا حاجة لي إلي سؤال بني أبي تراب،فخفّض عليك يا زهري بعض هذا القول فلا يسمعه منك أحد.

قال الزهري:لك عليّ ذلك (1).

***

إخبار أهل العرفان و الحسّاب و الكهنة

بظهوره و علاماته عجّل اللّه فرجه

في البحار عن البرسي في المشارق أنّ ذايزن الملك أرسل إلي السطيح لأمر شكّ فيه،فلمّا قدم عليه أراد أن يجرّب علمه قبل حكمه فخبأ له دينارا تحت قدمه ثمّ أذن له فدخل فقال له:ما خبأت لك يا سطيح؟فقال سطيح:حلفت بالبيت و الحرم و الحجر الأصمّ و الليل إذا أظلم و الصبح إذا تبسّم و بكل فصيح و أبكم،لقد خبّأت لي دينارا بين النعل و القدم،فقال الملك:من أين علمك هذا يا سطيح؟فقال:من قبل أخ لي جنّي ينزل معي أنّي نزلت،فقال الملك:أخبرني عمّا يكون في الدهور؟فقال سطيح:إذا غارت الأخيار و قادت الأشرار و كذّب بالأقدار و حمل بالأوقار و خشعت الأبصار لحامل الأوزار و قطعت الأرحام و ظهرت الطغام المستحلّي الحرام في حرمة الإسلام و اختلفت الكلمة و خفرت الذمّة و قلّت الحرمة و ذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب و له شبيه الذنب،فهناك ينقطع الأمطار و تجفّ الأنهار و تختلف الأعصار و تغلو الأسعار في جميع الأقطار،ثمّ تقبل البربر بالرايات الصفر علي البراذين حتّي ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر فيبدّل الرايات السود بالحمر فيبيح المحرمات و يترك النساء بالثدايا معلّقات و هو صاحب نهب الكوفة،فربّ بيضاء الساق مكشوفة،علي الطريق مردوفة،بها الخيل محفوفة،قتل زوجها و كسر عجزها و استحلّ

ص: 186


1- مقتضب الأثر:45،و البحار:166/51.

فرجها،فعندها يظهر ابن النبي المهدي عجل اللّه فرجه،و ذلك إذا قتل المظلوم بيثرب و ابن عمّه في الحرم و ظهر الخسفي فوافق الوسمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم بقتل القروم فعندها ينكسف كسوف إذا جاء الزحوف و صفّ الصفوف و يظهر ملك من صنعاء اليمن أبيض كالقطع إسمه حسين أو حسن فيذهب بخروجه عمر الفتن،فهناك يظهر مباركا زكيّا و هاديا و مهديّا و سيّدا علويّا فيفرح الناس إذا أتاهم بمن اللّه الذي هداهم فيكشف بنوره الظلمة و يظهر به الحقّ بعد الخفاء و يفرّق الأموال في الناس بالسواء و يغمد السيف فلا يسفك الدماء و يعيش الناس في البشر و الهناء و يغسل بماء عدله عين الدهر من القذي و يرد الحق علي أهل القري و يكثر في الناس الضيافة و القري و يرفع بعدله الغواية و العمي كأنّه كان غبارا فانجلي فيملأ الأرض عدلا و قسطا و الأيّام حبّا و هو علم الساعة بلا امتراء (1).

و في الينابيع عن الشيخ محيي الدين الطائي الأندلسي في حل الصحيفات الجفرية:و لما أطلعني اللّه علي العوالم الماضية سألت عن شرحيهما فقال:إنّهما لا يعلمان إلاّ ظاهره و إنّه إلي الآن مقفل فحله لي،و الإمام علي عليه السّلام ورث علم الحروف من سيّدنا محمّد صلي اللّه عليه و اله و سلّم و إليه الإشارة بقوله صلي اللّه عليه و اله و سلّم:

أنا مدينة العلم و عليّ بابها فمن أراد العلم فعليه بالباب،و قد ورث علي كرّم اللّه وجهه علم الأوّلين و الآخرين و ما رأيت فيمن إجتمعت بهم أعلم منه.

قال ابن عبّاس:أعطي الإمام علي كرّم اللّه وجهه تسعة أعشار العلم و إنّه لأعلمهم بالعشر الباقي و هو أوّل من وضع مربع مائة في مائة في الإسلام و قد صنّف الجفر الجامع في أسرار الحروف و فيه ما جري للأوّلين و ما يجري للآخرين و فيه اسم اللّه الأعظم و تاج آدم و خاتم سليمان و حجاب آصف و كانت الأئمّة الراسخون من أولاده يعرفون أسرار هذا الكتاب الربّاني و اللباب النوراني و هو ألف و سبعمائة مصدر المعروف بالجفر الجامع و النور اللامع و هو عبارة عن لوح القضاء و القدر،ثمّ الإمام الحسين عليه السّلام ورث علم الحروف من أبيه كرّم اللّه وجهه ثمّ الإمام زين العابدين ورث عن أبيه عليهما السّلام ثمّ الإمام محمد الباقر عليه السّلام ورثه من أبيه ثمّ الإمام جعفر الصادق عليه السّلام ورثه من أبيه عليه السّلام و هو الذي غاص في أعماق أغواره و استخرج درره من أصداف أسراره و حلّ معاقد رموزه و فكّ طلاسم كنوزه و صنف الخافية في علم الجفر و جعل في خافية الباب الكبير ابتث و في الباب الكبير أبجد إلي قرشت و نقل أنّه يتكلّم بغوامض الأسرار و العلوم الحقيقية و هو ابن سبع سنين،و قال الإمام جعفر الصادق عليه السّلام:علمنا غابر و مزبور و كتاب مسطور في رقّ منشور و نكت في القلوب و مفاتيح أسرار الغيوب و نقر في الأسماع و لا ينفر عنه الطباع و عندنا الجفر الأبيض و الجفر الأحمر و الجفر الإكسير و الجفر الأصفر و منّا الفرس الغوّاص و الفارس القنّاص فافهم هذا اللسان الغريب و البيان العجيب.1.

ص: 187


1- البحار:162/51.

قيل:إنّ الجفر يظهر في آخر الزمان مع الإمام محمد المهدي رضي اللّه عنه و لا يعرف عن الحقيقة إلاّ هو،كان الإمام علي عليه السّلام من أعلم الناس بعلم الحروف و أسرارها و قال الإمام علي:سلوني قبل أن تفقدوني فإنّ بين جنبي علوما كالبحار الزواخر.و اعلم أنّ هذا الجفر هو التكسير الكبير الذي ليس فوقه شيء و لم يهتد إلي وضعه من لدن آدم إلي الإسلام غير الإمام علي كرّم اللّه وجهه كلّ ذلك ببركة تعليم خير الأنام و مصباح الظلام محمّد عليه أفضل الصلاة و أتمّ السلام.و لما كنت في بلدة بجاية سنة عشرة و ستمائة اجتمعت بإدريس و حللت عليه الثمانية و العشرين سفرا بكمالها و أهدي إليّ علمه علي أحسن حال.فهذا الذي حملني علي إخراج كتاب سهل ممتنع و ما سلم من الخطأ إلاّ المعصوم و ما منّا إلاّ له مقام معلوم،و أنّ الإمام جعفر الصادق عليه السّلام وضع وفقا مسدسا علي عدد حرف ألف الذي هو كافي و كان يخرج منه علوما كالبحار الزواخر،و إن أردت حلّه علي الحقيقة فانظر في كتاب شقّ الجيب يظهر لك سرّ ذلك،و كان لسيّدي الشيخ أبي الحسن الشاذلي فيه تصرّف غريب.قال سيّدي الشيخ أبو مدين المغربي:ما رأيت شيئا إلاّ رأيت شكل الباء فيه،و لذلك كان أوّل البسملة و هي آية من كلّ سورة.و قال:ما من رسم يرسم إلاّ و له خاصّية حتّي الحيّة إذا مشت علي التراب.

و قد أودع الإمام جعفر الصادق عليه السّلام في السرّ الأكبر من الجفر الأحمر سرّا كبيرا و لا ينبئك إلاّ مثل إمام خبير فإن عرفت سرّه و وضعه وضعت الجفر جميعه،و ذكرت بعض هذه الأسرار في الفتوحات المكيّة،فلمّا أراد اللّه أن يثبت الحجّة لآدم عليه السّلام علي الملائكة و أراد أن يعلمهم أنّ آدم أحقّ بالخلافة منهم قال: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ (1)فثبت العجز علي الملائكة بالمسألة التي سألهم إيّاها و عجزوا عن علمها فجعل آدم خليفة لكونه أحقّ بالخلافة منهم لفضل علمه.فمن وصل إلي هذه الفضيلة فقد اختصّه اللّه تبارك و تعالي من بين عباده و جعله أفضل أهل زمانه،و لم يهتدوا إلي سرّ يقع إلاّ إمام العلوم باب مدينة المعصوم،و حللنا نزرا يسيرا في شقّ الجيب فيما يتعلّق بالمهدي عجل اللّه فرجه و خروجه:أخرج يا إمام تعطل الإسلام إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلي معاد.

إذا دار الزمان علي حروف ببسم اللّه فالمهديّ قاما

و يخرج بالحطيم عقيب صوم ألا فأقرئه من عندي السلاما (2)

لمّا انجر الكلام بذكر الشيخ العارف الكامل محيي الدين ناسب ذكر بعض كلماته(في الفتوحات المكيّة)و هو هذا:إنّ للّه خليفة يخرج من عترة رسول اللّه من ولد فاطمة يواطئ إسمه إسم رسول اللّه،جدّه الحسين بن علي عليهما السّلام يبايع بين الركن و المقام يشبه برسول اللّه في الخلق-بفتح الخاء-و ينزل عنه في الخلق-بضمّ الخاء-أسعد الناس به أهل الكوفة يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا يضع الجزية علي الكفّار و يدعو إلي اللّه بالسيف و يرفع المذاهب عن الأرض فلا يبقي إلاّ الدين2.

ص: 188


1- سورة البقرة،الآية:33.
2- ينابيع المودّة:221/3 ط.دار الاسوة،و فيض القدير:361/6 ح 9242.

الخالص،أعداؤه مقلّدة العلماء أهل الإجتهاد لما يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمّتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه يفرح به عامّة المسلمين أكثر من خواصّهم يبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود و كشف بتعريف إلهي،له رجال إلهيون يقيمون دعوته و ينصرونه و لو لا أنّ السيف بيده لأفتي الفقهاء بقتله و لكنّ اللّه يظهره بالسيف و الكرم فيطمعون و يخافون و يقبلون حكمه من غير إيمان و يضمرون خلافه و يعتقدون فيه إذا حكم فيهم بغير مذهب أئمّتهم أنّه علي ضلال في ذلك لأنّهم يعتقدون أن أهل الاجتهاد و زمانه قد انقطع و ما بقي مجتهد في العالم و أنّ اللّه لا يوجد بعد أئمّتهم أحدا له درجة الاجتهاد،و أمّا من يدّعي التعريف الإلهي بالأحكام الشرعية فهو عندهم مجنون فاسد الخيال،انتهي (1).

فانظر بعين الإنصاف قوله:للّه خليفة،و قوله:أسعد الناس به أهل المعرفة،و قوله:أعداؤه مقلّدة العلماء أهل الإجتهاد،و قوله:لأنّهم يعتقدون أن أهل الإجتهاد و زمانه قد انقطع.

و في الينابيع عن الشيخ الجليل اليماني:

و في يمن أمن يكون لأهلها إلي أن تري نور الهداية مقبلا

بميم مجيد من سلالة حيدر و من آل بيت طاهرين بمن علا

يسمّي بالمهدي من الحقّ ظاهر بسنّة خير الخلق يحكم أوّلا

و قال الشيخ الكبير عبد الرحمن البسطامي:

و يظهر ميم المجد من آل أحمد و يظهر عدل اللّه في الناس أوّلا

كما قد روينا من علي الرضا و في كنز علم الحرف أضحي محصلا (2)

و عنه أيضا:

و يخرج حرف الميم من بعد شينه بمكة نحو البيت بالنصر قد علا

فهذا هو المهدي بالحقّ ظاهر سيأتي من الرحمن للحقّ مرسلا

و يملأ كلّ الأرض بالعدل رحمة و يمحو ظلام الشرك و الجور أوّلا

ولايته بالأمر من عند ربّه خليفة خير الرسل من عالم العلا (3)

و عن الشيخ محيي الدين في كتابه المسمّي عنقاء المغرب:

فعند فنا خاء الزمان و دالها علي فاء مدلول الكرور يقوم

مع السبعة الأعلام و الناس غفل عليم بتدبير الامور حكيمق.

ص: 189


1- الفتوحات المكيّة:419/3 باب 366 ط.بولاق-مصر.
2- ينابيع المودّة:337/3 ط.دار الاسوة.
3- المصدر السابق.

فأشخاصه خمس و خمس و خمسة عليهم تري أمر الوجود يقوم

و من قال إنّ الأربعين نهاية لهم فهو قول يرتضيه كليم

و إن شئت أخبر عن ثمان و لا تزد طريقهم فرد إليه قويم

فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها و ثامنهم عند النجوم لزيم

و عن الشيخ صدر الدين القونوي في شأنه و علامة ظهوره:

يقوم بأمر اللّه في الأرض ظاهرا علي رغم شيطانين بالمحق للكفر

يؤيّد شرع المصطفي و هو ختمه و يمتدّ من ميم بأحكامها يدري

و مدّته ميقات موسي و جنده خيار الوري في الوقت يخلو عن الحصر

علي يده محق اللئام جميعهم بسيف قويّ المتن علّك أن تدري

حقيقة ذاك السيف و القائم الذي تعيّن للدين القويم علي الأمر

لعمري هو الفرد الذي بان سرّه بكلّ زمان في مطاه يسري

تسمّي بأسماء المراتب كلّها خفاء و إعلانا كذاك إلي الحشر

أ ليس هو النور الأتمّ حقيقة و نقطة ميم منه إمدادها يجري

يفيض علي الأكوان ما قد أفاضه عليه إله العرش في أزل الدهر

فما ثم إلاّ الميم لا شيء غيره و ذو العين من نوّابه مفرد العصر

هو الروح فاعلمه و خذ عهده إذا بلغت إلي مدّ مديد من العمر

كأنّك بالمذكور تصعد راقيا إلي ذروة المجد الأثيل علي القدر

و ما قدره إلاّ ألوف بحكمة إلي حدّ مرسوم الشريعة بالأمر

بنا قال أهل الحلّ و العقد و اكتفي بنصّهم المثبوت في صحف الزبر

فإن تبغ ميقات الظهور فإنّه يكون بدور جامع مطلع الفجر

بشمس تمدّ الكلّ من ضوء نورها و جمع دراري الأوج فيها مع البدر

و صلّ علي المختار من آل هاشم محمد المبعوث بالنهي و الأمر

عليه صلاة اللّه ما لاح بارق و ما أشرقت شمس الغزالة في الظهر

و آل و أصحاب أولي الجود و التقي صلاة و تسليما يدومان للحشر (1)ت.

ص: 190


1- ينابيع المودّة:338/3 بتفاوت.

و عن أبي هلال المصري استاذ محيي الدين:

إذا حكم النصاري في الفروج و غالوا في البغال و في السروج

و ذلّت دولة الإسلام طرّا و صار الحكم في أيدي العلوج

فقل للأعور الدجّال هذا زمانك إن عزمت علي الخروج

عن محبوب القلوب قطب الدين الأشكوري عن سعد الدين الحموي بيتا بالعربي يشعر بزمان قيام القائم عجل اللّه فرجه الملك الخفي الجلي بالرمز العددي و هو هذا:

إذا بلغ الزمان عقيب صوم ببسم اللّه فالمهديّ قاما

اللهمّ عجلّ فرجه و سهّل مخرجه

و نقل أيضا عن الشيخ محيي الدين في العلائم:

لا بدّ للروم ممّا ينزل حلبا مدججين بأعلام و أبواق

و الترك تحشر من نصيبين (1)من حلب يأتوا كراديس في جمع و أفراق

كم من قتيل يري في الترب منجدلا في رمستين بدا كالماء مهراق

و لا تزال جيوش الترك سائرة حتّي تحلّ بأرض القدس عن ساق

و الترك يستنجد المصري حين يري في جحفل الروم غدرا بعد ميثاق

و يخرج الروم في جيش لهم جلب إلي اللقاء بإرقال و إعناق

و تخرب الشام حتّي لا انجبار لها من روم أو روس و إفرنج و بطراق

و تنشر الراية الصفراء في حلب من كفّ قيل يقول الحقّ مصداق

يا وقعة لملوك الأرض أجمعها روم و روس و إفرنج و بطراق

ويل الأعاجم من ويل يحلّ بهم من واد و خل و من روس و اعناق

يأخذهم السيف من أرض الجبال فلا يبقي ببغداد منهم فارس باق

و تملك الكرد بغدادا و ساحتها إلي خريسان من شرق لا عراق

و تشرب الشاة و السرحان ماءهما بالأمن من غير إرجاف و إفراق

و تأتي الصيحة العظمي فلا أحد ينجو و لا من حكمه باق

و الله أعلم بعد ذلك ما ذا يكون و يبقي ذو الوجود الواحد الباقي (2)ط.

ص: 191


1- مدينة بين الموصل و الشام(المعجم:288/5).
2- رياض الأبرار،مخطوط.

المحتويات

مولد صاحب الزمان عجل اللّه فرجه 5

نور المهدي عجّل اللّه فرجه عند الولادة 10

في النهي عن التسمية 12

خبر أم القائم عليها السّلام 15

تكلمه عجّل اللّه فرجه بالصغر 21

احتجاج القائم عجّل اللّه فرجه في الصغر 22

النص علي الإمام المهدي الحجة القائم عجل اللّه فرجه 28

المهدي من أهل البيت عليهم السّلام 32

بقاء الإمام المهدي عليه السّلام 32

دلائل شيخ الطائفة علي الغيبة 34

دلائل ابن طلحة الشافعي علي الغيبة 35

ذكر من رآه قبل وفاة أبيه عجل اللّه فرجه 37

ذكر بعض المعترفين بولادته من أهل السنّة و الجماعة 38

الأدلة النقلية علي ولادة صاحب الزمان عجل اللّه فرجه 43

روايات ولادة الإمام عجّل اللّه فرجه 46

دلالة في الاحاديث 46

الأدلة العقلية علي ولادة صاحب الزمان عجل اللّه فرجه 52

علة غيبة الإمام الثاني عشر عجل اللّه فرجه 53

غياب الفيض أم فيض الغائب 58

تأويل أن المهدي عجل اللّه فرجه أوسط الأمة 63

في ذكر جملة من معاجزه و دلائله عجل اللّه فرجه 64

في أسرار أبي صالح المهدي عجّل اللّه فرجه 87

معاجزه عجل اللّه فرجه مع من رآه 88

إخبار الحجة القائم بالغيب 99

الآيات النازلة في الإمام المهدي عليه السّلام 106

بشارات التوراة بقيام القائم عجل اللّه فرجه 155

إخبار النبي و الأئمّة بقيام المهدي من طرق العامّة 167

إخبار اللّه عزّ و جلّ عن القائم عليه السّلام 173

إخبار النبي عن القائم عليهما السّلام 175

إخبار علي عن القائم عليهما السّلام 178

إخبار الأئمة عن القائم عليهم السّلام 179

إخبار الأمم السابقة عن القائم عجل اللّه فرجه 184

إخبار أهل العرفان و الحسّاب و الكهنة بظهوره و علاماته عجّل اللّه فرجه 186

ص: 192

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.